الكتاب: شرح ديوان المتنبي المؤلف: أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي محب الدين (المتوفى: 616هـ) المحقق: مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي الناشر: دار المعرفة - بيروت عدد الأجزاء: 4×2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- شرح ديوان المتنبي للعكبري العكبري، أبو البقاء الكتاب: شرح ديوان المتنبي المؤلف: أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي محب الدين (المتوفى: 616هـ) المحقق: مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي الناشر: دار المعرفة - بيروت عدد الأجزاء: 4×2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] - قد عيب على أبي الطّيب قَوْله: " التائه "، وَالْقَصِيدَة مَهْمُوزَة كلهَا وَاعْتذر لَهُ قوم بِأَنَّهُ لم يرد التصريع، لِأَن الْهَاء فِي القافية أَصْلِيَّة وَقد جعل قوم مِمَّن رتبوا الدِّيوَان على الْحُرُوف هَذِه فِي حرف الْهَاء، لجهلهم بالقوافى وَإِنَّمَا أَبُو الْفَتْح والخطيب جعلاها فِي أول حرف الْهمزَة، فاقتدينا بفعلهما والقوافي خمس يجمعهما سبكرف كل حرف لقافية وَهِي متكاوس ومتدارك ومتراكب ومتواتر ومترادف فالمتكاوس أَربع حركات بَين ساكنين كَقَوْلِه (قد جبَر الدينَ الإلهُ فَجُبِرْ ... ) والمتراكب ثَلَاث حركات بَين ساكنين كَقَوْل المتنبى (بِم التَّعللُّ لَا أهلٌ وَلَا وطَنَُ ... ) والمتدارك حركتان بَين ساكنين كَمَا فِي هَذِه القصيدة والمتواتر حَرَكَة وَاحِدَة بَين ساكنين كَقَوْلِه (صِلةُ الهَجرْ لى وهَجر الوِصَالِ ... ) المترادف اجْتِمَاع ساكنين كَقَوْلِه (لَا تحسنُ الشعَّرة حَتَّى تُرَى ... مَنْشورَة الضّفرَين يوْمَ القِتالْ) الْغَرِيب العاذل وَاحِد العذال والعذّل وَجمع عاذلة عواذل والتائه المتحير وسويداء الْقلب الْحبَّة السَّوْدَاء الَّتِى فِي جَوْفه كَأَنَّهَا قِطْعَة كبد وروى قلبى بِالْإِضَافَة وَيكون التائه صفة لَهُ وَلَيْسَ بجيد لِأَنَّهُ لَا يُقَال تاه الْقلب وَالرِّوَايَة الجيدة قلب التائه بِالْإِضَافَة إِلَى التائه الْمَعْنى يَقُول حبّ الْأَحِبَّة فِي سويداء قلبى لَا يُفَارِقهُ وعذل العواذل خارجّة فاللوم لَا يصل إِلَيْهِ وَفِيه نظر إِلَى قَول عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة (تَغَلْغَلَ حيثُ لَمْ يَبْلُغْ شَرَابٌ ... وَلَا حُزْنٌ وَلم يَبْلُغْ سُرُورُ) الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 - الْغَرِيب الملام اللوم واللوائم جمع لائمة والبرحاء شدّة الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْقلب من الحبّ وَأَصله الشدّة تَقول لقِيت مِنْهُ برحا بارحا أى شدّة وأذى قَالَ الشَّاعِر (أجِدَّك هَذَا عمرّك اللهَ كلَّما ... دعَاك الهَوَى بَرْحٌ لعينيك بارحُ) وَلَقِيت مِنْهُ بَنَات برح وَبنى برح وَلَقِيت مِنْهُ البرحين بِضَم الاباء وَكسرهَا أى الشدائد والدواهى الْمَعْنى يَقُول إِن الملام يشكو حرارة الْقلب فَلَا يصل إِلَيْهِ فَيرجع عَن التَّعَرُّض إشفاقا أَن يَحْتَرِق فَيَقُول للوام لَا أصل إِلَيْهِ وَإنَّهُ يعرض عَنى لشدَّة مَا بِهِ من برحاء الْهوى وَالْمعْنَى أَن اللوم لَا يقدر على الْوُصُول إِلَى الْقلب وَقَلبه يعرض عَن اسْتِمَاع اللوم وَهَذَا كُله مجَاز وَتوسع 3 - الْغَرِيب الْملك يُرِيد سيف الدولة وَخرج من النسيب إِلَى ذكر الممدوح وطابق بَين السخط وَالرِّضَا وَقَوله يَا عاذلى وَكَانَ ينبغى أَن يَقُول يَا عاذلتى لِأَنَّهُ ذكر العواذل فِي الأول وَإِنَّمَا أَرَادَ يَا من يعذلنى لِأَن من تقع لإبهامها على الْوَاحِد والاثنين والمذكر والمؤنث وَالْجمع أَو كَأَنَّهُ خَاطب وَاحِدَة من العواذل بخطاب الْمُذكر وَقَالَ يَا عاذلى أَو أَرَادَ إنْسَانا عاذلا وَالْإِنْسَان يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى الْمَعْنى يَقُول لم أسمع فِيهِ عذلا فقد عذلنى من هُوَ أَشد عذلا مِنْك فعصيته وَلم آتٍ غَيره ورضيت خدمته وأسخطت الْخلق فِي رِضَاهُ الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 - الْإِعْرَاب كَذَّاب مصدر قَالَ الشَّاعِر (فصدقتُها وكذبتُها ... والمَرْءُ يَنفَعُهُ كذابه) وَقَرَأَ الكسائى {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا كذابا} بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ مصدر كَقَوْلِك قَاتل قتالا يُقَال كذب كذبا وكذبا فَهُوَ كَاذِب وَكَذَلِكَ كَذَّاب وكذوب وكيذبان ومكذبان ومكذبانة وكذبة مثل همزَة وكذبذب مخفف وَقد يشدد قَالَ جريبة بن الأشيم (وَإِذا سمِعْتَ بأننى قد بِعْتكُمْ ... بوِصالِ غانية فَقل كذُّبْذُبُ) وَالْكذب جمع كَاذِب مثل رَاكِع وَركع والكذاب جمع كذوب مثل صبور وصبر وَقَرَأَ الْحُسَيْن {وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب} فَجعله نعتا للألسنة الْمَعْنى يَقُول النَّاس يمدحون بِمَا هُوَ حق وباطل ومدحك حق لَيْسَ فِيهِ كذب بل هُوَ حق لَا يشوبه بَاطِل وَهَذَا كَقَوْل حبيب (لما كَرُمْتَ نَطَقْتُ فِيكَ بمَنْطِقٍ ... حَقّ فَلَمْ آثَمْ وَلمْ أتَحَوّبِ) (وَإِذا مدحتُ سِواكَ كنتُ مَتى يَضِقْ ... عَنَّى لَهُ صِدْقُ المَقالَةِ أكْذِبِ) 41 - الْمَعْنى يُرِيد إِذا كَانَ لى مِنْك الْمحبَّة فَالْمَال هَين لَيْسَ بشئ الْمحبَّة الأَصْل وكل مَا على وَجه الأَرْض فَأصْلح مِنْهَا يعْنى من التُّرَاب وَيصير إِلَى التُّرَاب 42 - الْغَرِيب المُهَاجر هُوَ الذى يهجر منزله وعشريته وَمِنْه الْمُهَاجِرُونَ هجروا أهلم وعشائرهم وَهَاجرُوا إِلَى الله وَرَسُوله قَالَ تَعَالَى {وَمن يخرج من بَيته مهَاجر إِلَى الله وَرَسُوله} وصحاب جمع صحب كأهب وإهاب الْمَعْنى لَوْلَا أَنْت لَكَانَ كل بلد بلدى وكل أهل أهلى وَلَوْلَا أَنْت لم أقِم بِمصْر فَإِن جَمِيع النَّاس والبلاد فى حقى سَوَاء الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 - الْإِعْرَاب فومن أحب الْفَاء عاطفة على مَا تقدم وَالْوَاو للقسم وَمن فِي مَوضِع خفض الْمَعْنى يَقُول قسما بِهَذَا المحبوب لَا أَطَعْت فِيهِ عاذلا وَكَيف وَقد أقسم بحسنه وَنور وَجهه 10 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وَجمع بَين همزتين وهى لُغَة فصيحة وَقد قَرَأَ أهل الْكُوفَة وَابْن ذكْوَان بتحقيق الهمزتين فِي كل الْقُرْآن إِذا كَانَتَا من كلمة وَوَافَقَهُمْ هِشَام إِذا كَانَتَا من كَلِمَتَيْنِ كَقَوْلِه جَاءَ أمرنَا الْمَعْنى يَقُول لَا أجمع بَين حبه وَبَين النهى عَنهُ يُرِيد النهى عَن حبه وَقد نَاقض قَول أَبى الشيص وَأَيْنَ الثرى من الثريا فِي قَوْله (أجِدُ المَلامَةَ فِي هَوَاكِ لَذِيذَةً ... حُبًّا لذِكْرِكِ فلْيَلُمنى اللُّوّمُ) وَقَالَ الواحدى الْمَعْنى أَن صَاحب الْمَلَامَة وَهُوَ اللائم من أَعدَاء هَذَا الحبيب حَيْثُ ينْهَى عَن حبه وَمن أحب حبيبا عادى عدوه 11 - الْغَرِيب الوشاة جمع واش وَهُوَ الذى يزخرف الْكَذِب وينمقه واللحاة جمع لَاحَ وَهُوَ الذى يزْجر عَن الْأَشْيَاء ويغلظ القَوْل الْمَعْنى يَقُول مَا أرى إِلَّا واشيا أَو لاحيا فاللحاة يَقُولُونَ لَهُ دع الْحبّ الذى ضعفت عَن كِتْمَانه والوشاة يتعجبون من هَذَا القَوْل لأَنهم يكلفونهم مَا لَا يَسْتَطِيع لِأَنَّهُ إِذا ضعف عَن إخفائه فَهُوَ عَن تَركه أَضْعَف 12 - الْإِعْرَاب سوى إِذا قصرته كَسرته وَإِذا مددته فَتحته الْغَرِيب الْخلّ الصّديق وَهُوَ الْخَلِيل أَيْضا الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَقُول لَيْسَ لَك خَلِيل إِلَّا نَفسك وَهُوَ كَقَوْلِه (خَليلُكَ أنْتَ لَا مَنْ قُلْتَ خِلِّى ... وإنْ كَثُرَ التَّجَمُّلُ والكَلامُ) قَالَ وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى مَا الْخلّ إِلَّا من لَا فرق بينى وَبَينه فَإِذا وددت فكأنى أحب بِقَلْبِه وَإِذا نظرت فكأنى أنظر بطرفه الْمَعْنى خَلِيلك من وَافَقَك فِي كل شئ فيود مَا وددت وَيرى مَا ترى وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا وَقَالَ ابْن القطاع مَا خليلى إِلَّا الذى يُبَالغ فِي الْمَوَدَّة فَكَأَنَّهُ يود بقلبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 - الْغَرِيب الصبابة رقة الشوق وَأَرَادَ على ذى الصبابة فَحذف الْمُضَاف والأسى الْحزن والإخاء الْأُخوة الْمَعْنى قَالَ الواحدى يجوز أَن يكون على الصبابة أى مَعَ مَا أَنا فِيهِ من الصبابة كَقَوْل الْأَعْشَى (وأصْفَدَنِى على الزَّمانَةِ قائِداً ... ) أى أعطانى مَعَ مَا كنت أقاسيه من الزمانة قائدا وَيكون الْمَعْنى إِن الذى يعين مَعَ مَا أَنا فِيهِ من الصبابة بإيراد الْحزن على باللوم أولى برحمتى فيرق لى ويؤاخينى فيحتال فِي طلب الْخَلَاص لى من ورطة الْهوى وَهَذَا فى عراض قَول أَبى ذَر فِي الأبيات الَّتِى أَمر سيف الدولة أَن يجيزها (إنْ كنتَ ناصحَة فَداوِ سَقامَه ... ) وَجعل إِيرَاده عَلَيْهِ الْحزن عونا على معنى أَنه لَا مَعُونَة عِنْد إِلَّا هَذَا كَقَوْلِهِم عتابك السَّيْف وحديثك الضَّرْب أى وضعت هَذَا مَوْضِعه 14 - الْمَعْنى يَقُول لعاذله دع العذل فإنى سقيم لَا أحتمله وَهُوَ من جملَة أسقامى لِأَنَّهُ يزيدنى سقما وارفق فَإنَّك ترى ضعف أعضائى وَأَنَّهَا لَا تحْتَمل أَذَى والسمع من جملَة أعضائى فَلَا تورد عَلَيْهِ مَا يضعف عَن استماعه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا مجَاز لِأَن السّمع لَيْسَ من الْأَعْضَاء وَلكنه يحمل على أَنه أَرَادَ مَوضِع السّمع من أَعْضَائِهِ أى الْأذن 15 - الْغَرِيب السهاد الأرق وسهد بِالْكَسْرِ يسهد سهدا والسهد بِضَم السِّين وَالْهَاء قَلِيل النّوم قَالَ الشَّاعِر أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ (فأتَتْ بهِ حُوشَ الجنَانِ مُبَطناً ... سُهُداً إِذا مَا نَام ليلُ الهُوْجَلِ) الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح اجْعَل ملامتك إِيَّاه فِي التذاذكها كالنوم فِي لذته فاطردها عَنهُ وَبِمَا عِنْده من السهاد والبكاء أى لَا تجمع عَلَيْهِ اللوم والسهاد والبكاء أى فَكَمَا أَن السهاد والبكاء قد أزالا الْإِكْرَاه فلتزل ملامتك إِيَّاه ورد عَلَيْهِ الواحدى وَقَالَ هَذَا كَلَام من لم يفهم الْمَعْنى فَظن زَوَال الْكرَى من العاشق وَلَيْسَ كَمَا ظن وَلكنه يَقُول للعاذل هَب أَنَّك تستلذ الْمَلَامَة كاستلذاذك النّوم وَهُوَ مطرود عَنْك بسهاد العاشق وبكائه فَكَذَلِك دع الملام فَإِنَّهُ لَيْسَ بألذ من النّوم فَإِن جَازَ أَن لَا تنام جَازَ أَن لَا تعذل وَذكر ابْن القطاع مَا ذكر أَبُو الْفَتْح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 - ويروى لَا تعذل الْغَرِيب جمع الشوق وَهُوَ مصدر على أشواق وَذَلِكَ لاخْتِلَاف أَنْوَاعه الْمَعْنى يَقُول لَا تكن عاذرا للمشتاق فِي شوقه حَتَّى تَجِد مَا يجده فَهَذَا معنى قَوْله فِي أحشائه يُرِيد يكون قَلْبك فِي قلبه أى تحب مثل مَا يحب وَهُوَ من قَول البحترى رَحمَه الله (إذَا شِئْتَ ألاَّ تعْذُلَ الدهرَ عَاشِقًا ... على كمَدٍ من لَوْعة البَيْن فاعْشَقِ) 17 - ويروى إِن المشوق الْإِعْرَاب مضرجا فِي الْمَوْضِعَيْنِ نصب على الْحَال وَفصل بَين اسْم إِن وخبرها بِالْحَال الْغَرِيب المضرج الملطخ بِالدَّمِ من ضرجت الثَّوْب إِذا صبغته بالحمرة الْمَعْنى إِنَّه جعل جَرَيَان الدمع كجريان الدِّمَاء وَهَذَا لِأَنَّهُ جعل العاشق كالقتيل تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ 18 - الْغَرِيب يعذب يطيب وَمِنْه المَاء العذب والمبتلى العاشق الذى بلَى بالحب والحوباء النَّفس وَجَمعهَا حوباوات الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعِشْق طيب الْقرب يستعذب كقرب الحبيب وَإِن كَانَ ينَال من نفس العاشق أى يهلكها وَالْمعْنَى أَن الْعِشْق قَاتل وَهُوَ مَحْبُوب مَطْلُوب 19 - الْإِعْرَاب بفدائه أى بفدائك إِيَّاه أضَاف الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول كَقَوْلِه تَعَالَى {بسؤال نعجتك إِلَى نعاجه} أى بسؤاله نعجتك وَيجوز إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول لملابسته إِيَّاه الْغَرِيب الدنف الشَّديد الْمَرَض والدنف بِالتَّحْرِيكِ الْمَرَض الملازم وَرجل دنف وَامْرَأَة دنف يستوى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث والتثنية وَالْجمع فَإِن كسرت النُّون قلت امْرَأَة دنفة وثنيت وجمعت وَقد دنف الْمَرِيض وأدنف إِذا اشْتَدَّ مَرضه وأدنفه الْمَرَض يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى فَهُوَ مدنف ومدنف الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك لَو قلت للدنف لَيْت مابك من برح الصبابة والهوى بى لَغَا من ذَلِك وَوجه غيرته الشُّح على محبوبه وَالْخَوْف أَن يحل أحد مَحَله فَهُوَ على مافيا لَا يسمح لأحد أَن يفْدِيه مِمَّا بِهِ من الْمَشَقَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 - الْغَرِيب السخى الْكَرِيم والسخاء الْكَرم وَوقى وَقَاه الله أى دَفعه عَنهُ الْمَعْنى أَنه يَدْعُو لَهُ بالسلامة من الْعِشْق الذى لَا يقدر على دَفعه بالبأس وَالْكَرم يُرِيد أَنه أَمر شَدِيد وَإِن كَانَ كل أَمر شَدِيد تَدْفَعهُ ببأسك وكرمك وَمَعَ هَذَا هُوَ لطيف 21 - الْغَرِيب يستأسر يَجعله فِي الْأسر وَهُوَ الوثاق والبطل الشجاع الْمُسْتَتر بسلاحه والبطل هُوَ الذى تبطل عِنْده دِمَاء الْأَعْدَاء الْأَبْطَال لشجاعته وَقيل الكمى الذى يستر مَوَاضِع خلله بسلاحه أَو بجودة ثقافه وحذقه والعزاء الصَّبْر والتجلد الْمَعْنى يَقُول الْهوى يستأسر البطل من أول نظرة ينظرها إِلَى الحبيب فَيملكهُ هَوَاهُ فَلَا يبْقى لَهُ خلاص وَلَا صَبر وَلَا تجلد وَلَا يسمع وَلَا يبصر وَهُوَ من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حبك الشئ يعمى ويصم وَمَعْنَاهُ من قَول جرير (يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبّ حَتَّى لَا حراك بِهِ ... وهُنَّ أضْعَفُ خَلْقِ اللهِ إنْسانا) 22 - الْغَرِيب النوائب جمع نائبة وهى الشدائد والكفء المماثل والنظير الْمَعْنى يَقُول إنى دعوتك لدفع الشدائد عَنى وَأَنت لم تدع إِلَى كُفْء لَك لِأَنَّك لَا نَظِير لَك يَدْعُوك إِلَى قِتَاله ومباهاته وَأَنت فَوق كل أحد 23 - الْغَرِيب المتصلصل الذى لَهُ صلصلة وحفيف وَأَصله الصَّوْت وَمِنْه الصلصال الطين الْيَابِس الذى لَهُ صَوت والأمام قُدَّام وَهُوَ ضد الوراء وطابق بَين الفوق والتحت والقدام وَالْخلف الْمَعْنى يَقُول منعتنى من نَوَائِب الزَّمَان بإحاطتك عَلَيْهِ من جوانبه كالشئ الذى يحاط عَلَيْهِ من جَمِيع أَرْكَانه فَصَارَ مَمْنُوعًا وَالْمعْنَى أَنَّك منعتنى من الزَّمَان وحميتنى مِنْهُ وَفِيه نظر إِلَى قَول الحكمى (تغَطَّيْتُ منْ دهرى بَظلّ جنَاحه ... فعيِنى تَرى دهْرِى وَلَيْسَ يَرَانِى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 - الْغَرِيب الفرند السَّيْف والخضرة الَّتِى تكون فِيهِ وَالْأَصْل النجار وَالْوَفَاء من الْوَفَاء بالعهد وَغَيره الْإِعْرَاب تكون الضَّمِير للسيوف وَلَيْسَت التَّاء هُنَا لمخاطبة الممدوح وَالتَّقْدِير من للسيوف بِأَن تكون سيف الدولة لِأَنَّهُ سميها الْمَعْنى يَقُول من يكفل للسيوف بِأَن تكون مثل سيف الدولة سميها واستعار اسْم لفرند لما كَانَ يَقع عَلَيْهِ اسْم السَّيْف ثمَّ ذكر الْفضل بَينه وَبَين السيوف المضروبة من الْحَدِيد واستعار الفرند لمكارمه ومحاسنه لِأَنَّهُ أفضل من السيوف وَهُوَ يفعل مَا لَا تَفْعَلهُ السيوف وَالسيف لَوْلَا الضَّارِب لما كَانَ إِلَّا حديدا وَإنَّك شرف وقمر للنَّاس فَكيف لَا تتمنى السيوف أَن يكون لَهَا مثلك سميا وَهُوَ كَقَوْلِه (تظنّ سُيوفُ الهندِ أصلَكَ أصلَها ... ) 25 - الْغَرِيب على سيف الدولة هوه على بن أَبى الهيجاء بن حمدَان التغلبى والمطبوع الْمَصْنُوع وطبعت الشئ صَنعته وجنس وأجناس كنوع وأنواع الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي كَانَ للحديد وَالْخَبَر الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ فِي مَوضِع نصب خبر لَكَانَ وعَلى ابْتِدَاء والمطبوع صفة لَهُ وَمن آبَائِهِ الْخَبَر وَهُوَ فى مَوضِع رفع الْمَعْنى يَقُول الْحَدِيد ينْزع إِلَى أجناسه فَإِن كَانَ جيدا فَهُوَ من جنسه الْجيد وَإِن كَانَ رديئا فَهُوَ من جنسه الردئ وَهَذَا الممدوح على يرجع إِلَى أَصله وشرفه وَشرف آبَائِهِ لِأَنَّهُ شرِيف وَابْن شرِيف فَهُوَ معرق فِي الشّرف وَلَا يأتى من الشريف إِلَّا الشريف فِي غَالب الْأَمر فالحديد مطبوع من أَجنَاس الْحَدِيد كالفولاذ وَغَيره وَهَذَا الممدوح إِنَّمَا هُوَ من جنس وَاحِد جنس طيب شرِيف فَهُوَ لَا نِسْبَة بَينه وَبَين السيوف إِلَّا فى الاسمية لَا فِي الْفِعْل وَلَا فِي الْخلق وَلَا فى المضاء وَقد ذكرنَا هَذِه الْقطعَة فِي أول كتَابنَا وَإِن كَانَ جمَاعَة قد اخْتلفُوا فِيهَا مِمَّن لَا يعرف القوافى وَلَا لَهُ بهَا نِسْبَة وَلَا دراية وَمِنْهُم من جعلهَا فِي حرف الْيَاء وَلم يكن بَينهَا وَبَين الْيَاء نِسْبَة لِأَن الْبَاء الَّتِي فِيهَا إِنَّمَا هى همزَة وَلَا يجوز أَن تنقط وَإِنَّمَا هى صُورَة همزَة وَرَأَيْت فِي نسختين أَو ثَلَاث من ذكرهَا فِي حرف الْهَاء وَإِنَّمَا اقتدينا بالإمامين الفاضلين صاحبى الشّعْر والقوافى وَالْعرُوض الْعَالمين بالآداب وَكَلَام الْأَعْرَاب اللَّذين يقْتَدى بقولهمَا فى الْآفَاق وهما عُمْدَة أهل الشَّام والحجاز وَالْعراق أَبى الْفَتْح ابْن جنى وَالْإِمَام أَبى زَكَرِيَّا يحيى بن على التبريزى فَإِنَّهُمَا جعلاها فِي أول حرف الْهمزَة فاقتدينا بفعلهما واعتمدنا على قَوْلهمَا فَالله تَعَالَى يعصمنا من ألسن الحساد والأعداء ويسلمنا من انتقاد الجهلاء وَقد رتبت كتابى هَذَا على مَا رتبه الإمامان وتبعت فعلهمَا فِي كل مَكَان وَجَعَلته على حُرُوف الْكِتَابَة ليعين من أَرَادَ القصيدة أَو الْبَيْت فيقصد بَابه وَذكرت فِي أول كل قصيدة من أى بَحر هى وأى قافية ليعرف من أى البحور والقافية وَلم أترك شَيْئا ذكره المتقدمون من الشُّرَّاح إِلَّا أتيت بِهِ فِي غَايَة الْإِيضَاح وَذكرت المآخذ من أَيْن أخدها وَمن أَيْن أَخذهَا من قبله، وَمن أَيْن ابتدعها، وَلم أمل فِي ذَلِك إِلَى تعصب بل إِلَى كل غَرِيب من الْأَقْوَال تطلب وَذكرت قَول كل قَائِل بِالْوَاو وَالْفَاء وَلم أَخْتَصِرهُ بِأَن أتيت بِهِ على الِاسْتِيفَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 - الْإِعْرَاب همزَة الِاسْتِفْهَام أدخلها على الْفِعْل مُتَعَجِّبا وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بِالْفِعْلِ وَصرف إِسْحَاق ضَرُورَة وَحسب يتَعَدَّى إِلَى مفعولين فالثانى مَحْذُوف تَقْدِيره جَارِيا أَو مأخوذا وَبِه يتَعَلَّق الْجَار الْغَرِيب الإخاء الْمَوَدَّة والأخوة والإناء مَا يَجْعَل فِيهِ المَاء وَغَيره وَهُوَ مَمْدُود وَحسب تفتح عينه وتكسر فِي الْمُسْتَقْبل وَبِه قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَعبد الله بن عَامر بِالْفَتْح الْمَعْنى أتظن مَا هجيت بِهِ من قولى وَلم تميز قَول غيرى من قولى وأتنكر مَا بَيْننَا من الْمَوَدَّة والأخوة واستعار المَاء والإناء 2 - الْإِعْرَاب أأنطق اسْتِفْهَام كَالْأولِ وحرف الْجَرّ الأول مُتَعَلق بِهِ والثانى بِالْمَصْدَرِ الْغَرِيب الهجر الْقَبِيح من الْكَلَام وَالْفُحْش وهجر إِذا هذى وَهُوَ مَا يفر لَهُ المحموم عِنْد الْحمى وَمِنْه قَول عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ مرض رَسُول الله إِن الرجل ليهجر على عَادَة الْعَرَب الْمَعْنى كَيفَ أَقُول فِيك قبيحا وَأَنت عندى خير من تَحت السَّمَاء وَهَذَا مُبَالغَة يُرِيد خير النَّاس فِي زَمَانه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 - الْإِعْرَاب وأكره وأمضى معطوفان على خبر إِن فِي الْبَيْت الذى قبله وَهَذَا يُسمى تضمينا وطعما نصب على التَّمْيِيز وحروف الْجَرّ مُتَعَلقَة بأكره وأمضى الْمَعْنى إِنَّك أكره طعما على الْعَدو من طرف السَّيْف وأنفذ فِيمَا تُرِيدُ من الْأُمُور من الْقَضَاء وَهَذَا مُبَالغَة يقصدون بِهِ الْمُبَالغَة لَا التَّحْقِيق واستعار لَهُ الطّعْم 4 - الْإِعْرَاب مَا حرف نفى وحرفا الْجَرّ متعلقان بالفعلين وَكَيف وَقع فى مَوضِع التَّعَجُّب الْغَرِيب أربت زَادَت ومللت سئمت الْمَعْنى كَيفَ أهجوك وَأَنا أعلم بأسك وقدرتك على الْأَعْدَاء وَكَيف أتعرض لهجائك وَأَنا شَاب مَا زَاد سنى على عشْرين فَكيف مللت طول الْبَقَاء وَهَذَا من أعجب العجاب أَنى أتعرض لهجائك حَتَّى أعرض نفسى للهلاك وَهَذَا من أحسن الْمعَانى 5 - الْإِعْرَاب وَمَا عطف على الأول وحرفا الْجَرّ متعلقان بالفعلين وَكَذَلِكَ الْبَاء يُرِيد أَنى مَا استوفيت أوصافك فِي المديح فَكيف أنقصها بالهجاء بل أَنا أولى بإتماتمها من الْأَخْذ فِي الهجاء 6 - الْمَعْنى يُرِيد احسب أننى قلت فِيك هجرا فَكيف أقدر أَن أَقُول وَالنَّاس يعْرفُونَ فضلك وأصلك فكأنى إِذا هجوتك كمن يَقُول فِي النَّهَار هَذَا ليل فَهَل يقدر على ذَلِك أحد لِأَنَّهُ إِذا قَالَ هَذَا أكذبه النَّاس وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الْعَامَّة من يقدر أَن يغطى عين الشَّمْس وَهُوَ من أحسن الْمعَانى 7 - الْإِعْرَاب جعلت فداءه فى مَوضِع الدُّعَاء وَلَيْسَ هُوَ صفة لمرء وَإِنَّمَا يحسن أَن يكون صفة إِذا كَانَ خَبرا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُول على الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ وَأَنت مرء مُسْتَحقّ لِأَن أسأَل الله أَن يَجْعَلنِي فداءه كَقَوْل الراجز (مَا زِلْتُ أسْعَى مَعَهُمُ وأخْتَبِطْ ... حَتَّى إذَا جاءَ الظَّلاَمُ المُخْتَلِط) (جاءُوا بِمَذْقٍ هَلْ رأيْتَ الذّئْبَ قَطّ ... ) كَأَنَّهُ قَالَ بضيح يَقُول من رَآهُ هَل رَأَيْت الذِّئْب قطّ وهم فدائى ابْتِدَاء وَخبر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال وَيجوز أَن تكون لَا مَوضِع لَهَا وَقَالَ قوم وهم عطف على التَّاء من جعلت وَلم يُؤَكد الضَّمِير لطول الْكَلَام وأنشدوا (بُنَيَّتِى رَيْحانَةٌ أَشَمُّها ... فَدَيْتُ بِنْتِى وَفدَتْنِى أُمُّها) الْغَرِيب قَوْله مرء يُرِيد امْرُؤ وهى لُغَة مَعْرُوفَة الْمَعْنى أَنه يُنكر عَلَيْهِ أَنه أطَاع الحاسدين ودعا لَهُ أَن يكون المتنبى فداءه وهم فدَاء المتنبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 - الْإِعْرَاب من فَاعل هاجى وَيجوز أَن يكون خبر الِابْتِدَاء الذى هُوَ هاجى وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بِالْفِعْلِ الْغَرِيب يُمَيّز يفرق والهراء بِضَم الْهَاء هُوَ الْكَلَام الْخَطَأ قَالَ ابْن السّكيت هرأ الْكَلَام إِذا أَكثر مِنْهُ فِي خطأ ومنطق هراء قَالَ ذُو الرمة (لهَا بَشرٌ مِثلُ الحَرِيرِ ومَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الحَوَاشى لَا هُرَاءٌ وَلا نَزْرُ) وَأَصله الْكَلَام الْفَاسِد الذى لَا خير فِيهِ الْمَعْنى يُرِيد هاجى نَفسه من لم يفرق بَين كَلَامهم السَّاقِط وَبَين كلامى فَهَذَا هُوَ الهجولمن لَا يعرف هَذَا فيريد تَركك تَمْيِيز كلامى من كَلَامهم هجاء لنَفسك 9 - الْإِعْرَاب أَن ترانى فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ اسْم إِن تَقْدِيره وَإِن رؤيتك فتعدل بالنصيب عطف على ترانى وَأَقل صفة لمَحْذُوف تَقْدِيره شَيْئا أقل من الهباء وحرف الْجَرّ الْأَخير مُتَعَلق بِهِ وحرف الْجَرّ الأول مُتَعَلق بِالْمَصْدَرِ الذى هُوَ اسْم إِن الْغَرِيب الهباء شئ يلوح مثل الذَّر فِي شُعَاع الشَّمْس قَالَ أَبُو الجوائز الواسطى (بَرَانِى الهَوَى بَرْىَ المُدَى وأذَابَنِى ... صُدودُكِ حَتَّى صرْتُ أنحَلَ مِن أمْسِ) (فَلَسْتُ أرَى حَتَّى أرَاكِ وإنَّمَا ... يَبِينُ هَباءُ الذَّرّ فِي ألَقِ الشَّمْسِ) الْمَعْنى من الْعجب معرفتك لى ثمَّ إِنَّك تسوى بينى وَبَين خسيس أقل من الهباء يعْنى غَيره من الشُّعَرَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 - 10 - الْإِعْرَاب اثْبتْ الْألف فِي أَنا للوصل أجراه مجْرى الْوَقْف والكوفيون يرَوْنَ هَذَا وَقَرَأَ نَافِع بإثباتها عِنْد الْهمزَة كَقَوْلِه عز وَجل {أَنا أحيي وأميت} والزناء يمد وَيقصر قَالَ الفرزدق (أَبَا حاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرفْ زِناؤُه ... وَمَنْ يشْرَبِ الخُرْطومَ يُصبحُ مُسْكَرا) وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بطلعت الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعَرَب تَقول إِذا طلع سُهَيْل وَقع الوباء فِي الْبَهَائِم فَجعل نَفسه سهيلا وَجعل أعداءه بهَا ثمَّ يموتون حسدا لَهُ وجعلهم أَوْلَاد زنا كَالْبَهَائِمِ لَا أصل لَهُم 1 - هَذَا من الْكَامِل متفاعلن متفاعلن متفاعلن وَهُوَ ضرب من الْمَقْطُوع الْإِعْرَاب يرْوى أَنْت من الظلام ضِيَاء فَيكون مُبْتَدأ وخبرا وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة إِذْ حَيْثُ كنت فَيكون ضِيَاء ابْتِدَاء وَخَبره حَيْثُ وَتَقْدِيره الضياء حَيْثُ كنت مُسْتَقر وَهُوَ الْعَامِل فِي حَيْثُ وَإِذا ظرف للأمن تَقْدِيره أمنُوا ذَاك إِذْ كنت بِهَذِهِ الصّفة وَقَالَ الواحدى ضِيَاء ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره ضِيَاء هُنَاكَ وَكَانَ لَا تحْتَاج إِلَى خبر لِأَنَّهَا فِي معنى حصلت وَوَقعت قَالَ وَلم يُفَسر أحد هَذَا الْبَيْت بِمَا فسرته وَكَانَ بكرا إِلَى هَذَا الْوَقْت انْتهى كَلَامه وَقَالَ غَيره ضِيَاء مُبْتَدأ وَحَيْثُ كنت من الظلام خَبره وَإِذ مُضَافَة إِلَى هَذِه الْجُمْلَة وَمن الظلام حَال من حَيْثُ تَقْدِيره إِذْ ضِيَاء بمَكَان كونك وحصولك من الظلام وَيجوز رفع حَيْثُ على الِابْتِدَاء وَنَقله عَن الظَّرْفِيَّة وَهُوَ مبْنى الْغَرِيب الازديار افتعال من الزِّيَارَة والدجى والدجية ظلمَة اللَّيْل والرقباء جمع رَقِيب وَهُوَ الْحَافِظ النَّاظر الحارس كشريف وشرفاء وظريف وظرفاء وفقيه وفقهاء وشهيد وشهداء وكريم وكرماء وسفيه وسفهاء الْمَعْنى يُرِيد أَن الرقباء قد أمنُوا أَن تزورينى لَيْلًا لِأَنَّك بدل من الضياء فِي اللَّيْل لِأَن نورك يزِيل الظلمَة كَمَا يزيلها نور الصُّبْح وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول أَبى نواس (تَرَى حَيْثُمَا كانَتْ مِنَ البيْتِ مَشْرِقا ... وَمَا لَمْ تَكْنْ فِيه مِنَ البيْتش مَغْرِبا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 - الْإِعْرَاب قلق ابْتِدَاء وَخَبره هتكها ومسيرها عطف عَلَيْهِ وَخَبره مَحْذُوف للْعلم بِهِ يُرِيد ومسيرها فِي اللَّيْل هتك لَهَا والواوان فِي وهى مسك وهى ذكاء للْحَال وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بِالْمَصْدَرِ الْغَرِيب ذكاء اسْم للشمس معرفَة لَا ينْصَرف مثل هنيدة وشعوب الْمَعْنى قَالَ ابْن فورجه الهتك مصدر مُتَعَدٍّ وَلَو أَتَى بمصدر لَازم لَكَانَ أقرب إِلَى الْفَهم بِأَن قَالَ انهتاكها وَلكنه رَاعى الْوَزْن وَمثل هَذَا الْمَعْنى كثير فِي شعر الْمُحدثين وَقَوله وهى مسك زِيَادَة على كثير من الشُّعَرَاء إِذْ لم يَجْعَل هتكها من قبل الطّيب الذى استعملته بل جعل الْمسك نَفسهَا فَكَأَنَّهُ من قَول امْرِئ الْقَيْس (وَجَدْتَ بِها طيِبا وَإنْ لَمْ تَطَيًّبِ ... ) وَقَول آخر: (درّة كيفَما أُدِِيرَتْ أضاءَتْ ... ومَشَمٌّ مِنْ حيثُما شُمَّ فاحاَ) وَمثله قَول بشار (وتَوَقَّ الطِّيبَ لَيْلَتَنا ... إنَّهُ وَاشٍ إذَا سَطَعا) انْتهى كَلَامه يُرِيد بالقلق حركتها وَهَذَا من قَول البحترى (وَحاوَلْنَ كِتمانَ التَّرَحُّل فِي الدُّجَى ... فَنَّم بِهِنَّ المِسْكُ لَمَّا تَضَوَّعا) وَكَقَوْلِه أَيْضا (وكانَ العَبيرُ بِها وَاشِيا ... وجَرْسُ الحُلِىّ عَلَيْهَا رَقِيباً) وَقَالَ آخر (وأخْفَوْا على تلكَ المَطايا مَسِيرَهم ... فَنَمَّ عَليهم فِي الظَّلام التَّبسُّمُ) وَقَول على بن جبلة (بِأبى مَنْ زَارَنِى مُكْتَتِما ... حَذِراً مِنْ كُلّ شًىْءْ فَزِعا) (طارَقُ نَمَّ عَليهِ نُورُهُ ... كَيْفَ يُخْفِى اللَّيلُ بَدراً طلعَا) (رَصَدَ الخَلْوَة حَتَّى أمْكَنَتْ ... وَرَعَى السَّامِرَ حَتَّى هَجَعَا) (كابَدَ الأهْوَالَ فِي زَوْرَتِه ... ثُمَّ مَا سَلَّمَ حَتَّى وَدّعا) وَقَالَ أَبُو المطاع بن نَاصِر الدولة وَأحسن (ثَلاثَةٌ مَنَعَتْها مِنْ زِيارَتِنا ... وقَدْ دَجا الليَّلُ خوْفَ الْكَاشِح الحَنِق) (ضَوْءُ الجَبينِ وَوَسْوَاسُ الحُلِىّ وَما ... يَفوحُ مِنْ عَرَقٍ كالعَنبر العَبِقِ) (هَبِ الحَبينَ بفَضْل الكُمّ تَسْتُرُهُ ... والحَلْىَ تَنْزِعه مَا لشأنُ فِي العرَق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 - الْإِعْرَاب خَفَاء ابْتِدَاء تقدم عَلَيْهِ خَبره وَهُوَ الْجَار وَالْمَجْرُور وحرف الْجَرّ الأول يتَعَلَّق بِالْمَصْدَرِ وحرفا الْجَرّ الأخيران متعلقان بِالْمَصْدَرِ الذى هُوَ خَفَاء الْغَرِيب الْمَدّ لَهُ الذى ذهب عقله والأسف الْحزن وأسف يأسف أسفا إِذا حزن الْمَعْنى يَقُول إنى أَحْزَن لذهاب عقلى لما لقِيت فِي هَوَاك من الشدَّة والجهد حَتَّى إننى قد خفى على حزنى وَإِنَّمَا أتأسف على أَنَّك شغلتنى عَن معرفَة الأسف حَتَّى خفى على مَا الأسف لِأَنَّك أذهب عقلى وَإِنَّمَا تعرف الْأَشْيَاء بِالْعقلِ 4 - الْغَرِيب الشكية والشكوى والشكاية بِمَعْنى وهى مصدر اشْتَكَى الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا أشتكى عدم السقم لِأَن السقم كَانَ حَيْثُ كَانَت لى أعشاء يحلهَا السقم فأحسه باعضائي وَإِذا ذهبت الْأَعْضَاء بالجهد الذى أصابني فِي هَوَاك لم يبْق مَحل يحله السقم وَالْمعْنَى أَنه يطْلب أعضاءه لَا السقام فَلَمَّا ذهبت أعضاؤه الَّتِى يجد بهَا السقام شكا فَقده لِأَن السقم مَوْجُود والفانى مَعْدُوم وَقد بَين هَذَا أَبُو الْفَتْح البستى بقوله (وَلَو أبْقى فِرَاقُكَ لى فُؤَاداً ... وجَفْنا كُنْتُ أجْزَعُ مِنْ سُهادى) (ولَكِنْ لَا رُقادَ بغَيْرِ جَفْنٍ ... كَمَا لَا وَجْدَ إلاَّ بالفُؤّادِ) 5 - الْإِعْرَاب كلتاهما فِي مَوضِع نصب على الْحَال تَقْدِيره فتشابها نجلاوين وَيجوز أَن يكون لَا مَوضِع لَهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {سيقولون ثَلَاثَة رابعهم كلبهم} فَهَذِهِ جملَة لَا مَوضِع لَهَا وقلوه فتشابها كَانَ حَقه أَن يكون فتشابهتا وَلَكِن حمل الْجراحَة على الْجرْح وَالْعين على الْعُضْو فَقَالَ تشابها أى الْمَذْكُورَان أَو الشيئان كَقَوْل زِيَاد (إنّ السَّماحَةَ والمُرُوءَةَ ضمُنِّا ... قبراً بمَرْوَ على الطَّرِيقِ الوَاضحِ) ذهب بالسماحة إِلَى السخاء وبالمروءة إِلَى الْكَرم وَلم يقل نجلاوان لِأَن لفظ كلتا وَاحِد مؤنث كَقَوْلِه تَعَالَى {كلتا الجنتين آتت أكلهَا} الْغَرِيب النجلاء الواسعة وطعنة نجلاء وَاسِعَة الْمَعْنى يَقُول لما نظرت إِلَى صورت فِي قلبى مِثَال عَيْنَيْك جِرَاحَة تشبه عَيْنَيْك فِي السعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 - الْغَرِيب الصعدة الْقَنَاة الَّتِي نَبتَت معتدلة فَلَا تحْتَاج إِلَى تَقْوِيم والسابرى الدرْع الْعَظِيمَة الَّتِى لَا ينفذها شئ وَقيل السابرى الثَّوْب الرَّقِيق الْمَعْنى يُرِيد أَن عَيْنك نفذت إِلَى قلبى فجرحته وَرُبمَا كَانَ الرمْح لَا يصل إِلَيْهِ ويندق دونه قبل وُصُوله إِلَى كَمَا قَالَ (طول الردينيات يقصفها دمى ... ) لِأَن هيبته فِي الْقُلُوب تمنع من نُفُوذ الرمْح فِي ثَوْبه وَلِأَن الشجاع موقى هَذَا على تَفْسِير من جعل السابرى الثَّوْب الرَّقِيق وَمن قَالَ إِن السابرى الدرْع الَّتِى لَا ينفذها شئ يكون الْمَعْنى نفذت نظرتك الدرْع إِلَى قلبى وَإِن الدرْع لم يحصنه من نظرتها وهى تحصنه من الرمْح والدرع يذكر وَيُؤَنث وَمن ذكره يُرِيد بِهِ الْحَدِيد وَقد ذكره الراجز بقوله (كأنَّه فِي الدّرْعِ ذِى التَّغضُّنِ ... ) 7 - الْمَعْنى خص صَخْرَة الوادى لصلابتها بِمَا يرد عَلَيْهَا من السُّيُول يُرِيد إننى فِي الشدَّة كشدة الصخر وَفِي علو الْمنطق كالجوزاء يُرِيد إِذا زوحمت لم يقدر على وَلَا على إزالتى عَن موضعى كهذه الصَّخْرَة الَّتِى رسخت فِي المَاء فَلَا تَزُول عَن موضعهَا وَإِذا انْطَلَقت كنت فى علو الْمنطق كالجوزاء وَقيل الْمَعْنى منى تستفاد البراعات ويُقتبس الْفضل كَمَا أَن الجوزاء تُعْطى من يُولد بعطارد فِي بَيت الجوزاء البراعة والمنطق 8 - الْإِعْرَاب أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض وَعند الْخَلِيل والكسائى فِي مَوضِع خفض وهى أَن المخففة من الثَّقِيلَة وتكتب مُنْفَصِلَة لَا مُتَّصِلَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا خفى مَكَانَهُ على الغبى وَهُوَ الْجَاهِل الذى لَا يعرف شَيْئا وَلم يعرف قدرى وَلم يقر بفضلى فَأَنا أعذره لِأَن الْجَاهِل كالعمى والمقلة العمياء إِن لم تَرَ فهى فِي عذر لعماها وَكَذَلِكَ الْجَاهِل الذى يجهلنى ويجهل قدرى وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الشَّاعِر (وَقد بَهَرْتُ فمَا أخْفَى على أحَدٍ ... إِلَّا على أكْمَهْ لَا يعْرِفُ القَمَرَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 - الْإِعْرَاب أَن فِي مَوضِع رفع خبر الِابْتِدَاء وصدرى يُرِيد أصدرى فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام ضَرُورَة وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله أم الْبَيْدَاء قَالَ عمر بن أبي ربيعَة (فوَاللهِ مَا أدرِى وإنْ كنتُ دارِيا ... بسَبْعٍ رَمَيْن الجَمْر أم بثَمانِ) يُرِيد أبسبع كَذَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ الْغَرِيب الْبَيْدَاء الأَرْض الواسعة الْعَظِيمَة وَسميت بيداء لِأَن من سلكها باد والشيمة الْعَادة يُقَال شيمته كَذَا أى عَادَته الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى من عَادَة الليالى أَن توقع لناقتى الشَّك فِي أصدرى أوسع أم الْبَيْدَاء لما ترى من سَعَة صدرى وَبعد مطلبى قَالَ الواحدى وَهَذَا إِنَّمَا يَصح لَو لم يكن فى الْبَيْت بهَا وَإِذا رددت الْكِنَايَة إِلَى الليالى بَطل مَا قَالَ لِأَن الْمَعْنى صدرى بالليالى وحوادثها وَمَا تورده على من مشقة الْأَسْفَار وَقطع المفاوز أوسع من الْبَيْدَاء وناقتى تشاهد مَا أقاسى من السّفر وصبرى عَلَيْهِ فَيَقَع لَهَا الشَّك فِي أَن صدرى أوسع أم الْبَيْدَاء وعَلى هَذَا أفْضى أفعل كَمَا يُقَال أوسع انْتهى كَلَامه وَقَالَ غَيره أفْضى يحْتَمل أَن يكون اسْما وَأَن يكون فعلا فَإِن كَانَ اسْما فَهُوَ على معنى التَّفْضِيل أى أصدرى بهَا أفْضى أم الْبَيْدَاء فَإِن كَانَ فعلا فَمَعْنَاه أصدرى يفضى أى ينتهى بِهَذِهِ النَّاقة إِلَى الفضاء أم الْبَيْدَاء وَبِنَاء أفْضى للْمُبَالَغَة وَإِن كَانَ ماضيه متجاوز الثَّلَاثَة وتشكك أى لَا تدرى هَذِه النَّاقة أصدرى أوسع أم الْبَيْدَاء وتشبيه الصَّدْر بالمفازة فى السعَة عَادَة الشُّعَرَاء قَالَ حبيب (ورُحْب صَدرْ لَو أنَ الأَرْض واسعةٌ ... كوُسْعِهِ لم يَضِقْ عَنْ أهلِه بَلَدُ) وَقَالَ البحترى (كَريمٌ إِذا ضَاقَ الزَّمانُ فإنَّه ... يضلُّ الفضاءُ الرَّحبُ فِي صَدره الرّحبِ) وَقَالَ قوم الْكِنَايَة تعود على النَّاقة وَمعنى افضى بهَا أى أدّى بهَا إِلَى الهزال صدرى أم الْبَيْدَاء فَمرَّة فَمرَّة تَقول لَوْلَا سَعَة صَدره من حَيْثُ الهمة وَبعد الْمطلب لما أتعبنى السّفر وَمرَّة تَقول الْبَيْدَاء هى الَّتِى تذْهب لحمى وتؤدينى إِلَى الهزال وعَلى هَذَا أفْضى فعل وَيجوز أَن يكون اسْما وَإِن عَادَتْ الْكِنَايَة إِلَى النَّاقة وَالْمعْنَى أَن ناقتى قَوِيَّة نجيبة يضن بِمِثْلِهَا وَلَا تهزل فِي السّفر وهى ترى إتعابى إِيَّاهَا واستنادى عَلَيْهَا فِي الْأَسْفَار فَتَقول صَدره أوسع بى حَيْثُ طابت نَفسه بإهلاكى أم الْبَيْدَاء لَوْلَا أَن لَهُ صَدرا فى السعَة كالبيداء لم تطب نَفسه بإهلاكى وَالْقَوْل هُوَ الأول فِي الْبَيْت وَهُوَ رد الْكِتَابَة إِلَى الليالى كَذَا قَالَ الواحدى قَالَ وَلم يشرحه أحد مثل شرحى لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 - الْإِعْرَاب مسئدا حَال مِنْهَا وإسآدها نصب على الْمصدر والناصب لَهُ مسئدا ومسئدا اسْم فَاعل وفاعله الإنضاء وَتَقْدِير الْبَيْت تبيت هَذِه النَّاقة تسئد مسئدا الإنضاء فِي نيها إسآدا مثل إسآدها فِي المهمه ومسئد أجْرى حَالا على النَّاقة لما تعلق بِهِ من ضميرها الذى فى نيها كَمَا تَقول مَرَرْت بهند وَاقِفًا عِنْدهَا زيد الْغَرِيب الإسآد إسراع السّير فِي اللَّيْل خَاصَّة والنى الشَّحْم والمهمه الأَرْض الواسعة الْبَعِيدَة والإنضاء مصدر أنضاه ينضيه إِذا هزله وَالْمعْنَى أَن المهمه ينضيها كَمَا تنضيه الْمَعْنى أَن هَذِه النَّاقة تبيت تسير سائرا فِي جَسدهَا الهزال سَيرهَا فِي المهمة وَأقَام الإنضاء مقَام الهزال للقافية وَكَانَ الأولى أَن يَجْعَل مَكَان الإنضاء مصدر فعل لَازم ليَكُون أقرب إِلَى الْفَهم وَهَذَا من قَول حبيب (رَعَتْهُ الفَيافِى بعدَ مَا كانَ حِقْبَةً ... رَعاها وماُ الرَّوْضِ يَنْهَلُ ساكبُهْ) 11 - الْغَرِيب الأنساع سيور وَاحِدهَا نسع يشد بِهِ الرحل والمغط الْمَدّ الْمَعْنى أَنه يُرِيد عظم بطن النَّاقة حِين امتدت أنساعها وطالت وَيُرِيد أَن خفافها مَنْكُوحَة مثقوبة بالحصى وَهُوَ كِنَايَة عَن وعور الطَّرِيق ومنكوحة أى دمية من الْحَصَى واستعار النِّكَاح لوطئها الأَرْض وإدماء الْحَصَى إِيَّاهَا والعذراء الَّتِى لم تفتض وَأَرَادَ أَن طريقها لم يسلكها أحد وَالطَّرِيق تذكر وتؤنث قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الْمُنعم بن صَالح النحوى عِنْد قراءتى عَلَيْهِ هَذَا الدِّيوَان وَقد وصلت إِلَى هَذَا الْبَيْت سألنى الْملك الْكَامِل أَو أَبُو المعالى مُحَمَّد بن أَبى بكر بن أَيُّوب ملك الديار المصرية وَالشَّام والحرمين عَن هَذَا الْبَيْت فِي قَوْله (وطريقها عذراء ... ) فَقلت لَهُ يُرِيد أَنَّهَا صعبة لم تسلك فَقَالَ لى هَذَا يدل على أَن الممدوح لَا يعرف وَلَا لَهُ ذكر وَلَا نائل لِأَن الطَّرِيق إِلَيْهِ عذراء لم تطرق والممدوح إِذا كَانَ لَهُ عَطاء وَذكر ويعرفه القصاد كَانَت الطَّرِيق إِلَيْهِ لَا تَنْقَطِع وَلَقَد أحسن فى هَذَا النَّقْد 12 - الْغَرِيب الخريت الدَّلِيل وسمى خريتا لاهتدائه فِي الطَّرِيق الْخفية كخرت الإبرة كَأَنَّهُ يعرف كل ثقب فى الصَّحرَاء والتوى الْهَلَاك والحرباء دَابَّة تَدور مَعَ الشَّمْس كَيْفَمَا دارت تتلون فِي الْيَوْم ألوانا كَثِيرَة كَمَا قَالَ ذُو الرمة (غَدَا أكهْبَ الأعْلى وراحَ كأنَّهُ ... مِن النَّضْحِ لاِستبقباله الشَّمسَ أخضرُ) الْمَعْنى أَن هَذِه الأَرْض طريقها صعبة يَتلون الدَّلِيل فِيهَا من خوف الْهَلَاك كَمَا تتلون هَذِه الدَّابَّة وَهُوَ مِمَّا يتَغَيَّر لَونه من خوف الْهَلَاك فَهُوَ يَدُور يَمِينا وَشمَالًا لطلب الطَّرِيق وَالْمعْنَى من قَول هدبة يظلّ بهَا الهَادى يُقَلِّب طَرْفَهُ ... مِنَ الوَيْلِ يَدْعُو لَهْفَه وَهُوَ لاهفُ) وَقَالَ الطرماح (إذَا اجْتابَها الخِرّيتُ قالَ لنَفْسهِ ... أتاكِ برَحْلِى حائِنٌ كُلٌ حائِنٍ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 - الْإِعْرَاب نصب مِثْلهنَّ على الْحَال لِأَنَّهُ نعت للنكرة المرفوعة فَقدم عَلَيْهَا فنصب على الْحَال كَقَوْلِك فِيهَا قَائِما رجل وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ لذى الرمة (وَنحْتَ العَوَالى فِى القَنا مُسْتَظِلَّةً ... ظِباءٌ أعارَتها العُيُونّ الجآذِرُ) الْمَعْنى بينى وَبَينه يُرِيد الممدوح جبال مُرْتَفعَة مثله فِي الْعُلُوّ وَالْوَقار ورجاء عَظِيم كهذه الْجبَال يُشبههُ فِي الْحلم وَالْوَقار بالجبال وَجعل رَجَاءَهُ عَظِيما كالجبال 14 - الْإِعْرَاب وعقاب عطف على شم الْجبَال وهى طوالها وَكَيف اسْتِفْهَام فِي الْمَعْنى الإنكارى وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره وَكَيف لى بقطعها أَو أقوم بقطعها أَو كَيفَ الظَّن بقطعها الْمَعْنى لبنان جبل مَعْرُوف من جبال الشَّام يُرِيد كَيفَ الظَّن بقطعها وَالْوَقْت الشتَاء والصيف بهَا مثل الشتَاء وَإِذا كَانَت فى الصَّيف صعبة فَكيف فِي الشتَاء 15 - الْإِعْرَاب بهَا وعَلى متعلقان بِالْفِعْلِ وَالْبَاء فِي بياضها مُتَعَلقَة بِمَعْنى كَأَن من معنى التَّشْبِيه الْمَعْنى يُرِيد أَن الثلوج عَمت على مسالكى وَلبس الشئ ولبسه إِذا عماه قَالَ الله تَعَالَى {وللبسنا عَلَيْهِم مَا يلبسُونَ} يَقُول أخْفى هَذَا الثَّلج بِهَذِهِ الْعقَاب طرقى على فَلم أهتد لكثرتها وبياضها وَالْأسود لَا يهتدى فِيهِ فَكَأَنَّهَا لبياضها إِذْ لم يهتد فِيهَا اسودت وَهَذَا من أحسن الْكَلَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 - الْإِعْرَاب حرف الْجَرّ مُتَعَلق بأقام وَكَذَا عطف على مَا قبله وَذَلِكَ أَنه لما قَالَ (فَكَأَنَّهَا ببياضها سَوْدَاء ... ) فَهُوَ نقيض الْعَادة لِأَن الْبيَاض إِذا قَامَ مقَام السوَاد هُوَ خلاف الْعَادة وَكَذَلِكَ الْكَرِيم إِذا أَقَامَ ببلدة يَجْعَل الذَّهَب سَائِلًا وَذَلِكَ أَنه أَتَاهُ فِي الشتَاء وَالْمَاء جامد فَشبه كرمه بسيل الذَّهَب لِكَثْرَة مَا يبذله لمن يَقْصِدهُ وقابله بجمود المَاء وَإِن كَانَ جمود المَاء غير فعله // فَحسن الْعَطف والتشبيه // الْغَرِيب النضار الذَّهَب وَالنضير أَيْضا قَالَ الْأَعْشَى (إِذا جُرّدت يَوْما حَسِبْتَ خَمِيصَةً ... علَيها وجِرْيال النَّضِير الدُّلامِصا) وَيجمع على أَنْضَرُ قَالَ الْكُمَيْت (تَرَى السَّابحَ الخِنْذيذ مِنها كأنَّهُ ... جرى بَين ليتيه إِلَى الخد أَنْضَرُ) وَقيل النضار الْخَالِص من كل شَيْء قَالَت الخرنق بنت هفان الخالطين نحيتهم بنضارهم وذَوِى الغِنَى منهمْ بذِى الفَقْر) وقدح نضار يتَّخذ من أثل يكون بالغور وَبَنُو النَّضِير حى من يهود خَيْبَر من ولد هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام الْمَعْنى يَقُول إِن الْكَرِيم إِذا أَقَامَ ببلدة أعْطى المَال فَمن كَثْرَة إِعْطَائِهِ كَأَنَّهُ مَاء سَائل فَلَمَّا رأى المَاء كرمه وقف متحيرا جَامِدا وَهُوَ معنى // حسن // 17 - الْإِعْرَاب الأنواء فَاعل رَأَتْهُ وَقَالَ قوم يجوز أَن يرْتَفع الأنواء ببهتت وبتتبجس وعَلى هَذَا يجوز فِي الْكَلَام إِضْمَار قبل الذّكر وَالْأول أحسن وَتَقْدِير الْكَلَام لَو رَأَتْهُ الأنواء كَمَا ترى القطار بهتت وَلم تتبجس وروى كَمَا رأى وَالْأول أوجه لِأَن القطار مُؤَنّثَة وَالْكَاف فِي مَوضِع نصب نعتا لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره رُؤْيَة مثل رُؤْيَة القطار الْغَرِيب القطار جمع قطر وقطر جمع قَطْرَة وهى الْمَطَر وبهتت تحيرت وتتبجس تتفتح والأنواء جمع نوء وَهُوَ سُقُوط النَّجْم فِي الْمغرب وطلوعه فى الْمشرق وهى منَازِل الْقَمَر وَالْعرب تنْسب إِلَيْهَا الأمطار يَقُولُونَ سقينا بِنَوْء كَذَا وَقد نهى عَن ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَقُول الله {أصبح من عبادى مُؤمن بى كَافِر بالكواكب وَأصْبح من عبادى كَافِر بى مُؤمن بالكواكب} فالذى يَقُول مُطِرْنَا بِفضل الله وَرَحمته فَذَلِك مُؤمن بى كَافِر بالكواكب وَمن قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا فَذَلِك كَافِر بى مُؤمن بالكواكب الْمَعْنى يُرِيد أَن القطار لما رَأَتْ كرم هَذَا الممدوح جمدت جعل الثلوج الْمَطَر الجامد وَلَو رَأَتْ الأنواء كَمَا رَأَتْ القطار تحيرت وَلم تتفتح استعظاما لما يَأْتِيهِ وخجلا من جوده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 - الْغَرِيب الْأَهْوَاء جمع هوى مَقْصُور وَهُوَ الْمحبَّة وَجمع الْمَمْدُود أهوية الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّهُ يستمد من أهواء النَّاس فهم يحبونَ خطه ويميلون إِلَيْهِ يصفه بِحسن الْخط يَقُول كل من رأى خطه شغف من حسنه وَيجوز أَن يكون كِنَايَة عَن وَصفه بالجود يَقُول لَا يُوقع إِلَّا بالنوال وَالنَّاس يميلون إِلَى خطه وَيجوز أَن يكون كِنَايَة عَن طَاعَة النَّاس لَهُ أى كتبه تقوم مقَام الْكَتَائِب لِأَن النَّاس يميلون إِلَيْهِ وينقادون إِلَيْهِ طبعا 19 - الْإِعْرَاب قُرَّة ابْتِدَاء تقدم خَبره وحرفا الْجَرّ يتعلقان بِالْمَصْدَرِ الْغَرِيب المغيب والغيبة بِمَعْنى وَاحِد وقرت عينه أى بردت لِأَن دمع الْفَرح بَارِد وَهُوَ ضد سخنت لِأَن دمع الْحزن الْحَار والأقذاء جمع قذى وَهُوَ مَا يَقع فِي الْعين وفى الشَّرَاب والإقذاء بِكَسْر الْهمزَة مصدر أقذيت عينه إِذا طرحت فِيهَا القذى الْمَعْنى يَقُول كل عين تقر بِقُرْبِهِ وتتأذى بغيبته عَنْهَا فَكَأَنَّهَا تقذى إِذا غَابَ عَنْهَا فَلم تره فَكَأَن غيبته قذى للعيون 20 - الْإِعْرَاب الشُّعَرَاء فَاعل يهتدى وَمن بِمَعْنى الذى وَلَيْسَت استفهاما وَتَقْدِير الْبَيْت الذى يهتدى فِي الْفِعْل إِلَى مَا لَا يهتدى الشُّعَرَاء إِلَيْهِ فِي القَوْل حَتَّى يفعل هُوَ وَمَا بِمَعْنى الَّذِي وموضعها نصب على إِسْقَاط حرف الْجَرّ تَقْدِيره إِلَى الذى لَا يهتدى إِلَيْهِ الشُّعَرَاء الْمَعْنى هُوَ الذى يهتدى فِيمَا يفعل من المكارم والمساعى الجسيمة إِلَى مَا لَا يهتدى إِلَيْهِ الشُّعَرَاء حَتَّى يفعل هُوَ فيعلموا فَإِذا علمُوا تعلمُوا من فعله فحكوا مَا يَفْعَله بالْقَوْل لأَنهم يَهْتَدُونَ إِلَى مَا يَفْعَله فيحكونه بقَوْلهمْ وَقَالَ الواحدى كَانَ حَقه أَن يَقُول لما لَا يهتدى أَو إِلَى مَا لَا يهتدى لِأَنَّهُ يُقَال اهتديت إِلَيْهِ وَله وَلَا يُقَال اهتديته إِلَّا أَنه عداهُ بِالْمَعْنَى لِأَن الاهتداء إِلَى الشئ معرفَة بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ من يعرف فِي الْفِعْل مَا لَا يهتدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 - الْإِعْرَاب جَوْلَة وإصغاء ابتداءان خبراهما مقدمان عَلَيْهِمَا وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بجولة ولأذنه مُتَعَلق بالمبتدأ الْغَرِيب القافية القصيدة وَسميت قافية لِأَن بَعْضهَا يقفو بَعْضًا أى يتبعهُ وَمِنْه الْكَلَام المقفى لِأَن بعضه يتبع بَعْضًا والقافية أَيْضا الْقَفَا وَفِي الحَدِيث " يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم " والجولة الذّهاب والمجئ وَالنَّاس يجولون أى يَمرونَ ويجيئون والإصغاء الِاسْتِمَاع الْمَعْنى أَنه يمدح كل يَوْم فَلَا يزَال مصغيا حبا للشعر وَإِعْطَاء للشعراء 22 - الْإِعْرَاب إغارة عطف على جَوْلَة وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بإغارة وفى كل بَيت مُتَعَلق بِمَعْنى كَأَن لما فِيهِ من التَّشْبِيه الْغَرِيب الفيلق الكتيبة والشهباء الصافية الْحَدِيد الْمَعْنى يَقُول للقوافى فِيمَا جمعه واقتناه من مَاله إغارة كَأَن كل بَيت من بيُوت الشّعْر كَتِيبَة صَافِيَة الْحَدِيد بالشعر تنهب مَا جمعه واحتواه 23 - الْإِعْرَاب من بِمَعْنى الذى أى هُوَ الذى وَأَن فِي مَوضِع نصب بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ الْغَرِيب اللؤماء جمع لئيم وَهُوَ الذى جمع لؤم الأَصْل وَالنَّفس والأكفاء جمع كُفْء وكفوء مثل عَدو وأعداء الْمَعْنى يَقُول هُوَ الذى يظلم اللؤماء فِي تكليفهم بِأَن يَكُونُوا مثله لأَنهم لَا يقدرُونَ على ذَلِك وَهَذَا غَايَة الظُّلم تَكْلِيف مَا لَا يُسْتَطَاع قَالَ الواحدى وَلَيْسَ هَذَا مدحا وَلَو قَالَ الكرماء لَكَانَ مدحا فَأَما إِذا كَانَ أفضل من اللئام وَلَا يقدرُونَ أَن يَكُونُوا مثله فَهَذَا لَا يَلِيق بمذهبه فِي إيثاره الْمُبَالغَة وروى الْخَوَارِزْمِيّ من نظلم بالنُّون وَقَالَ إِذا كلفنا اللئام أَن يَكُونُوا أكفاء لَهُ فقد ظلمناهم فى تكليفهم مَا لَا يُطِيقُونَ والذى قَالَ الواحدى // نقد حسن // واعتذار الخوارزمى أحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 - الْمَعْنى نذيمهم نذمهم ولولاهم مَا عرفنَا فَضله لِأَن الْأَشْيَاء إِنَّمَا تتبين بضدها فَلَو كَانَ النَّاس كلهم كراما مثله لم يعرف فَضله قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا مَأْخُوذ من قَول المنبجى (فالوَجْهُ مثلُ الصُّبْحِ مُبْيَضُّ ... والشَّعْرُ مثلُ اللَّيْلِ مُسْوَدُّ) (ضِدَّان لمَّا اسْتَجْمَعا حَسُنا ... والضّدُّ يُظْهِر حسنَه الضّدُّ) قَالَ وَهَذَا الْبَيْت مَدْخُول لِأَنَّهُ لَيْسَ كل ضدين إِذا استجمعا حسنا أَلا ترى الْحسن إِذا قرن بالقبيح بَان حسن الْحسن وقبح الْقَبِيح وَبَيت المتنبى سليم لِأَن الْأَشْيَاء بأضدادها يَتَّضِح أمرهَا هَذَا كَلَامه ولأبى الطّيب أَمْثَال كَثِيرَة كَهَذا الْعَجز أَتَت أعجازا فِي أبياته وسأذكرها هَهُنَا مجتمعة وأتكم عَلَيْهَا فِي موَاضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَمِنْهَا (إنّ المَعارفَ فِي أهلِ النُّهَى ذِمَمُ ... ) وَقَوله (أَنا الغَرِيقُ فمَا خَوْفى مِنَ البَلبَلِ ... ) وَقَوله (وقدْ يُؤْذَى مِنَ المِقَةِ الحَبيبُ ... ) وَقَوله (ولَكِنْ ربَّمَا خَفَى الصَّوَابُ ... ) وَقَوله (وكلّ اغتياب جَهْدُ مَنْ لَا لَهُ جَهْدُ ... ) وَقَوله (ليسَ التَّكَحُّل فِي العَيْنين كالكَحَلِ ... ) وَقَوله (وتأبَى الطِّباعُ على النَّاقِلِ ... ) وَقَوله (وفى المَاضِى لِمَنْ بَقىَ اعْتِبارُ ... ) وَقَوله (ومَنْ وَجَدَ الإحْسانَ قَيْداً تقَيَّداَ ... ) وَقَوله (ومَنْ لكَ بالحرّ الذى يَحْفظ اليَداَ ... ) وَقَوله (والمُستغرّ بِمَا لَدَيْهِ الأحمَقُ ... ) وَقَوله (وفى عُنُق الحَسْناءِ يُسْتَحسن العِقْدُ ... ) وَقَوله (وليسَ بمُنْكرٍ سَبْق الجَوادِ ... ) وَقَوله (ولكنّ صَدم الشَّرّ بالشَّرّ أحْزَم ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وَقَوله (قد أُفْسِدَ القَوْلُ حَتَّى أُحمِد الصَّممُ ... ) وَقَوله (مَصَائِبُ قَوْمٍ عنْدَ قَوْمْ فَوَائِدُ ... ) وَقَوله (ومُخْطِئٌ مَنْ رَمِيُّهُ القَمَرُ ... ) وَقَوله (فإنّ فِي الخَمْر معنى ليسَ فِى العِنَبِ ... ) وَقَوله (ومَنْ قَصَدَ البَحْرَ اسْتَقَلّ السَّوَاقيا ... ) وَقَوله (وأيْنَ مِنَ المُشْتاقِ عَنْقاءُ مُغْرِبُ ... ) وَقَوله (وَلَا يَرُدّ عَلَيْكَ الفائِتَ الحَزَنُ ... ) وَقَوله (بجَبهة العَيْر يُفْدى حافِرُ الفَرَس ... ) وَقَوله (الجُوع يرْضى الأُسُودَ بالجِيَفِ ... ) وَقَوله (إِذا عنّ بَحْر لَا يجُوزُ التَّيَمُّم ... ) وَقَوله (إنَّا لَنَغْفُلُ والأيَّام فى الطَّلَبِ ... ) وَقَوله (إنّ النَّفيس نَفِيسٌ حَيْثما كَانَا ... ) وَقَوله (غيرُ مَدْفُوعٍ عَنِ السَّبق العِرَاب ... ) وَقَوله (مَا كُلّ دامٍ جَبِينُهُ عابِدْ ... ) وَقَوله (ومَن يردُّ طَريقَ الْعَارِض الهَطِل ... ) وَقَوله (ويبَينُ عِتْقُ الخَيْل فِي أصواتِها ... ) وَقَوله (والشَّيْبُ أوْقَرُ والشَّبيبَةُ أنْرَقُ ... ) وَقَوله (وَفِي التَّجارِب بْعدَ الغَىّ مَا يَزعُ ... ) وَمعنى الْبَيْت كثير قد قَالَه جمَاعَة من الشُّعَرَاء قَالَ أَبُو تَمام (وليسَ يَعْرِفُ طيب الوَصْل صاحبُهُ ... حَتَّى يُصابَ بنَأْىٍ أَو بِهِجْرَان) وَقَالَ أَيْضا (والحادِثاتُ وَإنْ أصَابَكَ بُؤْسُها ... فَهُوَ الَّذى أنْباكَ كيْفَ نَعِيمُها) وَقَالَ أَيْضا (سَمُجَتْ ونَبَّهْنا على اسْتِسْماجها ... مَا حَوْلَها مِنْ نَضْرَةْ وجمالِ) (وكَذاكَ لم تُفْرِطْ كآبَةُ عاطِل ... حَتَّى يُجاوِزَها الزَّمانُ الحالى) وَقَالَ البُحترىّ (وقدْ زَادَها إفراطُ حُسنٍ جوَارِها ... خَلائِقَ أصْفارٍ مِنَ المجْدِ خيَُّبِ) (وحُسنُ درَارِىّ الكوَاكب أنْ تُرَى ... طَوَالِعَ فى دَاجٍ مِنَ اللَّيل غَيْهَبِ) وَقَالَ بشار (وكُنّ جوارِى الحَىّ مَا دُمتِ فيهِمُ ... قِباحا فلَمَّا غِبْتِ صِرْنَ مِلاحاً) وَأَبُو الطّيب صرح بِالْمَعْنَى وَبَين أَن مجاورة المضادة هى الَّتِى بيّنت حسن الشئ وقبحه ثمَّ أخفاه فِي مَوضِع آخر فَقَالَ (ولَوْلا أيادِى الدَّهْرِ فِي الجَمْعِ بيْنَنا ... غَفَلْنا فَلم نشْعُرْ لهُ بذُنُوبِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 - الْإِعْرَاب من بِمَعْنى الذى وَهُوَ بدل من الأول وحرفا الْجَرّ متعلقان بِالْمَصْدَرِ الْمَعْنى يَقُول إِذا هيج استباح مَال أعدائه وحريمهم فَانْتَفع بذلك وَإِذا ترك استضر بذلك فَلَو فطن أعداؤه لهَذَا مِنْهُ لتركوه فوصولا بذلك إِلَى أذيته فَهُوَ إِذا هيج انْتفع بذلك شوقا إِلَى الْحَرْب وَإِذا لم يهج وَترك لم يجد لَذَّة فَلَو علم الْأَعْدَاء ذَلِك مِنْهُ لقطعوه كى يصلوا بذلك إِلَى مضرته 26 - الْغَرِيب السّلم ضد الْحَرْب وتفتح السِّين مِنْهَا وتكسر قَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع والكسائى فِي سُورَة الْبَقَرَة بِفَتْح السِّين وَقَرَأَ حَمْزَة وَأَبُو بكر عَن عَاصِم فِي سُورَة مُحَمَّد بِكَسْر السِّين وَقَرَأَ أَبُو بكر فى الْأَنْفَال بِكَسْر السِّين والهيجاء من أَسمَاء الْحَرْب يقصر ويمد الْمَعْنى يُرِيد أَن الذى يَأْخُذهُ فِي الْحَرْب يُعْطِيهِ عفاته فِي السّلم لِأَنَّهُ فِي الْحَرْب يَأْخُذ أَمْوَال أعدائه وَفِي السّلم يُعْطِيهَا عفاته وَهَذَا من قَول بَعضهم (إذّا أسْلَفَتْهُنَّ المَلاحِمُ مَغْنَما ... دعاهنّ مِن كَسْبِ المَكارِم مَغْرَمُ) وَأَخذه أَبُو تَمام فَقَالَ (إِذا مَا أعارُوا فاحتَوَوْا مالَ مَعْشَر ... أغارَتْ عَلَيْهِم فاحْتَوَتْهُ الصَّنائعُ) وَبَيت المتنبى أحسن لفظا وسبكا وأصنع لِأَنَّهُ قَابل السّلم بِالْحَرْبِ وَالْكَسْر بالجبر وَهَذَا مِمَّا يدل على براعته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 - الْغَرِيب اللهى العطايا وَهُوَ جمع لهوة بِضَم اللَّام وَهُوَ مَا يلقيه الطاحن فِي فَم الرَّحَى فشبهت الْعَطِيَّة بهَا واللهى العطايا دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو غَيرهَا والآراء جمع رأى الْمَعْنى يُرِيد أَنه لِكَثْرَة عطاياه يعْطى الذى يَأْخُذ مِنْهُ لمن سَأَلَهُ فَيصير حِينَئِذٍ سائله مسئولا وَأَنه إِذا نظر الْإِنْسَان إِلَى عقله وجودة رَأْيه تعلم مِنْهَا الآراء لِأَن رَأْيه جزل قوى سديد صائب 28 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِنْسَان وَاحِد قواه مجتمعة غير مُتَفَرِّقَة وَفِيه حلاوة لأوليائه ومرارة لأعدائه وَشبهه بالسراء وَالضَّرَّاء فِي لينه وشدته لافتراقهما وَهُوَ معنى // حسن // وَالْمعْنَى للبيد (مُمْقِرٌ مُرٌّ عَلى أعْدائِهِ ... وعَلى الأدْنَيْنَ حُلْوٌ كالعَسَلْ) ثمَّ أَخذه الْمسيب بن علس فَقَالَ (هُمُ الرَّبيعُ على مَنْ صافَ أرْحُلَهم ... وفى العدوّ مَناكيدٌ مَشائِيمُ) وَقَالَ علاثة (وكنتُمْ قَديما فِي الحُرُوبِ وغيرِها ... مَيامِينَ للأدْنى لأَعْدائِكمْ نَكْدُ) وَقَالَ كَعْب (بنُو رَافعٍ قَوْمٌ مَشائيمُ للعدَى ... مَيامِينُ للمَوْلى وللمتجرِّم) وَقَالَ النَّابِغَة الجعدى (فَتى كانَ فِيه مَا يَسُرُّ صَديقَهُ ... على أنَّ فِيهِ مَا يَسُوءُ الأعادِيا) وَأنكر ابْن فورجه قَول أَبى الْفَتْح فِي مُجْتَمع القوى وَقَالَ هُوَ قوى الْعَزْم والآراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 - الْإِعْرَاب مَا فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا خبر كَأَن يُرِيد كَأَنَّهُ شئ لَا تشاؤه عداته ومتمثلا مَنْصُوب على الْحَال الْغَرِيب الْوُفُود جمع وَفد وهم أوفاد ووفد وَالِاسْم الْوِفَادَة وَفد فلَان على الْأَمِير رَسُولا فَهُوَ وَافد وَالْجمع وَفد مثل صَاحب وَصَحب وأوفته أَنا أى أَرْسلتهُ والوافد من الْإِبِل مَا سبق سائرها والإيفاد على الشئ الإشراف الْمَعْنى يُرِيد كَأَنَّهُ صور على مَا يكرههُ الْأَعْدَاء فِي حَال تمثله لوفوده وهم الَّذِي يفدون عَلَيْهِ يرجون نواله كَمَا يشاءون 30 - الْغَرِيب الاستجداء الاستعطاء وَيُرِيد الْمَوْهُوب روحه والجدى والجدوى الْعَطِيَّة وجدوته واجتديته واستجديته بِمَعْنى إِذا طلبت جدواه قَالَ أَبُو النَّجْم (جِئْنا نُحَيِّكَ ونَسْتَجْدِيكَ ... مِنْ نائِلِ اللهِ الذى يُعْطيكَ) والجادى السَّائِل وأجداه أعطَاهُ الْمَعْنى يُرِيد أَن روحه موهوبة لَهُ إِذْ لَيْسَ يطْلبهَا أحد مِنْهُ فَلَو طلبَهَا مِنْهُ طَالب لأعطاه لِأَنَّهُ لَا يقدر أَن يرد سَائِلًا فَكَأَنَّهُ إِذا لم يسْأَل روحه كَأَنَّهُ وَهبهَا فَترك هَذَا الطّلب مِنْهُ إِعْطَاء لَهُ وَهَذَا من قَول بكر بن النطاح (وَلَو أنّ مَا فِي كفِّه غير نَفسه ... لَجادَ بهَا فَلْيَتَّقِ اللهَ سائِلُهُ) 31 - الْغَرِيب العفاة جمع عاف وَهُوَ الْفَقِير السَّائِل وَهُوَ طَالب الْمَعْرُوف الْمَعْنى يُرِيد اشكر سَائِلك وَقَوله {لافجعت بفقدهم} دُعَاء لَهُ يُرِيد لافجعك الله بفقدهم لِأَنَّهُ يحب الْعَطاء وَالسُّؤَال ويروى لافجعت بحمدهم أى لاقطع الله شكرهم عَنْك وَهَذَا الْبَيْت إتْمَام لِمَعْنى الأول وتأكيد لَهُ وَقَوله لَا فجعت من الحشو الْحسن الْمُخْتَار وَمثله فِي كافور (نَرى كلَّ مَا فِيهَا وحاشاك فانِيا ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى كَثْرَة تحصل عَن قلَّة وَهُوَ قلَّة الْأَحْيَاء يُرِيد إِنَّمَا يكثر الْأَمْوَات إِذا قلت الْأَحْيَاء فكثرتهم كَأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَة قلَّة وَقَوله شقيت بك الْأَحْيَاء قَالَ ابْن جنى يُرِيد أَنَّهَا شقيت بفقدك فَحذف الْمُضَاف وَيكون الْمَعْنى على مَا قَالَ لَا تصير الْأَمْوَات أَكثر من الْأَحْيَاء إِلَّا إِذا مَاتَ الممدوح وَصَارَ فِي عَسْكَر الْمَوْتَى كَثْرَة الْأَمْوَات بِهِ لِأَنَّهُ يصير فى جانبهم وَهَذَا فَاسد لشيئين أَحدهمَا أَنه إِذا مَاتَ وَاحِد لَا يكون ذَلِك قلَّة وَالْآخر أَنه لَا يُخَاطب الممدوح بِمثل هَذَا وَلَكِن الْمَعْنى أَنه أَرَادَ بالأموات الْقَتْلَى لَا الَّذين مَاتُوا قبل الممدوح وَالْمعْنَى شقيت بك أى بِغَضَبِك وقتلك إيَّاهُم يَقُول لَا تكْثر الْقَتْلَى إِلَّا إِذا قَاتَلت الْأَحْيَاء وشقوا بِغَضَبِك فَإِذا غضِبت عَلَيْهِم وقاتلتهم قَتلتهمْ كلهم فزدت فِي الْأَمْوَات زِيَادَة ظَاهِرَة ونقصت من الْأَحْيَاء نقصا ظَاهرا وَلم يُفَسر هَذَا الْبَيْت أحد كَمَا فسرته انْتهى كَلَامه وَقَالَ الشريف ابْن الشجرى الكوفى فِي أَمَالِيهِ يُرِيد كَثْرَة تقل لَهَا الْأَحْيَاء وَقدر أَبُو الْفَتْح مُضَافا محذوفا وَقَالَ شقيت بفقدك وَقَالَ أَبُو الْعَلَاء شَقوا بِهِ أى بقتْله إيَّاهُم وَإِن الْأَحْيَاء إِذا شقيت بك كثرت الْأَمْوَات وَتلك الْكَثْرَة تُؤَدّى إِلَى الْقلَّة إِمَّا لِأَن الْأَحْيَاء يقتلُون بِمن يَمُوت مِنْهُم وَإِمَّا لِأَن الْمَيِّت يقل فِي نَفسه وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا قَول أَبى الْفَتْح (شقيت بفقدك ... ) يخل الْمَعْنى لِأَن الْأَحْيَاء شَقوا بِهِ لِأَنَّهُ قَتلهمْ والذى قَالَ أَبُو الْفَتْح الصَّوَاب وَبِه فسره على بن عِيسَى الربعى قَالَ ذهب إِلَى أَنه نعْمَة على الْأَحْيَاء ففقدهم شقاء لَهُم وَمِمَّا حذف مِنْهُ لفظ الْفَقْد قَوْله المرقش (لَيسَ على طُولِ الحَياةِ نَدَمْ ... ومِنْ وَرَاءِ المَرْءِ مَا يَعْلَمْ) يُرِيد على فقد طول الْحَيَاة ولابد من تَقْدِير هَذَا وَقد أظهر هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه وَهُوَ كَون حَيَاته نعْمَة وَمَوته شقاء ونقمة فى قَوْله (لعَمْرُكَ مَا الرَّزِيَّةُ فَقْدُ مالٍ ... وَلَا شاةٌ تَمُوتُ وَلا بَعيرُ) (ولكِنَّ الرَّزِيَّة فَقْدُ شَخْصٍ ... يَمُوتُ لِمَوْتِهِ خَلْقٌ كَثِيرُ) وَقد روى الربعى عَن المتنبى أَن أَبَا عَمْرو السلمى قَالَ عدت أَبَا على هَذَا الممدوح بِمصْر فِي علته الَّتِى مَاتَ فِيهَا فاستنشدنى فأشتنشدى فَلَمَّا بلغت هَذَا الْبَيْت استعاده وَجعل يبكى حَتَّى مَاتَ وَإِذا كَانَ المتنبى قد حكى هَذَا فَهَل يجوز إِلَّا مَا قدره أَبُو الْفَتْح انْتهى كَلَامه وَقَالَ ابْن القطاع وَقد قيل فى هَذَا الْبَيْت أَقْوَال كَثِيرَة مِنْهَا لَا تكْثر الْأَمْوَات فِي الْأَعْدَاء إِلَّا إِذا شقيت بك الْأَحْيَاء من الْأَوْلِيَاء وَقيل لَا تكْثر الْأَمْوَات إِلَّا بك إِذا مت وَقَوله كَثْرَة قلَّة أى كَثْرَة شرف وسؤدد لَا كَثْرَة عدد لِأَنَّك إِن كنت قَلِيلا فى الْعدَد فَأَنت كثير فِي الْقدر وَقد أَخذ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَيْت وَقيل نَاقض قَوْله كَثْرَة قلَّة فَجعل الْكَثْرَة قلَّة وَلَيْسَ كَذَلِك فَهَذَا القَوْل لَيْسَ بجيد لِأَنَّهُ فِي مدح حى وَلَو كَانَ فى الرثاء لجَاز وَقيل إِن الْمَعْنى الذى أَرَادَ المتنبى فِي الْبَيْت أَن الْأَحْيَاء مَرْفُوع بِالْمَصْدَرِ الذى هُوَ قلَّة مَعْنَاهُ لَا يكثر الْأَمْوَات كَثْرَة تقل لَهَا الْأَحْيَاء إِلَّا إِذا بليت بحربك وَلَيْسَ يُرِيد أَن الْكَثْرَة فِي الْحَقِيقَة قلَّة فَيجمع بَين الشئ وضده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 - قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد لَا ينصدع قلب أحد حَتَّى يعاديك فيضمر لَك الْعَدَاوَة فَإِذا تَأمل مَا جنى على نَفسه من عداوتك انْشَقَّ قلبه فَمَاتَ خوفًا وجزعا هَذَا كَلَامه وَلم يُفَسر قَوْله عَمَّا تَحْتَهُ وَالْمعْنَى مَا فِيهِ من الغل والحسد أى أَنه وَإِن أضمر لَك الغل والحسد لم ينشق قلبه فَإِذا أضمر لَك الْعَدَاوَة انْشَقَّ قلبه وَبَان أَنه عَدو لَك والشحناء من المشاحنة وهى المعاداة ملئ الْقلب من الشحن 34 - الْغَرِيب اقترعت أى تساهمت وَتسَمى تعرف وَالِاسْم هُوَ السمو وَهُوَ الْعُلُوّ الْمَعْنى يَقُول تقارعت الْأَسْمَاء عَلَيْك فَكل أَرَادَ أَن تسمى بِهِ فخرا بك فَلم تسم بِهَذَا الِاسْم حَتَّى تقارعت السَّمَاء عَلَيْك وَقَالَ المعرى أَرَادَ بِالِاسْمِ الصيت 35 - الْإِعْرَاب واسمك الْوَاو وَاو الْحَال الْمَعْنى قَالَ المعرى يُرِيد بِالِاسْمِ الصيت أى لم يشركك فى صيتك أحد وَإِنَّمَا مَالك النَّاس فِيهِ سَوَاء غنيهم وفقيرهم وَيُقَال فلآن قد ظهر اسْمه فِي النَّاس أى صيته فَذكره لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أحد وَقَالَ الواحدى يُرِيد لم يُشَارك اسْمك فِيك لِأَنَّهُ لَا يكون للْإنْسَان أَكثر من اسْم وَاحِد وَالنَّاس كلهم فِي مَالك سَوَاء قد تساووا فِي الْأَخْذ مِنْك لَا تخص أحدا دون غَيره بالعطاء قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ اسْمه الْعلم وَقَالَ الشريف ابْن الشجرى قَالَ المعرى أَرَادَ الصيت وَلَيْسَ بشئ وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَن اسْمك انْفَرد بك دون غَيره من الْأَسْمَاء وَقَول أَبى الْعَلَاء إِن فى النَّاس جمَاعَة يعرفونه بهَارُون لَا يلْزم أَبَا الطّيب وَإِنَّمَا يلْزمه لَو كَانَ قَالَ فَغَدَوْت وَأَنت غير مشارك فى اسْمك فَلم يفرق أَبُو الْعَلَاء بَين أَن يُقَال اسْمك غير مشارك فِيهِ وَبَين أَن يُقَال أَنْت غير مشارك فى اسْمك وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن اسْمك انْفَرد بك دون الْأَسْمَاء وَلم يرد أَنَّك انْفَرَدت بِاسْمِك دون النَّاس واللفظان متضادان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 - الْغَرِيب اللفاء الحقير الخسيس وَقيل هُوَ الذى دون الْحق الْمَعْنى يَقُول عَم برك فامتلأت المدن وشاع ذكرك حَتَّى مَلأ الْبِلَاد فَلَا مَوضِع إِلَّا وَفِيه مَوْجُود ذكرك وبرك وفت أى سبقت ثَنَاء المثنين عَلَيْك حَتَّى إِنَّه على كثرته لفاء أى حقير دون مَا تستحقه وَهَذَا الْبَيْت يُسمى مصرعا لِأَنَّهُ أَتَى بالقافية فِي وَسطه كَمَا يفعل فى أول القصائد 37 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك قد بلغت فِي الْجُود أقْصَى غَايَته وَطلبت شَيْئا آخر وَرَاءه فَلم تَجِد فكدت تحول أى ترجع عَن آخِره لما انْتَهَيْت فِيهِ إِذْ لَيْسَ من شَأْنك أَن تقف فِي الْكَرم على غَايَة بعد بلوغك غَايَته وَقَوله للمنتهى أى من أجل الْمُنْتَهى وَهُوَ مصدر كالانتهاء وأكد الْمَعْنى بقوله وَمن السرُور بكاء فَهَذَا من أحسن الْكَلَام أى إِذا تناهى الْإِنْسَان فى الْجُود كَاد أَن يعود إِلَى الْبُخْل وَقَوله كَاد يُفِيد أَنه لم يُطلق عَلَيْهِ الْبُخْل 38 - الْإِعْرَاب مِنْك يتَعَلَّق بيعرف وَيجوز أَن يتَعَلَّق ببدئه وَيجوز أَن يكون صفة لشئ ويقبح تعلقه بأبدأت لِاسْتِحَالَة الْمَعْنى الْمَعْنى يَقُول ابتدأت من الْكَرم بشئ لم يعرف ابتداؤه إِلَّا مِنْك لعظم مَا أتيت بِهِ ثمَّ أتبعت ذَلِك من الزِّيَادَة فِيهِ مَا غطى على الأول لِأَنَّك فى كل وَقت تحدث فَنًّا من الْكَرم ينسى بِهِ الأول 39 - الْإِعْرَاب برَاء أى برِئ يَقع على الْجمع وَالْوَاحد والمؤنث والمذكر والاثنين قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَقَومه إِنَّنِي برَاء مِمَّا تَعْبدُونَ} الْغَرِيب نكب ينكب نكوبا إِذا عدل عَن الطَّرِيق ونكب ينكب على قومه نكابة إِذا كَانَ منكبا لَهُم يعتمدون عَلَيْهِ وَأَرَادَ بناكب أى عَادل الْمَعْنى يَقُول إِن الْفَخر قد أركبك ذروته وأعطاك غَايَته فَلم يقصر بك الْفَخر عَن غَايَته قد أَعْطَاك مقادته وَالْمجد برِئ من أَن يستزيدك لِأَنَّك فِي الْغَايَة مِنْهُ وَالتَّاء فِي تستزاد للمخاطب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 - الْغَرِيب وشت نمت ودلت والآلاء النعم والعطايا وَاحِدهَا ألى بِالْفَتْح وَقد تكسر كمعى وأمعاء وَمن فتح كقتب وأقتاب الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك تحب نغم السَّائِلين فتحب أَن تسْأَل لَا لِأَنَّك تحوجهم إِلَى السُّؤَال بل لأجل أَن تعرف تَفْصِيل حوائج السَّائِلين أَو تشرفا بسؤالك كَمَا قَالَ حبيب (مَا زِلْتُ مُنْتَظِراً أعْجوبَةً زَمَنا ... حَتَّى رأيْتُ سُؤَالا يجْتَبى شَرفَا) وَإِذا حجبت عَن أبصار النَّاس دلّت عَلَيْك صنائعك ونعمك كَمَا قَالَ (مَنْ كانَ نور جَبِينِه ونَوَالُهُ ... لم يُحْجبا لم يَحْتَجب عَن ناظِرِ) وَكَقَوْلِه (مَن كانَ فَوْقَ مَحلْ الشَّمسِ موْضِعُه ... فلَيْسَ يَرْفَعُهُ شَىْءٌ وَلا يَضَعُ) 41 - الْمَعْنى يَقُول بلغت من الرّفْعَة غَايَة لَا يزيدها مدح مادح علوا وَإِنَّمَا تمدح لتجيز المداح وليعد الشَّاعِر فِي جملَة مداحك كالشاكر لله تَعَالَى يثنى عَلَيْهِ ليستحق أجرا ومثوبة لَا أَن الله تَعَالَى مُحْتَاج إِلَى ثنائه 42 - الْغَرِيب الدأماه على وزن فعلاء الْبَحْر قَالَ الأفوه الأودى (واللّيْلُ كالدَّأْماء مُسْتَشْعِرٌ ... مِنْ دُونه لوْنا كلَوْن السُّدوُس) والجدب ضد الخصب وَهُوَ الْمحل الْمَعْنى يَقُول الْبَحْر على كَثْرَة مَائه يمطر وَمَا هُوَ بمحتاج إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ الخصيب يمطر وَلَيْسَ هُوَ بمحتاج إِلَيْهِ فَأَنت لست تمطر لإجداب محلك والدأماء مؤنث فَمن روى تمطر بِالتَّاءِ فَهُوَ // حسن // 43 - الْغَرِيب السَّحَاب مَا يحمل مَاء الْمَطَر وَجمعه سحب وسحائب وَقد جَاءَ فِي الْكتاب الْعَزِيز السَّحَاب بِمَعْنى الْجمع قَالَ الله تَعَالَى {حَتَّى إِذا أقلت سحابا ثقالا} يُرِيد جمع سَحَابَة الضَّمِير فى قَوْله سقناه رَاجع إِلَى مَاء السَّحَاب أَو إِلَى الْقطر والمطر وَإِن كَانَا غير مذكورين وَكَقَوْلِه تَعَالَى {فأثرن بِهِ نقعا} يُرِيد بِهِ الوادى وَلم يجر لَهُ ذكر والرحضاء عرق الْحمى الْمَعْنى يَقُول السحابة لم تحك نائلك لِأَنَّهَا لَا تقدر على ذَلِك لِكَثْرَة عطائك المتتابع فَإِنَّهُ أَكثر من مَائِهَا وَإِنَّمَا هُوَ عرق حماها لحسدها لَك فأورثها الْحمى فَمَا ترى من مَائِهَا فَإِنَّهَا لَو عرق حماها حسدا لَك فالذى ينصب من مطرها هُوَ من عرق حماها وَهُوَ أبلغ من قَول أَبى نواس (إنَّ السَّحابَ لتَسْتَحي إِذا نَظَرَتْ ... إِلَى نَداك فَقاسَته بِمَا فِيها) والصبيب هُوَ المصبوب يعْنى مطرها المصبوب الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 - الْمَعْنى يُرِيد لَا حَاجَة إِلَى الشَّمْس مَعَ ضيائك ونورك وَلكنهَا لوقاحتها تطلع عَلَيْك 45 - الْإِعْرَاب قَالَ الواحدى هَذَا اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار والتعجب وَمَا صلَة بتعجب من بُلُوغه من الْعلَا حَيْثُ لم يبلغهُ أحد مِنْهَا وَإِلَى مُتَعَلق بسعيت وَاللَّام مُتَعَلقَة بحذاء الْمَعْنى يُرِيد الدُّعَاء لَهُ بِأَن يكون الْهلَال نعلا لأخصميه وهما اللهزمتان اللَّتَان تَحت الْقدَم وَالْمعْنَى إِن قدما سعى بهَا إِلَى هَذَا الْمبلغ اسْتحق أَن يكون الْهلَال نعلا لَهَا والأدم جمع أَدِيم وَهُوَ ظَاهر كل شئ والحذاء نعل 46 - الْمَعْنى ليهلك الزَّمَان دون هلكك وليمت الْحمام وَهُوَ الْمَوْت دون موتك وَهَذَا مُبَالغَة فِي الدُّعَاء 47 - الْغَرِيب اللذ لُغَة فِي الذى وَيُرِيد لَو لم تكن من هَذَا الورى الذى كَأَنَّهُ مِنْك لِأَنَّك جماله وشرفه وَأَنت أفضل أَهله لكَانَتْ حَوَّاء فى حكم الْعَقِيم الَّتِى لم تَلد وَلكنهَا صَارَت ذَات ولد بك وَلَوْلَا أَنْت لَكَانَ وَلَدهَا كلا ولد قَالَ بَعضهم نصف الْبَيْت بهى النّظم وَنصفه ردئ الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 - 1 - الْمَعْنى يَقُول أى شئ يَقُول هَذَا المغنى وَهُوَ اسْتِفْهَام تعجب أى لَا أدرى مَا يَقُول لِأَن قلبى وجوارحى مشتغلة بك وبالنظر إِلَى حسنك عَن حسن غناء هَذَا المغنى وَذَا وذى من أَسمَاء الْإِشَارَة وَإِنَّمَا أسقط مِنْهَا حرفى التَّنْبِيه 5 - 1 - الْمَعْنى يَقُول رسم التهانى إِنَّمَا يجرى بَين الْأَكفاء وَبَيْنك وَبَين من يتَقرَّب إِلَيْك من بعد وَقَوله يدنى من الدنو 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَنا مِنْك أشاركك فى كل أحوالك أفرح بفرحك فَهَل رَأَيْت عضوا من جملَة يهنئ سَائِر الْأَعْضَاء وَلَا يكون ذَلِك لاشتراكه مَعهَا وَهَذِه عَادَة أَبى الطّيب يدعى المساهمة والكفاءة لنَفسِهِ ويشركها مَعَ الممدوحين فى كثير من الْمَوَاضِع وَلَيْسَ ذَلِك للشاعر وَإِنَّمَا كَانَ هُوَ يعمله إدلالا عَلَيْهِم 3 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ بدل هَذَا الْآجر وَهُوَ مَا يبْنى بِهِ النُّجُوم لَكُنْت أستقله فى حَقك لعلو قدرك وشرفك 4 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه عطف على الأول أى وَأَنا أستقل هَذَا وَلَو أَن المَاء من فضَّة وبخر من خرير المَاء قَوْله وَلَو أَن حرك السَّاكِن بِنَقْل حَرَكَة همزَة إِلَيْهِ وأسقطها وهى لُغَة جَيِّدَة وَقَرَأَ ورش عَن نَافِع فى كل سَاكن بِنَقْل حَرَكَة الْهمزَة إِلَيْهِ مَعَ إِسْقَاطهَا كَقَوْلِه وَمن آحسن وَمن آظلم وكبيت الحماسة (فَمَنْ أنْتُمْ إنَّا نَسِينا مَنْ آنْتُمُ ... ) وَهَذَا كثير فى أشعار الْعَرَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 - ويروى بِمحل 6 - الْإِعْرَاب محلّة تَمْيِيز وَأَن فى مَوضِع نصب بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ تَقْدِيره من أَن تهنى بمَكَان مُتَعَلق بِالْمَصْدَرِ الْمُقدر والظرفان متعلقان بالاستقرار الْمَعْنى يَقُول أَنْت أَعلَى قدرا من أَن تهنى بمَكَان والبلاد كلهَا وَالنَّاس ملك لَك وَلَك مُتَعَلق بِملك الْمُقدر أى وَلَك كل مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وهما الغبراء والخضراء فالغبراء الأَرْض والخضراء السَّمَاء وَمِنْه الحَدِيث " مَا أقلت الغبراء وَلَا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أَبى ذَر " 7 - الْمَعْنى يُرِيد إِنَّمَا نزهتك الْخَيل والرماح والسمهرية منسوبة إِلَى سمهر رجل من الْعَرَب وَامْرَأَته ردينة وَقَالَ قوم جعل القنا على الْخَيل كالحمل على الشّجر فَلهَذَا قَالَ بساتينك يُرِيد هَذِه نزهتك لَا غَيرهَا والسمهر فِي اللُّغَة الشَّديد اسمهر الرجل إِذا كَانَ شَدِيدا فِي أمره 8 - الْإِعْرَاب حرف الْجَرّ يتَعَلَّق بيفخر وَقَوله يفخر خُرُوج من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة كَقَوْلِه تَعَالَى {حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم} وَمن الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب كَقَوْلِه تَعَالَى فى قِرَاءَة ابْن كثير وأبى عَمْرو {تجعلونه قَرَاطِيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم مَا لم تعلمُوا} وَهَذَا كثير الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا فخره بِمَا يبتنى من العلياء لَا بِمَا يبتنى من الدّور والطين كَمَا قَالَ (بَنَى البُناةُ لَنا مَجْداً ومَكْرُمَةً ... لَا كالْبِناءِ مِنَ الآجُرِّ والطِّينِ) والعلياء إِذا ضمت الْعين قصرت وَإِذا فتحت مدت 9 - الْإِعْرَاب وبأيامه مَعْطُوف على قَوْله بِمَا يبتنى أى ويفخر بأيامه الَّتِى مَضَت لما كَانَ فِيهَا من المفتوح وَقتل الْأَعْدَاء وَمَا دَاره أى وَلَيْسَ دَاره الْمَعْنى يُرِيد أَن أَبَا الْمسك أى هَذَا الممدوح إِنَّمَا يفخر بالمعالى وبأيامه الْمَعْرُوفَة فِي النَّاس بقتل الأعادى وَلم يكن لَهُ فى هَذِه الْأَيَّام دَار سوى الْحَرْب فِي المعركة وملاقاة الْأَبْطَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 - الْإِعْرَاب عطف على مَا قبله أى ويفخر بمسك وبالمسك خبر لَيْسَ الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ الْمسك الذى يكنى بِهِ هُوَ الْمسك الْمَعْرُوف وَإِنَّمَا هُوَ طيب الثَّنَاء فَهُوَ كِنَايَة عَن طيب الثَّنَاء وَالذكر الْجَمِيل الْحسن والأريج الطّيب فَهُوَ يفخر بِمَا يشنى عَلَيْهِ من الثَّنَاء الْحسن لَا بِمَا يبتنى من الْبناء 12 - الْغَرِيب الرِّيف هُوَ الْمَكَان الخصب الْكثير الخضرة وَالْجمع أرياف وأريفت الْمَاشِيَة أى رعت الرِّيف وأريفنا صرنا إِلَى الرِّيف وَأَرْض ريفة بِالتَّشْدِيدِ كَثِيرَة الخضرة وطباه واطباه إِذا دَعَاهُ واستماله قَالَ كثير (لَهُ نَعَلٌ لَا يَطًّبى الكَلْبَ رِيحُها ... وإنْ خُلِّيَتْ فِي مجْلِسِ القَوْمِ شُمَّتِ) يُرِيد أَنَّهَا من جلد مدبوغ طيب الرَّائِحَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يفخر بِمَا يبتنى فى الحواضر والأرياف وَلَا بالمسك الذى يستميل قُلُوب النِّسَاء إِنَّمَا فخره بِمَا يبتنى من العلياء وَبِمَا أثرت صوارمه الْبيض فى الحروب فى جماجم أعدائه وبالمسك الذى هُوَ طيب الثَّنَاء لَهُ عِنْد النَّاس فَهُوَ يفخر بِهِ لَا بِغَيْرِهِ 13 - الْغَرِيب السنا الْمَقْصُور هُوَ الضياء والنور والممدود الْعُلُوّ والرفعة الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الدَّار لما نزلتها نزلت مِنْك فِيمَن هُوَ أحسن مِنْهَا رفْعَة وضُوءًا يُرِيد أَن الدَّار تشرفت وتزينت بك لما نزلتها 15 - الْغَرِيب ذرت الشَّمْس أى بَدَت أول مَا تطلع الْمَعْنى يُرِيد أَنه فى سوَاده مشرق فَهُوَ بإشراقه فى سوَاده يفضح الشَّمْس ويحوز أَن يُرِيد شهرته وَأَنه أشهر من الشَّمْس ذكرا أَو يرد نقاءه من الْعُيُوب والإنارة تعود إِلَى أحد هَذِه الْمَعْنيين أَو يُرِيد بالإنارة الشُّهْرَة لِأَن الْمَشْهُور مُنِير وَقيل للمشهور مُنِير وَإِن لم يكن ثمَّ إنارة وَكَذَلِكَ الْمُنِير نقى من الدَّرن فَقيل للنقى من الْعُيُوب مُنِير وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فى الْبَيْت الذى يَلِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 - الْإِعْرَاب الذى وصلته فى مَوضِع جر صفة للثوب وارتفع الْمجد بِالِابْتِدَاءِ والظرف خَبره وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ الْمَعْنى أخبر أَنه أَرَادَ بإنارته ضِيَاء الْمجد وشهرته ونقاءه مِمَّا يعاب بِهِ وَأَن ذَاك الضياء أتم من كل ضِيَاء 17 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا الْجلد ملبس يلْبسهُ الْإِنْسَان كَالثَّوْبِ والقباء وَلِأَن تكون النَّفس بَيْضَاء نقية من الْعُيُوب خير من أَن يكون الملبس أَبيض 18 - الْإِعْرَاب كرم ابْتِدَاء خَبره مَحْذُوف مقدم عَلَيْهِ تَقْدِيره لَك كرم وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ وحروف الْجَرّ الظروف مُتَعَلقَة بالاستقرار الْمَعْنى لَك كرم فى شجاعة يُرِيد أَنَّك كريم شُجَاع ذكى الطَّبْع بهى المنظر ذُو قدرَة على مَا تُرِيدُ واف بالعهد والموعد وَالْقَوْل فَجمع لَهُ هَذِه الْخِصَال الشَّرِيفَة 19 - الْغَرِيب السحناء الْهَيْئَة يُقَال رَأَيْته وَعَلِيهِ سحناء السّفر الْمَعْنى يَقُول الْمُلُوك الْبيض الألوان يتمنون أَن يبدلوا ألوانهم بلونك وَأَن تكون هيئتهم كهيئتك ثمَّ قَالَ من يكفل لَهُم بِهَذِهِ الأمنية ثمَّ ذكر لم تمنوا ذَلِك فَقَالَ فى الْبَيْت الذى بعده 20 - الْغَرِيب يُقَال عين وعيون وأعين هَذَا فى أَكثر الْكَلَام وَقد جَاءَ أَعْيَان وَهُوَ قَلِيل فَيكون كقيل وأقيال وطير وأطيار الْمَعْنى يَقُول تمنوا هَذَا ليراهم أهل الْحَرْب بالعيون الَّتِى يرونك بهَا وَذَلِكَ أَن الْأسود مهيب فى الْحَرْب لَا يظْهر عَلَيْهِ أثر الْخَوْف فيرتاع أعداؤه مِنْهُ إِذا لَقِيَهُمْ وَيجوز أَن يُرِيد ترتاع الْأَعْدَاء إِذا رَأَوْهُ فى صورته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 - الْغَرِيب المفارز جمع مفازة وَأَصلهَا من الْهَلَاك وَمن قَوْلهم فَازَ الرجل إِذا مَاتَ وَلما ضرب عبد الرَّحْمَن بن ملجم عليا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فزت وَرب الْكَعْبَة فَيحْتَمل مت وَيحْتَمل فزت بِالشَّهَادَةِ وَسميت الْمَفَازَة على سَبِيل الفأل بالسلامة كَمَا قيل للديغ سليم الْمَعْنى يذكر طول الطَّرِيق إِلَيْهِ وَأَن ذَلِك أفنى مركوبه وزاده وَأَنه أَتَاهُ من مَسَافَة بعيدَة 23 - الْغَرِيب الرواء المنظر والشارة وَهُوَ غير مَهْمُوز الْمَعْنى يُرِيد مرنى بِمَا تُرِيدُ فإنى كُفْء للأسد شجاعة وَإِن كنت آدمى الصُّورَة فقلبى قلب أَسد وَقيل كَانَ أَبُو الطّيب يعرض لكافور فى مدحه بِأَن يوليه ولَايَة وَلم يفعل كافور 24 - وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يطْلب أَن يلى لَهُ عملا فَإِنَّهُ يُرِيد إِن كَانَ فى زى شَاعِر فَإِنَّهُ لَهُ قلب الْمُلُوك وعزمهم ورأيهم وشجاعتهم 6 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذَا السَّيْف المرهف وَهُوَ الذى رقت شفاره مدهش الصيقل بجوهره وَهُوَ آلَة كل طاغ عَاتٍ وَقَوله وَلَك السابقات يُرِيد الأيادى السابقات إِلَى بصنائع السيوف 7 - 1 - الْغَرِيب الخيز لى مشْيَة فِيهَا استرخاء من مشْيَة النِّسَاء قَالَ الفرزدق (قُطُوفُ الخُطا تمشى الضُّحى مُرْجَحِنَّةً ... وتمشِى العشاءَ الخَيزَلى رِخْوَةَ اليَدِ) والهيدبى مشْيَة فِيهَا سرعَة من مَشى الْإِبِل وَهُوَ من قَوْلهم أهدب الظليم إِذا أسْرع الْمَعْنى يُرِيد فدت كل امْرَأَة تمشى الخيزلى كل نَاقَة تمشى الهيد بى يُرِيد أَنه لَيْسَ من أهل الْغَزل وَلَا يمِيل إِلَى النِّسَاء وَإِنَّمَا هُوَ من أهل السّفر يجب مَشى الْجمال كَقَوْل حبيب (يَرَى بالكَعابِ الرُّودِ طَلْعَةَ ثائِرٍ ... وبالعِرْمِسِ الوَجْناءِ غُرَّةَ آيِبِ) وَقَالَ قوم يُقَال الخيز لى والخوزلى والخوزرى والخيزرى وهى مشْيَة فِيهَا تفكك والهيدبى بِالدَّال والذال هُوَ من مَشى الْخَيل والفدا إِذا كَانَ مكسورا جَازَ فِيهِ الْقصر وَالْمدّ وَإِذا كَانَ مَفْتُوحًا قصر وَكَذَلِكَ سوى إِذا فتح مد وَإِن ضم قصر لَا غير وَإِن كسر جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 - الْإِعْرَاب وكل بالخفض عطفا على الذى قبله من قَوْله فدا كل الْغَرِيب النجَاة يُرِيد النَّاجِية الَّتِى تنجى صَاحبهَا وهى النَّاقة السريعة وبجاوية منسوبة إِلَى بجاوة وهى قَبيلَة من البربر ينْسب إِلَيْهَا النوق البجاويات قَالَ الطرماح (بُجاويًّةٌ لم تَسْتَدِرْ حَوْلَ مَسْبَرٍ ... وَلم يتَخَوون درّها ضَبُّ آفِن) والنجاة اسْم مُخْتَصّ بِالْأُنْثَى دون الذّكر وَقَوله خنوف يُقَال خنف الْبَعِير يخنف خنافا إِذا سَار فَقلب خف يَده إِلَى وحشيه وناقة خنوف قَالَ الْأَعْشَى (أجَدَّتْ بِرجْلَيْها النَّجاءَ ورَاجَعَتْ ... يَدَاها خِنافا ليِّنا غَيْر أحْرَدَا) وَقَالَ الجوهرى خنف الْبَعِير يخنف خنافا إِذا لوى أَنفه من الزِّمَام قَالَ وَمِنْه قَول أَبى وجزة السعدى (قد قُلْتُ والعيسُ النَّجائب تَغْتَلى ... بالقَوْمِ عاصفَةً خَوَانفَ فى البُرَى) وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الخناف يكون فى الْعُنُق يمليه إِذا مد بزمامها والخانف الذى يشمخ بِأَنْفِهِ من الْكبر يُقَال رَأَيْته خانفا عَنى بِأَنْفِهِ والمشى جمع مشْيَة كسدرة وَسدر الْمَعْنى يَقُول لَا أحب مَشى النِّسَاء وَلَا لى إلَيْهِنَّ ميل وَإِنَّمَا أحب كل نَاقَة سريعة السّير والمشى هَذِه صفتهَا وَإِنَّمَا قَالَ بجاوية خصهم لأَنهم يتطاردون على النوق فى الحروب وَغَيرهَا وَكَانَت النوق تنعطف مَعَهم كَيْفَمَا أَرَادوا فَإِذا وَقعت الحربة فى رمية عطف النَّاقة إِلَيْهَا فَأَخذهَا وَإِن وَقعت فى غير رمية عطفها إِلَيْهَا فَأَخذهَا فَكَانَت نوقهم تنعطف مَعَهم حَيْثُ أَرَادوا فَلهَذَا خصهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 - الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه النوق توصل إِلَى الْحَيَاة وتكيد الْأَعْدَاء وتدفع الْأَذَى أى تزيله لِأَنَّهَا تخرجك من المهالك إِلَى النجَاة فبهن تكَاد الْأَعْدَاء وَيدْفَع شرهم 4 - الْغَرِيب التيه الأَرْض الْبَعِيدَة الَّتِى يتاه فِيهَا لبعدها وَهُوَ هُنَا تيه بنى إِسْرَائِيل وَهُوَ الذى بَين القلزم وأيلة وَيُسمى أَيْضا بطن نخل وَعَلِيهِ أَخذ لما هرب من مصر إِلَى الْعرَاق الْمَعْنى سلكت بِهَذِهِ النَّاقة هَذِه المسالك المخوفة إِمَّا للنجاة وَإِمَّا للمخاف إِمَّا أَن أفوز وأنجو وَإِمَّا أَن أهلك فَأَسْتَرِيح وَالْإِشَارَة إِلَى الْفَوْز والهلاك 5 - الْمَعْنى إِذا فزعت هَذِه النَّاقة تقدمتها الْخَيل الْجِيَاد لأَنهم كَانُوا يجنبون الْخَيل ويركبون الْإِبِل وَإِذا لَا قوا الْأَعْدَاء ركبُوا الْخَيل وَنسب الْفَزع إِلَيْهَا على حذف الْمُضَاف أى فزع راكبها وَقَوله (بِيض السيوف وَسمر القنا ... ) من الْمُقَابلَة الجيدة يُرِيد الدّفع عَنْهَا بِهَذِهِ السيوف والرماح 6 - الْمَعْنى يُرِيد مرت هَذِه الْإِبِل بنحل وَهُوَ مَاء مَعْرُوف وفى ركبهَا يعْنى ركبانها يُرِيد نَفسه وَأَصْحَابه عَن هَذَا المَاء وَعَن كل من فى الدُّنْيَا غنى لأَنهم اكتفوا بِمَا عِنْدهم من الْجلد والحزامة عَن المَاء وَعَن غَيره 7 - الْإِعْرَاب وادى مفعول تخيرنا وَإِنَّمَا أسكن الْيَاء من الوادى ضَرُورَة وَيجوز أَن يكون بَدَلا من النقاب وَيجوز أَن يكون أسكن على الْموضع فَلَا ضَرُورَة يُرِيد تخيرنا بوادى الْقرى ووادى الْمِيَاه كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ (مُعَاوِىَ إنَّنا بَشَرٌ فَأسْجِحْ ... فَلَسْنا بالجِبالِ وَلا الحَدِيداّ) فنصب الْحَدِيد على مَوضِع الْجبَال قبل دُخُول الْبَاء وَمثله قِرَاءَة الْقُرَّاء السِّتَّة سوى الْكسَائي مَا لكم من إِلَه غَيره على مَوضِع إِلَه قبل دُخُول حرف الْجَرّ الْمَعْنى إِنَّا لما وصلنا هَذَا الْموضع رَأينَا عِنْده طَرِيقين طَرِيقا إِلَى وادى الْقرى وطريقا إِلَى وادى الْمِيَاه قَدرنَا السّير إِلَى أَحدهمَا فَجعل هَذَا التَّقْدِير كالتخيير من الْإِبِل كَأَن الْإِبِل خيرتهم إِن شِئْتُم سلكتم هَذَا وَإِن شِئْتُم هَذَا وَهَذَا على الْمجَاز والاتساع وَقيل فى التَّخْيِير تَأْوِيلَانِ أَحدهمَا أَن الهوادي من الْخَيل وَالْإِبِل إِذا وصلت مفرق طَرِيقين تلْتَفت إِلَيْهِمَا لتؤذن بالحث على سلوك إِحْدَاهمَا وَهَذَا كَأَنَّهُ تَخْيِير والثانى أَنه على سَبِيل الْمجَاز كَمَا قَالَ (يشْكُو إلىَّ جَمَلِى طُولَ السُّرَى ... ) لم يرد حَقِيقَة الشكوى وَإِنَّمَا أَرَادَ صَار إِلَى حَال يشتكى من مثلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 - الْإِعْرَاب أَيْن اسْم مبْنى على الْفَتْح وَهُوَ للاستفهام على الْمَوَاضِع وتربان اسْم معرفَة معدول فَلهَذَا لَا ينْصَرف وَقَوله هَا حرف إِشَارَة يُرِيد قَالَت هَا هى هَذِه الأَرْض فَحذف الْجُمْلَة وَأبقى الْحَرْف الذى هُوَ دَال عَلَيْهَا الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى قُلْنَا لِلْإِبِلِ وَنحن بِهَذِهِ الأَرْض الْمُسَمَّاة بتربان وهى من أَرض الْعرَاق فَقَالَت هَا هى هَذِه وَهَذَا كُله مجَاز كالذى قبله 9 - الْإِعْرَاب الْفَاعِل مُضْمر فى هبت يُرِيد الْإِبِل وهبوب ومهب منصوبان على الْمصدر وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بهبت ومستقبلات حَال من الْإِبِل الْمَعْنى يُرِيد أَنه وَجههَا فِي السّير من الْمغرب إِلَى الْمشرق لِأَن الدبور تهب من جَانب الغرب وَالصبَا من جَانب الشرق وهبوب الْإِبِل هُوَ نشاطها فِي السّير وحسمى مَوضِع فِيهِ مَاء من مَاء الطوفان وَكَانَ المتنبى يصفه بالطيب وَيَقُول هُوَ أطيب بِلَاد الله وَشبه العيس بِالرِّيحِ اسْتِعَارَة لِأَنَّهَا أَقبلت من الْمغرب إِلَى الْمشرق كَمَا يُقَابل الدبور الصِّبَا لِأَن الدبور تهب من الغرب وَالصبَا تقَابلهَا من مطلع الشَّمْس 10 - الْإِعْرَاب روامى حَال وأسكن الْيَاء ضَرُورَة وَهُوَ كثير فى أشعار الْعَرَب وَمِنْه بَيت الحماسة (أَلا لَا أرَى وَادى المِياه يَثِيبُ ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الْإِبِل قواصد هَذِه الْمَوَاضِع وَيَقُول وادى الغضى جَار للبويرة يقربهَا فَهَذِهِ النوق روام بأنفسها هَذِه الْمَوَاضِع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 - الْغَرِيب الجوب الْقطع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَثَمُود الَّذين جابوا الصخر بالواد} الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الْإِبِل قطعت هَذَا الْمَكَان كَمَا يقطع الرِّدَاء وَيُرِيد أَن بسيطة بعيدَة من الْإِنْس لِاجْتِمَاع الْوَحْش بهَا وهى مَكَان مَعْرُوف لَا يدخلهَا ألف وَلَام وَرُبمَا سلكها الْحجَّاج وبسيطة أَيْضا مَوضِع بَين الْكُوفَة وَمَكَّة من أَرض نجد قَالَ الراجز (إنَّكِ أنْتِ يَا بُسَيْطَةُ الَّتِى ... أنذَرْنِيكِ فى الطَّرِيقِ إخَوَتى) 12 - الْغَرِيب عقدَة الْجوف مَكَان مَعْرُوف وَمَاء الجراوى منهل وَهُوَ الذى ذكره الشَّاعِر (أَلا لَا أرَى مَاء الجُرَاوِىِّ شافِيا ... صَداىَ وَإنْ رَوَّى غَلِيلَ الرَّكائِب) الْمَعْنى يَقُول قطعت بسيطة إِلَى هَذِه الْمَوَاضِع حَتَّى شفت عطشا بِهِ 13 - الْمَعْنى يَقُول إِن صور هُوَ مالاح لَهَا مَعَ الصَّباح وَظهر لَهَا شغور مَعَ الضُّحَى وَهُوَ مَوضِع بالعراق تَقول الْعَرَب إِذا وَردت شغورا فقد أعرقت وَقَالَ أَبُو عمر الجرمى إِنَّمَا هُوَ صورى وَيجوز الرّفْع وَالنّصب فى الصَّباح وَالضُّحَى فالرفع عطف على صور وَالنّصب مفعول مَعَه والشغور مُشْتَقّ من قَوْلهم بِلَاد شاغرة إِذا لم يكن لَهَا من يحميها 14 - الْغَرِيب الدئداء والدأدأإة سير أرفع من الخبب ومسى أَتَاهَا مسَاء الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا أَتَت هَذَا الْموضع الجميعى وَقت الْمسَاء وَأَتَتْ الأضارع وَقت الْغَدَاة والجمعى والدنا موضعان 15 - الْإِعْرَاب لَيْلًا نصب على التَّمْيِيز وأحم وخفى صفتان لليلا الْغَرِيب أعكش مَوضِع مَعْرُوف وأحم أسود والصوى أَعْلَام تبنى على الطَّرِيق ليهتدى بهَا الْمَعْنى يُرِيد أَنه متعجب من ليل شَدِيد الظلمَة على هَذَا الْمَكَان حَتَّى اسودت الْبِلَاد وخفيت الْأَعْلَام من سَواد هَذَا اللَّيْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 - الْغَرِيب الرهيمة مَوضِع بِقرب الْكُوفَة قَالَ ابْن جنى يُرِيد بالجوز هَهُنَا صدر اللَّيْل لقَوْله وَبَاقِيه أَكثر وَإِذا كَانَ الباقى أَكثر من الماضى كَانَ الْجَوْز صدر اللَّيْل وَصدر اللَّيْل لَا يُسمى جوز اللَّيْل قَالَ القاضى أَبُو الْحسن أَخطَأ أَبُو الطّيب لما قَالَ فى جوزه ثمَّ قَالَ وَبَاقِيه أَكثر كَيفَ يكون بَاقِيه أَكثر وَقد قَالَ فى جوزه وَقَالَ ابْن فورجة هَذَا خطأ ولحن من القاضى لِأَن الْهَاء فى جوزه لَيست لِليْل وَإِنَّمَا هى لأعكش وَهُوَ مَوضِع وَاسع والرهيمة مَاء وسط أعكش // وَالْكَلَام صَحِيح // انْتهى كَلَامه الْمَعْنى وردنا هَذَا الْمَكَان وسط هَذَا الْمَكَان وَمَا بقى من اللَّيْل أَكْثَرهَا مِمَّا مضى وَقَالَ بَعضهم الرهيمة قَرْيَة عِنْد الْكُوفَة وَهُوَ الصَّحِيح لأنى رَأَيْت بِالْكُوفَةِ جمَاعَة ينسبون إِلَيْهَا وَلكنهَا خربَتْ فى الْأَرْبَع مئة وَقَالَ الْخَطِيب بعض من لَا علم لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ يظنّ أَن هَذَا الْبَيْت مُسْتَحِيل لِأَنَّهُ يُوهم أَنه لما ذكر الْجَوْز وَجب أَن تكون الْقِسْمَة عادلة فى النصفين وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك وَلكنه جعل ثلث اللَّيْل الثانى كالوسط وَهُوَ الْجَوْز ثمَّ قَالَ وَبَاقِيه كَأَنَّهُ ورد وَالثلث الثانى الذى كالوسط وَهُوَ الْجَوْز قد مضى ربعه وبقى ثَلَاثَة أَرْبَاعه وَأكْثر وَهَذَا أبين وأوضح وَيجوز أَن يكون الضَّمِير فى بَاقِيه لِليْل أَو للجوز 17 - الْمَعْنى يَقُول لما نزلنَا الْكُوفَة وأنخنا رِكَابنَا وركزنا الرماح كعادة من يتْرك السّفر كَانَت رماحنا مركوزة فَوق مكارمنا وعلانا لما فعلنَا من فِرَاق الْأسود وقتال من قَتَلْنَاهُ فى الطَّرِيق وظفرنا بِمن عَادَانَا فَكل هَذَا مِمَّا يدل على المكارم والعلا فظفرت مكارمنا بِمَا فعلنَا فكأنا نزلنَا على المكارم والعلا 18 - الْمَعْنى ثبنا رَجعْنَا نقبل أسيافنا لِأَنَّهَا أخرجتنا من بِلَاد الْأَعْدَاء ونجتنا من المهالك فحقها أَن تقبل وترفع فَوق الرُّءُوس 19 - الْمَعْنى يُرِيد لتعلم أهل مصر فَحذف الْمُضَاف والعواصم من حلب إِلَى حماة والفتى الرجل الْكَامِل القوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 - الْمَعْنى إنى وفيت لسيف الدولة وأبيت ضيم كافور وَلم أذلّ لمن عصانى 21 - الْغَرِيب سيم من السّوم يُقَال فلَان يسوم فلَانا الذل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يسومونكم سوء الْعَذَاب} الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كل قَائِل وافيا وَلَيْسَ كل من كلف ضيما يأباه وَقيل سيم أَكْثَره والخسف الضيم والذل 22 - الْمَعْنى يُرِيد أَن آلَته الْعقل والرأى وَمَا فِيهِ من السجايا الْكَرِيمَة ويصدع صم الصَّفَا يشق الْحِجَارَة القوية وَينفذ فِيهَا 23 - الْغَرِيب التوى الْهَلَاك وَأَصله هَلَاك المَال يُقَال توى المَال إِذا هلك الْمَعْنى يُرِيد من كَانَ لَهُ قلب فى الشجَاعَة وَصِحَّة الْعَزِيمَة كقلبى يشق قلب الْهَلَاك ويخوض شدائده حَتَّى يصل إِلَى الْعِزّ واستعار للقوي قلبا ليقابل بَين قلبه وقلب التوى وَهُوَ مُقَابلَة حَسَنَة واستعارة جَيِّدَة 24 - الْمَعْنى يَقُول كل وَاحِد فى الطَّرِيق الذى يَأْتِيهِ خطاه على قدر رجله فَإِذا طَالَتْ رجله اتسعت خطاه وَهَذَا مثل يُرِيد أَن كل وَاحِد يعْمل على قدر وَسعه وطاقته وَهَذَا كَقَوْلِه (على قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تَأتى العَزَائمُ ... ) وَإِنَّمَا خص الرجل من بَين الْأَعْضَاء لذكره الخطا إِذْ بهَا تقع الخطوة وَأَرَادَ صَاحب الرجل وَالْمعْنَى على قدر همة الطَّالِب يكون سَعْيه 25 - الْمَعْنى يُرِيد بالخويدم كافور والعامة تسمى الخصى خَادِمًا وكل من خدم فَهُوَ مُسْتَحقّ لهَذَا الِاسْم فحلا كَانَ أَو خَصيا وَلَكنهُمْ لما رَأَوْا الخصى نَاقِصا عَن رُتْبَة الْفَحْل قصروه على هَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ لَا يصلح لغير الْخدمَة يَقُول غفل الخويدم عَن ليلنا الذى خرجنَا فِيهِ من عِنْده وَكَانَ قبل ذَلِك نَائِما غَفلَة وعمى وَلم يكن نَائِما كرى كَمَا قَالَ الآخر (وخَبَّرَنَى البَوَّابُ أنَّكَ نائمٌ ... وَأَنت إِذا استَيْقَظْتَ أَيْضا فَنائمُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه حِين كَانَ قَرِيبا مِنْهُ كَانَ بَينهمَا بعد من جَهله لِأَن الْجَاهِل لَا يزاداد علما بالشئ وَإِن قرب مِنْهُ 28 - الْغَرِيب والنهى جمع نهية وهى الْعُقُول لِأَنَّهَا تنْهى عَن الْقبْح والنهى بِكَسْر النُّون الغدير الْمَعْنى يَقُول كنت أَحسب قبل رُؤْيَة كافور أَن مقرّ الْعقل الدِّمَاغ فَلَمَّا رَأَيْت قلَّة عقله قلت الْعقل فى الخصية لِأَنَّهُ لما خصى ذهب عقله فَعلمت حِينَئِذٍ أَن الْعُقُول فى الخصى 29 - يتعجب مِمَّا رأى بِمصْر من الْعَجَائِب الَّتِى تضحك النَّاس الْعُقَلَاء ثمَّ قَالَ لَكِن ذَلِك الضحك كالبكاء لِأَنَّهُ فِيهِ الفضيحة 30 - الْمَعْنى يُرِيد بالنبطى السوادى وَهُوَ أَبُو الْفضل ابْن حنزابة وَزِير كافور وَقيل بل يُرِيد أَبَا بكر المادرانى النسابة يتعجب مِنْهُ يَقُول لَيْسَ هُوَ من الْعَرَب وَهُوَ يعلم النَّاس أَنْسَاب الْعَرَب 31 - الْمَعْنى يَقُول وبمصر أسود عَظِيم الشّفة يشنون عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ وَهُوَ أَنهم يَقُولُونَ لَهُ أَنْت بدر الدجى والبدر يشْتَمل على النُّور وَالْجمال وَالْأسود الْقَبِيح الْخلقَة الْعَظِيم الشّفة كَيفَ يشبه الْبَدْر جعل لَهُ مشافر لغلظ شَفَتَيْه والمشافر تكون لذوات الْخُف وَإِذا وصف الرجل بالغلظ والجفاء جعلُوا لَهُ مشافر 32 - الْغَرِيب الكركدن هُوَ الْحمار الهندى وَقيل هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كرك وَهُوَ طَائِر عَظِيم وروى ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابى أَن الكركدن دَابَّة عَظِيمَة الْخلق تحمل الْفِيل على قرنها الْمَعْنى أَنه شبهه بالكركدن لعظم خلقه وَقلة مغناه وَالشعر الذى مدحته بِهِ هُوَ شعر من وَجه رقية من وَجه آخر لأنى كنت أرقيه بِهِ لأخذ مَاله يُرِيد أَنه كَانَ يسْتَخْرج مَاله بِنَوْع رقية وحيلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 - 33 - الْمَعْنى يَقُول لم يكن ذَلِك الشّعْر مدحا لَهُ وَلكنه فى الْحَقِيقَة كَانَ هجاء الْخلق كلهم حَيْثُ أحوجونى إِلَى مثله وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا كَانَت طباعه تنافى طباع النَّاس كلهم سفالا ثمَّ مدح فَذَلِك إرغام لَهُم وهجو لِأَن مدح من ينافى طباعهم هجو لَهُم 34 - الْمَعْنى يَقُول الْكفَّار قد ضلوا بأصنامهم وأحبوها فعبدوها من دون الله سفها وضلالة فَأَما أَن يضل أحد بِخلق يشبه زق ريح فَلم أر ذَلِك يعْنى أَنه بانتفاخ خلقه كزق ريح وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوجب الضلال بِهِ حَتَّى يطاع وَيملك وَإِنَّمَا هَذَا يعجب مِمَّن يطيعه وينقاد لَهُ وَشبهه بالزق لسواده 36 - الْمَعْنى يَقُول من أعجب بِنَفسِهِ فَلم يعرف قدر نَفسه إعجابا وذهابا فى شَأْنه خفيت عَلَيْهِ عيوبه فَاسْتحْسن من نَفسه مَا يستقبحه غَيره 1 - الْمَعْنى يَقُول ذكرُوا أَن الْخيام فَوق الْأَمِير سيف الدولة فأبيت ذَلِك أَن أقبله لأنى لَا أسلم أَن شَيْئا فَوْقك وَهُوَ قَوْله (وَمَا سلمت فَوْقك للثريا ... . . الْبَيْت ... ) 2 - الْمَعْنى يَقُول لَا أسلم للثريا بِأَنَّهَا فَوْقك وَلَا للسماء فَكيف أسلم للخيام لِأَن رتبتك فَوق كل شئ فَلَا أسلم أَن شَيْئا فَوْقك فى الْقدر والرتبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما خرج من الشَّام أوحشها فَكَأَنَّهُ سلبها ثوب الْجمال الذى كَانَ لَهَا بمقامه فِيهَا فَلَمَّا فَارقهَا فَارقهَا جمَالهَا وأنسها 4 - الْمَعْنى يُرِيد تتنفس أَنْت وَهَذِه الْبِلَاد مِنْك مسيرَة عشر لَيَال فَيعرف من بهَا طيب تنفسك فى الْهَوَاء وَهَذَا من قَول أَبى عُيَيْنَة (تَطَيَّبُ دُنْيانا إِذا مَا تَنَفَّسَتْ ... كأنَّ فَتِيتَ المِسْكِ فى دُورِنا هبَاَّ) والعواصم ثغور مَعْرُوفَة تعصم أَهلهَا بِمَا مِنْهَا عَلَيْهَا حلب وأنطاكية وَقَالَ الواحدى يُرِيد والعواصم مِنْك عشر أى على مسيرَة عشر فَحذف حَتَّى أخل بِاللَّفْظِ 9 - 1 - الْإِعْرَاب أسامرى منادى مَنْسُوب إِلَى سر من رأى وَإِنَّمَا الْعَامَّة تَقول سامرا والبلد اسْمهَا سر من رأى وَقَالَ الشَّاعِر (لعَمْرُكَ مَا سُرِرْتُ بسُرَّ مَن رَا ... ولكنى عَدِمْتُ بِها السُّرُورَا) فَحذف الْهمزَة كَمَا ورد عَن بعض الْعَرَب (وَمَنْ رَا مِثْلَ مَعْدَان بنِ لَيْلَى ... إذَا مَا السَّبْعُ حالَ عَنِ المَطِيَّهْ) ولبعض الْمُحدثين (مَا سُرَّ مَنْ رَا بِسُوَّ مَنْ رَا ... بَلْ هِىَ سُوءٌ لِمَنْ رَآهَا) وَقد ذكرهَا البحترى على لفظ الْعَامَّة فَقَالَ (أخْلَيْتُ مِنْهُ البَّدَّ وَهى قَرَارُهُ ... ونصبْتَهُ عَلَما بسامِرَّاءِ) وَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يكسر آخِره لِأَن الْجمل إِذا سمى بهَا لَا يُسَلط عَلَيْهَا الْكسر وَلَا ينْسب إِلَيْهَا كتأبط شرا وَأَبُو الطّيب أجراها على مَا اشتهرت بِهِ لِأَنَّهَا فى الأَصْل // غير صَحِيحَة // الْمَعْنى يَقُول يَا سامرى يَا من يضْحك مِنْهُ كل من رَآهُ أعلمت مَا أنشدت وَأَنت أَجْهَل الْجُهَّال يعْنى كَيفَ علمت يَا سامرى يَا من يضْحك مِنْهُ كل من رَآهُ أعلمت مَا أنشدت وَأَنت أَجْهَل الْجُهَّال يعْنى كَيفَ علمت ذَلِك وَأَنت جَاهِل وَذَلِكَ أَن المتنبى لما أنْشد سيف الدولة قَوْله (واحر قلباه ... ) قَالَ هَذَا السامرى وَقد خرج أَبُو الطّيب ألحقهُ فآخذ لَك رَأسه يُخَاطب سيف الدولة بعد خُرُوج أَبى الطّيب فَقَالَ المتنبى هَذَا يهجوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 - 2 - الْمَعْنى إِنَّك لما كنت حَقِيرًا لاقدر لَك وَقد أمنت أَن تمدح فَقلت أهجى فكأنك مَا صغر قدرك عَن الهجاء 3 - وَهَذَا الْبَيْت يبين الذى قبله يُرِيد مَا هجوت قبلك مثلك وَلَا فَكرت بِهِ وَلَا جعلت بالى إِلَيْهِ لِأَنَّك لاقدر لَك فَأَنا لَا أجرب سيفى فى غير شئ يُوجب التجربة فِيهِ وَهَذَا مثل 1 - الْمَعْنى يَقُول كل يَوْم ترى عينى مِنْك شَيْئا عجيبا نتحير مِنْهُ ثمَّ ذكره بعد ذَلِك فَقَالَ (حِمالة ذَا الحسام ... . الخ ... ) 2 - الْغَرِيب الْحمالَة الَّتِى يحمل بهَا السَّيْف وهى الْمحمل أَيْضا الْمَعْنى يُرِيد سَيْفا حمل سَيْفا وسحاب يمطر على سَحَاب هَذَا هُوَ العجاب فالحسام الأول هُوَ السَّيْف والثانى هُوَ سيف الدولة فَكيف يحمل سيف سَيْفا وَكَيف يمطر سَحَاب سحابا هَذَا هُوَ الْعجب العجيب 3 - الْغَرِيب الربَاب بِالْفَتْح السَّحَاب الْأَبْيَض وَقيل قد يكون الأَرْض وَالْأسود الْوَاحِدَة ربابة وَبِه سميت الْمَرْأَة ربابا الْمَعْنى يَقُول إِنَّك أفضل من السَّحَاب لِأَن الأَرْض تَجف من مَاء السَّحَاب وَتصير ثِيَابهَا الَّتِى أنبتها الْغَيْث خلقانا باليات عِنْد هيجه وعطاؤك يبْقى وَيذكر وَأَرَادَ تَجف الأَرْض من مطر هَذَا السَّحَاب وَلكنه حذف الْمُضَاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 - 4 - الْغَرِيب يُرِيد برطوبة الدَّهْر لينه وسهولته بِخِلَاف القساوة والصلابة الْمَعْنى يطيب عَيْش أهل الأَرْض ويلين فَكَأَن الدَّهْر يلين ويطيب لَهُم وينقاد كَقَوْل البحترى (أشْرقْن حَتَّى كادَ يَقْتَبِسُ الدُّجَى ... وَرَطُبْنَ حَتَّى كادَ يجرى الجَنْدَل) فَجعل الصخر يكَاد يجرى للين رُطُوبَة الزَّمَان وفى ضِدّه لبَعْضهِم (كأنَّ قَلْبَ زَمانِى ... علىَّ صَخْرٌ وصِفْرٌ) وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أَبُو الطّيب أَن مَاء الْغَيْث يَنْقَطِع وعطاؤك دَائِم لَا يَنْقَطِع وذكرك لَا يَنْقَطِع بِمَا تُعْطى وَبِمَا تجْعَل بعْدك فى سَبِيل الله من الْوُقُوف وَغَيرهَا 5 - الْغَرِيب السوارى السحب السارية فِي اللَّيْل دون النَّهَار لِأَن السرى مَخْصُوص بِاللَّيْلِ والغوادى مَا غَدا من السحب والأحباء جمع حبيب كشريف وأشرفاء والطراب جمع الْوَاحِد طرب وطروب للذى يطرب ويحركه الشوق الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه السحب تسايرك كَمَا يُسَايِر الحبيب حَبِيبه لتتعلم من جودك وَقد بَينه بعده فَقَالَ (تفِيد الْجُود ... . الخ ... ) 6 - الْمَعْنى تفِيد أى تستفيد الْجُود مِنْك فتعلمه لتأتى بِمثلِهِ وَلكنهَا لَا تقدر أَن تأتى بِمثل أخلاقك العذبة لِأَنَّهَا عاجزة عَن الْإِتْيَان بِمثل أخلاقك 1 - الْإِعْرَاب أهْدى اسْم منادى بِإِسْقَاط حرف النداء أفعل إِذا كَانَ للتفضيل فبينه وَبَين أفعل التَّعَجُّب مُنَاسبَة وَذَلِكَ أَنه يُقَال هَذَا أَقُول من هَذَا وَمَا أقوله لَهُ فَتَصِح الْوَاو فِي المثالين وَيمْتَنع أَن يُقَال هَذَا أَحْمَر من هَذَا أى أَشد حمرَة كَمَا يمْتَنع أَن يُقَال مَا أحمره أى مَا أَشد حمرته وَفعل التَّعَجُّب يبْنى من ثَلَاثَة أَفعَال ثلاثية فعل بِفَتْح الْعين وَفعل بِكَسْرِهَا وَفعل بضَمهَا وَلَا يبْنى إِلَّا من فعل قد سمى فَاعله وَلَا يجوز أَن يبْنى من فعل غير مُسَمّى الْفَاعِل فَيُقَال مَا أضْرب أَخَاك لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من ضرب أَخُوك مِم وَقع التَّعَجُّب من كَثْرَة ضربه فَإِذا قلت ضرب أَخُوك لَا يَصح أَن يُقَال مَا أضْرب أَخَاك وَأَنت تُرِيدُ مَا أَشد الضَّرْب الذى ضربه أَخُوك وَأهْدى يجوز أَن يكون من هدى الْوَحْش إِذا تقدم فَيكون سَهْما مَنْصُوبًا على التَّمْيِيز فَيكون أفعل من فعل لَهُ فَاعل وَيكون الْفِعْل للسهم وَيجوز أَن يكون الْفِعْل للمخاطب من قَوْلهم هديته الطَّرِيق فَإِذا حمل على ذَلِك فسهما مَنْصُوب بِفعل مُضْمر يدل عَلَيْهِ أهْدى لِأَن فعل التَّعَجُّب لَا يجوز أَن ينصب مَفْعُولا وَكَذَلِكَ أفعل الذى للتفضيل وعَلى ذَلِك حمل قَوْله (أكَرُّ وأحْمَى للْحَقِيقَةِ مِنْهُمُ ... وأضْرَبُ مِنَّا فى اللِّقاءِ القَوانِسا) فنصب القوانس بِفعل مُضْمر ثمَّ الْكَلَام عِنْد قَوْله وأضرب منا ثمَّ أضمر فعلا نصب بِهِ القوانس تَقْدِيره يضْرب القوانس فَيكون من جنس الْكَلَام وَقَالَ الواحدى أهْدى من هديت هدى فلَان أى قصدت قَصده وَمِنْه الحَدِيث " واهدوا هدى عمار " أى اقصدوا قَصده فَيكون الْمَعْنى يَا أقصد الْعَالمين سَهْما إِلَى قلبى يُرِيد أَن عَيْنَيْهِ تصيب بلحظها وَلَا تخطئه وَيَا أقتل النَّاس لأهل الدروع من غير حَرْب يُرِيد أَنه يقتلهُمْ بلحظه من غير حَرْب وَهَذَا الْمَعْنى كثير للشعراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 - الْغَرِيب يُقَال كذب مثل حمل وَكذب مثل كتف يَقُول حكم الْهوى غير حكم الْأَشْيَاء فَهُوَ مُخَالف الْأَحْكَام لِأَن الْخلف فى الْوَعْد غير جميل وَالْكذب غير مستحسن وَكِلَاهُمَا جميل مستحسن من الحبيب وَمَا أحسن قَول الْقَائِل (وكُلُّ مَا يفعَلُ المحبُوبُ مَحْبُوبُ ... ) 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الحبيب يُصِيب مقاتلى فى الْحبّ وَلَا يقدر الْقرن أَن يُصِيب مقاتلي فى الْحَرْب لأنى أقدر على دَفعه عَن نفسى وَلَا أقدر على دفع عَن الحبيب وَهُوَ من قَول حبيب (كمْ من دَمٍ يَعجِزُ الجيْشُ اللُّهامُ إِذا ... بانُوا تُحَكَّمُ فِيهِ العِرْمِسُ الأُجُدُ) وَهَذَا من قعقعة المتنبى بالشجاعة وَكم لَهُ من قعقعة كهذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 - 4 - الْمَعْنى يَقُول وَمن خلقت لَهُ عين كعينك ملك الْقُلُوب بِأَهْوَن سعى وَقَوله أصَاب الحدور السهل فى المرتقى الصعب مثل مَعْنَاهُ سهل عَلَيْهِ مَا يشق على غَيره وَيُرِيد أَن المرتقى الصعب لَهُ حدور سهل 1 - الْمَعْنى حزن يحزن وأحزن يحزن بِمَعْنى يُقَال حزنه الْأَمر وأحزنه وَقَرَأَ نَافِع بالرباعى وَقَوله لَا يحزن الله هُوَ دُعَاء لَهُ أَن لَا يحزنهُ الله بِشَيْء لِأَنَّهُ إِذا حزن يحزن مَعَه أَبُو الطّيب لادعائه الْمُشَاركَة على عَادَته مَعَ الممدوح وَغلط الصاحب فى هَذَا الْبَيْت وَظن أَنه خبر وَلم يعلم أَنه دُعَاء فَرَوَاهُ بِرَفْع الْفِعْل وَإِنَّمَا هُوَ مجزوم على الدُّعَاء فَقَالَ لَا أدرى لم لَا يحزن الله الْأَمِير إِذا أَخذ أَبُو الطّيب بِنَصِيب من القلق وَلَيْسَ الْأَمر على مَا توهم وحزن وأحزن لُغَتَانِ وَالرجل حَزِين ومحزون 2 - الْمَعْنى يُرِيد الذى سر جَمِيع النَّاس من السرُور ثمَّ بَكَى لحزن أَصَابَهُ سَاءَ بكاؤه الَّذين سرهم فَكَأَنَّهُ بَكَى بعيونهم وحزن بقلوبهم لما يصيبهم من الأسى والجزع وَالْمعْنَى إِنَّك إِذا بَكَيْت بَكَى النَّاس لبكائك وحزنوا بحزنك فهم يساعدونك على الْبكاء جَزَاء لسرورهم كَمَا قَالَ يزِيد المهلبى (أشْرَكْتُمُونا جَمِيعا فى سُرُورِكُمُ ... فَلَهْوُنا إذْ حَزِنْتُمْ غيرُ إنْصَافِ) 3 - الْإِعْرَاب حبيب خبر إِن وَأدْخل بَينهمَا جملَة شَرْطِيَّة وَتَقْدِير الْكَلَام وإنى حبيب إِلَى حبيب حبيبى وَإِن كَانَ المدفون حَبِيبه فَهُوَ حبيبى لأجل محبتى لَهُ الْمَعْنى يلزمنى أَن أحب كل من يُحِبهُ فحبيبه حبيبى وَإِن كَانَ المدفون غَرِيبا منى فَهُوَ حبيب إِلَى لأجل سيف الدولة وحبه لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 - الْغَرِيب الجيئة مصدر جَاءَ يجِئ مجيئا وجيئة وَكَذَلِكَ الذهوب الْمَعْنى يَقُول نَحن مسبوقين إِلَى هَذِه الدُّنْيَا فَلَو عَاشَ من كَانَ قبلنَا وَلم يموتوا لضاقت بِنَا وبهم الأَرْض حَتَّى لَا نطيق الذّهاب والمجئ وَإِن الْخيرَة فِيمَا قدر الله تَعَالَى من الْمَوْت على الْعباد وَأمر الدُّنْيَا إِنَّمَا يَسْتَقِيم بِمَوْت قوم وحياة قوم 6 - الْمَعْنى يُرِيد بالآتى الْوَارِث وبالماضى الْمَوْرُوث يُرِيد أَن الْوَارِث الذى يملك الأَرْض كَأَنَّهُ سالب سلب الْمَوْرُوث مَاله والموروث كَأَنَّهُ سليب سلب مَاله وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم فى الموعظة " إِن مَا فى أَيْدِيكُم أسلاب الهالكين وسيتركها الْبَاقُونَ كَمَا تَركهَا الْأَولونَ وَهَذَا من نهج البلاغة " 7 - الْغَرِيب شعوب من أَسمَاء الْمنية معرفَة لَا يدخلهَا التَّعْرِيف وَسميت شعوبا لِأَنَّهَا تفرق اشتقاقها من الشعبة وهى الْفرْقَة الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا الْمَوْت لما كَانَ لهَذِهِ الْمعَانى فضل وَذَلِكَ لَو أَن النَّاس أمنُوا الْمَوْت لما كَانَ للشجاع فضل على الجبان لِأَنَّهُ قد أَيقَن بالخلود وَكَذَلِكَ كل الْأَشْيَاء فلولا الْمَوْت لما كَانَ لهَذَا كُله فضل على غَيره واستوى الشجاع والجبان والكريم والبخيل والصابر والجازع 8 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحَيَاة وَإِن طَالَتْ فهى إِلَى انْقِضَاء يَقُول أَو فى عمر أَن يبْقى حَتَّى يشيب ثمَّ يخونه عمره بعد الشيب وقصاراه الْمَوْت وَقَالَ الْخَطِيب يُرِيد أَن الذى يحترم الشَّبَاب لقلَّة الْوَفَاء فَإِذا أبقتهم كَانَ قصاراها أَن تفنيهم فَلَا وَفَاء لَهَا وَلَا رَغْبَة فِيهَا وَقَالَ غَيره إِذا عَاشَ الْمَرْء إِلَى بُلُوغ المشيب وخانته حَيَاته يعْنى فى الْهَرم فقد تناهت فى الْوَفَاء لَهُ وَلَا غَايَة فى الْوَفَاء لَهَا بعد ذَلِك 9 - الْإِعْرَاب اللَّام تدل على قسم مَحْذُوف وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بصبابة الْغَرِيب يماك اسْم مَمْلُوكه وَهُوَ تركى والنجار الأَصْل وجليب مجلوب من بلد إِلَى بلد الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد أبقى فى قلبه ميلًا إِلَى كل من كَانَ من هَذَا الْجِنْس يُرِيد التّرْك والصبابة الرقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ جَامعا بَين الْيمن والنجابة وَقد يكون الْغُلَام نجيبا وَلَا يكون مُبَارَكًا وَهَذَا كَانَ نجيبا ومباركا 11 - الْإِعْرَاب اللَّام لَام قسم دخلت على حرف الشَّرْط وأنى بِجَوَاب الْقسم وَلم يَأْتِ بِجَوَاب الشَّرْط كَقَوْلِه تَعَالَى {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فى قُلُوبهم مرض والمرجفون فى الْمَدِينَة لنغرينك بهم} وَمثله كثير فى الْقُرْآن وَالشعر لِأَن الْجَواب للْأولِ وَهُوَ الْقسم الْغَرِيب الكآبة الْحزن والقضيب السَّيْف الْخَفِيف الرَّقِيق الْمَعْنى يُرِيد لَئِن حزن عَلَيْهِ لقد حزنت عَلَيْهِ السيوف لحسن اسْتِعْمَاله لَهَا وَإِذا أثر الْحزن فى الجماد فَكفى بِهِ حزنا فَنحْن أولى بالحزن من السيوف 12 - الْإِعْرَاب الظّرْف مَعْطُوف على الظّرْف الذى قبله وَهُوَ فى حد كل قضيب الْغَرِيب التناضل هُوَ الرمى بِالسِّهَامِ فى الْحَرْب وَغَيرهَا وَذَلِكَ أَن الْقَوْم يتناضلون فى الْحَرْب يرْمى بَعضهم بَعْضًا وفى غير الْحَرْب يتناضلون بسهامهم لينظروا أَيهمْ أحسن رميا فَهُوَ يسْتَعْمل على ضَرْبَيْنِ والطرف الْفرس الْكَرِيم يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى 13 - الْإِعْرَاب أَن يخل فَاعل يعز فَهُوَ فى مَوضِع رفع أى يعظم عَلَيْهِ وَتَدْعُو سكن الْوَاو مِنْهُ ضَرُورَة وَالْوَجْه فتحهَا لِأَنَّهُ عطف على بخل الْمَعْنى يُرِيد أَنه يعظم عَلَيْهِ ويشتد عَلَيْهِ أَن يتْرك عَادَته فى خدمتك وَتَدْعُوهُ وَهُوَ لَا يجيبك 14 - الْإِعْرَاب قَائِما حَال وَاللَّام تتَعَلَّق بهَا وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بنظرت الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد جمع الْأَدَب فى الْخدمَة وَقُوَّة الْأسد عِنْد الْبَأْس فَإِذا نظرت إِلَيْهِ رَأَيْته جَامعا بَين الشجَاعَة وَالْأَدب وَيُرِيد بذى لبدتين الْأسد وهما اللَّتَان على كَتفيهِ من صوف وَقيل الوفرة الَّتِى على الْعُنُق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 - الْإِعْرَاب من روى يكن بِالْيَاءِ فتقديره يكن يماك فَهُوَ مُضْمر فِيهِ والعلق مَنْصُوبًا الْخَبَر وَمن روى تكن بِالتَّاءِ على المخاطبة لسيف الدولة والعلق مَنْصُوبًا أَيْضا فتقديره تكن فقدت العلق فَهُوَ مَنْصُوب بِفعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ مَا بعده من قَوْله فقدته فَهُوَ مُفَسّر لَهُ كَقَوْلِك زيدا ضَربته وَكَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّا كل شئ خلقناه بِقدر} أى خلقنَا كل شئ بِقدر وكقراءة أهل الْكُوفَة وَابْن عَامر {وَالْقَمَر قدرناه} أى قَدرنَا الْقَمَر وكقول الفزارى (والذّئْبَ أخْشاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِى وأخْشَى الريّاحَ والمَطَرَا) الْغَرِيب العلق هُوَ الشئ الذى يضن بِهِ وَقيل هُوَ مَا تعلق بِهِ الْفُؤَاد الْمَعْنى يَقُول إِن يكن يماك هُوَ الذى كنت تبخل بِهِ وتضن بِهِ فقدته فَإِنَّمَا فقد من كف متلاف لَا يبْقى على شئ كَانَ نفيسا أَو غير نَفِيس وَإِنَّمَا هُوَ رجل يهب الْأَشْيَاء وَلَا يبالى بهَا 16 - الْغَرِيب الردى هُوَ الْمَوْت وَعَاد أى ظَالِم مُتَعَدٍّ الْمَاجِد الْكَامِل الشّرف الْمَعْنى يَقُول الْمَاجِد إِذا لم يكن لَهُ عوذة من الْعُيُوب كَانَ الردى أسْرع إِلَيْهِ لبراءته من الْعَيْب فيسرع الْهَلَاك فى أَمْوَاله وَهُوَ أظهر من أَن يَجْعَل الْمَاجِد الْغُلَام فَقَالَ إِنَّمَا قَصده الْهَلَاك لبراءته من الْعَيْب والماجد الْكَامِل الشّرف فسيف الدولة بِهَذَا النَّعْت من غَيره سِيمَا وَقد جعله لَا عيب فِيهِ يصرف عَنهُ الْعين وَيكون لَهُ كالعوذة وَهَذَا كَقَوْل الآخر (شَخَصَ الأنامُ إِلَى كمالكَ فاسْتَعِذْ ... مِنْ شَرّ أعْيُنِهِمْ بِعَيْبٍ وَاحِدٍ) وَمثله (قَدْ قُلْتُ حينَ تكامَلَتْ وَغَدَتْ ... أفْعالُهُ زَيْنا مِنَ الزَّيْنِ) (مَا كانَ أحْوَجَ ذاَ الكمالِ إِلَى ... عَيْبٍ يُوَقيهِ مِنَ العَيْنِ) 17 - الْمَعْنى إِن الدَّهْر تَارَة يحسن وَتارَة يسئ فَلَو لم يحسن إِلَيْنَا بِالْجمعِ بَيْننَا لما شعرنَا بذنوبه فى تفريقنا فبإحسانه عرفنَا إساءته وَهُوَ كالعذر لَهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَى ذمه فَقَالَ وللترك (للإحسان ... . الْبَيْت ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّهْر أحسن إِلَيْنَا بالاجتماع وأساء فِيمَا جمع من الْفرْقَة فَترك المحسن إحسانه أجمل بِهِ من أَن يشوبه بالإساءة وتلخيص الْمَعْنى أَن كل محسن لم يتم إحسانه فَتَركه أولى بِهِ فَهُوَ كَقَوْلِه (أبَداً تَسْتَرِدُّ مَا تَهَبُ الدُّنْيا ... فيا لَيْتَ جُودَها كانَ بُخْلا) 19 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه ملك الْعَرَب بإحسانه إِلَيْهِم فَلَا حَاجَة إِلَى مَمْلُوك تركى وَخص نزارا لِأَنَّهُ أَبُو الْقَبَائِل الْأَشْرَاف كقريش وَغَيرهَا 21 - الْإِعْرَاب الباءان زائدتان وَالضَّمِير فى لمثله لسيف الدولة الْمَعْنى ذكر أَنه يملك الْعَرَب فَقَالَ استرقهم بمصافاته لَهُم وبإحسانه إِلَيْهِم وبإقباله عَلَيْهِم وَمثله إِذا صافى إنْسَانا استرقه بِكَثْرَة الْإِحْسَان وَكفى بذلك رقا 20 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى إِنَّه لِلْأجرِ وَيكون المثاب مصدرا بِمَنْزِلَة الثَّوَاب والمثيب الله تَعَالَى فَكَأَنَّهُ قَالَ إِن الْأجر أجل ثَوَاب الله الذى هُوَ أجل مثيب وَيجوز أَن يكون الضَّمِير لسيف الدولة وَيكون المثاب مَفْعُولا من الإثابة يعْنى أَنه أجل من أثيب من عِنْد الله تَعَالَى الْمَعْنى إِنَّه يَدْعُو لَهُ أَن يعوضه الله الْأجر من الْمَفْقُود وَالله أجل مثيب 22 - الْإِعْرَاب فَتى فى مَوضِع رفع بدل من سيف الدولة فى الْبَيْت الذى قبله وَيجوز أَن يكون خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف ضنك صفة محذوفة تَقْدِيره فى يَوْم ضنك الْمقَام عصيب الْغَرِيب الضنك الضّيق والعصيب الشَّديد اعصو صب الْيَوْم اشْتَدَّ وَيَوْم عصيب وعصيصب أى شَدِيد والعصيب الرئة تعصب بالأمعاء فتشوى قَالَ حميد ابْن ثَوْر (أُولَئك لم يَدْرِين مَا سَمَكُ القُرَى ... وَلا عُصَب فِيهَا رِئات العَمارِسِ) وَعصب جمع عصيب والعمارس جمع عمروس وَهُوَ الخروف الْمَعْنى يَقُول إِذا بلت الدِّمَاء نحور الْخَيل فَهُوَ فتاها الذى يُقَاتل ويطاعن فى ضيق الْمقَام الشَّديد أى فى الْيَوْم الضّيق الْمقَام الشَّديد والنجيع الدَّم كُله وَقيل دم الْجوف خَاصَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 - الْغَرِيب الريط الملاء الْبيض ويعاف يكره الْمَعْنى يُرِيد أَنه يكره الاستظلال بالخيمة المتخذة من الريط إِنَّمَا يستظل بالغبار وخيمه جمع خيمة 24 - الْمَعْنى يُرِيد إِن نفع إسعادنا لَك فى هَذِه الرزية أسعدناك بشق الْقُلُوب لَا بشق الْجُيُوب وَهُوَ كَقَوْل أَبى تَمام (شقَ جَيْبا مِنْ رِجالٍ لوِ اسْطا ... عُوا لَشَقُّوا مَا وَرَاءَ الجُيُوبِ) وَمثله وشققت ... جُيُوب بأيدى مأتم وخدود) 25 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدمع لَيْسَ بِعلم للحزن فقد يحزن من لَا يبكى وَقد يبكى من لَا يحزن وَأخذ هَذَا الْبَيْت مِمَّا أنْشدهُ أَبُو على فى آخر تَكْمِلَة إيضاحه (وَما كُلُّ ذى لُبّ بمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ ... وَما كُلّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ) 26 - الْغَرِيب أَبِيك بِفَتْح الْبَاء لُغَة أثْبته ابْن جنى يُرِيد أَبَوَيْك وهى لُغَة صَحِيحَة مَعْرُوفَة تَقول الْعَرَب أَب وَأَبَان وأبوين وَأبين وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (فَلَمّا تَبَيَّنَ أصْوَاتنَا ... بَكَيْنَ وَقَدَيَّنْنَا بالأَبِينَا ... ) جمع أَب وَقد قَرَأَ بَعضهم مَا تَعْبدُونَ من بعدى قَالُوا نعْبد إلهك وإله أَبِيك يُرِيد آبَائِك فَجَمعهُمْ على أبين وَأسْقط النُّون للإضافة الْمَعْنى يَقُول تفكر فى مصيبتك بِهَذَا الْمَفْقُود وتسل عَنهُ وَاذْكُر مصيبتك بأبويك فَإنَّك بَكَيْت لفقدهما ثمَّ ضحِكت بعد ذَلِك بِزَمَان قريب كَذَلِك حزنك لأجل هَذِه الْمُصِيبَة سيذهب عَن قرب وَقيل تفكر فى آبَائِك الَّذِي ذَهَبُوا فَكل أحد سيذهب كذهابهم فَلَا يجب الْحزن وفى مَعْنَاهُ (فَفُضّى اللَّوْمَ عاذِلَتِى فإنى ... سيَكُفِينِى التَّجاربُ وانْتسابى) يُرِيد لَا أنتسب إِلَّا إِلَى مَفْقُود وَمثله قَول لبيد (فإنْ أنتَ لم ينفعْكَ عِلْمُكَ فانتسِبْ ... لعلَّكَ تهديكَ القُرُونُ الأوَائِلُ) وَأحسن مَا قيل فى هَذَا الْمَعْنى مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ (فإنْ لم تجِدْ مِن دونِ عَدْنانَ وَالِداً ... ودُون مَعَدّ فَلْنَزَعْكَ العَوَاذلُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 - الْغَرِيب الْمُصَاب هُنَا مصدر كالإصابة والخبث الْجزع هُنَا وَالطّيب الصَّبْر وَترك الْجزع وَمعنى ثنت صرفت وَالْفِعْل للنَّفس وَتَقْدِيره ثنته أى صرفت الْخبث وَقَالَ الْخَطِيب إِذا جزع الْكَرِيم فى أول نزُول الْمُصِيبَة وراجع أمره عَاد إِلَى الصَّبْر وَالتَّسْلِيم وَمن لم يوطن نَفسه على الْمُصِيبَة فى أول الْأَمر صَعب عَلَيْهِ عِنْد وُقُوعهَا وَهَذَا الْبَيْت من الحكم قَالَ الْحَكِيم من علم أَن الْكَوْن وَالْفساد يتعاقبان الْأَشْيَاء لم يحزن لوُرُود الفجائع لعلمه أَنه من كَونهَا فهان عَلَيْهِ ذَلِك لعجز الْكل عَن دفع ذَلِك 28 - الْمَعْنى يَقُول لابد للمحزون من سُكُون إِمَّا أَن يسكن عزاء أَو يسكن إعياء فالعاقل الذى يسكن تعزيا كَمَا قَالَ مَحْمُود الْوراق (إِذا أنتَ لم تَسْلُ اصْطِباراً وحِسْبَةً ... سَلَوْتَ على الأيَّامِ مِثْلَ البهائمِ) وكقول حبيب (أتَصْبِر للبَلْوَى عَزَاءً وَحِسْبَةً ... فتَوُجَرَ أمْ تَسْلُوا سُلُوّ البهائمِ) 29 - الْإِعْرَاب جدا نَصبه على التَّمْيِيز وَكم يكون لشيئين للاستفهام وَالْخَبَر فعلى أى الْوَجْهَيْنِ كَانَت جَازَ النصب فَإِن كَانَت خَبرا فقد فصلت بَينهَا وَبَين معمولها فَبَطل الْخَبَر لِئَلَّا يفصل بَين الْعَامِل ومعموله الْمَعْنى يَقُول كم لَك من أَب وجد لم تره عَيْنك فَلم تبك عَلَيْهِ فَهَب هَذَا مثلهم لِأَنَّهُ غَابَ عَنْك وَالْغَائِب عَن قرب كالغائب الْبعيد عَهده وَقَالَ الْخَطِيب ينبغى أَن تتسلى عَن يماك لِأَنَّهُ قد غَابَ عَن عَيْنك كَمَا لم تحزن لأجدادك الَّذين لم ترهم وَهَذَا الْمَعْنى مَدْخُول لِأَن أجداده لم يرهم وَلم يعرفهُمْ وَهَذَا قد رَآهُ وعرفه ورباه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 - 31 - الْإِعْرَاب نورها بدل من الشَّمْس وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بيحسد وأسكن الْيَاء من يأتى ضَرُورَة وَأكْثر مَا يأتى فى الْيَاء وَالْوَاو وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (كأنّ أيْدِيهِنّ فى المُسُوحِ ... ) فأسكن الْيَاء ضَرُورَة الْمَعْنى أَنه ضرب مثلا بالشمس وبحساده يَقُول من يقدر أَن ياتى للشمس بِمثل فليأت فَإِن لم يقدر فليمت غيظا فَكَمَا أَنه لَا مثل للشمس كَذَلِك لَا مثل لَهُ 1 - الْغَرِيب الرّبع الْمنزل فى كل أَوَان والمربع الْمنزل فى الرّبيع الْخَاصَّة الْمَعْنى يَقُول للربع فَدَيْنَاك من الأسواء وَإِن زدتنا وجدا وهيجته لنا فأذكرتنا عهد الْأَحِبَّة حِين كنت مثوى للحبيب فمنك كَانَ يخرج وَإِلَيْك كَانَ يعود وَجعل محبوبه الشَّمْس فَكَانَت إِذا ظَهرت فِيك كنت كالمشرق لَهَا وَإِذا احْتَجَبت احْتَجَبت فِيك كنت كالمغرب لَهَا وَهَذِه من الطَّوِيل فعولن مفاعيل فعولن مفاعيل مرَّتَيْنِ 2 - الْمَعْنى يَقُول كَيفَ عرفنَا رسم دَار من لم تدع لنا قلبا وَلَا عقلا وَهَذَا تعجب مِنْهُ لعرفانه الرسوم ويدع بِالتَّاءِ وَالْيَاء فَمن روى بِالتَّاءِ من فَوْقهَا حمله على الْمَعْنى لِأَن الْمَقْصُود بِمن امْرَأَة فهى كَقِرَاءَة حَمْزَة والكسائى فى قَوْله تَعَالَى {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله} وَمن روى بِالْيَاءِ فَهُوَ على لفظ من 3 - الْإِعْرَاب اللَّام فى لمن مُتَعَلق بكرامة وَيجوز بنمشى كَرَامَة مصدر فى مَوضِع الْحَال وركبا حَال أَيْضا وَإِن فى مَوضِع نصب بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ أى كَرَامَة عَن أَن نلم بِهِ ركبانا الْغَرِيب الأكوار جمع كور وَهُوَ رجل النَّاقة الْمَعْنى يَقُول لما أَتَيْنَا هَذَا الرّبع ترجلنا عَن رواحلنا تَعْظِيمًا لَهُ ولسكانه أَن نزوره راكبين وَقد كشف الْمَعْنى السرى الموصلى بقوله (حُيِّيتَ مِنْ طَلَلِ أجابَ دُثُورُهُ ... يَوْمَ العَقِيقِ سُؤَالَ دَمْعٍ سائِلِ) (نحفَى وَننْزلُ وهوَ أعْظَمُ حُرْمةً ... مِن أَن يُذاَلَ براكِبٍ أَو ناعِلِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 - الْغَرِيب الغر الْبيض والسحاب جمع سَحَابَة وَقد قَالَ فى نَعته الغر وَقد جَاءَ فى الْقُرْآن السَّحَاب الثقال وَقيل كل جمع لَيْسَ بَينه وَبَين واحده إِلَّا الْهَاء يجوز أَن يحمل على التَّوْحِيد يُقَال هَذَا تمر طيب وَإِن قيل ثَمَر طيبَة فَحسن الْمَعْنى نذم السَّحَاب لِأَنَّهَا محت آثَار الرّبيع وغيرته وَإِذا طلعت عَلَيْهِ أعرضنا عَنْهَا عتبا عَلَيْهَا لإخلاقها الرسوم والأطلال وَخص الغر لِأَنَّهَا كَثِيرَة المَاء 5 - الْمَعْنى يَقُول من طَالَتْ محبته للدنيا أى ظَاهرهَا وباطنها وأمامها وَخَلفهَا وتقلبت على عينه لَا يخفى عَلَيْهِ مِنْهَا شئ عرف أَن صدقهَا كذب وَأَنَّهَا غرور وأمانى وَيجوز أَن يكون هَذَا التقلب بأحوالها من المسرة والمضرة والشدة والرخاء وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون الْبَيْت مُتَّصِلا بِمَا قبله يُرِيد أَن السَّحَاب تطلب وتشكر وَلَا تذم وَنحن نذمها لما تفعل بِالربعِ وَهَذَا من تقلب الدُّنْيَا وَهَذَا الْبَيْت فِيهِ حِكْمَة لم يذكرهَا الواحدى وَهُوَ من قَول الْحَكِيم لَيْسَ تزداد حركات الْفلك إِلَّا تحيل الكائنات عَن حقائقها وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى نواس (إِذا اخْتَبرَ الدُّنْيا لَبيبٌ تكَشَّفَتْ ... لَهُ عَنْ عَدُوّ فِى ثِيابِ صَدِيق) 6 - الْغَرِيب الأصائل جمع أصيل وَهُوَ آخر النَّهَار وَالضُّحَى مَقْصُور يؤنث وَيذكر وَهُوَ حِين تشرق الشَّمْس فَمن أنث ذهب إِلَى أَنه جمع ضحوة وَمن ذكر ذهب إِلَى انه اسْم على فعل مثل صرد ونغر وَهُوَ ظرف غير مُتَمَكن مثل سحر تَقول لَقيته ضحى وَإِن أردْت بِهِ ضحى يَوْمك لم تنونه ثمَّ بعده الضحاء مَفْتُوحًا ممدودا وَهُوَ ارْتِفَاع النَّهَار الْأَعْلَى الْمَعْنى يَقُول كَيفَ ألتذ بِهَذِهِ الْأَوْقَات إِذا لم أستنشق ذَلِك النسيم الذى كنت أَجِدهُ من قبل يُرِيد نسيم الحبيب وَيجوز أَن يكون نسيم أَيَّام الشَّبَاب والوصال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 - الْمَعْنى ذكرت يعْنى بِالربعِ وصلا قصرت أَيَّامه حَتَّى كَأَنَّهُ لم يكن لسرعة انقضائه وعيشا وشيك الِانْقِطَاع كأنى قطعته بالوثوب وَهُوَ أسْرع من المشى والعدو وَقَالَ الواحدى قَالَ القاضى أَبُو الْحسن المصراع الْأَخير من قَول الهذلى (عَجِبْتُ لسَعْىِ الدَّهرِ بينى وبينَها ... فلماَّ انقضَى مَا بَيْننَا سَكَن الدَّهرُ) فَقَالَ جعل أَبُو الطّيب السعى وثبا وَلَيْسَ الْأَمر على مَا ذكره فَإِن بَيت الهذلى بعيد من معنى أَبى الطّيب لِأَن الهذلى يَقُول عجبت كَيفَ سعى الد هر بَيْننَا بالإفساد فَلَمَّا انْقَضى مَا بَيْننَا سكن عَن الْإِصْلَاح وَلم يسع فِيهِ سعية فى الْإِفْسَاد وأى تقَارب لهَذَا الْمَعْنى من معنى أَبى الطّيب وَظن القاضى أَن معنى بَيت الهذلى عجبت لسرعة مضى الدَّهْر بأيام الْوِصَال فَلَمَّا انْقَضى الْوَصْل طَال الدَّهْر حَتَّى كَأَنَّهُ سكن وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد قصر أَوْقَات السرُور وَمن أظرف مَا سَمِعت فِيهِ قَول الْوَلِيد ابْن يزِيد (لَا أسألُ اللهَ تَغْيِيراً لِمَا صَنَعَتْ ... نامَتْ وَقد أسْهَرَتْ عينىَّ عَيْناها) (فاللَّيْلُ أطْوَل شَىْءٍ حِينَ أفْقِدُها ... واللَّيْلُ أقْصَرُ شَىْءٍ حٍ ينَ ألْقاها) وَالشعرَاء أبدا يذكرُونَ قصر أَوْقَات السرُور وَأَيَّام اللَّهْو وَسُرْعَة زَوَالهَا وَهُوَ كثير جدا فَنَذْكُر مِنْهُ الْجيد إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَمن أحْسنه قَول بعض الْعَرَب (لَيْلِى وليْلَى نَفى نوْمى اختلافُهُما ... حَتَّى لقَدْ تركانِى فى الهَوَى مَثَلاً) (يَجُودُ بالطُّولِ ليْلِى كلما بَخِلَتْ ... بالطوْل ليْلَى وَإِن جَادَتْ بِهِ بِخلاَ) فَهَذَا ترى فِيهِ من الجناس الذى ترى مَا يعجز عَنهُ وَقَالَ البحترى (فَلا تَذْكُرَا عَهْدَ التَّصَابِى فإنَّهُ ... تقضَّى وَلم نَشْعُرْ بِهِ ذَلِك العَصْرُ) وَقَالَ الآخر (ظَلِلْنا عِنْدَ دَارِ أَبى نُعَيم ... بِيَومٍ مِثْلَ سالِفَةِ الذُّبابِ) شبه فى الْقصر بعنق الذُّبَاب وَمثله لجرير (وَيَوْمٍ كإبْهَامِ القَطاةِ مُزَّيَّنٍ ... إلىَّ صِباهُ غالِبٍ لِىَ باطِلُهْ) وَقَالَ الآخر (كأنّ زَمانَ الوَصْلِ نوْمٌ معرِّس ... أَلا إنّ أيَّامَ السُّرُورِ قِصَارُ) وَمَا أحسن قَول الرضى (يَا لَيْلَةً كادَ مِنْ تَقاصُرِها ... أنْ يَعْتَرِيها العَشِىُّ بالسَّحَر) وَأحسن مَا قيل فى هَذَا قَول متمم بن نُوَيْرَة (فَلَمَّا تَفَرَّقْنا كأنى وَمالِكا ... لِطول اجتماعٍ لم نَبِت ليلَةً مَعا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 - الْإِعْرَاب نصب فتانة عطفا على مَعْمُول ذكرت بِهِ عَيْشًا أى وَذكرت بِهِ فتانة وعدى النفح على الْمَعْنى لَا على اللَّفْظ كَأَنَّهُ قَالَ أَصَابَت الْمَعْنى يَقُول ذكرت امْرَأَة تفتن عَيناهَا وَيقتل هَواهَا إِذا شم شيخ روائحها عَاد شبابه والنفح تضوع رَائِحَة الطّيب وَهُوَ مثل قَول الصنوبرى (بلَفْظٍ لوْ بدَا لِحَليفِ شَيْبٍ ... لَفارَقهُ وعادَ إِلَى شَبابِهِ) 9 - الْغَرِيب الشهب جمع أَشهب يعْنى الدرة وَيجوز أَن يكون عَنى بِالشُّهُبِ جمع أَشهب يعْنى الْكَوْكَب لذكره الْبَدْر وَيجوز أَن يكون جمع شهَاب وَهُوَ النَّجْم قَالَ تَعَالَى {فَأتبعهُ شهَاب ثاقب} الْمَعْنى يُرِيد أَن لَوْنهَا مثل لون الدّرّ الذى قلدت بِهِ وهى بدر فى الْحسن وقلائدها كالكواكب وَلم يكن قبلهَا بدر يُقَلّد الْكَوَاكِب وَهَذَا عجب 10 - الْإِعْرَاب قَوْله ويالى يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ اللَّام الْمَفْتُوحَة الَّتِى للاستغاثة كَأَنَّهُ اسْتَغَاثَ بِنَفسِهِ من النَّوَى وَيحْتَمل أَن يكون أَرَادَ اللَّام الْمَكْسُورَة الَّتِى للمستغاث من أَجله كَأَنَّهُ قَالَ يَا قوم اعجبوا لى من النَّوَى وَحذف ياءات الْإِضَافَة تَخْفِيفًا لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن كَقَوْلِه تَعَالَى {وَيَا قوم} وَقد حذف الْيَاء من الْفِعْل الْمُسْتَقْبل وَقفا ووصلا من قَوْله تَعَالَى {يَوْم يَأْتِ لَا تكلم نفس إِلَّا بِإِذْنِهِ} عَاصِم وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وأثبتها وصلا الحرميان والنحويان الْمَعْنى يُرِيد يَا شوقى مَا أبقاك فَلَا تنفذ ويالى من النَّوَى استغاثة كَأَنَّهُ يَقُول يَا من لى يمنعنى من ظلم الْفِرَاق وَيَا دمعى مَا أجراك وَيَا قلبى مَا أصباك وَحذف الْكَاف المنصوبة للمخاطبة بالنداء // وَهَذَا كُله تعجب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 - الْمَعْنى يُرِيد بلعب الْبَين اقتداره عَلَيْهِمَا لِأَن الْقَادِر على الشئ لَا يحْتَاج إِلَى استفراغ أقْصَى وَسعه فى تقليبه على مُرَاده وَقَوله (مَا زود الضبا ... ) يُقَال إِن الضَّب إِذا خرج من مسربه لم يهتد إِلَيْهِ فَيُقَال هُوَ أحير من ضَب وَقيل بل الضَّب لَا يتزود فى الْمَفَازَة لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى المَاء أبدا فَكَأَنَّهُ لَا يتزود يُرِيد أَن الْبَين وَهُوَ الْفِرَاق لم يزوده شَيْئا يُرِيد أَنه لم يودع حَبِيبه وفارقه من غير وداع وَلَا التقاء فَيكون التوديع لَهُ زادا على الْبعد كَمَا قَالَ بَعضهم (زَوّدَ الأحْبابُ للأَحْباب ... ضَمّا والِْزَاما) (وسُلَيْمَى زَوّدَتْنِى يَوْمَ ... تَوْدِيعِى السَّقاما) وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد زودنى الضلال عَن وطنى الذى خرجت مِنْهُ فَمَا أوفق إِلَى الْعود إِلَيْهِ والاجتماع مَعَ الحبيب والضب يُوصف بالضلال وَقلة الاهتداء إِلَى جُحْره وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون الْمَعْنى أَن الضَّب مَكَانَهُ الْمَفَازَة فَلَا يتزود إِذا انْتقل مِنْهَا يَقُول أَنا فى الْبَين مُقيم إِقَامَة الضَّب فى الْمَفَازَة وَلَيْسَ من عَادَة الْمُقِيم أَن يتزود فالسير والبين كَأَنَّهُمَا منزلا لإلفى إيَّاهُمَا 12 - الْمَعْنى يُرِيد من كَانَ ولد الشجعان وَكَانَ جدوده كالأسود الَّتِى تعودت أكل اللحوم يكن اللَّيْل لَهُ نَهَارا لِأَنَّهُ لَا تعوقه الظلمَة عَن إِدْرَاك مَا يُرِيد وَكَانَ مطعمه مِمَّا يغصب من الْأَعْدَاء فَهُوَ يركب اللَّيْل لقَضَاء حاجاته قَالَ أَبُو الْفَتْح قَوْله يكن ليله صبحا من قَول الآخر (فَبادِرٍ اللَّيْلَى ولَذَّاتهِ ... فإنَّما اللَّيلُ نهارُ الأرِيبْ) 13 - الْغَرِيب التراث هُوَ المَال الْمَوْرُوث قَالَ الله تَعَالَى {وتأكلون التراث أكلا لما} الْمَعْنى يَقُول لَا أبالى بعد أَن أدْرك معالى الْأُمُور بِأَن مَا نلته من الْأَمْوَال وراثة من آبائى أَو كسب أكسبه أى لَا أبالى من أَيهمَا كَانَ بعد أَن يؤدينى إِلَى الْعلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 - الْغَرِيب الْمجد كَثْرَة المآثر يُقَال مجدت الدَّابَّة إِذا كثرت عَلفهَا ومازح عبد الله بن الْعَبَّاس أَبَا الْأسود الدؤلى فَقَالَ لَو كنت بَعِيرًا كنت ثقالا فَقَالَ لَهُ لَو كنت رَاعى ذَلِك الْبَعِير مَا أمجدته من الْكلأ وَلَا أرويته من المَاء الْمَعْنى يُرِيد رب شَاب قَالَ الواحدى يعْنى نَفسه عود نَفسه الْمجد وَعلمهَا إِيَّاه كتعليم سيف الدولة للدولة الضَّرْب وَقَالَ الْخَطِيب يعْنى أَن الْإِنْسَان يُمكنهُ أَن يعلم نَفسه الْمجد وَإِن لم يكن لَهُ من يُعلمهُ كَمَا علم سيف الدولة أَهلهَا الشجَاعَة 15 - الْغَرِيب استكفت بِهِ حَقه استكفته لِأَنَّهُ يتَعَدَّى بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا أَتَى بِالْبَاء على الْمَعْنى لَا على اللَّفْظ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ استعانت بِهِ وحرفا الْجَرّ يتعلقان بِالْفِعْلِ الْمَعْنى يُرِيد أَن الضَّرْب لَا يحصل إِلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاء بِالسَّيْفِ والكف وَالْقلب وَيُرِيد بِهَذَا أَن يفضله على سيف الْحَدِيد فَإِنَّهُ لَا يعْمل بِنَفسِهِ وَلَا يعْمل إِلَّا بضارب وَسيف الدولة يعْمل بِنَفسِهِ وَالْمعْنَى إِن الدولة إِذا استعانت بِهِ فى مهمة كفاها وَكَانَ ضَارِبًا دونهَا بِسَيْفِهِ فَيبلغ مَا يُرِيد وَحده 16 - الْمَعْنى إِنَّه سيف كاسمه وَهُوَ عربى من ولد نزار بن معد بن عدنان فالخوف مِنْهُ أولى من الْخَوْف من سيوف الْحَدِيد وحدائد جمع حَدِيدَة فَإِذا كَانَت هَذِه الحدائد تخَاف وترهب وهى لَا عمل لَهَا إِلَّا بغَيْرهَا فَهَذَا السَّيْف أولى أَن يخَاف وَهُوَ يعْمل بِنَفسِهِ 17 - الْإِعْرَاب وَحده نَصبه على الظروف كَقَوْلِك زيد خَلفك وَبكر أمامك الْمَعْنى يَقُول اللَّيْث يرهب وَيخَاف على وحدته وانفراده فَكيف يكون لَيْث مَعَه جمَاعَة من الليوث يُرِيد سيف الدولة وَأَصْحَابه 18 - الْغَرِيب عباب الْبَحْر هُوَ شدَّة أمواجه وتراكمها وَمِنْه سمى الْفرس الشَّديد الجرى وَالنّهر الشَّديد الجريان يعبوبا الْمَعْنى يَقُول الْبَحْر مخوف وَهُوَ مَكَانَهُ فَكيف بِمن إِذا ماج وتحرك عَم الْبِلَاد وَقَوله عب أى جرى وتدفق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 - الْغَرِيب اللغى جمع لُغَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه عَالم بخفيات الديانَات فَهُوَ يعلم مِنْهَا وَمن اللُّغَات مَا لَا يُعلمهُ غَيره وَله خواطر فى الْعلم تفضح الْعلمَاء وكتبهم لأَنهم لم يبلغُوا فى الْعلم مَا يجرى على خاطره 20 - الْغَرِيب الديباج مُعرب وَقد استعملوها فى الْكَلَام الْقَدِيم قَالُوا دبجه الْغَيْث إِذا أظهر فِيهِ ألوانا مُخْتَلفَة والوشى كل مَا كَانَ فِيهِ ألوان مُخْتَلفَة والعصب برود الْيمن وَمِنْه قيل للسحاب اللطخ عصب وبوركت فِيهِ أَربع لُغَات يُقَال بوركت وبورك لَك وبورك فِيك وبورك عَلَيْك وَجَاء فى الْكتاب كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب (أَن بورك من فِي النَّار ... ) الْمَعْنى يُرِيد بَارك الله فِيك من غيث كَأَن جلودنا تنْبت بذلك الْمَطَر هَذِه الْأَنْوَاع من الثِّيَاب الَّتِى يَجْعَلهَا علينا فكأنك غيث تمطر علينا فتنبت جلودنا هَذِه الثِّيَاب 21 - الْغَرِيب الجزل الْكثير وهلا ينون وَلَا ينون فَمن نونه نكره وَمن لم ينونه أَرَادَ السرعة وَهُوَ زجر للخيل والقصب المعى وَالْجمع أقصاب وَمِنْه الحَدِيث " رَأَيْت عَمْرو بن لحى يجر قصبه فى النَّار " وَهُوَ أول من سيب السوائب الْمَعْنى بوركت من رجل يعْطى الجزيل ويزجر الْخَيل ويهتك الدروع بِسَيْفِهِ وسنانه ويشق الأمعاء فينثرها 22 - الْإِعْرَاب رَأْيك فَاعل فعله هَنِيئًا وَأَصله ثَبت رَأْيك هَنِيئًا لَهُم حذف الْفِعْل وأقيمت الْحَال مقَامه فَعمِلت فِيهِ عمله أنْشد سِيبَوَيْهٍ (هَنِيئا لأرْبابِ البُيُوتِ بُيُوتُهمْ ... وللعَزَب المِسْكينِ مَا يَتَلَبَّسُ) الْمَعْنى يَقُول هَنِيئًا لَهُم حسن رَأْيك فيهم وَأَنَّك حزب الله على النداء الْمُضَاف صرت لَهُم حزبا وناصرا 23 - الْإِعْرَاب وَأَنَّك بِالْفَتْح عطفه على قَوْله (وَأَنَّك حزب الله ... ) وَالضَّمِير أَن فى فِيهَا وساحتها للْأَرْض وهى غير مَذْكُورَة كَمَا يُقَال مَا عَلَيْهَا أكْرم من زيد وَالْعرب تضمر لغير مَذْكُور قَالَ الله تَعَالَى {فوسطن بِهِ جمعا} أى بالوادى وَهُوَ غير مَذْكُور الْمَعْنى يَقُول قد فعلت فعلا فى الدَّهْر حَتَّى هابك الدَّهْر وصروفه فَإِن شكّ الدَّهْر فى قولى فليحدث بِالْأَرْضِ خطبا لِأَن الأَرْض وَأَهْلهَا آمنون من الدَّهْر وتصاريفه فَلَا يقدر أَن يخيفهم هَيْبَة لَك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 - الْإِعْرَاب تطرد بِالتَّاءِ لَا غير يحْتَمل أَن يكون للخيل والممدوح ويطرد بِالْيَاءِ تحتهَا للجود لَا غير هَكَذَا قرأناه على الْمَشَايِخ الْحفاظ 25 - الْغَرِيب تترى متتابعة متواترة قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ أرسلنَا رسلنَا تترى} أى متتابعه ونونها ابْن كثير وَأَبُو عمر ونهبى أى منهوبة وهى فعلى وتترى هُنَا الَّتِى يخلف بَعْضهَا بَعْضًا أى تأتى شَيْئا بعد شئ وَأَصلهَا وَترى من الْوتر فقلبت الْوَاو تَاء كَمَا قلبت فى التَّوْرَاة وَأَصلهَا وورية على فوعلة من ورى الزند والدمستق اسْم لملك الرّوم 26 - الْغَرِيب مرعش حصن بِبَلَد الرّوم من أَعمال ملطية الْمَعْنى أَنه لما أَتَى هَذَا الثغر أَتَاهُ مَسْرُورا بنشاط فالبعيد عَلَيْهِ قريب لنشاطه فَلَمَّا أَقبلت إِلَيْهِ أدبر مُنْهَزِمًا فالقريب عَلَيْهِ بعيد لخوفه وَمَا لحقه من الذعر ففى إقباله أَتَى مَسْرُورا كَأَن الأَرْض تطوى لَهُ فَلَمَّا أدبر طَالَتْ عَلَيْهِ الطَّرِيق الَّتِى اسْتَقر بهَا وَلَقَد أحسن الْقَائِل النَّاظر إِلَى هَذَا الْمَعْنى (وَالله مَا جِئْتُكُمْ زَائِراً ... إِلَّا رأيتُ الأرْض تُطْوَى لى) (وَلا انْثَنى عَزْمَى عَنْ بابِكُمْ ... إلاَّ تَعَثَّرْتُ بأذْيالى) 27 - الْإِعْرَاب كَذَا للتشبيه يُرِيد كَمَا انهزم كَذَا يتْرك أعداءه من كره المطاعنة ويقفل يجوز فِيهِ الْكسر وَالضَّم قفل يقفل ويقفل إِذا رَجَعَ الْمَعْنى كَمَا ولى مُنْهَزِمًا عَنْك كَذَا يتْرك أعداءه من كره المطاعنة وكرجوعه يرجع من لم يغنم سوى الرعب فَلَمَّا رَجَعَ الدمستق مَرْعُوبًا كَانَ الرعب لَهُ بِمَنْزِلَة الْغَنِيمَة لغيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 - الْغَرِيب اللقان ثغر بِبَلَد الرّوم والمطهم الْفرس الذى يحسن مِنْهُ كل شئ على حِدته والعوالى القنا والقب الْخَيل المضمرة والقب جمع أقب وَهُوَ الضامر الْبَطن وَامْرَأَة قبَاء بَيِّنَة القبب أى ضامرة من ضمور الْخَيل الْمَعْنى يُرِيد أَن الدمستق كَانَ باللقان مَوضِع بِبَلَد الرّوم فَلَمَّا أقبل سيف الدولة انهزم يَقُول فَهَل أغْنى عَنهُ وُقُوفه وَهل رد عَنهُ الرماح وَالْخَيْل 29 - الْغَرِيب الرماحان يُرِيد رماح الْفَرِيقَيْنِ كَقَوْل أَبى النَّجْم (بينَ رِماحَىْ مانكٍ ونَهْشَلِ ... ) والهدب أِشفار الْعين يُرِيد أَن الهدبين يَلْتَقِيَانِ إِذا نَام الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول انهزم الْجمع بعد مَا تشاجرت الرماح سَاعَة كَمَا تختلط الْأَهْدَاب الأعالى بالأسافل عِنْد النّوم وَهَذَا مثل قَول مَحْمُود بن الْحُسَيْن (مَا الْتَقَيْنا بِحَمْدِ رَبّىَ إِلَّا ... مِثْلَ مَا تَلْتَقى جُفُونُ السَّلِيمِ) 30 - الْغَرِيب السُّورَة الِارْتفَاع أَو الحدة الْمَعْنى يَقُول انهزم وللطعن فى أَصْحَابه ارْتِفَاع وحدة إِذا تذكرها لمس جنبه يَقُول هَل أَصَابَهُ شَيْء مِنْهُ وَقيل هرب وبقى من دهشة لَا يدرى مَا يصنع فَكَانَ يلمس جنبه هَل يجد روحه بَين جَنْبَيْهِ من الذهول والفزع وَهُوَ على هَذَا من قَول أَبى نواس (إذَا تَفَكَّرْتُ فِى هَوَاىَ لَهُ ... مسِسْتُ رأسىِ هَل طارَ عَن بدَنِى) 31 - الْغَرِيب العذارى جمع عذراء وهى الْبكر من النِّسَاء والبطاريق جمع بطرِيق وهم أُمَرَاء الجيوش وفرسانه وشعث النَّصَارَى الرهبان والقرابين خَواص الْمُلُوك واحدهم قرْبَان وَالنَّصَارَى واحدهم نصرانى ونصرانية ونصرانة قَالَ الشَّاعِر (فكِلْتاهُمَا خَرّتْ قَليلاً وأسْجَدَتْ ... كَما أسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحنَّف) الْمَعْنى يُرِيد أَنه انهزم وَترك هَؤُلَاءِ وَلم يلْتَفت إِلَيْهِم لهول مَا رأى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 - الْغَرِيب المستهام الذى يغلب عَلَيْهِ الْحبّ فيهيم على وَجهه وَمِنْه هام يهيم وَقد استهامه الْحبّ والصبابة رقة الشوق وَنصب الثَّلَاثَة أَسمَاء الْفَاعِل على الْحَال 33 - الْمَعْنى يَقُول إِن الجبان اتَّقى الْحَرْب وَترك الْقِتَال حبا لنَفسِهِ وخوفا على روحه والشجاع إِنَّمَا ورد الْحَرْب دفعا عَن مهجته ومحاماة على نَفسه فَكَأَن فى ذَلِك بَقَاء نَفسه وَقيل الشجاع يرد الْحَرْب إِمَّا لبلاء حسن يشرف ذكره فى حَيَاته وَإِمَّا لقتل فَيكون قد أبقى لَهُ ذكرا يقوم مقَام حَيَاته كَقَوْل حبيب (سَلَفوا يَرَوْنَ الذّكرَ عَقْبا صَالِحا ... وَمَضَوْا يَعُدُّونَ الثَّناءَ خُلُودَا) وكما قَالَ الْحصين بن الْحمام المرى وَهُوَ من أَبْيَات الحماسة (تأخَّرْتُ أسْتَبْقى الحَياةَ فلمْ أجِدْ ... لنَفْسِى حَياةً مثلَ أنْ أتقَدَّما) وكقول الحنساء (نُهِينُ النُّفُوسَ وهَوْنُ النَّفُو ... سِ يَوْمَ الكَرِيهَةِ أبْقَى لَهَا) وَمثل هَذَا مَا روى عَن أَبى بكر الصّديق رضى الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ لخَالِد بن الْوَلِيد وَقد ودعه لِحَرْب أهل الرِّدَّة احرص على الْمَوْت توهب لَك الْحَيَاة وَهَذَا يحْتَمل وُجُوهًا أَحدهَا أَنه إِذا اسْتشْهد صارحيا لقَوْله تَعَالَى {بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ فرحين} والثانى أَن ذكره يبْقى بعده كَمَا قَالَ حبيب (وَمَضَوْوا يَعُدُّونَ الثَّناءَ خُلودا ... ) وَالثَّالِث أَن الشجاع مهيب لَا يهجم عَلَيْهِ أحد وَالْمعْنَى يُرِيد أَبُو الطّيب أَن الشجاع والجبان سَوَاء فى حب النَّفس وَهَذَا الْبَيْت من الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم النَّفس المتجوهرة تأبى مُقَارنَة الذل جدا وَترى فناءها فى طلب الْعِزّ حَيَاتهَا وَالنَّفس الدنية بضد ذَلِك وَمِنْه بَيت أَبى الطّيب هَذَا 34 - الْمَعْنى هَذَا الْبَيْت من أحسن الْمعَانى الَّتِى تميل النَّفس إِلَيْهَا وَلَو لم يكن لَهُ غير هذَيْن الْبَيْتَيْنِ هَذَا والذى قبله لكفياه يُرِيد أَن الرحلين ليفعلان فعلا وَاحِدًا فيرزق أَحدهمَا فِيهِ وَيحرم الآخر حَتَّى كَأَن إِحْسَان المرزوق ذِئْب للمحروم مِثَاله أَن يحضر الْحَرْب رجلَانِ يغنم أَحدهمَا وَيحرم الآخر فالأخذ من الْمَغَانِم ذَنْب للمحروم وَكِلَاهُمَا فعل فعلا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ مسافران سافرا فربح أَحدهمَا وخسر الثانى فيعد السّفر من الرابح إحسانا يحمد عَلَيْهِ وَمن الخاسر ذَنبا يلام عَلَيْهِ وَأَشَارَ بقوله هَذَا وَذَا إِلَى المرزوق والمحروم وَلم يذكرهما وَإِنَّمَا ذكر اخْتِلَاف الرزقين وَهَذَا كَمَا أنْشد ابْن الأعرابى (يَخِيبُ الفَتى من حيثُ يُرْزَقُ غيرُهُ ... ويُعْطَى المُنى مِن حيثُ يُحرَم صاحبُه) وَهَذَا يدل على أَنه لَيْسَ لأحد فعل وَلَا قدرَة وَقد يرْزق الْعَاجِز وَيحرم الْحَرِيص الذى لَا يفتر وَمَا أحسن قَول الْقَائِل (وَمنْ ظَنَّ أنّ الرزْق يأتى بِحِيلةٍ ... لقَدْ كذَبْتهُ نَفْسُهُ وَهُو إِثمُ) (يفوتُ الغِنى من لَا ينامُ عنِ السُّرَى ... وآخَرُ يأتى رِزْقَهُ وَهُوَ نائمُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 - الْإِعْرَاب روى ابْن جنى من فَوق بِرَفْع الْقَاف وبدؤه بِالرَّفْع أَيْضا جعل فَوق معرفَة وبناه كقبل وَبعد وَأَرَادَ فَوْقه فَلَمَّا حذف الْهَاء بناه كقبل وَبعد وَرفع بدؤه على الِابْتِدَاء قَالَ الواحدى على رِوَايَة ابْن جنى لَا يَسْتَقِيم لفظ الْبَيْت وَلَا مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ يَقُول أضحت هَذِه القلعة يعْنى مرعشا كَأَن سورها من فَوق بدئه أى من أَعلَى ابْتِدَائه قد شقّ الْكَوَاكِب بعلوه فى السَّمَاء وَالتُّرَاب برسوخه فى الأَرْض وَهُوَ كَقَوْل السموءل (لَنا جَبَلٌ يَحْتَلُّهُ مَنْ نُجِيرُهُ ... مَنِيعٌ يَرُدّ الطَّرْفَ وهْو كَلِيلُ) (رَسا أصْلُه تحتَ الثَّرَى وسَما بِهِ ... إِلَى النَّجم فَرْعُ لَا يُرام طويلُ) انْتهى كَلَامه الْمَعْنى قَالَ الْخَطِيب وَجَمَاعَة مِمَّن شرح الدِّيوَان يُرِيد أَن هَذِه القلعة لعلوها فى الجو كَأَنَّهَا ابتدئ بهَا من الجو فأسست هُنَاكَ فشقت الْكَوْكَب والترب يعْنى الذى ارْتَفع مِنْهَا إِلَى الجو حواليها فَكَأَنَّهَا مَقْلُوبَة رَأسهَا فى السَّمَاء وَأَعْلَى حائطها إِلَى الأَرْض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 - الْإِعْرَاب مَخَافَة مفعول من أَجله وعنها مُتَعَلق بتصد وَأَن تلقط فى مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ أى من أَن تلقط على أحد المذهبين الْمَعْنى يَقُول إِن الرِّيَاح الهوج وهى جمع هوجاء وهى الَّتِى لَا تستقيم فَتَارَة تأتى من هُنَا وَتارَة تأتى من هُنَا تقصر عَن أَعْلَاهَا خوفًا من أَن تتحير دون الْوُصُول إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ الطير تخَاف أَن ترتقى إِلَيْهَا وَقَالَ القاضى أَبُو الْحسن الجرجانى يُرِيد أَن هَذِه الرِّيَاح لَا تأتيها خوفًا من سياسته وَالطير حذرا من أَن يجرى عَلَيْهَا إِذا التقطت الْحبّ مَا تَوْجِيه حَال جِنَايَة المتناول بِغَيْر إِذن وَقَالَ هَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (فَقَدْ بَثَّ عَبْدُ اللهِ خوْفَ انْتقامهِ ... على اللَّيْلِ حَتَّى مَا تَدِبّ عَقاربُه) وَهَذَا كَقَوْل الآخر (وكانَتْ لَا تَطِيرُ الطَّيْرُ فِيها ... وَلا يَسْرِى بِها للْجِنّ سارِى) 37 - الْغَرِيب الجرد الْقصار الشّعْر وَهُوَ من عَلَامَات الْعتْق وتردى من الرديان وَهُوَ ضرب من الْعَدو ترْجم فِيهِ الْجِيَاد الأَرْض بحوافرها والصنبر السَّحَاب الْبَارِد وَقيل هُوَ من أَيَّام الْعَجُوز وهى سَبْعَة أَيَّام وأنشدوا فِيهَا (ذَهَبَ الشِّتاءُ بسَبْعَةٍ غُبْرِ ... بالصِّنّ والصِّنَّبْر والوَبْرِ) (وبآمِرٍ وأخِيهِ مُؤْتمِرُ ... ومعَلَّلٌ وبمُطْفئ الجَمْرِ) وَيُقَال إِن عجوزا كَانَ لَهَا سَبْعَة أَوْلَاد خرج كل وَاحِد مِنْهُم فى يَوْم من هَذِه الْأَيَّام فَقتله الْبرد والعطب الْقطن الْمَعْنى يَقُول خيلك ترْجم الأَرْض بحوافرها فَوق جبال هَذِه القلعة الَّتِى قد امْتَلَأت طرقها بالثلج فَكَأَنَّهَا قطن ندفه السَّحَاب فى أَيَّام الْعَجُوز 38 - الْإِعْرَاب اعْلَم أَن كفى الَّتِى بِمَعْنى أَجْزَأَ أَو وفى تتعدى إِلَى مفعول وَاحِد كَقَوْلِك كفانى دِرْهَم أى أجزأنى وكفانى قرضا أى أغنانى وَهَذِه من هَذَا الْبَاب وَكفى أَيْضا تتعدى إِلَى مفعولين نَحْو قَوْلك كفيت فلَانا شَرّ فلَان منعته وفى الْكتاب الْعَزِيز {فَسَيَكْفِيكَهُم الله} فهما مُخْتَلِفَانِ معنى وَعَملا فَقَوله أَن يعجب فَاعل كفى وعجبا مَفْعُوله وَأَن فى مَوضِع نصب على أحد المذهبين بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ وتبا مصدر وَهُوَ دُعَاء الْغَرِيب التب الْقطع والهلاك والخسران قَالَ عز وَجل {تبت يدا أَبى لَهب وَتب} أى خسرت وَهَلَكت الْمَعْنى يُرِيد كفى من الْعجب أَن يعجب النَّاس مِمَّن بنى هَذِه القلعة وتبا لآرائهم حَيْثُ لم يعلمُوا أَنه يقدر على مَا يقْصد فَكيف يتعجبون من قَادر يبلغ مقدوره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 - الْمَعْنى يُرِيد إِذا كَانَ يخَاف مَا يخافه غَيره فأى فرق بَينه وَبَين غَيره وَإِذا صَعب على غَيره فأى تَمْيِيز لَهُ عَن غَيره وَإِنَّمَا يتَمَيَّز عَن غَيره لِأَنَّهُ لَا يتَعَذَّر عَلَيْهِ أَمر وَلَا يخَاف شَيْئا 40 - الْغَرِيب الصارم السَّيْف الْقَاطِع العضب أَيْضا الْقَاطِع عضبه عضبا أى قطعه وعضبته بلسانى أى شتمته وَرجل عضاب أى شتام الْمَعْنى يُرِيد أَن الْخلَافَة لما سمته دون النَّاس بِسيف دولتها أعدته لأمر من الْأُمُور 41 - الْإِعْرَاب رَحْمَة وحبا مصدران مفعولان من أَجله الْمَعْنى يُرِيد أَن الْأَعْدَاء لم ينهزموا رَحْمَة لَهُ وَلَا أجلوا عَن الشَّام محبَّة لَهُ وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك فرقا مِنْهُ كَقَوْل مَرْوَان بن أَبى حَفْصَة د (وَمَا أحْجَمَ الأعْداءُ عنكَ بقيَّةً ... عليكَ ولكنْ لم يَرَوْا فِيك مَطْمَعا) وَبَيت هَذَا أحسن لِأَنَّهُ أَتَى الْمَعْنى فِيهِ وَأَبُو الطّيب بَين عِلّة الانهزام فى الْبَيْت الذى بعده 42 - الْغَرِيب النثا بِتَقْدِيم النُّون مَقْصُور يكون فى الشَّرّ وَالْخَيْر يُقَال نشوت الْكَلَام نشوا إِذا أظهرته وَالثنَاء الْمَمْدُود بِتَقْدِيم الثَّاء يكون فى الْخَيْر وَقَالَ قوم بِالْعَكْسِ الْمَعْنى يُرِيد أَن أَصْحَاب الأسنة نفاهم عَن الشَّام صاغرين أذلاء رجل كريم الحبر يحسن الْخَبَر عَنهُ لم يسب قطّ لِأَنَّهُ غير مُسْتَحقّ لذَلِك لِأَنَّهُ لم يَأْتِ مَا يسْتَحق عَلَيْهِ أَن يسب وَلَا هُوَ سبّ أحدا لِأَنَّهُ أرفع أَن يذكر الْفُحْش والخنا وَقَوله غير كَرِيمَة أى أَصْحَاب الأسنة نفاها هَذَا الْكَرِيم غير كَرِيمَة فَغير حَال الْعَامِل فِيهَا نفاها وَمعنى الْبَيْت من قَول الآخر (أُعْدُدْ ثَلاثَ خَِصَالٍ قدعُدِدْنَ لَهُ ... هَل سُبّ مِن أحدٍ أَو سَبّ أَو بَخِلا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 - الْإِعْرَاب وجيش عطف على قَوْله كريم وَالضَّمِير فى كَأَنَّهُ عَائِد إِلَى الْجَيْش الْغَرِيب الخريق الرّيح الشَّدِيدَة وَقيل هى اللينة وهى من الأضداد والطود الْجَبَل الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْجَيْش يكَاد يشق الطود وَهُوَ الْجَبَل الْعَظِيم نِصْفَيْنِ لكثرته تسمع صَوته كَالرِّيحِ الشَّدِيدَة إِذا مرت بأغصان رطبَة وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (كأنَّ هُبُوبَها حَفَقانُ رِيحٍ ... خَرِيقٍ بينَ أعْلامٍ طِوَالِ) 44 - الْمَعْنى يَقُول عجاجة هَذَا الْجَيْش حجبت نُجُوم السَّمَاء فَكَأَن النُّجُوم خَافت مغاره فاستترت بالعجاج عَنهُ حَتَّى لَا يَرَاهَا وَهُوَ // معنى حسن // أَخذه الحيص بيص بقوله (نَفَى واضحَ التَّشرِيق عَن أرْض رَبْعه ... دُخانُ قُدُورٍ أَو عَجاجَةُ مُصْدِمِ) ومُغاره إغارته وَقَوله حجبا جمع حجاب ككتاب وَكتب وشهاب وشهب 45 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يعْنى من كَانَ لئيما كَافِرًا فى ملكه فَهَذَا كريم مُؤمن يرضى المكارم بجوده وَالله تَعَالَى بجهاده فى سَبيله وَقَالَ الشريف ابْن الشجرى فى أَمَالِيهِ الْإِشَارَة فى هَذَا إِلَى الْملك لَا إِلَى الممدوح لأمرين أَحدهمَا أَنه لَو أَرَادَ الممدوح لقَالَ فَأَنت الذى ترْضى لِأَن الْخطاب فى مثل هَذَا أمدح وَالْآخر أَنه أَشَارَ إِلَى الْملك فَجعل الإرضاء لَهُ لِأَن الإرضاء الأول مُسْند إِلَى الْملك فَوَجَبَ أَن يكون الإرضاء الثانى كَذَلِك لِأَن وَجه الْإِشَارَة إِلَيْهِ لِأَن قَوْله ملكه قد دلّ عَلَيْهِ كَمَا تَوَجَّهت الْإِشَارَة فى الضَّمِير إِلَى الصَّبْر من قَوْله {وَلمن صَبر وَغفر إِن ذَلِك} لدلَالَة صَبر عَلَيْهِ وكما عَاد الضَّمِير إِلَى الْملك من قَول القطامى (همُ المُلوكُ وَأَبْنَاء المُلوك هُم ... والآخِذونَ بِهِ والسَّاسَةُ الأُوَلُ) قَالَ وَكَانَ الْوَجْه لأبى الطّيب أَن يَقُول فى الْمُقَابلَة يرضى المكارم وَالْإِيمَان ليقابل بِالْإِيمَان الْكفْر كَمَا قَابل بالمكارم اللؤم وَلَكِن لما اضطرته القافية وضع لَفْظَة الرب مَوضِع الْإِيمَان فَكَانَ ذَلِك فى غَايَة الْحسن لِأَن المُرَاد فى الْحَقِيقَة إرضاء أَهله وإرضاء أَهله تَابع لإرضاء الله تَعَالَى الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 - 1 - الْإِعْرَاب عاتبا حَال وأمضى السيوف خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ أمضى السيوف مضاربا فى نصبها ثَلَاثَة أوجه تَمْيِيز وبأسقاط حرف الْجَرّ أى فى مضَارب وَقيل مفعول لأَجله وَقد جَاءَ التَّمْيِيز بِالْجمعِ فى قَوْله {الأخسرين أعمالا} الْمَعْنى يَقُول لم غضب وَمَا سَبَب غَضَبه فَمَا أعرف لى ذَنبا أوجب غَضَبه على وَقَوله أمضى السيوف أى لَا سيف أمضى مِنْهُ مضربا 2 - الْغَرِيب التنائف جمع تنوفة وهى الْمَفَازَة والسباسب جمع سبسب وهى الآرض الْبَعِيدَة القفر الْمَعْنى يَقُول مالى بَعيدا عَنهُ إِذا اشْتقت إِلَيْهِ رَأَيْت بينى وَبَينه مفاوز وقفارا بعد مَا كنت قَرِيبا مِنْهُ وَهُوَ قَوْله (وَقد كَانَ يدنى ... . الْبَيْت ... ) 3 - الْمَعْنى أَنه جعل مَجْلِسه كالسماء لعلو قدره وَجعل من حوله كالكواكب وَجعله كالبدر بَينهم وَقَالَ الْخَطِيب شبه مَجْلِسه بالسماء وَجعله بَدْرًا وَحَوله كواكب فَهُوَ كَقَوْلِه أَيْضا (اُقَلِّبُ مِنْكَ طَرْفِى فِى سَماءٍ ... وإنْ طَلَعَتْ كَوَاكِبُها خِصَالاً) 4 - الْإِعْرَاب المنصوبات كلهَا على الْحَال وَقَالَ الْخَطِيب على التَّمْيِيز وحنانيك كلمة مَوْضُوعَة مَوضِع الْمصدر اسْتعْملت مثناة كَأَنَّهُ حنان بعد حنان أى تحننا بعد تَحَنن وَكَذَلِكَ لبيْك من لب بِهِ إِذا لزمَه هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ يُونُس الْيَاء فِيهَا منقلبة عَن ألف أجراها مجْرى على وَإِلَى تبقى مَعَ الْمظهر وتنقلب مَعَ الْمُضمر الْمَعْنى حسبى كفانى وَقَوله حسبى موهوبا أى أَنا أشكر من وهبنى وأنشر ذكره وَكفى بِهِ واهبا أى أشرف الواهبين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 - 5 - الْمَعْنى يَقُول إِن كنت صَادِقا فى مديحك فعاملنى مُعَاملَة الصدْق وَإِن كنت كَاذِبًا فَلَيْسَ هَذَا جَزَاء الْكَاذِبين لأنى إِن كذبت فقد تجملت لَك فى القَوْل فتجمل لى أَيْضا فى الْمُعَامَلَة 6 - الْمَعْنى ينظر إِلَى قَول " التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ " يُرِيد إِن كَانَ ذنبى ذَنبا لَا فَوْقه ذَنْب فالتوبة من الذَّنب محو لَا فَوْقه محو 1 - الْإِعْرَاب وخاضبيه عطف على مَا وَجمع الخاضبين جمع التَّصْحِيح لِأَنَّهُ أَرَادَ من يعقل وَمَا لَا يعقل كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} الْآيَة كَأَنَّهُ خلط الْجمع وكنى عَنْهُم بِمَا يكنى بِهِ عَمَّن يعقل وَذكر الْغَضَب مجَازًا وَأَرَادَ صَاحبه وَقَالَ ابْن فورجة خفض خاضبيه على الْقسم أى وَحقّ خاضبيه وَجعل الْغَضَب خضابا للحديد لِأَنَّهُ يخضبه بِالدَّمِ على سَبِيل التَّوَسُّع وَحسن ذَلِك لِأَن الْغَضَب يحمر مِنْهُ الأنسان وَهَذَا كَقَوْلِك أحسن مَا يخضب الخدود الْحمرَة والخجل لِأَن الخجل يصْبغ الخد أَحْمَر فَلَمَّا كَانَت الْحمرَة تَابِعَة للخجل جمعهَا وَهُوَ يُرِيد الدَّم وَحده وَيكون الْغَضَب تَأْكِيدًا أَتَى بِهِ على القافية وَقد صحت الرِّوَايَة عَن المتنبى وخاضبيه على التَّثْنِيَة كَأَن النجبع خاضب وَالذَّهَب خاضب وأحسنهما الدَّم انْتهى كَلَامه وَقَالَ غَيره جعل الْغَضَب فى اللَّفْظ خضابا على أحد أَمريْن إِمَّا أَن يكون لاشتمال الْغَضَب عَلَيْهِم صَار كالخضاب وَإِمَّا أَن يكون حذف وَأَرَادَ أحسن خضاب الْحَدِيد خضاب الدَّم وأحوال خاضبيه الْغَضَب وَالْهَاء فى بِهِ عَائِدَة على مَا يخضب الْمُقدر بِالْمَصْدَرِ 2 - الْغَرِيب النضار الذَّهَب وَقيل الْخَالِص من كل شئ وَقد بَيناهُ عِنْد قَوْله (سَالَ النضار ... ) الْمَعْنى لَا تسنه بالإذهاب فَإِنَّهُ إِذا أذهب ذهبت سقايته وهى مَاؤُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 - 1 - الغرب رَأْيك أى أفزعك يُقَال أرابه إِذا أوقع بِهِ الرِّيبَة بِلَا شكّ وأراب مَا يُصَرح قريبَة وَقيل رابه وأرابه إِذا أفزعه وأوقع بِهِ شَيْئا يشك فى عاقبته أخيراً نون أم شَره الْمَعْنى أى هَل يدرى الدمل من يريب أى بِمن حل ويريب روى بِضَم الْيَاء وَفتحهَا وروايتى عَن عبد الْمُنعم النحوى بِالضَّمِّ وَعَن الشَّيْخ أَبى الْحرم بِالْفَتْح وَجعله فلكا لعلو قدره ثمَّ قَالَ تَعَجبا وَهل يرقى إِلَيْك شئ وَأَنت عَال كالفلك وَلَيْسَ إِلَيْك مصعد 2 - الْإِعْرَاب الْكِنَايَة فى أقلهَا تعود إِلَى كل دَاء الْمَعْنى يَقُول لَا تطِيق الأدواء أَن تحل بك فَمن الْعجب أَن يقربك أقلهَا أى أقل الأدواء وَجعل للأدواء همة مجَازًا 3 - الْغَرِيب التجميش كلمة مولدة وهى شبه الملاعبة والمغازلة بَين الحبيبين وَقيل هُوَ مرض غير مؤلم وَقيل هُوَ مَأْخُوذ من الجمش وَهُوَ الْحَلب بأصبعين وَالْمرَاد بِهِ مس بِرِفْق الْمَعْنى يُرِيد أَن الذى أَصَابَك هُوَ لعب من الزَّمَان لحبه لَك لِأَنَّك جماله وأشرف أَهله وَإِن تأذيت فقد يكون من الْأَذَى مَا يكون مقة من المؤذى وَهُوَ للحب والمقة الْمحبَّة وهى محذوفة الْوَاو وَالْأَصْل ومق 4 - الْمَعْنى إِنَّك طَبِيب الدُّنْيَا تنفى الظُّلم عَن أَهلهَا والعيوب وَالْفساد وَتقوم المعوج فَكيف تعلك وَأَنت طبيبها من علتها 5 - الْمَعْنى يتعجب كَيفَ بنوبه الْمَرَض وَهُوَ المستغاث بِهِ لما يَنُوب من الزَّمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 - الْغَرِيب الصبيب المصبوب وَمَاء صبيب وصب قَالَ الراجز (يَنْضَحُ ذَفراه بماءٍ صَبيب ... ) والصبيب مَاء ورق السمسم وَالْمقَام بِمَعْنى الْإِقَامَة وَيفتح وَيضم وَبِه قَرَأَ الْقُرَّاء فَقَرَأَ ابْن كثير فى مَرْيَم {خير مقَاما} بِضَم الْمِيم الأولى وَقَرَأَ حَفْص {لَا مقَام لكم} بِالضَّمِّ وَقَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر {إِن الْمُتَّقِينَ فى مقَام أَمِين} بِالضَّمِّ فَهَذِهِ مقامات الْقُرْآن الْمَعْنى يَقُول أَنْت من عادتك الطعان فى الْأَعْدَاء وَسَفك دِمَائِهِمْ فَإِذا أَقمت يَوْمًا وَاحِدًا لم تفعل هَذَا مللت وَطلبت الْخُرُوج إِلَى الْعَدو حَتَّى تصب دِمَاءَهُمْ 7 - الْغَرِيب الحشايا جمع حشية وهى الْفرش المحشوة والحشايا معدولة عَن المحشوة الْمَعْنى إِنَّك رجل إِذا نَام على الْفرش المحشوة وجد ألما لَا لَذَّة لِأَنَّهُ لَا يصلح لَهُ إِلَّا الْحَرْب فَكَأَن هَذِه تمرضه وَهَذِه تشفيه وَهَذَا من الْكَذِب الذى يستحسنه الشُّعَرَاء 8 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى ترَاهَا عَائِد إِلَى الْخَيل وَلم يجر لَهَا ذكر إِلَّا أَنه قد تقدم مَا دلّ عَلَيْهَا من ذكر الْحَرْب والطعان ثمَّ ذكر بعد مَا يدل عَلَيْهَا والعثير الْغُبَار وَأَن ترى فى مَوضِع نصب بِالْمَصْدَرِ الْمُضَاف وَهُوَ حبك الْغَرِيب الجنيب المجنوب الْمَعْنى يَقُول مَا بك من مرض وَلَكِنَّك تحب الملاقاة لِلْعَدو بخيل تثير غبارا وهى تمشى فى ظلّ ذَلِك الْغُبَار وَيجوز أَن يُرِيد أَن الْغُبَار يتبعهَا فهى كَأَنَّهَا تقود ذَلِك الْغُبَار لِأَن الشَّخْص إِذا سَار فى الشَّمْس يتبعهُ ظله فَكَأَنَّهُ يجنبه أى يَقُودهُ وَالْمعْنَى إِذا كنت تحب هَذَا ومنعك عَنهُ الدمل قلقت لذَلِك 9 - الْغَرِيب مجلحة حَال للخيل وهى من صفتهَا وروى الخوارزمى محللة أى قد أحلّت لَهَا أَرض الْأَعْدَاء فَهِيَ تطؤها الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخَيل مجلحة أى مصممة مَاضِيَة لَهَا أَرض أَلا عادى تطؤها وللسمر يُرِيد القنا مناخرهم جمع منخر وجنوبهم تخرقها بالطعن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 - الْغَرِيب قرط الْفَارِس عنان فرسه إِذا أَلْقَاهُ وأرخاه إِلَى الْأذن وهى مَوضِع القرط أَو مد يَده فى الْعَنَان حَتَّى يصل إِلَى ذَلِك الْموضع والقرط فى أَسْفَل الْأذن والشنف أَعْلَاهَا فالتقريط هُنَا أولى من التشنيف الْمَعْنى يَقُول أرخ لَهَا الأعنة حَتَّى ترجع إِلَى بلد الْعَدو فَلَيْسَ بِبَعِيد عَلَيْهَا مَا طلبت لسرعتها فالفارس إِذا أرسل يَده فى الْعَنَان أمكن الْفرس الْعَدو 11 - الْغَرِيب هفا ذهب وهفا الطير بجناحه إِذا خَفق وطار قَالَ الراجز (وَهْوَ إِذا الحَرْب هَفَتْ عُقابُهُ ... مِنْ حَرّ حَرْبٍ تلتظى حِرابُهُ) وهفا الشئ فى الْهَوَاء إِذا ذهب والضريب الْمثل والشكل والشبه والضريب الصقيع يَقع على الأَرْض فهى أَرض مَضْرُوبَة وضريب الْمَعْنى قَالَ الواحدى لم يعرف ابْن جنى وَلَا ابْن فورجة معنى هَذَا الْبَيْت وخبطا فِيهِ فى كِتَابَيْهِمَا لِأَنَّهُ لم يعلم الدَّاء الذى غفل عَنهُ بقراط وَلم يذكرهُ فى طبه وَذَلِكَ أَن الدَّاء الذى ذكره أَبوهُ الطّيب هُوَ أَن يمل أَن يُقيم يَوْمًا من غير حَرْب وَأَن الحشايا تمرضه وَأَن شفاءه الْحَرْب وَذكر أَنه لَيْسَ بِهِ عِلّة غير حب الْحَرْب وَهَذَا لم يذكرهُ بقراط لِأَنَّهُ لَيْسَ فى طبه أَن من مرض من ترك الْحَرْب بأى شئ يداوى فَقَالَ أَبُو الطّيب صَاحب هَذَا الدَّاء لَيْسَ لَهُ ضريب أى شَبيه لِأَنَّهُ لَا يعرف أحد يمرض لترك الْحَرْب انْتهى كَلَامه وَقَالَ جمَاعَة من شرَّاح هَذَا الدِّيوَان أصح مَا يُقَال أذا بِفَتْح الْهمزَة وهى للتقرير أَو للاستفهام الْمَحْض كَأَنَّهُ لما ذكر سيف الدولة وَأَنه أحب الْحَرْب قَالَ أَهَذا الدَّاء الذى الذى لم يعرفهُ بقراط أَو رفع دَاء بِفعل مُضْمر تَقْدِيره إِذا اعضل دَاء ثمَّ فسره بقوله هفا ويروى أذا دَاء وَتَكون الْهمزَة للنداء وَالْمعْنَى يَا ذَا دَاء أى أَنْت يَا سيف الدولة صَاحب دَاء غفل عَنهُ وأعضل بقراط وَقَوله فَلم يعرف يرْوى فَلم يُوجد وَجعل لم فى مَوضِع لَيْسَ لمضارعتها فى النفى لَهَا 12 - الْغَرِيب الوضاء والوضئ المبالغ فى الْوَضَاءَة وهى الْحسن وَهَذَا كُله للْمُبَالَغَة يُقَال كرام وطوال الْمَعْنى يُرِيد أَنه ينظر مِنْهُ إِلَى شمس لَا تغيب لِأَن الشَّمْس تغيب لَيْلًا وَهَذَا شمس مَوْجُودَة لَيْلًا وَنَهَارًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 - 13 - الْإِعْرَاب أَن يشحوا فى مَوضِع نصب بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ على أحد المذهبين الْمَعْنى يُرِيد أَنى أعذر الحساد فى شحهم أى بخلهم بِالنّظرِ إِلَيْهِ يُقَال شح يشح ويشح من بابى نصر وَضرب // وَكِلَاهُمَا جَائِز // وهما من فعل 15 - الْمَعْنى يُرِيد ان الْقُلُوب تحسد الْعُيُون على نظر هَذَا الممدوح فَإِذا حسده أحد على هَذَا كَانَ مَعْذُورًا 1 - الْإِعْرَاب رَاعيا وصارما حالان وَقيل تمييزان الْمَعْنى يُرِيد إِذا كنت الْحَافِظ للرعية لم يقدر عَلَيْهِم أحد بضر لخوفهم مِنْك وبغيرك يعبث الذئاب فى حَال رعيه وسياسته ويثلم الضراب غَيْرك فى حَال قطعه وَإِذا كنت أَنْت الراعى لم يعبث الذئاب بسوامك وَإِذا كنت أَنْت الصارم لم يثلمك الضَّرْب 2 - الْإِعْرَاب طرا فى نَصبه وَجْهَان قوم يَقُولُونَ على الْمصدر وَقوم يَقُولُونَ على الْحَال الْمَعْنى أَنْت تملك الْجِنّ وَالْإِنْس فَكيف يكون لبنى كلاب أَن تملك نَفسهَا ثمَّ ذكر عذرهمْ فى الْبَيْت الذى بعده 3 - الْإِعْرَاب مَعْصِيّة نصب على الْمصدر لِأَن تركوك فى معنى عصوك وَقيل هى حَال الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك لما طلبتهم انْهَزمُوا خوفًا مِنْك لَا عصيانا والورد هُوَ الْوُرُود وَإِذا كَانَ الشَّرَاب الْمَوْت كره وُرُوده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 - الْإِعْرَاب أَن فى مَوضِع نصب بتخوف تَقْدِيره تخوف السَّحَاب تفتيشك لِأَنَّك طلبتهم على كل مياه الْبَادِيَة فخافك السَّحَاب أَن تفتشه لِأَنَّهُ حَامِل المَاء 5 - الْغَرِيب المسومة المعلمة ذَوَات الشيات وتخب تعدو بك فى طَلَبهمْ لَا تعرف النّوم 6 - الْغَرِيب الْعقَاب الطير من سِبَاع طير وَالْعِقَاب أَيْضا الرَّايَة والجيش الْجَمَاعَة وجيش فلَان جمع الجيوش واستجاشة طلب مِنْهُ جَيْشًا الْمَعْنى أَنه شبهه وَهُوَ فى قلب الْجَيْش بعقاب تهز جناحيها وَهُوَ فى وَسطهمْ والجيش يضطرب للسير 7 - الْمَعْنى جعل طلبه لَهُم كالسؤال عَنْهُم وَالظفر بهم كالجواب وهما استعارتان وَلَيْسَ ثمَّ سوال وَلَا جَوَاب // وَهَذَا مجَاز // والفلوات جمع فلاة وهى الأَرْض الواسعة وهى مَأْخُوذَة من فلوته بِالسَّيْفِ إِذا قطعته فَهِيَ على هَذَا تحْتَمل ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن تكون لانقطاعها عَن النَّاس والثانى لِأَنَّهَا تفلى أَي تقطع وَالثَّالِث لِأَنَّهَا تقطع من سَار فِيهَا 8 - الْمَعْنى أَنهم لما فروا وهربوا وظفر بحريمهم حماهم ومنعهم من السبى فقاتل دون حريمهم ندى كفيك وَالنّسب القراب وَهُوَ الْقَرِيب الذى بَيْنك وَبينهمْ وَلم يكن ثمَّ قتال وَإِنَّمَا لما حماهم جعله قتالا عَنْهُم اسْتِعَارَة أى هَذَانِ رداك عَنْهُم 9 - الْمَعْنى يُرِيد وَقَاتل عَنْهُم حفظك فيهم سلفى معد يُرِيد ربيعَة وَمُضر لِأَنَّهُ من ربيعَة وَبَنُو كلاب من مُضر وَرَبِيعَة وَمُضر ابْنا نزار بن معد بن عدنان وهم عشائرك وهم الصحاب بِمَعْنى أَصْحَابك والصحاب جمع صَاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 - الْغَرِيب تكفكف أى تكف وَالْمعْنَى وَاحِد وَلَفظه مُخْتَلف مثل فكبكبوا أى كبوا والعوالى الرماح وظعنهم جمع ظَعِينَة وهى الْمَرْأَة مَا دَامَت فى الهودج ثمَّ كثر حَتَّى قيل للْمَرْأَة ظَعِينَة وَإِن لم تكن فى هودج وَالْجمع ظعائن وظعن الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك تكف عَنْهُم الرماح وَقد امْتَلَأت شعاب الْجبَال بظعنهم 11 - الْغَرِيب الأجنة جمع جَنِين وَهُوَ الْوَلَد فى بطن أمه قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم} والولايا جمع ولية وهى شبه البرذعة تجْعَل على سَنَام الْبَعِير وَقيل هى كسَاء يَجْعَل تَحت البرذعة وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (أَو مُعْبَرُ الظَّهرِ يَنْبو عَن وليَّته ... ماحَجّ رَبُّه فى الدُّنيا وَلَا اعْتمَرَا) وأجهضت أسقطت وَالْولد مجهض وجهيض والحوائل جمع حَائِل وهى الْأُنْثَى من أَوْلَاد الْإِبِل والسقاب جمع سقب وَهُوَ الذّكر مِنْهَا الْمَعْنى يَقُول لشدَّة خوفهم وَمَا لحقهم من التَّعَب فى هَرَبهمْ أسقطت النِّسَاء فى براذع الْجمال وأسقطت نوقهم أَوْلَادهَا ذكورها وإناثها 12 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لما انْهَزمُوا تفَرقُوا فَصَارَت عَمْرو وهى قَبيلَة من بنى كلاب عمورا يدعى كل قوم لتفرقهم عمرا وَكَذَلِكَ كَعْب وفى مَعْنَاهُ لكعب بن مَالك (رأيْتَ الصَّدْعَ مِنْ كعْبٍ وَكَانُوا ... مِن الشَّنآنِ قد صَارُوا كعابا) وَقَالَ الواحدى عَمْرو ذهبت يَمِينا فَصَارَت عمورا وَكَعب ذهبت شمالا وَتَفَرَّقَتْ فَصَارَت كعابا وَأنْشد بَيت كَعْب 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الْقَبَائِل لما انْهَزمُوا خذل بَعضهم بَعْضًا لتشاغلهم بأرواحهم وَجعل أَبَا بكر قَبيلَة فَلذَلِك أنث وروى قريظ بالظاء وَالضَّاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى التخاذل التَّأَخُّر وَإِذا تَأَخَّرت الجمجمة والرقبة تَأَخّر الْإِنْسَان أى لما سرت وَرَاءَهُمْ كَأَن رؤوسهم تَأَخَّرت لإدراكك إيَّاهُم وَإِن كَانَت فى الْحَقِيقَة قد أسرعت قَالَ أَبُو الْفضل العروضى مَا أبعد مَا وَقع من الصَّوَاب وتخاذل الجماحم والرقاب هُوَ أَن يضْربهَا بِالسَّيْفِ فيقطعها ويفصل بَينهمَا فتتساقط فَكَأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا خذل صَاحبه وَقد رَجَعَ أَبُو الْفَتْح إِلَى مثل هَذَا القَوْل فَذكر قَرِيبا من هَذَا الْمَعْنى قَالَ الواحدى والذى عندى فى معنى هَذَا الْبَيْت غير مَا ذكرَاهُ وَهُوَ أَنه يَقُول إِن الرُّءُوس تتبرأ من الْأَعْنَاق والأعناق مِنْهَا خوفًا مِنْك فَلَا يبْقى بَينهمَا تعاون كَمَا قَالَ (أتاكَ يكادُ الرأسُ يَجحَدُ عُنْقَه ... ) وَهَذَا الْمَعْنى أَرَادَهُ الخوارزمى فَذكره فى ثَلَاثَة أَبْيَات فَقَالَ (وكنتَ إِذا نَهدتَ لغَزْوِ قَوْمٍ ... وأوْجَبَتِ السِّياسَة أَن يَبيدُوا) (تَبرَّأتِ الحَياة إلَيْكَ مِنهُمْ ... وجاءَ إلَيْكَ يَعْتَذِرُ الحَديدُ) (وطَلَّقَتِ الجماجِمُ كلّ قَحْفٍ ... وأنْكَرَ صُحْبَةَ العُنُقِ الوَرِيدُ) انْتهى كَلَامه وَقَالَ الْخَطِيب وَأَبُو الْعَلَاء أصل التخاذل التَّأَخُّر أى لما لقِيت سيوفك تَأَخَّرت وتخاذلت أى تساقطت لما ضربت بِالسُّيُوفِ وتخاذلت رجلا السَّكْرَان وَالشَّيْخ إِذا ضعفتا 15 - الْغَرِيب الملاب ضرب من الطّيب فارسى مُعرب قَالَ جرير (تطلَّى وَهْىَ سيِّئة المُعَرَّى ... بصِنِّ الوَبْرِ تحسَبه مَلابا) الْمَعْنى يُرِيد أَن نسَاء بنى كلاب لما ظفر بهم أَخذ نِسَاءَهُمْ فرجعن مكرمات عَلَيْهِنَّ قلائدهن وطيبهن لم يذهب مِنْهُنَّ شئ وعدن إِلَى أماكنهن مكرمات عَن السبئ 16 - الْمَعْنى أَنَّهُنَّ يشكرنك على مَا أوليتهن من الْإِحْسَان وَأَيْنَ موقع الثَّوَاب مِمَّا تَوْلِيَة لِأَن إحسانك لَا يُقَابل بشئ بل هُوَ أعظم من ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 - الْمَعْنى يَقُول لاعب يلحقهن فى أخذكهن وصيانتهن لِأَنَّهُنَّ مِنْك وكأنهن عِنْد أهلهن وأزواجهن لِأَنَّهُنَّ مكرمات 18 - الْمَعْنى يَقُول إنَّهُنَّ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ غربَة وَإِن بعدن عَن أَزوَاجهنَّ وأقاربهن إِذا رَأَيْنَاك لِأَنَّهُنَّ من أهلك وعشيرتك فكأنهن عنْدك فى أوطانهن لم يغتربن لمقامهن عنْدك 19 - الْمَعْنى يَقُول كَيفَ يتم بأسك يتعجب من هَذَا أى لَا يتم بأسك فى قوم إِذا نالهم مَكْرُوه نالك فَلَا ترى أَن تصيبهم بمكروه لأَنهم قَوْمك فَإِذا أصبتهم بمكروه أصبت بِهِ نَفسك وَهَذَا الْمَعْنى كثير وَأول من اخترعه قيس بن زُهَيْر العبسى فَقَالَ (فإنْ أكُ قدْ بردْتُ بِهم غَليلى ... فَلَمْ أقْطَعْ بِهِمْ إلاَّ بَنانِى) وَقَالَ الْحَارِث بن وَعلة من أَبْيَات الحماسة (قَوْمى همُ قَتَلُوا أميمَ أخِى ... فَلئنْ رَمَيْتُ يَصِيبُنِى سَهْمى) (فَلئنْ عَفَوْتُ الأَعْفُوَنْ جَللاً ... ولئنْ سَطَوْتُ لأُوهِننْ عَظْمِى) وَقَالَ العديل (وإنى وإنْ عاديتهم آو جَفَوْتُهم ... لتألْم مِمَّا علّ أكبادَهم كِبْدِى) وَأحسن فِيهِ على الْجَمِيع النميرى بقوله (فإنَّكَ حِينَ تَبْلُغهم أذاة ... وإنْ ظَلموا المحترِقُ الضَّميرِ) 20 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم إِن كَانُوا جنوا وأخطأوا فترفق بهم فَإِن من رفق بِمن جنى عَلَيْهِ كَانَ رفقه عتابا والرفق بالجانى وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ يَجعله عبدا لَك فَهُوَ كَقَوْلِه (وَما قَتَلَ الأحْرارَ كالعَفْوِ عنهُمُ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 - الْغَرِيب الْخَطَأ نقيض الصَّوَاب وَقد يمد يُقَال مِنْهُ أَخْطَأت وتخطأت بِمَعْنى وَاحِد وَلَا يُقَال أخطيب إِلَّا شاذا والخطء بِالْكَسْرِ الذَّنب قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّه خطئا كَبِيرا} نقُول مِنْهُ خطئَ يخطأ خطأ وخطأة على فعلة وَالِاسْم الْخَطِيئَة على فعيلة وَلَك أَن تشدد الْيَاء لِأَن كل يَاء سَاكِنة قبلهَا كسرة أَو وَاو سَاكِنة قبلهَا ضمة وهما زائدتان للمد لَا للإلحاق وَلَا هما من نفس الْكَلِمَة فَإنَّك تقلب الْهمزَة بعد الْوَاو واوا وَبعد الْيَاء يَاء أَو تُدْغَم فَتَقول فى مقروء مقروا وفى خطبئة خطية وَلذَا وقف حَمْزَة على هَذَا وَشبهه دون الْوَصْل وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة خطئَ وَأَخْطَأ بِمَعْنى وَاحِد وهما لُغَتَانِ وَأنْشد لامرئ الْقَيْس (يَا لَهْفَ هِنْد إِذا خَطِئنَ كاهِلا ... ) هَذَا الْبَيْت لامرئ الْقَيْس وَله قصَّة وَقَبله (القاتِلِينَ المَلكَ الحُلاحِلا ... ) وَيَا لهف هِنْد هِنْد هَذِه هى امْرَأَة أَبِيه لم تَلد لِأَبِيهِ حجر شَيْئا فخلف عَلَيْهَا امْرأ الْقَيْس وَخرج فى طلب بنى كَاهِل فأوقع بحى من بنى كنَانَة وَهُوَ يظنّ أَنهم من كَاهِل وكاهل بطن من بنى أَسد وَقَالَ الأموى الْمُخطئ من أَرَادَ الصَّوَاب فَصَارَ إِلَى غَيره والخاطئ من تعمد لما لَا ينبغى تخاطأه وتخطأه أى أخطأه قَالَ أوفى بن مطر المازنى (أَلا أبْلِغا خُلَّتِى جَابِرا ... بأنَّ خَليلك لم يُقْتَلِ) (تَخَّطأتِ النَّبلُ أحشاءه ... وأُخِّر يَوْمى فَلم يعْجَلِ) وَجمع الْخَطِيئَة خَطَايَا وَكَانَ الأَصْل خطائىء مثل فعاثل فاجتمعت الهمزتان فقلبت الثَّانِيَة يَاء لِأَن قبلهَا كسرة ثمَّ استثقلت وَالْجمع ثقيل وَهُوَ مَعَ ذَلِك معتل فقلبت الْيَاء ألفا وقلبت الْهمزَة الأولى يَاء لخفائها بَين الْأَلفَيْنِ وَجَمعهَا أَيْضا خطيئات يُقَال خَطِيئَة وخطايا وخطيئات وَقِرَاءَة أَبى عَمْرو فى جَمِيع الْقُرْآن على الْجمع الأول وَقَالَ بَعضهم يُقَال أَخطَأ فى الْحساب وخطئ فى الدّين الْمَعْنى أَنه يعْتَذر لَهُم إِلَى سيف الدولة يَقُول إِن كَانُوا مخطئين فَلَيْسَ هم بِأول من أَخطَأ وَقد تَابُوا وَالتَّوْبَة تجب مَا قبلهَا وهم عبيدك حَيْثُ كَانُوا وَإِذا دعوتهم للْمَوْت أجابوك وَكلهمْ اعتذر إِلَيْك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 - الْمَعْنى يُرِيد أَن حياتهم برضاك عَنْهُم فَإِذا غضِبت عَلَيْهِم غضِبت عَلَيْهِم الْحَيَاة وَلَا عُقُوبَة فَوق هجر الْحَيَاة وَهَذَا من أحسن مَا يكون 24 - يُرِيد أَن هَؤُلَاءِ البوادى مَا جهلوا نعمك بعصيانك والبوادى أهل البدو هُوَ فَاعل جهلت وَلَو كَانَت البوادى صفة للأيادى لَكَانَ حَقّهَا النصب وَسَأَلت شَيخنَا أَبَا مُحَمَّد عبد الْمُنعم النحوى عِنْد قراءتى عَلَيْهِ عَن هَذَا الْبَيْت وَقلت لَهُ يجوز أَن يكون البوادى نعتا للأيادى والبوادى فى نصف الْبَيْت فَكَأَنَّهُ عَنى الْوَقْف وَهُوَ مَوضِع وقف كَقَوْلِك أجب الداعى وَقد يُوقف على قَوْله تَعَالَى {يَوْمئِذٍ يتبعُون الدَّاعِي} بِالسُّكُونِ وَيكون فَاعل جهلت مضمرا فِيهَا فَقَالَ لى أَنْت مقرئ وَقد قست وَمَعَ هَذَا أَنْت حفى فصوب مَا قلت وَيكون البوادى على هَذَا السابقات الَّتِى بَدَت إِلَيْهِم وَقَوله (ولكِنْ رُبمَا خَفَى الصَّوَابُ ... ) من أحسن مَا قيل وَهُوَ من إعجاز نبوته الَّتِى أعجزت غَيره وَقد ذَكرنَاهَا جملَة عِنْد قَوْله (وبِضدّها تتَبَيَّنُ الأشْياءُ ... ) 25 - الْمَعْنى يَقُول الذَّنب يتَوَلَّد من الدَّلال والبعد يأتى من الْقرب وَذَلِكَ أَن صَاحب الذَّنب يأتى بذنب وَهُوَ يَظُنّهُ دلالا وَقد يكون بعد سَببه الْقرب وَهُوَ من أحسن الْأَشْيَاء وَهُوَ حِكْمَة من أحسن الْكَلَام وَقد جمع فِيهِ معانى 26 - الْإِعْرَاب وجرم مَعْطُوف على ذَنْب تَقْدِيره وَكم جرم وَقيل هُوَ مجرور بِرَبّ الْمقدرَة أى وَرب جرم الْغَرِيب السُّفَهَاء جمع سَفِيه كفقيه وفقهاء وهم الْجُهَّال وَمن لَا عقل لَهُ والجرم الذَّنب يُقَال جرم وأجرم الْمَعْنى يُرِيدكُمْ جرم أَو رب جرم وَهُوَ الذَّنب وَالْجِنَايَة جناه سَفِيه فَنزل الْعَذَاب بِغَيْرِهِ وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وَالْحكمَة وَهُوَ مَنْقُول من قَوْله تَعَالَى {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} وَقَالَ الْحجَّاج وَالله لأخذن المحسن بالمسئ والطائع بالعاصى وَقَالَ هَذَا الْمَعْنى جمَاعَة مِنْهُم امْرُؤ الْقَيْس (وقاهُم جَدُّهم ببَنى أبِيهم ... وبالأشْقيَنَ مَا كانَ العقابُ) وَقَالَ آخر (رأيتُ الحرْبَ يَجْنيها رِجالٌ ... ويَصلَى حَرَّها قوْمٌ بَراءُ) وَقَالَ آخر (جَنى ابْن عمك ذَنْبا فابْتُلِيْتَ بِهِ ... إنّ الفَتى بِابْن عمّ السَّوْءِ مأخوذُ) وَقَالَ آخر (نصدّ حَياءً أَن نَراكَ بأعْيُنٍ ... جَنى الذَّنبَ عاصيها فلِيمَ مُطيعُها) وَقَالَ النَّابِغَة (كذى العَرّ يُكْوَى غيرُه وَهُوَ راتعُ ... ) وَقَالَ البحترى (وَلَا عُذْر إِلَّا أنّ حِلْم حليمِها ... يُسَفَّه فى شرّ جَناهُ خليعُها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 - الْمَعْنى إِن كَانُوا بِسَبَب جرمهم خَافُوا عليا وَهُوَ سيف الدولة فَإِنَّهُ يُرْجَى الْعَفو عِنْده كَمَا يهاب لِأَنَّهُ جواد مهيب 28 - الْمَعْنى يُرِيد إِن كَانَ سيف الدولة لغير دولتهم فَهُوَ ولى نعمتهم لِأَن جُلُودهمْ نَبتَت من إنعامه واكتست من خلعه عَلَيْهِم 29 - الْغَرِيب أثوا تقووا وكثروا يُقَال أث النَّبَات إِذا كثر والتف يئث أَثَاثَة ونبات أثيث وَشعر أثيث ونسوة أثائث كثيرات اللَّحْم قَالَ رؤبة (ومِن هَواىَ الرّجُحُ الأثائثُ ... تُمِيلُها أعْجازُها الأوَاعِثُ) والرباب غيم مُتَعَلق بالسحاب من تَحْتَهُ يضْرب إِلَى السوَاد قَالَ الشَّاعِر (كأنّ الرَّباب دُوَيْن السَّحابِ ... نعامٌ تعلَّقَ بالأرْجُلِ) الْمَعْنى يَقُول نشئوا وتربوا فى نعْمَته وإحسانه كالنبت لِأَنَّهُ يأتلف وينبت بالسحاب واستعار السَّحَاب للإحسان واستعار للمحسن إِلَيْهِ النَّبَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 - الْمَعْنى يَقُول بنسبتهم إِلَيْهِ وَإِلَى خدمته قهروا الأعادى وذلت لَهُم الْعَرَب الصعبة وانقاد لَهُم من الْعَرَب مَا لَا ينقاد لأحد كل هَذَا بِهِ وبخدمته وأسكن الْيَاء من الأعادى ضَرُورَة أَو لِأَنَّهَا فى نصف المصراع آخِره 31 - الْغَرِيب الضباب جمع ضَبَابَة وهى سَحَابَة تغشى الأَرْض كالدخان يُقَال مِنْهُ أضب نهارنا الْمَعْنى انه كنى بالشموس عَن النِّسَاء وبالضباب عَن الدّفع عَنْهُن لِأَن الضباب يستر الشَّمْس ويحول عَن النّظر إِلَيْهَا قَالَ الواحدى يجوز أَن يكون هَذَا مثلا مَعْنَاهُ لَو غزاهم غَيره لَكَانَ لَهُ مَا يشْغلهُ بِمَا يلقى قبل الْوُصُول إِلَيْهِم وَمَعْنَاهُ أَنه يستقبله من قليلهم مَا يمنعهُ من الْوُصُول إِلَى الَّذين هم أَكثر مِنْهُم فَجعل الضباب مثلا للرعاع والشموس مثلا السادات وَقَالَ ابْن القطاع قَالَ ابْن الإفليلى فى شرح هَذَا الْبَيْت يُرِيد شموس كل يَوْم يقاتلهم فِيهِ 32 - الْغَرِيب الثاى جمع ثاية وهى حِجَارَة تجْعَل حول الْبَيْت يأوى إِلَيْهَا الراعى لَيْلًا وهى مبارك الْإِبِل ومرابض الْغنم الْمَعْنى يُرِيد لَو غزاهم غَيره لثناه عَنْهُم ولاقى مَعْطُوف على ثناه أى للاقى دون وُصُوله إِلَى هَذِه الْحِجَارَة طعانا تكْثر الْقَتْلَى حَتَّى يلتقى الْغُرَاب عَلَيْهِم وَالذِّئْب فيجتمعان على لُحُوم الْقَتْلَى فَكيف لَهُ بالوصول إِلَى اسْتِبَاحَة حريمهم وَذهب قوم إِلَى أَن الذِّئْب لَا يَأْكُل إِلَّا مَا افترسه بِخِلَاف الضبع وَالْكَلب وأنشدوا فى ذَلِك (ولكُلّ سَيِّد مَعْشَرٌ مِن قَوْمِه ... دَعَرٌ يدنِّس عِرْضَه ويعيبُ) (لَوْلا سِوَاهُ تَجزّرَت أوصَالَهُ ... عُرْجُ الضِّباعِ وصَدّ عَنهُ الذيبُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 - الْإِعْرَاب وخيلا تغتذى عطف على قَوْله طعانا أى ولاقى خيلا الْغَرِيب الموامى وَاحِدهَا موماة وهى الْمَفَازَة قَالَ ابْن السراج كَانَ أَصْلهَا موموة على فعللة وَهُوَ مضاعف قلبت واوه ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا الْمَعْنى وَكَانَ يلاقى خيلا عرابا مضمرة قد تعودت قطع المفاوز على غير علف وَمَاء حَتَّى كَأَن غذاءها الرّيح وماءها السراب وَقَوله (من المَاء السراب ... ) أى بَدَلا مِنْهُ إِذا رَأَتْ مثل لون المَاء اكتفت بِهِ وَمثله قَوْله تَعَالَى {لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} أى بَدَلا مِنْكُم وَقَوله (يكفيها من المَاء ... إِلَى آخِره ... ) من أحسن الْأَشْيَاء 34 - الْغَرِيب الرب الله تَعَالَى وَلَا يُقَال لغيره إِلَّا بِالْإِضَافَة كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب وَقد قيل فى الْجَاهِلِيَّة بِغَيْر إِضَافَة للْملك قَالَ الْحَارِث بن حلزة (وَهُوَ الرَّبّ والشَّهيدُ على يوْ ... مِ الحِوَارِين والبَلاء بلاءُ) وَرب كل شئ مَالِكه وَأسرى يُقَال فى اللَّيْل أسرى وفى النَّهَار سرى وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وَقَالَ قوم هما لُغَتَانِ تستعملان لَيْلًا وَنَهَارًا وَقد قَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع (فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل ... ) بوصل الْهمزَة من سرى يسرى الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لم يَنْفَعهُمْ الْحَرْب لأَنهم أدركوا وَلَا يَنْفَعهُمْ الْوُقُوف لَو وقفُوا فى دِيَارهمْ للدفاع والمحاماة لأَنهم لَو وقفُوا قتلوا 35 - الْمَعْنى يُرِيد أَن سيف الدولة لما سرى خَلفهم لطلبهم تحيروا فَلَا ليل سترهم وَلَا نَهَار وَلَا حملتهم خيل وَلَا إبل فهم لهيبته متحيرون مَا نجاهم نَهَار وَلَا سترهم ليل 36 - الْمَعْنى جعل جَيْشه بحرا من حَدِيد لِكَثْرَة لابسى الْحَدِيد فِيهِ وجعلهم يموجون خَلفهم فى سيرهم كموج الْبَحْر وَهُوَ عبابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما أَتَاهُم فى الْمسَاء وهم على بسط الْحَرِير آمنون قَتلهمْ فَأَصْبحُوا قَتْلَى على الأَرْض وفرشهم التُّرَاب عوضا عَن الْحَرِير وَقَالَ الْخَطِيب وَأَبُو الْعَلَاء نهبهم فَلم يتْرك لَهُم شَيْئا يَقْعُدُونَ عَلَيْهِ سوى التُّرَاب 38 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لهيبته خذلوا حَتَّى صَار الرجل مِنْهُم كَالْمَرْأَةِ وَهَذَا // حسن جدا // 39 - الْإِعْرَاب بنوقتلى ارْتَفع على أَنه خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هم بنوقتلى أَبِيك وَمن عطف عَلَيْهِ فَهُوَ مَرْفُوع أَيْضا الْغَرِيب الحراب جمع حَرْبَة وهى أقصر من الرمْح يحملهَا الراجل دون الْفَارِس الْمَعْنى يُرِيد أَن أَبَا الهيجاء والدسيف الدولة قتل من كلاب فى حَرْب وَذَلِكَ أَنه لما هم بِالْحَجِّ وَقع بهم فى أَرض نجد فاقتتل مَعَهم فَجعل أَبُو الطّيب الظفر لَهُ وَقَالَ قوم كَانَ الظفر لبنى كلاب 40 - الْغَرِيب السخاب قلادة تتَّخذ من سك وَغَيره وَلَيْسَ فِيهَا من الْجَوْهَر شئ يلبسهَا الصّبيان وَجَمعهَا سخب الْمَعْنى أَن هَؤُلَاءِ الَّذين ظَفرت بهم هم بنوقتلى أَبِيك بِنَجْد وَأَنه ظفر بهم وأعتقهم وهم أَطْفَال صغَار يلبسُونَ السخاب 41 - الْمَعْنى يَقُول كلكُمْ فعل فعال أَبِيه فهم فى الْخَطَإِ كآبائهم وَأَنت فى الْعَفو كأبيك وفعلهم عجب كَيفَ عصوك وَلم يعتبروا بآبائهم وفعلك أَنْت أَيْضا عجب فى الْمَنّ عَلَيْهِم والإبقاء لَهُم وَقيل عَفَوْت عَنْهُم كأبيك وخضعوا لَك كخضوع آبَائِهِم لأَبِيك 42 - الْإِعْرَاب كَذَا فى مَوضِع نصب بقوله فليسر وَالْفَاء إِنَّمَا تعطف أَو تكون جَوَابا فَإِذا تقدم الْمَفْعُول أَو الْخَبَر جَاءُوا بهَا ليعلموا أَن الْخَبَر وضع فى غير مَوْضِعه وَبَعض الْكُوفِيّين تَأَول أَخَاك فَاضْرب أَنه مَنْصُوب بِفعل مُضْمر تَقْدِيره اقصد أَخَاك فَاضْرب وَهَذَا يحسن فى الْمَفْعُول وَأما فى الْخَبَر فيبعد و (مثل سُرَاك ... ) نصب لِأَنَّهُ خبر كَانَ الْمَعْنى مثل هَذَا الْفِعْل فَلْيفْعَل من يطْلب الأعادى وَليكن طلابه مثل هَذَا السرى الذى سرت حَتَّى بلغت مرادك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 - 1 - الْإِعْرَاب نصب كِنَايَة على الْمصدر وحرفا الْجَرّ يتعلقان بِالْمَصْدَرِ الْمَعْنى يُرِيد يَا أُخْت سيف الدولة وَيَا بنت أَبى الهيجاء فكنى بهما عَن أشرف النّسَب يُرِيد أَن نَسَبهَا من أشرف الْأَنْسَاب فَإِذا كنيت بهما عرفت لِأَنَّهُمَا خير النَّاس فَإِذا قلت يَا أُخْت خير أَخ وَيَا بنت خير أَب عرفت 2 - الْغَرِيب مؤبنة من التأبين وَهُوَ مدح الْمَيِّت الْمَعْنى يُرِيد أَن قدرك جليل عَظِيم فَأَنا أعظمه عَن أَن أسميك بِاسْمِك وَلَكِن إِذا وصفت مَا قيل فِيك من المحامد الَّتِى لَيست فى غَيْرك عرفت كَمَا قَالَ أَبُو نواس (فهى إِذا أُنمِيَتْ فقَدْ عُرِفَتْ ... فَيَجْمَعُ الإسْمُ مَعْنَيَيْنِ مَعَا) 3 - الْغَرِيب الطَّرب خفَّة تعرض للْإنْسَان من فرط السرُور أَو الْحزن وَقد طرب يطرب طَربا فَهُوَ طرب قَالَ الجعدى (وأُرَانِى طَرِبا فِى إثْرِهِمْ ... طَرَبَ الوَالِهِ أَو كالمُخْتَبِل) الْمَعْنى يُرِيد أَن المحزون يسْبقهُ دمعه وَلسَانه فَلَا يملكهما أى إِذا صَارا فى قَبْضَة الطَّرب لَا يبْقى لَهُ ملك عَلَيْهِمَا والطرب هَا هُنَا مَا يقلقه من الْحزن واستعار للطرب قَبْضَة مجَازًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 - الْغَرِيب اللجب الصَّوْت والجلبة وجيش لجب عَرَمْرَم أى ذُو جلبة وَكَثْرَة وبحر ذُو لجب إِذا سمع صَوت أمواجه وَأَصله كل صَوت عَال الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى يُرِيد غدرت بهَا يَا موت لِأَنَّك كنت تصل بهَا إِلَى إفناء عدد الْأَعْدَاء وإسكات لجبهم لِأَنَّهَا كَانَت فاضلة تغرى الجيوش وتبيد الْأَعْدَاء قَالَ العروضى قَلما تُوصَف الْمَرْأَة بِهَذِهِ الصّفة وعندى أَنه أَرَادَ مَاتَ بموتها بشر كثير وأسكتت أَصْوَاتهم وترددهم فى خدمتها وَيجوز أَن يكون يُرِيد أَنهم سقطوا عَن برهَا وصلتها فكأنهم مَاتُوا انْتهى كَلَامه قَالَ الواحدى شرح هَذَا أَن يُقَال وَجه غدر الْمَوْت أَنه أظهر إهلاك شخص وأضمر فِيهِ إهلاك عَالم كَانَ يحسن إِلَيْهِم فهلكوا بهلاكه هَذَا معنى كم أفنيت من عدد كَقَوْل الآخر (فمَا كانَ قَيْسٌ هُلْكُه هلكُ واحدٍ ... ولكنَّهُ بُنْيانُ قَوْمٍ تَهَدّمَا) وكقول ابْن المقفع (وأنتَ تموتُ وَحدَكَ ليسَ يَدْرِى ... بَموْتِكَ لَا الصَّغيرُ وَلَا الكَبِيرُ) (وتَقْتُلَنى فتَقْتُلَ بى كَرِيما ... يَمُوتُ بمَوْتِهِ بَشَرٌ كَثيرُ) وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ أَنه يَقُول غدرت بِسيف الدولة يَا موت حَيْثُ أخذت أُخْته وَأَنت بِهِ تفنى الْعدَد الْكثير وتهلك الجيوش الَّذين لَهُم الْأَصْوَات الْعَالِيَة وَإِذا كَانَ عونك على الإهلاك كَانَ من حَقك أَن لَا تفجعه بأخته 5 - الْمَعْنى سَأَلته أَن يمكنك من اصطلام من أردْت فأجابك وَمثله (شَرِيكُ المَنايا والنُّفوس غَنيمة ... فكُلّ مُمَات لم يُمِته غُلُولِ) 6 - الْإِعْرَاب خبر فَاعل جاءنى وفى طوى ضمير على شريطة التَّفْسِير عِنْد الْبَصرِيين وفاعله عندنَا خبر وضميره فى جاءنى وَقد بَينا مثل هَذَا من إِعْمَال الْفِعْلَيْنِ وبسطناه فى كتَابنَا الْمَعْرُوف ب الإغراب فى الْإِعْرَاب عِنْد قَوْله تَعَالَى {هاؤم اقْرَءُوا كِتَابيه} الْمَعْنى لما جَاءَ هَذَا الْخَبَر وطوى الجزيرة والجزيرة تسمى بذلك من الْموصل إِلَى الْفُرَات وَالْخَبَر ورد إِلَى حلب فزعت مِنْهُ ورجوت أَن يكون كذبا وتعللت بِهَذَا الرَّجَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 - الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى هَذَا // معنى حسن // أى صرت بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ كالشئ الذى يشرق بِهِ فى اللطافة والقلة يَقُول حَتَّى إِذا صَحَّ الْخَبَر وَلم يبْق لى أمل فى كَونه كذبا شَرقَتْ بالدمع لغَلَبَة الْبكاء وَكَثْرَة الدُّمُوع حَتَّى كَاد الدمع يشرق بى والشرق بالدمع أَن يقطع الانتحاب النَّفس فَيَجْعَلهُ فى مثل حَال الشرق بالشئ فكاد الدمع لإحاطته بى أَن يكون كَأَنَّهُ شَرق بى 8 - الْغَرِيب الْبرد جمع بريد وَأَصلهَا برد بِضَم الرَّاء وَقوم يسكنونها حملا على كتب ورسل وهى أَعْلَام تنصب فى الطَّرِيق فَإِذا وصل إِلَيْهَا الرَّاكِب نزل وَسلم مَا مَعَه من الْكتب إِلَى غَيره وَنزل فيبرد مَا بِهِ من التَّعَب وَالْحر فى ذَلِك الْموضع وينام فِيهِ وَالنَّوْم يُسمى بردا فَسمى مَا بَين الْمَوْضِعَيْنِ بريدا وَقيل للدابة بريد لِأَنَّهَا يستعان بهَا فِيهِ والبريد للملوك خَاصَّة الْمَعْنى يَقُول لهول هَذَا الْخَبَر لم تقدر الألسن على النُّطْق بِهِ وَلَا الْبَرِيد فى الطّرق على حمله وَلَا الأقلام أَن تكتبه 9 - الْغَرِيب كنى بفعلة عَن اسْمهَا وَاسْمهَا خَوْلَة وَهَذَا كَقَوْلِه {أجل قدرك} يُرِيد ذكر أَيَّام حَيَاتهَا الْمَعْنى يَقُول مَضَت فَكَأَنَّهَا لم تكن الَّتِى مَلَأت جيوشها ديار بكر وَكَانَت تهب وَكَانَت تخلع فانطوى ذَلِك بموتها 10 - الْإِعْرَاب الْبَاء فى قَوْله بِالْوَيْلِ مُتَعَلقَة بداع وَلَو تعلّقت بتغث لَكَانَ هجوا وذما الْمَعْنى كَانَت ترد حَيَاة الملهوف والمظلوم بالإغاثة وَالْإِجَارَة والبذل وتغيث من يدعوها إِذا دَعَاهَا بِالْوَيْلِ وَالْحَرب يُرَاد بِهِ لَفظه الذى نطق بِهِ فَكَأَنَّهُ على الْحِكَايَة وَهُوَ أَن يَقُول يَا ويلى يَا حربى 11 - الْمَعْنى يُرِيد كَيفَ حَال أَخِيهَا فَتى الفتيان إِذا كَانَت لأجل نعيها طَال ليل أهل الْعرَاق وَهَذَا الْبَيْت // مَاله معنى طائل وَفِيه سماجة // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 - الْمَعْنى يُرِيد أيظن فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام وَهُوَ يريدها وروى بِالتَّاءِ على الْخطاب وبالياء على الْإِخْبَار عَن سيف الدولة يُرِيد أتظن أَنى غير حَزِين وَلَيْسَ هَذَا مليحا فى حق امْرَأَة أَجْنَبِيَّة أَن يخاطبها بِمثل هَذَا فرواية الْيَاء أحسن وهى روايتى عَن شيخى أَبى الْحرم وأبى مُحَمَّد 13 - الْمَعْنى أَنه يقسم بِحرْمَة من هَذِه صفاتها إنى مكتئب ودمعى منسكب ويروى (بِحرْمَة الْمجد وَالْإِسْلَام ... ) يُرِيد بلَى وَحُرْمَة هَذِه أَن دمعى منسكب وفؤادى مكتئب 14 - الْغَرِيب النشب المَال جَمِيعه صامته وناطقه الْمَعْنى يُرِيد قد مَضَت وَلم يُوجد مثلهَا بعْدهَا من يتخلق بأفعالها فَلَيْسَ يرتها أحد وَإِن كَانَ مَا تملكه مُبَاحا فخلائقها لَا تورث لأتها تفردت بهَا دون غَيرهَا 15 - الْغَرِيب الأتراب وَاحِدهَا ترب يُقَال هَذِه ترب هَذِه أى لدتها وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فى الْمُؤَنَّث قَالَ الله تَعَالَى {عربا أَتْرَابًا} بَعضهنَّ لدات بعض الْمَعْنى يُرِيد همها مذ نشأت فى جمع الْعلَا وتدبير الْملك وأقرانها همهن فى اللَّهْو واللعب وَهَذَا مثل قَول بَعضهم (فَهمُّك فِيها جِسامُ الأُمُور ... وَهَمُّ لِدَاتَكَ أنْ يَلْعَبوا) 16 - الْغَرِيب الشنب حِدة فى الْأَسْنَان وَقيل برد وعذوبة وَامْرَأَة شنباء بَيِّنَة الشنب وَقَالَ الجرمى سَمِعت الْأَصْمَعِي يَقُول إِنَّه برد الْفَم والأسنان فَقلت لَهُ إِن أَصْحَابنَا يَقُولُونَ هُوَ حدتها حِين تطلع فيراد بذلك حدتها وطراءتها لِأَنَّهَا إِذا أَتَت عَلَيْهَا السنون احتكت فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا بردهَا وَقَول ذى الرمة (بَيْضَاءُ فى شَفَتَيْها حُوَّة لَعَس ... وفى اللِّثاتِ وفى أنْيابها شَنَبُ) يقوى قَول الأصمعى لِأَن اللثات لَا يكون فِيهَا حِدة وَقَول الأعرابية (بأبى أنتِ وفُوكِ الأشْنَبُ ... كَأَنَّمَا ذُرّ عليْه الزَّرْنَبُ) يُؤَيّد قَول الأصمعى الْمَعْنى يُرِيد أَن أترابها إِذا جئن إِلَيْهَا رأين حسن مبسمها وَلَا يعلم مَا وَرَاء شفتيها إِلَّا الله لِأَنَّهُ لم يذقه أحد قَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ المتنبى يتجاسر فى أَلْفَاظه جدا وَلَقَد أَسَاءَ بِذكرِهِ حسن مبسم أُخْت ملك وفى معنى بَيت أَبى الطّيب (لَا والَّذى تسْجُدُ الجِباهُ لهُ ... مالى بِمَا ضَمّ ثَوْبُها خبرُ) (وَلا بِفيها وَلا هَمَمْتُ بِها ... مَا كَانَ إِلَّا الحديثُ والنَّظَر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن جنى مفرقها مُبْتَدأ وَخَبره مَسَرَّة وحسرة خبر إِمَّا عَن مفرقها أَو عَنْهَا تَقْدِيره الْميتَة حسرة فى قُلُوب الْبيض واليلب قَالَ وَيجوز أَن يكون مَسَرَّة فى قُلُوب الطّيب مفرقها للترف والشرف وحسرة فى قُلُوب الْبيض واليلب لفقدها فَهَذَا خلاف الْمَعْنى الأول أى هى حسرة فى قُلُوب الْبيض لفقدها إِيَّاهَا أى هى تلبس ملابس النِّسَاء قَالَ والأجود أَن يَجْعَل مفرقها خبر المسرة أَو مَسَرَّة خَبره وَالْجُمْلَة خبر مبتدإ مَحْذُوف أى وهى مَسَرَّة فى قُلُوب مفرقها وهى حسرة فى قُلُوب الْبيض واليلب الْغَرِيب اليلب الدروع اليمانية تتَّخذ من الْجُلُود يخرز بَعْضهَا إِلَى بعض وهى اسْم جنس الْوَاحِدَة يلبة قَالَ ابْن كُلْثُوم (علَينا البَيْضُ واليَلَب اليمانِى ... وأسْيافٌ يُقَمْنَ ويَنْحنينا) وَيُقَال اليلب مَا كَانَ من جنن الْجُلُود وَلم يكن من الْحَدِيد وَمِنْه قيل للدرق يلب قَالَ الشَّاعِر (عليهِم كلّ سابِغَة دِلاصٍ ... وفى أيْدِيِهِمُ اليَلَب المُدارُ) واليلب فى الأَصْل اسْم لذَلِك الْجلد قَالَ أبود هُبل الجُمَحِي (دِرْعى دلاصُ شكُّها شكّ عجبْ ... وُجُوبهَا القاتر مِن سيَر اليَلَبْ) جوبها يُرِيد الترس والقاتر هُوَ الوفى الْحسن التَّقْدِير الْمَعْنى يُرِيد أَن الْبيض والدروع يتحسران عَلَيْهَا بِتَرْكِهَا لبسهما لِأَنَّهُمَا من ملابس الرِّجَال الْأَبْطَال وَالطّيب يسر باستعمالها لَهُ واستعار لَهما قلوبا مجَازًا لوصفه لَهما بالمسرة وَالْحَسْرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 - الْإِعْرَاب رَأس يرْوى بِالرَّفْع وَالنّصب فالرفع فَاعل وَتَقْدِيره إِذا رأى رَأس لابس الْبيض واليلب وَالنّصب أَجود وَتَقْدِير النصب إِذا رأى الْبيض واليلب رَأس لابسه وَالضَّمِير للبيض لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يلبس على الرَّأْس واليلب قيل يلبس تَحت الْبيض الْمَعْنى يُرِيد أَن الْبيض إِذا رأى رَأس لابسه وَرَأى هَذِه الْمَرْأَة تلبس المقانع رأى المقانع الَّتِي تلبسها أَعلَى رُتْبَة من الْبيض فازداد حسرة على تَركهَا لَهُ لِأَن المقانع لبسهَا فى الدُّنْيَا وَعند الْمَوْت فتحسر الْبيض حَيْثُ لم تلبسه 19 - الْمَعْنى يُرِيد إِن كَانَت أُنْثَى الْخلق فهى فى الْعقل والشرف أَعلَى من الرجل 20 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه وَإِن كَانَت من تغلب الغالبين النَّاس لشجاعتهم وعزهم فَإِنَّهَا أفضل مِنْهُم لِأَن الْعِنَب أصل الْخمر وفى الْخمر معَان لَيست فِيهِ وَهَذَا تَفْضِيل لَهَا على قَومهَا وَهُوَ كَقَوْلِه (فإنّ المِسْكَ بعضُ دمِ الغَزالِ ... ) يُرِيد أَن فِيهَا معانى من الْكَمَال لَيست فى تغلب وَقَالَ الواحدى الغلباء الْغِلَاظ الرّقاب نعتهم بغلظ الرَّقَبَة لأَنهم لَا يذلون لأحد وَلَا ينقادون لَهُ انْتهى كَلَامه // وَعجز هَذَا الْبَيْت من الْكَلَام الْجيد // وَمَا فى القصيدة مثله 21 - الْمَعْنى يُرِيد لَيْت الشَّمْس غَابَتْ وَبقيت هَذِه الْمَرْأَة الَّتِى شبهها بالشمس وَجعلهَا شمسا لِأَن للنَّاس فى حَيَاتهَا مناقع كَثِيرَة فليتنا فَقدنَا الشَّمْس الطالعة وَبقيت الغائبة 22 - الْغَرِيب آب رَجَعَ وَأب بِالتَّشْدِيدِ يؤب أَبَا وأبابة إِذا تهَيَّأ للذهاب وتجهز يُقَال هُوَ فى أبابة قَالَ الْأَعْشَى (صُرِمتُ وَلم أصرِمكمُ وكَصَارِم ... أخُ قد طوَى كَشحا وأبّ ليذهَبا) الْمَعْنى يَقُول لَيْت عين الشَّمْس فدَاء عين هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي فَارَقت وَلم تعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا مثل فى الرِّجَال وَلَا فى النِّسَاء والقضب جمع قضيب وَهُوَ اللَّطِيف الدَّقِيق من السيوف 24 - الْمَعْنى يَقُول لست أودها إِلَّا بِاسْتِحْقَاق لصنائعها فسبب محبتى صنائعها عندى وإحسانها إِلَى وَقَالَ الواحدى روى ابْن جنى (بِلَا ودَ وَلَا سَبَب ... ) أى لم يكن بكائى لَو ن وَسبب إِلَّا لصنائعها الَّتِى قد أولت وأفعالها الَّتِى لم تُوجد من بعْدهَا فهى تذكرنى فأبكى 25 - الْمَعْنى يَقُول قد كَانَت محجوبة بأوفى حجاب فأحبت الأَرْض أَن تكون مِمَّن يحجبها فانضمت عَلَيْهَا فَكَأَن الأَرْض لم تقنع بِمَا حولهَا من الْحجاب حَتَّى حَجَبتهَا بِنَفسِهَا 26 - الْمَعْنى يُرِيد أَن عُيُون النَّاس لم تدركها فَهَل حسدت يَا أَرض عَلَيْهَا أعين الْكَوَاكِب فحجبتها أَنْت 27 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول للْأَرْض هَل سَمِعت سَلاما لى أَتَاهَا يُرِيد أَن يجْهر إِلَيْهَا السَّلَام وَالدُّعَاء وَيسْأل الأَرْض عَن بُلُوغ سَلَامه إِلَيْهَا ثمَّ قَالَ وَقد أطلت التأبين والمرثية وتجهيز السَّلَام إِلَيْهَا وَلم أسلم عَلَيْهَا من قرب لِأَنَّهَا مَاتَت على بعد عَنهُ وَلم يعرض ابْن جنى معنى هَذَا الْبَيْت فَجعل // الِاسْتِفْهَام فِيهِ إنكارا // وَقَالَ يَقُول قد أطلت السَّلَام عَلَيْهَا وَأَنا بعيد عَنْهَا فَهَل سَمِعت يَا أَرض سلامى قَرِيبا مِنْهَا وَيدل على فَسَاد قَوْله هَذَا الْبَيْت الذى بعده (وَكَيف يبلغ مَوتَانا ... الخ ... ) 28 - الْمَعْنى كَيفَ يبلغ سلامى الْمَوْتَى وَقد يقصر عَن الْأَحْيَاء يعرض بِسيف الدولة وَأَنه يقصر سَلَامه دونه وَقد أنكر ابْن فورجة هَذَا التَّعْرِيض وَقَالَ هُوَ على عُمُومه يُرِيد أَن السَّلَام يقصر عَن الحى الْغَائِب فَكيف عَن الْمَيِّت وَلَيْسَ فى الْكَلَام سيف الدولة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أولى الْقُلُوب بهَا قلب أَخِيهَا وَالضَّمِير فى صَاحبه يعود على سيف الدولة وَهُوَ أولى الْقُلُوب تَقْدِيره وَقل لسيف الدولة يَا أَنْفَع السحب يُرِيد أَن إعطاءه أهنأ لِأَنَّهُ بِلَا أَذَى والسحاب قد يُؤْذى سيله وتهلك صواعقه وبرده 30 - الْغَرِيب النجب جمع نجيب وَهُوَ الْكَرِيم من كل شئ وَرجل نجيب أى كريم بَين النجابة والنجبة مثل الْهمزَة النجيب يُقَال هُوَ نجبة الْقَوْم إِذا كَانَ النجيب مِنْهُم وأنجب الرجل أى ولد ولدا نجيبا قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ الْأَعْشَى (أنجَبَ أزْمانَ وَالديهِ بِهِ ... إذْ نَجلاه فنِعْمَ مَا نَجَلا) وَامْرَأَة منجبة ومنجاب تَلد النجباء الْمَعْنى يُرِيد أَنه أكْرم النَّاس سوى آبَائِهِ الْكِرَام وَهَذَا لفظ فِيهِ عُمُوم سوى هَؤُلَاءِ فَلَو قَالَ يَا أكْرم النَّاس كلهم حمل على زَمَانه وَلَكنهُمْ سوى آبَائِك فَدخل من تقدم مَعَهم وَهَذَا // لفظ مُنكر // يدْخل فِيهِ الْأَنْبِيَاء وَمن دونهم 31 - الْمَعْنى يُرِيد بالشخصين أختيه الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى لِأَن الْمَوْت أَخذ الصُّغْرَى وَأبقى الْكُبْرَى فَكَانَت الْكُبْرَى كدر فدى بِالذَّهَب فَجعل الْكُبْرَى كالدر لنفاسته وَجعل الصُّغْرَى ذَهَبا 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْمَوْت ترك الْكُبْرَى ثمَّ عَاد فَأَخذهَا وَمعنى الْبَيْتَيْنِ من قَول ابْن الْأَعرَابِي (وقاَسَمنِى دَهْرِى بَنِىَّ مُشاطراً ... فلمَّا تقَضَّى شَطْرُهُ عَاد فى شَطْرى) وَقَوله (إِنَّا لنغفل ... الخ ... ) // من أحسن الْكَلَام وأوعظه وَهُوَ كثير فى الْكَلَام // 33 - الْغَرِيب قرب يقرب قرَابَة مثل كتب يكْتب كِتَابَة إِذا صَار إِلَى المَاء وَبَينه وَبَين المَاء ليلتان وَالِاسْم الْقرب قَالَ الأصمعى قلت لأعرابى مَا الْقرب قَالَ سير اللَّيْل لورد الْغَد يُقَال قرب بصباص شَدِيد لَا اضْطِرَاب فِيهِ وَذَلِكَ أَن الْقَوْم يرعون الْإِبِل وهم فى ذَلِك يَسِيرُونَ نَحْو المَاء فَإِذا أبقيت بَينهم وَبَين المَاء عَشِيَّة عجلوا نَحوه فَتلك اللَّيْلَة لَيْلَة الْقرب وَأقرب الْقَوْم إِذا كَانَ إبلهم قوارب الْمَعْنى يَقُول مَا كَانَ أقصر مَا كَانَ بَينهمَا من الزَّمَان فَكَأَنَّهُ كقصر مَا بَين الْقرب إِلَى الْورْد وَهُوَ لَيْلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 - الْمَعْنى يَقُول غفر الله لَك أحزانك والحزن مِمَّا يسْتَغْفر مِنْهُ لِأَن الْحزن كالغضب مِمَّن هُوَ تَحْتك إِذا أَصَابَك بِمَا تكره والحزن مِمَّن هُوَ فَوْقك وَالْإِنْسَان إِذا حزن على مُصِيبَة تصيبه فَكَأَنَّهُ يغْضب على الْقدر الْمَقْدُور حَيْثُ لم يجر بمراده وَالْغَضَب على الْمَقْدُور مِمَّا يسْتَغْفر مِنْهُ وَقد جَمعهمَا الله فى قَوْله {وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا} فالغضب على قومه الَّذين عبدُوا الْعجل والأسف بِسَبَب خذلان الله لَهُم 35 - الْإِعْرَاب وزن يسخون يفعلن فالواو لَام الْفِعْل وَالنُّون عَلامَة الْإِضْمَار وَجمع التَّأْنِيث وَالضَّمِير رَاجع إِلَى النُّفُوس وَمثله {إِلَّا أَن يعفون} الْغَرِيب السَّلب مَا يُؤْخَذ من الْقَتِيل من ثِيَاب وَسلَاح وَمِنْه // الحَدِيث الصَّحِيح // " من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه) وَتقول سلبت الشئ سلبا بِسُكُون اللَّام وَالسَّلب بِالْفَتْح المسلوب وَكَذَلِكَ السليب وَالسَّلب أَيْضا لحاء شجر بِالْيمن تعْمل مِنْهُ الحبال وَهُوَ أجفى من لِيف الْمقل الْمَعْنى يَقُول أَنْتُم قوم أَصْحَاب شرف وأنفة يُعْطون على الْمَسْأَلَة وَلَا يُعْطون على الْغَلَبَة والقهر وَلَو قَالَ نُفُوسهم لَكَانَ أحسن فى الْإِعْرَاب وَإِنَّمَا قَالَ على المخاطبة وَهُوَ أمدح فعلى المخاطبة أَرَادَ يكون وَلَا يسخو وَإِنَّمَا أخبر عَنْهَا بالغيبة وَهُوَ // جيد // 37 - الْغَرِيب النبع شجر صلب ينْبت فى رُءُوس الْجبَال تتَّخذ مِنْهُ القسى والشوحط ينْبت فى أَسْفَل الْجبَال والغرب نبت ضَعِيف ينْبت على الْأَنْهَار الْمَعْنى يُرِيد أَنْتُم بَين الْمُلُوك كالقنا على سَائِر الْقصب ففضلكم عَلَيْهِم كفضل القنا على الْقصب ثمَّ دَعَا لَهُ أَن لَا تناله الليالى فَإِنَّهَا إِذا ضربت كسرت القوى بالضعيف وَهَذَا مثل // حسن // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 - الْغَرِيب الخرب هُوَ ذكر الْحُبَارَى وَجمعه خربَان والأخرب المشقوق الْأذن مصدره الخرب أَيْضا الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ أَن لَا تعين الليالى من عَادَاهُ فَإِنَّهُنَّ يصدن القوى بالضعيف وَهَذَا مثل // حسن // مثل الْبَيْت الأول 39 - الْمَعْنى يَقُول إِن سرتك الْأَيَّام بمحبوب فجعتك بفقده إِذا استردته وَقد أرينك الْعجب حَيْثُ سررنك ثمَّ فجعنك فهى سَبَب للسرور والفجيعة وَهَذَا عجب أَن يكون شئ وَاحِد سَببا للسرور والفجيعة 40 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يَأْمَن فجعات الدَّهْر يحْسب الْإِنْسَان أَن المحن قد تناهت فيأتيه شئ لم يكن فى حسابه 41 - الْغَرِيب اللبانة الْحَاجة وَأَصله أَن الرجل مِنْهُم كَانَ يطْلب اللَّبن من غَيره فَيَقُولُونَ أعطَاهُ لبانته أى شَيْئا من لبن ثمَّ كثر حَتَّى صَار كل حَاجَة والأرب الْحَاجة وَفِيه لُغَات أرب وإرب وإربة ومأربة ومأربة وفى الْمثل مأربة لَا حفاوة الْمَعْنى يَقُول لَا تنقضى حَاجَة أحد من الليالى وَذَلِكَ أَن حاجات الْإِنْسَان لَا تنقضى كلما قضى حَاجَة أَتَت أُخْرَى وَلم يرد لم يقْض أحد من الليالى وَلَو أَرَادَ هَذَا لَكَانَ مستحيلا وَيكون إِن أحدا لم يقْض من الليالى حَاجَة وَقد بَين هَذَا فى المصراع الثَّانِي وَهُوَ كَقَوْل الآخر (تُموتُ معَ المْرءِ حاجاتُه ... وتَبْقى لهُ حَاجَة مَا بَقِى) 42 - الْغَرِيب الشجب الْهَلَاك والحزن شجب يشجب شجبا أى هلك أَو حزن فَهُوَ شجب وشجب بِالْفَتْح يشجب بِالضَّمِّ شجوبا فَهُوَ شاجب أى هَالك وشجبه الله يشجبه شجبا بِسُكُون الْجِيم أهلكه يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى وشجبه أَيْضا حزنه وشجبه أَيْضا شغله الْمَعْنى يُرِيد أَن النَّاس يتخالفون فى كل شئ وَالْإِجْمَاع على الْهَلَاك فكلهم يَقُول إِن مُنْتَهى النَّاس وَالْحَيَوَان الْمَوْت فيهلكون ثمَّ تخالفوا فى الْمَوْت فَقَالَ قوم هَل تَمُوت النَّفس بِمَوْت الْجِسْم أم تبقى حَيَّة لقَوْله تَعَالَى {كل شئ هَالك إِلَّا وَجهه} وَقَالَ قوم هَل نبعث إِذا متْنا وَقَالَ قوم إِن دَخَلنَا النَّار أَقَمْنَا فِيهَا سَبْعَة أَيَّام بِقدر عمر الدُّنْيَا وَالْخلف فى الْمَوْت كثير وهم قد أَجمعُوا عَلَيْهِ بِغَيْر خلاف وَالْخلاف فِيهِ كثير وَقد بَينه فِيمَا بعده بقوله (فَقيل تخلص نفس الْمَرْء ... الْبَيْت ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 - الْمَعْنى يُرِيد بِالنَّفسِ الرّوح وَاخْتِلَاف النَّاس فى هَلَاك الْأَرْوَاح فالدهرية وَمن يَقُول بقدم الْعَالم يَقُولُونَ إِن الرّوح تفنى كالجسم والمقرون بِالْبَعْثِ يَقُولُونَ الْأَرْوَاح تسلم من الْهَلَاك وَلَا تفنى بِفنَاء الْأَجْسَام 44 - الْمَعْنى يُرِيد بِإِقَامَة الْفِكر بَين الْعَجز والتعب أَنه يتعب تَارَة فى طلب الدُّنْيَا وَتارَة يتْرك طلبَهَا خوفًا على مهجته فَلَا يَنْفَكّ عَن طلب وَعجز فالطالب فى تَعب والقاعد عَاجز وعجزه للخوف على مهجته فَلَو تَيَقّن سَلامَة مهجته مَا قعد عَن الطّلب 19 - 2 - الْإِعْرَاب السّمع والطوع والابتهاج مصَادر دلّت على أفعالها فَكَأَنَّهُ قَالَ سَمِعت أَمرك سمعا وأطعت طَاعَة وابتهجت بكتابك ابتهاجا الْغَرِيب الابتهاج الْفَرح يُقَال بهج بِهِ بِالْكَسْرِ فَهُوَ بهج وبهيج قَالَ الشَّاعِر (كَانَ الشَّبابُ رِداء قد بهجْتُ بِهِ ... فقد تَطايَرَ مِنهُ للبِلى خِرقُ) وبهجنى بِالْفَتْح وأبهجنى سرنى الْمَعْنى يَقُول أطعتك وابتهجت بكتابك وَإِن كَانَ فعلى فى طَاعَتك لَا يبلغ مَا يجب وَقيل لَا يسْتَحق أحد أَكثر من السّمع وَالطَّاعَة وَلكنه أيأسه من النهوض إِلَيْهِ وَهُوَ التَّقْصِير الذى ذكره وَهَذِه القصيدة من المتقارب وتقطيعها فعولن فعولن فعولن دخله الْقصر فَصَارَ فعولن فعولن فعولن فعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 - الْمَعْنى يَقُول لم يمنعنى من اللحوق بك إِلَّا خوف الوشاة والوشاية طريقها الْكَذِب إِذا وشى الْإِنْسَان كذب فَخفت كذبهمْ 4 - الْإِعْرَاب مَفْعُولا تَكْثِير وتقليل محذوفان التَّقْدِير تكثيرهم معايبنا وتقليلهم مناقبنا الْغَرِيب الخبب ضرب من الْعَدو يُقَال خب الْفرس يخب بِالضَّمِّ خبا وخببا وخبيبا إِذا راوح بَين قَدَمَيْهِ وَرجلَيْهِ وأخبه صَاحبه وَيُقَال جَاءُوا مخبين وخب النَّبَات إِذا طَال وارتفع الْمَعْنى يُرِيد مَا يَقُول الْأَعْدَاء فيهم وَمَا يعدون بِهِ من النميمة وَالْكذب 5 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يصغى إِلَيْهِم بأذنه وَلَا يُصدقهُمْ بِقَلْبِه لكرم حَسبه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ يسمع مِنْهُم إِلَّا أَن قلبه كَانَ على كل حَال معى وَقَالَ الْخَطِيب ينصرهم بسمعه أى يمِيل إِلَيْهِم ويميل إِلَى بِقَلْبِه 6 - الْمَعْنى يَقُول لم أنقص من مجدك وفضائلك شَيْئا كَمَا ينقص الْبَدْر بِأَن يشبه باللجين وَالشَّمْس بِالذَّهَب وَهَذَا مثل ضربه أى لم أهجك فتنكر على وَهُوَ قَوْله فى الْبَيْت الذى بعده 7 - الْإِعْرَاب نصب فيقلق بِالْفَاءِ جَوَابا للنفى ويغضب عطفا عَلَيْهِ وَالْفَاء تعْمل فى ثَمَانِيَة مَوَاضِع إِذا كَانَت جَوَابا فى الْأَمر والنهى والنفى والاستفهام والتحضيض وَالْعرض والتمنى والترجى الْغَرِيب الأناة الرف والتثبت الْمَعْنى مَا قُلْنَا شَيْئا فيقلق مِنْهُ الْبعيد الأناة الذى لَا يستخف عَن قرب وَلَام التَّعْرِيف فى قَوْله الْبعيد يجوز أَن تكون للْجِنْس فَيكون الْمَعْنى يقلق مِنْهُ كل حَلِيم سيف الدولة وَغَيره وَيجوز أَن تكون للْعهد فَيكون الْبعيد الأناة سيف الدولة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 - الْغَرِيب لاقنى يُرِيد مَا أمسكنى وَأَصله اللصوق والإمساك يُقَال هَذَا أَمر لَا يَلِيق بك لَا يمسكك وَلَا يلصق وَلَا يعلق بك وَفُلَان مَا يَلِيق درهما أى مَا يمسك درهما قَالَ (كَفَّاكَ كَفّ مَا تُليق دِرْهَما ... جُوداً وأُخرى تُعط بِالسَّيْفِ الدَّما) الْمَعْنى يُرِيد مَا أخذت عوضا عَنْكُم وَلَا أمسكنى بلد بعدكم وَلَا أعجبى ولالى مُسْتَقر إِلَّا عنْدكُمْ وإنى لَا أُصِيب مثلكُمْ وَكَيف آخذ عوضا مِمَّن أنعم على وخاطبه بِالْكَاف وَالْمِيم كَمَا يُخَاطب الْمُلُوك ووقف على الْبَاء وهى مَوضِع نصب ضَرُورَة للقافية كَقَوْل الْأَعْشَى (إِلَى المرْءِ قَيْس أُطيلُ السُّرَى ... وآخُذ مِن كلّ حَىّ عُصُمْ) وَلم يقل عصما وخفف الْبَاء أَيْضا وَحكمهَا التَّشْدِيد لِأَن الْحُرُوف الْمُشَدّدَة إِذا وقعن رويا خففن وَالْبَيْت مثل قَوْله (ومَنْ أعْتاضُ مِنْك إِذا افترَقْنا ... وكُلّ النَّاس زُورٌ مَا خَلاكا) 9 - الْغَرِيب الغبب والغبغب للبقر والديك مَا تدلى تَحت حنكيهما والغبغب أَيْضا المنحر بمنى وَهُوَ جبيل قَالَ الشَّاعِر (يَا عَام لَو قَدِرَتْ عليكَ رِماحُنا ... والرّاقِصاتَ إِلَى منى فالغَبْغبِ) والظلف للبقرة وَالشَّاة والظبى وَهُوَ مَا تطَأ بِهِ الأَرْض كالقدم للْإنْسَان والخف للبعير والحافر للْفرس والبغل وَالْحمار واستعاره للأفراس عَمْرو بن معديكرب فَقَالَ (وَخَيْلا تَطأكُم بأظْلافِها ... ) هَذَا مثل ضربه لمن يلقى بعده من الْمُلُوك وَهَذَا كَقَوْل خِدَاش بن زُهَيْر (وَلَا أكونُ كَمنْ ألْقَى رِحالتَه ... على الحمارِ وخلَّى صَهْوة الفَرسِ) وَقَالَ الْخَطِيب ذكر الرّكُوب هُنَا فِيهِ جفَاء وَلَا تخاطب الْمُلُوك بِمثل هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 - الْمَعْنى يُرِيد هُوَ سيف الدولة فَلَو سميتهم سيوفا لَكَانَ هُوَ سَيْفا من الْحَدِيد وَكَانُوا هم من الْخشب وَالْمعْنَى أَن مدحى لَهُ حَقِيقَة ومدحى لَهُم // مجَاز // 12 - الْمَعْنى لَا يُشبههُ أحد فِيمَا ذكرت وَلَا فى غَيره وَهَذَا // اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار // 13 - الْغَرِيب الجرشى بِكَسْر الْجِيم وَالرَّاء وَالتَّشْدِيد النَّفس واللقب مَا ينبز بِهِ الرجل تَقول لقبته بِكَذَا فتلقب بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّعْت فَوضع اللقب مَوْضِعه واللقب منهى عَنهُ قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} الْمَعْنى يُرِيد أَن اسْمه على وَهُوَ اسْم مبارك يتبرك بِهِ لمَكَان على عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ مُشْتَقّ من الْعُلُوّ والعلو مَحْبُوب مَطْلُوب وَيُرِيد أَنه مَشْهُور اللقب بِسيف الدولة قد اشْتهر بِهِ فى الْآفَاق فَهُوَ أغر والأغر الْوَاضِح الأبلج وشريف النّسَب لِأَنَّهُ من ربيعَة وهم كرام أَشْرَاف 14 - الْمَعْنى الْمَعْنى يُرِيد أَنه أَخُو الْحَرْب أى قد عرفت بِهِ وَعرف بهَا فَصَارَ لَهَا كالأخ فَإِذا أخدم خَادِمًا فَهُوَ مِمَّا سباياه لَا مِمَّا اشْتَرَاهُ لِأَن مَا لَهُ كُله من سباياخ وَإِذا خلع ثوبا فَهُوَ مِمَّا سلب من أعدائه 15 - الْمَعْنى أَنه إِذا جمع مَالا لَا يسر مِنْهُ إِلَّا بِمَا يهب كَقَوْل البحترى (لَا يحرِمَنْك كَمَا احتّج البخيلُ وَلَا ... يُحِبّ مِن مَاله إِلَّا الذى يَهَبُ) 16 - الْمَعْنى يُرِيد أَنى إِذا ذكرته دَعَوْت الله لَهُ بِهَذَيْنِ وَقَالَ الْخَطِيب يَقُول أَدْعُو الله بِالصَّلَاةِ والسقيا وَالنَّاس يقصرون الصَّلَاة على الْأَنْبِيَاء وَالشعرَاء يعظمون الممدوح غَايَة مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ كَقَوْل ابْن الرّقاع (صلَّى الإلهُ على امْرِئ وَدَّعْتُهُ ... وأتمَّ نِعْمتَهُ عليْهِ وزَادَها) وكقول الراعى (صَلَّى على عَزَّةَ الرَّحمنُ وابنَتِها ... لَيْلَى وصلَّى على جاراتها الأُخَرِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 - الْمَعْنى يُرِيد أثنى عَلَيْهِ بنعمه السَّابِقَة إِلَى وَإِلَى غيرى وَأقرب مِنْهُ بالموالاة والمحبة 18 - الْغَرِيب الغدران جمع غَدِير وَهُوَ مَا بقى من السَّيْل بعده وَأَصله من غَادَرَهُ إِذا تَركه وَمِنْه لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة أى لَا يتْرك وغادرته أَيْضا وجدته ونضب المَاء غَار فى الأَرْض وسفل ينضب بِضَم الضَّاد نضوبا وَقَالَ الأصمعى الناضب الْبعيد وَمِنْه قيل للْمَاء إِذا ذهب نضب أى بعد وخرق ناضب بعيد الْمَعْنى يُرِيد أَن عطاياه إِن كَانَت انْقَطَعت عَنى فعندى مِنْهَا كَمَا يبْقى من مَاء الْمَطَر فى الغدران لِأَن أَكثر بره وعطاياه عندى وَقَالَ الْخَطِيب سمى الغدير غديرا لمعنيين أَحدهمَا لِأَن الْغَيْث تَركه والثانى لِأَنَّهُ يغدر بالنازل 19 - الْغَرِيب الشطب جمع شطبة وهى طرائقه الَّتِى فى مَتنه مثل صبرَة وصبر وَقيل فِيهَا شطب بِضَم الشين والطاء وَسيف مشطب فِيهِ طرائق وَكَذَلِكَ الثَّوْب وَقيل الشطب وَاحِد مثل عتق وثعل وتسكين الطَّاء جَائِر فى الْوَجْهَيْنِ وَمن قَالَ شطب بِفَتْح الطَّاء جعله وَاحِدًا مثل نغر وصرد وَيجوز أَن يكون جمعا مثل ظلم وغرف الْمَعْنى يَقُول أَنْت سيف الله لَا سيف النَّاس وَصَاحب المكارم لَا سيف فِيهِ طرائق من سيوف الْحَدِيد يُرِيد لست سَيْفا كالسيوف 20 - الْغَرِيب أبعد وَأعرف وَمَا يأتى بعدهمَا نصب على النداء الْمُضَاف الْمَعْنى قَالَ الواحدى أبعد ذوى الهمم فأوقع الْوَاحِد مَوضِع الْجَمَاعَة كَمَا تَقول هَذَا أول فَارس مقبل وَالْمعْنَى أَنه أَرَادَ أبعد النَّاس همة وأعرفهم بمراتب الرِّجَال لِأَنَّهُ أعلم بهم فَهُوَ يعْطى كل أحد مَا يسْتَحق من الرُّتْبَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 - الْمَعْنى يُرِيد أَن النَّاس دعوك وَالسُّيُوف فَوق الرُّءُوس بأضرب وبأطعن فَقَالُوا يَا أطعن من طعن بخطية وأضرب من ضرب بحسام فأجبتهم ورءوسهم تَحت سيوف الرّوم 23 - الْغَرِيب الوجيب خفقان الْقلب وَغَارَتْ الْعين غئورا إِذا انخسفت من وجع أَو حزن الْمَعْنى يُرِيد أَنهم يئسوا من الْحَيَاة فهم فى بكاء وَخَوف حَتَّى أنقذتهم من ذَلِك 24 - الْغَرِيب الوصب الْمَرَض وَقد وصب الرجل يوصب فَهُوَ وصب وأوصبه الله فَهُوَ موصب والموصب بِالتَّشْدِيدِ الْكثير الأوجاع الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا جَاءَهُم الْعَدو لِأَن الْأَعْدَاء أرجفوا بأنك عليل وَأَنَّك لَا تطِيق المجئ إِلَيْهِم لثقل الْمَرَض 26 - الْإِعْرَاب نصب طوَالًا وقصارا على الْحَال وَالضَّمِير فى أَتَاهُم للدمستق الْغَرِيب السبيب شعر الناصية وَالْعرْف والذنب والعسب جمع عسيب وَهُوَ منبت الذَّنب من الْجلد والعظم والعسيب من السعف فَوق الكرب لم ينْبت عَلَيْهِ خوص وعسيب اسْم جبل قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (إنّى مُقِيمٌ مَا أقامَ عَسِيبُ ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَن الدمستق ملك الرّوم أَتَاهُم بخيل أوسع من الأَرْض لِأَن أَرضهم ضَاقَتْ بخيله لكثرتها يصف عَسْكَر الرّوم بِالْكَثْرَةِ ويصف خيله وَالْمُسْتَحب فى الْخَيل مَا ذكر أَن يطول شعر الذَّنب وَيقصر عظمه وَقَالَ السبيب وَلم يقل الأسبة جعل الْوَاحِد فى مَوضِع الْجمع كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ نخرجكم طفْلا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 - الْمَعْنى يُرِيد الشواهق وهى الْجبَال العاليات تغيب فى جَيش الدمستق لكثرته فَهُوَ يعم الْجبَال فَإِن ظهر مِنْهَا شئ ظهر الْيَسِير لِأَنَّهُ يركب السهْم والجبل لكثرته 28 - الْمَعْنى يُرِيد لِكَثْرَة رماحه وتضايق مَا بَينهمَا أَن الْهَوَاء غص بهَا فَلَا تَجِد الرّيح سَبِيلا إِلَّا أَن تَتَخَطَّى أَو تثب والجو الْهَوَاء ويخط من الخطو غير مَهْمُوز 29 - الْغَرِيب جمع الْمَدِينَة على مدن يدل أَن الْمِيم أَصْلِيَّة مُشْتَقَّة من مدن بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ وَقَالَ قوم بل من دَان الْملك الْقَوْم إِذا ملكهم فهى على هَذَا مديونة وينتقض هَذَا القَوْل بهمزهم الْمَدَائِن وَلَو كَانَت من دنت لتعذر فِيهَا الْهَمْز إِلَّا على رأى أَبى الْحسن سعيد بن مسْعدَة واللجب الصَّوْت الشَّديد الْمَعْنى يُرِيد أَنه أَتَاهُم بجيوش كَثِيرَة عَمت بِلَادهمْ فَكَأَنَّهَا غرقتها وأخفى أَصْوَاتهم بِصَوْت جَيْشه 30 - الْغَرِيب أَخبث فى الْمَوْضِعَيْنِ يُرِيد مَا أخبثه فى الْحَالين وَمثله قَوْله تَعَالَى {أسمع بهم وَأبْصر} أى مَا أسمعهم وَمَا أبصرهم الْمَعْنى يُرِيد أَنه خَبِيث فى طلبه وهربه 31 - الْمَعْنى يَقُول لما كنت بَعيدا من أهل الثغور أَتَاهُم لِلْقِتَالِ فَلَمَّا جِئْت جعل الْهَرَب مَوضِع الْقِتَال فَكَانَ قِتَاله الْهَرَب 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه افتخر بقصدهم وَعذر فى هربه من بَين يَديك لِأَنَّهُ لَا يقوم بك 33 - الْمَعْنى يَقُول أغثتهم قبل أَن يقتلهُمْ وَقبل أَن يعطبوا وَإِنَّمَا مَنْفَعَة الْغَوْث أَن يكون قل العطب وَإِن كَانَ الْغَوْث بعد العطب فَلَا مَنْفَعَة فِيهِ فأدركتهم قبل أَن يظفر بهم وَهَذَا كَقَوْل حبيب (وَما نَفْعُ مَن قد ماتَ بالأمْسِ ظامِئا ... إِذا مَا سمَاءُ اليَوْم طالَ انهِمارُها) وللبحترى مَا يُقَارب هَذَا الْمَعْنى (واعلَمْ بِأَن الغَيْثَ لَيْسَ بنافعٍ ... للنَّاسِ مَا لم يَأْتِ فى إبَّانِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 - الْغَرِيب الصلب جمع صَلِيب وَهُوَ مَا يَتَّخِذهُ النَّصَارَى فى بُيُوتهم وبيعهم وَهُوَ فعيل كنجيب ونجب وسرير وسرر الْمَعْنى يَقُول لما أغثتهم وهرب الدمستق خروا وسجدوا لله شكرا حِين أتيتهم وَلَو لم تأتهم سجدوا للصلب خوفًا من الرّوم 35 - الْمَعْنى كم طردت ومنعت عَنْهُم الْهَلَاك لمن بغى عَلَيْهِم فأهلكته وكشفت من كرب عَنْهُم بالكرب الَّتِى أنزلتها بعدوهم 36 - الْغَرِيب عَاد إِذا رَجَعَ بعد ذَهَابه فَقَوله يعد مَعَه وَلم يكن مَعَه فى الْمرة الأولى إِنَّمَا جوزه حملا على مَا جَاءَ فِي كَلَام الْعَرَب أَن عَاد يُرَاد بِهِ الِابْتِدَاء فى بعض الْمَوَاضِع قَالَ الشَّاعِر (فإنْ تكُنِ الأيَّامُ أحْسَنَّ مرّةُ ... إلىَّ فقد عادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ) أى أتتنى فَكَذَا معنى الْبَيْت أى جئ مَعَه الْملك المتوج الْمَعْنى يُرِيد أَن الرّوم زَعَمُوا ان الدمستق يعود وَمَعَهُ الْملك الْأَعْظَم والمعتصب الذى يعتصب التَّاج بِرَأْسِهِ 37 - الْمَعْنى أَنَّهُمَا يعْنى الْملكَيْنِ الدمستق والمتوج يستنصران الْمَسِيح ويسألانه النَّصْر على الْمُسلمين وَعِنْدَهُمَا أَن الْمَسِيح صلبته الْيَهُود وقتلته وَقد أكد بهم الْقُرْآن بقوله تَعَالَى {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صلبوه} الْآيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 - الْإِعْرَاب اللَّام فى للرِّجَال مَفْتُوحَة لِأَنَّهَا لَام الاستغاثة فهى للمستغاث بِهِ وهى مَفْتُوحَة وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ لقيس بن ذريح (تكنَّفَنى الوُشاةُ فأزْعَجُونِى ... فياَ للنَّاسِ للْوَاشى المُطاعِ) وَاللَّام فى لهَذَا لَام التَّعَجُّب وهى مَكْسُورَة الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهُمَا يطلبان من الْمَسِيح أَن يدْفع عَنْهُمَا مَا ناله من الْهَلَاك من قتل الْيَهُود لَهُ فى زعمهم ثمَّ تعجب من هَذَا فَقَالَ كَيفَ يقدر أَن يدْفع عَنْهُمَا الْهَلَاك وَلم يقدر على الدّفع عَن نَفسه فَهَذَا غَايَة الْعجب 39 - الْمَعْنى يَقُول أرى الْفَرِيقَيْنِ مُجْتَمعين قد تهادنوا إِمَّا لعجز وَإِمَّا لخوف 40 - الْمَعْنى يُرِيد أَن هَؤُلَاءِ قد هادنوهم وَأَنت مَعَ الله أى مَعَ أَمر الله بجهادهم وقتالهم فَأَنت الْمُطِيع لله فى جهادهم قد جانبت غَيْرك من المهادنين والموادعين 41 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك كَأَنَّك الموحد لله وَحدك وَغَيْرك من الْبَريَّة يُرِيد الْخَلَائق يدينون دين النَّصَارَى يَقُولُونَ فى الْمَسِيح ابْن وَأب وَقد نطق الْقُرْآن بِهَذَا فى قَوْله تَعَالَى {وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله} 42 - الْمَعْنى يَقُول لَيْت الْحَاسِد الذى يحزن بظفرك بالروم يقتل بسيفك وكئب كآبة حزن وَظهر فِيهِ الانكسار 43 - الْمَعْنى يُرِيد بالشكاة الْمَرَض وَمثله الشكو والشكوى والشكاية ثمَّ عاتبه فى آخر الْبَيْت فَقَالَ ليتك تجزى من أبغضك ببغضه وَمن أحبك بحبه لأنال مِنْك نصيبى من الْجَزَاء بحبى لَك فَلَو فعلت هَذَا لوصلت مِنْك لفرط حبى لَك إِلَى أَضْعَاف مَا وصلت مِنْك لأنى أفرطت فى حبك وَقد بَينه فى الْبَيْت الذى بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 - 44 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو تناهيت فى جزائك إياى على حبى إياك لَكَانَ ضَعِيفا بِالْإِضَافَة إِلَى قُوَّة حبى لَك قَالَ أَبُو الْفضل العروضى وَهَذَا لَا يَقُوله مَجْنُون لبَعض نظرائه وَلمن هُوَ دونه فَكيف ينْسب المتنبى سيف الدولة إِلَى أَنه لَو احتشد وتكلف فى جَزَائِهِ لم يبلغ كنهه وَهَذَا عتاب يَقُول لَو جزيتنى بحبى لَك وَهُوَ أقوى سَبَب لِأَن حبى لَك أَكثر من حب غيرى لَنِلْت مِنْك الْقَلِيل يشكو إعراضه عَنهُ وَأَنه لَا يُصِيب مِنْهُ حظا مَعَ قُوَّة سَببه 20 - 1 - الْإِعْرَاب يرْوى رائى خطأ مُضَافا وَرَاء خطأ بِالنّصب كَمَا تَقول ضَارب عَمْرو وضارب عمرا إِذا كَانَ فى الْمُسْتَقْبل وَقيل لبَعض النُّحَاة مَا تَقول فى رجل قَالَ زيد قَاتل بكر وَقَالَ آخر عَمْرو قَاتل بكرا أى التَّنْوِين فَقَالَ زيد قتل وَعَمْرو لم يقتل وَقد جَاءَ الْقُرْآن بِخِلَاف هَذَا إِلَّا أَن يتَأَوَّل قَالَ الله تَعَالَى فى الْمُسْتَقْبل {إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا} وَقَالَ فى الماضى {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد} وَقد قَرَأَ ابْن السميفع وَغَيره آتٍ بِالتَّنْوِينِ الرَّحْمَن بِالْفَتْح وَنصب صَوَابا بِفعل مُضْمر وَمن روى رَاء خطأ بِالتَّنْوِينِ وَنصب مَا بعده جعل صَوَابا الْمَفْعُول الثَّانِي لِأَنَّهُ من الظَّن أَو الْعلم الْمَعْنى يُرِيد يَا أَبَا سعيد وَهُوَ أَبُو سعيد المنبجى من بنى المخيمر قَبيلَة بمنبج من طَيء بعد عَنى عتابك وَلَا تعاتبنى لِأَنَّك ترى الْخَطَأ فى زِيَارَة الْمُلُوك صَوَابا وَهَذَا من الرجز مستفعلن مَحْذُوف مخبون 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْمُلُوك قد أَكْثرُوا من حجابهم يحجبوا عَنْهُم النَّاس وَأَقَامُوا البواب على أَبْوَابهم ليردوا النَّاس عَن الدُّخُول إِلَيْهِم 3 - الْغَرِيب القرضاب السَّيْف الْقَاطِع يقطع الْعِظَام والقرضاب والقرضوب اللص وَالْجمع القراضبة وَرُبمَا سمى الْفَقِير قرضوبا والذابلات الرماح اللنة والعراب الْخَيل الْعَرَبيَّة الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه ترفع الْحجاب فِيمَا بَيْننَا وَذَلِكَ أَنه يخرج على الْمُلُوك ويتوصل إِلَى قِتَالهمْ بِمَا ذكر وَهَذَا من بعض حمقه فى صباه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 - 1 - الْغَرِيب الأكوب جمع كوب وَهُوَ كوز لَا عُرْوَة لَهُ قَالَ عدى بن زيد (مُتكئا تَصْفِقُ أبُوَابُهُ ... يَسْعَى عليهِ العَبْدُ بالكُوب) الصافيات جمع صَافِيَة وهى الْخمْرَة والباترات جمع باتر وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى أَنه لَا يطرب إِلَّا على صليل السيوف وَهُوَ مِمَّا ذَكرْنَاهُ عَن صباه 22 - 1 - الْإِعْرَاب اللَّام فى لأى زَائِدَة كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون} وَكَقَوْلِه {ردف لكم} و {وَفِيه تعاتب} أضمره قبل الذّكر لعلم السَّامع بِهِ وَقَوله {وأى رزاياه} الرِّوَايَة بِفَتْح الْيَاء وَالْعَامِل فِيهِ نطالب الْمَعْنى أَن صروف الدَّهْر كَثِيرَة فَلَا يُمكن معاتبتها لكثرتها وَالْوتر والترة الْعَدَاوَة وَهَذَا شكوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 - الْمَعْنى يُرِيد النَّاس إِذا اعتزب أى بعد عَنْهُم الصَّبْر فى الشدائد والنوائب بعينهم وَيحسن إِلَيْهِم حَتَّى يصبروا على مَا ينوبهم فَكَأَنَّهُ يعطيهم الصَّبْر وَمن روى يعْطى بِفَتْح الطَّاء فَالْمُرَاد أَنه كَانَ يصبر فى المواطن الَّتِى يصعب فِيهَا الصَّبْر 3 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْعَجَاجَة لما ارْتَفَعت فى الْهَوَاء حجبت السَّمَاء فَصَارَت سَمَاء وبدت الأسنة لامعة فِيهَا كالكواكب فَشبه الْعَجَاجَة بالسماء والأسنة بالكواكب وَهُوَ كثير فى أشعارهم قَالَ الشَّاعِر (نَسَجَتْ حَوَافِرُها سَماءً فَوْقَها ... جَعَلَتْ أسِنَّتَنا نُجُومَ سَمائها) وَقَالَ بشار بن برد (خَلَقْنا سَماءً فَوْقَنا بِنُجُومِها ... سُيوفا وَنَقْعا يقْبِضُ الطَّرْفَ أقْتما) وَقَالَ أَيْضا (كأنَّ مُثارَ النَّقْعِ فَوْقَ رُءُوسنا ... وأسْيافَنا لَيْلُ تَهاوَى كَوَاكِبُه) 4 - الْغَرِيب الْمضَارب جمع مضرب بِكَسْر الرَّاء وَهُوَ حَده وظبته وَبِفَتْحِهَا الْمَكَان الذى يضْرب فِيهِ الْإِنْسَان والضرائب جمع ضريبة وهى الشئ الْمَضْرُوب بِالسَّيْفِ والضرائب أَيْضا الْأَشْبَاه والأشكال الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الْعَجَاجَة تنجلى عَنهُ وَقد انفلت سيوفه من كَثْرَة الضَّرْب فَكَأَنَّهَا مضروبات لَا ضاربات فَكَأَن حَدهَا الذى يضْرب بِهِ كَانَ يضْرب عَلَيْهِ وَالْعرب تَفْخَر يفل سيوفها قَالَ السموءل (وأسْيافُنا فى كلّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ ... بِها مِن قِراع الدَّارِعِينَ فُلُولُ) 5 - الْمَعْنى يُرِيد ان سيوفه طلعت شموسا وأغمادها مشارقها فَلَمَّا ضرب بهَا غَابَتْ فى رُءُوس المضربين فَصَارَت لَهَا كالمغارب وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وأبينه فَشبه السيوف بشموس طلعت من مشارقها وغربت فى مغاربها لكنه نَقله من أَبى نواس حَيْثُ يَقُول فى الْخمْرَة (طالِعاتٌ مَعَ السُّقاةِ عَلَيْنا ... فَإِذا مَا غَرّبن يَغْرُبْنَ فِينا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 - الْغَرِيب شَتَّى متفرقات وقفتها تبعتها قَالَ الله عز وَجل (وقفينا على آثَارهم وَمِنْه الْكَلَام المقفى وَسميت قوافى الشّعْر لِأَن بَعْضهَا يتبع بَعْضًا الْمَعْنى يَقُول لَيست الْمُصِيبَة وَاحِدَة وَإِنَّمَا هى مصائب لعظمها ثمَّ لم يكفنا كثرتها حَتَّى تبعتها مصائب وهى قَول العداة هم شامتون بِهِ وَهَذَا أعظم الْأَشْيَاء اتهامنا بِمَا لم يخْطر لنا ببال 7 - الْمَعْنى يَقُول إِن غَرِيبا أجنيا رثى ابْن أَبينَا أى ابْن عمنَا فأبعدنا عَنهُ وَنحن فى الْحَقِيقَة أَقَاربه بِأَن قَالَ إِنَّا شامتون بِهِ 8 - الْإِعْرَاب عرض أَنا كَانَ حَقه أَن يَقُول بِأَنا إِلَّا أَنه حذف على معنى ذكر أَنا شامتون الْمَعْنى قَالَ الواحدى يجوز أَن يكون قَوْله وَإِلَّا فزارت من قَول المعرض حكى مَا قَالَ من شماتتهم وَإِلَّا فزارتنى السيوف أى قتلت بهَا إِن لم يكن الْأَمر على مَا ذكرت فَيكون هَذَا تَأْكِيد لما ذكر من شماتتهم وَيجوز أَن يكون من كَلَام الَّذين ينفون الشماتة عَن أنفسهم يَقُول إِن لم يكن الْأَمر على مَا ذكر فَرمى الله عارضيه وهما جَانب لحييْهِ بالقواضب وهى السيوف القواطع فَيكون هَذَا تَأْكِيدًا لنفى الشماتة وَأَن الْأَمر لَيْسَ على مَا ذكر 9 - الْغَرِيب النجل النَّسْل ونسله أَبوهُ أى وَلَده وَيُقَال قبح الله ناجليه أى وَالِديهِ الْمَعْنى يَقُول من الْعجب العجيب أَن تدب عقارب يَهُودِيّ وهى نمائمه بَين بنى أَب وَاحِد فيوقع بَينهم الْعَدَاوَة يُرِيد الذى يمشى بَينهم بالنميمة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ لَيْسَ عجيبا أَن أى أَنه فَحذف الْهَاء ضَرُورَة هُوَ يريدها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 - 10 - الْإِعْرَاب أَن لَيْسَ هى المخفقة من الثَّقِيلَة وَلَا تدخل إِلَّا على الِاسْم وَلَا تدخل على الْفِعْل حَتَّى يحجز بَينه وَبَينهَا حاجز لدخولها على الْأَسْمَاء كَقَوْلِه تَعَالَى {ذَلِك أَن لم يكن رَبك مهلك الْقرى} تَقْدِيره أَنه لم يكن رَبك مهلك الْقرى بظُلْم وَكَقَوْلِه تَعَالَى {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} تَقْدِيره أَنه سَيكون فلابد من حرف يحجز بَينهَا وَبَين الْفِعْل وَقد دخلت هَا هُنَا على لَيْسَ وَهِي فعل بِلَا حاجز وَذَلِكَ لضعف لَيْسَ عَن الْأَفْعَال وَلِأَنَّهَا غير متصرفة كتصرف الْأَفْعَال وَقد جعلهَا أَبُو على حرف زمَان وَمثل هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} فَدخلت بِغَيْر حاجز لِضعْفِهَا الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يغلب جَمِيع النَّاس وَلم يقدر على الِامْتِنَاع من الْمَوْت فَدلَّ ذَلِك على أَنه لَا غَالب لله وَهُوَ من قَول أَبى تَمام (وكَفَى بقَتْلِ مُحَمَّدٍ لى شاهِداً ... أنَّ العَزِيزَ مَعَ القَضَاءِ ذَلِيلُ) 1 - الْغَرِيب كرب أَن يفعل كَذَا أى كَاد وقارب وكربت الشَّمْس دنت للغروب وكربت حَيَاة النَّار قَارب انطفاؤها قَالَ عبد الْقَيْس بن خفاف البرجمى (أبُنَىّ إنَّ أباكَ كارِبُ يَوْمه ... فاذَا دُعِيتَ إِلَى المَكارمِ فاعْجلِ) وَقَوله انى يُرِيد كَيفَ وأنى بِمَعْنى كَيفَ كثير قَالَ الله تَعَالَى {أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا} {أَنى لَك هَذَا} الْمَعْنى يُرِيد أَنه بَكَى فى منَازِل الأحباب بدمع قضى لَهُم مَا وَجب وشفاه من وجده ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك وَقَالَ كَيفَ قضى ذَلِك وَلَا قَارب ذَلِك وَلَا داناه كلا وَلَا قضى الْحق وَلَا شفى الوجد وَذَلِكَ لِكَثْرَة بكائه وَغَلَبَة الوجد عَلَيْهِ ظن أَنه بلغ بذلك قَضَاء حَقهم ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَفسه فَعَاد عَن ذَلِك وَنفى أَن يكون قضى حَقهم أَو قاربه وَهَذَا مَوْجُود فى أشعار القدماء والمحدثين أَن يرجِعوا فى آخر الْبَيْت عَمَّا أوجبوه فى أَوله وَمِنْه قَول زُهَيْر ابْن أَبى سلمى (قِفْ بالدّيارِ الَّتِى لم يعْفُها القِدَمُ ... بَلى وغَيَّرَها الأرْوَاحُ والدِّيَمُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم عطفوا رِكَابهمْ على هَذَا الرّبع ليزوره فَأذْهب مَا كَانَ بقى لَهُم من الْعُقُول بتجديده لَهُم ذكر الْأَحِبَّة وَلم يرد مَا كَانَ ذهب من الْعُقُول عِنْد الْفِرَاق 3 - الْإِعْرَاب سوائلا صفة لعبرات وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بسقيته إِن جعلت سوائلا صفة وَإِن جَعلتهَا حَالا تعلق بهَا الْمَعْنى يَقُول سقيت هَذَا الرّبع دموعا ظَنّهَا مَطَرا سَائِلًا من جفون ظَنّهَا سحبا 4 - الْإِعْرَاب الْألف وَاللَّام فى الملم بِمَعْنى الَّتِى تَقْدِيره دَار الَّتِى ألم بهَا طيف وَقَوله دَار أى هَذَا الرّبع دَار الَّتِى ألم وعينى فَاعل صدقت وَقيل يجوز أَن تكون عينى مَفْعُولا وفاعل صدقت طيف مُضْمر فِيهِ وَتَقْدِير الْكَلَام على هَذَا الَّتِى ألم بهَا طيف فَمَا صدقت الطيف عينى وَصدق يتَعَدَّى إِلَى مفعولين قَالَ الله تَعَالَى {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا} الْمَعْنى يَقُول هَذَا الرّبع الذى ذكرته دَار الَّتِى ألم بهَا طيف أى زار وأوعدنى لَيْلًا فَمَا صدقت عينى مَا رَأَتْ لِأَنَّهَا أرتنى مَا لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا أكذب الطيف فى تهددة إياى لِأَنَّهُ أوفى بِمَا أوعد بِهِ من القطيعة والهجر وَالشَّر وكل مَا لَا أُرِيد 5 - الْغَرِيب ناءيته ونأيت عَنهُ نأيا بِمَعْنى أى بَعدت وأنأيته فانتأى أى أبعدته فَبعد وتناءوا تباعدوا والمنتأي الْموضع الْبعيد قَالَ النَّابِغَة (وإنَّك كاللَّيْلِ الَّذِى هُوَ مُدْرِكى ... وَإنْ خِلْتُ أنّ المُنْتأى عَنْك وَاسعُ) نبا ارْتَفع وتجافى وتباعد وأنبيته أَنا دَفعته عَن نفسى وفى الْمثل (الصدْق ينبى عَنْك لَا الْوَعيد ... ) اى أَن الصدْق يدْفع عَنْك الغائلة فى الْحَرْب دون التهدد ونبا السَّيْف إِذا لم يعْمل فى الضريبة ونبا بصرى عَن الشئ ونبا بِهِ منزله إِذا لم يُوَافقهُ والتجميش المغازلة الْمَعْنى إِنَّه يَقُول هَذَا الطيف على الْمُخَالفَة كلما طلبت مِنْهُ شَيْئا قابلنى بضدة وَهُوَ قريب من قَوْله (صَدّت وعَلَّمت الصدودَ خيالَهَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 - الْمَعْنى يَقُول أَبُو الْفَتْح ملكت قلبى بِلَا كلفة وَلَا مشقة فَكَانَت كمن سكن بَيْتا لم يتعب فى إِقَامَته وَلَا مد أطنابه وَقَالَ الواحدى وَأحسن من هَذَا أَن تَقول اتَّخذت بَيْتا من قلبى فنزلته وَالْقلب بَيت بِلَا أطناب وَلَا أوتاد 7 - الْإِعْرَاب مظلومة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هى أَو هَذِه الْمَذْكُورَة مظلومة وَلَو خفضت على النَّعْت لأعرابية جَازَ وَيكون على قِرَاءَة الْحسن وَحميد (فى فئتين التفتا فِئَة تقَاتل فى سَبِيل الله وَأُخْرَى كَافِرَة) الْغَرِيب الضَّرْب بِفَتْح الرَّاء الْعَسَل الْأَبْيَض الغليظ يذكر وَيُؤَنث قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الهذلى فى تأنيثه (وَما ضَرَبٌ بَيْضاَءُ يأوى مَليكُها ... إِلَى طنُفُ أعْيا بِرَاقٍ وَنازِلِ) الطنف مَا ينْدر من الْجَبَل والمليك يعسوبها الْمَعْنى يُرِيد أَن من شبهها بالغصن ظلمها وَمن شبه رِيقهَا بالعسل ظلمها لِأَنَّهَا ذَات قوام أعدل وَأحسن من الْغُصْن وَذَات رضاب أحلى من الْعَسَل الْخَالِص 8 - الْإِعْرَاب انتصب مَطْلُوبا على التَّمْيِيز يُرِيد من مَطْلُوب والظرف مُتَعَلق بتطمع الْمَعْنى يَقُول من لين حَدِيثهَا وأنسها يطْمع فِيمَا تَحت ثوبها فَإِذا طلب عز ذَلِك مَطْلُوبا وَبعد كَمَا قَالَ عبد الله بن الْحُسَيْن العلوى (يُحْسَبْنَ مِنْ لِينِ الحَدِيثِ زَوَانِيا ... وبِهِنّ عَنْ رَفْثِ الرّجالِ نِفارُ) وَأنْشد عَجزه أَبُو الْفَتْح (وَيصُدُّهنَّ عنِ الخَنا الإسلامُ) 9 - الْإِعْرَاب حسن تَقْدِيم ضمير الشعاع قبل ذكره لاتصاله بمجرور كَمَا يُقَال أَخذ ثوب غلامة الْأَمِير وَإِن اتَّصل بالفاعل فَيجب تَقْدِيمه على الْمَفْعُول فَلَا يحسن جاءنى غُلَامه الْأَمِير إِلَّا لضَرُورَة كَمَا قَالَ (جَزَى ربَهُّ عَنِّى عَدِىّ بنَ حاتمٍ) مقتربا حَال الْمَعْنى أَنه شبهها بشعاع الشَّمْس فى الْقرب من الطّرف وَبعده عَن الْقَبْض عَلَيْهِ كَمَا قَالَ أَبُو عُيَيْنَة (وقلْتُ لأصحَابى هىَ الشَّمْسُ ضَوْءُها ... قَرِيبٌ وَلَكِنْ فِى تَناوِلُهَا بُعْدُ) وَقَالَ الطرماح (هِىَ الشَّمْسُ لَمَّا أَن تغيَّبَ لَيلُها ... وغارَتْ فَمَا تَبْدُو لعَيْنٍ نُجُومُها) (ترَاهَا عُيون النَّاظِرِينَ إِذا بَدَتْ ... قَرِيبا وَلَا يَسْطيعُها مَنْ يَروُمُها) وَقَالَ آخر (هِىَ الشَّمْس مَسْكَنُها فِى السَّماءِ ... فَعَزِّ الفُؤَادَ عَزَاءً جَمِيلاً) (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ إلَيْها الصُّعُودَ ... وَلَنْ تَسْتَطيعَ إلَيْكَ النُّزُولا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 - الْغَرِيب الترب اللدة يُقَال هَذِه ترب هَذِه وَهن أتراب والشادن من الظباء وَغَيرهَا الذى شدن قرنه وقوى وترعرع الْمَعْنى لما مرت بِنَا مَعَ مساوييها فى قُلْنَا من أَيْن شابه هَذَا الظبى الْعَرَب 11 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّا لما قُلْنَا من أَيْن جانس استضحكت أى ضحِكت واستضحك بِمَعْنى ضحك واستعجب بِمَعْنى عجب واستسخر يُرِيد أَنَّهَا قَالَت كالمغيث هُوَ من عجل وَيرى كَأَنَّهُ أَسد وَكَذَا أَنا أرى كالظبى وَأَنا مَعَ ذَلِك عَرَبِيَّة 12 - الْمَعْنى ان هَذِه المراة المحبوبة جَاءَت بِمن هَذِه أَوْصَافه وَقيل جَاءَت هَذِه الْقَبِيلَة الَّتِى هى عجل بِمن هَذِه أَوْصَافه 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَن خاطره لتوقده وقوته لَو كَانَ فى زمن لمشى أَو جَاهِل صَار عَالما أَو فى أخرس قدر على النُّطْق الفصيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا ظهر للنَّاس حجت هيبته عيونهم عَن النّظر إِلَيْهِ لشدَّة هيبته كَمَا قَالَ الفرزدق فى على بن الْحُسَيْن بن زين العابدين (يُغْضِى حَياءً ويُغْضَى مِنْ مَهابَتهِ ... فَمَا يُكَلَّمُ إلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ) وَقَالَ أَيْضا (وَإذَا الرّجالُ رَأوْا يَزِيدَ رأيْتَهُم ... خُضُعَ الرّقابِ نَوَاكِسَ الأبْصاَرِ) وَقَالَ بعض الْعَرَب (تُغْضِىِ العُيُونُ إذَا تَبَدّى هَيْبَةً ... ويُنَكِّسُ النُّظُّارُ لَحْظَ النَّاظِر) وَقَالَ أَبُو نواس (إنَّ العُيُونَ حُجِبْنَ عَنْكِ لِهَيْبَةٍ ... فإذَا بَدَوْتَ لَهُنَّ نُكِّسَ ناظِرُ) وَقَوله لَيْسَ يَحْجُبهُ ستر يُرِيد أَن نور وَجهه يغلب الستور فيلوح من وَرَائِهَا كَمَا قَالَ (أصبحتَ تَأمُر بِالحجاب لِخَلوَةٍ ... ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل تأويلين أَحدهمَا أَن حجابه قريب لما فِيهِ من التَّوَاضُع فَلَيْسَ يقصر أحد أَرَادَهُ دونه وَإِن كَانَ محتجبا وَالْآخر إِن احتجب فَلَيْسَ بمحتجب لشدَّة يقظته ومراعاته الْأُمُور وَقَالَ الْخَطِيب الذى أَرَادَهُ المتنبى إِن حسنه وبهاه لَا يَحْجُبهُ شئ وَالْبَيْت الذى يَلِيهِ يشْهد لَهُ 15 - الْغَرِيب المخشلب والمشخلب لُغَتَانِ وليستا عربيتين وَإِنَّمَا هما لُغَتَانِ للنبط وَهُوَ خرز من حِجَارَة الْبَحْر وَلَيْسَ بدر الْمَعْنى يُرِيد أَن وَجه نوره يغلب نور الشَّمْس وَلَفظه أغْلى من الدّرّ فَإِذا قَابل الشَّمْس أراكها سَوْدَاء وَإِذا نطق رَأَيْت لفظا يصير الدّرّ عِنْده حِجَارَة 16 - الْغَرِيب هِبته حركته واهتزازه والغرار الْحَد والتامور دم الْقلب وتامور النَّفس الْعقل قَالَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى عَرفته بتامورى أَبى بعقلى والتامور خيس الْأسد الْمَعْنى يَقُول إِنَّه إِذا مضى عزمه خضب السَّيْف من دم الْأَعْدَاء وروى مختضبا وَهُوَ أمدح لِأَن الْفِعْل يرجع إِلَيْهِ وَمن روى مختضبا رَجَعَ الْفِعْل للسيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 - الْغَرِيب الرهج الْغُبَار وَقد يسكن وأرهج الْغُبَار أثاره والرهوجة ضرب من السّير قَالَ العجاج (مَياحَة تميحُ مَشْيا رَهْوَجَا ... تُدافع السَّيْلَ إِذا تمعَّجا) الْمَعْنى يُرِيد إِذا لقى الْعَدو فى غُبَار الْحَرْب قصر عمره حَتَّى يكون أقل من بَقَاء المَال عِنْده إِذا بذل فى الْعَطاء وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد أَن عمر الْعَدو حِين يلاقيه قريب كَمَا أَن عمر المَال عِنْده قريب حِين يدْخل إِلَيْهِ حَتَّى يَهبهُ وَلَيْسَ يُرِيد أَن عمر الْعَدو أقل من عمر المَال وَإِنَّمَا يُرِيد الْمُسَاوَاة والمقاربة وأنهما لَا يبقيان وَقَوله (إِذا وهبا ... ) أى إِذا أَرَادَ أَن يهب كَقَوْلِه تَعَالَى {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن} وَكَقَوْلِه {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} 18 - ويروى {فَإِذا} الْإِعْرَاب تبلوه انتصب بإضمار ان وَهُوَ على مَذْهَبنَا فَإِن أهل الْكُوفَة نصبوا بهَا مقدرَة وأبى ذَلِك البصريون وَحجَّتنَا مَا قَرَأَ بِهِ عبد الله بن مَسْعُود {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بنى إِسْرَائِيل لَا تعبدوا إِلَّا الله} فأعمل أَن مقدرَة وَحجَّتنَا أَيْضا قَول عَامر بن الطُّفَيْل (وَنهْنَهْتُ نَفْسِى بَعْدَ مَا كدْتُ أفْعَلَه) فنصب أَفعلهُ بِأَن الْمقدرَة وَحجَّتنَا أَيْضا أننا أجمعنا نَحن والبصريون على أَنَّهَا تعْمل مَعَ الْحَذف فى جَوَاب التِّسْعَة بِالْفَاءِ الْغَرِيب النشب المَال وَالْعَقار ونشب بِالْكَسْرِ الشئ فى الشئ نشوبا علق فِيهِ ونشبة بِضَم النُّون اسْم رجل وَهُوَ نشبة بن غيظ بن مرّة بن عَوْف بن سعد بن ذبيان الْمَعْنى يَقُول احذره أَن تكون عدوا لَهُ فَإِن أردْت اختباره فَكُن عدوه أَو مَالا لَهُ فترى مَا يفعل بك من الإبادة والإفناء قَالَ أَبُو الْفَتْح وفى مَعْنَاهُ قَول مُسلم بن الْوَلِيد (تَظَلَّمَ المالُ والأَعْداءُ مِنْ يَدِه ... لَا زَال للْمالِ والأعْدَاءِ ظَلامَّا) وَمثل قَول أَبى الطّيب قَول أَبى نواس وأتى بِهِ فى أَلْفَاظ قَليلَة (لَيتَ مَنْ كانَ عَدُوّى ... كانَ لإبْراهيمَ مَالا) وَقَول الوائلى (إنْ سُمتَهُ كُفْرَ نُعمَى لَا بَقيِيتَ إِذن ... إلاَّ بَقاءَ لُهَاهُ أَو مُحَارِبه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ طيب الْأَخْلَاق فَإِذا غضب حَالَتْ وتغيرت فَعَادَت مرّة وَلَو قطرت فى الْبَحْر مَا شرب مَاؤُهُ وَالْبَحْر هُوَ الْمَكَان الْوَاسِع وَمِنْه سمى الْبَحْر بحرا وَأَرَادَ بالبحر هَا هُنَا العذب قَالَ الله تَعَالَى {مرج الْبَحْرين} يُرِيد الْملح والعذب وَأهل مصر والصعيد كلهم يسمون النّيل الْبَحْر الْمَعْنى أَن فِيهِ حلاوة لأوليائه ومرارة لأعدائه وَقد اسْتعَار للمذاقة قصرا اتساعا ومجازا لَو كَانَت مِمَّا يقطر فقطرت فى المَاء لما شرب وَجَاء فى الْبَيْت تصريع وَيحسن اسْتِعْمَاله لِلْخُرُوجِ من قصَّة إِلَى قصَّة 20 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى بِهِ يعود إِلَى حَيْثُ حل وَهُوَ فى مَوضِع نصب لِأَنَّهُ مفعول تغبط وأيها ركبا قَالَ الواحدى هُوَ مَنْصُوب بركب ونصبه بتحسد أولى لِأَن ركب من صلَة أى والضميران فى مِنْهَا الأول للْأَرْض والثانى للخيل والجاران متعلقان بِالْفِعْلِ وَبِه مُتَعَلق بِحل الْغَرِيب الْغِبْطَة أَن تتمنى مثل حَال المغبوط من غير أَن تُرِيدُ زَوَالهَا وَلَيْسَ بحسد تَقول غبطته بِمَا نَالَ أغبطه غبطا وغبطة فاغتبط هُوَ مثل منعته فَامْتنعَ قَالَ حُرَيْث ابْن جبلة العذرى (وبَيْنما المَرْءُ فِى الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ) وغبطت الْكَبْش أغبطه غبطا إِذا جسست أليته لتنظر أبه طرق أم لَا قَالَ الأخطل (إنّى وأتْيِى ابْنَ غَلاقٍ ليَقْرِينى ... كغابطِ الكَلبِ يبغى الطِّرقَ فى الذَّنبِ) وَالْغِبْطَة غير الْحَسَد وفى الحَدِيث هَل يضر الْغَبْطُ قَالَ كَمَا يضر الْخبط العضاه أَرَادَ أَن العضاه لَا يحس بخبط الْوَرق كَأَنَّهُ سهل أمره الْمَعْنى يُرِيد أَن الأَرْض يغبط بَعْضهَا بَعْضًا لحلوله فِيهَا وَكَذَلِكَ الْخَيل يحْسد بَعْضهَا بَعْضًا لركوبه وَجعل الْغِبْطَة للْأَرْض والحسد للخيل قَالَ أَبُو الْفَتْح لِأَن الأَرْض وَإِن كثرت بقاعها فهى كالمكان الْوَاحِد لاتصال بَعْضهَا بِبَعْض وَالْخَيْل بِخِلَاف ذَلِك لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَة كالمغايرة وَاسْتعْمل لَهَا الْحَسَد لقبحه وَالْبَيْت مَنْقُول من قَول الطائى (مَضَى طاهِرَ الأَثْوَابِ لَمْ تَبْقَ بُقْعَةُ ... غَدَاةَ ثَوى إلاَّ اشْتَهَتْ أنَّها قَبْرُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 - الْغَرِيب الجحفل هُوَ الْجَيْش الذى فِيهِ خيل واللجب الذى فِيهِ أصوات مُخْتَلفَة كَثِيرَة الْمَعْنى أَنه شُجَاع جواد يرد وَحده الْجَيْش الْعَظِيم وَلَا يقدر أَن يرد سائله 22 - الْإِعْرَاب حذف النُّون من فعل الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ حذف أَن وأعملها على مذْهبه وَقد بَيناهُ فى غير هَذَا الْموضع وَذكرنَا حجتنا على الْبَصرِيين الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا // صَحِيح الْمَعْنى // على مَا فى ظَاهر لَفظه من مُقَارنَة التَّنَاقُض وَذَلِكَ أَنه قد يُمكن أَن يَقع التقاء من غير اصطحاب لِأَن الصُّحْبَة مقرونة بالمواصلة يُرِيد إِنَّمَا يَلْتَقِيَانِ مجتازين لَا مصطحبين وَهَذَا أبلغ من قَول جؤية بن النَّضر (إنَّا إذَا اجْتَمَعَتْ يَوْما دَارَاهِمُنا ... ظَلَّتْ إِلَى طُرُق المَعْرُوفِ تَستَبِقُ) لِأَنَّهُ أثبت لَهَا اجتماعا وَهَذَا نفى عَنْهَا الاصطحاب وَأما بَيت جؤية فَهُوَ أَجود من بَيت المتنبى وأزيد فى الْمَعْنى وَذَلِكَ أَن أَبَا الطّيب أثبت اجتماعا بقوله (افْتَرقَا ... ) إِذْ لَا تكون الْفرْقَة إِلَّا بعد اجْتِمَاع ثمَّ إِن جؤية زَاد استباقها إِلَى طرق الْمَعْرُوف وَمثل بَيت المتنبى قَول الآخر (لَا يأْلَفُ الدرْهَمُ المَضْرُوبُ صُرّتَنا ... لكنِ يمُرُّ عَليها وَهْوَ مُنْطَلِقُ) وَقَالَ الواحدى يجوز نصب الدِّينَار وَصَاحبه وَيكون مَعْنَاهُ وَكلما لقى الممدوح الدِّينَار مصاحبا لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 - الْغَرِيب المجتدى السَّائِل يُقَال اجتداه وجداه وعفاه واعتفاه وغراب الْبَين حسنت الْإِضَافَة فِيهِ لِأَنَّهُ اسْم مُشْتَرك يَقع على أَشْيَاء رَأس ورك الْبَعِير وَيُقَال لحد الفأس غراب وَيُقَال لذؤابة الْمَرْأَة غراب وأنشدوا (وَشَعْشَعَتْ للُغُرُوبِ الخَمْرَ واتَّخذَتْ ... ثَوْبَ الأمِيرِ الَّذِى فِى حُكمِهِ قَعَدَا) وَذَلِكَ أَن الْمَرْأَة من الْعَرَب كَانَت إِذا مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا حلقت ذوائبها وغسلتها بِالْخمرِ فَعلم أَنَّهَا لَا رَغْبَة لَهَا بعده فى الْأزْوَاج وغرابا الْفرس وَالْبَعِير حدا الْوَرِكَيْنِ وهما حرفاهما الْيُسْرَى واليمنى اللَّذَان فَوق الذَّنب حَيْثُ التقى رَأس الورك قَالَ الراجز (يَا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ ... خمسةُ غِرْبانٍ على غُرابٍ) وحد الفأس غراب قَالَ ذُو الرمة يصف رجلا قطع نبعة (فأنحَى عَلَيْها ذَاتَ حَدٍّ غُرابها ... عَدُوّ لأوساط العضاه مُشارِزُ) يُرِيد سيء الْخلق وغراب الْبَين يَقع على الْأسود والأبيض قَالَ الشَّاعِر (وبذَاكَ خبَّرنا الغُرابُ الأسْوَدُ ... ) وَقَالَ عنترة (وَجَرَى ببَيْنِهِم الغُرَابُ الأبْقَعُ وَجمع غراب غربان وَجمع الْقلَّة أغربة الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى هَذَا // معنى حسن // يُرِيد كَمَا أَن غراب الْبَين لَا يفتر عَن الصياح كَذَلِك هَذَا لَا يفتر عَن الْعَطاء قَالَ العروضى لعمرى إِن الذى قَالَه المتنبى // حسن وَلَكِن تَفْسِيره غير حسن // وَمن الذى قَالَ إِن الْغُرَاب لَا يفتر عَن الصَّباح وَلَكِن مَعْنَاهُ أَن الْعَرَب تَقول غراب الْبَين إِذا صَاح فى ديار قوم تفَرقُوا فَقَالَ المتنبى كَأَن المجتدى إِذا ظهر صَاح فى هَذَا المَال الْغُرَاب فَتفرق وَقَالَ ابْن فورجة فِيمَا رد على ابْن جنى يَقُول كَأَن غراب الْبَين يرقب مَاله فَكلما جَاءَ مجتد نعب فِيهِ فَتفرق شَمله وَقَالَ الواحدى تَلْخِيص الْمَعْنى أَن مَاله رقبه غراب الْبَين فَإِذا جَاءَ السَّائِل فرق الممدوح مَاله فَكَأَن غراب الْبَين نعب فى مَال الممدوح بِالتَّفْرِيقِ وَمَا ذكر من رَقَبَة الْغُرَاب ونعيبه بَيَان وَمِثَال لتفريقه المَال عِنْد مجئ السَّائِل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 - الْغَرِيب السمر المسامرة هُوَ الحَدِيث فى اليالى وَأَصله أَنهم كَانُوا يسمرون فى ظلّ الْقَمَر وَقد سمر يسمر فَهُوَ سامر والسامر أَيْضا السمار وهم الْقَوْم يسمرون كَمَا يُقَال للْحَاج حجاج وَأما قَول الشَّاعِر (وسامرُ طالَ فيهِ اللَّهوُ والسَّمُر ... ) كَأَنَّهُ سمى الْمَكَان الذى يجْتَمع فِيهِ للسمر بذلك وابنا سمير اللَّيْل وَالنَّهَار لِأَنَّهُ يسمر فيهمَا الْمَعْنى يَقُول هُوَ بَحر لَهُ عجائب كَثِيرَة أعجب مِمَّا يذكر من عجائب الأسمار والبحار وَقَالَ أَبُو الْفَتْح تشاغل النَّاس بالتعجب من فَضَائِل هَذَا الرجل عَن عجائب الأسمار والبحار 25 - الْمَعْنى يَقُول لَا يقنعه نيل الْمنزلَة الَّتِى يشكو طالبها قصوره عَنْهَا مَعَ تَعبه فى طلبَهَا 26 - الْمَعْنى أى حركوا اللِّوَاء باسمه وَالْمعْنَى جَعَلُوهُ سيدهم وأميرهم فَإِذا حركوا رايتهم حركوها باسمه فَصَارَ سيدهم وصاروا بِهِ سادة النَّاس فَهُوَ رَأس بنى عجل وَالنَّاس أَذْنَاب لبنى عجل أى تبع لَهُم 27 - الْإِعْرَاب نصب الناركين على الْمَدْح بإضمار فعل الْمَعْنى يَقُول هم يتركون مَا هان من الْأُمُور وَسَهل وجوده وَيطْلبُونَ مَا صَعب مِنْهَا لعلو همتهم كَمَا قَالَ الطهوى (وَلا يرْ عُون أكْناف الهُوَيْى ... ) 28 - الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى قد جعلُوا مَكَان براقع حديدا على وجوهها ليقيها الْحَدِيد أَن يصل إِلَيْهَا قَالَ أَبُو الْفضل العروضى أَو مثل المتنبى يمدح قوما بِأَن يستروا أوجه خيلهم بحديد وأى شرف ونجدة لفارس إِن فعل ذَلِك وَمَعْنَاهُ أَن سيوفهم مَكَان البراقع لخيلهم فَلَا يصل الْعَدو إِلَى فرسانهم وعنى بالبيض السيوف لَا الْحَدِيد الذى قَالَ وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد أَن سيوفهم تحول دون جيادهم أَن يصل إِلَيْهَا أحد بِضَرْب أَو بطعن إِمَّا لمنازلتهم دونهَا أَو لحذقهم بِالضَّرْبِ فهى تجرى مجْرى البراقع وَقَالَ الواحدى إِنَّهُم يحمونها بِالسُّيُوفِ لَا بالبراقع وَقَوله (متخذى هام الكماة ... ) أى جعلُوا رُءُوس الكماة وشعورهم لرماحهم بِمَنْزِلَة العذب فَجعل كالعلامة عَلَيْهَا وَمثله قَول جرير (كأنَّ رْءُوسَ القَوْمِ فَوْقَ رِماحِنا ... غَداةَ الوَغَى تِيجانُ كِسْرَى وَقَيْصَرا) وَقَول مُسلم بن الْوَلِيد (يَكْسُو السيُوفَ نُفُوسَ النَّاكِثينَ بِهِ ... وَيَجْعَلُ الهَامَ تِيجانَ القَنا الذُّبُلِ) وكقول الطائى (أبْدَلْتَ أرْؤُسَهُمْ يَوْمَ الكَريهَةِ مِنْ ... قَنَا الظُّهُورِ قَنا الخَطِىّ مُدَّعِما) (مِنْ كُلّ ذِى لِمَّةٍ غَطَّتْ ضَفائِرُها ... صّدْرَ القَناةِ فقدَ كادَتْ تُرَى عَلَما) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 - الْغَرِيب خرقاء فزعة متحيرة خرق يخرق إِذا لصق بِالْأَرْضِ من فزع الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى تتهم الْإِقْدَام مَخَافَة الْهَلَاك والهرب مَخَافَة الْعَار وَقَالَ ابْن فورجة لَا تتهم الْهَرَب فى الْعَار فَإِن الْعَار كُله فِيهِ وَلَكِن يهتم الْهَرَب فى الْإِدْرَاك أى تقدر أَنَّهَا إِن هربت وَلَا أدْركْت وَمثله لحبيب (مِنْ كُلّ أرْوَعَ تَرْتاعُ المَنُونُ لَهُ ... إذَا تَجَرَّدَ لَا نِكْسٌ وَلا جَحِدُ) وَله أَيْضا (شُوسٌ إذَا خَفَقَتْ عُقابُ لوَائهِمْ ... ظَلَّتْ قُلُوبُ المَوْتِ مِنْها نَخْفِقُ) 30 - الْمَعْنى يَقُول لَهُم مَرَاتِب عالية علت فى السَّمَاء فَصَارَت أَعلَى من الْكَوَاكِب وَلم يلْحقهَا الْفِكر وَهُوَ على آثَار مَرَاتِبهمْ لم يبلغ إِلَيْهَا 31 - الْغَرِيب آل رَجَعَ يُقَال طبخت الشَّرَاب حَتَّى آل إِلَى قدر كَذَا وَكَذَا وَآل إِلَى هَارِبا رَجَعَ الْمَعْنى قَالَ الواحدى جعل اقْتِضَاء المحامد نظمها بالشعر نزفا وَجعل الشّعْر لكَونه مُقْتَضى منزوفا يَقُول لم تمتلئ هَذِه المحامد من شعرى أى لم تبلغ الْغَايَة الَّتِى تستحقها من شعرى وَلَا شعرى فسنى فَأَنا أبدا أمدحهم وَيزِيد هَذِه الْجُمْلَة وضوحا أَن يَقُول لَهُم محامد استخرجت شعرى لينظم تِلْكَ المحامد كلهَا فَلم تَنْحَصِر بالشعر وَلم يفن الشّعْر يُرِيد كَثِيرَة محامدهم وَكَثْرَة شعره ومدائحه لَهُم وَجعل الشّعْر كَالْمَاءِ ينزف واستغراق محامدهم فى الشّعْر كملئها بِالْمَاءِ وَلما جعل الشّعْر كَالْمَاءِ جعل إفناءه نضوبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 - 33 الْمَعْنى لَك مَكَارِم ومناقب سبقت بهَا الْعَالمين فَلم يقدر أحد يُدْرِكهَا وَمن يقدر على إِدْرَاك أَمر فَائت ثمَّ يَقُول لما أَقمت بأنطاكية وهى بِالْقربِ جاءتنى ركبان العفاة الَّذين قصدوك وَأَنا فى حلب فأتيتك وَهُوَ قَوْله فى الْبَيْت الذى بعده 34 - الْمَعْنى يَقُول لما أتيتنى العفاة سرت أقصدك لَا أعرج على أحد وَلَا أقيم عَلَيْهِ فحملنى راحلتاى الْفقر وَالْأَدب وَلَقَد أحسن فى هَذَا وَلَا ترى الْفقر إِلَّا مَعَ الْأَدَب خذنا وصاحبا 35 - الْغَرِيب الانتحاب رفع الصَّوْت وتردده بالبكاء نحب ينحب بِالْكَسْرِ نحبا والانتحاب مثله ونحب الْبَعِير ينحب بِالْكَسْرِ نحابا بِضَم النُّون إِذا أَخذه السعال الْمَعْنى أَنه أذاقه الدَّهْر من الْفقر والغربة شَيْئا لَو ذاقه الدَّهْر لبكى وانتحب وَلم يصبر عَلَيْهِ 36 - الْغَرِيب عمر الرجل بِالْكَسْرِ يعمر عمرا بِالْفَتْح وَعمر بِالضَّمِّ على غير قِيَاس لِأَن قِيَاس مصدره التحريك أى عَاشَ زَمَانا طَويلا وَمِنْه أَطَالَ الله عمرك وعمرك وهما وَإِن كَانَا مصدرين بِمَعْنى إِلَّا أَنه اسْتعْمل المفتوح فى الْقسم فَإِذا أدخلت عَلَيْهِ اللَّام رفعته بِالِابْتِدَاءِ والام لتوكيد الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره لعمر الله مَا أقسم بِهِ أَو قسمى وَإِذا لم تأت بِاللَّامِ نصبته نصب المصادر ولاسمهرار الصلابة والشدة اسمهر الشوك إِذا صلب ويبس واسمهر الظلام اشْتَدَّ واسمهر الرجل فى الْقِتَال قَالَ رُؤْيَة (ذُو صَوْلَةٍ تُرْمَى بِهِ المَدَالِثُ ... إذَا اسْمَهَرَ الحَلِسُ المُغالِثُ) والسمهرية الْقَنَاة الصلبة وَيُقَال هى منسوبة إِلَى رجل اسْمه سمهر كَانَ يقوم الرماح ورمح سمهرى ورماح سمهرية الْمَعْنى أَنه كنى بِهَذِهِ الْقرَابَات عَن مُلَازمَة هَذِه الْمَذْكُورَات يَقُول إِن عِشْت وَطَالَ عمرى لازمت الْحَرْب حَتَّى أدْرك مطلوبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 - الْغَرِيب الْأَشْعَث هُوَ الْمُتَغَيّر من طول السّفر وَبَقَاء الحروب والأرب الْغَرَض والبغية الْمَعْنى يُرِيد أَنى ألازم الْحَرْب بِكُل رجل هَذِه صفته وَمثله لحبيب (مُسْتَرْسِلِينَ إِلَى الحُتُوفِ كأَّنمَا ... بينَ الحُتُوف وبَيْنَهُمْ أرْحامُ ... ) ولحبيب أَيْضا: (يَسْتَعْذِبُونَ مَناياهُمْ كأنَّهُمْ ... لَا يَيأسونَ مِنَ الدُّنْيا إِذا قُتِلوا ... ) وَقَالَ البحتري: (مُتَسَرّعِينَ إِلَى الحُتُوف كأنَّهَا ... وَفْرٌ بِأرْضِ عَدُوِّهِمْ يُتَنَهَّبُ ... ) 38 - الْإِعْرَاب: قح فِي مَوضِع خفض لِأَنَّهُ نعت أَشْعَث ومرحا وطربا مصدران وَقعا فِي مَوضِع الْحَال وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بيقذفه الْغَرِيب القح الْخَالِص من كل شَيْء وَمن روى (صَهِيل الجرد ... ) فالأجرد الْقصير الشّعْر وَقيل الذى يتجرد من الْخَيل ويسبقها الْمَعْنى يَقُول إِذا سمع صَوت الْخَيل استخفه ذَلِك حَتَّى يكَاد يطرحه عَن السرج لما يجد من النشاط والطرب وروى ابْن جنى (مرحا بالغزو ... ) وَهُوَ أحسن وَأبين وأجود 39 - الْمَعْنى يَقُول الْمَوْت أعذر لى من أَن أَمُوت ذليلا فَإِذا قتلت فِي طلب المعالى قَامَ الْمَوْت بعذري وَالصَّبْر أجمل بى لِأَن الْجزع عَادَة اللئام وَالْبر أوسع لى من منزلى فَأَنا أسافر عَنهُ وَالدُّنْيَا لمن غلب وزاحم لَا لمن لزم الْمنزل وَهَذِه الأبيات الَّتِى أَتَى بهَا فى آخر القصيدة خَارِجَة عَمَّا هُوَ فِيهِ لِأَنَّهُ يمدح رجلا وَيذكر أَنه قد قَصده وَأَن الزَّمَان قد أذاقه بلوى وَشدَّة وَقد جَاءَ يستجدي مِنْهُ ثمَّ يذكر الشجَاعَة مِنْهُ وَطلب الْمُلُوك وَأخذ الْبِلَاد وَأَيْنَ أَبُو الطّيب والملوك رحم الله امْر عرف قدره وَلَقَد أحسن ابْن دُرَيْد الْمقَال فِيمَا قَالَ (مَنْ لم يَقِفْ عندَ انتهاءقَدْرِه ... تَقاصَرَتْ عَنهَ فَسِيحاتُ الخُطا ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 - 1 - الْإِعْرَاب رفع الشموس وَمَا بعْدهَا على الِابْتِدَاء تَقْدِيره الشموس بِأبي مفديات وَيجوز أَن يكون خَبرا والابتداء مَحْذُوف كَأَنَّهُ يُرِيد المفديات بأبى الشموس وَيجوز أَن يكون نَائِب فَاعل لما يسم فَاعله محذوفا كانه يُرِيد تفدى بأبى الشموس وَيجوز النصب بِتَقْدِير أفدى بأبى الشموس وكما تَقول بنفسى زيدا إِذا أردْت معنى الْفِدَاء وغواربا حَال وجلاببا مفعول وَأَرَادَ جلابيب لكنه حذف الْيَاء ضَرُورَة وَالْأَصْل جِلْبَاب وجلابيب قَالَ الله تَعَالَى {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} الْغَرِيب الجانحات المائلات والجلابيب وَاحِدهَا لجباب وهى الملحفة والمرط والخمار وَمَا يلْبسهُ النِّسَاء الْمَعْنى كنى بالشموس عَن النِّسَاء وكنى بالغروب عَن بعدهن وَقَالَ أَبُو الْفَتْح غبن عَنْك فى الْخُدُور وَقَالَ الواحدى لما سماهن شموسا كنى عَن بعدهن بالغرون لِأَن بعد الشَّمْس عَن عَن الْعُيُون لَا يكون إِلَّا بالغروب وَقد بَين فى آخر الْبَيْت أَن الشموس النِّسَاء الحسان - الْإِعْرَاب من رفع وجناتهن جعلهَا فَاعل المنهبات يُرِيد اللاتى أنهيت وجناتهن عقولنا وقلوبنا يكون قد اقْتصر على ذكر مفعول وَاحِد وَمن نصب جعل الوجنات الْمَفْعُول الأول للمنهبات الْغَرِيب أنهبته المَال جعلته لَهُ نهبى والوجنة هُوَ الْعظم المشرف فِي أَعلَى الخد الْمَعْنى يَقُول أنهبتنا وجناتهن فَلَو نَظرنَا إلَيْهِنَّ نهبن عقولنا وقلوبنا ثمَّ وصف الوجنات بِأَنَّهَا تنهب الناهب أى الرجل الشجاع المغوار وَمن وَقع فى الحروب فأبلى الْبلَاء الْحسن وَنهب نَقله من قَول الطائى (سَلَبنَ غَطاءَ الحُسْنِ عَن حُرّ أوْجُهْ ... تَظَلُّ لِلُبّ السَّالبِيِها سَوَالبِا ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 - الْمَعْنى يُرِيد الناعمات اللينات المفاصل القاتلات بالهجر المحييات بالوصل المتدللات على محبيهن بأغرب الدَّلال والدلال أَن يَثِق الْإِنْسَان بمحبة صَاحِبَة فيتجرأ عَلَيْهِ 4 - الْغَرِيب الترائب جمع تريبة وهى مَحل القلادة من الصَّدْر وَقيل مَا ولى الترقوتين من الصَّدْر وَقيل مَا بَين الثديين إِلَى الترقوة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أشرن إِلَى من بعيد وَلم يجهرن بِالسَّلَامِ والتحية خوف الرقباء والوشاة جعل أَبُو الْفَتْح هَذِه الْإِشَارَة تَحِيَّة وتسليما وَقَالَ الواحدي طلبن أَن يقلن نفديك بِأَنْفُسِنَا وخفن الرَّقِيب فنقلن التفدية من القَوْل إِلَى الْإِشَارَة أى أَنْفُسنَا تفديك وَهُوَ أولى من قَول ابْن جنى قَالَ ذكر التفدية فى الْبَيْت وَلم يقل حاولن تسليمى لِأَن الْإِشَارَة بِالسَّلَامِ لَا تكون بِوَضْع الْيَد على الصَّدْر قَالَ وَقَالَ ابْن فورجه وضع الْيَد على الصَّدْر لَا يكون إِشَارَة بِالسَّلَامِ وَإِنَّمَا أَرَادَ وضعن أَيْدِيهنَّ فَوق ترائبهن تسكينا للقلوب من الوجيب وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَصدر الْبَيْت ينْقض مَا قَالَه انْتهى كَلَامه وَمَا أحسن قَول بَعضهم ينظر إِلَى هَذَا الْمَعْنى (أضْحَى يجانِبُنِى مجَانَبَةَ العِدَا ... وَيَبِيت وَهْوَ إِلَى الصَّباحِ نَدِيمُ ... ) (وَيُمرُّ بِى خَوْفَ الوُشاةِ وَلَفْظُهُ ... شَتْمٌ وَحَشْوُ لِحاظِهِ تَسْلِيمُ ... ) 15 - الْمَعْنى شبه أسنانهن لنقائها بالبرد فَذكر الْمُشبه بِهِ وَحذف الْمُشبه يَقُول (خفت أذيب ثغورهن فذبت أَنا أسفا على فراقهن ... ) وَمثله قَول الآخر (وَمِنَ العَجائِبِ أنْ يُذِيبَ مَفاصِلى ... مَنْ لَوْ جَرَى نَفَسِى عَلَيْهِ لَذَابا ... ) وَمثله قَول الصنوبري ( (وَضَاحِكٍ عَنْ بَرْدٍ مُشْرِقٍ ... أباحَنِيهِ دُونَ جُلاَّسِى ... ) (فَكُلَّما قَبَّلْتُهُ خِفْتُ أنْ ... يَذُوبَ مِنْ نِيرانِ أنْفاسِى ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 - الْغَرِيب الغزالة هى من أَسمَاء الشَّمْس يُرِيد أَنه لثمها فى حَال مَا كَانَت كاعبا 7 - الْإِعْرَاب تخلصا نَصبه بالرجاء وَهُوَ مصدر أى كَيفَ أَرْجُو تخلصا وَإِن كَانَ فِيهِ ألف وَلَام وَقد أنْشد سِيبَوَيْهٍ (ضَعِيفُ النِّكايَةِ أعْداءَه ... يَخالُ الفرارَ يُراخى الأجَلْ ... ) الْمَعْنى يَقُول كَيفَ الْخَلَاص من هَذِه الخطوب وهى الدواهى وَقد علقن فى مخالب 8 - الْمَعْنى يَقُول إِن هَذِه الخطوب أفردننى عَمَّن أحب وقرننى بالحزن الذى هُوَ وَاحِد الأحزان وَهُوَ حزن الْفِرَاق فجعلنه لى قرينا وصاحبا ملازما لى 9 - الْإِعْرَاب مضاربا تَمْيِيز وَأَرَادَ أَشد مضَارب من السيوف الْغَرِيب الْغَرَض مَا يرْمى فِيهِ وَهُوَ الهدف وَالْغَرَض الْقَصْد تَقول قد فهمت غرضك أى قصدك وَالْغَرَض الضجر والملال قَالَ الْحمام (لَمَّا رأتْ خَوْلَةُ مِنِّى غَرَضا ... قامَتْ قِياما رَيِّثا لتنهَضَا ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَن الخطوب نصبته هدفا للمحن 10 - الْإِعْرَاب أظمتنى كَانَ الأَصْل أظمأتنى بِالْهَمْزَةِ فأبدل وَحذف الْمُبدل لالتقاء الساكنين وَقد وقف حَمْزَة فِي بعض وجوهه وَإِذا الْمَوَدَّة على وزن الموزة الْمَعْنى يُرِيد أَن الدُّنْيَا أعطشتنى فَلَمَّا طلبت مِنْهَا المَاء مطرَت على مصائب ومصائب ياؤها عَن وَاو مبدلة فَلَا يجوز همزها لِأَنَّهُ حرف أصلى كمعايش لَا يجوز همزها وَقد همزها خَارِجَة عَن نَافِع وَهُوَ شَاذ لَا يعْتد بروايته عَن نَافِع وَلَا تجوز الْقِرَاءَة بهَا فى الْفَرَائِض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 - الْغَرِيب الخوص جمع خوصاء وهى النَّاقة الغائرة الْعَينَيْنِ من الْجهد والإعياء والركاب جمع الابل الْوَاحِدَة رَاحِلَة والدارش ضرب من الْجُلُود وَهُوَ من جلد الضَّأْن الْمَعْنى يَقُول بدلت من خوص الركاب بخف أسود من ردئ الْجُلُود وَأَنا ماش رَاكب وَمن خوص الركاب أى بَدَلا مِنْهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَو نشَاء لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة} أى بَدَلا مِنْكُم 12 - الْإِعْرَاب نصب حَالا بِفعل مُضْمر أى أَشْكُو حَالا أَو أَذمّ حَالا وَقَالَ ابْن جنى يجوز على حَال فَهُوَ من جملَة مَا شكاه الْمَعْنى يَقُول أَشْكُو حَالا لَو علم الممدوح بهَا تَابَ الزَّمَان مِنْهَا إِلَى وَقيل يجوز أَن الممدوح إِذا علمهَا تلافاها بإحسانه فَكَأَن الزَّمَان قد تَابَ مِنْهَا فَجعل إِحْسَان الممدوح إِلَيْهِ تَوْبَة من الزَّمَان وَيجوز لَو علم بِهَذِهِ الْحَال الممدوح لتهدد الزَّمَان فجَاء الزَّمَان إِلَى تَائِبًا مِنْهَا خوفًا مِنْهُ وَمثله لحبيب (كَثُرَتْ خَطَايَا الدَّهْرِ فِىَّ وَقَدْ يُرَى ... بِنَداكَ وَهْوَ إلىّ مِنْها تائِبُ ... ) ولحبيب أَيْضا (عَضْبٌ إذَا هَزّه فى وَجْهِ نائِبَةٍ ... جاءَتْ إلَيْهِ صُرُوفُ الدّهْرِ تعْتَذِرُ ... ) 13 - الْغَرِيب يتباريان يفعل كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا يُعَارض بِهِ صَاحبه والبنان جمع بنانة وهى الإصبع وسكبته سكبا فسكب سكوبا وَهُوَ ساكب وَالْعرْف الْمَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول سِنَان رمحه يقطر من رِقَاب الْأَعْدَاء دَمًا وبنان كَفه يسْكب على العفاة مَعْرُوفا فائضا وَهَذَا من أحسن الْأَشْيَاء 14 - الْإِعْرَاب دجلة اسْم معرفَة لَا يدخلهَا ألف وَلَام وهى غير مصروفة وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بِالْفِعْلِ الْغَرِيب الْوَفْد الْقَوْم يقصدون الْمُلُوك لحوائجهم الْمَعْنى أَنه يستصغر الشئ الْعَظِيم لقاصده لكرمه ويظن من كرمه وَكَثْرَة عطائه أَن هَذَا النَّهر وَهُوَ من الْأَنْهُر الْكِبَار حَتَّى إِنَّه ليعد مَعَ النّيل والفرات وسيحان وجيحان لَيْسَ يكفى شاربا وَهَذَا مُبَالغَة وَمثله للطائى إِلَّا أَنه زَاد على أَبى الطّيب (ورأيْتُ أكْثرَ مَا حَبَوْتَ مِنَ اللُّهَا ... نَزْراً وأصْغَرَ مَا شَكَرْتُ جَزِيلاَ ... ) فقصر أَبُو الطّيب عَن ذكر الشُّكْر وَلَقَد أحسن أَبُو تَمام بِذكرِهِ الشُّكْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 - الْإِعْرَاب نصب كرما على الْمصدر أى كرم كرما أَو بِفعل أى ذكرت كرما والمصدر أحسن قَالَ الله تَعَالَى {صنع الله الذى أتقن كل شئ} الْمَعْنى قَالَ الواحدى كرم كرما لوحدثته بعظيم مَا صنعه لكذبك استعظاما لَهُ وَقد أَسَاءَ فِي هَذَا لِأَنَّهُ جعله يستعظم فعله وبضد هَذَا يمدح وَإِنَّمَا يحسن أَن يستعظم غَيره فعله كَقَوْل حبيب (تَجاوَزَ غاياتِ العُقُولِ رَغائِبٌ ... تَكادُ بِها نَوْلا العِيانُ تُكَذِّبُ ... ) وكقول البحترى (وَحَدِيثُ مَجْدٍ عَنْكَ أفْرَطَ حُسْنُهُ ... حتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ مَوْضُوعُ ... ) 16 - الْإِعْرَاب حذار مبْنى على الْكسر مثل حذام وقطام وَمُسلمًا ومحاربا حالان وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بِفعل الْأَمر الْمَعْنى يَقُول اكتف من معرفَة شجاعته بالْخبر عَنْهَا وَلَا تباشرها بِنَفْسِك فتهلك ثمَّ ضرب لهَذَا مثلا بقوله فِي الْبَيْت الذى بعده 17 - الْغَرِيب آب يئوب إيابا إِذا رَجَعَ فَهُوَ آيب وَمِنْه // الحَدِيث الصَّحِيح // كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا قفل من غَزْو أَو حج قَالَ " آيبون تائبون لربنا حامدون " الْمَعْنى يُرِيد أَن الْمَوْت إِن عرف بِالْمُشَاهَدَةِ أهلك وَإِن اقْتصر فِيهِ على الصّفة لم يهْلك فَضرب هَذَا مثلا 18 - الْغَرِيب القسطل بِالسِّين وَالصَّاد الْغُبَار والقسطال لُغَة فِيهِ كَأَنَّهُ مَمْدُود مِنْهُ مَعَ قلَّة فعلال فِي غير المضاعف وَأنْشد لأوس بن حجر (وَلَنِعْمَ رِفْدُ القَوْمِ يَنْتَظِرُونَهُ ... وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدّرع والسِّربال ... ) (وَلَنِعْمَ مَثْوَى المُسْتَضِيف إِذا دَعا ... والخَيْلُ خارَجَةٌ مِنَ القِسْطال ... ) وَقَالَ آخر (كأنَّه قِسْطال يوْمِ ذى رَهَجْ ... ) والجحفل الْجَيْش الْعَظِيم الْمَعْنى أَنه لَا يَنْفَكّ عَن هَذِه الْأَشْيَاء وَهَذِه الْأَحْوَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 - الْمَعْنى إِن أَحْوَال النَّاس مِنْهُ هَذِه فَلَا تلقى إِلَّا هَارِبا من جَيْشه أَو طَالبا رفده أَو رَاغِبًا فى مَسْأَلته أَو رَاهِبًا خَائفًا من بأسه أَو هَالكا مقتولا بِسَيْفِهِ أَو نادبا على قَتِيل لَهُ من الْأُسَارَى الَّذين قد أسرهم وَقَالَ الواحدى أَو رَاهِبًا من الله وهالكا بِمَعْنى مهلك كَقَوْل العجاج (وَمَهْمَهٍ هالكٍ مَن تَعَرَّجا ... ) ونادب لمن بارزه من النّدب أَو الندبة 20 - الْغَرِيب العواسل الرماح الخطية المضطربة لطولها والقواضب السيوف القواطع والسهول جمع سهل وهى الأَرْض اللينة الْمَعْنى يُرِيد أَن جُنُوده عَمت السهل والجبل فَإِذا نظرت إِلَى الْجبَال رَأَيْتهَا رماحا وسيوفا 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَن النَّاظر إِلَى السهول يَرَاهَا فوارس وجنائب أى قد ملئت بهما 22 - الْمَعْنى يُرِيد أَن بريق الْحَدِيد فى سَواد الْعَجَاجَة كأسنان جمَاعَة زنج تبسمت فبدت أسنانها أَو كثيب القذال وَهُوَ مَا اكتنف فأس الْقَفَا من يَمِين وشمال وَمثله لمحمود الْوراق (حَتَّى تَبَدَّى الصُّبْحُ يَتْلُو الدُّجَى ... كالحَبَشِىّ افْترّ للضِّحْكِ ... ) وَبَيت المتنبى أحسن سبكا وَأحلى نظما وَقَالَ أَبُو نواس (لمَّا تَبَدَّى الصُّبْحُ مِنْ حِجابِهِ ... كَطَلْعَةِ الأشْمَطِ مِنْ جِلْبابِهِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 - الْمَعْنى أَنه شبه بَيَاض الْحَدِيد فى ظلمَة الْعَجَاجَة بكواكب فِي ليل فَكَأَنَّمَا النَّهَار ألبس بِتِلْكَ الْعَجَاجَة السَّوْدَاء ظلمَة ليل وَكَأن الرماح أطلعت كواكب أَو طلعت هى كواكب فى تِلْكَ الظلمَة وَهَذَا كَقَوْل مُسلم (فِى عَسْكَرٍ شَرِقَ الأرْضُ الفَضَاءُ بِهِ ... كاللَّيْلِ أنْجُمُهُ القْضْبانُ والأسَلُ ... ) وَقَول بشار بن برد (كانَّ مُثار النَّقْع فَوْق رُءوسنا ... وأسْيافُنا لَيلٌ تَهاوَى كَوَاكِبُهْ ... ) 24 - الْغَرِيب كتائب جمع كَتِيبَة وهى الْجَمَاعَة من الفرسان الْمَعْنى يَقُول قد تكتبت أى تجمعت المصائب مَعَ هَذِه الْعَجَاجَة لتقع بأعداء الممدوح وَصَارَت الرِّجَال فِيهَا لكثرتهم كتائب 26 - الْإِعْرَاب أَرَادَ عليا فَحذف التَّنْوِين لسكونه وَسُكُون الْألف فى الْحَاجِب وَقد جَاءَ مثله كثيرا كَقِرَاءَة من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد الله} بِغَيْر تَنْوِين أحد حذفه لالتقاء الساكنين وَمثله (إِذا عُطَيْفُ السَّلمىُّ فَرَّا ... ) الْمَعْنى أَنه فى رُتْبَة عالية لم ينلها غَيره وسمى عليا لعلوه والحاجب لِأَنَّهُ حجب النَّاس عَن نبل هَذِه الْمنزلَة الْعَالِيَة الَّتِى لم يصل إِلَيْهَا غَيره وَمثل هَذَا قَول ابْن الرومى (كأنَّ أباهُ حسينَ سَمَّاهُ صَاعِداُ ... دَرَى كيْفَ يَرْقَى فِى المَعال وَيَصْعَدُ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 - الْمَعْنى إِنَّه مِمَّا يكثر فى إِعْطَاء سائله سمى مبذرا وَمِمَّا يكثر من حب نفوس أعدائه سمى غَاصبا فدعى بِهَذَيْنِ الوصفين فِي النَّاس 28 - الْإِعْرَاب مواهبا وَمَا بعده تَمْيِيز وَقيل على المصادر وَهل فى هَذِه وَقتل قَتِيلا وجرب تجاربا الْمَعْنى إِنَّه أفنى الذَّهَب بالمواهب والأعداء بِالْقَتْلِ وجرب الزَّمَان فَحصل لَهُ من التجربة مَا يعرف بِهِ مَا يَتَأَتَّى فِيمَا يسْتَقْبل فَكَأَنَّهُ أفنى الزَّمَان تجربة لِأَن الزَّمَان لَا يحدث عَلَيْهِ شَيْئا لم يعرفهُ 29 - الْإِعْرَاب ومخيب العذال عطف على مَا قبله وَهُوَ هَذَا الذى والكف يذكر وَيُؤَنث قَالَ الْأَعْشَى (أرَى رَجُلاً مِنْهُمْ أَسِيفا كَأَنَّمَا ... يَضُمُّ إِلَى كَفَّيْهِ كَفًّا مُخَضَّبا ... ) وَيجوز أَن يكون أَرَادَ الْعُضْو وَلِأَن الْحَقِيقَة فِي الخائب هُوَ صَاحب الْكَفّ فيقوى التَّذْكِير هَهُنَا وَقيل هُوَ على إِرَادَة السَّائِل لَا يرد سَائِلًا 30 - الْإِعْرَاب أَبْصرت يُرِيد نَفسه وأبصرت يُخَاطب غَيره وَمثل الذى يجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب فالرفع قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا مُبْتَدأ أول والذى مُبْتَدأ ثَان وَمثل خبر الذى وَالْجُمْلَة خبر هَذَا والعائد على هَذَا من الْجُمْلَة الَّتِى هى خبر عَنهُ الْهَاء فى مِنْهُ وَالنّصب بِجعْل هَذَا ابْتِدَاء والذى خَبره وَنصب مثل بأبصرت وَقَالَ الواحدى حَاضرا وغائبا حَال للمخاطب وَابْن جنى يَقُول هما حالان للمدوح وَمَا بعده يدل على خلاف قَوْله الْمَعْنى يَقُول هَذَا إِن حضر أَو غَابَ فَأمره فى كَثْرَة الْعَطاء وَاحِد وَمثله لأبى تَمام (شَهِدتُ جَسيِماتِ العُلا وَهْوَ غائِبٌ ... وَلَو كَانَ أيْضاً حاضِراً كَانَ غَائِبا ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 - الْإِعْرَاب الْكَاف فى مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء أى هُوَ مثل الْبَدْر ويهدى فى مَوضِع الْحَال الْمَعْنى هُوَ مثل الْبَدْر حَيْثُمَا كَانَ ترى نوره وَكَذَلِكَ حَيْثُمَا كنت من الْبِلَاد ترى عطاءه قد غمر النَّاس قريبهم وبعيدهم والثاقب المضئ 32 - الْمَعْنى ان عطاءه للقريب والبعيد ونفعه قد عَم النَّاس فَمن أَتَاهُ أَخذ وَمن غَابَ بعث لَهُ 33 - هَذِه الأبيات من أحسن الْكَلَام وَأحسن الْمَدْح وَمَعْنَاهُ وَاحِد يُرِيد أَنه كثير النَّفْع للحاضر وَالْغَائِب وَمثل هَذَا لحبيب (قَرِيبُ النَّدَى نائى المَحَلِّ كأنَّهُ ... قَرِيبٌ إِلَى العَلْيا قَرِيبٌ مَنازِلُه ... ) وللبحترى (كالْبَدْرِ أفْرِطَ فِى العُلُوّ وَضَوْءُهُ ... للْعُصْبِةِ السَّارِينَ جِدَّ قَرِيبِ ... ) وَله أَيْضا (عَطاءٌ كَضَوْءِ الشَّمسِ عَمَّ فمَغْرِبٌ ... يَكُونُ سَوَاءً فِى سَناهُ وَمَشْرِقُ ... ) وللعباس بن الْأَحْنَف (نِعْمَةٌ كالشَّمْسِ لمَّا طَلَعَتْ ... ثبتَ الإشراقُ فِى كُلّ بَلَدْ ... ) 34 - الْإِعْرَاب أمهجن منادى مُضَاف والهمزة من حُرُوف النداء وحروف النداء أى والهمزة وأيا وهيا وَإِسْقَاط حرف النداء كثير كَمَا تَقول رب اغْفِر لى رب ارحمنى وأى للقريب والهمزة للقريب أَيْضا وَيَا للمخاطب وَغَيره وأيا للبعيد الْمُتَوَسّط وهيا للبعيد وكريم فِي مَوضِع الْجمع يُرِيد الكرماء كَأَنَّهُ قَالَ وتارك جَمِيع الكرماء الْغَرِيب يُقَال هجنه إِذا لم يكن أَبوهُ هجينا وأصل الهجانة فى النَّاس وَالْخَيْل إِنَّمَا تكون من قبل الْأُم فَإِذا كَانَ الْأَب عتيقا وَالأُم لَيست كَذَلِك كَانَ الْوَالِد هجينا قَالَ الراجز (العَبْدُ والهَجِينُ والفَلَنْقَسُ ... ثَلاثَةٌ فأيَّهُم تَلَمَّسُ ... ) والإقراف يكون من قبل الْأَب قَالَت هِنْد (فَإِن نُتِجَتْ مُهْراً كَرِيما فبالْحَرَى ... وَإنْ يِكُ إقرافٌ فمِنْ قِبَلِ الفَحلِ ... ) وتهجين الْأَمر تقبيحه والمزرى من زريت عَلَيْهِ إِذا قصرت بِهِ وأزريته حقرته وأزريت عَلَيْهِ زراية وتزريت عَلَيْهِ أى عتبت عَلَيْهِ قَالَ الشَّاعِر (يأيها الزّارِى على عُمَرٍ ... قدْ قُلتَ فِيهِ غير مَا تعلَمْ ... ) وَقَالَ الآخر (إنِّى على لَيْلَى لزار وإنَّنِى ... على ذَاكَ فِيما بينَنا مُستديمُها ... ) أى عَاتب ساخط غير رَاض وَقَالَ ابو عَمْرو الزارى على الْإِنْسَان الذى لَا يعده شَيْئا وينكر عَلَيْهِ فعله والإزراء التهاون بالشئ الْمَعْنى يَقُول إِنَّك تهجنهم لنقصانهم عَن بُلُوغ كرمك فهم عاتبون عَلَيْك لما يظْهر للنَّاس من كرمك وَيجوز أَن يكون هم عاتبون على أنفسهم حَيْثُ لم يَفْعَلُوا مَا فعلت وتروك بِمَعْنى تَارِك كَمَا تَقول تركت زيدا ذَا مَال أى جعلته وفعول أبلغ من فَاعل فَلذَلِك أَتَى بِهِ وَقد فسر الْبَيْت بِمَا بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 - الْغَرِيب شادوا بنوا وَرفعُوا والشيد بِكَسْر الشين كل شئ طليت بِهِ الْحَائِط من جص أَو غَيره وبالفتح الْمصدر شاده يشيده شيدا جصصه والمشيد الْمَعْمُول بالشيد والمشيد بِالتَّشْدِيدِ المطول والإشادة رفع الصَّوْت بالشئ وأشاد بِذكرِهِ رفع قدره وَقَالَ أَبُو عمر وأشدت بالشئ عَرفته والمثالب المخازى والمعايب الْمَعْنى يُرِيد أَنهم رفعوا مناقبهم وَرفعت مناقبك فَلَمَّا ظَهرت مناقبل للنَّاس صَارَت مناقبهم كالمخازى لفضل مناقبك عَلَيْهَا وَمثله لحبيب (محاسِنُ مِنْ مَجْدٍ مَتى يَقْرِنُوا بِها ... مَحاسِنَ أقْوَامٍ تَكُنْ كالمَعايبِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 - الْإِعْرَاب غيظ الحاسدين انتصب على النداء الْمُضَاف وَقَالَ ابْن القطاع على الإغراء أى الزم غيظ الحاسدين أَو على الْمَفْعُول من أَجله أى أَقُول لَك لبيْك من أجل غيظ الحاسدين الْمَعْنى قَالَ الواحدى أظهر الْإِجَابَة إِشَارَة إِلَى أَنه بِنِدَاء منادى والراتب الْمُقِيم قَالَ الْخَطِيب صرع الْبَيْت لانتقاله من الْمَدْح إِلَى الْإِجَابَة 37 - الْغَرِيب الحنك جمع حنكة وهى التجربة وجودة الرأى وَرجل محتنك ومحنك إِذا عضته الْأُمُور وجربها والغر بضده أى الذى لم يجرب الْأُمُور وَلَا يفكر فى العواقب الْمَعْنى يَقُول لَك تَدْبِير ذى حنك وارتفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مقدم عَلَيْهِ مَحْذُوف أى لَك تَدْبِير ذى عقل وَرَأى مجرب للأمور مفكر فى العواقب لكنه إِذا هجم فى الوغى هجم هجوم الغر يُرِيد أَنه جمع بَين الضدين بتدبير الْملك تَدْبِير مجرب مفكر فى العواقب وإقدامه إقدام غر وَمثله لحبيب (مَلكٌ لَهُ فِى كُلّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ ... إقْدَامُ غِرّ وَاعْتِزَامُ مجرّبِ ... ) وَله أَيْضا (كَهْلُ الأناةِ فتَى الشَّذاةِ إذَا عَدا ... للْحَرْبِ كانَ المساجِدَ الغِطْرِيفا ... ) وَله (وَمُجَرَّبُونَ سَقاهُمُ مِنْ بأْسِهِ ... وإذَا لُقُوا فكأنهُمْ أغمارُ ... ) 38 - الْمَعْنى يَقُول لَو يجاوزك طَالب يطْلب عطاءك لأنفقت مَالك فى طلب من تعطيه المَال 39 - الْإِعْرَاب الأَصْل أستطيعه فأدغم التَّاء فِي الطَّاء كَقِرَاءَة حَمْزَة {فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه} بتَشْديد الطَّاء وَغَيره بِحَذْف تَاء الافتعال الْغَرِيب الثَّنَاء يكون فى الْخَيْر وَحكى ابْن الأعرابى أَنه يسْتَعْمل فى الْخَيْر وَالشَّر وأنشدنا (أثْنِى عَلىَّ بِما عَلِمْتَ فانَّنِى ... أُثْنِى عَلَيكِ بِمِثلِ رِيحِ الجَورَبِ ... ) قصره أَبُو الطّيب ضَرُورَة وَحكى ابْن سعد عَن أَبى الطّيب وَهُوَ على بن سعد وَلَيْسَ هُوَ مُحَمَّد بن سعد صَاحب الطَّبَقَات لِأَن ذَلِك قديم الْوَفَاة توفى بعد المئتين وَأَبُو الطّيب ولد سنة إِحْدَى وَقيل أَربع وَثَلَاث مئة وَالصَّحِيح سنة ثَلَاث وَثَلَاث مئه قَالَ سَمِعت أَبَا الطّيب يَقُول مَا قصرت ممدودا فى شعرى إِلَّا هَذَا الْموضع (خُذ من ثناى ... ) وَذَلِكَ أَنه رأى بِخَط أَبى الْفَتْح (وَقد فارَقت دَارك واصْطِفَاك ... ) بِكَسْر الطَّاء الْمَعْنى يَقُول لَا تلزمنى الْوَاجِب فى ثنائك لأنى لَا أقدر عَلَيْهِ بل سامحنى بِمَا أَسْتَطِيع فَخذ منى الذى أقدر عَلَيْهِ وَإِذا ألزمتنى الْوَاجِب عجزت عَنهُ وَلَا أقدر أَن أقوم بِقدر استحقاقك ثمَّ ذكر عذره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 - الْغَرِيب دهش فَهُوَ دهش إِذا تحير وأدهشه غَيره وروى أَبُو الْفَتْح وَلَقَد دهشت وَقَالَ دهش فَهُوَ مدهوش وَمثله حم وأحمه الله وزكم وأزكمه الله ودهش مثل شده فَهُوَ مشدوه وَقَالَ الْخَطِيب دهشت فجَاء بِهِ ثلاثيا ويدهش فجَاء بِهِ على أدهش وَهَذَا أحد مَا يدل على انْفِرَاد مَا لم يسم فَاعله بِفعل مُخْتَصّ بِهِ كَمَا يخْتَص فعل الفاعلين بِأَفْعَال لَا يذكر مَعهَا الْمَفْعُول نَحْو قَامَ زيد وَقعد وبرحجك وأبره الله لَهُ نَظَائِر الْمَعْنى يَقُول قد تحيرت فى أفعالك فَلَا أقدر أَن أصفها وَلَا أقدر أَن أثنى عَلَيْك بهَا فأقلها الذى أرى وَهُوَ مِمَّا يدهش الْملك الْمُوكل بك لِأَنَّهُ لم يرد مثله من بنى آدم ولكثرته يعجز عَن كِتَابَته 25 - 1 - هَذِه الْقطعَة مضطربة الْوَزْن وهى من الرمل لِأَنَّهُ جعل الْعرُوض فاعلاتن وَهُوَ أَصْلهَا فى الدائرة وَإِنَّمَا تسْتَعْمل محذوفة السَّبَب وَزنهَا فاعلن قَالَ عبيد (مثلُ سَحْقِ البُرْدِ عَفَّى بَعْدَكِ الْقَطْرُ ... مَغْناهُ وتْأوِيبُ الشَّمال ... ) وَبَيت ابى الطّيب مصرع فتبعت عروضه ضربه الْمَعْنى يُرِيد أَن السَّحَاب فِيهَا المَاء وَالْبرد وَالصَّوَاعِق وَهَذَا فِيهِ خير لأوليائه وعقاب لأعدائه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 - جعله هَذِه الْأَشْيَاء لِكَثْرَة وجودهَا مِنْهُ كَقَوْل الْعَرَب الشّعْر زُهَيْر وَالْكَرم حَاتِم وكقول الخنساء (تَرْتَعُ مَا رَتَعَتْ حَتَّى إِذا ذكرَت ... فَإِنَّمَا هى هِىَ إقْبالٌ وَإدْبارُ ... ) الْمَعْنى يصف وَحْشَة تطلب وَلَدهَا مقبلة ومدبرة فَجَعلهَا إقبالا وإدبارا لكثرتهما مِنْهَا 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه مَا يُحَرك بَصَره إِلَّا على إِحْسَان وإساءة تحمده الْأَيْدِي لِأَنَّهُ يملؤها بالعطاء وتذمه الرّقاب لِأَنَّهُ يوسعها ضربا والجهد والجهد لُغَتَانِ كالشهد والشهد وَفصل قوم بَينهمَا فَقَالُوا بِالْفَتْح الْمَشَقَّة وبالضم الطَّاقَة وَقد جَاءَ الْقُرْآن فى معنى الطَّاقَة بِالضَّمِّ فى قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} 4 - الْمَعْنى يُرِيد مَا يقتل أعاديه ليستريح مِنْهُم لِأَنَّهُ قد أَمنهم لقُصُور عزمهم عَنهُ وَلكنه قد عوذ الذئاب عَادَة من إطعامه إِيَّاهَا لُحُوم الْقَتْلَى فَيكْرَه أَن يخلفها مَا عودهَا وَهَذَا كَقَوْل مُسلم (قد عَوّد الطَّيرَ عاداتٍ وَثِقْن بِها ... فَهُنَّ يَتْبَعْنَهُ فِى كُلّ مُرْتَحلَ ... ) 5 - الْمَعْنى أَنه يخَاف من لَا يُرْجَى صفحه فَإِذا نظر إِلَى جوده وسعة نَفسه كَانَ بِمَنْزِلَة من لَا يهاب بل يُرْجَى فَهُوَ مهيب شَدِيد الهيبة وجواد فى غَايَة الْجواد 6 - الْغَرِيب الشزر من الطعْن مَا أدبر عَن الصَّدْر وَقيل هُوَ على غير الاسْتوَاء الْمَعْنى يُرِيد أَنه حاذق بالطعن فى الأحداق إِذا أظلم الْمَكَان وَصَارَ الْغُبَار نقايا للشمس فَهُوَ عَارِف بمواقع الطعْن وَقد رده بقوله يضع السنان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 - الْغَرِيب الإياب الرُّجُوع الْمَعْنى أَنه يحمل نَفسه على ركُوب الْأَمر الصعب الذى لَيْسَ لمن وَقع فِيهِ خلاص 8 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد أَن رِيحه أطيب من ريح النرجس وَحَدِيثه ألذ من الشَّرَاب وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يمدح بِهِ الرِّجَال وَهَذَا الْبَيْت من الأبيات الَّتِى قبله بعيد البون كَعبد مَا بَين الثريا وَالثَّرَى 9 - الْإِعْرَاب الْوَجْه أَن يُقَال غير مدفوعة عَن السَّبق العراب كَمَا تَقول هِنْد غير مصروفة وَذكر ضَرُورَة كَأَنَّهُ أَرَادَ العراب جنس غير مَدْفُوع قَالَ ابْن جنى كَانَ يجوز أَن يَقُول غير هَذَا وَيَقُول (لَا تدفع عَن السَّبق العراب ... ) بِالتَّاءِ وَالْيَاء فأجري غير مجْرى لَا وأجرى مَدْفُوع مجْرى يدْفع ضَرُورَة وَقد يتزن الْبَيْت بِأَن يَقُول (قطّ لَا يُدْفعُ عَن سَبْقٍ عِرابُ ... ) 26 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد لَا عجب وَلَا مُنكر أَن سبقت النَّاس إِلَى مَرَاتِب لم يصلوا إِلَيْهَا لِأَنَّك من أَهلهَا فَلَا تدفع عَن نيلها كَمَا أَن العراب من الْخَيل وهى الْمُضْمرَات المعدات للسبق لَا تدفع عَن السَّبق 2 - الْمَعْنى يَقُول الأَرْض من عطشها تَشْكُو إِلَى السَّحَاب غيبته عَنْهَا وتمص مَاءَهُ كَمَا يمص الحبيب ريق المحبوب وأصل الرشف أَن تستقصى مَا فى الْإِنَاء حَتَّى لَا تدع فِيهِ شَيْئا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 - الشطرنج مُعرب والأجود أَن تكسر مِنْهُ الشين ليَكُون على وزن فعلل مثل جرد حل وَهُوَ الضخم من الْإِبِل وَلَيْسَ فى كَلَام الْعَرَب فعلل وَهُوَ مُعرب من سدرنج يعْنى أَن من اشْتغل بِهِ ذهب عناؤه بَاطِلا الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا أتأمل فى حسن معانيك لَا فى الشطرنج وانتصابى جَالِسا لأرَاك لَا للشطرنج واللعب وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذِه الْقطعَة لم أقرأها عَلَيْهِ وشعره عندى أَجود مِنْهَا وَقَالَ غَيره هى مقروءة عَلَيْهِ بِمصْر وبغداد 4 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يغيب عَنهُ لَيْلَة ثمَّ يعود إِلَيْهِ 27 - 1 - الْغَرِيب المعالى جمع معلاة مفعلة من الْعُلُوّ والْعَلَاء 2 - الْمَعْنى يُرِيد بِكُل مسئلة يعجز النَّاس عَن بَيَانهَا وَالْجَوَاب عَنْهَا حَتَّى لَو سُئِلَ عَنْهَا غَيره انْقَطع 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه اللعبة وقفت ثمَّ قابلتك تَدور أَو رفعت رجلهَا وَهَذِه كلهَا أَبْيَات // رَدِيئَة // عَملهَا ارتجالا فى معَان نَاقِصَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 - 1 - الْإِعْرَاب ضروبا قيل هُوَ كَأَنَّهُ قَالَ النَّاس عشاق مُخْتَلفين فى عشقهم والأجود أَن يكون مَنْصُوبًا بِوُقُوع الْفِعْل عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِشْق أى ضروب النَّاس يعشقون ضروبا فأعذرهم هُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم عذر الرجل عذرا وأعذر إِذا أَتَى بِعُذْر يُقَال عذر من نَفسه وأعذر إِذا بَين عذرا أَو فعلا يعْذر بِهِ من أَسَاءَ إِلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يكون مأخوذا من عذرت الرجل فَهُوَ مَعْذُور لِأَنَّهُ إِذا حمل على هَذَا كَانَ أفعل الذى للتفضيل قد بنى من فعل لم يسم فَاعله وَذَلِكَ مُمْتَنع الْمَعْنى يَقُول أَنْوَاع النَّاس على اخْتلَافهمْ يحبونَ أَنْوَاع المحبوبات على اختلافها فأحقهم بالعذر فى الْعِشْق والمحبة من كَانَ محبوبه أفضل وأشف والشف الْفضل 2 - الْغَرِيب السكن الصاحب وَمن تسكن إِلَيْهِ وتحبه وتهواه وفلانة سكن لفُلَان الْمَعْنى يَقُول أَنا أعشق وأسكن إِلَى قتل الأعادى فَهَل من زورة إِلَيْهَا أشفى بهَا قلبى كَمَا يشفى الْمُحب قلبه بزيارة محبوبه ويلتذ بزورته فَأَنا ألتذ بقتل الأعادى 3 - الْغَرِيب الصرصرة صَوت الطير والنسر والبازى وَغَيره والنعيب صَوت الْغُرَاب الْمَعْنى يُرِيد هَل من زورة إِلَى الأعادى فيكثر الْقَتْل حَتَّى يظل الطير وَهُوَ اسْم جنس يُرِيد جمَاعَة الطير مُجْتَمعين إِلَيْهِ وَجعل أصوات الطير كالصرصرة والْحَدِيث بَين قوم مُجْتَمعين وَقَالَ الْخَطِيب الصرصرة صَوت النسْر والبازى لَا يَقع إِلَّا على الْقَتْلَى وَإِنَّمَا يُرِيد وقْعَة يكثر فِيهَا الْقَتْلَى فيجتمع عَلَيْهَا الطير فيصرصر النسْر وينعب الْغُرَاب 4 - الْغَرِيب الْحداد ثِيَاب الْحزن تصبغ سَوْدَاء وتلبس عِنْد الْمُصِيبَة وأصل الْحداد الْمَرْأَة تلبس ثِيَاب الْحزن وَقد يجوز أَن تكون غير مصبوغة بل تكون من خشن الملبس وفى الصَّحِيحَيْنِ " لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث إِلَّا الْمَرْأَة على زَوجهَا وَمَعْنَاهُ أَن تحزن وتترك الطّيب والدهن الْمَعْنى أَن هَذِه الطير لبست دِمَاء الْقَتْلَى أى تلطخت بهَا مِنْهُم وجفت عَلَيْهَا فَصَارَت كالحداد وهى الثِّيَاب السود وَلم تشق لَهَا جيوبا لِأَنَّهَا لَيست محزونة وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون لم تشق لَهَا جيوبا لِأَنَّهُ غير مخيط فَكَأَنَّهُ إحداد بِغَيْر مخيط قَالَ وَقد روى دِمَاؤُهُمْ بِالرَّفْع يُرِيد أَن الدِّمَاء اسودت على الْقَتْلَى فَكَأَنَّهَا لبست ثوبا غير مَا كَانَت تلبس من الْحمرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 - الْغَرِيب أدمنا جَمعنَا وخلطنا وَمِنْه قيل للمتزوجين فى الدُّعَاء أَدَم الله بَينهمَا وَقيل بل قَوْله أدمنا من الدَّوَام والكعوب من كعوب الرمْح وهى أَطْرَاف النواشر عِنْد الأنابيب والكعوبأيضا مصدر كعبت الْجَارِيَة تكعب بِالضَّمِّ كعوبا إِذا خرحت نهودها وهى الكعاب بِالْفَتْح والكاعب وَالْجمع كواعب قَالَ الله تَعَالَى {كواعب أَتْرَابًا} الْمَعْنى يَقُول خلطنا الضَّرْب بالطعن إِلَى أَن جعلنَا كعوب القنا فى عظامهم وَإِن كَانَ من إدامة الشئ فَالْمَعْنى لم نزل نطعنهم حَتَّى كسرنا كعوب الرماح فيهم فاختلطت أبدانهم بعظامهم 6 - الْمَعْنى يُرِيد أَن خيولهم لم تنفر مِنْهُم كَأَنَّهَا كَانَت فى صغرها تسقى فى قحوف رؤوسهم اللَّبن يعْنى قحوف رُؤُوس الْأَعْدَاء وَالْعرب من عَادَتهَا أَن تسقى كرام خيولها اللَّبن وقحف الرَّأْس مَا انْضَمَّ على أم الدِّمَاغ والجمجمة الْعظم الذى فِيهِ الدِّمَاغ الْمَعْنى أَن خيولهم وطِئت رُءُوسهم وصدورهم وَلم تنفر عَنْهُم فَكَأَنَّهَا قد ألفتهم 7 - الْغَرِيب التريب والتريبة وَاحِدَة الترائب وَهُوَ مَوضِع القلادة والشوى من الْفرس قوائمه لِأَنَّهُ يُقَال عبل الشوى والشوى جمع شواة وهى جلدَة الرَّأْس والشوى اليدان وَالرجلَانِ وَالرَّأْس من الادميين وكل مَا لَيْسَ مقتلا يُقَال رَمَاه فأشواه إِذا لم يصب المقتل قَالَ الهذلى (فإنَّ مِنَ القَوْلِ الَّتِى لَا شَوَى لَهَا ... إِذا زَالَ عَن ظهرِ اللِّسان انْفِلاتها ... ) يَقُول إِن من القَوْل كلمة لَا تشوى وَلَكِن تقتل الْمَعْنى يَقُول يقدم هَذِه الْخَيل وَقد خضبت قَوَائِمهَا بِالدَّمِ فَتى قد ألف الحروب يقذفه حَرْب إِلَى حَرْب قَالَ الواحدى وَقد روى خضبت جعل الْفِعْل للخيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 - الْغَرِيب أصل الخنزوانة ذُبَابَة تقع فى أنف الْبَعِير فيشمخ لَهَا بِأَنْفِهِ فاستعيرت للكبر فَقيل بفلان خنزوانة وتنمر صَار كالنمر فى الْغَضَب الْمَعْنى أَنه إِذا غضب على الْعَدو وأقدم عَلَيْهِم فَلَا يبالى أقتل أم قتل وَأصَاب أَرَادَ الِاسْتِفْهَام فَحذف حرفه وأعمله 10 - الْغَرِيب يفرق يخَاف ويفزع ويثوب يرجع الْغَرِيب قَالَ الواحدى قَالَ ابْن فورجة أَرَادَ لعظم مَا عزمت عَلَيْهِ ولشدة مَا أَنا عَلَيْهِ من الْأَمر الذى قُمْت بِهِ كَأَن الصُّبْح يفرق من عزمى ويخشى أَن يُصِيبهُ بمكروه فَهُوَ يتَأَخَّر وَلَا يئوب وَقَالَ العروضى يُخَاطب عزمه انْظُر يَا عزمى عل علم الصُّبْح بِمَا أعزم عَلَيْهِ من الاقتحام فخشى أَن يكون من جملَة أعدائى 11 - الْغَرِيب الدجنة الظلمَة والدجنة من الْغَيْم المطبق المظلم الذى لَيْسَ فِيهِ مطر يُقَال يَوْم دجن وَلَيْلَة دجنة بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف وَقَالَ الجوهرى الدجنة بِالتَّخْفِيفِ الظلمَة وَالْجمع دجن ودجنات بِالتَّخْفِيفِ فيهمَا والدجنة فى ألوان الْإِبِل أقبح السوَاد الْمَعْنى أَنه يصف طول ليله فَشبه الْفجْر بحبيب طلب مِنْهُ الزِّيَارَة وَهُوَ يُرَاعى من ظلمَة اللَّيْل رقيبا فتتأخر زيارته من خوف الرَّقِيب فَشبه طول اللَّيْل وإبطاء الْفجْر بحبيب يخَاف رقيبا 12 - الْغَرِيب الجبوب وَجه الأَرْض وَقيل الأَرْض الغليظة وَلَا يجمع والحلى مَا لبس من ذهب وَفِضة فِيهِ لُغَات حلى وحلى وحلى وَقد قرئَ الْقُرْآن باللغات الثَّلَاث فَقَرَأَ بِكَسْر الْحَاء مَعَ التَّشْدِيد حَمْزَة والكسائى وَقَرَأَ بِالْفَتْح فى الْحَاء وَسُكُون اللَّام يَعْقُوب وَقَرَأَ بِضَم الْحَاء مَعَ التَّشْدِيد الْبَاقُونَ الْمَعْنى جعل النُّجُوم حليا لِليْل وَجعل الأَرْض قيدا لَهُ أَو نعلا فَقَالَ كَأَن الأَرْض صَارَت نعلا لَهُ فَهُوَ لَا يقدر على المشى لثقل الأَرْض على قوائمه 13 - الْغَرِيب الشحوب تغير اللَّوْن والهزال الْمَعْنى يَقُول كَأَن الْهوى كابد مَا أكابد من طول الوجد فاسود لَونه فَصَارَ سوَاده كالشحوب وَهُوَ تغير اللَّوْن أى كَانَ اللَّيْل أسود لِأَنَّهُ دفع إِلَى مَا دفعت إِلَيْهِ فَصَارَ السوَاد بِمَنْزِلَة الشحوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 - الْغَرِيب الدجى جمع دجية وهى قترة الصَّائِد الْمَعْنى يُرِيد سهادى لَا يغيب عَنى كَذَلِك اللَّيْل لَا يغيب عَنى لتَعلق السهاد بِهِ بطول ظلمَة اللَّيْل وَطول سهاده فَكَأَن السهاد يجذب الدجى فَلَيْسَ يغيب الدجى إِلَّا أَن يغيب السهاد 15 - الْمَعْنى يُرِيد كَمَا أَن ذنُوب الدَّهْر لَا تفنى كَذَلِك أجفانى لَا تفتر وَقَالَ الواحدى لِكَثْرَة تقليبى إِيَّاهَا كأنى أعد على الدَّهْر ذنُوبه كَمَا أَن ذنُوب الدَّهْر كَثِيرَة لَا تفنى كَذَلِك تقليبى لأجفانى كثير لَا يفنى فَلَا نوم هُنَاكَ 16 - الْغَرِيب المشيب والمشوب الْمُخْتَلط الْمَعْنى يَقُول إِن طَال ليلى فَلَيْسَ هُوَ بأطول من نَهَار أنظر فِيهِ إِلَى حسادى وأعدائى 17 - الْمَعْنى يَقُول إِذا شاركنى أعدائى فى الْحَيَاة وعاشوا كَمَا أعيش وَلم أقتلهم فَلَيْسَ الْمَوْت بأبغض إِلَى من تِلْكَ الْحَيَاة الَّتِى لم أخل عَن مُشَاركَة الْأَعْدَاء فِيهَا 18 - الْغَرِيب الْحدثَان هُوَ مَا يحدث من نَوَائِب الدَّهْر والنقيب هُوَ الذى يعرف الْقَوْم وَمِنْه نقيب الْأَشْرَاف وَهُوَ الذى يرأسهم وَيحكم فيهم الْمَعْنى يُرِيد أَن النوائب أَصَابَته كثيرا فَصَارَ عَارِفًا لَهَا حَتَّى لَو أَن لَهَا أنسابا لَكُنْت نسابها لمعرفتى بهَا 19 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لفقره وَقلة ذَات يَده لما عزت عَلَيْهِ الْإِبِل وفقدها لفقره أدته المحن والشدائد إِلَى الممدوح فَكَأَنَّهَا كَانَت مطايا لَهُ وَهَذَا بعد قَوْله (ومَا سُكْنى سوَى قتلُ الأعادِى ... ) وَذكره الجيوش وَكَثْرَتهَا والأبطال وقود الْجِيَاد العراب ثمَّ رَجَعَ إِلَى الطّلب من الممدوح مدح نَفسه أَولا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مدح الممدوح آخرا وَأما أحسن مَا ذكر بعض الْمُلُوك فى أَنه دخل عَلَيْهِ شَاعِر يمدحه وَكَانَ على شكل المتنبى فَلَمَّا افْتتح بالإنشاد وَالْملك يسمع وَإِذا المديح لنَفسِهِ فَلَمَّا مضى على أَكثر القصيدة رَجَعَ إِلَى مدح الْملك فَقَالَ لَهُ الْملك يَا هَذَا مَا قصرت أسمعنا مدحك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 - الْغَرِيب رتعت الْإِبِل ترتع رتوعا أكلت مَا شَاءَت ونرتع وَنَلْعَب ننعم ونلهو وإبل رتاع بِكَسْر الرَّاء جمع راتع وأرتع الْغَيْث وَأنْبت مَا ترتع فِيهِ الْإِبِل والجدب ضد الخصب وَمَكَان جَدب وجديب اى لَا نَبَات فِيهِ الْمَعْنى يُرِيد بالمطايا الْحَوَادِث لِأَن أحدا لَا يطْلب ركُوبهَا وهى لَا ترعى نبتا إِنَّمَا ترعانا فَلم أفارقها إِلَّا مجدبا كالمكان الجدب وَهُوَ الذى لَيْسَ فِيهِ نَبَات يُرِيد أَن الْحَوَادِث رعته فَلم تتْرك مِنْهُ شَيْئا 22 - الْإِعْرَاب الْوَجْه أَن يَقُول فلولا هُوَ وَيجوز لولاه وَقيل الذى قَالَ أَبُو الطّيب فلولا هُوَ بِإِسْكَان الْوَاو وهى لُغَة مَعْرُوفَة الْغَرِيب الشيمة الْخلق وَجَمعهَا شيم وشعف غلب على قلبه الْحبّ وبالغين الْمُعْجَمَة وصل إِلَى شغَاف قلبه والنسيب التشبيب بِالنسَاء فى الشّعْر وَالْفِعْل نسب ينْسب بِالْكَسْرِ الْمَعْنى يُرِيد لَوْلَا أَن خلق الممدوح أحسن من خلقه لَقلت النسيب بخلقه وَيجوز لَوْلَا أَنى أحتشمه لَقلت الْغَزل فى شيمته 23 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى هَواهَا رَاجع إِلَى الشيمة للغريب الرشأ بِالتَّحْرِيكِ على فعل هُوَ ولد الظبية الذى قد تحرّك وَمَشى والربيب والمربوب هُوَ المربى الْمَعْنى يُرِيد أَن شيمته كل أحد يعشقها كعشقى لَهَا وَإِن كَانَت لَا تشبه الرشأ المربى لِأَنَّهَا خلق لاشبه لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 - الْإِعْرَاب عَجِيب خبر الِابْتِدَاء وعجيبا خبر المشبهة بليس وهى الحجازية الْمَعْنى يُرِيد هُوَ عَجِيب فى الزَّمَان وَلَيْسَ يستنكر أَن يأتى من آل سيار عجب العجاب لأَنهم الْغَايَة وَالنِّهَايَة فى الْمجد والسخاء 25 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه شيخ فى شبابه لعقله وكماله ورأيه وَإِن كَانَ شَابًّا فى سنه وَكم من إِنْسَان قد بلغ حد الشيخوخة وَلم يسْتَحق أَن يُسمى شَيخا لنقصه 26 - الْمَعْنى أَنه قسا وصلب على الْأَعْدَاء ولان على الْأَوْلِيَاء ويروى وتفزع من يَدَيْهِ وَمعنى الْبَيْت قسا قلبا فالأسود نَخَاف من هيبته ورق طبعا وكرما فَنحْن نَخَاف أَن يذوب لرقته علينا وَقيل نَحن نَخَاف لرقته وَحسن خلقه وَمن روى قواه فَهُوَ جمع قُوَّة قَالَ (أَشد من الرِّيَاح ... . ... الْبَيْت ... ) 27 - الْإِعْرَاب بطشا وهبوبا مصدران وَقعا موقع الْحَال وَقَالَ قوم نصبا على التَّمْيِيز وحرفا الْجَرّ يتعلقان بأشد وأسرع الْغَرِيب الهوج جمع هوجاء وهى الَّتِى لَا تَسْتَقِر على سنَن وَاحِد والبطش الْأَخْذ بِقُوَّة الْمَعْنى يُرِيد أَنه فى بطشه أَشد من الرِّيَاح الشديدات وأسرع مِنْهَا فى الْعَطاء 28 - الْغَرِيب الْغَرَض الهدف الْمَعْنى يَقُول إِن النَّاس يَقُولُونَ هُوَ أرمى من أبصرنا يرْمى السهْم فَقلت لَهُم رَأَيْتُمُوهُ يرْمى الْغَرَض الْقَرِيب مِنْهُ فَلَو رَأَيْتُمُوهُ يرْمى غَرضا 29 - الْغَرِيب الرمايا جمع رمية وهى كل مَا يرْمى من غَرَض أَو صيد الْمَعْنى يَقُول إِن أصَاب رميته بِسَهْم فَلَا عجب فَإِنَّهُ لَا يُخطئ بِسَهْم ظَنّه الْغَائِب عَنهُ يُرِيد أَنه صائب الْفِكر لَا يفوتهُ شئ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 - الْغَرِيب نكبت قلبت على رَأسهَا وَكَذَا نثلت والكنانة الجعبة الَّتِى يَجْعَل فِيهَا السِّهَام وَالْجمع كنائن والندوب جمع ندب وهى آثَار الْجرْح الْإِعْرَاب الْوَجْه أَنه يُقَال بأفوقها لأنصلها ندوبا وَإِلَّا فمحال أَن يتقابل النصال وَالْبَيْت الذى بعده يبين صِحَة قَوْلنَا قَالَ ابْن دُرَيْد نكبت الشئ نكبا إِذا ألقيت مَا فِيهِ وَلَا يكون إِلَّا للشئ الْيَابِس للسَّائِل الْمَعْنى إِذا ألْقى مَا فى كِنَانَته رَأينَا لنصوله آثارا فى نصوله لِأَنَّهُ يرميها على طَريقَة وَاحِدَة فتصيب النصول بَعْضهَا بَعْضًا قَالَ (يُصِيب بِبَعْضِهَا أفواق ... . ... الْبَيْت ... ) 31 - الْغَرِيب الفوق من السهْم مَوضِع الْوتر وَالْجمع أفواق وَفَوق تَقول فقت السهْم فانفاق أى كسرت فَوْقه فانكسر وفوقته جعلت لَهُ فوقا والأفواق السهْم المكسور الفوق وَرجع فلَان بأفوق ناصل أى بِسَهْم منكسر لَا نصل فِيهِ وأفقت السهْم جعلت فَوْقه فى الْوتر وأوفقته أَيْضا وَلَا يُقَال أفوقت وَهُوَ من النَّوَادِر الْمَعْنى يُرِيد أَنه حسن الرمى وَأَنه يُصِيب بِبَعْض نصوله أفواق السِّهَام الَّتِى رَمَاهَا وَأَنه لَوْلَا كسر السِّهَام لَا تصلت حَتَّى تصير قَضِيبًا مستويا أى غصنا 32 - الْإِعْرَاب بِكُل مقوم هُوَ بدل من قَوْله بِبَعْضِهَا وَالْبَاء مُتَعَلقَة بيصيب الْفِعْل الذى فِيمَا قبله الْمَعْنى أَنه عَنى بالمقوم سَهْما مستويا لَا يعصيه فِيمَا يَأْمُرهُ من الْإِصَابَة حَتَّى ظنناه لبيبا عَاقِلا 32 - الْغَرِيب النزع جذب الْوتر للرمى وَمِنْه الضَّمِير للمقوم الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا جذب الْوتر للرمى يُرِيك حفيف السهْم إِذا خرج من الْقوس اللهيب من سرعته وَالْعرب إِذا وصفت شَيْئا بالسرعة شبهته بالنَّار وَمِنْه قَول العجاج يصف سرعَة مَشى الْحمار والأتان (كَأَنَّمَا يَسْتَضرِمان العَرْفجا ... ) وَقَالَ الواحدى حفيف السهْم فى سرعته يشبه حفيف النَّار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 - الْغَرِيب الألى بِمَعْنى الَّذين وسعدوا من السَّعَادَة تَقول سعد الرجل فَهُوَ سعيد كسلم فَهُوَ سليم وَسعد فَهُوَ مَسْعُود وَبهَا قَرَأَ حَمْزَة والكسائى وَحَفْص عَن عَاصِم بِضَم السِّين والنجيب الْكَرِيم الْمَعْنى يَقُول أَلَسْت اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّقْرِير كَقَوْل جرير (ألَسْتُمْ خيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا ... وأنْدَى العالَمينَ بُطُونَ رَاحِ ... ) يُرِيد الَّذين سعدوا بِمَا طلبُوا وَكَانُوا نجباء سادة الْمَعْنى أَنْت ابْن أُولَئِكَ 35 - الْإِعْرَاب نالوا عطف على قَوْله وسادوا ودبيبا حَال الْمَعْنى يُرِيد أَنهم أدركوا مَا طلبُوا على هون ورفق فأدركوا الصعب بِأَهْوَن سعى وَذَلِكَ لحزمهم وَحسن سياستهم وتأنيهم وَذكر الْوَحْش والنمل مثلا لحزمهم ورفقهم فى الْأُمُور 36 - الْمَعْنى يَقُول ريح الرياض وهى جمع رَوْضَة لَيست لَهَا فى الْحَقِيقَة وَلَكِن استفادته وأخذته من دفن آبَائِهِ فى التُّرَاب وَهُوَ مَنْقُول من قولى الطائى (أرَادُوا لِيُخْفُوا قَبْرَهُ عَنْ عَدُوّهِ ... فَطِيبُ تُرابِ القَبْرِ دَلَّ على القَبْرِ ... ) 37 - الْغَرِيب القشيب الْجَدِيد وَسيف قشيب حَدِيث عهد بالجلاء وَرجل قشب خشب بِكَسْر الْعين إِذا كَانَ لَا خير فِيهِ والقشيب أَيْضا السم وَجمعه أقشاب وقشبه قشبا سقَاهُ السم وقشب طَعَامه سمه وقشبه ذكره بالسوء وَقَالَ الْفراء قشب بِالْفَتْح واقتشب إِذا اكْتسب حمدا وذما وقشبنى رِيحه تقشيبا آذانى الْمَعْنى يُرِيد أَن الْمجد انْتقل إِلَيْهِ فَهُوَ للممدوح على الْحَقِيقَة وَقيل التَّقْدِير يَا من عَاد بِهِ روح الْمجد فى الْمجد يُرِيد بِهِ أَن الْمجد كَانَ مَيتا فعا حَيا وَعَاد الزَّمَان الذى كَانَ بَالِيًا بِهِ جَدِيدا وَنظر إِلَى هَذَا القَوْل الآخر بَعضهم فَقَالَ (سألْتُ النَّدَى والمجْدَ حَيَّانِ أنّما ... وَهَلْ عِشْتُما مِن بعدِ آلِ مُحَمَّد ... ) (فَقالا نَعَمْ مِتْنا جمِيعا وَضَمَّنا ... ضرِيحٌ وأحْيانا دَبيسُ بنُ مَزْيَدِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى فى كِتَابه سَمِعت الشَّيْخ كريم بن الْفضل قَالَ سَمِعت والدى أَبَا بشر قاضى الْقُضَاة قَالَ أنشدنى أَبُو الْحُسَيْن الشامى الملقب بالمشوق قَالَ كنت عِنْد المتنبى فَجَاءَهُ هَذَا الْوَكِيل فأنشده (فُؤَادَدِى قَدِ انْقَطَعْ ... وضِرْسَسِى قَدِ انْقَلَعْ ... ) (فِى حُبَّ ظَبْىٍ غَنِجَ ... كالبَدْرِ لَمَّا أِنْ طَلَعْ ... ) (رأيتُهُ فى بَيْتِهِ ... مِن كَوَّةٍ قَدِ اطَّلَعَ ... ) (فَقلت تِهْ تِهْ تِهْ وتِهْ ... فَقَالَ لى مُرَّ يَا لُكَعْ ... ) (هاتِ قِطَعْ ثمَّ قِطَعْ ... ثمَّ قِطَعْ ثمَّ قِطَعْ ... ) فَهَذَا الذى عناه أَبُو الطّيب بقوله (وأنشَدنِى مِن الشِّعرِ الغَرِيبا ... ) 39 - الْغَرِيب أجره الله يأجره أجرا وآجره يؤاجره مؤاجرة وَإِجَارَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه جعل الْوَكِيل عليلا وَجعل نَفسه الْمَسِيح وَلَا حَاجَة للمسيح إِلَى طَبِيب فَإِنَّهُ يحيى الْمَوْتَى وَيُبرئ الأكمه والأبرص وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الطَّبِيب عليلا 40 - الْغَرِيب قَالَ الْخَطِيب حكى أَن الْوَكِيل لما سمع قَوْله أديبا قَالَ جعلنى وَالله أديبا والهدايا جمع هَدِيَّة الْمَعْنى يَقُول لم أنكر هداياك وَلَكِن هَذِه الْمرة زدتنى فِيهَا أديبا فِيهَا أديبا أهديته إِلَى مَعَ هديتك 41 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ أَن لَا يَمُوت لِأَنَّهُ جعله شمسا وكنى عَن الْمَوْت بالغروب ودعا لدياره أَلا تزَال مشرقة بنوره لِأَنَّهُ شمس لَهَا 42 - الْإِعْرَاب لَام كى مُتَعَلقَة بقوله (لَا دانيت الْغُرُوب ... لأصبح ... ) الْمَعْنى يُرِيد كَمَا أَنى آمن أَن لَا يصيبك عيب أُرِيد أَن آمن أَن لَا أصَاب فِيك بمصيبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 - 1 - الْمَعْنى يَقُول هما وَإِن كَانَ قد ميز بَينهمَا يتقابلان وكل وَاحِد مِنْهُمَا قد أحسن الْأَدَب مَعَ صَاحبه وَذكر الْأَدَب فَقَالَ إِذا صعدت يُرِيد إِذا صعدت إِلَى أَحدهمَا فَجَلَست عَلَيْهِ مَال الآخر هَيْبَة حِين هجرته 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يبصر أمرا عجبا من شأنيهما ويروى فعلَيْهِمَا يُرِيد إِذا كَانَ مَا لَا عقل لَهُ وَلَا حس يهابك فَكيف بِمن لَهُ عقل وفطنة لَا يخَاف على نَفسه 30 - 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَن السَّحَاب أمسك عَن الانسكاب لِئَلَّا يخجل من جوده لتَقْصِيره عَنهُ 31 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد أَن قرب الْأَمِير مِنْهُ يُغْنِيه عَن كل طيب وَبِه بنى الله المعالى كَمَا بكم يَا آل مُحَمَّد يغْفر الذُّنُوب لِأَن مُحَمَّدًا يَوْم الْقِيَامَة هُوَ الشَّفِيع المشفع يشفع فى أهل الْكَبَائِر من أمته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 - 1 - الْغَرِيب صغر فعل التَّعَجُّب للحاقه بالأسماء لعدم تصرفه وَمعنى التصغير هُنَا الْمُبَالغَة فى الِاسْتِحْسَان 2 - الْإِعْرَاب خلوفية خبر ابْتِدَاء أى هَذِه المقلة خلوفية فى لَوْنهَا الخلوفى حبه سَوْدَاء من عِنَب الثَّعْلَب يُرِيد لون مقلتها وَمَا فِيهَا من السوَاد 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الباز لحسن عينه إِذا نظر إِلَى جَانِبه كسته حدقته شعاعا على مَنْكِبه 33 - 1 - وهى من الطَّوِيل فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن مرَّتَيْنِ وعروضها مَقْبُوض قَالَ الواحدى كَانَ سَبَب مدح المتنبى لأبى الْقَاسِم أَن الْأَمِير أَبَا مُحَمَّد الْحُسَيْن بن طغج لم يزل يسْأَل أَبَا الطّيب أَن يمدح طَاهِر بن الْحُسَيْن بقصيدة وَأَبُو الطّيب يمْتَنع وَيَقُول مَا قصدت سوى الْأَمِير وَلَا أمدح سواهُ فَقَالَ لَهُ الْأَمِير قد كنت عزمت أَن أَسأَلك قصيدة أُخْرَى فى فاعملها فى أَبى الْقَاسِم وَضمن لَهُ عِنْده كثيرا من المَال فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك فَقَامَ الْأَمِير وَأَبُو الطّيب فى جمَاعَة حَتَّى دخلُوا على طَاهِر وَعِنْده جمَاعَة من أَشْرَاف النَّاس فَنزل أَبُو الْقَاسِم طَاهِر عَن سَرِيره وتلقاه وَسلم عَلَيْهِ ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ وَأَجْلسهُ على الْمرتبَة الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا وَجلسَ بَين يدى أَبى الطّيب حَتَّى أنْشدهُ القصيدة الْغَرِيب الكواعب جمع كاعب وهى الْجَارِيَة الَّتِى قد علا نهدها والحبائب جمع حَبِيبَة الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى ردوا الحبائب والكواعب ليرْجع صباحى وَأبْصر أمرى وَيرجع نومى إِذا نظرت إلَيْهِنَّ وَقَالَ ابْن فورجة دهرى ليلى كُله وَلَا صباح لى إِلَّا وجوههن وليلى سهر كُله وَلَا رقاد لى حَتَّى أراهن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 - الْغَرِيب المدلهم الشَّديد الظلمَة والغياهب جمع غيهب وهى الظلمَة الشَّدِيدَة وَفرس أدهم غيهب إِذا اشْتَدَّ سوَاده والغهب بِالتَّحْرِيكِ الْغَفْلَة وَقد غهب بِالْكَسْرِ الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يهتدى إِلَى شئ من مَصَالِحه فَلهَذَا جعل نَهَاره لَيْلًا وَقد عمى لحيرته وَقَالَ الواحدى يُرِيد أَن جفونه مختومة بعدهن لم تفتح وَإِذا انطبقت الجفون فالنهار ليل وَقَالَ الْخَطِيب هَذَا معنى الْبَيْت الأول أى غَابَ عَنى الكواعب فَغَاب صباحى بعدهن لِأَن الدُّنْيَا تظلم فى عين المحزون فَردُّوا رقادى فقد كنت أَرَاهُم فى نومى فقد فقدتهم مُنْذُ فقدت الرقاد وَالْعرب إِذا وصفت الْأَمر الشَّديد شبهت النَّهَار بِاللَّيْلِ لإظلام الْأَمر 3 - الْإِعْرَاب من روى بعيدَة بِالرَّفْع فهى خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هى بعيدَة وَمن روى بِالْجَرِّ فهى بدل من مقلة الْغَرِيب روى ابْن جنى هدب وَهُوَ الشّعْر الذى على حرف الْعين الْمَعْنى قَالَ الواحدى إِذا حمل قَوْله كل هدب على الْعُمُوم فالحاجب هَهُنَا بِمَعْنى الْمَانِع لأَنا إِذا حملنَا الْحَاجِب على الْمَعْهُود كَانَ مغمضا لِأَن هدب الجفن الْأَسْفَل إِذا عقد بالحاجب حصل التغميض وَإِذا جعلنَا الْحَاجِب بِمَعْنى الْمَانِع صَحَّ الْكَلَام وَإِن جعلنَا الْحَاجِب الْمَعْهُود حملنَا قَوْله كل هدب على التَّخْصِيص وَإِن كَانَ اللَّفْظ عَاما فَنَقُول أَرَادَ هدب الجفن الْأَعْلَى وَهَذَا مثل قَول الآخر (ورأسِىَ مَرْفوعٌ إِلَى النَّجم كَأَنَّمَا ... قفاىَ إِلَى صُلْبى بخَيْطٍ مخيَّط ... ) وَمثل معنى الْبَيْت لبشار بن برد (جَفَتْ عَيْنِى عَنِ التَّغْمِيضِ حَتَّى ... كأنَّ جُفُونَها عَنْها قِصَارُ ... ) 4 - الْمَعْنى يَقُول إِن الدَّهْر يخالفنى فى كل مَا أردْت حَتَّى أَحْبَبْت فراقكم لواصلتمونى وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول لفارقتنى وَلكنه قلبه لِأَن من فارقك فقد فارقته وَهَذَا من بَاب الْقلب وَكَانَ حَقه أَن يَقُول أَخبث الْأَصْحَاب لِأَنَّهُ أَرَادَ أَخبث من يصحب وَإِذا كَانَ اسْم الْفَاعِل فى مثل هَذَا يجوز فِيهِ الْإِفْرَاد وَالْجمع كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ} أى أول من يكفر وَأنْشد الْفراء (وَإِذا هُمُ طَعموا فأَلأَمُ طاعِمٍ ... وَإِذا هم جاعُوا فشَرُّ جِياعِ ... ) فَأتى بالأمرين جَمِيعًا والمتنبى أَشَارَ إِلَى أَن من أهواه ينأى عَنى وَمن أبغضه يقرب منى لصحبة الدَّهْر إياى وَهَذَا كَقَوْل لطف الله بن الْمعَافى (أرَى مَا أشْتَهِيهِ يَفِرُّ مِنِّى ... وَما لَا أشْتَهِيهِ إلىَّ يَأْتِى ... ) (وَمَنْ أهْوَاهُ يُبْغِضُنِى عِناداً ... وَمَنْ أشْناهُ شِصٌّ فِى لَهَاتِى ... ) (كأنَّ الدَّهْرَ يَطْلُبُنِى بثَأْرٍ ... فَلَيْسَ تَسُرُّهُ إلاَّ وَفاتِى ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 - الْمَعْنى يَقُول لَيْت أحبائى واصلونى مُوَاصلَة المصائب إياى وليت المصائب بَعدت عَنى بعدهمْ وَهُوَ كَقَوْلِه أَيْضا (ليتَ الحبيبَ الهاجِرِى هَجْر الكَرَى ... ) 6 - الْغَرِيب السلك الْخَيط والترائب مَحل القلادة من الصَّدْر وهى جمع تريبة الْمَعْنى هَذَا شكوى مِنْهُ يُرِيد أَن ميلك إِلَى مشاقى حملك على منافرة شكلى حَتَّى عقت السلك عَن مس ترائبك بالدر لمشابهته إياى فى الدقة يَقُول لَعَلَّك حسبت السلك فى دقته جسمى فعقته عَن مُبَاشرَة ترائبك بِأَن سلكته فى الدّرّ وَهَذَا من نَوَادِر أَبى الطّيب الَّتِى لَا تماثل 7 - الْمَعْنى إِن هَذَا من الْمُبَالغَة وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فى هَذَا الْمَعْنى جدا وَمِنْه قَول الآخر (ذُبْتُ مِنَ الوَجْدِ فَلَوْ زُجّ بِى ... فِى مُقْلَةِ الوَسْنانِ لَمْ يَنْتَبِهْ ... ) ولبعضهم وَلَقَد أحسن (فاسْتَبْقِ مَا أبْقَيْتَ لى فَلَعَلَّنِى ... يَوْما أقِيكَ بِهِ مِنَ الأعْدَاءِ ... ) (مِنْ مُهْجَةٍ ذابَتْ أسًى فَلَوَ أنَّهَا ... فِى العَيْنِ لمْ يَمْنَعْ مِنَ الإغْفاءِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تخوفنى الْهَلَاك وَهُوَ عندى دون الْعَار الذى أمرتنى بارتكابه وَقَالَ الواحدى الذى أمرت بِهِ ترك السّفر وملازمة الْبَيْت أى تخوفنى بِالْهَلَاكِ وَهُوَ دون مَا أمرت بِهِ من مُلَازمَة الْبَيْت وَفِيه الْعَار والعار شَرّ من النوائب 9 - الْغَرِيب الْيَوْم الْأَغَر الْمَشْهُور وَأَصله الْبيَاض والمحجل اسْتِعَارَة وَهُوَ من صِفَات الْخَيل والأغر صَاحب الْغرَّة فى وَجهه والمحجل الذى فى يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بَيَاض وَيكون لَونه مُخَالفا لَهَا الْمَعْنى يُرِيد يَوْمًا مَشْهُورا يتَمَيَّز على غَيره من الْأَيَّام بِأَن تكْثر فِيهِ الْقَتْلَى من أعدائه ثمَّ يسمع بعدهمْ صياح النوادب عَلَيْهِم فَيطول حِينَئِذٍ استماعه النوادب عَلَيْهِم على الْأَعْدَاء 10 - الْغَرِيب العوالى الرماح الطوَال والقواضب السيوف القواطع وَوُقُوع العوالى أى حُلُول العوالى كَمَا يُقَال هَذَا يَقع موقع هَذَا أى يحل مَحَله الْمَعْنى يُرِيد أَن مثله إِذا طلب حَاجَة لَا يبالى أَن يكون دون الْوُصُول إِلَيْهَا رماح وسيوف يُرِيد أَنه يتَوَصَّل إِلَيْهَا وَلَو كَانَ بَينه وَبَينهَا حروب شَدِيدَة لِأَنَّهُ يهون عَلَيْهِ إنْشَاء الحروب فى بُلُوغ مُرَاده 11 - هَذَا من أحسن الْكَلَام يحث على الشجَاعَة وَينْهى عَن الْجُبْن الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَت الْحَيَاة لَا تبقى وَإِن كَانَت طَوِيلَة فأى معنى للجبن لِأَن كل دَائِم إِلَى فنَاء وَهَذَا من كَلَام الْحُكَمَاء قَالَ الْحَكِيم وَآخر حركات الْفلك كأوائلها وناشئ الْعَالم كلاشيه فى الْحَقِيقَة لافى الْحس وَقَالَ ابْن الرومى (رأيْتُ طَوِيلَ العُمْرِ مِثْلَ قَصِيرِهِ ... إِذا كَانَ مُفْضَاهُ إِلَى غايَةٍ تُرَى ... ) 12 - الْغَرِيب إِلَيْك كلمة تحذير وتبعيد أى تباعدى عَنى والأفاعى جمع أَفْعَى وَهُوَ الْعظم من الْحَيَّات الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى يَقُول لست مِمَّن إِذا تخوف عَظِيمَة صَبر على مذلة وهوان فَشبه الأفاعى بالعظيمة والعقارب بالذل وَقَالَ الواحدى جعل عض الأفاعى لكَونه قَاتلا مثلا للهلاك وَجعل لسع العقارب مثلا للعار لِأَنَّهُ لَا يقتل وَقَالَ ابْن فورجة من بَات فَوق العقارب أدته بِكَثْرَة لسعها إِلَى الْهَلَاك كَمَا لَو نهشته الأفعى وَإِنَّمَا يُرِيد الْعَار أَيْضا يُؤدى الْإِنْسَان ذَا الْمجد إِلَى الْهَلَاك لتعيير النَّاس إِيَّاه بل هُوَ أَشد لِأَنَّهُ عَذَاب يتَكَرَّر والهلاك دفْعَة وَاحِدَة فَجعل الأفاعى مثلا للهلاك والعقارب مثلا للعار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 - الْغَرِيب الأدعياء جمع دعى وَأَرَادَ بهم هَهُنَا الَّذين يدعونَ الشّرف وَأَنَّهُمْ من أَوْلَاد على وَالْعَبَّاس وَكفر عاقب مَوضِع بالشأم قَرْيَة من أَعمال حلب والدعى أَيْضا من يَدعِيهِ أَبوهُ أَو يدعى هُوَ إِلَى أَب شريفا كَانَ أَو غير شرِيف قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم} وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا قبل الْإِسْلَام يدعى الرجل ابْن غَيره ابْنا لَهُ وَقد تبنى رَسُول الله زيد بن حَارِثَة ابْنا حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام وَادّعى أَبُو حُذَيْفَة سالما وَكَانَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو قد ادَّعَاهُ الْأسود بن عبد يَغُوث حَتَّى كَاد يعرف بِهِ فَيُقَال الْمِقْدَاد بن الْأسود الْمَعْنى يُرِيد ان قوما أدعياء يدعونَ أَنهم من ولد على عَلَيْهِ السَّلَام أَرَادوا بِهِ سوءا واجتمعوا لَهُ فى كفر عاقب وَأَعدُّوا لَهُ عبيدا ليقتلوه وَأَنه لم يخفهم وَقد بَينه فِيمَا بعده بقوله {وَلَو صدقُوا فى جدهم ... الخ ... } 14 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانُوا صَادِقين فى نسبهم لحذرتهم وَلَكنهُمْ أدعياء يكذبُون فى نسبهم فَلذَلِك ادعوا مَا لَا أصل لَهُ على وتهددونى بِمَا لَا يقدرُونَ عَلَيْهِ فَلَو صدق نسبهم فى جدهم لحذرت صدقهم فى وعيدى وَكنت أحذرهم لاحْتِمَال صدقهم لكِنهمْ كاذبون فى نسبهم فَعلمت أَنهم لَا يصدقون وَلم يكذبوا على وحدى بل قَوْلهم كَاذِب فى وفى غيرى 15 - الْإِعْرَاب لعمرى هُوَ مصدر وَهُوَ قسم يقسم بِهِ الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعَجَائِب تعجب منى فهن يقصدننى ليعجبن منى يعظم نَفسه ويصف كَثْرَة مصائبه 16 - الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى لم أدع موضعا من الأَرْض إِلَّا جولت فِيهِ إِمَّا متغزلا أَو غازيا قَالَ ابْن فورجة لَيْسَ فى الْبَيْت مَا يدل أَنه وَطئه غازيا فَكيف قصره على الْغَزْو ووجوه السّفر كَثِيرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 - الْغَرِيب كورى الكور بِضَم الْكَاف الرحل بأداته وَالْجمع أكوار وكيران والكور أَيْضا بِالضَّمِّ كور الْحداد وَمثله كور الزنابير الْمَعْنى يُرِيد أَن مواهبه لم تدع مَكَانا إِلَّا أَتَتْهُ كَذَلِك أَنا لم أترك مَكَانا إِلَّا أَتَيْته فكأنى امتطيت مواهبه وَهَذَا من أحسن مخالصه وَسَنذكر مخالصه ومخالص غَيره عِنْد قَوْله لِابْنِ صَالح (من يوازى ... ) 18 - الْإِعْرَاب فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وورود المشارب مصدر يردن وَالتَّقْدِير مواهبه يردن وُرُود النَّاس المشارب وَالضَّمِير فى فنائه عَائِد على لفظ خلق وَهن ضمير للمواهب الْمَعْنى لم يبْق أحد من النَّاس إِلَّا ومواهب الممدوح يردن فناءه والمواهب شرب لِلْخلقِ فهى ترد إِلَيْهِم بِخِلَاف الْعَادة لِأَن من الْعَادة أَن يرد النَّاس الشّرْب فَهَذِهِ ترد إِلَيْهِم وَالْمعْنَى هَذِه الْمَوَاهِب مَنْفَعَة أى لِلْخلقِ الذى ترد إِلَيْهِ كَمَا ينفع المَاء وارده قَالَ الْخَطِيب كأنهن قد وردن عَلَيْهِ وُرُود النَّاس المشارب لينتفعوا بهَا وفى مَعْنَاهُ (إِذا سألُوا شَكَرْتُهم عَلَيْهِ ... وإنْ سَكتوا سألتهمُ السؤالا ... ) 19 - الْغَرِيب القراع وُقُوع الشئ على الشئ يَابسا على مثله والرغائب جمع رغيبة وَهِي الْعَطِيَّة الَّتِى يرغب فِيهَا وَأَصلهَا السعَة وَفرس رغيب الخطوة أى واسعها الْمَعْنى إِن شجاعته وسماحته موروثتان من آبَائِهِ فهما فِيهِ غريزتان 20 - الْغَرِيب الشهاد جمع شَاهد وَهُوَ الْحَاضِر الْمَعْنى يُرِيد أَنه غيب عَن وَطنه من كَانَ حَاضرا لَيْسَ من عَادَته السّفر فَلَمَّا سمع بعطائه سَافر إِلَيْهِ ورد إِلَى الأوطان كل غَائِب كَانَ عِنْده أعطَاهُ وأغناه عَن السّفر إِلَى أحد من النَّاس 21 - ويروى فى أكفهم الْغَرِيب الفاطميون هم أَوْلَاد فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلَام من ولديها الْحسن وَالْحُسَيْن فَكل فاطمى هُوَ من ولد الْحسن وَالْحُسَيْن عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأما العلويون فهم من ولد على يدْخل فيهم الفاطميون وَغَيرهم كأولاد الْعَبَّاس بن على وَعمر بن على وَمُحَمّد ابْن على بن الْحَنَفِيَّة والبنان الْأَصَابِع والرواجب وَاحِدهَا راجبة وهى مفاصل الْأَصَابِع الَّتِى تلى الأنامل ثمَّ البراجم ثمَّ الأشاجع اللاتى تلى الْكَفّ وَقَالَ قوم هى بطُون الْأَصَابِع وظهورها وَقَالَ قوم الأنامل من أَطْرَاف الْأَصَابِع إِلَى العقد الأولى وَمن العقد الأولى إِلَى الثَّانِيَة الرواجب وَمن الرواجب إِلَى العقد الْأُخْرَى البراجم وَقيل البراجم هى نفس العقد الْأَخِيرَة وَقَوله كَذَا كلمة تسْتَعْمل اسْتِعْمَال الْمثل وَالْمعْنَى كَذَا الْوَصْف الذى أصفه والتشبيه رَاجع إِلَى مَا تقدم من قَوْله غيب الشهاد ورد الغياب كَذَا عَادَة الفاطميين الْمَعْنى يُرِيد أَن هَؤُلَاءِ الفاطميين الندى لَازم لأكفهم فَلَا يفارقها كَمَا أَن خطوط الرواجب لَا يُفَارق أكفهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 - الْغَرِيب السلاهب جمع سلهب وَهُوَ الطَّوِيل من الْخَيل وَرُبمَا جَاءَ بالصَّاد وَوصف أعرابى فرسا فَقَالَ إِذا عدا اسلهب وَإِذا قيد اجلعب وَإِذا انتصب اتلأب فاسلهب امْتَدَّ واجعلب انبسط وَلم ينقبض واتلأب أَقَامَ صَدره وَرَأسه الْمَعْنى يُرِيد انهم لإقدامهم فى الْحَرْب لَا يفكرون فى ملاقاة الْأَعْدَاء فَكَأَن سلَاح الْأَعْدَاء عِنْدهم غُبَار خيولهم وَخص السلاهب لِأَنَّهَا أسْرع وغبارها أدق وألطف وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون السلاهب خيل الممدوحين 23 - الْإِعْرَاب دوامى حَال وأسكن الْيَاء ضَرُورَة وَإِن كَانَت مُضَافَة قَرَأَ إِبْرَاهِيم ابْن أَبى عبلة وحيوة انْقَلب على وَجهه خاسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الْغَرِيب القسى جمع قَوس والهوادى الْأَعْنَاق والنواصى جمع نَاصِيَة وَهُوَ مقدم شعر الرَّأْس وَمِنْه قَول عَائِشَة رضى الله عَنْهَا " مَا لكم تنصون ميتكم أى تمدون ناصيته " كَأَنَّهَا كرهت تَسْرِيح رَأس الْمَيِّت والناصاة الناصية فى لُغَة طَيئ قَالَ حُرَيْث ابْن عتاب الطائى (لَقَدْ آذَنَتْ أهْلَ اليمامَةِ طَِيِّئ ... بِحَرْب كَناصَاة الحِصَان المُشَهَّرِ ... ) ونواصى النَّاس أَشْرَافهم قَالَت أم قيس الضبية (وَمَشْهَدٍ قدْ كفيت الغائبين بِهِ ... فِى مَجْمَعٍ مِن نَوَاصِى النَّاسِ مَشْهود ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَنهم رموا بنواصى خيلهم وهم الممدوحون القسى الَّتِى يرْمى بهَا يُرِيد أَنهم استقبلوا بِوُجُوه خيلهم الرُّمَاة من العدى قَالَ الْجَمَاعَة أبدع فى هَذَا لِأَن القسى هى الَّتِى يرْمى بهَا فَجَعلهَا يرْمى إِلَيْهَا وَأَرَادَ سالمات الجوانب أى الأعجاز والجنوب داميات الْأَعْنَاق لِأَنَّهَا لَا تنحرف وَلَا تعرف إِلَّا التصميم فى الْإِقْدَام فأعناقها دامية وأعطافها وأعجازها سَالِمَة وَمثله قَول الآخر (شكَرَتْك خيلُكَ عِند طِيبِ مَقِيلها ... فى الحَرّ بينَ براقعٍ وجِلالِ ... ) (فجزَتْك صَبراً فى الوَغَى حَتَّى انثنَتْ ... جَرْحَى الصُدُورِ سَوَالمَ الأكْفالِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 - الْغَرِيب الشبائب جمع شبيبة الْمَعْنى يَقُول هم فى الْقُلُوب أحلى موقعا من الْحَيَاة فى النُّفُوس إِذا أُعِيدَت وَذكرهمْ على الْأَلْسِنَة أَكثر من ذكر أَيَّام الشَّبَاب وَلَقَد أحسن 25 - الْغَرِيب البواتر جمع باتر وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع وَالْمُضَارب جمع مضرب وَهُوَ نَحْو شبر من طرفه وَكَذَلِكَ مضرب السَّيْف والمضرب أَيْضا الْعظم الذى فِيهِ مخ يُقَال للشاة إِذا كَانَت مَهْزُولَة مَا برم مِنْهَا مضرب أى إِذا كسر عظم من عظامها لم يصب فِيهِ مخ الْمَعْنى يُرِيد أَنه من أَوْلَاد على عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنه قد فعل مَكَارِم دلّت على كرم أَبِيه فَكَأَنَّهُ نَصره بأفعاله الْحَسَنَة فى النَّاس فَكَانَت مثل النصير لِأَبِيهِ واستعار البواتر للأفعال الْحَسَنَة 26 - الْغَرِيب التهامى نِسْبَة إِلَى تهَامَة وَسميت تهَامَة لشدَّة حرهَا وانخفاض أرْضهَا والتهم كَذَلِك فى اللُّغَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد أَكثر النَّاس القَوْل فى هَذَا الْبَيْت وَهُوَ فى الْجُمْلَة شنيع الظَّاهِر فأضربت عَن ذكره وَقد كَانَ يتعسف فى الِاحْتِجَاج لَهُ والاعتذار بِمَا لست أرَاهُ مقنعا وَمَعَ هَذَا فَلَيْسَتْ الاعتقادات والآراء فى الدّين مِمَّا يقْدَح فى جودة الشّعْر ورداءته انْتهى كَلَامه وَقَالَ الواحدى قَالَ أَبُو الْفضل العروضى فِيمَا أملاه على هَذَا بَين حسن الْمَعْنى مُسْتَقِيم اللَّفْظ حَتَّى لَو قلت إِنَّه أمدح بَيت فى الشّعْر لم أبعد عَن الصَّوَاب وَلَا ذَنْب لَهُ إِذا جهل النَّاس غَرَضه واشتبه عَلَيْهِم وَأما مَعْنَاهُ فَإِن قُريْشًا أَعدَاء النبى يَقُولُونَ إِن مُحَمَّدًا صنبور أَبتر لَا عقب لَهُ الصنبور الْمُنْفَرد فَإِذا مَاتَ اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} أى الْعدَد الْكثير وَلست بالأبتر الذى قَالُوهُ {إِن شانئك هُوَ الأبتر} فَقَالَ المتنبى أَنْتُم من معجزات النَّبِي وَآيَة لتصديقه وَتَحْقِيق لقَوْل الله تَعَالَى وَذَلِكَ أجدى بِالْجِيم مَا لكم من مَنَاقِب فَإِن قيل الْأَنْسَاب تَنْعَقِد بِالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاء لَا بالأمهات وَالْبَنَات كَمَا قَالَ الشَّاعِر (بنونا بَنو أبْنائنا وبناتُنا ... بنوهنّ أبْناء الرّجال الأباعدِ ... ) قُلْنَا هَذَا خلاف حكم الْقُرْآن الْعَزِيز قَالَ الله تَعَالَى {وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان} إِلَى قَوْله {وَيحيى وَعِيسَى} فَجعل عِيسَى من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا خلاف أَن عِيسَى من غير أَب وَأما قَوْله التهامى فَإِن الله أنزل فى التَّوْرَاة على مُوسَى إنى باعث نَبيا من تهَامَة من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فى آخر الزَّمَان وَأمر مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمته أَن يُؤمنُوا بِهِ إِذا بعث وَدلّ عَلَيْهِ بعلامات أخر فَأنْكر الْيَهُود نبوته فَقَالَ " أَنا النبى التهامى الأمى الأبطحى " فَلَا أدرى كَيفَ نقموا على المتنبى لَفْظَة افتخر النبى بهَا وَلما رووا إِحْدَى مَا لكم بِالْحَاء اضْطربَ عَلَيْهِم الْمَعْنى وأقرأنا أَبُو الْحسن الرخجى أَولا والشعرانى ثَانِيًا والخوارزمى ثَالِثا وأجدى بِالْجِيم فاستقام الْمَعْنى وَاللَّفْظ وتشنيع أَبى الْفَتْح عَلَيْهِ وَغَيره بَاطِل قَالَ الواحدى وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنى فَاسِدا وَإِن روى بِالْحَاء لِأَنَّهُ يَقُول كَون النبى التهامى أَبَا لكم إِحْدَى مناقبكم أى لكم مَنَاقِب كَثِيرَة وإحداها أَنكُمْ تنسبون إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن فورجة روى بَعضهم (وأكبرُ آياتِ التِّهامىّ آيَةً ... أَبوك ... ... . . ... ) يعْنى بِهِ على بن أَبى طَالب عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ آيَة من آيَات رَسُول الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 - الْغَرِيب النسيب الشريف الأَصْل وَهُوَ ذُو النّسَب الطَّاهِر والمناصب جمع منصب وَهُوَ الأَصْل الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ الْقرب والبعد بِالنّسَبِ إِنَّمَا هُوَ بِالْفِعْلِ فَإِذا كَانَ الشريف شريفا صَادِقا وَلم يفعل فعل آبَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ بشرفه فَخر لِأَن كرم الْأُصُول لَا يغنى مَعَ لؤم النَّفس كَمَا قَالَ أَبُو يَعْقُوب الخزيمى (إِذا أنْتَ لَمْ تَحْمِ القَدِيمَ بِحادِثٍ ... مِن المَجدِ لمْ ينفَعْك مَا كَانَ مِن قبْلُ ... ) وكقول البحترى (وَلَسْتُ أعْتَدُّ لِلْفَتى حَسَبا ... حَتَّى يُرى فِى فَعالِهِ حَسَبُه وكقول الآخر (وَما يَنْفَعُ الأصْلُ مِنْ هاشِمٍ ... إِذا كانَتِ النَّفْسُ مِنْ باهِلَهْ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى لم أجد فى هَذَا الْبَيْت بَيَانا شافيا وَلَا تَفْسِيرا مقنعا وكل تَفْسِير لَا يساعده لفظ الْبَيْت لم يكن تَفْسِيرا للبيت والذى يَصح فى تَفْسِيره أَنه يَقُول الْأَشْبَاه من الأباعد لَا يقرب بَعضهم من بعض لِأَن الشّبَه لَا يحصل الْقرب فى النّسَب والأشباه من الْأَقَارِب لَا يبعد بَعضهم من بعض لِأَن الشّبَه يُؤَكد قرب النّسَب هَذَا إِذا جعلنَا الْأَشْبَاه الَّذين يشبه بَعضهم بَعْضًا كَقَوْلِه (النَّاسُ مَا لم يَرَوْكَ أشْباهُ ... ) فَإِن جعلنَا الْأَشْبَاه جمع الشّبَه من قَوْلهم بَينهمَا شبه فَمَعْنَى الْبَيْت لم يقرب شبه قوم أباعد أى لَا يتقاربون فى الشّبَه وَلَا يشبه بَعضهم بَعْضًا وَلَا يبعد شبه قوم أقَارِب يُرِيد أَنهم إِذا تقاربوا فى النّسَب تقاربوا فى الشّبَه 29 - الْغَرِيب العلوى هُوَ من ولد على بن أَبى طَالب عَلَيْهِ السَّلَام والنواصب جمع ناصب وهم الْخَوَارِج الَّذين نصبوا الْعَدَاوَة لعلى بن أَبى طَالب الْمَعْنى يُرِيد أَن العلوى إِذا لم يكن تقيا ورعا مثل طَاهِر هَذَا كَانَ حجَّة الْأَعْدَاء على على عَلَيْهِ السَّلَام يَقُولُونَ هَذَا مثل أَبِيه إِن كَانَ نَاقِصا فناقص وَهَذَا من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " الْوَلَد سر أَبِيه " وفى الْمثل من أشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم وَمعنى الْبَيْت من قَول بَعضهم (شرِيفٌ أصْلُه أصلٌ شرِيفُ ... ولكِنْ فعْلُه غيرُ الحَميدِ ... ) (كأنَّ اللهَ لم يَخْلُقْه إِلَّا ... لتنعطف القلوبُ على يزِيد ... ) 30 - الْإِعْرَاب تَأْثِير الْكَوَاكِب مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر تَقْدِيره تَأْثِير الْكَوَاكِب حق وَصدق أَو كَائِن وَيجوز أَن يكون الْخَبَر فى الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ الأجود يعْنى أَن النَّاس يَقُولُونَ تَأْثِير الْكَوَاكِب فى الورى فَمَا لهَذَا تَأْثِيره فى الْكَوَاكِب الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى هَذَا تَعْظِيم لشأنه يُرِيد أَن الْكَوَاكِب تبع لَهُ فِيمَا أَرَادَهُ لبلوغه وَقَالَ الواحدى كَلَام ابْن جنى هَذَا يحْتَاج إِلَى شرح وَهُوَ أَن الممدوح يَجْعَل النحوس بِحكم النُّجُوم صَاحب سَعَادَة بِأَن يُغْنِيه وَيَرْفَعهُ ويزيل عَنهُ حكم النحوسة وَيقدر على الضِّدّ من هَذَا فَهَذَا تَأْثِيره فى الْكَوَاكِب وَكَونهَا تبعا لَهُ وَقَالَ ابْن فورجة تَأْثِيره فى الْكَوَاكِب إثارته الْغُبَار حَتَّى لَا تظهر وَحَتَّى يَزُول ضوء الشَّمْس وَتظهر الْكَوَاكِب بِالنَّهَارِ وَهَذَا أظهر مِمَّا قَالَه ابْن جنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 - الْإِعْرَاب من روى علا فعلا مَاضِيا نصب بِهِ كتد الدُّنْيَا وَمن خفض كتد بعلى الجارة فهى مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره ركب على كتد الْغَرِيب الكتد والكتد لُغَتَانِ وهما أصل الْعُنُق والذلول المنقادة الَّتِى تذل لراكبها وَقيل إِن الكتد مُجْتَمع رُؤُوس الْكَتِفَيْنِ من الْفرس وَجمعه أكتاد الْمَعْنى يُرِيد أَن الدُّنْيَا قد أَطَاعَته وانقادت لَهُ انقياد الدَّابَّة الذلول لراكبها تسير بِهِ إِلَى كل غَايَة أَرَادَ 32 - الْمَعْنى حقيق لَهُ أَن يتَقَدَّم النَّاس بِمَا لَهُ من الْفضل من غير مشقة وَيدْرك من غير طلب مَا لم يدركوه هم يُرِيد تميزه على النَّاس وَبَيَان فَضله عَلَيْهِم 33 - الْغَرِيب العرانين جمع عرنين وهى الأنوف وعرنين كل شئ أَوله أى يَجْعَل عرانين الْمُلُوك نعلا لَهُ فَإِذا وَطئهَا كَانَت فى أجل الْمَرَاتِب الْمَعْنى يَقُول عرانين الْمُلُوك نعل لقدميه وَإِذا لبسهَا وَوَطئهَا كَانَت فى أجل الْمَرَاتِب من قَدَمَيْهِ والمراتب جمع مرتبَة وهى الْمنزلَة الْعَالِيَة 34 - الْمَعْنى هَذَا الْبَيْت مَنْقُول من قَول حبيب فى أَبى دلف الْقَاسِم بن عِيسَى العجلى (إِذا العيسً لاقَتْ بى أَبَا دُلَفٍ فقَدْ ... تَقَطَّعَ مَا بَيْنِى وبينَ النَّوَائِبِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى وَصِيّه عَائِد على رَسُول الله الْمَعْنى يُرِيد أَن الممدوح هُوَ ابْن رَسُول الله وَابْن وصّى رَسُول الله على بن أَبى طَالب وبمثلهما شبهت بعد تجربتى واختبارى إِيَّاه 36 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن جنى مَا الأولى زَائِدَة وَالثَّانيَِة بِمَعْنى الذى وَاسم إِن مُضْمر فِيهَا وَقَالَ ابْن القطاع قَالَ المتنبى مَا الأولى بِمَعْنى لَيْسَ وَالثَّانيَِة بِمَعْنى الذى الْمَعْنى يُرِيد أَنه مَا الذى بَان مِنْك لضارب بأقتل من الذى بَان لعائب يعيبك يُرِيد أَن الْعَيْب أَشد من الْقَتْل وَهَذَا من قَول حبيب (فَتَى لَا يَرَى أنَّ الفَريصة مَقْتَلٌ ... ولكنْ يَرَى أنّ العُيُوبَ المَقاتِلُ ... ) 37 - الْغَرِيب أباده أهلكه والكتائب جمع كَتِيبَة وهى الْجَمَاعَة من الْخَيل يُقَال كتب فلَان الْكَتَائِب تكتيبا إِذا جمعهَا كَتِيبَة كَتِيبَة الْمَعْنى يَقُول يأيها المَال الذى هلك تعز فَلَيْسَ يفعل هَذَا بك وَحدك بل يَفْعَله بأعدائه يُفَرِّقهُمْ قتلا وسبيا وأسرا فَمَا أَنْت وَحدك هَالك على يَده بل كل الْأَعْدَاء هلكى 38 - الْمَعْنى يَقُول لَعَلَّك يَا مَال شغلته فى وَقت مَا عَن أَن يجود أَو كثرت جَيش الْمُحَاربين لَهُ 39 - الْإِعْرَاب فصل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بالمفعول كَمَا قَالَ الشَّاعِر (فَزَجَجْته بِمزَجَّة ... زَجَّ القَلوصِ أَبى مَزَادَهُ ... ) وكقول الآخر (كَمَا خُطّ الكِتاب بِكف يَوْما ... يهودىّ يقاربُ أَو يُزِيلُ ... ) وكقول الآخر (همَا أخَوَا فى الحَرْبِ مَنْ لَا أَخا لَهُ ... ) وكقول الطرماح (يَطُفْنَ بِحُوزِىّ المَراتع لم تَرُعْ ... بِوَاديه مِنْ قَرْع القِسِىِّ الكَنائِنُ ... ) الْغَرِيب الحديقة هى الرَّوْضَة الَّتِى قد أحدق بهَا حاجز وهى ذَات النّخل وَالزَّرْع وَجَمعهَا حدائق والحجا الْعقل الْمَعْنى أَنه جعل القصيدة حديقة لما فِيهَا من الْمعَانى كَمَا يكون فى الرَّوْضَة من الزهر والنبات وَجعل الْعقل ساقيا لَهَا لِأَن الْمعَانى الَّتِى فِيهَا إِنَّمَا تحسن بِالْعقلِ فَجعل الْعقل سَاقيهَا كَمَا تسقى الرياض السَّحَاب وهى جمع سَحَابَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 - 40 - الْإِعْرَاب خير ابْن قيل هُوَ نِدَاء مُضَاف تَقْدِيره يَا خير ابْن وَقيل يجوز نَصبه على الْحَال وَالْوَجْه الأجود أَن يُقَال إِنَّه مفعول حييت خير ابْن لخير أَب وَبهَا يجوز أَن يكون بالقصيدة وَيجوز أَن يكون بِالْأَرْضِ وَلم تذكر // وَهَذَا جَائِز // فى كَلَام الْعَرَب قَالَ الْخَطِيب إِذا كَانَ الضَّمِير للْأَرْض كَانَ أمدح الْمَعْنى يُرِيد حييت بالقصيدة خير ابْن وَهُوَ الممدوح لخير أَب يُرِيد النبى وأشرف بَيت فى لؤى بن غَالب يُرِيد هَاشم بن عبد منَاف لأَنهم أشرف ولد لؤى بن غَالب وأشرف ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام 1 - الْغَرِيب الجآذر جمع جؤذر وَهُوَ ولد الْبَقَرَة الوحشية والأعاريب جمع عرب يُقَال عرب وأعرب وأعاريب وَكله اسْم جنس وَلَيْسَ الْأَعْرَاب جمعا لعرب كالأنباط جمعا لنبط وَإِنَّمَا الْعَرَب والأعراب اسْما جنس وَأول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ يعرب بن قحطان والجلابيب الملاحف وَالْوَاحد جِلْبَاب قَالَت امْرَأَة من هُذَيْل ترثى قَتِيلا (تَمْشِى النُّسُورُ إلَيْهِ وَهْى لاهيَةٌ ... مَشْىَ العَذَارَى عَلَيْهِنَّ الجَلابيبُ ... ) الْإِعْرَاب من هُوَ سُؤال واستفهام يَقُول من هَذِه النسْوَة اللاتى كأنهن أَوْلَاد بقر الْوَحْش وَهن فى زى الأعاريب وشبههن بالجآذر لحسن عيونهن وَقَوله (حمر الحلى ... ) أى متحليات بِالذَّهَب الْأَحْمَر وحمر المطايا وَهُوَ أحسن ألوان الْإِبِل وحمر الملاحفة يُرِيد أَنَّهُنَّ عَلَيْهِنَّ ثِيَاب الْمُلُوك وَهن شواب وَقيل حمر الحلى جمع حلَّة فَيكون على هَذَا ثيابهن حمر أَو ملاحفهن حمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 - الْمَعْنى يُخَاطب نَفسه فى الثانى فَقَالَ كَيفَ تسْأَل عَنْهُن وَهن بلونك بالتسهيد والتعذيب وَإِن كنت تسْأَل عَنْهُن فى معرفهن فَمن سهدك وعذبك حَتَّى صرت متيما وَإِنَّمَا استفهم لما رآهن جآذر لَا نسَاء استفهم عَن الجآذر كَمَا قَالَ ذُو الرمة (أيا ظَبْيَةَ الوَعْساءِ بينَ جَلاجِلٍ ... وبينَ النَّقا آأنْتِ أمْ أُمُّ سالِم ... ) 3 - الْإِعْرَاب تجزنى مجزوم بِالدُّعَاءِ وَهُوَ بِلَفْظ النهى فَحكمه فى الْجَزْم حكم النهى كَقَوْل الآخر (فَلا تَشْلَلْ يَدٌ فَتَكَتْ بعَمْرٍ و ... فإنَّكَ لَنْ تَذِلّ ولَنْ تُضَاما ... ) وَقَوله بعْدهَا أى بعد فراقها فَحذف الْمُضَاف وَقَوله بى صفة لضنى وَالْيَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره وَاقع أَو كَائِن وَبعد يحْتَمل انتصابه على وَجْهَيْن لَا يجوز إِعْمَال الْمصدر الذى هُوَ ضنى وإعمال الْبَاء الَّتِى فى بى لِأَن الظّرْف وحرف الْخَفْض إِذا تعلقا بِمَحْذُوف عملا فى الظّرْف وفى الْحَال كَقَوْلِك زيد فى الدَّار الْيَوْم وَهُوَ عِنْد جَعْفَر غَدا وَالْهَاء فى بعْدهَا رَاجِعَة إِلَى قَوْله بقر وَإِن كَانَت مُتَأَخِّرَة وَجَاز ذَلِك لِأَنَّهَا فَاعل وَالْفَاعِل رتبته التَّقْدِيم فَإِذا أخر جَازَ تَقْدِيم الضَّمِير الْعَائِد عَلَيْهِ لِأَن النِّيَّة بِهِ التَّقْدِيم وَمثله وَمثله {فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى} وفى الْكَلَام حذف تَقْدِيره لَا تجزنى بضنى بى ضنى يَقع بهَا فَحذف ذَلِك للْعلم وَقَوله مسكوبا لَا يجوز أَن ينصب حَالا من دموعى لِأَن الْوَاحِد الْمَذْكُور لَا يكون حَالا من جمَاعَة لَا يُقَال طلعت الْخَيل مترادفا وَلَكِن مترادفة وَلَو قلت مترادفات كَانَ أحسن كَمَا جَاءَ فى الْقُرْآن {إِلَى الطير فَوْقهم صافات} وَلَو قَالَ مسكوبة لجَاز أَن يكون حَالا وَإِذا لم ينْتَصب على الْحَال نصب على الْبَدَل من الدُّمُوع كَأَنَّهُ قَالَ تجزى دموعى مسكوبا مِنْهَا بمسكوب من دموعها فَحذف الجارين والمجرورين وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى تَقْدِير مِنْهَا لِأَن بدل الْبَعْض وَبدل الاشتمال لابد أَن يتَّصل بهما ضمير يعود على الْمُبدل مِنْهُ كَقَوْلِك ضربت زيدا رَأسه وأعجبنى زيد علمه وَمن بدل الاشتمال الْمَحْذُوف الضَّمِير مِنْهُ قَول الْأَعْشَى (لقَدْ كانَ فِى حَوْلٍ ثواءٍ ثويتُه ... تَقَضِّ لُبانات ويُسأم سائم ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهُنَّ لَا ينالهن بعدى ضنى يورثهن الْفِرَاق بعدى الضنى فَهُوَ يَدْعُو لَهُنَّ وَيَقُول (لَا ضنيت هَذِه الْبَقَرَة وَهن النِّسَاء كَمَا ضنيت وَلَا جرت دُمُوعهنَّ كَمَا جرت دموعى ... ) لِأَنَّهُ بَكَى عِنْد الْفِرَاق فبكين فجزين دمعه بدمع فَدَعَا لَهُنَّ أَن لَا يجزين ضناه بضنى كَمَا جزينه بالدمع دمعا وَقد اسْتَوْفَيْنَا فى هَذَا الْبَيْت الْإِعْرَاب وَالْمعْنَى مَا لم يَأْتِ بِهِ أحد من الشُّرَّاح كَامِلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 - الْإِعْرَاب - سوائر خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف يُرِيد هن سوائر منيعة حَال والظرف مُتَعَلق بِهِ الْغَرِيب الهوادج جمع هودج وَهُوَ مركب النِّسَاء على الْإِبِل الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهُنَّ سائرات عزيزات ممنوعات بالطعن وَالضَّرْب فَلَا يُوصل إلَيْهِنَّ قَالَ (وَرُبمَا وخدت ... الخ ... ) 5 - الْغَرِيب الوخد ضرب من السّير قيل هُوَ سير لين وَبعده الزميل وَبعده الإعناق وَبعده النَّص وَقيل غير ذَلِك الْمَعْنى يُرِيد لعزتهن ومنعتهن فَلَا تسير مطاياهن إِلَّا على دم مصبوب من الفرسان لِأَن دونهن ضرابا وطعانا وقتلا 6 - الْإِعْرَاب أدهى يُرِيد أدهى من زورة الذِّئْب ففصل بِالْجُمْلَةِ وَلَيْسَ هَذَا بممتنع لِأَن الْوَاو وَمَا بعْدهَا فى مَوضِع نصب بأدهى فَلم يفصل بأجنبى وَإِذا جَازَ تَقْدِيم من على الْفِعْل كَانَ الْفَصْل بِغَيْر الأجنبى أجوز وخافية بِمَعْنى خُفْيَة الْمَعْنى أَنه يُخَاطب نَفسه ويذكرها شجاعته وَيَقُول كم قد زرتهن زِيَارَة لم يعلم بهَا أحد كزيارة الذِّئْب الْغنم والحافظون لَهُنَّ قد رقدوا فَوَقَعت بِهن كَمَا يَقع الذِّئْب بالغنم والراعى رَاقِد وزورة الذِّئْب تضرب مثلا فى الْخبث قَالَ (أزورهم وَسَوَاد الخ ... ) 7 - قَالَ صَاحب الْيَتِيمَة هَذَا الْبَيْت أَمِير شعره وَفِيه تطبيق بديع // وَلَفظ حسن // وَمعنى بديع جيد وَهَذَا الْبَيْت قد جمع بَين الزِّيَارَة والانثناء والانصراف وَبَين السوَاد وَالْبَيَاض وَاللَّيْل وَالصُّبْح والشفاعة والإغراء وَبَين لى وبى وَمعنى الْمُطَابقَة أَن تجمع بَين متضادين كَهَذا وَقد أجمع الحذاق بِمَعْرِِفَة الشّعْر والنقاد أَن لأبى الطّيب نَوَادِر لم تأت فى شعر غَيره وهى مِمَّا تخرق الْعُقُول مِنْهَا هَذَا الْبَيْت وَمِنْهَا (أتَتْهُنَّ المَصَائِبُ غافِلاتٍ ... ) وَمِنْهَا فى كافور (فجاءَتْ بِنا إنْسانَ عينِ زَمانِه ... ) مَا مدح أسود بِأَحْسَن من هَذَا وَمِنْهَا (فَذِى الدارُ أخَوَنُ مِن مُومِس ... ) والذى بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وَمِنْهَا (إنْ كانَ سرَّكم مَا قالَ حاسِدُنا ... ) وَمِنْهَا (أرْجو نَداكَ وَلَا أخشَى المِطال بِهِ ... ) (هَذَا من أبلغ الْوَصْف بالجود وَمِنْهَا (وَذَاكَ أنَّ الفُحول البِيض عاجزَة ... ) هَذَا أَشد مَا هجى بِهِ أسود وَمِنْهَا (إِذا مَا سِرْتَ فى آثارِ قَوْمٍ ... تَخاذَلَتِ الجَماجِمُ والرّقاب ... ) قَالَ ابْن نباتة نحسن أَن نقُول وَلَكِن مثل هَذَا لَا نقُول وَمِنْهَا (إِذا غَزَتْه أعادِيه بِمَسْئَلة ... ) وَبعده (كأنَّ كُلّ سُؤَالٍ فى مَسامعه ... ) وَمِنْهَا (تأتى خَلائقُك الَّتِى شَرُفتَ بهَا ... ) والذى بعده من أرق الْمَدْح وأظرفه وَمِنْهَا (وجُرمٍ جرَهّ سُفَهاء قَوْمٍ ... ) وَمِنْهَا (وَمَا الحُسْن فى وَجه الفَىّ شَرَفا لَهُ ... ) وَمِنْهَا (وإنَّ قليلَ الحبّ بالعَقل صَالح ... ) وَمِنْهَا (إِذا رأيْتَ نُيُوبَ اللَّيْثِ بارِزَة ... ) وَمِنْهَا فى القصيدة (أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْك صَادقةً ... ) وَمِنْهَا فِيهَا (وَمَا انْتِفاع أخى الدُّنيا بناظِرِهِ ... ) وَمِنْهَا (خُذ مَا ترَاهُ ودَعْ شَيْئا سمِعتَ بِهِ ... ) وَمِنْهَا (لعلّ عَتْبَكَ محمودٌ عَوَاقبُه ... ) وَمِنْهَا (وَإِذا الشَّيخ قَالَ أفّ فَمَا ملّ حَيَاة ... ) وَمِنْهَا (آلَةُ العَيْشِ صحَّةٌ وشَبابُ ... ) وفيهَا (أبَداً تسترِدّ مَا تهب الدُّنْيا ... ) وَمِنْهَا (وَما الدَّهْرُ أهلٌ أَن تُؤمِّل عندَهُ ... ) وَمِنْهَا (إِذا مَا النَّاس جرّبهم لَبِيبُ ... ) والذى بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وَمِنْهَا (فَمَا تُرَجِّى النُّفوس من زَمن ... أحمدُ حالَيْه غيرُ مَحمودِ ... ) وَمِنْهَا (أبَى خُلُقُ الدُّنْيا حَبِيبا تُديمُه ... ) وَمِنْهَا (وأسرَعُ مفعولٍ فعلت تغَيُّرا ... ) وَمِنْهَا (إِذا ساءَ فِعلُ المرْء ساءت ظُنونه ... ) والذى بعده وَمِنْهَا (وكلّ امْرِئ يُولى الجميلَ مُحبَّب ... ) وَمِنْهَا (مَا كلّ مَا يتَمَنَّى المَرْءُ يُدرِكه ... ) وَمِنْهَا (ومُرادُ النُّفوس أصغرُ مِن أَن ... نتعادَى فِيهِ وأنْ نَتَفانَى ... ) وفيهَا (غيرَ أنَّ الفَتى يُلاقى المَنايا ... ) وفيهَا (ولَوَ أنَّ الحيَاة ... . ... ) وفيهَا (وَإِذا لم يُكنْ مِن المَوْتِ بُدّ ... ) وَمِنْهَا (لما صارَ ودّ النَّاس خَبا ... جَزَيتُ على ابْتسامٍ بابتسامِ ... ) وفيهَا (وصِرْتُ أشُكّ ... . . ... ) وفيهَا (وآنف مِنْ أخى ... . . ... ) وفيهَا (وَلم أر فى عُيوبِ النَّاس شَيئا ... ) وَمِنْهَا (إِذا مَا عدمتَ العَقل والأصْلَ والنَّدَى ... فَما لِحَياةٍ فى جنابك طيِبُ ... ) وفيهَا (وَلوْلا المَشقَّة سادَ النَّاسُ كلهم ... الجُودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قَتَّالُ ... ) وفيهَا (إنَّا لفى زَمَنٍ ... ... . ... ) وفيهَا (ذِكْرُ الفَتى عُمْرُهُ ... . ... ) وَمِنْهَا (إنى لأخشَى مِن فراقِ أحبَّتِى ... وَتحُسُّ نفسِى بالحمام فأشجُعُ ... ) إِلَى قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 (ولمَنْ يُغالط فى الحَقيقة ... ... ) وَمِنْهَا (توهم النَّاس أَن العَجز قرّبنا ... وفى التقرّب مَا يَدْعُو إِلَى التُّهَمِ ... ) وفيهَا (وَلم تَزَلْ قلَّة الإنصافِ ... ... ) وفيهَا (هَوْن عَلىّ بصبر ... . ... ) وفيهَا (وكَنْ على حَذرَ ... . ... ) وفيهَا (غاضَ الوَفاءُ ... ... . ... ) وفيهَا (أَتَى الزَّمانَ ... ... . ... ) وَمِنْهَا (ترِيدين لُقْيان المعالِى ... . ... ) وَمِنْهَا (نحنُ بَنو المَوْتى فمَا بالُنا ... نعافُ مَا لابُدّ من شُرْبه ... ) إِلَى قَوْله (يَمُوتُ رَاعى الضَّأْن ... . ... ) وَمِنْهَا (فَلَا يَغْرُرْك ألْسِنةُ المَوالى ... ) إِلَى قَوْله (وإنَّ الماءَ يخْرُجُ مِنْ جَمادٍ ... وإنَّ النَّارَ تخْرُجُ مِنْ زِنادِ ... ) وَمِنْهَا (على ذَا مَضَى النَّاسُ اجتماعا وَفُرْقةً ... ومَيْتٍ وَمَوْلُودٍ وقالٍ وامقٍ ... ) وَبعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 (تغير حالى ... ... . . ... ) وَمِنْهَا (فُؤَاد مَا تسليه المُدامُ ... ) وفيهَا (ودَهْرُ ناسُهُ ... ... ... ) وفيهَا (وَما أَنا مِنْهُم ... ... ... ) وفيهَا (خليلُكَ ... ... . ... ) وفيهَا (وَلَو حِيزَ الحِفاظُ ... . ... ) وفيهَا (وشِبه الشَّىْءِ ... ... . ... ) وفيهَا (ولوْ لم يَعْلُ ... ... . ... ) وَمِنْهَا (أنْكَرتَ طارِقة الحَوَادث ... ) وَمِنْهَا (ومَكايِد السُّفَهاء ... . . ... ) وفيهَا (لعنت مُقارَنة اللَّئيم ... ) وَمِنْهَا (واحتمالُ الأذَى ورُؤْية جانِيهِ غذَاء تَضْوَى بِهِ الأجسامُ ... ) وفيهَا (ذلّ من يغبِطُ ... ... . ... ) وفيهَا (كلّ حُلْمٍ ... ... ... . ... ) وفيهَا (من يَهُنْ يَسْهلِ ... ... . ... ) وَمِنْهَا (أفاضِلُ النَّاس أغراضٌ لذا الزَّمن ... يخْلو من الهَمّ أخلاهم مِن الفِطَنِ ... ) وفيهَا (وَإِنَّمَا نحنُ فى جِيلٍ ... ) وفيهَا (حوْلى بكلّ مكانٍ ... ... . ... ) وفيهَا (فقرُ الجَهولِ ... ... . ... ) وفيهَا (لَا يُعْجِبَنّ ... ... ... ... ) وَمِنْهَا (عرفتُ اللَّيالى قبل مَا صنعتْ بِنَا ... فلمَّا دهَتنى لم تَزِدْنى بهَا عِلْمَا ... ) وفيهَا (وَمَا الجَمْعُ بينَ المَاء والنَّار ... ... ) وفيهَا (وإنى لِمن قَوْمٍ ... ... . ... ) وفيهَا (فَلَا عَبرتْ بى ساعةٌ ... ... ) وَمِنْهَا (وَأَنا الذى اجتلبَ المنيَّةَ طرفُهُ ... فمَن المُطالَبُ والقَتيلُ القاتلُ ... ) وفيهَا (مَا نالَ أهل الجاهليَّة ... . ... ) وفيهَا (وَإِذا أتَتك مذمَّتى ... . . ... ) وَمِنْهَا (وَلا تَحْسَبَنَّ المَجْدَ زِقاًّ وقَيْنَةً ... وَمَا المَجْدُ إِلَّا السَّيفُ والفَتْكَةُ البِكْرُ ... ) وَمِنْهَا (وَمن يُنفق السَّاعاتِ ... ... ... ) وَمِنْهَا (وَمَا زِلتُ ... ... . ... ) والذى بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 وَمِنْهَا (فمَا فى سَجاياكم مُنازَعةُ العُلا ... وَلَا فى طباع التربة المسكُ والنَّدُّ ... ) وفيهَا (وَإِن يكُ سيَّارُ بن مكرِمٍ ... . ... ) وَمِنْهَا (تخيَّل لى أَن البلادَ مَسامِعِى ... ) وَمِنْهَا (إِذا غامرْتَ فى شَرَفٍ مَرُومٍ ... فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دون النُّجومِ ... ) وفيهَا (فطَعْمُ المَوْتِ ... ... . ... ) وفيهَا (ترَى الحَسْناء ... ... ... ) وَمِنْهَا (والظُّلمُ من شِيَم النُّفوسِ فَإِن تَجِدْ ... ذَا عِفَّةٍ فلعِلَّة لَا يَظْلِم ... ) وفيهَا (والذلّ ... ... . ... ) وفيهَا (ومِن البليَّة ... ... . ... ) وَمِنْهَا (كَلام أَكثر مَن تلقى وَمنظَرُهُ ... مِمَّا يشُقُّ على الآذانِ والحّدَقِ ... ) وَمِنْهَا (مُشِبُّ الذى يَبكى الشَّبابَ مُشيبُه ... فكيفَ تَوَقِّيهِ وبانيهِ هادِمُهُ ... ) وفيهَا (وتكمِلة العَيْش ... ... ... ) وفيهَا (وَمَا خَضَبَ النَّاسُ ... . ... ) وَمِنْهَا (يُدَفِّنُ بَعُضُنا بَعْضاً وَيمْشِى ... أوَاخِرُنا على هامِ الأوالِى ... ) وفيهَا (فكمْ عَيْنٍ ... ... . . ... ) وَمِنْهَا (ومغض كَانَ ... ... . ... ) وَمِنْهَا (وَمَا الموْتُ إِلَّا سارقٌ دَقَّ شَخْصُه ... يصُولُ بِلَا كَفّ ويسعَى بِلَا رِجْلِ ... ) وفيهَا (يردّ أَبُو الشبل ... ... . ... ) وَمِنْهَا (أرى كلَّنا يبغى الْحَيَاة ... ... . ... ) وفيهَا (فحُبّ الجبان النَّفسَ ... ... . ... ) وفيهَا (وَيخْتَلف الرّزقان ... . . ... ) وَمِنْهَا (إِذا مَا لبستَ الدَّهر مستمتعا بِهِ ... تخرَّقتَ والمَلْبوسُ لم يتخرّق ... ) وفيهَا (وإطراقُ طرف الْعين ... . ... ) وفيهَا (وَمَا ينصر الْفضل ... ... . ... ) وَمِنْهَا (ربّ أمْرٍ أتاكَ لَا تحمد الْفَعَّال فِيهِ وتحمدُ الأفْعالا ... ) وفيهَا (وَإذا مَا خَلا الجَبانُ بأرْضٍ ... ) وفيهَا (مَن أطَاق ... ... . ... ) وفيهَا (كلّ غادٍ لحاجةٍ ... ... . . ... ) وَمِنْهَا (إِذا أنتَ أكرَمتَ الكرِيم ملَكته ... وَإِن أنتَ أكرَمتَ اللَّئيم تمرّدا ... ) وفيهَا (ووضْعُ النَّدى ... ... . ... ) فَهَذَا الذى لم يَأْتِ شَاعِر بِمثلِهِ وَإِنَّمَا ذَكرْنَاهُ مُجملا ليسهل أَخذه وَحفظه وَلَو تصفحت دواوين المجيدي المولدين والمحدثين لم تَجِد لأحد مِنْهُم بعض هَذَا نَادرا وَلَكِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء وَيُؤْتى الْحِكْمَة من يَشَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 - الْغَرِيب التقويض حط الْخيام وَأَصله من قوضت الْبناء إِذا نقضته من غير هدم وتقوضت الْخلق والصفوف تَفَرَّقت الْمَعْنى يَقُول هم يسكنون البدو فيهم يجرونَ مجْرى الْوَحْش فى حلولها المراتع وهم كَذَلِك إِلَّا أَنهم لَهُم خيام يحطونها وينصبونها يُرِيد فى الرحيل وفى الْإِقَامَة والوحش لَا خيام لَهَا فقد خالفوها فى هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 - الْإِعْرَاب الْجوَار لَهَا المجاورين سماهم باسم الْمصدر الْغَرِيب الأصاحيب جمع أَصْحَاب وَأَصْحَاب جمع أصحب وَجمعه أَصْحَاب أَيْضا الْمَعْنى يَقُول هم جيران الوحوش وهم شَرّ المجاورين أَو شَرّ أهل الْجوَار كَمَا قَالَه ابْن جنى حذف الْمُضَاف لأَنهم يصيدونها ويذبحونها قَالَ (فؤاد كل محب ... الخ ... ) 10 - الْغَرِيب المحروب الذى ذهبت حريبته والحريبة المَال الْمَعْنى يُرِيد أَن فيهم الْجمال والشجاعة فنساؤهم ينهبن الْقُلُوب ورجالهم ينهبون الْأَمْوَال وَقَالَ الْخَطِيب ملكوا قُلُوب الرِّجَال وأموال الْأَعْدَاء 11 - الْغَرِيب الرعابيب جمع رعبوبة وهى الْمَرْأَة الممتلئة الْبَيْضَاء الْمَعْنى يُرِيد أَن نسَاء الْعَرَب البدويات أحسن من نسَاء الْحَضَر ثمَّ بَين الْعلَّة بقوله (حسن الحضارة ... الخ ... ) 12 - الْغَرِيب الحضارة قَالَ الأصمعى الحضارة والبداوة بِالْفَتْح وَقَالَ أَبُو يزِيد بِالْكَسْرِ والحضارة الْإِقَامَة فى الْحَضَر والبداوة الْإِقَامَة فى البدو وَالْمرَاد حسن أهل الحضارة وَأهل البداوة فَحذف الْمُضَاف الْمَعْنى يَقُول حسن الحضريات مجلوب بالاحتيال وَحسن البدويات طبع طبعن عَلَيْهِ ثمَّ ذكر لَهُنَّ مثلا فَقَالَ (أَيْن المعيز من الآرام ... الخ ... ) 13 - الْإِعْرَاب ناظرة نصب على التَّمْيِيز وَلَيْسَت اسْم فَاعل وَالتَّقْدِير من الآرام عيُونا وَيجوز أَن يكون حَالا وَيكون اسْم فَاعل وَذَلِكَ فى حَال نظرهن وامتداد أعناقهن كَمَا قَالَ الأصمعى إِذا ذكر الشَّاعِر الْبَقر فَإِنَّمَا يُرِيد حسن الْعُيُون وَإِذا ذكر الظباء فَإِنَّمَا يُرِيد الْأَعْنَاق وَمن الآرام مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِيره أَيْن المعيز من حسن الآرام وَكَذَلِكَ فى الْحسن مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِيره بعد مَا بَينهمَا فى الْحسن وَالطّيب الْغَرِيب المعيز اسْم للمعزى وَهُوَ خلاف الضَّأْن وَهُوَ اسْم جنس تَقول الْمعز والمعيز والأمعوز وَوَاحِد الْمعز مَا عز مثل صَاحب وصحيب وَالْأُنْثَى مَا عزة وهى العنز وَالْجمع مواعز والمعز بِالْفَتْح والمعز بِسُكُون الْعين لُغَتَانِ فصيحتان قَرَأَ أهل الْكُوفَة وَنَافِع بِسُكُون الْعين وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ معزى منون مَصْرُوف لِأَن الْألف للإلحاق لَا للتأنيث وَهُوَ مُلْحق بدرهم على فعلل لِأَن الْألف الملحقة تجرى مجْرى مَا هُوَ من نفس الْكَلِمَة يدل على ذَلِك قَوْلهم معيز وأريط فى تَصْغِير معزى وأرطى فى قَول من نوان فكسروا مَا بعد يَاء التصغير كَمَا قَالُوا دريهم وَلَو كَانَت للتأنيث لم يقلبوا الْألف يَاء كَمَا لم يقلبوها فى تَصْغِير حُبْلَى وَأُخْرَى وَقَالَ الْفراء المعزى مُؤَنّثَة وَقَالَ بَعضهم مذكرة وَحكى أَبُو عبيد أَن الْعَرَب كلهَا تنون المعزى فى النكرَة الْمَعْنى أَنه جعل نسَاء الْعَرَب كالظباء وَنسَاء الْحَضَر كالمعز يُرِيد أَيْن موقع الْمعز من الظباء الظباء أحسن عيُونا وأعضاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 - الْإِعْرَاب من كسر الصَّاد من صبغ أَرَادَ الِاسْم وَمن فَتحه أَرَادَ الْمصدر والحواجيب جمع حَاجِب أشْبع الكسرة فتولدت مِنْهَا يَاء كَمَا جَاءَ (نَفْى الدَّراهيم تَنقادُ الصَّيارِيفِ ... ) الْمَعْنى يُرِيد بظباء الفلاة نسَاء الْعَرَب وأنهن فصيحات لَا يمضغن الْكَلَام وَلَا يصبغن حواجبهن كعادة نسَاء الْحَضَر فَهُوَ يُرِيد تَفْضِيل العربيات 15 - الْغَرِيب العراقيب جمع عرقوب وَهُوَ مَا يكون عِنْد الكعب يُرِيد أَن حسنهنَّ بِغَيْر تطرية وَلَا تصنع وَلَا دُخُول حمام بل هُوَ خلقَة فِيهِنَّ 16 - الْإِعْرَاب من هوى مُتَعَلق بتركت تَقْدِيره من حبى كل امْرَأَة لَا تموه تركت تمويهى التمويه شبه التلبيس والتدليس الْمَعْنى يَقُول من حبى كل امْرَأَة حسنها بِغَيْر تصنع وَلَا تكلّف لم أخضب شعرى يزِيد هن لم يموهن فَأَنا كَذَلِك لم أموه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى عَادَته رَاجع إِلَى الصدْق وَمن هوى مُتَعَلق مثل الأول برغبت الْمَعْنى يُرِيد أَنه من حبى الصدْق فى كل شئ تركت الشّعْر المكذوب فى وجهى وَهُوَ الذى اسود بالخضاب 18 - الْغَرِيب الْحَوَادِث جمع حَادِثَة وهى مَا يحدث الزَّمَان من النوائب الْمَعْنى يَقُول إِن الْحَوَادِث أخذت منى شبابى وأعطتنى الْحلم والتجربة فليتها أَعْطَتْ مَا أخذت منى بِمَا أَعْطَتْ وَهُوَ من قَول على بن جبلة (وأرَى اللَّيالى مَا طَوَتْ مِنْ قُوّتى ... زادَتْهُ فى عَقْلى وفى أفْهامى ... ) وَقَول ابْن المعتز (وَمَا يُنْتَقَصُ مِنْ شَبابِ الرّجالِ ... يَزِدْ فى نُهاها وألْبابها ... ) 19 - الْغَرِيب الحداثة يُرِيد الشَّبَاب وحداثة السن الْمَعْنى يَقُول قد كنت قبل تحليم الْحَوَادِث حَلِيمًا فَإِن الشَّبَاب لَا يمْنَع من الْحلم فقد يكون الشَّاب حَلِيمًا كَمَا قَالَ حبيب (حَلَّمَتنى زَعَمْتُمُ وأُرَانى ... قبلَ هَذَا التَّحليم كنتُ حَليما ... ) 20 - الْغَرِيب الْأُسْتَاذ كلمة لَيست بعربية وَإِنَّمَا تقال لصَاحب صناعَة كالفقيه والمقرئ والمعلم وهى لُغَة أهل الْعرَاق وَلم أَجدهَا فى كَلَام الْعَرَب وَأهل الشَّام والجزيرة يسمون الخصى أستاذا الْمَعْنى هُوَ الذى ذكره قبل هَذَا فى معنى الْحلم وَالْعقل جعل هَذَا تَأْكِيدًا لذَلِك وَالْمعْنَى يُرِيد أَن كافورا شب وارتفع مكتهلا فى حلم الكهول قبل أَن يكتهل وأدبيا قبل أَن يُؤَدب يعْنى أَنه طبع على الْحلم وَالْأَدب وَلم يستفدهما من مر الليالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 - الْإِعْرَاب مجربا ومهذبا حالان وفهما وكرما مصدران وَيجوز أَن ينتصبا على الْمَفْعُول لَهُ الْمَعْنى يَقُول ترعرع وشب مجربا قبل أَن يجرب لما طبع عَلَيْهِ من الْفَهم ومهذبا قبل أَن يهذب بِمَا طبع عَلَيْهِ من الْكَرم 22 - الْغَرِيب التشبيب ذكر أَيَّام الشَّبَاب وَاللَّهْو والغزل وَهُوَ يكون فى ابْتِدَاء قصائد الشُّعَرَاء هَذَا هُوَ الأَصْل ثمَّ سمى ابْتِدَاء كل أَمر تشبيبا وَإِن لم يكن فِيهِ ذكر أَيَّام الشَّبَاب الْمَعْنى يَقُول أصَاب كافور نِهَايَة الدُّنْيَا وَهُوَ الْملك لِأَنَّهُ لَا شئ إِلَّا وَالْملك فَوْقه وَلم يبلغ بعد نِهَايَة همته وهمته مَعَ إِصَابَة الْملك فى ابتدائها وَأول أمرهَا فهمته عالية لَا يقنعها شئ لشرفها 23 - الْمَعْنى يُرِيد سَعَة ملكه وولايته وَأَنه يدبر هَذِه المملكة على تبَاعد مَا بَينهَا وَبَين مصر وعدن وهى مَدِينَة بِالْيمن على ثَلَاثَة أشهر وَبَين عدن وَبَين الْعرَاق ثَلَاثَة أشهر وَبَين مصر وَأول بِلَاد الرّوم شَهْرَان وَبَين مصر وَبَين أَرض النّوبَة ثَلَاثَة أشهر فَكَانَ يدبر هَذَا على سعته وَلم يملكهُ كافور وَلَا أستاذه وَإِنَّمَا ملك كافور مصر وأعمالها والذى ذكره أَبُو الطّيب لم يملكهُ وَمَا تامر فِيهِ سوى الْملك الْكَامِل أَبى المعالى مُحَمَّد بن أَبى بكر بن أَيُّوب فَإِنَّهُ ملك الْيمن كُله وَملك مصر وأعمالها وَالشَّام وأعمالها وخطب لَهُ بالموصل وَهُوَ أول أَعمال الْعرَاق وَكَانَ أمره فِيهَا ويدبرها وَملك آمد وهى أول أَعمال الرّوم 24 - الْغَرِيب النكب جمع نكباء وهى الرّيح تهب فى غير اسْتِوَاء هى العادلة عَن المهب الْمَعْنى يَقُول هَذِه الرّيح إِذا هبت بِغَيْر بِلَاده هبت غير مستوية فَإِذا أَتَت بِلَاده لم تهب إِلَّا باستواء وترتيب إعظاما لَهُ وَقَالَ الْخَطِيب يعظم أمره وسياسته وَلم يرد الرِّيَاح بِعَينهَا بل يُرِيد أَن النَّاس لَهُ هائبون حَتَّى الرِّيَاح إِذا هبت هبت بترتيب واستواء هَيْبَة لَهُ 25 - الْغَرِيب شَرقَتْ الشَّمْس إِذا طلعت وأشرقت إِذا اسْتَوَت وأضاءت وتجاوزها الضَّمِير لمصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أمره مُطَاع فى هَذِه الْبِلَاد ويؤثر أمره بمكتوب ختمة وَإِن انمحى الْمَكْتُوب يُرَاعى حكمه إعظاما لَهُ وَيُقَال خَاتم وَخَاتم وخيتام وخاتام وَقَرَأَ عَاصِم وَخَاتم النَّبِيين بِفَتْح التَّاء 27 - الْإِعْرَاب حامله فَاعل يحط وَالضَّمِير فى حامله يرجع على الْخَاتم الْغَرِيب اليعبوب الْفرس السَّرِيع الجرى ويحط ينزل الْمَعْنى يَقُول إِن خَاتمه إِذا رَآهُ مَعَ حامله الْفَارِس الطَّوِيل الرمْح البطل نزل من سرج فرسه وخر لَهُ سَاجِدا قَالَ الواحدى لم يعرف ابْن جنى هَذَا فَقَالَ مرّة يقتل حَامِل خَاتمه كل فَارس فينزله عَن سرج فرسه وَمرَّة يحط حَامِل كِتَابه أعداءه عَن سروجهم وَلَيْسَ الْبَيْت من الْقَتْل وَلَا من إِنْزَال الْأَعْدَاء فى شئ وَالْمعْنَى يُرِيد نَفاذ أمره واتساع قدرته وَقَالَ ابْن القطاع حامله الْهَاء يعود على كافور أى إِذا رَآهُ الْأَبْطَال انحطوا 28 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يفرح إِذا سمع بسؤال السَّائِل فَرح يَعْقُوب بقميص يُوسُف كرما وسخاء وَقيل يسمع كل سُؤال وَلَا يغْفل عَنهُ فالسؤال يفتح سَمعه 29 - الْمَعْنى يُرِيد إِذا غزته بالسؤال فقد غزته بِجَيْش لَا يغلب لِأَنَّهُ لَا يرد السَّائِل وَهَذَا البيتان من أحسن الْكَلَام وأظرفه وَمن أحسن الْمعَانى 30 - الْغَرِيب التجبيب الْهَرَب تَقول جبب الرجل إِذا ولى هَارِبا الْمَعْنى يَقُول إِن أَتَاهُ الْأَعْدَاء محاربين لم ينجوا من إِرَادَته فيهم بالإقدام وَلَا بالهرب وَلَا بالشجاعة والتقدمة التَّقْدِيم وَالْمعْنَى لَا يَنْفَعهُمْ مِنْهُ إقدام وَلَا هرب 31 - الْغَرِيب أَضرت عودت وألزمت وَيُرِيد بأقصى كِتَابه الْجُبَنَاء الْمَعْنى يَقُول عود أَصْحَابه الْمُحَاربَة ودربهم على الْمَوْت فَلَا يخَافُونَ الْمَوْت لأَنهم قد تعودوا الْقِتَال وضرى بالشئ اعتاده وَمِنْه كلب ضار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 - الْغَرِيب الشآبيب جمع شؤبوب وهى الدفعة من الْمَطَر الشَّديد الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى يَقُول تركت الْقَلِيل من ندى غَيره إِلَى الْكثير من نداه قَالَ ابْن فورجة هَذَا مُحْتَمل لكنه أَرَادَ أَن مصر لَا تمطر فَقَالَ لامنى النَّاس فى هجرى بِلَاد الْغَيْث فقد تعوضت عَنْهَا غيوث يَدَيْهِ وَقَالَ غَيره هَذَا يعرض بِسيف الدولة غيثا وَجعله غيوثا 33 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه ملك كريم يهب الدولات وَهَذَا مدح عَظِيم وتعريض بِسيف الدولة 34 - الْغَرِيب راعه يروعه إِذا خَوفه والموفور الذى لم يصب فى مَاله وَلم يُؤْخَذ مِنْهُ شئ والمنكوب الذى أَصَابَته نكبة فى مَاله أَو عزة الْمَعْنى يَقُول لَا يغدر بِأحد من أَصْحَابه ليروع بِهِ أحدا غَيره وَلَا ينكب أحدا بظُلْم وَأخذ مَال ليفزع بِهِ موفورا لم يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا يُرِيد أَنه حسن السِّيرَة فى رَعيته لَا يظلم أحدا بِحَال 35 - الْإِعْرَاب ذَا مثله صفة لمَحْذُوف تَقْدِيره يروع ذَا جَيش مثله أى مثل جَيْشه وبلى حرف يَقع جَوَابا بعد النفى فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يروع بمغدور وَلَا يفزع ثمَّ أضْرب عَن ذَلِك وَقَالَ بلَى وهى حرف ممال لمشابهته الْأَفْعَال بِعَدَد حُرُوفه وأماله حَمْزَة والكسائى وفى رِوَايَة أَبى بكر عَن عَاصِم الْغَرِيب يجد لَهُ يصرعه وَيُلْقِيه على الجدالة وهى وَجه الأَرْض والأحم الْأسود وَكَذَلِكَ الغربيب وَالنَّقْع الْغُبَار الْمَعْنى يُرِيد إِنَّمَا يخوف صَاحب جَيش مثل جَيْشه فيصرعه ذَا قُوَّة وَكَثْرَة ليعتبر بِهِ غَيره فيخافه ويطيعه وَقَالَ ابْن جنى إِذا رَآهُ ملك وَقد صنع بِملك آخر مَا صنع فَإِنَّهُ يخافه ويحذره 36 - الْغَرِيب السوابق جمع سَابق وهى الْخَيل والتقريب ضرب من عَدو الْخَيل قرب الْفرس إِذا رفع يَدَيْهِ معاو وضعهما مَعًا فى الْعَدو وَهُوَ دون الْحَضَر وَله تقريبان أَعلَى وَأدنى الْمَعْنى أَنه جعل جرى الْخَيل وعدوها أَنْفَع مَال ادخره لِأَنَّهَا أخرجته من بَين الغادرين بِهِ إِلَى الممدوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 - الْغَرِيب صم الأنابيب الرماح الْمَعْنى يَقُول لما غدر بى الزَّمَان وفت بى الْخَيل فأوصلتنى إِلَى مَا أُرِيد الْمَعْنى أَنه يشْكر الْخَيل والقنا على إيصاله إِلَى مصر 38 - الْغَرِيب الجرد الْخَيل الْمُضْمرَات الَّتِى لَيْسَ عَلَيْهَا شعر والسراحيب جمع سرحوب وهى الْفرس الطَّوِيلَة وتوصف بِهِ الْإِنَاث دون الذُّكُور الْمَعْنى قَالَ بَان جنى ضجت المفاوز وهى المهالك من سرعَة خيلى وقوتها وَقَالَ الواحدى الْمَعْنى أَن خلينا قطعت المفاوز حَتَّى لَو كَانَ لَهَا قَائِل لقَالَ مَاذَا لَقينَا من هَذِه الْخَيل فى تذليلها لنا وقطعها الْبعد فى سرعَة وَقَالَ ابْن فورجة إِذا أطلقت المهالك لم يفهم مِنْهَا المفاوز وَإِنَّمَا تفهم الْأُمُور الْمهْلكَة يعْنى إِن هَذِه الْخَيل لم يعلق بهَا شئ من الْهَلَاك حَتَّى تعجبت المهالك من نجاتها بسلامتها مِنْهَا هَذَا كَلَامه وَآخر الْبَيْت يدل على مَا قَالَ ابْن جنى قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون الضَّمِير فى الْقَائِل عَائِدًا على السوابق أى قَالَ قَائِل سوابق يعْنى الَّتِى يمدحها وَيَقُول إِنَّهَا تجتنى ماذ لَقينَا وَهَذَا اسْتِفْهَام تعجب 39 - الْغَرِيب المنجرد الرجل الماضى فى الْأُمُور الجاد فِيهَا لَا يردهُ شئ الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخَيل تسرع بِرَجُل مَاض فى أُمُوره لَيْسَ مذْهبه وهمه إِلَّا فى جمع المعالى لَا يقنع بالملبوس والمأكول كَقَوْل الراجز (وَلَيْسَ فَتى الفِتْيان مَنْ رَاح واغْتَدَى ... لشُرْبِ صَبوح أَو لشُرْب غَبُوقِ ... ) (ولكنْ فَتى الفِتْيان مَنْ رَاح واغتدى ... لضرّ عَدوّ أَو لِنَفْع صدِيقِ ... ) وكقول حَاتِم (لَحَى الله صُعْلُوكا مُناهُ وَهمُّهُ ... مِنَ الدَّهْرِ أَن يَلْقَى لبوسا ومَطْعَما ... ) وَقَالَ خفاف بن إِيمَاء البرمجى (وَلَو أنَّ مَا أسعَى لنَفْسىَ وَحْدَها ... لزادٍ يَسير أَو ثيابٍ على جِلْدِى ... ) (لَهانا عَلى نَفْسىِ وبَلَغ حاجَتِى ... مِن المالِ مالٌ دون بعضِ الذى عندى ... ) (ولكنَّما أسْعَى لمجدٍ مُؤَثَّلٍ ... كأنّ أَبى نالَ المَكارمَ من جدّى ... ) وَكلهمْ تبع امْرأ الْقَيْس فى قَوْله (وَلَو أنَّ مَا أسْعَى لأَدْنى مَعِيشَةٍ ... كفاني وَلم أطلب قَلِيل من المَال) وَقد يُدْرِكُ المجدَ المُؤَثَّل أمُثالى ... ) وَمعنى قَوْله لَيست مذاهبه أى أسفارها لهَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 - الْغَرِيب سلبت الشئ سلبا وَالسَّلب بِالتَّحْرِيكِ الشئ المسلوب وَكَذَلِكَ السليب وَالسَّلب أَيْضا لحاء شجر مَعْرُوف بِالْيمن تعْمل مِنْهُ الحبال أجفى من لِيف الْمقل الْمَعْنى يَقُول إِذا نظر إِلَى النُّجُوم نظر إِلَيْهَا بِعَين من يطْلبهَا ويطمع فى دركها حَتَّى كَأَنَّهَا شئ سلب مِنْهُ والمسلوب ينظر إِلَى مَا يسلب مِنْهُ نظر من يطْمع فى رُجُوعه إِلَيْهِ قَالَ الْخَطِيب يسلب بعد مطلبه ينظر إِلَى النُّجُوم نظر من لَو قدر عَلَيْهَا لأخذها وَالْأول أحسن وَأبين للمعنى 41 - الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ محتجبا عَن النَّاس والاحتجاب من عَادَة الْمُلُوك وهم يوصفون بالحجاب فعطاؤه قريب من النَّاس غير محتجب عَنْهُم وَيجوز أَن يُرِيد بِالنَّفسِ همته وَأَنَّهَا محتجبة عَن النَّاس لَا يبلغهَا كل أحد لِأَنَّهُ قَالَ بعده فى جسم أروع وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول حبيب (لَيْسَ الحِجابُ بمقُْصٍ عَنْك لى أمَلاً ... إنَّ السَّماءَ لَتْرْجَىَ حِينَ تَحْتَجِبُ ... ) 42 - الْغَرِيب الأروع هُنَا الذكى الْقلب وفى غير هَذَا هُوَ الذى يروعك حسنه والأعاجيب جمع أعجوبة الْمَعْنى يُرِيد أَنه ذكى الْقلب كَأَنَّهُ مرتاع لذكائه إِذا نظر إِلَى أَفعَال النَّاس ضحك مِنْهَا تَعَجبا مِنْهُم هزؤا واستصغارا لَهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 - 43 - الْغَرِيب الإدلاج سير أول اللَّيْل والادلاج بِالتَّشْدِيدِ سير آخر اللَّيْل والتأويب سير النَّهَار الْمَعْنى يَقُول أَنا أحمدك وَأحمد خيلى ورماحى وسيرى إِذْ بلغتنى إِلَيْك لِأَنَّك أَنْت الْمَقْصُود 45 - الْغَرِيب الْملك الغانى المستغنى يُقَال غنى بِكَذَا وَاسْتغْنى بِهِ الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد اسْتَغْنَيْت بِذكر اسْمك عَن وصف ولقب لِأَنَّك قد عرفت فى الْآفَاق بِهِ وَحكى أَن رؤبة بن العجاج أَتَى البكرى النسابة فَقَالَ من أَنْت فَقَالَ أَنا رؤبة ابْن العجاج فَقَالَ قصرت وَعرفت فَقَالَ رؤبة مفتخرا بذلك (قد رَفَعَ العَجَّاجُ باسمى فادْعُنى ... باسمى إذِ الأَنْساب طالَتْ يَكْفِنى ... ) 46 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى قَوْله بِهِ رَاجع إِلَى الحبيب وَلَو أمكنه أَن يردهُ إِلَى الْخطاب لَكَانَ أحسن وَهَذَا أبلغ الْمَعْنى يقو أَنا محبك وَأَنت مَحْبُوب لى وَأَعُوذ بك من أَن لَا تحبنى فَإِن أَشْقَى الشقاوة أَن تحب من لَا يحبك كَمَا قَالَ (ومِنَ الشَّقاوَةِ أَن تُحِبَّ ... وَلَا يُحِبُّكَ مَنْ تَحِبُّه ... ) 1 - الْغَرِيب الْأَغْلَب الرجل الشَّديد الْغَلَبَة وَالْأَصْل فِيهِ الغليظ الرّقية وَرجل أغلب بَين الْغَلَبَة وغلبه غلبا وغلبا وَغَلَبَة قَالَ الله تَعَالَى {وهم من بعد غلبهم} وَهُوَ من المصادر الْمَفْتُوحَة الْعين مثل الطّلب وَقَالَ الْفراء هَذَا يحْتَمل أَن يكون غَلَبَة فَحذف الْهَاء عِنْد الْإِضَافَة كَمَا قَالَ الشَّاعِر (إنَّ الخَليطَ أجدّوا البَيْنَ فانجرَدُوا ... وأخْلَفُوكَ عِدَى الْأَمر الذى وَعدُوا ... ) أَرَادَ عدَّة الْأَمر فَحَذفهُ للإضافة الْمَعْنى يُرِيد أَن بَينه وَبَين الشوق مغالبة لَكِن الشوق أغلب مِنْهُ لَهُ لِأَن الشوق يغلب صبره وَقَالَ الواحدى الْأَغْلَب الغليظ الرَّقَبَة الذى لَا يُطَاق وَلَا يغالب فَكَأَنَّهُ قَالَ إِن الشوق صَعب شَدِيد مُمْتَنع وأعجب من هَذَا الهجر لتماديه وَطوله الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 - الْغَرِيب تنائى تفَاعل من النأى وَهُوَ الْبعد أنأيت الرجل ونأيته أبعدته الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأَيَّام مولعة بادناء من أبْغض وإبعاد من أحب فَمَا تغلط مرّة بتقريب الحبيب وإبعاد البغيض فَلَو غَلطت مرّة وَفعلت هَذَا وَجعله غَلطا من الدَّهْر لِأَنَّهُ خلاف مَا يَفْعَله الدَّهْر كَمَا قيل فى بخيل (يَا عَجبا مِن خالدٍ كيفَ لَا ... يَغْلَطُ فِينَا مَرَّةً بالصَّوَابِ ... ) وأصل هَذَا الْمَعْنى الذى ذكره أَبُو الطّيب للمضرس (لعمْرُكَ إنى بالخليلِ الذى لهُ ... علىّ دَلالٌ واجبٌ لَمُفَجَّعُ ... ) (وإنَى بالمَوْلى الذى لَيْسَ نافِعى ... وَلَا ضائِرى فِقدانُه لممتَّع ... ) وَمثله للطرماح (يفرّق منَّا مَنْ نحِبُّ اجتماعَهُ ... ويجمعُ مِنَّا بَين أهْلِ الضَّغائنِ ... ) وَقَالَ آخر (عَجِبْتُ لتَطْويح النَّوَى مَنْ تُحبُّه ... وإدْناءَ مَنْ لَا يُسْتَلَذُّ لَهُ قُرْبُ ... ) وكقول لطف الله ابْن الْمعَافى (وَمَنْ أهْوَاهُ يُبْغِضُنِى عِناداً ... ومَنْ أشْناه شْصٌّ فى لَهَاتِى ... ) 3 - الْإِعْرَاب الحدالى ابْتِدَاء وشرقي فى مَوضِع نصب على الظّرْف وحذفت الْإِضَافَة مِنْهُ لالتقاء الساكنين وَيجوز أَن يكون الحدا لى خَبرا وشرقى مُبْتَدأ لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون ظرفا وَغير ظرف قَالَ جرير (هبَّتْ جنوبا فذِكَرى مَا ذكرتكم ... عنْدَ الصَّفاة الَّتِى شرقّى حَورانا ... ) وَوجه النصب وَالرَّفْع جَائِز على تَقْدِير الَّتِى هى شرقى الْغَرِيب الحدالى بِفَتْح الْحَاء وَضمّهَا مَوضِع بِالشَّام وَقيل جبل وَغرب جبل هُنَاكَ مَعْرُوف قَالَ الشَّاعِر (أَلا يَا طُولَ لَيْلى بالحَدَالَى ... فأعْتاد الأشَقّ إِلَى رعالى ... ) (أبِيتُ اللَّيْلَ مُكْتَئِبا حَزِينا ... وتَسْألُنِى العَوَائد كيفَ حالى ... ) وَقَوله تئية التئية التلبث والتمكث قَالَ الشَّاعِر (قِفْ بالديّارِ وُقُوفَ زَائِرْ ... وَتأىّ إنَّك غيرُ صاغِرْ ... ) الْمَعْنى يَقُول مَا أسْرع سيرى وأقتل تلبثى عَشِيَّة كَانَ هَذَا ن الموضعان على جَانب الشرقى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 - الْغَرِيب أحفى أبلغ النَّاس مَسْأَلَة عَنى والحفاوة بِالْفَتْح الْمُبَالغَة فى السُّؤَال عَن الرجل والعناسة فى أمره يُقَال مِنْهُ حفيت بِالْكَسْرِ حفاوة وتحفيت بِهِ بالغت فى إكرامه وإلطافه والحفى المستقصى فى السُّؤَال قَالَ الْأَعْشَى (فإنْ تَسألى عَنى فيَا رُبَّ سائِلٍ ... حَفِىّ عَن الأعْشَى بِهِ حيثُ أصعدا ... ) الْمَعْنى يُرِيد بأحفى النَّاس سيف الدولة يَقُول هُوَ ألطف النَّاس بى فجفوته بِتَرْكِهِ إِلَى غَيره وَكَانَ أهْدى الطَّرِيقَيْنِ أَن أَعُود إِلَيْهِ إِلَّا أَنى هجرته وَأخذت الطَّرِيق إِلَى مصر قَالَ ابْن جنى كَانَ يتْرك الْقَصْد ويتعسف خوفًا على نَفسه 5 - الْغَرِيب المانوية قوم ينسبون إِلَى مانى وَهُوَ رجل يَقُول الْخَيْر من النَّهَار وَالشَّر من اللَّيْل وَانْتَحَلَ هَذَا الْمَذْهَب فَرد عَلَيْهِ المتنبى فَقَالَ كم نعْمَة للظلمة عندى تبين أَن هَؤُلَاءِ المانوية الَّذِي نسبوا إِلَى الظلمَة الشَّرّ كاذبون وَلَيْسَ الْأَمر على مَا قَالُوهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى فِيهِ لِليْل وَكَذَا الضَّمِير فى وقاك الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى وقاك ظلام اللَّيْل الْعَدو تسرى عَلَيْهِم فَلَا يبصرونك وزارك فِيهِ طيف من تحبه وَقَالَ ابْن فورجة الطيف قد يزور نَهَارا فَيكون كَقَوْل ابْن المعتز (لَا تَلْقَ إلاَّ بلَيْلٍ مَنْ تُوَاصِلُهُ ... فالشَّمْسُ نَمَّامَةٌ وَاللَّيلُ قَوَّادُ ... ) 7 - الْمَعْنى يَقُول رب يَوْم طَال على كَمَا يطول ليل العاشقين اختفيت فِيهِ خوفًا على نفسى أراقب حِين تغرب الشَّمْس حَتَّى أَسِير إِلَيْكُم كمنته اختفيت وَقَعَدت بالكمين وأيان بِمَعْنى مَتى 8 - الْمَعْنى أَنه كَانَ ينظر إِلَى أذنى فرسه وَذَلِكَ أَن الْفرس أبْصر شئ فاذا حس بشخص من بعيد نصب أُذُنَيْهِ نَحوه فَيعلم الْفَارِس أَنه أبْصر شَيْئا ثمَّ وصف فرسه فَقَالَ كَأَنَّهُ قِطْعَة ليل فى وَجهه كَوْكَب قَالَ العروضى فى وَجهه كَوْكَب من كواكب اللَّيْل قد بقى بَين عَيْنَيْهِ وَهَذَا من قَول أَبى دواد (وَلَها جَبْهَةٌ تَلأْلأُ كالشِّعْرى ... أضاءتْ وغُمّ مِنْهَا النُّجوم ... ) 9 - الْغَرِيب الإهاب الْجلد مَا لم يدبغ وَالْجمع أهب بِفتْحَتَيْنِ مثل أَدَم على غير قِيَاس وَقد قَالُوا أهب بِالضَّمِّ وَهُوَ قِيَاس الْمَعْنى أَنه وصف فرسه بسعة الْجلد وَإِذا اتَّسع الْجلد اشْتَدَّ الْعَدو لِأَن سَعَة خطوه على قدر سَعَة إهابه وَلَيْسَ للحمار عَدو لضيق إهابه عَن مد يَده وَالْمعْنَى أَن فى جلده فضلَة عَن جِسْمه تِلْكَ الفضلة على صَدره الرحيب تجئ وَتذهب وَقَالَ صدر رحيب لِأَنَّهُ يسْتَحبّ سَعَة الصَّدْر فى الْفرس 10 - الْمَعْنى يَقُول سققت ظلام اللَّيْل بِهَذَا الْفرس فَكنت إِذا جذبت عنانه إِلَى وثب وطغى مرحا وانبساطا وَإِذا أرخيت عنانه يلْعَب بِرَأْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 - الْغَرِيب قفيته تلوته وَمِنْه {وقفينا على آثَارهم} الْمَعْنى يَقُول إِذا طردت بِهِ وحشا لحقته فصرعته وَإِذا نزلت عَنهُ بعد الصَّيْد والطرد كَانَ مثله حِين أركبه يُرِيد لم يلْحقهُ تَعب وَلم يكل لعزة نَفسه وَلم ينقص من عدوه شئ كَقَوْل ابْن المعتز (تَخالُ آخِرَهُ فى الشَّدّ أوّله ... وَفِيه عَدْوٌ وَرَاء السَّبْق مَذْخُورُ ... ) 12 - الْمَعْنى يَقُول الْخَيل قَليلَة كقلة الصّديق وَإِن كَانَت كَثِيرَة فى الْعدَد وَكَذَلِكَ الصّديق كثير عَددهمْ وَلَكنهُمْ عِنْد التَّحْصِيل وَالتَّحْقِيق قَلِيلُونَ لِأَن الصّديق الذى يعْتَمد عَلَيْهِ فى الشدائد قَلِيل وَكَذَلِكَ الْخَيل الَّتِى تلْحق فرسانها بالطلبات قَليلَة وَمن لم يجرب الْخَيل ويعرفها يَرَاهَا فى الدُّنْيَا كَثِيرَة وَكَذَلِكَ من لم يجرب الأصدقاء ويختبرهم عِنْد شدته يراهم كثيرين وَالْمعْنَى أَن الْخَيل الْأَصْلِيَّة المجربة قَليلَة وَالصديق الذى يصلح لصديقه فى شدته قَلِيل وَلِهَذَا قيل لَا يعرف الْأَخ إِلَّا عِنْد الْحَاجة 13 - الْغَرِيب الشيات جمع شية وهى اللَّوْن الْمَعْنى يَقُول إِذا لم تَرَ من حسن الْخَيل غير حسن الألوان والأعضاء فَلم تَرَ حسنها إِنَّمَا حسنها فى الْعَدو والجرى 14 - الْإِعْرَاب منَاخًا نصب على التَّمْيِيز قَالَ ابْن جنى وَيجوز على الْحَال الْغَرِيب لحا الله دُعَاء عَلَيْهَا وَأَصله من لحوت الْعود إِذا قشرته ولحوت الْعَصَا ألحوها لحوا قشرتها وَكَذَلِكَ لحيت الْعَصَا ألحى لحيا قَالَ الشَّاعِر (لحيتهمُ لحىَ العَصا فطرَدُتهم ... إِلَى سَنَة قردانها لم تُحلَّم ... ) وَقَوْلهمْ لحاه الله قبحه ولعنه وفى الْمثل من لاحاك فقد عاداك الْمَعْنى أَنه يذم الدُّنْيَا يَقُول هى بئس الْمنزل هى تعذب أَصْحَاب الهمم الْعَالِيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 - الْمَعْنى لَيْت شعرى لَيْت علمى وَمِنْه سمى الشَّاعِر لفطنته أى ليتنى أعلم هَل تَخْلُو قصيدة لى من شكوى أَشْكُو الدَّهْر فِيهَا وأعاتبه بِأَن يبلغنى المُرَاد وأنال مِنْهُ مَا أطلب وأدع الشكوى 16 - الْإِعْرَاب أَقَله فَاعل يذود وَهُوَ من صلَة مَا تَقْدِيره الذى يذود الشّعْر عَنى أَقَله الْغَرِيب يذود يطرد وَيمْنَع قَالَ الله تَعَالَى {وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان} أى تمنعان وتطردان وَكسر الْمِيم فى دونهم أَبُو عَمْرو وَحده لالتقاء الساكنين وضمه الْجَمَاعَة الْمَعْنى يَقُول بى من هموم الدَّهْر ونوائبه وصروفه مَا أَقَله يمْنَع الشّعْر عَنى وَلَكِن قلبى قلب جيد التقلب يُقَال رجل قلب حول إِذا كَانَ جيد الْحِيلَة فى الْأُمُور متصرفا وروى أَن مُعَاوِيَة بن أَبى سُفْيَان قَالَ فى مَرضه الذى مَاتَ فِيهِ لابنتيه إنَّكُمَا لتبكيان حولا قلبا إِن سلم من هول المطلع وَقَوله (يَا نبة الْقَوْم ... ) على عَادَة الْعَرَب يخاطبون النِّسَاء وَأَرَادَ بابنة الْقَوْم كَثْرَة أَهلهَا وعشيرتها وَقَالَ ابو الْفَتْح يُرِيد بابنة الْقَوْم ابْنة الْكِرَام على مَا اسْتعْملت الْعَرَب 17 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أخلاقه تعرب عَن كرمه فهى تملى على لَهُ فضائله وأمدحه شِئْت أَو أَبيت فَلَا أحتاج إِلَى جلب معنى ومنقبة إِلَيْهِ لِأَن أخلاقه تعيننى على مدحه أَخذ الصاحب بن عباد هَذَا فَقَالَ (وَما هذهِ إِلَّا وَليدةُ لَيْلةٍ ... يَغور لَهَا شعَرُ الْوَلِيد ويَنْضُبُ ... ) (على أَنَّهَا إمْلاء مَجْدك لَيْسَ لى ... سوى أنَّه يُملى علىّ وأكْتُبُ ... ) 18 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا قَصده إِنْسَان لم يتغرب وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده كَمَا هُوَ فى أَهله وعشائره لِأَنَّهُ يؤنسه بعطائه وَهَذَا من قَول الطائى (هُمْ رَهْطُ مَنْ أمْسَى بَعيدا رهطُه ... وَبَنُو أَبى رجل لغير بَنى أبِ ... ) وَهَذَا من قَول الآخر (نَزَلْتُ على آل المُهَلَّب شاتيا ... غَرِيبا عَن الأوْطان فى زمن المَحْلِ ... ) (فَمَا زَالَ بِى إكْرامُهم وافْتِقادُهم ... وبرُّهمُ حَتَّى حسبتُهمُ أهْلى ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 - الْإِعْرَاب انتصب رَأيا وَمَا بعده على التَّمْيِيز وروى ابْن جنى بادرة بِالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَعْنى يَقُول هُوَ فى حالتى الرِّضَا وَالْغَضَب أَفعاله مَمْلُوءَة حِكْمَة وعقلا ونادرة فَمن نظر إِلَى أَفعاله اسْتدلَّ بهَا على عقله وإصابة رَأْيه وَقَوله نادرة أى أَفعاله غَرِيبَة لَا تُوجد إِلَّا مِنْهُ وفى رِوَايَة ابْن جنى بادرة أى بديهة 20 - الْمَعْنى يُرِيد أَن سَيْفه يعْمل بكفه لَا بِنَفسِهِ فَإِذا نظرت إِلَى أثر سَيْفه عِنْد ضربه علمت أَن السَّيْف يعْمل بكفه يُرِيد أَن الضَّرْبَة الشَّدِيدَة إِنَّمَا تحصل بِقُوَّة الْكَفّ لَا بجودة السَّيْف لِأَن السَّيْف الماضى فى يَد الضَّعِيف لَا يعْمل شَيْئا قَالَ البخترى (فَلا تُغْلينْ بالسَّيف كُلّ غِلائه ... ليمْضِى فإنّ الكَفَّ لَا السيفَ يَقْطَعُ ... ) 21 - الْغَرِيب اللّّبْث الْمكْث الْمَعْنى يَقُول إِن تَأَخَّرت عطاياه فَإِنَّهَا تزداد كَثْرَة لِأَنَّهُ يعْطى الجزيل وَإِن أَبْطَأَ إِعْطَاؤُهُ وَالْمَاء إِذا طَال مكثه نضب أى فنى على خلاف عطاياه 22 - الْمَعْنى إِنَّه تَعْرِيض بالاستبطاء وَجعل مدحه غناء يَقُول أَنا كالمغنى بمدائحى وَأَنت كالشارب تلتذ بِسَمَاع مديحى وتحرمنى الشّرْب فَأَنا أمدحك بالمديح كَمَا يطرب الْغناء الشَّارِب فَهَل فى الكأس فضلَة أشربها وَهَذَا كُله تَعْرِيض لإبطاء الْعَطاء 23 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّك أعطيتنى على قدر الزَّمَان وَأَنا أطلب مَا يُوجِبهُ كرمك 24 - الْغَرِيب تنط من النوط وَهُوَ التَّعْلِيق والضيعة الْبَلدة والقرية قيل هى الْعقار وَالْجمع ضيَاع بِكَسْر الضَّاد وضيع مثل بدرة وَبدر وتصغير الضَّيْعَة ضييعة وَلَا يجوز ضويعة وأضاع الرجل إِذا فَشَتْ ضيَاعه وَأنْشد الْمبرد (فإنْ كُنْتَ ذَا زرع وَنحْلٍ وهجْمَةٍ ... فإنى أَنا المْثْرِى المُضيعُ المُسَوّدُ ... ) الْمَعْنى إِذا لم تقطعنى ضَيْعَة فجودك يكسونى وشغلك عَنى يذهب عَنى تِلْكَ الْكسْوَة أَي يسلبها عَنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 - الْغَرِيب حذائى أى مقابلى وأندب ندب الْمَيِّت إِذا عدد محاسنه يندبه ندبا وَالِاسْم الندبة بِالضَّمِّ الْمَعْنى يَقُول أرى كلا من النَّاس فى الْعِيد فَرحا مرحا يضاحك من يُحِبهُ وَأَنا أبكى على من أحب لأَنهم بعيدون عَنى وكل هَذَا إيقاظ لَهُ 26 - الْغَرِيب عنقاء مغرب يُقَال على الْوَصْف وَالْإِضَافَة يُقَال هُوَ من قَوْلهم أغرب فى الْبِلَاد وَغرب إِذا أبعد وَذهب وعنقاء اسْم للذّكر وَالْأُنْثَى فَلهَذَا لم يَقُولُوا مغربة بِالْهَاءِ كالدابة والحية فَمن وصف فعلى الإتباع وَمن أضَاف فَهُوَ من بَاب الْإِضَافَة إِلَى النَّعْت كَقَوْلِهِم مَسْجِد الْجَامِع وعنقاء مغرب مثل كَانَت طائرا عَظِيما اختطفت صَبيا وَجَارِيَة وطاربت بهما فَدَعَا عَلَيْهَا حَنْظَلَة بن صَفْوَان وَكَانَ نبى ذَلِك الزَّمَان فغابت إِلَى الْيَوْم فَقيل لكل من فقد طارت بِهِ عنقاء مغرب وَقد قَالَت الْعَرَب العنقاء المغربة بالتعريف على الإتباع وَقد أضافها قوم من الْعَرَب قَالَ (ولَوْلا سَلَيمانُ الخَلِيفَةُ حَلَّقتْ ... بِهِ فى يَد الحجَّاج عنقاءُ مُغْربِ ... ) وَالْأَكْثَر على الِاتِّبَاع وَقَالَ الْكُمَيْت (محَاسِن من دين وَدُنْيا كَأَنَّمَا ... بِهِ حلقت بالْأَمْس عنقاء مغرب) الْمَعْنى يُرِيد أَنه مشتاق إِلَى أَهله وَقد حَال بَينهم وَبَينه الْبعد فَيَقُول اشتياقى إِلَيْهِم كمن اشتاق إِلَى عنقاء مغرب فَأَيْنَ هى مِنْهُ لبعدها عَن النَّاس 27 - الْمَعْنى يَقُول إِذا لم يجْتَمع لقاؤك ولقاؤهم فَأَنت أحلى عندى يُرِيد أَنى أوثرك عَلَيْهِم 28 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الممدوح يوليه الْجَمِيل وَيُحِبهُ فَهُوَ عِنْده طيب يختاره على أَهله قَالَ ابْن جنى كل من حصل فى خدمتك علا قدره وَمِثَال الْبَيْت قَول البحترى (وأحبُّ أوْطان البِلاد إِلَى الفَتى ... أرْضٌ يُنالُ بهَا كَريمُ المَطْلَبِ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 - الْغَرِيب المذرب المحدد والذرب الحاد من كل شئ ولسان ذرب وَفِيه ذرابة أى حِدة وَسيف ذرب وَامْرَأَة ذربة صخابة وَيُقَال ذربة مثل فِرْيَة قَالَ (يَا سَيِّدَ النَّاسِ وديَّانَ العَرَبْ ... إليكَ أشْكُو ذِرْبةً مِن الذِّربْ ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَن الحساد لَا ينالون مِنْك مَا يطلبونه فَإِن الله يدْفع مَا يريدونه وَالسُّيُوف والرماح 3 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح دون مَا يُرِيدُونَ من السوء الْمَوْت الذى لَو تخلصوا مِنْهُ إِلَى الشيب لشاب طفلهم وَلَكنهُمْ لَا يتخلصون من الْمَوْت إِلَى الشيب بل يقتلهُمْ وَكَذَا نَقله ابْن القطاع حرفا فحرفا وَقَالَ الواحدى دون الذى يطْلب الحساد من زَوَال ملكك وَفَسَاد أَمرك الْمَوْت وَهُوَ قَوْله مَا لَو تخلصوا مِنْهُ أى الْمَوْت أى أَنهم يموتون قبل أَن يرَوا فِيك مَا يطلبونه وَلَو لم يموتوا عِشْت أَنْت وشاب طفلهم لشدَّة مَا يرونه وصعوبة مَا يلحقهم وَمَا يقاسون مِنْك 31 - الْمَعْنى إِن يطلبوا عطاءك أَعطيتهم مَا حكمُوا وَإِن طلبُوا مَا فِيك من الْفضل لم يدركوه قَالَ ابْن جنى إِن راموا فضلك منعتهم مِنْهُ قَالَ ابْن فورجة كَيفَ يقدر الْإِنْسَان أَن يمْنَع آخر من أَن يكون فى مثل فَضله وَإِنَّمَا الله الْقَادِر على ذَلِك وَقد أَتَى بِهِ المتنبى على مَا لم يسم فَاعله // فَأحْسن // 32 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَت الْعلَا موهوبة وهبتها بل من الْأَشْيَاء مَا لَا يُوهب كالعلا والشرف وَالْفضل وَمَا أشبه هَذَا وَهَذَا من قَول حبيب (وانْفَحْ لَنا مِن طيبِ خِيمك نفحَةً ... إنْ كانَتِ الأخْلاق ممَّا يُوهَبُ ... ) وَأَصله من قَول جَابر (وإنْ يَقْتَسِمْ مالى بَنىّ ونِسْوَتى ... فَلَنْ يَقْسِموا خُلقى الكريمَ وَلَا فَضْلي ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أَشد الظُّلم وأقبحه حسد الْمُنعم عَلَيْك يُرِيد من بَات فى نعْمَة رجل ثمَّ بَات حَاسِدًا لَهُ فَهُوَ أظلم الظَّالِمين يُرِيد أَن الحاسدين يحسدونه وَهُوَ ولى نعمتهم وَهُوَ مَنْقُول من قَول الْحَكِيم أقبح الظُّلم حسد عَبدك الذى تنعم عَلَيْهِ لَك 34 - الْمَعْنى يُرِيد أَن صَاحب مصر مولى كافور مَاتَ وَخلف ولدا صَغِيرا فرباه كافور وَقَامَ دونه بِحِفْظ الْملك فَقَوله ربيت ذَا الْملك أى صَاحب هَذَا الْملك وَلَو قَالَ وَأَنت الذى ربى لَكَانَ أحسن وَلكنه قَالَ ربيت كَمَا قَالَ كثير بن عبد الرَّحْمَن (وأنتِ الَّتِى حببتِ كلّ قَصيرَة ... إلىّ وَما تَدْرى بِذَاكَ القَصائرُ ... ) 35 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك كنت للْملك كالليث لأشباله والعريبن الأجمة وَلما جعله ليثا اسْتعَار لَهُ مخلبا فَجعله السَّيْف الهندى والهندوانى وَهُوَ نسب إِلَى الْهِنْد 36 - الْغَرِيب الهيجا من أَسمَاء الْحَرْب وهى تمد وتقصر الْمَعْنى يُرِيد أَنه يهرب من الْعَار إِلَى الْمَوْت لِأَنَّهُ يختاره على الْعَار يَقُول حاميت على الْملك ودافعت عَنهُ هَارِبا من الْعَار إِلَى الْمَوْت 37 - الْمَعْنى يَقُول قد ينجو من الْمَوْت من يطْرَح نَفسه فى المهالك وَقد يُصِيب الْمَوْت من يحترس مِنْهُ وَهَذَا من أحسن الْمعَانى لِأَنَّهُ قد ينجو من الْمَوْت من يُوقع نَفسه فى كل مهلكة وَيَقَع فِيهِ من يحذرهُ ويخافه ويخترم أى ينفذ 38 - الْإِعْرَاب الْكَاف من اللاقوك فى مَوضِع نصب أَو جر وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَانهَا هَاء أَو يَاء الْمَعْنى يُرِيد أَن الَّذين لاقوك محاربين لم يعدموا شجاعة وَشدَّة إقدام يُرِيد أَنهم كَانُوا شجعانا أشداء وَلَكِن أَصْحَابك كَانُوا أَشد وأنجب وَمثله يزفر (سَقَيْناهُمُ كأسا سَقَوْنا بِمِثْلِهَا ... وَلَكنهُمْ كَانُوا على الْمَوْت أصبرا ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 - الْغَرِيب الْبيض جمع أَبيض وَهُوَ السَّيْف وَالْبيض جمع بَيْضَة وَهُوَ مَا يَجْعَل على الرَّأْس من الْحَدِيد الْمَعْنى يُرِيد أَنهم هزموا وَأَنه صرفهم عَمَّا أَرَادَ وبرق السيوف صَادِق لِأَنَّهُ تبعه سيلان الدَّم وبرق الْبيض خلب لِأَنَّهَا تبرق وَلَا تسيل الدَّم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن لمع السيوف صَادِق لِأَن السَّيْف إِذا ضرب بِهِ قطع وَبلغ الْبيض وبرق الْبيض لَا يصدق على السيوف لِأَنَّهُ لَا فعل للمع الْبيض فى السيوف فَشبه بالبرق الخلب الذى لَا مطر فِيهِ وَالْأول تَأْثِيره كالبرق الصَّادِق الذى فِيهِ الْمَطَر 40 - الْمَعْنى يُرِيد أَن سيوفك تعلم الخطباء الْخطْبَة بِاسْمِك فى الدُّعَاء يُرِيد أَنَّك أخذت الْبِلَاد بسيفك فَصَارَ كل خطيب بلد يخْطب بِاسْمِك وَقَالَ ابْن جنى لما رأى النَّاس مَا صنعت سيوفك بأعدائك أذغنوا بِالطَّاعَةِ فدعوا لَك على منابرهم رَغْبَة وَرَهْبَة 41 - الْمَعْنى يَقُول يُغْنِيك عَن نِسْبَة النَّاس إِلَى قبائلهم وعشائرهم أَن المكرمات انْتَهَت إِلَيْك وَنسب إِلَيْك وَإِن لم يكن لَك نسب فى الْعَرَب فَأَنت أصل فى المكارم وَهَذَا من قَول أَبى طَاهِر (خَلائقُه للمَكْرُمات مَناسبُ ... تَناهَى إِلَيْهَا كلُّ مَجْدٍ مُوَثَّلِ ... ) وَقَالَ الْخَطِيب لَيْسَ هَذَا مِمَّا يمدح بِهِ وَلَا سِيمَا الْمُلُوك لِأَنَّهُ أشبه بنفى النّسَب عَنهُ ثمَّ أَتَى بقول لَا يَصح مَعْنَاهُ يَقُول أى قبيل يسْتَحق أَن تنْسب إِلَيْهِ وَأَنت فَوق كل أحد 42 - الْمَعْنى يُرِيد أى أسرة تسْتَحقّ أَن تنْسب إِلَيْهَا وَأَنت فَوق كل أحد قَالَ الْخَطِيب هَذَا تهزؤ مِنْهُ وَقد كَانَ يَقُول لَو قلبت مدحى فِيهِ كَانَ هجاء 43 - الْإِعْرَاب فأطرب لم يكن فى مَوضِع عطف وَلَو كَانَ مَعْطُوفًا لفسد الْمَعْنى وَإِنَّمَا هُوَ جَوَاب تَقْدِيره كنت أَتَمَنَّى أَن أَرَاك فَأَفْرَح برؤيتك وأطرب الْمَعْنى قَالَ الواحدى هَذَا الْبَيْت يشبه الِاسْتِهْزَاء لِأَنَّهُ يَقُول طربت على رؤيتك كَمَا يطرب الْإِنْسَان على رُؤْيَة القرد وَمَا يستملحه مِمَّا يضْحك مِنْهُ قَالَ أَبُو الْفَتْح لما قَرَأت عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْت قلت لَهُ جعلت الرجل أَبَا زنة وهى كنية القرد فَضَحِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى المصراع الأول هجاء صَرِيح لَوْلَا الثانى يَقُول كأنى أذنبت ذَنبا بمدح غَيْرك والقوافى تعذلنى تَقول لم لم تقصر مدحك عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ همتى تلومنى فى مدح غَيْرك وَهَذَا من قَول حبيب (وهَلْ كُنْتُ إِلَّا مُذْنِبا يَِوْمَ أنْتَحى ... سِوَاكَ بآمالى فجِئْتُك تَائِبًا ... ) وَقَالَ الْخَطِيب لَيْسَ فى الْبَيْت هجاء وَمَعْنَاهُ أَن همته عذلته كَيفَ قنع بِغَيْرِهِ والقوافى لم صرفهَا فى مدح غَيره وَشهد لَهُ بذلك بَقِيَّة الْبَيْت 45 - الْمَعْنى أَنه يعْتَذر إِلَيْهِ فى مدحه غَيره وَلكنه يَقُول بعد الطَّرِيق بَيْننَا وَلم أزل يطْلب منى الشّعْر وأتكلف المديح وينهب كلامى 46 - الْمَعْنى يَقُول بلغ كلامى أقْصَى الشرق وأقصى الغرب يُرِيد أَنه انْتهى إِلَى حَيْثُ لَا شَرق لَهُ وَكَذَلِكَ فى الغرب وَهُوَ من قَول حبيب (فغرّبتُ حَتَّى لم أجِدْ ذِكْرَ مَشْرقٍ ... وشرّقتُ حَتَّى قد نَسِيت المَغاربا ... ) 47 - الْمَعْنى يَقُول إِذا قلت شعرًا لم يمْتَنع من وُصُوله إِلَيْهِ مدر وَلَا وبر فالجدار الْمُعَلَّى لأهل الْحَضَر والخباء لأهل الْوَبر يُرِيد أَن شعره قد سَار فى البدو والحضر وَأَنه قد عَم الأَرْض كَقَوْلِه (قَوَافٍ إِذا سِرْنَ مِنْ مِقولى ... وثَبن الجبالَ وخُضْنَ البِحارَا ... ) الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 - 1 - الْغَرِيب المنى جمع منية والقرون الذوائب وَاحِدهَا قرن وَمِنْه قَول قيس (وَهل مالَتْ عَلَيْك قُرون لَيْلى ... كمَيْلِ الأُقْحُوَانَةِ فى نداها ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يتَمَنَّى الشيب قَدِيما ليخفى شبابه بابيضاض شعره لِأَنَّهُ أوقر وَأجل فى الْعين وسمى الْبيَاض بالشيب خضابا لإخفاء السوَاد بِهِ كَمَا أَن السوَاد الذى يخفى الْبيَاض يُسمى خضابا الْإِعْرَاب منى نكرَة وهى مُبْتَدأ وَقد يُفِيد الِابْتِدَاء بالنكرة إِذا أخْبرت عَنْهَا بجملة تَتَضَمَّن أَسمَاء معرفَة كَقَوْلِك امْرَأَة خاطبتنى وَكَذَلِكَ إِن أخْبرت بظرف مُضَاف إِلَى معرفَة كَقَوْلِك رجل خَلفك قَالَ الْهُذيْل بن مجاشع (ونار الْقرى فوقَ اليَفاع ونارُهم ... مُخَبَّأةٌ نصب عَلَيْهَا وبرنس ... ) وَإِنَّمَا منع الِابْتِدَاء بالنكرة لِأَن النَّفس تنتبه بالمعرفة على طلب الْفَائِدَة وَإِذا كَانَ الْمخبر عَنهُ مَجْهُولا كَانَ الْمخبر حَقِيقا باطراح الإصغاء إِلَى خَبره لِأَنَّهُ لَا يعرف من أخبر عَنهُ وَشرط الْكَلَام إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ نكرَة أَن يتَضَمَّن الْخَبَر اسْما مُعَرفا أَو أَن يتَقَدَّم الْخَبَر كَقَوْلِك لزيد مَال لِأَن الْغَرَض فى كل خبر أَن يتَطَرَّق إِلَيْهِ بالمعرفة ويصدر الْكَلَام بهَا وَهَذَا مَوْجُود هَهُنَا لِأَنَّك وضعت زيدا مجرورا لِتُخْبِرَ عَنهُ بِأَن لَهُ مَالا قد اسْتَقر فقولك لزيد مَال فى تَقْدِير زيد ذُو مَال فالمبتدأ الذى هُوَ مَال هُوَ الْخَبَر فى الْحَقِيقَة ولزيد هُوَ الْمُبْتَدَأ فى الْمَعْنى وَقَوله (كن لى مُفِيد ... ) لِأَن فى ضمن الْخَبَر ضمير الْمُتَكَلّم وَهُوَ أعرف المعارف وَلَو قَالَ منى كن لرجل لم يحصل بذلك فَائِدَة لخلوه من اسْم معرف وَقَوله إِن الْبيَاض يحْتَمل الرّفْع وَالنّصب فالرفع على إِضْمَار ابْتِدَاء كَأَنَّهُ قَالَ أحدثهن أَن الْبيَاض لِأَنَّهُ قد أخبر أَن ذَلِك أَيَّام شبيبته بقوله (ليالى عِنْد الْبيض ... ) وَأما النصب فعلى إِضْمَار تمنيت لدلَالَة منى عَلَيْهِ كَمَا أَضمر نتبع فى قَوْله تَعَالَى {قل بل مِلَّة إِبْرَاهِيم} وَإِذا قيل إِن التمنى مِمَّا لم يثبت كالرجاء والطمع فَلَا يَقع على أَن الثَّقِيلَة لِأَنَّهَا للتحقيق فهى أشبه بِالْيَقِينِ وَإِنَّمَا يَقع التمنى وَمَا شاكله على أَن الْخَفِيفَة لِأَنَّهَا تخلص الْفِعْل للاستقبال فهى أشبه بالطمع والرجاء والتمنى من حَيْثُ تعلّقت هَذِه الْمعَانى بِمَا يتَوَقَّع وَمِنْه قَول لبيد (تَمَنّى ابْنَتَاىَ أنْ يَعيش أبُوهما ... وهَلْ أَنا إِلَّا مِن رَبيعة أَو مُضَرْ) قيل لَا يمْتَنع وُقُوع التمنى على أَن الثَّقِيلَة كَمَا لم يمْتَنع وُقُوع {وددت} عَلَيْهَا ووددت وتمنيت بِمَعْنى وَاحِد وفى التَّنْزِيل {وتودون أَن غير ذَات الشَّوْكَة} الْآيَة وَيجوز أَن يكون منى مَنْصُوبَة نصب الظروف وَالْجُمْلَة الَّتِى هى كن وَأَن وَاسْمهَا وخبرها نعت لَهَا فتتعلق أَن بِمَا قبلهَا كَأَنَّهُ قَالَ فى منى كن لى أى فى جملَة منى كَمَا قَالُوا أحقا أَنَّك ذَاهِب وأكبر ظنى أَنَّك مُقيم يُرِيدُونَ فى حق وفى أكبر وَإِذا أردْت معنى الظَّرْفِيَّة فى منى فلك فى أَن مذهبان فمذهب سِيبَوَيْهٍ والأخفش والكوفيين رفع أَن بالظرف وكل اسْم حدث يتقدمه ظرف يرْتَفع عِنْد سِيبَوَيْهٍ بالظرف ارْتِفَاع الْفَاعِل وَقد مثل ذَلِك بقوله (غَدا الرحيل ... وَالْحق أَنَّك ذَاهِب) قَالَ حملوه على فى حق أَنَّك ذَاهِب وَإِذا كَانَ هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَمن مَعَه فالمنية تقَارب الظَّن فَيحسن أَن تَقول أكبر مناى أَنَّك ذَاهِب فتنصب أكبر بِتَقْدِير فى وَأنْشد (أحَقًّا بَنى أبْناء سَلْمى بن جَنْدل ... تَهدُّدُكم إيَّاىَ وَسْط المَحافِلِ) وَالْمذهب الآخر مَذْهَب الْخَلِيل وَذَلِكَ أَنه يرفع أَسمَاء الْحَدث بِالِابْتِدَاءِ ويخبر عَنهُ بالظرف الْمُتَقَدّم حَكَاهُ عَنهُ سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَزعم الْخَلِيل أَن التهدد هُنَا بِمَنْزِلَة الرحيل فى غَدا وَأَن بِمَنْزِلَتِهِ وموضعها كموضعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 - الْإِعْرَاب ليالى نصب بِفعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ منى كَأَنَّهُ قَالَ تمنيت ذَلِك ليالى فوداى عِنْد النِّسَاء فتْنَة الْغَرِيب الفودان جانبا الرَّأْس يَمِينا وَشمَالًا الْمَعْنى يَقُول تمنيت ذَلِك ليالى كَانَ شعرى عِنْد النِّسَاء فتْنَة لسواده وَحسنه وَكن يفتخرن بوصلى وَذَلِكَ الْوَصْل عندى عيب لأنى أعف عَنْهُن وأزهد فِيهِنَّ وَإِنَّمَا أَتَمَنَّى الشيب لِأَن الشَّبَاب بادرة وَقَالَ (فَكيف أَذمّ ... . الخ ... ) 3 - الْمَعْنى يَقُول كَيفَ أَذمّ الشيب وَقد كنت أشتهيه وَكَيف أَدْعُو بِمَا إِذا أجبْت إِلَيْهِ شكوته وَالْمعْنَى لَا أَشْكُو الشيب انْتِهَاء وَقد دَعوته ابْتِدَاء وَقد احتذى فى هَذَا قَول ابْن الرومى (هىَ الأعينُ النُّجلْ الَّتِى كنتَ تَشْتكى ... مَوَاقِعَها فى الْقلب والرأسُ أسْوَدُ) (فَمَا لكَ تأسَى الآنَ لَمَّا رأيْتَها ... وَقد جَعلتْ تَرْمى سِواك تعمَّدُ) فَنقل نظر الْأَعْين إِلَى ذكر المشيب والشباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 - الْإِعْرَاب ارْتَفع اللَّوْن لِأَنَّهُ فَاعل كَمَا تَقول جلا الْقَوْم عَن مَنَازِلهمْ أى ارتحل الْقَوْم فيريد ارتحل الشَّبَاب بمجئ الشيب وَإِن شِئْت جعلت جلا بِمَعْنى كشف وَظهر وَيجوز نَصبه على أَن تجْعَل فى جلا ضميرا عَائِدًا على الشيب تَقْدِيره جلا الشيب اللَّوْن الْأسود وَقَوله (عَن لون ... ) أى من أجل لون كَمَا تَقول رَحل الْقَوْم عَن ضيقَة أى من أجل ضيقَة الْغَرِيب انجاب انْكَشَفَ وانجابت السحابة انكشفت والضباب مَا يصعد من الأَرْض إِلَى السَّمَاء مثل الدُّخان الْوَاحِد ضَبَابَة وَالْجمع الضباب وأضب يَوْمنَا صعد فِيهِ الضباب الْمَعْنى يُرِيد أَن الشيب كَانَ كامنا فى الشَّبَاب فَلَمَّا انْكَشَفَ عَنهُ بدا أى زَالَ وانكشف وَهدى كل مَسْلَك يعْنى لون الشيب فَإِنَّهُ يهدى صَاحبه إِلَى كل مَسْلَك من الرشد وَالْخَيْر وَشبه زَوَال سَواد الشَّبَاب عَن بَيَاض المشيب بارتفاع الضباب عَن ضوء النَّهَار 5 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يتَمَنَّى الشيب والشيب فِيهِ الضعْف وَالْعجز فَذكر أَن همته وعزيمته لَا تشيب وَلَا يُدْرِكهَا الْعَجز والضعف بشيب رَأسه وَلَو كَانَت الشعرات الْبيض الَّتِى فى وَجهه حرابا وَهَذَا من أحسن الْمعَانى وتلخيص الْكَلَام أَن همتى قَوِيَّة لَا تضعف 6 - الْإِعْرَاب أعده فى مَوضِع جزم جَوَاب الشَّرْط وَاخْتَارَ سِيبَوَيْهٍ فى المضاعف الرّفْع فى مَوضِع الْجَزْم وَقَرَأَ أهل الْكُوفَة وَابْن عَامر {لَا يضركم كيدهم شَيْئا} وَهُوَ فى مَوضِع جزم هَكَذَا فى جَوَاب الشَّرْط الْمَعْنى يُرِيد أَن كل ظفرى فقوة نفسى أعدهَا وَكَذَلِكَ نابها إِذا لم يبْق فى فمى نَاب وهما // استعارتان جيدتان // 7 - الْغَرِيب الكعاب بِفَتْح الْكَاف الْجَارِيَة حِين يَبْدُو الثدى لَهَا للنهود وَقد كعبت تكعب بِالضَّمِّ كعوبا وكعبت أَيْضا بِالتَّشْدِيدِ الْمَعْنى يَقُول إِن نفسى شَابة أبدا لَا يغيرها شئ وَإِن تغير جسمى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 - الْمَعْنى يَقُول إِذا خفيت الطَّرِيق على أصحابى فى ليل لاستتار النُّجُوم بالسحاب كنت لَهُم نجما يَهْتَدُونَ بى يُرِيد أَنه عليم بطرق الفلوات ويروى تهتدى صحبتى بِهِ 9 - الْغَرِيب يستفزنى أى يستخفنى ويحركنى والإياب الرُّجُوع الْمَعْنى إِنَّه كل الْبِلَاد عِنْده سَوَاء فَإِذا سَافر عَن وَطن لَا يشوقه الإياب إِلَيْهِ لِأَنَّهُ مستغن بِالسَّفرِ عَنهُ 10 - الْإِعْرَاب جَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف للْعلم بِهِ تَقْدِيره سرت وَركبت وَالْفَاء فى قَوْله ففى جَوَاب الشَّرْط الْمُقدر تَقْدِيره وَإِن لم تسَامح ففى أكوارهن الْغَرِيب الذملان والذميل ضرب من السّير وَإِذا ارْتَفع السّير عَن الْعُنُق قَلِيلا فَهُوَ التزيد وَإِذا ارْتَفع قَلِيلا فَهُوَ الذميل ثمَّ الرسيم ذمل يذمل ويذمل بِضَم الْمِيم وَكسرهَا ذميلا وذملانا الْمَعْنى يَقُول أَنا غنى عَن سير الْإِبِل فَإِن سامحت بالسير سرت عَلَيْهَا وَإِلَّا فَأَنا كالعقاب الْمَعْنى لَا حَاجَة لَهُ إِلَى أَن يحمل يُرِيد أَنى أقطع المفاوز على قدمى 11 - الْغَرِيب اليعملات النوق الَّتِى يعْمل عَلَيْهَا فى الْأَسْفَار وَلَا يُقَال فى الذُّكُور ولعاب الشَّمْس مَا يتدلى مِنْهَا فى الْحر يرَاهُ الرجل مثل الْخَيط وَالْمُسَافر يرى الشَّمْس فى الظهيرة قد دنت من رَأسه وتدلت لَهَا خيوط فَوق رَأسه قَالَ الراجز (وذَابَ للشَّمْس لُعابٌ فَنزَلْ ... ) وَقَالَ الْكُمَيْت (يُصَافحْن خَدّ الشَّمس كلَّ ظهيرةٍ ... إِذا الشَّمسُ فوْقَ البيد ذاب لُعابُها) الْمَعْنى يُرِيد أَنه يعطش وَلَا يطْلب المَاء تصبرا وحزما حِين يحمى حر الشَّمْس كَقَوْلِه (وأصْبر عَنْهَا مثل مَا تصبر الرُّبُد ... ) وَمعنى الْبَيْت من قَول الطائى (جديرٌ أَن يَكرَّ الطرَّف شزْرا ... إِلَى بعض الموَارِد وَهْوَ صادِى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 - الْغَرِيب يفضى يُقَال أفْضى يُفْضِي إِذا وصل إِلَى الشئ قَالَ الله تَعَالَى {وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} الْمَعْنى يُرِيد أَنه يكتم السِّرّ فيضعه بِحَيْثُ لَا يبلغهُ النديم وَلَا يصل إِلَيْهِ الشَّرَاب مَعَ تغلغله فى الْبدن وَمثله قَول الشَّاعِر (تغَلغَل حُبُّ عَثْمَة فى فُؤادى ... فَبادِيه مَع الخافى يَسيرُ) (تغَلغَل حيثُ لم يَبْلُغْ شَرابٌ ... وَلَا حُزْنٌ وَلم يبلُغْ سُرُور) 13 - الْغَرِيب الخود الْجَارِيَة الناعمة الْجمع خود مثل لدن ولدن فى الرماح وتجاب تقطع والفلاة الأَرْض المنقطعة الْبَعِيدَة عَن المَاء وَالْجمع فلوات الْمَعْنى يُرِيد أَنه يصحب الْمَرْأَة الْحَسَنَة مُدَّة يسيرَة ثمَّ يُسَافر عَنْهَا يقطع فلاة إِلَى غَيرهَا لَا إِلَيْهَا 14 - الْغَرِيب الْغرَّة الاغترار وَهُوَ مصدر والغرور والغر الذى لم يجرب الْأُمُور وَيَقَع على الْمُذكر والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد وَجَارِيَة غرَّة وغريرة بَيِّنَة الغرارة وَلَيْسَ من الدَّلال الْمَعْنى يَقُول الْعِشْق اغترار وخداع وطمع فى الْوَصْل وَيُرِيد أَن الْقلب يشتهى أَولا وتتبعه النَّفس إِذا جعلت النَّفس غير الْقلب وَإِن جعلت النَّفس هى الْقلب قلت فيصاب بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تحتهَا وَالْمعْنَى أَن الْقلب يُوقع نَفسه فى الْبلَاء بتعرضه لذَلِك 15 - الْغَرِيب الغوانى جمع غانية قيل هى الَّتِى تقيم فى بَيت أَبِيهَا من غنى بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ وَقيل الَّتِى غنيت بجمالها عَن التجمل بالحلى وغبره وَقيل الَّتِى غنيت بزوجها عَن غَيره وَقيل هى الشَّابَّة والرمية هى الطريدة الَّتِى ترمى الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد لست مِمَّن يصبو إِلَى الغوانى واللعب بالشطرنج لِأَنَّهُ روى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة جمع رخ وَقَالَ ابْن فورجة رادا عَلَيْهِ البنان ركاب الْقدح وَأما الرخ فالبنان راكبة لَهُ فى حَال حمله وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كلمة أَعْجَمِيَّة لم تستعملها الْعَرَب القدماء وَلَا الفصحاء والتنزه عَن شرب الْخمر أليق بالتنزه عَن الْغَزل من اللّعب بالشطرنج وَقَالَ غَيره قلبى لَا تصيبه النسوان بسيوف ألحاظهن لأنى لَا أميل إلَيْهِنَّ فإنى لست غزلا زيرا أَنا عزهاة عزوف النَّفس عَنْهُن وَلَا أحب الْخمر ومعاقرتها فبنانى لَا يركبهَا الزّجاج لأنى لَا أحمل كأس الْخمر بيدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 - الْغَرِيب اللعاب الملاعبة يُقَال لعب يلْعَب ملاعبة وَلَعِبًا ولعابا وَرجل تلعابة كثير اللّعب بِكَسْر التَّاء والتلعاب بِالْفَتْح الْمصدر الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد قصر نَفسه على الْجد فى طعان الْأَعْدَاء فَيَقُول (تركنَا مَا تشتهيه النُّفُوس من الملاهى ... ولهونا بالطعن بِالرِّمَاحِ عَن كل لَذَّة) 17 - الْغَرِيب نصرفه يُرِيد القنا أى ننقله من حَال إِلَى حَال والحواذر الَّتِى تحذر الطعْن وَقيل لَا تحذر هَذِه الطعْن لِأَنَّهَا معودة هَذِه رِوَايَة ابْن جنى وَهَذَا قَوْله قَالَ الواحدى وروى على بن حَمْزَة خوادر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة كَأَنَّهَا أَصَابَهَا الخدر لما يلْحقهَا من التَّعَب والجراحات قَالَ // وَرِوَايَة ابْن جنى ضَعِيفَة // لِأَنَّهُ قَالَ فى آخر الْبَيْت قد انقصفت وَكَيف يصفها بالحذر وَقد وصفهَا بانكسار الرماح فِيهَا وروى الواحدى حوادر وَقَالَ خيل غِلَاظ سمان والكعاب والكعوب هى النواشز فى أَطْرَاف الأنابيب الْمَعْنى يُرِيد إننا ننقل القنا من حَال إِلَى حَال فَوق خيوط غِلَاظ سمان على رِوَايَة من روى بِالدَّال الْمُهْملَة أَو على خُيُول حواذر من الطعْن لِأَنَّهَا قد تعودت الطعْن وَقد تَكَسَّرَتْ الرماح فِيهَا وَمن روى بِالْخَاءِ يُرِيد قد تعبت من كَثْرَة الطعْن وَيجوز على رِوَايَة ابْن جنى أَن يكون حواذر تميل عَن الطعْن وتحذره بِكَثْرَة مَا قد طوعن عَلَيْهَا فقد عرفت كَيفَ تحيد عَن الطعْن وَقَوله قد انقصفت فِيهِنَّ من الطعْن كعاب يجوز أَن يكون فى أول مَا طوعن عَلَيْهَا وهى فى غرَّة من الطعْن فَلَمَّا كثر الطعان عَلَيْهَا وألفته صَارَت تحذره وتبطله بميلها عَنهُ وَيجوز أَن يكون تحذر الطعْن وتحيد عَنهُ وَمن كَثْرَة الفرسان الَّذين يقاتلونها يُصِيبهَا من الطعْن قَلِيل وتسلم لحذرها من طعن كثير 18 - الْغَرِيب الدنئ جمع دنيا والسابح من الْخَيل الشَّديد الجرى فَكَأَنَّهُ يسبح فى جريه الْمَعْنى أَنه جعل السرج أعز مَكَان لِأَنَّهُ يبلغ عَلَيْهِ مَا يُرِيد من لِقَاء الْمُلُوك وَمن محاربة الْأَعْدَاء ويهرب عَلَيْهِ من الضيم وَاحْتِمَال الْأَذَى فِيهِ فَيدْفَع عَن نَفسه الشَّرّ وَعَلِيهِ يصل إِلَى الْخَيْر وَأما الْكتاب فانه يقص عَلَيْهِ أنباء الماضين وَلَا يحْتَاج لَهُ إِلَى تكلّف وَلَا يحْتَاج أَن يتحفظ مِنْهُ سرا وَغَيره وَهَذَا كَقَوْل أَبى الْحسن بن عبد الْعَزِيز (مَا تَطَعَّمْتُ لَذَّةَ العَيْشِ حَتَّى ... صِرْتُ فى وَحدتى لكُتْبى جَلِيسا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح وبحر خفضا عطفه على جليس أى خير جليس وَخير بَحر وَمن رَفعه عطفه على كتاب أى خير جليس الْكتاب وَهَذَا الممنوح وَقيل بل هُوَ خبر مقدم على الْمُبْتَدَأ تَقْدِيره أَبُو الْمسك الخضم بَحر الْغَرِيب الخضم الْكثير المَاء والزخر تراكب المَاء وعباب الْبَحْر شدته وقوته وَقيل تراكم أمواجه وَقيل لجته ومعظمه الْمَعْنى يُرِيد وَخير جليس أَو خير من يقْصد إِلَيْهِ أَبُو الْمسك الْبَحْر الذى أوفى على كل بَحر جودا لِأَنَّهُ بَحر خضم كثير الْعَطاء كَقَوْل بشار (دَعانى إِلَى عُمَرٍ جُودُه ... وقَوْلُ العَشِيرَةِ بَحْرٌ خِضَمّ) 20 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ أجل من كل من يثنى عَلَيْهِ فَإِذا بولغ فى حسن الثَّنَاء عَلَيْهِ اسْتحق قدره فَوق ذَلِك فَيصير ذَلِك الثَّنَاء الْحسن كَأَنَّهُ عيب لقصوره عَن اسْتِحْقَاقه فى قدره ورتبته فَهَذَا كَقَوْل البحترى (جَلّ عَن مَذْهب المَديح فقد كَا ... د يكون المَدِيحُ فِيهِ هِجاءَ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا من الْمَدْح الذى كَاد أَن يَنْقَلِب لإفراطه هجوا وَهَذَا ضد قَول أَبى نواس (وكلُّهم أثْنوا وَلم يعلمُوا ... علَيكَ عندى بالَّذى عابُوا) وَالْبَيْت من أحسن الْمَدْح وَهُوَ نقل بَيت أبي عبَادَة البحتري 21 - الْغَرِيب عنوا خضعوا وذلوا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وعنت الْوُجُوه للحي القيوم} الْمَعْنى شبهه بِالسُّيُوفِ وأعداءه بالرقاب وَأَرَادَ أَنهم لم يَجدوا طَرِيقا إِلَى غلبته فخضعوا لَهُ وانقادوا كَمَا غالبت الرّقاب السيوف 22 - الْإِعْرَاب إِلَّا الْحَدِيد اسْتثِْنَاء مقدم كَقَوْل الْكُمَيْت (وَمالىَ إِلَّا آلَ أحمدَ شيعةٌ ... ومالىَ إِلَّا مذهبَ الحقّ مذهَبُ) وَقَالَ ابْن فورجة لَيْسَ هَذَا على مَا توهمه العروضى وَلَيْسَ المصون الْحَدِيد وَإِنَّمَا انتصب على أَنه مفعول يصن على تَقْدِير مَحْذُوف وَهُوَ إِذا لم يصن الْأَبدَان ثِيَاب إِلَّا الْحَدِيد فَلَمَّا قدم الْمُسْتَثْنى نَصبه الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا لبست الْأَبْطَال الثباب فَوق الْحَدِيد خشيَة واستظهارا فَذَلِك الْوَقْت أَشد مَا يكون تبذلا لِلطَّعْنِ فَجعل الثِّيَاب تصون الْحَدِيد فَرد عَلَيْهِ العروضى وَقَالَ أَظن أَبَا الْفَتْح يَقُول قبل أَن يتدبر وَإِنَّمَا المتنبى جعل الصون للحديد لَا للثياب يُرِيد إِذا لم يصن الْأَبدَان ثِيَاب إِلَّا الْحَدِيد يعْنى الدروع وَإِنَّمَا يُرِيد النفى لِأَنَّهُ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَأَشد بَين الْكُمَيْت الذى أنشدناه وَمعنى الْبَيْت أَكثر مَا يلقى هَذَا الممدوح فى الْحَرْب باذلا نَفسه لم يحصنها بدرع كَمَا تفعل الْأَبْطَال وَذَلِكَ لشجاعته وإقدامه فَهُوَ لَا يتوقى الْحَرْب بالدرع كَقَوْل الْأَعْشَى (وَإِذا تكونُ كَتِيبة ملْمومة ... شَهْباء يخْشَى الرّائدون نِهالها) (كنتَ المقدَّم غيرَ لابس جُنَّة ... بالسَّيْف تضرب مُعْلِما أبطالها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 - الْإِعْرَاب انتصب الْأَمَام على الظّرْف وصدرا انتصب على التَّمْيِيز وَقَوله رماء مصدر راميته رماء الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أوسع مَا يكون صدر إِذا تقدم فى أول الكتيبة يضْرب بِالسَّيْفِ وَأَصْحَابه من وَرَائه بَين طَاعن ورام قَالَ ابْن فورجة جعل أَبُو الْفَتْح الرُّمَاة من أَصْحَاب الممدوح وَلَيْسَ فى هَذَا مدح لِأَن كل أحد إِذا كَانَ خَلفه من يرْمى ويطعن من أَصْحَابه فصدره وَاسع وَقَلبه مطمئن وَإِنَّمَا أَرَادَ خَلفه رماء وأمامه طعن من أعدائه وَالْمعْنَى إِذا كَانَ فى مضيق الْحَرْب وَقد أحَاط بِهِ الْعَدو من كل جَانب لم يضجر وَلم يضق صَدره 24 - الْمَعْنى يُرِيد إِذا أَرَادَ أمرا يغْضب الْمُلُوك فَحِينَئِذٍ أمره أنفذ مَا يكون لطاعتهم لَهُ فَلَا يمْتَنع حكمه من النَّفاذ لأَنهم لَا يقدرُونَ على خِلَافه فأنفذ مَا يكون حكمه فِيمَا خَالف فِيهِ الْمُلُوك فَإِن قيل فَهَل يكون أمره فى وَقت أنفذ من وَقت قيل إِنَّمَا يتَبَيَّن نَفاذ الْأَمر فى هَذِه المواطن فَلذَلِك قَالَ هَذَا 25 - الْمَعْنى يُرِيد لَو لم يطعه النَّاس رَغْبَة وَرَهْبَة لأطاعوه محبَّة لما فِيهِ من الْفضل لأَنهم يطيعونه لاستحقاقه الطَّاعَة لفضله لَا لرجاء جوده وَلَا لخوف عِقَابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 - الْإِعْرَاب أيا أسدا هُوَ نِدَاء مُنكر ينْتَصب بِفعل مُضْمر وَلَو رفع وَنون لَكَانَ أَجود لِأَنَّهُ خصصه كَمَا قَالَ الشَّاعِر (يَا مطر ... ) والنكرات إِذا خصصت كَانَ حكمهَا فى النداء كَحكم الْمُفْرد الْعلم قَالَ الله تَعَالَى {يَا جبال أوبي مَعَه} فَلَمَّا خصصها بالنداء كَانَ حكمهَا حكم الْعلم الْمُفْرد وَالطير من رَفعه جعله عطفا على الْجبَال وَمن نَصبه وَهُوَ الْمَشْهُور فَلهُ ثَلَاثَة أوجه الأول أَن يكون عطفا على مَوضِع الْجبَال لِأَنَّهَا فى مَوضِع نصب الثانى أَن يكون الْوَاو بِمَعْنى مَعَ الثَّالِث أَن يكون مَفْعُولا عطفا على مَا قبله وَهُوَ قَوْله {آتَيْنَا دَاوُد منا فضلا} وَآتَيْنَاهُ الطير وَاخْتلف البصريون وأصحابنا الْكُوفِيُّونَ فى المنادى فَقَالَ البصريون هُوَ مبْنى على الضَّم وموضعه النصب لِأَنَّهُ مفعول وَقَالَ أَصْحَابنَا بل هُوَ مُعرب مَرْفُوع بِغَيْر تَنْوِين وَحجَّتنَا أَنا وَجَدْنَاهُ لَا يَصْحَبهُ ناصب وَلَا رَافع وَلَا خافض ووجدناه مَفْعُولا فى الْمَعْنى وَلم نخفضه لِئَلَّا يشْتَبه بالمضاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وَلم ننصبه لِئَلَّا يشبه مَا لَا ينْصَرف فرفعناه بِغَيْر تَنْوِين ليَكُون بَينه وَبَين مَا هُوَ مَرْفُوع برافع صَحِيح فرق وَأما الْمُضَاف فنصبناه لأَنا وجدنَا أَكثر الْكَلَام مَنْصُوبًا فحملناه على وَجه من النصب لِأَنَّهُ أَكثر اسْتِعْمَالا من غَيره وَحجَّة الْبَصرِيين على أَنه لَيْسَ بمعرب بل هُوَ مبْنى وَإِن كَانَ يجب فى الأَصْل أَن يكون معربا أَنه أشبه كَاف الْخطاب وهى مَبْنِيَّة فَكَذَلِك مَا أشبههَا من هَذِه الْأَوْجه فَوَجَبَ أَن يكون مَبْنِيا وَوجه آخر وَهُوَ أَنه وَقع موقع اسْم الْخطاب لِأَن الأَصْل فى قَوْلك يَا زيد يَا إياك وَيَا أَنْت لِأَن منادى لما كَانَ مُخَاطبا كَانَ ينبغى أَن يسْتَغْنى عَن ذكر اسْمه وَيُؤْتى باسم الْخطاب فَيَقُول يَا إياك وَيَا أَنْت فَلَمَّا وَقع الِاسْم المنادى موقع الْخطاب وَجب أَن يكون مَبْنِيا كَمَا أَن اسْم الْخطاب مبْنى قَالُوا وبنيناه على الضَّم لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنه لَا يخلوا إِمَّا أَن يبنئ على الْفَتْح أَو الْكسر أَو الضَّم بَطل أَن يبْنى على الْفَتْح لِأَنَّهُ كَانَ يلتبس بِمَا لَا ينْصَرف وَبَطل أَن يبْنى على الْكسر لِأَنَّهُ كَانَ يلتبس بالمضاف إِلَى النَّفس وَإِذا بَطل أَن يبْنى على الْفَتْح وَالْكَسْر وَجب أَن يبْنى على الضَّم وَالْوَجْه الآخر أَنه يبْنى على الضَّم فرقا بَينه وَبَين الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِن كَانَ مُضَافا إِلَى النَّفس كَانَ مكسورا وَإِن كَانَ مُضَافا إِلَى غَيرهَا كَانَ مَنْصُوبًا فَبنى على الضَّم لِئَلَّا يلتبس بالمضاف وَقُلْنَا إِنَّه مفعول لِأَنَّهُ فى مَوضِع نصب لِأَن تَقْدِير يَا زيد أَدْعُو زيدا وأنادى زيدا فَلَمَّا قَامَت يَا مقَام أدعوا عملت عمله فدلت على أَنَّهَا قَامَت مقَامه من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنَّهَا تدْخلهَا الإمالة نَحْو يَا زيد والإمالة لَا تدخل الْحُرُوف وَإِنَّمَا تدخل الِاسْم وَالْفِعْل والثانى أَن لَام الْجَرّ تعلق بهَا نَحْو يَا لزيد وَيَا لعَمْرو فَإِن هَذِه اللَّام لَام الاستغاثة وهى حرف جر فَلَو لم تكن قد قَامَت مقَام الْفِعْل لما جَازَ أَن يتَعَلَّق بهَا حرف الْجَرّ لِأَن الْحَرْف لَا يتَعَلَّق بالحرف وَقَوله {أرواحهن كلاب} يُرِيد أَرْوَاح كلاب فَحذف الْمُضَاف الْغَرِيب الضيغم من أَسمَاء الْأسد وأصل الضيغم العض وضغمه عضه الْمَعْنى يَقُول أَنْت أَسد وهمتك همة الْأسود والأسد يُوصف بعلو الهمة لِأَنَّهُ لَا يَأْكُل إِلَّا من فريسته وَلَا يَأْكُل مِمَّا افترس غَيره وَقد قَالَ الشَّاعِر (وكانُوا كأنْفِ اللَّيْث لَا مَاشَمّ مرَعما ... وَلَا نَالَ قطُّ الصَّيدَ حَتَّى يُعفِّرا) يعْنى أَنه لَا يطعم إِلَّا مَا صَاده بِنَفسِهِ وَقَوله (وَكم أَسد أرواحهن ... ) يُرِيد كم من أَسد خَبِيث دنئ النَّفس وَأَنت أَسد من كل الْوُجُوه لِأَنَّك رفيع الهمة طيب النَّفس شُجَاع وَهَذَا مثل ضربه لسَائِر الْمُلُوك وَأَنت أَعلَى الْمُلُوك همتك عالية كهمة الْأسود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّهْر لَا يقدر على أَن ينقصهُ حَقه لِأَنَّهُ يغلبه وَيحكم عَلَيْهِ وَمثل هَذَا الممدوح يهاب وَيُعْطى حَقه قَالَ (لنا عِنْد هَذَا الدَّهْر ... . الخ ... ) 28 - الْغَرِيب يلطه يجحده ويمطله وَأَصله لططت حَقه إِذا جحدته وَقَالُوا فِيهِ تلطيت لأَنهم كَرهُوا فِيهِ اجْتِمَاع ثَلَاث طا آتٍ فأبدوا من الطَّاء الْأَخِيرَة يَاء كَمَا قَالُوا من اللعاع وألطه على أى أَعَانَهُ أَو حمله على أَن يلط حقى يُقَال مَالك تعينه على لططه الْمَعْنى يَقُول لنا عِنْد هَذَا الزَّمَان حق يدافعنا ويمطلنا وَلَا يَقْضِيه وَقد طَال العتاب مَعَه فَلم يعتب وَلم يرض بِقَضَاء الْحق 29 - الْغَرِيب الشيمة الْعَادة واليباب الخراب الذى لَيْسَ بِهِ أحد وَأنْشد أَبُو زيد (قد أصبحَتْ وحوْضُها يَبابُ ... كأنَّها ليسَ لهاَ أرْبابُ) الْمَعْنى يَقُول إِن الْأَيَّام قد تتْرك عَادَتهَا عنْدك من قصد ذوى الفضول لحصولهم فى ذِمَّتك وجوارك والأوقاف تصير لَهُم عامرة بمطلوبهم عنْدك وَالْمعْنَى إِن أظفرتنى الْأَيَّام بمطلوبى عنْدك فَلَا عجب فَإِن الْأَيَّام تحدث عَادَة غير عَادَتهَا خوفًا مِنْك وهيبة فَلَا تقصد الْأَيَّام عنْدك مساءتى 30 - الْغَرِيب القراب قرَاب السَّيْف والسكين وَهُوَ الغشاء الذى يكون فِيهِ الْمَعْنى يَقُول أَنْت الْملك وَالْملك سَوَاء فَحَيْثُ كنت فَأَنت ملك لِأَن نَفسك تعلو همتها فتقضى بتملكك وَالْملك زِيَادَة بعد ذكرنَا لَك وَجعله كالنصل وَالْملك لَهُ كالقراب يُرِيد قد تغشاك وضمك الْملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 - الْغَرِيب الشوب الْخَلْط شبت الشئ أشوبه فَهُوَ مشوب أَي مخلوط الْمَعْنى يَقُول عينى قريرة بقربى مِنْك لحُصُول مرادى وَإِن كَانَ هَذَا الْقرب مخلوطا بالبعاد عَن الأحباب والأوطان 32 - الْمَعْنى يَقُول لَا ينفعنى وصولى إِلَيْك غير مُمْتَنع من الحجابة والذى أؤمله مِنْك مَحْجُوب عَنى وَهَذَا كُله يَقْتَضِيهِ بالعطاء 33 - الْإِعْرَاب انتصب حب لِأَنَّهُ مفعول لَهُ وَهُوَ مصدر كَأَنَّهُ يَقُول الْحبّ مَا خف أى لإيثارى التَّخْفِيف وروى يكون بِالنّصب وَالرَّفْع فالنصب على إِعْمَال كى وَالرَّفْع على ترك إعمالها وَمن نصب فقد أعمل كَقِرَاءَة الْحَرَمَيْنِ وَعَاصِم وَابْن عَامر {وَحَسبُوا أَن لَا تكون فتْنَة} وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحَمْزَة والكسائى بِرَفْع يكون جعلوها المخففة من الثَّقِيلَة وَدخلت لَا بَينهمَا وَبَين الْفِعْل عوضا الْمَعْنى إنى أقل السَّلَام وآخذ مَا خف أى مَا يحب وأسكت حى لَا أكلفكم جَوَابا أى حَتَّى لَا تحتاجون إِلَى الْإِجَابَة وَيُقَال جاوبته جَوَابا وَإجَابَة وجيبة ومجوبة 34 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يتَرَدَّد فى نفسى حاجات لَا أذكرها وَأَنت فطن ففطنتك تدلك عَلَيْهَا وسكوتى عَنْهَا يقوم مقَام الْبَيَان عَنْهَا كَمَا قَالَ أُميَّة بن أَبى الصَّلْت (أأذكُرُ حاجتى أم قد كَفانى ... حياؤك إنَّ شِيمتَك الحَياءُ) (إِذا أثْنى عليْكَ المرْءُ يَوْما ... كَفاهُ مِنْ تعرُّضه الثَّناءُ) وكقول أَبى بكر الخوارزمى 1 (وَإِذا طلبت إِلَى كرِيمٍ حاجَةً ... فلِقاؤُه يَكْفِيكَ والتَّسْلِيمُ) (فَإِذا رآك مُسَلِّما عَرَف الَّذى ... حَمَّلته فكأنَّه مَلْزوم) وَقَالَ حبيب (وَإِذا الجُودُ كَانَ عَوْنى على المَرْ ... ءِ تقاضَيته بترْكِ التَّقاضى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 - الْغَرِيب الرِّشْوَة بِضَم الرَّاء وَكسرهَا 1 وَهِي مَا يوخذ على حكم معِين وَجَمعهَا رشا ورشا ورشاه رشوا وارتشى أَخذ الرِّشْوَة واسترشى طلب الرِّشْوَة وهى سَبَب لِأَن الأَصْل الرشاء وَهُوَ الْحَبل لِأَنَّهَا سَبَب يتَعَلَّق بِهِ ويلتزم بِهِ عِنْد الْآخِذ لَهَا الْمَعْنى أَنه استدرك على نَفسه هَذَا العتاب فَقَالَ مَا أطلب مِنْك رشوة على حبى لَك لِأَن الْحبّ الذى يطْلب عَلَيْهِ ثَوَاب ضَعِيف ثمَّ ذكر فى الْبَيْت الذى بعده مَا أَزَال بِهِ عَنهُ الظنة وَذكر سَبَب طلبه 36 - الْمَعْنى يُرِيد لم أطلب مَا طلبت إِلَّا أَنى أُرِيد أَن أذلّ عواذ لى اللاتى عذلننى فِيك وفى قصدى إِلَيْك أننى كنت مصيبا وَأَنَّك تحسن إِلَى وتقضى حق زيارتى 37 - الْمَعْنى وَأَرَدْت أَن أعلم قوما طلبُوا مُلُوك الشرق وغربت أَنا فى قصدك طلبت الغرب إِلَيْك أَنى قد ظَفرت وَبَلغت آمالى مِنْك وَقد خابوا بقصدهم سواك وَهَذَا من قَول البحترى (وأشْهَدُ أنِّى فى اختياريك دونهمْ ... مُؤدِّى إِلَى حَظِّى ومتَّبع رُشْدى) 38 - الْمَعْنى يَقُول الْخلف جَار فى كل شئ إِلَّا فى انفرادك عَن الأقران والأشكال أَنَّك أَسد والملوك ذئاب وَهَذَا من قَول الطائى (لَوْ أنَّ إجماعَنا فى فَضْلِ سُؤْدُده ... فى الدّين لم يَخْتَلِف فى المِلَّة اثْنان) وَقَالَ البحترى (وأرَى النَّاسَ مُجْمِعِينَ عَلى فَضْلكَ ... مِنْ بينِ سَيِّدٍ وَمَسُودِ) 39 - الْمَعْنى يَقُول إِذا قَالَ الْقَارئ والملوك ذئاب مَا أَخطَأ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَعْنَى وهم كَذَلِك يُرِيد جرى الْخلف إِلَّا فى انفرادك وَأَنَّك إِن قويست بغيرك من الْمُلُوك حَتَّى لَو صحف الْقَارئ مَا وصفت بِهِ الْمُلُوك وَهُوَ أَنهم عنْدك كالذئاب عِنْد الْأسد فَقَالَ ذُبَاب لم يُخطئ فى تصحيفه لِأَن الْأَمر كَذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 - الْإِعْرَاب كَذَّاب مصدر قَالَ الشَّاعِر (فصدقتُها وكذبتُها ... والمَرْءُ يَنفَعُهُ كذابه) وَقَرَأَ الكسائى {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا كذابا} بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ مصدر كَقَوْلِك قَاتل قتالا يُقَال كذب كذبا وكذبا فَهُوَ كَاذِب وَكَذَلِكَ كَذَّاب وكذوب وكيذبان ومكذبان ومكذبانة وكذبة مثل همزَة وكذبذب مخفف وَقد يشدد قَالَ جريبة بن الأشيم (وَإِذا سمِعْتَ بأننى قد بِعْتكُمْ ... بوِصالِ غانية فَقل كذُّبْذُبُ) وَالْكذب جمع كَاذِب مثل رَاكِع وَركع وَالْكذب جمع كذوب مثل صبور وصبر وَقَرَأَ الْحُسَيْن {وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب} فَجعله نعتا للألسنة الْمَعْنى يَقُول النَّاس يمدحون بِمَا هُوَ حق وباطل ومدحك حق لَيْسَ فِيهِ كذب بل هُوَ حق لَا يشوبه بَاطِل وَهَذَا كَقَوْل حبيب (لما كَرُمْتَ نَطَقْتُ فِيكَ بمَنْطِقٍ ... حَقّ فَلَمْ آثَمْ وَلمْ أتَحَوّبِ) (وَإِذا مدحتُ سِواكَ كنتُ مَتى يَضِقْ ... عَنَّى لَهُ صِدْقُ المَقالَةِ أكْذِبِ) 41 - الْمَعْنى يُرِيد إِذا كَانَ لى مِنْك الْمحبَّة فَالْمَال هَين لَيْسَ بشئ الْمحبَّة الأَصْل وكل مَا على وَجه الأَرْض فأصلحه مِنْهَا يعْنى من التُّرَاب وَيصير إِلَى التُّرَاب 42 - الْغَرِيب المُهَاجر هُوَ الذى يهجر منزله وعشريته وَمِنْه الْمُهَاجِرُونَ هجروا أهلهم وعشائرهم وَهَاجرُوا إِلَى الله وَرَسُوله قَالَ تَعَالَى {وَمن يخرج من بَيته مهَاجر إِلَى الله وَرَسُوله} وصحاب جمع صحب كأهب وإهاب الْمَعْنى لَوْلَا أَنْت لَكَانَ كل بلد بلدى وكل أهل أهلى وَلَوْلَا أَنْت لم أقِم بِمصْر فَإِن جَمِيع النَّاس والبلاد فى حقى سَوَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 - الْإِعْرَاب حَبِيبَة مُبْتَدأ وَالْجَار وَالْمَجْرُور الْمُقدم عَلَيْهِ خَبره وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هى لى حَبِيبَة الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك السُّلْطَان وَالسُّلْطَان هُوَ الدُّنْيَا يُرِيد أَنْت جَمِيع الدُّنْيَا فَإِن ذهبت عَنْك عدت إِلَيْك فَإِن الحى لابد لَهُ من الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 - 1 - الْغَرِيب الجرذ الذّكر من الفأر والمستغير الذى يطْلب الْغَارة على مَا فى الْبيُوت الْمَعْنى يَقُول لقد أصبح هَذَا الجرذ الذى كَانَ يُغير على مَا فى الْبيُوت من المطعوم وَغَيره قد أسرته المنايا وصرعه العطب والهلاك 2 - الْغَرِيب تلاه صرعاه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا أسلما وتله للجبين} الْمَعْنى يُرِيد أَن هذَيْن الرجلَيْن صاداه وقتلاه وهما من عَامر بن لؤى وَالْآخر من بنى كنَانَة فعلا بِهِ كَمَا تفعل الْعَرَب بالقتيل 3 - الْإِعْرَاب ذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن كلا وكلتا فيهمَا تَثْنِيَة لفظية ومعنوية فَأصل كلا كل فخففت اللَّام وزيدت الْألف للتثنية وزيدت التَّاء فى كلتا للتأنيث وَالْألف فيهمَا كالألف فى قَوْلك الزيدان وحذفت نون التَّثْنِيَة مِنْهُمَا للزومهما الْإِضَافَة وَذهب البصريون إِلَى أَن فيهمَا إفرادا لفظيا وتثنية معنوية وَالْألف فيهمَا كألف رَحا وعصا وَحجَّتنَا النَّقْل وَالْقِيَاس فالنقل قَول الشَّاعِر (فى كِلْتَ رِجْلَيْهَا سُلامى واحده ... كِلْتاهُما مَقْرونة بزائده) فإفراده كلت يدل على أَن كلتا تَثْنِيَة وَالْقِيَاس أَنَّهَا تنْقَلب إِلَى الْيَاء جرا ونصبا إِذا أضيفت إِلَى الْمُضمر نَحْو رَأَيْت الرجلَيْن كليهمَا وَرَأَيْت الْمَرْأَتَيْنِ كلتيهما ومررت بكلتيهما فَلَو كَانَت الْألف فى آخرهَا كألف عَصا ورحا لم تنْقَلب كَمَا لم تنْقَلب ألفاهما نَحْو رَأَيْت عصاهما ومررت برحاهما فَلَمَّا انقلبت الْألف فيهمَا انقلاب ألف الزيدان دلّ على أَن تثنيتهما لفظية ومعنوية وَحجَّة الْبَصرِيين أَنَّهَا تَارَة يرد إِلَيْهَا مُفردا حملا على اللَّفْظ وَتارَة مثنى حملا على الْمَعْنى فَرد الضَّمِير مُفردا قَوْله تَعَالَى {كلتا الجنتين آتت أكلهَا} وَقَالَ الشَّاعِر (كِلا أخَوَيْنا ذُو رِجالٍ كَأَنَّهُمْ ... أسُودُ الشَّرى من كلّ أغلب ضَيغمِ) فَقَالَ ذُو بِالْإِفْرَادِ حملا على اللَّفْظ وَقَالَ الآخر (كلا يومَى أُمامَة يوْم صدّ ... وإنْ لَمْ نَأْتِها إِلَّا لِمَاما) فَقَالَ يَوْم بِالْإِفْرَادِ وَأما رد الضَّمِير مثنى حملا على الْمَعْنى فكقول الشَّاعِر (كِلاهما حينَ جدّ الجرىُ بَينهمَا ... قدْ أقْلَعا وكِلا أنْفيهما رَابِى) فَقَالَ فقد أقلعا حملا على الْمَعْنى وَقَالُوا الدَّلِيل على أَن فيهمَا إفرادا لفظيا أَنَّك تضيفهما إِلَى التَّثْنِيَة فَتَقول جاءنى كل أخويك وَرَأَيْت كليهمَا وَكَذَلِكَ حكم كلتا فى الْمُضمر والمظهر فَلَو كَانَت التتثنية فيهمَا لفطية لما جَازَ إضافتهما إِلَى التَّثْنِيَة لِأَن الشئ لَا يُضَاف إِلَى نَفسه وَيدل على أَن الْألف لَا تكون فيهمَا للتثنية أَنَّهَا تمال فى قِرَاءَة حَمْزَة والكسائى وَقد اسْتَوْفَيْنَا هَذَا بأبسط مِنْهُ فى كتَابنَا الموسوم بتزهة الْعين فى اخْتِلَاف المذهبين الْمَعْنى يَقُول كِلَاهُمَا تولى قَتله يُرِيد اشتركتما فى قَتله فأيكما انْفَرد بسلبه وَهُوَ أَن الْمَقْتُول إِذا قتل كَانَ سلبه لقاتله وَمِنْه فى // الحَدِيث الصَّحِيح // " من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه " وحره جيده وغل من الْغلُول وهى الْخِيَانَة فى الْمَغَانِم وَهَذَا كُله يَقُوله استهزاء بهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 - وَهَذَا كُله من بَاب الضحك عَلَيْهِمَا والاستهزاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 - 1 - هَذَا الْوَزْن يُسمى المجتث وَهُوَ مستفعلن فاعلاتن ثمَّ يجوز فى زحافه مفاعلن فعلاتن الْغَرِيب ضبة اسْم الرجل المهجى يجوز أَن يكون اشتقاقه من الضبة وهى الطلعة قبل أَن تنفتح أَو من ضبة الْحَدِيد أَو يكون سمى بانثى الضَّب أَو من ضَب لثته إِذا سَالَ لعابه والطرطبة القصيرة الضخمة وَقيل المسترخية الثديين وَقيل هى الطَّوِيلَة الثدى قَالَ الشَّاعِر (ليستْ بقتانة سَبَهْللة ... وَلَا بطُرْطُبَّة لَهَا هُلْبُ) الْمَعْنى يُرِيد فى قصَّة هَذَا الرجل أَن قوما من الْعَرَب قتلوا أَبَاهُ يزِيد ونكحوا أمه وَكَانَ ضبة غدارا بِكُل من نزل بِهِ واجتاز أَبُو الطّيب بِهِ فَامْتنعَ مِنْهُ بحصن لَهُ وَكَانَ يُجَاهر بشتمه وَشتم من مَعَه وَأَرَادُوا أَن يُجِيبُوهُ بألفاظه القبيحة وسألوا ذَلِك أَبَا الطّيب فتكلفه لَهُم على كَرَاهِيَة مِنْهُ وَمعنى لم ينصفوه إِذْ فعلوا بِأَبِيهِ وَأمه مَا فعلوا 2 - الْغَرِيب البوك روى ابْن جنى باكوا بِالْبَاء يُقَال باك الْحمار الأتان يبوكها بوكا إِذا نزا عَلَيْهَا 3 - الْمَعْنى أَنه جعلهم كالحمير فى غشيانها بفحش وَالْغَلَبَة هى المغالبة وَمِنْه قَول الراعى ة (أخَذُوا المخاضَ مِن القِلاص غُلَبَّةً ... منَّا وتُكْتَبُ للأمِير أفِيلا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 - الْمَعْنى يُرِيد لَا فَخر لَهُ بِأَبِيهِ وَلَا يرغب بِأُمِّهِ أَيْضا عَمَّا فعل بهَا من قَوْلهم أَنا أَرغب عَن هَذَا وَيَقُول مَا قلت مَا أنصف الْقَوْم ضبة إِلَّا رَحْمَة لَا محبَّة لَهُ 5 - الْغَرِيب تيبه تشعر وَهُوَ من قَوْلهم مَا وبهت لَهُ أى مَا لبيته وَلَا شَعرت بِهِ على لُغَة من قَالَ تيجل وتيجع وروى الخوارزمى لَو كنت تنبه أى تستيقظ 8 - الْمَعْنى يُرِيد بقوله هَذَا الِاسْتِهْزَاء والاستهجال أى لَا يلزمك من قتل أَبِيك عَار وَإِنَّمَا هى ضَرْبَة وَقعت بِرَأْسِهِ فَمَاتَ والغدر سبة تسب بِهِ فَمَا عَلَيْك مِنْهُ 9 - الْإِعْرَاب أَن يكون فى مَوضِع رفع 11 - الْغَرِيب العجان بِكَسْر الْعين مَا بَين الخصية والفقحة والعجن ورم يُصِيب النَّاقة بَين حيائها ودبرها الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا عَجُوز كَبِيرَة مَهْزُولَة وَلَا لحم عَلَيْهَا تصيب بعجانها مَتَاع من أَتَاهَا فهى تضر بِذكر الرجل والزب من أَسمَاء الذّكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه سمح القياد لمن رواده فَهُوَ لين الرّكْبَة للبروك عَلَيْهَا 15 - الْغَرِيب الجعبة إِنَاء تجْعَل فِيهِ السِّهَام الْمَعْنى يُرِيد بالفعول كِنَايَة عَن الَّذِي يَفْعَلُونَ بهَا فَجَعلهَا تصونهم وتجمعهم كَمَا تضم الجعبة السِّهَام 16 - الْغَرِيب الهلوك هى الْفَاجِرَة البغى الْمَعْنى يَقُول الَّذين يَفْعَلُونَ بهَا كالأطبة وَمن كَانَ بِهِ دَاء فَلَيْسَ عَلَيْهِ عَار من لِقَاء الأطبة لأَنهم يداوونه وَلَيْسَ بَين القحبة الْفَاجِرَة وَبَين الْحرَّة المخطوبة إِلَى أَهلهَا إِلَّا الْخطْبَة يُرِيد الاستحلال بهَا 18 - الْغَرِيب الضيح لبن يمزج بِالْمَاءِ وَيُقَال فِيهِ أَيْضا الضياح قَالَ الراجز (امتحضَا وسَقَيانى الضَّيْحا ... وَقد كَفَيتُ صاحبَىَّ المَيْحا 2) وضيحت اللَّبن تضييحا مزجته حَتَّى صَار ضيحا وضيحت الرجل سقيته الضيح والعلبة قدح من جُلُود يشرب فِيهِ وَيُسمى المحلب وَجمعه علب وعلاب والمعلب الذى يتَّخذ العلبة قَالَ الْكُمَيْت يصف خيلا (سقَتنا دماءَ القوْم طوْراً وَتارَة ... صَبوحا لهُ آقْتارَ الجُلود المعلِّبُ) يُقَال اقتار واقتور وقور إِذا قطع العلبة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَنه إِذا نزل بِهِ ضيف ضَعِيف قَتله وَأخذ مَا مَعَه قَالَ ابْن فورجة لَو كَانَ المُرَاد أَخذ مَا مَعَه لسلبه دون أَن يقْتله وَلَيْسَ فى الْبَيْت مَا يدل على أَنه يَأْخُذ مَا مَعَه وَالْمعْنَى أَنه بخيل يقتل الضَّعِيف الْقَلِيل الْمُؤْنَة لِئَلَّا يحْتَاج إِلَى قراه قَالَ الواحدى وعَلى هَذَا مَا قَالَه ابْن فورجة لِأَنَّهُ يصفه بالغدر يُرِيد أَنه يقتل ضيفا يشبعه قَلِيل ضيح فى علبة لِئَلَّا يحْتَاج إِلَى سقيه ذَلِك الْقدر وَقَالَ الْخَطِيب يَقُول إِنَّك تقتل الضيوف وَلم يزودوا مِنْك إِلَّا ذَلِك الْقدر الْيَسِير من الضيح فَكيف لَو احتفلت لَهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 - الْإِعْرَاب وَخَوف كل رَفِيق هُوَ عطف على قَوْله يَا قَائِلا أى وَيَا خوف كل رَفِيق الْغَرِيب يُقَال بَات يفعل كَذَا إِذا فعله لَيْلًا وظل يفعل كَذَا إِذا فعله نَهَارا وأباتك الله بِخَير الْمَعْنى يَقُول وَأَنت خوف كل رَفِيق جَاءَ بِهِ اللَّيْل إِلَى بَيْتك فَأَنت تقتله غدرا بِهِ وبخلا أَن يَأْكُل من ضيحك 20 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك طبعت على الْغدر فَمَا هُوَ شئ تكلفه 22 - الْغَرِيب السربة هى الْقطعَة من الْخَيل والظباء وحمر الْوَحْش قَالَ ذُو الرمة (سِوَى مَا أصابَ الذئبُ مِنْهُ وسُرْبة ... أطافَتْ بِهِ مِن أمُهَّات الجوازل) الجوازل فراخ الْحمام وَيُقَال فلَان بعيد السربة أى الْمَذْهَب قَالَ الشنفرى (غَدَوْنا من الوادى الذى بَين مشْعَلٍ ... وَبَين الجبا 1 هَيْهَات أنْسأتُ سُرْبَتى) - 23 - الْغَرِيب السنبة الْقطعَة من الزَّمَان يُقَال مَا رَأَيْته مُنْذُ سنبة أى مُنْذُ زمن وَقَوله فعولها كِنَايَة عَن غرمولها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 - الْغَرِيب الأحيراح تَصْغِير أحراح وَهُوَ جمع حر وَأَصله حرح 25 - الْغَرِيب الغرمول الأير من الْإِنْسَان وَغَيره والقنب وعَاء الْقَضِيب من ذَوَات الْحَافِر والقنب جماعات من النَّاس والمقنب مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين من الْخَيل والمقنب شئ يكون مَعَ الصَّائِد يَجْعَل فِيهِ مَا يصيده 26 - الْإِعْرَاب ضَب ترخيم بِسُقُوط آخِره وَهَذَا جَائِز عندنَا وَعند الْبَصرِيين لِأَنَّهُ اسْم على أَرْبَعَة أحرف لِأَن الْبَاء الَّتِى فِيهِ مُشَدّدَة واختلفنا نَحن وهم على ترخيم الِاسْم الثلاثى المتحرك الْوسط وَسَنذكر الِاخْتِلَاف وَحجَّتنَا وحجتهم عِنْد قَول أَبى الطّيب فى مدح عَمْرو بن سُلَيْمَان فى حرف الْمِيم فى القصيدة الَّتِى أَولهَا (نرَى عُظْما بالصدّ والبَينُ أعظَمُ ... ) الْغَرِيب الْعجب الْإِعْجَاب وَكَذَلِكَ العجاب والأعجوبة وَعجب عاجب توكيد كَقَوْلِهِم ليل لَا ئل وأعجبنى الشئ وَقد أعجب فلَان بِنَفسِهِ فَهُوَ معجب بِرَأْيهِ وَالِاسْم الْعجب بِالضَّمِّ وَقيل جمع عَجِيب عجائب مثل أفيل وأفائل وأعاجيب جمع أعجوبة مثل أحدوثة وَأَحَادِيث يُرِيد أَيْن ذهب عجبك وإعجابك لِأَنَّهُ كَانَ لَا يفارقك 27 - قَالَ الواحدى إِن خانك الْعجب فكثير من المعجبين بِأَنْفسِهِم لم يبْق مَعَهم الْعجب وأذلهم الزَّمَان وروى ابْن جنى وَإِن يجبك من الْإِجَابَة قَالَ ابْن فورجة صحف فى الرِّوَايَة لما رأى فسل ظن أَن الذى يتعقبه يجبك 29 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى فِيهِ وفى عَنهُ راجعان إِلَى الْعجب الْمَعْنى يُرِيد كَيفَ تُرِيدُ الْعجب وَقد علمت شؤمه وَكنت كالذباب يقتل وَقَالَ ابْن جنى يُرِيد بقيت بِلَا قلب قَالَ ابْن فورجة ظن أَن الْهَاء فى قَوْله عَنهُ رَاجِعَة إِلَى الْقلب وَذَلِكَ // بَاطِل // وَالْهَاء رَاجِعَة إِلَى الْعجب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 - الْمَعْنى إِذا رحلنا عَنْك عاودك الْعجب وحملت السِّلَاح وَهَذَا مثل قَوْله (وَإِذا مَا خَلا الجَبانُ بأرْضٍ ... طلَبَ الطَّعن وَحدَه والنِّزالا) 32 - الْغَرِيب الجرد من الْخَيل الَّتِى لَا شعر على جَسدهَا والشطبة الطَّوِيلَة وَمِنْه جَارِيَة شطبة أى طَوِيلَة وأصل الشطبة السعفة الخضراء الرّطبَة 35 - قَالَ أَبُو الْفَتْح الْمَعْنى يَقُول أَنْت مَعَ مَا أوضحته من هجائك غير عَارِف بِهِ لجهلك فَإِذا عرفت أَنه هجاء زَالَت عَنْك كربَة لمعرفتك إِيَّاه قَالَ الواحدى هَذَا كَلَام من لم يعرف معنى الْبَيْت وَلَيْسَ المُرَاد مَا ذكره وَلكنه يَقُول مرادى أَن أذكر مَا فِيك من الْبُخْل والغدر بالضيف فَإِن عرفت مرادى سررت بِمَا قلته لِأَنَّهُ لَا يقصدك أحد بعد مَا بيّنت من صفاتك بسؤال وَلَا طلب قرى 36 - الْمَعْنى يَقُول الْجَهْل يحكم عَلَيْك وَهُوَ أليق بك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 - 1 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا الذى أثر فى قلبه من الْمُصِيبَة هُوَ آخر مَا يعزى بِهِ وَهَذَا لفظ مَعْنَاهُ الدُّعَاء وَلَفظه الْخَبَر وَمَعْنَاهُ أَنه لَا يُصِيبهُ بعد هَذَا مصاب 2 - الْإِعْرَاب جزعا مصدر وَتَقْدِيره لم يجزع جزعا وَقيل هُوَ مَنْصُوب بِفعل دلّ عَلَيْهِ أثر فى قلبه تَقْدِيره لم يُؤثر جزعا وَالْأنف الحمية الْمَعْنى يَقُول لم يُؤثر هَذَا الْمُصَاب فى قلبه وَإِنَّمَا دخله الأنفة من أجل أَن قدر الدَّهْر على اغتصابه واستباحة حريمه 3 - الْمَعْنى يَقُول لَو علمت الدُّنْيَا بِمَا عِنْده من الْفضل لأخذها الْحيَاء من عَتبه عَلَيْهَا ولكفت عَنهُ أذاها وَقَالَ الْخَطِيب لَعَلَّ الْأَيَّام لم تعلم من غَابَ عَن حَضرته من أَهله وأسرته وَلَو علمت لما عرضت لشئ من أَسبَابه فَلهَذَا قَالَ فى الْبَيْت الذى بعده (لَعَلَّهَا تحسب ... ) 4 - الْمَعْنى هَذِه المتوفاة هى عمته توفيت على الْبعد مِنْهُ فَلَعَلَّ الْأَيَّام ظنت أَن كل من لم يكن عِنْده من عشيرته وَقَومه لَيْسَ من حزبه أى أَهله فَلذَلِك أخذت هَذِه 5 - الْغَرِيب الذرى الْكَهْف والكنف والعضب السَّيْف وبغداد فِيهَا لُغَات بِالدَّال الْمُهْملَة فى الأول وفى الآخر الإعجام وبالمهملتين وبالمعجمتين وبالنون فى الآخر الْمَعْنى يُرِيد أَن الْأَيَّام لَعَلَّهَا ظنت أَن عَمَّتك لما كَانَت فى بَغْدَاد وَلم تكن فى حضرتك لم تكن فى كنف سَيْفك وَمِمَّنْ يحميه سَيْفك فَلذَلِك تعرضت لَهَا 6 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى صلبه رَاجع إِلَى الْمَرْء الْمَعْنى يَقُول لَعَلَّ الْأَيَّام ظنت أَن هَذِه المتوفاة لما لم تكن عنْدك فى بلدك لم تكن من صلب جدك فَلهَذَا اجترأت عَلَيْهَا الْمنية وظنت أَنه لَا نِسْبَة بَيْنكُمَا فَلهَذَا أقدمت عَلَيْهَا وظنت أَن أَقَاربه الَّذين يساكنونك فى الوطن هم عشائره وَأَن من بعد عَن وَطنه لَا يكون من عشريته وأسرته وَمن روى بِالْحَاء فَالْمَعْنى أَن حريمه وَطنه فَمن لم يكن مستوطنا مَعَه لم يكن من عشيرته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 - الْغَرِيب أجفل الْقَوْم أَسْرعُوا والجافل المنزعج وَجَاءُوا بأجفلهم وأزفلتهم أى بجماعتهم الْمَعْنى يَقُول لَو فطن أعداؤه أَن الْأَيَّام تتجنب من قرب دَاره لأسرعوا من شدَّة خوفهم إِلَى قربه ليحصلوا فى ذمَّته ويشتملوا بعزته وسعادته ويحصلوا فى حَضرته طلبا للسلامة من الْأَيَّام 8 - الْمَعْنى يَقُول لابد للْإنْسَان من اضطجاع فى الْقَبْر يبْقى بِتِلْكَ الضجعة إِلَى يَوْم الْبَعْث لَا يقلبه ذَلِك الِاضْطِجَاع 9 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى بهَا رَاجع إِلَى الضجعة وَمَا أذاق عطف على الضَّمِير فى بهَا وَيجوز أَن يكون عطفا على مَا كَانَ فَيكون فى مَوضِع نصب الْمَعْنى يَقُول إِذا نزل فى الْقَبْر نسى الْإِعْجَاب وَمَا ذاق من كرب الْمَوْت لِأَن الْمَيِّت إِذا نزل فى قَبره نسى مَا كَانَ لقى من شدَّة وَغَيرهَا 10 - الْمَعْنى نَحن بَنو الْمَوْتَى أى كل من ولد من الْآبَاء مضى وَمثل هَذَا قَول الآخر (فإنْ لم تَجِدْ مِنْ دونِ عَدنان وَالِدًا ... وَدون معَدّ فلتزعك العواذِل) وَالْمعْنَى نَحن بَنو الْأَمْوَات وَالْمَوْت كأس مدارة علينا ولابد لنا من شربهَا فَمَا بالنا نكْرههَا فَكَمَا مَاتَ آبَاؤُنَا فَنحْن على إثرهم وروى أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَى بعض أَصْحَابه يعزيه فى أَبِيه أما بعد فَإنَّا أَنا من أهل الْآخِرَة سكنا فى الدُّنْيَا أَمْوَاتًا آبَاء أموات أَبنَاء أموات فالعجب لمَيت يكْتب إِلَى ميت يعزيه عَن ميت وَقَالَ متمم بن نُوَيْرَة (فَعَدَدْتُ آبائى إِلَى عِرْقِ الثَّرَى ... فَدَعَوْتهُم فعَلِمتُ أنْ لم يسْمَعوا) (وَلَقَدْ عَلِمْتُ وَلا مَحَالَة أنَّنِى ... للْحادِثاتِ فهَلْ تُرانِى أجْزَعُ) وَقَالَ أَبُو نواس (أَلا يَا ابْنَ الَّذِينَ فَنُوا وَبادُوا ... أما وَاللهِ مَا بادُوا لتَبْقَى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 - الْمَعْنى يَقُول تبخل أَيْدِينَا بأرواحنا وَتمسك بهَا بخلا بهَا على الزَّمَان والأرواح مِمَّا أكسبه الزَّمَان وَهَذَا الْكَلَام من كَلَام الْحَكِيم قَالَ إِذا كَانَ تناشؤ الْأَرْوَاح من كروز الْأَيَّام فَمَا لنا نعاف رُجُوعهَا إِلَى أماكنها 12 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْإِنْسَان مركب من هذَيْن من جَوْهَر لطيف وجوهر كثيف فالأرواح من الجو والأجسام من الأَرْض فَجعل اللَّطِيف من الْهَوَاء والكثيف من التُّرَاب وَهَذَا من قَول الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول اللطائف سَمَاوِيَّة والكثائف أرضية وكل عنصر عَائِد إِلَى عنصر 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَن العاشق للشئ المستهام بِهِ لَو تفكر فى مُنْتَهى حسن المعشوق وَأَنه يصير إِلَى زَوَال لم يعشقه وَلم يملك الْعِشْق قلبه وَهَذَا يطرد فى كل شئ لَو فكر الْحَرِيص الذى يعدو وَيقتل فى نَفسه ويعادى على جمع المَال أَن آخِره إِلَى زَوَال أَو أَنه يَمُوت عَنهُ لما حرص على جمعه وَهَذَا الْبَيْت // من أحسن الْكَلَام // الذى يعجز عَن مثله المجيدون وَهُوَ من قَول الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول النّظر فى عواقب الْأَشْيَاء يزِيد فى حقائقها والعشق عمى الْحس عَن دَرك رُؤْيَة المعشوق 14 - الْغَرِيب قرن الشَّمْس أول مَا يَبْدُو مِنْهَا الْمَعْنى يُرِيد أَنه لابد من الفناء وَهَذَا مثل يُرِيد أَن الشَّمْس من رَآهَا طالعة عرفهَا غاربة كَذَلِك الْحَوَادِث مُنْتَهَاهَا إِلَى الزَّوَال لِأَن الْحُدُوث سَبَب الزَّوَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 - الْغَرِيب قَوْله رَاعى الضَّأْن هُوَ أَحْقَر الْقَوْم وأجهلهم وَبِه يضْرب الْمثل فى الْجَهْل الْمَعْنى يُرِيد أَن الْمَوْت لم يسلم مِنْهُ الشريف وَلَا الوضيع وَلَا الطَّبِيب وَلَا المطبوب وَلَا الْعَاقِل وَلَا الْجَاهِل فالجاهل يَمُوت كَمَا يَمُوت اللبيب الحاذق وَهَذَا // من أحسن الْكَلَام // وألطفه وأبينه 16 - الْغَرِيب السرب هُنَا النَّفس وَقد روى بِفَتْح السِّين وَهُوَ المَال الراعى وَلَا معنى لَهُ الْمَعْنى يُرِيد أَن رَاعى الضَّأْن رُبمَا زَاد عمرا على جالينوس وَكَانَ آمنا نفسا وَولدا على جَهله وَقلة عمله وَهَذَا كُله يُرِيد أَن الْمَوْت حتم على جَمِيع الْخلق 17 - الْغَرِيب يُقَال أفرط فى الْأَمر أى جَاوز فِيهِ الْحَد وَالِاسْم مِنْهُ الفرط بِسُكُون الرَّاء يُقَال إياك والفرط فى الْأَمر الْمَعْنى يُرِيد أَن الذى أفرط فى السّلم كالذى أفرط فى الْحَرْب يُرِيد أَن اكل إِلَى فنَاء فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَلَا عذر لمن يجزع وَهَذَا // من أحسن الْكَلَام // وَهَذَا من قَول الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول آخر إفراط التوقى أول موارد الْخَوْف 18 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى رعبه للفؤاد الْغَرِيب الرعب الْخَوْف تَقول رعبته فَهُوَ مرعوب إِذا أفزعته وَلَا تقل أرعبته والترعابة الذى يفزع الْمَعْنى يُرِيد بِهِ من خَافَ الْمَوْت لَا أدْرك حَاجته وَهَذَا دُعَاء عَلَيْهِ يُرِيد إِذا كَانَ الْهَلَاك متيقنا فَلم يخَاف الْإِنْسَان من الْمَوْت ويجزع فَزعًا مِنْهُ 19 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى كَانَ غَايَة ذَنبه إسرافه فى الْعَطاء والإسراف اقْتَرَف وَورد النهى عَن الْإِسْرَاف فَلهَذَا قَالَ أسْتَغْفر الله وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد أَنه لَا ذَنْب عَلَيْهِ بعد الْإِحْسَان فَلَا ذَنْب لَهُ إِلَّا كرمه فَلَا ذَنْب إِذا لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 - الْمَعْنى يُرِيد انه كَانَ يكره أَن تحصى فواضله تناسيا للمعروف ليتخلص من الْمَنّ فَكَانَ الذى يعدد إحسانه قد بَالغ فى سبه 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يحب الْحَيَاة ليكسب المعالى لَا لحب الْحَيَاة 22 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الذى قد دَفنه يظنّ أَنه دفن شخصا وَاحِدًا وَإِنَّمَا قد دفن مَعَه الْمجد والعفاف وَالْبر والسخاء 23 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا كَانَت فى الْمَعْنى ذكرا تفعل فعل الرِّجَال من الصَّنَائِع الجميلة من إِيثَار الْمَعْرُوف فيغلب الْمَعْنى فى ذكرهَا على الظَّاهِر فَتذكر بِلَفْظ التَّذْكِير وَيتْرك لفظ التَّأْنِيث وَيجوز أَن يكون تفعل فعل الْخَيْر من الصّلاح وَالْأَمَانَة وَالْعَدَالَة الَّتِى هى مُخْتَصَّة بِالرِّجَالِ وَيسْتر التَّأْنِيث فى حجبه أى هى أُنْثَى على الْحَقِيقَة ولصونها وعفتها إِذا حلت فى حجبها لَا يَرَاهَا أحد إِلَّا ذُو محرم فهى تُعْطى التَّأْنِيث حَقه من السّتْر والعفاف 24 - الْإِعْرَاب أُخْت خبر لمبتدإ مَحْذُوف تَقْدِيره هى أُخْت أَبى خير أَمِير الْمَعْنى يَقُول هى أُخْت أَبى الممدوح والممدوح خير أَمِير دَعَا إِلَى نَفسه فَقَالَ الْجَيْش للرماح أجيبيه وَيجوز أَن يكون دَعَاهُ جَيش فَقَالَ الممدوح للقنا لب الْجَيْش يُرِيد أَنه يُجيب الصَّارِخ وَصرح بعد الْكِنَايَة لما قَالَ أسْتَغْفر الله لشخص ثمَّ قَالَ أُخْت أَبى خير أَمِير وكنى عَن الممدوح ثمَّ صرح بِهِ بعد 25 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعقل اللب وَالْعقل زبن الْقلب وَكَذَلِكَ أَنْت زين أَبِيك فَضله على أَبِيه وَضرب لَهما الْمثل باللب وَالْقلب فَجعل اللب مثلا لَهُ وَالْقلب مثلا لِأَبِيهِ واللب أشرف من الْقلب فَأَنت أشرف من أَبِيك قَالَ أَبُو الْفَتْح لَوْلَا حذقه لما جسر على هَذَا الْمَوْضُوع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 - الْغَرِيب النُّور بِفَتْح النُّون هُوَ الزهر يُقَال نورت الشَّجَرَة وأنارت أخرجت نورها الْمَعْنى أَنه جعل أَوْلَاده زينا لِآبَائِهِ وَلم يجعلهم زينا لَهُ ذَهَابًا إِلَى استغنائه بمزية علائه عَن أَن يتزين بأبنائه وهم يزينون أجدادهم كَمَا يزين النُّور قضبه جمع قضيب 27 - الْإِعْرَاب انتصب فخرا على الْمصدر وَقيل بل بِفعل مُقَدّر تَقْدِيره جعلت فخرا أَو صرت فخرا الْغَرِيب المنجب الذى يلد النجباء الْمَعْنى يُرِيد جعلك الله فخرا لدهر صرت من أَهله لِأَن الدَّهْر يفتخر بِهِ إِذْ هُوَ من أَهله وَأَبوهُ لما وَلَده نجيبا افتخر بِهِ وعقب الرجل أَوْلَاده الَّذين يأْتونَ من بعده قَالَ الله تَعَالَى {وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عقبه} 28 - الْغَرِيب الأسى الْحزن وَهُوَ مَقْصُور مَفْتُوح وَمثله المدواة والعلاج والإساء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ الدَّوَاء بِعَيْنِه وَمثله الأطبة جمع آس مثل رَاع ورعاء والقرن من قارنك وماثلك فى السن والقرن من النَّاس أهل زمَان وَاحِد قَالَ الشَّاعِر (إِذا ذَهَبَ القَرْن الذى أنتَ فيهمُ ... وخُلِّفْتَ فى قَرْن فأنْتَ غَرِيبُ) والقرن ثَمَانُون سنة وَقيل ثَلَاثُونَ سنة ونبا السَّيْف إِذا لم يقطع وَيعْمل فى الضريبة ونبا بصرى عَن الشئ أى كل ونبا بزيد منزله إِذا لم يُوَافقهُ وَكَذَلِكَ فرَاشه الْمَعْنى يُرِيد أَن الْقرن هُوَ المغالب والحزن هُوَ قرن لَك فَلَا تحيه بإعانته على نَفسك وصبرك الذى تغالب بِهِ الْحزن بِمَنْزِلَة السَّيْف فَلَا تَجْعَلهُ نابيا كليلا وَهَذَا استعارات حَسَنَة 29 - الْغَرِيب الشهب جمع شهَاب وهى الْكَوَاكِب والشهاب شعلة من نَار وَفُلَان شهَاب حَرْب إِذا كَانَ مَاضِيا فِيهَا وَالْجمع شهب وشهبان مثل حسب وحسبان الْمَعْنى أَنه جعله بَدْرًا وَجعل أَهله حوله نجوما فَيَقُول إِذا كنت بَدْرًا وهم الْكَوَاكِب فَلَا ينبغى أَن تستوحش لفقد أحدهم لِأَن الْبَدْر يسْتَغْنى بنوره عَن الْكَوَاكِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح السائر الذى حمل إِلَيْهِ الْكتاب بوفاتها يَقُول إِذا كَانَ هَذَا قد أطَاق حمل ذكر وفاتها فَحكم قَلْبك أَن يكون أَشد طَاقَة لَهُ وَهَذِه مغالطة وَإِنَّمَا أَرَادَ تسكينه فتوصل إِلَيْهِ بِكُل وَجه وَكَذَا نَقله الواحدى حرفا حرفا 31 - الْمَعْنى إِنَّك حمول صبور على تحمل الشدائد فَلَا تعجز عَن حمل هَذِه الرزية فَأَنت حملت الثقيل وَقَوله عَن سحبه أى جَرّه لِأَن حَامِل الثقيل إِذا عجز عَن حمله جَرّه على الأَرْض كَمَا قَالَ عتاب بن وَرْقَاء (وجَرّهُ إذْ كلّ عنْ حَمْله ... ونفسُهُ مِنْ حتْفِهِ على شَفا) 32 - الْغَرِيب ثلبه ثلبا إِذا صرح بِالْعَيْبِ فِيهِ وتنقصه قَالَ الراجز (لَا يحسنُ التَّعريضُ إِلَّا ثَلْبا ... ) والمثالب الْعُيُوب الْوَاحِد مثلبة والأثلب فتات الْحِجَارَة وَالتُّرَاب يُقَال بِفِيهِ الأثلب والثلب بِالْكَسْرِ الْجمل الذى انْكَسَرت أنيابه من الْهَرم والإشفاق الْخَوْف والجزع يحسن عِنْده الصَّبْر ليرغب فِيهِ ويقبح الْجزع ليحذره لِأَن الصَّبْر يعد من الْمَدْح والجوزع يعد من الْعَيْب 33 - الْغَرِيب الْغُرُوب مجارى الدمع وللعين غربان مقدمها ومؤخرها قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال بِعَيْنِه غرب إِذا كَانَ يسيل وَلَا يَنْقَطِع دموعها والغروب الدُّمُوع قَالَ الراجز (مَالك لَا تذكرُ أمّ عَمْرْو ... أما لعَيْنيك غروبُ تَجْرِى) والغروب حِدة الْأَسْنَان وماؤها وَاحِدهَا غرب قَالَ عنترة (إذْ تَسْتبيكَ بذى غَروب وَاضح ... عَذْبٍ مقبَّلُه لذيذِ المَطعَم) والصوب الْقَصْد والإصابة والصوب أَيْضا النُّزُول الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك تقدر على دفع الْحزن عَن قَصده وتغلبه بِالصبرِ وَترد الدمع إِلَى قراره وَمَجْرَاهُ بِأَن تصرفه على المجرى وَكَيف لَا تفعل هَذَا وَأَنت لَا شبه لَك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 - الْإِعْرَاب يُرِيد إِمَّا أنْشد ثَعْلَب قَالَ (يَا لَيْتما أمُّنا سالَت نعامتها ... أيْما إِلَى جنَّة أيْما إِلَى نارِ) الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك إِذا فعلت مَا قلت لَك إِمَّا لتبقى فَلَا تهْلك بالجزع وَإِمَّا لتسلم الْأَمر إِلَى الله فَإِن الْأَمر لَهُ فِيمَا شَاءَ فى عباده 35 - الْإِعْرَاب مثلك ابْتِدَاء مَحْذُوف الْخَبَر وهى صلَة فى الْبَيْت وَقد تأتى فى الْكَلَام وَلَا يُرَاد بهَا النظير كَقَوْلِه تَعَالَى {لَيْسَ كمثله شئ} الْمَعْنى يُرِيد لم أقل مثلك وَهُوَ قَول مثلك يثنى الْحزن أعنى بِهِ سواك وَكَيف أَقُول هَذَا وَأَنت الذى لَا مثل لَهُ فى زَمَانه وَإِنَّمَا أردْت نَفسك لَا غَيْرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 - 1 - الْإِعْرَاب الْعَامِل فى الظّرْف قَوْله سميت فى الْبَيْت الثانى تَقْدِيره لما نسبت وَلم يعرف لَك أَب سميت بالذهبى وَالذَّهَب مَعْطُوف على ذهَاب تَقْدِيره مُشْتَقَّة من ذهَاب عقلك لَا من الذَّهَب الْمَعْرُوف ويروى وَكنت بِالْوَاو وبالفاء الْمَعْنى يُرِيد لما لم يكن لَك أَب تعرف بِهِ وَلَا أدب ترجع إِلَيْهِ سميت بالذهبى نِسْبَة محدثة لَك لم تكن لَك موروثة فَقيل لَك الذهبى لذهاب عقلك لَا لِأَنَّك مَنْسُوب إِلَى الذَّهَب 2 - الْإِعْرَاب ويك كلمة مَعْنَاهَا التَّعَجُّب وَالْإِنْكَار وَقيل مَعْنَاهَا ألم تعلم وهى فى هَذَا الْبَيْت على غير هَذَا الْمَعْنى وَلم تأت فى الْكَلَام الفصيح إِلَّا وَمَعَهَا أَن مُخَفّفَة أَو مثقلة كَقَوْلِه {ويك أَن الله} و {ويك إِنَّه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} ووقف الكسائى بِالْيَاءِ فيهمَا دون الْقُرَّاء فَكَأَنَّهُ جعلهَا للتعجب وَكَأن للتشبيه وَقد استعملها أَبُو الطّيب على غير هَذَا الْمَعْنى وَقَالَ الْفراء ويك مَعْنَاهُ وَيلك فَحذف اللَّام تَخْفِيفًا وهى كلمة للإنكار وويح للتلطف والتوجع والترحم قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " وَيْح عمار تقتله الفئة الباغية الْمَعْنى يَقُول لقبك يكرهك استصغارا لَك واحتقارا فَكَأَنَّهُ هُوَ الملقب وَلست أَنْت الملقب بِهِ لبغضه لَك وَهُوَ معكوس من قَول الطائى (شِعارُها إِذْ عُدَت مَناقِبها ... إِذْ اسْم حاسدك الْأَدْنَى لَهَا لقبُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 - 1 - الْغَرِيب لحا الله فلَانا أى قبحه ولعنه ولحيت الرجل لمته فَهُوَ ملحى ولاحيته ملاحاة ولحاء إِذا نازعته وفى الْمثل من لاحاك فقد عاداك وتلاحوا إِذا تنازعوا الْمَعْنى إِن بَنَات وردان وهى الدُّود تَأْكُل الْعذرَة فَلَا تفاق الاسمين جعله كالخنزير لِأَنَّهُ يَأْكُل الْعذرَة وَجعل لَهُ خرطوما لِأَنَّهُ كَبِير الْأنف والفم ناتئ الْوَجْه فوجهه كخرطوم الثَّعْلَب 2 - الْمَعْنى يَقُول غدره بى دلَالَة على أَن أمة غدرت بِأَبِيهِ فَجَاءَت بِهِ لغير رشدة هَذَا قَول أَبى الْفَتْح والخطيب وَقَالَ الواحدى غدره بى دلَالَة على أَنه ورث الْغدر من أمه وَأَبِيهِ يعْنى أَنَّهُمَا كَانَا غادرين والغدر موروث لَهُ لَا عَن كَلَالَة 3 - الْغَرِيب الهن كِنَايَة عَن الْفرج الْمَعْنى أَنه جعله يَأْكُل عَن خدر امْرَأَته وَأَنه ديوث لَا غيرَة لَهُ وَأَنه يَقُود إِلَى امْرَأَته وَجعل مَا يُؤْتى كسبا لَهُ 4 - الْإِعْرَاب اللذيا تَصْغِير الذى وهى لُغَة مستعملة كَمَا جَاءَ فى تَصْغِير الَّتِى للتيا الْمَعْنى يَقُول تجاهلا واستهزاء أَهَذا الذى تنْسب إِلَيْهِ هَذِه الدودة الذميمة الحقيرة لِأَنَّهَا هى وَهُوَ يطلبان الرزق من شَرّ الْمطلب هى تطلبه من الحشوش وَهُوَ يَطْلُبهُ من هن عرسه وَهُوَ مَحل النَّجس وَمِنْه يخرج النَّجس فكلاهما يَطْلُبهُ من جِهَة خبيثة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 صدق أى من أصل صدق والتوس الطبيعة والخيم الْمَعْنى قَالَ الواحدى كنت أَقُول إِن طيئا لَا تغدر وَلم تكن آباؤهم غدارين فَلَا تعذلانى إِن غدر هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من الأَصْل الذى يدعى إِلَيْهِ طَيئ وَقَوله رب صدق مكذب يُرِيد رب صدق يكذبهُ النَّاس يعْنى كنت صَادِقا فى نفى الْغدر عَنْهُم وَإِن كذبنى النَّاس لأجل وردان بادعائه أَن من طَيئ يُرِيد أَنى صَادِق ووردان لَيْسَ من طَيئ قَالَ وَلم يعرف ابْن جنى هَذَا الْبَيْت فَقَالَ رَجَعَ عَن نفى الْغدر عَنْهُم وَلَيْسَ فى الْبَيْت مَا يدل على رُجُوعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 - 1 - الْإِعْرَاب همه ابْتِدَاء وَخَبره ممات وَاللَّام فى لنا مُتَعَلق بالاستقرار وَملك مُبْتَدأ وَالْجَار وَالْمَجْرُور خَبره مقدم عَلَيْهِ واللامان فى لحى وميت متعلقان بالمصدرين الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يشْتَغل بِالنَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا يغْفل ويلهو وَإِنَّمَا همته إحْيَاء أوليائه وَمَوْت أعدائه فبالحرب يفنى أعداءه وبالنوال والإعطاء يحيى أولياءه 2 - الْإِعْرَاب أَن فى مَوضِع نصب بِإِسْقَاط الْخَافِض تَقْدِيره عَن أَن تقذى على أحد المذهبين الْغَرِيب الْخلَّة بِالْفَتْح الْحَاجة والفقر والخلة أَيْضا الْخصْلَة والخلة ابْن مَخَاض يستوى فِيهِ الذّكر وَالْأُنْثَى وَيُقَال للْمَيت اللَّهُمَّ اسدد خلته أى الثلمة الَّتِى ترك والخلة الْخمْرَة الحامضة قَالَ أَبُو ذُؤَيْب (عُقار كَمَاء النئ لَيست بخَمطة ... وَلَا خلَّة يكوى الشروبَ شهابُها) يُرِيد أَنَّهَا فى لون اللَّحْم النئ لَيست كالخمطة الَّتِى لم تدْرك بعد وَلَا كالخلة الَّتِى جَاوَزت الْقدر حَتَّى كَادَت تصير خلا الْمَعْنى يرد بِهَذَا على من قَالَ فَكَانَت قذى عَيْنَيْهِ يُرِيد أَنه كبر وَعظم عَن أَن يتَأَذَّى بشئ وَهُوَ أرفع من أَن تقذى عَيناهُ بشئ بل إِذا رَأَتْهُ الْخلَّة فرت وهربت والأشياء تصغر عِنْد كبر همته فَمَا خَالف إِرَادَته لَا يثبت حَتَّى ينظر فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 - الْإِعْرَاب حذف مفعول جزى للْعلم بِهِ وَالْمَفْعُول كثيرا مَا يحذف من الْكَلَام الْغَرِيب الْغمر المَاء الْكثير وغمره المَاء يغمره علاهُ والغمر الرجل الْجواد وَكَذَلِكَ الْفرس الْجواد وَرجل غمر الرِّدَاء إِذا كَانَ سخيا والغمرة الشدَّة وَجَمعهَا غمر والغمر بِالضَّمِّ الرجل الذى لم يجرب الْأُمُور والغمر بِالْكَسْرِ الحقد والغل والغمر أَيْضا الْعَطش وَجمعه أغمار وَقَالَ العجاج (حَتَّى إِذا مَا بلت الأغمارا ... ريا وَلَّما يَقْصَع الأصرارا) الْمَعْنى يَقُول سيف الدولة هُوَ سيفى أصُول بِهِ على أعدائى وَهُوَ دولتى الَّتِى أصُول بهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 - 1 - الْغَرِيب المكبوت من الكبت وَهُوَ الصّرْف والإذلال كبت الله الْعَدو صرفه وأذله وكبته بِوَجْهِهِ صرعه الْمَعْنى يُرِيد انصر بعطاياك قصائدى الَّتِى مدحتك بهَا وَيُرِيد أَنه يُعْطِيهِ حَتَّى يزِيدهُ مِنْهَا مدحا 2 - الْغَرِيب قَوْله نظرتك بِمَعْنى انْتَظَرْتُك والمرتحل الارتحال وحان قرب وَكَذَلِكَ آن الْمَعْنى يَقُول انتظرت عطاياك حَتَّى قرب ارتحالى وَهَذَا الْوَدَاع فَكُن لما شِئْت أَهلا إِمَّا للجود فتعطنى أَو للحرمان وَقَرِيب من مَعْنَاهُ قَول الآخر (حانَ الرَّحِيلُ فَقَدْ أوْلَيْتَنا حَسنا ... والآن أحْوَجُ مَا كُنَّا إِلَى زَاد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 - 1 - الْغَرِيب المسومات المعلمات بعلامات تعرف بهَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {مسومين} بِالْفَتْح أى معلمين ففى قِرَاءَة أهل الْكُوفَة وَنَافِع وَابْن عَامر {وَالْخَيْل مسومة} هى المرعية المعلمة أَيْضا الْمَعْنى أَنه يُرِيد فدتك الْخَيل وَالسُّيُوف الْبيض الْهِنْدِيَّة الْمُجَرَّدَة حَتَّى تفنى وَتبقى أَنْت فَإِذا بقيت لنا بقى لنا الْخَيْر 2 - الْإِعْرَاب جَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف للْعلم بِهِ وَقد وَقع مُعْتَرضًا بَين الْفِعْل وفاعله وَتَقْدِير الْكَلَام وصفتك فى قواف وَإِن كثرت القوافى فَمَا استوقيت وصفك وَقد بقيت صِفَات لم أذكرها الْمَعْنى يُرِيد إنى لم أبلغ آخر وصفك وَلَا أقدر على ذَلِك وَإِن كثرت أشعارى فِيك فَمَا استوفيت بعض صفاتك لِأَن قصائدى لَا تحيط بصفاتك 3 - الْغَرِيب الْفِعْل الِاسْم من فعل يفعل وَالْفِعْل بِالْفَتْح الْمصدر وَالِاسْم الْفِعْل بِالْكَسْرِ وَجمعه الفعال وجمعهما الأفاعيل والشية من الألوان مَا خَالف معظمه كالغرة فى الأدهم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح فعالك تلوح لشهرتها كَمَا تلوح الشية فى الأدهم وَقَالَ غَيره النَّاس من قبلك سود بِالْقِيَاسِ إِلَى فعلك وفعلك يتَمَيَّز من أفعالهم كَمَا تتَمَيَّز الشية من لون الأدهم وَقيل بل تزين أفعالك أفعالهم كَمَا يتزين الأدهم بالغرة والتحجيل كَقَوْل حبيب (قَوْمٌ إِذا اسْوَدّ الزَمانُ تَوَاضَحُوا ... فِيهِ وَغُودِرَ وَهْوَ مِنْهُمْ أبْلَقُ) وَمعنى الْبَيْت مَنْقُول من قَول حبيب أَيْضا (حَتَّى لَو انّ اللَّيالى صُوّرَتْ لَغَدَتْ ... أفْعالُهُ الغُرُّ فى آذانها شُنُفا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 - 1 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى موصوفاتها عَائِد على الصِّفَات وذواتها إِضَافَة ذُو وَذَوَات إِلَى الضَّمِير لَا يجيزها البصريون وَإِنَّمَا أجازها الْمبرد وسرب خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هواى سرب الْغَرِيب السرب بِالْكَسْرِ الْقطعَة من الظباء والوحش والقطا والسربة بِالضَّمِّ الْقطعَة من هَؤُلَاءِ الْمَعْنى يَقُول هواى سرب حرمته أى حيل بينى وَبَينه وَهُوَ دانى الصِّفَات لِأَن وَصفه قَول وَأَنا قَادر عَلَيْهِ مَتى شِئْت إِلَّا أَن الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصّفة وَهُوَ السرب وَيُرِيد بِهِ الْجَمَاعَة من النِّسَاء بعيد عَنى فَالْمَعْنى هَذَا السرب بعيد منى وَذكره حَاضر فَمَتَى مَا طلبت ذكره حضر 2 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى عبراتها للمقلة وَقَالَ الواحدى يجوز للبشر وَيُرِيد بالعبرات عرقهن الذى يسيل مِنْهُنَّ الْغَرِيب روى الخوارزمى نشزا بالنُّون والزاى الْمُعْجَمَة وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض والنشور الِارْتفَاع وَمِنْه {وَانْظُر إِلَى الْعِظَام كَيفَ ننشزها} فى قِرَاءَة أهل الشَّام وَأهل الْكُوفَة نرفع بَعْضهَا إِلَى بعض وَقَوله أوفى أى أشرف من مَكَان عَال والبشر جمع بشرة وَهُوَ ظَاهر الْجلد الْمَعْنى يَقُول أشرف على هَذَا السرب من مَكَان عَال وَيجوز أَن يكن أشرفن عَلَيْهِ من هوادجهن فَيَقُول إِذا وَقع بصرى على بَشرَتهَا رَأَيْت أرق وألطف من عبرات المقلة قَالَ الواحدى على رِوَايَة الخوارزمى إِذا نظرت إِلَى النشز الذى أوفى السرب عَلَيْهِ رَأَيْته لطول الْبعد فى صُورَة السراب والسراب أرق من العبرات 3 - الْغَرِيب يُقَال سَاقه استاقه والحداة جمع حاد كقاض وقضاة وهم الَّذين يسرقون الْإِبِل ويحدونها يرتجزون لَهَا وهى تسير الْمَعْنى يَقُول الْإِبِل تظن كلما أننت وبدت زفراتى أَنَّهَا لشدتها أصوات الحداة فتسرع فى السّير فسائقها أنينى وزفراتى لَا أصوات الحداة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 - الْمَعْنى يُرِيد بِهَذَا عَادَة الْعَرَب فى تشبيهها الْإِبِل المرحلة عَلَيْهَا هوادجها بِالنَّخْلِ وَالشَّجر والسفن يُرِيد فَكَأَن هَذِه العيس شجر بدا أى ظهر وَقد جنيت المر من ثمره يُرِيد أَنَّهَا لما سَارَتْ بالأحبة كَانَت سَبَب فراقهن وَهُوَ المر الذى جناه مِنْهَا وَهُوَ من قَول أَبى نواس (لَا أذُودُ الطَّير عَن شَجر ... قَدْ جَنَيْتُ المُرَّ مِنْ ثَمَرِهْ) 5 - الْإِعْرَاب قَوْله لَو انى حرك الْوَاو الساكنة من لَو بحركة الْهمزَة وحذفها وَهُوَ كثير مُسْتَعْمل فى أشعارهم كبيت الحماسة (فَمنْ أنتمُ إنَّا نَسينا مَنَ انتمُ ... ) وَعَلِيهِ قِرَاءَة ورش عَن نَافِع حَيْثُ جَاءَ مثل هَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم} و {أَن أرضعيه} {وَمن أحسن قولا} {وَمن أصدق} وحرارة مدمعى قَالَ ابْن جنى يُرِيد ذى مدمعى بِحَذْف الْمُضَاف يعْنى الدمع لِأَن المدمع مجْرى الدمع فى الْعين وَاللَّام فى لمحت جَوَاب لَو الْغَرِيب سماتها جمع سمة وهى الْعَلامَة الَّتِى تكون فى الْإِبِل الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَو كَانَ فَوْقهَا لمحت حرارة دُمُوعه علائمها لِأَن دمع الْحزن حَار ودمع السرُور بَارِد وَمِنْه فى الدُّعَاء على الْإِنْسَان أسخن الله عينه أى أبكاه وجدا وحزنا ثمَّ دَعَا عَلَيْهَا فَقَالَ {لاسرت من إبل} لِأَنَّهَا فرقت بَينه وَبَين من يحب 6 - الْمَعْنى كل هَذَا دُعَاء على الْإِبِل يَقُول حملت مَا حملت من حسراتها وحملت أَنا مَا حملت من هَذِه المها وَهن بقر الْوَحْش شبههن بالمها لحسن عيونهن 7 - الْغَرِيب الْخمر جمع خمار وَهُوَ مَا تختمر بِهِ الْمَرْأَة أى تغطى بِهِ رَأسهَا وَأَصله التغطية مِنْهُ سميت الْخمر لِأَنَّهَا تستر الْعقل وتغطيه قَالَ الله تَعَالَى {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} والسراويل وَاحِد السراويلات وَهُوَ يذكر وَيُؤَنث قَالَ سِيبَوَيْهٍ سَرَاوِيل وَاحِدَة وهى أَعْجَمِيَّة عربت فَأَشْبَهت من كَلَامهم مَالا ينْصَرف فى معرفَة وَلَا نكرَة فهى مصروفة فى النكرَة وَإِن سميت بهَا رجلا لم تصرفها وَكَذَلِكَ إِن حقرتها 1 اسْم رجل لِأَنَّهَا مؤنث على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف مثل عنَاق وَمن النَّحْوِيين من لَا يصرفهَا أَيْضا فى النكرَة وَيَزْعُم أَنَّهَا جمع سروال وسروالة وينشد (علَيْهِ مِنَ اللُّؤْم سِرْوَالةٌ ... فلَيْس يرِقّ لمستَعطِفِ) ويحتج فى ترك صرفهَا بقول ابْن مقبل (أَتَى دُونها ذَب الرّيادِ كأنَّهُ ... فَتَى فارِسىّ فى سراويلَ رامحُ) الْمَعْنى قَالَ الصاحب ابْن عباد كَانَت الشُّعَرَاء تصل المآزر تَنْزِيها لألفاظها عَمَّا يستشنع حَتَّى تخطى هَذَا الشَّاعِر المطبوع إِلَى التَّصْرِيح وَكثير من العهر عندى أحسن من هَذَا العفاف قَالَ الواحدى قَالَ العروضى سَمِعت أَبَا بكر الشعرانى يَقُول هَذَا مِمَّا عابه الصاحب ابْن عباد على المتنبى وَإِنَّمَا قَالَ المتنبى (عَمَّا فى سرابيلاتها ... ) وَهُوَ جمع سربال وَهُوَ الْقَمِيص وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الخوارزمى يُرِيد أَنى مَعَ حبى لَو جودههن أعف عَن أبدانهن وَمثله لنفطويه (أهْوَى النِّساءَ وأهوَى أَن أُجالسها ... وَلَيْسَ لى فى خَنًا مَا بَيْننا وَطرُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 - الْإِعْرَاب من روى الفتوة وَمَا بعْدهَا بِالرَّفْع جعل الْفِعْل للفتوة وَمَا بعْدهَا وكل مليحة مفعول ترى وَمن روى بِنصب الفتوة وَمَا بعْدهَا وَرفع كل مليحة جعل الْفِعْل لكل مليحة يُرِيد أَن كل مليحة ترى فى هَذِه الْخِصَال الَّتِى تمنعنى الْخلْوَة بِهن ضراتها وَتَكون ضراتها فى مَوضِع الْحَال الْغَرِيب الْفَتى الْكَرِيم يُقَال هُوَ فَتى بَين الفتوة وَقد تفتى وتفاتى وَالْجمع فتية وفتيان وفتو على فعول وفتى مثل عصى والأبوة الْآبَاء كالعمومة والخئولة قَالَ أَبُو ذويب (لَو كانَ مِدحةُ حىّ أنشرتْ أحدا ... أحْيا أبوّتك الشمَّ الأماديحُ) والمروءة الإنسانية وَمن الْعَرَب من يشددها قَالَ أَبُو زيد مرؤ الرجل صَار ذَا مُرُوءَة فَهُوَ مرئ على فعيل وتمرأ تكلّف الْمُرُوءَة وَقَالَ ابْن السّكيت فلَان يتمرأ بِنَا أى يطْلب الْمُرُوءَة بنقصنا وعيبنا الْمَعْنى يَقُول يمنعنى من الْخلْوَة بِهن الفتوة والأبوة والمروءة وَقد فسر الْبَيْت بِمَا بعده 9 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الفتوة وَمَا ذكر هن الثَّلَاث الَّتِى تَمنعهُ لَا الْخَوْف من تبعاتها قَالَ الْخَطِيب هَذَا سرف نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ وَهَذَا نَقله أَبُو الطّيب من كَلَام الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول النُّفُوس المتجوهرة تركت الشَّهَوَات البهيمية طبعا لَا خوفًا فنقله نقلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 - الْإِعْرَاب رب حرف جر خفض قَوْله ومطالب بتقديره هَذَا عِنْد الْبَصرِيين وَعِنْدنَا أَن رب اسْم وَقد حملناها على كم لِأَن كم للعدد والتكثير وَرب للعدد والتقليل فَكَمَا أَن كم اسْم فَهَذِهِ اسْم وَلَيْسَت بِحرف جر لِأَنَّهَا خَالَفت حُرُوف الْجَرّ فى أَرْبَعَة أَشْيَاء الأول أَنَّهَا لَا تقع إِلَّا فى صدر الْكَلَام وحروف الْجَرّ تقع متوسطة لِأَنَّهَا دخلت رابطة بَين الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال والثانى وَالثَّالِث أَنَّهَا لَا تعْمل إِلَّا فى نكرَة مَوْصُوفَة وحروف الْجَرّ تعْمل فى معرفَة ونكرة مَوْصُوفَة وَغير مَوْصُوفَة وَالرَّابِع أَنه لَا يجوز عندنَا وَلَا عِنْدهم إِظْهَار الْفِعْل الذى تتَعَلَّق بِهِ وَهَذَا على خلاف الْحُرُوف وَيدل على أَنَّهَا لَيست بِحرف أَنَّهَا يدخلهَا الْحَذف قَالَ الله تَعَالَى {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا} فَقَرَأَ عَاصِم وَنَافِع رُبمَا بِالتَّخْفِيفِ وَقد حذف مِنْهَا حرف فى قرَاءَتهَا وَاحْتج البصريون بِأَنَّهَا لَا يحسن فِيهَا عَلَامَات الْأَسْمَاء وَلَا الْأَفْعَال وَإِنَّمَا جَاءَت لِمَعْنى فى غَيرهَا كالحروف الْغَرِيب الْجنان النَّفس وَالْقلب وَيُقَال مَا على جنان إِلَّا مَا ترى أى مَا على ثوب يوارينى وجنان اللَّيْل ادلهمامه قَالَ 1 خفاف بن ندبة (ولَوْلاء جَنان اللَّيْل أدْرَك رَكْضُنا ... بذى الرَّمثِ والأرْطَى عِيَاض بَن ناشِبِ) الْمَعْنى أَنه يصف نَفسه بالشجاعة وَأَنه لَا يفزع من شئ يَقُول قلبى وَقد أتيتها كَهُوَ وَإِن لم آتِهَا لقُوته وشدته وشجاعته 11 - الْغَرِيب المقانب الْوَاحِد مقنب وَهُوَ الْجَمَاعَة من الْخَيل مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين الْمَعْنى يَقُول الْجَيْش الْعَظِيم تركته قوتا للوحش بعد مَا كَانَت الوحوش قوتا لَهُ يصيدها ويذبحها ويأكلها وَجمع الْوَحْش على عَادَة الْعَرَب فى أكلهم ماب ودرج 12 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أقبلتها للمقانب وأقبلته الشئ إِذا وجهته إِلَيْهِ الْمَعْنى أَقبلت المقانب غرر الْخَيل الْجِيَاد جَعلتهَا قبالتها قَالَ الواحدى عَنى بالأيدى النعم وَجَرت الْعَادة فى جمع يَد النِّعْمَة بالأيادى وفى الْعُضْو الأيدى وَاسْتعْمل أَبُو الطّيب هَذِه مَكَان هَذِه فى موضِعين أَحدهمَا فى هَذَا الْبَيْت والثانى فى قَوْله {فتل الأيادى} وبياضا النِّعْمَة // مجَاز // والشاعر يُورد موارد الْحَقِيقَة وَهَذَا المخلص من جيد المخالص وأحسنها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 - الْإِعْرَاب فروسة تَمْيِيز والثابتين فى مَوضِع خفض على النَّعْت أَو الْبَدَل من بنى عمرَان وَيجوز أَن يكون فى مَوضِع نصب على الْمَدْح وَمن روى والطعن بِالرَّفْع فالواو وَاو الْحَال أى يثبتون فى حَال الطعْن فى صدورها وَمن رَوَاهُ بالخفض فَمَعْنَاه يثبتون فى ظُهُورهَا ثُبُوت الطعْن تَقْدِيره كجلودها وكالطعن الْمَعْنى يُرِيد أَنهم يثبتون فى ظُهُور خيلهم كثبوت جلودها عَلَيْهَا فى حَال كَون الطعْن فى صدورها يصفهم بالإقدام والشجاعة وَقَالَ ابْن القطاع فى قَوْله (أقبلتها غُرر الْجِيَاد ... ) يَقُول جَعلتهَا تقبل غرر جيادها الَّتِى أوصلتهم إِلَى أعدائهم وشفت صُدُورهمْ مِنْهُم كَأَنَّهَا أيدى بنى عمرَان الْمُعْتَادَة التَّقْبِيل وَأَقْبَلت الرجل يَد فلَان جعلته يقبلهَا 14 - الْإِعْرَاب الراكبين جدودهم يحْتَمل أَن يكون على قَول من قَالَ أكلونى البراغيث أى الَّذين ركبُوا جدودهم أمهاتها وَالْوَجْه أَن يكون الرَّاكِب جدودهم لَو اتزن لَهُ وَمَعْنَاهُ الَّذين ركب جدودهم كَمَا تَقول مَرَرْت بالقوم الْمَيِّت أخوفهم أى الَّذين مَاتَ أخوهم وَقَول أماتها يُقَال أمات فِيمَا لَا يعقل وَقد يُقَال بِالْعَكْسِ فيهمَا الْمَعْنى قَالَ الواحدى فِي معنى الْبَيْت إِن هَذِه الْخَيل تعرفهم ويعرفونها لِأَنَّهَا من نتائجها تناسلت عِنْدهم فجدودهم كَانُوا يركبون أُمَّهَات هَذِه الْخَيل وَسِيَاق الأبيات قبله يدل على أَنه يصف خيل نَفسه لَا خيل بنى عمرَان وَهُوَ قَوْله أقبلتها وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يستقم هَذَا الْمَعْنى إِلَّا أَن يدع مُدع أَنه قَاتل على خيل الممدوح فَإِنَّهُم يقودون الْخَيل إِلَى الشُّعَرَاء قَالَ ابو فورجة والذى عندى أَنه يصف معرفتهم بِالْخَيْلِ وَلَا يعرفهَا إِلَّا من طَالَتْ ممارسته لَهَا وَالْخَيْل تعرفهم أَيْضا لانهم فرسَان وَهَذَا كَلَامه وَلم يُوضح مَا وَقع بِهِ الْإِشْكَال وَإِنَّمَا يَزُول الْإِشْكَال بِأَن يُقَال الْجِيَاد اسْم جنس ففى قَوْله غرر الْجِيَاد أَرَادَ جِيَاد نَفسه وَفِيمَا بعده أَرَادَ جِيَاد بنى عمرَان والجياد تعم الخيلين جَمِيعًا فَقَوله (والراكبين جدودهم ... ) مَعْنَاهُ أَنهم كَانُوا من ركاب الْخَيل فيريد أَنهم عريقون فى الفروسية طالما ركبُوا الْخَيل فَهَذِهِ الْخَيل مِمَّا ركب جدودهم أمهاتها وَيُشبه هَذَا الْمَعْنى قَول أَبى الْعَلَاء المعرى (يَابْنَ الأُلى غيرَ زَجْر الخَيْلِ مَا عَرَفُوا ... إذْ تَعْرِفُ العُرْبُ زجرْ الشاءِ والعَكَرِ 1) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 - الْغَرِيب الصهوة مقْعد الْفَارِس ونتجت النَّاقة على مَا لم يسم فَاعله تنْتج نتاجا وَقد نتجها أَهلهَا نتاجا قَالَ الْكُمَيْت (وَقَالَ المُذمِّر للناتجِين ... مَتى ذُمِّرت قَبْلىَ الأرْجُلُ) المذمر الذى يدْخل يَده فى حَيَاء النَّاقة لينْظر أذكر جَنِينهَا أم أُنْثَى سمى بذلك لِأَنَّهُ يضع يَده فى ذَلِك الْموضع فيعرفه يَقُول إِن التذمير فى الْأَعْنَاق لَا فى الأرجل وأنتجت الْفرس إِذا حَال نتاجها وَقَالَ يَعْقُوب إِذا استبان حملهَا وَكَذَلِكَ النَّاقة فهى نتوج وَلَا يُقَال منتج الْمَعْنى يُرِيد أَنه لشدَّة إلفهم للفروسية وَطول مراسهم تكون الْخَيل كَأَنَّهَا ولدت تَحْتهم وَكَأَنَّهُم ولدُوا عَلَيْهَا 16 - الْمَعْنى يَقُول الْكِرَام من الْخَيل إِذا لم يكن عَلَيْهَا فرسَان من هَؤُلَاءِ الممدوحين كالقلب إِذا لم يكن فِيهِ سويداء 17 - الْمَعْنى يَقُول هم يغلبُونَ النَّاس على الْعلَا ويغلبهم الْمجد فيحول بَينهم وَبَين مَا يشتهون من الشَّهَوَات المركبة فى بنى آدم مِمَّا يشين ويعيب 18 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى نباتها يعود على المنابت وَالْبَاء فى قَوْله بيدى مُتَعَلق بسقيت الْمَعْنى يرْوى بيدى وبندى بالنُّون لما جعلهَا منابت دَعَا لَهَا بالسقيا وَجعل أَبَا أَيُّوب الممدوح خير نباتها يُرِيد أَن نَفسه أشرف النُّفُوس الْمَذْكُورَة وَجعل النَّبَات يسقى المنابت إغرابا فى الصَّنْعَة وتغلغلا وَقَلْبًا للْعَادَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَا أَزَال الله ظله عَن أَهله وَذَوِيهِ وَقَالَ ابْن فورجة لَيْسَ الْغَرَض أَن يَدْعُو لِقَوْمِهِ بإفضاله عَلَيْهِم وَلَكِن الْغَرَض تَعْظِيم شَأْنه وعطائه كَأَنَّهُ لَو دَعَا أَن يسقيهم الْغَيْث كَانَ دون سقيا ندى أَبى أَيُّوب وَلما جعل قومه منابت دَعَا لَهُم بالسقيا لِأَن المنابت محتاجة إِلَى السقيا وَمثل هَذَا اسْتِعَارَة 19 - الْمَعْنى يَقُول لسنا نتعجب من كَثْرَة عطاياه وَإِنَّمَا نتعجب كَيفَ سلمت من بذله وتفريقه إِلَى وَقت مَا وَهبهَا يُرِيد أَنه لَيْسَ من عَادَته إمْسَاك شئ من مَاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 - الْمَعْنى يُرِيد حفظ الْعَنَان بِالْإِضَافَة ويروى حفظ على الماضى يتعجب مِنْهُ عجبا كَيفَ حفظ الْعَنَان بأنمل مَا عَادَتهَا تحفظ شَيْئا 21 - الْمَعْنى يصفه بالفروسية وَأَن فرسه يطاوعه على مَا كلفه وَخص الميمات دون الغينات والعينات والفاءات والقافات مِمَّا لَهُ شكل لِأَن الْمِيم أشبه بحافر الْفرس من حُرُوف المعجم فَذكر الْمِيم من سَائِر الْحُرُوف تَشْبِيه جَاءَ بِهِ مُعْتَرضًا وَهُوَ من أحسن التَّشْبِيه وَقَالَ الْخَطِيب لَيْسَ يُرِيد التَّشْبِيه وَإِنَّمَا يصفه بالفروسية 22 - الْمَعْنى من روى مجاولا مفاعلا فَمن الجولان وَمن روى محاولا بِالْحَاء فَمن المحاولة وهى الطّلب وَهَذَا وصف لَهُ بالحذق والثقافة فى الطعْن يَقُول من حذفه بالطعن يقدر أَن يضع السنان فى ثقب الْأذن 23 - الْإِعْرَاب من آلاتها الْهَاء عَائِدَة على وَرَاءَك ووراء من الأضداد بِمَعْنى خَلفك وَبِمَعْنى أمامك قَالَ الله تَعَالَى {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك} أى أمامهم الْغَرِيب الْقرح جمع قارح وَجمع قارحة قوارح وَهُوَ مَا أَتَى عَلَيْهِ خمس سِنِين وَهُوَ عِنْدهَا يستكمل قوته وشدته والوراء يذكر وَيُؤَنث وتأنيثه أَكثر وتصغيره وريئة بِالْهَاءِ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو تبعتك هَذِه الْقرح لكبت وَرَاءَك وَلم تحملهَا قَوَائِمهَا لصعوبة مسالكك وَقَالَ الواحدى يجوز أَن تكون الْهَاء عَائِدَة إِلَى الْقرح أى أَنَّهَا إِذا تبعتك لم تعنها قَوَائِمهَا فَلَيْسَتْ من آلاتها وَهَذَا مثل يُرِيد أَن الْكِبَار والفحول إِذا راموا لحاقك فى مدى الْكَرم عثروا وكبوا وَلم يلحقوك وَالْمعْنَى أَن سَبِيلك فى الْعلَا يخفى على من تبعك فيعثر وَإِن كَانَ قَوِيا كالقارح من الْخَيل وَقَالَ ابْن القطاع الْمَعْنى لَيست قَوَائِم هَذِه الْخَيل من الْآلَات وَرَاءَك أى لَيست مِمَّا يكون خَلفك فتطردك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 - الْغَرِيب الرَّعْد جمع رعدة والعسلان الِاضْطِرَاب والقنوات جمع قناة الْمَعْنى يُرِيد أَن الارتعاد فى أبدان الفوارس من خوفك أظهر وأجرى من الاهتزاز فى رماحهم 25 - الْإِعْرَاب قَوْله (لَا خلق ... ) ذهب البصريون إِلَى أَن الكنكرة الَّتِى مَعَ لَا مَبْنِيَّة على الْفَتْح كَقَوْلِك لَا رجل فى الدَّار وَتَقْدِيره لَا من رجل فَلَمَّا حذفت من من اللَّفْظ وَركبت مَعَ لَا تَضَمَّنت معنى الْحَرْف فَوَجَبَ أَن يبْنى وبنيت على حَرَكَة لِأَن لَهَا حَالَة تمكن قبل الْبناء وبنيت على الْفَتْح لِأَنَّهُ أخف الحركات وَذهب أَصْحَابنَا إِلَى أَنَّهَا نكرَة معربة مَنْصُوبَة بِلَا وَحجَّتنَا أَنه اكْتفى بهَا عَن الْفِعْل لِأَن التَّقْدِير فى قَوْلك لَا رجل فى الدَّار أى لَا أجد رجلا فاكتفوا بِلَا من الْفِعْل الْعَامِل كَقَوْلِك إِن قُمْت قُمْت وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيره وَإِن لم تقم فَلَا أقوم فَلَمَّا اكتفوا بِلَا من الْفِعْل الْعَامِل نصبوا النكرَة بِهِ وحذفوا التَّنْوِين بِنَاء على الْإِضَافَة وَوجه آخر أَن لَا تكون بِمَعْنى غير كَقَوْلِك زيد لَا عَاقل وَلَا جَاهِل أى غير عَاقل وَغير جَاهِل فَلَمَّا جَاءَت هُنَا بِمَعْنى لَيْسَ نصبوا بهَا ليخرجوها من معنى غير إِلَى معنى لَيْسَ وَوجه آخر إِنَّمَا أعملوها النصب لأَنهم لما أولوها بالنكرة وَمن شَأْن النكرَة أَن يكون خَبَرهَا قبلهَا نصبوا بهَا من غير تَنْوِين لما حدث فِيهَا من التَّغْيِير كَمَا رفعوا المنادى بِغَيْر تَنْوِين لما حدث فِيهِ من التَّغْيِير وَرَاء مقلوب رأى كَمَا يُقَال ناء ونأى وَمثله (عَليل راءَ رُؤْيا فَهُوَ يَهْذِى ... بِمَا قَدْ رَاء مِنْهَا فى المنامِ) وهات كلمة تسْتَعْمل فى الْأَمر فهى على فَاعل فى الماضى يُقَال هاتى يهاتى فَهُوَ مهات والمصدر المهاتاة مثل المعاداة فَيُقَال هَات كَمَا يُقَال عَاد من عاديت وللاثنين هاتيا وللجمع هاتوا وللمرأة هاتى بِإِثْبَات الْيَاء وللمرأتين هاتيا وللجمع هَاتين الْمَعْنى يَقُول لَا أحد أسمح مِنْك إِلَّا رجلا رآك فعرفك فَلم يَسْأَلك بِأَن تهب لَهُ نَفسك وَمثله (وَلَو لم يكُن فى كفِّهِ غير نَفسه ... لجادَ بهَا فلْيَتَّقِ الله سائلُهْ) 26 - الْغَرِيب يُقَال غلت فى الْحساب الْخَاصَّة وَهُوَ مثل غلط وهما من مخرج وَاحِد والعشور أعشار الْقُرْآن والترتيل التَّبْيِين والتحسين وَحسب يحْسب بِالضَّمِّ من الْحساب وَحسب يحْسب من الظَّن بِفَتْح الْمُسْتَقْبل وكسره وَكسر الماضى لَا غير وَقَرَأَ عَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة يحْسب فى جَمِيع الْقُرْآن بِالْفَتْح الْمَعْنى يَقُول تجويدك التِّلَاوَة إِحْدَى آياتها فالذى يحْسب الْقُرْآن معْجزَة وَاحِدَة غلط فَمن سمع ترتيلك الْقِرَاءَة وَحسن بيانك وَلم يعده آيَة فَهُوَ غالط بِآيَة لِأَن ترتيلك فى الإعجاز مثلهَا فَوَجَبَ إِلْحَاقه بِهِ حَتَّى يُقَال فى الْقُرْآن معجز وترتيلك معجز فهما معجزتان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 - الْغَرِيب الْعتْق الْكَرم وعتقت فرس فلَان تعْتق عتقا إِذا سبقت فنجت وأعتقها هُوَ أعجلها وأنجاها وَفُلَان معتاق الوسيقة إِذا طرد طريدة أنجاها وَسبق بهَا قَالَ الْهُذلِيّ (حامى الحَقيقة نَسَّال الوَديقة مِعتاق ... الوَسيقة لَا نِكْسٌ وَلَا وانِى) الْمَعْنى يَقُول إِذا سمع أحد كلامك عرف كرمك كَمَا أَن الْفرس الْكَرِيم إِذا صَهل عرف عتقه بصهيله وَيُرِيد أَن كلامك أَمر بالعطاء ووعد بِالْإِحْسَانِ وَمَا أشبه هَذَا وَهُوَ مِمَّا يدل على كرمه 28 - الْغَرِيب الهالة الدائرة الَّتِى حول الْقَمَر وَجمع الْقَمَر وَإِن كَانَ فى الْمَعْنى وَاحِدًا وَذَلِكَ أَن لكل شهر قمرا يصير فِيهِ الْهلَال قمرا وبدرا فَحسن الْجمع وَيجوز أَن يكون لما كَانَ فى كل فصل من الْفُصُول الْأَرْبَعَة يخرج الْهلَال فى برج غير الذى يخرج فِيهِ فى الْفَصْل الآخر فَحسن الْجمع الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك لَا تَزُول عَن شرفك ومحلك كَمَا أَن الْقَمَر يخرج عَن هالته فَضرب مثلا وَأحسن فى التَّشْبِيه وأبدع لتشبيهه فى علو الْمنزلَة والشرف بالقمر 29 - الْإِعْرَاب الرِّجَال مَنْصُوب بشائق وَهُوَ اسْم فَاعل يعْمل عمل الْفِعْل وَالْمعْنَى أَنَّك تشوق الرِّجَال إِلَى زيارتك وَتَشَوُّقِ علاتها مَعهَا وَالتَّقْدِير أَنْت شائق الرِّجَال وعلاتها مَعَهم الْمَعْنى شائق أَنْت إِلَى كل شئ وَيُقَال شاقه إِذا حمله على الشوق فَأَنت شائق إِلَى كل أحد فالمرض إِذا أَصَابَك غير ملوم فى إصابتك لِأَن كل النَّاس يشتاقون إِلَى زيارتك لما يسمعُونَ من أَعَاجِيب أخبارك فتشوق الرِّجَال إِلَى قصدك وَتَشَوُّقِ أمراضها مَعهَا فقد شقَّتْ الْمَرَض حَتَّى زارك فَلَا ينبغى لنا أَن نشكوه ونعذله لِأَنَّهُ اشتاق إِلَى زيارتك وَذَلِكَ أَنه كَانَ مرض وَدخل عَلَيْهِ يمدحه بِهَذِهِ القصدة وَالْبَيْت قلق السبك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى سبقتها ومضافها وحالاتها رَاجع إِلَى الرِّجَال الْمَعْنى يَقُول إِذا أَرَادَ الرِّجَال سفرا إِلَيْك سبقتها بِإِضَافَة أحوالها قبل إضافتك إِيَّاهَا وَإِنَّمَا يُرِيد إِقَامَة الْعذر للمرض الذى نزل بِهِ قَالَ ابْن فورجة النَّاس يروون سبقتها بِالتَّاءِ وَالصَّوَاب بالنُّون لِأَن الْمَعْنى إِذا نَوَت الرِّجَال السّفر إِلَيْك سبقت العلات الرِّجَال وجاءتك قبلهَا وَيصِح بِالتَّاءِ على تمحل وَهُوَ أَن يُقَال سبقت إضافتها بِإِضَافَة حالاتها فَيكون من بَاب حذف الْمُضَاف وَيُرِيد بالحالات حالات مرضهم الذى ذكره وَقَالَ ابْن القطاع مَعْنَاهُ إِذا نَوَت الرِّجَال سفرا إِلَيْك أَعدَدْت لَهَا أمورا فكأنك ضيقت أحوالها قبل نُزُولهَا بك 31 - يُقَال حمى وحمة وَالْمعْنَى يُرِيد أَن جسمك خير الْأَجْسَام فَلَا عذر للحمى فى تَركه وَهُوَ أفضل الْأَجْسَام وهى محلهَا الْأَجْسَام 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحمى لما رَأَتْ فِيك الشّرف وَالْكَرم والخصال المحمودة أعجبتها فأقامت فى بدنك لتأمل أعضائك الْمُشْتَملَة على تِلْكَ الْخِصَال المحمودة لَا لِأَنَّهَا تُرِيدُ أَن تؤذيك والأذاة مصدر أَذَى يأذى أذا وأذاة 33 - الْمَعْنى يَقُول مَا من شئ عشقته إِلَّا بذلته حَتَّى بذلت جسمك لهَذِهِ الْعلَّة يُرِيد أَنَّك لَا تمسك شَيْئا بل تبذل كل شئ تحبه 34 - الْمَعْنى يُرِيد حق النُّجُوم أَن تزورك من علو أى من فَوْقك لِأَنَّك مضاهيها فى الْعُلُوّ والشرف وَكَذَلِكَ الآساد لِأَنَّهَا تشبهك فى الشجَاعَة 35 - الْإِعْرَاب الْجِنّ رفع لعطفه على الآساد وَرَوَاهُ بَعضهم بالخفض فَيكون عطفا على الْكَوَاكِب الْغَرِيب السترات جمع ستْرَة والوكنات جمع وكنة وهى اسْم لكل عش ووكر وهى مَوَاضِع الطير والوكن بِالْفَتْح عش الطَّائِر فى جبل أَو جِدَار والوكر مثله وَقَالَ الأصمعى الوكن مأوى الطَّائِر فى غير عش والوكر بالراء مَا كَانَ فى عش وَقَالَ أَبُو عَمْرو الوكنة والأكنة بِالضَّمِّ مواقع الطير حَيْثُمَا وَقعت وَالْجمع وكنات ووكنات ووكن كركبة وَركب ووكن الطَّائِر بيضه يكنه وَكُنَّا أى حضنه وتوكن أى تمكن الْمَعْنى يُرِيد أَن الْأَجْنَاس كلهَا من الْحَيَوَان تتألم لألمك لعُمُوم نفعك لَهَا فَلَو أَنَّهَا تقدر على المجئ إِلَى زيارتك لجاءتك عَائِدَة لَك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْأَنَام كلهم إِذا ذكرت مناقبهم مَعَ مناقبكم كَانَت مناقبكم تزين الدَّهْر وَأَهله كَمَا أَن الْبَيْت البديع فى القصدة يزينها وَهُوَ مثل هَذَا الْبَيْت لِأَنَّهُ بَيت بديع فى حسنه وَمَعْنَاهُ 37 - الْإِعْرَاب تَدور صفة لأمثلة وحياتها ابْتِدَاء وَالْكَاف فى قَوْله كمماتها فى مَوضِع رفع لِأَنَّهُ خبر الْمُبْتَدَأ الْغَرِيب أَمْثِلَة جمع مِثَال الْمَعْنى يُرِيد أَنهم أشبه النَّاس وَلَيْسوا بناس وَلَا خير فيهم فَلَا فرق بَين حياتهم ومماتهم وَقَوله تَدور تنْتَقل من حَال إِلَى حَال 38 - الْمَعْنى يَقُول خفت أَن أَتزوّج وألتمس الْأَوْلَاد فأرزق نَسْلًا مثل هَؤُلَاءِ الْأَمْثَال المذمومة فَتركت النِّسَاء وَلم أتزوجهن فَبَقيت الْبَنَات مَعَ أمهاتهن 39 - الْغَرِيب الْبَريَّة الْخلق وَأَصله الْهَمْز وَالْجمع البرايا والبريات وَقد همز البريئة نَافِع وَابْن ذكْوَان فى رِوَايَة عَن ابْن عَامر وَقَالَ الْفراء الْبَريَّة إِن أخذت من البرى وَهُوَ التُّرَاب فأصله غير الْهَمْز تَقول براه الله يبروه بروا أى خلقه والهبات جمع هبة الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَت الْبَريَّة كلهَا مملوكين لَهُ ثمَّ وهبهم لاستقل هباتها وَمن روى وهب الْبَريَّة يُرِيد أَنه لوعم الْبَريَّة بالعطايا لاستقلها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 - الْإِعْرَاب مسترخص خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَنظر فَاعل مسترخص وَيجوز أَن يكون نظر ابْتِدَاء وَخَبره مسترخص وَيكون التَّقْدِير نظر الْبَريَّة إِلَيْهِ مسترخص بأعينها وَبِمَا بِهِ مُتَعَلق بمسترخص الْمَعْنى يُرِيد لَو اشترت الْبَريَّة وهى الْخَلَائق نظرا إِلَيْهَا بأعينها لَكَانَ رخيصا فالنظر إِلَيْهِ رخيص بالأعين الَّتِى تنظر بهَا وَلَو فديت عَثْرَة رجله بديات الْبَريَّة لَكَانَ دِيَة عَثْرَة رجله أَكثر من ديات الْبَريَّة ويروى عثير رجله أى غُبَار رجله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 - 1 - الْغَرِيب الأريج والأرج الرّيح الطّيبَة والأجيج تلهب النَّار وَقد أجت تؤج أجيجا وأججتها فتأججت واثتجت افتعلت والأجوج المضئ قَالَه أَبُو عَمْرو وَأنْشد لأبى ذُؤَيْب يصف برقا (أغَرّ كمصباح الْيَهُود أجوجُ ... ) الْمَعْنى يَقُول إِنَّه سَيكون لهَذَا الْيَوْم الذى سرت فِيهِ أَخْبَار طيبَة تنشر فى النَّاس وكنى بالنَّار عَن تلهب الْحَرْب قَالَ أَبُو الْفَتْح يأتى خبر طيب يسر الْمُسلمين ويسوء الْمُشْركين 2 - الْإِعْرَاب من روى تبيت بِهِ فَالضَّمِير للْفِعْل أَو الأجيج وَمن روى بهَا أَرَادَ الفعلة أَو النَّار وَمن روى وتسلم بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقهَا أَرَادَ جماعات الْحجَّاج وَمن روى بِالْيَاءِ ذكر على اللَّفْظ وأنث الضَّمِير للمعنى أَرَادَ الْجَمَاعَات الْغَرِيب الحواصن العفائف من النِّسَاء وَمن روى الحواضر أَرَادَ نسَاء أهل الْحَضَر وروى الحواضن بالنُّون وَهن اللاتى فى حضَانَة أَوْلَادهنَّ والحجيج الْحجَّاج وَهُوَ جمع الْحَاج كَمَا يُقَال فى وَاحِد الْغُزَاة غزى والعادين على أَقْدَامهم عدى الْمَعْنى يَقُول العفائف من النِّسَاء قد أَمن من السبى وَهن الحواصن جمع حاصنة وَالْحجاج سَالِمُونَ فى مسالكهم يحربك للْكفَّار ونصرك عَلَيْهِم 3 - الْغَرِيب المهيج هُوَ الذى هاجه غَيره الْمَعْنى أَنه لما ذكر الْأسد اسْتعَار لَهُ الفريسة فَقَالَ لَا زَالَت عداتك أَيهَا الْأسد فرائس لَك حَيْثُ كَانَت من الْبِلَاد الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 - الْغَرِيب عبأت الْجَيْش بِالْهَمْزَةِ عَن أَبى زيد وَابْن الأعرابى وعبيت الْجَيْش بِغَيْر همز وَقَوله لَا تعيج أى مَا تبالى يُقَال مَا عجت بِكَلَامِهِ أى مَا بَالَتْ وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ مَا أَعْوَج بِكَلَامِهِ أى مَا ألتفت إِلَيْهِ أَخَذُوهُ من عجت النَّاقة وَقَالَ ابْن الأنبارى مَا عجت بالشئ أى لم أَرض بِهِ وَفُلَان مَا يعوج على الشئ أى مَا يرجع الْمَعْنى أَنه كَانَ مَعَ سيف الدولة فى بلد الرّوم فَالْتَفت فَرَأى سيف الدولة خَارِجا من الصُّفُوف يُدِير رمحه فَعرفهُ وَيُرِيد أَنَّك لَا تعبأ بِغَيْر سَيْفك أى لَا تعتمد إِلَّا سَيْفك وَلَا تبالى غَيْرك وَلَا تكترب بِهِ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى قلَّة حفلة بجُنُوده وتعبيته قَالَ الواحدى وَقد روى النَّاس (وَأَنت بِغَيْر سيرك ... ) وَهُوَ تَصْحِيف لَا وَجه لَهُ وَلَا معنى 5 - الْغَرِيب يسجو يسكن ويدوم وَقَوله {وَاللَّيْل إِذا سجى} أى إِذا دَامَ وَسكن وَمِنْه الْبَحْر الساجى قَالَ الْأَعْشَى (فمَا ذَنبنا إِن جاش بَحْرُ ابْن عمكم ... وَبحْرك سَاج لَا يوارى الدَّعامِصَا) وطرف سَاج أى سَاكن وسجيت الْمَيِّت تسجية إِذا طرحت عَلَيْهِ ثوبا الْمَعْنى يُرِيد أَن الْبَحْر يعرف إِذا كَانَ سَاكِنا فَكيف إِذا ماج وتحرك وَضرب هَذَا لَهُ مثلا لما رَآهُ وَهُوَ يُدِير رمحه فَجعله كالبحر المائج 6 - الْغَرِيب الأشواط جمع شوط وَهُوَ الطلق من الْعَدو والفروج مَا بَين القوائم الْمَعْنى يُرِيد بأرضى وَاسِعَة يتلاشى فِيهَا السّير وَإِن كَانَت شَدِيدَة تملأ مَا بَين القوائم عدوا 7 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى فِيهَا عَائِد إِلَى الأَرْض الْغَرِيب العلوج جمع علج وَهُوَ الرجل من كفار الْعَجم وَجمعه علوج وأعلاج وعلجة ومعلوجاء والعلج العير الْمَعْنى تُرِيدُ أَن تَأْخُذ نفس ملك الرّوم فتفديه أَصْحَابه العلوج فتقتلهم وتستأصلهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 - الْغَرِيب الغمرات الشدائد وَاحِدهَا غمرة واستعار البروج لما ذكر النُّجُوم والبروج اثْنَا عشر برجا أَولهَا الْحمل ثمَّ الثور ثمَّ الجوزاء ثمَّ السرطان ثمَّ الْأسد ثمَّ السنبلة ثمَّ الْمِيزَان ثمَّ الْعَقْرَب ثمَّ الْقوس ثمَّ الجدى ثمَّ الدَّلْو ثمَّ الْحُوت والنجوم السيارة سَبْعَة لكل نجم برجان إِلَّا الشَّمْس وَالْقَمَر فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا برج وَاحِد للمريخ الْحمل وَالْعَقْرَب وللزهرة الثور وَالْمِيزَان ولعطارد الجوزاء والسنبلة وللقمر السرطان وللشمس الْأسد وللمشترى الْقوس والحوت ولزحل الجدى والدلو الْمَعْنى يُرِيد أننا فى الحروب بِمَنْزِلَة هَذِه النُّجُوم فى أبراجها لَا ننفك عَنْهَا لِأَنَّهَا لنا كالبيوت كَمَا أَن هَذِه الْمنَازل بيُوت لهَذِهِ النُّجُوم وَقَالَ الواحدى تهددنا النَّصَارَى بالحروب وَنحن أبناؤها لَا ننفك عَنْهَا كَالنُّجُومِ لَا تنفك عَن منازلها 9 - الْمَعْنى يُرِيد بِالسَّيْفِ سيف الدولة عرفه بلام التَّعْرِيف يَقُول إِذا حمل صدق فى حَملته وَلم يتَأَخَّر لشجاعته وَإِذا أغار لجت بِهِ غارته ودامت فَلَا يرجع حَتَّى يَسْتَأْصِلهُمْ 10 - الْإِعْرَاب بَأْسا انتصب لِأَنَّهُ مفعول لأَجله وَيجوز نصبسه على الْمصدر أى يخَاف عَلَيْهِ خوفًا قَالَ ابْن جنى بَأْسا من قَوْلهم لَا بَأْس عَلَيْك أى لَا خوف وَقَالَ ابْن فورجة يكون الْبَأْس هُنَا للشدة والشجاعة فَيكون مَفْعُولا كَمَا يُقَال نَعُوذ بِاللَّه حسنا أى لحسنه الْمَعْنى نعيذه بِاللَّه خوفًا عَلَيْهِ من الْعُيُون والأعيان أَرَادَ بهَا هَا هُنَا جمع عين قَالَ يزِيد بن عبد المدان (ولكنَّنِى أغْدو علىّ مُفاضيةٌ ... دِلاص 1 كأعيان الجَرَاد المُنَظَّمِ) 11 - الْإِعْرَاب الدمستق عطف على الضَّمِير بِغَيْر توكيد وَهُوَ // جَائِز // عندنَا وَحجَّتنَا مَا جَاءَ فى الْكتاب الْعَزِيز وفى أشعار الْعَرَب فمما جَاءَ فى الْكتاب الْعَزِيز قَوْله تَعَالَى {ذُو مرّة فَاسْتَوَى وَهُوَ بالأفق} فَاسْتَوَى جِبْرِيل وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام فعطف على الضَّمِير المستكن فى اسْتَوَى فَدلَّ على جَوَازه وَقَالَ الشَّاعِر (قلت إذْ أقْبلت وزُهر تهادَى ... كنِعاج الفَلا تعسَّفن رَمْلاَ) فعطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع فى أَقبلت وَقَالَ الآخر (ورَجا الأُخيَطلُ من سَفاهة رَأْيه ... مَا لم يكن وأبٌ لهُ لِينالاَ) فعطف وَأب على الضَّمِير الْمَرْفُوع فى يكون فَدلَّ على جَوَازه وَحجَّة الْبَصرِيين مَا قَالُوا لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مُقَدرا فى الْفِعْل أَو ملفوظا بِهِ فَإِن كَانَ مُقَدرا نَحْو قَامَ وَزيد فَكَأَنَّهُ عطف اسْما على فعل وَإِن كَانَ ملفوظا بِهِ نَحْو قُمْت وَزيد فالتاء تنزل منزلَة الْجُزْء من الْفِعْل فَصَارَ كعطف الِاسْم على جُزْء الْفِعْل قَالَ ابْن جنى أعمل الثانى وَهُوَ اسْم الْفَاعِل رَاض وَلَو أعمل الأول لقَالَ غير رَاض بِهِ الْغَرِيب القواضب جمع قاضب وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع والوشيج شجر الرماح وشجت الْعُرُوق والأغصان اشتبكت والوشيجة الرَّحِم المشتبكة وَقد وشجت بِهِ قرَابَة فلَان وَالِاسْم الوشيج والوشيجة لِيف يفتل ثمَّ يشد بَين خشبتين ينْقل عَلَيْهَا السنبل المحصود الْمَعْنى يَقُول رَضِينَا نَحن بِحكم السيوف والرماح وَلم يرض الدمستق بذلك لِأَنَّهَا حكمت عَلَيْهِ بالهزيمة والدبرة وحكمت لنا بالغلبة وَالظفر فرضينا بذلك وَلم يرض هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 - الْغَرِيب سمندو هى من بِلَاد الرّوم فى أَولهَا والخليج نهر قسطنطينية قَالَ ابْن جنى سَأَلته لم لم تعرب سمندو فَقَالَ لَو أعربتها لم تعرف الْمَعْنى يَقُول إِن قدم علينا واستقبلنا بِالْحَرْبِ فقد قصدنا بِلَاده وَإِن أحجم أى تَأَخّر وهرب لحقناه بالخليج وَهُوَ أقْصَى بِلَاده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 - 1 - الْغَرِيب القرائح جمع قريحة وهى الطبيعة وَفُلَان جيد الطبيعة إِذا كَانَ ذكى الطَّبْع وجيد القريحة إِذا كَانَ لَهُ نظر وَفهم وَمَعْرِفَة والجوارح جمع جارحة وَهَذِه الْقطعَة من الطَّوِيل الثانى والقافية متدارك الْمَعْنى يَقُول إِذا ابتسمت إِلَى إِنْسَان انْشَرَحَ صَدره وحيى طبعه وقويت جوارحه وَإِن كَانَ ضَعِيف الْجِسْم لِأَنَّهُ يَنَالهُ فَرح والفرح يقوى الْجِسْم وَالْقلب وَقيل القريحة خَالص الغريزة من قَوْلهم مَاء قراح أى خَالص وقريحة الْبِئْر أول مَا يخرج من مَائِهَا وَرجل قرحان إِذا لم يصبهُ جدرى وَلَا طاعون يُرِيد خَالص الْجَسَد والجوارح اليدان وَالرجلَانِ والعينان والفم وَالْأُذن لِأَن أصل الْجرْح الِاكْتِسَاب والاكتساب يَقع بِهَذِهِ الْجَوَارِح من مآثم وَغَيرهَا والجوارح الكواسر الَّتِى تجرح الصَّيْد وَغَيره وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح} 2 - الْمَعْنى يَقُول لَا يقدر أحد على الْقيام بحقوقك لِأَنَّهَا كَثِيرَة على النَّاس وَمن ذَا الذى يرضيك بِقَضَاء حقوقك غير من تسامحه وتساهله 3 - الْإِعْرَاب تكرما مفعول من أَجله وواقفا حَال الْمَعْنى يُرِيد إِنَّك لكرمك تقبل الْعذر فَمَا بَال عذرى وَهُوَ وَاضح وَاقِفًا لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَهَذَا من الِاعْتِذَار الْجيد 4 - الْإِعْرَاب جعل اسْم إِن نكرَة للضَّرُورَة لِأَنَّهَا تدخل على المبتدإ وَالْخَبَر وَلَا يجوز أَن يكون الْمُبْتَدَأ نكرَة إِلَّا فى مَوَاضِع مَعْرُوفَة لَيست هَذِه مِنْهَا الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ عيشنا بك وحياتنا بحياتك فَمن الْمحَال أَن تعتل وَلَا نشاركك فى علتك لِأَنَّك أَنْت الْحَيَاة لنا والعيش وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول حبيب (وَإنْ يَجِدْ عِلَّةً نُعَمُّ بِها ... حَتَّى تَرَانَا نُعادُ فى مَرَضِه) 5 - الْمَعْنى يَقُول مَا تركت الشّعْر وتأخرت عَن مدحه إِلَّا لِأَن المديح فِيهِ وَإِن كثر يقصر عَن بعض وَصفه فَلهَذَا تركت المديح يعْتَذر إِلَيْهِ من تَأَخره عَن مدحه الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 - 1 - الْغَرِيب المسود الذى جعله النَّاس مسودا يسودهم فَهُوَ سيد قومه والجحجاح السَّيِّد الْعَظِيم وَالْجمع الجحاجيح وَقَالَ صَاحب الصِّحَاح الْجمع جحاجح وَأنْشد (مَاذَا ببَدْر فالْعَقَنْقَل من مرَازبةٍ جَحاجحْ) قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن بَرى النحوى فى رده على الجوهرى بل الْجمع الجحاجيح وَإِنَّمَا حذف الشَّاعِر الْيَاء من الجحاجيح ضَرُورَة وَقَالَ الجوهرى جمع الجحجاح جحاجح وَإِن شِئْت جحاجيح وَإِن شِئْت جحاجحة وَالْهَاء عوض من الْيَاء المحذوفة ولابد مِنْهَا أَو من الْيَاء وَلَا يَجْتَمِعَانِ الْمَعْنى يُرِيد أثارتنى سفهاؤكم وأغضبتنى وَلما سماهم كلابا سمى كَلَامهم نباحا ويروى هجنتنى من الهجنة أى نسبتنى إِلَى الهجنة وَيدل على هَذِه الرِّوَايَة قَوْله بعده (أَيكُون الهجان ... الخ ... ) 2 - الْغَرِيب الهجان من الْإِبِل الْبيض قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم (ذِراعىْ عَيْطَلٍ أدماءَ بكْرٍ ... هِجانِ اللَّوْن لم تَقْرأ 1 جَنِينا) ويستوى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْجمع يُقَال بعير هجان وناقة هجان وإبل هجان وَرُبمَا قَالُوا هجائن قَالَ ابْن أَحْمَر (كأنّ على الْجمال أوانَ خَفَّتْ ... هَجائِنَ مِن نِعاج أوار 2 عينا) وَأَرْض هجان طيبَة الترب وَامْرَأَة هجان كَرِيمَة قَالَ الشَّاعِر (وَإِذا قِيلَ مَنْ هِجانُ قُرَيْشٍ ... كُنْتَ أنْتَ الفَتى وأنتَ الهِجانُ) الْمَعْنى يَقُول كريم النّسَب لَا يكون غير كريم النّسَب وَغير خَالص النّسَب يُرِيد بذلك أَن هجو الهاجى لَا يُؤثر فِيهِ لِأَنَّهُ ذكر فى الْبَيْت الأول شكواه من السُّفَهَاء واللئام وَذكر فى هَذَا الْبَيْت أَن سفههم وبهتهم لَا يقْدَح فى نسبه وَلَا يُغَيِّرهُ 3 - الْمَعْنى يُرِيد بِهَذَا التهديد لَهُم يَقُول هم جهلونى وجهلوا قدرى وأصلى فَإِن عِشْت لَهُم عرفتنى لَهُم الرماح أى الرماح تعرفهم نسبى وَقَالَ الواحدى يحْتَمل أَنه أَرَادَ إِذا طاعنتهم وَرَأَوا حسن بلائى استدلوا بذلك على كرم نسبى الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 - 1 - الْإِعْرَاب فليك حذف النُّون لسكونها وَسُكُون التَّاء فى التبريج وَلم يكن حذفهَا كحذفها من قَوْله (وَلم تَكُ شَيْئا ... ) وَقَوله (لم يكُ شَىْءٌ يَا إلهى قبلَكا) لِأَنَّهَا قد ضارعت بالمخرج والسكون والغنة حُرُوف الْمَدّ فحذفت كَمَا تحذفن وهى هُنَا فى قَول المتنبى قَوِيَّة بالحركة لِأَن سَبِيلهَا أَن تحرّك فَكَانَ ينبغى أَن لَا يحذفها لكنه لم يعْتد بالحركة فى النُّون لما كَانَت غير لَازِمَة ضَرُورَة وَمثله 1 (لم يَكُ الحَقّ سِوَى أنْ هاجَه ... رَسْم دارٍ قد تعفت بالسِّرِرْ 2) وَقد حذف النُّون من لَكِن فى الشّعْر ضَرُورَة أنْشد سِيبَوَيْهٍ (فلَسْتُ بآتِيه وَلَا أسْتَطِيعُه ... ولاكِ اسْقنى أنْ كَانَ ماؤُك ذَا فَضْل) وَإِذا جَازَ حذف النُّون من لَكِن وَقد حذف مِنْهَا نون أُخْرَى جَازَ أَن تحذف من قَوْله فليك التبريح وَفِيه قبح من وَجه آخر وَهُوَ أَنه حذف النُّون مَعَ الْإِدْغَام وَهُوَ // غَرِيب جدا // لِأَن من قَالَ فى بنى الْحَارِث بلحارث لم يقل فى بنى النجار بنجار وجللا خبر كَانَ مقدم عَلَيْهَا الْغَرِيب التبريح الشدَّة يُقَال برح بى الْأَمر وَيُقَال لقِيت مِنْهُ برحا بريحا أى شدَّة وأذى قَالَ الشَّاعِر (أجدّك هَذَا عَمْرَك اللهَ كلَّما ... دعَاك الهوَى برْحٌ لعَيْنيك بارحُ) وَلَقِيت مِنْهُ بَنَات برح وَبنى برح وَلَقِيت مِنْهُ البرحين والبرحين بِضَم الْبَاء وَكسرهَا أى الشدائد والدواهى والجلل الْأَمر الْعَظِيم يَقع على الْكَبِير وَالصَّغِير لِأَنَّهُ من الأضداد وَهُوَ هَا هُنَا الْأَمر الْعَظِيم والرشأ ولد الظبية والأغن الذى فى صَوته غنة وَهُوَ صَوت من الخيشوم والأغن الذى يتَكَلَّم من قبل خياشيمه وواد أغن كثير العشب لِأَنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك أَلفه الذُّبَاب وفى أصواته غنة وَمِنْه قيل للقرية الْكَثِيرَة الْأَهْل والعشب غناء وَأما قَوْلهم وَاد مغن فَهُوَ الذى صَار فِيهِ صَوت الذُّبَاب وَلَا يكون الذُّبَاب إِلَّا فى وَاد مخصب معشب وأغن السقاء إِذا امْتَلَأَ مَاء وأغن الوادى فَهُوَ مغن الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 الْمَعْنى يُرِيد إِنَّه من كَانَ فى شدَّة فَلْيَكُن كَمَا أَنا عَلَيْهِ تَعْظِيمًا لما هُوَ فِيهِ من الشدَّة وَتمّ الْكَلَام هَا هُنَا ثمَّ اسْتَأْنف قولا آخر مُتَعَجِّبا من حسن الْمُشبه أى كَأَنَّهُ ظبى فى حسنه وَوَقع الشَّك لوُقُوع الِاشْتِبَاه كَقَوْل قيس (فعَيْناكِ عَيْناها وَجِيدُكِ جِيدُها ... ولكنَّ عَظْمَ السَّاق منكِ دقيقُ) وَقَوله أغذاء هُوَ اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار يُرِيد أَن الرشأ الذى يهواه إنسى وَلَا وحشى فيغذى بالشيح وَقَالَ أَبُو الْفَتْح المصراعان متباينان فَلذَلِك أفرد كل وَاحِد بِمَعْنى وَقَالَ أَصْحَاب الْمعَانى قد يفعل الشَّاعِر مثل هَذَا فى التشبيب خَاصَّة ليدل بِهِ على ولهه وشغله عَن تَقْوِيم خطابه كَقَوْل جران الْعود 1 (يَوْمَ ارتحلْتُ برَحْلى قبل برْذَعتى ... والعقلُ مدَّلِهٌ والقلْبُ مَشْغولُ) (ثمَّ انصرفت إِلَى نِضوى لِأبعثه ... إِثْر الحُدوج الغوادى وَهُوَ مَعْقُول) يُرِيد أَنه لشغل قلبه لم يدر كَيفَ يرحل وَلم يدر أَن بعيره مَعْقُول وفى كَلَامه مَا يدل على ولهه مِمَّا ذكر من حَاله وعَلى هَذَا يحمل قَول زُهَيْر (قِفْ بالدّيارِ الَّتِى لم يعْفُها الْقدَم) ثمَّ قَالَ (بلَى وَغَيرهَا الْأَرْوَاح والديم) وَقَالَ القَاضِي بَين المصراعين اتِّصَال لطيف وَهُوَ أَنه لما أخبر عَن عظم تبريحه بَين أَن لاذى أورثه ذَلِك هُوَ الرشأ الذى شكله على شكل الغزلان فِي غذائه وزاده ابْن فورجة بَيَانا فَقَالَ يُرِيد مَا غذَاء هَذَا الرشأ إِلَّا القاوب وأبدان العشاق يهزلها ويمرضها ويبرح بهَا وَقد صرح بَعضهم بِهَذَا الْمَعْنى فَقَالَ (يَرْعَى القُلُوبَ وتَرْتَعِى الْغِزْلانُ ... فى البَيْداءِ 2 شيحَه) وَكَأن أَبَا الطّيب قَالَ ليكن تبريح الْهوى عَظِيما مثل مَا حل بى أتظنون من فعل بى هَذَا الْفِعْل غذاؤه الشيح مَا غذاؤه إِلَّا قُلُوب العشاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 - الْغَرِيب الشُّمُول الْخمر سميت بذلك لِأَنَّهَا تَشْمَل برائحتها وَقيل شبهت بالشمال من الرّيح لِأَنَّهَا تعطف باللب كَمَا تعطف بالشمال وَرجل مشمول الْخَلَائق أى محمودها ومشمول الْخَلَائق مذمومها مَأْخُوذ من الشمَال من الرّيح لأَنهم لَا يحمدونهم لِأَنَّهَا تفرق السَّحَاب والصنم وَاحِد الْأَصْنَام يُقَال إِنَّه مُعرب شمن وَهُوَ الوثن الْمَعْنى يُرِيد إِنَّه يتمايل كمشية السَّكْرَان وغيرت الْخمر مشيته وزادت فى حسنه كَأَنَّهُ صنم لَوْلَا أَنه ذُو روح وجردت عَنهُ ثِيَابه أى أزالت لِبَاسه عَنهُ قَالَه الْخَطِيب وَقَالَ غَيره جردته من شبه النَّاس حَتَّى أشبه الصَّنَم وَنظر فِيهِ إِلَى قَول ديك الْجِنّ (ظَلِلْنا بأيْدِينا نُتَعْتِعُ رُوحَها ... فتأْخُذُ مِنْ أقْدَامِنا الخَمْرُ ثارَها) 3 - الْغَرِيب تضرجت احْمَرَّتْ خجلا وَأَصله من انضرج إِذا انْشَقَّ كَأَنَّهُ قد انضرج أى انْشَقَّ جلده فَظهر الدَّم الْمَعْنى يَقُول فؤادى هُوَ الْمَجْرُوح فَمَا بَال هَذَا الرشأ لما نظرته تضرجت بِالدَّمِ وجناته وَلم يجرحها شئ وَإِنَّمَا الْمَجْرُوح فؤادى وَهُوَ من قَول كشاجم (أرَاهُ يُدَمَّى خَدُّهُ وَهْو جارِحى ... بعينَيْهِ والمجْرُوحُ أوْلى بأنْ يَدْمَى) 4 - الْغَرِيب صاب السهْم يصوب صيبوبة أى قصد وصاب السهْم القرطاس يصبهُ صيبا لُغَة فى أَصَابَهُ وفى الْمثل مَعَ الخواطئ سهم صائب الْمَعْنى يُرِيد أَنه أَصَابَهُ بِعَيْنيهِ وَلم يصبهُ بِيَدِهِ وَقَوله (رمتا يَدَاهُ) الْوَجْه أَن يَقُول رمت يَدَاهُ وَلكنه على لُغَة من قَالَ قاما أَخَوَاك وَمثل هَذَا قِرَاءَة حَمْزَة والكسائى فى قَوْله تَعَالَى {إِمَّا يبلغان عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا} وَالْمعْنَى أَنه يُرِيد أَن عَيْنَيْهِ رمتا وَلم ترم يَدَاهُ سَهْما يعذب وَمن عَادَة السهْم أَن يقتل فيريح الْمَقْتُول وَهَذَا السهْم لم يرح وَإِنَّمَا يعذب الذى أَصَابَهُ فَهُوَ لاميت وَلَا حى بل هُوَ معذب 5 - الْغَرِيب الْجنان الْقلب وَيُقَال مَا على جنان إِلَّا مَا ترى أى ثوب وجنان اللَّيْل ادلهمامه قَالَ خفاف بن ندبة (ولوْلا جَنان اللَّيْل أدْرك رَكضُنا ... بذى الرّمْثِ والأرْطى عياضَ بنَ ناشبِ) الْمَعْنى يَقُول نلتقى بالقلوب لَا بالأجسام وَإِن قرب المزار فَلَا مَزَار على الْحَقِيقَة وَيَغْدُو الْجنان أى يَغْدُو الْقلب إِلَيْهِ وَيروح أى يتَذَكَّر فيتصور فى الْقلب فكأنا قد الْتَقَيْنَا وَهَذَا من قَول ابْن المعتز (إنَّا عَلى البِعادِ والتَّفَرُّقِ ... لَنَلْتَقِى بالذّكْرِ إنْ لَمْ نَلْتَقِ) وَمثل هَذَا لرؤبة (إنى وَإِن لم ترَنى كأنَّنى ... أرَاكَ بالغَيْب وَإِن لم ترَنى) وَأحسن فى هَذَا الْمَعْنى أَبُو الطّيب على من قبله بقوله (لَنا ولأهْلِه أبدا قُلُوبٌ ... تلاقى فى فى جُسومٍ مَا تلاقى) 6 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح ظَهرت سرائرنا وشفنا نقصنا يُرِيد لما عرضنَا لَك بهواك قَامَ مقَام التَّصْرِيح منا لَك وَيجوز عرضنَا لَك عودتك فصرحت بالهجر وَيجوز لما جهدنا بالتعريض اسْتَرَحْنَا إِلَى التَّصْرِيح فانهتك السّتْر وَهُوَ أقوى الِاحْتِمَالَات انْتهى كَلَامه قَالَ الواحدى لم يقف أَبُو الْفَتْح على حَقِيقَة الْمَعْنى وَقد ذكر فى هَذَا أوجها فَاسِدَة وَإِنَّمَا حَقِيقَة الْمَعْنى كتماننا نقصنا وهزلنا فَصَارَ النحول صَرِيح الْمقَال يُرِيد أَنه اسْتدلَّ بالتحول على مَا فى الْقلب من الْحبّ فَقَامَ ذَلِك مقَام التَّصْرِيح لَو صرحنا 7 - الْغَرِيب الحمول الْأَحْمَال على الْإِبِل وَيُرِيد بهَا الْإِبِل الَّتِى حملتها والطلوح جمع طلح وَقيل جمع طَلْحَة الْأَحْمَال مثل بدرة وبدور والأسى الْحزن الْمَعْنى يَقُول لما تَفَرَّقت الحمول سائرة تقطعت نفسى وجدا وحزنا وَشبههَا بالأشجار وَمن عَادَة الْعَرَب أَن تشبه الْإِبِل وَعَلَيْهَا الهوادج بالأشجار وَقَالَ الخوارزمى الطلح شجر أَسْفَله دَقِيق وَأَعلاهُ كالقبة فتشبه الحمول بذلك 8 - الْإِعْرَاب أَدخل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر جملَة فعلية وَالتَّقْدِير حسن العزاء قَبِيح وَقد جبلين أى المحاسن الْمَعْنى يُرِيد أَن الْوَدَاع كشف محَاسِن الحبيب الَّتِى يُمكن أَن تظهر حَتَّى قبح الصَّبْر عِنْدهَا وَهَذَا كَقَوْل العتبى (والصَّبْرُ يُحْمَدُ فى المَوَاطِنِ كلِّها ... إلاَّ عَلَيْكَ فإنَّهُ مَذْمُومُ) وَقَالَ يحيى بن مَالك (أحَقا فمَا وَجدِى عليكَ بهَيِّن ... وَلَا الصَّبرُ إِن أعطيتَه بجَميل) وكقول حبيب (وَقد كَانَ يُدعَى لابسُ الصَّبر حازما ... فَأصْبح يُدعَى حازما حِين يَجْزعُ) وَأحسن وَزَاد على الْجَمَاعَة أَبُو الطّيب بقوله (أجِدُ الجَفاءَ على سواك مُرُوّة ... والصبرَ إِلَّا عَن نوَاك جميلا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 - الْغَرِيب أَرَادَ بالمدمع الدمع يَقُول لَو تَرَانَا عِنْد الْوَدَاع وَنحن فى حَال لرحمتنا الْيَد تُشِير بِالسَّلَامِ والطرف شاخص إِلَى وَجه الْمُودع وَالْقلب ذائب حزنا من ألم الْفِرَاق والدمع مصبوب وَهَذَا // تَقْسِيم حسن // 10 - الْغَرِيب انبرى انْدفع وَاعْترض وَأخذ الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحمام عِنْد فقد إلفه لَو وجد كوجدى لأخذ شجر الْأَرَاك يساعده على النوح والبكاء رَحْمَة لَهُ ورقة وإعانة على النواح لكنه لم يجد كوجدى 11 - الْغَرِيب الأمق الْمَكَان الطَّوِيل وَفرس أمق أى طَوِيل والوخد ضرب من السّير وَيُرِيد هُنَا أسرعت والطليح وَهُوَ المعيى وطلح الْبَعِير أعيا فَهُوَ طليح وأطلحته أَنا وطلحته حسرته وناقة طليح أسفار إِذا أجهدها السّير وهزلها وإبل طلح وطلائح والطلح بِالْكَسْرِ المعيى من الْإِبِل وَغَيرهَا يستوى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْجمع أطلاح قَالَ الحطيئة يصف إبِلا وراعيها (إِذا نَام طِلْحٌ أشعَثُ الرأسِ خَلْفَها ... هداه لَهَا أنفاسُها وزَفيرُها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 الْمَعْنى يَقُول فى وصف بلد طَوِيل لَو أسرعت ريَاح الشمَال فى ذَلِك الْبَلَد وَعَلَيْهَا رَاكب لأناخ الرَّاكِب وَالشمَال طليح أى معية وَهَذَا من بَاب الْمُبَالغَة فَإِذا كَانَت الرّيح تعيا فِيهِ فَكيف الْإِنْسَان وَذكر الْعرض ليدل على السعَة لِأَنَّهُ أقل فى الْعرف من الطول وَهُوَ فى كل شئ كَقَوْلِه تَعَالَى {عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} 12 - الْإِعْرَاب ركبهَا مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ التَّسْبِيح والثقدير وركبها مسبحون وَالضَّمِير عَائِد إِلَى القلص وَخَوف الْهَلَاك مفعول لأَجله أَو فى مَوضِع الْحَال وحداهم التَّسْبِيح مُبْتَدأ وَخبر الْغَرِيب قلص الركاب هى الْفتية من الْإِبِل الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى نازعته أخذت مِنْهُ بقطعى إِيَّاه وأعطيته مَا نَالَ من الركاب قَالَ الواحدى وَلَيْسَ الْمَعْنى على مَا قَالَ لِأَن الْمُتَنَازع فِيهَا هى القلص فالبلد يفنيها وَيَأْخُذ مِنْهَا وَهُوَ يستبقيها وَالْمعْنَى إنى أحب إبقاءها والبلد يحب إفناءها بالمنازعة فِيهَا كَقَوْل الْأَعْشَى (نازعتُهم قُضُب الرَّيحانِ متَّكئا) أى أخذت مِنْهُم وأعطيتهم وهم أخذُوا منى وأعطونى وَمعنى الْبَيْت إِنَّهُم من خوفهم كَانُوا يسبحون الله من هول الطَّرِيق ومشقتها وَكَانَ التَّسْبِيح بدل الحداء يتبركون بالتسبيح ويرجون بِهِ النجَاة 13 - الْإِعْرَاب لَوْلَا الْأَمِير الْأَمِير مُرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ عِنْد الْبَصرِيين وَعِنْدنَا أَن الِاسْم مَرْفُوع بهَا لِأَنَّهَا نائبة عَن الْفِعْل الذى لَو ذكر لرفع الِاسْم كَمَا تَقول لَوْلَا زيد لجئت تَقْدِيره لَو لم يمنعنى إِلَّا أَنهم خذفوا الْفِعْل تَخْفِيفًا وَزَادُوا لَا على لَو فَصَارَ بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد كَقَوْلِهِم أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك تَقْدِيره أَن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك قَالَ الشَّاعِر (أَبَا خُرَاشة أمَّا أنتَ ذَا نَفَرٍ ... فإنّ قَوْمَى لم تأكُلْهُمُ الضُّبُعُ) أى أَن كنت ذَا نفر فَحذف الْفِعْل وَزَاد مَا عوضا عَنهُ والذى يدل على أَنَّهَا عوض عَن الْفِعْل أَنه لَا يجوز ذكر الْفِعْل مَعهَا لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض وكقولهم إمالا فافعل هَذَا تَقْدِيره إِن لم تفعل مَا يلزمك فافعل هَذَا فَحذف الْفِعْل لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وزيدت مَا على أَن عوضا عَنهُ فصارتا بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد وَيجوز إمالتها لِأَنَّهَا صَارَت عوضا عَن الْفِعْل كَمَا أمالوا بلَى وَيَا فى النداء والشواهد كَثِيرَة على أَن الْفِعْل بعْدهَا مَحْذُوف وَاكْتفى الإسم بلولا وَيدل على أَن زيدا منعنى قَالَ الله تَعَالَى {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} وَلَو كَانَت فى مَوضِع الِابْتِدَاء لوَجَبَ أَن تكسر فَلَمَّا فتحت دلّ على صِحَة قَوْلنَا وَحجَّة الْبَصرِيين على أَنه يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ دون لَوْلَا أَن الْحَرْف لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ مُخْتَصًّا وَلَوْلَا لَا يخْتَص بالإسم دون الْفِعْل وَقد يخْتَص بِالْفِعْلِ وَالِاسْم قَالَ الشَّاعِر (لَا درّ درّك إنى قد حَمِدُتهم 1 ... لَوْلَا حُدِدْت وَمَا عُذْرَىِ لمَحْدودِ) وَنحن نقُول إِن هَذَا الْبَيْت على معنى لَوْلَا أَنى حددت فَصَارَت مُخْتَصَّة بِالِاسْمِ دون الْفِعْل وَقَوله جشمت فِيهِ ضمير يعود على الركاب الْغَرِيب جشمت كلفت جشمت الْأَمر بِالْكَسْرِ جشما وتجشمته تكلفته على مشقة وجشمته الْأَمر تجشيما وأجشمته إِذا كلفته إِيَّاه وَقَالَ الشَّاعِر عبد الْمطلب 2 (مهما تُجَشِّمْنى فإِنىَ جاشمُ ... ) الْمَعْنى يُرِيد لَوْلَا الممدوح مَا كلفت الْإِبِل خطرا أى خطر المفاوز وَلَا رددت الناصح الذى ينْهَى عَن ركُوب المفاوز لهولها وَبعدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 - الْغَرِيب ونت قصرت وفترت وَأمّهَا قَصدهَا وَهُوَ هُنَا بِمَعْنى مقصودها وتاح لَهُ الشئ وأتيح أى قدر لَهُ وأتاح الله لَهُ الشئ أى قدره لَهُ وَرجل متيح يعْتَرض فِيمَا لَا يعنيه قَالَ الراعى (أفى أثَر الأظْعان عينُك تَلْمَحُ ... نَعَمْ لاتَ هَنَّا إنّ قلبكَ مِتْيَحُ) الْمَعْنى يَقُول إِن فترت وَأَنت قَصدهَا فالموت فَهُوَ خير لنا ولى من أَن نتخلف عَنْك أَو إِذا افترت هَذِه الركاب فَقدر الله لَهَا ولى الْمَوْت فَهُوَ خير لنا 15 - الْغَرِيب نقُول شمت الْبَرْق إِذا نظرت إِلَى سحابه أَيْن تمطر وشمت مخايل الشئ إِذا تطلعت نَحْوهَا ببصرك وحرى أى حقيق وخليق ومرته استدرته الْمَعْنى يَقُول شمنا بروقه أى رجونا عطاءه وَلم تحجب بروقه السَّمَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ بغيم فيسترها وَإِنَّمَا يُرِيد مخايل عطائه وَهُوَ خليق بِأَن يجود وَلم تمره الرّيح وَهَذَا يُرِيد تفضيله على السَّحَاب لِأَن السَّحَاب لَا يجود حَتَّى تستدره الرّيح ويحجب حسن السَّمَاء وَهَذَا يجود وَلَا يحجب السَّمَاء وَلم تمره الرّيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 - الْغَرِيب مغبوق هُوَ الذى يسقى عِنْد الغبوق وَهُوَ آخر النَّهَار والمصبوح هُوَ الذى يسقى عِنْد الصَّباح وَالْمرَاد أَنه يسقى بكأس محامد فَحذف الْبَاء وأضاف المغبوق إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ الْمَعْنى يُرِيد إِنَّه مرجو للنفع مخوف الآذى يحمد فى كل وَقت من هَذِه الْأَوْقَات فَكَأَنَّهُ يسقى بكأس المحامد غبوقا وصبوحا 17 - الْإِعْرَاب حنق مبدل من قَوْله مرجو وَهُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ مرجو الْغَرِيب بدر جمع بدرة كسدرة وسدرا واللجين الْفضة وَهَذَا بَيت // جيد حسن الْمَعْنى // وَالْجمع بَين الْإِسَاءَة والصفح من الطباق الْجيد 18 - الْإِعْرَاب من روى الْكَرم بِالنّصب فَالضَّمِير فى فرق للممدوح وَمن روى بِالرَّفْع فالفعل للكرم وحرفا الْجَرّ يتعلقان بالفعلين الْغَرِيب الشحيح الْبَخِيل وشححت بِالْكَسْرِ تشح وشححت بِالْفَتْح تشح وتشح وَرجل شحيح وَقوم شحاح وأشحة وتشاح الرّجلَانِ على الْأَمر لَا يُريدَان أَن يفوتهما والشحاح بِالْفَتْح الشحيح وَالشح الْبُخْل مَعَ حرص الْمَعْنى يَقُول لَو فرق فى النَّاس كرمه الذى يفرق مَاله لَكَانَ النَّاس كلهم أسخياء وَهَذَا من قَول بَعضهم (أقُولُ إذْ سألوِنى عَنْ سَماحتِهِ ... ولستُ ممَّن يُطيلُ القَوْل إِن مَدَحا) (لَوْ أنَّ مَا فيهِ مِنْ جُودٍ تَقَسَّمه ... أولادُ آدمَ عادُوا كلهم سُمَحَا) وَمِنْه قَول الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف (لَوْ قَسَّمَ اللهُ جُزْءاً مِن محاسنه ... فى النَّاسِ طُرَا لَتمَّ الحُسْن فى النَّاسِ) وَقَالَ أَبُو تَمام (لَوْ اقْتُسِمتْ أخلاقُه الغُرُّ لَمْ تجِد ... مَعِيبا وَلَا خَلقا من النَّاس عائِبا) 19 - الْغَرِيب من روى ألغت فَهُوَ من اللَّغْو أى تركت وَمن روى ألفت فَهُوَ من الألفة أى اعتادته والسمة الْعَلامَة تكون على أنف الْبَعِير وَالشَّاة وَغَيرهمَا من الدَّوَابّ الْمَعْنى يَقُول أسقطت آذانه كَلَام العذل وألفته فَلَا تعبأ بِهِ وروى ابْن جني ألفت أى اعتادت كَلَامهم فَلم تلْتَفت إِلَيْهِ وأهملته من كَثْرَة مَا يلومونه أى اعتادت مسامعه اللوم وألفته فَهُوَ يعْصى اللوام وَغَيره يطيعهم فَيرى عَلَيْهِم أثر اللوم ظَاهرا كَمَا ترى السمة على الْأنف 20 - الْغَرِيب خلت مَضَت كَمَا قَالَ الله تَعَالَى قد خلت من قبلكُمْ سنَن} والقرون جمع قرن من النَّاس وَقيل الْقرن مَا بَين الْأَرْبَعين إِلَى الْخمسين وَقيل المئة الْإِعْرَاب قَالَ ذكره وَحَدِيثه وَلم يقل مشروحان وَذَلِكَ لِأَن الذّكر والْحَدِيث وَاحِد وَقيل هما جملتان حذفت الأولى لدلَالَة الثَّانِيَة عَلَيْهَا وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَأنْشد (نحنُ بِمَا عنْدَنا وأنْتَ بِمَا ... عندكَ راضٍ والرأىُ مختلِفُ) وَمذهب الْمبرد أَن فى الْكَلَام تَقْدِيمًا وتأخيرا وَتَقْدِيره وَالله أَحَق أَن يرضوه وَرَسُوله وَقَالَ قوم بل الضَّمِير عَائِد على الْمَذْكُور كَقَوْل رؤبة (فِيهَا خُطُوطٌ مِن سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كأنَّه فى الجلْد تَوْليعُ البَهَقْ) أى كَأَن الْمَذْكُور الْمَعْنى قَالَ الواحدى لم يعرف ابْن جنى الْبَيْت فَلم يفسره وَفَسرهُ ابْن دوست بِخِلَاف الْمَعْنى وَقَالَ إِن الله بشر بِهِ فى كتب الماضين وَهَذَا كذب صَرِيح لِأَن الله تَعَالَى لَا يبشر بِغَيْر نبى أَو لم يسمع قَول أَبى الطّيب (إِلَى سَيِّدٍ لَوْ بَشَّرَ الله أمَّة ... بِغَيْر نبِىّ بَشَّرَتْنا بِهِ الرُّسْلُ) الْمَعْنى أَن الْكتب مشحونة بِذكر الْكَرم ونعت الْكِرَام وَهُوَ الْمَعْنى بذلك إِذْ الْحَقِيقَة مِنْهَا لَهُ فَذكره إِذن فى الْكتب مشروح وَيجوز أَن يُرِيد أَنه المهدى الذى ذكر فى الْكتب خُرُوجه انْتهى كَلَامه وَقَالَ غَيره الْمَعْنى أَنْت الذى إِذا خلت الْقُرُون بقى ذكر كرمك وسيرتك بالكتب مشروحا إِلَى أَن تقوم الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 - الْغَرِيب ألبابنا جمع لب وَهُوَ الْعقل مبهورة متحيرة الْمَعْنى يُرِيد أَن عقولنا مغلوبة بجماله فَنحْن متحيرون فى جماله فَلم نرقى النَّاس مثله ونواله زَائِد على أمطار السَّحَاب حَتَّى لقد فَضَح نواله السَّحَاب 22 - الْغَرِيب الكماة جمع كمى وَقيل جمع كام كقاض وقضاة والكمى الشجاع المتكمى فى سلاحه لِأَنَّهُ كمى نَفسه أى سترهَا بالدرع والبيضة الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا غشى الحروب فَلَا ترجع قناته مَكْسُورَة إِلَّا بعد أَن لَا يبْقى مِنْهُم صَحِيح وَقَوله مَكْسُورَة حَشْو زَاده ليطابق بَينه وَبَين الصَّحِيح وَلَا فَخر فى أَن ترجع الْقَنَاة مَكْسُورَة وَمعنى الْبَيْت من قَول الفرزدق (بأيْدى رِجالٍ لم يَشيمُوا سُيوفَهُمْ ... وَلم تَكْثُر القَتْلَى بهَا حينَ سُلتِ) أى لم يغمدوها إِلَّا بعد أَن كثرت الْقَتْلَى بهَا 23 - الْغَرِيب المجاسد جمع مجسد وَهُوَ الْمَصْبُوغ بالزعفران وَقيل هُوَ المشبع صبغه وَهُوَ الْأَحْمَر الشَّديد اللَّوْن وَيُقَال للزعفران الجساد والمسوح مَا يعْمل من الشّعْر الْأسود الْمَعْنى يُرِيد أَن الأَرْض لبست من دِمَائِهِمْ ثيابًا حمرا وَالسَّمَاء لبست من العجاج مسوحا سُودًا وَقَالَ الواحدى لِكَثْرَة مَا يسفك من الدَّم صبغ الأَرْض حَتَّى كَأَن عَلَيْهَا مجاسد واسودت السَّمَاء بالغبار حَتَّى كَأَن عَلَيْهَا مسوحا 24 - الْإِعْرَاب رب الْجواد فَاعل يخطو وأمامه وَخَلفه منصوبان على الظّرْف الْمَعْنى يُرِيد أَن الْقَتْلَى كثرت حَتَّى امْتَلَأت المعركة فالفارس على الْفرس الْجواد يخطو من قَتِيل إِلَى قَتِيل ويخلف خَلفه فَارِسًا مبطوحا أى مطروحا على وَجهه قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون رب الْجواد الممدوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 - الْغَرِيب المقيل المستقر وَمِنْه (ضَرْبٌ يُزِيلُ الهامَ عَنْ مَقِيلِهِ ... ) ومقيل الْحبّ هُوَ الْقلب وَكَذَلِكَ الغيظ والمقروح الْمَجْرُوح الْمَعْنى يُرِيد أَن قلب محبه فَرح بِهِ وقلب عدوه مقروح بِهِ 26 - الْمَعْنى يُرِيد أَن عدوه يخفى عداوته لَهُ خوفًا مِنْهُ وهى لَا تخفى لِأَن نظر الْعَدو إِلَى من يعاديه يظْهر مَا فى قلبه من الْعَدَاوَة كَمَا قَالَ ابْن الرومى (تُخَبّرُنِى العَيْنانِ مَا القَلْبُ كاتِمٌ ... وَما جَنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَر الشَّزْرِ) وَقَالَ الآخر (تُكاشِرُنِى كَرْها كأنَّكَ ناصِحٌ ... وعَيْنُكَ تُبْدى أَن صَدْرَكَ لى دَوِى) وَقَالَ الآخر (خَليلىّ للْبَغْضاءِ عَيْنٌ مُبِينَةٌ ... وللْحُبّ آيَات تُرَى وَمَعارِفُ) 27 - الْإِعْرَاب شرفا نصب على الْمصدر وَقيل على التَّمْيِيز الْغَرِيب الضريح هُوَ الْقَبْر وَقيل الضريح هُوَ الشق فى وسط الْقَبْر واللحد فى جَانِبه والضريح أَيْضا الْبعيد وأضرحه عَنْك أبعده الْمَعْنى يَقُول أَنْت ابْن من لم تشْتَمل برد على أحد فى الشّرف كابنه وَهُوَ الممدوح وَلَا ضم قبر أحدا فى الشّرف كجده الْمَعْنى لَيْسَ فى الْأَحْيَاء مثلك شرفا وَلَا فى الْأَمْوَات مثل جد أَبِيك فى الشّرف 28 - الْإِعْرَاب هول صفة لسيل وَقَوله اختلطا الْوَجْه أَن يَقُول اخْتَلَط لكنه جَاءَ بِهِ على اللُّغَة الْأُخْرَى كَقِرَاءَة حَمْزَة والكسائى فى قَوْله تَعَالَى {إِمَّا يبلغان عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا} الْغَرِيب الْمَسِيح الْعرق الذى مسح عَن الْجَسَد فَكَأَنَّهُ فعيل فى معنى مفعول قَالَ الراجز (ناديتها وَقد بدا مَسِيِحى ... وابتّل ثوباى من النضيح) والمسيح الْقطعَة من الْفضة وَالدِّرْهَم الأطلس مسيح والمسيح عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والمسيح الدَّجَّال الْمَعْنى يُرِيد إِنَّك عِنْد الْعَطاء سيل وَعند الحروب هول تهول أعداءك فهم خائفون مِنْك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 - الْغَرِيب اللَّوْح الْهَوَاء مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأَرَادَ بالغيث السَّحَاب الذى فِيهِ مطر الْمَعْنى يُرِيد لَو كنت بحرا مَا كَانَ لَك سَاحل لعظمتك أى مَا كَانَ يرى لَك سَاحل والساحل مورد الْبَحْر يُرِيد كنت أخْشَى على النَّاس الْغَرق فَلَا يَجدونَ ساحلا يلجئون إِلَيْهِ وَلَو كنت سحابا لم يسعك الْهَوَاء لعظمتك 30 - الْإِعْرَاب وخشيت عطف على قَوْله ضَاقَ عَنْك أى وخشيت الْغَرق على الْبِلَاد أى كنت أخْشَى على أهل الْبِلَاد والبلاد الْغَرق وَهُوَ الذى أنذر بِهِ نوح قومه وَأَرَادَ الطوفان 31 - الْإِعْرَاب عجز ابْتِدَاء وَقد تفِيد النكرَة وَخَبره فاقة فالباء مُتَعَلقَة بفاقة وَيجوز أَن تكون فاقة ابْتِدَاء وَالْخَبَر عجز مقدم عَلَيْهِ وَتَقْدِيره فاقة بَحر عجز فعلى هَذَا تكون النكرَة قد تقدم عَلَيْهَا خَبَرهَا وَقيل بل عجز خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْمَعْنى تَقْدِيره الْقعُود عَن قصدك عجز بَحر وفاقة ابْتِدَاء ثَان خَبره مَحْذُوف تَقْدِيره بِهِ فاقة الْغَرِيب الْفَاقَة الْفقر ووراءه قدامه قَالَ الله تَعَالَى {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك} أى قدامهم وهى من الأضداد الْمَعْنى يُرِيد إِن من الْعَجز أَن يقاسى الْحر فاقة وهى الْفقر وَلَا يطْلب الرزق من الله ويقصد بابك الذى لَا يحجب عَنهُ أحد لِأَن الله تَعَالَى قد وسع بك الرزق على النَّاس فَمن لم يقصدك طَالبا للرزق فَذَلِك لعَجزه وَهُوَ من قَول الآخر (وعَجْز بذى أدّب أَن يَضيقَ ... بعيشته وُسْعُ هذى البلادِ) وكقول أَبى تَمام الطائى (خابَ امْرُؤٌ بَخَسَ الحَوَادِثُ رِزْقَهُ ... فأقامَ عَنْكَ وأنْتَ سَعْدُ الأسْعُدِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 - الْإِعْرَاب سواك إِذا فتحت مدت وَإِن كسرت قصرت وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بِخَبَر ثَان الْغَرِيب الشجى الحزين والغضبان والقريض الشّعْر وَيُقَال قرضت الشّعْر أقْرضهُ إِذا قلته فالشعر قريض وَمِنْه قَول عبيد بن الأبرص حَال الجريض دون القريض والجريض مَا يردهُ الْبَعِير من جرته الْمَعْنى يَقُول القريض عَائِذ بك من أَن يمدح بِهِ غَيْرك لِأَنَّك مُسْتَحقّ الْمَدْح 33 - الْغَرِيب الرياض جمع رَوْضَة يُقَال رَوْضَة ورياض وَروض وَالرَّوْضَة مَا يكون من العشب والبقل وَالرَّوْض نَحْو من نصف الْقرْبَة مَاء وفى الْحَوْض رَوْضَة من مَاء إِذا غطى أَسْفَله وَأنْشد أَبُو عَمْرو والحيا مَقْصُورا الْمَطَر والخطب وَإِذا ثنيت قلت حييان فَتبين الْيَاء لِأَن الْحَرَكَة غير لَازِمَة وَالْحيَاء الْمَمْدُود الاستحياء الْمَعْنى يُرِيد أَن رَائِحَة الرياض كلا م مِنْهَا يُرِيد معنى الْكَلَام لَهَا لَو أَنَّهَا تَتَكَلَّم كَانَت تثنى على الْمَطَر الذى أَحْيَاهَا فرائحتها تفوح بِمَنْزِلَة الثَّنَاء على الْمَطَر وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن الرومى (شَكَرَتْ نِعْمَةَ الوَلِىّ عَلى الوَسْمِىّ ... ثُمَّ العِهادِ بَعْدَ الْعِهادِ) (فَهْىَ تُثْنِى عَلى السَّماءِ ثَناءً ... طَيِّبَ النَّشْرِ شائِعا فِى البِلادِ) (مِنْ نِسِمٍ كأنَّ مَسْرَاةُ فى الخَيْشُوم ... مَسْرَى الأرْوَاحِ فى الأجْسادِ) وَأَخذه السرى الموصلى فَقَالَ (وكْنْتَ كَرَوْضَةٍ سُقِيَتْ سَحابا ... فأَثْنَتْ بالنَّسِيمِ عَلى السَّحابِ) 34 - الْغَرِيب الْجهد والجهد بِالْفَتْح وَالضَّم وَقَالَ الْفراء بِالضَّمِّ الطَّاقَة وحجته قِرَاءَة الْجُمْهُور وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ والجهد بِالْفَتْح من قَوْلهم اجهد جهدك فى الْأَمر أى ابلغ غايتك وَلَا يُقَال اجهد جهدك بِالضَّمِّ والجهد بِالْفَتْح الْمَشَقَّة يُقَال جهد دَابَّته وأجهدها إِذا حمل عَلَيْهَا فى السّير فَوق طاقتها وأجهد فى كَذَا أى جد فِيهِ وَبَالغ الْمَعْنى يُرِيد أَن الرَّائِحَة من الرياض جهد الْمقل لِأَنَّهَا لَا تقدر على الْكَلَام وَلَا تقدر أَن تشكر السَّحَاب إِلَّا بِمَا يفوح مِنْهَا من طيب الرَّائِحَة فَكيف ظَنك بشاعر فصيح اللِّسَان يعْنى نَفسه إِذا أَحْسَنت إِلَيْهِ وَله لِسَان فصيح وقدرة على الثَّنَاء فَهُوَ إِذا أَحْسَنت إِلَيْهِ أَو أوليته إحسانا لم يتْرك الشُّكْر لَك مَعَ الْأَوْقَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 - 1 - الْإِعْرَاب جَارِيَة ابْتِدَاء وروح اسْم مَا المشبهة بليس وَالْجَار وَالْمَجْرُور الْخَبَر وَقَوله تباريح ابْتِدَاء خَبره الْمُقدم عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَار وَالْمَجْرُور وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بالاستقرار وَمن حبها يتَعَلَّق بِالِابْتِدَاءِ الْغَرِيب التباريح شدَّة الْحبّ وبرح بِهِ الْأَمر تبريحا أى أجهده وتباريح الشوق توهجه وَهَذَا الْأَمر أَبْرَح من هَذَا أى أَشد الْمَعْنى يَقُول الْقُلُوب تحبها لحسن صورتهَا 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا أطيب الْأَشْيَاء رَائِحَة وَالطّيب كُله يَأْخُذ من طيبها 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يشرب الكأس كرها ودمعه يسيل على خَدّه لَا يقدر على مخالفتها وَلَا يُمكنهُ إِلَّا امْتِثَال الْإِشَارَة الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 - 1 - الْإِعْرَاب منصرفى يُرِيد انصرافى وَإِذا زَاد الْفِعْل على الثلاثى اسْتَوَى فِيهِ الْمصدر وَاسم الزَّمَان وَالْمَكَان وَإِذا كَانَ مُتَعَدٍّ يَا ساوت هَذِه الْأَشْيَاء لفظ الْمَفْعُول فالمنصرف يَقع على الْمصدر والموضع الذى ينْصَرف عَنهُ وعَلى الْوَقْف الذى يَقع فِيهِ ذَلِك وَانْصَرف فعل لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعول فلوبنى مثل هَذِه الْأَشْيَاء من مثل اجتذب وَنَحْوه مِمَّا هُوَ على أَرْبَعَة أَو أَكثر اسْتَوَت فِيهِ الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الْمصدر وَالزَّمَان وَالْمَكَان وَالْمَفْعُول يُقَال حَبل مجتذب وَعَجِبت من مجتذبي حبك أى اجتذاب وَهَذَا مجتذب حبلك أى الْموضع الذى يجتذب فِيهِ وَالْوَقْت الذى كَانَ فِيهِ الاجتذاب الْمَعْنى يُرِيد أَنه يتنازع هُوَ وَاللَّيْل فالليل يَأْمُرهُ بالانصراف وَهُوَ لَا يطيعه فَيَقُول إِذا انصرفت فقد مكنت اللَّيْل من مناقشته عَلَيْك إياى فالليل يمنعنى من لُزُوم مجلسك لافتقارى إِلَى النّوم ويخفينى عَنْك فَإِذا انصرفت عَنْك فقد أَعْطَيْت اللَّيْل مَا أَرَادَ فكأنى قد أَعْطيته أقوى سلَاح لَهُ يقاتلنى بِهِ 2 - الْإِعْرَاب من رفع بَين يجوز أَن يكون فَاعِلا بِبَعِيد كَقَوْل الشَّاعِر (كأنَّ رِماحَهم أشْطانُ بِئرٍ ... بعِيدٌ بينَ جالَيها جَرُورِ 1) فَأخْرجهُ عَن الظَّرْفِيَّة وورفعه كَقِرَاءَة ابْن كثير وأبى عَمْرو وَابْن عَبَّاس وَحَمْزَة وأبى بكر فى قَوْله تَعَالَى {لقد تقطع بَيْنكُم} بِالرَّفْع وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يكون ابْتِدَاء وَخَبره بعيد وَوجه النصب أَن يكون على الظَّرْفِيَّة كَقِرَاءَة نَافِع والكسائى وَحَفْص عَن عَاصِم وَيجوز على إِضْمَار مَا تَقْدِيره بعيد مَا بَين جفونى كَقِرَاءَة الْأَعْمَش وَعبد الله بن مَسْعُود فى رِوَايَة عَنهُ (لقد تقطع مَا بينَكم ... ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح بإضمار فعل أى يبعد بَين جفونى الْمَعْنى يُرِيد أَنى إِذا فارقتك وَلم أرك طَال ليلى على فَبعد مَا بَين جفونى والصباح قَالَ الواحدى وَلَو قَالَ بَين عينى والصباح لَكَانَ أظهر لِأَن الصَّباح إِنَّمَا يرى بِالْعينِ لَا بالجفن وتلخيص الْمَعْنى إنى أحبك فَلَا أقدر أَن أُفَارِقك وَإِذا فارقتك طَال ليلى وسهرت إِلَى الصَّباح شوقا إِلَى لقائك الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 - 1 - الْإِعْرَاب أباعث كل منادى مُضَاف وَهَذِه الْهمزَة من حُرُوف النداء الْخَمْسَة الْغَرِيب الطموح الشاخص الْبَصَر تكبرا وضربه هُنَا مثلا للْمُبَالَغَة وأطمح زيد بَصَره إِذا رَفعه وطمح أبعد فى الطّلب وطامحات الدَّهْر شدائده وكل مُرْتَفع طامح وَرجل طماح شَره والسلهبة الطَّوِيلَة من الْخَيل وكل طَوِيل سلهب والسبوح الذى كَأَنَّهُ يسبح فى جريه يُقَال فرس سابح وسبوح وباعث يُرِيد هَا هُنَا محيى من قَوْله تَعَالَى {يَوْم يبْعَث الله الرُّسُل} أى يحييهم الْمَعْنى يُرِيد إِنَّك تحيى كل مكرمَة تمْتَنع عَن غَيْرك وَإنَّك فَارس الْخَيل السلاهب الشديدات الجرى لطولهن 2 - الْغَرِيب النجلاء الواسعة الَّتِى تغمس صَاحبهَا فى الدَّم فهى غموس الْمَعْنى يُرِيد إِنَّك طعان فى الْأَبْطَال فطعنتك وَاسِعَة غموس تغمس صَاحبهَا فى الدَّم حَتَّى تغيبه فِيهِ وَإنَّك تعصى كل من عذلك فى الْجُود أَو فى الشجَاعَة 3 - الْغَرِيب سقى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْقُرْآن من غير اخْتِلَاف قَالَ الله تَعَالَى {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقا} وَقَالَ الله تَعَالَى {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وَاخْتلف الْقُرَّاء فى قَوْله تَعَالَى {نسقيكم} فى الْمَوْضِعَيْنِ فَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو بكر بِالْفَتْح فيهمَا وضمهما الْبَاقُونَ الْمَعْنى يُرِيد أمكننى الله من الْأَعْدَاء حَتَّى أهريق دِمَاءَهُمْ وَالْعرب تَقول شربنا دم بنى فلَان يُرِيد قتلناهم وأسلنا دِمَاءَهُمْ على الأَرْض كَالْمَاءِ يفتخر بذلك الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 - 1 - الْإِعْرَاب من رفع زجل يكون الْكَلَام تَاما فى النّصْف الأول ويرتفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار وَقَالَ الواحدى من نَصبه نَصبه على الْحَال إِذا جعل المنايا البازى لِأَنَّهُ سَبَب منايا الطير الْغَرِيب تتبعها يُقَال تَبعته وَاتبعهُ وتتبعته 1 تبِعت الْقَوْم إِذا كنت خَلفهم ومروا بك فمضيت مَعَهم وَاتَّبَعتهمْ وَهُوَ افتعلت وَبهَا قَرَأَ الحرميان وَأَبُو عَمْرو فى الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة فى سُورَة الْكَهْف بوصل الْألف وأتبعت الْقَوْم على أفعلت إِذا كَانُوا قد سبقوك فلحقتهم وَبهَا قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَعبد الله بن عَامر بِقطع الْألف وأتبعت غيرى يُقَال أنبعته الشئ فَتَبِعَهُ وَقَالَ الْأَخْفَش تَبعته وأتبعته بِمَعْنى مثل ردفته وأرفته والزجل الصَّوْت وزجل الْجنَاح الذى يضْرب بجناحه إِذا طَار وَمِنْه الحَدِيث (لَهَا زجل بالتسبيح ... ) (وسحاب زجل ... ) ذُو رعد الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الحجلة أتبعتها المنايا بازيا زجل الْجنَاح إِذا طَار يسمع صوب جنَاحه لقُوَّة طيرانه فَأَخذهَا فَكَانَ سَبَب منيتها 2 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى مِنْهُ يعود على زجل الْجنَاح وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار وفى سِهَام يتَعَلَّق بِمَحْذُوف تَقْدِيره ظهر فى سِهَام وعَلى جَسَد فى مَوضِع الصّفة وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار وَمن ريَاح مُتَعَلق بتجسم الْمَعْنى شبه ريشه بِالسِّهَامِ للسرعة أَو لِأَنَّهَا سَبَب الْقَتْل للطير كَمَا أَن السِّهَام سَبَب الْقَتْل للطير وَقَالَ الواحدى جعل قصب ريشه سهاما إِمَّا لصحتها واستوائها وَإِمَّا لسرعة مرورها وَجعل جِسْمه من ريَاح لسرعة اقتداره على الطير 3 - الْغَرِيب الجؤجؤ صدر الطير الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح غلاظا بِالنّصب على النَّعْت لرءوس وَهُوَ أحسن وأجود لِأَن الْقَلَم قد يكون دَقِيقًا وَرَأسه غليظ وَقد يكون غليظا وَرَأسه دَقِيق وروى الصِّحَاح بِفَتْح الصَّاد على النَّعْت للجؤجؤ أَو للريش على اللَّفْظ لَا الْمَعْنى والصحاح جمع صَحِيح الْمَعْنى يُرِيد نقش صَدره فَشبه سَواد صَدره برءوس أَقْلَام غِلَاظ مَسَحْنَ فى ثوب أَبيض وَهُوَ // تَشْبِيه حسن // 4 - الْغَرِيب القعص دق الْعُنُق وَهُوَ الْمَوْت السَّرِيع يُقَال أقعصه إِذا قَتله مَكَانَهُ وَمَات فلَان قعصا إِذا أَصَابَته ضَرْبَة أَو رمية فَمَاتَ مَكَانَهُ والقعاص دَاء يَأْخُذ الْغنم فَلَا يلبثها أَن تَمُوت وَمِنْه الحَدِيث " وموتا يكون فى النَّاس كقعاص الْغنم " والحجن بِالتَّحْرِيكِ الاعوجاج وصقر أحجن المخالب أى معوجا والمحجن كالصولجان وحجن جمع أحجن والأسنة جمع سِنَان وَهُوَ مَا يكون فى رَأس الرمْح من الْحَدِيد والرماح جمع رمح وَهُوَ الذى يكون فِيهِ السنان من القنا وَغَيره وَجمع بَينهمَا لِأَن الْفِعْل لَهما فلولا الرمْح لم يعْمل السنان وَلَوْلَا السنان مَا عمل الرمْح شَيْئا وَأَرَادَ بالصقر أَصَابِعه وبالحجن مخالبه وَالْمعْنَى يُرِيد أَن البازى قتل هَذِه الحجلة قتلا سَرِيعا فدق عُنُقهَا 5 - الْغَرِيب الْفَلاح الْبَقَاء والفوز والنجاة والفلاح السّحُور (وَمِنْه حَتَّى خفنا أَن يفوتنا الْفَلاح ... ) أى السّحُور لِأَن بِهِ بَقَاء الصَّوْم وحى على الْفَلاح أى أقبل على النجَاة الْمَعْنى يُرِيد لَو حرص الْخلق على الْبَقَاء لم يدركوا ذَلِك لِأَن كل حى يصير إِلَى موت ويروى (يَوْم سوء ... ) // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام // وَهُوَ مَأْخُوذ من الْآيَة {كل شئ هَالك إِلَّا وَجهه} {وكل من عَلَيْهَا فان} {وكل نفس ذائقة الْمَوْت} الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 - 1 - الْغَرِيب روى أَبُو الْفَتْح بمورود وَغَيره بمولود والمورود هُوَ المحموم فى لُغَة أهل الْيمن كَأَن الْحمى وردته وَقيل المورود من الْورْد وَهُوَ يَوْم الْحمى وَمِنْه قَول ذى الرمة (كأنَّنِى مِن حِذار البَين موْرُود ... ) وسدكت لَزِمت وسدك الشئ بالشئ لزمَه الْمَعْنى يَقُول مَا لَزِمت عِلّة مولودا ومورودا أكْرم من هَذَا الرجل 2 - الْغَرِيب أنف يأنف يكره ويعاف ويستنكف وأنف يأنف أَنَفَة وأنفا وَمَا رَأَيْت آنف من فلَان وأنف الْبَعِير اشْتَكَى أَنفه من الْبرة الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ شجاعا فَأَنف أى استنكف عَن موتَة الْفراش وَهُوَ أَن يَمُوت حتف أَنفه وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يَمُوت فى الْحَرْب لشجاعته فَحل بِهِ أصدق المواعيد وَهُوَ الْمَوْت الذى أنف مِنْهُ أَن يُصِيبهُ على فرَاشه وَقد نظر إِلَى قَول حبيب (لَوْ لمْ يَمُتْ بينَ أطْرَافِ إذَنْ ... لَمَاتَ إذْ لَمْ يَمُتْ مِنْ شدَّةِ الحَزَنِ ... 3 - الْغَرِيب السوابح جمع سابحة أَو سابح وَهُوَ الشَّديد الجرى كَأَنَّهُ يسبح فى جريه والقود الطوَال من الْخَيل وَفرس أَقُود أَي طَوِيل الظّهْر والعنق وناقة قوداء وخيل قَود والقياديد الطوَال من الْإِبِل الْوَاحِد قيدود قَالَ ذُو الرمة (رَاحَتْ يُقَحِّمها ذُو أزْمَلٍ وُسِقَتْ ... لَهْ الفَرَائِشُ والقُبُّ 1 القَيادِيد) الْمَعْنى يُرِيد متل هَذَا الرجل لشجاعته يُنكر الْمَوْت على غير السُّرُوج فى الْحَرْب لِأَنَّهُ قد مارس الحروب ولقى الْأَبْطَال وَمَا أحسن قَول خَالِد بن الْوَلِيد المخزومى عِنْد الْمَوْت " لَا نَامَتْ أعين الْجُبَنَاء وَالله مَا فى جسدى مَوضِع شبر إِلَّا وَفِيه ضَرْبَة أَو طعنة وَهَا أناذا أَمُوت موتَة الْحمار " الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 - الْغَرِيب الصناديد السَّادة الْوَاحِد صنديد وَجمع راس على أرؤس كدار وأدؤر الْمَعْنى يَقُول من كَانَت صفته هَكَذَا فَهُوَ يأنف ويتكبر عَن موتَة الْفراش بعد مَا كَانَت الرماح تعثر بصدره فى الْحَرْب وَبعد ضربه رُءُوس السَّادة الْأَبْطَال وَقَالَ الواحدى معنى تعثر القنا بصدره أصابتها إِيَّاه إِشَارَة إِلَى أَن قرنه يخَاف جَانِبه فيقاتله بِالرُّمْحِ وَجعله ضَارِبًا إِشَارَة إِلَى أَنه لَا يخَاف أَن يدنو من قرنه 5 - الْغَرِيب الذمر الشجاع والرعديد الجبان والغمر أصعب مَوَاضِع الحروب الْمَعْنى وَمن بعد خوضه أصعب الْأَشْيَاء فى الحروب إِذا خاضها الشجاع البطل خَافَ فِيهَا خوف الجبان لهلكتها وشدتها 6 - الْمَعْنى يُرِيد إِن صَبرنَا فالصبر سجيتنا وَإِن بكينا فلعظم جزعنا وَإِن الْبكاء لَا يرد علينا أى لَا يعاب بِهِ لاستحقاقه ذَلِك لِأَنَّهُ مِمَّن يبكى على فَقده ولشدة الفجعية وَقَالَ الواحدى فَغير مَرْدُود علينا الْمَيِّت فَلَا نفع فى الْبكاء 7 - الْمَعْنى يَقُول الجزر يكون فِيمَا دون الْبَحْر فَإِذا جزر الْبَحْر فَذَلِك أَمر عَظِيم فَشبه مَوته بجزر الْبَحْر وَهُوَ رُجُوع مَائه إِلَى خلف ونضوبه الْمَعْنى إِن المصائب قد تقع وَلَكِن لم يعْهَد مثل هَذِه الْمُصِيبَة وَهُوَ من قَول أعشى باهلة (فإنْ جَزِعنا فمثلُ الشَّرّ أجْزَعنا ... وَإِن صَبرنا فإنَّا معشَر صُبُرُ) وَأَخذه حبيب فَقَالَ (فلئنْ صَبرت فأنتَ كَوْكَب معشر ... صَبَرُوا وَإِن تَجزع فَغير مُفَنَّدِ) وَأَخذه الآخر فَقَالَ (فَلَو شِئْتُ أَن أبكى دَما لبكَيْته ... عليكَ وَلَكِن ساحةُ الصَّبر أوسعُ) 8 - الْغَرِيب الزرافات الْجَمَاعَات والمواحيد جمع موحد وَهُوَ الْوَاحِد والهبات جمع هبة وهى الْعَطِيَّة الْمَعْنى يُرِيد إِن الْعَطاء انْقَطع بِمَوْتِهِ وفنى مَا كَانَ يعْطى الْأَفْرَاد وَالْجَمَاعَات فن هباته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الذى يبْقى بعد الْأَحِبَّة سالما إِنَّمَا يسلم للحزن على فقدهم لَا أَنه يخلد وَإِنَّمَا يتبعهُم وَإِن تَأَخّر أَجله عَن آجالهم فالصديق إِذا بقى بعد صديقه إِنَّمَا يسلم للحزن عَلَيْهِ لِأَن كلا ميت لَا محَالة 10 - الْمَعْنى يستفهم وَمَعْنَاهُ الْإِنْكَار وَالْمعْنَى لَا رَجَاء عِنْد زمَان أَحْمد حاليه الْبَقَاء وَهُوَ غير مَحْمُود لِأَن معجله بلَاء ومؤجله فنَاء قَالَ الواحدى وَإِن شِئْت قلت أَحْمد حاليه الْبَقَاء وَمن بقى شَاب والشيب مُنكر ومذموم فَهُوَ كَمَا قَالَ مَحْمُود الْوراق (يَهْوَى البَقاءَ وَإنْ مُدَّ الْبَقَاء لَهُ ... وَساعَدَتْ نَفْسَهُ فِيها أمانِيها) (أبْقَى البَقاءُ لهُ فى نَفْسِهِ شُغُلاً ... ممَّا يُرَى مِن تَصَارِيفِ البِلَى فِيهَا) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَحْمد حاليه أَن يبْقى بعد صديقه وَذَلِكَ غير مَحْمُود لتعجل الْحزن 11 - الْغَرِيب الْعَجم العض وعجمت الْعود أعجمه بِالضَّمِّ إِذا عضضته لتعلم أَصْلَب هُوَ والعواجم الْأَسْنَان وعجمت عوده بلوت أمره قَالَ الشَّاعِر (أَبى عُودُك المَعجوم إِلَّا صلابةً ... وكفَّاك إِلَّا نائلا حِين تُسأل) الْمَعْنى يُرِيد أَن الزَّمَان قد عرفه وَجَربه وَعرف صلابته وشدته على نوائبه 12 - الْغَرِيب الخطوب جمع خطب وهى الشدَّة تلقى الْإِنْسَان والمصيبة إِذا عظمت قيل مُصِيبَة سَوْدَاء الْإِعْرَاب وَمَا آنسنى يجوز أَن تكون مَا هَذِه تَعَجبا وَمَا الأولى بِمَعْنى الذى وهى فى مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ الْمَعْنى يَقُول فى من الْجلد وَالْقُوَّة وَالصَّبْر مَا يقارع الخطوب ويدافعها وَمَا يؤنسنى بالمصائب إِذا جَعلتهَا معطوفة على مَا الأولى وَقَالَ الواحدى فى مَا يقارع الخطوب ويؤنسنى بالمصائب الْعِظَام وَهُوَ علمه بِثَوَاب المصابين كَمَا قَالَ رَسُول الله " ليودن أهل الْعَافِيَة يَوْم الْقِيَامَة لَو أَن جُلُودهمْ قرضت بِالْمَقَارِيضِ لما يرَوْنَ من ثَوَاب أهل الْبلَاء " والذى آنسه بالمصائب رَأْيه الذى يرِيه الْمخْرج مِنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 - الْغَرِيب غمدت السَّيْف وأغمدته إِذا أدخلته الغمد وَهُوَ قرَابه الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما كَانَ فى أسر بنى كلاب فاستغاثك فأغثته واستنقدته من أَيْديهم لم تكن مغمودا عَنهُ الْمَعْنى لم تقعد عَنهُ بل أَخَذته من أيدى بنى كلاب 14 - الْغَرِيب الصَّيْد جمع أصيد وَهُوَ المتكبر وأصل الصَّيْد دَاء يَأْخُذ الْبَعِير فى عُنُقه فَيُقَال صَاد الْبَعِير وصيد وأصيد وَاسْتعْمل فى الرجل صَاحب النخوة وأصيد الصَّيْد هُنَا بِمَعْنى ملك الْمُلُوك وَلَا يكون هُنَا أعظمهم صيدا لِأَن ذَلِك يفتح كَمَا يفتح أَعور العور أى أَشَّدهم عورا لِأَن الْخلق والعاهات لَا يسْتَعْمل فِيهَا أفعل وَلَا مَا أَفعلهُ الْمَعْنى إِنَّه يُنَادِيه ويخاطبه بِهَذِهِ النعوت الْعَظِيمَة الَّتِى لَا يُنَادى بهَا إِلَّا من لَهُ الأتباع الْعَظِيمَة الْعدَد 15 - الْغَرِيب أنشره أَحْيَاهُ وَمِنْه (ثمَّ إِذا شَاءَ أنشره ... ) واللغاديد جمع لغدود وهى لحمات عِنْد اللهوات فى بَاطِن الْحلق الْمَعْنى يُرِيد أَنه مَاتَ قبل هَذِه الموتة وهى لما كَانَ فى أسر بنى كلاب كَانَ كالميت فأحييته بِالرِّمَاحِ تطعن بهَا فى حلوق الْأَعْدَاء واستنقذته مِنْهُم 16 - الْإِعْرَاب ورميك بِالرَّفْع مَعْطُوف على قَوْله (وَقع القنا ... ) وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بِالْمَصْدَرِ وَقَوله (بتسهيد ... ) مُتَعَلق برميت الْمَعْنى وسيرك بِاللَّيْلِ حَتَّى استنقذته مِنْهُم وهم سهد خوفًا مِنْك وَمن هجومك عَلَيْهِم فكأنك رميت أجفانهم بالتسهيد ورميت اللَّيْل بالجنود إِذْ سرت فِيهِ بجنودك 17 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى (رِعالها ... ) يعود على الْخَيل وهى غير مَذْكُورَة الْغَرِيب الرعال الْخَيل وهى جمع رعلة والشزب جمع شازب وَهُوَ الضامر من الْخَيل العوالى والثبات جمع ثبة وهى الْجَمَاعَة المجتمعة وَمِنْه (انفروا ثبات ... ) وعباديد متفرقون الْمَعْنى أَتَتْهُم عِنْد الصَّباح جمَاعَة من خيلك وهى جماعات فى تَفْرِقَة فاحتاطوا بهم وأخذوهم وَلما ذكر الْجنُود أضمر ذكر الْخَيل فَدلَّ بِذكر الْجنُود على الْخَيل فَقَالَ رعالها لِأَن الْجنُود لابد لَهَا من الْخَيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 - الْغَرِيب الأخاديد جمع أخدُود وَهُوَ الشق فى الأَرْض وَمِنْه (قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَن السيوف تحمل لَهُم الْفِدَاء وأضمر السيوف لدلَالَة الأغماد عَلَيْهَا فَجعل السَّيْف فى الغمد فدَاء الْأَسير لِأَنَّهُ استنقذ بِهِ وسمى الضَّرْب بهَا انتقادا كَمَا تنتقد الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَالْمعْنَى أخذُوا فدَاء ضربا يُؤثر فيهم تَأْثِير الْأُخْدُود فى الأَرْض وَهَذِه اسْتِعَارَة يُرِيد ضمن لَهُم فدَاء أَبى وَائِل الْوَرق وَالدَّنَانِير فَلم يقعوا على شئ سوى الضَّرْب بِالسُّيُوفِ 19 - الْغَرِيب الْفراش جمع فراشة وهى عِظَام رقاق تلى قحف الرَّأْس والفراشة كل عظم رَقِيق والفراشة الَّتِى تطير وتهافت فى النَّار وَالسَّيِّد الذِّئْب وَجمعه السيدان يُقَال سيد رمل وَالْأُنْثَى سيدة وَرُبمَا سمى بِهِ الْأسد قَالَ (كالسيِّد ذى اللِّبدة المُستأسد الضَّارى ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك أَعطيتهم ضربا يَقع فى عِظَام رُءُوسهم فتصرعهم قَتْلَى فالذئاب تستنشق من هَذَا رَائِحَة تدل على أَنهم قَتْلَى 20 - الْإِعْرَاب شاكرا حَال الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك لما استخلصته وهبت لَهُ عمره وأفناه شاكرا لَك تِلْكَ الْيَد لِأَنَّك وهبت لَهُ الْحَيَاة وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون التسويد إِقْرَاره بسيادتك شاكرا لَك أى أفناها شاكرا لَك 21 - الْإِعْرَاب سقيم وَمَا بعده بدل من شاكرا وَقيل بل بإضمار كَانَ وَلم يجر لَهَا ذكر فى أول الْبَيْت الأول وَلَا فى آخِره وَهَذَا // غير جَائِز // الْغَرِيب المنجود المكروب واستنجدنى فأنجدته أى اسْتَعَانَ بى فأعنته واستنجد فلَان أى قوى بعد ضعف واستنجد على فلَان إِذا اجترأ عَلَيْهِ بعد هَيْبَة الْمَعْنى يُرِيد سقيم جسم لجراحة أَصَابَته فبقى فِيهَا إِلَى أَن مَاتَ فَهُوَ مغموم للجراحة الَّتِى لحقته وَكَانَ غياث المكروبين مَعَ مَا كَانَ مغموما من جراحته وَمَا ناله فى الْأسر فَكَانَ مغموما مِمَّا ناله وَذَلِكَ بعد تخلصه لِأَنَّهُ تخلص مَرِيضا 22 - الْغَرِيب المصفود الْمُقَيد صفده يصفده صفدا أى شده وأوثقه وَكَذَلِكَ التصفيد والصفد بِالتَّحْرِيكِ الْعَطاء والصفد أَيْضا الوثاق وأصفدته إصفادا أَعْطيته مَالا أَو وهبت لَهُ عبدا والصفاد مَا يوثق بِهِ الْأَسير من قد وَقيد وغل والأصفاد الْقُيُود الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما تخلص من أسر الْعَدو غَدا أَسِير الْمَوْت وَمن قيد بِالْمَوْتِ لم يخلص من أسره وروى قده بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر الْحمام وَالْجُمْلَة فى مَوضِع نصب كَأَنَّهُ قَالَ ثمَّ غَدا هُوَ 23 - الْمَعْنى يَقُول إِذا هلك هَالك من عدد على مِنْهُ يعْنى سيف الدولة لم ينتقص ذَلِك الْعدَد لِأَن البيد تضيق عَن على وَكَرمه وَكَثْرَة جيشة وَقيل إِذا سلم لم نسل بعد بِمن مَاتَ قَالَ الواحدى إِذا هلك من هلك من عشيرتك لم ينتقص بِهِ عددك لِأَنَّك تملأ البيد بأتباعك وَمن مَعَك من الجيوش 24 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى ظهرهَا للبيد الْغَرِيب تهب تمر وتجئ والمواريد للرياح تجئ وَتذهب قَالَ ذُو الرمة (يَا دارَ ميَّة لم يتركْ بهَا عَلَما ... تَقادُمُ العَهْد والهوجُ المرَاويدُ) الْمَعْنى يُرِيد أَن جيوشه وكتائبه غير وانية وَلَا مسترخية جعل كتائبه لسرعة مضيها رياحا وهى غير وانية وَلَا مسترخية 25 - الْغَرِيب الجلاميد جمع الجلمود وهى الْحِجَارَة الْمَعْنى إِن اسْمه على فَأول حرف حكت الْخَيل بسنابكها الْعين لِأَن الْحَافِر يشق فى الأَرْض صُورَة الْعين 26 - الْإِعْرَاب الْأَمِير رفع لِأَنَّهُ صفة للفتى وَهُوَ نَائِب فَاعل ليعز المبنى لما لم يسم فَاعله وَمن روى يعز بِكَسْر الزاى فالفتى فَاعل والأمير مَنْصُوب بِوُقُوع العزاء عَلَيْهِ وَتَقْدِيره مهما يعز معز الْأَمِير وَالضَّمِير فى بِهِ للْمَيت الْمَعْنى يُرِيد إِذا عزاهُ معز بِهَذَا الْمَيِّت فَلَا عزاهُ بجوده وَلَا بشجاعته أى لافقدهما 27 - الْمَعْنى يَقُول أمنيتنا الَّتِى نتمنى بَقَاءَهُ دَائِما حَتَّى يعزى بِكُل من ولد يتقدمونه وَيبقى هُوَ فيعزى بهم قَالَ أَبُو الْفَتْح وَهَذَا دُعَاء حسن كَمَا يُقَال للمعزى جعلك الله وَارِث الْجَمَاعَة وَهُوَ أَجود فى الْمَعْنى من قَوْلهم لَا أعَاد الله إِلَيْك مُصِيبَة أبدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 - 1 - الْغَرِيب العواذل جمع عاذلة والخود الْمَرْأَة الْحَسَنَة الْخلق الناعمة وَجَمعهَا خود مثل رمح لدن ولدن جمعه والماجد الْكثير الشّرف وَجمعه مجده الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا يحْسد العواذل ذَات الْخَال فعذلهن لَهَا حسد لَهَا على وَقَالَ الواحدى اللواتى يعذلن هَذِه الْمَرْأَة الَّتِى هى صَاحِبَة الْخَال على خدها فى لأجل محبتها إياى حواسد لَهَا يحسدنها لِأَنَّهَا ظَفرت منى بضجيع ماجد 2 - الْمَعْنى لَو قدر على أَن يَقُول مَوضِع قَادر يقظان أَو مستيقظ لَكَانَ أَجود فى الصِّنَاعَة وَلكنه لم يقدر يصف نَفسه بالنزاهة وَقَالَ أَبُو الْفضل العروضى // هَذَا النَّقْد غير جيد // وَذَلِكَ أَنه لَو قَالَ يقظان أَو ساهر لم يزدْ على معنى وَاحِد وَهُوَ الْكَفّ فى حَالَة النّوم واليقظة وَإِذا قَالَ قَادر زَاد فى الْمَعْنى أَنه تَركهَا صلف نفس وَحفظ مُرُوءَة لَا عَن عجز وَرَهْبَة وَلَو أَن رجلا ترك الْمَحَارِم من غير قدرَة لم يَأْثَم وَلم يُؤجر وَإِذا تَركهَا مَعَ الْقُدْرَة صَار مأجورا قَالَ وَالْعجب من أَبى الْفَتْح يقصر فِيمَا فرض على نَفسه من التَّفْسِير ويخطئ ثمَّ يتَكَلَّف النَّقْد وَقَالَ فى قَوْله (وَهُوَ رَاقِد ... ) إِن الراقد قَادر أَيْضا يَتَحَرَّك فى نَومه ويصيح وَلَيْسَ هَذَا بشئ وَلم يقلهُ أحد وَالْقُدْرَة على الشئ أَن يَفْعَله مَتى شَاءَ فَإِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك والنائم لَا يُوصف بِهَذَا وَلَا المغشى عَلَيْهِ وَلَا يُقَال للنائم إِنَّه مستطيع وَلَا قَادر وَلَا مُرِيد وَأما عصيانه الْهوى فى طيفها فَلَيْسَ بِاخْتِيَار مِنْهُ فى النّوم وَلكنه يَقُول لشدَّة مَا ثَبت فى طبعى وغريزتى صرت فى الْيَوْم كالجارى على عادتى انْتهى كَلَامه يَقُول إِنَّه مَعَ الْقُدْرَة لَا يمد يَده إِلَى إزَارهَا وَإِذا رأى خيالها فى الْمَنَام امْتنع عَنهُ كَمَا يمْتَنع عَنْهَا فى الْيَقَظَة إِذا قدر عَلَيْهَا فَيَقُول إِذا حلم بهَا لم يطع الْهوى فيمَ يَأْمُرهُ يصف نَفسه ببعد همته عَن مغازلة النِّسَاء وَأَنه عفيف النَّفس وَهَذَا كَمَا قَالَ هدبة (وإنّى لأُخْلِى للْفَتَاةِ فِرَشَها ... وأصْرِمُ ذاتَ الدلّ والقَلْبُ آلِفُ) 3 - الْغَرِيب اللاعج الشَّديد الحرق وَهُوَ لاعج لحرقة الْفُؤَاد ولعجه الضَّرْب أحرقه وآلمه قَالَ عبد منَاف بن ربع الهذلى (إِذا تأوّبَ نَوْحٌ قامَتا معَهُ ... ضرْبا أَلِيمًا بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدَا) احْتَاجَ إِلَى حَرَكَة اللَّام من الْجلد فَكَسرهُ الْمَعْنى مَتى يجد الشَّقَاء من شدَّة شوقه محب لهَذِهِ المحبوبة إِذا قرب مِنْهَا بشخصه تبَاعد عَنْهَا بالعفاف وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد مَتى تشفى مِمَّا بك وَأَنت كلما قدرت امْتنعت 4 - الْغَرِيب الخرائد جمع خريدة وهى الْجَارِيَة الناعمة قَالَ الواحدى اسْتعْمل تصبى بِمَعْنى أصبى وَهُوَ بعيد الْمَعْنى يُنكر على نَفسه صبوته على الحسان إِذْ كَانَ يخْشَى الْعَار على نَفسه فى الْخلْوَة يهن فَيَقُول إِذا كنت فى الْخلْوَة تبعد عَنْهُن وَلَا تميل إلَيْهِنَّ فَلم تميل إلَيْهِنَّ بقليك 5 - الْغَرِيب الإلحاح مثل الإلحاف يُقَال ألح عَلَيْهِ بِالْمَسْأَلَة وَأَصله الدَّوَام وألح السَّحَاب دَامَ مطره وألح الْجمل حرن الْمَعْنى يَقُول السقم قد دَامَ على فَهُوَ لَا يفارقنى حَتَّى قد ألفته وَقد ملنى لشدَّة مَا بى من السقم طبيبى وعوائدى الْغَرِيب الحمحمة دون الصهيل والجواد الْفرس الذّكر وَالْأُنْثَى وشجاه يشجوه إِذا أحزنه وأشجاه إِذا غصه والمعاهد جمع معهد وَهُوَ الذى يعْهَد بِهِ شَيْئا تسمى ديار الْأَحِبَّة معاهد لِأَنَّهُ كَانَ يعهدهم بهَا أَيَّام قربه بهم الْمَعْنى يَقُول لما مَرَرْت بِهَذِهِ الدَّار عرفتها جوادى فحمحمت فَكَأَنَّهَا محزونة لذكر أَيَّامهَا ثمَّ تعجب من ذَلِك فَقَالَ وَهل تشجو الديار مُتَعَجِّبا من عرفان فرسه الديار الَّتِى عهد بهَا أحبته وَأخذ أَبُو الْحسن التهامى هَذَا وَزَاد عَلَيْهِ فَقَالَ (بكَيْتُ فحنَّتْ ناقتى فأجابها ... صَهيلُ جيادى حينَ لاحَتْ ديارُها) وَقَالَ آخر وَهُوَ التهامى أَيْضا (وَقَفْت بِها أبكى وَتَرْزِم ناقَتَى ... وتَصْهَلُ أفْراسى ويَدْعو حَمامُها) الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 - الْغَرِيب الرَّسْم الْأَثر والضريب اللَّبن الخائر الذى حلب بعضه على بعض والشول النوق الَّتِى قلت أَلْبَانهَا الْوَاحِدَة شَائِلَة وَقَالَ أَبُو عبيد لَا وَاحِد لَهَا والولائد جمع وليدة وهى الْجَارِيَة الَّتِى تخْدم الْمَعْنى أَنه نفى التَّعَجُّب وَرجع عَنهُ وَقَالَ كَيفَ تنكر جوادى الْمَكَان الذى ربيت فِيهِ وَكَانَت الولائد تسقيها فِيهِ لبن الشول وَقَالَ الواحدى وَمَا هَهُنَا نفى وَقَالَ غَيره بل هى استفهامية وَالتَّقْدِير وأى شئ تنكر الدهماء من رسم منزل ألفته وربيت فِيهِ 8 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أطلب أمرا والليالى تحو بينى وَبَينه فَأَنا بطلبى وقصدى لَهُ أطردها عَن منعهَا إياى من مطلب ذَلِك الْأَمر فَكَأَنَّهَا تطردنى وَأَنا أطردها 9 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح وحيد بِالرَّفْع على تَقْدِير أَنا وحيد فَهُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وروى غَيره وحيدا بِالنّصب على تَقْدِير أهم وحيدا فَهُوَ حَال الْغَرِيب الخلان جمع خَلِيل كرغيف ورغفان وَهُوَ الصاحب وَالصديق الْمَعْنى يَقُول أَنا وحيد مالى مساعد على مَا أطلب وَذَلِكَ لعظم مطلبى وَإِذا عظم الْمَطْلُوب قل من يساعد عَلَيْهِ 10 - الْغَرِيب الغمرة الشدَّة وَالْجمع غَمَرَات الْمَوْت أى شدائده والسبوح الْفرس الشَّديد الجرى الْمَعْنى يُرِيد أَنه يُعينهُ على شَدَائِد الجرى فرس كريم يشْهد بكرمه خِصَال لَهُ شَوَاهِد يَرَاهَا النَّاظر إِلَيْهَا فَيعرف بهَا أَنه كريم الأَصْل 11 - الْغَرِيب المراود جمع مرود وَهُوَ حَدِيدَة تَدور فى اللجام وَهُوَ من راد يرود إِذا ذهب وَجَاء والمرود الْميل والمحور فى البكرة إِذا كَانَ من حَدِيد الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه السبوح وهى فرسه تلين للين مفاصلها مَعَ الرمْح كَيْفَمَا مَال شبه مفاصلها لسرعة استدراتها إِذا لوى عنانها عِنْد الطعان بمسمار المرود يدو مَعَ حلقته كَيْفَمَا أديرت وَهُوَ كَقَوْل كشاجم (وَإِذا عَطَفْتَ بِهِ عَلى مورودِه ... لِتُدِيرَهُ فَكأنَّهُ بِيْكارُ) قَالَ الواحدى أَخطَأ القاضى فى هَذَا الْبَيْت وَزعم أَن هَذَا من المقلوب وَقَالَ إِنَّمَا يَصح الْمَعْنى لَو قَالَ كَأَنَّمَا الرماح تَحت مفاصلها مراود وَعِنْده أَن المرود ميل المكحلة شبه الرماح فى مفاصلها بالميل فى الجفن يفعل فِيهَا كَمَا يفعل الْميل فى الْعين وَهَذَا فَاسد لِأَنَّهُ يخص المفاصل وَلَيْسَ كل الطعْن فى المفاصل لِأَنَّهُ قَالَ تثنى على قدر الطعان وَإِذا كَانَت الرماح ومفاصلها كالميل فى الجفن فَلَا حَاجَة إِلَى تثنيها 13 - الْإِعْرَاب الْوَاو فى والمهند وَاو الْحَال وَهُوَ ابْتِدَاء خَبره الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار وروى والمهند بِالنّصب بِمَعْنى مَعَ المهند الْغَرِيب المهند السَّيْف المشحوذ قَالَ ابْن السّكيت سَمِعت الشيبانى يَقُول التهنيد شحذ السَّيْف الْمَعْنى يَقُول أورد نفسى وفى يدى السَّيْف مهالك لَا يصدرن واردها حَيا إِذا لم يجالد وَيُقَاتل وَقَالَ أَبُو الْفَتْح من وقف مثل موقفى فى الْحَرْب وَلم يكن شجاعا جلدا هلك 14 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا لم يكن الْقلب هُوَ الذى يحمل الْكَفّ لم يحمل الساعد الْكَفّ وَقَالَ الواحدى قُوَّة الضَّرْب إِنَّمَا تكون بِالْقَلْبِ لَا بالكف فَإِذا لم يقو الْكَفّ بِقُوَّة الْقلب لم يَقُول الْكَفّ بِقُوَّة الساعد وَهَذَا معنى // جيد حسن // 15 - الْمَعْنى يَقُول كل وَاحِد من الشُّعَرَاء يدعى الشّعْر والقصائد تصدر عَنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ فكم مِنْهُم الدَّعْوَى وَمنى القصائد لَكَانَ أحسن وَأَشد مُبَالغَة لِأَنَّهَا تدل على كَثْرَة فعلهم وَقَالَ الواحدى يُرِيد كَثْرَة من يرى من الشُّعَرَاء المدعين وَأَن لَهُ التَّحْقِيق باسم الشَّاعِر لِأَنَّهُ هُوَ الذى يأتى بالقصائد لاهم 16 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه فى الشُّعَرَاء أوحد كسيف الدولة أوحد لِأَن الْأَسْمَاء تجمع السيوف كَذَلِك اسْم الشُّعَرَاء وَلَكِن لَا سيف كسيف الدولة وَلَا شَاعِر مثلى فالسيوف لَهَا اسْم السيوف وَلَيْسوا كسيف الدولة وَكَذَلِكَ أَنا كَقَوْل الفرزدق (فقد تلْتقى الأسماءُ فى النَّاس والكُنَى ... كثيرا ولَكنْ فُرِّقوا فى الْخَلَائق) وَهَذَا من المخالص المحمودة الْحَسَنَة 17 - الْغَرِيب انتضيت السَّيْف سللته وجردته ونضا سَيْفه أَيْضا ونضوت الْبِلَاد قطعتها قَالَ تأبط شرا (ولكنَّنى أرْوى مِن الْخمر هامَتى ... وأنضُو الفَلا بالشَّاحب المُتَشَلْشِل) ونضا الخضاب نصل الْمَعْنى يَقُول كرم طبعه ينضيه فى الْحَرْب ويغمده مَا تعود من الْعَفو وَالْإِحْسَان فَلَيْسَ كسيوف الْحَدِيد الَّتِى تنتضى وتغمد 18 - الْمَعْنى يَقُول لما رَأَيْت النَّاس كلهم فى الْمحل والرتبة وَالْقدر دونه علمت أَن الدَّهْر ناقد للنَّاس يعْطى كل وَاحِد على قدر مَحَله واستحقاقه وَهَذَا على خلاف مَا يفعل الدَّهْر لِأَن الدَّهْر يرفع من لَا يسْتَحق ويحط من يسْتَحق فَهُوَ بعكس مَا قَالَ أَبُو الطّيب 19 - الْغَرِيب الطلى الرّقاب الْوَاحِدَة طلية وَقَالَ أَبُو عَمْرو وَالْفراء طلاة وأطلى الرجل مَالَتْ عُنُقه للْمَوْت والطلاء بِالْكَسْرِ مَا طبخ من عصير الْعِنَب حَتَّى يذهب ثُلُثَاهُ والطلى بِالْفَتْح الشَّخْص المطلى بالقطران وَهُوَ أَيْضا الْوَلَد من ذَوَات الظلْف وَأنْشد الأصمعى لزهير (بهَا العِينُ والآرام يَمْشِينَ خِلْفَةً ... وأطْلاؤُها ينهضْن من كلَّ مَجْمَّمِ) الْمَعْنى يَقُول أَحَق النَّاس بِأَن يُسمى سَيْفا أَو يكون صَاحب سيف وَولَايَة من لَا يخَاف الشدائد وَيضْرب الْأَعْنَاق وأحقهم بالإمارة من حَاله هَذِه وروى بالأمن يعْنى من الْأَعْدَاء وَقيل لَا يسْتَحق أَن يحمل سَيْفا إِلَّا من يضْرب بِهِ الْأَعْنَاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 - الْإِعْرَاب بِهَذَا الْإِشَارَة إِلَى مَا تَفْعَلهُ بهم وأنث الْعَائِد إِلَى مَا لِأَن المُرَاد بِمَا نَاحيَة فَحمل على الْمَعْنى لَا على اللَّفْظ الْمَعْنى يَقُول إِن الرّوم مَعَ فعلك بهم معترفون بشجاعتك وفضلك لظُهُوره وَكَثْرَة أدلته عِنْدهم يرَوْنَ آثَار شجاعته وَكَثْرَة غاراته وَخُرُوجه قَالَ أَبُو الطّيب هُوَ فى معنى قَول الآخر (فخَيْرٌ نَحن عندَ النَّاس منكُمُ ... إِذا الدّاعى المثوِّب قَالَ يالاَ) 21 - الْغَرِيب الغارات جمع غَارة والفرنجة قَرْيَة بأقصى بِلَاد الرّوم وَشن الْغَارة فرقها عَلَيْهِم من كل وَجه قَالَت ليلى الأخيلية (شنَنَّا عَلَيْهِم كلَّ جرْداءَ شَطْبَةٍ ... لَجُوجٍ تبارى كل أجردَ شَرْجَبِ) الْمَعْنى يَقُول لما فرقت الْغَارة على بِلَاد الرّوم وَلم ينم مِنْهُم أحد خوفًا مِنْك وَإِن كَانَ على الْبعد مِنْك فالقريب يخافك والبعيد يخافك فَهُوَ ساهد أى ساهر لَا ينَام من خوفك 22 - الْإِعْرَاب مخضبة من رَفعه جعله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَمن نَصبه جعله حَالا من الضَّمِير فى تركتهَا وَهُوَ ضمير الْجَمَاعَة الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى الْبِلَاد مخضبة بِدَم الْقَتْلَى فَكَأَنَّهَا مَسَاجِد مخلقة وهم كالسجد فِيهَا لانكبابهم على وُجُوههم وروى (الْقَوْم صرعى ... ) وروى غَيره (وَالْخَيْل ... ) وَقَالَ هى متلطخة بِالدَّمِ وَأَهْلهَا مقتولون مصروعون فَكَأَنَّهَا مَسَاجِد طليت بالخلوق وَكَأَنَّهُم سجد وَإِن لم يَكُونُوا يَسْجُدُونَ حَقِيقَة 23 - الْمَعْنى جعل خيلهم كالجبال لَهُم يتحصنون بهَا وَجعل تنكيسهم عَنْهَا إنزاله لَهُم من الْجبَال للْقَتْل والأسر وَجعل مكايده فيهم كالرماح تقوم مقَام الرماح الَّتِى تطعنهم بهَا جعله يحتال عَلَيْهِم ويكيدهم وَقَالَ الواحدى تطعنهم برماح من كيدك وتنزلهم عَن خيولهم منكوسين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 - الْغَرِيب الهبر قطع اللَّحْم وَهُوَ جمع هبرة والكدى جمع كدية وهى الصلبة من الأَرْض وَأَصلهَا فى الْبِئْر يصل إِلَيْهَا الْحَافِر فيقف عِنْدهَا لصلابتها فَيُقَال أكدى أى انْقَطع قَالَ الله تَعَالَى {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} والأساود ضرب من الْحَيَّات الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك تضربهم ضربا يقطع لحمهم فَيَجْعَلهُ هبرا وَقد هربوا مِنْك وحفروا مطامير تَحت الأَرْض ليسكنوها كَمَا تسكن الْحَيَّات فى التُّرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح وَقد جمع معنى هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فى بَيت وَاحِد وَهُوَ قَوْله (فمَا ترَكْنَ بهَا خُلْدا لَهُ بصر ... تَحت التُّرَاب وَلَا بازاً لَهُ قدم) 25 - الْغَرِيب المشمخر العالى وَمِنْه بِنَاء مشمخر والذرى أعالى الْجبَال الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد الْحُصُون العاليات من الْجبَال تحيط بهَا خيلك إحاطة القلائد بالأعناق ويروى القلائد بالتعريف وهى رِوَايَة أَبى الْفَتْح 26 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى عصفن للخيل الْغَرِيب اللقان حصن للروم وَكَذَلِكَ هنزيط وآمد بلد مَعْرُوف وَهُوَ أول بِلَاد الرّوم وَهُوَ مَا بَينهَا وَبَين ديار بكر الْمَعْنى يَقُول خيلك أهلكتهم يَوْم أغرت عَلَيْهِم بِهَذَا الْمَكَان وساقتهم أُسَارَى إِلَى الْموضع الآخر حَتَّى ابيض بلد آمد من كَثْرَة الغلمان والجوارى لحُصُول من حصل فِيهَا من الْأُسَارَى وَقَوله ابيض من أحسن الْكَلَام 27 - الْإِعْرَاب وألحقن عطف على عصفن وَالضَّمِير فيهمَا للخيل الْغَرِيب يُقَال هوى وانهوى بِمَعْنى قَالَ الواحدى هُوَ غَرِيب فى الْقيَاس لِأَن انفعل إِنَّمَا يبْنى مِمَّا الثلاثى مِنْهُ مُتَعَدٍّ وَهَذَا غير مُتَعَدٍّ وانهوى سقط وفى الفصيح من الْكَلَام هوى قَالَ الله تَعَالَى {والنجم إِذا هوى} الْمَعْنى يُرِيد أَن سَابُور والصفصاف حصنان منيعان للروم وَقد ألحقت الثانى فى التخريب بِالْأولِ حَتَّى سقط كسقوطه وذاق الْمَوْت أهل الحصنين وحجارتهما لِأَنَّك أحرقت الحصنين بالنَّار فطحن بعض الصخر بَعْضًا من كَثْرَة الرمى فَصَارَت الْأَحْجَار مَعَ الأخشاب وَغَيرهَا رَمَادا فاستعار لَهَا الْمَوْت لذهابها 28 - الْغَرِيب الْغَلَس ظلمَة آخر اللَّيْل يُرِيد سَار غلسا والمشيع الجرئ الْمِقْدَام واللثامان المُرَاد بهما اللثام الذى يستر بِهِ الْوَجْه من الْحر وَالْبرد وَمَا يُرْسِلهُ على الْوَجْه من حلق المغفر الْمَعْنى يَقُول أَخذهم فى آخر اللَّيْل بِالْخَيْلِ جرئ مِقْدَام مبارك عَابِد لله يُرِيد سيف الدولة وَالْعرب من عاداتها اللثام فى أسفارها 29 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يشتهى طول الْبِلَاد وَالزَّمَان ليظْهر مَا عِنْده من الْفضل والكمال وَهُوَ مَعَ ذَلِك تضيق بِهِ أوقاته ومقاصده أى تضيق عَن همته وَقَالَ الواحدى أى يتَمَنَّى أَن تكون الْبِلَاد أوسع مِمَّا هى فِيهِ وَالزَّمَان أطول وأوسع لِأَن الْأَوْقَات تضيق عَمَّا يُرِيد من الْأُمُور ومقاصده فى الْبِلَاد تضيق عَن حيله وَهُوَ كَقَوْلِه (تَجَمَّعَتْ فِى فُؤَادِهِ هِمَمٌ ... مِلءُ فُؤَادِ الزَّمانِ إحْدَاها) (فإنْ أَتَى حظُّها بأزْمِنَة ... أوْسَعَ مِنْ فُؤَادِ الزَّمانِ أبْدَاها) 30 - الْغَرِيب يُقَال غب وأغب وَهُوَ التَّأْخِير يُقَال غب الزِّيَارَة إِذا أَخّرهَا يَوْمًا بعد يَوْم وَسُبْحَان بَحر يجِئ من بلد الرّوم وَلَيْسَ يُرِيد سيحون وجيحون اللَّذين بخراسان الْمَعْنى يَقُول غَزَوَاته لَا تفتر وَلَا تَنْقَطِع إِلَّا عِنْد جمود سيحان هَذَا النَّهر الذى يجمد فى الشتَاء فَلَا تفتر سيوفه عَن رقابهم إِلَّا وَقت الشتَاء وَقت جمود وَادِيهمْ وَذَلِكَ أَنه يقطعهُ عَن غزوهم الشتَاء 31 - الْغَرِيب الظبا جمع الظبة وهى حد السَّيْف وطرفه واللمى سَمُرَة تكون فى الشّفة والثدى جمع ثدى والنواهد الْمُرْتَفع وهى جمع ناهد الْمَعْنى يَقُول لم يبْق الْقَتْل مِنْهُم إِلَّا كل امْرَأَة حماها من السيوف حسنها وَهُوَ لمى شفتيها أى سمرتهما وارتفاع ثديها يعْنى الجوارى وَأخذ هَذَا الْمَعْنى السرى فَقَالَ (فمَا أبْقَيْتَ إلاَّ مُخْطَفاتٍ ... حَمَى الإخْطافُ مِنها والنُّهودُ) والإخطاف الضمور وَهُوَ ضد الانتفاخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 - الْغَرِيب البطاريق جمع بطرِيق وهم خَواص الْملك وَهُوَ مُعرب وَجمعه بطاريق وبطارقة الْمَعْنى يُرِيد أَنه أسر بَنَات البطارقة من الرّوم فهم يَبْكُونَ عَلَيْهِنَّ لَيْلًا وَهن عندنَا فى دَار الْإِسْلَام ذليلات لَا يرغب فِيهِنَّ 33 - الْمَعْنى يُرِيد أَن عَادَة الْأَيَّام سرُور قوم بإساءة آخَرين وَمَا حدث فى الدُّنْيَا شئ إِلَّا سربه قوم وسئ بِهِ آخَرُونَ وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الْحَارِث بن حلزة (رُبَمَا قَرّتْ عُيُونٌ بِشَجا ... مُرْمَضٍ قَدْ سَخِنَتْ منهُ عُيُونُ) وَقَالَ الطائى (مَا إنْ تَرَى شَيْئا لشَْىءٍ مُحْيِياً ... حَتَّى تُلاقِيَهُ لآخَر قاتِلاً) وسبكه المتنبى فى نصف بَيت وَأحسن فِيهِ 34 - الْغَرِيب موموق مَحْبُوب والمقة الْمحبَّة والشاكد الْمُعْطى والشكد الْعَطِيَّة ابْتِدَاء والإقدام الشجَاعَة الْمَعْنى يَقُول أَنْت تقتلهم وَمَعَ هَذَا يحبونك كَأَنَّك تعطيهم شَيْئا وَهَذَا من شرف الشجَاعَة لِأَن الشجاع مَحْبُوب حَتَّى عِنْد من يقْتله فهم يحبونك لشجاعتك وشرفك وبأسك 35 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّم الذى أجريته يفخر بك والفؤاد الذى رعته يحمدك وَذَلِكَ لشرفك وشجاعتك وَهُوَ مثل الآخر (فانْ أكُ مَقْتُولاً فكُنْ أنْتَ قاتِلى ... فبَعْضُ مَنايا القَوْمِ أشْرَفُ منْ بعْضِ) 36 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك مطبوع على الشجَاعَة والندى وَأَنت مجبول عَلَيْهِمَا وكل أحد يراهما وَيعرف طريقهما وَلَكِن لَا يسْلك طريقهما إِلَّا من قادته نَفسه إِلَيْهِمَا وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وأجله وأدقه معنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى هَذَا من أحسن مَا مدح بِهِ ملك وَهُوَ مديح موجه ذُو وَجْهَيْن وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مدح فى المصراع الأول بالشجاعة وَكَثْرَة قتل الْأَعْدَاء فَقَالَ نهبت من أَعمار الْأَعْدَاء بِقَتْلِهِم مَا لَو عشته لكَانَتْ الدُّنْيَا مهنأة ببقائك فِيهَا خَالِدا وَهَذَا الْوَجْه الثانى من المديح جعله جمالا للدنيا فتهنأ الدُّنْيَا بِبَقَائِهِ فِيهَا وَلَو قَالَ (مَا لَو عشته لبقيت خَالِدا ... ) لم يكن الْمَدْح موجها انْتهى كَلَامه وَقَالَ الصاحب إِسْمَاعِيل بن عباد هَذَا الْمَدْح موجه كَمَا قَالَ الواحدى وَقَالَ الربعى الْمَدْح فى هَذَا من وُجُوه أَحدهَا أَنه وَصفه بِنَهْب الْأَعْمَار لَا الْأَمْوَال الثانى أَنه كثر قتلاه بِحَيْثُ لَو ورث أعمارهم خلد فى الدُّنْيَا وَالثَّالِث أَنه جعل خلوده صلاحا لأهل الدُّنْيَا بقوله (لهنئت الدُّنْيَا ... ) الرَّابِع أَن قتلاه لم يكن ظَالِما فى قَتلهمْ لِأَنَّهُ لم يقْصد بذلك إِلَّا صَلَاح الدُّنْيَا وَأَهْلهَا فهم مسرورون بِبَقَائِهِ فَلذَلِك قَالَ لهنئت الدُّنْيَا أى أهل الدُّنْيَا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو لم يمدحه إِلَّا بِهَذَا الْبَيْت لَكَانَ قد أبقى لَهُ مَالا يمحوه الزَّمَان 38 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك للْملك بِمَنْزِلَة الحسام لَكِن الضَّارِب بِهِ الله جلّ جَلَاله وَأَنت للدّين لِوَاء وَالله عَاقد لَا غَيره 39 - الْغَرِيب الهيجاء تمد وتقصر وهى من أَسمَاء الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول يَا بن أَبى الهيجاء أَنْت أَبُو الهيجاء بن حمدَان يعْنى صِحَة شبهه بِأَبِيهِ حَتَّى كَأَنَّهُ هوهو وَهُوَ معنى قَوْله (تشابه مَوْلُود ... ) 40 - الْإِعْرَاب ترك صرف حمدون وحارث ضَرُورَة وَهُوَ // جَائِز عندنَا غير جَائِز // عِنْد بعض الْبَصرِيين ووافقنا الْأَخْفَش وَابْن برهَان والفارسى وَحجَّتنَا إجماعنا على جَوَاز صرف مَالا ينْصَرف فى الشّعْر ضَرُورَة فَلذَلِك جَوَّزنَا ترك صرف مَا ينْصَرف فى الشّعْر وَقد جَاءَ كثيرا فى أشعارهم وَقَالَ الأخطل (طلب الأزارق بالكتائبِ إِذْ هَوَتْ ... بشَبيبَ غائلةُ الثُّغور غَدورُ) فَترك صرف شبيب وَهُوَ منصرف وَقَالَ حسان بن ثَابت (نَصَرُوا نبِيَّهُمُ وشدّوا أزْرَهُ ... بحنينَ يوْمَ تَواكُلِ الأبْطالِ) فَلم يصرف حنينا وَهُوَ مَصْرُوف وَقَالَ الفرزدق 1 (إِذا قالَ يوْما مِن تًنُوخَ قصيدةً ... بهَا جَرَبٌ عَدّت علىّ بزوبَرَا) فَترك صرف زوبر وَهُوَ منصرف وَقَالَ الآخر (وَإِلَى ابْن أمّ أُناسَ أَرْحَلُ ناقتى ... عَمْرٍ وفَتُبْلِغ حاجتى أَو تُزْحِفُ) فَترك صرف أنَاس وَهُوَ منصر ف وَأم أنَاس هى بنت ذهل بن شَيبَان وَعَمْرو هُوَ ابْن حجر الكندى وَقَالَ الآخر (أُؤَمل أَن أعيشَ وأنّ يوْمى ... بأوّلَ أَو بأهونَ أَو جُبارِ) (أَو التالى دُبارَ فَإِن أفُتْه ... فمؤْنسَ أَو عروبةَ أوشِيارِ) فَترك صرف مؤنس ودبار وهما مصروفان فَهَذِهِ أَسمَاء الْأَيَّام فى الْجَاهِلِيَّة أول الْأَحَد وأهون الِاثْنَيْنِ وجبار الثُّلَاثَاء ودبار الْأَرْبَعَاء ومؤنس الْخَمِيس وعروبة الْجُمُعَة وشيار السبت وَقَول الآخر (قَالَت أُمَيْمة مَا لثابتَ شاخطاً ... عارِى الأشاجع ناحلاً كالمُنصُلِ) فَترك صرف ثَابت وَهُوَ مَصْرُوف وَقَول الْعَبَّاس بن مرداس السلمى (فمَا كَانَ حِصْن وَلَا حابِسٌ ... يَفوقانَ مِرْداسَ فى مَجْمَعِ) وبهذه الرِّوَايَة جَاءَ فى الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ بعد الصَّحِيحَيْنِ شئ يرجع إِلَيْهِ وَقَول الآخر (وقائلَةٍ مَا بالُ دَوْسَرَ بَعدنَا ... صَحا قلبُه عَن آل ليلى وَعَن هِنْدِ) فَترك صرف دوسر وشواهدنا كَثِيرَة وَأما الْقيَاس فَإِذا جَازَ حذف الْوَاو المتحركة للضَّرُورَة كبيت الْكتاب 2 (فبيناهُ يَشْرِى رَحُلَه قَالَ قائلٌ ... لمنُ جَمَلُ رِخْوُ المِلاط نجيبُ) فجواز حذف التَّنْوِين للضَّرُورَة أولى وَالْوَاو من هُوَ متحركة والتنوين سَاكن وَلَا خلاف أَن حذف السَّاكِن أسهل من حذف المتحرك وَلِهَذَا الذى ذَكرْنَاهُ وَصِحَّته وَافَقنَا أَبُو على وَأَبُو الْقَاسِم بن برهَان وَلم يُنكره أَبُو بكر بن السراج وَحجَّة الْبَصرِيين أَن الأَصْل فى الْأَسْمَاء الصّرْف فَلَو جَوَّزنَا لَأَدَّى ذَلِك إِلَى رده عَن الأَصْل إِلَى غير الأَصْل والتبس مَا ينْصَرف بِمَا لَا ينْصَرف الْمَعْنى قَالَ الواحدى كل من آبَائِك يشبه أَبَاهُ قَالَ وتهزأ الصاحب من هَذَا الْبَيْت فَقَالَ لم يزل يستحسن جمع الأسامى فى الشّعْر كَقَوْل الشَّاعِر (إنْ يقْتُلُوكَ فَقَدْ ثَلَلْتَ عُرُوشَهُمْ ... بقُتَيْبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ شِهابِ) وَقَول دُرَيْد بن الصمَّة (قَتَلْنا بعَبْد الله خَِيْرَ لِداته ... ذُؤابَ بن أَسمَاء بن زيد بن قَارب) واحتذى هَذَا الْفَاضِل على طرقهم فَقَالَ وَأَنت أَبُو الهيجاء وَمَا بعده وَهَذَا من الْحِكْمَة الَّتِى ذخرها أفلاطون وأرسطاطا لَيْسَ لهَذَا الْخلف الصَّالح انْتهى كَلَامه الْمَعْنى قَالَ ابْن فورجة أما سبك الْبَيْت فَأحْسن سبك يُرِيد أَنْت تشبه أَبَاك وَأَبُوك كَانَ يشبه أَبَاهُ وَأَبوهُ أَبَاهُ فَأَنت أَبوك إِذا كَانَ فِيك أخلاقه وَأَبُوك أَبوهُ إِلَى آخر الْآبَاء فليت شعرى مَا الذى استقبحه فَإِن استقبح قَوْله وحمدان حمدون فَلَيْسَ فى حمدَان مَا يستقبح من حَيْثُ اللَّفْظ بل وَالْمعْنَى كَيفَ يصنع وَالرجل اسْمه هَكَذَا وَهَكَذَا آباؤه وَهَذَا على نَحْو مَا قَالَ الطائى (عَبْدُ المليكِ بن صَالح بنِ عَلى بْنَ ... قَسِيمِ النَّبِىّ فى حَسَبِه) والبحترى حَيْثُ يَقُول (علىّ بن عيسَى ابنٌ لمُوسَى بن طَلْحَة بنِ ... سائبةَ بن مالكٍ حينَ يَنْطِق) وكقول أَبى بكر بن دُرَيْد (فنِعْمَ فَتى الجُلَّى ومُستنبِط النَّدَى ... ومَلْجأ مْحروب ومَفْزَع لاهثِ) (عباد بن عَمرِو بن الجليس بن جَابر ... بنِ زيد بن مَنْظُور بن زيد بن وارثِ) 41 - الْغَرِيب الزَّوَائِد هى الرواويل الَّتِى تنْبت وَرَاء الْأَسْنَان واحدتها راوول الْمَعْنى يُرِيد أَن هَؤُلَاءِ الَّذين ذكرهم كَانُوا للخلافة بِمَنْزِلَة الناب بهم تمْتَنع الْخلَافَة امْتنَاع السَّبع بنابه وَسَائِر الْمُلُوك زَوَائِد لَا حَاجَة للخلافة بهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 - الْغَرِيب السها نجم خفى صَغِير يكون فَوق النَّجْم الْأَوْسَط من بَنَات نعش الْمَعْنى قَالَ الواحدى جعله فِيمَا بَين الْمُلُوك كَالشَّمْسِ والبدر وَغَيره من الْمُلُوك كَالنُّجُومِ الْخفية يَقُول أَنا أميل إِلَيْك بهواى وَلَو لامنى فى ذَلِك من لَا يبلغ منزلتك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح جعله بِالنِّسْبَةِ إِلَى أعدائه كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر إِلَى السها والفرقدين 43 - الْغَرِيب الباهر البارع الظَّاهِر قَالَ ذُو الرمة (وقدْ بَهَرْتَ فَلا نَخْفَى عَلى أحَدٍ ... إلاَّ عَلى أكْمَهٍ لَا يَعْرِفُ القَمَرَا) وبهرت هِنْد النِّسَاء غلبهن حسنا وبهر الْقَمَر ضاء حَتَّى غلب ضوءه ضوء الْكَوَاكِب وقمر باهر الْمَعْنى يَقُول حبى لَك لظُهُور فضلك على غَيْرك لَا لطلب الْعَيْش عنْدك فقد يطْلب الْعَيْش عِنْد غَيْرك وَلَكِن لَيْسَ لَهُ فضل كفضلك الظَّاهِر فَلَا يسْتَحق الْحبّ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح محبتى لَك لفضلك لَا للخير الذى أصيبه عنْدك 44 - الْمَعْنى يُرِيد أَنا أحبك بعقل فينتفع بى وغيرى يحبك بِجَهْل فَلَا ينْتَفع بِهِ وَلَو قَالَ بِالْعلمِ صَالح لَكَانَ أمدح وَأحسن فى صناعَة الشّعْر لِأَن الْجَهْل ضد الْعلم وَالْعقل ضد الْحمق وَهَذَا مِمَّا نَقله أَبُو الطّيب من كَلَام الْحَكِيم إِلَى الْمحبَّة قَالَ الْحَكِيم يسير من ضِيَاء الْحسن خير من كثير من حفظ الْحِكْمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 - 1 - الْمَعْنى كل امْرِئ يعْمل بعادته وَمَا تعوده وتربى عَلَيْهِ لَا يتكلفه وَعَادَة هَذَا الممدوح أَن يَغْزُو أعداءه ويقتلهم ويطعنهم برمحه وَجعله سَيْفا وَوَصفه بالطعن فَكَأَنَّهُ جعله سَيْفا ورمحا وَهُوَ مَنْقُول من قَول حَاتِم (وكل امرئٍ جارٍ على مَا تعوّدا) وَقَالَ الْخَطِيئَة (جَار على مَا عَوّدوه وَإِنَّهُم ... على عَادَة والمرء مِمَّا تعوّدا) 2 - الْإِعْرَاب سكن الْيَاء من يمسى ضَرُورَة وَهُوَ من الضرورات المستحسنة الْمَعْنى يُرِيد أَن أعداءه يرجفون وَهُوَ يكذب إرجافهم بضد مَا يَقُولُونَ فهم يرجفون بقصوره وَهُوَ يكذبهم بوفوره ويرجفون بهزيمته وَهُوَ يكذبهم بظفره وهم ينوون معارضته فيتحرشون بِهِ فَيصير بذلك أسعد لِأَنَّهُ يظفر عَلَيْهِم فَيَأْخُذ مَا يملكُونَ وَمن روى تحوى أَرَادَ أَنه أملك لما فى أَيْديهم مِنْهُم لِأَنَّهُ مَتى أَرَادَ احتواه واستحقه 3 - الْإِعْرَاب ضره مصدر أى مُرِيد ضره وضر نَفسه فعل مَاض وَأهْدى فعل مَاض الْمَعْنى رب قَاصد أَن يضر فَعَاد الضَّرَر عَلَيْهِ وَرب هاد أى قَائِد إِلَيْهِ الْجَيْش ليهديه الطَّرِيق فأضله بِقَصْدِهِ لَهُ فَصَارَ مهديا إِلَيْهِ من الْهَدِيَّة لِأَنَّهُ يغنم الْجَيْش فَيكون غنيمَة لَهُ فَيكون الهادى مضلا ومهديا إِلَيْهِ ليغنمه 4 - الْمَعْنى يَقُول رب متكبر عَن الْإِيمَان بِاللَّه رَآهُ وسيفه فى كَفه فَآمن وأتى بِالشَّهَادَتَيْنِ قَالَ الواحدى آمن إِمَّا خوفًا مِنْهُ وَإِمَّا علما بِأَن دينه الْحق حِين رأى نور وَجهه وَكَمَال وَصفه الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 - الْمَعْنى ضرب لَهُ الْمثل بالبحر وَيَقُول الْبَحْر يسلم رَاكِبه إِذا كَانَ سَاكِنا فَإِذا ماج وتحرك كَانَ مخوفا كَذَلِك هَذَا ائته مسالما وَلَا تأته مُحَاربًا وَقَالَ الْخَطِيب لَا تأته وَهُوَ غَضْبَان 6 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَيْسَ إغناء الْبَحْر من يُغْنِيه عَن قصد وَهَذَا يغنى من يُغْنِيه عَن تعمد قَالَ ويعثر قد يأتى فى الْخَيْر وَالشَّر قَالَ الواحدى هَذَا كَلَامه وَفِيه خطأ من وَجْهَيْن لِأَنَّهُ لَا تَقول الْعَرَب عثر الدَّهْر بفلان إِلَّا إِذا أَصَابَهُ بنكبة وَمعنى يعثر بالفتى يهلكه من غير قصد لِأَن العثر بالشئ لَا يكون عَن قصد فَهُوَ يَقُول الْبَحْر يغرق عَن غير قصد وَهَذَا يهْلك أعداءه عَن قصد وتعمد وَلَيْسَ يُمكن أَن تحمل عَثْرَة الْبَحْر بالفتى على إغنائه وَهَذَا الْبَيْت قريب الْمَعْنى من قَوْله (ويُخْشَى عُبابُ البَحْرِ وَهْوَ مَكانَهُ ... فكَيْفَ بِمَنْ يغْشَى البلادَ إِذا عبا) 7 - الْمَعْنى إِذا فارقته أهلكها وَإِذا أَتَتْهُ خضعت وسجدت لَهُ وَقَالَ الواحدى من فَارقه وَخَالفهُ هلك وَمن أَتَاهُ خضع وَسجد 8 - الْغَرِيب الجدا الْعَطاء والجدوى أَيْضا الْمَعْنى يُرِيد أَنه يَأْخُذ بشجاعته وإقدامه وبضربه وطعنه مَال الْأَعْدَاء ثمَّ يفنيه بالعطاء عِنْد التبسم والنشاط إِذا جَاءَهُ السُّؤَال كَقَوْل أَبى تَمام (إِذا مَا أغارُوا فاحْتَوَوْا مَال مَعْشَرٍ ... أغارَت عَلَيْهِ واحْتَوَتْهُ الصَّنائعُ) 9 - الْإِعْرَاب التظنى هُوَ التظنن قلبت النُّون الثَّانِيَة يَاء كَقَوْل الهذلى (تقضّى البازِى إِذا البازى كَسَرْ ... ) الْغَرِيب الطليعة الذى يطلع الْقَوْم على الْعَدو فَإِذا جاءسهم الْعَدو أَنْذرهُمْ الْمَعْنى يَقُول هُوَ لصِحَّة ذكائه ولصحة ظَنّه إِذا ظن شَيْئا رَآهُ بِعَيْنِه لَا محَالة كَمَا قَالَ أَوْس (الألَمِعىُّ الذى يظنّ بكَ الظَّنّ ... كأنْ قَدْ رأى وَقَدْ سَمِعا) قَالَ الواحدى هُوَ ذكى ظَنّه يرى الشئ قبل أَن ترَاهُ عَيناهُ كالطليعة تتقدم أَمَام الْقَوْم والمصراع الثانى تَفْسِير للْأولِ يَقُول قلبه يَظُنّهُ يرى فى يَوْمه مَا ترى عينه فى غَد 10 - الْإِعْرَاب وُصُول بدل من ذكى وهما خَبرا ابْتِدَاء مَحْذُوف وَقيل الْمُبْتَدَأ قَوْله وَهَذَا الذى يأتى وذكى ووصول بدلان من خبر الِابْتِدَاء الْمَعْنى يُرِيد أَنه يصل إِلَى كل مَالا يصل إِلَيْهِ من المهالك بِسَيْفِهِ لشجاعته فَلَو كَانَ قرن الشَّمْس مَاء لقدر أَن يُورِدهُ خيله شجاعة وإقداما وَهَذَا من الْمُبَالغَة 11 - الْإِعْرَاب اللَّام مُتَعَلق بِمَا ذكر من وَصفه أى لأجل هَذَا الْوَصْف وَالضَّمِير فى سَمَّاهُ لليوم الْمَعْنى يَقُول لما أسرت ابْن الدمستق يئس من الْحَيَاة فَسمى يَوْمه مماتا لما يعلم من بأسك وَسَماهُ أَبوهُ حَيَاة لِأَنَّهُ فر وَنَجَا فَصَارَ كَيَوْم وَلدته أمه فَكَانَ ذَلِك الْيَوْم مماتا للِابْن حَيَاة للْأَب وَهَذَا من أحسن الْكَلَام 12 - الْإِعْرَاب ثَلَاثًا نصب على الظّرْف تَقْدِيره فى ثَلَاث لَيَال وَقيل مفعول لسريت الْغَرِيب جيحان نهر بِبِلَاد الرّوم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أدناك سيرك إِلَى النَّهر وأبعدك من آمد قَالَ الواحدى وَهَذَا لَا يُفِيد معنى لِأَن كل من سَار هَذَا وَصفه وَلكنه يُرِيد وصلت إِلَى جيحان بسيرك ثَلَاثًا من أَرض آمد وَهَذِه مَسَافَة لَا يقطعهَا أحد يسير فى ثَلَاثَة أَيَّام وَيفهم من هَذَا أَنَّك وصلت إِلَى هَذَا النَّهر من آمد فى ثَلَاث ليالى على مَا بَينهمَا من الْبعد 13 - الْمَعْنى يُرِيد إِنَّمَا أَعْطَاك قسرا لَا اخْتِيَارا لِأَنَّهُ انهزم وَترك ابْنه وجيوشه فِي يدك وَلم يكن ذَاك إِعْطَاء يسْتَحق عَلَيْهِ الْحَمد إِذا كَانَ ذَلِك قهرا 14 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لما رآك لم تسع عينه غَيْرك لعظمك فِي نَفسه وحلت بَينه وَبَين حَيَاته فَصَارَ كالميت فِي بطلَان حواسه وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا 15 - الْغَرِيب الأسنة جمع سِنَان وَهُوَ الزج الذى فى أَسْفَل الرمْح وَقَالَ زرق لِأَن الْحَدِيد الصافى يُوصف بالزرقة والخضرة وقسطنطين هُوَ ولد الدمستق الْمَعْنى يَقُول لم تطلب الرماح غير الدمستق وَلكنه انهزم فَصَارَ ابْنه كالفداء لَهُ لِأَن الْجَيْش اشْتغل بالأسر وَالْأَخْذ فَانْهَزَمَ هُوَ وَنَجَا 16 - الْغَرِيب يجتاب المسوح جمع مسح وَهُوَ مَا ينسج من الشّعْر أى يقطعهَا وَيدخل فِيهَا من خَوفه مِنْك والدلاص الدروع الصافية البارقة يُقَال درع دلاص وأدرع دلاص والمسرد المنظوم المنسوج بعضه فى بعض الْمَعْنى يُرِيد أَنه انهزم من خَوفه وَترك الْحَرْب وترهب وَلبس المسوح كعادة الرهبان بعد لبس الدروع الصافية البراقة 17 - الْغَرِيب العكاز عَصا فى طرفها زج وَأَصله تعكز إِلَى تقبض وَكَأن الشَّيْخ يتقبض عَلَيْهَا ويجتمع وَجَمعهَا عكاكيز وَالدّين معبد النَّصَارَى والأشقر من الْخَيل يُوصف بالسرعة فَلهَذَا خصّه الْمَعْنى إِنَّه لما خافك ترهب وَتَابَ وَأخذ عَصا مَشى عَلَيْهَا بعد أَن كَانَ لَا يرضى بمشى الْخَيل السراع وَذَلِكَ لما لحقه من الْهم ضعف حَتَّى صَار لَا يقدر أَن يمشى إِلَّا على عكازة 18 - الْغَرِيب غادر ترك قَالَ الله تَعَالَى {لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة} وَالنَّقْع الْغُبَار الْمَعْنى يُرِيد مَا ترك الْحَرْب وَتَابَ إِلَّا بعد مَا أبقى الْكر بالطعن وَالضَّرْب وَجهه جريحا ورمدت عينه من غُبَار الْجَيْش وَلم يفعل هَذَا حَتَّى أكره وألجئ إِلَيْهِ وَذَلِكَ لِكَثْرَة مَا أَصَابَهُ من الْجراح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 - الْإِعْرَاب ترهبت فى مَوضِع جزم جَوَابا للشّرط ومثنى وموحد حالان الْمَعْنى يَقُول لَا تنجيبه تَوْبَته وترهبه من على يعْنى سيف الدولة وَلَو كَانَ منجيا لَهُ لترهبت الْأَمْلَاك وَهُوَ جمع ملك اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وواحدا وَاحِدًا 20 - الْإِعْرَاب لَيْسَ كل هُنَا على الْعُمُوم وَالتَّقْدِير كل من يُخَالِفهُ وَبعدهَا الضَّمِير فِيهِ لفعلة الدمستق وَمن روى بعده كَانَ الضَّمِير لَهُ الْمَعْنى يُرِيد وترهب كل امْرِئ فى الشرق والغرب فَمن يخافه يلبس المسوح وَيَتُوب إِن كَانَ هَذَا ينجيه من بَأْس سيف الدولة 21 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح ارْتَفع الْعِيد بِفعل مَحْذُوف وَأَصله ثَبت الْعِيد هَنِيئًا لَك فَحذف الْفِعْل وَأقَام الْحَال مقَامه فَرفعت الْعِيد كَمَا يرفعهُ الْفِعْل وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وانتصب هَنِيئًا عِنْد قوم على مَذْهَب قَوْلهم ثَبت لَك هَنِيئًا وَقيل بل هُوَ اسْم وضع مَوضِع الْمصدر كَأَنَّهُ قيل هَنَّأَك هَنِيئًا وَرُبمَا وضعُوا اسْم الْفَاعِل فى هَذَا الْموضع كَمَا روى عَن بعض نسَاء الْعَرَب وهى ترقص ابْنا لَهَا (قُمْ قائِما قُمْ قائِما ... لَقِيتَ عَبْداً نائِما) (وَعُشَرَاءَ رائِما وأمَةً مُرَاغِما ( ... يُرِيد قُم قيَاما انْتهى الْمَعْنى يَقُول الْعِيد فَرح يعود على النَّاس يفرحون بِهِ وَأَنت عيد لكل النَّاس يفرحون بسلامتك وَكَذَلِكَ الْعِيد يفرح بوصوله إِلَيْك فَأَنت عيده أى تحل فِيهِ مَحل الْعِيد وَأَنت عيد أى فَرح لكل من سمى الله يُرِيد ذكر الله فى الْإِحْرَام وَذبح أضحيته وتلخيص الْكَلَام وَأَنت عيد لكل مُسلم يفرح بك كالعيد 21 - الْغَرِيب الأعياد جمع عيد ككبد وأكباد وَإِنَّمَا جمع بِالْيَاءِ وَأَصله الْوَاو للُزُوم الْيَاء فى الْوَاحِد وَقيل للْفرق بَين أَعْوَاد الْخشب وَبَينه وعيدوا شهدُوا الْعِيد وسمى عيدا لِأَنَّهُ يعود وَقيل لعود الْفَرح فِيهِ والعيد مَا اعتادك من فَرح أَو هم أَو غير ذَلِك قَالَ الشَّاعِر (وَالْقلب يعتاده من حبها عِيدُ ... ) وَقَالَ يزِيد بن الحكم الثقفى وَقيل بله هُوَ لعمر بن أَبى ربيعَة (أَمْسَى بأسماء هَذَا القَلْب مَعْمودا ... إِذا أَقُول صَحا يعْتاده عِيدَا) (أجرِى على موعدٍ منا فتُخْلِفُنِى ... فَلَا أمَلُّ وَلَا تُوفِى المواعِيدا) سَأَلت شيخى أَبَا مُحَمَّد عبد الْمُنعم بن صَالح التيمى النحوى عَن قَوْله يعتاده عيدا علام نَصبه فَقَالَ هُوَ فى مَوضِع الْحَال تَقْدِيره يعتاده السكر عَائِدًا ففى يعتاده ضمير السكر ده عَلَيْهِ قَوْله صَحا الْمَعْنى يَقُول لَا زلت تلبس الأعياد المتكررة عَلَيْك فى الأعوام فَإِذا مضى عيد جَاءَك بعده عيد جَدِيد فَصَارَ الماضى خلقا والقادم جَدِيدا وَلما ذكر اللّبْس اسْتعَار لَهُ الْخلق والجديد 23 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح فى الْبَيْت نظر وَهُوَ أَنه خص الْعِيد وَحده دون الْأَيَّام بِمَا ذكره من الشّرف وَكَانَ ينبغى أَن تكون أَيَّامه كلهَا كَذَلِك لِأَن جَمِيعهَا مُشْتَمل عَلَيْهِ الْجَواب أَن الْعِيد قد اجْتمع فِيهِ أَمْرَانِ أَحدهمَا وَهُوَ الْأَظْهر اشتماله على سيف الدولة وَالْآخر كَونه عيدا فَصَارَ لَهُ مزية على غَيره مِمَّا لَيْسَ بعيد انْتهى كَلَامه وَيجوز أَن يُقَال إِنَّمَا جعله فى الشّرف كَيَوْم النَّحْر لِأَنَّهُ من أشرف الْأَيَّام وَقَالَ أهل التَّفْسِير فى قَوْله {يَوْم الْحَج الْأَكْبَر} قيل يَوْم النَّحْر وَمِنْه الحَدِيث " أَن يَهُودِيّا قَالَ لعمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ لَو علينا معشر الْيَهُود نزلت الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ " لاتخذناه عيدا فَقَالَ عمر إنى لأعْلم أى يَوْم نزلت وفى أى سَاعَة نزلت يَوْم النَّحْر وَهُوَ عندنَا من أشرف الْأَيَّام فَلهَذَا خص المتنبى هَذَا الْيَوْم بالشرف فى الْأَيَّام كشرفه فى الورى وَالْمعْنَى من قَول حبيب (وَيَضْحَكُ الدّهْرَ مِنْهَمْ عَن غَطارِفةٍ ... كأنَّ أيامَهُمْ مِنْ حُسْنِها جُمَعُ) 24 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد التَّنْبِيه على اخْتِلَاف حظوظ أهل الدُّنْيَا فقد يبلغ من حكم الْجد أَن تفضل الْعين أُخْتهَا وَإِن كَانَت سَوَاء ويفضل الْيَوْم الْيَوْم وَكِلَاهُمَا ضوء الشَّمْس وَقَالَ غَيره جعل الْيَوْمَيْنِ والعينين مثلا لكل متساويين فيجد أَحدهمَا فيريد أَن الْجد يُؤثر فى كل شئ حَتَّى إِن الْعَينَيْنِ تصح إِحْدَاهمَا وتسقم الْأُخْرَى ويسود الْيَوْم الْيَوْم وَكِلَاهُمَا ضوء الشَّمْس فيريد أَن سَائِر الْأَيَّام كَيَوْم الْعِيد إِلَّا أَن الْحَظ شهره من سَائِر الْأَيَّام فَجعله يَوْم فَرح وسرور فَلهُ فضل على الْأَيَّام كفضل الْيَد الْيُمْنَى على الشمَال وَالْعين الْيُمْنَى على الشمَال فالحظ يعْمل فى كل شئ وفى مَعْنَاهُ لحبيب (وَإِذا تأمَّلْتَ البِِلادَ رَأَيْتهَا ... تُثْرِى كَمَا تُثْرى الرِّجَال وتُعْدِمُ) (حَظّ تَعاوَرَهُ البَقاع لوقْته ... وَادٍ بِهِ صَفِرٌ وآخَرُ مُفْعَمْ) 25 - الْإِعْرَاب الدائل اسْم فَاعل من دَال يدول وَيُرِيد بِهِ هُنَا صَاحب الدولة أخرجه مخرج لِابْنِ وتامر وشفرتا السَّيْف حداه الْمَعْنى يتعجب من عَظِيم همة الدولة إِذْ تقلدته والدولة فى الْحَقِيقَة الْخَلِيفَة وفى هَذَا تَفْضِيل لَهُ على الْخَلِيفَة بِالْقُوَّةِ وَضرب لهَذَا مثلا قَالَ ابْن القطاع صحف هَذَا الْبَيْت فروى دائل بِالدَّال الْمُهْملَة من الدولة وَلَا معنى للدولة فِيهِ وَالصَّحِيح بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ الرجل المتقلد سَيْفه المتبختر فى مشيته والذائل السَّيْف الطَّوِيل أَيْضا وَكَذَلِكَ الْفرس الطَّوِيل الذَّنب فَإِن كَانَ قَصِيرا وذنبه طَوِيل قيل ذَيَّال الذَّنب الدرْع الطَّوِيلَة قَالَ النَّابِغَة (وكلّ صموت نثلة تُبَّعِيَّة ... ونَسج سُليمٍ كلّ قَضَّاء ذائل والذائل الطَّوِيل من كل شئ 26 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح قلت لَهُ جعلت من شرطا صَرِيحًا فَهَلا جَعلتهَا بِمَنْزِلَة الذى وَلم تضمن الصِّلَة معنى الشَّرْط حَتَّى لَا تركب الضَّرُورَة كَقَوْلِه تَعَالَى {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم} الْآيَة فَقَالَ هَذَا يرجع إِلَى معنى الشَّرْط وَالْجَزَاء وَأَنا جِئْت بِلَفْظ الشَّرْط لِأَنَّهُ أبلغ وَأَرَدْت الْفَاء فى يصيره ثمَّ حذفهَا والذى قَالَه // جَائِز // وَالْوَجْه الذى قلت لَهُ أولى وسيبويه يرى فى هَذَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فتقديره على مذْهبه يصير الضرغام من يَجعله بازا فِيمَا تصيده وَاكْتفى بِهَذَا القَوْل عَن وجوب الشَّرْط وَمثله (يَا أقْرَعُ بنَ حَابِس يَا أقْرَعُ ... إنَّك إِن يصرعْ أَخُوك تُصَرعُ) وَالتَّقْدِير إِنَّك تصرع إِن يصرع أَخُوك انْتهى كَلَامه وَأما قَول المتنبى أردْت الْفَاء ثمَّ حذفتها // فَجَائِز حسن // قد جَاءَ فى الْكَلَام الفصيح وَمِنْه حَدِيث النبى فى حَدِيث سعد بن مَالك وَهُوَ حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ والموطأ وَالسّنَن قَالَ " مَرضت عَام الْفَتْح فعادنى رَسُول الله فَقلت يَا رَسُول الله إِن لى مَالا وَلَيْسَ لى من يرثنى إِلَّا ابْنة لى فأتصدق بِنصْف مالى قَالَ لَا فقت فَالثُّلُث قَالَ الثُّلُث وَالثلث كثير إِنَّك إِن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تذرهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس " التَّقْدِير فَهُوَ خير فَحذف الْفَاء الْغَرِيب الضرغام الْأسد وضرغم الْأَبْطَال بَعضهم بَعْضًا فى الْحَرْب وَأَصله الضرغامة الْمَعْنى أَنَّك فَوق من تصف إِلَيْهِ لِأَن من اتخذ أسدا ضاريا صيد بِهِ أى غَلبه الْأسد فصاده مثله قَول دعبل فى الْفضل وَكَانَ قد خرجه وأدبه فَبَلغهُ أَنه يعِيبهُ فَقَالَ (فَكَانَ كالكلبِ ضرّاهُ مُكَلِّبُهُ ... لِصَيْدِهِ فغَدا يصطاد كَلاَّبَه) 27 - الْمَعْنى يَقُول حلمك عَن قدرَة وَلَو شِئْت لم تحلم ولكان بدل الْحلم الْقَتْل بِالسَّيْفِ فَأَنت خَالص الْحلم فى خَالص قدرَة عَن الْعَجز 28 - الْمَعْنى يَقُول من عَفا عَن حر صَار كَأَنَّهُ قَتله لِأَنَّهُ يسترقه بِالْعَفو عَنهُ فيذل لَهُ وينقاد وَهَذَا من قَول بَعضهم غل يدا مُطلقهَا واسترق رَقَبَة معتقها وَالْمعْنَى من لَك بِالْحرِّ الذى يحفظ النِّعْمَة ويراعى حَقّهَا وَمن روى يعرف اليدا فَمَعْنَاه قدر الْعَفو عَنهُ وَمَا أحسن هَذَا حثه فى أول بَيت على الْعَفو ثمَّ ذكر قلَّة وجود من يسْتَحق ذَلِك ثمَّ أكد هَذَا بقوله (إِذا أَنْت ... الخ ... ) 29 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْكَرِيم يعرف قدر الْإِكْرَام فَيصير كالمملوك لَك إِذا أكرمته واللئيم إِذا أكرمته يزِيد عتوا وجراءة عَلَيْك 30 - الْمَعْنى كل يجازى ويعامل على اسْتِحْقَاقه فمستحق الْعَطاء لم يسْتَعْمل مَعَه السَّيْف وَمن اسْتحق السَّيْف لم يكرم بالعطاء وَإِذا فعل ذَلِك أحد أضرّ بعلاه وَالْبَاء مُتَعَلقَة بمضر وَهَذَا مَنْقُول من كَلَام الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم من جعل الْفِكر فى مَوضِع البديهة فقد أضرّ بخاطره وَكَذَلِكَ من جعل البديهة فى مَوضِع الْفِكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 - الْغَرِيب تفوق تصير فَوْقهم والمحتد الأَصْل الْمَعْنى يَقُول أَنْت فَوق كل أحد بِالْعقلِ والإصابة فى الْأُمُور كَمَا أَنْت فَوْقهم بِكُل شئ لم ينالوه فَأَنت أعرف بمواقع الْإِسَاءَة وَالْإِحْسَان وَأَنت فَوق النَّاس بحالك لِأَنَّك ملك مَالك وبالنفس لِأَنَّك أَعلَى النَّاس همة وبالإحسان لِأَنَّك ذُو أصل شرِيف ومنصب كريم 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَن مَا تبتدعه من المكارم يخفى على أفكار الشُّعَرَاء فَيذكرُونَ مَا ظهر مِنْهَا ويتركون مَا خفى قَالَ الواحدى إِن المقتدين بك فى المكارم يَأْخُذُونَ مَا ظهر مِنْك ويتركون مَا خفى وَلَو أَرَادَ ذَلِك لما أَتَى بالأفكار ولقال يدق على الْكَرم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الْبَيْت مثل قَول عمار الكلابى (مَا كلُّ قَوْلَى مَشْرُوحا لكُمْ فَخُذُوا ... مَا تَعْرِفُونَ وَمَا لم تَعْرِفُوا فَدَعُوا) قَالَ ابْن فورجة عمار الكلابى رجل مُحدث لحنة وَهَذَا الْبَيْت من أَبْيَات لَهُ وهى قَوْله (مَاذَا لَقِيتُ مِنَ المُستَعربينَ وَمِنْ ... قِياسِ نَحْوِهِمُ هذاَ الذى ابْتَدَعُوا) (إِن قُلْتُ قافِيَةً بِكْراًٍ يَكُونُ لَهَا ... مَعْنًى خلافَ الذى قاسُوهُ أَو ذرَعُوا) (قَالُوا لَحَنْتَ وَهَذَا الحَرْفُ مُنْخَفِضٌ ... وَذاكَ نَصْبٌ وَهَذَا ليْسَ يَرْتَفِعُ) (وحَرَّضُوا بينَ عَبْد اللهِ واجْتَهَدُوا ... وبينَ زَيْد فَطالَ الضَّرْبُ والوَجَعُ) (كمْ بينَ قوْمٍ قد احْتالوا بِمَنْطِقِهِمْ ... وبينَ قَوْمٍ على إعْرابِهِمْ طُبِعُوا) (فَقُلْتُ وَاحِدَةً فِيها جَوَابُهُمُ ... وكَثْرَةُ القَوْلِ بالإِيجازِ تَنْقَطِعُ) (مَا كلُّ قَوْلىَ مَشْرُوحا لَكُمْ فَخُذُوا ... مَا تَعْرِفُونَ وَما لم تَعْرِفُوا فَدَعُوا) (حَتَّى يصِيرَ إِلَى القَوْمِ الَذِينَ غُذُوا ... بِما غُذيِتُ بِهِ والقَوْلُ يَجْتَمعُ) (لأنّ أرْضِىَ أرْضٌ لَا تُشَبُّ بِهَا ... نارُ المَجُوسِ وَلاَ تُبْنَى بِها البِيَعُ) 33 - الْغَرِيب الكبت الصّرْف والإذلال يُقَال كبت الله الْعَدو أى صرفه وأذله وكبته لوجهه صرعه الْمَعْنى يَقُول صرت محسودا بِالنعَم الَّتِى أَنْعَمت بهَا على فَظهر لى حساد يحسدوننى فصاروا يقصدوننى بالسوء فاكفنى شرهم بِأَن تصرفهم وتخزيهم بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُم وَمثل قَول أَبى الجويرية العبدى (وَمَا زِلْتَ تُعْطينى وَمالىَ حاسِدٌ ... مِنَ النَّاسِ حَتَّى صرْتُ أُرْجَى أُحسدُ) وَأَخذه بشار فَقَالَ (صحبته فى المُلك أَو سُوقةً ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 فَزَادَ فى كثرَةِ حسادى) وَقَالَ أَبُو نواس (دَعْنِي اكسر حاسديك برحلة ... إِلَى بلد فِيهِ الخصيب أَمِير) وَقَالَ أَبُو عبَادَة الْوَلِيد البحتري (وألبسني النعمى الَّتِي غيرت أخى ... على فأضحى نازح الود أجنبا) 34 - الْغَرِيب النصل حَدِيدَة السَّيْف مَا لم يكن لَهَا هَا مقبض فَإِذا صَار لَهَا مقبض فهى سيف وَلذَلِك أضافت الشُّعَرَاء النصل إِلَى السَّيْف الْمَعْنى يَقُول إِذا قوى ساعدى بِحسن رَأْيك قطع نصلى هام الْأَعْدَاء وَإِن ضربت بِهِ وَهُوَ فى غمده وَيُرِيد إِنَّك إِذا كنت حسن الرأى فى فَمَا أبالى بالحساد والقليل من إنكارك عَلَيْهِم يكفينى وَالْمعْنَى من قَول حبيب (يَسُوء الذى يَسْطو بِهِ وَهُوَ مُغْمَد ... ويفضح من يَسطو بِهِ غيرَ مُغْمَدِ) 35 - الْغَرِيب السمهرى الرمْح مَنْسُوب إِلَى سمهر اسْم رجل كَانَ يقوم الرماح وَالْأَصْل الصلابة اسمهر الْأَمر إِذا اشْتَدَّ الْمَعْنى يَقُول أَنا لَك كالرمح الذى إِن حَملته بِالْعرضِ زانك وَكَانَ زينا لَك وَإِن حَملته مُسَددًا مُهَيَّأ لطعن أعدائك راعهم يُرِيد أَنا لَك زين فى السّلم ورمح فى عَدوك أنافح عَنْك بلسانى 36 - الْمَعْنى إِن أهل الدَّهْر يروون شعرى وَأخرج اللَّفْظ على الدَّهْر تَعْظِيمًا لشعره وَالْمرَاد أهل الدَّهْر وَجعل شعره فى الْحسن كالقلائد الَّتِى يتقلد بهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 - الْغَرِيب المغرد المطرب والتغريد رفع الصَّوْت للتطريب بِحسن الصَّوْت الْمَعْنى يَقُول إِذا سمع شعرى الكسلان نشطه فَصَارَ على سَمَاعه مشمرا والذى لَا يغنى إِذا سَمعه طرب فغنى بِهِ مغردا وَذَلِكَ أَنه يستحسنه كل أحد 38 - الْغَرِيب أجزنى من الْجَائِزَة وأصل الْجَائِزَة أَن بعض الْمُلُوك كَانَ فى حَرْب وَبَينه وَبَين قوم نهر فَقَالَ من جَازَ إِلَى الْجَانِب الآخر كَانَ لَهُ كَذَا فَكَانَ إِذا جَازَ الرجل أعطَاهُ عطاءه فَقيل مد جازه وَقيل إِنَّمَا سميت جَائِزَة لِأَنَّهَا تجوز لصَاحِبهَا من قَوْلك هَذَا يجوز وَهَذَا يمْتَنع الْمَعْنى يُرِيد إِذا أنْشدك شَاءَ شعرًا يمدحك فأعطنى فَإِن الذى أنشدته شعرى يردده المادحون ويكررونه عَلَيْك وَذَلِكَ لأَنهم يَأْخُذُونَ معانى أشعارى فِيك وألفاظى فيأتونك بهَا وَهَذَا كَقَوْل بشار (إذَا أَنْشَدَ حَمَّادٌ ... فَقُلْ أحْسَنَ بَشَّارُ) وكقول أَبى هفان (إذَا أنْشَدْتُكمْ شِعْراً ... فَقُولُوا أحْسَنَ النَّاسُ) وَأَخذه أَبُو تَمام فى غير هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ (فمَهْما تكُنْ مِن وَقْعَةٍ بعدُ لَا تكُنْ ... سِوَى حَسَن مِمَّا فَعَلْتَ مُرَدَّدِ) 39 - الْغَرِيب الصدى الصَّوْت الذى يسمع من الْجَبَل كَأَنَّهُ يحْكى قَوْلك أَو صياحك وَهَذَا مثل يَقُول شعرى هُوَ الأَصْل وَغَيره كالصدى الذى يكون حِكَايَة لصوت الصائح وَلَيْسَ بِأَصْل أى لَا تلْتَفت إِلَى شعر غيرى فَإِنَّهُ لَيْسَ بشئ وَالْأَصْل شعرى 40 - الْغَرِيب العسجد الذَّهَب الْمَعْنى يُرِيد إنى أَتَّخِذ لخيلى نعالا من ذهب من نعماك على وَتركت السرى لغيرى من القترين المقلين ليسيروا إِلَيْك كَمَا سرت إِلَيْك فَأَنا قد بلغت بك إِلَى كل مَا طلبت من الآمال وَالْمَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 - الْمَعْنى يَقُول أَقمت عنْدك حبا لَك وَبَين سَبَب الْإِقَامَة بالمصراع الْأَخير وَأَن إحسانه إِلَيْهِ هُوَ الذى قَيده وَفِيه نظر إِلَى قَول الطائى (وَتَرْكى سُرْعَةَ الصَّدَرِ اغْتِباطا ... يَدُلُّ عَلى مُوَافَقَةِ الوُرُودِ) وَكَقَوْلِه (هِمَمِى مُعَلَّقَةٌ عَلَيْكَ رِقابُها ... مَغْلُولَةٌ إنَّ الوَفاءَ إسارُها) 42 - الْمَعْنى يَقُول إِذا طلب طَالب من الدَّهْر وشكا إِلَيْهِ واقترح عَلَيْهِ الْغنى وَكنت بَعيدا عَن بلادك جعلتك موعدا لى بالغنى لَا الدَّهْر وَقَالَ الواحدى الدَّهْر يحِيل عَلَيْك فَمن اقترح عَلَيْهِ الْغنى يُشِير عَلَيْهِ بإتيانك كَمَا قَالَ أَبُو تَمام (شَكَوْتُ إِلَى الزَّمان نُحُول حالى ... فأرْشَدنى إِلَى عَبْدِ الحَميد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 - 1 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الْأَذَى بعثنى على مفارقتكم فَصَارَ الْأَذَى يدا لِأَنَّهُ كَانَ سَببا للفرقة وَنَقله الواحدى 2 - الْمَعْنى يُرِيد مَا بينى وَبَيْنكُم من الْحَال لَا من الْبعد فى الأوطان قَالَ الواحدى إِن الْجفَاء أعَان قلبى على الشوق فَلَا يغلبه شوق إِلَيْكُم أى لَا أشتاق إِلَيْكُم إِذا تذكرت مَا كَانَ بَيْننَا قبل الْفِرَاق قَالَ والذى ذَكرْنَاهُ قَول ابْن جنى وَعَلِيهِ أَكثر النَّاس وَقَالَ العروضى هَذَا غلط وَلَا يرَاهُ قَوْله (أعَان قلبى ... ) وَمن تخلص من بلية لم يتداركه شوق إِلَيْهَا وَمعنى الْبَيْت الأول مَا كنت أَحْسبهُ عنْدكُمْ أَذَى كَانَ إحسانا إِلَى جنب مَا أَلْقَاهُ من غَيْركُمْ كَمَا قَالَ الآخر (عَتَبْتُ عَلى سَلْمَى فَلَمَّا هَجضرْتُها ... وَجَرَّتُ أقْوَاما بكَيْتُ عَلى سَلْمَى) ثمَّ قَالَ إِذا تذكرت مَا بينى وَبَيْنكُم من صفاء الْمَوَدَّة أعاننى ذَلِك على مقاومة الشوق إِذا علمت أَنكُمْ على الْعَهْد وَالْوَفَاء بالمودة قَالَ الواحدى وَقَول أَبى الْفَتْح أظهر الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 (تمّ تَعْدِيل أرقام الأبيات من قبل أَحْمد) 62 - 1 - الْإِعْرَاب قَوْله أَهلا بمضمر تَقْدِيره جعل الله أَهلا بِتِلْكَ الدَّار فَتكون مأهولة وَهُوَ فى الْحَقِيقَة دُعَاء لَهَا بالسقيا وَقَالَ ابْن القطاع قَالَ بَعضهم هُوَ نصب على مَذْهَب الِاسْتِفْهَام بإضمار الظَّن أى أتظن أَهلا بدار وَكَيف يظنّ ذَلِك وَهُوَ يَرَاهَا خَالِيَة قفارا وَإِنَّمَا نصب على مَذْهَب الدُّعَاء لِأَن عَادَة الشِّرَاء إِذا وقفُوا على ديار أحبابهم حيوها بِالسَّلَامِ ودعوا لَهَا بالسقيا وَرُجُوع الْأَهْل كَقَوْل امْرِئ الْقَيْس (أَلا عِمْ صباحا أيُّها الطَّللُ البالى ... ) وكقول جرير (سقَى الرّملَ جَوْنٌ مستهلُّ رَبَابُهُ ... وَمَا ذَاك إِلَّا حُبَّ من حَلَّ بالرملِ) أى من أجل حب من حل بالرمل وَلكنه مَنْصُوب على مَذْهَب الدُّعَاء أى أعَاد الله أَهلا بدار وَأهل الله أَهلا بدر ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَفسه فَقَالَ أبعد مَا بَان عَنْك خروها وَلم تزودك عِنْد رحيلك زادا تَدْعُو لَهَا انْتهى كَلَامه وَقَالَ من روى أبعد بِسُكُون الْبَاء فقد حكى مَاضِيَة لَهُ مَعهَا بقوله ظلت ويضمر حِينَئِذٍ عِنْد تَمام الْبَيْت قَائِلا أَو تَقول يَا حاديى وَتَكون الأبيات إِلَى قَوْله بانوا بخرعوبة حِكَايَة للْحَال وَمن روى أبعد بِفَتْح الْبَاء فَمَعْنَاه عشقتها لِكَثْرَة مَا سَمِعت من حسن وصفهَا وَلَا يحْتَاج إِلَى إِضْمَار وَهَذِه الْمُبَالغَة على هَذَا الْوَجْه وَإِن كَانَت بعيدَة فى الرُّجُوع قَالَ الواحدى وفى أبعد رِوَايَات والذى عَلَيْهِ الْأَكْثَر هُوَ الِاسْتِفْهَام وَفِيه ضَرْبَان من الْفساد أَحدهمَا فى اللَّفْظ وَهُوَ أَن تَمام الْكَلَام يكون فى الْبَيْت الذى بعده وَهُوَ عيب فى الشّعْر يُسمى المضمن والمبتور وَمثله (لَا صلْحَ بيْنى فاعلَموه وَلَا ... بَيْنَكُمُ مَا حمَلتْ عاتقَى) (سَيْفى وَمَا أنَّا بِنَجْدٍ وَمَا ... قرْقرَ قمر الوادِ بالشَّاهق) والثانى فى الْمَعْنى وَهُوَ أَنه إِذا قَالَ أبعد فراقهم نهيم وتحزن كَانَ محالا من الْكَلَام وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة أبعد مابان أى أبعد شئ فارقك جوارى هَذِه الدَّار وروى قوم أبعد بِالنّصب على أَنه حَال من الأغيد وَالْعَامِل فى الْحَال سباك يُرِيد سباك أبعد مَا بَان عَنْك وَهَذَا من الْعجب أَن السبى يسئ وَهُوَ بعيد يُرِيد أَنه أسرك بحبه وَهُوَ على الْبعد مِنْك الْغَرِيب الأغيد الناعم وَجمعه غيد وَذكر اللَّفْظ على إِرَادَة الشَّخْص أَو الْإِنْسَان وَالْإِنْسَان يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى والخرد جمع خريدة وهى الْبكر الَّتِى لم تمس وَيُقَال فى جمعه خرد بِالتَّخْفِيفِ وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فى الغيد الْعتْق الْمَعْنى أَنه لما دَعَا للدَّار بالسقيا وَرُجُوع الْأَهْل إِلَيْهَا بَكَى وَقَالَ هَذِه الدَّار أبعد شئ فارقك وَبَان عَنْك جواريها الناعمات الْأَبْكَار 2 - الْإِعْرَاب ظلت أَصله ظللت فَحذف إِحْدَى اللامين تَخْفِيفًا كَقَوْلِه تَعَالَى {فظلتم تفكهون} ويدها ارْتَفَعت بنضيجة وهى اسْم فَاعل يعْمل عمل الْفِعْل كَمَا تَقول مَرَرْت بِامْرَأَة كَرِيمَة جاريتها وَيجوز أَن تكون النضيجة من صفة الكبد وترتفع الْيَد بِالِابْتِدَاءِ عِنْد الْبَصرِيين وَعِنْدنَا بِخَبَر الصّفة وَعند سعيد بن مسْعدَة بالاستقرار وَإِذا كَانَت نضيجة عاملة فى الْيَد كَانَ أبلغ الْغَرِيب الخلب قيل غشاء الكبد وَقيل غشاء الْقلب رَقِيق وَقيل الخلب مَا بَين الزِّيَادَة والكبد وَجعل الْيَد نضيجة وأضافها إِلَى الكبد لِأَنَّهَا دَامَ وَضعهَا على الكبد فأنضجتها بِمَا فِيهَا من الْحَرَارَة فَلهَذَا جَازَ إضافتها إِلَى الكبد وَالْعرب تسمى الشئ باسم غَيره إِذا طَالَتْ صحبته إِيَّاه كَمَا قَالُوا لفناء الدَّار الْعذرَة وَإِذا جَازَ تَسْمِيَته باسم مَا يَصْحَبهُ كَانَت بالإضافه أَهْون الْمَعْنى يَقُول وقفت بِتِلْكَ الدَّار وَاضِعا يدى على كبدى والمحزون يفعل ذَلِك كثيرا لما يجده فى كبده من حرارة الشوق والوجد حَتَّى يخَاف على كبده أَن تَنْشَق كَمَا قَالَ الشَّاعِر (عَشِيَّةَ أَثْنِى البُرْدَ ثُمَّ ألوثُهُ ... على كَبِدِى مِنْ خَشْيَةٍ أنْ تَقطَّعا)) وكبيت الحماسة قَول الصمَّة القشيرى (وأذْكُرُ أيَّامَ الحِمَى ثُمّ أنْثَنى ... عَلى كَبِدِى مِنْ خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعا) وكقول الآخر (لَمَّا رأوْهُمْ لَمْ يُحِسُّوا مُدْرِكا ... وَضَعُوا أنامِلَهُمْ عَلى الأكْبادِ) قَالَ الواحدى وَقد ذكره أَبُو الطّيب بقوله (فِيهِ أيْديكما على الظَّفَر الحُلْو ... وأيدى قومٍ على الأكْبادِ) الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 - الْإِعْرَاب نَادَى الحاديين وَحذف مَا ناداهما لَهُ وَذكره فِيمَا بعد الْبَيْت وَهَذَا مِمَّا يُسمى الاعترض اعْتِرَاض لَهُ كَلَام آخر هُوَ من شَأْنه وقصته وَلَو كَانَ كلَاما لَيْسَ من قصَّته وشأنه فسد وَإِذا كَانَ من كَانَ // جَائِزا // كَقَوْل الآخر (وَقد أدركَتنى والحوادث جمَّة ... أسِنَّة قوم لَا ضِعافٌ وَلَا عُزْل) ففصل بَين الْفِعْل وَالْفَاعِل بِمَا هُوَ من قصَّته لِأَن إِدْرَاك الأسنة من جملَة الْحَوَادِث وَكَذَلِكَ قَول أَبى الطّيب لَيْسَ بأجنبى عَمَّا هُوَ فِيهِ من الْقِصَّة وَأَرَادَ قبيل أَن أفقدها فَلَمَّا حذف أَن رفع الْفِعْل كبيت الْكتاب فى رِوَايَة الْبَصرِيين (أَلا أيهذا الزّاجرى أحضرُ الوَغَى) الْغَرِيب العير الْإِبِل الَّتِى تحمل الْميرَة وَيجوز جمعه على عيرات ذكره الجوهرى هَكَذَا الْمَعْنى يُرِيد يَا حاديى أبلها أَظن أَنى أَمُوت قبيل أَن أفقدها وَبَين مَا دعاهما لَهُ بقوله (قفا قَلِيلا ... الخ ... ) 4 - الْإِعْرَاب من روى أقل بِالرَّفْع جعل لَا بِمَنْزِلَة لَيْسَ كبيت الْكتاب (من صَدّ عَن نيرَانها ... فَأَنا ابْن قيسٍ لَا براحُ) يُرِيد أَنه لَيْسَ عندى براح وَالضَّمِير فى بهَا يعود على المحبوبة وَإِن شِئْت فعلى العير الْمَعْنى يُرِيد يَا حاديى عيرها قفا بهَا على قَلِيلا أتعلل بنظرة كَثِيرَة والنظرة للمحب وَلَا سِيمَا عِنْد الْوَدَاع وفى هَذَا نظر إِلَى قَول ذى الرمة (وَإنْ لم يَكُنْ إلاَّ تَعَلُّلُ ساعَةٍ ... قَليلٌ فإنى نافعٌ لى قليلُها) 5 - الْغَرِيب الْجَحِيم النَّار الشَّدِيدَة التوقد الْعَظِيمَة وكل نَار عَظِيمَة فهى جحيم قَالَ تَعَالَى {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بنيانا فألقوه فِي الْجَحِيم} والجاحم الْمَكَان الشَّديد الْحر قَالَ الْأَعْشَى (يُعِدُون للهَيْجاء قبلَ لِقائها ... غَدَاة احتضار الْبَأْس والموتُ جاحِم) وجحمت النَّار كثر جمرها ولهبها وتوقدها فهى جحيم وجاحمة الْمَعْنى يَقُول فى فؤاد الْمُحب يعْنى نَفسه نَار شَدِيدَة التوقد أحر نَار شَدِيدَة أبرد من نَار الْهوى يُرِيد أَن الْهوى أَشد من نَار الْجَحِيم حرارة أعاذنا الله مِنْهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 - الْغَرِيب اللمة الشّعْر الذى يلم بالمنكب وَالْجمع لمَم ولمام وَيُسمى الشّعْر الْقَلِيل فى الرَّأْس وفرة فَإِذا كثر عَن ذَلِك قيل جمة فَإِذا ألم بالمنكب قيل لمة وَالْفرق حَيْثُ يفرق الشّعْر والدمسق الْحَرِير الْأَبْيَض وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (فظَلّ العَذاَرَى يرتمين بلَحْمها ... وشحم كهُدّاب الدّمَقْس المُفَتَّل) وَيُقَال فِيهِ مدقس ودمقاس أنْشد الأصمعى (سَمِين أعْشار الأدِيم كاسِى ... مِنْ ثَلَّةٍ كَهُدُبِ الدِّمْقاس) وأسودها مسودها الْمَعْنى يُرِيد لعظم مَا أَصَابَهُ من الْفِرَاق شَاب رَأسه حَتَّى صَار مسود لمته أَبيض وَذَلِكَ من هجر الحبيب وَبعده عَنهُ يصف مَا صَار إِلَيْهِ بعده 7 - الْغَرِيب الخرعوبة والخرعبة أَيْضا الْمَرْأَة الشَّابَّة اللينة الطَّوِيلَة الطرية وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (بَرَهْرَهَة رُأْدَة رَخْصةٌ ... كخُرْعُوبة البانَة المُنفطِر) وَقَالَ الجوهرى الخرعوبة والخرعبة الدقيقة الْعِظَام الناعمة والغصن الخرعوب المتثنى الْمَعْنى يَقُول بانوا بِامْرَأَة ناعمة لَهَا كفل وَهُوَ الردف يكَاد إِذا قَامَت يقعدها لِكَثْرَة مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم وَالْمَرْأَة تُوصَف بثقل العجيزة وَقَوله يكَاد يُرِيد قرب من ذَلِك وَكَاد فعل وضع لمقاربة الْفِعْل وإثباته نفى فى الْمَعْنى فَأَرَادَ قرب من ذَلِك وَلم يفعل وَهَذَا مَنْقُول من قَول أَبى دلامة (وقَدْ حاوَلَتْ نَحْوِى القيامَ لحاجَةٍ ... فأثْقَلها عَن ذَلِك الكفل النهد وَمثله لآبي الْعَتَاهِيَة (بَدَت بَين حور قصار الخطا ... تُجَاهِد بالمشى أكفالها) وَأَصله لعمر بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي (تنوء بأخراها فتأبى قِيَامهَا ... وتمشي الهوينى عَن قريب فتبهر) 8 - الْغَرِيب الربحلة اللحمية الطَّوِيلَة الْعَظِيمَة وَرجل ربحل وَكَذَلِكَ السبحلة وَرجل سبحل قَالَت امْرَأَة تصف بِنْتا لَهَا (رِبْحلة سِبَحْله ... تَنْمِى نماءَ النَّخْله) والمقبل مَوضِع التَّقْبِيل وَهُوَ الشّفة ويوصف بالسمرة قَالَ ذُو الرمة (لَمْياءُ فى شفَتَيْها حُوَّةٌ لعَسٌ ... ) والمجرد مَا تعرى من الثَّوْب وَهُوَ الْأَطْرَاف وَالْمعْنَى وَقَالَ (أَبيض الْمُجَرّد ... ) وَهُوَ الذى يُصِيبهُ الرّيح وَالشَّمْس وَهُوَ الظَّاهِر لمن يرَاهُ قَالَ فعلى هَذَا أَن سَائِر جَسدهَا الذى لم يره الناظرون أَشد بَيَاضًا من الْمُجَرّد فقد وصفهَا بسمرة الشّفة وَبَيَاض اللَّوْن يَقُول سَارُوا بِهَذِهِ الْمَرْأَة الَّتِى هَذِه صفتهَا 7 - الْغَرِيب الفئة الْجَمَاعَة من النَّاس وَيُرِيد بهم العشاق الْمَعْنى يَقُول لمن يعذله فى الْمحبَّة دع عَنى عذلك كَيفَ تعذل من أضلّهُ الله فى الْهوى حَتَّى استولى عَلَيْهِ وثلب عقله كَيفَ تفعل هَذَا أَتُرِيدُ رشاده وَقد أضلّهُ الله لَا تقدر على هَذَا قَالَ الواحدى إِنَّهُم لَا يصغون إِلَى عذلك لما بهم من ضلال الْعِشْق ثمَّ ذكر قلَّة نفع لومه 8 - الْغَرِيب يُقَال حاك وأحاك إِذا أثر الْمَعْنى يَقُول ليسى يُؤثر لومك فِي همم أقرب الهمم مِنْك أبعدها عَنْك فى الْحَقِيقَة وَقَالَ الواحدى أقربها فى تقديرك أبعدها عَنْك فى الْحَقِيقَة أى الذى تظنه ينجع فِيهِ لومك هُوَ الْأَبْعَد مِمَّا تظن 11 - الْإِعْرَاب الْمَقْصُود بالذم مَحْذُوف وَهُوَ نكرَة مَوْصُوفَة بسهرت والعائد إِلَيْهِ من صفته مَحْذُوف أَيْضا وَالتَّقْدِير لَيَال سهرت فِيهَا وَمثله فى الْكتاب الْعَزِيز {وَمن آيَاته يريكم} تَقْدِيره آيَة تَقْدِيره آيَة يريكم بهَا الْبَرْق خوفًا وَقد جَاءَ فى الشّعْر حذف النكرَة المجرورة الموصوفة بِالْجُمْلَةِ فى قَول الراجز (مالكَ عندى غيرُ سَهْمٍ وحَجَرْ ... وغيرُ كَبْدَاءَ شديدةِ الوَتَرْ) (ترمى بكَفَّىْ كَانَ من أرمَى البَشَرْ ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 يُرِيد بكفى رجل فَحَذفهُ وَهُوَ بنويه وَقَوله من طربى مفعول لَهُ وَهُوَ بِمَعْنى اللَّام كَمَا تَقول جِئْت من أَجلك ولأجلك وأكرمته لمخافة شَره وَمن مَخَافَة شَره وشوقا يحْتَمل أَن يكون مَفْعُولا لأَجله عمل فِيهِ طربى فَيكون الشوق عِلّة للطرب والطرب عِلّة للسهر وَلَا يعْمل سهرت فى قَوْله شوقا لانه قد تعدى إِلَى عِلّة فَلَا يتَعَدَّى إِلَى أُخْرَى إِلَّا بعاطف كَقَوْلِك أَقمت سهرا وخوفا وسرت طَربا وشوقا وَيحْتَمل أَن ينصب بِمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ شقَّتْ شوقا وشاقنى التَّذَكُّر شوقا وَشقت فعل مَا لم بِسم فَاعله كَمَا يَقُول الْمَمْلُوك قد بِعْت أى باعنى مالكى وكقول الْجَارِيَة وَقد سُئِلت عَن الْمَطَر غثنا مَا شِئْنَا أى أغاثنا الله وَقَوله إِلَى الله وَقَوله إِلَى من يتَعَلَّق بالشوق لِأَنَّهُ أقرب الْمَذْكُور إِلَيْهَا وَإِن شِئْت علقته بالطرب إِذا نصبت شوقا بالطرب وَإِن نصبته بالمحذوف لم تعلقه بالطرب لِأَنَّك تفصل بشوق وَهُوَ أجنبى من الطَّرب وصلته وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول يرقد فِيهَا كَمَا تَقول يَوْم الْجُمُعَة خرجت فِيهِ وَلَا تَقول خرجته إِلَّا على سَبِيل التَّوَسُّع فى الظّرْف فَجعله مَفْعُولا بِهِ على السعَة كَقَوْلِه (ويْوما شَهِدناه سُلَيما وعامرا ... ) ففى الْبَيْت أَرْبَعَة حذوف حذف الْمَقْصُود بالذم وَهُوَ لَيَال وَحذف من سهرت فِيهَا وَحذف الضَّمِير من سهرت وَكَانَ يَقُول سهرتها وَالرَّابِع حذف من يرقد فِيهَا وروى سهرت وسهدت بالراء وَالدَّال وَقد فرق أهل اللُّغَة بَينهمَا فَقَالُوا السهر بالراء فى كل شئ وبالدال للديغ والعاشق وَاسْتَدَلُّوا بقول النَّابِغَة (ويَسْهَد فى ليَل التِّمام سليمها ... ) وَبقول الْأَعْشَى (وَبِتَّ كَمَا باتَ السَّليمُ مُسَهَّدا ... ) وَقَوله بئس اخْتلف أَصْحَابنَا والبصريون فى نعم وَبئسَ فَقَالَ أَصْحَابنَا هما اسمان وَقَالَ البصريون بل هما فعلان ماضيان لَا يتصرفان وَوَافَقَهُمْ من أَصْحَابنَا على بن حَمْزَة الْمُقْرِئ حجتنا على أَنَّهُمَا اسمان أَن حرف الْجَرّ يدْخل عَلَيْهِمَا لما قد جَاءَ عَن الْعَرَب أَنَّهَا تَقول مَا زيد بنعم الرجل قَالَ حسان بن ثَابت الأنصارى (ألَسْتَ بِنعْمَ الجارُ يُؤْلَفُ بيْتُه ... أَخا قِلَة أَو مُعدِمَ المَال مُصْرِما) وَحكى عَن بعض فصحاء الْعَرَب أَنه قَالَ نعم السّير على بئس العير وَقَالَ الْفراء إِن أَعْرَابِيًا بشر بمولودة فَقيل لَهُ نعم المولودة مولودتك فَقَالَ وَالله مَا هى بنعم الْوَلَد نصرتها بكاء وبرها سَرقَة فدخول حرف الْجَرّ عَلَيْهِمَا دلّ على أَنَّهُمَا اسمان وَحجَّة أُخْرَى أَن حرف النداء يدْخل عَلَيْهِمَا وَهُوَ لَا يدْخل إِلَّا على الْأَسْمَاء فى قَوْلهم يَا نعم الْمولى وَيَا نعم نصير وَلَا يجوز أَن يُقَال الْمَقْصُود بالنداء مَحْذُوف للْعلم بِهِ وَالتَّقْدِير فِيهِ يَا ألله نعم الْمولى فَحذف المنادى لدلَالَة حرف النداء عَلَيْهِ كَمَا يحذف حرف النداء لدلَالَة المنادى عَلَيْهِ فَإِن قيل ذَلِك فجوابنا أَن المنادى إِنَّمَا يقدر محذوفا إِذا ولى حرف النداء فعل أَمر وَمَا جرى مجْرَاه كَقِرَاءَة على بن حَمْزَة وَالْحسن وَيَعْقُوب والأعرج {أَلا يَا اسجدوا} تَقْدِيره يَا هَؤُلَاءِ اسجدوا وكقول ذى الرمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 (أَلا يَا اسْلَمى يَا دارَ مَىّ على البِلى ... وَلَا زَالَ مُنْهَلاّ بِجَرْعائِكِ القَطْرُ) وكقول المرقش (أَلا يَا اسْلَمى لَا صُرْمَ لى اليوْم فاطِما ... وَلَا أبدا مَا دَامَ وصلك دائِما) وكقول الآخر (أمَسْلَمَ يَا اسَمْع يَابْنَ كُلّ خليفَة ... وَيَا سائسَ الدُّنْيا وَيَا جَبَل الأرْض) أَرَادَ يَا هَذَا وشواهده كَثِيرَة وَإِنَّمَا اخْتصَّ هَذَا دون الْخَبَر بِفعل الْأَمر لِأَن المنادى مُخَاطب والمأمور أَيْضا مُخَاطب فحذفوا الأول من المخاطبين اكْتِفَاء بالثانى وَلَا خلاف أَن نعم الْمولى خبر فَيجب أَن لَا يقدر المنادى محذوفا فَدلَّ على أَن النداء لَا يكَاد يَنْفَكّ عَن الْأَمر أَو مَا جرى مجْرَاه من الطّلب والنهى وَلذَلِك لَا يكَاد يُوجد فى كتاب الله نِدَاء يَنْفَكّ عَن أَمر أَو نهى وَلِهَذَا لما جَاءَ الْخَبَر فى قَوْله (يَا أَيهَا النَّاس ضرب مثل فَاسْتَمعُوا لَهُ ... ) شفعه الْأَمر وَهُوَ اسْتَمعُوا لَهُ فَلَمَّا كَانَ الْأَمر والنداء جملتى خطاب جَازَ أَن يحذف المنادى من الْجُمْلَة الأولى وَلَيْسَ كَذَلِك يَا نعم الْمولى لِأَن نعم خبر فَلَا يجوز أَن يقدر المنادى محذوفا وَدَلِيل آخر على أَنَّهُمَا اسمان لَا يحسن اقتران الزَّمَان بهما كَسَائِر الْأَفْعَال لِأَنَّك لَا تَقول نعم الرجل غَدا وَلَا أمس وَلَا بئس الرجل غَدا وَلَا أمس وَدَلِيل آخر أَنَّهُمَا غير متصرفين وَالتَّصَرُّف من خَصَائِص الْأَفْعَال وَدَلِيل آخر أَنَّهُمَا لم يَكُونَا فعلين ماضيين لِأَنَّهُ يجوز دُخُول اللَّام عَلَيْهِمَا فى خبر إِن تَقول إِن زيدا لنعم الرجل وعمرا لبئس الْغُلَام وَهَذِه اللَّام لَا تدخل على الماضى وهى تدخل على الِاسْم وعَلى الْفِعْل الْمُضَارع فَدلَّ على أَنَّهُمَا اسمان وَدَلِيل آخر أَنه قد جَاءَ عَن الْعَرَب نعيم الرجل وَلَيْسَ فى أَفعَال الْعَرَب فعيل فَدلَّ على أَنَّهُمَا اسمان وَحجَّة الْبَصرِيين اتِّصَال الضَّمِير الْمَرْفُوع بهما على حد اتِّصَاله بِالْفِعْلِ الْمُتَصَرف وَحجَّة أُخْرَى اتصالهما بتاء التَّأْنِيث الساكنة الَّتِى لَا يقلبها أحد فى الْوَقْف هَاء كَمَا قلبوها فى رَحْمَة وشجرة وَذَلِكَ قَوْلهم نعمت الْجَارِيَة وَهَذِه التَّاء يخْتَص بهَا الْفِعْل الماضى الْمَعْنى يُرِيد ذمّ الليالى الَّتِى سهر فِيهَا وَلم ينم لما أَخذه من القلق وخفة الشوق إِلَى من يحب وَهُوَ كَانَ يرقد الليالى لِأَنَّهُ كَانَ خَالِيا من الشوق لَا يجد من أَسبَاب امْتنَاع الرقاد مَا يجده العاشق وَأَيْنَ الخلى من الشجى وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى نواس (شَكَوْنا إِلَى أحْبابِنا طُولَ لَيْلِنا ... فَقالُوا لَنا مَا أقْصَرَ اللَّيْلَ عِنْدَنا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أحييتها وينجدها لليالى وَالضَّمِير فى شؤونها للدموع الْغَرِيب إحْيَاء اللَّيْل سهره وَترك النّوم فِيهِ وأنجدت الرجل أعنته والشؤون جمع الْوَاحِد شَأْن وهى مجارى الدمع الْمَعْنى قَالَ الواحدى فلَان يحيى اللَّيْل أى يسهر فِيهِ وَفُلَان يُمِيت اللَّيْل أى ينَام اللَّيْل لِأَن النّوم أَخُو الْمَوْت واليقظة أُخْت الْحَيَاة يَقُول كَانَ للدموع من الشؤون إمداد ولليالى من الظلام أَمْدَاد وَالْمعْنَى أَن تِلْكَ الليالى طَالَتْ وَطَالَ الْبكاء فِيهَا قَالَ وَيجوز أَن تعود الْكِنَايَة فى ينجدها إِلَى الشؤون وَذَلِكَ أَن من شَأْن الظلام أَن يجمع الهموم على العاشق وفى اجتماعها عون للشؤون على تَكْثِير الدمع بَين هَذَا قَول الشَّاعِر (يَضُمُّ إلىّ اللَّيْلُ أبْناءَ 1 حُبِّها ... كمَا ضَمَّ أزْرارَ القَميص البنائِقُ) 11 - الْغَرِيب الرديف هُوَ مَا يرتدف خلف الرَّاكِب والرهان السباق وأجهدت الدَّابَّة وجهدتها إِذا طلبت أقْصَى مَا عِنْدهَا من السّير والناقة هُنَا نَعله الْمَعْنى أَنه يُرِيد بناقته نَعله فَلَا يقدر أَن يردف عَلَيْهَا كَمَا يردف على النياق وَلَا يقدر أَن يضْربهَا بِسَوْطِهِ فَإِذا رَاهن للسباق لَا يقدر أَن يضْربهَا وَلَا يجدهَا وَهَذَا من قَول أَبى نواس (إلَيكَ أَبَا العَبَّاس مِنْ بينِ مَنْ مَشَى ... علَيها امْتَطَيْنا الحَضْرَمِىَّ المُلَسَّنا) (قلائصَ لم تَعْرِفْ حَنِينا إِلَى طَلاً 2 ... وَلم تَدْرِ مَا قَرْعُ الفَنيق وَلَا الهنا) وَمثله قَول الآخر (رَوَاحِلنا سِتّ ونحْنُ ثَلاثَةٌ ... نُجَنِّبُهُنَّ المَاءَ فى كلّ مَنْهَلِ) لِأَنَّهُ لَا يخافض بالنعل المَاء قَالَ الواحدى وَقد قيل مثل هَذَا فى بَيت عنترة (فَيكون مَرْكبَكِ القعودُ ورحلُه ... وَابْن النُّعامة يوْمَ ذَلِك مَركبى) ابْن النعامة عرق فى بَاطِن الْقدَم يعْنى أَنه رَاكب أَخْمُصُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 - الْمَعْنى جعل شِرَاك نَعله بمنزله الكور للناقة والمشفر مَا يَقع على ظهر الرجل من مقدم الشرَاك جعل ذَلِك بِمَنْزِلَة الزِّمَام للناقة والشسوع الَّتِى تكون فى الْأَصَابِع بِمَنْزِلَة المقود للناقة وَهُوَ الْحَبل الذى يُقَاد بِهِ سوى الزِّمَام 13 - الْغَرِيب عصف الرِّيَاح شدَّة هبوبها وَمن روى بِضَم الْعين فَهُوَ جمع عصوف يُقَال ريح عاصف وعصوف بِمَعْنى وَالْجمع عصف وَمعنى تأييدها تأنيها وثلبثها وَقَالَ ابْن القطاع يُقَال آد الشئ يئيد أيدا إِذا قوى قَالَ وَلَو قَالَ تأودها لَكَانَ قد بَالغ وآد الشئ يئود أودا إِذا أثقل وفى كَلَام الْعَرَب مَا آدك فَهُوَ لى آئد أى مَا أثقلك فَهُوَ لى مثقل فَيكون الْمَعْنى أَشد عصف الرِّيَاح يسْبقهُ ثقل سَيرهَا وَهَذَا غَايَة الْمُبَالغَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ تأودها لَكَانَ أَيْضا قد بَالغ التوؤد والوئيد الترفق يُقَال يُقَال وأد يئد وأدا وَالتَّاء فى التؤدة مبدلة من وَاو مثل تخمة فَيكون الْمَعْنى أَشد عصف الرِّيَاح يسْبقهُ ترفق سَيرهَا وَهَذَا هُوَ الْمُبَالغَة وَقيل إِن التأيد فى بعض اللُّغَات الرِّفْق وَأنْشد الْخَلِيل فى ذَلِك (تأيَّدْ علىَّ هداك المَليك ... فإنّ لكلّ مقامٍ مَقالا) أى ترفق وَهَذِه كلهَا ضروب من السّير وَقَالَ الواحدى أَهْون سير ناقتى يسْبق أَشد سير الرّيح وَهُوَ فى الْحَقِيقَة وصف لشدَّة عدوه متنعلا والتأيد نَفْعل من الأيد وَهُوَ التَّقْوَى وَلَيْسَ الْمَعْنى عَن هَذَا وَإِنَّمَا أَرَادَ التفعل من الاتئاد وَهُوَ الترفق واللين وَلم يحسن بِنَاء التفعل مِنْهُ وَحقه تأودها 14 - الْإِعْرَاب الظّرْف مُتَعَلق بِمَا فى الْبَيْت الأول تَقْدِيره يسبقها تأيدها فى مثل ظهر الْمِجَن ومتصل يرْوى بالخفض وَالرَّفْع وَالرَّفْع أقوى لِأَنَّهُ خبر مبتدإ مؤخرى وَهُوَ قرددها الْغَرِيب الْمِجَن الترس والقردد أَرض فِيهَا نجاد ووهاد وَقيل القردد وَقَالَ أَبُو الْفَتْح شبه الأَرْض بِظهْر الْمِجَن لما كَانَت خَالِيَة من النَّبَات وَظهر الْمِجَن ناتئ وبطنه لاطئ فَهُوَ كالصعود والحدور الْمَعْنى يُرِيد أَنه يسبقها فى مفازة مثل ظهر الْمِجَن مُتَّصِل قرددها بِمثل بطن الْمِجَن فأرضها الصلبة تتصل بمفازة أُخْرَى مثل بطن الْمِجَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 - الْإِعْرَاب من روى مرتميات بِالرَّفْع قَالَ الأعلم فى شرح هَذَا الْبَيْت غيطانها وفدفدها مرفوعان بمرتميات على لُغَة من قَالَ أكلونى البراغيث وهى لُغَة ضَعِيفَة وَقَالَ ابْن القطاع وَلَا حَاجَة إِلَيْهَا لِضعْفِهَا إِذا كَانَ الْكَلَام يَصح دونهَا وَالْمعْنَى أَن غيطانها مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ ومرتميات خبر مقدم وَالضَّمِير فى غيطانها وفدفدها يعود على الأَرْض الَّتِى تقدم ذكرهَا بقوله (فى مثل ظهر الْمِجَن ... ) يُرِيد غيطان هَذِه الأَرْض وفدفدها مرتميات بِنَا وَمن روى مرتميات بِالنّصب فَإِنَّهُ أَرَادَ غيطانها وفدفدها لَا تزَال مرتميات وأضمر لَا تزَال لدلَالَة الْمَعْنى وَهُوَ كثير فى كَلَام الْعَرَب لَا يحْتَاج إِلَى شَاهد قَالَ الواحدى مرتيات بِالنّصب على رِوَايَته من صفة الْمَحْذُوف فِي الْبَيْت الَّذِي تقدم على تَقْدِيره فِي مفازة مرتميات وَجمع المرتميات حملا على لفظ الغيظان كَمَا قَالَ (أيا لَيْلَة خرس الدَّجَاج طَوِيلَة ... بِبَغْدَاد مَا كَادَت عَن الْفجْر تنجلى) وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول خرساء الدَّجَاج وَلكنه حمله على الْمَعْنى من لفظ الدَّجَاج حَيْثُ كَا جمع دجَاجَة وَيجوز أَن يقدر الْمَحْذُوف على لفظ الْجمع فَيصح مرتميات كَأَنَّهُ قَالَ فى مفاوز مثل ظهر الْمِجَن مرتميات بِنَا قَالَ وارتفع الفدفد والغيطان بمرتميات الْغَرِيب الْغِيطَان جمع غَائِط وَهُوَ المطمئن من الأَرْض والفدفد الأَرْض الغليظة المرتفعة الْمَعْنى يُرِيد لَا تزَال هَذِه المفاوز ترمينا إِلَى الممدوح بقطعنا إِيَّاهَا بالسير فَكَأَنَّهَا تلقينا إِلَيْهِ 16 - الْإِعْرَاب إِلَى فَتى بدل من ابْن عبيد الله وَمن روى موردها بِضَم الْمِيم كَانَ أَجود وَهُوَ الممدوح فَاعل أنهلها الْغَرِيب أنهلها سَقَاهَا وَهُوَ الشّرْب الأول والعلل الشّرْب الثانى ويصدر الرماح أى يَنْزِعهَا بعد الطعْن من المطعون الْمَعْنى يَقُول يصدر رماحه عون الْحَرْب يرجعها ويردها وَقد سَقَاهَا دم الْقُلُوب وَقَالَ الواحدى يرجعها ويردها وَقد سَقَاهَا بِموضع وُرُودهَا فى قُلُوب الْأَعْدَاء دِمَاءَهُمْ وَيجوز أَن يكون المورد بِمَعْنى الْمصدر فَيكون الْمَعْنى سَقَاهَا فى الْقُلُوب وُرُودهَا يُرِيد أَنَّهَا وَردت فى قُلُوب الْأَعْدَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 - الْإِعْرَاب إِلَى لامن صلَة لفظ الأيادى بل هى من صلَة مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ يُقَال لَك عندى وَلَا يُقَال لَك إِلَى يَد وَلَكِن لما كَانَ معنى الأيادى الْإِحْسَان وَصلهَا بإلى وَالْعرب تصل الْفِعْل بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ قَالَ الله تَعَالَى {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} أى يخرجُون عَن أمره وَقَالَ تَعَالَى فى قصَّة يُوسُف {وَقد أحسن بى إِذا أخرجنى من السجْن} وَالْمعْنَى لطف بى وَيجوز أَن يكون من صلَة السَّبق أَو السلوف الْغَرِيب الأيادى جمع يَد وهى النِّعْمَة وَيجمع على أياد والجارحة على أيد الْمَعْنى يَقُول لَهُ عندى نعم كَثِيرَة أَنا بعض نعمه قَالَ أَبُو الْفَتْح أَنا بَعْضهَا كَمَا قَالَ الحماسى (لَا تَنْتِفَنّى بعْدَ أنْ رِشْتَنِى ... فإنَّنى بَعْضَ أيادِيكا) يُرِيد أَنه وهب لَهُ نَفسه قَالَ الواحدى وَهَذَا فَاسد لِأَنَّهُ لَيْسَ فى الْبَيْت مَا يدل عَلَيْهِ وَلَا فِيهِ مَا يدل على أَنه خلصه من بلية أَو أعفاة من قصاص وَجب عَلَيْهِ لكنه يَقُول أَنا غذى نعْمَته وربيب إحسانه فنفسى من جملَة نعمه فَأَنا أعد مِنْهَا وَمن روى أعد كَانَ الْمَعْنى أَنه يعد بعض أياديه وَلَا يأتى على جَمِيعهَا بالعد لكثرتها وَهُوَ قَوْله وَلَا أعددها كَأَن هَذَا من قَوْله تَعَالَى {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} أى لَا تعدوا جَمِيعهَا وَمن قَوْله تَعَالَى {وأحصى كل شئ عددا} 18 - الْغَرِيب فَلَا مطله يُرِيد فَلَا مطله بهَا فَلَمَّا فصل بالأجنبى بَين الْمصدر وَالْبَاء أضمر الْعَامِل من لَفظه تَقْدِيره لَا يمطل بهَا بعد قَوْله يكدرها مثله قَوْله تَعَالَى {إِنَّه على رجعه لقادر يَوْم تبلى السرائر} وَالتَّقْدِير على رجعه يَوْم تبلى السرائر لقادر فَلَمَّا فصل خبر إِن بَين الْمصدر وَبَين الظّرْف بَطل عمله وَلزِمَ إِضْمَار ناصب من لفظ الرجع فَكَأَنَّهُ قَالَ يرجعه يَوْم تبلى السرائر والضمائر تعود على الأيادى الْمَعْنى يَقُول لَهُ أياد لَا يكدرها مطل وَلَا يكدرها من وَلم يرد أَن لَهُ مطلا لَا يكدرها وَمنا لَا ينكدها وَإِنَّمَا أَرَادَ انْتِفَاء المطل والمن عَنهُ الْبَتَّةَ وَمن هَذَا قَول امْرِئ الْقَيْس (على لاحِبٍ لَا يُهْتَدَى بمَنارِهِ ... ) لم يرد أَن فِيهِ منارا لَا يهتدى بِهِ وَلكنه نفى أَن يكون بِهِ منار وَالْمعْنَى لَا منار بِهِ يهتدى بِهِ وَمثله قَول الآخر فى وصف مفازة (لَا تُفْزِعُ الأرْنَبَ أهْوَالُهَا ... وَلا تَرَى الضبَّ بهَا يَنْجَحِرْ) لم يرد أَن بهَا أرنبا لم يفزع وَلَا ضبا وَلكنه نفى أَن يكون فِيهَا حَيَوَان وَقَالَ الواحدى تَقْدِير الْبَيْت يعْطى فَلَا مطله بالأيادى يكدرها يُرِيد أَنه لَا يمطل إِذا وعد إحسانا وَلَا يمن بِمَا يعْطى فينكده أى ينغصه ويقلل خَيره وَكَانَ يُقَال الْمِنَّة تهدم الصنيعة وَلِهَذَا مدح الله قوما فَقَالَ تَعَالَى {ثمَّ لَا يتبعُون مَا أَنْفقُوا منا وَلَا أَذَى} وَقَالَ الشَّاعِر (أفْسَدْتَ بالمَنّ مَا أسْدَيتَ من حَسَنٍ ... لَيْسَ الكَرِيمُ إِذا أعْطَى بِمَنَّانِ) 19 - الْإِعْرَاب أَبَا نصب على التَّمْيِيز ونائلا كَذَلِك الْغَرِيب أمجدها من الْمجد أى وَخَيرهَا مجدا وَالْمجد الْكَرم والمجيد الْكَرِيم وَقد مجد بِالضَّمِّ فَهُوَ مجيد وماجد وَالْمجد والشرف يكونَانِ بِالْآبَاءِ يُقَال رجل شرِيف ماجد لَهُ آبَاء متقدمون فى الشّرف وَالْمجد والحسب وَالْكَرم يكونَانِ فى الرجل وَإِن لم تكن لَهُ آبَاء لَهُم شرف ومجدته أمجده أى غلبته بالمجد الْمَعْنى يَقُول إِن أَبَاهُ خير قُرَيْش لِأَنَّهُ ابْن رَسُول الله فَهُوَ خَيرهمْ أَبَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فى قُرَيْش أشرف من أَبِيه وقريش الْقَبِيلَة فَلذَلِك قَالَ أمجدها وأجودها أى أَجود قُرَيْش أى أكرمها وَقَالَ الواحدى أَجودهَا يجوز أَن يكون مُبَالغَة من الْجُود أى الْكَرم وَمن الْجُود الذى هُوَ الْمَطَر والجودة 20 - الْغَرِيب الجحجاح السَّيِّد الْعَظِيم وَالْجمع الجحاجح قَالَ الشَّاعِر (مَاذَا ببَدر فالعَقِنْقل من مَرازبةٍ جَحاجِحْ ... ) وَإِن شِئْت جحاجحة وَإِن شِئْت جحاجيح وَالْهَاء عوض من الْيَاء المحذوفة ولابد مِنْهَا أَو من الْيَاء وَلَا يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن بَرى النحوى فى رده على الجوهرى جمع جحجاح جحاجيح وَإِنَّمَا حذفهَا الشَّارِع من الْبَيْت ضَرُورَة والمسود الذى سوده قومه فَهُوَ يسودهم الْمَعْنى يُرِيد أَنه أطعن قُرَيْش وأضربها يُرِيد أَنه أشجعها وعظيمها وسيدها وَذكره مَعَ الطعْن وَالضَّرْب الْقَنَاة وَالسيف للتَّأْكِيد كَقَوْلِه تَعَالَى {يطير بجناحيه} كَمَا يُقَال مشيت برجلى وكلمته بفمى ورأيته بعينى وَقيل إِنَّمَا ذكر مَعَ الطعْن وَالضَّرْب الْقَنَاة وَالسيف لِأَنَّهُمَا يستعملان فِيمَا لَا يكون بِالرُّمْحِ وَالسيف كَقَوْلِهِم طعن فى السن وَضرب فى الأَرْض 21 - الْإِعْرَاب فَارِسًا حَال كَمَا تَقول زيد أكْرم النَّاس أى فى هَذِه الْحَالة وباعا تَمْيِيز وَلَا يجوز أَن يكون فَارِسًا تمييزا فَلَمَّا قَالَ أفرسها قَالَ فَارِسًا أى فى هَذِه الْحَالة إِذا ركب فرسه لِأَن أَفرس يكون من الْفرس والفراسة الْغَرِيب طَوِيل الباع يُرِيد الْكَرِيم وَهُوَ مِمَّا يمدح بِهِ الْكِرَام يُقَال فلَان طَوِيل الباع إِذا امتدت يَده بِالْكَرمِ وَيُقَال للئيم ضيق الباع والمغوار الْكثير الْغَارة الْمَعْنى يَقُول هُوَ أَفرس قُرَيْش إِذا ركب فرسه وَأكْرمهمْ وأكثرها غَارة وسيدها فَلَيْسَ فى قُرَيْش فى زَمَانه أحد يضاهيه 22 - الْإِعْرَاب لَهَا أَتَى بهَا ليقيم الْوَزْن وسما فرعها // كَلَام تَامّ حسن // وَيجوز أَن بِكَوْن أَتَى بِهِ ليؤكد الْإِضَافَة الْغَرِيب لؤى بن غَالب هُوَ أَبُو قُرَيْش وسما علا وارتفع والمحتد الأَصْل قيل هُوَ من حتد بِالْمَكَانِ أى أَقَامَ بِهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ تاجهم فَهُوَ لَهُم بِمَنْزِلَة التَّاج يتزينون بِهِ ويتشرفون وَبِه ارْتَفع فرعهم وأصلهم يُرِيد الْآبَاء وَالْأَوْلَاد 23 - الْغَرِيب قَالَ ابْن جنى التقاصير جمع تقصار وهى القلادة القصيرة لَا تنزل على الصَّدْر وَقَالَ الواحدى لَيْسَ هَذَا من الْقصر إِنَّمَا هُوَ من القصيرى وهى أصل الْعُنُق والتقصار مَا يعلق على القصيرى والزبرجد قَالَ الجوهرى هُوَ جَوْهَر مَعْرُوف وَقَالَ فى مَوضِع آخر الزمرد الزبرجد الْمَعْنى يُرِيد أَنه فى قُرَيْش كَالشَّمْسِ فى النَّهَار وكالقمر فى اللَّيْل والدر والزبرجد فى القلادة فَهُوَ أفضلهم وأشرفهم وَبِه زينتهم وفخرهم وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أحْسنهم لِأَن الشَّمْس أَكثر مَا يكون نورها وحسنها عِنْد الضُّحَى وهلال لياليها لأَنهم يعتمدون عَلَيْهِ ويتطلعون إِلَيْهِ كَمَا يتطلع إِلَى الْهلَال لية يستهل فِيهَا يُرِيد أَن أعين النَّاس تنظر إِلَيْهِ إِذا ركب وَخرج إِلَى النَّاس كَمَا تنظر إِلَى الْهلَال عِنْد بدوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 - الْإِعْرَاب قَوْله ضَرْبَة اسْم لَيْت وَالْمَجْرُور خَبَرهَا وحرفا الْجَرّ متعلقان بالفعلين الْغَرِيب أتاح الله لَهُ أى قدر الْمَعْنى يَقُول يَا لَيْت بى يتَمَنَّى أَن تكون الضَّرْبَة الَّتِى فى وَجه الممدوح الَّتِى قدرت لَهُ قدرت لى ففديته بنفسى وَوَقعت بى دونه قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون الممدوح أتاح وَجهه للضربة حَيْثُ أقبل للحروب وَثَبت حَتَّى جرح فتمنى أَبُو الطّيب رتبته فى الشجَاعَة وأضاف مُحَمَّدًا إِلَى الضَّرْبَة إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا كسته الْحَمد فَأَكْثَرت حَتَّى صَار هُوَ مُحَمَّدًا بهَا انْتهى كَلَامه كَانَ مُحَمَّد بن عبيد الله هَذَا الممدوح قد وَاقع قوما من الْعَرَب بِظَاهِر الْكُوفَة وَهُوَ شَاب دون الْعشْرين سنة فَقتل مِنْهُم جمَاعَة وجرح فى وَجهه فكسته الضَّرْبَة حسنا فتمنى أَبُو الطّيب مثل ضَربته فَهَذَا سمعته من جمَاعَة من مشيخة بلدنا 25 - الْغَرِيب المهند المشحوذ وَسيف مهند مشحود والتهنيد شحذ الْحَدِيد الْمَعْنى أثر فِيهَا هُوَ اسْتِعَارَة ومجاز لِأَن الضَّرْبَة عرض لَا يَصح فِيهِ التَّأْثِير وَالْمعْنَى يُرِيد أَن الضَّرْبَة قصد الضَّارِب بهَا إزهاق روحه وإهلاكه فَرده عَن قَصده فَهَذَا تَأْثِير فِيهَا وَمَا أثر فى وَجهه مهندها أى حِدة السَّيْف الذى ضربهَا أى مَا شان وَجهه وَلَا أثر فِيهِ أثرا قبيحا لِأَن الضَّرْبَة كسته حسنا إِلَى حسنه وجمالا إِلَى جماله وَأَيْضًا فَإِن الضَّرْبَة على الْوَجْه شعار الشجاع والمقدام وَالْعرب تفتخر بِالضَّرْبِ فى الْوَجْه كَمَا قَالَ الْحصين ابْن الْحمام (فَلَسْنا عَلى الأَعْقابِ تَدْمَى كَلُومُنا ... وَلَكِنْ عَلى أقْدَامِنا تَقْطُرُ الدَّما) وكقول جَابر بن رالان (وَلَكِنَّما يَخْزَى امْرُؤٌ يَكْلِمُ اسْتَهُ ... قَنا قَوْمِهِ إِذا الرّماحُ هَوَيْنا) 26 - الْغَرِيب الْغِبْطَة أَن يتَمَنَّى مثل حَال المغبوط من غير أَن يُرِيد زَوَالهَا عَنهُ وَلَيْسَ بحسد تَقول مِنْهُ غبطته بِمَا نَالَ أغبطه غبطا وغبطة فاغتبط وَهُوَ كَمَا تَقول منعته فَامْتنعَ وحبسته فاحتبس قَالَ حُرَيْث بن جبلة العذرى (وبينما المَرْءُ فى الأحياءِ مُغْتَبطٌ ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ تعْفُوه الأعاصيرُ) (يَبكى عليهِ غَرِيبٌ لَيْسَ يعْرِفُهُ ... وذُوا قرابَتِه فى الحَىّ مَسْرُور) مغتبط بِكَسْر الْبَاء أى مغبوط وَالِاسْم الْغِبْطَة وَهُوَ حسن الْحَال الْمَعْنى قَالَ الواحدى اغتبطت الضَّرْبَة لما رَأَتْ تزينها بالممدوح حِين حصلت على وَجهه وحسدتها الْجراح لِأَنَّهَا لم تصادف شرف محلهَا والاغتباط يكون لَازِما ومتعديا وَمعنى بِمثلِهِ بِهِ والمثل صلَة تَقول مثلى لَا يفعل هَذَا أى أَنا لَا أَفعلهُ قَالَ الشَّاعِر (يَا عاذلى دَعْنىَ مِن عَذْلِكا ... مثْلىَ لَا يقْبَلُ مِنْ مِثْلِكا) مَعْنَاهُ أَنا لَا أقبل مِنْك وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كمثله شئ} انْتهى كَلَامه 27 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى قلبه للزارع وَيكون الْمَعْنى سيحصد مَا فعل فى قلبه بالمكر يُرِيد أَنه يجازيه بِمَا فعل ضَرْبَة فى قلبه يقْتله بهَا والضربة فى الْقلب لَا تخطئ المقتل هَذَا ذكره الواحدى وفى قلبه على هَذَا القَوْل من صلَة الحصد وَيجوز أَن يكون من صلَة الْمَكْر وَيكون الْمَعْنى أَن الزَّارِع بالمكر الذى أضمره فى قلب نَفسه الْمَعْنى يَقُول إِن هَذِه الضَّرْبَة مرك بهَا عدوه وَلَو واجهه لما قدر عَلَيْهِ وَقد علم النَّاس يَقِينا أَن الذى مكره بِهَذِهِ الضَّرْبَة زارع سيحصد زرع مَا زرع أى يجازيه بِهِ هَذَا الممدوح 28 - الْإِعْرَاب وأنفسهم الْوَاو وَاو الْحَال يُرِيد أصبح حساده وَحَال أنفسهم أَن خَوفه يهبطهم ويصعدهم الْمَعْنى يُرِيد أقلقهم خَوفه حَتَّى أقامهم وأقعدهم وأحدرهم وأصعدهم فَلَا يستقرون خوفًا قَالَ الواحدى وَهَذَا كَمَا قَالَ (أبْدَى العُداةُ بك السُّرورَ كأنهمْ ... فَرِحوا وعندَهم المُقِيم المُقْعِدُ) 29 - الْغَرِيب الغمود جمع غمد وَهُوَ مَا يغمد فِيهِ السَّيْف الْمَعْنى يَقُول إِذا أنذرها بتجريدها تبكى عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا ترجع إِلَيْهَا لمقامها فى الرّقاب فَلَا تنفك لذَلِك وَقد ذكره بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 - الْمَعْنى يَقُول لعلم الغمود أَنه يغمس السيوف فى دِمَاء الْأَعْدَاء حَتَّى تتلطخ بهَا وَتصير كَأَنَّهَا دم لخفاء لَوْنهَا بلون الدَّم وَأَنه يتَّخذ لَهَا من رِقَاب الْأَعْدَاء أغمادا أى أَنَّهَا لَا تعود إِلَى الغمود فَلذَلِك تبكى عَلَيْهَا وَالْمعْنَى من قَول عنترة (وَمَا تدرِى خُزَيمةُ أنَّ نَبْلِى ... يكونُ جَفيرَها البطلُ النَّجيدُ) وَمثله فى الْمَعْنى (وَنحن إِذا مَا نَضَيْنا السُّيوفَ ... جَعَلْنا الجَماجِم أغْمادَها) وَقَول الحماسى (مَنابِرَهُنّ بُطُونُ الأكُفّ ... وأغْمادهنّ رُءُوس الْمُلُوك) وَقَول ابْن الرومى (كفَى من العزّ أَن هَزّوا مَناصِلَهم ... فَلم يكُن غيرَ هام الصَّيد أجْفانُ) 31 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح من جزع حَشْو حسن يُرِيد أَنه أطلق الأنصل فذمها الْعَدو خوفًا مِنْهَا وحمدها الصّديق لحسن بلائها وقابل بَين الذَّم وَالْحَمْد وَيجوز أَن يكون أطلق شفارها وَأطلق الضَّرْب بهَا وذمها الْعَدو خوفًا لَا أَنَّهَا تسْتَحقّ الذَّم 32 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا صَار السَّيْف إِلَى الأَرْض قدح النَّار لشدَّة الضَّرْب وَإِذا انصب عَلَيْهِ الدَّم أَحْمد النَّار وقابل بَين الانقداح والخمد فَكَانَ الانقداح ضراما 33 - الْإِعْرَاب يرْوى فأطرافهن بِالنّصب ينشدها بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تحتهَا يُرِيد أَن الْهمام ينشد مهجته فى أطرافهن وَنصب أطرافهن ينشد مُؤَخرا كَمَا تَقول زيدا ضَربته ويروى منشدها وَهُوَ مَوضِع الطّلب الْمَعْنى يَقُول إِن الْهمام إِذا أضلّ مهجته وَهُوَ أَن يقتل فَلَا يدرى قَاتله إِنَّمَا يطْلب مهجته من أَطْرَاف سيوف الممدوح والإنشاد هُوَ تَعْرِيف الضَّالة لِأَن سيوف الممدوح قواتل الْمُلُوك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 - الْغَرِيب الْخَلِيفَة هم الْخَلَائق والخلق وَقد قرئَ فى الشاذ (إنى جَاعل فى الأَرْض خَلِيقَة ... ) وَالْمعْنَى يَقُول الْخَلَائق قد أَجمعُوا موافقين لى أَنَّك أوحدهم فضلا ونسبا وشجاعة وكرما قَالَ الواحدى يجوز أَن يكون على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أى أوحدهما لى أى أوحدها إِلَى إحسانا وإفضالا وَلَا يكون فى هَذَا كثير مدح وَيجوز أَن يكون أَجمعت فَقَالَت لى وَالْقَوْل يضمر كثيرا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا} أى ويقولان رَبنَا تقبل وَكَقَوْلِه تَعَالَى {وَالْمَلَائِكَة يدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب سَلام عَلَيْكُم} أى وَيَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم 35 - الْإِعْرَاب وَأَنَّك أَرَادَ أَنَّك بِالتَّشْدِيدِ فَخفف ضَرُورَة مَعَ الضَّمِير كَقَوْل الآخر (فلوْ أنْكِ فى يوْمِ الرَّخاءِ سألْتنِى ... طَلاقَكِ لم أبخل وأنتِ صديقُ) وَإِنَّمَا يحسن التَّخْفِيف مَعَ الْمظهر كَقَوْلِه (وصَدْرٍ مُشْرِقِ النَّحْرِ ... كأنْ ثَدْياهُ حُقَّانِ) لِأَن الضمائر ترد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَإِذا خففت مَعَ الْمظهر فتعلمها فى مُقَدّر وَهُوَ ضمير الشَّأْن وترفع بعْدهَا الْجُمْلَة خَبرا عَنْهَا تَقول علمت أَن زيدا قَائِم وَمِنْه {وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين} و {أَن لعنة الله} فى قِرَاءَة نَافِع وَعَاصِم وأبى عَمْرو وقنبل وَإِذا وَليهَا الْفِعْل لم يجمعوا عَلَيْهَا مَعَ النَّقْص الذى دَخلهَا وَحذف اسْمهَا لِأَن يَليهَا مَا يجوز أَن يَليهَا وهى مثقلة فَكَانَ الْأَحْسَن أَن يفصل بَينهَا وَبَينه بِأحد أَرْبَعَة أحرف السِّين وسوف وَلَا وَقد فَتَقول علمت أَن سيقوم وسوف يقوم وَأَن لَا يقوم وَقد يقوم قَالَ تَعَالَى {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} قَالَ جرير (زَعَمَ الفَرَزْدقُ أَن سيقتلُ مِرْبعا ... أبْشِرْ بطُولِ سَلامة يَا مِرْبَعُ) قَالَ أُميَّة بن أَبى الصَّلْت (وَقد عَلِمْنا لَو انَّ العِلَمَ يَنْفَعُنا ... أَن سَوف يُتْبَعُ أُولانا بأُخْرَانا) وَأما قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} جَاءَ بِغَيْر حرف من هَذِه الْحُرُوف الْأَرْبَع فَذَلِك لِأَن لَيْسَ ضَعِيفَة فى الفعلية لعدم تصرفها وَقد جعلهَا أَبُو على حرفا زَمَانا ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك وَقَوله محتلما حَال وَالْعَامِل فى الْحَال كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 قَالَ أَبُو الْفَتْح وَجَمَاعَة من أهل الصِّنَاعَة من جعل كَانَ لَا تعْمل فى الْأَحْوَال فَغير مَأْخُوذ بِكَلَامِهِ لِأَن الْحَال فضلَة فى الْخَبَر منكورة فرائحة الْفِعْل تعْمل فِيهَا فَمَا ظَنك بكان وهى فعل متصرف يعْمل الرّفْع وَالنّصب فى الِاسْم الظَّاهِر والمضمر وَلَيْسَت كَانَ فى نصبها الْأَحْوَال بِأَسْوَأ حَالا من حُرُوف التَّنْبِيه وَالْإِشَارَة قَالَ الشريف بن الشجرى قَالَ المعرى كَانَ لَا تعْمل فى الْحَال وَيجْعَل الْعَامِل فى الْحَال وَأَنَّك بالْأَمْس أى الْفِعْل الْمُضمر الذى عمل فى قَوْله وَأَنَّك بالْأَمْس قَالَ وَهَذَا سَهْو من قَائِله لِأَنَّك إِذا علقت قَوْله بالْأَمْس بِمَحْذُوف فلابد أَن يكون بالْأَمْس خَبرا لِأَن أَو لَكَانَ لِأَن الظّرْف لَا يتَعَلَّق بِمَحْذُوف إِلَّا أَن يكون خَبرا أَو صفة أَو حَالا أَو صلَة وَلَا يجوز أَن يكون خَبرا لِأَن وَلَا لَكَانَ لِأَن ظروف الزَّمَان لَا تكون أَخْبَارًا عَن الجثث وَلَا صِفَات لَهَا وَلَا صلات وَلَا أحوالا لَهَا فَإِذا اسْتَحَالَ أَن يتَعَلَّق بالْأَمْس بِمَحْذُوف علقته بكان وأعملت كَانَ فى محتلما وَقَوله شيخ معد خبر كَانَ الْمَعْنى يَقُول كنت فى حَال احتلامك وَأمر دينك شيخ معد يرجعُونَ إِلَى رَأْيك وعقلك فَكيف الْيَوْم مَعَ علو سنك وَقد جربت الْأُمُور وَعرفت الْأَشْيَاء وَلَقِيت الحروب وَقَوله وَأَنت أمردها عطف على الْحَال أى محتلما أَمْرَد 36 - الْإِعْرَاب نعْمَة رويت نصبا وجرا فَمن نصب أَرَادَ الِاسْتِفْهَام وَمن جر أَرَادَ الْخَبَر وَهُوَ الأولى لِأَنَّهُ أَرَادَ الْخَبَر عَن كَثْرَة مَاله الْغَرِيب المجللة الْعَظِيمَة الْمَعْنى يُرِيد كم نعْمَة لَك عندى فَلم تكن وَاحِدَة فتنسى على طول الْعَهْد وَإِنَّمَا هى كَثِيرَة لَا تحصى وربيتها قرنتها بأمثالها 37 - الْإِعْرَاب يجوز فى حَاجَة مَا جَازَ فى نعْمَة وَالْبَاء تتَعَلَّق بسمحت وحرفا الْجَرّ يتعلقان بأقرب الْمَعْنى أقرب قَالَ الْخَطِيب هُوَ من كَلَام الصُّوفِيَّة وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ متصرفا فى أفانين الْكَلَام وَقَالَ الواحدى سمحت بقضائها فَحذف الْمُضَاف وَيُرِيد قضيها لى وَكَذَلِكَ موعدها أى موعد قَضَائهَا وَهَذَا إِخْبَار عَن قصر الْوَعْد وقربه من الإيجاز وَلَا شئ أقرب مِنْك إِلَيْك فَإِذا قرب موعد الإنجاز صَارَت الْحَاجة عَن قريب مقضية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 - الْإِعْرَاب مكرمات عطف على حَاجَة وعَلى مُتَعَلق بمشت وَإِلَى مُتَعَلق بترددها ويروى ترددها على الْمصدر الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح على قدم الْبر اسْتِعَارَة من أحسن الْكَلَام فى غَايَة الظّرْف والمكرمة مَا يكرم بِهِ الْإِنْسَان من بر ولطف وَأَرَادَ بهَا ثيابًا أهداها لَهُ وَيدل عَلَيْهِ قَوْله أقرّ جلدى قَالَ الواحدى على قدم الْبر يُرِيد أَن حاملها إِلَيْهِ كَانَ من جملَة الْعَطِيَّة الَّتِى أَعْطَاهَا يُرِيد أَنه كَانَ غُلَاما من جملَة الْهَدِيَّة وَالْبر وَيجوز أَن تكون مكرمات على إِثْر مكرمات وَقَوله ترددها أى تعيدها إِلَى وتكررها على 39 - الْإِعْرَاب قَوْله حَتَّى الْمَمَات يُرِيد إِلَى الْمَمَات كَقَوْلِه تَعَالَى {حَتَّى مطلع الْفجْر} أى إِلَى مطلع الْفجْر وَحَتَّى هى عندنَا حرف ينصب الْفِعْل الْمُسْتَقْبل من غير تَقْدِير أَن وهى حرف جر يجر الِاسْم من غير تَقْدِير خافض كَمَا تَقول وعدته حَتَّى الصَّيف وَقَالَ الكسائى تخْفض الِاسْم بإلى مضمرة أَو مظهرة وَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا حرف جر يجر الِاسْم وَينصب الْفِعْل باضمار أَن حجتنا إِن كَانَت بِمَعْنى كى كَمَا فى قَوْلك أطع الله حَتَّى تدخل الْجنَّة فقد قَامَت مقَامهَا وكى تنصب بِنَفسِهَا وَكَذَا مَا قَامَ مقَامهَا وَصَارَت كواو الْقسم لِأَنَّهَا قَامَت مقَام الْبَاء وعملت عَملهَا وَكَذَا وَاو رب وتخفض الِاسْم لِأَنَّهَا قَامَت مقَام إِلَى وَإِلَى تخْفض بِنَفسِهَا وَحجَّة الْبَصرِيين إجماعنا على حَتَّى أَنَّهَا من عوامل الْأَسْمَاء فَلَا يجوز أَن تجْعَل من عوامل الْأَفْعَال فَوَجَبَ أَن يكون الْفِعْل مَنْصُوبًا بِأَن مقدرَة دون غَيرهَا لِأَن أَن مَعَ الْفِعْل بِمَنْزِلَة الْمصدر الذى يدْخل عَلَيْهِ حرف الْجَرّ وَيدل على أَن الْفِعْل مَنْصُوب بعد حَتَّى بِأَن لَا بحتى قَول الشَّاعِر (داويت عين أَبى الدُّهَيق بمطله ... حَتَّى المصيف ويَغْلُو القِعْدّان} فالمصيف مجرور بحتى ويغلو عطف عَلَيْهِ فَلَو كَانَت هى الناصبة لوَجَبَ أَن لَا يجِئ الْفِعْل هَهُنَا مَنْصُوبًا بعد مجئ الْجَرّ لِأَن حَتَّى لَا تكون فى آن وَاحِد جَارة وناصبة الْمَعْنى يَقُول لَا أقدر أجحد نعمك لِأَن جلدى قد أقربها وَهُوَ ظُهُور الْخلْع واللباس للناظرين فَكَأَنَّهُ يلبسهَا مقرّ نَاطِق كَقَوْل النَّاشِئ الْأَكْبَر (ولوْ لم يَبُح بالشُّكر لفظى لَخَبَّرَتْ ... يمينى بِمَا أوْلَيتَنِى وشِمالي) 40 - الْغَرِيب الصلات جمع صلَة وهى الْعَطِيَّة الْمَعْنى يطْلب مِنْهُ إِعَادَة الْعَطِيَّة وَيَقُول لَهُ إِن خير مَا وصل بِهِ الْكَرِيم أَكْثَره عودا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 - 1 - الْإِعْرَاب لم كلمة مَوْضُوعَة للعدد وَذهب أَصْحَابنَا إِلَى أَنَّهَا مركبة وَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا مُفْردَة حجتنا أَن أَصْلهَا مَا زيدت عَلَيْهَا الْكَاف لِأَن الْعَرَب تصل الْحَرْف فى أَوله وَآخره فَمَا وصلته من أَوله نَحْو هَذَا وَمِمَّا وصلته فى آخِره نَحْو {إِمَّا تريني مَا يوعدون} فَكَذَلِك كم زادوا الْكَاف على مَا فصارتا كلمة وَاحِدَة وَكَانَ الأَصْل أَن يُقَال فى كم مَالك كَمَا مَالك إِلَّا أَنه حذف الْألف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَنَظِير كم لم لِأَن الأَصْل فى لم مَا فزيدت عَلَيْهَا اللَّام فصارتا كلمة وَاحِدَة وحذفت الْألف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وسكنت الْمِيم فَقَالَ لم فعلت وَزِيَادَة الْكَاف كَثِيرَة قَالَ الله تَعَالَى {لَيْسَ كمثله شئ} أى لَيْسَ مثله وَحكى عَن بعض الْعَرَب أَنه قيل لَهُ كَيفَ تَصْنَعُونَ الأقط قَالَ كهين قَالَ الراجز (لوَاحقُ الأقْراب فِيهَا كالمَقَقْ ... ) أى المقق وَهُوَ الطول وَحجَّة الْبَصرِيين أَن الأَصْل هُوَ الْإِفْرَاد والتركيب فرع وَمن تمسك بِالْأَصْلِ خرج عَن عُهْدَة الْمُطَالبَة بِالدَّلِيلِ وَمن عدل عَن الأَصْل افْتقر إِلَى إِقَامَة الدَّلِيل لعدوله عَن الأَصْل واستصحاب الْحَال أحد الْأَدِلَّة الْمُعْتَبرَة الْغَرِيب الطلى الْأَعْنَاق الْمَعْنى يَقُول كم قَتِيل مثلى شَهِيد قتل كَمَا قتلت ببياض الْأَعْنَاق وتورد خدودهن وَقَالَ الواحدى جعل قَتِيل الْحبّ شَهِيدا لما روى فى الحَدِيث " إِن من عشق وعف وكتم فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدا " ويروى لبياض الطلى يعْنى كم قَتِيل لَهُ وَتَقْدِير الْكَلَام كم قتل قتل كقتلى 2 - الْإِعْرَاب وعيون المها عطف على مَا قبله (ببياض الطلى وَورد الخدود ... ) الْغَرِيب المها جمع مهاة وهى بقر الْوَحْش تشبه أعين النِّسَاء بعيونها لحسنها وسعتها وفتكت قتلت بَغْتَة والمتيم الْمُذَلل المدله الذى قَتله الْحبّ وأذله واستعبده وتيم اللات عبد اللات والمعمود الذى قد هده الشوق وَأَصله شدَّة الْمَرَض يُقَال عمده وأعمده الْمَعْنى يَقُول كم قَتِيل قتل بعيون المها أى المشابهة لعيون المها وَلَيْسَت تِلْكَ الْعُيُون الَّتِى قتلته كالعيون الَّتِى قتلتنى وفتكت بى وعنى بالمعمود نَفسه 3 - الْإِعْرَاب من روى بدار أثلة فَهُوَ مُضَاف إِلَى نكرَة وَمن رَوَاهُ بلام التَّعْرِيف فَهُوَ أَجود وَعَلِيهِ أَكثر الروَاة فأضافه إِلَى معرفَة وَوَصله بِإِسْقَاط الْهمزَة كَقِرَاءَة ورش {ولدار الْآخِرَة} الْغَرِيب در در الصِّبَا أصل الدّرّ فى اللَّبن وَهُوَ مُسَمّى بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ يُقَال در الضَّرع درا ثمَّ كثر حَتَّى قَالُوا لمن يحمدونه لله دره أى لله اللَّبن الذى أرضعه وَقَالُوا لمن ذموه لَا در دره وَللَّه در زيد فِيهِ معنى التَّعَجُّب وذيول جمع ذيل وَدَار الأثلة مَوضِع بِظَاهِر الْكُوفَة والأثل شجر من جنس الطرفاء إِذا حركته الرّيح ترنح وَسمع لَهُ صَوت حنين الْمَعْنى من روى أَيَّام بالنداء فَهُوَ يُخَاطب أَيَّام الصِّبَا تَقْدِيره يَا أَيَّام الْهوى وجر الذيول كِنَايَة عَن النشاط وَاللَّهْو لِأَن النشيط والنشوان يجر ذيله وَلَا يرفعهُ قَالَ أَبُو الْفَتْح در دره أى اتَّصل مَا تعهد من أَيَّام الصِّبَا قَالَ الواحدى وَهَذَا قَول فَاسد وَمن روى وَأَيَّام فقد عطف على در در الصِّبَا وَالْأول هُوَ الْمَعْرُوف وَعَلِيهِ الرِّوَايَة الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 - الْإِعْرَاب عمرك الله مصدر يُقَال أَطَالَ الله عمرك وعمرك بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وهما وَإِن كَانَا مصدرين بِمَعْنى إِلَّا أَنه اسْتعْمل أَحدهمَا فى الْقسم وَهُوَ المفتوح فَإِذا أدخلت عَلَيْهِ اللَّام رفعته بِالِابْتِدَاءِ قلت لعمر الله والام لتوكيد الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَالتَّقْدِير لعمر الله قسمى فَإِن لم تأت بِاللَّامِ نصبته نصب المصادر وَقلت عمر الله مَا فعلت كَذَا وعمرك الله مَا فعلت كَذَا وَمعنى لعمر الله وَعمر الله أَحْلف بِبَقَاء الله ودوامه وَإِذا قلت عمرك الله فكأنك قلت بتعميرك أى بإقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ وَقَول عمر بن أَبى ربيعَة (أيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلاً ... عَمْرَكَ اللهُ كيفَ يَلْتَقِيانِ) يُرِيد سَأَلت الله أَن يُطِيل عمرك لِأَنَّهُ لم يرد الْقسم بذلك وَسُهيْل تورية وَكَذَلِكَ الثريا وهما رجل وَامْرَأَة وَلم يرد النجمين وَهُوَ فى قَول أَبى الطّيب مصدر مَعْنَاهُ سَأَلت الله أَن يعمرك تعميرا الْغَرِيب البراقع شَيْء تَجْعَلهُ نسَاء الْعَرَب على وجوههن شَبيه بالنقاب إِلَّا أَنه يغطى الْوَجْه وَيفتح فِيهِ موضعان على قدر الْعَينَيْنِ والعقود وَاحِدهَا عقد وَهُوَ الْجَوْهَر الْمَعْنى يُخَاطب صَاحبه وَيَقُول سَأَلت الله أَن يعمرك هَل رَأَيْت بدورا تلبس البراقع طلعت عَلَيْهَا وَمن روى قبلهَا أى قبل تِلْكَ الْأَيَّام الَّتِى كُنَّا فِيهَا بدار الأثلة 5 - الْإِعْرَاب راميات صفة لبدور وَالْجَار مُتَعَلق بهَا الْغَرِيب الهدب هُوَ الشّعْر الذى على الأجفان الْمَعْنى يُرِيد بالأسهم الْأَعْين وَلما سَمَّاهَا أسهما جعل ريشا لِأَن الريش يقوى السِّهَام كَذَلِك لحظاتهن إِنَّمَا تصل إِلَى الْقُلُوب بِحسن أشفارهن وأهدابهن وتنفذ إِلَى الْقُلُوب أى تصل إِلَى الْقُلُوب فتنفذ فِيهَا قبل الْجُلُود وَالْبَيْت مَنْقُول من قَول كثير (وَما صائبٌ مِن نابلٍ قَذَفَتْ بِهِ ... يَدٌ ومُمَرُّ العُقْدتين وَثيقُ) (بأوشكَ قتلا منكِ يومَ رَميتنى ... نوافِذَ لم يُعلم لهنّ خُرُوقُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 - الْغَرِيب رشفت الرِّيق وترشفته إِذا مصصته الْمَعْنى قَالَ الواحدى كن يمصصن ريقى لحبهن إياى فَكَانَت الرشفات فى فمى أحلى من كلمة التَّوْحِيد وهى لَا إِلَه إِلَّا الله وَهَذَا إفراط وَتجَاوز حد انْتهى كَلَامه وَقَالَ ابْن القطاع ذهب كثير من النَّاس إِلَى أَن لَفْظَة أفعل من كَذَا توجب تَفْضِيل الأول على الثانى فى جَمِيع الْمَوَاضِع وَذَلِكَ غلط وَالصَّحِيح أَن أفعل يجِئ فى كَلَام الْعَرَب على خَمْسَة أوجه أَحدهَا أَن يكون الأول من جنس الثانى وَلم يظْهر لأَحَدهمَا حكم يزِيد على الأول بِهِ زِيَادَة يقوم عَلَيْهَا دَلِيل من قبل التَّفْضِيل فَهَذَا يكون حَقِيقَة فى الْفضل لَا مجَازًا وَذَلِكَ كَقَوْلِك زيد أفضل من عَمْرو وَهَذَا السَّيْف أَصْرَم من هَذَا والثانى أَن يكون الأول من جنس الثانى ومحتملا للحاق بِهِ وَقد سبق للثانى حكم أوجب لَهُ الزِّيَادَة بِالدَّلِيلِ الْوَاضِح فَهَذَا يكون على المقاربة فى التَّشْبِيه لَا التَّفْضِيل نَحْو قَوْلك الْأَمِير أكْرم من حَاتِم وَأَشْجَع من عَمْرو وَبَيت المتنبى من هَذَا الْقَبِيل أى يترشفن من فمى رشفات هن قريب من التَّوْحِيد وَالثَّالِث أَن يكون الأول من جنس الثانى أَو قَرِيبا مِنْهُ والثانى دون الأول فَهَذَا يكون على الْإِخْبَار الْمَحْض نَحْو قَوْلك الشَّمْس أَضْوَأ من الْقَمَر والأسد أجرأ من النمر وَالرَّابِع أَن يكون الأول من غير جنس الثانى وَقد سبق للثانى حكم أوجد لَهُ الزِّيَادَة واشتهر للْأولِ من جنسه بالفضيلة فَيكون هَذَا على سَبِيل التَّشْبِيه الْمَحْض وَالْغَرَض أَن يحصل للْأولِ بعض مَا يحصل للثانى نَحْو قَوْلك زيد أَشْجَع من الْأسد وأمضى من السَّيْف وَالْخَامِس أَن يكون الأول من غير جنس الثانى وَالْأول دون الثانى فى الصّفة جدا فَيكون هَذَا على الْمُبَالغَة الْمَحْضَة نَحْو قامته أتم من الرمْح وَوَجهه أَضْوَأ من الشَّمْس وَجَاء فى الحَدِيث " مَا أقلت الغبراء وَلَا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أَبى ذَر " ذهب من لَا يعرف معانى الْكَلَام إِلَى أَن أَبَا ذَر أصدق الْعَالم أجمع وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك وَإِنَّمَا نفى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن يكون أحد أَعلَى مِنْهُ رُتْبَة فى الصدْق وَلم ينف أَن يكون فى النَّاس مثله فى الصدْق وَلَو أَرَادَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لقَالَ أَبُو ذَر أصدق من كل من أظلت وأقلت وروى الْأَكْثَر أحلى من التَّوْحِيد وَمن روى حلاوة التَّوْحِيد أَرَادَ هى عندى مثل حلاوة التَّوْحِيد فَحذف الْمُضَاف وَرفع قَالَ أَبُو الْفَتْح يرْوى أَنه أنْشدهُ حلاوة التَّوْحِيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 - الْإِعْرَاب كل يجوز فِيهِ الرّفْع على الْبَدَل من الضَّمِير فى يترشفن وعَلى هَذَا يرفع أرق حملا على كل وَيجوز نَصبه وَهُوَ فى مَوضِع خفض نعتا الخمصانة وَيجوز نصب كل حملا على النَّعْت لبدورا فَيكون بدل تَبْيِين الْغَرِيب الخمصانة الضامرة وَيُقَال للذّكر خمصان بِضَم الْخَاء وَيجوز بِفَتْحِهَا والجلمود الْحِجَارَة وَيُقَال الجلمد والجلمود وهى الصخر والجلمد الْإِبِل الْكَثِيرَة وَذَات الجلاميد مَوضِع الْمَعْنى يَقُول كل خمصانة أى ضامرة الْبَطن وعنى برقتها نعومتها وصفاء لَوْنهَا وَقَوله بقلب أى هى مَعَ رقتها ونعومتها متلبسة بقلب أى مَعَ قلب أَصْلَب من الصخر وتلخيص الْمَعْنى هن ناعمات الْأَجْسَام قاسيات الْقُلُوب 8 - الْغَرِيب الْفَرْع شعر الرَّأْس والعنبر طيب مَعْرُوف الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد أَن شعرهَا طيب الرَّائِحَة فَكَأَنَّهُ خلط بِهَذِهِ الْأَنْوَاع من الطّيب وَيُقَال إِن الْعود إِنَّمَا تفوح رَائِحَته عِنْد الاحتراق وَلَا يطيب رَائِحَة الشّعْر إِذا خلط بِالْعودِ قيل أَرَادَ ضرب العنبر فِيهِ بِمَاء ورد ودخن بِعُود وَحذف الْفِعْل الثانى كَقَوْلِه (عَلَفْتُها تِبْنا وَماءً بارِداً ... ) وكقول الآخر (ورأيتِ بعلَكِ فى الوَغَى ... متقَلِّداً سيْفًا وَرُمْحاً) انْتهى كَلَامه وَقَالَ الشريف بن الشجرى فى أَمَالِيهِ يُرِيد ودخان عود لِأَن الْعود لَا مَاء لَهُ وَكَذَلِكَ قَوْله (أُحادث مِنْهَا بدرَها فالكواكبا ... ) فَإِن جعل الْكَوَاكِب خصالها فلابد من فعل ينصب الْكَوَاكِب لِأَن الْخِصَال لَا تُوصَف بالمحادثة وَتَقْدِيره واستضئ وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين تبوء وَالدَّار وَالْإِيمَان} أى وأحبوا الْإِيمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 - الْإِعْرَاب حالك صفة لفرع الْغَرِيب الحالك الشَّديد السوَاد والغداف هُوَ الْغُرَاب الْأسود والجثل الْكثير النَّبَات يُقَال هُوَ جثل بَين الجثولة والأثيث مثل الجثل والدجوجى مثل الحالك الْمَعْنى يَقُول ذَات فرع حالك كثير النَّبَات جعد خلق جَعدًا من غير أَن يجعد 10 - الْغَرِيب الغدائر وَاحِدهَا غديرة وهى الذؤابة والشتيت الثغر المتفرق على اسْتِوَاء قَالَ الشَّاعِر (وشَتِيتٍ كالأُقْحوان جلاه الطَّلْلُ ... فيهِ عُذوبةٌ واتِّساقُ) والبرود الْبَارِد الْمَعْنى يرْوى غدائره يُرِيد غدائر الْفَرْع الْمَعْنى أَنَّهَا طيبَة الرّيح فَكَأَن الرّيح إِذا مرت بهَا تحمل الْمسك من غدائرها وتفتر تضحك عَن ثغر شتيت متفرق فى اسْتِوَاء 11 - الْمَعْنى يَقُول قد جمعت بَين جسمى والسقام وَأحمد هُوَ أَبُو الطّيب وَبَين جفونى والسهاد 12 - الْإِعْرَاب إِن جعل هَذِه إِشَارَة فلديك يتَعَلَّق بِمَعْنى الْإِشَارَة وَإِن جعلهَا نِدَاء بِحَذْف النداء كَانَ مُتَعَلقا بالاستقرار الْغَرِيب الْحِين بِفَتْح الْحَاء الْهَلَاك الْمَعْنى يَقُول سلمت الْأَمر إِلَيْهَا وَبِذَلِك روحى لَهَا لهلاكى وَقلت إِن شِئْت فانقصى من عَذَابهَا بوصل وَإِن شِئْت زيديها عذَابا بهجر والمهجة دم الْقلب وَمَوْضِع الرّوح لِأَن النَّفس لَا تبقى دونهَا 13 - الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع مَعْنَاهُ أَنا أهل مابى وحقيق بِهِ وَأَنا بَطل صيد الْغَرِيب الطرة تصفيف الشّعْر والبطل الشجاع والجيد الْعُنُق الْإِعْرَاب قَالَ الواحدى أهل ابْتِدَاء وَخَبره بَطل وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَنا أهل ذَلِك وحقيق بِحسن مَا رَأَيْت أَو أَنا بَطل صيد بتصفيف طرة وجيد هَذَا كَلَامه وَهُوَ على بعده مُحْتَمل انْتهى يَقُول فى الْبَيْت الذى قبله هَذِه مهجتى افعلى فِيهَا مَا شِئْت فَأَنا أهل لذَلِك ومستحق لَهُ لِأَن البطل إِذا صادته امْرَأَة بطرة مصفوفة وجيد وَهُوَ مقدم عُنُقهَا فَهُوَ أهل لما حل بِهِ وَيجوز أَن يكون إِنَّمَا قَالَ هَذَا كالمتشفى من نَفسه والعاذل لَهَا على الْعِشْق يَقُول أَنا أهل لما بى من الضنى 14 - الْإِعْرَاب إِذا قلت جَاءَ الْقَوْم مَا خلا زيدا فَلَيْسَ إِلَّا النصب وَإِذا قلت جَاءَ الْقَوْم خلا زيد كَانَ الْجَرّ لَا غير وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا أسقطت مَا جررت وَكَانَ أقوى من النصب لاحْتِمَاله إِيَّاه الْمَعْنى يُرِيد بِدَم العنقود الْخمر وَهَذَا حرَام بِلَا خلاف لِأَنَّهَا لَا تحل إِلَّا أَن يكون أَرَادَ دم العنقود وعنى الْمَطْبُوخ الذى لَا يسكر وسماها دَمًا لِأَنَّهَا تسيل من العنقود كَمَا يسيل دم الْمَقْتُول 15 - الْإِعْرَاب أنث الضَّمِير فى اسقنيها لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالدَّمِ الْخمر وَذكر ضمير عَيْنَيْك وَالْأَفْعَال بعد لقَوْله من غزال على لَفظه لَا مَعْنَاهُ لِأَن المُرَاد بالغزال المعشوقة وَتَقْدِير الْكَلَام فدى لعينيك من غزال نفسى وطارفى وتليدى الْغَرِيب الطريف والطارف والمطرف والمستطرف مَا استحدث عنْدك من مَال والتليد والتالد والمتلد والتلاد مَا كَانَ عَن إِرْث من الْآبَاء وَقَوله من غزال تَخْصِيص لَهُ بِالْفِدَاءِ من جملَة الغزلان الْمَعْنى يَقُول اسقنى الْخمْرَة فَأَنا أفديك بنفسى وَمَا أملك 16 - الْإِعْرَاب شيب رأسى مُبْتَدأ وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ وَخَبره شهودى وَالْجَار وَالْمَجْرُور يتَعَلَّق بالْخبر الْمَعْنى روى هَوَاك بِالْفَتْح على خطاب فاسقنيها فَذكر الضَّمِير وَالْمعْنَى لَا أقدر أَن أكتم هَوَاك فَإِذا كتمته شهد على ذلى ونحول جسدى وفيض دموعى وشيب رأسى قبل أَوَانه وكل هَذَا يكون من الْفِكر والهم بالمحبوب وَهَذَا مَنْقُول من قَول الآخر (أَوَمَا كَفاكِ تغَيُّرِى ... ونحولُ جسْمى شَاهدا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 - الْإِعْرَاب أى نصب وَهُوَ اسْتِفْهَام خرج مخرج النفى كَمَا تَقول لمن يدعى أَنه أكرمك أى يَوْم أكرمتنى قطّ كَمَا قَالَ الهذلى (اذهبْ فأىّ فَتىً فى الناسِ أَحرزَهُ ... من حَتْفهِ ظُلَمٌ دُعْجٌ وَلَا جَبَلُ) وَلَا يجوز أَن تكون أى شَرْطِيَّة تتَعَلَّق الْجُمْلَة بِالْجُمْلَةِ تعلق الْجَزَاء بِالشّرطِ وَإِذا حَملته على الشَّرْط كَانَ ذَلِك مناقضا للمعنى الذى أَرَادَهُ فَكَأَنَّهُ يَقُول إِن سررتى يَوْمًا بوصالك فقد أمنتنى ثَلَاثَة أَيَّام من صدودك وَهَذَا عكس مُرَاده الْغَرِيب رعت فلَانا وروعته فارتاع أى أفزعته فَفَزعَ وتروع تفزع وَقَوْلهمْ لَا ترع مَعْنَاهُ لَا تخف قَالَ أَبُو خرَاش (رَفَوْنى وَقَالُوا يَا خُوَيلدُ لَا تُرَعْ ... فَقلت وأنكرتُ الوجوهَ هُمُ هُمُ) الْمَعْنى يَقُول أى يَوْم سررتنى بوصال لم يفزعنى بِثَلَاثَة أَيَّام صدودك 18 - الْغَرِيب دَار نَخْلَة على ثَلَاثَة أَمْيَال من بعلبك وهى قَرْيَة لبنى كلب 1 وَالْمقَام بِمَعْنى الْإِقَامَة الْمَعْنى يَقُول إقامتى فى هَذِه الْقرْيَة كإقامة عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بَين الْيَهُود يعْنى أَن أهل هَذِه الْقرْيَة أَعدَاء لَهُ كَمَا كَانَت الْيَهُود أَعدَاء عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الواحدى فى تَفْسِيره وَبِهَذَا الْبَيْت لقب بالمتنبى لتشبيهه نَفسه بِعِيسَى فى هَذَا الْبَيْت وَفِيمَا بعده بِصَالح 19 - الْإِعْرَاب مفرشى إِلَى آخِره فى مَوضِع الْحَال الْغَرِيب المفرش مَوضِع الْفراش والصهوة مقْعد الْفَارِس من ظهر الْفرس والحصان الْفرس الْفَحْل والمسرودة المنسوجة من الْحَدِيد وهى الدروع الْمَعْنى يَقُول أَنا بِهَذِهِ الْقرْيَة على هَذِه الْحَال لَا أُفَارِق ظهر فرسى يُرِيد أَنى شُجَاع لَا أُفَارِق ظهر الْفرس وملبوسى الدروع وَقَالَ ابْن جنى أَنا بِهَذِهِ الْقرْيَة على هَذِه الْحَال تأهبا وتيقظا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 - الْإِعْرَاب لأمة بُد ل من قَوْله مسرودة الْغَرِيب اللأمة المتئلمة الصَّنْعَة والفاضة السابغة وأضاة صَافِيَة شبهها بالغدير لبياضها وصفائها والدلاص البراقة والدليص أَيْضا الْبراق اللين وَدرع دلاص وأدرع دلاص الْوَاحِد وَالْجمع على لفظ وَاحِد وَقد دلصت الدرْع بِالْفَتْح تدلص ودلصتها أَنا تدليصا والدلاص الْبراق الْمَعْنى يَقُول قميصى لأمة محكمَة النسج من صنع دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ أول من عمل الدروع قَالَ الله تَعَالَى {وألنا لَهُ الْحَدِيد} 21 - الْمَعْنى يَقُول إِذا قنعت من الدَّهْر بعيش قد عجل لى نكده وَأخر عَنى خَيره فَأَيْنَ فضلى فَإِذا لَا فضل لى فَكَأَن فضلى قد خفى فَلَيْسَ يرى 22 - الْمَعْنى يَقُول تعبت فى طلب الرزق وسعيت فِيهِ وَلم يحصل فقد ضقت صَدرا لِكَثْرَة مَا قُمْت فى طلبه وسعيت ونصبت وَطَالَ فِيهِ سفرى وَقل عَنهُ قعودى عَن السّفر 23 - الْمَعْنى يَقُول أسافر أبدا فى طلب الرزق وحظى منحوس وهمتى عالية يُرِيد أَن همته مُرْتَفعَة وحظه مخفوض وَهُوَ كَقَوْل حبيب (همَّةٌ تنطَح النُّجومَ وَجَدٌّ ... آلِفٌ للحَضِيض فَهُوَ حَضيضُ) وكقول الآخر (ولى همَّةٌ فوقَ نَجم السَّماء ... ولكنّ حالى تحتَ الثَّرَى) (فَلَو ساعدت همَّتِى حالتى ... لكنتَ ترَى غيرَ مَا قد ترَى) 24 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بأبلغ وَتَقْدِيره فلعلى بَالغ بلطف الله وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بمؤمل الْمَعْنى يَقُول لعلى راج بعض مَا أؤمله بلطف الله وَقَالَ الواحدى وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ ان المرجو مَحْبُوب وَالْمَكْرُوه لَا يكون مرجوا بل يكون محذورا فَهُوَ يَقُول لعلى راج بعض مَا أبلغه وأدركه من فضل الله أى لَيْسَ جَمِيع مَا أبلغه مَكْرُوها بل بعضه مرجو ومحبوب 25 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح اللَّام تحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون التَّقْدِير اعجبوا لسرى وَالْآخر أَن تكون مُتَعَلقَة باللطف أى باللطف من الله سُبْحَانَهُ لسرى هَذِه صفته الْغَرِيب مروى مرو هى ثِيَاب رقاق تنسج بمرو الْمَعْنى يَقُول اعجبوا لسرى أَو لعلى أُؤَمِّل باللطف لسرى لِبَاسه ردئ وَالْعرب تتمدح بخشونة الملبس وتعيب النِّعْمَة والترفه أى لبسى خشن الْقطن ومروى مرو وهى الثِّيَاب الرقيقة لبس اللئام قَالَ ابْن القطاع أَخذ عَلَيْهِ قَوْله {فلعلى مُؤَمل ... الخ} وَقَالَ كَيفَ يؤمل بعض مَا يبلغ وَإِنَّمَا وَجه الْكَلَام أَن يَقُول ولعلى أبلغ بعض مَا أومل وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْمَعْنى ولعلى أبلغ آمالى وأزيد عَلَيْهَا حَتَّى يكون مَا أؤمله بعض مَا أبلغه وَقيل مَعْنَاهُ أَنا أُؤَمِّل أَكثر مَا أطلب فلعلى بَالغ بعض مَا أؤمله لِأَن مَا أؤمله بعض مَا أبلغه أَو لِأَن مَا أؤمله لَا يبلغ إِلَيْهِ أحد 26 - الْغَرِيب البنود جمع بند وهى الْأَعْلَام الْكِبَار وخفق البنود اضطرابها الْمَعْنى يُرِيد إِمَّا أَن تعيش عَزِيزًا مُمْتَنعا من الْأَعْدَاء أَو تَمُوت موت الْكِرَام فى الْحَرْب لِأَن الْقَتْل فى الْحَرْب يدل على شجاعة الْمَقْتُول وَالْقَتْل خير من الْعَيْش فى الذل 27 - الْإِعْرَاب تَقول ذهبت بالغيظ وَلَا تَقول ذهبته بل أذهبته وَالْوَجْه أَن يَقُول أَشد إذهاب للغيظ لِأَن أفعل لَا يبْنى من الإفعال إِلَّا فى ضَرُورَة الشّعْر وَلكنه جَاءَ على حذف الزَّوَائِد وَلَو قَالَ بالغيظ لاستغنى الْمَعْنى يُرِيد أَن إذهاب الغيظ بِالرِّمَاحِ أَكثر من إذهابه بالسلم وأشفى لغل صدر الحقود من أعدائه ويروى صدر الحسود والحقود أحسن فى الْمَعْنى 28 - الْغَرِيب يُقَال حيى يحيا حَيَاة وَيُقَال حى بِالْإِدْغَامِ فى الماضى وَلَا يدغم فى الْمُسْتَقْبل وحيى عين الْفِعْل مِنْهُ يَاء مَكْسُورَة وَكَذَلِكَ لامه يَاء وَالْيَاء أُخْت الكسرة فَكَأَنَّهُ اجْتمع ثَلَاث كسرات فحذفت كسرة الْعين وأدغمت فى اللَّام وَقَرَأَ بِالْإِدْغَامِ أَكثر الْقُرَّاء ابْن كثير وَابْن عَام وَحَفْص وَحَمْزَة والكسائى وقنبل وَقَرَأَ بالإظهار نَافِع وَأَبُو بكر والبزى وَابْن كثير الْمَعْنى إِنَّه يُخَاطب نَفسه يَقُول عش عَزِيزًا أومت فى الْحَرْب حميدا وَلَا تكن كَمَا قد عِشْت إِلَى هَذَا الْوَقْت غير مَحْمُودًا فِيمَا بَين النَّاس وَإِذا مت على فراشك مت غير مَفْقُود لِأَن النَّاس يَجدونَ مثلك كثيرا فيستغنون عَنْك وَلَا يبالون بموتك وَلَا يذكرونك بعد موتك وَإِنَّمَا يذكر من لَهُ إقدام وشجاعة وفعلات يذكر بهَا الْغَرِيب لظى من أَسمَاء جَهَنَّم وهى معرفَة لَا تَنْصَرِف والتظاء النَّار التهابها وَكَذَلِكَ تلظيها الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعِزّ مَطْلُوب فاطلبه وَإِن كَانَ فى جَهَنَّم وَلَا تطلب الذى وَلَو أَنه فى جنان الخلود وَهَذَا كُله من الْمُبَالغَة فى طلب الْعِزّ والبعد من الذل قَالَ الواحدى وَهَذَا كُله مُبَالغَة وَإِلَّا فَلَا عز فى جَهَنَّم وَلَا ذل فى الْجنَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 - الْغَرِيب البخنق مَا يَجْعَل على رَأس الصبى وتلبسه الْمَرْأَة أَيْضا عِنْد ادهان رَأسهَا الْمَعْنى يَقُول لَا تجبن وتحرص على الْحَيَاة يَقُول الجبان الْعَاجِز قد يقتل عَاجِزا وَالْعجز والجبن لم يَكُونَا من سَبَب الْبَقَاء ولاهما منجيان من كَانَا فِيهِ من الْمَوْت وَغَيره وَقد كرر هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ معنى // حسن // كَقَوْلِه (فمِنَ العجْزِ أَن تكونَ جَبانا) وَقد بَين فِيمَا بعده تَمام الْغَرَض وَأَن الْعَاجِز يقتل وَيسلم الشجاع الْمِقْدَام بقوله (ويوفى ... الخ ... ) 31 - الْغَرِيب المخش الرجل الجرئ على اللَّيْل والصنديد السَّيِّد الْكَرِيم وَقيل المخش الرجل الدخال فى الْأُمُور وَالْحَرب ويوقى يُقَال وَقَاه الله السوء ووقاه فَهُوَ مرقى وخوض أَكثر فى الْخَوْض الْمَعْنى يَقُول قد يسلم الشجاع وَيهْلك الجبان والشجاع قد دخل فى أَشد الْأَحْوَال وأخوفها وكل هَذَا حث على الشجَاعَة والإقدام 32 - الْمَعْنى يَقُول شرفت بنفسى لَا بقومى وَهَذَا كَقَوْل الشَّاعِر (نفْسُ عِصامٍ سوّدَتْ عِصامًا ... وعَلَّمَتْهُ الكَرَّ والإقْدَاماَ) وأصل هَذَا كَقَوْل عَامر بن الطُّفَيْل (فمَا سَوَّدَتْنِى عامِرٌ عَنْ وَرِثَةٍ ... أَبى اللهُ أنْ أسْمُو بِأُمّ وَلا أبِ) (وَلكِنَّنِى أحْمِى حِماها وأتَّقِى ... أذَاها وأرْمى مَن رَماها بِمقْنَبِ) وَقَالَ الآخر (قد قالَ قوْمٌ أعْطِهِ لقديمه ... جهلوا ولكنْ أعْطِنى لِتَقَدُّمى) (فَأَنا ابنُ نفسى لَا بعرضى أحْتَذى ... بالسَّيف لَا بِتُرَاب تِلْكَ الْأَعْظَم) قَالَ الواحدى لَو اقْتصر أَبُو الطّيب على هَذَا الْبَيْت لَكَانَ ألأم النَّاس نسبا لكنه قَالَ (وبهم ... الخ ... ) 33 - الْغَرِيب عوذ الجانى أى يعوذون بهم وغوث الطريد أى المطرود يستغيثهم وَهُوَ الذى يطرد وينفى فإليهم يلجأ الْمَعْنى يَقُول هم أفْصح الْعَرَب لِأَن الضَّاد لم ينْطَلق بهَا إِلَّا الْعَرَب أى هم فَخر لكل الْعَرَب وَإِذا جنى جَان وَخَافَ على نَفسه عاذ بهم ولاذ بهم ليأمن على نَفسه والمطرود إِذا طرد وَنفى اسْتَغَاثَ بهم ولجأ إِلَيْهِم فيمنعونه 34 - الْغَرِيب المعجب الذى يعجب بِنَفسِهِ والعجيب الذى يعجب غَيره وَقيل هما بِمَعْنى كالمبدع والبديع الْمَعْنى يَقُول إِذا عجبت بنفسى فَإِن عجبى عَجِيب لِأَن امْرُؤ لَا يرى فَوق نَفسه من مزِيد فى الشّرف فَلَيْسَ عجبى بمنكر بل هُوَ ظَاهر لَا يُنكره أحد 35 - الْغَرِيب الترب ترب الْإِنْسَان وَهُوَ الذى ولد مَعَه فى وَقت وربيا والقوافى جمع قافية وَتسَمى القصيدة أَيْضا قافية وسمام جمع سم الْمَعْنى يَقُول أَنا أَخُو الْجُود وَأَنا صَاحب القصائد ومنشئ القوافى لأنى لم أسبق إِلَى مثلهَا وَأَنا أقتل الْأَعْدَاء فكأنى لَهُم سم فأقتلهم كَمَا يقتل السم فَأَنا سَبَب غيظ الحساد فهم يتمنون موضعى فَلَا يدركونه فَلهَذَا يغتاظون فَأَنا سَبَب غيظهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 - الْمَعْنى يَقُول أَنا غَرِيب فى هَذِه الْأمة لَا يعْرفُونَ قدرى قَالَ أَبُو الْفَتْح بِهَذَا الْبَيْت سمى المتنبى وَأما قَوْله {تداركها الله} فَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الدُّعَاء عَلَيْهِم أى تداركهم بالانتقام أَو الاستئصال حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُم أحد وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الدُّعَاء لَهُم أى تداركهم الله بالإصلاح ونجاهم من لؤمهم وشحهم وجهلهم وَهَذَا من قَول حبيب (كانَ الخليفةُ يومَ ذَلِك صَالحا ... فيهم وَكَانَ المُشركونَ ثمودا) وَثَمُود اسْم من الْقُرَّاء من صرفه وَمِنْهُم من لم يصرفهُ فَمن صرفه مِنْهُم صرفه فى حَال النصب وَمِنْهُم من صرفه وَهُوَ الكسائى فى حَال الْجَرّ فى قَوْله تَعَالَى {أَلا بعد الثمود} وَترك صرفه نصبا وجرا حَمْزَة وَحَفْص عَن عَاصِم وَوَافَقَهُمَا أَبُو بكر فى قَوْله تَعَالَى {وَثَمُود فَمَا أبقى} فى {النَّجْم} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 - 1 - 2 الْغَرِيب قصر عَن الشئ إِذا عجز وأقصر إِذا كف عَنهُ مَعَ الْقُدْرَة وَقصر فِيهِ إِذا لم يُبَالغ والود الْمحبَّة والمدى الْغَايَة والبعد الْمَعْنى يَقُول كف عَن الْبر وَأمْسك عَنهُ فَإنَّك لَا تزيدنى بذلك ودا لِأَن ودى إياك قد انْتهى وَعبر حَده وَصَارَ ودا لَا يقدر لَهُ على زِيَادَة فَلَا أُطِيق الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَمثله قَول ذى الرمة (فَما زالَ يعْلُو حُبُّ ميَّة عندَنا ... ويزدادُ حَتَّى لم نجد مَا يزيدُها) الْمَعْنى أرْسلت الْآنِية وهى الْجَام الذى كَانَ فِيهِ الْحَلْوَاء مملوءا من كرمك فرددتها أَنا إِلَيْك مَمْلُوءَة حمدا من حمدى إياك وشكرى وَيُرِيد بِهِ مَا كتب إِلَيْهِ على جوانبها 3 - الْغَرِيب طفح الشَّيْء امْتَلَأَ وفاض الْإِعْرَاب تطفح من مَوضِع الْحَال تَقْدِيره طافحة فَرد الْحَال إِلَى الِاسْتِقْبَال كَقَوْلِه تَعَالَى ثمَّ جاءوك يحلفُونَ بِاللَّه وَالضَّمِير فِي قَوْله بِهِ عَائِد على الشّعْر الْمَكْتُوب على جوانبها الْمَعْنى يُرِيد أَن جاءتك مثنى بِالْحَمْد يُرِيد بالأبيات الَّتِى عَلَيْهَا وهى فارغة فَأَنت تظنها فَردا وهى مثنى وتظنها لَا شئ مَعهَا وهى مَمْلُوءَة بحمدى وشكرى 4 - الْإِعْرَاب قَوْله {أَن لَا تحن} أَن هَا هُنَا هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَدخلت {لَا} لتفصل بَينهَا وَبَين الْفِعْل فَلهَذَا رفع تحن وتذكر وَمثله قِرَاءَة أَبى عَمْرو وَحَمْزَة والكسائى فى قَوْله تَعَالَى {وَحَسبُوا أَن لَا تكون فتْنَة} بِالرَّفْع وروى جمَاعَة هَذَا الْحَرْف {أَن لَا تحن وتذكر} بِالنّصب كَقِرَاءَة ابْن كثير وَنَافِع وَابْن عَامر وَعَاصِم وَجعلُوا أَن هى الناصبة وَلم يعتدوا بِلَا الْغَرِيب الْخَلَائق جمع خَلِيقَة وهى مَا خلق عَلَيْهِ الْإِنْسَان كالطبيعة وهى مَا طبع عَلَيْهِ الْإِنْسَان وحن يحن إِلَيْهِ حنينا فَهُوَ حَان أى اشتاق والحنان الرَّحْمَة وَمِنْه (وَحَنَانًا من لدنا ... ) الْمَعْنى يَقُول تأبى عَلَيْك طباعك الْكَرِيمَة الشَّرِيفَة أَن لَا تشتاق إِلَى أحبائك وأوليائك وتذكر الْعَهْد الذى لَك عِنْدهم فطباعك تأبى عَلَيْك أَن تنساهم الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 - الْغَرِيب الْعَصْر الدَّهْر وَفِيه لُغَتَانِ أخريان وهما عصر بِضَم الْعين وَالصَّاد وعصر بِضَم الْعين وَسُكُون الصَّاد مثل عسر وعسر قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (أَلا عِمْ صَباحا أيُّها الطَّلل البالى ... وَهل يَعِمَنْ من كَانَ فى العُصُر الخالى) وَالْجمع عصور وَقَالَ الْحجَّاج (إِذْ نَحن فِي ضَبَابَة التسكيرا ... وَالْعصر قبل هَذِه العصور) والعصران اللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ حميد بن ثَوْر (وَلنْ يلْبَثَ العصران يوْمٌ وليلةٌ ... إِذا طَلَبا أنْ يُدركا مَا تيمَمَّا) الْمَعْنى يَقُول لَو كنت دهرا ينْبت زهرا والأزهار جمع زهر وَهُوَ مَا ينبته الرّبيع من الْأَنْوَار لَكُنْت دهر الرّبيع ينْبت الزهر وَكَانَت أخلاقك الْورْد فَجعله أفضل وَقت وَجعل أخلاقه أفضل زهر وَنور لِأَن الْورْد أشرف الأزهار وأطيبها ريحًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 - 1 - الْإِعْرَاب نصب الْيَوْم على الظّرْف تَقْدِيره عهدكم فى هَذَا الْيَوْم وَالْيَوْم خبر لَيْسَ فَهُوَ فى مَوضِع نصب الْغَرِيب الْعَهْد اللِّقَاء وَأَيْنَ سُؤال عَن الْمَكَان وَمَتى سُؤال عَن الزَّمَان فَلَو قَالَ مَتى الْموعد لَكَانَ أَجود وَلَو قَالَ الْوَعْد كَانَ أليق وهيهات كلمة تبعيد قَالَ جرير (فهيهات هَيْهَات العقيقُ ومَن بِهِ ... وهيهات خِلّ بالعَقيق نُحاولُه) وَالتَّاء مَفْتُوحَة مثل كَيفَ وَأَصلهَا هَيْهَات وَلذَلِك وقف عَلَيْهَا أَحْمد البزى عَن ابْن كثير والكسائى بِالْهَاءِ ردهَا إِلَى الأَصْل وَقد كسرهَا جمَاعَة من الْعَرَب قَالَ حميد الأرقط يصف إبِلا قطعت بلادا حَتَّى صَارَت فى القفار (يُصْبحن بالقَفْر أتاوِيَّاتِ ... هَيْهَات مِن مُصْبَحِها هَيهاتِ) وَقد أبدلوا الْهَاء الأولى مِنْهَا همزَة فَقَالُوا أيهات كهراق وأراق قَالَ الشَّاعِر (أيْهاتَ منكَ الحياةُ أيهاتا ... ) وَقَالَ الجوهرى فى صحاحه قَالَ الكسائى من كسر التَّاء وقف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ وَمن فتحهَا وقف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ وَإِن شَاءَ بِالْهَاءِ قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن بَرى النحوى فى أَخذه على الجوهرى قَالَ أَبُو على الفارسى من فتح التَّاء وقف بِالْهَاءِ لِأَنَّهُ اسْم مُفْرد وَمن كسر وقف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ جمع لهيهات الْمَفْتُوحَة وَقَالَ الْأَخْفَش يجوز فى هَيْهَات أَن تكون جمَاعَة فَتكون التَّاء الَّتِى فِيهَا تَاء الْجمع الَّتِى للتأنيث وَلَا يجوز ذَلِك فى اللات والعزى لِأَن لات وَكَيْت لَا يكون مثلهمَا جمَاعَة لِأَن التَّاء لَا تزاد فى الْجَمَاعَة إِلَّا مَعَ الْألف فَإِن جعلت الْألف وَالتَّاء زائدتين بقى الِاسْم على حرف وَاحِد الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذَا الْيَوْم هُوَ عهد لقائكم فَمَتَى مَوْعدكُمْ باللقاء وَهُوَ يَوْم وداعهم ثمَّ الْتفت إِلَى نَفسه وَقَالَ هَيْهَات وَهُوَ الْتِفَات حسن لِأَنَّهُ استفهم ثمَّ سَأَلَ عَن الْموعد فَالْتَفت حِينَئِذٍ إِلَى يأس نَفسه من الْموعد فَقَالَ لَيْسَ ليَوْم مَوْعدكُمْ غَد لِأَن الْمَوْت أقرب إِلَى من أَن أدْرك غَدَاة غَد بل أَمُوت فى يومى هَذَا أسفا يُرِيد وداعهم وَهَذَا الْبَيْت من أحسن مَا قيل فى الْوَدَاع وَالْمعْنَى هَيْهَات أى بعد مَا أطلب لَا أعيش بعدكم الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 - الْإِعْرَاب مخلبا تَمْيِيز وحرفا الْجَرّ متعلقان بأقرب وَأبْعد وهما اسْما تَفْضِيل بِمَعْنى الْفَاعِل الْغَرِيب مخلبا هُوَ جارحة لما يفترس من سِبَاع الطير وَمن الْهَوَام واستعاره للْمَوْت لِأَنَّهُ يهْلك الْخَلَائق كلهَا فَكَأَنَّهُ بإهلاكه يفترسهم وَلَا تبعدوا من روى بِفَتْح الْعين كَانَ من الْهَلَاك بعد يبعد أى هلك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود} وَمن روى بِضَم الْعين كَانَ من الْبعد والبين الْفِرَاق الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَمُوت قبل أَن تفارقونى خوفًا من الْبَين وَإِذا بعدتم كَانَ الْعَيْش أبعد مِنْكُم لِأَنَّهُ لَا يعْدم الْبَتَّةَ وَأَنْتُم موجودون وَلَا تبعدوا دُعَاء لَهُم بِأَن لَا يهْلكُوا وَكَذَا نَقله الواحدى وَقَالَ يرْوى مطلبا وَمَعْنَاهُ أطلب الْمَوْت قبل فراقكم أى لَو خيرت بَينهمَا لطلبت الْمَوْت وَلم أطلب فراقكم وعَلى الرِّوَايَة الْأُخْرَى مخلب الْمَوْت أقرب إِلَى من فراقكم الذى يَقع غَدا 3 - الْغَرِيب سفكت الدمع وَالدَّم أسفكه سفكا أى هرقته والسفاك السفاح وَهُوَ أَيْضا الْقَادِر على الْكَلَام وتقلدت الْأَمر أَخَذته فى عنقى وَأَصله من القلادة وَمِنْه تَقْلِيد الْقُضَاة الْقَضَاء جعله فى أَعْنَاقهم وَكَذَلِكَ تَقْلِيد الْوُلَاة وَالْفُقَهَاء الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْمَرْأَة الَّتِى نظرت إِلَى قتلتنى بنظرها وَلَيْسَت تدرى أَنَّهَا قد باءت بإثم قَتْلَى وَأَن دمى فى عُنُقهَا 4 - الْإِعْرَاب يجوز أَن يكون قَالَت خبر أَن وَهُوَ مُتَعَلق بِمَا قبله وَيكون عجز الْبَيْت الأول جملَة فى مَوضِع نصب على الْحَال وَيجوز أَن يكون جَوَابا لظرف مَحْذُوف أى لما رَأَتْ اصفرارى قَالَت وَمن بِهِ الضَّمِير عَائِد عَلَيْهِ والمتنهد مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف تَقْدِيره الْفَاعِل بى هَذَا المتنهد أَو قاتلى المتنهد الْغَرِيب التنهد شدَّة التنفس والزفرات الْمَعْنى يَقُول لما رَأَتْ تغير وجهى واصفراره قَالَت من بِهِ أى من قَتله أَو من فعل بِهِ هَذَا الَّذِي أرَاهُ ثمَّ تنهدت فعلا صدرها اشدة تنفسها وزفرت استعظاما لما رَأَتْ فأجبتها عَن سؤالها المتنهد المطالب بقتلى أَو الفاعلى بى هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 - الْغَرِيب يجوز أَن يكون لونى مَفْعُولا ثَانِيًا كَمَا تَقول صبغت الثَّوْب أَحْمَر أى جعلته كَذَلِك وَلِأَنَّهُ فِيهِ معنى الإحالة أى حَال الْحيَاء بياضها لونى وَيجوز أَن يكون على حذف مُضَاف تَقْدِيره صبغ الْحيَاء بياضها أصفر مثل اصفرار لونى الْغَرِيب اللجين الْفضة والعسجد الذَّهَب واللون وَاحِد الألوان كالبياضا والسواد والاحمرار وَغير ذَلِك من الألوان واللون النَّوْع واللون دقل التَّمْر 1 الْمَعْنى لما سَمِعت كلامى مَضَت على استحياء وَقَالَ قوم الْحيَاء يُورث حمرَة فى الْوَجْه لَا صفرَة وَإِنَّمَا اصفر لَوْنهَا لِأَنَّهُ حَيَاء خالطه خوف لِأَنَّهَا خَافت الفضيحة على نَفسهَا أَو أَن تطالب بدمه أَو خَافت الرَّقِيب فغلب هَذَا الْخَوْف على سُلْطَان الْحيَاء فأورث صفرَة وَمعنى الْبَيْت من قَول ذى الرمة (كَأَنَّهَا فِضَّةٌ قد مَسَّها ذَهَبُ ... ) 6 - الْإِعْرَاب متأودا حَال من قرن الشَّمْس وَالْعَامِل فى الْحَال رَأَيْت وغصن يجوز أَن يكون مُبْتَدأ لِأَنَّهُ نكرَة مَوْصُوفَة وَيجوز أَن يكون خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْغَرِيب الْقرن على وُجُوه كَثِيرَة وَأَرَادَ هُنَا بقرن الشَّمْس أول مَا يَبْدُو مِنْهَا وفى الحَدِيث " نهى عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس لِأَنَّهَا تطلع بَين قرنى الشَّيْطَان " فَأَرَادَ يخرج قرنها بَين قرنى الشَّيْطَان والمتأود المتمايل الْمَعْنى يُرِيد أَن لَوْنهَا قمر وعارض الصُّفْرَة فِيهَا قرن الشَّمْس وَقَالَ أَبُو الْفَتْح قد جمعت حسن الشَّمْس وَالْقَمَر وَجعل قامتها غصنا متمايلا شَبِيها بالقضيب لاعتداله وتمايله وتثنيه وَهُوَ // معنى حسن // جمع الْبَيْت تَشْبِيها جيدا يُرِيد كَانَت كَالْقَمَرِ فى بياضها فَلَمَّا اصْفَرَّتْ خجلا صَارَت الصُّفْرَة فى بياضها كقرن الشَّمْس فى الْقَمَر وَقَالَ ابْن القطاع غُصْن مَرْفُوع بِالْحَال وَالضَّمِير فِي بِهِ يرجع لغصن وَيتَعَلَّق بقوله يتأود أى يتمايل قده بِهِ 7 - الْإِعْرَاب عدوية خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هى عدوية أَو قاتلتى عدوية وَقيل بل هى رفع على خبر إِن فى قَوْله (إِن الَّتِى سفكت دمى عدوية ... ) وسلب النُّفُوس ابْتِدَاء خبْرَة مقدم عَلَيْهِ الْغَرِيب عدوية منسوبة إِلَى عدى وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ عدوى تَقول فى على علوى وبدوية منسوبة إِلَى بدا وَهُوَ بِمَعْنى البدو والبادية وَالنِّسْبَة إِلَى البدو بدوى بجزم الدَّال وَإِلَى الْبَادِيَة بادى وبدوى بِفَتْح الدَّال والبداوة بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا الْإِقَامَة فى الْبَادِيَة وهى خلاف الحضارة قَالَ تقلب ثَعْلَب لَا أعرف البداوة بِالْفَتْح إِلَّا عَن أَبى زيد وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا بداوى الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه المحبوبة منيعة لَا يقدر أحد عَلَيْهَا لمنعة قَومهَا فدون الْوُصُول إِلَيْهَا سلب النُّفُوس وَهُوَ قتل طالبيها وتوقد نيران الْحَرْب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 - الْإِعْرَاب هواجل وَمَا بعده عطف على نَار حَرْب فى الْبَيْت الأول الْغَرِيب الهواجل جمع هوجل وهى الأَرْض الواسعة والصواهل الْخُيُول والمناصل السيوف والذوابل الرماح والهواجل أَيْضا النوق وَيجوز أَن يُرِيد بهَا النوق قَالُوا ليَكُون أليق بِالْبَيْتِ لِأَن ذكر النوق مَعَ الْخَيل أشبه من ذكر الأَرْض مَعَ الْخَيل الْمَعْنى يَقُول دون الْوُصُول إِلَيْهَا هَذِه الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة لمنعتها وعزتها وَعزة قَومهَا 9 - الْمَعْنى يرْوى (مودتنا الليالى عِنْدهَا ... ) يُرِيد أبلاها بعد الْعَهْد وأنساها مودتها إيانا وَقَوله (وَمَشى عَلَيْهَا ... ) مُبَالغَة فى الإبادة أى وَطئهَا وطأ ثقيلا كَوَطْء الْمُقَيد لَا يقدر على خفَّة الْوَطْء وَرفع الرجلَيْن فَهُوَ يطَأ وطأ ثقيلا كَقَوْلِه (وطْءَ المَقيَّد يَابِس الهَرْمِ 1 ... ) قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى هَذَا مثل واستعارة وَذَلِكَ أَن الْمُقَيد يتقارب خطوه فيريد أَن الدَّهْر دب إِلَيْهَا فغيرها والذى قَالَه يفْسد بقوله عَلَيْهَا وَلَو أَرَادَ مَا قَالَ لقَالَ إِلَيْهَا كَمَا قَالَ حبيب (فَيا حُسْنَ الرُّسُومِ ومَا تَمَشَّى ... إِلَيْهَا الدَّهْرُ فى صْوِرَ البِعادِ) 10 - الْغَرِيب أَبْرَح بِهِ وبرح بِهِ أى اشْتَدَّ عَلَيْهِ والبرح والبرحاء الشدَّة الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى أبرحت تجاوزت الْحَد وعنى بالممرض جفنها وَمرض الطَّبِيب وَعِيد الْعود مثل أى تجاوزت يَا مرض الجفون الْحَد حَتَّى أحوجت إِلَى طَبِيب وعود يُبَالغ فى شدَّة مرض جفنها وَقَالَ ابْن فورجة أَبْرَح أَبُو الْفَتْح فى التعسف وَمن الذى جعل مرض الجفون متناهيا وَإِنَّمَا يستحسن من مرض الجفون مَا كَانَ غير مبرح كَقَوْل أَبى نواس (ضعيفةُ كَرّ اللَّحظ تحسبُ أَنَّهَا ... قرِبةَ عَهْدٍ بالإفاقة من سُقْمِ) وَلَو أَرَادَ تناهية لقَالَ تحسبها فى برسام أَو نزع روح وَإِنَّمَا عَنى بالممرض نَفسه وَأَنه أَبْرَح بِهِ حبه لذَلِك الجفن الْمَرِيض وَأَنه بلغ إبراحه بِهِ إِلَى أَن أمرض طبيبه وَعِيد عوده رَحْمَة لَهُ على طريقهم فى التناهى بالشكوى هَذَا كَلَامه وَهُوَ على مَا قَالَ وَقَوله مرض الطَّبِيب لَهُ أى لأَجله مرض حَتَّى هاله مَرضه وَالدَّلِيل على كَون الممرض هُوَ المتنبى قَوْله (فَلهُ بَنو عبد الْعَزِيز بن الرِّضَا ... ) وَقيل أبرحت بِهِ أى صرت بِهِ إِلَى البرح وَهُوَ الْأَمر الشَّديد الشاق وَقَالَ الْخَطِيب جعل مرض الجفون لِأَنَّهُ يحملهَا على الْبكاء والسهو ويروى يَا مرض الجفون بِكَسْر الرَّاء وَهُوَ قَلِيل فى الِاسْتِعْمَال إِنَّمَا يَقُولُونَ فلَان مَرِيض وَالْقِيَاس لَا يمْنَع من قَوْلك رجل مرض كسقم قَالَ الْأَعْشَى (يقضِى بهَا المَرْء حاجاته ... ويشفى عَلَيْهَا الفُؤاد السَّقِم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 - الْغَرِيب العيس الْإِبِل الْبيض الَّتِى يخالط لَوْنهَا شئ من الصُّفْرَة الْوَاحِد أعيس وَالْأُنْثَى عيساء والفدفد الأَرْض المستوية الْمَعْنى فَلهُ أى للْمَرِيض الْمَذْكُور وَهُوَ المتنبى هَؤُلَاءِ الْقَوْم بَنو عبد الْعَزِيز يُرِيد أَنه قصدهم وَبلغ بهم آماله فهم لَهُ وَحده ولسائر الْمُسَافِرين الراكبين من النَّاس غَيرهم الْإِبِل والمفازة لَا يحصلون من سفرهم على شئ سوى التَّعَب وَقطع الطَّرِيق وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَنه اخْتَارَهَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم دون النَّاس وَترك الْمَقَاصِد لمن يريدها من الركْبَان وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد أَنهم يجودون على كل أحد فكأنهم يُعْطون لكل ركب رِكَابهمْ وأرضهم 12 - الْإِعْرَاب من اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار الْغَرِيب الشأم يُقَال فِيهِ بالتذكير والتأنيث فشاهد التَّذْكِير قَول الشَّاعِر (يقولونَ إنَّ الشأمَ يقتلُ أهْلَه ... فمَنْ لى إنْ لم آته بخلُود) وَشَاهد التَّأْنِيث قَول جواس بن القعطل (جِئتم مِن البَلَدِ البَعيد نِياطُهُ ... والشَّأمُ تُنْكَرُ كهلُها وفَتاها) وَرجل شأمى وشآم على فعال وشآمى أَيْضا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَلَا تقل شأم وَمَا جَاءَ فِي ضَرُورَة الشّعْر فَمَحْمُول على أَنه اقْتصر من النِّسْبَة على ذكر الْبَلَد وَامْرَأَة شآمية بتَخْفِيف الْيَاء الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ فِي الْخلق من يقْصد بمدح سوى شُجَاع قَالَ الواحدي لَا تقل من فِيك يَا شأم أَي لَا تخصها بِهَذَا الْكَلَام فَإِنَّهُ لَيْسَ أوحدها فَقَط بل هُوَ أوحد جَمِيع الْخلق قَالَ أَبُو الْفَتْح من فى الْأَنَام من يقْصد وَلَا تقل يَا شأم أى مَا فِيك كريم غَيره وَتَقْدِيره من فى الْأَنَام من الْكِرَام يقْصد سوى شُجَاع وَلَا تقل يَا شأم من فِيك فَإِنَّهُ أوحد الدُّنْيَا كلهَا لَا وَاحِد الشأم قَالَ وَوجه آخر أَن مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَام وَقد حذف مِنْهُ الْفِعْل كَأَنَّهُ قَالَ قل يَا سامع من الْكِرَام وَلَا تقل ذَلِك للشأم لِأَنَّهُ قد علم أَنه لَيْسَ إِلَّا هَذَا الممدوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 - الْإِعْرَاب مَا بِمَعْنى الذى وَيجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة أى المقتنى لجوده والولادة لسيفه الْغَرِيب يقتنى من الْقنية والإدخار وسطا قهر والسطو الْقَهْر بالبطش يُقَال سَطَا بِهِ والسطوة الْمرة المواحدة وَالْجمع السطوات وسطا وسطا الراعى على النَّاقة إِذا أَدخل يَده فى رَحمهَا ليخرج مَا فِيهَا من الوثر بِالْفَتْح وَهُوَ مَاء الْفَحْل قَالَ أَبُو الْفَتْح ظَاهره وباطنه هجاء بِمَعْنى المصراع الثانى وَأحسن مِنْهُ قَول حبيب (لم تبقَ مشركةٌ إِلَّا وَقد علمت ... إنْ لم تَتُبْ أنَّه للسَّيف مَا تلدُ) فَجعله على المشركة وَمَا ولدت واحتاط بِأَن قَالَ إِن إِن لم تتب وَأَبُو الطّيب قَالَه على الْإِطْلَاق على الْعلمَاء والإشراف والملوك فَكَأَنَّهُ هجا الرجل وَجعله يقتل من صَادف بِلَا معنى يُوجب الْقَتْل وَقَالَ الواحدى لما أَخذ فى الْعَطاء أَكثر حَتَّى قلت فى نفسى إِنَّه يعْطى جَمِيع مَا يقتضى النَّاس وَلما سَطَا على الْأَعْدَاء أَكثر الْقَتْل حَتَّى قلت إِنَّه سيقتل كل مَوْلُود قَالَ وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى أعْطى فَقلت لجوده مُخَاطبا لَا يقتنى أحد مَالا لأَنهم يستغنون بك عَن الْجمع والادخار وسطا فَقلت لسيفه انْقَطع النَّسْل فقد أفنيت الْعباد وَوجه آخر أَعلَى فَقلت جَمِيع مَا يقتنى النَّاس من جوده وهباته وسطا فَقلت لسيفه مَا يُولد بعد هَذَا يُشِير إِلَى إبقائه على من أبقى مَعَ اقتداره على الإفناء فجعلهم طلقاءه وعتقاءه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 - الْمَعْنى يَقُول تحيرت فى الممدوح أَوْصَاف المادحين فَلَا يقدرُونَ على إحصاء فضائله لِأَنَّهَا وجدت خلائقه وطرائقه الَّتِى تحمد بعيدَة على الصِّفَات لَا تبلغها وَلَا تدركها فقد وقفت لَا تقدر على ممر وَلَا مجئ إِلَّا حائرة 15 - الْإِعْرَاب كلى استداء تقدم خَبره وَهُوَ الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار والأسنة فَاعل تحمد وَمَا بِمَعْنى الذى والعائد مَحْذُوف وَالْجُمْلَة صلَة وَمَا فى مَوضِع نصب مفعول يذممن الْغَرِيب المعترك مَوضِع الْحَرْب وَقَوله مفرية مشقوقة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الكلى تذمه لجودة الشق وَهُوَ الذى تحمده الأسنة وَقَالَ الواحدى النَّاس يرَوْنَ الكلى مشقوقة فيذمونه إِذْ لَا رَحْمَة لَهُ ويرون الأسنة منكسرة فيحمدونه لشجاعته فأضاف الْحَمد والذم إِلَى الكلى والأسنة لِأَنَّهُمَا السَّبَب 16 - الْإِعْرَاب نقم خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَمن روى نصبها جَازَ أَن تكون خطابا وَيكون نعم على هَذَا خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هى وَإِن جَعلتهَا للتأنيث كَانَت نعم فاعلة لَهَا وَمن روى بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تحتهَا فَالضَّمِير للممدوح وَنعم خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَيْضا الْغَرِيب انتقم الله مِنْهُ عاقبه وَالِاسْم مِنْهُ النقمَة وَالْجمع نقمات ونقم مثل كلمة وكلمات وكلم وَإِن شِئْت سكنت الْقَاف ونقلت حركتها إِلَى النُّون فَقلت نعْمَة وَالْجمع نقم مثل نعْمَة وَنعم الْمَعْنى يَقُول نقم على نقم الزَّمَان يصبهَا الممدوح على الْأَعْدَاء وهى فى أوليائه نعم لَا تجحد لِأَنَّهَا مَا لم تكبح الْأَعْدَاء لم تفد الْأَوْلِيَاء وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هى نعم على أوليائه ونقم على أعدائه 17 - الْإِعْرَاب رفع عجب على الِابْتِدَاء وَخَبره مقدم عَلَيْهِ مُتَعَلق بالاستقرار وَاللَّام تتَعَلَّق بِالِابْتِدَاءِ الْغَرِيب فى شانه أَحْوَاله وجنانه قلبه وعقله الْمَعْنى يُرِيد فى أَحْوَاله كلهَا إِذا تفقدتها عجب لِأَنَّهَا لم تكمل فى أحد سواهُ فأى خصاله رَأَيْت حمدتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 - الْإِعْرَاب أَسد خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَدم الْأسد مُبْتَدأ وخضابه الْخَبَر وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بترعد وَهُوَ خبر المبتدإ الثانى الْغَرِيب فريص جمع فريصة وهى لحمات عِنْد الْكَتف تضطرب عِنْد الْخَوْف والهزبر الشَّديد الْغَلَبَة الْمَعْنى يَقُول هُوَ أَسد شُجَاع يتلطخ بِدَم الْأسد حَتَّى يصير لَهُ كالخضاب وَهُوَ موت لأعدائه يخَاف الْمَوْت فترتعد فرائصه من خَوفه 19 - الْمَعْنى مَا هَذِه الْبَلدة وهى بَلْدَة من أَرض الشَّام قريبَة إِلَى الْفُرَات على مرحلَتَيْنِ من حلب إِلَّا كالمقلة الساهدة ووجهك بِمَنْزِلَة نولها والكحل والأثمد هُوَ كحل أسود وَجَاء فى الحَدِيث " إِذا اكتحلتم فَعَلَيْكُم بالإثمد " والكحل وَالنَّوْم هما يصلحان الْعين فصلاح الْعَينَيْنِ بهما فَإِذا فارقاهما هلكتا (وكانتْ وليسَ الصُّبْحُ فِيهَا بأبْيَضٍ ... وأضحَتْ وليْسَ اللَّيلُ فِيهَا بأسوَدِ) 20 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْبَلدة لما قدمتها ابيض بنورك لَيْلهَا واسود صباحها مذ خرجت عَنْهَا وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (وكانتْ وليسَ الصُّبْحُ فِيهَا بأبْيَضٍ ... وأضحَتْ وليْسَ اللَّيلُ فِيهَا بأسوَدِ) 21 - الْغَرِيب الفرقد هُوَ نجم ومقابلة نجم آخر وهما فرقدان لَا يفترقان قَالَ الشَّاعِر (وكلّ أخٍ مُفارقهُ أخُوه ... لعمر أبيكَ إِلَّا الفرقدانِ) الْمَعْنى يَقُول تعلو رفْعَة أى لم تزل تقرب من هَذِه الْبَلدة وهى تزداد عزة ورفعة لقربك مِنْهَا حَتَّى علت على النُّجُوم فَصَارَت فَوق الفرقدين 22 - الْإِعْرَاب أَرض خبر ابْتِدَاء أى هى وسواها ابْتِدَاء خَبره مثلهَا وسواها فى مَوضِع جر بالظرف الْمَعْنى هى أَرض لَهَا شرف بك وسواها مثلهَا فى الشّرف يُرِيد أَرض سوى منبج لَهَا شرف مثل شرف منبج لَو وجد فِيهَا مثلك وَإِنَّمَا شرفها بحلولك فِيهَا فَلَو وجد مثلك فى غَيرهَا لكَانَتْ تساويها فى الشّرف هَذَا قَول أَبى الْفَتْح 23 - الْإِعْرَاب الْمُقِيم المقعد هُوَ الْأَمر الْعَظِيم الذى يُقَام لَهُ وَيقْعد وَهُوَ الْأَمر المزعج الْمَعْنى أظهر الْأَعْدَاء السرُور بقدومك خوفًا مِنْك لَا فَرحا وَعِنْدهم من الْحَسَد وَالْخَوْف مَا يزعجهم ويقلقهم 24 - الْإِعْرَاب حسدا تَمْيِيز وَمَا بهم فى مَوضِع نصب مفعول أَرَاهُم الْمَعْنى يَقُول حسدوك فماتوا بِشدَّة حسدهم حَتَّى كَأَنَّك قطعتهم حَتَّى تقطعوا حسدا لمن لَا يحْسد أحدا لِأَنَّهُ لَيْسَ أحد فَوْقه فيحسده أَو لِأَن الْحَسَد لَيْسَ من أخلاقه وَقَوله أَرَاهُم مَا بهم أى أَرَاهُم الْحَسَد مَا بهم من التَّقْصِير عَنْك وَالنَّقْص دُونك أى كشف لَهُم عَن أَحْوَالهم قَالَ الواحدى وَقَول من قَالَ مَا بهم من قَوْلهم فلَان لما بِهِ إِذا أشرف على الْمَوْت لَيْسَ بشئ وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ 25 - الْإِعْرَاب وَلَو آن حرك السَّاكِن وَأسْقط الْهمزَة كَقِرَاءَة ورش من آظلم الْمَعْنى يَقُول انصرفوا عَنْك وَعَن مباهاتك عَالمين بتقصيرهم وفى قُلُوبهم من حرارة الْحَسَد والغيظ مَا لَو كَانَ فى هاجرة وهى الأَرْض الشَّدِيدَة من حرارة الشَّمْس لذاب الجلمد وَهُوَ الصخر واستعارها قلبا لما ذكر قُلُوبهم وَقَوله لذاب من الْمُبَالغَة 26 - الْغَرِيب العلوج جمع علج وَهُوَ الغليظ الْجِسْم من الرّوم والأعجام وَالسَّيِّد الشريف الْعَظِيم الذى سوده قومه الْمَعْنى يَقُول لما نظرُوا إِلَيْك وَرَأَوا هيبتك وجموك وَأَنَّك سيد الْقَوْم لم يرَوا من حَولهمْ يُرِيد من ساداتهم وَلم يخْطر سيد لَهُم ببالهم فَقَالُوا هَذَا هُوَ السَّيِّد وَقد شغلوا بِالنّظرِ إِلَيْك عَن النّظر إِلَى غَيْرك فصاروا كَأَنَّهُمْ لَا يرَوْنَ أحدا سواك من الْقَوْم الَّذين حَولهمْ وَرَأَوا مِنْك مَا دلهم على سيادتك فَقَالُوا هَذَا هُوَ السَّيِّد والعلوج عَنى بهم قادة الرّوم وهم الْأُمَرَاء وحجاب الْمُلُوك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 - الْمَعْنى يَقُول بقيت بَينهم مُفردا إِذْ لم يعتقدوا سيدا سواك لأَنهم لم ينْظرُوا إِلَّا إِلَيْك قَالَ أَبُو الْفَتْح كنت وَحدك مثلهم كلهم لِأَن أَبْصَارهم لم تقع إِلَّا عَلَيْك وشغلت وَحدك أَبْصَارهم فَقُمْت مقَام الْجَمَاعَة وَقَالَ الواحدى الْمَعْنى أَنهم لصغرهم فى جَنْبك كَأَنَّهُمْ لَا وجود لَهُم وَإِذا فقدوا كنت أَنْت كل من بذلك الْمَكَان ثمَّ حقق هَذَا الْمَعْنى بالمصراع الثانى وأتى بكاف التَّشْبِيه دلَالَة على أَن هَذَا تَمْثِيل لَا حَقِيقَة وَمعنى لَا وجودا هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى أَنَّك مُفردا مثلهم كلهم وَمثله لأبى نواس (لَيْسَ عَلى اللهِ بِمُسْتَنْكِرٍ ... أَن يَجْمع العالمَ فى واحِدِ) 28 - الْإِعْرَاب لهفان حَال الْعَامِل فِيهِ بقيت ويستوبى يستفعل من الوباء وَأَصله الْهمزَة لكنه أبدل من الْهمزَة يَاء ضَرُورَة وَلَيْسَ تَخْفِيفًا قِيَاسا وَالْوَجْه يستوبى بِالْهَمْزَةِ وَبِك مُتَعَلق بيستوبى الْغَرِيب اللهف حرارة فى الْجوف من شدَّة كرب وَرجل لهفان وَامْرَأَة لهفى وَقوم لهاف والوباء هُوَ الْهَلَاك وَإِذا وَقع فى أَرض أهلك من فِيهَا وَنهى رَسُول الله إِذا وَقع بِأَرْض أَن لَا يخرجُوا مِنْهَا وَإِذا سمع بِهِ فى أَرض فَلَا يقدم إِلَيْهَا وينهنهك أى يردك ويثنيك والحجا الْعقل والسودد السِّيَادَة والحلم الْمَعْنى يَقُول بقيت لهفان حَتَّى كَاد يهْلك الْغَضَب الذى بك الورى فيهلكهم لَوْلَا أَن يردك عقلك وحلمك وسيادتك فالغضب الذى بك كَانُوا يجدونه وباء لَهُم أى مهْلكا لَهُم لَوْلَا عقلك يردك عَن إهلاكهم 29 - الْمَعْنى يَقُول كن فى أى مَوضِع شِئْت من الْبِلَاد فَإنَّا نقصدك وَإِن بَعدت الْمسَافَة فَإِن الأَرْض وَاحِدَة وَأَنت أوحدها فَأَنت الذى تزار وتقصد دون غَيْرك قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى فالأرض وَاحِدَة أى لَيْسَ علينا للسَّفر مشقة لإلفنا إِيَّاه قَالَ العروضى لَيْت شعرى أى مدح للممدوح فى أَن يألف المتنبى السّفر وَلَكِن الْمَعْنى يَقُول الأَرْض الَّتِى نرَاهَا لَيْسَ أَرض غَيرهَا وَأَنت أوحدها لَا نَظِير لَك فى جَمِيع الأَرْض وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يبعد السّفر إِلَيْك وَإِن طَال لعدم غَيْرك مِمَّن يقْصد ويزار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 - الْغَرِيب صن اسْتُرْ وَلَا تذله تبتذله وأذاله أهانه والإذالة الإهانة يُقَال أذال فرسه وَغُلَامه إِذا أهانهما فى الحَدِيث " نهى عَن إذالة الْخَيل " وَهُوَ امتهانها بِالْعَمَلِ وَالْحمل عَلَيْهَا وفى الْمثل أخيل من مذالة وهى الْأمة لِأَنَّهَا تهان وهى تتبختر والجماجم جمع جمجمة وهى قحف الرَّأْس الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى صنه فَإِنَّهُ بُد يدْرك الثأر وتحمى بِهِ الذمار قَالَ ابْن فورجة كَيفَ أَمن أَن يَقُول مَا أذلته إِلَّا لإدراك الثأر وإحماء الذمار وَهَذَا تَعْلِيل لَو سكت عَنهُ كَانَ أحب إِلَى أَبى الطّيب وَإِنَّمَا الْمَعْنى أكثرت الْقَتْل فحسبك وأغمد سَيْفك فَقَالَ صن سَيْفك وَإِنَّمَا يُرِيد أغمده 31 - الْغَرِيب النجيع الدَّم الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّم الجامد عَلَيْهِ عَلَيْهِ صَار كالغمد فَهُوَ مُجَرّد وَهُوَ مغمد وَهَذَا من قَول البحترى (سُلِبُوا وأشْرَقَتِ الدّماءُ عَلَيْهِمُ ... مُحَمَرَّةً فَكأنَّهُمْ لَمْ يُسْلَبُوا) وَمن قَول الآخر (وَفَرَّقْتُ بينَ ابنى هُشَيمٍ بطَعْنَةٍ ... لَهَا عائدٌ يكْسو السَّليبَ إزاراَ) 32 - الْإِعْرَاب رَيَّان فى رِوَايَة النصب حَال 1 الْعَامِل فِيهِ يبس وَاللَّام فى لجرى جَوَاب لَو وَمن رفع رَيَّان كَانَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْمَعْنى يَقُول سَيْفك رَيَّان فلوقاء الذى سقيته لجرى مِنْهُ بَحر ذُو زبد يُرِيد قد أكثرت بِهِ الْقَتْل 33 - الْغَرِيب الْمنية من أَسمَاء الْمَوْت لِأَنَّهَا مقدرَة وَجَمعهَا المنايا وشفرته حَده الْمَعْنى يَقُول لم تشارك الْمنية سَيْفه فى سفك دِمَاء إِلَّا استعانت بِسَيْفِهِ وَكَانَ كَالْيَدِ للمنايا واستعار للمنية وَالسيف الْيَد لِأَن بهَا يحصل الْعَمَل من كل أحد وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يعْنى أَن لسيفه الْأَمر الْعَظِيم الْأَظْهر الْأَقْوَى على الْقَتْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 - الْمَعْنى فى طيى ثَلَاثَة أوجه طَيء بِوَزْن طيع وبوزن طيع وَهُوَ مخفف من طيع كهين وهين وميت وميت وطى على قلب الْهمزَة وإدغامها فى الْيَاء وَمن صرفه أَرَادَ الحى وَمن لم يصرفهُ أَرَادَ الْقَبِيلَة وَكَانَ الأَصْل فِيهِ فى النّسَب طيئى على وزن طيعى فقلبوا الْيَاء الأولى ألفا وحذفوا الثَّانِيَة وَهُوَ طَيء بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ طائى على غير قِيَاس والرزايا جمع رزية وهى الْمُصِيبَة والغور مَا انخفض من الأَرْض ونجد مَا ارْتَفع من الأَرْض وغور إِذا أَتَى الْغَوْر وأنجد إِذا أَتَى نجدا الْمَعْنى يَقُول هم رزايا الْأَعْدَاء وعطايا الْأَوْلِيَاء وهم حلفاء هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِى ذكرهَا لَا تفارقهم فهم أَصْحَابهَا وَهُوَ من قَول الطائى (فإنَّ المَنايا والصَّوَارِمَ والقَنَا ... أقارِبُهُمٍ فِى البأْسِ دُونَ الأقارِبِ) 35 - الْإِعْرَاب اللَّام الْمَفْتُوحَة لَام الاستغاثة وَالْعرب تَقول إِذا استغاثت فى الْحَرْب يَا لفُلَان الْغَرِيب جلهمة اسْم طَيئ وطيئ لقب لَهُ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا صحت بهم تحدق بك السيوف والرماح فتغطي عَيْنَيْك كَمَا تغطيها الأشفار وَقَالَ ابْن فورجة إِذا صحت بهم اجْتمعت إِلَيْك فهابك كل أحد حَتَّى كَأَنَّك إِذا نظرت إِلَى رجل بِعَيْنَيْك أشرعت إِلَيْهِ رماحا وسلك عَلَيْهِ سيوفا وَتَحْقِيق الْكَلَام أَنهم يسرعون إِلَيْك لطاعتهم لَك ويحفون بك فَتَصِير مهيبا تقوم أشفار عَيْنَيْك مقَام الذابل والمهند وَقَالَ الواحدى كَانَ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر يَقُول يُرِيد أَنهم يتسارعون إِلَيْك ويمثلون الدُّنْيَا عَلَيْك رماحا وسيوفا هَذَا كَلَامه وتحقيقه حَيْثُمَا يَقع بَصرك رَأَيْت الرماح وَالسُّيُوف فتملأ من كثرتها عَيْنَيْك وتحيط بِعَيْنَيْك إحاطة الأشفار بهَا اه وَالْمعْنَى من قَول بَعضهم (وَإِذا دُعوا لِنزالِ يَوْم كَرِيهَة ... ستروا شُعاعَ الشمسِ بالخُرْصانِ) 36 - الْإِعْرَاب قلبا نصب على التَّمْيِيز وأجود مَرْفُوع بإضمار مبتدإ تَقْدِيره وَهُوَ أجوز وَقد روى أكبر بِالرَّفْع فرفعه على مَا ذكرنَا الْغَرِيب تهَامَة بلد وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا تهامى وتهام أَيْضا إِذا فتحت التَّاء لم تشدد كَمَا قَالُوا رجل يمَان وشآم إِلَّا أَن الْألف فى تهام من لَفظهَا وَالْألف فى يمَان وشآم عوض من ياءى النِّسْبَة قَالَ ابْن أَحْمَر (وكنَّا وهُمْ كابنى سُباتٍ تفَرّقا ... سِوًى ثمَّ كَانَا منجدا وتِهاميا) (فألْقَى التِّهامىّ مِنْهُمَا بلَطاته ... وأحْلط هَذَا لَا أرِيم مَكانيا) فى اللِّسَان فى مَادَّة جلط وأحلط هَذَا لَا أَعُود ورائيا وَقوم تهامون كَمَا قَالُوا يمانون وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ من النَّاس من يَقُول تهامى ويمانى وشآمى بِالْفَتْح مَعَ التَّشْدِيد والغوادى جمع غادية وهى السحابة الَّتِى تطلع صباحا والجود الْمَطَر الغزير تَقول جاد الْمَطَر يجود جودا فَهُوَ جائد وَالْجمع جود مثل صَاحب وَصَحب وَقد جيدت الأَرْض فهى مجودة قَالَ الراجز (أرعيتُها أكرمَ عُودَا ... الصَّلَّ والصّفْصِلَّ واليَعْضِيدا) (والخازِباِز السَّنَمِ المُجودا ... بِحَيْثُ يدعُو عامرٌ مسعودَا) وجاد الرجل بِمَالِه يجود جودا بِضَم الْجِيم لَا غير الْمَعْنى يَقُول إِذا صحت بالجلهمة أَتَاك قوم من كل أكبر فَمن مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف قلبا من جبال تهَامَة يعْنى فى الْقُوَّة والشدة لَا فى الْقدر أَجود من جود السَّحَاب فوصفهم بالشجاعة وَالْكَرم وهما غَايَة الْمَدْح 37 - الْإِعْرَاب يجوز تعلق الْبَاء بِالْفِعْلِ وبالحال وَمن دم صفته أَحْمَر وبخضرته مُتَعَلق بذهبت الْغَرِيب خضرَة السَّيْف يُرِيد خضرَة جوهره وَالْحَدِيد يُوصف بالخضرة والطلى الْأَعْنَاق واحدتها طلاة فى قَول أَبى عَمْرو وَالْفراء وَقَالَ الأصمعى طلية والأكبد جمع كبد وَقيل هُوَ على هَذَا الْجمع جمع كبد كَعبد وأعبد وَجمع كبد بِكَسْر الْبَاء أكباد وكبود كوتد وأوتاد الْمَعْنى يُرِيد أَنه يلقاك كل وَاحِد مِنْهُم متقلد السَّيْف قد احمر من الدَّم وزالت خضرَة جوهره بدماء الْأَعْنَاق والأكباد فَكَأَنَّهُ أبدل من الخضرة حمرَة من دم الْأَعْنَاق والأكباد وَهَذَا // معنى حسن // 38 - الْغَرِيب روى ابْن جنى وَجَمَاعَة حَتَّى وروى العروضى حى والأعبد جمع عبد يُقَال عبيد وأعبد وَعباد وعبدان وعبدان وعبدى وَقد بَينا هَذَا الْجمع وَمَا قيل فِيهِ فى كتَابنَا المرسوم بأنفس الاتخاذ فى إِعْرَاب الشاذ فى سُورَة الْمَائِدَة الْمَعْنى فى رِوَايَة ابْن جنى مَعْنَاهُ حَتَّى يُشِير إِلَيْك النَّاس هَذَا مَوْلَاهُم أى سيدهم أى سيد جلهمة 1 وهم سادة الْخلق والخلق عبيد لَهُم وفى رِوَايَة أَبى الْفضل هم حَتَّى يشار إِلَيْك يعْنى هم حى أَنْت سيدهم يُشِير الْخلق إِلَيْك بأنك سيدهم وهم سادوا النَّاس 39 - الْإِعْرَاب فى هَذَا تعسف لِأَنَّهُ فصل بَين المتبدإ وَالْخَبَر بجملة ابتدائية أَجْنَبِيَّة وَتَقْدِير الْبَيْت كَيفَ يكون آدم أَبَا الْبَريَّة وَأَبُوك مُحَمَّد والثقلان أَنْت يُرِيد أَنْت جَمِيع الْإِنْس وَالْجِنّ الْمَعْنى يَقُول كَيفَ يكون آدم أَبَا الْبَريَّة وَأَنت ابْن مُحَمَّد وَالْجِنّ وَالْإِنْس أَنْت يعْنى أَنَّك تقوم مقامهما بِفَضْلِك وكرمك وَقيل إِن أَبَا تَمام لما اعتذر إِلَى أَحْمد بن أَبى دواد وَقَالَ لَهُ أَنْت جَمِيع النَّاس وَلَا طَاقَة لى بغضب جَمِيع النَّاس قَالَ لَهُ أَحْمد مَا أحسن هَذَا فَمن أَيْن أَخَذته قَالَ من قَول أَبى نواس (ولَيْسَ عَلى اللهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أنْ يَجْمَعَ العالمَ فِى وَاحِدِ) 40 - الْغَرِيب ينْفد يفنى وَمِنْه لنفد الْبَحْر الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو اتّفق لَهُ أَن يَقُول مَا يفنى بِمَا لَا يفنى أَو مَا ينْفد بِمَا لَا ينْفد لَكَانَ أحسن فى صناعَة الشّعْر وَقد أَتَى بِالْمَعْنَى مَعَ اخْتِلَاف اللَّفْظ وَهُوَ // حسن جيد // لِأَن ينْفد بِمَعْنى يفنى وَالْمعْنَى الشّعْر يفنى وَيَنْقَطِع ووصفكم لَا يفنى وَكَيف يُحِيط مَا يفنى بِمَا لَا يفنى وَهَذَا مُبَالغَة فى الْمَدْح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 - 1 - الْإِعْرَاب أيا من حُرُوف النداء والمنادى مَحْذُوف تَقْدِيره أيا قوم أَو أيا هَؤُلَاءِ الْغَرِيب خدد شقق والتخديد التشقيق وَأَصله الشق فى الأَرْض والحفرة قَالَ الله تَعَالَى {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} وَهُوَ الْحفر الذى وضع فِيهِ النَّار وَقَوله قد قطع وجانس بَين الْأَلْفَاظ الْمَعْنى أَنه دَعَا على ورد الخدود أَن يشققه الله ويزيل حسنه وَأَن يقطع القدود الحسان وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ دُعَاء على التَّعَجُّب وَالِاسْتِحْسَان كَقَوْل جميل (رَمى اللهُ فى عَيْنَىْ بُثَيْنَةَ بالْقَذَى ... وفِى الغُرّ مِنْ أنْيابِها بالقَوَادحِ) قَالَ الواحدى وَهَذَا الْمَذْهَب بعيد من قَول أَبى الطّيب لِأَنَّهُ أخرجه فى معرض المجازاة لما ذكر فِيمَا بعد يُرِيد جازاهن الله جَزَاء بِمَا صنعن بى بالتخديد وَالْقد قَالَ وَهنا مَذْهَب ثَالِث وَهُوَ أَنه إِنَّمَا دَعَا على تِلْكَ المحاسن لِأَنَّهَا تيمته فَإِذا زَالَت زَالَ وجده بهَا وحصلت لَهُ السلوة كَمَا قَالَ أَبُو حَفْص الشهرزورى (دعَوْتُ على ثغْره بالقَلَحْ ... وفى شَعر طُرَّته بالجَلَحْ) (لَعَلَّ غرامى بِهِ أَن يَقِلَّ ... فقدْ بَرَّحتْ بِىَ تلكَ المُلَخْ) والذى ذكره أَبُو الْفَتْح أحسن لِأَن الْمُحب لَا يَدْعُو على محبوبه أبدا والذى أنْشدهُ الواحدى للشهرزورى لَيْسَ هُوَ مِمَّا صدر عَن محب لِأَن الْمُحب الصَّادِق يقف عِنْد الْمعَانى لَا عِنْد المحاسن 2 - الْإِعْرَاب دَمًا مفعول ثَان وَقيل بل هُوَ تَمْيِيز مقدم وَهَذَا جَائِز عندنَا وَعند المازنى والمبرد من الْبَصرِيين وَمنعه باقيهم كَقَوْلِك تصبب عرقا زيد يجوز تَقْدِيمه إِذا كَانَ الْعَامِل فِيهِ فعلا متصرفا فحجتنا نقل وَقِيَاس أما النَّقْل فَقَوْل الشَّاعِر (أتهجرُ سَلْمى بالفراق حبيبها ... وَمَا كَانَ نفسا بالفِراق تَطيبُ) تَقْدِيره فَمَا كَانَ الشَّأْن والقصة تطيب سلمى نفسا فَدلَّ على جَوَازه وَأما الْقيَاس فَإِن هَذَا الْعَامِل فعل متصرف فَجَاز تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ كَسَائِر الْأَفْعَال المتصرفة أَلا ترى أَن الْفِعْل إِذا كَانَ متصرفا نَحْو ضرب زيد عمرا يجوز تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ فَتَقول عمرا ضرب زيد حجَّة الْبَصرِيين أَنه لَا يجوز تَقْدِيمه على الْعَامِل فِيهِ وَذَلِكَ أَنه فَاعل فى الْمَعْنى فَإِذا قلت تصبب زيد عرقا فالمنتصب هُوَ الْعرق وَكَذَلِكَ لَو قلت حسن زيد غُلَاما لم يكن لزيد حَظّ فى الْفِعْل من جِهَة الْمَعْنى بل الْفَاعِل فى الْمَعْنى هُوَ الْغُلَام فَلَمَّا كَانَ هُوَ الْفَاعِل فى الْمَعْنى لم يجز تَقْدِيمه الْمَعْنى يَقُول الحسان القدود هن أسلن مقلتى دَمًا وَهن عذبننى بِنَار الصدود وَهُوَ أَشد الْعَذَاب 3 - الْإِعْرَاب كمل اسْم وَهُوَ اسْم مركب عندنَا وَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا مُفْردَة للعدد وَقد تقدم الْكَلَام على اخْتِلَاف المذهبين فِيمَا تقدم من هَذَا الْكتاب الْغَرِيب الْفَتى هُوَ الشَّاب والفتاة الشَّابَّة وَقد فَتى بِالْكَسْرِ يُفْتى فَهُوَ فَتى والدنف بِالتَّحْرِيكِ الْمَرَض الملازم وَرجل دنف أَيْضا وَامْرَأَة دنف وَقوم دنف يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْوَاحد والمثنى وَالْجمع فَإِن قلت رجل دنف بِكَسْر النُّون أنثت وثنيت وجمعت وَقد دنف الْمَرِيض بِالْكَسْرِ ثقل وأدنف بِالْألف مثله وأدنفه الْمَرَض يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى فَهُوَ مدنف ومدنف الْمَعْنى يَقُول كم للهوى من فَتى شَاب مَرِيض شَدِيد الْمَرَض وَكم للفراق من قَتِيل شَهِيد والشهيد الْمَقْتُول ويناله الْأجر ويريدكم لَهُ من قَتِيل قد عف عَن الْخَنَا فموته شَهَادَة 4 - الْمَعْنى إِنَّه يتحسر ويتعجب من مرَارَة الْفِرَاق فَيَقُول مَا أَمر الْفِرَاق وَمَا أعلق نيرانه بالكبود وهى جمع كبد وَلَقَد صدق فَلَا يكون شئ أَمر من الْفِرَاق وَقد قيل فى قَول سُلَيْمَان صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا} أى لأفرقن بَينه وَبَين إلفه وَهُوَ أَشد الْعَذَاب 5 - الْغَرِيب يُقَال أغرى بالشئ إِذا أولع بِهِ والعميد المعمود الذى قد هده الْعِشْق الْمَعْنى يَقُول مَا أولع الصباية بهم يعْنى بالمحبين فهى قاتلة لَهُم 6 - الْغَرِيب لهج بالشئ يلهج بِهِ لهجا أى ولع بِهِ والخنا الْفُحْش وَكَلَام خن وَكلمَة خنية وَقد خنى عَلَيْهِ بِالْكَسْرِ وأخنى عَلَيْهِ فى مَنْطِقه إِذا أفحش قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الهذلى (فَلَا تُخْنُوا علىَّ وَلَا تُشِطوا ... بقولِ الْفَخر إِن الفخرَ حُوبُ) واللمى سَمُرَة الشّفة والنهود جمع نهد وَهُوَ ثدى الْجَارِيَة الْمَعْنى يَقُول مَا أولع نفسى بحب ذَوَات هَذِه الصِّفَات الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 - الْإِعْرَاب حذف خبر كَانَت لدلَالَة الثانى عَلَيْهِ تَقْدِيره فَكَانَت نفسى فدَاء الْأَمِير وَكن فدَاء الْأَمِير وَالضَّمِير لنفسى الْمَذْكُورَة فى الْبَيْت الأول والظرف مُتَعَلق بِلَا زَالَ الْمَعْنى هُوَ دُعَاء للممدوح وَيُرِيد وَكَانَت نَفسِي فدَاء الْأَمِير والحسان القدود فدَاء الْأَمِير 8 - الْإِعْرَاب الْبَاء والظرف متعلقان بِحَال الْغَرِيب حَال حجب وججز وَفرق والوعيد التهدد والوعود جمع وعد وأوعد فى الشَّرّ لَا غير ووعد فى الْخَيْر وَالشَّر قَالَ الله تَعَالَى {بشر من ذَلِكُم النَّار وعدها الله الَّذين كفرُوا} قَالَ الشَّاعِر (وإنى إِذا أوْعَدته أَو وَعدته ... لمخلفُ إيعادى ومنجزُ مَوْعدِى) الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد اسْتغنى بِالسَّيْفِ عَن التهدد وبالعطاء عَن الْوَعْد يَقُول لَا وعد عِنْده وَلَا عيد أى لَا وَعِيد للأعداء وَلَا وعد للأولياء فَهُوَ يعْمل مَا ينوى فعله فسيفه حجز بَينه وَبَين الْوَعيد وسيبه بَينه وَبَين الْوَعْد علما مِنْهُ بِمَا تؤول إِلَيْهِ الْأُمُور وإقداما مِنْهُ على مطالبه 9 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أَمْوَاله فى النحوس لتفريقه لَهَا وتباعدها مِنْهُ وسؤاله فى سَعَادَة ونعيم لإكرامهم ولإعطائهم مَا يتمنون عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطائى (طَلَعْتَ على الأمَوالِ أنحَس مَطْلع ... وغَدَتْ على الآمالِ وَهْىَ سُعُودُ) وَبَيت الطائى أحسن مُقَابلَة وجناسا 10 - الْمَعْنى يُرِيد أَنى لم اخف عَلَيْهِ أعداءه لأنى قد أمنتهم عَلَيْهِ لَا يقدرُونَ أَن يصلوا إِلَيْهِ بِسوء وَإِنَّمَا أَخَاف عَلَيْهِ الدَّهْر وحوادثه الَّتِى لَا يسلم مِنْهَا أحد وَهَذَا من أحسن الْمعَانى قَالَ الواحدى رَوَاهُ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر عين أعدائه وَقَالَ إِنَّمَا أَخَاف عَلَيْهِ أَن تصيبه أعداوه بِالْعينِ وَهَذَا لَيْسَ بشئ لِأَن الْإِصَابَة بِالْعينِ قد تكون من جِهَة الولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 - الْغَرِيب الصَّعِيد التُّرَاب وَقَالَ ثَعْلَب وَجه الأَرْض وكل مَا كَانَ على وَجه الأَرْض كالتراب والرمل والسبخ وَالْملح وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة يجوز التَّيَمُّم بِهَذَا وَقَالَ الشافعى لَا يجوز التَّيَمُّم إِلَّا بِالتُّرَابِ الذى لَا يخالطه رمل وَهُوَ عِنْده الصَّعِيد وبسمر يُرِيد الرماح الْمَعْنى يُرِيد أَنه وَجه إِلَى حلب عسكرا ورماحا تريق دِمَاء الْأَعْدَاء على وَجه الأَرْض وفى رِوَايَة نواصى الْجِيَاد 12 - الْإِعْرَاب وبيض عطف على قَوْله وَسمر الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد كَثْرَة انتقالها من الرّقاب إِلَى الغمود وَمن الغمود إِلَى الرّقاب وَذَلِكَ لِكَثْرَة حروبه وغزواته فَلَيْسَتْ لَهَا إِقَامَة فى شئ مِمَّا ذكره فَهَذَا جعلهَا مسافرة وَلَيْسَ يُرِيد بمسافرتها مسافرة الممدوح وَأَنَّهَا مَعَه فى أَسْفَاره لِأَنَّهُ نفى إِقَامَتهَا فى الرّقاب وفى الغمود فمسافرتها تكون بَين الرّقاب وَبَين الغمود كَمَا يُقَال فلَان مُسَافر أبدا مَا يُقيم بمرو وَلَا بنيسابور فَذكر البلدين دَلِيل على أَنه مُسَافر بَينهمَا وَلَيْسَ يُرِيد انتقالها من رَقَبَة إِلَى رَقَبَة كَمَا قَالَ ابْن جنى وَغَيره وَلَا من غمود إِلَى غمود بل يُرِيد أَنَّهَا مستعملة فى الحروب فَتَارَة تكون فى الرّقاب غير مُقِيمَة لِأَن الْحَرْب لَا تدوم ثمَّ تنْتَقل مِنْهَا إِلَى الغمود وَلَا تقيم فِيهَا أَيْضا لما يعرض من الْحَرْب 13 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى يقدن لما ذكر من الرماح والجياد وَالسُّيُوف الْغَرِيب الْجَيْش الْعَسْكَر الْعَظِيم وجيش فلَان الجيوش إِذا جمع العساكر الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْمَذْكُورَات سَبَب فنَاء أعدائه وَإِن كَثُرُوا فهى تفنيهم 14 - الْغَرِيب الخرشنى نِسْبَة إِلَى خرشنة بَلْدَة من بِلَاد الرّوم والأشياع الأتباع المطيعون وَالشَّاء جمع شَاة وَإِنَّمَا قَالَ أحس على لَفظه لَا مَعْنَاهُ فلفظه لفظ الْوَاحِد وزأر الْأسد صَوته والإحساس الْعلم بالشئ الْمَعْنى ولى إِذا أدبر باشياعه أى وَمَعَهُ جُنُوده كَمَا تَقول خرج بثيابه وَركب بسلاحه أَي وعه ثِيَابه وسلاحه كالغنم إِذا سَمِعت صَوت الْأسد ولت هاربة لَا نَدْرِي غلى ايْنَ ذهب الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي يرَوْنَ للخرشني وَأَتْبَاعه ويرون الرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِضَم الْيَاء من الظَّن لِأَن مَا ذكره ظن وَلَيْسَ بِعلم وَقَالَ الواحدي من رُوِيَ بِفَتْح الْيَاء فَهُوَ غالط الْغَرِيب الذعر الْخَوْف والفزع وذعرته أذعره ذعرا أفزعته وَالِاسْم الذعر بِالضَّمِّ وَقد ذعر فَهُوَ مذعور وَامْرَأَة ذعور تذْعَر من الربية وناقة ذعور إِذا مس ضرْعهَا غارت الْمَعْنى يَقُول الخرشنى وَأَتْبَاعه لما هربوا من الممدوح كَانُوا يظنون من خوفهم صَوت الرِّيَاح صَهِيل الْخُيُول وخفق البنود وهى الْأَعْلَام وَهَذَا من قَول جرير (مَا زِلت تحسَب كلّ شئ بعدهمْ ... خَيْلا تكرُّ عليكمُ ورِجالا) 16 - الْإِعْرَاب من اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار أى لَا أحد مثله الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كالأمير أحد فى النَّاس وَلَا كآبائه وأجداده وَقَالَ ابْن بنت الْأَمِير لِأَن جده لأمه كَانَ أَمِيرا كَبِيرا فَلهَذَا نسبه إِلَيْهِ لشرف أمه كَقَوْل أَبى نواس (أَصبَحت يَا بن زُبيدةَ ابنةِ جعفرٍ ... ) 17 - الْغَرِيب المعالى جمع عَلَاء وَهُوَ الِارْتفَاع يُقَال علا فى الْمَكَان يَعْلُو علوا وعَلى فى الشّرف بِالْكَسْرِ يعلى عَلَاء وَيُقَال أَيْضا علا بِالْفَتْح يعلى وصبية جمع صبى والمهود جمع مهد وَهُوَ السرير الذى يوضع فِيهِ الطِّفْل الْمَعْنى يَقُول ورثوا السِّيَادَة عَن آبَائِهِم فَحكم لَهُم بالجود والسيادة وهم أَطْفَال على مَا عهد من أجدادهم وآبائهم 18 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح وَمن شَأْنه جعله جارا ومجرورا فعلى هَذِه الرِّوَايَة يكون خبر مُبْتَدأ تقدم عَلَيْهِ وَمن رَوَاهُ وَمن بِفَتْح الْمِيم جعله اسْما بِمَعْنى الذى وَيكون مَوْضِعه نصبا مَعْنَاهُ وأدعو الذى شَأْنه وَيكون هبات على هَذَا خبر شَأْنه الْغَرِيب عتق وَضعه فى مَوضِع الْإِعْتَاق لِأَنَّهُ إِذا أعتق حصل الْعتْق يُقَال عتق العَبْد يعْتق عتاقة وَهَذَا من قَوْله تَعَالَى {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} فى قِرَاءَة الْجَمَاعَة سوى نَافِع وأبى عَمْرو فَإِنَّهُمَا بنياه لما لم يسم فَاعله وَالْجَمَاعَة جعلُوا لَهما الْخُرُوج وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لما أخرجَا خرجا فَقَالَ يخرج الْمَعْنى يَقُول يَا من ملك نفسى عبودية وَيَا من شَأْنه أَن يهب الْفضة وَيعتق العبيد دعوتك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 - الْغَرِيب حَبل الوريد هُوَ عرق فى الْعُنُق مُتَّصِل بالفؤاد إِذا قطع مَاتَ الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول دعوتك يَا مَالك رقى لما انْقَطع الرَّجَاء من غَيْرك وَقرب منى الْمَوْت فَكَانَ أقرب إِلَى من حَبل الوريد وَهَذَا مُبَالغَة 20 - الْغَرِيب أوهن أَضْعَف والبلى الفناء وبرانى آذانى وأنحلنى الْمَعْنى يَقُول دعوتك لما أنحلنى البلى وضعفت عَن الْقيام من ثقل الْحَدِيد ومقاساته فقد أضعفنى 21 - الْمَعْنى وَقد كَانَ مَشى رجلى فى النِّعَال وهى تتعب مِنْهَا فَكيف وَقد صَار مشيهما فى الْقُيُود 22 - الْمَعْنى يُرِيد أَنى كنت فى جمَاعَة من النَّاس وَالْيَوْم أَنا فى جمَاعَة من القرود وعنى بهم أهل الْحَبْس لِأَن مَعَه اللُّصُوص وَأَصْحَاب الْجِنَايَات وَالْمعْنَى كنت أجالس أهل الْفضل فصرت أجالس أوباش النَّاس 23 - الْإِعْرَاب تعجل يُرِيد أتعجل بالاستفهام فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام ويروى تعجل بِضَم اللَّام وَوُجُوب بِالنّصب فَيكون الضَّمِير للمدوح وَوُجُوب مَفْعُوله الْمَعْنى يَقُول تعجل أى جاءنى قبل وقته وَإِنَّمَا تجب الْحُدُود على الْبَالِغ وَأَنا صبى لم تجب على الصَّلَاة فَكيف أحد وَلَيْسَ يُرِيد فى الْحَقِيقَة أَنه صبى غير بَالغ وَإِنَّمَا يصغر أَمر نَفسه عِنْد الْأَمِير أَلا ترى أَن من كَانَ صَبيا لَا يظنّ بِهِ اجْتِمَاع النَّاس إِلَيْهِ للشقاق وَالْخلاف هَذَا كَلَام ابْن جنى قَالَ الواحدى قَالَ ابْن فورجة مَا أَرَادَ أَبُو الطّيب إِلَّا مَا منع أَبُو الْفَتْح يُرِيد إنى صبى لم أبلغ الْحلم فَيجب على السُّجُود فَكيف تجب على الْحُدُود قَالَ وَالْقَوْل مَا قَالَ أَبُو الْفَتْح 24 - الْغَرِيب عدوت من الْعدوان والولاد الْولادَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 الْمَعْنى يَقُول قد ادّعى على أَنى ظَالِم ظلمت الْخلق وَخرجت عَلَيْهِم وَذَلِكَ حِين ولدتنى أمى وَقبل أَن أستوى قَاعِدا وكل هَذَا يدْفع عَن نَفسه مَا قَالُوا 25 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الشَّهَادَة على قدر الشَّاهِد إِن كَانَ صَادِقا قبلت وَإِلَّا ردَّتْ وَأَنا فقد شهدُوا على بالزور فَلم قبلته فَكَمَا ان الشُّهُود سفلَة سقاط فَكَذَلِك شهاداتهم 26 - الْغَرِيب الْكَاشِح الْعَدو يضمر الْعَدَاوَة فى كشحه ومحك الْيَهُود عداوتهم ويروى مَحل بِاللَّامِ وَهُوَ السّعَايَة الْمَعْنى يَقُول شَهَادَة الْعَدو لَا تقبل فى الشَّرْع أى لَا تسمع من قَول أعدائى وَقَالَ ابْن جنى جعل أعداءه يهودا وَلم يَكُونُوا فى الْحَقِيقَة يهودا وَقَالَ ابْن فورجة هَذَا نفى مَا أثْبته قَائِل الشّعْر وَلَا يقبل إِلَّا بِحجَّة من نفس الشّعْر 27 - الْغَرِيب الشأو الطلق والشوط الْمَعْنى يَقُول بَين دَعْوَى أردْت ودعو على فعلت بون وشوط بعيد فافرق بَينهمَا لأَنهم إِنَّمَا ادعوا على أَنى أردْت أَن أفعل وَلم يدعوا أَنى فعلت وَبَين هَذَا وَهَذَا فرق ظَاهر فقرق بَينهمَا بِرَأْيِك لِأَن الْحَد لَا يجب على مُعْتَقد فعل الْحَرَام حبى يَفْعَله فَإِذا فعله وَجب عَلَيْهِ الْحَد وَإِن لم يَفْعَله فَلَا حد عَلَيْهِ 28 - الْإِعْرَاب مَا جدت مَا مَصْدَرِيَّة وموضعها رفع على الِابْتِدَاء الْمَعْنى يَقُول فى جود كفيك جود بنفسى بإطلاقك لى من الْحَبْس وَلَو كنت أَشْقَى ثَمُود أَرَادَ قدارا عَاقِر النَّاقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 - 1 - الْمَعْنى يَقُول إِن الشّعْر الذى أنشدته لم ينمك وَإِنَّمَا محقك حَتَّى صرت شَيْئا لَا يُوجد فَنمت على الإنشاد 2 - الْمَعْنى يَقُول مَا سَمِعت مِنْهَا بأذنك مر قد شربته بفيك 68 - 1 - الْمَعْنى يَقُول يَا مُحَمَّد إِذا فَقدنَا عطاءك فَمَا نرى أحدا يعْطى قبل أَن يعد الْوَعْد إِلَّا أَنْت فَإنَّك تُعْطى قبل أَن تعد وَقبل أَن تسْأَل فَإِذا فقدت فَقدنَا من يعْطى قبل الْوَعْد وَالسُّؤَال 2 - الْغَرِيب الشسوع الْبعد ونفد فنى والترحال الرحيل الْمَعْنى يَقُول قد قصدتك عِنْد بعد دارى وَقرب رحيلى ونفاد زادى 3 - الْغَرِيب تهمى تدفق وتسح والوابل أَشد الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول خل كفك تهمى وتهمى فى مَوضِع الْحَال أى أطلق كفك هامية أى سَائِلَة بالعطاء واصرف عَنى عظم مطرها إِذا اكتفيت يُرِيد أَن فى قَلِيل إعطائها كِفَايَة وَلَا حَاجَة إِلَى كَثِيره الذى هُوَ كالوابل الْمَعْرُوف المغرق للبلد الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 - 1 - الْغَرِيب الكمد الْحزن مَعَ هم والاقناع مثل القناعة الْمَعْنى يَقُول شوقى إِلَى الْأَحِبَّة لَا يقنع منى بِهَذَا الْحزن الذى أَنا فِيهِ حَتَّى يخرق كبدى ويوله عَقْلِي فأصير مَجْنُونا ذَاهِب لِلْعَقْلِ الْمَعْنى قَالَ ابْن جني للم يبْق فِي فضل للشكوى وَلَا فِي الديار أَيْضا فضل للشكوى لِأَن الزَّمَان أبلاها قَالَ ابْن فورجة ذهب أَبُو الْفَتْح إِلَى أَن تَقْدِير الْكَلَام وَلَا الديار تَشْكُو إِلَى وَقد علم أَن الديار كلما كَانَت أَشد دثورا وبلى كَانَت أشكى لما تلاقى من الوحشة بِفِرَاق الْأَحِبَّة فَكيف جعل الديار لَا فضل فِيهَا للشكوى وشكواها لَيست بحقيقية وَإِنَّمَا هى مجازية وَإِنَّمَا تكون على مَا ذكر لَو أَن شكواها حَقِيقَة وَكَانَت تقصر عَنهُ لِضعْفِهَا وبلاها كَمَا يَصح ذَلِك فى العاشق كَقَوْل الببغاء (لم يبْقَ لى رَمَق أشْكو إِلَيْك بهِ ... وَإِنَّمَا يَتَشَكَّى من بِهِ رَمَقُ) وَأَيْضًا لَو كَانَ كَمَا ادّعى لم يكن لعطف هَذِه الْجُمْلَة على قَوْله (مَا الشوق مقتنعا ... ) معنى وَلما عطفها عَلَيْهَا دلّ على أَنَّهَا مِنْهَا وَإِنَّمَا يعْنى لَا الشوق يقنع منى بِهَذَا الكمد وَلَا الديار تقنع منى بِهِ وَتمّ الْكَلَام عِنْد قَوْله (كَانَ الحبيب بهَا ... ) ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ هَذِه الديار تَشْكُو إِلَى وحشتها بِفِرَاق أَهلهَا وَأَنا لَا أَشْكُو إِلَى أحد إِمَّا لجلدى وَإِمَّا لأنى كتوم لأسرارى يكون قد نظر إِلَى قَول الْقَائِل (فإنّى مِثْلُ مَا تَجدين وجْدى ... ولكنِّى أُسِرُّ وتُعْلِنينا) قَالَ الواحدى يُمكن تَوْجِيه الْمَعْنى من غير أَن يتم الْكَلَام فى المصراع الأول وَهُوَ أَن يكون وَلَا تقنع الديار الَّتِى كَانَ الحبيب بهَا يشكو ألى أى يطلعنى على أمره وَأَنا لَا أفشى سرى على رِوَايَة يشكو بِالْيَاءِ وَمن روى بِالتَّاءِ كَانَت الديار الشاكية يُرِيد بِلِسَان الْحَال مَا دفعت إِلَيْهِ من الوحشة والخلاء فتشكو يُرِيد بِهِ الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال وَلَا أَشْكُو إِلَى أحد لِأَنَّهُ لَيْسَ بهَا غيرى 3 - الْغَرِيب هزيم الودق أَرَادَ سحابا هزيم الودق وَهُوَ الذى لَا يسْتَمْسك كَأَنَّهُ مُنْهَزِم عَن مَائه وَيُقَال غيث هزيم ومنهزم وَأكْثر مَا يستعملان فى صفة السَّحَاب وَهُوَ الذى لرعده صَوت يُقَال سَمِعت هزيمَة الرَّعْد وَلَا يسْتَعْمل فى صفة الودق الْمَعْنى يَقُول مَا زَالَت كَثْرَة الأمطار تنْحَل هَذِه الديار أى تدرسها كَمَا ينحلنى السقام حَتَّى صَارَت حاكية جسدى فى النحول والدروس وَهَذَا من قَول الشَّاعِر (يَا منزِلاً ضَنَّ بالسَّلامِ ... سُقِيتَ صَوْبا مِن الغَمامِ) (مَا ترَك المُزْنُ مِنكَ إلاَّ ... مَا ترَك السُّقْمُ مِن عظامى) وَمثله للبحترى (حَمَلَتْ مَعالِمُهُنَّ أعْباء البِلَى ... حَتَّى كأنَّ نُحُولَهُن نُحُول) 4 - الْغَرِيب غاض نقص والمصطبر الاصطبار الْمَعْنى يَقُول كَأَن دمعى جَار من جلدى لأنى كلما بَكَيْت نقص صبرى فَكَأَن دمعى من صبرى 5 - الْإِعْرَاب من زافراتى يتَعَلَّق بِمَعْنى أَيْن تَقْدِيره أبعيد حبيبتى من زفراتى أم قريب الْمَعْنى يَقُول أَيْن محبوبى من معرفَة زفراتى وَمَا بى من الشوق وَالْحَسْرَة على فِرَاقه وَأَيْنَ تقع نَفسك أَيهَا الممدوح من صولة الْأسد فَمَا صولتك إِلَّا فَوق صولة الْأسد وَهَذَا يُنكر أَن يعرف الحبيب حَاله وَأَن تكون صولة الْأسد كصولة الممدوح وَهَذَا من المخالص الجيدة 6 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى لما رجحت كفتك وَقد وضعت الدُّنْيَا وَأَهْلهَا فى الكفة الثَّانِيَة علمت أَن الرزانة للمعانى لَا للأشخاص أى إِذا رجح الْوَاحِد على الْكثير كَانَ ذَلِك الْكثير قَلِيلا بِالْإِضَافَة إِلَى ذَلِك الْوَاحِد الرَّاجِح وَقد قَالَ البحترى (ولمْ أرَ أمُثالَ الرّجالِ تَفاوَتَتْ ... لَدَى المَجْدِ حَتَّى عُدَّ ألْفٌ بِوَاحِدِ) 7 - الْغَرِيب الْخلد البال والروع يُقَال مَا وَقع فى بالى وَلَا فى روعى الْمَعْنى يَقُول لم يَقع فى قلب الْأَيَّام أَن تسرنى حَتَّى وَقعت أَنْت فى قلبى أَن أقصدك وأمدحك وَمَعْنَاهُ مَا أَقبلت على الدُّنْيَا حَتَّى أملتك وقصدتك وَهَذَا من قَول الشَّاعِر (إِن دَهْراً يَلف شَمْلِى بسَلْمَى ... لزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ) 8 - الْمَعْنى يُرِيد أَن خزائنه إِذا امْتَلَأت بِالْمَالِ فرق بَينهَا وَبَينه فتثكل المَال كَمَا تثكل الوالدة وَلَدهَا قَالَ الواحدى جعل الحزائن كالأم وَالْمَال كَالْوَلَدِ وَهُوَ من قَول أَبى نواس (إِلَى فَتَّى أُمُّ مَا لِه أبَداً ... تَسْعَى بجَيْبٍ فى النَّاسِ مَشْقُوق) 9 - الْإِعْرَاب ماضى خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَو هُوَ بدل من ملك فى الْبَيْت الأول الْمَعْنى يَقُول هُوَ ماضى الْجنان أى الْقلب يُرِيد أَنه ذكي حزمه فى الْأُمُور يرِيه بِقَلْبِه مَا ترَاهُ وَبعد غَد وَمَعْنَاهُ أَنه يفْطن بالكائنات قبل حدوثها كَمَا قَالَ أَوْس (الألَمعِىُّ الذىِ يَظُنُّ بِكَ الظَّنَّ ... كأنْ قَدْ رأى وَقَدْ سَمِعا) وَقَالَ الطائى (وَلِذَاكَ قِيلَ مِنَ الظُّنُونِ جَلِيَّةٌ ... عِلْمٌ وفِى بَعْضِ القُلُوبِ عُيُونُ) وَالْمرَاد بِهَذَا كُله صِحَة الحدس وجودة الظَّن 10 - الْإِعْرَاب مَا هى النافية وسماح من رَوَاهُ بِالنّصب جعله خَبرا لما وهى مشبهة بليس وَمن رَفعه فَهُوَ على التميمية وَالْجُمْلَة فى مَوضِع رفع صفة السماح الْغَرِيب الْبَهَاء الْحسن وَمِنْه بهى بِالْكَسْرِ وبهو بِالضَّمِّ فَهُوَ بهى الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول أَنا أجل من أَن يكون بشرا فَإِن مَا نشاهده فِيك من الْجمال والنور لَا يكون فى بشر وَلَيْسَ سماحك سماح يَد بل هُوَ سماح غيث وبحر وفى مَعْنَاهُ (يَجِلُّ عَنِ التَّشْبِيهِ لَا الكَفُّ لُجَّةٌ ... وَلَا هُوَ ضِرْغامٌ وَلَا الرأىُ مُخْذَمُ) 11 - الْإِعْرَاب مَا فى مَا أنْفق مَصْدَرِيَّة وَقد وَقعت الْجُمْلَة موقع الْحَال وَالضَّمِير رَاجع إِلَى الْغَيْث وَالْيَد الْمَعْنى يَقُول أى كف تبارى الْغَيْث توَافق وتشاكل فى حَال اتِّفَاقهمَا مَا طرين الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 لَكِن هَذِه الْيَد إِذا افْتَرَقت هى والغيث عَادَتْ إِلَى عَادَتهَا بالعطاء والبذل وَلم يعد الْغَيْث يُرِيد أَن الْغَيْث يمطر ثمَّ يَنْقَطِع وَهَذِه الْكَفّ تجود وَلَا يَنْقَطِع جودها فهى تزيد على الْغَيْث لِأَنَّهَا تعود إِلَى الْجُود وَلَا يعود الْغَيْث بِسُرْعَة عوده لِأَن الْمَطَر قد يَنْقَطِع زَمَانا طَويلا وعطاؤها لَا يَنْقَطِع إِلَّا الْيَسِير من الزَّمَان فَهُوَ أَعلَى وأوفى من الْمَطَر 12 - الْغَرِيب مُضر بن نزار بن معد بن عدنان هُوَ أَبُو الْعَرَب وأدد هُوَ أَبُو الْيمن وَهُوَ ابْن قحطان يَقُول كنت أَحسب الْمجد مضريا حَتَّى تبحتر الْيَوْم يُرِيد أَنه انتسب إِلَى بحتر الْيَوْم يُرِيد أَن الممدوح نَقله إِلَى بحتر فقد تبحتر بِهِ فقد صَار بحتريا أدديا فِي نُسْخَة يَوْمًا بدل موتا الْغَرِيب يُقَال مطرَت وأمطرت يُرِيد بِالْمَوْتِ الدَّم لِأَن سيلانه سَبَب المت وَإِذا مطرَت السيوف الدَّم فقد مطرَت الْمَوْت وَشبههَا وَهِي تمطر الدَّم بالسحب يجود بالقطر الْمَعْنى يَقُول صفاتك لَا تَنْتَهِي غايتها فَهِيَ كغاية الدَّهْر فَلم أتفكر فِي صفة من صفاتك إِلَّا كَانَت كصفات الدَّهْر وصفات الدَّهْر هى تطول وَلَا تفنى إِلَّا بعد انْقِطَاع الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 - 1 - الْإِعْرَاب قَوْله أحاد يريدأ أحاد فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام وَلَيْسَ هُوَ بالفصيح وَإِنَّمَا يَقع فى الشّعْر ضَرُورَة وَلَا يُقَال زيد أَبوك أم عَمْرو وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (لعَمْرُكَ مَا أدْرِى وإنْ كُنْتُ دارِيا ... شُعَيْثُ بنُ سَهْمٍ أمْ شُعَيْثُ بنُ مِنقَرِ) وَأنْشد فى الْبَاب لعمر بن أَبى ربيعَة المخزومى (فوَاللهِ مَا أدْرى وإنْ كُنْتُ دارِيا ... بسَبْعِ رمْينَ الجَمْرَ أمْ بثَمانِ) وَقَول امْرِئ الْقَيْس (تَروحُ مِنَ الحَىّ أمْ تَبْتَكِرْ ... ) وكقول الخنساء (قَذىً بعينكَ أم بالعَين عُوَّارُ ... ) وَقَوله بالتناد يُرِيد التناد فَحذف وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِمَعْنى المنوطة الْغَرِيب المنوطة الْمُتَعَلّقَة والتناد يَوْم الْقِيَامَة لِأَن النداء يكثر فِيهِ وَقَوله أحاد اخْتلف فى هَذَا اخْتِلَافا كثيرا وَالْمَشْهُور أَن هَذَا الْبناء لَا يكون إِلَّا إِلَى الْأَرْبَعَة نَحْو أحاد وثناء وَثَلَاث وَربَاع وَجَاء فى الشاذ إِلَى عشار وأنشدوا للكميت (فَلَمْ يَسْتَرِيثُوكَ حَتَّى رَمَيْتَ فَوْقَ ... الرّجالِ خِصَالاً عُشارَا 1) وَقَالَ قوم لَا يسْتَعْمل أحاد فى مَوضِع الْوَاحِد لَا يُقَال هُوَ أحاد وَإِنَّمَا يُقَال جَاءُوا أحاد أحاد وسداس نَادِر غَرِيب وَلَا يسْتَعْمل فى مَوضِع سِتَّة الْمَعْنى قَالَ الواحدى فى كِتَابه قد أَكْثرُوا فى معنى هَذَا الْبَيْت وَلم يَأْتُوا بِبَيَان مُفِيد وَلَو حكيت مَا قَالُوا فِيهِ لطال الْكَلَام وَلَكِن أذكر مَا وَافق اللَّفْظ من الْمَعْنى وَهُوَ أَنه أَرَادَ وَاحِدَة أم سِتّ فى وَاحِدَة وست فى وَاحِدَة إِذا جَعلتهَا فِيهَا كالشئ فى الظّرْف وَلم يرد الضَّرْب الحسابى وَخص هَذَا الْعدَد لِأَنَّهُ أَرَادَ ليالى الْأُسْبُوع وَجعلهَا اسْما لليالى الدَّهْر كلهَا لِأَن كل أُسْبُوع بعده أُسْبُوع آخر إِلَى الدَّهْر فَكَأَنَّهُ يَقُول هَذِه اللَّيْلَة وَاحِدَة أم ليالى الدَّهْر كلهَا جمعت فى هَذِه اللَّيْلَة الْوَاحِدَة حَتَّى طَالَتْ فامتدت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَقَوله لييلتنا بالتحقير فَهُوَ تحقير تَعْظِيم وتكبير كَقَوْل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعَائِشَة يَا خميرا وكقول لبيد (وكلُّ أُناسٍ سوْفَ تَدْخُلُ بَينَهُمْ ... دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرُّ مِنها الأنامِلُ) يُرِيد الْمَوْت وَهُوَ أعظم الدواهى وكقول الآخر (فُوَيْقَ جُبَيْلٍ شامخِ الرَّأْس لم يكُنْ ... لِتَبلُغَهُ حَتَّى تَكِلَّ وتَعْمَلا) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد يُنَادى أَصْحَابه بِمَا يهتم بِهِ أَلا ترى إِلَى قَوْله (أفكِّر فى مُعاقرة المَنايا ... ) وعَلى هَذَا استطال اللَّيْلَة حَتَّى عزم فى صباحها على الْحَرْب شوقا إِلَى مَا عزم عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حقر لليلة لعظم طولهَا وَمِنْه قَول الْحباب بن الْمُنْذر الأنصارى يَوْم السَّقِيفَة (أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المرَجَّب ... ) 2 - الْإِعْرَاب دجاها الضَّمِير رَاجع إِلَى قَوْله (لييلتنا ... ) والظرف الأول مُتَعَلق بالاستقرار أَو بِمَعْنى التَّشْبِيه أى تشبهها فى دجاها خرائد والظرف الثانى بسافرات وَمن روى سافرات بِالرَّفْع كَانَ نعتا لخرائد وَمن رَوَاهُ بِالنّصب كَانَ حَالا الْغَرِيب بَنَات نعش سبع كواكب مَعْرُوفَة والخرائد جمع خريدة وهى الْجَارِيَة الحيية وَقَوله سافرات هن اللاتى كشفن عَن وجوههن ومنهن إسفار الصُّبْح وَهُوَ أَن ينْكَشف عَن الظلمَة والحداد ثِيَاب سود تلبس عِنْد الْحزن وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على أحد فَوق ثَلَاث لَيَال إِلَّا الْمَرْأَة تحد على زَوجهَا الْمَعْنى أَنه شبه الجوارى الكاشفات عَن وجوههن بِهَذِهِ الْكَوَاكِب فى ظلمَة اللَّيْل وَهَذَا من بديع التَّشْبِيه قَالَ أَبُو الْفَتْح لما شبههن ببياض النُّجُوم فى سَواد اللَّيْل كَانَ حَقه أَن يذكر جوارى بيضًا والخرد لَيْسَ من الْبيَاض فى شئ إِلَّا أَنه فى الْأَمر الْغَالِب إِنَّمَا يكون للبيض دون السود أَلا ترى أَن السود فِيهِنَّ التبذل وَأَرَادَ شَيْئا فَذكرهَا مَا يَصْحَبهُ مستدلا عَلَيْهِ فَشبه بَنَات نعش فى ظلمَة اللَّيْل بِوُجُودِهِ جوَار سافرات فى ثِيَاب سود هَذَا قَوْله قَالَ الواحدى وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن الْحيَاء يكون فى الْبيض دون السود وَالْبَيْت مَنْقُول من قَول عبد الله بن المعتز (وأرَى الثرَيَّا فِى السَّماءِ كأنَّهَا ... خُرُدٌ تَبَدَّتْ فى ثِيابِ حِدادِ) وَمن قَوْله (كأنَّ نجُومَ اللَّيلِ واللَّيلُ مُظْلِمٌ ... وُجُوُ عَذَارَى فى مَلاحِفَ سُودِ) الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 - الْغَرِيب أصل المعاقرة الْمُلَازمَة أى تكون فى عقر دارها وتريد المعترك ومشرفة الهوادى طوال الْأَعْنَاق الْإِعْرَاب مشرفة الهوادى حَال وهى نكرَة لِأَن اسْم الْفَاعِل إِذا كَانَ بِمَعْنى الْحَال والاستقبال لم يتعرف بِالْإِضَافَة إِلَى الْمعرفَة لِأَن الْإِضَافَة فِيهِ ينوى بهَا الِانْفِصَال كَقَوْلِه تَعَالَى {عَارض مُمْطِرنَا} الْمَعْنى يَقُول طَالَتْ على هَذِه اللَّيْلَة الَّتِى ذكرهَا فى أول القصيدة مِمَّا أفكر فى مُلَازمَة المنايا وقود الْخَيل إِلَى الْأَعْدَاء 4 - الْإِعْرَاب زعيما خبر ابْتِدَاء مقدم على الِابْتِدَاء فانتصب والمبتدأ عزمى وَالْبَاء تتَعَلَّق بِخَبَر الِابْتِدَاء وَكَذَلِكَ اللَّام الْغَرِيب الزعيم الْكَفِيل والحواضر أهل الْحَضَر والبوادى أهل الْبَادِيَة الْمَعْنى يَقُول عزمى زعيم أى كَفِيل للقنا الخطى وهى منسوبة إِلَى الْخط وَهُوَ مَوضِع بِالْيَمَامَةِ يحمل إِلَيْهِ القنا من بِلَاد الْهِنْد فَيقوم فِيهِ يَقُول عزمى للقنا كَفِيل بسفك دم النَّاس كلهم وَهَذَا من بعض حمقه 5 - الْغَرِيب التمادى يُرِيد التطاول والانتظار وَهُوَ تفَاعل من المدى وَهُوَ الْبعد والغاية الْمَعْنى يَقُول إِلَى كم أَتَخَلَّف عَمَّا أطلبه من الْملك وأتوانى فِيهِ أى إِلَى كم أبلغ المدى فى التَّقْصِير فَكَأَنَّهُ يستبطئ نَفسه فِيمَا يروم والتمادى فى التمادى أَن يُتَابع تماديه فى طلبه لما يَطْلُبهُ من أَخذ الْملك بِسَيْفِهِ وَلَعَلَّه يطْلب أَن يسْتَردّ ملك أَبِيه عيدَان السقاء 2 6 - الْإِعْرَاب وشغل عطف على قَوْله ذَا التَّخَلُّف وَالْبَاء مُتَعَلقَة بشغل والظرف مُتَعَلق بِالْمَصْدَرِ الْمَعْنى يَقُول وَكم هَذَا الِاشْتِغَال عَن طلب المعالى يُرِيد الْملك والرياسة بِبيع الشّعْر عِنْد من لَا يُريدهُ وَهُوَ كاسد عِنْده وَبيع الكساد هُوَ أَن يعرض البَائِع السّلْعَة لمشتر كَارِه لَهَا فَلَا يبْذل فِيهَا ثمن مثلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 - روى أَبُو الْفَتْح بمستفاد الْمَعْنى يُرِيد أَن أَيَّام الشَّبَاب إِذا مضين لَا تسترد وَمَا يمضى من الْأَيَّام لَا يرجع وَلَا يستعاد وَهَذَا كَمَا قَالَ (ولكنّ مَا يمضِى من العَيش فَائت ... ) يُرِيد التحريض على طلب المعالى أى اطلب الأهم فالأهم فَإِن أيامك لتنهب عمرك وَهَذَا من أصدق الشّعْر وَأحسن الْكَلَام 8 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا أبْصر سَواد شعر أَبيض فَكَأَنَّهُ وجده فى سَواد عَيْنَيْهِ وَإِذا صَار سَواد عَيْنَيْهِ أَبيض عمى فَكَأَنَّهُ يَقُول الشيب كالعمى وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَأَن مَا فى وَجهه من الشيب نابت فى عَيْنَيْهِ وَقَالَ الْخَطِيب إِذا لحظت بَيَاض الشيب فَكَأَنَّمَا لحظت بِهِ بَيَاضًا فى الْعين وَلَا يُمكنهُ أَن يلحظ سَواد عَيْنَيْهِ إِلَّا فى الْمرْآة وَلَوْلَا أَنه بَين سَواد الْعين لحمل على سَواد الْقلب لاحْتِمَاله ذَلِك وَهَذَا من قَول أَبى دلف (وكلَّ يَوْمَ أرى بَيْضاءَ قدْ طَلَعَتْ ... كأنَّما طَلَعَتْ فى ناظِر البَصَرِ) وَقَالَ أَبُو تَمام (لهُ مَنظَرٌ فى العَينِ أبْيَضُ ناصِعٌ ... ولكنَّهُ فى القَلبِ أسْودُ أسْفَعُ) 9 - الْمَعْنى يَقُول مَتى تجاوزت النِّهَايَة فى الزِّيَادَة فقد بَدَأَ انتقاصى يزْدَاد لِأَنَّهُ لَيْسَ بعد غَايَة الزِّيَادَة إِلَّا النَّقْص وَلما نزل قَوْله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَذَلِكَ يَوْم عَرَفَة فى حجَّة الْوَدَاع والمائدة كلهَا مَدَنِيَّة إِلَّا هَذِه الْآيَة فَإِنَّهَا نزلت بِعَرَفَة بَكَى أَبُو بكر الصّديق فَقيل مَا يبكيك فَقَالَ مَا بلغ شئ الْكَمَال إِلَّا نقص فَكَأَنَّهُ تفرس موت رَسُول الله فَعَاشَ بعْدهَا رَسُول الله اثْنَيْنِ وَتِسْعين يَوْمًا وَقَالَ الواحدى إِذا تناهى الشَّبَاب ببلوغ حَده فَزِيَادَة الْعُمر بعد ذَلِك وفور النُّقْصَان وَقَالَ الْحَكِيم الزِّيَادَة فى الْحَد نقص الْمَحْدُود وَهَذَا مثل قَول مَحْمُود الْوراق (إِذا مَا ازْدَدْت مِنْ عُمْرٍ صُعوداً ... يُنَقِّصُه التزَيُّدُ والصُّعُودُ) وَقَالَ الآخر (إِذا اتَّسَقَ الهِلالُ وصارَ بَدْراً ... تَبَيَّنْتَ المَحاق مِنَ الهِلالِ) وَقَالَ عبد الله بن طَاهِر (إِذا مَا زَادَ عُمْرُكَ كانَ نَقْصاً ... ونُقْصَانُ الحَياةِ مَعَ التَّمامِ) 10 - الْإِعْرَاب أأرضى حققق الهمزتين وهى لُغَة فصيحة قَرَأَ بهَا الْكُوفِيُّونَ وَعبد الله ابْن عَامر حَيْثُ وقعتا من كَلِمَتَيْنِ وَخَالفهُم هِشَام إِذا كَانَت كهذه من كلمة وَاحِدَة الأيادى جمع يَد تجمع هَذَا الْجمع إِذا كَانَت بِمَعْنى النِّعْمَة والعطية وَيَد الْإِنْسَان الْجَارِحَة تجمع على أيد الْمَعْنى يَقُول كَيفَ أرْضى بحياتى وَلَا أجازى الْأَمِير يُرِيد الممدوح على مَاله عندى من سالف النعم الَّتِى أسداها إِلَى 11 - الْإِعْرَاب جَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْمَعْنى تَقْدِيره وَإِن ترك المطايا بالية فَهُوَ مَحْمُود وكاف التَّشْبِيه فى مَوضِع نصب لِأَنَّهُ الْمَفْعُول الثانى لترك الْغَرِيب المزاد جمع مزادة وهى الراوية تكون من جلدين بَينهمَا جلد ثَالِث ليوسعها وَأَرَادَ كالمزاد البالى فَحذف الصّفة اسْتغْنَاء بالموصوف وَالْعرب تشبه النضو المهزول بالمزادة البالية الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد قد هزلها وأنضاها السّير حَتَّى صَارَت كالمزاد البالى فَحذف الصّفة قَالَ ابْن فورجة لَا دَلِيل على حذف الصّفة وَإِنَّمَا أَرَادَ كالمزاد الَّتِى نحملها فى مسيرنا إِذْ قد خلت من المَاء والزاد لطول السّفر وَالْألف وَاللَّام فى المزاد للْعهد وَالْمعْنَى أَن الْمسير إِلَيْهِ أذهب لُحُوم المطايا وأفنى مَا تزودنا من مَاء وَزَاد فَلم يبْق فى المطايا لحم وَلَا فى المزاد زَاد 12 - الْغَرِيب العنس النَّاقة الصلبة وَيُقَال هى الَّتِى اعنونس ذنبها أى وفر وَقَالَ العجاج (كمْ قَدْ حَسَرْنا مِنْ عَلاةٍ عَنْسِ ... كَبْدَاءَ كالقَوْسِ وأُخْرَى جَلْسِ) وعنس أَيْضا قَبيلَة من الْيمن مِنْهُم حُذَيْفَة بن الْيَمَان العنسى وَاسم الْيَمَان حسيل الْمَعْنى يَقُول لم تصل ناقتى إِلَى هَذَا الممدوح إِلَّا وَقد أضناها السّير حَتَّى لم يتْرك فِيهَا من الدَّم مَا يقوت القراد وَهَذَا مُبَالغَة فى الهزال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 - الْإِعْرَاب فى صير ضمير عَائِد على الْمسير وَعرض مفعول ثَان لصير الْغَرِيب الْبَلَد هُنَا الْمَفَازَة والنجاد حمائل السَّيْف الْمَعْنى يَقُول جزى الله الْمسير خيرا يشْكر الْمسير لِأَنَّهُ قرب مَا بَينه وَبَين الممدوح حَتَّى صَار بَينه وَبَينه كعرض حمائل السَّيْف وَهُوَ غَايَة فى الْقرب وَالْعرب تقدر فى الْقرب بقاب الْقوس وحمائل السَّيْف 14 - الْإِعْرَاب قَوْله قرب وَبعد نصبهما نصب المصادر وَأبْعد وَقرب يعود الضَّمِير فيهمَا على الْمسير الْمَعْنى يَقُول الْمسير بعد الْبعد الذى كَانَ بينى وَبَين الممدوح وَقرب الْقرب الذى صَار بينى وَبَينه يُرِيد أَنه قربه إِلَيْهِ بِحَسب مَا كَانَ بَينهمَا من الْبعد وَكنت على غَايَة الْبعد مِنْهُ فصرت فِيمَا بعد على غَايَة الْقرب مِنْهُ وَالْمعْنَى أَنه جعل الْبعد بَعيدا عَنهُ والقرب قَرِيبا مِنْهُ قَالَ الْحَكِيم أقرب الْقرب مودات الْقُلُوب وَإِن تَبَاعَدت الْأَجْسَام وَأبْعد الْبعد تنافر الْقُلُوب وَإِن تدانت الْأَجْسَام وَأخذت الْمَعْنى فَقلت (وكمْ مِنْ قَرِيبٍ قَلْبُهُ عَنْكَ نازَحٌ ... وكمْ مِنْ بَعِيدٍ قَلْبُه بِكَ مُغْرَمُ) 15 - الْغَرِيب السَّبع الشداد يُرِيد السَّمَوَات السَّبع والشداد المتقنة الصَّنْعَة قَالَ الله تَعَالَى {وبنينا فَوْقكُم سبعا شدادا} الْمَعْنى يَقُول لما قدمت إِلَيْهِ رفع قدرى وأدنانى إِلَى مَجْلِسه حَتَّى نلْت بِهِ محلا رفيعا فَكَأَنَّهُ أجلسنى فَوق السَّمَوَات السَّبع لشرف مَجْلِسه 16 - الْغَرِيب تهلل تلألأ وَجهه وتهلل السَّحَاب ببرقه والوساد والوسادة المخدة وَالْجمع وسائد ووسد وَقد وسدته الشئ فتوسده إِذا جعله تَحت رَأسه وأوسدت الْكَلْب أغريته بالصيد مثل آسدته الْمَعْنى يَقُول إِنَّه استبشر برؤيتى قبل سلامى عَلَيْهِ وتلألأ وَجهه كَمَا قَالَ زُهَيْر (ترَاهُ إذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً ... كأنَّكَ تُعْطيهِ الَّذِى أنِتَ سائِلُهُ) وَأنْشد أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب الكوفى (إِذا مَا أتاهُ الساَّئِلَونَ تَوَقَّدَتْ ... عَلَيْهِ مَصَابِيِحُ الطَّلاقَةِ والبِشْرِ) (لهُ فى ذُرَى الْمَعْرُوف نُعْمَآ كأنَّها ... مَوَاقِعُ ماءِ المُزْنِ فِى البَلَدِ القَفْرِ) والمصراع الثانى من قَول ابْن جبلة (فقَدْ غَدَوْتُ عَلى شُكْرَيْنِ بَيْنَهُما ... تَلْقِيحُ مَدْحٍ وَفَحْوَى شاعِرٍ فَطِنِ) (شُكْرٍ لِتَعْجِيلِ مَا قَدَّمْتَ مِنْ مِنَنٍ ... عِندِى وِشُكرٍ لِمَا أوْلَيْتِ مِنْ حَسَنِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 - الْغَرِيب زريت بفلان إِذا عبت عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول نَحن نلومك يَا على وَلَيْسَ لَك ذَنْب إِلَّا أَنَّك قد صغرت أفعالهم ومناقبهم لِأَن مَا فيهم أحد يشابهك فى أفعالك 18 - الْغَرِيب الْجواد الْكَرِيم الذى يجود على كل أحد الْمَعْنى يَقُول هباتك تصل إِلَى كل أحد غير أَنَّهَا لَا تجود على أحد باسم الْجواد لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق هَذَا الِاسْم غَيْرك مَعَ مَا يرى من جودك وزيادتك عَلَيْهِ فَإنَّك تسْتَحقّ أَن يُقَال لَك الْجواد لَا لغيرك فَأَنت مُسْتَحقّ بِهَذَا الِاسْم دون غَيْرك وَأَن يلقب فى مَوضِع نصب على أحد المذهبين بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ 19 - الْغَرِيب حلت انقلبت وَحَال عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ إِذا تغير والارتداد الرُّجُوع عَن الْإِسْلَام وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه} أى يرجع ويرتد ويرتدد وَقد قَرَأَ بالإظهار نَافِع وَابْن عَامر الْمَعْنى يَقُول أَنْت تقوم على سخائك وتتعهده كَمَا يتحفظ الْإِنْسَان دينه أى أَنْت تعتقد سخاءك اعْتِقَاد الدّين وَتخَاف أَنَّك إِذا تحولت عَاقِبَة الرِّدَّة وَهُوَ الْقَتْل وَدخُول النَّار وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (مَضَوْا وكأنَّ المَكُرُماتِ لَدَيْهِمُِ ... لكَثْرَةِ مَا وَصَّواْ بِهِنَ شَرَائِعُ) وَقَبله أَيْضا فَقَالَ (جُودٌ تَدِينُ بِحُلْوِهِ وبِمُرّهِ ... فَكأنَّهُ جُزْءٌ مِنَ التَّوْحِيدِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 - الْغَرِيب الْهَام جمع هَامة وهى الرَّأْس والهيجاء من أَسمَاء الْحَرْب تمد وتقصر الْمَعْنى يُرِيد أَن الرَّأْس فى الْحَرْب كالعيون وَجعل سيوفه كالرقاد قَالَ ابْن جنى يُرِيد أَن سيوفك أبدا تألفها كَمَا تألف الْعين النّوم وَالنَّوْم الْعين وَقَالَ العروضى لَا تُوصَف السيوف والرءوس بالألفة وَإِنَّمَا أَرَادَ تغلبها كَمَا يغلب الْعين وَالسُّيُوف تنساب فى الهامة انسياب النّوم فى الْعين وَقَالَ الواحدى سيوفه لَا تقع إِلَّا على الْهَام وَلَا تحل إِلَّا الرُّءُوس كالنوم فَإِن مَحَله من الْجَسَد الْعين يقبض الْعين فيحلها وَيدل على صِحَة هَذَا قَوْله (وَقد صغت ... الخ ... ) وَقَالَ الْخَطِيب سيوفك كالرقاد فَلَا تمنع مِنْهُ الْعُيُون بل تطرأ عَلَيْهَا أحبت أم كرهت 21 - الْغَرِيب الأسنة جمع سِنَان ويخطران يجوز ضم الطَّاء وَكسرهَا فَمن ضم أَرَادَ الهموم وَمن كسر أَرَادَ الرماح قَالَ أَبُو الْفَتْح الْكسر أبلغ إِذا أَرَادَ الأسنة وَالضَّم أحسن فى صناعَة الشّعْر الْمَعْنى يَقُول أسنتك لَا تقع إِلَّا فى قُلُوب أعدائك كَأَنَّهَا الهموم لِأَن محلهَا الْقُلُوب وَقَوله (من هموم ... ) من أحسن الْكَلَام وفى غَايَة الْحسن قَالَ الواحدى هَذَا أبلغ من أَن يُقَال الهموم تألف الْقُلُوب أَو تغلبها أَو تدخل فِيهَا قَالَ وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (كأنَّهُ كانَ تِرْبَ الحُبّ مُذْ زَمَنٍ ... فلَيْسَ يَحْجُبُهُ خِلْبٌ وَلَا كَبِدُ) انْتهى كَلَامه وَقد قَالَ هَذَا الْمَعْنى جمَاعَة مِنْهُم مَنْصُور النمرى (وكأنَّ مَوْقِعَه بجُمْجُمَةِ الفَتَى ... سُكْرُ المُدَامَةِ أَو نُعاسُ الهاجعِ) وَقَالَ مهلهل (الطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءِ تحسِبُها ... نَوْما أَنَاخَ بجفنِ العينِ يُغْفِيها) (بلَهْذَمٍ مِنُ هُمومِ النَّفْسِ صيغتُه ... فليسَ ينْفَكُّ يَجْرِى فى مجاريها) وَقَالَ عبد الله بن المعتز (إنَّ الرّماحَ الَّتِى غَذّيتها مُهَجا ... مُذْ مِتَّ مَا وَردتْ قَلْبا وَلَا كَبِدا) وَبَيت أَبى الطّيب مَنْقُول من قَول دعبل بن على الخزاعى فى على عَلَيْهِ السَّلَام (كأنَّ سِنانَه أبدا ضميرٌ ... فلَيْسَ لَهُ عَن القَلْبِ انْقِلابُ) (وَصَارِمَهُ كَبَيْعَته بخُمٍّ ... فَمَوْضِعُها مِنَ النَّاسِ الرّقابُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 - الْإِعْرَاب وَيَوْم ظرف الْعَامِل فِيهِ مُقَدّر تَقْدِيره وظفرت أَو نصرت يَوْم جلبها وشعث النواصى حَال وَكَذَلِكَ معقدة السبائب وَالضَّمِير فى جلبتها للخيل وَلم يجر لَهَا ذكر لِأَنَّهُ ذكر مَا دلّ عَلَيْهَا وَهُوَ الهيجاء والهام والرماح وَالسُّيُوف الْغَرِيب جعلهَا شعث النواصى لمواصلة الْحَرْب عَلَيْهَا والغارات والسبائب جمع سبيب وَهُوَ شعر الذَّنب وَالْعرْف وَهُوَ يعْقد عِنْد الْحَرْب قَالَ (عَقَدُوا النَّوَاضِىَ فىِ الطِّعانِ فَلا تَرَى ... فىِ الخَيْلِ إذْ يَعْدُونَ إِلَّا أنْزَعَا) الْمَعْنى يَقُول وَيَوْم جلبت الْخَيل لِلْقِتَالِ مغبرة من كَثْرَة الطراد عَلَيْهَا وَقد عقدت نَوَاصِيهَا وأذنابها يَوْمئِذٍ ظَفرت بمطلوبك من الْأَعْدَاء 23 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى بهَا عَائِد للخيل أَيْضا وهى مُتَعَلقَة بحام وَكَذَلِكَ على أنَاس وبغى عَاد ابْتِدَاء خَبره لَهُم وباللاذقية يتَعَلَّق ببغى وَلَهُم بالاستقرار الْغَرِيب حام دَار وَحَام الطير حول المَاء يحوم حوما أى دَار حوله ليشْرب مِنْهُ الْمَعْنى دَار الْهَلَاك على أنَاس بخيلك قد بغوا وظلموا بالاذقية وهى بِلَاد الشَّام السَّاحِل بغوا بغى قوم عَاد وعصوا معصيتهم فدار عَلَيْهِم الْهَلَاك بخيلك ورجلك 24 - الْمَعْنى يُرِيد أَن اللاذقية على سَاحل الْبَحْر فَجعل جَانبهَا الغربى بحرا من مَاء وَجعل جَانبهَا الشرقى بحرا من الْجِيَاد فشبهه بالبحر لما فِيهِ من بريق الأسلحة وَيُرِيد أَنهم وَقَعُوا بَين بحرين بَحر اللاذقية الغربى وبحر جيشك 25 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى فِيهِ يعود على بَحر الْجِيَاد وبالبيض مُتَعَلق بيموج الْغَرِيب خَفَقت اضْطَرَبَتْ الْأَعْلَام وتحركت لَك لَا عَلَيْك فظل ذَلِك الْبَحْر يموج ويتحرك وَالْبيض السيوف والحداد القاطعة الْمَعْنى اضْطَرَبَتْ لَك الْأَعْلَام فى ذَلِك الْموضع فظل يموج أى يَتَحَرَّك بِالسُّيُوفِ وَالْخَيْل وَالرِّجَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 - الْغَرِيب الأبايا جمع أبيَّة وَالْإِبِل تُوصَف بغلظ الأكباد قَالَ (لَنَحْنُ أغْلَظُ أكْباداً مِن الإبلِ ... ) الْمَعْنى يَقُول لقوك عاصين غَلِيظَة أكبادهم كأكباد الْإِبِل والأبايا يجوز أَن يكون صفة للأكبد وَصفَة لِلْإِبِلِ وهى جمع كبد ككتف فسقتهم أمامك كَمَا تساق الْإِبِل وحد سَيْفك الذى يحدوهم ويسوقهم 27 - الْمَعْنى أَتَى بالمقابلة وهى الغى والرشاد يَقُول مزقت ثوب ضلالهم فأخرجتهم من ضلال الْمعْصِيَة إِلَى رشد الطَّاعَة 28 - الْغَرِيب انتحل وتنحل ادّعى ووددت ودادة وودادا أَحْبَبْت الْمَعْنى يَقُول اضطررتهم إِلَى ترك الْإِمَارَة فتركوها خوفًا مِنْك وَادعوا حبك وَمَا أظهروه إِلَّا كذبا لَا حَقِيقَة خوفًا مِنْك 29 - الْغَرِيب استفلوا أى انحطوا وانقادوا أى أطاعوا الْمَعْنى يَقُول مَا انحطوا لزهدهم فى المعالى وَلَا أطاعوا سُرُورًا وفرحا بانقيادهم 30 - الْغَرِيب هَب تحرّك واضطرب والحشى مَعْرُوف وَهُوَ دَاخل الْجوف الْجوف بِمَا فِيهِ من الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة وَقَوله رجل الْجَرَاد هى الْقطعَة من الْجَرَاد الْمَعْنى يَقُول تحرّك خوفك وَإِنَّمَا قَالَ تحرّك خوفك وَالْخَوْف عرض لَا يَتَحَرَّك فَإِن التحرك إِنَّمَا يَقع فى الْجَوَاهِر مجَازًا لَا حَقِيقَة وَقَالَ حشاهم فَوضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع وَأَرَادَ أَن ريح الْخَوْف عصفت بهم ففرقتهم كَمَا تفرق الرّيح رجل الْجَرَاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 - الْمَعْنى يُرِيد انهم مَاتُوا خوفًا مِنْك قبل الْمَوْت المحتوم فَلَمَّا عَفَوْت عَنْهُم ومننت عَلَيْهِم أعدتهم قبل الْمعَاد الْمَوْعُود وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة فَجعل عَفوه عَنْهُم بعد الْغَضَب بِمَنْزِلَة الْإِحْيَاء لَهُم وَهَذَا مَنْقُول من قَول أَبى تَمام (مَعادُ المَوْت مَعْرُوفٌ وَلَكِنْ ... نَدَى كَفَّيك فى الدُّنْسا مَعادِى) 32 - الْمَعْنى يَقُول سللت عَلَيْهِم سيوفا فَلَمَّا عَفَوْت عَنْهُم غمدتها وغمد وأغمد لُغَتَانِ وَلَو لم يتوبوا وينقادوا لَك لمحوتهم محو المداد وَهَذَا // معنى حسن // 33 - الْغَرِيب الطريف المستحدث والتلاد الْقَدِيم الْمَعْنى يَقُول الْغَضَب الْحَادِث لَا يغلب الْكَرم الْقَدِيم وَإِن كَانَ قَوِيا لِأَن الطَّارِئ لَا يكون كالقديم والموروث 34 - الْغَرِيب الموالى جمع الْمولى وَهُوَ الولى وأفئدة جمع فؤاد الْمَعْنى يَقُول ألسنتهم تظهر لَك الْمَوَدَّة وَقُلُوبهمْ تظهر لَك الْعَدَاوَة يَقُول لَهُ لَا تغتر بذلك فَإِن تِلْكَ الْأَلْسِنَة الَّتِى تظهر لَك الْمحبَّة تقلبهن الأفئدة الَّتِى تخفى عَنْك الْعَدَاوَة وتضمرها 35 - الْغَرِيب رثى يرثى إِذا رحم والصادى العطشان الْمَعْنى يَقُول كن كالموت فظا غليظا لَا يرحم الباكى إِذا بَكَى من خَوفه ويروى بِمَا يشرب وَهُوَ مَعَ ذَلِك عطشان لِحِرْصِهِ على الإهلاك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَأَنَّهُ لطلبه للشُّرْب بعد الرى صَاد أى لطلب النُّفُوس وَمعنى يرْوى ينَال مَا لَو أدْركهُ لروى وفى مَعْنَاهُ (كالموْتِ ليسَ لهُ رِىّ وَلَا شِبَعٌ ... ) 39 - الْغَرِيب نفر الْجرْح إِذا ورم بعد الْجَبْر الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم يطوون لَك الْعَدَاوَة إِلَى أَن تمكنهم الفرصة فَلَا تبقهم وَقَوله إِذا كَانَ الْبناء على فَسَاد يُرِيد إِذا نبت اللَّحْم على ظَاهره وَله غور فَاسد وَهَذَا من قَول البحترى (إذَا مَا الجُرْحُ رُمَّ عَلى فَسادٍ ... تَبَيَّنَ فِيهِ تفريطُ الطَّبِيبِ) وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الْحَكِيم إِذا كَانَ الْبناء على غير قَوَاعِد كَانَ الْفساد أقرب إِلَيْهِ من الصّلاح // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام // 37 - الْغَرِيب الجماد يُرِيد الصخر والزناد هُوَ الزند الذى يقْدَح بِهِ النَّار الْمَعْنى يَقُول إِن الْعَدَاوَة كامنة فى الْفُؤَاد كمون النَّار فى الزِّنَاد وَالْمَاء فى الجماد وَهَذَا كَقَوْل نصر بن سيار (وإنَّ النَّارَ بالزَّنْدَيْنِ تُوْرَى ... وَإنّ الفِعْلَ يَقْدُمُه الكَلامُ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْأَشْيَاء تكمن وتستتر فَإِذا استترت ظَهرت 38 - الْغَرِيب القتاد شجر لَهُ شوك وَهُوَ الْأَعْظَم وفى الْمثل من دونه خرط القتاد فَأَما القتاد الْأَصْغَر فَهُوَ الذى ثَمَرَته نفاخة كنفاخة الْعشْر الْمَعْنى يَقُول خوف الجبان مِنْك يمنعهُ النّوم كَأَنَّك قد فرشت لجنبه شوك القتاد يُرِيد بالجبان عدوه 39 - الْغَرِيب السهاد امْتنَاع النّوم بِاللَّيْلِ وَلَا يُسمى الْمُتَصَرف فى النَّهَار ساهدا الْمَعْنى يَقُول الْعَدو الذى يخافك إِذا نَام رآك فى نَومه كَأَنَّك قد طعنت كليتيه برمحك فَهُوَ يخَاف أَن يرى ذَلِك وَهُوَ مستيقظ وَهَذَا مَنْقُول من قَول أَشْجَع السلمى (وَعَلى عَدُوّكَ يَا بنَ عَمّ مُحَمَّدٍ ... رَصَدانِ ضَوْءُ الصُّبْحِ وَالإظْلامُ) (فَإِذا تَنَبَّهَ رُعْتَهُ وَإذَا غَفا ... سَلَّتْ عَلَيْهِ سُيُوفَكَ الأحْلامُ) وَذكر المتنبى السهاد للقافية وَالْمرَاد الْيَقَظَة ليقابل بَين الضدين 40 - الْمَعْنى يُرِيد يَا أَبَا الْحُسَيْن وَهُوَ كنية الممدوح مدحت قوما أَشرت بهم فرحت عَنْهُم بِغَيْر شئ حَتَّى إِنَّهُم لم يزودونى شَيْئا عِنْد رحيلى عَنْهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 - الْمَعْنى ظنُّوا أَن مدحى وثنائى عَلَيْهِم لَهُم وَإِنَّمَا كنت أعنيك بِذَاكَ الْمَدْح وَالثنَاء لِأَنَّك تسْتَحقّ الْمَدْح وَالثنَاء دونهم وفى مَعْنَاهُ لأبى نواس (وَإنْ جَرَتِ الألْفاظُ يَوْما بِمِدْحةٍ ... لغيرِكَ إنْسانا فأنْتَ الَّذى نَعْنِى) وَقَالَ كثير وَبَيت أَبى الطّيب أحسن لخلوه عَن الحشو (مَتى مَا أقُلْ فِى آخِرِ الدَّهْرِ مِدْحةٌ ... فمَا هِىَ إلاَّ لابْنِ لَيْلَى المُكَرَّمِ) 42 - الْغَرِيب الفناء الْمنزل الْمَعْنى يُرِيد إنى مرتحل عَنْك بقالبى وقلبى مُقيم بفنائك وَمَا أحسن مَا قَالَ عَن فنائك وَلم يقل عَنْك وَهَذَا كَقَوْل حبيب (مُقِيمُ الظَّنّ عِنْدَكَ والأَمَانىِ ... وَإنْ قَلِقَتْ رِكابِى فِى البِلادِ) 43 - الْمَعْنى يَقُول أَنا حَيْثُمَا تَوَجَّهت وحيثما كنت محبك وضيفك لأنى آكل إِذا غبت عَنْك مَا أعطيتنى فَأَنا ضيفك أَيْن كنت وَهَذَا من قَول حبيب (وَما سافَرْتُ فِى الآفاقِ إِلَّا ... وَمِنْ جَدْوَاكَ رَاحِلَتِى وَزَادِى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 - 1 - الْإِعْرَاب أم الأولى مُتَّصِلَة معادلة للهمزة على معنى أى كَأَنَّهُ قَالَ أى هذَيْن نرى فَهُوَ الْآن مُدع وُقُوع أَحدهمَا لَا محَالة فَجرى ذَلِك مجْرى قَوْلك أزيدا ضَربته أم عمرا أى لست أَشك فى ضربك أَحدهمَا وَلَكِن أَيهمَا هُوَ وَأم الثَّانِيَة مُنْقَطِعَة من الْهمزَة وهى للتحول من شئ إِلَى شئ فَكَأَنَّهُ قَالَ بل الْخلق فى شخص حى أُعِيد فالخلق رفع بِالِابْتِدَاءِ وأعيد خَبره الْغَرِيب الْحلم النّوم وَالْجمع أَحْلَام الْمَعْنى لما رأى حسن الزَّمَان بِهَذَا الممدوح تعجب من ذَلِك فَقَالَ أَهَذا الذى نرَاهُ مَنَام أم زمَان جَدِيد غير مَا نعهده وَانْقطع الِاسْتِفْهَام فَقَالَ بل الْخلق الذى مَاتُوا من قبل أعيدوا فى رجل وَاحِد لِأَنَّهُ قد جمع مَا كَانَ لَهُم من المناقب والمعالى والفضائل والمكارم وَهَذَا كَقَوْل أَبى نواس (وَلَيْسَ على اللهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أنْ يَجْمَعَ العالَمَ فىِ وَاحِدِ) 2 - الإعرب أَضَاء يكون لنا مُتَعَدِّيا ولازما الْمَعْنى يَقُول لما ظهر هَذَا الممدوح سرنا فى ضوئه وبأنواره فصرنا مثل النُّجُوم الَّتِى تسعد ببروجها 3 - الْغَرِيب الْوَلُود الْوَالِد والوليد الْمَوْلُود والبدر الأول هُوَ بدر بن عمار والبدران الْآخرَانِ قمران الْمَعْنى قَالَ الواحدى رَأينَا بِرُؤْيَة بدر وآبائه وَالِد الْقَمَر وقمرا مولودا جعله فى الضياء وَالْحسن والشهرة والعلو كَالْقَمَرِ وَالْقَمَر لَا يكون مولودا وَلَا والدا فَجعله كَالْقَمَرِ الْمَوْلُود وأباه كالوالد للقمر وعنى بالبدرين الآخرين قمرين وَلَو أَرَادَ بهما اسْم الممدوح لم يكن فِيهِ مدح وَلَا صفة قَالَ وَيُقَال الْإِشَارَة فى هَذَا أَن الممدوح فِيهِ معانى البدور من الضَّوْء وَالْحسن والكمال لَا معانى بدر وَاحِد وَقَالَ أَبُو الْفَتْح رَأينَا هَذَا الممدوح وأباه قد ولد مِنْهُ قمر فى الْحسن فَكَأَنَّهُ قد صَار للقمر والدا ورأينا من هَذَا الممدوح قمرا وليدا وَهَذَا أحسن وَالْقَمَر لَا يكون والدا وَلَا مولودا حَقِيقَة وَلكنه أَرَادَ الإغراب وَحسن الصَّنْعَة فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْت قمر وَأَبُوك أَبُو الْقَمَر الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 - الْمَعْنى رِضَاهُ أى الذى يرضاه أى رَضِينَا أَن نسجد لَهُ فَأمرنَا بترك السُّجُود لَهُ فطلبنا رِضَاهُ وَذَلِكَ لاستحقاقه منا غَايَة الخضوع 5 - الْإِعْرَاب أَمِير الأول خبر الِابْتِدَاء والثانى ابْتِدَاء وَإِن شِئْت جعلت الندى ابْتِدَاء وَخَبره أَمِير وبخيل خبر ابْتِدَاء أَو بدل من أَمِير الْمَعْنى يَقُول الْجُود مَالك عَلَيْهِ أمره فَلَا يعصيه فَهُوَ أبدا جواد وَهُوَ بحيل بترك الْجُود وَالْبخل بترك الْجُود غَايَة الْجُود وَالْمعْنَى أَنه لَا يُجيب من يَدعُوهُ إِلَى ترك الْجُود قيل وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى بخيل بِأَن يُقَال لَا يجود والمصراع الأول من قَول النمرى (وَقَفْتُ عَلى حالَيْكُما فإذَا النّدَى ... عَلَيْكَ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أمِيرُ) وَمن قَول أَبى تَمام (أَلا إنَّ النَّدَى أضْحَى أمِيراً ... عَلى مالِ الأمِيرِ أَبى الحُسَيْنِ) 6 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا يجب أَن يمدحه أحد بِحَضْرَتِهِ تنزها عَن ذَلِك الْمَدْح كَأَن لَهُ قلبا من نَفسه يحسده وَقَالَ الواحدى لَا يحب نشر فضائله كَأَنَّهُ لَهُ قلبا يحسده فَلَا يحب إِظْهَار فَضله ومناقبه كَقَوْل الطائى (فَكأنَّماَ نافَسْتَ قَدْرَكَ حَظَّهُ ... وَحَسَدْتَ نفسَكَ حِينَ أنْ لم تُحْسَدِ) اجْتمعَا فى حسد النَّفس وَالْقلب فَأَبُو تَمام يَقُول كَأَنَّمَا نافست قدرك وحسدت نَفسك فطفقت تباهى فى الشّرف وتزيد على كل غَايَة تصل إِلَيْهَا وَإِن كنت مُفردا فِيهَا لَيْسَ لَك فِيهَا شريك وَأَبُو الطّيب يَقُول قَلْبك يحسدك على فضائك فَهُوَ يكره أَن تشتغل بذكرها وَهُوَ نوع آخر من المديح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ يقدم على كل عَظِيم إِلَّا أَنه لَا يقدم على الْفِرَار فَإِنَّهُ عِنْده أعظم من كل هول وَيقدر على كل صَعب إِلَّا أَن يزِيد على مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْقدر الْعَظِيم والشرف والكمال فَإِنَّهُ لَا نِهَايَة لمداه وَالْمعْنَى يقدم على كل شئ إِلَّا الزِّيَادَة فى حَاله وكماله وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطائى (فَلَوْ صَوَّرْتَ نَفْسَكَ لَمْ تَزِدْها ... على مَا فيكَ مِنْ كِرامِ الطِّباعِ) 8 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا وصلت أحدا ببر سعد ببركتك وتشرف بعطيتك فَصَارَ جدا لَهُ وَنَقله الواحدى وَقَالَ يجوز أَن يكون الْمَعْنى الْقَضَاء نحس وَسعد ونوالك سعد كُله فَهُوَ أحد شقى الْقَضَاء قَالَ وروى ابْن دوست فَمَا تعط بِفَتْح الطَّاء تَجدهُ بِالتَّاءِ على الْخطاب وَقَالَ فى تَفْسِيره كَانَ عطاءك للنَّاس قَضَاء يقْضى الله بِهِ وَمَا أَعْطَاك مِنْهُ فَهُوَ عنْدك بِمَنْزِلَة بخت تعطاه وترزقه وَهَذَا تَفْسِير // بَاطِل وَرِوَايَته بَاطِلَة // وَكَلَام من لم يقرإ الدِّيوَان 9 - الْإِعْرَاب ربنما التَّاء للتأنيث وَمَا زَائِدَة وفى رب لُغَات رب مُشَدّدَة ومخففة وربة مُشَدّدَة ومخففة وَرُبمَا مُشَدّدَة ومخففة وربتما مُخَفّفَة ومشددة وَرُبمَا بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْبَاء الْغَرِيب الذبل جمع ذابل وهى الرماح وَكَذَلِكَ السمر هى الرماح والوغى اسْم من أَسمَاء الْحَرْب الْمَعْنى يُرِيد رب حَملَة لَك على أعدائك فى الْحَرْب صرفت بهَا رماحك السمر سُودًا أى بقيت سُودًا لما جف عَلَيْهَا الدَّم وَالدَّم إِذا جف اسود // وَهَذَا كَلَام حسن // 10 - الْإِعْرَاب هول عطف على حمله ومبادا ومبيدا حالان من الرمْح أى تركته مهلما فى حَال إبادتك إِيَّاه وطعنك الْعَدو بِهِ قَالَ الواحدى وَجَمِيع من فسر هَذَا الدِّيوَان جعل مبادا ومبيدا للرمح وَقَالُوا تركته مبلكا وَكَانَ مبيدا وإضمار كَانَ لَا يجوز فى هَذَا الْموضع لِأَنَّهُ لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَقَالَ وَلَا يجوز أَن يكون نَصبه كنصب مبادا لِأَنَّهُ بعد أَن صَار مبادا لَا يكون مبيدا هَذَا كَلَامه وَلم يذكر نَصبه على أى معنى وَالصَّحِيح أَيهمَا حالان من الرمْح وَأما قَول الواحدى لَا يجوز أَن تضمر كَانَ هَهُنَا // فَقَوْل صَحِيح // وَإِنَّمَا تضمر كَانَ إِذا جرى لَهَا ذكر فى أول الْكَلَام كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله حَنِيفا وَلم يَك من الْمُشْركين شاكرا} وَمن وصل أَرَادَ التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فَكَأَنَّهُ قَالَ حَنِيفا شاكرا وَلم يَك من الْمُشْركين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 الْغَرِيب النصل السَّيْف والمبيد المهلك والهول وَاحِد الْأَهْوَال وَهُوَ الْأَمر الْعَظِيم الْمَعْنى رب هول كشفته عَن الْمُسلمين بإقدامك على الْأَعْدَاء وَرب سيف كَسرته بِقُوَّة ضربتك وَرب رمح تركته مهْلكا باستعمالك لَهُ فى الطعْن فحطمته بعد أَن هلك المطعون بِهِ وَمثل هَذَا الْمَعْنى فى السَّيْف قَول البعيث (وإنَّا لنُعطى المشرَفِيَّة حقَّها ... فتَقْطَعُ فى أيمانِنا وتَقَطَّعُ) وَقَول الطائى (وَمَا كنتَ إلاَّ السَّيفَ لاقَى ضَرِيبَةً ... فَقَطَّعَهَا ثُم انْثَنى فتَقَطَّعا) 11 - الْإِعْرَاب وَمَال عطف على قَوْله هول الْغَرِيب الْقرن بِالْكَسْرِ كفؤك فى الشجَاعَة ومماثلك والقرن بِالْفَتْح الذى هُوَ مثلك فى السن يُقَال زيد على قرنى أى سنى الْمَعْنى يُرِيد رب مَال وهبت بِغَيْر موعد بل تعطيه ابْتِدَاء وكفء لَك فى الْحَرْب سبقت إِلَيْهِ من غير تهديد وَهَذَا مَنْقُول بِعَيْنِه من قَوْله أَيْضا (لقدْ حالَ بالسَّيفِ دونَ الوَعيدِ ... وحالَتْ عطاياهُ دون الوُعودِ) 12 - الْإِعْرَاب يهجر الْبَاء مُتَعَلقَة بتمنى وَأَن تكون فى مَوضِع نصب مَفْعُولا لتمنى الْغَرِيب الطلى الْأَعْنَاق والغمود جمع غمد وَهُوَ جفن السَّيْف الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سيوفك مَا تفتر عَن ضرب أعدائك فقد هجرت الأغماد فالطلى تمنت أَن تكون أغمادها لتنال من القطيعة والهجر مَا نَالَتْ الأغماد وَقَالَ الواحدى سيوفك قد هجرت أغمادها لِأَنَّهَا أبدا تضرب فَلَا ترجع إِلَى الأغماد وأعناق أعدائك تتمنى أَن تكون أغمادها لَهَا فَلَا تَجْتَمِع مَعهَا أبدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 وَغلط ابْن دوست فَقَالَ عِنْد سلك السيوف وتفريقك بَينهَا وَبَين أغمادها تمنى أَعْنَاق النَّاس أَن تكون عمودا لَهَا فتغمدها فِيهَا يُرِيد شدَّة حبهم لإغمادها وَلَو كَانَ ذَلِك فى أَعْنَاقهم وَكنت أربأ بِهِ عَن مثل هَذَا الْغَلَط لتصدره فى هَذَا الشَّأْن ونعوذ بِاللَّه من التضيحة أما علم أَن الغمود فى القاقية هى الأغماد الْمَذْكُورَة فى الْبَيْت فَكيف يُفَسر هَذَا وَيَقُول عِنْد سلك السيوف وَمَتى تكون الْبَاء بِمَعْنى عِنْد انْتهى كَلَامه وَقَالَ ابْن القطاع معنى الْبَيْت أَن الطلى تمنت أَن تهجر السيوف أغمادها لِأَنَّهَا إِذا فَارَقت الأغماد لم تعد إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا تمنت النجَاة وَقيل تمنت الطلى الخائفة مِنْك أَن تكون تِلْكَ الطلى الَّتِى صيرتها أغماد السيوف لِأَنَّهَا إِذا أغمدتها فِيهَا لم تعد إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا تمنت أَن ينعكس الحكم فتواصل السيوف تِلْكَ الطلى الَّتِى صَارَت أغمادها فتسلم من الْقَتْل وَهَذَا معنى خفى جدا يُرِيد التَّأَمُّل 13 - الْإِعْرَاب إِلَى مُتَعَلق بِمَا قبله وَالْبَيْت مضمن فى قَول بَعضهم وَإِلَى من صلَة الهجر تَقْدِيره بهجر سيوفك أغمادها إِلَى الْهَام وَقَالَ قوم لَيْسَ مُتَعَلقا بِمَا قبله وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلق بتصدر وتصدر مَعْنَاهَا الْحَال أى صادرة عَن مثل مَا هجرت إِلَيْهِ وَعَن وُرُود مُتَعَلق بقوله صَدرا الْغَرِيب الْهَام الرَّأْس وَقيل هُوَ جمع الهامة والصدر هُوَ الْخُرُوج بعد الرى والورود الدُّخُول إِلَى المَاء الْمَعْنى يَقُول أبدا سيوفك تصدر عَن هام إِلَى هام أُخْرَى فَلَا تأتى الرُّءُوس إِلَّا وَقد صدرت عَن رُءُوس أُخْرَى وصدرها عَمَّا وَردت إِلَيْهِ وُرُود عَن مثل مَا صدرت عَنهُ فهى أبدا صادرة عَن هام إِلَى هام لذَلِك لَا تعود إِلَى أغمادها لِأَنَّهَا لَا شكّ صادرة وواردة 13 - الْمَعْنى يَقُول مَا زلت تقتل النَّاس بالحديد حَتَّى قتلت بهم الْحَدِيد أى كَسرته وثلمته وَهَذَا كَقَوْل حبيب (وَمَا كنتَ إِلَّا السَّيْفَ لاَقى ضَرِيبَةً ... فقَطَّعَها ثمَّ انْثَىَ فتَقَطَّعا) إِلَّا أَن أَبَا تَمام خص السَّيْف وَحده وَهَذَا ذكر الْحَدِيد مُجملا وَهُوَ أبلغ لِأَنَّهُ يدْخل فِيهِ السَّيْف وَغَيره وَقَالَ الواحدى هَذَا مثل قَول حبيب (وَما ماتَ حَتَّى ماتَ مَضْرِبُ سيْفِهِ ... مِن الضربِ واعتلت عَلَيْهِ القنَا السُّمْرُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى عيشهن للأعداء الْغَرِيب أنفدت أفنيت والنفود الفناء قَالَ الله تَعَالَى {لنفد الْبَحْر} أى لفنى الْمَعْنى أفنيت بَقَاء نفوس الْأَعْدَاء أى أهلكتهم وأبقيت فنَاء المَال الذى كنت تملكه وَالْمعْنَى أفنيت أعداءك وأموالك وَقَالَ الواحدى قَالَ ابْن دوست من عيشهن أى من عَيْش السيوف يعْنى أَنَّك كسرتها فى الرؤوس حَتَّى كَأَنَّك قتلتها فَمَاتَتْ وَغلط فى هَذَا أَيْضا لِأَن الْكِنَايَة فى عيشهن تعود إِلَى نفوس الْأَعْدَاء لَا إِلَى السيوف وَلم يتَقَدَّم لفظ السيوف وَإِنَّمَا تقدم ذكر الْحَدِيد 16 - الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّك لإفراط سرورك ببذلك وهباتك تبغى بذلك الْغنى لِأَنَّك تسر بِمَا تعطيه سرُور غَيْرك بِمَا يَأْخُذهُ فعندك الْفقر الْغنى وَإِذا مت فى الْحَرْب ترى أَنَّك مخلد وَهَذَا قَول أَبى الْفَتْح وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا 17 - الْإِعْرَاب خلائق خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هَذَا خلائق هَذَا قَول أَبى الْفَتْح يُرِيد هَذِه خلائق أى مَا ذكر قبل هَذَا وَقَالَ غَيره لَك خلائق تدل عَلَيْك من الْكَرم وَالْفضل ومحاسن الشيم الْمَعْنى هَذِه خلائق تدل على صَاحبهَا وَتَدْعُو إِلَى مَعْرفَته وَآيَة مجد أى وهى عَلامَة مجد أَرَاهَا النَّاس وهم عبيده وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا خلائق يعْنى مَا ذكر فى الْبَيْت الأول يسْتَدلّ بهَا على قدرَة خَالِقهَا لِأَنَّهَا أَخْلَاق عَجِيبَة لَا يقدر عَلَيْهَا إِلَّا الله الْوَاحِد القهار وهى أَيَّة مجد أَرَاهَا الله عباده حَتَّى يستدلوات بهَا على الْمجد والشرف 18 - الْإِعْرَاب مهذبة صفة الْخَلَائق وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بحقرنا الْمَعْنى يَقُول مهذبة هى من الْعَيْب فَلَا عيب فِيهَا حلوة فَكل أحد يعشقها ويستحسنها وَمرَّة لِأَن الْوُصُول إِلَيْهَا صَعب لبذل المَال والمخاطرة بِالنَّفسِ وحقرنا الْبحار لإفراط سخائك وَالْأسود لإفراط إقدامك هَذَا كَلَام أَبى الْفَتْح نَقله الواحدى حرفا فحرفا وَقَالَ يجوز أَن يكون حلوة لأوليائك مرّة لأعدائك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 - 19 - الْإِعْرَاب بعيد خبر الِابْتِدَاء مقدم عَلَيْهِ والابتداء وصفهَا وَلَو نصب لجَاز الْغَرِيب تغول أى تهْلك من غاله إِذا أهلكه الْمَعْنى يَقُول وصف أخلاقك بعيد مستعصب مَعَ قربهَا منا لأَنا نرَاهَا وَلَا نقدر على وصفهَا لِأَنَّهَا تهْلك الظَّن فَلَا يقدر أَن يُدْرِكهَا وتهزل القصائد فَلَا يبلغ الشّعْر غَايَة وصفهَا فهى لَا تُوصَف أبدا بِظَنّ وَلَا بِشعر 20 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى لم تصر وحيدا لِأَنَّك فقدت نظيرا كَانَ لَك بل أَنْت وحيد لم تزل والوحدة لَازِمَة لَك فهى صفة لَك وَقَالَ غَيره أَنْت وحيد بنى آدم فى كل خلائقك وَلست بواجد لَك نظيرا فلست مُفردا من فقدك للنظير فَأَنت غير منفك من هَذِه الْحَال أى أَنْت وحيد لم تزل وَلم يكن لَك نَظِير فَلَمَّا عدم النظير انْفَرَدت بل أَنْت وحيد صفة 1 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم يستعظمون أبياتا وهى تَصْغِير تحقير يُرِيد أَنهم يستعظمونها وَأَنا أحقرها ونأمت هُوَ من نأم الْأسد وَجعل صَوته نئيما إِشَارَة إِلَى أَنه كالأسد لشجاعته وإقدامه نأم الْأسد ينأم إِذا زأر 2 - الْمَعْنى يُرِيد لَو أَن لَهُم عقولا وَقُلُوبًا لأنساهم مَا تضمنته من المواعيد الْحَسَد وَثمّ إِشَارَة إِلَى حَيْثُ هم وَالْمعْنَى لَو أَن لَهُم أَو مَعَهم قلوبا وَهَذَا من بعض حمقه الْمَعْرُوف الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 - 1 - الْإِعْرَاب يجوز فى أَكْثَره الحركات الثَّلَاث فالرفع على أَن يكون بله بِمَعْنى كَيفَ كَمَا تَقول كَيفَ زيد وَالنّصب على أَن يكون بله بِمَعْنى دع وَهُوَ أَجود الثَّلَاث والجر على أَن بله بِمَعْنى الْمصدر فإضافتها إِلَى أَكْثَره كَقَوْل تَعَالَى {فَضرب الرّقاب} وَقيل هى اسْم سمى بهَا الْفِعْل وَمَعْنَاهُ دع كَمَا قَالُوا صه بِمَعْنى اسْكُتْ ومه بِمَعْنى لَا تفعل وَقَالَ قوم بله لَو كَانَ مصدرا لوجد فعله وَلَيْسَ يعرف لَهُ تصرف وَهُوَ بِمَنْزِلَة صه ومه وَقد جَاءَت مصَادر لَا أَفعَال لَهَا نَحْو ويل وويح الْغَرِيب الْجد الْحَظ الْمَعْنى قَالَ الواحدى معنى المصراع الأول من هَذَا الْبَيْت إنى لَا أفعل شَيْئا إِلَّا ومغزاى الْمجد وإياه أطلب وَلَو صرح بِالْأَقَلِّ لقَالَ نومى وأكلى وشربى للمجد وَلَو صرح بِالْأَكْثَرِ لقَالَ تغريرى بنفسى وركوبى المهالك وشهودى الْحَرْب كُله مجد أى لأجل الْمجد وتحصيله يَقُول إِذا عرفت كَون الْأَقَل مجدا أَغْنَاك ذَاك عَن تعرف الْأَكْثَر وَقَوله {ذَا الْجد} مَعْنَاهُ أَن الْجد فى طلب الْمجد جد معجل لِأَن اسْتِعْمَال الْجد فى الْأُمُور جد لِأَنَّهُ يسْتَمر عَادَة بِاسْتِعْمَال الْجد فى الْأُمُور وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَي فَلَو لم يكن عندى غير هَذَا الْجد فى أمرى وَترك التوانى لقد كَانَ جدا لى وَذَا الْجد الذى أَنا عَلَيْهِ من أمرى فِيهِ حَظّ نلْت مَا أطلبه أولم أنله 2 - الْغَرِيب مَشَايِخ جمع شيخ وَكَذَا مشيخة ومشيخة بِسُكُون الشين وَكسرهَا وأشياخ وشيوخ واللثام مَا يَجْعَل على الْوَجْه من فَاضل الْعِمَامَة الْمَعْنى يَقُول سأطلب حقى يُرِيد أَنه يطْلب حَقه بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ فكنى عَن نَفسه بالقنا والمشايخ عَن أَصْحَابه وَأَرَادَ أَنهم محنكون مجربون فَلذَلِك جعلهم مَشَايِخ وَأَرَادَ أَنهم لَا يفارقون الْحَرْب فَلهَذَا لَا يُفَارِقهُ اللثام فكأنهم مرد حَيْثُ لم تَرَ لحاهم كَمَا لَا ترى لحى المرد 3 - الْإِعْرَاب ثقال بدل من قَوْله مَشَايِخ وَمَا بعده نعت لَهُ الْمَعْنى يَقُول هم ثقال لشدَّة وطأتهم على الْأَعْدَاء أَو لثباتهم عِنْد الملاقاة وخفاف يخفون إِذا دعوا للنجدة وَلَا يتثاقلون عَن النُّصْرَة وَكثير إِذا شدوا أى يَفْعَلُونَ أفعالا كَثِيرَة فيسد الْوَاحِد مسد الْألف وهم على قلتهم يكفون كِفَايَة الدهم الْعَظِيم وَقَالَ أَبُو القتح وَصفهم بالقلة لأَنهم إِذا انتصفوا من أعدائهم وغلبوهم فى قلَّة عَددهمْ فَهُوَ أَفْخَر لَهُم من الْكَثْرَة الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 - الْإِعْرَاب وَطعن عطف مَا قبله من الْمَجْرُور الْمَعْنى يَقُول كَأَن طعن النَّاس عِنْد ذَلِك لَا طعن لِشِدَّتِهِ وقصور طعن النَّاس عَنهُ فَكل طعن بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ كلاطعن وَضرب حَار كَأَن النَّار بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ برد وكل هَذَا مُبَالغَة وَالْهَاء فى عِنْده عَائِدَة على الطعْن الأول وَلَا طعن عِنْده الْجُمْلَة فى مَوضِع رفع لِأَنَّهَا خبر كَأَن وَبرد يُرِيد ذَات برد فَحذف الْمُضَاف للْعلم بِهِ 5 - الْغَرِيب السابح الْفرس السَّرِيع الجرى كَأَنَّهُ يسبح فى جريه والشهد الْعَسَل الْمَعْنى يُرِيد أَنه مُطَاع فى قومه مَتى شَاءَ أحاطت بِهِ رجال يستعذبون الْمَوْت كَمَا يستحلى الْعَسَل يُرِيد إِذا دعوتهم أجابونى محيطين بى على كل فرس سابح وَأَرَادَ فى أفواهها فأوقع الْوَاحِد موقع الْجمع وَمثله (وأمَّا جِلدهُ فَصَلِيبُ ... ) وَهَذَا مِمَّا اعتاده من الحماقة وَلَو قَالَ هَذَا على بن حمدَان سيف الدولة لأخذ عَلَيْهِ 6 - الْغَرِيب الفدم الغبى من الرِّجَال والوغد اللَّئِيم الضَّعِيف وَيُقَال الفدم الغبى من الرِّجَال وَهُوَ الذى لَا يقدر على الْكَلَام الْمَعْنى صغر الْأَهْل تحقيرا لَهُم فَيَقُول إِذا كَانَ لأعْلم فدما فَكيف الْجَاهِل وَكَانَ حَقه أَن يَقُول فأنطقهم فدم لِأَن الفدامة لَا تنافى الْعلم لكنه أَرَادَ أَن الأعلم مِنْهُم لَا يقدر على النُّطْق وَهُوَ عيب شَدِيد فى الرِّجَال فَكَأَنَّهُ قَالَ أعلمهم ناقصوقال الْخَطِيب ارادأن يَقُول اعلمهم جَاهِل وأحزمهم أخرق 7 - الْمَعْنى يَقُول أكْرمهم فى خسة الْكَلْب وأبصرهم من البصيرة أعمى الْقلب وَأَكْثَرهم سهادا ينَام نوم الفهد وَبِه يضْرب الْمثل فى النّوم يُقَال أنوم من فَهد - وَمِنْه حَدِيث أم زرع " إِن دخل فَهد وَإِن خرج أَسد وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد " تَقول إِن دخل الْبَيْت نَام فَإِن خرج أَسد أى أَتَى بالفريسة وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد كرما مِنْهُ وَيضْرب الْمثل فى الْجُبْن بالقرد يُقَال إِن القرد لَا ينَام إِلَّا فى كَفه حجر لشدَّة الْفَزع وَلَا ينَام اللَّيْل حَتَّى يجْتَمع إِلَيْهِ الْكثير 8 - الْإِعْرَاب ان يرى فى مَوضِع رفع لِأَنَّهُ ابْتِدَاء وَقَوله بُد اسْم مَا المشبهة بليس وَالْجَار وَالْمَجْرُور فى مَوضِع الْخَبَر وَتَقْدِيره مَا من إِظْهَار صداقته فَحذف الْمُضَاف الْمَعْنى يَقُول من نكد الدُّنْيَا وَقلة خَيرهَا أَن الْحر يحْتَاج فِيهَا إِلَى إِظْهَار صداقة عدوه ليأمن شَره وَهُوَ يعلم انه عدوه وَهُوَ لَا يجد بدا من أَن يرِيه الصداقة من نَفسه دفعا لغائلته وَأَرَادَ مَا من مداجاته وَلكنه سمى المداجاة صداقة لما كَانَت فى صُورَة الصداقة وَلما كَانَ النَّاس يحسبونها صداقة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ مَا من مداجاته لَكَانَ أشبه والذى قَالَه أحسن فى اللَّفْظ وَأقوى فى الْمَعْنى وَحسنه أَنه ذكر الْعَدو وضده وفى قُوَّة الْمَعْنى أَن المداجى المسائر للعداوة وَقد يساتر الْعَدَاوَة من لَا يظْهر الصداقة فَإِذا أظهر الصداقة لم يكن لَهُ من إظهارها بُد فَهُوَ يعانى من ذَلِك أمرا عَظِيما ونكدا فى الْحَيَاة فَهُوَ أَسْوَأ حَالا من المداجى وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا السُّلْطَان الذى لابد من صداقته بإخلاص القَوْل وَالنِّيَّة فبأيها أخل دخل مِنْهُ الضَّرَر 9 - الْغَرِيب الغوانى جمع غانية وهى الْمَرْأَة الَّتِى غنيت بحسنها الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى أحب الْحَيَاة فى الدُّنْيَا وَلما أرى من سوء أَفعَال أَهلهَا زهدت فِيهَا وَقَالَ ابْن فورجة وَلَيْسَ فى الْبَيْت مَا يدل على أَنه يحب الْحَيَاة فى الدُّنْيَا بل فِيهِ تَصْرِيح أَنه قد ملها فدعواه أَنه يُحِبهَا محَال وَإِنَّمَا ملالته لَهَا لما يُشَاهد من قبح صنيعها من إِبْدَال النعمى بالبؤسى واسترجاع مَا تهب والإساءة إِلَى أهل الْفضل وقعودها بهم عَمَّا يستحقونه وَقد أَجَاد أَبُو الْعَلَاء المعرى فى قَوْله (وقدْ عَرّضْتُ عنِ الدُّنيا فهَل زمنى ... مُعْطِى حياتى لغير بعد مَا عَرَضا) الْمَعْنى يَقُول أَبُو الطّيب قد مللتها وَإِن لم أستوف مِنْهَا وبى إِعْرَاض عَن نسائها وَإِن وصلننى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 - الْمَعْنى يَقُول صاحباى وخليلاى حزن وعبرة بعد من فقدته فهما لَا يفارقانى وَلست أفقدهما فَجعل الْحزن وَالْعبْرَة خليلين لَهُ لِأَنَّهُمَا لزماه وَلم يفارقاه فَالْمَعْنى فقدت من كنت أحبه وَهَذَانِ الْحزن وَالْعبْرَة قد لازمانى فلست أفقدهما وَهَذَا // معنى جيد وسبك حسن // 11 - الْمَعْنى يَقُول كلما بَكت باكية كَأَن دموعها تمر بجفنى كَمَا تمر بخدها فلست أَخْلو من بكاء ودموع كَمَا لَا تَخْلُو الدُّنْيَا من باكية تجرى دموعها قَالَ الواحدى أى لَا تَخْلُو جفونى من الدُّمُوع فَكَأَن جفونى خد كل باكية فى الدُّنْيَا يُرِيد ان مَا يسيل من جفونه مثل الذى يسيل على خد كل باكية 12 - الْغَرِيب النغبة الجرعة وَالْجمع نغب والربد النعام يُقَال ظليم أُرِيد ونعامة ربداء لما فى لَوْنهَا من السوَاد الْمَعْنى يصف نَفسه بقلة شرب المَاء وَهُوَ دَلِيل على قلَّة الْأكل وَأَنه يصبر على الْعَطش صَبر النعام عَلَيْهِ فَإِنَّهَا لَا ترد المَاء وَبِهَذَا يذكر جلده وشدته 13 - الْغَرِيب السنان هُوَ عَامل الرمْح والطية الْمَكَان الذى تطوى إِلَيْهِ الرَّوَاحِل قَالَ الشنفرى (وشُدَّتْ لِطِيَّاتٍ مَطايا وأرْحلُ ... ) وأطوى أجوع أطوى بطنى عَن الزَّاد والمجلحة الذئاب المصممة الْمَاضِيَة والتجليح الْإِقْدَام والتصميم وَالْعقد جمع أعقد وَهُوَ الذى فى ذَنبه عقدَة وَقيل الذى انْعَقَد لَحْمه ضمرا وهزالا والذئاب أَصْبِر السبَاع على الْجُوع الْمَعْنى يَقُول أَنا أطوى بطنى على الْجُوع وأمضى فى أمرى مسرعا كَمَا يمضى السنان وأجوع وأصبر وَالْعرب تمتدح بقلة الطّعْم وَالصَّبْر على الْجُوع كَقَوْل الْأَعْمَش (تكْفِيهِ حُزَّة فِلْذٍ إِن أَلَّم بِهَا ... ) 14 - الْغَرِيب الْجهد بِالضَّمِّ الطَّاقَة وبالفتح الْمَشَقَّة وَقيل هما لُغَتَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 الْمَعْنى يَقُول الاغتياب جهد من لَا طَاقَة لَهُ فَإِنَّمَا يغتاب النَّاس من لَا قدرَة لَهُ فَلَا أجازى عدوى بالاغتباب فَإِن ذَلِك طَاقَة من لَا طَاقَة لَهُ بمواجهة عدوه ومحاربته كَقَوْل الآخر (ونَشْتُم بالأفْعالِ لَا بالتَّكلُّمِ ... ) 15 - الْغَرِيب العى عيب يكون فى النُّطْق والغبا مثل الغباوة وهى ضد الفطنة وأصل العى الانحصار عَن الْحجَّة الْمَعْنى يَقُول إِذا نظرت إِلَى قوم من أهل العى وَقلة الفطنة رحمتهم وَإِذا أبغضونى عذرتهم لأَنهم أضدادى لبعد مَا بَيْننَا ومفعول أعذر مَحْذُوف يحذف كثيرا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأُوتِيت من كل شئ} أى شَيْئا 16 - الْإِعْرَاب رفع عِنْد وهى لَا تسْتَعْمل إِلَّا ظرفا لِأَنَّهُ حمل الْكَلَام على الْمَعْنى فَكَأَنَّهُ قَالَ يضيق بهَا الْمَكَان وكقول الرجل لصَاحبه ينازعه فى الْأَمر كَذَا عندى فَيَقُول الآخر أولك عندى أى أولك فهم فَجَعلهَا اسْما وَعند أوسع من أخواتها الظروف لِأَن الْقَائِل إِذا قَالَ فَوق وَتَحْت ووراء وَقُدَّام فقد خص جِهَة من الْجِهَات الْمَذْكُورَة وَإِذا قَالَ الْخَيْر عِنْد فلَان احْتمل الْكَلَام أَن يكون فى كل الْجِهَات وَقَالَ يُونُس يَوْمًا فى كَلَامه عِنْد فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة أيقال عِنْد فَقَالَ نعم يُقَال عِنْد وَعند وَعند وَعند 1 وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة مَا كَانَ عندى ذَلِك فَقَالَ لَهُ أَو لَك عِنْد وَقَالَ الطائى (ومَا زَالَ مَنْشُوراً عَلىَّ نَوَالُهُ ... وَعنْدى حَتَّى قدْ بَقِيتُ بلاِ عِنْدِ) 17 - الْغَرِيب الشَّمَائِل الْأَخْلَاق الْمَعْنى يَقُول إِذا رَأَيْت أخلاقه علمت أَنه يعطيك فهى تقوم مقَام الْوَعْد ويروى توالى أى تتوالى يُرِيد تأتى بِلَا وعد 18 - الْمَعْنى يَقُول سريت ومعى السَّيْف الذى طبعته الْهِنْد صاحبى أى مصاحبى يُرِيد سَيْفه مصاحبا لَهُ إِلَى سيف أى إِنْسَان فى مضائه كالسيف لَكِن الله طابعه لَا الْهِنْد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 - الْإِعْرَاب رفع حسام يجوز أَن يكون فَاعِلا لهز وَيجوز أَن يكون الْكَلَام قد تمّ عِنْد قَوْله إِلَى فَهُوَ خبر ابْتِدَاء أى هُوَ حسام وَقَالَ أَبُو الْفَتْح جعله هُوَ الحسام فَلم ينصبه فرفعه وَهُوَ أمدح من نَصبه على الْحَال لِأَن الْحَال غير لَازِمَة الْمَعْنى يَقُول لما قدمت عَلَيْهِ ورآنى مُقبلا هز نَفسه للْقِيَام إِلَى وَقَوله (كل صفح لَهُ حد ... ) // من أحسن الْكَلَام وجيده // وَالْمعْنَى كل وَجه مِنْهُ حد ينفذ فى أعدائه 20 - الْمَعْنى جعله بحرا وأسدا للْمُبَالَغَة وَالْمعْنَى لم أر رجلا قبلى مَشى إِلَيْهِ الْبَحْر وعانقته الْأسد وَقَالَ الواحدى تَحْقِيق الْكَلَام من مَشى نَحوه رجل كالبحر فى الْجُود وعانقه رجل كالأسد فى الشجَاعَة 21 - الْمَعْنى يُرِيد بالعاصيات الشَّدِيدَة الممتنعة من النزع يصف قوسه بالشدة وَإِنَّمَا تُطِيعهُ إِذا جذبها حبا لَهُ وتعصى فى غير أنامله 22 - الْإِعْرَاب يُمكنهُ مَعْطُوف على يُصِيب لَا على يكَاد الْمَعْنى يُرِيد أَن الْإِصَابَة من قبله لمسارعتها تكَاد تسبق رميه وَيُمكن السهْم لانقياده لَهُ أَن يرجع من طَرِيقه وَهَذَا مُبَالغَة فى وصف اقتداره على الرمى وكل هَذَا من الْمُبَالغَة 23 - الْإِعْرَاب وَينفذ الْوَجْه أَن يعطفه على يُمكنهُ لَا على يكَاد لِأَنَّك إِذا حَملته على يكَاد ادعيت فِيهِ الْحَقِيقَة وَهَذَا مِمَّا لَا حَقِيقَة لَهُ وَقَالَ أَبُو الْعَلَاء وَإِذا عطفته على يكَاد فَفِيهِ سرف وَفِيه إغرابات المتنبى فى شعره ويقوى ذَلِك أَيْضا أَن يكون أَرَادَ بِهِ فى الْحَقِيقَة يُصِيب عقد الشعرة الْمَعْنى يَقُول يُصِيب سهمة كل شئ فَإِذا رمى فى أضيق شئ فى ليل أسود أنفذه لجودة رميه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 - الْغَرِيب يزدهى يُحَرك ويستخف والذرائع الْوَسَائِل وهى جملَة وَسِيلَة وَفُلَان ذريعتى إِلَى السُّلْطَان وهى مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الشئ الْمَطْلُوب الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا هجو كَأَنَّهُ قَالَ بنفسى غَيْرك أَيهَا الممدوح لأنى أزدهيك بالخديعة وأسخر مِنْك بِهَذَا القَوْل لِأَن هَذَا مِمَّا لَا يجوز مثله قَالَ وَهَذَا مذْهبه فى أَكثر شعره لِأَنَّهُ يطوى الْمَدْح على هجاء حذقا مِنْهُ بصنعة الشّعْر كَمَا يَقُول فى كافور من أَبْيَات ظَاهرهَا مدح وباطنها هجاء قَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا فعل ذَلِك فى مدائح كافور استهزاء بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ عبدا أسود لم يكن يفهم شَيْئا وَلم يفهم مَا ينشده فَأَما على بن مُحَمَّد بن سيار فَمن صميم بنى تَمِيم عربى لم يزل يمدح وتنتابه الشُّعَرَاء وَلَيْسَ فى هَذَا الْبَيْت مَا يدل على أَنه يعْنى بِهِ غَيره بل يعنيه بِهِ يَقُول بنفسى أَنْت وَوَصفه وأتبع ذَلِك بأوصاف كَثِيرَة على نسق وَاحِد لَو كَانَت كلهَا وَصفا لغيره كَانَت هَذِه القصيدة خَالِيَة من مدحه وَلَيْسَ فى إِنْفَاذ الرمى فى عقدَة من شعره فى ليل مظلم أول محَال ادّعى للممدوح وَمَا هَذَا إِلَّا هوس عرض لَهُ فقذفه 25 - الْمَعْنى يَقُول من بعد عَن فنائك افْتقر وَمن قرب إِلَيْك اسْتغنى لِأَن عرضك حر لَا كَلَام فِيهِ عَزِيز كعزة الْحر وَمَالك عبد لإهانته عَلَيْك فَهُوَ مبذول لكل طَالب وَقد أحسن فى الْمُقَابلَة فى الْقرب والبعد والغنى والفقر وَالْحريَّة والعبودية 26 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يصنع الْمَعْرُوف مَعَ الْمُسْتَحقّين وَيُعْطى من لَهُ قدر وَمن يزكو عِنْده الْمَعْرُوف ويمنعه من كل سَاقِط إِذا ذمّ أحدا فقد مدحه يصفه بالتيقظ وَمَعْرِفَة مَا يأتى وَمَا يدع وَنَقله الواحدى وَزَاد يعْطى ذوى الْقدر ويبدؤهم قبل أَن يسألوه قَالَ الشريف بن الشجرى لما ذكر كَلَام أَبى الْفَتْح لَا يَخْلُو من أحد مَعْنيين أَحدهمَا أَنه يورى عَن الذَّم الصَّرِيح بِكَلَام يشبه الْمَدْح أَو يُرِيد أَنه يضع الْمَدْح الصَّرِيح مَوضِع الذَّم وَلَيْسَ يلْحقهُ بِهَذَيْنِ عيب وَلَا يسْتَحق أَن يحرم مَعْرُوفا وَالْمعْنَى غير مَا ذهب إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه وصف الممدوح بالتيقظ وَمَعْرِفَة مَا يأتى وَمَا يذر فَيَضَع الصَّنَائِع فى موَاضعهَا وَيُعْطى ذوى الأقدار قبل أَن يسألوه كَمَا قيل السخى من جاد بِمَالِه تَبَرعا وكف عَن أَمْوَال النَّاس تورعا وَيمْنَع مَاله من كل دنئ إِذا ذمَّة النَّاس فقد مدحوه الذَّم لَهُ مقَام الْمَدْح لغيره وَالْمعْنَى أَنه يقل عَن الهجاء والذم كَمَا قَالَ (صغُرتَ عَن المديحِ فقلتَ أُهْجى ... كأنَّك مَا صَغُرْتَ عَن الهِجاء) والذم مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَالْفَاعِل مَحْذُوف وَالتَّقْدِير من ذمّ النَّاس إِيَّاه كَقَوْلِه تَعَالَى {لقد ظلمك بسؤال نعجتك} أى بسؤاله وَأَبُو الْفَتْح ذهب إِلَى أَن الذَّم مُضَاف إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول مَحْذُوف ففسر على هَذَا التَّقْدِير فأفسد الْمَعْنى لِأَنَّهُ أَرَادَ من ذمه النَّاس حمد وَمن فى قَوْله نكرَة وَالْجُمْلَة بعده نعت لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ من كل إِنْسَان ذمه حمد وَلَا يجوز أَن يكون بِمَعْنى الذى لِأَن كلا لَا يُضَاف إِلَى معرفَة إِلَّا أَن يكون مِمَّا يَصح تبعيضه كَقَوْلِك رَأَيْت كل الْبَلَد وَلَا تَقول لقِيت كل الرجل الذى أكرمته فَإِن قلت كل رجل أكرمته حسن ذَلِك وَصحت إِضَافَته إِلَى الْمُفْرد النكرَة كَمَا تصح إِضَافَته إِلَى الْجمع الْمعرفَة نَحْو لقِيت كل الرِّجَال الَّذين أكرمتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يحتقر الحساد عَن أَن يتَكَلَّم فيهم وَإِذا لم يذكرهم كَانُوا كَأَنَّهُمْ معدومون لم يخلقوا بعد لِأَن من لم يذكرهُ سقط عَن ذكر النَّاس وذل قدره وَهَذَا كَقَوْل الْأَعْوَر (إِذا صَبَّحَتْنِى من أُناسٍ ثعالبٌ ... لأدفَعَ مَا قالُوا منحتُهُمُ حَقْرا) 28 - الْغَرِيب الحقد الضغن وَالْجمع أحقاد حقد عَلَيْهِ يحقد حقدا وحقد عَلَيْهِ بِالْكَسْرِ حقدا لُغَة فِيهِ وأحقده غَيره وَرجل حقود الْمَعْنى يَقُول أعداؤه يأمنون جَانِبه لَا من ضعف وَلَا من قلَّة وَلَكِن حقده على قدر الذَّنب فَإِن كَانَ حَقِيرًا لم يحقد عَلَيْهِ وَإِذا لم يحقد أَمن الذَّنب وَالْمعْنَى أَنه يحقر أعداءه وَلَا يعبأ بهم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَيْسَ يُؤَاخذ بِقدر جرمه وَإِنَّمَا يُؤَاخذ على قدر الذَّنب وَلَا قدر عِنْده لمن أجرم فَهُوَ لَا يعبأ بِأحد من أعدائه لِأَنَّهُ أكبر قدرا من أَن يُعَاقب مثلهم 29 - الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ جدك مَاتَ وفنى عمره فَإِن فضائله ومحاسنه انْتَقَلت إِلَيْك فَلم يفقد إِلَّا شخصه كَمَاء الْورْد يبْقى بعد الْورْد فَيكون أفضل مِنْهُ وَهَذَا فِيهِ تَفْضِيل الْفَرْع على الأَصْل وَقد كَرَّرَه فى مَوَاضِع فَقَالَ (فَإِن تَكُنْ تغلبُ الغَلْباءُ عُنْصُرَها ... فإنَّ فى الخمرِ مَعنى ليسَ فى العِنَبِ) وَمثله (فإنْ تَفُق الأنَامَ وأنْتَ مِنْهُمْ ... فإنَّ المِسْكَ بَعْضُ دَمِ الغَزَالِ) أَخذه السرى الموصلى فَقَالَ (يُحْيِى بِحُسْنِ فِعالِهِ ... أفْعالَ وَالِدِهِ الحُلاحِلْ) (كالْوَرْدِ زَالَ وَماؤُهُ ... عَبِقُ الرَّوَائِح غَيْرُ زَائِلْ) 30 - الْإِعْرَاب عطف وَبَنوهُ على الضَّمِير الْمَرْفُوع وَهُوَ مَذْهَب أهل الْكُوفَة وَمنعه أهل الْبَصَر وَحجَّتنَا مَجِيئه فى الْكتاب الْعَزِيز وفى أشعار الْعَرَب ففى الْكتاب الْعَزِيز (ذُو مرّة فَاسْتَوَى وَهُوَ بالأفقد الْأَعْلَى) أى فَاسْتَوَى جِبْرِيل وَمُحَمّد فعطف وَهُوَ على الضَّمِير المستكن فى اسْتَوَى فَدلَّ على جَوَازه وفى الشّعْر قَول عمر بن أَبى ربيعَة المخزومى (قلْتُ إذْ أَقبلت وزُهرٌ تهادَى ... كِنِعاج الفلا تعَسَّفْن رَمْلاً) فقطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع فى أَقبلت من غير توكيد وَقَالَ الآخر (وَرَجا الأُخَيطِلُ من سفاهة رأيِهِ ... مَا لم يكن وأبٌ لهُ ليَنَالا) فعطف على الضَّمِير المستكن فى يكن من غير توكيد وَحجَّة الْبَصرِيين أَنه قد جَاءَ فى الْكتاب الْعَزِيز بالتوكيد نَحْو {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} و {اذْهَبْ أَنْت وَرَبك} و {يراكم هُوَ وقبيله} وَقَالُوا لَا يخلوا إِمَّا أَن يكون مُقَدرا فى الْفِعْل أَو ملفوظا بِهِ فَإِن يَك مُقَدرا نَحْو قَامَ وَزيد فَكَأَنَّهُ قد عطف اسماعلى فعل وَإِن كَانَ ملفوظا بِهِ نَحْو قُمْت وَزيد فالتاء منزلَة منزل الْجُزْء من الْفِعْل فَصَارَ كعطف الِاسْم على الْفِعْل الْمَعْنى يَقُول مضى سيار وَبَنوهُ وانفردت أَنْت بفضائلهم وَألف كواحد فقد اجْتمع فِيك مَا كَانَ فى ألف وأنث الضَّمِير وَالْألف مُذَكّر لِأَنَّهُ أَرَادَ الْجَمَاعَة وَهَذَا // معنى حسن // وَمثله (وَما النَّاسُ إِلَّا وَاحِدٌ كقَبِيلَةٍ ... يُعَدُّ وألْفُ لَا يُعَدُّ بواحِدِ) وَقَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن دُرَيْد الأزدى والنَّاسُ ألْفٌ مِنْهُمْ كوَاحدٍ ... ووَاحِدٌ كالألْفِ إنْ أمرٌ عَنَّا) والبحترى (وَلمْ أرَ مِثْلَ النَّاسِ لَمَّا تَفاوَتُوا بخَيرٍ إِلَى أنْ عُدَّ أَلْفٌ بوَاحِدِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 - الْغَرِيب الغر الْبيض وَالْعرب تحْتَاج بَيَاض الْوُجُوه وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ الطَّهَارَة مِمَّا يعاب ويكنون عَن الْعَيْب والفضيحة بسواد الْوُجُوه وَقَوله وَمَعْرِفَة عد أى قديمَة كَثِيرَة وَلَا تَنْقَطِع مادتها كَالْمَاءِ الْعد وَهُوَ الذى لَا ينْزح وَقَوله لد جمع أَلد وَهُوَ الشَّديد الْخُصُومَة قَالَ الله تَعَالَى {وَهُوَ أَلد الْخِصَام} الْمَعْنى لَهُم الضَّمِير لآل سيار الَّذين انْفَرد هَذَا الممدوح بفضائلهم أوجه بيض نقية من الْعَيْب وأيد كَرِيمَة تجود على كل أحد وَمَعْرِفَة قديمَة وألسنة فصيحة عِنْد الْجِدَال وَعند الْكَلَام وَعند الْخُصُومَة 32 - الْغَرِيب أردية خضر لأَنهم مُلُوك والأخضر أفضل الألوان والخضرة تدل على الخصب وسعة الْعَيْش وَقَوله ملك مطاعة ... ) أنث لِأَنَّهُ أَرَادَ المملكة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ السُّلْطَان لِأَنَّهُ مؤنث وَالْعرب تَقول أخذت فلَانا السُّلْطَان ومركوزة مَنْصُوبَة والسمر القنا ومقربة الْخَيل المدناة من الْبيُوت للْحَاجة إِلَيْهَا أَو للبخل بهَا فَلَا ترسل إِلَى المرعى والجرد الْقصار الشّعْر الْمَعْنى يُرِيد وَلَهُم أردية خضر لأَنهم مُلُوك وَلِأَن خضرَة الرِّدَاء يكنى بهَا عَن السِّيَادَة ومملكة وسلطان مطاعة وَسمر قِنَا مركوزة وخيل جرد معدة للحرب 33 - الْإِعْرَاب مَا مَاتُوا حذف الْفَاء ضَرُورَة والأجود أَن يُقَال فَمَا مَاتُوا وَمثله (من يفعل الْحَسَنَات الله يشكرها ... وَالشَّر بِالشَّرِّ عِنْد الله مثلان) أَرَادَ فَالله فَحذف الْفَاء ضَرُورَة وَمَا الأولى شريطية وَالثَّانيَِة نَافِيَة الْغَرِيب تَمِيم بن مر وأد بن طابخة قبيلتان مشهورتان من الْعَرَب ينْسب إِلَيْهَا الممدوح التميمى الْمَعْنى يَقُول إِذا كنت حَيا مَوْجُودا لم يغب عَن النَّاس أحد من هَؤُلَاءِ لِأَن جَمِيع مَا كَانُوا فِيهِ هم وأبواهم قد جمع فِيك ففضائلهم ومناقبهم مَوْجُودَة فِيك فهم حِينَئِذٍ بك أَحيَاء لَا أموات 34 - الْمَعْنى يُرِيد أَن فضائله كَثِيرَة يظْهر لَهُ بَعْضهَا فيذكر مِنْهُ بعضه وَلَا يظْهر لَهُ كلهَا فَيَقُول أَنا ذَاكر من فضائله بعض الذى يَبْدُو وَهُوَ بعض الذى يخفى على فَأَنا أذكر بعض مَا يظْهر لى من فضائله وَقَالَ أَبُو الْفَتْح تَقْدِير الْكَلَام الذى يَبْدُو مثل الذى يخفى فَحذف الْمُضَاف وَلَا يتَّجه على هَذَا لِأَن البادى غير الخافى فَلَا يكون باديا خافيا فى حَال وَاحِد 35 - الْمَعْنى يَقُول من لامنى فى وده لمته بِمَا وَصفته من فَضله فَتبين أَن من أحبه لَا يسْتَحق اللوم وَأَنه أهل أَن يحب وَحقّ لَهُ منى الْمحبَّة لِأَنَّهُ خير الْأُمَرَاء وَأَنا خير الشُّعَرَاء وحقيق على اهل الْخَيْر أَن يود بَعضهم بَعْضًا هَذَا قَول أَبى الْفَتْح وَكَذَا نَقله الواحدى 36 - الْإِعْرَاب كَذَا الْكَاف لتشبيه مَا وصف أى هُوَ كَذَلِك أى كَمَا وصفت الْغَرِيب الْجَعْد السخى شبه بالثرى الْجَعْد وَهُوَ الندى وَإِذا قيل فلَان جعد الْيَدَيْنِ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ الْبُخْل لَا غير الْمَعْنى يَقُول هُوَ كَذَا كَمَا وصفت لكم من فضائله فَلَا تتازعوه وتباعدوه عَنهُ حَتَّى يمضى فى طَرِيقه إِلَى المعالى وَيجوز أَن يكون كَذَا إِشَارَة إِلَى التنحى الذى أَمرهم بِهِ وَالْمعْنَى قد تنحيتم وبلغتم فى الْبعد عَن غَايَته الْغَايَة وَكَذَا يجب وَيكون كَذَا مَنْصُوبًا بِفعل مُضْمر أى تنحوا كَذَا 37 - الْمَعْنى يَقُول أَنْتُم مِنْهُ كالتراب من الْمسك والند فَلَا يكون بَينهمَا مُنَازعَة كَذَلِك أَنْتُم لَا يكون فى طباعكم أَن تنازعوه الْعلَا وَأَيْنَ التُّرَاب من الْمسك والند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 - 1 - للغريب التوءم مَا يكون مَعَ غَيره فى بطن وَاحِد فتلد الْمَرْأَة اثْنَيْنِ أَو الشَّاة أَو غَيرهمَا وَيُقَال للاثنين إِذا ولدا فى بطن هما توءمان وفى التَّأْنِيث توءمة وتوءمتان وَالْجمع توائم وتوام قَالَ عنترة (بَطَلٌ كأنَّ ثِيابَهُ فِى سَرْحَةٍ ... يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ ليسَ بتَوْءَمِ) 2 - الْمَعْنى يَقُول أما الْفِرَاق فَأَنا أعهده وَأرَاهُ دَائِما وَهُوَ توءمى أى ولد معى أى كَأَن الْبَين مَوْلُود يُرِيد أَنا لَا أَنْفك من فِرَاق حبيب فَلَو كَانَ الْفِرَاق مولودا لقضيت عَلَيْهِ بِأَنَّهُ توءمى وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون الْمَعْنى حَقِيقَة الْفِرَاق مَا أعهده من فراقك يعْنى إِن وجد فِرَاق هَذَا الحبيب فقد وجد فِرَاق كل أحد حَتَّى كَأَن الْفِرَاق فِرَاقه لَا فِرَاق غَيره 3 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْفرْقَة محتومة علينا لِأَنَّهُ لَا يخلد أحد فَنحْن أبدا نطيع الْفِرَاق إِمَّا عَاجلا وَإِمَّا آجلا قَالَ الواحدى لما كُنَّا نموت ونفنى علمنَا أَنا ننقاد للفراق الْمَعْنى يَقُول يَا أَبَا البهى يخاطبه بكنيته إِذا نقلتنا عَنْكُم الْخَيل وباعدت بَيْننَا صَار الأجود أردأ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ أسْرع كَانَ أعمل إبعادا عَنْكُم 4 - الْمَعْنى يَقُول الذى يخص الْفِرَاق بالذم ويذمه من دون الْأَشْيَاء فَأَنا الذى لَا أرى فى الدَّهْر شَيْئا مَحْمُودًا لِأَن كل الْأَشْيَاء عندى غير محمودة فَأَنا أَذمّ جَمِيع الْأَشْيَاء لَا أخص الْفِرَاق دون غَيره بل أَذمّ الْجَمِيع الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 - 1 - الْمَعْنى يَقُول يَا ليتنى بعد لأحوزه وياليته وجد ليحوزنى فنجتمع وَلَا نفترق وَقَالَ الواحدى لقد ضمنى واشتمل على وجد بِمن ضمه الْبعد وقارنه فياليتنى بعد لأحوزه فَأَكُون مَعَه وياليته وجد ليحوزنى ويتصل بى 2 - الْغَرِيب الصلد الشَّديد الصلب الْمَعْنى يَقُول أسر بِأَن يجدد لى الْهوى ذكر شئ قد مضى من أَيَّام وصل الْأَحِبَّة وَلَذَّة التواصل وَإِن كَانَ الْحجر الصلب لَا يبْقى لَهُ تأسفا عَلَيْهِ وحنينا إِلَيْهِ 3 - الْغَرِيب السرب الْجَمَاعَة من الْإِبِل وَالْغنم وَغَيرهمَا والقلام نبت خَبِيث الرائجة وَقيل هُوَ القاقلى وَهُوَ أردأ النَّبَات وَقيل هُوَ الحمض الْمَعْنى يَقُول السهاد إِذا كَانَ لأجلكم رقاد عندنَا فى الطّيب والقلام على خبث رِيحه إِذا رعته إبلكم ورد وَالْمعْنَى لحبى إياك أستلذ الصعب وَيحسن فى عينى مَا لم يحسن 4 - الْإِعْرَاب يُرِيد أَنْت ممثلة أى مصورة فى خاطرى وسرى فكأنك حَاضِرَة عندى لم تفارقينى وَحَتَّى كَانَ إياسى من وصلك وعد مِنْك لى بالوصال 5 - الْإِعْرَاب من روى يعبق بِالْفَتْح عطفه على تكادى وَمن رَفعه عطفه على تمسحين الْمَعْنى يَقُول لما صُورَتك فى خاطرى وفكرى قربت منى حَتَّى كَادَت تعبق روائحك فى ثوبى وَحَتَّى كدت تمسحين مدامعى الْجَارِيَة من خدى لِأَنَّك مصورة فى فكرى وَقد جعلتك مَوْجُودَة لذَلِك الْقرب قَالَ أَبُو الْفَتْح وَمثله (لِئِنْ بَعُدَتْ عْنِّى لقَدْ سَكَنَتْ قَلْبِى ... ) الحديث: 75 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 - الْمَعْنى يَقُول إِذا غدرت الْحَسْنَاء لم تعد سجاياها لِأَن عَادَتهَا الْغدر وَقد وفت بالعهد إِذا غدرت لِأَن عهدها أَن لَا تبقى على عهد فوفاؤها غدر وَهَذَا // معنى حسن جدا // 7 - الْغَرِيب الفرك بِالْكَسْرِ البغض وَمِنْه قَول رؤبة (فعَفَّ عَن أسْرارِها بعدَ الغَسَقْ ... وَلم يُضِعْها بَين فِرْك وعَشَقْ) وفركت الْمَرْأَة زَوجهَا بِالْكَسْرِ تفركه فركا إِذا أبغضته فهى فارك وفروك وَكَذَلِكَ فركها زَوجهَا وَهَذَا الْحَرْف يخْتَص الْمَرْأَة وَزوجهَا الْمَعْنى يَقُول النِّسَاء إِذا أحببن فهن أَشد فى الْحبّ من الرِّجَال وَإِذا أبغضن كن كَذَلِك لِأَنَّهُنَّ أرق طباعا من الرِّجَال وَأَقل صبرا وَهن إِذا أبغضن جاوزن الْحَد فى البغض وَلم يكن قصدا وَقَوله فَاذْهَبْ حَشْو تمّ بِهِ الْوَزْن أى لَا تطمع فى حبها إِذا أبغضت واذهب لشأنك قَالَ الواحدى وَإِن شِئْت قلت فَاذْهَبْ فى ذَاك الفرك 8 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا مُبَالغَة فى كلتا حالتيها من الحقد وَالرِّضَا 9 - الْإِعْرَاب الْكَاف للتشبيه يُرِيد الذى ذكرت من أَحْوَال النِّسَاء كَذَلِك وأخلاق فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ أى مثل ذَلِك أَخْلَاق وَإِن شِئْت جعلته الْخَبَر وَالضَّمِير فِي بهَا رَاجع إِلَى الْأَخْلَاق لِأَن ضلال الهادى بأخلاقهن إِذا اغْترَّ بصبابتهن الْمَعْنى يَقُول أخلاقهن كَمَا ذكرت والذى يهدى غَيره رُبمَا يضل بِهن وَيخْفى عَلَيْهِ الرشد حَتَّى يبتلى بِهن قَالَ أَبُو الْفَتْح يخلصن فى أول الْأَمر فَإِذا تمكن من قُلُوب الرِّجَال نكصن عَن وصلهن 1 - الْمَعْنى يَقُول لحب الصِّبَا فضل على غَيره وَهَذَا اعتذار مِنْهُ لِأَنَّهُ ذكر غدرهن ومساوئ أخلاقهن واستدرك على نَفسه بِأَنَّهُ لَا يقدر على مُفَارقَة هوى نَشأ عَلَيْهِ طفْلا فَهُوَ يزْدَاد على طول الْأَيَّام حِدة وَشدَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 - الْغَرِيب المزن جمع مزنة وهى المطرة قَالَ أَوْس بن حجر (ألم تَرَ أنَّ الله أنزل مزنة ... وعُفْر الظِّباء فى الكِناس تَقَمَّعُ) والمزنة أَيْضا السحابة الْبَيْضَاء وَالْبرد حب المزن وَسَقَى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْقُرْآن قَالَ الله تَعَالَى {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وَقَالَ {لأسقيناهم} وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو بكر {نسقيكم} فى النَّحْل والإفلاح الْمُؤمنِينَ بِفَتْح النُّون من سقى وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ من سقى الْمَعْنى أحسن فى المخلص لامتزاجه بالنسيب وَجعل الممدوح يسقى السَّحَاب لِأَن نداه أَكثر من فيض السَّحَاب فَالْمَعْنى سقى الممدوح كل سَحَابَة سقتكم مُكَافَأَة فها على مَا فعلت من سقيكم فَهُوَ يَغْدُو إِلَيْهَا بالسقيا كَمَا كَانَت تَغْدُو إِلَيْكُم وَهَذَا مُبَالغَة فى الْمَدْح 12 - الْمَعْنى يُرِيد لتروى السَّحَاب كَمَا تروى بلادك وينبت الْفَخر وَالْمجد فَوْقك لِأَن عطاياك تورث الشّرف وَالْمجد فتشرف السَّحَاب بِمَا تنَال من جدوك وَيكون الْفَخر وَالْمجد نابتين فِيهَا لما شربت من سقياك وَهَذَا كَلَام أَبى الْفَتْح وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا 13 - الْإِعْرَاب الْبَاء فى قَوْله بِمن مُتَعَلقَة بينبت أى ينْبت بجود من أَو بِسَبَبِهِ وَإِن شِئْت كَانَت مُتَعَلقَة بقوله لتروى الْغَرِيب زحمته زحما فَهُوَ مصدر زحمته وزاحمته زحاما الْمَعْنى يَقُول إِذا ركب شخصت الْأَبْصَار لركوبه لعظم قدره وجلالته وَالنَّظَر إِلَيْهِ ليتعجبوا من حسنه وهيبته 14 - الْغَرِيب البنان واحده بَنَاته وهى الْأَصَابِع والإيماء الْإِشَارَة الْمَعْنى يَقُول إِذا بدا اشْتغل النَّاس بِالنّظرِ إِلَيْهِ والإيماء نَحوه فيلقون مَا فى أَيْديهم من السِّلَاح وَلَا يَشْعُرُونَ وَهَذَا من قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ ضروب لهام الشجعان الْأَبْطَال فى الْحَرْب وَهُوَ خَفِيف مسرع إِلَى الْحَرْب وَقيل خَفِيف لحذقه بالفروسية إِذا أجهد الْفرس وَبلغ بِهِ من الْجهد مَا يثقل عَلَيْهِ حمل اللبدى يُرِيد أَنه شُجَاع سريع إِلَى لِقَاء الْأَعْدَاء 16 - الْإِعْرَاب بَصِير بدل من ضروب وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء وَالضَّمِير فى خبأته رَاجع إِلَى الْحَمد الْمَعْنى يَقُول هُوَ بَصِير بكسب الْحَمد فَهُوَ يتَوَصَّل إِلَيْهِ من كل جِهَة بإحسانه وَكَرمه وَلَو بعد الْوُصُول إِلَيْهِ فَلَو لَاحَ لَهُ الْحَمد فى فَم الْأسد لتوصل إِلَيْهِ رَغْبَة فِيهِ 17 - الْإِعْرَاب الْبَاء فى قَوْله بتأميله تتَعَلَّق بيغنى وبالذعر مُتَعَلق بينقد الْمَعْنى يُرِيد أَن أمله يغنى وخوفه يقتل فَإِذا أمله أحد صَار غَنِيا قبل أَن يَأْخُذ عطاءه وَمعنى غناهُ أَنه ينْفق مَا يملكهُ ثِقَة بالخلف من عِنْده إِذا كَانَ أمله عطاءه فيعيش عَيْش الْأَغْنِيَاء وَإِذا خافه أحد يقطع خوفًا مِنْهُ قبل أَن يقْتله 18 - الْإِعْرَاب الْوَاو فى قَوْله وسيفى وَاو قسم الْمَعْنى أقسم بِسَيْفِهِ على أَن الممدوح السَّيْف لَا الذى يَسلهُ للضرب لِأَنَّهُ أمضى فى الآمور مِنْهُ وَقَوله (وَمِمَّا السَّيْف مِنْهُ لَك الغمد ... ) يُرِيد وغمدك من الْحَدِيد الذى مِنْهُ السَّيْف يعْنى درعه وَالْمعْنَى إِذا لبست الدرْع كنت فِيهِ كالسيف وَكَانَ لَك كالغمد قَالَ أَبُو الْفَتْح لأَنْت السَّيْف لَا الذى تسله لضرب الْأَعْدَاء أى أَنْت فى الْحَقِيقَة سيف لَا الذى يطبع من الْحَدِيد فَإِذا لبست الدرْع والجوشن كنت كالسيف وَكَانَا لَك كالغمد 19 - الْإِعْرَاب النجيع دم الْجوف ويثقب يضئ والزند القداحة الْمَعْنى لولاك وَلَوْلَا جودة طعنك لم يعْمل الرمْح شَيْئا كَمَا أَنه لَوْلَا الْقدح لم تضئ النَّار وَإِنَّمَا استخرج بالقدح وَالْعرب تقسم بِالسَّيْفِ وَالرمْح وَالْفرس قَالَ هجرس بن كُلَيْب (أما وسيفى وغراريه ورمحى ونصليه وفرسى وَأُذُنَيْهِ لَا يدع الرجل قَاتل أَبِيه وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ) والمتنبى جرى على هَذَا الْقسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 - الْإِعْرَاب قَوْله من يتَعَلَّق بِمَحْذُوف فَمن جعله الْآبَاء أَرَادَ أَن كرمه وجوده خلائقه من الْآبَاء وَمن قَالَ هُوَ الرِّجَال أثبت لَهُ أَقْوَامًا يَفْعَلُونَ فعله الْمَعْنى يَقُول هم يشكروننى على الْأَخْذ وَالْقَبُول وَأَنا أشكرهم على الإنعام وهم يبرون بِأَن يبروا فَيُؤْخَذ برهم قَالَ أَبُو الْفَتْح أشكرهم على برهم وهم يشكروننى على مسألتى إيَّاهُم وَقبُول برهم فَهُوَ ينعم عَلَيْهِم بِقبُول إنعامهم كَقَوْل زُهَيْر (كأنَّكَ تُعْطِيهَ الذى أنتَ سائِلُهْ ... ) 21 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى جعل الشُّكْر الذى شكره وعَلى أَخذ نوالهم هبة ثَانِيَة مِنْهُم لَهُ وَلَفظ الْهِبَة فى الشُّكْر هَهُنَا يستحسن وَزِيَادَة فى الْمَعْنى وَمثله للخريمى (كأنَّ عَلَيْهِ الشُّكْرَ فِى كُلّ نِعْمَةٍ ... يُقَلدُنِها بادِيا ويُعِيدُها ... ) 22 - الْغَرِيب صِيَام يُرِيد قيام يُقَال صَامَ الْفرس إِذا وقف والجياد الْخُيُول الْمَعْنى يَقُول خيولهم واقفة عِنْد أَبْوَابهم وهى كَأَنَّهَا تعدو فى قُلُوب الْأَعْدَاء لخوفهم مِنْهُم وَالْمعْنَى أَنهم يخوفون وَإِن لم يقصدوا أحدا 23 - الْغَرِيب الْوُفُود جمع وَفد وهم الَّذين يقدمُونَ على الْمُلُوك الْمَعْنى يَقُول هم غير محجوبين عَمَّن يقصدهم من الْوُفُود وَأَمْوَالهمْ ترد على من يفد إِلَيْهِم لأَنهم يبعثونها إِلَيْهِ فهم غير محجوبين وَأَمْوَالهمْ مبذولة لمن أَتَى وَمن لم يَأْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 - الْغَرِيب العبدى جمع عبد يُقَال عباد وَعبيد وعبدى وعبداء والمطهمة الْخَيل الحسان والجرد القليلة الشّعْر الْمَعْنى يَقُول عطياته كالعساكر تجمع كل شئ فَفِيهَا الْخَيل وَالْعَبِيد وَهَذِه كلهَا مَوْجُودَة فى عطياته 25 - الْمَعْنى أَنه جعله قمرا وأباه شمسا لعلوهما وشهرتهما يُرِيد قد لبس الْعلَا ثوبا ثمَّ قَالَ ترفق حَتَّى تبلغ الرجولية 26 - الْغَرِيب غالها ذهب بهَا أى رَفعهَا من الأَرْض الْمَعْنى يَقُول قد استوفى بقده قد الدرْع من جَمِيع الجوانب وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَنه طَوِيل الْقَامَة لَيْسَ بأقعس وَلَا أحدب لِأَنَّهُمَا يرفعان من جَمِيع الجوانب وَجعل قده بقد الرمْح لطوله واعتداله 27 - الْمَعْنى يَقُول تخلق بالمكارم فى حَال مروديته وَكَذَا آباؤه فعلوا فعله وهم مرد 28 - الْغَرِيب الْعَدَم الْفقر وَكَذَلِكَ الْعَدَم وَالضَّم لُغَة فِيهِ كالسقم والسقم والرشد والرشد والحزن والحزن إِذا ضممت الأول سكنت الثانى وَإِن فَتحته فتحت الثانى والرمد جمع رمدة ورمد الرجل هَاجَتْ عينه فَهُوَ رمد وأرمد الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا نظر إِلَيْهِ الأرمد بَرِئت عينه وَجعل الْعَدَم كالداء الذى يطْلب لَهُ الشِّفَاء وَجعل الممدوح يشفى الْأَعْين الرمد بحسنه وجماله وَهُوَ كَقَوْل ابْن الرومى (يَا أرْمَدَ العَيْنِ قُمْ قُبالَتَهُ ... فَدَاوِ باللَّحْظِ نحوَهُ رَمَدَكْ) 29 - الْإِعْرَاب إِنَّهَا من فتحهَا جعلهَا مَفْعُولا لَهُ وَالتَّقْدِير حبانى بذلك لِأَنَّهَا فَلَمَّا حذف اللَّام نَصبه بحبانى وَقيل هى بدل اشْتِمَال وَمن كسرهَا جعلهَا ابْتِدَاء وَتمّ الْكَلَام عِنْد مَخَافَة سيرى وَالْبَاء فى بأثمان مُتَعَلقَة بحبانى الْمَعْنى يَقُول أعطانى عَن الْخُيُول السوابق الدَّنَانِير وَالْفِضَّة لِأَنَّهَا أَثمَان الْخَيل وَغَيرهَا وَلم يُعْط الْخَيل خوفًا أَن أسافر عَلَيْهَا وأفارقه لِأَن الْخَيل تعين الرجل على السّفر والبعد وهى من أَسبَاب الْفِرَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 - الْإِعْرَاب شَهْوَة عطف على مَخَافَة وَقَوله بهَا الضَّمِير للأثمان وَقيل بل الضَّمِير لقَوْله ثَنَاء ثَنَاء الْغَرِيب ثَنَاء ثَنَاء يُرِيد مثنى مثنى الْمَعْنى يُرِيد أعطانى شَهْوَة معاودة الْبر أشتهى أَن يعود لى فى الْعَطاء لِأَن جوده مثنى وَإِن كَانَ هُوَ فَردا لَا نَظِير لَهُ 31 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى مثلهَا رَاجع إِلَى العطايا وهى أَثمَان السوابق وَإِن شِئْت إِلَى قَوْله ثَنَاء ثَنَاء وَقَوله وفى يدهم وضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع وَأَرَادَ أَيْديهم الْغَرِيب الرفد بِالْكَسْرِ الْعَطاء وبالفتح الْمصدر تَقول رفدته أرفده بِالْكَسْرِ وَالضَّم رفدا والرفادة شئ كَانَت قُرَيْش تترافد بِهِ فى الْجَاهِلِيَّة تخرج فِيمَا بَينهَا مَالا تشترى بِهِ للحجاج طَعَاما يَأْكُلُونَهُ أَيَّام الْمَوْسِم فَكَانَت الرفادة والسقاية لبنى هَاشم والسدانة واللواء لبنى عبد الدَّار والرافدان دجلة والفرات قَالَ الفرزدق يُخَاطب يزِيد بن عبد الْملك ويهجو عمر بن هُبَيْرَة الفزازى (أأطْعَمْتَ العِراقَ وَرَافِدَيْهِ ... فزاريًّا أحَذَّ يَدَ القميصِ) يُرِيد أَنه خَفِيف الْيَد نسبه إِلَى الْخِيَانَة الْمَعْنى يَقُول لَا زلت ألْقى حاسدى بِمثل عطاياه حَتَّى أفطر قُلُوبهم فيموتوا غيطا وحسدا 32 - الْغَرِيب القباطى جمع قبطية وهى ثِيَاب بيض تعْمل فى مصر والهمام الْملك الْعَظِيم الهمة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا دُعَاء عَلَيْهِم بِأَن لَا يرزقوا شَيْئا ويجحدوا مَا رزقوه إِن كَانُوا رزقوا شَيْئا لانْقِطَاع الْخَيْر عَنْهُم قَالَ الواحدى وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل هَذَا الْمَعْنى مختل وَالْمعْنَى أَنهم يجحدون وَيُنْكِرُونَ مَا أعطانيه وَيَقُولُونَ لم يُعْطه وَلم ينل شَيْئا يَقُول فَلَا زَالَ الْأَمر على هَذَا آخذ الْأَمْوَال وَيَقُولُونَ لم يَأْخُذ 33 - الْغَرِيب الشأو الْغَايَة ويرمون يطْلبُونَ الْمَعْنى يَقُول الشُّعَرَاء يطْلبُونَ أَن يبلغُوا غايتى فى الشّعْر وهم لَا يقدرُونَ فهم كالقرد الذى يحْكى ابْن آدم فى أَفعاله مَا خلا الْكَلَام فَإِنَّهُ لَا يقدر أَن يحكيه فهم كالقرود لَا يقدرُونَ أَن يتكلموا بِمثل كلامى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 - الْغَرِيب ابْن دأية الْغُرَاب لِأَنَّهُ يَقع على دأية الْبَعِير فينقرها قَالَ الشَّاعِر (إنَّ ابْنَ دَأْيَةَ بالفِراقِ لَمُولَعٌ ... وبِمَا كَرِهْتُ لَدائمُ التَّنْعابِ) والخلد جنس من الفأر أعمى يُوصف بحدة السّمع وفى الْمثل أسمع من خلد الْمَعْنى يَقُول جموعهم قَليلَة أى لَا يبصرها الْغُرَاب مَعَ حِدة نظره وَلَا يسمع أَصْوَاتهم الْخلد مَعَ حِدة سَمعه يُرِيد أَنهم على حقارتهم وقلتهم كلا شئ 35 - الْمَعْنى يَقُول منى اسْتَفَادَ النَّاس الغرائب قَالَ أَبُو الْفَتْح أَمر النَّاس بالمجازاة أى فجازوا يَا قوم عَن ذَلِك بترك الذَّم إِن لم يكن حمد قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى قَوْله (فجازوا ... ) كَمَا تَقول هَذَا الدِّرْهَم يجوز على خبث نَقده أى يتسمح بِهِ فغايتهم أَن لَا يذموا فَأَما أَن يحْمَدُوا فَلَا قَالَ العروضى قضيت الْعجب مِمَّن يخفى عَلَيْهِ مثل هَذَا ثمَّ يدعى أَنه أحكم سَماع تَفْسِيره مِنْهُ وَإِنَّمَا يَقُول النَّاس منى استفادوا كل شعر غَرِيب وَكَلَام بارع ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْخطاب فَقَالَ فجازونى على فوائدى بترك الذَّم إِن لم تحمدونى عَلَيْهَا قَالَ ابْن فورجة كَذَا يتمحل للمحال وَمَا يصنع بِهَذَا الْبَيْت على حسنه وَكَونه مثلا سائرا إِذا كَانَ تَفْسِيره مَا قد زعم فَلَقَد تعجبت من مثل فَضله إِذا سقط على مثل هَذِه الرذيلة وَإِنَّمَا قَوْله (فجازوا ... ) أَمر من المجازاة يَقُول منى استفدتم كل غَرِيبَة فَإِن لم تحمدونى عَلَيْهَا فجاوزني بترك المذمة 36 - الْمَعْنى يُرِيد أَن عليا أَبَا الممدوح وَابْنه الْحُسَيْن هما خير قومهما وهم خير قوم فى النَّاس ثمَّ بعد هَؤُلَاءِ اسْتَوَى الْأَحْرَار وَالْعَبِيد فَلَا يكون لأحد على أحد فضل وَهَذَا كَقَوْل أَبى تَمام (مُتَوَاطِئُو عَقِبَيْكَ فِى طَلَبِ العُلا ... والمَجْدِ ثُمَّتَ تَسْتَوِى الأقْدَامُ) 37 - الْمَعْنى يَقُول فى مَكَانَهُ أى فى الْمَكَان الذى ينبغى أَن يكون فِيهِ لِأَنَّهُ أهل للمدح فَزَاد حسنا كَمَا أَن العقد يستحسن فى علق الْمَرْأَة الْحَسْنَاء هَذَا قَول أَبى الْفَتْح نَقله الواحدى حرفا فحرفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 - 1 - الْمَعْنى يَقُول اتّفقت لنا زِيَارَة هَذِه الْقرْيَة بَغْتَة وَكَانَت لطيبها كالنوم فى جفن الساهد 2 - الْغَرِيب المعج ضرب من السّير سهل لين معجت الرّيح إِذا هبت هبوبا لينًا وَكَذَلِكَ الْإِبِل وَالْخَيْل وَقَالَ (يَبصِلُ الشَّدَّ بِشَدّ فإذَا ... وَنَتِ الخيلُ مَع الشدّ مَعَجْ) وَأَصله فى الْإِبِل وَقد يستعار للخيل الْمَعْنى يَقُول سَارَتْ بِنَا الْخَيل سيرا لينًا سهلا مَعَ هَذَا الممدوح وَأَبُو مُحَمَّد يقْصد ضَيْعَة لَهُ وَأَبُو الطّيب لَا يدرى 3 - الْمَعْنى يَقُول هى تشبه الْجنَّة لطيبها وخصبها وَكَثْرَة مَائِهَا لَو كَانَ ساكنها مخلدأ 4 - الْغَرِيب الأغيد الناعم الْمَعْنى قَالَ الواحدي شبه خضرَة نباتها على حمرَة ترابها بخضرة الشَّارِب على الخد المورد والغيد لَا يُنبئ عَن الْحمرَة لكنه أَرَادَ أغيد مورد الخد حَيْثُ شبه الخضرة الْحمرَة بِمَا فى خَدّه كَمَا قَالَ الشَّاعِر (كأنَّ أيْدِيهِنَّ بالمَوْماةِ ... أيْدِى جَوَارٍ بِتْنَ ناعماتِ) يُرِيد أَن أيدى الْإِبِل انخضبت من الدَّم كَمَا أَن أيدى الجوارى الناعمات حمر بالخضاب وَلَيْسَت النعومة من الخضاب فى شئ 5 - الْمَعْنى يَقُول أردْت أَن أشبههَا بشئ فَوجدت الشبيه مَعْدُوما لَهَا أَو كالمستحيل الْوُجُود وَقَالَ الواحدى فَإِن قيل هَذَا يُنَاقض مَا قبله لِأَنَّهُ ذكر التَّشْبِيه قُلْنَا ذَاك تَشْبِيه جزئى لِأَنَّهُ ذكر خضرَة النَّبَات على حمرَة التُّرَاب وَأَرَادَ هُنَا تَشْبِيه الْجُمْلَة فَلم يتعارضا 6 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا وَاحِدَة فى الْحسن لأوحد فى الْمجد الحديث: 76 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 - 1 - الْغَرِيب الوغد الرجل الدنئ وَهُوَ الذى يخْدم بِطَعَام بَطْنه يُقَال وغد الرجل بِضَم الْغَيْن والوغد قدح من سِهَام الميسر لَا نصيب لَهُ الْمَعْنى يَقُول رَأَيْت الْعَاقِل الثبت بك دنيئا وأحرار الْمُلُوك عبيدا يُرِيد شرفه وسيادته 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الشَّرَاب قد أَخذ مِنْهُ وَأَنه أَرَادَ النهوض عَنهُ فَمَنعه وَيَقُول لَهُ أَنْت أعرف بِكُل شئ وَأَنت أهْدى النَّاس إِلَى المكارم والفضائل 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَنا أَحْمد لَا أنصرف فَإِن تفضلت بانصرافى عددته من عنْدك عَطِيَّة 78 - 1 - الْمَعْنى يَقُول قد بلغت المُرَاد من كل شئ وَبَلغت الْغَايَة حَتَّى سبقت بنى آدم فى كل غَايَة 3 - الْغَرِيب السمانى جنس من الطير أكبر من العصفور وَيكون السمانى وَاحِدًا وجمعا كالحبارى الحديث: 77 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 - 1 - الْغَرِيب الشامخ العالى والأقود المنقاد طولا والأصيد الذى فى عُنُقه اعوجاج من دَاء بِهِ وَالصَّيْد دَاء يَأْخُذ الْإِبِل فى أعناقها الْمَعْنى يُرِيد أَن رَأس هَذَا الْجَبَل الشامخ يَمْتَد فى الْهَوَاء وَفِيه اعوجاج فَشبه بيافوخ أى بِرَأْس الْبَعِير الذى بِهِ الصَّيْد وَهُوَ اعوجاج الْعُنُق 3 - الْغَرِيب الجلمد الصخر والمسد حَبل من لِيف أَو شعر الْمَعْنى يُرِيد أَنه يسَار من هَذَا الْجَبَل فى طَرِيق ضيق يلتوى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قوى المسد فى التوائه واعوجاجه 5 - الْغَرِيب التمرد اللّعب والبطر الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى إِنَّمَا قَالَ لم يعْهَد لِأَن الْأَمِير مَشْغُول بالجد والتشمير عَن اللّعب قَالَ ابْن فورجة يعْهَد بِفَتْح الْيَاء أى لم يعْهَد الْجَبَل الصَّيْد فِيهِ لعلوه وارتفاعه وَلم يقدر على وحشه إِلَّا هَذَا الْأَمِير أَلا ترى كَيفَ وَصفه بالارتفاع ووعورة الطَّرِيق قَالَ الواحدى وَيجوز على رِوَايَة من ضم الْيَاء أَن الصَّيْد لم يعْهَد بِهَذَا الْجَبَل فَيكون الْمَعْنى على مَا ذكر ابْن فورجة 7 - الْمَعْنى أى بِكُل كلب يسقى دم الصَّيْد أسود اللَّوْن معاود يعاود الصَّيْد ويتكرر عَلَيْهِ مقود جعل لَهُ مقود يُقَاد بِهِ إِلَى الصَّيْد مقلد أى قلادة الحديث: 79 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 - الْغَرِيب ذرب حاد والحفافان الجانبان الْمَعْنى أى لهَذَا الْكَلْب كل نَاب حاد على جانبى حنك كالمبرد للطرائق الَّتِى فِيهَا 11 - الْغَرِيب الثأر دم الْقَتِيل يُقَال ثأر فلَان أَبَاهُ إِذا أَخذ بدمه الْمَعْنى هُوَ كطالب الثأر من غير حقد أى بغض وضغن يطْلب ثأرا من الصَّيْد وَلم يكن عَلَيْهِ ضغن وَقَوله (وَلَا يدى ... ) أى لم يُطَالب بدية وَلَا تجب عَلَيْهِ دِيَة 13 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يطْلب من هَذِه الخشفان فَوضع الخشف مَكَان الخشفان وَهُوَ ولد الظبية 15 - الْمَعْنى يَقُول ثار الخشف من مَكَان أَخْضَر أى نَبَات أَخْضَر وَشبهه فى خضرته بالشعر أول مَا يَبْدُو فى خد أَمْرَد 17 - الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّهُ محير لَا يهتدى إِلَّا لحتفه وَهُوَ هَلَاكه فَكَأَنَّهُ يطْلب حتفه لسرعته إِلَيْهِ وَلم يَقع إِلَّا على بطن يَد الْكَلْب فَحصل فِيهِ وَقَالَ الواحدى إِنَّه لما يئس من الْفَوْت مد يَدَيْهِ لاطئا بِالْأَرْضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى لَهُ للشاعر لَا للخشف قَالَ الواحدى وَابْن جنى جعله للخشف وَلَا معنى لَهُ وَقَالَ هُوَ للكلب لم يدع وَصفا لنَفسِهِ يَقُوله الشَّاعِر لَهُ الْمَعْنى قَالَ لم يدع الْكَلْب وَصفا لَهُ يصفه بِهِ الشَّاعِر لِأَنَّهُ لَو اجْتهد فى وَصفه لم يُمكنهُ أَن يأتى بِأَكْثَرَ مِمَّا فعله الْكَلْب من سرعَة الْعَدو والثقافة للصَّيْد 21 - الْغَرِيب القرم السَّيِّد المكرم وَأَصله من الْبَعِير المقرم وَهُوَ الذى لَا يحمل عَلَيْهِ وَلَا يذلل والأبطال جمع بَطل وَهُوَ الشجاع والغر الْبيض الْمَعْنى يُرِيد أَنه سيد مكرم مسود فى قومه يقبض أَرْوَاح الشجعان بِسَيْفِهِ وَله نعم بيض عود تعود مرّة بعد مرّة 23 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه النعم الْبيض لَا أقدر على حصرها وَإِذا ذكرت فَضله لَا يفنى لِأَن فَضله كثير ومناقبه غزيرة ويروى (إذَا أرَدْت حَدَّها لم أحْدُدِ ... ) وَالْمعْنَى وَاحِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 - 1 - الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ هَذَا الْوَدَاع وداع الْمُحب الكمد بل هُوَ وداع الرّوح للجسد لأنى أَمُوت وَلَقَد نظر فى هَذَا إِلَى قَول الْقَائِل (أتَتْ ودموعُها فى الخدّ تحكِى ... قَلائدَها وَقد جعلَتْ تَقُول) (غَداةَ غِدٍ تُحَثُّ بِنا المَطايا ... فهلْ لكَ مِن وَداع يَا خليلُ) (فقلتُ لهَا لَعَمرُكِ لَا أبالى ... أَقَامَ الحىُّ أم جدّ الرَّحيلُ) (يُهَدَّدُ بالنَّوَى مَن كَانَ حَيًّا ... وَهَا أَنا قبلَ بَيْنكُم قتيلُ) 2 - الْغَرِيب زفته حركته وساقته زفاه يزفيه زفيانا وَعدا جَاوز الرملة من بِلَاد الشَّام وهى بِلَاد الممدوح الْمَعْنى إِذا أرسل الله سحابا فَلَا جَاوز بِلَادكُمْ دَعَا لَهُم بالسقيا وَالْخصب وَالْبركَة حبا لَهُم 3 - الْمَعْنى يُرِيد يَا فراته لَا تعد إِلَيْنَا أبدا فَإنَّا نكره فِرَاقه الحديث: 80 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد وبنية أى مَبْنِيَّة يعْنى مَا اتخذ من الخيزران لهَذِهِ البطيخة وعَاء وَلما قَالَ (بطيخة ... ) جعلهَا نابتة وَجعل نباتها بِنَار فى كف صانعها وَذَلِكَ أَنَّهَا أديرت بِالْيَدِ على النَّار حَتَّى كملت صناعتها وَأغْرب فى هَذَا الْمَعْنى 2 - إِنَّه شبه القلادة الْمَنْظُومَة فى حسنها بِفِعْلِهِ وَكَلَامه الذى يتَكَلَّم بِهِ كل مشْهد من النَّاس وهم الْجَمَاعَة بِاللُّؤْلُؤِ المنظوم 3 - الْغَرِيب الكأس مُؤَنّثَة قَالَ الله تَعَالَى {بكأس من معِين بَيْضَاء} وَقَالَ أُميَّة ابْن أَبى الصَّلْت (مَن لم يُمتْ عَبْطَةً يُمت هَرَما ... للمَوْت كأسٌ والمَرءُ ذائِقُها) وَقيل لَا تسمى كأسا حَتَّى يكون فِيهَا الشَّرَاب الْمَعْنى إِنَّه جعل الشَّرَاب أسود لسواد الكأس ثمَّ جعله ممزوجا ليعلوه الزّبد فَيُشبه القلادة الَّتِى عَلَيْهَا قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ تَشْبِيه وَاقع وَإِن كَانَ على شراب أسود وفى لَفظه مَا لَيْسَ فى لفظ الشَّرَاب الْأَصْفَر والأحمر إِلَّا أَنه شبه مَا رأى بِمَا أشبهه أَلا ترى إِلَى قَول الْقَائِل فى تشبيهه (لَو ترانى وفِى يَدي قَدحُ الدُّو ... شابِ أبصَرْتَ بازِيا وغَزَالا 1) الحديث: 81 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 - 2 - الْغَرِيب رواعى جمع راعية وهى أول شَعْرَة تطلع من الشيب وفى مَعْنَاهَا رائعة وروائع لِأَنَّهَا تروع قَالَ أَبُو الْفَتْح الْجَعْد الْأسود لِأَن السوَاد أبدا يكون مَعَ الجعودة قَالَ ابْن فورجة لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الزنج يشيبون وَلَا تَزُول الجعودة وَإِنَّمَا أَتَى بالجعد للقافية وروى الخوارزمى (دواعى ... ) بِالدَّال يعْنى أَوَائِله الْمَعْنى يَقُول هَذِه البطيخة السَّوْدَاء الَّتِى عَلَيْهَا لآلئ هى من الند وَكَأن بقايا العنبر عَلَيْهَا أول الشيب فى السوَاد يُرِيد هى سَوْدَاء واللون أَبيض فَشبه اللَّوْن بِأول الشيب فى الشّعْر الْأسود وَهَذَا حسن جدا 83 - 2 - الْغَرِيب المعوصات الصعبات وأعوص الْأَمر واعتاص أى اشْتَدَّ وأراكض أطارد وقسرا قهرا وَكرها وقسره أكرهه وغلبه الْمَعْنى يَقُول أَنا أكره وأغلب عويص الشّعْر حَتَّى يلين لى فأذلله وغيرى الشُّعَرَاء بعد فى المطاردة فَلم يتَمَكَّن من أَخذ الصَّيْد يصف قُوَّة فكره وَسُرْعَة خاطره وَجعل الشّعْر كالصيد النافر يصطاد كرها فَلهَذَا اسْتعْمل لفظ الطراد الحديث: 82 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 - 1 - الْإِعْرَاب نصب بَيْننَا مَفْعُولا بِهِ لَا ظرفا وَالضَّمِير فى جنده للبين الْمَعْنى أحب من الْأَيَّام أَن تنصف وَتجمع بينى وَبَين من أحب وَهَذَا مَا لَا تحبه الْأَيَّام وأشكو إِلَيْهَا الْفِرَاق وهى الَّتِى حتمت بالبين فَكيف تشكينى وَالْأَيَّام جند الْفِرَاق لِأَنَّهَا سَبَب الْبعد والتفريق وَالزَّمَان هُوَ الذى حتم بِالْعَبدِ بَيْننَا 2 - الْإِعْرَاب وَصله وصده معطوفان على الضَّمِير فى يجتمعن من غير توكيد وَهُوَ جَائِز عندنَا وَقد بَيناهُ عِنْد قَوْله (مضى وَبَنوهُ وانفردت بفضلهم ... ) وَذكرنَا حجتنا وَحجَّة الْبَصرِيين الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَت الْأَيَّام تبَاعد منا الْحبّ المواصل لنا فَكيف تقرب الْحبّ الْقَاطِع الهاجر لنا وَجعل الْأَيَّام تَجْتَمِع مَعَ الْوَصْل والصد لِأَنَّهُمَا يكونَانِ فِيهَا والظرف مُتَضَمّن للْفِعْل فَإِذا تضمنه فقد لابسه فَكَأَنَّهُ اجْتمع مَعَه وَالْمعْنَى الْأَيَّام تبَاعد عَنى حبيبا وَوَصله مَوْجُود فَكيف أطمع فى حبيب صده مَوْجُود 3 - الْمَعْنى خلق الدُّنْيَا يَأْبَى أَن تديم حبيبا فَكيف نطلب مِنْهَا شَيْئا ترده علينا قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا كَانَ مَا فى يدك لَا يبْقى عَلَيْك فَمَا قد مضى أبعد من الرُّجُوع إِلَيْك وَقَالَ الواحدى الدُّنْيَا قد أَبَت أَن تديم لنا على الْوِصَال حبيبا فَكيف أطلب مِنْهَا حبيبا تَمنعهُ عَن وصالنا أَو كَيفَ أطلب مِنْهَا أَن ترده إِلَى الْوِصَال وَهَذَا كَمَا قيل لبَعْضهِم قد ظهر نبى يحيى الْأَمْوَات فَقَالَ مَا نُرِيد هَذَا بل نُرِيد أَن يتْرك الْأَحْيَاء فَلَا يميتهم 4 - الْمَعْنى يَقُول الدُّنْيَا لَو ساعفتنا بِقرب أحبتنا لما دَامَ ذَلِك لنا لِأَنَّهَا بنيت على التَّغَيُّر والتنقيل فَإِذا فعلت غير ذَلِك كَانَت كمن تكلّف شَيْئا هُوَ ضد طباعه فيدعه عَن قريب وَيعود إِلَى طبعه وَهَذَا كَقَوْل الْأَعْوَر (ومَن يقترف خُلْقا سِوَى خُلْق نَفْسِهِ ... يَدَعْهُ وتغْلِبه عَلَيْهِ الطَّبائعُ) (وأدْوَمُ أخْلاقِ الفَتى مَا نَشابِهِ ... وأقْصَرُ أفْعالِ الرّجالِ البَدَائِعُ) وكقول حَاتِم (ومَن يبْتدِعْ مَا ليسَ مِن خِيمِ نفسِه ... يَدَعْه ويغلِبْهُ على النَّفْسِ خِيمُها) وكقول إِبْرَاهِيم بن المهدى (من تحلى شِيمَة لَيست لَهُ ... فارقته وأقامت شيمه) (يَأيُّها المُتَحَلِّى غيرَ شِيمَتِه ... إنَّ التَّخلُّقَ يأتى دونه الخُلُقْ) وأصل هَذَا كُله من كَلَام الْحَكِيم تغير الْأَفْعَال الَّتِى هى غير مطبوعة أَشد انقلابا من الرّيح الهبوب وَأحسن أَبُو الطّيب بقوله (فى طباعك ضِدّه ... ) كل الْحسن الحديث: 84 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 - الْغَرِيب العيس الْإِبِل الْبيض والمها بقر الْوَحْش ويولى يمطر وَهُوَ من الولى أى الْمَطَر الثانى وَالْأول الوسمى الْمَعْنى يَدْعُو لهَذِهِ الْإِبِل الَّتِى حملت فَوْقهَا النسْوَة اللاتى دُمُوعهنَّ جرين على خدودهن لأجل الْفِرَاق جَريا بعد جرى فَجعل بكاءهن كالمطر على خدودهن جَريا من أجل فرقتنا // وَهَذَا كَلَام حسن // 6 - الْغَرِيب الْجيد الْعُنُق الْمَعْنى يُرِيد ان الوادى كَانَ متزينا بهم فَلَمَّا ارتحلوا عَنهُ تعطل كالعنق إِذا سقط عَنهُ العقد وهى القلادة من الْجَوْهَر قَالَ أَبُو الْفَتْح بقى الوادى مستوحشا لرحيلهم عَنهُ كالجيد إِذا سقط عقده وَبِه مَا بالقلوب أى قد قَتله الوجد لفقدهم قَالَ وَيجوز أَن يكون شبه تفرق الحمول والظعن يدر تناثر فَتفرق وَنقل الواحدى قَوْله الأول حرفا فحرفا وَنقل ابْن القطاع قَوْله الثانى حرفا فحرفا وَزَاد فِيهِ يصف زهو الوادى وَحسنه فتعوض بالعطل من الحلى 7 - الْغَرِيب الأحداج جمع حدج وَهُوَ جمع قلَّة وَجمع الْكَثْرَة حدوج وَهُوَ مركب النِّسَاء مثل المحفة وحدجت الْبَعِير أحدجه بِالْكَسْرِ حدجا إِذا شددت عَلَيْهِ الحدج وَأنْشد الْأَعْشَى (أَلا قُلْ لَمْيثاءَ مَا بالُها ... ألِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أجْمالُهَا) وتفاوح تفَاعل من فاح يفوح وهى لَفْظَة فصيحة حَسَنَة والغانيات جمع غانية وهى الْمَرْأَة الَّتِى غنيت بجمالها وَقيل بزوجها والرند نبت طيب الرَّائِحَة يُقَال إِنَّه الآس الْمَعْنى يَقُول لما سَارَتْ الأجمال المحدجة فَوق الرند والغانيات قد تطيبن بالمسك اخْتلطت الريحان ففاحت فعبق الوادى بِالرِّيحِ الطّيبَة قَالَ أَبُو الْفَتْح قَالَ لى المتنبى لما قلت هَذِه القصيدة وَقلت تفاوح أَخذ شعراء مصر هَذِه اللَّفْظَة فتداولوها بَينهم قَالَ أَبُو الْفَتْح وهى لَفْظَة فصيحة مستعملة سَأَلت شيخى أَبَا الْحرم مكى بن رَيَّان الماكسينى عِنْد قراءتى عَلَيْهِ الدِّيوَان سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة مَا بَال شعر المتنبى فى كافور أَجود من شعره فى عضد الدولة وأبى الْفضل ابْن العميد فَقَالَ كَانَ المتنبى يعْمل الشّعْر للنَّاس لَا للممدوح وَكَانَ أَبُو الْفضل ابْن العميد وعضد الدولة فى بِلَاد خَالِيَة من الْفُضَلَاء وَكَانَ بِمصْر جمَاعَة من الْفُضَلَاء وَالشعرَاء فَكَانَ يعْمل الشّعْر لأجلهم وَكَذَلِكَ كَانَ عِنْد سيف الدولة بن حمدَان جمَاعَة من الْفُضَلَاء والأدباء فَكَانَ يعْمل الشّعْر لأجلهم وَلَا يبالى بالممدوح وَالدَّلِيل على هَذَا مَا قَالَ أَبُو الْفَتْح عَنهُ فى قَوْله (تفاوَح ... ) لِأَنَّهُ لما قَالَهَا أنكرها عَلَيْهِ قوم حَتَّى حققوها فَدلَّ أَنه كَانَ يعْمل // الشّعْر الْجيد // لمن يكون بِالْمَكَانِ من الْفُضَلَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 - الْإِعْرَاب أى وَرب حَال قَالَ أَصْحَابنَا وَاو رب تعْمل فى النكرَة الْخَفْض بِنَفسِهَا وَإِلَيْهِ ذهب الْمبرد وَقَالَ البصريون الْعَمَل لرب مقدرَة وَحجَّتنَا أَنَّهَا نائبة عَنْهَا فَلَمَّا نابت عملت الْخَفْض بِنَفسِهَا وَكَانَت كواو الْقسم لِأَنَّهَا نابت عَن الْبَاء وَيدل على أَنَّهَا لَيست عاطفة أَن حرف الْعَطف لَا يجوز الِابْتِدَاء بِهِ وَنحن نرى الشَّاعِر يَبْتَدِئ بِالْوَاو فى أول القصيدة كَقَوْلِه (وبلدةٍ ليسَ بهَا أنِيسُ ... ) وَمثله كثير يدل على أَنَّهَا لَيست عاطفة وَحجَّة الْبَصرِيين على أَن الْوَاو وَاو عطف وحرف الْعَطف لَا يعْمل شَيْئا لِأَن الْحَرْف لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ مُخْتَصًّا وحرف الْعَطف غير مُخْتَصّ فَوَجَبَ أَن لَا يكون عَاملا وَإِذا لم يكن عَاملا وَجب أَن الْعَامِل رب مقدرَة وَيدل على أَن رب مضمرة أَنه يجوز ظُهُورهَا مَعهَا نَحْو وَرب بَلْدَة الْغَرِيب غول الطَّرِيق مَا يغول سالكه من تَعبه أى يهلكه الْمَعْنى يَقُول رب حَال فى الصعوبة كإحدى هَؤُلَاءِ النسْوَة فى بعد الْوُصُول إِلَيْهَا من دونهَا بعد الطَّرِيق وتعبه وَمَا فِيهِ من المهالك يُرِيد أَنه يطْلب أحوالا عَظِيمَة لَا يقدر على الْوُصُول إِلَيْهَا كَمَا أَنه لَا يقدر على الْوُصُول إِلَى إِحْدَى هَؤُلَاءِ الغانيات قَالَ أَبُو الْفَتْح وَيجوز أَن تكون الْحَال حَسَنَة كإحدى هَؤُلَاءِ الغوانى فى الْحسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 - الْغَرِيب الوجد السعَة قَالَ الله تَعَالَى {من حَيْثُ سكنتم من وجدكم} الْمَعْنى قَالَ الواحدى هَذَا مثل ضربه لنَفسِهِ كَأَنَّهُ يَقُول أَنا أتعب خلق الله لزِيَادَة همتى وقصور طاقتى من العى عَن مبلغ مَا أهم بِهِ وَهَذَا مَأْخُوذ مِمَّا فى الحَدِيث " إِن بعض الْعُقَلَاء سُئِلَ عَن أَسْوَأ النَّاس حَالا فَقَالَ من قويت شَهْوَته وبعدت همته واتسعت مَعْرفَته وَضَاقَتْ مقدرته " وَقد قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد (رُزِقْتُ لُباًّ وَلم أُرْزَقْ مروءته ... وَمَا المروء إِلَّا كَثْرَة المَال ... ) إِذا أردْت مساماة تَقاعَدُ بِى ... عَمَّا يُنَوِّهُ باسمِى رِقَّةُ الحالِ) وأصل هَذَا كُله من قَول الْحَكِيم أتعب النَّاس من قصرت مقدرته واتسعت مروءته 10 - الْمَعْنى يَقُول لَا تسرف فى الْعَطِيَّة فالإسراف غير مَحْمُود وَلَا تذْهب مَالك كُله فى طلب الْمجد والرياسة لِأَن الْمجد لَا يعْقد إِلَّا بِالْمَالِ فَإِذا ذهب المَال انحل ذَلِك العقد الذى كَانَ يعْقد بِالْمَالِ أَلا ترى إِلَى قَول الشَّاعِر عبد الله بن مُعَاوِيَة (أرَى نفسِى إِلَى أُمورٍ ... يٌ قصِّرُ دُون مَبلغهنّ مالى) (فَلَا نَفْسِى تُطاوِعنى لبُخْلٍ ... وَلا مالى يبلِّغُنِى فَعالى) يتأسف على قُصُور مَاله عَن مبلغ مُرَاده وَأَبُو الطّيب يَقُول ينبغى أَن تقصد فى الْعَطاء وتدخر الْأَمْوَال لتعطيك الرِّجَال فتنال الْعلَا وَتصل إِلَى الشّرف وَضرب لَهُ مثلا فَقَالَ 11 - الْمَعْنى يُرِيد لَا يقوم الْكَفّ إِلَّا بالزند وَكَذَا الْأَعْدَاء لَا تبيدهم إِلَّا بِالْمَالِ فَجعل الْكَفّ مثلا للمجد والزند مثلا لِلْمَالِ فَكَمَا لَا يحصل الضَّرْب إِلَّا باجتماع الْكَفّ والزند كَذَلِك لَا يحصل الْعُلُوّ وَالْكَرم إِلَّا باجتماع المَال وَالْمجد فهما قرينان وَقد بَينه فِيمَا بعده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 - الْمَعْنى يُرِيد أَن صَاحب المَال بِلَا مجد فَقير وَصَاحب الْمجد بِلَا مَال مُتَوَجّه عَلَيْهِ زَوَال مجده لعدم المَال وَيُرِيد أَن صَاحب المَال إِذا لم يطْلب الْمجد بِمَالِه فَكَأَنَّهُ لَا مَال لَهُ لمساواته الْفَقِير وَهَذَا كُله من قَول الْحَكِيم أعظم النَّاس محنة من قل مَاله وَعظم مجده وَلَا مَال لمن كثر مَاله وَقل مجده 13 - الْمَعْنى يَقُول فى النَّاس من هُوَ دنئ الهمة يرضى بِدُونِ الْعَيْش وَلَا يبالى وَلَا يطْلب مَا وَرَاء ذَلِك ويرضى أَن يعِيش عَارِيا رَاجِلا وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ الذى قد يصل الْعَارِف بِهِ للمعالى وَهُوَ من كَانَ يرضى بِهَذَا الْعَيْش طَائِعا لله تَعَالَى فَهَذَا عندى هُوَ صَاحب الهمة الْعَالِيَة 14 - الْمَعْنى يَقُول أَنا لى قلب لَيْسَ لَهُ غَايَة ينتهى إِلَيْهَا فى مَطْلُوب أجعَل لَهُ حدا لأنى إِذا جعلت لَهُ حدا من مطلوبى لَا يرضى بذلك بل يطْلب مَا وَرَاءه قَالَ أَبُو الْفَتْح وصف نَفسه بقلة الْعقل وَمَا أبعد قَوْله هَذَا من قَوْله (لِسَرِىًّ لِبَاسه خَشِنُ الْقطن ... ) فَاسْتَكْثر المروى وَلم يذكر الديباج وَالْحلَل فَقَوله هُنَا سُقُوط وَقَوله لسرى جُنُون 15 - الْغَرِيب الشفوف جمع شف وهى الثِّيَاب الرقيقة تربه تنعمه الْمَعْنى يَقُول قلبى يَأْبَى التنعم وَإِنَّمَا يطْلب المعالى بِلبْس الدروع الَّتِى تثقله فَلَا يطْلب رفاهية لجسمه بِأَن يكسوه ثيابًا رقيقَة ناعمة فيختار لبس الدروع المثقلة على لبس الثِّيَاب الْخَفِيفَة لِأَنَّهَا أدعى إِلَى طلب الْفَخر والشرف 16 - الْغَرِيب التهجير السّير فى كل الهواجر والمهمه الفلاة الواسعة من الأَرْض والربد النعام الذى خالط سوادها بَيَاض الْمَعْنى يَقُول قلبى يكلفنى السّير فى كل هاجرة فى كل فلاة بعيدَة لَا لفرسى عليق إِلَّا نبتها وَلَا لى زَاد بهَا إِلَّا النعام أصيدها فآكلها 17 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح رجاؤه وقصده عشيرة من لَا عشيرة لَهُ وَقَالَ الواحدى رَجَاء أَبى الْمسك وقصدى إِيَّاه أمضى سلَاح أتقلده على الْحَوَادِث والنوائب يُرِيد أَنَّهُمَا يدفعان مَا أخافه وَهُوَ أحسن من قَول أَبى الْفَتْح وَهُوَ المخلص من أحسن المخالص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 - الْغَرِيب الأسرة الْأَهْل والأقارب الْمَعْنى يُرِيد رجاؤه وقصده عشيرة من لَا عشير لَهُ كَمَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَيُرِيد أَنَّهُمَا ينصران على الزَّمَان من لَا نَاصِر لَهُ من حوادثه وتصرفه 19 - الْغَرِيب الْوَلَد يكون جمعا وَيكون وَاحِدًا قَالَ الشَّاعِر (فليتَ زِياداً كَانَ فى بطن أُمِّهِ ... وليتَ زِياداً كَانَ وُلْدَ حِمارِ) وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة والكسائى فى سُورَة نوح {مَاله وَولده} بِضَم الْوَاو وَسُكُون اللَّام أَرَادوا الْجمع وَهُوَ كَقِرَاءَة البَاقِينَ فى الْمَعْنى الْمَعْنى يُرِيد أَنه وهب لَهُ غلمانا وَأَنه مِنْهُم فى عشيرة لِأَنَّهُ إِذا ركب ركبُوا مَعَه وأطافوا بِهِ فكأنهم عشائره وأقاربه فَهُوَ لنا كالوالد وَنحن لَهُ كالأولاد البررة نفديه بِأَنْفُسِنَا 20 - الْغَرِيب الدّرّ اللَّبن يُقَال در الضَّرع بِاللَّبنِ الْمَعْنى يَقُول إِنَّه قد عَم بِمَالِه الصَّغِير وَالْكَبِير فالذى يملكهُ هُوَ مِمَّا وهبه لَهُ والذى يرضعه الصَّغِير والذى يمهد لَهُ للنوم وَهُوَ سَرِير ينَام فِيهِ الصبى يمهد لَهُ بفرش وَهُوَ المهد هُوَ أَيْضا من مَاله لِأَنَّهُ ملك لَهُ الشّرف وَالعطَاء وَالْفضل فى كل شئ قَالَ أَبُو الْفَتْح يهب للنَّاس أنفسهم كَمَا يهب لَهُم المَال لِأَنَّهُ مَالك الْجَمِيع كَبِيرهمْ وصغيرهم 21 - الْإِعْرَاب قَوْله وجرده وحد الضَّمِير وَلم يقل وجردها لِأَن الرِّبَاط اسْم وَاحِد غير متكثر بِمَنْزِلَة الْقَوْم والرهط الْغَرِيب الخطى مَنْسُوب إِلَى الْخط مَوضِع بِالْيَمَامَةِ خطّ هجر لِأَن الرماح تقوم فِيهِ والرباط اسْم لجَماعَة الْخَيل وَيُقَال الرِّبَاط الْخَيل الْخمس فَمَا فَوْقهَا قَالَ الشَّاعِر الْعَدْوى بشير بن أَبى حمام العبسى (وإنَّ الرّباطَ النُّكْد من آل داحس ... أبَيْنَ فَمَا يُفْلِحْنَ يَوْمَ رِهانٍ) وتردى الرديان وَهُوَ ضرب من الْعَدو الْمَعْنى يَقُول نَحن فى خدمته أَيْن نزل وَأَيْنَ ضرب قبابه تعدو بِنَا الْخَيل فى صحبته القب والضوامر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 - الْغَرِيب نمتحن أى نختبر وامتحنت الْبِئْر إِذا أخرجت مَا فِيهَا من التُّرَاب والطين والقسى الفارسية يُرِيد المنسوبة إِلَى فَارس يُرِيد صَنْعَة الْعَجم الْمَعْنى لما جعل السِّهَام وابلا اسْتعَار لَهَا رعدا وَشبههَا بالوابل لكثرتها وبدوى الرَّعْد لِكَثْرَة أصواتها يَقُول نَحن نتناضل بالقسى ونترامى بِالسِّهَامِ فهم يتلاعبون بالأسلحة كعادة الفرسان فى الْحَرْب 23 - الْإِعْرَاب الشرى أَو عرينه الشرى فى مَوضِع نصب لِأَنَّهُ خبر كَانَ أَو عرينه عطف عَلَيْهِ وروى أَبُو الْفَتْح (فَإِن الَّتِى فِيهَا ... ) أنث لإِرَادَة الْجَمَاعَة والفئة الْغَرِيب الشرى الْموضع الْكثير الْأسد وَقَالَ الجوهرى أَصله طَرِيق فى سلمى كثير الْأسد والعرين الأجمة الْمَعْنى يَقُول إِن لم تكن مصر هَذَا الْموضع الْكثير الْأسد وَلَا مَوَاضِع الْأسد فَإِن أَهلهَا من النَّاس أسود الشرى وَيجوز على رِوَايَة ابْن جنى إِرَادَة التَّأْنِيث لِأَن الْأسود مُؤَنّثَة فأنث الْمَوْصُول 24 - الْإِعْرَاب سبائك بدل من أسده يُرِيد أَن الذى فِيهَا من النَّاس سبائك كافور الْغَرِيب السبائك جمع سبيكة من ذهب وَفِضة وَهُوَ مَا يذاب مِنْهُمَا والعقيان الذَّهَب الْمَعْنى يَقُول غلمانه الَّذين اخْتَارَهُمْ وادخرهم للحرب سماهم باسم الذَّهَب وَالْفِضَّة لأَنهم مثل الذَّخَائِر لغيره وَالْأَمْوَال لِأَنَّهُ بهم يصل إِلَى مطالبه كَمَا يصل غَيره إِلَى مطالبه بالأموال وَلَكِن نقد هَذِه السبائك لَا يكون بالأنامل إِنَّمَا يكون بِالرِّمَاحِ يشتغلون بِالرِّمَاحِ فيتبين المطعان وَمن يصلح للحرب مِمَّن لَا يصلح لَهَا 25 - الْغَرِيب بلاها اختبرها وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين مِنْكُم} الْآيَة الْمَعْنى يَقُول اختبرها الْعَدو حوالى كافور لِكَثْرَة مَا حَاربُوا أعداءه مَعَه وشهدوا مَعَه المعارك فصاروا مجربين بِكَثْرَة الْقِتَال وَيُرِيد بهزل الطراد أَنهم يطارد بَعضهم بَعْضًا ملاعبة وجده مطاعنة الْأَعْدَاء فى الْحَرْب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 - الْمَعْنى أَبُو الْمسك كنية كافور يَقُول عَفوه أَكثر من ذَنْب الجانى وَأَنه كثير الْعَفو وَأَنه لَيْسَ بحقود فَإِذا اعتذر إِلَيْهِ الجانى ذهب حقده وَهَذَا // معنى حسن جدا // 27 - الْمَعْنى يَقُول إِذا سعى نصر سَعْيه بالجد لِأَن الله ينصره وجده أَيْضا مَنْصُور بسعيه وسعيه سَعَادَة لجده وَزِيَادَة فى قدره وَالْمعْنَى أَن النَّصْر والسعادة قد اجْتمعَا لَهُ وَالْجد والسعى إِذا اجْتمعَا لإِنْسَان نَالَ مَا يُرِيد من المطلوبات 28 - الْمَعْنى يَقُول لما شبت وَذهب عَنى الشَّبَاب أعطيتنى الْخلف من الصِّبَا يُرِيد أَنى فرحت بك فَرح الشَّبَاب فَلم يضرنى فقد الشَّبَاب مَعَ رؤيتك وَكذب فِيمَا قَالَ لِأَن كافورا لَا صُورَة لَهُ وَلَا معنى بل كَانَ من أقبح صور السودَان 29 - الْمَعْنى يُرِيد تَأْكِيد مَا قَالَه وَأَن الكهول فى حسن سيرتك وعدلك صَارُوا شبانا والأحداث عِنْد غَيْرك قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا تَعْرِيض بِسيف الدولة أى صَارُوا عِنْد غَيْرك بظلمه وَسُوء سيرته شيبا وَيجوز أَن يكون هَذَا من المقلوب هجوا يُرِيد أَن الكهول عنْدك لما ينالهم من الذل وَالظُّلم والاحتقار كَحال الصّبيان وَأَن المرد وهم الشبَّان عِنْد غَيْرك بالاحترام لَهُم وَرفع أقدارهم صَارُوا شيبا أى موقرين توقير الشُّيُوخ 30 - الْإِعْرَاب اللَّيْل عطف على اسْم لَيْت وَقَوله (فتسأله ... ) نَصبه لِأَنَّهُ جَوَاب التمنى وَمثله فى الْمَعْنى قِرَاءَة حَفْص عَن عَاصِم (لعلى أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَوَات فَأطلع ... ) لما كَانَ فى لَعَلَّ معنى التمنى الْمَعْنى أَنه يُرِيد شدَّة مَا لقى فى طَرِيقه إِلَيْهِ من حر النَّهَار وَبرد اللَّيْل وَهَذَا يكون فى أَوَاخِر أَيَّام الصَّيف وَأول الخريف لِأَن النَّهَار يكون كربا وَاللَّيْل بَارِدًا وَمَا أحسن مَا جمع بَعضهم الْفُصُول الْأَرْبَعَة فَقَالَ (إِذا كانَ يُؤْذيكَ حضرُّ المَصيفِ ... وكَرْبُ الخَرِيفِ وبَرْدُ الشِّتا) (ويُلْهِيكَ حُسْنُ زَمانِ الرَّبيعِ ... ففعلُك للخير قُلْ لى مَتى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 - الْغَرِيب ترعانى لَيْسَ هُوَ من رِعَايَة الْحِفْظ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى ترانى وتراقبنى وحيران مَاء بِالشَّام بِالْقربِ من سلمية على يَوْم مِنْهَا ومعرض ظَاهر يُقَال أعرض الشئ إِذا بدا للنَّاظِر وَمِنْه قَوْله (وأعْرَضَتِ اليمامَة واشْمَخَرَّتُ ... ) الْمَعْنى يَقُول ليتك ترعانى وَأَنا على هَذَا المَاء فَكنت ترى انكماشى فتعلم أَنى مَاض فى الْأُمُور كمضاء السَّيْف 32 - الْغَرِيب أقاصيه أباعده وأشده أصعبه الْمَعْنى يُرِيد إِذا طلبت أمرا سهل على أصعبه وَهَان شديده لعزمى وَقُوَّة همتى يصف نَفسه بِالْجلدِ والشجاعة 33 - الْإِعْرَاب قَوْله لى يتَعَلَّق بيشتبهون وَإِلَيْك يتَعَلَّق بِمَحْذُوف وَهُوَ حَال وَالتَّقْدِير سائرا إِلَيْك وقاصدا إِلَيْك الْمَعْنى يَقُول مَا زَالَ أهل الدَّهْر يتشاكلون ويتساوون فى مسيرى إِلَيْك فَلَمَّا ظَهرت لى ظهر الْفَرد الذى لَا يشاكله أحد مِنْهُم وَهَذَا كَقَوْلِه (النَّاسُ مَا لم يَرَوك أشْباهُ ... والدَّهْرُ لَفْظٌ وأنْتَ مَعْناهُ) قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا فى غَايَة الْحسن فى الْمَدْح وَلَو أَرَادَ مُرِيد أَن يَنْقُلهُ هجو الْأَمْكِنَة لَوْلَا تَقْدِيم الْمَدْح فِيهِ 34 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى هَذَا تَفْسِير لما قبله يَقُول إِذا رَأَيْت جَيْشًا وَملكه فاستعظمته قيل أمامك أى قدامك ملك هَذَا الذى ترَاهُ عَبده فَكيف هُوَ فَالَّذِينَ رَآهُمْ هم الَّذين اشتبهوا لَهُ والذى قيل لَهُ رب هَذَا الْجَيْش عَبده هُوَ الْفَرد الذى لَاحَ لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 - الْإِعْرَاب قَوْله بذى الْكَفّ أى بِهَذِهِ الْكَفّ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح بِصَاحِب الْكَفّ وَالْأول أَجود الْمَعْنى يُرِيد أَنى إِذا لقِيت إنْسَانا ضَاحِكا علمت أَنه قريب عهد بكفك وعطائك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لما قبل كفك كسته الضحك لبركتها وسعادة من يصل إِلَيْهَا لِأَنَّك أغنيته فَكثر ضحكه 36 - الْإِعْرَاب قدم الِاسْتِثْنَاء كَقَوْل الْكُمَيْت (وَمالِىَ إِلَّا آلَ أحمدَ شِيعَةٌ ... ومالىَ إِلَّا مذهبَ الحقّ مذْهبُ) وَرفع زهده على الِابْتِدَاء لتقديم الظّرْف الذى هُوَ خَبره وَتَقْدِيره زهده فى النَّاس إِلَّا فِيك الْمَعْنى يَقُول زارك رجل يعْنى نَفسه اشتياقه كُله إِلَى رؤيتك وزهده فى النَّاس كلهم إِلَّا فِيك وَحدك يُرِيد أَنه زهد فى قصد النَّاس سواهُ 37 - الْمَعْنى يَقُول غَايَة كل طَالب مرتبَة دَارك وَنِهَايَة مَا يَأْتِيهِ مكتسب الْمجد أَن يقصدك فَمن لم يَأْتِ دَارك فقد خلف غَايَة إِذا أَتَاهَا علم أَن ذَلِك جهده فى ابتناء الْمجد واكتساب المَال كَقَوْلِه (هى الغَرَضُ الأقصَى ورُؤْيتك المُنَى ... ) 38 - الْمَعْنى يَقُول إِن بلغت أمْلى فِيك فَلَا عجب فكم قد بلغت الْمُمْتَنع من الْأُمُور الَّتِى لَا تدْرك وَجعل المَاء الذى لَا يردهُ الطير مثلا للممتنع من الْأُمُور وَإِنَّمَا ضرب هَذَا الْمثل لأمله فِيهِ لبعد الطَّرِيق إِلَيْهِ قَالَ أَبُو الْفَتْح يُمكن أَن يقلب هجوا مَعْنَاهُ إِن أخذت مِنْك شَيْئا عَن بخلك وامتناعك من الْعَطاء فكم قد وصلت إِلَى المستصعبات واستخرجت الْأَشْيَاء الصعبة 39 - الْمَعْنى يَقُول وَعدك نقد لِأَن الْفِعْل قبل الْوَعْد نقد وَمن كَانَ وافيا بمواعيده فوعده نَظِير فعله لِأَنَّهُ إِذا وعد شَيْئا فعله لركون النَّفس إِلَى وعده فَكَأَنَّهُ نقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 - الْغَرِيب التَّقْرِيب ضرب من الْعَدو وَقرب الْفرس إِذا رفع يَدَيْهِ مَعًا وَوَضعهمَا مَعًا فى الْعَدو وَهُوَ دون الْحَضَر وَله تقريبان أَعلَى وَأدنى والشد الْعَدو وَشد أى عدا الْمَعْنى يَقُول جربنى فى اصطناعك إياى ليبين لَك أَنى مَوضِع الصنيعة والتجربة تعرف الْفرس وأنواع جريه من التَّقْرِيب والعدو وَقَالَ أَبُو الْفَتْح جربنى ليظْهر لَك صَغِير أمرى وكبيره فإمَّا تصطنعنى وَإِمَّا ترفضنى فَلَا فضل بينى وَبَين غيرى إِذا لم تجربنى 41 - الْغَرِيب يُقَال نَفَاهُ ونفاه مخففا ومشددا قابله فاختبره الْمَعْنى يَقُول إِذا جربت السَّيْف بَان لَك صَلَاحه وفساده فإمَّا أَن تلقيه لِأَنَّهُ كهام وَإِمَّا أَن تتخذه للحرب لِأَنَّهُ حسام وَهَذَا مثل ضربه لنَفسِهِ فَيَقُول جربنى فإمَّا أَن تصطنعنى وَإِمَّا أَن ترفضنى فَلَا فضل للسيف الهندوانى على غَيره من السيوف إِذا لم يجرب 42 - الْغَرِيب الهندى الْقَاطِع من ضرب الْهِنْد والنجاد حمائل السَّيْف الْمَعْنى يَقُول السَّيْف الهندى الْقَاطِع كَغَيْرِهِ من السيوف إِذا كَانَ فى غمده وَلم يجرب وَإِنَّمَا يعرف مضاؤه إِذا سل وجرب وَأَنا كَذَلِك إِذا لم أجرب لم يعرف مَا عندى وَلم يكن بينى وَبَين غيرى فرق وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ يطْلب مِنْهُ أَن يوليه ولَايَة فَقَالَ لَهُ جربنى لتعرف مَا عندى من الْكِفَايَة وأنى أصلح أَن أكون واليا وَهَذَا من قَول الطائى (لمَّا انْتضَيتك للخُطوب كَفَيْتَها ... والسَّيفُ لَا يَكْفِيك حَتَّى يُنتَضَى) 43 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى رفده يرجع إِلَى المشكور كَمَا تَقول أَنْت الذى قَامَ أَخُوهُ الْمَعْنى يَقُول أَنْت المشكور عندى فى كل حَالَة وَإِن لم ترفدنى إِلَّا بشاشة وَجهك أَنا أكتفى مِنْك بِأَن أَرَاك طلق الْوَجْه وَأَنا أشكرك على ذَلِك 44 - الْغَرِيب الند الْمثل والند الضِّدّ وَجمعه أنداد قَالَ الله تَعَالَى {وتجعلون لَهُ أندادا} الْمَعْنى يَقُول نظرك إِلَى نَظِير كل نوال آخذه مِنْك أَو أَخَذته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 - الْغَرِيب الْمَدّ الزِّيَادَة وَمد الْبَحْر زَاد الْمَعْنى يَقُول انا فى بَحر من الْخَيْر يُرِيد لِكَثْرَة مَا يصل إِلَيْهِ من الْبر والصلات وَيُرِيد إنى أَرْجُو عطاياك فَإِنَّهَا زِيَادَة الْبَحْر الذى أَنا فِيهِ 46 - الْغَرِيب العسجد الذَّهَب الْمَعْنى يَقُول لَا أَرغب فى مَال من جهتك وَلَكِن فى مفخر جَدِيد لِأَنَّهُ كَانَ يطْلب مِنْهُ ولَايَة وَهَذَا كَقَوْل المهلبى (يَا ذَا اليمينَيْن لم أزُرْك وَلم ... أصَحبكَ مِن خَلَّة وَلَا عَدَمِ) (زَارَكَ بى هِمَّةٌ مُنازِعَةٌ ... إِلَى جَسيمٍ من غايَةِ الهِمَمِ) وَمثله أَيْضا لَهُ (لم تَزُرنى أَبَا علىّ سِنو الْجد ... بِ وعندى بعد الكفاف فضولُ) (غير أَنى باغى الجليلِ مِنَ الأمْرِ ... وَعند الجَليل يُبْغَى الجليلَ) وَمثله لحبيب (وَمن خَدَم الأقوَامَ يبغى نوالهم ... فإنى لم أخذمك إِلَّا لأخدما) وَمثله للطائي أَيْضا (يَا رُبمَا رفْعَة قد كنتُ آمُلُها ... لديك لَا فضَّة أبْغِى وَلَا ذَهبا) وَقد كَرَّرَه أَبُو الطّيب بقوله (وسِرْتُ إليكَ فىِ طَلَبِ المَعالى ... وَسَار الغيرُ فى طَلَبِ المَعاش) 47 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك تجود بِهِ وجودك فاضح جود غَيْرك بِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ وأحمدك أَنا وحمدى يفضح حمد غيرى لِأَن حمدى فَوْقه 48 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت تسعد المنحوس وتغنى الْفَقِير فَإِذا مر المتحوس بكوكب وقابلته بِوَجْهِك زَالَ النحس عَنهُ وَسعد وَهَذَا كَقَوْل الطائى (تَلْقَى السُّعودَ بوَجهه وبحُبهِ ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 - 1 - الْغَرِيب الحسم الْقَاطِع وأذاع السِّرّ أفشاه وأظهره الْمَعْنى يَقُول الصُّلْح قد قطع الذى اشتهاه الْعَدو وأذاعه أظهره لِسَان الحسود بَيْنكُمَا 2 - الْمَعْنى والذى أَرَادَتْهُ وتمنته أنفس حَال رَأْيك أى منعهَا رَأْيك عَن ذَلِك وحجز بَينهَا وَبَين مَا أَرَادَتْهُ من انتشار الشَّرّ 3 - الْغَرِيب أوضع الرَّاكِب بعيره إِذا حمله على السّير السَّرِيع والخبب ضرب من الْعَدو يُقَال خب الْفرس يخب بِالضَّمِّ خبا وخببا وخبيبا إِذا راوح بَين يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وأخبه صَاحبه يُقَال جَاءُوا مخبين الْمَعْنى يَقُول صَار فعل من سعى بَيْنكُم بالنميمة زِيَادَة فى ودادكم لِأَن الود بعد الْقِتَال أصفى وَهُوَ قريب من قَول أَبى نواس (كَأَنَّمَا أثْنَوا وَلم يعلَموا ... عليكَ عندِى بالَّذى عابُوا) 4 - الْإِعْرَاب على الأحباب فى مَوضِع نصب خبر لليس وعَلى الأضداد فى مَوضِع مفعول سُلْطَانه تَقْدِيره تسلطه على الأضداد الْمَعْنى كَلَام الوشاة لَا يُؤثر شَيْئا فى الْأَحِبَّة إِنَّمَا يُؤثر فى الْأَعْدَاء 5 - الْمَعْنى يُرِيد إِنَّمَا يبلغ القَوْل النجاح إِذا سَمعه من يُوَافق هَوَاهُ ذَلِك القَوْل ينفى عَن ابْن الأخشيد مُوَافقَة قلبه كَلَام الوشاة الحديث: 85 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 - الْغَرِيب الأطواد جمع طؤد وَهُوَ الْجَبَل الْعَظِيم ألفيت وجدت وَمِنْه {ألفينا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} أى وجدنَا الْمَعْنى يَقُول حركت بِمَا قيل لَك فَوجدت أوثق الْجبَال الَّتِى لَا تتحرك يُرِيد أَنَّك لم يُؤثر فِيك الواشون والساعون بالنميمة 7 - الْمَعْنى يَقُول أشارت رجال بِمَا أَبيت وكرهت وَكنت أهْدى مِنْهَا إِلَى الْإِرْشَاد لأَنهم أشاروا بالشقاق وَالْخلاف فأبيت ذَلِك فَكنت أرشدهم 8 - الْغَرِيب أشوى يشوى إِذا أَخطَأ ورماه فأشواه إِذا لم يصب قَالَ الهذلى (فإنَّ مِن القوْلِ الَّتِى لَا شَوى لهَا ... إِذا زَلّ عَن ظَهْرِ اللِّسان انْفِلاتُها) الْمَعْنى يَقُول قد يُصِيب المشير الذى لم يجْتَهد وَقد يُخطئ الْمُجْتَهد بعد الِاجْتِهَاد يُرِيد إِن الَّذين أعملوا الرأى أخطئوا حِين أشاروا عَلَيْك بِإِظْهَار الْخلاف وَأَنت أصبت الرأى حِين ملت إِلَى الصُّلْح يُرِيد أَن رَأْيك كَانَ أرشد من رَأْيهمْ الذى أعملوه 9 - الْمَعْنى يُرِيد السيوف والرماح وهم الْبيض والسمر فَأتى بالمقابلة يُرِيد نلْت بِرَأْيِك السديد مَا لَا ينَال بِالسُّيُوفِ والرماح لما ملت إِلَى الصُّلْح وصنت أى حفظت الْأَرْوَاح فى أجسادها وَلم ترق دَمًا 10 - الْمَعْنى يَقُول بلغت مَا لم يبلغُوا وقنا الْخط مركوزة لم ترفع لقِتَال وَكَذَلِكَ سيوفك لم تسل عَن أغمادها والرماح لم تحرّك لطعن وَالسُّيُوف لم تسل لضرب 11 - الْمَعْنى يَقُول لم يعلم النَّاس لما رأوك سَاكن الْقلب أَنَّك تطارد بِرَأْيِك وتجتهد فى إعماله فى الصَّوَاب فصح لَك دونهم الصَّوَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَن رَأْيك تلاد مَعَك لم يفدك إِيَّاه أحد إِنَّمَا هُوَ إلهام من الله فَفَدَاهُ كل رأى مُسْتَفَاد معلم 5 - الْمَعْنى يَقُول إِذا لم يطبع الْمَرْء على الْحلم الغريزى لم يفده علو سنه وَتَقْدِيم ميلاده وَلَيْسَ الشَّيْخ أولى بِصِحَّة الرأى من الشَّاب وَهَذَا من قَول الْحَكِيم بالغريزة يتَعَلَّق الْأَدَب بتقادم السن 6 - الْمَعْنى يَقُول بِهَذَا الرأى فى هَذِه الْحَادِثَة وبمثله فى سَائِر الْحَوَادِث سدت النَّاس وانقاد لَك مَا لَا ينقاد لغيرك وَذَلِكَ لحسن رَأْيك 7 - الْمَعْنى يَقُول وبمثل هَذَا الرأى أطاعك النَّاس الَّذين كَأَنَّهُمْ أسود غير أَن الْأسود لَيْسَ من خلقهَا الدُّخُول تَحت الطَّاعَة قَالَ أَبُو الْفَتْح إِنَّمَا أطاعك الرِّجَال الَّتِى كَأَنَّهَا الْأسد لِأَن مثلهَا من يؤلف مِنْهُ الدُّخُول تَحت الطَّاعَة 8 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت فى تربيتك إِيَّاه كالوالد وَالْوَالِد الْقَاطِع أبر من الْوَلَد وَإِن كَانَ يصله يُرِيد إِنَّك ربيت ابْن سيدك وَأَنت أشْفق عَلَيْهِ من كل أحد 9 - الْمَعْنى هَذَا على طَرِيق الدُّعَاء يَقُول لَا يُجَاوز الشَّرّ من يطْلب لَكمَا الشَّرّ أى لَا زَالَ فى الشَّرّ من يطْلب لَكمَا الشَّرّ وَلَا يعدو الْفساد من طلب فَسَاد أمركما وَقَوله (لاعدا ... ) أى لَا يُجَاوز 10 - الْمَعْنى يَقُول مثلكما فى الِاتِّفَاق كالروح والجسد إِذا اتفقَا صلح الْبدن وَاسْتغْنى عَن الطَّبِيب والعائد وَإِذا تنافرا فسد الْبدن وَالْمعْنَى لَا وَقع بَيْنكُمَا خلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 - الْغَرِيب الصعاد جمع صعدة وهى الْقَنَاة المستقيمة والطيش الخفة والأنابيب جمع أنبوب الْمَعْنى جعل الأنابيب مثلا للأتباع والصدور مثلا للرؤساء يَقُول إِذا اخْتلفت الخدم جرى بَين السَّادة التَّنَازُع والتحارب كالرماح إِذا اخْتلفت أنابيبها لم تستقم صدورها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ فى رُءُوس الصعاد لَكَانَ أولى لِأَن الطيش يكون فِيهَا وَلِأَنَّهُ أقرب إِلَى الرياسة بِسَبَب الْعُلُوّ 12 - الْغَرِيب الشراة هم الْخَوَارِج سموا أنفسهم بِهَذَا الِاسْم يعنون أَنهم اشْتَروا أنفسهم من الله بِالْقِتَالِ فى دينه عَداهَا جمع عَدو وَرب فَارس هُوَ سَابُور ذُو الأكتاف وإياد بِكَسْر الْهمزَة حى من معد الْمَعْنى يَقُول الْخلاف الذى وَقع بَين النَّاس الَّذين كَانُوا قبلكما أدلهم إِلَى شماتة الْأَعْدَاء فَتمكن مِنْهُم عدوهم بِسَبَب الِاخْتِلَاف الذى وَقع بَينهم كالخوارج ظفر بهم الْمُهلب بن أَبى صفرَة وَذَلِكَ أَنهم لما كَانُوا مُجْتَمعين لم يكن الْمُهلب يقوى بهم فاحتال على نصال لَهُم كَانَ يتَّخذ لَهُم نصالا مَسْمُومَة فَكتب إِلَيْهِ الْمُهلب وصل مَا بعثت لنا من النصال المخترمة للآجال وحمدنا فعلك وشكرنا فضلك وسنرفع ذكرك ونعلى قدرك إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَبعث الْكتاب على يَد من أعثرهم عَلَيْهِ فَاخْتَلَفُوا فى قَتله فصوبته طَائِفَة وخطأته أُخْرَى فَاقْتَتلُوا حَتَّى قد عَددهمْ وَأما إياد فَاخْتَلَفُوا وَتَفَرَّقُوا فى الْبِلَاد فَتمكن مِنْهُم ذُو الأكتاف سَابُور ملك فَارس فأهلكهم وقصبة بِلَاد فَارس شيراز 13 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى تولى للخلف وَبنى البريدى مَفْعُوله وَالْبَاء مُتَعَلقَة بتولى والظرف مُتَعَلق بتمزقوا الْمَعْنى يَقُول تولى الْخلف بنى البريدى وهم أَبُو الْحسن وَأَبُو عبد الله وَأَبُو يُوسُف قصدُوا الْبَصْرَة وأخرجوا مِنْهَا عَامل الْخَلِيفَة وَهُوَ ابْن رائق واستولوا عَلَيْهَا ثمَّ اخْتلفُوا وَذهب ملكهم عِنْد اخْتلَافهمْ 14 - الْإِعْرَاب نصب ملوكا بتولى أى تولى الْخلف ملوكا وَالْكَاف فى مَوضِع نصب لِأَنَّهُ صفة الْمُلُوك الْغَرِيب طسم وَأُخْتهَا جديس قبيلتان من عَاد كَانَتَا فى أول الدَّهْر وانقرضتا الْمَعْنى يَقُول تولى الْخلف ملوكا عَهدهم منا كأمس وَآخَرين بعد عَهدهم كطسم وجديس لما اخْتلفُوا هَلَكُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 - الْإِعْرَاب قَوْله بكما الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره بت عائذا بِاللَّه أَن يَقع بكما وَقَالَ الواحدى بكما أى لأجلكما الْغَرِيب العادى الظَّالِم يُقَال عدا عَلَيْهِ فَهُوَ عَاد عدوا وعداء وَمِنْه {فيسبوا الله عدوا بِغَيْر علم} وَقَرَأَ الْحسن البصرى عدوا وَأَصله تجَاوز الْحَد بالظلم الْمَعْنى يَقُول أُعِيذكُمَا بِاللَّه من الْخلاف وَمن كيد الباغين والعادين 16 - الْإِعْرَاب بلبيكما هما شَيْئَانِ من شَيْئَيْنِ وَهَذَا هُوَ الأَصْل وَلَو قَالَ بألبابكما لَكَانَ جَائِزا كَقَوْلِه تَعَالَى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} الْغَرِيب الأصليين الثابتين واللب الْعقل والبيب الْعَاقِل والجياد الْخَيل الْمَعْنى يَقُول أعوذ بِاللَّه أَن يَقع الْخلاف بلبيكما فتختلفا فَيَقَع الْخلاف بَيْنكُمَا حَتَّى تفرق الرماح بَين الْجِيَاد فى الْحَرْب لِكَثْرَة الطعان الذى يجرى بَيْنكُمَا 17 - الْإِعْرَاب أَو يكون مَنْصُوب لِأَنَّهُ عطف على قَوْله أَن تفرق وَالْبَاء مُتَعَلق بِأَشْقَى وَمن عتاد مُتَعَلق بتذخرانه الْغَرِيب الولى الْمُحب الموالى والعتاد الْعدة يُقَال أَخذ لِلْأَمْرِ عدته وعتاده أى أهبته وآلته والعتاد أَيْضا الْقدح الضخم وَأنْشد أَبُو عَمْرو (فَكُلْ هَنِيئا ثُمَّ لَا تُزَمِّلِ ... وَادْعُ هُدِيتَ بعَتادٍ جُنْبُلِ) الْمَعْنى يَقُول أعوذ بِاللَّه أَن يقتل بَعْضكُم بَعْضًا بِمَا تذخران من السِّلَاح وَالسِّلَاح إِنَّمَا يذخر للأعداء لَا للأولياء وَإِذا قتل بَعْضكُم بَعْضًا صرتم أَعدَاء 18 - الْغَرِيب العداة جمع عَدو وَإِذا أدخلت الْهَاء قلت عداة بِضَم الْعين والعدى بِكَسْر الْعين جمع عَدو وَهُوَ جمع لَا نَظِير لَهُ قَالَ ابْن السّكيت لم يَأْتِ فعل فى النعوت إِلَّا حرف وَاحِد تَقول هَؤُلَاءِ قوم عدى وَأنْشد لسَعِيد بن عَمْرو بن حسان (إِذا كنتَ فى قومٍ عدىً لستَ منهمُ ... فكُلْ مَا عُلِفْتَ من خبيثٍ وطيِّبِ) الْمَعْنى يَقُول الذى يبْقى مِنْكُمَا بعد الماضى هَل يسره مَا تَقول الْأَعْدَاء فى الْمجَالِس وَيَتَحَدَّثُونَ عَنهُ بعده وَترك حُرْمَة صَاحبه وَهَذَا اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 - الْغَرِيب الود الْمحبَّة وَالرِّعَايَة حفظ العهود والسودد السِّيَادَة والأحقاد جمع حقد وَهُوَ الضغن الْمَعْنى تمنعكم هَذِه الْأَشْيَاء من البغض وَلَو كَانَت قُلُوبكُمْ من الجماد لرق بَعْضهَا لبَعض فَهَذِهِ الَّتِى منعت من الْبغضَاء 20 - الْغَرِيب يُرِيد بالجماد الْحِجَارَة الْمَعْنى يُرِيد حُقُوق التربية وَالْقِيَام عَلَيْهِ وَهُوَ طِفْل صَغِير ترقق قلبه لَك وقلبك لَهُ وَلَو كَانَت من حِجَارَة 21 - الْغَرِيب الباهر الْغَالِب وبهر بهرا غَلبه والبهر بِالضَّمِّ تتَابع النَّفس وبالفتح مصدر بهره الْجمال يبهره بهرا والسداد الاسْتقَامَة وَالصَّوَاب والسداد بِكَسْر السِّين سداد الثغر والقارورة قَالَ العرجى (أضاعونى وأىَّ فَتى أضاعُوا ... ليَوْمِ كَرِيهَةٍ وسِدادِ ثَغر) أما سداد من عوز وسداد من عَيْش فَهُوَ مَا يسد بِهِ الْخلَّة يكسر وَيفتح وَالْكَسْر أفْصح والسد والسد لُغَتَانِ وَهُوَ الْجَبَل والحاجز وَقَرَأَ فى الْكَهْف بِفَتْح السِّين ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَحَفْص وَحَمْزَة والكسائى وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ وفى يس بِالْفَتْح أهل الْكُوفَة إِلَّا أَبَا بكر الْمَعْنى الْملك شَاكر لما فعلتما وَهُوَ غَالب 22 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى الظّرْف للصلح يُرِيد فى هَذَا الصُّلْح وحرفا الْجَرّ يتعلقان بِمَحْذُوف وَالتَّقْدِير ثَابِتَة على الظفر وثابتة على الأكباد الْمَعْنى يُرِيد أَن أكبادهم تألمت فأمسكوها بِأَيْدِيهِم وأيديكما على الظفر مجَاز لِأَن الظفر عرض لَا تناله الأيدى وَلكنه لما قَالَ {وأيدى قوم على الأكباد} اسْتعَار ذَلِك للظفر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 - الْغَرِيب الرأفة الرَّحْمَة والتعطف وَيُقَال رأفة بِسُكُون الْهمزَة وَفتحهَا وَقَرَأَ ابْن كثير بِفَتْح الْهمزَة {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} والندى الْكَرم والأيادى النعم تجمع على هَذَا الْمِثَال الْمَعْنى يَقُول دولتكما دولة الْأَشْيَاء الَّتِى ذكرت فَلَا تعرضاها للْخلاف 24 - الْغَرِيب كسفت الشَّمْس تكسف كسوفا وكسفها الله يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى قَالَ جرير (والشَّمسُ طالعةٌ لَيست بكاسفةٍ ... تبكى عليكَ نجومَ الليلِ والقَمرَا) يُرِيد لَيست بكاسفه نُجُوم اللَّيْل وَالْقَمَر من حزنها عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول الذى جرى بَيْنكُمَا كَانَ كَمَا تكسف الشَّمْس سَاعَة ثمَّ زَالَ ذَلِك فَعَاد إِلَى أَكثر مَا كَانَ من الود كَالشَّمْسِ إِذا ذهب عَنْهَا الْكُسُوف عَادَتْ إِلَى أتم مَا كَانَت فِيهِ من النُّور 25 - الْغَرِيب المارد العاتى وَقد مرد بِالضَّمِّ مُرَادة فَهُوَ مارد والمريد الشَّديد المرادة وَقيل المارد الْخَبيث وَمِنْه {من كل شَيْطَان مارد} وَالْمرَاد جمع مُرِيد وَهُوَ الْخَبيث الْمَعْنى يُرِيد أَن ركنها وَهُوَ قوتها وسعادتها يدْفع الدَّهْر عَن أذاها بفتى مارد أى عَاتٍ على الْأَعْدَاء يُرِيد كافورا لِأَنَّهُ لَا ينقاد لمن مرد عَلَيْهِ وطغى وَلَكِن يدحضه ويستأصله 26 - الْغَرِيب متْلف أى مهلك للأموال مخلف مخلفها إِذا ذهبت اكتسبها بِسَيْفِهِ أَبى يَأْبَى الذل للمكارم حَازِم سديد الرأى الْمَعْنى يُرِيد يدْفع الدَّهْر عَن أذاها بفتى هَذِه صِفَاته متْلف الْأَمْوَال مكسبها وفى للْعهد أَبى للذل عَالم بتدبير الرّعية والحروب حَازِم فى رَأْيه بَطل كريم يجود على النَّاس بِمَا يملكهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 - الْمَعْنى يَقُول النَّاس أَسْرعُوا ذَاهِبين عَن طَرِيقه فَتَرَكُوهُ وَلم يعارضوه من قصورهم عَنهُ وذلت لَهُ رِقَاب النَّاس فملكهم وَفِيه ضرب من الهجو لَو انْقَلب لَكَانَ هجوا 28 - الْإِعْرَاب من روى ضيق بالخفض جعله نعتا لسيل وَهَذَا كَقَوْلِك مَرَرْت بِرَجُل حسن وَجهه وَهَذِه صفة سَبَبِيَّة وَمن روى ضيق بِالرَّفْع فهى جملَة ابْتِدَاء وَخبر وهى فى مَوضِع جر صفة لسيل وَعَن أتيه يتَعَلَّق بِضيق الْغَرِيب الأتى السَّيْل الذى يأتى من مَوضِع إِلَى مَوضِع الْمَعْنى يَقُول كَيفَ لَا يتْرك الطَّرِيق لسيل يضيق عَن مَائه الوادى وَإِذا كَانَ المَاء غَالِبا ضَاقَ عَنهُ بطن الوادى وكل مَوضِع أَتَى عَلَيْهِ صَار طَرِيقا لَهُ وَهَذَا مثل لكافور كَمَا أَن السَّيْل إِذا غلب على مَكَان لَا يُرِيد عَن وَجهه كَذَلِك هُوَ لَا يُعَارضهُ أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 - 1 - الْإِعْرَاب الْبَاء فى قَوْله بأية يجوز أَن تكون للتعدية فَيكون الْمَعْنى أَيَّة حَال الْغَرِيب الْعِيد وَاحِد الأعياد وَإِنَّمَا جمع بِالْيَاءِ وَأَصله الْوَاو للزومها فى الْوَاحِد وَقيل للْفرق بَينه وَبَين أَعْوَاد الْخشب وعيدوا شهدُوا الْعِيد وَهُوَ من عَاد يعود لِأَنَّهُ يعود فى الْعَام مرَّتَيْنِ وأصل الْعِيد مَا اعتادك من هم أَو غَيره قَالَ (فالقَلْبُ يعْتادُ من حُبِّها عِيدُ ... ) وَقَالَ عمر بن أَبى ربيعَة المخزومى (أمْسَى بأسماءَ هَذَا القلْبُ مَعْمُودا ... إِذا أقُولُ صَحا يعْتادُه عِيداً) (أجرِى على موْعدٍ مِنْهَا فَتُخْلِفُنِى ... فَلا أمَلُّ وَلَا تُوفِى المَوَاعيدَا) قَوْله (يعتاده عيدا ... ) هُوَ الشَّاهِد ونصبه لِأَنَّهُ فى مَوضِع الْحَال تَقْدِيره يعتاده السكر عَائِدًا يَقُول هَذَا الْيَوْم الذى أَنا فِيهِ عيد ثمَّ أقبل بِالْخِطَابِ على الْعِيد فَقَالَ بأية حَال ثمَّ فسر الْحَال فَقَالَ بِمَا مضى أم بِأَمْر مُجَدد تَقْدِيره هَل تجدّد لى حَالَة سوى مَا مضى أم بِالْحَال الَّتِى أَعهد 2 - الْغَرِيب الْبَيْدَاء الفلاة جمعهَا بيد لِأَنَّهَا تبيد من يسلكها الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعِيد لم يسر بقدومه لِأَنَّهُ يتأسف على بعد أحبته يَقُول أما أحبتى فعلى الْبعد منى فليتك يَا عيد كنت بَعيدا وَكَانَ بينى وَبَيْنك من الْبعد ضعف مَا بينى وَبَين الْأَحِبَّة كَقَوْل الآخر (مَن سرّهُ العِيدُ الجَد ... يدُ فمَا لقيتُ بِهِ السرورَا) (كانَ السُّرورُ يَتِمُّ لِى ... لَو كانَ أحْبابى حُضُوراَ) 3 - الْغَرِيب تجوب تقطع وأجوب أقطع {وَمِنْه الَّذين جابوا الصخر بالواد} والوجناء النَّاقة الْعَظِيمَة الوجنات وَقيل الغليظة الْخلق مَأْخُوذَة من الوجين وَهُوَ الغليظ من الأَرْض والحرف النَّاقة الضامرة والجرداء الْفرس الْقصير الشّعْر والقيدود الطَّوِيلَة الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا طلب المعالى لم تقطع بى الفلاة نَاقَة وَلَا فرس وَجعلهَا تجوب بِهِ لِأَنَّهَا تسير بِهِ وَهُوَ أَيْضا يجوب بهَا الفلاة قَالَ الواحدى مَا أجوب بهَا يعْنى الفلاة كِنَايَة عَن المراحل ثمَّ فسره بالمصراع الثانى قَالَ ابْن فورجة مَا أجوب بهَا مَعْنَاهُ الذى أجوب وموضعه نصب وعَلى هَذَا مَا كِنَايَة عَن الفلاة الَّتِى أجوب بهَا والوجناء فاعلة لم تجب وعَلى هَذَا الضَّمِير فى بهَا كِنَايَة عَن الوجناء قبل الذّكر قَالَ وَالْقَوْل الأول أظهر الحديث: 86 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 - الْإِعْرَاب مضاجعة تَمْيِيز الْغَرِيب رونق السَّيْف بياضه ونقاؤه والغيد جمع غيداء وهى الناعمة والأماليد أَيْضا الناعمات رجل أملود وَجَارِيَة أملودة وشاب أملود وَامْرَأَة ملداء الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا طلبى الْعلَا لَكُنْت أضاجع جوارى هَذِه صفتهن أطيب من مضاجعتى سيفى وإذنما أضاجع السَّيْف وأترك هَؤُلَاءِ الجوارى لأطلب الْعلَا 5 - الْغَرِيب الْجيد الْعُنُق وَجمعه أجياد وتيمه الْحبّ أى عَبده وذلله الْمَعْنى يَقُول قد زَالَ عَنى الْغَزل وأفضت بى الْأُمُور إِلَى الْجد والتشمير لِأَن الدَّهْر بأحداثه ونوائبه قد سلى عَن قلبى هوى الْعُيُون والأجياد 6 - الْمَعْنى يُخَاطب سَاقيه يَقُول أخمر مَا سقيتمانى أم هم وسهاد فَلَا يزيدنى مَا أشربه إِلَّا الْهم وَلَا يسلى همى ذَلِك لبعده عَن الْأَحِبَّة فَهُوَ لَا يطرب على الشَّرَاب أَو لِأَن الْخمر لَا تُؤثر فِيهِ لوفور عقله 7 - الْغَرِيب المدام والمدامة الْخمر والأغاريد صَوت الْغناء والغرد بِالتَّحْرِيكِ التطريب بالصوت والغناء يُقَال غرد الطَّائِر فَهُوَ غرد والتغريد مثله وَكَذَلِكَ التغرد قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (يغرّد بالأسْحار فى كلّ سُدْفَةٍ ... تَغَرُّدَ مِرّيح النَّدَامى المُطَرِّبِ) الْمَعْنى يَقُول إِن الْخمر والأغانى لَا تطربه وَلَا تُؤثر فِيهِ حَتَّى كَأَنَّهُ صَخْرَة يابسة لَا يُؤثر فِيهَا السماع وَالشرَاب وفى مَعْنَاهُ (خليلىّ قد قلّ الشَّرابُ وَلم أجِدْ ... لهَا سَوْرَةً فى عَظْمِ ساقٍ وَلَا يَد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 - الْإِعْرَاب صَافِيَة حَال من الْكُمَيْت وَالْعَامِل فى الظّرْف وَجدتهَا الْغَرِيب الْكُمَيْت من أَسمَاء الْخمر لما فِيهَا من سَواد وَحُمرَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ سَأَلت الْخَلِيل عَن الْكُمَيْت فَقَالَ إِنَّمَا صغر لِأَنَّهُ بَين السوَاد والحمرة وَلم يخلص لَهُ وَاحِد مِنْهُمَا وَأَرَادَ بِالتَّصْغِيرِ أَنه مِنْهُمَا قريب الْمَعْنى يَقُول الْخمر لَا تطيب إِلَّا مَعَ الحبيب وحبيبى بعيد عَنى فَلَيْسَ يسوغ لى الْخمر وَالْمعْنَى يُرِيد إِذا طلبت الْخمر وَجدتهَا وَإِذا طلبت حبيبى لم أَجِدهُ يتشوق إِلَى أَهله وأحبته وَقَالَ أَبُو الْفَتْح حبيب الْقلب عِنْده الْمجد وَإِذا تشاغل بِشرب الْخمر فقد المعالى وَيجوز أَن يكون عَنى بحبيب النَّفس أَهله لبعده عَنْهُم 9 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الشُّعَرَاء يحسدونه على كافور وَهُوَ باك بِمَا يلقى من كافور وبخله يُرِيد أَنه يشكو مَا لقِيه من عجائب الدَّهْر وتصاريفه ثمَّ قَالَ أعجبها مَا أَنا فِيهِ وَذَلِكَ أَنى مَحْسُود بِمَا أشكوه وأبكيه وَهَذَا من قَول الْحَكِيم استبصار الْعُقَلَاء ضد لتمنى الجهلاء فالجاهل يحْسد الْعَاقِل على مَا يبكيه فالحال الَّتِى يبكى الْعَاقِل مِنْهَا يحسده الْجَاهِل عَلَيْهَا وَلَقَد نظمه أَبُو الطّيب فَأحْسن وَمِنْه رب مغبوط بدواء هُوَ داؤه 10 - الْإِعْرَاب نصب خَازِنًا ويدا على التَّمْيِيز الْغَرِيب المثرى الْغنى والثراء المَال الْمَعْنى يَقُول خازنى ويدى فى رَاحَة لِأَن أموالى مواعيد كافور وَهُوَ مَال لَا أحتاج فِيهِ إِلَى خَزَائِن وَلَا إِلَى حفظه بيدى فيدى فى رَاحَة من تَعب حفظه وخازنى فى رَاحَة من حفظه وَهُوَ من قَول الْحَكِيم لَا غنى لمن ملكه الطمع واستولت عَلَيْهِ الأمانى 11 - الْغَرِيب الْقرى قرى الضَّيْف وَهُوَ الْإِحْسَان إِلَيْهِ يُقَال قريت الضَّيْف قرى وقراء إِذا كسرت الْقَاف قصرت وَإِذا فتحت مددت ومحدود مَمْنُوع وَمِنْه الْحُدُود لِأَنَّهَا تمنع الْمَحْدُود عَن المعاصى وَمِنْه حُدُود الدَّار لِامْتِنَاع أَن يدْخل بَعْضهَا فى بعض وَمِنْه قيل للبواب حداد لمَنعه من يدْخل حَتَّى يُؤذن لَهُ الْمَعْنى يُرِيد أَنهم كذابون فِيمَا يعدون وَلَا يحسنون إِلَى ضيفهم وَلَا يمكنونه من الرحيل عَنْهُم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 - الْإِعْرَاب أَرَادَ من الألسن فَوضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع الْمَعْنى يَقُول النَّاس كرمهم من أَيْديهم وَهَؤُلَاء يجودون بالمواعيد دون الْأَمْوَال ثمَّ دَعَا عَلَيْهِم فَقَالَ لَا كَانُوا وَلَا كَانَ جودهم وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (مَلقى الرّجاءِ وملقى الرّحلِ فى نفر ... الجودُ عندهُم قولٌ بِلَا عملِ) وَمن قَوْله أَيْضا (وأقلُّ الأشْياء محصول نفْعٍ ... صحَّةُ القوْلِ والفَعالُ مريضُ) 13 - الْمَعْنى يَقُول الْمَوْت يستقذر نُفُوسهم فَلَا يُبَاشِرهَا بِيَدِهِ من نتنها بل يَأْخُذهَا بِعُود كَمَا ترفع الجيفة بِعُود تقذرا مِنْهَا 14 - الْإِعْرَاب من رفع معدودا جعله من جملَة ثَانِيَة كَأَنَّهُ قَالَ لَا هُوَ مَعْدُود فى الرِّجَال وَلَا فى النِّسَاء الْغَرِيب الوكاء مَا تشد بِهِ الْقرْبَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه خصى يعْنى كافور وَالَّذين حوله من الخصيان رخو لَا وكاء على مَا فى بَطْنه من الرّيح والمنفتق الموسع لِكَثْرَة لَحْمه كَأَنَّهُ قد انفتق وَانْشَقَّ وَهُوَ لَا ذكر وَلَا أُنْثَى فَهُوَ غير مَعْدُود فيهمَا فَإِن قيل رجل فَلَا لحية وَلَا ذكر وَإِن قيل امْرَأَة فَلَا فرج لَهُ 15 - الْغَرِيب اغتال أهلك وَقتل غيلَة الْمَعْنى يَقُول أكلما وَهُوَ اسْتِفْهَام إنكارى أى لَا يجب هَذَا يَقُول لما قتل العَبْد الْأسود سَيّده مهد أمره أهل مصر وأطاعوه وقبلوا أمره وانقادوا لَهُ وَهَذَا لَا يجب أَن يكون كَمَا فعلوا 16 - الْغَرِيب الْآبِق الهارب من سَيّده ومستعبد مذلل وَمِنْه طَرِيق معبد أى مذلل ومعبود مُطَاع مذعن لَهُ بالعبودية الْمَعْنى يَقُول كل عبد آبق من سَيّده قد حوى عِنْده فَهُوَ إِمَام الهاربين الْمُخَالفين لساداتهم كَمَا هُوَ مُخَالف سَيّده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 - الْغَرِيب النواظير جمع نَاظر وَهُوَ الذى يحفظ الْكَرم وَالنَّخْل وَذكره الجوهرى والأزهرى فى حرف الطَّاء الْمُهْملَة قَالَ أَبُو الْفَتْح أقره المتنبى بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمَعْرُوف بِالْمُعْجَمَةِ لِأَنَّهُ من نظرت وَقيل هُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ بِالْمُعْجَمَةِ وبالنبطية بِالْمُهْمَلَةِ الْمَعْنى يُرِيد بالنواظير السادات الْكِبَار وبالثعالب العبيد والأرذال فَهُوَ يُرِيد أَن السَّادة غفلت عَن الأرذال فقد أكلُوا فَوق الشِّبَع وَهُوَ قَوْله بشمن أى شَبِعُوا ونفرت أنفسهم عَن الطَّعَام يُرِيد أَنهم قد شَبِعُوا وعاثوا فى أَمْوَال النَّاس وَجعل العناقيد مثلا للأموال 18 - الْمَعْنى الْحر لَا يؤاخى العَبْد لبعد مَا بَينهمَا فى الْأَخْلَاق وَهَذَا كُله إغراء لِابْنِ سَيّده بِهِ يعْنى إِن العَبْد إِن أظهر الود فَلَيْسَ هُوَ بمصاف لَهُ مخلص 19 - الْغَرِيب المناكيد جمع منكود وَهُوَ الذى فِيهِ نكد الْمَعْنى يَقُول العَبْد لَا يعْمل مَعَه الْإِحْسَان وَلَا يصلح لَك إِلَّا بِالضَّرْبِ لسوء خلقه فَلَا يجِئ إِلَّا على الهوان لَا على الْإِحْسَان وَهُوَ من قَول بشار (الحُرُّ يُلْحَى والعَصَا للعَبْدِ ... ) وكقول الحكم بن عبدل من أَبْيَات الحماسة (والعبْدُ لَا يَطْلُبُ العَلاءَ وَلا ... يُرْضِيكَ شَيْئا إِلَّا إِذا رَهِبا) (مِثلُ الحِمارِ المُوَقَّعِ الظهْرِ لَا ... يُحْسِنُ مَشياً إِلَّا إِذا ضُرِبا) 20 - الْغَرِيب سَاءَ بِهِ وَإِلَيْهِ قَالَ كثير (أسِيئى بِنا أَو أحْسنِى لَا مَلُومةً ... ) الْمَعْنى يَقُول مَا كنت أَظن أَن يؤخرنى الْأَجَل إِلَى زمَان يسئ إِلَى فِيهِ شَرّ الخليقة وَأَنا أحتاج أَن أَحْمَده وأمدحه وَلَا يمكننى أَن أظهر الشكوى وَيجوز أَن يكون يسئ بى على معنى ويهزأ بى ويسخر بى فعداه بِالْبَاء على الْمَعْنى لَا على اللَّفْظ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 - الْمَعْنى يَقُول وَلم أتوهم أَن الْكِرَام فقدوا حَتَّى لَا يُوجد مِنْهُم أحد وَأَن مثل هَذَا مَوْجُود بعد فقدهم وكناه بأبى الْبَيْضَاء سخرية بِهِ 22 - الْغَرِيب العضاريط الأتباع وَقيل الْأَجِير الذى يخْدم بِطَعَام بَطْنه واحدهم عضروط والرعاديد جمع رعديد وَهُوَ الجبان والرعديد أَيْضا الْمَرْأَة الرُّخْصَة الْمَعْنى يَقُول وَلَا توهمت أَن الْأسود الْعَظِيم المشافر يستغوى هَؤُلَاءِ الَّذين حوله حَتَّى صدرُوا عَن رَأْيه وَأَرَادَ أَنه مثقوب المشفر تَشْبِيها فى عظم مشافره بالبعير الذى يثقب مشفره للزمام 23 - الْإِعْرَاب كى حرف ناصب وَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا يجوز أَن تكون حرفا خَافِضًا وَحجَّتنَا أَنَّهَا من عوامل الْأَفْعَال وَمَا كَانَ من عوامل الْأَفْعَال لَا يجوز أَن يكون حرف جر لِأَنَّهُ من عوامل الْأَسْمَاء وعوامل الْأَسْمَاء لَا تكون من عوامل الْأَفْعَال وَالدَّلِيل على أَنَّهَا لَيست حرف جر دُخُول اللَّام عَلَيْهَا كَقَوْلِك أَتَيْتُك لتكرمنى وَهَذِه اللَّام عِنْدهم حرف جر وحرف الْجَرّ لَا يدْخل على حرف الْجَرّ وَأما قَول الْقَائِل (فَلَا واللهِ لَا يُلْفَى لِمَا بِى ... وَلَا لِلما بِهمِْ أبدا دَواءُ) فَمن الشاذ الْمَصْنُوع الذى لَا يعرج عَلَيْهِ وَإِذا قيل إِنَّهَا تدخل على مَا الاستفهامية كَمَا يدْخل عَلَيْهَا حرف الْجَرّ فى قَوْله كيمه كَمَا تَقول لمه قُلْنَا مَه من كيمه لَيْسَ لكى فِيهِ عمل وَلَيْسَ هُوَ فى مَوضِع خفض وَإِنَّمَا هُوَ فى مَوضِع نصب لِأَنَّهَا تقال عِنْد ذكر كَلَام لَا يفهم كَقَوْلِك أقوم كى تقوم فيسمعه الْمُخَاطب وَلم يفهم تقوم فَيَقُول كيمه أى كَيْمَا وَالتَّقْدِير كى تفعل مَاذَا فَحذف تفعل فَمه فى مَوضِع نصب على مَذْهَب الْمصدر والتشبيه بِهِ وَلَيْسَ لكى فِيهِ عمل وَحجَّة الْبَصرِيين دُخُولهَا على مَا الاستفهامية لدُخُول اللَّام عَلَيْهَا فَيَقُولُونَ كيمه كَمَا يَقُولُونَ لمه وهى فى مَوضِع جر لِأَن ألف مَا الاستفهامية لَا نحذف إِلَّا إِذا كَانَت فى مَوضِع جر واتصل بهَا الْحَرْف الْجَار كَقَوْلِهِم لم وَبِمَ وفيم وَإِذا وَقعت فى صدر الْكَلَام لَا تحذف كَقَوْلِك مَا تُرِيدُ وَمَا تصنع وَذهب أَصْحَابنَا إِلَى أَن لَام كى هى الناصبة للْفِعْل من غير تَقْدِير أَن نَحْو قَوْلك جئْتُك لتكرمنى وَذهب البصريون إِلَى أَن الناصب للْفِعْل أَن مقدرَة بعْدهَا وَحجَّتنَا أَنَّهَا قَامَت مقَامهَا وَلِهَذَا تشْتَمل على معنى كى فَكَمَا تنصب كى الْفِعْل فَكَذَلِك اللَّام وَحجَّة الْبَصرِيين أَن اللَّام من عوامل الْأَسْمَاء وَلَا يجوز أَن يكون من عوامل الْأَفْعَال فَوَجَبَ أَن يكون الْفِعْل مَنْصُوبًا بِأَن مقدرَة لِأَنَّهَا تكون مَعَ الْفِعْل بِمَنْزِلَة الْمصدر الذى يحسن أَن يدْخل عَلَيْهِ حرف الْجَرّ هَذِه حجَّة حَسَنَة لَهُم الْغَرِيب يُقَال جَائِع وجوعان وَجمع جوعان جوعى وجياع وَجمع جَائِع جوع الْمَعْنى يُرِيد أَنه جَائِع أى هُوَ لبخله ولؤمه لَا يشبه من الطَّعَام وَقَوله (يَأْكُل من زادى ... ) قيل أهْدى لَهُ هَدِيَّة وَقَالَ قوم بل جمع لَهُ شَيْئا من خدمه وغلمانه ثمَّ أَخذه وَلم يُعْطه شَيْئا وَقَالَ الواحدى كَانَ المتنبى مُقيما عِنْده يَأْكُل من مَال نَفسه وَلم يُعْطه شَيْئا وَلم يُمكنهُ من الرحيل فَصَارَ كَأَنَّهُ يَأْكُل زَاده وَقَوله (لكى يُقَال عَظِيم الْقدر مَقْصُود ... ) أى يمسكنى عِنْده ليفخر بمدحى لَهُ حَتَّى يَقُول النَّاس هُوَ عَظِيم الْقدر إِذا قَصده المتنبى مادحا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 - الْغَرِيب المفؤود الذى لَا فؤاد لَهُ وَرجل مفؤود وفئيد لَا فؤاد لَهُ والمفؤود أَيْضا الذى أَصَابَهُ دَاء فى فُؤَاده والمستضام الذى قد ناله الضيم وَهُوَ الذل الْمَعْنى هَذَا تَعْرِيض مِنْهُ بِابْن سَيّده يُرِيد أَن الذى تدبره أمة حُبْلَى جعله أمة لعدم آلَة الرِّجَال وَجعله حُبْلَى لعظم بَطْنه وَكَذَا خلقَة الخصيان يُرِيد أَن الذى يدبره مثل هَذَا مظلوم سخين الْعين مصاب الْقلب لَا عقل لَهُ وَلَا فؤاد لَهُ 25 - الْإِعْرَاب ويلمها بِضَم اللَّام وبكسرها يُرِيد ويل لأمها فَحذف لكثرته فى الْكَلَام وَقد قَالَ عدى بن زيد (أَيهَا العائِب عِندِآمّ زَيْدٍ ... أَنْت تَفْدِى مَنْ أراكَ تَعِيبُ) يُرِيد عندى أم زيد فَلَمَّا حذف الْألف سَقَطت الْيَاء من عندى لالتقاء الساكنين والإتباع وَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى {فلأمه الثُّلُث} {وفى أم الْكتاب} وفى أمهَا رَسُولا بِالْكَسْرِ فى الحرفين إتباعا وَقَرَأَ حَمْزَة {أَو بيُوت آمهاتكم وفى بطُون أُمَّهَاتكُم} بِكَسْر الحرفين وَقَرَأَ على بن حَمْزَة بِكَسْر الأول الْغَرِيب المهرية منسوبة إِلَى مهرَة بن حيدان بطن من قضاعة والقود الطوَال وَاحِدهَا قوداء وَفرس أَقُود أى طَوِيل الظّهْر والعنق الْمَعْنى يُقَال عِنْد التَّعَجُّب من الشئ ويلمه يَقُول مَا أعجب هَذِه الْقِصَّة وَمَا أعجب من يقبلهَا وَإِنَّمَا خلقت الْإِبِل وَالْخَيْل للفرار من مثل هَذِه وَقَوله ويلمها تعجب من شَأْنهَا وعظمها وَمِنْه قَول النبى لما سلم أَبَا بَصِير إِلَى الرجلَيْن اللَّذين أَتَيَا يطلبانه من أهل مَكَّة أَيَّام الْحُدَيْبِيَة فَقتل أَحدهمَا ثمَّ أَتَى النبى وَسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ النبى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ويلمه مسعر حَرْب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 - الْغَرِيب القنديد هُوَ عسل قصب السكر وَهُوَ الذى يعْمل مِنْهُ السكر والقنديد الْخمر وَقَالَ الجوهرى قَالَ الأصمعى هُوَ شئ مثل الأسفنط وَهُوَ عصير يطْبخ وَيجْعَل فِيهِ أَفْوَاه الطّيب وَلَيْسَ بِخَمْر يَقُول عِنْد هَذِه الْقَضِيَّة يلذ الْمَوْت فيطيب عِنْد رُؤْيَة الذل لِأَن الْحر لَا يقدر على احْتِمَال الذل 27 - الْغَرِيب الْبيض الْكِرَام وَالصَّيْد جمع أصيد وهم الْمُلُوك ذَوُو الْكِبْرِيَاء الْمَعْنى يَقُول من أَيْن لهَذَا الْأسود مكرمَة أَمن قومه الْكِرَام أم من آبَائِهِ الْمُلُوك العظماء لَيست لَهُ عراقة فى الْملك إِنَّمَا هُوَ دخيل فِيهِ 28 - الْإِعْرَاب دامية حَال وَالْبَاء فى قَوْله بالفلسين مُتَعَلقَة بمردود وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء والظرف مُتَعَلق بالاستقرار وَأذنه بِسُكُون الذَّال وَضمّهَا لُغَتَانِ قَرَأَ نَافِع بِالسُّكُونِ الْمَعْنى يُرِيد تحقير شَأْنه وَأَنه مَمْلُوك وثمنه قَلِيل لَو زيد عَلَيْهِ قدر فلسين لم يشتر لخسته وَسُوء خلقه وقبح منظره 29 - الْغَرِيب التفنيد اللوم وتضعيف الرأى الْمَعْنى يَقُول أولى من عذر فى لومه كافور لخسة أَصله وَقدره وَبَعض الْعذر لوم وهجاء يُرِيد أَن عذرى فى لؤمه لوم 30 - الْمَعْنى أَنه قد عرض بِغَيْرِهِ من الْمُلُوك فى المصراع الأول والخصية جمع خصى كصبى وصبية يَقُول الْبيض عَن فعل المكارم عاجزة فَكيف بالخصية السود الَّذين لَا قدر لَهُم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 - 1 - الْإِعْرَاب ذكر سِيبَوَيْهٍ النيروز فى بَاب الْأَسْمَاء العجمية وَقَالَ نيروز بِالْيَاءِ وَحكى غَيره بِالْوَاو وَقَالَ على عَلَيْهِ السَّلَام نوروزنا كل يَوْم وَلَيْسَ فى هَذَا حجَّة على سِيبَوَيْهٍ لِأَن الْعَرَب إِذا اسْتعْملت الأعجمية تصرفت فِيهَا كَمَا تُرِيدُ كَمَا قَالُوا فى إِبْرَاهِيم وجبرائيل فقد قَرَأَ ابْن عَامر إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور فى سُورَة الْبَقَرَة بِالْألف وَقَرَأَ عَنهُ هِشَام جَمِيع مَا فى سُورَة النِّسَاء إِلَّا الأول وأواخر الْأَنْعَام وَبَرَاءَة لَا جَمِيع مَا فى سُورَة إِبْرَاهِيم والنحل وَآخر العنكبوت وَجَمِيع سُورَة مَرْيَم والشورى وكل مَا فى الْمفصل سوى الأول من سُورَة الممتحنة والذى فى سُورَة الْأَعْلَى بِالْألف وَجِبْرِيل بِالْجِيم وَالرَّاء بِالْهَمْزَةِ حَمْزَة والكسائى وَأَبُو بكر وبفتح الْجِيم من غير همز ابْن كثير وبكسر الْجِيم من غير همز الْبَاقُونَ وميكال قَرَأَ بِالْهَمْز من غير يَاء نَافِع وَبلا همز وَلَا يَاء أَبُو عَمْرو وَحَفْص عَن عَاصِم وبالياء والهمز الْبَاقُونَ فتصرفوا فى الْأَسْمَاء الأعجمية كَمَا أَرَادوا وَأنْشد أَبُو على (هَل تعرفُ الدّارَ لأمّ الخَزْرَجِ ... مِنْها فَظَلْتَ اليَوْمَ كالمُزَرَّجِ) يُرِيد الذى شرب الزرجون وهى الْخمر وَقَوله {وورت زنادة} ورى الزند إِذا أخرج النَّار الْمَعْنى يَقُول هَذَا النيروز قد أَتَى وَلَكِن أَنْت مُرَاده وقصده بالمجئ وَقد حصل لَهُ مُرَاده لِأَنَّهُ إِذا زارك ورآك فقد بلغ مَا يُرِيد وورت زناده برؤيتك وورى الزند كِنَايَة عَن بُلُوغ المُرَاد وَالْعرب تَقول ورت بفلان زنادى آى أدْركْت بِهِ حاجتى ومرادى 2 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه النظرة الَّتِى أَخذهَا مِنْك هُوَ يتزودها من الْحول إِلَى الْحول لِأَنَّهُ لَا يأتى إِلَّا من سنة إِلَى سنة فهى لَهُ كالزاد يعِيش بهَا 3 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا انْصَرف عَنْك هَذَا النيروز خلف طرفه ورقاده عنْدك فبقى بِلَا لحظ وَلَا نوم إِلَى أَن يعود إِلَيْك قَالَ العروضى هَذَا هجاء قَبِيح للممدوح إِن أَخذنَا بقول أَبى الْفَتْح لِأَنَّهُ أَرَادَ انْصَرف عَنْك أعمى عديم النّوم وَلَكِن مَعْنَاهُ أَنه لما رآك اسْتَفَادَ مِنْك النّوم وَالنَّظَر وهما اللَّذَان تستطيهما الْعين وَمَعْنَاهُ أَنَّك أفدته أطيب شئ وَنقل ابْن القطاع كَلَام أَبى الْفَتْح حرفا فحرفا الحديث: 87 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى روى ابْن جنى يرى بِضَم الْيَاء أى نَحن كل يَوْم فى سرُور لِأَن الصَّباح كل يَوْم يرى يُرِيد اتِّصَال سرورهم قَالَ أَبُو الْفضل العروضى لَيْسَ هُوَ كَمَا ذهب إِلَيْهِ وَإِنَّمَا يُرِيد أَن يخص صباح نيروزه بِالْفَضْلِ فَقَالَ مِيلَاد السرُور إِلَى مثله من السّنة هُوَ هَذَا الصَّباح وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِفَتْح النُّون قَالَ ابْن فورجة يُرِيد نَحن فى سرُور ميلاده هَذَا الصَّباح يعْنى صباح نيروز لِأَن السرُور يُولد فى صباحه لفرح النَّاس الشَّائِع فى النيروز 5 - الْغَرِيب الممالك جمع ملك قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ على حذف الْمُضَاف أى أهل ممالك الْفرس يُرِيد أَن الْفرس عظموه حَتَّى حَسَدْته جَمِيع الْأَيَّام لتعظيمهم لَهُ 6 - الْغَرِيب التلاع جمع تلعة وهى مَا ارْتَفع من الأَرْض وَمِنْه قَول الراعى (كدخانِ مُرتحِلٍ بِأَعْلَى تَلْعةٍ ... غَرثانَ أضرمَ عَرْفجا مَبلولا) والوهاد مَا انخفض من الأَرْض وهى جمع وهدة والأكاليل جمع إكليل وَهُوَ مَا يَجْعَل على الرَّأْس كالتاج وَهُوَ من ملابس الْمُلُوك الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن الصَّحرَاء قد تَكَامل زهرها فَجعله كالأكاليل عَلَيْهَا قَالَ أَبُو الْفضل العروضى وَكَيف يَصح مَا قَالَ وَأَبُو الطّيب يَقُول مَا لبسنا وَلم يقل مَا لبست الصَّحرَاء وَمَا يشبه هَذَا مِمَّا يكون دَلِيلا على مَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَلَكِن كَانَ من عَادَة الْفرس إِذا جَلَسُوا فى مجَالِس اللَّهْو وَالشرب يَوْم النيروز أَن يتخذوا أكاليل من النَّبَات والأزهار فيجعلونها على رُءُوسهم وَهَذَا كَقَوْل الطائى (حَتى تعمَّم صُلْعُ هاماتِ الرُّبا ... مِنْ نَبْتِهِ وتأزَّرَ لأهْضَامُ) وَهَذَا الْبَيْت سليم لِأَنَّهُ جعل مَا على الرِّبَا بِمَنْزِلَة الْعِمَامَة وَمَا على الأهضام بِمَنْزِلَة الْإِزَار وَوجه قَول المتنبى أَنه أَرَادَ حَتَّى لبستها تلاعه والتحفت بهَا وهاده فَيكون من بَاب (علفّتها تبِنا وَمَاء بارِداً ... ) وَمعنى الْبَيْت أَن النَّبَات قد عَم الأَرْض مرتفعها ومنخفضها وَبَيت أَبى تَمام أحسن سبكا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 - الْإِعْرَاب الظّرْف مُتَعَلق بِمَا قبله وَهُوَ قَوْله (مَا لبسنا فِيهِ الأكاليل ... ) وكسرى روى الْكُوفِيُّونَ فِيهِ كسر الْكَاف وَقَالَ البصريون بِفَتْحِهَا وأنشدوا للفرزدق (إذَا مَا رأوْهُ طالِعا سجَدُوا لَهُ ... كَمَا سَجَدَتْ يَوْما لكسْرَى مَرازِبُهْ) الْغَرِيب كسْرَى أَبُو ساسان هُوَ ملك فَارس وَقيل لملوك الْعَجم بنوساسان لهَذَا الْمَعْنى يُرِيد عِنْد هَذَا الممدوح الذى لَا يُقَاس بِملكه ملك كسْرَى ملك الْعَجم وَلَا أَوْلَاده وملوك الْعَجم يُقَال لكل وَاحِد مِنْهُم كسْرَى 8 - الْإِعْرَاب هَذِه ثَلَاث جمل ابتدا آتٍ تقدّمت الْأَخْبَار عَلَيْهَا الْغَرِيب فلسفى نسب إِلَى الْحُكَمَاء لِأَنَّهُ يتَكَلَّم بالحكمة الْمَعْنى يَقُول هُوَ عربى يتَكَلَّم بِلِسَان الْعَرَبيَّة ورأيه رأى الْحُكَمَاء وأعياده فارسية كالنيروز والمهرجان 9 - الْمَعْنى يَقُول كلما استعظم النائل نَفسه استصغره نائل آخر وَقَالَ الواحدى كلما ازْدَادَ عطاؤه زَاد نائله عظما فَإِذا أسرف فى عطائه فَقَالَ ذَلِك الْعَطاء أَنا سرف قَالَ مَا يتبعهُ من الْعَطاء الزَّائِد على الأول هَذَا مِنْهُ قصد أى أَنا أَكثر مِنْهُ وَهَذَا مثل والنائل لَا يَقُول شَيْئا وَلَكِن يسْتَدلّ بِحَالهِ كَأَنَّهُ قَائِل وتلخيص الْمَعْنى إِذا استكثر مِنْهُ عَطاء قل ذَلِك فى جنب مَا يتبعهُ وَقَالَ الْخَطِيب إِذا أعْطى عَطاء كثيرا أعْطى بعده أَكثر مِنْهُ حَتَّى يُقَال اقتصد فى الأول 10 - الْغَرِيب النجاد حمائل السَّيْف الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد حمائل السَّيْف لطوله وَقَالَ العروضى لَيْسَ يُرِيد فى هَذَا الْبَيْت طول النجاد وَلَا قصره وَإِنَّمَا يُرِيد تَعْظِيم شَأْن الْوَاهِب فَقَالَ كَيفَ يقصر عَن السَّمَاء منكبى والنجاد عَن هَيئته فَأن الطول وَالْقصر فى هَذَا وَقَالَ ابْن فورجة لَيْسَ طول نجاد ابْن العميد إِذا أهْدى سَيْفه للمتنبى مِمَّا يُوجب أَن يطول مَنْكِبه وَإِنَّمَا يُرِيد كَيفَ أنكل عَن مفاخرة ذى فَخر وَكَيف يقصر منكبى دون سَمَاء ونجاده قد بلغنى غَايَة قد بلغنى الشّرف إِذْ هُوَ على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول قلدتنى يَده سَيْفا لَا مثل لَهُ فى السيوف فَهُوَ عديم الْمثل كمن لم تعقب أجداده مثله وَكَانَ وَاحِدًا فى جملَة إخوانه وأترابه وَأَرَادَ بأجداد الحسام الْمَعَادِن الَّتِى مِنْهَا تستخرج جَوَاهِر الْحَدِيد فَهُوَ يَقُول لم يطبع مثله فَلَا نَظِير لَهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ يستحسن مِنْهَا جَوَاهِر الْحَدِيد وَقد أهْدى إِلَيْهِ سَيْفا نفيسا طَوِيل النجاد وَقد تجَاوز فى هَذَا الْمَعْنى أَبُو نواس بقوله (أشَمّ طَوِيلُ السَّاعدَينِ كأنَّما ... يُناطُ نِجاداً سيفِهِ بِلِوَاءِ) 12 - الْغَرِيب إياة الشَّمْس ضوءها قَالَ طرفَة (سَقَتْهُ إياةُ الشَّمْسِ إِلَّا لِثاتِهِ ... أُسِفّ وَلم تكْدِمْ عليهِ بإثْمِدِ) وَإِذا فتح أَوله مد وَمِنْه قَول ذى الرمة (تَرىِ لأَيَاءِ الشَّمسِ فِيهَا تحدُّرَا ... ) والأرآد يجوز أَن يكون جمع رأد وَهُوَ الضَّوْء يُقَال رأد النَّهَار وَيجوز أَن يكون جمع رئد وَهُوَ الترب وَيجوز ترك الْهَمْز فِيهِ قَالَ كثير (وَقَدْ دّرَّعُوها وَهىَ ذاتُ مُؤَصَّدٍ ... مَجُوبٍ ولمَّا يلبسِ الدّرعَ رِيدُها) الْمَعْنى يَقُول كلما سل هَذَا الحسام ضاحكته إياة الشَّمْس وتقر بِأَن ضوءها مثل ضوئه وَالْكِنَايَة فى أَنَّهَا للإياة وَإِنَّمَا جمع الأرآد مَعَ تَوْحِيد الإياة حملا على الْمَعْنى فَإِن عِنْد كل سلة مضاحكة بَينه وَبَين إياة الشَّمْس 13 - الْمَعْنى يَقُول مثلُوا هَذَا السَّيْف فى غمده أى جعلُوا على غمده مِثَاله وَصورته وَهُوَ أَنهم غشوه فضَّة محرقة فَأَشْبَهت تِلْكَ الْآثَار هَذَا السَّيْف وَمَا عَلَيْهِ من آثَار الفرند وَالْمعْنَى أَنه يغمد فى جفن عَلَيْهِ آثَار كأثره قَالَ الواحدى خشيَة الْفَقْد يُرِيد أَن النَّاس يَقُولُونَ إِن هَذَا السَّيْف عَزِيز فلعزه وَخَوف فَقده غشوا جفْنه الْفضة قَالَ أَبُو الْفَتْح صونا للجفن من الصدإ لِئَلَّا يَأْكُلهُ قَالَ ابو فورجة يُرِيد مَا نسج عَلَيْهِ من الْفضة تَصْوِير لما كَانَ على مَتنه من الفرند فعل ذَلِك بِهِ إِرَادَة أَن لَا تفقده الْأَعْين بِكَوْنِهِ فى غمده بل يكون كَأَنَّهَا ناظرة إِلَيْهِ وَلم يرد بقوله خشيَة الْفَقْد ذَهَابه وضياعه بل أَرَادَ أَنه لحسنه لَا يشتهى مَالِكه أَن يفقد منظره بإغماده فقد مثله فى جفْنه بِمَا عمل عَلَيْهِ من نقش الْفضة وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا جعل غمده مشبها لَهُ فَيقوم مقَامه وفى مَعْنَاهُ (إِذا بَرِقوا لم تعرفْ البِيض منهمُ ... سَرَابيلُهم مِن مثْلِها والعمائم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 - الْغَرِيب الفرند مَاء السَّيْف وجوهره الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذَا الجفن جعل لَهُ نعل من ذهب وَلَيْسَ ذَلِك من حفا وَهُوَ يحمل من هَذَا السَّيْف بحرا لِكَثْرَة مَائه وفرنده زبده يعْنى أَن الفرند لهَذَا السَّيْف بِمَنْزِلَة الزّبد للبحر 15 - الْغَرِيب المدجج المغطى بِالسِّلَاحِ والبدادن جانبا السرج الْمَعْنى يَقُول إِذا ضرب بِهِ قسم المغطى فى السِّلَاح نِصْفَيْنِ والسرج أَيْضا فَلَا يسلم مِنْهُ إِلَّا بداد سَرْجه لانحرافه عَن الْوسط وَقَوله شفرتيه وَالسيف لَا يقطع إِلَّا بشفرة وَاحِدَة مَعْنَاهُ أَنه أَرَادَ بأى شفرة ضرب عمل هَذَا الْعَمَل الذى ذكره 16 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّهْر قد جمع الْآحَاد حد هَذَا السَّيْف ويدى الممدوح وثنائى لَهُ يُرِيد شعرى فى وَصفه فَلَا سيف كَهَذا السَّيْف ولايد فى الضَّرْب كيد الممدوح وَلَا ثَنَاء كثنائى فَهَذِهِ أَفْرَاد لَا نَظِير لَهَا 17 - الْغَرِيب المنفسات الْأَشْيَاء النفيسة وَاحِدهَا منفس والعتاد بِفَتْح الْعين الْعدة يُقَال أَخذ لِلْأَمْرِ عدته وعتاده والعتيد الْحَاضِر المهيأ الْمَعْنى قَالَ الواحدى حكى أَبُو على بن فورجة عَن أَبى الْعَلَاء المعرى فى هَذَا الْبَيْت قَالَ يعْنى أَن الغمد بِمَا عَلَيْهِ من الحلى وَالذَّهَب أنفس من السَّيْف كَأَنَّهُ كَانَ محلى بِكَثِير من الذَّهَب فَجعل الغمد جلدا إِذا جعل السَّيْف شامة قَالَ أَبُو على والذى عندى أَنه أَرَادَ بجلده ظَاهره الذى عَلَيْهِ الفرند لِأَن أنفس مَا فى السَّيْف فرنده وَبِه يسْتَدلّ عَلَيْهِ فى الْجَوْدَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يعْنى أَنه يلوح فِيمَا أعطَاهُ كَمَا تلوح الشامة فى الْجلد لحسنه ونفاسته وَقَوله (جلدهَا منفساته وعتاده) أى مَا يلى هَذَا السَّيْف مِمَّا تقدم مِنْهُ وَتَأَخر كالجلد حول الشامة وَقَالَ أَبُو الْفضل العروضى مُنْكرا على أَبى الْفَتْح ألم يجد المتنبى مِمَّا يحسن فى الْجَسَد شَيْئا فَوق الشامة كَالْعَيْنِ الْحَسْنَاء لكنه أَرَادَ أَن هَذَا السَّيْف على حسنه وَكَثْرَة قِيمَته كالنقطة فِيمَا أعطَاهُ أَلا ترَاهُ يَقُول جلدهَا منفساته أى قدر السَّيْف وَهُوَ عَظِيم الْقيمَة فِيمَا أعطَاهُ كَقدْر الشامة فى الْجلد قَالَ الواحدى وَهَؤُلَاء الَّذين حكينا كَلَامهم كَانُوا أَئِمَّة عصرهم وَلم يكشفوا عَن معنى الْبَيْت وَلَا بَينُوهُ بَيَانا يقف المتأمل عَلَيْهِ وَيقْضى بِالصَّوَابِ وَمعنى الْبَيْت إِنَّه جعل ذَلِك السَّيْف شامة والشامة تكون فى الْجلد وَلما سَمَّاهُ شامة سمى مَا كَانَ مَعَه من الْهَدَايَا الَّتِى كَانَ السَّيْف فى جُمْلَتهَا جلدا وَالْكِنَايَة فى المنفسات والعتاد تعودان إِلَى الممدوح وَذَلِكَ أَنه أهْدى إِلَيْهِ أَشْيَاء نفيسة من الْخَيل وَالثيَاب والأسلحة فَهُوَ يَقُول هَذَا السَّيْف فى جُمْلَتهَا شامة فى جلد قَالَ وَقَول ابْن فورجة هوس لَا شئ وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد أَن السَّيْف على جلالة قدره وَمَا عَلَيْهِ من الذَّهَب كَالشَّامَةِ فى جنب مَا أخذت مِنْهُ وَقَوله جلدهَا يُرِيد مَا عَلَيْهِ من الفرند الذى من أَجله يسْتَدلّ على جودته ويغالى فى ثمنه وَقيل يردي بجلده جفْنه وَمَا عَلَيْهِ من الذَّهَب وَالْفِضَّة والجوهر المكلل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى فِيهِ عَائِد على نداه فى الْبَيْت الأول والضميران فى لبده وطراده يرجعان إِلَى ابْن العميد الْمَعْنى يُرِيد جعلتنا فُرْسَانًا يُرِيد أَن خيلا سوابق كَانَت فى نداه قادها إِلَيْهِ أى فى جملَة مَا أَعْطَانَا خيل سوابق فَارَقت لبده أى سرج ابْن العميد وانتقلت إِلَى سرجى وفيهَا طراده قَالَ ابْن جنى أى قد صرت مَعَه كواحد من جملَته إِذا سَار إِلَى مَوضِع سرت مَعَه وطاردت بَين يَدَيْهِ فَكَأَنَّهُ هُوَ المطارد عَلَيْهَا فعلى قَوْله هَذَا قَوْله وفيهَا أى عَلَيْهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {فِي جُذُوع النّخل} قَالَ العروضى كَلَام أَبى الْفَتْح كَلَام من لم ينتبه بعد عَن نومَة الْغَفْلَة إِنَّمَا يَقُول فَارَقت هَذِه الخبل لبده وَفِيمَا تأديبه وتقويمه وَمَا ذكره ابْن جنى هوس وَالْمعْنَى أَن الْخَيل السوابق الَّتِى كَانَت عِنْده مِمَّا أَعْطَانَا علمتنا الفروسية لِأَنَّهَا قد فَارَقت لبده حِين أعطاناها وفيهَا مَا عمله بطراده وبتأديبه وَلَيْسَ يُرِيد بقوله فرستنا حملتنا حَتَّى صرنا فُرْسَانًا عَن الرجلة وفيهَا طراده يُرِيد تَأْدِيب طراده على حذف الْمُضَاف 19 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لما انْتَقَلت خيله إِلَى رجت أَن تستريح من طول كدة إِيَّاهَا وَلَيْسَت ترى ذَلِك من جهتى مَا دمت أَسِير فى بِلَاده لسعتها وامتداد ولَايَته وَقَالَ الواحدى لَيْسَ لسعة الْبِلَاد هَا هُنَا معنى إِنَّمَا يَقُول لَا ترى هَذِه الْخَيل مَا ترجوه لأَنا لَا نزال نغزو مَعَه بغزواته ونطارد عَلَيْهَا مَعَه إِذا ركب إِلَى الصَّيْد إِنَّمَا تستريح إِذا فارقنا خدمته وَنحن لَا نفارق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد رضيت أَن يَجْعَل المداد الذى يكْتب بِهِ قبُول عذرى سَواد عينى حبا لَهُ وتقربا مِنْهُ واعترافا لَهُ بالتقصير قَالَ الواحدى لَيْسَ على مَا قَالَ لِأَن المُرَاد قبُول الْعذر لَا أَن يكْتب الممدوح ذَلِك وَالْمعْنَى أَنه يُرِيد هَل يقبل عذرى وَهل عِنْده قبُول لعذرى ثمَّ قَالَ سَواد عينى مداده يُرِيد أَنه لَو استمد من عينى لم أبخل عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُ كَاتب مُحْتَاج إِلَى المداد وَالْكِنَايَة فى مداده تعود إِلَى أَبى الْفضل وفى قَول أَبى الْفَتْح تعود إِلَى الْعذر وَلَيْسَ بشئ 21 - الْمَعْنى أَنا فى غَايَة من الْحيَاء وَذَلِكَ أَن أَبَا الْفضل ناظره فى شئ من شعره وَلِهَذَا جعله معلا لَهُ وَقد شَرحه فى الْبَيْت الذى بعد هَذَا فَيَقُول مكرمات المعل تأتينى كل يَوْم فَكَأَنَّهَا عواد عليل تعودنى 22 - الْمَعْنى لم يكفنى تَقْصِير قولى وعجزى عَن وَصفه حَتَّى صَار انتقاده شعرى ثَانِيًا لتقصيرى وَهَذَا هُوَ الْمُوجب للحياء وَهُوَ التَّقْصِير والانتقاد 23 - الْمَعْنى يَقُول أَنا فى الشّعْر كالبازى الأصيد وَلَكِن النَّجْم الْأَعْلَى لَا أقدر على بُلُوغه وَيُرِيد بِأَجل النُّجُوم زحل جعل هَذَا مثلا للممدوح قَالَ الواحدى وَلم يعرف ابْن جنى هَذَا لِأَنَّهُ قَالَ لَو اسْتَوَى لَهُ أَن يَقُول أَعلَى النُّجُوم لَكَانَ أليق وَالْمعْنَى إنى وَإِن كنت حاذقا فى الشّعْر فَإِن كلامى لَا يبلغ أَن أصف ابْن العميد وأمدحه وَأما قَول الواحدى عَن أَبى الْفَتْح (لَو اسْتَوَى لَهُ أَن يَقُول أَعلَى النُّجُوم لَكَانَ أليق) أى بِالْمَعْنَى فَصدق وَأَبُو الطّيب لَو قَالَ ذَلِك لَكَانَ حسنا واستوى لَهُ لَو فطن وَكَانَ قَادِرًا أَن يَقُول (إنَّنِى أصْيَد البُزاةِ ولكِنِّىَ أعْلى النُّجومِ لَا أصْطادُه ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 - الْإِعْرَاب مَا بِمَعْنى شئ لِأَن رب لَا تدخل إِلَّا على النكرات الْمَعْنى رب حسن من فضلك لم يلْحقهُ لفظى وَإِن كنت أقرّ لَك بقلبى يُرِيد رب شئ من مدحك لَا يبلغهُ وصفى بالعبارة وَمَا يضمره قلبى هُوَ اعْتِقَاده فِيك وفى استحقاقك ذَلِك الْمَدْح وَهَذَا اعتذار عَن قصوره فى وَصفه ومدحه 25 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد لم أمدح مثله فَلذَلِك قصرت عَن وصفى لَهُ والذى أَتَاهُ من الْكَرم عَادَة لَهُ لم يتطبع بِهِ قَالَ الواحدى الذى أَتَاهُ من الشّعْر اعتياده لِأَنَّهُ أبدا يمدح فَهُوَ أعلم النَّاس بالمدح وَهَذَا يدل على تحرز أَبى الطّيب مِنْهُ وتواضعه لَهُ وَلم يتواضع لأحد فى شعره مَا تواضع لَهُ قَالَ وَيجوز أَن يكون وَهَذَا الذى أَتَاهُ يُرِيد الذى فعله من النَّقْد عَادَته قَالَ والذى قَالَه أَبُو الْفَتْح لَيْسَ بشئ لِأَنَّهُ لَيْسَ فى وصف كرمه وَإِنَّمَا يعْتَذر إِلَيْهِ فى تَقْصِيره 26 - الْمَعْنى يَقُول إِن فاتنى عد بعض فضائلك وأوصافك حَتَّى لم آتٍ على جَمِيعهَا كَانَ عذرى وَاضحا فإنى غرقت بهَا لِكَثْرَة صِفَات مدحك والغريق فى الْبَحْر إِن فَاتَهُ عد الأمواج كَانَ عذره وَاضحا وَالْمعْنَى إِن فكرى غرق فى فضائلك فَلم أجد سَبِيلا إِلَى وصفهَا حق الْوَصْف 27 - الْإِعْرَاب للندى الغلب اللَّام مُتَعَلق بِمَحْذُوف هُوَ الْخَبَر والابتداء هُوَ الغلب قَالَ أَبُو الْفَتْح وَجعل عماده فى مَوضِع اعْتِمَاده وَلَو أَرَادَ ذَلِك لقَالَ وَابْن العميد اعْتِمَاده وَكَانَ الْوَزْن صَحِيحا الْمَعْنى يَقُول الْغَلَبَة لعطائه فَإِنَّهُ غلبنى لِأَنَّهُ يسْتَند إِلَى ابْن العميد وَأَنا أستند إِلَى الشّعْر وَلَيْسَ يمكننى أَن أكاثر عطاءه بشعرى 28 - الْغَرِيب الآد الْقُوَّة وَالْأَمر الْعَظِيم الْمَعْنى الظَّن هَهُنَا بِمَعْنى الْعلم يَقُول أَنا عَالم بالأمور قد أحطت بهَا علما غير أَنى قَاصِر عَن مدح كريم لَيْسَ لى فَصَاحَته فى الْكَلَام وَلَا قوته فى علم الشّعْر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 - الْغَرِيب المزاد جمع مزادة وهى الرِّوَايَة والراوية فى الأَصْل الْجمل وَإِنَّمَا سميت المزادة راوية مجَازًا الْمَعْنى يَقُول هُوَ ظَالِم الْجُود يُرِيد أَنه يُكَلف من حل بِهِ أَو نزل لسخائه وبذله أَن يحمل الْبحار فى مزاده وَهَذَا ظلم لِأَنَّهُ يُكَلف الْإِنْسَان مَا لم يُمكن وكنى بالركب عَن الْوَاحِد على اللَّفْظ لَا على الْمَعْنى على رِوَايَة من روى سَام وَأما من روى سيم كَانَ الْمَعْنى أَن هَذَا الممدوح قد ألف مِنْهُ الْكَرم فَإِذا نزل بِهِ ركب كلفوه أَن يحمل الْبحار 30 - الْمَعْنى يَقُول عمتنى مِنْهُ فَوَائِد كَانَ من جُمْلَتهَا حسن القَوْل أى تعلمت مِنْهُ حسن النّظم وَصِحَّة الْمَعْنى يُرِيد أَنه تنبه بانتقاد شعره على مَا كَانَ غافلا عَنهُ 31 - الْمَعْنى يَقُول لم نسْمع قبله بجواد يحب الْعَطاء ويشتهى أَن يكون قلبه من جملَة الْإِعْطَاء يُرِيد أَن مَا أَفَادَهُ من الْعلم من نتيجة عقله وثبات فكره فَعبر عَن الْعلم بالفؤاد لِأَن مَحَله الْفُؤَاد كَقَوْلِه تَعَالَى {لمن كَانَ لَهُ قلب} أى عقل فَسمى الْعقل قلبا قَالَ الواحدى لم يعرف ابْن جنى هَذَا الْكَلَام فَقَالَ الْكَلَام الْحسن الذى عِنْده إِذا أَفَادَهُ إنْسَانا فقد وهب لَهُ عقلا ولبا وفؤادا وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ يحسن أَن لَو قَالَ (فاشتهى أَن يكون فِيهَا فُؤَاده ... ) مُنْكرا وَإِذا أَضَافَهُ إِلَى الممدوح فَلَيْسَ يحسن مَا قَالَ وَلَا يجوز 32 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى روى ابْن جنى أفضل النَّاس وَلَيْسَ بشىء يُرِيد أَن أفْصح النَّاس الممدوح وَأَن الفصاحة فِي الْعَرَب فأصح النَّاس فى مَكَان بدل الْأَعْرَاب بِهِ أكراد يعْنى أهل فَارس أى أَنه أفْصح النَّاس وَأَنه بَين قوم غير فصحاء 33 - الْإِعْرَاب أَحَق عطف على قَوْله أفْصح الْمَعْنى يَقُول خلق الله أَحَق الغيوث بِحَمْد فى زمَان ... الخ يعْنى الممدوح لما جعله غيثا ينْبت الْكلأ جعل النَّاس لاحتياجهم إِلَيْهِ كالجراد وَالْجَرَاد لَا يحيا إِلَّا بالغيث والكلأ وَقَالَ الواحدى جعل الممدوح غيثا لعُمُوم صَلَاحه وَجعل النَّاس جَرَادًا لشيوع فسادهم وَلِأَنَّهُم سَبَب الْفساد قَالَ وَيدل على صِحَة هَذَا قَوْله (مثل مَا أحدث ... الخ ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الزَّمَان فَقير إِلَيْهِ فَهُوَ فى الْعَالم كالأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام فى زمانهم يُرِيد إِنَّه لما شاع الْفساد فى الْعَالم كالجراد خلق الله ابْن العميد ليزيل بِهِ ذَلِك الْفساد كَمَا أَنه لما عَم الْكفْر والشرك بعث الله الْأَنْبِيَاء وَهُوَ من قَول الفرزدق (بُعِثْتَ لأهلِ الدّينِ عَدلاً ورَحْمَةً ... وبُرْءًا لآثارِ الجُروح الكوَالمِ) (كَا بَعَثَ اللهُ النَّبىَّ محمَّدًا ... على فترَةٍ والنَّاسُ مثلُ البهائمِ) 35 - الْمَعْنى يَقُول الْقَمَر يزين اللَّيْل ويضئ فِيهِ وَلم يضرّهُ سَواد اللَّيْل وَأَنت لما ظهر الْفساد فى النَّاس لم يصل إِلَيْك لِأَنَّك سَبَب صَلَاحه كَالْقَمَرِ يطلع فيجلو سَواد اللَّيْل وَلَا يضرّهُ 36 - الْمَعْنى يَقُول قد أكثرت الْفِكر فَكيف أهْدى إِلَيْك شَيْئا كَمَا تهدى العبيد إِلَى رَبهَا 37 - الْمَعْنى يَقُول كل مَا عندنَا من الْأَمْوَال والخيول فَهُوَ من هباته وَمَا قَادَهُ لنا من الْخُيُول فَمن عِنْده وَهَذَا من قَول ابْن الرومى (منكَ يَا جَنَّةَ النَّعيم الهَدايا ... أفنُهْدى إِلَيْك مَا مِنْك يُهْدَى) 38 - الْإِعْرَاب مهار بِالْجَرِّ بدل أَو صفة على التَّأْوِيل وَبِالنَّصبِ صفة على الْموضع تَقْدِيره بعثنَا أَرْبَعِينَ وَالْبدل أَيْضا على الْموضع كَمَا قُلْنَا فى وَجه الْجَرّ لِأَن الْمهْر وَإِن كَانَ اسْما يرضيك مِنْهُ معنى الصّفة لِأَنَّهُ بِمَعْنى فَتى الْغَرِيب يُقَال مهر ومهرة وفى الْجمع أمهار ومهار ومهرات الْمَعْنى يَقُول قد بعثت إِلَيْك بِأَرْبَعِينَ بَيْتا من الشّعْر كَأَنَّهَا أَرْبَعُونَ مهْرا وميدان كل بَيت إنشاده يُرِيد تعرف كل بَيت بإنشاده كَمَا أَن الْمهْر إِذا جرى فى ميدانه عرف جريه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 - الْمَعْنى أى الْأَرْبَعُونَ عدد عشته دُعَاء لَهُ بِأَن يعِيش هَذَا الْعدَد من السنين على مَا عَاشَ وَكَانَ ابْن العميد قد جَاوز السّبْعين وناهز الثَّمَانِينَ فى هَذَا الْوَقْت وَالْمعْنَى زَاد الله فى عمرك هَذَا الْعدَد والجسم لَا يرى من أرب الْعَيْش فِيمَا زَاد على الْأَرْبَعين مَا كَانَ يرَاهُ فِيمَا دونه فَلهَذَا اخْتَار هَذَا الْعدَد فَجعل القصيدة أَرْبَعِينَ بَيْتا قَالَ أَبُو الْفَتْح الْأَرْبَعُونَ إِذا تجاوزها الْإِنْسَان نقص عَمَّا يعْهَد من أَحْوَاله فى جِسْمه وتصرفه 40 - الْمَعْنى يُرِيد بِالْقَلْبِ الذى نماها نَفسه أى صنعها ويعنى بالجياد الأبيات الَّتِى أَنْشَأَهَا وصنعها وَلما عبر عَن الأبيات بالمهار عبر عَن حفظهَا وإمساكها بالارتباط للتجانس بَين الْكَلَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 - 1 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره يفدى بكتب الْأَنَام كتاب وَدلّ على الْفِعْل مَا بعده من قَوْله فدت الْمَعْنى يَقُول يفدى هَذَا الْكتاب الْوَارِد على بكتب النَّاس كلهم لِأَن شرفه وَقدره عَظِيم 2 - الْمَعْنى إِن هَذَا الْكتاب يخبر عَن حَاله وشوقه إِلَيْنَا كَمَا نجد نَحن من شوقنا إِلَيْهِ 3 - الْغَرِيب خرق الظبى إِذا فزع ولطئ بِالْأَرْضِ وَكَذَلِكَ أخرق وأخرقه غَيره والخرق التحير من هم وَشدَّة وبرق إِذا شخص بطرفه من عجب أَو فزع قَالَ الله تَعَالَى {برق الْبَصَر} وبرق بِكَسْر الرَّاء وَفتحهَا وبالفتح قَرَأَ نَافِع الْمَعْنى يُرِيد إِن الذى رأى هَذَا الْكتاب حيره مَا رَآهُ من حسن الْخط والذى انتقد لَفظه أبرقه مَا انتقده من حسن أَلْفَاظه ومعانيه وبلاغته 4 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أَلْفَاظه تحدث الْحَسَد فى قلب من يقْرؤهَا فتحسده قُلُوب السامعين 5 - الْمَعْنى لما وَصفه بِأَنَّهُ يفرس جعله أسدا لِأَن الْفرس من أَفعَال الْأسد وَالْمعْنَى أَنه وصل فى استيلائه على قُلُوبهم إِلَى مثل مَا يصل إِلَيْهِ الْأسد إِذا فرس الفريسة جعل الفصاحة فِيهِ دون غَيره من النَّاس كالفرس فى الْأسد قَالَ الواحدى لَو خرس المتنبى وَلم يصف كتاب أَبى الْفَتْح بِمَا وصف لَكَانَ خيرا لَهُ فَكَأَنَّهُ قطّ لم يسمع وصف كَلَام وأى موصع للإخراق والإبراق وَالْفرس فى وصف الْأَلْفَاظ والكتب فَهَلا احتذى على مِثَال كَلَام البحترى فى قَوْله يصف كَلَام مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات (فى نظامٍ مِن البلاغَة مَا شَكَّ ... امْرُؤٌ أنَّهُ نِظامُ فَرِيدِ) (وَكَلَام 1 كأنَّه الزَّهَر الضَّا ... حكُ فى رَوْنق الرَّبيع الجديدِ) (ومَعانٍ لَو فصَّلتها القَوافى ... هَجَّنَتْ شعر جَرْول ولَبيدِ) (حُزْنَ مستعملَ الْكَلَام اخْتيارا ... وتجنَّبْنَ ظُلمةَ التَّعقيدِ) الحديث: 88 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 - 1 - الْغَرِيب الخفر الْحيَاء الْمَعْنى من روى نسيت بِضَم النُّون يُرِيد نسينى الحبيب وَلَا أنسى مَا جرى بينى وَبَينه من العتاب وتباريحه الْمَعْنى يَقُول نسيت شَيْئا وَلم أنس عتابا مضى مَعَ الحبيب وَلَا خفر العاتب الذى غشيه عِنْد العتاب من الْحيَاء الذى زَادَت بِهِ حمرَة وَجهه وَالْعرب تذكر مَا جرى بَينهَا وَبَين الحبيب عِنْد الْوَدَاع كَقَوْل الآخر (ولسْتُ بناسٍ قوْلهَا يوْمَ وَدَّعَتْ ... وَقد رُحِلَتْ أجمالُنا وهى وُقَّفُ) (أأنْتَ على العَهدِ الذى كانَ بيْنَنا ... فلسْنا وحقّ اللهِ عَن ذَاك نُصرَفُ 1) (فقلْتُ لَهَا حِفظى لِعهدِكِ مُتْلفى ... وَلَوْلَا حِفاظُ العهدِ مَا كنتُ أتلف) وكقول الآخر (وَلم أنْسَ توْديعى لَهُم وَحُدُاتهُمْ ... تُرَحِّلُهُمْ فَوْقَ المَطِىّ المُخَزَّمِ) (وُقوفى وَراءَ الحَىّ سِرّا وبيْنَنا ... حَدِيث كنشرِ المِسكِ حينُ يجَمْجَم 2) (ترَشَّفْتُ مَن فِيهَا رُضابا كأنَّه ... سُلافة خمر من إِنَاء مُفدَّمِ) (مبرْقعة كالشَّمس تحتَ سحابةٍ ... أَو البدرِ فى جُنْحٍ من اللَّيل مظلمِ) 2 - الْإِعْرَاب من نصب صُحْبَة نصبها على المصدرية وهى الرِّوَايَة الصَّحِيحَة تَقْدِيره صحبنى فى المعانقة كَمَا صَحبه العقد أى مثل وَمن رفع جعلهَا فاعلة أَطَالَت الْغَرِيب القصيرة والقصورة هى المحبوسة فى خدرها الممنوعة من التَّصَرُّف من الْقصر بِالْفَتْح لَا من الْقصر كعنب وَمِنْه (قاصرات الطّرف) أى محبوسات فَلَا تقع أعينهن إِلَّا على أَزوَاجهنَّ وَقيل قصرن أَطْرَاف أَزوَاجهنَّ أَن ينْظرُوا إِلَى غَيْرهنَّ وجمعهن قاصرات وَجمع قَصِيرَة قصائر وقصار قَالَ كثير (وأنْتِ الَّتِى حَبَّبْتِ كلّ قَصِيرَةٍ ... إلىَّ وَما تَدْرِى بذاكَ القصائِرُ) (عَنَيْتُ قَصيراتِ الحِجالِ وَلم أُرِدْ ... قِصارَ الخُطَا شَرُّ النِّساءِ البَحاترُ) الْمَعْنى وَلَا لَيْلَة أى مَا نسيت لَيْلَة قصرت عَن الطول بلهوى بمحبوبة قصورة فقصرت تِلْكَ اللَّيْلَة لطيبها وليالى الْوِصَال أبدا قصار كَمَا أَن ليالى الهجر أبدا طوال فَبت مَعَ هَذِه القصورة معانقا لَهَا حَتَّى طَالَتْ المعانقة مثل صُحْبَة العقد فى جيدها الحديث: 89 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 - الْمَعْنى يَقُول من لى بِمثل يَوْم الْوَدَاع لِأَن الْمُودع على كل حَال يحظى بِالنّظرِ وَالتَّسْلِيم يَقُول من لى بِالْيَوْمِ الذى كرهته لما فِيهِ من التَّفَرُّق فَأَنا أَتَمَنَّى مثل ذَلِك الْيَوْم الذى قربت بِهِ من الْبعد للتوديع والعشاق يتمنون التوديع كَمَا قَالَ الآخر (مَن يكُنْ الوَداع فاّنى ... أشتَهيهِ لِعِلَّةِ التَّسْليمِ) (إنَّ فِيهِ اعتناقَه لوداع ... وانتظار اعْتناقِهِ لقُدومِ) (ولَكَمْ فُرْقة وغَيبةِ شَهْرٍ ... هى أحْرَى مِنِ امْتناع مُقيمِ) 4 - الْإِعْرَاب أَن لَا أَن فى مَوضِع نصب بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ تَقْدِيره وَبِأَن لَا يخص الْمَعْنى يَقُول من لى بِأَن لَا يكون الْفَقْد مَخْصُوصًا بشئ دون شئ فإنى فقدت أحبابى وَلم أفقد الْبكاء والوجد فَأَنا أَتَمَنَّى أَن يكون الْفَقْد عُمُوما لَا خُصُوصا حَتَّى إِذا فقد الحبيب فقد الوجد 5 - الْإِعْرَاب تمن خبر مبتدإ مَحْذُوف تَقْدِيره هَذَا تمن الْغَرِيب الفتيل هُوَ مَا على شقّ النواة وَقيل هُوَ مَا كَانَ بَين الإصبعين من الْوَسخ وَقيل الفتيل والنقير والقطمير كُله فى النواة فالفتيل هُوَ مَا فى شقها والنقير هُوَ النقرة الَّتِى على ظهرهَا والقطمير هُوَ الغشاء الرَّقِيق الذى عَلَيْهَا الْمَعْنى يَقُول هَذَا الذى ذكرته هُوَ تمن لَا حَقِيقَة لَهُ غير أَن المستهام وَهُوَ الذى هيمه الْحبّ يلتذ بالتمنى وَإِن كَانَ لَا يَنْفَعهُ وَلَا يغنى عَنهُ شَيْئا وَهَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر (أمانِىَّ مِنْ لَيْلَى حِسانا كأنَّمَا ... سَقَتنى بِها ليلَى على ظَمأ بَرْداً) (مُىَ إنْ تكنُ حَقاتكُن أحسن المُنَى ... وَإِلَّا فَقد عِشْنا بهَا زَمنا رَغْدًا) وَقَالَ البحترى (تَمَنَّيْتُ ليلى بعد فَنْوتِ وإنَّمَا ... تَمَنَّيْتُ مِنْهَا خُطَّةً لَا أنالُهَا) وَقَالَ الآخر (وَأعلم أنَ وَصْلكِ ليسَ يُرْجَى ... ولكِنْ لَا أقَلَّ مِن التمّنى) يُقَال لذى يلذ والتذ يلتذ وتلذذت كَذَا ألتذه لذاذا ولذاذة وَهُوَ لذ ولذيذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 - الْإِعْرَاب غليظ مُبْتَدأ قدم عَلَيْهِ الْخَبَر وَحذف تَقْدِيره ولى غيظ على الْأَيَّام الْغَرِيب الْقد سير يشد بِهِ الْأَسير الْمَعْنى يَقُول لى غيظ على الْأَيَّام مثل النَّار تلتهب فى الأحشاء إِلَّا أَنه غيظ على من لَا يبالى بغيظى اغتظت عَلَيْهَا أم رضيت عَنْهَا فَهُوَ كغيظ الْأَسير على على مَا يشد بِهِ من الْقد فَهُوَ غيظ على جَائِر غير رَاحِم 7 - الْغَرِيب الدلوق بِالدَّال الْمُهْملَة سرعَة الانسلال وَسيف دالق دلوق الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الذى ترينه من شجوى وتغيرى إِنَّمَا هُوَ لمواصلتى السّير وَالطّواف فى الْبِلَاد لبعد همتى كالسيف الحاد إِذا كثر سَله وإغماده أكل جفْنه قَالَ الواحدى وَلَيْسَ مِمَّا ذكره شئ فى الْبَيْت لكنه مَا هجس لَهُ فى خاطره فَتكلم بِهِ وَلكنه يَقُول إِن رأيتنى منزعجا لَا أقيم فى بلد فَإِن ذَلِك لمضائى كالسيف الذى حِدة حَده تخرجه من غمده وَكَذَا قَالَ ابْن فورجة وَمرَاده يعْتَذر من قلَّة مقَامه فى الْبلدَانِ يَقُول وَهَذَا من فعلى سيبه أَنى كالسيف الحاد آكل جفنى وأدلق مِنْهُ 8 - الْغَرِيب بعقوتى أى بقربى وَقد أحَاط بى الْمَعْنى يَقُول لَا أهرب وَقد أحَاط بى الطعْن ولكنى أطْعم الرماح جلدى وأجعله وقاية لعرضى يُرِيد أَنه إِذا أصَاب جلده الطعْن كَانَ أَهْون عَلَيْهِ من أَن يعاب عرضه بالفرار لشجاعته وَهَذَا من قَول الكلابى 1 (أَخُو الحرْب أمَّا جلدُه فمجرّح ... كَلِيم وأمَّا عِرْضه فسليمُ) 9 - الْغَرِيب النجائب جمع نجيب وَهُوَ الْكَرِيم من الْإِبِل الْمَعْنى يَقُول هَذِه النجائب تبدل عيشى ومنزلى لِأَنَّهُنَّ يمضين مصممات لَا يفكرن فى نحس وَلَا فى سعد فَأَنا يَوْم بِكَذَا وَيَوْم بِكَذَا فأيامى مبدلة وَكَذَلِكَ منزلى لِأَن الْمُسَافِر لَهُ كل يَوْم منزل غير الذى كَانَ فِيهِ لَهُ بالْأَمْس وَقيل النجائب جمع نجيبة وهى النَّاقة الْكَرِيمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 - الْإِعْرَاب وأوجه معطوفة على نَجَائِب أى أَسِير على هَذِه النجائب مستصحبا لهَذِهِ الغلمان وحياء حَال وَقَالَ قوم بل مفعول لأَجله وخوفا عطف عَلَيْهِ أى لأجل الْخَوْف الْغَرِيب فتيَان جمع فَتى وَهُوَ الْكَرِيم الشَّديد يُقَال فتية وفتيان وَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى وَحَفْص وَقَالَ لفتيانه اجعلوا بضاعتهم فى رحالهم الْمَعْنى الْحيَاء مِمَّا يُوصف بِهِ الْكِرَام يَقُول لشدَّة حيائهم ستروا وُجُوههم باللثام لَا من الْحر وَالْبرد وَيُرِيد وتبدل أيامى أوجه فتيَان يُرِيد غلمانه وسيره مَعَهم من بلد إِلَى بلد 11 - الْغَرِيب الشيمة الخليقة وَالْعَادَة وَالذِّئْب جنس من السبَاع يشبه الْكَلْب يهمز وَلَا يهمز وَقَرَأَ الكسائى وورش عَن نَافِع بِغَيْر همز والورد الذى فى لَونه حمرَة الْمَعْنى يُرِيد أَن الذِّئْب فِيهِ الْخبث والقحة لَا يُوصف بحياء لِأَن الْحيَاء منَاف شيمته وَإِنَّمَا الْحيَاء فى الْأسد مَخْلُوق فى طَبِيعَته يُقَال من حيائه وَكَرمه أَنه لَا يفرس من واجهه وَأحد النّظر فى وَجهه وَالذِّئْب القحة فى طبعه فَيُقَال أوقح من ذِئْب وَالْمعْنَى أَن هَؤُلَاءِ الغلمان لَا يضرهم حياؤهم وَلَا يعيبهم كَمَا لَا يعيب الْحيَاء الْأسد فقد وَصفهم بِالْحَيَاءِ مَعَ فرط الْإِقْدَام 12 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا خَافُوا من عَدو اعتصموا مِنْهُ بالقنا قَالَ ابْن فورجة أَيْن ذكر خوفهم الْعَدو أَيْن ذكر الِاعْتِصَام إِنَّمَا يَقُول إِذا لم يُمكنهُم أَن يجتازوا على ديار بالمودة حَاربُوا فِيهَا وجازوها قَالَ وَهُوَ على مَا قَالَ وَالْمعْنَى أَنهم إِذا بلغُوا فىٍ أسفارهم منَازِل قوم لم يكن بَينهم وَبَين سكانها مَوَدَّة أجازتهم رماحهم فَلم يخَافُوا أهل النَّاحِيَة ثمَّ قَالَ وَأَن تخَاف خير من أَن تحب لِأَن من أطاعك خوفًا مِنْك كَانَ أبلغ إطاعة من أَن يطيعك بالمودة كَمَا تَقول الْعَرَب رهبوت خير من رحموت أى لِأَن ترهب خير من أَن ترحم 13 - الْغَرِيب حاد يحيد تبَاعد وتجنب عَن الشئ الْمَعْنى يُرِيد أَن الفتيان الَّذين مَعَه يتباعدون ويتجنبون الهازل من الْمُلُوك يعْنى الذى يشْتَغل باللهو من الطَّرب وَشرب الْخمر ويقصدون الذى توفر أى كثر فِيهِ الْجد فَهُوَ ذوجد لَا ذُو هزل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 - الْغَرِيب الأساود الأفاعى والأسد مَعْرُوفَة جمع أَسد الْمَعْنى يَقُول من يكثر فى طَرِيقه اسْم مُحَمَّد بن العميد يكن ذكر اسْمه سَببا للنجاة لبركته وَامْتِنَاع الْإِقْدَام عَلَيْهِ وَقَالَ الْخَطِيب من نسب إِلَيْهِ فى خدمَة أَو زِيَارَة أَو مدح فَإِنَّهُ نَاجٍ من المخافة لَا يقدم عَلَيْهِ أحد وفى الْكَلَام حذف تَقْدِيره يسر بَين أَنْيَاب الْحَيَّات وَالْأسود ناجيا سالما آمنا من المخافة 15 - الْغَرِيب الوحى السَّرِيع ويروى الْمَوْت الوحى والدرد جمع أدرد وَهُوَ الذى ذهبت أَسْنَانه الْمَعْنى يُرِيد أَن السم السَّرِيع الْقَتْل لَا يضرّهُ وَلَا تعْمل فِيهِ أَنْيَاب الْأسود إِذا ذكر اسْم مُحَمَّد بن العميد فَكَأَنَّهَا درد ويمر ويعبر فى مَوضِع الْحَال من قَوْله يسر بَين أَنْيَاب أى يسير مارا عابرا 16 - الْمَعْنى يَقُول من بركَة الممدوح قَامَ لنا الرَّعْد مقَام الحادى لِلْإِبِلِ فكفانا الحداء وَلم نتعب وَجَاءَت الْإِبِل ببركته مسرعة 17 - الْغَرِيب السبت جُلُود تدبغ بالقرظ فَيبقى عَلَيْهَا الشّعْر وَمِنْه قَول ابْن عمر كَانَ يلبس النِّعَال السبتية والإناء الْقدح الْمَعْنى يَقُول إِذا مرت هَذِه الْإِبِل بالمياه الَّتِى غادرتها السُّيُول لكثرتها صَارَت كَأَنَّهَا تعرض نَفسهَا عَلَيْهَا وَإِن كَانَ لَا عرض وَلَا استحياء وَلكنه ضربه مثلا فَكَأَنَّهَا تشرب مستحيية من كَثْرَة الْعرض عَلَيْهَا وقرعن شربن وَأَصله من إِدْخَال أكارع الشَّارِب فى المَاء ليشْرب وَجعل الْموضع المضمن المَاء لِكَثْرَة الزهر فِيهِ كَأَنَّهُ إِنَاء من ورد والسبت مشافرها وَهَذَا يصف كَثْرَة الأمطار وَأَنه أَيْن يذهب من رأى المَاء فى الغدران قَالَ العروضى مَا أصنع بِرَجُل ادّعى أَنه قَرَأَ على المتنبى ثمَّ يرْوى هَذِه الرِّوَايَة ويفسر هَذَا التَّفْسِير وَقد صحت روايتنا عَن جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الخوارزمى وَأَبُو مُحَمَّد بن الْقَاسِم الجرمى وَأَبُو الْحسن الرخجى وَأَبُو بكر الشعرانى وعدة من الروَاة يطول ذكرهم (إِذا مَا استجبنَ الماءَ يعرِضُ نَفسه ... كَرَعن بشَيب ... ... الخ) إِذا مَا استجبن بِالْجِيم من الْإِجَابَة والاستجابة أشبه بِالْعرضِ وأوفق الْمَعْنى أَنه يعرض نَفسه وهى تجيب والكرع بالشيب أَن ترشف الْإِبِل المَاء وحكاية صَوت مشافرها عِنْد شرب المَاء شيب وَمِنْه قَول ذى الرمة (تداعين باسم الشَّيْب ... . ... الْبَيْت) قَالَ الواحدى قَول ابْن جنى لَيْسَ بِبَعِيد عَن الصَّوَاب وَقد شبه المشفر بالسبت وَهُوَ // حسن // وَمِنْه قَول طرفَة (وخدّ كقِرْطاس الشامِّى ومِشْفَرٌ ... كسِبْتِ اليمانِى قدُّه لم يُجَرَّدِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 - الْغَرِيب الجو المتسع من الأَرْض وَقَالَ أَبُو عَمْرو فى قَول طرفَة (خَلاَ لَكِ الجَوُّ فبِيضىِ واصْفرِى ... ) قَالَ الجو مَا اتَّسع من الْأَدْوِيَة الْمَعْنى يَقُول كل مَوضِع نزلناه فى طريقنا إِلَيْهِ أصبْنَا بِهِ مَاء وكلأ فَكَأَن الأَرْض أَرَادَت شكرنا عِنْده تقربا إِلَيْهِ 19 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا تركنَا سَائِر الْمُلُوك لأَنا نصل من رفده يعْنى من عطاياه إِلَى أَضْعَاف مَا نصل إِلَيْهِ من عطاياهم كَمَا أَن الزهاد تركُوا مَتَاع حَيَاة الدُّنْيَا الفانى رَغْبَة فى نعيم الْآخِرَة الباقى فلنا فى ترك غَيره من الْمُلُوك مَذْهَب الْعباد الزهاد والرغائب جمع رغيبة وهى مَا يرغب فِيهَا من كل شئ 20 - الْإِعْرَاب خفف أرجان وَهُوَ بتَشْديد الرَّاء لِأَنَّهُ اسْم أعجمى الْغَرِيب أرجان هُوَ بلد بِفَارِس مِنْهُ أَبُو الْفضل هَذَا الممدوح الْمَعْنى يُرِيد إِنَّا نرجو مِمَّا عِنْده من النَّعيم مَا ترجو الْعباد فى الْجنَّة من نعيم الآخر فَنحْن نرجو بِبَلَدِهِ مَا تزجو الْعباد فى الْجنان حَتَّى مَا يئسنا من أَنا فى الْخلد وَجعل بِهِ كالجنة وَالْجنَّة مَوْعُود فِيهَا بالخلد فَلَمَّا كَانَت كالجنة رجونا فِيهَا الخلود 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَن خيله تعرض لَهُم على خوف ونفار خوفًا من أَن يَهَبهَا لَهُم فهى كالوحش طرد لِأَنَّهَا تحب أَن لَا تُفَارِقهُ وَتعرض توليهم عروضها وجنوبها وَتعرض عَنْهُم والطرد بِسُكُون الرَّاء وَفتحهَا لُغَتَانِ فصيحتان وَهَذَا الْبَيْت لَيْسَ فِيهِ حسن مدح وَلَو عكس مَعْنَاهُ لَكَانَ حسنا فَلَو قَالَ إِن خيله تفرح بالزوار حَتَّى ينهبها مِنْهُم لتستريح من الكد وملاقاة الْحَرْب لَكَانَ أمدح لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 - الْغَرِيب أشاح أسْرع والشحشحة الْإِسْرَاع فى الطيران وقطاة شحشح أى سريعة وشايح الرجل جد فى الْأَمر قَالَ أَبُو ذُؤَيْب يرثى رجلا (بَدَرْتَ إِلَى أُولاهُمُ فسبقتهُمْ ... وشَايحَتْ قبلَ اليوْمِ إنكَ شِيحُ) الْمَعْنى يَقُول أسرعن إِلَى لِقَاء المنايا كَمَا تسرع القطا إِلَى وُرُود المَاء وَجعلهَا صمًّا لِئَلَّا تسمع شَيْئا يشغلها عَن الطيران وَمِنْه قَول الراجز (رِدِى رِدِى وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا ... كُدْرِيَّةٍ أعْجَبها بَرْدُ الْمَا) قَالَ الْخَطِيب المشيح الْمجد وَمِنْه (وضَرْبِى هامَةَ البطلِ المُشيحِ ... ) 23 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى نفوسها رَاجع إِلَى الْأَفْعَال وَالضَّمِير فى ينسبن عَائِد على الْأَفْعَال ونفوسها مفعول تنْسب الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَفعَال السيوف أشرف من السيوف وأفعالها تتشبه بأفعاله فى مضائه وحدته وتنسب السيوف إِلَى الْهِنْد أَلا ترى أَنه يُقَال سيف هندى وَسيف يمَان وَفعل السَّيْف أشرف مِنْهُ كَذَلِك أَنْت أشرف من الْهِنْد وَقَالَ ابْن فورجة قد خلط أَبُو الْفَتْح حَتَّى لَا أدرى أى أَطْرَاف كَلَامه أقرب إِلَى الْمحَال وَلم يجر ذكر التَّشْبِيه وَإِنَّمَا يَقُول إِنَّهَا تنْسب أفعالها إِلَيْهِ أى تَقول هَذِه الضَّرْبَة الْعَظِيمَة من فعله لَا من فعلنَا وَهَذَا كَقَوْلِه (إِذا ضَرَبَتْ بالسَّيفِ فى الحرْبِ كفُّه ... تبيَّنتَ أَن السَّيفَ بالكَفّ يضْرِبُ) وَالْمعْنَى أَنَّهَا تنْسب الْفِعْل إِلَى كَفه وتنسب السيوف إِلَى الْهِنْد وَهَذَا معنى لطيف يَقُول إِن ضَرْبَة السَّيْف الْعَظِيمَة تنْسب نَفسهَا إِلَيْهِ لِأَنَّهَا حصلت بقوته وتنسب السَّيْف أَيْضا إِلَى الْهِنْد لِأَنَّهَا دلّت على جودة ضَربته وَعَمله فالضربة قد دلّت على قُوَّة الضَّارِب ودلت على جودة السَّيْف وَلَيْسَ فى هَذَا الْبَيْت أَنه أشرف من الْهِنْد وَقد أحسن فى هَذَا التَّفْسِير وَقَالَ الواحدى الْمَعْنى أَن الضَّرْبَة بجودتها دلّت على أَنَّهَا حصلت بكف الممدوح وَالدّلَالَة هى نِسْبَة نَفسهَا إِلَيْهِ ودلت أَيْضا على أَنَّهَا حصلت بِسيف هندى أى قد اجْتمع للضربة قُوَّة الْيَد وجودة النصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 - الْغَرِيب الشرفاء جمع شرِيف كفقيه وفقهاء وكريم وكرماء وَالْبيض السَّادة الْكِرَام ومتوا تقربُوا وَفُلَان يمت إِلَى فلَان بِقرَابَة وَحُرْمَة والقتو الْخدمَة يُقَال قتا فلَان يقتو قتوا ومقتى وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ مقتوى وَالْجَمَاعَة مقتويون بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف وَقد خففه عَمْرو بن كُلْثُوم التغلبى (مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا ... ) كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَو نزلناه على بعض الأعجمين ... } الْمَعْنى يَقُول إِذا تقرب الشريف بِخِدْمَة إِلَيْهِ حصل لَهُ بخدمته نسب أَعلَى من نسب الْأَب وَالْجد أى صَار بخدمته إِلَيْهِ أعز مِنْهُ بِأَبِيهِ وَأمه 25 - الْغَرِيب الْعَدْوى أَن يعدى الشئ الشئ فَيصير مثله والرمد جمع رمد وأرمد وَهُوَ الْمَرِيض الْعين بالرمد الْمَعْنى هَذَا مثل يُرِيد أَن النَّاس عمى وَهُوَ فِيمَا بَينهم بَصِير يُرِيد أَن عُيُون النَّاس لم تتعد إِلَيْهِ أى سبقت عينه الْعَدْوى أى لم يَتَعَدَّ إِلَى عينه عمى النَّاس عَن دقائق الْكَرم وَإِنَّمَا هُوَ بَصِير بالمكارم وفعلها وَالنَّاس عمى عَنْهَا 26 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه مُنْفَرد عَن النَّاس لِأَنَّهُ أعظم شانا وأشرف طبعا فَهُوَ أجل من أَن يعدى بشئ مِمَّا فى النَّاس وَأَن يعدى هُوَ أَيْضا وَذَلِكَ أَن النَّاس لَا يبلغون مرتبته فى الْفضل وَلَا يقدرُونَ على أَخذ أخلاقه فَهُوَ لَا يعدى أحدا بِمَا فِيهِ من الْأَخْلَاق الشَّرِيفَة فَلذَلِك انْفَرد عَنْهُم وَخَالفهُم بِمَا فِيهِ من الْفَضَائِل 27 - الْمَعْنى أَن اللَّيْل أسود فَإِذا سَار فِيهِ غير لَونه بعساكره لِكَثْرَة الْحَدِيد فِيهَا فالحديد يَبْرق بِاللَّيْلِ فيغير السوَاد بالضياء وَقيل لِكَثْرَة عساكره إِذا سَارَتْ بِاللَّيْلِ أَو قدت المشاعل إِمَّا للاستضاءة وَإِمَّا لإحراق ديار الْأَعْدَاء فَحِينَئِذٍ تنجاب الظلمَة إِمَّا ببرق الْحَدِيد وَإِمَّا بالنيران والرايات جمع راية وهى الْأَعْلَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 - الْغَرِيب الرديان ضرب من الْعَدو والكتائب جمع كَتِيبَة وهى الْجَمَاعَة من الْخَيل وَكتب فلَان الْكَتَائِب أى عبأها كَتِيبَة كَتِيبَة الْمَعْنى يَقُول عساكره إِذا أَتَت ديار الْأَعْدَاء أسرعت فَإِذا كَانُوا يرتقبون الصُّبْح أسرعت إِلَيْهِم إسراعا لَا كسرعة الصُّبْح فهى تسبق الصُّبْح إِلَيْهِم فتهلكهم 29 - الْإِعْرَاب ومبثوثة عطف على قَوْله كتائب أى ورأو مبثوثة وَالْبَاء تتَعَلَّق بقول يحتمى الْغَرِيب المبثوثة الْغَارة الَّتِى تَشِنْ والغور مَا انخفض من الأَرْض والنجد مَا ارْتَفع الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْكَتَائِب لَا يحتمى مِنْهَا وَلَا تتقى بطليعة وَهُوَ الذى يرقب الْعَدو وينذر بِهِ أَهله وَلَا يحتمى مِنْهَا بمنخفض من الأَرْض وَلَا بعال 30 - الْغَرِيب رِوَايَة أَبى الْفَتْح يغضن من غاض المَاء إِذا ذهب وَنقص وروى غَيره يغصن بالصَّاد من الغوص وَهُوَ الدُّخُول فى الشئ والمتفاقد الذى يفقد بعضه بَعْضًا لكثرته واضطرابه وغان بِمَعْنى مستغن والحشد الْجمع الْمَعْنى يَقُول سراياه إِذا غارت لكثرتها يفقد بَعْضهَا بَعْضًا وَهُوَ مستغن بالعبيد عَن أَن يجمع الغرباء إِلَيْهِ لِكَثْرَة عبيده وَقيل الْجَيْش الْكثير كلهم عبيد للممدوح لَيْسُوا أوباشا وأخلاطا 31 - الْمَعْنى يَقُول عسكره لِكَثْرَة مَا تغزو تمر بأراض مُخْتَلفَة فَإِذا مر بِأَرْض سَوْدَاء علاهُ غُبَار أسود وَإِذا مر بِأَرْض حَمْرَاء علاهُ غُبَار أَحْمَر فقد صَارَت عَلَيْهِ هَذِه الألوان كالطرائق فى الْبرد وَهَذَا // معنى حسن // وحثوت وحثيت التُّرَاب حَشْوًا وحشيا 32 - الْغَرِيب يُرِيد المهدى الذى وعد بِهِ النبى الذى يأتى فى آخر الزَّمَان وَيخرج فى زَمَنه عِيسَى ابْن مَرْيَم وَقد اخْتلف النَّاس فِيهِ فَذَهَبت الشِّيعَة أعنى طَائِفَة مِنْهَا إِلَى أَنه ابْن الْحَنَفِيَّة وهم الكيسانية وَذهب طَائِفَة مِنْهُم إِلَى أَنه يخرج غير معِين فى علم الله إِذا شَاءَ أخراجه وهم على ذَلِك موافقون لِلْجُمْهُورِ وهم الزيدية أَصْحَاب زيد بن على بن الْحسن بن على بن أَبى طَالب وَذهب قوم إِلَى أَنه معِين وَهُوَ مُحَمَّد بن الْحسن العسكرى وَأَنه اختفى وَهُوَ ضغير فى سرداب دَار أَبِيه بسر من رأى وَالدَّار الْآن مشْهد يزار وَقد زرنه فى انحدارى من الْموصل إِلَى بَغْدَاد وهم الإمامية وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه من قُرَيْش وَأَنه من ولد على رضى الله عَنهُ إِلَّا أَبَا الطّيب فَإِنَّهُ جعله فى هَذَا الْبَيْت أَبَا الْفضل بن العميد وَإِنَّمَا علقه بِشَرْط وَقَوله هَدْيه أى صَلَاحه وهداه الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ المهدى فى النَّاس من بَان صَلَاحه فَهَذَا الذى نرَاهُ هُوَ المهدى الْمَوْعُود بِهِ الذى تملأ الأَرْض عدلا كَمَا ملئت جورا وظلما وَإِن لم يكن هَذَا الْمَوْعُود بِهِ فَمَا نرى من حسن سيرته وطريقته هدى كُله فَمَا معنى المهدى بعد هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 - الْمَعْنى يَقُول لقد طَال انتظارنا المهدى والدهر يعللنا ويعدنا بوعد طَوِيل وَأَنه يخدعنا عَمَّا عِنْده من النَّقْد بالوعد يُرِيد أَن الممدوح هُوَ المهدى نَقْدا حَاضرا وَمن ينْتَظر خُرُوجه وَعدا فتعليل وخدع وَكَأن الدَّهْر يسخر بِنَا ويخدعنا وَلَا حَقِيقَة لما يعدنا فَإِن كَانَ حَقًا وعده فَهَذَا الممدوح نقد لَا وعد 34 - الْمَعْنى يَقُول أيحسن أَن يتْرك الْخَيْر والرشد الحاضران وَأَن يدعى أَن خيرا ورشدا غائبان وهما فى الْحَقِيقَة الْخَيْر والرشد أى هَذَا اعْتِقَاد فَاسد فَكَذَلِك ينبغى أَن يكون من ترك ابْن العميد مُدعيًا أَنه لَيْسَ هُوَ المهدى فى الْحَقِيقَة وَأَن المهدى غَائِب متوقع فَاسد الِاعْتِقَاد وَالصَّحِيح المعتقد من يَقُول إِنَّه ابْن العميد 35 - الْإِعْرَاب نصب أحزم وَمَا بعده على النداء بِالْهَمْزَةِ وهى من حُرُوف النداء وَهُوَ منادى مُضَاف الْغَرِيب اللب الْعقل والنهد العالى الْمُرْتَفع 36 - الْمَعْنى يَقُول أحسن من تعمم وَجلسَ على الْمِنْبَر وَركب الْفرس قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى شبه ارْتِفَاع مَجْلِسه بالمنبر وَلم يكن ذَا مِنْبَر وَلَا خَطِيبًا فى الْحَقِيقَة قَالَ ابْن فورجة ظن أَبُو الْفَتْح أَن الْخطْبَة عيب بالممدوح وَمَا ضرّ ابْن العميد أَن يدعى لَهُ المتنبى أَنه يصعد الْمِنْبَر ويخطب قومه كالخليفة فى النَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 - الْإِعْرَاب مفعول حمدنا مَحْذُوف تَقْدِيره حمدنا أَو حمدناه الْأَيَّام وَالْمَفْعُول يحذف كثيرا الْمَعْنى يَقُول حمدنا الْأَيَّام جعل الْحَمد مِنْهُمَا يعظم من حَال نَفسه أى كنت تحب الِاجْتِمَاع معى كَمَا كنت أحبه مَعَك فكلانا حمد الْأَيَّام على اجتماعنا وَلكنهَا أحوجتنا إِلَى ترك الْحَمد لَهَا للمفارقة بالرحيل عَنْك والانصراف وَهَذَا من أحسن الْمعَانى 38 - الْغَرِيب لم يصف أحد الْعلم بالتبريح إِلَّا المتنبى وَإِنَّمَا يُقَال شوق مبرح وَحب مبرح وَقيل المبرح هُنَا الغزير وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ الذى يكْشف عَن الْحَقَائِق من قَوْلهم برح الخفاء وأصل التبريح أَن يسْتَعْمل فِيمَا يشْتَد على الْإِنْسَان فَكَأَنَّهُ قَالَ الْعلم الذى أجد الشدَّة بِفِرَاقِهِ مبرح بى الْمَعْنى يَقُول إنى أودع بوداعى لَهُ هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِى لَيست فى أحد سواهُ 39 - الْمَعْنى يَقُول قد أدْركْت المنى بِمَا نلْت من الْأَمْوَال وَالنَّظَر إِلَى جمالك أَكثر مِمَّا كنت أتمناه ولكنى إِذا انْفَرَدت بِهَذَا دون أهلى وَرجعت إِلَيْهِم عيرونى بذلك 40 - الْغَرِيب المصبح الإصباح الْمَعْنى يَقُول كل من شاركنى فى السرُور الذى جِئْت بِهِ من عِنْده من أهلى وَغَيرهم إِذا عدت إِلَيْهِم من عِنْده وَمَا حظيت بِهِ من النّظر إِلَيْهِ أرى أَنا بعده يعْنى بعد ابْن العميد من لَا يرى هُوَ مثله بعد مفارقتى لِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ فى الدُّنْيَا 41 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يرحل عَنهُ ويخلف قلبه عِنْده لحبه إِيَّاه بِكَثْرَة إنعامه عَلَيْهِ وَهَذَا معنى كَبِير قد اسْتَعْملهُ الشُّعَرَاء فى فرقة الأحباء 42 - الْمَعْنى يَقُول لَو فَارَقت نفسى حَيَاتهَا وآثرتك على الْحَيَاة لكَانَتْ غير غادرة وَلَا ناقضة للْعهد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 - 1 - الْغَرِيب هَذَا الْوَزْن منسرح وعروضه مطوية مكسوفة والخبن دَاخل على جَمِيع أَجْزَائِهِ وَهُوَ مستفعلن مفعولات مستفعلن الْمَعْنى يُخَاطب الخيال الذى أَتَاهُ فَقَالَ أزائرا جثتى أم عَائِدًا والعيادة أولى بك من الزِّيَارَة لأنى مَرِيض من حب مرسلك أم ظن مرسلك أَنى رَاقِد ثمَّ بَين عذره وَقَالَ (لَيْسَ ... ... ) 2 - الْإِعْرَاب قَاصد هُوَ حَال وَحقه أَن يكون مَنْصُوبًا وَإِنَّمَا سكنه للقافية وَهُوَ حَال من ضمير الْفَاعِل وَمثل هَذَا جَائِز كَقَوْل الآخر (وآخُذُ مِنْ كُلّ حَىّ عُصُمْ ... ) الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ الْأَمر على مَا ظن أننى رَاقِد وَإِنَّمَا هى غشية لحقتنى لَا رقدة فأتيتنى فى تِلْكَ الْحَال وَأَرَادَ أَنه لم يكن نَائِما والخيال إِنَّمَا يزور النَّائِم 3 - الْغَرِيب الناهد العالى الْمُرْتَفع الْمَعْنى عد يَا خيال وأعدها أى تِلْكَ الغشية الَّتِى لحقتنى وَإِن كنت أتلف فِيهَا فحبذا تلف فِيهِ سَبَب الْقرب لمعانقتها وَإِن كَانَ حَقه أَن يَقُول للغشية عودى وأعيدى الخيال لِأَنَّهَا كَانَت سَبَب الزِّيَارَة وَلكنه قلب الْكَلَام فى غير مَوضِع الْقلب 4 - الْغَرِيب الثغر الشتيت المتفرق الذى فِيهِ أشر // وَهُوَ الْحسن // الْمَعْنى يَقُول جدت أَيهَا الخيال بِمَا بخل بِهِ من أرسلك من تَقْبِيل الثغر المتفرق الْبَارِد الرِّيق الذى فِيهِ أشر والأشر خلقَة فى اٍ لأسنان وَهُوَ تفريض فى أَطْرَاف الْأَسْنَان 1 وَمن النَّاس من يصنعه ليحسن الثغر إِذا لم يكن فِيهِ خلقَة 5 - الْغَرِيب الخيالات يجوز أَن يكون جمع خيالة كَقَوْل الطائى (فلَسْتُ بنازِلٍ إِلَّا ألَمَّتْ ... برَحلى أَو خَيالّها الكّذُوب) وَيجوز ن يكون جمع خيال كجواب وجوابات وحمام وحمامات الْمَعْنى يَقُول إِذا طافت خيالات الحبيب وحمدت زيارتها أضْحك الحبيب ذَلِك الْحَمد لِأَن الخيال فى الْحَقِيقَة لَيْسَ بشئ فَهَذَا مِمَّا يضْحك الحديث: 90 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 - الْغَرِيب الأرب الوطر وَالْحَاجة الْمَعْنى يَقُول إِن الحبيب يتعجب وَيَقُول إِذا كَانَ قد قضى وطره منا بزيارة الخيال فَمَا لشوقه زَائِدا إِلَيْنَا وَسكن زَائِد للقافية 7 - الْمَعْنى يَقُول لَا أجحد فضل الخيالات لِأَنَّهَا فعلت من الزِّيَارَة مَا لم يَفْعَله الحبيب من الزِّيَارَة وَلَا يعده من الْوَصْل وَفعلت العناق وَلم يَفْعَله الحبيب 8 - الْغَرِيب النافد الفانى وَمِنْه (لنفد الْبَحْر ... ) وَقَول الْأسود بن يعفر النهشلى 2 (وأرَى النَّعيمَ وكلَّ مَا يُلْهَى بِهِ ... يَوْما يَصيرُ إِلَى بِلىً ونَفادِ) الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا فرق بَينهَا وَبَين خيالها لِأَن كل شئ إِلَى نفاد مَا خلا الله وَحده وَقَالَ ابْن فورجة هَذِه موعظة وَتَذْكِرَة وَإِنَّمَا يَقُول هَذِه الْمَرْأَة لَو واصلت لم يدم الْوِصَال كَمَا أَن خيالها إِذا وصل لم يدم وَأما قَوْله (كل خيال ... ) فَهُوَ الذى غلط أَبَا الْفَتْح وكلفه أَن يُورد مَا أورد وَإِنَّمَا عَنى بِكُل كلا من الْمَذْكُورين كَمَا تَقول خرج زيد وَعَمْرو وكل رَاكب وَالْكل يسْتَعْمل فى الِاثْنَيْنِ كَمَا يسْتَعْمل فى الْجمع وَلما قَالَ لَا تعرف الْعين فرق بَينهمَا علم أَنه يُشِير بِالْكُلِّ إِلَيْهِمَا لَا إِلَى جمَاعَة غَيرهمَا وَأَبُو الطّيب فى غزل وتشبيب فَمَا معنى الموعظة هُنَا وَيَقُول كل شئ فان إِلَّا الله وَمَا أقبح ذكر الْمَوْت والمواعظ فى الْغَزل والتشبيب 9 - الْغَرِيب الطفلة الناعمة الرُّخْصَة والعبلة الممتلئة والمقلد الذى فى عُنُقه قلادة والواخد المسرع فى السّير الْمَعْنى إِنَّه يخاطبها وَيَقُول يَا هَذِه الراكبة على هَذَا الْبَعِير الواخد الْمجد فى سيره والوخد ضرب من السّير وصرع الْبَيْت وَهُوَ بَيت ردئ لَو قيل فى زَمَاننَا لهرب قَائِله من الْحيَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 - الْمَعْنى يَقُول كل مَا يفعل المحبوب مَحْبُوب أى زيدينى أَذَى أزدك محبَّة فَإِن العاشق لَا يحقد على محبوبه وَإِن حقد عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك جهلا 11 - الْغَرِيب الْوَارِد الشّعْر الطَّوِيل المسترسل وَقيل الْفَرْع شعر الْمَرْأَة وَلَا يُقَال للرجل والساهد الْكثير السهاد وَهُوَ الذى لَا ينَام وَهُوَ أَشد من السهر وَقد بَيناهُ قبل الْمَعْنى يَقُول يَا ليل قد أشبهت شعرنَا لونا فَأشبه بعْدهَا عَنى فابعد وَلَا تطل على لِأَن ليل العاشقين طَوِيل فى كل أَوَان 12 - الْمَعْنى إِنَّه يُعَاتب اللَّيْل على طوله يَقُول طلت وَطَالَ بكائى فطولكما وَاحِد 13 - الْإِعْرَاب حائرة حَال الْمَعْنى يَقُول النُّجُوم قد وقفت حائرة لَا تسرى فَكَأَنَّهَا عُمْيَان لَيْسَ لَهُم قَائِد يُرِيد بِهَذَا أَن اللَّيْل طَوِيل ونجومه واقفة حائرة لَا تسرى كالأعمى الذى لَيْسَ لَهُ من يَقُودهُ وَهَذَا مَنْقُول من قَول بشار (والنَّجمُ فى كَبدِ السَّماء كأنَّه ... أعْمَى تحيَّرَ مَا لديهِ قائِدُ) 14 - الْإِعْرَاب أَو عصبَة من مُلُوك عطف على قَوْله الْعَمى أى وَكَأَنَّهَا عصبَة وَعَلَيْهِم الْمِيم إِذا تحركت عِنْد التقاء الساكنين تحرّك بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَالضَّم أولى من كَسره وَالْكَسْر لإتباع كسرة الْهَاء وَقد قَرَأت الْقُرَّاء السِّتَّة سوى أَبى عَمْرو عَلَيْهِم الذلة بِضَم الْمِيم وَمَا أشبهه حَيْثُ وَقع وكسره أَبُو عَمْرو الْمَعْنى يُرِيد أَن أعداءه من الْمُلُوك حيارى رهبة لَهُ وفرقا مِنْهُ لأَنهم لَا يقدرُونَ أَن يتحركوا من بأسه بحركة 15 - الْغَرِيب الطريف المكتسب والتالد الْمِيرَاث الْمَعْنى يُرِيد فى هَذَا التَّفْسِير حيرتهم وَهُوَ أَنهم لَا يَجدونَ ملْجأ بالهرب وَلَا بِالْإِقَامَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْمُلُوك يرجون عَفْو هَذَا الْملك الْمُبَارك ذى الْجُود وَالْمجد 17 - الْغَرِيب الأبلج الذى مَا بَين حاجبيه بَيَاض الْمَعْنى يَقُول لَو لاذت بِهِ الْحمام يعْنى استجارت بِهِ مَا خَافت من أحد يرميها وَلَا يصيدها لهيبته وَفرق النَّاس مِنْهُ 18 - الْغَرِيب الحابل صَاحب الحبالة وراعها أخافها الْمَعْنى يُرِيد أَنه ذُو عزة ومنعة فلولا ذبه واستأ من إِلَيْهِ خَائِف كَائِنا مَا كَانَ أَمن حَتَّى الْوَحْش وَالطير // وَهَذَا مُبَالغَة // 19 - الْغَرِيب الجحفل الْجَيْش الْعَظِيم والبائد الْهَالِك الْمَعْنى يَقُول لَا تمر سَاعَة إِلَّا وَيرد عَلَيْهِ خبر أَن عدوه هلك بِسَيْفِهِ لِكَثْرَة سراياه فى النواحى 20 - الْإِعْرَاب أَو موضعا عطف على قَوْله خَبرا وَالتَّقْدِير تهدى لَهُ خَبرا أَو موضعا الْغَرِيب الْموضع المسرع فى السّير والفتان غشاء من أَدَم يغشى بِهِ الرحل والناجية النَّاقة السريعة الْمَعْنى يَقُول يرد عَلَيْهِ كل وَقت بشير بقتل عَدو وَفتح نَاحيَة وَأخذ ملك ذى تَاج يحمل إِلَيْهِ رَأسه وتاجه 21 - الْغَرِيب العاضد الْمعِين وَالْمعْنَى أَن الدولة تعضد بِهِ الْخلَافَة وَأَن الله يعضد بِهِ الْإِسْلَام الْمَعْنى يُرِيد بِالْخِطَابِ أَنَّك عَظِيم وَأَن الله قد عضد بك خلقه وبلاده وَأَنَّك تسرى بِاللَّيْلِ لطلب الْأَعْدَاء فى الفلوات فَتنبه القطا وتثيرها عَن أفاحيصها وَقد قيل فى الْمثل لَو ترك القطا لنام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 - الْغَرِيب برقتْ السَّمَاء ورعدت وأبرقت وأرعدت وَقَالَ الأصمعى لَا أعرف أبرقت وَلَا أرعدت الْمَعْنى يُرِيد أَنه يمطر الْأَعْدَاء الْمَوْت بِالْقَتْلِ وَيحيى الْأَوْلِيَاء بِكَثْرَة الْبَذْل فَكَأَنَّهُ سَحَاب للْمَوْت والحياة من غير برق وَلَا رعد 23 - الْغَرِيب وهسوذان ملك الديلم الْمَعْنى يُرِيد ان وهسوذان ذُو رأى فَاسد جنى على نَفسه السوء بمحاربة ركن الدولة يَقُول نلْت من مضرته مَا أردْت وَلم تنَلْ مِنْهُ مَا نَالَ رَأْيه الْفَاسِد وَهُوَ من قَول بَعضهم (مَا يَبْلُغُ الأعْداءُ مِن جاهِلٍ ... مَا يَبْلُغُ الجاهِلُ مِنْ نفسِهِ) 24 - الْمَعْنى فسر فَسَاد رَأْيه بقول يبْدَأ من الكيد بِمَا هُوَ الْغَايَة وهى الْحَرْب يُرِيد أَنه يَبْتَدِئ بِمَا لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا فى الْغَايَة أى فى آخر الْأَمر وَكَانَ سَبيله أَن لَا يحاربكم إِلَّا فى آخر الْأَمر إِذا اضْطر إِلَى الْمُحَاربَة 25 - الْمَعْنى يَقُول يذم اخْتِيَاره محاربكم فى غَايَة الْأَمر لِأَنَّهُ لَا يظفر بِمَا يُرِيد وَلَو أَنِّي وافدا إِلَيْكُم لحمد أمره أى لَو قدم عَلَيْكُم سَائِلًا 26 - الْإِعْرَاب قَوْله بِلَا سلَاح الْبَاء مُتَعَلقَة بأتى وَافد وَيجوز أَن تتَعَلَّق بأتى محاربكم وَقَوله قفاز عطف على قَوْله فذم الْمَعْنى يَقُول لَو أَتَى بِلَا سلَاح إِلَى محاربتكم سوى الرَّجَاء فَإِن رَجَاءَهُ لكم من أوثق الْعدَد لظفر بالنصر وَرجع راشدا 27 - الْغَرِيب يقارع يحارب من المقارعة بِالسِّلَاحِ والمسود الذى ساده غَيره والسائد الذى سَاد غَيره الْمَعْنى يَقُول من حاربكم وعصاكم حاربه الدَّهْر وَلَو كَانَ من كَانَ رَئِيسا أَو مرءوسا وَفِيه نظر إِلَى قَول مُحَمَّد بن وهيب (وحاربنى فيهِ رَيبُ الزَّمانِ ... كأنَّ الزَّمانَ لَهُ عاشِقُ) وفى التَّذْكِرَة لِابْنِ حمدون أَن سعيد بن حمدون قَالَ قَرَأت فى كتاب أَن جَارِيَة كتبت إِلَى مَوْلَاهَا وَقد بَاعهَا وَكَانَت تهواه وهب الله لطرف يشكو إِلَيْك الشوق حظا من رؤيتك فَمَا أشبه إبعاد الدَّهْر لى عَنْك إِلَّا بقول مُحَمَّد بن وهيب (وَحارَبنى فِيهِ رَيبُ الزَّمانِ ... كأنَّ الزمانَ لهُ عاشِقُ) فَقَالَ سعيد بن حميد وَالله لَو كَانَت بنت الْحسن لحسدتها على هَذَا الْكَلَام فَكيف وهى جَارِيَة مَمْلُوكَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 - الْمَعْنى يُرِيد الْيَوْمَيْنِ اللَّذين هزم فيهمَا أَبوهُ وهسوذان وَلم يكن عضد الدولة فيهمَا بل كَانَ أَبوهُ هُوَ الذى هَزَمه يُرِيد أَن من هَزَمه جَيش أَبِيك فقد هزمته أَنْت 29 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ لَهُ خليفتان فى هزم وهسوذان وَإِن كَانَ غَائِبا بِبدنِهِ وهما جَيش أَبِيه وجده أى حَظه وسعده الصاعد فى دَرَجَة السعد 30 - الْغَرِيب الخطية المثقفة هى الْقَنَاة المقومة المستوية والمارد هُوَ الذى لَا يطالق خبئا وعتوا الْمَعْنى يَقُول يهز الْقَنَاة أى يطعن بهَا كل مارد على فرس مارد وَيجوز على رجل مارد مثله وَهُوَ أبلغ إِذا لقى الشجاع شجاعا مثله وَقد فصل بعد إِجْمَال لأَنهم من جَيش أَبِيه وَقد ذكرهم على القَوْل الأول 31 - الْإِعْرَاب من روى سوافك بِالْجَرِّ جعله نعتا لخطية وَمن روى بِالرَّفْع جعلهَا خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْغَرِيب الجاسد اللاصق الذى قد جف الْمَعْنى يَقُول هَذِه الرماح مَا يدعن بضعَة وَلَا مفصلا إِلَّا أسالته دَمًا وَقَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا يُرِيد أَنَّهَا إِذا أراقت دَمًا جَسَد أى لصق أتبعه دَمًا طريا من غير فاصلة وَأَرَادَ أَنَّهَا حَال تفصل بَين أَمريْن كَمَا يُقَال شتمنى زيد وأعطانى من غير فاصلة يُرِيد أَنه أعطَاهُ من غير أَن يفصل بَينهمَا بفاصلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 - الْغَرِيب الحائد الذى يحيد عَن الشئ الْمَعْنى يَقُول الْمَوْت إِذا بدا وَظهر والمنايا من أَسمَاء الْمَوْت فهى تَدْعُو الحائد بالحائن وَالْمعْنَى أَن أَصْحَاب المنايا يُرِيد جَيش عضد الدولة يَقُولُونَ عِنْد الْمَوْت جعل الله الحائد الهارب منا حائنا أى هَالكا 33 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى بهَا للخيل وَلم يجر لَهَا ذكر للْعلم بهَا لِأَنَّهُ ذكر مَا يدل عَلَيْهَا من الْحَرْب وَالْعَامِل فى الظّرْف خر لَهَا الْمَعْنى يَقُول إِذا علم الْحصن أَن الممدوح قد رَمَاه بِالْخَيْلِ سقط سَاجِدا وَسَقَطت حيطانه لخيله هَيْبَة لَهُ 34 - الْغَرِيب الطرم نَاحيَة وهسوذان وبلاده والناشد الطَّالِب وَفُلَان ينشد ضالته أى يطْلبهَا الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحصن استتر فى العجاج وأحاط بِهِ من نواحيه فَكَأَنَّهُ بعير أضلّهُ طَالبه فَهُوَ ينشده 35 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى يسْأَل للحصن وَقَالَ أَبُو الْفَتْح تسْأَل بِالتَّاءِ وَالضَّمِير للخيل وروى نعَامَة بالنصيب أى مسخته خيلك نعَامَة شاردا فَيكون الْمَفْعُول الثانى وروى غَيره نعَامَة بِالرَّفْع فَاعل مسخته أى صَارَت النعامة وهسوذان إِن كَانَت تمسخ نعَامَة رجلا الْمَعْنى يَقُول يسْأَل أهل القلاع هَذَا الْحصن عَن ملكه وَملكه قد مسخ نعَامَة شاردا هَارِبا وَالْعرب تصف النعامة بِشدَّة النفور والشرود والنعامة تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى كالبقرة والحمامة 36 - الْغَرِيب جَاحد وَحده على لفظ كل لِأَن لَفظه وَاحِد كَمَا تَقول كل إخوانك لَهُ دِرْهَم العنى يَقُول إِن الأَرْض تخَاف أَن تقربه فَكل الأَرْض تجحده خوفًا من أَن تظهره قَالَ ابْن القطاع صحفه جَمِيع من رَوَاهُ إِن لَهُ جَاحد وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة آنه بِالْمدِّ وَكسر النُّون وَأَنه يأنه أنوها إِذا تزحر من ثقل أَصَابَهُ من قيد أَو حمل أَو غَيرهَا وَكَذَا ذكره الجوهرى فى الصِّحَاح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 - الْغَرِيب المشاد والمشيد جَمِيعًا الْبناء الْمُرْتَفع المطول والمشيد المبنى بالشيد وَهُوَ الكلس وشاده بناه وشاد بناءه رَفعه والشائد فَاعل مِنْهُ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وتيماءَ لم يتركْ بهَا جِذْع نخلَةٍ ... وَلَا أُطُما إِلَّا مَشيداً بجَنْدَلِ) والشائد الْمُعَلَّى والمجصص والمشيد الْمُعَلَّى والمطلى بالشيد والحمى مَا يحمى وَحمى فلَان فلَانا مَنعه من أَن يصل إِلَيْهِ ضَرَر الْمَعْنى يُرِيد أَن الْبناء والبانى لم يحميا على عضد الدولة وَلم يمنعاه أَن يصل إِلَى وهسوذان وَالْمعْنَى أَن حصن وهسوذان وتشييده بالشيد وَعَسْكَره لم يغنيا عَنهُ شَيْئا 38 - الْإِعْرَاب وهسوذان منادى مرخم بِإِسْقَاط حرف النداء وَهُوَ يسْتَعْمل مَعَ الْقَرِيب كَمَا جَاءَ فى التَّنْزِيل {رب إنى أسكنت من ذريتى} {رب اغْفِر} {رَبنَا ظلمنَا} وَأَشْبَاه هَذَا الْمَعْنى يَقُول يَا وهسوذان لَا تزَال مغتاظا أَو كن مغتاظا أبدا بِقوم لم يخلقوا إِلَّا لغيظ الْأَعْدَاء والحساد وهم قوم عضد الدولة 39 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح قبل أَهله الرائد وَالضَّمِير فى أَهله لَهُ الْغَرِيب بلوك اختبروك والرائد الذى يرتاد لأَهله الْكلأ الْمَعْنى يَقُول لما اختبروك رأوك شَيْئا حَقِيرًا كنبات قَلِيل يرعاه الرائد قبل أَن يصل إِلَى أَهله أَو يَأْكُلهُ الحاصد دون أَهله على الواية الْأُخْرَى يُرِيد أَنهم فِي الضعْف والقلة كنبات قَلِيل يَأْكُلهُ الحاصد أَو الرائد دون أهلهما 40 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك تدعى المملكة والملوكية وَلست لَهَا بِأَهْل فدعها عَنْك واسترح فَلَيْسَتْ لَك بِحَق وَإِنَّمَا أَنْت تتزيا بِهَذَا الزى فَدَعْهُ لمن يسْتَحقّهُ فَلَيْسَ كل من دمى جَبينه عابدا وتشبهك بالملوك لَا يَلِيق بك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 - الْغَرِيب الْيمن السُّعُود والإقبال فى كل شئ وَهُوَ الْجد الميمون الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ الذى أَصَابَك من الْقَتْل لعسكرك والهزيمة لَك لم يتعمده الْأَمِير يعْنى عضد الدولة لِأَنَّهُ لم يكن شَاهدا فَإِن جده وسعده قصدك فَأَنت قَتِيل سعده لَا قَتِيل سَيْفه 42 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا أصبح وَلم يرد عَلَيْهِ من يبشره بِفَتْح قلعة فَكَأَنَّهُ امْرَأَة فقدت وَلَدهَا قَالَ ابْن فورجة مثل عضد الدولة لَا يشبه بِامْرَأَة فى حَال من الْأَحْوَال وَإِنَّمَا أَرَادَ كَأَنَّهُ رجل فقد شَيْئا من الْأَشْيَاء وَلَيْسَ إِذا كَانَ يُقَال للْمَرْأَة الثكلى فَاقِد يمْتَنع أَن يُسمى الرجل فاقدا 43 - الْمَعْنى يَقُول الْأَمر لله لَا ينفع أحدا اجْتِهَاده لِأَن الْمُدبر للأمور كلهَا هُوَ الله وَلَيْسَ من شَرط الِاجْتِهَاد نيل المُرَاد والجاهد يعجز والقاعد يدْرك مُرَاده وَالْمعْنَى يَقُول لَهُ مَا أهْلكك إِلَّا اجتهادك فى طلب الْملك بتعرضك إِلَى الْقَوْم الَّذين أسعدهم الله وجعلهم ملوكا فاجتهادك صَار سَببا لهلاكك لِأَن الْأَمر لله لَا لَك وفى حكم ابْن المعتز {تذل الْأَشْيَاء للتقدير حَتَّى يصير الْهَلَاك فى التَّدْبِير} 44 - الْإِعْرَاب متق عطف على مُجْتَهد الْغَرِيب الحابض خلاف الصارد حبض السهْم إِذا وَقع بَين يدى الرامى لضَعْفه واحتبضه صَاحبه والصارد هُوَ السهْم النَّافِذ صرد السهْم إِذا أصَاب وأصردته إصرادا إِذا أنفذته الْمَعْنى يَقُول رب متق السِّهَام خَائِف على نَفسه مِنْهَا إِذا رميت يهرب مِنْهَا فيهرب من سهم لَا ينفذ إِلَى سهم ينفذ فِيهِ فَيكون فِيهِ هَلَاكه وَهَذَا من أحسن الْمعَانى 45 - الْإِعْرَاب الْوَجْه أَن تحذف الْيَاء للجزم وَإِنَّمَا جوزه قِيَاسا على قَوْلهم لَا تبل بِمَعْنى لَا تبال وَجَاز لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلم يكثر قَوْلهم لَا يسل فَيجوز فِيهِ مَا جَازَ فى غَيره الْمَعْنى يَقُول الْغَرَض قتل الْعَدو فَلَا فرق بَين أَن يقْتله بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ فَضرب الْقيام وَالْقعُود مثلا فَإِن كفيت الْعَدو بغيرك فَلَا يبالى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 - الْمَعْنى يَقُول شعرى الذى أثنى فِيهِ على الممدوح هُوَ بَاقٍ مخلد فى الْكتب تتدارسه النَّاس فليته فدى الذى عمل فِيهِ حَتَّى يبْقى خَالِدا مخلدا لَا يُدْرِكهُ الْهَلَاك 47 - الْإِعْرَاب الْعَضُد مُؤَنّثَة وَذكر الضَّمِير الْعَائِد إِلَيْهَا فى قَوْله لَهُ وَالِد حملا على الْمَعْنى لَا اللَّفْظ وَذَلِكَ أَنه عَنى بالعضد عضد الدولة وَهُوَ مُذَكّر الْمَعْنى يَقُول لويت مدحى أى جعلته دملجا وَهُوَ مَا يلبس من الحلى فى الْعَضُد فَلَمَّا كَانَ لقبه عضد الدولة اسْتعَار لمدحه دملجا لملابسة الدملج الْعَضُد وركن الدولة وَالِده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 - 1 - الْمَعْنى أَنه يقتل بصدوده فَكَأَنَّهُ قد تقلد بِسيف من الصد والمقلد هُوَ الْعُنُق وَهُوَ مَوضِع القلادة 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كلما قَصده بصد عَارضه بصبر وَيُرِيد أَنه لم يَهْتَز على عُضْو من أَعْضَائِهِ ليقطعه إِلَّا استقبله بتجلد وصبر 3 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح الضَّمِير فى إِلَيْهِ عَائِد على العاشق وفى بدره وأحمده عَائِد على الزَّمَان وَالْفَاعِل الْمُضمر فى ذمّ الثَّانِيَة عَائِد على العاشق الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الْبَدْر هُوَ المعشوق جعله بدر الزَّمَان مُبَالغَة فى حسنه وَأحمد هُوَ المتنبى وَجعل نَفسه أَحْمد الزَّمَان يُرِيد لَيْسَ فى الزَّمَان أَحْمد مثله وَالْمعْنَى أَن العاشق كَانَ يذم بدر الزَّمَان الذى هُوَ كبدر الزَّمَان حسنا يذم مِنْهُ جفاءه وهجره وَاجْتمعَ مَعَه الزَّمَان على تِلْكَ الْحَال من معشوقة فى حَال حمد الزَّمَان لأحمده المتنبى فالزمان يذم هجر أحبته وَيَحْمَدهُ هُوَ لفضله ونجابته قَالَ الواحدى قد تهوس أَبُو الْفَتْح فى هَذَا الْبَيْت وأتى بِكَلَام كثير لَا فَائِدَة فِيهِ وَمعنى الْبَيْت أَن الزَّمَان ذمّ إِلَى المتنبى من أحبه المتنبى لأَنهم يجفونه مَا ذمّ الزَّمَان فى بدره يعْنى الْقَمَر فى حمد أَحْمَده يعْنى الممدوح الْمَعْنى إِن الْبَدْر مَذْمُوم بِالْإِضَافَة إِلَى هَذَا الممدوح يعْنى أَن الْبَدْر على بهائه وَحسنه دون أَحْمد هَذَا وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد أَن الزَّمَان يذم مَعَه هجر أحبته كَمَا ذمّ هُوَ بدره أى حَبِيبه الحديث: 91 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 - الْمَعْنى إِذا رَأَتْهُ الشَّمْس وَهُوَ يجول فى ميدانه على فرس مترددا تردد نوره فى جسم الشَّمْس لِأَنَّهُ أَضْوَأ مِنْهَا فالشمس تستفيد مِنْهُ النُّور هَذَا قَول أَبى الْفَتْح وَكَذَلِكَ نَقله الواحدى 5 - الْمَعْنى يَقُول الْحسن فى كل أحد قَبِيح إِلَّا فى طلعته كَالْعَبْدِ لَا يحسن عِنْد كل أحد إِلَّا عِنْد مَوْلَاهُ فَكَأَنَّهُ مولى الْحسن أى يحسن الْحسن فالحسن فى كل أحد إِذا أضيف إِلَى إشراق حسنه فِيهِ قَبِيح لنقصانه عَن إضاءة الْحسن فِيهِ 6 - الْمَعْنى يُرِيد أَن العاذلة قَالَت لَا تطلب الْعَطاء فَإِنَّهُ غير مبذول فَقلت لَهَا إِن الْحر إِذا قصد أَمر لم ينْصَرف عَنهُ إِلَّا بعد الْوُصُول إِلَيْهِ ولابد لى من بُلُوغ مَا أطلبه وَمعنى طب نفسا عَنهُ أى دَعه وَلَا تطلبه 8 - الْمَعْنى نَفسه من عظمها وكبرها تصغر نفس الدَّهْر الذى هُوَ مجمع للخير وَالضَّمِير فى (كهله وأمرده ... ) يعود إِلَى الدَّهْر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 - 1 - الْغَرِيب قدم يقدم إِذا تقدم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة} والأستاذ هُوَ الْوَزير فى بعض لُغَة أهل الشَّام الْمَعْنى أَنه شبهه فى حسنه بقرن الشَّمْس وفى الشجَاعَة بليث الغاب الذى يتَقَدَّم على الْوَزير 2 - الْغَرِيب ذُبَاب السَّيْف حد طرفه والجذاذ جمع جذاذة والجذاذ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر لُغَتَانِ وَقَرَأَ بِالْكَسْرِ وَقيل هُوَ بِالْكَسْرِ جمع الجذيذ وَهُوَ المكسور الْمَقْطُوع قَالَ الله تَعَالَى {عَطاء غير مجذوذ} أى مَقْطُوع وشم أغمد الْمَعْنى يَقُول أغمد سَيْفك الذى قد يقطع بِالضَّرْبِ وَقد قطع الْعباد واستأصلهم بِكَثْرَة مَا يضْرب بِهِ 3 - الْإِعْرَاب يزداذ اسْم أعجمى لَا ينْصَرف وَإِنَّمَا صرفه فى الأول ضَرُورَة الْمَعْنى يَقُول أَحسب أَنَّك قتلت عَدوك وَمن مَعَه أتظن النَّاس كلهم بنى يزداذ فتعاملهم كَمَا عاملته وَأَصْحَابه ثمَّ ذكر فعله بهم 4 - الْغَرِيب الكبود جمع كبد والأفلاذ الْقطع وَاحِدهَا فلذ وهى الْقطعَة من الكبد الْمَعْنى يَقُول هزمتهم حَتَّى أدبروا فَصَارَت أقفاؤهم مَكَان أوجههم هى الَّتِى تقَابل الْعَدو فَقَامَتْ مقَام أوجههم فى استقبالك وَقيل بل طمست وُجُوههم بِالضَّرْبِ حَتَّى صَارَت كالأقفاء وَتركت أكبادهم قطعا 5 - الْغَرِيب الضنك الضّيق وَمِنْه قَوْله جلّ وَعلا {معيشة ضنكا} أى ضيقَة واستحوذ استولى الْمَعْنى يَقُول فعلت بهم مَا فعلت فى معركة ضيقَة وقف الْمَوْت عَلَيْهِم فحبستهم فى ضيقها وغلبتهم وقتلتهم جَمِيعًا الحديث: 92 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 - الْغَرِيب الفولاذ جنس من الْحَدِيد وَهُوَ الْجيد مِنْهُ وَهُوَ مَصْنُوع من الْحَدِيد وَيُقَال فِيهِ بِالْفَاءِ وَالْبَاء وَالْفَاء أفْصح الْمَعْنى قَالَ الواحدى فى جمدت أَقْوَال أَحدهَا أَنَّهَا جمدت خوفًا مِنْك وَالْخَوْف يجمد الدَّم وَعَلِيهِ يتَأَوَّل قَول الشَّاعِر (فَلَو أَنا على حَجَر ذُبحْنا ... جَرَى الدَّمَيانِ بالْخبر اليقينِ) يُرِيد أَن دمى يسيل لأنى شُجَاع ودمك لَا يسيل لِأَنَّك جبان والثانى أَن دِمَاءَهُمْ كَانَت محقونة فَلَمَّا جِئْتهَا أبحتها بسيوفك فَجعل حقنها كالجمود إِذْ كَانَ يذكر بعده الإجراء وَقَالَ أَبُو الْفَتْح قست قُلُوبهم وصبروا وتشجعوا واشتدوا كالشئ الجامد وأجريتها أسلتها على الْحَدِيد فَصَارَت بِمَنْزِلَة المَاء الذى يسقى الْحَدِيد 7 - الْغَرِيب الجوشن الدرْع وجوشن اللَّيْل وَسطه وصدره الْمَعْنى يَقُول اجْتمع فِيك فضلهما وشجاعتهما وكرمهما فلصحة الشّبَه فِيك بهما فكأنهم رأوهما 8 - الْغَرِيب ألسنهم جمع لِسَان على تأنيثه يُقَال فى التَّأْنِيث ثَلَاث ألسن كذراع وأذرع وَمن ذكره قَالَ ثَلَاثَة أَلْسِنَة مثل حمَار وأحمرة وَهَذَا قِيَاس مَا جَاءَ على فعال مذكرا ومؤنثا الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لما رَأَوْا شجاعتك وفروسيتك أَرَادوا أَن يَقُولُوا مَا رَأينَا مثل هَذَا فى الفروسية فَلَمَّا أعجلتهم بِالْقَتْلِ لم يقدروا على هَذَا القَوْل وَالْمعْنَى أَنهم لَو أمهلوا عَن الْقَتْل لقالوا إِنَّك وَاحِد الْعَصْر فروسية وشجاعة 9 - الْإِعْرَاب غر خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف ووابلا ورذاذا حالان وَقيل مفعول ثَان الْغَرِيب الغر الغافل والذى لَا يجرب الْأُمُور والعارض السَّحَاب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} والوابل الْمَطَر الْكِبَار الْكثير والرذاذ الصغار الْخَفِيف الْمَعْنى أَنه لما جعله عارضا جعل مطره الْمَوْت قتلا وجرحا وأسرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 - الْغَرِيب المشرفية جمع مشرفى وَهُوَ السَّيْف الْمَنْسُوب إِلَى مشارف الْيمن قرى بهَا تعْمل بهَا السيوف فانصاع انْصَرف وَولى وصعته فانصاع أى انثنى وَولى وبغداذ يُقَال فيهمَا بذالين معجمتين وبدال وذال مُعْجمَة كَمَا جَاءَ هَا هُنَا وبدالين مهملتين وبدال وَنون 11 - الْإِعْرَاب حَلبًا نصب بِفعل مُضْمر أى لَا يقْصد حَلبًا وَلَا بغدادا وصرفهما ضَرُورَة الْمَعْنى يَقُول لما انهزم خوفًا مِنْك تحير فَلم يقْصد الشَّام وَلَا الْعرَاق لِأَن سيوفك أخذت عَلَيْهِ هَذِه الطّرق 12 - الْغَرِيب كرخايا وكلواذا قَرْيَتَانِ من أَعمال بَغْدَاد الْمَعْنى يَقُول لَا تصلح الْإِمَارَة لَهُ لِأَنَّهُ من سَواد الْعرَاق فَكَأَنَّهُ لَا يصلح أَن يتوالى ولَايَة لخسة أَصله وبيته 13 - الْإِعْرَاب البرنى والآزاذ نَوْعَانِ من التَّمْر من جيده وَيُقَال الآزاذ بِالذَّالِ وَالدَّال وَهُوَ أَجود من البرنى لقلته والنوعان بالعراق والبرنى كثير بالعراق فَرُبمَا رَأَيْت فى الْكُوفَة الْبُسْتَان فِيهِ مئة برنية وَفِيه أزاذة أَو ثَلَاث أَو أَربع الْكثير الْمَعْنى يَقُول هُوَ معود أكل الرطب وَالتَّمْر وَلَيْسَ هُوَ من أهل الطعان والحروب فَكَأَنَّهُ ظن أَن الْحَرْب تمر يَأْكُلهُ 14 - الْمَعْنى يَقُول لم يلق رجلا مثلك لَا يخَاف الْمَوْت وَلم يهرب من الطعْن إِلَّا إِلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ ملاذ يلوذ بِهِ إِلَّا الْمُحَاربَة لشجاعته وَعلمه أَنه لَا ينجو من الْمَوْت إِلَّا بالإقدام والطعان كَقَوْل الْحصين وَهُوَ من أَبْيَات الحماسة (تأخَّرْتُ أسْتَبْقى الحَياةَ فَلم أجِدْ ... لنَفْسىِ حَيَاة مثلَ أنْ أتَقَدَّما) 15 - الْإِعْرَاب من فى مَوضِع نصب بدل من الأولى وعزمه من روى بِالرَّفْع جعله فَاعِلا وَمن نَصبه جعله مَفْعُولا بيوافق الْمَعْنى يَقُول لَا يلتذ طعم الْحَيَاة حَتَّى يمضى عزمه فينفذه فيطيب عيشه فى نَفاذ أمره فَإِذا رَجَعَ عَن شئ لم ينفذهُ لم يطب عيشه وَهَذَا من قَول الْحَكِيم لَا يجد طعم الْحَيَاة من لَا يجد لشهوته دركا وَلَا لأَمره تَصرفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 - الْغَرِيب الْخَزّ ثِيَاب تعْمل من الْحَرِير لَا يعادلها سواهَا وَلَا تعْمل إِلَّا بِالْكُوفَةِ وَكَانَت قَدِيما تعْمل بالرى وهى الْآن تعْمل بِالْكُوفَةِ واللاذ ثوب رَقِيق يعْمل من الْكتاب يلاذ بِهِ من الْحر الْإِعْرَاب متعودا نصب على النَّعْت لقَوْله من وَهُوَ فى مَحل النصب نكرَة كَأَنَّهُ يَقُول لم يلق قبلك إنْسَانا متعودا لبس الدروع وفى الْبَيْت عطف على معمولى عاملين مُخْتَلفين عطف الهواجر على الْبرد واللاذ على الْخَزّ وَقد أنْشد سِيبَوَيْهٍ فى الْعَطف على معمولى عاملين مُخْتَلفين قَول الشَّاعِر (أكُلَّ امْرِئٍ تَحسَبينَ امْرأً ... ونارٍ تَأجَّجُ باللَّيْلِ نارَا) الْمَعْنى يَقُول لم يجد إنْسَانا قبلك يظنّ الدرْع ثِيَاب خَز وثيابا رقيقَة فالخزيقية فى الشتَاء من الْبرد واللاذيقية الْحر فى كل هاجرة والهاجرة وَقت شدَّة الْحر فى نصف النَّهَار فلعادتك بلبسها صَارَت عنْدك كلبس هذَيْن الجنسين من الثِّيَاب 17 - الْمَعْنى يَقُول مَا أعجب أخذك لَهُ مَعَ كَثْرَة عدده وعدده وأعجب من هَذَا لَو لم تَأْخُذهُ لِأَن النَّصْر وَالظفر مَعَك أَيْنَمَا كنت لَا يفلت أحد مِنْك تقصده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد الدُّعَاء لَهُ يَقُول سقى الله مراحلك فتنبت النُّور فَجعل نَبَات النُّور كِنَايَة عَن السقى لَهُ يَقُول توجه إِلَى حَيْثُ تُرِيدُ قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يُرِيد أَنَّك نور الْمَكَان الذى تنزله فَحَيْثُمَا مَا نزلت نزل النوار وَالْقَضَاء مُوَافق لما تُرِيدُ والنوار جمع نور وَهُوَ الزهر الْأَبْيَض فَإِذا أطلق عَلَيْهِ اسْم الزهر فَهُوَ الْأَصْفَر وَهَذَا دَعَا لَهُ أى أَن الزهر إِنَّمَا يكون من الأمطار فَإِذا مطر ربعك ومنزلك حلّه النوار 2 - الْغَرِيب الديمة الْمَطَر الذى لَيْسَ فِيهِ رعد وَلَا برق أَقَله ثلث النَّهَار أَو ثلث اللَّيْل وَأَكْثَره مَا بلغ من الْعدة وَالْجمع ديم قَالَ لبيد (باتَتْ وأسبلَ واكِفٌ مِنْ دِيمَةٍ ... يُرْوِى الخمائِلَ دَائِما تَسْجامُهَا) والمدرار الدَّائِم الدّرّ وَهُوَ من دريدر إِذا انحلب الْمَعْنى أَنه يَدْعُو لَهُ بالسلامة تشيعه حَيْثُ كَانَ والمطر لينبت لَهُ النَّبَات وَمِنْه يكون الخصب 3 - الْمَعْنى يُرِيد الدُّعَاء لَهُ بِأَن يظفر بالأعادى حَتَّى تصير صروف الدَّهْر أعوانا لَهُ عَلَيْهِم 4 - الْإِعْرَاب مَرْفُوعَة خبر الِابْتِدَاء تقدم عَلَيْهِ فانتصب كَقَوْلِه تَعَالَى {لَا هية قُلُوبهم} الْغَرِيب الإصدار هُوَ الْخُرُوج عَن المَاء والورود الدُّخُول لطلب المَاء الْمَعْنى كل هَذَا دُعَاء لَهُ يَقُول تصدر عَن حَاجَتك أى ترجع غانما تنظر إِلَيْك الْعُيُون لِأَنَّك قد فارقتها فهى مشتاقة إِلَى النّظر إِلَيْك 5 - الْغَرِيب بجح بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَالْفَتْح أَضْعَف أى فَرح وبجحته تبجيحا فتبجح أى فرحته ففرح وفى حَدِيث أم زرع " وبجحنى فتبجحت " الْمَعْنى يُرِيد أَن الزَّمَان إِذا ذكرك فَرح حَيْثُ أَنْت من أَهله وأبنائه والأسمار تحسن بِحسن سيرتك الحديث: 93 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه إِذا غضب على قوم عاقبهم بِالْهَلَاكِ والاستئصال وَإِذا عَاد إِلَى الْعَفو ترك قَتلهمْ فَكَأَنَّهُ قد وهب لَهُم أعمارهم 8 - الْغَرِيب الأغبار جمع غبر وَهُوَ بَقِيَّة اللَّبن فى الضَّرع الْمَعْنى يَقُول هُوَ كثير الْعَطاء فعطاؤه إِلَى عَطاء سَائِر الْمُلُوك كاللبن الْقَلِيل إِلَى اللَّبن الْكثير 9 - الْإِعْرَاب اللَّام تتَعَلَّق بِفعل مَحْذُوف وَقَوله مَا يخَاف يُرِيد أما يخَاف تحذف ألف الِاسْتِفْهَام وَهُوَ جَائِز وَيجوز أَن يكون مخبرا لَا مستفهما وَهُوَ أَجود الْمَعْنى يتعجب مِنْهُ وَالْعرب إِذا تعجبت تَقول لله زيد أى لله دره يتعجب من قلبه وَفعله وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن مثله لَا يقدر على خلقه إِلَّا الله كَمَا يُقَال لِلْأَمْرِ العجيب هَذَا إلهى وَإِن كَانَت الْأُمُور كلهَا إلهية أى أَنْت مَا تخَاف الْهَلَاك وَلَا تتوقى المهالك وَإِنَّمَا تخَاف أَن يدانيك عَار وَهَذَا من أحسن الْمَدْح 10 - الْإِعْرَاب وحد الضَّمِير فى التَّأْكِيد على اللَّفْظ للطبع لَا لِلْخَلَائِقِ الْغَرِيب تحيد تهرب وتعدل والطبع الدنس ولؤم الْحسب والجحفل الْجَيْش الْعَظِيم والجرار هى الرِّوَايَة الصَّحِيحَة وَهُوَ الذى يجر ذيله التُّرَاب فَيرى لَهُ أثر عَظِيم وَقيل هُوَ فعال من جر إِذا جنى كَأَنَّهُ بكثرته وَشدَّة وَطئه الأَرْض يجنى عَلَيْهَا بإثارة التُّرَاب ويجنى على السَّمَاء بارتفاع الْغُبَار إِلَيْهَا الْمَعْنى أَنْت تحيد أى تهرب من اللؤم والدنس والعسكر الْعَظِيم يعدل عَنْك هَيْبَة لَك وَهَذَا من قَول البحترى (وأجْبنُ عَن تعْرِيضِ عِرْضِى لجاهِلٍ ... وَإن كنتَ فى الْإِقْدَام أطعُنُ فىِ الصَّفّ) 11 - الْمَعْنى يُرِيد أَن جَاره عَزِيز عِنْد الْمُلُوك لَا يقدرُونَ على أَذَاهُ والعظيم الْملك المتجبر يذل لَهُ فَيصير ذليلا لَدَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 - الْغَرِيب التنوفة الفلاة الْبَعِيدَة ويشط يبعد وتحول تمنع الْمَعْنى يَقُول كن حَيْثُ شِئْت من الأَرْض بَعيدا أَو قَرِيبا فَمَا يمنعنا عَن لقائك فلاة بعيدَة وَلَا يبعد بَيْننَا مَزَار لأَنا نحبك وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (قريبٌ على المُشتاقِ أَو ذى صَبابة ... وأمَّا على الكَسْلانِ فهوَ بعيدُ) 13 - الْإِعْرَاب المستار مفتعل من السّير والتسيار تفعال من السّير قَالَ أَبُو وجزة السعدى (أشْكو إِلَى اللهِ العَزيز الغفَّارْ ... ثمَّ إِلَيْك الْيَوْم بُعْدَ المُسْتارْ) 5 الْمَعْنى يَقُول الْقَلِيل مِمَّا أضمره من حبك يهزل المطى وَيقرب السّير إِلَيْك يُرِيد الْمُحب لَا يبعد عَلَيْهِ زِيَارَة من يُحِبهُ فالبعيد عِنْده قريب 14 - الْمَعْنى يَقُول الذى خلفت من أهلى ضائع بخروجى من عِنْدهم لأنى اخْتَرْت صحبتك عَلَيْهِم مَعَ قلقى وشوقى إِلَيْهِم وَلَا اخْتِيَار لى فى إِيثَار محبتك على محبتهم 15 - الْمَعْنى يَقُول إِذا صحبتك وسرت فى صحبتك عذب لى كل مَاء ووافقنى كل أَرض حَتَّى تصير كَأَنَّهَا دارى الَّتِى ربيت بهَا لَوْلَا من خلفت من الْعِيَال 16 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّه إِذا أذن لَهُ فى الْعود إِلَى الْعِيَال كَانَ عِنْده صلَة أى عَطِيَّة من بعض عطاياه تشكوها الْأَشْعَار أى أشكرها فى شعرى وَهَذَا من قَول المهلبى (فهلْ لَك فى الْإِذْن لى رَاضِيا ... فإنى أرَى الْإِذْن غُمْنا كَبيرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 - 1 - الْغَرِيب أَرَادَ دهماء هَاتين كَمَا تَقول اخْتَرْت فَاضل هذَيْن أى الْفَاضِل مِنْهُمَا وَأَرَادَ الدهماء مِنْهُمَا وَقَوله تين بِمَعْنى هَاتين وتا بِمَعْنى هَذِه وتان بِمَعْنى هَاتين قَوْله (يَا مطرُ ... ) أى شبه الْمَطَر الْمَعْنى يُرِيد يَا من لَهُ فى الْفَضَائِل الِاخْتِيَار يُرِيد أَنه يَأْخُذ الْمُخْتَار مِنْهُمَا قَالَ الواحدى يرْوى الْخَبَر يُرِيد الاشتهار فى الْفَضَائِل 2 - الْمَعْنى يَقُول أَنا اخْتَرْت الدهماء والعيون قد تخطئ فتستحسن مَا غَيره أحسن مِنْهُ فَإِن النّظر قد يصدق فيريك الشئ على مَا هُوَ بِهِ وَقد يكذب فَلَا يُرِيك حَقِيقَة الشئ 3 - الْمَعْنى يَقُول لَا عيب فِيك إِلَّا أَنَّك بشر لِأَنَّك أجل قدرا من أَن تكون بشرا آدَمِيًّا لِأَن فِيك من الْفَضَائِل مَالا يكون فى بشر 4 - الْإِعْرَاب إعطاءه مصدر وَضعه مَوضِع الْعَطاء الْغَرِيب العكر جمع عكرة وهى مَا بَين الْخمسين إِلَى المئة وَقيل مَا بَين الْخمسين إِلَى السِّتين الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد قدرك أَن يكون عطاؤك فَوق هَذَا فَإِذا فعلت هَذَا فكأنك معيب بِهِ لقلته بِالْإِضَافَة إِلَى قدرك قَالَ أبن فورجة إِن كَانَ التَّفْسِير على مَا ذكره فَهُوَ هجو وَكَيف تهجى الْكِبَار بِأَكْثَرَ من أَن يُقَال مَا وهبت يسير فى جنب قدرك فَيجب أَن تهب أَكثر من ذَلِك والذى أَرَادَهُ أَنهم لَو عابوك مَا عابوك إِلَّا بسخائك وإسرافك فِيهِ وَلَيْسَ السخاء مِمَّا يعاب بِهِ فَيكون كَقَوْل النَّابِغَة (وَلَا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِراعِ الكَتائِبِ) وكقول ابْن الرقيات (مَا نَقَمُوا مِنْ بنى أُمَيَّةَ إِلَّا ... أنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إنْ غَضِبُوا) الْمَعْنى أَنهم لَا يقدرُونَ على عيبك إِلَّا بِمَا لَا يعاب بِهِ أحد هَذَا كَلَامه والذى ذكره أَبُو الْفَتْح صَحِيح وَقد يمدح الْإِنْسَان الْكثير العطايا بِأَن قدره يقتضى أَكثر مِمَّا يعْطى كَقَوْلِه أَيْضا (يَا مَنْ إِذا رَهَبَ الدُّنْيا فقَدْ بَخِلاَ ... ) الحديث: 94 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ يفضح أعداءه بِظُهُور فَضله وبكثرته وعزته وقوته فَهُوَ يزِيد عَلَيْهِم فى كل أَحْوَاله فهم ينتقصون بِزِيَادَتِهِ وَقَوله (كَأَنَّهُمْ لَهُ ... ) أى لأَجله يُرِيد أَنهم إِذا قيسوا بِهِ وأضيفوا إِلَيْهِ قلوا وَإِن كَانُوا كثيرين وَذَلِكَ لعلو مجده وشرفه وسؤدد 6 - الْمَعْنى يُرِيد الدُّعَاء لَهُ يَدْعُو أَلا يُصِيبهُ سِهَام الْأَعْدَاء وَيجوز أَن يكون خَبرا وَقَوله ومخطئ الخ أى من أَرَادَ أَن يريمى الْقَمَر ورماه أَخطَأ لِأَن الْقَمَر لَا يصل إِلَيْهِ شئ لمرفعته وَأَنَّك لرفعة قدرك ومحلك أعظم وأجدر أَلا يصل إِلَيْك من رماك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 - 1 - الْإِعْرَاب قافية هَذَا الْبَيْت فِيهَا اضْطِرَاب لمُخَالفَته الْبَيْت الثانى لِأَن الْهَاء فى أشبه أصل وَقد ألحقها بواو وَلَا يجوز ذَلِك إِلَّا فى القافية وَكَانَ من حَقه أَن يَجْعَل القافية هائية أَو بائية فَكَأَنَّهُ قَالَ فى قافية نارها وفى أُخْرَى مَاؤُهَا وَهَذَا فَاسد وَقَالَ من احْتج لَهُ على وَجه بعيد أَرَادَ إِلْحَاق الْوَاو فى أشبه على أَنَّهَا غير قافية لكنه على لُغَة أَزْد شنُوءَة يَقُولُونَ هَذَا زيد وَالرَّفْع والجر زيدى فهم يلحقون فى الْمَجْرُور وَالْمَرْفُوع الْوَاو وَالْيَاء كَمَا يلْحق الْألف بالمنصوب وَأما قَوْله يبغى نَصره فَفِيهِ اضْطِرَاب والقافية رائية فالهاء فى تكره وصل أَيْضا وَإِن كَانَ لَام الْفِعْل كَقَوْل الشَّاعِر (أعطَيْتُ فِيهَا طَائِعا أَو كارِها ... حديقةً غلْباءَ فى أشْجارِهَا) وَالشعر ورائى وَأحد الهاءين أصل وَالثَّانيَِة وصل وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك كَانَ قَوْله أشبه خطأ إِلَّا أَن يُقَال إِنَّه لم يَجْعَلهَا قافية وَإِنَّمَا أشْبع ضمة الْهَاء فألحقها واوا وَلم يَجْعَلهَا وصلا كَقَوْل من قَالَ (من حَيْثُمَا سلَكوا أدنو فأنظورُ ... ) الْمَعْنى يَقُول أَنا من الوشاة لأنى أنشر ذكر سخائك وَأَنت تحب طيه فكأنى واش لِأَن الواشى يذيع مَا يكره صَاحبه أَن يظْهر 2 - الْإِعْرَاب عارضا حَال لِأَن رُؤْيَة الْعين لَا تتعدى إِلَّا إِلَى مفعول وَاحِد الْمَعْنى يَقُول إِذا رَأَيْتُك تدفع عَن عرض وتحمى دون علمت يَقِينا أَن الله يُرِيد نصر ذَلِك الذى تحميه وعنى بِهَذَا أَبُو الطّيب نَفسه لِأَن سيف الدولة أثنى عَلَيْهِ وَالْمعْنَى يَقُول إِن الله ينصرنى على حسادى حَيْثُ تثنى على الحديث: 95 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 - 1 - الْإِعْرَاب فَمَا أظهر اسْتِفْهَام إنكارى أى لَا أظهر سترك الْمَعْنى يَقُول سرنا وَاحِد فَمَا أظهر مِنْهُ وَإِذا رضيت أمرا فَهُوَ رضاى وَكَذَا إِذا سخطته سخطته 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَنى ذُو مُرُوءَة ومحبة لَك خَالِصَة فَلَا أفشى سرك 3 - الْغَرِيب نشر الله الْمَوْتَى وأنشرهم فنشروهم وَكله فى الْإِحْيَاء الْمَعْنى يَقُول السِّرّ لشدَّة أخفائه قلبى هُوَ ميت إماتة لَا يحيا بعْدهَا وَهُوَ من قَول الآخر (إنّى لأَسْتُر مَا ذُو اللبّ ساتِرُهُ ... من حاجةٍ وأُميتُ السِّرَّ كِتمّانا) وكقول عمرَان بن حطَّان (وكنتُ أجُنُّ السِّرَّ حَتَّى أُمِيتَه ... وَقد كَانَ عندى للأمانة مَوْضِعُ) وكقول قيس بن ذريح (أراكَ الْحمى قُلْ لى بأىّ وسيلَةٍ ... تَوَسَّلَت حَتَّى قَبَّلتَكَ ثُغُورُها) (فإنّى مِن القوْمِ الَّذين صُدورهم ... إِذا اسْتُودِعوا الأسْرارَ فهى قُبُورُها) 4 - الْمَعْنى يَقُول كَأَن عينى لما نظرت لكم سترت ذَلِك عَن قلبى فَلَا يعلم بِهِ الْقلب فَكيف أظهره لِأَنَّهُ لم يصل إِلَى الْقلب وَالْعين كتمته الذى أَبْصرت 5 - الْمَعْنى يَقُول إفشاء السِّرّ من الْغدر فَكيف أفشى السِّرّ وَأَنا حر وَالْحر لَا يغدر الحديث: 96 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 - الْمَعْنى يَقُول الكتمان أَنا أقدر عَلَيْهِ من الْإِظْهَار لِأَن الْإِظْهَار فعل والكتمان ترك وَمن قدر على فعل كَانَ على تَركه أقدر 7 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه قَادر على نَفسه لَا تغلبه على شئ لَا يُريدهُ لِأَنَّهُ مَالك لَهَا يضبطها فى وَقت الْخَوْف إِذا احْمَرَّتْ الرماح بالدماء عِنْد ملاقاة الْأَبْطَال 8 - الْإِعْرَاب دواليك نصب على الْمصدر أى دالت لَك الدولة دولا بعد دوَل وَهَذَا من المصادر الَّتِى اسْتعْملت مثناة وَهُوَ للتَّأْكِيد وَمثله لبيْك وَسَعْديك وحنانيك ودولة نصب على التَّمْيِيز وَنصب أَمرك بإضمار فعل أى مر أَمرك الْمَعْنى يَقُول دالت لَك الدولة وتناولتها شَيْئا بعد شئ وأمرك أى مر أَمرك بِمَا تُرِيدُ فَهُوَ مُطَاع 9 - الْمَعْنى يَقُول لما أتانى رَسُولك على عجلة عملت هَذِه الأبيات بديها وهى الَّتِى كنت أقدر عَلَيْهَا 10 - الْإِعْرَاب اسْم كَانَ مُضْمر تَقْدِيره لَو كَانَ دعاؤك إياى أولو كَانَ مَا نَحن فِيهِ من الْحَال الْغَرِيب القاتم المظلم الذى قد علاهُ الْغُبَار الْمَعْنى يَقُول لَو دعوتنى يَوْم وغى للقاء الْعَدو لجئتك مسرعا بسيفى وبفرسى الْأَشْقَر وَإِنَّمَا خص الأشقردون غَيره من ألوان الْخَيل لِأَن الْأَشْقَر أسْرع فى الجرى وَهُوَ من قَول البحترى (جَعَلْتُ لسانى دونهُم ولَوَ انهُمْ ... أهابوا بسَيفى كَانَ أسرَعَ من طَرْفى) قَالَ أَبُو على لَو رفع يَوْم لاختل الْمَعْنى لِأَنَّهُ قد يكون أَيَّام كَثِيرَة ذَات وغى قاتمة فَلَا يجِيبه بل يكون يمعزل عَنْهَا وَعَن بلادها فَلَمَّا نصب صَحَّ الْمَعْنى وَوصف الْيَوْم بالقتام لَا الوغى لِأَن الوغى أَصله الصَّوْت والقاتم الكدر المظلم والقتم والقتام الْغُبَار 11 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّهْر بك ينظر إِلَى النَّاس وَأَنت عين الدَّهْر فَلَا رَجَعَ الدَّهْر غافلا بهلاكه بل بقيت مخلدا فَكل مَا يُصِيب النَّاس من إِحْسَان وإساءة فمنك فلومت لبطل ذَلِك فَيصير الدَّهْر غافلا عَن أَهله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 - 1 - الْغَرِيب الازورار الْعُدُول والانحراف وَقد ازور عَنهُ ازورارا وازوار عَنهُ ازويرارا وتزاور عَنهُ تزاورا وَكله بِمَعْنى عدل وانحرف وَقَرَأَ ابْن عَامر (تزور عَن كهفهم ... ) على وزن تحمر وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ (تزاور ... ) مخففا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (تزاور ... ) مدغما أى تتزاور وَكله بِمَعْنى تعدل وتنحرف الْمَعْنى يَقُول صَار طَوِيل السَّلَام مُخْتَصرا وَصَارَ ذَلِك الْقرب مِنْك عُدُولًا عَنى وانحرافا وَهَذَا نوع من المعاتبة 2 - الْمَعْنى يَقُول بقيت فى خجلة بَين النَّاس لما أَعرَضت عَنى فأموت بالخجلة فَإِذا ذهبت رجعت إِلَى الْحَيَاة وَإِذا عَادَتْ صرت مَيتا فَبَقيت مَيتا مرَارًا وَحيا مرَارًا 3 - الْمَعْنى صرت أسارقك اللحظ أى أنظر إِلَيْك وَأَنا فى غَايَة من الْحيَاء هَيْبَة لَك وأزجر فرسى وَلَا أرفع صوتى إِلَّا سرا حَيَاء مِنْك وهيبة لَك 4 - الْمَعْنى يَقُول الِاعْتِذَار من غير ذَنْب كذب وَالْكذب مِمَّا يعْتَذر مِنْهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح اعتذارى من غير ذَنْب شئ مُنكر فينبغى أَن أعْتَذر مِنْهُ لِأَنَّهُ شئ فى غير مَوْضِعه 5 - الْغَرِيب الغرار بِالْكَسْرِ النّوم الْقَلِيل وَأَصله النُّقْصَان فى لبن النَّاقة وفى الحَدِيث " لَا غرار فى صَلَاة " وَهُوَ أَن لَا يتم ركوعها وسجودها الْمَعْنى يَقُول أنسانى الشّعْر إِلَّا الْقَلِيل هم يمنعنى من عمل الشّعْر وَمن النّوم فقد قطعنى عَنْهُمَا الحديث: 97 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 - الْمَعْنى يَقُول جحدت مكارمك الَّتِى لَا يقدر أحد أَن يجحدها لِأَنَّهَا ظاهرات للنَّاس وَهَذَا قسم من أحسن مَا يقسم بِهِ الْعَرَب كَقَوْل الأشتر وَهُوَ مَالك بن الْحَارِث النخعى (بَقيتُ وفْرى وانحرفتُ عنِ العُلا ... ولقيتُ أضْيافى بوَجه عَبوسِ) (إِن لم أشُنَّ على ابْن هندٍ غارَةً ... لم تخلُ يَوْما مِن نِهابِ نُفوسِ) يَقُول كفرت مكارمك إِن كَانَ تَأْخِير الشّعْر اخْتِيَارا منى وَلَكِن حمى الشّعْر الْهم 7 - الْمَعْنى أَنه يعْتَذر بِمَا عرض لَهُ من الْهم الذى أسقم جِسْمه وَجعل فى قلبه نَارا لحرارته فَهُوَ الذى كَانَ السَّبَب فى انْقِطَاع الشّعْر وَالنَّوْم جَمِيعًا يَقُول أَنا لَا أقدر أَن أفعل شَيْئا من هَذَا وَهَذَا من قَول العطوى (أتَرَانى أَنا وفَرْ تُ مِنَ الهَمّ نصيبى ... ) (أَنا أعطَيتُ العيونَ النُّجْل أسلابَ القُلوبِ ... ) (لَو إلىَّ الأَمْرُ مَا أقذيتُ عَيْنًا برَقِيبِ ... ) 8 - الْغَرِيب ضاره يضيره ضيرا وضرة يضرّهُ ضرا بِمَعْنى وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {قَالُوا لَا ضير} وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو والحرميان {لَا يضركم كيدهم شَيْئا} وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْن عَامر {لَا يضركم} وَهُوَ جَوَاب الشَّرْط وَاخْتَارَ سِيبَوَيْهٍ فى المضاعف المجزوم الرّفْع مثل هَذَا الْمَعْنى لَا تعرض عَنى فتلزمنى ذنُوب الزَّمَان وَالزَّمَان مُضر لى ومسئ إِلَى 9 - الْغَرِيب الشرد جمع شرود يُرِيد القصائد وَجعلهَا شردا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِر بِموضع الْمَعْنى يَقُول لَهُ عندى قصائد سائرات فى الْبِلَاد لَا يخْتَص مقامهن بِموضع وَاحِد بل تسير بهَا الركْبَان فى الْآفَاق بمدحك 10 - الْمَعْنى هَذَا الْبَيْت يُفَسر مَا قبله ويروى وَهن إِذا سرن عَن مقولى وثبن أى جزن الْجبَال وقطعنها وَإِنَّمَا قَالَ وثبن لارْتِفَاع الْجبَال وطولها وَهَذَا من قَول على ابْن الجهم (ولكنَّ إحْسانَ الْخَلِيفَة جعفرٍ ... دعانى إِلَى مَا قلت فِيهِ من الشِّعرِ) (فسارَ مَسيرَ الشَّمس فى كل بلدةٍ ... وهَبَّ هُبوب الرّيح فى البرّ وَالْبَحْر) وَقَول حبيب (لساحته تَنْساقُ من غيرِ سائِقٍ ... وتَنْقاد فىِ الْآفَاق من غير قَائِد) (إِذا شَرَدتْ سَلَّت سَخيمة شانئٍ ... ورَدَّت عَزُوبا مِن قلوبٍ شواردِ) وَأَصله من قَول الآخر (ألم ترَ أنَّ شِعرِى سارَعَنّى ... وشعرَك نازِلٌ حولَ البُيوت) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 - الْإِعْرَاب من روى أَشَّدهم بِالنّصب جعله بَدَلا من خبر كَانَ وَمن رَفعه جعله خبر ابْتِدَاء أى أَنْت أَشَّدهم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَنه شَدِيد الاهتزاز للندى وبعيد مدى الْغَارة إِلَى الْعَدو وَقَالَ ابْن فورجة يَقُول أَنْت أَشد النَّاس هزة فى سَاعَة الندى وهى الهزة الَّتِى تصيب الْجواد إِذا هم بالعطاء كَمَا قَالَ (وتأخذُه عندَ المَكارِم هِزَّة ... ) وَالْمعْنَى أَنه أنشط النَّاس إِلَى الْجُود وأبعدهم مدى غَارة على الْعَدو وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو أمكنه أَن يَقُول لكانوا الظلام وَكنت الضياء أَو اللَّيْل وَكنت النَّهَار لَكَانَ أحسن فى التطبيق قلت يُمكنهُ لكانوا الليالى وَالْوَزْن مُسْتَقِيم 14 - الْغَرِيب سما علا وهى أى همتى واليسار الْغنى الْمَعْنى يُرِيد أَن همتى عالية وَقد علت بخدمتك فزادت شرفا على شرف فلست أعد الْغنى غنى لكبر نفسى وهمى بك 15 - الْمَعْنى إِذا كنت بَحر الغائص فَلَا يرضى بالدر إِلَّا الْكِبَار مِنْهُ وَلَا يقنع بصغار الدّرّ وَالْمعْنَى إِذا أدْركْت بك الْغنى لم أقتصر عَلَيْهِ لِأَن من كَانَ مرجوه مثلك لم يرض بِالْقَلِيلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 - 1 - الْإِعْرَاب حَتَّى هى بِمَعْنى الْوَاو حرف الْعَطف وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فى حَتَّى فَقَالُوا هى حرف تنصب الْفِعْل الْمُسْتَقْبل من غير تَقْدِير أَن وحرف جر يجر الِاسْم كَمَا تَقول سوفته حَتَّى الصَّيف وَقَالَ البصريون هى فى كلا الْمَوْضِعَيْنِ حرف جر وَالْفِعْل مَنْصُوب بعْدهَا بِتَقْدِير أَن وَالِاسْم مجرور بِتَقْدِير إِلَى الْغَرِيب الْعَصْر بِضَمَّتَيْنِ جمع عصر وَالْعصر بِضَمَّتَيْنِ أَيْضا لُغَة فى الْعَصْر قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وَهَل يَعِمَنْ مَنْ كانَ فىِ العُصُرِ الخالى ... ) وَفِيه لُغَة أُخْرَى بِضَم الْعين وَسُكُون الصَّاد قَالَ العجاج فى جمعه على عصور (إذْ نحنُ فى ضَبابة التَّسكير ... والعَصْرِ قبلَ هَذِه العُصورِ) والعصران اللَّيْل وَالنَّهَار الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك فرحة للزمان وَالدّين فَكل أَنْت لَهُ شرف وَبِك يسر ونورك يعم كل شئ حَتَّى الشَّمْس الَّتِى كل الْأَنْوَار مِنْهَا وَالْقَمَر 2 - الْمَعْنى يَقُول الْأَهِلّة دَاخِلَة فى جملَة من كسب نورك ونال من نائلك والبشر أى الْخلق لم يخصوا بنائلك لِأَنَّك قد أَعْطَيْت نائلك الشَّمْس وَالْقَمَر بِوَجْهِك كمالهما 3 - الْغَرِيب الْأنف الَّتِى لم ترع وَهُوَ أحسن لَهَا وَالشَّمَائِل الْخَلَائق الْمَعْنى يَقُول الزَّمَان بكونك فِيهِ مَوْجُودا هُوَ رَوْضَة محمية لم يرعها رَاع وأخلاقك زهرها 4 - الْإِعْرَاب مَا حرف نفى والظرفان متعلقان بفعلى الِانْتِهَاء الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ أَن لَا ينقضى لَهُ أجل كَمَا أَنه لَا ينقضى لَهُ فِيهِ كرم وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وأخصره وألطفه معنى 5 - الْمَعْنى يَقُول بتكرار الأعوام عَلَيْك يزِيد شرفك وعلوك كَمَا يزْدَاد غَيْرك شيبا وهرما وروى أَبُو الْفَتْح (وحظ غَيْرك مِنْهُ ... ) يُرِيد من التّكْرَار وَمِنْهَا من الأعوام الحديث: 98 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 - 1 - الْمَعْنى يَقُول أَنا لم أشاهد وصف الْحَال فوصفى لَهُ ظلم وَصدق الْوَصْف يتَعَلَّق بِصدق النّظر فَإِذا لم أصدق العيان لم أكن صَادِق الْوَصْف وَإِنَّمَا اختبرت وَلم أنظر 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَنى كنت أخبر مَا جرى وَلم أعاينه وَكنت أحضر المختصين بك لأنى كنت شَاهدا بشخصى وَكنت أغيب المختصين لأنى غبت مُعَاينَة حَيْثُ لم أربعينى مَا جرى 4 - الْمَعْنى يَقُول قد رفع ناظره بعد أَن كَانَ ذليلا لِأَن عفوك عَنهُ مثل الظفر لَهُ 5 - الْغَرِيب الْأَمْلَاك جمع ملك الْمَعْنى يَقُول إِذا أَجَبْته افتخر على كل الْمُلُوك 6 - الْمَعْنى يَقُول قد ارْتَفع عَنهُ الْقَتْل بالهدنة إِلَى وَقت وباقى النَّاس ينْتَظر خيلك أَن تغزوه لِأَنَّهُ قد عرف أَنَّك لَا تقطع الْغَزْو فَإِذا هادنت الرّوم انصرفت إِلَى غَيرهم من الْأَعْدَاء فَغير الرّوم ينْتَظر قدوم سَيْفك عَلَيْهِ وَقَالَ الواحدى ينْتَظر الصُّلْح مِنْك كَمَا صالحت ملك الرّوم 7 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى تبدلها للسيوف وَغَيرهم مفعول تبدل الثانى الْغَرِيب تجم من الجموم بِالْجِيم أى تكْثر وَقَالَ الواحدى تستريح وَالْقصر جمع قصرة وهى أصل الْعُنُق وَقَوله تبدلها أى تعطيها شَيْئا آخر مَكَانَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة} وَقَوله {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تبدل السيوف رِقَاب الْقَوْم تَأْخُذ قوما وَتَدَع قوما وَقَالَ الواحدي معنى الْبَيْت أَنَّك تحارب غير الرّوم وتدعهم حَتَّى يكثروا ويتناسلوا ثمَّ تعود عَلَيْهِم فتهلكهم والذى قَالَه أَبُو الْفَتْح أَن الضَّمِير فى تبدلها للسيوف غير صَحِيح وَإِنَّمَا هُوَ للروم أى تبدل الرّوم بِقوم غَيرهم وبجعل غَيرهم مكانهم وعَلى هَذَا يَصح اللَّفْظ وَيظْهر الْمَعْنى وَلَا يجوز فى غَيرهم إِلَّا الْخَفْض على النَّعْت للْقَوْم الحديث: 99 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 - الْإِعْرَاب غادية حَال الْمَعْنى يَقُول إِذا شبهت جودك بالأمطار الغاديات وهى الَّتِى تمطر غدْوَة وهى أغزرها كَانَ جودا ثَانِيًا بكفك لِأَن الْمَطَر يفتخر بجودك إِذا شبه بِهِ 9 - الْإِعْرَاب طالعة حَال الْمَعْنى يُرِيد أَن الشَّمْس تستفيد مِنْك نورا كَمَا يَسْتَفِيد مِنْهَا الْقَمَر النُّور فَإِذا طلعت كسبت وَإِذا غَابَتْ عَادَتْ إِلَى حَالهَا قبل رؤيتها لَك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الرمْح الطَّوِيل الذى يطاعنك قصير لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ أَن يعْمل شَيْئا فَهُوَ قصير لقلَّة الْغناء بِهِ والقطر مِنْك فى الندى وَالْحَرب بَحر أى الْقَلِيل مِنْك كثير 2 - الْغَرِيب أَنَاة حلم وترفق لَا تسرع إِلَى الْعقُوبَة الْمَعْنى يَقُول إِذا جنى الجانى ترفقت بِهِ وحلمت عَنهُ فيظن ذَلِك لكرامته عَلَيْك وَإِنَّمَا هُوَ احتقار لَهُ عَن الْمُكَافَأَة 3 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت تَأْخُذ البوادى والحواضر بضبط سياسة لم تتعود تِلْكَ السياسة بَنو نزار يُرِيد الْعَرَب 4 - الْغَرِيب شممت الشئ أشمه شما وشميما قَالَ الشَّاعِر (تمتَّعْ من شَمِيم عرار نَجْدٍ ... فمَا بعدَ العَشيَّة مِن عَرارِا) الْمَعْنى يَقُول الْعَرَب تطيعك فَإِذا أحست بِمَا عنْدك من السياسة أنْكرت ذَلِك إِنْكَار الْوَحْش الْإِنْس فتنفر عَن ذَلِك لِأَنَّهَا لم تعود ذَلِك 5 - الْغَرِيب المقادة الانقياد وَالصغَار الذل وَمِنْه (سيصيب الَّذين أجرموا صَغار ... ) الْمَعْنى يَقُول الْعَرَب لَا تنقاد لأحد وَلَا تعرف هَذَا وَلَا تدخل تَحت الذل 6 - الْغَرِيب الذفريان مَا خلف الْأُذُنَيْنِ وَيجمع على ذفار وذفارى بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا كصحارى وصحارى والصعر الْميل والعذار مَا يَجْعَل على خد الدَّابَّة من المرسن الْمَعْنى يَقُول إِنَّك وضعت المقاود على الْعَرَب لتقودهم إِلَى طَاعَتك فأثقلت المقاود رُءُوسهم لِأَنَّك منعتهم عَن الْغَارة وَقطع الطَّرِيق فصاروا كالدابة الَّتِى تقاد بحكمة شَدِيدَة وَقَوله وصعر خدها أَرَادَ خدودها فَوضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع أى أماله وجذبه إِلَى طَاعَتك هَذَا العذار يعْنى العذار الذى وَضعته على خدودها قَالَ الواحدى ويروى فأفرحت بِالْفَاءِ وَمَعْنَاهُ أثقلت إِلَى أَن قَالَ يُقَال أفرحه الدّين أى أثقله وَمن روى بِالْقَافِ فَمَعْنَاه جعلتهم قرحى أى بالغت فى رياضتهم حَتَّى جعلتهم كالقرحى فى الذل والانقياد وَالصَّحِيح هُوَ الأول وَقيل صيرت هَذِه المقاود أَعْنَاقهم قرحى لَا تطِيق حمل المقاود الحديث: 100 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 - الْمَعْنى يُرِيد أَن النَّاس دعوك وَالسُّيُوف فَوق الرُّءُوس بأضرب وبأطعن فَقَالُوا يَا أطعن من طعن بخطية وأضرب من ضرب بحسام فأجبتهم ورءوسهم تَحت سيوف الرّوم 23 - الْغَرِيب الوجيب خفقان الْقلب وَغَارَتْ الْعين غئورا إِذا انخسفت من وجع أَو حزن الْمَعْنى يُرِيد أَنهم يئسوا من الْحَيَاة فهم فى بكاء وَخَوف حَتَّى أنقذتهم من ذَلِك 24 - الْغَرِيب الوصب الْمَرَض وَقد وصب الرجل يوصب فَهُوَ وصب وأوصبه الله فَهُوَ موصب والموصب بِالتَّشْدِيدِ الْكثير الأوجاع الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا جَاءَهُم الْعَدو لِأَن الْأَعْدَاء أرجفوا بأنك عليل وَأَنَّك لَا تطِيق المجئ إِلَيْهِم لثقل الْمَرَض 26 - الْإِعْرَاب نصب طوَالًا وقصارا على الْحَال وَالضَّمِير فى أَتَاهُم للدمستق الْغَرِيب السبيب شعر الناصية وَالْعرْف والذنب والعسب جمع عسيب وَهُوَ منبت الذَّنب من الْجلد والعظم والعسيب من السعف فَوق الكرب لم ينْبت عَلَيْهِ خوص وعسيب اسْم جبل قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (إنّى مُقِيمٌ مَا أقامَ عَسِيبُ ... ) الْمَعْنى يُرِيد أَن الدمستق ملك الرّوم أَتَاهُم بخيل أوسع من الأَرْض لِأَن أَرضهم ضَاقَتْ بخيله لكثرتها يصف عَسْكَر الرّوم بِالْكَثْرَةِ ويصف خيله وَالْمُسْتَحب فى الْخَيل مَا ذكر أَن يطول شعر الذَّنب وَيقصر عظمه وَقَالَ السبيب وَلم يقل الأسبة جعل الْوَاحِد فى مَوضِع الْجمع كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ نخرجكم طفْلا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 - الْغَرِيب الغرار الْحَد والغراران حدا السَّيْف وكل شئ لَهُ حد فحده غراره الْمَعْنى يَقُول كنت لَهُم سَيْفا يمْنَع عَنْهُم قائمه فى أَيْديهم وَحده فى أعدائهم إِلَى أَن خالفوك فَصَارَت شفرتاه فيهم قَالَ الواحدى تخبط ابْن جنى وَابْن فورجة فى تَفْسِيره وَلم يعرفاه 12 - الْغَرِيب البدية والحيار مَا آن معروفان الحيار قريب إِلَى الْعِمَارَة والبدية وَاغِلَة فى الْبَريَّة وَبَينهمَا مسير لَيْلَة وَكَانَ الَّذين خالفوه ينزلون على هذَيْن الماءين الْمَعْنى يَقُول هم كَانُوا مَعَك وَكنت تحميهم وتمنعهم من الْأَعْدَاء وَكنت سَيْفا لَهُم فَلَمَّا خالفوك قَتلتهمْ بِالسَّيْفِ الذى كنت تقَاتل عَنْهُم بِهِ فى هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ وفى مَعْنَاهُ (لَهُم صَدْرُ سَيْفى يَوْم بطحاءِ سَحْبَلٍ ... ولى منهُ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ الأناملُ 1) 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم كَانُوا فى التمرد والعصيان حَيْثُ كَانَت كَعْب فخافوا أَن يحل بهم مَا حل بهم من الْقَتْل والسبى وَرفع كَعْب بِالِابْتِدَاءِ وَحذف خَبره للْعلم إِذْ حَيْثُ لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الْجمل 14 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم استقبلوا سيف الدولة بالخضوع والذلة والانقياد وَسَارُوا مَعَه وَذَلِكَ أَن مشيخة بنى كلاب تَلَقَّتْهُ وَقد صَارُوا عَن الحيار لطلب البدية فطرحوا نُفُوسهم عَلَيْهِ لما رَأَوْا حد سَيْفه وخشوا أَن يهربوا فيهلكهم وتقتلهم القفار والعطش كَمَا هَلَكت كَعْب 15 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أقبلها للخيل وَلم يجر لَهَا ذكر وَقَوله وَلَا شيار رفع شيار لتكرار لَا وَمثله قَول الشَّاعِر (لَا أُمَّ لى إِن كَانَ ذَاك وَلَا أبُ ... ) وَقد قرا أَبُو عَمْرو وَابْن كثير {فَلَا رفث وَلَا فسوق} بِالرَّفْع فيهمَا ونصبا جدالا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِنصب الثَّلَاثَة وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر بِرَفْع الثَّلَاثَة فالرفع على أَن لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَمن نصب الثَّلَاثَة لم يلْتَفت إِلَى التّكْرَار وَجعل كل لَفْظَة مبينَة مَعَ لَا على مَذْهَب أهل الْبَصْرَة فقراءة من رفع وَنصب جدالا كَقَوْل أُميَّة 1 (فَلَا لَغْوٌ وَلَا تأثيمَ فِيها ... وَمَا فاهُوا بِهِ أبداُ مُقيمُ) وَقَرَأَ أَبُو رَجَاء العطاردى بِنصب {رفث وفسوق} وَرفع {جِدَال} وَهُوَ مثل قَول أَبى الطّيب ويعضده مَا ذكرنَا من قَول الشَّاعِر (هَذَا وَجَدّكُمُ الصَّغارُ بعَيْنِه ... لَا أُمَّ لى إِن كَانَ ذَاك وَلَا أبُ) الْغَرِيب المروج يُرِيد مروج سلمية وَهُوَ مَوضِع بِالْقربِ من الْفُرَات مَا بَين حلب والفرات وهزال جمع هزيل وشيار حَسَنَة المناظر سمان الْمَعْنى يُرِيد أَنه أقبلهم بِالْخَيْلِ المعلمات الضوامر الَّتِى لم تضمر عَن هزال وَإِنَّمَا هُوَ عَن صَنْعَة وَقيام عَلَيْهَا وَلم تكن حَسَنَة المناظر لِأَنَّهَا مُوَاصلَة للسير والكد قد اغبرت وتشعثت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 - الْغَرِيب المسبطر العجاج الممتد الساطع والشعار الْعَلامَة الَّتِى يَتَعَارَفُونَ بهَا الْمَعْنى يَقُول خيلك تثير على هَذَا الْمَكَان وَهُوَ سلمية بِالتَّخْفِيفِ لِأَن أَسمَاء الْمَوَاضِع الأعجميات تغيرها الْعَرَب عجاجا ممتدا يُنكر الْجَيْش تَحْتَهُ بَعضهم بَعْضًا لَوْلَا الْعَلامَة الَّتِى يَتَعَارَفُونَ بهَا إِذا اختلطوا بِغَيْر جنسهم فلولا الْعَلامَة لما عرف بَعضهم بَعْضًا من العجاج 17 - الْإِعْرَاب عجاجا بدل من قَوْله مسبطرا الْغَرِيب العقبان جمع عِقَاب وهى من الْجَوَارِح الصيادة والوعث من الأَرْض السهل الْكثير الرمل وَهُوَ مَا تغيب القوائم فِيهِ لسهولته والخبار الأَرْض اللينة وَجمع الوعث أوعاث ووعوث الْمَعْنى يُرِيد أَن العقبان الَّتِى مَعَ الْجَيْش تعثر فى الْغُبَار لِكَثْرَة مَا ارْتَفع من الْغُبَار إِلَى الجو كَأَن الطير تعثر فِيهِ لكثافته وكثرته 18 - الْغَرِيب يُقَال خيل وخيلان وَقوم وقومان وخلسا بِمَعْنى اختلاسا الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم لَا يبالون بِالْمَوْتِ فهم يختلسون الطعْن اختلاسا وأسرع إِلَيْهِم الْمَوْت كَأَنَّهُ وجد طَرِيقا مُخْتَصرا إِلَيْهِم أَو كَأَنَّهُمْ وجدوا الْمَوْت شَيْئا مُخْتَصرا متسصغرا عَنْهُم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 - الْغَرِيب لزه إِلَى الشئ أَلْجَأَهُ واضطره وَأَدْنَاهُ مِنْهُ الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لم يكن لَهُم شئ أصلح من الْفِرَار فَلَجَئُوا إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَن طرادك ألجأهم إِلَى قتال شَدِيد لم يَجدوا لَهُم فِيهِ سِلَاحا سوى الْهَرَب فَهَرَبُوا ولجئوا إِلَى الْهَرَب 20 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا ندر رَأس أحدهم فتدحرج يعثر بِرجلِهِ أَو بِرَجُل غَيره وَهَذَا غير الْمَعْهُود أَن يعثر الرَّأْس بِالرجلِ قَالَ الواحدى أحسن من قَوْله أَن يُقَال بأرجلهم عثار لأجل حفظ رُءُوسهم فهم ينهزمون فيسرعون ويعثرون 21 - الْغَرِيب يشلهم أى يطردهم والأقب الضامر الْبَطن اللَّاحِق بالإطل والنهد العالى الْمُرْتَفع الْمَعْنى يَقُول للفارس الِاخْتِيَار إِن شَاءَ لحق وَإِن شَاءَ سبق 22 - الْغَرِيب الْأَصَم الشَّديد الذى لَيْسَ بأجوف يعسل يضطرب والكعبان اللَّذَان فى عَامله وهما يغيبان فى المطعون وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يُرِيد الذى فِيهِ السنان والذى فِيهِ الزج فَإِن الطعْن يَقع بهما وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يُرِيد بالتثنية الْجمع وَهُوَ كثير فى الْكَلَام والممار الجارى الْمَعْنى ويطردهم بِكُل رمح شَدِيد يضطرب جانباه الْأَعْلَى والأسفل فَيخرج من المطعون وَعَلِيهِ الدَّم الجارى 23 - الْغَرِيب الثَّعْلَب الدَّاخِل من الرمْح فى السنان والوجار بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا بَيت الضبع والثعلب من الْوَحْش الْمَعْنى يُرِيد أَن الرمْح الْمَوْصُوف يتْرك من الْتفت إِلَيْهِ ونحره مطعون وَأحسن فى هَذِه التورية والاستعارة بِذكر الوجار والثعلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 - الْإِعْرَاب ارْتَفع جنح الظلام عندنَا بِالِابْتِدَاءِ وَهُوَ قَول الْأَخْفَش وَعِنْدنَا أَيْضا أَنه يرْتَفع بِمَا عَاد إِلَيْهِ من الْفِعْل من غير تَقْدِير فعل وَقَالَ البصريون يرْتَفع بِتَقْدِير فعل وَحجَّتنَا أَن إِن الشّرطِيَّة هى الأَصْل فى بَاب الْجَزَاء فلقوتها جَازَ تَقْدِيم الْمَرْفُوع مَعهَا وَقُلْنَا إِنَّه يرْتَفع بالعائد لِأَن المكنى الْمَرْفُوع مَعهَا فى الْفِعْل هُوَ الِاسْم الأول فينبغى أَن يكون مَرْفُوعا كَقَوْلِهِم جاءنى الظريف زيد وَإِذا كَانَ مَرْفُوعا لم يفْتَقر إِلَى تَقْدِير فعل وَحجَّة الْبَصرِيين أَنه يجوز أَن يفصل بَين حرف الْجَزْم وَبَين الْفِعْل باسم لم يعْمل فِيهِ ذَلِك الْفِعْل وَلَا يجوز أَن يكون الْفِعْل هُنَا عَاملا لِأَنَّهُ لَا يجوز تَقْدِيم مَا يرْتَفع بِالْفِعْلِ عَلَيْهِ فَلَو لم يقدر مَا يرفعهُ لبقى الِاسْم مَرْفُوعا بِلَا رَافع وَذَلِكَ لَا يجوز فَدلَّ على أَن الِاسْم ارْتَفع بِتَقْدِير فعل الْمَعْنى قَوْله (المشرفية وَالنَّهَار) يُرِيد نهارين ضوء السيوف وَالنَّهَار أى إِذا أظلم اللَّيْل دخلُوا فى سوَاده وَسَوَاد الْغُبَار كَأَن هُنَاكَ ليلين فَإِذا انجاب الظلام صَار نهاران 26 - الْغَرِيب الدثر المَال الْكثير والرغاء صَوت الْإِبِل والثؤاج صياح الْغنم وَأنْشد أَبُو زيد فى كتاب الْهَمْز (تَحُضُّ على الصَّبْرِ أحْبارهُم ... وَقد تَأجُوا كَثُؤَاج الغَنَمْ 1) واليعار صَوت الشَّاة الْمَعْنى يَقُول لما هربوا تركُوا خَلفهم الْإِبِل ترغو وَالْغنم تصايح والمعزى تَيْعر فَشبه أَصْوَاتهم بالبكاء 27 - الْغَرِيب الغنثر مَاء هُنَاكَ لما وصل إِلَيْهِ حَاز بِهِ أَمْوَالهم فى رِوَايَة من رَوَاهُ بالغين وَالنُّون وفى رِوَايَة من رَوَاهُ بِالْعينِ الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة وَالْيَاء فَهُوَ الْغُبَار وَقَوله المتالى جمع متلوة وهى النَّاقة الَّتِى يتلوها وَلَدهَا والعشار جمع عشراء وهى الَّتِى قربت وِلَادَتهَا الْمَعْنى يُقَال غطاه وغطاه إِذا ستره روى الواحدى فى تَفْسِيره للديوان تحيرت بِالْحَاء الْمُهْملَة وروى أَبُو الْفَتْح تخيرت يعْنى تخير أَصْحَابه خير الْأَصْنَاف الَّتِى ذكرنَا وَالْمعْنَى أَنه لما وصل إِلَى المَاء حَاز أَمْوَالهم وَاخْتَارَ مِنْهَا مَا أَرَادَ وَذكر المتالى والعشار لِأَنَّهُمَا صنفان من أعز أَمْوَال الْعَرَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 - الْغَرِيب الجباة مَاء هُنَاكَ نزل بِهِ الْمَعْنى يَقُول لما نزل بِهَذَا المَاء لحقهم بِهِ فَاشْتَمَلَ على الجيشين يُرِيد جَيْشه وجيشهم حَتَّى صَارُوا فى إِزَار 29 - الْغَرِيب الصحصحان يُرِيد بِهِ هَا هُنَا صحراء هُنَاكَ وفى غير هَذَا كل أَرض وَاسِعَة فضاء الْمَعْنى يَقُول جَاءُوا إِلَى هَذِه الصَّحرَاء وَقد خففوا عَنْهُم وألقوا أَكثر مَتَاعهمْ لسرعة انهزامهم وطرحوا أَكثر مَا كَانَ مَعَهم وَوضع الْعِمَامَة والخمار مَوضِع الْجمع والعمائم للرِّجَال وَالْخمر للنِّسَاء قَالَ الله تَعَالَى {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} 30 - الْغَرِيب العذارى جمع عذراء وهى الَّتِى لم يقرعها فَحل وأرهقه كلفه الْمَشَقَّة والأصيبية تَصْغِير الصبية وَالصبيان الْمَعْنى يَقُول إنَّهُنَّ كلفن مشقة فى استردافهن للهرب وَكَذَلِكَ الصّبيان الصغار الَّذين لَا يثبتون على الْخُيُول فى الركض فسقطوا فوطئتهم الْخَيل يُقَال أوطأته كَذَا أى جعلته يطؤه قَالَ أَبُو الْفَتْح أوطئوا الْخَيل الصبية لأَنهم لم يقدروا أَن يحملوهم لشدَّة هَرَبهمْ وأردفوا العذارى طلبا للنجاة وحفظا لَهُنَّ 31 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْمَوَاضِع لما وصلوها نزحوها لشدَّة الْعَطش والجهد فَلم يبقوا مِنْهَا شَيْئا وَلذَلِك قَالَ فَلَا غوير وَكلهَا مياه مَعْرُوفَة 32 - الْغَرِيب تدمر مَوضِع بِالشَّام الْمَعْنى يَقُول لم يكن لَهُم مستغاث إِلَّا بِهَذَا الْمَكَان وظنوا أَنهم إِذا بلغوه حصنهمْ من سيف الدولة فغشيهم الْجَيْش وَصَارَ تدمر لَهُم دمارا 33 - الْمَعْنى يَقُول أَرَادوا أَن تدير رُءُوسهم رَأيا بتدمر فَأَتَاهُم سيف الدولة برأى لَا يدار على الْأُمُور لِأَنَّهُ أول بديهة يرى الصَّوَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 - الْإِعْرَاب وجيش عطف على قَوْله برأى الْغَرِيب حَار يحار حيرة إِذا وقف وَلم يدر مَا يفعل الْمَعْنى يَقُول صبحهمْ بِجَيْش كلما أشرف هَؤُلَاءِ المهزومون على أَرض وَاسِعَة حاروا فِيهَا لسعتها وَشدَّة فرقهم لِأَن الدُّنْيَا تضيق على الْخَائِف كَقَوْلِه تَعَالَى {وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ} ثمَّ تتحير الأَرْض لكثرتهم 35 - الْإِعْرَاب لَا قَود لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَمثله قَول الشَّاعِر وَهُوَ بَيت الْكتاب (مَنْ صّدَّ عَن نِيرانِها ... فَإنَّا ابْنُ قَيْسٍ لابراحُ) الْمَعْنى يَقُول يُحِيط هَذَا الْجَيْش بأغر يعْنى سيف الدولة إِذا قتل أعداءه لَا يُقَاد بهم وَلَا يحمل دِيَة وَلَا يعْتَذر إِلَيْهِم من فعله لِأَنَّهُ ملك يقهرهم بقوته وعدده وعدده يصفهم بالقهر وَالْغَلَبَة والعز والمنعة 36 - الْغَرِيب الْجَبَّار الدَّم الذى لَا قَود فِيهِ وَلَا دِيَة الْمَعْنى إِن سيوفه تريق دِمَاء الْأَعْدَاء ودماؤهم هدر بَاطِلَة لَا يطْلب لَهَا قَود وَلَا دِيَة 37 - الْغَرِيب مصال صولة وَقُوَّة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح كَانُوا أسدا قبل ذَلِك فَلَمَّا غضِبت عَلَيْهِم وقصدتهم لم تكن لَهُم صولة على طير لضعفهم وَلم يقدروا على الطيران فأهلكتهم قَالَ الواحدى على هَذَا يكون الْبَيْت من صفة المنهزمين وَقَالَ العروضى هَذَا من صفة خيل سيف الدولة يَقُول كَانُوا أسودا وَلَا عيب عَلَيْهِم أَلا يدركوا هَؤُلَاءِ لِأَن الْأسد القوى لَا يُمكنهُ صيد الطَّائِر لِأَنَّهُ لَا مطار لَهُ وَالْمعْنَى أَنهم أَسْرعُوا إِلَى الْهَرَب إسراع الطَّائِر فى الطيران وَهَذَا كالعذر لَهُم فى التَّخَلُّف عَن لحوقهم لسرعة الْهَرَب وَمَا بعد هَذَا الْبَيْت لَا يدل على هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ قَوْله {إِذا فاتوا} 28 - الْمَعْنى يَقُول إِذا فاتوا رماح سيف الدولة قَامَ الْعَطش مقَام الرماح فى قَتلهمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 - الْمَعْنى يَقُول يرَوْنَ الْمَوْت قدامهم وَهُوَ الْعَطش وخلفهم الرماح فيختارون أحد الْميتَتَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ اخْتِيَار فى الْحَقِيقَة لِأَن الْمَوْت لَا يخْتَار فاختيارهم اضطرار فى الْحَقِيقَة 40 - الْمَعْنى يَقُول إِذا سَار أحد فى أَرض السماوة وَلم يعرف طريقها لم يضل لِأَن جثث قتلاهم تقوم لَهُ مقَام الْمنَار وَهُوَ الذى ينصب فى الطَّرِيق ليهتدى بِهِ وَهُوَ من قَول ثَابت 1 (هَدانا اللهُ بالقتلَى تراهم ... مُصَلبَّةً بأفْوَاه الشِّعابِ) 41 - الْمَعْنى يَقُول لَو لم تعف عَنْهُم أى عَمَّن بقوا لهلكوا والباقى يعْتَبر بالمقتول فَلَا يعْصى أَمرك أبدا 42 - الْغَرِيب أرعى فلَان على فلَان إِذا كف عَنهُ ورق لَهُ الْمَعْنى يَقُول أَنْت سيدهم فَإِذا لم تبْق عَلَيْهِم وترحمهم فَمن لَهُم يرحمهم وَالْمولى إِذا لم يرحم عَبده لَا يرحمه غَيره 43 - الْغَرِيب السجايا الْأَخْلَاق والطباع والنجار الأَصْل الْمَعْنى يَقُول هم يشركُونَ سيف الدولة فى نزار لأَنهم كلهم من نزار لَكِن يخالفونه فى كرمه وخلائقه وعلو قدره عَلَيْهِم 44 - الْغَرِيب أرك وَعرض موضعان قريبان إِلَى الْفُرَات والرقتين مَوضِع على الْفُرَات الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح خيله قريب من الرقتين حَتَّى لَو هَمت بزيارتها لما بعد ذَلِك عَلَيْهَا وَقَالَ الواحدى الصَّحِيح أَنه عدل بِالْخَيْلِ على هَذِه الْمَوْضِعَيْنِ على تباعدهما عَن قَصده وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى الرقتين وَقصد الْخَيل إِلَى الرقتين ويعنى بِهَذَا طلبه لبنى كَعْب فى كل مَكَان 45 - الْغَرِيب الزئير للأسد والزأر أَيْضا والخوار للثيران وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَأخْرج لَهُم عجلا جسدا لَهُ خوار} بِالْخَاءِ فى الْمَشْهُور وَقُرِئَ فى الشاذ بِالْجِيم وروى الخوارزمى فى الْبَيْت بِالْجِيم الْمَعْنى يَقُول كَانُوا كالأسد لَهُم زئير وصولة فَلَمَّا هربوا صَارُوا كالثيران لَهُم خوار لذلتهم وفزعهم فتبدلت تِلْكَ الشجَاعَة والعزة بالذل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 - الْغَرِيب الحزق الْجَمَاعَات واحده حزقة الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم ظنُّوا أَنه قصدهم فَهَرَبُوا من بَين يَدَيْهِ خوفًا وفرقا فَتَفَرَّقُوا جماعات على الخابور وَهُوَ من أَعمال الرقة وحران بِالْقربِ من الْفُرَات فَكَانَ الْقَصْد لغَيرهم فَهَرَبُوا هم فهم فى خمار أى فى سكر من شرب غَيرهم يُرِيد أَن الذَّنب لغَيرهم فسكروا هم خوفًا 47 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم للخوف لم يسرحوا نعمهم نَهَارا ولفزعهم بِاللَّيْلِ لم يوقدوا نَارا ليستدل 1 بهَا عَلَيْهِم 48 - الْمَعْنى يَقُول هم يحذرون فَتى يحذرهُ كل أحد فَإِذا لم يرض عَنْهُم لم يَنْفَعهُمْ حذرهم فَهُوَ يدركهم وَلَو كَانُوا فى تخوم الأراضى أَو فى الجو لِكَثْرَة عدده وعدده 49 - الْغَرِيب الْوُفُود جمع وَفد وَهُوَ جمع وَافد مثل صَاحب وَصَحب وَجمع الْوَفْد أوفاد ووفود وَالِاسْم الْوِفَادَة ووفد فلَان على الْأَمِير وأوفدته أَرْسلتهُ والوافد القادم على أَمِير أَو غَيره ليطلب مِنْهُ شَيْئا الْمَعْنى يَقُول وفدوا عَلَيْهِ لم يطلبوا مِنْهُ شَيْئا سوى الْعَفو عَنْهُم 50 - الْمَعْنى يُرِيد خَلفهم أى استبقاهم برد سيوفه عَنْهُم وَجعل رُءُوسهم مَعَهم عَارِية مَتى شَاءَ أَخذهَا // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام // 51 - الْغَرِيب أَذمّ صيرهم فى ذمامه والعرق الأَصْل والنضار الْخَالِص من كل شئ الْمَعْنى يَقُول عقد الذِّمَّة لَهُم وصيرهم فى ذمامه كرم أَصله وَصِحَّة حَسبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد أَقَامَ بِهَذَا الْمَكَان مُسْتَقرًّا ونائله لَا يسْتَقرّ 53 - الْمَعْنى يَقُول ذكره قد مَلأ الْآفَاق حَتَّى إِن الشّرْب يغنون بِمَا مدح بِهِ من الْأَشْعَار وَالْعَقار من أَسمَاء الْخمر لِأَنَّهَا عاقرت الدن أى لَزِمته وَأَصله من عقر الْحَوْض وَقيل لِأَنَّهَا عاقرت الْعقل وَقيل شبهت بالعقار وَهُوَ نبت أَحْمَر قَالَ طفيل (عُقارٌ تظلّ الطَّير تخطَفُ زَهْوه ... وعالين أعْلاقا على كُلّ مُفْأَمِ) 54 - الْغَرِيب الشفار جمع شفرة وهى حد السَّيْف والقبائل جمع قَبيلَة وهى الْجَمَاعَة من بطُون الْعَرَب الْمَعْنى يُرِيد أَنه لعزته تخضع لَهُ الْعَرَب غَايَة الخضوع وَتَحْمَدهُ السيوف والرماح لحسن اسْتِعْمَاله لَهَا وَيجوز أَصْحَاب الأسنة وَالسُّيُوف لأَنهم يقتلُون بهما الْكفَّار 55 - الْمَعْنى يَقُول لإجلالنا لَهُ ولعظمه عندنَا لَا نملأ أبصارنا مِنْهُ كَقَوْل الفرزدق (يُغْضِى حَياءً ويُغْضَى مِنْ مَهابته ... فَلَا يُكَلَّمُ إِلَّا حينَ يبْتَسِمُ) وَبَيت أَبى الطّيب أحسن بقوله شُعَاع الشَّمْس إِلَّا أَن بَيت الفرزدق جَامع ذكر حيائه وَذكر أَنه من إجلاله وهيبته لَا يكلم إِلَّا إِذا ابتسم وَلم يقل إِذا ضحك لِأَن الضحك مَذْمُوم والتبسم من أَفعَال النبى وَبَين الْبَيْتَيْنِ كَمَا بَين العليين الممدوحين وَهَذَا من قَول الآخر (إنَّ العُيونَ إِذا رأتْكَ حَدادُها ... رَجعتْ مِنْ الإجلال غير حِدَادِ) 56 - الْغَرِيب الْحرار العطاش وَقيل هُوَ جمع حران وَالْأُنْثَى حرى مثل عطشى والحران العطشان الأسل الرماح الْمَعْنى يَقُول قد تفرغ من قتال هَؤُلَاءِ فَمن أَرَادَ مطاعنة فَهَذَا على مَعَه خيل الله والرماح العطاش لِأَنَّهَا لَا تروى من الدَّم 57 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ أبدا يقطع المفاوز فَكل يَوْم هُوَ بِأَرْض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح قلت لَهُ عِنْد قراءتى عَلَيْهِ كسر اللَّام من الِانْتِظَار جيد لسكونها وَسُكُون النُّون وَقَالَ على بن حَمْزَة سَأَلت أَبَا الطّيب عَن فتح اللَّام فَقَالَ اجْتمع ساكنان فحركت اللَّام بحركة مَا قبلهَا وهى اللَّام من لَا الْغَرِيب المفاوز جمع مفازة وهى الفلاة الْمهْلكَة وَإِنَّمَا سميت مفازة تفاؤلا الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا ينزله المفاوز طلب أعدائه لَا انْتِظَار من يلْحقهُ ويخافه وَذَلِكَ أَن الْخَائِف ينزل المفاوز خوفًا مِمَّن يلْحقهُ وَهَذَا ينزلها طلبا لمن يهرب مِنْهُ إِلَيْهَا 59 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن بعض خيله يسر إِلَى بعض شكوى تعبها لما يكلفها من ملاقاة الحروب وَقَالَ يجوز أَن تكون خيله مؤدبة فتصهل سرا هَيْبَة لَهُ قَالَ ابْن فورجة لفظ الْبَيْت لَا يساعده على أحد الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فى الْبَيْت ذكر التشاكى وَلَا المسارة فى الصهيل وَلَكِن الْمَعْنى أَنَّهَا تتصاهل من غير سرار وَلَيْسَ السرَار من عَادَة الْخَيل يُرِيد أَن سيف الدولة لَا يباغت عدوه وَلَا يكتم قصد الْعَدو لاقتداره وتمكنه والذى يطْلب المباغتة يضْرب فرسه على الصهيل كَمَا قَالَ الشَّاعِر (إِذا الخيْلُ صاَحتْ صِياحَ النُّسُورِ ... جَزَرْنا شَرَاسِيفَها بالحِدَم 1) وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا أَرَادَ أَن خيله إِذا سَارَتْ أخْفى صيلها صَوت الْحَدِيد فَكَأَنَّمَا هى فى سرار وَأَخذه من قَول عنترة (وازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الْقَنا بِلبَانِهِ ... وَشَكا إلىَّ بعَبْرَةٍ وَتحَمْحُمِ 2) 60 - الْإِعْرَاب بَنو كَعْب ابْتِدَاء وَخَبره يَد وَمَا أثرت مَعْطُوف على المبتدإ ومعتاه وتأثيرك فَهُوَ مصدر الْغَرِيب السوار مَا يكون فى الزند من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَجمعه سور وسور بِسُكُون الْوَاو وَضمّهَا وأساور وأسورة وَقَرَأَ حَفْص عَن عَاصِم {فلولا ألقِي عَلَيْهِ أسورة من ذهب} وَجمع الْجمع أساورة وَقيل هُوَ جمع إسوار وأسوار بِضَم الْهمزَة وَكسرهَا الْمَعْنى يَقُول بَنو كَعْب تشرفوا بك فتأثيرك فيهم بِالْقَتْلِ والغارة كَمَا يدمى السوار الْيَد وَهُوَ جمال لَهَا وَهَذَا مثل ضربه لَهُ فهم قد تشرفوا بسراياك إِلَيْهِم وَإِن كنت قد أهلكتهم كَالْيَدِ إِذا أدماها السوار فقد أوجعها وَهُوَ جمال لَهَا وَقد فسره بقوله (بهَا ... ... ) الْبَيْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْيَد تفتخر بالسوار وَإِن كَانَ يؤلمها كَذَلِك بَنو كَعْب يفتخرون بك وَإِن كنت قد أثرت فيهم لِأَنَّك زين لَهُم 62 - الْمَعْنى يَقُول لَهُم عَلَيْك حرمتان حُرْمَة النّسَب وَحُرْمَة الْجوَار فينبغى أَن تعطف عَلَيْهِم فهم أنسابك وجوارك أَنْت وهم من نزار 63 - الْإِعْرَاب ذهب أَصْحَابنَا الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن لَام لَعَلَّ الأولى أَصْلِيَّة وَقَالَ البصريون بل هى زَائِدَة حجتنا أَنَّهَا حرف والحروف فى الْحُرُوف كلهَا أَصْلِيَّة لِأَن حُرُوف الزِّيَادَة الْعشْرَة الَّتِى يجمعها (هويت السمان ... ) إِنَّمَا تخْتَص بالأسماء وَالْأَفْعَال فَأَما الْأَفْعَال فتزاد فِيهَا وَكَذَا الْأَسْمَاء وَأما الْحَرْف فَلَا يدْخلهُ شئ من هَذِه الْحُرُوف على سَبِيل الزِّيَادَة فَدلَّ على أَن اللَّام أَصْلِيَّة وَيدل على أَنَّهَا أَصْلِيَّة أَن اللَّام لَا تكَاد تزاد فِيمَا يجوز فِيهِ الزِّيَادَة إِلَّا شاذا فَإِذا كَانَت اللَّام لَا تزاد على طَرِيق الشذوذ فَكيف يحكم بزيادتها فِيمَا لَا تجوز فِيهِ الزِّيَادَة وَحجَّة الْبَصرِيين أَنهم قَالُوا وجدناها مستعملة فى كَلَامهم وأشعارهم بِغَيْر لَام وَقَالَ نَافِع الطائى (ولَسْتُ بلَوَّامٍ على الأمْرِ بعْدَما ... يفوتُ ولكنْ عَلَّ أنْ أتَقَدَّما) وَقَالَ العجير السلولى (لَكَ الخَيرُ عَلِّيْنا بهَا عَلَّ سَاعَة ... تَمُرُّ وسَعْواءً مِن اللَّيلِ تَذْهَبُ) الْغَرِيب الْقرح الَّتِى قد اسْتَوَت وَصَارَ لَهَا خمس سِنِين والمهار جمع مهر وَهُوَ الصَّغِير من الْخَيل الْمَعْنى يَقُول أَوْلَادهم يكونُونَ أجنادا لأولادك يستعطفه عَلَيْهِم فَضرب المهار والقرح مثلا لَهُ 64 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت أبر القادرين يُرِيد أَنْت أبر الَّذين إِذا غضبوا أهلكوا وَإِذا كَانَ أبرهم لم يهْلك وَأَنت أعفى من يُعَاقب بِالْهَلَاكِ 65 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت أقدر من يحركه الِانْتِصَار أى إِذا حركك الانتقام من عَدوك قدرت على مَا تطلب فَأَنت أقدر المنتصرين وَأَنت أحلم من يحملهُ اقتدار على عدوه فيصفح وَيَعْفُو وَإِذا كَانَ الأحلم كَانَ الأعفى والأصفح عَن الْعَدو إِذا اقتدر عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 - الْغَرِيب العبدان 1 جمع عبد والأرباب جمع رب وَهُوَ الْملك الْمَعْنى يَقُول هم عبيدك وَلَيْسَ فى سطواتك عَلَيْهِم عيب وَلَا فى ذلتهم لَك وخضوعهم عَار وَهَذَا كَقَوْل النَّابِغَة (وعَيَّرَتْنِى بَنو ذُبيانَ رَهْبَتَهُ 2 ... وَهَلْ علىَّ بأنْ أخشاكَ مِن عارِ) وكقول الآخر (وإنَّ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَفِعْلَهُ ... لكالدَّهر لَا عارٌ بِمَا فعلَ الدَّهْرُ 3) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 - 1 - الْإِعْرَاب بَقِيَّة قوم خبر ابْتِدَاء أى نَحن بَقِيَّة قوم الْغَرِيب الْبَوَار الْهَلَاك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار} والأنضاء جمع نضو وَهُوَ المهزول من النَّاس وَغَيرهم وَالشرب جمع شَارِب وَالْعَقار الْخمر الْمَعْنى يَقُول نَحن بَقِيَّة قوم علمُوا بِالْهَلَاكِ فَأعْلم بَعضهم بَعْضًا بِأَنَّهُ مالكون وَنحن مهازيل لَا حراك بِنَا من الْجهد والتعب كأننا سكارى 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الرِّيَاح تحكمت فِينَا بِهَذَا الْمَكَان حَتَّى سترتنا بالحصى وَالْغُبَار 3 - الْمَعْنى يَقُول شدا رحالكما على الْإِبِل وارحلا عَن هَذَا الْمَكَان قبل هجوم اللَّيْل وَعَلَيْهَا كِنَايَة عَن الْإِبِل وَلم يجر لَهَا ذكر وَحذف الْمَفْعُول يُرِيد شدا عَلَيْهَا الرّحال 4 - الْمَعْنى يَقُول لَا تنكرا عصف الرِّيَاح وشدتها فَإِنَّهَا طَعَام من بَات ضيف سوار وَهُوَ الذى هجاه بِهَذَا الْبَيْت لأَنهم نزلُوا عِنْد دَاره فى مَسْجِد وَلم يقرهم وَلم يلْتَفت إِلَيْهِم وروى قوم عِنْد سوارى يُرِيد سوارى الْمَسْجِد وهى أساطينه وَهَذَا لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَن هبوب الرِّيَاح لَا يخْتَص بالأساطين وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن الرّيح اضطرتنا إِلَى النُّزُول عِنْد هَذَا الرجل وَلم يكن مِمَّن ينزل عِنْده 102 - 1 - الْمَعْنى يَقُول إِ ذَا لم تَجِد القناعة والكفاية فاطلب مَا يقطع الْعُمر وَهُوَ قتل الْأَعْدَاء وَطلب الْملك والرياسة 2 - الْمَعْنى يَقُول هما خصلتان إِمَّا الْغنى أَو الْمَوْت فانهض إِمَّا لتكسب المَال وَإِمَّا لتقتل الحديث: 101 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 - 1 - الْغَرِيب حاشاه توقاه وتجنبه والضمائر جمع ضمير وَهُوَ مَا يضمره الْإِنْسَان ويخفيه وغيض الدمع نَقصه وحبسه وانهلت انصبت بوادره وهى سوابقه الْمَعْنى يَقُول لما نظر إِلَى محبوبه فتوقى رقيبه وَأَرَادَ أَن يحبس دمعه خانته الضمائر والدمع أى ظَهرت للرقيب من غير قصد وَإِرَادَة وَلم يقدر لشدَّة الْحبّ أَن يحبس دمعه 2 - الْمَعْنى أَنه يعْتَذر لما فى الْبَيْت الأول يَقُول الْمُحب إِذا رأى الحبيب لَا سِيمَا عِنْد الْفِرَاق لَا يقدر على إخفاء الوجد وَإِنَّمَا هُوَ مفتضح بالدمع وستره منتهك لِأَنَّهُ يجزع ويبكى فيستدل عَلَيْهِ بالبكاء والجزع 3 - الْإِعْرَاب ضباء عدى مَرْفُوعَة عندنَا بلولا وَعند الْبَصرِيين بِالِابْتِدَاءِ وَحجَّتنَا أَنَّهَا ترفع الِاسْم لِأَنَّهَا نائبة عَن الْفِعْل الذى لَو ظهر لرفع الِاسْم لِأَنَّك تَقول لَوْلَا زيد لجئت أى لَو لم يمنعنى زيد إِلَّا أَنهم حذفوا الْفِعْل تَخْفِيفًا وَزَادُوا لَا على لَو فصارا بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد كَقَوْلِهِم أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك تَقْدِيره أَن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك قَالَ الشَّاعِر (أَبَا خُرَاشَةَ أمَّا أنتَ ذَا نفرٍ ... فإنَّ قَوْمِى لم تأكلْهُمُ الضَّبُعُ 2) تَقْدِيره أَن كنت فَحذف الْفِعْل وَزَاد مَا عوضا عَن الْفِعْل كَمَا كَانَت الْألف فى اليمانى عوضا عَن إِحْدَى ياءى النّسَب والذى يدل على أَنَّهَا عوض عَن الْفِعْل أَنه لَا يجوز ذكر الْفِعْل مَعهَا لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض وَحجَّة الْبَصرِيين على أَنه يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ دون لَوْلَا أَن الْحَرْف لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ مُخْتَصًّا وَلَوْلَا غير مُخْتَصَّة بِالِاسْمِ فقد قَالَ الشَّاعِر (لِلهِ دَرُّكَ إنّى قَدْ رَمَيْتُهُمُ ... لوْلا حُدِدْتُ وَلَا عْذْرَى لمحدود) الْغَرِيب الربرب القطيع من بقر الْوَحْش والجآذر جمع جؤذر وَهُوَ ولد الْبَقَرَة الوحشية الْمَعْنى يُرِيد لَوْلَا هَذِه الظباء كنى عَن النِّسَاء بالظباء وَكَذَلِكَ عَادَة الْعَرَب وعدى قَبيلَة وَالنّسب إِلَيْهِم عدوى وهم من قُرَيْش يُرِيد هَؤُلَاءِ النِّسَاء العدويات اللاتى هن كالظباء فى عيونهن وأجيادهن لم أشق بهم أى أحمل الذل مِنْهُم وَلَا شقيت بالربرب لَوْلَا الصغار يُرِيد لَوْلَا الشواب المليحات لم أشق بالكبار فى مضايقتهن الحديث: 103 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 - الْإِعْرَاب من كل يتَعَلَّق بِمَحْذُوف تَقْدِيره لَوْلَا جآذره كائنة من كل وَيجوز بلائى من كل أحور وخمر قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ بدل من شنب كَأَنَّهُ قَالَ فى أنيابه خمر قد خالطت الْمسك وَهَذَا قَول كل من فسر الدِّيوَان إِلَّا الواحدى فَإِنَّهُ قَالَ يبعد إِبْدَال الْخمر من الشنب لِأَنَّهُ لَيْسَ معنى الْخمر بل خمر رفع بِالِابْتِدَاءِ ومخامرها ابتد ثَان ومسك خَبره وهما فِي مَحل الرّفْع بالْخبر عَن خمر وَالضَّمِير فِي تخامره للشنب يُرِيد أَن خمرًا قد خامرها الْمسك تخامر ذَلِك الشنب وعَلى رِوَايَة من روى يخامرها هَذِه الْجُمْلَة صفة للنكرة الَّتِى هى خمر وَخَبره تخامره الْغَرِيب الأحور شَدِيد بَيَاض الْعين والشنب صفاء الْأَسْنَان ورقة مَائِهَا وَقَالَ الأصمعى الشنب برد الْفَم والأسنان وعذوبة فى الْفَم وَأنكر قَول من قَالَ هُوَ حِدة الْأَسْنَان وَأنْشد لذى الرمة (لَمْياَءُ فى شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ ... وفى اللِّثاتِ وفى أنْيابِها شَنَبْ) يُرِيد أَن اللثة لَا تكون فِيهَا حِدة الْمَعْنى يَقُول قَتْلَى من كل أحور فى أنيابه خمر يخالطها مسك وعذوبة فى رِيقه وَبرد فى أَسْنَانه 5 - الْإِعْرَاب من رفع نعجا وَمَا بعْدهَا كَانَت خبر الِابْتِدَاء تقدّمت عَلَيْهِ وَمن خفضها جعلهَا صفة لأحور وَرفع بهَا المحاجر وَمَا بعْدهَا الْغَرِيب نعج جمع أنعج والنعج هُوَ الْبيَاض والدعج السوَاد وَرجل أدعج وَامْرَأَة دعجاء والغفائر جمع غفارة وهى خرقَة تكون على الرَّأْس تقى بهَا الْمَرْأَة الْخمار من الدّهن وَقد يكون اسْما للخمار وَجعلهَا حمرا لِكَثْرَة اسْتِعْمَال الطّيب والمحاجر جمع محجر وَهُوَ مَا حول الْعين والغدائر جمع غديرة وهى الذؤابة من الشّعْر الْمَعْنى يَقُول هن بيض المحاجر لبياض ألوانهن سود الْأَعْين حمر المقانع لِكَثْرَة طيبهن بالمسك والزعفران سود الذوائب وَقد أحسن فى التَّقْسِيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 - الْمَعْنى يُرِيد بسقم الْعين الفتور وَهُوَ من الْوَصْف الْحسن قَالَ ابْن المعتز (ضعيفَةٌ أجْفانُهُ ... والقلبُ مِنْهُ حَجَرُ ... ) (كأنَما ألحاظُهُ ... من فِعله تَعْتَذِرُ ... ) وكقول الآخر (وأسقَمنى حَتَّى كأنى جُفُونُهُ ... وأثُقَلَنِى حَتَّى كأنى رَوَادِ فِهُ) وكقول مَنْصُور بن الْفرج (حَلَّ فى جسمّى مَا كَا ... نَ بعَيْنَيكَ مُقِيما) وَمثله للبحترى (وكأنّ فى جسمى الذى ... فى ناظِرَيك مِنَ السَّقَمْ) وَقَالَ السرى الموصلى (ونواظرٍ نظر المحبّ فُتورَها ... لما استقلَّ الحَىُّ فى أَعْضَائِهِ) وَقَوله {وَمَا تحوى من مآزره} جمع إِزَار وَيُرِيد الكفل وَذكر الكفل فى الشّعْر وَغَيره لَيْسَ بجيد وَإِن كَانَ قد ذكره قوم من الْعَرَب 7 - الْغَرِيب المضافرة المعاونة الْمَعْنى من قَوْلهم قلب العاشق عَلَيْهِ مَعَ حَبِيبه يُرِيد أَن قلبه يُعينهُ على قَتله حَتَّى لَا يسلو مَعَ مَا يرى من كَثْرَة الْجفَاء وَهَذَا من قَول خَالِد الْكَاتِب (وكنتُ غِرّا بِمَا تجنى علىّ يدىِ ... لَا عِلْمَ لى أنَّ بعضى بعض أعدائى) وَقَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف (كيفَ احْتِراسى من عدوّى إِذا ... كَانَ عدُوّى بينَ أضْلاعى) 8 - الْمَعْنى يَقُول لما عَادَتْ دولة هَذَا الممدوح وَذَلِكَ أَنه كَانَ عزل عَن عمل ثمَّ عَاد إِلَى عمله سلوت حبك ونمت اللَّيْل بعد مَا كنت أسهره وَهَذَا نقص لِأَن الْمُحب الصَّادِق لَا يَنْفَكّ عَن المحبوب وَلَا يسلوه أحسن إِلَيْهِ أم أَسَاءَ وَلَقَد أحسن البحترى بقوله (أُحِبُّ على أيِّما حالَةٍ ... إساءَةَ لَيْلَى وإحْسانَها) والمحب الصَّادِق كلما عنت لَهُ خطرة من السلو رده الْحبّ الصَّادِق عَمَّا كَانَ عزم وَلَقَد أحسن البحترى أَيْضا بقوله (أحْنُو علَيك وفى فُؤَادى لَوْعَةٌ ... وأصدّ عَنْك ووجهُ وُدّى مُقبلُ) (وَإِذا طلَبتُ وصالَ غيرِكَ رَدَّنى ... وَلَهٌ إلَيكِ وشافعٌ لكِ أوّلُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 - الْمَعْنى يَقُول من بعد مَا كنت أقاسى من الْهم والحزن مَا يسهرنى فَيطول على اللَّيْل حَتَّى كَأَن ليلى مُتَّصِل بِيَوْم الْحَشْر // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام // وَهُوَ من قَول خَالِد الْكَاتِب (رقدتَ وَلم تَرْثِ للسَّاهر ... ولَيْلُ المحِبّ بِلَا آخِرِ) وَقَالَ الآخر (كأنّ ليلِى كلُّه أوَّلٌ ... فِيهَا فَلَا يُقْضَى لَهُ آخِرُ) 10 - الْمَعْنى أَن هَذَا الممدوح لما غَابَ بعزله عَن الْبَلَد كَادَت المنابر تبكى شوقا وطربا إِلَى ذكر اسْمه وَهَذَا من قَول الآخر (بكَتِ المنابرُ يومَ ماتَ وَإِنَّمَا ... أبكى المنابرَ فَقدُ فارِسِهُنَّهْ) وَمن قَول أَشْجَع السلمى (فمَا وَجهُ يحيى وَحْدَهُ غابَ عنهُمُ ... ولكنَّ يحيى غابَ بالخَير أجمَعا) 11 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أَرْبَعَة للبلد وَكَذَا فى مقابره الْغَرِيب الأسى الْحزن والأربع جمع ربع والوحشة مَا يجده الْإِنْسَان من الْحزن عِنْد وحدته الْمَعْنى يَقُول قد أحزنت غيبته الْأَحْيَاء حَتَّى أحست بذلك دُورهمْ والموتى حزنوا حَتَّى خبرت عَنْهُم الْمَقَابِر فالأحياء والأموات محزنون عَلَيْهِ 12 - الْغَرِيب الإهلال رفع الصَّوْت وَمِنْه الإهلال بِالتَّلْبِيَةِ والقباب الَّتِى تتَّخذ للزِّينَة الْمَعْنى يُرِيد أَن أهل البدو والحضر رفعوا أَصْوَاتهم سُرُورًا بقدومه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى جددت لعودة الدولة الْمَعْنى يَقُول قد جددت دولته فَرحا لَا يغلبه الْغم وَلَا تجاوره شدَّة الشوق بعد هَذَا الْفَرح فى كل قلب يُرِيد لَا يسكنهُ الْعِشْق 14 - الْغَرِيب حمص بلد بِالشَّام بَينه وَبَين دمشق ثَلَاثَة أَيَّام والوسمى أول مطر الخريف وَهُوَ الذى يسم فى الأَرْض وباكره أَوله وَمِنْه باكورة الثِّمَار الْمَعْنى يَقُول إِذا غبت عَن حمص لَا خلت أبدا دُعَاء لَهَا فَلَا أنبتت وَلَا سَقَاهَا أول الْغَيْث الوسمى قَالَ أَبُو الْفَتْح (لَا خلت أبدا ... ) هُوَ // اعْتِرَاض حسن // لما فِيهِ من تسديد الْكَلَام 15 - الْمَعْنى يَقُول لما دخلت حمص دَخَلتهَا فى وَقت إشراق الشَّمْس وشعاعها يتوقد وَهُوَ ضياؤها لَكِن نور وَجهك قد غلب ضوء الشَّمْس 16 - الْغَرِيب الفيلق الْعَسْكَر وَجعله من حَدِيد لِكَثْرَة مَا لبس فِيهِ من الْحَدِيد فَلَو حَارَبت بِهَذَا الْعَسْكَر صرف الزَّمَان وهى صروفه وحركاته الَّتِى تأتى على النَّاس حَالا بعد حَال لما دارت على النَّاس دوائره 17 - الْغَرِيب الطَّائِر الفأل وَالْعرب تتفاءل فى الْخَيْر وَالشَّر بِمَا طَار الْمَعْنى يَقُول الْعُيُون ذَاهِبَة فى نظرها قد شخصت إِلَى الْملك المسعود جده لَا تنظر إِلَى غَيره 18 - الْغَرِيب أظافره أَرَادَ أظافيره فَاكْتفى بالكسرة من الْيَاء وَهُوَ جمع أظفور وأظفار الْمَعْنى يَقُول قد حارت الْأَبْصَار فى هَذَا الْبشر الممدوح وَجعله أسدا فى درعه لشجاعته وأظفاره تتلطخ بِالدَّمِ لافتراسه الْأَعْدَاء واستعار لَهُ الْأَظْفَار الدامية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 - الْغَرِيب الْخَلَائق جمع خَلِيقَة وهى الْخلق وشوس جمع أشوس وَهُوَ الذى ينظر نظر المتكبر والحقيقة مَا يحِق على الرجل حفظه من الْأَهْل وَالْجَار وَفُلَان حامى الْحَقِيقَة الْمَعْنى يَقُول أخلاقه حلوة وحقائقه محمية مَمْنُوعَة لَا يقدر أَن ينالها أحد فهى منيعة امْتنَاع المتكبر ومآثره أى أَفعاله الحميدة كَثِيرَة حَتَّى إِنَّهَا لَا تحصى كَثْرَة 20 - الْمَعْنى يَقُول صَدره وَاسع كَأَنَّهُ لسعته فَوق سَعَة الدُّنْيَا وَالْكِنَايَة فى عساكره للممدوح وَهَذَا من قَول أَبى تَمام (وَرُحْبَ صَدْر لَو أنّ الأرضَ واسعةٌ ... كَوُسْعِهِ لم يَضِق عَن أهلهِ بَلَدُ) 21 - الْغَرِيب التغلغل الدُّخُول فى الشئ الْمَعْنى أدنى مجده يسْتَغْرق الْفِكر والخواطر إِن أَرَادَ أَن يصفه 22 - الْغَرِيب حمى الشئ يحمى حميا فَهُوَ حام وحم إِذا اشْتَدَّ حره والعشائر جمع الْعَشِيرَة وهم الْأَهْل والأقارب الْمَعْنى يُرِيد إِذْ حَارب الْأَعْدَاء وَاشْتَدَّ غَضَبه غضِبت سيوفه عَلَيْهِم مَعَه حَتَّى كَأَنَّهَا أَقَاربه الَّذين يغضبون لغضبه وَهُوَ من قَول حبيب (كَأَنَّهَا وَهْىَ فى الأوْداجِ وَالِغَةٌ ... وفى الكُلى تجدُ الغيظَ الذى تَجدُ) وَقَول البحترى (ومُصْلَتاتٍ كأنَّ حِقْداً ... بهاَ على الهَامِ والرّقابِ) 23 - الْمَعْنى يَقُول إِذا جردها من الأغماد يَوْم الْحَرْب تقطع الْأَعْدَاء إربا إربا حَتَّى تبدو بواطن أَجْسَادهم كَمَا تبدو ظواهرها 24 - الْمَعْنى يَقُول علمت سيوفه أَن الْحق فى يَده ووثقت بنصر الله تَعَالَى لَهُ لِكَثْرَة مَا شاهدت ذَلِك مَعَه وَالْمعْنَى لَو أَنَّهَا مِمَّن يعلم لعَلِمت وَهَذَا من قَول النَّابِغَة (جَوانحَ قد أيْقَنَّ أنَّ قبيلَهُ ... إِذا مَا التقى الْجَمْعَانِ أول غَالب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 - الْغَرِيب بَنو عَوْف وثعلبة قبيلتان من الْعَرَب والمغافر جمع مغفر وَهُوَ الذى يلبس على الرَّأْس وسمى مغفرا لِأَنَّهُ يستر الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول سيوفه تركت هَؤُلَاءِ القبيلتين رُءُوسًا بِلَا أبدان يُرِيد أَنه لما قَتلهمْ جَاءُوا برءوسهم وَعَلَيْهَا المغافر وَقد فرقوا بَينهَا وَبَين الْأَجْسَام والهام جمع هَامة وهى أَعلَى الرَّأْس الْإِعْرَاب الْكِنَايَة فى مغافرة عَائِدَة إِلَى الْهَام ومغافرة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره على رُءُوس وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بتركن 26 - الْغَرِيب زخر الْبَحْر يزخر زخورا إِذا طمى موجه وَعلا وبحر الْمَوْت الْحَرْب والمعركة الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد ببحر الْمَوْت المعركة الممتلئة بِالدَّمِ أى خَاضَ ذَلِك الْبَحْر خلف هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنه لم يعرف وَلم يبلغ مَاؤُهُ فَوق كَعبه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح ركب مَعَهم أمرا عَظِيما عَلَيْهِم صَغِيرا عَلَيْهِ وبحر الْمَوْت مثل الْأَمر الْعَظِيم فَهُوَ صَغِير عِنْده كَبِير عِنْدهم 27 - الْمَعْنى يَقُول إِذا بلغ الْفرس نِهَايَة الجرى من كَثْرَة الْقَتْلَى لم تقع حوافرة على الأَرْض وَإِنَّمَا يطَأ الأجساد لَا الأَرْض لِأَن الْقَتْلَى قد صَارُوا كالفرش على الأَرْض 28 - الْغَرِيب الأسنة الرماح والولوغ شرب السبَاع بألسنتها ولغَ الْكَلْب يلغ ولغا وولوغا وَمِنْه الحَدِيث " إِذا ولغَ الْكَلْب فى إِنَاء أحدكُم " والبواتر السيوف القواطع الْمَعْنى يَقُول كم من دم قد رويت الأسنة مِنْهُ وَكم من مهجة والمهجة دم الْقلب قد ولغت فِيهَا سيوفه 29 - الْغَرِيب الحائن الْهَالِك والنسر الطَّائِر من الْجَوَارِح وَهُوَ عَظِيم الْخلقَة الْمَعْنى يَقُول كم من هَالك قد هجرته الْحَيَاة وزاره هَذَا الطَّائِر ليَأْكُل لَحْمه ولعبت الرماح بِهِ أى تمكنت مِنْهُ وقدرت عَلَيْهِ 30 - الْمَعْنى يَقُول الذى لَا يجعلك خير النَّاس جَاهِل بك وبقدرك وجهله عاذره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 - الْغَرِيب خاطر من الْخطر الذى يكون بَين المتراهنين يُقَال خاطرته على كَذَا أى راهنته عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يكون فى السباق وفى رمى النبل الْمَعْنى يَقُول إِذا شكّ إِنْسَان فى أَنَّك فَرد لَا نَظِير لَك فى زَمَانك فإنى لَا أَشك فى أَنَّك فَرد بِلَا نَظِير فإنى أخاطره فى روحى فَإِن وجد لَك نَظِير اسْتحق روحى 32 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّك الذى ألجأ إِلَيْهِ وآمالى مَا أبلغهَا إِلَّا بِهِ وَأَعُوذ بِهِ مِمَّا أَخَاف لأنى بِهِ أنجو مِنْهُ وَبِه أدْرك مَا أرجوه وآمن مِمَّا أخافه وَمثله لِابْنِ الرومى (وَلَا العائذُ اللاجى إِلَيْهِ بخائفٍ ... وَلَا الرَّائدُ الراجى نداهُ بخائبِ) 33 - الْمَعْنى يَقُول يَا من توهمت أَن كَفه الْبَحْر لجوده وَأَن الذى يعْطى للنَّاس جواهره 34 - الْغَرِيب الهيض الْكسر وهاض الْعظم فَهُوَ مهيض وانهاض إِذا انْكَسَرَ بعد الْجَبْر الْمَعْنى يَقُول إِذا أفسد أمرا لم يقدروا على إِصْلَاحه وَإِذا أصلح أمرا لم يقدروا على إفساده وَالْمعْنَى أَنهم لَا يقدرُونَ على خِلافك بِحَال من الْأَحْوَال وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمَ مَا كَسَرُوا ... وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمَ مَا جَبرُوا) 35 - الْمَعْنى يُرِيد أَن البلى تسلط عَلَيْهِ حَتَّى أذهب جدته وَذَهَبت نضارته فى السجْن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 - 1 - الْمَعْنى يَقُول قد شَككت فِيمَا ذقته من فِيك فَمَا أدرى أخمر أم مَاء الْمَطَر لِأَنَّهُ أطيب الْمِيَاه وأحلاها أم هُوَ ريقك وَهُوَ بَارِد فى فمى حَار فى كبدى لِأَنَّهُ يذكى نَار الشوق ويهيج الْمحبَّة 2 - الْإِعْرَاب قَالَ جمَاعَة أم هُنَا مُنْقَطِعَة وَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ بِكُل وَاحِد مِمَّا ذكر فيريد أذا الْغُصْن أذا الدعص أَأَنْت فتْنَة وَالْألف للاسفتهام وذيا تَصْغِير ذَا وَهُوَ تَصْغِير محبَّة وشفقة الْغَرِيب الدعص هُوَ الْكَثِيب الصَّغِير الْمَعْنى يُرِيد أَن قوامها غُصْن وردفها كثيب وهى فتْنَة للنَّاس كَقَوْل أَبى نواس (قَمَرٌ لوْلا مَلاحَتُهُ ... خَلَتِ الدُّنْيا مِنَ الفِتَنِ) وَيُرِيد أَن ثغرها برق لضوئه ونقائه قَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ بِالتَّصْغِيرِ هُنَا صغر أسنانها وَقَالَ الواحدى لِأَن ثغرها مَحْبُوب عِنْده قريب من قلبه 3 - الْمَعْنى يَقُول تعجبت عواذلى من رُؤْيَة الشَّمْس فى اللَّيْل لِأَنَّهُنَّ حسبن وَجه من أهواه شمسا وَخص العواذل لِأَنَّهُنَّ ينكرن عَلَيْهِ حبه فَكَانَ ذَلِك أدل لَهُ على حسنها حَتَّى يقوم عذره عِنْد عواذله وَالْبَيْت مَنْقُول من قَول يزِيد (وسَاق لهُ سَبْعٌ وسَبْعٌ كأنَّهُ ... هِلالٌ لَهُ خَمْسٌ وخَمْسٌ وأرْبَعُ) (إِذا زَفَّها فى الكأسِ واللَّيلُ مُظْلِمٌ ... تيَقَّنْتَ أنَّ الشَّمسَ فى اللَّيلِ تَطلُعُ) وَأَخذه أَبُو تَمام فَقَالَ (فَرُدَّتْ علَيْنا الشَّمسُ واللَّيلُ راغِمٌ ... بشمسٍ لهمْ من جانِبِ الخِدْرِ تَطْلُعُ) (نضَا ضَوْءُها صِبْغَ الدُّجُنَّةِ وانْطَوَى ... لبهْجَتها ثَوْبُ الظَّلامِ المجَزَّعُ) الحديث: 104 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 - الْغَرِيب الظبا أَطْرَاف السيوف قَالَ النهشلى (إِذا الكُماةُ تنَحَّوا أَن ينالَهُمُ ... حَدُّ الظُّباتِ وصَلناها بأيْدينا) وَأَصله ظبو وَالْهَاء عوض من الْوَاو وَالْجمع أظب فى أقل الْعدَد مثل أدل وظبات وظبون بِالْوَاو وَالنُّون قَالَ كَعْب بن مَالك (تَعاوَرُ أيمانُهُمْ بَيْنَهُمْ ... كُؤُسَ المَنايا بحدّ الظُّبينا) الْمَعْنى يَقُول رأين الَّتِى تقتلنى بِسحر عينيها وَلما جعلهَا قاتلة اسْتعَار لَهَا سيوفا 5 - الْمَعْنى يَقُول هى حَسَنَة فى الحركات والسكون وَسُكُون الْحَرَكَة فِيهَا قد بلغ النِّهَايَة فَإِذا أبصرهَا مبصر مَاتَ من فرط حبها فهى قاتلة من رَآهَا بِشدَّة الْحبّ 6 - الْغَرِيب العنس النَّاقة الصلبة وَيُقَال هى الَّتِى اعنونس ذنبها أى وفر وَكثر قَالَ العجاج (كَمْ قَدْ حَسَرْنا من علاةٍ عَنْسِ ... كَبْداءَ كالقوْسِ وأُخْرَى جَلْسِ) الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يحدوها بمدحكم فتقوى على السّير وَالْعرب تَقول إِن الْإِبِل إِذا سَمِعت الْغناء والحداء نشطت للسير وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أحدوها بمدحكم فأصون بِهِ لَحمهَا ودمها ويفسره مَا بعده وَقَالَ الواحدى أحدوها بمدحكم فَيقوم لَهَا الشّعْر مقَام اللَّحْم وَالدَّم فيقويها على السّير وروى الخوازمى الشّعْر بِفَتْح الشين وَقَالَ الْمَعْنى أَنَّهَا هزلت فَلم يبْق مِنْهَا غير الشّعْر وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِكَسْر الشين لِأَنَّهُ لَا شعر لِلْإِبِلِ وَإِنَّمَا لَهَا الْوَبر 7 - الْغَرِيب نضحت الشئ بِالْمَاءِ رششته عَلَيْهِ ونضحت أنضح بِالْكَسْرِ والنضح هُوَ الشّرْب دون الرى والنضيح الْحَوْض وَجمعه نضح والنضح بِالتَّحْرِيكِ وَجمعه أنضاح وَقَالَ ابْن الأعرابى إِنَّمَا سمى الْحَوْض نضيحا لِأَنَّهُ ينضح عَطش الْإِبِل أى يبله الْمَعْنى يَقُول أبرد بذكراكم وبشعرى الذى فِيكُم حرارة قلب هَذِه النَّاقة فتسرع وَيقرب عِنْدهَا الْبعد لنشاطها بذكراكم ومدحكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 - الْغَرِيب يلحم أى يُمكن السَّيْف من لحم اللَّيْث من ألحمت الرجل إِذا قتلته فَهُوَ ملحم ولحيم وَاللَّيْث من أَسمَاء الْأسد الْمَعْنى يُرِيد أَنه يَجعله طعمة للسيف وَوَصفه بِأَنَّهُ بَحر كرم يغرق فِيهِ بَحر المَاء لِأَنَّهُ أعظم مِنْهُ وَأكْثر جودا ونفعا 9 - الْغَرِيب التليد المَال الْمَوْرُوث من الْآبَاء الْمَعْنى قَالَ الواحدى سَارَتْ إِلَيْهِ ناقتى وَإِن لم أكن واثقا بإبقاء نواله شَيْئا من مَاله وَذَلِكَ أَن جوده يبْقى الْيَسِير من مَاله كَمَا أَن الهجر يبْقى من العاشق النَّفس والرمق وَالْعِظَام وَهَذَا وجوده يبْقى الْيَسِير لِكَثْرَة قاصديه وعطائه 10 - الْغَرِيب احتوى الشئ واحتوى عَلَيْهِ أَخذه والردينية الرماح منسوبة إِلَى ردينة امْرَأَة كَانَت تعْمل الرماح الْمَعْنى يَقُول كل يَوْم تحتوى رماح المعالى على أَمْوَاله جودا وكرما فَهُوَ يفرق أَمْوَاله فِيمَا يصل بِهِ إِلَى الْمجد والمعالى فَمَا لَهُ معرض لرماح المعالى فهى مستولية عَلَيْهِ واستعار للمعالى رماحا لما جعلهَا آخذه مَاله والرماح الْحَقِيقِيَّة لَا تقدر أَن تصل إِلَى مَاله بِالْحَرْبِ وَالْغَصْب فَإِنَّهُ لِشِدَّتِهِ وَقُوَّة عدده لَا يقدر أحد أَن يغالبه 12 - الْغَرِيب النزر الْقَلِيل الْمَعْنى يَقُول لَو أطاعت الدُّنْيَا كَفه لفرقها كلهَا وَكَانَت قَلِيلا عِنْده لِكَثْرَة عطاياه لِأَن هباته كَثِيرَة فَلَو ملك الدُّنْيَا لفرقها بأسرها كَقَوْلِه (أرْجُو نداكَ وَلَا أخشَى المِطالَ بِهِ ... يَا مَنْ إِذا وَهَبَ الدُّنيا فقد بَخِلا) 13 - الْمَعْنى قدره لعظمه يُرِيد قدر الدُّنْيَا حَقِيرًا وَكَذَلِكَ كل شئ عَظِيم عِنْده حقير لعظم قدره على كل شئ والعاقل اللبيب من يحتقر الدُّنْيَا لانها زائلة فانية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 - الْإِعْرَاب تَخِر جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ من المضاعف وفتحه قوم وَرَفعه آخَرُونَ فَأَما إِذا كَانَ مَعَه ضمير فالرفع عِنْد سِيبَوَيْهٍ لَا غير كَقَوْلِه لم يردهُ وَمَا أشبهه وَقَرَأَ أهل الْكُوفَة وَابْن عَامر {لَا يضركم} بِرَفْع الرَّاء وَهُوَ جَوَاب الشَّرْط الْغَرِيب الشعرى نجم مَعْرُوف وعبدته الْعَرَب فى الْجَاهِلِيَّة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَأَنه هُوَ رب الشعرى} الْمَعْنى يُرِيد أَن وَجهه أتم نورا من نور الشعرى وهى العبور فَلَو أَشَارَ بِوَجْهِهِ إِلَى السَّمَاء لسقطت الشعرى حَيَاء وخجلة مِنْهُ وانكسف الْبَدْر من ضوء وَجهه 15 - الْإِعْرَاب تَرَ بغيرياء بدل من جَوَاب الشَّرْط وَمن رَوَاهُ بِالْيَاءِ جعله استئنافا للمخاطب وَالْمعْنَى ترى أَيهَا الرائى بِرُؤْيَتِهِ الْملك الأرضى وَالْملك الذى لَهُ الْملك بعد الله يُرِيد لَا ملك إِلَّا الله وَلِهَذَا وروى {ترى الْقَمَر الأرضى} 16 - الْغَرِيب السهاد هُوَ السهر وَلَكِن لَا يسْتَعْمل إِلَّا فى الساهر فى الشدَّة والسهر يسْتَعْمل فى غير ذَلِك والأرق هُوَ الْفِكر فى اللَّيْل والسهر وأرقت بِالْكَسْرِ إِذا سهرت وَكَذَلِكَ ائترقت على افتعلت فَأَنا أرق الْمَعْنى يَقُول هُوَ يسهر ليله من غير مرض يُوجب أَن يسهر وَإِنَّمَا سهره افتكار فِيمَا يُوجب الشّرف وَالْمجد فسهره لذَلِك 17 - الْغَرِيب منن جمع منَّة وَهُوَ من الامتنان على النَّاس بالإنعام والإعطاء الْمَعْنى يَقُول مننه على النَّاس كَثِيرَة حَتَّى كَأَنَّهَا قد أفنت الثَّنَاء واستغرقته فَكَأَنَّهَا قد حَلَفت بالممدوح أَلا يبلغ أحد تَمام شكرها وَالْقسم بِهِ عَظِيم لَا يجرى فِيهِ حنث فهى زَائِدَة على ثَنَاء من أثنى عَلَيْهِ وشكر من شكره 18 - الْغَرِيب بحتر قَبيلَة من طيىء وهم قَبيلَة هَذَا الممدوح الْمَعْنى يُرِيد أَن الْفَخر لمن يسْتَحق الْفَخر فَيكون من أَهله وكل من هُوَ لَيْسَ من قبيلتك لَيْسَ لَهُ فَخر لأَنهم فَخَروا على النَّاس بك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 - الْغَرِيب الْحَضَر الْحَاضِرُونَ فى الْبِلَاد وهم جمع حَاضر وَالسّفر المسافرون الْمَعْنى يُرِيد هم النَّاس فى الْحَقِيقَة إِلَّا أَن الله تَعَالَى خلقهمْ من طِينَة المكارم لِكَثْرَة مَا جعل فيهم من الْكَرم فالحضر يغنى بمدائحهم وَالسّفر يَحْدُو إبلهم بمدحهم والمقيم وَالْمُسَافر قد اشْتَركَا فى الثَّنَاء عَلَيْهِم والمدح لَهُم 20 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى ضرب الْمثل إِنَّمَا يكون لشبه عين بِعَين أَو وصف بِوَصْف فَإِذا كَانَ هُوَ أجل وَأَعْلَى من كل شئ لم يكن ضرب الْمثل بشئ فى مدحه وَهَذَا معنى قَوْله (أم من أقيسه إِلَيْك ... ) وَوصل الْقيَاس بإلى لِأَن فِيهِ معنى الضَّم وَالْجمع كَأَنَّهُ قَالَ من أضم إِلَيْك فى الْجمع بَيْنكُمَا والموازنة وَأهل الدَّهْر دُونك والدهر الذى يأتى بِالْخَيرِ وَالشَّر دُونك لِأَنَّهُ لَا يتَصَرَّف إِلَّا على مرادك وَأَنت تحدث فِيهِ النِّعْمَة والبؤس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 - 1 - الْغَرِيب اللبيب الْعَاقِل والغرور مَا يغتر بِهِ الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول واللبيب خَبِير يُرِيد أَنه لَبِيب لذَلِك علم أَن الْحَيَاة غرور يغتر بهَا الْإِنْسَان وَهُوَ وَإِن دَامَت سَلَامَته وطالت حَيَاته فَهُوَ مغتر لِأَن الدُّنْيَا تغر بِهِ لَا تدوم لَهُ وَهَذَا كَقَوْل البحترى (وليسَ الأمانِى فى البقاءِ وَإنْ مَضَتْ ... بِها عادةٌ إِلَّا أحاديثُ باطلِ) وَمثله فى الْمَعْنى لِابْنِ الرومى (وَمَنْ يَرْجُو مُسالَمة اللَّيالى ... لَمَغْرُورٌ يُعَلَّلُ بالأمانِى) 2 - الْإِعْرَاب مَا زَائِدَة كَقَوْلِه تَعَالَى {فبمَا نقضهم ميثاقهم} وحرفا الْجَرّ يتعلقان بالفعلين يُعلل وَيصير الْمَعْنى يَقُول رَأَيْت كل أحد يُعلل نَفسه بتعلة وهى التَّعْلِيل يزجى بِهِ الْوَقْت أى يزجى نَفسه بشئ من الْأَشْيَاء ومصيره إِلَى الفناء 3 - الْإِعْرَاب رهن نصب على الْحَال قَالَ أَبُو الْفَتْح وَيصِح أَن يكون بَدَلا مِمَّا قبله فَيكون منادى مُضَافا الْغَرِيب الديماس هُوَ من الظلام وَمِنْه ليل دامس وأدموس أى مظلم ودمست الشئ دَفَنته والديماس حُفْرَة لَا ينفذ إِلَيْهَا الضَّوْء مظْلمَة والديماس سجن كَانَ للحجاج وَجمع الديماس بِكَسْر الدَّال دماميس مثل قِيرَاط وقراريط وَإِن فتحت الدَّال فَجَمعه دياميس مثل شَيْطَان وشياطين والسرب ديماس لظلمته وكل مظلم ديماس وفى الحَدِيث فى صفة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام " كَأَنَّمَا خرج من ديماس " أى من كن الْمَعْنى إِنَّه يُرِيد الْقَبْر والقرارة كل شئ يسْتَقرّ فِيهِ شئ أى هُوَ رهن الْقَبْر لإقامته فِيهِ إِلَى يَوْم الْبَعْث فَكَأَن الْقَبْر استرهنه وَالْمعْنَى أَن الْقَبْر المظلم أشرق بِنور وَجهه لما حل فِيهِ الحديث: 105 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 - الْغَرِيب تغور تذْهب وتختفى الْمَعْنى يَقُول قبل موتك مَا كنت أَحسب وأظن أَن النُّجُوم تختفى فى التُّرَاب حَتَّى رَأَيْتُك وَأَنت أَضْوَأ من الْكَوَاكِب قد غبت فى التُّرَاب وَيُقَال أَحسب وأحسب بِكَسْر السِّين وَفتحهَا فى الْمُسْتَقْبل وَلَا خلاف فى كسرهَا فى الماضى وَقَرَأَ عَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة كل مَا فى الْقُرْآن من تحسب ويحسب وَيَحْسبُونَ بِفَتْح السِّين على الأَصْل من فعل يفعل وفى هَذَا الْبَيْت نظر إِلَى قَوْله الآخر (مَا كنتُ أحسِبُ والمنيَّةُ كاسمِها ... أَن المنيَّةَ فى الكَوَاكب تَطْمَعُ) 5 - الْغَرِيب النعش مَا يحمل عَلَيْهِ الْمَيِّت وَهُوَ كالسرير من خشب ورضوى اسْم جبل مَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول قبل حملك فى النعش على أيدى الرِّجَال مَا كنت أَظن أَن رضوى تنقل من مَوضِع إِلَى مَوضِع وَذَلِكَ أَنه جبل عَظِيم فى الْقُوَّة حَلِيم وَهَذَا مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (من لم يُعاينْ سيرَ نعْشِ محمدٍ ... لم يدرِ كيفَ تُسَيَّرُ الأجبالُ) وَمن قَول ابْن المعتز (قد انْقَضَى العَدْلُ وزَالَ الكَمالْ ... وصَاحَ صَرْفُ الدَّهرِ أيْن الرّجالُ) (هَذا أَبُو القاسِمِ فى نَعْشِهِ ... قُومُوا انظُرُوا كيفَ تَسِيرُ الجِبالُ) 6 - الْغَرِيب الدك أَصله الْكسر والدق ودككت الشئ أدكه إِذا دَفَنته وسويته بِالْأَرْضِ وَأَرْض دك وَالْجمع دكوك وَقيل فى قَوْله تَعَالَى {جعله دكا} قيل هُوَ مصدر أى ذادك وَقَرَأَ بِالْمدِّ هُنَا حَمْزَة والكسائى وَوَافَقَهُمَا فى الْكَهْف عَاصِم وَمَعْنَاهُ جعه دكاء فَحذف لِأَن الْجَبَل مُذَكّر وَقَالَ أَبُو زيد دك الرجل فَهُوَ مدكوك إِذا دكته الْحمى ودككت الرَّكية إِذا دفنتها بِالتُّرَابِ الْمَعْنى يَقُول كَأَن الباكين خلف نعشه يصعقون كصعقات مُوسَى يَوْم الطّور وَهُوَ جبل كلمة الله عَلَيْهِ وَقيل الطّور جبل بالسُّرْيَانيَّة فَأَرَادَ أَن الباكين خلف نعشه كثير وَلَهُم غشيان وصعقات وَقَالَ خَلفه لِأَن المشى عندنَا خلف الْجِنَازَة أفضل وَقَالَ الشافعى رضى الله عَنهُ هم كالشفعاء والشفعاء إِنَّمَا يكونُونَ بَين يدى الْمَشْفُوع لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 - الْغَرِيب الواجفة كالراجفة وهى المطربة تمور تذْهب وتجئ الْمَعْنى يَقُول إِن الشَّمْس لما ضعف نورها بِمَوْت هَذَا الرجل فَكَأَنَّهَا مَرِيضَة وَالْأَرْض مضطربة لمَوْته فهى تذْهب وتجئ وَهَذَا كُله تَعْظِيم لحاله وَفِيه نظر إِلَى قَول جرير فى عمر بن عبد الْعَزِيز يرثيه (الشَّمْسُ طالِعَةٌ ليسَتْ بكاسِفَةٍ ... تَبكى عليكَ نُجومَ اللَّيلِ والقَمَرَا) وَمثله لِابْنِ الرومى (عَجِبْتُ للأرْضِ لم تَرْجُفْ جَوانِبُها ... وللْجِبالِ الرَّوَاسِى كَيْفَ لمْ تَمِدِ) (عجِبْتُ للشَّمس لم تَكْسَفْ لِمَهْلِكِهِ ... وَهْوَ الضِّياءُ الَّذِى لَوْلاهُ لمْ تَقِدِ) 8 - الْغَرِيب الحفيف صَوت الأجنحة وحسها والملائك جمع ملك على غير قِيَاس قَالَ كثير (كَمَا قَد عَمَمْتَ المُؤمِنين بنائِلٍ ... أَبَا خَالِد صَلًّت عليكَ الملائكُ) وصور جمع أصور وَهُوَ المائل وصاره يصوره إِذا أماله وصور يصور إِذا صَار مائلا وَمِنْه قَول الآخر (اللهُ يعلَمُ أنَّا فى تَلَفُّتِنا ... يَوْم الوَداع إِلَى أحْبابِنا صُوْرُ) الْمَعْنى يَقُول إِن الْمَلَائِكَة أحاطت بنعشه حَتَّى قد سمع لأجنحتها حفيف وَأهل بَلَده وَهُوَ اللاذقية بلد بساحل الشَّام عيونهم مائلة إِلَى نعشه لحبهم لَهُ فَلَا يصرفون بصرهم عَنهُ شوقا إِلَيْهِ وحزنا عَلَيْهِ أَو لأَنهم يسمعُونَ حس الْمَلَائِكَة فيميلون إِلَى ذَلِك الْحس الذى يسمعونه وَقَوله اللاذقية وصور هما بلدان وهما على السَّاحِل وَفِيه تورية 9 - الْإِعْرَاب حَتَّى غَايَة لخرجوا بِهِ تَقْدِيره خَرجُوا بِهِ حَتَّى أَتَوا الْقَبْر الْغَرِيب الجدث الْقَبْر وَالْجمع أجداث والضريح الشق فى وسط الْقَبْر واللحد فى جَانِبه الْمَعْنى يَقُول هَذَا الضريح كَأَنَّهُ قد حفر فى قلب كل مُسلم لحزنهم عَلَيْهِ ومحبتهم لَهُ وَهُوَ من قَول مُحَمَّد بن الزيات (يَقُول لى الخلان لَو زرت قبرها ... فَقلت وَهل غير الْفُؤَاد لَهَا قبر) وَمن قَول الآخر (فإنْ كانَ لَمْ يَحْتَلَّ قَبراً بَرقدةَ ... فإنّ لَهُ فى قلبِ كلّ امرِئ قَبرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بقوله حَتَّى أَتَوا أى أَتَوا بمزود وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بمزود الْغَرِيب المغفى النَّائِم غفا يغفو إِذا نَام والإثمد الْكحل الْأسود الْمَعْنى يَقُول لم يزود من ملكه على الرِّوَايَتَيْنِ 1 إِلَّا كفنا يبْلى وَهُوَ مغف كالنائم لإطباق جفْنه وَقد كحل بكافور لَا بإثمد والإثمد كحل الحى والكافور للْمَيت 11 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِيهِ للكفن وَأجْمع تَأْكِيد للبأس الْغَرِيب الحجا الْعقل وَالْخَيْر بِالْكَسْرِ الْكَرم الْمَعْنى يَقُول فى هَذَا الْكَرِيم هَذِه الْخِصَال المحمودة وَهَذِه الْأَخْلَاق الشَّرِيفَة الَّتِى جمعت فِيهِ وَلم تجمع فى غَيره فَكَأَنَّهَا مَاتَت بِمَوْتِهِ وَهُوَ من قَول عبد الصَّمد بن المعذل (فَضْلٌ وَحَزْمٌ وجود ضمه جَدَثٌ ... ومَكْرُماتٌ طَوَاها التُّرْبُ والمطرُ) 12 - الْغَرِيب نشر الله الْمَوْتَى وأنشرهم أَيْضا وَمِنْه قَوْله جلّ وَعلا {ثمَّ إِذا شَاءَ أنشره} قَرَأَهُ بتَخْفِيف الهمزتين ابْن عَامر والكوفيون الْمَعْنى يَقُول ثَنَاء النَّاس عَلَيْهِ وَذكرهمْ إِيَّاه بعده كَفِيل لَهُ برد الْحَيَاة فَإِن من بقى ذكره فى النَّاس كمن هُوَ مَوْجُود فيهم وَهَذَا من قَول الحادرة (فأثْنُوا عَلَيْنا لَا أَبَا لأبِيكُمُ ... بأحْسابِنا إنَّ الثَّناءَ هُوَ الخُلْدُ) وَهَذَا الْبَيْت مَنْقُول بأسره من قَول مَنْصُور النمرى وَهُوَ من أَبْيَات الحماسة (رَدَّتْ صَنائِعُهُ عَلَيْهِ حَياتَهُ ... فكأنَّهُ مِنْ نَشْرِها مَنْشُورُ 1) وَقَالَ حبيب الطائى (سَلَفوا يَرَوْنَ الذّكْرَ عَيْشا ثَانِيًا ... وَمَضَوْا يَعُدُّونَ الثَّناءَ خُلُودَا) وَلما قَالَ انطوى وَذكر الطى قَالَ منثور وَهُوَ أَضْعَف اللغتين 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 - 13 - الْمَعْنى يَقُول ذكره فى الثَّنَاء يحييه لَهُم كَمَا أَحْيَا عِيسَى ابْن مَرْيَم عازر بعد مَا مَاتَ فَحسن ذكره فى النَّاس أبدا يحييه لَهُم 1 - الْغَرِيب غاضت نقصت وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وغيض المَاء} وخبت الناء سكن لهبها والسعير تسعر النَّار والمكايد جمع مكيدة وَهُوَ مَا يدبره الرجل فى الْحَرْب وَغَيره من الرأى الْمَعْنى يَقُول لما مَاتَ غَار بَحر جوده الفائض على النَّاس بالعطاء وانطفأت نَار كَيده وَكَانَ سعيرا على أعدائه 2 - الْإِعْرَاب قراره من رَفعه فبفعله وَمن نَصبه فعلى الظّرْف قَالَ أَبُو الْفَتْح ويختار النصب الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ من حَقه الْبكاء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يسْتَقرّ فى قَبره حَتَّى صافحته الْحور وَهن جوارى الْجنَّة وَإِذا كَانَ بِهَذِهِ الْمنزلَة من رَحْمَة الله تَعَالَى لم يبك عَلَيْهِ بل يفرح بوصوله إِلَى كَرَامَة الله تَعَالَى وَهُوَ من قَول الوائلى (إنْ يكُنْ مُفَرداً بغيرِ أنِيسٍ ... فعسَى أَن يكونَ بالْحُورِ آنِسْ) 3 - الْمَعْنى يَقُول اصْبِرُوا عَنهُ فَلَيْسَ فى الْعَالم مثلكُمْ وَلَا مثله فَإِن الْعَظِيم يصير على الْأَمر الْعَظِيم وروى ابْن جنى (عَن الْعَظِيم صبور ... ) يُرِيد عَن الرجل الْعَظِيم وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى (ودفعتَ العَظيمَ عَنْهَا ومَا يَدْ ... فَعُ كُرْهَ العَظِيمِ إلاَّ العَظيمُ) الحديث: 106 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 - الْمَعْنى لَيْسَ مثلكُمْ وَلَا مثله أحد فَهُوَ مَفْقُود النظير وَأَنْتُم مَفْقُود والمثل 5 - الْإِعْرَاب الْعَامِل فى الْأَيَّام مَحْذُوف تَقْدِيره لم يكن لَهُ نَظِير أَيَّام قَائِم سَيْفه ... الخ الْمَعْنى يَقُول تذكرت أَو أذكركم أَيَّام ذَلِك فَيكون على هَذَا هُوَ الْعَامِل فى الظّرْف يُرِيد وَكَانَ فى مهلة من أَجله وَيَد الْمَوْت غير ممتدة إِلَيْهِ بل مَكْفُوفَة عَنهُ 6 - الْغَرِيب الجماجم جمع جمجمة وَهِي جمجمة الرَّأْس الَّتِى فِيهَا الدِّمَاغ وشفرتاه حدا سَيْفه وانهملت انهلت وَجَرت الْمَعْنى يَقُول طالما سَالَتْ الجماجم والنحور من الْأَعْدَاء فى سَيْفه 7 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الْوَجْه أَن يكون مُحَمَّد الأول هُوَ النبى والثانى هُوَ المرئى وَيجوز أَن يكون الأول هُوَ المرئى والثانى هُوَ أَيْضا يَقُول أعيذهم بِاللَّه أَن يحزنوا وَمُحَمّد مسرور أى لَا ينبغى لَهُم أَن يحزنوا وَمُحَمّد مسرور بِمَا وصل إِلَيْهِ من الكرامات وَالنَّعِيم الدَّائِم 8 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وأعيذهم أَن يَرْغَبُوا عَنهُ ويتركوا زِيَارَة قَبره ويلزموا قصورهم قَالَ العروضى مَا أبعد مَا وَقع أَرَادَ أَلا يحسبوا قصورهم أوفق لَهُ من الحفرة الَّتِى صَارَت من رياض الْجنَّة حِين حَيَّاهُ فِيهَا الْملكَانِ وَقَالَ ابْن فورجة لكنه يَقُول أعيذهم أَن يَظُنُّوا أَن قصورهم كَانَت لَهُم خيرا لَهُ من قبر حَيَّاهُ فِيهِ الْملكَانِ ورغبت بك عَن هَذَا الْأَمر أى رفعتك عَنهُ الْمَعْنى أعيذهم أَن يرفعوا قصورهم فيجعلوها فى حكمهم خيرا لَهُ من قَبره فَإِن قَبره خير لَهُ من تِلْكَ الْقُصُور ومنزله فى الْآخِرَة أشرف من مَنَازِله فى الدُّنْيَا 9 - الْإِعْرَاب نفر خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره بَنو إِسْحَاق نفر أَو هم نفر الْمَعْنى يَقُول هم نفر وَجَمَاعَة إِذا سلوا سيوفهم من أغمادها وَغَابَتْ عَنْهَا حضرت آجال أعدائهم لأَنهم لَا يبقونها فى الْحَال وَلِأَنَّهُم يستأصلونهم بِالْقَتْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 - الْغَرِيب التنوفة الأَرْض الْبَعِيدَة وَالطير يَقع على الْوَاحِد وَالْجمع وَهُوَ جمع طَائِر وَأَرَادَ بطونا الْمَعْنى يَقُول إِذا حَاربُوا جَيْشًا من جيوش الاعداء تَيَقّن ذَلِك الْجَيْش أَنهم يحشرون من بطُون الطير كَأَنَّهُمْ يقتلُون فتأكلهم الطير 11 - الْغَرِيب المبتور الْمَقْطُوع والأعنة جمع عنان وَهُوَ مَا يكون من السيور فى اللجام الْمَعْنى يَقُول خيل هَؤُلَاءِ لم تعطف على عَدو إِلَّا وَعمر ذَلِك الْعَدو الذى طردته مَقْطُوع 12 - الْغَرِيب الشاسع الْبعيد وَعَن نِيَّة عَن قصد من قَوْلهم نَوَيْت الْأَمر وَيجوز أَن يكون من النَّوَى وَهُوَ الْبعد الْمَعْنى يَقُول قصدت دَارهم الْبَعِيدَة للزيارة عَن قصد بحبى إيَّاهُم لِأَن الْمُحب يزور من يهواه وَإِن كَانَ بَعيدا مِنْهُ كَقَوْل الشَّاعِر (زُرْ مَنْ تُحِبُّ وَإنْ شَطَّتْ بِكَ الدَّارُ ... وَحالَ مِنْ دُونِهِ حُجْبٌ وأسْتارٌ) (لَا يمَنْعَنَّكَ بُعْدٌ مِنْ زِيارَتِهِ ... إنَّ المحِبَّ لِمَنْ يَهْوَاهُ زَوَّارُ) 13 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أقنع بِالْقَلِيلِ وَأول باللقيا وأو نظرة أنظر وَهَذَا من قَول الموصلى (إنَّ مَا قَلَّ مِنْكَ يَكْثُرُ عِنْدِى ... وَقَلِيلٌ مِمَّنْ تُحِبُ كَثيِرُ) وَمثله لجميل (وإنّى لَيُرْضِينِى قَلِيلُ نَوَالِكُمْ ... وَإنْ كنتُ لَا أرْضَى لَكُمْ بقَلِيلِ) وَمثله لتوبة (وأقْنَعُ مِنْ لَيْلَى بِمَا لَا أنالُهُ ... أَلا كُلُّ مَا قَرَّتْ بِهِ العَينُ صَالحُ) وَلآخر (جُودُوا عَلىَّ بَمنْطِقٍ أحْيا بهِ ... إنَّ القَلِيلَ مِنَ الحبِيبِ كَثِيرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 - 1 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار الْغَرِيب الزفرة والزفير امتلاء الْجوف من النَّفس لشدَّة الكرب الْمَعْنى يَقُول هَل لآل إِبْرَاهِيم وهم بنوعمه إِلَّا الحنين إِلَيْهِ والزفير من شدَّة كرب الْحزن عَلَيْهِ 2 - الْغَرِيب الخابر الْعَالم بالشئ مثل الْخَبِير وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى المجرب الْمَعْنى يَقُول لَا يشك من عرف أَمرهم وَجَربه أَن الصَّبْر مَمْنُوع محرم عَلَيْهِم لشدَّة حزنهمْ على فقدهم المرثى فهم لَا يصبرون عَنهُ والمحظور الْمحرم وَمِنْه قَوْله جلّ ثَنَاؤُهُ {وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا} وَهُوَ من قَول البحترى (حالَتْ بِكَ الأشْياءُ عَنْ حالاتِها ... فالحُزْنُ حِلّ والعَزَاءُ حَرَامُ) 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم يَبْكُونَ دَمًا عَلَيْهِ ويسهرون لفقده حَتَّى يطول ليلهم فَكَأَنَّهُ دهور لطوله وَهَذَا معنى كثير لأبى تَمام والبحترى وَجَمَاعَة قَالَ أَبُو المعتصم (إنَّ أيَّامَنا دُهورٌ طوَالٌ ... ولَساعاتُنا القِصار شُهُورُ) وَلَا لِابْنِ الرومى (وأعْوَامٍ كأنَّ الْعامَ يَوْمٌ ... وأيَّامٍ كأنَّ اليْوْمَ عامٌ) وَأَصله بَيت الحماسة (يطُولُ اليوْمُ لَا ألقاكَ فيهِ ... وَعام نلتقى فيهِ قَصيرُ) 4 - الْمَعْنى يَقُول كل من أذْنب إِلَيْهِم ذَنبا فَإِنَّهُم يغتفرون لَهُ ذَلِك الذَّنب إِلَّا ذَنْب من يسْعَى بَينهم بالنميمة والإفساد الحديث: 107 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح معنى طاروا ذَهَبُوا وهلكوا لما لم يَجدوا بَينهم مدخلًا قَالَ العروضى يظلم نَفسه ويغر غَيره من فسر شعر المتنبى بِهَذَا النّظر أَلا ترَاهُ يَقُول وَكَذَا الذُّبَاب على الطَّعَام يطير أذهاب هَذَا أم اجْتِمَاع عَلَيْهِ وَقَالَ طَار الوشاة على وَلَو أَرَادَ مَا قَالَ أَبُو الْفَتْح لقَالَ طَار عَنهُ وَأَرَادَ أَن الوشاة نموا بَينهم وتمالئوا بالنميمة وَقَالَ أَبُو على بن فورجة كَيفَ يعْنى بقوله طَار ذَهَبُوا وهلكوا وَقد شبه طيرانهم على صفاء الوداد بطيران الذُّبَاب على الطَّعَام يُرِيد أَن الوشاة تعرضوا لما بَينهم وجهدوا أَن يفسدوا ودادهم كَمَا أَن الذُّبَاب يطير على الطَّعَام وَمثله (وَجلَّ قَدْرِىَ فاسْتَحَلُّوا مُساجَلَتى ... إنَّ الذُّبابَ عَلى المَاذِىّ وَقَّاعُ) وَالْمعْنَى أَن اجْتِمَاع الوشاة وسعيهم فِيمَا بَينهم بالنمائم دَلِيل على مَا بَينهم من الْمَوَدَّة كالذباب لَا يجْتَمع إِلَّا على طَعَام وَكَذَا الوشاة إِنَّمَا يتعرضون للأحبة المتوادين 6 - الْغَرِيب منحت بذلك والتبذير الْإِسْرَاف وَالنَّفقَة فى غير الْوَجْه الْمَعْنى يَقُول منحت أَبَا الْحُسَيْن وَهُوَ أحد إخْوَة هَذَا المرثى محبَّة إِذا بذلتها لعَدوه أسرفت وَكنت مِمَّن جعل الشئ فى غير وَجهه مُسْرِفًا فى فعلى 7 - الْمَعْنى يَقُول تكون فى الْبَيَان كَيفَ شَاءَ أى حصل خلقه على مَا شَاءَ وَأَرَادَ فَكَأَن الْقدر يجرى بمراده واختياره الْعَجز الأول من قَول الطائى (فَلَوْ صَوَّرْتَ نَفْسَكَ لَمْ تَزِدْها ... عَلى مَا فِيكَ مِنْ كَرَمِ الطِّباعِ) وَالْعجز الثانى من قَول ابْن الرومى (لَسْتَ تَحْتَجُّ بالزَّمانِ وَلا المَقْدُورِ ... أنْتَ الزَّمانُ والمَقْدُورُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 - 1 - الْإِعْرَاب حذف همزَة مرأتك ضَرُورَة وَحذف الْهمزَة لأَنهم لَا يَقُولُونَ مرأنى إِلَّا مَعَ هنأنى ومرأنى للإتباع فَإِذا أفردوا قَالُوا أمرأنى فَفِيهِ ضرورتان الْمَعْنى يَقُول أَنْت تغلب السكر وَالسكر لَا يغلبه شئ وَلَكِن من عَادَة هَذَا الممدوح أَنه يغلب كل شئ فَكَأَنَّهُ غلب على السكر 2 - الْغَرِيب الحميا من أَسمَاء الْخمْرَة وهى من الْأَسْمَاء الَّتِى لَا تسْتَعْمل إِلَّا مصغرة قَالَ أَبُو الْفَتْح اسْتحْسنَ شمائلك فَسَكِرَ لحسنها الْمَعْنى يُرِيد أَن الْخمر الشَّمْس والزجاجة الْبَدْر والكف الْبَحْر وَفِيه نظر إِلَى قَول الحكمى (فَكأنَّها وكأنَّ شارِبَها ... قَمَرٌ يقَبِّلُ عارِضَ الشَّمسِ) 3 - الْمَعْنى يَقُول لَا يذكر جوده إِلَّا وَهُوَ يحضر كالخضر عَلَيْهِ السَّلَام وَيُقَال إِن الْخضر لَا يذكر فى مَوضِع إِلَّا حضر وَالْخضر عِنْد الصُّوفِيَّة حى يرْزق وَقَالَ المحدثون لَا يَصح ذَلِك 109 - 1 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت لَا تقدر على الْحجاب لِأَن ضوء جبينك يظْهر للنَّاس وَكَذَلِكَ جودك فَلَا يقدر أَن يحتجب الْبَيْت نَاظر فى ضوء الجبين إِلَى قَول قيس بن الخطيم (قَضَى لهَا اللهُ حِينَ يَخْلُقُها ... الْخالِقُ أنْ لَا يُكِنَّها الصَّدَفُ) وناظر فى الْجُود إِلَى قَول الطائى (يَأيها المَلِكُ النَّائى بِرُؤْيَتِهِ ... وَجُودُهُ لِمُرَاعى جُودِهِ كَثَبُ) وَإِلَى قَول أَبى نواس (تَرى ضوْءَها مِن ظاهِرِ الكأسِ ساطِعا ... عَلَيْكَ وَلَوْ غَطَّيْتَها بِغَطاءِ) بجودك وهيبتك وَهَذَا من قَول الطائى (فنَعِمتِ مِنْ شَمْسٍ إِذا حُجِبتْ بَدَتْ ... مِنْ خِدْرِها فكأنَّها لَمْ تَحْجَبِ) الحديث: 108 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 - 1 - الْمَعْنى يَقُول الذى نلْت مِنْهُ بشربه نَالَ منى بِتَغَيُّر أعضائى وَأخذ عقلى ثمَّ تعجب من فعل الْخمر وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (وكأْسٍ كمَعْسُولِ الأمانِى شَرِبْتُها ... ولِكِنَّها أجْلَتْ وقَدْ شَرِبَتْ عَقْلى) (إِذا اليدُ نالَتْها بِوِتْرٍ تَوَقَّرَتْ ... عَلى ضِغْنِها ثُمَّ اسْتَقادَتْ مِنَ الرِّجْل) وَكَقَوْلِه أَيْضا (أفيكم فَتى حى فيخبرني عَنى ... بِمَا شربت مشروبة الراح من ذهني) الحديث: 110 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 - 1 - وَذَلِكَ أَنه كَانَ لبدر بن عمار جليس أَعور يعرف بِابْن كروس يحْسد أَبَا الطّيب لما كَانَ يُشَاهِدهُ من سرعَة خاطره لِأَنَّهُ لم يكن شئ يجرى فى الْمجْلس إِلَّا ارتجل فِيهِ شعرًا فَقَالَ الْأَعْوَر لبدر أَظُنهُ يعْمل قبل حُضُوره ويعده وَمثل هَذَا لَا يجوز وَأَنا أمتحنه بشئ أحضرهُ للْوَقْت فَلَمَّا كَانَ فى الْمجْلس ودارت الكئوس أخرج لعبة لَهَا شعر فى طرفها تَدور على لولب إِحْدَى رِجْلَيْهَا مَرْفُوعَة وفى يَدهَا طَاقَة ريحَان فَإِذا وقفت حذاء إِنْسَان شرب فدارت فَقَالَ مرتجلا 2 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْجَارِيَة شعرهَا طَوِيل قد بلغ نصف بدنهَا وَقد حكمهَا أهل الْمجْلس فأطوعوها فِيمَا تَأْمُرهُمْ لِأَنَّهَا كَانَت تَدور فَإِذا وقفت عِنْد رجل شرب فَأمرهَا فيهم نَافِذ مُطَاع 3 - الْمَعْنى الريحان الذى وضع فى كفها إِنَّمَا هُوَ كرها أَخَذته لم تَأْخُذهُ طَوْعًا 112 - 1 - الْمَعْنى يَقُول إِذا أسكرتنا بوقوفها حذاءنا فجهلها بِمَا فعلت عذر لَهَا لِأَنَّهَا لم تعلم مَا تفعل 2 - الْمَعْنى يَقُول الْعَرَب كلهَا قد لبست فخرابه ويروى كسبت بِالْبَاء الْمُوَحدَة 3 - الْإِعْرَاب جعل اسْم كَانَ نكرَة ضَرُورَة وَمثله لحسان (كأنَّ سَبيئة من بيْتِ رأسٍ ... يكُونُ مَزاجَهَا عسَلٌ وماءُ) وَمثله للقطامى (قِفى قبلَ التفرُّق يَا ضُباعا ... وَلا يكُ موْقفٌ مِنْك الوَداعا) الحديث: 111 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 - 1 - الْمَعْنى كَانَ المتنبى يتهم أَنه لَا يقدر على عمل الشّعْر ارتجالا فَأَرَادَ بدر أَن ينفى عَنهُ هَذِه التُّهْمَة 2 - الْمَعْنى يَقُول أَنا كالذهب الذى يخبر النَّاس جوهره بالسبك فتزيد قِيمَته على مَا كَانَت قبل فَقَالَ الْبَدْر وَالله (للدينار قِنْطَارًا ... ) قَالَ ابْن القطاع أَخذ عَلَيْهِ فى هَذَا وَقَالُوا لَيْسَ يُوجد ذهب يزِيد فى السبك فَقيل مَعْنَاهُ أَنا الإكسير الذى يطْرَح على الدِّينَار من الْفضة فيعوذ ذَهَبا وَالصَّحِيح من الْمَعْنى أَنه أَرَادَ بِالذَّهَب الإبريز الْخَالِص الذى يزِيد فى السبك يُرِيد إِذا فويست وجودلت زَاد علمى وتضاعف فضلى فَضرب السبك مثلا للجدال والاختبار 114 - 1 - الْمَعْنى يَقُول إِذا رجونا جودك ذهب الْفقر عَنَّا لِأَنَّهُ فى أَيْدِينَا فبه يطرد الْفقر وَإِن عودينا فنى عمر من يعاديك لِأَنَّهُ عرض نَفسه للتب 2 - الْمَعْنى الكئوس تَفْخَر بشربك فِيهَا وَالْخمر تنكر وتعيب على عافها 3 - الْمَعْنى أَنَّك تشرب وتسلم من غوائل الْخمر وهى تسكر كل من شربهَا فَكَأَنَّهَا من هيبتها مِنْك لَا تقدر على أَن تسكرك خوفًا من سطوتك الحديث: 113 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 - 1 - الْمَعْنى يَقُول رحيلى عَنْك كرها اضطرار لِأَن الْإِنْسَان رُبمَا عرض لَهُ أَمر يُوجب أَن يُفَارق فِيهِ روحه غير مبغض لَهَا وَكَذَلِكَ أَنا أُفَارِقك كَارِهًا مُضْطَرّا 3 - الْمَعْنى يَقُول أَنا مبتلى بحساد أحاربهم فانصرنى عَلَيْهِم بجودك لأفتخر عَلَيْهِم بِعَطَائِك 116 - 1 - الْغَرِيب عذيرى أى من يعذرنى من فلَان يُرِيد إِن أَسَأْت إِلَيْهِ فقد اسْتحق ذَلِك وَهَذَا يسْتَعْمل عِنْد الشكاية والعذارى الْبَنَات فى الْخُدُور لم يفرعهن بعل فَأَرَادَ هُنَا بالعذارى الْأُمُور الْعِظَام والخطوب الَّتِى لم يسْبق إِلَيْهَا والجوانح الضلوع الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأُمُور اتَّخذت أضلاعى وقلبى بُيُوتًا وخدورا كَمَا تسكن الْخُدُور 2 - الْإِعْرَاب ومبتسمات عطف على عذارى أى وَمن مبتسمات الْغَرِيب هيجاوات جمع هيجاء وهى الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول من عذيرى من مبتسمات تتبسم هيجاواتها عَن بريق السيوف لَا عَن الثغور 5 - الْغَرِيب العذافر القوى من الابل وعذافر من أَسمَاء الْأسد وَأَصله الشَّديد من كل شئ والضفور جمع الضفير من الْحَبل والنسع وَمِنْه الحَدِيث " سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت فَقَالَ اجلدوها ثمَّ قَالَ فى الثَّالِثَة بيعوها وَلَو بضفير " قَالَ مَالك والضفير الْحَبل الْمَعْنى يَقُول ركبت إِلَيْهَا وَالضَّمِير للهيجاء كل قوى من الْإِبِل حَتَّى قلق ضفيره من شدَّة السّير والهزال ومشيت إِلَيْهَا على قدمى الحديث: 115 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 - الْإِعْرَاب أوانا ظرف وَالْعَامِل فِيهِ مَحْذُوف الْغَرِيب الآونة جمع أَوَان مثل زمَان وأزمنة وقتد الْبَعِير هُوَ خشب الرحل وَجمعه أقتاد وقتود قَالَ الراجز (كأننى ضَمَّنْتُ هِقْلاً عَوْهَقا ... أقْتادَ رِحْلِى أوْ كُدُرًّا مُحْنِقا) الْمَعْنى يصف طول رحيله وَقلة مقَامه فَلهَذَا قَالَ فى النُّزُول أوانا وفى الرحيل آونة 6 - الْغَرِيب حر الْوَجْه مَا بدا من الْوَجْه وحر الرمل وحر الدَّار وسطهما والهجر والهجير شدَّة الْحر وَيكون وَقت الهاجرة والهجير هُوَ الهاجرة والهجير أَيْضا الْحَوْض الْكَبِير وَأنْشد القنانى (يَفْرِى الفَرِىَّ بالهَجِيرِ الواسِعِ ... ) الْمَعْنى يَقُول لمعرفتى بالطرق كأنى فى الظلام أَسِير كَمَا أَسِير فى الْقَمَر الْوَاضِح لمعرفتى بالمفاوز وقطعها وَهُوَ من قَول الآخر (نُعَرّضُ للطِّعانِ إذَا الْتَقَيْنا ... وُجُوها لَا تُعَرَّضُ للسِّبابِ) وعجزه من قَول الآخر (أقُولُ لبَعْضَهِمْ إنْ شَدَّ رَحْلِى ... لِهَاجِرةٍ نَصَبَتُ لهَا جَبِينِى) 7 - الْغَرِيب إشرورى نقير يضْرب مثلا للشئ الحقير والنقير مَا يكون على ظهر النواة وشغفى بهَا حبها وَمِنْه (قد شغفها حبا ... ) الْمَعْنى قل أى أَكثر القَوْل وَقل مَا شِئْت يُرِيد كم من حَاجَة بعثت فِيهَا وشغفت وَلم أقض مِنْهَا شَيْئا قَلِيلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 - الْإِعْرَاب نفس عطف على حَاجَة تَقْدِيره وَقل فى نفس الْمَعْنى قل مَا شِئْت فى نفس يُرِيد نَفسه لَا تجيب وَلَا تقنع بِأَمْر خسيس وَعين لَا تفتح وَلَا تدار فى المنظر على مثل 9 - الْمَعْنى وَقل فى كف جودك لَا يمسك شَيْئا وَلَا يُنَازع أحد فى شئ من الْأَشْيَاء إِلَّا فى شرفه وَكَرمه فَإِنَّهُ لَا يجود بهما ويجود بِمَا سواهُمَا 10 - الْمَعْنى وَقل فى قلَّة من ينصرنى على مَا أطلبه ثمَّ خَاطب الدَّهْر بقوله ابتلاك الله يَا دهر بدهر شَرّ مِنْك كَمَا ابتلانى بك وَأَنت شَرّ الدهور 11 - الْغَرِيب الأكم جمع أكمة وَيُقَال أكمة وآكام كأجمة وآجام وَيُقَال أكم وآكام وأكم كأسدوا آساد وَأسد لِأَن التَّاء تحذف فى الْجمع فَيجمع مَا فِيهِ التَّاء على مَا لاتاء فِيهِ وَيُقَال أكم وإكام مثل جبل وجبال وَجمع الاكام أكم ككتاب وَكتب وَجمع الأكم آكام مثل عنق وأعناق وهى الْموضع المطمئن إِلَى الأَرْض يكون فِيهِ الشّجر وَالْبَيْت وَقَوله {موغرة الصُّدُور} أى حرَّة بالعداوة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا يُرِيد أَن الأكم تنبوبه وَلَا يطمئن فَكَانَ ذَلِك لعداوة بَينهمَا وَالْآخر وَهُوَ الْوَجْه أَنه يُرِيد شدَّة مَا يقاسى فِيهَا من الْحر فَكَأَنَّهَا موغرة الصُّدُور من قُوَّة حَرَارَتهَا قَالَ ابْن فورجة أما الْمَعْنى الأول فَيُقَال لم يرد أَن يسْتَقرّ فى الأكم فتنبوبه وبئسما يخْتَار دَارا ومقاما وَأما الْمَعْنى الثانى فَيُقَال كَيفَ خص الأكم بِشدَّة الْحر وَالْمَكَان الضاحى للشمس أولى بِأَن يكون أحر وللأكمة ظلّ وَهُوَ أبرد من الْمَكَان الذى ظلّ فِيهِ فَهَذَا أَيْضا خطأ والذى عَنى أَبُو الطّيب أَن كل شئ يعاديه حَتَّى خشى أَن الأكمة الَّتِى هى لَا تعقل تعاديه وَيُرِيد بذلك الْمُبَالغَة وان لم يكن ثمَّ عَدَاوَة 12 - الْغَرِيب الْجد العثور هُوَ الذى لَا سَعَادَة لَهُ وَهُوَ الذى يعثر صَاحبه ويتبعه فى طلب الرزق الْمَعْنى يُرِيد لَو حسدنى الْأَعْدَاء على كل شئ نَفِيس وَهُوَ الذى يتنافس فِيهِ لجدت لَهُم بِهِ لما أَنا فِيهِ من الْحَظ المنحوس ويروى لذى الْجد أى لجدت بِهِ لأنحس النَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 - الْمَعْنى يَقُول حسدونى على سرورى وأنسى وَأَرَادُوا أَن أكون مَحْزُونا أبدا وَإِذا طلبُوا ذَلِك فكأنهم طلبُوا موتى فَإِن حَيَاة الحزين موت وكنى بِالْحَيَاةِ عَن السرُور لِأَن الْحَيَاة إِذا عدم مِنْهَا السرُور لم تكن حَيَاة وَقَالَ الواحدى ذكر فِيمَا قبل الْبَيْت أَنه لَو حسد على نَفِيس لجاد بِهِ ثمَّ قَالَ إِنَّمَا أحسد على حياتى وهى حَيَاة بِلَا سرُور أى لَا خير فى حياتى لِأَنَّهَا بِلَا سرُور وَلَو كَانَ فِيهَا خير وسرور لجدت بهَا وَلَكِن لَا يرغب أحد فى حَيَاة لَا سرُور فِيهَا فَجعل الْحَيَاة كالشئ الذى يجاد بِهِ على الْحَاسِد للنجاة من شَره وحسده ثمَّ ذكر أَنَّهَا خَالِيَة من السرُور فَلَا يرغب فِيهَا رَاغِب وَلَا يحْسد عَلَيْهَا حَاسِد 14 - الْمَعْنى يُخَاطب ابْن كروس الْأَعْوَر وَكَانَ يعاديه لذَلِك قَالَ نصف أعمى وَنصف بَصِير أى إِن فخرت ببصرك فَأَنت ذُو عين وَاحِدَة وَأَنت نصف أعمى 15 - الْمَعْنى يُرِيد الْعَدَاوَة تقع مِنْك لأَنا فصحاء وَأَنت ألكن أى أخرس ذُو عى وَنحن بصراء ذَوُو أبصار صَحِيحَة وَأَنت أَعور 6 - الْغَرِيب الفتر دون الشبر وَهُوَ مَا بَين السبابَة والإبهام إِذا فتحا الْمَعْنى يَقُول الهجاء يرْتَفع عَن قدرك لِأَنَّك خسيس الْقدر كَمَا أَن الفتر يضيق مِقْدَاره عَن السّير فِيهِ كَذَلِك أَنْت لَيْسَ لَك عرضى يهجى فلخستك لَا مجَال للهجاء فِيك وَمثله (بِما أهْجوكَ لَا أدْرِى ... لِسانِى فِيكَ لَا يِجْرِى) (إذَا فَكَّرْتُ فِى عِرْضِكَ ... أشْفَقَتْ على شعْرِى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد وَقت عِنْد هَذَا الممدوح يفى بِجَمِيعِ الزَّمَان كَمَا أَنه يفى لى بِكُل إِنْسَان 3 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ مثل النَّاس كلهم فقد صَارُوا بِهِ مثليهم ودهره عَظِيم الْقدر بِهِ فقد صَار دهورا 118 - 1 - الْغَرِيب النشر الرَّائِحَة الطّيبَة والكباء الْعود الْإِعْرَاب نشر مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف للْعلم بِهِ كَأَنَّهُ يَقُول هَذِه الْأَشْيَاء لَا تَجْتَمِع لأحد وَلَا يشرب الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأَشْيَاء لم تَجْتَمِع لأحد وَلم يشرب إِلَّا كَانَ مَعْدُوم الْحس 2 - الْمَعْنى يَقُول لما اجْتمع لى مَا ذكرته سكرت من غير شرب فداو خمارى بِشرب الْخمر فإنى سَكرَان من السرُور لَا من الْخمر 119 - 2 - الْإِعْرَاب روى هَذَانِ البيتان بِرَفْع القافية ونصبها فالرفع على الِاسْتِئْنَاف وَالنّصب عطف على يرى والشطر الثانى من الْبَيْت الثانى روى ( ... . من بعد أَن يبصرها ... ) الْمَعْنى يَقُول لَا يلام من رأى الشَّمْس وَقَالَ هَذِه الشَّمْس إِنَّمَا للوم على من رَآهَا وَقَالَ هَذِه ظلمَة وضربه مثلا فَإِن أَبَاهُ شمس فَلَا يقدر على الاختفاء لِأَن الشَّمْس لَا تختفى وَمثله للعكوك (سَمَا فوْقَ الرّجال فَلَيْسَ يَخْفَى ... وهلْ فى مطلع الشَّمس التباسُ) الحديث: 117 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 - 1 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أشاهد بعينى مَا أمدح بِهِ الْأَمِير من خِصَال إِذا نظرت إِلَيْهَا نظمت غرائب المنثور فعينى تنظم فضائله لِأَنَّهَا تدركها وتشاهدها لَا قلبى 2 - الْمَعْنى يَقُول عينى الناظمة وَقد بَين مَا قَالَ فى هَذَا الْبَيْت وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (وحاكةِ شِعر حسَّنوا القَوْل مِنْهُم ... ومنك وَمن أفعالك امتاز حسْنه) وَمثله لِابْنِ المعتز (إِذا مَا مدَحْناهُ استَعَنَّا بفعلِه ... لنأخذَ مَعنى مَدْحِه من فِعالِه) 121 - 2 - الْغَرِيب المقتضب البديه يُقَال اقتضبت كلَاما إِذا أَتَى بِهِ بديها كُله كَأَنَّهُ اقتطع غصنا من أَغْصَان الشّجر والمقتضب فى الْبَيْت مصدر بِمَعْنى الاقتضاب وَهُوَ الاقتطاع أى أَتَى بِهِ على البديهة الْمَعْنى يَقُول المديح الْكثير قَلِيل فى حَقك وَمَا منعنى عَن البديهة وَغَيرهَا فى مدحك إِلَّا عذر لم يُبينهُ فى شعره وَلَعَلَّ الممدوح علم بِهِ فَلهَذَا أهمل ذكره وَهُوَ من قَول إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم (إِذا استكثر الحُسَّادُ مَا قيل فيكُمُ ... فإنَّ الذى يَستكثرونَ قليلُ) الحديث: 120 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 - 3 - الْمَعْنى يَقُول أفعالك مادحاتك لأنى أَرَاهَا فأتعلم الْمَدْح مِنْهَا فهى المادحة لَك لَا لفظى وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (وَلا مَدْحَ مَا لم يمْدَحِ المْرءُ نفْسَهُ ... بأفعالِ صِدْقٍ لم تَشِنْها الخسائسُ) 4 - الْغَرِيب سقَاهُ الله وأسقاه إِذا أمطر بِلَاده وهما لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم} وَقَالَ تَعَالَى {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وَهَذَا بِلَا خلاف وَاخْتلف فى قَوْله {نسقيكم مِمَّا فى بطونه وبطونها} فى النَّحْل والإفلاح فَقَرَأَ فيهمَا نَافِع وَأَبُو بكر بِالْفَتْح من سقى يسقى وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ من أسْقى يسقى الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بالسقيا 1 - الْغَرِيب بسيطة مَوضِع بِقرب الْكُوفَة القطار والقطر هُوَ الْمَطَر الْمَعْنى يُخَاطب هَذِه الْبقْعَة لما وَصلهَا وَيَقُول حيرت عُيُون غلمانى وَذَلِكَ أَن أحد غلمانه رأى ثورا يلوح فَقَالَ هَذِه مَنَارَة الْجَامِع وَنظر آخر إِلَى نعَامَة فَقَالَ هَذِه نَخْلَة فَضَحِك وَقَالَ (بسيطة ... ... الْبَيْت ... ) 2 - الْغَرِيب الصوار القطيع من بقر الْوَحْش والمنار يُرِيد مَنَارَة الْجَامِع الْمَعْنى يَقُول ظنُّوا مَا رَأَوْا عَلَيْك النخيل ومنارة الْجَامِع كَأَنَّك حيرت أَبْصَارهم 3 - الْمَعْنى يَقُول لم يملك أصحابى أنفسهم من الضحك فَمنهمْ من اقتصد فى الضحك وَمِنْهُم من أفرط فِيهِ فهم قد تمسكوا بالأكوار يعْنى بالرحال خوفًا من أَن يسقطوا من الضحك الحديث: 122 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 - 1 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أقَاتل الدَّهْر وأحداثه وحيدا لَا نَاصِر لى ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك وَقَالَ لم أقل إنى وحيد وَالصَّبْر معى من كَانَ مَعَه الصَّبْر فَلَا وحدة لَهُ وَالْمعْنَى كَيفَ أقَاتل فُرْسَانًا أَحدهَا الدَّهْر وحيدا ووحيدا حَال من أطاعن وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن الرومى (فإنَى من زَمانٍ فِى حُروبِ ... ) 2 - الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ طول بقائى وسلامتى إِلَّا لأمر عَظِيم يظْهر على يدى فثبوت سلامتى معى فى هَذِه المطاعنة لأمر عَظِيم وَالْمعْنَى أَنى أسلم من هَذِه الْحَوَادِث وَلَا تصيب بدنى وَلَا مهجتى بِضَرْب وَمَا هَذَا إِلَّا لشئ عَظِيم 3 - الْغَرِيب الْآفَات جمع آفَة وهى مَا يُصِيب الْإِنْسَان من قتل أَو جِرَاحَة أَو مرض أَو غير ذَلِك والذعر الْخَوْف الْمَعْنى يُرِيد أَن الْآفَات لَو قدرت على النُّطْق لقالت أمات الْمَوْت أم خَافَ الْخَوْف حَتَّى لَا يخَاف هَذَا وَلَا يَمُوت لِكَثْرَة مَا ترى من صبرى وإقدامى على المخاوف والمهالك من غير خوف وَلَا هَلَاك يصيبنى 4 - الْغَرِيب الأتى السَّيْل الذى لَا يردهُ شئ وَالْوتر بِالْكَسْرِ الْفَرد وَالْوتر بِالْفَتْح الذحل هَذِه لُغَة أهل الْعَالِيَة فَأَما لُغَة أهل الْحجاز فبالضد مِنْهُم وَأما تَمِيم فبالكسر فيهمَا وَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى وَالشَّفْع الْوتر بِكَسْر الْوَاو الْمَعْنى يَقُول أَنا أقدم على المهالك إقدم السَّيْل الذى لَا يرد حَتَّى كَأَن لى نفسا أُخْرَى إِن هَلَكت وَاحِدَة رجعت الْأُخْرَى أَو كَأَن لى ذحلا عِنْد مهجتى فَأَنا أُرِيد إهلاكها 5 - الْمَعْنى يَقُول دع نَفسك تَأْخُذ مَا تقدر عَلَيْهِ من سلم أَو حَرْب أَو مَال فَإِنَّهَا مُفَارقَة الْجَسَد فَإِنَّهُمَا جاران صحبتهما مُدَّة الْعُمر فَإِذا فنى الْعُمر افْتَرقَا // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام // وَهُوَ من كَلَام الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم من قصر عَن أَخذ لذاته عدمهَا وَعدم صِحَة جِسْمه وَلَقَد أحسن أَبُو الطّيب فى نظم هَذَا الْكَلَام الحديث: 123 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 - الْغَرِيب الْقَيْنَة الْمُغنيَة والزق ظرف الْخمر والفتكة وَاحِدَة الفتكات وَأَرَادَ الَّتِى لم يفتك مثلهَا فَلهَذَا قَالَ الْبكر الَّتِى لم يسْبق إِلَى مثلهَا الْمَعْنى يَقُول لَا تحسبن الْمجد وَكَمَال الشّرف شرب الْخمر وَسَمَاع الْقَيْنَة وَإِنَّمَا الْمجد يكْسب بقتل الْأَعْدَاء والإقدام الذى لم يسْبق إِلَيْهِ وَهُوَ أَن يفتك اغتيالا بالأعداء 7 - الْإِعْرَاب تضريب عطف على قَوْله إِلَّا السَّيْف أى فَمَا الْمجد إِلَّا السَّيْف وتضريب وَقَوله وَأَن ترى فى مَوضِع رفع عطف على تضريب الْغَرِيب الهبوات جمع هبوة وهى الغبرة الْعَظِيمَة والمجر الْجَيْش الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول الْفَخر واكتساب الْمجد أَن تضرب أَعْنَاق الْأَعْدَاء وتثير الْغُبَار بحوافر الْخَيل عِنْد الطعان 8 - الْغَرِيب الدوى الصَّوْت الْعَظِيم يسمع من الرّيح وحفيف الْأَشْجَار الْمَعْنى يَقُول اترك فى الدُّنْيَا جلبة وصياحا عَظِيما وَذَلِكَ أَن الرجل إِذا سد أُذُنه سمع ضَجِيجًا وَنقل بَعضهم هَذَا وَجعله خرير دُمُوعه فَقَالَ (فاحْشُ صِماخَيْكَ بسبَّابَىْ ... كَفَّيْكَ تسمعْ لدموعى خَريرَا) وَهَكَذَا من يتَعَرَّض لمعانى المتنبى يجِئ شعره أبرد من الزَّمْهَرِير وَقَالَ الواحدى يُرِيد أَنه لَا يسمع إِلَّا الضجة حَتَّى كَأَنَّهُ سد مسامعه عَن غَيرهَا 9 - الْمَعْنى يَقُول إِذا لم يرفعك الْفضل عَن شكر اللَّئِيم والانبساط إِلَيْهِ فقد ألزمك الْأَخْذ مِنْهُ شكره وَإِذا صَار مشكورا فَإِن الْفضل لَهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا اضطرتك الْحَال إِلَى أَن تشكر اصاغر النَّاس على مَا تتبلغ بِهِ فالفضل فِيك وَلَك لَا للممدوح المشكور وَقَالَ أَبُو الْفضل العروضى يَقُول أَبُو الطّيب فالفضل فِيمَن لَهُ الشُّكْر وَيَقُول أَبُو الْفَتْح فالفضل فِيك وَلَك فَتغير اللَّفْظ وَفَسَد الْمَعْنى والذى أَرَادَ المتنبى أَن الْفضل وَالْأَدب إِذا لم يرفعاك عَن شكر النَّاقِص على هبة فتمدحه طَمَعا وتشكره على هِبته فالناقص هُوَ الْفَاضِل لَا أَنْت يُشِير إِلَى الترفع عَن هبة النَّاقِص والتنزه عَن الْأَخْذ مِنْهُ حَتَّى لَا تحْتَاج إِلَى أَن تشكره وَقَالَ أَبُو على بن فورجة الذى أَرَادَ أَبُو الطّيب أَنه إِذا كَانَ الْفضل لَا يرفعك عَن شكر نَاقص على إِحْسَان مِنْهُ إِلَيْك فَإِن الْفضل لمن شكرته لَا لَك لِأَنَّك مُحْتَاج إِلَيْهِ يعْنى أَن الْغنى خير من الْأَدَب يُرِيد إِذا كَانَ الأديب مُحْتَاجا إِلَى الْغنى فَالْمَعْنى أَنه يحرض على ترك الانبساط إِلَى اللَّئِيم النَّاقِص حَتَّى لَا يشْكر فَيكون لَهُ الْفضل وَقَالَ الواحدى الذى أَدخل الشُّبْهَة على أَبى الْفَتْح أَنه تَأَول فى قَوْله (فالفضل فِيمَن لَهُ الشُّكْر ... ) يُرِيد الشاكر فالشاكر لَهُ الشُّكْر من حَيْثُ أَنه يشكرك فَذهب إِلَى هَذَا فأفسد الْمَعْنى وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو الطّيب بقوله (من لَهُ الشُّكْر ... ) المشكور على إحسانه وَقَالَ ابْن القطاع أفسد ابْن جنى هَذَا الْمَعْنى وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو الطّيب إِذا لم يرفعك فضلك عَن شكر نَاقص فالفضل لَهُ لَا لَك ينهاه أَن يمدح نَاقِصا وَهَذَا من كَلَام الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم من لم يرفع نَفسه عَن قدر الْجَاهِل يرفع قدر الْجَاهِل عَلَيْهِ وَفِيه نظر إِلَى قَول الطائى (عَيَّاشُ إنكَ لَلَّئيم وإننى ... إذْ صِرْتَ موضعَ مَطلبى للئيمُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 - الْمَعْنى يَقُول من جمع المَال خوفًا من الْفقر كَانَ ذَلِك هُوَ الْفقر قَالَ أَبُو الْفَتْح الْفقر فى الْحَقِيقَة أَن تفنى دهرك فى جمع مَالك وَقَالَ الْخَطِيب إِذا أفنيت دهرك فى جمع المَال وَلم تنفقه فقد مضى عمرك فى الْفقر فَمَتَى يكون غناك فقد تعجلت الْفقر وَهَذَا الْبَيْت // من أحسن الْكَلَام // وبديعة وَهُوَ من كَلَام الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم من أفنى مدَّته فى جمع المَال خوف الْفقر والعدم فقد أسلم نَفسه للعدم وَهُوَ من قَول الآخر (أمِنْ خَوْفِ فَقْرٍ تَعَجَّلْتَهُ ... وأخَّرْتَ إنفاقَ مَا تَجْمَعُ) (فصِرتَ الفَقيرَ وَأَنت الغَنِىُّ ... فَمَا كَانَ ينفَعُ مَا تصنعُ) وَمثله (يقولُ لَمن يَلْحاه فى بذل مالِه ... أَأُنفِق ساعاتى وأنفقُ مالِيا) وَمثله (يخوّفنى بالفَقرِ قوْمى وَما درُوا ... بأنّ الذى فِيهِ أفاضُوا هُوَ العُسْر) (فقُلت لَهُم لمَّا لَحَوْنى وَأَكْثرُوا ... أَلا إنّ خوف الْفقر عندى هُوَ الْفقر) وَقَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام من دَافع بالذل قبل الْفقر فقد تعجل الْفقر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 - الْغَرِيب الطمرة الْفرس الْعَالِيَة المشرفة والحيزوم الصَّدْر والغمر الحقد الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَقُول أَنا كَفِيل بخيل فرسانها هَؤُلَاءِ وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا 12 - الْمَعْنى يَقُول يُدِير عَلَيْهِم يعْنى الْغُلَام كئوس الْمَوْت فى وَقت لَا تطلب الْخمر وَلَا ترَاد لشدَّة مَا هم فِيهِ من الْقِتَال وَإِنَّمَا الْخمر تشْتَهى عِنْد وَقت الْفَرح واللذة والفراغ وَهُوَ من قَول الآخر (يُدِيرُ بسيفِهِ كأسَ المَنايا ... إِذا سَلَبَتْ حُمَيَّاها الْقُلُوبا) 13 - الْمَعْنى يَقُول كم جبال قطعتها سيرا تشهدلى بالوقار والحلم وبحر يشْهد لى بالجود وَهُوَ من قَول الآخر (فَتى لَا يرَاهُ البحرُ إِلَّا أظَلَّهُ ... خَواطِرُ فِكْر إنَّه زاخرُ البحرِ) 14 - الْإِعْرَاب مَكَان العيس مُبْتَدأ ومكاننا ابْتِدَاء ثانى وواسط الكور وَالظّهْر خبر الِابْتِدَاء الثانى وَالْجُمْلَة خبر الأول وَهَذَا قَول ابْن القطاع وَقيل مَكَان العيس مُبْتَدأ ومكاننا خَبره وواسط الكور وَالظّهْر بدل من قَوْله مَكَاننَا الْغَرِيب الْخرق المتسع من الأَرْض والعيس الْإِبِل الْبيض والكور الرحل للناقة الْمَعْنى قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى الْإِبِل كَأَنَّهَا واقفة لَا تذْهب وَلَا تجئ لسعة هَذَا الْخرق فَكَأَنَّهَا لَيست تَبْرَح مِنْهُ فَكَمَا نَحن فى ظُهُور العيس لَا نَبْرَح مِنْهَا فى أوساط أكوارها فَكَذَلِك هى كَأَن لَهَا من أَرض هَذَا الْخرق كورا وظهرا فقد أَقَامَت بِهِ لَا تبرحه قَالَ وَقد غلط فِيمَا ذكر إِنَّمَا يصف مفازة قد توسطها فَهُوَ على ظهر الْبَعِير فى جوزه فَكَأَنَّهُ من ظهر النَّاقة مَكَانهَا من الْخرق الْمَعْنى أَنى فى وسط ظُهُور الْإِبِل وَالْإِبِل فى وسط ظهر الْخرق وَلم يتَعَرَّض فى هَذَا الْبَيْت لوقوفها وَلَا لبراحها ثمَّ ذكر سَيرهَا فى الْبَيْت الثانى فَقَالَ (يخدن بِنَا فى جوزه ... ) الخ فَكيف يتَّجه قَول أَبى الْفَتْح مَعَ قَوْله (يخدن بِنَا ... ) وَهَذَا يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا إِنَّا وَإِن كُنَّا نسير فكاننا لَا نسير لطول الْمَفَازَة وَأَنه لَيْسَ لَهَا طرف كالكرة لَا يكون لَهَا طرف ينتهى إِلَيْهِ والثانى أَنه يصف شدَّة سيرهم والكرة تُوصَف بِشدَّة الْحَرَكَة كَقَوْل بشار (كأنَّ فُؤاده كرة تَنَزَّى ... حِذَارَ البَيْنِ لَو نفَع الحِذارُ) وَالْبَيْت مَنْقُول من قَول ذى الرمة (وَمَهْمَهٍ دَلِيله مُطَوِّح ... يدأبُ فِيهِ القوْم حَتَّى يطْلَحُوا) (ثمَّ يظلُّلون كأنْ لم يبرَحوا ... كَأَنَّمَا أمْسَوْا بحيثُ أصْبحوا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 - الْغَرِيب يخدن يسرن وَهُوَ ضرب من السّير وَهُوَ الْإِسْرَاع وَجوزهُ وَسطه الْمَعْنى يَقُول كأننا على كرة وَلَا ينتهى لى سير أَو كَأَن أَرض الْخرق تسير مَعنا حَيْثُ كَانَت لَا تَنْقَطِع وَهَذَا مثل قَول السرى (وخَرْقٍ طالَ فِيهِ السَّيرُ حَتَّى ... حَسِبْناهُ يسيرُ مَعَ الرّكاب) وَإِذا أسْرع الْإِنْسَان فى السّير أى الأَرْض كَأَنَّهَا تسير مَعَه من الْجَانِبَيْنِ لهَذَا قَالَ أَو أرضه مَعنا سفر وَمعنى الْبَيْت نَحن نسير بِسُرْعَة وَلَا نبلغ مدى الْخرق فَكَأَنَّهُ يسير مَعنا وَهُوَ من قَول أَبى النَّجْم (فكأنّ أرْضَ اللهِ سائرَةٌ ... معَنا إِذا سَارَتْ كَتائِبُهْ) 16 - الْإِعْرَاب وَيَوْم عطف على خرق فكلاهما مجرور بواو رب وَالضَّمِير فى أفقه لِليْل وَلَيْسَ لِليْل أفق وَإِنَّمَا أَرَادَ أفق السَّمَاء فى ذَلِك اللَّيْل الْغَرِيب الْأُفق النَّاحِيَة وَالْحلَل جمع حلَّة وَلَا يكون حلَّة حَتَّى يكون إزارا ورداء أَو ثَوْبَيْنِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الْحلَل برود الْيمن الْمَعْنى أَنه يصف السّير ووصلهم الْيَوْم بالليلة وَكَأن السَّمَاء من الْبَرْق عَلَيْهَا حلل حمر من قَول ابْن ميادة (وأُلْبِسَ عُرْضُ الأُفْقِ ثَوْبا كأنَّهُ ... عَلى الأُفُقِ الغَرْبىّ ثَوْبٌ مُعَصْفَرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 - الْغَرِيب الدجن الظلمَة وَأَرَادَ بِهِ الْغَيْم والدجن إلباس الْغَيْم السَّمَاء وَقد دجن يَوْمنَا يدجن بِالضَّمِّ دجنا ودجونا والدجنة من الْغَيْم المطبق تطبيقا الريان المظلم الذى لَيْسَ فِيهِ مطر الْمَعْنى يَقُول كَأَن على متن ذَلِك الْيَوْم من ظلمَة السَّحَاب حللا سُودًا والسواد يُسمى خضرَة قَالَ ذُو الرمة (فى ظلّ أخضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ ... ) أَرَادَ بِهِ سَافر أَيَّام الرّبيع وَالْأَرْض خضراء 18 - الْإِعْرَاب قبر مَرْفُوع مَعْطُوف على خبر إِن تَقْدِيره علا لم يمت أَو أَنه لَهُ قبر فى السَّحَاب الْمَعْنى يُرِيد بعامر جد الممدوح يَقُول ظننا جده علا فى السَّحَاب وَهُوَ حى لم يمت وَأَنه إِذا مَاتَ علا قَبره فى السَّحَاب فَهُوَ يصب المَاء صبا كَمَا كَانَ يصب الْجواد صبا 19 - الْإِعْرَاب أَو ابْن ابْنه مَنْصُوب عطفا على عَامِرًا تَقْدِيره أَو أَن ابْن ابْنه على بن أَحْمد والباقى فى مَوضِع نصب وَإِنَّمَا سكن الْبَاء ضَرُورَة وحروف الْعلَّة أبدا تسكن فى حَال النصب ضَرُورَة قَالَ يصف إبِلا بالسرعة (كأنَّ أيديهِنَّ بالقاعِ القَرِقْ 1 ... ) وَمثله كثير الْمَعْنى يَقُول وظننا أَن ابْن ابْنه هَذَا الممدوح يجود بِهَذَا المَاء الذى لم ينزل من السَّحَاب فَلَو لم أجز أى أعبر ويدى خَالِيَة لَقلت إِنَّه كَانَ فى السَّحَاب يُقَال صفرت الْيَد تصفر فهى صفر وَلَا يُقَال صفرَة يَقُول وَلما جزت ويدى صفر فارغة علمت أَنه جود لَا جود وَمعنى الْبَيْتَيْنِ من قَول الطائى (وراحة مُزْنةٍ هَطْلاءَ تَهْمِى ... مواطرُها وَهُنَّ عَلىَّ سَكْبُ) (فَقلت يَد السَّمَاء أم ابْن وهب ... تجلَّى للندى أم عَاشَ وهب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 - الْغَرِيب الْجُود مَاء الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ السَّحَاب جوده يشبه بجود هَذَا الممدوح فَهُوَ سَحَاب يفخر على كل السحب 21 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى مَا يجْتَمع فى قلبه من الْهم لَا يجمعه قلب غَيره وَلَو ضمهَا لَكَانَ عَظِيما مثلهَا وَلَو كَانَ كَذَلِك مَا وَسعه الصَّدْر لعظم الْقلب وَهَذَا مِمَّا أجْرى فِيهِ الْمجَاز مجْرى الْحَقِيقَة لِأَن عظم الهمة لَيْسَ من كَثْرَة الْأَجْزَاء حَتَّى يكون محلهَا وَاسِعًا يَسعهَا أَلا ترى أَن قلب الممدوح قد وسعهَا وصدره قد وسع قلبه وَلَيْسَ بأعظم من صدر غَيره وَقَالَ ابْن الرومى (كضمير الفُؤادِ يَلْتهِمُ الدُّنيا ... وتحوِيه دَفَّتا حَيْزُوم) يعْنى أَن الْفُؤَاد يسْتَغْرق الدُّنْيَا بِالْعلمِ والفهم ثمَّ يحويه جانبا الصَّدْر 22 - الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا سخاؤه لما انْتفع النَّاس بإمكانه وغناه لِأَن الْإِمْكَان قد يكون مَعَ الشُّح فَلَا ينفع وَالْمعْنَى أَن الْمَوْجُود لَا ينفع بِلَا جود كالرماح لَا تَنْفَع إِلَّا بالأكف فلولا الأكف الَّتِى تمسك الرماح لما عملت عملا وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى (إِذا لم يكُن أمْضَى مِنَ السَّيفِ حاملٌ ... فَلَا قَطْعَ إنَّ الكفَّ لَا السَّيفَ تقطَعُ) وللبحترى أَيْضا (فَلَا تُغْلِينَّ بالسَّيفِ كلّ غِلائه ... لِيَمْضىِ فَإِن الكَفَّ لَا السَّيفَ تقْطَعُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 - الْإِعْرَاب قرَان مَرْفُوع بِفعل مُضْمر تَقْدِيره أَنْجَب بِهِ قرَان هَذِه حَاله الْمَعْنى يُرِيد بالصلت جده لأمه وبعامر جده لِأَبِيهِ وَالْقرَان اسْم لمقارنة الكوكبين وَالْمعْنَى أَنه جعل اجْتِمَاع جديه من الطَّرفَيْنِ وَنسب الممدوح كقران الْكَوَاكِب تَعْظِيمًا لشأنه وَشبه اجْتِمَاعهمَا باجتماع السَّيْف الهندوانى مَعَ النَّصْر وَإِذا اجْتمعَا حسن أثرهما وَعلا أَمرهمَا وَهَذَا من أحسن الْمعَانى وأبدعها 24 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى جَاءَا للجدين الْمَذْكُورين فى الْبَيْت الذى قبله وهما عَامر والصلت الْغَرِيب الصَّلْت الجبين الْوَاضِحَة والقل الْقلَّة والكثر الْكَثْرَة الْمَعْنى يَقُول ترى النَّاس حوله وهم كَثِيرُونَ بِالْعدَدِ قليلين بِالْفَضْلِ والحسب وَقيل قليلين بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ وَالْقِيَاس بِهِ وَالتَّقْدِير ذوى قل فى الْمَعْنى وهم ذَوُو كثر فى الْعدَد وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى تَمام (إِن الكِرامَ كَثير فِى البِلادِ وَإنْ ... قَلوا كَمَا غيرُهم قُلٌّ وَإِن كثرُوا) 25 - الْإِعْرَاب مفدى فى حَال نَصبه بدل من قَوْله مُعظما أَو صفة لَهُ الْغَرِيب السميذع السَّيِّد الْكَرِيم وَالْجمع سماذع وَالْمدّ زِيَادَة المَاء والجزر نقصانه الْمَعْنى يُرِيد أَن الرِّجَال تفديه بِآبَائِهَا بقَوْلهمْ فداؤك أَبى وأمى وَهُوَ سيد كريم يزِيد وَلَا ينقص 26 - الْغَرِيب الْخَبَر الْخِبْرَة والاختبار الْمَعْنى يَقُول كنت أساير فِي ذكره كل ركب وأستعظم مَا أسمعهُ مِنْهُم وٍ أستكبره حَتَّى زرته وخبرته فصغر اختبارى مَا كنت أسمع فى وَصفه من كرم وَحسب وحلم وَعظم قدر وَوَجَدته أعظم مِمَّا كنت أسمع وَهَذَا من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لزيد لخيل الطائى وَقد وَفد عَلَيْهِ (مَا وصف لى أحد إِلَّا رَأَيْته دون الْوَصْف سواك ... فَإنَّك فَوق مَا وُصِفتَ لى) وَمثل هَذَا قَول الآخر (كَانَت محادثةُ الرُّكْبانِ تُخْبِرُنِى ... عَن أحمدَ بنِ علىّ طيِّبَ الخَبَرِ) (ثمَّ التَقَيْنا فَلَا وَالله مَا سَمِعَت ... أُذنى بأحْسن مِمَّا قد رأى بَصَرِى) ولأبى تَمام (لَا شىْءَ أحسن من ثنائى سائراً ... ونداكَ فى أُفق الْبِلَاد يُسايره) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 - الْغَرِيب الصفصف الفلاة المستوية والوآة النَّاقة الشَّدِيدَة وَالذكر وأى الْمَعْنى جعل سَيرهَا فى الأَرْض الواسعة طَعنا يَقُول طَعنا بِهَذِهِ النَّاقة أى قَطعنَا بهَا الأَرْض الواسعة فَأَيْنَ قصدت من الأَرْض قطعته وجازته فَكَانَ بِمَنْزِلَة الطعنة إِذا صادفت نحرا لِأَنَّهَا تُؤثر الْأَثر الْأَكْبَر وَقَالَ ابْن فورجة سَيرهَا طعن وَمَا تسير فِيهِ من القلاة نحر يَقُول مرت نَافِذَة كَمَا ينفذ الطعْن فى النَّحْر فَكَأَنَّهَا رمح وَكَأن الصفصف ومداه نحر قَالَ وَلَو أمكنه أَن يَقُول (كلّ مَا لقِيت من المفاوز ... ) لظهر الْمَعْنى قَالَ الواحدى يجوز أَن يكون الْمَعْنى كل مَا لقِيت هَذِه النَّاقة من مشاق الطَّرِيق نحر لَهَا يعْمل بهَا عمل النَّحْر فَكَأَنَّهَا تنحر فى كل سَاعَة 28 - الْغَرِيب النبر دويبة تسلع الْإِبِل فيرم مَوضِع لسعتها الْمَعْنى يَقُول إِذا لسعت ولهت لشدَّة اللسعة فَكَأَنَّهَا فرحت فَرحا وَكَأَنَّهُ صر فى جلدهَا نوالا أى عَطاء وَشبه وَشبه ورم اللسعة بصرة دَرَاهِم فَكَأَنَّهَا مرحت لذَلِك والمرح فى الْحَقِيقَة هُوَ جعلهَا تقلق لَهُ فَكَأَنَّهَا تمرح وَقيل النبر إِذا لسع الْجمل ورم مَكَان اللسعة حَتَّى يصير مثل الرمانة الصَّغِيرَة فَلذَلِك حسن تَشْبِيه بالصرة فى جلدهَا 29 - الْمَعْنى كنت أقرب إِلَيْنَا مطلبا من الْبَدْر وَالشَّمْس وهما دُونك فى الْفضل قَالَ الْخَطِيب أَنْت أقرب وَأفضل من الشَّمْس والبدر على قربك منا وهما بعيدان قَالَ // وَلم يعبر عبارَة جَيِّدَة // وَقَالَ الواحدى أَنْت دونهمَا فى الْبعد وَأقرب إِلَيْنَا مِنْهُمَا وهما دُونك فى أحوالك وَأَنت أَعم نفعا مِنْهُمَا وَأشهر ذكرا وَأَعْلَى منزلَة وَقدرا 30 - الْغَرِيب الْعشْر آخر أظماء الْإِبِل وَهُوَ أَن ترد يَوْمًا وتدعه ثَمَانِيَة أَيَّام وَترد يَوْم الْعَاشِر الْمَعْنى قَالَ الواحدى لَو كنت المَاء لوسعت بطبع الْجُود كل حَيَوَان وكل مَكَان وفى ذَلِك ارْتِفَاع الأظماء وَيجوز أَن يُقَال لَو كنت برد المَاء لما غادرت غلَّة إِلَّا أطفأتها وَقَالَ ابْن جنى كَانَت تتجاوز الْمدَّة فى وُرُودهَا الْعشْر لغناها بعذوبتك وبردك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 - الْغَرِيب الحجا الْعقل الْمَعْنى يَقُول الذى اجْتمع فِيك من الْفَضَائِل دعانى إِلَيْك ونثرك ونظمك وَمَا تَأتيه على غير نظام من كَثْرَة نائلك 33 - الْغَرِيب الحبر مَا يكْتب بِهِ وَهُوَ المداد وموضعه المحبرة والحبر الْأَثر وَالْجمع حبور والبيوت جمع بَيت من الشّعْر وَالْبناء وتكسر الْبَاء فى الْجمع وتضم وَقد قرئَ بهما فى الْقُرْآن هَذَا وَمَا كَانَ على وَزنه مثل الْعُيُون والغيوب والعيوب والجيوب والشيوخ فَكسر الْجَمِيع حَمْزَة وَوَافَقَهُ أَبُو بكر إِلَّا فى الْجُيُوب وَوَافَقَهُ ابْن كثير والكسائى وَابْن ذكْوَان فى الْجَمِيع سوى الْعُيُوب وَوَافَقَهُ هِشَام وقالون فى كسر الْبيُوت لَا غير الْمَعْنى يرْوى قلت على المخاطبة وعَلى الْإِخْبَار فَمن خَاطب أَرَادَ أَن الممدوح كَانَ // حسن الشّعْر // وَعَلِيهِ فسر أَبُو الْفَتْح والواحدى وَمن رَوَاهُ على الْإِخْبَار أَرَادَ أَن مَا قلت من شعر تكَاد بيوته تبيض من ذكرى مدحك لِكَثْرَة فضائلك الَّتِى على وَهُوَ من قَول ابْن الرومى (ولِمَدْحيكَ قلتُها كلماتٍ ... هُذّبَتْ فِيكَ أيَّمَا تَهْذِيبِ) (سوّدتْ فيكَ كلّ بَيْضَاء تسويدا ... تراهُ العُيونُ كالتَّذْهِيبِ) 34 - الْمَعْنى يَقُول الشّعْر فى مَعْنَاهُ // حسن // لَفظه كالثريا لاشتهاره بَين النَّاس وَأَن كل أحد يعرفهُ وأخلاقك زاهرة مضيئة لَا ينكرها أحد من النَّاس كَذَلِك أشعارك 35 - الْغَرِيب المقت البغض والجماجم جمع جمجة وهى عظم الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول نهانى عَن قربى من مجَالِس السلاطين بغضى لَهُم وَالطير تطالبنى بِأَكْل لحومهم وتنتظر لما عودتها وَهَذَا من كَلَامه الْبَارِد وحمقه الزَّائِد وَلَو قَالَ هَذَا سيف الدولة على بن حمدَان لَا نتقد عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الضّر أَهْون على من رُؤْيَة صَغِير متكبر يعْنى ملازمتى الْفقر أحب إِلَى من قصد اللئام وَالْبَيْت من الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم أعظم مَا فى النُّفُوس إعظام ذوى الدناءة فَأحْسن فى نَقله أَبُو الطّيب وَبعده 37 - الْغَرِيب يُقَال رجل ود وود وود مُثَلّثَة وَجمعه أود وَهُوَ من الْمَوَدَّة وَفُلَان ودى أى صديقى والشطر النّصْف والشطر النَّحْو والجهة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَقُول لسانى وعينى وفؤادى وهمتى تسود لسَانك وعينك وفؤادك وهمتك وتود النّظر مِنْهَا كَأَنَّهَا شقَّتْ مِنْهَا فصارتا شطرين ولشدة محبتى لَك كَأَنَّك شقيقى وَقَالَ العروضى الذى حَكَاهُ أَبُو الْفَتْح أَجود مَا قيل فى هَذَا الْبَيْت وَأَقُول قَول كَأَنَّك شقيقى لَا مدح فِيهِ وَلَعَلَّ الممدوح لَا يرضى بِهَذَا وَلَكِن مَعْنَاهُ عندى أَن الشريف من الْإِنْسَان هَذِه الْأَعْضَاء الَّتِى ذكرهَا فَقَالَ إِن الْأَعْضَاء الَّتِى طَار اسْمهَا فى النَّاس وَذكرهَا بك تأدبت ومنك أخذت وَقَوله والشطر أى إِن الله خلقهَا وَأَنت أدبتنى وأعطيتنى فمنك رزقها وأدبها والخالق الله تَعَالَى قَالَ وروايتى هَذِه على هَذَا التَّفْسِير أودى بِالْإِضَافَة وَبِه أقرأنا الخوارزمى الْمَعْنى إنى وددت هَذِه الْأَشْيَاء لِأَن اسْمهَا بك يُرِيد بك علت ومنك استفادت الِاسْم وعَلى هَذَا يصير قَوْله ذَا حَشْوًا كَمَا يُقَال انصرفت من ذى عِنْده وَمن ذَا الذى يفعل كَذَا وَقَالَ ابْن فورجة ذَا إِشَارَة إِلَى اسْم وَكَانَ يجب لَو أمكن أَن يَقُول هَذِه أسماؤنا وَلَكِن الْوَزْن اضطره والشطر عظف على أود وَالْغَرَض فى هَذَا الْبَيْت التعمية فَقَط وَإِلَّا فَمَا الْفَائِدَة فى هَذَا الْبَيْت مَعَ مَا فِيهِ من الِاضْطِرَاب 38 - الْمَعْنى يَقُول أَنا من انْفَرَدت بِعَمَل هَذَا الشّعْر وَلَكِن شعرى أعاننى على مدحك لِأَنَّهُ أَرَادَ مدحك كَمَا أردته وَهُوَ معنى قَول الطائى (تغايَرَ الشِّعرُ فِيهِ إذْ أرِقْتُ لَهُ ... حَتَّى ظَنَنْت قوافيه ستَقْتَتِلُ) 39 - الْغَرِيب الرونق الملاحة والبشر الطلاقة والبشاشة وَالْحسن وَأَصله من طلاقة الْوَجْه والبشر أَيْضا اسْم جبل بالجزيرة وَاسم مَاء لبنى تغلب الْمَعْنى يَقُول شعرى لفرحه بك كَأَنَّهُ يضْحك لما رآك فَصَارَ فِيهِ رونق مِنْك لامنى وَلَيْسَ رونقه من أَلْفَاظه وَإِنَّمَا هُوَ مِنْك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 - الْمَعْنى يَقُول إِذا عَلَوْت على الْأَشْيَاء كلهَا حَتَّى تبلغ السَّمَاء علمت أَنَّك لم تبلغ مَا تستحقه فى الشّرف والمنزلة لِأَنَّك تسْتَحقّ أَكثر مِمَّا نلْت لشرف قدرك وعلو همتك وَرَوَاهُ قوم نلْت بِضَم التَّاء فَيكون وَإِن نلْت أَنا وَأَنا من بعض خدمك علمت أَنَّك مَا نلْت الذى يجب لَك // فَهَذَا مُبَالغَة فى الْمَدْح // 41 - الْمَعْنى يَقُول الْأَيَّام لَهَا إساءات كَثِيرَة فَلَمَّا سمحت بمثلك زَالَ عتبى عَلَيْهَا فكانها أَتَت بك عذرا وَمعنى المصراع الأول من قَول حبيب (نوَالُكَ رَدَّ حُسَّادِى فُلُولاً ... وأصْلح بينَ أيَّامى وبَيْنِى) والثانى من قَوْله أَيْضا (كُثرَتْ خَطَايَا الدَّهرِ فِىَّ وَقد يُرَى ... بنداكَ وَهُوَ إلىَّ مِنْهَا تائِبُ) وَمثله لأبى هفان (أصبَحَ الدَّهْرُ مًسِيئا كلُّهُ ... مَاله إِلَّا ابنُ يَحيى حَسَنهْ) وَمثله لِابْنِ الرومى (أَنْتُم أناسٌ بأيادِيكُمُ ... يُسْتَعْتَبُ الدَّهْرُ إِذا أذْنَبا) (إِذا جَنَى الدَّهْرُ على أهْله ... وزادَ فى عذلكمُ أعْتَبا) ولأبى نواس (يَرْمِى إليْكَ بهَا بَنو أملٍ ... عَتَبُوا فأعتبهم بكَ الدَّهرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 - 1 - الْإِعْرَاب تصبر فى مَوضِع جزم بِحرف الْجَزْم وَأَرَادَ تصبرن بالنُّون الْخَفِيفَة فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا أبدلها ألفا وَمثله كثير فى الْكَلَام كَقَوْلِه تَعَالَى {ألقيا فِي جَهَنَّم} الْخطاب لمَالِك وَحده وَإِنَّمَا الْمَعْنى ألقين فَلَمَّا عَنى الْوَقْف قَالَ ألقيا وَمثله قَول الْحجَّاج يَا حرسى اضربا عُنُقه وَالْخطاب لوَاحِد وَالْمعْنَى اضربن عُنُقه وَمثله لسويد بن كرَاع العقيلى (فَإِن تَزجُرانِى يَا بنَ عفَّانَ أنزجِرْ ... وَإِن تتركانى أحْمِ عِرْضاً مُمَنَّعا) وَالْخطاب لوَاحِد فَهَذَا شَاهد على ألقيا واضربا وَمثله (فَلَا تعبد الشَّيطان واللهَ فاعْبدَا ... ) فقد جَاءَ فى الْكتاب الْعَزِيز النُّون الْخَفِيفَة بِالْألف خطا فى قَوْله تَعَالَى {ليسجنن وليكونا} وَمثله {لنسفعا بالناصية} وَقَول الراجز (يَحسَبُهُ الجاهلُ مَا لم يَعْلَما ... شَيخا على كُرسيه معَمَّمَا) الْمَعْنى يُرِيد صبرت أم لم تصبر حبك ظَاهر لِأَن الْمُحب لَا يقدر على كتمان الْمحبَّة وَيَقُول بكاؤك ظَاهر إِن جرى دمعك أم لم يجر أى إِن ظهر جَرَيَان دمعك فَلَا كَلَام وَإِن لم يجر علم بالزفير والشهيق والتحسر وَقيل وبكاؤك عطف على الضَّمِير فى قَوْله صبرت تَقْدِيره صبرت وصبر بكاؤك فَلم يجر دمعك أَو لم تصبر فَجرى وَقَالَ على بن فورجة قيل لأبى الطّيب خَالَفت بَين سبك المصراعين فَوضعت فى الأول إِيجَابا بعده نفى وفى الثانى نفيا بعد إِيجَاب فَقَالَ لَئِن كنت خَالَفت بَينهمَا من حَيْثُ اللَّفْظ فقد وَافَقت بَينهمَا من حَيْثُ الْمَعْنى يُرِيد إِن صبرت فَلم يجر دمعك أَو لم تصبر فَجرى دمعك // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام // وَلَقَد أحسن فى هَذَا الْمَعْنى وَإِن كَانَ كثيرا 2 - الْمَعْنى يَقُول ضحكك وصبرك يغر من يراك وَلَا يعلم مَا فى باطنك من الاحتراق 3 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى قَوْله فكتمنه عَائِد على قَوْله مَا لَا يرى فى الْبَيْت الذى قبله الْمَعْنى يَقُول لما سكت اللِّسَان عَن الْإِبَاحَة بالوجد الذى فى باطنك وَانْقطع الدمع عَن الجريان بِأَمْر الْفُؤَاد لَهما دلّ على مَا فى بَطْنك نحول جسدك واصفرار لونك وَإِنَّمَا قَالَ الْفُؤَاد وَجعله آمرا لِأَن الْفُؤَاد ملك على الْجَوَارِح كلهَا وَمعنى الْبَيْت من قَول الشَّاعِر (خبرِى خُذيه عَن الضَّنى وَعَن الأسَى ... ليسَ اللِّسانُ وَإِن تَلْفتَ بمُخْبرِ) الحديث: 124 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 - الْغَرِيب المهارى جمع مهرى والناقة مهرية وَهَذَا نسب إِلَى بنى مهرَة قَبيلَة من الْعَرَب وأبوهم مهرَة بن حيدان وإليهم تنْسب المهارى وَيجوز فى المهارى التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف قَالَ رؤبة (بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلّ مِيلَهِ ... بِنا حَرَاجِيحُ المَهارِى النُّفَّهِ) (قَوْله كل ميله ... ) يُرِيد الْبِلَاد الَّتِى توله الْإِنْسَان أى تحيره والنفه جمع نافه وَهُوَ الْجمل الْمَعْنى دَعَا على الْجمال كلهَا إِلَّا الْجمل الذى عَلَيْهِ محبوبه وَجعله مصورا لِأَنَّهُ حيره حسنه كَأَنَّهُ صوره بِصُورَة لم يصور مثلهَا يُرِيد أَنه لبس ثوبا من الديباج فِيهِ تصاوير وَإِنَّمَا دَعَا للجمل المركوب لأجل رَاكِبه ليسلم من العثار حَتَّى يسلم من فَوْقه من الْوُقُوع 5 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كنت الصُّورَة الَّتِى فى ستره لزلت حَتَّى يظْهر الذى فِيهِ لرَأى الْعين وَذَلِكَ أَن كل أحد يحب أَن يرَاهُ ودونه ستر فَلَو كنت ذَلِك السّتْر لانكشفت حَتَّى يظْهر للنَّاس وَيَزُول ذَلِك الْحجاب وَقَالَ الواحدى أَنا أحسد السّتْر لأجل الحبيب الذى فى هودجه لقربها مِنْهُ يعْنى الصُّورَة وَلَو كنت الصُّورَة لخفيت حَتَّى يظْهر الحبيب فتراه الْأَبْصَار وَقَالَ ابْن القطاع إِنَّمَا تمنى أَن يكون صُورَة فى سترهَا ليشاهدها كل وَقت ثمَّ قَالَ لَو كنتها لخفيت من نحولى فَلم أسترها عَن الْعُيُون وَكَانَت تظهر للناظرين 6 - الْإِعْرَاب ترب الرجل افْتقر وَصَارَ على التُّرَاب وَلَا تربت يداك أى لَا افْتَقَرت ومسكين ذُو مَتْرَبَة صَار على التُّرَاب لفقره وأترب الرجل اسْتغنى أى صَار لَهُ مَال مثل التُّرَاب كَثْرَة وكسرى ملك الْعَجم وَقَيْصَر ملك الرّوم والبصريون يفتحون كَاف كسْرَى وأصحابنا يكسرونه الْمَعْنى يَدْعُو للأيدى الَّتِى صنعت السّتْر وصورت الْملكَيْنِ عَلَيْهِ وأقامتهما حاجبين يحجبان المحبوب يَقُول لَا افْتَقَرت الأيدى الَّتِى قد أَحْسَنت هَذِه الصُّورَة الَّتِى فى السّتْر وأقامت الْملكَيْنِ يحجبانها وَفِيه نظر إِلَى قَول الحكمى (قَرارَتُها كِسْرَى وفى جَنَباتها ... مَهاً تَدَّريها بالقِسِىّ الفوَارسُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 - الْغَرِيب الهوادج جمع هودج وَهُوَ مركب النِّسَاء على الْإِبِل والمحجر مَا حول الْعين الْمَعْنى يَقُول هَذَانِ الْملكَانِ المصوران فى هَذَا السّتْر يقيان ويدفعان عَن مقلة رحلت حر الهواجر وَجعلهَا مقلة لعزتها ويصرفان الْغُبَار عَن الحبيبة الَّتِى فى الهودج وَالْمعْنَى أَن هَذِه الراكبة فى الهودج كَانَت ضِيَاء قلبى بِمَنْزِلَة مقلة الْقلب فَلَمَّا ارتحلت عَنى عمى قلبى وفقدت ذهنى كمقلة ذهبت وبقى محجرها ينظر فى الِاسْتِعَارَة إِلَى قَول الطائى (إنّ الْخَلِيفَة حِين يُظلِم حادِث ... عينُ الْهدى وَله الْخلَافَة مَحْجِرُ) 8 - الْمَعْنى يَقُول كنت أحذر فراقهم قبل وُقُوعه وَلَكِن الحائن الْهَالِك لَا يَنْفَعهُ الحذر 9 - الْغَرِيب الرواد جمع رائد وَهُوَ الذى يرتاد لأَهله الْكلأ وَالْمَاء الْمَعْنى يَقُول لَو قدرت لمنعت السَّحَاب أَن يقطر لِئَلَّا يَجدوا كلأ وَمَاء ويرتحلوا إِلَيْهِمَا للانتجاع 10 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الْكَلَام فِيهِ حذف لَا يتم الْمَعْنى إِلَّا بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لمنعت كل سَحَابَة لأنى تَأَمَّلت الْحَال فَإِذا السَّحَاب أَخُو الْغُرَاب فى التَّفْرِيق وَجعل السَّحَاب أَخا الْغُرَاب لِأَنَّهُ سَبَب الْفرْقَة عِنْد الانتجاع وتتبع مساقط الْغَيْث فى الرّبيع كعادة الْعَرَب السيارة وَلما جعله أَخا للغراب جعل الْمَطَر صياحه لِأَن صياح الْغُرَاب سَبَب الِافْتِرَاق على زعمهم كَذَلِك الْمَطَر سَبَب ارتحالهم وَقَالَ ابْن القطاع (فَإِذا السَّحَاب ... ) مُبْتَدأ (وأخو غراب فراقهم ... ) نعت لَهُ (وَجعل الصياح ... ) خبر الْمُبْتَدَأ وَهُوَ من قَول أَبى الشيص (وَمَا غُرَابُ البَيْنِ إلاَّ ناقَةٌ أوْ جَمَلُ ... ) 11 - الْغَرِيب الحمائل بِالْحَاء الْمُهْملَة رِوَايَة ابْن جنى جمع حمولة وهى الْإِبِل الَّتِى يحمل عَلَيْهَا وروى غَيره بِالْجِيم وَهُوَ جمع جمالة وهى الْجمل الْكَبِير وَيُقَال جمال وأجمال وجمالات وجمائل وَقَالَ يَعْقُوب بن السّكيت يُقَال لِلْإِبِلِ إِذا كَانَت ذُكُورا لَيْسَ فِيهَا أُنْثَى هَذِه جمالة بنى فلَان وَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى وَحَفْص (كأنهُ جِمالة صُفْر ... ) والوخد ضرب من السّير والنفنف الأَرْض الواسعة وَقيل هى المستوية بَين جبلين الْمَعْنى أَنهم ارتحلوا عَنهُ أَيَّام الرّبيع عِنْد اخضرار الأَرْض فَكلما مرت جمَالهمْ بِأَرْض مخضرة بَدَت عَلَيْهَا آثَار سَيرهَا فَكَأَنَّمَا شقَّتْ ثوبا أَخْضَر وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (فكأنَّما الأَنْوَاءُ بَعْدَهُمُ ... كَسَتِ الطُّلُولَ غَلائلاً خُضْرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 - الْإِعْرَاب مهاة وجؤذرا نصبا على التَّمْيِيز الْغَرِيب المها بقر الْوَحْش والجؤذر ولد الْبَقَرَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تحمل هَذِه الحمائل مثل الرَّوْض فى حسنه إِلَّا أَنه أسبى للقلوب من مها الرَّوْض وجآذره وَقَالَ الْخَطِيب جعل هَذِه الْإِبِل تحمل مثل الرياض يعْنى مَا عَلَيْهَا من الديباج وَالْأَنْمَاط وَجعل من عَلَيْهَا من النِّسَاء وحشا لتِلْك الأَرْض ثمَّ قَالَ هن أسبى من وَحش الرياض وَهَذَا الْكَلَام بِعَيْنِه ذكره الواحدى وَهُوَ من قَول عدى بن زيد (لمن الظُّعْن كالبساتين فى الصُّبْحِ ... تَرَى نَبْتَها أثيثا نَضِيرا) وَمثله للطائى (خرَجْن فى خُضرةٍ كالرَّوْض لَيْسَ لَهَا ... إلاَّ الحُلِىَّ عَلى أعْناقِها زَهَرُ) 13 - الْإِعْرَاب بلحظها أضَاف الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول يُرِيد بنظرى إِلَيْهَا الْغَرِيب نكرت وَأنْكرت بِمَعْنى الْمَعْنى يَقُول بِسَبَب نظرى المحبوبة الَّتِى سبيت بهَا صرت ضَعِيفا مهزولا حَتَّى أنكرتنى قناتى بِضعْف بدنى عَن حملهَا وَأنكر خاتمى خنصرى لاتساعه عَنهُ من الهزال 14 - الْمَعْنى يَقُول لشرف همتى وعلوها لم أَرض بعطاء الزَّمَان وَأَرَادَ لى الزَّمَان أَن أقصد سواك فَمَا قبلت واخترتك على اخْتِيَار الزَّمَان لأنى إِذا قصدتك ملكتنى وَإِذا ملكتنى ملكت الزَّمَان فَصَارَ اختيارى لَك خيرا من اخْتِيَار الزَّمَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 - الْإِعْرَاب نصب أرجان بِفعل مُضْمر تَقْدِيره اقصدى أَو اطلبى الْغَرِيب أرجان اسْم بلد الممدوح وَهُوَ بلد بِفَارِس وَهُوَ فى الأَصْل مشدد إِلَّا أَنه خففه على عَادَة الْعَرَب فى الْأَسْمَاء الأعجمية فَحذف التَّشْدِيد من الرَّاء وخففها والوشيج شجر يعْمل مِنْهُ الرماح الْمَعْنى يَقُول لخيله اقصدى هَذِه الْبَلدة فإنى قد عزمت على قَصدهَا بعزم من قوته تكسر الرماح الشَّدِيدَة وَالْمعْنَى أَن الرماح لَا تعوقنى عَن هَذِه الْعَزِيمَة الَّتِى قد عزمت عَلَيْهَا 16 - الْغَرِيب الأكدر الكدر والكوكب هُنَا الْمُجْتَمع من الْخَيل الْمَعْنى يُخَاطب خيله يَقُول لَو طلبت مَا تريدين قعدت عَن الرحيل وَلم أركضك فى الْغُبَار المظلم لِأَن الْخَيل تطلب الرَّاحَة والمنام والجمام وَهُوَ يُرِيد أَن يتعبها فى الْأَسْفَار من بلد إِلَى بلد 17 - الْغَرِيب أمى اقصدى وَأم فلَان فلَانا قَصده وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} الْمَعْنى يَقُول لما حَلَفت أَنى أقصد أجل بَحر برت يمينى بِقَصْدِهِ لِأَنَّهُ أجل من يقْصد 18 - الْغَرِيب يُقَال قصر عَن الشئ تقصيرا إِذا تَركه عَاجِزا وأقصر عَنهُ إقصارا إِذا تَركه قَادِرًا عَلَيْهِ وحاش لله كلمة تَنْزِيه قَالَ الجوهرى لَا يُقَال حاش لَك قِيَاسا على قَوْله حاش لله وَإِنَّمَا يُقَال حاشاك وحاشى لَك وَقَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ الِاسْتِثْنَاء وَقَالَ أهل التَّفْسِير مَعْنَاهُ معَاذ الله وَأما عِنْد الْمُحَقِّقين من أهل اللُّغَة إِن حاش الله مُشْتَقّ من قَوْلك كنت فى حَشا فلَان أى ناحيته وَمَعْنَاهُ تنحيت عَن هَذَا وحاشى لزيد من هَذَا أى قد تنحى من هَذَا الْأَمر وَيُقَال حاش لله وحاشى لله بِحَذْف الْألف وإثباتها وَقد أثبتها أَبُو عَمْرو وَحده فى قَوْله حاشى لله الْمَعْنى قد أفتانى الْأَنَام فى تَكْفِير يمينى بِرُؤْيَتِهِ وَأَعُوذ بِاللَّه أَن أقصر فى إبرار هَذَا الْقسم أَو أقصر عَنهُ فَإِن فعلت ذَلِك أكون شاقا لعصا الْإِجْمَاع لِأَن الْإِجْمَاع على أَن قسمى لَا يبر إِلَّا بِرُؤْيَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 - الْمَعْنى يَقُول أى كف أشارت إِلَى ابْن العميد فبشرتنى بِهِ فلهَا عندى السوار وَلكُل عبد كبر عِنْد رُؤْيَة بَلَده وَذَلِكَ لفخرى ببر قسمى 20 - الْمَعْنى يَقُول خيله وسلاحه كَثِيرَة وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه يمده بالأموال وَالْعَبِيد فَيقدر بذلك على محاربة الْأَعْدَاء قَالَ الواحدى كَانَ من عَادَة المتنبى أَن يطْلب من الممدوحين الولايات لَا الصلات 21 - الْمَعْنى أَنه يصفه بالبلاغة يَقُول إِنَّه يملك بِحسن لَفظه قُلُوب الرِّجَال فيتصرف فِيهَا كَمَا يُرِيد فلحلاوة أَلْفَاظه تجْعَل أَثمَان الْقُلُوب وَتجْعَل الْقُلُوب أثمانها إِن لم تُوجد بغَيْرهَا وَقَالَ الواحدى النَّاس يبيعوها وَهُوَ يَشْتَرِيهَا فَيصير مَالِكًا لَهَا قَالَ وَإِن شِئْت جعلت الشِّرَاء بيعا فَيكون متكررا بلفظين مَعْنَاهُمَا وَاحِد 22 - الْمَعْنى أى لَا يقدم أحد على لِقَائِه وَهُوَ لَا يُولى عَن أحد لشجاعته فَهُوَ لَا يقدم عَلَيْهِ وَلَا يفر 23 - الْإِعْرَاب مَا يلبسُونَ مفعول بصبغة والعائد مَحْذُوف تَقْدِيره يلبسونه كَقِرَاءَة من {وفيهَا مَا تشْتَهى الْأَنْفس} وَقَرَأَ ابْن عَامر وَنَافِع وَحَفْص تشتهيه ومعصفرا حَال والأجود أَن تَجْعَلهُ مَفْعُولا ثَانِيًا لصبغة لِأَنَّهُ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين الْغَرِيب خُنْثَى فعل مَاض وَزنه فعلل مثل دحرج وَقَالَ ابْن القطاع أَصله خنثث فكرهوا اجْتِمَاع التَّضْعِيف فأبدلوا من الْأَخير ألفا كَمَا قَالُوا فى حنظى وغنظى أبدلوا ألفا من حُرُوف التَّضْعِيف فأبدلوا من الْأَخير ألفا كَمَا قَالُوا فى تقضى البازى وقصيت أظفارى وتظنى من الظَّن قَالَ وَزعم النحويون أَن حُرُوف الزَّوَائِد تكون للإلحاق وأبى ذَلِك أهل اللُّغَة الْعلمَاء بالتصريف والاشتقاق وَقَالُوا لَا تدخل حُرُوف الزَّوَائِد فى الْإِلْحَاق الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا تدخل فى الْإِلْحَاق الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة الَّتِى هى فَاء الْفِعْل وعينه ولامه فالفاء نَحْو قَوْلهم دردج للناقة المسنة تَكَرَّرت فِيهِ الْفَاء للإلحاق بجعثن وهى أصُول الصليان وَالْعين كَقَوْلِهِم حَدْرَد اسْم رجل تَكَرَّرت فِيهِ الْعين للإلحاق بِجَعْفَر وَاللَّام كَقَوْلِهِم تعدد تَكَرَّرت فِيهِ اللَّام للإلحاق ببرثن وَقَالَ النحويون الْألف فى مثنى كَذَا بِالْأَصْلِ للإلحاق وفى رضوى وسلمى للتأنيث ثمَّ نقضوا قَوْلهم فَقَالُوا الْألف فى بهمى وعزهى لَيست للتأنيث وَلَا للإلحاق وَهَذَا كَلَام فَاسد لَا يحْتَاج إِلَى إِقَامَة دَلِيل وَإِنَّمَا أوقعهم فى هَذَا الْغَلَط أَنهم رَأَوْا الْعَرَب قد جمعُوا بَين تأنيثين فَقَالُوا بهماة وعلقاة وعزهاة فَقَالُوا لَا يجوز أَن يجمع بَين تأنيثين وَقد جمعت الْعَرَب بَين تأنيثين فى أَكثر كَلَامهم فَكيف يَجْعَل مَا وَضعه النحويون للتقريب والتعليم مِمَّا لَا أصل لَهُ وَلَا ثبات حجَّة على لِسَان الْعَرَب الفصحاء هَذَا لَا يكون وَلَا يحْتَج بِهِ إِلَّا جَاهِل والكماة جمع كمى وَهُوَ الْمُسْتَتر فى الْحَدِيد والمعصفر صبغ يلْبسهُ النِّسَاء وَالصبيان الْمَعْنى يَقُول جعلهم مخنثين لما صبغ ثِيَابهمْ من دِمَائِهِمْ حمرا وَهُوَ مَا يلْبسهُ النِّسَاء والمخنثون وَالْخُنْثَى الذى لَهُ فرج وَذكر وَلَيْسَ هُوَ فى الْحَقِيقَة ذكرا وَلَا أُنْثَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 - الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى قلمه أشرف من الرماح لِأَن كَفه يباشره عِنْد الْخط فَيحصل لَهُ الشّرف وَالْفَخْر على الرماح الَّتِى لم يُبَاشِرهَا وَهُوَ من قَول البحترى (وأقلامُ كتَّاب إِذا مَا نَصَصْتها ... إِلَى نسَب صارَتْ رِماحَ فوارِسِ) 25 - الْمَعْنى يَقُول إِذا لمس شَيْئا ومسه ظهر فِيهِ الْكبر حَتَّى لَو مَشى ذَلِك الشئ الذى لمسه لتبختر شرفا بمسه إِيَّاه 26 - الْمَعْنى يَقُول إِن كِتَابه يرد الجيوش فَيعْمل عمل الْجَيْش // بِحسن لَفظه // وبدائع مَعَانِيه فَإِذا سَمِعُوهُ تحيروا من فصيح الْكَلَام فيستعظمونه فينصرفون قَالُوا الواحدى يسحرهم ببيانه فينصرفون عَنهُ حِين عمل فيهم كَلَامه عمل السحر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا كتب إِلَى مُخَالف كتابا لم يحْتَج مَعَه إِلَى لِقَاء جيس لِأَنَّهُ بلغ مَا يُرِيد بِالْكتاب فكتابه يرد الجيوش رَاجِعَة تحيرا من فعل الْكتاب وَهُوَ من قَول إِسْحَاق بن حسان الخريمى (فى كلّ يومٍ لَهُ جُند موجَّهَةٌ ... مِن المكايد تُطْوَى فى الطَّوامِيرِ) وَمثله لِابْنِ الخريمى (تكْفى عَن النَّبلِ أَحْيَانًا مَكايدهُ ... وَرُبمَا خَلَفتْ أقلامُهُ الأسَلا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 - الْإِعْرَاب الغضنفر قَالَ الواحدى هُوَ مركوب يُرِيد أَنه مفعول ركبت قَالَ وَيجوز أَن يكون حَالا للممدوح تَقْدِيره لَا يقدر أحد أَن يكون رديفا لَك وَأَنت غضنفر الْغَرِيب الغضنفر الْأسد الشَّديد الغليظ والرديف الرَّاكِب خَلفك وأردفنى فلَان إِذا أركبنى خَلفه الْمَعْنى يَقُول أَنْت فى كل أَمر تَفْعَلهُ فَرد لَا يقدر أحد أَن يتبعك فِيهِ كراكب الْأسد لَا يقدر أحد أَن يتبعهُ وَلَا أَن يكون رديفا لَهُ وَالْمعْنَى فعالك صعبة لَا يقدر عَلَيْهَا أحد فَلَا يتبعك عَلَيْهَا أحد مَخَافَة التَّقْصِير عَن مرادك فيفتضح 28 - الْمَعْنى يَقُول أَخذ الرِّجَال الْكَلَام قبل بُلُوغه وانتهائه كالثمرة تقطف قبل ينعها وإدراكها فَقَوْلهم لَا فَائِدَة فِيهِ وَأخذت القَوْل لما أَزْهَر وانْتهى كَمَاله فَصَارَ كلامك ينْتَفع بِهِ والنبات إِذا نور كَانَ غَايَة تَمَامه وَقَوله قبل نَبَاته أى قبل تَمَامه 29 - الْمَعْنى يُرِيد أَن كَلَامه تتبعه الأسماع إِذا مضى حبا لَهُ وَإِذا كرر ازْدَادَ حسنا وَالْكَلَام إِذا أُعِيد برد وَكَلَام الممدوح يزْدَاد حسنا عِنْد ذَلِك وَهُوَ مَنْقُول من قَول أَبى نواس (يزيدُك وجُهه حسْنا ... إذَا مَا زدْتَه نَظَرَا ... ) وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى (مُشْرِق فى جَوانب السَّمْع لَا يُخْلِقُه عَوْدُه على المستَعيدِ) 30 - الْمَعْنى يُرِيد أَن قلمه أبلغ خَاطب إِذا كَانَ هُوَ ساكتا 31 - الْإِعْرَاب رسائل بِالْجَرِّ وَالرَّفْع فالجر على وَرب رسائل وَمن رَفعه عطفه على قَوْله قلم لَك أى ورسائل لَك وَأَنت سَاكِت أبلغ خَاطب الْغَرِيب السحاء القرطاس يُقَال سحاء الْكتاب بِالْكَسْرِ وَالْمدّ الْوَاحِدَة سحاءة وَالْجمع أسحية وسحوت القرطاس وسحيته أسحاه إِذا قشرته والسنور مَا لبس وَأَخذه على بن الجهم فِي قَوْله فِي قبَّة المتَوَكل (وقبة ملك كَأَن النُّجُوم ... تصغى إِلَيْهَا بأسرارها) الْمَعْنى يَقُول إِذا قرءوا كتابك ورسائلك رَأَوْا من بلاغتك وجزالة ألفاظك مَا يقتلهُمْ غيظا وحسدا وييأسون مَعَه من الافتدار عَلَيْك فَيقوم ذَلِك مقَام السِّلَاح فى دفع الْأَعْدَاء وَمثل هَذَا مَا يحْكى عَن الرشيد أَنه كتب جَوَاب كتاب ملك الرّوم قَرَأت كتابك وَالْجَوَاب مَا ترَاهُ لَا مَا تقرؤه فَانْظُر إِلَى هَذَا اللَّفْظ الْوَجِيز كَيفَ مَلأ الأحشاء نَارا وَترك الْقُلُوب أعشارا وأشعر النُّفُوس حذارا وأعقب إقدام ذوى الْإِقْدَام نكوصا وفرارا وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (هَل تَذْكُرين إذِ الرَّسائل بيْنَنا ... تجرِى على الوَرَق الذى لم يُغْرَس) (أَيَّام أسْرارى لديكِ وسرُّكُمْ ... يُهْدَى إلىَّ مَعَ الفصيح الأخرسِ) يُرِيد بالفصيح الْكتاب وبالورق الذى لَا يغْرس البردى وَشبهه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 - الْغَرِيب حسد جمع حَاسِد كنائم ونوم وصائم وَصَوْم والرئيس السَّيِّد الذى رَأس الْأَنَام وسادهم وَمعنى هَذَا الْبَيْت فى الْبَيْت الذى بعده 33 - الْمَعْنى يَقُول سماك الْأَعْدَاء الرئيس وأمسكوا وَسماك الله الرئيس الْأَكْبَر فَعلمنَا ذَلِك لما قَامَت صفاتك الشَّرِيفَة مقَام كَلَام الله وهى الَّتِى خصك الله بهَا فى الدّلَالَة على أَنَّك أفضل النَّاس فَصَارَ كَأَنَّهُ دعَاك الرئيس الْأَكْبَر قولا من حَيْثُ دعَاك فعلا كالخط فَإِن من كَاتب كمن شافه وخاطب وَمن أعلم خطا فَإِنَّهُ أسمع وَأفهم وَمعنى الْبَيْت أَن الْإِنْسَان إِذا رأى مَا خصك الله بِهِ من جلال الْفضل علم أَن الله دعَاك الرئيس الْأَكْبَر وَهُوَ من قَول الآخر (وناطِقٍ بضَميرٍ لَا لِسانَ لَهُ ... كأنَّه فَخِذ نيطَتْ إِلَى قَدَمِ) (يُبْدِى ضمير هَوَاهُ فى الحَديث كَمَا ... يُبْدِى ضَمِيرَ سِوَاه الخطُّ بالقَلَمِ) 34 - الْغَرِيب السرج السهلة السّير والخف المجمر الشَّديد الصلب الذى نكته الْحِجَارَة وَلَيْسَ بواسع وَلَا ضيق الْمَعْنى أَنه يخبر عَن علو همته لِأَنَّهُ يحمل نَاقَته على السّير قَالَ الواحدى مجمر أى خَفِيف سريع من قَوْلهم أجمرت النَّاقة إِذا أسرعت وَقَالَ الخوارزمى خفا مجمرا أى خَفِيفا فَلم يُوَافقهُ اللَّفْظ وَلَو وَافقه لَكَانَ تجنيسا ظَاهرا فَإِذا لم يُوَافقهُ فَهُوَ تجنيس معنوى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 - الْغَرِيب الرمث نبت يُوقد بِهِ وَهُوَ من مراعى الْإِبِل وَهُوَ من الحمض والرمث بِالْفَتْح والتحريك خشب يضم بعضه إِلَى بعض ويركب عَلَيْهِ فى الْبَحْر وَالْجمع أرماث قَالَ أَبُو صَخْر الهذلى (تمنَّيْتُ من حبى عُلَيَّةَ أنَّنا ... على رَمَثٍ فى الْبَحْر لَيْسَ لنا وفْرُ) الْمَعْنى يَقُول تركت الْأَعْرَاب ووقودهم هَذَا النبت وَأثبت قوما وقودهم من العنبر وَهُوَ من قَول البحترى (نزَلوا بأرْضِ الزَّعْفران وجانَبوا ... أرْضاً تَرُبُّ الشِّيحَ والقَيْصُوما) 36 - الْإِعْرَاب ركباتها جمع ركبة وَإِنَّمَا عَنى اثْنَيْنِ وَهُوَ كَقَوْلِه جلّ وَعلا فقد (فقد صغت قُلُوبكُمَا ... ) وكقول الشَّاعِر (ظهراهما مثلَ ظُهور التُّرْسين ... ) وَذَلِكَ أَن أقل الْجمع اثْنَان فَجَاز أَن يعبر عَنْهُمَا بِالْجمعِ وَدلّ على أَنه أَرَادَ التَّثْنِيَة أَنه أخبر عَنْهُمَا بالتثنية فَقَالَ تقعان وَيجوز أَن يكون أَرَادَ الْجمع فَسمى كل جُزْء مِنْهُمَا ركبة كَقَوْلِه شابت مفارقه وَهُوَ مفرق وَاحِد وَإِنَّمَا أَرَادَ كل جُزْء من المفرق ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَقِيقَة فَقَالَ تقعان الْغَرِيب الأذفر الشَّديد الرَّائِحَة الْمَعْنى يَقُول تكرمت ناقتى عَن البروك إِلَّا على الْمسك الأذفر لِأَن العنبر يُوقد بِحَضْرَة الممدوح والمسك ممتهن عِنْده بِحَيْثُ تبرك عَلَيْهِ ناقتى 37 - الْغَرِيب الأظل بَاطِن الْخُف الذى يلى الأَرْض وحذيت جعل لَهَا حذاء وَهُوَ النَّعْل الْمَعْنى يَقُول أتتك هَذِه النَّاقة وَقد دميت خفافها لطول السّير وحزونة الطَّرِيق حَتَّى كَأَنَّهَا احتذت العقيق الْأَحْمَر وَهُوَ حِجَارَة حمر فِيهَا جوهرية وَهَذَا مثل قَول الآخر (كأنَّ أيْدِيهِنَّ بالمَوْماةِ ... أيْدى جَوَارٍ بِتْنَ ناعماتِ) يُرِيد أَنَّهَا خضبت بِالدَّمِ كخضاب أيدى هَؤُلَاءِ الجوارى 38 - الْغَرِيب بدرت أى سبقت من الْمُبَادرَة الْمَعْنى يُرِيد أَن نَاقَته سبقت إِلَى هَذَا الممدوح صرف الزَّمَان فَكَأَنَّهَا وجدت الزَّمَان مَشْغُولًا عَنْهَا فانتهزت الفرصة سَابِقَة إِلَيْك نوائبه وصروفه لِأَن صرف الزَّمَان يدْفع وَيمْنَع الْخيرَات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 - الْإِعْرَاب بعْدهَا الضَّمِير للأعراب أى بعد مُفَارقَة الْأَعْرَاب الْغَرِيب رسطاليس حَكِيم رومى وَأَصله أرسطاطاليس فَحذف بعضه كَفعل الْعَرَب بالأسماء الأعجمية إِن لم يُمكنهُم نقلهَا غيروها فى أشعارهم وَهَذَا الِاسْم فى كَثْرَة حُرُوفه لَا يُوجد مثله فى أَسمَاء الْعَرَب والإسكندر ملك الشرق والغرب الْمَعْنى أَنه يُخَاطب الْأَعْرَاب يَقُول بعد فراقكم رَأَيْت عَالما وَهُوَ فى علمه وحكمته مثل أرسطاطاليس وفى ملكه مثل الْإِسْكَنْدَر قد جمع بَين الْملك وَالْعلم وَالْحكمَة 40 - الْغَرِيب العشار جمع عشراء وهى الَّتِى أَتَى لحملها عشرَة أشهر والبدر جمع بدرة وَيُقَال البدرة عشرَة آلَاف والنضار الذَّهَب الْمَعْنى يَقُول مللت صُحْبَة الْأَعْرَاب وَنحر الْإِبِل ولحومها فأضافنى الممدوح فَجعل قراى بدر الذَّهَب وَهَذَا من قَول البحترى (مَلِكٌ بعاليةِ العِراقِ قِبابُهُ ... يَقْرِى البُدُورَ بهَا ونحنُ ضُيوفُهُ) وَلما ذكر نحر العشار ذكر نحر الْبَدْر وَمعنى نحرها فتحهَا لإعطاء مَا فِيهَا 41 - الْإِعْرَاب دارس كتبه نصب على الْحَال وَمَا بعده أَيْضا حَال وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون دارس كتبه مَفْعُولا ثَانِيًا كَمَا تَقول سَمِعت زيدا هَذَا الحَدِيث الْغَرِيب بطليموس حَكِيم من حكماء الرّوم لَهُ كتب فى الطِّبّ وَالْحكمَة الْمَعْنى يَقُول سَمِعت بطليموس يُرِيد بِهِ الممدوح لِأَنَّهُ كَانَ حكيما عَالما جمع بَين أَفعَال الْمُلُوك وفصاحة البدو وظرف الْحَضَر يدرس كتبه فى حَال جمعه بَين الملوكية والبدوية والحضرية وَسَماهُ بطليموس لمشابهة لَهُ فى الْحِكْمَة وَالْعلم وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون سمع من ابْن العميد مَا عَفا ودرس من كتب بطليموس لِأَنَّهُ أَحْيَاهُ بذكائه وجودة قريحته وَيكون التَّقْدِير سَمِعت دارس كتب بطليموس وَلكنه قدم ذكره ثمَّ كنى عَنهُ 42 - الْغَرِيب الأعصر جمع عصر كأعصار وعصور الْمَعْنى إنى لقِيت بلقائه كل من لَهُ فضل وَعلم كَأَن الله أحياهم لى فرأيتهم بِرُؤْيَتِهِ وَالْمعْنَى أَن الله جمع فِيهِ من الْفضل وَالْعلم مَا كَانَ مُتَفَرقًا وَمعنى الأبيات من قَول ابْن الرومى (أتَيْتُهُ وَأَنا المَمْلُوءُ مِن غَضَبٍ ... على الزَّمانِ فَسَرَّى عَنِّىَ الغَضَبا) (فلوْ حَلَفْتُ لَمَا كُذِّبْتُ يَوْمَئِذٍ ... أنّى لَقيتُ هُناكَ العُجْمَ والعَرَبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى جمع لنا الْفُضَلَاء فى الزَّمَان ومضوا مُتَتَابعين متقدمين عَلَيْك فى الْوُجُود فَلَمَّا أتيت بعدهمْ كَانَ فِيك من الْفضل مَا كَانَ فيهم مثل الْحساب يذكر تفاصيله أَولا ثمَّ تجمل تِلْكَ التفاصيل فَيكْتب فى آخر الْحساب فَذَلِك كَذَا وَكَذَا فَيجمع فى الْجُمْلَة مَا ذكر فى التَّفْصِيل كَذَلِك أَنْت جمع فِيك مَا تفرق فيهم من الْفَضَائِل وَالْعلم وَالْحكمَة وَفِيه نظر إِلَى قَول الْقَائِل (وفى النَّاسِ مِمَّا خُصِصْتُمْ بِه ... تفاريقُ لكنْ لكُمْ مُجْتَمِعْ) 44 - الْإِعْرَاب نصب فَتعذر على جَوَاب التمنى بإضمار أَن عِنْد الْبَصرِيين وَعِنْدنَا بِالْفَاءِ نَفسهَا الْمَعْنى يَقُول لَيْت الَّتِى أحزننى دمعها لما فارقتها بِالْمَسِيرِ إِلَيْك وَالْقَصْد لَك رَأَتْ كَمَا رَأَيْت مِنْك فَكَانَت تعذرنى على فراقها وركوب الْأَهْوَال إِلَيْك 45 - الْإِعْرَاب روى ابْن جنى لَا ترد على مَا لم يسم فَاعله وَقَالَ ابْن فورجة صحف ابْن جنى وتمحل لتصحيفه وَجها وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة لَا ترد وفاعلها ضمير الْفَضِيلَة وَنصب الْفَضِيلَة الثَّانِيَة لِأَنَّهَا مفعول ترد وَنصب الشَّمْس والسحاب بِفعل مُضْمر فَكَأَنَّهُ قَالَ وَترى بِرُؤْيَة فضائلك الشَّمْس والسحاب وتشرق فى مَوضِع الْحَال وكنهورا حَال الْغَرِيب شَرقَتْ الشَّمْس إِذا طلعت وأشرقت إِذا أظلت وأضاءت والكنهور الْعَظِيم المتكاثف الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح ترى الْفَضِيلَة فِيك وَاضِحَة غير مَشْكُوك فِيهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ ترى برؤيتك الشَّمْس والسحاب وَالشَّمْس وَاضِحَة والسحاب متكاثفا متراكما وَقَالَ لَا ترد بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أى هى مَقْبُولَة غير مَرْدُودَة وَقَالَ أَبُو على بن فورجة صحف الْبَيْت ثمَّ جعل لَهُ تَفْسِيرا وَهُوَ رِوَايَة لَا ترد وَلَا ريب أَنه إِذا صحف وَأَخْطَأ احْتَاجَ إِلَى تمحل وَجه والذى قَالَ أَبُو الطّيب لَا ترد وفاعله الضَّمِير فى الْفَضِيلَة وَنصب الثَّانِيَة لِأَنَّهَا مفعول بهَا وَمعنى الْبَيْت أَنَّهَا ترى الْفَضِيلَة لَا ترد ضدها من الْفَضَائِل على مَا عهدنا من المتضادين ثمَّ فسر ذَلِك فَقَالَ يوجدك الشَّمْس مشرقة والسحاب كنهورا فى حَال وَاحِد أى يوجدك هَذَا الممدوح هَذِه المتضادين وَإِن كَانَت الشَّمْس يَسْتُرهَا السَّحَاب فوجهه كَالشَّمْسِ إضاءة ونائلة كالسحاب الكنهور فعلى تضادهما لَا يتنافيان فى وَقت وَاحِد وَلَو كَانَا فى الْحَقِيقَة الشَّمْس والسحاب لستر السَّحَاب الشَّمْس وتنافيا وَقد قَالَ فى مَعْنَاهُ مُحَمَّد بن على بن بسام (الشَّمْس غرته والغيث رَاحَته ... فَهَل سَمِعْتُمْ بغيث جَاءَ من شمس) (تَلْقَى مُغِيما مُشْمِساً فى حالَةٍ ... هَطِلَ الإغامة نَيّرِ الإشْماسِ) وَقَالَ أَيْضا (لكُلّ جَليسٍ فى يَدَيْهِ ووَجْهه ... مَدَى الدَّهْرِ يَوْما الغَيْمِ والإشْماسِ) وَتَبعهُ البحترى فَقَالَ (وأبْيَضَ وَضَّاحٍ إِذا مَا تَغَيَّمَتْ ... يَداهُ تجَّلى وجهُه فتقَشَعَّا) وَقَالَ ابْن القطاع الْمَعْنى يُرِيد أَن من عَادَة الشَّمْس أَن يَسْتُرهَا السَّحَاب إِذا اجْتمعَا وفيك هَاتَانِ الفضيلتان لَا ترد إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى لِأَنَّهُمَا كالمتضادين فِيك وَلَا تنفى إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى فِيك إشراق الشَّمْس وانهمال السَّحَاب يُشِير إِلَى تبلجه عِنْد السُّؤَال وتدفقه بالنوال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 - الْإِعْرَاب منزلا وَمَا بعده مَنْصُوب على التَّمْيِيز الْغَرِيب أسر رَاحِلَة قَالَ الواحدى وَهُوَ مُبَالغَة من السِّرّ أى أخفتنى بسراها لَيْلًا حَتَّى أَتَيْتُك وَإِن كَانَ من السرُور فَيكون سرُور صَاحبهَا هُوَ المُرَاد بسرورها والمتجر مَا يتَّخذ للتِّجَارَة الْمَعْنى يَقُول منزلى أطيب وأفسح من كل أحد وتجارتى أربح تِجَارَة لِأَن شعرى مَطْلُوب دون شعر غيرى لأنى أعْطى عَلَيْهِ الجزيل 47 - الْغَرِيب زحل من الْكَوَاكِب السَّبْعَة السيارة وَله برجان وهما الجدى والدلو وهما برجا الشَّمْس فى الشتَاء والمعشر وَالْعشيرَة قوم الرجل وَأَهله وَالْقَوْل لما يعقل فى الْحَقِيقَة للذكور دون غَيرهم وَلما جعل الْكَوَاكِب محدقة بزحل وَكَانَ الإحداق مِمَّا يُوصف بِهِ ذَوُو الْعقل أوقع عَلَيْهَا اسْم الْقَوْم وَكَذَا فى الْكتاب الْعَزِيز لما وصفت بِوَصْف من يعقل قَالَ {إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكبا وَالشَّمْس وَالْقَمَر رَأَيْتهمْ لي ساجدين} فجَاء ضمير هم ضمير من يعقل الْمَعْنى يَقُول زحل شيخ النُّجُوم وَلَو كَانَ من عشيرتك لَكَانَ أكْرم معشراء مِنْهُ الْآن والنجوم قومه وَذَلِكَ أَن قَوْمك أشرف من النُّجُوم فَلَو كَانَ من قَوْمك كَانَ أشرف مِمَّا هُوَ فِيهِ مَعَ أَن معشره النُّجُوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 - 1 - الْغَرِيب الفرند جَوْهَر السَّيْف وهى الخضرة الَّتِى تردد فِيهِ والجراز الْقَاطِع وَمِنْه (الأَرْض الجرز ... ) لِأَنَّهَا تقطع النَّبَات وَالْبرَاز المبارزة للأقران فى الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول كجوهرى جَوْهَر سيفى وَهُوَ يحكينى فى المضاء وَهُوَ حسن فى الْعين وعدة للقاء الْأَعْدَاء وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى ذُؤَيْب الهذلى يصف فرسا (يزينُ العينَ مَرْبوطا ... ويَشْفِى قَرَمَ الرَّاكِبْ) وَأحسن من هَذَا التَّشْبِيه قَول الطائى (فى كلّ جوْهرَةٍ فِرِنْد مُشْرِقٌ ... وَهُوَ الفِرنْد لهَؤُلَاء النَّاس) 2 - الْغَرِيب الأحراز جمع حرز وَهُوَ العوذة لِأَنَّهَا تحرز حاملها من الشَّيَاطِين وَمن الْعين الْمَعْنى أَنه شبه بريق السَّيْف بالنَّار وَشبه آثَار الفرند فِيهِ ودقته بخطوط من المَاء دقيقة كأدق مَا يكون من الخطوط لِأَن الأحراز يكْتب فِيهَا الْخط الدَّقِيق غَالِبا وَلِهَذَا قَالَ (أدق الخطوط فى الأحراز ... ) وَهُوَ من قَول مُحَمَّد بن الْحُسَيْن (ماضٍ تَرَى فى مَتْنِهِ ... مَاء بنارٍ مُخْتَلِطْ) وَمثله لأبى المعتصم 1 (كأنَّهُ فى طبْعِه واللَّوْنِ ماءٌ ولَظَى ... ) 3 - الْإِعْرَاب الأَصْل هازئ بِالْهَمْز إِلَّا أَنه خفف عِنْد الْوَقْف الْغَرِيب الموج جمع موجة يُقَال موج وأمواج وَهُوَ مَا يذهب من المَاء تَارَة وَيرجع أُخْرَى بِقدر شدَّة الرِّيَاح وهزئ يهزأ فَهُوَ هازئ وهزأت بِهِ وتهزأت هزأ ومهزأة وَرجل هزأة بتسكين الزاى يهزأ بِهِ وهزأه بِفَتْحِهَا يهزأ بِالنَّاسِ والمصدر من هزأت هزؤا مُثقلًا ومخففا وخففه حَمْزَة وَترك همزته حَفْص وَثقله الْمَعْنى يَقُول إِذا أردْت أَن تعرف لَونه غلب مَاؤُهُ وبياضه الذى يتَرَدَّد فِيهِ كالموج ينظره النَّاظر فَلَا يُمكنهُ أَن يعرف لَونه كَأَنَّهُ يهزأ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يسْتَقرّ حَتَّى يحققه النَّاظر وَهُوَ من قَول الآخر (وكأنَّ الفِرِنْدَ والرَوْنَقَ الجا ... رِىَ فى صَفْحَتَيْهِ ماءٌ مَعِينُ) وَلابْن أَبى مزرعة (مُتَرَدّدٌ فِيهِ الْفِرِنْدِ ... تَرَدُّدَ المَاءِ الزُّلالِ) الحديث: 125 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 - الْغَرِيب الهباء هُوَ مَا ترَاهُ فى الشَّمْس إِذا دخلت من مَوضِع ضيق والأنيق الْحسن ومتوال يتبع بعضه بَعْضًا ومستو صَحِيح الضَّرْب أى فى متن مستو وهزهاز يَتَحَرَّك يجِئ وَيذْهب وَسيف هزهاز وهزاهز كَأَن مَاءَهُ يذهب عَلَيْهِ ويجئ الْمَعْنى قَالَ الواحدى روى ابْن جنى قدى بِالدَّال الْمُهْملَة من قَوْلهم قيد رمح وقدى رمح أى مِقْدَاره جعل السَّيْف كَالْمَاءِ لضيائه والفرند كقدى الهباء فى الشكل وَالصُّورَة وَجعله أنيقا لِأَنَّهُ يعجب النَّاظر إِلَيْهِ 5 - الْغَرِيب الجوازئ جمع جازئة وهى الَّتِى جزأت بالرطب عَن المَاء من الْوَحْش جزأت تجزأ جزؤاً بِالضَّمِّ فهى جازئة وَالْجمع جوازئ قَالَ الشماخ (إذَا الأرْطَى تَوسَّدَ أبْرَدَيْهِ ... خُدُودُ جَوَازِئ بالرَّمْلِ عِينِ) وفى هَذَا الْبَيْت صَنْعَة فى إعرابه الأرطى مفعول مقدم وتوسد فَاعله خدود وأبرديه ظرف تَقْدِيره فى أبرديه الْمَعْنى يَقُول هَذَا السَّيْف شربت جوانبه من المَاء بِقدر مَا يلينها والمتن لم يشرب لِأَن السَّيْف لَا يسقى كُله وَإِنَّمَا يسقى شفرتاه وَيتْرك مَتنه ليَكُون أثبت لَهُ حَتَّى لَا ينقصف إِذا ضرب بِهِ 6 - الْغَرِيب حمائل السَّيْف هى نجادة وَهُوَ مَا يحمل بِهِ يُقَال حمالَة وحمائل والخراز هُوَ الذى يخرز بالسيور الحمائل وَغَيرهَا الْمَعْنى يَقُول هَذَا السَّيْف هُوَ من قدمه وَكَثْرَة مَا أَتَى عَلَيْهِ من السنين وتداول الأيدى قد أخلقت حمائله فهى محتاجة إِلَى من يجددها وأضاف الحمائل إِلَى الدَّهْر مجَازًا فَأَرَادَ أَنه قديم الصَّنْعَة قد أخلق طول الدَّهْر حمائله فَلَمَّا كثر حاملوه بطول الدَّهْر كَانَ كَأَن الدَّهْر حَامِل لَهُ وَهُوَ ينظر إِلَى قَول البحترى (حَمَلَتْ حَمائِلُه القديمةُ بَقْلَةً ... مِنْ عَهْدِ عادٍ غَضَّةً لم تَذْبلُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 - الْغَرِيب غراريه مَا بَين مَتنه وَحده وَالْعرض النَّفس يُقَال أكرمت عَنهُ عرضى وَالْعرض الْحسب وَفُلَان نقى الْعرض برِئ من أَن يشْتم وَالْعرض الْجَسَد وفى صفة أهل الْجنَّة إِنَّمَا هُوَ عرق يسيل من أعراضهم أى من أَجْسَادهم وَالْعرض اسْم وَاد بِالْيَمَامَةِ وَقيل كل وَاد فِيهِ شجر فَهُوَ عرض قَالَ الشَّاعِر (لعِرْضٌ مِنَ الأعْراضِ يُمْسِى حَمامُهُ ... ويُضْحى عَلى أفْنانِهِ الغِينِ يَهْتِفُ) (أحَبُّ إِلَى قَلبى مِنَ الدّيكِ رَنَّةً ... وبابٍ إذَا مَا مالَ للْغَلْقِ يَصْرِفُ) انتضى السَّيْف فَهُوَ منتض إِذا سَله والمخازى جمع مخزاة الْمَعْنى يَقُول سيفى لسرعة قطعه لَا يلصق بِهِ الدَّم وَلَا يتلطخ بِهِ كَمَا أَن حامله والضارب بِهِ لَا يلْحق عرضه شئ من الْعَيْب وَلَا يذم بشئ يُرِيد نَفسه والمخازى مَا يخزى بِهِ الْإِنْسَان من ذمّ قَبِيح وَهُوَ من قَول الأول (بكلّ حُسامٍ كالعَقيقةِ صَارِمٍ ... إِذا قَدَّ لم يَعْلَقْ بصفحته الدَّمُ) 8 - الْغَرِيب الرَّوْض جمع رَوْضَة وَيُقَال روض ورياض والمعقل الْحصن الذى يعتصم بِهِ النَّاس من عَدو وَالْبرَاز الصَّحرَاء الواسعة وَقَالَ الْفراء هُوَ الْموضع الذى لَيْسَ بِهِ شجر وتبرز الرجل خرج إِلَى البرَاز لحَاجَة الْمَعْنى يُرِيد يَا مزيل الظلام وَيَا روضى وَيَا معقلى أَنْت تزيل الظلام عَنى بضيائك وحسنك وَأَنت إِذا شربت روضى لخضرته وَالسُّيُوف تُوصَف بالخضرة كَمَا قَالَ بَعضهم (مُهَنَّدٌ كأنَّما طَبَّاعُهُ ... أشرَبَهُ فى الهِنْدِ ماءَ الهِنْدِبا) وَأَخذه البحترى فَقَالَ (حَمَلَتْ حَمائلُهُ القَديمَةُ بَقْلَةً ... مِنْ عهدِ عادٍ غَضَّةً لم تَذْبُلِ) 9 - الْإِعْرَاب اليمانى فى مَوضِع نصب بالنداء فَكَأَنَّهُ قَالَ يَا مزيل الظلام وَيَا اليمانى وَهُوَ جَائِز عندنَا أَن يُنَادى مَا فِيهِ التَّعْرِيف نحويا الرجل وَيَا الْغُلَام وأبى البصريون ذَلِك وَحجَّتنَا أَنه قد جَاءَ فى أشعارهم وَكَلَامهم قَالَ الشَّاعِر (فيا الغُلامانِ اللَّذانِ فَرَّا ... إيَّاكُما أنْ تَكْسِبانِى شَراً) وَقَالَ الآخر (فَدَيْتُكِ يَا الَّتِى تَيَّمْتِ قَلبى ... وَأَنت بخيلَةٌ بالوَصْلِ عَنّى) وَيدل على صِحَة قَوْلنَا إجماعنا على أَنه يجوز أَن يُقَال فى الدُّعَاء يَا ألله وَالْألف وَاللَّام فِيهِ زائدتان وَحجَّة الْبَصرِيين أَن الْألف وَاللَّام للتعريف وحرف النداء يُفِيد التَّعْرِيف وتعريفان فى كلمة لَا يجوز الْغَرِيب اليمانى نِسْبَة إِلَى الْيمن يُقَال يمنى ويمان مُخَفّفَة وَالْألف عوض من يَاء النّسَب فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ وَبَعْضهمْ يَقُول يمانى بِالتَّشْدِيدِ قَالَ أُميَّة بن خلف (يَمانِيًّا بَطل يَشُدُّ كِيراً ... وَيَنْفُخُ دَائِما لَهَبَ الشُّوَاظِ) الْمَعْنى يَقُول هُوَ عَزِيز عندى فَمن عزته لَو قدرت جعلت عينى غمدا لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 - الْغَرِيب الصليل الصَّوْت وصلصلة اللجام صَوته وتصلل الحلى إِذا صَوت والارتجاز مَا يقلل من الرجز وَهُوَ ضرب من الشّعْر الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَقُول بِإِزَاءِ برقك فعالى وبإزاء صلنلك ارتجازى فهما يقومان مقَام برقك وصليلك يقارن مَا بَين سَيْفه وَنَفسه تَشْبِيها 11 - الْإِعْرَاب لم أحملك حرك السَّاكِن وَحذف الْهمزَة وهى لُغَة جَيِّدَة جَاءَت فى أشعارهم وخطبهم وَكَلَامهم وَبَيت الحماسة (فَمَنْ أنْتُمُ إنَّا نَسِينا مَنْ آنْتُمُ ... ) وَمِنْه قِرَاءَة ورش عَن نَافِع فَمن أظلم وَمن أصدق وَمن أحسن وَأَن ارضعيه وَجَمِيع مَا فى الْقُرْآن من هَذَا فَإِنَّهُ ينْقل حَرَكَة الْهمزَة إِلَى السَّاكِن وحذفها وَقَرَأَ حَمْزَة هَذَا كُله والأشنانى بِالْفَصْلِ السَّاكِن والهمزة بسكتة يسيرَة الْغَرِيب الْمعلم الذى قد شهر نَفسه فى الْحَرْب بعلامة يعرف بهَا وَهُوَ مِمَّا كَانَت تَفْعَلهُ الْأَبْطَال من الْعَرَب والأجواز الأوساط الْوَاحِد جوز الْمَعْنى يَقُول لم أحملك فى الْحَرْب لزينة وَإِنَّمَا أحملك لأقتل بك الْأَعْدَاء 12 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى عَلَيْهَا للرقاب والأجواز وحرفا الْجَرّ يتعلقان بِالْمَصْدَرِ وَاللَّام يتَعَلَّق بغاز الْغَرِيب رجل غاز وَالْجمع غزَاة كقاض وقضاة وغزى مثل سَابق وَسبق وغزى مثل حَاج وحجيج وقاطن وقطين وغزاء كفاسق وفساق وَالِاسْم الْغُزَاة وَالنِّسْبَة إِلَى الْغَزْو غزوى وَكله الذى يَغْزُو الْعَدو وَأَصله الْقَصْد الْمَعْنى يَقُول لم أحملك إِلَّا لقطعى بك الدروع والمغافر فَأَنا أعزو جنسى من النَّاس وَأَنت تغزو جنسك من الْحَدِيد فكلانا يَغْزُو جنسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 - الْغَرِيب الركض الْعَدو السَّرِيع ووهن شطر من اللَّيْل والموهن مثله وَقَالَ الأصمعى هُوَ حِين يبرد اللَّيْل وَقَالَ غَيره هُوَ نَحْو من نصف اللَّيْل وَقد أوهنا أى سرنا فى تِلْكَ السَّاعَة وَأهل الْحجاز مَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَمَا بعد من الشَّام الْمَعْنى يَقُول لما ركضت الْخَيل بعد وَهن خرج من الغمد فَرَأى اهل الْحجاز بريقه فظنوه برقا فارتقبوا الْمَطَر قَالَ ابْن جنى خص أهل الْحجاز لِأَن فيهم طَمَعا أَو إِنَّمَا جرت إِلَيْهِم القافية وَهَذَا الْبَيْت مَنْقُول من قَول الوائلى (مَا سلَّهُ أهلُ الحجازِ لحاجَةٍ ... إلاَّ يُبَشِّرُ بالسِّحابِ الشاَّما) وَأَخذه على بن الجهم فِي قَوْله فِي قبَّة المتَوَكل (وقبة ملك كَأَن النُّجُوم ... تصغي إِلَيْهَا بأسرارها) (إِذا أُوْقِدَتْ نارُها بالعِرَاقِ ... أضَاءَ الحجازَ سَنا نارِها) 14 - الْغَرِيب يوازى يعادل ويماثل وَابْن صَالح هُوَ الممدوح وَهَذَا من أحسن المخالص الَّتِى للمتنبى وَقد أحسن فِيهِ وَمثله (نُوَدّعُهُمْ والبَيْنُ فِينَا كأنَّهُ ... قَنا ابْن أَبى الهَيجاءِ فى قلبِ فَيلق) وَمثله لَهُ (وإلاَّ فخانَتْنِى القَوَافىِ وَعاقَنِى ... عَن ابْن عُبَيدِ اللهِ ضعفُ العزائمِ) وَله أَيْضا (أحِبُّك أوْ يَقُولُوا جَرَّ نملٌ ... ثَبِيراً وابنُ إبراهيمَ رِيعا) وَله فى المخالص الْيَد الطُّولى وَأحسن مَا قيل فى المخالص نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَمِنْهُ قَول حبيب (يقولُ فى قُومَسٍ صَحْبِى وَقد أخذَتْ ... منا السُّرَى وخُطا المَهْرِيَّةِ القُودِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 (أمَطْلعَ الشَّمْسِ تبغى أَن تَؤُمَّ بِنَا ... فقلتُ كَلاَّ ولكنْ مَطْلِعَ الجُودِ) وَله أَيْضا (صُبَّ الفِرَاقُ علينا صُبَّ مِنْ كَثَبٍ ... عَلَيْهِ إسحاقُ يَوْمَ الرَّوْعِ مُنْتَقِما) وَله أَيْضا (لَا والَّذى هُوَ عالمٌ أنَّ النَّوَى ... صَبِرٌ وأنَّ أَبَا الحَسَيْن كريمُ) وللبحترى (آلَيْتُ لَا أجْعَلُ المَعْرُوفَ حادِثَةَ ... تَخْشَى وَعِيسىَ بنُ إبْراهِيمِ لى سَنَدَ) وكقول ابْن هَانِئ (لَا تَسَلْنِى عَنِ اللَّيالى الخَوَالى ... وأجِرْنِى مِنَ اللَّيالىِ البَوَاقِى) (ضَرَبَتْ بَيْنَنا بأبْعَدَ مِمَّا ... بَيْنَ رَاجِى المُعِزّ والإمْلاقِ) وَله أَيْضا (المُدْنَفانِ مِنَ البَرِيَّةِ كُلِّها ... جِسمى وطَرْفٌ بابِلىٌّ أحورُ) (والمُشْرِقاتُ النَّيّرَاتُ ثَلاثَةٌ ... الشَّمْسُ والقَمَرُ المُنيرُ وجَعفَرُ) وَله أَيْضا (ولكنَّما ضاحكْنَنا عَن محاسِنٍ ... جَلَتْهُنَّ أيّامُ المُعزِّ الضَّوَاحِكُ) وكقول مُحَمَّد بن وهيب (حَتَّى اسْتَرَدَّ اللَّيْلُ خِلْعَتَهُ ... وَنَشا خِلالَ سَوَادِهِ وَضَحُ) (وَبَدَا الصَّباحُ كأنَّ غُرَّتهُ ... وَجْهُ الخَليفَةِ حِين ممْتَدَحُ) وكقول عبد المحسن الصورى (قد رَضِينا بذَاكِ مِنْكِ وَإنْ قَللَّ ... فَلَا تَنْقُصىِ إِذا لم تَزِيدِى) (واكْتُمى أنَّنا سألْناكِ جُوداً ... تسْلَمى من محمدِ بن سعيدِ) وكقول الآخر (لستُ أنْسَى أيَّامَكَ الْبيض والبيضُ ... يفدِّين رأسِىَ المُسْوَدّا) (أَو يُقالُ السَّماءُ صافحَتِ الأرْ ... ضَ وراجِى الإِمَام خَابَ وأكْدى) وكقول الحيص بيص واسْمه سعيد (تزاحَمُ أشْجانى إِذا مَا ذكرْتكم ... زحام المُنادِى عِنْد بَاب ابْن مُسلم) فَهَذَا أحسن مَا يُوجد فى المخالص قد ذَكرْنَاهُ لأَنا قد شرطنا أَن نذْكر مِنْهَا شَيْئا هُنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 - الْغَرِيب السراة جمع سرى والروذبارى هُوَ الممدوح نِسْبَة إِلَى بلد أَبِيه روذبار وهى بَلْدَة من بِلَاد الْعَجم الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كل سيد كَهَذا الممدوح وَلَا كل مَا يطير كالبازى يُرِيد لَيْسَ أحد مثل هَذَا الممدوح الذى قد جمع مَا تفرق فى غَيره من السَّادة ينظر إِلَى قَول الأول (بُغاثُ الطَّيرِ أَكْثَرهَا فِرَاخا ... وأمّ الصَّقر مِقْلاتٌ نَزُورُ) 16 - الْإِعْرَاب فارسى خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ فارسى الْغَرِيب أبرواز هُوَ أبرويز أحد مُلُوك الْعَجم وَإِنَّمَا غير اسْمه وَنَقله للوزن وكعادة الْعَرَب تفعل بالأسماء الأعجمية مَا شَاءَت فِيهَا فى تصرفها الْمَعْنى يَقُول هُوَ أعجمى الأَصْل فارسى لَهُ تَاج كَانَ قَدِيما على أبرويز لِأَنَّهُ من بَيت الْملك وَهُوَ قديم فى الْملك معرق لَا عصامى 17 - الْغَرِيب يُقَال عزوته إِذا نسبته إِلَى أَبِيه أعزوه فَأَنا عاز لَهُ أى ناسب الْمَعْنى يَقُول هُوَ أصيل شرِيف فَلَا يحْتَاج إِلَى نسب فَلَو نسبته إِلَى الشَّمْس كَانَ أشرف قدرا 18 - الْإِعْرَاب وسام عطف على أَسمَاء كَأَن وَالْخَبَر فى الْجَار وَالْمَجْرُور الْغَرِيب الفريد الدّرّ إِذا نظم وَفصل بِغَيْرِهِ وَيُقَال فريد الدّرّ الْكِبَار مِنْهُ وأفراد النُّجُوم الدرارى فى آفَاق السَّمَاء والسام عروق الذَّهَب وأضافه إِلَى الرِّكَاز لِأَن الرِّكَاز معادن الذَّهَب وكنوز الْجَاهِلِيَّة وَمِنْه الحَدِيث // الصَّحِيح // " وفى الرِّكَاز الْخمس " الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأَشْيَاء تُوجد فى لَفظه لفصاحته وبلاغته 19 - الْغَرِيب الأعجاز جمع عجز وَهُوَ أَسْفَل كل شئ وَمِنْه كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية الْمَعْنى يَقُول هُوَ مَشْغُول بكسب المعالى لَا بِحسان الْوُجُوه من النِّسَاء وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطائى (ومَنْ كانَ بالبيضِ الكَواعب مُغْرَما ... فَمَا زِلتَ بالبيض القوَاضب مُغْرَما) (ومَنْ تيمتْ سُمْرُ الحِسانِ وأُدْمُها ... فَمَا زلتَ بالسُّمْر العوَالى مُتَيَّما) وَمن قَوْله أَيْضا (عَدَاكَ حَرُّ الثُّغور المُستضامَة عَن ... بَرْد الثٌّ غور وَعَن سَلْسالها الْحَصِبِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 - الْمَعْنى يَقُول لقصورهم عَنهُ وحنقهم وغيظهم يقضمون الْجَمْر وَالْحَدِيد كَمَا يقضم سكر الأهواز وَهُوَ من قَول الْأَعْشَى (فعضَّ حَدِيد الأرْض إِن كنتَ ساخطاً ... بفِيكَ وأحْجارَ الكُلابِ الرَّوَاهصا) وَقَول أَبى الْعَتَاهِيَة (كأنَّ المَطايا المُجْهَداتِ من السُّرَى ... إِلَى بَابه يَقْضَمْنَ بالجُهد سَكرَّا) 21 - الْغَرِيب الإسهاب الْإِكْثَار وَالْعَفو الْقَلِيل الْمَعْنى ينَال ببلاغته مَا يَنَالهُ غَيره بالجهد وبإيجازه مَا يَنَالهُ غَيره بالإكثار وَأحسن مِنْهُ قَول البحترى (فى نظامٍ مِنَ البَلاغة مَا شَكَّ ... امْرُؤٌ أنَّه نِظامُ فَرِيدِ) (حُزْنَ مُسْتعمَل الكلامِ اخْتياراً ... وتجَنَّبْنَ ظُلْمَةَ التَّعقيد) 22 - الْغَرِيب الدِّيات جمع دِيَة وهى مَا يُؤْخَذ من الْقَاتِل عَن الْقَتِيل والإعواز الإعياء الْمَعْنى هُوَ يحمل الدِّيات عَن قومه وَثقل الدُّيُون وكل مَا يلْحقهُ ضَرَر فَهُوَ يحملهُ عَنْهُم 23 - الْغَرِيب المرازى جمع مرزئة وَأَصله الْهَمْز وخفف ضَرُورَة الْمَعْنى يَقُول كَيفَ لَا يشكو مَا هُوَ مَدْفُوع إِلَيْهِ من لِقَاء الحروب وَاحْتِمَال المغارم عَن النَّاس وَكَيف يَشكونَ هم ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ المتحمل عَنْهُم كل ثقيل وَهُوَ أولى بِأَن يتشكى ذَاك مِنْهُم وَالْمعْنَى الْعجب مِمَّن يشكو رزية وَهُوَ متحملها عَنهُ كَيفَ يشكوها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 - الْغَرِيب الفناء الْمنزل والمجتاز الذى يجوز بِالْمَكَانِ وَلَا يقْعد فِيهِ وَلَا يبيت الْمَعْنى إِن فناءك وَاسع كَبِير وَلَيْسَ لمَالِك فِيهِ مبيت يَقُول إِن مَالك لَا يُقيم عنْدك فَإِذا وصل إِلَى مَنْزِلك اجتاز بِهِ لَا يُقيم فِيهِ مَعَ سَعَة مَنْزِلك لِأَنَّك تبذل مَالك فَلَا يبْقى عنْدك 25 - الْغَرِيب شبا الأسنة حَدهَا وأسوق جمع سَاق وسوق وَكله بِغَيْر همز إِلَّا أَن قنبلا روى عَن ابْن كثير {فَاسْتَوَى على سؤقه} بِالْهَمْز وَكَذَا روى عَنهُ فى سُورَة ص {بالسؤق والأعناق} والنوازى النوافر الْمَعْنى يَقُول لما صرت فى جوارك واعتصمت بك صَارَت حديدات الأسنة عندى كسوق الْجَرَاد النوافر لقلَّة مبالاتى بهَا ونزا الْجَرَاد ينزو إِذا ركب ووثب 26 - الْغَرِيب انثنى رجل وانعطف الْمَعْنى يَقُول انعطف عَنى الرمْح والتوى على نَفسه التواء الْحُرُوف كالهاء وَالْوَاو والزاى وَقَالَ الواحدى لَو أمكنه أَن يَقُول هوز لَكَانَ أحسن وَالْعرب تنطق بِهَذِهِ الْكَلِمَات على غير مَا وضعت قَالَ (أَبُو جادِهِمْ بذلُ النَّدَى يَلْهَمُونَهُ ... ومُعْجَمُهُمْ بالسَّوْطِ ضرْبُ الفَوَارِس) وَقَالَ آخر (تعلَّمتُ باجادٍ وآلَ مُرَامرٍ ... ) وَقَالَ المعرى فى تعطف الرماح (وتَعَطَّفَتْ لِعْبَ الصّلالِ رِماحُهُمْ ... فالزُّجّ عندَ اللَّهْذَمِ الرّعَّافِ) 27 - الْغَرِيب التأسى التعزى والتعازى جمع تَعْزِيَة الْمَعْنى يَقُول إِذا ذكرنَا آباءك تعزينا وتسلينا عَمَّن بعدهمْ فَإِذا فَقدنَا بعدهمْ أحدا هان علينا لفقدهم وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن الرومى (إِذا خَلَفٌ أوْدَى وخَلَّفَ مِثْلَهُ ... فمَا ضَرَّهُ أنْ غيَّبته الرَّوَامِسُ) 28 - الْغَرِيب المهماز حَدِيدَة تكون فى عقب الرَّاكِب ينخس بهَا بطن الدَّابَّة حَتَّى تسرع فى المشى الْمَعْنى يَقُول ملكوا الأَرْض وذللوها وأطاعتهم كطاعة الدَّابَّة الذلول الَّتِى لَا يحْتَاج راكبها إِلَى مهماز لطاعتها لَهُ فى المشى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 - الْغَرِيب النحاز سعال يَأْخُذ الْإِبِل وَالْغنم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أى لم يعبئوا بِكَلَام أحد لما صَارُوا إِلَى هَذِه الْحَالة قَالَ الواحدى والأجود أَن يُقَال السعال يرقق الصَّوْت وَالْمعْنَى كَانُوا لهيبتهم لَا يرفعون الصَّوْت بَين أَيْديهم يعْنى النَّاس 30 - الْإِعْرَاب وهجان على هجان أى وَرب هجان على مَذْهَب الْبَصرِيين لِأَن وَاو رب لَا تعْمل عِنْدهم إِلَّا بِتَقْدِير رب مَعهَا وهى عندنَا نائبة عَنْهَا وتعمل عَملهَا من غير إِضْمَار وعديد حَال الْغَرِيب الْحُبُوب جمع حَبَّة والأقواز جمع قوز وهى الْقطعَة المستديرة من الرمل نَحْو الرّكْبَة الْمَعْنى يَقُول رب رجال كرام قصدتك على إبل كرام قَالَ الواحدى رَوَاهُ ابْن جنى (تأتتك ... ) أى قصدتك وَأنْشد للأعشى (إِذا هِىْ تأتَّى تريدُ القِيام ... تهادَى كَمَا قد رأيتَ البَهِيرا) قَالَ البهير الذى وَقع بِهِ البهر وَقَالَ ابْن فورجة تأتى تفعل من الْإِتْيَان والأتى وَهُوَ يتَضَمَّن معنى الْقَصْد إِلَّا أَنه مَقْصُور على قَوْلهم تأتيت لهَذَا الْأَمر أى أَحْسَنت الصنع فِيهِ وَهُوَ التلطف فى الْفِعْل يُقَال فلَان لَا يَتَأَتَّى لهَذَا الْأَمر أى لَا يطوع لفعله فَأَما معدى إِلَى مفعول كصريح الْقَصْد فَلَا أرَاهُ سمع والذى فى بَيت الْأَعْشَى لَيْسَ بمتعد والذى فى شعر المتنبى مُتَعَدٍّ وَهَذِه لَفْظَة تسْتَعْمل للقصد الصَّرِيح وَقَالَ ابْن دُرَيْد تأياه بِالسَّلَامِ إِذا تَعَمّده بِهِ فَإِذا لم تعد فَقلت تأييت فَمَعْنَاه تحبست يُقَال تأيا فلَان بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ وَمعنى الْبَيْت رب رجال خالصى النّسَب قصدوك على نُوق كريمه عدد حبوب الرمل 31 - الْغَرِيب العراء الأَرْض الواسعة وَمِنْه (فنبذناه بالعراء وَهُوَ سقيم ... ) والملاء جمع ملاءة وهى الْإِزَار والطراز مَا يكون فى الثَّوْب وَهُوَ فارسى مُعرب الْمَعْنى أَنه شبهها فى اسْتِوَاء سَيرهَا بصف فى أَرض مستوية فَلَا تخرج إِحْدَاهَا عَن الْأُخْرَى وَقَالَ الواحدى شبهها بطراز على ملاءة وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ هُنَاكَ سراب كَانَ التَّشْبِيه أورقع لبياضه وَهَكَذَا سير الْإِبِل الْكِرَام إِذا وَقعت فى بسيط من الأَرْض استقامت فى السّير كَأَنَّهَا صف كَمَا قَالَ أَبُو نواس (تَذرُ المَطِىَّ وراءَها فكأنَّها ... صَفٌّ تَقَدَّمُهُنّ وهى إِمَام) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 - الْغَرِيب الوفر المَال الْكثير وأودى هلك والعنتريس النَّاقة الشَّدِيدَة الصلبة والكناز المكتنزة اللَّحْم الْمَعْنى يُرِيد أَن السّير حكى جودك فى المَال وَأَنه يفنيه وَقد أودى بِهَذِهِ النَّاقة حَتَّى أذهب لَحمهَا وأفناها مَعَ شدتها وقوتها وَمَا كَانَت عَلَيْهِ من الاكتناز 33 - الْمَعْنى إِذا وعدت إنْسَانا ظنونه أَنَّك تعطيه شَيْئا فتعده عَنْك وَعدا أنجزت أَنْت ذَلِك الْوَعْد عَاجلا فَلَا تعده نَفسه بوعد إِلَّا أنجزته بِأَكْثَرَ مِمَّا تعد وَفِيه تنظر إِلَى قَول الطائى (صَدَّقْتَ ظَنِّى وصَدَّقتُ الظُّنونَ بِهِ ... وحطَّ جودُكَ عَقْدَ الرَّحلِ عنْ جَمَلى) 34 - الْغَرِيب فحواه مَعْنَاهُ الْمَعْنى يَقُول نَحن ننسب القَوْل إِلَيْنَا وَلكنه أعلم بِمَعْنَاهُ منا وَأولى منا أَن يأتى فى القَوْل بِمَا يعجز قَالَه أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى كَذَا 35 - الْغَرِيب القريض الشّعْر الْمَعْنى هُوَ عَارِف بالشعر وَكَلَام الْعَرَب معرفَة الْبَزَّاز بالثياب 36 - الْغَرِيب الخارباز حِكَايَة صَوت الذُّبَاب وَيُسمى الذُّبَاب خازباز قَالَ ابْن أَحْمَر (تَفَقَّأَ فَوْقه القَلَع السوارى ... وجٌ نَّ الخازبازِ بِهِ جُنونا) وهما اسمان جعلا وَاحِدًا وبنيا على الْكسر فى الرّفْع وَالنّصب والجر قَالَ الأصمعى هُوَ نبت وَأنْشد (أرعيُتها أكرمَ عُود عُودَا ... الصِّلَّ والصِّفْصِلَّ واليَعْضِيدَا) (والخازِبازِ السَّنِمَ المَجُودَا ... بحَيْثُ يَدْعو عامِرٌ مَسْعُودَا) وهما راعيان وَقَالَ قوم الخازبار دَاء يَأْخُذ الْإِبِل فى حلوقها وَالنَّاس قَالَ الراجز (يَا خازِبازِ أرْسلِ اللَّهازِما ... إنى أخافُ أَن تكونَ لازِما) وَفِيه لُغَة أُخْرَى يُقَال الخزباز كقرطاس وَأنْشد الْأَخْفَش (مثلُ الكلابِ تَهِرُّ عِنْد دِرَابِها ... وَرِمَتْ لهَازمُهُ مِن الخِزْبازِ) وَقيل فِيهِ لُغَات 1 الْمَعْنى يَقُول أَنْت ناقد الْكَلَام تعرف الشّعْر وَغَيْرك يجوز عَلَيْهِ شعراء يهذون كَأَنَّهُمْ طنين الذُّبَاب فى هذيانهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا الذى يجوز عَلَيْهِ الشّعْر الردئ يرى أَنه بَصِير وَهُوَ أعمى قد ضَاعَ عكازه وهى الْعَصَا الَّتِى يتَوَكَّأ عَلَيْهَا ويهتدى بهَا إِذا مَشى فى الطرقات 38 - الْإِعْرَاب يرْوى (نَظِير قابله مِنْك ... ) وَالْكَاف خطاب الشَّاعِر وَأَرَادَ مثل عقل الْمجَاز فَحذف للْعلم بِالْأولِ الْمَعْنى يَقُول للشاعر إِذا مدحت أحدا فَقبل شعرك فَهُوَ نَظِيره فَإِذا جازاك فعقله مثل عقلك لِأَن الْعَالم بالشعر لَا يقبل إِلَّا الْجيد وَالْجَاهِل بالشعر يقبل الردئ والمجيز الْمُعْطى وَالْمجَاز الْمُعْطى وَهُوَ الشَّاعِر قَالَ الواحدى لَا شكّ أَن كل شعر نَظِير قَائِله والعالم بالشعر شعره على حسب علمه وَكَذَلِكَ من دونه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 - 1 - الْإِعْرَاب كَانَ حَقه أَن يَقُول نَاسِيا لِأَنَّهُ مَنْصُوب بأذكرت فجَاء بِهِ على قَول من قَالَ رَأَيْت قَاض فأجراه فى النصب مجْرى الرّفْع والجر وَقد قَالَ الْأَعْشَى (وآخُذُ مِنْ كلِّ حىٍّ عُصُمْ ... ) وَهُوَ فى مَوضِع نصب وَهُوَ قاسى جملَة ابتدائية فى مَوضِع الْحَال الْمَعْنى يَقُول للؤذن أذن فَمَا ذكرت بتأذينك نَاسِيا يُرِيد أَنه يحافظ على الصوات فَهُوَ لَا ينسى أَوْقَاتهَا وَأَن قلبه لين فَلَا يحْتَاج أَن يلين بتذكيرك 2 - الْمَعْنى يَقُول لم تكن الْخمر تشغله عَن اكْتِسَاب المعالى وَلَا عَن الصَّلَاة وَأَنه يذكر حق الله قبل حق نَفسه وَأَن الْخمر لم تستغرق أوقاته عَن حق الله وَلَا عَن كسب الْمجد وَمثله للطائى (وَلم يَشْغَلْكَ عَن طَلَبِ المَعالى ... وَلا لذَّاتِها لَهْوٌ وَلِعْبُ) 127 - 1 - الْغَرِيب الْأنس جمَاعَة النَّاس وَقَالَ الجوهرى الْأنس أَيْضا الحى المقيمون والأنس أَيْضا لُغَة فى النَّاس وَأنْشد الْأَخْفَش لشمر بن الْحَارِث الضبى (أتَوْا نارِى فَقُلْتُ مَنُونَ أنْتُمْ ... فَقَالُوا الجنُّ قُلْتُ عِمُوا ظَلامَا) (فقُلْتُ إِلَى الطَّعامِ فقالَ مِنْهُمْ ... زَعيمٌ نَحْسُدُ الأَنَسَ الطَّعاما) (لقَدْ فُضِّلْتُمْ بالأكْلِ فِينَا ... وَلَكنْ ذَاكَ يُعْقِبُكُمْ سَقامَا) والأنس أَيْضا بِخِلَاف الْوَحْش وَهُوَ مصد ر أنست بِهِ بِالْكَسْرِ أنسا وأنسة وَيجوز فِيهِ الْفَتْح أنست بِهِ أنسا كَقَوْلِك كفرت كفرا والتعس الْهَلَاك وَأَصله الكب وَهُوَ ضد الانتعاش وتعس بِالْفَتْح يتعس تعسا وأتعسه الله قَالَ مجمع بن هِلَال (تقولُ وَقد أفردْتُها مِن خليلِها ... تَعَسْتَ كَمَا أتعَسْتنى يَا مُجَمِّعُ) وَقد رد قوم على أَبى الطّيب قَوْله (بجد ... . تعس ... ) وَقَالُوا لَا يُقَال إِلَّا تاعس من تعس بِفَتْح الْعين وَلَا يجوز بِكَسْرِهَا إِلَّا مَا روى عَن الْفراء وَاحْتج أهل اللُّغَة بِبَيْت الْأَعْشَى (بذَاتِ لَوْثٍ عِفِرْناةٍ إِذا عَثرَتْ ... ) فالتعس أدنى لَهَا من أَن أَقُول لعا وَلَو جَازَ تعس بِكَسْر الْعين لَكَانَ الْمصدر تعسا فعلى هَذَا لَا يُقَال جد تعس وَإِنَّمَا قَالَ تاعس الْمَعْنى أَنه يُخَاطب الظبية الوحشية لِكَثْرَة مقَامه فى الصَّحرَاء مَعهَا فقد ألفته واستأنست بِهِ فَلَا تنفر مِنْهُ وَذَلِكَ أَنه يُرِيد انْفِرَاده عَن النَّاس ومجاورة الْوَحْش كَقَوْل ذى الرمة (أخُطُّ وأمحُو الخَطّ ثمَّ أُعيدُهُ ... بِكَفَّىَّ والغِزْلانُ حَوْلىَ تَرْتَعُ) يُخَاطب الظبية وَيَقُول لَوْلَا ظَبْيَة الْأنس الَّتِى قد هَمت لأَجلهَا لما كَانَ حظى فى الْهوى منحوسا الحديث: 126 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 - الْغَرِيب المزن جمع مزنة وهى السحابة الْبَيْضَاء وَمِنْه (أنزلتموهُ مِنَ المُزْن ... ) ومخلفه يُرِيد غير ماطره من إخلاف الْوَعْد الْمَعْنى يُرِيد وَلَوْلَا هَذِه المحبوبة مَا سقيت الثرى يُرِيد الأَرْض وثراها والسحب غير ماطرة من إخلاف الْوَعْد وَهَذَا جَائِز لِأَن الْأَشْهر الَّتِى يكون فِيهَا الْمَطَر مَعْرُوفَة فَإِذا انْقَطع الْمَطَر فى بَعْضهَا فَتَصِير إخلافا من الأنواء يصف حرارة وجده وَأَنه ينشف دمعه من شدَّة لهبه وَحَرقه إِذا جرى على الأَرْض وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (لوْلا الدُّموعُ وفيْضُهنّ لأَحْرَقَتْ ... أرْضَ الوَداع حرارةُ الأكْبادِ) وَمثله (وتكادُ نيرَانُ القلوبِ إِذا الْتَظَتْ ... يَوْما تُنَشِّفُ فِى العُيُونِ المَاءَ) 3 - الْغَرِيب المسى والمساء وَاحِد كالصبح والصباح والرسم الْأَثر وَجمعه أرسم والدرس جمع دارسة ودارس الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وقف عَلَيْهَا ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها يسائلها وَلم يرد بعد ثَلَاثَة أَيَّام من فِرَاق أَهلهَا لِأَن الدَّار لَا تدرس بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَالْمعْنَى أَنه وقف عَلَيْهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ أَبُو على ابْن فورجة هَذِه دَعْوَى لَا تصح إِلَّا بِبَيِّنَة وَلَيْسَ فى الْبَيْت مَا يدل على مَا ذكره وَقَوله {الدَّار لَا تَعْفُو بعد ثَلَاثَة أَيَّام} لَيْسَ كَمَا ذكر إِذْ قد علم أَن عَفْو ديار الْعَرَب لأوّل ريح تهب فتسفى عَلَيْهَا التُّرَاب فتدرس فتدرس آثارها وَأَبُو الطّيب إِنَّمَا أَرَادَ مسى ثَالِثَة من فراقها وَأَنه وقف بربعها مَعَ قرب الْعَهْد متشفيا بِالنّظرِ إِلَى أَثَرهَا وَلَيْسَ بِوَاجِب أَن يكون رسمها هَذَا الذى وقف عَلَيْهِ آخر رسم عهدها بِهِ فقد يجوز أَن يكون رسما قَدِيما وتلخيص الْمَعْنى أَنه وقف بجسم دارس أى ناحل قد شَاب شعره من الْهم وَضعف بَصَره من الْبكاء وضعفت قوته من السهر والهم فَهَذَا هُوَ دروس الْجِسْم ودروس الدَّار أثر الرماد وَالثَّرَى ومضارب الْبيُوت من الْأَوْتَاد وَغير ذَلِك وَمثله للعكوك (خَلَّفَتنى نِضْو أحْزانٍ أُعالِجُها ... بالجزْعِ أنْدُبُ فى أنْضَابِ أطْلالِ) وَمثله للديك (أنضاءُ طَلَّتْ دَمْعَهُمْ أطْلالُهُمْ ... فتَخالُهُمْ بينَ الرَّسُومِ رُسُوما) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 - الْإِعْرَاب يجوز فى صريع الحركات الثَّلَاث فَمن رفع جعله خبر متدإ مَحْذُوف وَمن نصب جعله حَالا من قَوْله وقفت وَمن خفضه جعله بَدَلا من قَوْله بجسم أَو نعتا لَهُ الْغَرِيب سآل فعال من سَأَلَ والدمنة جمعهَا دمن وهى مَا اسود من آثَار الدَّار واللعس سَمُرَة فى الشّفة وَهُوَ أقوى من اللمى وروى تكسير ذَاك بِكَسْر كَاف الْخطاب لِأَنَّهُ يُخَاطب الظبية وهى مُؤَنّثَة الْمَعْنى يُخَاطب الظبية وَيَقُول لَهَا لَوْلَا هَذِه المحبوبة مَا وقفت فى ديارها بعد رحيلها صريع مقلتها مسائلا ديارها قَتِيل أجفانها ولعس شفتيها 5 - الْإِعْرَاب خريدة خبر مبتدإ مَحْذُوف الْغَرِيب الخريدة الْجَارِيَة الحيية وَالْجمع خرائد وَيُقَال جَارِيَة خريدة وخرود أى خفرة وكل عذراء خريدة وَمِنْه لؤلؤة خريدة إِذا لم تثقب بعد ويميس ينثنى الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا خفرة لم تَرَهَا الشَّمْس لشدَّة خفرها وَلَو رأتها الشَّمْس خجلت وَلم تطلع حَيَاء من حسنها ونورها وَأَنَّهَا إِذا ماست أخجلت الْغُصْن فَلَو رَآهَا الْغُصْن لما انثنى والميس أَصله التَّبَخْتُر وَهُوَ للْإنْسَان واستعاره للقضيب من حَيْثُ إِن حسن تمايله يشبه التَّبَخْتُر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 - الْغَرِيب الرشأ الظبى والكنس والكناس بَيت الظبى وَهُوَ مَا يَتَّخِذهُ من الشّجر يستظل فِيهِ من الْحر وَالْبرد الْمَعْنى يَقُول أَنْت فى الْحسن كالغزال والغزال دَقِيق القوائم فَكيف ضَاقَ خلخالك وَهُوَ دجك مستتر بالديباج وَمَا سَمِعت وَلَا رَأَيْت أَن الديباج يكون على بَيت الغزال فَكيف وَقد ستر هودجك بالديباج والديباج مُعرب وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن دُرَيْد (أعَنِ الشَّمْسِ عِشاءً ... رفعتْ تلكَ السُّجوفُ) (أمْ على أُذْنَى غَزَال ... عُلِّقَتْ تِلْكَ الشُّنُوفُ) 7 - الْغَرِيب النكبات جمع نكبة وهى مَا يُصِيب الْإِنْسَان من صروف الدَّهْر والكثب الْقرب وأكثب الصَّيْد إِذا دنا والرعديد الجبان والنكس السَّاقِط الفاشل وَقَالَ ابْن القطاع أنْشد هَذَا الْبَيْت كل من روى شعره فَقَالُوا نكس بِفَتْح النُّون وَهُوَ خطأ مَحْض لِأَن أصل الْكَلِمَة نكس وَهُوَ اللَّئِيم من الرِّجَال وَالْأَصْل فِيهِ من النكس وَهُوَ السهْم الذى انْكَسَرَ فَوْقه فَنَكس فى الكنانة وَأَبُو الطّيب لما احْتَاجَ إِلَى حَرَكَة الْكَاف ليقيم بهَا الْوَزْن حركها بِالْكَسْرِ كَمَا قَالَ عبد منَاف الهذلى (إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامَتا مَعَهُ ... ضَرْبا ألِيما بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الْجِلِدَا) يُرِيد الجلْد فحرك اللَّام بِالْكَسْرِ يكسر مَا قبله وَمثله قَول رؤبة (أحْرِ بهَا أطْيَبَ مِن رِيح المِسِكْ ... ) فحرك السِّين بِالْكَسْرِ وَمثله (علمنَا إخْوَانُنا بَنو عِجِلْ ... شرْبَ النَّبيذِ واعْتِقالا بالرَّجِلْ) الْمَعْنى يَقُول إِن رمانى الدَّهْر بنوائبه عَن قرب يعْنى من حَيْثُ لَا يخطئنى يجدنى غير جبان وَغير سَاقِط دنئ فَالْمَعْنى إِذا رمانى لَا أخافه وَلَا أجبن مِنْهُ 8 - الْغَرِيب العير الْحمار الْمَعْنى يُرِيد بأشرف مَا فى الحقير يفدى أَحْقَر مَا فى الخطير فالعير مثل للشئ الحقير الدنئ وَالْفرس مثل للكريم الشريف فأعز شئ فى اللَّئِيم يفدى بِهِ أخس شئ فى الْكَرِيم وَهَذَا مثل قَول أَبى جَعْفَر الإسكافى (نَفْسِى فِدَاؤُكَ وهْىَ غيرُ عَزِيزَةٍٍ ... فى جَنْبِ شَخْصِكَ وهوجِدُّ عزِيزِ) وَمثله لأبى نصر (اللهُ يَشْهَدُ والمَلائكُ أنَّنِى ... لجليلِ مَا أوْلَيْتَ غيرُ كَفُورِ) ّ (نفسى فداؤُكَ لَا لقَدرى بل أرَى ... أنّ الشَّعيرَ وِقايَةُ الكافُورِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 - الْإِعْرَاب أَبَا الغطارفة نصب على الْبَدَل من قَوْله عبيد الله يُرِيد يَا أَبَا الغطارفة وَنصب كَلْبا لِأَنَّهُ مفعول ثَان لتاركى لِأَنَّهُ بِمَعْنى مصيرى الْغَرِيب الغطارفة جمع غطريف وَهُوَ السَّيِّد والحامين جمع حام وَهُوَ الذى يحمى قومه وجيرانه وَيدْفَع عَنْهُم الْعَدو الْمَعْنى أَنَّك أَبُو السَّادة الَّذين يحْمُونَ جارهم والأبطال عِنْدهم لقوتهم وبسالتهم أذلاء فالشجاع الْمَوْصُوف بالأسد عِنْدهم كلب لجبنة عَنْهُم وَأَنه لَا يقدر عَلَيْهِم 10 - الْإِعْرَاب عمَامَته مُبْتَدأ وَالْخَبَر الْجُمْلَة الَّتِى بعده الْغَرِيب الْأَبْيَض الْكَرِيم والوضاح الْوَاضِح الْجَبْهَة والقبس الشعلة من النَّار وَكَذَلِكَ الشهَاب وَمِنْه قَوْله تعلى {بشهاب قبس} وَقَرَأَ أهل الْكُوفَة {بشهاب} منونا وقبس بدل مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول من كل كريم لنُور وَجهه وإشراق جَبينه كَأَن عمَامَته على شعلة نَار فَشبه وَجهه لنُور جَبينه بالقبس وَذَلِكَ لإضاءته وَحسنه وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن قيس الرقيات (إنَّما مُصْعَبٌ شِهابٌ مِن اللَّهِ ... تجلَّتْ عَن وَجهِه الظَّلْماءُ) 11 - الْغَرِيب البهج الْفَرح بهج بالشئ أى فَرح بِهِ وسر فَهُوَ بهج وبهيج قَالَ الشَّاعِر (كانَ الشَّبابُ رِدَاء قد بَهِجْتُ بِهِ ... فقَدْ تَطايَرَ مِنْهُ للبِلَى خِرَقُ) والشرس الصعب هُنَا وفى غير هَذَا السيء الْخلق الْمَعْنى يَقُول هُوَ قريب مِمَّن يَقْصِدهُ بعيد مِمَّن ينازعه محب للفضل وَأَهله مبغض للنقص وَأَهله يبهج بالقصاد حُلْو لأوليائه مر على أعدائه لين حسن الْخلق على الْأَوْلِيَاء شرس صَعب على الْأَعْدَاء يُرِيد أَنه جَامع لهَذِهِ الْأَوْصَاف كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى فحرفا حرفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 - الْإِعْرَاب ند وَمَا بعده نعت لدان وَهُوَ بدل من أَبيض الْغَرِيب ند جواد يُرِيد ندى الْكَفّ والأبى الذى يَأْبَى الدنايا غر أى مغرى بِفعل الْجَمِيل وجعد مَاض فى الْأَمر والسرى من السرو وسرا يسرو سروا فَهُوَ سرى إِذا صَار شريفا ونه أى ذُو نهية وهى الْعقل وَندب أى سريع فى الْأَمر إِذا ندب إِلَيْهِ والندس الْعَارِف بالأمور البحاث عَنْهَا وَيُقَال ندس وندس بِضَم الدَّال وَكسرهَا الْمَعْنى يَقُول هُوَ فَاضل قد جمع هَذِه الْأَوْصَاف فَهُوَ ندى الْكَفّ كريم يأبي الدنايا وَلَا يمِيل إِلَيْهَا غر مغرى بِفعل الْخَيْر واف بالعهد وروى أَبُو الْفَتْح أَخ منونا قَالَ هُوَ مُسْتَحقّ لإِطْلَاق هَذَا الِاسْم عَلَيْهِ لصِحَّة مودته وتقة موثوق بِهِ يُؤمن عِنْد الْغَيْب وَهُوَ مصدر وَمَعْنَاهُ ذوثقة أى صَاحب ثِقَة وجعد مَاض فى أمره لَا يقف عِنْد قَول لائم سرى من السرو أى هُوَ شرِيف النَّفس ذُو نهية أى عقل ندب سريع فى الْأَمر مرضى القَوْل وَالْفِعْل يرضى بِهِ كل أحد لمعرفته بالأمور وَمَا تئول إِلَيْهِ وَذَلِكَ لِكَثْرَة تجاربه وَحسن رَأْيه ندس بحاث عَن الْأُمُور عَارِف بهَا 13 - الْإِعْرَاب مَوضِع اليبس هُوَ من بَاب إِضَافَة المنعوت إِلَى النَّعْت الْغَرِيب الغادية السحابة تَغْدُو بالمطر وَعز هَهُنَا بِمَعْنى أعوز وَأَصله غلب وقهر وَمِنْه قَوْله عز وَعلا {عزني فِي الْخطاب} وَمِنْه بَيت الحماسة (قَطاةٌ عَزَّها شَرِكٌ فَباتَتْ ... تُجاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الجَناحَ) والفياقى الأَرْض الْبَعِيدَة القليلة المَاء واليبس الْمَكَان الْيَابِس وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَاضْرب لَهُم طَرِيقا فِي الْبَحْر يبسا} الْمَعْنى يَقُول لَو فاض كرمه وَأَرَادَ بالفيض الفائض وَهُوَ الذى يفِيض من يَدَيْهِ من الْعَطاء على النَّاس فيض السَّحَاب لأعوز القطا مَكَان يَابِس لِأَن نداه كالطوفان يعم الدُّنْيَا الْمَعْنى لَو فاض السَّحَاب كفيض يَدَيْهِ لغرق النَّاس حثى أَن القطاة كَانَ يغلبها مَوضِع تأوى إِلَيْهِ 14 - الْغَرِيب الأكارم جمع أكْرم كَمَا يُقَال أفاضل فى جمع أفضل وكريم جمعه كرام وكرماء وطرابلس بَلْدَة الممدوح وهى من بِلَاد الشَّام بالسَّاحل الْمَعْنى يَقُول لما كَانُوا مقيمين بِالْأَرْضِ حسدت الأَرْض السَّمَاء حَيْثُ لم يكن فِيهَا مثلهم وَتَأَخر كل بلد عَن بلدهم لفضلهم على النَّاس وَذكر السَّمَاء لِأَنَّهُ أَرَادَ السّقف وأنث فى قصرت وَهُوَ فعل لكل وكل مُذَكّر لِأَنَّهُ أَرَادَ الْجَمَاعَة كَمَا يُقَال أتتنى الْيَوْم كال جَارِيَة لَك يُرِيد جواريك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 - 15 - الْإِعْرَاب أى اسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ الْإِنْكَار وهى مُبتَدأَة وهم قصدى مُبْتَدأ وَخبر وهى جملَة دخلت بَين المبتدإ وَالْخَبَر وَخَبره أحاذره الْغَرِيب الْقرن المماثل وَهُوَ قرنك فى السن وَفُلَان على قرنى أى سنى والقرن من النَّاس أهل زمَان وَاحِد قَالَ (إِذا ذَهَبَ القَرْنُ الذى أنتَ فيهِمُ ... وخُلِّفْتَ فى قَرْنٍ فأنتَ غَرِيبُ) والقرن جَانب الرَّأْس وَقرن الشَّمْس أَعْلَاهَا والقرن ثَمَانُون سنة وَقيل أَرْبَعُونَ سنة وَذكر الجوهرى ثَلَاثِينَ سنة الْمَعْنى يَقُول لم أخف أحدا من النَّاس إِذا كَانَ هَؤُلَاءِ قصدى وَإِذا اسْتَغْنَيْت بهم لم أجد قرنا لى مماثلا فَلَا يقابلنى وَالْمعْنَى أَنهم يحْمُونَ الْجَار ويحفظونه 1 - الْغَرِيب الخندريس من أَسمَاء الْخمر سميت بذلك لقدمها وَمِنْه حِنْطَة خندريس للعتيقة والكئوس جمع كأس وَلَا يُسمى كأسا حَتَّى يكون فِيهِ شراب الْمَعْنى يَقُول ألذ عِنْدِي من الْخمر العتيقة وَمن معاطاة الكئوس والفائدة تقع فِي الْبَيْت الثَّانِي وَهَذَا يُسَمِّيه الحذاق التَّضْمِين وَهُوَ عيب عِنْدهم لِأَن قَوْله ألذ مُبْتَدأ وَأحلى عطف عَلَيْهِ وَالْخَبَر يأتى فِيمَا بعده وَهُوَ قَوْله (مُعاطاة الصَّفائح والعَوالى ... ) وَمثله لإسحاق بن خَالِد (لَسَلُّ السَيوفِ وَشَقُّ الصُّفوفِ ... وخوْضُ الحُتوفِ وَضرْبُ القُللْ) (ألَذّ إِلَيْهِ مِنَ الْمسْمِعاتِ ... وشُرْبِ المُدَامَةِ فَى يوْم طَلْ) 2 - الْغَرِيب الصفائح جمع صفيحة وَهُوَ السَّيْف العريض والعوالى الرماح الطوَال وَالْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم والإقحام إِدْخَال الشئ فى الشئ الْمَعْنى يَقُول الذى عندى أشهى من الْخمر وَأحلى من مناولة الأقداح مناولة الصفائح والرماح إِلَى الأقران وَمعنى معاطاة الصفائح مد الْيَد بِالسُّيُوفِ إِلَى الأقان بالطعن وَالضَّرْب كمد الرجل يَدَيْهِ إِلَى من نَاوَلَهُ شَيْئا الحديث: 128 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 - الْغَرِيب الأرب الْحَاجة وَمَا قضيت أربى أى حاجتى الْمَعْنى يَقُول إِذا قتلت فى الْحَرْب كَانَ ذَلِك طلبى وأكون قد عِشْت لظفرى بِإِدْرَاك حاجتى لِأَن حَقِيقَة الْحَيَاة مَا يكون فِيمَا تشْتَهى النَّفس وحاجتى أَن أقتل فى الْحَرْب وَمثله (اقْتُلونى يَا ثِقاتِى ... إنَّ فى قَتلى حَياتى ... ) (ومَماتى فى حياتِى ... وحَياتى فى مَماتِى ... ) وصدره من قَول الطائى (يَسْتَعذِبونَ مَناياهُم كأنهُمُ ... لَا ييأَسُونَ مِن الدُّنْيا إِذا قُتِلوا) وعجزه من قَول الْأَعْشَى (وَما العَيْشُ إِلَّا مَا تلَذُّ وتشْتَهِى ... وَإِن لامَ فِيهِ ذُو الشَّنانِ وفَنَّدا) 4 - الْمَعْنى وَلَو أَنى أشْرب الْخمر وأتناوله من يدى كريم نديم أفرح بِهِ لَكَانَ أولى أَن يكون هَذَا الرجل وَهُوَ صديق لى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 - 1 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح تَقْدِيره يَا هَذِه حذف حرف النداء ضَرُورَة وَقَالَ العرى هذى مَوْضُوعَة مَوضِع الْمصدر وَهُوَ إِشَارَة إِلَى البرزة الْوَاحِدَة أى هَذِه البرزة برزت لنا كَأَنَّهُ يستحسن تِلْكَ البرزة الْوَاحِدَة وَأنْشد (يَا إبلى إمَّا سلمتِ هَذِى ... فاسْتَوْسِقى لصارمٍ هَذَّاذِ) (أوْ طارِقٍ فى الدَّجْنِ والرَّذاذِ ... ) قَالَ وَهَذَا تَأْوِيل لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى الِاعْتِذَار وَأما قَول أَبى الْفَتْح فَهُوَ ضَرُورَة لِأَن حرف النداء لَا يحذف إِلَّا عِنْد نِدَاء المعارف والمضاف نَحْو قَوْله تَعَالَى {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} وَقَوله تَعَالَى {قل اللَّهُمَّ فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَلَا يجوز حذفه عِنْد النكرات كَقَوْلِك رجل أقبل فَإِنَّهُ قد حذف مِنْهُ أَشْيَاء لِأَنَّهُ يُنَادى بيأيها الرجل فَحذف مِنْهُ أى وَهَا التَّنْبِيه وَالْألف وَاللَّام فَلَا يجوز أَن يحذف مِنْهُ حرف النداء الْغَرِيب الرسيس والرس مس الْحمى وأولها وَهُوَ مَا يتَوَلَّد عَنْهَا من الضعْف والرسيس مارس فى الْقلب من الْهوى أى ثَبت وَمِنْه قَول ذى المرمة (إِذا غيَّر النأىُ المحبينَ لم يكَدْ ... رَسيسُ الهَوى من حُبّ مَيَّةَ يبرَحُ) والنسيس بَقِيَّة النَّفس الْمَعْنى يَقُول لما برزت هيجت مَا كَانَ فى الْقلب من حبك وانصرفت وَمَا شفيت نفوسنا الَّتِى أبقيت بقاياها بوصل مِنْك 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لاحظ لَهُ من النّوم كَمَا لاحظ لَهُ من قربهَا فَهُوَ ساهر طول اللَّيْل يُرَاعى الفرقدين وهما نجمان لَا يفترقان يضْرب بهما الْمثل فى الِاجْتِمَاع 3 - الْغَرِيب ذياك تَصْغِير ذَاك الْمَعْنى يَقُول بلينا من فراقك بأشد مِمَّا كُنَّا نقاسى من مَنعك مَعَ قربك شبه بخلها فى قربهَا بالخمار وفراقها بالسكر وَصغر الْخمار لِأَنَّهُ لما قايسه بالسكر صغر عِنْده أى أزلت الْخمار بِأَن أسكرتنا بالفراق الحديث: 129 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 - الْغَرِيب المزاد جمع مزادة وهى وعَاء المَاء الذى يتزود للسَّفر الْمَعْنى يَقُول إِن كنت مرتحلة فإنى بِكَثْرَة بكائى أملأ بمدامعى مَا مَعكُمْ من الأوعية وأروى إبلكم فتكفيكم مدامعى عَن طلب المَاء فَجعل دُمُوعه كَافِيَة لَهُم عَن المَاء فمراده بالمدامع دموع عَيْنَيْهِ 5 - الْإِعْرَاب كَانَ الأجود أَن يَقُول أَن يكون بَخِيلًا لتذكيرك الْمثل وَلكنه حمله على الْمَعْنى دون اللَّفْظ لِأَنَّهَا مُؤَنّثَة فمثلها مؤنث كَمَا يُقَال ذهبت بعض أَصَابِعه فأنث الْبَعْض لِأَنَّهُ أَرَادَ أصبعا الْغَرِيب حاشى من المحاشاة وهى المباعدة والمجانية والعبوس الكريه الْمَعْنى يَقُول لَا ينبغى لمثلك على حسنها وكرم أَصْلهَا أَن تكون بخيلة فتبخل بالوصال على من يُحِبهَا وحاشا لوجهك على تَكَامل حسنه أَن يكون عبوسا لمن ينظر إِلَى محاسنه 6 - الْمَعْنى أَنه أَرَادَ حاشا لَك أَن تعتقدى الْبُخْل وَأَن تمنعينى وصالك بِالنِّيَّةِ وَإِن لم يكن بِالْفِعْلِ وَلم يرد المتنبى مَا قيل فى هَذَا الْبَيْت أَنه أَرَادَ أَنَّهَا تكون مبذولة الْوِصَال وَإِنَّمَا يحسن الْوِصَال ويطيب إِذا كَانَ ممنعا وَإِذا كَانَ مبذولا مل وانحرفت النَّفس عَنهُ وَمَا أحسن قَول الْقَائِل (أحْلى الهَوَى مَا لم تَنَلْ فِيه المُنَى ... والحبُّ أعدلُ مَا يكونث إِذا اعْتَدَى) (وَإِذا اختبرتَ رأيتَ أصْدَقَ عاشِقٍ ... مَنْ لَا يَمُد إِلَى مُوَاصلَةٍ يَدَا) وَقد قَالَ كثير (وإنى لأسمو بالوصال إِلَى الَّتِى ... يكونُ سَناءً وَصْلُها وازديارها) أى إِنَّمَا أَرغب فى ذَات الْقدر المصونة لَا المبذولة وَأنْشد بَعضهم قَول الْأَعْشَى (كأنّ مِشْيَتَها مِن بيْت جارتها ... مَرُّ السَّحابة لَا رَيثٌ وَلَا عَجَلُ) فَقَالَ هَذِه خراجة ولاجة هلا قَالَ كَمَا قَالَ الآخر (فَتَشْتاقها جاراتُها فَيُزرْنَها ... وتَعْتَلُّ عنْ إتيانِهِنَّ فَتْعْذَرُ) قَالَ ابْن فورجة هَذَا اعْتِرَاض على المتنبى بوصفه حبيبته بِأَنَّهَا مبذولة الْوِصَال وَلم يتَعَرَّض لذَلِك بشىء وَإِنَّمَا قَالَ لَهَا حاشاك من هَذَا الْوَصْف وَلَيْسَ فى اللَّفْظ مَا يدل على أَنَّهَا مبذولة الْوَصْل أَو ممنعة بل فِيهِ أَنه يُرِيد أَن يكون مبذولا وصالها لَهُ وأى محب لَا يحب ذَلِك وَإِن كَانَ يُرَاد مِنْهُ أَلا يتَمَنَّى بذلك حبيبته وَهُوَ محَال قَالَ أَبُو الْفَتْح إِنَّمَا أَرَادَ حاشى لَك أَن تمنعينى وصلك بِالنِّيَّةِ إِن لم يكن بِالْفِعْلِ أَلا ترى إِلَى قَول الْقَائِل (أُحبُّ اللَّواتى هُنَّ فى رَوْنَقِ الصِّبا ... وفِيهِنَّ عَنْ أزْوَاجِهِنَّ طِماحُ) (مُسِرَّاتُ وُدٍّ مُظْهِراتٌ لِضِدِهِ ... ترَاهُنَّ كالمَرْضَى وَهُنَّ صِحاحُ) أى هن يظهرن خلاف مَا يكتمن قَالَ الْخَطِيب أما هَذَا الشَّاعِر فقد أظهر مَا يحب وَبَينه وَأَنه يحب كل لعوب طامحة عَن زَوجهَا وَهَذَا مَذْهَب بعض المحبين وَأما قَول المتنبى فَهُوَ مباين لهَذَا بقوله أَن يكون ممنعا فَهُوَ هجر صراح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 - الْإِعْرَاب ارْتِفَاع خود على خبر ابْتِدَاء الْمَحْذُوف الْغَرِيب الخود الْجَارِيَة الناعمة وَالْجمع خود كرمح لدن ورماح لدن والوطيس تنور من حَدِيد وَحمى الْوَطِيس اشْتَدَّ الْحَرْب وَأول من تكلم بِهِ النبى يَوْم حنين قَالَ الْآن حمى الْوَطِيس الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة لوم اللوام لى فِيهَا صَار بينى وَبينهمْ حَرْب لأَنهم يَقُولُونَ ارْجع عَن هَواهَا وَأَنا أخالفهم 8 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أَن تَتَكَلَّم فَحذف وأعمل وَكَذَلِكَ أَن تميسا وَهُوَ كثير فى أشعارهم والبصريون لَا يرَوْنَ ذَلِك وَحجَّتنَا قَول الشَّاعِر (انظُرا قبل تَلُومانِى إِلَى ... طَلَلٍ بينَ النَّقا والمُنْحنى) وَقَول طرفَة (ألاَ أيُّهَذا الزّاجرى أحضُرَ الوَغَى ... وَأَن أشْبَبَ اللذَّاتِ هَل أنتَ مُخْلِدى) وَقِرَاءَة عبد الله {لَا تعبدوا إِلَّا الله} فنصب بِتَقْدِير أَن مَعَ حذفهَا وَقَول عَامر بن الطُّفَيْل (وَنهْنَهْتُ نَفْسىِ بعدَ مَا كِدْتُ أفعلَه ... ) وَقد ألزمناهم بقَوْلهمْ إِنَّهَا تعْمل مَعَ الْحَذف من غير بدل فى جَوَاب السِّتَّة بِالْفَاءِ مقدرَة وحجتهم أَنَّهَا تنصب الْفِعْل وعوامل الْأَفْعَال ضَعِيفَة فَلَا تعْمل مَعَ الْحَذف من غير بدل وَلِهَذَا بَطل عَملهَا فى قَوْله تَعَالَى {أفغير الله تأمروني أعبد} وَقَالَ الشَّاعِر (أَن تقرأآن على أسماءَ ويحَكما ... منى السَّلامَ وَأَن لَا تُشْعِرَا أحدَا) الْغَرِيب دلها دلالها وتميس تنثنى الْمَعْنى يَقُول هى ذَات حَيَاء فحياؤها يمْنَعهَا من التثنى ودلالها يمْنَعهَا من الْكَلَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 - الْغَرِيب جالينوس طَبِيب وَحَكِيم يضْرب بِهِ الْمثل فى الطِّبّ وَهُوَ رومى الْمَعْنى يَقُول لما وجدت دوائى عِنْدهَا وَهُوَ وصالها تركت صِفَات جالينوس الَّتِى فى كتب الطِّبّ 10 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح مُحَمَّد بن زُرَيْق لما مَاتَ أَبوهُ وَكَانَ واليا على الثغور أبقاه وَمعنى قَوْله أبقى أى زُرَيْق مُحَمَّدًا وَأَبُو نَفِيس وَهُوَ نَفِيس والثغور حفظهَا نَفِيس لِأَنَّهُ يذب عَن ترك الْمُسلمين ويجاهد الْكفَّار فَلَا شئ أشرف من الْجِهَاد وَهَذَا المخلص جَاءَ بِهِ على عَادَة الْعَرَب يخرجُون إِلَى المديح بِغَيْر تعلق بالتشبيب وَمثله كثير لأبى تَمام والبحترى وَجَمَاعَة من المولدين وَقد قَالَ البحترى فى مدح المتَوَكل (أحْنُو عليكِ وفى فُؤَادى لَوْعَةٌ ... وأصدُّ عنكِ ووجهُ وُدّى مُقْبِلُ) (وَإِذا طلبتُ وصال غيرِك رَدَّنى ... وَلَهٌ إليكِ وشافِعٌ لَك أوَّلُ) (إنَّ الرَّعيَّة لم تزَل فى سِيرَةٍ ... عُمَرِيَّةٍ مُذْ ساسَها المُتَوكِّلُ) 11 - الْغَرِيب جمع الرَّأْس رُءُوس على فعول وَهُوَ الذى نَعْرِف وَلكنه جمعه على فعل وَهُوَ نَادِر وَقد جمع فعل على فعل مثل فرس ورد وخيل ورد وسقف وسقف وَرهن وَرهن وَرجل ثط وَقوم ثط وَقد قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (فيوْما إِلَى أهلى ودهْرِى إليكُم ... ويوْما أحُطُّ الخيلَ من رُءوس أجْبال) الْمَعْنى يَقُول إِذا أَقَامَ وَترك الْغَزْو فَارَقت أَمْوَاله خزائنه لِأَنَّهُ يهب وَيُعْطى من قَصده وَإِذا سَار للغزو فَارَقت جسوم الْأَعْدَاء رءوسها يصفه بِالْكَرمِ والشجاعة 12 - الْإِعْرَاب فى الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره إِذا عاديت نَفسك ورضيت أوحش مَا كرهت فعاده وَلكنه حذف الْفَاء ضَرُورَة كبيت الْكتاب (مَنْ يَفْعَلِ الحَسَناتِ اللهُ يَشْكُرُها ... ) وَقَالَ الواحدى لَا يجوز أَن يُرِيد بعاده التَّقَدُّم كَأَنَّهُ قَالَ ملك عَاده إِذا عاديت نَفسك لِأَن مَا بعد ملك من الْجُمْلَة صفة لَهُ وعاده امْر وَالْأَمر لَا يُوصف بِهِ لِأَن الْوَصْف لابد أَن يكون خَبرا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب وَالْأَمر والنهى والاستفهام لَا تحْتَمل صدقا وَلَا كذبا الْمَعْنى يَقُول هُوَ ملك إِذا عاديته فقد عاديت نَفسك ورضيت أوحش الْأَشْيَاء الْمَكْرُوهَة وَهُوَ الْمَوْت أنيسا لِأَن من عَادَاهُ قَتله وأذاقه الْمَوْت لقدرته على الْأَعْدَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 - الْإِعْرَاب نصب الخائض وَمَا بعده على الْمَدْح بِفعل مُضْمر قَالَ أَبُو الْفَتْح تَقْدِيره ذكرت أَو مدحت وَيجوز أَن يكون بَدَلا من الْهَاء فى عَاده كَقَوْل الشَّاعِر (على حالَةٍ لَو أنَّ فى القوْمِ حاتما ... على جودِهِ لَظَنَّ بالماءِ حاتمُ) الْغَرِيب الغمرات الشدائد والشمرى بِفَتْح الشين وَكسرهَا وَالْكَسْر أفْصح هُوَ المشمر الجاد فى الْأَمر والمطعن الْجيد الطعْن والدعيس فعيل من الدعس وَهُوَ من أبنية الْمُبَالغَة ودعسه بِالرُّمْحِ طعنه والرماح دواعس قَالَ الشَّاعِر (وَنحن صَبَحْنا آلَ نَجران غَارة ... تميمَ بن مُرّ والرّماحُ الدَّواعسُ) الْمَعْنى هُوَ يَخُوض الشدائد والأهوال فى الحروب وَهُوَ مَعَ ذَلِك جاد فى الْأَمر شَدِيد الْعَزْم جيد الطعْن فى الْأَعْدَاء 14 - الْإِعْرَاب نصب جنبه تَشْبِيها بالظرف كَمَا يُقَال هَذَا حقير فى جنب هَذَا كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا وَنَقله ابْن القطاع كَذَا الْغَرِيب جمهرة الشئ أَكْثَره وَكَذَا جمهوره الْمَعْنى يَقُول قد جربت جمَاعَة عباد الله فَلم أر أحدا إِلَّا والممدوح فَوْقه وَهُوَ سيد لَهُ قد ساده والمسود هُوَ الذى ساده غَيره والمرءوس الذى قد علا عَلَيْهِ غَيره بالرياسة وَالْمعْنَى هُوَ رَئِيس على النَّاس وَسيد لَهُم 15 - الْغَرِيب الْآيَة الْعَلامَة وهى تسْتَعْمل فى الْعَلامَة على قدرَة الله تَعَالَى الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَنْت الذى صورك الله بشرا ينفى الظنون حَتَّى لَا يتهم فى حَال وَلَا تسبق إِلَيْهِ ظنة وَلَيْسَ هَذَا من ظن التُّهْمَة وَإِنَّمَا هُوَ من الظَّن الذى هُوَ الْوَهم أى أَنه إِنْسَان لَا كالناس لما فِيهِ من صِفَات لَيست فيهم وَقد وَقع للنَّاس الشُّبْهَة وَالشَّكّ فى أمره وأفسد مقايستهم عَلَيْهِ وَقَالَ الواحدى إِن ظننته بحرا أَو بَدْرًا أَو سيدا أَو شمسا فَلَيْسَ على مَا ظَنَنْت بل هُوَ أفضل من ذَلِك وَفَوق مَا ظننته أى إِنَّه غَايَة فى الدّلَالَة على قدرَة الله تَعَالَى حِين خلق صورته بشرا آدَمِيًّا وَفِيه مَا لَا يُوجد فى غَيره حَتَّى نفى ظنون النَّاس فى يدْرك الظَّن وأفسد مقايستهم لِأَن الشئ يُقَاس على مثله ونطيره وَلَا نَظِير لَهُ وفى مَعْنَاهُ (أنتَ الذى لَو يُعابُ فَلَا مَلإٍ ... مَا عِيبَ إِلَّا بِأَنَّهُ بَشَرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 - الْغَرِيب الضن الْبُخْل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} فى قِرَاءَة من قَرَأَ بالضاد وهم الْأَكْثَر نَافِع وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة والبرية الخليقة وهمزها نَافِع وَابْن ذكْوَان عَن ابْن عَامر وَقَوله يوسى يحزن وأسيت عَلَيْهِ أسى إِذا حزنت عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول بِهَذَا يبخل على النَّاس كلهم لَا بهم وَقَالَ الواحدى يَقُول لَو جعل هُوَ فدَاء جَمِيع النَّاس بِأَن يسلمُوا كلهم دونه لم يساووا قدره فيبخل بِهِ عَلَيْهِم وَلَو جعلوهم كلهم فدَاء لَهُ لَا يبخل بهم عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أفضل مِنْهُم فَفِيهِ مِنْهُم خلف وَلَا خلف مِنْهُ فى جَمِيع النَّاس وَعَلِيهِ يحزن لَو هلك لَا على النَّاس كلهم والمصراع الثانى مُفَسّر للْأولِ قَالَ وَقَالَ ابْن جنى وَجه الضن هَهُنَا أَن يكون فيهم مثله حسدا لَهُم عَلَيْهِ // وَهَذَا محَال بَاطِل // لِأَنَّهُ إِذا بخل بِهِ المتنبى على النَّاس فقد تمنى هَلَاكه وَأَن يفقد من بَين النَّاس حَتَّى لَا يكون فيهم 17 - الْغَرِيب ذُو القرنين هُوَ الْإِسْكَنْدَر الذى ملك الْبِلَاد وَدخل الظُّلُمَات وهى بحار وَقيل إِنَّهَا مظْلمَة عِنْد مُنْتَهى الببحر وأعمل اسْتعْمل الْمَعْنى يَقُول لَهُ رأى سديد فَلَو كَانَ الْإِسْكَنْدَر اسْتَعْملهُ لَأَضَاءَتْ لَهُ الظُّلُمَات وَهَذَا من الْمُبَالغَة وَالْمعْنَى من قَول الآخر (لَو كانَ فى الظُّلُماتِ شَعْشَعَ كأْسَها ... مَا جازَ ذُو القَرْنَينِ فى الظُّلُماتِ) وَمن قَول الآخر (لوْ أنَّ ذَا القَرْنَين فِى ظُلُماتِهِ ... ورآهُ يضحكُ لاسْتَضَاءَ بثَغْرِهِ) 18 - الْغَرِيب عازر رجل من بنى إِسْرَائِيل هُوَ الذى أَحْيَاهُ الله لعيسى ابْن مَرْيَم وَيَوْم معركة يَوْم حَرْب وأعيا أعجز الْمَعْنى يَقُول هَذَا الذى أَحْيَاهُ الله لعيسى ابْن مَرْيَم لَو كَانَ قتل بِسَيْفِهِ فى الْحَرْب لعجز عِيسَى عَن إحيائه وَهَذَا من الإفراط الذى لَا يحْتَاج إِلَيْهِ نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 - الْغَرِيب لج الْبَحْر معظمه ووسطه الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ مُعظم الْبَحْر مثل كَفه يعْنى فى الْجُود وَالعطَاء وَالْقُوَّة لما انْشَقَّ لمُوسَى وَهَذَا من الغلو والإفراط وَالْجهل 20 - الْغَرِيب الْمَجُوس طَائِفَة من النَّاس يعْبدُونَ النَّار الْمَعْنى لَو كَانَ ضوء النَّار كضوء جَبينه عبدت من دون الله تَعَالَى فَصَارَت الطوائف كلهَا من الْأَدْيَان الْمُخْتَلفَة مجوسا وعبدوا النَّار 21 - الْغَرِيب الْخَمِيس الْعَسْكَر الْعَظِيم الْمَعْنى أَنه يقوم بِنَفسِهِ مقَام الْجَيْش ويغنى غناءهم وَقَالَ ابْن جنى هُوَ ضد قَوْلك لِأَن تسمع بالمعيدى خير من أَن ترَاهُ وَمثله لأبي تَمام. (لَو لم يقد جحفلاً يَوْم الوغى لغدا ... من نَفسه وَحدهَا فِي جحفل لجب) وَلأبي تَمام أَيْضا (ثَبت الْمقَام يرى الْقَبِيلَة واحداص ... وَيرى فيحسبه الْقَبِيل قبيلاً) وَلابْن الرُّومِي (فَرد يرَاهُ النَّاس كلهم ... كَأَنَّهُ النَّاس طرا وَهُوَ أنسان) 22 - الْإِعْرَاب موهبا ونفوساً تمييزان أنمل وَجمع أُنْمُلَة جمع أُنْمُلَة وهى الْأَصَابِع والمنصل السَّيْف الْمَعْنى قَالَ الواحدى لحظ الأنامل كِنَايَة عَن الاستمطار ولمس المنصل كِنَايَة عَن الاستنصار يَقُول تعرضت لعطائه فسالت بالمواهب أنامله وتعرضت لإعانته إياى فَسَالَ سَيْفه بنفوس الْأَعْدَاء لِأَنَّهُ قَتلهمْ وَهُوَ من قَول البحترى (تَلْقاهُ يقطُرُ سيْفُهُ وسِنانُهُ ... وبنانُ راحتِهِ لَدًى وَنجِيعَا) ولد عبل (وَعلَى أيمَانِنا يَجْرِى النَّدَى ... وَعَلى أسْيافِنا تَجْرِى المُهَجْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 - الْمَعْنى إِذا أصابتنا بلوى من الدَّهْر وصروفه لذنا بِهِ ولجأنا إِلَيْهِ يُرِيد نهرب إِلَى ظله وجواره من جور الزَّمَان وَإِذا ذكرنَا اسْمه هرب الشَّيْطَان خوفًا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا وَهُوَ اسْم النبى والشيطان يطرد بِذكر الله وَرَسُوله 24 - الْإِعْرَاب وَصفه ابْتِدَاء ودونك الْخَبَر وَمن فَاعل يراك وَلم يصرف طرسوس لما فِيهِ من التَّعْرِيف والتأنيث والعجمة الْمَعْنى يَقُول وصف من أثنى عَلَيْك بِالْكَرمِ والشجاعة دُونك لِأَنَّك أعظم مِمَّا وصف بِهِ أى الذى أخبر عَنْك صَادِق وَوَصفه دون مَا تستحقه وَتمّ الْكَلَام واستأنف من بالعراق أى لميله إِلَيْك ومحبته لَك كَأَنَّهُ يراك كَقَوْل كثير (أُرِيدُ لأَنْسَى ذِكْرَها فَكَأنَّمَا ... تَمَثَّلُ لى لَيْلَى بِكُلْ سَبِيلِ) وكقول أَبى نواس (مَلِكٌ تَصَوَّر فى القُلُوبِ مِثالُهُ ... فَكأنَّهُ لَم يَخْلُ مِنْهُ مَكانُ) قَالَ الواحدى يُرِيد أَن آثاره بالعراق ظَاهِرَة وَذكره شَائِع بهَا فَكَانَ من بهَا يرَاهُ وَهُوَ بطرسوس وَقد قصر حَيْثُ قَالَ من بالعراق وَاقْتصر على أهل الْعرَاق وَقد اسْتَوْفَاهُ فى مَوضِع آخر بقوله هَذَا الذى أَبْصرت مِنْهُ حَاضرا الخ 25 - الْغَرِيب المقيل القيلولة وَقت القائلة والتعريس النُّزُول فى آخر اللَّيْل ويشنا يبغض وَهُوَ مَهْمُوز فأبدل الْهمزَة ألفا الْمَعْنى يَقُول هَذَا بلد يُرِيد طرسوس أَقمت بِهِ وذكرك فى الْآفَاق سَائِر لَيْلًا وَنَهَارًا لَا يطْلب المقيل وَلَا التَّعْرِيس وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطائى (جَرَّرتُ فى مدحيكَ حَبْلَ قَصاَئدٍ ... جالَتْ بك الدُّنْيا وأنتَ مُقيمُ) 26 - الْغَرِيب أَسد خادر دَاخل فى الخدر وهى الأجمة وأخدر الْأسد إِذا لزم الخدر وأخدر فلَان فى أَهله أَقَامَ فيهم وَأنْشد الْفراء (كَأَن تَحْتِى بازيا رَكَّاضَا ... أخْدَرَ خَمْسا لَمْ يَذُقْ عَضَاضَا) ريد أَقَامَ فى وَكره خمس لَيَال لم يَأْكُل وَيُقَال خدر لأسد وأخدر إِذا غَابَ فى الأجمة فَهُوَ خادر ومخدر قَالَ الراجز (كالأسَدِ الوَرْدِ غَدَا مِنْ مُخْدَرِه ... ) وَقَالَت ليلى الأخيلية (فَتًى كانَ أحْيا مِنْ فَتاةٍ حَيِيَّةٍ ... وأشجَعَ مِنْ لَيْثٍ بخَفَّانَ خادِرِ) وتخذت بِمَعْنى اتَّخذت وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن كثير {لتخذت عَلَيْهِ أجرا} والعريس والعريسة أجمة الْأسد وعرينه الْمَعْنى جعل بَلَده أجمة كَمَا جعله أسدا وَجعل مَا يَأْخُذ من الْأَعْدَاء فريسة وَهُوَ مَا يفترس الْأسد من صيد يصيده فَهُوَ يُرِيد أَنه أَقَامَ بِبَلَدِهِ كإقامة الْأسد فى أجمته وَإِذا أَرَادَ الْغَزْو فَارق بَلَده كالأسد لطلب الفريسة وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن الرومى (هوَ اللَّيْثُ طَوْراً بالعراقِ وَتارَةً ... لهُ بينَ آجامِ الْقَنا مُتَأَجَّمُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 - الْغَرِيب نقدت فلَانا الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أى أعطيتهَا لَهُ فانتقدها أى أَخذهَا ونقدت الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وانتقدتها أخرجت الزيف مِنْهَا وَنقد كَلَامه وانتقده كَذَلِك والتدليس إخفاء الْعَيْب وَمِنْه التَّدْلِيس فى كَلَام الْمُحدثين وَهُوَ أَن يرْوى الرجل عَن رجل قد تكلم فِيهِ بِضعْف أَو غَيره فَيَقُول حَدثنَا فلَان باسمه وَهُوَ يعرف بكنيته أَو بكنيته وَهُوَ يعرف باسمه أَبُو باسمه وَاسم جده أَو جد جده كَمَا فعل مُحَمَّد بن إِسْمَعِيل البخارى لما وَقع بَينه وَبَين شَيْخه مُحَمَّد بن يحي الذهلي فَكَانَ يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد بِغَيْر نسب وَيَقُول فِي مَوضِع آخر حَدثنَا مُحَمَّد بن فَارس باسم جده الْأَكْبَر الْمَعْنى قد نثرت عَلَيْك درا يعْنى شعره فانتقده لتعلم بِهِ الْجيد من الردئ لِأَن الشُّعَرَاء قد كَثُرُوا يبيعون الشّعْر الردئ فاحذر تدليسهم عَلَيْك وانتقد شعرى فَإِنَّهُ در نثرته عَلَيْك حَتَّى تعلم جيد الشّعْر من رديئه وصدره من قَول الحكمى (نَثرْتُ عليكَ الدُّرَّ يَا دُرَّ هاشِمٍ ... فَيا مَنْ رأى دُرّا على الدُّرّ يُنْثَرُ) وعجزه ينظر إِلَى قَول ابْن الرومى (أوَّلُ مَا أسأَلُ مِنْ حاجَةٍ ... أنْ يُقْرأُ الشِّعْرُ إِلَى آخِرِهْ) (ثُمَّ كَفانِى بالَّذِى تَرتَئىِ ... فى جَوْدَةٍ الشِّعْرِ وفى شاعِرِهْ) 28 - الْإِعْرَاب عروسا حَال من القصيدة قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون حَالا من الممدوح لِأَن الْعَرُوس يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَهَذَا إِذا أَرَادَ فاجتليتها أى قدر ضميرا وَإِذا لم يقدر فهى مفعول لاجتليت وَالضَّمِير فى حَجَبتهَا وجلوتها للقصيدة وَإِن لم يجر لَهَا ذكر وَإِنَّمَا ذكر الدّرّ وَالْمعْنَى أَنى أنشدتك قصيدة فَالضَّمِير على الْمَعْنى الْمَعْنى يُرِيد أَنى مدحتك بِهَذِهِ القصيدة وَلم أمدح أهل أنطاكية يعرض بِبَعْض الأكابر فِيهَا وأظهرتها لَك أى عرضتها عَلَيْك كَمَا تعرض الْعَرُوس وجلوتها كَمَا تجلى الْعَرُوس فاجتليتها وَنظرت إِلَيْهَا كَمَا ينظر الْعَرُوس عِنْد الزفاف إِلَى الزَّوْج وخصصتك بهَا دون غَيْرك من أهل أنطاكية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 - الْإِعْرَاب يُقَال أَنْت أويت إِلَى الْمَكَان قَالَ الله تَعَالَى {إِذْ أَوَى الْفتية إِلَى الْكَهْف} وَقَوله يأوى الخراب أَرَادَ إِلَى فعداه كبيت الْكتاب قَالَ (أمَرْتُكَ الخَيْرَ فافْعَلْ مَا أمرت بِهِ ... ) أى بِالْخَيرِ فَلَمَّا حذف عداهُ الْغَرِيب الطُّيُور جمع طير وطير جمع طَائِر فالطير اسْم جنس يَقع على الْوَاحِد وَالْجمع قَالَ الله تَعَالَى {وَالطير صافات} وفى قَوْله تَعَالَى {من الطين كَهَيئَةِ الطير} هُوَ مُفْرد وَدَلِيله قِرَاءَة نَافِع كَهَيئَةِ الطَّائِر والناووس لَيْسَ بعربى وَهُوَ مَقَابِر النَّصَارَى وَقيل مَقَابِر الْمَجُوس الْمَعْنى خير الشّعْر مَا يمدح بِهِ الْمُلُوك كالطير النفيس مثل البزاة وأمثالها تطير إِلَى قُصُور الْمُلُوك وَشر الشّعْر مَا يمدح بِهِ اللئام الأراذل كالطير الذى يأوى إِلَى الخراب ومقابر الْمَجُوس لِأَنَّهَا مهجورة لَا تزار يعْنى أَنْت خير النَّاس وشعرى خير الشّعْر والجيد للجيد والردئ للردئ 30 - الْغَرِيب الحبيس الْمَحْبُوس وَهُوَ الْوَقْف الذى لَا يُبَاع وَلَا يُوهب الْمَعْنى لَو كَانَت الدُّنْيَا ذَات جود وكرم لفدتك بِأَهْلِهَا وأبقتك خَالِدا وَلَو كَانَت غَازِيَة مجاهدة لكتبت عَلَيْك وَقفا مَحْبُوسًا وَكَانَت لَا تغزو إِلَّا لَك وعنك وبأمرك وَهَذَا مُحَمَّد الممدوح كَانَ صَاحب غزوات لِأَنَّهُ كَانَ على الثغور فى وَجه الرّوم ذابا عَن الْمُسلمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 - 1 - الْمَعْنى يَقُول قيامنا فى خدمته على رءوسنا قَلِيل لِأَنَّهُ يسْتَحق أَكثر من هَذَا وبذل نفوسنا فى خدمته قَلِيل لَهُ وَمن فعلنَا الْكَرِيم أَن نبذل نفوسنا فى خدمته وَهُوَ من قَول الطائى (لوْ يقْدِرُونَ مَشَوْا على وَجَناتِهِمْ ... وَخُدُودِهِمْ فَضْلاً عَنِ الأقْدامِ) 2 - الْإِعْرَاب خانته الضَّمِير للأنفس الْغَرِيب العبوس الكريه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {عبوسا قمطريرا} الْمَعْنى يَقُول إِذا خانته النُّفُوس يَوْمًا وَلم تخدمه فَكيف تصحبه فى يَوْم الْحَرْب 131 - 1 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى عرسه عَائِد على من حكم تَقْدِيره أَحمَق من عبد وَمن عرس من حكم وَمن ابْتِدَاء خَبره مَا قبله كَمَا تَقول أحسن من زيد وَمن بكر عَمْرو الْغَرِيب النوك الْحمق والأنوك الأحمق والعرس الْمَرْأَة الْمَعْنى يَقُول الذى يَجْعَل العَبْد حَاكما على نَفسه أَحمَق من العَبْد وَمن عرس نَفسه يعْنى الْمَرْأَة أى أَحمَق من الْمَرْأَة وَمن العَبْد من يكون فى طَاعَة العَبْد وَيجوز أَن يكون الضَّمِير فى عرسه للْعَبد وَيُرِيد بِهِ الْأمة لِأَن العَبْد يتَزَوَّج بالأمة فى غَالب الْأَحْوَال أى من حكم العَبْد على نَفسه فَهُوَ أَحمَق من العَبْد وَمن الْأمة وَهَذَا عتاب يُعَاتب بِهِ نَفسه حِين قصد كافورا وَاحْتَاجَ إِلَى أَن يطيعه فِيمَا يحكم بِهِ 2 - الْمَعْنى يَقُول إِن من أظهر تحكيم العَبْد عَلَيْهِ فَهُوَ قَلِيل الرأى وناقص الْعقل وَهُوَ دَلِيل على سوء اخْتِيَاره وَفَسَاد حسه الحديث: 130 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 - الْمَعْنى هُوَ يُخَاطب نَفسه وَيَقُول لَهَا أَنْت فى حبس كافور لِأَن من تكون فى وعده يحسن إِلَيْك ويبرك وَمن يرى أَنَّك مَحْبُوس عِنْده بذلك وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا أَرَادَ أَن العَبْد جَاهِل بِحَق مثله فَهُوَ يرى أَنه فى حَبسه فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ مخلص فَمَا يبالى بِهِ وَالْحر الْكَرِيم يرى أَنَّك فى وعده فَهُوَ يضمر الإنجاز فِيمَا وعد 4 - الْمَعْنى يَقُول إِن العَبْد لَا فضل فى أخلاقه أى أَفعاله عَن هذَيْن الْمَذْكُورين الْفرج القذر والضرس فهمته مَقْصُورَة على إرضاء هذَيْن بَطْنه وفرجه يصفه بقصر الهمة عَن المعالى 5 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى يَوْمه لِلْمِيعَادِ وفى أمسه لكافور وَمثله كثير فى الْقُرْآن كَقَوْلِه تَعَالَى {لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه} فالتسبيح لله تَعَالَى فَلَمَّا ذكر الميعاد وَذكر كافور فى ضمير ينجز أى لَا ينجز كافور الميعاد فى يَوْم الميعاد وَهُوَ أَن يعد الرجل الرجل إِلَى يَوْم كَذَا فَإِذا جَاءَ ذَلِك الْيَوْم فَهُوَ الميعاد الذى وعده فِيهِ قَالَ فى يَوْمه أى لَا ينجز الميعاد فى يَوْم الميعاد الذى وعد أَن ينجز فِيهِ الْمَعْنى يَقُول لَا ينجز مَا وعد فى يَوْم انْقِضَاء الْوَعْد وَلَا يعى أى لَا يحفظ مَا قَالَه بالْأَمْس يعْنى أَنه لِغَفْلَتِه وَسُوء فطنته ينسى مَا يَقُوله 6 - الْغَرِيب القلس حَبل السَّفِينَة الذى تجذب بِهِ السَّفِينَة فى الإصعاد الْمَعْنى يَقُول لَا يأتى بطبعه مكرمَة وَلَا يفعل خيرا إِلَّا أَن تحتال على جذبه إِلَيْهَا كَمَا تجذب السَّفِينَة بالحبل لتجرى وَهُوَ // معنى حسن // يُرِيد أَنه يجر إِلَى فعل الْخَيْر بِقُوَّة وصعوبة كَمَا تجر السَّفِينَة من الانحدار إِلَى الإصعاد وَهُوَ ضد عَادَتهَا لِأَنَّهَا تطلب جَرَيَان المَاء لتنحدر مَعَه سريعة وَإِذا جذبت إِلَى الإصعاد أَتعبت الجاذب لَهَا وَكَذَا كافور قد تعود الْبُخْل واللؤم فَإِذا جذب إِلَى فعل الْخَيْر صَعب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غير عَادَته 7 - الْإِعْرَاب فى رَأسه بِمَعْنى على وَمثله (لأصلبنكم فى جُذُوع النّخل ... ) أى على جُذُوع النّخل الْمَعْنى يَقُول الْخَيْر لَا يُرْجَى عِنْد عبد قد رأى الهوان والذلة وَقد مرت يَد النخاس بِرَأْسِهِ والنخاس فى الْعرف هُوَ الذى يَبِيع الدَّوَابّ وَالْعَبِيد وفى غَيرهمَا السمسار والدلال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 - 8 - الْغَرِيب عرَاك الْأَمر واعتراك إِذا غشيك وَفُلَان يعروه الأضياف ويعتريه أى يَغْشَاهُ الْمَعْنى يَقُول إِن شَككت فى حَاله وَلم تعرفه فَانْظُر إِلَى العبيد الَّذين من جنسه فَإِنَّهُم لَيْسَ لَهُم مُرُوءَة وَلَا كرم وَلَا عقل ويروى بِحَالهِ مُضَافا ومنونا 9 - الْغَرِيب الْغَرْس جلدَة رقيقَة تخرج على رَأس الْوَلَد عِنْد الْولادَة وَجَمعهَا أغراس واللؤم بِالْهَمْزَةِ الْبُخْل وَسُوء الطباع الْمَعْنى يُرِيد أَنه طبع عِنْد الْولادَة على الْبُخْل وَمن كَانَ لئيما فى كبره فَإِنَّمَا كَانَ لئيما عِنْد وِلَادَته فَهُوَ مطبوع على اللؤم 10 - الْغَرِيب القنس بِكَسْر الْقَاف وَفتحهَا الأَصْل وَالْكَسْر أفْصح قَالَ العجاج (فىِ قِنْسٍ مجد فاقَ كلَّ قِنْسٍ ... فىِ الباعِ إنْ باعُوا وَيَوْمَ الحَبْسِ) الْمَعْنى يُرِيد أَن الْأَشْيَاء ترجع إِلَى أُصُولهَا وَإِلَى أوائلها فَمن أُوتى ملكا أَو ولَايَة أَو مَالا وَقدره لَا يسْتَحق لم يذهب عَن أَصله وَلم يرفعهُ ذَلِك عَن لؤم الأَصْل فَمن كَانَ لئيم الأَصْل فَهُوَ ينْزع إِلَى ذَلِك اللؤم وَلَو أُوتى كنوز قَارون 1 - الْإِعْرَاب أحب وَأطيب ابتداءان محذوفا الْخَبَر لِأَن الْحَال دلّت عَلَيْهِ الْغَرِيب حب وَأحب لُغَتَانِ والأفصح أحب يُقَال أحبه يُحِبهُ فَهُوَ محب وحبه يُحِبهُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَحْبُوب قَالَ غيلَان بن شُجَاع النهشلى (أُحِبُّ أَبَا مَرْوَانَ مِنْ أجْلِ تَمْرِهِ ... وأعْلَمُ أنَّ الجارَ بالجارِ أرْفَقُ) (فَوَاللهُِ لَوْلا تَمْرُهُ مَا حَبِبْتُه ... وَلَا كَانَ أدْنَى مِن عُبَيدٍ ومُشْرِقِ) وَهَذَا شَاذ لِأَنَّهُ لم يَأْتِ فى المضاعف يفعل بِالْكَسْرِ إِلَّا ويشركه يفعل بِالضَّمِّ إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا إِلَّا هَذَا الْحَرْف والمعطس الْأنف لِأَنَّهُ يأتى العطاس مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح هُوَ أحب شئ أحبته النُّفُوس وَهَذَا البخور أطيب رَائِحَة شمها الْأنف فَجعله أحب الْأَشْيَاء إِلَى الْأَنْفس وبخوره أطيب رَائِحَة إِلَى الأنوف الحديث: 132 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 - الْإِعْرَاب وَنشر مَعْطُوف على خبر الْمُبْتَدَأ الْمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ وَأطيب مَا شمه الْأنف هَذَا البخور وَنشر من الند وَالْوَاو زَائِدَة كَمَا فى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جاءوها وَفتحت أَبْوَابهَا} وروى أحب وَأطيب بِالنّصب على النداء الْغَرِيب الند هُوَ ضرب من الطّيب لَيْسَ هُوَ بعربى والآس نبت مَعْرُوف وَكَذَلِكَ النرجس وهما طيبا الرَّائِحَة والمجامر جمع مجمرة وهى مَا يوضع عَلَيْهِ البخور الْمَعْنى يَقُول هَذَا النشر وَهُوَ الرَّائِحَة من الند إِلَّا أَن مجامره الآس والنرجس وليسا بمعروفين أَن يخرج مِنْهُمَا الدُّخان 3 - الْغَرِيب الأقعس الثَّابِت يُقَال عز أقعس وَعزة قعساء وَقَالَ قوم هُوَ العالى الْمُرْتَفع الذى لَا يوضع مِنْهُ وَمِنْه الأقعس الذى لَا ينَال ظَهره الأَرْض الْمَعْنى يَقُول نَحن لَا نرى نَارا هيجت ريح الند فَهَل هاجه عزك الثَّابِت أَو الْمُرْتَفع العالى على التفسيرين 4 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أرجلها للرءوس الْغَرِيب الفئام بِكَسْر الْفَاء وبالهمز هم الْجَمَاعَات وَلِهَذَا قَالَ الَّتِى لتأنيث الْجَمَاعَة وصحفه بَعضهم فَقَالَ بِالْقَافِ وَلَا يجوز بِالْقَافِ إِلَّا إِن قَالَ الَّذين حوله وَكَانَ مِمَّن يقْرَأ عَلَيْهِ الدِّيوَان الْمَعْنى يَقُول الرُّءُوس وَيجمع رَأس على فعول وأفعل تحسد أَقْدَامهَا لما وقفت فى خدمته على الأَرْض ودت أَن تكون هى الْقَائِمَة فى خدمته وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لِأَنَّهَا تباشر الأَرْض الذى بَاشَرَهَا الممدوح لسعيها إِلَيْهِ فهى كَقَوْلِه أَيْضا (خَيْرُ أعْضَائِنا الرُّءوسُ وَلَكِنْ ... فَضَلَتْها بِقَصْدِكَ الأَقْدَامُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يبيت على فرَاش حَار كَأَنَّهُ حشى من نَار أحشائه لعظم هَوَاهُ والحشى مَا بَين الأضلاع إِلَى الورك وَهَذَا يصف شدَّة هَوَاهُ وحرارة قلبه إِلَى المحبوب وَفِيه نظر إِلَى قَول الْكَاتِب (حَظنا مِنْكَ إنْ أصَابَكَ سُقْمٌ ... حُرَقٌ تَحْتَشِى بِها الأَحْشاءلإ) 2 - الْإِعْرَاب لقى فى مَوضِع نصب على الْحَال دلّ عَلَيْهِ قَوْله مبيتى أى أَبيت لقى ليل ومبيتى ابْتِدَاء الْجَار وَالْمَجْرُور خَبره وحشاه وَمَا بعده فى مَوضِع الصّفة لفراش وَتَقْدِيره أى ملقى فى ليل وملقى فى هم وَهَذِه الْإِضَافَة كَقَوْلِهِم خابط ليل وَقَوله لونا على التَّمْيِيز وَقَوله فى المشاش فى مَوضِع الْحَال وَالْعَامِل فِيهَا كالحميا الذى هُوَ صفة لَهُم الْغَرِيب عين الظبى يضْرب بهَا الْمثل فى السوَاد ولقى الشئ الْملقى والحميا من أَسمَاء الْخمر والمشاش رُءُوس الْعِظَام الرخوة الْمَعْنى يَقُول إِن اللَّيْل أَلْقَاهُ على فرَاشه وَهُوَ ليل مظلم كعين الظبى لونا وفى هم يمشى كَالْخمرِ فى الْعظم وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى نواس (وتَمَشَّتْ فى مَفاصِلِهِمْ ... كَتَمَشَى البُرْءِ فى السَّقَمِ) والمصراع الأول من قَول حبيب (إلَيْكَ تِجَرَّعْنا دُجَى كَحِدَاقِنا ... ) والثانى من قَول الأبيرد (عَساكِرُ تَغْشَى النَّفْسَ حَتَّى كأننى ... أخُو سَكْرَةٍ دَارَتْ بهامَتهِ الخَمْرُ) وَقَالَ ابْن وَكِيع وعجزه من قَول زُهَيْر (فَظَلْتُ كأنى شارِبٌ مِنْ مُدامَةٍ ... مِنَ الرَّاحِ تَسْمو فى المَفاصِلِ والجسْمِ) وصدره من قَول التنوخى (واللَّيْلُ كالثَّاكِلِ فىِ إحْدَادِها ... ومقْلَةِ الظَّبْىِ إذَا الظَّبْىُ رَنا) الحديث: 133 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 - الْغَرِيب الجوانح عِظَام أعالى الصَّدْر المحيطة بِهِ والمحاش بِكَسْر الْمِيم وَضمّهَا لُغَتَانِ وَهُوَ مَا أحرقته النَّار من محشته النَّار إِذا أحرقته وسودته وَمِنْه الحَدِيث " فأخرجوا عَنْهَا وَقد امتحشوا " الْمَعْنى أَنه شبه ثَلَاثَة أَشْيَاء بِثَلَاثَة أَشْيَاء فى هَذَا الْبَيْت شوقه بتوقد النَّار وَقَلبه بالجمر وأضلاعه بشواء قد أحرقته النَّار 4 - الْإِعْرَاب روى غير بِالْجَرِّ وَالنّصب فَمن جَرّه جعله نعتا وَمن نَصبه جعله حَالا الْغَرِيب النصل حَدِيدَة السَّيْف وَقَوله غير نَاب أى مُرْتَفع عَن الضريبة وَغير راش غير ضَعِيف ورمح راش ضَعِيف وَرجل راش كَقَوْلِهِم كَبْش صَاف الْمَعْنى يَدْعُو للسيف وَالرمْح بسقيا الدَّم وَسَقَى وأسقى لُغَتَانِ نطق بهما الْقُرْآن 5 - الْإِعْرَاب المنعوت الْمَوْصُوف الذى سَار وَصفه بالشجاعة فى النَّاس فعرفوه وَهَذِه رِوَايَة الخوارزمى وَجَمَاعَة وَأما رِوَايَة أَبى الْفَتْح فَإِن الْفَارِس المبغوت بِالْبَاء الْمُوَحدَة والغين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الذى بغته الشئ فاجأه وَفَسرهُ بِأَن الممدوح أَبَا العشائر كبسه جيس بأنطاكية وَكَانَ قد أبلى ذَلِك الْيَوْم بلَاء حسنا وَقَوله خفت تطايرت عَنهُ تطاير الريش والمنصل السَّيْف الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح المنعوت تطايرت الْأَبْطَال من هيبته وهيبة سَيْفه تطاير ريش الطَّائِر 6 - الْإِعْرَاب رفع أَبُو الغمرات لِأَنَّهُ مفعول مَا لم يسم فَاعله 1 وَقَالَ قوم هُوَ خبر أضحى وَلَيْسَ بصواب الْغَرِيب الغمرات الشدائد وَقَوله (غير فَاش ... ) أى ظَاهر وَلم يقل فَاشِية لِأَنَّهُ ذهب إِلَى الِاسْم والكنية اسْم على الْحَقِيقَة وَقيل بل ذهب إِلَى الْأَب وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ الكنية الْمَعْنى يَقُول قد صَار لالتباسه بِالْحَرْبِ وأهوالها يكنى أَبَاهَا وَكَأن كنيته الَّتِى يعرف بهَا قد خفيت على النَّاس وَصَارَ يدعى أَبَا الغمرات 7 - الْمَعْنى يَقُول قد نسى اسْمه أى الْعلم باسمه الذى صَار يدعى بِهِ ردى أى هَلَاك الْأَبْطَال أَو غيث العطاش لِأَن هذَيْن قد صَارا لَهُ علما وَترك اسْمه الْعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 - الْإِعْرَاب درع ضرب الْإِضَافَة بِمَعْنى اللَّام لَا بِمَعْنى من الْغَرِيب شبه الْآثَار الدقيقة على سَيْفه بالنسج الدَّقِيق والحاسر الذى لَا درع عَلَيْهِ وملتهب الحواشى بريق السَّيْف الْمَعْنى يَقُول لقُوَّة حاسرا لَا درع عَلَيْهِ فى درع ضرب يُرِيد أَن ضربه الْأَعْدَاء بِالسَّيْفِ يحميه مِنْهُم وَلما جعله درعا جعله دَقِيق النسج وَلِهَذَا قَالَ (ملتهب الحواشى ... ) لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ السَّيْف الذى كَانَ يضْرب بِهِ كَأَنَّهُ نَار تلتهب وَالْمعْنَى أَن ضربه الْأَبْطَال يصد عَنهُ كَمَا يصد الدرْع 9 - الْغَرِيب الجماجم جمع جمجمة والفراش جمع فراشة وَهُوَ مَا يطير فى اللَّيْل كالذباب وَهُوَ يلقى نَفسه فى النَّار وَمِنْه قَول الشَّاعِر (ظَنَّ الفَراشُ عُقارها لهَبا ... يَبْدو فألقَى نَفسه فِيهَا) الْمَعْنى يَقُول هُوَ يحرق الرُّءُوس بضربه إِيَّاه لِأَن سَيْفه يلمع كالنار وَشبه أيدى الْقَوْم المتطايرة حوله بالفراش حول النَّار لِأَن الأيدى تطاير بضربه إِيَّاهَا 10 - الْغَرِيب المهجة دم الْقلب وَجَمعهَا مهج ومهجات والعطاش شدَّة الْعَطش وَهُوَ من الفعال كالصداع والزكام وَقيل هُوَ دَاء يُصِيب الظباء فَتَشرب المَاء فَلَا تروى والمهند السَّيْف الْمَعْنى شبه مَا يجرى من دم الْأَعْدَاء بِمَاء وَجعل السَّيْف يعاوده مرّة بعد أُخْرَى كالعطشان يعاود المَاء يعْنى أَن سَيْفه لَا يزَال يعاود دِمَاء الْأَعْدَاء كَمَا يعاود العطشان المَاء 11 - الْغَرِيب مفات مفعل من الْفَوْت وَهُوَ الذى حيل بَين روحه وَبَينه والرمق بَقِيَّة النَّفس وطاش عقله يطيش طيشا وأطشته أطيشه إطاشة الْمَعْنى يَقُول انْهَزمُوا عَنهُ وهم بَين مقتول قد فَاتَ وَبَين ذى رَمق أى فِيهِ نفس وَآخر قد طاش عقله أى ذهب وتحير لما لَاقَى من الْأَهْوَال 12 - الْإِعْرَاب توارى مصدر وأسكن الْيَاء لِأَنَّهُ فى مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره لنصل الْغَرِيب المنعفر الذى يتلطخ بالعفر وَهُوَ التُّرَاب والاحتراش صيد الضَّب الْمَعْنى يُرِيد أَن السَّيْف قد غَابَ وتوارى فى هَذَا المنعفر توارى الضَّب فى جُحْره خوفًا من الصَّائِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 - الْغَرِيب العجاية عصبَة فى الْيَد فَوق الْحَافِر والارتهاش واصطكاك الْيَدَيْنِ حَتَّى تنعفر الرواهش وهى عروق بَاطِن الذِّرَاع الْمَعْنى يَقُول لما انْهَزَمت الْخَيل من بَين يَدَيْهِ هاربة دمت بَعْضهَا بَعْضًا وَلم يكن بهَا ارتهاش وَقَالَ قوم التدمية من دِمَاء الْقَتْلَى لِكَثْرَة مَا تطَأ فِيهِ الْخَيل من دِمَائِهِمْ 14 - الْغَرِيب الرائع المفزع والمخوف والمستجاش الذى يطْلب مِنْهُ الْجَيْش الْمَعْنى يَقُول مخوفها وَحده لم يفزعه انْقِطَاع الْجَيْش عَنهُ وَلَا الذى ينفذ لَهُ الْجَيْش يُرِيد سيف الدولة بل هُوَ طردهم وأخافهم وَحده وَقَالَ ابْن القطاع فى يدمى فى الْبَيْت الأول وَهَذَا يُرِيد أَن الممدوح لَا نَظِير لَهُ فى شجاعته وَلَا لَهُ قرن يصادمه وَضرب الْمثل بأيدى الْخَيل وَيُرِيد لَا يُقَاتل الرِّجَال إِلَّا أكفاؤها 15 - الْغَرِيب الخوص مَا يكون فى سعف النّخل والعشاش جمع عشة وهى النَّخْلَة إِذا قل سعفها ودق أَسْفَلهَا وَالسَّعَف هُوَ أغصال النَّخْلَة وَهُوَ مَا يكون فى آخر الجريد وَقد عِشْت النَّخْلَة وشجرة عشة أى دقيقة القضبان قَالَ جرير (فمَا شَجَرَاتُ عِيصِكَ فى قُرَيْشٍ ... بعَشَّاتِ الفُرُوعِ وَلا ضَوَاحى) والعشة من النِّسَاء القليلة اللَّحْم وَالرجل عش قَالَ (تضْحَكِ مِّنى أنْ راتْنِى عَشَّا ... ) الْمَعْنى يَقُول كَأَن تلوى النشاب فِيهِ كتلوى خوص النَّخْلَة لِأَنَّهُ بشجاعته لَا يحفل بالطعن وَلَا الضَّرْب وَلَا الرمى 16 - الْإِعْرَاب الْغَرِيب النهب الْغَارة وَهُوَ مَا ينهبه الْإِنْسَان وَأهل النهب الْجَيْش والقماش مَتَاع الْبَيْت ومتاع الْإِنْسَان لسفره وإقامته الْمَعْنى يَقُول نهب نفوس أهل الْغَارة أولى من نهب الأقمشة وَهُوَ من قَول الطائى (إنَّ الأُسُودَ أُسُودَ الغابِ هِمَّتُها ... يوْمَ الكَرِيهَةِ فىِ المَسْلوب لَا السَّلَبِ) وَأَخذه أَبُو تَمام من قَول الأول (تَرَكْتُ النِّهابَ لأَهْلِ النِّهابِ ... وأكْرهْتُ نفسىِ على ابْنِ الصَّعِقْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 - الْغَرِيب الندام المنادمة والبطان جمع بطين وَهُوَ الْكَبِير الْبَطن والجحاش المجاحشة وهى المدافعة فى الْقِتَال الْمَعْنى يَقُول إِذا نزلنَا عَن الْخَيل يشاركنا فى شرب الْخمر رجال يكثرون الْأكل وَلَا يكثرون الْقِتَال وَلَا يشاركون فِيهِ وَمثله (يَفِرُّ مِنَ الكَتِيبَةِ حِينَ يُلْقَى ... وَيَشْبُتُ عِنْدَ قائمَةِ الخُوَانِ) 18 - الْإِعْرَاب وَقبل يأنى رَوَاهُ الخوارزمى نصبا على الظَّرْفِيَّة وعَلى مَوضِع الأول وَمثله بَيت الْكتاب (فإنْ لَم تَجِدْ مِنْ دُونِ عَدْنانَ وَالداً ... وَدُونَ مَعَدٍّ فَلْتَزَعْكَ العَوَاذِلُ) وَرَوَاهُ أَبُو الْفَتْح بالخفض عطفا على الأول الْغَرِيب النطاح مناطحة دَوَاب الْقُرُون ويأنى يحين الْمَعْنى يَقُول قبل المناطحة وَقبل أوانها يتَبَيَّن من يناطح من لَا يناطح وَمِمَّنْ يُقَاتل مِمَّن لَا يُقَاتل وَذَلِكَ أَن الكباش تتلاعب بقرونها وَإِن لم ترد الطعْن بهَا كَذَلِك يتلاعب النَّاس بالأسلحة فى غير الْحَرْب فَيعرف من يحسن اسْتِعْمَالهَا مِمَّن لَا يحسن 19 - الْغَرِيب التورية الْإخْفَاء والستر وَلَا أحاشى أى لَا أستثنى أحدا كَقَوْل النَّابِغَة (وَما أُحاشِى مِنَ الأقْوَامِ مِنْ أحَدِ) الْمَعْنى يَقُول أَنْت بَحر البحور وَملك مُلُوك الأَرْض وَلَا أورى أى أستر قولى وَلَا أستثنى من الْمُلُوك ملكا ويروى وَيَا بدر البدور 20 - الْغَرِيب الغاشى القاصد والزائر وَأَصله غاشش فأبدل من الشين يَاء وغاشية الرجل الَّذين يزورنه ويأتونه وَمِنْه قَول حسان (يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كلابُهُمْ ... لَا يَسأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقْبلِ) الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ يخفى عَلَيْك مَحل زائر يقصدك وَذَلِكَ من فرط فطنتك وذكائك كَأَنَّك ترى مَا فى قُلُوب النَّاس وَتعلم مَا يطْلبُونَ وفى مَعْنَاهُ (وَيمْتَحِنُ النَّاسَ الأمِيرُ بِرأيِهِ ... وَيَقْضِى عَلى عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 - الْإِعْرَاب يُرِيد وَأَنت لم تبخل فَحذف وَدلّ عَلَيْهِ الْكَلَام الْغَرِيب الواشى الْكَاذِب وَأَصله الذى يشى بالإنسان إِلَى ذى سُلْطَان فيهلكه الْمَعْنى يَقُول كَيفَ أَصْبِر عَنْك وَأَنت مقصودى ومطلوبى وَلم تبخل على بشئ وَلم تسمع فى كَلَام الوشاة فَلَا صَبر لى عَنْك 22 - الْغَرِيب الرؤساء جمع رَئِيس كشريف وشرفاء وكريم وكرماء وَهُوَ الذى رَأس قومه وسادهم والخشاش بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة صغَار الطير وَمِنْه الحَدِيث " تَأْكُل من خشَاش الأَرْض " الْمَعْنى يُرِيد أَنه يصغر الرؤساء عِنْد الْإِضَافَة إِلَيْهِ وَهُوَ بَينهم كالطير الْكَبِير بَين الطُّيُور الصغار لشرف قدره وعلو أمره 23 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح لَيْسَ يَرْجُو من يخشاك أَن يلقى من يكذبهُ ويخطئه فى خوفك لِأَن النَّاس مجمعون على خوفك وخشيتك وَقَالَ أَبُو على يُرِيد خاشيك نَازل بِهِ بأسك وواقع بِهِ سخطك وانتقامك فَمَا يَرْجُو تَكْذِيبًا لما خافه لشدَّة خَوفه وراجيك يخْشَى أَن تخيبه لفيض عرفك وَقَالَ الواحدى وَالصَّحِيح فى هَذَا الْبَيْت رِوَايَة من روى (فَمَا خاشِيكَ للتَّثرِيبِ راجٍ ... ) يُرِيد من خشيك لم يخف أَن يثرب ويعير بخشيتك وراج خَائِف وَمن روى للتكذيب لم يكن فِيهِ مدح لِأَن الْمَدْح فى الْعَفو لافى تَحْقِيق الخشية وَإِنَّمَا يمدح بتحقيق الأمل وَتَكْذيب الْخَوْف كَقَوْل السرى (إذَا وَعَدَ السَّرَّاءَ أنْجَزَ وَعْدَهُ ... وَإنْ أوْعَدَ الضَّرَّاءَ فالعَفْوُ مانعُهْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 - الْغَرِيب النبيط قوم بسواد الْعرَاق حراثون يُقَال نبط ونبيط والجحاش جمع جحش وَهُوَ ولد الْحمار وكل خيل أى كل أهل خيل كَقَوْلِه " يَا خيل الله اركبى " الْمَعْنى يُرِيد كل من صحبك وغزا مَعَك طَاعن وتشجع وَلَو كَانَ من هَؤُلَاءِ النبيط الحرائين الَّذين لم يعرفوا ركُوب الْخَيل وَإِنَّمَا يركبون الْحمير فَمن كَانَ مَعَك شجاعا لشجاعتك 25 - الْغَرِيب عشوت إِلَى النَّار أعشو عشوا عشوا وَأَنا عَاشَ إِذا جِئْتهَا لَيْلًا هَذَا هُوَ الأَصْل ثمَّ صَار كل قَاصد عاشيا قَالَ الجوهرى عشوت إِلَى النَّار إِذا استدللت عَلَيْهَا ببصر ضَعِيف قَالَ الحطيئة (مَتى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نارِهِ ... تَجِدْ خيرَ نارٍ عِنْدَها خيرُ مُوقِدِ) الْمَعْنى يَقُول أَنْت كالنور فى الظلمَة فَأَنت بَين النَّاس تضئ بكرمك وفضلك وَأَنا أقصدك لأطلب الْخَيْر عنْدك كَمَا تطلب النَّار فى ظلمَة اللَّيْل 26 - الْغَرِيب أنوف جمع أنف كربع وربوع وَقصر وقصور والخشاش الْعود الذى يكون فى أنف الْبَعِير والناقة والورد مَعْرُوف وَهُوَ أطيب الرياحين الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تأذيت بلقاء غَيْرك من الرؤساء وَلم يليقوا بى كَمَا لَا يَلِيق الْورْد بأنوف الْإِبِل قَالَ وَيجوز أَن يكون قَوْله (أنوفاً هنّ أولى بالخشاش ... ) أى أنوف اللئام من النَّاس أولى بالخشاش من أَن تشم الْورْد وَنَقله الواحدى حرفا حرفا 27 - الْغَرِيب الهزال الضعْف وَقلة اللَّحْم من الْجَسَد وَهُوَ ضد السّمن والهراش محاربة الْكلاب بَعْضهَا من بعض الْمَعْنى يَقُول هم طول الدَّهْر عَلَيْك إِذا افْتَقَرت فهم أعوان للدهر عَلَيْك وَإِذا كثر مَالك صَارُوا حولك يتهارشون وَيطْلبُونَ مَا عنْدك وَالْمعْنَى هم عون عَلَيْك مَعَ الزَّمَان إِذا افْتَقَرت وَإِذا اسْتَغْنَيْت صَارُوا حولك يتهارشون وَقَالَ الواحدى هم عِيَال فى الْحَرْب وَإِذا رجعت بِالْغَنِيمَةِ خيموا لديك وتهارشوا وَهَذَا الْمَعْنى الذى قَالَه أَبُو الطّيب // معنى حسن // وَضرب الهزال وَالسمن مثلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 - الْغَرِيب الشاش مَوضِع قيل بآخر الرّوم وَقيل بل بِبِلَاد الْعظم وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ شاشتى وَيُرِيد أَنه مَكَان بعيد وَنعم كلمة عدَّة وتصديق وَجَوَاب اسْتِفْهَام وَيجوز كسر الْعين مِنْهَا وبالكسر قَرَأَ الكسائى الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ أَبُو العشائر قد استطرد الْخَيل ثمَّ ولى بَين أَيْديهم هَارِبا ثمَّ جَاءَ خَبره أَنه كرّ عَلَيْهِم رَاجعا فَلَو لحق بشاش لوثقت بعودته وَقَالَ أَبُو على الرِّوَايَة بِضَم الْكَاف وَلم يروها بِالْفَتْح إِلَّا أَبُو الْفَتْح وَالْمعْنَى خبر الْأَمِير أَتَى بظفره فَقيل لنا معشر النَّاس كروا فَقلت نعم يكرون وَلَو لحقوه بشاش يُرِيد وَلَو كَانَ على الْبعد مِنْهُم وَقَالَ الواحدى ورد خبر الْأَمِير وَأَنه مَعَ جَيْشه كروا على الْعَدو فَقلت نعم تَصْدِيقًا لهَذَا الْخَبَر يكرون وَلَو لحق جَيش عدوه بالشاش لحقوه وَهُوَ من قَول البحترى (يُضْحِى مُطِلاً عَلى الأعْدَاءِ لوْ وَقَفوا ... بالصّينِ فى بُعْدِها مَا استْعَدَ الصّينا) 29 - الْإِعْرَاب من روى يسن بِضَم الْيَاء وَكسر السِّين نصب الْقِتَال وَمن روى بِفَتْح الْيَاء رفع الْقِتَال بِالْفِعْلِ الْغَرِيب الهيجا تمد وتقصر وهى من أَسمَاء الْحَرْب واللجوج الذى لَا ينثنى عَن الْأَعْدَاء وَلَا يزَال يغزوهم وَيسن قِتَاله من طول السن وَهُوَ الْعُمر يُرِيد يطول حَتَّى يصير كالمسن الذى طَال عمره وناش شَاب الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذَا الممدوح يَقُود جَيْشه إِلَى الْحَرْب وَهُوَ لجوج يلج فى قِتَالهمْ فقتاله طَوِيل وَكره شَاب فَهُوَ فى آخر الْقِتَال كَمَا كَانَ فى أَوله فأسقط الْهمزَة من ناش وَأَصله الْهمزَة فَتَركه ضَرُورَة وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى (مَلِكٌ لهُ فى كلّ يَوْمِ كَرِيهَة ... إقْدَامُ غِرّ وَاعْتِزَامُ مُجَرْبِ) 30 - الْغَرِيب الْكُمَيْت يُقَال للذّكر وَالْأُنْثَى قَالَ 1 (كُميْتٌ غَيْرُ مُحْلِفَةٍ وَلَكِنْ ... كَلْوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ) المناقلة تَحْسِين نقل يَديهَا ورجليها بَين الْحِجَارَة والإعقاق مصدر أعقت الدَّابَّة إِذا انفتق بَطنهَا بِالْحملِ وَفرس عقوق والغشاش بالغين الْمُعْجَمَة وَالْكَسْر العجلة قَالَت الْكلابِيَّة (وَما أنْسَى مَقالَتَها غَشاشا ... لنا وَاللَّيْلُ قَدْ طَرَدَ النَّهارَا) الْمَعْنى يَقُول أسرجت لى الْكُمَيْت وناقلت بى على عجلة ونقلتها فعدت بى وأسرعت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 - الْغَرِيب المتمرد مفتعل من المارد والمريد هُوَ الْخَبيث يصف فرسه بالخبث والرشاش مَا ترشه الطعنة من الدَّم وَأَرَادَ بفرسه أَنَّهَا متمردة أى صعبة الانقياد الْمَعْنى يُرِيد أَنه يذب عَن هَذَا الْفرس المنيع الانقياد لمن لَا يحسن ركُوبه بِرُمْح يطعن كل طعنة ترش الدَّم وَيجوز أَن يصونها عَن أَن تطعن كل طعنة ترش الدَّم 32 - الْغَرِيب الْعقر أَن يقطع عصب الرجل من الْفرس أَو النَّاقة وَالْبَعِير فَهُوَ معقور الْمَعْنى يَقُول لوعقرت فرسى لبلغنى إِلَيْهِ مَا يتحدث النَّاس بِهِ عَن فَضله وَعَن كرمه وَهُوَ مَا يسمع من الثَّنَاء عَلَيْهِ وَقد روى كل ماش بِالنّصب فَيكون الضَّمِير فى يحمل للْحَدِيث يُرِيد حَدِيث يحمل الماشى على المشى كَمَا قيل إِن رجلَيْنِ اصْطَحَبَا فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه تحملنى وأحملك يُرِيد تحدثنى وأحدثك حَتَّى نقطع الطَّرِيق بِالْحَدِيثِ فَكَأَن الحَدِيث لاستطابته يحمل الماشى وَمن روى كل ماش بِالرَّفْع رد الضَّمِير الْمَحْذُوف فى يحملهُ للْحَدِيث يُرِيد أَن كل ماش فى الأَرْض يحمل حَدِيثه لشيوعه وَحسن أخباره 33 - الْغَرِيب المُرَاد بالمواقف هُنَا الْموقف فى الْحَرْب وَيجوز أَن يُرَاد بهَا المواقف فى الْعَطاء وَالْفضل وَالصَّحِيح أَن المواقف لَا تسْتَعْمل إِلَى فى الحروب وشيك دخل فى رجله الشوك والانتقاش إِخْرَاج الشوك بالمناقش الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا ذكرت مَوَاقِف أَبى العشائر فى السخاء وَالعطَاء لإِنْسَان حاف وَدخل الشوك فى رجلَيْهِ لم ينكس رَأسه لإخراجه بل يمضى مسرعا إِلَيْهِ قَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا يُرِيد أَن الشجاع إِذا وصف لَهُ مواقفة تاق إِلَيْهِ وَرغب فى صحبته وأسرع إِلَيْهِ وَيدل على هَذَا رِوَايَة من روى وقائعه 34 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى تزيل للموقف أَو للممدوح الْغَرِيب المصبور الْمَحْبُوس على الْقَتْل وَقتل فلَان صبرا وَهُوَ أَن يحبس حَتَّى الفاش الْمُفَاخَرَة وَقيل الْمُفَاخَرَة بِالْبَاطِلِ الْمَعْنى على رِوَايَته بِالتَّاءِ على الْخطاب يكون تَقْدِيره إِنَّك تزيل مَخَافَة المصبور عَنهُ أى تنقذه من الْقَتْل وتزيل خَوفه وتشغل ذَا المفاخر عَن الْمُفَاخَرَة لِأَن مثلك لَا يطْمع فى مفاخرته فَإِن كل أحد متواضع لَك ومقر لَك بِالْفَضْلِ وَمن روى بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تَحت يَقُول إِنَّه يفعل هَذَا ليستنقذ الْأَسير من الْقَتْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 - الْغَرِيب الانكماش الْجد فى الْأَمر وَكَذَلِكَ الإكماش وَرجل كميش جاد مَاض الْمَعْنى يَقُول مَا اشتاق أحد اشتياقى إِلَيْك وَلَا جد وَلَا أسْرع إِلَيْك 36 - الْمَعْنى يَقُول سرت لأخدمك وأكسب بخدمتى لَك المعالى وسواى سَار إِلَيْك يطْلب الْمَعيشَة بِمَا تعطيه وَهُوَ معنى قَول أَبى تَمام (وَمَن خَدَمَ الأقْوَامَ يِبْغى نَوَالَهُمْ ... فإنِّى لم أخْدُمْكَ إلاَّ لإُخْدَما) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 - 1 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أرضه يعود على السَّمَاء وَذكرهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ السّقف أَو الْمَطَر وَيجوز أَن يعود على الممدوح جعل الأَرْض لَهُ يملكهَا ويتصرف فِيهَا بِأَمْر وَنهى هَذَا قَول أَبى الْفَتْح وَنَقله الواحدى وَزَاد فِيهِ يجوز أَن يكون جمع سماوة وكل جمع بَينه وَبَين مفرده الْهَاء جَازَ تذكيره وَحقه نَصبه بإضمار مَا فسره كَقِرَاءَة أهل الْكُوفَة وَعبد الله بن عَامر {وَالْقَمَر قدرناه} وَمثله {وَالذّئْبَ أخْشاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدى وأخْشَى الرّياحَ والمَطَرَا} الْمَعْنى يَقُول خلع الْأَمِير قد أحيتنا كَمَا يحيى الْقطر الأَرْض وَنحن لم نقص وَاجِب حَقه أى مَا يسْتَحقّهُ ويستوجبه وَإِنَّمَا قَالَ فعل الْمَطَر بِالْأَرْضِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن الْخلْع موشاة وفيهَا الرقوم وَهَذِه مَوْجُودَة فِيمَا تنْبت الأَرْض من فعل الْمَطَر من الأزهار والألوان 2 - الْغَرِيب الْعرض النَّفس وَالنّسب الْمَعْنى يَقُول كَأَن هَذِه الْخلْع نسجها من أَلْفَاظه لصِحَّة أَلْفَاظه وسلامتها من السخافة والتحريف وَكَأن نقاءها من عرض الْأَمِير لِأَنَّهُ سَالم من الْعَيْب فَهُوَ لَا يعاب بشئ وَهَذَا مَنْقُول من قَول ابْن الرومى فى ثوب استهداه (صَحِيحاً مِثْلَ رَائِكَ إنَّه ... والحَزْمَ فى قَرَنِ ... ) (نَقِياً مِثْلَ عِرْضِكَ إِن عِرْضَكَ غيرُ ذِى درَنِ ... ) 3 - الْغَرِيب المذيق هُوَ الممذوق أى الممزوج والمحض الْخَالِص من كل شئ الْمَعْنى يَقُول إِذا فوضت الْأَمر فى الْكَرم إِلَى الْكَرِيم وَلم تطلب مِنْهُ شَيْئا مقترحا عَلَيْهِ وَتركته إِلَى رَأْيه بلغت مَا تُرِيدُ وَبَان لَك صَحِيح الرأى من معيبه لِأَن صَحِيح الرأى لَا يحْتَاج إِلَى سُؤال بل يعْطى بطبيعة الْكَرم ومعيب الرأى لَا يعْطى حَتَّى يسْأَل مرَارًا وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى نواس (وَإذَا وَصَلْتَ بعاقِلِ أمَلاً ... كانَتْ نَتِيجَةُ قَوْلِهِ فِعْلاُ) وَإِلَى قَول مُحَمَّد بن الحسينى 1 فى جودة الرأى (وكأنَّ رَوْنَقَ سَيفِهِ مِن وَجْهِهِ ... وكأنَّ حِدَّةَ سَيْفِهِ مِنْ رأيِهِ) الحديث: 134 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 - 1 - الْغَرِيب الْبَأْس الشدَّة والسطوة والمحض الْخَالِص الْمَعْنى إِذا اعتل سيف الدولة الممدوح اعتلت لعلته الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَمن النَّاس وَالْقُوَّة وَالْكَرم الْخَالِص لِأَنَّهُ قوام كل شئ فَإِذا اعتل اعتل لَهُ كل شئ وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (وَإِنْ يَجِدْ عِلَّةً نُغَمْ بِها ... حَتَّى تَرَانا نُعادُ فِى مَرَضهْ) وللطائى (إنَّا جَهِلْنا فخِلْناكَ اعْتَلَلْتَ وَلا ... وَاللهِ مَا اعْتَلَّ إِلَّا المُلكُ والأدَبُ) وللطائى أَيْضا (لَا تَعْتَلِلْ إنَما بالمَكْرُمات إذَا ... أنْتَ اعْتَلَلْتَ تُرَى الأوْجاعُ والعِلَلُ) وَمثله لعلى بن الجهم (وَإذَا رَابَكُمْ مِنَ الدهْرِ رَيْبٌ ... عَم مَا خَصَّكُمْ جَمِيعَ الأنامِ) ولأبى هفان (قالُوا اعْتَلَلْتَ فَقُلْتُ كَلاَ ... إنَّمَا اعْتَلَّ العِبادُ) (والدِّينُ والدُّنْيا لِعِلَّتِهِ ... وأظْلَمَتِ الْبِلادُ) وَالْمُسلم بن الْوَلِيد (نالَتْكَ يَا خَيْرَ الخَلائِقِ عِلَّةٌ ... يَفْدِيكَ مِنْ مَكْرُوهِها الثَّقَلانِ) (فَبِكُلّ قَلْبٍ مِنْ شَكاتِكَ عِلَّةٌ ... مَوْصُوفَةُ الشَّكْوَى بِكُلّ لِسانِ) 2 - الْمَعْنى يَقُول لَا أنتفع بِالنَّوْمِ إِذا كَانَ عليلا لِأَن النّوم يُفَارق عينى وَجعل للنوم اعتلالا مجَازًا واستعارة لِأَنَّهُ لما امْتنع من الْعين صَار اعتلالا لَهُ 3 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بالشفاء والعافية وَيَقُول يشفيك الله الذى يشفى بجودك الْخلق يُرِيد أَنه سَبَب لأرزاق الْعباد جعلهَا الله على يَدَيْهِ فَهُوَ يشفيهم بجوده من ألم الْفقر وَجعله لكرمه بحرا كل بَحر بعضه لِكَثْرَة جوده الحديث: 135 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 - 1 - الْمَعْنى يرْوى فى الجفون والرؤيا تسْتَعْمل فى الْمَنَام خَاصَّة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} و {لَا تقصص رُؤْيَاك على إخْوَتك} و {إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون} و {وَأَن قد صدقت الرُّؤْيَا} وَهَذَا كُله فى الْمَنَام وَلَو قَالَ {لقياك} لَكَانَ أحسن إِلَّا أَنه ذهب بالرؤيا إِلَى الرُّؤْيَة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أريناك فَإِنَّهُ لم يرد بهَا رُؤْيا الْمَنَام وَإِنَّمَا أُرِيد الْيَقَظَة وَكَانَ ذَلِك لبلاء فى لَيْلَة الْإِسْرَاء وَالْمعْنَى أَن اللَّيْل يمضى ويجئ وفضلك ثَابت بَاقٍ ورؤيتك أحلى فى الْعُيُون من النّوم لِأَنَّك مَحْبُوب وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الرُّؤْيَا فى الْمَنَام وَأما فى الْعين فَلَا أعرفهَا وَإِن جَاءَت فهى شَاذَّة وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (مَضَى اللَّيْلُ إلاَّ أنَّ لَيْلَى لَمْ يَمْضِ ... وأنَّ جُفُونى لَا تُرَوَّى مِنَ الغُمْضِ} وعجزه من قَول ابْن الرومى (وَلَطَعْمُ اكْتِحالَهٍ مِنْهُ بالزَّا ... ئِرِ أحْلَى فى عَيْنهِ مِنْ رُقادِ) 2 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح فى الْكَلَام حذف تَقْدِيره أمدحك وَأثْنى عَلَيْك بِمَا طوقتنى بِهِ من نعمك فَحَذفهُ للدلالة عَلَيْهِ وَقَالَ الواحدى أنصرف عَنْك مَعَ أَنَّك قلدتنى نعْمَة شَهِيد بهَا بعضى على بعض فَمن نظر إِلَى اسْتدلَّ بنعمتك على وَالْمعْنَى أَن الْقلب إِن أنكر نِعْمَتك شهد الْجلد بِمَا عَلَيْهِ من الخلعة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لِسَانه يشْهد على سَائِر جسده وَهُوَ من قَول ابْن بسام الْكَاتِب (وَقَدْ سَبَقَتْ مِنْهُ لى نِعْمَةٌ ... تَقِرُّ عَلىَّ وَإنْ لَمْ أُقِرْ) 3 - الْمَعْنى جعله خير النَّاس ودعا لَهُ بِسَلام الله يَخُصُّهُ بِهِ وفى الْبَيْت مُطَابقَة حَسَنَة الحديث: 136 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 - 1، 2 - الْمَعْنى المشيع هُوَ سيف الدولة والمشيع يماك غُلَامه يَدْعُو لَهُ بِأَن لَا يعْدم مَوْلَاهُ ويماك هُوَ الْفَاعِل وَسيف الدولة هُوَ الْمَفْعُول وَهُوَ أمدح ودبلغ إِذا دَعَا للغلام أَن لَا يعْدم السَّيِّد فلولا السَّيِّد مَا ذكر الْغُلَام وَلَا عد فى النَّاس ثمَّ قَالَ لَيْت الرِّيَاح تصنع مَا تصنع أَنْت من نفع النَّاس وَدفع افتقارهم 3 - ، 4 - الْإِعْرَاب ضرّ مصدر وَأَرَادَ يضررن ضرا أى بكرت الرِّيَاح ذَوَات ضرّ فَحذف الْمُضَاف الْغَرِيب السجسج الرّيح الطّيبَة الَّتِى لَا حر فِيهَا وَلَا برد والسجسج الَّتِى ذكرهَا النبى فى الحَدِيث ريح الْجنَّة والزعزع الرّيح الشَّدِيدَة المؤذية الْمَعْنى يَقُول بكرت الرِّيَاح تضر النَّاس ضرا وَأَنت سهل تَنْفَع النَّاس فليت الرِّيَاح مثلك 5 - ، 6 - الْغَرِيب النبع شجر صلب يتَّخذ مِنْهُ القسى والخروع نبت ضَعِيف وكل ضَعِيف لين فَهُوَ خروع وخريع والرياح الْأَرْبَع الْجنُوب وَالشمَال وَالصبَا وَالدبور الْمَعْنى يَقُول أَنْت وَاحِد تقوم مقَام الْأَرْبَع وَتَنْفَع النَّاس أَكثر من نفعهن وفيهن فتْنَة وأذى وَأَنت فِيك نفع وَأَنت أقوى الْمُلُوك بَأْسا وعددا وهم بِالْقِيَاسِ إِلَيْك ضعفاء كالخروع فى الْأَشْجَار وَضرب النبع والخروع مثلا وَفِيه نظر إِلَى قَول جرير (ألم تَرَ أنَّ النَّبْعَ يَعْتُقُ عَودُهُ ... وَلا يَسْتَوِى وَالخِرْوَعُ المُتَقَصْفُ) الحديث: 137 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 - 1 - الْإِعْرَاب النَّاس اسْم من أَسمَاء الجموع عبر عَنهُ بِإِشَارَة الْوَاحِد على اللَّفْظ لَا على الْمَعْنى وَلَو أَرَادَ الْمَعْنى لقَالَ هَؤُلَاءِ الْغَرِيب الخداع الْغرُور وَأَصله من خدع الضَّب فى حجره إِذا دخل فِيهِ وَمِنْه قَول شَاس بن نهارى العبدى (أرِقْتُ فلَمْ تَخْدَعْ بعَيْنِىَ نَعْسَةٌ ... وَمَنْ يَلْقَ مَا لاقَيْتُ لابُدَّ يأْرَقُ) وَالْخداع أَن يتَمَكَّن الْكَلَام الْبَاطِل فى قلب مستمعه فينخدع بِهِ وخدعته خدعا وخدعا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وخدع يخدع كسحر يسحر من الْأَفْعَال الَّتِى جَاءَت على فعل يفعل بِالْفَتْح وَالِاسْم الخديعة والخدعة الْمَعْنى لَا أعتقد فى هَؤُلَاءِ النَّاس الْخَيْر وَلَكِن غيرى مِمَّن يجهل أَمرهم يغتر بقَوْلهمْ فينخدع بِهِ لأَنهم إِذا قَاتلُوا جبنوا وانهزموا وَإِذا حدثوا أظهرُوا الشجَاعَة أى أَن شجاعتهم بالْقَوْل لَا بِالْفِعْلِ وَإِذا كَانُوا كَذَلِك فالجاهل يغتر بهم 2 - الْإِعْرَاب روى أهل بالحركات الثلات فالرفع على الِابْتِدَاء أى هم أهل الحفيظة وَالنّصب على الذَّم لَهُم والجر على الْبَدَل من النَّاس الْغَرِيب الحفيظة الحمية والأنفة والغى الْفساد ويزع يكف وزعته أزعه وزعا كففته فاتزع هُوَ أى كف وأوزعته بالشئ أغريته بِهِ وأوزع بِهِ فَهُوَ موزع بِهِ أى مغرى بِهِ الْمَعْنى يَقُول هم أهل الحفيظة غير مجربين فَإِذا جربتهم لم ترهم كَذَلِك وفى تجربتهم مَا يكفك عَن مخالطتهم وَهَذَا يُشِير بِهِ إِلَى مَا ظهر من عجز أَصْحَاب سيف الدولة فى الْغُزَاة الَّتِى جبنوا فِيهَا وَقَالَ هم يظهرون الحمية وَالصَّبْر وَالْجَلد والإقدام ويتزينون بذلك مَا لم تقع التجربة لَهُم فَإِذا جربوا تركُوا 3 - الْإِعْرَاب نفسى فى مَوضِع رفع عطفا على الْحَيَاة كَقَوْلِك مَا أَنْت وَزيد الْغَرِيب الطَّبْع الدنس يَقُول طبع الرجل بِالْكَسْرِ أَصله من طبع السَّيْف إِذا علاهُ الصدأ قَالَ أَبُو مُحَمَّد الراجز الفقعسى (إنَّا إذَا قَلَّتْ طَخارِيرُ الْقَزَعْ ... وَصَدَرَ الشَّارِبُ مِنًها عَنْ جُرَعْ) (نَفحَلُها الْبِيض الْقَلِيلاتِ الطَّبَعْ 1 ... ) الْمَعْنى يَقُول مَا لنفسى والحياة وَقد علمت أَن حَيَاة الْإِنْسَان على الْحَال الَّتِى يكرهها والطريقة الَّتِى لَا يستحسنها دناءة ودنس فعلام الْحِرْص على الْحَيَاة والركون إِلَيْهَا مَعَ هَذِه الْحَال فَلَا أُرِيد حَيَاة وَلَا أشتهيها إِذا كَانَت كَذَا وَفِيه نظر إِلَى قَول بَيت الحماسة قَول قطرى (وَما للْمَرْءِ خَيْرٌ فِى حَياةٍ ... إذَا مَا عُدَّ مِنْ سَقَطِ المَتاعِ) الحديث: 138 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 - الْغَرِيب المارن مقدم الْأنف وَهُوَ مالان مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كل صَحِيح الْأنف بجميل وَقصد الْأنف لِأَن الْعَرَب تقصد الْأنف من بَين سَائِر الْأَعْضَاء فَيُقَال أرْغم الله أَنفه يَقُول لَيْسَ جمال الْوَجْه بسلامة ظَاهره فَأَنف الْعَزِيز يجتدع بِزَوَال الْعِزّ عَنهُ فَإِذا قطع عزه فَكَأَنَّهُ فى الْحَقِيقَة قد جدع أَنفه وَإِن كَانَ أَنفه صَحِيحا وَفِيه نظر إِلَى قَوْله الطائى (ليسَ جَدْعُ الأُنوفِ عِنْدىَ جَدْعا ... إنَّ ذُلَّ النُّفُوسِ قَتْلٌ وَجَدْعُ) 5 - الْإِعْرَاب جمع بَين الهمزتين وحققهما وَقد جمع بَينهمَا الْقُرَّاء وحققوهما فى مثل هَذَا إِذا كَانَتَا من كلمة وَاحِدَة وحققهما الْكُوفِيُّونَ وَهِشَام عَن ابْن عَامر لم يحققهما إِذا كَانَتَا من كَلِمَتَيْنِ وحققهما الْكُوفِيُّونَ وَابْن عَامر من طَرِيقه الْغَرِيب الانتجاع طلب الكلإ هَذَا أَصله ثمَّ صَار كل طلب انتجاعا الْمَعْنى يَقُول الشّرف وسعة الرزق يطلبان بِالسَّيْفِ فَلم أطلبهما بشئ آخر أى أترك أَن أحوز الْمجد بِالسَّيْفِ وأكسب المَال من طَرِيق الْحَرْب وأتناول ذَلِك بِالطَّلَبِ وأتكلف فِيهِ أَشد التَّعَب وأكون كمن طرح عَن كتفه مَا يطْلب وَترك فى غمده مَا ينتجعه 6 - الْإِعْرَاب من روى مشرفة بِفَتْح الرَّاء جعله دُعَاء لَهَا وَمن روى بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاه لَا كَانَت دَاء بل كَانَت دَوَاء الْمَعْنى السيوف لَا زَالَت مشرفة وأبدع فى حسن التَّجْنِيس وَقَوله دَوَاء كل كريم الخ أى إِمَّا أَن يملك بهَا أَو يقتل بهَا يَقُول إِمَّا أَن يصل بِالسُّيُوفِ إِلَى بغيته فَتكون كالدواء وَإِمَّا أَن يقتل بهَا دون مُرَاده فَتكون لَهُ كالوجع وَهُوَ ينظر إِلَى قَول البحترى (وَعِنْدَ بُقْرَاطَ دَاءٌ لَوْ تَأمَّلَهُ ... قالَ الشِّفاءُ بِحَدّ البِيضِ والأسَلِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 - الْغَرِيب وقرها ثبتها والدرب الْمضيق والمدخل إِلَى بِلَاد الْعَدو والأعطاف جمع عطف وَهُوَ الْجَانِب وَالدَّفْع أَن يدْفع شئ بعد شئ الْمَعْنى يُرِيد بِفَارِس الْخَيل سيف الدولة لِأَنَّهُ أظهر فى هَذِه الْوَقْعَة من جلده وثباته وَأَرَادَ جَيْشه الْهَزِيمَة فثبتهم فى مضيق من مضايق الرّوم وَيعرف هَذَا الْموضع بعقبة السّير وهى عِقَاب صعبة ضيقَة وَنزل سيف الدولة على نهر قريب مِنْهَا فَلَمَّا جنه اللَّيْل تسلل أَصْحَابه عَنهُ وبقى وحيدا فثبتهم وَوقر الرجل من الْوَقار يوقر وَوقر يقر إِذا ثَبت وَقد جَاءَ الْوَجْهَانِ فى قَوْله تَعَالَى ( {وَقرن فِي بيوتكن} فِيمَن كسر وَفتح فَفتح نَافِع وَعَاصِم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فَارس الْخَيل يُرِيد إِذا اجْتمعت الْخَيل مَوْصُوفَة بالفروسية كَانَ أفرسهم كَقَوْلِك شَاعِر الْقَوْم فَيحْتَمل أَن يَكُونُوا كلهم شعراء وَيجوز أَن يكون وَحده شَاعِرًا وَإِذا قلت هَذَا شَاعِر الرجلَيْن لم يخْتَص بِهِ الْوَصْف دون الآخر بل تعمهما الصّفة لِأَنَّهُ يجرى مجْرى أشعر الرجلَيْن فلابد من أَن يَكُونَا شاعرين وَلَا تَقول هَذَا غُلَام الرجلَيْن وَأَحَدهمَا الْغُلَام وَالْآخر صَاحبه كَمَا لَا تَقول شَاعِر الرجلَيْن وَأَحَدهمَا شَاعِر دون صَاحبه 8 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أوحدته للخيل وَكَذَا فى أغضبته وَهُوَ ضمير مَرْفُوع وَالضَّمِير الآخر لسيف الدولة وَهُوَ مفعول الْغَرِيب القذع الْفُحْش والسب وقذعت الرجل وأقذعته إِذا أسمعته كلَاما قبيحا الْمَعْنى يَقُول لما أفرده أَصْحَابه لم يقلق وَلم يفرق لشجاعته وَكَذَا لما أغضبوه لم يفحش عَلَيْهِم لِأَنَّهُ حَكِيم حَلِيم عِنْد غَضَبه وَهُوَ شُجَاع وَحده فَلَا يبالى بالجيش أَقَامَ مَعَه أَولا 9 - الْغَرِيب الْجَيْش هُوَ الْعَسْكَر وَابْن أَبى الهيجاء هُوَ سيف الدولة الْمَعْنى يَقُول الْمُلُوك كلهم عزهم ومنعتهم بجيشهم لِأَنَّهُ يمنعهُم من الْأَعْدَاء وَأَنت عز الْجَيْش بك فَإِذا لم تكن فيهم لَا يمتنعون عَن عدوهم فَأَنت عز وحصن لَهُم فى الْحَقِيقَة وَهُوَ // معنى حسن // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 - الْإِعْرَاب السرع بِكَسْر السِّين مصدر سرع مثل ضخم ضخما الْغَرِيب المقانب جمع مقنب وَهُوَ زهاء الثلثمائة من الْخَيل والنهل الشّرْب الأول والشكيم جمع شكيمة وهى الحديدة الَّتِى تعرض فى اللجام الْمَعْنى يَقُول قاد الجيوش مسرعا إِلَى أَرض الْعَدو فخيله لَا تشرب إِلَّا الشربة الأولى وهى النهل على اللجم حَتَّى أَنهم لَا يتفرغون أَن يدعوا لجم الْخَيل لإسراعهم يُشِير إِلَى الْحَال الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا سيف الدولة من الِاجْتِهَاد فى لِقَاء الْعَدو فوصف أَن خيله كَانَت تشرب الشّرْب الأول واللجم فى أفواهها وَأدنى سَيرهَا الْإِسْرَاع وَهُوَ غَايَة الجرى يصف جده واجتهاده 11 - الْغَرِيب يعتقى يُقَال عقاه واعتقاه بقلب عاقه واعتاقه إِلَى عقاه واعتقاه والرى ضد الظمأ والشبع ضد الْجُوع والمسرى مفعل من السرى الْمَعْنى يَقُول سَار مسرعا إِلَى الْعَدو لَا يعوقه بلد عَن قصد غَيره وَلَا يعتاقه حصن يَفْتَحهُ عَن حصن غَيره فَهُوَ كالموت يعم وَلَا يقنعة كَثْرَة من يفنيه فَهُوَ لَا يرْوى وَلَا يشْبع من إهلاك الْأَنْفس قَالَ ابْن وَكِيع اسْتِعَارَة لفظ الْأكل وَالشرب لمن يَأْكُل وَيشْرب أحسن من اسْتِعَارَة أَبى الطّيب إيَّاهُمَا للْمَوْت ثمَّ أنْشد قَول لَقِيط (لَا حَرْثَ يَشْغَلهُمُ بلْ لَا يَرَوْنَ بِهِمْ ... مِنْ دُونِ بِيضِكُمُ رِيًّا وَلا شِبَعَا) 12 - الْغَرِيب خرشنة بلد من بِلَاد الرّوم وإقامته عَلَيْهَا لتشقى بهَا الرّوم وَمَا حوت من الصلبان وَالْبيع والصلبان جمع صَلِيب كرغيف ورغفان وَالْبيع جمع بيعَة وهى كنائس النَّصَارَى وَمِنْه (لهدمت صوامع وَبيع ... ) والربض مَا حول الْمَدِينَة من الْعِمَارَة الْمَعْنى يَقُول مَا زَالَ يسْرع بخيله حَتَّى قَامَ نازلا على أرباض هَذَا الْموضع وَهُوَ فى وسط بِلَاد الرّوم فَحِينَئِذٍ شقيت الرّوم وَمَا تعبد وهجرت كنائسها 13 - الْإِعْرَاب أَقَامَ مَا لما يعقل للموافقة لما فى المصراع الثانى وَيجوز أَن يكون حمل مَا على الْمصدر يُرِيد للسبى نكاحهم وَالْقَتْل ولادتهم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح عطف على معمولين وَمَا فى مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء على التفسيرين الْمَعْنى يَقُول لما نزل بِهَذِهِ الْبِلَاد أهلك أَهلهَا بسبى أَوْلَادهم الأصاغر وَنِسَائِهِمْ وَقتل أَوْلَادهم الأكابر وَنهب أَمْوَالهم وإحراق زُرُوعهمْ وَاللَّام فى قَوْله للسبى لَام الْعَاقِبَة كَقَوْلِه (لِدوا للمَوْتِ وابنُوا للخَرابِ ... ) أى عاقبتهما إِلَى هَذَا وَقد زَاد على أَبى تَمام فى قَوْله (لمْ تَبْقَ مُشْرِكَةٌ إلاَّ وَقدْ عِلِمَتْ ... إنْ لَمْ تَتُبْ أنهَّه للسَّبْىِ مَا تَلِدُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 - الْإِعْرَاب مخلى لَهُ ومنصوبا حالان من سيف الدولة ومشهودا حَال من صارخة قَالَ أَبُو الْفَتْح وَالْأولَى أَن يُقَال مَنْصُوبَة ومشهودة إِلَّا أَن التَّذْكِير جَائِز على قَوْلك نصب المنابر وَشهد الْجمع وَنَقله الواحدى حرفا فحرفا الْغَرِيب المرج مَوضِع بِبِلَاد الرّوم وصارخة مَدِينَة من مدائنهم وَالْجمع جمع جمعه كجمعات الْمَعْنى يَقُول سيف الدولة بلغ النِّهَايَة فى إهلاك الرّوم حَتَّى نصبت لَهُ المنابر وَشهِدت الْجمع ببلادهم وَأقَام الْمُسلمُونَ بِأَرْض الرّوم فصاروا كالساكن بهَا قد اقتدروا على ملكهَا حَتَّى نصبوا المنابر وجمعوا الْجمع وَهَذَا غَايَة النكاية فى الْعَدو وَالروم لَا يقدرُونَ على الظُّهُور لما يجدونه من عَسْكَر سيف الدولة 15 - الْمَعْنى يَقُول إِن سيف الدولة قد أدام قتل الرّوم وقوت الطير بلجومهم فى وقائعه فَصَارَ يطْعمهَا من لُحُوم الْقَتْلَى حَتَّى تكَاد تقع على الْأَحْيَاء لتأكلهم وتكاد تقَارب وَذَلِكَ لِأَنَّهَا قد تعودت أكل الْأَجْسَام فَصَارَت بِالْعَادَةِ تعترض الْأَحْيَاء فى طرقها فتكاد تخطفهم 16 - الْغَرِيب الحواريون أَصْحَاب عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وفى تسميتهم بِهَذَا الِاسْم أَقْوَال أَحدهَا أَنهم كَانُوا قصارين يبيضون الثِّيَاب وَمِنْه الْحور لبياض فى عيونهن والحواريات النِّسَاء قَالَ الشَّاعِر (فَقُلْ للْحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا ... وَلا تَبْكِنا إلاَّ الكِلابُ النَّوَابِحُ) وَمِنْه الْخبز الحوارى لبياضه وَقيل الحوارى هُوَ النَّاصِر وَكَانُوا أنصار عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَمِنْه قَوْله " الزبير ابْن عمتى هُوَ حواريى من أمتى " وَقيل هم أصفياء الْأَنْبِيَاء وخاصتهم وأضافهم إِلَى النَّصَارَى لأَنهم كَانُوا يدعونَ شرعهم واتباعهم فِيمَا يشرعون لَهُم الْمَعْنى يَقُول لَو رأى سيف الدولة الحواريون وَرَأَوا عدله وإنصافه وَكَرمه مَعَ مَوضِع الحواريين واجتماعهم على الْحق لبنوا شَرِيعَة الرّوم على محبته وألزموا الرّوم الدُّخُول فى طَاعَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 - الْغَرِيب الدمستق هُوَ صَاحب جَيش الرّوم والقزع المتفرق من السَّحَاب وَاحِدهَا قزعة الْمَعْنى أَن كتائب سيف الدولة لما أَقبلت متتابعة نظرها الدمستق وَأَصْحَابه فظنوها قطع الغمائم وتحيروا فِيهَا فَلم يدروا مَا هى فَلَمَّا تحققها ذمّ عَيْنَيْهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح تحير حَتَّى أنكر حاسة بَصَره وَقَالَ هُوَ يشبه قَول البحترى (فلمَّا الْتَقَى الجَمْعانِ لمْ تَجْتَمِعْ لَهُ ... يَدَاهُ وَلمْ يَثْبُتْ عَلى البِيضِ ناظِرهُ وَقَالَ ابْن فورجة رأى الْجَيْش الْعَظِيم فَظَنهُ قَلِيلا وَرَأى سَحَابَة متراكمة فظنها قطعا مُتَفَرِّقَة وَالْمعْنَى أَنه لما رأى الْأَمر بِخِلَاف مَا أَدْرَكته عَيناهُ ذمّ نظر عَيْنَيْهِ 18 - الْإِعْرَاب فِيهَا الضَّمِير لسود الْغَمَام وهى عَسْكَر سيف الدولة والكماة مُبْتَدأ وَالْجَار خَبره الْغَرِيب الكماة جمع كمى وَهُوَ الشجاع المتكمى فى سلاحه أى الْمُسْتَتر والجذع الذى أَتَى عَلَيْهِ حولان وَجمعه جذعان وجذاع والحولى الذى أَتَى عَلَيْهِ حول وَجمعه حوالى الْمَعْنى يُرِيد أَن صَغِيرهمْ كَبِيرهمْ عِنْد الْحَرْب وحولى خيلهم جذع يعظم أَمرهم وَأمر خيلهم 19 - الْغَرِيب اللقان مَوضِع بِبِلَاد الرّوم وآلس نهر هُنَاكَ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا تَسْتَقِر فَتَشرب إِنَّمَا تختلس المَاء اختلاسا بمواصلة السّير قَالَ وَيجوز أَن يكون شربت المَاء قَلِيلا لعلمها بِمَا يعقب سَيرهَا من شدَّة الركض وَكَذَا يفعل كرام الْخَيل قَالَ الواحدى لَيْسَ الْمَعْنى على مَا قَالَه وَإِنَّمَا يصف مواصلتها السّير يُرِيد أَنَّهَا شربت المَاء من آلس وَبَلغت اللقان قبل أَن بلعت مَا شربته من آلس فماء هَذَا النَّهر حلوقها وَقد وصل إِلَى مناخرها تُرَاب هَذَا الْموضع وَبَينهمَا بعد ومسافة وَقَالَ ابْن الإفليلى وصلت اللقان وحناجرها لم تَجف من مَاء النَّهَار يُشِير إِلَى ركض الْخَيل وَشدَّة إسراعها فى غاراتها // وَهَذَا مُبَالغَة // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 - الْمَعْنى يَقُول كَأَن خيله تتلقى الرّوم لتدخل فيهم والطعن يفتح من أجوافها مَا يسع الْخَيل قَالَ ابْن الإفليلى لتسلك أَجْسَادهم وتتخذها طرقا وَطعن فوارسها يفتح مَا يسعهم ويخرق مَا يضيق بهم وَلَيْسَ هَذَا الإفراط بِأَعْجَب من قَول النَّابِغَة (تَقُدُّ السَّلُوقَّى المُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وَتُوقِدُ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ) وَمعنى الْبَيْت من قَول قيس بن الخطيم من أَبْيَات الحماسة (مَلَكْتُ بِها كَفِّى فأَنْهَرْتُ فَتْقَها ... يَرَى قائِمٌ مِنْ خَلْفِها مَا وَرَاءَها) 21 - الْمَعْنى يَقُول خَلِيل سيف الدولة يهدى نواظرها فى وقائعه وظلمة الْغُبَار اتقاد الأسنة الَّتِى تشبه المصابيح لضيائها فى رُءُوس القنا الَّتِى تشبه الشمع فى إشراقها وَهَذَا من تَشْبِيه شَيْئَيْنِ بشيئين وَذَلِكَ غَايَة الإبداع وَلما اسْتعَار للأسنة نَارا جعل القنا شمعا وَهَذَا فى غَايَة الْحسن قَالَ ابْن وَكِيع ينظر فِيهِ إِلَى قَول النميرى (لَيْلٌ مِنَ النَّقْعِ لَا شَمْسٌ وَلا قَمَرٌ ... إلاَّ جَبِينُكَ والمَذْرُوبةُ الشُّرُعُ) وَقد أحسن فِيهِ البحترى بقوله (مَدَّ لَيْلاً مِنَ العَجاج فَمَا يَمْشُونَ فِيه إلاَّ بضَوْءِ السُّيُّوف ... ِ) 22 - الْغَرِيب القر الْبرد وطفح يطفح إِذا ذهب يعدو والمقورة الضامرة والمزع السريعة ومزع الظبى يمزع إِذا مر سَرِيعا وَكَذَلِكَ الْفرس وطافحة حَال من الْخَيل الْمَعْنى يَقُول قبل هجوم الْبرد تأتيهم خيل سيف الدولة فتعدو عَلَيْهِم وتطؤهم بحوافرها وَكَانَ لَهُ كل سنة غزوتان غَزْوَة فى الرّبيع وغزوة فى الخريف وروى ابْن جنى السِّهَام جمع سهم وَقَالَ قبل أَن يصل إِلَيْهِم سِهَام الرُّمَاة وَقبل أَن يَفروا تهجم عَلَيْهِم هَذِه الْخَيل الضامرة فروى الفر بِالْفَاءِ وَقَالَ سَأَلته عَنهُ فَقَالَ هَذِه الْخَيل طفحت عَلَيْهِم وَقد صَارَت أقرب إِلَى نُفُوسهم من السِّهَام وَمن أَن يَفروا يصف سرعَة الْخَيل وَأَنَّهَا قد ركبتهم وَغَشِيَتْهُمْ وروى وَغَيره (دون السِّهَام ... ) بِفَتْح السِّين وَهُوَ حر السمُوم وَقد سهم الرجل على مَا لم يسم فَاعله إِذا أَصَابَهُ السمُوم والسهام بِالضَّمِّ الضمور والتغير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 - الْغَرِيب العلج الرجل من كفار الْعَجم وَالْجمع علوج وأعلاج والأظمى الرمْح قَالَ بشر (وفِى نَحْرِهِ أظْمَى كأنَّ كُعُوبَهُ ... نَوَى القَسْب عَرَّاصُ المَهَزَّة أسمَرُ الْمَعْنى يَقُول إِذا اسْتَغَاثَ العلج بعلج حَال بَينهمَا رمح أظمى يفرق بَين الضلع وَأُخْتهَا فَكيف تفريقه بَين العلجين 24 - الْإِعْرَاب أجل وأمضى ابتداءان ومنكتف ومنصرع خبران الْغَرِيب الفقاس قَالَ ابْن جنى هُوَ الدمستق كَأَنَّهُ لقبه قَالَ الواحدى هُوَ جده وَقَالَ ابْن الإفليلى هُوَ رَئِيس جَيش الرّوم الْمَعْنى يَقُول إِن فَاتَ الدمستق الرماح بهربه إِذْ هرب وَأسر من أَصْحَابه نَيف وَخَمْسُونَ رجلا فأجل مِنْهُ قدرا مأسور فى الْقَيْد وَالْحَدِيد لِأَنَّهُ قَاتل حَتَّى أسر وأمضى مِنْهُ فى الشجَاعَة منصرع مقتول لِأَنَّهُ قَاتل حَتَّى قتل وَلم ينهزم والدمستق وَإِن كَانَ حَيا أعجز مِمَّن كَانَ قتل وَإِن كَانَ أفلت فَهُوَ أذلّ مِمَّن أسر 25 - الْغَرِيب شفار الْبيض حد السيوف وشفار جمع شفرة وهى حد السَّيْف الْمَعْنى يَقُول وَمَا نجا من حد السيوف منفلت أَنْجَاهُ فراره وَعَصَمَهُ من الْقَتْل هربه فَهُوَ لَا يَأْمَن لشدَّة فزعه وَمن كَانَت هَذِه حَاله فحياته موت ونجاته هلك فَهُوَ ينظر إِلَى قَول حبيب (إنْ يَنْجُ منكَ أَبُو نَصْرٍ فَعَنْ قَدَرٍ ... تَنْجو الرّجالُ وَلكِنْ سَلْه كيفَ نَجا) 26 - الْغَرِيب المختبل الذاهل المضطرب والممتقع الْمُتَغَيّر اللَّوْن الْمَعْنى يَقُول لما صَار فى مأمنه دهرا عَاشَ فَاسد الْعقل ذاهلا لشدَّة مَا لحقه من الْفَزع فَهُوَ يشرب الْخمر ولونه لَا يرجع لاستيلاء الصُّفْرَة عَلَيْهِ فَلَا يرد الْخمر لَونه عَلَيْهِ مَعَ مداومة شربهَا 27 - الْغَرِيب الحشاشة النَّفس والبطريق الْفَارِس من الرّوم والباترات السيوف والأمين أَرَادَ بِهِ هَهُنَا الْقَيْد والورع أَصله الْكَفّ عَن الْمَحَارِم الْمَعْنى يَقُول يَقُول كم من نفس فَارس قد ضمنهَا للسيوف الْقَيْد أى كم من فَارس لم يبْق مِنْهُ إِلَّا رمقه قد قيد وأسره فَهُوَ فى ضَمَان الْقَيْد للسيف إِذا دعت الْحَاجة إِلَى قَتله وَقَوله (أَمِين مَاله ورع ... ) // من أحسن الْكَلَام // لِأَن الْأمين هُوَ الذى يؤتمن على الْأَشْيَاء فَلَا بُد لَهُ من ورع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى يُقَاتل ويطرد للأمين وَهُوَ الْقَيْد وَالضَّمِير الْمَفْعُول فى يطْلب للخطو وَالضَّمِير فى عَنهُ للمقيد المأسور الْمَعْنى يَقُول إِذا أَرَادَ المشى مَنعه الْقَيْد وَإِذا أَرَادَ النّوم مَنعه الِاضْطِجَاع فَإِذا رام المشى قَاتله بتضييقه يُرِيد أوجعهُ بالضيق على سَاقيه فَكَأَنَّهُ يقاتله وَإِذا أَرَادَ النّوم مَنعه فَكَأَنَّهُ يطرده عَنهُ وَفِيه نظر إِلَى قَول الحكمى (إِذا قامَ أعْيَتْهُ عَلى السَّاقِ حِلْيَةٌ ... لَهَا خَطْوُهُ وَسْطَ الْفِناءِ قَصِيرُ) 29 - الْغَرِيب لَا تنفك أى لَا تَبْرَح وَلَا تَزُول الْمَعْنى يَقُول إِن المنايا ينتظرن أمره فَإِذا أمرهَا بشئ فعلته فهى إِن كفها ولت وَإِن أرسلها لسيوفه سطت وفى ظَاهره لَفظه مَا يدل على هَذَا وَمثله قَول بكر ابْن النطاح (كأنَّ المَنايا لَيسَ يَجْرِينَ فىِ الوَغَى ... إذَا الْتَقَتِ الأَبْطالُ إلاَّ بِرأيِهِ) وَمثله لمُسلم (كَأَن المَنايا عالِمَاتٌ بأمْرِهِ ... إذَا خَطَرَتْ أرْماحُهُ وَمناصِلُهْ) 30 - الْغَرِيب الْمُسلمين بِفَتْح اللَّام من أسره الْمُشْركُونَ من الْمُسلمين وقتلوه الْمَعْنى قل للدمستق إِن الَّذين أسرتم خانوا الْأَمِير سيف الدولة وعصوه فجازاهم الله بِمَا صَنَعُوا أَنكُمْ ظفرتم بهم وَذَلِكَ أَن سيف الدولة لما قتل من قتل وَأسر من أسر سَار عَن ذَلِك الْموضع وبقى فِيهِ قوم من الْمُسلمين يجهزون على من بقى فِيهِ رَمق من الْقَتْلَى وَمِنْهُم من أَخذه النّوم فَجَاءَهُمْ الْعَدو بعد مسير سيف الدولة وأخذوهم وقتلوهم 31 - الْمَعْنى يَقُول وجدْتُم هَؤُلَاءِ الَّذين ظفرتم بهم نياما فى قَتْلَاكُمْ كَأَنَّهُمْ مفجوعون بقتلاكم لما كَانُوا بَينهم قد تلطخوا بدمائهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 - الْغَرِيب ضعفى جمع ضَعِيف ونزعت عَن الشئ رغبت عَنهُ وأعرضت الْمَعْنى يُرِيد إِن الَّذين تخلفوا حَتَّى أدركتموهم ضِعَاف الْعَسْكَر إِن هموا بعدوهم لم يعارضهم لضعفهم وَقد حَقَّقَهُ فِيمَا بعده بقوله (لَا تحسبوا ... ) 33 - الْمَعْنى يَقُول لَا تحسبوا هَؤُلَاءِ الَّذين أسرتم كَانَ فيهم رَمق بل أموات من الضعْف وَالْمَيِّت لَا يَأْكُلهُ إِلَّا الضبع فَأنْتم لخستكم ودناءة أَنفسكُم قتلتم هَؤُلَاءِ الْقَوْم الضُّعَفَاء وَقد عَابَ عَلَيْهِ ابْن وَكِيع هَذَا الْبَيْت وَقَالَ كَيفَ أطلق على الضبع هَذَا وَأَنَّهَا تَأْكُل الْميتَة كَأَنَّهُ لم يقْرَأ كتاب الوحوش وَلم يسمع وصفهَا فى أشعار الْعَرَب لِأَن الضبع تخنق عشرا من الْغم حَتَّى تَأْخُذ وَاحِدَة وَهِي من أَخبث السباغ على الْغنم قَالَ الزاجر يَدْعُو على غنم رجل (سَلِّطْ على أُولَئِكَ الأَغْنامِ ... سَمَيْذَعاً مُعاوِدَ الإقْدَامِ) (أوْ جَيْئَلاً ظَلَّتْ بِذَاتِ هامِ ... تَلُفَّها مُدَلَمِّسَ الظّلامِ) (لَفَّ العَجُوزِ بَرَدَ الثُّمامِ ... ) وَقَالَ ابْن وَكِيع لَو قَالَ (مَا كلّ من قد أسرتم كَانَ ذَا رَمَق ... ) لَكَانَ أوضح وَأحسن 34 - الْغَرِيب الْعقب جمع عقبَة وفرادى جمع فَرد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى} وَأسد جمع أَسد وَيجمع أَيْضا على أَسد بِضَمَّتَيْنِ وأسود وآساد الْمَعْنى يَقُول هلا وقفتم فى هَذَا الْموضع وَقد صعدت إِلَيْكُم رجال يتصاعدون إِلَى الْحَرْب أفرادا لَا يقف بَعضهم إِلَى بعض شجاعة وإقداما وثقة لشدتهم وَمثل بَيت الحماسة قَول العنبرى (قَوْمٌ إذَا الشَّرُّ أبْدَى ناجِذَيهِ لَهُمْ ... طارُوا إلَيْهِ زَرَافاتٍ وَوُجْدَان) 35 - الْمَعْنى يُرِيد هلا صَبَرْتُمْ لِأَن هلا للتحضيض ولابد لَهَا من الْفِعْل مظْهرا أَو مضمرا وَمِنْه بَين الْإِيضَاح قَول جرير (تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أفْضَلَ مَجْدِكُمْ ... بَنِى ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِىَّ المُقَنَّعا) أى هلا عددتم الكمى الْمقنع الْغَرِيب روى ابْن جنى بفتاها أى بفارسها وروى غَيره بقناها يُرِيد رماحها وأوقع الْخَبَر عَن الْخَيل وَالْمرَاد أَصْحَاب الْخَيل ويدع مُسْتَقْبل فعل ترك اسْتِعْمَاله الْغَرِيب السلهبة الطَّوِيلَة من الْخَيل الْمَعْنى يُرِيد وصف الْحَال الَّتِى كَانَت فى الزَّمَان الماضى وَأَن الرماح شقَّتْ عَسْكَر أهل الرّوم أَو فرسانها يشقون الصُّفُوف بالطعن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 - الْإِعْرَاب قَالَ الواحدى رِوَايَة كل من قَرَأَ الدِّيوَان (الْجنُود بكم ... ) بِالْبَاء وَالصَّحِيح فى الْمَعْنى لكم بِاللَّامِ لِأَنَّهُ يُقَال عرضت فلَانا لكذا فتعرض لَهُ وَيجوز أَن يكون بكم من صلَة معنى التَّعْرِيض لَا من لَفظه وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا ابتلى الله الْجنُود بكم يعْنى سيف الدولة يَقُول إِنَّمَا خذلهم الله وجعلهم لكم عرضة الْغَرِيب الفسل الدنئ الْعَاجِز من الرِّجَال فسل فسالة وفسولة الْمَعْنى يُرِيد إِن الله عرض لكم الْجنُود الَّذين انْقَطَعُوا وتخلفوا عَن عَسْكَر سيف الدولة وهم الأوباش ليجرد الله عَسْكَر الْإِسْلَام من الأوباش فَيرجع إِلَيْكُم غازيا بالأبطال وذوى النجدة لَيْسَ فيهم دنئ وَلَا ضَعِيف 37 - الْمَعْنى يَقُول كل غَزْوَة بعد هَذِه الْغَزْوَة تكون لَهُ لَا عَلَيْهِ لِأَن الأوباش من عسكره والضعفاء قد قتلوا فَلم يبْق إِلَّا الْأَبْطَال وَهُوَ أَمِير الْغُزَاة وسيدهم وهم أَتْبَاعه 38 - الْغَرِيب تبتدع أى تفعل الشئ من نَفسك بديهة واختراعا من غير تَعْلِيم والابتداع هُوَ الصَّنْعَة من غير تَعْلِيم وَمِنْه {بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض} الْمَعْنى يَقُول غَيْرك من الْمُلُوك يفعل مَا كَانَ يَفْعَله غَيره من حسن وقبيح وَأَنت مبتدئ فِيمَا تفعل لم يسْبق إِلَيْهِ أحد فأفعالك أبكار وَالْمعْنَى أَن الْكِرَام يقتفون آثَار غَيرهم ويتعلمون مِمَّن كَانَ قبلهم وَأَنت تسبق الْكِرَام إِلَى الْأَفْعَال وتخلق أى تصنع مَا تُرِيدُ وَلَو صَحَّ لَهُ أَن يَقُول تقتفى أثار الْكِرَام لَكَانَ أبين فى صناع الشّعْر 39 - الْغَرِيب يشينك يعيبك الضَّرع الضَّعِيف وَالْأُنْثَى الضرعة الْمَعْنى يَقُول وَهل يشينك وَقت أقدمت فِيهِ وأحجم أَصْحَابك وكررت وَعجز أَصْحَابك فَإِن فضلك وَبَان نقصهم وَمن قتل من أَصْحَابك وَأسر من ضعفائهم لَا يعيبك ذَلِك إِذا كنت أَنْت الْفَارِس الشجاع وفى نظم هَذَا الْبَيْت عيب عِنْد الحذاق بصناعة الشّعْر لِأَنَّهُ كَانَ ينبغى لَهُ أَن يَقُول فى صدر الْبَيْت (كنت حازمه ... ) لما قَالَ فى الْعَجز (الْعَاجِز الضَّرع ... ) لِأَن ضد الحازم الْعَاجِز أَو يَقُول فارسه وجبانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 - الْمَعْنى يَقُول من بلغ وَحل فى الْفَضَائِل محلك واشتهر بالشجاعة اشتهارك فتواضعت الشَّمْس عَن مَوْضِعه وَقصر محتدها عَن محتده فَلم يبْق لَهُ فى الشّرف غَايَة يبلغهَا فترفعه وَلَا للعيب سَبِيل إِلَيْهِ فيضعه أى لم يكن للنِّهَايَة مَحل يرْتَفع إِلَيْهِ فَلَا يرْتَفع بنصرة أحد وَلَا يتضع بخذلانه لِأَن قدره فَوق كل قدر وشجاعته فَوق كل شجاعة وَفِيه نظر إِلَى قَول زُهَيْر (لوْ كانَ يقعُدُ فوْق الشَّمسِ مِنْ كَرَمٍ ... قَوْمٌ بآبائهِ أوْ مَجْدِهِمْ قَعَدُوا) وفى عَجزه نظر إِلَى قَول أَبى دلف (فَمَا تَرْفَعُنِى حالٌ ... وَلا تَخْفِضُنِى حالُ ... ) 41 - الْغَرِيب الْكر الْإِقْدَام فى الْحَرْب مُدَّة بعد أُخْرَى والأعقاب جمع عقبَة والشيع الأشياع وهم جمع شيعَة يُقَال شيع وشيعة وأشياع وَمن شيعَة الإِمَام على عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْكُمَيْت (وَما لِىَ إِلَّا آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ ... وَما لِىَ إلاَّ مَذْهَبَ الحَقّ مَذْهَبْ) الْمَعْنى يَقُول إِذا أفرده أَصْحَابه فى هَذَا الْيَوْم لم تسلمه شجاعته وإقدامه فى الْأَعْدَاء بل امْتنع بإقدامه وَكره على أعدائه وَقيل الأعقاب جمع عقب بِمَعْنى الآخر وَمثله للطائى (مَا غابَ عَنْهُ مِنَ الإِقْدَامِ أشْرَفُهُ ... فِى الرَّوْعِ إنْ غابَتِ الأنْصَارُ والشِّيَعُ) 42 - الْغَرِيب الدنئ الخسيس وَهُوَ مَهْمُوز قَالَ أَبُو الْفَتْح قلت لَهُ عِنْد الْقِرَاءَة عَلَيْهِ أأهمزه قَالَ لَا تهمزه فَقلت لَهُ هُوَ من بَاب المهموز فَقَالَ أَلا ترى الْإِجْمَاع على قَوْله تَعَالَى {أتستبدلون الى هُوَ أدنى بالذى هُوَ خير} بترك الْهمزَة وَقَالَ الشَّاعِر عبيد الله بن الْحر (وَما أَنا بالدَّانِى فآتِى دَنِيَّةً ... وَلَكِنَّنِى يُزْرِى بِىَ الدَّهْرُ عامِرُ) فجَاء بِهِ غير مَهْمُوز وطمع مصدر وَقَالَ أَبُو زيد رجل طمع وَقوم طماعى وطمعاء وطمعون وأطماع الْمَعْنى يَقُول ليتهم يُعْطون الشُّعَرَاء على أقدارهم فى الِاسْتِحْقَاق بفضلهم وعلهم فَلَو كَانُوا هَكَذَا مَا طمع فى عطائهم خسيس وَهُوَ تَعْرِيض بِأَنَّهُ يسويه مَعَ غَيره مِمَّن لَا يماثله فى الْفضل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 - الْغَرِيب حبيك الْبيض أى الطرائق الَّتِى فى السيوف وَأَصله فى السَّمَاء وَإِنَّمَا هُوَ فى السَّيْف اسْتِعَارَة الْوَاحِدَة حبيكة الْمَعْنى يَقُول رضيت من الشُّعَرَاء بِالنّظرِ إِلَى قتالك وَالِاسْتِمَاع إِلَى قراعك لَا غير من غير أَن يباشروا الْقِتَال وَأَنا أباشر الْقِتَال وأضرب مَعَك بِالسَّيْفِ دون غيرى مِمَّن يصحبك من الشُّعَرَاء 44 - الْمَعْنى يَقُول من لم يصدقك بقوله فقد غشك فَإِنَّهُ يظْهر لَك الشجَاعَة والجبن عِنْده وَيظْهر لَك الْجلد والضعف حَقِيقَته فَهُوَ يتعاطى مَا لَيْسَ عِنْده وَأَرَادَ أَن يفرد الْمَنْفَعَة بِالصّدقِ ليَصِح معنى الْبَيْت قَالَ ابْن وَكِيع لَو قَالَ (من كَانَ مِنْك بِغَيْر الصدْق ... ) لسلم من الِاعْتِرَاض وَقَالَ الواحدى معنى الْبَيْت يَقُول من لم يصدقك فقد غشك وَالْمعْنَى إنى قد صدقتك فِيمَا ذكرت لأنى لَو لم أصدقك كنت قد غششتك قَالَ وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى إِن من غشك بتخلفه عَنْك فقد أباحك أَن تغشه فى معاملتك إِيَّاه وَجعل مَا يَفْعَله سيف الدولة غشا لِأَنَّهُ جَزَاء الْغِشّ وَقَوله على هَذَا (بِغَيْر الصدْق ... ) أى بِغَيْر صدق الله اللِّقَاء يعْنى بِالنّظرِ وَالسَّمَاع وَهُنَاكَ معنى آخر وَهُوَ أَنه يَقُول لَهُ لقد غشك من انتفاعك مِنْهُ بِغَيْر الصدْق يعْنى الشّعْر الذى أحْسنه أكذبه دون الْحَرْب هَذَا كَلَامه 45 - الْغَرِيب المصطاف والمرتبع الْمنزل فى الصَّيف وَالربيع الْمَعْنى يَقُول الدَّهْر معتذر إِلَيْك مِمَّا غدر بك فى قتل الرّوم الضُّعَفَاء من أَصْحَابك وَالسيف منتظر كسرتك عَلَيْهِم فيشفيك مِنْهُم وأرضهم لَك منزل صيفا وربيعا وصدره من قَول الطائى (عَضْبا إذَا سَلَّهُ فِى وَجْهِ نائِبَةٍ ... جاءَتْ إلَيْهِ صُرُوفُ الدَّهْرِ تعتَذِرُ) وعجزه من قَول الطائى أَيْضا (وأقَمْتَ فِيها وَادِعا مُتَمَهِّلاً ... حَتَّى ظَنَنَّا أنَّها لَكَ دَارُ) 46 - الْغَرِيب نصران ونصرانى وَاحِد ونصرانية تأنيثه وهم قوم منتسبون إِلَى ناصرة قيل هى مَدِينَة وَقيل هى مَوضِع والأعصم الوعل الذى فى إِحْدَى يَدَيْهِ بَيَاض وفى رجلَيْهِ والصدع الوعل بَين الوعلين لَا بالمسن وَلَا بالصغير الْمَعْنى يَقُول النَّصَارَى اعتصامهم بجبالهم وهى لَا تعصمهم وَلَا تحميهم وَلَو أَن أوعالها تنصرت واحتمت بهَا مِنْهُ لم تحمها وَلم تمنعها مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 - الْغَرِيب الامتصاع والمماصعة شدَّة القراع بِالسُّيُوفِ وبلوتك اخبترتك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {هُنَالك تبلو كل نفس مَا أسلفت} أى تختبر فى قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى تتلو بتاءين من التِّلَاوَة الْمَعْنى يَقُول لم أمدحك على إقدامك وثبوتك فى الْحَرْب إِلَّا بعد الاختبار والتجربة عِنْد الْقِتَال للأبطال وَالْمعْنَى مَا بلغت حَقِيقَة وصفك مَعَ مَا شاهدته من ثباتك والأهوال الَّتِى جمعتنى مَعَك حَتَّى بلوتك والأبطال تجالد بِالسُّيُوفِ 48 - الْغَرِيب الْخرق الطيش والخفة وَقيل الدهش من الْخَوْف أَو الْحيَاء والزمع رعدة تعترى الشجاع من الْغَضَب الْمَعْنى يُرِيد أَن الظَّن يُخطئ فقد يرى من بِهِ دهش وخفة شجاعا وَقد يرى من تعتريه رعدة من غضب جَبَانًا وَأَنا قد تحققت من أَمرك بالتجربة فَإِذا مدحتك بعد اختبارى فَلَا أخطئ وَلَا أكذب 49 - الْإِعْرَاب رفع كل على الِابْتِدَاء والسبع الْخَبَر وأضمر فى لَيْسَ اسْما تَقْدِيره الشَّأْن والابتداء وَخَبره فى مَوضِع خبر لَيْسَ وَقد جَاءَ من الْعَرَب مثله تَقول لَيْسَ خلق الله مثله فتضمر الشَّأْن والقصة وَلَوْلَا ذَلِك لما ولى لَيْسَ وهى فعل آخر وَهُوَ خلق لِأَن الْأَفْعَال لَا يلى بَعْضهَا بَعْضًا وَقد ذكر مثل هَذَا سِيبَوَيْهٍ فى كِتَابه وأنشدوا الحميد الأرقط (فأصْبَحُوا والنَّوَى عالى مُعَرَّسِهِمْ ... وَلَيْسَ كُلَّ النَّوَى تُلْقِى المَساكِينُ) فنصب كل بتلقى وأضمر اسْم لَيْسَ فِيهَا الْغَرِيب المخلب للطير وَالسِّبَاع بِمَنْزِلَة الظفر للْإنْسَان الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كل من يحمل السِّلَاح شجاعا وَلَا كل ذى مخلب سبعا يفترس بِهِ بل يُوجد ذَوَات مخالب والسبع يفضلها وَكَذَا سيف الدولة يتزيون بشكله ويشاركونه فى لبس السِّلَاح وَلَكنهُمْ يقصرون عَن فعله وَعَما يبلغ بالسلاج من الْبَطْش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 - 1 - الْإِعْرَاب حشاشة نفس ابْتِدَاء الظاعنين يرْوى على الْجمع يُرِيد النَّفس والأحباب الْمَعْنى يَقُول بَقِيَّة نفس ودعتنى وفارقتنى يَوْم فارفتنى الْأَحِبَّة فَذَهَبت الْبَقِيَّة والحبيب فَبَقيت حائرا لَا أدرى أى المرتحلين أودع النَّفس أم الْأَحِبَّة وَكِلَاهُمَا مرتحل وَهُوَ من قَول بشار (حَدَا بَعْضُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَبَعْضُهُمْ ... شِمالاً وَقَلْبِى بَيْنَهُمْ مَتَوَزّعُ) 2 - الْغَرِيب الآماق جمع مؤق وَهُوَ طرف الْعين الذى يلى الْأنف والسم يُرِيد بِهِ الِاسْم وَفِيه لُغَات بالحركات الثَّلَاث فى السِّين وَتَخْفِيف الْمِيم الْمَعْنى لما أشاروا إِلَيْنَا بِالسَّلَامِ جدنا بأنفس تسيل من الجفون تسمى دموعا وهى أَرْوَاحنَا سَالَتْ من عيوننا فى صُورَة الدمع وَمثل هَذَا (خَلِيلَىَّ لَا دَمْعاُ بَكَيْتُ وَإنَّمَا ... هِىَ الرُّوحُ مِنْ عَيْنِى تَسِيلُ عَلى خدّى) وَمثله لبشار (ولَيسَ الَّذِي يَجْرِى مِنَ العَيْنِ ماؤُها ... وَلَكِنَّها رُوحِى تَذُوبُ فَتَقْطُرُ) وَقَالَ الديك (ليسَ ذَا الدَّمْعُ دَمْعُ عَيْنِى وَلَكِنْ ... هِىَ نَفْسِى تُذِيبُها أنْفاسِى) وَلابْن دُرَيْد (لَا تَحْسَبُوا دَمْعِى تَحَدَّرَ إنَّها ... رُوحِى جَرَتْ فِى دَمْعِىَ المُتَحَدّرِ) 3 - الْإِعْرَاب ترتع فِيهِ ضمير الْمخبر عَنهُ وأفرد الْخَبَر لِأَن الْعَينَيْنِ وهما عضوان مشتركان فى فعل وَاحِد مَعَ انفاقهما فى التَّسْمِيَة يجرى عَلَيْهِمَا مَا يجرى على أَحدهمَا أَلا ترى أَن كل وَاحِدَة من الْعَينَيْنِ لَا تكَاد تنفر بِالرُّؤْيَةِ دون الْأُخْرَى فاشتراكهما فى النّظر كاشتراك الْأُذُنَيْنِ فى السّمع والقدمين فى المشى وَقد اسْتعْمل هَذَا الْبَاب على أَرْبَعَة أوجه أَحدهَا على الْحَقِيقَة فى الْخَبَر والمخبر عَنهُ فَتَقول عيناى رأتاه وأذناى سمعتاه والثانى أَن تخبر عَن اثْنَيْنِ وَتفرد الْخَبَر كبيت أَبى الطّيب فَتَقول عيناى رَأَتْهُ وَالثَّالِث أَن تخبر عَن اثْنَيْنِ بِوَاحِد وَتفرد الْخَبَر فَتَقول عينى راته وأذنى سمعته وَالرَّابِع أَن تعبر عَن اثْنَيْنِ بِوَاحِد وتثنى الْخَبَر حملا على الْمَعْنى فَتَقول عينى رأتاه وأذنى سمعتاه كَقَوْل الشَّاعِر (أذا ذَكَرَتْ عَيْنِى الزَّمَان الَّذِى مَضَى ... بِصَحْرَاءِ فَلْجٍ ظَلَّتا تَكِفانِ) الْغَرِيب ترتع تلهو وتلعب وتنعم وإبل رتاع جمع راتع وأرتع الْغَيْث أنبت مَا ترتع فِيهِ الْإِبِل وَقوم مرتعون والموضع مرتع وَيُقَال خرجنَا نرتع وَنَلْعَب أى ننعم ونلهو وَقَرَأَ نَافِع والكوفيون (يَرْتَعْ ويَلْعَبْ ... ) بِالْيَاءِ فيهمَا وَكسر الحرميان الْعين من يرتع جعلاه من الرعى الْمَعْنى يَقُول الحشا وَهُوَ مَا فى دَاخل الْجوف وَالْمرَاد الْفُؤَاد فى جمر شَدِيد التوقد لأجل توديعهم وفراقهم وعيناى ترتعان فى رياض الْحسن من وَجه الحبيب وَهُوَ من قَول عبد الله بن الدمينة (غَدَتْ مُقْلَتِى فِى جَنَّةٍ مِنْ جَمالِهَا ... وَقَلْبِى غَدَا مِنْ هَجْرِها فى جَهَنَّم) وَأَخذه الطائى فَقَالَ (أفِى الحَقّ أنْ يُضْحىِ بقَلْبِى مَأْتَمٌ ... مِن الشَّوْق والبَلْوَى وعيْنِى فى عُرْسِ) وَأَخذه الرضى فَقَالَ (فالقَلْبُ فى مأْتَمٍ والعَيْنُ فى عُرُسِ ... ) وَنَقله أَبُو الْحسن التهامى عَن الْغَزل فَقَالَ (إنّى لأَرْحَمُ حاسِدِىَّ لِعِلْمِ مَا ... ضَمَّتْ ضَمائِرُهُمْ مِنَ الأوْغارِ 1) (نظَرُوا صَنِيعَ اللهِ بى فَعُيُونُهُمْ ... فى جَنَّةٍ وَقُلُوبُهُمْ فى نارِ) ولخالد الْكَاتِب (قالُوا نَرَاكَ سَقِيماً ... فَقُلْتُ مِنْ مُقْلَتَيْهِ) (فِى النَّارِ قَلْبِى وَعَيْنِى ... فِى الرَّوْضِ مِنْ وَجْنَتَيْهِ) وَلآخر (وكانَ طَرْفِى مِنْهُ فِى جَنَّةٍ ... وكانَ فِى قَلْبِى مِنهُ نارُ) الحديث: 139 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 - الْغَرِيب أوشكت قاربت والوشيك الْقَرِيب السَّرِيع الْمَعْنى يَقُول قد حملنَا من الْفِرَاق مَا لَو كلفته الْجبَال لقاربت أَن تتصدع وَهَذَا من قَول البحترى (وأكْتُمُ مَا بى مِنْ هَوَاكِ وَلوْ يُرَى ... عَلى جَبَلٍ صَلْدٍ إِذن لَتَقَطَّعا) وَلآخر (صَبرْتُ على مَا لَوْ تَحَمَّلَ بَعْضَهُ ... جِبالُ شَرَوْرَى أوْشَكَتْ تَتصَدَّعُ) وَلآخر (وَلَوْ أنَّ الجِبال فَقَدْنَ إلْفا ... َلأََوْشكَ جامِدٌ مِنْها يَذُوبُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره أفديها بِمَا بَين جنبى يُرِيد روحه وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد هى مُطَالبَة بتلاف روحى الَّتِى بَين جنبى الْغَرِيب الدياجى جمع ديجوج وَالْقِيَاس دياجيج إِلَّا أَنهم خففوا الْكَلِمَة بِحَذْف الْجِيم الْأَخِيرَة كمكوك ومكاك والخلى الخالى من الْهوى والهم وهجع نوم والهجوع النّوم لَيْلًا والتهجاع النومة الْخَفِيفَة قَالَ أَبُو قيس بن الأسلت (قَدْ حَصَّتِ البَيْضَةُ رأسِى فَمَا ... أطْعَمُ نَوْما غَيْرَ نَهْجاعِ) والهجعة النومة الْخَفِيفَة أَيْضا الْمَعْنى يَقُول بِمَا بَين جنبى يُرِيد نَفسه وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (أعدى عَدو لَك الَّتِى بَين جنبيك ... ) يُرِيد النَّفس أى أفدى بنفسى الحبيبة الَّتِى خَاضَ طيفها إِلَى فَقطع الظلمَة حَتَّى وافانى والخليون من الْمحبَّة نوم فَإِن قيل فقد كَانَ هُوَ نَائِما حَتَّى رأى طيفها قُلْنَا يجوز أَن تكون غلبته نومَة خَفِيفَة فَرَأى طيفها لِأَنَّهُ إِذا كَانَ فى الْيَقَظَة لَا يَخْلُو قلبه من ذكرهَا وخيالها فَلَمَّا غلبته النعسة رَآهَا وَأَرَادَ بهجع أَنهم نوم كل اللَّيْل فهم لَا يعْقلُونَ وَلَا هم مزعج من الْمحبَّة يمنعهُم الْمَنَام كَمَا يمنعهُ فَلم يبْق فى الْكَلَام تضَاد لِأَن بَين نومهم ونومه فرقا كَبِيرا 6 - الْإِعْرَاب زَائِرًا جال وَقَالَ الربعى هُوَ مفعول أَتَت وَهُوَ // حسن // إِذا أمكن أَن يكون المتنبى زَائِرًا لَا مزورا لِأَنَّهُ الذى يأتى بالطيف لشدَّة تفكره فى الْيَقَظَة حَتَّى إِنَّه إِذا أغفى يرى الطيف فَكَأَنَّهُ هُوَ الزائر وَقَالَ الواحدى قيل هُوَ من الزئير وَقيل هُوَ نعت لمَحْذُوف أى أَتَت خيالا زَائِرًا وَذكره لِأَنَّهُ أَرَادَ الطيف الْغَرِيب خامره خالطه ولصق بِهِ يتضوع يفوح وَقيل يتفرق الْمَعْنى يَقُول زارت وهى لم تتعطر بِطيب وَلَا لصق بهَا وكالمسك أى يفوح من ثِيَابهَا كالمسك لِأَنَّهَا طيبَة الرَّائِحَة طبعا لَا تطبعا وَهُوَ مَنْقُول من قَول امْرِئ الْقَيْس (ألَمْ تَرَيانِى كُلَّما جِئْتُ طارِقا ... وَجَدْتُ بِها طِيبا وَإنْ لَمْ تَطَيَّبِ) أى لِأَن طيبها خلقَة فِيهَا لَا تتكلفه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 - الْغَرِيب أعظمته إعظاما واستعظمته أكبرته واستكبرته والتاع احْتَرَقَ وَمِنْه لوعة الْحبّ واللوعة الحرقة الْمَعْنى يُرِيد أَنه استعظم خيالها لما رَآهَا فنفى نَومه عَنهُ وَاحْتَرَقَ فُؤَاده لفقد رؤيتها والضميران المؤنثان فى لَهَا وَبهَا يعودان على الحبيبة لِأَنَّهُ لما رأى خيالها والخيال هِيَ أنث على الْمَعْنى 9 - الْأَعْرَاب يُرِيد ماكان أطولها فَحذف لإِقَامَة الْوَزْن وَمثله قَول الْحصين ابْن حمام (وَجاءَتْ جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها ... وَجمْعُ عَوَالٍ مَا أدَقَّ وألأَمَا) يُرِيد مَا أدقهم وألأمهم الْغَرِيب الأفاعى جمع أَفْعَى وَهُوَ الْعَظِيم من الْحَيَّات الْمَعْنى يَقُول مَا كَانَ أطولها من لَيْلَة وهى الَّتِى فارقنى خيالها فِيهَا فتجرعت من مراراتها مَا يكون السم بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ عذَابا // وَهَذَا مُبَالغَة // 10 - الْمَعْنى الزم الطَّاعَة والانقياد فى الْقرب والبعد وَارْضَ وَسلم لفعلها فَهَذَا من عَلامَة الْحبّ وَقد أكثرت الشُّعَرَاء من هَذَا الْمَعْنى فَمِنْهُ قَول أَبى نواس (سنة العشاق وَاحِدَة ... فَإِذا أَحْبَبْت فاستكن) وَقَوله (كُنْ إذَا أحْبَبْتَ عَبْداً ... لِلَّذِى تَهْوَى مُطِيعاَ) (لَنْ تَنالَ الوَصْلَ حَتَّى ... تُلْزِمَ النَّفْسَ الخُضُوعا) وَقد يُقَارِبه قَول البحترى (وَتَذَلَّلْتُ خاضِعا لِمَلِيكِى ... وَقَلِيلٌ مِنْ عاشِقٍ أنْ يَذِلاَّ) وَلَقَد أحسن الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف بقوله (تَحَمَّلُ عَظِيمَ الذَّنْبِ مِمَّنْ تَحِبُّهُ ... وَإنْ كُنْتَ مَظْلُوما فَقُلْ أَنا ظالِمُ) (فإنَّكَ إنْ لم تَحْمِلِ الذَّنْبَ فِى الهَوَى ... يُفارِقْكَ مَنْ نَهْوَى وأنفُكَ رَاغِمُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 - الْإِعْرَاب من روى (ثوب مجد ... ) بِالرَّفْع جعله عطفا على قَوْله (فَمَا عاشق ... ) وَمن نَصبه جعله إِضَافَة مُنْفَصِلَة الْغَرِيب اللؤم الذَّم وَالْبخل ومرقع رَوَاهُ ابْن جنى بِالْفِعْلِ الْمَعْنى يَقُول الْمجد خلص لَهُ لَا لغيره من الذَّم وَالْعَيْب ومجد غَيره مشوب بلؤم 12 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح حابى بِمَعْنى حبا مَأْخُوذ من الحباء وَهُوَ الْعَطِيَّة وَاسم الله مَرْفُوع بِهِ وَالْجُمْلَة الَّتِى هى يعْطى فَاعله خبر إِن وَاسم إِن الذى وخولف فى هَذَا فَقيل معنى حابى بارى تَقول حابيت زيدا إِذا باريته مثل باهيته فى الْعَطاء وَلَيْسَ بِمَعْرُوف أَن معنى حابيته بِكَذَا حبوته بِهِ قَالَ الشريف هبة الله بن مُحَمَّد بن على بن مُحَمَّد الشجرى فعلى هَذَا يكون فَاعل حابى مضمرا فِيهِ يعود على الذى وَاسم الله مُرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره الْجُمْلَة تَقْدِيره إِن الذى حابى بِهِ جديلة فى الحباء الله يعْطى بِهِ من يَشَاء ومفعول يمْنَع مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ مفعول يعْطى وَكَذَلِكَ مفعول يَشَاء الْمَذْكُور والمحذوفان تقديرهما يعْطى لله بِهِ من يَشَاء أَن يُعْطِيهِ وَيمْنَع من يَشَاء أَن يمنعهُ والضميران يعودان للممدوح الْغَرِيب أصل حابى فَاعل وَلَا يكون إِلَّا من اثْنَيْنِ إِلَّا فى أحرف يسيرَة طارقت النَّعْل وعاقبت اللص وَعَافَاهُ الله وَقَاتلهمْ الله وَأَبُو الْفَتْح ذهب بهَا مَذْهَب هَذِه الأحرف وَقَالَ حابى بِمَعْنى حبا كَمَا فى قَول أشج يمدح جَعْفَر بن يحيى حِين ولاه الرشيد خُرَاسَان (إنَّ خَراسانَ وَقدْ أصْبَحَتْ ... تَرْفَعُ مِنْ ذى الهِمَّةِ الشَّانا) (لَم يَحْبُ هارُونُ بِها جَعْفَراً ... وإنَّمَا حابَى خُرَاسانا) وَقد جَاءَ حابى بِمَعْنى بارى فى قَول سُبْرَة بن عَمْرو الفقعسى (نُحابِى بِها أكْفاءَنا ونُهينُها ... وَنَشْرَبُ فِى أثَماَنِها وَنُقامِرُ) وَقد جَاءَ أحابى بِمَعْنى أخص فى قَول زهاد (أُحابِى بِهِ مَيْتا بِنَخْلٍ وأبْتَغى ... أخالَكَ بالقَوْلِ الذى أنْتَ قائِلُهْ) يُرِيد أخص بِهَذَا الشّعْر مَيتا وجديلة بن خَارِجَة بن سعد الْعَشِيرَة بن مذْحج وفى مُضر جديلة وَهُوَ ابْن غدوان بن عَمْرو بن قيس بن عيلان بن مُضر وفى ربيعَة جديلة وَهُوَ أَسد بن ربيعَة ابْن نزار الْمَعْنى قَالَ الواحدى الذى حابى بِهِ الله جديلة أى أَعْطَاهُم هَذَا الممدوح وَجعله مِنْهُم فَهُوَ الذى يعْطى بِهِ من يَشَاء وَيمْنَع من يَشَاء لِأَنَّهُ ملك قد فوض الله إِلَيْهِ أَمر الْخلق فى النَّفْع والضر وَهَذَا كَلَامه وَقَالَ فَقَوله (بِهِ الله ... الخ ... ) خبر إِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 - الْإِعْرَاب بذى كرم بدل من قَوْله (بِهِ الله ... ) و (ذمَّة ... ) مَنْصُوب على التميز أوفى صفة مَحْذُوف تَقْدِيره على رَأس رجل أَو فى الْمَعْنى يَقُول مَا مر يَوْم وَلَا طلعت شمس على رجل أَو فى بِالذِّمةِ من هَذَا الممدوح إِشَارَة إِلَى أَنه أَكثر النَّاس وَفَاء وَأكْرمهمْ عهدا وَمثله (مَلِكٌ لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ عَلى ... مِثْلِهِ أوْسَعَ شَيْئا وأعَمّ) 14 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح قَوْله (لدنة ... ) فِيهِ قبح وشناعة وَلَيْسَ هُوَ مَعْرُوفا فى كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَ يشدد إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ نون أُخْرَى نَحْو لدنى ولدنَا هَذَا كَلَامه وَقد يحْتَج لأبى الطّيب فَيُقَال شبه بعض النَّحْوِيين بَعْضهَا بِبَعْض فَكَمَا يُقَال لدنى يُقَال لَدنه بِحمْل أحد الضميرين على الآخر وَإِن لم يكن فى الْهَاء مَا يُوجب الْإِدْغَام من زِيَادَة نون قبلهَا كَمَا قَالُوا يعد فحذفوا الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة ثمَّ قَالُوا أعد ونعد وتعد فحذفوا الْفَاء أَيْضا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُوجب حذفهَا وَيجوز أَن يكون ثقل النُّون ضَرُورَة كَمَا قَالُوا فى الْقطن الْقطن وفى الْجُبْن الْجُبْن وَأنْشد أَبُو زيد (مِثْل الحِمارِ زَادَ فِى سَلْكَنْ 2 ... ) فَزَاد نونا شَدِيدَة وَأنْشد (إنَّ شكْلى وَإنَّ شَكلَكِ شَتَّى ... فالْزَمى الخُصَّ وَاخفِضِى تبْيَضِضِّى) فَزَاد ضادا وَقَالَ سحيم (وَما قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مَيْسَنا ... نَ مَعْجِبَةٌ نَظَراً وَاتِّصَافا) أَرَادَ ميسَان فاضطر فَزَاد نونا وَقَالَ العبدى (وَجاشَتْ مِنْ جِبالِ الصُّغْد نَفْسىِ ... وَجاشَتْ مِنْ جِبالِ خُوَارَزْمِ) أَرَادَ خوارزم فغيرها وَقَالَ الجرجانى لما كَانَت الْهَاء خَفِيفَة وَالنُّون سَاكِنة وَكَانَ من حَقّهَا أَن تتبين عِنْد حُرُوف الْحلق حسن تشديدها لتظهر ظهورا شافيا فَهَذِهِ عِلّة وقرينة تحْتَمل للشاعر تَغْيِير الْكَلَام عِنْدهَا وَالنُّون أقرب الْحُرُوف إِلَى حرفى الْعلَّة الْوَاو وَالْيَاء لِأَنَّهَا تُدْغَم فيهمَا وتبدل مِنْهَا الْألف فى الْوَقْف إِذا كَانَت خَفِيفَة نَحْو يَا حرسى اضربا عُنُقه وَجعلت إعرابا فى الْأَفْعَال الْخَمْسَة نَحْو يفْعَلَانِ وَأَخَوَاتهَا كَمَا جعلت إعرابا فى التَّثْنِيَة وَالْجمع وتحذف إِذا كَانَت سَاكِنة لالتقاء الساكنين فى نَحْو اضْرِب الْغُلَام بِفَتْح الْبَاء فَلَمَّا حلت هَذَا الْمحل احتملت مَا تحتمله من الزِّيَادَة وحروف الْعلَّة أوسع الْحُرُوف تَصرفا وَلِهَذَا أَجَازُوا زِيَادَة الْيَاء فى الصياريف فى قَوْله (تَنْفِى يَداها الحَصَى فِى كُلّ هاجِرَةٍ ... نَفْىَ الدرَاهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ) وَزِيَادَة الْوَاو فى قَوْله (مِنْ حَيْثُ مَا سَلَكُوا أدْنُوا فَأنْظُورُ ... ) يُرِيد فَأنْظر وَزِيَادَة الْألف فى منتزاح من قَوْله (وأنْتَ مِنَ الغَوَائِلِ حِينَ تَرْمى ... وَمِنْ ذَمِّ الرّجال بِمُنْتَزَاحِ) يُرِيد بمنتزح وَقد ذكرنَا لهَذَا التَّشْدِيد كل وَجه سديد كَمَا ذكرنَا الْعلَّة فى إدغام النُّون فى الْجِيم فى قِرَاءَة عبد الله بن عَامر وأبى بكر بن عَيَّاش فى كتَابنَا الموسوم الرَّوْضَة المزهرة فى شرح كتاب التَّذْكِرَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح اسْتعْمل لدن بِغَيْر من وَهُوَ قَلِيل وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعهَا كَمَا جَاءَ فى الْقُرْآن {من لدنى و (من لَدنه} {وَمن لدن حَكِيم عليم} وَقد غَابَ عَن أَبى الْفَتْح قَول الشَّاعِر فِيمَا أنْشدهُ يَعْقُوب (فإنَّ الكُثْرَ أعْيانِى قَدِيما ... وَلمْ أُقْتِرْ لَدُنْ أّنى غُلامُ) وَقَول الآخر (ومَا زِلْتُ مِن لَيْلَى لَدُنْ أنْ عَرَفْتُها ... لَكالهَائمِ المُقْصَى بِكُلّ مُرَادِ) وَقَول القطامى (صَرِيعُ غَوَانٍ رَاقَهُنَّ وَرُقنَهْ ... لَدْنْ شَبَّ حَتَّى شابَ سُودُ الذَّوَائِبِ) وَقَول الْأَعْشَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 (أرَانِىَ لَدُنْ أنْ غابَ قَوْمى كأنَّمَا ... يَرَانِى فِيهِمْ طالِبُ الحَقّ أرْنَبا) الْغَرِيب مَا تسنى أى لَا تزَال وَقَالَ الواحدى هُوَ من الونى وَهُوَ الضعْف فَوَضعه مَوضِع لَا تزَال لِأَنَّهَا إِذا لم تفتر عَن الْقطع يكون الْمَعْنى لَا تزَال تتقطع الْمَعْنى يَقُول أَرْحَام الشّعْر تتصل عِنْده يُرِيد أَنه يقبل الشّعْر ويثيب عَلَيْهِ فَيحصل بَينه وَبَين الشّعْر صلَة كصلة الرَّحِم وَيجوز أَنه يمدح بأشعار كَثِيرَة فتجتمع عِنْده فيتصل بَعْضهَا بِبَعْض كَمَا تتصل الْأَرْحَام وفى انْقِطَاع أَرْحَام الْأَمْوَال وَجْهَان أَحدهمَا انقطاعها عَنهُ بتفريقه فَيصير كَأَنَّهُ قد قطع أرحامها وَالْآخر أَنَّهَا لَا تَجْتَمِع كَذَا نَقله الواحدى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 - الْإِعْرَاب ألف مُبْتَدأ وَأَقل مُبْتَدأ ثَان وَبَعضه مُبْتَدأ ثَالِث وَهُوَ مُضَاف إِلَى ضمير الْأَقَل والرأى خبر عَنهُ وَأجْمع توكيد وَيجوز أَن يكون رَأْيه ابْتِدَاء وَألف جُزْء خَبره مقدما عَلَيْهِ وترتيب الْكَلَام فَتى رَأْيه ألف جُزْء أقل من هَذِه الْأَجْزَاء الْألف بعضه أى بعض الْأَقَل الرأى الذى فى أيدى النَّاس وَقَالَ الواحدى مثل هَذَا قَوْلك زيد أَبوهُ قَائِم الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح لَهُ الرأى الذى لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أحد فَلهُ من الرأى ألف جُزْء وَأَقل جُزْء مِنْهَا بعضه الذى فى أيدى النَّاس كلهم فَالنَّاس يدبرون أَمْوَالهم بِأَقَلّ بعض رَأْيه وَفِيه نظر إِلَى قَول الطائى (لَوْ تَراَهُ يَا أَبَا الحَسَنِ ... قَمَراً أوْفَى علَى غُصُنِ) (كُلُّ جْزْءٍ مِنْ مَحَاسِنِهِ ... فِيهِ أجْزَاءٌ مِنَ الفِتَنِ) 16 - الْإِعْرَاب غمام بدل من فَتى أَو هُوَ فى مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هُوَ فَتى وخلبا خبر لَا كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ هُوَ مقشعا وَلَيْسَ الْبَرْق فِيهِ خلبا الْغَرِيب أقشع أقلع وتفرق والممطر الماطر مطرَت السَّحَاب وأمطرت وَقيل الإمطار فى الْعَذَاب وَكَذَا جَاءَ فى الْكتاب الْعَزِيز كَقَوْلِه تَعَالَى {فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا فسَاء مطر الْمُنْذرين} وَلَيْسَ فى الْقُرْآن لفظ الْمَطَر الذى هُوَ المَاء والغيث إِلَّا فى سُورَة النِّسَاء وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر} وأقشعت السَّمَاء وتقشعت وانقشعت إِذا تفرق السَّحَاب وَذهب والحلب الذى لَا مطر فِيهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ غمام ممطر علينا بالأموال دَائِما فَلَا يقطع عطاءه عَنَّا وَلَيْسَ هُوَ كالغمام الذى يمطر مرّة وينقشع أُخْرَى وَإِذا رجوناه بلغنَا مِنْهُ اوفى مَا نرجو وَإِذا وعد أنْجز الْوَعْد وَضرب الْغَمَام والبرق مثلا وَلما جعله غماما جعل لَهُ الْمَطَر وَجعل برقه صَادِقا بموعوده وَهَذَا عكس قَول البحترى (عَلِمْتُكَ إنْ مَنَّيْتَ مَنَّيْتَ مَوْعِداً ... جَهاما وَإنْ أبْرَقْتَ أبْرَقْتَ خُلَّبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 - الْغَرِيب الْحَاج جمع حَاجَة وَيُقَال حَاجَة وحوج وحاجات وحاج وحوائج على غير قِيَاس كَأَنَّهُ جمع حائجة وَكَانَ الأصمعى يُنكره وَيَقُول هُوَ مولد وَإِنَّمَا أنكرهُ لِخُرُوجِهِ عَن الْقيَاس وَإِلَّا فَهُوَ كثير فى كَلَام الْعَرَب أنشدوا (نَهارُ المَرْءِ أمْثَلُ حِينَ تُقْضَى ... حَوَائجُهُ مِنَ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ) والحوجاء الْحَاجة قَالَ قيس بن رِفَاعَة (مَنْ كانَ فِى نَفْسِهِ حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِنْدِى فإنّى لَهُ رَهْنٌ بأصْحارِ) والمشفع الذى تقضى الْحَاجة بِشَفَاعَتِهِ الْمَعْنى يَقُول إِذا سُئِلَ حَاجَة شفعت نَفسه إِلَى نَفسه فى قَضَائهَا وحسبك بِمن يكون وَهُوَ مسئول شَفِيعًا إِلَى نَفسه وَمثله للخريمى (شَفَعَتْ مَكارِمُهُ لَهُمْ فَكَفَتْهُمُ ... جُهْدَ السُّؤَالِ وَلُطْفَ قَوْلِ المَادِحِ) وَمِنْه قَول حبيب (طَوَى شِيمَا كانَتْ تَرُوحُ وَتَغْتَدِى ... وَسائِلَ مَنْ أعْيَتْ عَلَيْهِ وَسائلُهْ) وَهَذَا الْمَعْنى كثير قَالَ الحطيئة (وَذَاكَ امْرُؤٌ إنْ تَأْتِهِ فِى نَفِيسَةٍ ... إِلَى مالِهِ لَا تَأْتِهِ بشَفِيعِ) ولأبى الْعَتَاهِيَة (فَياجُودَ مُوسَى ناجِ مُوسَى بِحاجَتِى ... فَمَا لى سِوَى مُوسَى إلَيْهِ شَفيعُ) وَلابْن الرومى (أَبَا الصَّقْرِ مَنْ يَشْفَعْ إلَيْكَ بِشافِعٍ ... فَمَا لى سِوَى شِعْرِى وجُودِكَ شافِعُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 - الْغَرِيب خبت النَّار سكن لهبها والبنان الْأَصَابِع والأسمر يُرِيد الْقَلَم وَجعله أصلع لملاسته كالرأس الأصلع الذى لَا نبت فِيهِ الْمَعْنى يَقُول كل نَار حَرْب من غير يَده وقلمه فهى مطفأة لَا تطول مدَّتهَا وَيرد أَن الْحَرْب إِذا أضرمها هُوَ فَإِنَّهَا لَا تنطفئ لقُوَّة عزمه وتسديد رَأْيه وَشدَّة نَفسه وعلو همته 19 - الْإِعْرَاب نحيف نعت الأسمر الْغَرِيب الشوى الْأَطْرَاف اليدان وَالرجلَانِ وَالرَّأْس والشوى جمع شواه وهى جلدَة الرَّأْس وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {نزاعة للشوى} وَقَرَأَ حَفْص {نزاعة للشوى} نصبا على الْحَال وَكَيف دَقِيق وَأم الرَّأْس أَصله وَقيل وَسطه الْمَعْنى يُرِيد أَن الْقَلَم دَقِيق خلقته وَهُوَ يعدو على رَأسه فَإِذا كل أى حفى من الْكِتَابَة قطع راسه بالقط فيقوى عدوه أى يحسن الْخط بِهِ بعد القط والقلم يعبر عَن ضمير الْكَاتِب وَقد قيل الْقَلَم أنف الضَّمِير إِذا رعف كشف أسراره وَأَبَان آثاره وَهَذَا مَنْقُول من قَول العقيلى (فإنْ تَخَوَّفْتَ مِنْ حَفاهُ فَخُذْ ... سَيْفَكَ فاضْرِبْ قَفا مُقَلَّدِهِ) (فإنَّهُ إنْ قَطَعْتَ أجْوَدَهُ ... عادَ نَشِيطا بِقَطْعِ أجْوَدِهِ) 20 - الْغَرِيب يمج يقذف الْمَعْنى يَقُول هُوَ يقذف الظلام يُرِيد المداد فى نَهَار يُرِيد القرطاس وَلسَانه طرفه المحدد وَيفهم عَمَّن قَالَ أَي يعبر عَن الْكَاتِب وَلم يسمع مِنْهُ لفظا أى إِن هَذَا الْقَلَم يعبر عَمَّا يُريدهُ الْكَاتِب من غير سَماع مِنْهُ وَهَذَا مَنْقُول من قَول حبيب (أحَدُّ اللَّفْظِ يَنْطِقُ عَنْ سِوَاهُ ... فَيُفْهِمُ وَهْوَ لَيْسَ بِذى سَماعِ) وَمثله (إِذا عَلِقَتْ يُمْناهُ ظَهْرَ ابْنِ حامِلٍ ... وأرْسَلَ لَيْلاً فِى نَهارٍ مُكوَّرَا) 21 - الْإِعْرَاب ضريبة تَمْيِيز الْغَرِيب الحسام من الحسم وَهُوَ الْقطع والضريبة الْمَضْرُوب كالرمية اسْم للرمى الْمَعْنى يَقُول إِن الْقَلَم أفضل من السَّيْف لِأَن الْمَضْرُوب بِالسَّيْفِ قد ينجو إِن نبا عَن الْمَضْرُوب وَعصى الضَّارِب والمضروب بالقلم لَا ينجو إِذا كتب بالقلم قَتله فالقلم أطوع من السَّيْف لصَاحبه لِأَنَّهُ لَا يرجع عَن مُرَاد الْكَاتِب بِهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (لَعَمْرُكَ مَا السَّيْفُ سَيْفُ الكَمِىَّ ... بأنْفَذَ مِنْ قَلَمِ الْكاتِبِ) قَالَ الواحدى كَانَ حَقه أَن يَقُول ذُبَاب الحسام لكنه أَقَامَ النكرَة مقَام الْمعرفَة من غير ضَرُورَة كَقَوْلِه أعق من ضَب وَهَذَا تكلّف لَا حَاجَة لنا إِلَيْهِ لِأَن الْمعرفَة والنكرة فِيهِ سيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 - الْغَرِيب البراعات جمع براعة وهى الْكَمَال فى الفصاحة الْمَعْنى يَقُول كل لَفْظَة يتَلَفَّظ بهَا أصل من أصُول البراعة وهى كَمَال الفصاحة وَالنَّاس يبنون كَلَامهم عَلَيْهَا وَأَرَادَ تَجِد كل لَفْظَة من قَوْله فَحذف للْعلم بِهِ 23 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وهى فى مَوضِع رفع صفة لأسمر وأجرى أسمر مجْرى الْأَسْمَاء أَو صفة للقلم الذى أسمر صفته وَالْأول أولى وفصيح نعت لقَوْله فى الْبَيْت الْمُقدم (أسمر عُرْيَان ... ) وَمثله قَول ابْن الرومى (خِرْقٌ يَعُمُّ وَلا يُخَصُّ بِفَضْلِهِ ... كالغَيْثِ فِى الإِطْباقِ كُلَّ مَكانِ) 24 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الصَّحِيحَة المَاء بِالرَّفْع وهى فَاعل يفنى قَالَ ابْن القطاع يفنى المَاء بِالنّصب أى يَتَّخِذهُ فنَاء يُقَال فنيت الْمَكَان وبالمكان إِذا أَقمت بِهِ والفعلان على رِوَايَة ابْن القطاع من يشتق ويفنى للحوت والضفدع الْغَرِيب الضفدع الفصيح بِكَسْر الضَّاد وَفتح الدَّال وَقد جَاءَ بِكَسْرِهَا وَهُوَ دويبة من دَوَاب المَاء مَعْرُوف والحوت مَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ بَحر جوده كبحر المَاء الذى يغوص فِيهِ الْحُوت والضفدع حَتَّى يبلغَا قَعْره وَإِنَّمَا هُوَ بَحر لَا نَفاذ لَهُ وَلَا يبلغ منتهاه يُرِيد أَنه لَا يَنْقَطِع جوده 25 - الْإِعْرَاب أبحر هُوَ اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار الْغَرِيب المعتفون السائلون عفاه واعتفاه إِذا أَتَاهُ سَائِلًا والزعاق الشَّديد الملوحة الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد أَن يفضل الممدوح على الْبَحْر يَقُول لَيْسَ بَحر يضر من ورده بِالْغَرَقِ وَهُوَ مر الطّعْم لَا يُمكن شربه كبحر ينفع الواردين بالعطاء وَلَا يضرهم وَلَو قَالَ ينفع وَلَا يضر لَكَانَ حسنا حَتَّى لَا يتَوَهَّم نفى الضّر والنفع جَمِيعًا لكنه قدم لَا يضر لإِثْبَات القافية قَالَ ابْن جنى وَهَذَا فِيهِ قبح لِأَن الْمَشْهُور عِنْدهم أَن ينْسب الممدوح إِلَى الْمَنْفَعَة للأولياء والضر للأعداء كَقَوْل الشَّاعِر (وَلكِنْ فَتى الفِتْيانِ مَنْ رَاحَ وَاغْتَدى ... لِضُرّ عَدُوّ أوْ لِنَفْعِ صَديقِ) وكقول الآخر (إذَا أنْتَ لَمْ تَنْفَعْ فَضُرَّ فَّإنَما ... يُرَجَّى الْفَتى كَيْما يَضُرَّ وَيَنْفَعا) وَقَالَ أَبُو على بن فورجة أَبُو الطّيب قَالَ (أبحر يضرّ المعتفين ... ) فخصص فِي المصراع الأول فَعلم من لَفظه أَنه أَرَادَ كبحر لَا يضر المعتفين لِأَنَّهُ خصص فى أول الْكَلَام وَلَا يكون آخر الْكَلَام خَارِجا عَن أَوله قَالَ الواحدى وَهُوَ على مَا قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الصَّحِيحَة فى الدَّقِيق بلام التَّعْرِيف وَهُوَ // حسن // فى الْإِضَافَة كالجميل الْوَجْه والطويل الذيل لِأَن الدَّقِيق نعت لمَحْذُوف تَقْدِيره يتيه الرجل الدَّقِيق الْفِكر أَلا ترَاهُ يَقُول وَهُوَ مصقع وَهُوَ نعت للرجل لَا للفكر وَمن رَوَاهُ دَقِيق الْفِكر جعله نعتا للفكر تَقْدِيره يتيه الدَّقِيق من الأفكار وَالْأول أبلغ فى الْمَعْنى الْغَرِيب الْغَوْر الْمُنْتَهى والقعر وَالضَّمِير للبحر والتيار الموج والمصقع الفصيح البليغ لِأَنَّهُ يَأْخُذ فى كل صقع من الْكَلَام والدقيق الْفِكر الْفَهم الذى يدق فكره وخاطره إِذا تفكر الْمَعْنى أَن هَذَا الممدوح بَحر عميق القعر لَا يصل أحد إِلَى قَعْره فيتيه فى صِفَاته الواصفون وَلَا يبلغون النِّهَايَة وَلَا يصفونه بقول فصيح 27 - الْغَرِيب القيل هُوَ الْملك من مُلُوك حمير وَجمعه أقيال ومنبج بلد بِقرب الْفُرَات من أَرض الشَّام والسماكان الرمْح والأعزل وتوضع من الإيضاع وَهُوَ السّير السَّرِيع الْمَعْنى يَقُول أَنْت ملك لمنبج وهمتك تسرع فَوق النُّجُوم وَهُوَ من قَول العطوى (إنْ كنْتُ أصْبَحْتُ لابِسا سَمَلاً ... فَهِمَّتِى فَوْقَ هامَةِ المَلِكِ) وللتنوخى (وَرُبَّ نَفْسٍ مَسْكُها مَا بَيْنَنا ... وَهَمُّها فَوْقَ السَّماكِ والسُّها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 - الْإِعْرَاب عجيبا خبر لَيْسَ وَاسْمهَا أَن وصفك وَتقدم الْخَبَر فى مثل هَذَا هُوَ الصَّوَاب لِأَن أَن مُبْتَدأ وَتقدم خَبَرهَا تَقول تَقول فى الدَّار أَنَّك قَائِم وأليس اسْتِفْهَام تَقْرِير وَمِنْه قَول جرير (ألَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا ... وأنْدَى العالَمِينَ بُطُونَ رَاح) الْغَرِيب ظلعت الدَّابَّة إِذا عرجت من يَدهَا أَو رجلهَا ودابة ظالع عرجاء بالظاء ودابة ضليع بالضاد سَمِينَة الْمَعْنى يَقُول أَلَيْسَ من الْعجب أَنى مَعَ جودة خاطرى وبلاغتى أعجز عَن وصفك وَلَا يبلغ ظنى معاليك فإنى لَا أدْركهَا لكثرتها 29 - الْإِعْرَاب رفع صدرك استئنافا وَهُوَ مبتدأوالظرف ومعموله الْخَبَر الْمَعْنى يَقُول أَلَيْسَ من الْعجب أَنَّك فى ثوب وَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله أَن وصفك أى وصدرك فيكما أى فى الثَّوْب وفى جسدك وَأَنه أوسع من وَجه الأَرْض وَمثله لِابْنِ الرومى (كَضمِيرِ الْفُؤَادِ يَلْتَهِمُ الدُّنْيا ... وَتحْوِيهِ دَفَّتا حَيْزُومِ) وَمثله لِابْنِ المعتصم فى مرثية (يَا وَاسعَ المَعْرُوفِ هَلْ وَسِعَ الثَّرَى ... فِى الأرْضِ صَدْرَكَ وَهْوَ مِنْها أوْسَعُ) ولأبى تَمام (وَرُحْبَ صَدْرٍ لوَ أنَّ الأرْضَ وَاسِعةٌ ... كَوُسْعِهِ لَمْ يَضِقْ عَنْ أهْلِهِ بَلَدُ) 30 - الْإِعْرَاب من روى وقلبك بِالرَّفْع جعله ابْتِدَاء وَمن نَصبه عطفه على اسْم إِن فِيمَا قبله الْمَعْنى يَقُول قَلْبك قد أحاطت بِهِ الدُّنْيَا وَهُوَ فِيهَا من جملَة مَا فِيهَا وَلَو دخلت الدُّنْيَا بالإنس وَالْجِنّ لضلت فِيهِ وَلم تدر كَيفَ ترجع مِنْهُ وَالضَّمِير فى درت للدنيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 - 31 - الْإِعْرَاب غَيْرك مَنْصُوب لِأَنَّهُ تقدم على الْمُسْتَثْنى كَقَوْل الْكُمَيْت (فَمَا لىَ إلاَّ آلَ أحمَدَ شِيعَةٌ ... وَمالَى إلاَّ مَذْهَبَ الحَقّ مَذْهَبُ) وكما تَقول مَا فى الدَّار غير الْحَارِث أحد الْغَرِيب السَّمْح الذى يسمح بِمَالِه فَلَا يبخل على أحد الْمَعْنى يُرِيد أَن كل جواد سواك بَاطِل بِالْإِضَافَة إِلَيْك وكل مديح مدح بِهِ غَيْرك فَهُوَ ضائع لِأَنَّهُ فِيمَن لَا يستوجبه وَلَا يسْتَحقّهُ بِحَال من الْأَحْوَال وَهُوَ من قَول ابْن الرومى (وكلُّ مَدِيحٍ لَمْ يَكُنْ فىِ ابْنِ صاعِدٍ ... وَلا فِى أبِيهِ صَاعِدٍ فَهْوَ هابِطُ) 1 - الْغَرِيب الهجوع النّوم الْمَعْنى يُرِيد أَن شوقى نفى عَنى لذيذ الْمَنَام وَلما فَارق الحبيب أَقَامَ الشوق فى قلبى لَيْسَ لَهُ عَنى انْتِقَال 2 - الْغَرِيب الصراة نهر يَأْخُذ من الْفُرَات فينسكب فى دجلة بَينه وَبَين بَغْدَاد يَوْم وَآخره عِنْد بَاب الْبَصْرَة وَمحله بِبَغْدَاد بالجانب الغربى وَغلط فى تَفْسِيره الواحدى فَقَالَ هُوَ نهر يتشعب من الْفُرَات فَيصير إِلَى الْموصل ثمَّ إِلَى الشَّام ورقرق المَاء إِذا صبه وَكَذَا الدمع الْمَعْنى يُرِيد أَن حَبِيبه على نهر الصراة مُقيم فَلهَذَا قَالَ أَو مَا وجدْتُم ملوحة لِأَن دمع الْحزن ملح ودمع الْفَرح حُلْو كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح 3 - الْمَعْنى قَالَ ابو الْفَتْح كنت أكره الْوَدَاع فَلَمَّا تطاول الْبَين أسفت أى حزنت على التوديع لما يَصْحَبهُ من النّظر والشكوى والبث قَالَ الواحدى لم أزل أحذر من وداعك خوف الْفِرَاق وَأَنا أشتاق الْآن إِلَى التوديع وأتأسف عَلَيْهِ لأنى لقيتك عِنْد الْوَدَاع فأتمنى ذَلِك لألقاك الحديث: 140 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 - 4 - الْإِعْرَاب أتبعته وتبعته قَالَ الْأَخْفَش هُوَ بِمَعْنى كَمَا تَقول ردفته وأردفته وَقَالَ غَيره تبِعت الْقَوْم إِذا مشيت خَلفهم أَو مروا بك فمضيت مَعَهم وَكَذَا أتبعتهم وَهُوَ من بَاب افتعلت وأتبعت الْقَوْم على أفعلت إِذا كَانُوا قد سبقوك فلحقتهم وأتبعت أَيْضا غيرى يُقَال أتبعته الشئ فَتَبِعَهُ وَاخْتلف الْقُرَّاء فى قَوْله تَعَالَى {فأتبع سَببا} فَقَرَأَ الثَّلَاثَة الْكُوفِيُّونَ وَابْن عَامر بِقطع الْألف وَالتَّخْفِيف وقرأه الْبَاقُونَ بالوصل وَالتَّشْدِيد الْمَعْنى يَقُول أتبعته أى جعلته تعابا لأنفاسى الَّتِى تنفست بهَا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَأَن أنفاسى أتبعت العزاء مشيعة لَهُ فهى مُتَّصِلَة دائمة وَقَالَ برحلتى أى مَعَ ارتحالى كَمَا تَقول سرت بمسيرك أى مَعَك أى فَكَمَا لَا ترجع إِلَى أنفاسى لَا يرجع إِلَى صبرى فَمَعْنَاه ارتحل الصَّبْر عَنى بارتحالكم 1 - الْإِعْرَاب ربوعا نصب على التَّمْيِيز يُرِيد من ربوع الْغَرِيب الملث الدَّائِم الْمُقِيم والربوع جمع ربع يُقَال ربع وربوع وَربَاع وَأَرْبع والنقيع المنقع الْمَعْنى يَقُول يَا سحابا دَائِم الْقطر أعطش هَذِه الربوع وَإِن لم تعطشها فاسقها السم النقيع فى المَاء وَإِنَّمَا دَعَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لما وقف بهَا وسألها لم تجبه وَلم تبك من رَحل عَنْهَا وَقَالَ ابْن وَكِيع لم يسْبق أَبَا الطّيب أحد فى الدُّعَاء على الديار بالسم وَلَو قَالَ حِجَارَة أَو صواعق لَكَانَ أشبه إِلَّا أَن جَرِيرًا قَالَ بعد مَا اسْتَأْنف لَهَا ذَنبا (سُقِيتِ دَمَ الحَيَّاتِ مَا ذَنْبُ زَائِراً ... يُلِمُّ فَيُعْطَى نائِلاً أنْ يُكَلَّمَا) وَالْعرب من عَادَتهَا أَن تَدْعُو بالسقيا للديار كَقَوْل الآخر (يَا مَنْرِلاً ضَنَّ بالسَّلامِ ... سُقِيتَ صَوْبا مِنَ الغَمامِ) (مَا تَرَكَ المُزْنُ مِنْكَ إلاَّ ... مَا تَرَكَ السُّقْمُ مِنْ عِظامى) الحديث: 141 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 - الْإِعْرَاب أضَاف إِلَى الضَّمِير وَالْأَصْل المتديرين فِيهَا أى متخذيها دَارا الْغَرِيب تذرى أى تلقى دموعا الْمَعْنى يَقُول إِذا سَأَلتهَا لَا تدرى مَا تَقول لِأَنَّهَا جماد لَا تبكى على من كَانَ بهَا فهى لَا تساعدنى على الْبكاء وَلَا ترد لى لجواب 3 - الْغَرِيب أصل اللحاء القشر وَمِنْه لحوت الْعود إِذا قشرته ثمَّ صَار يسْتَعْمل فى الدُّعَاء والخود الْمَرْأَة الناعمة وَالْجمع خود وشموع اللعوب المزاحة الْمَعْنى يَقُول لحا الله الدَّار يَدْعُو عَلَيْهَا إِلَّا ماضيها وَهُوَ اسْتثِْنَاء من غير الْجِنْس وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون جِنْسا لِأَن زمَان اللَّهْو والخود ربع الْإِنْس فاستثناه مِنْهُ لاشْتِمَاله عَلَيْهِ فَدَعَا على الدَّار إِلَّا مَا كَانَ لَهُ بهَا من زمن الْإِنْس وَوصل الْجَارِيَة الناعمة المحبوبة قَالَ ابْن وَكِيع مَا ضياها يوجبان لَهَا الدُّعَاء بالسقيا كَقَوْل البحترى (فاذَا مَا السَّحابُ كانَ رُكاما ... فَسَقَى بالرَّبابِ دارَ الرَّبابِ) 4 - الْغَرِيب الرداح ضخمة العجيزة قَالَ العديل (رَداحُ التَّوَالى إِذا أدْبَرَتْ ... هَضِيمُ الْحَشَى شَخْتَهُ الْمُلْتَزم) وَمِنْه كَتِيبَة رداح أى ثَقيلَة السّير لكثرتها والرداح الْجَفْنَة الْعَظِيمَة قَالَ أُميَّة بن أَبى الصَّلْت (إِلَى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاءٍ ... لُبابَ الْبُرّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ) الْمَعْنى يَقُول هى منعمة ممنعة لَا يقدر عَلَيْهَا أحد وكلامها عذب إِذا سَمعتهَا الطير تتكلف الْوُقُوع إِلَيْهَا لعذوبة كَلَامهَا وَهَذَا مثل قَول كثير (وأدْنَيْتِنى حَتَّى إِذا مَا مَلَكْتِنى ... بقَوْلٍ يُحِلُّ العُصْم سَهَلْ الأباطِحِ) وَمثله للْآخر وَهُوَ كثير (بعَيْنَينِ نَجْلاوَيْنِ لوْ رَقْرَقَتُهما ... لِنوءَ الثُّرَياَّ لاسْتَهَلَّ سَحَابها) أَخذه ابْن دُرَيْد فى مقصورته وَبعده أَبُو الطّيب فَقَالَ ابْن دُرَيْد (لَوْ ناجَتِ الأعْصَمَ لَا نْحَطَّ لَهَا ... طَوْعَ الْقِيادِ منْ شَمارِيخِ الذُّرى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 - الْغَرِيب الأرداف جمع ردف وهى العجيزة والوحاشان قلادتان تتوشح بهما الْمَرْأَة ترسل إِحْدَاهمَا على الْجنب الْأَيْمن وَالْأُخْرَى على الْأَيْسَر والشسوع الْبعيد الْمَعْنى يَقُول أردافها عَظِيمَة شاخصة عَن بدنهَا تمنع ثوبها وترفعه فَلَا يلاصق جَسدهَا حَتَّى يكون بَعيدا عَن قلائدها وَالْمعْنَى أَن أردافها تمنع الثَّوْب عَن أَن يلاصق بدنهَا وَهُوَ مَنْقُول من قَول بعض الكلابيين (أبَتِ الغَلائِلُ أنْ تَمَسَّ إذَا مَشَتْ ... مِنْها البُطُونَ وأنْ تَمَسَّ ظُهُورَها) 6 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى لَهُ للثوب ونزوعا صفة للارتجاج الْغَرِيب ماست مشت متبخترة والارتجاج الِاضْطِرَاب وَالْحَرَكَة الْمَعْنى يَقُول إِذا تبخترت ارتج بدنهَا واضطرب حَتَّى يكَاد ينْزع عَنْهَا ثوبها لَوْلَا سواعدها يُرِيد أَن الكمين فى الساعدين يمنعان عَنْهَا نزع الثَّوْب لِكَثْرَة ارتجاجها وحركتها وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (لَوْلا التَّمَنْطُقُ والسِّوَارُ مَعا ... والْحَجْلُ والدُّمْلُوجُ فِى الْعَضُدِ) (لَتَزَايَلَتْ مِنْ كُلّ ناحِيَةٍ ... لَكِنْ جُعِلْنَ لَهَا عَلى عَمْدٍ) 7 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى تتألم للْمَرْأَة فى الْمَوْضِعَيْنِ الْغَرِيب الدرز مَوضِع الْخياطَة المكفوفة من الثَّوْب والتألم التوجع والعضب السَّيْف وَجمعه عضوب والصنيع الْمُحكم الصقال والصنعة الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا رقيقَة ناعمة يوجعها درز الْقَمِيص كَمَا يوجعها السَّيْف لرقة بَشرَتهَا فَإِذا نَالَ جسمها مَوضِع الْخياطَة آلمها وأوجعها وَقد قيل فى مثل هَذَا إِن سَابُور لما حصر صَاحب الْحصن بعثت إِلَيْهِ بنت صَاحب الْحصن وَكَانَت من أجمل النِّسَاء إِن عاهدتنى أَنَّك تتَزَوَّج بى أسلمت إِلَيْك المفاتيح فعاهدها على ذَلِك فَسَكِرَ أَبوهَا لَيْلَة ونام فَدفعت المفاتيح إِلَى سَابُور فَأخذ الْمَدِينَة وَتزَوج بهَا فَبينا هى مَعَه ذَات لَيْلَة على فرَاش الْحَرِير تألمت وتوجعت وقلقت فَدَعَا بالشمع وَنظر إِلَى مضجعها فَرَأى ورقة ورد على الْفراش قد نَالَتْ جسمها فأثرت فِيهِ فقلقت لذَلِك فَقَالَ لَهَا مَا كَانَ يغذيك بِهِ أَبوك فَقَالَت لَهُ لب الْبر بالعسل وَالْخمر فَقَالَ وَكَانَ جَزَاؤُهُ مِنْك مَا جازيته فَأَخذهَا وَشد ضفائرها إِلَى أَذْنَاب الْخَيل وَلم يزل يطرد الْخَيل حَتَّى قطعتها قطعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 - الْمَعْنى يَقُول ذِرَاعا هَذِه الْمَرْأَة عدوان لدملجيها لعظمهما وغلظهما يكادان يقصمان الدملجين لامتلائهما فَإِذا نَامَتْ عِنْد أحد يظنّ أَن زندها لسمنه هُوَ الضجيع لَهُ لَا هى 9 - الْإِعْرَاب يضئ لَازم لَا يتَعَدَّى والبدر مَنْصُوب بِالْمَصْدَرِ الْمُضَاف أى بِأَن يمْنَع الْبَدْر من الطُّلُوع الْمَعْنى يَقُول نقابها يشرق ضياؤها من تَحْتَهُ كَمَا يشرق الْبَدْر تَحت الْغَيْم الرَّقِيق شبه النقاب على وَجههَا بالغيم الرَّقِيق على الْبَدْر وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الدمينة (مُبَرْقَعَةٌ كالشَّمْسِ تَحْتَ سَحابَةٍ ... وكالبَدْرِ فِى جَنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلم) وَأَخذه التهامى وَأحسن فِيهِ بقوله (قَوْمٌ إذَا لَبِسُوا الدُّرُوعَ تَخالُهَا ... سُحُبا مُزَرَّرَةً عَلى أقْمارِ) وَقَالَ بشار (بَدا لَكَ ضَوْءُ مَا احْتَجَبْتَ عَلَيْهِ ... بُدُوَّ الشَّمْسِ مِنْ خَلَلِ الغَمامِ) 10 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن القطاع خضوعا تَمْيِيز تَقْدِيره بِأَكْثَرَ خضوعا الْمَعْنى خضوعى فى قولى أَكثر من تدللها على كثرته 11 - الْمَعْنى يَقُول إحْيَاء النُّفُوس مِمَّا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يخَاف مِنْهُ وَمعنى إِذا وصلتنى كنت قد أحييتنى وإحياء النَّفس طَاعَة لله تَعَالَى وَالله لَا يعْصى بِالطَّاعَةِ وَمثله لآخر (مَا حَرَامٌ إحْياءُ نَفْسٍ وَلَكِنْ ... قَتْلُ نَفْسٍ بغيرِ نَفْسٍ حَرَامُ) 12 - الْغَرِيب الْخُلُو الخالى من هم الْمحبَّة والمستهام الهائم الذَّاهِب الْعقل والخليع الذى قد خلع العذار وتظاهر بالانتهاك فى الْمحبَّة الْمَعْنى يَقُول قد أصبح يحبك كل خَال من الْهوى محبا لَك مستهاما والمستور الذى كَانَ يخفى الْهوى انهتك وَافْتَضَحَ بمحبتك قَالَ ابْن وَكِيع لَو قَالَ (غَدَا بِكِ كُلُّ خِلْوٍ فِى اشْتِغالٍ ... وأصْبَحَ كُلُّ ذِى نَسْلٍ خَلِيعا) لَكَانَ أحسن فى الصَّنْعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح إِلَى أَن يَقُولُوا فَحذف أَن وأعملها وَهَذَا على مَذْهَبنَا وَقَالَ الواحدى حَتَّى يَقُولُوا وَقد علق زَوَال حبه بِمَا لَا يجوز وجوده وَالْمعْنَى لَا أَزَال أحبك الْغَرِيب ثبير جبل عَظِيم مَعْرُوف بالحجاز وَقد ذكره الشُّعَرَاء فى أشعارهم الْمَعْنى يَقُول أحبك إِلَى أَن يَقُولُوا جر النَّمْل ثبيرا أَو أخيف ابْن إِبْرَاهِيم وَهَذَا مُسْتَحِيل وَالْمعْنَى لَا أَزَال أحبك لِأَن الْجَبَل لَا يجره النَّمْل والممدوح لَا يرتاع 14 - الْغَرِيب الصيت الذّكر الْحسن والسرايا جمع سَرِيَّة الْمَعْنى يَقُول هُوَ كثير الغارات وسراياه مبثوثة فى الْآفَاق فَإِذا ذكر اسْمه للطفل شَاب وَهُوَ من قَول المهدى (أَلا شَغَلَتنا عَنكَ بالدَّارِ كَبَّةٌ ... يَشِيبُ لَهَا قَبْل الفِطامِ وَلِيدُها) 15 - الْغَرِيب الدهى وَالْمَكْر إخفاء السوء والخشوع الذل الْمَعْنى يَقُول هُوَ يخفى مكره وَهُوَ يغض الطّرف حَتَّى يرى أَنه خاشع وَلَيْسَ بخاشع وَلَيْسَ فى هَذَا الْبَيْت مدح لِأَنَّهُ قَالَ يغض طرفه مكرا ودهاء وَإِنَّمَا الْمَدْح فى قَول الفرزدق (يُغْضِى من مهابته ... فَمَا يكلم إِلَّا حِين يبتسم ... ) وَقَول ابْن الرُّومِي فِي هَذَا جيد (ساه وَما يَتَّقى فىِ الرأىِ سَقطَتَهُ ... داهٍ وَما يَنطَوِى مِنهُ عَلى رَيبِ) (فَدَهْيُهُ للدَّوَاهى الرُّبدِ يَدْرَؤُها ... وَسِهوُهُ عَنْ عُيوبِ النَّاسِ والعَيْبِ) د 16 - الْغَرِيب قدك حَسبك وَكَفاك والمذيع الْمظهر الْمَعْنى يَقُول إِن سَأَلته جَمِيع مَاله كَفاك كالمذيع إِن سَأَلته عَن سر أفشاه وَلم يَكْتُمهُ فَهُوَ كَذَلِك يعطيك مَا يملكهُ وَلَا يبخل بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 - الْمَعْنى يَقُول لاستلذاذه الْعَطاء يرى قبولك عطاءه منا عَلَيْهِ وَإِن لم يَبْتَدِئ بالعطاء قبل المسئلة فَهُوَ عِنْده مَكْرُوه فظيع وَضرب هَذَا مثلا وَمثله لحبيب (يُعْطِى وَيَشْكُرُ مَنْ يأْتِيهِ يَسأَلُهُ ... فَشُكْرُهُ عِوَضٌ وَمالُهُ هَدَرُ) 18 - الْمَعْنى هَذَا الْكَلَام لَهُ سَبَب وَذَلِكَ أَن هَذَا الممدوح جَاءَهُ حمل فِيهِ ذهب ودراهم ففرش نطوعا وَجعلهَا عَلَيْهِ فَاعْتَذر المتنبى لَهُ وَقَالَ لَيْسَ لكرامته فرشها وَإِنَّمَا هُوَ إهانة ليهينه فى الْعَطاء والتفرقة على القصاد وَمَا فعل هَذَا ليحفظه من الضّيَاع ويدخره وَإِنَّمَا يحفظه ليفرقه على السُّؤَال والقصاد ثمَّ احْتج لهَذَا بقوله (إِذا ضرب ... ) وَهُوَ قريب من قَول ابى الجهم (وَلا يَجْمَعُ الأمْوَالَ إلاَّ لِبَذْلِهَا ... كمَا لَا يُساقُ الهَدْىُ إلاَّ إِلَى النَّحْرِ) 19 - الْمَعْنى يَقُول مَا بسط الأنطاع كَرَامَة لِلْمَالِ وَإِنَّمَا بسطها للتفرقة وَكَذَلِكَ إِذا ضرب الرّقاب وَمد الأنطاع فَلَيْسَ لكرامتهم وَلَكِن ليصان الْمجْلس من الدَّم والنطوع جمع نطع وَيجمع أَيْضا على أنطاع وَيُقَال نطع بِفَتْح النُّون والطاء وبكسر النُّون وَفتح الطَّاء وبفتح النُّون وَسُكُون الطَّاء وَكسر النُّون وَسُكُون الطَّاء 20 - الْغَرِيب القريع الْفَحْل الْكَرِيم وَهُوَ هُنَا السَّيِّد الشريف الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ يهب إِلَّا المَال الْكثير وَلَيْسَ يقتل إِلَّا الشريف الْعَظِيم وَهُوَ من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (حذارِ مِنْ أسَدٍ ضِرْغامَةٍ شَرِسٍ ... لَا يُولِغُ السَّيْفَ إلاَّ هامةَ البْطَلِ) وَبَيت المتنبى أمدح لِأَنَّهُ ذكر فِيهِ الْكَرم وَالْهِبَة 21 - الْغَرِيب النصل حَدِيدَة السَّيْف والصمصامة السَّيْف والقطيع السَّوْط يقطع من جُلُود الْإِبِل والتعب مفعول ثَان وَالْمعْنَى يَقُول قد أَقَامَ سَيْفه فى التَّأْدِيب مقَام سَوْطه وَالسيف يغنى السَّوْط عَن التَّعَب // وَهَذَا مُبَالغَة // فى وَصفه بِشدَّة الْبَأْس على المذنبين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 - الْمَعْنى يَقُول الممدوح واسْمه على مَا يمْنَع أحدا مَا يأتى لمبارزته وَلَكِن يمنعهُ الرُّجُوع سالما لشجاعته وفروسيته فَمَا يبارزه أحد فَيرجع عَنهُ سالما 23 - الْغَرِيب المفدى الذى تفديه النَّاس بِأَنْفسِهِم لما يرَوْنَ من شجاعته وَشدَّة بأسه الْمَعْنى يَقُول هُوَ يقتل البطل الْكَرِيم عِنْد قَوْله ويسلبه درعه ويكسوه بدله دِمَاء 24 - الْغَرِيب إِذا اعوج أى انحنى وَذَلِكَ أَن الرمْح إِذا طعن بِهِ اعوج والتوى وَقَوله جَازَ إِلَى ضلوعهم يُرِيد نفذ من هَذِه كَأَنَّهُ شقّ الضلع من الْجَانِبَيْنِ قَالَ الواحدى قَالَ المتنبى كنت قلت وأشْبَهَ فِى ضُلُوعِهمِ الضُّلُوعا ... ) ثمَّ أنشدت بَيْتا لبَعض المولدين مثله فرغبت عَن قَوْله أشبه الْبَيْت للبحترى وَهُوَ (فى مأْزِقٍ ضَنْكٍ تَخالُ بِهِ الْقَنَا ... بينَ الضُّلُوعِ إذَا انْحَنَيْنَ ضُلُوعا) 25 - الْمَعْنى يَقُول لشدَّة الطعْن اندقت الرماح فى الأكباد فَكَأَن الأكباد أدْركْت بذلك مِنْهَا ثارا // وَهُوَ معنى حسن // 26 - الْإِعْرَاب فحد الْفِعْل عَامل فى الظّرْف وَهُوَ قَوْله (إِذا اعوج ... ) وَالتَّقْدِير إِذا اعوج القنا وَجَاز الطعْن إِلَى الضلوع ونالت الأكباد فحد عَنهُ وثنى الخيلين لإِرَادَة الجمعين الْغَرِيب الخبعثنة من أَوْصَاف الْأسد وَهُوَ الشَّديد والشجيع الشجاع الْمَعْنى إِذا التقى الْجَمْعَانِ فحد عَنهُ وتباعد وَإِن كنت قوى الْقلب كالأسد وَيُقَال إِن الخبعثنة النمر وَهُوَ أوقح السبَاع 27 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أَن ترمقه فَحذف وَرفع الْفِعْل وَلَو نَصبه على مذْهبه لَكَانَ جَائِزا وبعيدا حَال أى فى حَال بعْدك عَنهُ وَيجوز على إِسْقَاط الْخَافِض أى من بعيد الْمَعْنى إِن استجرأت أى صرت جريئا وقدرت على النّظر إِلَيْهِ فى الْحَرْب من بعيد فقد قدرت على شئ عَظِيم لم يقدر عَلَيْهِ أحد وَهُوَ من قَول الطائى (أمَّا وَقَدْ عِشْتَ يَوْما بَعْدَ رُؤْيَتِهِ ... فافْخَرْ فإنَّكَ أنْتَ الفارِسُ النَّجِدُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 - الْغَرِيب الحصان بِالْكَسْرِ الْكَرِيم من الْخَيل وسمى بذلك لِأَنَّهُ ضن بمائه فَلم ينز إِلَّا على كَرِيمَة ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى سموا كل ذكر من الْخَيل حصانا الْمَعْنى يَقُول إِن مَا ريتني فى قولى والمماراة المجادلة فاركب فرسا وَمثل صورته فَإنَّك تَخِر صَرِيعًا قبل ملاقاته 29 - الْإِعْرَاب غمام خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هُوَ غمام الْغَرِيب المريع الممرع وَهُوَ المخصب الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول هُوَ غمام ندى وَلَكِن الْغَمَام رُبمَا تكون فِيهِ صواعق مهلكة وأحجار برد كَذَلِك هُوَ رُبمَا مطر نقمة على الْأَعْدَاء فصير مطره الْبَلَد المخصب قحطا ممحلا الْغَرِيب القطوع جمع الْقطع وَهُوَ الطنفسة تَحت الرحل تيَمّمه قَصده الْمَعْنى يَقُول هُوَ رآنى بعد مَا طَال سفرى حَتَّى قطع رواحلى قصدى إِيَّاه وَقطعت الرَّوَاحِل طنافسها يعْنى أبلتها لِكَثْرَة السّير وَطول الْمسَافَة 31 - الْغَرِيب الغدير هُوَ مَا يبْقى من السَّيْل بعده وَالربيع فصل الخصب والأمطار الْمَعْنى يَقُول أعطانى حَتَّى ملأنى بالعطاء كَمَا يمْلَأ السَّيْل الغدير وَصَارَ دهرى كالربيع لطيبه وسعة عيشى فِيهِ ونحا فِيهِ منحى قَول ابْن الرومى (فَضَيْفُهُ فِى رَبِيعٍ طُولَ مُدَّتِهِ ... وَجارُهُ كُلَّ حِينٍ مِنهُ فى رَجَبِ) وَمثله لأبى هفان (لِرَبيعِ الزَّمان فِى الجَوْلِ وَقْتٌ ... وابْنُ يَحْيَى فِى كُلّ وَقْتٍ رَبِيعُ) وللبحترى (وكَمْ لَبِسْتُ الخَفْضَ فِى ظِلِّهِ ... عُمْرِى شَبابٌ وَزَمَانِى رَبِيعُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 - الْمَعْنى يَقُول لم يلْحق أخذى إعطاءه حَتَّى أغرق أخذى أى كَانَ هُوَ فى الْإِعْطَاء أسْرع منى فى الْأَخْذ جعل الْإِعْطَاء من الممدوح وَالْأَخْذ مِنْهُ مجاودة يُرِيد أَن أخذى مِنْهُ كالجود منى عَلَيْهِ 33 - الْغَرِيب الكناس محلّة بِالْكُوفَةِ وَكَذَا حضر موت وَكِنْدَة محلّة غربى الْكُوفَة والسبيع سوق بِالْكُوفَةِ ومحلة كَبِيرَة وكل هَذِه الْمَوَاضِع سميت بأسماء من سكنها الْمَعْنى يَقُول أَنْت أنسيتنى بإحسانك والدتى وبلدى وَهُوَ من قَول الراعى (رَجاؤُكَ أنْسانَى تَذَكُّرَ إخْوَتِى ... وَمالُكَ أنْسانِى بِوَهْبِيْنِ مالِياَ) وَمثله للبحترى (جَفُوتُ الشَّامَ مُرْتَبَعِى وأُنْسِى ... وَعَلْوِةِ خَلْوَتِى وَهَوَى فُؤَادِى) (وَمِثْلُ نَدَاكَ أذْهَلَنِى حَبِيبِى ... وأكْسَبَنِى سُلُّوّا عَنْ بِلادَى) 34 - الْغَرِيب سلبت الشئ سلبا بِسُكُون اللَّام وَالسَّلب بِفَتْح اللَّام المسلوب والهجوع النّوم الْمَعْنى يَقُول قد بالغت فى قتل الأعادى وَأخذ سلبهم حَتَّى سلبتهم كل شئ تهب لَهُم النّوم فَإِنَّهُم لَا يقدرُونَ عَلَيْهِ خوفًا مِنْك 35 - الْغَرِيب الهلوع الْجزع الْمَعْنى يَقُول إِذا أَنْت لم تغزهم بالجيوش غزوتهم بالفزع وَالْخَوْف فَلَا يزالون خَائِفين جزعين مِنْك وَهُوَ قريب من قَول الطائى (لَمْ يَغْزُ قَوْما وَلمْ ينهَضْ إِلَى بَلَدٍ ... إلاَّ تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ مِنَ الرُّعُبِ) 36 - الْغَرِيب النواصى جمع نَاصِيَة وهى مقدم الرَّأْس وَالْفُرُوع جمع فرع وَهُوَ الشّعْر الْمَعْنى يَقُول قد رضواب بك كارهين كَمَا يصبر الْإِنْسَان على الشيب كَارِهًا إِذا جلل رَأسه وَلَا يقدر على دَفعه وَكَذَلِكَ أَنْت لَا يقدرُونَ على دفعك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 - الْغَرِيب الأعزل الذى لَا سلَاح مَعَه والعزل مصدر الأعزل وَمنع الرجل يمْنَع مناعة فَهُوَ منيع الْمَعْنى يَقُول إِذا كنت أعزل بِلَا سلَاح فلحاظك يقوم مقَام السِّلَاح لِأَنَّك إِذا نظرت إِلَى عَدوك خافك هَيْبَة لَك فصرت منيعا بِهِ فَلَا تحْتَاج مَعَه إِلَى سلَاح // وَهَذِه مُبَالغَة // وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الآخر (لَحَظاتُ طَرْفِكَ فِى الْوَغَى ... تُغْنِيكَ عَنْ سَلّ السُيوفِ) (وَعَزِيمُ رأيِكَ فِى النُّهَى ... يَكْفِيكَ عاقِبَةَ الصُّرُوفِ) (وَسُيُولُ كَفِّكَ فِى الْوَرَى ... بَحْرٌ يَفِيضُ عَلى الضَّعِيفَ) 38 - الْغَرِيب المغافر جمع مغفر وَهُوَ مَا يكون على رَأس الْفَارِس من حَدِيد وَهُوَ من الغفر وَهُوَ التغطية والدروع جمع درع وَهُوَ مَا يكون على الْفَارِس من حَدِيد وَغَيره الْمَعْنى يَقُول لَو أخذت ذهنك بَدَلا من حسامك لقطع المغافر الَّتِى على الرُّءُوس والدروع الَّتِى على الْأَجْسَام يصفه بالذكاء والفطنة وحدة الذِّهْن 39 - الْمَعْنى يَقُول جهدك أى طاقتك لَو استفرغته فى قتال لأتيت على أهل الدُّنْيَا كلهم 40 - الْغَرِيب تسمو تعلو وتلفى تُوجد وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {مَا ألفينا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} الْمَعْنى قد علت همتك فآنت لَا تقنع بمرتبة وَاحِدَة وَقَوله {فتسموا} يجوز أَن يكون خطابا لَهُ وَيجوز أَن يكون خَبرا عَن الهمة 41 - الْإِعْرَاب جواد رَفعه على معنى لَيْسَ ورفيع نَصبه بِغَيْر تَنْوِين وَالْألف فِيهِ للوصل وَالْإِطْلَاق وَلَيْسَ هُوَ بِبَدَل عَن تَنْوِين كَمَا هُوَ فى قَوْلك رَأَيْت زيدا وَهُوَ مبْنى مَعَ لَا على مَذْهَب الْبَصرِيين وَعِنْدنَا مُعرب الْمَعْنى يَقُول أَنْت بجودك قد أنسيت اسْم الْجواد فَلَيْسَ جود إِلَّا جودك فَكيف محا ارتفاعك اسْم الِارْتفَاع عَن النَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 - 1 - الْغَرِيب الركائب جمع الرّكُوب وهى الْإِبِل تطس تدق والوطس الدق واليرمع حِجَارَة بيض صغَار رخوة الْمَعْنى يَقُول الدُّمُوع تفعل بالخدود كَمَا يفعلن بِالْحِجَارَةِ يُخَاطب الركائب يَقُول تَأْثِير الدُّمُوع بالخدود كتأثير كن بِالْحِجَارَةِ وَهَذِه القصيدة من الْبَحْر الْكَامِل والقافية من المتدارك 2 - الْغَرِيب النَّوَى الْبعد وهى مُؤَنّثَة الْمَعْنى يَقُول لِلْإِبِلِ اعرفن من حمل عليكن الْفِرَاق من هَذِه المحبوبة فاعرفن قدرهَا وارفقن بمشيكن فَإِنَّهَا لينَة رقيقَة فَلَا تصبر على الْأَذَى فامشين رويدا خاضعة حَتَّى لَا يَضرهَا السّير وَهُوَ تَأْدِيب للمطايا 3 - الْغَرِيب البكا يمد وَيقصر وَالْأَشْهر الْمَدّ الْمَعْنى يَقُول قد كَانَ حيائى يغلب بكائى فاليوم بكائى يغلب حيائى فقد غلب الْبكاء الْحيَاء 4 - الْغَرِيب الرنة فعلة من الرنين وَهُوَ صَوت الباكى الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة بكائى لكل عظم من عظامى رنين يرن وَلكُل عرق مدمع بدمع بكائى قَالَ ابْن وَكِيع وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن المعتز (ومُتّيَّم جَرَحَ الفِرَاقُ فُؤَاده ... فالدَّمْعُ مِن أجْفانه يَترَقْرَقُ) وَإِلَى قَول الآخر (وكأنّ لى فى كلّ عُضْوٍ واحدٍ ... قَلْبا يَرِنُّ وناظراً مَا يَطْرِف) 5 - الْغَرِيب الجداية ولد الظبى الْمَعْنى يَقُول من فَضَح حسنه الظباء بِحسن جيده وعيونه فحقيق أَن يفضحنى وَمن فَضَح الظباء فحسنه فاضح لمن أحبه وَكفى بمصرعى فى حبه مصرعا وَالْمعْنَى أَنه غَايَة فى الْحسن وَأَنا غَايَة فى الْعِشْق الحديث: 142 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 - الْغَرِيب سفرت ظَهرت وَمِنْه (وَالصُّبْح إِذا أَسْفر ... ) والبرقع نقاب تتخذه نسَاء الْأَعْرَاب يستر الجبين والحواجب وَالْوَجْه فِيهِ ثقبان للعينين الْمَعْنى يَقُول لما أَلْقَت خمارها وأسفرت عَن وَجههَا برقعها الْحيَاء بصفرة سترت محاسنها فَقَامَتْ الصُّفْرَة مقَام البرقع وَذَلِكَ أَنَّهَا لما جزعت للفراق تغير وَجههَا 7 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى كَأَنَّهَا للصفرة والدمع يقطر فى مَوضِع الْحَال الْمَعْنى وصف صفرَة وَجههَا من الْحيَاء بِالذَّهَب وَشبه الدمع عَلَيْهِ بِاللُّؤْلُؤِ فَكَأَن صفرتها والدمع فَوْقهَا ذهب مرصع بلؤلؤ وَفِيه نظر إِلَى قَول أَبى نواس (حَصْباءُ دُرّ على أرْضٍ مِنَ الذَّهَبِ ... ) 8 - الْمَعْنى أَن اللَّيْلَة صَارَت بذوائبها الثَّلَاث أَربع لَيَال كل ذؤابة كَأَنَّهَا ليل بسوادها وَهَذَا من قَول أَبى زرْعَة (فَبِتُّ وَلِى لَيْلانِ بالشَّعْرِ والدُّجَى ... وصبحان من صبح وَوجه حبيب) وَلابْن الْمعز (فَمَا زلت فِي لَيْلَتَيْنِ بالشعر والدجى ... وَشمْسَينِ مِنْ كأْسٍ وَوَجهِ حَبيبِ) 9 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يجوز أَن يُرِيد بالقمرين الْقَمَر وَالشَّمْس وهى وَجههَا وَجعل وَجههَا شمسا فى الْحسن والضياء وَيجوز أَن يشبه وَجههَا بالقمر فهما قمران فى وَقت وَاحِد وَهَذَا كَقَوْلِه الآخر (وَإذا الغَزَالَةُ فِى السَّماءِ تَرَفَّعَتْ ... وَبَدَا النَّهارُ لِوَقْتِهِ يَترَحَّلُ) (أبدَتْ لوَجْهِ الشَّمسِ وَجْها مِثْلَهُ ... يَلْقَى السَّماءَ بِمِثْلِ مَا تَسْتَقْبِلُ) وَهَذَا الْمَعْنى كثير جدا قَالَ الشَّاعِر (باتَتْ تُرِينِى ضِياءَ البَدْرِ طَلْعَتُها ... حَتَّى إذَا غابَ عَنْ عَيْنى أرتَنْيِهِ) وَقَالَ البحترى (وَباتَتْ تُرِينى البَدْرُ طالِعُ ... وَقامَتْ مَقامَ البَدْر لَمَا تَغَيَّبا) وَقَالَ ابْن المعتز (باتَتْ يُرِينِيها هِلالُ الدُّجَى ... حَتَّى إذَا غابَ أرَتْنِيهِ) وَقَالَ أَحْمد بن طَاهِر (وَمُطْلِعَةٍ باللَّيْلِ وَهِىَ تُعِلُّنِى ... ثَلاثَ شُمُوسٍ وَجْنَتَيْها وَرَاحَها) ولأبى دلف (طَلَعَتْ والشَّمْسُ طالِعَةٌ ... مَنْ رأى شَمْسَيْنِ فِى بَلَدِ) وَلمُسلم فَبِتُّ أُسِرُّ البَدْرَ طَوْراً حَدِيثَها ... وَطَوْراً أُناجى البَدْرَ أحْسِبُها البَدْرَا) وللبحترى (بِتْنا وَلى قَمَرانِ وَجْهُ مُساعِدِى ... والبَدْرُ إذْ أوْفَى التَّمامَ وأكمَلاَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 - الْغَرِيب الْعَارِض السَّحَاب وأقشع أقلع وتفرق الْمَعْنى يَقُول أعيدى لنا الْوِصَال الذى كَانَ لنا مِنْك فَلَو كَانَ وصلك دَائِما مثل دوَام هَذَا السَّحَاب لَكَانَ لَا يَزُول وَلَا يَنْقَطِع 11 - الْغَرِيب زجل يسمع لَهُ زجل وَهُوَ صَوت الرَّعْد والملا المتسع من الأَرْض والتلعات جمع تلعة وهى مَا ارْتَفع من الأَرْض والممرع المخصب الْمَعْنى يَقُول هَذَا السَّحَاب لَهُ صَوت برعده ويملأ الجو ببرقه حَتَّى يرى نَارا ويملأ المتسع من الآرض بِالْمَاءِ حَتَّى يصير كالبحر ويمرع التلاع أى يخصبها ويطلع عَلَيْهَا النَّبَات لِأَنَّهُ يعم العالى والمنخفض لِكَثْرَة سيله وَجمع فى هَذَا الْبَيْت مَا فرق غَيره وأبدع فِيهِ قَالَ الطائى (آضَ لَنا مَاء وكانَ بارَقا ... ) يَقُول رَجَعَ مَاء بعد الْبَرْق وَقَالَ ابْن دُرَيْد (كأنَّمَا البَيْدَاءُ غِبَّ صَوْبِهِ ... بَحْرٌ طَما تَيَّارُهُ ثُمَّ سَجَا) 12 - الْغَرِيب الغدق الْكثير من المَاء وَمِنْه قَوْله جلّ وَعلا {مَاء غدقا} أى كثيرا الْمَعْنى وصف بنان الممدوح بِكَثْرَة عطائه فشبهه فى كَثْرَة عطائه بالسحاب الْكثير المَاء وَهُوَ // مخلص حسن // وَمثله للبحترى قَالَ (كأنَّها حِينَ لَجَّتْ فِى تَدَفُّقِها ... أيْدِى الخَلِيفَةِ لَمَّا سالَ وَادِيها) وللطائى (بَنانُ مُوسَى إذَا اسْتَهَلَّتْ ... لِلنَّاسِ أغْنَتْ عَنِ الْغُيُوثِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 - الْإِعْرَاب مذ ومنذ عندنَا أَنَّهُمَا يرْتَفع الِاسْم بعدهمَا بإضمار فعل مُقَدّر مَحْذُوف وَقَالَ البصريون هما اسمان يرْتَفع مَا بعدهمَا لِأَنَّهُ خبر عَنْهُمَا ويكونان حرفين جارين فَيكون مَا بعدهمَا مجرورا بهما وَحجَّتنَا أَنَّهُمَا مركبان من من وَإِذ تغيرا عَن حَالهمَا فى إِفْرَاد كل وَاحِد مِنْهُمَا فحذفت الْهمزَة ووصلت من بِالذَّالِ وضمت الْمِيم للْفرق بَين حَالَة الْإِفْرَاد والتركيب وَالدَّلِيل على أَنَّهَا مركبة من من وَإِذ أَن من الْعَرَب من يَقُول فى مُنْذُ مُنْذُ بِكَسْر الْمِيم فَدلَّ على أَنَّهَا مركبة وَإِذا ثَبت أَنَّهَا مركبة كَانَ الرّفْع بعدهمَا بِتَقْدِير فعل لِأَن الْفِعْل يحسن بعد إِذْ وَالتَّقْدِير مَا رَأَيْته مذ مضى يَوْمَانِ ومذ مضى شَهْرَان وَإِذا كَانَ الِاسْم بهما مخفوضا كَانَ الْخَفْض بهما اعْتِبَارا بِمن وَلِهَذَا الْمَعْنى كَانَ الْخَفْض بمنذ أَجود لظُهُور نون من فِيهَا وَالرَّفْع بمذ أَجود لحذف النُّون مِنْهَا تَغْلِيبًا لإذ وَيدل على أَن أصل مذ ومنذ وَاحِد أَنَّك لَو سميت بهما قلت فى تَصْغِير مذ منيذ وفى تكسيره أمناذ فَترد النُّون المحذوفة لِأَن التكسير والتصغير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَحجَّة الْبَصرِيين أَنَّهُمَا مَعْنَاهُمَا الأمد إِذا قلت مَا رَأَيْته مذ يَوْمَانِ أمد انْقِطَاع الرُّؤْيَة يَوْمَانِ والأمد فى مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ فَكَذَلِك مَا قَامَ مقَامه وَإِذا ثَبت أَنَّهُمَا مرفوعان بِالِابْتِدَاءِ وَجب أَن يكون مَا بعدهمَا خَبرا الْغَرِيب اللبان بِكَسْر اللَّام جمع اللَّبن الذى شربه وَقيل لَا يُقَال لبان إِلَّا للْمَرْأَة وَجمع لبن الْحَيَوَان ألبان والمروة الْكَرم الْمَعْنى يَقُول قد ألف الْكَرم ناشئا من صغره فَكَأَنَّهُ سقيه فى اللَّبن الذى شربه رضيعا وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب {لَبِسَ الشَّجاعَةَ إنَّها كانَتْ لَهُ ... قَدْما نَشُوغا فِى الصّبا وَلَدُوداَ} 14 - الْغَرِيب التمائم جمع تَمِيمَة وهى مَا يعلق على الصبى من الْعين والفزع وهى العوذ الْمَعْنى قَالَ الواحدى من روى نظمت على مَا لم يسم فَاعله بِضَم النُّون فَالْمَعْنى أَن هباته وَمَا يَفْعَله من الْإِعْطَاء جعلت لَهُ بِمَنْزِلَة التمائم الَّتِى تعلق على من خَافَ شَيْئا فَإِذا سَقَطت عَنهُ عَاد الْخَوْف يُرِيد أَنه ألف الْإِعْطَاء واعتاده حَتَّى لَو ترك ذَلِك كَانَ بِمَنْزِلَة من سَقَطت تمائمه وَمن روى بِفَتْح النُّون فَقَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا يعْنى من حصلت لَهُ الْمَوَاهِب من الْحَمد والمدح وَالثنَاء والأشعار وأدعية الْفُقَرَاء فَهُوَ إِذا لم يسمع مَا تعود أنكر ذَلِك فَكَانَ كمن ألْقى تميمته فَيفزع وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (تَكادُ عَطاياهُ يُجَنُّ جُنُونُها ... إذَا لَمْ يُعَوّذْها بِنَغْمَةِ طالِبِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 - الْغَرِيب الصَّنَائِع جمع صَنِيعَة وهى الأيادى والقواطع السيوف وبارقات مشرقات والعوالى الرماح شرعا منتصبة الْمَعْنى يُرِيد أَنه جعل أياديه مشرقة لامعة ومعاليه مرتفعه لاشتهارها بَين النَّاس وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يحارب أعداءه وحساده بالصنائع كَمَا يحارب بِالسُّيُوفِ والرماح 16 - الْإِعْرَاب مُتَبَسِّمًا يجنز أَن يكون حَالا من قَوْله (ترك الصَّنَائِع ... ) وَيجوز أَن يكون بِفعل مُضْمر تَقْدِيره تَلقاهُ مُتَبَسِّمًا الْغَرِيب العفاة جمع عاف وَهُوَ السَّائِل والواضح الثغر ويعشى يذهب لمعانه نور أبصارها واللمع اللوامع الْمَعْنى هُوَ يتبسم عَن ثغر وَاضح يذهب لمعانه لمعان الْبَرْق واستعار العشا للبرق وَنَقله من قَول الْأَحْنَف (مُتَسْرْبِلِينَ سَوَابِغًا ماذِيَّةُ ... تُعْشِى القَوَانِسُ فَوْقَها الأبْصاَرَا) 17 - الْمَعْنى أَنه يظْهر للأعداء الْعَدَاوَة ويجاهرهم بهَا فَلهُ سطوة لَو زاحم منكبها السَّمَاء لحركها وَهُوَ يظْهر الْعَدَاوَة لَهُم لَا يكتمها واستعار لسطوته منكبا لما جعلهَا تزاحم الساء لِأَن الزحام يكون بالمناكب 18 - الْإِعْرَاب الحازم وَمَا بعده نصب على الْمَدْح الْغَرِيب الحازم ذُو الحزم فى أُمُوره واليقظ الْكثير التيقظ وَهُوَ الذى لَا يغْفل عَن أُمُوره والألد الشَّديد الْخُصُومَة والأريحى الذى يرتاح للمعروف وَالْكَرم أى يَهْتَز لَهما ويتحرك والأروع الذى يروعك بجماله وَقيل هُوَ الحاد الذكى 19 - الْغَرِيب اللبق الْخَفِيف فى الْأُمُور والهبرزى السَّيِّد الْكَرِيم وَقيل الوسيم وَقَالَ جرير (لَقَدْ وَلِىَ الخِلافَةَ هِبْرِزِىٌّ ... ألَفُّ العِيصِ ليسَ مِنَ النَّوَاحِى) والمصقع الفصيح واللبيب الْعَاقِل والندس الْفَهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 - الْمَعْنى يَقُول الزَّمَان من عَادَته إفناء الْأَشْيَاء وَكَذَلِكَ هَذَا الممدوح يقتل أعداءه وَيفرق مَاله يصف كرمه وَكَثْرَة غاراته وَهُوَ قريب من قَول الحكمى (وَما هُوَ إلاَّ الدَّهْرُ تَأتِى صُرُوفُهُ ... عَلى كُلّ مَنْ يَشْقَى بِهِ وَيُعادِى) 21 - الْغَرِيب روى الخوارزمى الْعِمَارَة بِفَتْح الْعين يُرِيد الْقَبِيلَة كَأَنَّهُ قَالَ يسقى الْمَكَان الذى فِيهِ النَّاس الْمَعْنى يَقُول هُوَ يعْطى كل أحد كَمَا أَن الْغَمَام يسقى كل أحد وَالْمَكَان البلقع هُوَ الخالى الذى لَا عمَارَة فِيهِ وَمثله لِابْنِ المعتز (وَيُصِيبُ بالجُودِ الفَقِيرَ وَذَ الْغِنَى ... كالغَيْثِ يَسْقِى مُجْدناِ وَمَرِيعا) وَلآخر يُخَاطب الْغَيْث (وأنْتَ تَخُصُّ أرْضاً دُونَ أرْضٍ ... وكَفَّاهُ تَعْمَّانِ الْبِلادَا) 22 - الْغَرِيب الشّعب مصدر شعبت الشئ شعبًا إِذا لأمته والوفر الْغنى ويلم بِجمع الْمَعْنى يَقُول هُوَ يفرق المَال وَيجمع المكارم وَقد جمع فى الْبَيْت من صناعَة الشّعْر بَين التطبيق والتجنيس وَهُوَ من قَول حبيب (لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَمْلً مَجْدٍ مُؤَلَّفٍ ... وَشَمْلُ ندىً بينَ الْعُفاةِ مُشَتَّتِ) وللبحترى (وَمَعالٍ أصَارَها لاِجْتِماعٍ ... شَمْلُ مالٍ أصَارَهُ لاِفْتِراقِ) 23 - الْغَرِيب الجدوى العطايا والمهند السَّيْف والوعى بِالْعينِ والغين أصوات الْحَرْب وَغَيرهَا وهى أَيْضا الْحَرْب الْمَعْنى يُرِيد يَهْتَز يَوْم الرَّجَاء اهتزاز مهند بوم الوعى وَهُوَ مَنْقُول من قَول الحطيئة (كَسُوبٌ وَمِتْلافٌ إذَا مَا سألْتَهُ ... تَهَلَّلَ وَاهْتَزَّ اهْتِرَازَ المُهَنَّدِ) ولمتمم بن نُوَيْرَة (تَرَاهُ كَنَصْلِ السَّيْفِ يَهْتَزُّ للنَّدَى ... إِذا لَمْ تَجِدْ عِندَ امْرِئِ السًّوْءِ مطْمَعا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح دعاؤه بعد الصَّلَاة لقاؤه إِذا دَعَا أَن يسهل الله لقاءه 25 - الْإِعْرَاب فاربعا أَرَادَ فاربعن فَوقف بِالْألف كَقَوْلِه تَعَالَى {لنسفعا} الْمَعْنى قَالَ الواحدى فلست بمقصر يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا إنى لأعْلم أَنَّك لَا تقصر وَإِن أَمرتك بالإقصار وَالْآخر أعلم أَنَّك وَإِن قصرت الْآن لست بمقصر لتجاوزك المدى وَقَوله ارْبَعْ أى كف حَسبك وَهُوَ قريب من قَول أَبى تَمام (يَا لَيْتَ شْعْرِىَ مَنْ هَذِى مَناقِبُهُ ... ماذَا الَّذِى بِبُلُوغِ النَّجْمِ يَنْتَظِرُ) 26 - الْغَرِيب يحلل ينزل وَيُقَال يحلل بِضَم اللَّام وَكسرهَا وَقَرَأَ الكسائى بِضَم اللَّام والثقلان الْجِنّ وَالْإِنْس الْمَعْنى يَقُول نزلت بشرف فعالك وحللت فى مَكَان عَال لَا يحله أحد من الْإِنْس وَالْجِنّ لعلو قدرك عَلَيْهِم 27 - الْإِعْرَاب الضَّمِير رَاجع إِلَى الْفضل وَأَن يطعما فى مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض تَقْدِيره فى أَن على أحد المذهبين الْمَعْنى يَقُول قد حويت فضل أهل الْفضل من الثقلَيْن وَهُوَ فضل مَا طمع امْرُؤ فى نيله وَلَا حدثته بِهِ نَفسه لبعد مرامه 28 - الْإِعْرَاب لَك اللَّام مُتَعَلق بِمَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره مُوَافق لَك وَهُوَ خبر كَانَ الْغَرِيب قَالَ الْخَلِيل أزمعت على أَمر فَأَنا مزمع عَلَيْهِ إِذا ثَبت عزمك عَلَيْهِ وَقَالَ الكسائى أزمعت الْأَمر وَلَا يُقَال أزمعت عَلَيْهِ قَالَ الْأَعْشَى (أأزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلى ابْتِكارَا ... وَشَطَّتْ على ذى هَوًى أنْ تُزَارَا) وَقَالَ الْفراء أزمعته وأزمعت عَلَيْهِ بِمَعْنى مثل أجمعته وأجمعت عَلَيْهِ وَقَول الْفراء // حسن // لِأَنَّهُ قد جَاءَ فى الْقُرْآن {فَأَجْمعُوا أَمركُم} فى قِرَاءَة السِّتَّة سوى أَبى عَمْرو فَإِنَّهُ قَرَأَ بوصل الْألف وَفتح الْمِيم من جمع الْمَعْنى يَقُول إِذا أردْت شَيْئا وَافَقَك الْقَضَاء فَكَأَنَّهُ يعزم على إرادتك وَلَا يخالفك فِيمَا تُرِيدُ كَأَنَّهُ مُطِيع لَك فِيمَا تَأمر وتنهى وَهُوَ من قَول الأول (وكَيْفَ وأسْبابُ القَضَاءِ مُطِيعَةٌ ... مُشَيِّعَةٌ فِى كُلّ أمْرٍ يُحاوِلُه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 - الْغَرِيب العصى العاصى الْمَعْنى يَقُول إِن الدَّهْر لم يزل عَاصِيا ينكد على كل من أمل شَيْئا وَلَا يبلغهُ مُرَاده وَأَنت قد أطاعك فَكَأَنَّهُ عبد إِذا دَعوته لباك بِمَا تُرِيدُ وَهُوَ قريب من قَول الآخر (تَصَرَّفَتِ الدُّنْيا لَهُ بِقَضَائِهِ ... فأيَّامُها أنَّى يَشاءُ صَوَارِفُ) 30 - الْغَرِيب شأوهن سبقهن وظلع جمع ظالع وَهُوَ الغامز من يَد أَو رجل الْمَعْنى يَقُول قد أفنت فضائلك وأوصافك الْفَضَائِل وَقد انصرفت بعد بُلُوغ غَايَة الْوَصْف فِيهَا مطايا وصفى ظلعا أى مقصرة عَن الْإِدْرَاك وَلما اسْتعَار لوصفه مطايا جعلهَا ظلعا وَمثله لحبيب (هَدَمَتْ مَساعِيهِ المَساعِىَ وَابْتَنَتْ ... خُطَطَ المَكارِمِ فِى عِراصِ الفَرْقَدِ) 31 - الْمَعْنى يَقُول جرت مفاخرك فى الشرق والغرب مجْرى الشَّمْس فَمَا تركن شرقا وَلَا غربا إِلَّا جزنه لِأَن ذكرك قد عَم الْبِلَاد بالفخر قَالَ ابْن وَكِيع هَذَا مَأْخُوذ من قَول حبيب (أمَطْلَعَ الشَّمْسِ تَبْغى أنُ تَؤُمَّ بِنا ... فَقُلْتُ كَلاَّ وَلَكِنْ مَطْلَعَ الجُودِ) وَلَيْسَ بَينهمَا تناسب لَا لفظا وَلَا معنى وَإِنَّمَا بَيت حبيب فِيهِ // المخلص الْحسن // وَإِنَّمَا هُوَ من قَول ابْن الجهم (وَسارَتْ مَسِيرَ الشَّمْسِ فِى كلّ بَلْدَةٍ ... وَهَبَّتْ هبوب الرّيحِ فِى البرّ والبَحْرِ) وَمن قَول أَبى قيس يصف قصيدة (تَسِبرُ مَسِيرَ الشَّمْسِ شَرْقا وَمَغْرِبا ... وَيحْلُوا بأَفْوَاهِ الرّجالِ نَشِيدُها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الصَّحِيحَة وهى الَّتِى قَرَأت بهَا على الشَّيْخَيْنِ الْإِمَامَيْنِ أَبى الْحرم مكى بن رَيَّان وأبى مُحَمَّد عبد الْمُنعم بن صَالح النحوى لعممنها وخشين بالنُّون وَالضَّمِير للمفاخر وروى الواحدى والخوارزمى لعممتها وَالضَّمِير للممدوح وخشيت بِضَم التَّاء وَالضَّمِير للمتنبى الْمَعْنى يَقُول لَو قرنت الدُّنْيَا بِأُخْرَى مثلهَا وضمت إِلَيْهَا لعمتها همتك وعزمك وسعة صدرك وَخفت أَنا أَن لَا نقنع بهما وعَلى روايتهما لعممنها أى مفاخرك وفضائلك وخشين أَن لَا تقنع بهما 33 - الْإِعْرَاب جعل اسْم أَن نكرَة وَهُوَ جَائِز فى ضَرُورَة الشّعْر وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول أَن مَا ادّعى حق فَيكون التَّقْدِير دَعْوَاهُ حق وَمَا ادّعى فى مَوضِع رفع لِأَنَّهُ خبر أَن الْمَعْنى يَقُول لَا يكذب من ادّعى لَك فَوق هَذَا لِأَن الله يشْهد بتصديقه بِمَا خلق فِيك من علو الهمة والفضائل الْمَوْجُودَة 34 - الْغَرِيب النزر هُوَ الْقَلِيل وَإِنَّمَا كَرَّرَه لاخْتِلَاف اللَّفْظ كَقَوْلِه تَعَالَى {لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب} ومعناهما وَاحِد الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح حفظ الْقَلِيل من جنس مَا ضيعه لِأَن الْمَحْفُوظ لَا يكون مضيعا قَالَ الواحدى وعنى بِهَذَا نَفسه يُرِيد أَنه إِنَّمَا حفظ الْقَلِيل من مفاخره لِأَنَّهَا أَكثر من أَن تحفظ وَفِيه نظر إِلَى قَول الحكمى (حَفِظْتَ شَيْئا وَغابَتْ عنكَ أشْياءُ) 35 - الْإِعْرَاب رجلا نَصبه لِأَنَّهُ مَوضِع الْمَفْعُول لِأَنَّهُ خبر مَا لم يسم فَاعله وَمن النَّاس من يُسَمِّيه مَفْعُولا ثَانِيًا الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِن كَانَ لَا يدعى الْفَتى رجلا حَتَّى يكون مثلك فسم النَّاس جَمِيعهم إصبعا لأَنهم لَو وزنوا بإصبعك مَا وفوا وَقَالَ الواحدى لأَنهم بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ كالإصبع من الرجل قَالَ وَكَانَ هَذَا الممدوح يلقب بذى الإصبع لَهُ إِصْبَع زَائِدَة وروى الخوارزمى أضبعا بالضاد بالضاد الْمُعْجَمَة جمع ضبع يُرِيد كلهم بِالْإِضَافَة إِلَيْك ضباع لِأَنَّك حزت شرفا وَقدرا لم ينله إِلَّا أَنْت قَالَ ابْن وَكِيع وَهُوَ من قَول أَبى النَّجْم (لَوْ كانَ خَلْقُ اللهِ جَنْبا وَاحِداً ... وكنْتَ فِى جَنْبٍ لكُنْتَ زَائِدًا) وَمن قَول عمر بن أَبى ربيعَة المخزومى (وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ فِى جانِبٍ ... مِنَ الأرْضِ وَاعْتَزَلْتَ جانِبا) (لَيَمَّمْتُ طَيَّتَها إنَّنِى ... أرَى قُرْبَها العَجَبَ العاجبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 - 36 - الْمَعْنى يُرِيد إِن كَانَ لَا يَصح سعى كل ماجد لمكرمة حَتَّى يفعل فعلك فالغيث أبخل من سعى لبعد مَا بَيْنكُمَا ووقوعه دُونك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِن قيل لم جعل الْغَيْث أبخل الساعين إِذا قصر عَن جوده هلا كَانَ كأحدهم قيل إِنَّمَا جَازَ هَذَا على الْمُبَالغَة قَالَ ابْن وَكِيع (سَقَيْتَ فَكانَ الغَيْثُ أدْنَى مَسافةً ... وأضْيَقَ باعا مِنْ نَداكَ وأقْصَرَا) 37 - الْإِعْرَاب مرأى ومسمعا نصبهما على الْبَدَل من الْغرَّة وَيجوز أَن يَكُونَا حَالين من الْغرَّة وَابْنه يُرِيد يَا ابْنه بِحَذْف حرف النداء وَهُوَ منادى مُضَاف الْمَعْنى يَقُول أَبوك الْعَبَّاس لمسامات خَلفك لنراك بأعيننا ونشاهد فضلك ومفاخرك وسيبقى ذكرك بالفضائل بَين النَّاس يتداولونه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 1 - الْمَعْنى يَقُول الْحزن لأجل هَذِه الْمُصِيبَة يقلقنى وَالصَّبْر يمنعنى عَن الْجزع والتهالك والدمع عَاص للتجمل مُطِيع للقلق 2 - الْغَرِيب المسهد الْكثير السهاد وَهُوَ الْمَمْنُوع النّوم الْمَعْنى يَقُول الصَّبْر والحزن يتنازعون دموع عينى فالحزن يجِئ بهَا وَالصَّبْر يردهَا 3 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كَانَ اللَّيْل وَالْكَوَاكِب مِمَّا يُؤثر فيهمَا حزن لأثر فيهمَا مَوته وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا أَرَادَ أَن اللَّيْل طَوِيل لفقده فالليل معى وَالْكَوَاكِب ظلع مَا تسير يُرِيد طول اللَّيْل للحزن قَالَ الواحدي النم بعده لَا يألف الْعين فَلَا تنام حزنا عَلَيْهِ وَاللَّيْل من طوله كَأَنَّهُ قد أعيا عَن المتنبي فَانْقَطع وَالْكَوَاكِب كأنهاظالعة لَا تقدر أَن تقطع الْفلك فتغرب كل هَذَا يصف بِهِ طول ليله بعده من الْحزن عَلَيْهِ 4 - الْغَرِيب يُقَال جبن عَنهُ وَجبن مِنْهُ شَاذ وَالْحمام الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول إنى أَخَاف فِرَاق الْأَحِبَّة خوف الجبان وَأَشْجَع عِنْد الْمَوْت فَلَا أخافه يُرِيد أَن الْفِرَاق عِنْده أعظم من الْمَوْت كَمَا قَالَ حبيب (جَلِيدٌ على عَتْبِ الخُطُوبِ إذَا عَرَتْ ... وَلَيْسَ عَلى عَتْبِ الأخِلاَّءِ بالجَلْدِ) 5 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه صَعب على الْأَعْدَاء لَا يلين لَهُم وَلَا يعتبهم ويزداد عَلَيْهِم قسوة إِذا غضبوا وَلكنه عِنْد عتب الصّديق يجزج وَلَا يُطيق احْتِمَاله وَهَذَا كَقَوْل أَشْجَع السلمى (يُعْطِى زِمامَ الطَّوْعِ أحْبابَهُ ... وَيَلْتَوِى بالمَلِكِ الْقادِرِ) وَمثله للطائى (جَلِيد على عَتْبِ الخُطُوبِ إذَا عَرَتْ ... وَلَيْسَ على عَتْبِ الأَخْلاَءِبالجَلْدِ) 6 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْحَيَاة لَا تصفو لمن يلحظ الدُّنْيَا بِعَين الْمعرفَة ويتأملها تَأمل الدِّرَايَة وَإِنَّمَا تصفو لجَاهِل لَا يعرف عواقبها فيتوقعها أَو لغافل لَا يمثل صوارفها وتصاريفها ويتذكرها فهى تصفو للغافل عَمَّا مضى من حَيَاته وَمَا يتَوَقَّع فى العواقب من انْقِضَائِهَا أَو حَادث لَا يُطيق حمله 7 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا تصفو لمن يغالط فِيهَا عقله وتحسن عِنْد من يكابر فِيهَا نَفسه ويسومها الْمحَال فتركن إِلَيْهِ أَو يمنيها فتعتمد بآمالها عَلَيْهِ وَمعنى الْبَيْت أَن الدُّنْيَا على الْحَقِيقَة دَار غرور وأخطار وَالْإِنْسَان فِيهَا على خطر عَظِيم والحياة فانية فِيهَا وَإِن طَالَتْ فَمن غلط فى هَذَا وَمنى نَفسه السَّلامَة والبقاء صفا عيشه حِين ألْقى عَن نَفسه الْفِكر فى العواقب وكلف نَفسه طلب الْمحَال من الْبَقَاء فى السَّلامَة مَعَ نيل المُرَاد وطمعت فى ذَلِك نَفسه وَهُوَ من قَول أَبى الْعَتَاهِيَة (إنَّما يَغْتَرُّ بالدُّنْيا غَفُولٌ أوْ جَهولُ) ثمَّ قَالَ دَالا على أَن الْبَقَاء محَال (أَيْن الذى ... الخ ... ) الحديث: 143 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 - الْغَرِيب الهرمان بِنَا آن عظيمان بِأَرْض مصر ارْتِفَاع كل وَاحِد مِنْهُمَا أَربع مئة ذِرَاع وهما ثابتان وَلَا يعرف البانى لَهما وَقَالَ الواحدى 1 أَحدهمَا قبر شَدَّاد بن عَاد وَالْآخر قبر إرم ذَات الْعِمَاد الْإِعْرَاب مَا قومه وَمَا بعده اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّعَجُّب وَمثله {الحاقة مَا الحاقة} الْمَعْنى يَقُول إنَّهُمَا بقيا بعد من بناهما واندرس ذكره وَذكر قومه فَمَا يعْرفُونَ وَلَا يعرف بأى ميتَة هلك وَلَا فى أى وَقت لطول معمر الدَّهْر عَلَيْهِ وَهَذَا كُله يُرِيد بِهِ التَّنْبِيه على أَن الدُّنْيَا مفنية لأَهْلهَا مُنكرَة على من اغْترَّ بهَا وَأَن الفناء وَاقع وَلَا سَبِيل إِلَى الْبَقَاء وَقَوله {أَيْن الذى الهرمان من بُنْيَانه} اسْتدلَّ ببنائهما على تمكنه وأقامهما شَاهِدين على قوته وَقدرته أى أَيْن هُوَ وقوته وَأَيْنَ قومه وكثرتهم وَأَيْنَ عَددهمْ وعددهم أما عفت الدُّنْيَا آثَار ملكه وأفنته أما فرقت شَمله وشتتته مَا فى بطن الأَرْض غيبته وَفِيه نظر إِلَى قَول عدى بن زيد (أيْنَ كِسْرَى كسْرَى المُلُوكِ أنُو ... شُرْوَان أمْ أيْنَ قَبْلَهُ سابُورُ) 9 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْآثَار وهى الْبُنيان تبقى بعد أَرْبَابهَا لتدل على تمكنهم وقوتهم وسطوتهم ثمَّ ينالها بعدهمْ مَا نالهم من الفناء وَأَن الخزاب سيدركها فتذهب الْآثَار كَمَا ذهب المؤثرون لَهَا فَهَذِهِ عَادَة الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا والمعهود من تصاريفها 10 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ عالى الهمة وَمَا كَانَ يرضى بمبلغ يبلغهُ فى الْعلَا حَتَّى يطْلب مَا فَوْقه وَلم يَسعهُ مَوضِع لِكَثْرَة جُنُوده وَلَا يرضى بذلك الْمَكَان لِأَنَّهُ كَانَ لَا يبلغ مبلغا إِلَّا رَآهُ قَلِيلا لنَفسِهِ متواضعا عَن جلالة قدره وَلَا يملك جِهَة من الأَرْض إِلَّا ضَاقَتْ عَن همته وَقصرت مَعَ سعتها عَن الْوَفَاء برغبته 11 - الْغَرِيب البلقع الخالى الذى لَا شئ فِيهِ وَقَوله ذَهَبا تَمْيِيز الْمَعْنى يَقُول كُنَّا نظن أَنه صَاحب ذخائر فَلَمَّا مَاتَ لم يخلف شَيْئا لِأَنَّهُ كَانَ جوادا وَقَوله {كل دَار بلقع} يُرِيد أَن مآل كل دَار أَن تكون خَالِيَة بعد ساكنها بلقعا وَهَذِه عَادَة الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 - الْإِعْرَاب كل روى بِالنّصب وَالرَّفْع فَمن رفع فالتقدير كل شئ من هَذِه الْأَشْيَاء يجمعه وَمن نصب أَرَادَ يجمع كل شئ من الْمَذْكُورَات الْغَرِيب أَعْوَج هُوَ فَحل كريم كَانَ فى الْجَاهِلِيَّة تنْسب إِلَيْهِ الْخَيل الأعوجية وَإِنَّمَا سمى أَعْوَج لِأَن غَارة نزلت بِأَصْحَابِهِ لَيْلًا فَهَرَبُوا وَكَانَ هَذَا الْفرس مهْرا فلضنهم بِهِ حملوه فى وعَاء على الْإِبِل فاعوج ظَهره وبقى فِيهِ العوج فلقب بالأعوج وَقَالَ الأصمعى سُئِلَ ابْن الْهِلَالِيَّة فَارس أَعْوَج عَنهُ فَقَالَ ضللت فى بعض مفاوز بنى تَمِيم فَرَأَيْت قطاة تطير فَقلت فى نفسى وَالله مَا تُرِيدُ إِلَّا المَاء فاتبعتها فَمَا زلت أَغضّ من عنان أَعْوَج حَتَّى وَردت المَاء وَأدْركت القطاة وَهَذَا الْبَيْت من قَول حَاتِم (مَتى مَا يَجِئْ يَوْما إِلَى المَالِ وَارِثى ... يَجِدْ جمْعَ كَفّ غيرِ مَلأَى وَلا صِفْرِ) (يَجِدْ مُهْرَةً مثْلَ القَناةِ قَوِيمَةً ... وَعَضْبا إذَا مَا هُزَّ لَمْ يَرْضَ بالمُهْرِ) (وَرُمحاً رُدَيْنِياًّ كأنَّ كَعُوبَهُ ... نَوَى القَسْبِ قد أرْبى ذِرَاعا على العَشرِ) وَمثله (إِذا خَزَنَ المَالَ البَخيلُ فإنَّمَا ... خَزَائِنُهُ خَطِيَّةٌ وَدُرُوعُ) وَمن قَول عُرْوَة بن الْورْد (وذِى أمَلٍ يَرْجُو تُرَاثى ... . الْبَيْت ... ) وَمن قَول امْرَأَة (مَضَى وَوَرِثْناهُ دَرِيسَ مُفاضَةٍ ... ) وهى من أَبْيَات الحماسة وَقد قَالَ مَرْوَان بن أَبى حَفْصَة فى معن بن زَائِدَة يرثيه (وَلمْ يَكُ كَنْزُهُ ذَهَبا وَلَكِنْ ... حَدِيدَ الهنْد والحَلَقَ المُذَالا) 13 - الْإِعْرَاب إِذا جعلته الْمجد والمكارم أخسر صَفْقَة اخْتَلَّ لِأَنَّك تفصل بالمكارم بَين أخسر وَبَين صَفْقَة وهى مَنْصُوبَة بأخسر الَّتِى هى عطف على الْمجد وَهَذَا غير جَائِز لِأَن صَفْقَة تحل من أخسر مَحل الصِّلَة من الْمَوْصُول أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن تَقول زيد أحسن وَعَمْرو وَجها وَلَكِن لَك أَن تصفه إِلَى وَجه آخر وَهُوَ أَن تجْعَل المكارم عطفا على الضَّمِير فى أخسر فَإِن عطفته على الضَّمِير الذى فِيهِ لم يكن أَجْنَبِيّا مِنْهُ فَلَا يعد فصلا بَينه وَبَين صَفْقَة فَيصير نَحْو قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل أكل وَعَمْرو خبْزًا بعطف عَمْرو على الضَّمِير فى أكل وَنصب خبْزًا بِأَكْل وفى نَوَادِر أَبى زيد (فَخيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْكُمُ ... إذَا الدَّاعِى المُثَوّبُ قالَ يالا) فَلَا يجوز ان يكون نَحن مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ ومنكم مُتَعَلق بِخَير على أَن يكون خير خَبرا لمبتدأ لِئَلَّا يفصل نَحن بَين خير ومنكم وَلَكِن يجوز أَن يكون نَحن توكيدا للضمير فى خير وَيكون خير خبر مبتدإ مَحْذُوف فَكَأَنَّهُ قَالَ فَنحْن خير خير عِنْد النَّاس مِنْكُم وَحسن حذف نَحن الأولى الَّتِى هى مُبْتَدأ لمجئ الثَّانِيَة توكيدا للضمير فى خير وَيجوز وَجه آخر وَهُوَ أَن تنصب صَفْقَة بِفعل مُضْمر يدل عَلَيْهِ أخسر وَتجْعَل المكارم عطفا على الْمجد لَا على الضَّمِير فى أخسر فَلَا تكون على هَذَا قد فصلت بَين مَا يجرى مجْرى الصِّلَة والموصول فَيصير التَّقْدِير الْمجد أخسر والمكارم أَيْضا كَذَلِك ثمَّ قَالَ صَفْقَة وَكَأَنَّهُ قَالَ خسرت صَفْقَة فَدلَّ أخسر على خسرت كَمَا دلّ أعلم فى قَوْله تَعَالَى {إِن رَبك هُوَ أعلم من يضل عَن سَبيله} على يعلم أَو علم فَيكون من يضل مَنْصُوبًا بِالْفِعْلِ الذى دلّ عَلَيْهِ أعلم وَإِنَّمَا حملناه على ذَلِك هربا من أَن يكون من يضل من يضل فى مَوضِع جر بِالْإِضَافَة إِلَى أعلم لِأَن أعلم وأفعل إِذا أضيف إِلَى شئ كَانَ بَعْضًا لَهُ نَحْو قَوْلك زيد أكْرم النَّاس فلابد أَن يكون من النَّاس وَلَا نقل زيد أفضل النعام لِأَنَّهُ لَيْسَ من النعام فَكَذَلِك لَا يجوز أَن تضيف أعلم إِلَى من يضل لِأَن الله تَعَالَى لَا يكون بعض الضَّالّين الْغَرِيب الأروع الْكَرِيم الْحسن المنظر الْمَعْنى يَقُول الْمجد والمكارم حظهما أنقص من أَن يعِيش أَبُو شُجَاع المرثى الْجَامِع لشملهما الْمُوكل بحفظهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 - الْمَعْنى يَقُول أهل زماتك أقل قدرا وأوضع مَكَانا ومرتبة من أَن تكون بَينهم مخالطا لَهُم لِأَنَّك ترْتَفع عَنْهُم ويتواضعون عَنْك وتكبر عَن مماثلتهم فَأَنت أشرف مِنْهُم 15 - الْمَعْنى يَقُول كلمنى كلمة إِن قدرت عَلَيْهَا لتسكن حرارة قلبى من الوجد فَإنَّك كنت حَيا تضر الْأَعْدَاء وَتَنْفَع الْأَوْلِيَاء وَإِنَّمَا طلب تبريد الحشى لما يضمر من الوحد والحزن والأسف على الْمَفْقُود فخاطبه بِهَذَا وَهُوَ يعلم أَنه لَا يقدر على الْجَواب 16 - الْمَعْنى يَقُول مَا كَانَ مِنْك إِلَى أحبتك قبل أَن تفجعهم بِنَفْسِك وتطرقهم الْأَيَّام بفقدك فعل ينكرونه فيريبهم ويكرهونه فيوجعهم وَمَا زلت تعمهم بِفَضْلِك وتغمرهم بإحسانك وبرك فَلَمَّا فقدت أوجعت قُلُوبهم وأبكيت عَنْهُم بمصابك 17 - الْغَرِيب الأصمع الذكى الحاد والأصمعان الْقلب الذكى والرأى وثريدة مصمعة إِذا كَانَ وَسطهَا نانئا والصومعة فوعلة مِنْهُ لِأَنَّهَا مُرْتَفعَة الْمَعْنى يَقُول كنت فى حَال حياتك مَا تنزل بك ملمة من الدَّهْر إِلَّا رَفعهَا عَنْك قلب ذكى وَلَا تعروك عَظِيمَة من الْأَمر إِلَّا نفى عَنْك مَا تحذر من ذَلِك قلب ذكى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 - الْإِعْرَاب يَد عطف على فَاعل نفاها الْمَعْنى يَقُول ونفاها يَد قتالة للأعداء قَوِيَّة باطشة فى الْقِتَال باذلة للأولياء فى المنوال وَترى ذَلِك فرضا عَلَيْك وَهُوَ نفل لَا وجوب عَلَيْك فِيهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (ثَوَى مالُهُ نَهْبَ المَعالى فَأَوْجَبَتْ ... علَيْهِ زَكاةُ الجُودِ مَا ليسَ وَاجِباَ) وَقَول ابْن الرومى (مَلِكٌ لَا يَرَى اللُّهَا ... تَسْتَحِقُّ الوَسائِلاَ) (وَيَرَاهاَ فَرَائِضًا ... وتُسَمَّى نَوَافِلاَ) وَقَول الآخر (أغَرِّ مَتى تَسْأَلْهُ جادَ فَرِيضَةً ... وَإنْ أنْتَ لَمْ تَسأَلْهُ جادَ تَبرُّعا) 19 - الْغَرِيب الْحلَّة ثَوْبَان يَلْبسهُمَا الرجل مُجْتَمعين الْمَعْنى يَقُول يَا من كَانَ فَحذف كَانَ وَهُوَ يريدها وَيجوز أَن يكون حِكَايَة الْحَال أى أَنه كَانَ يُبدل فى حَال حَيَاته كَقَوْل الراجز (جَارِيَةٌ فِى رَمَضَانَ المَاضِى ... تُقَطِّعُ الحَدِيثَ بالإِيماضِ) فَحكى حَالهَا فى الْوَقْت وَمعنى الْبَيْت أَنه كَانَ يلبس فى كل يَوْم لباسا جَدِيدا غير الآخر ويخلع الملبوس على من يَقْصِدهُ فَكيف رضى بِثَوْب لَا يخلع وَهُوَ الْكَفَن 20 - الْمَعْنى يَقُول يَا من يُبدل كل يَوْم حلَّة مَا زلت تخلعها أى كنت تلبس كل يَوْم خلعة ثمَّ تخلعها على من جَاءَ يطْلبهَا من شَاعِر أَو زائر أَو قَاصد لدفع ملمة وَالْيَوْم قد لبست ثوبا لَا يخلع يُرِيد الْكَفَن 21 - الْغَرِيب القادح الذى يثقل حمله الْمَعْنى يَقُول مَا زلت تدفع عَنَّا الْأُمُور الثَّقِيلَة حَتَّى أَتَى الْأَمر الذى لَا يدْفع وَهُوَ الْمَوْت وَهُوَ مَنْقُول من قَول يحيى بن زِيَاد الحارثى من أَبْيَات الحماسة (دَفَعْنا بِكَ الأَيَّامَ حَتَّى إذَا أتَتْ ... تُرِيدُكَ لَمْ نَسْطِعْ لَهَا عَنْكَ مَدْفَعا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 - الْغَرِيب عرَاك أَصَابَك وإشراع الرماح بسط الأيدى بهَا الْمَعْنى يَقُول ظللت أى أَقمت تنظر إِلَى الْمَوْت نظر الْمُسلم وَلَا تطِيق مدافعته وَلَا يمكنك أَن تباطشه قد عجزت رماحك عَن مطاعنته وَقصرت سيوفك عَن مجالدته فسطا عَلَيْك سطوة الْمَالِك وغلبك غَلَبَة الْمُحِيط بك وَالْمعْنَى يُرِيد لم تعْمل سيوفك وَلَا رماحك فى دفع مَا نزل بك من الْمَوْت 23 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا الوحيد أفديه بأبى أى الوحيد من الْأَنْصَار مَعَ كَثْرَة جيوشه الْمُنْفَرد من الْأَصْحَاب مَعَ توفر جمعه الباكى على نَفسه عِنْد انْقِضَاء بَقِيَّة عمره وَمن شَرّ السِّلَاح عِنْد المدافعة وأظهره تقصيرا عِنْد المغالبة الْبكاء الذى لَا ينفع والدمع الذى لَا يعْنى 24 - الْغَرِيب تقرع تضرب والقرع الضَّرْب ورعت أى أخفت الْمَعْنى يَقُول إِذا حصلت من سِلَاحك على الْحزن وَمن أنصارك على الْبكاء فحشاك تروع بحزنك وخدك تضرب بدمعك وَلَا يرد عَنْك شَيْئا يُرِيد أَن الدمع لَا يدْفع شَيْئا 25 - الْإِعْرَاب قطع همزَة الباز لِأَنَّهَا أول المصراع الثانى فَكَأَنَّهُ أخد فى بَيت ثَان كَقَوْل الآخر (لتَسْمَعُنَّ وَشيكا فِى دِيارِكُمُ ... أللهُ أكْبَرُ يَا ثارَاتِ عُثْمانا) الْغَرِيب الباز الْأَشْهب هُوَ الذى غلب عَلَيْهِ الْبيَاض والأبقع الذى فى صَدره بَيَاض الْمَعْنى يَقُول وصلت إِلَيْك يَد يُرِيد الْمنية الَّتِي لَا ترد فالشريف والوضيع وَالْكَبِير وَالصَّغِير والأحمر وَالْأسود عِنْدهَا سَوَاء لَا تحاشي أحدا وَلَا يفلت مِنْهَا مَا تَأْخُذهُ وَلَا يفوتها مَا تقصده فعلهَا مَعَ الباز الْأَشْهب مَعَ كرمه كفعلها بالغربا الأبقع مَعَ قبحة ودمامته وَهَذَا مثل ضربه بالباز الْأَشْهب والغربا الأبقع وروى الواحدى (سَوَاء عِنْدهَا الباز الأشيهب) بوصل الْهمزَة مَعَ حذف ألف الضَّمِير من عِنْدهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 - الْغَرِيب المحافل جمع محفل وَهُوَ الْمُجْتَمع والجحافل جمع جحفل وَهُوَ الْعَسْكَر الْعَظِيم والسرى سير الْوُفُود بِاللَّيْلِ والنير الْكَوْكَب الْكثير النُّور والنيران الشَّمْس وَالْقَمَر الْمَعْنى يَقُول متفجعا عَلَيْهِ من للمحافل فى إرشاد جماعتها والجحافل فى تصريف كتائبها والسرى عِنْد انتهاز فرص الْحَرْب وَطلب الْغرَّة من الْأَعْدَاء فى الْغَزْو وَلَقَد فقدت بفقدك المرشد الذى كَانَت تستمد بِرَأْيهِ والنير الذى كَانَت تهتدى بضوئه فقد مت مَا كَانَت تعهده عِنْده وَغرب غروبا لَا يطلع بعده ثمَّ قَالَ أَيْضا مفجعا (وَمن اتَّخذت ... . الخ ... ) 27 - الْمَعْنى يَقُول وَمن اتَّخذت على ضيوفك الَّذين كنت تسر بقراهم وتلتذ بِمَا تكلّف فى برهم ضَاعُوا بعْدك لفقدك وعدموا مَا عهدوه من فضلك وَمثلك من لَا يضيع فى حَيَاته قاصده وَلَا يخيب من مبرته زَائِره لَكِن المنايا تغلب الْعَادَات وَالْأَيَّام بتصرفها تفرق الْجَمَاعَات 28 - الْإِعْرَاب قبحا مصدر قبح الله وَجهه قبحا الْمَعْنى يَقُول قبح الله وَجهك يَا زمَان لِأَنَّهُ وَجه اجْتمعت فِيهِ القبائح يَقُول هَذَا منبها على جور الزَّمَان أى قبح الله وَجهك وأهانه وَلَا أكْرمه لِأَنَّهُ وَجه مبرقع بضروب الْقبْح وصروف اللؤم لَا يحمد مثله وَلَا يشْكر فعله لِأَنَّهُ زمَان سوء 29 - الْإِعْرَاب فاتك روى بِالرَّفْع والجر فالجر بدل من أَبى شُجَاع وَالرَّفْع بدل من قَوْله مثل الْغَرِيب الأوكع من الوكع وَهُوَ عيب فى الْيَد وَالرجل وَيكون فى العَبْد وَيُقَال الأوكع الأحمق الْمَعْنى يتعجب حِين مَاتَ وَهُوَ فى جوده وفضله فَرد ويعيش حاسده الجافى لأحمق الصلب من قَوْلهم سقاء وَكِيع إِذا اشْتَدَّ وصلب يُرِيد بحاسده كافورا 30 - الْمَعْنى يُرِيد الأيدى الَّتِى حول كافور هى مقطعَة لِأَن قَفاهُ يَصِيح بهَا أَلا من يصفع فلولا أَنَّهَا مقطعَة لسفعته وَالْمعْنَى أَنه لسقوطه يَدْعُو إِلَى إذلاله وَلَكِن لَيْسَ عِنْده من فِيهِ خير يهجوه ويهجو أَصْحَابه الَّذين حوله لتأخرهم عَن صفعه والصفع مولد لَيْسَ بعربى وَيُقَال حولك وحواليك وحوليك وحوالك وَقد خرج إِلَى هجاء كافور وَأَصْحَابه من رثاء فاتك وَهُوَ نوع من الاستطراد وَأحسن مَا قيل فى الاستطراد قَول بَعضهم (وَلَيْلٍ كوَجْهِ البَرْ قَعِيدِىّ مُظْلِمٍ ... وَبَرْدِ أعالِيهِ وَطُولِ قُرُونِهِ) (سَرَيْتُ وَنَوْمى فِيهِ نَوْمٌ مُشَرَّدٌ ... كَعَقْلِ سُلَيْمانَ بْنِ فَهْدٍ وَدِينِهِ) (عَلى أوْلَقٍ فِيهِ اخْتِباطٌ كأنَّهُ ... أبُو جابِرٍ فِى خَبْطِهِ وَجُنُونِهِ) (إِنِّي إأنْ بَدَا وَجْهُ الصَّباحِ كأنَّهُ ... سَنى وَجْهِ قِرْوَاشٍ وَضْوْءُ جَبِينِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 - الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا للزمان ومؤكدا لما تقدم من ملامته أبقيت كافورا أكذب من أبقيته من الْكَاذِبين وَأسْقط من غادرته من الْمُتَأَخِّرين وَأخذت أصدق من يَقُول فيستمع لَهُ وَلَا يُنكر صدقه وَأكْرم من يسمع فَلَا يُنكر فَضله وَالْمعْنَى أَنَّك أبقيت أكذب الْكَاذِبين وَأخذت أصدق الصَّادِقين والسامعين 32 - الْغَرِيب يُقَال ريح وريحة وَقد قيل فى جمع ريحة ريح وتتضوع تفوح والمنتن القذر الْخَبيث الرَّائِحَة الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا للزمان معنفا لَهُ تركت من كافور الْأسود أَخبث رَائِحَة وأحقها بالذم وأكرهها وَأخذت من فاتك أطيب مشموم يعبق رِيحه ويفوح 33 - الْغَرِيب قَالَ ابْن الأعرابى دَابَّة نافر بَين النفار والنفور وَلَا يُقَال نافرة والتطلع الاستشراف الْمَعْنى أَنه كَانَ صَاحب طرد وصيد فَإِذا الْوَحْش قر دَمه وَكَانَ يتَوَقَّع اقتناصه لَهُ وصيده إِيَّاه وَكَانَ دَمه يحس بالسفك ويتطلع إِلَى الجرى خوفًا مِنْهُ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه كَانَ يلازم الوحوش بالصيد بمواصلته الْغَزَوَات وتبديه فى الفلوات فبموته قرت دِمَاء الْوَحْش 34 - الْغَرِيب قَوْله (ثَمَر السِّيَاط ... ) بِالتَّاءِ الْمُثَلَّثَة العقد الَّتِى تكون فى عذباتها وأوت عَادَتْ إِلَيْهَا وَرجعت وسوقها جمع سَاق يُقَال سَاق وسوق وأسوق وسيقان وَقد جَاءَ فِيهِ الْهَمْز وَقَرَأَ قنبل عَن ابْن كثير (فَطَفِقَ مسحا بِالسوقِ والأعناق ... ) الْمَعْنى يَقُول قد تصالحت السِّيَاط وَالْخَيْل بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يضْربهَا ويكرهها على الْعَدو إِلَى الْعَدو فَلَمَّا مَاتَ عَادَتْ إِلَى الْخَيل أذرعها وسوقها وَكَانَت كَأَنَّهَا غَائِبَة عَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَ يركضها دَائِما إِمَّا لِلْعَدو أَو إِلَى الصَّيْد أَو لإغاثة مستصرخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 - الْغَرِيب عَفا درس وَذهب والطراد مطاردة الفرسان وَهُوَ التجاول فى الْحَرْب والراعف الذى يقطر مِنْهُ الدَّم والحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول بِمَوْت فاتك ذهب ذَلِك ودرس فَلَا يرعف بعده سِنَان وَلَا يلمع سيف قَالَ ابْن وَكِيع وَمعنى الْبَيْتَيْنِ من قَول التميمى (تَرَكْتَ المَشْرِفِيَّةَ والْعَوَالى ... مُخلاَةً وَقَدْ حانَ الْوُرُودُ) (وَغادرتْ الجِيادَ بكُلّ مَرْجٍ ... عَوَاطِلَ بَعْدَ زِينَتِها تَرُودُ) وَمن قَول الهذلية ترثى أَخا لَهَا (بَهِجَتْ جيادُكَ واسْتَرَحْنَ مِن الوَجَى ... والمَشْرِفِيَّةُ والْقنَا والسُّيَّرُ) 36 - الْغَرِيب المخالم المصادق والمنادم النديم الْمَعْنى يَقُول ولى أى عِنْد النهوض إِلَى قَبره والتقدم إِلَى لحده وكل من أمه وعول عَلَيْهِ ونادمه مشيعون غير مؤانسين ومودعون غير ملازمين 37 - الْإِعْرَاب من هُوَ فَاعل ولى يُرِيد ولى من كَانَ فِيهِ الْغَرِيب الملجأ الْمَكَان الذى يلجأ إِلَيْهِ ويعتصم بِهِ من المخاوف والمرتع المرعى الْمَعْنى يَقُول ولى من كَانَ ملْجأ لأوليائه وَكَانَ لسيفه فِيمَن عَصَاهُ وَخَالفهُ مرتع يرتع فِيهِ يُرِيد أَنه يروع الْقلب بسطوته 38 - الْغَرِيب الْفرس هم أهل فَارس وكسرى هُوَ ملك فَارس وروم جمع رومى ملكهم قَيْصر وَتبع هُوَ ملك الْعَرَب الْمَعْنى يَقُول إِن فاتكا كَانَ مُعظما فى كل أمة معترفا بفضله فى كل طَائِفَة فَإِن حل فى الْفرس لحظته بِالْعينِ الَّتِى كَانَت تلحظ بهَا كسْرَى وَهُوَ ملكهَا الْمُنْفَرد بتدبير أمرهَا فالفرس تعترف بفضله ورفعته وجلالته وَإِن حل بَين الرّوم أحلته مَحل ملكهَا قَيْصر الْمُعظم ومتوجها الْمُقدم فَنزلت على حكمه وسلمت لأَمره وَإِن حل بَين الْعَرَب كَانَ عِنْدهم كتبع لَا يدْفع فَضله وَلَا يُخَالف أمره وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن فاتكا كَانَ مقدما فى جَمِيع الْأُمُور محرزا غَايَة الْبَأْس وَالْكَرم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 - الْإِعْرَاب فرسا نصب على التَّمْيِيز الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ إِذا طَاعن لم يدْرك وَكَانَ أَشد الفرسان إقحاما يقحم غَمَرَات الْحَرْب وَلَكِن الْمنية أسْرع مِنْهُ فَأَدْرَكته 40 - الْمَعْنى يَقُول على سَبِيل الدُّعَاء والتأكيد لما قدمه من الثَّنَاء لَا حملت أيدى الفوارس بعد هَذَا رمحا لأَنهم لَا يحسنون الركض والطعان إحسانه وَلَا حملت الْخَيل قَوَائِمهَا فَإِنَّهَا مقصرة عَن نكاية الْعَدو بعده وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن الْخَيل وَالسِّلَاح إِنَّمَا يكرمان بِمَا يظْهر فاتك فيهمَا من رَغْبَة وَمَا كَانَ يَسْتَعْمِلهُ فيهمَا مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ همته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 - 1 - الْإِعْرَاب هَذِه الْبَاء بَاء التفدية وَمن فى مَوضِع رفع وَالتَّقْدِير فدَاء بأبى من وددته وَيجوز أَن يكون فى مَوضِع نصب وَيكون التَّقْدِير أفدى بأبى وَيجوز أَن يكون فى مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مقدم عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول أفدى بأبى من أحببته وَقد فارقتنى وَقضى الله الِاجْتِمَاع بعد ذَلِك وَفَسرهُ بقوله (وافترقنا حولا ... ) الخ 2 - الْمَعْنى يَقُول كَانَ تَسْلِيمه على عِنْد اللِّقَاء توديعا لفراق ثَان والوداع بِمَعْنى التوديع وَهَذَا من قَول على بن جبلة (رَكِبَ الأَهْوَالَ فِى زَوْرَتِهِ ... ثُمَّ مَا سَلَّمَ حَتَّى وَدَّعا) وَمن قَول الآخر (بأبى وأُمِّى زائِرٌ مُتَقَنِّعٌ ... لَمْ يَخْفَ ضَوْءُ البَدْرِ تَحْتَ قِناعِهِ) (لَمْ أسَْتَتِمَّ عِناقَهُ للِقائِهِ ... حَتَّى ابْتَدَأتُ عِناقَهُ لَوَدَاعِهِ) الحديث: 144 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 - 1 - الْغَرِيب الطفيف الْقَلِيل الحقير من قَوْلهم طف الشئ وأطف الْمَعْنى يُرِيد عطاياك تصغر وتحقر مَا سقت من الْخَيل وأهديته حَتَّى يكون موقعها نزرا فالألوف من الْخَيل يسيرَة فى ذَلِك لِأَن عطاياك لَا يقدر أحد على إحصائها فالألوف قَلِيل فى جنب عطاياك 2 - الْغَرِيب المطهم هُوَ التَّام الْجمال الْمَشْهُور عُنُقه الْمَعْنى الْأَلْفَاظ الَّتِى يُوصف بهَا الْخَيل تجمعها لَفظه المطهم يَقُول إِنَّك أمرتنى أَن أخْتَار وصف فرس تهبه لى فالذى أختاره هُوَ المطهم وَهُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أَهله وَأَشَارَ بقوله وَذَاكَ إِلَى الْوَصْف لِأَن المطهم وصف 3 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت استدعيت الْوَصْف فَذكرت وَصفا وَاحِدًا طَاعَة لأمرك والذى عندى أَنه لَا اخْتِيَار لنا عَلَيْك فِيمَا تُعْطى أَنْت الشريف وَمَا تهب شرِيف أَنْت رفيع وَمَا تهب رفيع 146 - 1 - الْإِعْرَاب أَهْون أى مَا أهونه على حد أبْصر بهم وأسمع أى مَا أبصرهم الْمَعْنى يَقُول مَا أَهْون الثواء يُرِيد مَا أَهْون مقَامه فى السجْن وَمَا أَهْون على هَذِه الْأَشْيَاء لأنى قد وطنت نفسى عَلَيْهَا فهان على مَا أردته وَهَذَا كَقَوْل كثير (فَقُلْتُ لَهَا يَا عَزَّ كُلُّ مُصِيبَةٍ ... إِذا وْطِّنَتْ يَوْما لَهَا النَّفْسُ ذَلَّتِ) وكل هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه شُجَاع قوى الْقلب صبور لَا يَهو لَهُ مَا ذكره الحديث: 145 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 - الْمَعْنى يَقُول قبلته اضطرارا لَا اخْتِيَارا فالأسد يرضى بِأَكْل الْجِيَف إِذا لم يجد غَيرهَا وَهَذَا من قَول المهلبى (مَا كُنْتَ إلاَّ كَلَحْمِ مَيْتٍ ... دَعا إِلَى أكْلِهِ اضْطِرَارُ) وَمثله لأبى على الْبَصِير (لعَمْرُ أبِيكَ مَا نُسِبَ المُعَلَّى ... إِلَى كَرَمٍ وفِى الدُّنْيا كَرِيمُ) (وَلَكِنَّ البِلادَ إذَا اقْشَعَرَّتْ ... وَصَوَّحَ نَبْتُها رُعَى الهَشِيمُ) وَمثله لآخر (فَلا تَحْمَدُونِى فِى الزّيارَةِ إننِى ... أزُورُكُمُ إذْ لَا أرَى مُتَعَللاَ) وَمثله أَيْضا (خُذْ مَا أتاكَ مِنَ اللِّئا ... مِ إِذا نَأىَ أهْلُ الكَرَمْ) (فالأسْدُ تَفْتَرِسُ الْكِلا ... بَ إذَا تَعَذَّرَتِ الغَنمْ) 3 - الْمَعْنى يَقُول قد وطنت نَفسه للْمَوْت لأنى معترف والمعترف الصابر على مَا يُصِيبهُ وَالْمعْنَى يَقُول كن أَيهَا السجْن كَيفَ شِئْت من الشدَّة فإنى صابر عَلَيْك 4 - الْغَرِيب السُّكْنَى بِمَعْنى السّكُون الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ نزولى فِيك يلْحق بى نقصا لما كَانَ الدّرّ مَعَ شرف قدره سَاكِنا فى الصدف الذى لَا قيمَة لَهُ شبه نَفسه فى السجْن بالدر فى الصدف وَهُوَ من قَول أَبى هفان (تَعَجَّبَتْ دُرُّ مِنْ شَيْبِى فَقُلْتُ لَهَا ... لَا تَعْجَبىِ فطُلُوعُ البَدْرِ فِى السُّدَفِ) (وَزَادَها عَجَباً أنْ رُحْتُ فِى سَمَلٍ ... وَما دَرَتْ دُرُّ أنَّ الدُّرَّ فى الصَّدَفِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 - 1 - الْإِعْرَاب أَرَادَ ألجنية فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام وَقد جَاءَ مثله فى الشّعْر وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله أم وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (لَعَمْرُكَ مَا أدْرِى وَإنْ كَنْتُ دَارِيا ... شُعَيْثُ بنُ سَهْمٍ أمْ شُعَيثُ بنُ مِنقَرِ) وَأنْشد لعمر بن ربيعَة (فَوَاللهِ مَا أدْرِى وَإنْ كُنْتُ دَارِيا ... بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْرَ أمْ بِشَمانٍ) الْغَرِيب الغادة والغيداء الناعمة والسجف جَانب السّتْر والشنف مَا علق فى أَعلَى لأذن والقرط مَا كَانَ فى أَسْفَلهَا الْمَعْنى الْعَرَب إِذا وصفت شَيْئا وبالغت فِيهِ جعلته من الْجِنّ كَقَوْل الآخر (جِنِّيَّةٌ أوْ لَهَا جِنّ يُعَلِّمُها ... رَمْىَ القُلُوبِ بَقْوِسٍ مَا لَهَا وَتَرُ) قَالَ ابْن وَكِيع يشبه قَول الطائى (لَمْ يُخْطِكِ الجِيدُ مِنْ غَزَالٍ ... لَوْ عَطَّلُوه مِنَ الشنُوفِ) ولوحشية يجوز أَن يكون استفهاما كَالْأولِ وَقَالَ ابْن جنى يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا أَحدهمَا أَن يكون أجَاب نَفسه فَلَمَّا قَالَ مستفهما لجنية قَالَ مجيبا لنَفسِهِ لَيْسَ لجنية وَلَا لغادة بل لوحشية ثمَّ رد على نَفسه مُنْكرا لهَذَا الِاعْتِقَاد بقوله لَا مَا لوحشية شنف أى لَيْسَ لَهَا هَذَا الشنف والثانى أَن يكون لوحشية مثل الجنية فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام 2 - الْغَرِيب عرتها أصابتها والسوالف جمع سالفة وهى صفحة الْعُنُق والحلى بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَجمعه حلى بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء وحلى بِكَسْر الْحَاء وَاللَّام وَشد الْيَاء وَقد قَرَأَ الْقُرَّاء بهَا فَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى بِكَسْر الْحَاء وَاللَّام وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَقَرَأَ يَعْقُوب بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام على مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَيْت الْمَعْنى يَقُول هِيَ نفور اى نافرة طبعا وأصابها نفرة فاجتمعت نفرتان نفرة أَصْلِيَّة ونفرة من رُؤْيَة الرِّجَال فتجاذبت سوالفها والحلى الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا جذب عُنُقهَا بثقلة والعنق أمْسكهُ فَحصل التجاذب وردفها يجذب خصرها ودقة الخصر 3 - الْغَرِيب أصل التخييل الِاضْطِرَاب والخوط الْقَضِيب والمرط الثَّوْب والخشف ولد الظبية وَيُقَال المرط كسَاء من صوف أَو خَز وَقيل خيل من قَوْله تَعَالَى {يخيل إِلَيْهِ} الْمَعْنى يَقُول أرانا مرْطهَا وَمثل لنا صورتهَا كغصن بَان يتثنى وَولد ظبى رنا وَإِنَّمَا ذكر الْقَامَة واللحظ لِأَن المرط يستر محاسنها وَلم يستر الْقد واللحظ وَقَالَ الواحدى روى ابْن جنى (وخَبَّل ... ) بِالْبَاء الْمُوَحدَة والمخبل الذى قطعت يَدَاهُ وَأَرَادَ أَن مرْطهَا ستر محاسنها فَكَأَن ذَلِك خبل مِنْهُ لَهَا ينظر إِلَى قَول ابْن الرومى (إنْ أقْبَلَتْ فالبَدْرُ لاحَ وَإنْ مَشَتْ ... فالغُصْنُ مالَ وَإنْ رَنَتْ فالرّيمُ) 4 - الْإِعْرَاب رفع زِيَادَة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره حالى وأمرى وَقُوَّة عطف عَلَيْهَا الْمَعْنى يَقُول حالى زِيَادَة شيب وهى فى الْحَقِيقَة نقص زيادتى وَكلما قوى الْعِشْق ضعف الْبدن وضعفت قوته وَهَذَا كَقَوْل الآخر (وأُسَرُّ فِى الدُّنْيا بِكُلّ زِيادَةٍ ... وَزِيادَتِى فِيها هُوَ النَّقْصُ) 5 - الْغَرِيب يُقَال أراقت وهراقت وَالْهَاء بدل من الْهمزَة وَحلف ملازم الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا تحبه كَمَا يُحِبهَا وتشتاقه كَمَا يشتاقها قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو أمكنه أَن يَقُول بى من الوجد بهَا مَا بهَا من الوجد بى مَا بهَا من الوجد بى لَكَانَ أَشد اعتدالا لكنه للوزن حذف بعضه للْعلم كَمَا قَالَ حبيب (وَإذَا تَأمَّلْتَ البلاَدَ رَأيْتَها ... تُثْرِى كَمَا تُثْرِى الرّجالُ وتَعُْدِمُ) أَرَادَ كَمَا يعدمون فَحذف الْمَعْنى يَقُول هَذِه الَّتِى قد أراقت دمى تحبنى وتشتاقنى كحبى لَهَا واشتياقى وَبهَا مثل مَا بى من الوجد قَالَ (وَجِدَتْ بِى مَا وَجِدْتُ بِها فِكِلانا ... فَكِلانا مُغْرمٌ دَنِفُ) 6 - الْغَرِيب الوحف الْكثير الملتف الْمَعْنى يَقُول إِذا جردتها من أثوابها كَانَ من الشّعْر مَا يقوم فى سترهَا مقَام الثَّوَاب وَهَذَا كَقَوْل أَبى المعتصم (رأَتْ عَيْنَ الرَّقيبِ على تَدَانٍ ... فَأسْبَلَتِ الظَّلامَ عَلى الضّياءِ) الحديث: 147 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 - الْغَرِيب الحقف مَا اعوج من الرمل وَجمعه أحقاف وحقاف وَقد نطق الْقُرْآن بالأحقاف الْمَعْنى يُرِيد بالرمانتين الثديين وبالغصن الْقد وبالبدر الْوَجْه وبالحقف الردف وَمعنى الْبَيْت يَقُول لما قَامَت للوداع قابلنى رمانتان من ثديها على قد مثل الْغُصْن يميله وَجه كالبدر فَكَانَ وَجههَا يمِيل قامتها ثمَّ يمسك الردف بثقله قامتها الْخَفِيفَة فَلَا تقدر على سرعَة الْحَرَكَة 8 - الْإِعْرَاب نصب كيدا على الْمصدر يُرِيد أتكيدنى كيدا الْمَعْنى يُخَاطب الْبَين يَقُول أَنْت تطلب كيدنا فدارنا بعيدَة وعيشنا كدر 9 - الْغَرِيب ويل كلمة تقال عِنْد الْوُقُوع فى الْمهْلكَة واللهف التحسر على مَا فَاتَ الْمَعْنى يَقُول إنى أَكثر القَوْل بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ لَو نفع القَوْل بهما وترديدى إيَّاهُمَا وَهُوَ على حِكَايَة مَا كَانَ يَقُول وَمثله للبحترى (فَوَا أسَفى لَوْ قاتَلَ الأَسَفُ الجَوَى ... وَلهْفِى لَوَ أنَّ اللَّهْفَ مِنْ ظالِمى يُجدِى) 10 - الْإِعْرَاب رفع ضنى لِأَنَّهُ ابْتِدَاء خبر مَحْذُوف يُرِيد بى ضنى وكامنا حَال من السم وجهلا مصدر وَإِن شِئْت جعلت ضنى ابْتِدَاء وَخَبره فى الْهوى الْمَعْنى يَقُول فى الْهوى ضنى مستتر كَمَا يكمن السم فى الشهد إِذا مزج بِهِ واستلذذت الْهوى جهلا بذلك الضنى وحتفى فِيهِ وَمثله (وَقَدْ يُلْفَى حِمامُ المَوْ ... تِ فِى سَمٍّ مَعَ العَسَلِ) 11 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أفنته عَائِد على الضنى يُرِيد أفنانى وَمَا أفنيته الْغَرِيب الْكَهْف الْموضع الذى يمْنَع ويعصم من يأوى إِلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول أفنى الضنى نفسى وَمَا أفنته كَأَن الممدوح كَهْف لَهُ دون نفسى فَلَيْسَتْ تقدر على إفنائه وَهَذَا من // المخالص الْحَسَنَة // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 - الْإِعْرَاب قَلِيل خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْغَرِيب الْبيض السيوف والزغف الدروع اللينة وَقيل السابغة الْمَعْنى يَقُول هُوَ قَلِيل الْكرَى أى النّوم لاشتغاله بالحكم بَين النَّاس وَمَا يكسبه الْمجد وَالْعلم نَافِذ الآراء فَلَو كَانَت السيوف والدروع كآرائه مَا نَفَعت الدروع وَالسُّيُوف أَصْحَابهَا وَلَا أغنت عَنْهُم شَيْئا وَهُوَ من قَول حبيب (يَقْظانُ أحْكَمَتِ التَّجارِبُ رأيَهُ ... عَقْداً وَثُقِّفَ عَزْمُهُ تَثْقِيفاَ) (فاسْتَلَّ مِنْ آرَائِهِ الشُّعَلَ الَّتِى ... لَوْ أنَّهنَّ طُبِعْنَّ كُنَ سُيُوفا) 13 - الْغَرِيب قطب وَجهه إِذا جمع مَا بَين عَيْنَيْهِ عبوسا الْمَعْنى يَقُول هُوَ مهبب عِنْد الكلوح وَإِذا نطق بِحرف من لَفظه قَامَ مقَام الْكَلَام الْكثير يجع الْمعَانى الْكَثِيرَة فى الْأَلْفَاظ القليلة وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحترى (وَإذَا خِطابُ القَوْمِ فِى الخَطْبِ اعْتَلى ... فَصَلَ القَضِيَّةَ فِي ثَلاثَةِ أحْرُفِ) 14 - الْمَعْنى يَقُول قد ألفت يَده الْإِعْطَاء فَإِذا تركته حنت إِلَيْهِ كَمَا يحن الإلف إِلَى إلفه وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (وَاجِدٌ بالْعَطاءِ من برحاء الشوق ... وجدان غَيره بالحبيب) وَغَيره (يحن إِلَى الْمَعْرُوف حَتَّى يُنِيلَهُ ... كمَا حَنَّ إلْفٌ مُسْتَهامٌ إِلَى إلْفِ) 15 - الْغَرِيب القف الغليظ من الأَرْض لَا يبلغ أَن يكون جبلا رست ثبتَتْ الْمَعْنى أَنه اسْتعَار لعلمه اسْم الْجبَال لِكَثْرَة علمه وزيادته على علم النَّاس واستعار لصدره الأَرْض لِأَن الْجبَال تكون عَلَيْهَا ثمَّ فَضلهَا على جبال الأَرْض فضل الْجبَال على القفاف وَالْمعْنَى أَن جبال الأَرْض تصغر فى جنب الْجبَال الَّتِى فى صَدره من الْعلم 16 - الْإِعْرَاب أود الدَّهْر أى حمله على أَن يود فالدهر مفعول بأود يُرِيد أَن السمو فى كف الممدوح أود الدَّهْر أَن يكون كفا الْمَعْنى يَقُول هُوَ جواد علت كَفه فِي الْخَيْر وَالشَّر والدهر وعَاء الْخَيْر وَالشَّر وَالْعرب تنْسب ليه مَا يُوجد فِيهِ وَالْمعْنَى أَن هَذَا الممدوح كَفه عَال فى كل خير لأوليائه وَلَك شَرّ لأعدائه لِأَنَّهُمَا يصدران مِنْهُ فالدهر يتَمَنَّى أَن يكون كفا يُشَارك كَفه الذى هُوَ مجمع الْخَيْر وَالشَّر فى الِاسْم لِأَن كَفه أغلب فى الْخَيْر وَالشَّر من الدَّهْر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 - الْمَعْنى يَقُول فى سيادة النَّاس خلف إِلَّا فى سيادته فَلَا تَجِد أحدا يخْتَلف فى أَنه سيد 18 - الْمَعْنى أَنهم من محبتهم لَهُ يفدونه فَكَأَن هَوَاهُ جرى أَولا فى عروقه قبل الدَّم ثمَّ أتبعه الدَّم وَالْمعْنَى أَن محبَّة النَّاس لَهُ أَشد من محبتهم لأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ من قَول حبيب (لَوْ أنَّ إجماعَنا فِى فَضْلِ سُؤْدُدِهِ ... فِى الدّينِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِى المِلَّةِ اثْنانِ) وَمن قَول أَبى الشيص (وَلا أجمَعَتْ إلاَّ عَلَيْكَ جَمِيعُها ... إذَا ذْكِرَ المَعْرُوفُ ألْبَسَهُ العُرُفُ) وَمن قَول البحترى (وأرَى النَّاسَ مُجْمِعِينَ على فَضْلِكَ ... مَا بينَ سَيِّدِ ومَسُود) 19 - الْإِعْرَاب وقوفين حَال من فَاعل ومفعول يفدونه وَالْعَامِل فِيهِ يفدونه وَأَرَادَ نائله وقف عَلَيْهِم الْمَعْنى يَقُول النَّاس والممدوح فريقان واقفان فى شَيْئَيْنِ وقفين أَحدهمَا على النَّاس مِنْهُ وَهُوَ الْعَطاء والثانى على الممدوح من النَّاس وَهُوَ الثَّنَاء وَالْمعْنَى أَنه أبدا يعْطى وَالنَّاس أبدا يشكرونه وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (فَتًى عِرْضُهُ وَقْفٌ على كُلّ طالِب ... وأمْوَالُهُ وَقْفٌ على كُلّ مُجْتَدِى) وللبحترى (أعِيالٌ لَهْمْ بَنُو الأرْضِ أمْ مَا ... لُهُم رَاتِبٌ عَلى النَّاسِ وَقْفُ) وَلابْن الرومى (أمْوَالُهُ وَقْفٌ عَلى تَنْفِيلِنا ... وَثَناؤُنا وَقْفٌ على تَحْقِيقِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 - الْمَعْنى يَقُول لما فَقدنَا نَظِيره وَمن يكون لَهُ مثلا لِأَنَّهُ عديم الْمثل دَامَ الْكَشْف عَن مثل لَهُ يَقُول طلبنا ذَلِك فَلم نجده وَهُوَ قَوْله (فدام الْفَقْد وانكشف الْكَشْف ... ) أى زَالَ وَبَطل لأَنا أيسنا من وجود مثله وَقَالَ الواحدى لم يُفَسر أحد هَذَا الْبَيْت بِمثل هَذَا وَلَو حكيت تخبط النَّاس فِيهِ لطال الْخطب 21 - الْمَعْنى الأوهام متحيرة فِيهِ والطرف متحير فى حسنه وجماله وَلَيْسَ تحير الأوهام فى شَأْنه أَكثر من تحير الطّرف فى حسنه 22 - الْغَرِيب الوفر المَال وَالْعرْف الْمَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول عطاؤه قد نقص من مَاله وَلَيْسَ ذَلِك بعجب وَإِنَّمَا الغيظ والأذى قد نقص من حساده وَأثر فيهم وهز لَهُم وجوده قد فعل بأمواله أَكثر مِمَّا فعل الْأَذَى بحساده وَمثله للديك (فَعَلتْ مُقْلَتاكِ بالصَّبَ مَا تَفْعَلُ ... جَدْوَى الأمِيرِ بالأَمْوَالِ) 23 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذِه القصيدة من الضَّرْب الأول من الطَّوِيل وعروض الطَّوِيل تجئ أبدا مَقْبُوضَة على مفاعلن إِلَّا أَن يصرع الْبَيْت فَيكون ضربه على مفاعلين أَو فعولن فَيتبع الْعرُوض الضَّرْب وَلَيْسَ هَذَا الْبَيْت مصرعا وَقد جَاءَ بعروضه على مفاعيلن وَهُوَ تَخْلِيط مِنْهُ وَأقرب مَا يصرف إِلَيْهِ هَذَا أَن يُقَال إِنَّه رد مفاعلن إِلَى أَصْلهَا وهى مفاعيلن لضَرُورَة الشّعْر كَمَا أَن للشاعر إِظْهَار التَّضْعِيف وَصرف مَا لَا ينْصَرف وإجراء المعتل مجْرى الصَّحِيح وَقصر الْمَمْدُود وَمَا يطول ذكره مِمَّا ترد فِيهِ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا قَالَ الواحدى وَلَو قَالَ ومنطقه هدى أَو تسقى لسلم الْبَيْت من ذَلِك وَمعنى الْبَيْت إِذا تفكر يتفكر فى الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة وَإِذا نطق ينْطق بالحكمة وَالْحكم بَين النَّاس ويطوى بَاطِنه على دين الله تَعَالَى وَيظْهر للنَّاس الظّرْف وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَفِيه نظر إِلَى قَول الخريمى (فَتًى جَهْرُهُ ظَرْفُ وَباطِنُهُ تُقًى ... يُزَيِّنُ مَا يُخْفِى بِصَالِحِ مَا يُبْدِى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 - الْمَعْنى يُرِيد أسكن ريَاح اللؤم بعد شدَّة هبوبها واستعار للؤم رياحا وللعلى مغنى وللندى رسما لما كَانَت الرِّيَاح تعفى الرسوم وتمحو المغانى يُرِيد أَن اللؤم كَانَ يغلب العلى والجود فَأذْهب بكرمه قُوَّة اللؤم وَقَالَ الواحدى وَقَوله مغنى العلى يجوز أَن تكون الْوَاو للْحَال فَيكون يودى وَيَعْفُو يُرَاد بهما الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال كَأَنَّهُ قَالَ أمات ريَاح اللؤم وَحَال معنى العلى أَنه مود وَحَال رسم الندى أَنه عاف وَيجوز أَن تكون للاستئناف كَأَنَّهُ قَالَ ومغنى العلى مِمَّا يُؤدى بهَا ورسم الندى مِمَّا يعْفُو بهَا وَقَالَ الْخَطِيب أَرَادَ أَن الممدوح أمات ريَاح اللوم عَن مغنى الغلى ورسم الندى وكادت تعفوهما وَلم يرد أَن الندى قد أودى بكليته وَلكنه عَفا بعضه فَتَدَاركهُ هَذَا الممدوح فإماتة ريَاح اللوم عَنهُ 25 - الْغَرِيب الوطف جمع وطفاء وهى السحابة المسترخية الجوانب لِكَثْرَة مَائِهَا والديم جمع دِيمَة وهى دوَام الْمَطَر فى الْيَوْم والاثنين وَالثَّلَاثَة وهطلت السحابة صبَّتْ ماءها وديمة هطلاء قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (دِيمَةُ هَطْلاءُ فِيها وَطَفٌ ... ) الْمَعْنى يَقُول لم ير قبل هَذَا الممدوح أحد إِذا أعْطى استحيت السحب وخجلت من عطائه 26 - الْغَرِيب قلَّة الْمجد أَعْلَاهُ الْمَعْنى وَلَا رَأينَا ساعيا فى أَعلَى الْمجد أدْرك بِفِعْلِهِ مَا لَيْسَ يُدْرِكهُ الْوَصْف كَقَوْل الحكمى (إنَّ السَّحابَ لَسْتَحِيى إِذا نَظَرَتْ ... إِلَى نَدَاكَ فَقاسَتْهُ بِمَا فِيهَا) 27 - الْغَرِيب العبء الثّقل والطرف الْفرس وَفرس طرف من خيل طروف والطرف الْكَرِيم من الفتيان الْمَعْنى يَقُول هُوَ يحمل الثّقل ويستصغر الدُّنْيَا ويحمله طرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 - الْمَعْنى أَنه جعله كالبحر الْمُحِيط بالدنيا لِكَثْرَة نداه وعطاياه أى لم يجلس الْبَحْر قبله لمن يَقْصِدهُ وَمن تَحْتَهُ فرش يقلهُ وَمن فَوْقه سقف يظله 29 - الْغَرِيب الْقَرَاطِيس جمع قرطاس وَهُوَ مَا يكْتب فِيهِ والصحف جمع صحيفَة وهى الْكتب الْمَعْنى تعجبى من أَنى أُرِيد أَن أحاول وصف رجل فنيت فى وَصفه الْقَرَاطِيس وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (تَرَكْتَهُمْ سِيَراً لَوْ أنَّها كُتِبَتْ ... لمْ تُبْقِ فِى الأرْضِ قِرْطاسا وَلا قَلَما) 30 - الْمَعْنى يَقُول من كَثْرَة مَا يخبر عَن مركرماته ويحث عَنْهَا كلما مر مِنْهَا نوع أَتَى نوع آخر فالصنف على هَذَا صنف من مكرماته وَيجوز أَن يكون الصِّنْف من القصاد الَّذين يقصدونه ويأتونه لِكَثْرَة مَا يسمعُونَ من تِلْكَ الْأَخْبَار يمضى صنف قد صدرُوا عَنهُ ويأتى صنف يقصدونه 31 - الْمَعْنى يَقُول تفتر الْأَخْبَار عَن خِصَال كَأَنَّهَا تسفر وتنجلى وَأَصله فى الضحك إِذا بَدَت الْأَسْنَان شبه خصاله فى حسنها وحلاوتها بثنايا معشوق لَا يمل مص رِيقهَا 32 - الْمَعْنى أَنه يفضل غَيره من الْكِرَام كفضل الْأنف على الذَّنب جعله كالأنف وَغَيره كالذنب لشرفه وعلو قدره وَهُوَ مَنْقُول من قَول الحطيئة (قَوْمٌ هُمُ الأنْفُ والأذْنابُ غَيرُهُمُ ... وَمَنْ يُسَوِّى بأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبا) قيل إِن الحطيئة مدح بِهَذَا الشّعْر قوما مَا كَانُوا ينبزون بأنف النَّاقة وَكَانُوا يكرهونه فَلَمَّا مدحوا بِهِ افْتَخرُوا بلقبهم 33 - الْإِعْرَاب نفوعان خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هما نفوعان الْغَرِيب التبر الذَّهَب والمكدى الذى لَا خير عِنْده الْمَعْنى يَقُول الذَّهَب والفضلة وَاحِد وَإِن اجْتمعَا فى الْمَنْفَعَة فليسا سَوَاء وَمثله لِابْنِ الرومى (وَجَدْتُكُمْ مِثْلَ الدَّنانِيرِ فِيهِمُ ... وَسائِرَ هَذَا الخَلْقِ مِثلَ الدَّرَاهِمِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 - الْمَعْنى يَقُول لست بِقَلِيل وَلَا صَغِير الْمِقْدَار وَلَا بخسيس فيرتجى الْغَيْث دونه وَلَا ترتجى أَنْت وَلَيْسَ وَرَاءَك للجود مُنْتَهى يُرِيد أَن الْجُود مَقْصُور عَلَيْك لَا يرتجى الْغَيْث دُونك وَلَا يتَجَاوَز عَنْك وَهَذَا مَنْقُول من قَول الآخر (مَا قَصَّرَ الجودُ عَنْكُمْ يَا بَنِى مطَرٍ ... وَلا تجاوَزَكُمْ يَا آلَ مَسْعُودِ) (يَحُلَّ حَيْث حَلَلْتُمْ لَا يُفارِقُكُمْ ... مَا عاقَبَ الدَّهرُ بينَ البِيضِ والسُّودِ) وكقول أَشْجَع (فَمَا خَلْفَهُ لاِمْرِئٍ مَطْمَعٌ ... وَلا دُونَهُ لاِمْرِئٍ مَقْنَعُ) وكقول الطائى (إليكَ تَناهَى المجْدُ مِن كُلّ وِجْهِةٍ ... يَصِيرُ فَمَا يَعْدُوكَ حَيْثُ تَصِيرُ) وَرفع خلفا لِأَنَّهُ جعله اسْما لَا ظرفا 35 - الْإِعْرَاب وَلَا وَاحِدًا عطف على خبر لَيْسَ الذى هُوَ مُنْتَهى الْجُود وَهُوَ نصب على الْموضع قبل دُخُول الْبَاء وَمثله (مُعاوِىَ إنَّنا بَشَرٌ فأسْجِحْ ... فَلَسْنا بالجبالِ وَلا الحديدَا) الْمَعْنى يَقُول لست وَاحِدًا من جَمِيع النَّاس وَلَا بَعْضًا من كلهم وَلَكِنَّك ضعف جَمِيعهم لِأَنَّك تغنى غناءهم فى الْحَاجة وتزيد عَلَيْهِم زِيَادَة ضعف الشئ على الشئ 36 - الْإِعْرَاب نصب مثله لِأَنَّهُ نعت نكرَة فَقدم عَلَيْهَا فينصب على الْحَال والنكرة ألف فَكَأَنَّهُ قَالَ بل أَنْت ألف وَمثله قَول كثير (لِمَيَّةَ مُوحِشاً طَلَلُ ... ) الْمَعْنى يَقُول لست ضعف الورى حَتَّى يكون ذَلِك الضعْف ضعفين ثمَّ تزيد على ذَلِك بأضعاف كَثِيرَة حَتَّى تبلغ ألفا وَالْمعْنَى أَنَّك فَوق الورى وَمثله لأبى نواس (آلَ الرَبيعِ فَضَلْتُمُ ... فَضْلَ الخَمِيسِ على العَشِيرِ) (وَإذَا حَسَبْتُمْ فَضلهمْ ... لَمْ تَبْلُغُوا عُشْرَ العَشِيرِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 - 37 - الْإِعْرَاب أقاضينا ناداه بِهَمْزَة النداء الْمَعْنى يَقُول أَنْت أهل للذى أثنى عَلَيْك بِهِ ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ أَنا غَلطت لَيْسَ هَذَا ثلثى مَا أَنْت أَهله وَلَا النّصْف 38 - الْمَعْنى يَقُول أَنا قصرت فى مدحك وَالتَّقْصِير ذَنْب والذنب لَا يمدح بِهِ وَلَكِن جِئْت لتقصيرى مُسْتَغْفِرًا من ذنبى وَأَنا أسأَل عفوك قَالَ (وَعِنْدِى أيادٍ جَمَّةُ لَمْ أجِدْ لَهَا ... باحْصَائها عِنْدِى لِسانا مُعَبِّرَا) (وَلكِنَّ جُهْدِى أنْ أقُولَ ومَا عَسَى ... لِذى الجُهْدِ إلاَّ أنْ يقُولَ فَيُعْذَرَا) ولأبى تَمام (وَما كنتُ إلاَّ مُذْنِبا يوْمَ أنْتَحِى ... سِوَاكَ بآمالى فَجِئْتُكَ تائِبا) 1 - الْغَرِيب الحتوف جمع حتف وَهُوَ الْهَلَاك الْمَعْنى يَقُول إِن الملابس لَهُ بِهِ وبمثله يشق صُفُوف الْأَعْدَاء يَوْم الوغى آمنا على نَفسه لحصانته وَلَا تعْمل فِيهِ الحتوف 2 - الْغَرِيب الجواشن جمع جوشن وَهُوَ الدرْع وجوشن اللَّيْل وَسطه الْمَعْنى يَقُول ألقه أى اطرَحهُ لقى مطروحا وَلَا تلبسه فَإنَّك من قوم لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الدروع إِنَّمَا دروعهم فى البرَاز الأسنة وَالسُّيُوف لشجاعتهم وَهُوَ من معنى قَول الآخر (ونحْنُ أُناسٌ لَا حُصُونَ بِأرْضِنا ... نَلُوذُ بِها إلاَّ الْقَنا والْقَوَاضِبُ) الحديث: 148 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 - 1 - الْمَعْنى أَن هَذَا المنتسب لَهُ أَرَادَ أَن يقْتله لَيْلًا فَقَالَ هُوَ منتسب إِلَى من أحبه وَلكنه يُرِيد قَتْلَى وللنبل حولى من يَدَيْهِ صَوت يحف بى 2 - الْمَعْنى يَقُول حرك شوقى لمن ذكره وَمَا حننت فى تِلْكَ الْحَال مهانة وَلَكِن الْكَرِيم طبعه الألفة 3 - الْإِعْرَاب دوَام مصدر فنصبه على الْمصدر الْمَعْنى أَن الوداد الذى لَا يَدُوم على الْأَذَى كدوام ودى لأبى العشائر وداد ضَعِيف لَا يعْتد بِهِ 4 - الْمَعْنى أَن إحسانه أَكثر من إساءته وَالْكثير لَا يغلبه الْقَلِيل وَإِن تكن إساءتى بِفعل وَاحِد فقد سرنى بِأَفْعَال كَثِيرَة وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (أيَذْهَبُ يَوْمٌ وَاحِدٌ إنْ أسأْتُهُ ... بِصَالِحِ أيَّامى وَحُسْنِ بَلائِيا) 5 - الْمَعْنى يَقُول أفديه بنفسى وَأَنا مَمْلُوك لَهُ وَلكنه مَالك عنيف لَا يرفق بى بعد أَن ملكنى كَمَا قَالَ (أُرِيدُ حَياتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِى ... ) 150 - 1 - الْمَعْنى يَقُول أَعدَدْت للغادرين يعْنى عَبده وَالَّذين أَرَادوا أَن يسرقوا خيله سيوفا أقطع بهَا أنوفهم وَجمع الْأنف آنف وأنوف وآناف الحديث: 149 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أطرن للسيوف الْغَرِيب أرؤس جمع رَأس كرءوس وَجمع قحف أقحاف وقحوف وَهُوَ أَعلَى الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول لَا رحم الله رُءُوسهم الَّتِى أطارت السيوف أقحافها عَن هامها 3 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ أَن لَا تكون فَحذف لَا أَو يكون على حذف مُضَاف تَقْدِيره غير قلتهم وَعدم كَون المئين فَيكون على هَذَا وَأَن تكون فى مَوضِع جر تَقْدِيره وَغير كَون المئين الْمَعْنى يَقُول مَا يكره السَّيْف غير قلَّة عَددهمْ لِأَنَّهُ يُرِيد الْكَثْرَة فَيقْتل الجم الْكثير وَيقتل مِنْهُم ألوفا لَا مئين ليقْتل كل عبد سوء فى الدُّنْيَا 4 - الْغَرِيب الخامعات يُرِيد الضباع لِأَن الضبع يخمع فى مَشْيه وَلِهَذَا قيل للضبع العرجاء الْمَعْنى يَقُول للمقتولين يَا شَرّ لحم أسلت دَمه حِين فجعته بدمه وَتركته مأكلا للضباع فأكلته وَدخل أجوافها 5 - الْغَرِيب زجر الطير والعيافة كَانَت الْعَرَب تَقول بهما فَإِذا نفرت الطَّائِر فَإِن نفر عَن يَمِين تفاءلت بِهِ أَو عَن شمال تشاءمت الْمَعْنى يَقُول للْعَبد الذى قَتله قد كنت فى غنى عَن أَعمال الرجز والعيافة فى إقدامك على وتعرضك للغدر بى وَكَانَ هَذَا العَبْد سَأَلَ عائفا عَن حَال المتنبى فَذكر من حَاله مَا زين للغدر بِهِ وَقَوله سؤالك بى يُرِيد عَنى 6 - الْمَعْنى يَقُول أَنا وعدت سيفى أَن أضْرب بِهِ من تعرض لَهُ وأحوجنى إِلَى ضربه وَخفت لما اعترضت لأخذ الْفرس أَن أترك قَتلك فأخلف سيفى مَا وعدته 7 - الْمَعْنى يَقُول لم يكن فِيك خير تذكر بِهِ وَلَا تبكى عَلَيْك عين والتوكاف تفعال من الوكف وَهُوَ جَرَيَان المَاء 8 - الْمَعْنى يَقُول الْغَايَة الَّتِى يخافها الْمَرْء الْقَتْل أَو الْمَوْت وَإِذا أَرَادَ بى أحد غدرا كافاته بِالْقَتْلِ وَلَيْسَ لَهُ عندى سوى الْقَتْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 - 1 - الْإِعْرَاب أيدرى اسْتِفْهَام إِنْكَار وَقَوله أراقا قدمه على شاقا وَكَانَ الأولى أَن يُقَال شاق ثمَّ يذكر أراق لِأَنَّهُ إِذا لم يشق الرّبع لم يَبْرق دَمه لَكِن الْوَاو للْجمع لَا للتَّرْتِيب الْغَرِيب شاقه يشوقه شوقا واشتياقا وأراق وهراق بِمَعْنى وَهُوَ سكب الدمع وَالْمَاء وَغَيرهمَا الْمَعْنى يَقُول أيدرى هَذَا الرّبع أى الْوُقُوف بِهِ أراق دَمه مِمَّا كلفه من الْبكاء فِيهِ وأكد اشتياقه بِمَا جدد لَهُ من الْحزن عَلَيْهِ وَالْعرب تَقول الْخَوْف إِذا أفرط والبكاء إِذا اتَّصل امتزج الدمع بِالدَّمِ فتلاه فى جريه وَانْحَدَرَ فى أَثَره 2 - الْمَعْنى يَقُول لنا وللراحلين من أَهله قُلُوب تتلاقى أبدا بِمَا هى عَلَيْهِ من الشوق والتذكار لسالف الْعَهْد وَأَيَّام الْوِصَال فى أجسام متنافية وأجساد غير متلاقية وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن المعتز (إنَّا عَلى الْبِعادِ والتَّفَرُّقِ ... لَنَلْتَقِى بالذّكْرِ إنْ لَمْ نَلْتَقِ) 3 - الْغَرِيب عَفا درس الْمحل الْموضع وَالْمقر والمنزل الْمَعْنى يَقُول لَا ذَنْب للرياح لِأَنَّهَا لم تدرسه وَلم تغير مَنَازِله وَإِنَّمَا عفاه الحادى بسكانه وَذَلِكَ أَنهم لَو لم يرحلوا عَنهُ لما درس الرّبع فالذنب للحداة وَهَذَا قريب من قَول أَبى الشيص (مَا فَرَّقَ الأُلاَّفَ بَعْدَ ... اللهِ إلاَّ الإبِلُ) (والنَّاسُ يَلْحَوْنَ غُرَا ... بَ البَيْنِ لَمَّا جَهلُوا) (وَما إذَا صَاحَ غُرَا ... بٌ فى الدِّيارِ احْتَمَلُوا) (وَلا عَلى ظَهْرِ غُرَا ... بِ البَيْنِ تُطْوَى الرِّحَلُ) (وَما غُرَابُ البَيْن إلاَّ ... ناقَةٌ أوْ جَمَلُ) الحديث: 151 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْهوى جَار عَلَيْهِ فَحَمله مَا لَا يطيقه فَلَو عدل فى حكمه وأنصف من نفسة حمل كل قلب مَا يطيقه من الْحبّ وأودعه مَا يسْتَقلّ بِهِ من الصبابة والوجد حَتَّى يكون الْمُحب والمحبوب سَوَاء وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه أعشق العشاق وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (فيا رَبّ قَدْ حَمَّلْتَنِى فَوْقَ طاقَتِى ... مِنَ الحُبّ حِمْلاً قاتِلى فَوْقَ مَا بِيا) (وَإلاَّ فَساوِ الحُبَّ يَا رَبّ بَيْنَنا ... يَكُون سَوَاءً لَا عَلىَّ وَلا لِيا) 5 - الْغَرِيب الْعين الشكرى الممتلئة بالدمع واشتكر ضرع النَّاقة إِذا امْتَلَأَ لَبَنًا والماق طرف الْعين مِمَّا يلى الْأنف وَهُوَ مخرج الدمع من الْعين الْمَعْنى يَقُول قد نظرت إِلَيْهِم عِنْد رحيلهم وَالْعين ممتلئة بدمعها فَصَارَت كلهَا مخرجا للدمع لكثرته فِيهَا وَشدَّة الْحَرَارَة مِنْهَا يخبر عَن غَلَبَة الْبكاء من ألم الْفِرَاق 6 - الْغَرِيب التَّمام الْكَمَال والمحاق بِضَم الْمِيم وَكسرهَا النُّقْصَان والسقم والسقم لُغَتَانِ الْمَعْنى يَقُول لما ارتحلوا أَخذ الْبَدْر فيهم الْكَمَال فى حسنه وجماله وأعطانى المحاق من السقم والنحول من الوجد بِهِ والتضاؤل بعد الْفَقْد لَهُ وطابق بَين المحاق والتمام وَمثله (يَا مَنْ يُحاكى البَدْرَ عِنْدَ تَمامِهَ ... اِرْحُمْ فَتى يَحْكِيهِ عندَ مَحاقِهِ) 7 - الْغَرِيب الْفَرْع الشّعْر والنياق جمع نَاقَة يُقَال نَاقَة ونوق ونباق وأنوق وناقات الْمَعْنى لما جعله بَدْرًا والبدر لَا يخص النُّور بعضه وَصفه بِأَنَّهُ كُله نور من فَرعه إِلَى قدمه فَجعله كَامِلا وَهُوَ يَقُود النياق بِلَا أزمة وَالْمعْنَى أَنه أَرَادَ بِالنورِ وَجهه لضيائه وَحسنه وَقد ذكر محاسنه وَاحِدًا وَاحِدًا فَبَدَأَ بِالْوَجْهِ ثمَّ ثنى بالطرف وَذكر محاسنه وَالضَّمِير فى أزمتها للنياق وَجَاز تَقْدِيم الضَّمِير لِأَنَّهُ مُؤخر فى الرُّتْبَة وَنظر إِلَى قَول أَبى الْعَتَاهِيَة (وَلَوْ أنَّ رَكْبا يَمَّمُوكَ لَقادَهُمْ ... نَسِيمُكَ حَتَّى يَسْتَدِلَّ بهِ الرَّكبُ) وَإِلَى قَول الآخر (وأخْفَوْا عَلى تِلكَ المَطايا مَسِيرَهُمْ ... فَنَمَّ عَلَيْهِمْ فِى الظَّلامِ التَّبَسُّمُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 - الْغَرِيب سقى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان جَاءَ الْقُرْآن بهما فى قَوْله تَعَالَى {لأسقيناهم مَاء غدقا} وَقَوله تَعَالَى {وسقاهم رَبهم شراب طهُورا} بِغَيْر خلاف وَاخْتلف فى قَوْله {نسقيكم} فى النَّحْل وَالْمُؤمنِينَ فَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو بكر فى الْمَوْضِعَيْنِ بِفَتْح الننون وَالْبَاقُونَ بضَمهَا والدهاق الملأى الْمَعْنى وَله لحظ فاتر وطرف سَاحر إِذا سقى المغرمين بِهِ كأسا ناقصه سقانيها مترعة يُرِيد أَنه أعشق العشاق لَهُ وَينظر إِلَى قَول الْقَائِل (وَما لَبِسَ العُشَّاقُ مِنْ حُلَلِ الهَوَى ... وَلا أخْلَقُوا إلاَّ الثِّيابَ الَّتِى أُبْلِى) (وَلا شَرِبُوا كأْسا مِنَ الحُبّ حُلْوَةً ... وَلا مُرَّةً إلاَّ شَرَابُهُمُ فَضْلِى) 9 - الْغَرِيب النطاق كل مَا شددت بِهِ وسطك وتقويت بِهِ وفى الْمثل (من يَطُلْ هَنُّ أَبِيه ينتطق بِهِ ... ) أى من كثر بَنو أَبِيه فَهُوَ يتقوى بهم وَمثله المنطقة وَقَالَ أهل اللُّغَة النطاق هُوَ شقة تلبسها الْمَرْأَة وتشد وَسطهَا ثمَّ ترسل الْأَعْلَى على الْأَسْفَل إِلَى الرّكْبَة والأسفل ينجر على الأَرْض وَلَيْسَ لَهَا حجزة وَلَا نيفق وَلَا ساقان وَالْجمع نطق وَكَانَت أَسمَاء بنت أَبى بكر رضى الله عَنْهُمَا زوج الزبير بن الْعَوام تسمى ذَات النطاقين لِأَنَّهَا سقت نطاقها نِصْفَيْنِ فشدت سفرة رَسُول الله عِنْد هجرته إِلَى الْمَدِينَة وتمنطقت بِالنِّصْفِ الآخر فسماها رَسُول الله ذَات النطاقين الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تُؤثر الْأَبْصَار فى خصره لنعومته وبضاضته أى تُؤثر فى خصره بِالنّظرِ إِلَيْهِ كَأَن عَلَيْهِ من آثَار الأحداق نطاقا وَقَالَ أَبُو على كَيفَ تُؤثر الْأَبْصَار فى خصره وهى لَا تصل إِلَيْهِ لِأَن الخصر لَا يتجرد من الثِّيَاب والخصر لَا يُوصف بالنعومة وَإِنَّمَا يُوصف بهَا الوجنات والخدود والذى أَرَادَ أَبُو الطّيب أَن الْأَبْصَار تثبت فى خصره اسْتِحْسَانًا لَهُ وتكثر عَلَيْهِ من الجوانب حَتَّى تكون كالنطاق عَلَيْهِ وَهَذَا مَنْقُول من قَول بشار (وَمُكَلَّلاتٍ بالْعُيُو ... نِ طَرَقْنَنا وَرَجَعْنَ مُلْسَا) يُرِيد أَنَّهُنَّ لحسنهن تعلو الْأَبْصَار إِلَى وجوههن ورءوسهن كَأَن بهَا إكليلا من الْعُيُون وَقد نَقله أَبُو الطّيب إِلَى الخصر والإكليل إِلَى النطاق وَقد كشفه السرى الموصلى بقوله (أحاطَتْ عُيُونُ النَّاظِرِينَ بِخَصْرِهِ ... فَهُنَّ لَهُ دونَ النِّطاقِ نِطاقُ) وَقد نقل الشريف هبة الله بن الشحرى كَلَام ابْن فورجة فى أَمَالِيهِ حرفا حرفا وَمعنى الْبَيْت أَن خصره دَقِيق تثبت الْأَبْصَار فِيهِ وتتردد لحسنه عَلَيْهِ وتكثر الْإِعْجَاب مِنْهُ حَتَّى كَأَن عَلَيْهِ نطاقا يَشْمَلهُ ووشاحا يعمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 - الْغَرِيب السِّيرَة الْمَذْهَب وَالْعَادَة والطريقة والهملعة النَّاقة الْخَفِيفَة القوية والدناق السريعة المتدفقة فى السّير الْمَعْنى يُخَاطب المحبوبة وَيَقُول سلى عَن طريقى هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِى ذكرت فإنى لَا يصاحبنى فى الْأَهْوَال سواهَا إِشَارَة إِلَى أَنه شُجَاع فى الْإِقْدَام على الْأَهْوَال وَالْقُوَّة على الْأَسْفَار والنفاذ فى الفلوات 11 - الْغَرِيب العيس الْإِبِل الْبيض والسماوة فلاة بَين الشأم وَالْعراق ونجد أَرض بَين الْعرَاق والحجاز أَولهَا من أَرض العذيب وَآخِرهَا سميراء ذ تبعد عَن الْكُوفَة بِخمْس عشرَة لَيْلَة ونكبنا أى عدلنا نكب عَن الطَّرِيق إِذا عدل عَنهُ الْمَعْنى يَقُول تركنَا نجدا والسماوة من وَرَائِنَا لقصدنا هَذَا الممدوح 12 - الْغَرِيب الداجى المظلم والائتلاق البريق واللمعان وتألق الْبَرْق إِذا لمع الْمَعْنى يَقُول لم تزل العيس ترى فى ظلمَة اللَّيْل نور وَجه سيف الدولة يُرِيد ترى لسيف الدولة ضِيَاء يقتادها ونورا يسطع لَهَا وَهَذَا يُشِير إِلَى مَا يظْهر فى أرضه من فَضله ويشرق فِيهَا من أنوار مجده وَهُوَ مَنْقُول من قَول سحيم (إذَا نحْنُ أدْلَجْنا وأنْتَ أمامَنا ... كَفَى لِمَطايانا بِوَجْهِكَ هادِيا) وَمثله لأبى الطمحان (أضَاءَتْ لَهُمْ أحْسابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ ... دُجَى اللَّيلِ حَتَّى نَظَّمَ الجزِعْ ثاقِبُهُ) 13 - الْمَعْنى يَقُول دليلها إِلَى الممدوح ريَاح الْمسك تنشقها من قبله وَهُوَ من قَول أَبى الْعَتَاهِيَة (وَلَوْ أنَّ رَكبا يَمَّمُوكَ لَقادَهُمْ ... نَسِيمُكَ حَتَّى يَستدلَّ بهِ الرَّكْبُ) وَمن قَول ابْن الرومى (فَهَدَتْ عُيُونَهُمُ لَهُ أضْوَاؤُهُ ... وَهَدَتْ أَنُوفَهُمُ لهُ أرْوَاحُهُ) وَمن قَوْله أَيْضا (إنْ جَاءَ مَنْ يَبْغِى لَنا مَنْزِلاً ... فَقُلْ لَهُ يَمْشىِ وَيسْتَنْشِقُ) وَمن قَول أَبى مُسلم (أرَادُوا لِيُخْفُوا قبرَهُ عَنْ عَدُوّهِ ... فَطِيبُ تُرابِ القَبْرِ دَلَّ عَلى القَبْرِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 - الْإِعْرَاب يرْوى أباحك أَيهَا الْوَحْش الأعادى ويروى يَا وَحش بِرَفْعِهِ على التَّخْصِيص وَخَصه بالنداء فَصَارَ كالمعرفة كَقَوْل الْأَعْشَى (وَيْلِى عَلَيْكَ وَوَيْلى مِنْكَ يَا رَجُلُ ... ) الرفاق يُقَال رَفِيق ورفاق ورفقة الْمَعْنى يَقُول سيف الدولة قد أَبَاحَ الْوَحْش أعداءه بِأَن قَتلهمْ وَجعل أَجْسَادهم أكلا لَك فَلم تقصدين الرفاق الَّتِى تسير إِلَيْهِ والركاب الَّتِى تَعَمّده وَهُوَ إِشَارَة إِلَى كَثْرَة إِيقَاعه بِمن يُخَالِفهُ وَشدَّة استظهاره على من يعرضه وَيُقَال لم وَلم بِسُكُون الْمِيم وَفتحهَا وَالْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ وَلذَلِك وقف البزى عَن ابْن كثير فى مثل هَذَا بِالْهَاءِ 15 - الْغَرِيب الرذايا المهازيل واحدتها رذية وهى مَا هزل من الْإِبِل وَانْقطع عَن السّير فَلَا يَسْتَطِيع براحا الْمَعْنى يُخَاطب الْوَحْش يَقُول لَو انْبَعَثَ مَا أَلْقَت قناه من الْقَتْلَى لكفك ذَلِك عَن التَّعَرُّض لمطايانا والارتقاب لنا ولعاقك ذَلِك عَنَّا ومنعك لكثرته 16 - الْمَعْنى لسنا نَخَاف أَيهَا الْوَحْش من سطوتك وَلَا نَخَاف على رِكَابنَا من مضرتك لِأَن مَا يُحِيط بِنَا من سَعَادَة الممدوح يعوذنا وَمَا نقلب فِيهِ من إقباله يعوقك فَلَو سلكنا إِلَيْهِ فى طَرِيق من النيرَان لعادت ببركته بردا وَسلَامًا لَا نحذرها وَأمنا وعافية لَا نتألمها وَمثله للطائى (فَمَضَى لَوَ أنَّ النَّار دونَكَ خاضَها ... بالسَّيْفِ إلاَّ أنْ تَكُونَ النَّارَا) يُرِيد جَهَنَّم ولأبى حَيَّة النميرى (لَوْ أنَّ جَمْرَ النَّارِ دونَ بِلادِهمْ ... لَعَلِمْتَ أنِّى جَمْرَها مُتَخَوّضُ) 17 - الْإِعْرَاب إِمَام خبر خبر مبتدإ مَحْذُوف أى هُوَ إِمَام الْمَعْنى يَقُول هُوَ إِمَام الْخُلَفَاء يتقدمهم إِلَى من يخالفهم كتقدم الإِمَام للْمُتَقَدِّمين وَالْمعْنَى أَن سيف الدولة لجلالته وعلو قدره وارتفاع أمره يَتَّخِذهُ الْخُلَفَاء من قُرَيْش وهم أَئِمَّة النَّاس إِمَامًا فى حروبهم يقدمونه إِلَى من يخذرون شقاقه ويتوقعون خِلَافه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 - الْمَعْنى يَقُول يكون هَذَا الممدوح سَيْفا لَهُم يبطشون بِهِ عِنْد غضبهم وساقا للحرب يعتمدون عَلَيْهَا فبموضعه يقوى سلطانهم وبمكانه يذل لَهُم أعداؤهم 19 - الْغَرِيب الْمَكْر مجَال الضَّرْب والفهق الامتلاء والمتفهق الذى يتفهق فَمه بالْكلَام الْمَعْنى يَقُول لَا ننكر تبسمه فى أهوال سَاعَة من الْحَرْب وَهُوَ ضيق الْمَكْر بازدحام الْأَبْطَال وامتلائه وَقد ذكر عِلّة الْإِنْكَار لتبسمه بقوله فِيمَا بعده (فقَدْ ضَمِنَتْ لهُ المُهَجَ الْعَوَالى ... ) وَهُوَ من قَول البحترى (ضَحوكٌ إِلَى الأبْطالِ وَهْوَ يَرُوعُهُمْ ... وللسَّيْفِ حَدٌّ حِينَ يَسْطُو وَرَوْنَقُ) 20 - الْغَرِيب الْعتاق الْخَيل الْكِرَام والعوالى الرماح الْمَعْنى يَقُول لَا كلفة عَلَيْهِ فى الْحَرْب لِأَن الرماح ضمنت لَهُ أَرْوَاح الْأَعْدَاء وَإِذا هم بِأَمْر أدْركهُ على ظُهُور خيله فهى حاملة همه وَقد فسر ذَلِك فى قَوْله (إِذا أنعلن) الخ 21 - الْغَرِيب إنعال الْخَيل تصفيح أياديها بالحديد والطراق تَضْعِيف جلد النَّعْل الْمَعْنى يَقُول إِذا أنعل خيله فى آثَار قوم وحاول غزوهم وَقصد أَرضهم وَإِن بعدوا بجهدهم وتحرزوا بطاقتهم أسرعت تِلْكَ الْخَيل فى طَلَبهمْ فاستباحت حرمهم وعادت أَجْسَادهم بعد الْقَتْل كالطراق تدوسها الحوافر وتطؤها الْأَقْدَام وَمثله للحمانى (لَمْ تشْكُ خَيلُهُمْ الوَجَى مِن رَوْحَةٍ ... إلاَّ انْتَعَلْنَ مِنَ الدّماءِ قَتِيلا) 22 - الْغَرِيب النَّقْع رفع الصَّوْت وَبعده والصريخ المستغيث والمؤللة المحددة والدقاق الرقَاق وهى صفة للآذان وآذان الْخَيل تُوصَف بالدقة الْمَعْنى يَقُول إِذا نقع صَوت الصَّرِيخ نصبت الْخَيل آذانها لاستماعه لِأَنَّهَا تعودت إِجَابَة الداعى وَإِن كَانَ الصَّرِيخ يَدْعُو غَيْرهنَّ وَلذَلِك قَالَ إِلَى مَكَان يُرِيد إِلَى مَكَان سوى مكانهن وَهُوَ من قَول الآخر (يَخْرُجْنَ مِنْ مُسْبَطِرّ النقْعِ دَامِيَةً ... كأنَّ آذَانها أطْرَافُ أقْلامِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 - الْغَرِيب الفواق قدر مَا بَين الحلبتين وَيضْرب مثلا فى السرعة واللبث الْقَلِيل والفواق أَيْضا الشهقة الْعَالِيَة للْإنْسَان الْمَعْنى يَقُول خيله تجيب الصَّرِيخ بالطعان من غير لبث فى إجَابَته فتجعل الطعْن جَوَابا وَقدر اللّّبْث بَين الْإِجَابَة وَبَين دُعَاء الصَّرِيخ قدر فوَاق نَاقَة أَو فوَاق إِنْسَان يُرِيد لَا لبث بَينهمَا وَأَن جَوَاب الصَّرِيخ يطعن هَذِه الْخَيل فى نحور الطارقين وَقد استبان ظفرها بفر الْأَعْدَاء عَنْهَا ناكصين وبتوليهم عَنْهَا منهزمين وَمثله لِسَلَامَةِ بن جندل (كُنَّا إذَا مَا أَتَانَا صَارِخٌ فَزِعٌ ... كانَ الجَوَابُ لهُ قَرْعَ الظَّنابِيبِ) 24 - الْإِعْرَاب من رفع ملاقية ومعودة أضمر لَهما ابْتِدَاء وَمن نصب جَعلهمَا حَالا وَالْعَامِل فيهمَا الْمصدر من قَوْله فَكَانَ الطعْن الْمَعْنى يَقُول خيل الممدوح تلقى نَوَاصِيهَا المنايا مُقَدّمَة ة عَلَيْهَا بوجهها مسرعة إِلَيْهَا وَقد اعتادت فوارسها معانقة الأقران فى الْحَرْب وَالْحَرب لَهَا حالات أَو لَهَا الملاقاة من بعيد ثمَّ المراماة ثمَّ المطاعنة ثمَّ المجالدة ثمَّ المعانقة 25 - الْغَرِيب الهوادى جمع هادية وهى أَعْنَاق الْخَيل الْمَعْنى يَقُول تبيت رماحه فَوق أَعْنَاق خيله فى سراه إِلَى عدوه وَالْعرب تعرض الرماح على أَعْنَاق الْخَيل فى السّير وتسددها فى الْحَرْب وَمَا تئيره من العجاج كالرواق عَلَيْهَا يُشِير أَنه يسير إِلَى أعدائه ويدرع اللَّيْل نحوهم أخذا بالحزم وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (وإعْمالى إلَيْكَ بِها المَطايا ... وَقَدْ ضَرَبَ العَجاجُ بِها رُوَاقا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 - الْغَرِيب الاصطباح والاغتباق مستعملان فى الشّرْب عِنْد الصَّباح والعشى الْمَعْنى تميل رماح هَذِه الفرسان كَأَن بهَا خمارا وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تميل من لينها فَكَأَن تِلْكَ الْخمر تَتَكَرَّر عَلَيْهَا اغتباقا واصطباحا وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه كثير الغارات لَا تفتر خيله جائلة غدوا وعشيا وَهَذَا مثل قَول البحترى (يَتَعَثَّرْنَ فِى النُّحورِ وفِى الأوْ ... جُهِ سُكْراً لَمَّا شَرِبْنَ الدّماءَ) 27 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما جاد وَأعْطى لم يفق من سكر الْجُود وَشرب الْخمر فَلم يسكر فتعجبت الْخمر لِأَنَّهَا لم تقدر على إِحَالَة ذهنه وَقصرت عَن مغالبة عقله وَاسْتولى عَلَيْهِ جوده فَلم يفق من طربه وَلَا صَحا من ارتياحه بِهِ وَالْأَحْسَن فى هَذَا قَول البحترى (تَكَرَّمْتَ مِنْ قبلِ الكُئُوسِ عَلَيْهِمُ ... فَما اسْطَعْنَ أنْ يُحْدِثْنَ فيكَ تكرُّما) 28 - الْمَعْنى يَقُول أَقَامَ الشّعْر ينْتَظر أَوَان العطايا فَلَمَّا ظهر لَهُ مَا فاق الأمطار بكثرته فاق الأمطار الشّعْر أَيْضا بمدحه يُرِيد كَثْرَة الْأَشْعَار فى مدحه 29 - الْغَرِيب القيان جمع قينة وهى الْجَارِيَة الْمُغنيَة وَغير الْمُغنيَة أوقع الْجمع موقع الْوَاحِد وَإِنَّمَا أعطَاهُ جَارِيَة والدهماء أَرَادَ الْفرس الَّتِى أَعْطَاهَا إِيَّاهَا وَالصَّدَاق بِكَسْر الصَّاد وَفتحهَا وَالْفَتْح اخْتِيَار الْكُوفِيّين وَهُوَ مهر الْمَرْأَة وَيُقَال صدَاق وَصدقَة وَصدقَة الْمَعْنى يَقُول وزنا من الشّعْر قيمَة الدهماء بريد أَنه بعث إِلَى سيف الدولة مَا كافأه بِثمن الدهماء وهى الْفرس الَّتِى كَانَ أهداها لَهُ ووفى صدَاق الْقَيْنَة الَّتِى أهداها لَهُ وَهَذَا يُشِير إِلَى أَنه قايض جوده بِشعرِهِ وكافأ هِبته بمدحه وسمى قيمَة الْجَارِيَة صَدَاقا لِأَن الْقيمَة للْأمة كالصداق للْحرَّة لِأَنَّهَا تستحل بِالثّمن كَمَا تستحل الْحرَّة بِالْمهْرِ 30 - الْغَرِيب حاشا بِمَعْنى الإعاذة والتنزيه ويبارى يجارى ويباقى يفاعل من الْبَقَاء الْمَعْنى استدرك مَا كَانَ قَالَه فى الْبَيْت الْمُتَقَدّم من مكافاته بالشعر وَهُوَ قَوْله وزنا قيمَة الدهماء مِنْهُ وَأَنه جعل الشّعْر فى مُقَابلَة عطائه فَقَالَ حاشا لجودك أَن يجازى بشئ لِأَنَّهُ أَكثر مِمَّا يعاوضه شئ وكرمك لَا يباهى فى الْبَقَاء لِأَنَّهُ أبقى من كرم غَيْرك وَمعنى الْبَيْت أَن كرمك أَكثر وَأبقى من كرم غَيْرك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 - الْغَرِيب القرم الصعب من الْإِبِل والحقاق جمع حقة وهى الَّتِى اسْتحقَّت أَن يحمل عَلَيْهَا من النوق وَدخلت فى السّنة الرَّابِعَة والمداعبة الممازحة الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا أَقُول مَا قلت ممازحة وملاعبة لأَنا نداعب مِنْك سيدا كل سيد عِنْده كالحقاق عِنْد القرم مَعْنَاهُ أَنْت ملك قد ذلت لَهُ الْمُلُوك وصغرت عِنْده كَمَا تذل الحقة للقرم 32 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ يقتل الْقَتْلَى وَلَا يسلبهم وَيُطلق الأسرى بعفوه فعفوه يسلب الأسرى أغلالهم وقيودهم وَهَذَا من قَول عنترة (يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ أنَّنِى ... أغْشَى الوَغَى وأعِفُّ عنْدَ المَغْنَمِ) 33 - الْمَعْنى يَقُول إحسانك إِلَى لم يكن عَن غَفلَة مِنْك بل عَن علم وتجربة أَحْسَنت إِلَى وَلم اظفر بإحسانك من غير اسْتِحْقَاق كمن سرق شَيْئا يُرِيد فَمَا ظَفرت بِهِ مِنْك ظفر المسترق وَلَا قبله قبُول المختلس ولكنى كنت أَهلا لما أسديته وَكنت مصيبا فِيمَا أوليته قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول بلعام (بضَرْبَةٍ لمْ تَكُنِ مِنِّى مُخَلَّسةً ... وَلا تَعجَّلْتُها جُبْنا وَلا فَرَقا) 34 - الْمَعْنى يَقُول الْبَرْق إِذا حاول لحاقى كبا لوجهه أى عثر وَسقط فأبلغ من يحسدنى عَلَيْك أَنى السَّاق الذى لَا يدْرك والمقدم الذى لَا يلْحق فَإِذا كَانَ الْبَرْق لَا يلْحق بى فَمن يلْحق بى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِن قيل لم جعل الممدوح رَسُولا مبلغا عَنهُ وَهَذَا قَبِيح قيل إِنَّمَا حسن ذَلِك لقَوْله (حاسدى عَلَيْك ... ) 35 - الْمَعْنى يَقُول لَا تغنى الرسائل فى عَدو الْأَقْوَال فِيهِ غير مجدية إِلَّا إِذا كَانَت الرسائل فَمَا مَاضِيَة والزواجر أفعالا وَاقعَة مَاضِيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 - الْمَعْنى معرفتى النَّاس أَكثر من معرفَة اللبيب المجرب لأنى آكل وَهُوَ ذائق والذائق لَيْسَ فى الْمعرفَة كالآكل لِأَن الْآكِل أتم معرفَة من الذائق وَذَلِكَ لتمكنى فى اختيارهم وإحاطتى بمعرفتهم 37 - الْمَعْنى يَقُول لم أر مَا يتجاورون فِيهِ من الود إِلَّا الخداع والمكاذبة وَمَا يبدونه من الدّين إِلَّا نفَاقًا وَلَا يخلصون دينهم وَلَا ودهم 38 - الْغَرِيب ألاق أمسك وَمِنْه (كَفَّاكَ كَفٌّ مَا تُلِيقُ دِرْهَمَا ... جُوداً وأُخْرَى تُعْطِ بالسَّيفِ الدَّما) الْمَعْنى كل بَحر دون يَمِينك وَمَا أمْسكهُ من مَائه على كثرته دون مَا لم تمسكه مِمَّا بذلته وَالْمعْنَى يقصر مَا أمْسكهُ الْبَحْر عَمَّا لم تمسكه وجدت بِهِ 39 - الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا قدرَة الله تَعَالَى وَأَنه قَادر على مَا يُرِيد يخلق مَا يَشَاء لقلنا إِن خلقك وفَاق أَو عمد لبعد الْوَهم أَن يكون مثلك خلق فى جودك وكرمك لما قد اجْتمع فِيك من ضروب الْخَيْر وتكامل لَك من صنوف الْفضل 40 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ يَقُول لاحطت لَك الْحَرْب سرجا بفقدها لَك وَلَا زلت مَالِكًا لتدبيرها وَلَا ذاقت الدُّنْيَا فراقك وَلَا زلت مُدبرا لأمورها وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحترى (حُطَّتْ سُرُوجُ أَبى سَعِيدٍ وَاغْتَدَتْ ... أسْيافُهُ دُونَ العَدُوّ تُشامُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 - 1 - الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته لعينيك وَمَا تضمنتاه من السحر وأثارتاه من من لوعة الْحبّ مَا يلقاه قلبى من الوجد فِيمَا يستأنفه وَمَا لقِيه من قبل ذَلِك فِيمَا أسلفه وللحب الذى أسلمتنى إِلَيْهِ واقتصرت بى عَلَيْهِ مَا لم يبقه السقم منى مِمَّا أفنيته وَمَا بقى مِنْهُ مِمَّا أنحلته وَمَا أضنيته 2 - الْمَعْنى يَقُول وَمَا كنت مِمَّن يمِيل إِلَى اللَّهْو والغزل وَلَا مِمَّن يمِيل إِلَى الْعِشْق قلبه وَلَكِن جفون عَيْنَيْك فتانة لمن يَرَاهَا فَتدخل الْعِشْق فى قلب من لم يعشق فَمن أبصرهَا تمكن الْعِشْق بِهِ وَمن شَاهدهَا تزين الْحبّ لَهُ وَفِيه نظر إِلَى قَول مُسلم (وَقَدْ كانَ لَا يَصْبُو وَلَكِنَّ عَيْنَهُ ... رأتْ مَنْظَراً يُصْبِى القُلُوبَ فَراقَها) 3 - الْغَرِيب المترقرق الذى يجول فى الْعين وَلَا ينحدر الْمَعْنى يَقُول مَا بَين مَا أرجوه من رضَا من أحبه وأحذره من سخطه وَمَا أتمناه من اقترابه وأخافه من بعده مجَال للدموع الَّتِى تترقرق فى الْمقل كلفا بالحبيب وحذارا من الرَّقِيب وَهَذَا مَأْخُوذ من أَبْيَات الحماسة (وَمَا فِى الأَرْضِ أشْقَى مِنْ مُحِبٍّ ... وَإنْ وَجَدَ الهَوَى حُلْوَ المَذَاقِ) (تَرَاهُ باكِيا فى كُلّ وَقْتٍ ... مَخافَةَ فُرْقَةٍ أوْ لاِشْتِياقِ) (فَيَكْى إنْ نَأَوْا شَوْقا إلَيْهِمْ ... وَيَبْكى إنْ دَنَوْا خَوْفَ الفِرَاقِ) (فَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عِنْدَ التَّنائى ... وَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عنْدَ التَّلاقى) 3 - الْغَرِيب الرب الصاحب وَالْمَالِك وَالْمُدبر الْمَعْنى يَرْجُو الْوَصْل ويتقى الهجر لمراعاة أَسبَاب الْوِصَال وَإِنَّمَا قَالَ مَا شكّ فى الْوَصْل لِأَن العاشق إِذا كَانَ فى حيّز الشَّك كَانَ الْوَصْل أَشد اغتناما وَإِذا تَيَقّن الْوَصْل كَانَ غير ملتذ بِهِ عِنْد وجوده وَإِذا كَانَ فى يأس من الْوَصْل لم تكن لَهُ لَذَّة الرَّجَاء فالهوى عَلَيْهِ بلَاء كُله كَمَا قَالَ الآخر (تَعَبٌ يَطُولُ مَعَ الرَّجاءِ لِذىِ الهَوَى ... خَيْرٌ لَهُ مِنْ رَاحَةٍ مَعَ ياسٍ) وَقد أَكثر الشُّعَرَاء من هَذَا الْمَعْنى فَمنهمْ زُهَيْر قَالَ (وَقُدْ كُنْتُ مِنْ سَلْمَى سِنِينَ ثَمَانِيا ... عَلى صِيرِ أمْرٍ مَا يَمَرُّ وَما يَحْلُو) وَقَالَ الجلاح (مَدَدْتِ حَبْلَ غُرُورٍ غَيْرَ مُؤْيِسَةٍ ... فَوْتَ الأكُفِّ فَلا جُودٌ وَلا بُخُلُ) (والصُّرْمُ أرْوَحُ مِنْ غَيْثٍ يُطَمِّعُنا ... فِيهِ مَخايِلُ مَا يُلْفَى بِها بَلَلُ) وَقَالَ ابْن الرقيات (تَرَكْبِتِنى وَاقِفا عَلى الشَّكّ لَمْ ... أصْدُرْ بِيأْسٍ مِنْكُمْ وَلمْ أرِدِ) وَقَالَ ابْن أَبى زرْعَة الدمشقى (فَكأّنى بَينَ الْوِصَالِ وبَينَ الْهَجْرِ مِمَّنْ مَقامُهُ الأَعْرَافُ) (فِى مَحَلٍّ بَينَ الجِنانِ وبَينَ النَّارِ ... طَوْراً أرْجُو وَطَوْراً أخافُ) وَقَالَ الخليع (وَجَدتُ ألَذَّ الْعَيْشِ فِيما بَلَوْتُهُ ... تَرَقُّبَ مُشْتاقٍ زِيارَةَ شائِقِ) وَقَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف ذ (وأحْسَنُ أيَّامِ الهَوَى يَوْمُكَ الَّذِى ... تُهَدَّدُ بالتَّحْرِيشِ فِيهِ وبالعَتْبِ) (إذَا لَمْ يكُنْ فِى الحُبّ سُخْطٌ وَلا رِضًا ... فَأَيْنَ حَلاوَاتُ الرَّسائِلِ والْكُتْبِ) وأصل الْبَيْت من قَول الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول الرَّجَاء تمن وَالشَّكّ توقف وهما أصل الأمل وَقَالَ الآخر أحلى الْهوى وأعذبه مَا كَانَ صَاحبه بَين يأس وطمع ومخافة وأمل فَهُوَ يحذر الهجر ويتقيه ويؤمل الْوَصْل ويرتجيه الحديث: 152 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 - الْغَرِيب الرِّيق فيعل من راق يروق وَهُوَ أول الشَّبَاب وَمِنْه ريق الْمَطَر أَوله الْمَعْنى جعلهَا غَضبى لفرط دلالها على عاشقها وهى سكرى بسكر الحداثة وَجعل شبابه شفيها إِلَيْهَا وَهُوَ مثل قَول مَحْمُود الْوراق (كَفاك بالشَّيْبِ ذَنْبا عِنْدَ غانيَةٍ ... وبالشَّبابِ شَفيعا أيُّها الرَّجُلُ) وَمثله للبحترى (أأخِيبُ عنْدَكَ وَالصّبا لى شافِعٌ ... وأُرَدُّ دُونَكَ والشَّبابُ رَسُولى) وَمثله أَيْضا (وَإِذا تَوَسَّلَ بالشَّبابِ أخُو الهَوَى ... ألْفاهُ نِعْمَ وَسيلَةُ المُتَوَسِّلِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 - الْغَرِيب الأشنب الثغر الْبراق وَيُقَال المحدد الْوَاضِح الْأَبْيَض والمعسول الذى كَأَن فِيهِ عسلا الْمَعْنى يَقُول وَرب أشنب أى ثغر أشنب عذب مقبله وَاضح ثنيانه باهر حسنه سترت فمى عَنهُ ورعا وعفة فَقبل مفرقى كلفا وغبطة إجلالا لى وميلا إِلَى وَالْمعْنَى أَنه أحب وَصله وتعفف هُوَ عَمَّا حرم الله تَعَالَى 7 - الْغَرِيب الأجياد جمع جيد وَهُوَ الْعُنُق والعاطل الذى لَا حلى عَلَيْهِ والمطوق الذى قد تطوق بالحلى الْمَعْنى يَقُول إِنَّه عفيف يصف نَفسه بالعفة والصيانة وَأَنه قد زَارَهُ من الحسان عاطلات وحاليات فَلم يُمَيّز بَين العاطل والمطوق 8 - الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كل عاشق عفيفا شجاعا مثلى يعْنى أَنه يشجع فى الوغى ويعف عِنْد الْهوى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن مَعْنَاهُ وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَقَالَ الْمَرْأَة من الْعَرَب تُرِيدُ من صَاحبهَا أَن يكون مقداما فى الْحَرْب فترضى حِينَئِذٍ عَنهُ وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم (يَقُتْنَ جِيادَنا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ ... بُعُولَتَنا إذَا لَمْ تَمنَعُونا) فَلهَذَا قَالَ ويرضى الْحبّ وَالْحب المحبوب يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى وَهَذَا الْبَيْت من الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم لسنا نمْنَع محبَّة ائتلاف الْأَرْوَاح إِنَّمَا نمْنَع محبَّة اجْتِمَاع الْأَجْسَام فَإِنَّمَا أذرك من طباع الْبَهَائِم وَهُوَ قريب من قَول أسلم (أخَذْتُ لِطَرْفِ العَيْنِ مِمَّا تُصِيبُهُ ... وأخْلَيْتُ مِنْ كَفِّى مكانَ المُخلْخَلِ) وكقول الخليع (لى مَا حَوَاهُ قِناعُها مِن فَوْقِ مَا ... حَوَتِ الجُيُوبُ وَلِى مَكانُ ثَرَاها) (لَمْ تُلْفِ مُعْتَنِفَيْنِ ليسَ عَلَيْهِما ... حَرَجٌ سِوَاىَ مَعَ الهَوَى وسِوَاها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 - الْغَرِيب سقى وأسقى لُغَتَانِ والبابلى نِسْبَة إِلَى بابل وَكَانَ بَلَدا قَدِيما إِلَّا أَنه خرب وَهُوَ مَا بَين بَغْدَاد والكوفة وَهُوَ إِلَى الْكُوفَة أقرب لِأَنَّهُ من أَعمالهَا الْمَعْنى يَدْعُو لأيام الصِّبَا مجَازًا بالسقيا وَمَا يُورثهَا الطَّرب وَيفْعل بهَا فعل الْخمر الْعَتِيق وَهَذَا على عَادَة الْعَرَب 10 - الْمَعْنى يَقُول إِذا استمعت بعمرك كالمستمتع بِمَا لبسه فنيت أَنْت وَمَا لبسته من الدَّهْر بَاقٍ لم يبل يعْنى أَن الْإِنْسَان يبْلى والدهر جَدِيد كَمَا هُوَ لَا يبْلى وَلِهَذَا يُسمى الأزلم الْجذع وَهُوَ من قَول الأول (أرَى الدَّهْرَ يُخْلِقُنِى كُلَّما ... لَبْسْتُ مِنَ الدَّهْرِ ثَوْبا جُديدا) وَقَالَ ابْن دُرَيْد (إنَّ الجَدِيدَيْنِ إِذا مَا اسْتَوْلَيا ... عَلى جَدِيدٍ أدْنَياهُ لِلْبِلَى) 11 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا نظرت إلَيْهِنَّ ونظرن إِلَى قتلهن وقتلننى خوف الْفِرَاق وَمَا منا إِلَّا مُشفق على صَاحبه هَذَا كَلَامه وَلم يعلم معنى الْبَيْت وَلَا تَفْسِيره قَالَ ابْن فورجة وبعثن يعْنى النِّسَاء ومفعول بعثن ضمير الألحاظ وَإِن لم يذكرهُ أى بعثنها كَقَوْلِك لم أر كزيد أَقَامَ الْأَمِير عريفا أى أَقَامَهُ وَلَا يجوز أَن يكون ضمير بعثن للألحاظ على إِسْنَاد الْفِعْل إِلَيْهَا وَقَوله (بكلّ الْقَتْل ... ) أى بقتل فظيع ثمَّ قَالَ وَإِن بعثن ألحاظهن رسل الْقَتْل فهن مشفقات علينا من الْقَتْل وَغير قاصدات لقتلنا انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى يَقُول لم أر كالألحاظ يَوْم مفارقتى الَّذين ألفتهم وَلَا كفعلها عِنْد رحيل الَّذِي أحبهم بعثت لنا الْقَتْل مَعَ إشفاق المديرين لَهَا وهاجت لنا البث مَعَ إخلاص الملاحظين لَهَا فأوجعت بتفتيرها غير قاصدة وَقتلت بسحرها غير عامدة وَهُوَ من قَول النَّابِغَة (فى إثْرِ غانِيَةٍ رَمَتْكَ بِسَهْمها ... فأصابَ قلْبَكَ غيرَ أنْ لمْ تُقْصِدِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 - الْمَعْنى يَقُول أدرن عيُونا حائرات متابعات لحظها متعبات بترادف دمعها كَأَنَّمَا وضعت أحداقها على الزئبق فهى حائرة لَا تسكن ومتعبة لَا تفتر وَنَقله من قَول الشَّاعِر يصف عقعقا (يُقَلِّبُ عَيْنَيْنِ فى رأسِهِ ... كأنَّهُما قَطْرَتا زِئْبَقِ) 13 - الْمَعْنى يَقُول يعدونا يصرفنا عَن النّظر إِلَى من نحبه الْبكاء لرحيله ويمنعنا من الالتذاذ بِالْقربِ خوفنا لفرقته والدمع إِذا امْتَلَأت بِهِ الْعين منع الْبَصَر أَن يبصر كَقَوْل الآخر (نَظَرْتُ كأَّنى مِن وَرَاءِ زُجاجَةٍ ... إِلَى الدَّارِ مِنْ فَرْطِ الصَّبابَةِ أنْظُرُ) كَقَوْل الآخر (نَظَرْتُ كأَّنى مِن وَرَاءِ زُجاجَةٍ ... إِلَى الدَّارِ مِنْ فَرْطِ الصَّبابَةِ أنْظُرُ) وَخَوف الْفِرَاق يمْنَع من لَذَّة الْوَدَاع كَقَوْل البحترى (لَا تَعْذُلَنّى فى مَسِيرِى ... يَوْمَ سِرْتُ وَلمْ أُلاقِكْ) (إنّى خَشِيتُ مَوَاقِفاً ... لِلْبَيْنِ تَسْفَح غَرْبَ مآقِكْ) (وَذَكَرْتُ مَا يَجِدُ المُوَادّ ... عُ عِنْدَ ضَمِّكَ وَاعْتِناقِكْ) (فَترَكْتُ ذَاكَ تَعِمُّدًا ... وخَرَجْتُ أهْرَبُ مِنْ فِراقِكْ) وَقَول الآخر (صَدَّنِى عَنْ حَلاوَةِ التَّشْيِيعِ ... حَذَرى مِنْ مَرَارَة التَّوْديعِ) (لَمْ يَقُمْ أُنْسُ ذَا بِوَحْشَةِ هَذَا ... فَرأيْتُ الصَّوَابَ تَرْكَ الجَمِيعِ) وَقَالَ غَيره (يوْمَ الفِراقِ شكَوْتَ تَرْكَ وَداعِكُمْ ... والعُذْرُ فِيهِ مُوَسَّعٌ تَوْسِيعا) (أوَهَلْ رأيِتَ وهَلْ سَمِعْتَ بِوَاحِدٍ ... يَمْشِى يُوَدّعُ رُوحَهُ تَوْديعا) 14 - الْغَرِيب أَبُو الهيجاء هُوَ وَالِد سيف الدولة والقنا الرماح واحدتها قناة وَالْفَيْلَق الكتيبة الشَّدِيدَة الْمَعْنى يَقُول للعين فِينَا عِنْد وداعنا لَهُم عمل كعمل رماح سيف الدولة فى أعدائه // وَهَذَا من أحسن المخالص // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 - الْإِعْرَاب قواض مواض خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَلَا يجوز أَن يكون صفة وَلَا بَدَلا من قِنَا لِأَنَّهُ معرفَة لَا نكرَة الْغَرِيب الخدرنق العنكبوت وَإِذا جمعت قلت الخدارق وَهُوَ بِالدَّال الْمُهْملَة قَالَ الراجز (ومَنْهَلٍ طام عَلَيْهِ الغَلْفَقُ ... يُنِيرُ أوْ يُسْدِى بِهِ الخَدَرْنَقُ) الْمَعْنى يَقُول هَذِه الرماح قاضية على من يَقْصِدهُ مَاضِيَة على من يعتمده نسج دَاوُد من الدروع الَّتِى أحكمها صَنْعَة وأثبتها قُوَّة كنسج العنكبوت فى سرعَة خرقها لَهُ ونفاذها فِيهِ 16 - الْغَرِيب الكماة جمع كمى وَهُوَ الشجاع الْمُسْتَتر فى سلاحه والجيوش جمع جَيش والأملاك جمع ملك الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هواد تهديهم وتقدمهم وَقَالَ الواحدى تهدى أَرْبَابهَا إِلَى أَرْوَاح الْمُلُوك وَيدل على صِحَة قَوْله (كَأَنَّهَا تَخَيَّر ... ) وتنتفى يُقَال هديته إِلَى هَذَا وَلِهَذَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا} فهى هواد أَصْحَابهَا إِلَى مُلُوك الجيوش وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى (قَفا سِنْدِبايا والمَنايا كأنَّها ... تُهَدَّى إِلَى الرُّوحِ الخَفِى فّتَهْتَدى) وَقَالَ العروضى فِيمَا استدرك على ابْن جنى لَا يُقَال هدى لَهُ إِذا تقدمه وَإِنَّمَا يُرِيد أَنَّهَا تهتدى إِلَى الْأَمْلَاك فتقصدهم وَقد بَينه ابْن فورجة فَقَالَ لَيْت شعرى مَا الْفَائِدَة فى أَن تتقدم رماح سيف الدولة الْأَمْلَاك وَإِنَّمَا قَوْله (هواد ... ) بِمَعْنى مهتدية يُقَال هديت بِمَعْنى اهتديت وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لَا يهدي إِلَّا أَن يهدى} {وليكونن أهْدى من إِحْدَى الْأُمَم} وَالْمعْنَى أَن سيوفه تهتدى إِلَى الْمُلُوك فتقتلهم 17 - الْغَرِيب تفك تحل والجوشن الدرْع وتفرى تقطع يرْوى تفك وتقد الْمَعْنى يَقُول تقطع رماح سيف الدولة على أعدائه كل درع للشدة طعن فرسانه وشجاعة أنفس أَصْحَابه فَإِنَّهَا لَا يعتصم مِنْهَا بسور وَلَا خَنْدَق 18 - الْغَرِيب اللقان بِأَرْض الرّوم وَهُوَ وَاد وواسط بِأَرْض الْعرَاق وهى الَّتِى بناها الْحجَّاج بن يُوسُف الثقفى وجلق يُقَال هى دمشق والفرات مَعْرُوف ويمتد من أَرض الرّوم إِلَى الْعرَاق الْمَعْنى يُشِير إِلَى كَثْرَة غاراته وانتشارها فى الْبِلَاد على كفار الْعَجم وعصاة الْعَرَب وَأَنه يُغير من الشَّام إِلَى الْعرَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 - الْغَرِيب المتدقق المتكسر الْمَعْنى يَقُول يرجع الرماح حمرا بِالدَّمِ كَأَنَّهَا باكية على مَا تكسر مِنْهَا فصحاحها تبكى على مكسرها 20 - الْمَعْنى يَقُول لَا تبلغاه قولى فى صِفَات أَفعاله وطعان فرسانه فإنكما تبعثانه على ذَلِك لشجاعته فَإِنَّهُ يشتاق إِلَيْهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول كثير (فَلا تُذْكِرَاهُ الْحاجِبِيَّةَ إنَّهُ ... مَتى تُّذْكِرَاهُ الْحاجِبِيَّةَ يَحْزَنِ) وَمن قَول حبيب (كثيرا مَا تذكره العوالي ... إِذا اشتاقت إِلَى العلق الْمَتَاع) (كأنَّ بِهِ غَدَاةَ الرَّوْعِ وِرْداً ... وَقَدْ وُصِفَتْ لَهُ نَفْسُ الشُّجاعِ) 21 - الْغَرِيب البنان الْأَصَابِع واحدتها بنانة وَالْكَلَام المشقق العويص الغامض الذى شقّ بعضه من بعض الْمَعْنى يُرِيد أَنه شُجَاع عِنْد اللِّقَاء فصيح عِنْد القَوْل قَادر عَلَيْهِ لعوب بِهِ لقدرته عَلَيْهِ فيريد أَن يَده على عَادَته من إِعْمَال السيوف فبنانه ضروبة بظباتها وَلسَانه على عَادَته من تصريف غوامض الْكَلَام وَهُوَ مدرك لغايانها وَذَلِكَ لقدرته على الْإِتْيَان بالبديع من الْكَلَام والبليغ مِنْهُ وَقد نَقله من الهجاء إِلَى الْمَدْح من قَول الأول (فَباعِدْ يَزِيداً مِنْ قِرَاعِ كَتِيبَةٍ ... وأدْنِ يَزِيداً مِنْ كَلامٍ مُشَقَّقِ) 22 - الْغَرِيب الْغَيْث السَّحَاب والفلك مدَار النُّجُوم الْمَعْنى يَقُول من سَأَلَ الْغَيْث قَطْرَة فقد قصر فى السُّؤَال كَذَلِك سائله وَإِن سَأَلَ الْكثير كَانَ مقصرا عَمَّا تَقْتَضِيه همته من الْبَذْل وعاذله فى الْجُود غير مُطَاع بل يَقُول الْمحَال كمن قَالَ للفلك ارْفُقْ فى حركتك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَمَا أَن الْغَيْث لَا تُؤثر فِيهِ القطرة كَذَلِك سائله لَا يُؤثر فى مَاله وجوده وَقَالَ العروضى وَهَذَا على خلاف الْعَادة فى الْمَدْح لِأَن الْعَرَب تمدح بالعطاء على الْقلَّة والمواساة مَعَ الْحَاجة إِلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَقَالَ الشَّاعِر (ولمْ يكُ أكثرَ الفِتْيانِ مَالا ... وَلَكِنْ كانَ أرْحَبَهُمْ ذِرَاعا) والذى فسره مدح بِكَثْرَة المَال لَا الْجُود وَإِنَّمَا أَرَادَ من عَادَته وطبعه الْجُود كعادة الْغَيْث أَن يقطر فسائله مستغن عَن تَكْلِيفه مَا هُوَ فى طبعه قَالَ ابْن فورجة هُوَ يَقُول من يسْأَل الْغَيْث قطره فقد تكلّف مَا اسْتغنى عَنهُ إِذْ قطرات الْغَيْث مبذولة لمن أرادها كَذَلِك سَائل هَذَا الممدوح يتَكَلَّف مَا لَا حَاجَة إِلَيْهِ وَهُوَ يعْطى قبل السُّؤَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 - الْمَعْنى يَقُول قد عَم وَوصل برك إِلَى أهل كل مِلَّة من الْملَل وحمدك أهل كل لُغَة لما نالوا من برك وإحسانك فقد فاض جودك فى الْأُمَم وحمدك كلهم 24 - الْغَرِيب الارتياح الطَّرب والمجتدى السَّائِل والمتملق الذى يخضع ويلين كَلَامه مَأْخُوذ من الصَّخْرَة الملقة وهى الملساء الْمَعْنى يُرِيد أَن ملك الرّوم لما علم طربك وميلك إِلَى الْكَرم خضع لَك خضوع السَّائِل وَفِيه نظر إِلَى قَول الْقَائِل (وَلَوْ لَمْ تناهِضْهُ وأبْصَرَ عُظْمَ مَا ... تُنِيلُ مِنَ الجَدْوَى لَجاءَكَ سائِلا) 25 - الْغَرِيب السمهرية منسوبة إِلَى سمهر زوج ردينة كَانَا يقومان الرماح والدربة الْعَادة ودرب بالشئ اعتاده وضرى بِهِ قَالَ الشَّاعِر (وفِى الْحِلْمِ إذْعانٌ وفِى العَفْوِ دُرْبَةٌ ... وفِى الصِّدْقِ مَنْجاةٌ مِنَ الشَّرّ فاصْدُقِ) والحاذق الْعَارِف الْخَبِير بالصنعة الْمَعْنى يَقُول ملك الرّوم خلى الرماح وَرجع صاغرا إِلَى مسئلة سيف الدولة عَالما بِأَنَّهُ أحذق مِنْهُ فى الطعْن وأدرب مِنْهُ فى التصريف لَهَا لِأَنَّهُ شُجَاع لَا يجاريه شُجَاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 - الْمَعْنى يَقُول كَاتب من بعد أرضه وَلكنهَا قريبَة على خيلك وَقَالَ قريب وبعيد يُرِيد الْمَكَان وَيجوز أَن يكون يُرِيد الأَرْض وفعيل إِذا كَانَ نعتا سَقَطت مِنْهُ الْهَاء كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن رحمت الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} على أحد الْوُجُوه الَّتِى فسر بهَا وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن المعتز يصف فرسا (يَرَى بَعِيدَ الشَّىْءِ كالقَرِيبِ ... ) 27 - الْغَرِيب المسرى الْموضع الذى يسَار فِيهِ بِاللَّيْلِ الْمَعْنى يَقُول إِن رَسُوله سَار إِلَيْك عِنْد قَصده إياك فَمَا سَار إِلَّا على هام الرّوم مفلقة وأشلائهم مقطعَة وَهَذَا إِشَارَة إِلَى قرب الْعَهْد بالإيقاع بهم وَهَذَا هُوَ الذى أوجب الخضوع مِنْهُم وَهُوَ من قَول الطائى (بكُلّ مُنْعَرَجِ مِنْ فارِسٍ بَطَل ... جَماجِمٌ فُلُقٌ فِيها قَنا قِصَدُ) وَمن قَول الأول (بكُلّ قَرارَةٍ وبِكُلّ أرْضٍ ... بَنانُ فَتًى وجُمْجُمَةٌ فَلِيقُ) 28 - الْمَعْنى يَقُول لمعان الْحَدِيد أخْفى عَلَيْهِ طَرِيقه وأعشى عَلَيْهِ بَصَره حَتَّى لم يبصر طَريقَة لشدَّة لمعان الْحَدِيد فى عَسْكَر سيف الدولة وَالضَّمِير فى مَكَانَهُ الرَّسُول 29 - الْإِعْرَاب إِلَى الْبَحْر ارادأ إِلَى الْبَحْر فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله أم وَهُوَ // جَائِز فى الشّعْر // وَقد ذَكرْنَاهُ فى مَوَاضِع من كتَابنَا وَمَا أنْشد عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ الْغَرِيب يرْوى الْبسَاط بِالْبَاء وَهُوَ مَعْرُوف ويروى السماط والسماط صف يقومُونَ بَين يدى الْملك الْمَعْنى يَقُول أقبل الرَّسُول يمشى إِلَيْك بَين السماطين فتصور لَهُ مِنْك الْبَحْر فى السخاء والبدر فى الْعَلَاء فَلم يدر أَيهمَا يمشى فغشيه من هيبته وملأ قلبه من جلالته مَا لَا يعرض مثله إِلَّا لمن قصد مصمما إِلَى الْبَحْر أَو ارْتَفع مرتقيا إِلَى الْبَدْر لعظم مَا عاين من هيبته وَرَأى من جلالته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 - الْغَرِيب المنمق المحسن والتنميق التحسين الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ يصرفك الْأَعْدَاء عَنْهُم وَعَن إِرَاقَة دِمَائِهِمْ بشئ مثل خضوع لَك فى كتاب وَهَذِه حَالَة الرّوم مَعَك وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (فَحاطَ لَهُ الإقْرَارُ بالذَّنْبِ رُوحَهُ ... وَجُثْمانَهُ إذْ لَمْ تَحُطْهُ قَبائِلُهْ) وَمن قَول حبيب أَيْضا (عَدَا خائِفاً يَسْتَنْجِدُ الكُتْبَ مُذْعِنا ... علَيكَ فلاَ رُسْلٌ ثَنَتْكَ وَلا كُتْبُ) 31 - الْغَرِيب القذال مُؤخر الرَّأْس والدمستق صَاحب جَيش الرّوم الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة كنت قبل استجارته بك إِذا أردْت مُكَاتبَته كتبت إِلَيْهِ بِمَا تُؤثر بِهِ سيوفك فى قذال صَاحبه وَكَانَ الدمستق قد جرح فى بعض وقائع سيف الدولة فَأَشَارَ المتنبى إِلَى ذَلِك وَدلّ بِهِ على ضَرُورَة ملك الرّوم إِلَى مَا أظهره من الخضوع وَقد أجمل فى هَذَا الْبَيْت مَا فَصله أَبُو تَمام بقوله (كَتَبْتَ أوْجُهَهْمْ مَشْقا وَنمْنَمَةً ... ضَرْبا وَطعْنا يُقاتُ الهامَ والصُّلُفا) (كِتابَةً لَا تَنِى مَقُرُوءَةً أبَداً ... وَما خَططْتَ بِها لاما وَلا ألِفا) (فإنْ أَلَظُّوا بإنْكارٍ فَقَدْ تُرِكَتْ ... وُجُوهُهُمْ بالَّذى أوْلَيْتَهُمْ صُحُفا) 32 - الْإِعْرَاب فأخلق أى مَا أخلقك بذلك هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى {أسمع بهم وَأبْصر} أى مَا أسمعهم وأبصرهم الْمَعْنى يَقُول إِن أَعْطيته مَطْلُوبه من الْأمان فقد أذعن بطاعتك وَصرح بمسألتك وَإِن تعطه حد السَّيْف غير قَابل لمسألته وَلَا مسعف لرغبته فَمَا أخلقك بذلك لِأَنَّهُ كَافِر حربى وعادتك أَن لَا ترحمهم وَفِيه نظر إِلَى قَول مُسلم بن الْوَلِيد (إنْ تَعْفُ عنهُمْ فأهلْ العَفْوِ أنتَ وإنْ ... تُمْضِ العِقابِ فَأمْرٌ غَيْرُ مَرْدُودِ) 33 - الْمَعْنى يَقُول مَا تركت سيوفك من الرّوم أَسِيرًا يفدى وَلَا رَقِيقا يعْتق من رق الْعُبُودِيَّة لِأَنَّهَا أفنتهم بِكَثْرَة وقائعك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى شفراتها للصوارم الْغَرِيب الزردق الصَّفّ من النَّاس وَهُوَ مُعرب الْمَعْنى يَقُول وَقد وردوا شفرات سيوفك كورود القطا المناهل ومروا على سيوفك صفا بعد صف وفوجا بعد فَوْج مُرُور القطا على المناهل وَفِيه نظر إِلَى قَول الخارجى (لقَدْ وَرَدُوا وِرْدَ القَطا بِنُفُوسِهِمْ ... رِضَا اللهِ مَصْفُوفَ القَنا المُتَشاجِرِ) 35 - الْمَعْنى يُرِيد وَصفه بِالنورِ لبعد صيته وشهرة اسْمه فى النَّاس كشهرة النُّور المستضاء بِهِ وَالْمعْنَى أَنه بلغ بخدمته رُتْبَة مَشْهُورَة لَو كَانَت نورا لَأَضَاءَتْ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب 36 - الْإِعْرَاب أسكن الْوَاو من الْفِعْل وَهُوَ مَنْصُوب ضَرُورَة الْغَرِيب الأحمق الْجَاهِل الذى لَا عقل لَهُ الْمَعْنى يَقُول معرضًا بِمن حول سيف الدولة من الشُّعَرَاء إِذا شَاءَ أَن يلهو أَرَادَهُ طرفا مِمَّا قلته فى مدحه وقليلا مِمَّا نظمته فى مجده وكنى عَن ذَلِك بالغبار على سَبِيل الِاسْتِعَارَة ثمَّ قَالَ لَهُ الْحق هَذِه الْغَايَة من الشّعْر أَو اسلك هَذَا الطَّرِيق فى النّظم فيتبين عِنْد ذَلِك من عَجزه مَا يضحكه وَمن تَقْصِيره مَا يلهيه ويطربه وَقيل إِن الخالديين أَبَا بكر وأخاف عُثْمَان قَالَا لسيف الدولة إِنَّك لتغالى فى شعر المتنبى اقترح علينا مَا شِئْت من قصائده حَتَّى نعمل أَجود مِنْهَا فدافعهما زَمَانا ثمَّ كررا عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُمَا هَذِه القصيدة فَلَمَّا أخذاها قَالَ عُثْمَان لِأَخِيهِ أَبى بكر مَا هَذِه من قصائده الطنانات فلأى شئ أعطاناها ثمَّ فكرا فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه وَالله مَا أَرَادَ إِلَّا هَذَا الْبَيْت فتركا القصيدة وَلم يعاوداه وَلم يعملا شَيْئا وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (يَا طالِباً مَسْعاتَهُمْ لِتَنَالَها ... هَيءهاتَ مِنكَ غُبارُ ذاكَ المَوْكِبِ) 37 - الْمَعْنى يَقُول لم أقصد كمد حسادى وَلَكنهُمْ إِذا رحمونى وَلم يطيقوا ذَلِك كمدوا وأحزنوا كمن زاحم الْبَحْر وغرق فى مَائه وَقَالَ الْخَطِيب وَمَا لإزراء على أهل الْحَسَد أردْت بِمَا أبدعته وَلَا التَّعْجِيز لَهُم قصدت فِيمَا خلدته ولكنى كالبحر الذى يغرق من يزاحمه غير قَاصد وَيهْلك من اعْتَرَضَهُ غير عَامِد وَهُوَ مَنْقُول من قَول زِيَاد الْأَعْجَم (وإنَّا وَما يُهْدَى بِه مِنْ هِجائِنا ... لكالبَحْرِ مُهْما يُرْمَ فِى البحرِ يغْرَقِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 - الْغَرِيب الممخرق صَاحب الأباطيل والمخراق منديل يلْعَب بِهِ وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم (كأنَّ سُيُوفَنا فِينا وَفِيهِمُ ... مَخارِيقٌ بِأَيْدِى لاعِبِينا) الْمَعْنى يَقُول هُوَ يمتحنهم بعقله ليعرف مَا عِنْدهم ويغضى على علمه بالمبطل من ذى الْحق أى أَنه يستر عَلَيْهِ بكرمه وَلَا يهتكه 39 - الْغَرِيب الإطراق السُّكُوت والإمساك عَن الْكَلَام وطرف الْعين نظرها الْمَعْنى يَقُول إغضاؤه لَا يَنْفَعهُ إِذا كَانَ يعرف بِقَلْبِه يُرِيد هُوَ يغضى للممخرق إغضاء تجَاوز وحلم لَا إغضاء غيظ وَسُوء وغض الْعين لطرفها وكفها للحظها لَا ينفع المموه المغالط والمقصر الممخرق إِذا كَانَ طرف الْقلب يلحظه وَينظر إِلَيْهِ وَهَذَا من قَول الْحَكِيم من يخل عَن الظَّالِم بِظَاهِر أمره وعفة جوارحه وَكَانَ ممسكا لَهُ بحواسه فَهُوَ ظَالِم وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن الرومى (والفُؤّادُ الذَّكِىُّ للنَّاظِرِ المُطْرِقِ ... عَينٌ يرَى بهَا مِنْ وَرَاءِ) وَلابْن دُرَيْد (ولمْ يُرَ قَبْلى مُغْضِياً وَهْوَ ناظِرٌ ... ولَمْ يُرَ قَبْلِى ساكِتا يَتَكَلَّمُ) 40 - الْغَرِيب يُقَال يممه وَأمه إِذا قَصده الْمَعْنى يَقُول من كَانَ مَطْلُوبا خَائفًا من طَالبه فَلْيَكُن جارا لسيف الدولة فَإِنَّهُ يصير منيعا لَا تصل إِلَيْهِ يَد وَمن حرم حَظه من الرزق فليقصده سَائِلًا فَإِنَّهُ يصير مرزوقا لِأَنَّهُ بَحر تعجز عَن مثل فيضه البحور وَهَذَا من قَول الشَّاعِر (لوْ كُنْتَ جارَ بُيُوتِهِمْ لَمْ تًهْضَمِ ... أوْ كنتَ طالِبَ رِزْقِهِمْ لمْ تُحْرَمِ) 41 - الْمَعْنى يَقُول من صَاحبه يصر جريئا إِمَّا لِأَنَّهُ يتَعَلَّم الشجَاعَة وَإِمَّا ثِقَة بنصرته وَمن فَارقه وَإِن كَانَ شجاعا خَافَ وَصَارَ جَبَانًا كَمَا قَالَ على بن جبلة (بِهِ عَلِمَ الإِعْطاءَ كُلُّ مُبَخَّلٍ ... وأَقْدَمَ يَوْمَ الرَّوْعِ كُلُّ جَبانِ) وَمثله للبحترى (يَسْخُوا البَخِيلُ إذْ رَاكَ بِنَفْسِهِ ... والنِّكْسُ يَمْلأُ مضْرِبَ الصَّمْصَامِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 - الْغَرِيب المحنق الْمُغْضب حنق الرجل وأحنقه إحناقا الْمَعْنى يَقُول إِذا سَمِعت الأعادى لكيد مجده فطلبوه سعى جده فى إبِْطَال كيدهم سعي مجد مغضب قَالَ الواحدى ويروى سعى جده فى مجده أى فى تشييد مجده ورفعته وَالْمعْنَى أَن جده يرفع مجده إِذا قصد الْأَعْدَاء وَضعه 43 - الْمَعْنى يَقُول لَا يُغْنِيك فضلك الظَّاهِر إِذا لم يغنك جدك القاهر أى إِنَّه إِذا لم تكن مَعَ الْفضل سَعَادَة وتوفيق لم يغن ذَلِك الْفضل صَاحبه فَإِذا لم يقْتَرن بِالْفَضْلِ سعد ينهضه وتوفيق يُؤَيّدهُ لَا ينفع وَهَذَا من قَول حسان (رُبَّ حِلْمٍ أضَاعَهُ عَدَمُ المَا ... لِ وَجَهْلٍ غَطَّى عليهِ النَّعيمُ) وَأَخذه ابْن دُرَيْد فَقَالَ (لَا يرْفَعُ الجَدُّ بِلا لُبً وَلا ... يَحُطُّكَ الجَهْلُ إِذا الجَدُّ عَلا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 - 1 - الْإِعْرَاب مَا بَين العذيب مفعول تذكرت ومجرى بدل مِنْهُ بدل اشْتِمَال وَيجوز أَن يكون ظرفا للتذكر الْغَرِيب (العُذَيب وبارق ... ) موضعان بِظَاهِر الْكُوفَة وَبَين العذيب وَبَين الْكُوفَة مسيرَة يَوْم وَهُوَ بطرِيق مَكَّة بِالْقربِ من الْقَادِسِيَّة الْمَعْنى أَنهم كَانُوا يجرونَ الرماح عِنْد مطاردة الفرسان ويجرون الْخَيل السَّابِقَة ومجرى بِضَم الْمِيم وَفتحهَا مصدرا ومكانا وَقَرَأَ أهل الْكُوفَة إِلَّا أَبَا بكر مجريها بِفَتْح الْمِيم والإمالة وَالْمعْنَى أَنه تذكر أرضه ومنشأه ومطاردة الفرسان وإجراء الْخَيل 2 - الْإِعْرَاب وصحبة عطف على مفعول تذكرت أى وتذكرت صُحْبَة الْغَرِيب القنيص الصَّيْد والمفارق جمع مفرق وَهُوَ فَوق الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول تذكرت صُحْبَة قوم كَانَت حَالهم فى الفتوة ومنزلهم فى الشجَاعَة أَنهم كَانُوا لَا يكسرون سيوفهم إِلَّا فى جماجم الْأَبْطَال وَالْمعْنَى أَنهم يذبحون مَا يصيدون بِفُضُول مَا بقى من سيوفهم الَّتِى كسرت فى رُءُوس الْأَعْدَاء وَهَذَا إِشَارَة إِلَى جودة ضَربهمْ وَشدَّة سواعدهم 3 - الْغَرِيب الثوية مَوضِع بِقرب الْكُوفَة على ثَلَاثَة أَمْيَال مِنْهَا والمرافق جمع مرفقة وهى الوسادة الْمَعْنى يَقُول تذكرت لَيْلًا اتخذنا هَذَا الْمَكَان وسائد لنا لما نمنا عَلَيْهِ فَكَانَ ترابه الذى أصَاب مرافقنا حِين اتكأنا عَلَيْهَا عنبرا لطيبه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِنَّمَا أَرَادَ الوسائد وَقَالَ الْخَطِيب لم يرد الوسائد وَإِنَّمَا أَرَادَ مرافق الأيدى لِأَن الصعلوك الْمقَاتل لَا وسَادَة لَهُ وَقَول أَبى الْفَتْح هُوَ // الصَّحِيح // وَالْمعْنَى اتخذنا هَذَا الْمَكَان وسَادَة بِأَن وَضعنَا رءوسنا على أرضه فَكَأَن ترابه عنبر ذكى فى الْمَوَاضِع الَّتِى وَضعنَا رءوسنا عَلَيْهَا وَلَيْسَ يُرِيد مرافق الْيَد لِأَنَّهُ قَالَ فى أول الْبَيْت توسدنا الثوية فَلَو حملنَا الْكَلَام على مَا قَالَه الْخَطِيب الذى رد بِهِ على أَبى الْفَتْح لَكَانَ عجز الْبَيْت ناقضا للصدر وَقَالَ العروضى أَلا ينظر أَبُو الْفَتْح إِلَى قَوْله (توسَّدنا الثَّوِيَّة ... ) وَإِنَّمَا يصف تصعلكه وتصعلك قومه وصبرهم على شَدَائِد السّفر وَأَن الفضلات المكسرة من السيوف مداهم وَالْأَرْض وسائدهم لِأَنَّهُ وضع رَأسه على الْمرْفق من يَده وَإِنَّمَا سميت الوسادة مرفقه لِأَن الْمرْفق يوضع عَلَيْهَا وَلَا يفتخر الصعلوك بِوَضْع الرَّأْس على الوسادة وَالْبَيْت من قَول البحترى (فِى رأسِ مُشْرِفَةٍ حَصَاها لُؤْلُؤٌ ... وَتُرابُها مِسْكٌ يُشابُ بِعَنْبِرِ) الحديث: 153 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 - الْغَرِيب المخانق الْعُقُود وَاحِدهَا مخنق والحسان النِّسَاء وَاحِدهَا حسناء الْمَعْنى يَقُول إِذا حمل حَصى هَذِه الأَرْض إِلَى النِّسَاء الحسان بِأَرْض غَيرهَا ثقبنه لمخانقهن لحسنه ونفاسته وفاعل زار حَصى تربها قَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا أَرَادَ مَا يُوجد حول الْكُوفَة من الْحَصَى الفرومى ذ أى أَن تُرَاب تِلْكَ الأَرْض يَنُوب عَن العنبر وحصباءها تنوب عَن الدّرّ والياقوت كَأَن النِّسَاء يتحلين بِهِ وينظمنه فى عقودهن وَفِيه نظر إِلَى قَول دعبل (فكأنَّمَا حَصْباؤُها فِى أرْضِها ... خَرَزُ العَقِيقِ نُظِمْنَ فىِ سِلْكِ) 5 - الْغَرِيب القطربلى شراب مَعْرُوف مَنْسُوب إِلَى قطربل ضَيْعَة من أَعمال بَغْدَاد ينْسب إِلَيْهَا الْخمر وَمِنْه قَول أَبى نواس (قُطْرُبُّلٌ مَرْبَعِى وَلى بقُرَى الْكَرْخِ ... مَصِيفٌ وأُمِّى الْعِنَبُ) الْمَعْنى يَقُول سقتنى بِتِلْكَ الأَرْض شرابًا فى غَايَة الْجَوْدَة امْرَأَة مليحة فتانة سَاحِرَة خداعة على كَاذِب من وعدها ضوء صَادِق أى يستحسن كَلَامهَا فَيقبل كذبهَا قبُول الصدْق وَقَالَ الواحدى وَيجوز أَن يُرِيد أَنَّهَا تقرب الْأُمُور وتبعدها كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْوَفَاء بذلك فَهُوَ ضد الصدْق وَيجوز أَن يُرِيد أَن الْوَعْد الْكَاذِب مِنْهَا مَحْبُوب وَهُوَ من قَول النميرى (تُعَلِّلُهُ مِنْها غَدَاةَ يَرَى لَهَا ... ظَوَاهِرَ صِدْقٍ والبَوَاطِنُ زُورُ) 6 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد اجْتمعت فِيهَا هَذِه الأضداد فعاشقها لَا ينَام شوقا إِلَيْهَا وَإِذا رَآهَا فَكَأَنَّهُ يرى الشَّمْس بهَا وهى سقم لبدنه ومسك عِنْد شمه وَجعل الْوَصْف للمليحة وَقَالَ العروضى هُوَ من وصف الْخمر لِأَن الْخمر تجمع هَذِه الْأَوْصَاف فَإِن من شربهَا لهى عَن النّوم وهى بشعاعها كَالشَّمْسِ للنَّاظِر وهى ترخى الْأَعْضَاء فَيصير شاربها كالسقيم لعَجزه عَن النهوض وهى طيبَة الرَّائِحَة فهى مسك لمن شمها وَقد عَابَ عَلَيْهِ ابْن وَكِيع هَذَا وَقَالَ ينبغى أَن يَقُول (سُهادٌ لأََجْفانٍ وَنَوْمٌ لِساهِرٍ ... وَسُقْمٌ لأبْدَانٍ وَبُرْءُ سَقامِ) حَتَّى يَصح التَّقْسِيم والطباق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 - الْإِعْرَاب رفع أغيد عطفا على المليحة أى وسقانى أغيد الْغَرِيب الأغيد الناعم الطَّوِيل الْعُنُق وَالْفَاسِق الْخَارِج عَن الشَّرِيعَة الْمُقدم على الْمعْصِيَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه كريم النَّفس لَا يمِيل إِلَيْهِ مَا فِيهِ حرج فالعاقل اللبيب يمِيل إِلَى محبَّة النَّفس وَالْفَاسِق الْجَاهِل يمِيل إِلَى الْجِسْم وَمِنْه اللبيب يهوى الْأَرْوَاح وَالْفَاسِق يهوى السفاح وَهُوَ مَنْقُول من قَول الحكمى (فَتَنْتِنى وَصِيفَةٌ ... كالغُلامِ المُراهِقِ) (هِمَّةُ السَّالِكِ الْعَفِيفِ ... وَسُؤْلُ المُنافِقِ) 8 - الْغَرِيب المزهر الْعود الذى يسْتَعْمل فى الْغناء والعائق الْمَانِع الْمَعْنى إِذا أَخذ الْعود وجس الأوتار أَتَى بِمَا يشغل كل سمع عَمَّا سوى الأوتار لحذقه وجودة ضربه كَقَوْل الآخر (إِذا مَا حَنَّ مِزْهَرُها إلَيْها ... وَحَنَّتْ نَحوَهُ أذِنَ الْكِرَامُ) (وأصْغَوْا نَحْوَها الأسْماعَ حَتَّى ... كأنَّهُمُ وَما نامُوا نِيامُ) 9 - الْغَرِيب عَاد كَانُوا فى قديم الزَّمَان أهلكهم الله بِالرِّيحِ البادر والمراهق الذى قد راهق الْحلم أى قاربه وَأَدْنَاهُ الْمَعْنى إِنَّه ينشد الْأَشْعَار الْقَدِيمَة والألحان الَّتِى قيلت فى الدهور الْمَاضِيَة فَهُوَ بغنائه يحدث عَمَّا بَين زمَان قوم عَاد وَبَين زَمَانه وَهُوَ مَعَ ذَلِك شَاب أَمْرَد قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ أديب حَافظ لأيام النَّاس وسيرهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 - الْغَرِيب الْخَلَائق الْخِصَال يُقَال الْخَلَائق وَالشَّمَائِل الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ الْحسن فى وَجه الْفَتى شرفا ورفعة إِذا لم يكن فى فى الْأَفْعَال وَالْخَلَائِق وَالشَّمَائِل وَضرب هَذَا مثلا لما قدمه من حسن الأغيد الذى وَصفه باحسانه فى صناعته وتقدمه فى رِوَايَته وَالْمعْنَى إِذا لم يحسن فعل الْفَتى وخلقه لم يكن حسن وَجهه شرفا لَهُ كَقَوْل الفرزدق ذ (وَلا خَيْرٌ فِى حُسْنِ الجُسُومِ وَطُولِهَا ... إِذا لَمْ يَزِنْ حُسْنَ الجُسُومِ عُقُولُ) وكقول الْعَبَّاس بن مرداس السلمى (وَما عِظَمُ الرّجالِ لَهُمْ بفَخْرٍ ... وَلَكِنْ فَخْرُهُمْ كَرَمٌ وَخِيْرُ) وكقول أَبى الْعَتَاهِيَة (وَإذا الجَمِيلُ الوَجْهِ لَمْ ... يَأْتِ الجَمِيلَ فَمَا جَمالُهُ) وكقول دعيل (وَما حُسْنُ الوُجُودِ لَهُمْ بِزَيْنٍ ... إذَا كانَتْ خَلائِقُهُمْ قِباحا) 11 - الْغَرِيب الأصادق جمع صديق وهم الَّذين يصدقون الود وَفَسرهُ الواحدى بالأصدقاء والأدنون الأقربون الْمَعْنى يَقُول هَذَا حاثا على التغرب وَترك حب الأوطان وَأَن كل بلد وَافَقَك فَهُوَ بلدك وكل اهل ود أصفوك ودهم أهلك فَمَا بلد الْإِنْسَان إِلَّا الذى يُوَافقهُ بِكَثْرَة مرافقه ويساعده على الظفر بجملة مقاصده والأدنون من أَهله اللاصقون بِهِ من قرَابَته الَّذين يصفونه ودهم والأحبة الَّذِي لَا يؤخرون عَنهُ فَضلهمْ وَبَين هَذَا الحريرى بقوله وَأحسن (وَجُبِ البِلادَ فأَيُّها ... أرْضَاكَ فاخْتَرُه وَطَنْ) وَأخذ صَدره من قَول الْقَائِل (يُسٍْرُ الفَتى وَطَنٌ لَهُ ... والفَقْرُ فِى الأوْطانِ غُرْبَه) وَأخذ عَجزه من قَول الآخر (دَعَوْتُ وَقَدْ دَهَتْنِى دَاهِياتٌ ... وَلِلأَيَّامِ دَاهِيَةٌ طَرُوقُ) (شَفِيقاً لَا شَقِيقا فِيهِ غِلّ ... أَلا إنَّ الصَّدِيقَ هُوَ الشَّفِيقُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 - الْإِعْرَاب جَائِزَة خبر المبتدإ مقدم عَلَيْهِ وَدَعوى الْمحبَّة ابْتِدَاء الْغَرِيب الْمُنَافِق الذى يظْهر خلاف مَا يَعْتَقِدهُ الْمَعْنى يَقُول يجوز أَن يدعى الْمحبَّة من لَا يعتقدها ويظاهر بهَا من لَا يلتزمها وَلَكِن الْمُنَافِق لَا يخفى اضْطِرَاب لَفظه وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن شكره لسيف الدولة لَيْسَ كشكر من يتصنع لَهُ وَلَا يخلص لَهُ حَقِيقَة وده وَقَالَ الواحدى هُوَ تَعْرِيض بمشيخة من بنى كلاب طرحوا أنفسهم على سيف الدولة لما قصدهم يبدون لَهُ الْمحبَّة غير صَادِقين وَهُوَ مثل قَول الآخر (والعَيْنُ تَعْلَمُ مِنْ عَيْنَىْ مُحَدثِّها ... مَنْ كانَ مِن حِزْبِها أوْ مِنْ أعاديها وَمن قَول الآخر (خَلِيلَىَّ لِلْبَغْضَاءِ حالٌ مُبَيَّنَةٌ ... وَللْحُبّ آياتٌ تُرَى وَمَعارِفُ) 13 - الْغَرِيب عقيل بن كَعْب قَبيلَة من قبائل من قبائل قيس عيلان وَمِنْهُم كَانَ رُؤَسَاء الْجَيْش الَّذين أوقع بهم سيف الدولة الْمَعْنى يَقُول برأى من فعلوا هَذَا حِين انقادوا إِلَى الْهَلَاك فأشمتوا أعداءهم وأسخطوا خالقهم إِذْ عصوك يُرِيد أَنهم أساءوا فى تدبيرهم إِذْ وَقَعُوا فى الْهَلَاك وشماتة الْأَعْدَاء وَسخط الله وكل هَذَا بِسوء فعلهم 14 - الْغَرِيب على هُوَ سيف الدولة والجحفل الْجَيْش الْكثير الْمَعْنى يَقُول قصدوك بالعصيان الذى يعجز النَّاس لِأَنَّهُ لَا يقدر أحد على عصيانك ويوسع أى يكثر قتل الْجَيْش الْعَظِيم بكثرته لما شَمله من الْقَتْل وَمَا يُورِدهُ أَشد موارد الْخَسْف الْمَعْنى أَنه لَا يقدر أحد على عصيانه وَلَا يقدر جَيش على ملاقاته 15 - الْغَرِيب يُشِير إِلَى بنى عقيل وَكَانُوا فى تِلْكَ الْحَرْب جزر السيوف وغرض الحتوف الْمَعْنى يَقُول مَا بسطوا كفا إِلَّا إِلَى سيف من سيوفه قطعهَا وَلَا حملُوا رَأْسا إِلَّا إِلَى فالق من أَصْحَابه فلقها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 - الْمَعْنى يَقُول لقد أقدموا وتشجعوا فى تِلْكَ الْحَرْب لَو صادفوا غير آخذ لَهُم مقتدر على الْإِيقَاع بهم وهربوا جاهدين لَو صادفوا من لَا يلحقهم جيوشه ويقحم فى آثَارهم جموعه يُرِيد أَنهم لم يؤتوا من ضعف فى حربهم وَلَا من تَقْصِير فى هَرَبهمْ وَلَكنهُمْ رَأَوْا من لَا يواقف فى حَرْب وَلَا يمْتَنع مِنْهُ بهرب وَالْمعْنَى مَا نفعهم الْإِقْدَام وَلَا الْهَرَب 17 - الْغَرِيب كَعْبًا يُرِيد أَوْلَاد كَعْب بن ربيعَة والسنان الرمْح الْمَعْنى يُرِيد أَنه انْعمْ عَلَيْهِم فكساهم ثِيَاب نعْمَة فَلم يشكروها فسلبهم إِيَّاهَا بالإغارة فَلَمَّا جَحَدُوا تِلْكَ المنن وَكَفرُوا تِلْكَ النعم رمى كل ثوب بخارق خرقها من أسنته وهاتك هتكها من عُقُوبَته 18 - الْغَرِيب البوارق جمع بارق وَسَقَى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْقُرْآن الْمَعْنى يَقُول لما سقاهم الْغَيْث من جوده الذى أخصبت بِهِ مَنَازِلهمْ وتروضت بسقياه مواضعهم فقابلوا ذَلِك بالْكفْر وتلقوه بقلة الشُّكْر أرسل عَلَيْهِم من جيوشه غير ذَلِك الْغَيْث فبرقت عَلَيْهِم السيوف وهطلت عَلَيْهِم الحتوف وعادت البوارق الَّتِى كَانَت تقدم عَلَيْهِم نعْمَة بوارق سلَاح أمْطرت عَلَيْهِم نقمه واستعار الْبَرْق للنعمة والنقمة وَهُوَ من قَول البحترى (لقدْ نَشأتْ بالشَّامِ مِنْكَ سَحَابَةٌ ... تُؤَمَّلُ جَدْوَاها ويُخْشَى دَمارُها) (فإنْ سأَلُوا كانَتْ غَمامَةَ وَابِلٍ ... وَغَيْثا وَإلاَّ فالدَّمارُ قِطارُها) 19 - الْمَعْنى يُرِيد أَن إساءته إِلَيْهِم أوجع لَهُم من إساءة غَيره لأَنهم تعودوا إحسانه فَإِذا قطعه عَنْهُم أوجع ذَلِك فَهُوَ يَقُول موبخا لبنى كَعْب لما حرمت أَنْفسهَا من فضل سيف الدولة الذى كَانَ عِنْدهم عَادَة دائمة ونعمة سابغة وَمَا يوجع الحرمان مِمَّن لَا يرتقب فَضله وَلَا يؤلم الْمَنْع مِمَّن لَا يؤمل بذله كَمَا يوجع ذَلِك مِمَّن قد أنست النُّفُوس إِلَى كريم عوائده وسكنت الْقُلُوب إِلَى جميل عواطفه يُرِيد أَنهم كَانُوا أصدقاء فحرموا فَضله ورفده 20 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى بهَا للخيل وَلم يجر لَهَا ذكر لِأَنَّهُ ذكر الْجَيْش فَدلَّ على الْخَيل وَالْعرب تأتى بضمير الشئ من غير ذكر وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فأثرن بِهِ نقعا فوسطن بِهِ جمعا} أى بالوادى وَلم يجر لَهُ ذكر وحشو نصب على الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ محشوة والحمالق حذف الْيَاء مِنْهُ وَالْأَصْل حماليق ليقيم الْوَزْن الْغَرِيب الحماليق جمع حملاق وَهُوَ بطن جفن الْعين الْمَعْنى يَقُول أَتَاهُم بِالْخَيْلِ وَقد أحاطت بِهِ الرماح والعجاج فَهُوَ حَشْو هذَيْن وحوافرها تحشو الجفون بِمَا تباشر من الْغُبَار وَقَالَ ابْن جنى تحشو الجفون بالغبار وَقَالَ العروضى أحسن من هَذَا أَن الْخَيل تطَأ رُءُوس الْقَتْلَى فتحشو حماليقها بسنابكها كَمَا قَالَ (وَمَوْطِئُها مِنْ كُلّ باغٍ مَلاغِمُهُ ... ) وَأما أَن يرْتَفع الْغُبَار فَيدْخل الجفون فَلَا كَبِير افتخار فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 - الْإِعْرَاب عوابس نصب على الْحَال وهى حَال من غير مَذْكُور بل من ضَمِيره الْغَرِيب الحزم جمع حزَام وَهُوَ مَا يشد بِهِ الرحل ويابس المَاء الْعرق والمناطق جمع منْطقَة وهى مَا يشد بِهِ الْوسط الْمَعْنى يَقُول أَتَت الْخَيل كوالح لشدَّة مَا لحقها من الركض متغيرة الْوُجُوه لما نالها من شدَّة الطّلب قد يبس عرقها على الحزم كَأَنَّهُ حلى قد فضَض والعرق إِذا يبس ابيض شبه الْعرق عَلَيْهَا بالمناطق المحلاة بِالْفِضَّةِ 22 - الْغَرِيب الهيجاء الْحَرْب يمد وَيقصر وَأَبُو الهيجاء كنية والدسيف الدولة وتدمر مَوضِع بِالشَّام يضْرب الْمثل بصلابة أحجاره قَالَ البحترى فى الاستطراد يصف فرسا ويهجو رجلا (حَلَفْتُ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ أنَّ حافِرَهُ ... مِنْ صَخْرِ تَدْمُرَ أوْ مِن وَجهِ عُثمان) والسمالق جمع سملق وهى الفياقى الْبَعِيدَة المستوية من الأَرْض الْمَعْنى يَقُول لَيست أَبَاك حى فيراك وَأَنت تقَاتل الْعَرَب خلف تدمر برماحك الطوَال فى الفيافى الطوَال 23 - الْغَرِيب القفى جمع قفا كعصى وعصا وَيجمع فى الْقلَّة على أقفاء كرحى وأرحاء وَقد جَاءَ أقفية على غير قِيَاس لِأَنَّهُ جمع الْمَمْدُود مثل سَمَاء وأسمية وَيجوز أَن يكون جَمَعُوهُ أقفية على لُغَة من مده وأنشدوا (حَتَّى إذَا قُلْنا تَيَفَّعَ مالِكٌ ... سَلَقَتُ رُقَيَّةُ مالِكا لِقَفائِهِ) الْمَعْنى يَقُول وَيرى سوقك من الْعَرَب وَغَيرهم قبائل لَا تنهزم من أحد وَلَا تولى أقفيتها إِلَى من يَسُوقهَا أى إِنَّه ذلل الْعَرَب بِمَا لم يذللها بِهِ غَيره وَزَاد اللَّام فى قَوْله لسائق توكيدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 - الْإِعْرَاب رفع قُشَيْر على خبر الِابْتِدَاء وَيجوز النصب على الْبَدَل من قبائل وَيجوز الْجَرّ على الْبَدَل من غير وبلعجلان يُرِيد بنى العجلان فَحذف ثِقَة بالسامع كَمَا قَالُوا فى بنى الْحَارِث بلحارث وفى بنى العنبر بلعنبر حذفوا النُّون شبها بِاللَّامِ والألثغ الذى لَا يفصح بالحرف وخفية حَال الْغَرِيب قُشَيْر وَبَنُو العجلان ابْنا كَعْب بن ربيعَة وهما قبيلتان معروفتان والألثغ الذى لَا يفصح بالْكلَام فى حُرُوف مَعْرُوفَة كالكاف وَالتَّاء وَالرَّاء وَالسِّين الْمَعْنى يُرِيد أَن هَاتين القبيلتين خفيتا وقلتا فى جَمِيع الْقَبَائِل الَّتِى هربت بَين يَدَيْهِ كخفاء راءين فى لفظ ألثغ إِذا كررهما وَهَذَا إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الجموع الَّتِى ظهر عَلَيْهَا سيف الدولة من الْعَرَب وَمَعَ هَذَا إِنَّمَا اعتصموا من بالهرب 25 - الْغَرِيب فركت الْمَرْأَة إِذا أبغضت الزَّوْج فهى فارك وَالْجمع فوارك والطوالق جمع طَالِق الْمَعْنى يَقُول إِن فرسَان تِلْكَ الْقَبَائِل وحماة تِلْكَ العشائر غلبوا على نِسَائِهِم ففارقنهم غير فوارك وتخلوا مِنْهُنَّ وَهن غير طَوَالِق مِنْهُم يُشِير إِلَى الْفِرَار وَأَن خيل سيف الدولة غلبتهم على حريمهم وحالت بَينهم وَبَين نِسَائِهِم وَفِيه نظر إِلَى قَول النَّابِغَة (دَعانا النِّساءُ إذْ عَرَفْنَ وُجُوهَنا ... دُعاءَ نِساءٍ لَمْ يُفارِقْنَ عَن قِلَى) 26 - الْغَرِيب الكماة جمع كمى وَهُوَ الشجاع الْمَعْنى يَقُول يفرق سيف الدولة فضميره فى الْفِعْل بَين الشجعان وَبَين نِسَائِهِم بِضَرْب شَدِيد ويروى بطعن يسلى العاشق عَن تعشقه يُشِير إِلَى شدته أى أَن شدَّة ذَلِك الضَّرْب أنستهم حياطة أحبتهم وَحَملهمْ على إِسْلَام ذُرِّيتهمْ وكل هَذَا مِمَّا يُقيم لَهُم الْعذر فى هَرَبهمْ مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 - الْغَرِيب روى أَبُو الْفَتْح الظعن جمع ظَعِينَة وهى النِّسَاء فى الهوادج ورشاشة بِالتَّنْوِينِ وروى غَيره الطعْن مصدر طعن يطعن طَعنا من الطعان بِالرِّمَاحِ والعواتق جمع عاتق وهى الْجَارِيَة الَّتِى قد أدْركْت وهى الشَّابَّة وَمن روى الطعْن من الطعْن بِالرِّمَاحِ يرْوى رشاشه بِالْإِضَافَة برد الضَّمِير على الطعْن الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن خيل سيف الدولة لَحِقُوا بنساء الْعَرَب فَكَانُوا إِذا طعنوا تناضح الدَّم فى نحور النِّسَاء وَإِذا لَحِقُوا بالعواتق فَهُوَ أعظم من لحاقهم بغيرهن لِأَن الْعَوَاتِق أَحَق بالصون والحماية وَقَالَ ابْن فورجة أَتَى الطعْن أى طعن سيف الدولة الْأَعْدَاء وهم فى بُيُوتهم حَتَّى مَا تطير رشاشه إِلَّا فى نحور النِّسَاء يُرِيد أَنهم غزوهم فى عقر دَارهم وقتلوهم بَين نِسَائِهِم وغلبوهم على حريمهم 28 - الْإِعْرَاب فى الْبَيْت تَقْدِيم وَتَأْخِير فظعائن مُبْتَدأ تقدم خَبره عَلَيْهِ وَالتَّقْدِير ظعائن حمر الحلى والأيانق بِكُل فلاة تنكر أرْضهَا الْإِنْس الْغَرِيب الظعائن جمع ظَعِينَة وهى النِّسَاء المحمولات فى الهوادج الهوادج وحمر الحلى يُرِيد أَن حليهن الذَّهَب وَفِيه ثَلَاث لُغَات حلى بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَبهَا قَرَأَ جمَاعَة سوى حَمْزَة وعَلى وحلى بِكَسْر الْحَاء وَاللَّام وَبهَا قَرَأَ حَمْزَة وحلى بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام على مَا فى الْبَيْت وَبهَا قَرَأَ يَعْقُوب والأيانق جمع نَاقَة يُقَال نَاقَة ونوق وأيانق ونياق وأنيق الْمَعْنى يَقُول بِكُل فلاة ظعائن حمر الحلى بِالذَّهَب وحمر النوق وهى نُوق الْمُلُوك وذوى الْيَسَار لِأَنَّهَا أكْرم النوق يُشِير إِلَى رفْعَة هَؤُلَاءِ النسْوَة فى قومهن ورفعة بعولتهن يُرِيد أَنهم هربوا بنسائهم إِلَى فلاة بعيدَة لم يقصدها أحد فَلهَذَا قَالَ تنكر أرْضهَا الْإِنْس لِأَنَّهَا مُنْقَطِعَة لم يدخلهَا أحد يصف شدَّة هَرَبهمْ وَأَنَّهُمْ لَحِقُوا وَمَا نفعهم هَرَبهمْ وَالْمعْنَى أَنهم بعدوا فى الْهَرَب حَتَّى دخلُوا فلاة فَلَا عهد لَهَا بالإنس فلحقهم وَقَالَ الواحدى حمر الحلى وحمر الأيانق من الرشاش الذى أصَاب نحور الْعَوَاتِق فحمر حليهن ونوقهن فَيكون الْكَلَام مُتَّصِلا بِمَا قلبه كَأَنَّهُ ينظر إِلَى قَول الحبيب (وفِى الكِلَّةِ الوَرْدِيَّةِ اللَّوْنِ جُؤْذَرٌ ... مِنَ العَيْنِ وَرْدُ اللَّوْنِ وَرْدُ المَجاسِدِ) 29 - الْإِعْرَاب ملمومة عطف على قَوْله ظعائن يُرِيد وبالفلاة ملمومة الْغَرِيب الملمومة الكتيبة المجتمعة وسيفية منسوبة إِلَى سيف الدولة وربعية منسوبة إِلَى ربيعَة وهى قَبيلَة سيف الدولة واللقالق جمع لقلق وَهُوَ طَائِر كَبِير يسكن الْعمرَان فى أَرض الْعرَاق وَهُوَ كثير فى قرى الْعرَاق يخوت على صدوح الطير وَهُوَ من طيور الْخَلِيل وهى أَرْبَعَة عشر صنفا يجمعها قَوْلك أأن صالحك عمك عِشْت أوز أنيسَة نسر صرد أنوق لقلق حبرج كركى عبار مرزم ككم عِقَاب شرشور تدرج الْمَعْنى يَقُول وفى تِلْكَ الفلوات كَتِيبَة سميت لِكَثْرَة فرسانها سيفية ربعية يصبح الْحَصَى من وَقع حوافرها كَمَا تصيح اللقالق وواحدها لقلق وَيُسمى أَيْضا أَبَا الْجذع تَسْمِيَة أهل الضّيَاع وَيُقَال فِيهِ لقلاق أَيْضا فَشبه صَوت حوافر الْخَيل والحصى بِصَوْت اللقالق وَهُوَ // تَشْبِيه حسن // ويروى تصيح بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقهَا فَتكون فى مَوضِع نصب من قَوْلك أصحته فصاح ويروى بِالْيَاءِ فَيكون الْحَصَى فَاعِلا ليصيح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 - الْإِعْرَاب بعيدَة صفة لملمومة وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول غبراء اليلامق إِلَّا أَنه حمله على الْمَعْنى لَا اللَّفْظ لِأَن الكتيبة الْجَمَاعَة كَمَا تَقول مَرَرْت بكتيبة حمر الْأَعْلَام الْغَرِيب الْبيض جمع بَيْضَة وهى الخوذة تكون على الرَّأْس واليلامق الأقبية وَاحِدهَا يلمق الْمَعْنى يُرِيد طول رماحهم وَأَنَّهُمْ شَدَّاد الْأَجْسَام وَأَنَّهُمْ ملئوا الأَرْض بكثرتهم فهم متلاصقون لكثرتهم وَقد تَبَاعَدت أَطْرَاف القنا من أُصُولهَا لطولها فقد تقَارب مَا بَين بيضها وَقد اغبرت ملابسهم لما تثير خيلهم من الْغُبَار ويحيط بهم من العجاج وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن الفلوات الَّتِى ظن هَؤُلَاءِ الْعَرَب أَنَّهَا تعصمهم من خيل سيف الدولة أقحمها عَلَيْهِم وَلم يتهيب اختراقها مِنْهُم 31 - الْغَرِيب النهب الْغَارة وحماة الْحَقَائِق المانعون حريمهم الْمَعْنى يَقُول جود سيف الدولة يغنيها عَن النهب فَمَا يطْلبُونَ إِلَّا الشجعان الَّذين يحْمُونَ مِمَّا يحِق عَلَيْهِم حمايته وَهَذَا معنى قَول أَبى تَمام (إنَّ الأُسُودَ أُسُودَ الغابِ هِمَّتُها ... يوْمَ الكَرِيهةِ فىِ المَسْلوبِ لَا السَّلَبِ) 32 - الْغَرِيب السُّورَة الوثبة والمترف المتنعم والسرادق مَا يكون حول الْفسْطَاط الْمَعْنى يَقُول ظن الْأَعْرَاب أَن وثبة سيف الدولة وثبة متنعم إِذا سَار فى الْبَيْدَاء وهى الأَرْض الْبَعِيدَة ذكرته طيب الْعَيْش فى ظلّ سرادقه كعادة الْمُلُوك فظنوا أَنه لَا يقدر على حر الْبَيْدَاء وعطشها فَإِذا بعدوا عَنهُ فى الأَرْض المنقطعة تَركهم وَمضى فظنوا أَنه فى قصدهم كقصد ملك شَأْنه الإتراف والدعة وَمن شَأْنه السّكُون والراحة تعوقه الْبَيْدَاء عَن مُبَاشرَة هجيرها واقتحامها ومواجهة سمومها يذكرهُ ظلّ السرادق وأبنيته ومواصلته الإيثار لخفض ذَلِك ودعته وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى (أَلُوفُ الدّيارِ فإنْ أزْمَعَ ... التَّرَحُّلَ حَرَّمَ إيْطَانها) (إذَا هَمَّ لَمْ يَهْتَدِمْ عَزْمَهُ ... مَقاصِيرُ يَعْتادُ أكْنانَها) وَينظر إِلَى قَول النميرى (كَذَبَ العِدَا لوْ كُنتَ صَاحِبَ نَعْمَةٍ ... صَرَعَتْكَ بينَ إقامَةٍ وكَلالِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 - الْغَرِيب يُقَال ذكرته الشئ وأذكرته بالشئ وذكرتك الله وَبِاللَّهِ فالباء زَائِدَة وعَلى هَذَا قَالَ فذكرتهم بِالْمَاءِ سماوة كلب أى أَرض كلب وهى مَعْرُوفَة والحزائق جمع حزيقة وهى الْجَمَاعَة الْمَعْنى يُرِيد أَنْت ذكرتهم بِالْمَاءِ فى هَذَا الْوَقْت الذى غبرت سماوة كلب فى أنوف حزائقهم لما هربوا بَين يَديك فذكرتهم المَاء حِين اشْتَدَّ عطشهم هُنَاكَ فعرفوا حِينَئِذٍ صبرك عَن المَاء وهم لم يقدروا أَن يصبروا عَنهُ فَرَأَوْا أَن مَا ظنوه فِيك بَاطِل وَهُوَ يشبه قَول الآخر (فلمَّا استَيقَنوا بالصَّبرِ مِنَّا ... تذَكَّرَتِ الْحزائِقُ والعَشِيرُ) 34 - الْإِعْرَاب قَوْله (بِأَن بَدَوا ... ) يُرِيد بِأَنَّهُم فهى مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَأَن نَبتَت يُرِيد الْمُلُوك الْغَرِيب يروعون يفزعون ويخوفون وبدوا دخلُوا الْبَادِيَة والبادية الأَرْض المنقطعة والغلافق جمع غلفق وَهُوَ الطحلب الذى يكون على المَاء الْمَعْنى يَقُول كَانَت الْعَرَب تخوف الْمُلُوك وَتقول إِنَّهُم لَا يقدرُونَ علينا لأننا فى القفار وهم لَا يصبرون عَن المَاء كدواب المَاء الَّتِى قد نشأت فِيهِ فهم لَا يقدرُونَ على فِرَاقه فهم يخَافُونَ منا لبعدهم عَنَّا وظنوا أَن سيف الدولة مثل أُولَئِكَ الْمُلُوك الَّذين كَانُوا يخوفونهم بِعَدَمِ المَاء فى الْمَوَاضِع الَّتِى تسلك إِلَيْهِم 35 - الْإِعْرَاب بُيُوتًا نصب على التميير وحرفا الْجَرّ يتعلقان باسمى التَّفْضِيل الْغَرِيب أداحى جمع أدحى وَهُوَ مَوضِع بيض النعام والنقانق جمع نقنق وَهُوَ ذكر النعام والبيوت جمع بَيت وَهُوَ فى الْجمع بِضَم الْبَاء وَكسرهَا لُغَتَانِ فصيحتان وبالكسر قَرَأَ الْأَكْثَرُونَ وبالرفع قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحَفْص وورش عَن نَافِع وبدا لزم الْبَادِيَة وسكنها الْمَعْنى هاجوك للحرب وتعرضوا لَك ثِقَة مِنْهُم بِأَن الْمُلُوك لَا يصبرون على الْحر والعطش وَلَا يفارقون الرِّيف فوجدوك أهْدى إِلَيْهِم فى فلاتهم من النُّجُوم وَأظْهر بُيُوتًا فى سُكْنى الْبَادِيَة من الظليم لِأَن النعام يتَّخذ الْحَشِيش وَيجْعَل بعضه على بعض ويقصد بِهِ أقْصَى الفلاة فيبيض عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 - الْإِعْرَاب أَصْبِر فى مَوضِع نصب عطفا على أهْدى وَأبْدى ونصبهما على الْحَال وَيجوز أَن يَكُونَا منصوبين بِفعل مُضْمر تَقْدِيره فهاجوك فألفوك ومقلة نصب على التَّمْيِيز الْغَرِيب أمواهة جمع مَاء يُقَال مَاء وأمواه ومياه والضباب جمع ضَب وَهُوَ دَابَّة لَا ترد المَاء وَلَا تطلبه والودائق جمع وديقة وهى شدَّة الْحر قَالَ الهذلى (حامى الْحَقِيقَةِ نَسَّالُ الوَديقَةِ مِعْتاقِ ... الوَسيقَةِ لَا نِكْسٌ وَلا وَكِلُ) الْمَعْنى وجدوك أَصْبِر عَن المَاء من الضباب لِأَنَّهَا لَا تطلب المَاء // وَهَذَا مُبَالغَة // وآلف مِنْهَا للهواجر وَأَشد مِنْهَا إقداما وجراءة وكل هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنهم قصروا عَن مَعْرفَته باختراق القفر وعجزوا عَمَّا أظهره فى ذَلِك من الْجلد وَالصَّبْر 37 - الْإِعْرَاب هديرا خبر كَانَ وَاسْمهَا ضمير فِيهَا تَقْدِيره كَانَ فعلهم وكيدهم ومهلبة الأذناب وخرس الْمَفْعُول الثانى لتركت بِمَعْنى صيرتها الْغَرِيب المهلبة الأذناب هى الْمُقطعَة شعر الأذناب والهلب شعر الذَّنب والشقاشق جمع شقشقة وهى مَا يخرج من فَم الْبَعِير عِنْد هديره وَلَا تخرج إِلَّا عِنْد هياجه الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ طغيانهم مثل هدير من فحول تهادرت فَانْتدبَ لَهَا قوم ففجعوها وتركوها مهلبة سَاكِنة الهدير يُرِيد أَنَّهَا هربت من بَين يَدَيْهِ وذلت وهلبها أى أَخذ خصل شعرهَا وَسكن هديرها خوفًا ورهبا وَقَالَ ابْن فورجة الْفَحْل إِذا أَخذ شعر ذَنبه ذل أَلا ترى إِلَى قَول الشَّاعِر (أَبى قِصَرُ الأذْنابِ أنْ تَخْطِرُوا بِها ... ) وَإِنَّمَا هَذَا مثل يُرِيد أَنه أَتَاهُم وأذلهم وأصغر أَمرهم وَالْمعْنَى يَقُول تركت فحول تِلْكَ الْقَبَائِل كفحول إبل تستذل بِقطع الأذناب وسكنتها بغلبتك عَلَيْهَا فَانْقَطَعت أصوات شقاشقها وَالْمعْنَى أَنه أذلّ أعزاء الْأَعْرَاب وَذهب بقوتهم وظفر بهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 - الْغَرِيب الشواهق جمع شَاهِق وَهُوَ العالى من الْجبَال الْمَعْنى يَقُول مَا عاقوك بِمَا كلفته من اقتحام الفلاة عَلَيْهِم عَن لَذَّة وَلَا منعُوا بذلك خيلك من رَاحَة وَلَا أخرجوك عَن عادتك وَلَا عدلوا بك عَن طريقك وَلَكِن كفت فلواتهم خيلك اقتحام شَوَاهِق جبال الرّوم الَّتِى تركتهَا وقصدت إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب لِأَنَّك لَو لم تقصد إِلَيْهِم لقصدت الرّوم فقد كفت البرارى خيلك بالسير فِيهَا قطع جبال الرّوم 39 - الْغَرِيب صم القنا الصلاب مِنْهَا وركز الرمْح إِذا جعله فى الأَرْض قَائِما لَا يطعن بِهِ والدماسق جمع دمستق على حذف التَّاء لِأَن هَذَا الِاسْم لَو كَانَ عَرَبيا لكَانَتْ التَّاء فِيهِ زَائِدَة وَهُوَ اسْم أعجمى يتَغَيَّر مَجْمُوعَة عَن مفرده على عَادَة الْعَرَب فى الْأَسْمَاء الأعجمية الْمَعْنى أَنه يُشِير إِلَى أَن جَيش سيف الدولة لم يكن يتَكَلَّف فى طلب الْأَعْرَاب مئونة وَلَا يتجشم مشقة وَإِنَّمَا خرج من حَرْب إِلَى حَرْب فَلم تكن رماحة قبل قِتَالهمْ مركورة وَلَا غير مستعملة متروكة وَإِنَّمَا شغلوها بطعن نحورهم عَن نحور الدماسق وهى قواد جَيش الرّوم فقتاله الْعَرَب بجيشه كقتاله الرّوم بِهِ 40 - الْإِعْرَاب أسكن الْيَاء من الأيدى ضَرُورَة وهى فى مَوضِع نصب الأولى مفعول يَجْعَل الأول وَالثَّانيَِة مَفْعُوله الثانى الْغَرِيب المسخ قلب الْخلقَة والخرانق جمع خرنق وهى الْإِنَاث من أَوْلَاد الأرانب وَقيل الصغار مِنْهَا وخرنق امْرَأَة شاعرة وهى خرنق بنت هفان من بنى سعد بن ضبيعة الْمَعْنى يُرِيد أَنه يَجْعَل الشجعان أذلاء والأقوياء ضعفاء وَيجْعَل الأيدى القوية كأيدى الخرانق وفيهَا قصر وَالْمعْنَى ألم يحذر الْأَعْدَاء سطوته الَّتِى هى على عدوه كالمسخ الذى يقلب الْخلق ويقبح الصُّور وَيُعِيد بهَا عزيزهم ذليلا وكثيرهم بِالْقَتْلِ قَلِيلا وَيجْعَل أيدى الْأسد من أعاديه وَقد تناهت فى الْقُوَّة كأيدى الخرانق قَصِيرَة مِمَّا يكسبهم من الذلة وَالصغَار وَالْمعْنَى لحبيب (لَوْ أنَّ أيْدِيَكُمْ طِوَالٌ قَصَّرَتْ ... عنهُ فكيْفَ تكونُ وَهىَ قِصاَرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 - الْمَعْنى يَقُول قد عَايَنت الْعَرَب وقائعه فى غَيرهم فَمَا وعظتهم تِلْكَ المصارع وَلَا بصرتهم تِلْكَ الزواجر وَكَانَ من حَقهم أَن يعتبروا وَقد أَرَاهُم مصرع العاصى الْخَارِج عَن أمره حَتَّى يعْتَبر الثانى بِالْأولِ وَهَذَا معنى قَول الشَّاعِر (شَدَّ الخِطامَ بِأَنْفِ كُلّ مُخالِفٍ ... حَتَّى اسْتَقامَ لَهُ الَّذِى لَا يُخْطَمُ) والمارق الذى يَمْرُق من الطَّاعَة والديانة وَهُوَ من مَسْرُوق السهْم 42 - الْغَرِيب القضم أكل الدَّابَّة الشّعير والعلائق جمع عليقة وهى المخلاة وجنوبها نَوَاحِيهَا وجيوبها مَا فتح من أَعْلَاهَا وجيب المخلاة فمها الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن معنى هَذَا الْبَيْت فَقَالَ الْفرس إِذا علق عَلَيْهِ المخلاة طلب لَهَا موضعا مرتفعا يَجْعَلهَا عَلَيْهِ ثمَّ يَأْكُل فخيله إِذا أَعْطَيْت عليقها رفعته على هام الرِّجَال الْقَتْلَى لكثرتهم حولهَا فقد تعودت خيله فى غَزَوَاته ذَلِك 43 - الْإِعْرَاب وَلَا ترد نَصبه عطف على لَا تقضم الْغَرِيب الغدران جمع غَدِير وَهُوَ مَا غدره السَّيْل أى تَركه والشقائق نور أَحْمَر ينْسب إِلَى النُّعْمَان واحدتها شَقِيقَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لِكَثْرَة مَا قتل من الْأَعْدَاء جرت دِمَاؤُهُمْ إِلَى الغدران فَغلبَتْ على خضرَة المَاء حمرَة الدَّم وَالْمَاء يلوح من خلال الدَّم فالريحان تَحت الشقائق لِأَن مَاء الغدير أَخْضَر من الطحلب فَشبه خضرَة المَاء وَحُمرَة الدَّم بالريحان تَحت الشقائق وَقَالَ ابْن فورجة لَا تشرب خيله المَاء إِلَّا وَقد حَارَبت عَلَيْهِ واحمر المَاء من دم الْأَعْدَاء كَمَا قَالَ بشار (فَتًى لَا يَبِيتُ عَلى دِمْنَةٍ ... وَلا يَشْرَبُ المَاءَ إلاَّ بِدَمِ) وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أَن خيله لَا تقرب الغدران وَارِدَة وَلَا تقتحم مياهها شاربة إِلَّا وَتلك الْمِيَاه تَحت مَا يسفكه من دِمَاء أعدائه كالريحان فى خضرته إِذا استبان تَحت الشقائق واستولت بحمرتها على جملَته وَأَشَارَ بخضرة المَاء إِلَى صفائه وكثرته وَنبهَ بذلك على جمومه وَأَن هَذِه الْخَيل إِنَّمَا تأنس من المَاء مَا هَذِه صفته وَترد مِنْهُ مَا هَذِه حَقِيقَته وَفِيه نظر إِلَى قَول جرير (وَما زَالَتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِماءَها ... بدِجْلَةَ حَتَّى ماءُ دجَلَةِ أشْكَلُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 - الْغَرِيب نمير قَبيلَة من قيس عيلان تلقوا سيف الدولة حِين قصد إِلَى بنى عَامر ابْن صعصعة وأظهروا لَهُ الخضوع فَسَلمُوا مِنْهُ والأظعان الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة من النِّسَاء والظعينة الْمَرْأَة مَا دَامَت فى الهودج والوسائق جمع وسيقه وهى الْقطعَة من حمر الْوَحْش الْمَعْنى يَقُول فعل ابْن نمير كَانَ أرشد من فعل هَؤُلَاءِ لأَنهم تعلقوا بعفوه وخضعوا لَهُ فَسَلمُوا من جَيْشه وَكَانُوا قد طردوا نِسَاءَهُمْ طرد الوسائق خوفًا مِنْهُ ثمَّ جَاءُوا إِلَيْهِ مستعفين فَعَفَا عَنْهُم فَكَانُوا أرشد من غَيرهم 45 - الْغَرِيب الفيالق جمع فيلق وهى الكتيبة الْكَثِيرَة السِّلَاح وَغرب كل شئ حَده الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم ردوا عَن أنفسهم بِمَا أعدُّوا من خضوعهم لَهُ رماحا نَافِذَة وأسلحة مَاضِيَة فطاعنوا بذلك الخضوع جَيْشه وَكفوا بذلك الِاعْتِرَاف خيله فَرد ذَلِك الخضوع حد فيالقه فَكف جَيش الِاعْتِرَاف بَأْس كتائبه وَأصَاب مَا استدفعته بَنو نمير سَائِر بنى عقيل بِسوء نظرهم وَقلة تدبرهم لَهُ وَهَذَا معنى قَول أَبى تَمام (فَحاطَ لَهُ الإقْرَارُ بالذَّنْبِ رُوحَهُ ... وجُثْمانَهُ إذْ لَمْ تَحُطْهُ قَبائِلُهْ) 46 - الْغَرِيب المخاتل المخادع وَهُوَ أَيْضا المسارق الْمَعْنى يَقُول لم أر أحدا أرمى من سيف الدولة غير مخادع فى رميه وَلَا أسرى إِلَى الْأَعْدَاء مِنْهُ غير مسارق فى قَصده يُرِيد أَنه يتَنَاوَل أُمُوره تنَاول قدرَة يحاولها محاولة اعتزام وَشدَّة فَلَا يحْتَاج إِلَى المخاتلة والمسارقة لِأَن الطعْن من قبله وَهُوَ من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (مَنْ كانَ يَخْثِلُ قِرْنا عندَ مَوْقِفِهِ ... فإنَّ قِرْنَ يَزِيدٍ غَيْرُ مُخْتَتَلِ) وللبحترى مثله (فنُدْرِكُ بالإقْدامِ بُغْيَتَنا الَّتِى ... نُطالِبُها لَا بالخَدِيعَةِ والمَكِْ) 47 - الْغَرِيب المجانيق جمع منجنيق هُوَ مَا يرْمى بِهِ على الْحُصُون فى الْحصار والبنادق جمع بندقة وَهُوَ مَا يعْمل من الطين ويرمى بهَا الطير الْمَعْنى يُرِيد أَنه لسعة قدرته وَمَا مكنه الله من الْأُمُور فى رَعيته تصيب المجانيق الْعِظَام مَعَ اخْتِلَاف رميها وَتعذر ضَبطهَا دقاقا يقصر قسى البندق عَن مثلهَا ويعجز عَمَّا يبلغ من أمرهَا يُشِير إِلَى أَنه معَان مؤيد مَنْصُور مُسَدّد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 - 1 - الْغَرِيب الأرق فقد النّوم والجوى الْحزن الذى يستبطن الْإِنْسَان فَيكون فى حشاه وَالْعبْرَة تردد الدمع فى الْعين ورقرقت المَاء فترقرق وَمثله أسلته فَسَالَ الْمَعْنى يَقُول لى سهاد بعد سهاد على أثر سهاد وَمن كَانَ عَاشِقًا يسهد لِامْتِنَاع النّوم عَلَيْهِ وحزنه يزِيد كل يَوْم ودمعه يسيل 2 - الْإِعْرَاب جهد الصبابة مُبْتَدأ وَأَن تكون فى مَوضِع رفع خَبره وَعين مسهدة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره ولى عين مسهدة وَيجوز أَن يكون عين خَبرا عَن جهد الصبابة وَأَن تكون فى مَوضِع الْحَال الْغَرِيب الْجهد بِالْفَتْح الْمَشَقَّة وبالضم الطَّاقَة وَقيل هما لُغَتَانِ بِمَعْنى والصبابة رقة الشوق الْمَعْنى يَقُول جهد الصبابة أَن تكون كرؤيتى وفسرها فى باقى الْبَيْت بِمَا ذكر من حَاله وَمثله للجمانى (قالتْ عَيْيْتَ عَنِ الشَّكْوَى فقُلْتُ لَهَا ... جُهْدُ الشِّكايَةِ أنْ أعْيا عَنِ الكَلِمِ) وَقَالَ البحترى (هَلْ غايَةُ الشَّوْقِ المُبَرِّحِ غَيْرَ أنْ ... يَعْلُو نَشِيجٌ أوْ تَفِيضَ مَدَامِعُ) 3 - الْإِعْرَاب ولى فؤاد مُبْتَدأ وَخبر خَبره مقدم عَلَيْهِ وهى جملَة فى مَوضِع الْحَال الْغَرِيب الشيق يجوز أَن يكون بِمَعْنى فَاعل من شاق يشوق كالجيد وَالطّيب والهين وَزنه فيعل وَهُوَ كثير كالسيد والصيب وَيجوز أَن يكون على وزن فعيل بِمَعْنى مفعول وترنم الطَّائِر هُوَ حسن صَوته فى صياحه الْمَعْنى يَقُول مَا لَاحَ برق إِلَّا وشوقنى لِأَن لمعان الْبَرْق يهيج العاشق يُحَرك شوقه إِلَى أحبته لِأَنَّهُ يتَذَكَّر بِهِ ارتحالهم للنجعة والفرقة وَكَذَلِكَ ترنم الأطيار وَهَذَا كثير جدا فى أشعارهم وَمثله لِابْنِ أَبى عُيَيْنَة (مَا تَغَنَّى القُمْرِىُّ إلاَّ شَجانى ... وغِناءُ القُمْرِىّ لِلصَّبّ شاجِى) الحديث: 154 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 - الْإِعْرَاب مَا تنطقى مَصْدَرِيَّة وَالضَّمِير فى تحرق عَائِد على نَار الْهوى وَعَما تحرق مُتَعَلق بتكل ومعمول تنطفى مَحْذُوف على رأى الْبَصرِيين فى إِعْمَال ثانى الْفِعْلَيْنِ كَقَوْلِك رضيت وصفحت عَن زيد فحذفت مَعْمُول الأول لدلَالَة الثانى عَلَيْهِ وحجتهم أَن الثانى أقرب إِلَى الْمَعْمُول وَاخْتَارَ الْكُوفِيُّونَ إِعْمَال الأول لِأَنَّهُ أسبق فى الذّكر وَقد جَاءَ فى الْكتاب الْعَزِيز إِعْمَال الثانى فَهُوَ دَلِيل للبصرى وَجَاء فى أشعار الْعَرَب إِعْمَال الأول ففى الْقُرْآن {آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطرا} {هاؤم اقْرَءُوا كِتَابيه} وفى الْبَيْت محذوفان هَذَا الذى ذَكرْنَاهُ والثانى حذف الْعَائِد إِلَى مَا الثَّانِيَة من صلتها وَفِيه حذفان آخرَانِ تقديرهما جربت من قُوَّة نَار الْهوى انطفاء نَار الغضى وكلو لَهَا عَن إحراق مَا تحرقه نَار الْهوى الْغَرِيب الغضى شجر عَظِيم تستعمله الْعَرَب فى وقيدها وناره قَوِيَّة تبقى أَزِيد من غَيرهَا الْمَعْنى يَقُول جربت من نَارا الْهوى تكل الغضى عَمَّا تحرقه هَذِه النَّار وتنطفى عَنهُ فَلَا تحرقه وَالْمعْنَى أَن نَار الْهوى أَشد إحراقا من نَار الغضى وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الآخر (لَوْ كانَ قَلْبِى فِى نارٍ لأَحْرَقَها ... لأَنَّ إحْرَاقَهُ أذْكَى مِنَ النَّارِ) 5 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى ذهب قوم فى هَذَا الْبَيْت إِلَى أَنه من المقلوب على تَقْدِير كَيفَ لَا يَمُوت من يعشق يُرِيد أَن الْعِشْق يُوجب الْمَوْت لِشِدَّتِهِ وَأَنه يتعجب مِمَّن يعشق كَيفَ لَا يَمُوت وَإِنَّمَا يحمل على الْقلب مَا لَا يظْهر الْمَعْنى دونه وَهَذَا ظَاهر الْمَعْنى من غير قلب وَهُوَ أَنه يعظم أَمر الْعِشْق ويجعله غَايَة فى الشدَّة يَقُول كَيفَ يكون موت من غير عشق أى من لَا يعشق يجب أَن لَا يَمُوت لِأَنَّهُ لَا يقاسى مَا يُوجب الْمَوْت وَإِنَّمَا بوجبه الْعِشْق وَقَالَ بعض من فسر هَذَا الْبَيْت لما كَانَ المتقرر فى النُّفُوس أَن الْمَوْت فى أَعلَى مَرَاتِب الشدَّة قَالَ لما ذقت الْعِشْق وَعرفت شدته عجبت كَيفَ يكون هَذَا الْأَمر الْمُتَّفق على شدته غير الْعِشْق 6 - الْمَعْنى يَقُول عذرت العشاق ولمتهم قبل وقوعى فِيهِ وابتلائى بِهِ فَلَمَّا ابْتليت بالعشق وَلَقِيت فِيهِ من الشدَّة والأهوال مَا لقى العشاق حِينَئِذٍ رجعت إِلَى نفسى وَعرفت أَنى مذنب مُخطئ فى لومهم فعذرتهم لما ذقت مرارته وشدته وَمَا فِيهِ من أَصْنَاف الْبلَاء وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول على بن الجهم (وَقَدْ كُنْتُ بالعُشَّاقِ أهْزأُ مَرَّةً ... وَها أَنا بالعُشَّاقِ أصْبَحْتُ باكيا) وَمن قَول أَبى الشيص (وكنتُ إذَا رأيْتُ فَتًى يُبَكِّى ... عَلى شَجًنٍ هَزَأْتُ إذَا خَلَوْتُ) (وأحْسَبُنِى أدَالَ اللهُ مِنِّى ... فَصِرْتُ إذَا بَصُرْتُ بِهِ بَكَيْتُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 - الْغَرِيب غراب الْبَين مثل فى الْفِرَاق كَانَت الْعَرَب إِذا صَاح فى دِيَارهمْ الْغُرَاب تشاءمت بِهِ وَهُوَ كثير فى الْأَشْعَار ونغق بالغين الْمُعْجَمَة مَعَ الْقَاف ونعب بِالْمُهْمَلَةِ مَعَ الْبَاء الْغُرَاب صَاح الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أبنى أَبينَا يَا إِخْوَاننَا وغراب الْبَين دعى الْمَوْت وَأَنه انْتقل من الْغَزل إِلَى الْوَعْظ وَهَذَا حذق مِنْهُ وَحسن تصرف وَقَالَ الواحدى هَذَا فَاسد لَيْسَ على مَذْهَب الْعَرَب فداعى الْمَوْت لَا يسمع لَهُ صياح وَالْأَمر فى غراب الْبَين أشهر من أَن يُفَسر بِمَا فسره بِهِ وَقد انْتقل من الْغَزل والتشبيب إِلَى الْوَعْظ وَذكر الْمَوْت لَا يستحسن إِلَّا فى المراثى وَالْمعْنَى يَا إخواتاه وَيَا بنى آدم لِأَن النَّاس كلهم بَنو آدم وَيجوز أَن يكون يُرِيد بِهِ قوما مخصوصين من رهطه أَو قبيلته يَقُول نَحن نازلون فى منَازِل يتفرق عَنْهَا أَهلهَا بِالْمَوْتِ 8 - الْغَرِيب المعشر وَالْعشيرَة وَالْجَمَاعَة الْأَهْل الْمَعْنى يَقُول نبكى على فِرَاق الدُّنْيَا ولابد مِنْهُ لِأَن الدُّنْيَا دَار اجْتِمَاع وَفرْقَة وعادتها التَّفْرِيق وَالْجمع وَمَا اجْتمع فِيهَا قوم إِلَّا تفَرقُوا وَقد بَينه فِيمَا بعده وَهُوَ من قَول الآخر (لَا يُلْبِثُ القُرَناءَ أنْ يَتَفَرَّقُوا ... لَيْلٌ يَكُرُّ عَليْهِمِ وَنهارُ) وَقَالَ صَالح بن عبد القدوس (أَرِنى بِيَوْمِكَ مِنْ زَمانِكِ أنَّهُ ... لَمْ يُلْبِثِ الْقُرَناءَ أنْ يَتَفَرَّقُوا) 9 - الْغَرِيب الأكاسرة جمع كسْرَى على غير قِيَاس وهم مُلُوك فَارس والجبابرة جمع جَبَّار والألى بِمَعْنى الَّذين لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه والكنوز جمع كنز وَهُوَ المَال المدفون الْمَعْنى يَقُول أَيْن الْمُلُوك وَأَيْنَ الْجَبَابِرَة الَّذين كنزوا المَال وأعدوه فَلَنْ يغنى عَنْهُم مَعَ الْمَوْت شَيْئا ثمَّ مَعَ هَذَا مَا بقى هُوَ وَلَا هم وَهَذَا وعظ شاف وَهُوَ من قَول أَبى الْعَالِيَة (أينَ الأُولى كَنْزُّوا الكُنوزَ وأسَّسُوا ... أينَ القُرُونَ هِىَ القُرُونُ المَاضِيَهْ) (دَرَجُوا فَأصْبَحَتِ المَنازِلُ مِنْهُمُ ... عطُلاً وأصْبَحَتِ المَساكِنُ خالِيَهْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 - الْغَرِيب الفضاء الأَرْض الواسعة وثوى من رَوَاهُ بِالْمُثَنَّاةِ فَمَعْنَاه هلك من رَوَاهُ بِالْمُثَلثَةِ فَمَعْنَاه ثوى أى أَقَامَ فى الْقَبْر وحواه اللَّحْد واللحد مَا يكون فى جنب الْقَبْر وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " اللَّحْد لنا والشق لغيرنا " الْإِعْرَاب من ضَاقَ من نكرَة مَوْصُوفَة وصفتها ضَاقَ وَلَيْسَت بصلَة وَالتَّقْدِير من كل ملك ضَاقَ الفضاء بجيشه وَمن كل للتبيين يُرِيد أَيْن الأكاسرة ثمَّ قَالَ من كل الْمَعْنى يُرِيد أَيْن الأكاسرة والملوك الجبارون من كل ملك ضَاقَتْ بجيشه وَجُنُوده الأَرْض الواسعة انْضَمَّ عَلَيْهِ اللَّحْد وضيقه بعد أَن كَانَ الفضاء يضيق عَن جُنُوده وَهَذَا من قَول أَشْجَع (وأصْبَحَ فِى لَحْدٍ مِنَ الأرْضِ ضَيِّقٍ ... وكانَتْ بِهِ حَيُّا تَضِيقُ الصَّحاصِحُ) 11 - الْمَعْنى يَقُول هم موتى لَا يجيبون دَاعيا كَأَنَّهُمْ يظنون أَن الْكَلَام محرم عَلَيْهِم وَلَا يحل لَهُم أَن يتكلموا قَالَ الواحدى وَلَو قَالَ خرس إِذا نُودُوا لعجزهم عَن الْكَلَام وَعدم الْقُدْرَة عَن النُّطْق كَانَ أولى وَأحسن مِمَّا قَالَ لِأَن الْمَيِّت لَا يُوصف بِمَا ذكر 12 - الْغَرِيب المستغر الْمَغْرُور وروى على بن حَمْزَة المستعز بالزاى وَالْعين الْمُهْملَة من الْعِزّ والأحمق الْجَاهِل وَقيل الذى لَا عقل لَهُ الْمَعْنى يَقُول النُّفُوس يأتى الْمَوْت عَلَيْهَا وَإِن كَانَت عزيزة نفيسة لَا يمنعهُ ذَلِك من أَخذهَا والأحمق الْمَغْرُور بالدنيا وَبِمَا يجمعه فِيهَا والكيس لَا يغتر بِمَا جمعه مِنْهَا لعلمه أَنه لَا يبْقى هُوَ وَلَا مَا جمعه فَمن اغْترَّ بهَا فَهُوَ أَحمَق وَمن طلب الْعِزّ بِمَالِه فَهُوَ أَيْضا أَحمَق والنفوس نفائس جناس حسن والنفيس الذى ينفس بِمَا بِهِ أى يبخل وَمثله قَول الْقَائِل (إنَّ امْرأً أمِنَ الزَّما ... نَ لِمُسْتَغِرّ أحْمَقُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 - الْغَرِيب الشهية المشتهاة الطّيبَة من شهى يشهى وشها يشهو إِذا اشْتهى الشئ وهى فعيلة بِمَعْنى مفعولة والشبيبة الشَّبَاب وأنزق أخف وأطيش الْمَعْنى يَقُول الْمَرْء يَرْجُو الْحَيَاة لطيبها عِنْده والشيب أَكثر لَهُ وقارا من الشَّبَاب وَالْمعْنَى أَن الْإِنْسَان يكره الشيب وَيُحب الشَّبَاب والشيب خير لَهُ لِأَنَّهُ يفِيدهُ الْحلم وَالْوَقار وَهُوَ يحب الشَّبَاب وَهُوَ شَرّ لَهُ لِأَنَّهُ يحملهُ على الطيش والخفة فالشيب أوقر من غَيره والشبيبة أنزق من غَيرهَا 14 - الْغَرِيب اللمة من الشّعْر مَا ألم بالمنكب والرونق الْحسن والنضارة الْمَعْنى يَقُول بَكَيْت على الشَّبَاب ولمتى مسودة يُرِيد أَيَّام كَانَت فِيهَا لمتى سَوْدَاء ولوجها حسن والغوانى تطلبنى 15 - الْإِعْرَاب حذرا مصدر فى مَوضِع الْحَال وَالْعَامِل فِيهِ بَكَيْت وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا مُطلقًا أى حذرت عَلَيْهِ حذرا وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا لأَجله أى لحذرى وبماء جفنى أى بِسَبَب مَاء جفنى وَالتَّقْدِير كدت بِسَبَب مَاء جفنى أشرق بريقى الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة بكائى وجريان دموعى كَاد يشرق بهَا جفنى أى يضيق عَنْهَا وشرق بِالْمَاءِ وغص بِالطَّعَامِ وَإِذا شَرق جفْنه شَرق هُوَ وَيجوز أَن يكون يغلبه فَلَا يبلع وَهُوَ من قَول الآخر (كُنتُ أبْكِى دَما وأنْتِ ضَجِيعِى ... حَذَاراً مْنْ تَشَتُّتٍ وَفِراقِ) وَأنْشد ثَعْلَب لِابْنِ الْأَحْنَف (قدْ كُنْتَ أبْكِى وَأَنت رَاضِيَةٌ ... حِذَارَ هَذَا الصُّدُودِ والْغَضَبِ) وَمثل قَول الْعَبَّاس قَول الآخر (مَا كُنْتُ أيَّامِ كُنْتِ رَاضِيَةً ... عَنِّى بِذَاكَ الرّضَا بِمُغْتَبِطِ) (عِلْما بأنَّ الرّضَا سَيَتْبَعُهُ ... مِنْكِ التَّجَنِّى وكَثْرَةَ السَّخَطِ) 16 - الْغَرِيب أما فى الْأَكْثَر تسْتَعْمل مكررة وَقد تأتى مُفْردَة وهى للتفصيل وقلما وقلما تأتى مُفْردَة قَالَ الله تَعَالَى {أما السَّفِينَة وَأما الْغُلَام وَأما الْجِدَار} والأينق جمع نَاقَة وهى على غير الْقيَاس وَالْأَصْل الأنوق إِلَّا أَنهم أبدلوا الْوَاو يَاء وقدموها على النُّون وفى جمعه لُغَات نُوق ونياق وأينق وأيانق الْمَعْنى يَقُول قوم هَؤُلَاءِ الممدوح أعز النَّاس لمنعتهم وشرفهم فهم أعز من يقْصد ويسرى إِلَيْهِ الطلاب والقصاد ويحدون جمَالهمْ قَالَ الواحدى وروى الْأُسْتَاذ أَبُو بكر الرِّضَا بِضَم الرَّاء قَالَ وَهُوَ اسْم صنم وَأَرَادَ ابْن عبد الرِّضَا كَمَا قَالُوا ابْن منَاف ويريدون ابْن عبد منَاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 - الْغَرِيب الشموس جمع الشَّمْس وَكَانَ الأولى أَن يُقَال رجال مثل الشموس وَإِنَّمَا جمع ليجعل كل وَاحِد مِنْهُم شمسا فقابل جمَاعَة بِجَمَاعَة واستجاز ذَلِك لِأَن الشَّمْس يخْتَلف طُلُوعهَا وغروبها وازدياد حرهَا وانتقاصه وَتغَير لَوْنهَا فى الأصائل وَغَيرهَا فَيُقَال شمس الضُّحَى وشمس الأصائل وشمس الصَّيف وشمس الشتَاء كَقَوْلِه تَعَالَى {رب المشرقين وَرب المغربين} و {رب الْمَشَارِق والمغارب} وَقَالَ الله تَعَالَى {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب} وَقَالَ النخعى (حَمِىَ الحَدِيدُ عَلَيهِمُ فكأنَّهُ ... وَمَضَانُ بَزْقٍ أوْ شُعاعُ شُموسِ) الْمَعْنى يَقُول كَبرت لله تَعَجبا لما رَأَيْت الشموس طالعة من قبل الْمغرب لِأَن الممدوح كَانَ بَيته فى جِهَة الْمغرب فعجبت من طُلُوع الشَّمْس من الْمغرب وَهَذَا مثل قَوْلك رَأَيْت زيدا فَلَقِيت حاتما جودا والأحنف حلما وإياسا ذكاء وعمرا دهاء وخَالِد بن صَفْوَان بلاغة 18 - الْمَعْنى كَانَ من حَقّهَا أَن تلين حَتَّى ينْبت الْوَرق فتعجبت مِنْهَا كَيفَ لَا تورق صخورها لفضل أَيْديهم على السحب // وَهَذَا من الْمُبَالغَة // وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحترى (أشْرَقْنَ حَتَّى كادَ يَقْتَبسُ الدُّجَى ... وَرَطُبْنَ حَتَّى كادَ يجْرِي الجندل تَعُومُ وَلَا تَغْرَقُ) قَالَ أَبُو الشمقمق وَكَانَ مَعَ طَاهِر بن الْحُسَيْن فى حراقة فى دجلة (عَجِبْتُ لِحُرَّاقَةَ ابْنِ الْحُسَيْنِ ... كَيْفَ تَعُومُ وَلَا تَغْرَقُ) (وَبحْرَانِ مِنْ تَحْتِها وَاحِدٌ ... وآخَرُ مِنْ فَوْقِها مُطْبِقُ) (وأعْجَبُ مِنْ ذَاكَ عِيدَانُها ... وَقَدْ مَسَّها كَيْفَ لَا تُوْرِقُ) وَقَالَ مُسلم بن الْوَلِيد (لوْ أنَّ كَفاًّ أعْشَبَتْ لِسَماحَةٍ ... لبَدَا برَاحَتِهِ النَّباتُ الأَخْضَرُ) ولبعض الْأَعْرَاب (لوْ أنَّ رَاحَتَهُ مَرَّتْ على حَجَرٍ ... صَلْدٍ لأَوْرَقَ مِنها ذلكَ الحَجَرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 - الْغَرِيب يُقَال مَكَان ومكانة كمنزل ومنزلة قَالَ الله تَعَالَى {على مكانتكم} وَقَرَأَ أَبُو بكر {على مكاناتكم} بِالْجمعِ الْمَعْنى يَقُول ذكرهم قد عَم الْبِلَاد وانتشر بالتناء عَلَيْهِم وَالثنَاء يُوصف بِطيب الرَّائِحَة لِأَن طيب أَخْبَار الثَّنَاء فى الآذان مسموعة كطيب الرَّائِحَة فى الأنوف مشمومة وَالْمعْنَى أَن ذكرهم يسمع بِكُل مَكَان لِكَثْرَة من يثنى عَلَيْهِم كَقَوْل ابْن الرومى (إنْ جاءَ مَنْ يَبغى لَنا مَنْزِلاً ... فَقُلْ لَهُ يَمْشِى وَيَسْتَنْشِقُ) وَلابْن الرومى أَيْضا (أعْبَقْتَهُ مِنْ طِيبِ رِيحِكَ عَبْقةً ... كادَتْ تَكونُ ثَناءَكَ المَسْمُوعا) وَلآخر (لوْ كانَ يُوجَدُ رِيحُ مَجْدٍ فائحاً ... وَلَكِنَّهُ ذَاكَ الثَّناءُ المُخَلَّفُ) وللعطوى (وليسَ بشَمّ المِسْكِ مَا يجِدُونَهُ ... وَلَكِنَّهُ ذَاكَ الثَّناءُ المُخَلَّفُ) وللعطوى (ولَوْ رَكْبا يَمَّمُوكَ لَقادَهُمْ ... شَمِيمُكَ حَتَّى يَسْتَدِلَّ بكَ الرَّكْبُ) 20 - الْغَرِيب النفحات الروائح وتعبق تفوح وتلزق الْمَعْنى يَقُول هم طيبُوا الرَّائِحَة بالثناء عَلَيْهِم فلهَا طيب رَائِحَة الْمسك وهى بهَا وحشية من غَيرهم فَلَا تعبق إِلَّا بهم وَالْمعْنَى لَا يثنى عَلَيْهِم بِمَا يثنى على غَيرهم 21 - الْمَعْنى يَقُول يَا طَالب مثله فى هَذَا الزَّمَان لَا تطلب مَا لَا يدْرك فَإِنَّهُ لَا يُوجد لَهُ نَظِير لِأَنَّهُ فَرد فى زَمَانه وَهُوَ من قَول البحترى (وَلَئِنْ طَلَبْتُ شَبِيهَهُ إنّى إذَنْ ... لَمُكَلِّفٌ طَلَبَ المُحالِ رِكانِى) وَله أَيْضا (أيُّها المُبْتَغِى مُساجَلَةَ الْفَتْحِ ... بِنًيْلٍ بغيت مَا لَا يُنالُ) ولأبى الشيص (لَوْ تَبْتَغى مِثْلَهُ فِى النَّاسِ كُلِّهِمِ ... طَلَبْتَ مَا ليسَ فِى الدُّنْيا بِمَوْجُودِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 - الْمَعْنى يَقُول لَا تطلب مثله فظنى أَنه لَا يخلق الله مثل مُحَمَّد وَصدق إِن أَرَادَ الإسم لَا الصُّورَة لِأَن الله تَعَالَى لم يخلق فى الأول وَلَا فى الآخر مثل مُحَمَّد وَمثله لأبى الشيص (مَا كانَ مِثْلَكَ فِى الوَرَى فيمَنْ مَضَى ... أحَدٌ وَظَنِّى أنَّهُ لَا يُخْلَقُ) وَلابْن الرومى (فَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى مِثْلِهِ ... أبَى اللهُ ذَاك عَلى مَنْ خَلَقْ) وللحصنى (لمْ يكُنْ فِى خَليقَةِ اللهِ نِدّ ... لَكَ فِيما مَضَى وَليسَ يَكُونُ) 23 - الْغَرِيب أَتصدق أعْطِيه الصَّدَقَة وأهبها لَهُ وَالتَّصَدُّق إِعْطَاء الصَّدَقَة قَالَ الله تَعَالَى {وَتصدق علينا} والمتصدق الْمُعْطى لقَوْله تَعَالَى {إِن الله يحب المتصدقين} والمصدق الذى يَأْخُذ صدقَات الْإِبِل وَالْغنم والمصدقين والمصدقات بتَشْديد الصَّاد وَأَصله المتصدقين فَقلب التَّاء صادا وأدغمت وَقَرَأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم بِالتَّخْفِيفِ جعله من التَّصْدِيق وَقد جَاءَ فى الشاذ أَن الْمُتَصَدّق السَّائِل وَأنْكرهُ اللغويون وَأنْشد الْمُدعى لذَلِك (لَوْ أنَّهُمْ رُزِقُوا عَلى أقْدَارِهِمْ ... لَلَقِيتَ أكْثَرَ مَنْ تَرَى يَتَصَدَّقُ) أى يسْأَل النَّاس وَهُوَ من قَول زُهَيْر (تَرَاهُ إذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً ... كأنَّكَ تُعْطِيهِ الذَّى أنْتَ سائِلُهْ) 24 - الْإِعْرَاب قَالَ الشريف هبة الله بن على بن مُحَمَّد الشجرى العلوى فى الأمالى لَهُ ونقلته بخطى تَقْدِيره فَإِن تنظر إِلَى لَا أغرق وَيحْتَمل رَفعه وَجْهَيْن أَحدهمَا أَرَادَ لِئَلَّا أغرق فَحذف لَام الْعلَّة ثمَّ حذف أَن فارتفع كَقَوْلِه (أُوْجَدُ مَيْتا قَبَيْلَ أفْقِدُها ... ) كَمَا جَاءَ فى قَول طرفَة (أَلا أيُّهذَا الزَّاجِرِ أَحْضُرَ الْوَغَى ... ) أَرَادَ أَن أحضر فحذفها يدلك على حذفهَا قَوْله وَأَن أشهد اللَّذَّات والثانى أَن يكون بإلفاء مقدرَة وَإِن كَانَت فى الْجَواب مقدرَة ارْتَفع الْفِعْل بتقديرها كَمَا يرْتَفع بإثباتها وَإِذا كَانُوا يحذفونها من جوا ب الشَّرْط الصَّرِيح فيرفعون فحذفها من جَوَاب الْأَمر أسهل كَقَوْلِه (مَنْ يفْعَلِ الْحَسَناتِ اللهُ يَشْكُرُها ... ) وَأما قَوْله تَعَالَى {لَا يضركم} فى قِرَاءَة الْكُوفِيّين وَابْن عَامر فَفِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا بِتَقْدِير الْفَاء والثانى على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كَأَنَّهُ قَالَ لَا يضركم كيدهم وَإِن تصبروا وتتقوا وَبِهَذَا التَّقْدِير ارْتَفع قَول الشَّاعِر وَهُوَ بَيت الْكتاب (إنَّكَ إنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ ... ) وَالثَّالِث أَن يكون الضَّم للإتباع الْغَرِيب الثرة الْكَثِيرَة المَاء من الثرارة قَالَ عنترة (جادَتْ عَلَيْها كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ ... ) الْمَعْنى لما ذكر الْمَطَر وكثرته ذكر الْغَرق فَقَالَ أمطر على جودك غزيرا وَلَكِن إِذا سَالَ على ارحمنى لكيلا أغرق من كثرته وَهُوَ من قَول عبد الله بن أَبى السمط فى وصف سَحَابَة (حَتَّى ظَلَلْتُ أَقُولُ فِى إلْحاحِها ... بالْوَيْلِ هَلْ أَنا سالِمٌ لَا أغْرَقُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 - الْمَعْنى يَقُول كذب ابْن زَانِيَة فكنى عَن الزَّانِيَة بالفاعلة وَالْمعْنَى كذب من قَالَ إِن الْكِرَام مَاتُوا وَأَنت حى مَرْزُوق قَالَ الواحدى وروى ترزق بِفَتْح التَّاء وَالضَّمِير للممدوح وَيُرِيد تُعْطى النَّاس أَرْزَاقهم وَالْأول أَجود لِأَنَّهُ يُقَال فلَان حى يرْزق وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ حَيا مَرْزُوق وَلَا يَنْقَطِع الرزق إِلَّا بِالْمَوْتِ وَمثله لعمر بن شبة (وَقائِلَةٍ لَمْ يَبْقَ فِى الأرْضِ سَيِّدٌ ... فَقُلْتُ لَهَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ جَعْفَرِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 - 1 - الْإِعْرَاب أى اسْتِفْهَام إِنْكَار الْمَعْنى يُرِيد انه لم يبْق مَحل فى الْعُلُوّ وَلَا دَرَجَة إِلَّا وَقد بلغَهَا وَأَنه لَيْسَ يتقى عَظِيما وَلَا يخافه وَكذب فى ادعائه مرتقى الْعُلُوّ بل مَحَله الْعُلُوّ فى الْحمق 2 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا لَا يجوز أَن يكون مخلوقا كذات البارئ وَصِفَاته لِأَنَّهُ لَو أَرَادَ هَذَا للزمه الْكفْر بِهَذَا القَوْل وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا لم يخلقه مِمَّا سيخلقه بعد وَإِن كَانَ قد لزمَه الْكفْر باحتقاره لخلق الله وَفِيهِمْ الْأَنْبِيَاء والمرسلون وَالْمَلَائِكَة المقربون 156 - 1 - الْإِعْرَاب الْبَين عطف بَيَان أَو الْبَين مُبْتَدأ ثَان وَخَبره مُضْمر تَقْدِيره الذى فرق كل شئ وَهُوَ كِنَايَة عَن الْبَين والنحويون يسمون مَا كَانَ مثل هَذَا الْإِضْمَار على شريطة التَّفْسِير كَقَوْل تَعَالَى {قل هُوَ الله أحد} وَكَقَوْلِه تَعَالَى {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} وَقَول الشَّاعِر (هِىَ النَّفْسُ مَا حَمَّلْتَها تَتَحَمَّلُ ... ) وَحَتَّى للابتداء وَتَقْدِيره الْبَين يفرق كل شئ حَتَّى مَا تأنى الحزائق أَن يتفرقوا إِذا ظهر وَأَنت يَا قلب مِمَّا أفارقه إِذا ظهر الْغَرِيب تأنى تمهل وترفق الحزائق الْجَمَاعَات وَاحِدهَا حزيقة الْمَعْنى يَقُول هُوَ الْبَين المفرق كل أحد حَتَّى لَا تتمهل الْجَمَاعَات أَن يتفرقوا إِذا جرى فيهم حكم الْبَين ثمَّ خَاطب قلبه بقوله يَا قلب كل أحد يفارقنى حَتَّى أَنْت وَالْمعْنَى أَن الْأَحِبَّة فارقونى فَذهب قلبى مَعَهم ففارقنى وفارقته وَمثله للْعَبَّاس ابْن الْأَحْنَف (تَفَرَّق قَلْبِى مِنْ مُقِيمٍ وَظاعِنٍ ... فَلِلَّهِ دَرّى أىَّ قَلْبٍ أُشَيِّعُ) وَلآخر (كأنَّ أرْوَاحَنا لَمْ تَرْتَحِلْ مَعَنا ... أوْ سِرْنَ فِى أثَرِ الْحَىَّ الَّذِى سارَا) الحديث: 155 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 - الْإِعْرَاب فريقى فى مَوضِع نصب على الْحَال من الضَّمِير فى وقوفنا وَالْعَامِل فِيهِ الْمصدر وَقَوله وشائق أى وَمنا شائق فَحذف خبر الثانى للْعلم بِهِ الْغَرِيب البث الْحزن الْمَعْنى يَقُول وقفنا للوداع وزادنا حزنا أَنا وقفنا فريقين يجمعهما الْهوى فمنا العاشق المشوق يشوقه حَبِيبه بِفِرَاقِهِ وَمنا المعشوق الشائق يشوق عاشقه وَجعل هَذَا الْحَال يزِيدهُ بثا لِأَن فِرَاق الْأَحِبَّة أَشْقَى على الْقلب من فِرَاق الْجِيرَان والمعارف الَّذين لَا علاقَة بَينه وَبينهمْ 3 - الْغَرِيب البهار زهر أصفر والشقائق جمع شَقِيقَة وهى زهر أَحْمَر ينْسب إِلَى النُّعْمَان وقرحى بِغَيْر تَنْوِين جمع قريح كجرحى وجريح ومرضى ومريض وَقَالَ ابْن جنى قلت لَهُ عِنْد الْقِرَاءَة عَلَيْهِ قرحا أتريده بِالتَّنْوِينِ فَقَالَ نعم جمع قرحَة وهى اسْم لَا وصف وَقَوله بهارا جمع بهارة الْمَعْنى يَقُول صَارَت الجفون قرحى من كَثْرَة الْبكاء وَحُمرَة الخدود صفرَة لأجل الْبَين وَهَذَا كَقَوْل عبد الصَّمد = بن المعذل (باكَرَتْهُ الْحُمَّى وَرَاحَتْ عَلَيْهِ ... فَكَسَتْهُ حُمَّى الرَّوَاحِ بَهَارَا) (لَمْ تَشِنْهُ لَمَّا ألَحَّتْ وَلَكِنْ ... بَدَّلَتْهُ بالاِحْمِرَارِ اصْفِرَارَا) وَقَالَ أَبُو تَمام (لَمْ تَشِنْ وَجُهَهُ المَلِيحَ وَلَكِنْ ... صَبَّرَتْ 1 وَرْدَ وَجْنَتَيْهِ بَهَارَا) وَله أَيْضا (لَهَا مِنْ لَوْعَةِ البَيْنِ الْتِداَمٌ ... يُعِيدُ بَنَفْسَجاً وَرْدَ الخُدُودِ) 4 - الْإِعْرَاب اجْتِمَاع وَفرْقَة ارْتَفع على إِضْمَار الِابْتِدَاء وَتَقْدِيره لَهُم اجْتِمَاع وَفرْقَة وَمِنْهُم ميت ومولود ومبغض وعاشق الْغَرِيب القالى الْمُبْغض وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} والوامق الْمُحب الْمَعْنى يَقُول النَّاس قد مضوا قبلنَا لَهُم اجْتِمَاع مرّة وَفرْقَة أُخْرَى وولادة مرّة وَمَوْت أُخْرَى يُرِيد تصرف الدَّهْر بِالنَّاسِ وَاخْتِلَاف أَحْوَاله وَهُوَ من قَول الْأَعْشَى (شَبابٌ وَشَيْبٌ وَافْتِقارٌ وَثَرْوَةٌ ... فَلِلَّهِ هَذَا الدَّهْرُ كَيْفَ تَرَدَّدَا) وَقَول الآخر (وَما النَّاسُ وَالأيَّامُ إلاَّ كَمَا تَرَى ... رَزِيَّةُ مالٍ أوْ فِرَاقُ حَبِيبِ) وَقد تعيب بعض من لَا يفهم أَبَا الطّيب فَقَالَ كَانَ ينبغى أَن يَقُول (على ذَا عَهْدِنا النَّاسَ رَاضٍ وَساخِطٌ ... وَمَيْتٌ وَمَوْلُودٌ ... . . الخ) أَو يَقُول على التَّمْثِيل اجْتِمَاع وَفرْقَة وَمَوْت وولادة وقلى ومقة لكَون الْبَيْت مصَادر وَهَذَا لَا يلْزم الشَّاعِر وَلم يَأْتِ فى أشعار الْعَرَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 - الْغَرِيب الغرانق الشَّاب الناعم وَجمعه غرانق بِفَتْح الْغَيْن كجوالق وجوالق بِفَتْح الْجِيم فى الْجمع وَقيل فى جمعه الغرانيق والغرانقة وَأَصله من الغرانيق وَهُوَ نَبَات لين يكون فى أصل العوسج الْوَاحِد غرنوق وغرانق شبه الشَّاب الناعم بِهِ لنضارته وطراءته الْمَعْنى يَقُول الليالى تمر وتجئ وهى على حَالهَا وبمرها تغير حالى وتشيبنى وَهن لَا يشبن وَالْمعْنَى أَن الزَّمَان يبْلى وَلَا يبْلى وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (مِنْ عهد إِسْكَندَرٍ أوْ قبلَ ذاكَ وَقَدْ ... شابَتْ نَوَاصِى اللَّيالى وَهْىَ لَمْ تَشِبِ) 6 - الْإِعْرَاب الظّرْف مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِيره أَيْن حل وَوَقع وَحصل وَجَوَاب سل مَحْذُوف تَقْدِيره تخبرك الْغَرِيب جوز كل شئ وَسطه والمهارى جمع مهرى وَيجوز فِيهِ فتح الرَّاء وَكسرهَا كصحارى وصحارى وهى إبل منسوبة إِلَى قَبيلَة من الْيمن وهم بَنو مهرَة ابْن حيدان يُقَال مهارى ومهارى فى الْجمع بتَشْديد الْيَاء وتخفيفها قَالَ رؤبة (بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلّ مِيْلَةِ ... بِنا حَرَاجِيحُ المَهارِى النُّفَّةِ) وَهُوَ جمع نافه وَهُوَ الْجمل والنقانق جمع نقنق وَهُوَ ذكر النعام الْمَعْنى يَقُول سل البيد تخبرك أَيْن الْجِنّ منا فى البيد وَنحن نقطع وَسطهَا وَأَيْنَ تقع مِنْهَا النقانق فى السرعة أى أَيّنَا أسْرع أى هَل تقطع الْجِنّ البيد كَمَا نقطع وَهل تفعل كَمَا نَفْعل وسلها عَن إبلنا هَل تسير ذُكُور النعام فِيهَا كسيرها أى إِن الْجِنّ دُوننَا والنعام دون إبلنا فى الجراءة والإقدام فى السّير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 - الْإِعْرَاب رفع السمالق بجلت على أَنه فَاعله ومحياك فى مَوضِع نصب بالمفعولية وَلنَا مُتَعَلق بجلست وَالضَّمِير فى الظّرْف لِليْل وَهُوَ مُتَعَلق باهتدينا الْغَرِيب الدجوجى المظلم وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا بياء النّسَب وجلت كشفت وأظهرت وَمِنْه جلت الْعَرُوس أظهرت والمحيا الْوَجْه والسمالق جمع سملق وهى الأَرْض الْبَعِيدَة وَأَصله السلق زيدت فِيهِ الْمِيم وَهُوَ القاع الطَّوِيل الصفصف وَجمعه سلقان كخلق وخلقان الْمَعْنى يَقُول رب ليل مظلم سرنا فِيهِ إِلَى قصدك فأظهرت السمالق لنا غرَّة وَجهك فاهتدينا إِلَيْك فَزَالَتْ ظلمته بِنور وَجهك وَهَذَا مَنْقُول من قَول مُزَاحم العقيلى (وُجُوهٌ لَوْ أنَّ المُدْلِجِينَ اعْتَشَوْا بِها ... صَدَعْنَ الدُّجَى حَتَّى ترَى اللَّيلَ يَنْجلى) وكقول أَشْجَع (مَلِكٌ بِنُورِ جَبِينِهِ ... نَسْرِى وَبحْرُ اللَّيْلِ طامى) وَلمُسلم (أجَدَّكِ هَلْ تَدْرِينَ أنْ بِتُّ لَيْلَةً ... كأنَّ دُجاها مِنْ قُرُونِكِ يُنْشَرُ) (صَبَرْتُ لَهَا حَتَّى تَجَلَّتْ بِغُرَّةٍ ... كَغُرَّةِ يَحْيَى حِينَ يُذْكَرُ جَعْفَرُ) ولأبى المعتصم (لَمْ يَحِرْ فِى لَيْلَةٍ أحَدٌ ... وَابْنُ إبْرَاهِيمَ كَوْكَبُهُ) 8 - الْغَرِيب جنح الطَّرِيق جَانِبه وجنح اللَّيْل طَائِفَة مِنْهُ وجنوحه إقباله فَهُوَ يجنح أى يمِيل إِلَى النَّهَار فَيذْهب النَّهَار ويجئ هُوَ وجابه قطعه وَمِنْه {الَّذين جابوا الصخر} والأيانق جمع نَاقَة والركبان جمع الركب الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا نور وَجهك لما زَالَ جنح الظلام وَلَا قَطعنَا الأَرْض الْبَعِيدَة لَوْلَا الأيانق 9 - الْإِعْرَاب رفع هز عطفا على الأيانق الْغَرِيب الهز التحريك والإزعاج يُرِيد هز الْإِبِل راكبها لسرعة سَيرهَا وَأَرَادَ بالسكر النعاس والغرز ركاب من خشب لِلْإِبِلِ خَاصَّة وَقَالَ أَبُو الْغَوْث هُوَ ركاب من جلد فَإِذا كَانَ من خشب أَو حَدِيد فَهُوَ ركاب وَلَا يُقَال الغرز إِلَّا إِذا كَانَ من جلد واغترز السّير أى دنا الْمسير وَأَصله من الغرز والشبارق الْخلق المقطع وشبرقت الثَّوْب شبْرقَة مزقته وشبراقا أَيْضا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (فأدرَكنَهُ يأْخُذْنَ بالسَّاقِ والنَّسا ... كَمَا شَبْرَقَ الوِلْدَانُ ثَوْبَ المُقَدَّسِى) أى الذى أَتَى من بَيت الْمُقَدّس الْمَعْنى يُرِيد وَلَوْلَا هز أطار النّوم يحركنى بِسُرْعَة السّير إِلَيْك ويمنعنى النّوم لما قطعت اللَّيْل فَكنت فى الركاب أميل مِمَّن سكر من النعاس من جَانب إِلَى جَانب كأنى ثوب خلق مقطع تضربه الرّيح وشبارق بِضَم الشين جمعه شبارق بِفَتْحِهَا كالجوالق والجوالق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 - الْإِعْرَاب شدوا أى غنوا بمدح ابْن إِسْحَاق كحذف الْمُضَاف وَمِنْه الشادى للمغنى والذفرى الْموضع الذى يعرق من الْبَعِير خلق الْأُذُنَيْنِ وَالْجمع ذفريات وذفارى بِفَتْح الرَّاء وَالْألف منقلبة عَن يَاء وَلِهَذَا قيل ذفار مثل صحار وَقَالَ أَبُو زيد بعير ذفر بِالْكَسْرِ وَتَشْديد الرَّاء عَظِيم الذفرى وناقة ذفرة وَيُقَال هَذِه ذفرى بِلَا تَنْوِين لِأَن ألفها للتأنيث مَأْخُوذَة من ذفر الْعرق لِأَنَّهَا أول مَا يعرق من الْبَعِير والنمارق جمع نمرقة قيل نمرق وهى الوسادة تكون تَحت الرَّاكِب وَغَيره والتى أَرَادَ أَبُو الطّيب هى الَّتِى تكون قُدَّام الرحل يَجْعَل الرَّاكِب عَلَيْهَا سَاقه للاستراحة إِذا أخرجهَا من الغرز الْمَعْنى يَقُول لما غنوا بمدح الممدوح نشطت الْإِبِل للسير فَرفعت رءوسها حَتَّى ضربت بذفرياتها كيرانها وهى جمع كور وَهُوَ الرحل وَذَلِكَ لطيب مدحه وَأَن الْإِبِل مَعَ حاديها طربت لمدحه // وَهَذَا مُبَالغَة // وَهُوَ مَنْقُول من قَول إِسْحَاق بن خلف (إذَا مَا حُدِينَ بِمِدْحِ الأمِيرِ ... سَبَقْنَ لِحاظَ الحَثِيَِ الحثيث الْعَجِلِ) وَمن قَول ابْن الرومى (لَا تَضْرِبُ الرَّكْبُ الطَّلائِحَ نَحْوَهُ ... بَلْ باسمِهِ يَزْجُرْنَ كُلَّ طَلِيحِ) 11 - الْإِعْرَاب بِمن بدل من ابْن إِسْحَاق وَالْبَاء مُتَعَلقَة بمتعلق الأول وَقد أعَاد الْعَامِل فى الْبَدَل كَقَوْلِه تَعَالَى {وَقَالَ الْمَلأ الَّذين استكبروا من قومه للَّذين استضعفوا لمن آمن مِنْهُم} الْغَرِيب الاقشعرار انتفاش الشّعْر على بدن الرجل إِذا خَافَ والارتجاج الِاضْطِرَاب والشواهق جمع شَاهِق وَهُوَ العالى الْمَعْنى يُرِيد أَنه تهابه الأَرْض إِذا مَشى عَلَيْهَا وتضطرب الْجبَال الْعَالِيَة وتتحرك خوفًا مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح الجون مَضْمُومَة الْجِيم جعله نعتا للسحاب على أَنه جمع سَحَابَة وَهُوَ من الجموع اللاتى بَينهَا وَبَين مفردها الْهَاء وروى غَيره الجون بِفَتْح الْجِيم وَجعله نعتا للسحاب على الْإِفْرَاد والجون الْأَبْيَض والحيا بالقسر الْمَطَر لِأَنَّهُ يحيى الأَرْض وَالصَّوَاعِق جمع صَاعِقَة الْمَعْنى يَقُول هُوَ مهيب مرجو كالسحاب يُرْجَى مطره وتخشى صواعقه فَهُوَ يُرْجَى نَفعه ويخشى ضَرَره وَهُوَ كَقَوْل الآخر (هُوَ عارِضٌ زَجِلٌ فَمَنْ شاءَ الْحَيا ... أرْضى وَمن شَاءَ الصَّوَاعِق أغضبا) وكقول حبيب (سماحا وبأسا كالصواعق والحيا ... إذَا اجْتَمَعَا فِى العارِضِ المُتَأَلِّقِ) 13 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ كالسحاب فى الْجُود ثمَّ قَالَ إِلَّا أَنَّهَا تمضى أى إِن السَّحَاب ينقشع أَحْيَانًا وَهَذَا مُقيم بجوده لم يزل والسحاب قد يكذب فى الرَّعْد والبرق بِأَن لَا يكون فيهمَا مطر وَهَذَا يصدق فِيمَا يعد وَيَقُول وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (فضَلْتَ أخاكَ الغَيْثَ بالعِلْمِ وَالْحِجا ... وَحاصَصْتَهُ فِى الجُودِ أىَّ حِصَاصِ) (عَلى أنَّهُ يَمْضِى وأنْتَ مُخَيِّمٌ ... سَماؤُكَ مِدْرَارٌ وأَرْضُكَ ناصِ) وللبحترى (أنَّى يكونُ لهُ احْتِفالُكَ فِى النَّدَى ... وَوُقُوعُهُ فِى الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ) 14 - الْمَعْنى أَنه زهد فى الدُّنْيَا وَانْقطع عَن أَهلهَا فَلم يزده ذَلِك إِلَّا جلالة قدر لِأَنَّهُ لم يخل من ذكره أهل الشرق والغرب لِأَن صنائعه ومعروفه فيهم وَقد نظر إِلَى قَول البحترى (وَشُهِرْتُ فِى شَرْقِ البِلادِ وَغَرْبِها ... فَكأَّنَّنِى فِى كُلّ نادٍ جالِسُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 - الْإِعْرَاب الهندوانيات جمع هندوانى بِمَعْنى الهندى وَسيف مهند وهندى وَهُوَ مَا عمل بِبِلَاد الْهِنْد والطلى الْأَعْنَاق والمدارى جمع مدرى وَهُوَ مَا يفرق بِهِ الشّعْر والمخانق جمع مخنقة وهى قلادة قَصِيرَة الْمَعْنى يَقُول غذا سيوفه بالأعناق والرءوس كَمَا يغذى الصبى فَصَارَت سيوفه للرقاب كالمدارى للمفارق والمخانق فى الْأَعْنَاق أى أَنَّهَا تصاحبت مَعَ الْهَام والأعناق كَمَا صحبتهَا المدارى والمخانق يعْنى إِذا علت سيوفه الرُّءُوس صَارَت بِمَنْزِلَة المدارى وَإِذا علت الْأَعْنَاق صَارَت بِمَنْزِلَة المخانق 16 - الْغَرِيب اللحى جمع لحية وَيُقَال فِيهِ لحى بِضَم اللَّام مثل ذرْوَة وذرا والتحى الْغُلَام وَرجل لحيان عَظِيم اللِّحْيَة والمفارق جمع مفرق الْمَعْنى يُرِيد إِنَّه إِذا غزا أَكثر الْقَتْلَى فتشقق عَلَيْهِم الْجُيُوب وتخضب اللحى والمفارق من دِمَائِهِمْ 17 - الْغَرِيب جنبته الشئ بعدته عَنهُ وَصلى يصلى بِالْأَمر إِذا قاسى حره وشدته قَالَ الطهوى (وَلا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ وَإنْ هُمُ ... صَلُوا بالْحَرْبِ حِينا بَعْدَ حِينِ) الْمَعْنى يَقُول من غفل عَنهُ حتفه أى هَلَكته وَلم ينقص أَجله يبعد من سيوفه فَلَا يصير مقتولا بهَا وَلَا يقاسى شدتها وَإِنَّمَا يقاسى شدتها وبلاءها من فارقته نَفسه كَالْمَرْأَةِ الطالق من الزَّوْج 18 - الْغَرِيب حجا يحجو إِذا أَقَامَ وَثَبت والأحجية الْكَلِمَة الْمُخَالفَة اللَّفْظ للمعنى وهى الأحجوة وَأَصله الشئ الملعز يلقى على الْإِنْسَان ليستنبط مَعْنَاهُ كَقَوْل أَبى ثروان مَا ذُو ثَلَاث آذان يسْبق الْخَيل بالرديان يُرِيد السهْم وآذانه قذذه وَقيل لَهَا أحجية من بَاب التثبيت لِأَن الْملقى عَلَيْهِ يحْتَاج إِلَى التثبت والتفكر الْمَعْنى إِن النَّاس يحاجى بَعضهم بَعْضًا بِهَذَا الممدوح يَقُولُونَ من اجْتمعت فِيهِ هَذِه الْأَوْصَاف المتضادة فى ظَاهر اللَّفْظ فَيُقَال الممدوح وَقد فسره بالمصراع الثانى فَقَالَ يرى ساكتا يعْنى الممدوح فَهُوَ لَا ينْطق بفخره وَلَا شجاعته وَلَكِن السَّيْف عَن فِيهِ نَاطِق بِمَا يظْهر من آثاره فَهُوَ يدل على شجاعته ويخبر بجميل بلائه وبحميد غنائه وَمعنى الْبَيْت أَن الرجل إِذا سُئِلَ عَن هَذِه الْخِصَال فَجَوَابه الْحُسَيْن بن إِسْحَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 - الْغَرِيب تَقول نكرت وَأنْكرت إِذا لم تعرف وَلَا يسْتَعْمل من نكر إِلَّا هَذَا الماضى قَالَ الْأَعْشَى (وأنْكَرَتْنَى وَما كانَ الَّذِى نَكِرَتْ ... مِنَ الحَوَادِثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلَعا) الْمَعْنى يَقُول طَال تعجبى مِنْك وَأنْكرت أَن يكون أحد مثلك فى فضلك فَعلمت أَن الله تَعَالَى قدير مقتدر وَمن قدرته أَن يخلق مَا يُرِيد فَحِينَئِذٍ لَا عجب من خلقَة الله وَقدرته 20 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت تحب الشّرف وَالْمجد فَأَنت فى الْعَطاء مبغض لِلْمَالِ وفى ملاقاة الْأَبْطَال تحب الْمَوْت فَتقدم عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحترى (تَسَرَّعَ حَتَّى قالَ مَنْ لَقِىَ الوَغَى ... لِقاءُ أعَاد أمْ لِقاءُ حَبائِبِ) 21 - الْإِعْرَاب قَلما إِذا جعلت مَا مَصْدَرِيَّة فصلت فى الْخط بَينهَا وَبَين اللَّام وَإِذا جَعلتهَا كَافَّة وصلتها الْغَرِيب القنا جمع قناة وهى الرماح والسوابق جمع سَابق وسابقة وهى الْخَيل الْكِرَام فى الْمَعْنى يَقُول لَا تبقى الْخَيل والرماح على كَثْرَة مَا نزل بهَا لطول اسْتِعْمَالهَا فى الحروب والغارات وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَا تبقى الْخَيل والرماح على مَا ظهر مِنْهَا وَحل بهَا مِنْك 22 - الْغَرِيب السمار جمع سامر وهم الَّذين يسمرون لَيْلًا والسفار جمع سفر وسافروهم الَّذين يلازمون الْأَسْفَار وذر طلع والشارق الشَّمْس وَالْقَمَر وَهَذَا من إِرَادَة التَّأْبِيد أى أبدا الْمَعْنى لَا زلت دَائِما وذكرك مخلدا يحيى اللَّيْل بذكرك السمار ويغنى بمدحك المسافرون وَقَالَ الواحدى مَا لَاحَ كَوْكَب مَا بقى من اللَّيْل شئ وَمَا ذَر شارق وَمَا بقى من النَّهَار شئ ترى فِيهِ الشَّمْس وَلِهَذَا قَالَ ابْن جنى يَسِيرُونَ إِلَيْك نَهَارا فينشدون مدائحك وَإِذا جَاءَ اللَّيْل سمروا بذكرك وَالْقَوْل هُوَ الأول لِأَن الحداء لَا يخْتَص بِالنَّهَارِ بل هُوَ بِاللَّيْلِ اكثر وغالب الْعَادة وَمثله للبحترى (ثَناءٌ يقُصُّ الأرْضَ نَجْداً وَغائِراً ... وَسارَتْ بهِ الرُّكْبانُ شَرْقا وَمَغْرِبا) وَمثله لعلى بن الجهم (فسارَ مَسيرَ الشَّمسِ فى كلّ بَلْدّةٍ ... وَهبَّ هُبُوبَ الرِّيحِ فِى البَلَدِ القَفْرِ) وَمن قَول ابْن الرومى (لقدْ سارَ شِعْرِى شَرْقَ أرْضٍ وَغَرْبَها ... وَغَنَّى بِهِ الْحَضْرُ المُقِيمُونَ والسَّفْرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 - الْغَرِيب البرقع نقاب للْعَرَب يغطى بِهِ الجبين وَالْوَجْه وَلَا يكون فِيهِ إِلَّا ثقبان للعينين تنظران مِنْهُمَا والعواتق جمع عاتق وهى الْجَارِيَة المقاربة للاحتلام والخدور جمع خدر وَهُوَ الْكن وَالْبَيْت الذى يستر فِيهِ الْعَوَاتِق الْمَعْنى يَقُول خف الله فى النَّاس واستر حسن جمالك بنقاب على وَجهك فَإنَّك إِن ظَهرت ذاب الجوارى الْعَوَاتِق شوقا إِلَيْك وعشقا لَك وروى أَبُو الْفَتْح (حَاضَت فى الْخُدُور ... ) وَيُقَال إِن الْمَرْأَة إِذا اشتدت شهوتها سَالَ دم حَيْضهَا فَالْمَعْنى اسْتُرْ جمالك عَنْهُن وَإِلَّا ذبن وهلكن عشقا 25 - الْغَرِيب الرتق ضد الفتق قَالَ الله تَعَالَى {كَانَتَا رتقا ففتقناهما} الْمَعْنى يَقُول لَا ترزق الأقدار من لم ترزقه وَلَا تحرم من لم تحرمه وَالْأَيَّام طوع لَك تصنع مَا شِئْت فَلَا تفتق شَيْئا رتقته وَلَا ترتق شَيْئا فتقته فهى لَا تخالفك والأقدار كَذَلِك وَهَذَا من قَول حبيب (فَلاَ تَتْرُكُ الأَيَّامُ مَنْ هُوَ آخِذٌ ... وَلا تأْخُذُ الأيَّامُ مَنْ هُوَ تارِكُ) وَمن قَول الآخر (كُنَّا مُلُوكا وكانَ أُوَّلُنا ... لِلْحِلْمِ والبأْسِ والنَّدَى خُلِقُوا) (لَا يَرْتُقُ الرَّاتِقُونَ مَا فَتَقُوا ... يَوْما وَلا يَفْتَقُونَ مَا رَتَقُوا) وَمن قَول أَشْجَع (فَلا يَرْفَعُ النَّاسُ مَنْ حَطَّهُ ... وَلا يَضَعُ النَّاسُ مَنْ يَرْفَعُ) وَالْأَصْل فى هَذَا كُله قَول الْعَبَّاس بن مرداس السلمى للنبى (وَما كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُما ... وَمَنْ تَضَعِ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 - 26 - الْغَرِيب رام قصد وَطلب واللاذقية بلد الممدوح وهى من بِلَاد السَّاحِل بِالشَّام الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بِأَن يرْزق الْخَيْر وَلَا يُفَارِقهُ الْخَيْر فَيَقُول الْخَيْر لَك لَا لغيرك وَغير طلب من غَيْرك الْغنى وَلحق بِغَيْر بلدك وَأَنا لَا أطلب إِلَّا مِنْك وَلَا أقصد إِلَّا بلدك وَهَذَا عكس قَول على بن جبلة وَمثل قَول أَبى الطّيب قَول الوائلى (فلَيسَ الْحَضْرُ إلاَّ الْحَضْرَ فَرْداً ... وَلَيْسَ الأرْضُ إلاَّ بَرْقَعِيدَا) 27 - الْمَعْنى يُرِيد أَن بلدك الْمَطْلُوب والمقصد وهى الْغَرَض الْبعيد أبعد مَا يطْلب فَإِذا بلغَهَا إِنْسَان بلغ أمانيه كلهَا فَلَا يطْلب بعْدهَا شَيْئا وَالدُّنْيَا كلهَا مَنْزِلك وَأَنت جَمِيع الدُّنْيَا 157 - 1 - الْغَرِيب المدامة الْخمر وغلابة أى تغلب الْعقل الْمَعْنى يَقُول الْخمر تغلب عقول الرِّجَال وتهيج الأشواق أى تحركها كَقَوْل البحترى (مِنْ قَهْوَةٍ تُنْسِى الهُمُومَ وَتَبعَثُ الشَّوْقَ الَّذِى قَدْ ضَلَّ فِى الأحشَاءِ) 2 - الْمَعْنى يُرِيد تسئ التَّأْدِيب بالحركات المفرطة العديدة وَقَول الْفُحْش وَيُرِيد بِحسن الْخلق السماح والبذل وَهَذَا ينظر فِيهِ إِلَى قَول الآخر (رأيْتُ أقَلَّ النَّاسِ عَقْلاً إِذا انْتَشَى ... أقَلَّهُمُ عَقْلاً إذَا كانَ صَاحِيا) (تَزِيدُ حُمَيَّاها السَّفِيهُ سَفاهَةً ... وتَتْرُكُ أخْلاقَ الكَرِيمِ كماَ هِيا) 3 - الْمَعْنى يَقُول أعز مَا للرجل عقله والعاقل لَا يرضى بِإِخْرَاج عقله من نَفسه 4 - الْمَعْنى أَنه جعل السكر وَإِزَالَة الْعقل عَنهُ موتا فَقَالَ من مَاتَ موتَة لَا يشتهيها أُخْرَى وَلَا يشتهى عود الْمَوْت إِلَيْهِ قَالَ ابْن وَكِيع ينظر فِيهِ إِلَى قَول بَعضهم فى معنى السكر وَعجز الْبَيْت الثانى // غير صَحِيح // (يُسِئُ وَيَعْذِرُهُ حُسْنُهُ ... لَدَى عاشِقَيْهِ بِغَيْرِ اعْتِذارِ) (مَحَاسِنُ تَغْفِرُ ذَنْبَ الصُّدُودِ ... كمَا غَفَرَ السُّكْرُ ذَنْبَ الخُمارِ) وَمَا بَينهمَا قِيَاس وَلَا هُوَ فى الْمَعْنى الحديث: 157 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 - 1 - الْإِعْرَاب أَن هى المخففة من الثَّقِيلَة وَالتَّقْدِير أَنَّهَا وَلَا يدْخل عَلَيْهَا الْفِعْل إِلَّا بفاصل يفصل بَينهمَا نَحْو سَوف وَالسِّين وَلَا نَحْو أَن سيقوم وَإِنَّمَا دخلت على لَيْسَ لِضعْفِهَا عَن الفعلية فَإِنَّهَا فعل لَا تصرف فِيهِ وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} الْغَرِيب الغدائر جمع غديرة وهى الذؤابة من الشّعْر الْمَعْنى يَقُول هَذِه لعبة ذَات شعر وَلكنهَا لَا تصلح للعناق لِأَنَّهَا غير آدمية الْمَعْنى يَقُول هجرها من غير مجانية وزيارتها من غير شوق فهى جماد لَا تميز بَين الهجر والوصل وَهَذَا الْبَيْت مُفَسّر للْأولِ 159 - 1 - الْغَرِيب سقى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْقُرْآن وَقد ذكرناهما فِي غير مَوضِع من كتَابنَا هَذَا والود الْحبّ وشابه يشوبه خلطه والمذق المزج وَلبن مذيق وممذوق ممزوج بِالْمَاءِ الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا شربت الْخمر لِأَنَّك أَقْسَمت على بحياتك فشربتها ومحبة لَك لم تشبها وَلم تمزجها بغَيْرهَا وهما من الوافر والمتواتر 2 - الْإِعْرَاب يَمِينا مصدر لِأَن قَوْله بحقى قسم كَأَنَّهُ قَالَ أَقْسَمت عَلَيْك قسما وعنقى يثقل ويخفف وهما لُغَتَانِ فصيحتان ويروى وَأَنت ناو وَحلفت على الْخطاب وعَلى قَتْلَى إِذن وَبِهِمَا قَرَأت الدِّيوَان الحديث: 158 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 - 1 - الْغَرِيب المروج جمع مرج وَهُوَ الذى يُرْسل فِيهِ الدَّوَابّ والخلا الْكلأ الرطب والحدائق جمع حديقة وهى الْقطعَة من النّخل وَالشَّجر وَالزَّرْع والعوائق جمع عائق وَهُوَ مَا يعوق عَن النَّفاذ فى الشئ الْمَعْنى يَقُول نبت هَذِه الْمَوَاضِع يشكو الْمَوَانِع من طلوعه وهى مَا يمنعهُ من الطُّلُوع كَالْبردِ والثلج وهما اللَّذَان يمنعان النَّبَات من الظُّهُور 2 - الْمَعْنى يَقُول قد أَقَامَ فى هَذِه المروج الثَّلج كالمرافق لَهَا فَلَا يفارقها وَمن شدته أَن الرجل إِذا بَصق جمد رِيقه فَوق أَسْنَانه وَهُوَ مَنْقُول من قَول عبد الصَّمد بن المعذل (وَنَسَجَ الثَّلْجَ عَلى الطُّيُورِ ... وأجمَدَ الرّيقَ عَلى الثُّغُورِ) 3 - الْمَعْنى يَقُول إِن الثَّلج يذيبه الْحر فَكَأَن الذوب سَاقه وقاده حَتَّى ذهب جعل أَوَائِل الذوب قائدا وَالْآخر سائقا قَالَ الواحدى ويروى من دونه بِالدَّال وَالنُّون يُرِيد من قدامه وَذَلِكَ بِأَن الْقَائِد أَمَامه والسائق خَلفه 4 - الْغَرِيب الطخرور اسْم فرسه ولاصق لَا يرْتَفع عَن الأَرْض وباغى طَالب والآبق الهارب الْمَعْنى يُرِيد أَن فرسه لقلَّة المرعى لَا يثبت فِي مَكَانَهُ فَكَأَنَّهُ يطب آبقا وَهُوَ يَأْكُل من نَبَات لاصق بِالْأَرْضِ لَا يرْتَفع عَنْهَا 5 - الْغَرِيب الحبر هُوَ الذى يكْتب بِهِ والمهارق جمع مهرق وهى الصَّحِيفَة الَّتِى يكْتب فِيهَا وَهُوَ مُعرب مهر كرده كَانُوا يَأْخُذُونَ الْخرق ويطلونها بشئ والشوذانق مُعرب وَهُوَ الشاهين وَهُوَ نصف البازى من قَول الْعَجم سه دانك أى نصل دِرْهَم فَكَأَنَّهُ نصف البازى الْإِعْرَاب الضَّمِير فى أروده للنبات وَأدْخل الْبَاء على كَاف التَّشْبِيه لِأَنَّهَا تَأْوِيل الِاسْم أى بِمثل الشوذائق فى خفته وحركته وَأَرَادَ أرود فِيهِ فَحذف حرف الْجَرّ الْمَعْنى شبه النبت الْقصير اللاصق بِالْأَرْضِ ورعى فرسه فِيهِ بالحبر يقشر عَن الصَّحِيفَة فَهُوَ يذهب ويجئ فِيهِ لقلته فَكَأَنَّهُ يقشر خطا عَن صحيفَة وَهُوَ // تَشْبِيه جيد // الحديث: 160 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 - الْغَرِيب يُرِيد بِمُطلق الْيُمْنَى أَن لَوْنهَا يُخَالف قوائمه الثَّلَاث بِأَن يكون فِيهَا تحجيل دون الثَّلَاث وَالْفَائِق مفصل الرَّأْس فى الْعُنُق فَإِذا طَال الْفَائِق طَال الْعُنُق وعبل الشوى غليظ الْأَطْرَاف وَإِذا تدانت مرافقة كَانَ أمدح لَهُ 7 - الْغَرِيب رحب اللبان وَاسع الصَّدْر وَيسْتَحب فى الْفرس أَن يكون وَاسع جلد الصَّدْر يجِئ وَيذْهب ليَكُون خطوه أبعد فَإِنَّهُ إِنَّمَا يقدر على توسيع الخطو بسعة جلد صَدره ونائه الطرائق النائه العالى المشرف وناه الشئ يُنَوّه إِذا علا والطرائق جمع طَريقَة وهى الْأَخْلَاق أى هُوَ مُرْتَفع الْأَخْلَاق شريفها لكرمه وعتقه وروى الواحدى عَن ابْن فورجة أَن الرِّوَايَة نابه بِالْبَاء الْمُوَحدَة من النباهة وَهُوَ أَمر نابه إِذا كَانَ عَظِيما جَلِيلًا والإطل الخاصرة ولاحق من اللحوق وَهُوَ ضمور الخاصرة وسعة المنخر وَهُوَ مَحْمُود فى للْفرس لِئَلَّا يحبس نَفسه وَهَذَا كُله وصف الْفرس وَقَالَ الواحدى وَأَرَادَ بالطرائق طرائق اللَّحْم يعْنى أَن طرائق اللَّحْم على كفله وَمَتنه عالية 8 - الْغَرِيب المحجل الذى قوائمه تخَالف سَائِر جسده والنهد العالى المشرف والزاهق الْمُتَوَسّط بَين السمين والمهزول والغزة الشادخة الَّتِى مَلَأت الْوَجْه وَلم تشْتَمل على الْعَينَيْنِ والشارق ضوء الشَّمْس شبه غرته بضوء الشَّمْس وَهُوَ // تَشْبِيه حسن // 9 - الْغَرِيب البارق السَّحَاب فِيهِ الْبَرْق والبوغاء التُّرَاب والشقائق جمع شَقِيقَة وهى الأَرْض فِيهَا رمل وحصى الْمَعْنى شبه غرنه بالبرق وَجَسَده بالسحاب يَقُول كَأَنَّهَا برق فى سَحَاب وَهُوَ بَاقٍ على السّير فى الْحزن والسهل أى صبور على الشدَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 - الْغَرِيب الأبردان الْغَدَاة والعشى والهجير شدَّة الْحر والماحق الذى يمحق كل شئ وَمِنْه (فى مَا حِقٍ مِن نِهارِ الصَّيْفِ مُحْتَدِمِ ... ) الْمَعْنى يَقُول هُوَ صبور على شدَّة الْحر وَالْبرد والفارس الراكض الواثق بجودة ركُوبه مِنْهُ خَائِف أى من أجل نشاطه وصعوبته 11 - الْإِعْرَاب رفع خوف على الِابْتِدَاء وَخَبره للفارس وَاللَّام مُتَعَلقَة بِالِابْتِدَاءِ وَمِنْه مُتَعَلق بِمَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْمصدر الْغَرِيب الجبان ضد الشجاع وَهُوَ الذى يرعب عِنْد الْقِتَال الْمَعْنى يَقُول الْفَارِس الواثق بفروسيته يخَاف مِنْهُ كخوف الجبان فى قلب العاشق أَي إِذا ركب الْفَارِس الشجاع كَانَ ذاهلا من الْخَوْف كَمَا يذهل العاشق 12 - الْإِعْرَاب فى ريد أى على ريد كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ لأصلبنكم فى جُذُوع النّخل} أى على جُذُوع النّخل الْغَرِيب الريد حرف الْجَبَل والطود الْجَبَل والشاهق العالى ويشأى يسْبق الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّهُ على حرف الْجَبَل العالى يُرِيد لعلوه وَعظم خلقه كَأَن فارسه فى جبل عَال وَهُوَ يسْبق إِلَى السّمع صَوت الصَّارِخ فيصل قبل وُصُول الصَّوْت إِلَيْهِ لسرعته وحدته فى جَرَيَانه 13 - الْغَرِيب الأبارق جمع أبرق وهى آكام فِيهَا حِجَارَة وطين والمناطق جمع منْطقَة وهى مَا يشد بهَا الْوسط الْمَعْنى يَقُول من شدَّة عدوه وَقُوَّة وثوبه يُؤثر فى الصخر آثارا كالآثار الَّتِى فى سيور المنطقة من الحلى إِذا قلع مِنْهَا وَهُوَ // تَشْبِيه حسن // وَهُوَ مَنْقُول من قَول أَبى المعتصم (وَإذَا جَرَى وَالْبَرْقُ فى شأَوَاتِهِ ... فالْبَرْقُ عانٍ خَلْفَهُ مَجْنُوبُ) (الغَرْبُ شَرْقٌ عِنْدَهُ إنْ هَمَّ فى ... غَرْبٍ بشَرْقٍ والشُّرُوقُ غُرُوبُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 - الْإِعْرَاب مشيا مصدر فى مَوضِع الْحَال يُرِيد أَنه يتْرك فى حَال مَشْيه هَذِه الْآثَار وَإِذا عدا أثر فِيهَا مثل الْخَنَادِق الْمَعْنى يَقُول إِذا مَشى أثر بحافره فى الصخر آثارا كآثار الحلى إِذا قلع وَإِذا عدا أثر فِيهِ مثل الْخَنَادِق // وَهَذَا مُبَالغَة // 15 - الْغَرِيب غب السَّحَاب بعده والصادق الْكثير الْمَطَر وأحسبت كفت وَمِنْه {حَسبنَا الله} أى كفانا {وحسبهم جَهَنَّم} والخوامس الْإِبِل الَّتِى ترد الْخمس بِالْكَسْرِ وَهُوَ أَن ترعى ثَلَاثَة أَيَّام وَترد فى الْيَوْم الرَّابِع والأيانق جمع أينق جمع نَاقَة وَيُقَال فى جمعهَا أَيْضا نياق ونوق وأنوق الْمَعْنى يَقُول لَو أردْت إبل بعد سيل سَحَاب صَادِق الْقطر وَكَانَت عطاشا خمْسا لكفتها آثَار حوافر هَذَا الْمهْر لِأَنَّهَا مثل الْخَنَادِق لعظم آثاره فى الأَرْض أى إِذا أقلع السَّحَاب وامتلأت آثَار حَوَافِرِهِ كفت الْإِبِل العطاش 16 - الْغَرِيب شحا فتح فَاه والناغق الصائح بالغين الْمُعْجَمَة يُقَال نغق الْغُرَاب بالغين الْمُعْجَمَة ونعق الراعى بِالْعينِ الْمُهْملَة فالغين للغين وَالْعين للعين الْمَعْنى يَقُول إِذا ألْجم لأمر لَيْلًا أَو نَهَارا لم يمْتَنع عَن اللجام وَيفتح فَاه كَمَا يفتح الْغُرَاب فَاه عِنْد النغيق يصفه بسعة الْفَم يُقَال شحا فَاه فَتحه وشحا فوه فَهُوَ مُتَعَدٍّ ولازم يعْنى أَن هَذَا الْمهْر مَعَ شدته وَكَرمه لَا يمْتَنع من إلجامه وَلَا قوده 17 - الْغَرِيب الناهق عظم قَالَ الأصمعى الناهقان عظمان شاخصان من ذوى الحوافر فى مجْرى الدمع قَالَ يَعْقُوب وَيُقَال لَهما أَيْضا النواهق قَالَ النَّابِغَة الذبيانى (بِعارِى النَّوَاهِقِ صَلْتِ الجَبِينِ ... يَسْتَنُّ كالتَّيْسِ ذى الحُلَّبِ) وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الناهق من الْحمار حَيْثُ يخرج النهاق من حلقه وَمن الْخَيل ونواهقه مخارج نهاقه وَأنْشد للنمر بن تولب (فأرْسَلَ سَهْما لَهُ أهْزَعا ... فَشَكَّ نَوَاهِقَهُ والْفَما) وسيتا الْقوس جانباه والجلاهق البندق وَمِنْه قَوس الجلاهق وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ جله وهى كبة عزل وَالْكثير جلهاق الْمَعْنى يصفه بالعرى من اللَّحْم شبه رقة جلده وصلابته على ناهقه بمتن قَوس البندق كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى حرفا حرفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 - الْغَرِيب المذاكى جمع مذك وَهُوَ الْفرس الذى أَتَى عَلَيْهِ بعد قروحه سنة والعقائق جمع عقيقة وهى الشّعْر الذى يخرج على الْمَوْلُود من بطن أمه والنقانق جمع نقنق وَهُوَ ذكر النعام الْمَعْنى يَقُول بذ المذاكى أى سبقها وقطعها وَهُوَ مهر عَلَيْهِ شعر الْولادَة وَقد سبق الْخَيل المسنة وَزَاد على النعام بدقة السَّاق وصلابتها وَهُوَ مَحْمُود فى الْخَيل قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (لَهُ أيْطَلا ظَبْىٍ وَساقا نَعامَةٍ ... ) 19 - الْغَرِيب الصَّوَاعِق جمع صَاعِقَة قَالَ أَبُو زيد هى نَار تسْقط من السَّمَاء فى رعد شَدِيد والخرانق جمع خرنق وَهُوَ ولد الأرنب الْمَعْنى يُرِيد أَن وَقع حَوَافِرِهِ فى الأَرْض أَشد من صَوت الصَّوَاعِق وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى أَن حَوَافِرِهِ تفعل فى الأَرْض من شدتها كَمَا تفعل الصَّوَاعِق وَأذنه توفى على آذان الأرانب فى الدقة والانتصاب وَهُوَ مَحْمُود فى الْخَيل 20 - الْغَرِيب العقاعق جمع عقعق وَهُوَ مثل الْغُرَاب يضْرب بِهِ الْمثل فى الحذر وَالْخَوْف فَيُقَال أحذر من عقعق وَأحذر من غراب وَأَصله مَا حكوا فى رموزهم أَن الْغُرَاب قَالَ لِابْنِهِ إِذا رميت فتلو قَالَ يَا أَبَت أَنا أتلوى قبل أَن أرمى وَيُقَال أحذر من طليم وَهُوَ ذكر النعام وَأحذر من الذِّئْب تحكى الْعَرَب أَن الذِّئْب يبلغ من حذره أَنه إِذا نَام راوح بَين عَيْنَيْهِ فَيجْعَل إِحْدَاهمَا نَائِمَة مطبقة وَالْأُخْرَى مَفْتُوحَة حارسة وَهُوَ بِخِلَاف الأرنب كَأَنَّهُ ينَام وَعَيناهُ مفتوحتان خلقَة لَا احتراسا قَالَ حميد بن ثَوْر يصف ذئبا (يَنامُ بإحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِى ... بِأُخُرَى المَنايا فَهْوَ يَقْظانُ نائمُ) وَهَذَا يَقع لى أَنه محَال لِأَن النّوم يَأْخُذ جملَة النَّائِم الْمَعْنى يَقُول هُوَ يزِيد فى حذره على حذر الْغُرَاب وَيعرف الْهزْل من الْجد يُرِيد أَن صَاحبه إِذا دَعَاهُ لأمر عرف الْجد من الْهزْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 - الْغَرِيب الْخرق ضد الحذق والحاذق الماهر بالأشياء يأتى فى أَفعاله بالغرض الْمَطْلُوب الْمَعْنى يَقُول هُوَ ينذر أهل الحى فَإِنَّهُ إِذا أحس بسارق صَهل لِأَنَّهُ لَا ينَام فى اللَّيْل لحدته وذكائه ولشدة جريه وتناهيه فى الْعَدو ويظن بِهِ خرق وَهُوَ مَعَ ذَلِك حاذق وَذَلِكَ أَنه لَا يخرج مَا عِنْده من الْعَدو مرّة وَاحِدَة بل يعلم مَا يُرَاد مِنْهُ فيستبقى مِمَّا عِنْده لوقت الْحَاجة كَقَوْل الآخر (وَللْقارِحُ الْيَعْبُوبُ خَيْرٌ عُلالَةً ... مِنَ الجَذَعِ المُرْخَى وأبْعَدُ مَنْزَعا) وفى هَذَا نظر إِلَى قَول حبيب (ذُو أوءلَقٍ عِنُدَ الجِرَاءِ وإنَّمَا ... مِنْ صحَّةٍ إفْرَاطُ ذَاكَ الأَوْلَقِ) 22 - الْغَرِيب أَنى شَاءَ كَيفَ شَاءَ والآفق من كل شئ فاضله وشريفه الْمَعْنى يُرِيد أَنه لين المعاطف يحك بدنه كَيفَ شَاءَ كَمَا يحك الباشق الذى ينتهى رَأسه ومنقاره إِلَى أى مَوضِع أَرَادَ من جسده وقوبل يُرِيد أَنه كريم الطَّرفَيْنِ من أَبِيه وَأمه فقد اكتنفه الْعتْق من جانبيه فَهُوَ كريم الْأَب وَالأُم كَمَا قَالَ (مُقابَلٌ فى عَمِّهِ وَخالِهِ ... ) 23 - الْغَرِيب الْعتاق من الْخَيل الْكِرَام من الْآبَاء والأمهات والبواسق جمع باسقة وهى النَّخْلَة الْعَالِيَة الْمَعْنى يَقُول يكتنفه الْعتْق من آبَائِهِ وأمهاته وَالْعتاق جمع عَتيق والعتائق جمع عتيقة وهى الْكَرِيمَة من الْخَيل وَهَذَا مُتَعَلق بِمَا قبه من قَوْله قوبل أى يكتنفه الْعتْق من قبل أَبِيه وَأمه فَهُوَ بَين عتاق الْخَيل وعتائقها وَهُوَ طَوِيل الْعُنُق يزِيد على النّخل الطوَال طولا وَالْخَيْل تُوصَف بطول الْأَعْنَاق كَمَا قَالَ (وَهادِيها كأنْ جِذْعٌ سَحُوقُ ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 - الْغَرِيب الفتر مَا بَين الْإِبْهَام والسبابة والفيالق جمع فيلق وهى الكتيبة من الْجَيْش الْمَعْنى يُرِيد أَن حلقه رَقِيق لَو أَرَادَ الخانق أَن يجمعه بفتره قدر 26 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الَّتِى قَرَأت بهَا الدِّيوَان على شيخى أَبى الْحرم وَعبد الْمُنعم والنصل ذُو بِالرَّفْع وَرَفعه على الِابْتِدَاء وَالْوَاو للْحَال أى فى هَذِه الْحَالة وَرَوَاهُ الواحدى وَغَيره بِنصب النصل وَمَا بعده عطفا على الضَّمِير الْمَنْصُوب فى يحملنى وَيجوز أَن يكون على أَنه مفعول مَعَه أى أَي مَعَ النصل الْغَرِيب النصل حَدِيدَة السَّيْف وسفاسق النصل طرائقه الْوَاحِدَة سفسقة والبنائق جمع بنيقة وهى الدخريص الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْمهْر يحملنى وَالسيف يقطر دَمًا فى كمى على بنائقى أى يحملنى فى هَذِه الْحَالة 27 - الْغَرِيب الوامق الْمُحب العاشق الْمَعْنى يَقُول لَا أنظر الدُّنْيَا بعينى محب عاشق لَهَا فيذل لطلبها وَلَا أبالى قلَّة من يوافقنى على مطَالب الْأُمُور الْعَالِيَة بل أجتهد فى طلبَهَا وحدى 28 - الْإِعْرَاب أى حرف نِدَاء وحروف النداء خَمْسَة يَا وأيا وهيا وأى والهمزة الْمَعْنى يُخَاطب فرسة وَيَقُول لَهُ يَا كبت حسادى فهم يحسدوننى عَلَيْك قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى يُخَاطب ممدوحا وَلَيْسَ فى هَذِه القصيدة ذكر ممدوح وَلم يمدح بهَا أحدا فَكيف يُخَاطب ممدوحا وَإِنَّمَا يُخَاطب الْفرس الذى وَصفه فى هَذِه الْقطعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 - 1 - الْمَعْنى يَقُول لَا دَوَاء للأحمق إِلَّا الْمَوْت وَهَذَا مَنْقُول من قَول البحترى (مَا قَضَى اللهُ لِلْجَهُولِ بِسَتْرٍ ... يَتَلافاهُ مِثْلُ حَتْفِ قاضِى) وكقول صَالح (والْحُمْقُ دَاءٌ مالَهُ حِيلَةٌ ... تُرْجَى كَبُعْدِ النَّجْمِ مِن لَمْسِهِ) 2 - الْمَعْنى يَقُول حَيَاته وَمَوته سَوَاء فَإِن مَاتَ فَلَا يحزن على فَقده وَإِن عَاشَ فَلَيْسَ لَهُ خلق حسن وَلَا صُورَة جميلَة وَهُوَ يشبه قَول الْخبز أرزى (فأَنْتَ فى الخَلْقِ لَا وَجْهٌ وَلا بَدَنٌ ... وأنْتَ فى الخُلْقِ لَا عَقْلٌ وَلا أدَبُ) 3 - الْغَرِيب الخون والخيانة وَاحِد والملق إِظْهَار الْمحبَّة والمدح الْمَعْنى يَقُول العَبْد الذى قلته وغدر بِهِ تعلم الْغدر وَإِظْهَار الْمحبَّة وفى قلبه الْخبث 4 - الْإِعْرَاب وَحلف نَصبه عطفا على قَوْله شقّ هامته وَهُوَ مفعول يعلم الْمَعْنى يَقُول تعلم نه أَن يحلف أى يَمِين كَاذِبَة مطرودة كأنابيب الرمْح وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى فى التَّشْبِيه (شَرَفٌ تَفَرَّدَ كابِرًا عَنْ كابِرٍ ... كالرُّمْحِ أَنْبُوبا عَلى أَنْبُوبِ) والبحترى (نَسَبٌ كَمَا اطَّرَدَتْ كُعُوبُ مُثَقَفٍ ... لَدْنٍ يَزِيدُكَ بَسْطَةً فى الطُّولِ) 5 - الْمَعْنى يَقُول مَا أنكرهُ وَلم أزل أعرفهُ وَهُوَ فى صُورَة القرد إِلَّا أَنه لَيْسَ لَهُ ذَنْب كذنب القرد وأعرفه جَبَانًا فَارغًا من الشجَاعَة إِلَّا أَنه قد امْتَلَأَ من الحماقة والطيش كَقَوْل ابْن الرومى (مَعْشَرٌ أشْبَهُوا القُرُودَ وَلكِنْ ... خالَفُوها فى خِفَّةِ الأََرْوَاحِ) وكقول الخبزأرزى (لمْ يعْدُكَ القِردُ فِى خَلْقٍ وفى خُلُقٍ ... إلاَّ بِخِفَّتِهِ لِلِّعْبِ والذَّنَبِ) الحديث: 161 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 - الْمَعْنى يصفه بالطيش وَأَنه لَا يثبت على حَال وَهُوَ من قَول ابْن الرومى (فَحِلْمُكَ أطْيَشُ مِنْ رِيشَةٍ ... وَرُوحُكَ مِنْ هَضْبَةٍ أرْجَحُ) ولبعضهم (يَا رِيشَةً فَوْقَ مَهَبّ الصَّبا ... يَهْفُو بِها الرّيحُ عَلى مَرْصدِ) (أطْيَشَ مِنْ قَلْبِ فَتَى عاشِقٍ ... متيم بَات على موعدُ) 7 - الْغَرِيب الفودان جانبا الرَّأْس يُقَال بدا الشيب بفوديه قَالَ يَعْقُوب إِذا كَانَ للرجل ضفيرتان يُقَال لفُلَان فودان والفودان العدلان يُقَال قعد بَين الغودين وفاد ويفود ويفيد أى مَاتَ قَالَ لبيد يرثى الْحَارِث بن أَبى شمر الغسانى (رَعَى خَرَزَاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّو ... وَعشرِينَ حَتَّى فادَ والشِّيب شامِلُ) والجورب يشبه الْخُف إِلَّا أَنه من صوف يلبس تَحت الْخُف لأجل الْبرد الْمَعْنى يَقُول هودميم صَغِير الْقدر يصفع فتستغرق أكف الصافعين هَذِه الْمَوَاضِع مِنْهُ وَهُوَ نَتن الرَّائِحَة يكتسى الْكَفّ نَتن رَائِحَة من جسده وَهَذَا ينظر إِلَى قَول بَعضهم (قُلْ مَا بدا لَكَ أنْ تَقولَ فإنَّنِى ... أُثْنِى عَلَيْكَ بِمِثْلِ رِيحِ الجَوْرَبِ) 8 - الْغَرِيب الْفرق الْخَوْف والفزع الْمَعْنى يَقُول هُوَ جبان فَسَلُوا قاتليه هَل مَاتَ خوفًا أَو مَاتَ بِالْقَتْلِ وَهَذَا فِيهِ نظر إِلَى قَول حبيب (وَإلاَّ فَأَعْلِمْهُ بِأنَّكَ ساخِطٌ ... عليهِ فإنَّ الخوْفَ لَا شَكَّ قاتِلُهْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 - الْمَعْنى يصفه بِأَنَّهُ غير شئ لدمامته وَصغر قدره يَقُول هُوَ بِغَيْر رَأس وَبِغير عنق وَغير جسم لصِغَر قدره 10 - الْغَرِيب اللئام جمع لئيم وَهُوَ الخسيس الأَصْل الذى لَيْسَ لَهُ عرض يخَاف عَلَيْهِ والخرق جمع خرقَة الْمَعْنى يُرِيد باللئام آباءه يَقُول لَوْلَا مَا بَينه وَبينهمْ من المشابهة لَكَانَ ألأم مَوْلُود وفى هَذَا تَسْوِيَة بَينه وَبينهمْ وَفِيه نظر إِلَى قَول بَعضهم وَأحسن فِيهِ وَقصر أَبُو الطّيب (إِذا وَلَدَتْ حَلِيلَةُ باهِلّى ... غُلاما زِيدَ فِى عَدَد اللِّئامِ) 11 - الْإِعْرَاب منظره مصدر أضيف إِلَى الْمَفْعُول يُرِيد النّظر إِلَيْهِ وَيجوز أَنه يكون أَرَادَ الْوَجْه الْمَعْنى يَقُول أَكثر من تلقى من النَّاس يشق عَلَيْهِم اسْتِمَاع كَلَامه لِأَنَّهُ يَقُول قولا فَاحِشا مُنْكرا وَلَا سِيمَا زَمَاننَا ويشق على أَعينهم النّظر إِلَيْهِ لقبح صورته وَسُوء فعله حَيْثُ يلقاهم يلقاهم بالبشر وَهُوَ ينطوى على الْخبث والغدر وَهَذَا الْبَيْت // من أحسن الْمعَانى // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 - 1 - الْغَرِيب المآقى جمع مؤق وَهُوَ مُؤخر الْعين الْمَعْنى يُخَاطب صَاحبه يَقُول أتراها لِكَثْرَة مَا ترى الدمع فى مآقى عشاقها تحسبه خلقَة فَلَا ترحم من يبكى وَلِهَذَا قَالَ كف ترثى وَحسب يحْسب بِفَتْح السِّين فى الْمُسْتَقْبل وَكسرهَا لُغَتَانِ فصيحتان قَرَأت بهما قراء السَّبْعَة قَرَأَ بِالْفَتْح عَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة فى جَمِيع الْقُرْآن وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْر السِّين 2 - الْإِعْرَاب راءها بِوَزْن راعها وَالْأَصْل رَآهَا قدم الْألف وَأخر الْهمزَة ضَرُورَة وَغير الأولى نصبها على الِاسْتِثْنَاء وَالثَّانيَِة على الْحَال وَقَالَ قوم نصب الثَّانِيَة على الْمَفْعُول الثانى لترى إِذا كَانَت بِمَعْنى الْعلم وَهَذَا بعيد لِأَنَّهَا لَا تعلم أَن أجفان النَّاس غير راقئة الْغَرِيب رفأ الدمع أَو الدَّم إِذا قطع يرقأ رقوءا ورقئا وَهُوَ من بَاب الْهمزَة وَإِنَّمَا أبدل الْهَمْز يَاء لِأَنَّهُ آخر الْبَيْت وَالْعرب تفعل مثل هَذَا فى الْوَقْف وَمِنْه قَرَأَ حَمْزَة فى الْهَمْز الْمُتَوَسّط إِذا وقف عَلَيْهِ أبدله من جنسه يُقَال رقأ الدمع وَالدَّم وأرقأ الله دمعه أى سكنه والرقوء على فعول بِالْفَتْح مَا يوضع على الدَّم وفى الحَدِيث " لَا تسبوا الْإِبِل فَإِن فِيهَا رقوء الدَّم " يُرِيد أَنا تُعْطى فى الدِّيات فتحقن بهَا الدِّمَاء الْمَعْنى يَقُول هَذِه المحبوبة لَا ترحم باكيا وَكَيف تَرْجمهُ وهى ترى كل جفن من النَّاس إِلَّا جفنها غير راق بالبكاء يُرِيد غير مُنْقَطع الدمع من الْبكاء فهى لَا ترحم أحدا لِأَنَّهَا تحسب الدمع فى أجفان العشاق خلقَة 3 - الْغَرِيب فئتن وأفتن والفصيح فتن وَكَانَ الأصمعى يُنكر أفتن وَجَاء الْقُرْآن بالثلاثى لَا غير والضنى النحول الْمَعْنى يَقُول أَنْت منا معشر العشاق إِلَّا أَنَّك تعشقين نَفسك فَلهَذَا منعتها فَأَنت مَفْتُونَة بحب نَفسك إِلَّا أَنَّك سَالِمَة من الشوق والصبابة وَقد نَقله من قَول جحظة (لَوْ تَرَى مَا أَرَاهُ مِنْكَ إذَا مَا ... جالَ ماءُ الشَّبابِ فى وَجَتَيْكا) (لَتَمَنَّيْتَ أنْ تُقَبَّلَ خَدَّيْكَ ... وَإنْ لَمْ تَصِلْ إِلَى خَدَّيْكا) الحديث: 162 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 - الْغَرِيب حَال دونه حَائِل كَمَا يُقَال عَاق دونه عائق والمزار الزِّيَارَة الْمَعْنى لما بخلت عَنَّا بزيارتك ومنعتها منا ذَابَتْ أجسامنا شوقا إِلَيْك فَلَو سمحت الْآن بالزيارة لم نقدر على المعانقة لَك لشدَّة النحول يُرِيد لم يكن فِينَا بَقِيَّة لعناقك 5 - الْمَعْنى يَقُول أدمنا إِلَيْك النّظر وأدمته إِلَيْنَا وأكثرناه كَانَ عَن عمد منا فأنفق لنا فِيهِ عَن غير الْقَصْد الحتق 6 - الْغَرِيب عدا صرف وأرار أذاب ومخ رير ورير أى ذائب والرسيم ضرب شَدِيد من سير الْإِبِل يُقَال بعير راسم والمناقى جمع منقية وهى السمينة الَّتِى فى عظامها نقى وَهُوَ المخ الْإِعْرَاب نصب غير على الْحَال وَالتَّقْدِير بعد غير هجرك فَلَمَّا قدم وصف النكرَة نَصبه على الْحَال الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الْحَائِل بَيْننَا وَبَيْنك بعْدك لَا هجرك لواصلنا السّير إِلَيْك حَتَّى تنضى الْإِبِل ويذوب نقيها وأتعبناها فى طى الْبعد إِلَيْك وَلَكِن الْحَائِل وَالْمَانِع هجرك وَقد ذكر هَذَا الْمَعْنى بقوله (أبْعَدَ نَأْىِ المَلِيحَةِ الْبَخَلُ ... ) 7 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمَجْرُور للمناقى الْغَرِيب الأرماق جمع رَمق وَهُوَ بَقِيَّة النَّفس الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وَلَو وصلنا إِلَيْك وهى تحملنا على استكراه ومشقة كَمَا تحمل أرماقنا أَنْفُسنَا لشدَّة الْجهد لأَنا قد بلغنَا أَوَاخِر أَنْفُسنَا قَالَ الواحدى هَذَا محَال كَيفَ يحمل الرمق النَّفس وَكَيف تكون الأنفاس على الأرماق بِالْمَعْنَى الذى ذكره وَإِنَّمَا يعْنى إِنَّا نَخَاف مهزولون قد أَضْعَف الضنى ثقلنا حَتَّى نَحن فى الخفة كأننا أنفاس على أرماق يُرِيد إبلنا نحاف مهازيل لم يبْق مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل كَمَا قَالَ الآخر (أنْضَاءُ شَوْقٍ على أنْضَاءِ أسْفارِ ... ) 8 - الْإِعْرَاب مَا استفهامية وَالْمعْنَى أى شئ بِنَا لَفظه استفهمام وَمَعْنَاهُ التَّعَجُّب وَقَالَ ابْن القطاع لَفظه لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ التَّعَجُّب الْغَرِيب الأشفار جمع شفر وَهُوَ منبت الشّعْر من الجفن والحدق جمع حدقة الْمَعْنى يَقُول أى شئ أَصَابَنَا من هوى الْعُيُون السود والأشفار السود مثل الأحداق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 - الْغَرِيب المواضى جمع مَاضِيَة والبواقى جمع بَاقِيَة الْمَعْنى يَقُول قصرت الليالى الْمَاضِيَة بالوصل وأطالتها بالهجر وَأَيَّام الْوِصَال أبدا تُوصَف بِالْقصرِ وَأَيَّام الهجر بالطول وَإِنَّمَا طَالَتْ عِنْده لأجل تذكره وتحسره على ليالى الْوِصَال 10 - الْغَرِيب الإيراق مصدر أَوْرَق الصَّائِد إِذا لم يصد شَيْئا وأورق الغازى إِذا لم يغنم شَيْئا وأورق الطَّالِب إِذا لم ينل شَيْئا الْمَعْنى قَالَ الواحدى النَّاس يحملون الإيراق فى هَذَا الْبَيْت على الإفعال من الأرق وَكَانَ الخوارزمى يَقُول فى تَفْسِيره هى تطلب بإسهادها إيانا الْغَايَة طلب الْأَمِير بإنالته النِّهَايَة فَكَأَنَّهَا تكاثره نوالا لَكِن نوالها الأرق ونواله الْوَرق فَإِن كَانَ أَبُو الطّيب أَرَادَ بالإيراق هَذَا فقد أَخطَأ لِأَنَّهُ لَا يبْنى الإيراق من الأرق وَإِنَّمَا يُقَال أرق يأرق أرقا وأرقه تأريقا وَالْأولَى أَن يحمل الإيراق على منع الْوَصْل يَقُول هى فى منعهَا وَصلهَا فى النِّهَايَة كَمَا أَن الْأَمِير فى بذله نائله قد بلغ النِّهَايَة فَكَأَنَّهَا تكاثره فى عطائه لينْظر أَيهمَا أَكثر 1 - الْإِعْرَاب خلق اسْم لَيْسَ وَأَبا العشائر خَبَرهَا وَالتَّقْدِير لَيْسَ خلق سَاد الورى إِلَّا أَبَا العشائر سَاد بِحَق وَاجِب الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ أحد اسْتحلَّ السِّيَادَة فَسَاد الْخَلَائق بِحَق غير هَذَا الممدوح وَهُوَ يشبه (خضَبْتَ وَفارَتْ مِنْ أنامِلِ سَيَّدٍ ... نَفَعَ المَسُودَ فَسادَ باسْتِحْقاقِ) وَقد أَشَارَ إِلَى هَذَا البحترى بقوله (قَدْرُهُ مُرْتَفِعٌ عَنْ حَظِّهِ ... لَا يَرُعْكَ الحَظُّ لَمْ يُوجَدْ بِحَقّ) الْإِعْرَاب طَاعن خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف الْغَرِيب الفيلق الْجَيْش والذعر الْفَزع وَالدَّم المهراق السَّائِل الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا طعن وَاحِدًا من الْجَيْش فَرَأَوْا الطعنة وسعتها جبنوا جَمِيعهم فَكَأَنَّهُ طعن الْجَيْش وَالدَّم المهراق أحسن مَا فى الْبَيْت يُرِيد أَنه يخرج مِنْهَا دم ثَائِر يضْرب صُدُور الْقَوْم فَكَأَنَّهُ قد طعنهم كلهم وَقَالَ الواحدى طعنته لسعتها يخرج مِنْهَا دم فيخافون لذَلِك خوفًا شَدِيدا فَكَأَن تِلْكَ الطعنة طعنتهم كلهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 - الْإِعْرَاب ذَات من رفع جعلهَا خبر ابْتِدَاء يُرِيد طعنته ذَات وَمن نصب جعلهَا حَالا من الطعنة بِمَعْنى وَاسِعَة كَأَنَّهُ قَالَ يطعن الفيلق وَاسِعَة الْغَرِيب الْفَرْع مخرج المَاء من الدَّلْو من بَين العراقى وَمِنْه يُسمى الفرغان فرغ الدَّلْو الْمُقدم وَفرغ الدَّلْو الْمُؤخر وهما من منَازِل الْقَمَر وكل وَاحِد مِنْهُمَا كوكبان نيران بَين كل كوكبين قدر خَمْسَة أَذْرع فى رأى الْعين والفراغة مَاء الرجل وَهُوَ النُّطْفَة وأطرق بِرَأْسِهِ إِذا خفضه وطأطأه الْمَعْنى يَقُول إِذا سمع بهَا الْمُحدث على رِوَايَة كسر الْبَاء والمختبر بهر بِفَتْح الْبَاء على رِوَايَة الْفَتْح أطرق من خوفها كَأَنَّهَا فى جنبه استعظاما لَهَا 14 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ ضَارب الْهَام فى الهيجاء ويسقى الأقران كئوس الْحمام وَلَا يباكى أَن يشرب مَا يسقيهم شجاعة ورغبة فى الْفَخر فَهُوَ لَا يبالى بِالْمَوْتِ 15 - الْغَرِيب فرس أشق وَالْأُنْثَى شقاء إِذا كَانَ رحب الْفروج طَويلا قَالَ جَابر التغلبى (وَيَوْمَ الكُلابِ اسْتَنزَلَتْ أسَلاتُنا ... شُرَحْبِيلَ إذْ آلى أليَّةَ مُقْسِمِ) (لَيَنْتَزِعَنْ أرْماحَنا فأزَالَهُ ... أبُو حَنَشٍ عَنْ ظَهْرِ شَقَّاءَ صِلْدِمِ) الصلدم القوية والصفاق الْجلد الْأَسْفَل الذى تَحت الْجلد الذى عَلَيْهِ الشّعْر وَأنْشد الأصمعى للنابغة الجعدى (لَطَمْنَ بِتُرْسٍ شَدِيدِ الصِّفا ... قِ مِنْ خَشَبِ الجَوْزِ لَمْ يُشْقَبِ) الْمَعْنى يَقُول هُوَ ضَارب وطاعن فَوق فرس طَوِيلَة وسيعة الْفروج شَدِيدَة وَهُوَ من عَلَامَات الْعتْق يجول بَين قَوَائِمهَا الْفرس الذّكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 - الْغَرِيب الْبراق الدَّابَّة الَّتِى جَاءَ بهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام للنبى فركبها وَقَالَ فى وصفهَا " دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار " الْمَعْنى إِذا نظر المكذب للأنبياء إِلَى سرعتها أَو نشاطها صدق الْأَخْبَار الْوَارِدَة فى وصف دَابَّة رَسُول 17 - الْغَرِيب الأسنة جمع سِنَان وَهُوَ الرمْح والنطاق مَا يشد بِهِ الْوسط الْمَعْنى أَنه لَا يعبأ بالأسنة إِذا أحدقت بِهِ وَصَارَت عَلَيْهِ كالنطاق وَإِنَّمَا همته فى الْأَبْطَال لَا فى أسنتهم لِأَن مَقْصُوده قَتلهمْ وٍ أسرهم فَهُوَ يحتقر الأسنة لما عِنْده من الشجَاعَة 18 - الْغَرِيب الثاقب المضئ الْمُنِير وَمِنْه النَّجْم الثاقب والإقلاق مصدر أقلق الْمَعْنى يَقُول هُوَ ثاقب الْعقل ثَابت حلمه لَا يقلقه أَمر من الْأُمُور وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن دُرَيْد (يَعْتَصِمُ الْحِلْمُ بِجَنْبَىْ حُبْوَتِى ... إذَا رِياحُ الطَّيْشِ طارَتْ بالحِْبا) 19 - الْغَرِيب الْحَارِث بن لُقْمَان جد أَبى العشائر وَالْعتاق جمع عَتيق وعتيقة وهى الْخَيل الْكِرَام الْمَعْنى دَعَا لَهُم وَأحسن بِأَن لَا يفارقوا ظُهُور الْخَيل فُرْسَانًا فى الْحَرْب قَالَ أَبُو الْفَتْح قَوْله فى الوغى // حَشْو حسن // لأَنهم مُلُوك وَإِنَّمَا يركبون الْخَيل لِحَرْب أَو دفع ملمة فَخص حَالَة الْحَرْب وَلَو لم يقل فى الوغى لاقتضى الدُّعَاء أَن لَا يفارقوا متونها فى وَقت وَهَذَا من أَفعَال الرواض لَا من أَفعَال الْمُلُوك لِأَن الْمُلُوك يَحْتَاجُونَ فى تَدْبِير الْملك بالرأى إِلَى الْفَرَاغ والاستقرار 20 - الْغَرِيب الرعب الْخَوْف والفزع وتسكن الْعين وتضم لُغَتَانِ فصيحتان وَقَرَأَ بِضَم الْعين حَيْثُ وَقع عبد الله بن عَامر والكسائى وسكنها الْبَاقُونَ الْمَعْنى يَقُول هاجوا الْخَوْف فى قُلُوب أعاديهم قبل الْمُحَاربَة لَهُم فلشدة خوفهم مِنْهُم كَأَنَّهُمْ قاتلوهم قبل ان يلقوهم وَهُوَ من قَول حبيب (لوْ لمْ يُزاحِفْهُمْ لَزاحَفَهُمْ لَهُ ... مَا فى قُلُوبِهِمِ مِنَ الأَوْجالِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 - الْغَرِيب الظبى السيوف الْمَعْنى يَقُول قد تعودت السيوف أَن تغمد فى الْأَعْنَاق فهى تكَاد تنسل بِنَفسِهَا عَن أَن يسلها ضَارب إِلَى الْأَعْنَاق وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطائى (وَنَبَّهْنَ مِثلَ السَّيْفِ لَوْ لَمْ تَسُلَّهُ ... يَدَانِ لَسَلَّتْهُ ظُباهُ مِنَ الْغِمْدِ) 22 - الْغَرِيب الإشفاق مصدر أشْفق وَهُوَ الْخَوْف والفزع الْمَعْنى يَقُول إِذا خَافت الفرسان وَقع الأسنة وجبنوا خَافُوا من خوف أَن ينسبوا إِلَى جبن وفزع 23 - الْغَرِيب الذمر الرجل الشجاع وَجمعه أذمار والمحاق بِكَسْر الْمِيم وَضمّهَا نُقْصَان الْقَمَر فى أَوَاخِر الشَّهْر الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح (تَمامهَا فى المحاق ... ) الْكَلَام متناقض الظَّاهِر لِأَن المحاق غَايَة النُّقْصَان وَهُوَ ضد الْكَمَال وَإِنَّمَا سوغ لَهُ ذَلِك قَوْله (يزِيد فى الْمَوْت حسنا ... ) أى هُوَ من قوم أحسن أَحْوَالهم عِنْدهم أَن يقتلُوا فى طلب الْمجد فشبههم ببدور تَمامهَا فى محاقها فَجَاز لَهُ هَذَا اللَّفْظ على طَرِيق الاستظراف والتعجب مِنْهُ فَشبه مَا يجوز ان يكون بِمَا لَا يجوز أَن يكون اتساعا وتصرفا وَقَالَ ابْن فورجة أَرَادَ أَن البدور يفضى امرها إِلَى المحاق فَهُوَ غايتها الَّتِى تجرى إِلَيْهَا ومصيرها الذى تصير إِلَيْهِ وَهَؤُلَاء الْقَوْم تَمام أَمرهم قَتلهمْ وَلَيْسَ التَّمام فى هَذَا الْبَيْت الذى يعْنى بِهِ استكمال الضَّوْء وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله كبدور البدور لَا تكون بدور إِلَّا بعد استكمال ضوئها وَلَو أَرَادَ استكمال الضَّوْء لقَالَ كأهلة قَالَ الواحدى وعَلى قَوْله هَذَا لَا مدح فى الْبَيْت لِأَن كل حى يفضى أمره إِلَى الْمَوْت وَآخره الْهَلَاك وَإِنَّمَا شبههم ببدور تَمامهَا فى المحاق بزيادتهم حسنا بِالْمَوْتِ لانْتِهَاء آخر أَمرهم إِلَى الْمَوْت وَالْمعْنَى أَنهم إِذا قتلوا فى طلب الْمجد والرفعة ازْدَادَ شرفهم فَيَزْدَاد حسن ذكرهم بموتهم كالبدور فَإِنَّهَا تستفيد الْكَمَال بالمحاق وَلَو لم تصر إِلَى المحاق لم يتم لِأَنَّهَا من المحاق ترْتَفع إِلَى دَرَجَة الْكَمَال فمحاقها سَبَب كمالها وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ إِذا قتلوا يَكْسِبُونَ ذكرا وشرفا قَالَ والذى ذكره أَبُو الْفَتْح وَجه آخر وَهُوَ أَنه شبههم ببدور تَمامهَا فى محاقها إِن وجد ذَلِك أَو جَازَ وجوده والذى ذَكرْنَاهُ هُوَ الْوَجْه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أى ينغمس فى منيته كَمَا ينغمس فى درعه قَالَ الواحدى وَهَذَا تَفْسِير غير كَاف وَلَا مقنع وَلَيْسَ للانغماس هُنَا معنى وَإِنَّمَا يُرِيد أَنه يتقى الْعَار وَلَو بِمَوْتِهِ فَإِن لم يجد واقيا من الْعَار غير منيته جعلهَا درعا لَهُ فاتقى بهَا الْعَار كَمَا يتقى بالدروع الْمَوْت والهلاك وَهَذَا مَنْقُول من قَول بَعضهم وتمثل بِهِ عبد الْملك ابْن مَرْوَان (وَمَوْتٍ لَا يَكُونُ عَلىّ عاراَ ... أحب إِلَيّ من عَيْش رماق) وَقَالَ أَبُو تَمام (وَقد كَانَ فَوت الْمَوْت سهلا فَرده ... إلَيْهِ الْحِفاظُ المُرُّ الخُلُقُ الوَعْرُ) 25 - الْغَرِيب الشفار جمع شفرة وهى حد السَّيْف والرقاق الْحداد القاطعات الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ فى المنظر رَقِيق الطَّبْع فَإِذا سيم خسفا خشن جَانِبه وَاشْتَدَّ إباوه أى إِنَّه خشن جَانِبه للأعداء لَا ينقاد لَهُم وَشبه كرمه بِالْمَاءِ وَهُوَ لين عذب فَإِذا صَار فى شفار السَّيْف شحذها وَجعلهَا قَاطِعَة كَذَلِك كرمه فِيهِ لين 10 لأوليائه وخشونه على أعدائه وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (وكالسَّيْفِ إنْ لَا يَنْتَهُ لانَ مَتْنُهُ ... وَحَدَّاهُ إنْ خاشَنْتَهُ خَشِنانِ) وَفِيه نظر إِلَى قَول الطائى (فإنَّ الْحُسامَ الهُنْدَوَانِىَّ إنَّمَا ... خُشُونَتُهُ مَا لَمْ تُفَلَّلْ مَضَارِبُهُ) 27 - الْغَرِيب الْأَخْلَاق جمع خلق وخليقة الْمَعْنى يَقُول لكم معال شريفة لم ينلها أحد سواكم فَإِذا ادَّعَاهَا سواكم نسب إِلَى الْخِيَانَة وَالسَّرِقَة ثمَّ قَالَ أَنْت شَدِيد الشّبَه بأبيك فَإِذا ظَهرت ظَهرت فِيك خلائقه وَإِن غَابَ شخصه وَفِيه نظر إِلَى قَول الْقَائِل (شِنْشِنَةٌ أعْرِفُها مِنْ أخْزَمِ ... ) والشنشنة الطَّرِيقَة والخليقة وَهَذَا كَقَوْل ابْن الرومى (إِذا خَلَفٌ أوْدَى وَخَلَّفَ مِثْلَهُ ... فَمَا ضَرَّهُ أنْ غَيَّبَتْهُ الرَّوَامِسُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 - الْغَرِيب الْمَكْر التّكْرَار فى الْحَرْب بالطعن وَالضَّرْب الْمَعْنى يَقُول لَو غيرت زيك الْمَشْهُور فى الْحَرْب حَتَّى لَا يعرفك أَهلهَا لعرفوك بإقدارمك وكرك كَمَا يعْرفُونَ إقدام أَبِيك فَحَلَفُوا أَنَّك ابْنه بِالطَّلَاق قَالَ أَبُو الْفَتْح فى الْمَكْر حَشْو وَفِيه نُكْتَة وهى أَنه إِنَّمَا شبهه فى الْمَكَان الذى يتَبَيَّن فِيهِ الْفضل والشجاعة فَذكر أنفس الْمَوَاضِع فَجَعلهَا شبهه فِيهَا لَا فى غَيرهَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ شهرتها قَالَ الْخَطِيب الْمَعْنى حلفوا أَنَّك ابْنه أى ابْن الْمَكْر لَا ابْن أَبِيك الْمَشْهُور وَحَملهمْ على ذَلِك أَنهم يجدونك فِيهِ سالما من الطعْن وَالضَّرْب فَكَأَنَّهُ أَب يشفق عَلَيْك من أَن يصل إِلَيْك جرح أَو طعنة 29 - الْغَرِيب الْآفَاق جمع أفق وهى نواحى الدُّنْيَا وأقطارها الْمَعْنى يَقُول كَيفَ يُطيق زندك حمل كفك وَقد اشْتَمَل على نواحى الأَرْض وَصَارَت الْآفَاق فِيهِ لاشْتِمَاله عَلَيْهَا بِمَنْزِلَة كف الْإِنْسَان فى وسط الْآفَاق يُرِيد أَنه اقتدر على الدُّنْيَا وصغرت فى قَبضته 30 - الْمَعْنى يَقُول الْأَعْدَاء لَا يقدرُونَ عَلَيْك بِالْحَرْبِ لشجاعتك وبأسك وخوفهم من ملاقاتك لشدَّة شوكتك فَمَا يلقاك أحد إِلَّا بالمخادعة فَيجْعَل الخداع والنفاق سَيْفا لَهُ 31 - الْغَرِيب الْهَوَاء الْمَمْدُود هُوَ الذى يهب وَهُوَ الرّيح والمقصور هوى النَّفس وَالْحمام الْمَوْت الْمَعْنى هَذَا الْبَيْت مُؤَكد لما قبله وَفِيه إِقَامَة عذر من يداجيه وَلَا يجاهره بِالْحَرْبِ لِأَن حب الْحَيَاة زين لَهُم الْجُبْن وأراهم طعم الْحمام مرا لِأَن أنفسهم ألفت الْهَوَاء الطّيب الرَّقِيق قَالَ الشريف هبة الله بن على العلوى الشجرى قَالَ أَبُو الْعَلَاء هَذَا الْبَيْت والذى بعده يفضلان كتب الفلاسفة لِأَنَّهُمَا متناهيان فى الصدْق وَحسن النظام وَلَو لم يقل شاعرهما سواهُمَا لَكَانَ لَهُ شرف مِنْهُمَا وجمال وَهَذَا مَنْقُول من قَول الْحَكِيم النُّفُوس البهيمية تألف مساكنة الأجساد الترابية فَلذَلِك تصعب عَلَيْهَا مُفَارقَة أجسامها والنفوس الصافية بضد ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 - الْغَرِيب الأسى الْحزن الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفضل العروضى يَقُول لَا يحسن أَن يحزن الْإِنْسَان للْمَوْت بعد تيقنه بِوُقُوعِهِ فَإِنَّهُ قبل الْوُقُوع لَا ينفع الحذر وينغص الْعَيْش وَإِذا وَقع فَلَا حزن عَلَيْك وَلَا علم لَك بِهِ وَقد نسب فى هَذَا إِلَى الْإِلْحَاد وَقَالَ ابْن فورجة يَقُول إِن خوف الْمَوْت من أكاذيب النَّفس وَمن إلفنا هَذَا الْهَوَاء وَإِلَّا فقد علم أَن الْحزن على فِرَاق الرّوح قبل فِرَاقه من الْعَجز وَعلم أَيْضا أَن الْحزن على الْمُفَارقَة لَا يكون بعد الْمَوْت فلماذا يحزن الْإِنْسَان قَالَ الوحدى وَهَذَا الْبَيْت والذى قبله حث على الشجَاعَة وتحذير من الْجُبْن وتهوين للْمَوْت لِئَلَّا يخافه الْإِنْسَان فَيتْرك الْإِقْدَام هَذَا مَا أَرَادَ أَبُو الطّيب وَلم يرد الْإِلْحَاد وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا من حَيْثُ الظَّاهِر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الْبَيْت مُؤَكد لما قبله ومصراعه الأول احتجاج على من يشح بِنَفسِهِ يَقُول هُوَ لعمرى وَإِن كَانَ عَاجِزا فَإِن مُفَارقَة الرّوح تبطل الْعَجز وهى نِهَايَة الْخَوْف والحذر قَالَ الْخَطِيب لَيْسَ المصراع الثانى احتجاجا لمن شح بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ نفى للشح بِالنَّفسِ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ قبل الْمَوْت عجز وَبعد الْمَوْت لَا يكون 33 - الْغَرِيب الثراء بِالْمدِّ كَثْرَة المَال والمقصور التُّرَاب الْمَعْنى يَقُول كم مَال كَانَ لبخل أربابه فى أسر فقلتهم وأبحته الطلاب فأطلقته من وثاقة وَهُوَ مَنعه من طلابه 34 - الْغَرِيب الإملاق الْفقر وَالْحَاجة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم من إملاق} الْمَعْنى أَرَادَ كَمَا يقبح الْفقر فى يَد الْكَرِيم فَقلب ضَرُورَة أى إِن الْغنى عِنْد الْبَخِيل قَبِيح كَمَا أَن الْفقر والعسر عِنْد الْكَرِيم قَبِيح وَهُوَ يشبه قَول حبيب (كَمْ نِعْمةٍ للهِ كَانَتْ عِنْدَهُ ... فَكَأَنَها فى غُرْبَةٍ وَإِسَارِ) وَمَا أحسن قَول العطوى (نِعْمَةُ اللهِ لَا تُعابُ وَلَكِنْ ... رُبَّمَا اسْتُقْبِحَتْ على أقْواَمِ) (لَا يَلِيقُ الغِنَى بوَجْهِ أَبى يَعْلَى ... وَلَا نُورُ بَهْجَةِ الإسْلامِ) (وَسِخِ الثَّوْبِ والقَلانِسِ وَالْبِرْ ... ذَوْن والوَِجْهِ والقَفا والغُلامِ) وَهَذَا مَنْقُول من الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم قَبِيح بذى الْجدّة أَن يُفَارِقهُ الْجُود لِأَنَّهُمَا إِذا اعتدلا كَانَ اعتدالهما كشئ وَاحِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 - الْمَعْنى أَنه اسْتعَار لفعله شمسا لإضاءته يَقُول لَا يبلغ قولى مَحل فعلك وَلكنه يدل عَلَيْهِ ويحسنه كالإشراق فى الشَّمْس قَالَ أَبُو الْفَتْح وَإِلَى هَذَا ذهب عِنْد سؤالى عَنهُ قَالَ ابْن وَكِيع وَنظر فى هَذَا إِلَى قَول ابْن الرومى (عجِبْتُ للشَّمِس لمْ تُكْسَفْ لِمَهْلِكِهِ ... وَهْوَ الضّياءُ الَّذِى لَوْلاهُ لَمْ تَقِدِ) 36 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت شَاعِر الْمجد الْعَالم بدقائفقه وَأَنا شَاعِر اللَّفْظ فَكل منا صَاحب الْمعَانى الدقيقة كَقَوْل الطائى (غَرُبَتْ خلائِقُهُ فأغْرَبَ شاعِرٌ ... فيهِ فأَبْدَعَ مُغْرِبٌ فى مُغْرِبِ) 37 - الْغَرِيب الصهال والصهيل وَاحِد كالنهيق والنهاق والشحيج والشحاج الْمَعْنى يَقُول أَنْت لم تزل تسمع الْأَشْعَار لِأَنَّك ملك كثير المداح إِلَّا أَن شعرى يفضل مَا سَمِعت كفضل صَهِيل الْجِيَاد على نهيق الْحمار وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (ألِمِّى بابْنِ عَمِّكِ لَا تَكُونِى ... كمُخْتارٍ عَلى الفَرَس الْحِماراَ) وَفِيه نظر إِلَى قَول خِدَاش بن زُهَيْر (ولَنْ أكُونَ كَمَنْ ألْقَى رِحالَتَهُ ... على الحِْمارِ وَخَلَّى مَنْسِجَ الفَرَسِ) 37 - الْغَرِيب الأدهر جمع دهر وَيجمع أَيْضا على دهور الْمَعْنى يَقُول أَنا أَتَمَنَّى أَن يكون حظى كحظ هَذَا الدَّهْر الذى أَنْت فِيهِ لِأَنَّهُ سعد على الدهور بكونك فِيهِ فليت لى مثل مَاله من الْحَظ والرزق 39 - هَذَا كَقَوْل مُسلم بن الْوَلِيد (كالدَّهْرِ يَحْسُدُ أُوْلاهُ أوَاخرَهُ ... إِذْ لَمْ يكُنْ فى أعْصَارِهِ الأُوَلِ) وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (مَضَى طاهِرَ الأثْوَابِ لَمْ تَبْقِ بُقْعَةٌ ... غَدَاةَ ثَوَى إلاَّ اشْتَهَتْ أنَّها قَبْرُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 - 1 - الْغَرِيب الْوَرق الْفضة وَقيل هى الدَّرَاهِم المضروبة وَكَذَلِكَ الرقة وَالْهَاء عوض عَن الْوَاو وفى الحَدِيث " فى الرقة ربع الْعشْر " وفى الْوَرق ثَلَاث لُغَات فتح الْوَاو وَكسر الرَّاء مثل كبد وَكسر الْوَاو وَسُكُون الرَّاء مثل كبد وكسرهما مثل كبد لِأَن مِنْهُم من ينْقل كسر الرَّاء إِلَى الْوَاو بعد التَّخْفِيف وَمِنْهُم من يَتْرُكهَا على حَالهَا وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بكر وَحَمْزَة بورقكم بِسُكُون الرَّاء وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا الْمَعْنى يَقُول لَام أنَاس أَبَا العشائر على جوده وَلم يُصِيبُوا فى ذَلِك لِأَنَّهُ مجبول على الْجُود وَقد بَينه بقوله الْبَيْت بعده 2 - الْمَعْنى يَقُول الذى يلومه فى جوده هُوَ بِمَنْزِلَة من يَقُول لَهُ لم خلقت كَذَا جوادا يُرِيد انه مطبوع على الْجُود وَمَا هُوَ شئ يتكلفه فَلَا ينفع اللوم فِيمَا طبع عَلَيْهِ الْإِنْسَان لِأَن المطبوع على الشئ لَا يقدر أَن يُغَيِّرهُ وَلَا ينْتَقل إِلَى غَيره عَنهُ كَمَا لَا يقدر أَن يُغير خلقه فالذى خلق خلقه بِالْفَتْح خلق خلقه بِضَمَّتَيْنِ 3 - الْمَعْنى كَانَ أَبُو العشائر قد ضرب بَيْتا على الطَّرِيق بميا فارقين ليَأْتِيه النَّاس فَلَا يرَوْنَ دونه حِجَابا فَذَلِك ذَلِك أَبُو الطّيب فى شعره وَقَالَ إِن النَّاس قَالُوا ألم يكفه سماحته ونداه فى الْبَلَد حَتَّى بنى بَيته على الطَّرِيق للقصاد 4 - الْغَرِيب الشُّح الْبُخْل وَالْفرق الْخَوْف والذعر الْمَعْنى يَقُول إِن الشجاع يتَجَنَّب الْبُخْل ويتقيه كَمَا يتَجَنَّب الْخَوْف وَهُوَ لَا يفزع كَمَا قَالَ بَعضهم الْبُخْل والجبن عيبان يجمعهما سوء الظَّن بِاللَّه وَهَذَا كَقَوْل أَبى تَمام (وَإذَا نَظَرْتَ أَبَا يَزيد فى وَغًى ... وَنَدًى وَمُبْدىَ غارَة وَمُعيداً) (أيْقَنْتَ أنَّ مِنْ السَّماحِ شَجاعَةً ... تُدْمى وأنَّ مِنَ الشَّجاعَةِ جُودَا) وَمثله قَول الآخر (إِلَى جَوَادٍ يَعُدُّ البُخْلَ مِنْ جُبُنٍ ... وَباسِلٍ بُخْلُهُ يُعْتَدُّهُ جُبْنَا) (يَلْقَى العُفاةَ بِما يَرْجُونَ مِنْ أمَلٍ ... قَبْلَ السُّوَالِ وَلا يَبْغِى بِهِ ثَمَنا) الحديث: 163 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 - الْغَرِيب الكماة جمع كمى وَهُوَ الْمُسْتَتر فى سلاحه والملق التودد إِلَى النَّاس بالْقَوْل اللين فَهُوَ يتملق لَهُم بِإِظْهَار الْمحبَّة وَأَصله إِظْهَار الْمَوَدَّة الْمَعْنى يَقُول هُوَ شُجَاع وكل أحد يُحِبهُ لشجاعته كَمَا يحب من يتملق إِلَى النَّاس وَيظْهر لَهُم الْمحبَّة فقد صَحَّ لَهُ بقتل الكماة مَا يكتسبه المتملق إِلَى النَّاس وَهَذَا معنى قَوْله (وَمِنْ شَرَفِ الإقْدامِ أنَّكَ فِيهِمُ ... على القَتْلِ مَوْموقٌ كأنَّكَ شَاكِدُ) قَالَ ابْن وَكِيع وَفِيه نظر إِلَى قَول مُسلم (سَدَّ الثُّغثورَ يَزِيدٌ بَعْدَما انْفَرَجَتْ ... بقائِمِ السَّيْفِ لَا بالمَكْرِ والْحِيَلِ) وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَبَين الْمَعْنيين بعد مَا بَين المشرقين 7 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول هُوَ لَا يغرق فى السماح وَإِن كَانَ بحرا لِأَن سَيْفه قد آمنهُ من كل مَحْذُور حَتَّى من الْغَرق يعْنى أَنه وَإِن كَانَ سَمحا فَهُوَ شُجَاع لَا يخَاف مهْلكا حَتَّى لَو صَار السماح مهْلكا لما خافه لشجاعته قَالَ أَبُو الْفَتْح سَيْفه جنَّة لَهُ من كل عَدو ناطقا كَانَ أَو غير نَاطِق وَكِلَاهُمَا لم يذهب إِلَى معنى الْبَيْت وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ كن أَيهَا الْجُود بحرا ذَا لجة مهْلكا فَهُوَ لَا يخَاف الْفقر وَلَا يقدر على إغراقه بالفقر لِأَن سَيْفه قد آمنهُ من ذَلِك لِأَنَّهُ كلما أعْطى السُّؤَال والقصاد مَالا أَخذ لَهُ سَيْفه أَضْعَاف ذَلِك فَهُوَ كَقَوْلِه (فالسِّلْمُ يَكْسِرُ مِنْ جَناحَىْ مالهِ ... بِنَوَالِهِ مَا تَجْبُرُ الهَيْجاءُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 - 1 - الْغَرِيب النجيع الدَّم وسفكه صبه والقافية القصيدة الْمَعْنى يَقُول رب دم سفك كَانَ سفكه بأَمْره من الَّذين يخافونه ويعاندونه وَرب ملك يعانده سمع مدائحه فَغَاظَهُ ذَلِك وحسده عَلَيْهَا لحسنها وَهَذِه من الْبَسِيط والقافية من المتراكب 2 - الْغَرِيب الرمك جمع رمكة وهى الْفرس الَّتِى تتَّخذ للنتاج دون الرّكُوب وَقَالَ الجوهرى هى الْأُنْثَى من البراذين وَجَمعهَا رماك وأرماك ورمكات مثل ثمار وأثمار الْمَعْنى أَنه ضرب لَهُ مثلا بِاخْتِيَارِهِ لقصده وَمَعْرِفَة سيف الدولة فَضله من عرف الشَّمْس لَا يُنكر مطالعها باختلافها وَمن عرف سيف الدولة لم يستعظم غَيره لاخْتِلَاف مقاصده وَمن أبْصر عتاق الْخَيل لم يستكرم هجان الْخَيل الرمك 3 - الْمَعْنى يَقُول نَحن مِمَّن تملكه فَإِذا أَعطيتنَا شَيْئا فَإِنَّمَا يفرح بعض ملكك بِبَعْض لِأَن الْبِلَاد وَالنَّاس كلهم طوع لَك وَفِيه نظر إِلَى قَول عدى بن زيد (ولَكَ المَالُ والبِلادُ وَما يُمْلَكُ مِنْ ثابِتٍ وَمِنْ مُسْتاقِ) 165 - 1 - الْغَرِيب الْفلك هُوَ مدَار الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَالْملك بِالتَّحْرِيكِ وَاحِد وَجمع قَالَ الكسائى أَصله مألك بِتَقْدِيم الْهمزَة من الألوكة وهى الرسَالَة قلبت وقدمت اللَّام فَقيل ملأك وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة لرجل جاهلى من عبد الْقَيْس أَو هُوَ أَبُو وجزة 1 (فلسْتُ لإِنْسِى ولكنْ لِمَْلأَكْ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوّ السَّماءِ يَصُوبُ) ثمَّ تركت همزته لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فَلَمَّا جمع ردهَا إِلَيْهِ فَقَالُوا مَلَائِكَة وملائك قَالَ أُميَّة بن أَبى الصَّلْت (فكأنَّ بِرْقِعَ وَالمَلائِكِ حَوْلَهَا ... سَدِرٌ تَوَاكَلَهُ القِوَائِمُ أجْرَبُ) قَوْله برقع اسْم من أَسمَاء السَّمَاء قيل هى السَّابِعَة وَسدر بَحر شبه السَّمَاء بالبحر أَرَادَ لملاسته لَا لجريه وَقَوله (تواكله القوائم ... ) أى تواكلته الرِّيَاح فَلم يتموج ذكر الجوهرى هَذَا الْبَيْت فى صحاحه فَقَالَ تواكله القوائم أجرب ذكره ابْن دُرَيْد والأزهرى بِالدَّال أى وَهُوَ الصَّوَاب وَقَبله (فَأَتَّم سِتًّا فاسْتَوَتْ أطْباقُها ... وأَتى بِسابِعَةٍ فَأنَّى تُورَدُ) الْمَعْنى يَقُول شعرى فى الشّعْر كالملائكة فى النَّاس وَهُوَ سَائِر فى الدُّنْيَا سير الشَّمْس وَأَرَادَ أَن الْمَلَائِكَة أفضل النَّاس وَقد ذهب جمَاعَة إِلَى أَن الْمَلَائِكَة أفضل من بنى آدم كلهم وَذهب قوم إِلَى أَنهم أفضل من بني آدم مَا خلا النبين وَاسْتدلَّ الستاذ الزَّمَخْشَرِيّ على أَنهم أفضل من الْأَنْبِيَاء بقوله تَعَالَى {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبد الله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} فَقَالَ هُوَ كَقَوْل الْقَائِل لَا يقدر زيد أَن يخالفنى وَلَا أَبوهُ يُرِيد إِذا كَانَ لَا يقدر فَهُوَ كَذَلِك بِالْأولَى وَإِذا كَانَ الْمَلَائِكَة وهم أفضل لَا يستنكفون عَن الْعِبَادَة فَلَا يستنكف عَنْهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأهل السّنة يَقُولُونَ الْأَنْبِيَاء أولو الْعَزْم أشرف من الْمَلَائِكَة وَأما نَبينَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَهُوَ أشرف خلق الله رجلا وملكا وَكَانَ أشرف الْمَلَائِكَة خَادِمًا لَهُ وَصَاحب ركابه عِنْد الْإِسْرَاء وَبَيت أَبى الطّيب مَنْقُول من قَول على بن الجهم (فَسارَ مَسِيرَ الشَّمْسِ فى كلّ بَلْدَةٍ ... وَهبَّ هُبوبَ الرّيحِ فى البَلَدِ القَفْرِ) الحديث: 164 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 - الْمَعْنى يَقُول للممدوح عدل الله فِيهِ بينى وَبَيْنك فَقضى لى بالإبداع فى نظمه وَقضى لَك بِمَا يختلج فِيهِ من الْمَدْح وَالْمجد لَك فَالله تَعَالَى قد عدل بَيْننَا حِين حكم بِلَفْظ وَحسنه لى وبالحمد لَك دَائِما 3 - الْمَعْنى يَقُول إِذا سَمعه حَاسِد من شَاعِر يحسدنى هلك // بِحسن لَفظه // لعَجزه عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ فَذَلِك الْحَاسِد يصير مِمَّن كَانَ حَيا فَأَهْلَكَهُ الْحَسَد وَإِذا مر بأذنى ملك حَاسِد لَك وَسمع حسن مناقبك وفضائلك هلك حسدا لِأَنَّهُ لَا يقوم لَهُ أمل فى أَن يبلغ مَا بلغته من المدائح والفضائل فَحِينَئِذٍ يهلكه الْحَسَد وَقَوله {عدل الرَّحْمَن} فى الْبَيْت الثانى ينظر فِيهِ إِلَى معنى قَول ابْن الرومى (خُذْ مِنْ فَوَائِدِكَ الَّتِى أعْطَيْتَنِى ... فالدُّرُّ دُرُّكَ والنِّظامُ نِظامى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 - 1 - هَذِه الْقطعَة من الْبَسِيط والقافية من المتدارك الْغَرِيب الحبك جمع حبيكة وهى طرائق النُّجُوم الْمَعْنى يَقُول أَو مَا ترى مَا أرَاهُ من الْعَجَائِب ثمَّ شبه مَجْلِسه لعلو قدره وشرفه بالسماء إِلَّا أَنه غير ذى طرائق كطرائق السَّمَاء ثمَّ قَالَ الْبَيْت الثانى 2 - الْغَرِيب الفرقدان نجمان نيران يوصفان بالأخوة وَلَو أمكنه أَن يَقُول والمصباح أَخُوهُ لقَالَ وَإِنَّمَا قَالَ صَاحبه فَأتى بالجناس وَإِن كَانَت الصُّحْبَة لَا يتَعَدَّى وصفهَا الْمَعْنى أَنه جعل ابْنه فرقدا والمصباح المضئ أَخَاهُ وَجعله بَدْرًا ومجلسه فلكا وَفِيه نظر إِلَى قَول على بن الجهم (كأنَّهُ وَوُلاةُ الأَمْرِ تَتْبَعُهُ ... بَدْرُ السَّماءِ تَلِيهِ الأنْجُمُ الزُّهُرُ) قَالَ ابْن وَكِيع هَذَا التَّشْبِيه من قَول أَبى نواس (مَضَى أيلولُ وَارْتَفَعَ الْحُرُورُ ... وأذْكَتْ نارها الشِّعْرَى العَبُورُ) (فَقُوما فانْكِحا خمرًا خَمْراً بِمَاءٍ ... فإنَّ نِتاجَ بَيْنِهِما السُّرُورُ) (نِتاجٌ لَا تَدِرُّ عَلَيْهِ أُمٌّ ... بِحَمْلٍ لَا تُعَدُّ لَهُ الشُّهُورُ) (إذَا الْكاساتُ كَرَّتْها عَلَيْنا ... تَكَوَّنَ بَيْنَها فَلَكٌ يَدُورُ (تَسِيرُ نُجُومُهُ عَجَلاً وَرَيْثا ... مُشَرِّقَةً وأحْيانا تَغُورُ) (إِذا لَمْ يجْرِهِنَّ القُطْبُ مِتْنا ... وفِى دَوْرَاتِهِنَّ لَنا نُشُورُ) الحديث: 166 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 - 1 - الْغَرِيب المغانى جمع مغنى وَهُوَ الْمنزل الذى كَانَ بِهِ أَهله الْمَعْنى يَقُول يَا ربع بَكَيْت فى مغانيك حَتَّى فنيت وفنى دمعى وَقَوله بى أى بنفسى بَكَيْت حَتَّى أذهبتها فَلَو كنت مِمَّن يعقل لساعدتنى على الْبكاء فقد بَكَيْت حَتَّى فى دمعى أسفا عَلَيْك وتذكرا لأهْلك وَمَا أحسن قَول ابْن الرومى (فَلَوْ طاوَعَتْنِى إذْ بكَيْتُ دُثُورَها ... بَكَيْتُ نُحُولى بالدُّمُوعِ الهَوَاطِلِ) 2 - الْغَرِيب عَم صباحا كلمة تَحِيَّة من نعم ينعم بِالْكَسْرِ كَمَا تَقول كل من أكل ياكل فَحذف مِنْهُ الْألف وَالنُّون اسْتِخْفَافًا قَالَ عنترة (وعِمِى صَباحا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِى ... ) الْمَعْنى يُخَاطب الرّبع على مَا جرت بِهِ عَادَة الْعَرَب فى مُخَاطبَة الأطلال والربوع بعد ارتحال أَهلهَا عَنْهَا وَهُوَ على سَبِيل الدُّعَاء أى أنعم صباحا لقد هيجت أحزانى حِين نظرت إِلَيْك تذكرا لما سلف لى فِيك من وصل الْأَحِبَّة وَنحن مُسلمُونَ عَلَيْك فاردد علينا وَهَذَا مِمَّا يدل على كَثْرَة الوله لفقد الْأَحِبَّة لِأَن الجمادات لَا تقدر على الْكَلَام فَكَأَنَّهُ من ولهه على الْأَحِبَّة لم يدر مَا يَقُول 3 - الْغَرِيب الريم الظبى الْخَالِص الْبيَاض وَجمعه آرام والفلا جمع فلاة وهى الأَرْض الواسعة الْبَعِيدَة الْمَعْنى يَقُول بأى حكم من أَحْكَام الزَّمَان جرى عَلَيْك فتبدلت الظباء بِمن كَانَ فِيك من النِّسَاء وَالْمعْنَى تبدلت ظباء الْإِنْس بظباء الْوَحْش وَمثله لحبيب (وَظِباءُ إنْسِكَ لم تُبَدَّلْ بَعْدَها ... بِظِباءِ وَحْشِكَ ظاعِنا بِمُقِيمِ) 4 - الْغَرِيب الشموس هُنَا الجوارى وانبعثن ذهبن وجئن وتحركن وانبعثن الثَّانِيَة أسلن بعثته فانبعث والمسفوك المصبوب الْمَعْنى يَقُول أَنا أَتَذكر أَيَّام فِيك شموس وَالْعَامِل فى أَيَّام فعل مُقَدّر أى أَتَذكر أَيَّام فِيك شموس مَا ذهبن وَجبن إِلَّا أَجْرَيْنِ بألحاظهن دِمَاء عشاقهن وَفِيه إِشَارَة إِلَى قَول أَشْجَع (فإذَا نَظَرْتَ إِلَى مَحَاسِنِها ... فلِكُلّ مَوْضِع نَظْرَة قَتْلُ) وَمثله لأى نواس (يَا ناظِراً مَا أقْلَعَتْ لَحَظاتُهُ ... حَتَّى تَشَحَّطَ بَيْنَهُنَّ قَتِيلُ) وَمَا أحسن مَا أَخذه بَعضهم فَقَالَ (وَجُفُون لَكَ لَا تَطْرِفُ إلاَّ عَنْ قَتِيلِ ... ) (مَا جَمِيلُ الصَّبْرِ عَنْها ... عِنْدَ مِثْلى بِجَمِيلِ) الحديث: 167 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 - الْمَعْنى يَقُول كَانَ الْعَيْش فِيك طيبا وأطلالك مشرقة بِمن كَانَ فِيك من الْأَحِبَّة قبل ارتحالهم // وَهَذَا من أحسن المخالص // 6 - الْغَرِيب الركب جمع رَاكب والركاب الْإِبِل وَلم يؤموك لم يقصدوك الْمَعْنى يَقُول نجا وتخلص من مكاره الزَّمَان من كنت حَاجته وقصده وخاب من لم يقصدك 7 - الْمَعْنى يَقُول أَحييت لَهُم الشّعْر بِمَا أريتهم من دقائق الْكَرم وعلمتهم من غوامض الْمعَانى حَتَّى استغنوا عَن استخراجها بالفكر فسهل عَلَيْهِم الشّعْر حَتَّى صَار كَأَنَّهُ حَتَّى بعد أَن كَانَ مَيتا ثمَّ مدحوا الْمُلُوك بِمَا فِيك من خِصَال الْمجد ومعانى الشّرف وهى لَك إِلَّا أَنهم انتحلوها لغيرك وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (مَدَحَ الأَوَّلُونَ قَوْما بِأَخْلا ... قِكَ مِنْ قَبْلِ أنْ تُرَى مَخْلُوقا) (نَحَلُوهُمْ ذَخَائرا لَكَ بِالْيَا ... طِلِ مِنْ قَوْلهم وَكانَ زَهُوقا) (فانْتَزَعُنا الْحُقُوقَ مِنْ غاصِبِيها ... فَحَبا صَادِقٌ بِها مَصْدُوقا) 8 - الْمَعْنى علمُوا النَّاس مِنْك المكارم لما مدحوهم بمعانيك وَمَا فِيك من الشّرف والفضائل وَهَذَا من قَول ابْن أَبى فنن (يُعَلِّمُنا الْفَتْحُ المَدِيحَ بِجُودِهِ ... ويْحْسِنُ حَتَّى يُحْسِنُ القوْلَ قائِلُهْ) وَمثله لأبى الْعَتَاهِيَة (شِيَمٌ فَتَّحَتْ مِنَ المَدْحِ مَا قدْ ... كانَ مُسْتَغْلِقا على المُدَّاحِ) وَقد قَالَ أَبُو تَمام (وَلَوْلا خِلالٌ سَنَّها الشِّعْرُ مَا دَرَى ... بُناهُ العُلا مِن أينَ تُؤْتَى المَكارِمُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 - الْمَعْنى قَالَ كن على الْحَالة الَّتِى أَنْت عَلَيْهَا أَو كَمَا شِئْت يُرِيد أَنه لَا يكون إِلَّا على طَريقَة الْمجد وَالْكَرم 10 - الْمَعْنى يَقُول لعظم قدرك فى نواحى الدُّنْيَا وشرفك عِنْد النَّاس خيل لى أَنى بمدحتى لَك أهجوك حَيْثُ لم يكن على قدر استحقاقك وَهُوَ من قَول البحترى (جَلَّ عَن مَذْهَبِ المَديحِ فقَدْكا ... دَ يَكُونُ لى المَدِيحُ فِيكَ هِجاءُ) 11 - الْغَرِيب العفاة جمع عاف وَهُوَ السَّائِل وَالطَّرِيق أهل نجد تذكره وَأهل الْحجاز تؤنثه الْمَعْنى يَقُول شكر السَّائِلين لعطائك دلنى عَلَيْك فَوجدت طَرِيق الْعرف إِلَيْك مسلوكا فسلكته إِلَى جودك ويروى إِلَى نداك وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (لَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ إلَيْكَ وَجِداّ ... فَمَا أحَدٌ أرَادَكَ فاسْتَدَلاَّ) وَمثله لأشجع (لقدْ قَوَّمَ الرُّكْبانُ مِن كُلّ وِجْهَة ... إلَيْكَ اتِّصَالَ الرَّكبِ يتْبعُهُ الرَّكْبُ) 12 - الْإِعْرَاب من مواليك هى مزادة فى الْوَاجِب وَالْمعْنَى كل مواليك كَقَوْلِه من (من جبالٍ فِيهَا من بَرَد ... ) الْمَعْنى يَقُول شرفك كَفاك بأنك من هَذِه الْقَبِيلَة يُرِيد فى مَوضِع شرِيف وَإِن فخرت بِهَذَا الشّرف فَكل بنى قحطان مواليك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 - الْغَرِيب الشانئ الْمُبْغض وَمِنْه (إنّ شانئك هُوَ الأبتر ك ... ) الْمَعْنى يَقُول لَو نقصت كَمَا قد زِدْت فى أفعالك على النَّاس لرآنى النَّاس دنيا دَاخِلا فى الذل والقلة مثل عَدوك الذى يبغضك وَهَذَا من قَول أَبى عُيَيْنَة (لَوْ كَما تَنْقُصُ تَزْدَا ... دُ إذَنْ نِلْتَ السَّماءَ) وَقَول الآخر (لَوْ كَما تَنْقُصُ تَزْدَا ... دُ إذَنْ كُنْتَ الخليفَهْ) ولأبى تَمام (أما لَوَآنَّ جَهْلَكَ كانَ عِلْما ... إذَنْ لَنَفَذْتَ فى عِلْمِ الغُيُوبِ) 14 - الْغَرِيب لبّى من الإلباب وهى الْمُلَازمَة وألب بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ فِيهِ وَلَزِمَه وَقَالَ الْخَلِيل لب بِالْمَكَانِ وهى لُغَة حَكَاهَا أَبُو عُبَيْدَة عَنهُ وَمِنْه قَوْلهم لبيْك أى مُقيم على طَاعَتك وثنى على معنى التَّأْكِيد أى إلبابا بعد إلباب وَإِقَامَة بعد إِقَامَة وَقَالَ الْخَلِيل هُوَ من قَوْلهم دَار فلَان تلب دارى أى تحاذيها أى أَنا مواجهك بِمَا تحب إِجَابَة لَك وَالْيَاء للتثنية وَقَالَ يُونُس بن حبيب الضبى لَيْسَ هَذَا بمثنى إِنَّمَا هُوَ مثل عَلَيْك وَإِلَيْك ولديك وأصل التَّلْبِيَة الْإِقَامَة بِالْمَكَانِ يُقَال ألببت بِالْمَكَانِ ولببت ثمَّ قلبوا الْيَاء الثَّانِيَة إِلَى الْيَاء استثقالا كَمَا قَالُوا تظنيت وَأَصلهَا تظننت وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هُوَ مثنى وَأنْشد للأسدى (دَعَوْتُ لِمَا نابَنِى مِسْوَرًا ... فَلَبَّىْ فَلَبَّى يَدَىْ مِسْوَرِ) قَالَ وَلَو كَانَ بمنزله على لقَالَ (فلبى يدى مسور ... ) وَقَالَ قوم أَرَادوا بقَوْلهمْ لبيْك إلبابين أى إِجَابَة بعد إِجَابَة فثقل عَلَيْهِم فرخم ليَكُون أخف وحذفوا النُّون لما أضافوها إِلَى الْكَاف الْمَعْنى يَقُول دعانى جودك فأسمعنى فَأَنا أُجِيبهُ بقولى لبيْك ثمَّ دَعَا لَهُ فَقَالَ يفديك من رجل صحبى وَأَنا أفديك من بَين الرِّجَال فَمن هَهُنَا تَفْسِير أَو تَخْصِيص هَذَا قَول الواحدى 15 - الْغَرِيب الأيادى النعم وَاحِدهَا يَد وَتجمع على أياد والجارحة تجمع على أيدى الْمَعْنى يَقُول كثرت عندى أياديك لاتباعها نعْمَة بعد نعْمَة فَظَنَنْت أَن حياتى من جملَة أياديك الَّتِى لَك عندى وَهَذَا ينظر إِلَى قَول الآخر (لَا تَنْتِفَنِّى بَعْدَ مَا رِشْتَنِى ... فإنَّنِى بَعْضُ أيادِيكا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 - 16 - الْغَرِيب هَا مَعْنَاهُ خُذ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {هاؤم اقْرَءُوا كِتَابيه} وسخا يسخو وسخا يسخى وروى لَا يشحو بالشين والحاء شحا فَمه يشحوه لَازم ومتعد وَمَعْنَاهُ يفتح الْمَعْنى يَقُول أَنْت عادتك أَن تَقول خُذ وهى الْمَعْرُوفَة مِنْك وَلَا تَقول لَا فَإِنَّهَا كلمة لَا يسمح بهَا نطقك أى لَا ينفتح بهَا فمك وَلَا تقدر على النُّطْق بهَا وَهَذَا مثله كثير للشعراء قَالَ الفرزدق (مَا قالَ لَا قَطُّ إلاَّ فِى تَشَهُّدِهِ ... لَوْلا التَّشَهُّدُ كانتْ لاءَهُ نَعَمُ) ولأبى الْعَتَاهِيَة (وَإنَّ الخَلِيقَةَ مِنْ بُغْضِ لَا ... إلَيْهِ لَيْبْغِضُ مَنْ قالَهَا) وَقَالَ أَبُو نواس (أتَرَى لَا حَرَاما ... وَتَرَى هَا حَلالا) وَقَالَ العكوك فى أَبى دلف (مَا خَطَّ لَا كاتباهُ فى صَحِيفَتِهِ ... كمَا تُخَطَّطُ لَا فى سَائرِ الكُتُبِ) وَحكى الواحدى قَالَ أهْدى العميرى إِلَى الصاحب كتبا وَكتب مَعهَا (العُمَيْرِىُّ عبْدُ كافِى الْكُفاةِ ... وَإنِ اعْتُدَّ مِنْ وُجُوهِ الْقُضَاةِ) (خَدَمَ المجْلِسَ الرَّفِيعَ بكُتْبٍ ... مُتْرَعاتٍ مِنْ حُسْنِها مُفْعَمَاتِ) فَكتب إِلَيْهِ الصاحب (قَدْ أَخَذْنا مِنَ الجَميعِ كِتابا ... وَرَدَدْنا لِوَقْتِها الْباقِياتِ) (لَسْتُ أسْتَغْنمُ الكَثيرَ فَطَبْعِى ... قَوْلُ خُذْ لبس مذْهَبى قوْلُ هاتِ) 1 - هَذِه من الطَّوِيل والقافية من المتدارك الْغَرِيب صور بلد بساحل الْبَحْر من أَرض الشَّام الْمَعْنى يَقُول أنهنئ بصور فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام لما دلّت عَلَيْهِ أم وَقد ذكرنَا هَذَا فى مَوَاضِع من كتَابنَا يُرِيد أنهنيك بصور أم نهنئ صورا بك ثمَّ قَالَ قل لصَاحب صور وَهُوَ ابْن رائق الذى أَنْت فى الظَّاهِر لَهُ وَمن أَصْحَابه هُوَ لَك وَقد نَقله من قَول إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم (أُنَهنِّيكَ بطُوٍ ... أمْ نُهَنِّى بِكَ طُوسا) (أصْبَحَتْ بَعْدَ طَلاقٍ ... بِكَ يَا فَضْلُ عَرُوسا) وَفِيه نظر إِلَى قَول أَشْجَع (إنَّ خُراسانَ وَقَدْ أصْبَحَتْ ... تَرْفَعُ مِن ذى الهِمَّةِ الشَّانا) (لَمْ يَحْبُ هارُونُ بِها جَعْفَراً ... لَكنَّهُ حابَى خُرَاسانا) الحديث: 168 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 - الْغَرِيب الْأُرْدُن مَوضِع بِالشَّام وَله نهر الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْولَايَة عَظِيمَة الشَّأْن وقدرها جلبل وَإِنَّمَا صغر قدرهَا بِالْإِضَافَة إِلَى قدرك 3 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْبِلَاد يحْسد بَعْضهَا بَعْضًا على ولايتك لَهَا فَلَو أَن لَهَا نفوسا لسار الشرق والغرب إِلَيْك حبا لَك وفخرا بك وَمثل هَذَا كثير قَالَ البحترى (وَلَوَانَّ مُشْتاقا تكلَّفَ فوْقَ مَا ... فى وِسْعِهِ لَسَعَى إلَيْكَ المِنْبَرُ) ولأبى تَمام يصف دِيمَة (لوْ سَعَتْ بلْدَةٌ لإعْظامِ نُعْمَى ... لَسَعَى نَحْوَها المَحَلُّ الجَدِيبُ) ولأبى نواس (تَتَحاسَدُ الآفاقُ وَجْهَكَ بَيْنَها ... فَكأنَّهُنَّ بحَيْثُ كُنْتَ ضَرَائِرُ) وَقَالَ ابْن وَكِيع وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الفرزدق فى زين العابدين على بن الْحُسَيْن بن على رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ (يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ ... رُكْنُ الحَطِيمِ إِذا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ) 4 - الْمَعْنى لَو كَانَ للأمصار عقول لَكَانَ كل مصر لم تكن أَمِيرا فِيهِ باكيا متحسرا عَلَيْك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 - 1 - الْإِعْرَاب من نكرَة مَوْصُوفَة وصفتها نادمت وَالتَّقْدِير لم تَرَ أحدا أَو إنْسَانا وَقَوله إلاكا // هُوَ جَائِز // فى ضَرُورَة الشّعْر كَقَوْل الآخر (فَمَا نُبالِى إذَا مَا كُنْتِ جارَتَنا ... ألاَّ يُجاوِرنَا إلاَّكِ دَيَّارُ) وَالْوَجْه أَن يُقَال إِلَّا إياك لِأَن إِلَّا لَيْسَ لَهَا قُوَّة الْفِعْل وَلَا هى عاملة الْمَعْنى يَقُول لم تَرَ إنْسَانا نادمته غَيْرك وَلَيْسَ ذَلِك لشئ إِلَّا لمحبتك لى وَإِنَّمَا أَنا أنادمك لِأَنَّك تودنى لَا لِمَعْنى آخر 2 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى قَوْله لحبيها للخمرة أى لحب الْخمْرَة وَقد كنى عَنْهَا وَإِن لم يجر لَهَا ذكر وَهُوَ كثير فى الْكَلَام الفصيح قَالَ الله تَعَالَى {فوسطن بِهِ جمعا} يُرِيد الوادى وَهُوَ غير مَذْكُور فى السُّورَة الْمَعْنى يَقُول لم أنادمك لحب الْخمر لَكِن لِأَنَّك مهيب مخوف فِيهِ الرَّجَاء وَالْخَوْف فالرجاء للأولياء وَالْخَوْف للأعداء 170 - 1 - الْمَعْنى يخاطبه وَيَقُول أَنْت ملك وندماؤك شركاؤك فى مَالك لَا فى ملكك لِأَن ملكك لَا يقدر أحد عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (وَمَنْ كَثَرَتْ فى مالهِ شُرَكاؤُهُ ... غَدَا فى مَعالِيهِ قَلِيلَ المُشارِكِ) الحديث: 169 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 - 2 - الْمَعْنى أَنه جعل الْخمر دم الْكَرم اسْتِعَارَة وَجعل شربهَا سفكا أى كل يَوْم تتوب من توبتك من شرب الْخمر فالتوبة من التَّوْبَة ترك التَّوْبَة 3 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن جنى كَانَ الْوَجْه أَن يَقُول فنبئنا إِلَّا أَنه أبدل الْهمزَة يَاء ثمَّ حذفهَا وَقَالَ ابْن فورجة هَذَا تَصْحِيف من أَبى الْفَتْح وَإِنَّمَا هُوَ فنبئنا ثمَّ كتب بِالْألف كَقَوْلِه تَعَالَى {لنسفعا بالناصية} وَقَوله {ليسجنن وليكونا} الْمَعْنى يَقُول الصدْق هُوَ من عَادَة الْكَرم والمروءة فخبرنا أَو بَين لنا على الرِّوَايَتَيْنِ من أَيهمَا تتوب قيل قَالَ لَهُ بدر بل من تَركه 172 - 1 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ عِنْده فى مجْلِس الشّرْب لَيْلًا وَأطَال فَقَالَ لَهُ بلغت بِنَا مَا أردْت من الْإِكْرَام وقضيت حق هَذَا الشريف وَكَانَ عِنْده رجل علوى فَقُمْ إِلَى مَنْزِلك وَإِذا لم تقم خفت أَن تجئ إِلَيْك الديار اشتياقا إِلَيْك ومحبة لَك 1 - الْمَعْنى يَقُول لَئِن أحسن فى وصف الْبركَة لقد ترك الْحسن فى وَصفه إياك لِأَنَّهُ لم يصفك وَلم يمدحك وَلم يذكر مناقبك وفضائلك لِأَنَّك بَحر وَإِن الْبحار لتأنف من وصف هَذِه البرك أى كَانَ وَصفه لَك أولى من وصف الْبركَة لِأَنَّك بَحر والبحار تستصغر البرك وَقيل إِن الشَّاعِر وصف أَبَا العشائر بِالْبركَةِ فَقَالَ المتنبى قد ترك الْحسن فى وصفك حِين شبهك بهَا وَأَنت بَحر وَالْبَحْر فَوق الْبركَة الحديث: 171 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 - 3 - الْمَعْنى يَقُول كسيفك أَنْت لِأَنَّك لَا تبقى مَا ملكت من مَال وسيفك لَا يبْقى مَا ظفر بِهِ وَلَا يدع أحدا حَيا وَقد ملكتهم السيوف إِذا لم يمتنعوا عَنْهَا قَالَ الْبَيْت بعده 4 - الْمَعْنى يَقُول أَكثر من جرى مَاء الْبركَة عطاؤك وَبِذَلِك وَمَا سفك سَيْفك من الدِّمَاء أَكثر من مَاء الْبركَة ثمَّ يَقُول أَسَأْت إِلَى أعدائك وأحسنت إِلَى أوليائك عَن قدرَة عَلَيْهَا وعممت النَّاس بِالْخَيرِ وَالشَّر عُمُوم الْفلك إيَّاهُم بالنحس والسعد قَالَ أَبُو الْفَتْح ذهب قوم من أهل اللُّغَة إِلَى أَن اشتقاق الْبركَة من الْبركَة لِأَنَّهَا لَا تتَّخذ إِلَّا فى أَرض ذَات نفع وَقيل لِأَن الْإِبِل تبرك حولهَا واشتقاق السَّيْف من السوف وَهُوَ الْهَلَاك وأساف الرجل إِذا ذهب مَاله فكأنهم ذَهَبُوا إِلَى أَن أصل السَّيْف سَوف وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو 1 - الْإِعْرَاب الْفِدَاء إِذا كسر أَوله يمد يمد وَيقصر وَإِذا فتح فَهُوَ مَقْصُور كَقَوْلِهِم فدى لَك أَبى وَمن الْعَرَب من يكسر فدى بِالتَّنْوِينِ إِذا جاور لَام الْجَرّ خَاصَّة فَيَقُولُونَ فدى لَك لِأَنَّهُ نكرَة يُرِيدُونَ بِهِ معنى الدُّعَاء وَأنْشد الأصمعى للنابغة (مَهْلاً فِداءٌ لكَ الأقْوِامُ كُلُّهُمُ ... وَمَا أُنَمِّرُ مِنْ مالٍ وَمِنْ وَلَدِ) الْغَرِيب يُقَال فدَاه وفاداه إِذا أعْطى فداءه وأنقذه وفداه يفْدِيه إِذا قَالَ لَهُ جعلت فدَاك وتفادوا أى فدى بَعضهم بَعْضًا الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِن أجيبت هَذِه الدعْوَة فدَاك كل الْمُلُوك لأَنهم يقصرون عَن مداك وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا يُرِيد الدُّعَاء أى يفديك من يقصر عَن مداك وَلَا معنى لقَوْله إِن أجيبت وَلَيْسَ فى الْبَيْت وَأخذ هَذَا الْمَعْنى الصابى بقوله (أيُّهَذَا الوَزِيرُ لَا زَالَ يَفْدِيكَ ... مِنَ النَّاسِ كلُّ مِن هُوَ دونَكْ) (وَإِذا كانَ ذَاكَ أوْجَبَ قَوْلِى ... أنْ يَكونُوا بأسْرِهِمْ يَفْدُونَكْ) الحديث: 173 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 - الْغَرِيب قلى أبْغض وَمِنْه قلى وقلاء قَالَ اللهبى (كُلٌّ لَه نِيَّةٌ فِى بُغْضِ صَاحِبِهِ ... بِنِعْمَةِ اللهِ نَقْلُوكُمْ وَتَقْلُونا) الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول لَو قُلْنَا فدى لَك من يساويك وتساويه دَعونَا بِالْبَقَاءِ لأعدائك لأَنهم كلهم دُونك وَلَا يساوونك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح المُرَاد أَن الْخلق كلهم فدَاء الممدوح لأَنهم يقصرون عَن مداه فَإِذا قُلْنَا فدَاك من يساويك مِنْهُم دون غَيرهم لَكَانَ هَذَا دُعَاء لمن يبغضك من الْمُلُوك بِالْبَقَاءِ لأَنهم لَا يساوونك فى الْملك بل يقصرون عَنْك وَالْمعْنَى لَو قُلْنَا يفديك من يساويك ويوازيك ويماثلك لَكنا قد أحلنا فى فدائك على مَعْدُوم لَا يُوجد وأشرنا إِلَى مَفْقُود لَا يعْهَد ولدعونا بِالْبَقَاءِ لمن يبغضك 3 - الْإِعْرَاب وآمنا هُوَ عطف على قَوْله {دَعونَا بِالْبَقَاءِ} الْغَرِيب المملكة الْملك وملاك الشئ قوامه الْمَعْنى يَقُول هَذِه النُّفُوس وَإِن كَانَت قواما للْملك فهى مَعَ هَذَا تقصر عَنْك فقد أمنت أَن تفديك وَالْمعْنَى قد أمنت نفوس الْخَلَائق أَجْمَعِينَ وملوكهم المترفين وَإِن كَانَ فى تِلْكَ النُّفُوس من هُوَ ملاك مملكة وَمن ينْفَرد بعلو منزلَة فهم عِنْد إضافتهم إِلَيْك كالعوام الَّذين لَا يحصل بهم نفع والسوام الَّذين لاحظ لَهُم فى الْملك 4 - الْإِعْرَاب وَمن عطف على قَوْله كل نفس ويظن أَصله يظتنن فقلبت التَّاء طاء لتوافقهما بالإطباق والجهر وأبدلت الطَّاء ظاء لتدغم فى الَّتِى بعْدهَا فَصَارَ يظتنن وأدغمت النُّون فى النُّون أَو أَصله يتظنن وَهُوَ تفعل من الظَّن الْغَرِيب الشباك جمع شبكة وهى الَّتِى يصاد بهَا الطير وَغَيره الْمَعْنى يَقُول الْمُلُوك يجودون بِطَلَب الْعِوَض كَمَا نثر الصَّائِد حبا تَحت الشبكة وَلَا يعد ذَلِك جودا لِأَنَّهُ إِنَّمَا نثر لأخذ الصَّيْد الذى هُوَ خير من الْحبّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 - الْإِعْرَاب من بلغ عطف على الأول الْغَرِيب السكاك الْهَوَاء والجو وروى وَمن بلغ الحضيض وَهُوَ قَرَار الأَرْض الْمَعْنى وآمنا أَن يفديك من الْمُلُوك من بلغ الحضيض بهم قصر أفهامهم وَتَأَخر إدراكهم وَإِن كَانَت أَحْوَالهم قد بلغت بهم الرّفْعَة والعلو والتمكن إِلَّا أَنهم دُونك 6 - الْغَرِيب الصّديق يَقع على الْمُذكر والمؤنث وَالْجمع والتثنية بِلَفْظ وَاحِد وَلَو أمكنه أَن يَقُول عدوا لَكَانَ أحسن فى الصَّنْعَة وَلكنه لأجل القافية وعداك جمع عَدو الْمَعْنى يَقُول فَلَو كَانَت قُلُوبهم تعتقد مودتك وضمائرهم تخلص طَاعَتك لعاودوك بكرم خلائقك ولأسخطوك بمذموم مذاهبهم 7 - الْغَرِيب الْحسب المَال والنحيف المهزول وَالْمَرْأَة الضناك الممتلئة بِاللَّحْمِ أخذا من الضنك وَهُوَ الضّيق وَذَلِكَ لضيق جلدهَا لِكَثْرَة اللَّحْم واستعار ذَلِك للدنيا الْمَعْنى يَقُول للممدوح أَنْت تبغض من كَانَت دُنْيَاهُ وَاسِعَة كثير المَال وَالْولَايَة ونواله ضَعِيف مهزول فَهُوَ يتشبه بِأَهْل الشّرف وَيقْعد بِهِ عَنهُ لؤم السّلف فَأَنت مبغض كل بخيل لَا يحب الشّرف والمفاخر وَقد نَقله من قَول عبد الصَّمد (سَلِيلُ خِلافَةٍ وَغَذِىُّ مُلْكٍ ... جَسِيمُ مَحَامِدٍ مَنْهُوكُ مالِ) 8 - الْمَعْنى يَقُول أروح عَنْك وَقد ختمت على قلبى بحبك واستخلصته بِمَا ترادف على من برك فَلم يدع حبك فِيهِ لغيرك مَكَانا ينزله وَلَا افضلت مِنْهُ لسواك نَصِيبا يتَنَاوَلهُ وَقد نَقله من قَول ابْن المعتز (لَا أُشْرِكُ النَّاسَ فِى مَحَبَّتِهِ ... قَلْبِى عَنِ العَالِمينَ قَدْ خُتِما) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 - الْغَرِيب الحراك اسْم يقوم مقَام الْمصدر تَقول حرك يُحَرك تحريكا وحراكا ثمَّ إِنَّه اسْتعْمل بِمَعْنى الْحَرَكَة الْمَعْنى يَقُول قد حملتنى من شكرك مَا هُوَ طَوِيل لَا يتناهى ذكره وثقيل لَا يستخف حمله لَا أُطِيق بِهِ حراكا لكثرته وَلَا يمكننى التحرك بِهِ استنقالا لجملته وَمثله لأبى نواس (قَدْ قُلْتُ للعَبَّاسٍ مُعْتَذِراً ... مِنْ ضَعْفِ شُكْرِيهِ وَمُعْتَرِفا) (لَا تُسْدِيَنَّ إلىَّ عارِفَةً ... حتَّى أقومَ بشُكْرِ مَا سَلَفا) 10 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى قَوْله يشق وفى قَوْله يمشى يعود على الشُّكْر الثقيل الْغَرِيب السِّوَاك مَشى ضَعِيف من مَشى الْإِبِل المهازيل الضِّعَاف قَالَ عُبَيْدَة ابْن هِلَال اليشكرى (إِلَى الله نَشْكُو مَا نَرَى مِنْ جِيادِنا ... تَساوَكُ هَزْلَى مُخُّهُنَّ قَلِيلُ) الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا نحاذر على المطايا أَن يشق عَلَيْهَا ثقله فَلَا تنهض بِنَا إِلَّا مشيا ضَعِيفا 11 - الْغَرِيب الذرى الكنف والناحية الْمَعْنى يَقُول أَرْجُو من الله أَن يَجْعَل هَذَا الرحيل سَببا للإقامة عنْدك فإنى أصلح أمورى وأعود إِلَيْك مُقيما فى خدمتك بأهلى وجماعتى فَيكون هَذَا رحيلا جالبا مقامى فى ناحيتك وَهُوَ من قَول الطائى (أآلِفَةَ النَّجِيبِ كَمِ افْتِرَاقٍ ... أَظَلَّ فَكانَ دَاعِيَةَ اجْتِماعِ) (وَلَيْسَتْ فَرْحَةُ الأَوْباتِ إلاَّ ... لِمَوْقُوفٍ عَلى تَرَحِ الوّداعِ) ولعمرة بن الْوُرُود (تَقُولُ سُلَيْمَى لوْ أقَمْتَ بأرْضِنا ... وَلمْ تَدْرِ أنّى للمُقامِ أُطَوّفُ) 12 - الْمَعْنى يَقُول لَو أَنى اسْتَطَعْت خفض طرفى لما أعتقده من عَاجل الأوبة وأقصده من سرعَة الرّجْعَة خفضت طرفى فَلم أبْصر بِهِ حَتَّى أقدم على حضرتك الْكَرِيمَة وأكحل جفونى بِالنّظرِ إِلَى غرتك الوسيمة وَقد نَقله من قَول أَبى النَّجْم (لَمَّا تَيَقَّنْتُ أنّى لَا أُعايِنُكُمْ ... غَضَضْتُ طَرْفِى فَلَمْ أُبْصِرْبهِ أحدا) وَمن قَول مُسلم (إنْ يَحْجُبُوها عَنِ الْعُيُونِ فَقَدْ ... حَجَبْتُ طَرْفِى لَهَا عَنِ الْبَشَرِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 - الْمَعْنى يَقُول كَيفَ الصَّبْر عَنْك والتجلد على الِانْفِصَال مِنْك وَقد كفانى مَا غمرنى من برك وأحاط بى من إنعامك وفضلك وَمَا كَفاك ذَلِك وَلَا أقنعك وَلَا أرضاك حَتَّى أعطيتنى أَكثر مِمَّا كنت أَتَمَنَّى فَإِذا كَانَ الْحَال هَذِه فَكيف أَصْبِر عَنْك ولكنى أجتهد فى الْإِسْرَاع إِلَيْك وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى (وَلمْ أَمْلَ إلاَّ مِنْ مَوَدَّتِهِ يَدِى ... وَلا قُلتُ إلاَّ مِنْ مَواهِبهِ حَسْبى) 14 - الْإِعْرَاب أتتركنى هُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار وَهُوَ مقلوب وَالْأَصْل أنتركك وَلكنه قلب الْكَلَام وَمثله كثير لِأَن من تركته فقد تَركك وَنصب فتقطع لِأَنَّهُ جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح بحصولى عنْدك وقصدى لَك شرفت عِنْد النَّاس فَإِذا بَعدت عَنْك زَالَ مَا كسوتنيه من الشّرف والرفعة فصرت بِمَنْزِلَة من كَانَت نَعله عين الشَّمْس فَمشى فِيهَا فَانْقَطع شراكها فَسَقَطت من رجله وَالْمعْنَى أَنا شرِيف مُعظم عنْدك فَإِذا رحلت عَنْك إِلَى غَيْرك زَالَ ذَلِك الشّرف عَنى وَسَقَطت من أعين النَّاس 15 - الْغَرِيب الابتراك السُّقُوط على الركب وَأَرَادَ بِهِ هَا هُنَا سرعَة السّير الْمَعْنى يَقُول أَنا شَدِيد الأسف وَلم أسر بعد فَكيف إِذا أَسْرَعنَا فى السّير وَهُوَ من قَول أَشْجَع (فَها أنْتَ تَبْكى وَهُمْ جِيرَةٌ ... فكَيْفَ تَكُونُ إذَا وَدَّعُوا) (لَقَدْ صَنَعُوا بِكَ مَا لَا يَحِلْ ... وَلَوْ رَاقَبوا اللهَ لَمْ يَصْنَعُوا) (أتَطْمَعُ فِى العَيْشِ بعْدَ الفِرَاقْ ... مُحَالٌ لعَمْرُكَ مَا تَطْمَعُ) وَمثله لآخر (لقَدْ كُنْت أبْكى خِيفَةً لفِرَاقِهِ ... فكَيْفَ إذَا بانَ الحَبِيبُ فَوَدَّعا) وَمثله لسحيم (أشَوْقا وَلَّما يَمْضِ لى غَيْرُ لَيْلَةٍ ... فكَيْفَ إِذا جَدَّ المَطِىُّ بِنا شَهْرَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 - الْغَرِيب يُقَال حاك السَّيْف وأحاك لُغَتَانِ وَهُوَ الْقطع والأثر والبين الْبعد والفراق الْمَعْنى يَقُول الشوق على مثل السَّيْف يعْمل عمله وَهُوَ صارم لم أضْرب بِهِ وَقد قطع وَلَا باشرته وَقد آلم وأوجع 17 - الْغَرِيب أعرض الشئ بدا وَظهر الْمَعْنى يَقُول إِذا ظهر التوديع قَالَ لى قلبى اسْكُتْ لَا تَتَكَلَّم بالوداع قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى لَا تمدح غَيره وَالْمعْنَى لَا صاجبت فَاك أى لَا نطقت وَهَذَا من الْأَلْفَاظ الَّتِى يتطير مِنْهَا 18 - الْغَرِيب مناك جمع منية وَهُوَ مَا يتمناه الْإِنْسَان والمعاودة الْعود إِلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أَن قلبى أَكثر مَا يتَمَنَّى وَيطْلب خدمَة الممدوح لَقلت لَهُ لَا بلغت مناك وَقَالَ الواحدى لَا بلغت مناك فى الارتحال حَتَّى لَا أفارقه وَلكنه يتَمَنَّى الارتحال للعود إِلَيْهِ 19 - الْغَرِيب الِاسْتِشْفَاء التعالج من الدَّاء والشفاء الْبُرْء من السقم الْمَعْنى يَقُول لِقَلْبِهِ أضمرت من الشوق شوقا إِلَى أهلك فَكَانَ ذَلِك داءك وتداويت مِنْهُ بِأَن فَارَقت أَبَا شُجَاع ومفارقته دَاء أعظم من دَاء شوقك إِلَى أهلك فَكَأَنَّمَا تداويت من فِرَاقه بِمَا هُوَ أقتل من مكابدتك الشوق إِلَى أهلك وَقد نَقله من كَلَام الْحَكِيم قَالَ الْحَكِيم إِذا كَانَ سقم النَّفس بِالْجَهْلِ كَانَ شفاؤها بِالْمَوْتِ وَهَذَا أَيْضا مَنْقُول من قَول حميد بن ثَوْر الهلالى (أرَى بَصَرِى قَدْ رَابَنِى بَعْدَ صحَّةٍ ... وَحَسْبُكَ دَاء أنْ تَصِحَّ وتَسْلَما) وَقَالَ الحصنى (أفْضَى بِكَ الهَجْرُ إِلَى آلِنا ... فَجِئْتَ مِنْ دَاءٍ إِلَى داءِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 - الْغَرِيب النَّجْوَى مَا يستر من الْكَلَام والعراك المحاككة 1 والمزاحمة الْمَعْنى يَقُول لعضد الدولة مُخَاطبا أَنا أستر مِنْك مَا يجرى بينى وَبَين الْقلب من الْمُنَاجَاة وأخفى عَنْك هموم فراقك الَّتِى قد أطلت بمزاحمتها ومغالبتها 21 - الْغَرِيب الركاك الضِّعَاف وَهُوَ جمع رَكِيك كضعيف الْمَعْنى يَقُول إِذا عاصيت الهموم فى فِرَاق الممدوح اشتدت على فَإِن طاوعتها فى الارتحال سهلت ولانت وفاضت وَإِن عاصيتها فى الْإِقَامَة عنْدك اشتدت على وَمثل هَذَا قَول أَبى الْعَتَاهِيَة (كَمْ أُمثورٍ عاصَيْتُهُنَّ زَمانا ... ثُمَّ هَوَّنْتُها عَلىَّ فَهانَتْ) 22 - الْغَرِيب الثوية مَكَان بِالْكُوفَةِ قَرِيبا مِنْهَا على ثَلَاثَة أَمْيَال الْمَعْنى يَقُول كم دونهَا من إِنْسَان حَزِين لفراقى فَإِذا قدمت فَرح بقدومى فَيَقُول لَهُ الْقدوم هَذَا السرُور بالغم الذى كنت لَقيته بالبعد وَهَذَا كَقَوْل الطائى (وَلَيْسَتْ فَرْحَةُ الأَوْباتِِ إلاَّ ... لِمَوْقوفٍ عَلى تَرَحِ الوَداعِ) وَقَالَ ابْن الرومى يُخَاطب أمه وَقد أَرَادَ سفرا (فقُلْتُ لَهَا إنَّ اكْتِئابا بِشاخِصٍ ... سَيُتْبِعُهُ اللهُ ابْتِهاجا بِقادِمِ) 23 - الْإِعْرَاب وَمن عذب عطف على قَوْله من حَزِين أى وَكم من عذب الرضاب الْغَرِيب الرضاب مَاء الْأَسْنَان وتروك اسْم نَاقَة قد أَعْطَاهَا لَهُ عضدا لدولة والوراك جلد يَتَّخِذهُ الرَّاكِب تَحت وركه كالمخدة الَّتِى يثنى عَلَيْهَا الرَّاكِب رجله إِذا تَعب ليستريح وهى قُدَّام وَاسِطَة الرجل وَالْجمع ورك قَالَ زُهَيْر (مُقَوَّرَةٌ تَتَبارَى لَا شَوَارَ لَهَا ... إلاَّ القُطُوعُ على الأَجْوَازِ والوُرُكُ) الْمَعْنى يَقُول كم هُنَاكَ من شخص عذب الرضاب إِذا أنخت إِلَيْهِ ناقتى قبل رَحلهَا ووراكها إعجابا بهَا يفديها بِنَفسِهِ إِكْرَاما لَهَا إِذا أدنتنى إِلَيْهِ 24 - الْغَرِيب صاك الشئ بالشئ لصق بِهِ وَمِنْه قَول الْأَعْشَى (وَمِثْلُكِ مُعْجَبَةٌ بالشَّبابِ ... وَصَاكَ العَبِيرُ بأجْلادِها) الْمَعْنى يَقُول من وصف عذب الرضاب أَنه يحرم الطّيب لأجل مفارقتى لَهُ وَلَا يتصنع بشئ من الزِّينَة بعدى فيتلقانى وَقد برت أليته وكملت أمْنِيته بقدومى وفاح الطّيب من أردانه وعبق وصاك العبير فى أثوابه ولصق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 - الْغَرِيب البشام والأراك ضَرْبَان من الشّجر يستاك بفروعهما قَالَ جرير (أتَنْسَى إذْ تُوَدِّعُنا سُلَيْمَى ... بِفَرْعِ بِشَامَةٍ سُقِىَ البَشامُ) الْمَعْنى يَقُول لَا يصل إِلَى ثغرها عاشق لصونها وعفتها وَلَكِن تمنحه أى تعطيه وتبذل لَهُ هذَيْن الضربين من الشّجر الذى يستاك بِهِ 26 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا المغرم بحب قدومى يرانى فى الْمَنَام فَأَنا أَتَمَنَّى أَن النّوم حَدثهُ بإحسانك إِلَى وإكرامك لى وبعطائك الجزيل عندى فَكَانَ فى ذَلِك أبلغ السلوة والسكون إِلَيْهِ أتم الْأنس إِذا علم أَنى عنْدك جليل الْقدر عَظِيم الْخطر 27 - الْإِعْرَاب فَاعل أنضى مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ يعرقن وَالتَّقْدِير لَا يعرقن إِلَّا وَقد أنضى الإعراق لحومها وَمثله قَوْله تَعَالَى {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا وَمن الْأَنْعَام أَزْوَاجًا يذرؤكم فِيهِ} فَرد الضَّمِير على الْجعل وَلم يذكرهُ لدلَالَة جعل عَلَيْهِ وَيجوز أَن يكون الْفَاعِل مُقَدرا أى وَقد أنضاها ثقل مَا عَلَيْهَا من عطايا الممدوح الْغَرِيب أعرق إِذا أَتَى الْعرَاق وأنجد إِذا أَتَى نجدا والكوفة بلد أَبى الطّيب أحد العراقين وأنضاها أذهب لَحمهَا وهزلها وَقَوله العذافرة النَّاقة الشَّدِيدَة وسمى الْأسد عذافرا لِشِدَّتِهِ وقوته اللكاك المكتنزة اللَّحْم الْمَعْنى يَقُول وأتمنى أَن يحدثه النّوم أَن البخت وهى الْجمال الخراسانية لَا تأتى الْعرَاق إِلَّا بعد هزالها من ثقل مَا عَلَيْهَا من الْأَمْتِعَة الَّتِى أعطَاهُ إِيَّاهَا عضد الدولة 28 - الْغَرِيب التبشك والابتشاك الْكَذِب وأبشك القَوْل وحرفه واختلقه بِمَعْنى الْمَعْنى يَقُول مَا أرْضى أَن يحدثه النّوم بحلم فبتوهمه كذبا عِنْد الانتباه فلست أطلب ذَلِك وَلَا أرضاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 - الْإِعْرَاب وَلَا إِلَّا أَرَادَ وَلَا أرْضى إِلَّا فَحَذفهُ لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وروى فليته لَا يتيمه على حذف إشباع الضَّمِير كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ (مُسْتَعْسِرُ الظَّهْرِ يَنْبُو عَنْ وَلِيَّته ... مَا حَجَّ رَبَّهُ فى الدُّنْيا وَلا اعْتَمَرَا) وكما أنْشد أَيْضا (فَمَا لَهُ مِنْ مَجْدٍ تَلِيدٍ وَمالَهُ ... ) الْمَعْنى يَقُول لَا أرْضى إِلَّا أَن أورد عَلَيْهِ فيصغى إِلَى مَا أوردهُ عَنْك من حسن الذّكر وأحكى مَا أسديته إِلَى من جليل الْفضل فليته عِنْد ذَلِك لَا يتيمه هَوَاك إعجابا بك وَبِمَا جمعه الله فِيك من الْفَضَائِل لِأَن الْإِحْسَان يستعبد الْإِنْسَان ويحبب صَاحبه إِلَى الْإِنْس والجان 30 - الْغَرِيب الطَّرب خفَّة تغلب عِنْد شدَّة الْفَرح والحزن والعلا غايات الشّرف والرفعة والواحدة عليا الْمَعْنى يَقُول كم من إِنْسَان تطرب مسامعه إِذا سمع شعرى فِيك وَلَا يدرى أيعجب من حسن ثنائى فِيك أم من علوك يُرِيد أَن كِلَاهُمَا عجب لأنى أثبت فى شعرى من فضلك وأظهرت فِيهِ من مدحك مَا لَيْسَ يدْرِي عِنْد سَمَاعه لذَلِك أيعجب من علاك وَمَا تبلغه من الْجَلالَة والرفعة أم من ثنائى 31 - الْغَرِيب النشر الرَّائِحَة الطّيبَة والفهر الْحجر الذى يسحق بِهِ الطّيب والمداك للصلاية الَّتِى يداك عَلَيْهَا والدوك الدق والسحق الْمَعْنى يَقُول الثَّنَاء الطّيب وَهُوَ عرضك كَانَ بِمَنْزِلَة الطّيب وَهُوَ الذى يتضوع عِنْد مَا أضيفه لَك من مجدك وأذكره من ترادف فضلك أى نشر فضلك الذى هُوَ الْمسك فى كرم جوهره وعبق طيبه ومجده وَهُوَ ذَاك الْمسك ومداكه اللَّذَان يستخرجان حَقِيقَة فَضله ويخبران عَن جلالة قدره شعرى الذى يسير فى البدو والحضر ويتغنى بِهِ فى الْحُلُول وَالسّفر وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى (وَما ازْدادَ فَضْلٌ فيكَ بالمَدْحِ شُهْرَةً ... بَلى كانَ مثلَ المِسْكِ صَادَفَ مِخْوَضا) والمخوض الذى يُحَرك بِهِ الطّيب وَذَلِكَ لَا يزِيد الطّيب فضلا بل يظْهر رَائِحَته كَذَلِك الشّعْر يظْهر فَضَائِل الممدوح للنَّاس وَلَا يزِيدهُ فضلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 - الْمَعْنى لَا تحمد فهرى ومداكى وَلَا تحمد الشّعْر وَحسنه وَاحْمَدْ الْهمام الْبَاعِث لَهما المتفرد بِمَا أكمل لَهُ من الْفَضَائِل مِنْهُمَا الذى إِلَّا أضمره شاعره وأضافه إِلَى نَفسه وكنى عَنهُ وَلم يُصَرح باسمه علم أَنه يَعْنِيك وَلم يشك عِنْد ذَلِك من يسمعهُ أَنه فِيك وَهُوَ من قَول أَبى نواس (وَإنْ جَرَتِ الألْفاظُ مِنَّا بِمِدْحَةٍ ... لغَيْرِكَ إنْسانا فأنْتَ الَّذى نَعْنِى) 33 - الْإِعْرَاب الْأَغَر الْأَبْيَض ونصبه صفة لهماما الْغَرِيب الشَّمَائِل الطبائع وَالْخَلَائِق الْوَاحِدَة شمال الْمَعْنى يَقُول هُوَ أغر يعْنى عضد الدولة أى ذَا بهاء وجلالة وجمال وصباحة لَهُ شمائل أَبِيه الْمَعْرُوفَة ومذاهبه الجليلة الْمَعْلُومَة ثمَّ أقبل يخاطبه فَقَالَ غَدا يلقى بنوك بِتِلْكَ الشَّمَائِل أَبَاك ويحكونه بِتِلْكَ الْفَضَائِل ويحذون فى ذَلِك حذرك ويقتفون أثرك وهديك وَقَوله (غَدا يلقى بنوك ... ) قَالَ الواحدى هُوَ إِشَارَة إِلَى أَنهم لم يبلغُوا رتبتك حَتَّى بشبهوك بل يشبهون أَبَاك وَكَانَ حَقه أَن يَقُول أباهم لَوْلَا مَا أَرَادَ أَن يفضله على أَبِيه فَجعل أَوْلَاده يشبهون أَبَاهُ وَلَا يشبهونه وَيجوز أَن يكون جَاءَ بالْكلَام من الْإِخْبَار وَمن الْإِخْبَار إِلَى المخاطبة على مَا جرت بِهِ الْعَادة فى كَلَام الْعَرَب أَن يخرجُوا من الْخطاب إِلَى الْإِخْبَار وَمن الْإِخْبَار إِلَى الْخطاب كَقَوْلِه تَعَالَى {حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم برِيح طيبَة} وَمثله كثير 34 - الْمَعْنى يَقُول وفى الْأَحِبَّة من وجده صَحِيح لَا دَعْوَى وَمِنْهُم من يدعى الْمحبَّة وَلَيْسَ هُوَ من أَهلهَا وَلَيْسَ لدعواه حَقِيقَة أَو الْمَعْنى أَنه صَحِيح الود لَيْسَ كمن يدعى الوداد من غير حَقِيقَة أَو لست مِمَّن يدعى محبتك وَيظْهر غير ذَلِك لِأَن مَا اشْتهر فِيك من صَحِيح الْمَدْح يدل على أَنى صَحِيح الوداد غير مداج فى موالاتك 36 - الْغَرِيب الذِّمَّة الْعَهْد وأذم الرجل لغيره إِذا عاهده على أَمر يلْزمه لَهُ والنوى الْبعد وَقَوله أولاكا لُغَة فى أُولَئِكَ الْمَعْنى قَالَ الواحدى روى ابْن جنى وَابْن فورجة نواى بالنُّون من الْبعد قَالَ ابْن جنى منعت مكرمات عينى أَن تجرى دموعها كَاذِبَة وَاخْتَارَ الْبعد عَنهُ وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد أَن مكرمات أَبى شُجَاع تذمر لعينى على أهلى الَّذين أقصدهم من نواى عَنْك يُرِيد أَنى ابدا أشتهى ملازمتك والبعد عَن أُولَئِكَ فيكُن الذمام إِذن على أَهله لعَينه وهم الخائفون من نوى أَبى الطّيب وَهَذَا كَمَا تَقول أَذمّ لهِنْد على عاشقها من الْوُصُول إِلَيْهَا مَا دَامَت بِالْبَصْرَةِ فَهُوَ لَا يصل إِلَيْهَا مَا دَامَت بِالْبَصْرَةِ قَالَ وَهَذَا كَلَامهمَا وَلم يظْهر معنى الْبَيْت ببيانهما وَمعنى أَذمّ لفُلَان على فلَان كَذَا إِذا مَنعه مِنْهُ كَمَا قَالَ (وَهُمْ مِمَّنْ أَذَمَّ لَهُمْ عَلَيْه ... كَرِيمُ العِرْقِ والنَّسَبُ النُّضَارُ) أى مَنعهم مِنْهُ يَقُول مكرماته منعت عينى وعقدت لَهَا عقدا على أهلى من فِرَاق عضد الدولة وَيكون على من صلَة أذمت وَمن روى ثواى بالثاء الْمُثَلَّثَة من الثوى وَهُوَ الْمقَام فَالْمَعْنى مكرماته أذمت لعينى من الْمقَام عَلَيْهِم يُرِيد عقدت لعينى عقدا يؤمنها من النّظر إِلَى أُولَئِكَ لأنى قصرتها على عضد الدولة فَلَا تنظر إِلَى سواهُ وعَلى من صلَة الثوى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 - الْغَرِيب الركاب الْإِبِل المتحملة بالقوم والأسنة جمع سِنَان يُخَاطب الْبعد وَهُوَ من الاستعارات الملاح إِذْ جعل لَهُ حسا فَقَالَ تَنَح عَن أيدى هَذِه المطايا فَإِنَّهَا تقطعك كَقطع الأسنة الأحشاء فَإِن سعد عضد الدولة يكفيها وإقباله ينْهض بهَا فهى تقطعك كَقطع الأسنة 38 - الْغَرِيب يَقُول أَذَى أذاة وَنَجَا ينجو نجاة وَهلك هَلَاكًا الْمَعْنى يَقُول كونى أَيهَا الطَّرِيق كَيفَ شِئْت فَلَا أبالى وَلَو كَانَ فِيك الْهَلَاك قيل إِن عضد الدولة قَالَ تطيرت عَلَيْهِ من تَركه النجَاة بَين الأذاة والهلاك 39 - الْغَرِيب تشرين شهر من أشهر الْفرس وَهُوَ أول سنتهمْ تشرين الأول والثانى وكانون الأول والثانى وشباط وأذار ونيسان وإيار وحزيران وتموز وآب وأيلول والسماك كَوْكَب مَعْرُوف من كواكب الأنواء وَهُوَ يطلع بِالْغَدَاةِ لخمس خلون من تشرين الأول الْمَعْنى يَقُول لَو سرنا وفى تشرين خمس لَيَال لسبقت السماك بالطلوع // وَهَذَا مُبَالغَة // فى سرعَة السّير فَكَأَنَّهُ يَقُول إِذا أَخذ السماك فى الطُّلُوع وَأخذت فى السّير سبقته إِلَى أهلى بِالْكُوفَةِ وَذَلِكَ أَنه لِثِقَتِهِ بِمَا أحَاط بِهِ من سَعَادَة عضد الدولة فَلَو سرت وَقد انصرم من تشرين خمس لَيَال يرانى من أقصده وأحن إِلَيْهِ من أهلى من الْجَمَاعَة الْمُتَّصِلَة بنفسى قبل أَن يرَوا السماك الذى هُوَ فى هَذَا الْوَقْت يُشِير إِلَى سرعَة السّير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 - الْغَرِيب فناخسر اسْم أعجمى وَهُوَ اسْم عضد الدولة والطعن الدراك المتتابع الْمَعْنى يَقُول سَعَادَة عضد الدولة وبركته ترد عَنى رماح الْأَعْدَاء وطعنها المتتابع 41 - الْغَرِيب السِّلَاح يجمع السَّيْف وَالرمْح والسهام وَالْغَالِب عَلَيْهِ التَّذْكِير وَرُبمَا أنث قَالَ الطرماح فى صفة ثَوْر وحشى طردته كلاب الصَّيْد (يَهُزُّ سِلاحا لَمْ يَرِثْها كَلالَةً ... يَشُكُّ بِها مِنْها أُصُولَ المَغابِنِ) وَالْأَكْثَر التَّذْكِير لِأَنَّهُ يجمع على أسلحة جمع تذكير كحمار وأحمرة ورداء وأردية وَصَلَاح شَاك بِمَعْنى شائك أى ذُو شَوْكَة كَقَوْلِهِم كَبْش صَاف على حذف الْعين وَمِنْه قَول مرحب (قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أّنى مَرْحَبُ ... شاكُ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ) الْمَعْنى يَقُول لعضد الدولة رضاك عَنى بِمَنْزِلَة السِّلَاح الذى يخوف الْأَبْطَال 42 - الْغَرِيب اعتاض تعوض والزور الْبَاطِل وَالْكذب الْمَعْنى يَقُول من الذى أعتاضه مِنْك إِذا فارقتك وأتخذه بَدَلا بعْدك إِذا باعدتك وَالنَّاس مَا خلاك زور لَا يحفل بهم وملوكهم بِالْإِضَافَة إِلَيْك سوقة لاحظ لَهُم فى الْإِمَارَة وَهُوَ مَنْقُول من قَول عمرَان بن حطَّان (أنْكَرْتُ بَعْدَكَ مَنْ قد كُنتُ أعْرِفُهُ ... مَا النَّاسُ بَعْدَكَ يَا مِرْداسُ بالنَّاسِ) 43 - قَالَ الواحدى أَنا فى الْخُرُوج من عنْدك وَقلة اللّّبْث فى أهلى كالسهم الذى يرْمى فى الْهَوَاء فَيذْهب وينقلب سَرِيعا قَالَ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لم يقل فى سرعَة الأوبة وَقلة اللّّبْث كَمَا قيل فى هَذَا الْبَيْت وَالْبَيْت مَدْخُول وَلم يعرف ابْن جنى وَجه فَسَاده وَهُوَ كل سهم يرْمى بِهِ فى هَوَاء لَا يعود إِلَّا إِذا مَا عولى بِهِ وَلم يذكر فى الْبَيْت أَنه أَرَادَ الْهَوَاء العالى قَالَ الْخَطِيب اخْتلف أهل النّظر فى هَذَا الْموضع فَقَالَ قوم إِن السهْم وَالْحجر إِذا رمى بِهِ صعد فبتناهى صُعُوده يكون لَهُ فى آخر ذَلِك لبثة مَا ثمَّ يتصوب منحدرا وَقَالَهُ آخَرُونَ لَا لبثة لَهُ هُنَاكَ وَإِنَّمَا أول وَقت انحداره عقيب آخر صُعُوده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 - الْمَعْنى روى أَبُو الْفَتْح (واصطفاك ... ) بِكَسْر الطَّاء وَبهَا قَرَأت الدِّيوَان قَالَ وَهُوَ من بَاب قصر الْمَمْدُود وَاسْتشْهدَ على قصره بأشعار وَقصر الْمَمْدُود كثير وَأنْشد أَبُو الْفَتْح (وأنْتَ لَوْ باكَرْتَ مَشْمُولَةً ... صَفْراً كلَوْنِ الفَرَسِ الأشْقَرِ) والاصطفاء والاصطفاء الاختبار وَمِنْه (إنى اصطفيتك على النَّاس ... ) وَأنكر ابْن فورجة وَجَمَاعَة كسر الطَّاء وَقَالُوا لم يستحى من الله إِذا فَارق دَار الممدوح واختياره لَهُ بل لَا وَجه لحيائه فى فعله ذَاك إِذْ لَيْسَ من فَارقه وزهد فى اخْتِيَاره ارْتكب حوبا وَإِنَّمَا يستحى من الله إِذا فَارق دَار الممدوح وَالله قد اخْتَارَهُ على خلقه وكل من فَارقه يجب أَن يستحى من خالقه وَإِنَّمَا يَقُول أستحى من الله أَن أُفَارِقك وَقد اصطفاك ووكل إِلَيْك الأرزاق أَلا ترَاهُ كَيفَ بَين وَجه حيائه إِذا ذكر اصطفاءه لَهُ وَلَو لم يذكرهُ لَكَانَ لَا تخلص لَهُ من الْحيَاء إِذْ الْأَشْبَه أَن يكون اصطفاكا فعلا مَاضِيا وَقد ذكر مُحَمَّد ابْن سعيد أَن المتنبى قَالَ لم أقصر فى شعرى ممدودا إِلَّا موضعا وَاحِدًا وَهُوَ قولى (خُذْ مِنْ ثَناىَ عَلَيْكَ مَا أسْطِيعُهُ ... لَا تُلْزِمَنّى فى الثَّناء الْوَاجِبا) تمّ الْجُزْء الثانى من شرح ديوَان أَبى الطّيب المتنبى الْمَعْرُوف بالتبيان الْمَنْسُوب إِلَى أَبى الْبَقَاء عبد الله بن الْحُسَيْن العكبرى الضَّرِير ويليه الْجُزْء الثَّالِث وأوله حرف اللَّام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 - 1 الْغَرِيب رويدك تمهل وجليل فعيل من الْجَلالَة وتأى ترفق وامكث وَهِي رِوَايَة ابْن جنى وروى غَيره تأن بالنُّون وَرِوَايَة ابْن جنى بهَا قَرَأت الدِّيوَان وَمَعْنَاهُ تحبس قَالَ الْكُمَيْت (قِفْ بالدَيارِ وُقُوفَ زَائِرْ ... وَتأىَّ إنَّكَ غَيرُ صَاغِرُ) الْمَعْنى يَقُول ترفق أَيهَا الْملك فِي رحيلك وتمهل فِي مسيرك وَاجعَل ذَلِك مِمَّا يعْتد بِهِ من نوالك وهباتك للمشتملين بنعمتك وَهَذِه القصيدة من الوافر والقافية من الْمُتَوَاتر 2 - الْإِعْرَاب نصب وجودك بإضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ أولنا جودك وَلَو فعلته قَلِيلا فنصب قَلِيلا على الْحَال أَو يكون التَّقْدِير ولوجدت جودا قَلِيلا وَأقَام الصّفة مقَام الْمَوْصُوف وَالْأَشْبَه أَن يكون قَلِيلا صفة لمصدر مَحْذُوف الْمَعْنى يَقُول جد جودك بالْمقَام وَلَو فعلته قَلِيلا وَلَيْسَ فِيمَا تعطيه قَلِيل لِأَن مَا كَانَ من جهتك فَهُوَ كثير وَهُوَ مَنْقُول من قَول أَشْجَع (وُقُوفا بالمَطِيّ وَلَوْ قَلِيلاً ... وَهلْفِيما تَجُودُ بِهِ قَلِيلُ) وكقول ابْن الطثرية (وَليسَ قَلِيلاً نَظْرَةٌ إنْ نظَرْتُها ... إلَيكِ وكَلاَّ ليسَ مِنْكِ قَلِيلُ) وكقول إِسْحَاق الْموصِلِي (إنَّ مَا قَلَّ مِنكَ يكْثُرُ عِنْدِي ... وكَثِيرٌ مِمَّنْ تُحِبُّ القَلِيلُ) وكقول إِسْحَاق أَيْضا (وَحَسْبي قَليلٌ مِن جَزِيلِ عطائهِ ... وَهَلْ مِنْ أمِير المُؤْمِنِينَ قَلِيلُ) وكقول الآخر (وَإنَّ قَليلاً مِنكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ ... شِفاءٌ وَقُلٌّ لَيسَ مِنكِ قَليلُ) الحديث: 174 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 - الْغَرِيب الكبت الخيبة وَأرى من الورى وَهُوَ إِصَابَة الرئة وَهِي دَاء فِي الْجوف الْمَعْنى يَقُول ترفق فِي رحيلك لأكبت بذلك حَاسِدًا يشبه وداعك وعدوا يشبه رحيلك فَشبه شَيْئَيْنِ بشيئين وَهَذَا من بَاب البديع وَالْمعْنَى أَنه يبغض الْحَاسِد والعدو كَمَا يبغض الْوَدَاع والرحيل وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطَّائِي (قَبُحْتَ وَزِدْتَ فَوْقَ القُبْحِ حَتَّى ... كأنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ مِنَ الوَدَاعِ) 4 - الْغَرِيب تغلب قَبيلَة الممدوح وَهِي تغلب بن وَائِل والحيا الْمَطَر والقبيل الْعَشِيرَة وهم من ولد أَب وَاحِد الْمَعْنى يَقُول أقِم بِنَا حَتَّى يسكن الْمَطَر وَكَانَ قد عزم على الرحيل والمطر يسهل كَثْرَة فَأَشَارَ عَلَيْهِ بالْمقَام حَتَّى يسكن الْمَطَر ثمَّ قَالَ قد شككنا فِي كَثْرَة هَذَا الْمَطَر وَهُوَ لم يشك وَإِنَّمَا قَالَه على الْمُبَالغَة فِي وصف السَّحَاب لِكَثْرَة مطره فَقَالَ أبنو تغلب هَذَا السَّحَاب أم مطره قبيلكم لكثرته وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطَّائِي (فَقُلْتُ نَدَى السَّماءِ أمِ ابنُ وَهْبٍ ... تَجَلَّى نُورُهُ أمْ عاشَ وَهْبَ؟) 5 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن القطاع فِي نكته على الدِّيوَان الْهَاء فِي لَهُ عَائِدَة على السَّحَاب والمفسرون بِخِلَاف مَا قَالَ الْمَعْنى يَقُول كنت أعيب من يعذل فِي السماح فَلَمَّا رَأَيْت إفراط سيف الدولة فِي السماح صرت أعذله هَذَا قَول الْجَمَاعَة وَالْمعْنَى من قَول الطَّائِي (عَطاءٌ لَوِ اسْطاعَ الَّذي يسْتَميحهُ ... لأصْبحَ مِن دونِ الوَرَى وَهْوَ عاذِلُه) وكقول البحتري (إِلَى مُسْرِف فِي الْجُود لَو حاتما ... لَدَيْهِ لأضحى حَاتِم هُوَ عاذله) 6 - الْغَرِيب النبو الِارْتفَاع وَمِنْه نبا السَّيْف عَن الضريبة إِذا رَجَعَ الْمَعْنى يَقُول إِنِّي لَا أَخَاف أَن تعجز عَن قطع طَرِيق لِأَنَّك سيف دولة الْإِسْلَام وَسيف الْإِسْلَام لَا يكون إِلَّا مَاضِيا صقيلا قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون رَجَعَ من الْخطاب إِلَى الْخَبَر كَأَنَّهُ قَالَ وَأَنت الْمَاضِي الصَّقِيل وَالْمعْنَى إِنِّي لم أَنْهَك عَن الرحيل فِي الْمَطَر لخوف أَن تعجز عَن الرحيل وصعوبة الطَّرِيق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 - الْغَرِيب الشواة جلدَة الرَّأْس وَجَمعهَا شوى قَالَ الله تَعَالَى {نزاعة للشوى} وَقَرَأَ حَفْص بِالنّصب والغطريف السَّيِّد الْكَرِيم فِي قومه الْمَعْنى كل جلدَة رَأس سيد شرِيف تمنى أَن تكون طَرِيقا لسيرك لِأَنَّهُ كريم شرِيف فَلَا يستنكف سيد عَن وطئك جلدَة رَأسه وَإِنَّمَا يعد ذَلِك شرفا وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (مَضَى طاهرَ الأثْوَابِ لمْ تَبْقَ بُقْعَةٌ ... غَدَاةَ ثَوَى إلاَّ اشْتَهَتْ أَنَّهَا قَبرُ) 8 - الْإِعْرَاب من رفع مثل العمق ومملوء جعله ابْتِدَاء وخبرا وَمن خفض وَعَلِيهِ الْأَكْثَر جعله عطفا على قَوْله وَمَا أخْشَى نبوك عَن طَرِيق وَقيل العمق وَاد وخفضه بواو رب أَي رب مَكَان مثل العمق الْغَرِيب العمق وَاد عميق وَهُوَ الْفَج من الأَرْض وَجمعه أعماق ومجاريه جمع مجْرى الْمَعْنى يَقُول لَا أخْشَى عَلَيْك من نبوك عَن هَذَا الْوَادي وَلَو أَنه ملئ من دِمَاء وقائعك لمشت بك خيلك فِيهِ فَكيف أخْشَى عَلَيْك سيله 9 - الْغَرِيب المنايا جمع منية وَهِي من أَسمَاء الْمَوْت والوحول جمع وَحل وَهُوَ مَا يبْقى فِي الأَرْض من سيل الْمَعْنى يَقُول إِذا تعود الْإِنْسَان أَن يَخُوض غَمَرَات الْمَوْت فأهون مَا يعانيه خوض المَاء والطين وَهُوَ يُشِير إِلَى أَن الوحل لَا يمنعهُ من السّفر وَهَذَا مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول نفوس الْحَيَوَان أغراض لحوادث الزَّمن 10 - الْغَرِيب الْحُصُون جمع حصن وَهُوَ مَا تحصن بِهِ الْإِنْسَان والحزن ضد السهل وَهُوَ مَا خشن من الأَرْض وصعب الْمَعْنى يَقُول من أَطَاعَته الْحُصُون الممتنعة فافتتحتها والقلاع المستصعبة فملكها أطاعه لَا محَالة حزون الطّرق وسهولها وَتمكن لَهُ قريبها وبعيدها وَالْمعْنَى يُرِيد من أطاعه الصعب الشَّديد لم يصعب عَلَيْهِ شئ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام تعجب وَقَوله تنشر يُقَال نشر الله الْمَوْتَى فنشروا وأنشرهم وَفِي الْكتاب الْعَزِيز {وَانْظُر إِلَى الْعِظَام كَيفَ ننشرها} من أنشره الله فِي قِرَاءَة ابْن كثير وَنَافِع وَأبي عَمْرو وَفِي قِرَاءَة أهل الْكُوفَة وَابْن عَامر بالزاي الْمُعْجَمَة وَهُوَ من النشز وَهُوَ الِارْتفَاع الْغَرِيب خفرت الرجل خفرا وخفارة أجرته ومنعت عَنهُ يُقَال خفرته أخفره خفرا إِذا كنت لَهُ خفيرا مجيرا وخفرته تخفيرا وَأنْشد الْأَصْمَعِي للهذلي (ولكنَّنِي جَمْرُ الغَضَى مِنْ وَرَائِهِ ... يُخَفِّرُني سَيْفي إذَا لَمْ أًخَفَّرِ) وأخفرت الرجل إِذا غَدَرت بِهِ ونقضت عَهده وَيُقَال أَيْضا أخفرته إِذا بعثت مَعَه خفيرا وَالِاسْم الخفرة بِالضَّمِّ وهى الذِّمَّة والخمول السُّقُوط والخامل السَّاقِط الَّذِي لَا نباهة لَهُ وَقد خمل يخمل خمولا الْمَعْنى يَقُول أَنْت تجير من رمته اللَّيَالِي بصروفها وقصدته بخطوبها وتحبي كل من سقط ذكره وَدَفنه خموله فتجير ذَلِك بحمايتك وتحييه بكرامتك تضمه إِلَى إحسانك وتعمه بإنعامك قَالَ ابْن وَكِيع وَهَذَا الْبَيْت مَنْقُول من قَول ابْن الرُّومِي (نشَرْتُكَ مِن دفنِ الخُمولِ بقُدْرَة ... لِمَا هُوَ أدْهَى أوْ علِمْتَ وأنْكَرُ) 12 - الْغَرِيب الحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول ندعوك سَيْفا وَالسيف يعْدم الْحَيَاة وَأَنت تعيدها وَهُوَ يتلفها وَأَنت تهبها فَكيف نسميك سَيْفا وفعلك ضد فعله وقدرك فَوق قدره وَالْمعْنَى أَن من قَتله الْفقر وأذله الزَّمَان حَتَّى أَمَاتَهُ موت الْفَقْرَة تعيشه بجودك 13 - الْإِعْرَاب نصب الْقطع لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء مقدم وَمثله قَول الْكُمَيْت (وَمالي إلاَّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ ... وَماليَ إلاَّ مَذْهَبَ العَدْلِ مَذْهَبُ) الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ للسيف فعل إِلَّا الْقطع وَأَنت فِيك الْوَصْل وَالْقطع تقطع الْأَعْدَاء وَتصل الْأَوْلِيَاء وَالْمعْنَى أَنَّك تصل مؤمليك وتقطع أعاديك وتبر قصادك وتحوط رعيتك فتشركه فِي أرفع أَحْوَاله وَهُوَ الْقطع وتنفرد دونه بأرفع أحوالك وَأجل أوصافك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 - الْإِعْرَاب صبرا مصدر أَي اصبر صبرا الْمَعْنى يَقُول أَنْت الْفَارِس الثَّابِت النَّفس الرابط الجأش الدَّاعِي إِلَى الصَّبْر إِذا طاشت الْعُقُول وخرست الألسن فَلم تقدر الْأَبْطَال على الْكَلَام وَلَا الْخَيل على الصهيل وَالْمعْنَى أَنَّك تصبر الْأَبْطَال فِي الْحَرْب تَقول اصْبِرُوا على عض الْحَرْب 15 - الْغَرِيب الحيد الرُّجُوع وَالْقَصْد الاسْتقَامَة يُرِيد أَن الرمْح مُسْتَقِيم غير معوج الْمَعْنى يرجع عَنْك الرمْح مَعَ استقامته وَإِذا طعن بِهِ غَيْرك لم يرجع عَنهُ وَيقصر عَنْك فَلَا ينالك مَعَ طوله وَذَلِكَ لشجاعتك وشرفك كَأَن الجماد يعرفك فَلَا يقدم عَلَيْك وَالْمعْنَى أَن الْأَبْطَال تتحاماه فِي الحروب فَلَا تتعاطى مطاعنته وَلَا تتمثل مقاومته وَالْمعْنَى أَن الرمْح إِذا قصد إِلَيْك خذلته يَد الطاعن حَتَّى يرجع عَنْك وَإِذا طَال خذله الطاعن وإقدامه حَتَّى يقصر عَنْك 16 - الْمَعْنى لَا يَقُول لَو أَن للسنان لِسَانا ناطقا لقَالَ أَنا أحيد عَنْك وأقصر مَعَ حلولي عَن طعنك وَهُوَ من قَول الآخر (إنَّ السِّنانَ وَصَدْرَ السَّيْفِ لوْ نَطَقا ... لَخَبَّرا عَنْكَ يَوْمَ الرَّوْعِ بالعَجَبِ) وَقَالَ الحصني (يُشْنِي عليكَ إِذا النُّفُوسُ تَطايَرَتْ ... حَدُّ المُهَنَّدِ والسَّنانُ اللَّهْذَمُ) وَهَذَا مجَاز أَي لَو كَانَ متكلما لقَالَ وَأَصله قَول عنترة (لوْ كانَ يعْلَمُ مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكى ... وَلكانَ لوُ عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي) 17 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدُّنْيَا جرت عَادَتهَا بإفناء أَهلهَا فَلَا يخلد فِيهَا أحد وَلَو أَنَّهَا خلدت أحدا لتزينها بِهِ وَمَا جمعه الله فِيهِ من الْفَضَائِل لَكُنْت ذَلِك المخلد وَحدك لعلو قدرك وجلالة أَمرك وَلَكِن الدُّنْيَا لَيْسَ لَهَا خَلِيل توافيه وَلَا أحد تتقيه وتصافيه لِأَن طبعها الْغدر وَهُوَ مَنْقُول من قَول عدي بن زيد (فَلَوْ كانَ حَيٌّ فِي الحْيَاةِ مُخَلَّداً ... لَخُلِّدْتَ لَكِنُ ليسَ حَيٌّ بِخالِد) وَمثله لمُحَمد بن يزِيد المهلبي (لوْ خَلَّدَ اللهَ مخْلُوقا لِنَجْدَتِهِ ... لكانَ رَبَّكَ فِي الدُّنْيا مُخَلَّدَهُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 - 1 الْغَرِيب المشرفية السيوف والعوالي الرماح والمنون الدَّهْر يذكر وَيُؤَنث وَقيل الْمنون الْمَوْت فَمن أَرَادَ بِهِ الدَّهْر ذكره وَمن أَرَادَ الْمنية أنثه الْمَعْنى يَقُول نَحن نعد السيوف والرماح أَي صوارم السيوف وعوالي الرماح لمنازلة الْأَعْدَاء ومدافعة الأقران وَالْمَوْت يخترم نفوسنا دون قتال أَو نزال لَا يمكننا حذارها وَلَا يتهيأ لنا دفاعها قَالَ ابْن وَكِيع عَجزه ينظر إِلَى قَول أَبى زرْعَة (وَمَنْ لَا سِلاحَ لَهُ يُتَّقَى ... وَإنْ هًوَ قاتَلَ لَمْ يَغْلِبِ) 2 - الْغَرِيب السوابق جمع سَابق وسابقة والمقربات من الْخَيل هِيَ الْكِرَام الَّتِي ترْبط لكرامتها على أَصْحَابهَا أَو لفرط الْحَاجة إِلَيْهَا والخبب عَدو لَا يستفرغ الْجهد الْمَعْنى يَقُول ونرتبط الْخُيُول الْكَرِيمَة الْعتاق وَمَعَ هَذَا لَا تنجينا وَلَا تعصمنا من طلب الدَّهْر لنا وخبب لياليه فِي آثارنا قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول عبد الله بن طَاهِر (كأنَّنا فِي حُرُوبٍ مِنْ حَوَادِثِهِ ... فنَحنُ مِنْ بَينِ مَجْرُوحٍ ومطًعون) 3 - الْإِعْرَاب من اسْتِفْهَام وروى وصال بالتنكير الْمَعْنى يُرِيد أَن النُّفُوس مجبولة على حب الدُّنْيَا مَعَ التيقن بِسُرْعَة زَوَالهَا والتحقق من امْتنَاع وصالها وَأَن سرورها يعقبه الْحزن وحياتها يعقبها الْمَوْت وَالْمعْنَى يُرِيد من ذَا الَّذِي لم يعشق الدُّنْيَا فِي قديم الدَّهْر فَكل أحد يهواها وَلَكِن لَا سَبِيل إِلَى وصالها أَي إِلَى دوَام وصالها وَكثير من عشاقها واصلها وواصلته وَلَكِن لَا سَبِيل إِلَى دوَام الْوِصَال وَمن روى إِلَى وصال وَهُوَ الْخَوَارِزْمِيّ أَرَادَ إِلَى مواصاة الحديث: 175 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 - الْمَعْنى يَقُول نصيب الْإِنْسَان من وصال حَبِيبه فِي حَيَاته كنصيبه من وصال خياله فِي مَنَامه بِاتِّفَاق الْأَمريْنِ فِي سرعَة انقطاعهما واشتباههما فِي عجلة زوالهما فَإِن الْحَالين كِلَاهُمَا يعْدم فَمَا ظَنك بِحَق يشبه الْبَاطِل ويقظة يشاكلها النّوم فَجعل الْعُمر كالمنام وَالْمَوْت كالانتباه وَأحسن مَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى قَول التهامي (فالعَيْشُ نَوْمٌ والمَنِيَّةُ يَقْظَةٌ ... والمَرْءُ بَيْنَهُما خَيالٌ سارِي) وَقَالَ الطَّائِي (ثُمَّ انْقَضَتْ تلكَ السِّنُونَ وأهْلُها ... فكأنَّها وكأنَّهُم أحْلامُ) وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فِي هَذَا الْمَعْنى فَمِنْهُ مَا كَانَ عمر بن الْخطاب يتَمَثَّل بِهِ (نُسَرُّ بِما يَفْنَى وَنفْرَحُ بالمُنَى ... كَمَا سُرَّ باللَّذاتِ فِي النَّوْمِ حالِمُ) وَقَالَ الآخر (وَإذا وَدِدْتَ أَبَا كُبَيْشةَ لم يَكُن ... إلاَّ كَلَمْحَةِ حالِمٍ بِخَيالِ) وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة (فَكَمْ بادَ مِنْ مَعْشَرٍ أصْبَحُوا ... كأنَّهُمْ حُلُمٌ أوْ خَيالُ) وَقَالَ ابْن طَبَاطَبَا (فَنِلْتُ يَقْظانَ مِنْ ضِيافَتِهِ ... مَا نِلْتُهُ نَائِما مِنَ الطَّيْفِ) 5 - الْغَرِيب الارزاء جمع رزء وهى المصيبات والغشاء مَا يعْطى الشَّيْء ويشمله الْمَعْنى يَقُول كثرت مصائب الدَّهْر عِنْدِي لتواليها عَليّ وَقد أَصَابَت قلبِي فجائعها حَتَّى صَار كَأَنَّهُ فِي غشاء من سِهَام الدَّهْر وَالْمعْنَى أَن الدَّهْر قَصده بفجائعه ورماه بمصائبه وَاعْتمد فُؤَاده بسهامه وَأثبت فِيهِ نصاله قَالَ الشريف هبة الله بن الشجري الْعلوِي فِي أَمَالِيهِ هَذَا الْبَيْت من أحسن مَا قيل وَهُوَ من نَوَادِر أَبى الطّيب وَحكمه 6 - الْغَرِيب النصال جمع نصل وَهُوَ الحديدة الَّتِي فِي السهْم الْمَعْنى يَقُول قد صرت إِذا رماني الدَّهْر بخطب من خطوبه وَصرف من صروفه لم يصل قلبِي لِأَنَّهَا لم تَجِد موضعا للإصابة وكنآ بنصال السهْم عَن اشتداد الخطوب وَأَن بَعْضهَا يكسر بَعْضًا فِي فُؤَاده لتزاحمها فِيهِ وتكاثرها عَلَيْهِ وَالْمعْنَى أَن المصائب توالت عَليّ فهانت عِنْدِي وَالْإِنْسَان إِذا كثر عَلَيْهِ الشَّيْء إعتاده وَقَالَ ابْن وَكِيع لَا يَصح معنى هَذَا الْبَيْت إِلَّا أَن يكون يرْمى من جَنْبَيْهِ فَيبلغ نصل الْجَانِب الْأَيْمن نصل الْجَانِب الْأَيْسَر وَأما أَن يكون الرَّمْي من نَاحيَة وَاحِدَة فَلَا يَصح ذَلِك وَلَو قَالَ كَمَا قَالَ عمر بن الْمُبَارك لصَحَّ (لَمْ يَنْتَظِرَنْ فَتَسْتَبِيكَ قُلُوبُ ... حَتَّى رَمَيْنَ فَرَشْقُهُنَّ مُصِيبُ) (نُجْلٌ يُتَبِّعْنَ السَّهامَ بِمِثْلِها ... فَلَهُنَّ مِن تحتِ النُّدوبِ نُدُبُ) فَهَذَا كَلَام يَصح مثله لِأَن الندوب الْقَدِيمَة يتبعن ندوبا حَدِيثَة وَمثله لأخي ذِي الرمة (وَلْم يُنْسِى أوْ فَي المَصَائِبِ بَعْدَهُ ... وَلكنَّ نَكْءَ القُرْحِ بالقُرْحِ أوْجَعُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 - الْإِعْرَاب قَوْله هان أضمر الْفَاعِل لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ وَالتَّقْدِير وَهَان رمي الدَّهْر لدلَالَة قَوْله رماني الدَّهْر الْمَعْنى يَقُول لَا أحفل بمصائب الدَّهْر لِأَنَّهُ لَا ينفع الحذر وَلَا المبالاة وَهَذَا من قَول خِدَاش بن زُهَيْر (وَبَعْدَ عُيَيْنَةَ الخَيْرِ بْنِ حِصْنٍ ... وَقَدْ بالَيْتُ حَتَّى مَا أُبالي) وَهُوَ من أَبْيَات الحماسة (وَقد جعلَتْ نفسِي على البَينِ تَنْطَوِي ... وَعَيْنِي عَلى فَقْدِ الحْبِيبِ تَنامُ) (وَفارَقْتُ حَتَّى مَا أُبالي مِنَ النَّوَى ... وَإنْ بانَ جِيرَانٌ عَلَّي كِرَامُ) وكقول الخريمي (صَبْرتُ فَكانَ الصَّبْرُ خَيرَ شَجِيَّةٍ ... وَهَلْ جَزْعٌ أجْدَى عَلَّى فأجْزَعُ) 8 - الْإِعْرَاب نصب طرا على الْحَال وَيجوز على الْمصدر وَقيل لبَعض الفصحاء كَيفَ أَصبَحت فَقَالَ أَحْمد الله إِلَيْك وَإِلَى طرة خلقه وروى ابْن جنى ميتَة بِفَتْح الْمِيم أَرَادَ ميتَة فَخفف وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {الأَرْض الْميتَة} وَقد شددها نَافِع وخففها الْبَاقُونَ وَقد شدد الْبَاب كُله نَافِع وَحَمْزَة وَعلي وَحَفْص إِلَّا أَن نَافِعًا انْفَرد بِثَلَاثَة مَوَاضِع قَوْله {أومن كَانَ مَيتا فأحييناه} فِي الْأَنْعَام {وَالْأَرْض الْميتَة} فِي يس وفى الحجرات {يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا} فَشدد الثَّلَاثَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 الْغَرِيب الناعون جمع ناع وَأَصله رفع الصَّوْت وإظهاره بالمصيبة يُقَال نعاه نعيا ونعيانا بِالضَّمِّ والنعي على فعيل الناعي الَّذِي يَأْتِي بِخَبَر الْمَوْت قَالَ الْأَصْمَعِي وَأَصله أَن الْعَرَب كَانَت إِذا مَاتَ مِنْهَا ميت لَهُ شرف ركب فَارس فرسا وَجعل يسير فِي النَّاس وَيَقُول نعاء فلَانا أَي انعه وَأظْهر خبر وَفَاته وهى مَبْنِيَّة على الْكسر مثل دراك بِمَعْنى أدْرك ونزال بِمَعْنى انْزِلْ وفى الحَدِيث يَا نعاء وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (نعاءِ جُذَاما غيرَ مَوْتٍ وَلا قَتْلِ ... وَلَكِنْ فِرَاقا للدعائمِ والأصْلِ) الْمَعْنى يَقُول هَذَا الناعي أول من نعى امْرَأَة ميتَة فِي شرفها ومفقودة فِي مثل منزلهَا يُرِيد لم يمت قبلهَا أجل مِنْهَا قَالَ ابْن فورجة الرِّوَايَة الصَّحِيحَة ميتَة بِكَسْر الْمِيم لِأَن الْميتَة بِفَتْح الْمِيم كثر اسْتِعْمَالهَا فِي الجيفة كَقَوْلِه تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} وَلَا يُخَاطب أَبُو الطّيب سيف الدولة بِمثل هَذَا فِي أمه وَإِنَّمَا يُرِيد الْحَالة الَّتِي مَاتَت عَلَيْهَا وَقَالَ الواحدي لَا وَجه لما قَالَ لِأَن أَبَا الطّيب أَرَادَ أول الْأَمْوَات وَلم يرد أول الْأَحْوَال 9 - الْغَرِيب خطر الشَّيْء ببالي يخْطر بِالضَّمِّ وخطر الرجل يخْطر بِالْكَسْرِ وَمَا أحسن قَول الحريري (فَكَمْ أَخْطِرُ فِي بالِ ... وَلا أخْطُرُ فِي بالِ) والبال الذِّهْن وَقيل الْقلب الْمَعْنى يَقُول لقد عظمت مصيبتها وَإِنَّهَا أنست المصائب وَبعثت من الْحزن مَا أفقد جميل الصَّبْر وَأوجب شَدِيد الْجزع حَتَّى كَأَن الْمَوْت قبلهَا لم يفجع بِنَفس وَلَا خطر ببال قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول البحتري (وَلْم أرَ مِثلَ المَوْتِ حَقَّا كأنَّهُ ... إذَا مَا تَخطتْهُ الأمانِيُّ باطِلُ) وَمن قَول مُحَمَّد بن وهيب (نُرَاعُ لذِكْرِ المَوْتِ ساعَةَ ذِكْرِهِ ... وَنَعْتَرِضُ الدُّنْيا فَنَلْهُو وَنلْعَبُ) (يَقِينٌ كَأنَّ الشِّكَّ أغْلَبُ أمْرِهِ ... عَليْهِ وَعِرْفانٌ إِلَى الجّهْلِ يُنْسَبُ) وَالْمعْنَى بَينهمَا بعيد وَأما بَيت مُحَمَّد بن وهيب الأول فَهُوَ من قَول زين العابدين على ابْن الْحُسَيْن (نُراعُ إذَا الجَنائِزُ وَاجَهَتْنا ... وَنَلْهُو حِينَ تَغْدُو رَائحاتِ) (كَرَوْعَةِ ثَلَّةٍ لُمغارِ ذِئْبٍ ... فَلْمَّا غابَ عادَتْ رَاتِعاتِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 - الْغَرِيب الحنوط طيب يسْتَعْمل فِي غسل الْمَيِّت وَالصَّلَاة الترحم وَالدُّعَاء الْمَعْنى يَقُول رَحْمَة الله ومغفرته ورضوانه على الْوَجْه الْجَمِيل وَجعل الْجمال كفنا لوجهها فَكَأَنَّهُ يَقُول رحم الله وَجههَا الْجَمِيل وَقَالَ ابْن الإفليلي رَحْمَة الله ورضوانه حنوط هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي غيبها الْجمال كَمَا غيبها الْكَفَن وسترها كَمَا سترهَا الْقَبْر فَكَانَت مستورة عَن أعين النَّاس وَقَالَ ابْن وَكِيع وَصفه أم الْملك بِالْوَجْهِ الْجَمِيل غير مُخْتَار وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول النميري (تَحِياتٌ وَمَغُفِرَةٌ وَرَوْحٌ ... عَلى تِلْكَ المَحِلَّةِ والحْلُولِ) 11 - الْغَرِيب اللَّحْد مَا كَانَ فِي جنب الْقَبْر والشق فِي وَسطه وَمِنْه قَوْله اللَّحْد لنا والشق لغيرنا يُقَال اللَّحْد واللحد بِضَم اللَّام وَفتحهَا ولحدت الْقَبْر لحدا وألحدت لَهُ فَهُوَ ملحد وَأَصله الْعُدُول عَن الشَّيْء ولحد وألحد فِي دين الله حاد عَنهُ وَقَرَأَ حَمْزَة فِي الْأَعْرَاف والنحل والسجدة {يلحدون} بِفَتْح الْيَاء من لحد وَوَافَقَهُ عَليّ فِي النَّحْل وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {يلحدون} من ألحد والصون السّتْر والخلال الْخِصَال وأحدها خلة وَالْمعْنَى يَقُول صَلَاة الله على المدفون قبل مَوته بالصون وَقبل أَن يدْفن فِي التُّرَاب بالعفة والستر وَكَانَ مَدْفُونا فِي كرم خصاله الجميلة وَالْمعْنَى أَنَّهَا كَانَت مستورة قبل أَن يَسْتُرهَا التُّرَاب وَكَانَ كرم خصالها يمْنَعهَا مِمَّا يقبح ذكره قبل أَن تحمل إِلَى اللَّحْد فَكَانَت دفينة فِي ستر الصيانة قبل ستر التُّرَاب 12 - الْإِعْرَاب ذَكرْنَاهُ مَرْفُوع بجديد رفع السَّبَب وَوضع الضَّمِير الْمُتَّصِل مَوضِع الضَّمِير الْمُنْفَصِل جَائِز فِي الِاخْتِيَار وَمثله قَوْله تَعَالَى {أنلز مكموها} وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (فقدْ جَعَلَتْ نَفْسِي تَطيبُ لضَغْمَةٍ ... لضَغْمِهِماها يَقْرَعُ العَظْمَ نابها) الْمَعْنى يَقُول إِن شخصها فِي الأَرْض بَال وَذكرنَا إِيَّاه جَدِيد غير بَال وَالْمعْنَى أَنه يبْلى فِي الْقَبْر وَذكره جَدِيد بَاقٍ على الْأَيَّام وَمثله للمغريمى (وَإنْ تَكُ للْبِلَى أمْسَيْتَ رَهْنا ... فَقَدْ أبْقَيْتَ مْجداً غَيرَ بالى) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّك قد مت فِي الْعِزّ والعفاف فموتك يتمناه من بَقِي من النِّسَاء وَمن مضى مِنْهُنَّ فَهَذَا الَّذِي يسلينا عَنْك لِأَنَّك حزت خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة 15 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّك مت وَلم ترى يَوْمًا تكرهينه فِي حياتك وعوفيت من خطوب الدَّهْر فَلم تلقى مَا ينغص عيشك حَتَّى تفرح الرّوح بِفِرَاق الْبدن فِي مثل تِلْكَ الْكَرَاهَة وَقد نقل من قَول مَحْمُود بن الْحسن (وَهَوَّنَ مِنْ وَجْدِي وَلَيْسَ بِهَيَّنٍ ... سَلامَتُها بالمَوْتِ مِن جَرْعَةِ الشُّكُل) 16 - الْغَرِيب المسبطر الممتد وَيجمع رواق على أروقة الْمَعْنى يَقُول مت ورواق الْعِزّ ممتد عَلَيْك وعَلى ابْنك كَامِل الْملك وَالْمعْنَى أَنَّك لما مت كنت فِي عز مَمْدُود وسلطان كَامِل قَالَ الصاحب ذكره الاسبطرار فِي مرثية النِّسَاء من الخذلان الْبَين قَالَ ابْن فورجة وَلَا خذلان فِيمَا صَحَّ وَاسْتعْمل كثيرا وَمثله قَول عَمْرو بن معدي كرب (جَدَاوِلُ زَرْعٍ خُلِّيَتْ وَاسْبَطَرَّتْ ... ) وَقَالَ أَبُو الْفضل الْعَرُوضِي سَمِعت أَبَا بكر الشعراني خَادِم المتنبي يَقُول قدم علينا المتنبي وقرأنا عَلَيْهِ شعره فَأنْكر هَذِه اللَّفْظَة وَقَالَ مستظل قَالَ الْعَرُوضِي وَإِنَّمَا غَيره الصاحب وعابه عَلَيْهِ 17 - الْغَرِيب مثواك يُرِيد حفرتك والغوادي جمع غادية وَهِي السحابة تنشأ صباحا والغادي السَّحَاب يَغْدُو بمطره والنوال الْعَطاء الْمَعْنى يَدْعُو لَهَا بسقيا تشبه عطاءها من سَحَاب يشبه نوالها وَالْمعْنَى أَن عطاءها كثير فَهُوَ غَايَة مَا يبلغهُ المتمني 18 - الْغَرِيب الساحي القاشر وَمِنْه سميت المسحاة والحفش شدَّة الوقع وحفشت السَّمَاء حفشا إِذا جَاءَت بالمطر وحفشت الأودية سَالَتْ والأجداث الْقُبُور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 وأحدها جدث والمخالي جمع مخلاة وَهُوَ وعَاء يَجْعَل فِيهِ التِّبْن وَالشعِير للدابة الْمَعْنى يَدْعُو لقبرها بالسقيا ويصف السَّحَاب بِشدَّة الْمَطَر وَقع على الأَرْض كوقع أَيدي الْخَيل إِذا أَبْصرت العليق فِي المخالي فَإِنَّهَا تحفر بقوائمها لشدَّة مَا تدق الأَرْض حرصا على الْأكل قَالَ أَبُو الْفَتْح الْغَرَض من الد للقبور بالغيث الإنبات وَمَا يَدْعُو النَّاس إِلَى الْحُلُول وَالْإِقَامَة وَهَذَا مَذْهَب الْعَرَب أَلا ترى إِلَى قَول النَّابِغَة (وَلا زَالَ قَبرٌ بَينَ بُصْرَى وَجاسمٍ ... عَلَيْه مِنَ الوَسْمِيّ سَحّ وَوَابِلُ) (فَيُنْبِتُ حَوْذانا وَعَوْفا مُنَوِّراً ... سأُتْبِعُهُ مِنْ خَير مَا قالَ قائِلُ) وَكلما اشْتَدَّ الْمَطَر كَانَ أجم لنباته وأمرع وَقد عَابَ عَلَيْهِ قوم قَوْله كأيدي الْخَيل أَبْصرت المخالي وَقَالُوا هُوَ من الْكَلَام الْبَارِد ودعاؤه بالسقيا قد أكثرت الشُّعَرَاء فِيهِ قَالَ ابْن المعتز (يَا غَيْثُ سَقِّ مُحَمَداً ... جُوداً عًلًيْهِ كمَا فَعَل) وَقَالَ الحصني (سَقَى جَدَثا بعَرْصَةِسُرّ مَرّا ... سَحابٌ ماؤُهُ سَحَ سَكوبُ) (رَضِينا أنْ يَصُوبَ لَهُ سُحَابٌ ... كَمَا كانَتْ أنامِلُهُ تَصُوبُ) وَقَالَ الآخر (سَقَى جَدَثا ثَوَيْتَ بِهِ مُلِثّ ... كَبَعْضِ نَدَاك مُنْسَرَحٌ هَطولُ) 19 - الْإِعْرَاب الْوَجْه أَن يَقُول خَالِيا بنصبه على الْحَال كَمَا تَقول عهدي بك شجاعا وشربي السويق ملتوتا وَلكنه أسْكنهُ على قَول من قَالَ رَأَيْت قَاضِي الْمَعْنى يَقُول لم أر مجدا خَالِيا مِنْك أَيَّام حياتك فَأَنا بعد موتك أسائل عَنْك كل مجد وَجعل الْمجد كَأَنَّهُ ربعهَا يسْأَله عَنْهَا يَقُول أَنا أطلب أخبارك من كل مجد لِأَنَّك كنت مُلَازمَة لَهُ وَقَالَ قوم فِي إِعْرَاب قَوْله خَال هُوَ نعت لمجد فَيكون الْمَعْنى لَيْسَ عهد بمجد خَال مِنْك وعَلى هَذَا لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَة 20 - الْغَرِيب الْعَافِي السَّائِل والبكا يمد وَيقصر الْمَعْنى يَقُول إِذا مر السَّائِل بِقَبْر هَذِه الْميتَة يذكر مَا كَانَ يَشْمَلهُ مِنْهَا أذهله الْبكاء والحزن عَن الطّلب وشغله الْبكاء عَن السُّؤَال وَقد نَقله من قَول البحتري (فلمْ يَدْرِ رَسْمُ الدَّار كَيْفَ يُحيبُنا ... وَلا نحنُ مِن فَرْطِ البُكا كيفَ نَسألُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 - الْغَرِيب الجدوى الْعَطاء والإفضال الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أَن الْمَوْت حَال بَينهَا وَبَين الْعَطاء لكَانَتْ تُعْطِي السَّائِل قبل السُّؤَال كعادتها فِي الْحَيَاة يُرِيد وَمَا أعلمك وأعرفك بالإفضال عَلَيْهِ 22 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يقسم عَلَيْهَا بحياتها وَيَقُول هَل سلوت عَن النوال وحبه فَإِن قلبِي وَإِن بَعدت عَن أَرْضك غير سَالَ عَن نوالك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَجَمَاعَة هَذَا مِمَّا وَضعه فِي غير مَوْضِعه وَلَا يجوز أَن يرثى بِمثل هَذَا وَالْمعْنَى هَل سلوت عَن الْحَيَاة فَإِنِّي غير سَالَ عَن الْحزن عَلَيْك أذكرك وَإِن كنت بعيد عَن أَرْضك وأندبك وَإِن كنت منزحا عَن موضعك 23 - الْغَرِيب النعامي الْجنُوب وَهِي الرّيح الْقبلية وَالشمَال الرّيح الَّتِي تهب من نَاحيَة القطب الْمَعْنى يَقُول نزلت على كراهتنا بنزولك فِي مَكَان لَا يصيبك فِيهِ طيب الرِّيَاح بَعدت فِيهِ أَو بِهِ فَحذف للْعلم بِهِ كَقَوْلِه تعلى {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس} أَي فِيهِ 24 - الْغَرِيب الخزامي نبت طيب الرّيح والطلال جمع طل وَهُوَ الْمَطَر الصغار والأنداء جمع ندى الْمَعْنى يَقُول قد حجب عَنْك طيب الرّيح والرائحة وندى الأمطار لِأَن المقبور لَا يصل الَّذِي ذكر إِلَيْهِ فَذكر أَن الرِّيَاح مَعَ شدَّة هبوبها قصرت أَن تدركك مَعَ سرعَة مسيرها فَدلَّ على أَنَّهَا فِي بطن الأَرْض وَأَشَارَ بِأَحْسَن إِشَارَة إِلَى اللَّحْد ثمَّ أكد ذَلِك بِأَن قَالَ تحجب عَنْك ريح الرياض العبقة وَيمْنَع مِنْك أنداء طلالها الْمُوَافقَة وَأَشَارَ بالخزامي والأنداء إِلَى الرياض 25 - الْغَرِيب المنبت الْمُنْقَطع الْمَعْنى يَقُول كل سَاكن بِهَذِهِ الدَّار وَهِي الْمقْبرَة غَرِيب بعيد عَن أَهله وعشيرته وَطَالَ هجرهم إِيَّاه وَانْقطع وصاله عَنْهُم وَهُوَ من قَول أبي عَطاء (فإنَّكَ لْم تَبْعَدْ عَلى مُتَعَهِّدٍ ... بَلى كُلُّ من تحتَ التُّرابِ بَعيدُ) وَمثله لإِبْرَاهِيم بن الْمهْدي (تَبَدَّلَ دَاراٌ غَيرَ دَارِي وَجِيرَةً ... سِوَايَ وأحْداثُ الزَّمانِ تَنُوبُ) (أقامَ بِها مُسْتَوْطِنا غَيرَ أنَّهُ ... عَلى طُولِ أيَّامِ المُقامِ غَرِيبُ) 26 - الْأَعْرَاب حصان خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْغَرِيب الحصان العفيفة المالكة لنَفسهَا الْمَعْنى يَقُول هِيَ امْرَأَة عفيفة مثل مَاء المزن فِي النَّقَاء وَالطَّهَارَة كاتمة السِّرّ صَادِقَة فِي القَوْل 27 - الْغَرِيب النطاسي الحاذق فِي الْأُمُور والشكايا وأحدها شكوى الْمَعْنى يُرِيد بواحدها ابْنهَا الَّذِي هُوَ وَاحِد النَّاس وفردهم يمرضها ويزيل علتها طَبِيب الامراض يَعْنِي فِي مَرضهَا وَابْنهَا طَبِيب الْمَعَالِي يُرِيد انه الْعَالم بأدواء الْمَعَالِي فيزيلها عَنْهَا حَتَّى تصح معاليه فَلَا يكون فِيهَا نقص وَالْمعْنَى يُرِيد أَن هَذِه لشرفها فِي قَومهَا قد ولدت طَبِيب الْمَعَالِي وَوَاحِد الْفَضَائِل 28 - الْغَرِيب الثغر ثغر الْعَدو وَهُوَ الْموضع الَّذِي بِقرب الْعَدو والأسل الرماح الْمَعْنى يَقُول إِذا ذكرُوا لَهُ عِلّة بثغر شفت من دائها أسنته وَأمنت مخافتها سيوفه وَلَكِن الْمَوْت لَا يدْفع بِقَدرِهِ وَلَا يعتصم مِنْهُ بِمَنْعه وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الاخيلية (إذَا هَبَطَ الحْجَّاج أرْضّا مَرِيضَةً ... تَتَبَّعَ أقْصَى دائها فَشَفاها) (شَفاها مِنَ الدَّاءِ العُضَالِ الَّذي بهَا ... عُلامٌ إذَا هَزَّ القَناةَ شَقاها) وَقَالَ أَبُو تَمام (وَقَدْ نُكِسَ الثَّغْرُ فابْعَثْ لَهُ ... صُدورً القَنا فِي ابْتِغاءِ الدَّوَاءِ) 29 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّهَا كَانَت مستورة قبل ستر الْقَبْر وَلَيْسَت من اللواتي يعد لَهَا الْقَبْر سترا فَإِنَّهَا كَانَت محجوبة والحجال هُوَ مَا يستر النِّسَاء وَهُوَ الخدر وَهُوَ جمع حجلة وَهُوَ بَيت صَغِير فِي جَوف الْبَيْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْمَرْأَة لَيست من السوقة تتبع جنازتها باعة وتجار يَنْفضونَ نعَالهمْ من التُّرَاب إِذا رجعُوا وَإِنَّمَا كَانَت ملكة جليلة الْقدر والجنازة بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَاحِد وَقيل بِالْفَتْح النعش إِذا كَانَ الْمَيِّت فِيهِ وبالكسر النعش 31 - الْغَرِيب قَوْله حوليها يَعْنِي حولهَا تَقول حولك وحوليك وحواليك وحوالك بِمَعْنى وَاحِد والمرو حِجَارَة بيض براقة يكون فِيهَا النَّار والزف صغَار الريش والرئال جمع رأل وَهُوَ ولد النعام الْمَعْنى يَقُول لشرفها وَشرف وَلَدهَا مَشى الْأُمَرَاء حول جنازتها حُفَاة يطئون الْحِجَارَة فَكَأَنَّهَا عِنْدهم لشدَّة الْحزن ريش النعام فَلم يحسوا بخشونة الأَرْض تَحت أَقْدَامهم لما فِي نُفُوسهم من الْحزن قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول ابْن الرُّومِي (لَوْ أفْرَشُوها الجَنْدَلَ المُضَرَّسا ... تحْتَ الجُنُوب حسِبْتَهُ السُّنْدُسا) 32 - النقس المداد وَهُوَ السوَاد والغوالي جمع غَالِيَة وَهُوَ نوع من الطّيب وأصل النقس المداد قَالَ بعض الْعَرَب فِي وصف كَاتب (قِرْطاسُهُ مِنَ البَياضِ شَمْسُ ... وَنِقْسُهُ لَيْلٌ عَلَيْهِ يَرْسو) الْمَعْنى يَقُول جواري هَذِه المفقودة خرجن من الْخُدُور وَكن مخبآت لَا تراهن الشَّمْس فأبرزت لأجل مَوتهَا وجعلن السوَاد على وجوههن مَكَان الطّيب وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن المعتز (قَدْ كانَتِ الأبْكارُ بِيضاً فاغْتَدَتُ ... سُوداً لِفَقْدِكَ أوْجُهُ الأبْكارِ) (وَهَتَكْنَ أسْتارَ الحْيَاءِ وَطالَمَا ... سُترَتْ مَحَاسِنُهُنَّ بالأسْتار) (وَظَهَرْنَ لِلأَبْصَارِ بَعْدَ تَسَتُّرِ ... بالحُجْبِ دُونَ لَوَاحِظِ الأبْصَارِ) وَقد أحسن الْقَائِل الْمَعْنى (قدْ كُنَّ يَخْبَأْنَ الوُجُوهُ تَسَتُّراً ... فلَان حِينَ بَدَوْنَ لنُّظَّارِ) 33 - الْمَعْنى يَقُول أتهن الْمُصِيبَة على غَفلَة فبيناهن يبْكين دلالا بكين حزنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 فاختلط الدمعان فهن يبدين الدَّلال مَعَ الْحزن والذلة مَعَ الْحسن وَهَذَا من أبدع الْمعَانِي وَلَو لم يكن لَهُ فِي ديوانه إِلَّا هَذَا لكفاه 34 - الْمَعْنى يَقُول لَو أَن نسَاء الْعَالم كهذه المفقودة فِي الْكَمَال والعفاف لفضلن على الرِّجَال قَالَ ابْن وَكِيع ينظر إِلَى قَول عَليّ بن الجهم (إذَا مَا عُدَّ مِثْلُكُمُ رِجالاً ... فَمَا فَضْلُ الرِّجال عَلى النِّساءِ) 35 - الْإِعْرَاب من روى عيب وفخر بِالرَّفْع جعل مَا تميمية وَمن نصبهما جعلهَا حجازية وَهِي بِمَعْنى لَيْسَ وَجَاء الْقُرْآن بالحجازية فِي قَوْله {مَا هَذَا بشرا} وَفِي قَوْله {مَا هن أمهاتهم} فِي قِرَاءَة الْجَمَاعَة وَقَرَأَ الْأَعْمَش عَن عَاصِم بِالرَّفْع الْمَعْنى يَقُول رب تَأْنِيث يقصر التَّذْكِير عَنهُ وَلَا يبلغ مبلغه وَلَا ينَال مَوْضِعه ثمَّ بَين ذَلِك بِأَن الشَّمْس مُؤَنّثَة وَالْفضل لَهَا وَالْقَمَر مُذَكّر وَلَيْسَ يعدل بهَا احْتج لتفضيل الْمَرْأَة على الرجل بِحجَّة لم يسْبق إِلَيْهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن الشَّمْس مُؤَنّثَة وَهِي النُّور الَّذِي يزْعم بعض النَّاس أَنَّهَا تنير فِي السَّمَاء كَمَا تنير فِي الأَرْض وَوصف الْهلَال بالتذكير وَهُوَ كثير التنقل ويصيبه المحاق فَجعل ذَلِك كالنقص فِيهِ وَمثله للْآخر (والشَّمْسُ لَيْسَ بضَائِرٍ تَأْنِيثُها ... وَتَزيدُ بالنُّور المُنِير عَلى القَمَرْ) 36 - الْمَعْنى يَقُول أعظم المفقودين فجعة وأجلهم مُصِيبَة من فقد مِثَاله قبل فَقده وَعدم نَظِيره قبل مَوته والمفقودة كَذَلِك لِأَنَّهَا لم يماثلها أحد فِي فضائلها مُدَّة حَيَاتهَا فعظمت الفجعة بهَا عِنْد مماتها فَإِن من وجد لَهُ نَظِير يتسلى عَنهُ 37 - الْغَرِيب يُرِيد الْأَوَائِل وَلكنه قلب وَهُوَ كثير فِي أشعارهم أنْشد سِيبَوَيْهٍ (تَكادُ أوَالِيها تَفَرَّى جُلُودُها ... وَيَكْتَحِلُ التَّالي بَمُورٍ وَحاصِبِ) الْمَعْنى ندفن الْأَمْوَات ونمشي على رُؤْسهمْ بعد مَوْتهمْ وَالْمعْنَى أَن الْإِنْسَان مطبوع على المساوة مجبول على الْأَعْرَاض عَن الرزية والحي يدْفن الْمَيِّت وَالْآخر يطَأ قبر الأول فَلَا يَنْفَكّ من فقد وَدفن وَلَا يعْتَبر بِمن يدْفن بل يمشي على قُبُورهم وَهُوَ من قَول قس بن سَاعِدَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 (وَيخْلُفُ قَوْمٌ خِلافا لِقَوْمٍ ... وَيَنْطِقُ لِلأَوَّل الأوَّلُ) وَالْأَصْل فِيهِ قَول النَّابِغَة (حَسْبُ الخَلِيلَينِ أنَّ الأرْضَ بينهُما ... هَذَا عَلَيها وَهَذَا تَحٍ تَها بالي) 38 - الْغَرِيب الجنادل جمع جندلة وَهِي الْحِجَارَة والرمال جمع رمل الْمَعْنى يَقُول كم عين كَانَت لعزتها وشرفها تقبل نَوَاحِيهَا فَصَارَت تَحت الأَرْض مكحولة بِالْحِجَارَةِ والرمل 39 - الْغَرِيب المغضى الصابر عَن قدرَة والخطب الْأَمر الْعَظِيم وأصل الإغضاء إطباق الجفون بَعْضهَا على بعض الْمَعْنى يَقُول كم من إِنْسَان قد أغضى للْمَوْت وَكَانَ لَا يغضي للخطوب الشَّدِيدَة وَكم من بَال لَو رأى فِي جِسْمه هزالًا كَانَ يشْتَغل بِهِ ويفكر فِي أمره وَالْمعْنَى كم من إِنْسَان كَانَ يحذر الضير ويتوقعه نزل بِهِ الْمَوْت وأبلاه قبل مَا كَانَ يحذرهُ وَهُوَ ينظر إِلَى قَول البحتري يرثي غُلَاما لَهُ (وأصْفَحُ لِلْبِلَى عَنْ ضَوْءِ وَجْهٍ ... غَنِيتُ يَرُوعُنِي فِيهِ الشُّحُوبُ) 40 - الْغَرِيب استنجد من النجدة وَهِي الْإِعَانَة أَي اسْتَعِنْ الْمَعْنى يَقُول يَا سيف الدولة اسْتَعِنْ بِالصبرِ فَأَنت أَهله وَأثبت من الْجبَال فَلَا يُوجد مثلك فِي رزانتك وركانتك للجبال 41 - الْغَرِيب السجال الْحَرْب الَّتِي يتداول فِيهَا الْغَلَبَة وَذَلِكَ أدعى إِلَى شدتها وَهِي أَن تكون مرّة على هَؤُلَاءِ وَمرَّة على هَؤُلَاءِ وَمِنْه قَول أبي سُفْيَان لهرقل حِين سَأَلَهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ انتم فِي حربه فَقَالَ الْحَرْب بَيْننَا سِجَال الْمَعْنى يَقُول أَنْت أهل العزاء لِأَن العزاء مِنْك يتَعَلَّم والجدير بِالصبرِ لِأَن الصَّبْر إِلَيْك ينْسب وَبِك يَقْتَدِي فِي الْإِقْدَام على الْمَوْت والنفاذ فِي غَمَرَات الْمَوْت والاستقلال بشدائدها وَمثله لديك الْجِنّ (نَحْنُ نُعَزّيكَ وَمِنْكَ الهُدَى ... مُسْتَخْرَجٌ والنُّورُ مُسْتَقْبَلُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 - يَقُول تتلون حالات الزَّمَان عَلَيْك فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والشدة والرخاء وحالك وَاحِدَة لَا تخْتَلف فِي كرم نَفسك ونفاذ عزمك وَمَا يتكفل الله بِهِ من جميل الْعَاقِبَة لَك وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (لَا أُمْسِكُ المَالَ إلاَّ رَيْثَ أُتْلِفُهُ ... وَلا يُغَيّرِني حالٌ إِلَى حَال) 43 - الْغَرِيب غيضت نقصت وَمِنْه وغيض المَاء تَقول غاض المَاء وغضته والجموم الْكثير تَقول بِئْر جموم إِذا كَانَ كثير المَاء وَفرس جموم كثير الجري والعلل هُوَ الشّرْب الثَّانِي بعد النهل والدخال أَن يدْخل بعير قد شرب بَين بَعِيرَيْنِ لم يشربا لِيَزْدَادَ شربا والغرائب جمع غَرِيبَة وَهِي الَّتِي ترد على الْحَوْض وَلَيْسَت لأهل الْحَوْض الْمَعْنى ضرب هَذَا مثلا وَهُوَ دُعَاء لَهُ بدوام عطائه يُرِيد لَا أعدم الله العفاة جزيل عطائك وتتابع إحسانك لِأَنَّك بَحر يتدفق مَعَ كَثْرَة الواردين لَهُ وَيزِيد مَعَ ترادف الشارعين فِيهِ وينال مِنْهُ الْغَرِيب القاصد كَمَا ينَال الْقَرِيب القاطن قَالَ الواحدي روى الْأُسْتَاذ أَبُو بكر الفرائت والدجال وَقَالَ هُوَ جمع فرات يُرِيد أَنهَار الْفُرَات المتشعبة مِنْهُ والدجال جمع دجلة وَيُرِيد بعللها مَا يُصِيبهَا من النُّقْصَان وَهَذَا تَصْحِيف وَالصَّحِيح الرِّوَايَة الأولى 44 - الْمَعْنى يَقُول بَيَان فضلك على الْمُلُوك كبيان فضل الاسْتقَامَة على الْمحَال وَالْمعْنَى أَنْت تفضلهم كفضل الْمُسْتَقيم على المعوج 45 - الْمَعْنى يَقُول إِن فضلت النَّاس وَأَنت من جُمْلَتهمْ فقد يفضل بعض الشَّيْء الْكل جملَة كالمسك وَهُوَ بعض دم الغزال يفضله فضلا كثيرا وَالْمعْنَى إِن فاق الْأَنَام وَهُوَ مُهِمّ وفضلهم مَعَ مشاركته فِي الْجِنْس لَهُم فآلك من دم الغزلان فِي أَصله وَسَائِر دم الْحَيَوَان يقصر عَنهُ وَرب وَاحِد قد بذ أمة وَبَعض قد فَاتَ جملَة قَالَ الواحدي قَالَ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّاعِر كَانَ سيف الدولة يسر بِمن يحفظ شعر أبي الطّيب فَأَنْشَدته يَوْمًا (رأيْتُكَ فِي الذَِّينَ أرَى مُلُوكا ... ) فَقلت وَكَانَ أَبُو الطّيب حَاضرا هَذَا الْبَيْت وَالَّذِي يتلوه لم يسْبق إِلَيْهِ فَقَالَ سيف الدولة كَذَا حَدثنِي الثِّقَة أَن أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ كَمَا قلت فأعجب المتنبي واهتز فَأَرَدْت أَن أحركه فَقلت إِلَّا أَن فِيهِ عَيْبا فِي الصَّنْعَة فَالْتَفت المتنبي الْتِفَات حنق وَقَالَ مَا هُوَ قلت قَوْلك مُسْتَقِيم فِي محَال والمحال لَيْسَ من ضد الاسْتقَامَة بل ضدها الاعوجاج فَقَالَ الْأَمِير هَب القصيدة جيمية فَكيف تعْمل فِي تَغْيِير قافية الْبَيْت الثَّانِي فَقلت عجلا كرد الطّرف (فإنَّ البَيْضَ بَعْضُ دَمِ الدَّجاجِ ... ) فَضَحِك ثمَّ ضرب بِيَدِهِ الأَرْض وَقَالَ حسن مَعَ هَذِه السرعة إِلَّا أَنه يصلح أَن يُبَاع فِي سوق الطير لَا مِمَّا يمدح بِهِ أمثالنا يَا أَبَا الْحسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 - 1 الْإِعْرَاب إِلَى من حُرُوف الْجَرّ دخلت على مَا الاستفهامية فبينت بِنَاء كلمة وَاحِدَة وَسَقَطت الْألف من مَا اسْتِخْفَافًا واعتداد بإلى الموصولة بهَا وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي بِمَ وفيم وَعم وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِك بِمَا الخبرية وَمن الْعَرَب من يقف على مثل هَذَا بِالْهَاءِ فَيَقُولُونَ إلامه وَعَمه وفيمه ولمه وَقد قَرَأَ البزي عَن ابْن كثير فِي هَذَا كُله بِالْهَاءِ فِي الوفق وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى حذف الْألف من هَذَا كَثْرَة الِاسْتِعْمَال الْغَرِيب طماعية مصدر بِمَعْنى الطمع كالكراهية وَالْعَلَانِيَة الْمَعْنى يَقُول إِلَى مَتى يطْمع العاذل فِي استماعي كَلَامه وَالْحب يَقع اضطرارا لَا اخْتِيَارا والعاقل لَا يَقع فِي شرك الْحبّ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا معنى للوم فِيهِ لِأَن الْمُحب مغلوب على أمره فَلَا فَائِدَة فِي لومه وَقد نَقله من قَول السَّلمَانِي (وَما مِنْ فَتَى فِي النَّاسِ يُحْمَدُ عقله ... فَيُوجَدُ إلاَّ وَهْوَ فِي الحَبِّ أحمَقُ) وَهَذَا الْبَيْت ظَاهره أَن معنى عَجزه غير مُتَعَلق بِمَعْنى صَدره وَأَيْنَ قَوْله فِي ظَاهره وَلَا رَأْي فِي الْحبّ من قَوْله إلام طماعية وَفِي تعلقه بِهِ وُجُوه أَحدهَا يُرِيد إلام يطْمع عذلي فِي إصغائي إِلَى قَوْله والعاقل إِذا أحب لم يبْق لَهُ مَعَ الْحبّ رَأْي يصغى بِهِ إِلَى قَول نَاصح فعذله غير مجد نفعا وَالثَّانِي أَن الْعَاقِل لَا يرتثي فِي الْحبّ فَيَقَع اخْتِيَارا وَإِنَّمَا يَقع فِيهِ اضطرارا فَلَا معنى لعذله وَالثَّالِث أَن الْعَاقِل لَيْسَ من رَأْيه أَن يورط نَفسه فِي الْحبّ وَإِنَّمَا ذَلِك فِي فعل الْجَاهِل وعذل الْجَاهِل أضيع من سراج فِي الشَّمْس وَكَيف يطْمع فِي نزوعه الحديث: 176 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 - الْغَرِيب الطباع والطبيعة بِمَعْنى وَاحِد وَهِي الخليقة الْمَعْنى يَقُول العاذل يُرِيد من قلبِي أَن يسلاكم وَقد جرى حبكم فِيهِ مجْرى الطبيعة وَحل فِيهِ مَحل الخليقة والطبيعة لَا تنقاد لناقلها وَلَا تتأتى لمخالفها وَهَذَا كَقَوْل الْعَبَّاس ابْن الْأَحْنَف (لَا تحْسَبِيني عَنْكُمُ مُقَصِّراً ... إنّي عَلى حُبِّكِ مَطْبُوعُ) وَأَصله من قَول حَاتِم (وَلا مَا تَرَوْنَ اليَوْمَ إلاَّ طَبائِعا ... فكيفَ بَتر كي يَا ابنَ أُمَّ الطَّبائِعا) قَالَ ابْن القطاع قد أفسد هَذَا الْبَيْت سَائِر الروَاة فَرَوَوْه وتأبى بِالتَّاءِ وَهُوَ غلط لَا يجوز قَالَ قَالَ لي شَيْخي أَخْبرنِي أَبُو عَليّ بن رشدين قَالَ لما قَرَأت هَذَا الْبَيْت قرأته بِالتَّاءِ فَقَالَ لم أقل هَكَذَا إِلَّا أَن الطَّبْع والطباع والطبيعة وَاحِد والطبع مصدر لَا يثنى وَلَا يجمع والطبيعة مُؤَنّثَة وَجَمعهَا طبائع والطباع وَاحِد مُذَكّر وَجمعه طبع ككتاب وَكتب وَلَيْسَ الطباع جمعا لطبع وَهَذَا الْبَيْت من كَلَام الْحَكِيم قَالَ الْحَكِيم نقل الطباع من رَدِيء الأطماع شَدِيد الِامْتِنَاع 3 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّه يعشق تحول جِسْمه يأنس باتصال سقمه ويعشق كل تاحل لمشابهته إِيَّاه فِي حَاله وَالْمعْنَى أعشق نحولي لِأَن عشقكم أدّى إِلَيْهِ قَالَ أَبُو الْفَتْح وَفِيه معنى قَول أبي الشيص (أجِدُ المَلامَةَ فِي هَوَاكِ لَذِيذَةً ... حُبَّا لذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ) وَهُوَ معنى قَول الآخر (أُحِبُّ لِحُبِّها السُّودانَ حَتَّى ... أُحِبُّ لأجْلِها سُودَ الكِلابِ) 4 - الْمَعْنى يَقُول أحبكم وَأحب حبكم حَتَّى لَو ذهب الْحبّ عني لبكيت على فراقكم فَلَو فارقتموني وَلم أبك على فراقكم سلوا عَنْكُم بَكَيْت على مَا فَاتَ وَزَالَ من حبي لكم استغباطا لذَلِك فِيكُم واستعذابا لما أَلْقَاهُ بكم وَقَوله وَلَو زلتم وتعقبيبه فِي آخر الْبَيْت بالزائل من أَبْوَاب البديع فِي الشّعْر يعرف بالضدين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 - الْغَرِيب المسلك السابل الطَّرِيق الجادة الْمَعْنى يَقُول أينكر خدي مَا أسيل عَلَيْهِ من الدمع وَهُوَ يسكن من ذَلِك إِلَى حَال قد عرفهَا وَعَادَة قد ألفها وَيجْرِي مِنْهُ فِي طَرِيق مسلوك وسبيل معمور لَا يُنكر خدي دموعي 6 - الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ دمعي بِأول دمع جرى على فقد الْأَحِبَّة وَلَيْسَ حزني بِأول حزن على مفارق بل هَذَا الَّذِي لَا أعرف غَيره وَلَا أود فَقده 7 - الْمَعْنى يَقُول السلو حَظّ اللائم لَا حظي وَعِنْدِي من الشوق شغل شاغل يشغلني عَن اسْتِمَاع اللوم لِأَنِّي قد وهبت اللائم السلو الَّذِي يدعوني إِلَيْهِ والخلو الَّذِي يحضني عَلَيْهِ وَبت من الشوق فِيمَا يشغلني عَن لومه ومزهدني فِي عذله 8 - الْغَرِيب الثاكل الْمَرْأَة الَّتِي تفقد وَلَدهَا يُقَال ثَكْلَى وثاكل وثكول الْمَعْنى يَقُول الجفون كَأَنَّهَا شقَّتْ على مقلتي شبه قلَّة التقاء جفونه على مقلته واشتغاله بِمَا يذريه من عبرته بِثِيَاب مشقوقة على ثاكل موجعة ووالهة مفجعة وَشبه مقلتيه فِي حزنهما بِتِلْكَ الثاكل فِي وجدهَا وتبعيد السهر لما بَين جفونها بتشقيق الثاكل الثِّيَاب حداد وَهَذَا مِمَّا شبه فِيهِ شَيْئَانِ بشيئين وَهُوَ من أرفع وُجُوه البديع وَقد أَخذه الْوَزير أَبُو مُحَمَّد المهلبي فَقَالَ (تَصَارَمَتِ الأجْفانُ لَمَّا صَرَمْنَِي ... فَمَا تَلْتَقِي إلاَّ عَلى عَبرَةٍ تَجْرِي) 9 - الْغَرِيب أَبُو وَائِل هُوَ تغلب بن دَاوُد وَهُوَ ابْن عَم سيف الدولة الْمَعْنى أَنه خرج إِلَى وصف أبي وَائِل بِأَحْسَن خُرُوج فَقَالَ لَو كنت أَسِيرًا فِي غير الْحبّ ومغلوبا فِي غير سَبِيل الْعِشْق لاحتلت بحيلة أبي وَائِل وضمنت مَالا كَمَا ضمن مَالا حَتَّى أَنْفك من الْأسر 10 - الْغَرِيب النضار الذَّهَب القنا الذابل الرقَاق الْمَعْنى يَقُول ضمن لَهُم الذَّهَب ثمَّ أَعْطَاهُم الرماح يُشِير إِلَى جَيش سيف الدولة فَإِنَّهُ أَتَاهُم سرا فَقتل الْخَارِجِي واستنقذه بِغَيْر مَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 - الْغَرِيب الباسل الشجاع القوى وَالْخَيْل المجنوبة الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا فرسَان وَإِنَّمَا تجنب للْحَاجة إِلَيْهَا فَلَا تركب إِلَّا فِي وَقت الْحَرْب لكرمها الْمَعْنى يَقُول أَعْطَاهُم مَا تمنوا وطلبوا وَوَعدهمْ أَن يَقُود لَهُم الْخَيل فِي فدائه فَجَاءَت الْخَيل بالفرسان الشجعان لمحاربة الْخَارِجِي 12 - الْمَعْنى يَقُول كُنَّا بعد أسره فِي ظلمَة فَلَمَّا عَاد إِلَيْنَا كَانَ كمعاودة الْقَمَر بعد أفوله وَوَائِل مُشْتَقّ من وأل إِذا نجا وَوَائِل منون فَلَا يظنّ أَن الْبَيْت مصرع 13 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّه لما دعَاك إِلَى استنقاذه أَجَبْته وَلَو سكت لم تقعد عَنهُ فكم سَاكِت وَهُوَ بعيد عَنْك لست تقعد عَنهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قَائِل لَك يَسْأَلك حَاجته وَالْمعْنَى أَنه دعَاك على بعد مَحَله فأجبته على انزاح مستقره وَرب سَاكِت لبعده عَنْك كالمخاطب لَك لما يُوجِبهُ كرمك من اهتمامك بِشَأْنِهِ واعتنائك بأَمْره 14 - الْغَرِيب الجحفل الْجَيْش وَرجل جحفل أَي عَظِيم الْقدر والجحفلة لذوات الحوافر كالشفة للْإنْسَان الْمَعْنى يَقُول فلبيته إِذْ دعَاك بِنَفسِهِ فِي جَيش عَظِيم ضمنُوا لَهُ استنقاده وتكفلوا لَهُ برده إِلَى مَكَانَهُ ضَامِن يفك أسره كافل بتعجيل نَصره 15 - الْغَرِيب النَّقْع الْغُبَار والعارض السَّحَاب والوابل الْمَطَر الْكثير الْمَعْنى يُرِيد أَن خيل سيف الدولة خرجت من الْغُبَار فِيمَا يشبه السَّحَاب وَمن الْعرق الَّذِي أوجبه الركض فِيمَا يشبه الْمَطَر الشَّديد وَهَذَا من بديع الْكَلَام 16 - الْغَرِيب الصَّفَا الصخر والسياط جمع سَوط والماحل الَّذِي لم يمطر الْمَعْنى يَقُول لما نشفت الْخَيل من الْعرق لقِيت السِّيَاط من جلودها بِمثل الْحجر الأملس الَّذِي يكون فِي الْبَلَد الممحل وَهُوَ أبلغ فِي يبسه وَهَذَا من بديع الْكَلَام يُسمى التتميم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 - الْغَرِيب الشفون النّظر شفنته اشفته شفونا إِذا نظرت إِلَيْهِ بمؤخر عَيْنك فَأَنا شافن وشفون قَالَ الْقطَامِي (يُسارِقْنَ الكَلامَ إلَّى لَمَّا ... حَسِسْنَ حِذَارَ مُرْتَقِب شَفُون) ِ الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لم ينزلُوا عَن ظُهُورهَا خمس لَيَال حَتَّى بلغُوا أَبَا وَائِل يَقُول نظرت الْخَيل إِلَى أبي وَائِل الْمَطْلُوب قبل النّظر إِلَى نَازل عَن ظُهُورهَا هَذَا قَول أبي الْفَتْح قَالَ سَأَلته عَن مَعْنَاهُ فَقَالَ لي هَذَا وَالْمعْنَى أَن فرسَان هَذِه الجيل لم يفتروا فِي الركض حَتَّى أوقعوا بالقوم الَّذين أَسرُّوا أَبَا وَائِل 18 - الْغَرِيب الْبري التُّرَاب قَالَ مدرك بن حُصَيْن (بفِيكَ مِنْ سارٍ إِلَى القَوْمِ البَرَي ... ) والبرية مِنْهُ لأَنهم من التُّرَاب فَهُوَ على هَذَا غير مَهْمُوز تَقول براه الله يبروه بروا أَي خلقه وَقيل الْبَريَّة الْخلق وَأَصله الْهَمْز وَالْجمع البرايا والبريات وَقَرَأَ البريئة بِالْهَمْزَةِ نَافِع وَابْن ذكْوَان الْمَعْنى يَقُول دَانَتْ فاعلت من الدنو أَي أَن قَوَائِمهَا ساخت فِي التُّرَاب إِلَى مرافقها ثِقَة بَان الدَّم الَّذِي يجريه ركابهَا سيغسلها ويزيل عَنْهَا التُّرَاب وَقَالَ الْخَطِيب مددن أَيْدِيهنَّ فِي الجري حَتَّى دَانَتْ التُّرَاب وأذعن أَن الدَّم سيغسله عَنْهُن 19 - الْغَرِيب الكاذة لحم مُؤخر الْفَخْذ والبائل الَّذِي يتفحج ليبول والمستغير الَّذِي يطْلب الْغَارة الْمَعْنى يَقُول إِن هَذِه الْخَيل لشدَّة الْعَدو تتفحج لكرمها ونشاطها فَلم تَحْتك كاذتاها وَلَا تدانت عراقيبها وَهَذَا يحدث على الْخَيل الْكِرَام عِنْد الركض الشَّديد بل كَانَ مَا بَين كاذتي المغير مِنْهَا كَالَّذي يكون بَين كاذتي البائل لم تستحل عَن خلقهَا وَلَا اضْطَرَبَتْ فِي شئ من أمرهَا قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه يعرق فِي عدوه حَتَّى يسيل الْعرق بَين رجلَيْهِ قَالَ وَذكر فِي معنى هَذَا الْبَيْت أَن المنهزم يَبُول فرقا وَهَذَا لَا يَصح لِأَن المستغير لَا يكون مُنْهَزِمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 - الْغَرِيب الردينية الرماح نسبت إِلَى ردينة امْرَأَة كَانَت تقوم الرماح والمصبوحة الْفرس الَّتِي تسقى اللَّبن صباحا لكرامتها على أَهلهَا والشائل النَّاقة الَّتِي ابْتَدَأَ حملهَا فخف لَبنهَا قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن هَذَا فَقلت لَهُ الشائل لَا لبن لَهَا وَإِنَّمَا الَّتِي لَهَا بَقِيَّة من لبن يُقَال لَهَا الشائله بِالْهَاءِ فَقَالَ أردْت الْهَاء وحذفتها كَقَوْل كثير بن عبد الرَّحْمَن (لَعَمْرِي لَئِنْ أُمُّ الْحَكيمِ تَرحَّلَتْ ... وأخْلَتْ لِخَيْماتِ العُذَيْبِ ظِلالها) أَرَادَ العذيبة فَحذف الْهَاء وكقول أبي طَالب (وَحَيْثُ يُنِيخُ الأشْعَرُونَ كأنَّهُمْ ... لِمُفْضَي سُيولٍ مِنْ إسافٍ وَنائلِ) أَرَادَ نائلة وهما صمان فَحذف الْهَاء الْمَعْنى يَقُول إِن خيل سيف الدولة بعد جهدها فِي الطّلب وعرقها فِي الركض لقِيت مَعَ الْخَارِجِي أَشد مَا يلقاه الْأَعْرَاب الَّذين يطعنون بِالرِّمَاحِ وتعدو بهم كرائم الْخَيل الَّتِي تسقى اللَّبن عِنْد قلته وَالْحَاجة إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَن النوق إِذا شالت قل لَبنهَا واحتيج إِلَيْهِ فَهُوَ يؤثرون بِهِ الْخَيل لكرمها وَقَالَ ابْن القطاع حذف الْهَاء لإِقَامَة الْوَزْن والشائلة الَّتِي مر عَلَيْهَا من وَقت نتاجها سَبْعَة أشهر فخف لَبنهَا وَجَمعهَا شول والشائل بِلَا هَاء الَّتِي تشول بذنبها وَلَا لبن لَهَا وَجَمعهَا شول 21 - الْغَرِيب الإِمَام هُوَ الْخَارِجِي الْمَعْنى يَقُول وَلَقِيت هَذِه الْخَيل جَيش إِمَام إِمَامَته بَاطِلَة قَالَ أَبُو الْفَتْح قد صَحَّ أَن إِمَامَته بَاطِلَة لَا شكّ فِيهَا قَالَ الواحدي بل مَعْنَاهُ أَن إِمَامَته صَحِيحَة فِي الْبَاطِل يُرِيد أَن أَصْحَابه سلمُوا لَهُ الْإِمَامَة فَهُوَ إِمَام المبطلين ورد على أبي الْفَتْح قَوْله قَالَ الْخَطِيب يَقُول إِنَّه ركب جملا وَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابه يحثهم على الْقِتَال وَأعْرض عَن ركُوب الْخَيل لتيقنه أَن أَصْحَابهَا يهْلكُونَ دونه وَأَن الْغَلَبَة لَهُ 22 - الْغَرِيب ينحزن ينفعلن من الانحياز يَنْضَم بَعْضهَا إِلَى بعض والعاسل الَّذِي يجمع الْعَسَل من بيُوت النَّحْل الْمَعْنى يَقُول أَقبلت خبل الْخَارِجِي تنفر وتهرب من جَيش سيف الدولة نفور النَّحْل عَن العاسل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 - الْمَعْنى يَقُول لما ظَهرت لأَصْحَاب الْخَارِجِي رَأَتْ أسدها جمع أَسد وهم شجعانها وَيجوز أَن تكون الْهَاء فِي أسدها للأصحاب وَيجوز أَن تكون للخيل وَالْمعْنَى رَأَتْ أَسد أَصْحَابه أسدا تأكلها وتفنيها كَمَا كَانَت هِيَ تَأْكُل غَيرهَا وَالْمعْنَى كنت أَشْجَع مِنْهُم 24 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الضَّرْب وَإِن كَانَ لإفراطه جورا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة عدل لِأَن قل مثلهم عدل وقربة إِلَى الله تَعَالَى وَفِي مَعْنَاهُ لحبيب (أنْ لَسْتَ نِعْمَ الجارُ للسُّنَنِ الأُلَي ... إلاَّ إذَا مَا كُنْتَ بِئْسَ الجارُ) يُرِيد للْكفَّار وَقَالَ الْعَرُوضِي الْمَعْنى إِن جَار فِي الضَّرْب فقد عَم بِالْقَتْلِ فعدله أَنه لم ينفلت مِنْهُ أحد إِلَّا أَصَابَهُ من ذَلِك الضَّرْب وَإِن أفرط فِيهِ حَتَّى يصور جائرا فَلهُ فيهم قسْمَة الْعَادِل فِي الْقسم لِأَنَّهُ قطع مَا أصَاب فَجعله نِصْفَيْنِ فَصَارَ الضَّرْب كَأَنَّهُ يقسم بِالسَّوِيَّةِ والإنصاف وَالْمعْنَى انك بدوت لَهُم بِضَرْب عَم جَمَاعَتهمْ وَشَمل جُمْلَتهمْ أبلغ فيهم إبلاغ الجائر وأفرط إفراط المسرف وَسوى بَينهم تسويه الْعَادِل وَقد طابق بَين الْعدْل والجور 25 - الْغَرِيب الشذان المتفرقون والحافل الَّتِي حفل ضرْعهَا وامتلأ لَبَنًا الْمَعْنى يَقُول وبدوت لَهُم بطعن لَا يتَخَلَّص مِنْهُ شَاذ وَلَا نافر بلَى يَجْتَمعُونَ فِيهِ اجْتِمَاع اللَّبن الْكثير فِي الضَّرع وَالْمعْنَى جمع متفرقهم بشدته وحصرهم بمخافته كجمع الضَّرع درته 26 - الْمَعْنى يَقُول إِذا نظرت إِلَى فَارس من الْأَعْدَاء لم يقدر أَن يذهب عَنْك بل يضعف خوفًا مِنْك وهيبة وَلَا يقدر أَن يذهب ذهَاب الراجل وَقَالَ الْخَطِيب إِذا نظرت إِلَى الْفَارِس وَهُوَ أقدر على الْفِرَار من الراجل تحير فَلم يقدر أَن يذهب ذهَاب الْوَاحِد من الرجالة 27 - الْغَرِيب اللحى جمع لحية والناصل الَّذِي قد ذهب خضابه وَهُوَ فَاعل بِمَعْنى مفعول كَقَوْلِهِم نَاقَة ضَارب للَّتِي ضربهَا الْفَحْل وَكَقَوْلِه تَعَالَى {عيشة راضية} أَي مرضية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 الْمَعْنى يُرِيد أَن سيف الدولة خضب لحاهم بدمائهم غير أَنه لَا يُعِيد الخضاب على من نصل خضابه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الناصل الْمَضْرُوب بالنصل يُرِيد إِذا ضرب إنْسَانا بِسَيْفِهِ لم يبْق فِيهِ مَا يحْتَاج إِلَى إِعَادَة الضَّرْبَة أَي أَن هَذَا الْفَتى لَا يقْصد بخضابه التزيين وَإِنَّمَا يقْصد بِهِ الإهلاك فَلَيْسَ يحفل إِذا أهلك النَّفس بِمَا أَخطَأ فِي خضابه من الشّعْر وَهُوَ من قَول طرفَة (حُسامٌ إذَا مَا قُمْتُ مُنْتَضِيا لَهُ ... كَفى العَوْدَ منهُ البَدءُ ليسَ بِمِعْضَدِ) 28 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ مستغن بقوته عَمَّن ينصره فَلَا يستغيث إِلَى نَاصِر وَلَا يستكين من خذل خاذل لِأَنَّهُ وَحده يُغني عَن جَيش بشجاعته 29 - الْغَرِيب الوزع الْكَفّ والطرف الْفرس الْكَرِيم والهائل الْأَمر الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول لَا يكف فرسه عَن مقدم أَو إقدام يَعْنِي أَنه لَا يخَاف شَيْئا لجراءته وإقدامه وَلَا يهوله شئ فَيرد طرفه عَنهُ وَقد جانس بَين الطّرف والطرف 30 - الْغَرِيب التبل الثأر والترة وَلم يشأه لم يفته والماطل الَّذِي يمطل بِالدّينِ وَلم يسهل عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّيه الْمَعْنى يَقُول إِذا طلب ثأرا لم يفته وَإِن كَانَ مُمْتَنعا أمره متعذرا مَوْضِعه وَقَوله وَإِن كَانَ دينا ضربه مثلا وَالْمعْنَى أَنه يدْرك الثأر وَإِن بعد الْعَهْد 31 - الْغَرِيب أَتَاكُم بِمَعْنى جَاءَكُم وَهُوَ مَقْصُور والممدود بِمَعْنى أَعْطَاكُم وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَلَا تفرحوا بِمَا أَتَاكُم بِالْقصرِ لِأَنَّهُ أَرَادَ جَاءَكُم الْمَعْنى أَنه يُرِيد الِاسْتِهْزَاء بهم والتوبيخ لَهُم وَالْمعْنَى خُذُوا مَا جَاءَكُم بِهِ من ضَمَان أبي وَائِل فالغنيمة فِيمَا عجل لكم وَمَا تَأَخّر لَعَلَّه لَا يصل إِلَيْكُم وَالْمعْنَى يُرِيد مَا جَاءَكُم بِهِ من هَذِه الْوَقْعَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 - الْغَرِيب حمص بَلْدَة صَغِيرَة بِالشَّام على ثَلَاث مراحل من دمشق الْمَعْنى يَقُول إِن كُنْتُم قد استقللتم مَا جَاءَكُم بِهِ فِي هَذَا الْعَام من الْقَتْل والأسر والسبي فعودوا إِلَى حمص من الْعَام الْقَابِل فَإِنَّهُ يعود لكم بِمثل هَذِه الْوَقْعَة 33 - الْمَعْنى يَقُول إِن أعجبكم مَا فعل بكم فعودوا فَإِن الحسام الَّذِي خصبه من دمائكم فِي يَد من قتلكم وَهُوَ فِي يَد من قتل جماعتكم وأذل عزكم وأذهب نخوتكم 34 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ جواد يجود على السَّائِل بِمثل ضَمَان أبي وَائِل الَّذِي لم تدركوه وَالْمعْنَى أَنه يجود على سائله بِمثل الَّذِي رمتموه من الضَّمَان فأعجزكم ويسمح لقاصده بِمثل الَّذِي حاولتموه فأهلككم وَلَو سألتموه لعمكم فَضله وَلَو قصدتموه لشملكم عَفوه 35 - الْغَرِيب الكتيبة الْجَمَاعَة من الْخَيل وَالْعَامِل صدر الرمْح والزهو الْكبر وَالْفَخْر الْمَعْنى يَقُول هُوَ قُدَّام جَيْشه الَّذِي يفتخرون بِهِ بمَكَان السنان من الرمْح يُرِيد انه يتقدمهم كَمَا يتَقَدَّم السنان الرمْح وَالْإِمَام هُوَ قُدَّام الشَّيْء والوراء من الأضداد يكون بِمَعْنى خلف وَبِمَعْنى قُدَّام قَالَ الله تَعَالَى {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك} يَعْنِي قدامهم 36 - الْغَرِيب البازل من الْإِبِل الَّذِي قد ظهر نابه وجمل بازل وناقة بازل بِلَفْظ وَاحِد وَهُوَ الَّذِي فطر نابه فِي السّنة التَّاسِعَة وبزل يبزل بزولا وَرُبمَا بزل فِي السّنة الثَّامِنَة وَالْجمع بزل وبزل وبوازل الْمَعْنى يَقُول أعجب من هَذَا الْخَارِجِي الَّذِي ركب حملا وَيُشِير بكمه يأمل الظفر وَالظفر لَا يَأْتِي بتحريك الْكمّ وركوب الْجمل 37 - الْغَرِيب الْفرس الْحَائِل الَّذِي لم تحمل وَالْجمع حول وَإِذا حَالَتْ الْفرس أَو النَّاقة فَهُوَ أَشد لَهَا والماضي السَّيْف الْمَعْنى يَقُول هَل أوحى الله إِلَيْهِ أَلا تلق جَيش سيف الدولة بِسيف على فرس قوي يُرِيد الله أمره أَلا يَأْخُذ للحرب آلتها ويتأهب فِيهَا بأهبتها وَأَن لَا يلقى الْحَرْب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 بِسيف مَاض على فرس كريم حَائِل قيل إِن الْخَارِجِي كَانَ يَقُول لَا آتى إِلَّا بِمَا يَأْمُرنِي الله بِهِ فَكَانَ يَدعِي النُّبُوَّة 38 - الْغَرِيب غناك أَي سَمِعت صَوت رنته والكاهل أَعلَى مُجْتَمع الْكَتِفَيْنِ الْإِعْرَاب إِذا مَا ضربت صفة لقَوْله بماض الْمَعْنى يَقُول هَذَا السَّيْف إِذا ضربت بِهِ رَأس أحد بَرى رَأسه وَوصل إِلَى عظم الْكَاهِل فَجعل ذَلِك الصَّوْت كالغناء وَهُوَ من قَول النمر بن تولب (تَظَلُّ تَحْفِرُ عَنْهُ إنْ ضَرَبْتَ بِه ... بُعْدَ الذّرَاعَينِ والسَّاقَينِ وَالْهَادِي) وَمثله لأبي نواس (إذّا قامَ غَنَّتْهُ عَلى السَّاقِ حِلْيَةٌ ... لَهَا خَطْوُهُ وَسْطَ الفِناءِ قَصِيرُ) وَقد نظر إِلَى قَول مزرد (مِنَ المُلْسِ هِنْديّ مَتى يَعْلُ حَدُّهُ ... ذُرَا البَيْضِ لمْ تَسْلَمْ عليهِ الكوَاهلُ) 39 - الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ الْخَارِجِي بِأول من دَعَتْهُ همته إِلَى مَالا يَنَالهُ يُرِيد أَنه طمع فِي الْإِمَارَة وَالْولَايَة وَالْمعْنَى لَيْسَ هُوَ بِأول من هم بِمَا يمْتَنع عَلَيْهِ ورام مَا لَا يجد سَبِيلا إِلَيْهِ 40 - الْغَرِيب اللج العميق من الْبَحْر والموج جمع موجة والساحل جَانب الْبَحْر الْمَعْنى يَقُول إِن هَذَا الْخَارِجِي فِيمَا يتعاطاه من مقاومة جَيش سيف الدولة وعجزه عَن أقلهَا وَمَا رامه من التَّعَرُّض لشدَّة عَزَائِمه وهلاكه بأيسرها كمن يُرِيد أَن يَخُوض لجة الْبَحْر ويضعف عَن الْوُقُوف فِي شطه وَيُرِيد اقتحام معظمه والموج يغمره فِي ساحله وَالْمعْنَى أَنه يتَعَرَّض للصعب الْكَبِير وَهُوَ يعجز عَن السهل الحقير قَالَ أَبُو الْفَتْح يشمر للج يُرِيد تمويهه على الْأَعْرَاب واستغواءه إيَّاهُم وادعاءه فيهم النُّبُوَّة قَالَ وَيَعْنِي بالموج عَسْكَر سيف الدولة قَالَ ابْن فورجة أَي تمويه فِي أَن يشمر هَذَا الرجل عَن سَاقه لحوض اللجة وَالَّذِي أَرَادَ أَبُو الطّيب أَنه يدبر فِي ملاقاة مُعظم الْعَسْكَر والتوغل فِيهِ حَتَّى يصل إِلَى سيف الدولة وَيَأْخُذ الأهبة لذَلِك فَهُوَ كالمشمر عَن سَاقه لخوض مَاء وَقد غمره الموج فِي ساحله يُرِيد أَنه قد غرق فِي أَطْرَاف عسكره وَغلب بأوائله فَذهب تَدْبيره بَاطِلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 قَالَ الواحدي وَلقَوْل ابْن جنى وَجه حسن لم يقف عَلَيْهِ ابْن فورجة يَقُول إِن الْخَارِجِي كَانَ قد طمع فِي بَيْضَة الْإِسْلَام حَيْثُ ادّعى النُّبُوَّة فَجعل اللج لَهَا مثلا وَجعل سيف الدولة وَهُوَ قِطْعَة من عساكرنا وَوَاحِد من أمرائنا كالساحل وَقد غرق وَهُوَ فِي السَّاحِل فَكيف يصل إِلَى اللجة 41 - الْغَرِيب الْفَاصِل الْقَاطِع ويروي الْفَاضِل بالضاد وَالْفَاء وَهُوَ من صفة سيف الدولة الْمَعْنى يَقُول أما للخلافة من يشفق على سيفها أَو يمنعهُ من الحروب فِي الْقِتَال شَفَقَة عَلَيْهِ من أَن تصيبه آفَة فَتبقى الْخلَافَة وَلَا سيف لَهَا وَهَذَا سيفها الَّذِي بَان فَضله وارتضى سَعْيه 42 - الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ هُوَ سَيْفا فِي الْحَقِيقَة فَيحْتَاج إِلَى ضَارب وحامل وَإِنَّمَا هُوَ سيف الدولة المحامي عَنْهَا فَهُوَ يقطع الْأَعْدَاء من غير أَن يضْرب بِهِ ويسري إلَيْهِنَّ بِلَا حَامِل الْمَعْنى إِذا افْتقر السَّيْف إِلَى من يضْرب بِهِ كَانَ مُنْفَردا بِفِعْلِهِ وَإِذا التجأ إِلَى من يحملهُ كَانَ مكتفيا بِنَفسِهِ 43 - الْغَرِيب النقا الْكَثِيب من الرمل والجماجم جمع جمجمة والناخل فَاعل من نخل ينخل الْمَعْنى يَقُول تركت جماجم أَصْحَاب الْخَارِجِي وَقد فَارَقت أجسامها فِي الرمل لما أوقعت بهَا من الضَّرْب حَتَّى اخْتلطت بالرمل فَلم يتَخَلَّص لناخلها وَالْمعْنَى دست رُءُوسهم بحوافر الْخَيل حَتَّى لَو نخل الرمل الَّذِي قَتلتهمْ بِهِ لم يحصل من رُءُوسهم شَيْء 44 - الْمَعْنى يَقُول لَو قدرت السبَاع على النُّطْق لأثنت بِمَا شملها من إحسانك بِكَثْرَة الْقَتْلَى فكأنك بِمَا أوليتها من لُحُوم الْقَتْلَى أنبت لَهَا ربيعا وَهَذَا ترشيح للاستعارة بِأَن السبَاع لَا تَأْكُل الْحَشِيش وَلما اسْتعَار الرّبيع اسْتعَار النبت لَهُ وَالْمعْنَى أنبت من أَجْسَادهم ربيع السبَاع فأخصبت فِي لحومها إخصاب السَّائِمَة فِي ربيعها فأثنت بِمَا عَمها من فضلك وشملها من إحسانك وَهَذَا الْبَيْت من أحسن الْكَلَام وَهُوَ مَبْنِيّ على الِاسْتِعَارَة وَمثله قَوْله (وكانَ بِها مِثْلُ الجُنُونِ فأصْبَحَتْ ... وَمِنْ جُثَثِ القَتْلَى عَليها تَمائِمُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 - الْغَرِيب حلب مَدِينَة بِالشَّام مَعْرُوفَة كَانَت من ولَايَة سيف الدولة والحلى فِيهِ ثَلَاث لُغَات بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْبَاء وَبهَا قَرَأَ أَكثر السَّبْعَة وبكسر الْحَاء وَاللَّام وَالتَّشْدِيد وَبهَا قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وبفتح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَبهَا قَرَأَ يَعْقُوب وَالْحسن والعاطل الَّذِي لَا حلى عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول عدت إِلَى حلب مستقرك ظافرا فحليت بعد العطل بعودتك وأنست بعد الوحشة بأوبتك وَالْمعْنَى أَن زِينَة حلب بك 46 - الْغَرِيب الناعل ذُو النَّعْلَيْنِ كَمَا أَن الدراع ذُو الدرْع وَفِي الْمثل أطرى فَإنَّك ناعلة أَي خذي أطرار الطَّرِيق وخشونته فَإنَّك ذَات نَعْلَيْنِ الْمَعْنى يَقُول مَا فعلته وَأَنت غير متأهب لَهُ يعجز عَنهُ متأهب وَالْمعْنَى أَن هَذَا الْأَمر الْعَظِيم الَّذِي أَدْرَكته غير حافل بِهِ يعجز عَنهُ غَيْرك إِذا اجْتهد فِيهِ غَايَة الِاجْتِهَاد وكي بالحافي عَن المسترسل وبالناعل عَن الْمُجْتَهد المتأهب للأمور 47 - الْغَرِيب الشية الْعَلامَة تكون من غير اللَّوْن وَهُوَ خلط لون بلون والأبلق من كل لون الَّذِي فِيهِ سَواد وَبَيَاض والجائل الَّذِي يجول بَين الصفين الْمَعْنى يَقُول كم لَك من خبر شَائِع فِي النَّاس بفتوحك وظفرك فَهُوَ مشهر إشهار الأبلق الَّذِي يجول فِي الْخَيل فَلَا يخفي مَكَانَهُ وَالْمعْنَى كم لَك من خبر شَائِع ذكره وَمن فعل جليل قدره وَقد شهره كرمك كَمَا شهر الأبلق الجائل شيته وَتبين علامته وَضرب هَذَا مثلا 48 - الْغَرِيب الردي الْمَوْت والواغل الدَّاخِل على الْقَوْم فِي شرابهم من غير أَن يدعى والوارش الَّذِي يدْخل على الْقَوْم فِي طعامهم قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (فاليَوْمَ أشْرَبْ غَيرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إثْما مِنَ اللهِ وَلا وَاغِلِ) وَقَالَ أَبُو عَمْرو الوغل الشَّرَاب الَّذِي يشربه الواغل وَأنْشد قَول عَمْرو بن قميئة (إنْ أكُ مِسْكِيراً فَلا أشْرَبُ الْوَغْلَ ... وَلا يَسْلَمُ مِنِّي البَعيِرْ) الْمَعْنى يَقُول وَكم لَك من يَوْم أَقمت فِيهِ سوق الْحَرْب وتنازع بنوه شراب الردى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وتعاطوا كؤوس الْمَوْت فأبغض حُضُوره الواغل فِيهِ وَتكره شدته الصالي بِهِ وَهَذَا من بَاب الِاسْتِعَارَة 49 - الْغَرِيب العناة جمع عان وهم الأسرى والعفاة جمع عاف وهم السؤل والعناة يُرِيد بهم الأسرى وَمِنْه الحَدِيث اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّهُنَّ عوان عنْدكُمْ لِأَن الْمَرْأَة أسيرة فِي يَد الرجل وَيُقَال للخمر عانية لِأَنَّهَا كالأسير فِي المدن إِذا خففت الْيَاء فَإِذا شددتها نسبتها إِلَى عانة بَلْدَة على الْفُرَات بِالْقربِ من رحبة مَالك بن طوق الْمَعْنى أَنْت عادتك هَذِه الْأَشْيَاء تفك الأسرى من أسرهم وتغنى السَّائِلين عَن مَسْأَلَة غَيْرك وَتَعْفُو عَن كل مذنب وَالْمعْنَى بفك الأسرى ببأسك وتغنى السُّؤَال بكرمك وَتغْفر للجاهلين بِحِلْمِك 50 - الْإِعْرَاب معطيكه الْكَاف وَالْهَاء فِي مَوضِع خفض بِالْإِضَافَة وهما مفعولان فِي الْمَعْنى وَتَقْدِيره معطيك إِيَّاه الْغَرِيب الْأَجَل وَقت لَهُ أجل مَحْدُود وَالْأَجَل فِي غير هَذَا من قَوْلهم أجل الشَّرّ إِذا جَرّه وجناه قَالَ خَوات بن جُبَير (وأهْلِ خِباءٍ صَالحٍ كنْتُ بَينهمْ ... قَدِ احْتَرَبُوا فِي عاجِلٍ أَنا آجِلُهْ) يُرِيد جَانِبه وَبعده قَالَ (فأقْبَلْتُ فِي الساعيِينَ أسألُ عَنْهُمُ ... سُؤَالكَ بالشَّيءِ الَّذِي أنتَ جاهِلُه) وَمَعْنَاهُ أَنه مر بصبية يتضاربون فاستعانه بَعضهم على بعض فَضرب صَبيا مِنْهُم فَمَاتَ ثمَّ جَاءَ إِلَى أهل الْمَقْتُول يسألهم عَن الْخَبَر كَأَنَّهُ جَاهِل بِهِ الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بِأَن يهنئه الله بالنصر الَّذِي أعطَاهُ وَأَن يرضى سَعْيه فِي الْآخِرَة فعمه فِي هَذَا الدُّعَاء بِخَير الدَّاريْنِ وَهَذَا من أحسن الدُّعَاء وَالْمعْنَى فهناك الله مَا منحك من نَصره وزادك فِيمَا آتاك من فَضله وَوصل مَا وهب لَك من ذَلِك فِي العاجل بِمَا يرضيه من سعيك فِي الْأَجَل 51 - الْغَرِيب المومس والمومسة الْمَرْأَة الْفَاجِرَة والحابل الصَّائِد ذُو الحبالة وَهِي الشّرك والكفة بِالْكَسْرِ كل مستدير وبالضم كل مستطيل وبالفتح الْمرة الْوَاحِدَة من كففته وَقَوْلهمْ لَقيته كفة كفة بِفَتْح الْكَاف أَي استقبلته مُوَاجهَة وهما اسمان جعلا وَاحِدًا وتبينا على الْفَتْح مثل خَمْسَة عشر قَالَ الْأَزْهَرِي وَيُقَال فِي كفة الْمِيزَان بِالْفَتْح وجمعهما كفف الْمَعْنى يَقُول هَذِه الدُّنْيَا وَهِي الْمشَار إِلَيْهَا بِالدَّار فاجرة خوانة لأصحابها هِيَ كل يَوْم عِنْد وَاحِد وَهِي أخدع من حبالة الصَّائِد وَالْمعْنَى أَنَّهَا أَهْون من الْفَاجِرَة الَّتِي تخلف من وثق بهَا وأخدع من الحبالة الَّتِي تصرع من اطْمَأَن إِلَيْهَا 52 - الْغَرِيب الطائل مَا كَانَ لَهُ قدر وَهُوَ اسْم فَاعل من طَال الشَّيْء إِذا علاهُ وَمِنْه الطول بِفَتْح الطَّاء الْمَعْنى يَقُول الرِّجَال قد تفانوا على حبها وَلم يحصلوا من أمرهَا على طائل لِأَنَّهَا تَأْخُذ مَا تعطيه وتهدم مَا تبينه وتمر بعد حلاوتها وتعوج بعد استقامتها فَمن عرفهَا رفضها وَمن قدرهَا هجرها قَالَ ابْن الشجري الشريف هبة الله الْحسنى مَا عمل فِي ذمّ الدُّنْيَا مثل هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَصدق فِي قَوْله وَبَلغنِي أَن رَسُول الإفرنج دخل على الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب فَذكر هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ وَحقّ ديني مَا فِي الْإِنْجِيل موعظة أبلغ من هَذِه الموعظة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 - 1 هَذِه القصيدة من الْبَسِيط والقافية من المتراكب الْغَرِيب الممالك جمع مملكة وَهِي سُلْطَان الْملك فِي رَعيته والأسل الرماح والقبل جمع قبْلَة الْمَعْنى يَقُول أَعلَى الممالك مَا جَاءَ قسرا وَغَلَبَة بالطعن لَا مَا جَاءَ عفوا وَالْمعْنَى أَعلَى الممالك رُتْبَة وأظهرها رفْعَة مَا بنى على الْحَرْب وَدفع عَنهُ بالطعن وَالضَّرْب وَأَشَارَ بالأسل إِلَى هَذِه الْعبارَة وَمَا يكون الطعْن عِنْد محبَّة مَالِكه والقتال عِنْد محبه إِلَّا كالقبل المستعذبة وَاللَّذَّات المغتنمة وَعجز الْبَيْت من قَول الطَّائِي (يَسْتَعْدِبُونَ مَناياهُمْ كأنَّهُمُ ... لاييأَسُون مِنَ الدُّنيا إذَا قُتِلُوا) الحديث: 177 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 وَمعنى بَيت من أبي الطّيب أَنهم يستعذبون ويستلذون الطعْن استلذاذ الْقبل وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول عِنْد محبيه لِأَن الطعْن مصدر طعن إِلَّا أَنه جعله جمع طعنة وَكَانَ سَبَب قَول أبي الطّيب هَذِه القصيدة أَن أَحْمد هَذَا قصد الْموصل لقِتَال الْحسن ابْن عبد الله بن حمدَان أخي سيف الدولة فَسَار أَخُوهُ إِلَيْهِ إِلَى الْموصل لنصره فَلَمَّا أحس الديلمى بإقبال سيف الدولة صَالح أَخَاهُ الْحسن على أَن يبْعَث إِلَى السُّلْطَان من خراج الْموصل مَا جرت بِهِ عَادَته فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك ورحل عَن الْموصل من غير قتال وَرجع إِلَى بَغْدَاد فَقَالَ أَبُو الطّيب هَذِه القصيدة وأنشدها فِي ذِي الْقعدَة من سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مئة 2 - الْإِعْرَاب نصب دهرا على الظّرْف وَرفع قبل لِأَنَّهُ مَبْنِيّ لما قطع عَن الْإِضَافَة بناه على الضَّم الْغَرِيب التقلقل ضد السّكُون وَهُوَ الْحَرَكَة العنيفة والقلل جمع قلَّة وَهِي أَعلَى الرَّأْس مَأْخُوذ من قلَّة الْجَبَل الْمَعْنى يَقُول السيوف لَا تقر فِي الممالك حَتَّى تتحرك زَمَانا فِي رُءُوس الْأَعْدَاء وَالْمعْنَى إِنَّمَا تسكن سيوف فِي دولتها وتسكن فِي مملكتها حَتَّى تكون حركتها فِي ضرب رُءُوس المحالفين وتشتهر آثارها فِي قمع المعترضين فَحِينَئِذٍ تنوب رهبتها عَن استلالها وتغنى هيبتها عَن اسْتِعْمَالهَا وَأَشَارَ بذلك إِلَى انصراف الديلمي عَن الْموصل بِغَيْر حَرْب هَيْبَة لسيف الدولة وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (سأْجْهِد عَزْمي والمَطايا فإنَّنِي ... أرَى العَفْوَ لَا يُمْتاحُ إِلَّا من الجَهْدِ) 3 - الْمَعْنى يَقُول مثل سيف الدولة إِذا طلب أمرا تقربه الرماح والمطايا وَالْمعْنَى يَقُول إِن الْأَمِير لما قصد الْموصل لدفع الديلمي عَنهُ قرب ذَلِك لَهُ طول رماحه فِي وقيعته وإسراع خيله وَإِبِله إِلَى عَادَته وتلخيصه إِذا أَرَادَ أمرا لم يعسر عَلَيْهِ 4 - الْغَرِيب زحل من الْكَوَاكِب السَّبْعَة وَيُقَال هُوَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة الْمَعْنى يَقُول وقربها عَزمَة نَافِذَة بعثها مِنْهُ همة عالية يتواضع زحل عَنْهَا كتواضع الأَرْض عَن علو زحل 5 - الْإِعْرَاب لملقى اللَّام لَام الْأَجَل أَي لأجل خُرُوجه عَن حلب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 الْغَرِيب الأعاصير جمع إعصار وَهِي الرّيح تلتف بالغبار وَتَعْلُو مستطيله وَفِي الْمثل (إنْ كُنْتَ رِيحا فَقَدْ لاقَيْتَ إعْصَاراً ... ) والمقتبل الَّذِي تناهى شبابه وَلَيْسَ عَلَيْهِ للكبر أثر وَقَالَ الواحدي المقتبل الَّذِي تقبله الْعُيُون وحلب مَدِينَة مَعْرُوفَة والفرات نهر كَبِير مَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول إِن على الْفُرَات غبرات تثيرها كتائب سيف الدولة وَفِي حلب دَار مُسْتَقِرَّة وَحْشَة لملك قد عوده الله الظفر على أعدائه ولقاه النَّصْر فِي مقاصده مقتبلا فِي شبيبته متناهيا فِي قوته وَقَالَ الواحدي على الْفُرَات ريَاح فِيهَا غُبَار لمَكَان جَيش أَخِيك نَاصِر الدولة وَفِي حلب وَحْشَة لِأَنَّك بَعدت عَنْهَا وَيُرِيد بملقى النَّصْر سيف الدولة لِأَنَّهُ يلقى النَّصْر من حَيْثُ قصد 6 - الْمَعْنى أَنه ينذر أعداءه بكتبه أَولا فَإِن لم يطيعوه قصدهم بجيشه فَجعل خيله بَدَلا من رسله يُرِيد أَن كتبه لَيست لاستصلاح وَلَا إعتاب إِنَّمَا هِيَ للإعلام بِأَنَّهُ مُتَوَجّه إِلَيْهِم وَالْمعْنَى أَنه لَا يحب الظفر اغتيالا لشجاعته وقوته فأسنته أبدا تالية لكتبه وَهُوَ من قَول مُسلم (مَنْ كانَ يَخْتِلُ قِرْنا عِندَ مَوْقِفِهِ ... فإنَّ قِرْنَ عَلىّ غَيْرُ مُخْتَتَلِ) وَمن قَول البحتري (وَحتى اكْتَفَى بالرُّسْلٍ دُونَ الكَتائبِ ... ) 7 - الْغَرِيب الجزر الشَّاة الَّتِي أعدت للذبح وأجزرت الْقَوْم إِذا أعطيهم شَاة يذبحونا نعجة أَو كَبْشًا أَو عَنْزًا وَلَا يكون إِلَّا من الْغنم وَلَا يُقَال أجزرتهم نَاقَة لِأَنَّهَا قد تصلح لغير الذّبْح وجزر السبَاع اللَّحْم الَّذِي تَأْكُله وَيُقَال تركوهم جزرا بِالتَّحْرِيكِ إِذا قتلوهم الْمَعْنى يُرِيد أَنه يلقى الْمُلُوك إِذا خالفته فَلَا يلقى إِلَّا جزر سيوفه وَمَا أعدوه من سِلَاحهمْ وآلاتهم فَلَا يلقى إِلَّا غَنَائِم جيوشه لما عوده الله من الظفر والظهور عَلَيْهِم وإيقاعه بهم 8 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي مهجته لسيف الدولة لِأَن الضَّمِير إِذا عَاد على الْخَلِيفَة كَانَ إزراء بالممدوح لِأَنَّهُ من جملَته الْغَرِيب الْهِنْدِيّ السَّيْف الْكَرِيم مَنْسُوب إِلَى الْحَدِيد الْهِنْدِيّ والخلل أغشية الإعماد وَاحِدهَا خلة وَهِي جُلُود أغشية الإعماد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 الْمَعْنى يَقُول لما علم الْخَلِيفَة أَن سَيْفه الَّذِي يَسْطُو بِهِ صانه وَحفظه بالأبطال الَّذين أثبتهم فِي رسمه والحماة الَّذين اخْتَارَهُمْ لحفظه كَمَا يصان السَّيْف الْكَرِيم بالأغماد الَّتِي يَتَخَلَّل فِيهَا والجفون الَّتِي يحفظ بهَا وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الْخَلِيفَة شرفه بتلقيبه بِسيف الدولة 9 - الْإِعْرَاب من روى الْفِعْل بِالنّصب أَرَادَ يفعل الْفِعْل وَيَقُول القَوْل لِأَن أسم الْفَاعِل يعْمل عمل الْفِعْل وَمن روى بِالْجَرِّ جعله مُضَافا كَقَوْلِه تَعَالَى {والمقيمي الصَّلَاة} الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يفعل الْأَفْعَال بديعة غَرِيبَة مَا عرفهَا قبله أحد فيفعلها وبتركها على علم وَيَقُول من القَوْل مَا لم يُعلمهُ غَيره وَقَالَ الْخَطِيب أَفعَال سيف الدولة يَتْرُكهَا النَّاس لصعوبتها عَلَيْهِم وينطق بالحكمة الَّتِي لَا يصل إِلَيْهَا سواهُ وَقَوله {لم يتْرك} أَي لم يتْرك الْقَائِلُونَ طلبه وَلما لم يصلوا إِلَيْهِ كَانَ كَأَنَّهُ لم يقل وَقَالَ ابْن الأفليلي يفعل الْفِعْل الَّذِي قصر عَنهُ الفاعلون لِشِدَّتِهِ وَعظم شَأْنه فِي حَقِيقَته وَيَقُول القَوْل الَّذِي عجز عَنهُ الْقَائِلُونَ قبله فَلم يقدروا على مثله وَلَا قصدُوا إِلَى تَركه وَقَالَ الواحدي قَالَ أَبُو الْفَتْح كل أحد يطْلب معاليك إِلَّا أَنه لَا يُدْرِكهَا وَلَيْسَ هَذَا من معنى الْبَيْت فِي شَيْء وَلَكِن الْمَعْنى هُوَ يفعل مَا لم يَفْعَله أحد لصعوبته على من طلبه فَهُوَ أَتَى بِهِ بكرا وَيكون أَبَا عذرة ذَلِك الْفِعْل وَكَذَا قَالَ ابْن فورجة يفعل أفعالا مبتكرة تجتنب لشدتها وَيَقُول أقوالا لم تعرف فَلم تقل وَإِذا كَانَت لم تعرف لم تتْرك لِأَنَّهُ إِنَّمَا يتْرك مَا يعرف مَوْضِعه قَالَ وَلم يصب فِي تَفْسِير المصراع الثَّانِي حر وَالْمعْنَى أَنه يَقُول مَا لم يقلهُ أحد فِي بلاغته وجزالته وَلم يتْرك أَيْضا لِأَن كل بليغ يُرِيد أَن يَأْتِي بِمثلِهِ وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد أَنهم طلبُوا أَفعاله فَلم يدركوها وطلبوا أَقْوَاله فَلم يقدروا عَلَيْهَا فكأنهم لم يَفْعَلُوا وَلم يَقُولُوا حِين قصروا عَنْهَا وَالْمعْنَى أَنه يفعل الْفِعْل الَّذِي قصر عَنهُ الفاعلون وَيَقُول القَوْل الَّذِي قصر عَنهُ الْقَائِلُونَ قَالَ فَمن لم يفهم مَعْنَاهُ قَالَ قد نَاقض بقوله لم يتْرك وَلم يقل وَلَيْسَ كَذَلِك 10 - الْغَرِيب غاله يغوله إِذا انتقصه وَأَصله الإهلاك وَمِنْه الغول والطفل وَقت غرُوب الشَّمْس وَالظّهْر وَقت الظهيرة وَهُوَ عِنْد قيام الشَّمْس للزوال الْمَعْنى هُوَ الَّذِي يبْعَث الْجَيْش الشَّديد بأسه الْكثير عدده الَّذِي تذْهب عجاجته بضوء الشَّمْس وتطمس إشراقها حَتَّى تصير فِي وَقت الظهيرة على مثل حَالهَا عِنْد الْغُرُوب وَهَذَا إِشَارَة إِلَى كَثْرَة جَيْشه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 - الْغَرِيب الجو الفضاء والمقل جمع مقلة الْمَعْنى يَقُول مَا بعد من الْهَوَاء أضيق بساطع هَذَا الْغُبَار مِمَّا قرب لِأَنَّهُ فِيهِ تَجْتَمِع جملَته وتتراقى كثرته وَمَا قرب فَإِنَّمَا يردهُ الشَّيْء بعد الشَّيْء فينجلي مِنْهُ وَلَا يجْتَمع وَعين الشَّمْس أحير الْعُيُون بقربها من مستقره ودنوها من مجتمعه وَالْمعْنَى الجو على سَعَة أرجائه أضيق شَيْء لقِيه سَاطِع هَذِه الْعَجَاجَة 12 - الْمَعْنى يَقُول إِن سيف الدولة ينَال أبعد من الشَّمْس وَهِي ترى ذَلِك فَمَا تقابله إِلَّا على خوف من أَن ينالها لَو قَصدهَا لِأَنَّهُ يرى أَنه مَنْصُور مظفر يدْرك مَا يَقْصِدهُ وَقَالَ ابْن الإفليلي يُرِيد أَن هَذَا العجاج بتتابعه واتصاله وترادفه يَعْلُو على الشَّمْس مَعَ ارْتِفَاع موضعهَا وَهِي ناظرة إِلَيْهِ غير مُسَاوِيَة فِي الْعُلُوّ لَهُ فنقابله وَجلة من ذَهَابه بنورها وتلاحظه مشفقة من استيلائه على ضوئها وَهَذَا كُله يُشِير إِلَى عظم الْجَيْش وكثرته 13 - الْغَرِيب ظَاهر الحزم جعل بعضه فَوق بعض كَمَا يظاهر الرجل بَين درعين وَأَصله المعاونة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَإِن تظاهرا عَلَيْهِ} والغيل جمع غيلَة وَهِي قتل الخديعة وَمِنْه قبل فلَان فلَانا غيلَة أَي اغتيالا وأصل الغيل الْهَلَاك الْمَعْنى يَقُول قد عرض السَّيْف دون مَا ينزل بِهِ وجرده فِيمَا يحدث عَلَيْهِ واستعان بالحزم فِي دفع الْهَلَاك عَن نَفسه وأقامه حاجزا بَينهمَا وَالْمعْنَى أَنه تحصن بحزمه كَمَا يتحصن بالدرع وَجعل حزمه كالدرع الواقية لَهُ وَقد لبس الحزم فَوق الدرْع فَجعله بَين النَّفس والهلاك 14 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه وكل صَادِق ظَنّه بِمَا يطويه النَّاس من أهل السهل والجبل دونه فَعلم مَا أسروه وانكشف لَهُ مَا أضمروه وَكَذَلِكَ الألمعي وَهُوَ الحاذق بالأمور يُصِيب بظنه حَتَّى كَأَنَّهُ مبصر لما غَابَ عَنهُ وَيعلم بتقديره حَتَّى كَأَنَّهُ شَاهد لما بعد مِنْهُ 15 - الْإِعْرَاب الْبُخْل وَالْبخل لُغَتَانِ فصيحتان قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِفَتْح الْبَاء وَالْخَاء وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَم الْبَاء وَسُكُون الْخَاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يتَجَنَّب الْبُخْل كَمَا يتَجَنَّب الشجاع الْجُبْن ويتجنب الْجُبْن كَمَا يتَجَنَّب الْكَرِيم الْبُخْل قد جمع الشجَاعَة وَالْكَرم وَقَالَ أَبُو الْفضل لَيْسَ كَمَا ذهب إِلَيْهِ وَلكنه يَقُول الشجاع يعد الْبُخْل جبنا لِأَن الْبُخْل مَعْنَاهُ خوف الْفقر وَالْخَوْف جبن والشجاع لَا بجبن والجواد يعد الْجُبْن بخلا لِأَن معنى الْجُبْن وَحَقِيقَته الْبُخْل بِالروحِ والجواد لَا يبخل فَإِذا هُوَ شُجَاع غير بخيل وجواد غير جبان قَالَ وَقد أَخذه من قَول أبي تَمام (فإذَا رأيْتَ أَبَا يَزيدٍ فِي نَدّى ... وَوَغّى وَمُبْديَ غارَةٍ وَمُعيداً) (يَقْرِى مُرَجِّيَه حُشاشَةَ مالِهِ ... وَشَبا الأسِنَّةِ ثَغْرَةً وَوَرِيداً) (أيْقَنْتَ أنَّ مِنَ السَّماحِ شَجاعَةً ... تُدمي وأنَّ مِنَ الشَّجاعَةِ جوداً) وَهَذَا الَّذِي ذكره أَبُو الْفضل من قَول حبيب فَلَقَد بَين حبيب وَفسّر وأجمل أَبُو الطّيب وَاخْتصرَ وَقَالَ ابْن الأفليلي يُرِيد أَنه الشجاع المتناهي الشجَاعَة فالبخل عِنْده بَاب من الْجُبْن لِأَن من سمح بِنَفسِهِ لم يبخل بكرام مَاله وَهُوَ الْجواد المتناهي الْجُود والجود بِالنَّفسِ غَايَة الْجُود وَمن جاد بِنَفسِهِ لم يجبن عَن عدوه وَمن كَانَ كَذَلِك فالجبن عِنْده بَاب من الْبُخْل فَدلَّ على أَن الشجَاعَة والجود من طَرِيق وَاحِد وَهَذَا مَنْقُول من قَول الآخر (إِلَى جَوَادٍ يَعُدُّ الجُبنَ مِنْ بَخَلٍ ... وَباسِلٍ بُخْلُهُ يَعْتدُّهُ جُبُنا) (يَلقى العُفاةَ بِما يَرْجونَ مِنْ أمَلٍ ... قَبْلَ السُّؤَالِ وَلا يَبْغي بِه ثَمَنا) وَقد بَين مُسلم أَن الشجَاعَة جود بِالنَّفسِ فِي قَوْله (يَجُودُ بالنَّفْسِ إذَ ضَنَّ البَخيلُ بهَا ... والجُودُ بالنَّفْسِ أقصَى غايةِ الْجُود) 16 - الْغَرِيب يعود أَي يرجع والإغذاذ الْإِسْرَاع فِي السّير والمغاذ من الْإِبِل العيوف يعاف المَاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ يفتح الْفتُوح الْعَظِيمَة فَلَا يفخر بهَا ويسرع إِلَيْهَا وَلَا يحتفل لَهَا اسْتِقْلَالا لعظم مَا يَفْعَله وارتفاعا عَن نهب من يَقْصِدهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فَإِن قيل كَيفَ يكون مغذا غير محتفل فَالْمَعْنى أَنه غير محتفل عِنْد نَفسه وَإِن كَانَ محتفلاً عِنْد غَيره لِأَن كَبِير الْأَشْيَاء عِنْد غَيره صَغِير عِنْده وَكَذَا نَقله الواحدي حرفا فحرفا 17 - الْمَعْنى يُرِيد أَن سيف الدولة قد قرنه الله بالنصر وأمده من عوض بِمَا لَا يمنعهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 الدَّهْر مَعَه من بغيته وَلَا يجير عَلَيْهِ من اعْتقد لَهُ مَعْصِيَته وَلَا يحصن الدرْع مِنْهُ مهجة من خَالفه وَلَا يعصمه من الْهَلَاك إِذا أَرَادَهُ 18 - الْغَرِيب الْحلَل جمع حلَّة وَقَالَ أَبُو عبيد الْحلَل برود الْيمن والحلة إِزَار ورداء أَو لَا يُسمى حلَّة حَتَّى يكون ثَوْبَيْنِ الْمَعْنى يَقُول إِذا خلعت عَلَيْهِ حلَّة من شعري وألبسته ثوبا من مدحي وجدت تِلْكَ الْحلَّة قد تزينت بفضله وَذَاكَ الْمَدْح متشرفا بِقَدرِهِ فَهُوَ يرفع الشّعْر فَوق رفعته لَهُ ويزين الْمَدْح أَكثر من تزينه بِهِ وَالْمعْنَى أَن عرضه أحسن من الْحلَل وَأَن الْمَدْح يتزين بِهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول اللطائي (وَلْم أمْدَحْكَ تَفْخِيما لشِعْرِي ... وَلَكِنِّي مَدَحْتُ بِكَ المَدِيحا) وروى ابْن جنى فِي بعض رواياته جعلت بَدَلا من خلعت وَفِيه نظر إِلَى قَول الْحَكِيم إِذا تجردت الطَّائِف من الشكوك كست الصُّورَة رونقا والرونق الْحسن 19 - الْغَرِيب الغبي الْجَاهِل غَنِي يغبى غبا وغباوة والجعل دويبة مَعْرُوفَة تأوى فِي النَّجَاسَات الْمَعْنى يَقُول إِذا أنْشد شعري بعد على فهم الْجَاهِل وَأثر ذَلِك فِي نَفسه وانكشف لَهُ قدر تَقْصِيره واستضر بِحسن قولي وبديع شعري كَمَا يستضر الْجعل برياح الْورْد الَّتِي تؤذيه وتقتله لمضادته لَهَا وَالْمعْنَى إِنَّمَا يعرف شعري وجودته وجوهره من هُوَ صَحِيح الْفِكر وَإِن كَانَ ضد ذَلِك إِنَّمَا نَالَ مِنْهُ كَمَا ينَال الْجعل من الْورْد إِن كَانَ مستلذا فِي الْحَقِيقَة فَشبه شعره بالورد وحاسده بالجعل وَهَذَا من قَول الْحَكِيم الْأَلْفَاظ المنطقية مضرَّة بذوي الْجَهْل لنبو إحساسهم عَنْهَا 20 - الْغَرِيب تَقول زيد خير الرِّجَال وَهِنْد خيرة النِّسَاء قَالَ الله تَعَالَى {فِيهِنَّ خيرات} قيل هُوَ جمع خير وَقيل بل هُوَ جمع خيرة والدول جمع دولة الْمَعْنى يَقُول لقد رَأَتْ كل عين من جمالك مَا بهرها وَمن جلالك مَا ملأها وجربت خيرة الدول أَي أفضل الدول مِنْك أفضل السيوف 21 - الْمَعْنى يَقُول لَا تمل من حَرْب وَلَا تزل فِي رَأْي يَقُول مَا تكشف الْأَعْدَاء مِنْك بطول ممارستها مللا فِي حربها وَلَا أبدت الآراء مِنْك زللا مَعَ تزاحمها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 - الْمَعْنى يَقُول كم رجال بِلَا أَرض لكثرتهم وازدحامهم عَلَيْهَا فقد ضَاقَتْ بهم أفنيتهم حَتَّى أخليت أَرضهم مِنْهُم فَصَارَت قفرا بِلَا رجل وَالْمعْنَى كم جمع جمعه الْأَعْدَاء لَك تغيب الأَرْض من كَثْرَة رِجَاله وتخفى عَن الْأَبْصَار بتزاحم جموعه حَتَّى كَأَنَّهُمْ رجال بِلَا أَرض قَتلتهمْ فَتركت جموعهم أَرضًا بِلَا رجل وَفِيه نظر لِكَثْرَة الْجَيْش إِلَى قَول حبيب فِي صفة الْجَيْش (مَلأَ المَلا عُصَبا فَكادَ بأنْ يُرَى ... لَا خَلْفَ فِيْهِ وَلا لَهُ قُدَّامُ) 23 - الْغَرِيب الطّرف الْفرس الْكَرِيم والثمل والثامل بِمَعْنى وَهُوَ السَّكْرَان وثمل ثملا إِذا أَخذ فِيهِ الشَّرَاب فَهُوَ ثمل الْمَعْنى يَقُول مَا زَالَ فرسك يَخُوض فِي دِمَائِهِمْ ويعثر بالقتلى حَتَّى مَشى بك مَشى السَّكْرَان متعثرا يُرِيد أَن حَرَكَة الدَّم بكثرته أمالته عَن سنَن جريه فَمشى مَشى السَّكْرَان وَالْمعْنَى أَن فرسك مازال يطَأ فِي دِمَائِهِمْ ويقتحم معركتهم حَتَّى أزلقته الدِّمَاء بكثرتها فَمشى مشي السَّكْرَان الَّذِي لَا يثبت بِنَفسِهِ وَلَا يطمئن فِي مَشْيه 24 - الْغَرِيب الجذل الْفرج وجذل بِالْكَسْرِ يجذل فَهُوَ جذلان وأجذله غَيره أَي أفرحه واجتذل أَي ابتهج الْإِعْرَاب يرْوى الناظرين على التَّثْنِيَة ويروى بِفَتْح النُّون لجَماعَة النظار إِلَيْهِ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَهُ تحكم عَيناهُ فِيمَا تريانه وَله يحكم قلبه فِي الجذل وَهُوَ الْفَرح وَقَالَ الْخَطِيب يَعْنِي بالناظرين ناظري الممدوح فِيمَا يرَاهُ وَحكم الْقلب الْفَرح فَإِذا تمنى قلبه شَيْئا وصل إِلَيْهِ وَمن روى الناظرين يُرِيد أَنهم المنجمون وَله معنى وَلَا يَنْبَغِي أَن يعدل عَن الأول لِأَن قَوْله حكم الْقلب يشْهد أَن الناظرين عينا الممدوح وَقَالَ ابْن الأفليلي وَله حكم ناظريه أَن لَا يريهما الله إِلَّا مَا يسره وَحكم نَفسه أَلا يعرفهُ الله إِلَّا مَا يفرحها من نصر وظفر بالأعداء وَقَالَ الواحدي الحكم هَاهُنَا اسْم للْمَفْعُول لَا للْفِعْل فَإِن النَّاس مسنتوون فِي أَفعَال نواظرهم وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْمَحْكُوم بِهِ يَقُول مَا حكم بِهِ ناظرك اسْتِحْسَانًا فَهُوَ لَك لَا يعارضك فِيهِ مَانع وَكَذَلِكَ الحكم فِيمَا يسره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بالتوفيق مُقيما وراحلا أَي أَنْت موفق مَسْعُود فِيمَا تَفْعَلهُ إِن أَقمت أَو ارتحلت وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى ارتحال الديلمي عَن الْموصل وَقَالَ إِن الَّذِي فعله الله لَك من الْمُوَادَعَة الَّتِي اخْتَارَهَا محاربك قد جعل لَك فِيهِ السَّعَادَة وَقرن لَك بِهِ الْخيرَة 26 - الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد وقلب الْوَاو يَاء هُنَا شَاذ فِي الْقيَاس دون الِاسْتِعْمَال وَيُقَال خيل جِيَاد وأجاويد وأخلاقك عاداتك وخصالك الْمَعْنى يَقُول عاود الْحَرْب ودع السّلم على مَا كنت عَلَيْهِ فِي الأول وَأجر خيلك على مَا كنت مجريها من قتل الْأَعْدَاء وَالسير إِلَيْهِم وَالْمعْنَى قَاتل الْأَعْدَاء وَلَا تهادنهم وَذَلِكَ أَن سيف الدولة كَانَ قد ترك الْحَرْب مُدَّة فَقَالَ لَهُ أجر خيلك على مَا كنت مجريها أَولا من غَزْو الرّوم وحماية الثغور فقد كفك الله مَا كنت تحذره على أَخِيك من الديلمي وَخذ بِنَفْسِك فِيمَا تقدم من أخلاقك وشغر من مذاهبك واعدل عَن السّلم إِلَى الْحَرْب وَعَن الدعة إِلَى الْجِهَاد 27 - الْغَرِيب الاحجة جمع حجاج وَهُوَ الْغَار الَّذِي فِيهِ الْعين والفوارس جمع فَارس والعسالة الرماح الطوَال الَّتِي تهتز والذبل جمع ذابل وَهُوَ الْيَابِس وَعسل الرمْح يعسل عسلانا إِذا اضْطربَ الْمَعْنى يَقُول إِن خيلك تنظر من عُيُون قد أدْمى حجاجها قرع الرماح الطَّوِيلَة المضطربة لَهَا حِين الطراد وَأَشَارَ بذلك إِلَى مَا حضه عَلَيْهِ من غَزْو الرّوم وحماية الثغور وَإِن خيلك قد ألفت ذَلِك 28 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بِهَذَا الدُّعَاء وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن وَالْمعْنَى لَا وصلت بهَا إِلَّا إِلَى مَا تَأمله من ظفر وغنيمة وَلَا هجمت بهَا إِلَّا على عَدو تظفر بِهِ وتسبى جريمة وَهَذَا من أحسن الدُّعَاء وأبلغه وأخصره وأحكمه وأتمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 - 1 الْمَعْنى يَقُول بِنَا مِنْك أَي من حزنك وَالْغَم عَلَيْك فَحذف الْمُضَاف كَقَوْل زُهَيْر بن أبي سلمى (أمِنْ أُمّ أوْفَي دِمِنَةٌ لْم تَكَلَّمِ ... ) أَرَادَ أَمن دمن أم أوفي دمنة وَالْمعْنَى بِنَا مِنْك وَنحن فَوق الرمل يُرِيد الأَرْض مَا بك وَأَنت تحتهَا يُرِيد إِنَّا أموات حزنا عَلَيْك ونبلى كَمَا أَنْت ميت تحتهَا تبلى وَفسّر المصراع الأول بِالثَّانِي فَقَالَ الْحزن يهزل ويبلى كَمَا يبْلى الْمَوْت وَقد نَقله من قَول يَعْقُوب بن الرّبيع يرثى جَارِيَة لَهُ تسمى ملكا (يَا مَلْكُ إِن كُنتِ تحتَ الأرْضِ بالِيَةً ... فإنَّنِي فَوْقَها بالٍ مِنَ الْحَزَنِ) 2 - الْغَرِيب الْحمام الْمَوْت والثكل فقد الحبيب الْعَزِيز الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّك أَبْصرت الَّذِي أبقاه من الْحزن عَلَيْك وأقاسيه من الوجد بك وَعلمت أَن الدُّنْيَا مجبولة على فقد الْأَحِبَّة وإعدام الأعزة فآثرت الْمَوْت على الثكل واخترت الْمَوْت على الْحزن وَقَوله وقزله وَخِفته يدل على تَعْظِيم مَا هُوَ فِيهِ وترجيحه على الْمَوْت 3 - الْغَرِيب الغانيات جمع غانية وَهِي الَّتِي غنيت بحسنها عَن التحسين وَقيل هِيَ الَّتِي غنيت بزوجها قَالَ جميل (أُحِبُّ الأَيامَى إذَا بُشَيْنَةُ أيّمُ ... وأحْبَبْتُ لَمَّا أنْ غَنِيْتِ الغَوَانيا) وَالْعين النجلاء الواسعة الْحَسَنَة وَالْجمع نجل الْمَعْنى يَقُول تركت خدود الغانيات من نوادبك والمنعمات والمنعمات من بواكيك وفوقها جموع مسفوحة عَلَيْك منهملة بمصابك كَأَنَّهَا تذيب الْحسن بفيضها وَوجه إذابة الدمع أَنه يفْسد الْعين بِكَثْرَة الْبكاء كَقَوْل الآخر (أليسَ يَضرُّ العَينَ أنْ يَكثُرَ البُكا ... ويُمْتَعَ عَنْها نَوْمُها وَهُجودُها) الحديث: 178 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 وَقَالَ تذيب وَلم يقل تزيل لِأَن الدمع لما كَانَ يذهب بالْحسنِ شَيْئا فَشَيْئًا كَانَ اسْتِعَارَة الإذابة لمثله أحسن وَأَيْضًا لما كَانَ الذوب فِي معنى السيلان وَالْجمع سَائل كَانَ كَأَن الْحسن سَالَ مَعَه وَقيل إِن الْحسن عرض لَا يقبل الإذابة فَقَالَ إِن الدُّمُوع تذيب مَالا يقبل الإذابة فَمَا ظَنك بِمَا يقبلهَا كَيفَ لَا تذيبه 4 - الْغَرِيب الجثل الشّعْر الْكثير الملتف الْمَعْنى يَقُول هَذِه الدُّمُوع تصل إِلَى الأَرْض سُودًا لَا متزاجها بالمسك وَحده لِأَن الْجَوَارِي لَا يكتحلن إِلَّا بِهِ وَقد استعملن الْمسك قبل الْمُصِيبَة فَيبقى فِي شعورهن وَهَذِه الدُّمُوع قطرت وَهِي حمر لَا متزاجها بِالدَّمِ ثمَّ غلب عَلَيْهَا سَواد الْمسك فَصَارَت سُودًا وقطرت على الشّعْر لِأَنَّهُنَّ نشرن الشُّعُور وفيهَا مسك فمرت الدُّمُوع بهَا فاسودت من مسكها وَقد نَقله من قَول أبي نواس (وَقدْ غَلَبَتْها عَبْرَةٌ فَدُمُوعُها ... على خَدَها حُمْرٌ وَفِي نَحْرِها صُفْرُ) يُرِيد أَنَّهَا اخْتلطت بالطيب وَفِيه زعفران وَأَشَارَ إِلَى أَن بوَاكِيهِ فِي النعم والرفعة مَعَ مَا هن بسبيله من حر الْمُصِيبَة 5 - الْغَرِيب الأسى الْحزن والطفل الصَّغِير الْمَعْنى يَقُول إِن كنت فِي قبر قد تضمنك ولحد قد سترك فَإِن مثالك فِي الْقلب سَاكن ومحلك فِي الحشى لطيف وَإِن تَكُ طفْلا فِي سنك وصغيرا فِيمَا انصرم من عمرك فَإِن الرزء بك لَيْسَ بالصغير والحزن عَلَيْك لَيْسَ باليسير وَقد نَقله من قَول الآخر (إنْ تَكُنْ مُتَّ صَغِيراً ... فالأَسَى غَيْرُ صَغِيرِ) وَمن قَول حبيب (لَهَا مَنْزِلٌ تَحْتَ الثَّرى وَعَهِدْتُها ... لَهَا مَنْزِلٌ بَينَ الجَوَانِحِ والقَلْبِ) 6 - الْغَرِيب المخيلة: الحسابة الَّتِي يتَأَكَّد الرَّجَاء فِي مطرها، وَالدّلَالَة بالشئ الصَّادِق مخيلة، وَأَرَادَ بالمخيلة هَا هُنَا: الفراسة الْمَعْنى: يَقُول مثلك لَا يبكي عَلَيْهِ بِقدر سنه لِأَنَّك لم تبلغ مبلغ الرِّجَال فَيُوجب فرط الْبكاء عَلَيْك وَلَكِنَّك يبكى عَلَيْك على قدر أصلك لِأَنَّك من أصل كَبِير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 ويبكى عَلَيْك على قدر الفراسة فِيك لأَنا نتفرس فِيك الْملك فَلهَذَا يكثر الْبكاء عَلَيْك لِأَنَّك جدير بالبكاء عَلَيْك لشرف أصلك 7 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح الَّذِي وَقَالَ أَرَادَ الَّذين فَحذف النُّون تَخْفِيفًا لطول الِاسْم وَقَالَ هُوَ مَوضِع خفض نعت للْقَوْم قَالَ وَيجوز أَن يكون ابْتِدَاء وَمن رماحهم صلَة ونداهم خبر الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال لِأَن الْجمل تكون أحوالا من المعارف وصفات للنكرات الْمَعْنى أَلَسْت يُخَاطب الْمَيِّت من الْقَوْم الَّذين كرمهم من سِلَاحهمْ ونداهم من رماحهم وَالْبخل من قتلاهم فهم يسطون على الْأَعْدَاء بِمَا يرهبونهم بِهِ من الْفضل ويتملكونهم بِمَا يسمعُونَ فيهم من الْأَنْعَام والجود واستعار للبخل مهجة وَالْمعْنَى مَأْخُوذ من قَول الطَّائِي (فإنْ أزَماتُ الدَّهْرِ حَلَّتْ بِمَعْشَرٍ ... أُرِيقَتْ دِماءُ المَحْلِ فِيها فطُلَّتِ) وَالْأَصْل فِيهِ قَول ابْن الرُّومِي (وَما فِي الأرْضِ أسْمَحُ مِنْ شُجاعِ ... وَإنْ أعْطَى القَلِيلَ مِنَ النَّوَالِ) (وَذَاكَ لأَنَّهُ يُعْطِيكَ مِمَّا ... تُفِيءُ عَلَيْهِ أطْرافُ العَوَاليَ) 8 - الْغَرِيب الأعطاف جمع عطف وَهُوَ الْجَانِب من رَأسه إِلَى وركه الْمَعْنى يَقُول مَوْلُود هَؤُلَاءِ الْقَوْم كَغَيْرِهِ من الصّبيان لَا ينْطق لِأَن الصَّبِي لَا لَا يقدر على الْمنطق لصغره وَلَكِن الْفضل والجود والشجاعة تتفرس فِيهِ فَكَأَنَّهُ نَاطِق لظُهُوره فِيهِ فالفضل فِي أعطافه وشمائله يقوم مقَام النُّطْق وَالْمعْنَى مولودهم إِذا منعته من الْكَلَام الطفولية نطقت السِّيَادَة من أعطافه منطق فضل وَشهِدت لَهُ مخايل الْكَرم شَهَادَة عدل ويروى منطق الْفَصْل بالصَّاد الْمُهْملَة يُرِيد قَوْلهم أما بعد فِي صدر الْكَلَام ويروى صمت بِالْفَتْح وَالضَّم فِي الصَّاد مصدران 9 - الْغَرِيب العلياء من ضم قصر وَمن مد فتح الْعين والمصاب والمصيبة مصدران وَقيل بل الْمصدر الْمُصَاب والشغل بِضَم الْغَيْن وسكونها لُغَتَانِ فصيحتان قَرَأَ بِسُكُون الْغَيْن ابْن كثير وَنَافِع وَابْن عَمْرو الْمَعْنى يَقُول الْكَرم يسليهم عَن مصابهم وَيُوجب لَهُم الصَّبْر فِي فجائعهم ويشغلهم كسب الثَّنَاء عَن الشّغل بِغَيْرِهِ وَأَرَادَ بِغَيْرِهِ فَحَذفهُ لدلَالَة الْمَعْنى عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 وَالْمعْنَى معاليهم تذْهب عَنْهُم حزن الْمُصِيبَة لِأَن الْجزع من أَخْلَاق اللئام وَمن علت همته علا قدره وَلم يجزع لما أَصَابَهُ بل يسْتَقلّ بكسب المحامد عَن كل شغل لِأَن كسب الثَّنَاء يشغلهم عَن غَيره 10 - الْإِعْرَاب رفع أقل على خبر الِابْتِدَاء أَي هم أقل وَقَوله وأقدم يُرِيد وَأَشد إقداما وَإِنَّمَا أَخذه من قدم يقدم وَهُوَ رَاجع إِلَى معنى الْإِقْدَام لِأَن الْإِقْدَام على الشَّيْء قرب مِنْهُ وَهُوَ مَوْجُود فِي الْقدوم وَقد قَالَ حسان بن ثَابت (كِلْتاهُمَا حَلَبُ العَصِيرِ فعاطِني ... بزُجاجَةٍ أرْخاهَما للْمَفْصَلِ) أَرَادَ أَشد إرخاء وَقد قَالَ ذُو الرمة (بأضْيَعَ مِنْ عَيْنَيْكَ للدَّمْعِ كُلَّما ... تَوَهَّمْتَ رَبْعا أوْ تذكَّرتَ مَنزِلاً) الْغَرِيب الرزايا جمع رزية وَهِي مَا يرزأ بِهِ الْإِنْسَان موت وَغَيره والجحفل الْعَسْكَر الْعَظِيم والنبل جمع نبلة وَهِي السِّهَام الْمَعْنى يَقُول إِن رَهْط سيف الدولة أقل بالرزايا مبالاة من الرماح المتوقعة وأقعد بَين الجيشين المتقابلين من السِّهَام الْمُرْسلَة وَالْمعْنَى لَا يبالون بِمَا يصيبهم كَمَا لَا يُبَالِي بهَا من لَا يعرفهَا وَقَوله من القنا لِأَنَّهُ جماد لَا يعرف الرزايا فشبههم لجراءة أنفسهم وجلدهم على الرزايا إِذا طرقهم بِالرِّمَاحِ والسهام الَّتِي تصيب وَلَا تصاب وتهاب وَلَا تهاب 11 - الْإِعْرَاب نصيب عزاءك بِفعل مُضْمر تَقْدِيره تعز عزاءك وَقيل على الإغراء الزم عزاءك والمقتدي بِهِ فِي مَوضِع نصب نعتا للعزاء وَالضَّمِير فِي بِهِ للعزاء الْغَرِيب النصل حَدِيدَة السَّيْف الْمَعْنى يَقُول الزم عزاءك الَّذِي يَقْتَدِي بِهِ النَّاس فَأَنت الأسوة فِي غَيْرك والأوحد فِي فضلك وَأَنت سيف والشدائد إِنَّمَا تلقي السَّيْف يكشفها بحدته وَينفذ فِيهَا بصرامته وَهُوَ يلقى شدَّة الْحَدِيد من الدروع والجواشن وَالْمعْنَى اصبر وَلَا تجزع فَأَنت تعلم النَّاس الصَّبْر 12 - الْإِعْرَاب رفع مُقيم على خبر الِابْتِدَاء يُرِيد أَنْت مُقيم وَيجوز أَن يكون نعتا لنصل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 الْغَرِيب الهيجاء تمد وتقصر وَهِي من أَسمَاء الْحَرْب والصوارم جمع صارم وَهُوَ السَّيْف الْمَعْنى يُرِيد أَنْت مُقيم فِي كل منزل من منَازِل الْحَرْب تأنس بهَا وَلَا تستوحش لَهَا حَتَّى كَأَن صوارمها أهلك وأسلحتها رهطك تنصرك وَلَا تخذلك وتظفرك وَلَا يظفر بك فكأنك إِذا كنت بَين السيوف كنت فِي أهلك وَهُوَ من قَول الطَّائِي (لِتَعْلَمَ أنَّ الغُرَّ مِنْ آلِ مُصْعَبٍ ... غَداةَ الوَغَى آلُ الوَغى وأقارِبُهْ) وَمثل قَوْله أَيْضا قَالَ ابْن وَكِيع (حَنَّ إِلَى المَوْتِ حَتَّى ظَنَّ جاهِلُهُ ... بأنَّهُ حَنَّ مُشْتاقا إِلَى الوَطَنِ) 13 - الْغَرِيب أصل الْعبْرَة تردد الْبكاء فِي الصَّدْر وَتردد الدُّمُوع فِي الْعين وَامْرَأَة عَابِر بِغَيْر هَاء إِذا تهيأت للبكاء الْمَعْنى يَقُول لم أر أحدا لَا يُطِيع دمعه الْحزن سواهُ وَإنَّهُ أثبت النَّاس عقلا إِذا أذهب الْخَوْف عقول الرِّجَال عِنْد الْحَرْب يُشِير بذلك إِلَى استسهاله لأمرها واستقلاله بحملها وَالْمعْنَى أَنه صابر عِنْد الشدائد ثَبت فِي الحروب 14 - الْغَرِيب السَّلِيل الْوَلَد وَالْأُنْثَى سليلة قَالَت هِنْد بنت النُّعْمَان (وَما هِنْدٌ إِلَّا مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ ... سَلِيلة أفْراسٍ تَجَلَّلَها نَغْلُ) والنغل الخسيس من النَّاس وَالدَّوَاب وَرَوَاهُ الْجَوْهَرِي بغل بالغين قَالَ عبد الله بن بَرى فِيمَا أَخذ عَلَيْهِ هُوَ تَصْحِيف لِأَن الْبَغْل لانسل لَهُ والفوارس جمع فَارس وَالرجل جمع راجل يُقَال رجل وراجل ورجلة ورجالة وَرِجَال وَرِجَال ورجالي وأراجل وأراجيل وَقَوله تَعَالَى {فرجالا أَو ركبانا} جمع راجل الْمَعْنى يَقُول مُتَعَجِّبا بأَمْره ومنبها على جلالة قدره إِن الْمَوْت حتم من الله على جَمِيع خلقه تخَالفه المنايا فتخترم نفس ابْنه وتخون عَهده فِي وَلَده وتنصره فِي حربه وَتُطِيعهُ عِنْد مواقعته لعَدوه وَفِي هَذَا شَاهد على أَن الْمَوْت لَا يدْفع بِقُوَّة وَلَا يمْتَنع مِنْهُ برفعة وَفِيه نظر إِلَى قَول مُسلم بن الْوَلِيد (أَلْم تَعْجَبْ لَهُ أنَّ المَنايا ... فَتَكْنَ بِهِ وَهُنَّ لهُ جُنُودُ) 15 - الْغَرِيب الْحَوَادِث جمع حَادِثَة وَهِي مَا يحدث الدَّهْر على الْإِنْسَان والفرند جَوْهَر السَّيْف وماؤه ويبدو يظْهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 الْمَعْنى يَقُول إِن الْحَوَادِث لَا تذْهب بصبره وَلَا تخل بجلده وَلكنهَا تبقى ذَلِك وتظهره كَمَا يُبْدِي فرند السَّيْف صقله وَيظْهر بجلاله فَضله وَالْمعْنَى أَنه إِذا ابتلى بالحوادث ظهر صبره وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطَّائِي (بالقَتلَ أظْهَرَ صَقْلَ سَيفٍ أثُرَهُ ... فَبَدَا وَهَذَّبَتِ القُلوبَ هُمومُها) 16 - الْمَعْنى يَقُول من كَانَ ذَا نفس وَذَا طبيعة كطبيعتك وكريمتك فَفِي جلالته مَا يُغني نَفسه عَن كل حميم يفقده وَفِي كرم نَفسه مَا يسليه عَن كل مُهِمّ يطرقه لِأَنَّهُ يعرف أَن الْإِنْسَان لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث وَمن عرف هَذَا وَطن نَفسه على فقد الْأَحِبَّة 17 - الْمَعْنى يَقُول مثل الْمَوْت وإتلافه الْأَرْوَاح كالسارق الَّذِي لَا يُمكن الاحتراس مِنْهُ لدقة شخصه كَذَلِك الْمَوْت لَا يدْرِي كَيفَ يَأْتِي وَلَا كَيفَ يسرق الْأَرْوَاح عَن الأجساد وَالْمعْنَى يُرِيد أَن الْمَوْت كسارق خَفِي شخصه شَدِيد أمره يصول دون كف يظهرها وَيسْعَى دون رجل ينقلها وَذَلِكَ أَشد لبطشه وأسرع لسعيه 18 - الْغَرِيب الشبل ولد السَّبع الْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم الْمَعْنى ضرب هَذَا مثلا لقِيَام سيف الدولة بجليل الْأُمُور وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يدْفع الْمَوْت عَن وَلَده وَالْمعْنَى أَنه يعجز عَن المخاتلة من لَا يعجز عَن المبارزة فَدلَّ بِهَذَا على أَن حوادث الدَّهْر لَا يمْتَنع مِنْهَا بِقُوَّة وَلَا بِدفع محتومها بِشدَّة يرد الْأسد الْجَيْش عَن ابْنه ويسلمه لأدنى النَّمْل عِنْد وِلَادَته فيحميه من الْعَظِيم الْكثير ويسلمه إِلَى الحقير الْيَسِير وَيُقَال إِن النَّمْل إِذا اجْتمع على ولد الْأسد أكله وأهلكه 19 - الْإِعْرَاب وليد خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره المفدي بنفسي وليد وَيجوز رَفعه على مالم يسم فَاعله تَقْدِيره يفدى بنفسي وليد وَهَذَا خبر فِيهِ معنى التَّمَنِّي الْغَرِيب التطريق بِالْحملِ هُوَ أَن يخرج من الْوَلَد بعضه وَيبقى بعضه فِي الرَّحِم وطرقت النَّاقة بِوَلَدِهَا إِذا نشب فِي رَحمهَا وناقة مطرقة وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة لأوس بن حجر (لَهَا صَرْخَةٌ ثُمَّ إسْكاتَةٌ ... كمَا طَرَّقَتْ بِنفاسٍ بِكُرْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 الْمَعْنى يَقُول بنفسي هَذَا الْمَوْلُود الَّذِي صَار بعد حمل الْأُم إِيَّاه إِلَى بطن أم يُرِيد الأَرْض لَا يعسر عَلَيْهَا خُرُوج من ضمته قَالَ الواحدي وَإِنَّمَا قَالَ لَا تطرق لِأَنَّهَا جماد لَا يُوصف بالتطريق وَإِن كَانَت تسمى أما إِمَّا نَكُون الْأَمْوَات فِي بَطنهَا وَإِمَّا لِأَن الله تَعَالَى قَادر على إِخْرَاج الْمَوْتَى من بَطنهَا بِسُرْعَة وسهولة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة فَإِذا هم بالساهرة} وَفسّر قوم هَذَا الْبَيْت بالضد وَقَالُوا معنى لَا تطرق لَا تخرج الْوَلَد من بَطنهَا والتطريق إِظْهَار الطَّرِيق من قَوْلهم طرق طرق أَي خل الطَّرِيق وَقَالُوا إِن المتنبي كَانَ لَا يَقُول بِالْبَعْثِ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى إِلَى بطن أم يُرِيد أَن الأَرْض مِنْهَا مبدأ جَمِيع الْخَلَائق لقَوْله تَعَالَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم} فَلَمَّا كَانَ مِنْهَا بَنو آدم جعلت لَهُم أما 20 - الْإِعْرَاب لَا يُقَال وعدته بِالْخَيرِ وَلَا يكون الْبَاء إِلَّا مَعَ أوعدته بِالشَّرِّ وَكَانَ الْوَجْه وعد السحابة للروى كَمَا تَقول عجبت من ضرب زيد لعَمْرو الْغَرِيب الروى المَاء الْكثير وَالْغلَّة الْعَطش وَمَاء روى ورواء كثير وَمَاء رواء بِالْفَتْح وَالْمدّ وروى بِالْكَسْرِ وَالْقصر الْمَعْنى يَقُول بدا هَذَا الْوَلِيد وشواهد الْكَرم بادية عَلَيْهِ ومخايله ظَاهِرَة فِيهِ فوعد من فَضله بِمثل مَا يعد السَّحَاب من ويله ثمَّ صد باخترام الْمَوْت فأبقى بِأَنْفُسِنَا مثل غلَّة الْبَلَد الْمحل إِذا منع من السَّحَاب الممطر 21 - الْغَرِيب الْخَيل الْعتاق الْكِرَام والركاب مَا يكون فِي سرج الدَّابَّة الْمَعْنى يَقُول مدت الْخَيل الْكِرَام عيونها إِلَيْهِ وتنافست عتاقها فِيهِ وارتقبت أَن يصير من السن إِلَى حَال يتعوض فِيهَا بالركاب من النَّعْل وبركوب الْخَيل عَن الْمَشْي 22 - الْغَرِيب جَاشَتْ الْقدر إِذا غلت وهاجت والضروس الشَّدِيدَة العض الْمَعْنى يَقُول إِن الْأَعْدَاء خافوه وَهُوَ صبي فَكَأَن الْحَرْب قَامَت على سَاق وَقَوله وَمَا تغلى تَنْبِيه على أَن الْحَرْب قَامَت معنى لَا صُورَة وَالْمعْنَى هُوَ الْخَوْف وروى تغلى يُرِيد الْحَرْب وروى بِالْيَاءِ يُرِيد الطِّفْل وروى تفلى بِالْفَاءِ من فليت رَأسه بِالسَّيْفِ وروى تفلى بِالْقَافِ يُرِيد لم تبلغ حد البغض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 وَالْمعْنَى أَن الصَّبِي هُوَ فِي المهد ارتاع لَهُ جَيش الْأَعْدَاء واستعار للحرب جَاشَتْ من الغليان للقدر لِأَن الْحَرْب إِذا قَامَت على سَاق تغلى بالْكلَام 23 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وتوبيخ الْغَرِيب الْفِطَام الفصال عَن الثدي وَهُوَ منع الصَّبِي من الرَّضَاع والتوارب لُغَة فِي التُّرَاب وَفِيه لُغَات تُرَاب وتوارب وتورب وتيرب وترب وتربة وترباء وتيراب وتريب وَجمع التُّرَاب أتربة وتربان والترباء الأَرْض نَفسهَا الْمَعْنى يَقُول أيفطمه التُّرَاب باشتماله عَلَيْهِ قبل بُلُوغه إِلَى أكل الطَّعَام وَيَأْكُل جِسْمه بإبلائه قبل بُلُوغه سنّ الْأكل وَهُوَ من قَول السّلمِيّ (فَطَمَتْكَ المَنُونُ قَبْلَ الفِطامِ ... وَاحْتَوَاكَ النُقْصَانُ قَبْلَ التَّمامِ) 24 - الْإِعْرَاب أَرَادَ قبل أَن يرى فحذفها وأعملها على رِوَايَة من روى وَيسمع بِالنّصب وَهُوَ مذْهبه لِأَنَّهُ كُوفِي وَقد ذكرنَا حجنا وَحجَّة أهل الْبَصْرَة فِي مَوَاضِع من هَذَا الْكتاب وَأَرَادَ من جوده مَا رَأَيْته من جودك فَحذف للْعلم بِهِ الْمَعْنى قبل أَن يرى من كرم جوده مَا رَأَيْته وَيشْهد من كثرته مَا شهدته وَيسمع من العذل فِيهِ كَالَّذي سَمِعت ويعرض عَنهُ كَمَا أَعرَضت وَدلّ بِكَثْرَة العذل على قلَّة إصغائه إِلَيْهِ 25 - الْإِعْرَاب من روى فِي الْبَيْت وَقبل يرى وَيسمع بِالنّصب يكون يمسى فِي مَوضِع نصب إِلَّا أَنه سكنها ضَرُورَة الْغَرِيب السّلم المسالمة وَالسّلم الصُّلْح يذكر وَيُؤَنث وَيفتح وَيكسر وَقَرَأَ الحرميان وَعلي بن حَمْزَة ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة بِفَتْح السِّين وَقيل مَعْنَاهُ الْإِسْلَام وَالسّلم لُغَة فِي السَّلَام قَالَ الشَّاعِر (وَقَفْنا فَقُلْنا إيهِ سِلْمٌ فَسَلَّمَتْ ... فَما كَانَ إلاَّ وَمْؤُها بالحَوَاجِبِ) والوغى الْحَرْب والمليك وَالْملك وَاحِد قَالَ الله تَعَالَى {عِنْد مليك مقتدر} الْمَعْنى يُرِيد قبل أَن يلقى كَالَّذي تَلقاهُ من عَظِيم سلطانك وارتفاع شَأْنك فِي السّلم وجلالة قدرك وشهود ظفرك فِي الْحَرْب وَيصير ملكا لَا يماثل فِي حَالَة ملكه وسلطان لَا يعْتَرض أمره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 - الْمَعْنى أَنه طابق بَين الْأَطْرَاف والأوساط وَالْولَايَة والعزل وَالْمعْنَى توليه رماحه قَوَاعِد الْبِلَاد ووسائط الأَرْض بتغلبه عَلَيْهَا وتمنعه أَطْرَاف الرماح رهبة الْأَعْدَاء لَهَا من أَن يعْزل وَالْمعْنَى أَنه يتولاها قسرا لَا من جِهَة غَيره فيعزل عَنْهَا 27 - الْغَرِيب الموهب الْعَطاء والجزل الْكثير الْمَعْنى يَقُول نبكي على مَوتَانا ونحزن لَهُم ونكثر الأسف لفراقهم وَنحن نتيقن أَنهم لَا يفوتهُمْ من الدُّنْيَا مَا يرغب فِي مثله وَلَا يمْنَعُونَ مِنْهَا مَا يجب أَن يتنافس فِي نيله لِأَن الدُّنْيَا بجملتها غرور وتمتع من بَقِي فِيهَا بصحبتها يسير وَالْمعْنَى أَن من فَارق الدُّنْيَا لم يفته بفراقها شَيْء لَهُ قدر 28 - الْمَعْنى إِذا مَا تَأَمَّلت تصاريف الزَّمَان وتدبرت الدَّهْر وخطوبه تيقنت أَن مَا حتم على الْإِنْسَان من الْمَوْت كَالَّذي يتوقعه من الْقَتْل لِأَن الْأَمريْنِ متساويان فِي مكروههما متماثلان فِيمَا يُشَاهد من عدم الْحَيَاة لَهما فَمَا ظَنك بِشَيْء يكون آخر مصيره إِلَى أكره مَا يحذر من أُمُوره وَهَذَا يُوجب الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَيَدْعُو إِلَى الْإِعْرَاض عَنْهَا وَقلة الأسف عَلَيْهَا وَهُوَ مَنْقُول من قَول عنترة (فاقْنَيْ حَياءَكِ لَا أَبَا لَكِ وَاعْلَمي ... أَني امْرُؤٌ سأَمُوتُ إنْ لَمْ أُقْتَل) وَمثله للْآخر (إذَا بَلَّ مِنْ دَاءٍ بِهِ ظِنَّ أنَّهُ ... نَجا وَبِهِ الدَّاءُ الَّذي هُوَ قاتِلُهْ) وَقَالَ البحتري (رأى بعضُهُمْ بَعْضاً عَلى الحُبّ أسْوَةً ... فماتُوا وَموْتُ الحبَ ضَرْبٌ مِن القَتْلِ) يُرِيد أَن قتل الْحبّ إيَّاهُم كَقَتل السَّيْف 29 - الْغَرِيب التعلة التعلل والحسناء يُرِيد الْمَرْأَة الْحَسَنَة الْمَعْنى يَقُول السرُور بِالْوَلَدِ المحبوب لَا يَدُوم وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيل إِلَى وَقت وَكَذَلِكَ إِذا خلت الْحَسْنَاء مَعَ محبها أدّى ذَلِك إِلَى تأذيه بهَا إِمَّا لِأَنَّهُ يشْتَغل قلبه عَمَّا سواهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 أَو لغير ذَلِك من المضار الَّتِي تلْحق مواصل الغواني وَهَذَا كُله تَسْلِيَة لَهُ عَن وَلَده هَذَا قَول أبي الْفَتْح وَقَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا الْمَعْنى أَنه نَهَاهُ عَن الْخلْوَة بامرأته لِئَلَّا تَلد فَقَالَ خلوتك بامرأتك أَذَى لَك فِي الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا تجلب لَك ولدا تغم من أَجله وتتأذى بتربيته وَلَعَلَّ الْعَاقِبَة إِلَى الثكل 30 - الْغَرِيب الْحَلْوَاء مَعْرُوفَة وَهِي تسْتَعْمل لكل مَا يستحلى الْمَعْنى يَقُول جربت حلاوة الْأَوْلَاد وَقت صباي فَوجدت الْأَمر على مَا قلته وَيجوز أَن يكون على الصِّبَا رَاجعا إِلَى الْبَنِينَ أَي على صبا الْبَنِينَ قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى يَقُول لست أسليك إِلَّا عَمَّا قد فجعت بِهِ فَرَأَيْت الصَّبْر عَلَيْهِ أحزم من الأسى عَلَيْهِ وَهَذَا بعيد لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم هَذَا الْبَيْت مَا يدل على مَا قَالَه إِنَّمَا نقدم مَا ذَكرْنَاهُ انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى يُرِيد ذقت حلاوتهم فِي حَال صبوتي وعرفتهم حَقِيقَة الْمعرفَة ثمَّ لحظتهم بِعَين التيقن بعد تجربتي لأمرهم وإحاطتي بعلمهم فَلَا تَظنن أَن ذممتهم عَن غير معرفَة وزهدت فيهم دون تجربة 31 - الْغَرِيب الْأَزْمَان جمع زمن وزمان وَيجمع على أزمنة وأزمن ولقيته ذَات الزمين تُرِيدُ بذلك تراخي الْوَقْت الْمَعْنى يُرِيد أَنه وكد مَا قدمه من إحاطته بالأمور وَمَا حث عَلَيْهِ من الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَقلة الأسف على الْوَلَد أَي مَا تسع الْأَزْمَان مَا أعلمهُ من أمرهَا واتيقنه من شدَّة نكدها يُرِيد أَنَّهَا تضيق عَن علمه وتعجز عَن الاشتمال عَلَيْهِ وَأَن الْأَيَّام لَا تحسن أَن تكْتب مَا أمليه وتضبط مَا أعده وَالْمعْنَى أَن الْأَيَّام الَّتِي تَأتي بالحوادث لَا تحسن أَن تكْتب مَا أمليه من الْحِكْمَة وَالْكَلَام النَّادِر فَكيف تعلمه 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّهْر مَذْمُوم أمره شَدِيد مكره فَلَا تؤمل عِنْده حَيَاة وَلَا هُوَ مِمَّن يشتاق فِيهِ إِلَى نسل لِأَن مآل الْحَيَاة فِيهِ إِلَى الْمَوْت ومآل النَّسْل إِلَى الْقَبْر بعد طول الشّغل وَالنّصب ومعاناة الكد وللطلب وَمَا كَانَ كَذَلِك فالسرور يسير بِوُجُودِهِ والحزن غير وَاجِب عِنْد فَقده وَقَالَ الواحدي لِأَن الْوَلَد إِذا عَاشَ بعد لَقِي من مكاره الدَّهْر مَا ينغص عَلَيْهِ عيشه ويسأم مَعَه الْحَيَاة وَلِأَنَّهُ أَيْضا لَا يبْقى الْوَلَد بل يفجع بِهِ الْوَالِد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 - 1 الْغَرِيب الْحلم النّوم والزيال المزايلة والزوال يُقَال زَالَ الشَّيْء زوالا وزالت الْخَيل بفرسانها زوالا وزيالا فقلبت الْوَاو يَاء للكسرة الَّتِي قبلهَا الْإِعْرَاب لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَيجوز أَن تكون على وَجههَا وهم يستعملون لَا فعل مَوضِع لم يفعل وَمِنْه {فَلَا صدق وَلَا صلى} يُرِيد لم يصدق وَلم يصل والضميران فِي المصراع الأول والضميران فِي المصراع الثَّانِي الْجمع للحبيب وَإِن لم يجر لَهُ ذكر للْعلم بِهِ عِنْد السَّامع الْمَعْنى قَالَ الواحدي يصف شدَّة هجر الحبيب وَأَنه لَا يَأْتِيهِ فِي النّوم أَيْضا وهم إِذا وصفو الخيال بالامتناع من الزِّيَارَة فِي النّوم أَرَادوا بِهِ شدَّة هجر الحبيب كَقَوْل حبيب (صَدَّتْ وعَلَّمَتِ الصُدُودَ خَيالَها ... ) وَلَا يتَصَوَّر تَعْلِيم الخيال للصدود وَلَكنهُمْ كَمَا يصفونَ الحبيب بِشدَّة الهجر يجْعَلُونَ هجر الخيال نوعا من صدوده يَقُول لم يزره الحبيب فِي النّوم يُرِيد أَن مُوجب رُؤْيَة الخيال فِي النّوم اسْتِدَامَة ذكر الْوَدَاع والفراق وَلَوْلَا أَنِّي أطلت تذكر وداعه ومفارقته وواصلت الْفِكر فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا لما جَاءَنِي خياله وَالْمعْنَى تذكري فِي الْيَقَظَة الْوَدَاع والفراق أَرَانِي خياله وَلَو غفلت عَن ذكره لم أره فِي النّوم وَالْمعْنَى أَن مُوجب رُؤْيَة الخيال اسْتِدَامَة ذكر الْوَدَاع والفراق وجود الْحلم بالحبيب وجوده بمثاله وَجعل ذَلِك أَبُو الطّيب شَيْئَيْنِ ظنا مِنْهُ أَنه يرى الحبيب فِي النّوم وَيرى خياله ورؤية الحبيب فِي النّوم رُؤْيَة خياله لَا رُؤْيَة شخصه بِعَيْنِه وَهَذَا كَلَام مَنْقُول من كَلَام أبي الْفَتْح وَالْمعْنَى أَن الأحلام لم تكن فِي قدرتها أَن تجود بِمن أحبه فتقر بِهِ وَلَا بِمَا يُشبههُ فتمثله لَوْلَا مَا يَدْعُو إِلَى ذَلِك من التَّذَكُّر بوداعه عِنْد فرقته وزياله عِنْد رحيله وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (نَمْ فَمَا زَارَكَ الخَيالُ وَلَكِنَّكَ ... بالفِكْرِ زُرْتَ طَيْفَ الخَيالِ) 2 - الْإِعْرَاب رفع الْمَنَام بِفِعْلِهِ وَالتَّقْدِير الَّذِي أعَاد لنا الْمَنَام خياله وَنصب خيال لِأَنَّهُ خبر كَانَ وَلَيْسَ هُوَ مفعول إِعَادَته وَأقَام الْمصدر مقَام الْمَفْعُول لِأَنَّهُ يُرِيد بِالْإِعَادَةِ الشَّيْء الْمعَاد كوقوع الْخلق موقع الْمَخْلُوق الحديث: 179 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول إِن الَّذِي أعَاد لنا الْمَنَام خياله فأراناه فِي النّوم كَانَ ذَلِك الَّذِي أرانا خيال خياله يَعْنِي أَنا كُنَّا نصور لأنفسنا فِي الْيَقَظَة خياله فَالَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي النّوم كَانَ خيال ذَلِك الَّذِي يتَصَوَّر لنا فَهُوَ خيال الخيال وَهَذَا الْبَيْت تَأْكِيد لما قبله من أَنه يداوم على ذكر الحبيب وَذكر حَال الْفِرَاق والوداع وَابْن جنى يَقُول إِنَّمَا رَأينَا الْآن فِي النّوم شَيْئا كَمَا رَأَيْنَاهُ فِي النّوم قبل فَصَارَ مَا رؤى ثَانِيًا خيال مَا رَأَيْنَاهُ أَولا وَالَّذِي رؤى أَولا هُوَ خياله فَصَارَ الثَّانِي خيال الخيال وَهَذَا كَلَامه وَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ إِذا رَآهُ ثَالِثا صَار خيال خيال خياله، وَكَذَا فِي الرَّابِع وَهَذَا لَا يَنْقَطِع وَقَوله المعيد لنا الْمَنَام خياله يجوز أَنه يُرِيد بِهِ الِابْتِدَاء فَسَماهُ إِعَادَة وَإِن لم يحلم بِهِ قبل وَالْعود قد يُطلق على الِابْتِدَاء وَمِنْه قَول الآخر (وَماءٌ كَلَوْنِ الزَّيْتِ قَدْ عادَ آجِنا ... ) يُرِيد صَار آجنا وَيجوز أَن يُرِيد الْإِعَادَة على حَقِيقَتهَا وَقَوله كَانَت إِعَادَته أَي وَقعت وحصلت وَلَا يحْتَاج فِي الْكَوْن إِذا كَانَ بِمَعْنى الْوُقُوع إِلَى الْخَبَر وَنصب خياله بِالْإِعَادَةِ لَا بِخَبَر كَانَ انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى أَن الَّذِي أعَاد لنا الْمَنَام خياله كَانَت تِلْكَ الْإِعَادَة لخفة وقعتها وتقاصر مدَّتهَا من ذَلِك الخيال كالخيال الَّذِي لَا حَقِيقَة لَهُ وَلَا شِفَاء للعاشق بِهِ 3 - الْمَعْنى أَنه وصف حَاله عِنْد زِيَارَة الطيف لَهُ وَمَا قرب لَهُ بذلك من الْبعيد وَأمكنهُ من العسير فَقَالَ إِنَّه بَات يتَنَاوَل المدام من كف محبوبه وَذَلِكَ المحبوب لَا يخْطر بِبَالِهِ رُؤْيَته لَهُ لتباعده عَنهُ وَلَا يتوهمها لانفصاله بالمسافة المتراخية مِنْهُ والشاعر يَجْعَل مَا يرَاهُ فِي النّوم كَأَنَّهُ يرَاهُ فِي الْيَقَظَة وَمثله للبحتري (أُردُّ دُونَكِ يَقْظانا وَيأْذَنُ لي ... عليكِ سُكْرُ الكَرَى إِن جِئتُ وَسْنانا) وَمن قَول قيس بن الخطيم (مَا تَمْنَعي يَقْظَي فَقَدْ تُؤْتِينَهُ ... فِي النَّوْم غَيْرَ مُصَرَّدٍ مَحْسُوبِ) وللبحتري أَيْضا (جَذْلانَ يسْمَحُ فِي الكَرَى بعِناقِهِ ... وَيَضِنُّ فِي غَيرِ الكَرَى بسَلامِهِ) وَلأبي نواس (إذَا الْتَقَى فِي النَّوْمِ طَيْفانا ... عادَا إِلَى الْكرَى الْوَصْل كَما كَانَا) (يَا قُرَّةَ العَينِ فَمَا بالُنا ... نَشُقَى وَيَلْتَذُّ خَيالانا) (لَوْ شِئْتِ إذْ أحْسِنْتِ لي نَائِما ... أتْمَمْتِ إحْسَانَكِ يَقْظانا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 - الْغَرِيب الْجيد الْعُنُق الْمَعْنى شبه مَا فِي قلادته من الدّرّ بالكواكب وخلخاله بِعَين الشَّمْس يُرِيد لمعان خلخاله وَذكر أَنه يجنى الْكَوَاكِب من تِلْكَ القلائد بتناوله لَهَا وينال عين الشَّمْس من تِلْكَ الخلاخل بلمسه إِيَّاهَا فأحرز قصبات التَّشْبِيه فِيمَا شبه بِهِ مِمَّا لَا زِيَادَة عَلَيْهِ فِي حسن النّظر وَأَشَارَ إِلَى المعانقة وَالْمُلَامَسَة بِأَحْسَن إِشَارَة وَعبر عَنْهَا بِأَحْسَن عبارَة فَجعل مد يَده إِلَى تِلْكَ الفرائد جنيا للكواكب وَإِلَى الخلخال نيلا لعين الشَّمْس قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون التَّشْبِيه فِي الْبعد لَا فِي الصُّورَة أَي مَا كُنَّا نظن أَن نرَاهُ فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ صَبرنَا نرى بقلائده الْكَوَاكِب وبخلخاله الشَّمْس وَالْمعْنَى أَنه رأى فِي الْمَنَام مَا لم يصل إِلَيْهِ فِي الْيَقَظَة 5 - الْإِعْرَاب اسْتعْمل الْهَاء الْأَصْلِيَّة فِي الواله وصلا وَهِي لَام الْكَلِمَة وَهِي جَائِزَة الْغَرِيب الوله التحير وَهُوَ ذهَاب الْعقل بِشدَّة الْحبّ ويروى ظن الْفُؤَاد بالظاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون يُرِيد فِي ظَنِّي وفكري ويروى طي الْفُؤَاد وَهُوَ ضد النشر ويروى ظن الْفُؤَاد وَلَيْسَ بِشَيْء الْمَعْنى يَقُول مؤكدا لما ذكر قبل ارتحلتم عَن مرأى الْعين الَّتِي قرحت بِكَثْرَة الْبكاء لبينكم وسكنتم ظن الْفُؤَاد الواله بحبكم المشغول بذكركم الْمَقْصُور على مثلكُمْ فالقلب لَا يَخْلُو من ذكراكم وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (فقُلْتُ لَمْ تَبْعُدْ نَوَى غائِبٍ ... غابَ عَنِ العَينِ إِلَى القَلْبِ) وَمن قَول ابْن المعتز (إنَّا عَلى الْبِعادِ والتَّفَرُّقِ ... لَنَلْتَقِي بالذّكرِ إنْ لَمْ نلْتَقِ) وَمن قَول الآخر (لَئِنْ بَعُدَتْ عني لَقَدْ سَكَنَتْ قَلبي ... مشِيَّانَ عِنْدِي غايَةُ البُعْدِ والقُرْبِ) 6 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْقلب استدناكم بفكره فالدنو من قبله وسمحتم بالزيارة لِكَثْرَة فكره فِيكُم فَكَانَ السماح على الْحَقِيقَة مِنْهُ لَا مِنْكُم فلوخلا الْقلب مِنْكُم لم يحصل هَذَا الدنو والضميران فِي عِنْده وَمَاله للقلب أَو للعاشق وَلما ذكر السماح ذكر مَعَه المَال لتجانس الصَّنْعَة وأجراه على طَرِيق الِاسْتِعَارَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 - الْغَرِيب الطيف الخيال يُقَال طيف وطائف وَقَرَأَ الْقُرَّاء بهما فَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ طيف بِغَيْر ألف وَالْبَاقُونَ بِأَلف وَيُقَال طَاف الخيال يطِيف طيفا ومطافا قَالَ كَعْب بن زُهَيْر (أنَّي ألَّم بِكَ الخَيالُ يَطِيفُ ... وَمَطافُهُ لَكَ ذِكْرَةٌ وَشُعُوفُ) الْمَعْنى يَقُول هُوَ يبغض طيف محبوبه مَعَ كلفه بِهِ ويكرهه مَعَ ارتياحه لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يهجره فِي زمن الْوَصْل وَلَا يطرقه مَعَ التئام الشمل فَيَقُول رؤيتي الطيف عنوان الهجر قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا يُسمى الإكذاب لِأَنَّهُ قَالَ فِي الأول لَا الْحلم جاد بِهِ فَزعم أَن النّوم لَا يصل إِلَى أَن يرِيه الخيال ثمَّ ذكر أَنه يبغض طيفه وَقَالَ الواحدي كَانَ من حَقه أَن يَقُول إِذْ كَانَ يواصلني زمَان الهجر لِأَن هجران الطيف زمَان الْوِصَال لَا يُوجب بغضا لَهُ إِذْ لَا حَاجَة بِهِ إِلَى طيف أَيَّام الْوِصَال وَلكنه قلب الْكَلَام على معنى أَن هجرانه زمَان الْوِصَال يُوجب وصاله زمَان الهجران 8 - الْإِعْرَاب نصب مثل بِفعل مُضْمر تَقْدِيره أبغضه مثل وَيجوز أَن يكون بيهجرنا أَي يهجرنا مثل هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي حدثت من ترحال الحبيب وَالْمعْنَى لما فَارَقت من أحبه حدثت هَذِه الْأَشْيَاء بفرقته وعدمته فشكوتهن بعد رحيله وَكَذَلِكَ الطيف إِنَّمَا زار زمن الهجر وطرق عِنْد امْتنَاع الْوَصْل 9 - الْغَرِيب استقدت اقتصصت وَهُوَ استفعلت من الْقود وَالْأَصْل فِيهِ أَن الرجل إِذا قتل الآخر يُقَاد الْقَاتِل إِلَى أهل الْمَقْتُول فَرُبمَا قَتَلُوهُ وَرُبمَا عفوا عَنهُ والبلبال الهموم والحزن الْمَعْنى يُرِيد قدرت من الْهوى على مَا أردْت فعففت عَنهُ واقتصصت بذلك من الْهوى وَجَعَلته جَزَاء لفعله وَالْمعْنَى إِن كَانَ الْهوى قد لَحِقَنِي مِنْهُ حزن وهموم فقد استقدت مِنْهُ وأذقته من عفتي مَا هُوَ جَزَاء لَهُ قَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل هُنَا وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون الْعرض فَيكون هَذَا من مُبَالغَة الشّعْر الَّتِي لَيست لَهَا حَقِيقَة وَالْآخر أَن يُرِيد الْمَرْأَة الَّتِي شَبَّبَ بهَا فَيكون على حذف الْمُضَاف أَي ذَات الْهوى وَالْمعْنَى أذقته من الأسف بالعفة الَّتِي سهلت على خلابه كَمَا أذاقني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 - الْغَرِيب الإستجفال الْهَرَب بعجلة وَسُرْعَة والضرغام من أَسمَاء الْأسد وكنى بالساعة عَن قصر الْمدَّة والأشبال وَاحِدهَا شبْل وَهُوَ ولد الْأسد الْمَعْنى يَقُول أَعدَدْت لافتتاح كل أَرض فَحذف الْمُضَاف للْعلم بِهِ وقتا صعبا يضْطَر الْأسد فِيهِ إِلَى ترك أَوْلَاده والهرب عَنْهَا خوفًا على نَفسه تحمله لشدتها على الْفِرَار عَن أَوْلَاده 11 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بهَا للساعة الْمَذْكُورَة وَيجوز أَن يكون للْأَرْض الْغَرِيب الأجوال النواحي الْوَاحِد جول الْمَعْنى أَنه وصف السَّاعَة فَقَالَ إِن وُجُوه الْأَبْطَال الَّذين لَا ينكصون يلقى بَعْضهَا بَعْضًا وَبَينهَا ضرب شَدِيد وجلاد وَكيد يكثر فِيهِ الْمَوْت ويجول فِي نواحيه وجانس بقوله نجول وأجواله لِأَن حُرُوف يجول والأجوال وَاحِد وَالْمعْنَى فِي الْكَلِمَتَيْنِ مُخْتَلف وَهَذَا فِي الْكَلَام هُوَ التَّجْنِيس 12 - الْغَرِيب السلاف هُوَ أول مَا يجْرِي من مَاء الْعِنَب من غير عصر وَهُوَ أَجود وَهُوَ أصفر وَهُوَ سلاف وسلافة الجريال صبغ أَحْمَر وَمَا اشتدت حمرته من الْخمر يُسمى جريالا على المشابهة الْمَعْنى يَقُول يُرِيد أَنه خبأ من الْكَلَام أسهله وأفضله وَمَا هُوَ فِيهِ كالسلاف فِي ضروب الْخمر وَأظْهر فِيهِ مَالا يدْفع فَضله وَلَا يُنكر حسنه كالجريال فِي أَنْوَاعهَا إِلَّا أَن الَّذِي أظهره دون الَّذِي كتمه وَالْمعْنَى أَنه يُشِير بِهَذَا إِلَى قدرته على الْكَلَام وإحاطته بِهِ وَقَوله وسقيت من نادمت أَي لم أخرج إِلَيْهِ مُخْتَار شعري وكلامي 13 - الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد على السماع لَا على الْقيَاس الْمَعْنى يَقُول إِذا بعد سهل الْكَلَام على أهل الْإِحْسَان وصعب انقياده لَهُم لصعوبة المقامات الَّتِي توجب ذَلِك برزت هُنَاكَ غير مقصر فِي غوامض القَوْل وَلَا متعثر فِي بَدَائِع الشّعْر وكني بالسهل عَمَّا قرب من الْكَلَام وبالجياد عَن أهل الْإِحْسَان فاستعار هَذِه الألقاب أحسن اسْتِعَارَة وَأَشَارَ إِلَى إحسانه أبدع إِشَارَة وَهَذَا من بديع الْكَلَام وَالْمعْنَى إِذا لم يقدروا على السهل الْمُسْتَعْمل كنت قَادِرًا على الْغَرِيب المهمل فَجعل الْجِيَاد مثلا للبلغاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 - الْإِعْرَاب الضمائر تعود على العراء الْغَرِيب العراء الأَرْض الفضاء الواسعة وَقيل ظهر الأَرْض وَقيل لَهُ عراء لِأَنَّهُ لَا شجر فِيهِ كَأَنَّهُ عرى مِنْهُ والناعج الْأَبْيَض الْكَرِيم من الْإِبِل والنعج ضرب من سير الْإِبِل والمعتاد من الْعَادة والمجتاب الْقَاطِع وَهُوَ الَّذِي يقطع الأَرْض بالسير والمغتال الَّذِي يَسْتَوْفِي غَايَته الْمَعْنى يَقُول إِنَّه قد اقتدر على القفر العراء بجمل مُعْتَاد السّير فِيهِ مستضلع للْقطع لَهُ مُسْتَقل ببلوغ غَايَته فَحكم فِي القفر بركوب هَذَا الْجمل الْمَوْصُوف المغتال المهلك يُرِيد الَّذِي أفناه بالسير 15 - الْغَرِيب الْمطِي جمع مَطِيَّة والجموم من الْخَيل كلما ذهب مِنْهُ جرى جَاءَهُ جرى آخر قَالَ النمر بن تولب (جَمُومُ الشَّدَ شائِلَةُ الذُّناتي ... تخالُ بَياضَ غُرَّتِها سِرَاجا) وَأَصله جم المَاء يجم جموما إِذا كثر وكللت من الْمَشْي أكل كلالا وكلالة وَكَذَلِكَ الْبَعِير إِذا أعيا وكل السَّيْف وَالرمْح والطرف وَاللِّسَان يكل كلة وكلا وَسيف كليل الْحَد وَرجل كليل اللِّسَان وكليل الطّرف الْمَعْنى يَقُول هَذَا الناعج يسْبق عَدو الْإِبِل مَاشِيا وَيزِيد عَلَيْهَا عِنْد كَثْرَة جريها إِذا كَانَ كالا فَمَا ظَنك بِهِ إِذا تَسَاوَت بِهِ الْحَال وَذهب عَنهُ الكلال وَالْمعْنَى إِذا كَانَ مُقَيّدا يسْبق الْإِبِل مُطلقَة فَتَصِير وَرَاءه 16 - الْغَرِيب تراع تفزع والمتجفل المسرع والعقال حَبل يشد بِهِ يَد الْجمل إِلَى عضده الْمَعْنى يَقُول تراع الْمطِي حول هَذَا الْجمل وَكلهَا لاعقال عَلَيْهَا وَهُوَ مَعْقُول بَينهَا فتفر مسرعة وتصد مولية ويفر هَذَا الْجمل لفرارها فيفوتها مسرعة بعقاله وَهِي مُطلقَة ويتقدمها برباطه وَهِي مجتهده 17 - الْغَرِيب أخفافه جمع خف وَهُوَ خف الْبَعِير والمراح النشاط والإرقال ضرب من السّير وَهُوَ الخبب وَقد أرقل الْبَعِير وناقة مرقل ومرقال إِذا كَانَت كَثِيرَة الإرقال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 الْمَعْنى يَقُول بسيره أبلغ مَا أطلب من النجاح فالنجاح فِي قوائمه وَهُوَ نشيط الْعَدو فالنشاط فِي إرقاله فاقتران الظفر بسيره والفوز وَالْغِبْطَة بِسَفَرِهِ 18 - الْغَرِيب خيس أجمة الْأسد والريبال الْأسد الْمَعْنى يُرِيد أَنه صَار مشاركا للخلافة فِي سيف الدولة يُرِيد أَنه سَيْفه كَمَا هُوَ سيف دولة هَاشم ووصلت إِلَى أَسد الْملك بشق الخيس إِلَيْهِ وَالْمعْنَى أَن نظام أَمْرِي من عطاياه كَمَا أَن نظام دولة هَاشم من رَأْيه وَالْمعْنَى أَنِّي شركت دولة هَاشم فِي رئيسها أَو سيفها أخترته لقصدي كَمَا اخْتَارَهُ الْخَلِيفَة لنَفسِهِ ووصلت إِلَى دَار سُلْطَانه ورفيع مَكَانَهُ 19 - الْإِعْرَاب من روى خَوفه فالمصدر مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَمن روى خوفها فالمصدر مُضَاف إِلَى الْفَاعِل لِأَن الفريسة هِيَ الخائفة الْغَرِيب الليوث جمع لَيْث وَهُوَ الْأسد الْمَعْنى يُرِيد أَن الْأسد إِذا افترس فريسة ذعرها وأفزعها وَهَذَا مَعَ أَنه يقتل أعداءه بحياته لَا ينفرون عَنهُ لكماله وجماله وَيُرِيد أَنه حرم الليوث كَمَاله لِأَنَّهُ يشركها ببأسه ويفوتها بحسنه وجماله فَهِيَ منسوبة إِلَى الْقبْح وَهُوَ لحسنه ينسى فريسته خَوفه بِجَمَال وَجهه ويشغلها ببهائه عَمَّا تتوقعه من بأسه 20 - الْغَرِيب الآكال جمع أكل وَأكل بِالضَّمِّ وبضمتين الْمَعْنى يَقُول إِنَّه لِشِدَّتِهِ وارتفاع رتبته تتواضع الْأُمَرَاء حول سَرِيره وتعتصم بالخضوع لَهُ ويظهرون لَهُ الْمحبَّة وَلَيْسَت من أشكاله وتتودده وَهِي من آكاله أَي من أرزاقه وأقواته يَعْنِي أَنه مَحْبُوب إِلَى كل أحد 21 - الْغَرِيب البشاشة الاستبشار والنوال الْعَطاء الْمَعْنى يُرِيد أَنه يُمِيت بهيبته قبل أَن يُقَاتل ويبش للسَّائِل قبل أَن يُعْطِيهِ وَيُعْطِيه قبل أَن يسْأَله 22 - الْغَرِيب مقبلها أَولهَا وَهُوَ مَا يسْتَقْبل مِنْهَا الْمَعْنى أَنه ضرب هَذَا مثلا مؤكدا لما قبله أَي هُوَ غير مُحْتَاج إِلَى محرك لَهُ فِي السؤدد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 وَالْفضل كَمَا أَن الرِّيَاح إِذا رَأَيْتهَا مقبلة إِلَيْك لم تحتج إِلَى استعجالها لسرعتها فَكَأَنَّهَا جدواه قَالَ أَبُو الْفَتْح جَارِيَته فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ هَذَا وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة مقبلها بِفَتْح الْبَاء يُرِيد إقبالها 23 - الْغَرِيب الإفضال الْعَطاء وَهُوَ أَن يفضل عَلَيْهِم من جوده الْمَعْنى يَقُول أعْطى واقتدر فَعم بفضله واقتدر على الْمُلُوك المترفعين عَن تقبل الْعَطاء فَمن عَلَيْهِم بعفوه وَكَانَ صفحة عَنْهُم من أوفر الْعَطاء عِنْدهم فتساوى الْمُلُوك والسوقة فِيمَا شملهم من الْعَطاء وتماثلوا فِيمَا أحَاط بهم من الْإِحْسَان وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (عَمَّتْ صَنائِعُهُ البَرِيَّة كُلَّها ... فَعَدا المُقِلُّ على الغَنِيّ المُكْثِرِ) 24 - الْمَعْنى يَقُول أغْنى النَّاس مِمَّا يعطيهم فهم لَا يسألونه مُتَابعَة وَالْمعْنَى إِذا أغْنى كرمه عَن مسئلته وابتداؤه للعطاء عَن تحريكه وَإِلَى ذَلِك وَأَعَادَهُ وواصله من غير أَن تطلب الْإِعَادَة 25 - الْغَرِيب الجدوى الْعَطِيَّة والإقلال مصدر الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن مَعْنَاهُ فَقَالَ أردْت إفراطه فِي الْجُود حَتَّى كَأَنَّهُ يطْلب أَن يكون مقلا كسائله فَهُوَ يفرط فِي إِعْطَائِهِ طلبا للإقلال فَكَأَنَّهُ لِكَثْرَة إِعْطَائِهِ يحْسد على الْفقر والقلة حَتَّى يصير فَقِيرا 26 - الْغَرِيب الهمة والهموم وَاحِد الْمَعْنى يَقُول همته بلغت أقْصَى من مغارب النُّجُوم وتطلع من مشارقها وَهِي دون مَا ناله بهمته يُرِيد أَن النُّجُوم تغرب ومطالعها أقرب من مبلغ همته وإرادته وَالْمعْنَى أَن النُّجُوم مَعَ ارْتِفَاع موَاضعهَا وانتزاح مغاربها ومطالعها تغرب مقصرة عَمَّا تبلغه همته وتطلع متواضعة عَمَّا يُدْرِكهُ تنَاوله وَقَالَ الواحدي يُرِيد ان الممدوح أبعد من مطلع الشَّمْس لَا يَنَالهُ أعداؤه وَلَا يبلغون إِلَيْهِ وَلَا يبلغون مناله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 - الْغَرِيب الْجد الْحَظ والآل أَصله أهل فأبدل من الْهَاء همزَة فَاجْتمع همزتان فأبدل من الثَّانِيَة ألف وَخص بِهِ الْأَكْثَر فالأكثر نَحْو آل مُوسَى وَآل إِبْرَاهِيم وَآل مُحَمَّد الْمَعْنى يَقُول جدد الله لَهُ كل يَوْم سَعَادَة تزيد من أعدائه فِي أوليائه الَّذين يوالونه بالمحبة وَالْمعْنَى الله يمده فِي كل يَوْم بكرامة وسعادة يجدد مَاله ويظفره بِمن ناوأه ويظهره على من عَادَاهُ ويجعلهم بعد الْعَدَاوَة أَتبَاع أمره وأنصارا لحزبه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يدْخل أعداءه فِي صَحبه إِمَّا رَغْبَة وَإِمَّا رهبة 28 - الْمَعْنى يَقُول لَو لم يكن يقتل أعداءه بِسَيْفِهِ مَاتُوا هم بِقُوَّة جده وإقباله فَكَانَ سيف إقباله يقتلهُمْ واستعار للإقبال جثة يجْرِي عَلَيْهَا دِمَاؤُهُمْ وَالْمعْنَى لَو لم يُهْلِكهُمْ بوقائعه وتجري مهجاتهم على سيوفه لتكفل لَهُ بذلك إقبال جده وَمَا أظهر الله من تمكنه وسعده 29 - الْغَرِيب العرمرم الْجَيْش الْكثير والأقتال الْأَعْدَاء وَاحِدهَا قتل بِكَسْر الْقَاف وَالْجمع أقتال قَالَ عبيد الله بن قيس الرقيات (وَاغْتِرابي عَنْ عامِرِ بْنِ لُؤِيّ ... فِي بِلادٍ كَثِيرَة الأقْتَالِ) اصل العرمرم فعلعل من العرام وَهُوَ الشدَّة والانفصام الْكسر من غير انْفِصَال والانقصام بِالْقَافِ الْبَائِن الْمُنْفَصِل وفصمته فانقصم فال ذُو الرمة (كأنَّهُ دُمْلُجٌ مِنْ فِضَّة نَبَهٌ ... فِي مَلْعَبٍ مِن جواري الحَيّ مَقصُومُ) هَذَا يشبه غزالا بدملج فَقَالَ كَأَنَّهُ دملج مقصوم يُرِيد لتثنيه وانحنائه إِذا نَام الْمَعْنى يَقُول لمثل سيف الدولة جمعت الجيوش أَنْفسهَا وسلمت طاعتها إعظاما لقدره واعترافا بفضله وبمثله من أهل الحزامة والمتقدمين فِي الرياسة انفصمت عرا أعدائه وانحل عقدهم ونبا حَدهمْ 30 - الْغَرِيب الوغى الْحَرْب والسربال الثَّوْب وَالْجمع سرابيل قَالَ الله تَعَالَى {سرابيلهم من قطران} وسربلته فتسربل} الْمَعْنى يُرِيد أَنه ظهر على الْأَعْدَاء فَقَتلهُمْ وَبلغ مُرَاده مِنْهُم وَلم يتْركُوا عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 للحرب أثرا يظهرونه وَشَاهدا يتكلفه لاستغنائه عَن ذَلِك ببلوغ الهمة والبغية إِلَّا مَا فِي ثَوْبه من الدِّمَاء الَّتِي سفكتها مِنْهُم صوارمه وأجرتها قوائمه قَالَ ابْن الأفليلي هَذَا بَاب من البديع يعرف بِالِاسْتِثْنَاءِ 31 - الْغَرِيب المباهي المشاكل والمضاهي والأشكال جمع شكل وَهُوَ الشّبَه الْمَعْنى يَقُول للقمر لَا تسمع الْكَذِب وَلَا تكذبن على نَفسك فَإنَّك لست تشاكله هُوَ أبهى مِنْك وَأحسن وأضوأ وأنور وَله فِي الْبَأْس وَالْكَرم رُتْبَة لَا تبلغها ومنازل لَا تستحقها فلست مِمَّن يشاكله ويضاهيه ويساويه وَجعل الْقَمَر مباهيا لوجهه لِأَنَّهُ بحسنه وزيادته كل لَيْلَة كَأَنَّمَا يباهي وَجهه 32 - الْغَرِيب طما الْبَحْر طموا إِذا ارْتَفع يطمو ويطمي طميا فَهُوَ طام وَمِنْه طمت الْمَرْأَة بزوجها إِذا ارْتَفَعت وطما يطمي مثل طم يطم إِذا مر مسرعا الْمَعْنى قل للبحر إِذا ارْتَفع دع مَا تظهره فكرم الممدوح يغمرك ومواهبه تحقرك وَأَنت عَاجز عَن رتبته ومقصر عَن جلالته ورفعته وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (قدْ قُلْتُ للْغَيْثِ الرُّكامِ وَلَجَّ فِي ... إبْرَاقِهِ وألَحَّ فِي إرْعادِهِ) (لَا تَعْرِضَنَّ لِجَعْفَرٍ مُتَشَبها ... بنَدَى يَديْه فلسْتَ مِن أنْدَادِهِ) 33 - الْإِعْرَاب نصب الجدود بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ تَقول ورثت زيدا مَالا أَي من زيد وَتقول ورثت أُمِّي مَالا تُرِيدُ من أُمِّي فَتسقط حرف الْجَرّ وتعمل الْفِعْل وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (وَرِثْتُ أبي أخْلاقَهُ عاجِلَ القِرَى ... وَعَبْط المَهارِي كُومُها وشَنُونُها) وَلَا فِي معنى غير وَالضَّمِير فِي أَفعاله يعود على الابْن الْغَرِيب رَأْي بِمَعْنى رَضِي وَاخْتَارَ كَقَوْلِك رأى فلَان كَذَا أَي رضيه وَفُلَان يرى كَذَا مَعْنَاهُ يرضاه وَيُشِير بِهِ الْمَعْنى يَقُول وهب مَا ورث من المَال والمآثر فوهب المَال للعفاة والمفاخر لِقَوْمِهِ لِأَنَّهُ لَا يرى الافتخار إِلَّا بِفِعْلِهِ وَأَنه رأى أَفعَال آبَائِهِ لَا ترفعه وَلَا تَنْفَعهُ حَتَّى يفعل مثلهَا وَالْمعْنَى أَن سيف الدولة لسعة فَضله وَعُمُوم جوده وهب الَّذِي وَرثهُ من جدوده اسْتغْنَاء بِكَسْبِهِ وَلم يقنع بِمَا خَلفه آباؤه من الْمجد وأسلفوه من الْجُود دون أَن يتلوهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 بِفِعْلِهِ ويماثلهم بفضله وَرَأى أَن أَفعَال الْآبَاء لَا تشرف الابْن حَتَّى تشرفه أَفعاله وترفعه أَحْوَاله وَمثله قَول اللَّيْثِيّ (لَسْنا وإنْ أحْسابُنا كَرُمَتْ ... يَوْما عَلى الأحْساب نَتَّكِلُ) وَمثله قَول الآخر (وَإِذا افْتَخَرْتَ بأعْظُمِ مقْبُورَة ... فالنَّاسُ بَينَ مُكَذّبٍ وَمُصَدّقِ) (فأقمْ لنفسِكَ فِي اكتِسابكَ شاهِداً ... بحَدِيثِ مَجْدٍ للْحَدِيثِ مُحَقَّقِ) وَأَخذه الرضى الموسوي فَقَالَ (فَخَرْتُ بنَفسِي لَا بقَوْمي مُوَفِّراً ... عَلى ناقِصِي قَوْمي مآثِرَ أُسْرَتي) 34 - الْغَرِيب التراث المَال الْمَوْرُوث قَالَ الله تَعَالَى {وتأكلون التراث أكلا لما} وأصل التَّاء فِيهِ وَاو وَالْمِيرَاث أَصله موراث فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لكسرة مَا قبلهَا الْمَعْنى يَقُول فِي مَا وَرثهُ من أَمْوَالهم سوى الْعلَا لِأَنَّهُ شحيح بهَا أَن يُعْطِيهَا أحدا فَالْمَال يفنى بالإعطاء والمعالي لَا تفنى وَذكرهَا بَاقٍ مَعَ الْأَيَّام وَالْمعْنَى حَتَّى إِذا أفنى تراثه واستوعب طارفه وتالده وَلم يبْق من ذَلِك إِلَّا الْعلَا الَّتِي خلدها والمكارم الَّتِي شيدها طلب المَال مغالبة فقصد الْأَعْدَاء بطول رماحه وَاسْتعْمل فيهم صوارم سيوفه 35 - الْغَرِيب الأرعن الْجَيْش الْعَظِيم المضطرب مَأْخُوذ من رعن الْجَبَل وَهُوَ أَنفه الْمُتَقَدّم وَالْجمع رعون ورعان وَمِنْه سميت الْبَصْرَة رعناء قَالَ أَبُو دُرَيْد وَأنْشد للفرزدق (لوْلا ابنُ عُتْبَةَ عَمرٌ ووالرَّجاءُ لَهُ ... مَا كانَتِ البصْرَةُ الرَّعْناءُ لي وَطَنا) الْمَعْنى وَقصد الْعَدو بأرعن أَي بِجَيْش عَظِيم قد لبس فَوق مَا عَلَيْهِ من الْحَدِيد دروعا من العجاج وجر من أذياله الضَّمِير يحْتَمل أَن يكون للعجاج وللحديد وَالْمعْنَى يَقُول قصد أعداءه بِجَيْش عَظِيم لَهُ رعون وفضول يلبس مَا يثيره من العجاج فَوق مَا يلبس فرسانه من السِّلَاح ويجر أذياله لكثرته ووفوره ويسحبها إِلَى الْعَدو فِي مسيره 36 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي نقعه يعود على الْجَيْش وَعنهُ وإجلاله الضميران يعودان أَيْضا على الْجَيْش وَيجوز أَن يعودا على سيف الدولة وَهُوَ أمدح الْغَرِيب قذى القذى مَا يدْخل فِي الْعين فيمنعها النّظر والنفع الْغُبَار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 وغض الطّرف كَسره وخفضه والإجلال مصدر أَجله الْمَعْنى يُرِيد أَن النَّهَار وَهُوَ عين الشَّمْس غطاها الْغُبَار فَصَارَ كالقذى فِيهَا أَو كَأَن النَّهَار خفض طرفه إجلالا لَهُ وَالْمعْنَى أَن العجاج غلب ضوء الشَّمْس وغطاه بتكاثفه فَكَأَنَّهُ قذى بالغبار أَو خفض طرفه إجلالا للممدوح الْمُخْتَار 37 - الْغَرِيب الْقلب قلب الْجَيْش وَهُوَ وَسطه وَكَذَا يَمِينه وشماله مَا يكون من الْجمع فيهمَا الْمَعْنى يَقُول الْجَيْش فِي الْحَقِيقَة جيشك وكل جَيش سواهُ فَلَيْسَ بِجَيْش وَهُوَ جيشك يمتثل أَمرك ويتصرف على رَأْيك وَأَنت فِي الْحَقِيقَة جَيْشه لِأَنَّهُ يتشجع بشجاعتك وَيقدم بإقدامك وتهابه الشجعان من أَجلك فَهَذِهِ حَاله فِي قلبه وَيَمِينه وشماله وَإِذا امْتنع الْمُلُوك بجيوشهم فَأَنت تمنع جيشك وَإِذا احتموا بجموعهم فَأَنت تحمى جمعك 38 - الْإِعْرَاب الضميران فِي فرسانه وأبطاله يعودان على الْجَيْش الْمَعْنى يُرِيد بِهَذَا أَنه يُفَسر مَا قَالَ أَولا فَيَقُول أَنْت جَيْشه ترد الطعان المر قبلهم وتسبق إِلَى مبارزة الْأَبْطَال دونهم فتصلى حره فَأَنت فِي نَفسك وَحدهَا جَيش وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (لوْ لمْ يَقُدْ جَحْفلاً يوْمَ الوَغَى لغَداً ... مِنْ نَفْسِهِ وَحْدَها فِي جَحْفَلٍ لَجِبِ) 39 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْمُلُوك سواك يطْلبُونَ عَسْكَرهمْ وجنودهم ليدفعوا عَنْهُم ويجمعونهم على أعدائهم ليسلموا وَأَنت تُرِيدُ رجالك أَن يبقوا ويسلموا وتدافع عَنْهُم وَهَذَا غَايَة الْكَرم والشجاعة وَقد بنى الْبَيْت على حِكَايَة تذكر عَن سيف الدولة مَعَ الإخشيد وَذَلِكَ أَنه جمع جَيْشًا عَظِيما وأتى إِلَيْهِ ليتغلب فَوجه إِلَيْهِ سيف الدولة يَقُول لَهُ قد جمعت هَذَا الْجَيْش وَجئْت إِلَى بلادي ابرز إِلَى وَلَا تقتل النَّاس بيني وَبَيْنك فأينا غلب أَخذ الْبِلَاد وَملك أَهلهَا فَوجه إِلَى سيف الدولة يَقُول مَا رَأَيْت أعجب مِنْك إِنَّمَا جمعت هَذَا الْجَيْش الْعَظِيم لأقي بِهِ نَفسِي أفتريد أَن أبارزك إِن هَذَا لجهل وَقد روى مثل هَذَا عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه بعث إِلَى مُعَاوِيَة وهما بصفين قد فنى النَّاس بيني وَبَيْنك فابرز إِلَى فأينا قتل صَاحبه ملك النَّاس فَقَالَ عَمْرو لمعاوية قد قَالَ لَك حَقًا وأتاك بالإنصاف فَقَالَ مُعَاوِيَة لعَمْرو أعلمت أَن عليا برز إِلَيْهِ أحد فَرجع سالما وَالله لَا برز إِلَيْهِ سواك فَحَمله حَتَّى برز إِلَى عَليّ فَلَمَّا تقاربا كشف عَن سوأته فَتَركه عَليّ وَرجع إِلَى أَصْحَابه بِغَيْر قتال فأنشدوا فِي الْمَعْنى (وَلا خَيَر فِي دَفْعِ الرَّدَى بِمَذَلَّةٍ ... كَمَا رَدَّها يَوْما بسَوْءتِهِ عَمْرُو) 40 - الْمَعْنى يَقُول دون حلاوة الظفر وَلَذَّة بُلُوغ الأمل مرَارَة من الْغرَر ومشقة من الْخطر لَا تتجاوز تِلْكَ المرارة إِلَّا بمقارعة أهوال الزَّمَان وشدتها والتعرض لمحنها وصعوبتها وَضرب هَذَا مثلا لما قدمه وَقَوله على أهواله يتَضَمَّن معنى الرّكُوب وَالْمعْنَى تركب إِلَى الْحَلَاوَة أهوال الزَّمَان للوصول إِلَيْهَا كَمَا يُقَال لَا تَنْقَطِع الفلاة إِلَّا على الْإِبِل وَلَا يتَوَصَّل إِلَى حلاوة الزَّمَان إِلَّا بعد ذوق مرارته 41 - الْغَرِيب جاوزها قطعهَا وَعلي هُوَ سيف الدولة إسمه عَليّ والمنصل السَّيْف الْمَعْنى يَقُول لهَذَا انْفَرد عَليّ وَحده بِجَوَاز تِلْكَ المرارة وسعى بِسَيْفِهِ إِلَى تِلْكَ الصعوبة وَقدر بِسَيْفِهِ على اتِّصَاله إِلَى بُلُوغ آماله فَإِذا طلب شَيْئا أدْركهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 - 1 الْغَرِيب السَّيْف الأول سيف الدولة وَالثَّانِي الْحَدِيد الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْملك الَّذِي يُسمى بِالسَّيْفِ يبلغ كل مَا يُريدهُ ويؤمله وينويه ويعتقده فَلَا يفعل السَّيْف فِي ذَلِك فعله وَلَا يفعل فِي إِدْرَاكه شأوه لِأَنَّهُ أعظم من السَّيْف فعلا 2 - الْغَرِيب المهمه الْمَفَازَة الْبَعِيدَة وَالْجمع المهامه عَم الشَّيْء يعم عُمُوما شَمل وطاله علاهُ الْمَعْنى إِذا سَار فِي الأَرْض السهلة عَمها بجُنُوده وَإِن سَار فِي الْجَبَل علاهُ فَصَارَ فَوْقه وَلَيْسَت هَذِه الصّفة من أَعمال السَّيْف 3 - الْغَرِيب نلتنا من النّيل وَهُوَ الْعَطاء يُقَال نَالَ ينول إِذا أعْطى وأناله ينيله إنالة إِذا أعطَاهُ وثمر مَاله إِذا أحسن الْقيام عَلَيْهِ وَأَصله فِي الشّجر الَّذِي يُثمر الْمَعْنى يَقُول أَنْت بِمَا نلتنا بِهِ من فعلك وتابعته لدينا من بذلك مَالك تثمر مَالك بِمَالك وتحوط ملكك بملكك لأننا لَك فِي وقوعنا تَحت أَمرك وَمَا يُحِيط بِنَا من ملكك كَالْمَالِ الَّذِي تحويه وتضبطه وتحوزه وتملكه 4 - الْغَرِيب الضيغم الْأسد ويرشح الترشيح التغذية وَهُوَ أَن ترشح الْأُم وَلَدهَا بِاللَّبنِ الْقَلِيل تَجْعَلهُ فِي فِيهِ شَيْئا بعد شَيْء إِلَى أَن يقوى على المص وَفُلَان يرشح للوزارة أَي يربى لَهَا ورشحت الظبية وَلَدهَا إِذا عَلمته الْمَشْي وَهُوَ راشح قَالَ (كأنَّ فِي جانِبَيْهِ جِلَّهً نُتِجَتْ ... فِي آخِرِ الصَّيْفِ قَدْ هَمَّتْ بإرْشاحِ) الْمَعْنى يَقُول أَنْت فِيمَا سبقتنا إِلَيْهِ من مقارعة الْأَبْطَال وَمَا تنفرد بِهِ دُوننَا من منازلة الأقران أَسد ينهج لأشباله مَا يَفْعَله ويضربها على مَا يَأْتِيهِ ويمتثله وَالْمعْنَى أَنْت تضرينا على الْحَرْب وتعودنا الْقِتَال كَمَا يرشح الْأسد أشباله للْفرس الحديث: 180 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 - 1 الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وَالْمعْنَى أينفع فِي سُقُوطهَا عذل العذل فَحذف الْمُضَاف وروى الْخَوَارِزْمِيّ أيقدح وَهِي رِوَايَة جَيِّدَة فَلَا يقدر فِيهَا مَحْذُوف الْغَرِيب العذل جمع عاذلة يُقَال عذل وعواذل والعاذل اللائم والعذل اسْم الْعرق الَّذِي يسيل مِنْهُ دم الِاسْتِحَاضَة وَشَمل الشَّيْء غطاه وَعَمه الْمَعْنى يَقُول لَا ينفع فِي هَذِه الْخَيْمَة أَن تعذل على سُقُوطهَا فعذرها بَين والموجب لفعلها ظَاهر وَكَيف لَهَا أَن تَشْمَل من يَشْمَل الدَّهْر بسلطانه وَيُجِير عَلَيْهِ بإحسانه وَلَو قَالَ من دهره لَكَانَ أحسن من إِضَافَة الدَّهْر إِلَيْهَا وَمعنى يَشْمَل يُحِيط بِهِ ويحويه وَقَوله يَشْمَل من دهرها بِمَعْنى أَن الْخَيْمَة تحيط بِمن يُحِيط بالدهر يَعْنِي علم كل شَيْء فَلَا يحدث الدَّهْر شَيْئا لَا يُعلمهُ وَمن كَانَ بِهَذَا الْمحل لَا يعلوه شَيْء الحديث: 181 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 - الْإِعْرَاب الَّذِي فِي مَوضِع نصب مَعَ صلته وَمَا بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره محَال الْغَرِيب زحل اسْم نجم مَعْرُوف وَهُوَ من السَّبْعَة المدبرات وَيُقَال هُوَ فِي السَّمَاء الرَّابِعَة وَيُقَال فِي الْخَامِسَة وَالسَّادِسَة الْمَعْنى يَقُول كَيفَ تعلو هَذِه الخيمه من تَحْتَهُ زحل فِي علو الْقدر والنباهة ومحال مَا تسأله الْخَيْمَة من ثُبُوتهَا فَوْقه وَمن ضم التَّاء وَهِي روايتنا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر أَرَادَ مَا تسْأَل الْخَيْمَة من ذَلِك وَالْمعْنَى وَكَيف تعلو من يتواضع زحل عَن رفعته وَيقصر دون بُلُوغ مَنْزِلَته فمحال مَا تسأله وممتنع مَا تحمله 3 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن القطاع مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالضَّمِير فِي خَاتمه لسيف الدولة وَالتَّقْدِير لم لَا تلوم لائمها وَسيف الدولة الَّذِي فص خَاتمه يذبل تحتهَا فَحذف الْخَبَر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن هَذَا الْبَيْت فَقَالَ مَا بِمَعْنى لَيْسَ وَالتَّقْدِير لم لَا تلوم الْخَيْمَة من لامها على أَنه لَيْسَ فص خَاتمه يذبل فَالضَّمِير على هَذَا القَوْل رَاجع على اللائم الْغَرِيب يذبل جبل مَعْرُوف والخاتم بِكَسْر التَّاء وَفتحهَا: لُغَتَانِ فصيحتان، وَقَرَأَ عَاصِم (وَخَاتم النبين) بتح التَّاء وَيُقَال خَاتم وَخَاتم وخيتام وخاتام وَالْجمع خَوَاتِيم الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع لم لَا تلوم لائمها على سُقُوطهَا وَتقول لَهُ لم لَا يكون فص خاتمك يذبل فَإِنَّهُ يَقُول لَهَا عِنْد ذَلِك لَا يُمكن خيمة وَلَا يَصح لَهَا أَن تشْتَمل على سيف الدولة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِن جَازَ أَن تلام هَذِه الْخَيْمَة على عجزها عَن علوها الممدوح وَهُوَ غير مُمكن لعلوه عَنْهَا فَلم لَا نلوم من لامها على أَنه لَيْسَ فص خَاتمه يذبل وَهُوَ مُسْتَحِيل فِي أَن يكون فص خَاتم إِنْسَان يذبل لِأَنَّهُ لَيْسَ هَذَا فِي طاقته فَكَذَا هَذِه الْخَيْمَة لَا تقدر أَن تعلو الممدوح لقصورها عَنهُ وَقَالَ ابْن الأفليلي لم لَا تلوم من لامها وَتقول لَهُ إِن الرئيس تهيبته وأعجزني الأشمال عَلَيْهِ يقصر يذبل مَعَ عَظمته عَن فص خَاتمه ويخف عِنْد رزانته ويقل عِنْد جلالته فَكيف أُطِيق الاشتمال عَليّ من هَذِه حَاله 4 - الْغَرِيب الأرجاء النواحي الْوَاحِد رجا والتثنية رجوان والجحفل الْجَيْش الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخَيْمَة كل قطر مِنْهَا يسع جحفلا وَلكنهَا تضيق جَمِيعهَا بشخصك إجلالا لَك وإعظاما لَك أَن تعلوك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 - الْغَرِيب الذبل الْيَابِسَة الدقيقة الطَّوِيلَة وَإِنَّمَا خص الذبل لِأَنَّهَا لَا تذبل حَتَّى تطول الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخَيْمَة تقصر مادمت فِي جوفها مكبرة للأشمال عَلَيْك وتضطرب مستعظمة للاستعلاء فَوْقك وَذَلِكَ لجلالتك لَا لصغرها وقصرها ولهيبتك لَا لتطأطئها وَهِي من علوها تركز فِيهَا القنا الذبل 6 - الْغَرِيب الرَّاحَة وسط الْكَفّ والأنمل جمع أُنْمُلَة وَهُوَ من الجموع الَّتِي بَينهَا وَبَين مفردها الْهَاء الْمَعْنى يَقُول باسطا لعذر الْخَيْمَة فِي سُقُوطهَا وَكَيف تقوم مُشْتَمِلَة على من الْبحار كالأنمل لراحته يغمرها بأيسر جوده وَيزِيد عَلَيْهَا بِأَقَلّ بذله 7 - الْمَعْنى يَقُول فليتك أَيهَا الرئيس فرقت وقارك وقسمته وشاركت فِيهِ وحملت الأَرْض مَا تحمله وكلفتها مَا تبلغه فَلَو فرقت وقارك لَكَانَ يخص الْخَيْمَة مِنْهُ مَا يوقرها ويثبتها عَن السُّقُوط 8 - الْمَعْنى يَقُول لَو فرقته صَار الْأَنَام وهم الحلائق كلهم سادة وَفضل لَك مَا تسود بِهِ النَّاس فتسود مَا يفضل مَعَك جَمَاعَتهمْ وتستحق مَعَه رياستهم وَالْمعْنَى أَنه يصف رزانة حلمه وَكَثْرَة وقاره فَلَو فرقه لكفى النَّاس وَفضل مَعَه مَا يسودهم بِهِ وَفضل فِيهِ لُغَات أفضلهَا فضل بِفَتْح الْعين مَاضِيا وَمثله دخل يدْخل وبكسر الْعين مَاضِيا كحذر يحذر وَفِيه لُغَة أُخْرَى مركبة مِنْهُمَا بِكَسْر الْعين مَاضِيا وبالضم مُسْتَقْبلا وَهُوَ شَاذ لَا نَظِير لَهُ قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا عِنْد أَصْحَابنَا إِنَّمَا يحيء على لغتين قَالَ وَكَذَلِكَ نعم ينعم ومت تَمُوت وكدت تكود 9 - الْغَرِيب اصل الغزالة ارْتِفَاع الشَّمْس وَهُوَ وَقت سميت الشَّمْس بِهِ وغزالة الضُّحَى أَولهَا وَمِنْه قَول ذِي الرمة (فأشْرَفْتُ الغَزَالَةَ رأسَ حُزْوَى ... أُرَاقِبُهُمْ وَما أغْنَى قِبالا) نصب الغزالة على الظّرْف وَقيل الغزالة الشَّمْس سميت بذلك لِأَن حبالها كالغزل الَّذِي تغزله الْمَرْأَة الْمَعْنى يَقُول لون الممدوح ونوره لَا يلْحقهُ تَغْيِير كلون الشَّمْس الَّذِي لَا يَزُول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 عَنْهَا بِالْغسْلِ فَهَذِهِ الْخَيْمَة رَأَتْ لون وَجهه فِي لَوْنهَا وتلألأ حسنه فِي حسنها كنور الشَّمْس تشرق وَلَا يذهب بِغسْل ويضيء وَلَا يتَغَيَّر فاكتسب من نوره مَا صَارَت بِهِ موازية للشمس الَّتِي لَا يَزُول نورها 10 - الْغَرِيب الباذخ العالي وبذخ بِالْكَسْرِ وتبذخ أَي تكبر وَعلا والبواذخ من الْجبَال الشوامخ وبذل الْفَحْل اشْتَدَّ هديره بذخانا وَإنَّهُ لبذاخ الْمَعْنى يَقُول رَأَتْ أَن لَهَا شرفا عَالِيا إِذا سكنتها وَأَن جَمِيع الْخيام تخجل مِنْهَا إِذْ لم تبلغ محلهَا واستعار للخيام خجلا والخجل فِي بني آدم استرخاء يلْحق الْإِنْسَان عِنْد الْحيَاء وَهُوَ مَأْخُوذ من خجل الْوَادي إِذا طَال نبته والتف فَقَالَ هَذِه الْخَيْمَة إِذا نظرت الْخيام إِلَى عظم شرفها خجلت وَعلمت أَنَّهَا مفتضحة إِذا قيست بهَا 11 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخَيْمَة لَا تنكروا سُقُوطهَا لِأَنَّهَا غلب عَلَيْهَا الْفَرح فَلَا غرو أَن يصرعها طرب ويستخفها فَرح فَمن الْفَرح مَا يقتل لِشِدَّتِهِ وَمن الطَّرب مَا يضر بِزِيَادَتِهِ 12 - الْمَعْنى يَقُول لَو بلغ النَّاس الْعُقَلَاء مَا بلغته هَذِه الْخَيْمَة من الصيانة لَك والإتصال بك والإشمال عَلَيْك لخانتهم أَرجُلهم فَلم تحملهم وصرعهم فَرَحهمْ فَلم يمهلهم الْوُقُوف وَالْمعْنَى لم تحملهم قوائمهم هَيْبَة لَك كَمَا خانتها إطنابها وعمدها 13 - الْغَرِيب الإطناب جبال الْبناء والتطنيب مد الإطناب الْمَعْنى يَقُول لما أمرت بِهَذِهِ الْخَيْمَة أَن تنصب وتمد إطنابها شاع أَي ظهر فِي النَّاس بأنك لست راحلا لغزو الْعَدو لأمر وقفك عَن الرحيل وَعذر ثبطك عَن الْغَزْو 14 - الْغَرِيب التَّفْوِيض الْحَط وَرفع الإطناب لقلع الْخَيْمَة وَأَشَارَ من الْإِشَارَة لَا من المشورة فِي الرَّأْي فان قيل الْإِشَارَة إِنَّمَا تكون بِالْإِيمَاءِ بالجارحة وَالله تَعَالَى يرْتَفع عَن الْوَصْف بالجوارح قيل إِنَّمَا أَرَادَ بِالْإِشَارَةِ التَّنْبِيه أَي فنبهك بوقوعها على الرحيل الَّذِي أَعرَضت عَنهُ فالخيمة المشيرة إِلَيْهِ بالوقوع وَقَالَ الْآخرُونَ وَجه جَوَازه أَن يكون الله أَشَارَ إِلَيْهِ بجسم من الْأَجْسَام يحْتَمل الْحَرَكَة إِمَّا حَيّ وَإِمَّا موَات إِذْ لَا جارحه لَهُ تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 الْمَعْنى يَقُول لم يرد الله حطها وَلَكِن كَانَ قلعهَا وسقوطها تَنْبِيها من الله تَعَالَى لَك بِمَا تَفْعَلهُ من الارتحال والتوجه إِلَى الْغَزْو لِأَن الْأَمر لَيْسَ على مَا يَقُول النَّاس فَجعل سُقُوط الْخَيْمَة كالإشارة إِلَى مَا تفعل وَأَرَادَ رشدك فِي النهوض الَّذِي أخرت أمره وَقَعَدت عَنهُ 15 - الْغَرِيب من همه أَي من إِرَادَته ورفل يرفل رفلا إِذا سحب أذياله وَمَشى وشمر رفله أَي ذيله ورفل بِكَسْر الْعين رفلا خرق فِي لبسته فَهُوَ رفل وَأنْشد الْأَصْمَعِي (فِي الرَّكْب وَشْوَاشٌ وَفِي الْحَيّ رَفِلْ ... ) وَامْرَأَة رفلة ترفل فِي مشيتهَا خرقا فَإِن لم تحسن الْمَشْي فِي ثِيَابهَا قيل رفلاء والرفل الأحمق الْمَعْنى يَقُول عرف الله النَّاس بتقويض الْخَيْمَة أَنه لم يخذلك بل يُرِيد إرشادك وَأَنَّك تمشي فِي نصر دينه فَجعل قلع الْخَيْمَة سَببا لمسيرك وعلامة على أَنه أَرَادَ لَك الارتحال فَأَنت فِي نَصره ترفل وَفِي تأييد دينه تحل وترتحل 16 - الْإِعْرَاب استفهم بِلَفْظ مَا لِأَنَّهُ اسْتِفْهَام تَصْغِير وتحقير يُرِيد مَا هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاء الْغَرِيب العاندون جمع سَلامَة وَهُوَ جمع عاند وَعند يعند بِالْكَسْرِ عنودا أَي خَالف ورد الْحق وَهُوَ يعرفهُ فَهُوَ عنيد وعاند وأصل العاند الْبَعِير الَّذِي يجوز عَن الطَّرِيق ويعدل على الْقَصْد وَالْجمع عِنْد مثل رَاكِع وَركع وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة (إِذا رَكْبتُ فاجْعَلانِي وَسَطا ... إنِّي كَبيرٌ لَا أُطيقُ العُنَّدَا) وَجمع العنيد عِنْد كرغيف ورغف وعاند معاندة وعنادا الْمَعْنى يَقُول مَا هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاء الَّذين يميلون عَن الصدْق إِلَى الْكَذِب والحاسدون مَا هم وَمَا قَوْلهم لَا تَأْثِير لعداوتهم وحسدهم وَلَا لما يلقونه من الْأَقْوَال الكاذبة عِنْد تقويض الْخَيْمَة وَلَا لما أملوا وَمن روى اثلو بالثاء الْمُثَلَّثَة أَرَادَ مَا جمعُوا وَقَوله وَمَا قُولُوا قَالَ أَبُو الْفَتْح كرروا القَوْل وخاضوا وقولتني مَا لم أقل أَي نسبته إِلَى كَقَوْلِك موتت الْإِبِل أَي كثر مَوتهَا والتقويل الادعاء وَالْمعْنَى يَقُول مَا قدر العاندون والحاسدون علينا إِذا اقْترن ذَلِك بجلالة سلطانك واستطاف إِلَى علو مَكَانك 17 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي هم يطْلبُونَ رتبتك فَمن الَّذين أدركوا مِنْهُم شأوك وَوجه آخر هم يطْلبُونَ بكيدهم فَمن الَّذين أدركوه حَتَّى يطمعوا فِيك أه؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 وَالْمعْنَى هم مجتهدون فِي الطّلب فسلهم عَمَّن يقبل كذبهمْ وَيسمع إفكهم وَهل أُولَئِكَ إِلَّا طغام لَا يحفل بهم وهمج لَا يعرج عَلَيْهِم 18 - الْمَعْنى يَقُول هم يتمنون من الظُّهُور عَلَيْك بِحَسب مَا تبلغه شهواتهم ويعترضهم دون ذَلِك إقبال جدك وَتمكن سعدك وَمَا تكفل الله بِهِ من إعلاء أَمرك 19 - الْإِعْرَاب ملمومة عطف على الْمُبْتَدَأ فِي قَوْله جدك الْمقبل الْغَرِيب الملمومة الكتيبة الْمَجْمُوعَة وخمل الثَّوْب مَعْرُوف وَهُوَ مَا تدلى مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول هَذِه الكتيبة الْمَجْمُوعَة لِبَاس فرسانها الدروع حَتَّى كَأَنَّهَا مِنْهَا فِي ثوب شَامِل ولباس سابغ إِلَّا أَن ذَلِك الثَّوْب مخمل بِالرِّمَاحِ الْبَادِيَة وَمَتنه متشعب بالقنا المتشاجرة فِيهِ وَالْمعْنَى أَن جيشك يمنعك من وصولهم إِلَى مَا يشتهون وروى ابْن الأفليلي وملمومة خفضا وَقَالَ وَرب ملمومة لَك لِبَاس أَهلهَا الْحَدِيد والزرد حلق الدروع 20 - الْغَرِيب المفاجأة المسارعة والحين الْهَلَاك والقسطل الْغُبَار الْمَعْنى يَقُول يفاجئ بِهَذِهِ الكتيبة جَيْشًا هَلَاكه بهَا يُرِيد أَنَّهَا تسير لَيْلًا فتباكر جَيْشًا قد دنا حِينه وَهُوَ هَلَاكه فتهلكه لِأَنَّهُ لَا يشْعر بهَا وَتارَة تسير نَهَارا فتثير غبارا فينذر جَيْشًا آخر فيهرب وَقيل إِنَّهَا تحزن تسير فِي الْحزن فَلَا تثير غبارا وَتارَة تسهل تسير فِي السهل فتثير غبارا 21 - الْمَعْنى يَقُول جعلتك بِالْقَلْبِ عدَّة اعتدها وعصمة أعتقدها لِأَنَّك أرفع قدرا من أَن تتَنَاوَل بالجوارح وَإِنَّمَا تنَال بالفكر والاعتقاد فَأَنا أعتقد أَنَّك عدَّة لي فِيمَا أحتاج إِلَيْهِ لِأَنَّك لست من الْعدَد الَّذِي يعد بِالْيَدِ كالسيوف والأسلحة 22 - الْغَرِيب المنصل بِضَم الصَّاد وَفتحهَا الْمَعْنى يَقُول لقد رفع الله دولة يُرِيد الْخلَافَة جعلتك سيفها وَأَنت ملك الْمُلُوك وجعلتك منصلها وَأَنت أَمِير الْأُمَرَاء فَهَذِهِ الدولة قد أسعدها الله ورفعها على سَائِر الدول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 - الْغَرِيب المرهفات جمع مرهف وَهُوَ السَّيْف الرَّقِيق الْحَد والطيع الصِّنَاعَة والمقصل الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول إِن تقدمتك السيوف بِزَمَان طبعها وسبقتك بِوَقْت صناعتها فَأَنت سبقتها بنفاد أَمرك وتقدمتها بمضاء عزمك وَقَالَ الواحدي قَالَ ابْن جني معنى الْبَيْت أَنَّك لإفراط قَطعك وظهوره على قطع جَمِيع السيوف كَأَنَّك أول من قطع إِذْ لم ير قبلك مثلك وَقَالَ غَيره يُرِيد أَن قطعهَا بسببك وَلَوْلَا قَطعك مَا قطعت وكلا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيف وَالْمعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ المتنبي أَنَّك سبقتها بِالْقطعِ لِأَنَّك تقطع بِرَأْيِك وعقلك وحكمك مَا لَا يقطعهُ السَّيْف 24 - الْغَرِيب جاد من الْجُود وَهُوَ الْكَرم الْمَعْنى يَقُول إِن تقدمك أجواد سلفت أعمارهم وتراخت مددهم فَأَنت تقدمتهم بِعُمُوم جودك وسبقتهم بسبوغ كرمك وَإِن تقدموك الزَّمَان فَأَنت تقدمتهم بِالْإِحْسَانِ 25 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الَّتِي قَرَأنَا بهَا الدِّيوَان على الشَّيْخَيْنِ أبي الْحرم مكي وَأبي مُحَمَّد عبد الْمُنعم من ليثها جارا ومجرورا وَهُوَ مُتَعَلق بإسم الْفَاعِل الَّذِي هُوَ خبر الِابْتِدَاء وروى من ليثها بِالرَّفْع وَفتح مِيم من وَهُوَ عبارَة عَن الْأُم وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء وَمَا بعده صلَة لَهُ الْغَرِيب المشبل الْأُنْثَى من السبَاع وَهِي ذَات أشبال والشبل ولد الْأسد الصَّغِير وَاللَّيْث من أَسمَاء الْأسد الْمَعْنى يَقُول كَيفَ تقصر عَن غَايَة من الْفضل ومنزلة من الْكَرم والبأس وَقد ولدك الْأسد فأمك أشبلت بك من أَبِيك الَّذِي هُوَ الْأسد وَضرب ذَلِك مثلا لشجاعته ومضائه كَأَن أَبَوَيْهِ سبعان وَقَالَ الواحدي روى ابْن دوست عَن غابة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي تَصْحِيف إِنَّمَا يُقَال قصر عَن الْغَايَة إِذا لم يبلغهَا لَاعن الغابة 26 - الْغَرِيب الورى الْخلق يُقَال مَا أدرى أَي الورى هُوَ أَي أَي الْخلق هُوَ قَالَ ذُو الرمة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 (وكائنْ ذَعَرْنا مِنْ مَهاةٍ وَرَامحٍ ... بِلادُ الْوَرَى لَيْسَتْ لَهُ بِبِلادِ) وتنجل تَلد الْمَعْنى يَقُول لما وَلدتك أمك وَهِي الشَّمْس فِي رفعتها وَعظم قدرهَا وجلالة أمرهَا استعظم النَّاس أَن يلد مثلهَا وَمن سَار فِي عظم منزلهَا نَسْلًا فَكيف بك وأمك الشَّمْس جلالة ورفعة وَأَبُوك الْأسد صرامة وَشدَّة وَقَالَ الواحدي لما وَلدتك أمك كنت شمسا فِي رفْعَة الْمحل ونباهة الذّكر فَقَالَ النَّاس ألم تكن الشَّمْس لَا تولد فَكيف ولدت هَذِه الْمَرْأَة شمسا وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الأول (لَأُمٌّ لَكُمٍ نَجَلَتْ مالِكا ... مِنَ الشَّمْسِ لَوْ نَجَلَتْ أكْرَمُ) والنجل النَّسْل ونجله أَبوهُ وَلَده يُقَال قبح الله ناجليه أَي وَالِديهِ 27 - الْغَرِيب نصب تَبًّا على الْمصدر يُقَال تب تَبًّا وَمن فِي مَوضِع جر عطفا على مَا قبله وَالْجُمْلَة لَا مَوضِع لَهَا صلته الْغَرِيب التب الْهَلَاك والخسار وَمِنْه {تبت يدا أبي لَهب} أَي هَلَكت وخسرت الْمَعْنى يَقُول ضلالا وخسارا لعبدة النُّجُوم الَّذين يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا عَاقِلَة وَالْمعْنَى أهلك الله أَصْحَاب النُّجُوم والمصدقين بهَا وعبيدها المعظمين لَهَا وَأبْعد الله الْقَائِلين إِنَّهَا عَاقِلَة مُمَيزَة وعالمة مُدبرَة ثمَّ بَين الْعلَّة بعد فَقَالَ 28 - الْمَعْنى يَقُول من زعم أَن النُّجُوم عَاقِلَة وَقد عرفتك فَمَا بالها لَا تنزل إِلَى خدمتك وَهِي تراك ترَاهَا فَلم لَا تنزل خاضعة لَك وتنحط من أماكنها متواضعة عَنْك وَهِي فِي الْحَقِيقَة لَا تبلغ رُتْبَة فضلك وَلَا تقَارب جلالة قدرك فَلَو كَانَت تعقل كَمَا زعم قوم لنزلت حَتَّى تعلو عَلَيْهَا بِحَسب استحقاقك لعلمها أَن محلك فَوق محلهَا لَكِنَّهَا لَا تعقل 29 - الْمَعْنى يَقُول لَو بتما وَمَوْضِع كل وَاحِد مِنْكُمَا على حسب فَضله ومكانه حَيْثُ يسْتَحق بِقَدرِهِ لبت فِي مَوَاضِع النُّجُوم وباتت فِي موضعك تعلوها وتسفل مِنْك وتسبقها وتتواضع عَنْك لشرف قدرك على قدرهَا 30 - الْغَرِيب الْعباد أَكثر مَا تسْتَعْمل مُضَافَة إِلَى الله وَالْعَبِيد للنَّاس والعباد مُخْتَصّ بالخالق وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ شَاهدا لهَذَا (أتُوعِدُنِي بقَوْمِكَ يابنَحَجْل ... أشابات يَخالُونَ الْعِبَادَا) الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى مننت على عِبَادك بَان حللث بَينهم وَالْكَوَاكِب تَأمل ذَلِك فَلَا تقدر عَلَيْهِ وَهَذَا معنى بعيد وَتَأْويل فَاسد وَالَّذِي أَرَادَهُ أَبُو الطّيب أَعْطَيْت عبيدك يَعْنِي النَّاس جعلهم عبيدا لَهُ لِأَنَّهُ ملك مارجوه من عطائه ثمَّ دَعَا لَهُ بباقي الْبَيْت أَن يُكَافِئهُ الله بِمثل فعله فينيله مَا يؤمله هَذَا هُوَ الْمَعْنى فَأَما الْحُلُول بَين النَّاس فبعيداه وَالْمعْنَى أنلتهم مَا أَملوهُ من فضلك وحققت رجاءهم فِيمَا استدعوه من كرمك أنالك رَبك مَا تَأمله وأيدك على مَا تقصده وتكفل لَك بتقريب مَا تريده وَلما أطلق على النَّاس لفظ الْعُبُودِيَّة لَهُ عطف عَلَيْهِ من آخر الْبَيْت فَجعله مربوبا مثلهم حذقا مِنْهُ وصنعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 - 1 الْغَرِيب الْإِجَابَة الإطاعة والتلبية الْإِقَامَة على الْإِجَابَة والركب الْقَوْم الراكبون على الْإِبِل وَهِي الْجمال لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا وَهِي مُؤَنّثَة لِأَن أَسمَاء الجموع الَّتِي لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا إِذا كَانَت لغير الْآدَمِيّين لَزِمَهَا التَّأْنِيث وَإِذا صغرتها أدخلت الْهَاء فَقلت أبيلة وغنيمة وَرُبمَا قَالُوا إبل بِسُكُون الْبَاء للتَّخْفِيف وَالْجمع آبال وَإِذا قَالُوا إبلان وغنمان فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ قطعتين من الْإِبِل وَالْغنم والطلل مَا شخص من آثَار الديار الْمَعْنى يَقُول يَسْتَدْعِي الطلل دمعي بدثوره فَكنت أول من أَجَابَهُ بالبكاء من أَصْحَابِي وَقبل الْإِبِل وَالْمرَاد أَن الْإِبِل تعرف ذَلِك الطلل وتبكي عَلَيْهِ كَقَوْل التهامي (بَكضيْتُ فَبَكَيْت فنحت ناقَتِي فأجابَها ... صَهِيلُ جَوَادِي حينَ لاحَتْ دِيارُها) وَالْمعْنَى أَنه وقف على ديار محبوبة فشجاه مَا شَاهد من دروس رسومها وَتغَير طولهَا فاستدعى ذَلِك بكاءه فَأجَاب دمعه تِلْكَ الدعْوَة وأسعد على تِلْكَ النِّيَّة قبل أَن يُجيب ذَلِك بعض الركب بالتأسف وَبَعض الْإِبِل بالحنين إِلَى ديار الْأَحِبَّة كَمَا يصفونَ أنفسهم وَقد بَينه أَبُو الطّيب فِي قَوْله (اثْلثْ فإنَّا أيُّها الطَّلَلُ ... ) الحديث: 182 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 - الْغَرِيب يُقَال ظللت بِفَتْح اللَّام وَكسرهَا ظلولا إِذا ظلّ يَفْعَله بِالنَّهَارِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فظلتم تفكهون} هُوَ من شواذ التَّخْفِيف وَالْأَصْل فظللتم وَأنْشد الْأَخْفَش (مَسْنا السمَّاءَ فَنِلْناها وَطالَهُمُ ... حَتَّى رأوْا أُحُداً يَهْوِى وَثهْلانا) وَالْأَصْل مسسنا أكفكفه أكفه ويسفح يجْرِي ويسيل وإصيحابي تَصْغِير عَظمَة الْمَعْنى يَقُول واصفا لانسكاب دمعه واستكفافه لَهُ ظللت أكفكفه ظلّ يسفح بَين مَا أبسطه لَهُم من الْعذر وَمَا يبدونه لي من العذل وَيجوز أَن يكون بَين أَصْحَابِي فَمنهمْ عاذر لي وَمِنْهُم عاذل لما رَأَوْا من عظم وجدي على الطلل 3 - الْإِعْرَاب الْوَاو فِي قَوْله وَمَا وَاو الْحَال الْغَرِيب النَّوَى الْبعد والفراق الْمَعْنى يَقُول أَشْكُو الْفِرَاق وهم يتعجبون من بُكَائِي كَذَلِك كَانَت الدُّمُوع تجْرِي بِحَيْثُ لم يكن بيني وَبينهمْ بعد إِلَّا الْحجاب حِين لَا أَشْكُو سوى السّتْر الَّذِي بيني وَبينهمْ فِي حَال دنو الْمسَافَة حِين كَانَت تحجب بَيْننَا الكلل وَهِي جمع كلة وَهِي السّتْر وَالْمعْنَى أَنه يَقُول لأَصْحَابه لَا تعجبوا من بُكَائِي على فراقها فَلَقَد كنت أبْكِي فِي هجرها وَمَا أَشْكُو مَانِعا دون الكلل الَّتِي تضمها والستور الَّتِي تحجبها وَالدَّار وَاحِدَة والمنازل متجاورة فَكيف ظنكم بِي وَأَنا أَشْكُو النَّوَى الَّتِي تمنع مِنْهَا والبعد الَّذِي يؤيس عَنْهَا 4 - الْغَرِيب الصبابة رقة الشوق الْمَعْنى قَالَ الواحدي إِن المشتاق الَّذِي لَا يأمل لِقَاء حَبِيبه أَشد حَالا مِمَّن يأمل لِأَنَّهُ إِذا كَانَ على أمل خفف التأميل تبريح اشتياقه قَالَ وَيجوز أَن يكون أخف حَالا لاستراحة إِلَى الْيَأْس وَالْأول أوجه هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى وَمَا صبَابَة مشتاق على أمل من لِقَاء حَبِيبه بِقرب الدَّار ودنو الْمحل كَصُبَابَةِ مشتاق لَا أمل لَهُ لتباعد محبوبة وتنائي دَاره وانتزاح مَحَله وَأَرَادَ كَصُبَابَةِ فَحذف للْعلم بِهِ 5 - الْإِعْرَاب رد ضمير من على الْمَعْنى دون اللَّفْظ فَقَالَ زيارتها وَلَو رده على اللَّفْظ لقَالَ زيارته الْغَرِيب الْبيض السيوف والأسل الرماح والنحاف الإطراف بالهدية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 الْمَعْنى يَقُول إِن هَذِه المحبوبة منيعة بِالسُّيُوفِ والرماح فَإِذا زار قَومهَا زائر لأَجلهَا كَانَت تحفته مِنْهُم السيوف والرماح فَدلَّ على تعذر زِيَارَة محبوبته لما بسيلها من المنعة رموضعها من التَّعَذُّر والرفعة 6 - الْمَعْنى يَقُول هجر هَذِه المحبوبة أقتل لي من سرح من أراقبه وموقع مَا أحذره من الرَّقِيب فِي جنب مَا أشكوه من هجران الحبيب كموقع البلل عِنْد الغريق الَّذِي هُوَ أقل مَا يحذرهُ وأهون مَا يخافه ويتوقعه وَهَذَا من قَول بشار (كمُزِيلٍ رِجْلَيْهِ عَنْ بَلَلِ القَطْرِوما حَوْلهُ مِنَ الأرْضِ بَحْرُ ... ) وَقَالَ ابْن وَكِيع هُوَ مَأْخُوذ من قَول عدي بن زيد (لَوْ بغَيرِ المَاء حَلْقِي شَرِقٌ ... كُنتُ كالغَصَّانِ بالمَاءِ اعْتصَاري) وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا نَقله من كَلَام الْحَكِيم من علم أَن الفناء مستول على كَونه هَانَتْ عَلَيْهِ المصائب 7 - الْغَرِيب الْعَشِيرَة الْأَهْل والقرابة وَالْجمع عشائر وعشيرات وَقَرَأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم فِي بَرَاءَة {وعشيراتكم} على الْجمع الْمَعْنى قَالَ الواحدي كَانَ حَقه أَن يَقُول مَا بَال فُؤَادِي لَا ينْتَقل عَن حبها وَبِكُل فؤاد من عشيرتها مَا بِي لِأَن التَّعَجُّب يُرِيد أَن يكون من فُؤَاده لمن أفئدتهم وَالْمعْنَى لم لَا ينْتَقل حبها عني وَلَا أسلوها إِذا كَانَ قَومهَا وعشيرتها يحبونها كَحبي يُشِير إِلَى أَنَّهَا محبوبة فِي قَومهَا منيعة فِيمَا بَينهم وَأَنه فِي يأس من الْوُصُول إِلَيْهَا واليأس من الشَّيْء يُوجب السلو عَنهُ كَمَا قَالُوا الْيَأْس إِحْدَى الراحتين وَأَنه مَعَ هَذَا الْيَأْس لَا ينْتَقل عَنهُ حبها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَجود مَا يتَأَوَّل فِي هَذَا أَن يَجْعَل الَّذِي يجده من الشوق كَأَنَّهُ شخص والشخص إِذا حصل فِي مَكَان لم يشغل غَيره فَإِذا صَحَّ ذَلِك صَحَّ إِنْكَاره لثبات وجده لِأَنَّهُ فِي أَمَاكِن كَثِيرَة والشخص لَا يشغل مكانين فإمَّا الْعرض فَلَا يشغل مَكَانا فَإِذا كَانَ فِي قلب وَاحِد جَازَ أَن يكون فِي قُلُوب كَثِيرَة وَالْمعْنَى يصفها بالْحسنِ وَأَنَّهَا معشوقة الدل كل قلب فِي عشيرتها بِهِ الَّذِي بِأبي الطّيب من حبها فَمَا بَال حبها فِي قلبه ثَابت ينْتَقل ومقيم لَا يرتحل يُرِيد أَن حب أَهلهَا لَهَا لبداعة حسنها غير حبه لَهَا وَأَن حبهم يتَغَيَّر وينتقل وحبه لَا يتَغَيَّر وَلَا ينْتَقل بل هُوَ ثَابت 8 - الْمَعْنى يَقُول هِيَ بديعة فِي الْحسن وَأَن ألحاظها مطاعة فِي الألحاظ المعشوفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 وَأَنَّهَا فِي الحسان مالكة لَا تماثل ومقدمة لَا تشاكل وان لمقلتيها عَظِيم الْملك ورفيع الْمنزلَة وَالْقدر فَإِذا نظر إِنْسَان إِلَيْهَا فتنته حَتَّى يصير مُطيعًا لَهَا وَهِي تملك بحسنها كل الْقُلُوب قَالَ ابْن فورجة إِن الْعُيُون إِذا نظرت إِلَيْهَا لم تملك صرف ألحاظها عَنْهَا لِأَنَّهَا تصير عقلة لَهَا فَكَأَن عينيها مالكة الْعُيُون وَهُوَ معنى قَول أبي نواس (كُلَّ يَوْم يَسْترقُّ لَهَا ... حُسْنُها عَبْداً بِلا ثَمَن) 9 - الْغَرِيب الخفرات النِّسَاء الحييات الْوَاحِدَة خفرة والآنسات الحسان الْوَاحِدَة آنسة الْمَعْنى إِذا كَانَ فِي حسن امْرَأَة تَقْصِير تشبهت بهَا فِي مشيها فَيجْبر حسن الْمَشْي تَقْصِير الْحسن حَتَّى تكون قد نَالَتْ الْحسن بالحيلة وَهَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي وَالْمعْنَى أَن النِّسَاء الحييات يتشبهن بهَا فِي مشيتهَا ويرين حكايتها فِي دلها فيكسبهن ذَلِك نيل الْحسن بالتحيل والوصول إِلَيْهِ بالتعمل 10 - الْغَرِيب الصاب شجر مر يعصر مِنْهُ مَاء مر قَالَ أَبُو ذُؤَيْب (إنّي أرِقْتُ فَبِت الليَّلَ مُشْتَجِراً ... كأنَّ عَيْنَيَّ فِيها الصَّابُ مَذْبُوح) الْمَعْنى يَقُول قد ذقت صعوبة أيامي وسهولتها ورفاهيتها فَمَا حصلت على صاب من مرها وَلَا عسل من حلوها لِأَن لذات الْأَيَّام ومكارهها منتقلة فانية ومستحيلة زائلة تتعاقب وَلَا تدوم وتنتقل وَلَا تقيم وَمَا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ تقطع على استكراه مره وَلَا تحتم على استعذاب حلوه وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (وَمَنْ عَرَفَ الأيِّامَ لَمْ يَرَ خَفٍ ضَها ... نَعِيما ولْم يَعْدُدْ مَضَرَّتَها بَلْوَى) 11 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد ذهب قوم إِلَى أَنه الْمَعْنى أَنه شَابًّا فَلَمَّا ذهب الشَّبَاب رَآهُ فِي غَيره من النَّاس وَنَقله الواحدي وَقَالَ هُوَ كَقَوْل الآخر (مَن شابَ قَدْ ماتَ وَهْوَ حَيْ ... يمْشِي على الأرْضِ مَشْيَ هالِكْ) وَقَالَ ابْن فورجة أحسن مَا يحمل عَلَيْهِ الْبَدَل فِي هَذَا الْبَيْت الْوَلَد لِأَنَّهُ بدل الْإِنْسَان إِذْ كَانَ يشب أَوَان شيخوخة الْأَب وَإِذا مَاتَ وَرثهُ فَيكون بدله فِي مَاله وَالْمعْنَى يَقُول قد صَحِبت الشَّبَاب مَسْرُورا وَأرَانِي الرّوح يَد الْقُوَّة والجلادة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 والنهضة فِي بدني ثمَّ صَحِبت الشيب مستكرها لصحبته فَأرَانِي الرّوح فِي بدلي بِتَغَيُّر أحوالي وعجزي عَن النهوض وَالْقِيَام بِسُرْعَة كَمَا كنت أَيَّام الشَّبَاب وصرت أستعين بغيري يساعدني على أحوالي وَكَأَنِّي بِهَذَا قد أَرَانِي الرّوح فِي بدلى يُرِيد الْقُوَّة والنشاط وَالَّذِي كنت افعله وحدي صرت أحتاج فِيهِ إِلَى مساعد وتلخيص الْمَعْنى أَن حَقِيقَة أُمُور الْإِنْسَان أَيَّام شبابه ثمَّ تتبدل بالانتقال إِلَى مشيبه وَكبره 12 - الْغَرِيب رجل عزهاة وعزهاءة وعزهي منون وَالْجمع عزاهي مثل سعلاة وسعالي وعزهون وَهُوَ الَّذِي لَا يطرب للهو وَيبعد عَنهُ والغزل الَّذِي يهوى محادثة النِّسَاء وَهُوَ صَاحب غزل وَقد غزل غزلا وَفِي الْمثل هُوَ أغزل من امْرِئ الْقَيْس الْمَعْنى يُرِيد أَنه أَتَى حبيبته لَيْلًا مرتديا بِسَيْفِهِ جعله مَوضِع الرِّدَاء وَالسيف لَا يُوصف بِهَذَيْنِ الوصفين فيريد أَنه صَاحب لَا يطرب للسماع وَلَا يحن للهو 13 - الْغَرِيب الترقوة الْعظم الَّذِي بَين الْمنْكب وَبَين ثغرة النَّحْر وَجمعه تراق قَالَ الله تَعَالَى {كلا إِذا بلغت التراقي} والقبل جمع قبْلَة الْمَعْنى يَقُول بَات السَّيْف بَين تراقينا وَنحن متعانقان وَلَا علم لَهُ بِمَا يجْرِي بَيْننَا من شكوى الْفِرَاق وَلَا غير ذَلِك مِمَّا يجْرِي بَين المحبين إِذا هما تعانقا وَيُشِير بِهَذَا إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ من الحذر والمخافة وَأَنه لم يخلع السَّيْف حِين عانق محبوبه وأنهما كَانَا يدفعانه عَنْهُمَا 14 - الْغَرِيب الردع أثر الطّيب وَبِه ردع من زعفران أَو دم أَي لطخ وَأثر وردعته بالشَّيْء فارتدع أَي لطخه بِهِ فتلطخ وَمِنْه قَول ابْن مقبل (يَخدِي بِها بازِلٌ فُتْلٌ مَرَافِقُهُ ... يجْرِي بديباجَتَيْهٍ الرَّشْحُ مُرْتَدعُ) والخلل وَاحِدهَا خلة بِالْكَسْرِ جُلُود منقوشة بِالذَّهَب وَغَيره يغشى بهَا أعماد السيوف وجفن السَّيْف غمده وذؤابة السَّيْف رَأس فائمه الْمَعْنى يَقُول يردع السَّيْف وَبِه اثر من طيبها ظَاهر على فائمه وجفنه وخلله وَالْمعْنَى أَنه لصق بِهَذِهِ المحبوبة حَتَّى لصق الطّيب الَّذِي طيبت بِهِ 15 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الَّتِي قَرَأنَا بهَا الدِّيوَان بِإِضَافَة سِنَان إِلَى أَصمّ بِغَيْر تَنْوِين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 وَرَوَاهُ جمَاعَة سِنَان بِالتَّنْوِينِ والأجود الْإِضَافَة وَإِذا نون يكون الْمَعْنى وَمن سِنَان أَصمّ كَعبه والكعب للرمح لَا للسنان وَإِذا جوزناه على الِاسْتِعَارَة كَانَ للرمح أشبه وَأَيْضًا فَإِن فِي السنان نونين وَإِذا نون صَار فِيهِ ثَلَاث نونات وَثَلَاث حُرُوف بِمَعْنى فِي كلمة ثقيل الْغَرِيب كعوب الرمْح العقد النَّاشِزَة من أنابيبه والأصم الكعب هُوَ الَّذِي تتصلب تِلْكَ الكعوب مِنْهُ وتكتنز وتتداخل وَلَا تَنْتَشِر وَبِذَلِك يعتدل الْمَعْنى كَأَنَّهُ فال ملغزا فِي السَّيْف ثمَّ أبان مُرَاده فَقَالَ لَا أكسب جميل الذّكر إِلَّا من مضرب هَذَا السَّيْف الَّذِي وَصفه وَمن سِنَان هَذَا الرمْح الَّذِي وَصفه وَالْمعْنَى أَنه لَا يكْتَسب الْمجد إِلَّا بإقدامه وببأسه 16 - الْمَعْنى أَعْطَانِي الْأَمِير هَذَا السَّيْف فِي جملَة مَا وهبه لي فزان بحسنه مَا وهب لي وكساني فِي جملَة مَا أَعْطَانِي من الثِّيَاب الدرْع يَعْنِي أَنه وهبه سَيْفا وَدِرْعًا فِي جملَة مَا وهبه لَهُ 17 - الْمَعْنى يَقُول من عَليّ وَهُوَ سيف الدولة بن عبد الله معرفتي بِحمْل الرمْح والطعن بِهِ لِأَنِّي لما صحبته احتذيت حذوه فِي الْحَرْب وامتثلت أَفعاله فِي الطعْن وَالضَّرْب ثمَّ قَالَ وَمن مثل سيف الدولة وَأَبِيهِ فِي شدَّة بأسهما وشهرة مجدهما يُرِيد لَا مثل لَهما 18 - الْغَرِيب الكواعب من النِّسَاء الَّتِي نبت ثديهن والجرد من الْخَيل الَّتِي يقصر شعر جلودها وَذَلِكَ من شَوَاهِد كرمها والسلاهب مِنْهَا الطوَال والقواضب من السيوف القواطع الْمَاضِيَة والعسالة من الرماح المنعطفة عِنْد هزها المضطربة والذبل الْيَابِسَة مِنْهَا الْمَعْنى يُرِيد أَنه يعْطى سائله الْجَوَارِي الشواب وَالْخَيْل الطوَال وَالسُّيُوف القواطع والرماح اللينة وَالْمعْنَى أَنه يعْطى الْجَوَارِي المصبيات بحسنهن والجرد المعجبات بعتقهن وفواضب السيوف وطوال الرماح وَفد أَشَارَ بوصفه بالإكثار من هَذِه الْأَوْصَاف إِلَى أَنه يستصحب كماة الفرسان وأعلام الشجعان فيعتمدهم فِي هباته بِمَا يوافقهم ويعضدهم بِمَا يشاكلهم 19 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الممدوح لغرابة أَفعاله وانفراده بِالْفَضْلِ فِي جَمِيع أَحْوَاله وَمَا يُتَابِعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 من كَثْرَة وقائعه ويخلده من جليل مكارمه وظفره فِي جَمِيع مقاصده يحمل الزَّمَان من ذَلِك مَالا يطيقه ويكلفه مَالا يعهده فيضيق عَن فخامة قدره وَيقصر عَن جلالة مجده وَكَذَلِكَ تضيق الأَرْض عَمَّا يحملهَا من جيوشه ويسير فِيهَا من جموعه فقد مَلأ الزَّمَان بمكارمه ومجده وملأ السهل والجبل بكتائبه وَجمعه 20 - الْغَرِيب الجذل الْفَرح بِالتَّحْرِيكِ وجذل بِالْكَسْرِ يجذل فَهُوَ جذلان وأجذله غَيره أَي أفرحه واجتذل ابتهج والوجل الْخَوْف الْمَعْنى يَقُول نَحن من الاعتزال بِهِ والنصر فِي فَرح دَائِم وَالروم من التوقع لَهُ فِي خوف لَازم وَالْبر فِي شغل لتضايقه بجيشه وَالْبَحْر فِي خجل لتَقْصِيره عَن جوده 21 - الْغَرِيب تغلب هم قوم الممدوح وَكَذَلِكَ عدى قَبيلَة مَعْرُوفَة وَالْبخل وَالْبخل لُغَتَانِ فصيحتان وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِفَتْح الْبَاء وَالْخَاء شَاهد هَذَا الْبَيْت الْمَعْنى يَقُول سيف الدولة أَصله من هَذِه الْقَبِيلَة الَّتِي غلبت النَّاس بعزها والانقياد فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام لأمرها وَمَعَ أَنه مِنْهَا هُوَ من بني عدي أطواد فخرها ومعدن مجدها وَقد أحسن فِي هَذَا الْبَيْت بالمجانسة وَالْمعْنَى أَنهم غلبوا النَّاس نجدة وشجاعة وجودا 22 - الْغَرِيب ابْن أبي الهيجاء كنية سيف الدولة وَأَبُو الهيجاء هُوَ عبد الله الْمُتَقَدّم والغي ضد الصَّوَاب والرشد وَأَرَادَ بِهِ هَاهُنَا فَسَاد الْكَلَام والخطل الْمنطق الْفَاسِد المضطرب وخطل بِالْكَسْرِ فِي كَلَامه خطلا وأخطل أفحش الْإِعْرَاب تنجده فِي مَوضِع الْحَال الْمَعْنى أَنه يُخَاطب نَفسه يَقُول الْمَدْح لهَذَا الممدوح تنجده وتعينه بأخبار الْجَاهِلِيَّة وَمَا سلف لَهُ من كريم الأولية غي بَين وخطل ظَاهر لِأَنَّهُ غَنِي عَن الشّرف بِغَيْرِهِ وحائز لغاية مَا يبلغهُ الْمَدْح بِنَفسِهِ والكرماء بجملتهم يقصرون عَن أفل مكارمه وَلَا يبلغون أيسر فضيلته وَهَذَا تَعْرِيض بِأبي الْعَبَّاس النامي لِأَنَّهُ مدح سيف الدولة بقصيدة ذكر فِيهَا آباءه الَّذين كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة فَرد عَلَيْهِ بقوله هَذَا وأكده بقوله الْبَيْت الَّذِي بعده 23 - الْإِعْرَاب أَدخل مَا على من يعقل لِأَنَّهُ أَرَادَ السُّؤَال عَن صفته مَعَ الاحتقار بِشَأْنِهِ الْغَرِيب كُلَيْب هُوَ ابْن ربيعَة رَئِيس بني تغلب وسيدهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَت الْعَرَب تضرب بِهِ الْمثل فِي الْعِزّ فَيَقُولُونَ أعز من كُلَيْب بن وَائِل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 الْمَعْنى يَقُول لَيْت مَا مدح بِهِ من الشّعْر يَسْتَوْفِي بعض مناقبه وَيَأْتِي على ذكر مكارمه فَمَا كُلَيْب وَسَائِر الْمُلُوك الْأَوَّلين عِنْد مَا خلده من الْفَخر وأبقاه من المكارم على وَجه الدَّهْر 24 - الْمَعْنى يُخَاطب نَفسه وَيَقُول امدحه بِمَا تشاهده من فَضله وتراه من مجده ودع عَنْك شَيْئا سَمِعت بِهِ وَلم تشهده وأخبرت عَنهُ وَلم تبصره ففضل سيف الدولة على الْمُلُوك كفضل الشَّمْس على سَائِر النُّجُوم وَفِيه مَا يُغني عَنْهُم وَهُوَ أكْرم مِنْهُم كَمَا أَن الشَّمْس تغنى عَن زحل وَهَذَا من قَول الْحَكِيم العيان شَاهد لنَفسِهِ والإخبار يدْخل عَلَيْهِ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فَأولى مَا أَخذ مَا كَانَ دَلِيلا على نَفسه وَالْمعْنَى فِيمَا قرب مِنْك عوض عَمَّا بعد عَنْك لَا سِيمَا إِذا كَانَ الْقرب أفضل من الْبعد وَالْمعْنَى يَقُول قد وجدت فِي الممدوح وَمَا يبديه من فَضله ويتتابع من مجده مَكَانا لِلْقَوْلِ ومجالا وَاسِعًا للوصف فَإِن كنت ذَا لِسَان قَائِل فحسبك وصف فضائله وَذكر مَا خلده من مكارمه وَنسب القَوْل إِلَى اللِّسَان لِأَن القَوْل بِهِ يكون كَمَا جَاءَ فِي الْمثل يداك أوكتا وفوك نفخ فنسب الْفِعْل إِلَى الْجَوَارِح لِأَنَّهَا آلَات لَهُ 26 - الْغَرِيب الْهمام هُوَ الشجاع ذُو الهمة الْعَالِيَة وخيرة تَأْنِيث خبر قَالَ الله تَعَالَى {فِيهِنَّ خيرات حسان} الْوَاحِدَة خيرة والدول جمع دولة الْمَعْنى يَقُول إِن هَذَا الْهمام الَّذِي يفخر بِهِ الفاخرون ويلهج بِذكرِهِ الذاكرون خير السيوف المسلولة بكف خيرة الدول الْمَعْلُومَة يَعْنِي دولة الْخلَافَة لِأَنَّهَا رَأس الْإِسْلَام وعموده وذروة سنامه 27 - الْغَرِيب الْأَمَانِي جمع أُمْنِية الْمَعْنى يَقُول لَا تصل الْأَمَانِي إِلَى قلبه فتستميله وَلَا إِلَى لِسَانه فتجري عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج أَن يتَمَنَّى شَيْئا فَلَا يرى نفيسا إِلَّا وَله خير مِنْهُ أَو صَار لَهُ ذَلِك الشَّيْء فالأماني تقصر عَن بُلُوغ قدره وتصغر عِنْد جلالة أمره وتمسى صرعى دون إِدْرَاك مجده فَمَا يتَمَنَّى فِي الرّفْعَة أَكثر مِمَّا قد بلغه وَلَا يحاول فِي الْفضل مَا يزِيد على مَا يَفْعَله وَقد فسر بِهَذَا الْبَيْت مَا أغلقه البحتري بقوله (وَمُظَفَّرٌ بالمَجْدِ إدْرَاكاتُهُ ... فِي الْحَظّ زَائِدَةٌ عَلى أوْطارِهِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 وَهُوَ ضد قَول عنترة (أَلا قاتَلَ اللهُ الطُّلُولَ البَوَالِيَا ... وَقَاتَلَ ذِكْرَاكَ السِّنِينَ الخَوَالِيا) (وقَوْلَكَ للشَّيْءِ الَّذِي لَا تَنالُهُ ... إذَا مَا حَلا فِي العَين ياليتَ ذالِيا) 28 - الْغَرِيب السيفان يُرِيد سيف الدولة وَسيف الْحَدِيد والرهج الْغُبَار وأرهج الْغُبَار أثاره والرهوجة ضرب من السّير قَالَ العجاج (مَيَّاحَةٌ تَمِيحُ مَشْيا رَهْوَجا ... ) الْمَعْنى يَقُول إِذا اجْتمعَا فِي رهج حَرْب ومساجلة جلاد وَضرب فَانْظُر إِلَى تَقْصِير السَّيْف عَن فعله وتأخره عَمَّا يتَبَيَّن من فَضله ومخالفته لَهُ فِي خلقه وَفعله وزيادته عَلَيْهِ فِي غنائه وآثاره لِأَن السيوف فِي الْحَقِيقَة لَا تعْمل شَيْئا إِنَّمَا يعْمل الضَّارِب بهَا وَبَنُو آدم لَا يشبهون بِالسُّيُوفِ فِي الْخلق ثمَّ بَين الْفضل بَينهمَا 29 - الْإِعْرَاب منصلتا حَال من سيف الْحَدِيد وَالْعَامِل فِيهِ أعد تَقْدِيره أعده سيف الدولة منصلتا وَيجوز أَن يكون حَالا من سيف الدولة وَهُوَ أوجه الْغَرِيب المنصلت المتجرد وَقيل الْمَاضِي وجرد السَّيْف من غمده وأصلته بِمَعْنى وضربه بِالسَّيْفِ صَلتا أَي ضربه وَهُوَ مصلت الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة معد لريب الدَّهْر منصلت على خطوبه متجرد لكف صروفه قد أعد السَّيْف المغمود لرأس البطل يضْربهُ بِهِ ويصرفه ويمضيه عَلَيْهِ ويستعمله ويتخذه آلَة يدبرها وبطش على حسب إِرَادَته بهَا فأبان أَن السَّيْف وَإِن وَافقه فِي الِاسْم فَهُوَ مقصر عَنهُ فِي حَقِيقَة الحكم 30 - الْغَرِيب الكدري جنس من القطا وَهُوَ على ثَلَاثَة اضْرِب كدري وجوني وغطاط فالكدري الغبر الألوان الرقش الظُّهُور والبطون الصفر الحلوق الْقصار الأذناب وَهُوَ ألطف من الْجونِي والجوني سود الْبُطُون سود الأجنحة والقوادم قصار والغطاط غبر الظُّهُور والبطون والأبدان سود بطُون الأجنحة طوال الأرجل والأعناق لطاف لَا تَجْتَمِع أسرابا أَكثر مَا تكون ثَلَاثًا واثنين والحجل القبج وَاحِدهَا حجلة تكون فِي الْجبَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 الْمَعْنى إِن القطا من طير السهل والقبج من طير الْجَبَل فَالْمَعْنى إِن الْعَرَب بلادها المفاوز وَالروم بلادها الْجبَال يَقُول إِن أعداءه يعتصمون مِنْهُ بِمَا غمض من الرمال وَبعد من المهامه والقفار وَهُنَاكَ يسْتَقرّ القطا ويأمن ويسكن وَكَذَلِكَ الرّوم تعتصم مِنْهُ بالأوعار وقنن الْجبَال وَتلك مَوَاضِع الحجل ومساكنها وَأَشَارَ بذلك إِلَى مُسْتَقر الطَّائِفَتَيْنِ 31 - الْغَرِيب الأجبال جمع جبل والمعقل الْمَكَان المنيع الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ والوعول شِيَاه الْجَبَل الْوَاحِد وعل الْمَعْنى يَقُول وَكَيف يُنجى الْفِرَار إِلَى الأجبال من أَسد ويروى من ملك أَي من أَسد شَدِيد بأسه أَو ملك نَافِذ أمره تسهل سعادته للنعام التوقل فِي معاقل الأوعال حَتَّى كَأَنَّهَا رمال مبسوطه وسهول مَوْصُولَة فَدلَّ على أَن سيف الدولة فِي قُوَّة سعده وَتمكن أمره لَا يفوتهُ من طلبه وَلَا يمْنَع عَلَيْهِ من قَصده وَقَالَ ابْن القطاع شبه سيف الدولة بالأسد وخيله بالنعام وَالْجِبَال موقع الأوعال يُرِيد أَن خيله تصعد إِلَى أعالي الْجبَال شبهها بهَا فِي سرعَة الْعَدو وَطول السباق وَفِي هَذَا إراب لَا يُوجد مثله وَقَالَ أَبُو الْفَتْح تمسى النعام بِالسِّين الْمُهْملَة وَقَالَ قد أخرج النعام من الْبر إِلَى الِاعْتِصَام برءوس الْجبَال والنعام تكون فِي السهولة والأوعال فِي الْجبَال فَلَا يَجْتَمِعَانِ لتضاد موضعهما وَقَالَ ابْن فورجة يَعْنِي بالنعام خيله العراب لِأَنَّهَا من نتاج البدو وَقد صَارَت تمشي بِسيف الدولة فِي الْجبَال لطلب الرّوم وقتالهم واستنزال من اعْتصمَ بالجبال مِنْهُم 23 - الْغَرِيب الدروب المسالك الَّتِي تكون فِي الْجَبَل الحاجزة بَين بِلَاد الرّوم وبلاده الْمُسلمين وخرشنة مَدِينَة من مدن الرّوم والروع الْخَوْف والفزع الْمَعْنى يُرِيد أَنه نغلغل فِي بِلَاد الرّوم حَتَّى خلف خرشنة وَرَاءه وفارقها بالانصراف عَنْهَا والروع الَّذِي بِأَهْلِهَا لم يفارقهم لأَنهم كَانُوا يحذرون سطوته وَلَا يأمنون كرته 3 - الْغَرِيب الْحلم بِالضَّمِّ مَا يرَاهُ النَّائِم تَقول مِنْهُ حلم بِالْفَتْح واحتلم وَتقول حلمت بِكَذَا وحلمته أَيْضا قَالَ الأخطل (فحَلَمْتُها وَبَنُورُ فَيْدَةَ دُوَنها ... لَا يَبْعُدَنَّ خَيالُهَا المَحْلُومُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 والحلم بِالْكَسْرِ الأناة تَقول مِنْهُ حلم الرجل بِالضَّمِّ وتحلم تكلّف الْحلم قَالَ حَاتِم الطَّائِي (تَحلَّمْ عَن الأدْنَينَ وَاسْتَبْق وُدَّهُمْ ... وَلَنْ تَسْتَطيعَ الحِلْمَ حَتَّى تَحَلَّما) وحلم الْأَدِيم بِالْكَسْرِ قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط (فإنَّكَ والكِتابَ إِلَى عَلَى ... كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأديمُ) والعذراء الْجَارِيَة الْبكر الشَّابَّة الْمَعْنى يُرِيد أَن الَّذِي استكن فِي قُلُوبهم من الْخَوْف لَا يفارقهم فِي حَال الْيَقَظَة وَالنَّوْم فَكلما حلمت عذراء من خرائدهم ومحجوبة من كرائمهم فَإِنَّمَا تحلم بِالسَّبْيِ الَّذِي تحذر وُقُوعه والجمل الَّذِي تتَوَقَّع ركُوبه وَالْجمال إِنَّمَا يحمل عَلَيْهَا الْعَرَب وَلَا تعرفها الرّوم فَأَشَارَ بذلك إِلَى أَن كَثْرَة مَا اجتلبه سيف الدولة على الْجمال من سَبْيهمْ ذعرت محجبات نِسَائِهِم فاشتغلت بذلك نفوسهن وَمثله لَهُنَّ أحلامهن وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا لحقهن من الْخَوْف وَكَثْرَة إستماعهن لذَلِك 34 - الْغَرِيب الجزي جمع جِزْيَة كسدرة وَسدر وَهُوَ مَا يُعْطِيهِ أهل الذِّمَّة ليدفعوا بِهِ عَن أنفسهم ويحفظوا بِهِ دِمَاءَهُمْ قَالَ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون} الْمَعْنى يُخَاطب سيف الدولة وَيَقُول إِن كنت ترْضى من الرّوم بجزيتهم وَتقبل مَا يبذلون لَك من طاعتهم بَادرُوا فِي ذَلِك إِلَى أَمرك وَاحْتَملُوا على رَأْيك وَأَنِّي لَهُم بِهَذِهِ الحظوة وَالْبُلُوغ إِلَى تِلْكَ الرُّتْبَة مَعَ مَا أحَاط بهم من الْقَتْل واتصل بهم من السَّبي وَذَلِكَ غَايَة أمانيهم كالأعور يتَمَنَّى الْحول لِأَنَّهُ خير من العور والجزية خير لَهُم من الْقَتْل 35 - الْغَرِيب الانتحال الادعاء والمنتحل من الْمجد وَالشعر مَا أدعى على غير حَقِيقَة الْمَعْنى يَقُول قلت لمجدك وشعري وَقد صَدرا عني وعنك وسارا فِي الْآفَاق إنتما صادقان لَا دَعْوَى عندكما وَالْمعْنَى مَا خلدته فِي شعري من مجدك وقيدت ذكره فِي مدحك قد تيقنت أَنَّهُمَا يسيران مسير الشَّمْس ويبقيان بَقَاء الدَّهْر وَذكر تَمام الْمَعْنى فِي الْبَيْت الثَّانِي 36 - الْمَعْنى يَقُول لمجده ولشعره إنتما سائران شرقا وغربا فتحملا رسالتي إِلَى من أحببنا مشاركته فِي حَالنَا ومطالعته بجملة أمرنَا وكونا أكْرم الْمُرْسلين ثمَّ قَالَ الْبَيْت بعده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 - الْغَرِيب الخول جمع خائل وَهُوَ الْخَادِم من قَوْلهم رجل خَال مَال وخائل مَال إِذا كَانَ حسن الْقيام عَلَيْهِ وخولي مَال أَيْضا وخلت المَال أخوله إِذا حفضته وخوله الله الشَّيْء إِذا ملكه إِيَّاه الْمَعْنى يَقُول عرفاهم أَنِّي متقلب فِي إنعام سيف الدولة مغمور بمكارمه متصرف فِي فواضله أقلب الطّرف بَين الْخَيل المسومة والحاشية المكرمة المنعمة وَهُوَ مَنْقُول من قَول الآخر (وَقد سارَ شِعْرِي فيكَ شَرْقا ومَغْرِبا ... كَجُودِكَ لَّما سارَ فِي الشَّرْقِ والغَرْبِ) 38 - الْمَعْنى يَقُول ياأيها المحسن بطبعه المشكور من جهتي بِمَا حَملَنِي من فَضله فالشكر من قبل إحسانه ورفده لَا من قبلي فِيمَا أهديه من مدحه كَأَنَّهُ يَنْفِي الْمِنَّة عَنهُ بشكره 39 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي روى ابْن جني إِلَّا بعد معرفتي وَقَالَ مَا لَحِقَنِي السَّهْو والتفريط إِلَّا بعد سُكُون نَفسِي إِلَى فضلك وحلمك وَقَالَ ابْن فورجة أَقَامَ النّوم مقَام السَّهْو والغفلة يَقُول مَا نمت عَمَّا وَجب عَليّ من صِيَانة مدحك عَن خلطه بالعتاب إِلَّا لِثِقَتِي باحتمالك وسكوني إِلَى جزالة رَأْيك قَالَ هَذَا كَلَامه وَكِلَاهُمَا قد بعد عَن الصَّوَاب وَالْمعْنَى إِنَّمَا أَخَذَنِي النّوم مَعَ عتبك لِثِقَتِي بِحِلْمِك وَلُزُوم التَّوْفِيق لرأيك وَعلمِي أَنَّك لَا تعجل عَليّ وَلَا ترهقني عُقُوبَة وَأَرَادَ النّوم الْحَقِيقِيّ لَا السَّهْو والتفريط كَمَا ذكره أَلا يرى أَنه قَالَ إِلَّا فَوق معرفتي فَجعل الْمعرفَة بِمَنْزِلَة الحشية الَّتِي ينَام فَوْقهَا وَقَوله يُؤْتى من الزلل أَي أَنْت موفق فِي كل مَا تَفْعَلهُ لَا تَأتي الزلل وَالْمعْنَى إِلَّا فَوق مَا كنت أتيقنه من معرفتي بِأَن رَأْيك لَا يستنزله الساعون ببغيتهم وَلَا يحلونه بكذبهم وكنى بِالنَّوْمِ عَن سُكُون نَفسه وبتمهيده بِمَعْرِِفَة رَأْي سيف الدولة عَن حسن ظَنّه 40 - الْغَرِيب أمره بأَرْبعَة عشر أمرا فِي بَيت وَاحِد أقل من الْإِقَالَة وأقلته من عثرته وأقلته من البيع عِنْد النَّدَم فِيهِ أنل من الإنالة نلته وأنلته أقطع من الإقطاع أقطعته أَرض كَذَا احْمِلْ من قَوْلهم حَملته على فرس وَمِنْه حَدِيث عمر بن الْخطاب حملت على فرس فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَقَوله عل من الْعُلُوّ والرفعة وسل من السلو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 وَأعد من الْإِعَادَة وزد من الزِّيَادَة وهش من قَوْله هششت إِلَى كَذَا وَهُوَ التهلل نَحْو الشَّيْء وبش من البشاشة وَهِي الطلاقة بششت بِالرجلِ أبش تفضل من الإفضال أدن من الدنو سر من السرُور صل من الصِّلَة وَهِي الْعَطِيَّة الْمَعْنى يَقُول أقل من استنهضك من عثرته وأنل من اسْتَعَانَ بِفَضْلِك على قلته وَفَقره وأقطع الضّيَاع من أملك وقصدك واحمل على سوابق الْخَيل من استحملك وعل قدر من اعتلق بك وسل عَن كل ذِي هم همه بِمَا تجدده من برك وتسبغه من فضلك وَأعد ذَلِك وأدمه وجدده وزد فِي غدك على مَا تفضلت بِهِ فِي يَوْمك وهش ورحب بِمن قصدك وَأظْهر البشاشة لمن اعتمدك وَدم على مَا عهد من تفضلك وأدن الْوَافِد عَلَيْك وسره بمتابعة إحسانك وصل الْجَمِيع بتطولك وإنعامك فَوَقع سيف الدولة تَحت أقل أقلناك وَتَحْت أنل يحمل إِلَيْك من الدَّرَاهِم مَا تحب وَتَحْت أقطع أقطعناك ضَيْعَة كَذَا وَكَذَا بِبَاب حلب وَتَحْت احْمِلْ نحمل إِلَيْك الْفرس الْفُلَانِيَّة وَتَحْت عل قد فعلنَا وَتَحْت سل قد فعلنَا فاسل وَتَحْت أعد أعدناك إِلَى حالك وَتَحْت زد يُزَاد كَذَا وَكَذَا وَتَحْت تفضل قد فعلنَا وَتَحْت أدن أدنيناك وَتَحْت سر قد سررناك قَالَ أَبُو الْفَتْح قَالَ أَبُو الطّيب إِنَّمَا أردْت من التسرية فَأمر لَهُ بِجَارِيَة وَتَحْت صل قد فعلنَا وَكَانَ بجضرة سيف الدولة شيخ يضْحك مِنْهُ يُقَال لَهُ المعقلى حسد المتنبي على مَا أعطَاهُ سيف الدولة فَقَالَ يَا مولَايَ هلا قلت لَهُ لما قَالَ هش بش هئ هئ تحكى الضحك لِأَنَّك قد وَقعت لَهُ بِمَا أَرَادَ فَهَلا ضحِكت فَضَحِك سيف الدولة مِنْهُ وَقَالَ اذْهَبْ يَا مَلْعُون وَقد حذا فِي هَذَا حَذْو أبي العميثل بقوله (يَا مَنْ يؤَمِّلُ أنْ تَكونَ خِلالُهُ ... كَخِلالِ عَبْدِ اللهِ أنْصِتْ وَاسمَع) (اصْدُقْ وَعِفَّ وَبَرَّ وَانْصُرْ وَاحْتَمِل ... وَاحْلُمْ وكافِ وَدارِ وَاصْبِرْ وَاشْجَعِ) ويروى وابذل واشجع وَالْأَصْل فِيهِ قَول امْرِئ الْقَيْس (أفادَ وَجادَ وَسادَ وَزَادَ ... وَذَادَ وَقادَ وَعادَ وأفْضَلْ) 41 - الْمَعْنى يَقُول لَعَلَّ مَا أحدثه الواشون من عتبك وأوجبوه من موجدتك مَحْمُود الْعَاقِبَة مشكور الخاتمة يُفْضِي إِلَى السَّعَادَة بِحسن رَأْيك وَتعقب الخصو بكرم اختصاصك فَرب عِلّة انقادت بعد شدَّة وَكَانَت سَبَب السَّلامَة وَالصِّحَّة وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم قد يفْسد الْعُضْو لصلاح الْأَعْضَاء كالكي والفصد اللَّذين يفسدان الْأَعْضَاء لصلاح غَيرهمَا وَقد نَقله من قَول الآخر (لَعَلَّ سَبَّا يُفِيدُ حُبَّا ... فالشَّرُّ للْخّيْرِ قَدْ يَجُرُّ) وَقَرِيب مِنْهُ قَول ابْن الرُّومِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 (أحمَدِ اللهَ إذْ رُزِقْتَ هِجاءً ... هُوَ بَعْدَ الخُمولِ نَوَّهَ باسمِك) (قَدْ تذَكَّرْتُ مُوبِقاتِ ذُنُوبِي ... فَرَجَوْتُ الخلاصَ مِنْها بشَتْمكَ) 42 - الْمَعْنى يَقُول لَا سَمِعت وَلَا سمع غَيْرِي بِملك مثلك ومقتدر قبلك بلغ مبلغك فِي رفع الْكَذِب عَن رجل يمْتَحن بِهِ ورد السوء عَن مطَالب يحنق عَلَيْهِ وَلَا يسمع فِي تحريشه على من يُحَرِّش عَلَيْهِ وَقَوله عَن رجل يَعْنِي المغتاب وَلم يقل عَن إِنْسَان وَلَا عَن مغتار لأجل القافية وَجَاء عذبا من أحسن الْكَلَام وَقد بَينه فِيمَا بعد بقوله الْبَيْت بعده 43 - الْغَرِيب التكحل هُوَ الاكتحال والتحسن للعين وَهُوَ مَا يتكلفه لَهَا والكحل هُوَ الَّذِي يكون خلقَة فِي الْعين رجل أكحل بَين الْكحل وَهُوَ الَّذِي يَعْلُو جفون عَيْنَيْهِ سَواد مثل الْكحل من غير اكتحال وَعين كحيلة وَامْرَأَة كحلاء الْمَعْنى يُرِيد أَن حلمه حلم طبع عَلَيْهِ فَهُوَ لَا يتكلفه كالكحل الَّذِي يكون فِي الْعين من غير تكلّف فقد طبعت عَلَيْهِ فَمَا تتكلفه وخصصت بِهِ فَمَا تتكسبه وحسر الْكحل غير حسن التكحل وحلم الطَّبْع غير حلم التَّكَلُّف وَهَذَا من قَول الْحَكِيم مباينة الْمُتَكَلف المطبوع كمباينة الْحق الْبَاطِل 44 - الْغَرِيب ثناه رده وَصَرفه والعارض السَّحَاب قَالَ الله تَعَالَى {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} والهطل الْكثير الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول لَا يصرفك كَلَام النَّاس فِي إِفْسَاد مَا بَيْننَا كَمَا لَا يقدرُونَ أَن يصرفوك عَن الْكَرم وَمن يقدر على هَذَا إِلَّا كمن يقدر أَن يرد صوب السَّحَاب الممطر فَالَّذِي يصرفك عَن جودك كَالَّذي يرد السَّحَاب لِأَن جودك أغزر من فيض السَّحَاب 45 - الْغَرِيب المذل الفترة والضجر ومذلت أمذل بِالضَّمِّ مذلا أَي قلقت وَأَصله من إفشاء السِّرّ وَهُوَ أَن لَا يقدر على ضبط مَا عِنْده لقلقه بِهِ من مَال أَو سر قَالَ الْأسود بن يعفر (وَلَقَدْ أرُوحُ عَلى الثِّجارِ مُرَجَّلاً ... مَذِلاً بِمَالي لَيَّنا أجْيادِي) الْمَعْنى يَقُول أَنْت جواد بِلَا من ينقص جودك وَلَا كذب يُعَارض فضلك وَلَا مطل يُنَازع بذلك وَلَا عدَّة وَلَا تَأْخِير وَلَا فَتْرَة وضجر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 وَالْمعْنَى أَنه إِذا كثر معروفه كتمه وَلم يبح بِهِ لِأَن الأَصْل فِي المذل النزوح بالسر فنفى ذَلِك عَنهُ وَهُوَ من أحسن الْكَلَام 46 - الْغَرِيب السنور لبوس من قد كالدرع قَالَ لبيد يرثي قَتَادَة بن الْجَعْد الْحَنَفِيّ (وَجاءُوا بِهِ فِي هَوْدَجٍ وَوَرَاءَ هُ ... كَتائبُ خُضْرٌ فِي نَسيجٍ السَّنَوَّرِ) والسنور وَاحِد وَلَيْسَ هُوَ جمعا وَسميت بِهِ دروع الْحَدِيد والأشلاء جمع شلو وَهُوَ الْعُضْو من أَعْضَاء اللَّحْم وَفِي الحَدِيث ائتنى بشلوها الْأَيْمن وأشلاء الْإِنْسَان أعضاؤه بعد البلى والتفرق وَبَنُو فلَان أشلاء فِي بني فلَان أَي بقايا فيهم والقلل جمع قلَّة وَهِي أَعلَى الرَّأْس من قلَّة الْجَبَل الْمَعْنى يَقُول أَنْت الشجاع عِنْد اشتداد الْقِتَال وتجالد الْأَبْطَال وَسُقُوط الْقَتْلَى عَن خيولهم وانفصالهم عَن سِلَاحهمْ وَالْخَيْل لَا تطَأ حِينَئِذٍ إِلَّا أشلاءهم ورءوسهم وسلاحهم وأجسادهم فَأَنت شُجَاع هُنَاكَ 47 - الْإِعْرَاب مقارعة حَال من القنا وَقَالَ الواحدي هُوَ مفعول وَلَيْسَ بمصدر وَالْحَال أَجود الْغَرِيب الجدل والجدال والمجادلة هُوَ مَا يدْفع بِهِ أحد المتجادلين حجَّة صَاحبه وَهُوَ شدَّة الْخُصُومَة وجدل الرجل صَاحبه أَلْقَاهُ بالجدالة وَهِي الأَرْض وَمِنْه قَول الراجز (قَدْ أرْكَبُ الآلَةَ بَعْدَ الآلَهْ ... وأتْرَكُ الْعاجِزَ بالجَدَالَهْ) الْمَعْنى يُرِيد أَنْت الشجاع الْمَعْرُوف إِذا رد بعض القنا بَعْضًا بتخالف الطعان وتقارع الأقران حَتَّى كَأَنَّهُ من شدَّة تِلْكَ الْمُعَارضَة واتصال تِلْكَ المقاومة فِي جدل لَا يقْلع وخصام لَا يَنْقَطِع 48 - الْغَرِيب عرض اعْتِرَاض وَنظرت إِلَيْهِ عَن عرض وَعرض مثل عسر وعسر أَي من جَانب وناحية وَخَرجُوا يضْربُونَ النَّاس عَن عرض أَعنِي عَن شقّ وناحية الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بالنصر ضَارِبًا أعداءه كَيْفَمَا وجدهم مُقْبِلين ومدبرين ينصر عَاجل فِي أجل مستأخر وَالْمعْنَى لَا زلت تضرب أعداءك مُعْتَرضًا لَهُم مقدما عَلَيْهِم مكنوفا بنصر مَعْصُوما بِأَجل يستأخرك وَهَذَا من قَول بَعضهم وَقد سُئِلَ فِي أَي شَيْء تحب أَن تلقى عَدوك قَالَ فِي اجل مستأخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 - 1 أَن من الأون وَهُوَ الرِّفْق 1 - الْغَرِيب أمره فِي هَذَا الْبَيْت بأَرْبعَة وَعشْرين أمرا زَاد على الْبَيْت الأول عشرَة عش من الْعَيْش وابق من الْبَقَاء وَاسم من السمو وسد من السِّيَادَة وَقد من قَود الْخَيل وجد من الْجُود وَمر من الْأَمر وَأَنه من النهى ور من الورى وَهُوَ دَاء فِي الْجوف يُقَال وَرَاه الله وف من الْوَفَاء واسر من سرى يسري ونل من النّيل وَهُوَ الْعَطاء وغظ من الغيظ وارم من الرمى وصب من صاب السهْم الهدف يُصِيبهُ صيبا واحم من الحماية واغز من الْغَزْو واسب من السَّبي ورع من الروع وَهُوَ الإفزاع وزع من وزعته إِذا كففته ود من الدِّيَة ول من الْولَايَة واثن من ثنيته ونل من نلته أنوله إِذا أَعْطيته وروى ابْن جنى بل من الوابل وَهُوَ أَشد الْمَطَر يُقَال وبلت السَّمَاء فَهِيَ وابلة وَالْأَرْض موبولة ومأبولة الْمَعْنى يَقُول عش فِي نعْمَة سَالِمَة حَتَّى تفني أعداءك وابق فِي عز مؤبد جتى تحي أولياءك وَاسم أَي اعْل على كل الْمُلُوك بالقهر وَالْغَلَبَة وسد أهل زَمَانك بِالْكَرمِ وَالْفضل والشجاعة وَقد الْجَيْش إِلَى أعدائك وجد بِعَطَائِك على أوليائك وَمر مسموعا أَمرك وانه عبر مُخَالف نهيك ورأعداءك بظهورك عَلَيْهِم أَي اصب رئاتهم بإيجاعك لَهُم وف لأوليائك بإحسانك إِلَيْهِم وبنعمك عَلَيْهِم واسر إِلَى أعدائك بجيوشك لتستأصلهم ونل مَا تبغيه بسعدك وإقدامك وتأييدك لِأَنَّك مؤيد بالنصر وغظ بظهورك من يحسدك وارم ببأسك من يخالفك وصف من تعتمده برميك واحم ذمارك بهيبتك وببأسك واسب بجيوشك حَرِيم أعدائك ورع بمخافتك أَمنهم وزع أَي كف بوقائعك مسلطهم ود احْمِلْ الدِّيات متفضلا على تبعك وجشمك ول الْأَمْصَار مشكورا فِي ولايتك واثن الْأَعْدَاء عَنْهَا بحمايتك ونل عفاتك بجدودك وأمطر عَلَيْهِم سحائب فضلك وعَلى الرِّوَايَة الْأُخْرَى نولهم مَا يطْلبُونَ من عطائك الجزيل 2 - الْمَعْنى يَقُول كل دُعَاء دَعوته لَك مَضْمُون مَعْهُود مَعْلُوم وَلَو سكت عَنهُ لَكُنْت قد كفيت لِأَنِّي إِنَّمَا أَدْعُو الله بِشَيْء قد فعله وأعمل الرَّغْبَة إِلَيْهِ فِيمَا قد مكنه وَهَذَا الْبَيْت من الضَّرْب الطَّوِيل والقافية من المتدارك وَمَا جمع أحد قبله من الْأَلْفَاظ مَا جمع فِي هَذَا الْبَيْت وَجمع ديك الْجِنّ فِي مصراع بَيت أَربع استفهامات فِي قَوْله (أنَّي ولِمْ وَعَلامَ ذَاكَ وَفِيما ... ) وَقد قَالَ البحتري أَيْضا (بِمَهْ وَفِيمَ الجَفاءُ مِنْكَ بَدَا ... أوْ مِمَّ أوْ عَمَّ عَلامَ لَمِهْ) الحديث: 183 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 - 1 هَذِه الْقطعَة من الوافر والقافية من الْمُتَوَاتر الْإِعْرَاب شَدِيد خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره أَنْت شَدِيد وترنج رَفعه بِالِابْتِدَاءِ تَقْدِيره بَين يَديك أَو فِي مجلسك ترنج الْغَرِيب اللُّغَة الفصيحة أترج وأترجة واحده وَمِنْه الحَدِيث وَمثل الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كالأترجة رِيحهَا طيب وطعمها طيب وَحكى أَبُو زيد ترنج وترنجة وَقَالَ ابْن فورجة شَدِيد الْبعد من شرب الشُّمُول ترنج الْهِنْد لديك فَحذف لديك واتى بِهِ فِي الْبَيْت الثَّانِي دَالا على حذفه والظروف كثيرا مَا تضمر وَأَرَادَ من شرب النَّاس الشُّمُول عَلَيْهِ وعَلى رُؤْيَته وَهُوَ من بَاب إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول كَقَوْلِك أعجبني دق هَذَا الثَّوْب كَذَلِك تَقول ترنج الْهِنْد بعيد من شرب النَّاس الشُّمُول عَلَيْهِ والشمول من أَسمَاء الْخمر وَقيل هِيَ الْبَارِدَة الَّتِي هبت عَلَيْهَا ريح الشمَال وَقيل هِيَ الَّتِي تَشْمَل الْقَوْم بريحها الْمَعْنى يَقُول ترنج الْهِنْد وطلع النخيل شَدِيد بعدهمَا عَن محلك من شرب الْخمر وَإِن كَانَ غَيْرك يتخذها لذَلِك لِأَن هَذِه الْحَال غير مظنونة بك وَإِنَّمَا استحضارك لَهما وَلما يشاكلهما من الرياحين استمتاعا بِحسن ذَلِك لَا مُخَالفَة فِيهِ إِلَى مَا يكره واستجازة لما لَا يحسن وكل شَيْء طيب حسن يحضر مجلسك الْكَرِيم الحديث: 184 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يُؤَيّد مَا قَالَ أَولا وَلَكِن استحضارك للترنج والطلع لِأَنَّهُمَا طيبان وكل طيب فِي حضرتك وَغير مَعْدُوم فِيمَا يَقع عَلَيْهِ مشاهدتك مِمَّا دق إِلَى مَا جلّ يُرِيد مَا كَانَ صَغِيرا وَمَا كَانَ كَبِيرا الْغَرِيب ممتحن مَكَان يمْتَحن فِيهِ الفوارس وهم جمع فَارس الْمَعْنى يَقُول وعندك ميدان السباق فِي النّظم والنثر والتباري فِي الفصاحة وَالشعر وممتحن الْخَيل وفرسانها بالتسايف والتجاول والطرد والتساجل هَذَا الَّذِي يعمر بِهِ مجلسك وحضرتك وتنزع إِلَيْهِ همتك ورغبتك زعم بعض الروَاة أَن ابْن خالويه أنكر عَلَيْهِ ترنج وَقَالَ الْمَعْرُوف أترج فاستشهد أَبُو الطّيب بِرِوَايَة أبي زيد أَنَّهُمَا مقولان 4 - الْغَرِيب الْأَصِيل من كل شَيْء الثَّابِت وَالْقَوْل والقيل بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ مِمَّا جَاءَ مثل فعل وَفعل وقلبت الْوَاو فِي قيل يَاء للكسرة الَّتِي قبلهَا الْمَعْنى يُرِيد أَن الَّذِي آتى بِهِ من كَلَام الْعَرَب الثَّابِت فِي العرباء الْقَدِيمَة وَقَوله بِقدر مَا عَايَنت أَي على حسب مَا شاهدت وَإِنَّمَا بيّنت الشّعْر على العيان فأغناني عَن أَن أَقُول أَنْت شَدِيد الْبعد عَن شرب الشُّمُول وَفِي مجلسك ترنج الْهِنْد وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا لَهُ لم لَا قلت (بَعِيدٌ أنْتَ مِنْ شُربِ الشَّمُول ... عَلى النَّارَنْجِ أوْ طَلْعِ النَّخِيلِ) (لِشُغْلِكَ بالمَعالي والْعَوَالي ... وكَسْبِ الْحَمْدِ والذّكْرِ الجَميلِ) (وَقَدْحِ خَوَاطِرِ العُلَماءِ فَحْصاً ... ومُمْتَحَنِ الفَوَارِسِ والخُيُولِ) 5 - الْغَرِيب البعول جمع بعل وَهُوَ زوج الْمَرْأَة الْمَعْنى فعارضه كَلَام سَاقِط وإنكار ضَعِيف فَوَقع ذَلِك الضعْف من قوته وَذَلِكَ السُّقُوط من رفعته موقع النِّسَاء من البعول والرعية من الْملك الْجَلِيل لِأَنِّي قد أتيت بِكَلَام لَا يُنكر صَوَابه وَلَا تدفع صِحَّته وَفِيه نظر إِلَى قَول أبي النَّجْم (إنّي وكُلُّ شاعِرٍ مِنَ البَشَرْ ... شَيْطانُهُ أُنْثَى وَشَيْطانِي ذَكَر) 6 - الْإِعْرَاب رفع مَأْمُون على الْبَدَل من السَّيْف وَهَذَا مُبْتَدأ والدر نعت لَهُ ومأمون خَبره الْغَرِيب التشظي التكسر والتشقق الْوَاحِدَة شظية والفلول جمع فل وَهُوَ مَا يلْحق السَّيْف من الضَّرْب بِهِ الْمَعْنى يُشِير إِلَى شعره بِأَنَّهُ الدّرّ الَّذِي لَا يخَاف تشظيه وَلَا يُمكن الِاعْتِرَاض فِيهِ والدر إِذا طَال عَلَيْهِ الْأَبَد لابد لَهُ من التَّغَيُّر إِلَّا هَذَا الدّرّ فَإِنَّهُ يزِيد حسنا على مر الْأَيَّام وَأَنت السَّيْف الَّذِي لَا يخْشَى عَلَيْهِ وَقد أَمن فِيهِ الانفلال وَلَا يخَاف نبوه وَلَا تثلم حَده 7 - الْمَعْنى يَقُول إِذا احْتَاجَ أحد إِلَى أَن يعلم النَّهَار بِدَلِيل يدل عَلَيْهِ لم يَصح فِي فهمه شَيْء الْمَعْنى إِذا لم يَصح مَا أنظمه وَيفهم مَا أوردهُ فَكَأَنَّهُ لم يعرف النَّهَار وَأنكر وجوده لِأَنَّهُ كالنهار الَّذِي لَا تطلب الْأَدِلَّة عَلَيْهِ وَلَا يُمكن أحد الْمُخَالفَة فِيهِ وَهَذَا كَقَوْلِهِم من شكّ فِي المشاهدات فَلَيْسَ بكامل الْعقل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 - 1 هَذِه الْقطعَة من المتقارب والقافية من المتدارك الْغَرِيب العفاة جمع عاف وَهُوَ الَّذِي يطْلب الْمَعْرُوف الْمَعْنى إِنَّك أَعْطَيْت عفاتك مَا أَملوهُ من جودك وزرت أعداءك بِمَا حذروه من شدَّة بأسك فانصرمت فِي يَديك أعمارهم وَقربت بزيارتك لَهُم آجالهم وَالْمعْنَى أَنَّك تُعْطى المؤمل مَا أمله وتقرب لِلْعَدو أَجله 2 - الْغَرِيب الأشبال جمع شبْل وَهُوَ ولد الْأسد والليوث جمع لَيْث وَهُوَ الْأسد الْمَعْنى يَقُول وَأَقْبَلت الرّوم يُرِيد رَسُول ملك الرّوم وَمن مَعَه تمشي إِلَيْك بَين الْأسد المقتولة وأشبالها المغنومة 3 - الْمَعْنى يَقُول إِذا رَأَتْ الْمُلُوك الْأسد بَين يَديك مقتولة وأشبالها مغنومة فَأَيْنَ تَفِر مُلُوك الرّوم بأطفالها هربا من بأسك وَهُوَ مَنْقُول من قَول مَحْمُود بن الْحُسَيْن (وَمَنْ كانَت الأُسْدُ مِنْ صَيْدِهِ ... فَلَنْ يُفْلِتَ الدَّهْرَ مِنْهُ أحَدْ) الحديث: 185 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 - 1 هَذِه الْقطعَة من الوافر والقافية من الْمُتَوَاتر الْغَرِيب النزال الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول وصفت لنا سِلَاحا لم نره لِأَنَّهُ رفع قبل دُخُوله عَلَيْهِ فكأنك وصفت الْحَرْب بوصفه وأخبرت عَنهُ بِذكرِهِ لِأَن مثل ذَلِك الْمَوْصُوف لَا يعد إِلَّا للنزال وَلَا يختبر إِلَّا فِي الْقِتَال لِأَنَّهُ إِذا وصف السيوف وبريقها كَأَنَّهُ وصف الْقِتَال وَنصب سِلَاحا على إِعْمَال الْفِعْل الأول على مذْهبه فِي إِعْمَال الْفِعْل الأول وَمثله لذِي الرمة (وَلْم أمْدَحْ لأُرْضِيَهُ بِشعْرِي ... لَئِيما أنْ يَكُونَ أصَابَ مَالا) 2 - الْغَرِيب الْبيض جمع بَيْضَة وَهِي المغفر من الْحَدِيد يكون على الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول وَذكرت أَن الْبيض صف على دروع فشوق من سَمعه إِلَى الْحَرْب وهيجه على الطعْن وَالضَّرْب 3 - الْإِعْرَاب تا بِمَعْنى هَذِه وتا نعت للنار وَهِي فِي مَوضِع نصب كَمَا تَقول الحديث: 186 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 ضربت زيدا هَذَا فَهَذَا نعت لزيد أَي هَذَا الْمشَار إِلَيْهِ وَلَو جعل بَدَلا لجَاز وتا إِشَارَة للمؤنث الْحَاضِر كَمَا يشار بذا إِلَى الْمُذكر الْحَاضِر الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة لَو أطفأت نارك أَعنِي السراج أَو الْقَنَادِيل أَو الشمع أَي مَا تستضيء بِهِ فِي ليلك لأغناك لمعان السِّلَاح عَنهُ ولأضاء لَك بريقه حَتَّى لقرأ مَا خطّ فِي الصُّحُف فِي الدياجى الْمظْلمَة والليالي المسودة الحالكة 4 - الْإِعْرَاب استحسنت أَرَادَ استحسنته فَحذف الْهَاء للْعلم بِهِ وَالْمَفْعُول كثيرا مَا يحذف وانشد سِيبَوَيْهٍ (فأَقْبَلْتُ زَحْفا عَلى الرُّكْبَتَينِ ... فَثَوْبٌ لَبِسْتُ وَثَوْبٌ أجُرُّ) أَرَادَ لبسته وأجره فَحذف المفعولين لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِمَا الْمَعْنى يَقُول إِن استحسنت هَذَا السِّلَاح وَهُوَ على بِسَاط فَأحْسن مَا يكون إِذا لبسه الرِّجَال وَأظْهر فَضله الْقِتَال 5 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الأول للرِّجَال وَالثَّانِي للسلاح وَقَالَ أَبُو الْفَتْح التَّأْنِيث للدروع والتذكير للبيض وَقَوله وَإِن بِهِ زَاد إِن الثَّانِيَة توكيدا تَقْدِيره وَإِن بهَا وَبِه لنقصا وَمثله للحطيئة (قالَتْ أُمامَةُ لَا تَجْزَعْ فَقُلْتُ لَهَا ... إنَّ العَزَاء وَإنَّ الصَّبْرَ قَدْ غُلِبا) وَيجوز أَن يكون حذف اسْم إِن الأولى وَاسْتغْنى بِالثَّانِيَةِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} وانشد سِيبَوَيْهٍ (نَحْنُ بِما عِنْدَنا وأنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ والرأْيُ مُخْتَلِفُ) أَرَادَ نَحن راضون وَأَنت رَاض وَكَذَلِكَ {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} الْمَعْنى يُرِيد بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاح نقص وكمالها بك وَأَنت للرِّجَال نِهَايَة الْكَمَال الَّذِي يكمل الْفَخر الَّذِي بِهِ يتَحَمَّل 6 - الْغَرِيب الدمستق مقدم الفرنجة الْمَعْنى لَو نظر الدمستق ذَلِك السِّلَاح ولاحظ جانبيه وأشرف عَلَيْهِ بمشاهدته لَهُ لأفزعه إفزاعا يقلب الرَّأْي فِي التَّخَلُّص مِنْهُ وَيعْمل الْحِيَل فِي الْفِرَار عَنهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 - 1 هَذِه الْقطعَة من الطَّوِيل والقافية من الْمُتَوَاتر وَيذكر فِي هَذِه القصيدة وقْعَة الْغَرِيب شكول جمع شكل وشكل الشَّيْء مثله وَجمع الْقلَّة أشكال وأتى هَاهُنَا بِجمع الْكَثْرَة لِأَنَّهُ أبلغ فِي شكوى الْحَال والظاعنين جمع ظاعن وَهُوَ المرتحل الْمَعْنى يَقُول ليَالِي بعد الظاعنين من أَحبَّنِي متشاكلة فِي طولهَا متشابهة فِي تعذبي بهَا وليل العاشقين يطول عَلَيْهِم بِمَا يقاسونه من السهر وَمَا يَتَجَدَّد لَهُم فِيهِ من الْفِكر وَاللَّيْل يطول بقصر بِحَسب الْفُصُول الْأَرْبَعَة وليله طَوِيل لبعد الحبيب عَنهُ وَامْتِنَاع النّوم مِنْهُ قَالَ الواحدي يجوز أَن تكون مشاكلتها من حَيْثُ أَنه لَا يجد رواحا فِيهَا وَلَا نوما يَقُول لَا يتَغَيَّر حَالي فِي ليَالِي بعدهمْ وَلَا ينقص غرامي ووجدي بالحبيب وَهُوَ ضد قَول الآخر (إذَا مَا شِئْتَ أنْ تَسْلُو حَبِيبا ... فأكْثِرْ دُونَهُ عَدَدَ اللَّيالي) 2 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه اللَّيَالِي يبن لي بدر السَّمَاء الَّذِي لَا أريده ويظهرنه وَلَا يسترنه ومخفين الْبَدْر الَّذِي لَا أحد إِلَيْهِ سَبِيلا 3 - الْإِعْرَاب نصب سلوة على الْمصدر يُرِيد مَا سلوتهم سلوة وَقيل بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ يُرِيد عَن سلوة وَقيل مفعول لَهُ الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ بقائي بعدهمْ لسلوة عَنْهُم وَلَا لخلو عَن ذكرهم وَلَكِنِّي حمول للنائبات صبور على الخطوب الموجعات وَهُوَ كَقَوْل أبي خرَاش الْهُذلِيّ (فَلا تَحْسَبِي أَنِّي تَناسَيْتُ عَهْدَكمْ ... وَلَكِنَّ صَبْرِي يَا أُمَيْمَ جَمِيلُ) 4 - الْمَعْنى يَقُول وَإِن رحيلا وَاحِدًا غير مضاعف ومفردا غير مردد حَال بيني وَبينهمْ وأيأسني من قربهم وَفِي الْمَوْت الَّذِي أباشره لفقدهم وأشرف عَلَيْهِ من بعدهمْ رحيل يشفع رحيلهم ويعاد يُضَاعف بعادهم وَلَا دَار أبعد من الْقَبْر وَلَا سَبَب أقطع من الْمَوْت الحديث: 187 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 - الْغَرِيب الرّوح نسيم الرّيح الشرقية الَّتِي تَأتي من وَرَاء الْقبْلَة الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى إِذا كُنْتُم تؤثرون شم الرّوح فِي الدُّنْيَا وملاقاة نسيمها فَلَا زلت رَوْضَة وقبولا انجذابا إِلَى هواكم ومصيرا إِلَى مَا تؤثرونه وَيكون سَبَب الدنو مِنْكُم أَرَادَ وَلَا بَرحت وروضة وقبولا فَجعل الِاسْم نكرَة وَالْخَبَر معرفَة للقافية وَمن فسر هَذَا التَّفْسِير فقد فَضَح نَفسه وغر غَيره وَقَالَ ابْن فورجة الرّوح يؤثره من يأوي إِلَى هم وينطوي على شوق فَأَما الْأَحِبَّة وَإِن كَانَ إِيثَار الرّوح طبعا من النَّاس فَإِنَّهُم لَا يوصفون بِطَلَب الرّوح وشم النسيم والتعرض لبرد الرّيح والتشفي بنسيم الْهَوَاء وَأَيْضًا فَمَا الْحَاجة إِلَى أَن يكون الِاسْم نكرَة وَالْخَبَر معرفَة وَلَيْسَ هَذَا من أَخَوَات كَانَ وَإِنَّمَا هِيَ من برح فلَان من مَكَانَهُ أَي فَارقه يَقُول إِذا لم يكن لي من فراقكم رَاحَة إِلَّا التعلل بالنسيم وَطلب روح الْهَوَاء وتشممي لطيبه بروائحكم وَمَا كَانَ ينالني أَيَّام اللَّهْو والفرح بقربكم فَلَا فارقتني رَوْضَة وَقبُول يَسُوق إِلَى رَوَائِح تِلْكَ الرَّوْضَة وَهَذَا من قَول البحتري (يُذَكِّرُنا رَيَّا الأَخِبَّةِ كُلَّما ... تَنَفَّسَ فِي جُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ بارِدِ) وَأَصله من قَول الأول (إذَا هَبَّ عُلْوِيُّ الرّياحِ وَجَدْتُنِي ... كأنّي لِعُلْوِيّ الرّياحِ نَسِيبُ) وَالْمعْنَى إِذا كَانَ شم الرّوح أدنى إِلَيْكُم لِأَنَّهَا تذكرني روائحكم وَطيب أَيَّام وصالكم فَلَا فارقتني رَوْضَة أستنشق رائحتها وريح قبُول أتنسم بهَا لأَكُون أبدا على ذكركُمْ انْتهى كَلَامه وَقَالَ ابْن القطاع برح هُنَا بِمَعْنى زَالَ يَقُول إِذا بعدتم وَلَا أصل إِلَيْكُم إِلَّا بشم الرّوح الَّذِي يشبه رَائِحَة نسيمكم فَلَا فارقتني رَوْضَة وَقبُول يأتيني برائحتكم وَقد دَعَا لنَفسِهِ بِالْحَيَاةِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ حَيا جَاءَتْهُ الرِّيَاح بروائح أحبته لِأَن قبله (وَفِي المَوْتِ مِنْ بَعْدِ الرَّحِيلِ رَحِيلُ ... ) وَقَالَ ابْن الإفليلي إِذا كَانَ شم الرّوح أقرب الْأَشْيَاء مِنْكُم وأنفذها بالدنو إِلَيْكُم وتيقنت أَن الرياض فِي تبدلكم مَنَازِلكُمْ والمياه الَّتِي تقاربها مواردكم لما يُوجب لكم علو الْحَال من الْحُلُول فِي كرائم الأَرْض فَلَا برحتي رَوْضَة تذكرني مَنَازِلكُمْ وَقبُول أتنسم مِنْهُ ريح أفقكم وَأَشَارَ بِذكر الْقبُول إِلَى أَن رحْلَة أحبته إِلَى جِهَة الشرق وَقَالَ ابْن وَكِيع هَذَا مَأْخُوذ من قَول البحتري (إذَا خَطَرَتْ رِياحٌ جانِبَيْها ... كمَا خَطَرَتْ عَلى الرَّوْضِ القَبُولُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَلَيْسَ فِي الْبَيْت سوى ذكر الرَّوْض وَالْقَبُول 6 - الْإِعْرَاب نصب تذكرا على الْحَال أَي متذكرا فَأَقَامَ الْمصدر مقَام اسْم الْفَاعِل أَي شَرْقي بِالْمَاءِ متذكرا لكذا وَكَذَا أَي فِي هَذِه الْحَال كَقَوْلِك أَخطب مَا يكون الْأَمِير قَائِما أَي فِي حَال قِيَامه وَقَالَ الْخَطِيب نَصبه على الْمصدر وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا من أَجله أَي لتذكري وَيجوز رَفعه على أَنه خبر شَرْقي الْغَرِيب الشرق الاختناق بِالْمَاءِ أَو بالريق أَو بِالنَّفسِ الْمَعْنى يَقُول وَمَا أشرق بِالْمَاءِ إِلَّا لعلمي أَن أهل الحبيب الراحلين بِهِ وَقَومه الحافظين لَهُ يعتمدون مَاء ينزلون بِهِ ويستقرون بمنهل يحلونه فيهيج لي المَاء تذكر حُلُوله وأغص بِهِ أسفا على رحيله لِأَنِّي أذكر ذَلِك المَاء الَّذِي هم نزُول بِهِ فَلَا يسوغ لي المَاء 7 - الْمَعْنى يُرِيد وصف مَوضِع من يُحِبهُ من الرّفْعَة وَمَا هُوَ بسبيله من الْعِزّ والمنعة فَقَالَ يحرم هَذَا المَاء الَّذِي يردهُ لمع أسنة قومه المحتلين بِهِ وَامْتِنَاع جهتهم واحتداد شوكتهم فَلَيْسَ لظمآن وُصُول إِلَيْهِ وَلَا لوارد طمع فِيهِ وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن محبوبه مَمْنُوع مِنْهُ على الْقرب والبعد فَلَا يقدر على زيارته 8 - الْغَرِيب الدَّلِيل مَا يسْتَدلّ بِهِ وَالدَّلِيل الدَّال ودله يدله دلَالَة وَدلَالَة ودلولة وَالْفَتْح أفْصح وَأنْشد أَبُو عبيد (إنَّي امْرُؤٌ بالطُّرْقِ ذُو دَلالاتِ ... ) الْمَعْنى أَنه استطال ليله فَقَالَ مشتكيا لسهره وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من شدَّة كمده أما فِي النُّجُوم وَغَيرهَا مِمَّا يعرف بِهِ أَوْقَات اللَّيْل دَلِيل يدلني على ضوء الصَّباح وتدانيه وانصرام اللَّيْل وتقاضيه 9 - الْإِعْرَاب نصب فتظهر لِأَنَّهُ جَوَاب اسْتِفْهَام بِالْفَاءِ الْمَعْنى أَنه خَاطب محبوبته فَقَالَ ألم ير هَذَا اللَّيْل الْجَلِيل خطبه الْمُتَّصِل طوله عَيْنَيْك كَمَا رأيتهما وَيشْهد مَا شهدته من سحرهما فيقل مِنْهُ مَا كثر وَيقصر مِنْهُ مَا طَال ويرق لمن سحرتاه ويلقى من الضعْف والنحول مَا أَلْقَاهُ فينجلي عني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 - الْغَرِيب درب الْقلَّة مَوضِع بِبِلَاد الرّوم والكمد الْحزن الْمَعْنى يَقُول لقِيت بِهَذَا الْموضع الْفجْر لقية على حَال من الْبَهْجَة وسبيل من الْغِبْطَة شفت حزني بتطاول اللَّيْل وأظهرتني عَلَيْهِ بِالْخرُوجِ عَنهُ وَهُوَ كالقتيل الَّذِي نقضت مدَّته وَسَقَطت عَمَّن يحذرهُ مُؤْنَته قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن مَعْنَاهُ فَقَالَ وافينا الْقلَّة وَقت السحر فَكَأَنِّي لقِيت بهَا الْفجْر ثمَّ سرنا صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم إِلَى الْعَصْر أَرْبَعِينَ ميلًا وشننا الغارات وغنمنا وشفيت كمدى لانحسار اللَّيْل عني وَاللَّيْل قَتِيل فِي ذَلِك الْموضع فَكَأَن النَّهَار لما أشرق بضوئه على اللَّيْل قَتله وظفر بِهِ وَقد أَخذ هَذَا الْمَعْنى بَعضهم فكشفه بقوله (وَلَّما رأيتُ الصًّبحَ قَدْ سَلَّ سَيْفَهُ ... وَوَلَّى انْهِزَاما لَيْلُهُ وكَوَاكِبُهُ) (وَلاحَ احْمِرارٌ قُلْتُ قَدْ ذُبِحَ الدُّجَى ... وَهَذا دَمٌ قدْ ضَمَّخَ الأرْضَ ساكِبُهْ) الْإِعْرَاب نصب يَوْمًا عطفا على مَعْمُول لقِيت الْمَعْنى يُخَاطب محبوبته وَيَقُول لقِيت بِهَذَا الْموضع يَوْمًا على هَذِه اللَّيْلَة تناهت بهجته وراق منظره حَتَّى كَأَن حسنه عَلامَة توجهينها وَكَأن الشَّمْس فِيهِ رَسُول مِنْك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لما ثار الْغُبَار ستر الشَّمْس فَكَأَنَّهَا رَسُول من محبوبته مستخف وَهَذَا الْمَعْنى من أحسن الْكَلَام قَالَ وَفِي مَعْنَاهُ قَول الآخر (إذَا طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهارِ فإنَّها ... أمارَةُ تَسْلِيمي عَلَيْكِ فَسلِّمي) 12 - الْغَرِيب آثَار افتعل من الثأر وَأَصله الْهَمْز والذحول جمع ذحل وَهُوَ الحقد والعداوة الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى لَوْلَا سيف الدولة مَا وصلت إِلَى درب الْقلَّة حَتَّى شفيت نَفسِي من اللَّيْل بملاقاة الْفجْر قَالَ ابْن فورجة هَذِه الأبيات من محَاسِن هَذِه القصيدة وَإِذا توبع فِيهَا أَبُو الْفَتْح ضَاعَت وَبَطلَت أفترى أَبَا الطّيب لَوْلَا سيف الدولة لما أصبح ليله وَلما لقى الْفجْر وَلَو لم يصل إِلَى درب الْقلَّة لما شفي عشقه فَأَي قائدة للعاشق فِي الْوُصُول إِلَى درب الْقلَّة وَقد خلط أَبُو الطّيب فِي هَذِه الأبيات تشبيبا بتقريظ وغرضه أَن يصف يَوْم ظفر سيف الدولة بالْحسنِ وَالطّيب وَيذكر سوء صَنِيع اللَّيْل عِنْده فِيمَا مضى وَأَرَادَ بقوله وَاللَّيْل فِيهِ قَتِيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 حمرَة الشَّفق فَكَأَنَّهُ دم فَلَمَّا لقِيه كَذَلِك شمت بِهِ لطول مَا قاسى من همه وَجعل حسن الْيَوْم وَهُوَ ظفر سيف الدولة بسروره بِهِ كالعلامة الَّتِي جَاءَت من المحبوبة وَالشَّمْس كرسولها لشدَّة الجدل بطلوعها ثمَّ ادّعى أَن سيف الدولة قتل اللَّيْل وأثار لأبي الطّيب على مَا جرت بِهِ الْعَادة من نِسْبَة الغرائب إِلَى الممدوحين وَإِن كَانَت من الْمحَال بدل عَلَيْهِ قَوْله الْبَيْت بعده 13 - الْغَرِيب تروق تعجب وتهول تفزع الْمَعْنى يَقُول سيف الدولة يَأْتِي بِكُل غَرِيبَة فِي مجده وَبِكُل نادرة فِي كرمه فيروق ذَلِك ويعجب ويهول ويفزع ويسلى من شهده عَمَّا سواهُ وينسيه مَا لقِيه وقاساه 14 - الْغَرِيب الدَّرْب الْمدْخل إِلَى أَرض الْعَدو والجرد القصيرة شعر الْجلد وَهُوَ من شَوَاهِد الْكَرم لَهَا والجياد جمع جيد على غير قِيَاس وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ الْمَعْنى يَقُول قَامَت لَهُم الْخُيُول مقَام السِّهَام فِي السرعة والمضاء وَلم يعلمُوا أَن خيلا تسرع إِلَيْهِم إسراع السِّهَام وَالْمعْنَى أَنه رمى درب الرّوم مقدما عَلَيْهِم وغاديا إِلَيْهِم بكتائب بكتائب خيله ومواكب جَيْشه فَصَارَت كالسهام مسرعة ونفذت منافذها وَلم تعلم الرّوم قبل ذَلِك أَن من الْخَيل مَا يفعل فعل هَذِه وَلَا أَن مِنْهَا مَا يسير مثل هَذَا السّير فِي الْإِسْرَاع 15 - الْإِعْرَاب شوائل حَال من الجرد وَالضَّمِير فِي تَحْتَهُ يعود على القنا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَلَا يمْتَنع أَن يرجع إِلَى الممدوح الْغَرِيب الشوائل الَّتِي ترفع أذنابها عِنْد الجري وَهُوَ دَلِيل على قوتها والمرح لعب يتبعهُ النشاط وَقد مرح بِالْكَسْرِ فَهُوَ مرح ومريح بِالتَّشْدِيدِ مثل سكير وأمرحه غَيره وَالِاسْم المراح بِكَسْر الْمِيم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح شبه القنا مَعَ الْخَيل بأذناب العقارب إِذا شالت بهَا والتشوال بِمَنْزِلَة التمساء يُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة وَالْكَثْرَة وَكَذَا نَقله الواحدي حرفا حرفا وَالْمعْنَى أَنه يُشِير إِلَى سرعَة سَيرهَا وَكَثْرَة جريها ورفعها الأذناب فِي ذَلِك الجري وَهُوَ دَلِيل على كرمها وَقُوَّة ظهرهَا والتشوال أَكثر مَا يكون فِي الْخَيل عِنْد الجري ثمَّ دلّ على نشاطها بمراحها وعَلى عزة أَنْفسهَا بصهيلها وَقَالَ ابْن وَكِيع وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول كثير (وَهُمْ يَضْرِبونَ الصَّفَّ حَتَّى تَبَيَّنُوا ... وَهُمْ يَرْجِعُونَ الخَيْلَ جْمَّا قُرُوُنها) وَلَيْسَ فِيهِ من معنى المتنبي شَيْء وَلَا يلم بِهِ أبدا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 - الْغَرِيب حران بَلْدَة من بِلَاد الجزيرة بِالْقربِ من الرقة والتلبية الْإِجَابَة والنصول جمع نصل وَهِي السيوف الْمَعْنى يَقُول وَمَا هِيَ يُرِيد هَذِه الْغَزْوَة الَّتِي رمى بهَا أَرض الْعَدو إِلَّا خطرة عرضت لسيف الدولة يُشِير إِلَى أَنَّهَا كَانَت مَعَ جلالتها وعظمتها عَن بديهة وفعلها مَعَ احتفالها عَن غير روية فلبتها القنا والنصول واقترن بهَا الصنع الْجَمِيل 17 - الْغَرِيب الْهمام الْملك ذُو الهمة وهم أَرَادَ فعل الْأَمر والهموم الإرادات والأرعن الْجَيْش الْكثير الفضول لَهُ رعون كرعون الْجبَال وَهِي أنف الْجبَال الْمَعْنى هُوَ همام إِذا بِأَمْر فعله وَمَا أَرَادَهُ أنفذه بِجَيْش حافل وَجمع غَالب يقدمهُ إِلَى الْأَعْدَاء ويقصدهم بِهِ فِيهِ حتفهم وهلاكهم ويطؤهم الْمَوْت اثقل وَطْأَة ويصرعهم أَشد صرعة 18 - الْإِعْرَاب وخيل عطف على قَوْله بأرعن أَي وبخيل وَأَرَادَ نقِيل فِيهَا فَحذف لدلَالَة الأولى على الثَّانِيَة الْغَرِيب براها أهزلها وأضعفها والتعريس نزُول الركب آخر اللَّيْل للاستراحة والقائلة مَعْرُوفَة وَهُوَ النُّزُول فِي الهاجرة الْمَعْنى يَقُول وبخيل تضمنها ذَلِك الْجَيْش براها لما يحملهَا من الركض ويكلفها من السّير فِي بِلَاد يفتحها إِلَى الْعَدو وَلَا تقيل فِيهَا وتسير وَلَا تستريح 19 - الْغَرِيب دلوك وصنجة بلدان من بِلَاد الرّوم والطود الْجَبَل والرعيل الْجَمَاعَة من النَّاس وَالْخَيْل وَقيل الرَّعْلَة والرعيل الْقطعَة من الْخَيل وَالْجمع رعال قَالَ طرفَة (ذُلُقٌ فِي غارَةٍ مَسْفُوحةٍ ... كَرِعالِ الطَّيْرِ أسْرابا تَمُرْ) واسترعل خرج فِي أول الرعيل الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما بلغ هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ انتشرت جيوشه وبدت لَهُ فِي كل جبل راية ماثلة يتلوها جمَاعَة ناهضة 20 - الْمَعْنى يَقُول سلك هَذَا الْجَيْش إِلَى الرّوم على طرق فحرف الْجَرّ يتَعَلَّق بِمَحْذُوف أَي سلك إِلَى الرّوم على طرق كَانَت ممتنعة لَا تسلك ومجهولة لَا تعرف فَكَانَت مُرْتَفعَة على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 الطّرق مشرفة على سَائِر السبل وَفِي ذكرهَا عِنْد النَّاس خمول لجهلهم بهَا وَقلة سلوكهم لَهَا وَلها رفْعَة على الطّرق لِأَنَّهَا فِي رُءُوس الْجبَال 21 - الْإِعْرَاب نصب قباحا صفة لمغيرة الْمَعْنى يَقُول فجأتهم هَذِه الْخَيل فَلم يشعروا بهَا إِلَّا مُغيرَة عَلَيْهِم قباحا أَعينهم لسوء فعلهَا بهم وَهِي مَعَ ذَلِك جميلَة فِي خلقهَا متناهية فِي حسنها 22 - الْإِعْرَاب سحائب نَصبه على الْبَدَل من قباح قَالَه أَبُو الْفَتْح وَيجوز على الْبَدَل من ضمير رأوها الْمَعْنى جعل خيله كالسحائب لما فِيهَا من بريق الأسلحة وأصوات الفرسان وَجعل مطرها الْحَدِيد لِأَنَّهَا تنصب عَلَيْهِم بِالسُّيُوفِ والأسنة وَلما جعل الْحَدِيد مَطَرا جعل الْمَكَان الَّذِي يَقع بِهِ مغسولا بِهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يَعْنِي بالسحاب الْغُبَار الثائر وَيكون فِي الْكَلَام حذف أَي رَأَوْا وَالْمعْنَى أَنه وصف خيله بِالْكَثْرَةِ فَقَالَ سحائب تمطر الْحَدِيد عَلَيْهِم وتعمل السِّلَاح فيهم فَكل مَكَان تغسله السيوف بِمَا تسفكه من الدِّمَاء وتغشاه بِمَا تحدثه من الْقَتْل 23 - الْغَرِيب الانتحاب الْبكاء وعرقة مَوضِع بِبِلَاد الرّوم والثاكلات جمع ثاكل وَهِي الَّتِي فقدت ولدا أَو بعلا أَو أَبَا أَو أَخا الْمَعْنى الْجَوَارِي اللَّاتِي سبين من الرّوم بِهَذَا الْموضع يبْكين بعولهن مفجعات قد شققْنَ جُيُوبهنَّ وفرقن شعورهن وثيابهن فَعَادَت جُيُوبهنَّ لسعتها ذيولا تسحب 24 - الْغَرِيب موزار مَوضِع بِبِلَاد الرّوم والقفول الرُّجُوع وَمِنْه الحَدِيث كَانَ إِذا قفل من غَزْو وقفل يقفل بِالضَّمِّ والقافلة الرّفْقَة الراجعة من السّفر الْمَعْنى لما عَادَتْ خيل سيف الدولة ظَنّهَا الرّوم قافلة منصرفة بموزار وَلَيْسَ لَهَا قفول إِلَّا الدُّخُول إِلَيْهِم والاقتحام عَلَيْهِم فَكَانَ عودتها إِلَى موزار بِخِلَاف مَا ظنوه وَبِغير مَا احتسبوه 25 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي كَأَنَّهُ يعود على الْمصدر والنجيع الدَّم الضَّارِب إِلَى السوَاد وَقَالَ الْأَصْمَعِي هُوَ دم الْجوف خَاصَّة وَالْكَفِيل الضَّامِن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 الْمَعْنى يَقُول خاضت هَذِه الْخَيل بموزار الدَّم الَّذِي سفكت من الرّوم خوضا كَأَنَّهُ يكفل بِظَاهِر الْغَلَبَة فِيهِ واقتران النَّصْر بِهِ مَا خاضته بعد ذَلِك من دِمَائِهِمْ وهزمته من جيوشهم لِأَن من رأى ذَلِك الْخَوْض علم أَنه لَا يتَعَذَّر عَلَيْهَا خوض دم غَيره 26 - الْغَرِيب الطلول مَا بقى من أثار الديار الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه الْخَيل تسير مَعَ النيرَان الَّتِي تضرمها فِي ديار الرّوم فِي كل مَسْلَك أَهله صرعى بِالْقَتْلِ ومنازله طلول بالخراب يُشِير إِلَى مَا أحدثته هَذِه الْخَيل فِي بِلَاد الرّوم من إحراق شجرهم وَهدم دِيَارهمْ وَكَثْرَة الْقَتْل فيهم 27 - الْغَرِيب ملطية مَدِينَة مَعْرُوفَة من بِلَاد الرّوم وَغَيرهَا لِأَنَّهَا أَعْجَمِيَّة وَالِاسْم الأعجمي إِذا وَقع إِلَى الْعَرَب غيرته وَسكن الطَّاء لإِقَامَة الْوَزْن والثكول الَّتِي تفقد أَوْلَادهَا الْمَعْنى يَقُول كرت هَذِه الْخَيل فمرت فِي دِمَاء أهل ملطية فَأخْبر عَن الْبَلَد كَمَا يخبر عَن أَهله كَقَوْلِه تَعَالَى {واسأل الْقرْيَة} أَي أهل الْقرْيَة يُرِيد أَنَّهَا خاضت فِي دِمَائِهِمْ الَّتِي سفكت وَجعلهَا أما لأَهْلهَا وهم كالبنين لَهَا وَقد فقدتهم حِين قتلوا 28 - الْغَرِيب قباقب اسْم نهر بِبَلَد الرّوم الْمَعْنى يَقُول أضعفت هَذِه الْخَيل هَذَا النَّهر عِنْد عبوره بِشدَّة تزاحمها فِيهِ وَكَثْرَة ترادفها عَلَيْهِ فأضحى مَاؤُهُ كالعليل السَّاقِط الْقُوَّة فَجعلت جري مَائه ضَعِيفا وَالْمعْنَى أضعفت الْخَيل المَاء الَّذِي كلفت قطعه 29 - الْمَعْنى يَقُول لما عبرت الْخَيل الْفُرَات راعته كَثْرَة الْخَيل أَي ذعرته وأخافته وأفزعته حَتَّى كَأَنَّمَا يخر عَلَيْهِ من جماعات الرِّجَال سيول طارقة وأمواج بَحر متلاطمة واستعار للفرات قلبا 30 - الْغَرِيب السابح الْفرس الَّذِي يمد يَدَيْهِ وَعمرَة المَاء مجتمعه ومعظمه والمسيل مجْرى مَاء الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول يطارد موج هَذَا النَّهر كل سابح من الْخَيل سَوَاء عِنْده الغمرة والمسيل وَالْكثير والقليل يُشِير إِلَى مَا على هَذِه الْخَيل من شدَّة الْأَمر وَمَا بلغته من قُوَّة الْخلق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 - الْغَرِيب التليل الْعُنُق الْمَعْنى يُرِيد أَن الْفرس إِذا سبح فِي المَاء لم يظْهر مِنْهُ إِلَّا الرَّأْس والعنق وَالْمعْنَى ترى ذَلِك السابح فِي الْفُرَات لِكَثْرَة مَائه وَتعذر خوضه قد استتر جِسْمه وخفى أَكْثَره حَتَّى كَأَن المَاء مر بِنَفسِهِ إِلَّا الْقَلِيل وَهُوَ الرَّأْس والعنق 32 - الْغَرِيب هنزيط وسمنين موضعان فِي بِلَاد الرّوم والظبا جمع ظبة وَهِي السيوف الْمَعْنى يَقُول فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ للسيوف والرماح بديل مِمَّن قتلته وَالْمعْنَى أَن وقائع هَذِه الْخَيل فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ مُتَّصِلَة على الرّوم فَكلما غمرتهم مِنْهَا طَائِفَة أفنتهم هَذِه الْخَيل بوقائعها فيهم وإعارتها عَلَيْهِم 33 - الْغَرِيب الْغرَر جمع غرَّة وَهِي الَّتِي تكون فِي وَجه الْفرس والحجول بَيَاض يكون فِي قَوَائِمهَا الْمَعْنى طلعت هَذِه الْخَيل بِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ من الرّوم طلعة قد 9 عرفُوا مثلهَا وعهدوا مَا يشبهها بجلالتها وعظمتها وشهرتها وَلها غرر لَا تخفي بهَا وحجول لَا تستتر مَعهَا 34 - الْغَرِيب الشم الطوَال المرتفعة الْعَالِيَة الْمَعْنى يَقُول تمل الْحُصُون المستعلية مداومتنا لقتالها وملازمتنا لحصارها فيسهل لنا الظفر بهَا وَلَا تمْتَنع عَمَّا نحاوله من هدمها وتصبح كالزائلة بِتَغَيُّر بنيتها واستحالة هنيئتها 35 - الْغَرِيب حصن الران حصن من حصون الرّوم ورزحي تعبة كليلة والرزاح من الْإِبِل الْهَالِك هزالًا وَقد رزحت النَّاقة ترزح رزوحا ورزاحا سَقَطت من الأعباء هزالًا ورزحتها أَنا ترزيحا وإبل رزحي ورزاحي ومرازيح ورزح الْمَعْنى يَقُول باتت خيل سيف الدولة فِي هَذَا الْموضع تعبة بِمَا لاقته من سفرها وَمَا عاينته من شدَّة تعبها وَقد خضع ملك الرّوم وَقَومه لسيف الدولة فذل عزيزهم ودان منيعهم واعترف بعبوديته كَبِيرهمْ وصغيرهم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح اعتذر لَهَا فَقَالَ لم يلْحقهَا ذَاك لِضعْفِهَا وَلَكِن الْأَمِير كلفها من همته صعبا فذلت لَهُ وَإِن كَانَت عزيزة قَوِيَّة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي خلاه لسيف الدولة وموضعه نصب بخلا الْمَعْنى يُرِيد من شدَّة مَا لاقوا فِي هَذِه الْغَزْوَة فِي كل نفس من نفوس الْجَيْش ملالة مَا خلا سيف الدولة فَإِنَّهُ لَا يفتر وَلَا يمل وَلَا يكسل وَكَذَلِكَ كل سيف فِي ذَلِك الْجَيْش قد فَلهُ الضَّرْب وأوهنه الجلاد وَهُوَ السَّيْف الَّذِي لَا ينبو عَن ضريبته وَلَا يضيق عَن جمل عَظمته 37 - الْغَرِيب سميساط بلد من بِلَاد الرّوم والمطامير جمع مطمورة وَهِي حُفْرَة غائرة فِي الأَرْض والملا الفلاة والهجول جمع هجل وَهُوَ المطمئن من الأَرْض قَالَ أَبُو زبيد (نَحِنُّ للظِّمْءِ مِمَّا قَدْ أَلَمَّ بِهَا ... بالهَجْلِ مِنْها كأصْوَاتِ الزَّنابِيرِ) الْمَعْنى يُرِيد لما ورد الْخَبَر عَلَيْهِ بِخُرُوج الرّوم إِلَى بِلَاد الْمُسلمين فأتبعهم وأوقع بهم فَيَقُول وَدون سميساط الَّتِي حل فِيهَا جَيش سيف الدولة مَا اعْتَرَضَهُمْ من المطامير الَّتِي سلكوا بَينهَا والفلاة الَّتِي قطعُوا بعْدهَا وَمَا سلكوا بعد ذَلِك من الأودية المجهولة والهجول الْمُتَّصِلَة 38 - الْغَرِيب مرعش حصن من حصون الرّوم ولبسن الدجى سرن فِي الظلام وَهُوَ من قَول ذِي الرمة (فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ ... الْبَيْت) الْمَعْنى يُرِيد أَن سيف الدولة لما نزل بحصن الران ورد عَلَيْهِ الْخَبَر أَن الرّوم خَرجُوا إِلَى بِلَاد الْمُسلمين يقتلُون ويفسدون فَرجع إِلَيْهِم مسرعا فَقتل مِنْهُم خلقا كثيرا واسر قسطنطين بن دمستق وجرح إِيَّاه فِي وَجهه فَهَذَا معنى قَوْله وللروم خطب جليل بِمَا فعلوا فِي الْبِلَاد فَذكر أَن الْخَيل لبست الدجى فِي سَيرهَا إِلَى الْعَدو تسرع وتخب نحوهم وتوضع حَتَّى أَتَت أَرض مرعش وخطب الرّوم جليل فِي الْبِلَاد مستشنع ومخوف متوقع وَقَالَ الواحدي يُرِيد أَن الأَرْض الرّوم خطبا جَلِيلًا لِأَن الْوُصُول إِلَيْهَا صَعب لتعذر الطَّرِيق إِلَيْهَا ولشدة شَوْكَة أَهلهَا وَقد داسها سيف الدولة بحوافر خيله وذلل أَهلهَا 39 - الْغَرِيب الفضول الزَّوَائِد الَّتِي لَا حَاجَة إِلَيْهَا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ جمع فضل وَقد أبدلته الْعَامَّة فَجَعَلته عبارَة عَن الدُّخُول فِيمَا لَا يَعْنِي الْإِنْسَان وَإِنَّمَا هُوَ تَشْبِيه لَهُ بِغَيْرِهِ وَنقل لَهُ عَن مَوْضِعه وَمِنْه قَول الرَّاعِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 (مِنْ نِعْمَةِ الرَّحَمنِ لامِن حِسلَتِس حليتي ... أّني أُعُدُّ لَهُ عَلَّى فُضُولاً) الْمَعْنى يَقُول إِن الرّوم لما رَأَوْا سيف الدولة يقدم جَيْشه ويقود جمعه دروا أَن الْعَالمين بعده فضول زَائِدَة ونوافل سَاقِطَة وَأَنه يَسْتَغْنِي بِنَفسِهِ وَلَا يفْتَقر إِلَى جَيْشه 40 - الْغَرِيب الْخط مَوضِع بِالْيَمَامَةِ وَهُوَ خطّ هجر تنْسب إِلَيْهِ الرماح الخطية والكليل الَّذِي لَا يقطع الْمَعْنى علمُوا أَن الرماح لَا تصل إِلَيْهِ وَأَن السيوف تكل عَنهُ إِمَّا لِأَنَّهَا تنْدَفع دونه لعزته ومنعته وَإِمَّا لِأَن هيبته تمنع الضَّارِب والطاعن وَهَذَا إِشَارَة إِلَى إحجام الضاربين والطاعنين واعتصامهم بالفرار مِنْهُ 41 - الْغَرِيب الحصان الْفَحْل من الْخَيل والجزيل الْكثير الْمَعْنى يُشِير إِلَى لحاق سيف الدولة بالروم وإيقاعه بهم فصيرهم موردا لصدر حصانه ونهبه لحد سَيْفه فَتى بأسه شَدِيد بَالغ كَمَا أَن إعطاءه كثير فبأسه يماثل جوده وإقدامه يشاكل فَضله 42 - الْغَرِيب العلات الْعَوَائِق والدارعون جمع دارع وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدرْع مثل لِأَبْنِ وتامر الْمَعْنى يَقُول جواد على الْعَوَائِق المعترضة بضروب مَاله كُله لَا يستأثر بِشَيْء من ذَلِك وَلَا وَلَا يدخره وَلَا يمسِكهُ وَلكنه ضنين بفرسانه بخيل شَدِيد الْبُخْل بِأَصْحَابِهِ وَقَالَ الواحدي إِن جعلنَا الدارعين من الْأَعْدَاء كَانَ الْمَعْنى أَنه يقتلهُمْ وَلَا يجود بهم عَلَيْهِم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وبخله بالدارعين أَنه يقتلهُمْ بِنَفسِهِ أَو يسلبهم أَو يحميهم اصطناعا 43 - الْغَرِيب الفل المنهزم والحزن مَا غلظ من الأَرْض وَهُوَ ضد السهل وَالْبيض جمع بَيْضَة وَهُوَ مَا ستر الرَّأْس من حَدِيد الْمَعْنى يُرِيد أَنه ودع قتلاهم عِنْد تَركهم وَتبع مهزميهم عِنْد هَرَبهمْ بِضَرْب شَدِيد وجلاد وَكيد يكسر الْبيض فِي رُءُوس الفرسان فَيجْعَل مَا علا مِنْهَا وارتفع كَالَّذي انخفض فَلَا تَدْفَعهُ الْبيض عَن الرُّءُوس فَكَأَن الْحزن مِنْهَا سهل لذَلِك الضَّرْب وطابق بَين التوديع والتشييع والحزن والسهل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 - الْغَرِيب قسطنطين هُوَ ابْن الدمستق مقدم الرّوم والكبول جمع كبل وَهُوَ الْقَيْد الضخم كبلت الْأَسير وكبلته إِذا قيدته فَهُوَ مكبول ومكبل الْمَعْنى يَقُول على قلب ابْن الدمستق من ذَلِك الضَّرْب تعجب شاغل وروع غَالب وَإِن كَانَ مَشْغُولًا بالقيد وَذَلِكَ لَا يمنعهُ من التَّعَجُّب مِمَّا يرى من شجاعة سيف الدولة وَقَالَ الْخَطِيب لما أسر سيف الدولة قسطنطين أكْرمه وَأقَام عِنْده بحلب مُدَّة فَمَاتَ فَاغْتَمَّ لذَلِك سيف الدولة فَلَمَّا بلغ مَوته أَبَاهُ دخلت الرّوم الجيوش الَّتِي فِيهَا الْمُسلمُونَ وَقتلُوا جمَاعَة فَكَانَ سيف الدولة يعيب عَلَيْهِم ذَلِك لأَنهم ظنُّوا أَنه سقَاهُ وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ظنُّوا 45 - الْغَرِيب الدمستق هُوَ أَمِير الرّوم الْمَعْنى أَنه يهدده يَقُول لَعَلَّك يَوْمًا تعود إِلَى مواقعة سيف الدولة فيحيق بك الْهَلَاك الَّذِي استدفعته بفرارك فَرب هارب منا يَئُول إِلَيْهِ ويتخلص مِمَّا يُورِدهُ الْحِين فِيهِ الْمَعْنى قد يهرب الْإِنْسَان مِمَّا يعود إِلَيْهِ قَالَ ابْن وَكِيع وَهَذَا مِمَّا نقل من قَول ابْن الرُّومِي (وَإذَا خَشِيتَ مِنَ الأُمُورِ مُقَدَّراً ... وَهَرَبْتَ مِنْهُ فَنَحْوَهُ تتوَجَّهُ) 46 - الْغَرِيب المهجة الجريحة الدمستق والسائلة ابْنه الْمَعْنى يُرِيد أَن الدمستق ضرب فِي وَجهه فِي هَذِه الْوَقْعَة فَمضى هَارِبا واسر ابْنه فَجعل مهجته مجروحة وَإِن كَانَت الْجراحَة لَا تكون إِلَّا فِي الْبدن لِأَنَّهَا تسرى إِلَى الرّوح وَقَوله تسيل قَالَ أَبُو الْفَتْح يَعْنِي أَن ابْنه يذوب فِي الْقَيْد هما وغما وَقَالَ الواحدي لَيْسَ قَول أبي الْفَتْح بِشَيْء وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه يقتل فيسيل دَمه وَالْمعْنَى أَنه يُخَاطب الدمستق فَيَقُول أَنْت وابنك كالشيء الْوَاحِد ومهجتاكما كالمهجة المفردة وَإِن كنت نجوت بمهجتك بعد الْجرْح الَّذِي نالك وخزى الْفِرَار الَّذِي لحقك فقد تركت مهجتك الثَّانِيَة فِي قبض الْأسر سَائِلَة ولحقيقة الْهَلَاك مُبَاشرَة فَمَا أدْرك ابْنك فقد أدركك وَمَا لحقه فقد لحقك 47 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وتوبيخ وهاربا حَال من الْمُخَاطب الْغَرِيب الخطية منسوبة إِلَى الْخط مَوضِع بِالْيَمَامَةِ الْمَعْنى يَقُول للدمستق أتسلم ابْنك للرماح هَارِبا عَنهُ وتتركه فِي قَبْضَة الْأسر متبرئا مِنْهُ ويسكن إِلَيْك بعد هَذَا خَلِيل تألفه وتسر بعيش تستأنفه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 - الْغَرِيب المرشة الطعنة الَّتِي يرش مِنْهَا الدَّم إرشاشا والرنة الصَّوْت بالبكاء والعويل الْبكاء الْمَعْنى يَقُول أَنْت عَاجز عَن نَفسك فَكيف لَك بنصر ابْنك وبوجهك من الْجِرَاحَات الَّتِي لحقتك والآلام الموجعة الَّتِي لازمتك مَا أنساك فَقده وَسَهل عَلَيْك أمره ونصيرك المداومة للرنين والملازمة للعويل 49 - الْمَعْنى يَقُول أغركم احتفال جيوشكم وَكَثْرَة عددكم والجيوش لسيف الدولة كالغذاء الَّذِي يتقوت بِهِ ويتحكم فِي اسْتِعْمَاله فَهُوَ يشرب الجيوش ويأكلها ويتلفها ويهلكها وَالْأكل وَالشرب ذكرهمَا على سَبِيل الِاسْتِعَارَة وَهُوَ ينظر فِيهِ إِلَى قَول أبي نواس (فإنْ يَكُ بَاقِي إفْكِ فِرْعَوْنَ فيكُم ... فإنَّ عَصَا مُوسَى بِكَفّ خَصِيبِ) 50 - الْغَرِيب غذاه صَار لَهُ غذَاء وَالضَّمِير رَاجع إِلَى اللَّيْث والفيل مَعْرُوف وَهُوَ عَظِيم الْخلقَة الْمَعْنى هَذَا مثل ضربه للروم يَقُول إِن كُنْتُم أَكثر عددا فَإِن الظفر لَهُ دونكم فَلَا ينفعكم كثرتكم كالفيل مَعَ اللَّيْث فَإِن الْفِيل لَا يَنْفَعهُ عظمه إِذا صَار فريسة للأسد 51 - الْمَعْنى إِذا لم تدخلك الشجَاعَة فِي الطعْن لم يدْخلك فِيهِ العذل يَعْنِي أَن التحريك لَا يُحَرك الجبان وَالْمعْنَى إِذا لم تدخلك فِيهِ شجاعة هِيَ الطعْن وَبهَا يكون الْبَطْش وَالْفِعْل لم يدْخلك فِيهِ عاذل يعذلك على الْجُبْن ويستقسرك على قَبِيح الْفِعْل لِأَن الْخلق غَالب والطباع للْإنْسَان لَازِمَة 52 - الْغَرِيب الصولة حَملَة الباطش وصال عَلَيْهِ إِذا استطال وصال عَلَيْهِ وثب صولا وصولة يُقَال رب قَول أَشد من صول والمصاولة المواثبة وَكَذَلِكَ الصيال والصيالة والفحلان يتصاولان أَي يتواثبان الْمَعْنى يَقُول إِن تكن الْأَيَّام أَبْصرت وقائع سيف الدولة وبطشه فقد علمهَا من ذَلِك مَا لم تعلمه وكشف لَهَا مَا لم تعرفه ونهج لَهَا سَبِيل الصول وَالْقُدْرَة ونبهها على حقائق الْغَلَبَة مَعَ أَن هَذِه الْأَحْوَال إِلَى الْأَيَّام تنْسب وآثارها فِيهَا تمثل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 - الْمَعْنى يَقُول فدتك مُلُوك تروم مشابهتك وَلم تسم سيوفا مواضي فتماثلك فِي اسْمك وتعادلك فِي قدرك فَإنَّك السَّيْف اسْما وَحَقِيقَة وتلقبا وَحدك ماضي الشفرتين صقيل الصفحتين 54 - الْغَرِيب البوق هُوَ الَّذِي ينْفخ فِيهِ وَأنْشد الْأَصْمَعِي (زَمْرَ النَّصَارَى زَمَرَتْ فِي البُوقِ ... ) الْبَاطِل وَمِنْه قَول حسان بن ثَابت (يَا قاتَلَ اللهُ قَوْما كانَ شأْنُهُمُ ... قَتْلَ الإمامِ الأمينِ المُسْلمِ الفُطنِ) (مَا قَتَلُوهُ عَلى ذَنْبٍ أَلَّمَّ بِهِ ... إلاَّ الَّذي نطَقُوا بُوقا وَلَمْ يَكُنِ) والطبل الَّذِي يضْرب بِهِ والطبل الْخلق وَمَا أدرى أَي الطبل هُوَ أَي أَي النَّاس هُوَ قَالَ لبيد (سَتَعْلَمُونَ مَنْ خِيارُ الطَّبْلِ ... ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح عَابَ عَلَيْهِ من لَا مخبرة لَهُ بِكَلَام الْعَرَب جمع بوق وَالْقِيَاس يعضده إِذْ لَهُ نَظَائِر كَثِيرَة مثل حمام وحمامات وسرادق وسرادقات وَجَوَاب وجوابات وَهُوَ كثير فِي جمع مَالا يعقل من الْمُذكر إِذْ لَا يُوجد لَهُ مِثَال الْقلَّة الْمَعْنى انك إِذا كنت سيف الدولة فغيرك من الْمُلُوك بِالْإِضَافَة إِلَيْك بِمَنْزِلَة البوق والطبل لَا يقومُونَ مقامك وعني بِبَعْض النَّاس سيف الدولة وَهُوَ الظَّاهِر من معنى الْبَيْت وَقَالَ أَبُو الْفضل الْعَرُوضِي أَرَادَ بالبوق والطبل الشُّعَرَاء الَّذِي يَشْعُرُونَ ذكره ويذكرون فِي أشعارهم غَزَوَاته فينتشر بهم ذكره فِي النَّاس كالبوق والطبل اللَّذين هما لإعلام النَّاس بِمَا يحدث 55 - الْغَرِيب كَلَام مقول وَكلمَة مقولة الْمَعْنى يَقُول أَنا السَّابِق إِلَى مَا أبدعه فِي القَوْل الْهَادِي إِلَى مَا أغرب بِهِ من الشّعْر لَا أهتدي إِلَى ذَلِك بِمن سبقني بعمره وفاتني بتقدم عصره إِذْ كَانَ غَيْرِي من الْقَائِلين لَا يخرج عَمَّا قيل قبله وَلَا يُورد إِلَّا مَا قد قَالَه قبله غَيره وَالْمعْنَى أَنه لَا يخترع الْمعَانِي الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 - الْمَعْنى يَقُول وَمَا لكَلَام حاسدي من النَّاس فِيمَا أستريبه مِنْهُم ويتصل بِي عَنْهُم أصُول ثابته فِي الصدْق كَمَا أَن مَا لِلْقَائِلين بذلك أصُول ثَابِتَة فِي الْفضل فسقوطهم فِي أَقْوَالهم كسقوطهم فِي أَحْوَالهم وَهَذِه الْعبارَة وَإِن زَادَت على لَفظه فَهِيَ مفهومة من حَقِيقَة قَصده 57 - الْمَعْنى يَقُول أعادي على فضلي وَعلمِي وتقدمي فِي الشّعْر وَذَلِكَ مِمَّا يُوجب الْحبّ لَا الْعَدَاوَة واسكن أَنا والأفكار تجول فِي وَلَا تسكن 58 - الْمَعْنى يَقُول على سَبِيل الْمثل غير مَا يصطنعه الْحَاسِد فداوه بلطفك وَعلمه بِحِلْمِك وَأما وجع الحاسدين فَلَا طمع فِيهِ وَلَا سَبِيل للعلاج عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا حل فِي الْقلب المتخلق بِهِ ثَابت لَا يحول ودائم لَا يَزُول 59 - الْمَعْنى يَقُول لَا تطمعن فِي صدق مَوَدَّة وخلوص محبَّة مِمَّن أتقن حسده وَإِن أظهرت ذَلِك والتزمته وأبديته واعتقدته وبذلت لَهُ مَعَ ذَلِك النّيل والمشاركة والحسد دَاء لَا يبرأ مِنْهُ وَخلق لَا ينْفَصل صَاحبه عَنهُ 60 - الْمَعْنى يَقُول مخبرا عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ من الصَّبْر وَقلة الْجزع لحوادث الدَّهْر وَأَنا لنلقى الْحَوَادِث بأنفس صابرة وعزائم ثَابِتَة تستقل الرزايا الْكَثِيرَة وتحتقر الخطوب الجليلة 61 - الْمَعْنى يَقُول يهون أَن تصاب جسومنا فِي الْحَرْب وَأَن تتعرض للجراح وَالْقَتْل إِذا كَانَت أعراضنا وافرة وعقولنا سَالِمَة وَهَذَا من قَوْله الَّذِي لَا يُشَارك فِيهِ وَأَصله لحبيب (لاَ يأْسَفُونَ إذَا هُمُ سَمِنَتْ لَهُمْ ... أحْسابُهُمْ أنْ تَهْزُلَ الأعْمارُ) 62 - الْإِعْرَاب نصب تيها وفخرا على الْمصدر وتغلب من رَفعه رَفعه على النداء الْمُفْرد وَجعل ابْنة وَائِل مَنْصُوبًا بالنداء الْمُضَاف وَمن نَصبه جعله مُضَافا إِلَى وَائِل وَابْنَة بَدَلا مِنْهُ وأنث تغلب لِأَنَّهَا قَبيلَة وهم رَهْط سيف الدولة وَبكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 وتغلب ابْنا وَائِل بن قاسط وَمن ولدهما الْجُمْهُور الْأَعْظَم من ربيعَة بن نزار الْمَعْنى يَقُول لتغلب افخري وتيهي على سَائِر الْعَرَب لِأَنَّك قَبيلَة سيف الدولة فَهُوَ قبيل خير الفاخرين وَأكْرم من تدفعين بِهِ الأكرمين 63 - الْغَرِيب تغله تهلكه والغول المهلك والغول الْمنية الْمَعْنى يَقُول هُوَ يغتم إِذا مَاتَ عدوه حتف أَنفه وَلم يقْتله بِسَيْفِهِ وَرمحه مَعَ مَاله فِي ذَلِك من الْكِفَايَة وبلوغ الرَّغْبَة وَسُقُوط المئونة إِذا لم تغله أسنته وتحط بِهِ مقدرته وتهلكه وقائعه لِأَنَّهُ على يَقِين من الظفر بِهِ فَإِذا فَاتَهُ بِالْمَوْتِ سَاءَهُ ذَلِك وَظن أَنه شَيْء سبق إِلَيْهِ وَمنع من بُلُوغ المُرَاد فِيهِ 46 - الْغَرِيب الْغلُول مَا أَخذ من الْمَغَانِم قبل الْقِسْمَة وَقَالَ أَبُو عبيد الْغلُول فِي الْمغنم خَاصَّة وَلَا نرَاهُ من الْخِيَانَة وَلَا من الحقد وَمِمَّا يبين ذَلِك أَنه يُقَال من الْخِيَانَة أغل يغل وَمن الحقد غل يغل بِالْكَسْرِ وَمن الْغلُول غل يغل بِالضَّمِّ وَقد جَاءَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فِي قِرَاءَة ابْن كثير وَأبي عَمْرو وَعَاصِم قَالَ الْمُفَسِّرُونَ بِمَعْنى يخون فَهَذَا رد على قَول أبي عبيد وَفِي قِرَاءَة البَاقِينَ يغل بِفَتْح الْغَيْن مَبْنِيا للْمَفْعُول بِمَعْنى يخان وَبِمَعْنى يخون أَي ينْسب إِلَى الْغلُول الْمَعْنى يَقُول هُوَ شريك المنايا فَإِذا مَاتَ من أعدائه أحد حتف أَنفه فَإِن المنايا غَلَّته وَالْمعْنَى أَنه بِكَثْرَة مَا يحدثه من الْقَتْل ويتلفه من النُّفُوس فِي الحروب يُشَارك المنايا والنفوس لَهُ كالغنائم المختارة والأنهاب المتملكة فَكل ممات لَا يُشْرك المنايا فِيهِ يكون كالغلول الْمَأْخُوذَة على غير وَجههَا والأمور الْمَقْصُودَة على غير سَبيله يُشِير إِلَى كَثْرَة وقائعه واتصال ملاحمه 65 - الْغَرِيب الدولات الظفر وَهِي أَيْضا من دولة السُّلْطَان وَهِي بِمَعْنى الْمصدر والدولة فِي الْحَرْب أَن تدال إِحْدَى الفئتين على الْأُخْرَى والجميع الدول والدولة بِالضَّمِّ فِي المَال وبالفتح فِي الْحَرْب وأدالنا الله من عدونا من الدولة والإدالة الْغَلَبَة يُقَال اللَّهُمَّ أدلني على فلَان وَانْصُرْنِي عَلَيْهِ ودالت الْأَيَّام أَي دارت الْمَعْنى يَقُول إِن تكن الدولات أقساما تسْتَحقّ وحظوظا تستوجب فَإِن أَحَق من دَانَتْ لَهُ دولته فملكت وأسعدنه فَانْفَرد بهَا من ورد الْمَوْت الزؤام وَهُوَ العاجل غير متهيب وأقدم عَلَيْهِ غير متوقع 66 - الْغَرِيب الْبيض السيوف والكماة الشجعان والصليل امتداد الصَّوْت الْمَعْنى يَقُول الدولة تدول لمن وَطن نَفسه على الْقَتْل وَلم يمل إِلَى الدُّنْيَا بالنكوص عَن الْحَرْب وصبر على الْمَكْرُوه وَهُوَ يسمع صليل الْحَدِيد فِي رُءُوس الشجعان والأبطال تنجالد وكئوس الْمَوْت تتنازع وَأَحْكَام السيوف من الفرسان نَافِذَة وَأَصْوَاتهَا فِي رُءُوس الشجعان عالية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 - 1 الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة إِن كنت تسْأَل عَن خير الْأَنَام فَخَيرهمْ أشهرهم بالفضائل وأقعدهم بالمكارم وَخير الْأَنَام أَكْثَرهم فضلا وَهَذِه الْقطعَة من الرجز والقافية من المتدارك 2 - الْإِعْرَاب جعل وَائِل اسْما للقبيلة فَلم يصرفهُ كَقَوْل ذِي الإصبع (وَممَّنْ وَلَدُوا عَامِرُ ... ذُو الطَّوْلِ وَذُو العَرْضِ) جعله اسْما لقبيلة عَامر فَلم يصرفهُ ثمَّ قَالَ ذُو فَرجع إِلَى الْحَيّ وأوائل أَصله أواول فهمزت الْوَاو لوقوعها بعد ألف زَائِدَة وَكَذَا مَذْهَب النَّحْوِيين فِيمَا كَانَ كَذَلِك وَلَو سميت رجلا عودا أَو سُودًا لَقلت فِي الْجمع عوايد وسوايد وَإِن جمعت سيدا جمع التكسير همزت مَا بعد الْألف على رَأْي أهل الْبَصْرَة إِلَّا على رَأْي ابْن مسْعدَة فَإِنَّهُ لَا يرى الْهَمْز إِلَّا فِي أول بَابه الْغَرِيب وَائِل بن قاسط أَبُو بكر وتغلب رَهْط سيف الدولة الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا لسيف الدولة من كنت مِنْهُم يَعْنِي من الْقَبِيلَة الْمَعْرُوفَة بوائل لَهُم الْفضل والرفعة وَفِيهِمْ الْعدَد والمنعة والطاعنين أَوَائِل فِي الْحَرْب والسابقين إِلَى الطعْن وَالضَّرْب وَمن روى هَذِه الرِّوَايَة جعل أَوَائِل حَالا وَمن روى بالتعريف جعله نعتا للطاعنين وَيجوز أَن يكون مفعول الطاعنين يَعْنِي الطاعنين الفرسان الْأَوَائِل الْمُتَقَدِّمين فِي الْحَرْب وهم الْأَبْطَال والسادات والمقدمون 3 - الْغَرِيب الألفات فِي العواذلا والقبائلا والأوائلا على الرِّوَايَة الثَّانِيَة للإطلاق كَمَا قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَأَبُو بكر عَن عَاصِم بِإِثْبَات الألفات وَقفا ووصلا فِي قَوْله الظنونا والرسولا والسبيلا فِي سُورَة الْأَحْزَاب وَقَرَأَ بحذفهن فِي الْوَقْف والوصل أَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَقَرَأَ بحذفهن فِي الْوَصْل خَاصَّة ابْن كثير وَحَفْص وَالْكسَائِيّ الْمَعْنى يَقُول أَنْت من الْقَوْم الَّذين يعد لون من عذلهم على الْكَرم ويتفضلون بأوفر وَقد فضلوا الْقَبَائِل بِفَضْلِك وانفردوا بالمكارم بِمَا كسبتهم من مجدك الحديث: 188 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 - 1 الْإِعْرَاب فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير يُرِيد هَذِه الرسائل دروع وَاللَّام مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح يشاغل لَفْظَة غَرِيبَة إِلَّا أَن الْعَامَّة ابتذلها فَلَو تجنبها كَانَ أَجود وَقَوله ملك قيل هُوَ مخفف من ملك يُقَال ملك ومليك وَملك وَالْجمع مُلُوك وأملاك وَالِاسْم الْملك والموضع مملكة والرسائل جمع رِسَالَة الْمَعْنى يُخَاطب سيف الدولة يَقُول رسائل ملك الرّوم دروع تَمنعهُ وحصون تكتنفه لِأَنَّهُ يرد بهَا جيوشك عَن أرضه ويشغل بهَا عزأئمك عَن نَفسه ثمَّ فَسرهَا بعد بقوله 2 - الْغَرِيب الزرد مَعْرُوف والضافي الكثيف السابغ والفضائل جمع فَضِيلَة الْمَعْنى يَقُول هِيَ عَلَيْهِ كالزرد الَّذِي يَشْمَلهُ وَالسِّلَاح الَّذِي يعصمه وَلَكِن أَلْفَاظ تِلْكَ الرسائل فَضَائِل لَك وثناء مخلد عَلَيْك لِأَنَّهَا خضوع منع يرْتَفع بِهِ قدرك واستسلام إِلَيْك يجل مَعَه أَمرك وَالْمعْنَى أَنه يخْطب مِنْك الصُّلْح لخوفه ورهبته لَك 3 - الْغَرِيب القساطل جمع قسطلي وَهُوَ الْغُبَار الَّذِي يثيره الْخَيل بحوافرها الْمَعْنى يَقُول كَيفَ اهْتَدَى إِلَيْك هَذَا الرَّسُول وَأَنِّي لَهُ بالهداية فِي أرضه والتحق لطريق يسلكه فِي قَصده وَمَا سكنت فِي تِلْكَ الْبِلَاد عجاجات خيلك وَلَا فترت فِيهَا قساطل جيشك الحديث: 189 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 - الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد وَقد بَيناهُ فِيمَا تقدم والمناهل جمع منهل وَهِي الْمِيَاه الَّتِي يكون فِيهَا النهل وَهُوَ أول الشّرْب والمنازل الَّتِي تكون فِي المفاوز وفيهَا المَاء تسمى مناهل اسْتِعَارَة يُشِير إِلَى قرب عَهده بغزو الرّوم وَسَفك دِمَائِهِمْ فَقَالَ وعَلى أَي مياه فِي بِلَادهمْ كَانَ ينزل وَمن أَيهَا كَانَ يسْقِي وَيشْرب وَهِي بِمَا سفكت من الدِّمَاء ممتزجة وَبِمَا عممتها من ذَلِك جيفة متغيرة 5 - الْغَرِيب الذعر الْفَزع وتنقد تتقطع والمفاصل جمع مفصل وَهُوَ الْعُضْو الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يكَاد يتبرأ بعضه من بعض لإقدامه على الْوُصُول إِلَيْك هَيْبَة لَك وتتقطع مفاصله بالارتعاد خوفًا مِنْك وَكَذَا نَقله الواحدي وَالْمعْنَى أَتَاك هَذَا الرَّسُول متخاضعا لهيبتك متضائلا لجلالة قدرك قد صَبر رَأسه بَين مَنْكِبَيْه كَفعل المتخوف للْقَتْل حَتَّى كَأَن عُنُقه لتماثله وُقُوع السَّيْف عَلَيْهِ يكَاد يجْحَد رَأسه ويكاد يغشيه خَوفه وتكاد مفاصله يقطعهَا ذعره هَيْبَة لَك وفرقا مِنْك 6 - الْإِعْرَاب من روى تَقْوِيم بِالنّصب جعله مصدرا وَيكون الضَّمِير فِي يقوم للرسول وَمن رَفعه جعله فَاعِلا الْغَرِيب السماطان الصفان والأفاكل جمع أفكل وَهِي الرعدة الَّتِي تعرض عِنْد الْفَزع الْمَعْنى يَقُول إِذا عوجت الرعدة مشيته وَلم تَسْتَقِر نَفسه بِهِ قومته لصفوف الماثلة وَالْجَمَاعَات الْقَائِمَة 7 - الْغَرِيب سمك يُرِيد السَّيْف والخل الْخَلِيل وَيُقَال للسيف خَلِيل وخل الْمَعْنى أَنه كَانَ ينظر بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ إِلَيْك وبالأخرى إِلَى السَّيْف وَالْمعْنَى قاسمك نظره سميك الَّذِي تأنس بِقُرْبِهِ وتألفه فَمَا يزايلك وتصحبه فَمَا يفارقك فَأَرَادَ أَن رَسُول الرّوم ملكه من هَيْبَة سيف الدولة مَا ملكه من هَيْبَة سَيْفه واستعظم من أمره كَالَّذي استعظم من أَمر سَيْفه فأجال لَحْظَة متهيبا للحالين مُتَعَجِّبا من الْأَمريْنِ ثمَّ ذكر صفة الْمُقَاسَمَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 الْغَرِيب الهائل المفزع الْمَعْنى أَنه ابصر مِنْك بِعُمُوم جودك الرزق المحيي فأطمعه وَأبْصر مِنْك لِكَثْرَة فتكك بِهِ الْمَوْت الهائل فلاحظك بَين الْيَأْس والطمع وَقسم عَيْنَيْهِ بَين التَّأَمُّل والطمع 9 - الْغَرِيب المتضائل المنقبض المخفي شخصه فرقا والكمي الشجاع المكمي شخصه فِي الْحَدِيد الْمَعْنى أَنه قبل الترب قبل تقبيله كم سيف الدولة وخضع فِيهِ قبل خضوعه لَهُ والكماة من أبطال رجالك وقُوف متضائلون والروساء من خدامك مثول متهيبون 10 - الْغَرِيب الْهمام الْملك الرفيع الهمة الْمَعْنى يَقُول أسعد مشتاق بنيل مَا أمله أظفر طَالب ببلوغ مَا حاوله ملك رفيع الهمة وصل إِلَى تَقْبِيل كمك وَرَئِيس جليل الرُّتْبَة خضع فتشرف بقربك 11 - الْغَرِيب المذاكى من الْخَيل الَّتِي كملت أسنانها الْوَاحِدَة مذك والذوابل من الرماح الْيَابِسَة العوالي الْمَعْنى يَقُول كمك مَكَان تمناه الشفاه وتتنافس فِيهِ الأفواه وَدون الْوُصُول إِلَيْهِ والتشرف بالانكباب عَلَيْهِ خُيُول جيشك الْعَالِيَة ورماحك الذابلة فَهُوَ مُتَعَذر الْوُصُول إِلَيْهِ لِكَثْرَة مَا دونه من الْخَيل والرماح 12 - الْمَعْنى يَقُول مَا أوصله إِلَى مَا بذلت لَهُ من سلمك وشرفته بِهِ من تَقْبِيل كمك كرامته عَلَيْك ومنزلته الرفيعة عنْدك وَلكنه سَأَلَك وَأَنت لَا تخيب سَائِلك وأملك وَأَنت لَا تضيع آملك 13 - الْإِعْرَاب نصب أكبر بِفعل مُضْمر تَفْسِيره مَا بعده وَقَالَ قوم هُوَ فِي مَوضِع جر بإضمار رب وَبعثت بِهِ حكى أَبُو عَليّ الْفَارِسِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 بعثت بِهِ لُغَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا يُقَال بعثت بِهِ إِنَّمَا يُقَال بعثته قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ بعثناهم} و {يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا} وَقَالَ الْخَطِيب يكون أكبر مُبْتَدأ وَمَا بعده خَبرا عَنهُ الْغَرِيب الجحافل جمع جحفل وَهُوَ الْجمع الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول وأكبر من هَذَا الرَّسُول همة وَأَرْفَع مِنْهُ منزلَة ورتبة بعثت بِهِ إِلَيْك طوائف الرّوم الَّذين يطْلبُونَ سلمك ويتوقعون سطوتك وحربك واستنظرته أَي انتظرته جيوشك للقدوم بجوابك واستعلام حَقِيقَة رَأْيك وَقَالَ الواحدي أعداؤك الرّوم استعظمت همة هَذَا الرَّسُول الَّذِي بعثت بِهِ إِلَيْك يَعْنِي أَنه كَانَ عَظِيم الهمة حَيْثُ حَملته همته على أَن يَأْتِيك وعساكرهم طلبُوا مِنْهُ أَن ينظرها ويمهلها ويؤخرها 14 - الْمَعْنى يَقُول أقبل إِلَيْك من أَصْحَابه وَهُوَ رَسُول لَهُم مُعظم لَهُم وَعَاد إِلَيْهِم يزري بهم لما تبين لَهُ من جلالك وعظيم شَأْنك وتيقنه من ضعف الْمُرْسلين لَك عَن مقاومتهم لَك وَمَا لَهُم من الْحَظ فِي الخضوع لَك حِين رأى جنودك وَكَثْرَة عددك 15 - الْغَرِيب طبع السَّيْف صناعته على هَيئته الْمَعْنى يَقُول تحير فِي سيف من سيوف الله ربيعَة هَذِه الْقَبِيلَة أَصله وَالله عز وَجل صانعه وحافظه وَرَافِع قدره وَالْمجد يظْهر حسنه ثمَّ أكد مَا قدمه من تفضيله على السَّيْف 16 - الْمَعْنى يَقُول المقلة لَا تحصل لَونه لِأَنَّهَا لَا تستوفيه بِالنّظرِ هَيْبَة لَهُ وَلَا تجس الأنامل حَده كَمَا تجس حد السَّيْف لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ سَيْفا فِي الْحَقِيقَة وَقَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول الأول (إذَا أبْصَرَتْنِي أعْرَضَتْ عَنّي ... كأنَّ الشَّمْسَ مِنْ قِبَلِي تَدُورُ) 17 - الْمَعْنى يَقُول إِذا عَايَنت الرُّسُل جلالتك وشاهدت مهابتك تصاغرت عِنْدهَا أَنْفسهَا وهانت عَلَيْهَا رسائلها واستقلت الْمُلُوك الْمُرْسلين لَهَا وَعلمت أَن السَّعَادَة فِي التَّسْلِيم لأمرك وَحَقِيقَة التَّوْفِيق فِي التَّمَسُّك بحبلك وَهُوَ من قَول البحتري (لَحَظْوكَ أوَّلَ لَحْظَة فاسْتَصْغَرُوا ... مَنْ كانَ يُعْظَمُ عندَهمْ وَيُبَجَّلُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 - الْغَرِيب الطوائل الأحقاد وَاحِدهَا طائلة وَبينهمْ طائلة أَي عَدَاوَة وترة الْمَعْنى يَقُول رجا الرّوم من سيف الدولة فِي إجَابَته إِلَى الصُّلْح الَّذِي رغبوه مِمَّن يُرْجَى بمسئلته نوافل الْخَيْر وترتهن بِطَاعَتِهِ ضروب الْفضل وَلَا يَرْجُو من عَصَاهُ أَن يدال عَلَيْهِ فَيَأْخذهُ بعداوته ويظفر بادراك ترته لِأَن سعادته تمنع مِنْهُ وإقباله ييئس الْأَعْدَاء مِنْهُ وَالْمعْنَى أَنهم رجوا عَفْو من كل الفواضل عِنْده وَلَا يُرْجَى أَنه يدْرك لَدَيْهِ ثأر وَالْمعْنَى يَقُول إِن كَانَ خوف الْقَتْل سَاق الرّوم متخيرين لما رغبوه من السّلم فقد فعلوا بِأَنْفسِهِم بِمَا أظهروه من الذلة وأبدوه من الخضوع والاستكانة مَا هُوَ كَالْقَتْلِ فِي شدته وَلَا يفعل الْقَتْل أَكثر مِنْهُ فِي حَقِيقَته ثمَّ فسر ذَلِك بقوله الْبَيْت بعده 20 - الْمَعْنى يَقُول أبدوا من مخافتك مَا يزِيد على الْقَتْل وجاءوك طائعين حَتَّى لَا تحْتَاج فِي أسرهم إِلَى السلَاسِل وَفِي الْمثل الحذر أَشد من الوقيعة 21 - الْغَرِيب الجداول جمع جدول وَهُوَ النَّهر الصَّغِير الْمَعْنى يَقُول أرى كل ملك مصيره إِلَى الخضوع لَك وَغَايَة أمله أَن يعتلق بك فَلَا ملك إِلَّا هُوَ وَاقع تَحت ملكك وَلَا رَئِيس إِلَّا وَهُوَ متصرف على حسب أَمرك كَأَنَّك فِي مصير الْمُلُوك وتزاحمها لديك الْبَحْر الَّذِي إِلَيْهِ تئول الجداول الْجَارِيَة وَفِيه مُسْتَقر الْأَنْهَار السائلة 22 - الْغَرِيب السحائب جمع سَحَابَة والطل الْمَطَر الضَّعِيف والوابل الْمَطَر الْكثير الْمَعْنى يَقُول أَنْت والمتشبهون بك من الْمُلُوك إِذا ساجلوك فِي جودك وتشبهوا بك فِي فعلك فأمطروا وأمطرت وفعلوا وَفعلت فطل عطائك يسْتَغْرق وابلهم وَالْمعْنَى كثيرهم قَلِيل بِالْإِضَافَة إِلَيْك 23 - الْإِعْرَاب رفع كريم على حذف الْمُبْتَدَأ يُرِيد أَنْت كريم الْغَرِيب لقحت الْحَرْب اشتدت واللاقح من النوق الَّتِي بَدَأَ الْجمل بهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 الْمَعْنى يُرِيد أَنه جواد كريم مَا يسئل شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ فَيَقُول أَنْت كريم لَا يبخل على من استوهبه وَلَا يمْنَع من سَأَلَهُ فَلَو سُئِلَ فِي أحْوج مَا يكون إِلَيْهِ شَيْئا لوهبه 24 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا تعط النَّاس شعري فينسخوا مَعَانِيه وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ ستر مدائحه وأجود الشّعْر مَا كَانَ فِي النَّاس وَقَالَ أَبُو الْعَلَاء يُرِيد لَا تعط النَّاس شعري فتجعلهم فِي طبقتي فَتَقول أَنْت مثل فلَان وَالْمعْنَى لَا تحوجني إِلَى مدح غَيْرك 25 - الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام تعجب وإنكار الْغَرِيب الضبن مَا تَحت الْإِبِط إِلَى الخاصرة وَهُوَ الحضن الْمَعْنى يُرِيد أَنه فِي كل يَوْم يمرس فِي شويعر ضَعِيف فِي صناعته قصير فِي مَعْرفَته يباريني فِي الْقُوَّة وَهُوَ لَا قُوَّة لَهُ ضَعِيف ويطاولني وَهُوَ قصير لَا بسطة لَهُ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى استحقاره ذَلِك الشويعر حَتَّى لَو أَرَادَ أَن يحملهُ تَحت حضنه لقدر ثمَّ إِنَّه مَعَ قصوره يضاهيه 26 - الْغَرِيب الْهزْل ضد الْجد وهزل يهزل قَالَ الْكُمَيْت (أرَانا عَلى حُبّ الْحَياةِ وَطُولِهَا ... تَجدُّ بِنا فِي كُلّ يَوْمِ وَنْهزِلُ) الْمَعْنى يَقُول يعدل عَنهُ لساني فَلَا يكلمهُ وَلَا أهاجيه لِأَنِّي لَا أرَاهُ أَهلا لذَلِك وقلبي يضْحك مِنْهُ ولساني سَاكِت عَنهُ وَالْمعْنَى إِذا نطقت فلساني معرض عَنهُ عَادل عَن مخاطبته وقلبي ضَاحِك مِنْهُ هازل بجهالته وَهَذَا إِشَارَة إِلَى الَّذين كَانُوا ينازعونه الشّعْر عِنْد سيف الدولة 27 - الْمَعْنى يَقُول على سَبِيل الْمثل أتعب من ناداك يُرِيد أتعب حاسديك بندائه لَك من كنت مرتفعا عَن مجاوبته وأشدهم تعذبا بك من كنت متنزها عَن مخاطبته وأغيظ أعدائك عَلَيْك من لَا يشاكلك وَأكْرمهمْ إِلَيْك من كنت لَا تماثله وَهَذَا من قَول الْحَكِيم لَيْسَ التنائي بمباعدة الْأَجْسَام 28 - الْغَرِيب الطِّبّ الْعَادة والديدن وَمِنْه بَيت الْكتاب (فَمَا إنْ طِبُّنا جُبْنٌ وَلَكنْ ... مَنايانا وَدَوْلَةُ آخَرِينا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 وَالْمعْنَى يَقُول لَيْسَ الْكبر عادتي غير أنني أبْغض الْجَاهِل الَّذِي يتَكَلَّف وَيرى أَنه عَاقل وَالْمعْنَى بغضي إيَّاهُم يَمْنعنِي كَلَامهم لَا التكبر فَمَا أعرض عَنْهُم مداويا بالتيه لحسدهم وَلَا مُعَارضا بِالْكبرِ لسفههم وَلَكِنِّي أبْغض تعاقلهم مَعَ جهلهم وَمَا يتعاطون من التَّمام مَعَ نقصهم وَمن كَانَت هَذِه حَاله فَأَنا أبغضه وَمن كَانَ على هَذِه السَّبِيل فَأَنا أكرهه وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم حَيْثُ قَالَ إِن الْحَكِيم تريه الْحِكْمَة أَن فَوق علمه علما فَهُوَ يتواضع لتِلْك الزِّيَادَة وَالْجَاهِل يظنّ أَنه قد تناهى فَيسْقط بجهله وتمقته النُّفُوس وَهَذَا من قَول الطرماح (لَقَدْ زَادَنِي حُبّاً لِنَفْسِيَ أنَّنِي ... بَغيضٌ إِلَى كلّ أمْرِئٍ غَيرِ طائِلِ) (إِذا مَا رآنِي قَطَّعَ الطَّرْفَ بَيْنَهُ ... وَبَيْنِي كفِعْلِ العارِفِ المُتَجاهلِ) 29 - الْمَعْنى يَقُول أكبر مَا أترفع بِهِ مَا أضمره من الثِّقَة بك وأنفس مَال أدخره مَا أعتقده من التأميل لَك وَإِنَّمَا أتيه بجميل آرائك وأستغني بجزيل عطائك 30 - الْغَرِيب القرم السَّيِّد وَأَصله الْبَعِير المكرم الَّذِي لَا يحمل عَلَيْهِ وَلَا يذلل وَلَكِن يكون للفحلة وَقد اقترمته فَهُوَ مقرم الْمَعْنى يَقُول لَعَلَّ لسيف الدولة انتباها يتَأَمَّل بِهِ مغالطة هَؤُلَاءِ الْمُقَصِّرِينَ فِي أشعارهم فيحى بذلك التَّأَمُّل مَا أهْدى إِلَيْهِ وَيهْلك مَعَه مَا يتزينون بِهِ من الْإِفْك وَالْبَاطِل 31 - الْغَرِيب الغوازي من الْغَزْو جمع غَازِيَة والقواتل من الْقَتْل جمع قاتلة والقوافي جمع قافية وَمرَاده بهَا هَاهُنَا الأبيات الَّتِي فِيهَا القوافي وَالْبَيْت قافية وَالْقَصِيدَة قافية الْمَعْنى يَقُول لما مدحته بنشر فضائله فَكَأَنِّي رميت بِتِلْكَ القوافي الَّتِي ذكرت فِيهَا فضائله أعداءه فقتلتهم غيظا وحسدا وَجعلهَا قواتل غوازي لما قتلت أعداءه بالغيظ والحسد وَجعلهَا سالمات لِأَنَّهَا تصيب وَلَا تصاب وَالْمعْنَى أَنه يَقُول رميت عداهُ بِمَا قيدته من مدحه وَمَا خلدته من مكارمه وفضله فهن الغوازي السالمات فِي غزوهن القاتلات للأعداء لِأَنَّهُنَّ يسرعن بالنصر دون تكلّف ويقتلن من اعتمدنه بِغَيْر تكلّف وتخوف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 - الْغَرِيب الثواكل جمع ثاكل وَهِي الَّتِي فقدت وَلَدهَا الْمَعْنى يُرِيد أَن النُّجُوم وَإِن قيل إِنَّهَا خالدة يَعْنِي بَاقِيَة لَو حاربته لقتلها وأفناها وَالْمعْنَى زَعَمُوا أَن النُّجُوم خوالد إِلَى أَن تفنى بجملتها وتنتقص باقتراب السَّاعَة مِنْهَا وَلَو حاربته لانقلبت أحوالها بسعده وأزالها بإقبال جده وَأَشَارَ بِنوح الثواكل إِلَى ذَلِك 33 - الْإِعْرَاب نصب وألطفها عطفا على أدناها لِأَنَّهُ فِي مَوضِع نصب خبر كَانَ وَقيل مَا هُنَا للتعجب الْمَعْنى يَقُول مَا كَانَ أدناها لَهُ لَو قَصدهَا وألطفها لَو حاول تنَاولهَا وَالْمعْنَى أَن سعده يقرب لَهُ مَالا يقرب مثله ويبلغه مَا لم يبلغهُ أحد قبله وَهَذَا من إفراط الشُّعَرَاء الَّذين يستجيزون فِيهِ الْكَذِب بِمَا يحاولونه من بُلُوغ غايات الْمَدْح ويرومونه من اسْتِيفَاء أرفع منَازِل الْوَصْف وَقَالَ الواحدي فِي جَمِيع النّسخ وألطفها برد الْكِنَايَة إِلَى النُّجُوم وَلَا معنى لذَلِك وَالصَّحِيح أَن ترد الْكِنَايَة إِلَى الممدوح فَتَقول وألطفه أَي وَمَا ألطفه لَو تنَاول النُّجُوم بِمَعْنى مَا أحذقه وأرفقه بذلك التَّنَاوُل من قَوْلهم فلَان لطيف بِهَذَا الْأَمر أَي رَفِيق بِهِ يَعْنِي أَنه يُحسنهُ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ بأخرق 34 - الْإِعْرَاب القنابل الْجَمَاعَات من الْخَيل وَاحِدهَا قنبلة وَهِي خَمْسُونَ من الْخَيل وَقَالَ الْجَوْهَرِي مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين وَكَذَلِكَ القنبلة من النَّاس الْمَعْنى يُرِيد أَنه قريب عَلَيْهِ كل بعيد على غَيره وَالْمعْنَى إِذا قاد جَيْشه وَنفذ نَحْو الْعَدو خيله ولثمته كتائبه بِمَا تثيره من العجاج وَمَا يتبعهُ من الرهج فَكل مَا يبعد على غَيره قريب عَلَيْهِ مرامه وَغير بعيد مِنْهُ تنَاوله 35 - الْإِعْرَاب من رفع وقتا جعله اسْم لَيْسَ وشاغل نعتا لَهُ وَالْخَبَر فِي الْجَار وَالْمَجْرُور وَعَن الْجُود مُتَعَلق باسم الْفَاعِل وَمن نَصبه جعله ظرفا وَجعل شاغلا اسْم لَيْسَ الْمَعْنى يَقُول إِنَّه يدبر الْمَشَارِق والمغارب والدواني والقواصي وَلَيْسَ يشْغلهُ مَعَ ذَلِك فِي وَقت من الدَّهْر شاغل عَن جوده وَلَا يعوقه عائق عَمَّا يبذله من فَضله وَالْمعْنَى لَا يغْفل عَن الْجُود وَإِن عظم شغله كَقَوْل البحتري الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 (تَبِيتُ عَلى شُغْلٍ وَلَيْسَ بضَائِرٍ ... لِمَجْدِكَ يَوْما أنْ تَبِيتَ عَلى شُغْلِ) وَقَالَ الواحدي تهوس ابْن فورجة فِي هَذَا الْبَيْت فروى وقتا بِالرَّفْع قَالَ وَفِيه معنى لطيف لَيْسَ يُؤَدِّيه اللَّفْظ إِذا نصب وَالْوَقْت وَذَلِكَ أَنه يُرِيد لهَذِهِ الْكَفّ الشرق والغرب وَمَا يحويانه وَلَيْسَ لَهَا وَقت يشغلها عَن الْمجد وكف لَا تملأ الشرق والغرب كَانَ بِأَن تملأ مَا هُوَ أَحْقَر مِنْهُمَا أولى قَالَ وَهَذَا الَّذِي قَالَه بَاطِل محَال لَا يَقُوله إِلَّا غمر جَاهِل وَالْوَجْه النصب لِأَنَّهُ ظرف لشاغل 36 - الْغَرِيب الغوائل جمع غائلة وَهِي الداهية الْمهْلكَة الْإِعْرَاب حَربًا حَال أَي مُحَاربًا وَفُلَان حَرْب لفُلَان أَي كَانَ معاديا لَهُ الْمَعْنى يَقُول إِنَّه يساعده جده وَمَا مكنه الله من أمره وَيتبع من هرب عَنهُ من الرِّجَال مَا يُريدهُ سيف الدولة بِهِ ويعترضه مَا يَعْتَقِدهُ لَهُ فَمن فر عَنهُ فِي حريَّة أَدْرَكته فِي مأمنه غوائل حتفه وَالْمعْنَى الَّذين يهربون مِنْهُ تتبعهم همته فيهلكون بِسَبَب من الْأَسْبَاب 37 - الْمَعْنى يُرِيد لعُمُوم نائله فِي الأَرْض فَأَيْنَ فر الْحَاسِد فِي عطائه استقبله حَيْثُ كَانَ من الْبِلَاد وَالْمعْنَى من فر من إحسانه وَأظْهر مشاركته واعتقد مجانبته تَلقاهُ من سيف الدولة حَيْثُمَا سَار عَطاء يَشْمَلهُ وإنعام يعمه إِشَارَة إِلَى أَن جوده يَشْمَل الْحَاسِد والولى ويعم المحسن وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (وَإذا سَرَحْتَ الطَّرْفَ حَوْلَ قِبابِهِ ... لِمْ تَلْقَ إلاَّ نِعْمَةً وَحَسُودَا) 38 - الْمَعْنى يَقُول لَا يرى جليل إحسانه وكامل إفضاله وَإِن بلغ فِيهِ أبعد غاياته كَامِلا حَتَّى يكون شَامِلًا فِي ذَاته عَاما فِي حَقِيقَته وَالْمعْنَى حَتَّى يَشْمَل النَّاس جمعيا 39 - الْغَرِيب العرباء الْقَدِيمَة الْمَحْض الَّتِي لم يشبها هجين وهب الْخَالِصَة الْعرُوبَة ورازت جربت واختبرت والحلاحل السَّيِّد الشجاع الرئيس وَالْجمع الحلاحل بِالْفَتْح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 الْمَعْنى يَقُول إِذا الْعَرَب العرباء الصرحاء والجلة مِنْهُم الكرماء جربوا أنفسهم وتحققوا أَمرهم علمُوا أَنَّك سيدهم جودا ونجدة وملكهم إقداما ورفعة 40 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي أَطَاعَتك وَفِي أرواحها وَفِي تصرفت رَاجع إِلَى الْعَرَب العرباء الْغَرِيب الْقَبَائِل جمع قَبيلَة وَهِي كالبطن والعمارة وَالْعشيرَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَي فِي بذل أَرْوَاحهم أَي هم لَك مطيعون وَلَو أَمرتهم ببذل الْأَرْوَاح وَمعنى الْتفت عَلَيْك الْقَبَائِل أحاطت بك من حَيْثُ النّسَب وَهُوَ كَقَوْلِه (يَهُزُّ الجَيْشَ حَوْلَكَ جانِبَيْهِ ... كمَا نَفَضَتْ جَناحَيْها العُقابُ) قَالَ وَيجوز لإحداق أنسابها بنسبك فَأَنت وسيط فيهم وَقَالَ الواحدي يُرِيد أَنهم انضموا إِلَيْك وَأَحَاطُوا بك طَاعَة لَك وَالْمعْنَى أَنهم أطاعوك فِي بذل أَرْوَاحهم وتصرفوا على أَمرك فِي إيرادهم وإصدارهم وَاجْتمعت قبائلهم على نصرتك ودانوا أَجْمَعِينَ بالخضوع لطاعتك 41 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي لَهُ عَائِد إِلَى القنا الْغَرِيب النكت الوخز والأنابيب جمع أنبوب وَهِي الْعقْدَة النَّاشِزَة فِي القنا والعوامل جمع عَامل وَهُوَ صدر الرمْح وَهُوَ مَا يَلِي السنان وَهُوَ دون الثَّعْلَب وَقيل سمي بذلك لِأَنَّهُ يعْمل بِهِ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قَرَأت عَلَيْهِ ينكت بِالْيَاءِ فَقَالَ بِالتَّاءِ أَي تنكت الأنابيب فَلذَلِك أنثت وَالْمعْنَى أَصْحَابك وَإِن كَانُوا أعوانا لَك فَأَنت تولى الْحَرْب بِنَفْسِك وَتقدم إِلَيْهَا كتقدم السنان وَقَالَ الواحدي هَذَا مثل يُرِيد أَن الطعْن إِنَّمَا يَتَأَتَّى بِالرُّمْحِ كُله وَإِذا لم يعاون بعض الرمْح بَعْضًا لم يحصل الطعْن وَلَكِن العوامل هِيَ الَّتِي تصيب الْإِنْسَان لِأَن السنان فِيهَا فَكَذَلِك الْقَبَائِل كلهم مدد لَك وَالْعَمَل مِنْك فَأَنت فيهم كالعامل من الرمْح وَهَذَا من قوم بشار (خُلِقُوا سادَةً فَكانُوا سَوَاءً ... كَكُعوبِ القَناةِ تَحْتَ السِّنانِ) قَالَ وكما قَالَ البحتري (كالرمْحِ فِيهِ بِضْعَ عَشْرَةَ فَقْرَة ... مُنْقادةً تَحْتَ السِّنانِ الأصْيَدِ) وَالْمعْنَى أَنه يخاطبه وَيَقُول لَهُ مؤكدا لما ذكره من التحاق الْعَرَب بِهِ وانقيادها لأَمره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 كل أنابيب الرمْح مِمَّا تمده وتعينه وتؤيده وَلَكِن الْعَامِل مِنْهَا بِهِ يكون الطعْن وصرع الفرسان فَجعل مَوْضِعه من الْعَرَب وَإِن كَانُوا مدَدا لَهُ مَوضِع الْعَامِل من الرمْح الَّذِي بِهِ يكون الطعْن وَإِلَيْهِ ينْسب الْفِعْل من دون سَائِر الأنابيب 42 - الْغَرِيب الشَّمَائِل جمع شمال وَهِي الطباع والأخلاق وَفُلَان حسن الشَّمَائِل وَذَلِكَ أَنه يشْتَمل على مَا يحمد عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يَجْعَل الْأَخْلَاق مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ وَالنَّاس يستعملون الشَّمَائِل فِي حسن الْخلق وَالْقدر الْمَعْنى إِن لم تطعك النَّاس خوفًا من طعنك أطاعوك حبا لشمائلك يُرِيد أَن كرمك وَحسن أخلاقك أدعى إِلَى طَاعَتك من الطعان والقتال وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو لم تطعك النَّاس رهبة أطاعوك محبَّة وَالْمعْنَى يُرِيد لَو لم يقتض الطعْن فِي الْحَرْب انقياد أعدائك لَك وخضوعهم لأمرك وحاولوا مدافعتك بأبلغ جهدهمْ وراموا ذَلِك بِظَاهِر فعلهم لاقتضت انقيادهم لَك شمائلك ولقصرت على ذَلِك طبائعهم لِأَن جبلتهم توجب خضوعهم لطاعتك وأنفسهم تلزمهم الِاعْتِرَاف لرياستك 43 - الْغَرِيب المناصل جمع منصل وَهُوَ السَّيْف يُرِيد من لم تعلمه نَفسه الذل لَك وترشده سعادته إِلَّا الاعتلاق بك عَلمته ذَلِك سيوفك وأجبرته عَلَيْهِ جيوشك وكتائبك فَمن لم يطعك بالاعتراف وَالرَّغْبَة أطاعك بالاقتدار وَالْغَلَبَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 - 1 الْمَعْنى يَقُول إِن يكن صَبر من طرقه الدَّهْر بمصيبة وعرضته الْأَيَّام لرزية فضلا فِيهِ وتماما مِنْهُ فَكُن فِي ذَلِك افضل الأفضلين وأعزهم وَأكْرم الأكرمين وأجلهم لزِيَادَة فضلك على فَضلهمْ فَلْيَكُن صبرك زَائِدا على صبرهم 2 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح فَوق الأولى نِدَاء مُضَاف إِلَى أَن تعزى وَالثَّانيَِة ظرف وَقَالَ الْخَطِيب يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون حذف المنادى وَمثله كثير فِي الشّعْر وَغَيره أَي أَنْت يَا سيف الدولة وَالثَّانِي أَن يكون فَوق نعتا لَهُ وَقد أخرجه من بَاب الظروف إِلَى الْأَسْمَاء وَهُوَ أحسن فعلى الْوَجْه الأول فَوق الأولى وَالثَّانيَِة ظرفان وعَلى الْوَجْه الثَّانِي الأولى اسْم وَالثَّانيَِة ظرف وَنصب عقلا على التَّمْيِيز الْمَعْنى يَقُول أَنْت يَا أَيهَا الْجَلِيل مُرْتَفع عَن أَن تعزى بِمن فقدت من الأحباب وأصبت من الألاف فَوق الَّذِي يعزيك عقلا وَمَعْرِفَة ورأيا وتجربة فَكيف يحضك على الصَّبْر من لَا يماثلك فِي درايتك ويندبك إِلَى التجلد من لَا يصل إِلَى معرفتك وإحاطتك فَأَنت غَنِي بمعرفتك بأحوال الدَّهْر عَن التَّعْزِيَة 3 - الْإِعْرَاب نصب قبل على الظّرْف وَجعله نكرَة كَمَا تَقول جَاءَ أَولا إِذا لم تعرفه وَتقول جئْتُك قبلا وبعدا مثل جئْتُك أَولا وأخرا وقرى فِي الشواذ لله الْأَمر من قبل وَمن بعد بِالتَّنْوِينِ والخفض وكقول الآخر (فَساغَ لي الشَّرابُ وكُنْتُ قَبْلاً ... أكادُ أَغَصُّ بالمَاء القَرَاح) وَقد جَاءَت بعد مَضْمُومَة منونة وَهُوَ شَاذ كَقَوْل العداء (ونحنُ قَتَلْنا الأًسْدَ خَفيًّةٍ ... فَمَا شَرِبَتْ بَعْدٌ على لَذَّةٍ حَمْراً) الْمَعْنى يَقُول المعزى لَك إِنَّمَا يَهْتَدِي بألفاظك ويخاطبك بِمَا تعلمه من قَوْلك الحديث: 190 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 فقدرك مُرْتَفع عَن التَّعْزِيَة فَإِن حقائق الْأُمُور مستفادة مِنْك وجواهر الْكَلَام مأثورة عَنْك إِنَّمَا يقابلك بِمَا أَنْت أعلم بِهِ ويذكرك بِمَا أَنْت أحفظ لَهُ فَهُوَ كمن جلب إِلَى هجر القطيعاء وَإِلَى الْفُرَات المَاء وَإِلَى الْبَدْر الضياء 4 - الْغَرِيب الْحزن ضد السهل وَهُوَ مَا خشن من الأَرْض وارتفع والخطوب طوارق الْأَيَّام وَفِي الْبَيْت طباقان المر والحلو والحزن والسهل الْمَعْنى يَقُول قد خبرت طوارق الدَّهْر بمعرفتك وَعرفت حلوها ومرها بتجربتك وسرت فِي الْأَيَّام مَالِكًا صعبها تسلك مِنْهَا مَا صَعب وَسَهل وتعاني مَا بعد وَقرب ناهضا بِنَفْسِك مكتفيا بعلمك 5 - الْغَرِيب قتل الشَّيْء علما بُلُوغ غَايَة مَعْرفَته الْمَعْنى يُرِيد أَنْت عرفت الزَّمَان وأحواله وصروفه معرفَة تَامَّة فَلَا يَأْتِي بِشَيْء لم تعرفه وَلَا يفعل جَدِيدا لم تره فقد قتلته علما بأَمْره وإحاطة بِوُجُوه تصرفه فَمَا يسمعك قولا تستغربه وَلَا يجد ذَلِك فعلا تهيبه وَلَا يطرقك إِلَّا بِمَا قد عَرفته وأحطت بأمثاله وجربته وأجرى هَذَا كُله على سَبِيل الِاسْتِعَارَة وَمن بديع الْكَلَام 6 - الْغَرِيب الذعر الْفَزع وَالْخَوْف الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن فورجة إِذا حزنت على هَالك إِنَّمَا تحزن حفاظا مِنْك لمودة وصحبة ووفاء عهد وَالْوَفَاء والحفاظ مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الْعقل وَغَيْرك يحزن خوفًا من ألم الْفِرَاق وجهلا من غير مَعْرفَته بِالسَّبَبِ الْمُوجب الْحزن قَالَ وَأما تَفْسِير الْعقل والذعر فَلم يصب فِيهِ وَالْوَجْه أَن يُقَال المُرَاد بِالْعقلِ الِاعْتِبَار بِمن مضى فَإِن الْعَاقِل إِنَّمَا يحزن بِالْمَيتِ اعْتِبَارا بِهِ وعلما أَنه عَن قريب يتبعهُ وحزن غير الْعَاقِل إِنَّمَا يكون خوفًا من الْمَوْت وَهُوَ جهل لِأَنَّهُ ميت لَا محَالة وَإِن حزن انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى إِنَّمَا تحزن على من تصاب بِهِ من أحبتك حفظا لذمتهم ورعاية لحرمتهم وإنصافا وعقلا ووفاء وكرما وَأرَاهُ فِي غَيْرك خوفًا وجزعا وجهلا الْغَرِيب الإلف السّكُون إِلَى الشئ وَالْغِبْطَة بِهِ ألفت الشَّيْء إلفا وألفة ويجره وروى ابْن جنى بِالتَّاءِ وَقَالَ تسحبه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 وَقَالَ الْخَطِيب بِالْيَاءِ أَي يسحب إِلَيْك الْحزن الْمَعْنى يَقُول لَك إلْف يجر إِلَيْك الْحزن وَالْوَفَاء من كرم الأَصْل وَإِن الْكَرِيم أُلُوف وَإِذا كَانَ ألوفا حزن على فِرَاق من يألفه وَالْمعْنَى لَك إلْف لكرم صحبتك يجر الْحزن إِلَيْك مِمَّن تفقده من أحبتك وَيُوجب الإشفاق مِنْك على مواصلك وَكَذَلِكَ الأَصْل إِذا كَانَ كَرِيمًا كأصلك مُتَمَكنًا فِي مثل نِصَاب شرفك كَانَ أصلا لكريم المواصلة والمؤالفة وباعثا على مشكور العاملة فمنزلتك من الشّرف تضمن الْفضل عَنْك ومحلك من الْكَرم يُوجب حسن المؤالفة وَالرِّوَايَة الجيدة بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تحتهَا 8 - الْإِعْرَاب قَوْله وَلَكِن هُوَ على سَبِيل الأستثناء كَمَا تَقول زيد شرِيف غير أَنه سخى فَهُوَ مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب الْمَعْنى لَك وَفَاء نشأت فِيهِ فَلَا تعرف غير الْوَفَاء للأحباب وَالْمعْنَى ويجر عَلَيْك الْحزن بالمفقودة وَفَاء ورثته من آبَائِك وعشيرتك كَانَت فِيهِ نشأتك وَنبت عَلَيْهِ فِي سالف مدتك وَلم يزل أهلك أهل الْوَفَاء وَالْكَرم وأرباب الفواضل وَالنعَم فَأَنت من الْإِنْصَاف على وراثة سالفة وَمن الْوَفَاء وَالْكَرم على أولية متقادمة 9 - الْإِعْرَاب نصب عينا على التَّمْيِيز كَقَوْلِك إِن احسن النَّاس وَجها لزيد وروى الْجَمَاعَة غير أبي الْفَتْح عونا وَهِي أحسن من رِوَايَة أبي الْفَتْح وبرواية أبي الْفَتْح قَرَأت على شَيْخي أبي الْحرم بالموصل وبالروايتين قَرَأت على شَيْخي أبي مُحَمَّد عبد الْمُنعم الْغَرِيب الرِّعَايَة حسن الْمُحَافظَة والاستهلال الانسكاب الْمَعْنى يَقُول إِن خير الدُّمُوع لدمع سَببه رِعَايَة الْعَهْد وَهُوَ عون على الْحزن وَذَلِكَ أَن الدمع يُخَفف برح الوجد كَمَا قَالَ ذُو الرمة (لعلَّ انْحِدَارَ الدَّمع يُعْقِبُ رَاحَةً ... مِنَ الوَجْدِ أوْ تُشْفَى لِدَاء بَلابِلُ) وَالْمعْنَى إِن خير الدُّمُوع الْجَارِيَة وَأَرْفَع الْعُيُون الباكية دمع بعتت الرِّعَايَة عَلَيْهِ وَأَشَارَ الْوَفَاء وَالْكَرم إِلَيْهِ فانحدر وانسكب وتصبب 10 - الْغَرِيب صل الْحَدِيد يصل إِذا صَوت والصليل امتداد الصَّوْت وصلصلة اللجام صَوته وَيُرِيد إِذا استكره ضرب الْحَدِيد وَفِيه نظر إِلَى قَول لبيد (أحْكَمُ الجِنْثَّى منْ عَوْرَاتِها ... كُلُّ حِرْباءٍ إذَا أُكْرِهَ صَلّ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 الْمَعْنى يَقُول أَيْن هَذِه الرقة الَّتِي نشهدها والشفقة الَّتِي نبصرها مِنْك عِنْد تقلدك الْحَرْب واقتحامك فِي شدائدها ونفاك فِي مضايقها حِين يستكره الْحَدِيد فِي رُءُوس الرِّجَال وَيكثر صليله بتجالد الْأَبْطَال وَهُوَ من قَول البحتري (لِمْ يكُنْ قَلْبُكَ الرَّقيقُ رَقيقا ... لَا وَلا وَجْهُكَ المَصُونُ مَصُونا) 11 - الْغَرِيب تفلى من فليت رَأسه إِذا فصلت الْقمل مِنْهُ وَأَصله من فلوت الفلو عَن أمه إِذا أَنْت فصلته عَنْهَا وَفِي الحَدِيث كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يدْخل على أم حرَام بنت ملْحَان فتفلي رَأسه وَهَذِه خَالَة أنس بن مَالك وَكَانَت تَحت عبَادَة بن الصَّامِت وَتوفيت مَعَ زَوجهَا فِي غزَاة بِفَارِس فِي زمن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان الْمَعْنى يَقُول مؤكدا لما قبله أَيْن خلفت هَذِه الرقة عِنْد لقائك الرّوم وإيقاعك بهم وإقدامك عَلَيْهِم والرءوس تفلى بِالسُّيُوفِ والنفوس تخترم بالحتوف قَالَ الواحدي ويروى تقلى بِالْقَافِ أَي ترمى كالقلة 12 - الْغَرِيب الْمنون الْمنية والمنون الدَّهْر وَيجوز تذكيره وتأنيثه وَيَأْتِي بِمَعْنى الْجمع وَبِمَعْنى الْإِفْرَاد قَالَ عدي بن زيد (مَن رأيْتَ المَنُونَ خَلَّدْنَ أمْ مَنْ ... ذَا عَليْهِ مِنْ أنْ تُضَامُ خَفِيرُ) وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب (أمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِها تَتَوَجَّعُ ... ) فروى وريبها بالتذكير والتأنيث وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن بَرى النَّحْوِيّ الْمَقْدِسِي الْمنون اسْم مُفْرد وَلَا يكون جمعا وَقَول عدي بن زيد خلدن فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالْألف وَاللَّام الْجِنْس كَقَوْلِه تَعَالَى {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا} وَقَوله تَعَالَى {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فسواهن} وَسبب ذَلِك كَون الْألف وَاللَّام تصير الطِّفْل بِمَعْنى الْأَطْفَال وَالسَّمَاء بِمَعْنى السَّمَوَات الْمَعْنى أَنه يعزيه بالكبرى الْبَاقِيَة فَيَقُول قاسمك الْمَوْت شَخْصَيْنِ فَذهب بِإِحْدَاهُمَا وَترك الْأُخْرَى فَكَانَت هَذِه الْمُقَاسَمَة جورا لِأَنَّهُ كَانَ من حَقك أَن يتركهما وَلَكِن هَذَا الْجور عدل فِيك حَيْثُ تَركك حَيا وَكَانَت الْمُقَاسَمَة مَعَك فِي الْأُخْتَيْنِ وَالْمعْنَى إِذا كنت أَنْت الْبَقِيَّة فالجور عدل هَذَا إِذا نصيب الْقسم وَجعل الْفِعْل للجور وَمن روى جعل الْقسم نَفسه فِيهِ عدلا يُرِيد أَن الْقسم جعل نَفسه عدلا فِي الْجور لِأَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 وَإِن أَخذ الصُّغْرَى فقد أبقى الْكُبْرَى ويصحح هَذَا قَوْله فَإِذا قست وَالْمعْنَى أَن الْمَوْت وَإِن كَانَ لَا بُد مِنْهُ وَلَا مخلص لأحد عَنهُ فقد متعك بالإكرام عَلَيْك وَأبقى لَك أحب الشخصين إِلَيْك 13 - الْغَرِيب أغدرن مثل غادرن وَهُوَ الْإِبْقَاء وَالتّرْك وسرى أذهب وسلى أَي عزى الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا لَهُ إِذا تَأَمَّلت تبينت أَن حظك فِي هَذِه الْقِسْمَة أَو فِي وأكمل وَجدك أَعلَى وَأفضل لِأَن الْمنون الَّتِي قاسمك لَا مدفع لَهَا وَقد آثرتك بالحظ الأوفر واقتصرت على الْمَفْقُود الْأَصْغَر وَهَذَا الْكَلَام على تجوز الشُّعَرَاء وتزيدهم 14 - الْمَعْنى يَقُول لقد شغلت المنايا بِمَا تواصله فِي أعدائك من الْقَتْل وَمَا توجبه عَلَيْهِم من الْهَلَاك فِي الْحَرْب فَكيف تطلب المنايا شغلا بغيرهم يُشِير إِلَى أَن الْمَوْت من أعوانه إِلَى أعدائه فَكيف يتخطى إِلَى ذِي قرَابَته وَخَالف مُرَاده فِي أهل عنايته 15 - الْغَرِيب انتاشه من صرعة إِذا نعشه الْمَعْنى يَقُول كم نصرت أَسِيرًا من الزَّمَان بسيفك فاستنقذته من الْأسر وَكم من مقل عديم نصرته بنوالك وجبرته على كره الزَّمَان 16 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي رَآهُ للدهر وَهِي من رُؤْيَة الْقلب كَمَا يَقُول الْأَعْمَى رَأَيْت زيدا ذَا مَال أَي عَلمته وعدها فِيهِ ضمير للدهر وَالْمَفْعُول لأفعال سيف الدولة الْغَرِيب صال وثب واستطال صولا وصولة وَفِي الْمثل رب قَول أَشد من صول والمصاولة المواثبة والتبل الحقد والعداوة والختل افتراس الشَّيْء على خديعة وَحين غَفلَة الْمَعْنى يَقُول عد الدَّهْر فعلك نصْرَة عَلَيْهِ ومراغمة لَهُ فَلَمَّا استطال عَلَيْك بِأخذ أختك رأى نَفسه قد أدْرك حقدا لِأَنَّهُ قد حقد عَلَيْك مِمَّا فعلته من فك الْأُسَارَى وإعناء المقلين وَالْمعْنَى أَن الدَّهْر عد فعلك نصْرَة عَلَيْهِ فصَال على أختك مخاتلا غير مجاهر ومخادعا غير مُكَاثِر فَرَأى نَفسه مدْركا مِنْك ثأرا طلبه ومجازيا بضغن اعتقده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 - الْمَعْنى يَقُول كذبت الدَّهْر ظنونه فِيمَا رامك من الشكل وعرضك لَهُ من الْحزن أَنْت تبليه بطول سلامتك وتغلبه باتصال سعادتك ويبقيك الله فِي نعْمَة لَا تبلى سابغة لَا تنقص تَامَّة نامية 18 - الْمَعْنى يَقُول لقد رامك أعداؤك بِمثل مَا رامك الزَّمَان من التَّعَرُّض لمساءتك والإقدام على معارضتك فعجزوا عَن التَّأْثِير فِي ظلك فضلا عَن أَن ينالوا بذلك خَاصَّة نَفسك 19 - الْمَعْنى يَقُول طلبت بسعدك وَمَا تكفل الله لَك من إعلاء أَمرك بعض نفوس أعدائك فأدركت كلهَا وحاولت خُصُوصا مِنْهَا فمكن لَك الإقبال جَمِيعهَا فالأقدار تيَسّر لَك أفضل مِمَّا ترغبه وتقرب لَك أفضل وَأكْثر مِمَّا تطلبه 20 - الْغَرِيب القرع الضَّرْب والرامحين جمع رامح وَهُوَ الَّذِي يحمل الرمْح وعزل جمع أعزل وَهُوَ الَّذِي لَا رمح مَعَه الْمَعْنى يَقُول لما ناولت الأقران وطاعنت الفرسان قارعت رمحك رماحهم وَأَنت بِشدَّة قرعك وَزِيَادَة قوتك أطرت رماح الطاعنين لَك وأسقطتها من أَيدي المترسمين بك فصاروا عزلا بَين يَديك عاجزين عَن الْإِقْدَام عَلَيْك يُشِير إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ من الحذق بالطعن والاقتدار على التَّصَرُّف فِي الْحَرْب 21 - الْغَرِيب الْقبل جمع أقبل وَهُوَ الَّذِي يقبل إِحْدَى عَيْنَيْهِ على الْأُخْرَى عزة وتشاوسا وَقَالَ الْخَطِيب هُوَ ضد الْحول لِأَن الْحول أَن تخَالف إِحْدَى الْعَينَيْنِ الْأُخْرَى وَقَالَ الْجَوْهَرِي الْقبل فِي الْعين إقبال السوَاد على الْأنف وَقد قبلت عينه وأقبلتها أَنا وَرجل أقبل بَين الْقبل وَهُوَ الَّذِي كَأَنَّهُ ينظر إِلَى طرف أَنفه قَالَت الخنساء (وَلمَّا أنْ رأيْتَ الخَيْلَ قُبْلاً ... تُبارٍ ي بالخُدُودٍ شَبا الْعَوَالِي) الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الَّذِي أَصَابَك من الرزية طَعنا لأوردته خيلا قبلا جمع أقبل وَالْمعْنَى لَو يكون الَّذِي طرقك من فجيعتك طعانا ومنازلة وقتالا ومفاوزة لأوردت ذَلِك الموطن الْخَيل قبلا مُقَدّمَة ولأقحمتها على الْمَوْت أَشد الإقحام مُكْرَهَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 - الْغَرِيب الحنين صَوت يَبْعَثهُ الْحزن والاشتياق وَهُوَ الشوق أَيْضا يُقَال من إِلَيْهِ يحن حنينا فَهُوَ حَان الْمَعْنى يَقُول ولكشفت عَن نَفسك ذَا الحنين الَّذِي تَجدهُ على الْمَفْقُود بِضَرْب كشف الكروب عَن أَصْحَابك وجلاها عَنْهُم وَالْمعْنَى يَقُول لَو كَانَ هَذَا الحنين الْمُتَّصِل على رزيتك مِمَّا يستدفع بمغالبة ويستكشف بمكاثرة لكشفته بِضَرْب بَالغ وإقدام على الْمَوْت صَادِق فطالما كشف الكروب الموجعة وجلى المخافات المفزعة وَلَكِن الْمَوْت لَا يدْفع بِشدَّة وَلَا يعتصم مِنْهُ بِقُوَّة 23 - الْإِعْرَاب من روى الْمُسَمَّاة بِالرَّفْع جعل ثكلا خبر كَانَ وَمن نصب الْمُسَمَّاة جعلهَا خبر كَانَ وَنصب ثكلا بالمسماة كَقَوْلِك ضربت المعاطاة درهما الْغَرِيب الْخطْبَة الْإِرْسَال فِي طلب النِّكَاح وَالْحمام الْمَوْت والثكل الْمُصِيبَة بِالْوَلَدِ وَمَا أشبهه من الْأَحِبَّة وَذَوي الْقَرَابَة الْمَعْنى يَقُول كَانَت هَذِه الْوَفَاة خطْبَة من الْمَوْت لَا ترد وَلَا تمنع ورغبة وَإِن كَانَ أسمها ثكلا وفجعة ورزاءا ومصيبة فَهِيَ للْمَوْت فَائِدَة ومنزلة ورفعة بجلالة من ظفر بهَا وعلو مَنْزِلَته الَّتِي عرض لَهَا 24 - الْغَرِيب الكفو الْمثل والخدر الْخَيْمَة والكلة والحجال والبعل الزَّوْج الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَت ذَات الخدر لَا تَجِد من النَّاس كفوا أَرَادَت الْمَوْت أَن يكون بعلا لَهَا يتكفل بصيانها وَيذْهب بهَا موفيا لحق جلالتها دون أَن تتملك بِالنِّكَاحِ تملك سَائِر النَّاس وَذَوَات النظراء والأكفاء وَقَالَ الواحدي أَرَادَت الْمَوْت لِأَنَّهَا إِذا عاشت وَحدهَا لم تنْتَفع بلذة الْحَيَاة وشبابها فَاخْتَارَتْ الْمَوْت على الْحَيَاة إِذْ لم تَجِد كفوا من الْأزْوَاج 25 - الْغَرِيب اللذيذ الْمُسْتَحبّ والنفيس الرفيع الْمَطْلُوب الْمَعْنى يَقُول الْحَيَاة لَا تمل وَهِي أعز وَأحلى من أَن يملها صَاحبهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 وَالْمعْنَى مَا تستلذه انفس النَّاس من الْحَيَاة أنفس فِيهَا وأشهى إِلَيْهَا من أَن يمل ذَلِك ويستطال وَيكرهُ وَلَا يستدام وَهُوَ مَنْقُول من قَول الْحَكِيم إِذا تجوهرت النَّفس تعلّقت بالعالم الْعلوِي فَلَا تسكن إِلَى الهمم الترابية وَلَا يعترضها ملل 26 - الْغَرِيب أُفٍّ كلمة المتضجر وآف لَهُ بِمَعْنى ويل لَهُ فِيهَا لُغَات بالحركات الثَّلَاث مَعَ التَّنْوِين وَغير التَّنْوِين واف بِالْمدِّ وَقد قَرَأَ ابْن كثير وَابْن عَامر بِالْفَتْح من غير تَنْوِين وَقَرَأَ نَافِع وَحَفْص بِالْكَسْرِ والتنوين وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ من غير تَنْوِين وَفِي الضعْف لُغَتَانِ فتح الضَّاد وَضمّهَا وبالفتح قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة الْمَعْنى يَقُول مؤكدا لما قدم وَإِذا قَالَ الشَّيْخ أُفٍّ لنَفسِهِ وَأظْهر الاستطالة لمُدَّة عمره فَلم يكن ذَلِك لِأَنَّهُ مل الْحَيَاة وسئمها فَإِنَّمَا مل الضعْف والهرم واستكره الْكبر والألم وَهَذِه إِشَارَة إِلَى أَن الْحَيَاة تألفها طباع الْبشر وتستحب فِي الشبيبة وَالْكبر وَهُوَ مَنْقُول من قَول الْحَكِيم الكلال والملال يتعلقان بالأجسام لضعف آلَة الْجِسْم 27 - الْمَعْنى إِن الْعَيْش إِنَّمَا يطيب بالشباب وَصِحَّة الْجِسْم فَإِذا ذَهَبا عَن الْإِنْسَان فسد عيشه وَالْمعْنَى آلَة الْعَيْش وبهجته وَحَقِيقَته الشَّبَاب وَالصِّحَّة والإقبال وَالْقُوَّة فَإِذا ذهب ذَلِك ولى وَأدبر وتنغص عَلَيْهِ وتكدر 28 - الْإِعْرَاب الدُّنْيَا مَرْفُوعَة بتسترد عندنَا وبتهب عِنْد الْبَصرِيين لأَنهم يعْملُونَ الثَّانِي وَبِه جَاءَ الْقُرْآن وإعمال الأول جَاءَ فِي الْأَشْعَار كثيرا الْمَعْنى يَقُول الدُّنْيَا تسترد مَا تهب فليتها تخلت وَمَا جَادَتْ وَالْمعْنَى أَن الدُّنْيَا مستحيلة منتقلة متغيرة تسترد هبتها وتكدر مشربها وَتعقب الْبَقَاء بالفناء والسراء بالضراء فيا لَيْت الْحَيَاة الَّتِي جَادَتْ بهَا واخترعت الْأَنْفس بحبها لم تكن وَاقعَة وَلم تُوجد النُّفُوس إِلَيْهَا سَاكِنة وليتها بخلت بِمَا جَادَتْ ببذله ومنعت مَا تسرعت إِلَى فعله وَهَذَا كَقَوْل الجلاح (وَللْمَنْعٌ خَيرٌ من عَطاءِ مُكَدَّر ... ) وكما قَالَ الآخر (الدَّهُر آخذُ مَا أعطَى مُكَدِّرُ مَا ... أصْفَى وَمُفْسِدٌ ماأهْوَى لًهُ بيد) (فَلا يَغُرَّنْكَ مِنْ دَهْرٍ عَطِيَّتُهُ ... فليسَ يَترُكُ مَا أعْطى عَلى أحَد) وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الدُّنْيَا تطعم أَوْلَادهَا وتأكل ولادها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 - الْغَرِيب الْخلّ الْخَلِيل والصاحب الْمَعْنى يَقُول لَو بخلت وَلم تَجِد لكفتنا فرحة بِوُجُود شَيْء يعقب لفقده عَمَّا فَكَانَت تكفى أَهلهَا بذلك فرحة تُؤدِّي إِلَى غم ومسرة تئول إِلَى حزن وَكَون خَلِيل يؤنس بِقُرْبِهِ وتتأكد البصيرة فِي حبه ثمَّ تخترمه الْمنية وتغادر الْهم خَلِيلًا للحازن عَلَيْهِ وإلفا لذِي الوجد المشتاق إِلَيْهِ فالدنيا مثل رجل وهب لرجل شَيْئا فَلَمَّا فَرح بِهِ أَخذه مِنْهُ فَكَانَ أسفه عَلَيْهِ أَكثر من فرحه بِهِ 30 - الْمَعْنى يَقُول هِيَ على هَذِه الْحَالة من الْغدر وَالرُّجُوع فِي الْهِبَة محبوبة وَالْمعْنَى أَنَّهَا محبوبة عِنْد أَهلهَا على كَثْرَة غدرها ومحبوبة أَيْضا على قلَّة وفائها لَهُم لَا تتمّ وَصلهَا وَلَا يشْكر من صحبها فعلهَا 31 - الْمَعْنى يُرِيد كل من أبكته الدُّنْيَا إِنَّمَا يبكي عَلَيْهَا وَلَا يخلى الْإِنْسَان يَدَيْهِ عَنْهَا إِلَّا قسرا يحل بديه مِنْهَا وَالْمعْنَى كل دمع تسيا فَإِنَّمَا هُوَ أَسف على مفارقتها وكل حزن تَبعته فَإِنَّمَا ذَلِك إشفاق على مباعدتها وبحل الْيَدَيْنِ المتمسكتين تتْرك وتزايل وبفكها عَنْهَا تخلى وتباين وَهَذَا إِشَارَة إِلَى الْمَوْت الَّذِي يغلب أهل الدُّنْيَا على قربهَا ويخرجهم عَنْهَا مَعَ كلفهم بحبها 32 - الْغَرِيب الشيم الطبائع وَاحِدهَا شِيمَة والغانيات النِّسَاء الشواب الْوَاحِد غانية وَقيل هِيَ ذَات الزَّوْج الَّتِي قد غنيت بزوجها قَالَ جميل (أُحِبُّ الأَيامَي إذْ بُثَيْنَةُ أيّمُ ... وأحْبَبْتُ لَمَّا أنْ غَنِيتِ الغَوَانِيا) وَقيل غنيت بحسنها وجمالها الْمَعْنى يُرِيد أَن الدُّنْيَا طبعها طبع الغواني يُشِير إِلَى مَا هن عَلَيْهِ من عدم الصيانة لود وَقلة الْإِقَامَة على الْعَهْد وتخلق الدُّنْيَا بِهَذِهِ الخليقة واحتمالها على هَذِه الطَّرِيقَة فَلَا أدرى لهَذَا التَّمْثِيل أنث اسْمهَا النَّاس وَهَذَا من بَاب التجاهل لعذوبة اللَّفْظ وصنعة الشّعْر كَمَا قَالَ زُهَيْر (وَما أدْرِي وَسَوْفَ إخالُ أدْرِي ... أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِساءُ) يدْرِي أَنهم رجال وَلكنه تعامى عَن هَذَا لِأَن فِيهِ ضربا من الهزء بهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 - الْإِعْرَاب فِي بعض النّسخ المفرق بِالرَّفْع وَهُوَ خطأ لِأَن الْمُضَاف إِذا وصف بمفرد لَا يجوز فِيهِ سوى النصب الْمَعْنى يَقُول يَا مليك والمليك وَالْملك وَالْمَالِك بِمَعْنى يُرِيد يَا أَيهَا المليك الْجَلِيل قدره الْمَشْهُور فَضله الَّذِي تسلم الْحَيَاة بموالاته ويتعرض للْمَوْت وَالْقَتْل بمعاداته وَيقسم الْعِزّ بِطَاعَتِهِ والذل بمعصيته وتفرق هَذِه الْأَحْوَال فِيمَن وَالَاهُ وَوَافَقَهُ ونابذه وَخَالفهُ 34 - الْمَعْنى يَقُول قد قلد الله دولة جعلك سيفها المحامي عَن حوزتها وحائطها المدافع عَن بيضها حساما حلاه بالمناقب والفضائل وزينه بالمحاسن والمكارم فَهُوَ يحمي تِلْكَ الدولة ويزينها ويعز تِلْكَ المملكة ويمكنها 35 - الْمَعْنى يَقُول بذلك السَّيْف أغنت هَذِه الدولة أولياءها بذلا ومكارمة وَبِه أفنت أعاديها قتلا ومراغمة فَهُوَ يحي الموَالِي بِمَالِه وَيُمِيت الأعادي بِسَيْفِهِ وَرِجَاله 36 - الْغَرِيب الاهتزاز الارتياح والوغى الْحَرْب والنصل السَّيْف الْمَعْنى يَقُول إِذا اهتز للعطاء كَانَ كالبحر فِي كَثْرَة مواهبه وَعُمُوم مكارمه وَإِذا اهتز للحرب كَانَ كالسيف فِي نَفاذ عزمه وقوته فِيمَا يحاوله من أمره 37 - الْغَرِيب الْمحل قلَّة النَّبَات فِي الأَرْض من عدم الْمَطَر والوبل الْمَطَر الْكثير الْمَعْنى يَقُول إِن سيف الدولة إِذا أَمْحَلت الأَرْض وأعتمت خطوبها كَانَ كَالشَّمْسِ المشرقة وَإِذا اتَّصَلت محولها كَانَ جوده كالسحاب المغدقة فينير إِذا استبهم الْأَمر ويجود إِذا بخل الدَّهْر 38 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ الَّذِي يضْرب الْجَيْش إِذا اشْتَدَّ الْأَمر وصعب الْحَال وغلت الطعنة أَي عز وجودهَا وَإِذا غلت الطعنة كَانَ الضَّرْب أغْلى من الطعْن لحَاجَة الضَّارِب إِلَى مزِيد إقدام وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد إِذا لم يقدر على الدنو من الْعَدو قيد رمح فالدنو إِلَيْهِ قيد سيف أصعب يُرِيد أَنه يضْرب بِسَيْفِهِ حِين لَا يقدم الطاعن والضارب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد إِن كَانَ الطعْن صعبا على الطاعن فَهُوَ ايسر من الضَّرْب لِأَن بعد الطاعن عَن عدوه أَكثر من يعد الضَّارِب والرامي ابعد من الطاعن وَقد رتبه زُهَيْر بقوله (يطْعُنْهُمْ مَا ارْتَمُوا حَتَّى إذَا اطَّعَنُوا ... ضَارَبَ حَتَّى إِذا مَا ضَارَبُوا اعْتَنَقا) وَمعنى الْبَيْت يَقُول هُوَ الضَّارِب الْجَمَاعَة من الْخَيل والكتيبة من الْجَيْش وَالْحَرب متوقدة ونيرانها مضطرمة والطعن بَين الفرسان يغلو ويشرف ويشتد ويفرط وَالضَّرْب أَعلَى وأفرط وَأَشد وأبلغ فَدلَّ على أَن سيف الدولة عِنْد اشتداد الْحَرْب يقتحم الْكَتَائِب بِنَفسِهِ ويستخف ذَلِك بِشدَّة باسه 39 - الْإِعْرَاب الْعُقُول بِالنّصب هُوَ الأَصْل وبالخفض تَشْبِيها بالْحسنِ الْوَجْه وَنصب وَصفا على التَّمْيِيز وروى ابْن جنى يدْرك بِالْيَاءِ وروى غَيره بِالتَّاءِ وَكسر الرَّاء وَالضَّمِير للعقول وروى جمَاعَة تدْرك على الْخطاب للمدوح وَهُوَ الْأَحْسَن الْغَرِيب الباهر الْغَالِب الْمَعْنى يَقُول يَا من غلب الْعُقُول بِمَا ظهر من بَدَائِع أَفعاله فَمَا تدْرك الْعُقُول على الرِّوَايَة بِكَسْر الرَّاء وَصفا لَهُ أَتعبت فكري فمهلا أَي ارْفُقْ وَالْمعْنَى أَيهَا الْملك الَّذِي بهر الْعُقُول بِكَثْرَة فضائله وأعجز الْأَوْصَاف بتتابع مكارمه مهلا على فكري فقد أتعبته ورفقا بِمَا أنظم فِيك فقد أَعْجَزته 40 - الْمَعْنى يَقُول وَكَيف لَا يكون ذَلِك وَمن أَرَادَ أَن يتشبه بك فِي كرمك أعجزه ذَلِك فَلم يقدر على التَّشَبُّه بك وَمن أَرَادَ الدّلَالَة فِي طرقك فقد ضللته فضائلك لِأَنَّك تسبق وَلَا تسبق وتتقدم فَلَا تلْحق وَالْمعْنَى لَا يقدر أحد على مجاراتك فِيمَا تسكله 41 - الْمَعْنى يَقُول إِذا دَعَا لَك دَاع بالخلود قَالَ لَا مت حَتَّى ترى لَك نظيرا فَإنَّك لَا ترى لَك نظيرا فَلَا تزَال بَاقِيا وَالْمعْنَى إِذا اشْتهى أحد أَن يَدْعُو لَك بطول الْعُمر واتصال الْبَقَاء على مر الدَّهْر فَلْيقل بقيت حَتَّى ترى لنَفسك شَبِيها وملكا يعادلك فِي مجدك يُشِير إِلَى أَنه لَا يظفر الزَّمَان بِمثلِهِ وَلَا يبلغ أحد إِلَى غَايَة فَضله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 - 1 الْإِعْرَاب ذِي اسْم مُبْهَم يشار بِهِ إِلَى الْمُؤَنَّث كَمَا يشار بذا إِلَى الْمُذكر وَتَقْدِيره هَذِه الْمَعْنى يَقُول مُشِيرا إِلَى مَا فعله سيف الدولة فِي بداره إِلَى جيوش الرّوم وانهزامهم من بَين يَدَيْهِ وَمنعه لَهُم مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ من حِصَار الْحَدث هَذِه الْمَعَالِي الَّتِي تُؤثر والمكارم الَّتِي تخلد على أثبت حقائقها وَأبْعد غاياتها فَمن تعاطى الْإِقْدَام وَالْقُوَّة والتعالي والرفعة فلينهض بِمِثْلِهَا وليتقدم إِلَى فعلهَا هَكَذَا سَبِيلهَا ووجهها وطريقها وَإِلَّا فَلَا يتَعَرَّض الرؤساء لَهَا وَلَا يتميزوا بهَا وَكرر لَا على سَبِيل التوكيد وَكَانَ سَبَب عمل هَذِه القصيدة أَن سيف الدولة ورد عَلَيْهِ أَن الدمستق وجيوش النَّصْرَانِيَّة قد نزلُوا على حصن الْحَدث ونصبوا عَلَيْهِ مكايد وَقد روا أَنَّهَا فرْصَة فِيهِ لما تدَاخل أَهله من الانزعاج والقلق وَكَانَ ملكهم قد ألزمهم قَصده وأنجدهم بأصناف الْكفْر من البلغر والروس والصقلب وأنفذ مَعَهم الْعدَد الْكثير وَالْعدَد فَركب سيف الدولة نافرا وانتقل إِلَى غير الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ وَنظر فِيمَا يجب أَن ينظر فِيهِ وَسَار عَن حلب فِي جُمَادَى الأول فَنزل رعبان وأخبار الْحَدث عَلَيْهِ مستعجمة لأَنهم ضبطوا الطّرق ليخفى عَلَيْهِ خبرهم فَلَمَّا ضجر لبس سلاحه وَأمر أَصْحَابه بِمثل ذَلِك وَسَار زحفا فَلَمَّا قرب من الحَدِيث عَادَتْ الجواسيس تعلمه أَن الْعَدو لما أشرفت عَلَيْهِ خُيُول الْمُسلمين من عقبَة يُقَال لَهَا العبري رَحل وَلم تَسْتَقِر بِهِ دَار وَامْتنع أهل الْحَدث من البدار بالْخبر خوفًا من كمين يعْتَرض الرُّسُل فَنزل سيف الدولة بِظَاهِرِهِ وأتهم طلائعهم تخبر سيف الدولة بانصرافهم إِلَى حصن رعبان وَوَقعت الضجة وَظهر الِاضْطِرَاب وَولى كل فريق على وَجهه وَخرج أهل الْحَدث فأوقعوا ببعضهم وَأخذُوا آلَة سِلَاحهمْ وأعدوه فِي حصنهمْ 2 الْغَرِيب الروق الْقرن والقلقة الْحَرَكَة وَجمع جبل جبال وأجبال الْمَعْنى أَنه فسر معاليه بِهَذَا الْبَيْت فَقَالَ شرفك يزاحم النُّجُوم فِي الْعُلُوّ وعزك أثبت من الْجبَال وأرسى يُرِيد أَن شرفك يبلغ الثريا بعلوه ويزاحمها بجلالة قدره ويناطحها بقرنيه واستعار لشرفه قرنين لِأَنَّهَا فِي الْحَيَوَان من أَسبَاب الْقُوَّة ودواعي الْإِقْدَام والمنعة مَعَ عز تتقلقل الْجبَال من هيبته وتضطرب إعظاما لرفعته وَقَالَ الواحدي يُرِيد أَن سُلْطَانه ينفذ فِي كل شَيْء حَتَّى لَو أَرَادَ أَن يزِيل الْجبَال لحركها الحديث: 191 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 - الْمَعْنى يَقُول حَالهم عَظِيم فِي كثرتهم وشدتهم ومنعتهم وَلَكِن سيف الدولة ابْن الْمُلُوك العظماء وَالسُّيُوف الْمَاضِيَة على الْأَعْدَاء أعظم وَأَرْفَع وأنفذ وَأَمْنَع 4 - الْغَرِيب النذير الَّذِي ينذر أَصْحَابه ويحذرهم وَأَرَادَ بالنذير هُنَا الجاسوس الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح كلما عَاد إِلَيْهِم نذيرهم سابقوه بالهرب قبل وُصُوله ثمَّ تلتهم خيل سيف الدولة فسبقت النذير قَالَ الواحدي قَالَ ابْن فورجة أعجلته بِمَعْنى استعجلته فَأَما سبقته فَيُقَال فِيهِ عدلته يَقُول كلما استعجلوا النذير بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِم وإخبارهم بقدوم جَيش سيف الدولة أطلت عَلَيْهِم خيله قبل قدوم النذير عَلَيْهِم وَيجوز أَن يُرِيد أَن الْعَدو كلما أعجاوا النذير بهم وَبَادرُوا المتقلدين لأطراف أَعمال سيف الدولة والمتصرفين فِي أقاصي بِلَاده ورجوا أَن يُصِيبُوا مِنْهُم غرَّة وينهزوا فيهم فرْصَة بادرتهم خيوله ولحقتهم جيوشه وأعجلتهم عَن ذَلِك الإعجال فصرفهم على أَسْوَأ الْأَحْوَال 5 - الْغَرِيب خوارق الأَرْض الْخَيل لشدَّة وَطئهَا وَمثله (إذَا وَطِئَتْ بأيْدِيها صُخُوراً ... بَقِينَ لِوَطْءِ أرْجُلِها رِمالاً) _ الْمَعْنى يَقُول أتهم خيل سيف الدولة تخرق الأَرْض نحوهم مسرعة وتطويها إِلَيْهِم مبادرة لَا تحمل إِلَّا الشجعان وَالْحَدِيد الَّذِي يشملهم وَالسِّلَاح الَّذِي يعمهم ويسترهم 6 - الْغَرِيب النَّقْع الْغُبَار وبراقع الْخَيل وجلالها مَعْرُوف والبرقع مَا ستر الْوَجْه وَلم يبْق مِنْهُ إِلَّا العينان والجل مَا كَانَ على ظهر الدَّابَّة تَحت السرج _ الْمَعْنى يَقُول أتهم خيل سيف الدولة وَقد خَفِي لَوْنهَا فَلَا يعرف الأدهم من الْكُمَيْت وَلَا الْأَشْهب وَلَا الْأَشْقَر من الْغُبَار الَّذِي يثيره ركضها ويبعثه سَيرهَا حَتَّى كَانَ عَلَيْهَا من ذَلِك القتام براقع تستر وَجههَا وجلالا تَشْمَل جسومها يُشِير إِلَى مَا تجشمه من التَّعَب وَمَا كَانَ عَلَيْهِ من قُوَّة الطّلب وَهُوَ من قَول عدي بن الرّقاع (يَتَعاوَرَانِ مِنَ الْغُبارِ مًلاءَة ... دَكْناءَ مُحْدَثَةً هُمَا نَسَجاها) وَفِيه نظر إِلَى قَول عَوْف بن عَطِيَّة (كأنَّ الظِّباءَ بِها وَالنِّعاجَ ... أُلْبِسْنَ مِنْ رَازِقَّي شِعاراً) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 - الْغَرِيب المحالفة المعاهدة والعوالي الرماح والأهوال جمع هول وَهُوَ الْأَمر الشَّديد الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح طَال الْكَلَام بيني وَبَينه فِي قَوْله ليخوضن فَقَالَ هُوَ مثل قولي وَقُلْنَا للسيوف هلمن بِضَم الْمِيم وَذَلِكَ أَنه لما وصفهَا بالمحالفة أجراها مجْرى من يعقل مثل الْجَمَاعَة المذكرين وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّمْل أدخلو مَسَاكِنكُمْ ورأيتهم لي ساجدين وكل فِي فلك يسبحون} كل هَذَا أجْرى مجْرى من يعقل لما خُوطِبَ وَأخْبرهمْ عَنهُ بِالسُّجُود والسباحة وَالْأَفْعَال فِي الْأَكْثَر إِنَّمَا تكون لِذَوي الْعقل فَإِنَّمَا يَصح الْفِعْل من بعضه كالفرس وَنَحْوه وَمِنْه مَا لَا يَصح مِنْهُ الْفِعْل كَالدَّارِ وَشبههَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ روح فإحراق النَّار لما وَقع فِيهَا لَيْسَ بِفعل لَهَا فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا هُوَ فعل الله تَعَالَى وَهَذَا يعرفهُ أهل الْكَلَام الْمَعْنى يُرِيد أَن صُدُور خيله وعوالي رماحه حالفته على أَن تخوض مَعَه المهالك وَالْمعْنَى أَنَّهَا حَلَفت لتمتثلن أمره ولتخوضن الْأَهْوَال دونه ولتبلغن فِي ذَلِك مُرَاده لَا نحمل إِلَّا الْأَبْطَال ناهضة غير عاجزة ومجدة غير وانية وَلَو كَانَ قَالَ لتخوضن بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقهَا لَكَانَ أولى 8 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ الْوَجْه أَن يَقُول لتمضين كَمَا تَقول حَلَفت هِنْد لتقومن وَهِي وَإِن كَانَت جمَاعَة الصُّدُور والعوالي لكنه أجراها مجْرى الْوَاحِدَة وَقد أجَاز الْكُوفِيُّونَ مثل ذَلِك لتمضن ولترمن فعلى هَذَا حذفت الْيَاء لسكونها وَسُكُون النُّون الأولى بعْدهَا وَلم تحرّك الْيَاء بِالْفَتْح وَجرى مجْرى قَوْله (كأنَّ أيْدِيهنَّ بالقاعِ القَرِقْ) قَالَ وَفِي بعض النّسخ ليخوضن وليمضن بِكَسْر الضَّاد وَلَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ إِذا أجراها مجْرى جمَاعَة المذكرين فقياسه ضم الضَّاد كَقَوْلِهِم حلف الزيدون ليفرن فأصله ليقرون فَحذف الْوَاو بِدُخُول نون التوكيد فبقى ليفرن وَإِن أَرَادَ يمضين هن فخطأ لِأَنَّهُ لَو أَرَادَ ذَلِك لوَجَبَ أَن يَقُول ليمضينان كَمَا تَقول فِي جمَاعَة النِّسَاء ليضربنان فَإِن قيل إِنَّمَا أَرَادَ ليمضين سيف الدولة على لُغَة من قَالَ ليمضن زيد قيل على هَذَا وضع الْكَلَام إِنَّمَا أَرَادَ أَن الرماح وصدور الْخَيل حالفته الْغَرِيب الحصان الْفرس الذّكر وَالْجمع حصن وَفرس حصان بِالْكَسْرِ بَين التحصن والتحصين وَيُقَال إِنَّمَا سمي حصانا لِأَنَّهُ ضن بِمِائَة فَلم ينز إِلَّا على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 كَرِيمَة ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى سموا كل ذكر من الْخَيل حصانا _ الْمَعْنى يَقُول لتمضين مُقَدّمَة ولتنزلن الْأَعْدَاء مقتحمة حَتَّى تصير فِي لاحم الْقرعَة ومضايق الْحَرْب المتوقعة إِلَى الْمَكَان الَّذِي لَا يجد الرمْح فِيهِ مدارا لشدَّة المجالدة وَلَا الحصان مجالا لِكَثْرَة الْمُزَاحمَة وَأَشَارَ بذلك إِلَى مَوضِع سيف الدولة من الشدَّة وتقدمه بَين أهل الْبَأْس والنجدة 9 - الْمَعْنى يَقُول لَا ألوم ملك الرّوم على تمنيه محالا من تخريب هَذِه القلعة وَذَلِكَ أَن ملك الرّوم قصد حصن الْحَدث طلبا لغرة سيف الدولة وَإِن كَانَ الَّذِي حاوله محالا لَا طمع فِيهِ وشططا لَا سَبِيل إِلَيْهِ ثمَّ بَين مَا قدمه بقوله الْبَيْت بعده 10 - الْغَرِيب البنية بِمَعْنى المبنية وَهِي فعيلة بِمَعْنى مفعولة من بني يَبْنِي بِنَاء وبنيا كَمَا فِي كتب يكْتب كتبا وكتابا والباغي الطَّالِب _ الْمَعْنى يُرِيد أَن ملك الرّوم أقلقه بُنيان هَذَا الْحصن الَّذِي كَأَنَّمَا ثبته سيف الدولة بَين أُذُنَيْهِ وَأقرهُ على قمة رَأسه لما ثَبت فِيهِ من هتك أرضه وَشدَّة أَرْكَان ملكه وَمَا شيده من ذَلِك الْبُنيان وَبلغ فِيهِ من غَايَة الإتقان 11 - الْغَرِيب القذال مُؤخر الرَّأْس وَهُوَ مَا يكون بَين جَنْبي الْقَفَا _ الْمَعْنى يَقُول كلما رام ملك الرّوم أَن يحط من ذَلِك الْحصن مَا أَعْلَاهُ سيف الدولة وَرَفعه وأتقنه وحصنه اتَّسع ذَلِك الْبُنيان عَلَيْهِ فغلبه وَعظم فِي نَفسه وقهره وَصَارَ لشدَّة إقلاقه إِيَّاه كَأَنَّمَا هُوَ على رَأسه قد غشى جَبينه وقذاله وأعجز طاقته وإحتياله 12 - الْغَرِيب الرّوم والصقالب والبلغر كل هَؤُلَاءِ كفرة والصقالب والبلغر طَائِفَتَانِ من الْعَجم تستضيف مَعَ الرّوم إِلَى طَاعَة ملكهم _ الْإِعْرَاب قَوْله فِيهَا فِي نَوَاحِيهَا وجوانبها فَحذف الْمُضَاف والآجال جمع أجل الْمَعْنى يَقُول يجمع ملك الرّوم فِي هَذِه الأَرْض هَذِه الطوائف من أَصْنَاف حزبه وأصناف كفره مستمدا لَهُم ومستجيشا على أهل هَذِه الْمَدِينَة وَيَقُول لسيف الدولة وَأَنت تجمع لهَؤُلَاء الطوائف آجالا حَاضِرَة ومنايا متوافقة إِشَارَة إِلَى وقائع سيف الدولة عَلَيْهِم وَمَا واصله من الْقَتْل فيهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 - الْغَرِيب الصلال جمع صلَة وَهِي الأَرْض الممطورة بَين الأَرْض غير المطمورة كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح والواحدي _ وَقَالَ الْجَوْهَرِي الصِّلَة الأَرْض الْيَابِسَة والصلة وَاحِدَة الصلال وَهِي الْقطع من الأمطار المتفرقة يَقع مِنْهَا الشَّيْء بعد الشَّيْء والصلال العشب سمى باسم الْمَطَر المتفرق _ الْمَعْنى يَقُول توافيهم ببأسك الْآجَال فِي رماحك الْمَشْرُوعَة نحوهم المتبادرة إِلَيْهِم كَمَا وافت العطاش الأمطار أَو الأَرْض الممطورة فتفنيها غير مكتفية بِهَذَا _ وَقَالَ الواحدي تأتيهم بمناياهم فِي الرماح وَهِي ظامئة إِلَى دِمَائِهِمْ فتسرع إِلَيْهِم إسراع العطاش إِلَى الأَرْض الممطورة 14 - الْمَعْنى يَقُول قصد الرّوم هدم سور هَذِه الْمَدِينَة وَفرقُوا جمعهَا فضعفت عَن ذَلِك قوتهم وعجزت طاقتهم وانهزموا بَين يَدَيْهِ على أَسْوَأ حَال فبنوا من سورها مَا حاولوا هَدمه وأطالوا من بنائها مَا حاولوا حطه فَكَانَ قصدهم الْهدم وَالتَّقْصِير سَببا للْبِنَاء وإطالته لأَنهم بعثوا سيف الدولة على تحصينها 15 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي لَهَا للقلعة _ الْغَرِيب الوبال الشدَّة _ الْمَعْنى يَقُول استجروا مكايد الْحَرْب يَعْنِي آلاتها الَّتِي يُقَاتلُون بهَا ويستعملونها حَتَّى تركوها وانهزموا لأهل الْمَدِينَة وبالا عَلَيْهِم لأَنهم لما انْهَزمُوا صَارَت تِلْكَ الْآلَات زَائِدَة فِي عدتهمْ موكدة لَا متناعهم فَصَارَت الْآلَات الَّتِي أعدوها لأهل الْحَدث وبالا على الرّوم يُقَاتلُون بهَا 16 - الْمَعْنى يَقُول رب أَمر أَتَاك بِهِ أعداؤك قَاصِدين لحربك محاولين لكيدك فذممت رَأْيهمْ وَلم تحمد فعالهم وأفضت الْأَفْعَال مِنْهُم إِلَى إرادتك فَصَارَ تدبيرهم ورأيهم أغرى الْحَوَادِث بهم وَالْمعْنَى أَن الفعال هم الرّوم وَالْأَفْعَال حملهمْ مكايد الْحَرْب فهم غير محمودين وفعائلهم غير محمودة فِي الْعَاقِبَة لأَنهم لَو لم يحملوها لما ظفر بهَا المسلون وَهُوَ مَنْقُول من قَول الْحَكِيم إِذا كَانَت الْأَشْيَاء فاعلة بالطبع لم تحمد على فعلهَا لِأَن الشَّمْس لَا تحمد على حَرَارَتهَا وَلَا على ضوئها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 - الْغَرِيب القسى جمع قَوس والنصال جمع نصل وَهِي حدائد السِّهَام _ الْمَعْنى يَقُول رب قسى كَانُوا يرمونك عَنْهَا فَلَمَّا هربوا أخذت تِلْكَ القسى فقوتلوا بهَا _ وَالْمعْنَى رب قسى رماك أعداؤك عَنْهَا وقصدوك بالمكاره مِنْهَا فَردَّتْ تِلْكَ القسى عَنْك فِي قُلُوبهم حَدِيد سهامك وقادت إِلَيْك أعداءك يُرِيد أَن قُوَّة سعده وإقبال جده يجعلان قسى أعدائه عَلَيْهِم ويقودان بهَا المهالك إِلَيْهِم قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول الْحَارِث (قَوْمي هُمُ قَتَلُوا أُمَيْمَ أخي ... فإذَا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي) 18 - الْمَعْنى يُرِيد أَنهم قطعُوا الطّرق حَتَّى لَا يصل الْخَبَر إِلَى سيف الدولة وَذَلِكَ أَن سيف الدولة استبطأ الْأَخْبَار لما تَأَخَّرت عَن عَادَتهَا فَتَطلع إِلَى الْأَخْبَار فَوَقع على الْأَمر فَكَانَ الِانْقِطَاع كالإرسال _ وَالْمعْنَى أَنهم أخذُوا الطّرق موكلين بهَا وقاطعين الرُّسُل مِنْهَا فَكَانَ ذَلِك الْقطع إشعارا لَك وَقَامَ ذَلِك الضَّبْط مقَام الْإِرْسَال إِلَيْك فأنكرت فعلهم واستربت فعلهم أسرعت إِلَيْهِم وبادرت بِنَفْسِك وجيشك إِلَيْهِم 19 - الْغَرِيب الغوارب أعالي الأمواج والآل السراب وَقيل الْآل فِي آخر النَّهَار والسراب فِي أَوله الْمَعْنى يُرِيد أَن حَالهم يتلاشى عنْدك وَإِن كَانَ عَظِيما _ وَالْمعْنَى أَنهم كالبحر ذِي الموج لتكاثف جمعهم وتكاثر عَددهمْ إِلَّا انهم صَارُوا عِنْد قوتك وعديدك وبأسك وجيوشك كالآل الَّذِي يتخيل وَلَا يصدق ويتمثل وَلَا يتَحَقَّق فَفرُّوا هاربين وولوا عَنْك مُدبرين وَهُوَ مثل قَوْله (حالُ أعْدَائِنا عَظِيمٌ ... ) 20 - الْمَعْنى يَقُول انْهَزمُوا غير مقاتلين فَلم يُقَاتِلُوك فِي الْحَال وَلَكِن الْقِتَال الَّذِي قَاتلهم قبل هَذَا كَفاك الْقِتَال لأَنهم لما بلوك قبل هَذَا أشعر قُلُوبهم الرعب وخافوا فَانْهَزَمُوا فَمَا مضوا غير مقاتلين لجيشك وَلَا ولوا غير متيقنين لأمرك وَلَكِن الْقِتَال عِنْد التَّأَمُّل والنزال الشَّديد عَن التبين مَا أسكنت قُلُوبهم وقائعك من الهيبة وأودعتها من المخافة حَتَّى صَار اسْمك يهْزم عساكرهم وذكرك يثنى عزائمهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 - الْمَعْنى يَقُول سَيْفك الَّذِي قطع رِقَاب من قبلهم من الرّوم هُوَ الَّذِي قطع آمالهم مِنْك فَلَا يرجون ظفرا بك الْآن يُرِيد الضَّرْب الَّذِي قطعت بِهِ رِقَاب الرّوم فِي وقائعهم وأفنيت بِهِ أبطالهم فِي حروبك قطع مَا أَملوهُ فِي حصن الْحَدث من مكايدتك وأكذب مَا حاولوه من مغاليتك 22 - الْغَرِيب الإجفال الْإِسْرَاع والهزيمة _ قَالَ أَبُو الْفَتْح لما أجادوا ثباتهم قَدِيما وَأدّى إِلَى هلاكهم علم من كَانَ عَادَته الثَّبَات الْإِسْرَاع فِي الْهَزِيمَة خوفًا مِنْك وَقَالَ يفضله فِي هَذِه الأبيات على قوم ذِي شجاعة وثبات ليَكُون أمدح لَهُ وَكَذَا نَقله الواحدي وَالْمعْنَى الثَّبَات الَّذِي فَعَلُوهُ فِي قتالك وأفضى بهم إِلَى المهالك وأعقبهم أَشد الهزائم علم الثابتين من رِجَالهمْ وَأهل الْبَأْس من حماتهم وأبطالهم الْهَرَب مِنْك 23 - الْغَرِيب النّدب ذكر الْمَيِّت بجميل أَفعاله _ الْمَعْنى يَقُول نزلُوا فِي مَوَاضِع عرفوها تقدّمت فِيهَا مصَارِع أَهَالِيهمْ بإيقاع سيف الدولة بهم فَجعلُوا يَبْكُونَ بهَا من قتل من أبطالهم وفرسانهم وتمثلوا تِلْكَ فِي أنفسهم وتوقعوا أَن يحدث مَا يشبهها بهم لما ذكرُوا بهَا مَا صنعت بآبائهم وأعمامهم وأخوالهم 24 - الْغَرِيب تذرى تنثر وتفرق والأوصال جمع وصل وَيُرِيد بِهِ الْعُضْو _ الْمَعْنى يُرِيد أَنه لم يبعد عهد الْقَتْلَى بِهَذَا الْموضع فالريح تحمل شُعُورهمْ وأوصالهم مَوْجُودَة هُنَاكَ وَالرِّيح تلقى عَلَيْهِم أَعْضَاء المقتولين _ وَالْمعْنَى أَن الرّيح تذرى عَلَيْهِم عِظَام الْقَتْل الَّذين قتلوا بالموضع الَّذِي نزلُوا فِيهِ فيخيفهم ذَلِك ويفزعهم ويقلقهم فيهربون من بَين يَديك 25 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الضَّمِير فِي تنذر للمصارع وَنَقله الواحدي وَيجوز أَن يكون الضَّمِير للأوصال أَي تنذر الأوصال الْجِسْم بِأَن يَزُول إِلَى مثالها قَالَ تنذر المصارع الْإِقَامَة بهَا وتريهم لكل عُضْو عضوا من المقتولين أَو الْمَعْنى تنذر بالأوصال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 الْجِسْم بِأَن يصير لمثلهَا وَيُقِيم لَدَيْهَا فِي مثل حَالهَا وتريه لكل عُضْو من أَعْضَائِهِ مِثَالا شَاهدا ونظيرا حَاضرا وَأَشَارَ بذلك إِلَى وقْعَة سيف الدولة على الرّوم عِنْد بنائِهِ الْحَدث وَقد وصفهَا فِي قَوْله (عْلَى قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ ... ... القصيدة) وَلم تكن ببعيدة من هَذِه الْوَقْعَة فَلَمَّا اشرفوا على مَوضِع تِلْكَ الْوَقْعَة وَذكروا عظم تِلْكَ البلية أشفقوا من أَن يعاودهم سيف الدولة بِمِثْلِهَا فَوَلوا مُدبرين وفروا من بَين يَدَيْهِ منهزمين 26 - الْغَرِيب الدراك التَّتَابُع والخيال مَا يرى على غير حَقِيقَة _ الْمَعْنى فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالتَّقْدِير أبصروا الطعْن فِي قُلُوبهم دراكا خيالا قبل أَن يرَوا الرماح يُرِيد لشدَّة خوفهم تصوروا مَا صنعت بهم قَدِيما فَرَأَوْا الطعْن تخيلا فِي قُلُوبهم قبل رُؤْيَة الرماح حَقِيقَة _ قَالَ الْخَطِيب اعْتبر الْمُتَأَخّرُونَ بالمتقدمين فكأنهم تخيلوا الطعْن دراكا وَبينهمْ وَبَين من يطلبهم مَسَافَة بعيدَة فَفرُّوا قبل أَن ينْظرُوا إِلَى خيال الرماح _ وَالْمعْنَى يَقُول لَهُ مثلت هيبتك للروم إيقاعك بهم وأرتهم طعان رماحك دراكا فِي قُلُوبهم قبل أَن يتخيلوا ذَلِك ويتحققوه ويتمثلوه ويشاهدوه فعادوا بالفرار مِنْك وولوا منهزمين عَنْك 27 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي الْأَعْدَاء إِذا حاولوا طعانك رَأَوْا أَذْرع قناك لطولها وَسُرْعَة وصولها إِلَيْهِم أميالا يعْنى أَنَّهَا تطول فتصل إِلَيْهِم سريعة وَهَذَا ضد قَوْله (طِوَالُ قَنا تُطاعِنُها قِصَارُ ... ) _ قَالَ وَقَالَ ابْن جنى أَي لشدَّة الرعب قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى {يرونهم مثليهم} قَالَ وَقَوله لشدَّة الرعب كَلَام حسن وَأما احتجابه بِالْآيَةِ فخطأ قَالَ وَيجوز أَن يُرِيد بالقنا قِنَا الْأَعْدَاء الَّذين يحاولون الطعان وَالْمعْنَى أَنهم كلما حاولوا طعانك برماحهم استطالوها فَرَأَوْا أذرعها أميالا أَي أَنَّهَا تثقل عَلَيْك جبنا وخوفا مِنْك هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى إِذا حاولت فرسَان طعانك ومثلت لأنفسها قتالك أَرَاهُم الْفَزع أَذْرع رماحك أميالا مُتَّصِلَة لما تتوقعه من طَعنهَا وتحذره من مخوف فعلهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 - الْغَرِيب الرعب الْفَزع يُقَال رعبته فَهُوَ مرعوب إِذا أفزعته وَلَا يُقَال أرعبته وَيجوز فِيهِ سُكُون الْعين وَضمّهَا وَقَرَأَ ابْن عَامر وَالْكسَائِيّ بِضَم الْعين _ الْمَعْنى قَالَ الواحدي شاع الْخَوْف فيهم شيوعا عَاما فَكَأَن الْخَوْف بسط يَمِينه فِي ميامن عساكرهم وشماله فِي مياسرهم حَتَّى انْهَزمُوا وَهُوَ معنى قَول أبي الْفَتْح وَقَالَ ابْن الإفليلي بسط الرعب فِي أَيْديهم أيديا مثلهَا تمنعها من الْبَطْش وتقصرها عَن الْكَفّ فَوَلوا مخذولين وَهَذَا ضد قَول الآخر (إنَّا وَجَدْنا بَني جُلاَّنَ كُلَّهُمُ ... كَساعِدِ الضَّبّ لَا طُولٌ وَلا قِصَرُ) 29 - الْغَرِيب الروع الْخَوْف والفزع والأغلال جمع غل وَهُوَ رِبَاط تشد بِهِ الْيَد إِلَى الْعُنُق الْمَعْنى يَقُول يرعش الْخَوْف أَيْديهم فقد صَارَت فِي قلَّة الْغناء وَإِن كَانَ فِيهَا سيف بِمَنْزِلَة الْيَد المغولة وَالْمعْنَى ينفض الْفَزع من أَيْديهم السِّلَاح فَيسْقط ويسلبهم إِيَّاه الذعر فَيذْهب حَتَّى كَأَن سيوفهم فِي أَيْديهم أغلال تَملكهَا وموانع تمنعهم من التَّصَرُّف بهَا وَهُوَ من قَول جرير فِي الفرزدق (ضَرَبْتَ بهِ عِنْدَ الإمامِ فأُرْعِشَتْ ... يَدَاكَ فَقالُوا مُحْدِثٌ غَيرُ صَارِمِ) 30 - الْإِعْرَاب نصب وُجُوهًا بإضمار فعل دلّ عَلَيْهِ قَوْله ينفض تَقْدِيره ويغير وُجُوهًا يُرِيد أَنه يُغير ألوانها وَهَذَا من بَاب قَوْله تَعَالَى {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} أَي وَادعوا شركاءكم وَكَقَوْلِه {وَالَّذين تبوءوا الدَّار وَالْإِيمَان} يُرِيد وأحبوا الْإِيمَان وكقول الشَّاعِر (ورأيْتِ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّداً سَيْفا وَرُمْحا) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من قَوْله (عَلَفْتُها تِبْنا وَماءً بارِداً ... ) _ الْمَعْنى يَقُول للمدوح وَغير الروع وُجُوهًا قد انتقعها الْخَوْف وأذهب جمَالهَا الذعر فَهِيَ ترْعد متغيرة وتعبس متوقعة قد أخافها مِنْك وَجه قد أحرز غايات الْحسن وغلبها على الْجمال وَالْفضل فالحسن وَالْجمال لوجهك لَا لَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 - الْغَرِيب الجلى الظَّاهِر المكشوف الْمَعْنى يَقُول مُشِيرا إِلَى الرّوم وفرارهم بَين يَدَيْهِ وَبعدهَا تكلفوه من غزوهم وتعاطوه من حِصَار الْحصن إِن مَا تيقنوه من قصد سيف الدولة وتسابقه نحوهم أكذب مَا ظنوه وأراهم الجلية فِيمَا حاولوه وعرفهم أَن حظهم الِانْتِقَال عَمَّا أضمروه من الْإِقْدَام إِلَى الْفِرَار والانهزام فأزال العيان مَا كَانَ الظَّن يحدث لَهُم ثمَّ ضرب لَهُم مثلا بقوله 32 - الْإِعْرَاب وَحده الضَّمِير للجبان لَا لِلطَّعْنِ لقَوْله والنزال وَهُوَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال أَي مُنْفَردا _ الْغَرِيب الجبان ضد الشجاع وَهُوَ الَّذِي يجبن عِنْد لِقَاء الْعَدو وَجبن بِالْفَتْح فَهُوَ جبان وَجبن بِالضَّمِّ فَهُوَ جبين وَامْرَأَة جبان كَمَا قَالُوا حصان ورزان والنزال فِي الجرب أَن يتنازل الْفَرِيقَانِ ونزال بِالْكَسْرِ مثل قطام بِمَعْنى انْزِلْ لِأَنَّهُ معدول عَن المنازلة وَلِهَذَا أنث زُهَيْر فِي قَوْله (وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدّرْعِ أنْتَ إذَا ... دُعِيَتْ نَزَالِ وَلُجَّ فِي الذُّعْرِ) وَهَذَا من قَول الْحَكِيم الْجُبْن ذلة كامنة فِي نفس الجبان فَإِذا خلا بِنَفسِهِ أظهر شجاعتها _ الْمَعْنى يُرِيد إِذا مَا خلا الجبان بأرضه وَبعد عَن الأقران بِنَفسِهِ طلب الطعْن والمنازلة وتعاطى الْقِتَال والمبارزة فَإِذا أحس بِمن يقاتله رَجَعَ إِلَى طبعه واعتصم بالفرار من قرنه فَكَذَا كَانَ شَأْن الرّوم وشأن سيف الدولة أظهرُوا الْإِقْدَام عَلَيْهِ فَلَمَّا أحسوا بِهِ فروا من بَين يَدَيْهِ وَهَذَا كَمَا تَقول الْعَرَب فِي أَمْثَالهَا كل مجر فِي الْخَلَاء يسر أَي إِذا أجْرى الْإِنْسَان فرسه وَحده سر بجريه فَإِذا قاربه مثله ذهب سروره 33 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد بقلب أَي إِلَّا وَالْقلب مَعَهم حلفوا ليحضرن عُقُولهمْ وليعملن أفكارهم فِي قتالك ثمَّ قَالَ لطالما غرت الْعُيُون يُرِيد كذبهمْ عَنْك كثيرا مَا رَأَوْهُ بعيونهم مغترين مِنْك فطالما اغتروا بمواقعتك فأفنيت جيوشهم وَكَثِيرًا مَا أقدموا فِي الْحَرْب على معاناتك فأتلفت نُفُوسهم 34 - الْغَرِيب آل رَجَعَ يُقَال طبخت الشَّرَاب فآل إِلَى قدر كَذَا أَي رَجَعَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 ورنا إِلَيْهِ يرنوا رنوا إِذا أدام النّظر يُقَال ظلّ رانيا وأرناه غَيره وأرناني حسن مَا رَأَيْت أَي حَملَنِي على الرنو وكأس رنوناة أَي دائمة ووزنها فعللة وَأَصلهَا رنونوة تحركت الْوَاو وَانْفَتح مَا قبلهَا فَانْقَلَبت ألفا فَصَارَت رنوناة وَقَالَ أَبُو عَليّ فعوعلة قَالَ ابْن أَحْمَر (مَدَّتْ عَلَيْهِ المُلْكُ أطْنابَها ... كأسٌ رَنَوْناةٌ وَطِرْفٌ طِمِرَ) _ الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا متناقض الظَّاهِر لِأَنَّهُ أنكر أَن تديم عين النّظر إِلَيْهِ فِي المصراع الأول وَأنكر فِي الثَّانِي أَن يعود طرف رنا إِلَيْهِ وَلم يشخص قَالَ هَذَا يحمل على عُيُون الْأَعْدَاء والأولياء فعين الْعَدو لَا تديم النّظر إِلَيْهِ هَيْبَة لَهُ وَعين الْوَلِيّ تتحير فِيهِ وَتبقى شاخصة فَلَا ترجع إِلَى صَاحبهَا قَالَ وَقَوله فلاقتك من لَاق الشَّيْء والاقه إِذا أمْسكهُ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لم يتَكَلَّم فِيهِ أحد من الشُّرَّاح وَصدق فِي قَوْله لِأَن أحدا من الشُّرَّاح لَا يستحسن أَن يَقُول مثل هَذَا وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه يَقُول أَي عين بَطل تأملتك فلاقاك من اللِّقَاء صَاحبهَا وأقدم على مواقعتك النَّاظر بهَا وَأي شُجَاع مجرب أَو كمي مقدم رنا إِلَيْك طرفه ولاحظتك عينه فَرجع عينه قَاصِدا إِلَيْك وَتعرض للكر مقدما عَلَيْك 35 - الْإِعْرَاب يرْوى للعين بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ فَاعل يشك ويروى بِالنّصب على الذَّم بإضمار أَعنِي أَو أَشمّ اللعين وَقَوله فَهَل هُوَ اسْتِفْهَام تجاهل لِأَنَّهُ علم أَنه لَا يبْعَث الجيوش للنوال _ الْغَرِيب النوال الْعَطاء _ الْمَعْنى يَقُول لم يشك هَذَا اللعين فِي أَنَّك تغلب جَيْشه وتتحكم فِيهِ وتأخذه وتتملكه وتشمل أَهله بِالْقَتْلِ والأسر وَالله تكفل لَك عَلَيْهِ بأبلغ النَّصْر إفتراه إِنَّمَا يجْهر الجيوش إِلَيْك عَطاء لَك يَقْصِدهُ وإتحافا بهم يعتمده 36 - الْإِعْرَاب يرْوى ومرجاه بِالْإِضَافَة وموضعه رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره أَن يصيد أَي صيد الْهلَال ويروى مرجاة بتاء التَّأْنِيث مَنْصُوبَة نصب الْمَفْعُول مَعَه كَقَوْلِك مَالك وزيدا وَأَجَازَ أَبُو الْفَتْح الْخَفْض عطفا على من فالواو فِي الْوَجْه الأول وَاو الْحَال وَفِي الثَّانِي وَاو مَعَ وَفِي الثَّالِث وَاو الْعَطف _ الْغَرِيب الحبائل جمع حبالة وَهِي الْإِشْرَاك ومرجاة مفعلة من الرَّجَاء رَجَوْت فلَانا رَجَاء ورجاوة ومرجاة مثل مسعاة ومعلاة _ الْمَعْنى يَقُول مَا لمن ينصب الْإِشْرَاك فِي الأَرْض وَهَذَا اسْتِفْهَام تعجب يتعجب مِمَّن يفعل هَذَا وَهَذَا مثل يُرِيد بِهِ امْتنَاع سيف الدولة وَبعده عَن أَن تناله يَد عَدو بِسوء فَالَّذِي يفعل هَذَا كمن يروم صيد الْهلَال فِي الأَرْض وَهَذَا إزراء على فعل ملك الرّوم بإقدامه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 على قتال سيف الدولة وَجعله قمرا لعلو مَنْزِلَته ورفعة قدره فيقولى كَيفَ لملك الرّوم أَن يُؤثر فِي الْقَمَر ويعترض على سَابق الْقدر لِأَن الله قد قضى لسيف الدولة بالنصر عَلَيْهِ 37 - الْغَرِيب الدَّرْب الْمدْخل من أَرض الْعَدو والأحدب جبل بِقرب حصن الْحَدث وَالنّهر مَوضِع بِقرب الْحصن والاختلاط بالشَّيْء الالتباس بِهِ وَفُلَان مخلط مزيال أَي مَوْصُوف بالشجاعة وجودة الرَّأْي وَقد وصفوا بِهِ الْفرس إِذا طلب الْخَيل لغارة خالطها وَإِذا طلبته وجدته مزيالا لَا تلْحقهُ قَالَ أَبُو زِيَاد الأيادي (مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ مِكَرٌّ مفَرٌّ ا ... أجْوَلِيّ ذُو مَيْعَةٍ إضْرِيجُ) _ الْمَعْنى يَقُول هَذِه القلعة دونهَا وَدون الْوُصُول إِلَيْهَا رجل مخلط مزيال كثير المخالطة للأمور يخالطها ثمَّ يزايلها يحمي حريمها وَيُقَاتل الْأَعْدَاء عَنْهَا أَو دونهَا ملك مقتدر مزيال عَن أَطْرَاف بِلَاده فَهُوَ يَثِق بِمَا يحميها من هيبته نخلط بالأعداء فِيهَا عِنْد قصدهم لَهَا سريع لَا يتَأَخَّر من سطوته فَهُوَ وَإِن بعد أدنته مِنْهُم قوته وَإِن انتزح قربته مِنْهُم مقدرته 38 - الْإِعْرَاب خالا نَصبه على الْحَال _ الْمَعْنى يَقُول إِنَّه استنقذها من الدَّهْر وَمن الْمُلُوك عصبته على كَذَا أَي قهرته وبناها فِي وجنة الدَّهْر خالا قَالَ الواحدي يجوز أَن يُرِيد بِهِ الشُّهْرَة كشهرة الْخَال فِي الْوَجْه وَيجوز أَن يُرِيد ثُبُوتهَا ورسوخها فَيكون كَقَوْل مزرد (فَمَنْ أرْمِهِ مِنْها بسَهْمٍ يَلُحْ بِهِ ... كَشامَةِ وَجْهٍ ليْسَ للشام للشَّامِ غاسِلُ) _ وَالْمعْنَى أَنه بناها فِي وَجه الدَّهْر كالخال الَّذِي يتزين بِهِ الْوَجْه مَعَ مُخَالفَته للونه ويحسنه مَعَ مَا ثَبت فِيهِ من حسنه فَالْمَعْنى أَن هَذِه الْمَدِينَة قد جلّ قدرهَا فَكَأَن الدَّهْر زين بهَا وَجهه ووسم برفعتها نَفسه وَهَذِه اسْتِعَارَة حَسَنَة لم يعْمل فِي بَيته مثلهَا 39 - الْإِعْرَاب اختيالا ودلالا مصدران فِي مَوضِع الْحَال _ الْغَرِيب الاختيال الزهو والتكبر والدلال الشكل والغنج ودلت الْمَرْأَة تدل بِالْكَسْرِ وتدللت فَهِيَ حَسَنَة الدل والدلال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 _ الْمَعْنى يَقُول هَذِه القلعة لَا تكلم وَلَا تثني وَلَكِن لَو مشت لمشت اختيالا وَلَو تَكَلَّمت لتدللت دلالا تدل على الزَّمَان حَيْثُ لم يقدر عَلَيْهَا أحد فَهِيَ تختال بِمَنْع سيف الدولة لَهَا وَتثني على الزَّمَان دلالا بمدافعته واستعار لَهَا الْمَشْي والدلال لعزتها بِسيف الدولة 40 - الْغَرِيب المطرد الْمُتَّصِل الَّذِي لَا عوج فِيهِ والأكعب العقد الَّتِي تكون بَين أنابيب الرمْح وَاحِدهَا كَعْب والأوجال المخاوف الْوَاحِد وَجل وَهُوَ الْخَوْف والفزع _ الْمَعْنى يَقُول حفظهَا من جور الزَّمَان وَمن المخاوف فقد حماها جور الزَّمَان ومخاوفة بِالرِّمَاحِ المستقيمة يُرِيد أَنه حماها من الرّوم بمسارعته إِلَيْهَا دونهم وإيقاعه عَلَيْهِم فِيهَا 41 - الْغَرِيب الْخَمِيس الْعَسْكَر الْعَظِيم وسمى خميسا لِأَنَّهُ يُخَمّس مَا يجد أَي يَأْخُذهُ وَقيل لِأَنَّهُ خمس فَوق الْمُقدمَة وَالْقلب والميمنة والميسرة والساقة والبئيس الشَّديد الْكثير الشجعان أولى الْبَأْس والافتراس الْأَخْذ وَأَصله دق الْعُنُق _ الْإِعْرَاب نصب الْأَمْوَال بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وَيَأْخُذ الْأَمْوَال فَهُوَ من بَاب (عَلَفْتُها تِبْنا وَماءً بارِداً ... ) الْمَعْنى أَنه أَرَادَ أَن هَذَا الْخَمِيس فِيهِ رجال أَو لَو يأس وَقُوَّة تفترس النُّفُوس وَتَأْخُذ الْأَمْوَال فَالْمَعْنى هِيَ فِي خَمِيس من جَيْشه وَكَثْرَة من جمعه كالأسود الضارية وَالسِّبَاع العادية يفترسون نفوس الْأَعْدَاء وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالهم ويقربون إِلَيْهِم حتوفهم وآجالهم 42 - الْإِعْرَاب ظبا فِي مَوضِع خفض بالْعَطْف على قَوْله فِي خَمِيس وَنصب حَلَالا على الْحَال الْغَرِيب الظيا جمع ظبة وَهِي طرف السهْم وَالسيف قَالَ بشامة بن حزن النَّهْشَلِي (إِذا الكُماةُ تَنَحَّوا أنْ يُصِيبَهُمُ ... حَدُّ الظُّباةِ وَصَلْناها بأيْدِينا) _ وَأَصلهَا ظبو وَالْجمع أظب فِي أقل الْعدَد مثل أدل وظبات وظبون بِالْوَاو وَالنُّون قَالَ كَعْب (تَعاوَرٌ أيَمانُهُمْ بَيْنَهُمْ ... كُئوسَ المَنايا بِجَدَ الظُّبِينا) _ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا مثل ضربه أَي سيوفه معودة للضرب فَهِيَ تعرف بالدربة الْحَلَال من الْحَرَام _ قَالَ ابْن فورجة الْعَادة والدربة ليستا مِمَّا يعرف بِهِ الْحَلَال وَالْحرَام فِي النَّاس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 فَكيف فِيمَا لَا يعقل وَإِنَّمَا يَعْنِي أَن سيف الدولة غاز للروم فَلَا يقتل إِلَّا كَافِرًا قد حل دَمه فنسب ذَلِك إِلَى سيوفه _ قَالَ الواحدي هَذَا كَلَامه وَأظْهر مِنْهُ أَن يُقَال الْمَعْنى بِمَعْرِِفَة الْحَلَال من الْحَرَام أَصْحَابهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ وَذَوي ظبا فَلَمَّا حذف الْمُضَاف عَاد الْكَلَام إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ 43 - الْغَرِيب الأنيس جمَاعَة النَّاس والتفارس التقاتل والاغتيال الْقَتْل بالخديعة الْمَعْنى يُرِيد أَن أنفس الأنيس كالسباع فِيمَا تبتغيه من الْغَلَبَة وتطلبه من الاستعلاء وَالْقُدْرَة فَهِيَ تتفارس سرا وجهرة ومكاشفة وغيلة 44 - الْغَرِيب الغلاب الْغَلَبَة والاغتصاب الْأَخْذ بالقهر _ الْمَعْنى يَقُول من أطَاق أَن يَأْخُذ مِنْهُم شَيْئا قهرا لم يَأْخُذهُ سؤالا ومخادعة وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الْغَلَبَة طبع الْحَيَاة والمسئلة طبع الْمَوْت وَالنَّفس لَا تحب الْمَوْت فَلذَلِك تحب أَخذ الشَّيْء بالغلبة 45 - الْغَرِيب الغضنفر والرئبال اسمان من أَسمَاء الْأسد معروفان _ الْمَعْنى يَقُول كل غاد مِنْهُم لِحَاجَتِهِ ومعتمد لبغيته يود لَو أَنه أَسد بَأْسا وَشدَّة واقتدارا وَقُوَّة ليتناول مَا يَقْصِدهُ بعضله ويستظهر عَلَيْهِ ببأسه وشدته وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الرّوم لم يَفروا من بَين يَدي سيف الدولة أنفًا ومكارهة وَإِنَّمَا كَانَ فرارهم فرقا ومحاذرة لِأَن طبائع الْبشر أَن يستعملوا فِيمَا يطلبونه غَايَة قوتهم وَأَن يتناولوا ذَلِك بأبلغ قدرتهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 - 1 الْغَرِيب الجوى الَّذِي أَصَابَهُ الجوى وَهُوَ دَاء فِي الْجوف والمتبول الَّذِي هيمه الْحبّ وأفسده وأسقمه وَمِنْه قَول الشَّاعِر (تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فِي المَنامِ خَرِيدَةٌ ... تَشْفِي الضَّجِيعَ بِبارِدٍ بَسَّامِ) _ الْمَعْنى يتهم رَسُوله الَّذِي يُرْسِلهُ إِلَى محبوبته بمشاركته فِي حبها فَيَقُول أَن العاشق وقلبك الْفَاسِد وكلنَا مُبْتَدأ وَخَبره جو وَإِنَّمَا ذكرنَا هَذَا لِأَن بَعضهم خفضه على التَّأْكِيد _ قَالَ أَبُو الْفَتْح وَلَا يجوز لِأَنَّهُ يُوجب نصب جو على الْحَال فَيَقُول جويا وَإِن لم يفعل فَهُوَ ضَرُورَة وَمعنى الْبَيْت يَقُول لرَسُوله مالنا أَيهَا الرَّسُول الَّذِي استحفظته إِلَى من أحبه الرسَالَة كلنا جو مَشْغُول بِنَفسِهِ فَأَنا وامق عاشق وَأَنت رَسُول وَالْحب قد قتل قَلْبك وَملك لبك فمالك تشبهني فِيمَا أَلْقَاهُ وتماثلني فِيمَا أقاسيه وأتشكاه 2 - الْمَعْنى يَقُول كلما عَاد إِلَيْهَا من أبعثه وشاهدها من أقصده نَحْوهَا وأرسله ملكه الافتتان بحسنها وشاركني فِي الشغف بحبها وَأظْهر الْغيرَة مني عَلَيْهَا فخانني فِي قَوْله وخالفني فِي جملَة أمره لِأَنَّهُ لما فتنه حسنها حمله على الْخِيَانَة 3 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قلوبهن قَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يعود على الْأَمَانَات وَيجوز أَن يعود على الْعُقُول لما تقدم الضَّمِير الْمَفْعُول كَقَوْلِك لبس ثَوْبه زيد أَي وخانت الْعُقُول قلوبهن _ الْمَعْنى يَقُول لما أفسدت عَيناهَا بسحرهما وَمَا تودعه الْقُلُوب يفنون لحظهما الْأَمَانَات بيني وَبَين من أنزل الثِّقَة بِهِ وأعتقد الْخَلَاص لَهُ وخانت فِيهَا الْعُقُول بفنون لحظها مَا الْأَمَانَات بيني وَبَين من أنزل الثِّقَة بِهِ وأعتقد الْخَلَاص لَهُ وخانت فِيهَا الْعُقُول قلوبها وخذلت الْأَلْبَاب نفوسها فعميت عَن رشدها وَعدلت عَن سَبِيل قَصدهَا وَمعنى خِيَانَة الْعُقُول أَنَّهَا لَا تصور للقلوب حفظ الْأَمَانَة لِأَن الرَّسُول إِذا نظر إِلَيْهَا غلب عَلَيْهِ هَواهَا على الْأَمَانَة الحديث: 192 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 - الْإِعْرَاب النحول رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره مَوْجُود لِأَن حَيْثُ لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الْجمل _ الْغَرِيب الطَّرب خفَّة تحدث عِنْد الْفَرح والحزن وروى الواحدي من ألم الشوق وروايتنا طرب الشوق على شَيْخي _ الْمَعْنى يَقُول المحبوبة الَّتِي أحبها تَشْكُو من الشوق مَا أَشْكُو إِلَيْهَا ثمَّ إِنَّه كنى عَن تكذيبها وَلم يُصَرح بِأَحْسَن الْكِنَايَات بِأَن نحولي يدل على اشتياقي وَمن لم يكن ناحلا لم يكن مشتاقا لِأَن النحول دَلِيل الشوق والمحبة _ وَقَالَ ابْن الإفليلي فِي شَرحه يَقُول لرَسُوله وَهُوَ يعاتبه تظهر من شكوى الْحبّ مَا أظهره وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا الشوق على حَقِيقَته النحول 5 - الْغَرِيب خامر خالط وَلَا بس والصب الشَّديد الشوق وَهُوَ الَّذِي يصبو إِلَى حَبِيبه _ الْمَعْنى يَقُول إِذا خالط قلب محب هوى من يُحِبهُ فملكه وَاسْتولى عَلَيْهِ وغلبه فَفِيمَا يظْهر من تغير حَاله وَيبين من تقسم باله دَلِيل لكل عين على مَا يضمره ومخبر على مَا يجنه ويستره 6 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح مادام هُنَا بِمَعْنى ثَبت كَقَوْلِه تَعَالَى {مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض} أَي ثبتَتْ وَبقيت وتحول تذْهب وتفنى الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته زودينا من حسن وَجهك غير معرضة ومتعينا بِالنّظرِ إِلَيْهِ غير مخيبة فَحسن الْوُجُوه حَال تذْهب وتفنى وتحول ويتبدل جمَالهَا وَيَزُول لِأَن الشبيبة يتلوها الْكبر والأقتبال يُعَاقِبهُ التَّغَيُّر والهرم 7 - الْغَرِيب الْمقَام وَالْمقَام بِالْفَتْح وَالضَّم كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَعْنى الْإِقَامَة وَقد يكون بِمَعْنى مَوضِع الْقيام لِأَنَّك إِذا جعلته من قَامَ يقوم فمفتوح الْمِيم وَإِذا جعلته من أَقَامَ يُقيم فَهُوَ مضموم الْمِيم لِأَنَّهُ شبه ببنات الْأَرْبَع نَحْو دحرج وَقد دحرجنا وَهَذَا مدحرجنا وَقد اخْتلفت الْقُرَّاء فِي قَوْله تَعَالَى {خير مقَاما} فِي سُورَة الدُّخان فَقَرَأَ بِضَم الْمِيم ابْن كثير وَحده وَقَرَأَ حَفْص لَا مقَام لكم بِضَم الْمِيم وَقَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر فِي الدُّخان بِضَم الْمِيم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 فَهَذَا بِمَعْنى الْإِقَامَة وَلم يَخْتَلِفُوا فِي قَوْله {حسنت مُسْتَقرًّا ومقاما} لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْموضع وَعَلِيهِ قَول لبيد (عَفَتِ الدّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها) _ الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته أَو جدينا السَّبِيل إِلَى وصلك نصلك معجبين بك وصلينا فِي هَذِه الدُّنْيَا نسر بذلك ونعترف لَك وَالْإِقَامَة فِي الدُّنْيَا قَليلَة والرحلة عَنْهَا متدانية سريعة 8 - الْإِعْرَاب روى الواحدي بِعَيْنِه وَهُوَ عَائِد إِلَى من وروايتنا بِعَينهَا رَاجع إِلَى الدُّنْيَا _ الْغَرِيب الْقطَّان المقيمون واحدهم قاطن والحمول الْأَحْمَال وَيجوز أَن يكون المتحملين وَقد جَاءَت الحمول بِمَعْنى النِّسَاء المتحملات فِي قَول الْبَارِقي (أمِنْ آلِ شَعْثاءَ الْحُمُولُ البَوَاكِرُ ... معَ الصُّبْحِ قدْ زَالَتْ بِهِنَّ الأباعِرُ) _ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح من رأى الدُّنْيَا بِالْعينِ الَّتِي يجب أَن ينظر بهَا إِلَيْهَا فَإِنَّهَا ترَاهَا رزية فالعين فِي هَذَا الْوَجْه للْإنْسَان وَيجوز أَن يكون للدنيا من قَوْلهم هَذَا عين الشَّيْء أَي حَقِيقَته أَي من عرف الدُّنْيَا حق مَعْرفَتهَا تَيَقّن أَن أَهلهَا راحلون لَا محَالة فَلم يجد بَين القاطن والراحل فرقا فَهَذَا يشوقه وَهَذَا يشوقه لِأَن الرحيل قد شملهما وَالْمعْنَى من رأى الدُّنْيَا بِعَينهَا وتوسمها بحقيقتها شاقة القاطن فِيهَا لقلَّة مقَامه كَمَا يشوقه الظاعن عَنْهَا لسرعة زَوَالهَا كَأَنَّهُ أَرَادَ ذَوي الحمول فَحذف الْمُضَاف وَهُوَ مَنْقُول من قَول عَبدة بن أَيُّوب (وفَارَقْتُهُمْ والدَّهْرُ مَوْقِفُ فُرْقَةٍ ... عَوَاقِبُهُ دارُ الْبِلَى وأوَائِلُهْ) 9 - الْغَرِيب أَدَم بِضَم الدَّال وَفتحهَا إِذا شحب لَونه وَتغَير وَنزع إِلَى السوَاد ظَاهره والقناة قناة الرمْح والذبول اليبس والدقة _ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِن كَانَت الْأَسْفَار غيرت وَجْهي فَلَيْسَ ذَلِك بِعَيْب فِي وَإِن كَانَ عَيْبا فِي غَيْرِي بل هُوَ وصف مَحْمُود فِي كَمَا أَن الذبول وَإِن كَانَ مذموما فَهُوَ فِي الْقَنَاة مَحْمُود لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى صلابتها كَقَوْل الطَّائِي (لانَتْ مَهَزَّتُهُ فَعَزَّ وإنَّمَا ... يَشْتتَدُّ رأسُ الرُّمْحِ حِينَ يَلِينُ) قَالَ وَقَوله بعد بَيَاض لَيْسَ هُوَ مُعْتَرضًا بل هُوَ مُسَدّد للمعنى لِأَنَّهُ لم يبال بِتَغَيُّر لَونه وَإِن كَانَ غَيره من النَّاس هُوَ يستوحش فَإِنَّهُ يحمده من نَفسه وَإِن كَانَ لم يزل آدم لما مدح نَفسه بقلة الفكرة فِي تغير لَونه بعد بياضه ونضرته أَي تَغَيَّرت بعد حسن وشبيبة وَذَلِكَ لما عاينته من الْأَسْفَار وتقلبت فِيهِ من الْأَحْوَال وَأَنا فِي ذَلِك مثل الرمْح الَّذِي تعرب سمرته عَن عتقه وتدل ذبلولته على صلابته وَصدقه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 - الْغَرِيب الفتاة الشَّمْس جعلهَا فتاة لِأَن الزَّمَان لَا يُؤثر فِيهَا كَمَا يُقَال للدهر الأزلم الْجذع أَي طرى لَا يَسْتَحِيل والتبديل التَّغْيِير _ الْمَعْنى يَقُول صحبتني على الفلاة الَّتِي قطعتها فِي سيري والأسباب الَّتِي عاينتها وتجشمتها فتاة لَا يهرم شخصها وَلَا ينتقص حسنها عَادَتهَا فِي الألوان أَن تبدلها وتنقلها إِلَى الأدمة وتغيرها وَقَوله فتاة على سَبِيل الِاسْتِعَارَة لِأَن طُلُوعهَا يَتَجَدَّد فِي كل يَوْم فَهِيَ بكر فِي كل يَوْم 11 - الْغَرِيب الحجال جمع حجلة وَهُوَ بَيت يزين بالثياب والستور وَهُوَ بَيت الْعَرُوس واللمى سَمُرَة تكون فِي الشفتين _ الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته سترتك الحجال عَن هَذِه الفتاة الَّتِي غيرت لوني لِأَنَّك فِي كن عَنْهَا لَا يصيبك حرهَا وَلَكِن بك مِنْهَا تَقْبِيل لما فِي شفتيك من الأدمة كَأَنَّهَا قبلتك فأورثتك هَذَا اللمى الَّذِي فِي شفتيك 12 - الْغَرِيب التَّلْوِيح تَغْيِير الْجِسْم واللون والعطبول الطَّوِيلَة الْعُنُق التَّامَّة الْجِسْم وَجَمعهَا عطابل وعطابيل _ الْمَعْنى يَقُول أَنْت مثل الشَّمْس غيرت لوني وَأَنت أسقمت جسمي وزادت فِي تَأْثِيرا أبهاكما وَهِي أَنْت وَالْمعْنَى أَنْت مماثلة لَهَا بحسنك وَغير بعيدَة مِنْهَا فِي فعلك وكلاكما لَهُ فِي جسمي فعل غَيره وتأثير بُد لَهُ فالشمس لوحته وَأَنت أسقمته وأذهبت نضرته وأنحلته وزدت أَنْت فِي قُوَّة التَّأْثِير وأفرطت فِيمَا أوجبته من التَّغْيِير وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن محبوبته بزيادتها على الشَّمْس فِي حسنها زَادَت عَلَيْهَا فِي فعلهَا 13 - الْغَرِيب نجد مَوضِع بَين الْكُوفَة وَمَكَّة الْمَعْنى أَنه أظهر تجاهلا وَهُوَ عَارِف وَهَذِه طَريقَة الشُّعَرَاء وَالْإِنْسَان إِذا اشتاق إِلَى الشَّيْء سَأَلَ عَنهُ مَعَ علمه بِهِ وَإِذا أحب شَيْئا أَكثر ذكره وَأكْثر السُّؤَال عَنهُ وَإِن كَانَ يعرفهُ كَقَوْل بشر بن أبي خازم (أسائِلُ صَاحِبي وَلَقَد أرَانِي ... يَصِيراً بالظَّعائِنِ حَيْثُ صَارُوا) وكقول الآخر (وخَبَّرَنِي عَن مَجْلِسٍ كُنتَ زَيْنَهُ ... بِحَضْرَةِ قَوْمٍ وَالمَلاءُ شُهُودُ) (فقُلتُ لهُ كُرَّ الحَديثَ الَّذي مَضَى ... وَذِكْرَكَ مِن كَرَ الحَديثِ أُرِيدُ) (أُناشِدُهُ إلاَّ أعادَ حَدِيثَهُ ... كأنّي بَطيءُ الفَهْمِ حِينَ يُعِيدُ) 14 - الْمَعْنى يُرِيد أَن كثيرا من السُّؤَال يبْعَث عَلَيْهِ شدَّة الشوق ويقود إِلَيْهِ استحكام التطلع والتوق دون جَهَالَة توجب القَوْل بِهِ وَقلة معرفَة تحمل على الِاسْتِعْمَال لَهُ وَكثير من الْجَواب تَعْلِيل للسَّائِل دون جهل بِحَقِيقَة مَا يَطْلُبهُ وتأنيس لَهُ مَعَ الاستبانة بجملة مَا يرغبه وَالْمعْنَى الَّذِي حَملَنِي على السُّؤَال الاشتياق وَلَكِن أتعلل بالسؤال عَن الْجَواب 15 - الْإِعْرَاب لَا أَقَمْنَا أَي لم نقم كَقَوْلِه تَعَالَى {فَلَا صدق وَلَا صلى} أَي لم يصدق وَقَالَ الشَّاعِر (وأيَّةُ لَيْلَةٍ لَا كُنْتَ فِيها ... كخاوِي النَّجْمِ يُحْرِقُ مَنْ يُلاقِي) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يكون على الْقسم أَي وَالله لَا أَقَمْنَا _ الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع الْمَعْنى لَا نُقِيم على مَكَان وَإِن طَابَ وَلَا يُمكنهُ الرحيل مَعنا أَي لَا نُقِيم الْبَتَّةَ لِأَن الْمَكَان لَا يرحل مَعنا فَلَا نُقِيم على مَكَان أبدا حَتَّى نَلْقَاهُ إِلَّا أَن يسير الْمَكَان مَعنا فَكَذَلِك نَحن لَا نُقِيم فِي مَكَان وَإِن طَابَ وَقيل نفي النَّفْي إِيجَاب فِي كَلَام الْعَرَب فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا نُقِيم فِي مَكَان إِلَّا أَن يرحل مَعنا وَهَذَا مثل قَول الفرزدق (بأيدي رجال لم يشيمسوا سيوفهم ... وَلم يكثروا بهَا حِين سلت) قيل مَعْنَاهُ لم يشيمسوا سيوفهم إِلَّا بعد أَن كثرت الْقَتْلَى وَفِي الْبَيْت معنى آخر وَهُوَ على التَّقْرِير بِأَن تقرر صفة الشئ وَالْمرَاد ضِدّه فَكَأَنَّهُ قَالَ لم يشيموا وَلم يكثروا الْقَتْلَى أى كثرت جدا وَمِنْه قَول الشنفري (صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيْلٌ بِخِرْقٍ لَا يَمَلُّ الشَّرَّ حَتَّى يَمَلُّوا) مَعْنَاهُ على مَذْهَب التَّقْرِير لَا يمل الشَّرّ وَإِن ملوه وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث إِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا مَعْنَاهُ لَا يجازيكم جَزَاء الْملَل وَإِن مللتم وَجَاء فِي الحَدِيث وَإِن صهيبا لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ مَعْنَاهُ لَو لم يخف أَي أَمن فَكَأَنَّهُ قيل لَو أَمن الله مَا عَصَاهُ وَفِيه معنى آخر وَهُوَ أَن نفي النَّفْي إِيجَاب فَيكون الْمَعْنى أَن صهيبا لَو أَمن الله مَا عَصَاهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 أَي لم يَعْصِهِ وعَلى مَذْهَب التَّقْرِير لَو لم يخف الله مَا عَصَاهُ أَي لم يَعْصِهِ أبدا وَفِيه معنى آخر وَهُوَ أَن لَو فِي الْكَلَام تدل على امْتنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره فَيكون الْمَعْنى الْعِصْيَان امْتنع لأجل الْخَوْف أَي لما خَافَ لم يعْص وَالْمعْنَى الأول وَمَا بعده أبلغ من هَذَا لِأَن مَعْنَاهَا لَو أَمن الله مَا عَصَاهُ وَمعنى هَذَا الآخر أَن الْعِصْيَان امْتنع من أجل الْخَوْف _ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْمَكَان الَّذِي لَا يُمكنهُ الرحيل مَعنا إِلَى سيف الدولة شوقا إِلَيْهِ وَقد بَينه فِيمَا بعد وَقَالَ الواحدي وَيجوز ان يكون على الدُّعَاء كَمَا تَقول لَا فض الله فَاك يَقُول لم تقم فِي الطَّرِيق إِلَيْهِ بمَكَان وَإِن طَابَ ذَلِك الْمَكَان ثمَّ قَالَ وَلَا يُمكن الْمَكَان أَن يرتحل أَي لَو أمكنه لارتحل مَعنا 16 - الْغَرِيب الترحيب بالزائر الاستبشار بِهِ والسبيل الطَّرِيق _ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَعْتَذِرُونَ إِلَى الْأَمَاكِن وَالرَّوْض إِذا رَحبَتْ بهم لأَنهم لَا يقدرُونَ على الْإِقَامَة وَهِي لَا يُمكنهَا الرحيل _ وَقَالَ الواحدي كلما طَابَ لنا مَكَان كَأَنَّهُ يرحب بِنَا لطيب الْمقَام بِهِ قُلْنَا لذَلِك الْمَكَان لَا نُقِيم عنْدك لِأَن قصدنا حلب وَأَنت الْمَمَر فَلَا نقدر أَن نُقِيم عنْدك وَالْمعْنَى كلما رَحبَتْ الرياض بِنَا بِمَا تظهر من حسنها وَمَا تستميلنا بِهِ من زهراتها وطيبها قُلْنَا لَهَا حلب مُسْتَقر سيف الدولة فصدنا الَّذِي نرغبه وغرضنا الَّذِي نعتمد عَلَيْهِ ونطلبه وَأَنت طَرِيق نسلكه وَلَا ننزل فِيهِ ونعمره وَلَا نعرج عَلَيْهِ 17 - الْغَرِيب الوجيف والذميل ضَرْبَان من السّير سريعان _ الْمَعْنى يُخَاطب الرَّوْض يَقُول فِيك مرعى مطايانا وخيلنا وَبِك نستعين على مَا نحاوله من سيرنا إِلَى حلب نوجف مُسْرِعين وإليها نبادر غير متوقفين 18 - الْمَعْنى يُرِيد وَمن يُسمى بالأمير غَيره وَيتَعَاطَى التَّمَكُّن فِي الرّفْعَة كثير مِمَّا نشهده غير مَعْدُوم فِيمَا نعلمهُ وَلَكِن الْأَمِير الَّذِي بحلب نأمل مكارمه وَهُوَ المرجو الَّذِي لَا يُنكر فَضله وفضائله 19 - الْمَعْنى يَقُول سيف الدولة سَافَرت عَنهُ وفارقته فِي شَرق الْبِلَاد وغربها وعطاؤه لم يزل عني وَذَلِكَ أَنه انفذ إِلَيْهِ هَدِيَّة عِنْد وُرُوده الْعرَاق وَهَذَا مثل قَوْله فِيهِ (وَمَنْ فَرَّ مِنْ إحْسانِهِ حَسَداً لهُ ... تَلَقَّاهُ مِنْهُ حَيْثُما سارَ نائِلُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 - الْغَرِيب الْوَجْه مَا تَوَجَّهت إِلَيْهِ وَالْكَفِيل الضَّامِن _ الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد لُزُوم عطائه إِيَّاه وَأَنه لَا يتَوَجَّه وَجها إِلَّا واجهه جوده فَكَأَن كل طَرِيق كَفِيل لنداه بِوَجْهِهِ وَهَذَا مَحْمُول على الْقلب أَرَادَ لي كَفِيل بِوَجْه نداه يرينيه وياتيني بِهِ وَالْقلب شَائِع فِي الْكَلَام كثير فِي الشّعْر يَقُول كل وَجه توجهته كَفِيل لي يُوَجه نداه وَيصِح الْمَعْنى من غير حمل اللَّفْظ على الْقلب وَذَلِكَ أَن مِمَّن واجهك فقد واجهته وَمن استقبلك فقد استقبلته وَالْأَفْعَال الْمُشْتَرك فِيهَا يَسْتَوِي الْمَعْنى فِي إسنادها إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول كَقَوْلِك لقِيت زيدا ولقيني زيد وأصبت مَالا وأصابني مَال وَإِذا كَانَ للندى كَفِيل بِوَجْهِهِ كَانَ لوجهه كَفِيل بالندى وَقَالَ ابْن الإفليلي يَقُول كل وجهة أقصدها وناحية اعتمدها تتكفل بِي لسيف الدولة مزعجة لي إِلَيْهِ وتضمني لَهُ بِكَثْرَة الحض عَلَيْهِ 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يسمع العذل فِي الْجُود وَغَيره يسمع وَالْمعْنَى إِذا عذل جواد فِي الْجُود فَسمع ذَلِك ووعاه ففداء هَذَا الممدوح العاذلون والمعذولون وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد فُؤَادك كل من عذل فِي جوده فَسَمعهُ أَو رده لِأَنَّك فَوْقه جودا وَالْمعْنَى إِذا عذل جواد على جوده وكريم على كرمه ففداؤك الْجواد وعاذله لِأَنَّك نهج سَبِيل الْكَرم وَالْمُنْفَرد بإسداء العوارف وَالنعَم 22 - الْإِعْرَاب موَالٍ مَعْطُوف على قَوْله العذول الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الموَالِي يُرِيد بهَا العبيد هَاهُنَا أَي ينعم على العبيد وَغَيرهم بِتِلْكَ النعم مقتول حسدا وَالْمعْنَى وفداه موَالٍ شملتهم مكارمه وأحيتهم مواهبه وَمن جملَة تِلْكَ الْمَوَاهِب مَا غَيرهم من أعاديه مقتول بهَا يُرِيد أَنه يسلبها من الْأَعْدَاء ويعطيها الْأَوْلِيَاء والموالي الْأَوْلِيَاء وَبَين تِلْكَ النعم بقوله 23 - الْإِعْرَاب قَوْله فرس سَابق هُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره هِيَ فرس وَيجوز أَن يكون بَدَلا من نعم الْغَرِيب من روى سابح فَهُوَ الَّذِي يمد يَدَيْهِ فِي الْحَرْب والدلاص الدروع البراقة الملساء والزغف المحكمة النسيج وَقيل اللينة اللَّمْس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 الْمَعْنى يُرِيد انه يعْطى أولياءه هَذِه الْأَشْيَاء فَتَصِير عونا لَهُم على قتل أعدائه فَهُوَ معنى قَوْله غَيرهم بهَا مقتول فَبين مَا يَهبهُ بِأَنَّهُ من الْخَيل وَالسِّلَاح مِمَّا يُؤذن للَّذي يَهبهُ لَهُ بمقارعة الْأَعْدَاء والتوطين على الصَّبْر عِنْد اللِّقَاء 24 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَعْنِي بالغيوث سيف الدولة وبالسيول موَالِيه ضربه مثلا وَذَلِكَ أَن السَّيْل يكون عَن الْغَيْث فَكَذَلِك موَالِيه بِهِ اقتدوا وغزوا وَقَالَ الواحدي إِذا أَتَت موَالِيه ديار عَدو للغارة قَالَ الْعَدو تِلْكَ الَّتِي رأيناها قبل كَانَت بِالْإِضَافَة إِلَى هَؤُلَاءِ غيوثا بِالْإِضَافَة إِلَى السُّيُول يذكر كَثْرَة موَالِيه 25 - الْغَرِيب دهمته جَاءَتْهُ على بَغْتَة وفجأة والزرد حلق الدرْع والنسيل والنسال بِالضَّمِّ مَا يسْقط من ريش الطير ووبر الْبَعِير وَغَيره الْمَعْنى يُرِيد أَن درع الْعَدو صَارَت كالريش والوبر لقلَّة إغنائها عَنْهُم يُرِيد أَنَّهُمَا غشيتهم بِقُوَّة من الضَّرْب وَشدَّة من الطعْن يتطاير مَعهَا حلق الدرْع الَّتِي قد أحكم سردها وضوعف نسجها كتطاير النسيل عَن الطير وَالدَّابَّة فَيذْهب وَلَا ينْبت وَيسْقط وَلَا يسْتَمْسك 26 - الْغَرِيب الْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم والرعيل الْقطعَة من الْخَيل تقدم الْجَيْش والقنص الصَّيْد الْمَعْنى يُرِيد أَن خيله تصيد خيل الْعَدو والقليل من جَيْشه يأسر الْكثير من عدوه والقطعة من خيله تستأسر الْخَمِيس الَّذين هم خمس كتائب الْقلب والجناحان والمقدمة والساقة فتقتنصها مقتدرة عَلَيْهَا وتغلبها مسرعة إِلَيْهَا ويغلب الْيَسِير مِنْهَا الْجمع الْعَظِيم يُشِير إِلَى سعادته وَأَن سعده يضمن لَهُ ذَلِك 27 - الْإِعْرَاب من روى أَنه فَالضَّمِير رَاجع إِلَى الهول وَمن روى أَنَّهَا فَالضَّمِير رَاجع إِلَى الْحَرْب ويقوى التَّذْكِير أَن زعم الهول يُوجب رد الضَّمِير إِلَيْهِ ويقوى التَّأْنِيث أَن أَعرَضت للحرب فَحسن تَأْنِيث الضَّمِير لأجل تأنيثها الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يهوله شَيْء يرَاهُ وَكَأن الهول يَقُول لَهُ لَا يهولنك مَا ترى وَذَلِكَ أَن التهويل يكون بالْكلَام أَي أَن الْحَرْب إِذا اعترضت لسيف الدولة بادية وعنت لَهُ مسعرة صَار هولها فِي عَيْنَيْهِ لشدَّة جراءته وَمَا يحذر مِنْهَا لإقدامه وأنفته كالتهويل الَّذِي يسْتَقلّ فَلَا تحذر عاقبته ويؤمن فَلَا يعلق بالنفوس مخافته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الزَّمَان مَحْمُول على حَاله صائر إِلَى مثل مآله فَإِذا صَحَّ فالزمان فِي صِحَة وسلامة ودعة واستقامة وَإِذا اعتل فالزمان وَأَهله فِي تشك وَعلة واضطراب وَهَذَا كَمَا يرْوى عَن مُعَاوِيَة انه قَالَ نَحن الزَّمَان فَمن رفعناه ارْتَفع وَمن وضعناه اتضع وروى أَنه سمع رجلا يذم الزَّمَان فَقَالَ لَو يعلم مَا يَقُول لضَرَبْت عُنُقه إِن الزَّمَان هُوَ السُّلْطَان 29 - الْغَرِيب الثَّنَاء الْخَيْر كَيفَ يصرف وَمَا يثني من حَدِيث أَي ينشر الْمَعْنى يَقُول إِذا غَابَ عَن مَكَان فَإِنَّهُ يذكر بِالْخَيرِ وَالْفِعْل الْحسن فَكَأَنَّهُ شَاهد فِيهِ وَقيل إِذا غَابَ عَن مَكَان وَجهه وانتقل إِلَى غَيره شخصه فَفِي الْمَكَان الَّذِي يُفَارِقهُ من طيب خَيره وكرم أَثَره وَجه جميل لَا يعْدم وَذكر كريم لَا يفقد 30 - الْإِعْرَاب إلاك الأجود أَن يَقُول إِلَّا إياك وَلكنه أَتَى بالضمير الْمُتَّصِل فِي مَوضِع الْمُنْفَصِل وَهُوَ جَائِز فِي ضَرُورَة الشّعْر الْمَعْنى يَقُول أَنْت الشجاع فَلَيْسَ أحد من الْمُلُوك يقي عرضه بِسَيْفِهِ إِلَّا أَنْت ملك عالي الهمة رفيع الْقدر سَيْفه مسلول دون عرضه فَهُوَ يغلب من غالبه وَلَا يفوتهُ من طلبه 31 - الْغَرِيب سراياك جمع سَرِيَّة وَقيل هِيَ مَا بَين خمس وَتِسْعين إِلَى ثَلَاث مئة الْمَعْنى يُرِيد أَنه فِي وَجه الْعَدو يدفعهم عَن بِلَاد الْمُسلمين فَكيف لَا يَأْمَن الْعرَاق ومصر وَمَا اتَّصل بهما من بِلَاد الْعَرَب وسراياك دونهمَا وخيولك وفرسانك وجنودك يمْنَعُونَ من أرادها ولولاك لاستبيحت تِلْكَ الْبِلَاد وَلم يتَعَذَّر على الْعَدو فِيهَا المُرَاد 32 - الْغَرِيب التحرف الْميل والسدر جمع سِدْرَة والنخيل جمع نَخْلَة وهما ضَرْبَان تخْتَص كثرتهما بالعراق ومصر أَرَادَ حَتَّى يربطوا خيولهم فِي السدر والنخيل فَكَأَنَّهُ قلب الْمَعْنى فجعهما يربطان خُيُول الْأَعْدَاء وَجعل الْفِعْل للسدر والنخيل توسعا الأنها هِيَ الممسكة إِذا ربط إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا ربطتها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من بَاب الْقلب كَقَوْلِك سَاءَنِي أَمر كَذَا أَي وَقع السوء فِيهِ وَفِيه معنى آخر وَهُوَ أَنه وصف سيف الدولة بالسعادة حَتَّى لَو تحرف عَن طرق من يعاديه لربط السدر والنخيل خيولهم كَقَوْل الآخر (تَرَكُوا جارَهُمُ يَأكُلُهُ ... ضَبُعُ الْوَادِي وَيَرْمِيهِ الشَّجَرْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فيهمَا للعراق ومصر وَيَعْنِي بِهِ كافورا وَآل بويه الْمَعْنى ودرى أَي علم من هُوَ عَزِيز بِالدفع عَنهُ بك وبجيوشك فِي الْعرَاق ومصر أَنه حقير ذليل بِغَلَبَة الْعَدو لَهُ فأولاك لأتاه الْعَدو فَرَأى نَفسه حَقِيرًا ذليلا 34 - الْغَرِيب القفول الرُّجُوع من الْغَزْو وَمِنْه الحَدِيث كَانَ إِذا قفل من غَزْو أَو سفر الْمَعْنى يَقُول أَنْت فِي طول حياتك وَمُدَّة عمرك غاز للروم لَا تتركهم وتلح عَلَيْهِم فَلَا تغفلهم فَمَتَى وَعدك بقفول جيشك وإراحة خيلك مَا أرى غزواتك تَنْقَطِع 35 - الْمَعْنى يُرِيد لَيْسَ أعداؤك الرّوم دون غَيرهم وَإِنَّمَا أعداؤك كثير يُرِيد سوى الرّوم مِمَّن يخالفك من أُمَرَاء الْمُسلمين روم يتربصون بك فعلى أَي جانبيك تميل فِي حربك وَإِلَى أَي ناحيتيك تقصد فِي غزوك 36 - الْغَرِيب المساعي المطالب فِي الْجُود وَالْكَرم وَطلب الْمجد والقنا الرماح والنصول جمع نصل وَهُوَ السَّيْف الْمَعْنى يَقُول لم يبلغ أحد من الْمُلُوك مطالبك الَّتِي قَامَت بهَا رماحك وسيوفك فَالْمَعْنى قعد الْمُلُوك عَن مشكور معاليك وَقصرُوا عَن جليل مساعيك وعجزوا عَن إِدْرَاك شأوك وتأخروا عَن مُسَاوَاة فضلك وَقَامَت السيوف والرماح لَك فِيمَا تطلبه ومكنت جَمِيع مَا تحاوله وترغبه 37 - الْغَرِيب الشُّمُول الْخمر الْبَارِدَة وَهِي الَّتِي ضربتها ريح الشمَال الْمَعْنى يُرِيد أَن غَيره من الْمُلُوك يشتغلون باللهو وَشرب الْخمر وَهُوَ مَشْغُول بِالْحَرْبِ أَي لست كمن يتعاطى مماثلتك من الْأُمَرَاء ويحاول مساواتك من الرؤساء وَهُوَ تدار عِنْده الْخمر وَلَا يقْلع عَن النَّعيم وَاللَّهْو وَأَنت تدار عنْدك أَحَادِيث الْحَرْب 38 - الْمَعْنى يُرِيد لَا أرْضى بِأَن يصل إِلَى عطاؤك وَأَنا بعيد عَنْك لَا أَرَاك وَالزَّمَان يبخل على برؤيتك وَلَا يُوجد لي سَبِيلا إِلَى الِاتِّصَال بك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 - الْغَرِيب التنغيص التكدير والمرتع مَوضِع المرعى والمخصب الْكثير العشب والمرعى وَهُوَ اسْتِعَارَة والهزيل الْبَالِي الْمَعْنى يَقُول نغص بعدِي عَنْك مَا أحَاط بِي من مواهبك وَمَا اتَّصل بِي من عوارفك ومكارمك فمرتعي بِعَطَائِك خصب لَا يجدب وجسمي ببعدي عَنْك هزيل لَا يسمن يُشِير إِلَى اشْتِغَال نَفسه بِقَصْدِهِ وأسفه على فِرَاقه وَبعده يَقُول لست أتهنأ بِعَطَائِك وَلَا أَرَاك فَإِنِّي فِي قرب عطائك مني وبعدي عَنْك كمن يرتعي فِي مَكَان مخصب وَهُوَ مَعَ ذَلِك هزيل 40 - الْغَرِيب التبوؤ الْقَصْد إِلَى الْمنزل وَالْإِقَامَة فِيهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَن تبوآ لقومكما بِمصْر بُيُوتًا} والنيل الْعَطاء والمنيل الْمُعْطِي الْمَعْنى يَقُول إِن تبوأت دَارا غير دَارك ويروى إِن تبوأت غير أَرْضك دَارا يَقُول إِن تبوأت غير دَارك دَارا واستوطنت بَلَدا غير بلدك وأصبت فِيهِ مَالا وسعة وَعَطَاء ومكرمة فَأَنت الْمُعْطِي لذَلِك النّيل وَالْمُنْفَرد بذلك الْفضل لِأَن أوكد وسائلي تدنيني مِنْك وَأَنا مَعْدُود عَلَيْك وَإِن بَعدت عَنْك 41 - الْغَرِيب الرِّيف هُوَ مَا أحدق بسواد الْعرَاق وَهُوَ أَيْضا إقليم عَظِيم بِأَرْض مصر فِي ظَاهرهَا والنيل أَيْضا بِمصْر وَالْأَصْل فِيهِ الأَرْض يكون فِيهَا زرع وخصب وَالْجمع أرياف ورافت الْمَاشِيَة إِذا رعت الرِّيف وأرريفنا إِذا صرنا إِلَى الرِّيف وأرافت الأَرْض إِذا أخصبت وَهِي أَرض ريفة بتَشْديد الْيَاء الْمَعْنى يَقُول إِذا بقيت لي فلي من عَبِيدِي ألف كافور مثل الَّذِي رغبت عَن صحبته وكرهت الْبَقَاء فِي جملَته ولى من نداك عوض من الرِّيف والنيل اللَّذين بهما شرف بَلَده وَفِيهِمَا بسط يَده 42 - الْغَرِيب الرزايا جمع رزية وَهِي الْمُصِيبَة والخبل بِسُكُون الْبَاء الْفساد وَالْجمع خبول وَفِي بني فلَان دِمَاء وخبول يَعْنِي قطع الْأَيْدِي والأرجل وَرجل مخبل كَأَنَّهُ قد قطعت أَطْرَافه وَالْحَبل بِكَسْر الْحَاء الداهية وَالْجمع حبول قَالَ كثير (فَلا تَعْجَلِي يَا عَزُّ أنْ تَتَفَهَّمي ... بِنُصْحٍ أَتى الوَاشُونَ أمْ بِحُبُولِ) الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع قَالَ لي شَيْخي قَالَ على بن حَمْزَة الْبَصْرِيّ قَرَأت على أبي الطّيب هَذَا الْبَيْت فَقَالَ إِنَّمَا قلت تقتك يُقَال تقيت الشَّيْء واتقيته وَقَالَ غَيره من جَمِيع الروَاة اتقتك وَالْمعْنَى إِذا تخطتك وَلم تنلك وتعدتك ومتعني الله ببقائك ودوام رفعتك وأسعدني باتصال مدتك فَلَا أُبَالِي من أَصَابَته آفَات الدَّهْر وخطوبه وَمن قصدته دواهيه وصروفه فَإِن أملي إِنَّمَا هُوَ مَعْقُود بك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 - 1 الْغَرِيب الوفرة الشّعْر التَّام على الرَّأْس الضفرين الضفائر سَمَّاهَا بِالْمَصْدَرِ الْمَعْنى يَقُول لَا يحسن الشّعْر إِلَّا إِذا نشرت ذوائبه وَيَعْنِي بِهَذَا أَنه شُجَاع صَاحب حروب يستحسن شعره إِذا انْتَشَر على ظَهره يَوْم الْقِتَال وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك تهويلا لِلْعَدو 2 - الْغَرِيب يَقُول اعتقل الرمْح وتنكب الْقوس وتقلد السَّيْف والصعدة الرمْح القصيرة ويعلها يسقيها الدَّم مرّة بعد أُخْرَى الْمَعْنى يَقُول حَتَّى تكون منشورة على فَتى فعلى تتَعَلَّق بمنشورة وَهُوَ عيب فِي صَنْعَة الشّعْر يُسمى التَّضْمِين يُرِيد على فَتى يعتقل صعدة وَهِي الْقَنَاة المستوية يسقيها الدَّم من كل رجل أتام السبلة وَهُوَ مَا تقدم من اللِّحْيَة واسترسل من مقدمها فَيَقُول إِنَّمَا يحسن الشّعْر إِذا كَانَ على هَذِه الْحَالة الحديث: 193 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 - 1 الْإِعْرَاب بريا وسليما حالان ومحبي منادى مُضَاف أَي يَا محبي قيامي الْغَرِيب الْقيام الْإِقَامَة وَالْقِيَام الْوُقُوف من قَامَت الدَّابَّة إِذا وقفت وَجمع الْكِنَايَة فِي ذَلِكُم لِأَنَّهُ يُخَاطب جمَاعَة وَقيل الْقيام هَاهُنَا الْقيام إِلَى الشَّيْء أَو بالشَّيْء الْمَعْنى يَقُول أَيهَا المحبون قيامي إِلَى الْحَرْب مَا لنصلكم لَا يقتل وَلَا يجرح وَلَيْسَ فِيهِ آثَار الضَّرْب يُرِيد لم لَا تُعِينُونِي بِالضَّرْبِ إِن أَحْبَبْتُم مقَامي وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يَا من يحب مقَامي وتركي الْأَسْفَار والمطالب وَلم أجرح بنصلي أعدائي وأقتلهم بِهِ 2 - الْغَرِيب الفرند يُقَال بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا وَهُوَ مُعرب وَهُوَ جَوْهَر يسْتَدلّ بِهِ على جودة السَّيْف كالآثار والنقط والهام الرَّأْس والنصل السَّيْف الْمَعْنى يُرِيد أرى من قوتي ونشاطي قِطْعَة من فرند هَذَا السَّيْف يُرِيد أَن للسيف حِدة ومضاء كحدته ومضائه وَإِذا لم يكن السَّيْف جيد الصقل لم يجد بِهِ الضَّرْب وَإِذا نصب وجودة فَمَعْنَاه أرى جودة الضَّرْب فِي جودة صقله أَي قد أجيد صقله ليجود بِهِ الضَّرْب 3 - الْغَرِيب خضرَة ثوب الْعَيْش اسْتِعَارَة من خضرَة النَّبَات والنبات إِذا كَانَ أَخْضَر كَانَ رطبا نَاعِمًا ويحمد من السَّيْف مَا كَانَ مشربا خضرَة كَقَوْل الشَّاعِر (مُهَنَّدٌ كأنَّمَا طابِعُهُ ... اشْرَبَهَ بالهِنْدِ ماءَ الهِنْدَبا) وَقد قَالَ البحترى (حَمَلَتْ حَمائِلُهُ القَدِيِمَةُ بَقْلَةً ... مِنْ عَهْدِ عادٍ غَضَّةً لَمْ تَذْبُلِ) واحمرار الْمَوْت شدته وَمَوْت أَحْمَر أَي شَدِيد وَأَصله من الْقَتْل وجريان الدَّم ومدرج النَّمْل مدبه وَهُوَ حَيْثُ درج فِيهِ بقوائمه فأثر آثارا دقيقة الْمَعْنى جعل النصل مدرج النَّمْل لما فِيهِ من آثَار الفرند فَيَقُول طيب الْعَيْش فِي السَّيْف أَي فِي اسْتِعْمَاله وَالضَّرْب بِهِ الحديث: 194 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن القطاع الصَّحِيح من معنى هَذَا الْبَيْت أَن مَا نكرَة بِمَعْنى شَيْء مَوْضُوعَة للْعُمُوم كَأَنَّهُ قَالَ أمط عَنْك تشبيهي بِشَيْء من الْأَشْيَاء كَمَا أَنَّك تَقول مَرَرْت بِمَا معجب لَك أَي بِشَيْء معجب لَك وَقَالَ الجراجاني لَا تقل مَا هُوَ إِلَّا كَذَا وَكَأَنَّهُ كَذَا وَإِذا قلت مَا هُوَ إِلَّا الْأسد وَكَأَنَّهُ الْأسد فقد أثبت مَا لتحقيق التَّشْبِيه كَقَوْل لبيد (وَما المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وَضَوْئهِ ... ) وَقَالَ الربعِي عَن المتنبي أردْت مَا أشبه فلَانا بفلان وَقَالَ عَليّ بن فورجة هَذِه مَا الَّتِي تصْحَب كَأَن إِذا قلت كَأَنَّمَا زيد الْأسد وَإِلَيْهِ ذهب الْخَطِيب قَالَ يُرِيد أمط عَنْك تشبيهي بِأَن تَقول كَأَنَّهُ الْأسد وكأنما هُوَ اللَّيْث وَهُوَ قَول رَدِيء بعيد عَن الصَّوَاب لِأَن أَبَا الطّيب قد فصل مَا من كَأَن وقدمها عَلَيْهِ وأتى فِي مَكَانهَا بِالْهَاءِ فاتصال مَا بكأنه غير مُمكن لفظا وَلَا تَقْديرا وَهِي مَعَ ذَلِك لَا تفِيد معنى إِذا اتَّصَلت بكأن فَكيف إِذا انفصلت مِنْهُ وقدمت عَلَيْهِ وَهِي فِي الْأَقْوَال الثَّلَاثَة مُنْفَصِلَة قَائِمَة بِنَفسِهَا تفِيد معنى وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هِيَ استفهامية وَفِي قَول الْجِرْجَانِيّ نَافِيَة وَفِي قَول الربعِي تعجبية والكافة إِنَّمَا تدخل لتكف عَن الْعَمَل لَا لِمَعْنى تحدثه بِمَنْزِلَة الزَّائِدَة وَقَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري اللفظان اللَّذَان مثل بهما أَبُو زَكَرِيَّا يحيى ابْن عَليّ التبريزي كَأَنَّهُ وكأنما فهما كَأَن وَحدهَا لِأَن معنى كَأَن وكأنما وَاحِد فَلَا فرق بَين أَن يَقُول أمط عَنْك تشبيهي بكأن وكأنما فَهُوَ فَاسد من كل وَجه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُجيب بِهِ إِذا سُئِلَ عَن هَذَا أَنه يعْتَبر كَأَن قَائِلا قَالَ بِمَا يشبه فَيَقُول الآخر كَأَنَّهُ الْأسد فَقَالَ هُوَ معرضًا عَن هَذَا القَوْل أمط عَنْك تشبيهي بِمَا وَكَأَنَّهُ فَلَمَّا جَاءَ بِحرف التَّشْبِيه ذكر مَا فِي التَّشْبِيه وَقَالَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ مَا هَاهُنَا اسْم بِمَعْنى الَّذِي يُقَال لمن يشبه بالبحر كَأَنَّهُ مَا هُوَ نصف الدُّنْيَا يعنون الْبَحْر لِأَن الدُّنْيَا بر وبحر وَيَقُولُونَ كَأَنَّهُ مَا هُوَ سراج الدُّنْيَا يعنون الشَّمْس وَالْقَمَر وَلما كَانَ لَفظهَا فِي الْمُشبه بِهِ ذكره المتنبي مَعَ كَأَن الْغَرِيب الإماطة الرّفْع والتنحية وَمِنْه إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق الْمَعْنى يَقُول لَا تشبهني بِأحد وَلَا تقل كَأَنَّهُ وَمَا مثله فَأَنا مَا فَوقِي أحد فَلَا يشبهني بِشَيْء وَهَذَا قَوْله فِي حَال الصِّبَا مَعَ شدَّة حمقه فِي الكهولة 5 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي إِيَّاه للسيف الْغَرِيب الطّرف الْفرس الْكَرِيم وَجمعه طروف والذابل مَا لَان واهتز من الرماح الْمَعْنى يَقُول دَعْنِي وسيفي وفرسي حَتَّى تَجْتَمِع فنكون فِي رَأْي الْعين شخصا وَاحِدًا وَمن روى نَكُنْ وَاحِدًا ونلق بالنُّون فَهُوَ مجزوم لِأَنَّهُ بدل من قَوْله نَكُنْ كَقِرَاءَة الْقُرَّاء سوى عبد الله بن عَامر وَأبي بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب بِالْجَزْمِ بدل من قَوْله {يلق أثاما} وَمن روى يلقى بِالْيَاءِ فَهُوَ وصف لوَاحِد النكرَة وَهُوَ مَرْفُوع وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَقد لَاذَ فِي هَذَا الْبَيْت بقول ذِي الرمة (وَليْلِ كجِلْبابِ العَرُوسِ ادَّرَعْتُهُ ... بأرْبَعَةٍ والشَّخصُ فِي العَينِ وَاحِدُ) (أحَمُّ غُدَافِيّ وأبْيَضُ صَارِمٌ ... وأعْيَسُ مَهْرِيّ وأرْوَعُ ماجِدُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 - 1 الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح أخبر عَن نَفسه فَقَالَ أَنا أعيش وأيسر مَا قاسيت مَا قتل وَيحْتَمل وَجها آخر وَهُوَ أَن يكون فِي معنى أفعل الَّتِي للتفضيل أَي أَشد مَا يكون فِي الْإِنْسَان وأيسر مَا قاسيت شَيْء قَاتل فَكَأَن الْكَلَام على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أَي الشَّيْء الَّذِي يقتل أحيى وأيسر مَا لاقيت أَو مَا أَلْقَاهُ وَإِذا حمل على هَذَا الْوَجْه فقد حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ أَي أحيى مَا لاقيت وأيسر مَا لاقيت وهم يستعملون هَذَا فِي الشّعْر وَلَو قلت فِي النثر أفضل وَأكْرم النَّاس زيد تُرِيدُ أفضل النَّاس وَأكْرمهمْ لقبح وَإِنَّمَا الفصيح أكْرم النَّاس وأفضلهم وَقَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري أَحْيَا فعل الْمُتَكَلّم وَالْجُمْلَة الَّتِي هِيَ ايسر الخ فِي مَوضِع النصب على الْحَال من الْمُضمر فِي أَحْيَا أَي أعيش وَأَقل مَا قاسيت وأهون الْأَشْيَاء الَّتِي قاسيتها فِي الْهوى الشَّيْء الَّذِي قتل المحبين الْغَرِيب الْجور ضد الْعدْل وَهُوَ الْعُدُول عَن الْقَصْد والميل عَنهُ وجوره تجويرا نسبه إِلَى الْجور الحديث: 195 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 الْمَعْنى يَقُول أَحْيَا وأهون مَا قاسيت الَّذِي قتل وَهَذَا الْفِرَاق جَائِر عَليّ مَعَ ضعْفي وَقَوله وَمَا عدلا كرر الْمَعْنى يُقَال جَار وَمَا عدل وَالْمَفْهُوم أَن الجائر قد علم مِنْهُ أَنه لم يعدل وَإِنَّمَا كَرَّرَه لِأَن الجائر فِي وَقت قد يعدل فيوصف بالجور إِذا جَار وبالعدل إِذا عدل وَهَذَا جَار عَلَيْهِ وَمَا عدل وَمثله فِي الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى {أموات غير أَحيَاء} فتوصيفها بِالْمَوْتِ يدل أَنَّهَا أموات فَالْمَعْنى أَنَّهَا أموات لَا تحيا فِي الْمُسْتَقْبل كَمَا يحيا النَّاس عِنْد الْبَعْث وَالْمعْنَى أَنه جَار على ضعْفي بمقاساة الْهوى وَلم يعدل حِين فرق بيني وَبَين أحبتي 2 - الْغَرِيب الوجد الْحزن والشوق والنوى الْبعد الْمَعْنى يَقُول الشوق والحزن زائدان كَمَا يزْدَاد الْبعد كل سَاعَة وَالصَّبْر قَلِيل ضَعِيف كَمَا يضعف الْجِسْم ويقل ويبلى 3 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن القطاع لَهَا هِيَ الفاعلة والمنايا فِي مَوضِع خفض بِالْإِضَافَة وَالْمعْنَى وجدت لَهَوَات المنايا فلهَا جمع لهاة وَقَالَ قَالَ لي شَيْخي مُحَمَّد ابْن عَليّ التَّمِيمِي قَالَ لي أَبُو عَليّ بن رشدين قلت للمتنبي عِنْد قراءتي عَلَيْهِ أضمرت قبل الذّكر قَالَ لَيْسَ كَذَلِك وَلَيْسَت المنايا فاعلة وَإِنَّمَا هِيَ فِي مَوضِع خفض وَقَالَ الشريف هبة الله بن مُحَمَّد فِي أَمَالِيهِ لَهَا من الحشو لِأَن الْمَعْنى غير مفتقر إِلَيْهَا الْغَرِيب المنايا جمع منية وَهِي الْمَوْت والسبل جمع سَبِيل وَهِي الطَّرِيق وَإِنَّمَا جمعهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ صِحَة الْمَعْنى لِأَن فِرَاق الحبيب يُوجد للمنية سَبِيلا مباينة للسبل الَّتِي جرت عَادَة الْمنية بِهِ وَذَلِكَ أَن فِرَاقه إِنَّمَا يكون فِي الْأَغْلَب مَعَ الهجر والمنية تدْرك بِهِ من طَرِيق الْعِشْق وَطَرِيق الْفِرَاق وَطَرِيق الشوق وَطَرِيق الْعَجز طرقا شَيْء فَلذَلِك اسْتعْمل الْجمع والسبيل تذكر وتؤنث قَرَأَ أَبُو بكر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وليستبين سَبِيل بِالْيَاءِ وَقَرَأَ نَافِع بِالتَّاءِ وَنصب السَّبِيل على الْخطاب للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ على التَّأْنِيث وَرفع السَّبِيل الْمَعْنى يُرِيد لَوْلَا الْفِرَاق لما كَانَ للمنية طَرِيق إِلَى الْأَرْوَاح وَإِنَّمَا توسلت إِلَيْهَا بطرِيق فِرَاق الأحباب وَهَذَا من قَول أبي تَمام (لَو جاءَ مُرتادُ المَنِيَّةِ لَم يَجد ... إلاَّ الفرَاقَ عَلى النُّفُوسِ دَليلاً) 4 - الْإِعْرَاب الْفَاء جَوَاب أما لِأَنَّهَا أسبق وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 الْجَواب الْمَذْكُور وَمثله قَوْلك وَالله إِن تزرني لأكرمنك بِجعْل الْجَواب للقسم لتقدمه وسد جَوَاب الْقسم مسَّد جَوَاب الشَّرْط وَإِذا قدمت الشَّرْط جعلت الْجَواب لَهُ فَتَقول إِن تزرني وَالله أكرمك وَجَاء فِي التَّنْزِيل من ذكر جَوَاب الأسبق لَئِن أخرجُوا لَا يخرجُون مَعَهم لما كَانَت اللَّام مؤذنه بالقسم كَانَ الْجَواب لَهُ وَقَوله يهوى يجوز فِيهِ الْجَزْم وَالرَّفْع فَمن رَفعه جعله وَصفا لدنف وَمن جزمه جعله جَوَاب صلى لِأَن الْأَمر أحد الْأَشْيَاء الَّتِي تنوب عَن الشَّرْط فَهُوَ فِي الرّفْع والجزم كَقَوْلِه تَعَالَى {أرْسلهُ معي ردْءًا يصدقني} بِالْجَزْمِ كَقِرَاءَة نَافِع وبالرفع وَكَقَوْلِه {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي} بِالْجَزْمِ كَقِرَاءَة أبي عَمْرو وَعلي بن حَمْزَة وبالرفع كَقِرَاءَة البَاقِينَ الْغَرِيب الدنف الْمَرِيض والدنف بِالتَّحْرِيكِ الْمَرَض الملازم وَرجل دنف بِفَتْح النُّون وَامْرَأَة دنف أَيْضا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْجمع والتثنية فَإِن قلت دنف بِكَسْر النُّون ثنيت وجمعت وَذكرت وأنثت ودنف بِالْكَسْرِ ثقل فِي الْمَرَض وأدنفه الْمَرَض يتَعَدَّى وَلَا يتعدي الْمَعْنى أَنه أقسم عَلَيْهَا بِسحر ألحاظها أَن تصل مَرِيضا يهوى الْحَيَاة بوصالها وَأما مَعَ صدودها فَلَا يهوى الْحَيَاة وَلَا يريدها وَيُرِيد بِسحر الجفون أَنَّهَا إِذا نظرت تغلب عقول الرِّجَال وتصيد قُلُوبهم فَكَأَنَّهَا سحرتهم وَهُوَ من قَول دعبل بن عَليّ الْخُزَاعِيّ الْكُوفِي (مَا أطْيَبَ العَيْشَ فأمَّا عَلى ... أَن لَا أرَى وَجْهَكِ يَوْما فَلا) (لَوْ أنَّ يَوْما مِنْكِ أوْ ساعَةً ... تُباعُ بالدُّنْيا إذَنْ مَا غَلا) 5 - الْغَرِيب النصول ذهَاب الخضاب تَقول نصل الخضاب إِذا ذهب والسلوة ذهَاب الْمحبَّة سلا يسلو سلوا إِذا أقلع عَن الْمحبَّة الْمَعْنى يَقُول هَذَا الدنف إِلَّا يشب رَأسه أَو لحيته فَلَقَد شابت كبده واستعار شيب الكبد وَهُوَ قَبِيح نَقله من شيب الْفُؤَاد وَالْمعْنَى شَاب فُؤَاده من حرارة الشوق فَإِذا خضبت السلوة ذَلِك الشيب ذهب الخضاب وَلم يثبت لِأَن سلوته لَا تدوم وَلَا تبقى وَإِذا زَالَت السلوة زَالَ خضاب فُؤَاده وَعَاد شَيْبه إِلَى أَكثر مَا كَانَ وَهَذَا من قَول أبي تَمام (شابَ رأسِي وَما رأيْتُ مَشِيبَ الرْأْسِ ... إلاَّ مِنْ فَضْلِ شَيْبِ الفُؤادِ) 6 - الْمَعْنى من روى يحن بِالْحَاء فَهُوَ من حن يحن حنينا أَي يشتاق وَمن روى يجن بِضَم الْيَاء وَفتح الْجِيم فَهُوَ من الْجُنُون وَبِه قَرَأت الدِّيوَان على شَيْخي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 أبي الْحرم وَأبي مُحَمَّد وَبدل عَلَيْهِ قَوْله عقلا وَيكون فِيهِ الْمُطَابقَة بَين الْجُنُون وَالْعقل وَالْمعْنَى أَن هَذَا الدنف يصير مَجْنُونا لشدَّة شوقه ووجده فلولا أَنه يجد رَائِحَة شرقية من قبل أحبائه لما رَجَعَ إِلَيْهِ الْعقل وَلكنه إِذا وجد ريح الْمشرق من قبل أحبائه خف جُنُونه وَقد نظر فِيهِ إِلَى قَول عبد الله بن الدمينة (وأسْتَنشِقُ النَّسْماءَ مِنْ نحوِ أرْضِكُم ... كأَني مَريضٌ والنَّسِيمُ طَبِيبُ) 7 - الْإِعْرَاب هَا للتّنْبِيه وَالْمعْنَى هَا أَنا ذَا وَترى جَوَاب الْأَمر وَقَوله فقد وَألا جَوَاب الشَّرْط الْغَرِيب الحرق جمع حرقة وَقَوله وأل تَقول وأل الرجل يئل إِذا نجا الْمَعْنى يَقُول هَا أَنا ذَا فانظري إِلَى أَو فكري فِي إِن لم تنظري أَي استعملي نَفسك فِي الرُّؤْيَة والروية ترى من أَمْرِي مَا يسوءك فَعَسَى أَن ترحميني لما تَرين بِي من حرق من حبك من لم يجد الْقَلِيل مِنْهَا فقد نجا من بلَاء الْحبّ وَقد وصف فِي عجز الْبَيْت مَا ذكره من الحرق مُجملا مَا فَصله البحتري فِي قَوْله (أعِيدِي فيَّ نَظْرَةَ مُسْتَشِيبٍ ... تَوَخَّى الأجْرَ أوْ كره الأثاما) (تَرَى كَبِداً مُحَرَّقَةً وَعَيناً ... مُؤَرَّقَةً وَقَلْبا مُسْتَهاما) 8 - الْإِعْرَاب عل حرف ذهب أَصْحَابنَا الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن لامه الأولى أَصْلِيَّة وَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا زَائِدَة حجتهم أَنَّهَا حرف والحروف كلهَا حروفها أَصْلِيَّة لِأَن حُرُوف الزِّيَادَة الْعشْرَة الَّتِي يجمعها الْيَوْم تنساه إِنَّمَا تخْتَص بالأسماء وَالْأَفْعَال فَأَما الْحُرُوف فَلَا يدخلهَا شَيْء من هَذِه الْحُرُوف على سَبِيل الزِّيَادَة بل يحكم على حروفها كلهَا بِأَنَّهَا أَصْلِيَّة فِي كل مَكَان على كل حَال أَلا ترى أَن الْألف لَا تكون فِي الِاسْم وَالْفِعْل إِلَّا زَائِدَة أَو منقلبة وَلَا يجوز أَن يحكم عَلَيْهَا فِي مَا وَلَا بِأَنَّهَا زَائِدَة أَو منقلبة بل يحكم عَلَيْهَا بِأَنَّهَا أَصْلِيَّة فَدلَّ على أَن اللَّام الأولى فِي لَعَلَّ أَصْلِيَّة وَالَّذِي يدل على ذَلِك أَيْضا أَن اللَّام خَاصَّة لَا تكَاد تزاد إِلَّا على سَبِيل الشذوذ فَكيف يحكم عَلَيْهَا بِزِيَادَة فِيمَا لَا يجوز فِيهِ الزِّيَادَة بِحَال وَحجَّة الْبَصرِيين أَنهم وجدوها فِي كَلَام الْعَرَب وَأَشْعَارهَا كَقَوْل نَافِع الطَّائِي (وَلَسْتُ بلَوَّامٍ عَلى الأمْرِ بَعْدَما ... يَفُوتُ وَلَكِنْ عَلَّ أنْ أتَقَدَّما) وكقول الآخر (لَا تُهينَ الفَقِيرَ عَلَّكَ أنْ ... تَرْكَعَ يَوْما والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 وَمن روى فَيشفع بِالرَّفْع عطفه على قَوْله يرى وَمن نَصبه جعله جَوَابا لِلتَّمَنِّي كَقِرَاءَة حَفْص عَن عَاصِم لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَوَات فَأطلع بِالنّصب الْغَرِيب الشَّفَاعَة السُّؤَال لصَاحب الْأَمر فِي عَفْو وَغَيره تَقول تشفعت إِلَيْهِ فِي زيد فشفعني فِيهِ تشفيعا واستشفعته إِلَى فلَان سَأَلته أَن يشفع لي إِلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول لَعَلَّ الْأَمِير الممدوح إِذا رأى ذلي وضعفي فِي الْهوى يشفع لي إِلَى من أحبها يضْرب فِي الْمثل فِي الْعِشْق لتواصلي بِشَفَاعَتِهِ قَالَ الواحدي هُوَ من قَول أبي نواس (سأشْكو إِلَى الفضْل بنِ يَحْيى بنِ خالِدٍ ... هَوَاها لَعَلَّ الفَضْلَ يَجْمَعُ بَيْنَنا) وَقَول أبي نواس احسن من قَول المتنبي لِأَن الْجمع يُمكن بَان يُعْطِيهِ مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى محبوبته والشفاعة تكون بِاللِّسَانِ وَذَلِكَ نوع قيادة على أَنِّي سَمِعت الْعَرُوضِي يَقُول سَمِعت الشعراني يَقُول لم أسمع أَبَا الطّيب ينشده إِلَّا فيشفعني من قَوْلهم كَانَ وترا فشفعته بآخر وَإِلَى آخر فَيكون كَقَوْل أَبى نواس 9 - الْغَرِيب الاعتقال أَن يحمل الرمْح بَين سَاقه وركابه الْمَعْنى يَقُول علمت وتيقنت أَن الممدوح يطْلب بدمى إِن سفكته الحبيبه وَيَأْخُذ مِنْهَا ثَأْرِي وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْته قد اعتقل رمحه عِنْدَمَا توجه لقِتَال الْأَعْدَاء فَعلمت أَنه يدْرك ثأر أوليائه قَالَ الواحدي هُوَ من قَول المؤمل (لَمَّا رَمَتْ مًهْجَتِي قالَتْ لِجارِتِها ... إنّي قَتَلْتُ قَتِيلاً مَا لَهُ خَطَرُ) (قَتَلْتُ شاعِرَ هَذَا الحَيَ مِنً مُضَرٍ ... وَاللَهِ وَاللَهِ مَا تَرْضَى بِهِ مُضَرُ) 10 - الْغَرِيب يروي فضل نائله وَهُوَ الْعَطاء وزحل نجم من النُّجُوم السيارة وَهُوَ أبعدها عَن الأَرْض وسمى زحلا لِأَنَّهُ زحل وتنحي وَهُوَ معدول عَن زاحل كعمر عَن عَامر الْمَعْنى يَقُول علمت أنني فَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله أَن سعيدا أَي وأنني غير قَادر على إحصاء فَضله وَفضل أَبِيه أَو فضل عطائه وَإِنِّي أنال زحلا دون نيلي لوصفه وَهَذَا من الْمُبَالغَة 11 - الْإِعْرَاب رفع قيل على حذف الِابْتِدَاء أَي هُوَ قيل وَقَالَ قوم هُوَ بدل من قَوْله طَالب خبر أَن فِي الْبَيْت الأول ومثواه مُبْتَدأ خَبره بمنبج ونائله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 مُبْتَدأ وَخَبره فِي الْأُفق وَيسْأل فِي مَوضِع الْحَال وَالْبَاء مُتَعَلقَة بالاستقرار وَعَن مُتَعَلق بيسأل الْغَرِيب منبج بلد بِالشَّام يبعد عَن الْفُرَات مرحلة والقيل بلغَة حمير الْملك الْعَظِيم والمثوى الْمنزل ثوى بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ وَنزل بِهِ وَمِنْه قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ {لنثوينهم من الْجنَّة غرفا} الْمَعْنى يُرِيد أَنه مُقيم بمنبج وعطاؤه يطوف الْآفَاق يسْأَل عَمَّن سَأَلَ غَيره من النَّاس ليغنيه عَن مسئلتهم أَو يعتبه إِذْ لم يسْأَل هَذَا الممدوح فَهُوَ يَأْتِي إِلَى كل سَائل وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الطَّائِي (فأضْحَت عَطاياهُ نَوَازِعَ شُرَّدَا ... تْائِلُ فِي الآفاقِ عَنْ كُل سائِلِ) وَمن قَول أبي الْعَتَاهِيَة (وَإنْ نَحْنُ لَمْ نَبْغِ مَعْرُوفَهُ ... فَمَعْرُوفُهُ أبَداً يَبْتَغِينَا) وَمن قَول الطَّائِي أَيْضا (وَفَدَتْ إِلَى الأقْطارِ مِنْ مَعْرُوفهِ ... نِعَمٌ تُسائِلُ عَنْ ذَوِي الإقْتارِ) وَمن قَوْله أَيْضا (فإنْ لم يَفِدء يَوْما إلَيْهِنَّ طالِبٌ ... وَفَدْنَ إِلَى كْلّ امْرِئٍ غَيرِ طالِبِ) وَقد أَخذ هَذَا الْمَعْنى السرئ الْموصِلِي بقوله (بَعَثَ النَّدَى فِي الخافِقَيْنِ ... مُسائِلاً عَنْ كْلّ سائِلْ) 12 - الْغَرِيب الْغرَّة غرَّة الْوَجْه وَهُوَ الْبيَاض الَّذِي يكون فِي وَجه الْفرس والهيجاء الْحَرْب يقصر ويمد الْمَعْنى يُرِيد أَن وَجهه لحسنه يضئ كالبدر فِي ظلام اللَّيْل وَإِذا لَقِي الْأَعْدَاء فَإِن الْمَوْت يحمل مَعَه ويصول عَلَيْهِم فيقتلهم فالموت من أعوانه 13 - الْغَرِيب كلاب قَبيلَة وجناب قَبيلَة عدوه وَقَوله يسْبق العذلا هُوَ مثل يُقَال سبق السَّيْف العذل وَأَصله من قَول رجل قتل فِي الْحَرْب فعذل على ذَلِك فَقَالَ سبق سَيفي عذلكم الْمَعْنى يَقُول ترابه كحل لأعين كلاب يكتحلون بِهِ هَذَا قَول الواحدي وَقَالَ أَبُو الْفَتْح ترابه فِي أعين كلاب لِأَنَّهُ لَا تغبهم غاراته وقساطله وَلَا يغمد عَنْهُم سَيْفه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 - الْغَرِيب سَمَاء الْفَخر اسْتِعَارَة حَسَنَة والمخترق مَوضِع الاحتراق وَيُرِيد بِهِ المصعد فِي الْهَوَاء كَأَنَّهُ يشق الْهَوَاء والنور مَا أشتهر وَسَار من فَضله الْمَعْنى يَقُول لفخره علو وارتفاع فنوره يصعد فِي سَمَاء الْفَخر وَلَو صعد فكر واصفه فِي ذَلِك النُّور طول دهره مَا نزل لِأَنَّهُ يصعد على إِثْر ذَلِك النُّور فَلَا يلْحقهُ لِأَنَّهُ قد علا فَوق كل شَيْء ذكره وَصيته علوا لَا يدْرك بالوهم والفكر 15 - الْإِعْرَاب لم يصرف تَمِيم لِأَنَّهُ أَرَادَ الْقَبِيلَة فَاجْتمع فِيهِ التَّعْرِيف والتأنيث وقدما بِمَعْنى قديم وَهُوَ مَنْصُوب لِأَنَّهُ نعت ظرف مَحْذُوف يُرِيد زَمَانا قَدِيما الْغَرِيب الْحِين الْهَلَاك وبادت هَلَكت وَكَانَ حَقه أَن يَقُول ساقت إِلَيْهِم آجالهم حينهم لِأَن الْأَجَل يَسُوق الْحِين وَلكنه قلب فَجعل الْحِين يَسُوق الآجل وَهُوَ جَائِز لقرب أَحدهمَا من الآخر لِأَن الْأَجَل إِذا تمّ وانقضى حصل الْحِين فَكَأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا سائق للْآخر الْمَعْنى يُرِيد أَنه الْأَمِير المطاع فِي قومه الَّذِي كَانَ هَلَاك بني تَمِيم بِهِ وعَلى يَده زَمَانا قَدِيما وَبِه سَاق الْحِين إِلَيْهِم آجالهم 16 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ طيب الأَصْل لِأَن جده كَانَ مبرأ من الْعُيُوب وَهُوَ مبارك يسْتَنْزل بِهِ الْقطر من الْغَمَام فيسقى الله بِهِ وَهُوَ عذب الْأَخْلَاق يستحلى خلقه كَأَنَّهُ معسول ممزوج بالعسل 17 - الْغَرِيب الْعوَان الَّتِي قوتل فِيهَا مرّة بعد أُخْرَى وَالْحلَل جمع حلَّة وَهِي الْمنَازل الَّتِي حلوها الْمَعْنى يَقُول لما رأى بَنو تَمِيم هَذَا الممدوح وخيله المنصورة قد أَقبلت إِلَيْهِم وَلم تقَاتلهمْ بعد تركُوا مَنَازِلهمْ وَهُوَ بوافي أول الْأَمر قبل الْقِتَال وَقَالَ الواحدي لَا يجوز أَن يكون خيل النَّصْر اسْتِعَارَة لِأَنَّهُ يلْزم من وجود النَّصْر وإقباله انهزام الْعَدو فَلَا يكون فِيهِ مدح وَإِنَّمَا مُرَاده أَنهم لما رَأَوْا خيله مقبلة انْهَزمُوا لعلمهم أَنهم المنصورون فِي جَمِيع الحروب 18 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ رأى فِي هَذَا الْبَيْت لَيست من رُؤْيَة الْعين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 وَإِنَّمَا هُوَ من رُؤْيَة الْقلب يُرِيد بِهِ التَّوَهُّم وَغير الشَّيْء يجوز أَن يتَوَهَّم وَمثله كثير وَقَالَ ابْن القطاع قد أوخذ فِي هَذَا الْبَيْت فَقبل كَيفَ يرى غير شَيْء وَغير شَيْء مَعْدُوم ولمعدوم لَا يرى وَفِيه تنَاقض وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا قَالُوا بل أَرَادَ غير شَيْء يعبأ بِهِ وَالصَّحِيح أَن شَيْئا فِي هَذَا الْبَيْت يُرِيد بِهِ إنْسَانا خَاصَّة يُرِيد إِذا رأى غير إِنْسَان ظَنّه رجلا يَطْلُبهُ لِأَن خَوفه من الْإِنْسَان وَقَالَ الواحدي إِذا رأى غير شَيْء يعبأ بِهِ أَو يفكر فِي مثله ظَنّه إنْسَانا يَطْلُبهُ وَكَذَلِكَ عَادَة الهارب الْخَائِف كَقَوْل جرير (مَا زَالَ يَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بعْدَهْم ... خَيْلاً تَكُرُّ عَلَيْهمُ وَرِجالاً) قَالَ أَبُو عبيد لما أنْشد الأخطل قَول جرير هَذَا قَالَ سَرقه وَالله من كِتَابهمْ يحسبون كل صَيْحَة عَلَيْهِم الْآيَة وَيجوز حذف الصّفة وَترك الْمَوْصُوف دَالا عَلَيْهَا كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد أَجمعُوا على أَن الْمَعْنى لَا صَلَاة كَامِلَة فاضلة وَيَقُولُونَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْء يُرِيدُونَ شَيْئا جيدا وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين إِن الله خلق الْأَشْيَاء من لَا شَيْء فَقيل هَذَا خطأ لِأَن لاشيء لَا يخلق مِنْهُ شَيْء وَمن قَالَ إِن الله يخلق من لَا شَيْء جعل لاشيء شَيْئا يخلق مِنْهُ وَالصَّحِيح أَن يُقَال يخلق لَا من شَيْء لِأَنَّهُ إِذا قَالَ لَا من شَيْء نفى أَن يكون قبل خلقه شَيْء يخلق مِنْهُ الْأَشْيَاء انْتهى كَلَامه وَالصَّحِيح مَا قَالَه أَي إِذا رأى غير شَيْء يخَاف مِنْهُ وَمِنْه {حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجده شَيْئا} مَعْنَاهُ يُريدهُ أَو يَطْلُبهُ أَو يُغْنِيه عَن المَاء أَي شَيْئا نَافِعًا مغنيا الْمَعْنى يَقُول لشدَّة خوفهم وَمَا لحقهم من الْخَوْف ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض فَلم يَجدوا مهربا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ} فهاربهم إِذا رأى غير شَيْء مفزع فزع مِنْهُ لخوفه وَهَذَا كَقَوْلِه الْبَيْت بعده 19 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد قل قدرهم وعددهم وذلوا حَتَّى لَو ركضوا بخيلهم فِي لَهَوَات صبي مَعَ صغر حلقه لما سعل وَإِذا غص الْإِنْسَان بِشَيْء صَغِير لم يسعل وَإِنَّمَا يسعل الْإِنْسَان بِشَيْء كَبِير الْجِسْم لَا بِشَيْء صَغِير الْقدر وَلكنه حمل الْكَلَام على لفظ الْقلَّة كَقَوْلِه (أماتَكُمُ مِنْ قَبْلِ مَوْتِكُمُ الجَهْلُ ... وَجَرَّكُمُ مِنْ خِفَّةٍ بِكُمُ النَّمْلُ) اعْتمد على اللَّفْظ وَجعل الْمجَاز بِمَنْزِلَة الْحَقِيقَة كَذَا هَاهُنَا وَيجوز أَن يَجْعَل الطِّفْل مِنْهُم أَي مَا جسر الطِّفْل مِنْهُم أَن يسعل خوفًا وإشفاقا مَعَ أَنه لَا عقل لَهُ فَكيف الظَّن بكبيرهم فِي أَمر الْخَوْف وَله عقل بالخوف وعَلى هَذَا ركضت فعل خيل النَّصْر وقبيلته وَقَومه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 قَالَ الواحدي أَي بعد الْيَوْم الَّذِي بادت بَنو تَمِيم أَو بعد إسْلَامهمْ الْحلَل إِلَى يَوْمنَا هَذَا الَّذِي نَحن فِيهِ لَو ركضت خيلهم فِي لَهَوَات صبي مَا شعر بهم حَتَّى يسعل يُرِيد خيل بني تَمِيم لقلتهم وذلتهم وَقد بَالغ رَحمَه الله حَتَّى أَحَالهُ انْتهى كَلَامه وَالْوَجْه الثَّانِي هُوَ الأجود وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الشَّاعِر (لَوْ أنَّهُ حَرَّكَ الجُرْدَ الجِيادَ عَلى ... أجْفانِ ذِي حُلُمٍ لَمْ يَنْتَبِهْ فَرَقا) وَفِيه نظر إِلَى قَول خَالِد الْكَاتِب (وَمَرَّ بِفِكْرِي خاطِراً فجَرَحْتُهُ ... وَلْم أرَ شَيْئا قَطُّ يَجْرَحُهُ الفِكْرُ) 20 - الْغَرِيب الأولى بِمَعْنى الَّذين والجزر مَا ألْقى للسباع وَمِنْه قَول عنترة (فَتْركْتُهُ جَزَرَ السبِّاعِ يَنُشْنَهُ ... ) وَيُقَال مَا كَانُوا إِلَّا جزرا لسيوفنا أَي الَّذين نقتلهم فنلقيهم للسباع الْمَعْنى يُرِيد إِن الَّذين لقوك مِنْهُم أفنيتهم بِالسَّيْفِ وَكَانُوا جزرا للسباع وَالَّذين لم يلقوك مَاتُوا خوفًا مِنْك وَمن جيشك فَقَتلهُمْ وجلا والوجل شدَّة الْخَوْف 21 - الْغَرِيب المهمة مَا بعد واتسع من الأَرْض وَالْقَذْف الْبعيد الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قضاني عَائِد إِلَى المهمة أَي هَذَا المهمة قضاني بعد أَن مطل لبعده ومشقة قطعه الْمَعْنى يَقُول كم طَرِيق بعيد شاق قطعه قلب من يدل فِيهِ كقلب العاشق لاضطرابه وخوفه من الْهَلَاك فِيهِ قطعته بالسير فِيهِ بعد مَا طَال على وصعب واستعارة لَهُ المطل وَالْقَضَاء لِأَن الْمَطْلُوب مِنْهُ انْقِطَاعه بالسير فَهُوَ بِطُولِهِ وَبعد انْقِطَاعه كالماطل الَّذِي يمطل بِمَا يَقْتَضِي مِنْهُ وَهَذَا المهمة لطوله وشدته كَأَنَّهُ يمطل وَقَالَ ابْن القطاع غلط ابْن جنى فِي هَذَا الْبَيْت فَرَوَاهُ قلب الْمُحب بِفَتْح الْحَاء يُرِيد المحبوب وَهُوَ من الْغَلَط الْفَاحِش لِأَن قلب المحبوب سَاكن الجأش وَإِنَّمَا الْخَائِف الْمُحب بِكَسْر الْحَاء وَلِهَذَا شبهه بقلب الدَّلِيل لخوفه فِي هَذَا المهمه يَقُول قطعته بعد شدَّة فَكَأَنَّهُ مطلني ببعده وَهَذِه الرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا لم أسمعها من اُحْدُ عَن ابْن جنى 22 - الْغَرِيب المفاوز جمع مفازة وَسميت بذلك تفاؤلا بالفوز وَقيل بل من قَوْلهم فوز الرجل إِذا مَاتَ فِي مهلكة وحر الْوَجْه أشرف شَيْء فِيهِ وأفل النَّجْم غَابَ قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا أفل قَالَ لَا أحب الآفلين} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ ينظر إِلَى النَّجْم نظرا مُتَّصِلا خوفًا من الظلال فَجعله لدوامه كالعقد لطرفه يُرِيد أَنه لم يزل ينظر إِلَى النَّجْم حَتَّى كَأَنَّهُ قد عقد طرفه بِهِ وَإِذا غَابَ النَّجْم عقد حر وَجهه بَحر الشَّمْس وَالْمعْنَى أَنه سَافر فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى بلغ مَا أَرَادَ وجانس بَحر الشَّمْس حر الْوَجْه 23 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي حصاها عَائِد على الْمَفَازَة الْغَرِيب الصم الشداد الصلاب من كل شَيْء واليعملة النَّاقة القوية إِلَى يعْمل عَلَيْهَا فِي السّير وَالْجمع يُعَامل ويعملات وتغشمرت تعسفت والسهل مَا سهل من الأَرْض والجبل الْحزن وَهُوَ مَا صَعب قطعه من الأَرْض الْمَعْنى يَقُول أوطأت نَاقَتي الْحَصَى من هَذِه المفاوز كَمَا تُوطأ الْمَرْأَة أَي جمعت بَينهمَا وَركبت نَاقَتي على غير قصد تَارَة سهلا وَتارَة جبلا فَلم تزل تعسف بِي حَتَّى وصلت إِلَيْك 24 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي غيطانها للمفاوز أَيْضا الْغَرِيب الْغِيطَان جمع غَائِط وَهُوَ الَّذِي اطْمَأَن من الأَرْض وانخفض والزجل الصياح وَالصَّوْت والجلبة والنمرق نمرق الكور وَهُوَ الَّذِي يلقى عَلَيْهِ الرَّاكِب فَخذه للاستراحة وحشو الشَّيْء مَا فِي بَاطِنه الْمَعْنى يَقُول لَو كنت بدلي تَحت ثِيَابِي وَفرق نمرق نَاقَتي لسمعت جلبة الْجِنّ وأصواتهم فِي منخفض هَذِه المفاوز لِأَنَّهَا مأوى الْجِنّ لبعدها عَن الْإِنْس وَالْعرب إِذا وصفت الْمَكَان الْبعيد تَجْعَلهُ مسكن الْجِنّ كَمَا قَالَ الأخطل (مَلاعِبُ جِنَّانِ كأنَّ تُرَابَها ... إذَا اطَّرَدَتْ فِيها الرّياحُ مُغَرْبَلُ) وَالْمعْنَى مَأْخُوذ من قَول ذِي الرمة (لِلْجِنّ باللَّيْلِ فِي حافاتِها زَجَلٌ ... كمَا تَجاوَبَ يَوْمَ الرّيحِ عَيْشُومُ) والعيشوم مَا يبس من الحماض 25 - الْمَعْنى يَقُول وصلت إِلَى الممدوح بِنَفس قد ذهب أَكْثَرهَا أَي ذهب لَحمهَا ودمها من شدَّة النصب وَالْخَوْف لمقاساتها فِي هَذِه الطَّرِيق الْبَعِيدَة ثمَّ تمنى أَن يعِيش بِمَا بقى مِنْهَا ليقضى حق الممدوح بخدمته لَهُ 196 - 26 الْمَعْنى يُخَاطب الممدوح وَيَقُول لَهُ أَنا أطلب عطاءك الَّذِي هُوَ مُبَاح لكل طَالب لَا يخْشَى مِنْك مطالا وَيُرِيد أَنه يسْتَقلّ كثير مَا يعْطى وهمتك فِي الْجُود فَوق كل همة فَإِذا وهبت الدُّنْيَا كلهَا كنت بَخِيلًا لعلو همتك فالدنيا حقيرة بِالْإِضَافَة إِلَى همتك وَهُوَ من قَول حسان (يُعُطى الجَزِيلَ وَلا يَرَاهُ عِنْدَهُ ... إلاَّ كَبَعْضِ عَطِيَّةِ المَذْمُومِ) وَمن قَول أبي الْعَتَاهِيَة (إنّي لأَيأَسُ مِنْها ثُمَّ يُطْمِعُنِي ... فِيها احْتِقارُكَ للدُّنْيا وَما فِيها) الحديث: 196 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 - 1 الْغَرِيب المكرمات جمع مكرمَة وَهُوَ مَا يتكرم بِهِ الْإِنْسَان وشغل يجوز فِيهِ التثقيل وَالتَّخْفِيف فثقله أهل الْكُوفَة وَابْن عَامر الْمَعْنى يَقُول النَّاس مشتغلون بِكَثْرَة الأمل والطمع بِمَا يأخذونه من أموالك وَلَكِنَّك مَشْغُول بتحقيق آمالهم وتصديق أطماعهم فَهَذَا شغلك بالمكرمات 2 - الْمَعْنى يَقُول تمثلوا بحاتم فَحذف الْجَار ضَرُورَة يُرِيد ان النَّاس يتمثلون فِي الْجُود بحاتم الطَّائِي فَيُقَال هُوَ اكرم من حَاتِم وأجود من حَاتِم وَلَو نظر النَّاس بِعَين الْعقل لضربوا بك الْمثل لِأَنَّك الْغَايَة فِي الْجُود 3 - الْإِعْرَاب الرُّسُل عطفه على الْجَار وَالْمَجْرُور فِي قَوْله بِمَا بعثت وَأهلا وسهلا منصوبان بِفعل مُضْمر الْغَرِيب يُقَال أَيهَا بِالنّصب أَي كف ودع وأيه بالخفض الاستزادة من الْمُتَكَلّم فَإِذا أردْت أَن تستزيده قلت إيه وَإِذا أردْت أَن تكفه قلت أَيهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 الْمَعْنى يَقُول أَهلا وسهلا ومرحبا بِالَّذِي أرْسلت بِهِ وَهُوَ كالتحية فَكف عَمَّا تهدي إِلَى فقد غمرني إحسانك وعمني أفضالك 4 - الْإِعْرَاب من نصب هَدِيَّة نصبها على الْمصدر أَي أهديت هَدِيَّة أَو أرْسلت إِلَى هَدِيَّة فَتكون مفعولة وَمن رَفعهَا جعلهَا خبر ابْتِدَاء الْمَعْنى يُرِيد هَذِه هديتك الَّتِي بعثت إِلَى بهَا مَا رَأَيْت مهديها يعْنى الممدوح إِلَّا رَأَيْت النَّاس كلهم فِي شخص رجل وَاحِد يَعْنِي أَن الله جمع مَا فِي النَّاس من مَعَاني الْفضل وَالْكَرم وَهُوَ من قَول أبي نواس (لَيْسَ عَلى الله بِمُسْتَنْكَرِ ... أنْ يَجْمَعَ الْعالَم فِي وَاحِدِ) وَقد كرر أَبُو الطّيب هَذَا الْمَعْنى فِي مَوَاضِع كَثِيرَة 5 - الْغَرِيب الْبركَة الْحَوْض وَالْجمع برك الْمَعْنى يَقُول أقل شَيْء فِي أقل هَذِه الْهَدِيَّة سمك بِهَذِهِ الصّفة وَأَرَادَ بِالْبركَةِ الْإِنَاء الَّذِي كَانَ فِيهِ الْعَسَل وَيُرِيد أَنَّهَا كَانَت كظيمه 6 - الْإِعْرَاب أكافي أَصله أكافي إِلَّا أَنه أبدل الْهمزَة على غير قِيَاس يَاء وأجراها مجْرى الْوَقْف فِي الْوَصْل الْغَرِيب الْيَد النِّعْمَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {بل يَدَاهُ مبسوطتان} أَي نعمتاه على عباده بالرزق فِي الدُّنْيَا وَالرَّحْمَة فِي الْآخِرَة الْمَعْنى يَقُول كَيفَ أكافي من لَا يعْتَقد فِي أجل نعْمَة لَهُ عِنْدِي أَنَّهَا نعْمَة اسْتِخْفَافًا بهَا وتصغيرا والمكافأة مُقَابلَة الشَّيْء بِمثلِهِ وَمِنْه زيد كُفْء لهِنْد أَي مثلهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 - 1 الْإِعْرَاب هاتا اسْم إِشَارَة إِلَى المخايل الْغَرِيب المخابل الْبَرْق وَمَا يسْتَدلّ بِهِ على الْمَطَر وَيُقَال المخيلة السحابة الخليقة بالمطر والودق الْمَطَر وَالْخلف الِاسْم من الإخلاف فِي الْوَعْد الْمَعْنى يَقُول لصاحبيه اصبرا قَلِيلا تريا من أَمْرِي شَأْنًا عَظِيما فقد ظَهرت مخايله وَمَا شهد لي بتحقيق مَا كنت أعلم وأعدكما من نَفسِي من قتل الْأَعْدَاء وبلوغ الآمال وَإِنِّي لَا أخلف الْوَعْد وَلَا القَوْل فقد بَان مَا كنت أَقُول لَكمَا 2 - الْإِعْرَاب من روى آخر بِالرَّفْع فَهُوَ عطف على الْموضع من قَوْله صائب كَقِرَاءَة الْجَمَاعَة سوى على بن حَمْزَة مالكم من إِلَه غَيره بِالرَّفْع وَمن نَصبه جعله عطفا عل لفظ صائب وَمن صائب كَقَوْلِك جَاءَ الْقَوْم من ضَاحِك وَبَاكٍ فَهِيَ للتَّبْعِيض الْغَرِيب خساس النَّاس أراذلهم والصائب بِمَعْنى الْمُصِيب يُقَال صابه يُصِيبهُ وأصابه يُصِيبهُ فَهُوَ صائب ومصيب فصائب من الثلاثي ومصيب من الرباعي وَجَاء من الثلاثي قَول بشر بن أبي خازم (تُسائِلُ عَنْ أخِيها كُلَّ رَكْبٍ ... وَلمْ تَعْلَمْ بأنَّ السَّهْم صَابا) الْمَعْنى يَقُول رماني أَي عابني أراذل النَّاس فَمنهمْ من رماني بِعَيْب هُوَ فِيهِ وَهُوَ الِابْنَة فَانْقَلَبَ قَوْله عَلَيْهِ فَأصَاب استه بِالْعَيْبِ الَّذِي رماني بِهِ وَآخر لم يُؤثر فِي كَلَامه لحقارته فَهُوَ كمن يرميني بِقِطْعَة قطن لعدم التَّأْثِير وَقَالَ الربعِي من صائب استه يُرِيد من ضعفه إِذا رمى يُصِيب استه فَحَمله على قَوْله (وآخَرُ قُطْنٍ مِن يدَيْهِ الجَنادِل ... ) وَهُوَ قَول فَاسد لأَنا لَا نرى فِي الموصوفين بالضعف من يَرْمِي بِحجر أَو غير حجر مِمَّا ترمي بِهِ الْيَد فَيُصِيب استه وَإِنَّمَا هُوَ مثل ضربه لعائبه 3 - الْإِعْرَاب علمي مفعول يجهل وَقَوله أَنه مفعول علمي أَي يجهل معرفتي بجهله بِي الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد وَمن رجل آخر لَا يعرفنِي وَلَا يعرف جَهله فهاتان الحديث: 197 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 جَهَالَتَانِ ويجهل أَنِّي أعلم أَنه جَاهِل بِي وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الَّذِي لَا يعلم بعلته لَا يتَوَصَّل إِلَى برئها 4 - الْإِعْرَاب مَالك الأَرْض نصب على الْحَال كَقِرَاءَة مُحَمَّد بن السميفع الْيَمَانِيّ أنقلب على وَجهه خاسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِالنّصب وعَلى ظهر السماكين فِي مَوضِع الْحَال تَقْدِيره رَاكِبًا ظهر السماكين الْغَرِيب الْمُعسر الْقَلِيل المَال من الْعسر وَهُوَ خلاف الْيُسْر والسماكان السماك الرامح والسماك الأعزل وهما سِتَّة أنجم كل سماك ثَلَاثَة الْمَعْنى يَقُول لَا يعلم الْجَاهِل أَنِّي إِذا ملكت الأَرْض كلهَا كنت فِي حَال الْعسر عِنْد نَفسِي وَمُقْتَضى همتي وَإِذا عَلَوْت ظهر السماكين كنت رَاجِلا لاقْتِضَاء همتي مَا فَوق ذَلِك ومثليه للخليل بن أَحْمد (لوْ كنْتَ تعْلَمُ مَا أقُولُ عَذرْتَنِي ... أوْ كنتَ أجْهَلُ مَا تَقُولُ عَذَلْتُكا) (لَكِنْ جَهِلْتَ مَقالَتِي فعَذَلْتَنِي ... وَعَلِمْتُ أنَّكَ جاهِلً فَعذَرْتُكا) وَمثله للْآخر (جَهِلْتُ ولَمْ تَعْلَمْ بأنَّكَ جاهِلً ... فَمنْ لي بأنْ تَدَرى بأنَّكَ لَا تَدْرى) 5 - الْمَعْنى يَقُول همتي تحقر عِنْدِي الْأَشْيَاء النفيسة فتريني كل شَيْء أطلبه حَقِيرًا والغاية الْبَعِيدَة فِي عَيْني قَصِيرَة وَذَلِكَ لشرف همته وعلوها وَهَذَا من حمقه المتزايد 6 - الْغَرِيب الطود الْجَبَل الْعَظِيم ومناكبه أعاليه والضيم الذل والزلازل جمع زَلْزَلَة الْمَعْنى يُرِيد أَنه لم يزل ثَابتا ذَا وقار طودا لَا يحركه شَيْء حَتَّى ظلم فَلم يصبر على الظُّلم فَكَأَنَّهُ حرك لدفع الضيم عَنهُ وَهَذَا كُله يعظم شَأْن نَفسه 7 - الْغَرِيب قلقل حرك وَيُرِيد بالحشا مَا فِي دَاخل جَوْفه وقلاقل عيس جمع قلقل وَهِي النَّاقة الْخَفِيفَة وناقة قلقل وَفرس قلقل إِذا كَانَا سريعي الْحَرَكَة والقلاقل الثَّانِيَة جمع قلقلة وَهِي الْحَرَكَة قَالَ أَبُو الْفَتْح الضَّمِير فِي كُلهنَّ للعيس لَا للقلاقل يَقُول قلاقل القلاقل كَمَا تَقول سراع السراع وخفاف الْخفاف وكقولك أفضل الْفُضَلَاء وَهُوَ أبلغ فِي الْوَصْف من أَن يعود على القلاقل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 الْمَعْنى قَالَ الواحدي حركت بِسَبَب الْهم الَّذِي حرك نَفسِي نوقا خفافا فِي السّير يَعْنِي سَافَرت وَلم أعرج بالْمقَام الَّذِي يلحقني فِيهِ الضيم قَالَ وَيجوز أَن تكون القلاقل الثَّانِيَة بِمَعْنى الأولى فَيَقُول خفاف إبل كُلهنَّ خفاف وَنقل مَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَعَابَ الصاحب إِسْمَاعِيل بن عباد أَبَا الطّيب بِهَذَا الْبَيْت وَقَالَ مَاله قلقل الله أحشاءه وَهَذِه القافات الْبَارِدَة وَلَا يلْزمه من هَذَا عيب فقد جرت الْعَادة بذلك وَقَالَ أَبُو نصر بن الْمَرْزُبَان ثَلَاثَة من الشُّعَرَاء رُؤَسَاء شلشل أحدهم وسلسل الثَّانِي وقلقل الثَّالِث فَالَّذِي شلشل الْأَعْشَى وَهُوَ من رُؤَسَاء شعراء الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ الَّذِي يَقُول (وَقدْ غَدَوْتُ إِلَى الحْانُوت يَتْبَعُنِي ... شاوٍ مِشَل شَلُولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ) وَالَّذِي سلسل مُسلم بن الْوَلِيد وَهُوَ من رُؤَسَاء الْمُحدثين (سُلَّتْ وَسَلَّتْ ثُم سَّلَّ سَّليلُها ... فَأتى سَليِلُ سَليِلها مسَْلُولا) وَأما الَّذِي قلقل فالمتنبي قَالَ الثعالبي فَقَالَ لي أَبُو نصر فبلبل أَنْت فَقلت لَهُ أخْشَى أَن أكون رَابِع الشُّعَرَاء أعنى قَول من قَالَ (الشُعَرَاءُ فاعْلَمَنَّ أرْبَعَهْ ... ) (فشاعِرٌ يَجْري وَلا يُجْرَى مَعَهْ ... ) (وَشاعِرٌ يُنْشِدُ وسْطَ المَعْمَعَهْ ... ) (وشاعِرٌ مِنْ حَقِّه أنْ تَسْمَعَهْ ... ) (وشاعِرٌ مِنْ حَقِّه أنْ تَصْفَعَهْ ... ) قَالَ ثمَّ قلت بعد مُدَّة من الدَّهْر (وإذَا البَلابِلُ أفْصَحَتْ بلْغاتهَا ... فانْفِ الَبَلابِلَ باحتِساءِ بَلابلِ) وَفِي هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ مَا يرد قَول ابْن عباد ويبطله مَا جَاءَ مثله عَن رُؤَسَاء الشُّعَرَاء 8 - الْغَرِيب واراه ستره والمشاعل جمع مشعلة وَهِي النَّار الموقدة والمشعلة (بِكَسْر الْمِيم) الْآلَة الَّتِي تحمل فِيهَا النَّار الْمَعْنى يَقُول إِذا سترنا اللَّيْل بظلامه أسرعت هَذِه الْإِبِل حَتَّى تصطك الْحِجَارَة بَعْضهَا بِبَعْض وتنقدح النَّار فنرى مَالا نرَاهُ بضوء المشاعل وَهَذَا من الْمُبَالغَة 9 - الْغَرِيب الوجناء النَّاقة الغليظة الوجنات وَيُقَال هُوَ من الوجين وَهُوَ مَا غلظ من الأَرْض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 الْمَعْنى جعل النَّاقة كالموج والمفازة لسعتها كالبحر وَجعل نَفسه إِذا ركب النَّاقة فِي ظهر هَذِه الْمَفَازَة فِي موجة ترميه فِي بَحر لَا سَاحل لَهُ وَالضَّمِير فِي رمت للموجة 10 - الْمَعْنى يَقُول يشبه لي أَن الْبِلَاد وَلَا يُرِيد بالبلاد هُنَا المفاوز أَي لَا تَسْتَقِر فِي بلد وَأخرج إِلَى أُخْرَى كَمَا أَن العذل لَا يسْتَقرّ فِي أذن وَإِنَّمَا يدْخل فِي أذن وَيخرج من الْأُخْرَى وَأَرَادَ مِمَّا تَقول العواذل فَحذف للْعلم بِهِ وَقد نَقله من قَول الآخر (كأّني قَذَّى فِي عَينِ كُلّ بِلادِ) وكقول البحتري (تَقاذَفُ بِي بِلادٌ عَنْ بِلاد ... كأّنيَ بَيْنَها عيْر شَرُّودُ) 11 - الْإِعْرَاب أَرَادَ تتساوى فَحذف تَاء المضارعة دون الْأَصْلِيَّة عِنْد أَصْحَابنَا الْكُوفِيّين وَعند الْبَصرِيين الْمَحْذُوف الْأَصْلِيَّة وَحجَّتنَا أَن حذف الزَّائِدَة أولى لِأَن الزَّائِد أَضْعَف فَحَذفهُ أولى من الْأَصْلِيّ وَحجَّة الْبَصرِيين أَن الزَّائِد دخل لِمَعْنى وَهُوَ المضارعة فَحذف مَا دخل لغير معنى أولى وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ الثَّانِيَة هِيَ الَّتِي تسكن فتدغم كَمَا رَأَيْت فِي فاد ارأتم وَهِي الَّتِي يفعل بهَا ذَلِك فِي تذكرُونَ فَكَمَا أَنَّهَا اعتلت هُنَا كَذَلِك تحذف هُنَاكَ وتاء المضارعة لاتعل وتساوى فِي مَوضِع جزم لِأَنَّهَا وَقعت جَوَابا للشّرط الْغَرِيب الْعلَا تَأْنِيث الْأَعْلَى كالكبر فِي جمع الْكُبْرَى والمحابي جمع الْمحيا وَهُوَ مفعل من الْحَيَاة كَقَوْلِه تَعَالَى {ومحياي ومماتي} الْمَعْنى يَقُول من يطْلب مَا أطلب من الشّرف والرتب الْعَالِيَة اسْتَوَى عِنْده الْحَيَاة وَالْقَتْل لِأَنَّهُ علم أَن الْأُمُور الْعَالِيَة فِيهَا المخاوف والمهالك فَهُوَ قد وَطن نَفسه على الْهَلَاك فَهُوَ يصبر عَلَيْهِ وَلَا يُبَالِي بِهِ وَمن جعل تَسَاوِي فعلا مَاضِيا أثبت الْيَاء وَهُوَ فِي مَوضِع جزم وَهُوَ روايتي عَن شيخى أبي مُحَمَّد وَمن رَوَاهُ بِإِسْقَاط الْيَاء جعله مُسْتَقْبلا كَمَا ذكرنَا وَهُوَ مجزوم بِجَوَاب الشَّرْط 12 - الْإِعْرَاب نصب السيوف لِأَنَّهَا اسْتثِْنَاء مقدم كبيت الْكُمَيْت (ومَالِيَ إِلَّا آلَ أحُمَدَ شِيْعَةٌ ... وَما لِي إلاَّ مَذْهَبَ الحَقّ مَذْهَبُ) الْغَرِيب الْوَسَائِل جمع وَسِيلَة وَهِي مَا يتوسل بِهِ الْإِنْسَان الْمَعْنى يُرِيد أَنه لَا يتْرك قتال الْأَعْدَاء وَلَا يطْلب إِلَّا أنفسهم وَلَا يتوسل إِلَى أحد بل يتوسل إِلَى بُلُوغ مُرَاده بسيوفه وَقَالَ الواحدي يَقُول لملوك عصره لَا نطلب إِلَّا أَرْوَاحهم وَلَا نتوسل إِلَّا بسيوفنا اهـ وَلَا يَقُول هَذَا القَوْل إِلَّا لدلالته على حمقه 13 - الْمَعْنى يَقُول مَا وَردت السيوف وَالضَّمِير فِي وَردت وصدرت رَاجع لَهَا يُرِيد إِذا وَردت روح امْرِئ كَانَت أملك بهَا مِنْهُ وَصَارَ وَإِن كَانَ بَخِيلًا غير بخيل لِأَن السَّيْف ينَال مِنْهُ مَا يطْلب بِهِ أَو أَنه يفتدى بِمَالِه وباخل وبخيل بِمَعْنى كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا 14 - الْإِعْرَاب من نصب غثاثة نصبها بإضمار فعل تَقْدِيره أرى أَو نَحوه وَمن رَفعهَا جعلهَا ابْتِدَاء وَالْخَبَر أَن تغث الْغَرِيب غث الشَّيْء يغث غثاثة ويغث بِفَتْح الْغَيْن وَكسرهَا فِي الْمُسْتَقْبل والمصدر غثا وغثوثة وغثاثة وَأَصله الهزال وغث اللَّحْم إِذا كَانَ مهزولا فَهُوَ غثيث وغث أَي فسد وأغث الرجل فِي مَنْطِقه وأغثث الشَّاة هزلت الْمَعْنى يَقُول أرى غثاثة عيشي أَي هزالة فِي هزل كَرَامَتِي لافي هزال مطاعمي وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم عدم الْغنى من النَّفس أَشد من عدم الْغنى من الْملك وَالْمَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 - 1 الْغَرِيب الْبر الْإِعْطَاء بره إِذا أعطَاهُ والرحيل الِاسْم من الارتحال الْمَعْنى يَقُول أردْت أَن أبرك وَقت سفرك فَوجدت أَكثر مَا عِنْدِي قَلِيلا بِالْإِضَافَة إِلَى عظم قدرك الحديث: 198 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 - الْغَرِيب الصب العاشق المشتاق وَقد صببت يَا رجل بِالْكَسْرِ قَالَ الشَّاعِر (وَلست تَصّبُّ إِلَى الظَّاعِنيِنَ ... إذَا مَا صَديِقُكَ لَمْ يَصْبَبِ) ورغبت فِي الشَّيْء طلبته وأردته رَغْبَة ورغبا بِالتَّحْرِيكِ ورغبت عَن الشَّيْء إِذا لم ترده والبكرة أول النَّهَار والأصيل آخِره وَالْمعْنَى يَقُول علمت أَنَّك تُرِيدُ المكارم وتطلبها وَأَنت مشتاق إِلَيْهَا تحبها وملازمها بكرَة وَأَصِيلا 3 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا ذكره يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا أَن يكون أهْدى إِلَيْهِ شَيْئا كَانَ أهداه إِلَيْهِ صديقه الممدوح وَالْآخر أَن يكون أَرَادَ أَنِّي جعلت مَا كَانَ من عادتك أَن تهديه إِلَيّ وتزودينه وَقت فراقك هَدِيَّة مني إِلَيْك أَي أَسأَلك أَن لَا تتكفله لي وَقَالَ الْعَرُوضِي فِيمَا أملاه مِمَّا استدركه على أبن جنى أَرَادَ أَنَّك تحب أَن تُعْطِينِي فَجعلت قبُول هديتك إِلَى هَدِيَّة مني إِلَيْك لحبك ذَاك قَالَ الواحدي وَقَول الْعَرُوضِي أمدح وأليق بِمَا قبله من رغبته فِي المكارم وأشتياقه إِلَيْهَا وَقَوله وظرفها التأميلا الظّرْف وعَاء الشَّيْء يَقُول جعلت تأميلي مُشْتَمِلًا على قبُول الْهَدِيَّة كاشمال الظّرْف على مَا فِيهِ والهدية مُخْتَلفَة على الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة فعلى الأول هَدِيَّة أهداها الممدوح فَعَادَت إِلَيْهِ وعَلى القَوْل الثَّانِي الْهَدِيَّة أَن لَا يهدي الممدوح إِلَى المادح شَيْئا وعَلى القَوْل الثَّالِث أَن لَا يهدي إِلَى المتنبي شَيْئا فَتكون كَمَا لَو أهْدى إِلَيْهِ لحبه الإهداء للمتنبي 4 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَي لَا كلفة لَهُ عَلَيْك لِأَنِّي لم أتكلف لَك شَيْئا من مَالِي وَإِنَّمَا هُوَ من مَالك عَاد إِلَيْك وبقى بِحَالَة عنْدك وَيكون تحمل شكري على قبُوله ثقيلا عَليّ لتكامل صنيعك بِهِ وَقَالَ الْعَرُوضِي هَذَا الْبَيْت تَأْكِيدًا لما فسرته لِأَنَّهُ يَقُول هَذِه الْهَدِيَّة بر تحبه فيخفف عَلَيْك قبُوله لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة إِعْطَاء لي وَأَنت تخف إِلَى الْإِعْطَاء لي وَلَا منَّة عَلَيْك لِأَنَّك إِذا أَعْطَيْتنِي أثقلت رقبتي بالشكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 - 1 الْإِعْرَاب روى أسى منونا ونصبه بالتمييز كَمَا تَقول عَزِيز دَوَاء وَمن رفع بِالِابْتِدَاءِ وعزيز خَبره مقدم عَلَيْهِ إِذا جعلت من معرفَة وَإِذا جعلت من نكرَة كَانَ عَزِيز مُبْتَدأ وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى ان المبتداء وَالْخَبَر إِذا كَانَا نكرتين فالمبتدأ هُوَ الأول لَا غير وَقد يكون الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر نكرتين وَأَحَدهمَا أخص من الآخر كَقَوْلِك ذهب خَاتم فِي إصبعه فخاتم هُنَا أخص من ذهب وَهُوَ ثَان فَيكون مُبْتَدأ أولى من ذهب وَمن تُوصَف على وَجْهَيْن بِالْجُمْلَةِ والمفرد فوصفها فِي قَول عَمْرو بن قميئة بِالْجُمْلَةِ (يَا رُبّ مَنْ يُبْغِضُ إذْ وأدَْنا ... رُحْنا عَلى بَغْضَائه وَاعْتَدْنا) وبالمفرد فِي قَول حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ (وكفَى بِنا فَضْلاً عَلى مَنْ غَيرِنا ... حُبُّ النَّبِيّ محَمَّدٍ إيَّانا) فَمن نكرَة فِي الْبَيْتَيْنِ لِأَن رب لَا يليهاالمعرفة وَقَول حسان على من أَي على قوم أَو نَاس وَيجوز رفع غَيرنَا على أَنه خبر مَحْذُوف يُرِيد من هُوَ غَيرنَا كَقِرَاءَة الْأَعْمَش من أَعمال أسم الْفَاعِل وَالصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل من غير اعْتِمَاد كَقَوْلِك قَائِم غلامك وروى قوم أسى من داؤه الحدق النجل عَزِيز وَقَوله عياء فِي رَفعه ثَلَاثَة وَجه إِن شِئْت جعلته خَبرا بعد خبر كَقَوْلِهِم هَذَا حُلْو حامض أَي قد جمع الطعمين وَإِن شِئْت أبدلته من الحدق لِأَنَّهَا الدَّاء فِي الْمَعْنى كَأَنَّك قلت من داؤه عياء وَإِن شِئْت أضمرت لَهُ ابْتِدَاء الْغَرِيب عَزِيز من عز إِذا قل وجوده وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى شَدِيد صَعب غَالب للصبر من قَوْلهم عزه يعزه إِذا غَلبه وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} والأسى فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا الْحزن وَفعله أسى يأسى وَالْآخر العلاج والإصلاح وَفعله أسا يأسو وَمِنْه أسوت الْجرْح إِذا أصلحته أسيا وأسوا والحدق جمع حدقة وَهِي السوَاد الَّذِي فِي العبن والنجل الواسعات جمع نجلاء وَهِي الواسعة والعياء الدَّاء الَّذِي لَا علاج لَهُ قد أعيا الْأَطِبَّاء الْمَعْنى يَقُول عَزِيز يُرِيد صَعب من داؤه الحدق أَي عَزِيز دَوَاء من داؤه الحدق أَو عَزِيز مداواة من دواه الحدق الواسعة وداؤه قد أعيا الْأَطِبَّاء وَمَات بِهِ الحديث: 199 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 المحبون من قبلنَا وَقَالَ من قبل فَحذف الْمُضَاف وبناه رفعا على الْغَايَة وَقَوله أسى أحسن مَا يُقَال فِيهِ من أسوت الْجرْح إِذا أصلحته وَعَلِيهِ بَيت الْأَعْشَى (عِنْدَهُ الْبِرُّ والتُّقَى وأسا الصَّدْعِ ... وحَمْلً لُمضْلِعِ الأثَقْالِ) 2 - الْغَرِيب النذير الْمُنْذر والنذير الْإِنْذَار وَهُوَ الإبلاغ وَلَا يكون إِلَّا فِي التخويف وَالِاسْم النّذر قَالَ الله تَعَالَى {فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر} أَي إنذاري والنذير الْعُرْيَان هُوَ رجل من خثعم حمل عَلَيْهِ يَوْم ذِي الخلصة عَوْف بن عَامر فَقطع يَده وَيَد امْرَأَته وَنذر الْقَوْم بالعدو بِكَسْر الذل علمُوا بِهِ والسهل ضد الصعب الشَّديد ومنظري مَوضِع النّظر مني وَيجوز أَن يكون مصدرا مُضَافا إِلَى الْمَفْعُول الْمَعْنى يَقُول من أَرَادَ أَن يعشق فَلْينْظر إِلَى حَالي وَمَا أَنا فِيهِ فمنظري دَلِيل لَهُ ونذير يبلغهُ أَن الْهوى صَعب شَدِيد لَا تُطِيقهُ الْجبَال لما فِيهِ من مقاساة الْأَهْوَال فالنظر إِلَى نَذِير مبلغ لمن ظن أَن الْهوى سهل 3 - الْمَعْنى يَقُول نظرات الْمُحب إِذا نظر نظرة بعد أُخْرَى وتمكنت فِي قلبه زَالَ عَنهُ عقله لِأَن الْعقل والهوى لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب 4 - الْغَرِيب المفاصل جمع مفصل وَهِي الْأَعْضَاء والشغل مَا يشغل الْإِنْسَان عَن غَيره ويخفف ويثقل وَقد خففه أَبُو عَمْرو والحرميان الْمَعْنى يَقُول جرى حب هَذِه المحبوبة وأضمرها وَلم يجر لَهَا ذكرا وَهُوَ من عَادَة الْعَرَب الْإِضْمَار من غير الذّكر كَقَوْلِه تَعَالَى {فوسطن بِهِ جمعا} يُرِيد بِهِ الْوَادي وَلم يذكرهُ يَقُول جرى حب هَذِه المحبوبة فِي قلبِي ومفاصلي وامتزج بلحمي وَدمِي فلست أنسى ذكرهَا وَلَا أسلو هَواهَا لِأَن حبها أمتزج بلحمي وَدمِي فَأصْبح لي بهَا عَن كل مَا أعانيه من إصْلَاح نَفسِي وَمَالِي وَأَهلي شغل يشغلني بهَا عَمَّن سواهُ 5 - الْغَرِيب السقم والسقم بِالتَّحْرِيكِ والتسكين وَضم السِّين لُغَتَانِ فصيحتان وَمَا فَوْقهَا يجوز ان يكون مَا هُوَ أعظم مِنْهَا وَيجوز أَن يُرِيد مَا دونهَا فِي الصغر وَقد قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {بعوضة فَمَا فَوْقهَا} الْوَجْهَانِ اللَّذَان ذكرنَا الْمَعْنى يَقُول لم يتْرك السقم من جَسَدِي قَلِيلا وَلَا كثيرا إِلَّا وَله فِيهِ فعل لما أقاسي من حبها وَقد أَخذ هَذَا الْمَعْنى من قَول الآخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 (خطَراتُ ذِكْرِكِ تَسْتَفِزُّ مَسامعي ... فأحِسُّ مِنها فِي الفُؤَادِ ذَبِببا) (لَا عُضْوَ لي إلاَّ وفَيه صَبابَةٌ ... فَكأنَّ أعْضَائي خُلِقْنَ قُلُوبا) 6 - الْإِعْرَاب حُرُوف النداء يَا وأيا وهيا وَأي والهمزة وَحذف حرف النداء كَقَوْلِك زيد قَالَ أَبُو الْفَتْح أبدل الْيَاء من حبيبتا فِي النداء ألفا تَخْفِيفًا وَقَلْبًا بدل من قَوْله حبيبتا وفؤادا بدل من قلبا كَقَوْلِك أخي سَيِّدي مولَايَ نِدَاء بعد نِدَاء وَقَالَ هُوَ فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ نِدَاء مُضَاف أَرَادَ يَا حبيبتي يَا قلبِي يَا فُؤَادِي وَالْقلب والفؤاد هما الحبيبة وَقَالَ الواحدي يجوز أَن تكون الْألف فِيهِ للندبة أَرَادَ يَا حبيبتاه يَا قلباه يَا فؤاداه فَحذف الْهَاء للدرج فِي الْكَلَام قَالَ وَكَذَا ذكر ابْن فورجة وَقَالَ قلبا وفؤادا يدعوهما لِأَنَّهُ يتشكاهما شكوى العليل كَمَا قَالَ ديسم بن شاذلويه الْكرْدِي (أنِيِني أنِيسِي وَشَجوِى وِسادِي ... وَعَيْني كَحِيلٌِ بشَوْكِ القتاد) (إذاَ قِيلَ دَيْسَمُ مَا تَشْتَكي ... أقُلُ بِشجْوِ فُؤَادِي فُؤَادِي) قَالَ وَقَالَ بَعضهم قلبِي فُؤَادِي فِي مَوضِع رفع وَالتَّقْدِير حبيبتي قلبِي فُؤَادِي أَي هِيَ لي بِمَنْزِلَة الْقلب والفؤاد وعَلى هَذَا جمل أسم امْرَأَة من العواذل تعذله يَقُول لَهَا يَا جمل هِيَ فُؤَادِي أَي فَلَا اسْمَع عذلك فِيهَا وَلَا افارقها الْغَرِيب أَرَادَ حَبِيبَة فصغرها للتقريب من قبله كَقَوْل أبي زبيد (يَا أبْنَ أُمِّي وَيا حُبيَّبَ نَفْسِي ... أنْتَ خَلَّفْتَنِي لِدَهْرٍ شَدِيدِ) وتصغير التَّعْظِيم كَقَوْل لبيد (وكلُّ أناسٍ سَوّفَ تَدخُلُ بيتَهُمُ ... دُوَيْهِيَّةٌ تَصْفَرٌ مِنها الأنامِلُ) وكقول الْحباب بن مُنْذر الْأنْصَارِيّ يَوْم السَّقِيفَة أَنا جذيلها المحكك أَنا عذيقها المرجب وتصغير التحقير مثل أنيسان وَنَحْوه وجمل من أَسمَاء نسَاء الْعَرَب كهند وليلى وسلمى وسعدى وسعاد وَقَوله بِأَنَّهُ هِيَ فعلة من الأنين وَيكون من شدَّة الوجع أَن يَئِن أنينا إِذا أشتكى الْمَرَض الْمَعْنى يَقُول إِذا عذلوا فِي هَذِه المحبوبة لم ألتفت إِلَى كَلَامهم وَإِنَّمَا أُجِيبهُم بالأنين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 أَنه بعد أنة وَأَقُول يَا حبيبتا يَا قلبا يَا فؤادا ياجمل فَبِهَذَا أُجِيب العذال فِي هَذِه المحبوبة وَقد فسره فِي الْبَيْت الْآتِي بعده 7 - الْغَرِيب الرَّقِيب الْحَافِظ والرقيب المنتظر تَقول رقبت الشَّيْء أرقبه رقوبا ورقبة ورقبانا بِكَسْر الرَّاء فيهمَا إِذا رصدته والرقيب الْمُوكل بِالضَّرْبِ ورقيب النَّجْم الَّذِي يغيب بطلوعه كالثريا رقيبها الإكليل إِذا طلعت الثريا عشَاء غَابَ الأكليل وَإِذا طلع الإكليل عشَاء غَابَتْ الثريا والرقيب الثَّالِث من سِهَام الميسر الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته لَا أسمع فِيك عذلا فَكَأَن حَافِظًا لَك على مسامعي يرصد مسامعي فَلَا يدخلهَا عذل عاذل فِيك وَهُوَ من قَول الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف (أقامَتْ عَلى قَلْبِي رَقِيبا ونَاظِرِي ... فَلَيْسَ يؤَدّي عَنْ سِوَاها إِلَى قَلْبِي) ولمحمد بن دَاوُد (كأنَّ رَقيبا مِنْكِ يَرْعَى خَوَاطِرِي ... وآخَرَ يَرْعى ناظري ولساني) 8 - الْإِعْرَاب وصل أبتداء تقدم خَبره عَلَيْهِ وَهُوَ الظّرْف تَقْدِيره فَبين مقلتي والسهاد وصل فِي كل هجر لنا الْغَرِيب السهاد الأرق وَقد سهد الرجل بِالْكَسْرِ يسهد سهدا والسهد بِضَم السِّين وَالْهَاء الْقَلِيل النّوم قَالَ أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ (فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤَادِ مُبطَّنا ... سُهُداً إذَا مَا نامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ) الْمَعْنى يَقُول إِذا تهاجرنا لم أنم لشدَّة الشوق والوجد فيواصل السهاد عَيْني لفقد من أحبه قَالَ الواحدي هَذَا كَقَوْلِه (إّني لَأُبْغِضُ طَيْفَ مَنْ أحْبَبْتُهُ ... إِذا كانَ يَهْجُرُنا زَمانَ وِصَاله) فَجعل الطيف يهجر عِنْد الْوِصَال كَمَا يصل السهاد عِنْد الهجر 9 - الْغَرِيب الشكل الشبيه والنظير والمشابه جمع شبه كالمحاسن فِي جمع حسن الْمَعْنى يُرِيد أَن فِي الْبَدْر أنواعا من شبه هَذِه المحبوبة مِنْهَا الْحسن والضياء والعلو والبعد عَن النَّاس وَقَالَ وأشكو إِلَى رجل لَا يُوجد لَهُ نَظِير وَلَا مثل يشكو إِلَيْهِ هَواهَا ليعطيه مَا يصل بِهِ إِلَيْهَا وَهَذَا مخلص حسن لِأَنَّهُ خرج من الْغَزل إِلَى الْمَدْح وفضله على المحبوبة بالكمال بقوله لَا يصاب لَهُ نَظِير والمحبوبة فِي الْبَدْر مِنْهَا أَنْوَاع مشابه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 - الْإِعْرَاب شُجَاع بدل من أبن وَحذف مِنْهُ التَّنْوِين على مذْهبه وَمثله كثير فِي الشّعْر الْقَدِيم والْحَدِيث وَمِنْه مَا ذكره مُسلم وَالْبُخَارِيّ وأبن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي من قَول الْعَبَّاس بن مرداس السلمى بالجعرانة للنَّبِي حِين أعْطى الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي وعيينة بن بدر الفزازي من أَمْوَال هوَازن كل وَاحِد مِنْهُمَا مئة من الأبل وَأعْطى الْعَبَّاس دونهمَا فَقَالَ (أتَجْعَلُ نَهْبِي ونَهْبَ الْعُبيدِ ... بَينَ عُيَيْنَةَ والأقْرَعِ) (ومَا كانَ حِصْنٌ وَلا حابِسٌ ... يَفُوقانِ مرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ) (ومَا كُنْتُ دُونَ امْرِئ مِنْهُما ... وَمَنْ تَخْفِضِ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ) فَترك تَنْوِين مرداس وَهُوَ أسم منصرف وَمثله قَول الآخر (عَمْرُو الَّذي هَشَمَ للَّثرِيد لِقَوْمِهِ ... وَرِجالُ مَكَّةَ مُسْنتِونَ عِجافُ) فَهَذَا حجَّة الْكُوفِيّين فِي ترك صرف مَا ينْصَرف ضَرُورَة وَالْقِيَاس إِذا كَانَ يجوز حذف الْوَاو المتحركة للضَّرُورَة فِي قَول الشَّاعِر وَهُوَ بَيت الْكتاب (فَبَيْناهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قالَ قائِلٌ ... لِمَنْ جَمِلٌ رِخْوُ المِلاطِ نَجِيبُ) فجواز حذف التَّنْوِين للضَّرُورَة أولى لَان الْوَاو من هُوَ متحركة وَالتَّقْدِير فَبينا هُوَ والتنوين سَاكن وَلَا خلاف إِن حذف السَّاكِن أسهل من حذف المتحرك وَحجَّة بعض نحاة الْبَصرِيين أَن الأَصْل فِي الْأَسْمَاء الصّرْف فَلَو جَوَّزنَا لَأَدَّى ذَلِك إِلَى رده عَن الأَصْل إِلَى غير الأَصْل وَإِلَّا الْتبس مَا ينْصَرف بِمَا لَا ينْصَرف وَالَّذين وافقوا الْكُوفِيّين من الْبَصرِيين الْأَخْفَش وَأَبُو عَليّ الْفَارِسِي وَأَبُو الْقَاسِم بن برهَان وَالَّذين خالفوا الْخَلِيل بن أَحْمد وَعَمْرو بن عُثْمَان الْمَعْرُوف بسيبويه وَعبد الله بن إِسْحَاق الخضرمي وَعِيسَى بن إِسْحَاق الثَّقَفِيّ وَأَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء وَيُونُس بن حبيب وَأَبُو عمر صَالح بن إِسْحَاق الْجرْمِي وَأَبُو عُثْمَان بكر بن مُحَمَّد الْمَازِني وَأَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد أبن يزِيد الثمالِي وَهُوَ الْمبرد وَأَبُو مُحَمَّد عبيد الله بن جَعْفَر بن درسْتوَيْه الْفَارِسِي وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن السّري الزّجاج وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن السراج وَأَبُو الْحسن عَليّ أبن عِيسَى الرماني وَأَبُو سعيد الْحسن السيرافي وَأَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن جي وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عِيسَى الربعِي فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّة النَّحْو الْقَائِلُونَ بِمذهب اهل الْبَصْرَة وَالنَّاس الْيَوْم على مَذْهَب أهل الْبَصْرَة قرأته على الشَّيْخ أبي الْحرم مكي بالموصل الْمَعْنى يَقُول أَشْكُو هَواهَا إِلَى وَاحِد الدُّنْيَا وفريدها شجاعة وكرما إِلَى شُجَاع أبن مُحَمَّد الَّذِي لله الْفضل وَله لِأَنَّهُ تفرد فِي عصره فَصَارَ فريدا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 - الْغَرِيب قحطان بن هود هُوَ أَبُو قبائل الْيمن وعدنان أَبُو قبائل الْعَرَب يُرِيد أَن قحطان هُوَ اصل هَذَا الثَّمر وَالْمرَاد بِهِ الممدوح الْمَعْنى يَقُول أَشْكُو إِلَى الثَّمر الحلو يَعْنِي الممدوح الَّذِي طي لَهُ فروع ولأصل قحطان بن هود جعله كالثمر الحلو الطّيب فِي جوده وَحسن خلقه وَمن روى لَهُ أصل أَرَادَ الثَّمر وَمن روى لَهَا أَرَادَ الْفُرُوع 12 - الْغَرِيب الْبشَارَة بِكَسْر الْبَاء وَضمّهَا تَقول بَشرته بِكَذَا وبشرته بمولود فابشر إبشارا أَي سر وبشرت بِكَذَا بِكَسْر الشين أَي استبشرت بِهِ قَالَ عَطِيَّة بن زيد الجاهلي (فأعنْهُمُ وَأبْشَرْ بِمَا بَشِروا بِهِ ... وَإذَا هُمُ نَزَلُوا بضَنْكِ فانْزل) وَبشر يبشر قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ فِي آل عمرَان وَفِي الْإِسْرَاء والكهف بالتخفيفووافقهما أَبُو عَمْرو وَابْن كثير فِي الشورى على التَّخْفِيف وقرا حَمْزَة جَمِيع مَا فِي الْقُرْآن بِالتَّخْفِيفِ الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الله مبشرا أمة من الْأُمَم بِغَيْر نَبِي لَكَانَ يبشرنا بك إِلَّا ان الله لَا يبشر إِلَّا بالأنبياء على لِسَان كل نَبِي بشر أمته بِأَنَّهُ يكون بعده نَبِي وَالله تَعَالَى بشر جَمِيع الْأَنْبِيَاء بِمُحَمد فِيمَا أنزل عَلَيْهِم وَأوحى إِلَيْهِم 13 - الْإِعْرَاب من روى الْأَرْوَاح بِالنّصب نَصبه بإسم الْفَاعِل وَمن رَوَاهُ بالخفض جعله مثل الْحسن الْوَجْه ووقفاته جمع وَقْفَة وفعلة تجمع على فعلات إِذا كَانَت اسْما وَإِذا كَانَت صفة جمعت على فعلات بِسُكُون الْعين قَالَ أَبُو الْفَتْح سكن الْقَاف للضَّرُورَة الْغَرِيب الضيغم من أَسمَاء الْأسد قيل لانه يضغم النَّاس أَي يعضهم الْمَعْنى يَقُول اشكوا إِلَى قَابض الْأَرْوَاح يُرِيد لِكَثْرَة غَزَوَاته وَوَقَائعه وَقَتله الْأَعْدَاء وَالْخَيْل أَي أَصْحَاب الْخَيل وَالرجل جمع راجل يُرِيد أَنه شُجَاع كثير الوقائع 14 - الْغَرِيب شت تفرق والرب الصاحب الْمَالِك وَلَا يُقَال لغير الله إِلَّا بِالْإِضَافَة لَا يُقَال زيد الرب وَقد قَالُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّة للْملك قَالَ الْحَارِث بن حلزة (وَهُوَ الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلى يَوْم ... الحِيارَيْن والْبَلاءُ بَلاءُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 الْمَعْنى يَقُول إِلَى مَالك مَال كلما تفرق شَمل مَاله تجمع شَمل معاليه وطابق بَين التَّفْرِيق وَالْجمع يُرِيد كلما جمع مَالا من غَزَوَاته وفرقه على أوليائه تجمع لَهُ شَمل الْمَعَالِي 15 - الْغَرِيب الغمد جفن السَّيْف وقرابه والنصل السَّيْف والهمام الْملك الرفيع الهمة إِذا هم بِشَيْء لَا يتْركهُ الْإِعْرَاب من خفض هماما جعله بَدَلا مِمَّا تقدم يُرِيد إِلَى همام وَمن رَفعه قطعه عَمَّا قبله وَرَفعه بإضمار أبتداء الْمَعْنى يَقُول إِذا أبصرته وَقد جرد سَيْفه من غمده لم تدر أَيهمَا النصل لمضائه وجرأته لِأَنَّهُ يمْضِي فِي الْأُمُور مضاء السَّيْف وَهُوَ من قَول الطَّائِي (يَمُدونَ بالبِيضٍ القَوَاطعِ أيْديِا ... وَهُنَّ سَوَاءُ والسُّيُوفُ القَوَاطعُ) 16 - الْغَرِيب أبن أم الْمَوْت أَخُو الْمَوْت وَجعله أَخا الْمَوْت لِكَثْرَة مَا يقتل وَخص الْأُم لِأَن الْأُم أخص بالمولود من الْأَب أَلا ترى أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ولد من غير أَب وَلم يُولد أحد من غير أم فَإِن قيل إِن حَوَّاء من غير أم قُلْنَا حَوَّاء لم تولد وَإِنَّمَا خلقت كخلقة آدم من ضلعه وَأكْثر الْحَيَوَانَات تعرف بِالْأُمِّ لَا بِالْأَبِ والبأس الشدَّة وَفَشَا طهر والنسل مَا ينسل من الْأَوْلَاد الْمَعْنى يَقُول لَو أَن باس هَذَا الممدوح ظهر فِي النَّاس لَكَانَ يقتل بَعضهم بَعْضًا فَلَا يبقي أحد ينسل نَسْلًا وفني الْخَلَائق بِكَثْرَة الْقَتْل 17 - الْإِعْرَاب أَرَادَ فِي موج المنايا فَحذف حرف الْجَرّ وأوصل سابحا إِلَى الموج فنصبه كَقَوْل الآخر (بأسْرَعِ الشَّدِّ مِنِّي يَوْمَ لانِنةٍ ... لَمَّا لَقِيتُهُمُ وَاهْتزَّتِ اللِّمَمُ) أَرَادَ بأسرع فِي الشد مني فَحذف وَنصب وَقَوله غذاة كَأَن أضَاف غذاة إِلَى الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا وظروف الزَّمَان تُضَاف إِلَى الْجمل تَقول رَأَيْتُك يَوْم جَاءَ الْحَج وَيَوْم ضربت زيدا وَيَوْم قدم أَبوك الْغَرِيب السابح الَّذِي يسبح كَأَنَّهُ من حسن جريه يسبح والموج مَا يكون فِي الْبَحْر من شدَّة الرِّيَاح وَهُوَ من ماج يموج إِذا تحرّك والنبل السِّهَام والوبل الْمَطَر الشَّديد يُقَال وبل الْمَطَر يبل وَبلا فهم وابل الْمَعْنى لما اسْتعَار لفرسه السباحة اسْتعَار للمنايا الموج وَهُوَ جمع منية يَقُول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 رَأَيْت هَذَا الممدوح على فرس سابح شَدِيد الجري يسبح فِي موج الْمَوْت فِي وَقت تَأتيه السِّهَام من كل مَكَان وَهُوَ لإقدامه وشجاعته لَا يرجع فَكَانَ السِّهَام فِي صَدره وبل لقلَّة فكرته بِهِ 18 - الْغَرِيب الْقرن بِكَسْر الْقَاف الْكُفْء والمثل وَفُلَان قرن فلَان أَي كفؤه والتحديق وَشدَّة النّظر والنزال الْقِتَال وَهُوَ من منازلة الأقران وَكَانُوا إِذا أَشْتَدّ الْقِتَال نزل بَعضهم إِلَى بعض بِالسُّيُوفِ وَقيل كَانُوا يركبون الْإِبِل ويجنبون الْخَيل إِذا غزوا فَإِذا وصلوا إِلَى الْعَدو تداعوا نزال فينزلون عَن الْإِبِل ويركبون الْخَيل وَمِنْه بَيت الحماسة (وَدَعَوا نَزَالِ فكُنتُ أوَّلَ نازِلٍ ... وَعلامَ أرْكَبُهُ إذَا لَمْ أنْزِلِ) ثمَّ سمى الْقِتَال نزالا والمقاتلة منازلة وَإِن لم يكن هُنَاكَ نزُول وأغضت الْعين غمضت والسنان طرف الرمْح وَالْجمع أسنة الْمَعْنى يَقُول كم شُجَاع يتعاطى شجاعته إِذا رَآهُ فِي مأزق غض طرفه هَيْبَة لَهُ فَلم يغضها إِلَّا وَكَانَ طرف السنان كحلا لَهَا وَالْمعْنَى كم من فَارس قصد لقتاله فَلم يغمض عينه إِلَّا والسنان لَهَا كحل جعل السنان لعينيه بِمَنْزِلَة الْكحل 19 - الْإِعْرَاب الأَصْل فِي قيل قَول بِكَسْر الْوَاو كضرب فَثقلَتْ الكسرة على الْوَاو وَالْفِعْل اصله معتل وأعلوه فنقلوا كسرة الْوَاو إِلَى الْقَاف فسكنت الْوَاو وانكسر مَا قبلهَا فقلبت يَاء وَمن الْعَرَب من يشم الضمة تَنْبِيها على الأَصْل وَمِنْهُم من يَقُول قَول بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول بِسُكُون الْوَاو وَضم الْقَاف وَهُوَ رَدِيء وَقَرَأَ عَليّ بن حَمْزَة وَهِشَام عَن ابْن عَامر بإشمام الْقَاف الضَّم تَنْبِيها على الأَصْل ورفقا مصدر رفق الْمَعْنى يَقُول إِذا أَمر بالرفق وَقَالَ لَهُ الأقران ارْفُقْ رفقا قَالَ مَوضِع الْحلم غير الْحَرْب والرفق والحلم يستعملان فِي السّلم وَأما الْحَرْب فَلَا رفق فِيهَا بالأقران والحليم فِيهَا جَاهِل كواضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَهَذَا معنى مطروق وَقد طرقه كثير من الشُّعَرَاء قَالَ الفند الزماني (وَبَعْضُ الحلْمِ عنْدَ الجَهْلِ ... للذِّلِّةِ إذْعانُ) وَقَالَ سَالم بن وابصة (إنَّ مِنَ الحِلْمِ ذُلاّ أنتَ عارِفُهُ ... والحلمُ عَن قُدرَةٍ فضْلٌ مِن الكَرَم) وَقَالَ الخزيمي (أرَى الحلمَ فِي بَعضِ المَوَطنِ ذلِّةً ... وَفِي بَعْضِها عِزّا يُسَوّدُ صَاحِبَه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 وَقَالَ الْأَعْوَر الشني (خُذِ العَفْوَ وَاغْفِرْ أَيهَا المرْءُ إِنَّنِي ... أرَى الحلمَ مَا لم تَخْشَ مَنقَصه غُنْما) 20 - الْغَرِيب انهدت سَقَطت وناء بِهِ الْحمل أَي أثقله وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لتنوء بالعصبة أَي تثقل وَالْحمل بِالْكَسْرِ مَا كَانَ على ظهر وبالفتح مَا كَانَ فِي بطن أَو شَجَرَة أَو نَخْلَة وَيُقَال فِي النّخل وَالشَّجر أَيْضا بِالْكَسْرِ وناء نَهَضَ وناء أَيْضا سقط وَهُوَ من الأضداد الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أَن الممدوح تولت نَفسه حمل حلمه عَن الأَرْض ونهضت بِهِ دونهَا لعجزت الأَرْض عَن حمله وأثقلها وَلم تطق حمله وَلما كَانَ الْحلم يُوصف بالثقل والحليم بالرزانة وَيُشبه بالطود شاع هَذَا الْكَلَام فِي وصف الْحَلِيم وَالْمعْنَى لَو كَانَ الْحلم جسما لَكَانَ من الثّقل بِهَذِهِ الصّفة 21 - الْغَرِيب الآمال جمع أمل وَهُوَ مَا يَرْجُو الْإِنْسَان من الْخَيْر والحياة والسبل جمع سَبِيل وَهُوَ الطَّرِيق الْمَعْنى يَقُول تَبَاعَدت آمال النَّاس عَن جَمِيع الْمَقَاصِد لِأَنَّهَا تَوَجَّهت إِلَيْك وَإِلَى قصدك دون غَيْرك من النَّاس فَلم تَجِد سَبِيلا إِلَّا إِلَى قصدك وَقصد بابك 22 - الْغَرِيب هَب الرجل من نَومه إِذا أستيقظ قَالَ الشَّاعِر (أَلا أَيهَا النُّوَّامُ مِنْ نَوْمِكُمْ هُبُّوا ... أُسائِلْكُمُ هَل يَقْتلُ الرَّجلَ الحُبُّ) وَهُوَ فعل مَوْضُوع لقُوَّة الشَّيْء ونشاطه فَمِنْهُ هَب النَّائِم من نَومه لِأَنَّهُ يُفَارق السّكُون وهبت الرّيح إِذا جَاءَت بعد سُكُون وهب التيس إِذا نشط للسفاد وهب السَّيْف إِذا أهتز للْقطع وَالسري مصدر سرى والندى الْكَرم الْمَعْنى يَقُول من كَثْرَة عطاياه وَكَرمه قد شاع فِي الْآفَاق فَهِيَ تنادي القاعدين عَن طلبه استيقظوا من نومكم واسروا إِلَيْهِ فَهُوَ يُغني عَن قَصده وَاعْلَمُوا أَن الْبُخْل قد هلك بِوُجُودِهِ وجوده 23 - الْغَرِيب الإنجاز من نجز الشَّيْء بِالْكَسْرِ ينجز نجازا انْقَضى وفنى قَالَ النَّابِغَة (وكُنْتَ رَبيِعا للْيتَامى وَعِصْمَةً ... فُملكُ أبي قابوسَ أضْحى وَقدْ نَجُزْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 أَي انْقَضى ونجز بِالْفَتْح حَاجته ينجزها بِالضَّمِّ نجزا إِذا قَضَاهَا ونجز الْوَعْد وأنجز حر مَا وعد وَفِي الْمثل المحاجزة قبل المناجزة الْمَعْنى يَقُول لَا وعد لَهُ فينجزه وَلَا مطل يمطل بِهِ والمطل المدافعة فقد منعت عطاياه دون الْوَعْد فحصولها عَاجلا يمْنَع من الْوَعْد وَإِذا لم يكن وَعدا لم يكن إنجاز وَلَا مطل كَقَوْل أَشْجَع السّلمِيّ (يَسْبِقُ الوَعدَ بالنَّوال كَمَا يَسْبِقُ ... بَرْقَ الغُيُوث صَوْبَ الغَمامِ) 24 - الْمَعْنى يَقُول عطاياه كَثِيرَة فَلَا يقدر أحد على تحديدها بِأَن يَجْعَل لَهَا حدا إِلَيْهِ تَنْتَهِي كَمَا لَا يقدر أحد على رد مَا فَاتَ بل رد الْفَائِت أقرب من تحديدها وَلَا يقدر أحد على أَن يحصي مكارمه وأيسر من إحصائها إحصاء الْمَطَر والرمل وهما لَا يحصيان 25 - الْإِعْرَاب مَا يجوز أَن يكون أستفهاما مَعْنَاهُ الْإِنْكَار وَيجوز أَن يكون نفيا وأخبارا ونعل خبر وجوهها وَاللَّام تتَعَلَّق بِهِ وَفِي كل نائبة مُتَعَلق بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره يطَأ بِهِ وَمِمَّنْ بتعلق بتنقم الْغَرِيب نقمت الشَّيْء بِالْفَتْح أَنْقم بِالْكَسْرِ أَي كرهته وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَا نقموا مِنْهُم أَي كَرهُوا وعابوا والاخمص بَاطِن الْقدَم الْمَعْنى يَقُول هُوَ عَزِيز شَدِيد الْبَأْس وَالْقُدْرَة فَلَا تقدر الْأَيَّام على مُخَالفَته فقد ذلت لَهُ ذل من يطوءه بأخمص قَدَمَيْهِ حَتَّى تصير تحتهما كالنعل فِي الذل وَلَا تقدر الْأَيَّام أَن تعيبه وَلَا ترد عَلَيْهِ مَا يفعل 26 - الْغَرِيب عزه غَلبه وقهره من قَوْلهم من عز بز وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وعزني فِي الْخطاب} الْمَعْنى يَقُول لم يَقْهَرهُ مُرَاد أَرَادَهُ وَلَا أمتنع عَلَيْهِ فِي طول الْأَيَّام وَإِن كَانَ قَلِيل الْوُجُود إِلَّا أَن يكون لَهُ نَظِير فَأَنَّهُ يمْتَنع عَلَيْهِ وَلَا يُوجد لعدم نَظِيره كَقَوْل البحتري (كُلُّ الذَّي تَبْغي الرّجالُ تُصيبهُ ... حَتَّى تُبَغِّى أنْ تَرَى شَرْوَاهُ) وَكَقَوْلِه أَيْضا (وَلِئنْ طَلَبْتُ شَبِيهَةُ إِنِّي إِذا ... لَمُكَلِّفٌ طَلَبَ المُحالِ رِكابِي) وَجمع أَبُو الطّيب بَين وَجْهَيْن من الْمَدْح الاقتدار والانفراد عَن الْأَمْثَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 - الْإِعْرَاب كفى إِذا كَانَ بِمَعْنى أَجْزَأَ وأغنى تعدى إِلَى مفعول كَقَوْلِك كفاني دِرْهَم أَي أجزأني وكفاني قرص أَي أغناني وَإِذا كَانَ بِمَعْنى الْمَنْع والكف فَهُوَ يعتدي إِلَى مفعولين نَحْو قَوْلك كفيت فلَانا شَرّ فلَان أَي منعته وَمِنْه فَسَيَكْفِيكَهُم الله وهما مُخْتَلِفَانِ معنى وَعَملا وَكفى فِي هَذَا الْبَيْت من النَّوْع الأول وثعلا مفعول كفى وفخرا نصب على التَّمْيِيز وَالْفَاعِل أَن بصلتها وَالْبَاء زَائِدَة كزيادتها فِي كفى بِاللَّه وَفِي دُخُولهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن يكون بِمَعْنى اكتفوا وَالثَّانِي لاتصال التَّأْكِيد لِأَن الِاسْم فِي قَوْلك كفى الله يتَّصل بِالْفِعْلِ اتِّصَال الفاعلية وَإِذا قلت كفى بِاللَّه اتَّصل اتِّصَال الْإِضَافَة واتصال الفاعلية وفعلوا ذَلِك للإيذان بِأَن الْكِفَايَة من الله لَيست كالكفاية من غَيره فِي عظم الْمنزلَة فضوعف لَفظهَا لتضاعف مَعْنَاهَا فَإِذا قلت كفى بزيد عَالما حَملته على معنى اكتفيت بِهِ وَيجوز فِي دهر الرّفْع وَالنّصب فالرفع راوية أبي الْفَتْح وَبِه قَرَأت قَالَ أَبُو الْفَتْح ارْتَفع دهر بِفعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ أول الْكَلَام فَكَأَنَّهُ قَالَ وليفخر دهر أهل فَأهل صفة لدهر وَلَا وَجه لَهُ إِلَّا هَذَا وَلَا يجوز رَفعه على الأبتداء إِلَّا على حذف الْخَبَر وَقَالَ المعري وَغَيره ودهرا بِالنّصب عطفا على قَوْله ثعلا وَرفع أهل على تَقْدِير هُوَ أهل وَقَالَ الربعِي نصب دهرا على أسم أَن وَأهل خبر عَنهُ وَالْمعْنَى كفى ثعلا فخرا بأنك وَأَن دهرا لِأَن أمسيت من أَهله أهل وَإِن رفعته بِالِابْتِدَاءِ أضمرت لَهُ خَبرا مدلولا عَلَيْهِ بِأول الْكَلَام فَحسن وَإِن كَانَ نكرَة لِأَنَّهُ متخصص بِالصّفةِ تَقْدِيره ودهر أهل فاخر بك وَقد يجوز رفع دهر عطفا على فَاعل كفى وَهُوَ الْمصدر الْمُقدر لِأَن أَن مَعَ خَبَرهَا بِمَعْنى الْكَوْن لتَعلق مِنْهُم باسم الْفَاعِل الْمُقدر الَّذِي هُوَ كَائِن تَقْدِيره كفى ثعلا فخرا كونك مِنْهُم ودهر مُسْتَحقّ لِأَن أمسيت من أَهله أَي وكفاهم فخرا دهر أَنْت فِيهِ أَي أَنهم فَخَروا بكونك مِنْهُم وفخروا بزمانك لنضارة أيامك كَقَوْل حبيب (كأنَّ أيَّامَهُم مِنْ حُسْنِها جُمَعُ) وَعطف دهرا وَهُوَ أسم حدث على الْكَوْن الْمُقدر وَهُوَ أسم حدث ودهر مَوْصُوف بِصفة فِيهَا ضمير عَائِد على أسم أَن وَهُوَ التَّاء من أمسيت فَهَذَا وَجه فِي الرّفْع صَحِيح لَيْسَ فِيهِ تَقْدِير مَحْذُوف وَالْوُجُوه الْمَذْكُورَة لَيْسَ فِيهَا وَجه خَال من حذف وَقَالَ الشريف هبة الله بن الشجري يجوز رفع فَخر بِإِسْنَاد كفى إِلَيْهِ وَتخرج الْبَاء عَن كَونهَا زَائِدَة فتجعلها متعدية مُتَعَلقَة بالفخر وجر الدَّهْر بالْعَطْف على مجرور الْبَاء وَيرْفَع أهل بِالِابْتِدَاءِ فَيصير اللَّفْظ كفى ثعلا فَخر بأنك مِنْهُم وبدهر وَالْمعْنَى أَنهم اكتفوا بفخرهم بِهِ وبزمانه الْغَرِيب ثعل بطن من طي وهم قَبيلَة الممدوح الْمَعْنى يُرِيد كفاهم الْفَخر على سَائِر الْعَرَب بكونك مِنْهُم وَكَذَلِكَ الدَّهْر كَفاهُ الْفَخر على الْأَزْمِنَة الَّتِي قبله وَبعده لكونك من أَهله وَأهل الْأَخير فِي الْبَيْت مَعْنَاهُ مُسْتَحقّ ومستأهل قَالَه الواحدي 28 - الْإِعْرَاب ويل ابْتِدَاء وَخَبره مَا بعده وَهُوَ من النكرات الَّتِي يجوز بهَا الأبتداء كَقَوْلِك سَلام عَلَيْكُم الْغَرِيب يُقَال ويل لَهُ فِي الدُّعَاء وويح لَهُ فِي الترحم والتحنن عَلَيْهِ كَقَوْلِه وَيْح عمار تقتله الفئة الباغية وحاولت طلبت وغرة غَفلَة الْمَعْنى يَقُول طوبي لعين لَا تَخْلُو من إبصارك وويل النَّفس طلبت مِنْك غَفلَة 29 - الْغَرِيب شام الْبَرْق تطلع إِلَيْهِ وَإِلَى سَحَابَة أَيْن يمطر وشمت مخايل الشَّيْء إِذا تطلعت إِلَيْهِ ببصرك منتظرا لَهُ والفاقة الْحَاجة والصيب الْمَطَر الشَّديد قَالَ تَعَالَى {أَو كصيب من السَّمَاء} وَالْمحل الجدب الْمَعْنى يَقُول من يَرْجُو مواهبك ويقصدك لَا تناله فاقة لِأَنَّك تحقق رَجَاءَهُ وَإِذا كنت بمَكَان فَلَا جَدب فِيهِ لِأَن عطاياك تقوم لأَهله مقَام الْغَيْث وَضرب الْبَرْق وَالْمحل مثلا لقصد الآمال إِلَيْهِ كَمَا يشام برق السَّحَاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 - 1 الْغَرِيب السقم والسقم لُغَتَانِ فصيحتان والنكس بِضَم النُّون الِاسْم وَبِفَتْحِهَا الْمصدر الْمَعْنى يَقُول كنت زَائِدا كَمَا يزِيد الْهلَال فِي أول الشَّهْر ثمَّ نقصت كَمَا ينقص إِلَى أَن يلْحقهُ السرَار وَالْمعْنَى كنت صَحِيح الْجِسْم كَامِل الْخلق فنكسني وصل الهجر وَبعد الْوِصَال إِلَى أَن أعادني إِلَى السقم كَمَا يُعَاد الْهلَال إِلَى المحاق بعد تَمَامه ونكس الْمَرِيض ينكس نكسا أَي أُعِيد إِلَى الْمَرَض الحديث: 200 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 - الْغَرِيب البلبال شدَّة الْهم والحزن الْمَعْنى يَقُول بِقدر مَا ينقص من جسمي من الوجد يزِيد فِي همي وحزني فبقدر زِيَادَة الْحزن نُقْصَان فِي الْجِسْم وطابق بَين الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان 3 - الْغَرِيب قَوْله الدمنتين تَثْنِيَة دمنة وَجَمعهَا دمن وَهِي آثَار الدَّار والدو الأَرْض الواسعة المستوية القفرة من ريا هِيَ أسم امْرَأَة وَالْمرَاد من دمن ريا فَحذف للْعلم بِهِ كَقَوْل زُهَيْر (أمِنْ أُمّ أوْ فَي دِمْنَةٌ لم تَكَلَّمِ) يُرِيد من دمن أم أوفى وَالْحَال شامة تخَالف لون الْوَجْه والشامة تكون فِي الْوَجْه والجسم الْمَعْنى يَقُول قف بدمن هَذِه المحبوبة لتنظر آثارها وتذكر مَا كَانَ فِيهَا من اهلها فقد بقيت كَأَنَّهَا خالان فِي خد فَشبه آثَار سَواد الديار فِي سَعَة الأَرْض بخالين فِي خد 4 - الْغَرِيب الطلول مَا بقى من آثَار الدَّار وَاحِدهَا طلل وَهُوَ الَّذِي بقى شخصه يُقَال طلل وأطلال وطلول الْمَعْنى يُرِيد أَن الطلول الشاخصة الْبَاقِيَة تلوح فِي العراص كَالنُّجُومِ فِي اللَّيَالِي الْمظْلمَة والعراص لَا تدرس بل هِيَ وسط الدَّار وَالْمعْنَى طلول الأحباب لائحات فِي عراص خاليات فَهِيَ تلوح فِيهِنَّ كَمَا تلوح النُّجُوم فِي اللَّيَالِي المظلمات 5 - الْغَرِيب النؤى جمع نؤى كدلو ود لي وحقو حَقي وَأَصلهَا نؤوي فاجتمعت الْوَاو وَالْيَاء وسبقت أحداهما بِالسُّكُونِ فقلبت الْوَاو يَاء وأدغمت فِي لَام الْكَلِمَة وَكسرت الْهمزَة الَّتِي هِيَ عين الْكَلِمَة لأجل الْيَاء فَجرى مجْرى عصي وحلي وَلَو قيل نئي لجَاز كَمَا قيل فِي نَظَائِره والنؤى مَا يحْفر حول الْبَيْت ليقيه أَن يدحله مَاء الْمَطَر كالخندق حول الْبَلَد والخدام جمع خدمَة وَأَصله سير يشد فِي رسغ الْبَعِير وَبِه سمي الخلخال خدمَة لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ من سيئور يركب فِيهِ الذَّهَب وَالْفِضَّة والخدال السمان وَهِي جمع خدلة وَهِي الممتلئة وَمثلهَا خد لجة الْمَعْنى شبههن حول الْبَيْت بالخلاخيل على الأسؤق الْغِلَاظ لِأَن السَّاق إِذا غلظت لَا يَتَحَرَّك عَلَيْهَا الخلخال وَلم يسمع لَهُ صَوت قَالَ الواحدي وَهَذَا أَخْبَار بِأَن النؤي لم يدْفن فِي التُّرَاب وَأَن مَا أحدقت بِهِ ملأها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 كَمَا تملأ السَّاق الْعَظِيمَة الْخدمَة وَهُوَ من قَول الطَّائِي (أثافٍ كالخُدُودِ لُطِمْنَ حُزْنا ... وَنُؤْيٌ مِثْلُ مَا انْقَصَمَ السوار) فَنقل السوار إِلَى الخدام وَأَصله من قَول الأول (نُؤْيٌ كَمَا نَقَصَ الهِلالَ مَحَاقُهٌ ... أوْ مِثْلُ مَا قَصَمَ السِّوَارَ المِعْصَمُ) وَجعل أَبُو الطّيب الخدام خرسا لِأَن السَّاق إِذا امْتَلَأَ لم تتحرك والخلخال كالنؤي يمْلَأ مَا أحدق بِهِ من الأَرْض وَهُوَ تَشْبِيه حسن 6 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قَوْله فِيهَا رَاجع إِلَى ريا وَهِي المحبوبة الْمَعْنى يَقُول أَنا أعشق العشاق فِي هَواهَا وَأَنت أعذل العذال لي يُرِيد كَثْرَة لومه إِيَّاه فَلَا تعذلني وأترك عني عذلك فلست أرجع عَنْهَا 7 - الْغَرِيب النوي الْبعد والفراق والحية الذواق يُرِيد نَفسه وَهُوَ كالحية الذّكر لَا يسْتَقرّ فِي مَوضِع والفلا جمع فلاة وَهِي الأَرْض الواسعة والظلال جمع ظلّ قَالَ تَعَالَى {هم وأزواجهم فِي ظلال} وَقَرَأَ الأخوان ظلل جمع ظلة الْمَعْنى يَقُول مَا تُرِيدُ النوي مني وَقد ذقت الْأَشْيَاء وجربتها وَقد ضجرت مني الْأَسْفَار وتعودت حر فلواتها وَبرد ظلالها وَالْمعْنَى حر النَّهَار وَبرد اللَّيْل لِأَن اللَّيْل كُله ظلّ وَهَذَا شكاية من الْفِرَاق وَأَنه مبتلى بِهِ 8 - الْغَرِيب الروع الْفَزع الهول الْمَعْنى يَقُول لقِيت الشدائد على اختلافها وَأَنا أَشد إقداما فِي الْخَوْف من إقدام ملك الْمَوْت لأَخذه الْأَرْوَاح فَأَنا أخوض غمار الحروب من غير خوف والخيال يُوصف بالسري يُقَال أسرى من خيال الخيال لِأَن يقطع من الشرق إِلَى الغرب 9 - الْغَرِيب الحتف الْهَلَاك والقالي الْمُبْغض وقلاه أبغضه قَالَ الله تَعَالَى {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} أَي وَمَا أبغضك وَمِنْه بَيت الحماسة (كُلّ لَهُ نِيةٌ فِي بغْضِ صَاحِبِهِ ... بِنِعْمَةِ اللهِ نَقْلُوكُمُ وتُقْلُونا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 الْمَعْنى يَقُول يُرِيد انه محب للهلاك الَّذِي يدينه من الْعِزّ ومبغض للعمر الَّذِي يطول فِي الذل وَالْمعْنَى هُوَ محب للهلاك فِي الْعِزّ ومبغض للعمر الطَّوِيل فِي الذل وَقَوله ولحتف أَي وَهُوَ الحتف 10 - الْغَرِيب يُرِيد من الْجِنّ فَحذف النُّون لسكونها وَسُكُون اللَّام من الْجِنّ كَمَا قَالُوا بلعنبر فِي بني العنبر والزي الشكل والمثل الْمَعْنى يَقُول نَحن ركب وهم ركاب الْإِبِل يُقَال ركب وركبان من الْجِنّ فِي زِيّ النَّاس فَوق طير إِلَّا أَنَّهَا فِي صُورَة الْجمال يُرِيد لسرعة سَيرهَا كَأَنَّهُ تطير كَمَا يطير طير كَقَوْل الطَّائِي (فِي ثُبَة إنْ سَرَوْا فَجِنٌ ... أوْ يَّمُموا شُقَّةٌ فَطَيْرُ) 11 - الْغَرِيب الجديل فَحل كريم كَانَت الْعَرَب تنْسب إِلَيْهِ الْإِبِل الْكِرَام والبيد الأرضي الْبَعِيدَة وَهِي جمع بيداء وَهِي المفاوز والآجال جمع أجل الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْجمال الَّتِي هِيَ كالطير فِي السرعة من بَنَات هَذَا الْفَحْل الْكَرِيم تسرع بِنَا فِي المفاوز كمشي الْأَيَّام فِي الْآجَال وَهُوَ من أبلغ الْكَلَام وأفصحه وَهُوَ من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (مُوفٍ على مُهَجٍ فِي يوْمِ ذِي رَهَجٍ ... كأنَّهُ أجَلٌ يَسْعَى إِلَى أمَلِ) 12 - الْغَرِيب الهوجاء النَّاقة الَّتِي ترمي بِنَفسِهَا فِي السّير للنشاط وَلَا يُوصف بِهِ الذّكر فَلَا يُقَال بعير أهوج والدياميم جمع ديمومة وَهِي الفلاة والسليط الدّهن والذبال جمع ذبالة وَهِي الفتيلة الْمَعْنى يَقُول كل نَاقَة سريعة السّير قد أثرت فِيهَا الفلوات كتأثير النَّار فِي دهن الفتيلة وَالْمعْنَى قد أفناها السّير كَمَا تفني النَّار دهن الفتيلة 13 - الْغَرِيب عامدات قاصدات والضراغامة الْأسد وضرغم الْأَبْطَال بَعضهم بَعْضًا فِي الْحَرْب والمفضال مفعال من الْفضل الْمَعْنى هَذِه النوق عامدات تقصد جناب الممدوح الَّذِي هُوَ فِي الْحسن والشرف والعلو كالبدر وَفِي الْجُود وَالْكَرم كالبحر وَفِي الْيَأْس والشجاعة كالأسد وَهُوَ بفضله يعم الْخَلَائق فَهُوَ مفضال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح إِذا زرته فَكَأَنَّمَا زرت سُلَيْمَان فِي كَثْرَة ملكه ويوسف فِي جماله وبهائه لِأَنَّهُ ملك كَبِير الْملك ذُو جمال لَا يشا كُله إِلَّا جمال يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وجلالا تَمْيِيز 15 - الْإِعْرَاب نصب ربيعا بالْعَطْف على مفعول يرز الْغَرِيب الرّبيع الخصب وَهُوَ مَا ينْبت من كَثْرَة الْمَطَر وَالربيع أَيْضا الشَّهْر والرياض جمع رَوْضَة يُقَال رَوْضَة وَروض ورياض الْمَعْنى انه اسْتعَار لمعاليه رياضا لما جعله ربيعا وَجعل إعطاءه غيث ذَلِك الرّبيع وَجعل شكر الشَّاكِرِينَ زهرا يضاحكه الْغَيْث لِأَن الزهر ينفتح وَيحسن بعد مَجِيء الْغَيْث كالشكر يكون بعد الْعَطاء وَلَوْلَا حبه للوجود لما أثنى عَلَيْهِ الشاكرون فَأَقَامَ النِّعْمَة مقَام الرَّوْض وشكره مقَام الزهر وَهَذَا من أحسن الِاسْتِعَارَة 16 - الْغَرِيب نفخ الْمسك وَغَيره إِذا فاحت رِيحه وَالضَّمِير فِي مِنْهُ عَائِد على الرّبيع الْمَعْنى يَقُول نفحتنا من ذَلِك الرّبيع نفحة أحيت لنا آمالنا بعد مَوتهَا واستعار الصِّبَا لذكر النَّاس محاسنة وَكَرمه وَأَنه يُغني من قَصده فَقَالَ من طيب أخباره نفحتنا نسمَة دلتنا على إنْجَاح قصدنا لَهُ فأحيت آمالنا وَهَذَا من البديع 17 - الْغَرِيب الموَالِي جمع مولى والبوار الْهَلَاك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {دَار الْبَوَار} أَي الْهَلَاك {وكنتم قوما بورا} أَي هلكي الْمَعْنى يَقُول همته لم تزل مَقْصُورَة على دفع الْإِحْسَان إِلَى الْأَوْلِيَاء والإساءة إِلَى الْأَعْدَاء فَهُوَ يحي بجوده أولياءه وَيهْلك ببأسه أعداءه 18 - الْغَرِيب الرئبال الْأسد وَهُوَ مَهْمُوز وَالْجمع رآبيل وَفُلَان يترأبل أَي يُغير على النَّاس وَيفْعل فعل الْأسد وَقد ترك الْهمزَة النميري فِي قَوْله (ونُلْفَى كمَا كُنَّا يَدَّا فِي قِتالِنا ... رَيابيلَ مَا فِينا كَهامٌ وَلا نِكْسُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 الْمَعْنى يَقُول اكبر عيب يعيب بِهِ أحد عِنْده الْبُخْل لانه كريم فَلَا يحب بَخِيلًا فَإِذا عَابَ إنْسَانا قَالَ هُوَ بخيل والطعن عَلَيْهِ أَن تشبهه بالأسد لِأَنَّهُ أَكثر قُوَّة وبأسا من الْأسد وأقدم فِي الهيجاء على الْأَعْدَاء من إقدام الْأسد 19 - الْغَرِيب الْجِرَاحَات جمع جِرَاحَة وَهِي مَا يكون بِسيف أَو رمح أَو سهم أَو مدى والنغمات جمع نَغمَة وَهُوَ الصَّوْت والسيب الْعَطاء وَالسُّيُوف الرِّكَاز والسيب مصدر سَاب والسيب بِكَسْر السِّين مجْرى المَاء الْمَعْنى يَقُول إِذا سبق صَوت السَّائِل قبل أَن يُعْطِيهِ فَكَأَنَّمَا هِيَ جراح فِي جسده وَقَالَ الواحدي نَغمَة السَّائِل تُؤثر فِي قلبه تَأْثِير الْجِرَاحَات تأسفا كَيفَ أَن نواله لم يسْبق إِلَيْهِ وَتَأَخر حَتَّى أَتَى يَطْلُبهُ لِأَن عَادَته أَن يُعْطي السُّؤَال بِغَيْر سُؤال وَلَا طلب فَإِذا بلغت نَغمَة سَائل وسبقت قبل نواله بلغ ذَلِك مِنْهُ مبلغ الْجراحَة من الْمَجْرُوح وَقَالَ الْخَطِيب يلتذ نغمات السَّائِل كَمَا يلتذ الْجراح وَالْمعْنَى أَنه يشق عَلَيْهِ نَغمَة السَّائِل قبل الْإِعْطَاء ويحكى أَن الْحسن بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام أَتَاهُ مَال من مُعَاوِيَة فَقَسمهُ فَلم يبْق إِلَّا خَمْسمِائَة دِينَار فَأَرَادَ أَن يقوم بهَا من مَجْلِسه فَالْتَفت وَإِذا أَعْرَابِي قد جَاءَ على نَاقَة لَهُ فَقَالَ الْحسن لغلامه أدفَع إِلَيْهِ هَذِه الدَّنَانِير وَقل لَهُ إِنَّك أتيت وَلم يبْق عندنَا سواهَا فَأَخذهَا الْأَعرَابِي وَقَالَ لَهُ يَا بن بنت رَسُول الله وَالله مَا أَتَيْتُك إِلَّا قَاصِدا فَمَاذَا أعلمك بحالي فَقَالَ لَهُ إِنَّا أنَاس تُعْطِي قبل السُّؤَال شحا على مَا رجاه السَّائِل لنا ثمَّ أنْشد (نَحْنُ أُناسٌ جنَابُنا خَضِلٌ ... يُسْرِعُ فِيهِ الرَّجاءُ والأَمَلُ) (نَبْذُلُ قَبْلَ السُّؤَالِ نائِلَنا ... شُحَّا عَلى مَا رَجاهُ مَنْ يَسَلُ) وَمثل هَذَا الْمَعْنى قَول مَرْوَان بن أبي حَفْصَة يرثي بِهِ معن بن زَائِدَة (ثَوَى مَنْ كانَ يَحْمِلُ كُلُ ثِقْلٍ ... وَيَسْبِقُ فَيْضُ رَاحَتِهِ السؤالا) 20 - الْغَرِيب النقي الجيب عبارَة عَن الطَّاهِر من الْعَيْب وَقيل الجيب الْقلب والأبدال جمع بدل وَبُدَيْل مثل شرِيف وأشراف وطوى وأطواء وشرير وأشرار وشهيد وأشهاد وَهَذَا جمع فعيل على أَفعَال وهم الْعباد سموا إبدالا لأَنهم إِبْدَال الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي إِجَابَة دعواتهم ونصحهم لِلْخلقِ وَقيل إِذا مَاتَ حَدهمْ أبدل الله مَكَانَهُ آخر فهم لَا ينقصُونَ حَتَّى تقوم السَّاعَة وَيُقَال هم أَرْبَعُونَ رجلا فِي أقطار الأَرْض الْمَعْنى يَقُول هُوَ سراج مُنِير يَهْتَدِي بِرَأْيهِ فِي مُشكل الخطوب وظلمات الْأُمُور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 وبعلمه يَهْتَدِي إِلَى مَا أشكل من مسَائِل الدّين وَهُوَ نقي الْقلب لَا غش عِنْده وَهُوَ بَقِيَّة الأبدال يُرِيد أهل الصّلاح 21 - الْغَرِيب نضح المَاء إِذا رشه على الأَرْض أَو الثَّوْب ينضحه بِالْكَسْرِ والنضح أَيْضا الشّرْب دون الرّيّ يُقَال نضح عطشه ينضحه والنضيح الْحَوْض وَالْجمع نضح وَكَذَلِكَ النَّضْح بِالتَّحْرِيكِ وَالْجمع أنضاح وَإِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ ينضح عَطش الْإِبِل أَي يبله والنضيح الْعرق قَالَ الراجز (تَنْضَحُ ذِفْرَاهُ بِمِاءِ صَبٍّ ... مِثْلِ الكُحَيْلِ أَو عَقيد الرُّبِّ) والمدن جمع مَدِينَة وَسميت مَدِينَة لَان أَهلهَا يُقِيمُونَ بهَا وَمِنْه مدن بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ والبوائق جمع بائقة وَهِي الداهية يُقَال باقتهم الداهية تبوقهم بوقا بِالْفَتْح وباقتهم بؤوقا على فعول وانباق عَلَيْهِم هجم عَلَيْهِم بالداهية كَمَا يخرج الصَّوْت من البوق وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لم يُؤمن من لم يَأْمَن جَاره بوائقه أَي ظلمه وغشمه وغوائله وشره والزلزال بِالْفَتْح الِاسْم وبالكسر الْمصدر وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} الْمَعْنى يُخَاطب صَاحِبيهِ يَقُول لَهما خذا مَاء رجل هَذَا الممدوح فرشاه فِي الْبِلَاد فَأَنَّهَا تأمن الزلزلة لِأَنَّهُ رجل صَالح من أهل الصّلاح 22 - الْغَرِيب البقير ثوب لَا كم لَهُ وَهُوَ الَّذِي يلْبسهُ الصّبيان ويلبس للأموات عِنْد الْكَتِفَيْنِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ رجل مبارك يستشفي بِثَوْبِهِ من جَمِيع الدَّاء وَذَلِكَ لما يرجون من بركته لِأَنَّهُ ثوب مبارك فَهُوَ يشفي من الإعلال 23 - الْإِعْرَاب مالئا نصب على الْحَال والشرق والغرب مَفْعُوله وَكَذَا قُلُوب الْغَرِيب النوال الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ كريم شُجَاع فقد مَلأ الشرق والغرب بجوده وَكَرمه وَقُلُوب الرِّجَال ببأسه وشدته 24 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ يزهد فِي الدُّنْيَا فَلَا يطْلبهَا وَلَا يريدها وَلَو شَاءَ ضمهَا إِلَيْهِ كلهَا فملكها وَلكنه يزهد فِيهَا لحقارتها عِنْده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 - الْمَعْنى يَقُول شجاعته وبسالته تقوم لَهُ مقَام الْجَيْش وتدبيره بإصابته فِي الرَّأْي توجب لَهُ النَّصْر وَمن هيبته إِذا نظر قَامَ لَهُ نظره مقَام السيوف والرماح والظبا السيوف وَهُوَ جمع ظبة والعوالي الرماح المستقيمة 26 - الْغَرِيب الجماجم جمع جمجمة وَهِي الرؤوس والأبطال جمع بَطل وَهُوَ الشجاع الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جني يهب المَال فيقتدر بذلك على ضرب رُؤُوس الْأَبْطَال وَهَذَا فَاسد وَكَلَام من لَا يعرف الْمَعْنى وَالرجل يُوصف بِضَرْب رُؤُوس الْأَعْدَاء من حَيْثُ الشجَاعَة لَا من حَيْثُ الْجُود وَالْهِبَة وَالْمعْنَى أَنه يفرق مَاله بالعطاء فَإِذا فني المَال آتى أعداءه فَضرب جماجمهم وأغار على أَمْوَالهم كَمَا يُقَال هم مُفِيد متلاف فَوَقع ضربه فِي رُؤُوس أَمْوَاله يكون فِي الْحَقِيقَة فِي رُؤُوس الْأَعْدَاء لِأَنَّهُ لَو لم يفرق مَاله مَا عَاد إِلَى قِتَالهمْ واستباحة أَمْوَالهم وَهُوَ كَقَوْلِه (فالسَّلْمُ يَكْسِر مِن جَناحَيْ مالِهِ ... بِنَوَالِهِ مَا تَجْبُرُ الهَيْجاءُ) 27 - الْغَرِيب النزال الْمُحَاربَة وَالنُّزُول إِلَى لِقَاء الْأَعْدَاء الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جني أَي فهم الدَّهْر يتقونه لإعماله رَأْيه ومضائه فيهم وَإِن لم يباشرهم بِحَرب وَلَا لِقَاء قَالَ وَهَذَا كَلَامه وَلَيْسَ لإعمال الرَّأْي ومضائه هَاهُنَا معنى إِنَّمَا يَقُول هم أبدا يخافونه حَتَّى كَأَنَّهُمْ فِي وَيَوْم حَرْب لشدَّة خوفهم وَلَيْسَ الْوَقْت يَوْم حَرْب 28 - الْغَرِيب العنبر الْورْد وَهُوَ الَّذِي يضْرب لَونه إِلَى الْحمرَة والصلصال الطين الْيَابِس الَّذِي لَهُ صَوت وَأَصله الطين الْحر خلط بالرمل فَصَارَ يتصلصل وَإِذا طبخ بالنَّار فَهُوَ البخار الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح خلق من العنبر الْأَحْمَر فَهُوَ طيب طَاهِر وَبَقِيَّة الْخَلَائق خلقُوا من طين صلصال فَلهُ فضل على الْخلق لِأَنَّهُ خلق من غير مَا خلقُوا مِنْهُ 29 - الْغَرِيب العذب الطّيب وَالْمَاء الزلَال الْبَارِد الْمَعْنى يُرِيد أَن مَا بَقِي من الطين الَّذِي خلق مِنْهُ هَذَا الممدوح خالط المَاء فأكسبه طيبا وعذوبة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 - الْغَرِيب البقايا جمع بَقِيَّة وعفت الشَّيْء كرهته والركانة الشدَّة والصلابة وَسمي الرُّكْن ركنا لِشِدَّتِهِ ولإسناد الشَّيْء إِلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول مَا بَقِي من حلمه الَّذِي أعطَاهُ الله كره النَّاس فَلم يحل بهم فَحل فِي الْجبَال فَصَارَ ركَانَة فِيهَا وثبوتا 31 - الْغَرِيب اغْترَّ بالشَّيْء ركن إِلَيْهِ ووثق بِهِ وَالسّلم الصُّلْح وَهُوَ ضد الْحَرْب وَيكسر وَيفتح وَيذكر وَيُؤَنث وَقَرَأَ الحرميان وَعلي بن حَمْزَة ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة بِالْفَتْح الْمَعْنى يَقُول لست مِمَّن يغره مَا رأى من محبتك للصلح وَإِن لَا تحضر الْقِتَال فَأَقُول إِنَّمَا ذَلِك من الْجُبْن وَإِنَّمَا أَقُول ذَلِك لِأَنَّك لَا ترى لَك قرنا فتنازله وَقد بَينه فِيمَا بعده بقوله 32 - الْإِعْرَاب الْإِشَارَة بقوله ذَاك إِلَى الْقِتَال وَنصب ذليلا على الْحَال الْغَرِيب كَفاهُ أغناه وَمنعه كَمَا تَقول كفيت مَكَان فلَان أَي أغنيت عَنهُ وكفيته شَرّ فلَان منعته والشانئ الْمُبْغض قَالَ الله تَعَالَى {إِن شانئك هُوَ الأبتر} والأشكال جمع شكل وَهُوَ النظير والمثل الْمَعْنى يَقُول ذَاك الْقِتَال أَغْنَاك عَنهُ ومنعك مِنْهُ أَن شانئك وَهُوَ الْعَدو ذل فَلم تحتج إِلَى قِتَاله لِأَنَّهُ أذعن بطاعتك وَلَيْسَ لَك نَظِير يسْتَحق أَن تنازله فِي حَرْب فقد أَغْنَاك عَن الْحَرْب قله نظرائك لِأَن الْإِنْسَان إِنَّمَا يحارب من يدانيه فِي الْعِزّ والشجاعة 33 - الْإِعْرَاب عطف اغتفار على قَوْله قلَّة الأشكال وَالْكِنَايَة فِي هامهم ترجع إِلَى الْأَعْدَاء المرادة بقوله عَيْش شانيك الْغَرِيب الاغتفار افتعال من الغفران غفر لَهُ واغتفر الْمَعْنى يَقُول كَفاك الْقِتَال عفوك وتجاوزك وَلَو غَيْرك السخط دست رُؤُوس الْأَعْدَاء بحوافر خيلك حَتَّى تصير نعالا لنعالها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو أحفظكوك وحملوك على ترك الاغتفار لأهلكتهم وَأحسن فِي كنايته عَن الحفيظة بقوله لَو غير السخط وَمثله (وَلَوْ ضَرَّ خَلْقا قَبْلَهُ مَا يَسُرُّهُ ... لَأَثَّرَ فِيهِ بأْسُهُ والتَّكَرُّمُ) كنى عَن الضَّرَر بأثر فِيهِ وَهَذَا لفظ عذب تقبله النُّفُوس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 - الْإِعْرَاب هَذَا تضمين لما قبله تَقْدِيره نعال لنعال لجياد وَقد عابه عَلَيْهِ قوم وَقَالُوا هُوَ تضمين فَاحش لَان الأول لم يكن شَدِيد الْحَاجة إِلَى الثَّانِي فَاللَّام مُتَعَلقَة بِالْأولِ الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد على غير قِيَاس وَهُوَ مَذْكُور فِي مَوَاضِع من كتَابنَا وأعراء جمع عري وَهُوَ الَّذِي لَا سرج عَلَيْهِ وَمِنْه حَدِيث انس رَضِي الله عَنهُ ركب رَسُول الله على فرس عري لأبي طَلْحَة يُقَال لَهُ مَنْدُوب وَقيل فِي بَيت رُؤْيَة بن العجاج (يَغْشَى قَراً عارِيَة أعْرَاؤُهُ ... ) ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن يكون جمع عراء وَهُوَ الْمَكَان الْخَالِي كَقَوْلِه تَعَالَى {فنبذناه بالعراء} وَالثَّانِي أَن يكون جمع عري وَالثَّالِث أَن يكون جمع عرا وَهُوَ النَّاحِيَة من قَوْلهم لَا يقرب عراه والجلال جمع جلّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْجلَال وَاحِد وَذكرهَا فِي الْآحَاد وَقَالَ جُمُعَة أجلة فعلى هَذَا إِذا كَانَ جمعا كَانَ مفرده جلا وَإِذا كَانَ وَاحِدًا كَانَ جمعه أجلة وَقَالَ الْجَوْهَرِي الجل وَاحِد جلال الدَّوَابّ وَجمع الْجلَال أجلة والجل الْورْد وَهُوَ فَارسي مُعرب قَالَ لأعشي (وَشاهِدنُا الجُلُّ والْياسمِينُ ... والمُسْمعاتُ بأقْصَابِها) يُرِيد الزامرات الْمَعْنى يَقُول لجعلت رؤوسهم نعالا لجياد صفتهَا أَنَّهَا تدخل الْحَرْب عَارِية من الْجلَال وَلَا يحسن أَن يُقَال عَارِية من السُّرُوج واللبد فيخرجن من الْحَرْب وَهن قد لبسن الدَّم عوضا من الْجلَال لِأَن الدَّم لما جف عَلَيْهِنَّ صَار كالجلال لَهُنَّ وَهُوَ مَنْقُول من قَول جرير (وتُنْكِرُ يْومَ الرَّوعِ ألوان خَيلنا ... مِن الطَّعنِ حَتَّى تَحْسِبَ الجْونَ أشْقَرَ) 35 - الْغَرِيب الذوائب جمع ذؤابة وَهِي شعر الرَّأْس والأطفال جمع طِفْل وَهُوَ الصَّغِير وَيكون وَاحِدًا وجمعا قَالَ الله تَعَالَى {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا} الْآيَة الْمَعْنى يَقُول أَن السيوف والرماح تُوصَف بالبياض فَلَمَّا باشرت الْقَتْل اكتست الدَّم وَلم يكن عَلَيْهَا فَصَارَت سَوْدَاء فَكَأَنَّهَا أستعارت لونا غير ألوانها وَأَلْقَتْ ألوانها وَهِي الْبيَاض فِي ذوائب الْأَطْفَال لأَنهم يشيبون من شدَّة مَا ينالهم من الْفَزع وَهُوَ مَأْخُوذ من الْآيَة {فَكيف تَتَّقُون إِن كَفرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيبا} 36 - الْإِعْرَاب طورا نَصبه على الظّرْف يُرِيد فِي طور الْغَرِيب الطّور التارة والحين قَالَ النَّابِغَة (تَناذَرَها الرَّاقُونَ مِن سُوء سَمّها ... تُطَلِّقُهُ طَوْراً وطَوْراً تُرَاجعُ) والسلسال المَاء العذب الَّذِي يتسلسل فِي الْحلق الْمَعْنى يَقُول أَنْت تَارَة سم لأعدائك والسم يضم وَيفتح وَيجمع على سمام وَتارَة أَنْت حُلْو لأوليائك وَهَذَا الْمَعْنى قد طرقه كثير من الشُّعَرَاء قَالَ أَبُو دؤاد (فَهُمُ لِلْمُلايِنِينَ أناةٌ ... وعُرَامٌ إذَا يُرَامُ عُرَامُ) وَقَالَ بشار (يَليِنُ حِينا وحِينا فِيهِ شِدَّتُهُ ... كالدَّهْرَ يَخْلِطُ إيساراً بإعْسارِ) وَقَالَ أَبُو نواس (حَذَرَ امْرِئ نُصِرَتْ يَداه عَلى العِدا ... كالدَّهْرِ فِيهِ شَرَاسَةٌ وَلَيانَ) وَنَقله أَبُو الشيص إِلَى السَّيْف (وكالسَّيْفِ إنْ لَا يَنْتَهِ لانَ مَتْنُهُ ... وحَدَّاهُ إنْ خاشَنْتَهُ خَشِنانِ) 37 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت النَّاس فَإِذا غبت عَن مَوضِع غَابَ عَنهُ النَّاس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 - 1 الْإِعْرَاب ومنزل مخفوض بواو رب وَهِي الخافظة بِنَفسِهَا عندنَا وَعند مُحَمَّد بن يزِيد الْمبرد وَقَالَ البصريون الْعَمَل لرب مقدرَة وَحجَّتنَا أَنَّهَا تائبة عَن رب فَصَارَت تعْمل عَملهَا كواو الْقسم لِأَنَّهَا نابت عَن الْبَاء وَالدَّلِيل على أَنَّهَا لَيست عاطفة ان حرف الْعَطف لَا يجوز الِابْتِدَاء بِهِ وَنحن نرى الشَّاعِر يَبْتَدِئ بِالْوَاو فِي أول القصيدة كَقَوْلِه (وَبَلْدَةٌ ليْسَ بِها أنِيِسُ ... ) وَمثل هَذَا كثير وَحجَّة الْبَصرِيين أَن الْوَاو وَاو عطف وحرف الْعَطف لَا يعْمل شَيْئا لَان الْحَرْف لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ مُخْتَصًّا وحرف الْعَطف غير مُخْتَصّ فَوَجَبَ أَن لَا يكون الحديث: 201 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 عَاملا وَإِذا لم يكن عَاملا فالعامل رب مقدرَة وَبدل على أَنَّهَا وَاو عطف وَأَن رب مضمرة جَوَاز إظهارها مَعهَا نَحْو وَرب بَلْدَة الْغَرِيب الغاديات السحب والهطل جمع هاطلة وَهِي الْكثير المَاء الْمَعْنى يَقُول رب منزل نزلناه لَيْسَ هُوَ لنا بمنزل فِي الْحَقِيقَة لأَنا نرتحل عَنهُ وَلم يكن منزلا لشَيْء سوى السحابات الباكرة الماطرة يصف روضا نزلوه وَهُوَ معنى قَوْله الْبَيْت بعده 2 - الْإِعْرَاب ملوحش يُرِيد من الْوَحْش فَحذف النُّون بسكونها وَسُكُون اللَّام وَقد بَيناهُ فِي قَوْله نَحن ركب الْغَرِيب الخزامى والقرنفل نبتان طيبان والندى الرطب والذفر الذكي الرَّائِحَة إِذا كَانَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة فَهُوَ للريح الطّيبَة والخبيثة وَأكْثر اسْتِعْمَاله فِي الطّيبَة وَإِذا كَانَ بِالْمُهْمَلَةِ فَهُوَ للمنتنة لَا غير ومحلل هُوَ الَّذِي كثر بِهِ الْحُلُول الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْموضع هُوَ مُحَلل من الْوَحْش غير مُحَلل من الْإِنْس وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (كَبِكْرِ المُقاناةِ البْياضِ بِصُفْرَةٍ ... غَذَاها نَمِيرُ المَاءِ غَيرَ مُحَلَّلِ) وَالْمعْنَى هَذَا الْموضع قد حلّه الْوَحْش وَلم يحله الْإِنْس 3 - الْغَرِيب المراعي ظَبْي يُقَال راعت الظبية أُخْتهَا إِذا رعت مَعهَا والمغزل الَّتِي مَعهَا غزالها والمحين مفعل من الْحِين وَهُوَ الْهَلَاك والموئل المنجي الْمَعْنى يَقُول ظهر لنا فِي هَذَا الْمَكَان ظَبْي يرْعَى مَعَ ظَبْيَة ذَات غزال وَهُوَ محين للهلاك بعيد المنجي لانه لَا ينجو من صيدنا إِيَّاه 4 - الْغَرِيب الْجيد الْعُنُق وَجمعه أجياد والحلى مَا تزين بِهِ المراة من ذهب وَفِضة وجوهر وَفِيه ثَلَاث لُغَات ضم الْحَاء وَكسر اللَّام وَبِه قَرَأَ الْجَمَاعَة سوى حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وكسرهما وَبِه قرا الْكسَائي وَحَمْزَة وَفتح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَبِه قَرَأَ يَعْقُوب الخضرمي والتفضل هُوَ أَن تلبس الْمَرْأَة ثوبا للْخدمَة وَالتَّصَرُّف وتنام فِيهِ وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (وَيُضْحى فَتيِتُ المِسْكِ فوْقَ فِراشَها ... نَئُومَ الضُّحَى لم تنْتَطِقْ عَن تفَضلِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 وَمِنْه حَدِيث امْرَأَة أبي حُذَيْفَة يَا رَسُول الله كُنَّا أَن سالما ابْن لنا وَإنَّهُ يدْخل عَليّ وَأَنا فضل وَلَيْسَ لنا إِلَّا بَيت وَاحِد فَمَا تَأْمُرنِي فِي شَأْنه فَقَالَ أرضعيه خمس رَضعَات الْمَعْنى يَقُول هَذَا الظبي قد غَنِي بِحسن عُنُقه أَن يلبس حليا يتزين بهَا وَقد تعود العري فَلَا يحْتَاج إِلَى ثوب زِينَة أَو ثوب خدمَة ونوم وَهُوَ مزين بجلده لَا بِثَوْبِهِ 5 - الْغَرِيب التضميح الطلاء ضمخته بالطيب أَي طليته بِهِ وَشبهه بالصندل فِي لَونه وَهُوَ جنس من الطّيب وَبِه يشبه الظباء والأيل الشَّاء الوحشية وَجمعه أيايل وأيل وَرُبمَا قَالُوا أجل بِالْجِيم يبدلون الْيَاء جيما قَالَ أَبُو النَّجْم (كأنَّ فِي أذْنا بِهِنَّ الشُّوُّلِ ... مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ قُرُونَ الإجَّلِ) والأيل والإجل الذّكر من الأوعال الْمَعْنى أَنه شبه لَونه بلون الصندل فَيَقُول اعْترض لنا هَذَا الظبي بقرن طَوِيل كقرن الذّكر من الأوعال وَنصب مُعْتَرضًا على الْحَال أَي مزينا مُعْتَرضًا 6 - الْغَرِيب الْكلاب الَّذِي يَسُوق الْكلاب ويصيد بهَا والوثاق جمع بِكَسْر الْوَاو وبالفتح الْمصدر فَمن كسر الْوَاو قَالَ وثيق ووثاق كطويل وطوال والأحبل جمع حَبل فِي أقل الْعدَد وَفِي الْكثير حبال الْمَعْنى يحول بَين الْكَلْب والتأمل يُرِيد أَنه لسرعته لَا يتَمَكَّن الْكَلْب من النّظر إِلَيْهِ فَلم يقدر على تَأمله فَحل الْكلاب مَا كَانَ يشد بِهِ الْكَلْب وَأطْلقهُ عَلَيْهِ 7 - الْغَرِيب الْأَشْدَق الْوَاسِع الشدق والمسوجر الَّذِي فِي رقبته ساجور والمسلسل الَّذِي فِي رقبته سلسلة والأقب الضامر الْبَطن والساطي الَّذِي يَسْطُو على الصَّيْد ويصول عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ الْبعيد الْأَخْذ من الأَرْض والشرس العضوض السيء الْخلق والشمردل الطَّوِيل الْمَعْنى يُرِيد أَنه حل الأحبل عَن كلب بِهَذِهِ الصِّفَات على الظبي ليصيده 8 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قَوْله مِنْهَا للكلاب ويغزل جعله جَوَابا لإذا لِأَنَّهُ شَرط بهَا الْغَرِيب يثغ من الغثاء وَهُوَ الصياح وَلَا يغزل لَا يلهي وَلَا يتحير غزل يغزل غزلا إِذا لهى وفتر والفقرة خرزة الصلب وَالْجمع فقر وَمن قَالَ فقار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 فواحدتها فقارة ومؤجد قوي وموثق وَمِنْه نَاقَة أجد إِذا كَانَت شَدِيدَة الْخلق رخو الْمفصل أَي شَدِيد الْمَتْن لين المفاصل الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْكَلْب لَا يفرق من صَوت الغزال وَلَا يفتر عَنهُ إِذا ثغا وَذَلِكَ أَن من الْكلاب مَا إِذا دنا من الغزال فصاح الغزال فِي وَجهه صياحا ضَعِيفا تحير ووقف مَكَانَهُ فَقَالَ هَذَا الْكَلْب لَا يفزع وَهُوَ قوي شَدِيد الظّهْر لين الْمفصل سريع الْأَخْذ يصفه بالإقدام على الصَّيْد 9 - الْغَرِيب السنجل الْمرْآة الْمَعْنى يَقُول إِذا أدبر يرى كَمَا يرى الْمقبل قدامه وَذَلِكَ لسرعة نظره والتفاته وَشبه صفاء حدقته بالمرآة 10 - الْغَرِيب أَحْزَن وَقع فِي الْحزن وَهِي الأَرْض الشَّدِيدَة الصلبة وأسهل إِذا وَقع فِي السهل وَهِي الأَرْض اللينة وتلا تبع والمدى الْغَايَة الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْكَلْب إِذا وَقع فِي الأَرْض الصلبة عداكما يعدو فِي الأَرْض السهلة وَإِذا تبع صيدا وَمَعَهُ كلاب بلغ الْغَايَة وَهُوَ متلو أَي متبوع يصفه بالسرعة يُرِيد انه يقدم الْكلاب وَكَانَ فِي أول الْعَدو تَابعا ثمَّ صَار فِي آخِره متبوعا 11 - الْغَرِيب الإقعاء أَن يجلس الْكَلْب على أليته والبدوي الَّذِي فِي الْبَادِيَة وَهُوَ إِذا أصطلى بالنَّار أقعى على أسته وَنصب رُكْبَتَيْهِ لتصل الْحَرَارَة إِلَى بَطْنه وصدره وَقَوله مجدولة أَي مفتولة لم تجدل يُرِيد بقوائم محكمَة من خلق الله لامن صَنْعَة وَلَا تصنع الْمَعْنى يُرِيد انه يقعى لأخذ الصَّيْد بقوائم مفتولة محكمَة من خلق الله فَهُوَ شَدِيد القوائم 12 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي آثارها لأيدي الْكَلْب وَرجلَيْهِ الْغَرِيب فتلاء جمعهَا فتل وَهِي الْيَد الَّتِي بَانَتْ عَن الصَّدْر فَلم يَمَسهَا عِنْد الْعَدو وَهُوَ مَحْمُود فِي الْإِبِل والأيادي جمع أيد وَأكْثر مَا تستعملها الْعَرَب فِي النعم يُقَال لفُلَان عِنْدِي يَد وأياد وَذكر يَدَيْهِ بِلَفْظ الْجمع وهما يدان وَكَذَلِكَ رجلَيْهِ وَالْعرب تفعل مثل ذَلِك فِي التَّثْنِيَة كَقَوْلِه تَعَالَى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وهما قلبان يدل عَلَيْهِ قَول {إِن تَتُوبَا} وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ هما حَفْصَة وَعَائِشَة وَفِي الصَّحِيح الحَدِيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 ابْن عَبَّاس مَا كنت أعلم من الْمَرْأَتَانِ اللَّتَان قَالَ الله فيهمَا إِن تَتُوبَا حَتَّى حججْت مَعَ عمر فَسَأَلته الحَدِيث والربذات الخفيفات السريعات والجندل الصحر الْمَعْنى يَقُول قوائمه مفتولة سريعة فِي الْعَدو شَدِيدَة الْوَطْء وَلم يُوصف كلب بِمثل هَذَا فِي ثقل الْوَطْء وَإِنَّمَا جَاءَ فِي هَذَا فِي الْخَيل وَالْإِبِل فنقله أَبُو الطّيب إِلَى الْكَلْب فَقَالَ لقُوَّة وَطئه على الْحِجَارَة أثرت فِيهَا كأمثال مواطئ رجلَيْهِ وَمن روى فتل بِالرَّفْع كَانَ على حذف الأبتداء وَمن خفض جعله نعتا لأَرْبَع يُرِيد بِأَرْبَع فتل 13 - الْغَرِيب التفتل الانفتال والكلكل الصَّدْر والمتن عِنْد الْعَجز الْمَعْنى يكَاد من سرعَة وثبه على الصَّيْد يجمع بَين صَدره وعجزه فِي حَالَة وَاحِدَة وَهَذَا من أحسن الْوَصْف وَهُوَ يشبه قَوْله فِي صفة الْأسد (حَتَّى حَبا بالعَرْضِ مِنْهُ الطُّولا ... ) 14 - الْغَرِيب الوسمي أول الْمَطَر والوني مَا يَلِيهِ والحضار الِاسْم من الْحَضَر والإحضار الْمصدر أحضر الْفرس إحضارا كَذَا قَالَ الْخَلِيل والجوهري وَابْن دُرَيْد وَأنكر أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب هَذَا وَقَالَ هُوَ الْإِحْضَار والحضر وَأما الحضار فَمن المحاضرة إِذا حَاضر غَيره الْمَعْنى ضرب هَذَا مثلا لأوّل عدوه وَآخره يَعْنِي لَا يتَغَيَّر لضبارته وصلابته وانه لَا يفتر وَلَا يعيا وَهَذَا من احسن الْكَلَام وأبدعه 15 - الْغَرِيب المضبر المشدد من إضبار الْكتب إِذا جمعت وشدت والجرول الْحجر قدر الْكَفّ وَمِنْه سمي الحطيئة جرولا كَمَا يسمون حجرا وصخرا وفهرا والذبل جمع ذابل وَهِي الرماح الْمَعْنى يَقُول كَانَ خلقه أحكم من الْحِجَارَة وَشبه قوائمه بِالرِّمَاحِ لطولها وَهُوَ أمدح وَهُوَ مَحْمُود فِي الْإِبِل وَالْخَيْل 16 - الْإِعْرَاب ذِي ذَنْب خفضه على الْبَدَل من قَوْله أشدق أَي فَحل كلابي عَن أشدق ذِي ذَنْب أجرد الْغَرِيب الأجرد الْقَلِيل الشّعْر والأعزل الَّذِي لَا يكون ذَنبه على اسْتِوَاء فقاره وَذَلِكَ عيب فِي الْخَيل وَالْكلاب وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 (بِضَافٍ فُوَيْقَ الأرْضِ ليسَ بأعْزَلِ ... ) وَإِذا لم يكن أعزل كَانَ أَشد لمتنه وحساب الْجمل حِسَاب يفهمهُ الْحساب وَهُوَ حِسَاب الْجمل الصَّغِير والجمل الْكَبِير على حِسَاب أبجد هوز وَأكْثر مَا يَسْتَعْمِلهُ المنجمون الْمَعْنى يُرِيد أَن كلاب الصَّيْد تكون جرد الأذناب وَأَن آثَار ذَنبه فِي الأَرْض كآثار الْكَاتِب إِذا خطّ حِسَاب الْجمل لِأَنَّهُ يَحْكِي حروفا غير حُرُوف الْكِتَابَة يعلم بهَا العشور والمتين والألوف وَهُوَ خطّ قبْطِي وَلَقَد أحسن فِي هَذَا التَّشْبِيه 17 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي جعل ابْن جنى كَأَنَّهُ من جِسْمه من صفة الْكَلْب على مَا فسر وَهُوَ من صفة ذَنبه يَقُول كَأَن الذَّنب متنح متباعد عَن جِسْمه أَلا ترى أَنه يَقُول يتلوى فِي عدوه أخف تلو فَكَأَنَّهُ مُتَّصِل بجسمه وَقَوله لَو كَانَ يبلي السَّوْط هَذَا من صفة الذَّنب وَجعله ابْن جنى من صفة الْكَلْب أَيْضا فَقَالَ هُوَ كالسوط فِي الصلابة فَلَا يُؤثر فِيهِ الْعَدو كَمَا لَا يُؤثر فِي السَّوْط التحريك وَلَيْسَ على مَا قَالَ وَالْمعْنَى ان الْكَلْب يكثر تَحْرِيك ذَنبه ثمَّ لَا يبليه ذَلِك كَمَا ان السَّوْط يكثر تحريكه وَلَا يبليه التحريك وَقد لَاذَ فِي هَذَا بقول ذِي الرمة (لَا يَذْخِرِانِ مِنَ الإيغالِ باقِيةً ... حَتَّى تَكادَ تَفَرَّى عَنْهُما الأُهُبُ) وَبقول أبي نواس (تَرَاهُ فِي الحُضْرِ إذَا هاهَي بِهِ ... يَكادُ أنْ يَخْرُجَ مِنْ إهابِهِ) 18 - الْإِعْرَاب نيل المنى يجوز أَن يكون أبتداء حذف خَبره أَي بِهِ نيل المنى وَيجوز أَن يكون خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْغَرِيب عقلة الظبي أَي قَيده يمنعهُ من الْعَدو والتتفل ولد الظبي وَقيل ولد الثَّعْلَب والحتف الْهَلَاك الْمَعْنى يَقُول بِهِ ينَال المنى الصَّائِد والمرسل الَّذِي يُرْسِلهُ على الصَّيْد يدْرك بِهِ حكم نَفسه فَهُوَ عقلة الظبي يُقَيِّدهُ بِمَنْعه لَهُ عَن الْفَوْت وَهُوَ هَلَاك التتفل وَقد نَقله من صفة الْفرس إِلَى صفة الْكَلْب من قَول امْرِئ الْقَيْس (بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوَابِدِ هَيْكَلِ ... ) 19 - الْغَرِيب انبريا اعترضا يُرِيد الْكَلْب والظبي فذين فردين منفردين والقسطل الْغُبَار الْمَعْنى يُرِيد أَن الأول هُوَ الظبي لِأَنَّهُ السَّابِق بالعدو فِرَارًا من الْكَلْب وبالآخر الْكَلْب وَأَرَادَ أَنَّهُمَا اعترضا للنَّاظِر فِي عدوهما وَأَن الْكَلْب لم يكن مَعَه كلب آخر وَكَذَلِكَ الظبي لم يكن مَعَه ظَبْي آخر وَضَمان الآخريريد شدَّة جريه وعدوه خَلفه فَجعل ذَلِك ضمانا مِنْهُ 20 - الْإِعْرَاب لافي أَن لَا يأتلي زَائِدَة كزيادتها فِي قَوْله تَعَالَى {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} وَتَقْدِيره ليعلم وَهِي تزاد فِي مثل هَذَا الْعلم بزيادتها وكزيادتها فِي قَوْله تَعَالَى {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} على بعض الْوُجُوه وكزيادتها فِي قَول العجاج (فِي بْئرٍ لَا حُورٍ سَرَى وَما شَعَرْ ... بإفكِهِ حَتَّى رأى الصُّبْحَ جَشَرْ) تَقْدِيره فِي بِئْر حور وَلَا زَائِدَة الْغَرِيب الهبوة الغبرة وَمَا ألوت فِي كَذَا وَمَا ائتليت وَمَا أليت أَي قصرت والذهول الغفول عَن الشَّيْء الْمَعْنى يَقُول كل وَاحِد مِنْهُمَا لم يشْتَغل عَن صَاحبه فالظبي يجد فِي الْهَرَب وَالْكَلب يجد فِي الطّلب وَالْكَلب لَا يقصر فِي ترك التَّقْصِير 21 - الْإِعْرَاب مُقْتَحِمًا حَال من الْكَلْب وَالْعَامِل فِيهِ لَا يأتلي الْغَرِيب الاقتحام الدُّخُول فِي الْأَمر الْعَظِيم الشَّديد والجدول النَّهر الصَّغِير الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى أَي حَامِلا نَفسه على الْأَمر الشَّديد بِمَعْنى أَخذ الظبي جعل الْمَكَان الأهول أَخذ الظبي وَلَيْسَ على مَا زعم لِأَن أَخذ الْكَلْب الظبي لَيْسَ الْأَمر الأهول بل هُوَ مَا ذكره من قَوْله يخال طول الْبَحْر يَقُول هَذَا الْكَلْب فِي وثوبه وَسُرْعَة عدوه يقتحم فِي الَّذِي يستقبله من هول حَتَّى لَو استقبله بَحر ظن طوله عرض جدول وَالْمعْنَى أَنه يثب إِلَى الْبَحْر كَمَا يثب إِلَى قطع النَّهر 22 - الْغَرِيب المذروبة الأنياب المحددة والأنصل جمع نصل الْمَعْنى يَقُول إِذا دنا الْكَلْب من الصَّيْد وَقيل لَهُ أدْركْت فافعل مَا نُرِيد فعله من القنص كشر عَن أَنْيَاب محددة كَأَنَّهَا نصول 23 - الْإِعْرَاب مركبات فِي مَوضِع جر صفة لمذروبة الْمَعْنى يَقُول هَذِه الأنياب لَا عهد لَهَا بصقل صقيل وَهِي مركب فِيهَا الْعَذَاب وَأَرَادَ بِالْعَذَابِ حطم الْكَلْب فَأَنَّهُ كالعذاب الْمنزل على الصَّيْد 24 - الْغَرِيب الشمَال ريح يهمز وَلَا يهمز وَهِي الَّتِي عَن شمال الْقبْلَة ويذبل جبل عَظِيم فِي الْحجاز الْمَعْنى يُرِيد كَأَن الأنياب مركبة فِي ريح الشمَال من خفَّة الْكَلْب وسرعته فِي الْعَدو وَكَأَنَّهَا من ثقل الْكَلْب على الصَّيْد كالجبل جعل الْكَلْب فِي خفَّة عدوه كَالرِّيحِ وَفِي ثقله كالجبل 25 - الْغَرِيب الهوجل الأَرْض الواسعة الْمَعْنى يَقُول كَأَن الأنياب من سَعَة فَمه فِي أَرض وَاسِعَة وَكَأَنَّهُ من علمه بالمقتل 26 - الْغَرِيب بقراط حَكِيم قديم وَبِه يضْرب الْمثل فِي الطِّبّ وَالْحكمَة والأكحل عرق فِي الذِّرَاع من عروق الفصاد كالباسليق والقيفال الْمَعْنى نقد الصاحب على المتنبي هَذَا الْبَيْت فَقَالَ لَيْسَ الأكحل بمقتل لِأَنَّهُ من عروق الفصاد وَهُوَ يصف الْكَلْب بِالْعلمِ بالمقتل وَهَذَا خطأ ظَاهر قَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن لم يُخطئ لِأَن فصد الأكحل من أسهل أَنْوَاع الفصد فَإِذا أحتاج بقراط إِلَى تعلم فصد الأكحل فهم إِلَى الْعلم بِغَيْرِهِ أحْوج وَهَذَا قَالَ الواحدي لَيْسَ بِجَوَاب شاف وَالْجَوَاب أَن الْكَلْب إِذا كَانَ عَالما بالمقاتل كَانَ عَالما أَيْضا بِمَا لَيْسَ بمقتل وَإِنَّمَا يحْتَاج بقراط إِلَى تعلم مَا لَيْسَ بمقتل فَلذَلِك ذكر أَبُو الطّيب فصد الأكحل فِي تَعْلِيم بقراط الْغَرِيب حَال انْقَلب والقفز والوثوب والتجدل السُّقُوط على الأَرْض والجدالة الأَرْض والمرجل الْقدر يكون من نُحَاس الْمَعْنى يَقُول انْقَلب مَا كَانَ يقفز بِهِ ويثب وَهُوَ قوائمه إِلَى أَن صَار يفحص بِهِ الأَرْض لما أَخذه الْكَلْب وَصَارَ لَحْمه فِي الْقدر 27 - الْغَرِيب ضاره يضيره وَهُوَ من الضير وَبِه قَرَأَ الحرميان وَأَبُو عَمْرو وَسكن مَعَ للضَّرُورَة وَقد تسكن والأفصح فَتحه والأجدل الصَّقْر الْمَعْنى يَقُول لم يضرنا مَعَ هَذَا الْكَلْب فَقدنَا الصَّقْر لِأَنَّهُ عمل عمله ودعا للممدوح بالسلامة فَقَالَ الْبَيْت بعده 28 - الْمَعْنى يَقُول يَا أَبَا على إِذا بقيت سالما فَأَنا ذُو ملك فالملك لله الْآن ثمَّ لي بسلامتك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 - 1 الْغَرِيب النأي لبعد والفراق وَالْبخل وَالْبخل لُغَتَانِ فصيحتان وبهذه اللُّغَة قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَالْإِبِل الْجمال وَهُوَ أسم جنس لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه الْمَعْنى يَقُول أبعد بعد المحبوبة بخلها وَهَذَا بعد لَا تكلفه الْإِبِل وَلَا لَهَا فِيهِ عمل لِأَنَّهَا لَا يُمكنهَا قطع مَسَافَة الْبُخْل وَلَا تقدر أَن تقرب هَذَا الْبعد فالمليحة وَهِي مُقِيمَة مَعَ منعهَا وبخلها كَأَنَّهَا بعيدَة وَقَالَ فِي الْبعد أَي فِي أَنْوَاع الْبعد وَهَذَا مَنْقُول من قَول حبيب (لَا أَظْلمُ النَّأْيَ قَدْ كانَتْ خَلائِقُها ... مِنْ قَبْلِ وَشْكِ النَّوىَ عِنْدي نَوِّي قُذُفا) وَمن قَول حبيب أَيْضا (فَفِراقٌ جَرَعْتُهُ مِنْ فِرَاقِ ... وَفِرَاقٌ جَرَعْتُهُ مِنْ صُدودِ) وَمن قَول البحتري (على أنِّ هجْرَان الحَبِيبِ هُوَ النوَى ... لَدىِّ وعِرْفان المُسيِىءِ هُوَ العَذْلُ) وكقول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس (وإنَّ مُقيماتٍ بِمُنْعَرجِ اللِّوَى ... لأقْرَبُ مِنْ فيّ وَهاتيكَ دَارها) وَمن قَول البحتري أَيْضا (دَنَتْ بِأُناسٍ عَنْ تَناءٍ زِيارَةٌ ... وَشَطَّ بلَيْلَى عَنْ تَدَانٍ مَزَارُها) وَالْأَصْل فِيهِ قَول المثقب الْعَبْدي (أفاطمُ قَبْلَ بَيْنِكِ مَتِّعِيني ... وَمَنْعُك مَا سألْتُ كأنْ تَبيني) 2 - الْإِعْرَاب ملولة خبر أبتداء مَحْذُوف وَمَا يَدُوم فِي مَوضِع نصب وَمن روى مَا تدوم بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقهَا كَانَت مَا نَافِيَة وَالْمعْنَى لَيست تدوم على حَال وملل أسم لَيْسَ وَالْخَبَر تقدم عَلَيْهِ فِي الْجَار وَالْمَجْرُور الحديث: 202 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 الْغَرِيب يُقَال رجال ملول وَامْرَأَة حُلُول وَدخُول الْهَاء للْمُبَالَغَة الْمَعْنى يَقُول هِيَ تمل كل شَيْء دَامَ لَهَا إِلَّا مللها الدَّائِم فَأَنَّهَا لَا تمله فَلَو مِلَّته لتركته وعادت إِلَى الْوَصْل فَأَنَّهَا تمل الْأَشْيَاء كلهَا إِلَّا مللها 3 - الْغَرِيب انفتلت تثنت وتمايلت والثمل السَّكْرَان ثمل الرجل ثملا إِذا أَخذ مِنْهُ الشَّرَاب فَهُوَ ثمل وَهُوَ من الثميلة وَهِي الْبَاقِيَة من المَاء فِي الصَّحرَاء والغدير والثمل بِالتَّحْرِيكِ مَا بَقِي فِي أَسْفَل الْإِنَاء من طَعَام أَو شراب الْمَعْنى يَقُول إِذا قَامَت تمايل فِي مشيها كتمايل النشوان فَكَأَن قوامها نظرا إِلَى طرفها فَسَكِرَ كَمَا يسكر طرفها محبيها 4 - الْغَرِيب الوجل الْخَائِف وَالْعجز يذكر وَيُؤَنث وَالْعجز أَسْفَل كل شَيْء الْمَعْنى قَالَ الواحدي إِن عجزها ثقيل فَهُوَ يجذبها إِذا هَمت بالنهوض هَذَا معنى يجذبها تَحت خصرها وَقَوله كَأَنَّهُ من فراقها وَجل أَخطَأ فِي تَفْسِيره ابْن جنى وَابْن دوست قَالَ ابْن جنى كَأَن عجزها وَجل من فراقها فَهُوَ متساقط قد ذهبت منته وتماسكه هَذَا كَلَامه وَلم يعرف وَجه تَشْبِيه الْعَجز بالوجل ففسر بِهَذَا التَّفْسِير وَإِنَّمَا يصير الْعَجز بِالصّفةِ بِالصّفةِ الَّتِي وصف عِنْد الْمَوْت وَمَا دَامَت الْحَيَاة بَاقِيَة لَا يصير ذَاهِب الْمِنَّة وَقَالَ ابْن دوست عجزها يجذبها إِلَى الْقعُود لِأَنَّهُ خَائِف من فراقها وَأَيْنَ رأى ذَلِك وَلكنه أَرَادَ وصف عجزها بِكَثْرَة اللَّحْم فشبهه فِي ارتعاده واضطرابه بخائف من فراقها والخائف يُوصف بالارتعاد وَكَذَلِكَ الْعَجز إِذا كثر لَحْمه كَقَوْلِه (إِذا ماسَتْ رأيْتَ لَهَا ارِتْجاجا ... ) فهما متشابهان من هَذَا الْوَجْه وَتَقْدِيره كَأَنَّهُ إِنْسَان وَجل من فراقها فَلذَلِك ارتعد وَفِي قَول ابْن جنى وَابْن دوست الوجل الْعَجز 5 - الْمَعْنى يُرِيد ترشف فمها وَهُوَ المص فَيَقُول لي نَار شوق إِلَى ترشفها ينْفَصل صبري عني إِذا اتَّصَلت بِي يُرِيد أَن صبره يُفَارِقهُ إِذا اتَّصل بِهِ ذَلِك الشوق وطابق بَين الِانْفِصَال والاتصال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 - الْغَرِيب المخلخل مَوضِع الخلخال والمعصم من الْيَد مَوضِع السوار والفاحم لأسود وَالرجل الشّعْر يُقَال شعر رجل وَرجل وسبط وسبط الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأَشْيَاء دائي وَأَنا أحبها فَهِيَ دائي ودوائي وَهِي تلفي وحياتي 7 - الْغَرِيب المهمة مَا بعد من الأَرْض واتسع جبته قطعته وَمِنْه جابوا الصخر بالواد والعرامس النوق الصلاب الشَّدِيدَة والذلل المدللة بِالْعَمَلِ المروضة بالسير وَهِي جمع ذَلُول نَاقَة ذَلُول ونوق ذلل وَعجز عَن الْأَمر يعجز عَجزا ومعجزة ومعجزة ومعجزا ومعجزا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وعجزت الْمَرْأَة تعجز بِالضَّمِّ عجوزا صَارَت عجوزا وعجزت بِالْكَسْرِ تعجز عَجزا وعجزا بِالضَّمِّ عظمت عجيزتها الْمَعْنى أَنه يصف شدَّة سيره فَيَقُول رب أَرض بعيدَة قطعتها على قدمي تعجز عَن قطعهَا النوق الصلبة الْمُعْتَادَة السّير وَجَبت على قدمي الفلاة المتسعة الطَّوِيلَة 8 - الْإِعْرَاب مُرْتَد ومجزئ ومشتمل كلهَا أَخْبَار حذف ابْتِدَاؤُهَا تَقْدِيره أَنا مُرْتَد بسيفي وحروف الْجَرّ مُتَعَلقَة باسم الْفَاعِل الْغَرِيب فلَان جيد المخبرة إِذا كَانَ خَبِيرا بالشَّيْء والاشتمال هَذَا من شَمله الشَّيْء إِذا عَمه الْمَعْنى يَقُول أَنا مُرْتَد بسيفي أَي متقلد بِهِ مكتف بعلمي لم أحتج إِلَى دَلِيل يدلني ويهديني الطَّرِيق لابس ثوب الظلام مُشْتَمل كَمَا يشْتَمل الرجل بِثَوْبِهِ أَو كسائه 9 - الْغَرِيب نكرت وَأنْكرت لُغَتَانِ وعييت بأَمْري إِذا لم أهتد إِلَيْهِ وأعياني هُوَ قَالَ عَمْرو بن حسان (فإنَّ الكُثْرَ أعْيانِي قَديِما ... ولمْ أُقْترْ لَدُنْ أنّي غُلامُ) وأعيا الرجل فِي الْمَشْي فَهُوَ معي وَلَا يُقَال عيان وأعيا عَلَيْهِ الْأَمر وتعيا وتعايا بِمَعْنى الْمَعْنى يَقُول إِذا تغير عَليّ صديق وَحَال عَن ودي وَأنْكرت أَحْوَاله لم تعجزني الْحِيلَة فِي فِرَاقه بل أفارقه وَلم أقِم عَلَيْهِ 10 - الْغَرِيب الْخَافِقين الشرق والغرب لَان الرّيح تخفق فيهمَا وَيُقَال قطر الْهَوَاء والمضطرب مَوضِع الإضطراب وَهُوَ الذّهاب والمجيء الْمَعْنى يَقُول الْبِلَاد كَثِيرَة وَالْأَرْض وَاسِعَة فَإِذا لم يطب مَوضِع كَانَ لي غَيره بَدَلا وَهَذَا معنى مطروق وَقد قَالَ الشَّاعِر (إذَا تَنَكَّرَ خلٌ فاتَخِذْ بَدَلاً ... فالأرْضُ مِن تْربَةٍ والنَّاسُ مِن رَجلِ) وَقَالَ البحتري (وَإذَا مَا تَنَكَّرَتْ لي بِلادٌ ... أَو صَديقٌ فانَّنِي بالخِيارِ) وَقَالَ عبد الصَّمد بن المعذل (إذَا وَطَنٌ رَابَنِي ... فَكُلُّ بلادٍ وَطَنْ) 11 - الْغَرِيب من روى اعتمار بالراء فَهُوَ الزِّيَارَة أَي فِي زيارته وَمِنْه قَول العجاج (لَقَدْ سَما ابنُ مَعْمَرٍ حينَ اعتْمَرْ ... مَغْزًى بَعيِدا مِنْ بَعَيدٍ وضَبَرْ) وَقَالَ أعشى باهلة (وجاشَتِ النَّفسُ لَمَّا جاءَ فَلَّهُمُ ... وَرَاكبٌ جاءَ مِنْ تَثْلِيثَ مُعْتَمِرُ) وَمن روى بِالدَّال فَمَعْنَاه الِاعْتِمَاد إِلَيْهِ بِالْقَصْدِ وَالسير الْمَعْنى يَقُول قصدي إِلَيْهِ شغلني عَن كل قصد لِأَنِّي علقت رجائي وأملي بِهِ 12 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن كل من ورد عَلَيْهِ أَخذ من مَاله بِلَا ابْتِدَاء وَلَا مسئلة من الْوَارِد فَكَمَا أَن مَاله لَا يسْتَأْذن فِي أَخذه فَكَذَلِك هُوَ لَا يسْتَأْذن فِي الدُّخُول عَلَيْهِ وَنَقله الواحدي وَابْن القطاع حرفا فحرفا وَالْمعْنَى أَنه أصبح للنَّاس نَافِعًا يرد عَنْهُم الْعَدو ويحميهم كَمَا أصبح مَاله نَافِعًا لِذَوي الْحَاجَات فَهُوَ نَافِع النَّاس كلهم وَمَاله نَافِع ذَوي الْحَاجَات إِلَيْهِ وَإِذا عرضت حَاجَة نَهَضَ لَهَا 13 - الْغَرِيب الجذل الْفَرح الْمَعْنى يَقُول لصِحَّة عقله هان على قلبه فعل الدَّهْر لعلمه أَن الْفَرح لَا يَدُوم وَالْغَم لَا يَدُوم فَلَا يبطر عِنْد السرُور وَلَا يجزع عِنْد الْحزن وَهَذِه صفة الْعَاقِل اللبيب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 - الْغَرِيب الْحمام الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول أَن الْمَوْت طائع لأَمره فَلَو أَرَادَ أَن يقتل من لم يسم أَجله لساعده على ذَلِك طَاعَته إِيَّاه 15 - الْمَعْنى يَقُول فعله يكَاد يسابقه لصِحَّة تَقْدِيره ونفاذ عزيمته فَمَا يَفْعَله ينفعل قبل فعله وَهُوَ من قَول الشَّاعِر (سَدِكَتْ بِهِ الأقْدَارُ حَتَّى إنَّها ... لَتَكادُ تَفْجؤُهُ بِمَا لَمْ يُقْدَرِ) 16 - الْمَعْنى يَقُول الْمعَانِي الَّتِي خلقهَا الله فِيهِ تعرف بِالنّظرِ إِلَى عينه فَكَأَن ذكاءه وحدة ذهنه وفطنته مَوْجُودَة فِي عينه كالكحل 17 - الْإِعْرَاب حذف أَن وَرفع الْفِعْل وَكَانَ التَّقْدِير أَن يشتعل الْمَعْنى يَقُول إِذا اضطرمت فكرته واحتد ذهنه أشفقت عَلَيْهِ أَن يشتعل بِنَار فكرته فَتَصِير نَارا متوقدة كَقَوْل ابْن الرُّومِي (أخْشَى عَلَيْكَ اضْطرامَ الذّهْنِ لَا حَذّراَ ... ) 18 - الْإِعْرَاب هُوَ أغر وأعداوه ابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر الْغَرِيب الْأَغَر السَّيِّد الْكَرِيم وَفُلَان غره قومه أَي سيدهم والاغر الشريف الْمَعْنى يَقُول هُوَ سيد شرِيف وأعداؤه إِذا سلمُوا من الْقَتْل بهربهم من بَين يَدَيْهِ يَسْتَكْبِرُونَ ويستكثرون فعلهم لِأَن الْهَرَب من بَين يَدَيْهِ شجاعة لَهُم 19 - الْغَرِيب أَقبلت إِلَيْهِ وَجْهي أَي حولته إِلَيْهِ وقبلته إِلَيْهِ الْمَعْنى يستقبلهم بِكُل سابحة وَهِي الْفرس الَّتِي تسبح فِي جريها وَالْمعْنَى يَقُول إِن أَربع هَذِه الْفرس تسبق الطّرف قَالَ أَبُو الْفَتْح أسرف فِي الْمُبَالغَة حَتَّى خرج إِلَى مَا يَسْتَحِيل وُقُوعه لَان القوائم إِذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 وصلت قبل الطّرف فقد وصف النّظر بالضعف وَهُوَ من قبل ابي نواس (يَسْبِقُ طَرْفَ العَيْنِ فِي التهابِهِ ... ) 20 - الْغَرِيب الجرداء القليلة الشّعْر وَقيل متجردة من الْخَيل لتقدمها ومجفرة وَاسِعَة الْجوف فَهِيَ تملأ الحزام لسعة جنبيها وَعظم بَطنهَا والخصل جمع خصْلَة والعسيب عظم الذَّنب وَيسْتَحب قصره وَطول شعره الْمَعْنى يَقُول بِكُل جرداء تملأ الحزام لعظم جنبيها وسعة بَطنهَا وعسيبها قصير طَوِيل الشّعْر وَهُوَ وصف جيد فِي الْخَيل 21 - الْغَرِيب التليل الْعُنُق والكفل الردف وَيسْتَحب فِيهَا الإشراف أَي من حَيْثُ تأملتها رَأَيْتهَا مشرفة عِنْد إقبالها بعنقها وَعند أدبارها بعجزها فتهز مقبلة وتنصب مُدبرَة الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْفرس من حَيْثُ تأملتها رَأَيْتهَا حَسَنَة فِي إقبالها وأدبارها وَهُوَ من قَول عَليّ بن جبلة (تَحْسِبُهُ أقْعَدَ فِي اسْتِقْبالِهِ ... حَتَّى إِذا اسْتَدْبَرْتَهُ قُلتَ أكَبّ) 22 - الْغَرِيب أصل الشرز أَن يقبل يَده فِي الطعْن وَهُوَ مَا أدير بِهِ عَن الصَّدْر واجفة مضطربة والوهل الْفَزع الْمَعْنى يَقُول الطعْن شرز يقبل الْفَارِس يَده عَن يَمِين وشمال وَهُوَ أَشد الطعْن فَيرى أَن الأَرْض تميد كَأَن فِي قَلبهَا فَزعًا فَهِيَ ترتعد من الْخَوْف وَجعل الأَرْض متحركة فاستعار لَهَا قلبا والطعن وَاو الْحَال أَي تقبلهم كل سابحة فِي هَذِه الْحَال 23 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي خدها يعود على الأَرْض الْغَرِيب الخريدة الْمَرْأَة الحيية وَجَمعهَا خرد وخرائد الْمَعْنى يَقُول الدِّمَاء قد صبغت خد الأَرْض فَشبه خد الأَرْض مُلَطَّخًا بِالدَّمِ بخد الْجَارِيَة الحيية إِذا خجلت واحمر وَجههَا وَاسْتعْمل أَلْفَاظ النسيب فِي وَقت الشدَّة والحماسة ثقافة مِنْهُ واقتدارا فِي الْكَلَام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْخَيل من شدَّة الطراد قد عرقت فَجعل جلودها باكية بالعرق وَهُوَ مثل الدمع إِلَّا أَنه لم ينزل من عُيُون وَلَا جفون 25 - الْإِعْرَاب سَار صفة لأغر فِي أول الأبيات الْغَرِيب القفر جمعه قفار وَهِي الأَرْض المقفرة من النَّاس وَالسَّبَب المتسع المستوى من الأَرْض الْمَعْنى يَقُول قد عَم القفار والأماكن الحالية بجيوشه فَلم يبْق قفر وَلَا سبسب إِلَّا ملأَهُ فَكَأَن السباسب جبال وَشبهه بِالْجَبَلِ لكثافة جيوشه وارتفاعها بالأسلحة والرماح 26 - الْغَرِيب الأسل رماح تصنع من شجر الأسل وَقيل كل شجر لَهُ شوك طَوِيل فشوكه أسل وَمِنْه سميت الرماح الأسل الْمَعْنى يَقُول يمْنَع خيله وجيوشه أَن ينالها الْمَطَر مَا قد عَمها من تضايق الرماح وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول قيس بن الخطيم (لَوَ انَّكَ تُلْقى حَنْظَلاً فْوقَ هامنا ... تدَحْرَجَ عّن ذِي سامِهِ المُتَقارِبِ) يُرِيد بِذِي سامه بيضه المطلي بِالذَّهَب والسام عروق الذَّهَب وَقَالَ ابْن الرُّومِي (فَلَوْ حَصَبَتَهُمْ بالفَضَاءِ سَحابَةٌ ... لظَلَّتْ على هاماتِهمْ تتَدحْرَجُ) وَأَخذه السّري الْموصِلِي فَقَالَ (تضَايقَ حَتَّى لوْ جَرَى الماءُ فوْقهُ ... حَماهُ ازْدِحامُ البيضِ أنْ يَتَسربا) فنقله ابْن الرُّومِي من الحنظل إِلَى الْبرد وَنَقله المتنبي عَن الْبرد إِلَى الْمَطَر وَنَقله السّري إِلَى المَاء والمطر أبلغ وَجعل مانعه من الْوُصُول إِلَيْهِم تضايق الأسل وتكاثفه عَلَيْهِم 27 - الْغَرِيب الشرى هُوَ طَرِيق فِي سلمى كثير الْأسد تنْسب إِلَيْهِ الْأسود وَالْحمام الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول أَنْت فِي جمالك بدر وَفِي جودك بَحر وسحاب وَفِي أقدامك وشجاعتك لَيْث وَفِي إقدامك على قتل الْأَعْدَاء موت وَقد جمعت هَذِه الصِّفَات وَأَنت رجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 - الْغَرِيب البنان الأنامل وَيُقَال بنان وبنام بالنُّون وَالْمِيم قَالَ رؤبة (وكَفَّكِ المُخَضَّبِ البُنَامِ ... ) يُقَال بنان وبنانة وَجمع الْقلَّة بنانات وَقد يستعار بِنَاء أَكثر الْعدَد لأقله قَالَ ابْن أَحْمَر (قَدْ جَعَلَتْ فِّي عَلى الطراَزِ ... خَمْسَ بنانٍ قانِيءَ الأظْفارِ) يُرِيد خمْسا من البنان الْمَعْنى يَقُول كفك الَّذِي تقبله وَأَنت فِي بلدك بِهِ يضْرب الْمثل فِي الْجُود وروى فِي بعض النّسخ نقلبه من التَّقْبِيل أَي نقبله نَحن وَالنَّاس أَجْمَعُونَ 29 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح بخلوا عِنْد أنفسهم لأَنهم لم يَفْعَلُوا الْوَاجِب عِنْدهم وَيجوز أَن يكون بخلوا نسبهم النَّاس إِلَى الْبُخْل لأقتصارهم على مَا دون أعمارهم أَي من عَادَتهم بذل أعمارهم وَالْأول أقوى وَنقل الواحدي الأول قَالَ 30 - الْغَرِيب امتشق افتعل من الْمشق وَهُوَ أَن يسل السَّيْف بِسُرْعَة والأعتقال أَن تجْعَل الرمْح بَين السَّاق والركاب الْمَعْنى يُرِيد أَن قُلُوبهم فِي مضاء سيوفهم وقدودهم فِي طول رماحهم والعائد إِلَى الموصلين مَحْذُوف يُرِيد مَا امتشقوا بِهِ واعتقلوه وَقَالَ ابْن وَكِيع أَخذ هَذَا من قَول أبي محلم عَوْف بن محلم (إِن الثَّمانِينَ وّبُلِّغْتَها ... قَدْ أحْوَجَتْ سَمْعي إِلَى تَرْجُمانِ) (وَبَدَّلَتْنِي بالشِّطاطِ انحِنأ ... وكنتُ كالصَّعْدةِ تَحتَ السِّنانِ) 31 - الْغَرِيب قواضب جمع قاضب وَهِي القواطع منسوبة إِلَى حَدِيد الْهِنْد والذبل الطوَال الصلاب الْمَعْنى يَقُول أَنْت بدر وَلَكِنَّك فِي الْحَرْب نقيض اسْمك وَفَسرهُ بِمَا بعده فَقَالَ 32 - الْغَرِيب حومة الوغى شدَّة الْحَرْب ورحل نجم من الْكَوَاكِب السَّبْعَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 المدبرات وَهُوَ كَوْكَب نحس وَالْقَمَر سعد الْمَعْنى يَقُول أَنْت سعد لِأَن الْقَمَر سعد وَلَكِنَّك إِذا اشْتَدَّ الْحَرْب كنت على أعدائك زحل لِأَنَّك هَلَاك لَهُم فَأَنت بدر وَهُوَ الْقَمَر وَالْقَمَر سعد وزحل نحس فَلهَذَا قَالَ أَنْت نقيض اسْمه والمنجمون يَزْعمُونَ أَن الْقَمَر سعد وزحل نحس وَهُوَ لَا ينْصَرف كعمر وَزفر وَالْمعْنَى يُوصف بِالنورِ فيهتدي بِهِ فِي الْأَسْفَار وَأَنت فِي الْحَرْب نقيض اسْمك تقتل النَّاس وتشير الْغُبَار بِالْخَيْلِ فتظلم الأَرْض ففعلك فِي الْحَرْب نقيض فعلك فِي السّلم وزحل يُوصف بابطء السّير فَأَنت فِي الْحَرْب كزحل لَا يسْرع السّير وَفِي غَيرهَا كَالْقَمَرِ وَقيل رَحل ملك الْمَوْت لِأَنَّهُ كَوْكَب كثير الهلكة 33 - الْغَرِيب الكتيبة الْجَمَاعَة من الْخَيل وَالنَّفْل الْغَنِيمَة والعطل الَّتِي لَا حلى عَلَيْهَا الْمَعْنى يَقُول كل جمَاعَة لست أميرها فَهِيَ غنيمَة لمن وجدهَا وكل بَلْدَة لست زينتها فَهِيَ عاطل 34 - الْغَرِيب الركاب الْإِبِل الَّتِي يسَار عَلَيْهَا الْوَاحِدَة رَاحِلَة وَلَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا وَالْجمع الركب مثل الْكتب والسبل جمع السَّبِيل وَهِي الطّرق قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله} الْمَعْنى يَقُول قصدك النَّاس من مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا طَمَعا فِي عطائك وحرصا على لقائك حَتَّى أَن الْإِبِل اشتكت لِكَثْرَة مَا امتطيت إِلَيْك والطرق بِكَثْرَة مَا وطِئت وَذَلِكَ بالجفاف والحوافر والأقدام قَالَ الواحدي قَالَ ابْن دوست لِأَنَّهَا ضَاقَتْ بِكَثْرَة القاصدين والسالكين وَلَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أما شكوى الركاب فكثير وَأما شكوى الطّرق فأظنه لم يسْبق إِلَيْهِ فاشتكاء الْمطِي كَقَوْل أبي الْعَتَاهِيَة (إنَّ المَطايا تَشْتَكيكَ لِأَنَّهَا ... قَطَعَتْ إلَيْكَ سَبابا وَرِمالاً) وكقول البحتري (تَشَكَى الوَجَى واللَّيْلُ مُلْتَبِسُ الدُّجَى ... ) وَقَوله وشرقها وَمَغْرِبهَا يُرِيد الأَرْض وَلم يجر لَهَا ذكر وَذَلِكَ للْعلم بِهِ وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن وَالشعر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 - الْغَرِيب تجتديكها تطلبها ونستوهبها والعلل جمع عِلّة الْمَعْنى يَقُول قد أذهبت مَالك بالعطاء فَلم يبْق إِلَّا قَلِيل من الْعَافِيَة فقد قدمت عَلَيْك الْعِلَل تستوهبه وَهُوَ كَقَوْلِه (وَبذَلْتَ مَا ملَكَتْهُ نفسُكَ كُلَّهُ ... حَتَّى بَذَلْتَ لِهَذهِ صِحَّاتِها) 36 - الْغَرِيب الآسى الطَّبِيب والمبضع حَدِيدَة الفاصد والبطل الشجاع الْمَعْنى أَرَادَ ان الطَّبِيب لما فصده أَخطَأ فِي فصده فنفذت حديدته فِي يَده وأصابه لذَلِك مرض وَجعل الطَّبِيب والمبضع ملومين للخطأ الَّذِي كَانَ مِنْهُمَا ثمَّ بَين عُذْرهمَا فَقَالَ كَانَ الطَّبِيب جَبَانًا والمبضع شجاعا فتولدت بَينهمَا هَذِه الْعلَّة ثمَّ أَقَامَ للطبيب عذرا آخر فَقَالَ 37 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن عروق كفك تتصل بهَا اتِّصَال الآمال فَكَأَنَّهَا آمال وَهَذَا كَلَام فَاسد وَكَلَام من لَا يعرف الْمَعْنى وَإِنَّمَا الْمَعْنى إِنَّمَا وَقع لَهُ الْخَطَأ لِأَن يدك أمل كل أحد وَمِنْهَا يرجون الْإِحْسَان وَالعطَاء وَلم يدر الطَّبِيب كَيفَ يقطع الأمل وَإِنَّمَا تعود قطع الْعُرُوق لاقطع الآمال وَقد أَكثر النَّاس فِي هَذَا الْمَعْنى قَالَ عبد الله بن المعتز للقاسم بن عبيد الله (يَا فاصداً لِيدٍ جَلَّتْ أياديِها ... وَنَالَ مِنْها الَّذي يَرْجُوهُ رَاجِيها) (يَدُ الغِنَى هيَ فارْفُقْ لَا تُرِقْ دَمَها ... فإنَّ أرْزاقَ طُلاَّبِ الغِنى فِيها) وَقَالَ أَيْضا للمعتمد (يَا دَما سالَ مِنْ ذِراعِ الإمامِ ... أنتَ أذْكى مِنْ عَنْبَرٍ ومُدَامِ) (قَدْ حَسِبْناكَ إذْ جَرَيْتَ إِلَى الطَّسْتِ ... دُمُوعا منْ مُقْلَتيْ مُسْتَهامِ) (إَنمَا غَيَّبَ الطَّبِيبُ شَبا المِبْضَعِ ... فِي نَفْسِ مُهْجَةِ الإسْلامِ) وَقَالَ آخر (لَقَدْ غَدَا الصَّارِمُ فِي حَيْرَةٍ ... يَعْجَبُ مِمَّا صَنَعَ المِبْضَعُ) 38 - الْغَرِيب الْقبل جمع قبْلَة وَهِي اللثم بالفم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ النَّفْع وَهُوَ الفصد وروى قوم الْبضْع وَهُوَ جيد ظَاهر الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ الفصد ضرّ بَاطِنهَا فَهِيَ يَد كَرِيمَة متعودة التَّقْبِيل فَرُبمَا كَثْرَة التَّقْبِيل تضر ظهرهَا وَلم يذكر أحد أَن التَّقْبِيل يضر الْيَد إِلَّا هُوَ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا من مبالغاته وَقد أَكثر النَّاس من ذكر تقبيلها قَالَ ابْن الرُّومِي (فامْدُدْ إلىَّ يّداً تَعَوَّدَ بَطْنُها ... بَذْلَ النَّوَالِ وظَهْرُها التَّقْبِيلا) وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس للفضل بن سهل (لَفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ يَدٌ ... تَقاصَرَ عَنْها المَثَلْ) (فَباطُنها للِنَّدَى ... وَظاهرُها لِلْقُبَلْ) وَقَالَ أَبُو الضياء الْحِمصِي (وَما خُلِقَتْ كَفَّاكَ إِلَّا لأرْبَعٍ ... وَما فِي عبادِ اللهِ مِثْلُكَ ثانِ) (لِتَجْرِيدِ هِنْدِيّ وَإسْداءِ نائلٍ ... وَتَقْبِيلِ أفْوَاهِ وأخْذِ عِنانِ) وَقد أحسن الْقَائِل بقوله (يَدٌ نَرَاها أبَداً ... فَوْقَ يَدٍ وَتْحتَ فَمْ) (مَا خُلقَتْ بَناُنها ... إلاَّ لسَيْفٍ أوْ قَلَمْ) قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا علمت أَن أحدا جعل الْقبل تضر إِلَّا المتنبي فِي الْمُبَالغَة قَالَ ابْن المعتر (وَيْحَ الطَّبيبِ الَّذي بالجَهلِ مسَّ يَدَكْ ... مَا كانَ أجْهَلَهُ فِيمَا بِهِ اعْتَمَدَكْ) (لَوْ أنَّ ألحاظَهُ كانَتْ مَباضِعَهُ ... ثُمَّ انْتَحاكَ بِها مِنْ رِقةٍ فَصَدَكْ) واللحظ دون الْقبل وأبلغ من هَذَا كُله (ومَرَّ بِفكْرِي خاطراً فَجَرَحْتُ ... وَلْم أرَ شَيْئاً قَط يَجْرَحُهُ الفِكْرُ) 39 - الْغَرِيب الفصاد والفصد سَوَاء والشق التَّأْثِير والعذل والعذل لُغَتَانِ كالسقم والسقم الْمَعْنى يَقُول ينفذ فِي عروقها فَلهَذَا عداهُ بفي واستعار لجوده عرقا لما ذكر عرق الفصاد ليعطي الشّعْر حَقه وَالْمعْنَى ينفذ فِيهَا الفصد وَلَا ينفذ فِيهَا كَلَام العذال وَقد نظر فِيهِ إِلَى قَول حبيب بن أَوْس الطَّائِي (خَلائِق كُالزَّغْفِ المُضاعَفِ لَمْ يكُنْ ... لِيَنْفُذَها يَوْما شَباةُ اللَّوَاثمِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 - الْغَرِيب خامر خالط والجزع الْفَزع وحذاقة وحذق مصدران الْإِعْرَاب من روى عجل بِكَسْر الْجِيم أَرَادَ انه عجل من حذقه وَمن روى بِفَتْح الْجِيم أَرَادَ ذَا عجل فَحذف الْمُضَاف الْمَعْنى لما مددت يدك أَصَابَهُ جزع من هيبتك فَعجل فِي الفصد وَلم يتأن كَأَنَّهُ عجل من حذاقته 41 - الْغَرِيب الهبل الثكل وَهُوَ مصدر هبلته أمه أَي ثكلته والإهبال الإثكال والهبول من النِّسَاء الثكول الْمَعْنى يَقُول بَالغ فِي الِاجْتِهَاد حَتَّى جَازَ حَده فَفعل مَا هُوَ غير اجْتِهَاد لَان الْخَطَأ من فعل الْمُقَصِّرِينَ ثمَّ دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ لأمه الثكل 42 - الْغَرِيب الطَّبْع الْعَادة والتعمق بُلُوغ عمق الشَّيْء وَهِي كلمة غَرِيبَة فصيحة الْمَعْنى يَقُول إِذا فعل الْإِنْسَان الشَّيْء بعادته وجد النجاح فِيهِ وَإِذا بَالغ وتعمق وتكلف أَخطَأ وَزَل وَهَذَا من أحسن الْأَمْثَال وَهُوَ من قَول عبد القدوس (فَدَعِ التَّعَمُّقَ فِي الأمُورِ فإَّنمَا ... قَرُبَ الهَلاكُ بِكُلّ مَنْ يَتَعَمَّقُ) 43 - الْغَرِيب أرث لَهَا أَي رق ورثيت الْمَيِّت بَكَيْت عَلَيْهِ وأسلت المَاء وسال المَاء والأنهمال الانسكاب الْمَعْنى يَقُول ارْفُقْ بهَا فَأَنَّهَا تجود بِمَا تملك ورق لَهَا 44 - الْغَرِيب الدول جمع دولة وَقَالَ قوم الدولة بِالْفَتْح وَالضَّم سَوَاء فِي الْحَرْب وَهُوَ من تداول الشَّيْء الْمَعْنى يَقُول يَا بدر لَا يخلق الله مثلك وَلَا تصلح الدولات إِلَّا لَك وَمثله صلَة فِي الْكَلَام لِأَنَّك فَرد فِي جودك وشجاعتك وإحسانك إِلَى النَّاس وَصَاحب الدولة يصلح أَن يكون فِيهِ خصالك لينْتَفع بدولته النَّاس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 - 1 الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح اسْم لَيْسَ مُضْمر فِيهَا وهم ابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف أَي لَيْسَ الْأَمر وَالْخَبَر هم شَاءُوا فَحذف شَاءُوا لتقدمه فِي أول الْكَلَام قَالَ وَيجوز أَن يكون هم اسْم لَيْسَ إِلَّا أَنه اسْتعْمل الضَّمِير الْمُنْفَصِل مَوضِع الْمُتَّصِل ضَرُورَة وَالتَّقْدِير بقائي شَاءَ الارتحال لَيْسُوا شاءوه وكقول الراجز (إلَيْكَ حَتَّى بَلَغْتُ إيَّاكا ... ) أَي حَتَّى بلغتك الْغَرِيب زموا الْجمال خطموها بالأزمة وزم تقدم فِي السّير وَأَصله من زموها إِذا قادوها بالأزمة للسير الْمَعْنى يَقُول لما رحلوا إِنَّمَا ارتحل بقائي فَكَأَن بقائي شَاءَ ارتحالا لَا هم شاءوه وَكَأَنَّهُم زموا صبري للسير لأجمالهم لِأَنِّي فقدت الصَّبْر لما ارتحلوا إِنَّمَا نفي الارتحال عَنْهُم لِأَن ارتحال بَقَائِهِ أهم وَأعظم فَكَأَن ارتحالهم عِنْد ارتحال بَقَائِهِ لَيْسَ ارتحالا لأَنهم رُبمَا عَادوا والبقاء إِذا ارتحل لم يعد ومسير صبره أعظم من مسير الْجمال فَلم يعْتد بسير جمَالهمْ مَعَ سير صبره وَقَالَ ابْن القطاع بقائي شَاءَ أَي سبق ارتحالهم يُقَال شاءه وشآه إِذا سبقه وَلَوْلَا ذَلِك لمت أسفا وَهَذَا على الْمُبَالغَة وَقيل مَعْنَاهُ بقائي أَرَادَ رحيلهم فشاء من الْمَشِيئَة فليتني مت وَلم أره يتأسف إِذا لم يمت عِنْد رحيلهم وَقيل مَعْنَاهُ بقائي أَرَادَ أَن يرحل عني وهم لم يشاءوا الرحيل 2 - الْغَرِيب غاله واغتاله إِذا أهلكه الْمَعْنى يَقُول كَأَن الْبَين هابني ففاجأني باغتياله يُرِيد أَنه أغتاله اغتيال مفاجأة 3 - الْغَرِيب الذميل سير وسط والعيس الْإِبِل والأنهمال الانسكاب الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى سبقت دموعي عيسهم وَقَالَ ابْن فورجة ظن أَبُو الْفَتْح أَنه يُرِيد دمعي كَانَ أسْرع من سير العيس وَلَيْسَ الحديث: 203 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 كَمَا ظن وَلَكِن جمع ذكر سيرهم وسيلان دمعه على أَثَرهم فِي بَيت وَاحِد توجعا وتحسرا وَلَيْسَ يُرِيد السَّبق وَلَا التَّأَخُّر وَمثله لِابْنِ الرُّومِي (لهُمْ على العِيْسِ إمْعانٌ يَشُطّ بِهمْ ... وللدمُّوُعِ عَلى الحَدَّيْنِ إمعان) 4 - الْمَعْنى يَقُول كنت لَا أبْكِي قبل فراقهم فَكَأَن أبلهم ببروكها كَانَت تمسك بُكَائِي ودمعي عَن السَّيْل فَلَمَّا أَثَارُوهَا للرحيل سَالَتْ دموعي فَكَأَنَّهَا كَانَت مناخة فَوق جفني قَالَ أَبُو الْفَتْح وَمَا قيل فِي سَبَب الْبكاء أظرف من هَذَا وَأدْخل كَأَن لتخليص اللَّفْظ من الْكَذِب 5 - الْغَرِيب النَّوَى الْفِرَاق والظبيات جمع ظَبْيَة والبراقع مَا يَجْعَل على الْوَجْه كالنقاب وَهِي جمع برقع والحجال الخدر الْمَعْنى يَقُول لما ارتحلوا حجبتهم النَّوَى عَن عَيْني فساعدت النَّوَى مَا كَانَ يحجبهن عني قبل من البراقع والخدور 6 - الْغَرِيب الوشي ضرب من الثِّيَاب وَالْجمع وَشاء على فعل وفعال وشى بِهِ إِلَى السُّلْطَان سعى والوشي كَلَام الواشي بَين المحبين والواشي ضراب الدَّنَانِير وَجمعه وشَاة وَأنْشد أَبُو عَمْرو الزَّاهِد عَن ثَعْلَب (وَما هِبْرِزِيّ مِنْ دَنانيرِ أيْلِةِ ... بأيْدْي الوُشاةِ ناصِعٌ يتَأكَّلُ) (بأحْسَنَ مِنْهُ يَوْمَ أصْبَحَ غادِيا ... وَنَفَّسَنِي فِيهِ الحمامُ المُعَجَّلُ) الْمَعْنى يَقُول مَا لبسن الديباج لحَاجَة إِلَى التزين بِهِ وَلَكِن لصون جمالهن بِهِ قبل للصاحب أغرت عَليّ أبي الطّيب فِي قَوْلك (لَبِسْنَ بُرُودَ الوَشي لَا لِتَجَمُّلٍ ... وَلكِنْ لصَوْنِ الحُسْنِ بَينَ بُرُودِ) فَقَالَ نعم كَمَا أغار هُوَ فِي قَوْله (مَا بالُ هَذِي النُجُومِ حائِرَةً ... كأنَّها العُمْي مَا لَهَا قائِدْ) على بشار فِي قَوْله (والشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّماءِ كأنَّها ... أعْمَى تَحَيَّيرَ مَا لَدَيْهِ قائِدُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 - الْغَرِيب الضفر فتل الشّعْر والغدائر الذوائب وَقَالَ الْخَطِيب الضلال أَرَادَ أَن يغبن فِي الشّعْر من قَوْله تَعَالَى {أئذا ضللنا فِي الأَرْض} أَي غبنا الْمَعْنى يَقُول مَا ضفرن الشُّعُور إِلَّا وخفن ضلالهن فِيهَا لَو أرسلنها وَقد زَاد فِي هَذَا على امْرِئ الْقَيْس (تَضِلُ العِقاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَل ... ) لِأَنَّهُ جَعلهنَّ يضللن قَالَ أَبُو الْفَتْح قد وصفت الشُّعَرَاء الشّعْر بِالْكَثْرَةِ وَلَكِن لم نفرط فِي ذَلِك مثل هَذَا قَالَ ابْن المعتز (دَعَتْ خَلاخيلها ذَوَائِبهَا ... فَجِئْنَ مِنْ قَرْنِها إِلَى القَدَمِ) 8 - الْإِعْرَاب من فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ ابْتِدَاء تقدم خَبره وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب بِتَقْدِير أفدى بجسمي من برته الْغَرِيب يُقَال إشاح ووشاح وَالْجمع وشح وأوشحة كحمار وأحمرة الْمَعْنى يَقُول أفدى بجسمي من هزلته حَتَّى لَو جعلت قلادتي فِي ثقب لؤلؤة لجالت يصف شدَّة نحوله ودقته وَهَذَا من قَول الآخر (قَدْ كانَ لي فِيما مَضَى خاتَمٌ ... والآنَ لَوْ شَئْتُ تَمَنْطَقْتُهُ) 9 - الْغَرِيب تَقول الْعَرَب ظننتني وخلتني وعلمتني وَلم يرو عَنْهُم ضربتني لِأَن الْفِعْل لما كَانَ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين اتسعوا فِي أَحدهمَا لقُوَّة تعديته وعدمتني جَاءَت شَاذَّة قَالَ جران الْعود (لقدْ كانَ لي فِي ضَرَّتَيِنِ عَدِمْتُنِي ... وَما أَنا لاقٍ مِنْهُما مُتَزَحْزَحُ) الْإِعْرَاب قَالَ الواحدي قَوْله مني مُتَعَلق بقوله خيالا كَقَوْلِك جَاءَنِي خيال من المحبوب وَالْيَاء فِي أظنني كِنَايَة عَن جِسْمه وَفِي منى كِنَايَة عَن نَفسه فَكَأَنَّهُ قَالَ أَظن جسمي خيالا من نَفسِي وَيجوز أَن الْيَاء كِنَايَة عَنْهُمَا الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أنني يقظان لَكُنْت أَظن نَفسِي خيالا يَعْنِي أَنه كالخيال فِي الدقة إِلَّا أَن الخيال لَا يرى فِي الْيَقَظَة وَقَوله منى أَي من دقتي وَيبعد أَن يُقَال من نَفسِي لِأَنَّهُ قَالَ أظنني وَمَعْنَاهُ أَظن نَفسِي وَلَا يُقَال أَظن نَفسِي من نَفسِي خيالا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 - الْإِعْرَاب هَذِه الْأَرْبَعَة أَحْوَال تتأول بمشتقات فَيُقَال بَدَت مشرقة وماست متثنية وفاحت طيبا ورنت مليحة وَيجوز أَن تكون وَهُوَ الْأَوْجه بِتَقْدِير مثل وَالدَّلِيل على هَذَا وُقُوع الْمعرفَة بعد لَا النافية للْجِنْس مِثَاله لَا هَيْثَم اللَّيْلَة للمطي وَقَضِيَّة وَلَا أَبَا حسن وَتَقْدِيره وَلَا مثل هَيْثَم وَلَا مثل أبي حسن الْغَرِيب الخوط الْقَضِيب وَجمعه خيطان ككوز وكيزان والعنبر ضرب من الطّيب الْمَعْنى يَقُول بَدَت هَذِه المحبوبة قمرا فِي حسنها ومالت مشبهة غصنا فِي ثنيتها وَحسن مشيها وفاحت مشبهة عنبرا فِي طيب رِيحهَا ورنت مشبهة غزالا فِي سَواد مقلتها وَهَذَا من أحسن التَّشْبِيه لِأَنَّهُ جمع أَربع تشبيهات فِي بَيت وَاحِد وَمثله (سَفَرنَ بُدُوراً وانْتَقَيْنَ أهِلَّةً ... وَمِسْنَ غُصُونا والتْفَنْنَ جآذْرَا) وَهَذَا من بَاب التدبيج فِي الشّعْر وَهُوَ من البديع 11 - الْغَرِيب شعف فُؤَاده أحرقه وشعفت الْبَعِير بالقطران إِذا طليته بِهِ وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (أيَقْتُلُنِي وَقَدْ أشْعَفْتُ فُؤَادَها ... كَمَا شَعَفَ المَهْنُوْءةَ الرَّجُلُ الطَّالي) وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس قد شعفها حبا أَي بَطنهَا وَقيل أحرق قَلبهَا الْمَعْنى يَقُول كَأَن الْحزن يعشق قلبِي وَإِنَّمَا يجد الْوِصَال إِذا هجرتني فَكلما هجرتني وَاصل الْحزن قلبِي 12 - الْمَعْنى يَقُول الدُّنْيَا كَانَت على من كَانَ قلبِي كَمَا آراها الْآن ثمَّ بَين ذَلِك فَقَالَ هِيَ صروف لَا تدوم على حَالَة وَاحِدَة 13 - الْمَعْنى يحث على الزّهْد فِي الدُّنْيَا لمن رزق فِيهَا سُرُورًا ومكانة لعلمه أَنه زائل عَنْهَا يَقُول السرُور الَّذِي تَيَقّن صَاحبه الِانْتِقَال عَنهُ هُوَ أَشد الْغم لِأَنَّهُ يُرَاعِي وَقت زوالة وَلَا يطيب لَهُ ذَلِك السرُور وَهَذَا من أبلغ الْكَلَام وأوعظه 14 - الْغَرِيب قتودى جمع قتد وَهُوَ خشب الزحل والغريري فَحل كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 فِي الْجَاهِلِيَّة تنْسب إِلَيْهِ كرام الْإِبِل كَمَا تنْسب إِلَى الجديل وشذقهم والجلال الْجَلِيل كطوال وطويل وَالْأُنْثَى جلالة وَقيل الْجلَال الضخم الْمَعْنى يَقُول تعودت الارتحال فَجعلت ظهر هَذَا الْبَعِير بِمَنْزِلَة الأَرْض لَا أفارقه فأرضي ظهر بَعِيري لِأَنِّي أبدا على ظَهره كالأرض للمقيم الَّذِي لَا يفارقها 15 - الْغَرِيب حاولت طلبت أزمعت على أَمر فَأَنا مزمع عَلَيْهِ إِذا ثَبت على عزمك وَقَالَ الْكسَائي يُقَال أزمعت الْأَمر وَلَا يُقَال أزمعت عَلَيْهِ قَالَ الْأَعْشَى (أأزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلى ابْتكارا ... وَشَطَّتْ عَلى ذِي هَوًى أنْ تُزَارا) وَقَالَ الْفراء أزمعته وأزمعت عَلَيْهِ بِمَعْنى كأجمعته وأجمعت عَلَيْهِ الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى إِذا كَانَ ظَهره كالوطن لي فَأَنا وَإِن جبت الْبِلَاد كالقاطن فِي دَاره هَذَا قَوْله وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى مَا طلبت الْإِقَامَة فِي أَرض لِأَنِّي أبدأ على السّفر وَلَا عزمت على الزَّوَال عَنْهَا وَلست أقيم حَتَّى أزول وَيدل على صِحَة هَذَا الْمَعْنى قَوْله فِيمَا بعده 16 - الْمَعْنى يَقُول أسيره على قلق ويروي قلق بِكَسْر اللَّام صفة لبعير كَأَنَّهُ ريح تحتي لسرعة مروره أوجهها مرّة إِلَى جَانب الْجنُوب وَمرَّة إِلَى جَانب الشمَال فَعبر بالريحين عَن الْجَانِبَيْنِ ويروى يَمِينا أَو شمالا يُرِيد تَارَة إِلَى صوب الْيَمين وَتارَة إِلَى صوب الشمَال عَن يَمِين الْقبْلَة وشمالها 17 - الْغَرِيب الْغرَّة الْوَجْه وَأول كل شَيْء غرته وَأَرَادَ أول الشَّهْر وَيُسمى الْهلَال هلالا إِلَى ثَلَاث لَيَال الْإِعْرَاب الْبَدْر يرْوى بِغَيْر لَام التَّعْرِيف لِأَنَّهُ علم وَمن روى بلام التَّعْرِيف أَرَادَ بدر السَّمَاء لَا الِاسْم الْعلم يَعْنِي إِلَى الرجل الَّذِي هُوَ كالبدر ثمَّ نسبه إِلَى أَبِيه لِأَنَّهُ لم يكن بَدْرًا فِي الْحَقِيقَة وَترك التَّنْوِين من عمار ضَرُورَة لسكونه وَسُكُون اللَّام الْمَعْنى يَقُول أَسِير وأقطع الْبِلَاد يَمِينا وَشمَالًا إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي هُوَ كالبدر وَلَيْسَ هُوَ فِي الْحَقِيقَة بَدْرًا لِأَن الْبَدْر يلْحقهُ المحاق حَتَّى يصير هلالا وَهَذَا الْبَدْر لم يزل كَامِلا وَلَا بدر إِلَّا وَهُوَ هِلَال وَهَذَا لم يكن قطّ هلالا وَقد فسر هَذَا بقوله الْبَيْت بعده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 - الْمَعْنى يَقُول بِلَا مثل لم يجد لَهُ نَظِير أَي لم يجمتع فِي أحد مَا اجْتمع فِيهِ وَإِن كَانَت أشاهه مُتَفَرِّقَة فِي أَشْيَاء كَثِيرَة كَفه كالبحر وعضده وَقَلبه كالأسد وَوَجهه كالبدر 20 - الْإِعْرَاب حسام الثَّانِي بدل من ابْن رائق الْغَرِيب صال إِذا تسلط وقهر الْمَعْنى يَقُول هُوَ حسام لأبي بكر بن رائق وَهُوَ حسام أَمِير الْمُؤمنِينَ المتقي الَّذِي صال بِهِ على بني اليزيدي حِين حاربهم المتقى بِهِ 21 - الْإِعْرَاب بني أَسد بدل من قَوْله بني معد الْمَعْنى قَالَ الواحدي بَنو معد هم الْعَرَب لِأَن نسبهم يعود إِلَى معد بن عدنان وَاخْتلفُوا فِي بني أَسد هَهُنَا فَرَوَاهُ بنى أَسد على أَنه جمع أَسد وَقَالُوا يَعْنِي أَن بني معد بَنو أسود يصفهم بالشجاعة قَالَ وَذكر ابْن جنى وَجْهَيْن آخَرين وَقَالَ بني أَسد مَنْصُوب لِأَنَّهُ منادى مُضَاف وَمَعْنَاهُ أَن بني معد إِذا نازلوا الْأَعْدَاء قَالُوا يَا بني أَسد فَيقوم لَهُم قَوْلهم فِي الْغناء وَالدَّفْع عَنْهُم مقَام سِنَان مركب فِي قناتهم لأَنهم إِذا دعوهم أغنوا عَنْهُم هَذَا كَلَامه فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَمَعْنَاهُ على مَا قَالَ أَن قَول بني معد عِنْد نزال الأقران يَا بني أَسد كالسنان فِي قناتهم قَالَ وَيجوز أَن يكون بَدَلا من قناة بني معد كَأَنَّهُ قَالَ سِنَان فِي قناة بني أَسد الَّذين هم قناة بني معد يُرِيد نصرتهم إيَّاهُم وَهَذَا كُله تكلّف وتمحل وَكَلَام من لم يعرف وَجه الْمَعْنى والمتنبي يَقُول الممدوح سِنَان فِي قناة الْعَرَب الَّذين هم بَنو معد ثمَّ خصص بعض التَّخْصِيص وأبدل من بني معد بني أَسد فَكَأَنَّهُ قَالَ هُوَ سِنَان قناة بني أَسد عَن الْحَرْب وَبَنُو أَسد هم أَيْضا من بني معد وَلِهَذَا جَازَ إبدالهم من بني معد الأشتمالهم عَلَيْهِم كَمَا تَقول هَذَا من قُرَيْش بني هَاشم وَهَذَا من بني هَاشم بني أبي طَالب والممدوح كَانَ أسديا لذَلِك خص بني أَسد والنزال منازلة الأقران بَعضهم إِلَى بعض من الْخَيل عِنْد شدَّة الْقِتَال يَقُول هُوَ رئيسهم وصدرهم الَّذِي بِهِ يُقَاتلُون وَاخْتَارَ ابْن فورجة الْوَجْه الثَّانِي من الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا ابْن جنى قَالَ وَقد قصر أَبُو الطّيب فِي هَذَا الْبَيْت عَن النامي حَيْثُ قَالَ (إذَا للخَرَتْ بِالمَكْرُماتِ قَبِيلةٌ ... فَتَغْلِبُ أبْناءُ العُلا بِكَ تَغْلِبُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 (قَناةٌ منَ الْعَليْاءِ أنْتَ سِناُنها ... وَتِلكَ أنابِيِبٌ إلَيْكَ وَأكْعُبُ) 22 - الْإِعْرَاب نصب المنصوبات الْخمس على التَّمْيِيز الْمَعْنى يَقُول هُوَ أعز من يغالب الأقران كفا لِأَن يَده فَوق كل يَد وسيفه أغلب السيوف وَقدرته فَوق قدرَة النَّاس وحمايته للْجَار والحليف وَمن يجب عَلَيْهِ الذب عَنهُ زَائِدَة على حماية غَيره وَآله وَأَصْحَابه أغلب آل وأعز عترة بِهِ 23 - الْغَرِيب الانتماء أَن يرفع فِي نسبه والاعتزاز أَن يَقُول أَنا ابْن فلَان الْمَعْنى يَقُول هُوَ شرِيف إِذا انتسب كَانَ لَهُ الشّرف من أَبِيه وَأمه 24 - الْمَعْنى يَقُول الْمَدْح الَّذِي يستعظم للدنيا وأهليها حَتَّى يكون لإفراطه محالا إِذا أطلق عَلَيْهِ كَانَ حَقًا لاستحقاقه غَايَة الثَّنَاء قَالَه أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا وَالْمعْنَى كل النَّاس يسْتَحقُّونَ أدنى مَا يسْتَحقّهُ هُوَ من الثَّنَاء 25 - الْغَرِيب ضعف الشَّيْء مثله وَالْجمع أَضْعَاف وَتركت الشَّيْء وأتركته كَمَا يُقَال قَرَأت الْقُرْآن واقترأته الْمَعْنى يَقُول إِذا بَالغ النَّاس فِي مدحه وَلم يتْركُوا مقَالا يصلونَ إِلَيْهِ فقد خَفِي عَنْهُم ضعف مَا فِيهِ من المحاسن الَّتِي لم يهتد إِلَيْهَا الواصفون وَالْمعْنَى أَن المادح والمثنى لَا يبلغ فِي مدحه مَا يسْتَحقّهُ وَهُوَ من قَول الخنساء (وَمَا بَلَغَ المُهْدُونَ نَحْوَكَ مِدْحةٌ ... وَإنْ أطْنَبُوا إلاَّ وَمَا فَيكَ أفْضَلُ) وكقول أبي النواس (إذَا نَحْنُ أثْنَينْا عَلَيْكَ بِصالحٍ ... فأنْتَ كَمَا نُشْنِي وَفَوْقَ الَّذي نُشْنِي) 26 - الْغَرِيب اللدن اللين المهز والسعال من وجع يكون فِي الصَّدْر من بلغم يجْتَمع على قَصَبَة الرئة الْمَعْنى يَقُول يَا بن الطاعنين صُدُور الْأَبْطَال وَقيل الرئة وَقيل أَرَادَ الْمَوَاضِع الَّتِي لَا يَجْسُر البطل فِيهَا على السعال وَأَخذه من قَول البحتري (وَأتْبَعْتها أُخْرَى فأضْلَلْتُ نَصلَها ... بِحَيْثُ يَكُونُ اللُّبُّ والرُّعْبُ وَالحقدُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 - الْغَرِيب الأسافل الارجل والقلال الرُّءُوس وَاحِدهَا قلَّة وَهِي أَعلَى الرَّأْس تشبيهها بقلة الْجَبَل وَهِي أَعْلَاهُ الْمَعْنى يَقُول يَا بن الضاربين بِكُل سيف قَاطع رُءُوس الْعَرَب وأرجلها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَذَلِكَ لأَنهم إِذا ضربوا الْفَارِس فِي قلَّة رَأسه نزل السَّيْف إِلَى أَسْفَل جسده وَقيل أَرَادَ بالقلال الْكِرَام وَقيل يُرِيد بالأسافل اللئام فيضربون الشريف والدنيء حَتَّى لَا يتركون أحدا 28 - الْغَرِيب المتشاعرون المتشهون بالشعراء والداء العضال والعقام الَّذِي لَا دَوَاء لَهُ الْمَعْنى يَقُول المتشبهون بالشعراء وَلَيْسوا مِنْهُم أولعوا بذمي يذمونني وَلَيْسَ الْعَيْب فِي وَإِنَّمَا هُوَ فيهم لِأَنَّهُ يجهلون مقداري فيهم فهم يحسدونني 29 - الْغَرِيب الزلَال الَّذِي يزل فِي الْحلق لعذوبته مثل السلسال الْمَعْنى هَذَا مثل ضربه يَقُول مثلهم كَمثل الْمَرِيض الَّذِي يجد المَاء الزلَال مرا من مرَارَة فَمه يَقُول هم يذمونني لنقصهم وَقلة معرفتهم بِي وبفضلي وبشعري فالنقص فيهم لافي وَلَو صحت حواسهم لعرفوا فضلى وَلَقَد جود فِي هَذَا الْمَعْنى لِأَن الْمَرِيض يجد كل حُلْو وَطيب فِي فَمه مرا نغصا فالمرارة من فَمه لَا من شَيْء يدْخلهُ وَإِنَّمَا الْعَيْب مِنْهُ لَا من الدَّوَاء فَأَبُو الطّيب والأعداء كَذَلِك وَهُوَ من قَول الْحَكِيم النَّفس الْكَرِيمَة ترى الْأَشْيَاء حَسَنَة 30 - الْغَرِيب الثريا يُقَال هِيَ سِتَّة أنجم وَمِنْه قَول العطوي (خَلِيليَّ إنّي للّثُرَيَّا لَحاسِدُ ... وَإنّي عَلى رَيْبِ الزَّمانِ لَواجِدُ) (أُيجْمَعُ مِنها شْملُها وَهْيَ سِتَّةٌ ... وَأفقِدُ مِنْ أحْجَبْتُهُ وهْوَ وَاحِدُ) الْمَعْنى يَقُول قَالَ الحاسدون حسدا لَهُ عَليّ وحسدا لي عَلَيْهِ هَل يرفعك إِلَى الثريا فَإِن أستفلت عَن إِنْكَار فَقلت نعم إِذا شِئْت أَن أنحط لِأَنِّي بخدمته فَوق الثريا فَإِن استلفت عَن منزلتي صرت عِنْد الثريا لِأَنِّي أَعلَى مِنْهَا دَرَجَة ورفعة 31 - الْغَرِيب المذاكي الْخَيل المسنة وَاحِدهَا مذك وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 الْقرح سنة أَو سنتَانِ وبيض الْهِنْد السيوف والسمر الرماح الْمَعْنى يَقُول هُوَ مفنى الْخَيل والأعادي يفنى الْخَيل بالطرد فِي الحروب وَقيل بِالْهبةِ وَالسُّيُوف والرماح بِالضَّرْبِ والطعن وَيجوز بِالْهبةِ 32 - الْغَرِيب المسومة المعلمة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {مسومين} بِفَتْح الْوَاو فِي قِرَاءَة نَافِع وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَعلي وَقيل هِيَ الْمُرْسلَة وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْر الْوَاو وَمَعْنَاهُ سوموا خيلهم أَي علموها بعلامة والحي وَاحِد أَحيَاء الْعَرَب وَهُوَ الْجَمَاعَة من النَّاس ينزلون فِي الْبَادِيَة الْمَعْنى أَنه يَقُود الْخَيل المسومة خفافا سرَاعًا إِلَّا أَنَّهَا ثقال على من تصبحه من الأعادي فَتحل بساحته صباحا 33 - الْغَرِيب جوائل بدل من قَوْله مسومة وَجمع القنا قنى يُقَال قِنَا وقنوات وقني وجوائل جمع جائلة وعوامل جمع عَامل وَهُوَ عَامل السنان وَهُوَ مَا قرب مِنْهُ والذبال جمع ذبالة وَهِي الفتيلة الْمَعْنى يَقُول تحرّك بالقنا فرسانها وَهِي مثقفة أَي مقومة بالثقاف وَشبه أسنتها فِي اللمعان بالفتائل الَّتِي فِي السرج وَهُوَ تَشْبِيه حسن 34 - الْمَعْنى روى الواحدي يفين بِالْفَاءِ وَالْيَاء الْمُثَنَّاة تحتهَا وَمَعْنَاهُ يعدن ويرجعن يَقُول هَذِه الْخَيل إِذا وطِئت الصخور لشدَّة وَطئهَا تصير رملا وَأَرَادَ إِذا وطِئت بأيديها وأرجلها فَدلَّ الْمَحْذُوف فِي آخر اليبت على الْمَحْذُوف فِي أَوله وَمثله كثير 35 - الْإِعْرَاب هَذَا من بَاب التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَأَرَادَ لَا وَلَا لَك ضَرُورَة كَقَوْل الآخر (عَليْكِ وِرَحْمَةُ الله السَّلامُ ... ) وَمثله قَوْله تَعَالَى {أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا قيمًا} وَالتَّقْدِير قيمًا وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا وَقَوله {وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاما وَأجل مُسَمّى} وَالتَّقْدِير لَوْلَا كلمة وَأجل مُسَمّى وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ للفرزدق (وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إلاَّ مُملَّكا ... أبُو أُمِّهِ حَتَّى أَبوهُ يُقارِبُهْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 تَقْدِيره وَمَا مثله فِي النَّاس حَتَّى يُقَارِبه لَا مملكا أَبُو ذَلِك المملك أَبوهُ وَمثله قَول الآخر (إِن الكَرِيمَ وَأبيكَ يَعْتَمِلْ ... إنْ لَمْ يَجِدْ يَوْما عَلى مَنْ يَتَّكِلْ) وَأنْشد أَيْضا سِيبَوَيْهٍ (وَكَرَّارِ خَلْفِ المُجْحَرِين جَوَادَهُ ... إِذا لَمْ يُحامِ دُونَ أُنْثَى حَليِلُها) الْمَعْنى يَقُول إِذا سَأَلَني سَائل فَقَالَ هَل لَهُ نَظِير فَجَوَابه لَا وَلَا لَك نَظِير فِي سؤالك عَن هَذَا لِأَن أحدا لَا يجهل هَذَا غَيْرك فَإِذا أَنْت فِي جهلك بِلَا نَظِير وَكرر النَّفْي بقوله أَلا لَا إِشَارَة إِلَى أَن جهل هَذَا السَّائِل يُوجب إِعَادَة الْجَواب عَلَيْهِ 36 - الْمَعْنى يَقُول كل نفس رجتك وأملت عطاءك فعدت ذَلِك مَالا فقد أمنت الإعدام لِأَنَّك تبلغها أملهَا وَفَوق مَا تَأمل 37 - الْغَرِيب الوجل الْخَوْف والوجال جمع وَجل كوجع ووجاع الْمَعْنى يَقُول قُلُوب أعدائك خائفة مِنْك حَتَّى خَافَ خوفها ووجلت اوجالها وَهَذَا كَقَوْلِهِم جن جُنُونه وَشعر شَاعِر وَمَوْت مائت وَهَذَا من الْمُبَالغَة 38 - الْمَعْنى يَقُول سرورك وفرحك إِنَّمَا يحصل لَك بِأَن تسر جَمِيع النَّاس فَأَنت تعلمهمْ الدَّلال عَلَيْك بِهَذَا حَتَّى لَو قَالَ قَائِل أَنا غير مسرور اجتهدت حَتَّى تسرهُ وترضيه فهم قد عرفُوا هَذَا من طباعك الْكَرِيمَة فهم يدلون عَلَيْك 39 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت من كرمك تحب السُّؤَال فَإِذا سألوك الْعَطاء شكرنهم عَلَيْهِ وَإِن هم سكتوا عَن مطالبتك بالعطاء سَأَلتهمْ السُّؤَال 40 - الْغَرِيب الاستماحة طلب الْعَطاء والسماحة الْجُود وَرجل سمح وسميح وَجمعه سمحاء ومساميح جمع مسماح وينيل وَيُعْطى الْمَعْنى يَقُول أسعد النَّاس سَائل يعْطى مسئوله بِأَن يسْأَل مِنْهُ وَالْمعْنَى يفرح بِأخذ عطائه وَالتَّقْدِير أسعد النَّاس من أَخذ من معط يعْتَقد أَن الْأَخْذ مِنْهُ نيل فيراه حَقًا عَلَيْهِ وَهُوَ مسرور بالعطاء لَهُ وَقد نقل هَذَا الْمَعْنى من البحتري حَيْثُ يَقُول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 (فَيَكُونُ أوَّلّ سُنَّةٍ مْأثُورَةٍ ... أنْ يَقْبَلَ المَمْدُحُ رِفْدَ المَادِحِ) 41 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا لاقي مَوضِع نصب على الظّرْف تَقْدِيره الْأَمر كَذَلِك مُدَّة ملاقاة الرِّجَال كَمَا تَقول لَا أُكَلِّمك مَا طَار طَائِر أَي مُدَّة هَذَا الْمَعْنى يَقُول إِذا وَقع سهمك فِي رجل يلقاه فَارقه وَنفذ عَنهُ كَمَا يخرج عَن كبد الْقوس فِي الشدَّة يصفه بِشدَّة نزع الْقوس وَقُوَّة الرَّمْي فَإِذا رمي رجلا بِسَهْم خرج مِنْهُ بعد النَّفاذ فِيهِ الْمُرُور وَفِيه قُوَّة كقوته حِين خرج عَن كبد الْقوس قَالَ الواحدي وَقد نقل كَلَام أبي الْفَتْح وَيجوز أَن تكون مَا نَافِيَة 42 - الْغَرِيب النصال جمع نصل وَهُوَ الحديدة الَّتِي تكون فِي السهْم الْمَعْنى يَقُول إِذا رميت بسهامك لَا تَسْتَقِر لِأَنَّهَا تخلص من رجل إِلَى رجل فَكَأَن ريشها يطْلب نصالها حَتَّى يلْحقهَا ونصالها تَفِر مِنْهُ قَالَ الواحدي هَذَا مَنْقُول من قَول الخنساء (ولمَّأ أنْ رأيْنا الخَيْل قُبِلاً ... تُبارِي بالحُدودِ شَبا العَوَالي) نَقله عَن الْخَيل وَالْحُدُود والعوالي إِلَى السِّهَام والريش والنصال وَالْبَيْت لليلى الأخيلية لَا للخنساء قالته ليلى فِي فائض بن أبي عقيل وَقد كَانَ فر عَن تَوْبَة يَوْم قتل وَلم ينشده الواحدي على الصِّحَّة وَصَوَابه وَلما أَن رَأَيْت تخاطب فائضا وَبعده (نَسِيتَ وصَالهُ وَصَدَدٍْتَ عَنْهُ ... كَمَا صَدَّ الأََبَّ عَنِ الضِّلالِ) 43 - الْمَعْنى سبقت الْأَوَّلين فَمَا تجاري وَيجوز سبقت السَّابِقين إِلَى المكارم فَمَا تجاري أَي تلْحق وجاوزت الْعُلُوّ فَمَا يقدر أحد أَن يعاليك ويساميك وَمعنى الْبَيْت الثَّانِي يَقُول أَنه أفضل النَّاس فَلَو كَانَ يَمِين شَيْء مَا صلح النَّاس كلهم أَن يَكُونُوا شمال ذَلِك الشَّيْء وَهَذَا من بَاب الْمُبَالغَة وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول أبي النَّجْم (لَوْ كانَ خَلْقُ الله جَنْبا وَاحدا ... وكُنْتَ فِي جَنْبٍ لَكُنْتَ زَائِداً) (نَباهَةً وَنائِلاً وَوَالداً ... ) 45 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت فِي علو قدرك وَحسن خصالك سَمَاء وَإِن كَانَت كواكبها خِصَالًا فَجعله فِي الشُّهْرَة كالسماء وخصاله نجومها وَهُوَ من قَول البحتري (وَبَلَوْتُ منْك خَلائقا مَحْمُودةً ... لَوْ كُنَّ فِي فَلَكٍ لَكُنَّ نُجُوما) وَنصب خِصَالًا على الْحَال 46 - الْإِعْرَاب وأعجب فعل مضارع عطفه على مثله وَهُوَ قَوْله أقلب والكمال مفعول ثَان الْمَعْنى يَقُول أَنْت قد أَعْطَيْت الْكَمَال صَغِيرا فَكيف ازددت بعد الْكَمَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 - 1 الْإِعْرَاب أَن عزم إِذا عزم وَقيل لِأَن عزم وَلأَجل وَمثله زرتك أَن تكرمني أَي لِأَن تكرمني وَمن أجل وَمثله أَن كَانَ ذَا مَال وبنين فِي قِرَاءَة الْحَرَمَيْنِ وَعلي وَأبي عَمْرو وَحَفْص لأَنهم قرءوا بِهَمْزَة وَاحِدَة مَفْتُوحَة وَقَرَأَ حَمْزَة وَأَبُو بكر بهمزتين محققتين وَقَرَأَ ابْن عَامر فِي رِوَايَته بِهَمْزَة وَمُدَّة قَالَ الْمُفَسِّرُونَ من أجل ذَلِك كفر بِآيَاتِنَا وَأما قَول عَمْرو بن كُلْثُوم (نَزَلْتُمْ مَنزِلَ الأَضْيافِ منَّا ... فَعَجَّلنْا القِرَى أنْ تَشْتُمُونا) فَقيل مَعْنَاهُ لِئَلَّا فَحذف لَا وَحسن لَهُ ذَلِك أَن الْمَعْنى مَعْرُوف وَقيل بل تَقْدِيره مَخَافَة أَن تشتمونا إِلَّا أَنه حذف الْمُضَاف الْغَرِيب الخليط هُوَ الَّذِي يخالطك وَأَرَادَ بِهِ هَهُنَا الحبيب والخليط المخالط كالجليس والمجالس والنديم والمنادم وَهُوَ وَاحِد وَجمع قَالَ الشَّاعِر (إنَّ الخَلِيطَ أجَدُّوا البَيْينَ فانجَرَدوا ... وأخْلَفُوكَ عِدَ الأمْرِ الذَّيِ وَعَدُو) وَيجمع أَيْضا على خلطاء وخلط قَالَ وَعلة الْجرْمِي (سائِلْ مُجَاوِرَ جَرْمٍ هلْ جنَيْتُ لَهُم ... حْربا تُفَرِّقُ بَيْنَ الجِيِرةِ الخُلُط) الحديث: 204 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 الْمَعْنى يَقُول فِي الخد لأجل رحيل الحبيب مطر يزِيد الدُّمُوع إِلَّا أَنه لَا يثبت بل يمحل ومحول الخدود هُوَ ذهَاب نضارتها وشحوبها والمطر من شَأْنه الأخصاب وَلَكِن هَذَا الْمَطَر بِخِلَاف الْمَطَر الْمَعْهُود فَشبه دُمُوعه لغزارتها بالمطر السَّائِل والمطر ينْبت الرّبيع ويخصب وَهَذَا يمحل الخدود ويخددها وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (لَوْ نَبَتَ العُشْبُ مِنْ دُموعٍ ... لَكانَ فِي خَدْيَّ الرَّبِيعُ) 2 - الْغَرِيب نفت أذهبت الرقاد النّوم والفاول مَا يلْحق حد السَّيْف من كَثْرَة الضَّرْب الْمَعْنى يقو النظرة الَّتِي نظرت إِلَى الحبيب عِنْد الْفِرَاق نفت رقادي وأذهبت حِدة عَقْلِي وقلبي يُرِيد أَنَّهَا أثرت فِي عقله وَقَلبه وَيجوز أَن تكون النظرة الأولى الَّتِي نظر الحبيب واستدام الْعِشْق بهَا 3 - الْإِعْرَاب فِي كَانَت ضمير عَائِد على النظرة تَقْدِيره كَانَت النظرة وَفِي الْكَلَام حذف تَقْدِيره كَانَت نظرة غير نافعة مثلت لي أَجلي الْغَرِيب الكحلاء الَّتِي بعينيها كحل من غير تكحل والسول أَصله الْهمزَة إِلَّا انه خفه وَالْأَجَل الْمدَّة الَّتِي يؤخرها الْإِنْسَان حَتَّى تنفد الْمَعْنى يَقُول كَانَت هَذِه النظرة من المحبوبة سؤلي وطلبي وَإِنَّمَا طلبت قرب أَجلي بِالنّظرِ إِلَيْهَا لِأَنَّهُ أسقمني وقربني من الْأَجَل فَكَانَت فِي الْحَقِيقَة أَجلي تصور مرَادا فِي قلبِي لَا سؤلا وَالسُّؤَال مَا يَطْلُبهُ الْإِنْسَان ويتمناه 4 - الْغَرِيب أَرَادَ بالجفاء الِامْتِنَاع فَلهَذَا عداهُ بعلي والمروءة الْكَرم وَالْفِعْل الْحسن والنوى الْبعد الْمَعْنى يَقُول أجد الِامْتِنَاع مُرُوءَة عِنْدِي إِلَّا عَلَيْك وَالصَّبْر جميلا إِلَّا فِي بعْدك كَقَوْل البحتري (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ إلاَّ عنْدَ فرْقة مَن ... بِيَنيْه صِرْتُ بَينَ البَثّ وَالحَزَنِ) 5 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أبْغض قَلِيل تدلل من غَيْرك وَأحب دلالك الْكثير كَقَوْل جرير (إنْ كانَ شَأنُكُمُ الدَّلالَ فإنَّهُ ... حَسَنٌ دَلالُكِ ياأُمَيمَ جَمِيلُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 - الْإِعْرَاب شكوى مصدر يشكو وَقيل التَّقْدِير مثل الشكوى الْغَرِيب الروادف الكفل وَمَا حوله جمع رادفة لِأَنَّهُ يردف الْإِنْسَان أَي يكون خلقه وَهُوَ من الردف خلف الرَّاكِب الْمَعْنى يَقُول تَشْكُو المطية ثقل روادفك فَوْقهَا شكوى النَّفس الَّتِي وجدت هَوَاك مداخلها لَان روافدك على المطية ثقال وهواك على العاشق أثقل 7 - الْغَرِيب يُقَال غَار الرجل على أَهله وأغرته وأغار أَهله تزوج عَلَيْهَا وَهُوَ من غَار النَّهَار إِذا أَشْتَدّ حره والفارة الْغيرَة قَالَ أَبُو ذُؤَيْب يشبه غليان الْقُدُور بصخب الضرائر (لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ كأنَّها ... ضَرَائِرُ حِرْمِيً تَفاحَش غارُها) وَقَوله حرمى نِسْبَة إِلَى الْحرم لِأَن أول من أَتَّخِذ الضرائر أهل الْحرم الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته يحملني على الْغيرَة جذبك الزِّمَام إِلَيْك لِأَن النَّاقة تقلب فمها إِلَيْك كَأَنَّهَا تطلب قبْلَة والفم أَكثر مَا يسْتَعْمل بِغَيْر الْمِيم مَعَ الْإِضَافَة فَإِذا أضيف قلت فِيك وفاك وفوك إِلَّا أَنه قد جَاءَ بِالْمِيم مُضَافا عَن الْعَرَب قَالَ الشَّاعِر (كالحوُتِ لَا يَكُفِيهِ شَيءٌ يَلْهَمُهْ ... يُصْبحُ عَطْشانَ وِفي البَحْرِ فُمهُ) وَإِذا أفرد فَهُوَ بِالْمِيم لَا غير وَمعنى الْبَيْت من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (وَالعِيسُ عاطفَةُ الرُّءوسِ كَأَّنما ... يَطْلُبْنَ سرَّ مُحَدَّثٍ فِي الأحْلُسِ) وَقد قَالَت الشُّعَرَاء وَأَكْثرُوا فِي الْغيرَة وَأحسن مَا قيل قَول ابْن الْخياط (وَمُحْتَجبٍ بَيْنَ الأسِنَّةِ مُعْرِضٍ ... وَفي القَلْبِ من إعْراضِهِ مِثلُ حجبهِ) (أغارُ إِذا آنَسْتُ فِي الحيّ أنَّةً ... حِذاراً وَخَوْفا أنْ يكُونَ لِحُبِّهِ) 8 - الْغَرِيب الغواني جمع غانية وَهِي الَّتِي غنيت بزوجها وَيُقَال بجمالها عَن التجمل والصبابة رقة الشوق والغليل وَالْغلَّة حرارة الْعَطش الْمَعْنى يَقُول حدق الحسان الْوَاحِدَة حسناء هجن لي بفراقهن رقة الشوق وحرارة فِي الْقلب لبعدهن عني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 - الْغَرِيب يذم يجير وَيُعْطِي الذمام وأذمه أجاره وأذمه وجده مذموما وأذم بِهِ تهاون وأذم الرجل أَتَى بِمَا يذم عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول يذم بدر بن عمار أَي يجير وَيمْنَع مني كل مَا يقتل سوى هَذِه الإحداق فَإِنَّهُ لَا يقدر على الْإِجَارَة مِنْهَا وَهُوَ كَقَوْلِه (وُقِيَ الأمِيرُ هَوَى العُيُونِ فَإنَّهُ ... مَالا يَزُولُ بِبأْسِهِ وَسَخائِهِ) قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا وَقد تجَاوز هَذَا فِي مدح عضد الدولة بأمن بِلَاده حَيْثُ قَالَ (فَلَوْ طُرِحَتْ قُلُوبُ الْعِشق فِيها ... لَما خافتْ مِنْ الحَدَقِ الحِسانِ) أثبت فِي هَذَا مَا اسْتثْنى فِي مدح بدر بن عمار 10 - الْإِعْرَاب الكرب وَمَا بعده بِالنّصب فِي روايتنا وَهُوَ مَنْصُوب بإعمال اسْم الْفَاعِل وروى جمَاعَة بالخفض تَشْبِيها بالْحسنِ الْوَجْه الْغَرِيب فرج عَنهُ يفرج وَأَفْرج يفرج وَفرج يفرج تفريجا إِذا كشف عَنهُ الْغم الْمَعْنى يَقُول هُوَ يفرج الكرب عَن أوليائه بِمِثْلِهَا ينزلها بأعدائه يعْنى أَنه يقتل الْأَعْدَاء ليدفعهم عَن أوليائه ويفقرهم ليغنى أولياءه فيزيل عَنْهُم الْفقر 11 - الْغَرِيب المحك اللجوج وَسمع الْأَصْمَعِي امْرَأَة ترقص ابْنهَا وَتقول (إِذا الخُصُومُ اجْتَمَعَتْ حُثِيا ... وُجِدْتَ ألْوَي مَحكا أبِيَّا) والمحك اللجاج محك يمحك فَهُوَ محك ومماحك وتماحك الخصمان الْمَعْنى يَقُول هُوَ يطْلب الْحق ويلج فِي طلبته فَمن مطلة بِهِ جعل سَيْفه كَفِيلا لَهُ بِقَضَائِهِ وَهَذَا مثل وَالْمعْنَى إِذا مطل الْغَرِيم وَلم يقْض دينه طَالبه سَيْفه مُطَالبَة الْكَفِيل وَإِذا كَانَ السَّيْف متقاضيا صَار الْغَرِيم قَاضِيا بِغَيْر رِضَاهُ 12 - الْغَرِيب النُّطْق جيد النُّطْق وَالْقَوْل والمنطيق البليغ واللثام مَا يَجْعَل على الْوَجْه من الْعِمَامَة كَانَت الْعَرَب تَفْعَلهُ لأجل حر الشَّمْس وَإِذا أَرَادوا أَن يتكلموا كشفوا اللئام الْمَعْنى إِذا حط لثامه ليَتَكَلَّم بِالْأَمر فَإِنَّهُ يُعْطي من يسمع كَلَامه عقلا لِأَنَّهُ يتَكَلَّم بالحكمة وَمَا هتدي بِهِ الضالون وَيعلم النَّاس بمنطقه حسن الْكَلَام وَصِحَّة الرَّأْي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 - الْغَرِيب السخاء الْكَرم والجود سخا يسخو وسخى يسخى وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم (مُشَعْشَعَةً كَأنَّ الحُصَّ فَيها ... إِذا مَا المَاءُ خالطَها سخِينا) على بعض الْأَقْوَال من سخا يسخي وَقَالَ قوم هُوَ من السخونة ونصبه على الْحَال الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تعلم الزَّمَان من سخائه فسخا بِهِ وَأخرجه من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَلَوْلَا سخاءوه الَّذِي استفاده مِنْهُ لبخل بِهِ على أهل الدُّنْيَا واستبقاه لنَفسِهِ قَالَ فَإِن قيل السخاء لَا يكون إِلَّا فِي مَوْجُود وَهَذَا مَعْدُوم فَالْجَوَاب أَن الزَّمَان كَأَنَّهُ علم مَا يكون فِيهِ من السخاء إِذا وجد فَكَأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْهُ مَا تصور كَونه فِيهِ بعد وجوده وَلَوْلَا مَا تصَوره من السخاء لبقي أبدا بَخِيلًا وَالشَّيْء إِذا تحقق كَونه لَا محَالة أجري عَلَيْهِ فِي حَالَة عَدمه كثير من الْأَوْصَاف الَّتِي يَسْتَحِقهَا بعد وجوده قَالَ ابْن فورجة هَذَا تَأْوِيل فَاسد وغرض بعيد والسخاء بِغَيْر الْمَوْجُود لَا يُوصف بالعدوى وَإِنَّمَا الْمَعْنى سخا بِهِ على وَكَانَ بَخِيلًا بِهِ على فَلَمَّا أعداه سخاؤه أسعدني الزَّمَان يضمي إِلَيْهِ وهداني تحوه وَهَذَا الْمَعْنى كثير قَالَ الطَّائِي (هَيْهاتَ أنْ يَسْخُو البزمانُ بِمِثْلهِ ... إنَّ الزمانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ) ولحبيب أَيْضا (عَلَّمَنِي جُودُكَ السَّماحَ فَما ... أبْقَيْتُ شَيْئا لَدَىَّ مِنْ صِلَتَكْ وَلابْن الْخياط (لَمْستُ بِكَفَّي كَفَّهُ أبْتَغِى الغِنَى ... وَلْم أدْرِ أَن الجُوَدَ مِنْ كَفِّه يُعدى) (فَلا أَنا مِنْهُ مَا أفادَ ذَوُو الغِنَى ... أفَدْتُ وَأعْدَاني فَأتْلَفْتُ مَا عنْدي) 14 - الْإِعْرَاب جعل اسْم كَأَن نكرَة وخبرها معرفَة وَقد جَاءَ فِي بَاب إِن فِي قَول الفرزدق (وَإن حَراما أنْ أسُبَّ مُقاعِسا ... بِآبائي الشُّمِّ الكِرامِ الخَضارِمِ) وَنصب مسلولا على الْحَال الْغَرِيب الغمامة السحابة وهندية سَيْفه الْمَصْنُوع من حَدِيد الْهِنْد الْمَعْنى يَقُول كَأَن برقا سَيْفه وَهُوَ من المعكوس لِأَن السَّيْف يشبه بالبرق وَهَذَا شبه الْبَرْق بِالسَّيْفِ فَقَالَ كَأَن برقا فِي ظُهُور الْغَمَام سَيْفه إِذا سَله فِي يَده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قائمه يعود على السَّيْف ومواهبا قَالَ الْخَطِيب وَأَبُو الْفَتْح هُوَ مفعول يسيل وَقَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري فِي أَمَالِيهِ لَا يجوز أَن يكون مَفْعُولا لِأَن يسيل لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعول بِهِ بِدلَالَة أَنه لَا ينصب الْمعرفَة فَتَقول سَالَ الْوَادي رجَالًا وَلَا تَقول سَالَ الْوَادي الرِّجَال وسالت الطّرق خيلا وَلَا تَقول الْخَيل فَلَمَّا لزمَه نصب النكرَة خَاصَّة وَالْمَفْعُول يكون نكرَة وَمَعْرِفَة والمميز لَا يكون إِلَّا نكرَة ثَبت أَن مواهبا تَمْيِيز ويوضح هَذَا أَنَّك إِذا أدخلت همزَة النَّقْل على سَالَ تعدِي إِلَى مفعول وَاحِد تَقول أسَال الوادى المَاء فاو كَانَ قبل الْهمزَة يتَعَدَّى إِلَى مفعول لتعدي بعد النَّقْل إِلَى مفعولين فَإِن قيل من شَأْن الْمُمَيز أَن يكون وَاحِد قُلْنَا هَذَا هُوَ الْأَغْلَب وَيكون جمعا قَالَ الله تَعَالَى {بالأخسرين أعمالا} و {نَحن أَكثر أَمْوَالًا وأولادا} الْمَعْنى يَقُول مَحل قائمه يَعْنِي قَائِم السَّيْف وَهِي يَد الممدوح تسيل مواهبا للنَّاس فَلَو أَنَّهَا كَانَت سيلا لم تصب موضعا تسيل فِيهِ لكثرتها وَهُوَ من قَول حبيب (أفادَ منَ العَلْيا كُنُوزاً لوَ إِنَّهَا ... صَوَامِتُ مالٍ مَا دَرَي أيْنَ تُجْعَلُ) 16 - الْغَرِيب رقت خفت ومضاربه حداه وَهُوَ مَا يضْرب بِهِ الرّقاب الْمَعْنى أَرَادَ أَن سيوفه مُلَازمَة للرقاب فوصفها بالعشق لِأَنَّهُ أدعى الْأَشْيَاء إِلَى اللُّزُوم فَيَقُول كَأَنَّمَا هِيَ لرقتها تبدين نحولا من عشق الرّقاب كَمَا ينْحل العاشق من عشق حَبِيبه 17 - الْغَرِيب عفره إِذا رَمَاه فِي العفر بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ التُّرَاب يعفره عفرا وعفره تعفيرا أَي مرغه والهزبر الْأسد وَرجل هزنبر وهزنبران أَي سيء الْخلق والصارم السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى أَن بدر بن عمار أهاج أسدا عَن بقرة افترسها فَوَثَبَ الْأسد على كفل دَابَّته فأعجله فَضَربهُ بِسَوْطِهِ وَدَار بِهِ الْجَيْش فَقتل الْأسد فَقَالَ إِذا كنت تلقى هَذَا الْأسد وَهُوَ أقوى الْحَيَوَانَات وأشجعها بسوطك فَلِمَنْ خبأت سَيْفك 18 - الْغَرِيب الْأُرْدُن مَوضِع بِالشَّام وَهُوَ نهر يُقَال لَهُ نهر الْأُرْدُن والرفاق جمع رفْقَة والتلول جمع تل وَهُوَ الْجَبَل الصَّغِير والبلية هُوَ الْأسد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 الْمَعْنى يَقُول وَقعت على أهل هَذَا النَّهر بلية وَهُوَ الْأسد نضدت وَقعت بَعْضهَا على بعض فَهَذِهِ البلية وَهُوَ الْأسد هام أَي رُؤُوس الرفاق تلالا والبلية هُوَ الْأسد فَلهَذَا أسْند الْفِعْل إِلَيْهِ 19 - الْغَرِيب الْورْد ذُو اللَّوْن الَّذِي يضْرب إِلَى الْحمرَة فَكَأَن لون الْأسد هَذَا يضْرب إِلَى الْحمرَة والبحيرة بحيرة طبرية والفرات نهر الشَّام الَّذِي يجْرِي إِلَيّ الْعرَاق والنيل نيل مصر الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْأسد من شدته وَعظم زئيره إِذا ورد الْبحيرَة شاربا ورد أَي وصل صَوته إِلَى الْفُرَات وَإِلَى النّيل وجانس بَين ورد وَورد 20 - الْغَرِيب الغيل الأجمة وَهِي شجر ملتف بعضه على بعض وَقَوله لبدتيه يُرِيد الشّعْر الَّذِي على كَتفيهِ لعظم كثافته عَلَيْهِمَا الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة مَا افترس من الفوارس قد تلطخ بدمائهم ولكثرة مَا على كَتفيهِ من الشّعْر كَأَنَّهُ فِي غيله فِي غيل من لبدتيه 21 - الْإِعْرَاب حلولا حَال من الْفَرِيق وَالْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ قَلِيل ضَعِيف وَإِن كَانَ قد جَاءَ فِي شعر الْعَرَب الْقَدِيم كَقَوْل تأبط شرا (سَلَبْتَ سِلاحِي يَابسا وشَتَمَتْنِي ... فَيا خَيْرَ مَسْلُوبٍ وَيا شَرَّ سالِبٍ) وكقول النَّابِغَة الْجَعْدِي يصف فرسا (كَأنَّ حَوَامِيَهُ مُدْبِراً ... خُضِبْنَ وَإنْ كانْ لمْ يُخْضَبِ) وَقَالَ أَبُو عَليّ فِي الْمسَائِل الشيرازيات أنْشد أَبُو زيد (عَوْدٌ وَنْهسَة حاسِدُون عَليهم ... حِلَقُ الحَدِيدِ مُضاعَفا يَتلَهَّبُ) قَالَ وَيجوز أَن يَجْعَل يتلهب فِي مَوضِع الْحَال ومضاعفا حَال من الْمُضمر فِي ويتلهب يتلهب حَال من الْحلق فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِم حلق الْحَدِيد يتلهب مضاعفا الْغَرِيب الْفَرِيق الْجَمَاعَة وَهُوَ أَكثر من الْفرْقَة وحلولا حَالين بِهِ أَي نازلين الْمَعْنى يَقُول عين هَذَا الْأسد لحمرتها إِذا رَأَيْتهَا فِي اللَّيْل ظننتها نَارا أَو قدت بِجَمَاعَة نزلُوا موضعا وَيُقَال عين الْأسد وَعين السنور وَعين الْحَيَّة تتراءى فِي ظلمَة اللَّيْل بارقة كَأَنَّهَا نَار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 - الْغَرِيب الرهبان جمع رَاهِب وهم زهاد النَّصَارَى وهم يوصفون بالوحدة والانقطاع عَن النَّاس وهم الَّذين قَالَ الله فيهم {عاملة ناصبة تصلى نَارا حامية} الْمَعْنى يَقُول هُوَ فِي وحدة لشجاعته لِأَنَّهُ لَا يخَاف شَيْئا فَهُوَ فِي غيله مُنْفَرد انْفِرَاد الرهبان فِي متعبداتهم إِلَّا أَنه لَا يعرف حَلَالا وَلَا حَرَامًا والأسد إِذا كَانَ قَوِيا لم يسكن مَعَه فِي غيله غَيره من الْأسود 23 - الْغَرِيب الْبري التُّرَاب قَالَ مدرك بن حصن (بَفَيكَ مِنْ سارٍ إِلَى القَوْمِ البَري ... ) وَمِنْه الْبَريَّة فِي قِرَاءَة من ترك همزَة وهم الْأَكْثَر وهمزها نَافِع وَابْن ذكْوَان والتيه التَّعَجُّب والآسى الطَّبِيب الْمَعْنى يَقُول هُوَ لعزته فِي نَفسه وقوته لَا يسْرع فِي مَشْيه لِأَنَّهُ لَا يخَاف شَيْئا فَكَأَنَّهُ فِي لين مشيته طَبِيب يجس عليلا يرفق بِهِ دولا يعجل 24 - الْغَرِيب الغفرة الشّعْر اجْتمع على قَفاهُ واليافوخ الرَّأْس والإكليل التَّاج الَّذِي يكون على رُؤُوس الْمُلُوك الْمَعْنى يَقُول يرد شعر الغفرة إِلَى رَأسه حَتَّى يصير لَهُ كالأكليل يصف عظم شعر مَنْكِبَيْه يرد ذَلِك الشّعْر فيجتمع على هامته وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك إِذا غضب يجمع قوته إِلَى أَعلَى بدنه وَقَالَ ابْن دوست الغفرة شعر الناصية يَعْنِي أَن هَذَا الْأسد رفع رَأسه فِي مشيته حَتَّى يرد ناصيته إِلَى أَعلَى رَأسه وَقَالَ الواحدي القَوْل هُوَ قَول أبي الْفَتْح لِأَنَّهُ وصف بعده غيظ الْأسد بقوله بعده 25 - الْغَرِيب الزمجرة تردد الصَّوْت وَكَذَا التزمجر وَهُوَ شدَّة الصياح الْمَعْنى يَقُول تظنه نَفسه عَنْهَا مَشْغُولًا من صياحه قَالَ ابْن القطاع وَقع فِي بعض الرِّوَايَات نَفسه بِالنّصب أَي يزمجر لنَفسِهِ وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِالرَّفْع أَي تظنه نَفسه من كَثْرَة صياحه مَشْغُولًا عَنْهَا 26 - الْغَرِيب قصر هَهُنَا ضد الطول وَمِنْه قصر الصَّلَاة فِي قَوْله تَعَالَى (أَن تقصرُوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 من الصَّلَاة} والمخافة مصدر أضيف إِلَى الْمَفْعُول والكمى الشجاع الْمُسْتَتر فِي سلاحه من كمى الشَّهَادَة إِذا كنمها الْمَعْنى يَقُول قَالَ الواحدي ذُو الْحَافِر إِذا رأى الْأسد وقف وفحج وبال يَقُول كَأَن الشجاع ركب فرسه مشكولا حَيْثُ لَا يقدر على الْحَرَكَة خوفًا مِنْهُ هَذَا تَفْسِير النَّاس لهَذَا الْبَيْت قَالَ وَقَالَ ابْن فورجة مَعْنَاهُ لما خَافَ مِنْك الْأسد تقاصرت خطاه ونازعته نَفسه إِلَيْك جَرَاءَة فخلط إقداما بإحجام فَكَأَنَّهُ فَارس كمى ركب فرسه مشكولا فَهُوَ يهيجه للإقدام بجرأة وَالْفرس يحجم عَجزا عَمَّا يسومه لمَكَان شكاله وَهُوَ من قَول امرىء الْقَيْس قيد الأوابد ألخ 27 - الْغَرِيب الفريسة صيد الْأسد وَهِي الْبَقَرَة الَّتِي أهاجه عَنْهَا والبربرة الصياح وَالصَّوْت وَالْجمع برابر الْمَعْنى يَقُول لما قصدته ألْقى فريسته وَصَاح دونهَا فَعَاد عَنْهَا لانه ظن أَنَّك تطفل عَلَيْهِ لتأكل صَيْده فَغَضب من ذَلِك قَالَ الواحدي التطفل من كَلَام أهل الْعرَاق يَقُولُونَ هُوَ يتطفل فِي الأعراس 28 - الْغَرِيب الخلقان الفعلان والطبعان والإقدام والشجاعة الْمَعْنى يَقُول تشابهتما فِي الشجَاعَة وتخالفتما فِي الشيح لِأَن الْأسد يشح بمأكوله وَأَنت تجود بمأكولك وَمَا هُوَ لَك وَهُوَ من قَول البحتري (شارَكْتَهُ فِي البَأسِ ثُمَّ فَضَلْتَهُ ... بالجُودِ مَحْقُوقا بِذاك زَعيما) وللبحتري أَيْضا (هِزَبْرٌ مَشِي يَبْغِي هِزَبْراً وَأغْلَبٌ ... مِنْ القَوْم يَبْغِي باسلِ الوَجْهِ أغْلبا) 29 - الْغَرِيب الْأَزَل الْمَمْسُوح الْقَلِيل اللَّحْم وَامْرَأَة زلاء إِذا كنت ممسوحة العجيزة وَقَالَ الْجَوْهَرِي الْأَزَل الضّيق وَالْحَبْس وأزلوا مَا لَهُم أَي حبسوه والمفتول الْقوي الشَّديد الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْأسد يرى قوته وشجاعته فِيك فمتنه مَمْسُوح شَدِيد وساعده مفتول قوي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 - الْغَرِيب الطمرة الْفرس الوثابة وَقيل المرتفعة وطامئة الفصوص عطاش لَيست برهلة رخوة وَكَذَا خُيُول الْعَرَب الْمَعْنى يَقُول لَقيته فِي سرج ظامئة أَي فرس مضمرة دقيقة المفاصل من خُيُول الْعَرَب وتفردها بالكمال يَأْبَى أَن يكون لَهَا نَظِير وَمثل 31 - الْغَرِيب الطلبات جمع طلبة وَهِي الْحَاجَات الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذِه الْفرس نطلب مَا أردْت فَتُدْرِكهُ وَهِي مَعَ هَذَا طَوِيلَة الْعُنُق لَوْلَا أَن تحط رَأسهَا للجام مَا نيل وَقَالَ الْخَطِيب هَذِه الْفرس إِذا طلبت عدوا أَو وحشا نالته وَهِي مَعَ هَذَا عزيزة النَّفس تذل للراكب مَا قدر عَلَيْهَا وَفِيه نظر إِلَى قَول زُهَيْر (وَمُلُجَمُنا مَا إنْ يَنَالُ قَذَالَهُ ... وَلا قَدَمَاهُ الأرْضَ إلاَّ أنامِلُهُ) 32 - الْغَرِيب السوالف جمع سالفة وَهِي صفحة الْعُنُق استحضرتها من الْحَضَر وَهُوَ الْعَدو الْمَعْنى يصف هَذِه الْفرس بلين الرَّأْس إِذا جذبت عنانها جَاءَ مَعَك كَأَنَّهُ محلول العقد وَالْمعْنَى يعرق عَنْهَا وَمَا حوله إِذا ركضتها وَإِذا جذبت وَافَقت وطاوعت ولان عُنُقهَا حَتَّى تظن الْعَنَان محلول العقد لِأَنَّهَا لَا تجاذبك الْعَنَان قَالَ الواحدي هَذَا وصف بطول الْعُنُق يَعْنِي إِذا رفعت رَأسهَا استرخى الْعَنَان وَطَالَ فَيصير كَأَنَّهُ محلول وَقَالَ ابْن دوست إِنَّهَا تدير عُنُقهَا ورأسها كَيفَ شَاءَت وتغلب فارسها فَلَا يقدر على رد رَأسهَا بالعنان فَكَأَن عقد الْعَنَان محلول غير مشدود لانه لَو كَانَ مشدود قدر الْفَارِس على ضَبطهَا قَالَ وَمَا ابعد مَا وَقع إِذْ فسر بِغَيْر المُرَاد وَوصف الْفرس بالجماح 33 - الْغَرِيب الزُّور عظم الصَّدْر الْمَعْنى عَاد إِلَى وصف الْأسد فَقَالَ مَا زَالَ هَذَا الْأسد لما لقيك يجمع نَفسه وينظم بعضه إِلَى بعض حَتَّى صَار عرضه فِي قدر طوله وَكَذَا يفعل الْأسد إِذا أَرَادَ الْوُثُوب على الفريسة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 - الْغَرِيب تَقول حجر وأحجار وحجارة وحجار والحضيض قَرَار الأَرْض عِنْد مُنْقَطع الْجَبَل وَكتب يزِيد بن الْمُهلب إِلَى الْحجَّاج إِنَّا لَقينَا الْعَدو فَفَعَلْنَا واضطررناهم إِلَى عرْعرة الْجَبَل وَنحن بحضيضه الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّهُ من غيظه وغضبه يدق بصدره الْحِجَارَة فَكَأَنَّهُ يطْلب سَبِيلا إِلَى قَرَار الأَرْض 35 - الْغَرِيب فادني افتعل من الدنو الْمَعْنى يَقُول كَأَن هَذَا الْأسد غرته عينه فَلم يبصر لإقدامه عَلَيْك وَلم تصدقه عينه النّظر وَلَو تصور الْأَمر بصورته لفر من هيبتك وَلكنه مغرور ظن مَا جلّ وَعظم من الْأَمر غير جليل وعظيم 36 - الْغَرِيب الْأنف الاستنكاف أنف يأنف أنفًا وأنة أَي استنكف وَمَا رَأَيْت أحمى أنفًا وَلَا آنف من فلَان الْمَعْنى يَقُول الْكَرِيم يأنف من الدنية فَلهَذَا لَا يهرب بل يقدم وَهَذَا عذر للأسد يَقُول لم يهرب الْأسد وأنفته جعلت فِي عينه الْعدَد الْكثير قَلِيلا حَتَّى كَأَنَّهُ فِي عينه قَلِيل قَالَ أَبُو الْفَتْح من عَادَته ان يعْتَرض مَا هُوَ فِيهِ بِمثل يضر بِهِ إِذْ أَرَادَ أَنه مسدود لما هُوَ فِيهِ كَقَوْل الآخر (وَقدْ أدْركَتَنْي والَحَوادثُ جَمَّةٌ ... أسنَّةُ قَوْمٍ لاَ ضِعافٌ وَلا عُزْلُ) فالحوادث جمة جملَة اعْترض بهَا بَين الْفَاعِل وَفعله وَهُوَ تسديد لما هُوَ فِيهِ 37 - الْغَرِيب مضاض موجع ومحرق مضني الْأَمر وأمضني والحتف الْهَلَاك الْمَعْنى يَقُول الْعَار محرق موجع وَمن خَافَ الْعَار لم يخف من الْهَلَاك وَفِي الْمثل من أنف من الدنية لم يحجم عَن الْمنية وَهُوَ مثل الْبَيْت الَّذِي قبله فِي الِاعْتِرَاض 38 - الْغَرِيب المصادمة مفاعلة من الصدم وَهُوَ الصَّك والميل ثَلَاث فراسخ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْمسَافَة من الأَرْض المتراخية لَيْسَ لَهُ حد مَعْرُوف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 الْمَعْنى يَقُول عجل الْأسد بوثبة على ردف فرسك قبل التقائك فجهم عَلَيْك بوثبة فاو لم تصادمه لجازك بِمِقْدَار ميل 39 - الْغَرِيب الخذلان ضد النَّصْر والتجديل من قَوْلهم جدله إِذا صرعه الْمَعْنى يَقُول لما لاقيته وواجهته خذلته قوته أَي خانته وَقَعَدت عَنهُ فَطلب النَّصْر من التَّسْلِيم وَهُوَ الانقياد وَترك الْخُصُومَة وانجدل فَكَأَنَّهُ رأى النَّصْر فِي ذَلِك وطابق بَين الخذلان والنصر 40 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي أَسَاءَ أَبُو الطّيب فِي هَذَا الْبَيْت حَيْثُ لم يَجْعَل أثر للممدوح وَقَالَ كَأَنَّهُ كَانَ مغلول الْيَد والعنق بِقَبض الْمنية عَلَيْهِ 41 - الْغَرِيب ابْن عمته أَسد من جنسه وَلم يرد تَحْقِيق نسب والهرولة الِاضْطِرَاب فِي الْعَدو والمهول الْمخوف وَهُوَ من الْخَوْف الْمَعْنى يَقُول لما سمع ابْن عمته بقتلك لَهُ وَبِمَا فعلت بِهِ نجا بِرَأْسِهِ هَارِبا من بَين يَديك خَائفًا 42 - الْإِعْرَاب فِي الْبَيْت تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره فراره أَمر مِمَّا فر مِنْهُ وَأمر فِي أول الْبَيْت خبر مقدم الْمَعْنى يَقُول فراره أَمر من هَلَاكه الَّذِي فر مِنْهُ وَخَافَ وَمثل قَتله ان لم يقتل لِأَن الْمَقْتُول بِالسَّيْفِ خير من الْمَقْتُول بالذم وَالْعَيْب وَهُوَ من قَول الطَّائِي (ألِفوا المَنايا فالقَتيلُ لَدَيْهمُ ... مَنْ لْم يُخَلّ العَيْشَ وَهْوَ قَتِيلُ) وَله أَيْضا (لوْ لمْ يَمُتْ بَينَ أطْراَفِ الرّماحِ إِذا ... لَمات إذْ لمْ يَمُتْ مِنْ شدَّةِ الحزَنِ) 43 - الْغَرِيب الجراءة الشجَاعَة والإقدام والخلة الْخَلِيل يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث لِأَنَّهُ فِي الأَصْل مصدر قَوْلك خَلِيل بَين الْخلَّة والخلولة قَالَ أوفى بن مطر الْمَازِني (ألاَ أبْلِغا خُلَّتِي جابِراً ... بِأنَّ خَلِيلَك لمْ يُقْتَلِ) الْمَعْنى يَقُول الْأسد الَّذِي اجترأ عَلَيْك هلك وَلم تَنْفَعهُ الجراءة وَوعظ الَّذِي فر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 وحبب إِلَيْهِ الْفِرَار فَالَّذِي اخْتَار الْفِرَار واتخذه صاحبا خير من الَّذِي اجترأ عَلَيْك 44 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ النَّاس كلهم يعْرفُونَ الله مثل معرفتك لم يبْعَث الله رَسُولا يَدعُوهُم إِلَيْهِ وَيُعلمهُم دينهم وَقد قَالَ بعض الْأُصُولِيَّة لم يحْتَج النَّاس إِلَى رَسُول فِي معرفَة الله وَإِنَّمَا الْحَاجة إِلَيْهِ فِي تَعْلِيم الشَّرَائِع والحلال وَالْحرَام وَقد أَخطَأ أَبُو الطّيب فِي هَذَا الإفراط وَتجَاوز الْحَد 45 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ لفظك فِي النَّاس لم يحتاجوا إِلَى هَذِه الْكتب وَكَانَ كل مِلَّة يغنون بلفظك عَن كتبهمْ وَأَرَادَ أَنه يعرف الْحَلَال من الْحَرَام وَالْحكم وَكَانَ الْيَهُود يغنون بك عَن التَّوْرَاة وَالنَّصَارَى عَن الْإِنْجِيل وَالْمُسْلِمين عَن الْقُرْآن وَهَذِه مُبَالغَة تدخل النَّار نَعُوذ بِاللَّه من الإفراط وَهَذَا الغلو 46 - الْإِعْرَاب أسكن الْيَاء من الْفِعْل الْمَنْصُوب ضَرُورَة وَهَذَا كثير إِذا كَانَ فِي حرفي الْعلَّة وَالْوَاو وَالْيَاء وَمثله بَيت الْكتاب (كأنَّ أيْديِهنَّ بالقَاعِ الفَرقْ ... ) وَخبر كَانَ وَالْمَفْعُول الثَّانِي من مفعولي تعطيهم محذوفان وَتَقْدِير خبر كَانَ لَهُم والعائد إِلَى الْمَوْصُول من تعطيهم الأول مَحْذُوف وَالتَّقْدِير لَو كَانَ لَهُم الَّذِي تعطيهموه من قبل أَن تعطيهم إِيَّاه لم يعرفوا التأميل الْمَعْنى يَقُول لَو وصل النَّاس وَتقدم إِلَيْهِم عطاؤك قبل أَن تعطيهم لما جرت الآمال فِي قُلُوبهم وَلما أملوا لِأَنَّك تُعْطِي فَوق الأمل فَكَانُوا يستغنون بِمَا نالوا مِنْك عَن الأمل فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تأميل وَقد أَخذه أَبُو نصر بن نباتة فَقَالَ (لمْ يُبْق جُودُكَ لِي شيئْا أُؤَملُه ... تَرَكْتَنِي أْصَحبُ الدُّنيا بِلَا أمَلِ) وَقَالَ أَبُو الْفرج الببغاء وَكَانَ فِي عصر أبي نصر بن نباتة (لمْ يُبْقِ جُودُكَ لِي شَيْئا أُؤَمِّلُه ... دَهري لأنَّكَ قّدْ أفْنّيْتَ آمالِي) 47 - الْإِعْرَاب حَقِيقَة مصدر حق يحِق قيل وخمولا مصدر وَقيل هُوَ مفعول لأَجله أَي لأجل الخمول الْغَرِيب الخامل السَّاقِط الَّذِي لَا نباهة لَهُ وَحمل يحمل حمولا وأخملته أَنا الْمَعْنى يَقُول مَا عرفوك حق معرفتك وَذَلِكَ لأَنهم لَا يقدرُونَ على ذَلِك وَلَا لَهُم معرفَة بكنه قدرك وهم إِذا لم يعرفوك حق الْمعرفَة فقد جهلوك وَمَا جهلوك لأجل سقوطك 48 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي تجثمها للجياد وَهِي فاعلة أَي تجثم نَفسهَا وَتَغَنِّيًا وصهيلا مصدران فِي مَوضِع الْحَال الْغَرِيب السودد السِّيَادَة والرفعة وتجشمت الْأَمر تكلفته على مشقة وجشمت الْأَمر بِالْكَسْرِ جشما وجشمته الْأَمر تجشما وأجشمته إِذا كلفته إياء قَالَ عبد الْمطلب (مَهْما تُجَشَّمْنِي فإنّي جاشِمٌ ... ) الْمَعْنى يَقُول إِذا غنت الْحمام فَإِنَّمَا تغني بسيادتك ورفعتك وَكَذَلِكَ الْخَيل إِذا صهلت وَهَذَا من الْمُبَالغَة لِأَن الْبَهَائِم لَا تعقل فقد عقلت فضلك وسيادتك فنطقت بهما وَهَذَا من أبلغ الْمَدْح 49 - الْإِعْرَاب نَافِذا وفحولا منصوبان بِمَا على لُغَة الْحجاز كَقَوْلِه تَعَالَى {مَا هَذَا بشرا} وَبهَا جَاءَ الْقُرْآن وَلم يَأْتِ بِغَيْر الحجازية إِلَّا فِي قِرَاءَة الْمفضل بن عَاصِم {مَا هن أمهاتهم} بِالرَّفْع فَإِنَّهُ أَتَى بهَا على التميمة الْغَرِيب نفذ الشَّيْء إِذا خرقه وَبلغ غَايَته وَنفذ السهْم فِي الرَّمية نفاذا وَنفذ الْكتاب نفاذا ونفوذا وَفُلَان نَافِذ فِي أمره مَاض وَأمره نَافِذ أَي مُطَاع الْمَعْنى لَيْسَ كل من طلب الْعُلُوّ والرفعة بلغَهَا وَلَا كل الرِّجَال أبطال شجعان وَإِنَّمَا الرّفْعَة والسيادة خص الله تَعَالَى بهَا أَقْوَامًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 - 1 الْغَرِيب الْحلَل جمع حلَّة والحلة عِنْد الْعَرَب ثَوْبَان وعداني مَنَعَنِي الْمَعْنى يُرِيد أَن رأى الْخلْع مطواة إِلَى جَانِبه وَلم يره فِيهَا لِأَنَّهُ كَانَ ذَلِك الْيَوْم الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الخلعة عليلا وَقَوله أَرَاك بهَا أَي أَرَاك وَهِي عَلَيْك ومعك كَمَا يُقَال ركب بسلاحه وَخرج بثيابه 2 - الْمَعْنى يَقُول أحب أَنَّك طويتها لم تلبسها أتقدر أَن تزيل جمالك إِذا زَالَت ثِيَابك لِأَنَّهُ لَا يتجمل بثيابه وَإِنَّمَا يتجمل بجماله فَلهُ جمال لَا يطوى وَلَا يزَال 4 - الْغَرِيب ظلت دَامَت وأقامت وظلت بِالْمَكَانِ أَقمت عَلَيْهِ وظلتم تفكهون أَي أقمتم وَمِنْه فيظللن رواكد على ظَهره والأعالي الَّتِي تظهر للنَّاس وَالْأولَى الَّتِي تباشر جسده الْمَعْنى يَقُول أَقَامَت أعالي ثِيَابك الَّتِي تظهر للنَّاس تحسد الْأَقْرَب من جسدك وَهِي الَّتِي تباشر جسدك فبينهما قتال لذَلِك 5 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هم يحبونك كَمَا يحب الرجل فُؤَاده وَقَالَ ابْن فورجة يَعْنِي اسْتِحْسَان الْقُلُوب وتعلقها بِهِ من حَيْثُ الِاسْتِحْسَان وَقَالَ الواحدي يديمون النّظر إِلَيْك فَإِن الْعين تبع للقلب تنظر إِلَى حَيْثُ يمِيل الْقلب إِلَيْهِ فالعيون إِنَّمَا تنظر إِلَيْك لِأَن الْقُلُوب تحبك كَمَا قَالَ ابْن جنى أَو تستحسن الْخلْع كَمَا قَالَ ابْن فورجة 6 - الْمَعْنى يَقُول فضائلك لَا تحصى وَإِن قلت إِنِّي أحصيها فَكَأَنِّي أَقُول أَنا أحصى الرمل وَهَذَا لَا تقبله الْعُقُول لِأَنَّهُ محَال الحديث: 205 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 - 1 الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي شربهَا للخمرة أَو الراح وأضمرها قبل ذكرهَا وَهُوَ جَائِز لدلَالَة المنادمة عَلَيْهَا الْغَرِيب المنادمة مقلوب من المدامنة لانه يدمن شرب المدام مَعَ نديمه وَالْقلب فِي كَلَامهم كثير كجذبه وحبذه وَمَا أطيبه وأيطبه وخزن اللَّحْم وخنز ونادمني فلَان على الشَّرَاب فَهُوَ نديمي وندماني قَالَ النُّعْمَان بن عدي (فإنْ كُنْتَ نَدْماني فَبالأكبْرِ اسقِني ... وَلا تَسْقِني بِالأصْغَرِ المُتثَلِّمِ) وَجمع النديم ندام وَجمع الندمان ندامي وَالْمَرْأَة ندمانة والنسوة ندامي الْمَعْنى يَقُول منادمة الْأَمِير إِذا وَصلهَا الْإِنْسَان وَصحت لَهُ فقد وصل إِلَى رُتْبَة عَظِيمَة فَلَمَّا وصلتها عذلت عواذلي الَّذين يعذلوني على شرب الْمُسكر وكفتني منادمته جَوَاب السَّائِل الَّذِي قَالَ لم شربت الْمُسكر وَقَالَت لَهُ منادمة الْأَمِير شرف والشرف مَطْلُوب وَلَيْسَ للعذال أَن يعذل فِيمَا يكْسب الشّرف وَإِنَّمَا منادمته حصلت لي الشّرف 2 - الْغَرِيب الجوانح الأضلاع الَّتِي تحب الترائب وَهِي مَا يَلِي الصَّدْر الْوَاحِدَة جانحة والاصطناع الْمَعْرُوف الْمَعْنى كَانَت جوانحي ظامئة فأروتها سَحَاب يَديك وَقد حملت شكرك وَهُوَ عَظِيم ثقيل اصطناعك قد حَملَنِي مَعَ شكرك فَدلَّ ذَلِك على أَن اصطناعك يزِيد فِي الْقُوَّة لِأَنَّهُ قد حَملَنِي وَحمل شكرك وَالْمعْنَى حملت شكرك على إنعامك وإحسانك حَملَنِي لِأَنَّهُ يحمل أثقالي 3 - الْغَرِيب قَوْله مَتى هُوَ سُؤال عَن الزَّمَان فَكَأَنَّهُ قَالَ أَي زمَان أقوم يشكرك الْمَعْنى يَقُول أَي زمَان أقوم بشكر مَا أَعْطَيْتنِي أَي لأَقوم بِهِ لِأَنِّي كلما اثنيت عَلَيْك وشكرتك حصلت على نعْمَة جَدِيدَة وَإِذا شكرتك فَإِنَّمَا أرفع قدري بشكرك وَكَيف أصل إِلَى مكافأتك إِذا كَانَ شكرك يُوجب لي إحسانا مِنْك وَقد نَقله من قَول مَحْمُود الْوراق (إذَا كانَ شُكْرِي نِعْمَةً الله ... عَلىَّ لَهُ فِي مِثْلِها يَجِبُ الشُكْرُ) (فكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إلاَّ بِعَوْنِهِ ... وَإنْ طالَتِ الأَّيامُ واتَّصَلَ الدَّهْرُ) الحديث: 206 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 - 1 الْمَعْنى يَقُول هُوَ يَأْخُذ من مَاله أقل مِمَّا يَأْخُذ السَّائِل لَان السَّائِل يَأْخُذ من مَال بدر أَكثر مِمَّا يَأْخُذ بَدْرًا فَلَو كَانَ من سُؤال نَفسه لَكَانَ حَظه أوفر من مَاله الحديث: 207 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 - الْمَعْنى يُرِيد أَن أَفعَال النَّاس تتحير فِيمَا يَفْعَله لقصورها عَنهُ وَزِيَادَة مَا يَفْعَله على فعلهم ويقل ذَلِك فِي دولته لاقتضائها الزِّيَادَة على مَا فعل 3 - قَالَ أَبُو الْفَتْح يَمِينه تسح الْعَطاء وشماله تسح الدِّمَاء قَالَ ابْن فورجة الرجل لَا يُقَاتل بِشمَالِهِ وَالْفِعْل يكون للْيَمِين فِي كل شَيْء وَإِنَّمَا يكون عمل الشمَال كالمعونة للْيَمِين وَإِنَّمَا يُرِيد أَن يَدَيْهِ جَمِيعًا كالسحابتين عَطاء وسح دِمَاء 4 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا قتل الْأَعْدَاء كرما لَا بَأْسا لتأكل الطير لحومهم لانه ضمن أرزاق الطير فَقَتلهُمْ للطير لَا للْحَاجة إِلَيْهِم وَزَاد بالجود والعيال على مَا قَالَه الشُّعَرَاء من إطْعَام لجوم الْأَعْدَاء الطير قَالَ أَبُو الْفَتْح أبلغ من هَذَا فِي الْمَدْح أَنه ينْحَر ويذبح ليَأْكُل الطير مِمَّا يجده من اللَّحْم فَكَأَنَّهُ سفك الدِّمَاء بجوده لَا ببأسه 5 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ دون زَوَاله لَكَانَ أحسن وَكَانَ مثل قَول الآخر (بِقَلْبِي غَرامٌ لَسْتُ أبْلغُ وَصْفَهُ ... عَلى أنَّهُ مَا كانَ فَهْوَ شَديدُ) (تَمُرُ بِهِ الأيَّامُ تَسْحَبُ ذَيْلَها ... فَتَبْلي بِهِ الأيَّامُ وَهْوَ جَديدُ) قَالَ وَله أَن يحْتَج عَنهُ فَيُقَال إِن الْأَيَّام بعض الدَّهْر وَلَيْسَت هَذِه الْأَيَّام جَمِيعه وَقد يجوز أَن يذهب بعض الدَّهْر وَيبقى بعضه فَيبقى الغرام بِحَالهِ مَعَ بَقَاء الْمُحب فَقَالَ إِن الغرام بَاقٍ بقلبي فَإِذا مَا زَالَ مَعَه الذّكر وَقَول أبي الطّيب بَقِي الذّكر لَهُ إِنَّمَا يَصح بِبَقَاء النَّاس فَإِذا زَالَ النَّاس والدهر عدم الذّكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 - 1 الْغَرِيب أَبَت رجعت وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فباءوا بغضب من الله} أَي رجعُوا وعفت كرهت الْمَعْنى يَقُول لم أطول فِي جلوسي عِنْده وكرهت التَّطْوِيل لِأَنِّي رجعت وَقد قضيت حَاجَتي 2 - الْمَعْنى يَقُول طول حياتك لي خير من حَيَاة نَفسِي لنَفْسي لِأَنَّك تعينني على الزَّمَان والشدائد 209 - 1 الْغَرِيب أقفرت خلوت وأقفز الرّبع إِذا رَحل عَنهُ أَهله والأهوال العامرة الَّتِي بهَا الْأَهْل الْمَعْنى يَقُول فِي مُخَاطبَة الْمنَازل لَك فِي قلبِي منَازِل أَنْت خَالِيَة ومنازلك فِي الْقلب ذَات أهل عامرة يُرِيد لم تذكرين منازلك الَّتِي فِي الْقُلُوب وَأَنت قد أقفرت يُرِيد تجدّد ذكرهَا فِي قلبه وَهُوَ معنى قَول أبي تَمام (وَقَفْتُ وَأحشْائي مَنازِلُ لِلأسَى ... بِهِ وَهْوَ قَفْرٌ قدْ تَعَفَّتْ مَنازِلُهْ) وَمثله للبحتري (عَفَتِ الدّيارُ وَما عَفَتْ أحْشاؤُهُ ... ) وَلابْن الْمعز (بُؤْسا لِدَهْرِ غَيَّرَتْكَ صُرُوفُهُ ... لمْ يَمْحُ مِن قَلبِي الهَوَى وَمَحاكا) قَالَ أَبُو الْفَتْح بَيت المتنبي أرجح من بَيت الطَّائِي لِأَنَّهُ ذكر منَازِل الْحزن فَخص والمتنبي ذكر الْمنَازل فعمم فَهُوَ أرجح من بَيت الطَّائِي وَلَقَد أحسن ابْن الْمعز بقوله (لمْ بَمْحُ مِن قَلْبي الهَوَى وَمحاكا ... ) جمع الْمَعْنى فِي كَلِمَتَيْنِ الحديث: 208 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 - الْغَرِيب الأولى الأحق والعاقل يُرِيد بِهِ الْفُؤَاد ويروي يبكي على مَا لم يسم فَاعله وروى أَبُو الْفَتْح ببكى على الْمصدر وَبهَا قَرَأت على شَيْخي الْمَعْنى يَقُول منازلك الَّتِي فِي الْفُؤَاد يعلمن بحالك وحالهن فهن أواهل بذكرك وَأَنت مقفرة من ذكر أهلك وَلست تذكرين منازلك الَّتِي فِي الْفُؤَاد فأولاكما بالبكاء عَلَيْهِ الْعَاقِل يَعْنِي منَازِل الْقلب يُرِيد أَن قلبِي أولى بالبكاء لِأَنَّك جماد لَا تعلمين مَا حل بك من فرقة أهلك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح منَازِل الْحزن بقلبي تعلم مَا يمر بهَا من ألم الْهوى وَأَنت لَا تعلمين ذَاك 3 - الْغَرِيب اجتلب افتعل من الجلب وجلبت الشَّيْء أجلبه جلبا وجلبا وجلبت واجتلت بِمَعْنى وَأَصله فِيمَا يجلب للْبيع من بلد إِلَى بلد وَهُوَ فِي الْبَيْت بِمَعْنى سقته إِلَى نَفسِي والمنية من أَسمَاء الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول طرفِي جلب موتِي بِالنّظرِ فَمن أطلب بدمي وَأَنا قتلت نَفسِي وَهُوَ مَنْقُول من قَول قيس بن ذريح (وَما كُنْتُ أخْشى أنْ تَكوُنَ منِيَّتي ... بكفى إِلَّا أَن من حَان حائن) وَقد أحسن دعبل بن على الْخُزَاعِيّ بقوله (لَا تعجبني يَا سلم من رجل ... ضَحِكَ المَشِيبُ بِرَأْسِهِ فَبَكى) (لَا تأخذُا بظلامَتِي أحَداً ... قَلْبِي وَطَرْفي فِي دَمِي اشْتركا) 4 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي الظّرْف عَائِدًا إِلَى قَوْله الَّذِي اجتلب وَهُوَ صلته يُرَاد بِهِ الشَّاعِر المجتلب الْغَرِيب الظباء جمع ظَبْيَة فِي الْكَثْرَة وَيجمع ظَبْي على فعول وظبيات والتابعة الَّتِي تتبع أمهَا فِي المرعى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ الصَّغِيرَة من الظباء والخاذل الْمُتَأَخر وَمِنْه ظَبْيَة خاذل وخذول إِذا تَأَخَّرت عَن المرعى الْمَعْنى يَقُول تَخْلُو دِيَارهمْ من حسانها وتفارقها وخيال من أهواه لَا يفارقني وَقَالَ الواحدي تَخْلُو الديار من الحسان وَعِنْدِي من كل تَابِعَة أَي صَغِيرَة مِنْهُنَّ خيال يأتيني فَكَأَنَّهُ تَأَخّر عَنْهُن وَقَالَ تَابِعَة لِأَنَّهُ أَرَادَ صغر سنّهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 - الْإِعْرَاب اللاء قَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يكون نعتا للظباء وَلَا يمْتَنع أَن يكون مَحْمُولا على قَوْله من كل تَابِعَة لِأَن كل قد دلّت على معنى الْجمع فَإِذا حمله على الظباء كَانَ فِي مَوضِع خفض لِأَنَّهُ نعت وَإِذا حمله على كل فَهُوَ بدل معرفَة من نكرَة قَالَ وَلَو أمكنه أَن يقدم بمهجتي على الجبان لَكِن أوجه وَالْبَاء مُتَعَلقَة بأفتك وأفعل إِذا كَانَ لتفضيل لَا يعْمل شَيْئا وَهَذَا الْبَيْت مثل قَوْلك مَرَرْت بالذين أحبهم فلَان إِلَيّ فَالْوَجْه تَقْدِيم إِلَى على فلَان لِئَلَّا يفصل بَينه وَبَين أحب وَقَالَ الْخَطِيب الْبَاء مُتَّصِلَة فِي الْمَعْنى بأفتكها إِلَّا أَنه لَا يُمكن تعلقهَا بِهِ لِأَنَّهُ قد اخبر عَنهُ بقوله الجبان ومحال أَن يخبر عَن الِاسْم وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة فَلَمَّا امْتنع ذَلِك علق الْبَاء بِمَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ أفتكها فَكَأَنَّهُ أضمر بعد ذكر الجبان فتكت بمهجتي الْغَرِيب اللاء جمع فِي الْمُؤَنَّث كَالَّذِين فِي الْمُذكر وَقد اخْتلف الْقُرَّاء فِي يائها فَقَرَأَ قنبل عَن ابْن كثير وقالون عَن نَافِع بِالْهَمْز من غير يَاء وَقَرَأَ ورش بياء مختلسة بَدَلا من الْهَمْز وَإِذا وقف صيرها يَاء سَاكِنة وقرا البزي وَأَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء بياء سَاكِنة بَدَلا من الْهمزَة فِي الْحَالين وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْهَمْز وياء بعْدهَا فِي الْحَالين والفاتك الجريء وَالْجمع الفتاك والفتك أَن يَأْتِي الرجل صَاحبه وَهُوَ غافل فيشد عَلَيْهِ فيقتله وَفِيه ثَلَاث لُغَات فتك بِفَتْح الْفَاء وَضمّهَا مَعَ سُكُون التَّاء فيهمَا وبكسر الْفَاء مَعَ سُكُون التَّاء والجبان خلاف الشجاع الْمَعْنى يَقُول أفتك هَؤُلَاءِ الظباء بمهجتي هِيَ النافرة الَّتِي أَنا مغرم بهَا والبخيلة مِنْهُنَّ بالوصل أحبهنَّ قربا إِلَيّ 6 - الْغَرِيب نوافر جمع نافرة وَأَرَادَ بهَا الْبَعِيدَة وأصل النفور الْخُرُوج إِلَى طلب الشَّيْء والختل الخدع وختلة وخاتلة أَي خدعة والتخاتل التخادع الْمَعْنى يَقُول ترميننا بلحاظهن وَهن بعيدات عَنَّا لَا يقصدننا وتخدعننا بحسنهن وَهن غافلات لَا يعلمن ذَلِك 7 - الْغَرِيب المها بقر الْوَحْش تشبه النِّسَاء بِهن لسواد أعينهن والحبائل جمع حبالة الضائد الْمَعْنى يَقُول نَحن نصيد بقر الْوَحْش وَهَؤُلَاء المشبهات لبقر الْوَحْش كافأننا وأخذن بثأرهن فِي صيدنا لمشابهن فصدننا بأعينهن من غير حبائل فِي التُّرَاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 - الْغَرِيب الثغر جمع ثغرة وَهِي نقرة النَّحْر الَّتِي بَين الترقوتين والجآذر جمع جؤذر وَهُوَ ولد الْبَقَرَة الوحشية والدملج والدملوج المعضد وَجمعه دماليج والخلخال مَا يكون من ذهب أَو فِي فضَّة فِي السَّاق الْإِعْرَاب جآذر يجوز أَن يكون فَاعل كأفاننا وَيجوز ان يكون مُبْتَدأ وَخَبره مقدم عَلَيْهِ ودمالج وخلاخل مُبْتَدأ وَمن الرماح الْخَبَر يُرِيد لَهُنَّ دمالج وخلاخل يكتفين بهَا عَن الرماح الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح نسَاء مثل الجآذر بحليهن يفعلن مَا يفعل الطاعن بِالرُّمْحِ وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا وَفِي مَعْنَاهُ (هَل يَغْلِبَني وَاحِدٌ أقاتلُهُ ... رِيم عَلى لَبَّاتَهِ سَلاسلُهْ) (سلاحُهُ يَوْمَ الْوَغَى مَكاحلُهُ ... ) وَنَقله من قَول مُسلم بن الْوَلِيد (بارَزْتُهُ وَسِلاحُهُ خَلْخالُهُ ... حَتى فَضَضْت بِكَفِّي الخَلخْالا) 9 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا سميت أغطية الْعُيُون جفونها لِأَنَّهَا ضمنت أحدقا تعْمل عمل السيوف 10 - الْغَرِيب يروي سجرتك بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْجِيم يُرِيد ملأتك وَمِنْه الْبَحْر الْمَسْجُور وَيجوز أوقدتك فقد قيل فِي الْآيَة إِنَّه الموقد ويروي شجرتك بالشين الْمُعْجَمَة وَالْجِيم أَي حبستك وصرفتك وَمِنْه شَجَرَة الدَّابَّة إِذا أصبت بشجرها اللجام وَهُوَ مَا بَين اللحيين لتكفها وتمنعها ويروى بِالسِّين الْمُهْملَة والحاء أَي جعلتك مسحورا بالشوق حَتَّى صرت كالواله الْمَجْنُون أَو أَنَّهَا أَصَابَت سحرك أَي رئتك وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة توفى رَسُول الله بَين سحرِي وَنَحْرِي الْمَعْنى كم لَك من وَقْفَة سجرتك ملانك شوقا أَو كفتك أَو منعتك أَو سحرتك حَتَّى صرت والها لَا تعقل وَقد ولع بك الوشاة وهم جمع واش يشي بك إِلَى من تريده وَيصْلح بك حَاله وَتَمام الْكَلَام فِيمَا يَأْتِي أَي كم وَقْفَة دون التعانق 11 - الْإِعْرَاب ناحلين حَال من وَقْفَة أَي كم وَقْفَة وقفناها ناحلين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 وَقَالَ الْخَطِيب هِيَ حَال من الضَّمِير فِي بِنَاء يُرِيد بِهِ وبالمحبوبة الْغَرِيب الشكلة أَرَادَ الشكلة الَّتِي تكون فِي الْإِعْرَاب وَهِي الفتحة وَهِي من قَوْلهم شكلت الدَّابَّة أَي ضبطتها والشكلة تضبط الْحُرُوف وَضم الشاكل الْكَاتِب يُرِيد بِالضَّمِّ الْقرب وَلم يرد الضَّم الَّذِي فِي الْإِعْرَاب الْمُسَمّى رفعا الْمَعْنى يَقُول وقفنا دون التعانق قرب بَعْضنَا من بعض وَلم نتعانق فكأننا لقربنا شكلتان دقيقتان جمع الْكَاتِب بَينهمَا وَهُوَ تَشْبِيه حسن شبه تقاربهما بتقرب الشكلتين ونحولهما بنحول الشكلة ووصفها بالنحول مثله لَان بهَا مَا بِهِ من الوجد وَمثل هَذَا فِي قرب التعانق لِأَنِّي إِسْحَاق الْفَارِسِي (ضَممَنهْا ضَمَّةً عُدنا بهَا جَسَدَاً ... فلَوْ رَأتْنا عُيونٌ مَا خَشِيناها) وَمثله الآخر (إنّي رَأيْتُكَ فِي نَوْمي تعانِقُنِي ... كَمَا تُعانِقُ لامُ الكاتِبِ الألِفا) 12 - الْمَعْنى يَقُول تمتّع بِالنعْمَةِ واللذة مَا دَامَ لَك الشَّبَاب فَكل مَا كَانَ لَهُ أول لَا بُد لَهُ من آخر فَإِنَّهُ يفنى حَتَّى يَأْتِي آخِره وَهَذَا مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم كل مَا كَانَ لَهُ أول تَدْعُو الضَّرُورَة إِلَى أَن لَهُ آخرا 13 - الْغَرِيب الأرب الْحَاجة وَكَذَلِكَ الإربة وروق الشَّبَاب وريقه أَوله الْمَعْنى يَقُول مَا دَامَ للحسان فِيك حَاجَة وَطلب يَعْنِي مَا دمت شَابًّا أنعم ولذ فَإِنَّهُ ظلّ زائل عَنْك 14 - الْغَرِيب آونة جمع أَوَان وَمِنْه بَيت الْكتاب (أَبُو حَنَشٍ يُؤَرّقُنِي وَطلْقٌ ... وَعمَّارٌ وَآوِنَةً أُثالا) وَذكر هَذَا الْبَيْت سِيبَوَيْهٍ على ترخيم أثالة فِي غير النداء ضَرُورَة على قَول من قَالَ يَا حَار وَقبل جمع قبْلَة الْمَعْنى يَقُول للهو واللعب أَو أَن يمر سَرِيعا كزويد الحبيب الراحل من عنْدك قبلا فَهِيَ لذيذة وَلكنهَا وشيكة الذّهاب كَذَلِك سَاعَات اللَّهْو وَأَيَّام السرُور قصار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 - الْغَرِيب الْجِمَاع الْإِسْرَاع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لولوا إِلَيْهِ وهم يجمحون} أَي يسرعون} والجموح من الرِّجَال الَّذِي يركب هَوَاهُ فَلَا يُمكن رده قَالَ الشَّاعِر (خَلَعْتُ عذاَرِي جامِحا مَا يَبرُدُّني ... عَنِ البيِضِ أمثْالِ الدُّمى زَجْرُ زَجِرِا) وجمح الْفرس إِذا غلب فارسه وجمحت الْمَرْأَة إِذا خرجت من بَيت زَوجهَا إِلَى أَهلهَا بِغَيْر طَلَاق قَالَ الراجز (إِذا رَأتْنِي ذاتُ ضِعنٍ حَنَّتِ ... وجّمَحَتْ مِن زَوْجِها وَأنَّتِ) والمشوب الْمُخْتَلط الْمَعْنى يَقُول جمح الزَّمَان أَي قهر وَغلب فَمَا تخلص اللَّذَّة من أَذَى يشوبها بِهِ الدَّهْر فَلَا يكمل سرُور الْإِنْسَان وَهُوَ من قَول الآخر (وَكَذاكَ لَا خَيْرٌ على الدُّنيا وَلا شَرٌّ يُداَم ... ) 16 - الْغَرِيب الهائل المهيب المخيف والمنى جمع منية الْمَعْنى يَقُول كل شَيْء لَا تخلص اللَّذَّة فِيهِ وَلَا بُد من شَيْء ينغصه حَتَّى أَبُو الْفضل هَذَا الممدوح رُؤْيَته أماني النَّاس فَإِذا وصلوا إِلَيْهَا تغصتها عَلَيْهِم هيبته وَهُوَ منظره قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا خُرُوج مَا روى أعرب مِنْهُ 17 - الْإِعْرَاب الْهَاء فِي إِلَيْهَا ودونها للرؤية فِي رِوَايَة أبي الْفَتْح وَبهَا قَرَأت وروى غَيره إِلَيْهِ دونه رَاجع إِلَى الممدوح الْغَرِيب الْفَج الطَّرِيق الْوَاسِع والوابل الْمَطَر الْكثير قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن لم يصبهَا وابل فطل} الْمَعْنى يَقُول طرق إِلَى رُؤْيَة الممدوح أَو إِلَى الممدوح ممطورة بآثار إحسانه فَالنَّاس يصلونَ إِلَى إحسانه قبل الْوُصُول إِلَيْهِ 18 - الْغَرِيب السرادق مَا كَانَ حول الشَّيْء يمنعهُ وَيمْنَع مَا فِيهِ والسرادق الَّذِي يمد فَوق صحن الدَّار وكل بَيت من كُرْسُف فَهُوَ سرادق قَالَ رؤبة بن العجاج الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 (يَا حَكمَ بنِ المُنْذِرِ بن الجارُودْ ... سُرادقُ المْجدِ علَيْك ممْدُود) والأزمة جمع زِمَام والذوامل السائرات سير الذميل وَهُوَ الْمُرْتَفع عَن الْعُنُق وَمثله الرسيم الْمَعْنى يَقُول رُؤْيَته محجوبة بسرادق من هيبته قَالَ الواحدي أَي الطّرق إِلَيْهِ محجوبة وَالْبَيْت يدل على أَنه يتَعَذَّر الْوُصُول إِلَيْهِ لهيبته وان هيبته ترد عَنهُ الْمطِي الذوامل إِلَيْهِ وَهَذَا إِلَى الهجاء أقرب مِنْهُ إِلَى الْمَدْح وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ على الطّرق إِلَيْهِ سرادقا يمْنَع من الْعُدُول عَنهُ إِلَى غَيره وَالنَّاس أبدا ينحون نَحوه وَقَالَ ابْن فورجة أَلا يعلم أَبُو الْفَتْح أَن الهيبة تثنى الزائر عَن الألتقاء بِهِ وَلَا تثنى زائر غَيره إِلَيْهِ وَمَا قيل فِي هَذَا الْبَيْت يدل على هَذَا يَقُول رُؤْيَته محجوبة بالهيبة الَّتِي لَو أَن مطيا ذملت فِي سَيرهَا واعترضتها هَذِه الهيبة لَا نثنت وَعدلت وَلم تقدم إشفاقا من الْإِقْدَام واستعظاما للهجوم 19 - الْغَرِيب الشَّمَائِل جمع شمال وَهِي الْخَلَائق الْمَعْنى يَقُول فِيهِ إضاءة الشَّمْس ومنفعتها وبهاؤها وَعُمُوم الرِّيَاح وتصرفها وجود السَّحَاب وَهُوَ السخاء وإقدام الْأسود وَالْمعْنَى يُرِيد عُمُوم نَفعه 20 - الْإِعْرَاب يُرِيد من العقيان وَكَذَا من الْحَيَاة وَمن الْمَمَات فَحذف النُّون لسكون وَسُكُون اللَّام الْغَرِيب العقيان الذَّهَب والمناهل المشارب الْمَعْنى يَقُول كَانَ النَّاس يردون مِنْهُ على هَذِه الْأَشْيَاء كَمَا يردون المناهل وَقَوله من الْحَيَاة أَي لأوليائه وَمن الْمَمَات أَي لأعدائه وَقد زَاد على بَيت أبي تَمام (نَرمِي بِأشباحنِا إِلَى مَلِكٍ ... نَأْخُذُ مِنْ مالِهِ وَمِنْ أدَبِهِ) لِأَنَّهُ ذكر الْمَوْت والحياة 21 - الْغَرِيب لجب أصوات الْوُفُود وهم الَّذين يفدون عَلَيْهِ يطْلبُونَ الْعَطاء وَيُقَال حوله وحواليه وحواله وحوليه والناهل الشَّارِب الأول دون العال الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو لم تخف القطا أصوات الْوُفُود لسرت إِلَيْهِ لتشرب مِنْهُ وَقَالَ ابْن فورجة يَعْنِي أَن القطا يرَاهُ مَاء معينا فيهم يوروده ويشفق من لجب الْوُفُود على عَادَة الطير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 قَالَ الواحدي لعُمُوم نَفعه تهم الطير بالوفود عَلَيْهِ لتنقع غَلَّتهَا وَلَيْسَ هُوَ مَاء يشرب أَو يرَاهُ الطير كَمَا ذكره الشَّيْخَانِ 22 - الْإِعْرَاب أَرَادَ قبل أَن فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَلَمَّا حذف حرف النصب رد الْفِعْل إِلَى الرّفْع الْمَعْنى يَقُول هُوَ لذكائه يدْرِي مَا تطلب قبل أَن تظهره لَهُ وَمن حِدة ذهنه يجب قبل أَن تسائل 23 - الْغَرِيب حَار يحور حورا وحئورا إِذا رَجَعَ الْمَعْنى ترَاهُ أحداقنا إِذا اعْترض وَتَوَلَّى وَإِذا واجهته ترجع متحيرة وَلم تسوف النّظر إِلَيْهِ وَإِنَّمَا ترَاهُ فِي جال اعتراضه وتوليه لانحرافه عَنْهَا يَعْنِي أَن الْأَبْصَار إِذا قابلته حارت لنوره فَلم تره 24 - الْغَرِيب قضب جمع قاضب فواصل تفصل كَمَا يفصل بَين الْخُصُوم والمفاصل جمع مفصل الْمَعْنى يَقُول كَلِمَاته سيوف فواصل أَيْنَمَا أَصَابَت فصلت كالسيوف الَّتِي تقضب المفاصل يُرِيد أَنَّهَا تفصل بَين الْخُصُوم فِي الْأَحْكَام كَمَا تفصل السيوف إِذا ضربت على المفاصل 25 - الْمَعْنى يُرِيد أَن مكارمه هزمت مَكَارِم النَّاس فَكَأَن المكارم قبائل غلبت قبائل يُرِيد أَن مكارمه كَثِيرَة تغلب مَكَارِم النَّاس كلهَا 26 - الْغَرِيب دفر والدهيم اسمان من أَسمَاء الداهية والدفر النن وَسميت الداهية بِهِ لخبثها وَيُقَال للدنيا أم دفر لخبثها وأصل الدهيم أَن نَاقَة كَانَ أسمها الدهيم حملت رُؤُوس قوم فَقَالُوا أثقل من حمل الدهيم فَصَارَت مثلا وَكَانَت الدهيم لعَمْرو بن ربان وَكَانَ لَهُ جمَاعَة بَنِينَ فَقتلُوا وحملت رؤوسهم على الدهيم وخليت فَذَهَبت إِلَى بَيت أَبِيهِم عَمْرو فرأت النَّاقة أمة لَهُ وفوقها الرؤوس وَهِي لَا تعلم مَا هِيَ فَقَالَت لقد جنى بنوك اللَّيْلَة بيض النعام فَضربت الْعَرَب بهَا الْمثل وَتقول أم الدهيم وَالْعرب تَقول صحبتهم الدهيم وهابل ثاكل وهبلت الْمَرْأَة وَلَدهَا ثكلته فَهِيَ هابل والهبل الثكل وَقيل سميت الدُّنْيَا أم دفر لأجل رِيحهَا فَتكون من كَرَاهَة الرَّائِحَة يُرِيدُونَ أَنَّهَا خبيثة وَيجوز أَن يكون من الدّفع من دفرت أَي تدفع النَّاس فتخرجهم مِنْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ فَمَا تريان فاكتفي بضمير الْوَاحِد من الِاثْنَيْنِ وَقَالَ صدر الْبَيْت يتم بِهِ الْكَلَام وَأم الدهيم ابْتِدَاء وهابل خير لأم دفر وَأم الدهيم وَتَقْدِيره أم الدهيم هابل وَأم دفر كَذَلِك وَيجوز أَن يكون اكْتفى بضمير الْوَاحِد كَمَا قَالَ الآخر (لِمَنْ زُحْلُوفَةٌ زَلُّ ... بِها العَينْان تَنْهلُّ) وَلم يقل تنهلان لاكتفائه بِأحد الضميرين دون الآخر وَقَول الْخَطِيب أوجه من قَول أبي الْفَتْح أَن يكون النّصْف الثَّانِي مُتَعَلقا بالاول وَأم الدهيم مَرْفُوع مَا لم يسم فَاعله وَالْوَاو فِي وَأم دفر وَاو عطف عطف جملَة على جملَة وَأم دفر مَرْفُوعَة بِالِابْتِدَاءِ وَالْمعْنَى فَمَا ترى أم الدهيم يَعْنِي أَنَّهَا نفدت وَلَيْسَت ترى وَأم دفر هابل وَقد استغنينا عَن تكلفه فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَعْنى يَقُول مكارمه أفنت وأذهبت الْأُمُور الشدائد والدواهي حَتَّى نفدت فَكَأَن أمهَا صَارَت ثاكلة فَلَا تعرف الخطوب لِأَن مكارمه أعدمتها وانفدتها 27 - الْغَرِيب اللج مُعظم المَاء والساحل المرسى الَّذِي يرسى عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ أعلم النَّاس وَالْعُلَمَاء وَهُوَ فِي جوده لج لَيْسَ لَهُ مُنْتَهى وكل لج لَهُ مُنْتَهى يَنْتَهِي إِلَيْهِ إِلَّا هَذَا لَيْسَ لَهُ مُنْتَهى يَنْتَهِي إِلَيْهِ إِلَّا هَذَا لَيْسَ لَهُ مُنْتَهى 28 - الْغَرِيب القوابل جمع قَابِلَة وَهِي الَّتِي تشارف الْمَرْأَة عِنْد الْولادَة الْمَعْنى لَو طَابَ مولد كل حَيّ مثل طيب مولد هَذَا الممدوح لولد النِّسَاء وَلَا قوابل لَهُنَّ يشاهدنهن يَعْنِي لِأَنَّهُ أَرَادَ مثل مولده فِي الطّيب وَالطَّهَارَة وَلِهَذَا نصب مثله يُرِيد لَو طَابَ مولد كل حَيّ مثل طيب مولد هَذَا 29 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أذكر أم أُنْثَى فَحذف همزَة الإستفهام لدلَالَة أم عَلَيْهَا كَقَوْل عمر بن أبي ربيعَة (فَوَ اللهِ مَا أدرِي وَإنْ كُنْتُ دارِيا ... بسَبْعٍ رَمَينَ الجَمْر أمْ بثمانِ) الْغَرِيب الْجَنِين الْوَلَد إِذا كَانَ فِي الْبَطن وَالْجمع أجنة قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم} الْمَعْنى يَقُول لَو بَان الْجَنِين بَيَانه بِالْكَرمِ لعرف الذّكر من الْأُنْثَى وَالْمعْنَى لما بَان كرمه حِين كَانَ جَنِينا ظَاهر الْكَرم عرف أَنه مَوْلُود كريم فَلَو بَان حَال الْجَنِين تبيان كرمه لعرف الذّكر من الْأُنْثَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 - الْإِعْرَاب يَقُول زَاد الشَّيْء وزدته أَنا قَالَ الله تَعَالَى {وزدناهم هدى} وَأَرَادَ لِيَزْدَادَ الْغَرِيب المشاعل جمع مشعل وَهُوَ مَا يضرم فِيهِ النَّار ليهتدي بِهِ فِي الْأَسْفَار وَغَيرهَا الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَأْمُرهُم بِأَن يزدادوا تواضعا فَإِن فضائلهم لَا تكْتم بالتواضع وَضرب بذلك مثلا بكتمان المشاعل فِي الظلام فَإِنَّهَا لَا تخفى وَمَتى كَانَ الظلام أَشد كَانَت أظهر كَذَلِك مَتى كَانَ تواضعهم أَكثر كَانَت فضائلهم اكثر وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ لهَذَا الممدوح نسب فِي ولد الْحسن بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام فامرهم بالتواضع لأَنهم كلما ازدادوا فِي التَّوَاضُع ظهر شرفهم وَإِن أخفوا نسبهم لَا ينكتم كَمَا ان المشاعل لَا تنكتم فِي الظلام 31 - الْغَرِيب سفد بِالْكَسْرِ يسفد سفادا وَهُوَ نزو الذّكر على الْأُنْثَى يُقَال ذَلِك فِي التيس وَالْبَعِير والثور وَالطير وَالسِّبَاع وَحكى أَبُو عُبَيْدَة سفد بِالْفَتْح وأسفده غَيره والرباب غيم يتَعَلَّق بأسافل السَّحَاب إِذا كثر مَاءَهُ الْمَعْنى يَقُول هم يكتمون معروفهم كَمَا يكتم الْغُرَاب سفاده ثمَّ ذَلِك لَا يكتم كَمَا لَا يخفي السَّحَاب الهاطل 32 - الْغَرِيب الجفخ الْفَخر جفخ تكبر وفخر مثل جخف وجمح فَهُوَ جفاخ وحماح وَذُو جفخ والشيم جمع شِيمَة وَهِي الخليقة والعلامة والأغر الْأَبْيَض الْوَاضِح الْمَعْنى هَذَا على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير تَقْدِيره جفخت بهم شيم وفخرت وهم لَا يفخرون بهَا وشيمهم دَلَائِل على حسبهم الظَّاهِر وَهُوَ مَا يعد من مآثر الْآبَاء وَقَالَ ابْن وَكِيع فِي معنى الْبَيْت الاول وَهَذَا من قَول حبيب (أرَادُوا لِيُخْفُوا قَبرَهُ عَنْ عَدُوّه ... وَطِيبُ تُرابِ القَبرِ دَلّ عَلى القَبرِ) 33 - الْغَرِيب يُقَال عف وعفيف والحلاحل السَّيِّد الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول هم ورعون يشبه ورعهم ورع بعض وشا بهم عفيف الْإِزَار كِنَايَة عَن ترك الزِّنَا وعف مثل طب وعفيف مثل طَبِيب وَالْمعْنَى أَنهم أهل ورع كبارهم وصغارهم عفيفون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 - الْمَعْنى يُرِيد يَا هَذَا افخر فَحذف المنادى كَقِرَاءَة عَليّ بن حَمْزَة أَلا يسجدوا لله الَّذِي يخرج الخبء وَيجوز أَن يكون جعله تَنْبِيها بِمَنْزِلَة أَلا كَقَوْل ذِي الرمة (أَلا يَا اسْلمَى يَا دَارَ مَيَّ على البِلَي ... وَلَا زَالَ مُنهَلاً يَجَزْعائِكِ القْطرُ) وَمثله فِي الشّعْر كثير الْمَعْنى يَقُول النَّاس فِيك ثَلَاثَة أَقسَام إِمَّا مستعظم يستعظمك لما يرى من عظمتك أَو حَاسِدًا يحسدك على فضلك أَو جَاهِل يجهل قدرك 35 - الْمَعْنى يَقُول شرفك وعلو قدرك قد ظهر وعرفه النَّاس فَلَا تبالي بذم الْحَاسِد فَإِنَّهُ لَا يزيدك علوا وَلَا ينْقصك من قدرك وَلَا بِحَمْد الحامد فَإِنَّهُ لَا يزيدك شرفا وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الْخَطِيب (وَمَا زِلْتَ تُعْطِي النَّفْسَ حَتَّى تجاوَزَتْ ... مُناها فأعْطِ الْآن إنْ شِئْتَ أوْدَعِ) 36 - الْمَعْنى يَقُول إمساكك عَن إسكاتي نائل مِنْك عِنْدِي بعد مَا عرفت تقصيري 37 - الغربي الهزبر الْأسد والباسل الشَّديد الْمَعْنى يَقُول من هيبتك ومعرفتك وانتقادك الشّعْر جيده من رديئه لَا يهجم أحد من الشُّعَرَاء الفصحاء على الإنشاد بَين يَديك وَلَكِنِّي لجودة شعري أجسر على الْإِنْشَاء بَين يَديك قَالَ الواحدي أَجود مَا قبل فِي هَذَا قَول أبي نصر بن نباتة (ويْلمَّها عِنْد السُّرادِقِ هَيْبّةً ... لَوْ سالمَتْ قَصب العِظامِ خَصائلِي) (نَفَضَتْ عَلىَّ مِنَ الْقُبوَلِ محبَّةً ... قامَتْ بِضبْعِي فِي المَقامِ الهَائِلِ) 38 - الْغَرِيب بابل مَوضِع بالعراق بَين الْكُوفَة وبغداد وَإِلَيْهِ ينْسب السحر وَفِيه كَانَ نزُول الْملكَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا الله تبَارك وَتَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة الْمَعْنى يَقُول مَا نَالَ شعراء الْجَاهِلِيَّة شعري كامرئ الْقَيْس وَزُهَيْر وطرفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 ولبيد وَغَيرهم وَلَا سمع أهل بابل بسحري يصف نَفسه بالفصاحة 39 - الْمَعْنى يَقُول مذمة النَّاقِص دلَالَة على كمالي وفضلي وَذَلِكَ لِأَن النَّاقِص أبدا ضد الْفَاضِل وَبَينهمَا تبَاين وأصل هَذَا الْمَعْنى من قَول الطرماح (لَقَدْ زَادَني حُباً لِنَفْسِي أنَّنِي ... بّغَضٌ إِلَى كُلّ امْرِئ غير طائلِ) وَإِنِّي شَقّيِ باللَّئامِ وَلا تَرَى ... شَقِياً بِهِمْ إلاَّ كَرِيمَ الشَّمائِلِ) وأخذوه مَرْوَان بن أبي حَفْصَة فَقَالَ (مَا ضَرَّنِي حَسَدُ اللَّئام وَلمْ يَزَلْ ... ذُو الفَضْلِ يَحْسدُهُ ذَوُو التَّقْصِير) وَأَخذه ابو تَمام فَقَالَ (لَقَدْ آسَفَ الأعْداءَ فَضْلُ ابنِ يوسفٍ ... وّذُو النَّقْصِ فِي الدُّنيا بِذِي الْفضل مولَعُ) وَأَخذه ابْن الْمعز فَقَالَ (مَا عابَني إلاَّ الحَسُودُ ... وَتِلكَ مِن إحْدى المناقِبْ) فَأتى أَبُو الطّيب فِي الْمَعْنى بِلَفْظ مُخَالف للفظ مَرْوَان وأتى أَبُو تَمام بِالْمَعْنَى فِي جُزْء من لفظ مَرْوَان وتممه بِلَفْظ من عِنْده وأتى ابْن المعتز بِالْمَعْنَى فِي لفظ سوى لفظيهما 40 - الْغَرِيب بِأَقَلّ رجل يُوصف بالعي من الْعَرَب يضْرب بِهِ الْمثل وَذَلِكَ أَنه اشْترى ظَبْيًا بِأحد عشر درهما فَمر بِقوم فَقيل لَهُ بكم اشْتَرَيْته فعيي عَن الْجَواب فَفتح يَدَيْهِ وَفرق أصابعهما وَأخرج لِسَانه يُرِيد أحد عشر درهما فَأَفلَت الظبي فَصَارَ مثلا فِي العي قَالَ حميد الأرقط يهجو ضيفا (أَتَانَا وَما دَاناهُ سَحْبانُ وَائلٍ ... بَيانا وَعلْما بالذِّي هُوَ قائِلُ) (فَما زَالَ عَنْهُ اللَّقْمُ حَتى كأنَّهُ ... مِنَ العيّ لِّما أنْ تَكَلَّمَ باقِلُ) الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح بَاقِل لم يُؤْت من سؤ حسابه وَإِنَّمَا أَتَى من سؤ عِبَارَته وَلَو قَالَ أَن يفحم الخطباء فيهم بَاقِل أَو نَحْو هَذَا لَكَانَ أسوغ قَالَ الواحدي وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِن باقلا كَمَا أَتَى من الْبَيَان أَتَى من الْحساب فَإِنَّهُ لَو بنى من سبابته وإبهامه دَائِرَة وَمن خِنْصره عقدَة لم يفلت مِنْهُ الظبي فصح قَول أبي الطّيب فِي نسبته إِلَى جهل الْحساب وَمعنى الْبَيْت يَقُول من يكفل لي بفهم أهل عصر يدعونَ أَن باقلا كَانَ يعلم حِسَاب الْهِنْد مَعَ سؤ علمه بِالْحِسَابِ يُرِيد أَنهم جهال لَا يعْرفُونَ الْجَاهِل من الْعَالم وَلَا النَّاقِص من الْفَاضِل وَصغر الْأَهْل تحقيرا لَهُم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 - الْغَرِيب مقسم بِكَسْر السِّين الْحلف وَبِفَتْحِهَا الْقسم الْمَعْنى يَقُول لَهُ وَيقسم إِنَّك الْحق وَمَا سواك بَاطِل 42 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح بِنصب المَاء وَهِي روايتنا وَتَقْدِيره أَنْت إِذا اغْتَسَلت الْغَاسِل المَاء إِلَّا ان انتصابه على هَذَا لَيْسَ على الْغَاسِل لِأَن الصِّلَة لَا تعْمل فِيمَا قبل الْمَوْصُول كَمَا لَا يجوز زيدا أَنْت الضَّارِب وَلكنه مَنْصُوب بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْغَاسِل أَي وتغسل المَاء إِذا اغْتَسَلت وَصَارَ قَوْله أَنْت إِذا اغْتَسَلت بَدَلا مِنْهُ ودالا عَلَيْهِ وَمثله قَوْله تَعَالَى {إِنَّه على رجعه لقادر يَوْم تبلى} لِأَنَّهُ نَصبه بالرجع فَهُوَ من صلته وَلَا يفصل بَين الصِّلَة والموصول بالْخبر وَإِذا لم يُمكن حمله فِي الْإِعْرَاب عَلَيْهِ وَكَانَ الْمَعْنى مَعَ ذَلِك يَقْتَضِيهِ أضمر لَهُ فعل ينصبه دلّ عَلَيْهِ الرجع تَقْدِيره يرجعه يَوْم تبلى السرائر يقدر بعد الْخَبَر وروى غير أبي الْفَتْح بِرَفْع المَاء عطفا على الطّيب وَقَالَ أَنْت مُبْتَدأ والغاسل خَبره وَالتَّقْدِير الغاسله بِإِرَادَة الْهَاء إِذا اغْتَسَلت وإعراب الْبَيْت الطّيب مُبْتَدأ وَأَنت مُبْتَدأ ثَان وطيبه خبر أَنْت وَتَقْدِيره الطّيب أَنْت طيبه إِذا أَصَابَك وَالْمَاء وَأَنت الغاسله إِذا اغْتَسَلت الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك أطيب من الطّيب وأطهر من المَاء إِذا اغْتَسَلت وَهُوَ من قَول ابْن الجويرية (تَزِينُ الحَلْىَ إنْ لَبِسَتْ سُلَيْمي ... وَتحْسُنُ حِينَ تَلْبَسُها الثِّيابُ) وكقول الآخر (وَإذا الدُّرُّ زَانَ حُسْنَ وُجُهٍ ... كانَ لِلدُّرّ حُسْنُ وَجْهكِ زَيْنا) (وَتَزِيدينَ أطْيَبَ الطيبِ طِيبا ... أنْ تَمَسَّيهِ أينَ مِثْلُكَ أيْنا) 43 - الْإِعْرَاب النثا بِتَقْدِيم النُّون هُوَ الْخَبَر وَهُوَ مَقْصُور قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ يسْتَعْمل فِي الْمَدْح والذ والممدوح فِي الْمَدْح لَا غير ونشوت الْخَبَر أظهرته ونشوا الشَّيْء أظهروه الْمَعْنى يَقُول مَا تكلم وَلَا كتب بِأَحْسَن من أخبارك وَهَذَا غَايَة الْمَدْح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 - 1 الْمَعْنى يُرِيد أَنكُمْ موتى بجهلكم قبل مفارقتكم الدُّنْيَا وَإِن كُنْتُم أَحيَاء وَلَا قدر لكم وَلَا زنة فلخفة أحلامكم وَقلة قدركم وعددكم يجركم النَّمْل وَالسَّفِيه الْخَفِيف الْعقل يُوصف بخفة الْوَزْن كَمَا أَن الْحَلِيم الرزين يُوصف بثقل الْوَزْن بالجبال وَشبههَا 2 - الْإِعْرَاب نصب وليد وليداً لِأَنَّهُ نِدَاء مُضَاف الْغَرِيب تَصْغِير ولد وَهُوَ هَاهُنَا بِمَعْنى الْجَمَاعَة وَالْولد يَقع على الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة الذُّكُور وَالْإِنَاث قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ} الْآيَة وَلِهَذَا اخْتلف الْقُرَّاء فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة مَرْيَم {مَالا وَولدا للرحمن ان يتَّخذ ولدا} 6 وَفِي الزخرف {ولدا} فقرأهن حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِضَم الْوَاو على الْجمع وقرا الْبَاقُونَ بِفَتْح الْوَاو وَالْمعْنَى وَاحِد وَاخْتلفُوا فِي سُورَة نوح فِي قَوْله تَعَالَى {مَاله وَولده} فَقَرَأَ بِضَم الْوَاو ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَالْبَاقُونَ بِفَتْح الْوَاو وَالْولد جمع ولد كأسد وَأسد ووثن ووثن الْمَعْنى يَقُول يَا وليد أبي الطّيب الْكَلْب وَهُوَ صفة لَهُ كَيفَ فطنتم إِلَى دَعْوَى وَهُوَ الإدعاء فِي النّسَب إِلَى نسب لَسْتُم من ذَلِك النّسَب وَأَنْتُم لَا عقل لكم تفطنون بِهِ فَكيف فطنتم إِلَى الادعاء 3 - الْإِعْرَاب رفع أصلا لِأَنَّهُ جعل لَا بِمَعْنى لَيْسَ كبيت الْكتاب قَول سعد بن مَالك (مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِها ... فَأنا ابنُ قَيسِ لَا بَراحُ) الْغَرِيب المنجنيق يذكر وَيُؤَنث وتفتح قيمها وتكسر وَهِي معربة وَأَصلهَا بِالْفَارِسِيَّةِ من جينيك أَي مَا اجودني قَالَ زفر بن الْحَارِث (لَقَدْ تَركَتَنْي مَنْجَنَيقُ ابنُ بَحْدلِ ... أحِيدُ مِنْ العُصْفُورِ حِينَ يَطِيرُ) قَالَ الْفراء من النَّاس من يقدرها مفعليل لقَولهم كُنَّا نجتق مرّة ونرشق أُخْرَى وَالْجمع منجنيقات وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ فنعليل الْمِيم من نفس الْكَلِمَة لقَولهم فِي الْجمع مجانيق وَفِي التصغير منجنيق وَلِأَنَّهَا لَو كَانَت زَائِدَة وَالنُّون زَائِدَة لاجتمعت زائدتان فِي أول الِاسْم وَهَذَا لَا يكون فِي الْأَسْمَاء وَلَا الصِّفَات الَّتِي لَيست على الْأَفْعَال المزيدة وَلَو جعلت النُّون من نفس الْكَلِمَة صَار الِاسْم رباعيا والزيادات لَا تلْحق بَيِّنَات لأربعة أَولا إِلَّا الْأَسْمَاء الْجَارِيَة على أفعالها نَحْو مدحرج الْمَعْنى لَو ضربتكم منجنيقي يُرِيد هجاءه أَي لَو ضربتكم بهجائي وأصلكم قوي لكسرتكم وأهلكتكم فَكيف تَكُونُونَ وَلَا أصل لكم مَعْرُوف 4 - الْمَعْنى يَقُول لَو أَنكُمْ تعقلون وتفهمون لما كُنْتُم تنتسبون إِلَى من يعرف أَنه لَا نسل لَهُ وَلَا عقب فقد ظَهرت دعواكم بِهَذَا الانتساب وَإِنَّكُمْ كَذبْتُمْ فِيمَا ادعيتم وَهُوَ يهجو قوما يَزْعمُونَ انهم شرفاء الحديث: 210 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 - 1 الْمَعْنى يَقُول أَنْت اكرم النَّاس فِي كل مَا تفعل وافصحهم فِي كل مَا تَقول لِأَنَّك أفضلهم 2 - الْغَرِيب قلت بِمَعْنى أَشرت يُقَال قَالَ بكمه أَي أَشَارَ وَقَالَ بِرَأْسِهِ نعم أَي أَشَارَ والنوال الْعَطاء الْمَعْنى إِن أَشرت إِلَى بالبخور وَهِي الرَّائِحَة الطّيبَة تسوقها إِلَى فَهَكَذَا تفعل فِي الْعَطاء لي والبخور بِفَتْح الْبَاء لَا غير والعامة تضمها وَهُوَ خطأ وَفِي جمعه أبخرة كَمَا يُقَال فِي جمع البخار أبخرة فهما يَجْتَمِعَانِ فِي الْجمع ويفترقان فِي الْإِفْرَاد 212 - 1 الْغَرِيب الْحزن الأَرْض الصعبة الوعرة والسهول جمع سهل وَهِي الأَرْض الطّيبَة اللينة يجوب بِقطع الأَرْض الْمَعْنى يَقُول أَتَانِي وعيده من مَسَافَة بعيدَة بَيْننَا 2 - الْغَرِيب صفراء أسم أمة وَقَالَ ابْن فورجة صفراء كِنَايَة عَن الأست وَالْعرب تنْسب الرجل إِلَى الأست الْمَعْنى هُوَ على الْبعد يوعدني وَلَو كَانَ بيني وَبَينه قدر رُمْحِي لَكَانَ مَا بَيْننَا طَويلا لانه لَا يتَمَكَّن من الْوُصُول إِلَى لجبنه وَلَا يقدر على الْإِقْدَام عَليّ 3 - الْمَعْنى يَقُول إِسْحَاق بن كيغلغ مَأْمُون على من أهانه وَلكنه يتسلى بالبكاء عَن إهانة من أهانه وَلَا يأوى فِي الْحَرْب لنا إِلَى غير الْبكاء فَهُوَ لم يزل يتسلى بالبكاء 4 - الْمَعْنى يَقُول الْجَمِيل يصلح أَن يجمل ويصان وَعرضه لَيْسَ بجميل فَلَا يحسن أَن يجمل 213 - 1 الْمَعْنى يَقُول إِن قَالَ إِنَّه ذل بالهجاء لقد كذب بل كَانَ من قبل هجائي لَهُ ذليلا حَقِيرًا الْغَرِيب الرّبع الْمنزل صيفا وشتاء والطلل مَا شخص من آثَار الديار والحي الْجَمَاعَة النازلون والراحلون وَحسب مستقبله يجوز الْكسر وَالْفَتْح فِي سينه وَالْأَفْعَال السالمة الَّتِي جَاءَت فِي الْمَاضِي بِكَسْر الْعين تكون فِي الْمُسْتَقْبل بِالْفَتْح نَحْو علم يعلم إِلَّا أَرْبَعَة أَفعَال فَإِنَّهَا جَاءَت نَوَادِر مثل حسب يحْسب ويبس ييبس ويئس ييئس وَنعم ينعم فَإِنَّهَا جَاءَت من السَّالِم بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَجَاء من المعتل الْمَاضِي والمستقبل بِالْكَسْرِ ومق يمق ووفق يفق ووثق يَثِق وورع يرع وورم يرم وَورث يَرث وروى الزنديري وَولى يَلِي وَحسب يحْسب بِالْفَتْح لُغَة فصيحة وَبهَا قَرَأَ ابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة كل فعل مُسْتَقْبل فِي الْقُرْآن الْمَعْنى يَقُول لَا تحسبوا ربعكم أول قَتِيل قَتله فراقكم فَإِنَّكُم قد قتلتم نفوسا كَثِيرَة وأطلالا كَثِيرَة إِذْ رحلتم عَنْهَا وخلت مِنْكُم فَجعل رحليهم عَن الرّبع موتا لَهُ لِأَنَّهُ زَالَ جماله عَنهُ بزوالهم والأمكنة إِنَّمَا حَيَاتهَا بالعمارة فَإِذا خلت من الْعِمَارَة فَهِيَ ميتَة الحديث: 211 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 وَلِهَذَا قيل من أَحْيَا مواتا يُرِيد أَرضًا خرابا فعمرها وسمى الداثر الخراب مواتا فَلَقَد أحسن أَبُو الطّيب فِي هَذَا الْمَعْنى بِذكرِهِ قتل الرّبع بالخلو عَنهُ 2 - الْغَرِيب العذلة جمع عاذل وعذول الْمَعْنى يَقُول قبل قتلكم الرّبع أتلفتم نفوس العشاق بالبعد والهجر وَأكْثر العاذلون العذل فِي هواكم لما رَأَوْا من التهالك فِيكُم 3 - الْغَرِيب الصرم الْجَمَاعَة من الْبيُوت بِمن فِيهَا وَجمعه اصرام والصرمة بِالْهَاءِ الْقطعَة من الْإِبِل ومروج إبِله من المرعى الْمَعْنى يَقُول ربعهم قد خلا مِنْهُم وَإِن كَانَ قد حلّه نَاس بعدهمْ فَهُوَ موحش خَال لارتحال الْأَحِبَّة عَنهُ فَهُوَ خَال فِي حق الْمُحب وموحش لَهُ وَإِن كَانَ فِيهِ جمَاعَة من النَّاس تروج عَلَيْهِم الْإِبِل فَكَأَنَّهُ قفر لَا أحد فِيهِ 4 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي برجه للحبيب تَقْدِيره لَو سَار الحبيب عَن برج من بروج السَّمَاء لم يرض برجه الشَّمْس تحله بَدَلا مِنْهُ ورضى بِمَعْنى أخْتَار وَأحب فَلذَلِك عداهُ بِغَيْر حرف الْجَرّ الْمَعْنى يَقُول هَذَا الحبيب بجماله لَو سَار عَن فلك لما اخْتَار الشَّمْس عوضا عَنهُ لانه لَا يقوم فِي الْمنزل مقَامه غَيره 5 - الْإِعْرَاب والهوى يجوز ان يكون فِي مَوضِع نصب عطفا على الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي قَوْله أحبه وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع خفض على الْقسم كَقَوْل الآخر (أما وَالهَوَىَ النَّجْدِيُّ أعْظَمَ حِلْفَةٍ ... ) وآدؤره عطف على الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي أحبه وَهِي جمع دَار وأختار الْمَازِني الْهمزَة لأجل ضمة الْوَاو الْغَرِيب الصباية رقة الشوق والوله ذهَاب الْعقل الْمَعْنى يَقُول أَنه أحبه يَعْنِي الحبيب الراحل عَن الرّبع وَأحب دوره وَالْحب هُوَ رقة شوق وَذَهَاب عقل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 - الْغَرِيب أَرض منصورة إِذا أَصَابَهَا الْمَطَر قَالَ كثير (نَصَرَ الغَيْثُ مُنْتأَى أُمّ عَمْرِو ... ) وَأنْشد الْفراء (مَنْ كانَ أخْطأَهُ الرَّبِيعُ فإنَّما ... نُصرَ الحِجازُ بِغَيْثِ عَبْدِ الوَاحِدِ) والهطل والهطال والهاطل وَاحِد وَهُوَ الْكثير السكب الْمَعْنى يَقُول السحب تسقيها وَهِي عَطْشَانَة إِلَى الحبيب الَّذِي سَار عَنْهَا فعطشها إِلَى غير الْمَطَر وَهُوَ الحبيب الَّذِي كَانَ يحلهَا 7 - الْإِعْرَاب نصب مُقِيمَة على الْحَال الْغَرِيب الجداية بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا ولد الظبي وَالْحَرب الْهَلَاك فَإِذا وَقع الرجل فِي الْهَلَاك قَالَ واحربا الْمَعْنى يَقُول واحربا مِنْك يَا ظَبْيَة هَذِه الدَّار أَقمت أَو رحلت فرحيلك حَائِل بيني وَبَيْنك وَإِذا أَقمت منعت من الْوُصُول إِلَيْك فمقامك كرحيلك فَأَنت تهجرين عِنْد الْإِقَامَة وتفارقين عِنْد الرحيل فقربك وبعدك سيان 8 - الْإِعْرَاب الضَّمِير للأدؤر فِي الْبَيْت الثَّالِث قبل هَذَا الْغَرِيب العبير يُقَال للزعفران وَقيل أخلاط تجمع من الطّيب والتفلة المتغيرة الرّيح وَامْرَأَة متفال وَهِي ضد العطرة الْمَعْنى يَقُول لم تطب الدّور إِلَّا بالمحبوب فَإِذا خلت مِنْهُ وَلَو خلطت بأصناف الطّيب كَانَت عِنْدِي كريهة الرّيح لبعده عَنْهَا وَإِنَّمَا تطيب إِذا كَانَ الحبيب بهَا والسجن مَعَ الحبيب طيب (سَمُّ الخِياطِ مَعَ الأحْبابِ مَيْدَانُ ... ) 9 - الْغَرِيب بحثت عَن الشَّيْء وابتحثت عَنهُ أَي فتشت عَنهُ وَفِي الْمثل كالباحث عَن الشَّفْرَة والنجل الْوَلَد والنسل ونجله أَبوهُ وَيُقَال قبح الله ناجليه وَفرس ناجل إِذا كَانَ كريم النجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 الْمَعْنى يَقُول إِنَّه فَوق أبي الَّذِي يفتش عَن نسبه إِلَّا أَن صَنْعَة الشّعْر لإِقَامَة الْوَزْن ألجأته إِلَى هَذَا النّظم وَمثله فِي النّظم (قالتْ مَن أنتِ على ذُكرٍ فقُلتُ لَهَا ... أَنا الَّتِي أنْتَ مِنْ أعْدائها زَعُموا) وَالْمعْنَى أَنا فَوق قوم يفتشون عَن نسبي وَأَرَادَ بِبَعْضِه الْوَلَد لِأَن الْوَلَد بعض الْوَالِد 10 - الْغَرِيب نافرني فنفرته وأصل المنافرة أَن الرجلَيْن من الْعَرَب كَانَا يحتكمان فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَى من عرف بالرياسة وَالْفضل والصدق فَيَقُولَانِ لَهُ أَي نفرينا أفضل فَإِذا فضل أَحدهمَا الآخر فالمغلوب منفور وَالْغَالِب نافر ونافره ينفره بِالضَّمِّ لَا غير قَالَ الْأَعْشَى يمدح عَامر بن الطُّفَيْل فِي منافرة عَلْقَمَة بن علاثة إِلَى هرم بن سِنَان المري (بانَ الذِي فيهِ تَمارَيْتمُا ... وَاعْتَرَفَ المَنْفُورُ للِنَّافرِ) وَقَوله أنفذوا أَي أفنوا والنفاد الفناء قَالَ الله تَعَالَى {لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي مَا عنْدكُمْ ينْفد وَمَا عِنْد الله بَاقٍ} الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا يذكر الأجداد والأباء للمفاخرين من غلبوه بالفخر وَلم يجد حِيلَة فافتخر بِالْآبَاءِ فَيحْتَاج إِلَى الْفَخر بجدوده من لَا فَخر لَهُ وَلَا فَضِيلَة فِي نَفسه فَيحْتَاج إِلَى فَضِيلَة آبَائِهِ وَقد كرر هَذَا الْمَعْنى أَنه يفخر بِنَفسِهِ لَا بقَوْمه لِأَن فَضله كَانَ مَشْهُورا وَلم يكن لَهُ شرف من قومه فَلهَذَا كرر هَذَا الْمَعْنى 11 - الْإِعْرَاب فخرا نَصبه على الْمصدر أَي أَفْخَر فخرا وَيجوز أَن يكون بإضمار فعلت من غير لَفظه وصرع فِي الْبَيْت وَقَالَ مشتمله والأجود لَو كَانَ قَالَ مُشْتَمِلًا بِهِ إِلَّا أَنه حذف حرف الْجَرّ كبيت الْكتاب (أمَرْتُكَ الخْيرَ فافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ ... ) وَكَقَوْلِه تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه} أَي من قومه الْغَرِيب الْغَضَب السَّيْف والسمهري الرمْح والاشتمال أَن يتقلد السَّيْف فَتكون حمائله على مَنْكِبه كَالثَّوْبِ الَّذِي يشْتَمل بِهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَخذه فِي الشمَال لِأَن السَّيْف يُقَلّد من ناحيتها واعتقل الرمْح إِذا ضمه إِلَيْهِ وَرُبمَا جعله تَحت فَخذه وَهُوَ مَأْخُوذ من عقلت الشَّيْء إِذا حَبسته الْمَعْنى يَقُول سَيفي ورمحي بفخران بِي لَا أَفْخَر بهما وَالْفَخْر تحتي وفوقي فَكَأَنِّي مُرْتَد ومنتعل بِهِ وَقد بَينته فِيمَا بعده وَأَرَادَ أَنه منغمس فِي الْفَخر وَحده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْفَخر يفخر بِهِ حَيْثُ صَار فَوْقه وَتَحْته فَصَارَ رِدَاء على مَنْكِبه ونعلا فِي رجله 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه بَين الله لَهُ مقادير النَّاس فِي الْفضل فَهُوَ يصف كل أحد بِمَا فِيهِ قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى فِي بَيَان الأقدار لَهُ أَن من أحسن إِلَيْهِ وأكرمه دلّ على مروءته وميله إِلَى ذَوي الْفضل وَمن استخفه وَلم يبال بِهِ دلّ ذَلِك على خبثه وخسة قدره ولؤمه كَمَا قَالَ البحتري (وَإنَّ مُقامِي حَيْثُ خَيَّمْتَ مِحْنةٌ ... تَدْلُّ عَلى فَهْمِ الكِرامِ الأجاوِدِ) وَيدل على صِحَة هَذَا الْمَعْنى قَوْله والمرء حَيْثُمَا جعله أَي حَيْثُ جعل نَفسه فَمن صان نَفسه وَرفع قدرهَا رفع النَّاس قدره وَمن تعرض للهوان هَين كَمَا قَالَ (إذَا مَا أهانَ أمْرُؤٌ نَفْسَهُ ... فَلا أكْرَمَ اللهُ مَنْ أكْرمَهْ) وَيجوز أَن يكون والمرء حَيْثُمَا جعله الله أَي لَا يقدم أحد مَنْزِلَته الَّتِي وَضعه الله بهَا 14 - الْإِعْرَاب جَوْهَرَة يجوز أَن يكون بَدَلا من الَّذِي بعد تَمام صلته وَيجوز أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي أَنا جَوْهَرَة الْغَرِيب الغصة مَا يغص بِهِ الْإِنْسَان فَلَا يسيغه والسفلة جمع سافل وَهُوَ الدنيء من النَّاس ككاتب وكتبة والسفلة السقاط الْمَعْنى يَقُول أَنا جَوْهَرَة يفرح بِي كرام النَّاس لِأَنِّي أمدحهم بِمَا فيهم من الْفَضَائِل وَأَنا غُصَّة فِي حاوق اللئام لَا يقدرُونَ على إساغتي لِأَنِّي أَقُول فيهم مَا أذلّهم بِهِ عِنْد النَّاس 15 - الْغَرِيب الْكذَّاب مصدر كذب يُقَال كذبه كذبا وكذبا وكذبا وكذابا فَهُوَ كَاذِب وَكَذَّاب وكذوب وكيذبان ومكذبان ومكذبانة وكذبة وكذبذب مُخَفّفَة ومشددة قَالَ جريبة بن الأشيم (فَإذا سمعْتَ بِأنَّنِي قَدْ بِعْتُها ... بِوِصَالِ غانيَة فَقُلْ كُذَّبْذُبُ) وَالْكذب جمع كَاذِب مثل رَاكِع وَركع قَالَ أَبُو دَاوُد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 (مَتى يَقُلْ تَنْفَعُ الأقْوَامَ قَوْلَتُهُ ... إِذا اضْمَحَلَّ حَدِيثُ الكُذَّبِ الوْلعهْ) وَالْكذب جمع كذوب مثل صبور وصبر وَقَرَأَ الْحسن لَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب نعتا للألسنه وَقَوله وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا هُوَ أحد المصادر الْمُشَدّدَة لِأَن مصدره قد يَجِيء على التفعيل مثل التكليم وعَلى فعال مثل كَذَّاب وعَلى تفعلة مثل توصية وعَلى مفعل مثل ومزقناهم كل ممزق وَقد شدده الْقُرَّاء كلهم وَلم يَخْتَلِفُوا فِيهِ إِلَّا الثَّانِي فَإِن الْكسَائي خففه الْمَعْنى يَقُول لقوم وشوا بِهِ إِلَى أبي العشائر ذَلِك الْكَذِب أَهْون عِنْدِي من رِوَايَة وناقله لَا أُبَالِي بِهِ وَلَا بِمن رَوَاهُ وَنَقله وأكاذيبه أقصد بِهِ على وَجه الْكَذِب 16 - الْغَرِيب المداجي السَّاتِر المخادع وَهُوَ مفاعل من الدجى وَهِي الظلمَة والفاني الْكَبِير السن الَّذِي أفنته الْأَيَّام ويروى وان أَي مقصر فِي أَمْرِي والتكلة الَّذِي يكل أمره إِلَى غَيره وَأَصله وكلة فقلبت الْوَاو تَاء وَأَصله الضَّعِيف وذمت امْرَأَة من الْعَرَب زَوجهَا فَقَالَت وكلة تكلة الْمَعْنى يَقُول لَا أُبَالِي وَلَا أدجى وَلَا أتوانى فِي أَمْرِي وَلَا أَضْعَف وَلَا أعجز عَن مُكَافَأَة من كفأني بِخَير أَو شَرّ وَلَا أَنا ضَعِيف أكل نَفسِي إِلَى غَيْرِي 17 - الْغَرِيب سفته ضَربته بِالسَّيْفِ واستاف الْقَوْم وتسايفوا إِذا تضاربوا بسيوفهم والمسيف الَّذِي مَعَه السَّيْف فَإِذا ضرب بِهِ فَهُوَ سائف سافه يسيفه فَهُوَ سائف والدارع لابس الدرْع واللقى الشَّيْء الْمَطْرُوح والعجلة من الاستعجال الَّذِي يكون من الضَّارِب والطاعن فِي الضَّرْب والطعن وَيجوز ان يكون بِمَعْنى الثكل من قَوْلهم نَاقَة عجول إِذا فقدت وَلَدهَا وَمِنْه قَول الشَّاعِر (إِذا مَا دَعا الدَّاعي علِياًّ وَجَدْتُنِي ... أُرَاعَ كَمَا رَاعَ العَجُولَ مُهِيبُ) وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الطين قَالَ قطرب وثعلب خلق الْإِنْسَان من عجل أَي من طين الْمَعْنى يَقُول رب دارع ضَربته بِالسَّيْفِ فتركته مطروحا كالشيء الْملقى فِي وَقت التقائنا 18 - الْغَرِيب رعته أخفته ويحار يتحير والقافية القصيدة والمنقح الَّذِي يهذب القَوْل ويختاره والقولة الْجيد القَوْل رجل قؤول ومقوال وتقوالة إِذا أَجَاد القَوْل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 الْمَعْنى يَقُول رب سامع أخفته بقافية من شعري يتحير من حسنها الْمُهَذّب أَلْفَاظه القؤل الفصيح فَلَا يدْرِي مَا يَقُول إِذا سَمعهَا 19 - الْإِعْرَاب روى الْخَوَارِزْمِيّ أشهد فَيكون على هَذِه الرِّوَايَة وَمَعِي وَهِي وَاو الْحَال فحذفها كَمَا تَقول مَرَرْت بزيد على يَده باز وَمن روى يشْهد فَهُوَ أحسن وأجود الْمَعْنى يَقُول هَذَا فِي رجل أوصله يعرف بالمسعودي إِلَى أبي العشائر فَصَارَ نديما لَهُ وَصَارَ يتَنَاوَلهُ عِنْد أبي العشائر وَيَقَع فِيهِ فَهَذَا كُله تَعْرِيض بِهِ 20 - هَذَا من قَول جميل (إذَا مَا رَأوْني طالعِا مِنْ ثَنيِةٍ ... يَقُولُونَ مَنْ هَذَا وَقدْ عرفوني) 21 - الْإِعْرَاب يَقُول إِنَّمَا أفعل ذَلِك مستحيا فَهُوَ حَال الْعَامِل فِيهَا مُقَدّر الْغَرِيب حلله جمع حلَّة وأصل الْحلَّة أَن تكون ثَوْبَيْنِ الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا أَقمت مَعَ الْأَعْدَاء فِي بلد لِأَنِّي أستحيي من أبي العشائر أَن ألبس خلعته فِي غير بَلَده وَفِيه نقص عَن مدح غَيره كَقَوْلِه (إنَّ البِلادَ وَإنَّ العَالمِينَ لَكا ... ) لِأَنَّهُ جعل الْبِلَاد وَالنَّاس لذاك وَجعل لأبي العشائر أَرضًا محدودة 22 - الْغَرِيب الوجل الْخَائِف الْفَزع الْمَعْنى يَقُول ثِيَابه فزعة خائفة أَن يُعْطِيهَا جليسه فَهِيَ لَا تشْتَهي أَن تُفَارِقهُ لشرفها بِهِ 23 - الْغَرِيب السيب الْعَطاء والنائل الْعَطاء أَيْضا الْمَعْنى يَقُول هُوَ يهب معروفه وَمن يحملهُ من غلمانه فَيَقُول أول مَا حمله إِلَيْك من الْعَطاء الَّذين يحملونه وجعلهم محمولين وَإِن كَانُوا حاملين لأَنهم اشْتَمَلت عَلَيْهِم الْهِبَة مَعَ الْمَحْمُول فصاروا كَأَنَّهُمْ محمولون 24 - الْإِعْرَاب يُرِيد من الود فَحذف النُّون لسكونها وَسُكُون اللَّام وَمَا هَهُنَا بِمَعْنى التَّقْرِير والتوبيخ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 الْمَعْنى يُعَاتب نَفسه ويوبخها يَقُول مَالِي لَا أمدح أَبَا العشائر الْحُسَيْن وَمَا لي لَا أبذل لَهُ من الود مثل الَّذِي بذل لي وَجعل يوده كالصديق تفخيما لنَفسِهِ 25 - الْغَرِيب يُقَال أمل خَيره يأمله أملا وَكَذَا التأميل أَي رجاه قَالَ الشَّاعِر (أمَّلْتُ خَيرك يأتيِني مَواعِدَهُ ... فَالْآن قَصَّر عَنْ تِلْقائِك الأمَلُ) وَقَالَ ذُو الرمة (إذَا البَيْنُ أخْلى مِن شِتاءٍ عَن النَّوى ... أمَلْتُ إجْتمِاع الحّي فِي صيْف قابٍ لِ) والكيذبان الْكذَّاب وَقد بَيناهُ قبل هَذَا وَيجوز أَن يكون الْعين الرَّقِيب وَأَنت على اللَّفْظ الْمَعْنى يَقُول أكذبتني عَيْني فِيمَا أدَّت إِلَى من محاسنة أم وجد الْكَاذِب فرْصَة فَغير مَا بَيْننَا وَإِن أَرَادَ الرَّقِيب فَالْمَعْنى هَل أخْفى الرَّقِيب خَبرا من أخباري فِي حبي لَهُ وميلي إِلَيْهِ وَهُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار يُرِيد لَيْسَ الْأَمر على هَذَا وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله بعده أَلَيْسَ 26 - الْإِعْرَاب ضراب خبر لَيْسَ وَالِاسْم مُضْمر فِيهَا أَي أَلَيْسَ هُوَ الْغَرِيب الجمجمة الرَّأْس والمنخوة الَّتِي لَهَا نخوة نخا الرجل ينخو إِذا تكبر وأخذته النخوة وَلَا يُقَال نخوت زيدا إِنَّمَا يسند الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول دون الْفَاعِل والزعلة البطرة الأشرة والزعل النشاط والبطر وأزعلت الرجل أبطرته الْمَعْنى يَقُول أَلَيْسَ أَبُو العشائر ضراب كل رَأس متكبر بطر فِي يَوْم الوغى 27 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ جواد فَكَأَن الْجُود رَفِيقه لَا يُفَارِقهُ فَلَو قدر على النُّطْق لعذله على إسرافه 28 - الْغَرِيب الهول الْأَمر الْعَظِيم الشَّديد وَالْجمع أهوال وهزله أفناه الْمَعْنى يَقُول الهول لَا يفنيه وَإِن كثر ركُوبه إِيَّاه فقد تعود الْخَوْض فِي الْأَهْوَال 29 - الْإِعْرَاب المشرع نعت للمكلل والقنا فِي مَوضِع خفض بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع كَقَوْلِك مَرَرْت بِالرجلِ المكرم الْأَب وكقولك بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه بِالرَّفْع والخفض والبصريون يقدرُونَ مَعَ الرّفْع لَهُ أَو مِنْهُ والكوفيون يقدرُونَ المكرم أَبوهُ وَالْحسن وَجهه وَيجوز النصب فِي الْأَب وَالْوَجْه على التَّشْبِيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 بالمفعول لانه معرفَة لَا يجوز حمله على التَّمْيِيز وَجَاز أَن يكون نعتا للمكلل لرجوع الْهَاء إِلَيْهِ وَذكر القنا لِأَن كل جمع بَينه وَبَين واحده الْهَاء يجوز تذكيره وتأنيثه كتمرة وتمر وشعيرة وشعير ونخلة ونخل وشجرة وَشَجر وقناة وقنا الْغَرِيب الْأَحْمَر فرسه الَّذِي رَكبه فِي وقْعَة أنطاكيا والمكلل الجاد يُقَال حمل فكلل أَي مضى قدما وَلم يحجم وَأنْشد الْأَصْمَعِي (حَسْمُ عِرْقِ الدَّاءِ عَنْهُ فقَضَبْ ... تَكْليلُهُ اللَّيْثَ إذَا اللَّيثُ وَثَبْ) وَقد يكون كلل بِمَعْنى جبن يُقَال حمل فَمَا كلل أَي فَمَا كذب وَلَا جبن كَأَنَّهُ من الاضداد وَأنْشد أَبُو زيد لجهم بن سَبِيل (وَلا أكَلِّلُ عَنْ حَرْبٍ مُجَلَّحَةٍ ... وَلا أُخَدّرُ للِمُلْقِينَ بالسَّلَمِ) وانكل الرجل انكلالا تَبَسم قَالَ الْأَعْشَى (وَتَنْكَلُّ عَنْ غُرِّ عِذابٍ كَأَّنها ... جَنْىُ أقْحُوَانٍ نَبْتُهُ مُتَناعِمُ) الْمَعْنى يُرِيد أَلَيْسَ هُوَ فَارس الْفرس الْأَحْمَر الجاد النشيط فِي جمَاعَة طَيء وَقد أشرعت القنا نَحوه 30 - الْمَعْنى لما قابلهم بِوَجْهِهِ فِي حومة الوغى أقسم أَنه لَا يرجع عَنْهُم حَتَّى لَا يبقي مِنْهُم أحد وَهُوَ من قَول الآخر (حَتَّى يَظُنُّوهُ إنْسانا بِغَيِرِ قَفا ... وَأنَّهُ رَاكِبٌ طِرْفا بِلا كَفَلِ) 31 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح تمّ الْكَلَام عِنْد قَوْله وأصغره واستأنف أكبر أَي هُوَ أكبر الْغَرِيب أكبرت الشَّيْء إِذا استكبرته قَالَ الله تَعَالَى {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ أَبُو الْفَتْح استكبروا فعله واستصغره هُوَ ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ أكبر من فعله الَّذِي فعله أَي هُوَ أكبر من فعله قَالَ الْعَرُوضِي فِيمَا أملاه على هَذَا التَّفْسِير لَا يكون مدحا لِأَن من الْمَعْلُوم أَن كل فَاعل أكبر من فعله والخالق تَعَالَى ذكره فَوق المخاوقين وَقَالُوا إِن خيرا من الْخَيْر فَاعله وَإِن شرا من الشَّرّ فَاعله وَمعنى الْبَيْت أَن النَّاس استكبروا فعله واستصغره هُوَ فَكَانَ استصغاره لما فعل أحسن من فعله كَمَا تَقول أَعْطَانِي فلَان كَذَا وَكَذَا واستقله فَكَانَ استقلاله لذَلِك أحسن من إِعْطَائِهِ ثمَّ الْعجب أَنه غلط فِي صناعَة هُوَ إمامها الْمُقدم فِيهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 وَذَلِكَ أَن الَّذِي يصلح أَن يكون بِمَعْنى من وَبِمَعْنى ماكما تَقول رَأَيْت الَّذِي دخل وَرَأَيْت الَّذِي فعلت وَكَانَ يجب أَن يذهب فِي هَذَا إِلَى مَا فَذهب إِلَى من ففسد الْمَعْنى وروى الْخَوَارِزْمِيّ وأصغره بِالرَّفْع يُرِيد وأصغر فعله أكبر مِمَّا استعظموه 32 - الْغَرِيب الكميل الْكَامِل أنْشد سِيبَوَيْهٍ (عَلى أنَّنِي بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى ... ثَلاثُونَ للِهَجْرِ حَوْلاً كَسِيلا) وكمل بِفَتْح الْعين وَضمّهَا يكمل بِالضَّمِّ فِي مستقبلهما وكمل بِكَسْر الْعين يكمل بِالْفَتْح لَا غير الْمَعْنى يَقُول هُوَ الْقَائِل الفول الصَّوَاب المطاع الْوَاصِل بالعطاء الْكَامِل لَا يشْغلهُ فعل جميل عَن فعل غَيره 33 - الْغَرِيب تشجره تنفذ فِيهِ وتخالطه وَمِنْه بَيت الحماسة (يُذَكَِرُني حامِيم وَالِّمْحُ شاجِرٌ ... فَهلاَّ تَلا حاميِم قَبْلَ التَّقَدُّمِ) والهبات جمع هبة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ واهب والرماح تدخل فِيهِ وَأَصْحَاب الرماح تطعنه وَيجوز أَن يكون الْفِعْل للرماح على المجار كَقَوْلِك ليل نَائِم ينَام فِيهِ ورمح طَاعن يطعن بِهِ أَي لَا يشْغلهُ الْحَرْب عَن الْجُود والهبات عَن الْقِتَال 34 - الْمَعْنى يَقُول إِذا خيف مَكَان نزله لِبَأْسِهِ وقوته وشجاعته 35 - الْغَرِيب الختل الْأَخْذ خدعة على بَغْتَة الْمَعْنى يَقُول كلما حَارب أعدائه جهارا تمكن مِنْهُم وظفر بهم حَتَّى كَأَنَّهُ خادعهم وأتاهم بَغْتَة 36 - الْغَرِيب الْبيض جمع بَيْضَة وَهِي المغافر والخوذ الَّتِي تجْعَل على الرؤوس واللذان جمع لدن وَهِي الرِّيَاح اللينة وَشن صب وَمِنْه شنوا على التُّرَاب شنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 أَي صبوه فِي حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ والدلاص الدروع البراقة وَشن درعه صبها ونثل درعه أَلْقَاهَا عَنهُ وهم مَأْخُوذ من نثلت تُرَاب الْبِئْر نثلا أَي استخرجت مِنْهَا الْمَعْنى هُوَ يحتقر المغافر والرماح على رِوَايَة من روى الْبيض بِفَتْح الْبَاء وَهِي الخوذ وَلَيْسَت بِرِوَايَة جَيِّدَة وَالصَّحِيح كسر الْبَاء وَهِي السيوف وَإِنَّمَا ذَكرنَاهَا وَهِي لَا نحل بِرِوَايَة صَالِحَة كَانَت أَو فَاسِدَة وَالْمعْنَى يحتقر السيوف والرماح دارعا كَانَ أَو حاسرا قَالَ أَبُو الْفَتْح ذكر الدروع بقوله نثله ضَرُورَة أَو يكون ذهب إِلَى الْبدن وَقَالَ الواحدي لَو قَالَ نَسْله بِمَعْنى نَزعه لمَكَان أمدح لَان الْمَعْنى يحتقر السيوف والرماح حاسرا ودارعا يَعْنِي رِوَايَة الْبيض بِفَتْح الْبَاء أَنه يحتقرها أَن يلبسهَا فِي الْحَرْب وَكَذَا الدروع والرماح فَلَا يُقَاتل بهَا لشجاعته وإقدامه وَإِنَّمَا يُقَاتل بِالسُّيُوفِ فَهُوَ يحتقر هَذِه الْأَشْيَاء أَن يستعملها فِي حروبه 37 - الْغَرِيب الْفِقْه الْفَهم قَالَ أَعْرَابِي لعيسى بن عمر شهِدت عَلَيْك بالفقه تَقول فقه الرجل بِكَسْر الْعين وَفُلَان لَا يفقه بِالْفَتْح وأفقهتك الشَّيْء ثمَّ خص بِهِ علم الشَّرِيعَة والعالم بِهِ فَقِيه وَقد فقه بِالضَّمِّ فقاهة وَفقه الله وتفقه إِذا تعاطى ذَلِك وفاقهته إِذا باحثته فِي الْعلم الْمَعْنى يَقُول فهمه وفقاهته هذبت لي فهمه فَهُوَ يفهم شعري وَيعرف جيده وفصاحتي هذبت شعري لَهُ فَأَنا أحملهُ إِلَيْهِ فصيحا لِأَنِّي فصيح قَادر على الفصاحة 38 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أَحْمَده كَمَا يحمده السَّيْف لِأَنَّهُ لَا يضْرب إِلَّا فِي مضرب قَاتل وَالسيف لَيْسَ يحمد كل حَامِل فصرت أَحْمَده حمد سَيْفه لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 - 1 الْغَرِيب أحاول أطلب الْمَعْنى يَقُول لَهُ أتحلف لَا تكلفني مسيرًا كَأَنَّهُ حكى قَوْله لَا وَالله لَا نكلفك وَذَلِكَ أَن أَبَا الطّيب استأذنه فِي الْمسير إِلَى الشَّام وَأَرَادَ أَن يعلم مَا عِنْده فَأَجَابَهُ لَا وَالله لَا نكلفك نَحن نبعث رَسُولا قَاصِدا بِقَبْضِهِ لَك وَلَا نكلفك مشقة السّير وَالسّفر 2 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أنني مِنْهُ مَكَانا وابعد مِنْهُ شقة وَأَشد مِنْهُ حَالا فَحذف للْعلم بِهِ وَهَذَا كَقَوْلِك نظرت إِلَى زيد وَعَمْرو فَكَانَ عَمْرو أحسن وَجها أَي أحسن وَجها من زيد فَحذف للْعلم بِهِ وَلَا يجوز زيد أحسن وجد لِأَنَّهُ لَيْسَ بعض الْوَجْه الْغَرِيب أنني أجفى نبا الشَّيْء ينبور تجافي وتباعد ونبا السَّيْف إِذا لم يعْمل فِي الضريبة ونبا بَصرِي عَن الشَّيْء الْمَعْنى يَقُول أَنْت تكلفني أصعب من هَذَا وأجفى وَذَلِكَ أَنَّك تكلفني الْإِقَامَة عنْدك وَهِي أَشد عَليّ من السّفر الْبعيد 3 - الْغَرِيب الْفسْطَاط مصر وَفِيه لُغَات فسطاط وفستات بالتاءين وفساط بإدغام الطَّاء فِي السِّين وتشديدها وفسطاط بِكَسْر الْفَاء وَهَذِه لُغَات ذكرهَا الْأَزْهَرِي وَالرِّجَال الرجالة لقَوْله تَعَالَى {فرجالا أَو ركبانا} وَيُقَال أراجل وأراجيل ورجلي ورجالي ورجلان وَرجل وَرِجَال لي فَهَذَا كُله خلاف الْفَارِس فَرجل مثل صَاحب وَصَحب ورجالة وَرِجَال وَالرجلَانِ أَيْضا الراجل وَالْجمع رجْلي وَرِجَال مثل عجلَان وعجلي وعجال وَيُقَال رجل ورجالي مثل عجل وعجالي وَامْرَأَة رجْلي مثل عجلى ونسوة رجال مثل عِجَال ورجالي مثل عجالي وَالرجل خلاف الْمَرْأَة وَجمعه رجال ورجالات مثل جمال وجمالات وأراجل قَالَ أَبُو ذُؤَيْب (أهَمَّ بَنِيه صَيْفُهُم وشِتاؤهم ... وَقالُوا تَعَدَّ واغْرُ وَسْطَ الأرَاجلِ) هَذَا اسْتشْهد بِهِ الْجَوْهَرِي فِي جمع رجل وَقَالَ غَيره فِي معنى الْبَيْت إِنَّمَا هُوَ جمع راجل فَقَالَ فِي جمعه اراجيل وَأَصله أَن يجمع على أرجال مثل صَاحب وَأَصْحَاب ثمَّ يجمع أرجال على أراجيل مثل أَعْرَاب وأعاريب وَإِنَّمَا حذف أَبُو ذُؤَيْب الْيَاء للضَّرُورَة وأنشدوا (يَا صَخْرُ وَرَّادَ ماءِ قَد تَتابَعَهُ ... سَوْمُ الأرَاجِيلِ حَتى ماؤُهُ طَحِل) وَيُقَال للْمَرْأَة رجلة قَالَ الشَّاعِر (كُلُّ جارٍ ظَلَّ مُغْتَبِطا ... غَيرَ جِيرَانِ بَنِي جَبَلةْ) (خَرَقُوا جَيْبَ فَتَاتهمُ ... لَمْ يُبالُوا حُزْمةَ الرَّجُله) وَقَوله فلقني يُرِيد فَأَبِنْ لي وَأرَانِي الْمَعْنى يَقُول إِذا سرت عَن مصر أَرَانِي الفوارس والرجالة بَان تبعثهم خَلْفي ليردوني إِلَيْك يُرِيد أَنه لَا يقدر على رده وَكَذَلِكَ كَانَ لانه انهزم عَن مصر 4 - الْغَرِيب الضيم الظُّلم وضامه يضيمه واستضامه فَهُوَ مضيم ومستضام أَي مظلوم وضيم فِيهِ ثَلَاث لُغَات ضيم وضيم بالإشمام وضوم وَقد بَيناهُ فِيمَا قبل هَذَا الْمَعْنى يَقُول إِنَّك ستعلم من فَارَقت وَأَنَّك عَاجز عَن رده وفوارسك ورجالتك لَا يقدرُونَ على رده يُرِيد أَنه شُجَاع بَطل وَلَا يقدر أحد على ظلمه وَلَا هُوَ قَابل للظلم الحديث: 214 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 - 1 الْإِعْرَاب نصب الْخَيل بِلَا لِأَنَّهَا تنصب النكرات بِغَيْر تَنْوِين وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ والخليل يجوز أَن ترفع النكرات بِالتَّنْوِينِ وَأنْشد للعجاج (تاللهِ لَولا أنْ تَحُشَّ الطُّبَّخُ ... بِي الجَحِيم حَيْثُ لَا مُسْتَصْرَخُ) وَمَا ارْتَفع بعْدهَا عِنْد بعض النُّحَاة على الأبتداء وَفِي قِرَاءَة من قَرَأَ فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال بِرَفْع الثَّلَاثَة أَنه على الأبتداء وَالْخَبَر فِي الْحَج وَهِي قِرَاءَة يزِيد بن الْقَعْقَاع وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن وَكثير يرفع الرَّفَث والفسوق وَنصب الْجِدَال وَهُوَ كَقَوْل الحديث: 215 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 أُميَّة بن أبي الصَّلْت (فَلا لَغْوٌ وِلا تأْثِيمَ فِيها ... وَمَا فاهُوا بِهِ أبَداً مُقِيمُ) وَقَرَأَ أَبُو رَجَاء العطاردي بِنصب الْأَوَّلين وَرفع الثَّالِث وَهُوَ كبيت أبي الطّيب وَمثله (هَذَا وجَدّكُمُ الصِّغارُ بِعيْنيهِ ... لَا أُمَّ لي إنْ كَانَ ذَاك وَلا أبُ) وَهَذَا مَحْمُول على الْموضع لِأَن مَوضِع الأول رفع بِالِابْتِدَاءِ وَيكون لَا بِمَعْنى مَا فكأنك قلت مَا رجل وَلَا غُلَام فِي الدَّار الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا لنَفسِهِ لَيْسَ عنْدك من الْخَيل وَالْمَال مَا تهديه إِلَى الممدوح تجازيه بِهِ على إحسانه إِلَيْك فَإِذا لم يكن عنْدك هَذَا فليسعدك النُّطْق يُرِيد فامدحه وجازه بالثناء عَلَيْهِ إِن لم يعنك الْحَال على مجازاته بِالْمَالِ وَهَذَا معنى قَول يزِيد بن الْمُهلب (إنْ يُعْجزِ الدَّهْرُ كَفِّى عَن جزَائكمُ ... فإنَّني بالثَّنا وَالشُكْرِ مُجْتَهِدُ) وكقول الحطيئة (فَإِن لمْ يكُنْ مالٌ يُثابُ فَإنَّهُ ... سَيأْتِي ثَنائِي زَيْداً بنَ مُهَلهْلِ) وَهَذَا من الأبتداء الَّذِي بكرهه السَّامع بِأَن يَقُول للممدوح لَا خيل عنْدك تهديها وَلَا مَال وَهُوَ أول مَا يَقُول لَهُ 2 - الْغَرِيب النعمى إِذا كَانَت على فعلى قصرت وَإِذا كَانَت على فعلاء مدت وَهِي الْيَد والصنيعة وَمَا انْعمْ الله بِهِ عَلَيْك الْمَعْنى أجزه بالثناء والمدح وَالشُّكْر وَذَلِكَ أَن إنعامه يَأْتِيك فجاءة من غير أَن تقدم سؤالا وانتظارا وَغَيره من النَّاس اقْتصر على قَول دون فعل كَقَوْل الحبيب (الجُودُ عِنْدَهُمُ قَول بِلا عَمل ... ) وكقول المهلبي (وَكَمْ لَكَ نائِلاً لَمْ أحْتَسِبهُ ... كَمَا يُلْقى مُفاجأةً حَبِيبُ) 3 - الْغَرِيب جزاه بِمَا صنع جَزَاء وجازيته أَيْضا وجازيته فجزيته أَي غلبته وجزى عني هَذَا أَي قضى وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} وَفِي حَدِيث أبي بردة بن نيار تجزي عَنْك وَلَا تجزى عَن غَيْرك فِي الْأُضْحِية أَي تقضى وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ أَجْزَأت عَنْك بِالْهَمْز وتجازيت ديني على فلَان أَي تقاضيته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 والمتجازى المتقاضى والخريدة الجاريية الحيية وَالْجمع خرائد وخرد والعذارى جمع عذراء وَهِي الْجَارِيَة الَّتِي لم تفتض والمكسال الفاترة القليلة التَّصَرُّف الْمَعْنى يَقُول رُبمَا جَازَت على الْإِحْسَان إِلَى من يوليه جَارِيَة ضَعِيفَة الْحَرَكَة عاجزة عَن كل شَيْء وَهَذَا كُله حث لنَفسِهِ على الْجَزَاء وَترك التَّقْصِير فِيمَا يُمكن ثمَّ ضرب لهَذَا مثلا فَقَالَ الْبَيْت بعده 4 - الْغَرِيب الصهيل والصهال للْفرس مثل النهيق والنهاق للحمار وصهل يصهل بِالْكَسْرِ صهيلا فَهُوَ صهال وَقد ضرب الْمثل لنَفسِهِ فِي عَجزه عَن الْمُكَافَأَة بِالْفِعْلِ بفرس أحكم شكاله فعجز عَن الجري لكنه يصهل الْمَعْنى يَقُول إِن لم أقدر على المكاشفة بنصرتك على كافور فَأَنِّي أمدحك وأشكرك إِلَى أَوَان قدرتي على النُّصْرَة فَإِن الْجواد إِذا شكل عَن الْحَرَكَة صَهل شوقا إِلَيْهَا وَقَالَ أَبُو الْعَلَاء إِن كَانَت حالتي ضيقَة عَن مكافأتك فعلا جازيتك قولا وَجعل التصهال مثلا لثنائه على الممدوح وَكَانَ فاتك هَذَا الممدوح ينطوي عَليّ بغض كافور ومعاداته وَكَانَ أَبُو الطّيب يُحِبهُ ويميل إِلَيْهِ وَلَا يُمكنهُ إِظْهَار ذَلِك خوفًا من الْأسود 5 - الْغَرِيب السيان المثلان وإكثار وإقلال بِمَعْنى الْكثير والقليل الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا رَأَيْت أَبَا الطّيب أشكر لأحد مِنْهُ لفاتك وَكَانَ يَقُول حمل إِلَيّ فِي وَقت وَاحِد مَا قِيمَته ألف دِينَار وَالْمعْنَى يَقُول مَا شكرتك عَن فَرح بِمَا أهديته لي لِأَن الْقَلِيل وَالْكثير عِنْدِي سَوَاء 6 - الْغَرِيب البخال جمع باخل ككاتب وَكتاب وصائم وَصِيَام وحاسب وحساب الْمَعْنى يَقُول أَنا أشكر لِأَنِّي أستقبح الْبُخْل بِقَضَاء الْحق وَكَيف أسكت عَن شكر من يجود إِلَيّ بِمَالِه ووده وَالْبر وَالنعْمَة وَأَنا فِي إنعامه 7 - الْغَرِيب روض الْحزن هِيَ الأَرْض الْبَعِيدَة وخصها لبعدها عَن الْغُبَار وسباخ الأَرْض هِيَ الأَرْض الَّتِي لَا تنْبت لملوحتها وَاحِدهَا سبخَة الْمَعْنى يَقُول زكتْ عِنْدِي صنيعته كَمَا يزكو الْمَطَر الْكثير فِي الأَرْض الطّيبَة وَالْمعْنَى أَن مطر جوده لَا يُصَادف مني سبخَة لَا تنْبت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول موقع إحسانه مني بَين للمحسنين أَنهم يخطئون مواقع الصَّنَائِع وَمن نصب موقعه فَمَعْنَاه أَنْت غيث بَين موقعه للناظرين لِأَنَّهُ أَتَى على مَكَان أثر فِيهِ أحسن تَأْثِير ثمَّ قَالَ مبتدئا إِن الغيوث يُرِيد أَنَّهَا تَأتي على الأَرْض السبخة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح والخطيب الْغَيْث كالجاهل فَهُوَ يمطر الْمَكَان الطّيب والقبيح وَهَذَا يُعْطي من هُوَ أهل للعطاء وَهُوَ ضد قَوْله فِي سيف الدولة (وَشَرُّ مَا قَنَصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ ... شُهْبُ الُبزَاةِ سَوَاءٌ فيهِ والرَّخَمْ) 9 - الْمَعْنى يَقُول لَا يدْرك السِّيَادَة وعلو الْقدر إِلَّا من يفعل مَا يشق على الكرماء الْفُضَلَاء 10 - الْغَرِيب يمناه يَمِينه الْمَعْنى لَا يدْرك الْمجد وَارِث ورث أَبَاهُ مَالا لِأَن الممدوح لم يَرث أَبَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ جوادا فَلم يخلف مَالا ويمناه جهلت مَا وهبت لكثرته وَلَيْسَ هُوَ سئالا وَلَا كسوبا بِغَيْر سَيْفه لَا يطْلب حَاجته إِلَّا بِالسَّيْفِ 11 - الْإِعْرَاب الضميران فِي لَهُ وأفهمه يعودان على السَّيِّد الفطن الْمَعْنى يَقُول عرفه الزَّمَان أَن المَال لَا يبْقى ففهم ذَلِك عَن الزَّمَان فَفرق مَاله فِيمَا يُورث الْمجد وَلم يكن ثمَّ قَول وَلكنه اتعظ وَاعْتبر بتصاريف الزَّمَان وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أكْرم النَّاس من تَعب فِي جمع الْأَمْوَال بِالسَّيْفِ ثمَّ يَهَبهَا بعد وَقَالَ الْخَطِيب من رأى الممسكين وموتهم عَن الْأَمْوَال وتخليتها للأعداء فقد أرَاهُ الزَّمَان فيهم العبر فَكَأَنَّهُ حذره عَن الْإِمْسَاك وَالزَّمَان لم يقل قولا حَقِيقَة وَإِنَّمَا رأى تصاريفه فاتعظ فَكَانَ كمن قَالَ لَهُ الْبَيْت بعده 12 - الْمَعْنى يَقُول تعلم الفناة إِذا هزها أَن بهَا أشقياء خيل وأبطال لِكَثْرَة مَا قد عودهَا 13 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا قبل كفاتك وَدخُول الْكَاف منقصة جعل لَهُ شَبيه فانتقص بذلك وَإِنَّمَا قولي كَالشَّمْسِ وَإِن كَانَت لَا شَبيه لَهَا وَالْكَاف زَائِدَة كَقَوْل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 رؤبة (لَو أحِقُ الأقْرَابِ فِيهَا كالمَقَقْ ... ) أَي فِيهَا مقق وَهُوَ الطول وَلَا يُقَال فِيهَا كالطول إِلَّا على زِيَادَة الْكَاف وَأنْكرهُ الواحدي وَقَالَ لم يعرف ابْن جنى مَعْنَاهُ وَقَالَ الْكَاف زَائِدَة وَجَمِيع الْبَيْت مَبْنِيّ على الْكَاف فَكيف يُمكن زيادتها أَلا يرى أَنه قَالَ وَدخُول الْكَاف منقصة أَي أَنَّهَا توهم أَن لَهُ شَبِيها وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ كَالشَّمْسِ وَلَا مثل للشمس وَقَالَ الْخَطِيب لَا يدْرك الْمجد إِلَّا رجل صِفَاته هَذِه الَّتِي ذكرت ثمَّ شبهه بفاتك ثمَّ استدرك ذَلِك بقوله وَدخُول لكاف منقصة إِذا قلت هُوَ كفلان فقد جعلت لَهُ مثلا وَإِنَّمَا ذَلِك مجَاز وَتوسع كالشيء المستحسن يشبه بالشمس على الظَّاهِر وَلَيْسَ لَهَا مثل وَاجعَل أَبُو الْفَتْح الْكَاف زَائِدَة وَلَيْسَ الْمَعْنى كَذَلِك إِنَّمَا هُوَ بضده 14 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الصَّحِيحَة وَبهَا قَرَأت نصب الْأسد بإعمال إسم الْفَاعِل الْغَرِيب البراثن من السبَاع وَالطير بِمَنْزِلَة الْأَصَابِع من الْإِنْسَان والمخلب ظفر البراثن والأشبال جمع شبْل وَهُوَ ولد الْأسد الْمَعْنى يَقُول هُوَ الَّذِي يَقُود إِلَى الْحَرْب ورجالا كالأسود غذتهم براثنه أَي سيوفه وسلاحه فهن كالبراثن لَهُ وَيُشِير إِلَى غلمانه الَّذين رباهم وضراهم بإسلاب أعدائه مُنْذُ كَانُوا أشبالا إِلَى ان صَارُوا أسدا 15 - الْمَعْنى يَقُول لجودة ضربه يقتل الْمَقْتُول وَمَا يقْتله بِهِ وَهُوَ السَّيْف يُرِيد أَنه يكسرهُ فِي جِسْمه فَجعل ذَلِك قتلا للسيف وَجعل للسيوف آجالا كالناس وَغَيرهم 16 - الْغَرِيب الأهمال والهمال الإيل بِلَا رَاع مثل النفش إِلَّا أَن النفش لَا يكون إِلَّا لَيْلًا والهمل لَيْلًا وَنَهَارًا وإبل همل هاملة وهمال وهوامل وتركتها هملا أَي سدى إِذا أرسلتها ترعى لَيْلًا وَنَهَارًا بِلَا رَاع وَفِي الْمثل اخْتَلَط المرعى بالهمل والمرعى الَّذِي لَهُ رَاع الْمَعْنى يَقُول يهابه أهل الغارات أَن يتَعَرَّضُوا لَهُ فَكَأَن هيبته تغير على غاراتهم وَمَاله همل لَا راعي لَهُ وَلَا يغار عَلَيْهِ لهيبته وَقَالَ الواحدي يجوز أَن يكون الْمَعْنى أَن الأقوام يغيرون على الْأَمْوَال فيحملونها إِلَيْهِ هَيْبَة لَهُ فَكَأَن هيبته تغير على غاره غَيره وَالْمعْنَى أَنه لجلالة قدره وعلو ذكره تهيبه الفرسان فِي غاراتها فتحجم عَن مقاتلة أهماله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 - الْغَرِيب العير حمَار الْوَحْش والهيق ذكر النعام والخنساء الْبَقَرَة الوحشية والخنس انخفاض قَصَبَة الْأنف وَعرض أرنبته وَالذَّيَّال الثور الوحشي الْمَعْنى يَقُول مَا طلب من الْوَحْش قدر عَلَيْهِ وَالْمعْنَى أَنه كَانَ ملازم الحروب فِي الفلوات وَكَانَ يتقوت بلحوم الْوَحْش وَكَانَ عَارِفًا بصيد الْوَحْش والاقتدار على جَمِيع صنوفه فَمَا اخْتَارَهُ وَاعْتمد عَلَيْهِ لَا يفوت رغبته وَلَا يسْبق أسنته بل يملك جَمِيع أصنافه بركضه وكرم خيله 18 - الْغَرِيب المشهى الَّذِي يُعْطي مَا اشْتهى والعقوة مَا حول الدَّار وَالْآصَال العشايا وَهِي جمع أصيل كيتيم وأيتام وَهُوَ آخر النَّهَار وَإِنَّمَا يستطاب لشدَّة الْحر قبله وَأَنه وَقت هبوب الرّيح وَانْقِطَاع الْحر بأفول الشَّمْس الْمَعْنى يَقُول إِذا أمست الضيوف بأفنية دَاره باتوا مكرمين لَا يشتهون شَهْوَة إِلَّا جَاءَتْهُم كَأَن أوقاتهم آصال لطيبها وَبرد نسيمها وَمَا يتَّصل بهم من شهواتها وَنَعِيمهَا وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (أيَّامُنا مَصْقُولَةٌ أطْرافُها ... بِكَ وَالَّليالِي كُلُّها أسحارُ) 19 - الْغَرِيب الْقَارِي المضيف بادرها عاجلها خراذل بِالذَّالِ وَالدَّال الْقطع والأوصال جمع وصل وَهُوَ كل عظم لَا يكسر وَلَا يخلط بِهِ غَيره والشيزي جفان تصنع من خشب أسود وَقيل من الْجَوْز الْمَعْنى يُرِيد لَو اشتهت أضيافه لَحْمه لما بخل عَلَيْهِم بِهِ ولبادرهم بِهِ لِحِرْصِهِ على مسرتهم وَهَذَا من الإفراط الَّذِي يَجْسُر فِيهِ بِمَا لَا يكون إِشَارَة إِلَى اسْتِيفَاء الْغَايَة فِيمَا يُمكن 20 - الْغَرِيب الرزء الْمُصِيبَة وحفزه واحتفزه دَعَاهُ وَدفعه حفزه يحفزه حفزا إِذا دَفعه قَالَ الراجز (تُرِيحُ بَعْد النَّفَسِ المَحْفُوزِ ... إراحَة الجَدايَةِ النَّفُوزِ) الْمَعْنى يَقُول الْمُصِيبَة عِنْده ترحل الضَّيْف عَنهُ لَا توجعه الْمُصِيبَة فِي مَاله وَولده وَلَا يوحشه ذَلِك كإيحاش الضَّيْف إِذا ترحل عَنهُ وَالْمعْنَى إِذا رَحل الضَّيْف عَنهُ ناله من ذَلِك مَا ينَال من فقد مَاله وَولده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 - الْغَرِيب الصدى الْعَطش والمحض الَّذِي لم يشب بِمَاء واللقاح جمع لقحة وَهِي النَّاقة الحلوب والسلسال الَّذِي يسهل جريه فِي الْحلق الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا انْصَرف أضيافه أراق بقايا مَا شربوه وَلم يدخروه لغَيرهم لِأَنَّهُ يلقى كل وَارِد بقري جَدِيد من اللَّبن وَالْخمر وَأَرَادَ بصافي اللَّوْن الْخمر وَقَالَ ابْن الإفليلي يروي عَطش الأَرْض بفضلات مَا يسقه أضيافه من اللَّبن وَالْخمر وَمَا يُتَابع لَهُم من الألطاف وَالْبر فيفضل عَنْهُم من ذَلِك مَا يقوم للْأَرْض مقَام السَّقْي وَمَا يحل لَهَا مَحل الْمَطَر 22 - الْغَرِيب القري الضِّيَافَة وعبط آدم إراقته عبيطا والعبيط والعبط الطري من الدَّم وَاللَّحم والساع جمع سَاعَة والنزال والقفال الأضياف مِنْهُم من يرحل ومهم من ينزل الْمَعْنى قَالَ الواحدي كل سَاعَة تَأتي عَلَيْهِ تجدّد ذبحا كَأَن السَّاعَات قفال ونزال يُرِيد أَنه لَا يطعم أضيافه اللَّحْم الغب بل يجدد لَهُم النَّحْر وَالذّبْح كل سَاعَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كل سَاعَة يريق دَمًا طريا من أعدائه فَكَأَنَّهُ يقري السَّاعَات وَكَأَنَّهَا قوم ينزلون عَلَيْهِ فَجعل أَبُو الْفَتْح الدَّم من الْأَعْدَاء وَالْمعْنَى أَنه يعم سَاعَات زَمَانه بدماء يسفكها فِيهَا 23 - الْمَعْنى يُرِيد بالنفوس الدِّمَاء وَمِنْه سَالَتْ نَفسه وَمِنْه بَيت الحماسة للسمؤل (تَسِيلُ عَلى حَدّ الظَّباةِ نُفُوسُنا ... وَلَيْستْ على غَيرِ الظُّباةِ تَسيلُ) وأغنام جمع غنم وآبال جمع إبل على التكثير الْمَعْنى تجْرِي النُّفُوس حوله مختلطة وَيكثر إِتْلَافه لَهَا ممتزجة مِنْهَا نفوس أَعدَاء يبلغهَا بِالْقَتْلِ وأغنام وإبل يذهبها بالعقر وَالذّبْح فَمِنْهَا نفوس تذْهب بالإكرام والضيافة وأنفس تذْهب بالإيقاع والمخافة فساعاته مشمومة بالحالتين مغمورة بِهَذَيْنِ الْأَمريْنِ وَهُوَ من قَول البحتري (مَا انْفكَّ مُنتْصَيا سَيْفي وَغًى وَقِري ... عَلى الكَوَاهِلٍ تَدمي والعَوَاقِيِبٍ) 24 - الْغَرِيب النائل الْعَطاء والأطيفال جمع طِفْل وهم صغَار الصّبيان وَصغر الْجمع على اللَّفْظ الْمَعْنى يصف عُمُوم بره وَأَن الْبعيد والقريب فِيهِ سَوَاء والطفل الَّذِي لَا يقدر على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 النهوض والتعريض لمعروفه فَهُوَ يعم الْقَرِيب والبعيد وَالْكَبِير وَالصَّغِير فَهُوَ يعم عُمُوم الْغَيْث وَيفِيض كفيض الْبَحْر فَهُوَ يدْرك النائي الْبعيد كَمَا يَشْمَل الداني الْقَرِيب وَلَيْسَ يعجز صغَار عَن الاطفال بِهِ وَلَا يُخرجهَا الصغر عَن التَّنَاوُل لَهُ لِأَنَّهُ عَام لَا خُصُوص فِيهِ 25 - الْغَرِيب الْفَرِيقَانِ الجيشان والأقران جمع قرن وَهُوَ الْعَدو المكافئ وَالْبيض السيوف والظبة حد السَّيْف الْمَعْنى هُوَ أمضى الجيشين سَيْفا فِي أقرانه عِنْد المصادمة إِذا ضلت الرماح وهدت السيوف لِأَنَّهَا تمْضِي على اسْتِوَاء والرماح تذْهب يَمِينا وَشمَالًا وَأَرَادَ أَن الْبيض هادية تهتدي فِي ظلمَة النَّقْع لِأَن النَّهَار قد استتر بالغبار واستعار الْهدى للسيوف والظلال للرماح وَأحسن فِي الْمُقَابلَة وَأَرَادَ أَن الْقَوْم دنا بَعضهم من بعض يتجادلون بِالسُّيُوفِ فَكَانَ الرماح ضَالَّة فِي الرِّجَال فقصرت الرماح وضلت عَن مقاصدها وضاق المجال عَن التطاعن بهَا وَصَارَ الْأَمر إِلَى المجادلة بِالسُّيُوفِ ومباشرة الحتوف فَصَارَت السيوف هادية مبصرة والرماح ضَالَّة مقصرة فَحِينَئِذٍ يكون أمضى الْفَرِيقَيْنِ من أَصْحَابه وأعدائه 26 - الْغَرِيب الْآل السراب وَقيل هُوَ الَّذِي يتخيل فِي قيعان الأَرْض عِنْد شدَّة الْحر وَقيل الْآل الَّذِي يرفع الْأَشْخَاص ويرقصها أول النَّهَار وَآخره الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ قد جمع الْبَهَاء والوسامة والجلال وَالْجمال فَإِنَّهُ يُرِيك مَا تخبره من فَضله وتؤديه الْمحبَّة إِلَيْك من كرمه وبأسه أَضْعَاف مَا يُؤَدِّيه ظَاهره فِي الرِّجَال وَمَا ترى فِيهِ من الْبَهَاء وَالْجمال وَفِي الرِّجَال من هُوَ كَالْمَاءِ وَفِيهِمْ من هُوَ كالآل من لَهُ حَقِيقَة وَرُجُوع إِلَيْهِ كَالْمَاءِ وَمن لَا حَقِيقَة لَهُ كالآل يكذب وَلَا يصدق ويخدع وَلَا ينفع فَهُوَ يشبه المَاء وَلَيْسَ بِمَاء وَهُوَ يشبه الرِّجَال صُورَة وَلَيْسَ بِرَجُل 27 - الْغَرِيب العقال دَاء يَأْخُذ الدَّوَابّ فِي أرجلها يمْنَعهَا من الْمَشْي الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز اخْتلطت السيوف والرماح عِنْد الْحَرْب وَلم يفضل الْجُنُون على الْعقل بِأَحْسَن من هَذَا وَلَو بَالغ فِي التَّصْرِيح بِأَن لقبه الْمَجْنُون لخلص من ذَلِك أحسن تخلص وَأَصله من قَول الفند الزماني (وَبَعْضُ الحِلْم عِنْدَ الجهْل ... للذّلَّة إذْعانُ) وَفِيه مَعْنَاهُ لحبيب (وَإنْ يَمْينِ حبطانا عَلَيْه فَإَّنها ... أُولَئكَ عُقَّالاتُهُ لَا مَعاقلُهْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 أنْتَهى كَلَامه كَانَ فاتك يلقب بالمجنون ففسره أَبُو الطّيب تَفْسِيرا أذهب قبحه وَحسن عِنْد النكر لَهُ أَن يتلقب بِمثلِهِ وأصل الْبَيْت من قَول الْكلابِي (أَلا أُّيها المُغْتابُ عِرْضِي تَعِيبُني ... تُسَمِّينِيَ المْجنُونَ فِي الجِدّ وَاللَّعْب) (أَنا الرّجُلُ المْجنُونُ وَالرَّجُلُ الَّذي ... بِهِ تُتَّقَي يَوْمَ الوَغَى غِرَّةُ الحَرْب) 28 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بهَا للخيل وَيجوز أَن يكون لنَفسِهِ الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَرْمِي بخيله للجيش وَلَا بُد لَهما من شقّ ذَلِك الْجَيْش وَلَوْلَا كَانُوا أجبالا وَقَالَ ابْن الأفليلي يَرْمِي بِالسَّيْفِ الَّذِي قدم ذكرهَا الْجَيْش الَّذِي يناصبه وَالْجمع الَّذِي يتَعَرَّض لَهُ وَلَا بُد لَهُ ولتلك السيوف المطيفة بِهِ من شقّ ذَلِك الْجَيْش 29 - الْغَرِيب الرئبال الْأسد الْمَعْنى يعْتَذر لمن لقبه بالمجنون بِأَنَّهُ إِذا قَاتل الْأَعْدَاء ونشبت فيهم مخالبه وَأظْهر سطوته عَلَيْهِم لم يجْتَمع لَهُم فِي ذَلِك الْوَقْت أَسد تحذر عاديته وحلم تؤمن بادرته وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن الاستهال للْمَوْت والاقتحام للحرب لَيْسَ من طَرِيق الْحلم وَلَا يحمل عَلَيْهَا أَحْكَام الْعقل والأسد لَا يُوصف بالحلم كَذَلِك الرجل الَّذِي يبعد عَنهُ الْحلم إِذا قَاتل الْأَعْدَاء وَقَالَ ابْن القطاع إِذا نشبت مخالبه فِي قوم ذهب عَنْهُم التَّدْبِير والشجاعة 30 - الْغَرِيب يروعهم يفزعهم وصروف الدَّهْر حوادثه والمجاهرة الإعلان والاغتيال الإهلاك على غَفلَة الْمَعْنى يَقُول هَذَا دهر يغول الْأَعْدَاء جهارا وصروف الدَّهْر تهلكهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ وَجعله كالدهر تَعْظِيمًا لشأنه وَالْمعْنَى يروعهم ملك وَهُوَ كالدهر فِي قدرته عَلَيْهِم مغالبة والدهر يغتال بصروفه وَلَا يُؤذن بخطوبه فَجعل لفاتك على الدَّهْر مزية بَيِّنَة وَزِيَادَة ظَاهِرَة 31 - الْمَعْنى يَقُول انْتهى بِهِ تقدمه وجرأته إِلَى نيل الشّرف الْأَعْلَى واحترام أعداؤه أَن يصلوا إِلَى مَا وصل إِلَيْهِ بتوقيهم مَا أرتكبه من الْأَهْوَال فغنم هُوَ وخابوا هم فَبلغ من الشّرف أَعلَى منازلة وَمن السُّلْطَان أرفع مراتبه بإقدامه وجرأته واقتحامه المهالك فَمَا الَّذِي ناله أعداءه بتوقيهم لما قدم عَلَيْهِ وإبطائهم عَمَّا تسرع إِلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 - الْإِعْرَاب من رفع حليته جعل كَانَ فِيهَا ضمير الشان والقصة وحليته ابْتِدَاء وَمَا بعْدهَا الْخَبَر وَقَالَ الْخَطِيب اسْم كَانَ مُضْمر فِيهَا أَي كَانَ هُوَ هَذِه حَالَته وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع خبر كَانَ وَمن نصب حليته جعل اسْم كَانَ مهندا وَعطف عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَصفه فقربه من الْمعرفَة الْغَرِيب المهند السَّيْف الْقَاطِع وأصم الكعب الرمْح والعسال المهتز الْمَعْنى يُرِيد إِذا تزين الْمُلُوك بالتاج وَغَيره تزين هُوَ بِالسَّيْفِ المهند وَالرمْح الْعَسَّال وَالْمعْنَى أَنه احتاز الرياسة مغالبة بِسَيْفِهِ واستحقها بشجاعة نَفسه 33 - الْغَرِيب قاطبة جَمِيعًا والهول مَا أَخَاف وأفزع وَجمعه أهوال ونمته غذته وربته الْمَعْنى يَقُول أَبُو شُجَاع كنيته وَهِي لَهُ صفة ثَابِتَة وحقيقية ظَاهِرَة لِأَنَّهُ أَبُو شُجَاع برياسته فيهم وعلوه عَلَيْهِم وَهُوَ قدوتهم وسيدهم وَهُوَ هول فِي الْحَرْب فِي أعين الْأَعْدَاء فالحروب قد ربته لانه رَبِّي فِيهَا من وَقت أَن كَانَ صَغِيرا وَقد نمته مِنْهَا أهوال لَا يعْهَد مثلهَا لَا يُشَارك فِي شرفها وفضلها فالشجعان كلهم دونه وَفِي كل هول يَتَّقُونَ بِهِ ويقدمونه 34 - الْمَعْنى الْحَمد كُله ينْصَرف إِلَيْهِ وَلَيْسَ لأحد جُزْء مِنْهُ فَهُوَ الْمَحْمُود فِي أَقْوَاله وأفعاله وَلَيْسَ يحمد دونه أحد وَالْمعْنَى تملك الْحَمد وأحاط بِهِ وَاخْتَارَهُ واصبح خَالِصا لَهُ فَمَا لأحد فِيهِ نصيب يعلم وَجعل ذكر الْحُرُوف إِشَارَة إِلَى انْفِرَاده بجملته 35 - الْغَرِيب الماذي الدروع اللينة شبه لينها بلين الْعَسَل الماذي والسربال الثَّوْب وَالْجمع سرابيل الْمَعْنى يَقُول عَلَيْهِ من الْحَمد سرابيل كَثِيرَة لِأَنَّهُ يتوقى الذَّم بِأَكْثَرَ مِمَّا يتوقى الْحَرْب فَعَلَيهِ مِنْهُ سرابيل مضاعفة وحلل متتابعة يُشِير إِلَى رغبته فِيهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ من الدروع إِلَّا وَاحِد فَأَشَارَ إِلَى أَنه مكثر مِمَّا يشْتَمل عَلَيْهِ من كرم الذّكر ومقل مِمَّا يدْفع بِهِ عَنهُ عَادِية الْحَرْب فوصفه بالرغبة وبالإحسان وَقلة التوقي عِنْد لِقَاء الأقران 36 - الْغَرِيب النوال الْعَطاء والنال الْكثير الْعَطاء وَرجل نَالَ إِذا كَانَ كثير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 النوال مَا يُقَال رجل مَال إِذا كَانَ كثير المَال قَالَه يَعْقُوب وكبش صَاف كثير الصُّوف وَيَوْم طان كثير الطين وَرجل صات شَدِيد الصَّوْت وَيَوْم رَاح كثير الرّيح وَرجل خَافَ كثير الْخَوْف الْمَعْنى يَقُول لَا أقدر أستر إنعامك هُوَ أشهر من أَن يستر فَكيف أقدر على ستر مَا أوليتني وَقد أفضت عَليّ بجوار لَهُ غمرتني من جودك وحملتني أعباء أثقلتني من برك أَيهَا النال الَّذِي لَا يَنْقَطِع نواله وَلَا يتَأَخَّر تطوله وإفضاله 37 - الْغَرِيب لطفت بلغت الْغَايَة من اللطف وتوصلت إِلَى إكرامي بِالْبرِّ والصلة بلطف رَأْي وتدبير والكريم يحتال أبدا حَتَّى يحصل لنَفسِهِ الْعُلُوّ وَكَانَ يراسل أَبَا الطّيب وَلَا يُجَاهر بإكرامه وبره وخوفا من الْأسد فاتفق لقاؤهما بسفر فَأحْسن إِلَيْهِ وأكرمه إِكْرَاما عَظِيما فَقَالَ إِن الْكَرِيم محتال لَا تعجز حيلته ومجتهد لَا تضعف نِيَّته 38 - الْمَعْنى يَقُول لم تزل تحتال على الْإِكْرَام وَطلب الْعُلُوّ حَتَّى غَدَوْت وَالْأَخْبَار تجول فِي الْآفَاق بِحسن ذكرك وَالثنَاء عَلَيْك لكل أحد أمل فِي كفيك حَتَّى الْكَوَاكِب تأملك وَيجوز لَو تمنينا الْوُصُول إِلَيْهَا لأوصلتنا 39 - الْغَرِيب التنبال الْقصير وَالْجمع تنابلة وتنابل الْمَعْنى قَالَ الواحدي مدح الشريف يشرف الشّعْر ومدح اللَّئِيم يُؤَدِّي إِلَى لؤم الشّعْر وَالْمعْنَى إِن شعري قد شرف بشرف الممدوح وَالْمعْنَى قد أَطَالَ لساني بالثناء وَفتح لي بَاب الْمَدْح والإطراء جلالة قدر من مدحته وَكَثْرَة فَضَائِل من وَصفته وَإِنَّمَا أَنا فِي ذَلِك ذَاكِرًا لما عانيت ومخبر عَمَّا شاهدت وَالثنَاء إِنَّمَا يقصر عَن الْقصير الْحَال الرَّاغِب عَن الْكَرم والإفضال 40 - الْغَرِيب اختال الرجل إِذا مشي الْخُيَلَاء وَهُوَ إِظْهَار الْعجب الْمَعْنى يَقُول إِن كنت لتواضعك وفضلك لَا تختال فِي بشر أَنْت فيهم فَإِن قدرك يختال فِي قدرهم من حَيْثُ لَا تعلم وَالْمعْنَى إِن كنت تكبر عَن اسْتِعْمَال الْكبر والزهو وَهُوَ تكلّف التعظم فِي قوم أَنْت فيهم فقدرك فِي أقدار الْمُلُوك المتشبهين بك يختال بجلالته وينفرد برفعته وفخامته 41 - الْمَعْنى يَقُول وَكَأن نَفسك يُرِيد همتك ومناقبك الشَّرِيفَة الَّتِي فِيك لَا ترْضى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 بك صباحا حَتَّى تزيد على كل كثير الْفضل فضلا وَالْمعْنَى كَانَ نَفسك لَا ترضاك وتألفك راضية بفعلك وَلَا تصحبك شاكرة لسعيك حَتَّى يكون كل مفضال وَهُوَ كثير الْعَطاء وَالْفضل إِنَّمَا يفضل لما تهبه لَهُ ويجود بِمَا تعطيه لَهُ وتبذله 42 - الْغَرِيب الروع والفزع والبذال خلاف الصائن الْمَعْنى يَقُول وَكَأن نَفسك لَا تعدك صائنا لَهَا وَلَا تعتقدك ساعيا فِي مسرتها إِلَّا إِذا ابتذلتها فِي الروع تقتحم المهالك وعرضتها فِي الْحَرْب لمواجهة المتآلف 43 - الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا الْمَشَقَّة تمنع من السِّيَادَة لساد النَّاس كلهم ثمَّ بَين الْعلَّة فِيهَا فَقَالَ الْجُود يُورث الإقلال والفقر والشجاعة توجب التّلف وَالْقَتْل وَذَلِكَ أَن المجدو السِّيَادَة يصعبان وَلَوْلَا الصعوبة سَاد النَّاس بأسرهم وَهُوَ من قَول النمري (الجُود أخْشَنُ مَساًّ يَا بَنِي مَطَرٍ ... مِنْ أنْ تَبزَّ كُمو كَفُّ مُسْتَلِبِ) (مَا أعْلَمَ النَّاسَ أنَّ الجُودَ مَكْسَبَةً ... للِمْجْدِ لَكِنَّهُ يأتْي عَلى النَّشَبِ) 44 - الْغَرِيب الشملال النَّاقة القوية السريعة من النوق الْمَعْنى يَقُول كل أحد يجْرِي فِي السِّيَادَة على قدر طاقته وَلَيْسَ كل من يمشي على رجله شمالا يقدر على السرعة وَالْمعْنَى لَيْسَ كل كريم يبلغ غَايَة الْكَرم وَلَا كل شرِيف يبلغ غَايَة الشّرف وَلَيْسَ كل من سعى من الرؤساء يبلغ مبلغ فاتك الَّذِي لَا يعادل فِي فَضله وَلَا يماثل فِي جَلَاله قدره 45 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّا فِي زمَان من فِيهِ أَن لم يعاملنا بالقبيح فقد أحسن إِلَيْنَا واجمل لِكَثْرَة من يُعَامل فِيهِ بالقبيح وَالْمعْنَى أَنه نبه على انْفِرَاد فاتك فِي دهره وانفراده بِالْكَرمِ عَن أَبنَاء عصره وَهَذَا من أدبار الزَّمَان وزهد أَهله فِي الرياسة وَالْإِحْسَان فَقَالَ إِنَّا لفي زمن إمْسَاك أَهله عَن قبح الْفِعْل وتأخرهم عَن مَذْمُوم السَّعْي فضل يُؤثر وإحسان يحمد ويشكر فَكيف اتّفق فِيهِ فاتك وَهُوَ رَئِيس الْمُحْسِنِينَ وزعيم الكرماء المنعمين وَالْمعْنَى أَخذه أَبُو فراس فَقَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 (وَصِرنْا نَرَى أنَّ المُتارِكَ مُحْسِنٌ ... وَأنَّ خَلِيلا لَا يَضُرُّ وَصولُ) واصله من قَول الْحَكِيم من لم يقدر على فعل الْفَضَائِل فَلْيَكُن فضائله ترك الرذائل 46 - الْغَرِيب قَالَ ابْن القطاع صحف الروَاة هَذَا الْبَيْت فَرَوَوْه فَاتَهُ بِالْفَاءِ وَالصَّوَاب بِالْقَافِ وَعَلِيهِ قسر الواحدي فَقَالَ إِذا ذكر الْإِنْسَان بعد مَوته كَانَ ذَلِك حَيَاة ثَانِيَة لَهُ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي دُنْيَاهُ قدر الْقُوت وَمَا فضل من الْقُوت فَهُوَ شغل كَقَوْل سَالم بن وابصة (غِنَىِ النَّفس مَا يكْفِيكَ مِنْ سَدّ خَلةٍ ... فإنْ زَاد شَيئا عادَ ذاكَ الغِنَيِ فَقراً) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يَنْبَغِي أَن يلْحق بالأمثال لِأَنَّهُ قد أوجز فِيهِ وَجمع وَمثله مَا يحْكى عَن بعض ولد عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ أَنه رُؤِيَ يَسْتَقِي مَاء فَقيل لَهُ بعد الْخلَافَة فَقَالَ إِنَّمَا فَقدنَا الفضول انْتهى كَلَامه الْمَعْنى يُشِير إِلَى مَا خلده فاتك من الْفضل وَأبقى لَهُ من جميل الذّكر وَأَن التَّوْفِيق فِي ذَلِك موصل بِرَأْيهِ وَالصَّوَاب مَقْصُور على فعله يَقُول ذكر الْفَتى جميل مساعيه وَمَا يخلده من كرمه ومعاليه عمره الثَّانِي لعمره وخلقه من الدُّنْيَا المبقى لذكره وَحَاجته فِيمَا عدا هَذَا قوت يبلغهُ وكفاف من الْعَيْش يستره وَمن طلب من الدُّنْيَا غير ذَلِك فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِفُضُول شغله وأباطيل تموله وَالْمَطْلُوب من الدُّنْيَا العفاف والكفاف وَهَذَا مَأْخُوذ من كَلَام الْحَكِيم تخليد الذّكر فِي الْكتب عمر لَا بيد وَهُوَ كل يَوْم جَدِيد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 - 1 الْمَعْنى يَقُول للعاذلة كل أحد يدعى دعواك من صِحَة الْعقل ويظن مَا تظنينه فِي عذلك من صَوَاب الْفِعْل فيدعيه كل ذِي رأى سواك وَمن ذَا الَّذِي يشْعر بِمِقْدَار جَهله وَينظر بِعَين الْحَقِيقَة فِي نَفسه 2 - الْغَرِيب لهنك كلمة تسْتَعْمل عِنْد التوكيد وَأَصله لِأَنَّك فأبدلوا الْهمزَة هَاء لِئَلَّا يجْتَمع حرفا توكيد اللَّام وَإِن الْمَعْنى يَقُول أَنْت أولى بالملام وَأَنت أحْوج إِلَى العذل مني لِأَن من أَحْبَبْت لايلام على حبه وَقد بَينه بعد هَذَا 3 - الْإِعْرَاب نصب مثلك على الْحَال من عاشق لَان وصف النكرَة إِذا قدم عَلَيْهَا نصب على الْحَال الْمَعْنى يَقُول إِن وجدت لمحبوبي مثلا فِي الْحسن وجدت لي مثلا فِي الْعِشْق فَإِن حَبِيبِي بِغَيْر مثل كَذَلِك أَنا وَالْمعْنَى يَقُول لَهَا تَقُولِينَ مَا فِي النَّاس عاشق على مثل بصيرتك وَلَا محب يحْتَمل على طريقتك وقولك فِي ذَلِك لَا يدْفع عَن الصدْق ورأيك لَا يعذل عَن الْحق فجدي مثل حَبِيبِي فِي جلالة الْقدر تجدي مثلي فِيمَا بلغته من الْحبّ 4 - الْغَرِيب الْبيض النِّسَاء والمرهفات السيوف الْمَعْنى يَقُول أَنا محب كني بالبيض يُرِيد النِّسَاء عَن السيوف والمرهفات لَا النِّسَاء وبالحسن فِي أجسامهن عَن الصقل للسيوف الحديث: 216 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 - الْمَعْنى يُرِيد وأكني أَيْضا بالسمر والرماح السمر وَيَعْنِي بجناها مَا يجتني بهَا من الْمَعَالِي الَّتِي يرتقي إِلَيْهَا بالعوالي يَقُول فالمعالي هِيَ أحبائي ورسلي الَّتِي تَتَرَدَّد بيني وَبَينهَا الأسنة فَأَنا خَاطب للمعالي بِالرِّمَاحِ وَالْمعْنَى أَن يَجْعَل مَا يظهره من الضعْف والمحبة خَالِصا للرماح ويعتقد أَن مَا يجتنيه بهَا كالأحباب الَّذين ينحو نحوهم وَيجْعَل كعاب أطرافها إِلَيْهِم الرُّسُل 6 - الْغَرِيب الغر الْبيض والنجل الواسعة الْمَعْنى يَقُول أعدمني الله قلبا لَا يكون فِيهِ فضلَة عَن الِاشْتِغَال بالحبيب وَالتَّصَرُّف فِي أَسبَاب الْعِشْق والكلف بِحسان النِّسَاء ذَوَات الثنايا الْوَاضِحَة والعيون النجل الفاترة وأعدمني الله قلبا لَا ينْزع من الْأُمُور إِلَى أرفعها وَيحل من منَازِل الشّرف فِي أجلهَا وَأَكْرمهَا 7 - الْغَرِيب حسناء امْرَأَة نكرَة هُنَا وَالْهَاء فِي بلغتهَا تعود على الْغِبْطَة الْمَعْنى قَالَ الْخَطِيب نهى عَن الْحِرْص فِي طلب النِّسَاء يَقُول إِذا هجرتهَا ثمَّ وصلتها كنت أحسن موقع عِنْدهَا وَأنْشط لَهَا فزادت الْغِبْطَة وَإِذا شَكَوْت إِلَيْهَا الهجر وتذللت لَهَا وهنت فِي عينهَا فحرمتك وَصلهَا فضلا عَن تبليغك الْغِبْطَة وَقَالَ الواحدي الْمَرْأَة الْحَسْنَاء إِذا هجرت لم تحرم المهجور غِبْطَة لِأَنَّهَا لَو أَنْعَمت لَهُ بالوصل مَا بلغته الْغِبْطَة وَمن شكا الهجر وَهُوَ العاشق مفعول ثَان لبلغت يُرِيد إِن وصلته لم تبلغه غِبْطَة 8 - الْمَعْنى يَقُول للعاذلة دعيني من لومك أنل من الْعلَا مَا لم ينل قبلي فَإِن الْعلَا الصعبة وَهِي الَّتِي لم يبلغهَا أحد فِي الْأَمر الصعب الَّذِي لم يُدْرِكهُ أحد وَالْأَمر السهل الَّذِي يُدْرِكهُ كل أحد فِي السهل الْوُصُول إِلَيْهِ وَالْمعْنَى لَا يدْرك من الْمَعَالِي مَا تجل قِيمَته إِلَّا بتكليف مَا تعظم مشقته وَمَا كَانَ مِنْهَا يقرب تنَاوله فبحسب ذَلِك يكون تسافله 9 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة لقيان بِضَم اللَّام وَقد خطئَ أَبُو الطّيب فِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 وَقَالُوا قد ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي المصادر قَالَ هُوَ مثل الْعرْفَان والحرمان والإتيان والوجدان تَقول لَقيته لقية ولقيا ولقيانا وَلَقي ولقاء وَهِي ضَعِيفَة ولقيانة الْغَرِيب الشهد الْعَسَل والنحل جمع نحلة وَهِي زنابير الْعَسَل الْمَعْنى يَقُول للعاذلة تريدين إِن املك الْمَعَالِي رخيصة وَمن جتني الشَّهِيد قاسي لسع النَّحْل وَلَا يبلغ حلاوة الْعَسَل إِلَّا بمقاساة اللسع وَهُوَ من قَول العتابي (وإنَّ جَسِيماتِ الأمُورِ مَثوبَةٌ ... بِمُسْتْوْدعاتٍ فِي بُطُنِ الأسَاوِدِ) 10 - الْغَرِيب تجلى تكشف والإجلاء الْكَشْف وَرُوِيَ وَالْخَيْل تدعى يُرِيد وَأَصْحَاب الْخَيل وَهُوَ الفرسان يدعونَ بالانتساب على طَرِيق الْفَخر وَطلب الاشتهار الْمَعْنى يَقُول للعاذلة تحذرين علينا الْمَوْت وَالْحَرب تستعر والفرسان فِي غمراتها تفتخر وَلم تعلمي مَا تجلى عَنهُ من الظُّهُور وَالْغَلَبَة وَمَا تعقب من الْكَرَامَة والرفعة وَلم تعلمي أَن الدائرة علينا أَو عَلَيْهِم وَهَذَا يُشِير إِلَى الْوَقْعَة الَّتِي شَهِدَهَا فِي الْكُوفَة مَعَ الْخَارِجِي قبل وُرُود هَذَا الممدوح إِلَيْهَا 11 - الْإِعْرَاب جعل الاسمين اسْما وَاحِدًا فَفتح الرَّاء وَصرف الِاسْم ضَرُورَة الْغَرِيب دلير ولشكروز اسمان من أَسمَاء الديلم وهما الشجاع بِالْعَرَبِيَّةِ والغبين المغبون وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول كَمَا تَقول قَتِيل بِمَعْنى مقتول وشريت الشَّيْء إِذا بِعته وشريته ابتعته وَهَاهُنَا أَرَادَ الابتياع الْمَعْنى يَقُول إِذا حصلت لنَفْسي إكرام هَذَا الممدوح بمهجتي لم أغبن وَكنت رابحا وَالْمعْنَى لَو ابتعت الْمنية مغتبطا بهَا ولقيتها غير كَارِه لَهَا جَزَاء لما أولاني هَذَا الممدوح من كرامته لما غبنت فِي ذَلِك وَكنت اربح النَّاس بِهَذَا 12 - الْغَرِيب الأنابيب جمع أنبوب وَهُوَ مَا بَين كعوب الْقَنَاة وحلا واحلو لي واستحليته واحلوليته بِمَعْنى وَأمر الشَّيْء يمر إمرارا الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحَرْب شَدِيدَة المرارة وَهَذَا أَشَارَ إِلَى الْوَقْعَة الَّتِي جرت بِالْكُوفَةِ وَلم يشهدها الممدوح وَكَانَت سَبَب قدومه إِلَى الْكُوفَة وَالْمعْنَى يَقُول تمر الرِّيَاح الَّتِي تخطر بَيْننَا ثمَّ نذْكر إقبال الممدوح وَمَا يَدْعُو ذَلِك إِلَيْهِ عِنْد قدومه فيحلو لنا الْقِتَال فنقدم على الْأَعْدَاء وَقد عَابَ قومه عَلَيْهِ فتحلولي مَعَ قَوْله تجلى وَقَالُوا كَيفَ جمع بَينهمَا فِي القافية وَلَا صِحَة للواو وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِأَن الْوَاو وَالْيَاء إِذا سكتنا وَانْفَتح مَا قبلهمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 جرتا مجْرى الصَّحِيح مثل القَوْل والمين وَكَذَلِكَ إِذا انفتحا وَسكن مَا قبلهمَا مثل أسود وابيض وَهَذَا مثل قَول الكسعي (يَا رَبّ وَفَّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِي ... فإنَّها مِنْ أرَبِي لِنَفْسي) (وانْفَعْ بَقَوْسِي وَلَدِي وعرْسي ... ) وَقَالَ البحتري (إنْ سَيْرَ الخَليطِ لَما اسْتَقَلاَّ ... ) ثمَّ قَالَ فِي هَذِه القصيدة (ذاكَ فَضْلٌ أُوتِيتَهُ كُنْتَ مِنْ بيْنِ ... الْبَرَايا بِهِ أحَقَّ وأوْلَي) وَقَالَ ابْن جنى هَذَا عيب وَقد جَاءَ فِي الشّعْر الْقَدِيم قَالَ الشَّاعِر (إذَا كُنْتَ فِي حاجةَ مُرْسِلاً ... فأرْسلْ حَكِيما وَلا تُوصِهِ) (وإنْ نابَ أمْرٌ عَليكَ التَوىَ ... فَشاوِرْ لَبيبا وَلا تَعْصيهِ) 13 - الْمَعْنى يَقُول لَو كنت أَدْرِي دراية تَيَقّن أَن مَا باشرته فِي الْحَرْب سَبَب إِلَى قربه وَمُوجب للنَّظَر إِلَى وَجهه لزاد سروري بوفور حظي من الْقَتْل الَّذِي كنت أحذره واقتحامي على الْهَلَاك الَّذِي كنت أتوقعه 14 - الْإِعْرَاب كاشف نصب على النداء الْمُضَاف وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل أَن يكون حَالا الْغَرِيب العراقان الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَقيل الْعرَاق الأول الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَمَا بَينهمَا إِلَى حلوان وَمن حلوان إِلَى الرّيّ الْعرَاق الثَّانِي وَالْمحل الجدب الْمَعْنى يَقُول فَلَا عدم الْعرَاق فتْنَة كَانَت سَببا لقدومك إِلَيْهَا فَأَنت كاشف الْخَوْف عَنْهَا بهيبتك وبركة سياستك وصارف الْمحل عَنْهَا بكرمك وجود راحتك 15 - الْغَرِيب النبو التَّأَخُّر عَن النَّفاذ والنصول السيوف الْمَعْنى يَقُول أَقَمْنَا فِي الْوَقْعَة الَّتِي قدمت على أَثَرهَا إِذا نبت السيوف بِأَيْدِينَا عِنْد المجالدة وَعَلَيْهَا كَثْرَة جنن أَعْدَائِنَا المتظاهرة نجرد فيهم من ذكراك مَا هُوَ أنفذ من السيوف الصارمة وَأَشد عَلَيْهِم من النصول الْمَاضِيَة وَالْمعْنَى إِذا لم تنفذ سُيُوفنَا على أسلحة أَعْدَائِنَا ذكرناك فنفذت عَلَيْهِم بهيبتك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 - الْإِعْرَاب سكن الْيَاء فِي نَوَاصِيهَا للضَّرُورَة وَمثله (كأنَّ أيْديِهنَّ بالقْاعِ القَرقْ ... ) وَالضَّمِير فِي نَوَاصِيهَا لخيل الْأَعْدَاء وَإِن لم يجر لَهَا ذكر الْغَرِيب النبل سِهَام الْعَرَب وصاحبها نابل ونبال وَسَائِر سِهَام الْعَجم النشاب قَالَ الْأَعْشَى وَهُوَ يذكر عجم الْفرس يَوْم ذِي قار (لَمَّا أمالُوا إِلَى النُّشَّابِ أيْديِهُمْ ... مِلْنا ببِيِضٍ تَظَلُّ الهَامَ يخْتطِفُ) وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس (ولَيْس بذِي سَيْفٍ ولَيس بنَبَّالِ ... ) الْمَعْنى يَقُول نرمي نواصي خيل الْأَعْدَاء إِذا سميناك بِمَا هُوَ أقتل لَهَا من نشابنا والنشاب عَرَبِيّ مَأْخُوذ من نشب فِي الشَّيْء علق 17 - الْإِعْرَاب جعل الظّرْف نكرَة فأعربه فَكَأَنَّهُ قَالَ أَولا وَقد قَرَأَ الْجعْفِيّ والجحدري لله الْأَمر من قبل وَمن بعد وَقَالَ الشَّاعِر (فَساغ لَي الشَّرابُ وكُنْت قَبْلاً ... أكادُ أَغَصُّ بالمَاء الحْميمِ) وَأنْشد أَبُو زيد لخاله بن سعد الْمحَاربي وَكَانَ جاهليا (حَبَوْتُ بِها بني سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ ... على مَا كَانَ قَبْلٌ منْ عِتابِ) الْمَعْنى يَقُول للممدوح إِن كنت أَتَيْتنَا على عقيب وقعتنا وَلم تشهد مَا قصدت لَهُ من نصرتنا فَلم يهْزم الْأَعْدَاء قبل ورودك إِلَّا بذكرك ولولاك لما قَدرنَا عَلَيْهِم وَلما ظهرنا عَلَيْهِم إِلَّا بِمَا أحَاط بِنَا من سعدك وعلو جدك فَأَنت الْغَالِب لَهُم فِي الْمَعْنى 18 - الْغَرِيب السنابك مقادم الحوافر وَاحِدهَا سنبك والسبل الطّرق الْوَاحِد السَّبِيل الْمَعْنى يَقُول مازلت قبل اجتماعي بك أطوي الْقلب على نِيَّة فِي قصدك وحاجة من النهوض إِلَى أَرْضك فَصَارَ ذَلِك الْوَفَاء بِعْ بَين سنابك الْخَيل الَّتِي يسْتَعْمل ركضها ومناهج السبل الَّتِي يسْتَأْنف قطعهَا فَهِيَ حَاجَة لَا تدْرك إِلَّا بِقطع الْمسَافَة وَمَا أحسن مَا كنى بِهِ عَن الْمسير إِلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 - الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد وَهِي الْخَيل الْكِرَام وغرائب جمع غَرِيبَة وَهِي الغريبة من النَّاس بِمَا حازت من الْأَخْلَاق الَّتِي لَا تُوجد فِي سواهَا الْمَعْنى يَقُول لَو لم تسر نحونا لبادرنا إِلَيْك مُسْرِعين بأنفس تُؤثر الْجِيَاد على الْأَهْل وَلَا تأنس إِلَّا بِمَا يوفر حظها من الْفضل وَالْمعْنَى أَنه يخْتَار السّفر على الْإِقَامَة وَالنّصب على الدعمة تحصيلا للذّكر والشرف 20 - الْغَرِيب الْمرجل الْقدر يغلي من الغليان بالطبخ الْمَعْنى يَقُول ولبادرنا نَحْوك بخيل تصيد قبل المرعى فَلَا ترعى الرياض قبل صيد الْوَحْش وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا يلْحقهَا الكلال فيمنعها من صيد الوحوش بعد طي المراحل وَالْمعْنَى كُنَّا نقصدك بأنفس الْكِرَام وخيل كرام لَا يُنكر سبقها عتاق لَا يستكره خلقهَا إِذا عنت لَهَا سوانح الْوَحْش وأحاطت بهَا خمائل الرَّوْض أَبَت أَن تطمئِن راتعة وتستقر وَادعَة حَتَّى تدْرك مَا تحاول من الْوَحْش قَالَ الواحدي وَهَذَا من قَول امْرِئ الْقَيْس (إذَا مَا رَكِبْنا قالَ وِلْدَانُ أهْلِنا ... تَعالَوْا إِلَى أنْ يَأتِيَ الصَّيدُ يخَطْبِ) 21 - الْمَعْنى يَقُول كَانَ فِي عزمنا ان نقصدك وَالْقَصْد مقترن بِفضل القاصد فَلَمَّا اتّفق ورودك كَانَ الفضلان لَك لِأَنَّك جئتنا وَلم تحوجنا إِلَى مسير إِلَيْك فلك فضل تنفرد بِهِ دون النَّاس وَفضل كسبته بقصدك إِلَيْنَا 22 - الْإِعْرَاب أَرَادَ يتتبع فأدغم التَّاء فِي أُخْتهَا لما أسكنها وَمثله يطير الْغَرِيب الوبل الْمَطَر الْكثير والرائد الَّذِي ترسيله الْقَوْم فيطلب لَهُم الْكلأ الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ من يقْصد الْخَيْر كمن يَأْتِيهِ بِلَا قصد وَلَا تَعب فَلَيْسَ من يطْلب الْمَطَر كمن يمطر فِي دَاره وَقَالَ الواحدي إِنَّهُم بِسَبَب إِتْيَانه إِلَيْهِم صَارُوا كالمطور ببلدته لَا يتعنى فِي الرياد وَطلب الْموضع الممطور وَقَالَ الْخَطِيب أَنْت كالسحاب الَّذِي جَاءَنَا مطره وَلم يجوجنا إِلَى السّفر لترعى مَا أَنْبَتَهُ فِيمَا بعد من الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة الَّتِي تقصد للمرعى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 - الْمَعْنى يَقُول وَلست مِمَّن يَدعِي الشوق وَلَا يصدق ذَلِك يظاهر فعله ويحتج فِي ترك الزِّيَارَة بِمَا ترادف عَلَيْهِ من شغله يُرِيد أَنه لَو تَأَخّر عَن قدومه الْكُوفَة لقصده أَبُو الطّيب وَلم يحْتَج بشغل فالمدعي الشوق إِذا تعلل بِالشغلِ كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ وَلِأَن المشتاق الصَّادِق لَا يمنعهُ عَن الزِّيَارَة مَانع وَلَا يقطعهُ عَنْهَا قَاطع وَمَا أحسن قَول من قَالَ (بعيدٌ عَن الكَسْلانِ أوْ ذِي مَلالَةٍ ... وأمَّا عَلى المُشْتاقِ فَهْوَ قَرِيبُ) 24 - الْغَرِيب الشويهات تَصْغِير شَاة يرد على الْوَاحِد وَجَمعهَا بِالتَّاءِ وَالْألف كجفان وجفنات وَالْإِبِل وَالْإِبِل وَاحِد الْمَعْنى يَقُول أَرَادَت كلاب هَذِه الْقَبِيلَة وَهِي من قيس عيلان وهم الَّذين قصدُوا الْكُوفَة وَقَاتلهمْ أَهلهَا قبل قدوم هَذَا الديلمي الممدوح يُرِيد أَنهم قَبيلَة ضَعِيفَة يرعون الْإِبِل وَالشَّاء تعرضوا بجهلهم إِلَى طلب دولة ثمَّ قَالَ وَلمن تركُوا رعي الْإِبِل وَالْغنم إِذا أَرَادوا أَن يَكُونُوا ملوكا يُرِيد أَن الْملك لَا يَلِيق بهم وَإِنَّمَا يَلِيق بهم الرَّعْي 25 - الْغَرِيب الضَّب دَابَّة وَجمعه ضباب واضب مثل كف وأكف وَفِي الْمثل أعق من ضَب لِأَنَّهُ يَأْكُل حسوله وَالْأُنْثَى ضبة وَسَماهُ خبيثا لِأَن الْفُقَهَاء اخْتلفُوا فِي أكله فَمنهمْ من قَالَ هُوَ حَلَال لِأَنَّهُ أكل على مائدة رَسُول الله فِي الصَّحِيح من حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد وَعبد الله بن عَبَّاس فِي بَيت مَيْمُونَة خالتهما وَلم يَأْكُل مِنْهُ رَسُول الله وَقَالَ إِنَّه لم يكن بِأَرْض قومِي فأجدني أعافه وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه مَكْرُوه لِأَن رَسُول الله لم يَأْكُلهُ وعافه فَالْأولى اتِّبَاع الرَّسُول الْمَعْنى يَقُول أبي الله أَن يظفرها من ذَلِك بِمَا طلبته ويعيها على مَا محاولته وَأَن يتْرك الْوَحْش مُنْفَردا عَن مجاورتها عادما لما هُوَ عَلَيْهِ من مساكنتها وَأَن يُؤمن الضَّب الْخَبيث من تصيدها لَهُ وَمن تقومها بِهِ يُرِيد أَنهم أهل بادية هَذَا شَأْنهمْ فيأبى الله لَهُم إِلَّا هَذَا ويأبى لَهُم أَن يَكُونُوا ملوكا 26 - الْغَرِيب الطمرة الْفرس العالمية الْكَرِيمَة والسحوق النَّخْلَة الطَّوِيلَة يُقَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 نَخْلَة سحوق وجبارة ومجنونة وباسقة يُرِيدُونَ الْعُلُوّ وَأَنَّهَا ممتنعة لَا يصل إِلَيْهَا أحد إِلَّا بالتعب قَالَ (يَا رَبّ أرْسِلْ خارِفَ المساكيِنْ ... عَجاجةً مُسْبَلَةً العَثانِينْ) (تَحُتُّ تَمْرَ السُّحْقِ المَجانِينْ ... ) هَذَا يَدْعُو الله أَن يُرْسل ريحًا على النّخل لتسقط الرطب فيأكل الْمَعْنى يَقُول قاد لَهُم هَذَا الممدوح كل فرس كَرِيمَة عالية طَوِيلَة الْعُنُق كَأَن مَا يشرف برأسها من عُنُقهَا نَخْلَة سحوق وَأَشَارَ بالخدين إِلَى الرَّأْس لِأَنَّهُمَا مِنْهُ غير منفصلين عَنهُ وَهُوَ من قَول الآخر (كَأنَّ الجسْمَ للِرائِينَ طَوْدٌ ... وَهاديها كَأنْ جِذَعٌ سَحُوقُ) 27 - الْمَعْنى وقاد لَهَا كل حصان جواد قوي أسره شَدِيد خلقه تلطم الأَرْض كَفه لصلابته وقوتها لما هِيَ عَن النَّعْل وَالْحَدِيد أغْنى من ذَلِك النَّعْل عَن نعل آخر وَلما هِيَ أثبت مِنْهُ فِي خلقه وجنسه واستعار للحافر الْكَفّ كَمَا يستعار للْإنْسَان الْحَافِر من الْفرس فِي قَول الشَّاعِر (فَما رَقَدَ الوِلْدانُ حَتَّى رَأيتُهُ ... عَلى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِساقِ وَحافِرِ) 28 - الْغَرِيب الإراغة الارتياد والمحاولة وارتاغ طلب وَأَرَادَ وماذا تريغ أَي مَاذَا تطلب وراغ إِلَيْهِ مَال الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى يُرِيد لَو ظَفرت بِالْكُوفَةِ وَمَا قصدت لَهُ لوصلت إِلَى تنَاول الْغَيْث بِالْيَدِ عَن قرب قَالَ الْعَرُوضِي هَذَا تَفْسِير من لم يخْطر الْبَيْت بِبَالِهِ لِأَنَّهُ ظَاهر وللمتدبر أَن يَقُول قد كَانَت كلاب فِي أَمن ونعمة ثمَّ شبه مَا كَانُوا فِيهِ بالغيث فأرادوا طلب الْملك وَجَاءُوا محاربين فهزموا فَلَمَّا توَلّوا هاربين قصدُوا بأرجلهم مَا كَانَ فِي أَيْديهم من مواطنيهم ونعمهم فَذَلِك قَوْله وتطلب مَا قد كَانَ فِي الْيَد بِالرجلِ وَقَالَ ابْن فورجة يَعْنِي أَنَّهَا كَانَت فِي غيث من إقطاع السُّلْطَان وإنعامه فَلَمَّا عصوا وحاربوا وانهزموا وولوا هاربين يطْلبُونَ مأمنا وحصنا وَقد خلفوا أمنا كَانَ حَاصِلا لَهُم وَقَوله تطلب بأرجلها مَا كَانَ فِي أيديها أَي تطلب بهربها وعدوها على أرجلها مَا كَانَ حَاصِلا فِي أيديها وَالْمعْنَى أَنَّهَا تطلب مَا كَانَ فِي أيديها آمِنَة مطمئنة بالانتقال والرحلة خائفة متوقعة وَأَشَارَ بِالْيَدِ وَالرجل إِلَى الْحَالَتَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 - الْغَرِيب المَال السَّائِمَة من الْإِبِل وَغَيرهَا والهزال الضعْف والإضاعة يُقَال هزل فلَان إبِله هزلا إِذا أضاعها حَتَّى تهزل والهزل ضد السّمن يُقَال هزلت الدَّابَّة على مَا لم يسم فَاعله هزالًا وهزلته أَنا هزالًا فَهُوَ مهزول وأهزل الْقَوْم أَصَابَت مَوَاشِيهمْ سنة فهزلت الْمَعْنى يَقُول حذرت الهزال على نعمهم وَقد ذلوا بِالْقَتْلِ والهزيمة وَمَا لحقهم من الذل شَرّ مِمَّا يحذرون على أَمْوَالهم من الهزال وَالْمعْنَى أَنَّهَا تحاذر على أموالها الضّيَاع والهزال وتستهل لأنفسها الصغار والإذلال وَأشْهد أَن الذل أَشد من الهزال وَإِن الصغار أوجع لقلوب الْأَحْرَار من الْفقر 30 - الْغَرِيب السجايا الْخَلَائق وَاحِدهَا سجية الْمَعْنى يَقُول أَهْدَت ألينا لِأَنَّهَا كَانَت سَببا لقدومه وَمَا أحسن مَا قَالَ غير قاصدة وَالْمعْنَى أَهْدَت إِلَيْنَا بَنو كلاب بِمَا أظهرته من الْعِصْيَان وأعلنت بِهِ من خلاف السُّلْطَان غير عامدة إِلَى مَا أهدته وَلَا قاصدة إِلَى مَا أوجبته من قدوم الْأَمِير دلير كريم الْخَلَائق مشكور الْمذَاهب يسْبق فِي الإفضال فعله قَوْله ويتقدم فِي الْإِحْسَان إنجاز وعده 31 - الْغَرِيب الرزايا الفجائع وآثار الأسنة الْجِرَاحَات الَّتِي تحدثها الرماح والفتل جمع فَتِيلَة وَهِي الَّتِي تجْعَل فِيهَا الطَّبِيب المرهم ليوصله إِلَى الْجرْح الْمَعْنى يُرِيد أَنه تتبع أثار الفجائع فسلى عَنْهَا بجوده وتقصي بقايا المكاره فعزى عَنْهَا بِفِعْلِهِ وتلافى ذَلِك كَمَا تتلافى جراح الأسنة بالفتل الَّتِي تجبر وتدفع عواديها وألمها وَفِيه نظر إِلَى قَول بشامة بن حزن (بِيضٌ مَفارِقُنا تَغْليِ مرِاجِلنا ... نَاْسو بأمْوالِنَا آثارَ أيْديِنا) 32 - الْإِعْرَاب الثاكلات فِي مَوضِع نصب عطفا عَن كل تَقْدِير شفي كل والثاكلات وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع جر والعطف أولى وَأظْهر الْغَرِيب الثاكلات جمع ثاكلة وَهِي الَّتِي ثكلت وَلَدهَا بِمَوْت أَو قتل وَهن المفجعات والنوال الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول أدْرك آثَار النَّاس وشفاهم بِسَيْفِهِ وشفى الثاكلات من ثكلهن وَالْمعْنَى أَنه عَم بِالْإِحْسَانِ وَالْفضل وأجار بكرمه من نَوَائِب الدَّهْر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 - الْغَرِيب تروق تعجب وتحسن وحاد مَال وَرجع الْمَعْنى يَقُول هُوَ عفيف عَن كل شَيْء وَعَن كل أُنْثَى فَلَو نزلت الشَّمْس لشوقها إِلَيْهِ لمَال عَنْهَا إِلَى الظل وَهَذَا من الْمُبَالغَة فِي الْعِفَّة وَأَنه أحسن من الشَّمْس لِأَنَّهُ جعل الشَّمْس تشتاقه فَلَو نزلت مشتاقة إِلَى غرته لمَال إِلَى الظل غير مسعد لَهَا 34 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ شُجَاع كَأَن الْحَرْب عاشقة لَهُ فَهِيَ عِنْد زيارته لَهَا وَمَا يتسرع إِلَيْهِ من الْإِلْمَام بهَا تفديه من الْخَيل وَالرجل بِمَا يَطْلُبهُ وَتمكن لَهُ من الصنع افضل مَا يرغبه وَهَذَا من غَرِيبه الَّذِي لم يسْبق إِلَيْهِ 35 - الْغَرِيب تصدى تعطش والصدى الْعَطش والبذل الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ رَيَّان الْجَوَارِح بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من صيانته مبرقع عَن الْمَحَارِم بِمَا تؤثره من توفير مروءته نَفسه لَا تعطش إِلَّا الْخمر ورأيه لَا يعدل بِهِ إِلَى الْبَاطِل وَاللَّهْو لكنه عطشان من الْكَرم فيداه لَا تروى مِنْهُ ورغبته لَهُ تتأكد فِيهِ ورأيه لَا ينْصَرف ويروي نداه بالنُّون أَي كرمه 36 - الْمَعْنى يَقُول تَمْلِيكه وتمكين الله لأَمره وتأييده على مَا يُوجب لَهُ تَعْظِيم قدره مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من إِيثَار الْإِحْسَان وَمَا يعْتَقد من مُوَاصلَة التطول والأنعام شَهِيد بوحدانية الله وعدله وَمَا جدد لِعِبَادِهِ من لطائفه وصنعه وَحَيْثُ ملك عَلَيْهِم من هُوَ عفيف محسن 37 - الْغَرِيب اللَّيْث الْأسد والشبل ولد الْأسد الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى لَا تعْمل أَنْيَاب الْأسد مَا يعْمل سَيْفه فِي كَفه فَكَأَنَّهَا لَيست مَوْجُودَة وَلَيْسَ الْمَعْنى مَا ذكره وَإِنَّمَا الْمَعْنى مَا دَامَ قَائِم سَيْفه فِي كَفه لم يتسلط أَسد على فريسة لانه يصده بِسَيْفِهِ أَن يعدو على النَّاس وَالْمعْنَى مَا دَامَ يهز سَيْفه الْأسود ذليلة لَا تخَاف عاديتها وأنيابها كليلة لَا تتَوَقَّع مضرتها 38 - الْمَعْنى مَا دَامَ يقلب كَفه بالبذل فَلَا يحل لأحد دَعْوَى المكارم وَالْمعْنَى مَا دَامَ يقلب كَفه بِمَا يستعملها فِيهِ من الْكَرم ويمطره من سحائب النعم فَلَا أحد فِي حل من دَعْوَى المكارم وَلَا من الانتساب إِلَى مَا انْفَرد بِهِ من الْفَضَائِل لِأَنَّهُ المستولى على ذَلِك وَالْمُنْفَرد فِيهِ بجميل الذّكر 39 - الْغَرِيب الطَّهَارَة التبري من الدنس الْمَعْنى يَقُول هُوَ مستبصر فِي إِيثَار الْفضل مجبول على الْكَرم والبذل يكره الْبُخْل وينافره ويبغضه وَيُخَالِفهُ وَلَا يعد الدنس إِلَّا فِي الالتباس بِهِ وَلَا الطَّهَارَة إِلَّا فِي المجانبة لَهُ 40 - الْمَعْنى يُرِيد لَا قطع الله أصلا أَنْجَب لنا مثله وحرس النَّسْل الَّذِي نشر علينا فَضله فَإِنِّي رَأَيْت الْفُرُوع إِنَّمَا تطيب بِحَسب طيب أُصُولهَا وتكرم بِمِقْدَار كرم من إِلَيْهِ مصيرها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 - 1 الْغَرِيب ثلثت الرجلَيْن صرت ثالثهما والإرزام حنين الْإِبِل وَمِنْه الرزمة صَوت السَّحَاب والطلل مَا أشرف من بقايا الديار الْمَعْنى كن أَيهَا الطلل ثَالِثا فِي الْبكاء على فقد الْأَحِبَّة فَنحْن نبكي وَالْإِبِل تحن مَعنا تساعدنا بالبكاء على مَا غيرته الْأَيَّام من بهجتك وأذهبت من غضارتك وَجَدْتُك ووصلته من بعد أحبائنا العامرين لَك الجامعين شَمل السرُور بك فَإنَّا نبكي فِيك ونوقنا ترزم ونندب ساكنيك ودموعنا تسجم وَفِيه نظر إِلَى قَول البحتري (اطْلُبا ثالِثا سِوَايَ فإّني ... رَابِعُ العِيسِ وَالدُّجَى وَالبِيدِ) الحديث: 217 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 وَأخذ التهامي معنى قَول أبي الطّيب فِي قَوْله (بَكَيْتُ فَحَنَّتْ نَاقَتي فأجاَبها ... صَهِيلُ جَوَادِي حينَ لاحَتْ دِيارُها) 2 - الْمَعْنى يَقُول لَا عتب عَلَيْك فِي ترك الْبكاء فَإِن الطلول لَيْسَ من عَادَتهَا الْبكاء فَهِيَ فاعلة لمثل هَذِه الفعلة فِي ترك المساعدة على الْبكاء يعذرهُ فِي ترك الْبكاء 3 - الْمَعْنى يَقُول لَو كنت تنطق لَقلت صَادِقا غير مكذب ومعذورا غير مؤنب إِن الَّذِي أشكوه وأظهره تَقول عِنْد الَّذِي تخفيه وتضمره وَأَن دَلَائِل مَا تطويه من الأسف بادية وَأَن شواهده وَإِن صمت منادية 4 - الْغَرِيب الشغف إحراق الْحزن للقلب الْمَعْنى يَقُول لَقلت الَّذِي بِي أَكثر من الَّذِي بك لأَنهم شغفوك حبا فأذهبوا قَلْبك وقتلوني بارتحالهم عني والقتيل لَا يقدر على الْبكاء قَالَ أَبُو الْفَتْح فَإِن قيل فَإِذا قدر على أَن يجِيبه فَهَلا بَكَى مَعَه قُلْنَا إِن كلفة الْبكاء أَشد من كلفة الْكَلَام وَلَيْسَ على أبي الطّيب فِي هَذَا دخل لِأَنَّهُ مَا قَالَ لَو قدر على الْكَلَام لقدر على الْبكاء 5 - الْإِعْرَاب إِن الَّذين يجوز أَن يكون من كَلَام الطلل مُتَّصِلا بالْكلَام المحكي عَنهُ وَلَا يمْتَنع أَن يكون من خطاب أبي الطّيب لَهُ فَيجوز ضم التَّاء وَفتحهَا من أَقمت الْغَرِيب الدول جمع دولة وَهِي مُدَّة مقَام الْأَحِبَّة فِي الطلل الْمَعْنى يَقُول للطلل إِن الَّذين رحلوا عَنْك وبعدوا بجماعتهم أيامهم للديار الَّتِي يحلونها والمنازل الَّتِي يتخيرونها دوَل سرُور مُسْتَقْبلَة وَأَيَّام جذل مستأنفة وَالَّذِي صرف عَنْك من ذَلِك يوحشك وَمَا منعته مِنْهُم لَا محَالة يؤلمك 6 - الْمَعْنى يَقُول الْحسن يرحل مَعَ الَّذين هاجنا الْحزن لرحيلهم وَينزل مَعَهم بِالْمَكَانِ الَّذِي ينزلونه فَلَا يفارقهم انقياد لأمرهم وَلَا يتَأَخَّر عَنْهُم كلفا بهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 - الْإِعْرَاب الظّرْف يتَعَلَّق بِمَا قبله يُرِيد أَن الْحسن فِي مقلتي رشأ يرحل برحيله الْغَرِيب الرشأ ولد الظبية الصَّغِير وَالْحلَل جمع حلَّة وَهِي الْقَوْم المجتمعون فِي بيُوت مجتمعة للنزول والبدوية الساكنة البدو والبداوة بِالْفَتْح وَالْكَسْر الْإِقَامَة فِي الْبَادِيَة وَهِي خلاف الْحَاضِرَة وَقَالَ ثَعْلَب لَا أعرف الْفَتْح إِلَّا عَن أبي زيد وَحده وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ بداوي الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحسن يرحل فِي مقلتين مستعارتين من ظَبْي صَغِير تدبرهما امْرَأَة سَاكِنة البدو وَقد فتنت بهما أهل الْحلَل الَّذين حلوا مَعهَا يُرِيد أَن الْجَمِيع الْحسن الَّذِي أرفع فِي وَصفه وَأَطْنَبَ فِيمَا اجتلب من ذكره فِي مقلتي ظَبْي تديرهما سَاحِرَة الطّرف ناعمة ظَاهِرَة الظّرْف تفتن من رَآهَا 8 - الْإِعْرَاب روايتنا فِي صدودها بِالنّصب والجر عَن شَيْخي فالنصب عطف على طول والجر عطف على هجرتهَا الْمَعْنى يَقُول إِن المطاعم وَهِي الْأَطْعِمَة تَشْكُو قلَّة رغبتها فِيهَا وَهُوَ حميد فِي النِّسَاء وَدَلِيل على الخفر يُرِيد أَنَّهَا قَليلَة الْأكل ثمَّ قَالَ إِن هجرت الطَّعَام فَإِن من عاداتها الهجر فَإِنَّهَا لَا تواصل أحدا وَمن الَّذِي تواصله مَعَ موضعهَا من الْجَلالَة والرفعة والمنعة 9 - الْإِعْرَاب الْجُمْلَة الابتدائية فِي مَوضِع الْحَال من تركته وَمَا أسأرت بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره تركتهه كَقَوْلِك مَا ضربه زيد عَمْرو الْغَرِيب السؤر مَا أبقاه الشَّارِب لغيره وَالْجمع الإسار وَإِذا شربت فأسئر أَي أبق والنعت مِنْهُ سآر على غير قِيَاس وَقِيَاسه مسئر وَنَظِيره أجْبرهُ فَهُوَ جَبَّار قَالَ الأخطل (وشارِبٍ مُربِحٍ بالكأسِ نادمَنِي ... لَا بالحصُورِ وَلَا فِيها بسَئَّارِ) يُرِيد لَا يسئر كثيرا وَأدْخل الْبَاء فِي الْخَبَر لانه ذهب بِلَا مَذْهَب لَيْسَ لمضارعته لَهُ فِي النَّفْي والقعب قدح من خشب مقعر وحافر مقعب مشبه بِهِ وَالْجمع قعبة الْمَعْنى يَقُول الَّذِي أبقته فِي الْقدح من شرابها تركته مسكا وَعَسَلًا يُرِيد عذوبة رِيقهَا وَطيب نكهتها وان سؤرها كالمسك فِي أرجه وفوحه وَالْعَسَل فِي حلاوته وطيبه وَفِيه نظر إِلَى قَول جميل (فَلَو تَفَت فِي البَحْرِ وَالبَحْرُ مالِحٌ ... لَعادَ أُجاجُ البَحْرِ مِن رِيقِها عَذْبا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 - الْغَرِيب الثمل السَّكْرَان والثمل السكر الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَت لي عاذلتي على الْعِشْق أَلا تصحو من بطالتك فَقلت لَهَا أَخْبَرتنِي فِي فحوى كلامك حِين أَمرتنِي بالصحو إِن الْهوى سكر لَان الصحو لَا يكون من غير السكر وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه كَانَ غافلا عَن حَال نَفسه لشدَّة هيمانه وَإِنَّمَا نبهته على أَنه سَكرَان من الْهوى انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى قلت لَهَا إِن الْهوى سكر يغلب على الْعقل والمبتلى بِهِ لَا يصغي إِلَى الْمَلَامَة والعذل 11 - الْغَرِيب فناخسر من أَسمَاء الدليم وَهُوَ اسْم عضد الدولة وصبحكم أَتَاكُم صباحا للغارة يُقَال صبحهمْ وصبحهم مشددا ومخففا إِذا أَتَاهُم صباحا للغارة قَالَ الشَّاعِر (ونْحنُ صبَحْنا آل نجْران غَارة ... تمِيم بْن مُرّ والرّماح الدَّواعسا) تَمِيم بن مر بدل من غَارة والرماح معطوفة عَلَيْهِ والغزل الكلف بِأُمُور النِّسَاء الْمَعْنى يَقُول لَو أصبح أَرْضك هَذَا الممدوح مَعَ عفته وجده فِي الْأُمُور واعتبرنا جيشان بجيوشه وبرزت لَهُ وَحدك لعافه غزل الْحبّ عَمَّا استظهر بِهِ من الجموع للحرب قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا أحسن مَا كنى عَن الْهَزِيمَة بقوله عاقه الْغَزل وَقَالَ ابْن فورجة لَو كَانَت هَذِه إِحْدَى السعالي لما هزمت أحد فَكيف عضد الدولة وَمَا وَجه الْهَزِيمَة عَمَّن تُوصَف بالْحسنِ وَيُقَال فِيهَا بدوية فتنت بهَا الْحلَل وَإِنَّمَا هَذَا وصف لعضد الدولة بالرغبة عَن النِّسَاء والتوفر على الْجد ثمَّ لما بَالغ فِي وصف هَذِه وَأَرَادَ الْخُرُوج إِلَى الْمَدْح أَتَى بالغاية فِي ذكر حسنها حَتَّى لَو أَن عضد الدولة مَعَ توفره وجده على تَدْبِير الْملك لَو تعرضت لَهُ هَذِه الْمَرْأَة لقدحت فِي قلبه غزلا عاقه عَن الرُّجُوع عَنْهَا أَلا ترَاهُ يَقُول بعده مَا كنت فاعلة وضيفكم وَكَيف يُضَاف المنهزم وَإِنَّمَا غلط أَبُو الْفَتْح لما سمع قَوْله وَتَفَرَّقَتْ عَنْكُم كتائبه وَإِنَّمَا تتفرق عَنْكُم حِينَئِذٍ عَنْهُم لتوفرها على الْغَزل وَاللَّهْو وَلَذَّة الظفر بالحبيب 12 - الْغَرِيب الْكَتَائِب جمع كَتِيبَة وَهِي جمَاعَة من الْخَيل الْمَعْنى يَقُول لتفرقت كتائبه عَنْكُم ويئست عَمَّا تحاوله مِنْكُم والملاح خوادع الْعُقُول والكلف بِهن من أَسبَاب الذهول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 - الْمَعْنى يَقُول مَا كنت فاعلة وضيفك ملك الْمُلُوك وَسيد السادات وسبيل من حل بِهِ أَن يظْهر إجلاله وإعظامه وَأَن يلْتَزم مبرته وإكرامه وشأنك الْإِعْرَاض وَالْبخل وخلقك التثاقل والكسل 14 - الْغَرِيب الْقرى مَا يتَكَلَّف للضيف من الطَّعَام وَغَيره الْمَعْنى يَقُول أَكنت تمنعين من قراه فتفتضحى فِي فعلك أم تسمحين بذلك فتخرجي عَن الْمَعْهُود من أَمرك 15 - الْغَرِيب الْجور خلاف الْعدْل وَأَصله الْميل عَن الْحق وَعَن الطَّرِيق والوجل وَالْخَوْف الْمَعْنى يَقُول لَا يحل بِحَيْثُ حل من مَنَازِله وَلَا يصير فِيمَا يسْتَقرّ بِهِ من موَاضعه بخل وَلَا وَجل يعْتَرض فِيمَا بسط الله لَهُ من الدعة والأمن 16 - الْغَرِيب الطنب اعوجاج فِي الرمْح الْمَعْنى يَقُول لاستقامته واعتداله فِي الْأُمُور إِذا ذكرنَا اسْمه اعتدل لَهُ الرمْح المعوج 17 - الْمَعْنى يَقُول أَنه سَاس الْملك وَأحسن سياسته وعمرت الأَرْض بِهِ أحسن عمَارَة وأربى فِي إحاطته على الْمُلُوك الَّذين كَانُوا قبله وَزَاد على سير الْحُكَمَاء الْأَوَّلين فَإِن لم يكن من قبله من الْمُلُوك عجز عَمَّا أبداه فِي السياسة وَأظْهر فقد قصر فِي أَن أهمل ذَلِك وأغفله وَالْمعْنَى غفلوا عَن ذَلِك حَيْثُ لم يَسِيرُوا فِي الرَّغْبَة بسيرته الْكَرِيمَة 18 - الْغَرِيب ابْن بجدتها عَالم بدخلها وَمَا يشكل من أمورها يُقَال هُوَ عَالم بيجدة أَمرك بِفَتْح الْبَاء وَبِضَمِّهَا وبضم الْبَاء وَالْجِيم أَيْضا أَي بدخلة أَمرك يُقَال عِنْده بجدة ذَلِك أَي علمه وَيُقَال للْعَالم بالشَّيْء هُوَ ابْن بجدته الْمَعْنى يَقُول حَتَّى ملك الدُّنْيَا عضد الدولة وَكَانَ عَالما بهَا وبضبط أمورها وسياسة أَهلهَا فَشَكا إِلَيْهِ سهلها وجبلها فدبر أَمر الدُّنْيَا الرئيس الْجَلِيل الْبَصِير بمصالحها لما شكا إِلَيْهِ السهل والجبل مَا لحقهما من الْخلَل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 - الْمَعْنى يَقُول كَمَا يشكو العليل إِلَى الطّيب الَّذِي يضمن لَهُ أَن يشفيه من كل دَاء وَعلة حَتَّى لَا تعاود عِلّة يَعْنِي أَن الدُّنْيَا بِمَا كَانَ من الِاضْطِرَاب وَالْفساد فِيهَا كَأَنَّهَا شاكية إِلَى عضد الدولة وَهُوَ يقْصد تسكين الْفِتْنَة وَحسن السياسة كَأَنَّهُ ضَامِن أَن لَا يعاود الدُّنْيَا مَا تشتكيه وَهُوَ من قَول الأخيلية (إذَا هَبطَ الحَجَّاجُ أرَضاً مَرِيضَة ... تَتَبَّعَ أقْصَى دائِها فَشَفاها) 20 - الْغَرِيب فَلَا كذبت دُعَاء اعْتِرَاض بَين الْفِعْل وَالْفَاعِل الْمَعْنى يَقُول قَالَت شجاعته أَقْدَام فَمَا لنَفسك أجل تخشاه كآجال النَّاس وَقَوله لَا كذبت قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ دُعَاء لَهُ بِالْبَقَاءِ هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى قَالَت شجاعته فِيمَا مثلته لنَفسِهِ وانعقدت عَلَيْهِ حَقِيقَة أمره من الجراءة أَقْدَام فَلَا أكذبها الله فِيمَا ضمنته لَهُ من الْفَوْز وصدقها فِيمَا حسنته عِنْده من الْإِقْدَام أَي أقدم فالسلامة مَضْمُونَة لَك وَأَشْجَع فالغلبة مقرونة بك فأجلك مُؤخر لَا تحذره وَالْمَكْرُوه مَصْرُوف عَنْك فَلَا تتوقعه 21 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ النِّهَايَة عِنْد ضرب الْمثل فِي الشجَاعَة إِذا ضرب الْمثل بإعلام الشجعان وهتف فِي الْحَرْب بأبطال الفرسان فَهُوَ شُجَاع الَّذِي لَا يعدل أحدبه والبطل الَّذِي لَا تخضع رِقَاب الْأَبْطَال إِلَّا لَهُ 22 - الْغَرِيب الْوُفُود جمع وَافد وهم الَّذين يفدون على الْمُلُوك للعطاء والشكل جمع شكال وَهُوَ مَا يَجْعَل فِي قَوَائِم الْفرس وَالْعقل جمع عقال وَهُوَ مَا يرْبط بِهِ يَد الْبَعِير الْمَعْنى يَقُول الْوُفُود الَّذين يفدون عَلَيْهِ لَيْسَ مَعَهم سلَاح لِأَنَّهُ لَا مطمع فِيهِ بِالسِّلَاحِ وَلَكِن ترد عَلَيْهِ زواره وَمَعَهُمْ الشكل للخيل وَالْعقل لِلْإِبِلِ فيظفرون ببغيتهم هَذَا كَلَام أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي وَالْمعْنَى أَنهم قد غنوا عَن تحمل السِّلَاح فِي الْبِلَاد لما شملها من الدعة وَمَا عَمها من السّكُون والأمنة وَأَنَّهُمْ لَا يحملون مَعَهم إِلَّا الشكل وَالْعقل متيقنين لما يختارون من هباته من الْخَيل وَالْإِبِل فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى غير ذَلِك 23 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْوُفُود القادمين إِلَيْهِ قد ظنونهم بِمَا شملهم من الْفضل وتتابع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 وتتابع عِنْدهم من الْإِحْسَان والبذل فللشكل الَّتِي جلبوها عمل فِي خيله وللعقل الَّتِي حملوها تصرف فِي بخته وَالْبخْت الْإِبِل العجمية وَهِي غير الْعَرَبيَّة وَهِي صُورَة على الْبرد والمطر غير صابرة على الْحر والعطش 24 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تلى مواهبه أَمر خيله وَإِبِله كَمَا يُقَال فلَان على يَدي عدل أَي قد ملك أمره عَلَيْهِ فَصَارَ أَحَق بِهِ مِنْهُ وَهِي يَعْنِي الْإِبِل وَالْخَيْل وَمَا بَقِي مِنْهَا بعد مَا وهبه لقوم آخَرين أَو الْبَدَل عينا أَو وَرقا وَقَالَ الْخَطِيب خيله وَإِبِله الَّتِي تأخذها الْوُفُود ثَلَاثَة أَصْنَاف فإمَّا أَن تكون موفورة قد كَانَ قبلهَا غَيرهَا فَهِيَ تسلم إِلَيْهِم وَإِمَّا أَن تكون قد بقيت مِنْهَا بَقِيَّة فهم المحكومون فِيهَا وَإِمَّا أَن تكون استبدال غَيرهَا فهم يَأْخُذُونَ الْبَدَل وَقَالَ المعري يهب أَوَائِل خيله وَإِبِله لأوائل الْوُفُود وبقيتها لمن يُفِيد بعد فَإِذا لم يبْق شَيْء وهب فِي الْوَقْت بدلهَا من الْعين وَالْوَرق وَقَالَ الواحدي تملك مواهبه مَاله من الْخَيل وَالنعَم فَهِيَ أَي الْخَيل تمسي على أَيدي مواهبه أَي تلى أمرهَا وتتصرف فِيهَا أَو بقيتها يَعْنِي مَا فضل مِنْهَا من قوم آخَرين أَو بدلهَا من الْعين وَالْوَرق يُرِيد أَن جَمِيع مَاله فِي تصرف مواهبه وَالْمعْنَى أَن تِلْكَ الْخَيل وَالْبخْت تمسي مَقْبُوضَة من قاصديه محوزة فِي تملك مؤمليه وَأَصله إِلَيْهِم على أَيدي مواهبه وَمَا بَقِي من حمل مواهبه فَإِن سبق إِلَى بَعْضهَا المتقدمون من عفاته والأولون من وفوده كَانَ لمن تلاهم من قصاده مَا بَقِي من حملهَا أَو مَا يعتاضه من بذل بدلهَا 25 - الْغَرِيب السبل بِالتَّحْرِيكِ الْمَطَر وَهُوَ بَين السَّحَاب وَالْأَرْض حِين يخرج من السَّحَاب وَلم يصل إِلَى الأَرْض والأسل الرماح الْمَعْنى يَقُول النَّاس مشتاقون إِلَى عَطاء يَده والرماح تنْبت شوقا إِلَى أَن يُبَاشِرهَا ويستعملها فِي الْحَرْب وَفِي الْبَيْت التَّقْدِيم وَتَأْخِير يُرِيد ينْبت الأسل شوقا إِلَى الممدوح يُرِيد إِلَى مباشرتها بِيَدِهِ يَعْنِي يشتاق إِلَى سبل يَده الَّتِي تنسكب بِالنعَم وَتفِيض بالآلاء والمنن وينبت الأسل رَغْبَة فِيمَا يتَّصل بذلك البل من الحكم وَمَا يتَصَرَّف بِهِ فِي الْحَرْب وَالسّلم وَفِيه تَنْبِيه على انه جواد شُجَاع 26 - الْإِعْرَاب روى من سبل بِالْحجرِ أبدله من الأول وَمن رَفعه جعله خير أبتداء مَحْذُوف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 الْغَرِيب الحواذن نبت وَالنَّفْل نبت طيب الرّيح قَالَ الْقطَامِي (ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِها الحادِي وَجَنَّبّها ... بَطْنَ الَّتِي بَطْنُها الحواذِنُ وَالنَّفلُ) الْمَعْنى يَقُول هُوَ مطر ينْبت بِهِ الْكَرم وَالْمجد وَيكثر عَلَيْهِ الشُّكْر وَالْحَمْد وَلَيْسَ ينْبت بِهِ الحواذن وَالنَّفْل وَلَا يرتعيه الشَّاء وَالْإِبِل 27 - الْغَرِيب اليلل قصر الْأَسْنَان الْعليا وَيُقَال انعطافها إِلَى دَاخل الْفَم رجل إيل وَامْرَأَة يلاء وَرِجَال يل وَنسَاء يل قَالَ لبيد (رَقَميَّاتٌ عَلَيْها ناهِضٌ ... تُكْلِحُ الأرْوَقَ مِنْهُمْ وَالأيَلُ) والأروق الَّذِي تطول ثناياه الْعليا السُّفْلى الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح فيهم يال من كَثْرَة مَا قببل النَّاس حَصى الأَرْض الَّتِي أَقَامَ بهَا بَين يَدَيْهِ كَأَنَّهُمْ قد حدث فيهم أنحاء وانعطاف إِلَى ذَلِك الْحَصَى كَمَا تنعطف الْأَسْنَان على بَاطِن الْفَم وَقَالَ الواحدي بعد نقل كَلَام أَبُو الْفَتْح أَخطَأ ابْن جنى فِي تَفْسِير اليلل بالانعطاف وَقد ذكر الْجَوْهَرِي فِي صحاحه مثل مَا ذكر أَبُو الْفَتْح وَإِلَى عطف على إِلَى الأول 28 - الْغَرِيب الضاحك جمعهَا ضواحك وَهِي الَّتِي بَين الأنياب والأضراس وَهِي ارْبَعْ ضواحك الْمَعْنى يَقُول إِن لم تخالط الْأَسْنَان حَصى أرضه عِنْد الْقبل فَلِمَنْ تصان الْقبل يُرِيد أَنه يسْتَحق التَّقْبِيل إعظاما لَهُ وإجلالا لقدره 29 - الْغَرِيب قَوْله هِيَ الْآيَات وَالرسل كَقَوْلِهِم أَبُو يُوسُف أَبُو حنفية وَكَقَوْلِه تَعَالَى {وأزواجه أمهاتهم} الْمَعْنى يَقُول على وَجهه من نور خالقه قدره تدل على الإعجاز كَمَا تدل الْآيَات وَفِيه إِشَارَة إِلَى بَيته فِي بدر بن عمار (لَوْ كانَ عِلْمُكَ بِالإلَهِ مُقسَّما ... فِي النَّاسِ مَا بَعَثَ الإلهُ رَسُولا) وَالْمعْنَى أَن الله ألْقى على وَجه هَذَا الممدوح من الْإِشْرَاق والبهجة والإجلال والمحبة مَا فِيهِ دَلِيل بَين على الْقُدْرَة وتصديق لما أخْبرت بِهِ من الرُّسُل عَن الله تَعَالَى من بَالغ الْحِكْمَة 30 - الْغَرِيب القلل جمع قلَّة وَهِي الرؤوس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 الْمَعْنى يَقُول إِذا أَبَت قُلُوب الْأَعْدَاء مَا يحكم بِهِ رضيت رؤوسهم أَن تصيبهم سيوفه 31 - الْغَرِيب الذبل الْيَابِسَة الدقاق الْمَعْنى إِذا عَصَاهُ جَيش فَلم يخفضوا لَهُ خفض أسنته لطعنهم بهَا يَعْنِي إِذا الْجَيْش توقف أَهله عَن أَن يسجدوا لَهُ سُجُود الإعصار ويعترفوا بِطَاعَتِهِ اعْتِرَاف الأقدار حكمت لَهُ رماحه بِمَا يُريدهُ ويرغبه وانقادت لأوامره فِيمَا قَصده 32 - الْغَرِيب وهسوذان هُوَ ابْن مُحَمَّد كَانَ قد هَزَمه أَبُو عضد الدولة بالطرم وَهُوَ مَوضِع فِي عراق الْعَجم والهبل الثكل تَقول الْعَرَب لأم فلَان الهبل الْمَعْنى يَقُول أرضيت يَا هوسوذان مَا حكمت بِهِ سيوف ركن الدولة واسْمه الْحسن بن بويه وَفِي حكمت ضمير يعود على السيوف أم تستزيد لأصحابك وَلَك من الْقَتْل والخزي والذل الثكل لأمك وَالصغَار لمثلك 33 - الْغَرِيب شعل جمع شعلة وَهِي القبس من النَّار الْمَعْنى يَقُول وَردت بلادك سيوفه مصلته ومعملة غير ممسكة فَكَأَنَّهَا بَين الرماح شعل نَار مضطرمة وسرج تضيء متقدة وَقد احسن فِي التَّشْبِيه 34 - الْغَرِيب الخرز ضيق الْعين والقبل إقبال إِحْدَى الْعَينَيْنِ على الْأُخْرَى وَذَلِكَ تَفْعَلهُ الْخَيل لعزة أَنْفسهَا والأعيان جمع عين تَقول أعين وأعيان وعيون قَالَ يزِيد بن عبد المدان (ولَكِننَّيِ أغْدُوا عَلَّى مُفاضَةٌ ... دِلاصٌ كَأعْيانِ الجَرادِ المُنَظَّمِ) وَقَالَ الآخر (وَقَدْ أرُوعُ فُؤادَ الغانِيات بِهِ ... حَتَّى يَملْنَ بِأجْيادِ وَأعْيانِ) الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الْقَوْم ترك وخيلهم عزيزة الْأَنْفس أَي أتوك عَلَيْهَا قَالَ ابْن فورجة كَيفَ خص التّرْك بِالذكر دون سَائِر أَجنَاس الْعَسْكَر سِيمَا وَأَكْثَرهم دَيْلَم والممدوح ديلمي وَذهب إِلَى أَن الغضبان يتخارز وَقد سمع من ذكر خرز الغضبان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 مَا لَا يحصي كَقَوْلِه (خُزرٌ عُيُونهُم إِلَى أَعْدَائِهم ... ) وَكَقَوْلِه (فَلأنْظُرنَّ إِلَى الجِبالِ وَأهْلِها ... وَإلى مَنابِرها بِطرْفِ أخْزَرِ) 35 - الْغَرِيب الْخَال الاختلال الْمَعْنى يُرِيد أَتَاك قومه وَلَيْسَ لَك بهم طَاقَة وَلَيْسَ بهم من الْقَوْم الَّذين بعدوا مِنْهُم وانفصلوا من جُمْلَتهمْ اختلال يُرِيد كَثْرَة عَسْكَر أبي عَليّ الْحسن أبي عضد الدولة وَذَلِكَ ان جمَاعَة من عَسْكَر أبي عضد الدولة انفصلوا عَنهُ ومضوا إِلَى وهسوذان وَلم يلْحق عَسْكَر ركن الدولة بهم اختلال وَأَرَادَ لمن أَتَوْهُ فَحذف عائده وَمن نأوا عَنهُ فَحذف عائده وَالْمعْنَى أَنه أَرَادَ أَن عَسْكَر ركن الدولة كَبِير لَا يخْتل بِمن مضى عَنهُ 36 - الْغَرِيب الرّيّ مَدِينَة مَعْرُوفَة مَا بَين أَرض فَارس وخراسان وَكَانَت قَاعِدَة ركن الدولة وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا رازي والفصل الْخُرُوج من قَاعِدَة الِاسْتِقْرَار إِلَى الْعَدو والقفول الرُّجُوع عَن الْعَدو والغزو الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة جيوشه بِالريِّ لم يشعروا بِخُرُوج هَؤُلَاءِ وَلَا رجوعهم إِلَيْهِم يُرِيد أَنهم لم يعلمُوا بالجيش الَّذِي هزم وهسوذان لقلتهم فِي الْجَيْش وَلَا علمُوا أَنهم قَفَلُوا إِلَيْهِ 37 - الْغَرِيب الوعل التيس الْبري الْمَعْنى يَقُول أَقبلت إِلَى الْحَرْب كالأسد تقدم إقدامه ومضيت مُنْهَزِمًا وَلَا وعل ينهزم انهزامك فَحذف الْخَبَرَيْنِ للْعلم بهما 38 - الْغَرِيب راحهم جمع رَاحَة وَهِي رَاحَة الْكَفّ والمقل جمع مقلة الْمَعْنى يَقُول لَو هسوذان تُعْطِي سِلَاحهمْ واكفهم فِي قتل جيشك وبلوغ المُرَاد من تَفْرِيق جمعك مَا لم تكن الْعُيُون تطمح إِلَى رُؤْيَة مثله وَلَا النُّفُوس تطمع بادراك نيله 39 - الْمَعْنى يَقُول أَحَق الْمُلُوك بترك مملكة ونقلها إِلَى من يغضبها مِنْهُ من خَافَ أَن تنْتَقل الرَّأْس عَنهُ وَإنَّك خفت أَن يقطع رَأسك فنجوت لِئَلَّا ينْتَقل الرَّأْس عَنْك قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ بترك مملكة لَكَانَ أوجه إِلَّا انه اخْتَار النَّقْل لقَوْله آخرا ينْتَقل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 - الْغَرِيب الدلوف الزَّحْف والتفل البصاق وَقيل دلف مشي مشيا متقاربا كمشي الشَّيْخ الْكَبِير ودلف إِلَيْهِ دنا مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا جهالتك مَا قصدت قوما تنهزم عَنْهُم بِأَدْنَى حَرْب مِنْهُم فَضرب لَهُ مثلا بِالْغَرَقِ والتفل وَالْمعْنَى لكثرتهم لَو بزقوا عَلَيْك لغرقوك وَلَو أشاروا نَحْوك لأهلكوك 41 - الْغَرِيب الغيل جمع غيلَة وَهُوَ الْقَتْل على غَفلَة الْمَعْنى يُرِيد أَن جَيْشه لَا يأْتونَ أحدا فِي خُفْيَة ليظهروا غدرا وليغتالوا عدوهم فانهم لَا يَحْتَاجُونَ فِي قهر عدوهم إِلَى الْغدر والاغتيال وَالْمعْنَى لَا يقصدون الْأَعْدَاء سرا ومخاتلة وَلَا يظفرون بهم غدرا ومحادعة 42 - الْمَعْنى يُخَاطب وهسوذان لَا تلق أَفرس مِنْك على ظُهُور الْخَيل وأنفذ مِنْك فِي شَدَائِد الْحَرْب إِلَّا إِذا ضَاقَتْ الْحِيَل بك وانقطعت طرق النجَاة دُونك يعرض بوهسوذان أَنه تعرض لِحَرْب ركن الدولة وَابْنه وَهُوَ عَاجز عَن حربهما 43 - الْغَرِيب اسْتَحى يستحي بِمَعْنى استحيا ونضلوك غلبوك والتناضل الْمُسَابقَة فِي الرَّمْي نضل الرجل إِذا ظهر عَلَيْهِ بِكَثْرَة الرَّمْي الْإِعْرَاب نضلوك أَتَى بعلامة الْجمع قبل الْفَاعِل على لُغَة أكلوني البراغيث وَيجوز أَن يكون بَدَلا من الضَّمِير كَقِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ إِمَّا يبلغان عنْدك الْكبر أَحدهمَا واستحى أَرَادَ استحيا فَحذف أجدى الياءين الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ بمستح من كَانَ مَغْلُوبًا بآل بويه لأَنهم يغلبُونَ كل أحد فَلَا يستحي من قيل لَهُ فضلوك واستولوا عَلَيْك وغلبوك فيعترف بالتقصير عَنْهُم وَيجْعَل الإذعان وَسِيلَة فِي أَن يَأْخُذ يحظه مِنْهُم 44 - الْمَعْنى يَقُول هم يعفون عَن قدرَة لما قدرُوا وَاعْفُوا وَلما عدوا وفوا بِالَّذِي وعدوه فِيمَا بَينهم وَلما سئلوا أغنوا من سَأَلَهُمْ وَلما علوا أعلوا أولياءهم وَلما ولوا النَّاس عدلوا فِيمَا بَينهم وَالْمعْنَى يُرِيد إِن بنى يويه قدرُوا بِعظم المملكة فعفوا وحمدت قدرتهم ووعدوا من انقادلهم بسعة الإفضال فوفوا وأنجزوا عدتهمْ وسئلوا التشريف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 بسلطانهم والمشاركة فِي أَمْوَالهم فأغنوا وشرفوا سائلهم وعلت أَحْوَالهم فِي الْملك وجلالة الْأَمر فأعلوا قدر المتصلين بهم وَرفعُوا منَازِل المؤملين لَهُم واتصلت بهم ولَايَة أُمُور النَّاس فشملوهم بِالْإِحْسَانِ والمعدلة ودبروا أُمُورهم فعمهم ذَلِك التَّدْبِير بِالْمَصْلَحَةِ فَمن خالفهم فَهُوَ ظَالِم وَمن ناصبهم فَهُوَ شَدِيد الاغترار بهم 45 - الْإِعْرَاب الظّرْف يتَعَلَّق بِمَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام أَي علت مَنَازِلهمْ فَوق السَّمَاء الْمَعْنى يَقُول هم قوم علو فَوق السَّمَاء وَفَوق مَا يطْلبُونَ من الْمَعَالِي فَإِذا أَرَادوا غَايَة لَا يصل إِلَيْهَا سواهُم نزلُوا إِلَيْهَا من مَرَاتِبهمْ إِذا كَانَت أشرف مَا يَلْتَمِسُونَ أَي هم وَرَاء كل غَايَة 46 - الْغَرِيب تعذر تكلّف الْعذر يُقَال تعذر وَاعْتذر وَعذر وَعذر وَمثلهَا ارتدف وردف وخصم واختصم وخصم واهتدى وَهدى وَهدى الْمَعْنى يَقُول كرمهم غلب غضبهم وكفهم عَن اسْتِعْمَال السيوف فالكاذب لكرمهم وحلمهم إِذا اعتذر إِلَيْهِم قبلوا عذره يُرِيد أَن سيوفهم حكمت عَلَيْهَا مكارمهم لشمُول عُقُولهمْ وَعُمُوم فَضلهمْ 47 - الْغَرِيب شهر السَّيْف إِذا جرده من غمده الْمَعْنى يَقُول إِذا انْقَادَ الْمُخَالف لَهُم بالْكلَام لَا يعجلون إِلَى الْحَرْب يصفهم بالحلم يُرِيد أَنهم لَا يقصدون الْمُخَالف بمساءة وضر مادام العذل يُؤثر فِيهِ وَلَا يبعد عَنهُ عفوهم إِذا استدعى عطفهم وفضلهم وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول بعض الْمُلُوك إِذا كفاني الْكَلَام لم أرفع السَّوْط وَإِذا كفاني السَّوْط لم أشهر السَّيْف 48 - الْغَرِيب كمل فِيهِ ثَلَاث لُغَات فتح الْعين وَضمّهَا وَكسرهَا وَالْكَسْر أقلهَا وَيُقَال تَكَامل وَأَبُو عَليّ هُوَ الْحسن بن بويه ركن الدولة وَالِد عضد الدولة وَأَبُو شُجَاع هُوَ فَنًّا خسر عضد الدولة الْمَعْنى يَقُول أَبُو عَليّ هُوَ الَّذِي قهر الْمُلُوك وسادهم فَهُوَ الَّذِي ظفرهم بالمملكة وَتمّ لَهُم الْكَمَال بِابْنِهِ أبي شُجَاع فَبِأَي على قهروا أعداءهم بقوته وأذلوا من خالفهم برفعته واستظهروا على مطاولهم بجلالة قدره وبأبي شُجَاع كملت لَهُم مملكتهم واستنبات على من خالفهم قوتهم وبلغوا بِهِ أرادتهم 49 - الْغَرِيب الْغرَّة الطلعة وَالْوَجْه وَالصُّورَة وَمِنْه حَدِيث الْجَنِين قضى فِيهِ رَسُول الله بغرة عبد أَو أمة وروى نَغمَة يُرِيد بَرَكَات نَغمَة أبي شُجَاع وَهُوَ الصَّوْت الْمَعْنى يَقُول حَلَفت لركن الدولة بَرَكَات غرَّة ابْنه عضد الدولة وَهُوَ مُسْتَقر فِي مهده فِي النِّهَايَة من صغر سنه بِمَا ظهر من شَوَاهِد الْبركَة والنجابة ومحايل الإقبال والسعادة أَنه لَا يفوت الْوَالِد وَولده وَمن لَاذَ بهما من أهل وَأَصْحَاب مَا يؤماون وَلَا يعجزهم مَا يحاولون وَالْمعْنَى أَن أَبَاهُ لما ولد ابْنه علم أَن الآمال انْحَازَتْ عَلَيْهِم وحصلت لَهُم فَكَأَن وَجهه وَهُوَ فِي المهد كفل لَهُم إِدْرَاك جَمِيع الآمال وَأَن لَا يعجزهم عَن بُلُوغهَا حَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 - 1 الْغَرِيب تَقول فلَان جدير بِكَذَا أَي خليق وَأَنت جدير بِكَذَا وَالْجمع جدراء وجديرون وَقَوله مَالِي وَقد ذكر جمعين الْأَيَّام والليالي وَكَانَ حَقه أَن يَقُول وَمَا لنا إِلَّا انه ذهب بالجمعين إِلَى الدَّهْر فَكَأَنَّهُ قَالَ مَا أَجْدَر الدَّهْر الْمَعْنى يُرِيد أَن الدَّهْر خليق بِأَن يَقُول مَا للمتنبي وَمَالِي يتظلم الدَّهْر مني وَلَا أتظلم مِنْهُ لِأَنِّي أكلف اللَّيَالِي وَالْأَيَّام مَا لَيْسَ فِي وسعهما وَالنَّاس يتظلمون من الدَّهْر وَهُوَ يَقُول الدَّهْر حقيق بِأَن يتظلم مني لِأَنِّي أظلمه اكلفه مَا لَيْسَ فِي وَسعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 - الْإِعْرَاب يُرِيد لَا أَن يكون هَذَا مقالي لَهَا فَحذف للْعلم بِهِ وَلَوْلَا هَذَا التَّقْدِير لما صَحَّ الْكَلَام كَمَا تَقول مَا أَجْدَر زيدا بِأَن يقوم إِلَيْك لَا أَن تقوم تُرِيدُ إِلَيْهِ فتحذنه للْعلم بِهِ الْغَرِيب الصالي للحرب الَّذِي يقاسي شدتها فشبهها بَحر النَّار الْمَعْنى أَنه أخبر عَن نَفسه بِأَنَّهُ فَتى يصلى بِنَار الحروب يقاسي شدتها 3 - الْغَرِيب الْفَحْشَاء الْإِقْدَام على مَا حرمه الله والبال الخاطر وَالنَّفس وَالْقلب والبال الْحَال تَقول مَا بالك وَفُلَان رخي البال أَي رخي النَّفس الْمَعْنى يُرِيد إِنِّي شُجَاع فماء الْحَرْب شربي وَبِه اغتسالي لشدَّة مخالطتي لَهَا وَهَذَا من الْمُبَالغَة لانغماسه فِيهَا وَأَرَادَ بالفحشاء هُنَا الزِّنَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} 4 - الْغَرِيب الجذب الشد والزراد صانع الزرد وَهِي الدروع والأذيال أسافل الثِّيَاب وَاحِدهَا ذيل وَهُوَ الَّذِي يَقع على الأَرْض والسربال الْقَمِيص وَرُبمَا سمي بِهِ الدرْع اسْتِعَارَة وَجمعه سرابيل الْمَعْنى يَقُول لَو جذب الزراد فضول ثِيَابِي حرصا على الِاتِّصَال ورغبة فِي الْمُوَافقَة مُخَيّر بَين سربال وَدرع وَلِهَذَا ثنى صنعتي سربال مُشِيرا إِلَى عمل السربالين من الْقَمِيص والدرع وَيجوز من عمل الْحَدِيد والكتان والكرسف 5 - الْإِعْرَاب مَا نَافِيَة وَهِي جَوَاب لَو وَقَوله وَكَيف لَا أَي كَيفَ لَا أكون كَذَلِك فَحذف للْعلم بِهِ الْغَرِيب السرد مداخلة حلق الدروع بَعْضهَا فِي بعض والسروال عجمي مُعرب وَهُوَ وَاحِد وَكَذَلِكَ السَّرَاوِيل وَعند بَعضهم جمع وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ أشبه مَا لَا ينْصَرف وَهُوَ الْجمع الْمَعْنى يَقُول لَو خيرني الزراد بَين صنعتي سربال وَدرع لما اخْتَرْت سوي سربال من حَدِيد أحصن بِهِ عورتي وَلَا أُبَالِي بعد ذَلِك بانحسار جَسَدِي وَهَذَا مَأْخُوذ من فعل على عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ درعه صَدرا بِلَا ظهر لِأَنَّهُ كَانَ لَا يولي قطّ والإدلال الْفَخر والتيه يُقَال فلَان مدل بِكَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 - الْغَرِيب الْمَجْرُوح وَالشمَال فرسَان كَانَتَا لعضد الدولة الْمَعْنى وَكَيف لَا أكون كَذَلِك وَأَنا أَفْخَر بِفَارِس الْعَرَب والعجم سيد الْأَبْطَال وهازم الرِّجَال وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِمَا قبلهَا وَهُوَ إدلالي 7 - الْغَرِيب الجريال صبغ أَحْمَر يشبه بِهِ الْخمر والقفص جبل من الأكراد أَصْحَاب أخبية والخالي الذَّاهِب الْمَعْنى يُرِيد أَنه يسْقِي الْأَوْلِيَاء الْخمر والأعداء الْمَوْت وَأَنه صَبر هَذَا الجيل كأمخس الْمَاضِي لأخبر لَهُم لِأَنَّهُ أفناهم بِالْقَتْلِ 8 - الْغَرِيب الإجفال الِاجْتِهَاد فِي الْهَرَب بِسُرْعَة والفر الْفِرَار الْإِعْرَاب عَن بِمَعْنى الْبَاء يُرِيد بِالْقِتَالِ كَمَا تَقول مرض زيد عَن شرب كَذَا أَو أكله أَي بشر بِهِ أَو أكله وَيجوز أَن تكون على بَابهَا فَيكون مَنعهم عَن الْقِتَال بجيشه وقوته حَتَّى اتَّقوا بالفرار والإسراع فِي الْهَرَب من بَين يَدَيْهِ وَقَالَ الواحدي قَتلهمْ ذللهم وَمِنْه (فِي أعْشارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ ... ) وشراب مقتل إِذا سكنت سورته بِالْمَاءِ 9 - الْغَرِيب الجالي الهارب عَنهُ بالجلاء وَأَصله الْإِخْرَاج من الوطن كرها والفرسان جمع فَارس والعوالي الرماح الْمَعْنى أَنه صيرهم بَين هَالك أهلكه التَّعَرُّض لحربه وطائع أَنْجَاهُ التَّسْلِيم لأَمره وجال هارب فِي الأَرْض على وَجهه قد لج فِي الفراز يطْلب الْخَلَاص لنَفسِهِ وَعَاد إِلَى الممدوح فَقَالَ لما فرغ من إهلاك القفص عَاد إِلَى اقتناص الفرسان من أعدائه أعدائه بعوالي رماحه ومواضي سيوفه 10 - الْغَرِيب الْعتْق جمع عَتيق وَهِي السيوف الْقَدِيمَة المحدثة الحديثة الْعَهْد بالصقال الْمَعْنى يُرِيد أَنه لما أفنى الْأَعْدَاء برماحه وسيوفه سَار يصيد الْوَحْش المعتصمة بالجبال الشامخة حَتَّى لَا يسلم مِنْهُ ذُو مَنْعَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 - الْإِعْرَاب عطف الظّرْف على الظّرْف الأول وَهَذِه الأبيات مُتَعَلقَة بَعْضهَا بِبَعْض وَقَوله سَار فعل مَاض جَوَاب الظّرْف فِي قَوْله لما أصار القفص الْغَرِيب رقاق الأَرْض اللينة الوطيئة والأوصال جمع وصل من أَعْضَاء الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول سَار للصَّيْد يطَأ الدِّمَاء لِكَثْرَة الْقَتْلَى الَّذين قَتلهمْ وَتَطَأ خيله وَرِجَاله مَا سفك من دِمَاء الْإِنْس فِي وقائعه وَمَا انْفَصل من أَعْضَاء أعدائه فِي ملامحه 12 - الْإِعْرَاب مُنْفَرد نَصبه على الْحَال من قَوْله سَار الْغَرِيب الْمهْر الْفرس الصَّغِير السن والرعال الْقطعَة من الْخَيل وَاحِدهَا رعلة والملال والملل وَاحِد الْمَعْنى يَقُول سَار وَحده مُنْفَردا عَن جَيْشه يتقدمهم من غير مَال لَهُم لعظم همته أَن يدنو مِنْهُ أحد وليتأمل عسكره ويميزه ويتفقده وَلَو اخْتَلَط بِهِ لم يتَبَيَّن لَهُ قدر عسكره 13 - الْغَرِيب الضن والضنة والضنانة لُغَات فِي الْبُخْل وَمِنْه قِرَاءَة نَافِع وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين أَي بخيل وَالْقِرَاءَة الْأُخْرَى بالظاء والانسلال مصدر انْسَلَّ بِمَعْنى خرج من بَين أَصْحَابه فِي خُفْيَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لوذا} الْمَعْنى يَقُول فعل ذَلِك بخلا بِنَفسِهِ عَن صحبتهم لَا أَنه يُرِيد أَن يسْتَبْدل بهم غَيرهم ويصف جَيْشه بالوقار فَلَا أحد ينْطق وَلَا فرس يصهل إجلالا لَهُ وتعظيما 14 - الْغَرِيب التصهال تفعال من الصهيل والمختال المعجب بِنَفسِهِ والمتكبر فِي مَشْيه الْمَعْنى يَقُول الْخَيل تضرب على الصهيل تأديبا لَهَا وفوقها كل رجل عليل فِي سُكُوته وتصاغره هَيْبَة لعضد الدولة وَهُوَ فِي همته مختال 15 - الْمَعْنى يَقُول كل وَاحِد مِنْهُم يمسك فَاه أَن يسعل هَيْبَة لَهُ وَقد طَال مقَامه من الْغَدَاة إِلَى الزَّوَال كل هَذَا إجلال لَهُ ولحرمته وَيُقَال مطلع بِكَسْر اللَّام وَفتحهَا وبالكسر قَرَأَ الْكسَائي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 - الْغَرِيب يثل ينسج وَيرجع إِلَى موئل والآلي المقصر والأدغال الآجام وَهِي الشّجر الملتف الْوَاحِد دغل وانغل دخل فِي الشّجر الْمَعْنى يَقُول لم ينج من الطير مَا لم يقصر فِي طيرانه فَكيف بِمَا قصر وَلم ينج من الْوَحْش مَا عدا فَدخل الآجام واستتر بالأدغال 17 - الْغَرِيب الرِّجَال جمع دحلة وَهِي هوية من الأَرْض يجْتَمع فِيهَا مَاء وتنبت الْقصب وَتجمع أَيْضا على أدحل وَحرَام اللَّحْم كالخنزير والسبع والنمر وَغَيرهَا الْمَعْنى يَقُول وَلَا نجا من الْوَحْش الَّذِي احتمى بالدحال يُرِيد لِكَثْرَة جَيْشه لَا يفوتهُمْ من الطير والوحش شَيْء 18 - الْإِعْرَاب سقيا مصدر وَهُوَ دُعَاء لَهَا أَن يسقيها الله سقيا الْغَرِيب الدشت بِالْفَارِسِيَّةِ الصَّحرَاء وَهُوَ الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ الصَّيْد والطول بِكَسْر الطَّاء وَهُوَ جمع الطَّوِيل الْمَعْنى يَقُول النُّفُوس معدة للآجال حَتَّى تأخذها ثمَّ دَعَا لدشت الأرزن وَهُوَ مَوضِع فِي بِلَاد طبرستان فِيهِ الأرزن وَهُوَ شجر يطول ويعظم 19 - الْغَرِيب الفيح جمع فيحاء وَهِي الواسعة والأغيال جمع غيل وَهِي الأجمة للأسد وَالْخِنْزِير وَغَيرهمَا والريبال الْأسد وَيجوز فِي مجاور الحركات الثَّلَاث فالرفع خبر ابْتَدَأَ مَحْذُوف وبالجر نعت لدشت وَبِالنَّصبِ حَال الْمَعْنى يَقُول هَذَا الدشت بَين المروج وَالْآجَام مجاور السَّبع وَالْخِنْزِير وَفِيه كل نوع من الصَّيْد وَالْحَيَوَان فخنزير مجاور أسده 20 - الْغَرِيب الخنانيص جمع خنوص وَهُوَ ولد الْخِنْزِير والأشبال جمع شبْل وَهُوَ ولد الْأسد والدب مَعْرُوف والاستشراف الإطلال يُرِيد أَن أَوْلَاد الْخَنَازِير قريبَة من جراء الْأسد والدب مشرف على الغزال لِأَن الدب جبلي والغزال سهلي ويروي مشرف بِمَعْنى المشرف يُقَال أشرف واشترف وَمِنْه قَول جرير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 (مِنْ كُلّ مُشْتَرِفٍ وَإنْ طالَ المَدَى ... ) 21 - الْمَعْنى يُرِيد الأضداد والأشكال مجتمعة فِي هَذَا الْمَكَان مَوْجُودَة كالأرانب والثعالب والظباء فَهِيَ أشكال بَعْضهَا مُوَافق لبَعض وَهِي أضداد للسباع وَالسِّبَاع أشكال يُرِيد أَن هَذَا الْموضع خَال لانعزاله وَبعده عَن الْإِنْس والأضداد والأشكال فِيهِ مُتَقَارِبَة وَالسِّبَاع والظباء والنوق متسالمة 22 - الْغَرِيب فناخسر اسْم بِالْفَارِسِيَّةِ لعضد الدولة الْمَعْنى يَقُول كَأَن الممدوح ذَا الْإِحْسَان وَالْفضل الْمُقدم فِي جلالة الْقدر خَافَ على أَجنَاس هَذَا السبَاع والوحوش مَعَ مَا هِيَ عَلَيْهِ من الْكَثْرَة واتفاق الأضداد والأشكال فِيهَا بِالْجُمْلَةِ حَال النُّقْصَان وَأَرَادَ أَن يحملهَا من التَّمام بأرفع مَكَان فجَاء بالفيال وفيله وأردفها بمقانب خيوله ليكمل أمرهَا باجتماع الْحَيَوَانَات فِيهَا فَأَتَاهَا بِمَا لم يكن فِيهَا وَهُوَ الْفِيل يُرِيد أَنَّهَا قد جمعت الأضداد قَالَ (زُرْجانب القَصْر نِعْمَ القَصرُ والوادي ... مَا شِئْت مِنْ حاضرٍ فِيه ومِنْ بادى) (تجْرِي قَراقُرهُ والعِيْسُ واقفَةٌ ... والضّبُّ والنُّونُ والملاَّحُ والحادِي) 23 - الْغَرِيب الأيل جمع أيل وَهُوَ التيس الْجبلي والوهق حَبل يثنى على صناعَة تُؤْخَذ فِيهِ الدَّابَّة وَالْإِنْسَان إِذا رام من يَقع فِيهِ عدم التَّخَلُّص شدّ عَلَيْهِ وَهَذَا الْبَيْت الرِّوَايَة فِيهِ أيل بِضَم الْهمزَة وَقيل هُوَ جمع إيل وَالْمَعْرُوف أياييل وَوزن أيل فعل مثل القنب والقلق وَفعل لَا يجمع على فعل إِنَّمَا فعل جمع فَاعل كصائم وَصَوْم وَرَاكِع وَركع وَسَاجِد وَسجد الْمَعْنى يَقُول صيدت الأيايل وقيدت بالحبال والوهوق حَتَّى صَارَت طَوْعًا لَهَا تقتاد بهَا يُرِيد أَن المسنة من تيوس الْجبَال فِي الحبال مغلولة وَفِي وهوق الفرسان والرجالة مَعْلُومَة مَمْلُوكَة 24 - الْغَرِيب النعم والأنعام الْإِبِل وَالْغنم وَقيل النعم الْإِبِل والأنعام المَال الراعية وَالنعَم يذكر وَلَا يؤنث يَقُولُونَ هَذَا نعم وَارِد وَيجمع على نعْمَان مثل جمل وجملان وَقَالَ الْجَوْهَرِي الْأَنْعَام تذكر وَلَا تؤنث قَالَ الله تَعَالَى {نسقيكم مِمَّا فِي بطونه} وَفِي مَوضِع آخر مِمَّا فِي بطونها وَجمع الْجمع أناعيم والأجذال جمع جذل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 وَهُوَ أصل الشَّجَرَة إِذا قطع أَعْلَاهَا ويبس جمع يَابِس شبه قُرُون الأيايل بِأَصْل الشّجر وَجعلهَا معتمة بهَا والإرسال الْقطع من الْإِبِل الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا كَانَت شَدِيدَة الْعَدو فانقادت طَائِعَة تسير سر الْإِبِل معتمة بقرونها الَّتِي كَانَت أصُول الشّجر الْيَابِس 25 - الْمَعْنى قَالَ أقبو الْفَتْح أثقل الْأَحْمَال الْجبَال وَقَالَ ابْن فورجة الْقُرُون لَان الْوَاحِد مِنْهَا إِذا قطع حمله حمَار أَو رجل قَالَ الواحدي قَول أبي الْفَتْح أظهر لِأَنَّهُنَّ ولدن بِلَا قُرُون وَمن الْبعيد أَن يُرَاد قُرُون أَبَوَيْهَا والتفالي فلي الرَّأْس وَالْمعْنَى يَقُول ولدن تَحت الْجبَال وقرونهن لطولها وتشعبها تمنعهن من فلي رُؤْسهنَّ لعوجهن 26 - الْغَرِيب الهزال نُقْصَان الْجِسْم من اللَّحْم والإظلال ظلّ الْقُرُون 27 - الْغَرِيب والإذلال الذل الْمَعْنى يَقُول إِذا ألتفتن إِلَى ظلّ قرونهن أرينهن أقبح الصُّورَة فَكَأَنَّهَا خلقت لإذلالهن قَالَ أَبُو الْفَتْح هِيَ تذل لِأَن الْإِنْسَان يسب بِذكر قرونهن وَإِنَّمَا يسب بِهَذِهِ السبة الْجُهَّال وَنَقله الواحدي 28 - الْغَرِيب أَرَادَ بالعضو الْقرن وَلَيْسَ هُوَ من جملَة الْأَعْضَاء لِأَن الْعُضْو مَا شَارك الْبدن فِي الْأَلَم والقرن لَيْسَ كَذَلِك فَيجوز أَن يكون سَمَّاهُ عُضْو لمجاورته الْعُضْو 29 - الخبال الْفساد الْمَعْنى يَقُول الْعُضْو إِذا تفاحش أمره وَخرج عَن الْمَعْهُود قدره فَلَيْسَ يمْنَع سَائِر الْجِسْم من فَسَاد يطرقه وَلَا يعصمه من اختلال يلْحقهُ 30 - الْغَرِيب الفدر من الوعول المسنة الضخمة وَاحِدهَا فادر وفدر وفدور قَالَ الراغي (وَكأنَّمَا انْبَطَحَتْ عَلى أثْباجِها ... فدْرٌ تَشابَهُ قَدْ يَمْنَ وُعُولا) وَتجمع أَيْضا على فوادر قَالَ الراجز (كأنَّ أْوعالاً عَشَتْ فَوَادِراً ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 والضال شجر الدّرّ الْبري تعْمل مِنْهُ القسي وَهِي جمع قَوس الْمَعْنى يَقُول وأشرفت الوعول الْعَظِيمَة ترتدي بقرونها كَأَنَّهَا لانعطافها القسي الَّتِي تعْمل من شجر الضال 31 - الْغَرِيب الْأَطْرَاف أَطْرَاف الْقُرُون والأكفال جمع كفل وَهُوَ الْعَجز والآطال الخواصر وَاحِدهَا أطل وإطل وينفذن يخرقن الْمَعْنى يُرِيد ان أَطْرَاف قُرُونهَا تنخس أكفالها وتكاد من طولهَا تنفذ من تنفذ من خواصرها يُرِيد أَنَّهَا قد انعطفت على الأكفال وكادت تنفذ من الخصور 32 - الْغَرِيب اللحي جمع لحية والسبال مَا أحَاط بالشفة الْعليا من الشّعْر وَأَرَادَ أسبلة وَإِنَّمَا وضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع كَقَوْل الشماخ وَهُوَ بَيت الْكتاب (أتَقْنِي سُلَيْمٌ قَضَّها بقَضِيضِها ... تَمَسَّحُ حَوْلِي بالبَقيِع سِباَلَها) وَيُقَال لحي ولحي بِكَسْر اللَّام وَبِضَمِّهَا الْمَعْنى شعورها قد تدلت من أعناقها كَأَنَّهَا لحي لَا تتصل بالسبال لِأَنَّهَا مُخْتَصَّة بالأعناق وَهِي لحي تصلح للضحك مِنْهَا لَا للتعظيم 33 - الْغَرِيب الأثيث من الشّعْر الْكثير الملتف والمفتال المنتن والغوالي ضرب من الطّيب وَاحِدهَا غَالِيَة 34 - الْغَرِيب الدمال زبل الدَّوَابّ وَهُوَ السرجين الْمَعْنى يَقُول لَهَا لحي كَثِيرَة الشّعْر مُنْتِنَة الرّيح لم تطيب بمسك وَلَا بِطيب بل بالبول والسرجين 35 - 36 الْإِعْرَاب شَبيهَة تروي بِالْجَرِّ على الْبَدَل من قَول أثبت وتروي بِالنّصب على الْحَال الْغَرِيب الْمُحْتَال صَاحب الْحِيلَة وَهُوَ الَّذِي يحتال على أَمْوَال النَّاس والسؤ الِاسْم من سَاءَهُ يسوء سوءا وَالسوء الْفُجُور وَالْمُنكر وَتقول رجل سوء بِالْإِضَافَة وَإِذا أدخلت عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام قلت رجل السوء قَالَ الفرزدق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 (وَكُنْتُ كَذِئْببِ السَّوْءِ لَّما رَأى دَمًا ... بِصاحِبِهِ يَوْما أحالَ عَلى الدَّمِ) وَلَا يُقَال الرجل السوء وَيُقَال الْحق الْيَقِين وَحقّ الْيَقِين جَمِيعًا لِأَن الْيَقِين هُوَ الْحق وَالسوء لَيْسَ بِالرجلِ وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو عَلَيْهِم دَائِرَة السوء بِالضَّمِّ يَعْنِي الشَّرّ والهزيمة وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْح وَهُوَ من المساءة والأدبار والإقبال مصدرا أدبر وَاقْبَلْ والدبر خلاف الْقبل ودبر الْأَمر آخِره ودبر كل شَيْء آخِره قَالَ الْكُمَيْت (أعَهْدَكَ مِنْ إولى الشَّبِيبّةِ تَطْلُبُ ... عَلى دُبُرٍ هَيهاتَ شَأْوٌ مُغَرْبُ) والقذال مُؤخر الرَّأْس والوابل الْمَطَر والنبال جمع نبلة والطود الْجَبَل وَقَوله من معال تَقول أتيت من معال بِضَم الْمِيم قَالَ ذُو الرمة (فَرَّجَ عَنهُ حَلَقَ الأغْلالِ ... جّدْبُ العُرَي وَجِرْيةُ الجِبالِ) (وَنَغَضانُ الرَّحْلِ مِنْ مُعالِ ... ) وأتيته من عل الدَّار بِكَسْر اللَّام قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّةُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ ... ) واتيته من علا قَالَ أَبُو النَّجْم (باتَتْ تَنُوشُ الحَوضَ نَوْشا مِنْ عَلا ... نَوْشا بِه تَقْطَعُ أجْوَازَ الفَلا) واتيته من عل بِضَم اللَّام وَأنْشد يَعْقُوب لعدي بن زيد (فِي كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُهُ ... مِنْ عَلُ الشَّفَّانَ هُدَّابُ الفَننْ) وَأما قَول أَوْس (فَمَلَّكَ بالَّليط الَّذِي تَحْتَ قِشْرها ... كَغِرْ قيء بَيْضٍ كَنَّهُ القَيْضُ من عُلْوِ) قَالُوا زَائِدَة لإِطْلَاق القافية وَلَا يجوز مثله فِي النثر وأتينه من عَال قَالَ د كين بن رَجَاء (ظَمْأي النَّسا مِنْ تْحتُ رَيَّا مِنْ عالْ ... ) الْمَعْنى هَذَا اللحي لَو سرحت وَكَانَت فِي وَجه ذِي حِيلَة لكَانَتْ لَهُ شبكة لصيد المَال لِأَن ذَا اللِّحْيَة الطَّوِيلَة يعظم ويظن بِهِ الحير ويؤتمن فَإِذا كَانَ محتالا خَان الْأَمَانَة وفاز بهَا بتسريح لحية وكبرها والتسريح تَخْلِيص بعض الشّعْر من بعض وَبَين قَضَاء السوء والأطفال يُرِيد أَن القَاضِي يجوز مَال الْيَتِيم بطول لحيته وهيبته فَيعْطى الْقَضَاء لذَلِك وَهُوَ قَاضِي سوء وَإِذا اسْتَدْبَرت هَذِه اللحي رايتها كَمَا تستقبلها لعظمها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 وعرضها فَهِيَ تعم الْوَجْه والقذال ثمَّ قَالَ فاختلفت يُرِيد الأيايل قد رشقت بِالنَّبلِ من أَعلَى الْجبَال وَمن سفلها فَهِيَ تَجِيء مِنْهَا وَتذهب كالمطر يَأْتِيهَا من كل جَانب 39 - الْغَرِيب العتل القسي الفارسية وَالرِّجَال جمع راجل ويروى بِضَم الرَّاء والتثقيل وَهُوَ جمع راجل أَيْضا كشاهد وشهاد والنصال جمع نصل وَهِي الحديدة المركبة فِي بِالسَّهْمِ وكبدها وَسطهَا وكبداها والناشرة وسط كل تِلْكَ الحديدة عَن يَمِينهَا وشمالها وكبد النصل مَا غلظ مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول قد أودعت قسي الرجالة فِي كل كبد من الوعول كبدين يُرِيد ان الرُّمَاة قد اثخنها بالجراح 40 - الْغَرِيب يهوين يسقطن من أعالي الْجبَال والقلال جمع قلَّة وَهِي رَأس الْجَبَل والإرقال ضرب من الْعَدو والإظلاف جمع ظلف وَهِي للوحوش كالحافر للدواب الْمَعْنى يَقُول سَقَطت هَذِه الوعول من رُؤُوس الْجبَال منحدرة على ظُهُورهَا وأظلافها صَارَت مَقْلُوبَة إِلَى فَوق وعدوها كَانَ على أظلافها فَصَارَ على ظهرهَا 41 - الْغَرِيب يرقلن يعدون والبو مَا ارْتَفع فِي الْهَوَاء الْمحَال جمع محَالة وَهِي فقار الظّهْر الْمَعْنى يَقُول هِيَ تعدو فِي الجو نازلة على ظُهُورهَا فِي طرق تسرع إيصالها إِلَى الأَرْض لِأَنَّهَا كَانَت تهوى من رُؤُوس الْجبَال إِلَى الأَرْض 42 - الْغَرِيب النيمة هَيْئَة النّوم والمكسل الكسل وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة الكسال جمع كسل وكسلان كعجال جمع عجل وعجلان والقفي جمع قفا كعصا وعصي والعجال جمع عجل الْمَعْنى يَقُول لما نزلت على قفيها جَعلهنَّ كالنائم المستلقي ينمن فِي تِلْكَ الطَّرِيق كَمَا ينَام الكسلان وَلكنهَا فِي ذَلِك أسْرع العجال لسرعة نزولهن 43 - الْغَرِيب الكلال الإعياء والتعب والضعف والضلال الْعَمى عَن الْقَصْد فَلَيْسَتْ تضل لِأَنَّهَا لَا تخطىء الحضيض الْمَعْنى يَقُول لَا يشتكين نصبا وَلَا تعبا وَلَا يخفن ضلالا وتيها لِأَنَّهُنَّ إِنَّمَا يصلن إِلَى الأَرْض من رُؤُوس الْجبَال فَمَا لَهُنَّ مقصد سوى الأَرْض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 - الْإِعْرَاب فِي النّظم تَقْدِيم وَتَأْخِير وَخبر كَانَ مقدم على اسْمهَا وَتَقْدِير الْكَلَام فَكَانَ تشويق إكثار إِلَى إقلال سَبَب الترحال عَنْهَا والترحال مصدر ارتحل وترحالا الْمَعْنى يَقُول شوقه من إكثار الصَّيْد إِلَى الإقلال مِنْهُ سأمه لكثرته فَكَانَ ذَلِك سَبَب رحيله عَنْهَا لِأَن الْعَادة فِي الصَّيْد كلما أمكن طلب الْمقَام عَلَيْهِ وَهَذَا أفرط فِي الْكَثْرَة حَتَّى سئم فلكثرة مَا صَاد من الوحوش مل الِاصْطِيَاد 45 - الْغَرِيب نجد مَا بَين مَكَّة وَالْعراق والبلبال الْهم والحزن وسلمى أحد جبلي طَيء وَالْآخر أجأ وقيال جبل فِي أَرض بني عَامر وروى ابْن جنى فِي قتال بِالتَّاءِ كمصدر الْقِتَال فَقَالَ هُوَ جبل عَال بِقرب دومة الجندل الْمَعْنى يُرِيد أَن وَحش نجد من الممدوح وخوفها مِنْهُ فِي هم وحزن وَكَذَا وَحش أَرض طَيء فهن يخفقن مِنْهُ ان يقْصد إلَيْهِنَّ 46 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح نوافر حَال من الْوَحْش وَقَالَ الْخَطِيب الأجود رفع نوافر حَتَّى يكون خَبرا لقَوْله فوحش نجد وَالْأولَى قَول أبي الْفَتْح أَي يخفن نوافر ضبابها وأورالها الْغَرِيب الضباب وأجدها ضَب وَهِي دويبة تكون فِي بِلَاد الْعَرَب يأكلونها والأورال جمع رول كورلان مثل الضَّب وَقَالَ الْخَطِيب يُقَال إِن التمساح إِذا باض على الأَرْض كَانَ ورلا وَهَذَا القَوْل لَيْسَ بِشَيْء لَان التمساح لَا يكون إِلَّا بارض مصر بصعيدها والورل فِي بِلَاد الْعَرَب فِي نجد وَغَيره وَقَوله والخاضبات جمع خاضبة وَهِي النعامة والربد جمع ربداء وَهِي الَّتِي أَرْبَد لَوْنهَا وَقيل الخاضبة الَّتِي رعت الرّبيع فاحمرت سوقها وَيُسمى الضليم خاضبا قَالَ أَبُو دَاوُد (لَها ساقا ظَلِيمٍ خاضِبٍ ... فُوجىَْ بالرُّعبِ) وَلَا يُقَال إِلَّا للظليم دون النعامة وَقَالَ الْخَطِيب رعت الرّبيع فَخَضَّبَ سوقها بزرقة والرئال جمع رأل وَهُوَ فرخ النعام الْمَعْنى يَقُول وحوش النواحي كلهَا نفرت خوفًا مِنْهُ لَا يسْتَقرّ لَهَا قَرَار على بعد الشقة الَّتِي بَين الْوَحْش وَبَين الممدوح وَهِي فِي إشفاق مِنْهُ ووجل عَظِيم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 - الْغَرِيب الظبي مَعْرُوف وَهُوَ الخشف من ولد الغزال والخنساء الْبَقَرَة الوحشية وَالذَّيَّال الثور الوحشي الطَّوِيل الذَّنب والأزوال جمع زول وَهُوَ الْحسن المعجب من كل شَيْء الْمَعْنى يَقُول إِن الْوَحْش يجمعها ظباءها وبقر وحشها ونعامها وذيالها خائفة فزعة يسمعن من اخبار عضد الدولة المعجبة المستحسنة وسطواته المخوفة المتوقعة مَا يبْعَث الخرس على أَن تسْأَل وَيجب لَهَا ان تروع وتحذر مَا يبْعَث الخرس على السُّؤَال 49 - الْإِعْرَاب الْفَاء على رِوَايَة من روى فحولها جمع حَائِل للجواب كَمَا تَقول أكثرت من الْجَمِيل فَالنَّاس كلهم يشكرونك فآتى بِالْفَاءِ لَان فعل الْجَمِيل كَانَ سَبَب الشُّكْر الْغَرِيب روى أَبُو الْفَتْح فحولها جمع فَحل وَهِي ضد الْحَامِل والعوذ الَّتِي تعوذ بهَا أَوْلَادهَا جمع عَائِذ وَهِي الحديثات النِّتَاج والمتالي الَّتِي تتلوها أَوْلَادهَا وَاحِدهَا متلية تود تتمنى وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {تود لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمدا بَعيدا} الْمَعْنى يَقُول سَائِر الوحوش تود أَي تتمنى لَو بعث عَلَيْهَا واليا فيذللها ويملكها يُرِيد أَن وَحش هذَيْن الجبلين لبعدهما عَنهُ تود لَو أَنه بعث إِلَيْهَا من يملكهَا وتذل لَهُ إعظاما لهيبته 50 - الْغَرِيب الخطم جمع خطام وَهُوَ الْإِبِل أَي الزِّمَام والمخاطم الانوف الْوَاحِد مخطم بِكَسْر الطَّاء وخطمت الْبَعِير زممته والرحال جمع رَحل لِلْإِبِلِ كالسروج للخيل والأهوال جمع هول وَهُوَ الْفَزع الْمَعْنى يَقُول يبْعَث لَهَا واليا يذلل الْوَحْش حَتَّى تنقاد فِي الأزمة والرحال فَتَصِير آمِنَة من هول الطَّرْد وَمِمَّا يُصِيبهَا من خوف الصَّيْد 51 - الْغَرِيب المسبل المَاء الهاطل من الْغَمَام يُرِيد مَاء الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول ويخمس الْوَالِي العشب مِنْهَا وَالْمَاء من رعيها ومشربها وترضى بذلك وَلَا تبالي 52 - الْغَرِيب السفار المسافرون وهم السّفر وَوَاحِد السّفر فِي الْقيَاس سَافر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 مثل صَاحب وَصَحب إِلَّا أَنه لم ينْطق بسافر وَقوم سفر وأسفار والقافل وَاحِد والقفال وَهُوَ الرَّاجِع من سَفَره الْمَعْنى يَقُول يَا اقدر النَّاس جَمِيعًا ذَاهِبًا كنت ام رَاجعا والثعالي الثعالب كَقَوْل آخر (لَها أشارِيُر مِنْ لَحمٍ تُتَمِّرهُ ... مِنَ الثَّعالي وَوَخْزٌ مِنْ أرَانِيها) فأبدل من الآسمين يَاء وَقَول الآخر (قَدْ مَرَّ يَوْمانِ وَهّذاَ الثَّالي ... ) وَالْمعْنَى يَقُول لَو شِئْت غلبت الضَّعِيف على الْقوي حَتَّى تصيد الْأسود بالثعالب 53 - الْغَرِيب الْآل السراب وَهُوَ مَا يتخيل فِي بطُون الفلوات عِنْد شدَّة الْحر يُرِيد انه مظفر لقُوَّة جده لَا يحْتَاج إِلَى آلَة الْحَرْب فِي مقاتلة الْأَعْدَاء 55 - الْغَرِيب الطَّرْد الصَّيْد والسعالي جمع سعلاة وَهِي الغول يُقَال إِنَّهَا تتمثل فِي الفلوات على صُورَة الْجِنّ وَالظُّلم جمع ظلمَة وَأَرَادَ بغائبة الْهلَال اللَّيَالِي الَّتِي لَا قمر فِيهَا الْمَعْنى يَقُول لم يبْق لَك إِلَّا أَن تصيد الغول فِي الفلوات فَلم يبْق لَك بعد مَا أذللت مُلُوك الْبِلَاد وَبَلغت فيهم غايات المُرَاد وأظهرت من الاقتدار على الْمُلُوك والوحوش النافرة والتملك لَهَا فِي تِلْكَ الْجبَال الشامخة غير طرد السعالي الَّتِي تتمثل فِي الفلوات فِي حنادس الظُّلم الَّتِي لَهَا فِيهَا أَشد الخطرات 56 - الْغَرِيب الأبال جمع آيل وَهِي الَّتِي اجتزأت بالرطب عَن المَاء يُقَال أبلت الْإِبِل إِذا اجتزأت بالرطب عَن المَاء الْمَعْنى يَقُول تصيد الثعالي بقوتك وقدرتك على ظُهُور هَذِه الْإِبِل وَخص الْإِبِل لِأَن الْخَيل لَا تقدر على الْعَمَل فِي المفاوز وَجعلهَا قد اكتفت عَن المَاء بالرطب لِئَلَّا تحْتَاج إِلَى المَاء 57 - الْمَعْنى يَقُول قد بلغك الله من مقاصدك غَايَة من مَا أملته وَقرب لَك من ذَلِك أغبط مَا حاولته فَلم تدع من الْأَشْيَاء إِلَّا مَا يَسْتَحِيل الْبلُوغ إِلَيْهِ وَلَا فاتك إِلَّا مَالا يشْتَمل مَكَان عَلَيْهِ فملكت كل شَيْء يُوصف بالوجود وَالْمَكَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 - الْمَعْنى يَقُول نسبك حلى عَلَيْك يزينك وَأَنت الْحَائِز لضروب الْحَمد فَهُوَ نسب لَك تتحلى بِهِ وَأَنت حَال مِنْهُ لفخامتك وعلو منزلتك 59 - الْغَرِيب الشنف القرط الْأَعْلَى وَجمعه شنوف مثل فلس وفلوس والحلي بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وبكسر الْحَاء وَاللَّام وَبِه قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وبضم الْحَاء وَكسر اللَّام وَبِه قَرَأَ الْبَاقُونَ وَقَرَأَ يَعْقُوب باللغة الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْت الْمَعْنى يَقُول نسبك حل عَلَيْك يزينك وَأَنت الحالي بأبيك لَا بالحلي الَّذِي تتزين بِهِ الْمَرْأَة وَذَلِكَ الْحلِيّ هُوَ نسبك وَهُوَ يزين مِنْك بالجمال فأبوك يزينك وَأَنت تزينه فالحلي يتحلى مِنْك بِمَا تكسوه من مناقبك وتؤثر فِي جماله بمكارمك 60 - الْغَرِيب المعطال الَّتِي لَا حلى عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ العاطل والعطل الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحلِيّ لَا ينفع مَعَ الْقبْح فَرب قبح يتحلى فَيكون حسن الْمَرْأَة الَّتِي لَا حلى عَلَيْهَا أحسن مِنْهُ وَالْمعْنَى غَيْرك لَا يَنْفَعهُ النّسَب الشريف كالقبح يحاول ستره بالحلي الفاخرة فتفضحه الْمَرْأَة الْحَسْنَاء المعطال مَعَ البذاذة الظَّاهِرَة قَالَ ابْن القطاع صحف هَذَا الْبَيْت كل الروَاة فَرَوَوْه قبح وَالْقَاف وَالْبَاء وَهُوَ ضد الْحسن وَلَا معنى للقبح فِي هَذَا الْبَيْت لِأَنَّهُ لَا يجهل أحد أَن الْحسن خير من الْقبْح وَقَالَ احسن مِنْهَا فَعَاد الضَّمِير على الْحلِيّ وَحدهَا وَلم يكن للقبح ذكر لِأَن الْحلِيّ مُؤَنّثَة والقبح مُذَكّر وَلَا يجوز أَن يغلب الْمُؤَنَّث على الْمُذكر وَإِنَّمَا غرهم ذكر الْحسن فظنوا أَنه قبح وَإِنَّمَا هُوَ فتخ بِالْفَاءِ وَالتَّاء وَالْخَاء الْمُعْجَمَة جمع فتخة يُقَال فتخة وفتخ وفتخات وفتاخ وفتوخ وَهِي خَوَاتِيم بِلَا فصوص يلبسهَا نسَاء الْعَرَب فِي أَصَابِع أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ 61 - الْإِعْرَاب الْبَاء فِي قَوْله بالعم مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ الْكَلَام أَي لايفخر أحد بِعَمِّهِ وخاله وَيتْرك نَفسه وأفعاله وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق بِالْهَاءِ فِي قبله وَإِن كَانَت ضمير الْمصدر لِأَنَّهُ لَا نِسْبَة بَينه وَبَين الْفِعْل وَلَا يجوز تَعْلِيق حرف الْجَرّ بِهِ وَيجوز أَن تكون الْبَاء مَعَ مَا بعْدهَا فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْهَاء فِي قلبه وَتَكون أَيْضا مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف أَي من قبله كَائِنا بالعم كَقَوْلِك هِنْد مَرَرْت بهَا من الصَّالِحَات وَالضَّمِير فِي قبله يرجع إِلَى الْفَخر الْمَعْنى إِنَّمَا يفخر الفني بشرف نَفسه وأفعاله قبل أَن يفخر بِعَمِّهِ وخاله نفخر الْفَتى بِنَفسِهِ أوكد من فخره بِعَمِّهِ وخاله وَكَمَال الشّرف أَن ينصر آخِره أَوله ويزين حَدِيثه متقدمه وَمَا أحسن مَا قَالَ البحتري (فَما الفَخْر بالعَظْمِ الرَّمِيمِ وَإنَّما ... فَخارُ الَّذِي يَبْغِي الفَخارَ بنَفْسِه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 - قافية الْمِيم 1 - الْإِعْرَاب وفاؤكما مُبْتَدأ كالربع خَبره والمبتدأ وَالْخَبَر يؤذنان بِتمَام الْكَلَام وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق بالمبتدأ بعد الْإِخْبَار عَنهُ الشَّيْء فَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق الْبَاء بِالْوَفَاءِ وَلكنهَا تتَعَلَّق بِفعل يدل عَلَيْهِ الْكَلَام وَكَأَنَّهُ لما ذكر الْمصدر وَقَالَ وفاؤكما قَالَ ووفيتما بَان تسعدا الْغَرِيب شجا شجوا وأشجاه أشده شجوا كَقَوْلِك أحزنه وأسفه والشجو الْهم والحزن شجاه يشجو شجوا إِذا أحزنه وشجى بِالْكَسْرِ يشجي شجا وأشجاه يشجيه إشجاء إِذا أغصه قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ الْمسيب ابْن زيد مَنَاة (لَا تُنْكِروُا القَتْلَ وَقَدْ سُبِينا ... فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شَجِينا) والطاسم الدارس والطامس أَيْضا والساجم السَّائِل سجم الدمع سجوما وسجاما سَالَ وانسجم وسجمت الْعين دمعها وَعين السجوم وَأَرْض مسجومة ممطورة وأسجمت السَّمَاء صبَّتْ مثل أنجمت الْمَعْنى يُرِيد أَنه يُخَاطب اللَّذين عاهداه على أَن يسعداه عِنْد ربع الْأَحِبَّة بالبكاء فَقَالَ لَهما وفاؤكما لي بإسعادي على الْبكاء كَهَذا الرّبع ثمَّ بَين وَجه الشّبَه فَقَالَ أشجى الرّبع دارسه كلما تقادم عَهده كَانَ أَحْزَن لزائره وَأَشد لحزنه وأشفى الدمع للحزن سائله المنهل الْجَارِي يُرِيد ابكيا معي بدمع ساجم فَإِنَّهُ أشفى للغليل كَمَا أَن الرّبع أشجى للمحب إِذا درس قَالَ الواحدي طلب وفاءهما بالإسعاد وَهُوَ الْإِعَانَة على الْبكاء والموافقة فِيهِ وَلذَلِك قَالَ والدمع أشفاه ساجمة وَالْمعْنَى أبكيا معي بدمع فِي غَايَة السجوم فَهُوَ أشفى للوجد فَإِن الرّبع فِي غَايَة الطسوم وَهُوَ أشجى للمحب وَأَرَادَ بِالْوَفَاءِ هَاهُنَا الإسعاد الحديث: 218 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 لانهما عاهداه على الإسعاد قَالَ وَقَالَ ابْن جنى فِي معنى هَذَا الْبَيْت كنت أبْكِي الرّبع وَحده فصرت ابكي وفاءكما مَعَه وَلذَلِك قَالَ وفاءكما كالربع أَي كَمَا ازددت بِالربعِ وبوفائكما وجدا زِدْت بكاء قَالَ ويروي الدمع بِالْجَرِّ عطفا على الرّبع يُرِيد وفاؤكما كالربع الدارس فِي الأدواء إِذا لم تحزنا عَلَيْهِ وكالدمع الساجم فِي الشِّفَاء إِذا حزنتما عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن القطاع وفاؤكما لي بالإسعاد عَفا ودرس كالربع الَّذِي أشجاه للعين دارسه فَكنت ابكي الرّبع وَحده فصرت أببكي مَعَه وفاءكما وأشتفى بالدمع الَّذِي هُوَ رَاحَة الْإِنْسَان وأشفاه للنَّفس ساجمه قَالَ وَلما انشد أَبُو الطّيب هَذِه القصيدة كَانَ ابو خالويه حَاضرا فَقَالَ لأبي الطّيب تَقول أشجاه وَهُوَ شجاه فَقَالَ لَهُ اسْكُتْ لَيْسَ هَذَا من علمك إِنَّمَا هُوَ اسْم لَا فعل قَالَ الْخَطِيب الشُّعَرَاء وَغَيرهم يَزْعمُونَ ان الْبكاء يجاو بعض الْهم عَن المكروب والمحزون قَالَ الفرزدق (ألْم تَرَ أّني يَوْمَ جَوّ سُوّيْقَةٍ ... بَكَيْتُ فَقالتْ لِي هُنَيْدَةُ مالِيا) (فَقُلْتُ لَها إنَّ البُكاءَ لَرَاحَةً ... بِهِ يَشْتفِي مَنْ ظَنَّ أنْ لَا تَلاقِيا) قَالَ لامهما على الْبكاء وأنهما لم يسعداه وَذهب بعض النَّاس إِلَى انه أَرَادَ بالمخاطبين عَيْنَيْهِ وَكَلَامه يدل على غير ذَلِك وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنه بكي وَلم يبكيا مَعَه فَكَانَ ذَلِك زَائِدا فِي كَلَامه إِعْرَاب أبي الْفَتْح قَالَ كَلمته وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَقلت لَهُ بِأَيّ شَيْء تعلق الْبَاء فَقَالَ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ فَاء فَقلت بِمَ رفعت وفاؤكما فَقَالَ لي بِالِابْتِدَاءِ فَقلت لَهُ أَيْن خَبره فَقَالَ كالربع فَقلت لَهُ هَل يَصح أَن تخبر عَن اسْم قبل تَمَامه وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة وَهِي الْبَاء فَقَالَ لَا أَدْرِي إِلَّا انه قد جَاءَ لَهُ نَظَائِر وَأنْشد الْأَعْشَى (لَسْنا كَمَنْ حَلَّتْ إيادٍ دَارَها ... بَكْرٌ بوَقْتٍ حَبُّها أنْ تُحْصَدَا) فأبدل إيادا من من أَي كأياد الَّتِي حلت دارها فدارها لَيست مَنْصُوبَة بحلت هَذِه وَإِن كَانَ الْمَعْنى يَقْتَضِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يُبدل الِاسْم إِلَّا بعد تَمَامه وَإِنَّمَا نصبها بِفعل مُضْمر دلّ عايه حلت الظَّاهِر كَأَنَّهُ قَالَ فِيمَا بعد حلت دارها وَكَذَلِكَ الْعَطف والتوكيد وَجَمِيع مَا يُؤذن بمام الِاسْم أَلا ترى أَنهم لَا يجيزون مَرَرْت بالضارب وَعَمْرو وزيدا لِأَنَّك لَا تعطف عَلَيْهِ وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة وَلَا يجيزون مَرَرْت بالضارب نَفسه زيدا لِأَنَّك لَا تؤكد وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة وَكَذَلِكَ لَا يجوز أَن تكون الْبَاء مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 {إِنَّه على رجعه لقادر يَوْم تبلى السرائر} فَيكون إِنَّه على رجعه يَوْم تبلى السرائر لقادر إِلَّا أَنه لَا يجوز إعرابه على هَذَا لِأَن الظّرْف على هَذَا التَّقْدِير يكون مُتَعَلقا بالرجع وَقد فصل بَينهمَا بِقَادِر وَهُوَ خبر إِن وَهُوَ أجبنى من الْمصدر وَلَا يجوز الْفَصْل بَين الصِّلَة والموصول بأجنبي أَلا ترى أَنهم لَا يجيزون أطعمت الَّذِي ضرب رغيفا زيدا لَان الرَّغِيف مَنْصُوب وَهُوَ أَجْنَبِي من الَّذِي ضرب وَلَا يفصل بَين الصِّلَة وَبَعضهَا الْأَجْنَبِيّ 2 - الْإِعْرَاب رِوَايَة أبي الْفَتْح وَبهَا قَرَأنَا الدِّيوَان على شَيْخي يرفع كل على انه قد تمّ الْكَلَام عِنْد قَوْله مَا أَنا إِلَّا عاشق ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ كل عاشق أَي كل عاشق حَاله وَأمره وروى أبن فورجه وَالْقَاضِي كلا بِالنّصب على انه مفعول لعاشق يُرِيد أَن أعشق كل عاشق وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فِي هَذَا الْبَيْت سُؤال وَهُوَ لَا يُقَال أعق الرجلَيْن زيد حَتَّى يشتركا فِي صفة العقوق ثمَّ يزِيد زيدا على صَاحبه فَإِذا حكم لَهما أَنَّهُمَا صفيان ثمَّ لامه أَحدهمَا فقد زَالَ عَنهُ وصف الصفاء وَحصل لَهُ وصف العقوق قُلْنَا لَهُ جَازَ لَهُ ان يَأْتِي بِهَذَا اللَّفْظ كَقَوْلِه تَعَالَى {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا} وَقد علم أَن أَصْحَاب النَّار شَرّ وَلَا خير فِي مستقرهم وانهما لم يشتركا فِي الْخَيْرِيَّة فَهَذَا نَظِيره وَقد قَالَ حبَان بن قرط الْيَرْبُوعي وَكَانَ جاهليا (خالِي بَنوُ أوْسٍ وَخالُ سَرَاتِهم ... أوْسٌ فأُّيُهمُا أرَقُّ والأَمُ) يُرِيد فَأَيّهمَا الرَّقِيق اللَّئِيم وَلَيْسَ يُرِيد ان الرقة واللؤم اشتملا عَلَيْهِمَا مَعًا ثمَّ زَاد أَحدهمَا على صَاحبه وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} وَالْمعْنَى هَين عَلَيْهِ لانه تَعَالَى لَا يُوصف بَان بعض الْأَشْيَاء أَهْون عَلَيْهِ من بعض وَكَذَلِكَ أعق خَلِيله أَي الَّذِي يَسْتَحِيل عاقا فالأعق هُنَا بِمَعْنى الْعَاق كَقَوْل الفرزدق (بَيْتا دَعاِئمُهُ أعَزُّ وَأطْوْلُ ... ) 3 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن قَوْله يتزيا هَل تعرفه فِي اللُّغَة أَو فِي كتاب قديم قَالَ لَا قلت فَكيف تقدم عَلَيْهِ قَالَ قد جرت بِهِ عَادَة الِاسْتِعْمَال قلت أترضى بِشَيْء تورده الْعَامَّة قَالَ مَا عنْدك فِيهِ قلت قِيَاسه يتزوى قَالَ من أَيْن لَك قلت لِأَنَّهُ من الزي وعينه وَاو وَأَصله زوى فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا وَلِأَنَّهَا أَيْضا سَاكِنة قبل الْيَاء وَدَلِيل ان عينه وَاو أَنهم لَا يَقُولُونَ لفُلَان زِيّ إِذا كَانَ لَهُ شَيْء وَاحِد يستحسن حَتَّى يجْتَمع لَهُ أَشْيَاء كَثِيرَة حَسَنَة فَحِينَئِذٍ يُقَال لَهُ زِيّ من زويت الأَرْض أَي جمعت وَقَالَ الآخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 (زَوَي بَينَ عَيْنَيْهِ عَلىَّ المَحاجمُ ... ) فَقَالَ لي إِلَى هَذَا ذهبت فأصغى نَحوه وَقد ذكره صَاحب الْعين فَقَالَ تزيا فلَان بزِي حسن وزييته تزية بِوَزْن تَحِيَّة فَإِن ثَبت فَلَيْسَ يُنَاقض لما قلت أَنه يتزوي فَيجب أَن يكون قلب الْوَاو يَاء تَخْفِيفًا كَقَوْل الآخر (إنْ دَيَّمُوا جادَ وإنْ جادُوا وَبَيلْ ... ) وَهُوَ من دَامَ يَدُوم وَلَكِن لما رأى الديمة والديم بياء أنس بهَا وأخلد إِلَيْهَا لخفتها كَمَا قَالُوا فِي عيد أعياد وَفِي تحقيره عبيد وَهُوَ من عَاد يعود وَكَانَ قِيَاسه عُوَيْد وأعواد كَمَا قيل فِي تحقير ريح رويح فِي جمعهَا أَرْوَاح وَحكى اللحياني فِي نوادره ريح وأرواح فَهَذَا مِمَّا أجْرى مجْرى الْبَدَل اللَّازِم لخفة الْيَاء وَكَذَلِكَ يتزيا إِن كَانَ صَحِيحا من كَلَامهم فَهُوَ مِمَّا ألزم بدل الْيَاء من الْوَاو تخفيا وَلِأَنَّهُ قد أبدلها فِي زِيّ قصدا من طَرِيق الأشتقاق وَالْقِيَاس يَقْتَضِي أَن تكون عين الزي واوا فِي الأَصْل لِأَن بَاب طويت وَرويت مِمَّا عينه وَاو ولامه وياء أَكثر من بَاب حييت وعييت مِمَّا عينه ولامه ياءان فَلَمَّا اجْتمع الْقيَاس والاشتقاق على قَضِيَّة لزم قبُولهَا ورفض مَا عَداهَا وَخَالف وَضعهَا الْغَرِيب التزيي تكلّف الزي ويلائمه يُوَافقهُ الْمَعْنى يَقُول إِن صَاحِبيهِ ليسَا من أهل الْهوى فَإِن أقسما بِهِ وتكلفاه فقد يتَكَلَّف الْإِنْسَان الشَّيْء وَلَيْسَ هُوَ من أَهله وَقد يصاحب الْإِنْسَان من لم يُوَافقهُ فِي أَحْوَاله ويعرض بِأَن صَاحِبيهِ لم يفيا لَهُ بِمَا عاهداه عَلَيْهِ من الإسعاد بالبكاء وإنهما لم يَكُونَا من أَرْبَاب الْهوى وَلَا يعتقدانه 4 - الْغَرِيب الأطلال جمع طلل وَهُوَ مَا شخص من آثَار الديار والشحيح الْبَخِيل والخاتم مَا يكون فِي الإصبع للرِّجَال وَالنِّسَاء من ذهب وَفِضة وَغَيرهمَا وَفِيه لُغَات خَاتم وَخَاتم بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا وبالفتح قَرَأَ عَاصِم وَخَاتم النَّبِيين وخيتام وخاتام وَالْجمع خَوَاتِيم الْمَعْنى دَعَا على نَفسه بِأَن يبْلى بلَى الاطلال الدارسة ويتغير تغير الرسوم الْعَافِيَة إِن لم يقف بديار أحبته متوجعا لَهَا ومعتنيا بهَا وقُوف شحيح ضَاعَ خَاتمه فِي الترب وَاعْتمد الْخَاتم لانه صَغِير الجرم مُهِمّ الْأَمر فلصغره يخفى مَوْضِعه وَلَا هتمامه يحب تتبعه وَاشْترط ضيَاعه فِي التُّرَاب ليَكُون تطلبه فِيهِ وَهُوَ مَوضِع آثَار الديار ورسوم الأطلال وَقَالَ أَبُو الْفَتْح قد عيب عَلَيْهِ وَقَالَ لَيْسَ للفظ عَجزه جزالة لفظ صَدره وَلَيْسَ فِي وقُوف الشحيح على طلب خَاتمه مُبَالغَة يضْرب بهَا الْمثل وَقَالَ وَالْعرب تبالغ فِي وصف الشَّيْء وَتجَاوز الْحَد وَقد تقتصر أَيْضا وَيسْتَعْمل المقارنه وَهَذَا بِعَيْنِه قد جَاءَ فِي الشّعْر الفصيح قَالَ الراجز الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 (هُنَّ حَياريَ كَمُضِلاَّتِ الخَدَمْ ... ) وَهِي جمع خدمَة وَهِي الخلخال وَقَالَ الْعَرُوضِي لَا عيب عَلَيْهِ لَان الشحيح إِذا طلب الْخَاتم احْتَاجَ إِلَى الإنحناء ليقف بَصَره على الْخَاتم وَلَو كَانَ بدل الْخَاتم شَيْئا عَظِيما كالخلخال والسوار لَكَانَ يَطْلُبهُ من قيام فَلَا يحْتَاج إِلَى الإنحناء ونو كَانَ صَغِيرا كالذرة لَكَانَ يَطْلُبهُ قَاعِدا مَكَانَهُ يَقُول إِن لم أَقف بهَا منحنيا لوضع الْيَد على الكبد والانطواء عَلَيْهَا كوقوف الشحيح الطَّالِب للخاتم وَيشْهد لصِحَّته قَول ابْن هرمة يذم بَخِيلًا (نَكَّسَ لمَّا أتَيْتُ سائِلَهُ ... وَاعْتَلَّ تَنْكِيسَ ناظمِ الخرَزِ) فَشبه هَيئته بهيئة من ينظم الخرز فِي الإطراق وينكس الرَّأْس على أَنا نقُول إِن إلتزامنا بِهَذَا السُّؤَال الْوَارِد قد يبلغ من قِيمَته الْخَاتم مَا يحِق للشحيح أَن يطول وُقُوفه على طلبه قَالَ الواحدي يُقَال فِي جَوَاب هَذَا السُّؤَال إِن وقُوف هَذَا الشحيح وَإِن كَانَ لَا يطول كل الطول فقد يكون أطول من وقُوف غَيره فَجَاز ضرب الْمثل بِهِ كَقَوْل الشَّاعِر (رُبَّ لَيْلٍ أمَدَّ منْ نَفَسِ العاشق ... ِ طُولاً قَطَعْتُهُ بانتْحابِ) وَقد علمنَا أَن سَاعَة من سَاعَات اللَّيْل تستغرق عدَّة أنفاس وَلكنه لما كَانَ نفس العاشق أطول من نفس غَيره جَازَ ضرب الْمثل بِهِ وَإِن لم يبلغ النِّهَايَة فِي الطول وكقول الآخر (وَلَيْلٍ كظِلّ الرُّمْحِ قَصَّر طُولَهُ ... دَمُ الزّقّ عَنَّا واصْطِفاقُ المزَاهِرِ) وَذَلِكَ لما كَانَ ظلّ الرمْح أطول من ظلّ غَيره جعله الْغَايَة فِي الطول وَقَالَ ابْن القطاع وَإِنَّمَا قَالَ رب ليل طَوِيل خَارج عَن الْمُعْتَاد رائد الطول زَاد على المُرَاد كزيادة نفس هَذَا العاشق وَطوله على نفس من لَيْسَ بعاشق وَهَذَا نِهَايَة فِي الْمُبَالغَة وروى ابْن فورجة شجيج ضَاعَ فِي الترب خَاتمه والشجيج الَّذِي شج رَأسه وَضاع بِمَعْنى تفرق أَي صَارَت لَهُ عروق فِي الثرى وَقد علق بهَا وَلَيْسَت هَذِه الروايه بِشَيْء قَالَ ابْن وَكِيع وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول أبي نواس (كأّني مُرِيغٌ فِي الدّيارِ طَرِيدَةً ... أرَاها أمامِي مَرّةً وَوَرَائي) 5 - الْإِعْرَاب نصب كئيبا على الْحَال من قَوْله أَقف الْغَرِيب الكئيب الحزين والريض الصعب من الْخَيل وَهُوَ من الأضداد والريض الَّذِي لم تستحكم رياضته وَالَّذِي يشد حزامه ويتوقى مِنْهُ والريض الَّذِي قد ذلل والحازم الَّذِي يسوسه ويشد حزامه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 الْمَعْنى يَقُول العواذل توقاني إِذا وقفت فِي الرّبع كئيبا مَحْزُونا يُرِيد ان يتوقاه عاذله ويتخوف لائمه كَمَا يتوقى الَّذِي يحزم الريض من الْخَيل صولته ويتخوف نفرته 6 - الْإِعْرَاب الأولى فاعلة ومهجتي فِي مَوضِع نصب بِوُقُوع الغرامة عَلَيْهَا وَقَالَ ابْن القطاع من روى تغرمي بِإِثْبَات الْيَاء كَانَ الأَصْل تغرمين فَحذف النُّون للجزم وَالْخطاب للمحبوبة والمهجة هِيَ المحبوبة فمهجتي فِي مَوضِع نصب بالنداء وَالْأولَى مَفْعُوله وَيكون الْمَعْنى قفى يَا مهجتي تغرمي الأولى الَّتِي حرمتنيها بنظرة ثَانِيَة إِلَيْك الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قفي يَا محبوبة تغرم اللحظة الأولى الَّتِي لحظتك مهجتي بلحظة ثَانِيَة لِأَن الأولى قد أتلفت مهجتي فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْغرم فَإِن لحظ ثَانِيَة عَاشَ فَتكون الأولى قد غرمت المهجة بِالثَّانِيَةِ ثمَّ ذكر الْحجَّة الْمُوجبَة أَن يُطَالب بالوقفة فَقَالَ والمتلف غَارِم وَهِي حُكُومَة بِحَق وَقَالَ الْخَطِيب لما نظر إِلَيْهَا نظرة اتلفت مهجته وَأَرَادَ أَن ينظر إِلَيْهَا أُخْرَى لترجع إِلَيْهِ نَفسه جعل الأولى كَأَنَّهَا الغارمة فِي الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا سَبَب التّلف وَمثله لقطرب (أشْتاقُ بِالنَّظْرةِ الأُولى قَرينَتَها ... كأنَّنِي لمْ أُقدّم قبلَها نظَرَا) وَأخذ هَذَا الْمَعْنى بَعضهم فَقَالَ (يَا مُسْقِما جِسْمِي بأوَّلِ نَظْرَةٍ ... فِي النَّظْرةِ الأُخرَى إلَيْكَ شِفائي) وَقَالَ ابْن وَكِيع هَذَا الْبَيْت الخالد الْكَاتِب وَأَخذه أَبُو الطّيب مِنْهُ وَقَالَ الواحدي وَغَيره لَيْسَ هُوَ الخالد إِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذ من قَول أبي الطّيب 7 - الْغَرِيب العيس الْإِبِل الْبيض والنور من الزهر مَا كَانَ أَبيض والزهر الْأَصْفَر والكمام أوعية الزهر والنور قبل أَن تنفتق الْمَعْنى إِنَّه دَعَا لَهَا بالسقيا ثمَّ دَعَا لنَفسِهِ أَن تكون تَحِيَّة لَهُ بعد سقياها وَجعل النِّسَاء الَّتِي فِي الْخُدُور نورا لحسنهن وصفاء لونهن وَطيب رائحتهن وَجعل الْخُدُور لَهُنَّ بِمَنْزِلَة الكمائم وَقَالَ الواحدي لما جَعلهنَّ نورا بني على هَذَا اللَّفْظ السقيا والتحية فَإِن النُّور تضرته بِالْمَاءِ وَخرجت الْعَادة بِأَن يحي بعض النَّاس بَعْضًا بالأنوار والرياحين فيناوله شَيْئا مِنْهَا وَمعنى أَحْيَانًا بك الله أَي لقاناك وحيانا بك وَقد كشف السّري الْموصِلِي عَن هَذَا الْمَعْنى بقوله (حَيّا بِهِ اللهُ عاشِقيِه فَقَدْ ... أصْبَحَ رَيحانَةً لِمَنْ عَشِقا) 8 - الْغَرِيب الأظعان جمع ظعن وهم الْقَوْم المرتحلون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 الْمَعْنى يَقُول لمن يحب لَا يحْتَاج السّفر إِلَى ضوء الْقَمَر بِاللَّيْلِ وَأَنت مَعَهم فَإِن من وَجدك لم يعْدم الْقَمَر وَإنَّك تقومين مقَام الْبَدْر إِذا غَابَ وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (أضَرَّتْ بضَوْءِ البَدْرِ والبَدْرُ طالعٌ ... وقامَتْ مَقامَ البَدْرِ لمَّا تَغَيَّبا) وَمن قَول الآخر (إنَّ بَيْتا أنْتَ ساكِنُهُ ... غَيرُ مُحتاجٍ إِلَى السُّرُجِ) 9 - الْغَرِيب ظَفرت فازت وأثاب رَجَعَ يُقَال ثاب إِلَيْهِ عقله وأثاب رَجَعَ والمطي جمع مَطِيَّة والرازمة من النوق أَو الرازم من الْإِبِل الَّذِي قَامَ من الإعياء وَأَقْعَدَهُ الهزال عَن الْمَشْي الْمَعْنى يَقُول الْإِبِل الَّتِي قد ضعفت وكلت وعجزت عَن الْمَشْي إِذا نظرت إِلَيْك رجعت قوتها وحركتها فَكيف بِنَا نَحن وَقَوله الْعُيُون يُرِيد كل عين يَقُول إِذا ظَهرت للناظرين صلحت حَال المطايا وَهِي لَا تعقل النّظر إِلَيْك فَكيف الظَّن بِنَا وحياتنا برؤيتك وَقَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا يُرِيد أَصْحَابه وَالْإِبِل لَا فَائِدَة لَهَا فِي النّظر إِلَى هَذِه المحبوبة وَإِن فاقت حسنا وجمالا وَإِنَّمَا ركابهَا يسرون بذلك وَالْقَوْل هُوَ الأول وَهُوَ قَول أبي الْفَتْح وَجَمَاعَة لَان الْإِبِل الَّتِي لَا عقل لَهَا يُؤثر فِيهَا النّظر على مُقْتَضى الْمُبَالغَة والتعمق فِي الْمَعْنى لَا على الْحَقِيقَة وَهَذَا عَادَة الشُّعَرَاء فِي الْمُبَالغَة وَذكر الْمطِي على اللَّفْظ كتذكير النّخل والسحاب وَمَا أشبهه من الْجمع 10 - الْمَعْنى يَقُول هَذَا حبيب متفرد بالْحسنِ لَيْسَ لغيره فِيهِ حَظّ فَكَأَن الْحسن أحبه واستخلصه لنَفسِهِ دون غَيره أَو الَّذِي قسم الْحسن بَين النَّاس جَار عَلَيْهِم فَأعْطَاهُ الْحسن كُله وَحرمه غَيره 11 - الْغَرِيب الْخط مَوضِع بِالْيَمَامَةِ وتنسب إِلَيْهِ الرماح الخطية والحي الْجَمَاعَة من النَّاس النازلين بالبادية والكرائم جمع كَرِيمَة الْمَعْنى يَقُول هَذَا حبيب عَزِيز لَا تصل رماح الْخط إِلَيْهِ بل تسبى لَهُ الْكِرَام من الْأَحْيَاء فَتكون لَهُ خدما وَالْمعْنَى أَن هَذِه المحبوبة من قوم أعزه لَا يطْمع عَدو أَن يُغير فيهم وَلَا يعتصم كرائم غَيرهم مِنْهُم وَأَنَّهَا تأمن السَّبي ويسبى لَهَا كرائم الْأَحْيَاء وَمَا أحسن مَا ألم بِهَذَا الْمَعْنى أَبُو الْغَنَائِم ابْن الْمعلم الوَاسِطِيّ فِي قَوْله (نُثَلَّمُ دُون البِيضِ بِيضَ صَوَارِمٍ ... وَنْحطِمُ دُونَ السُّمْرِ سُمْراً عَوَاليا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 - الْغَرِيب الكباء الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ ونشره فوحه قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وَباناً وأُلْوِياً منْ الهِنْدِ ذَاكِيا ... وَرَنْداً وَلُبْنى وَالكِباءَ المُقَتَّترا) الْمَعْنى يَقُول أدنى ستورها مِمَّن أرادها غُبَار خُيُول قَومهَا وَأقر بهَا مِنْهَا دُخان بخورها فقد وصفهَا بأشد المنعة وَذكر أَنَّهَا فِي غَايَة النِّعْمَة قَالَ الواحدي إِن دُخان الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ كثير عِنْده حَتَّى صَار كالحجاب بَينه وَبَين من يَطْلُبهُ قَالَ ويروي وأولها نشر الكباء وَالْمعْنَى وَأول ستر دونهَا مِمَّا يَليهَا وَيُمكن أَن يقلب هَذَا فَيُقَال أدنى ستر إِلَيْهَا من الستور دونهَا غُبَار الْخَيل وَأبْعد ستر عَنْهَا نشر الكباء يَعْنِي أَن غُبَار الْخَيل كثير حَتَّى وصل إِلَيْهَا فَصَارَ أدنى ستر مِنْهَا دونهَا وَكَذَلِكَ ارْتَفع دُخان الْعود حَتَّى يتباعد مِنْهَا الدُّخان فَصَارَ آخر ستر دونهَا قَالَ وَهَذَا أشبه بطريقة المتنبي فِي إِيثَار الْمُبَالغَة 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد عرف صروف الدَّهْر وانه لم يستغرب مَا طرقه بِهِ الدَّهْر من فِرَاق الحبيب وَلَا غَيره لما عرف وابتلى بِهِ من حوادث الْأَيَّام وفجائعها وَإنَّهُ إِنَّمَا علم بِمَا علم وطرق بِمَا عهد وَالْمعْنَى يُرِيد أَنه لَا يستغرب فراقا وَلَا تريه عينه شَيْئا لم يره قلبه والمصراع الأول من قَول طفيل (وَما أَنا بِالمُسْتَنْكِرِ البَين إنَّنِي ... بِذِي لَطَفِ الجِيرانِ قِدْما مُفَجَّعُ) والمصراع الثَّانِي من قَول عدي بن الرّقاع (وَعَلمْتُ حَتى لَسْتُ أسْألُ عالِما ... عَنْ حَرْفِ واحِدةٍ لِكيْ أزْدَادَها) وَمثله لِلْأَعْوَرِ الشني (لَقَدْ أصْبَحْتُ مَا أحْتاجُ فِيما ... بَلَوْتُ منَ الأُمُورِ إِلَى السُّؤالِ) وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الزيات (وَما اسْتَغْرَبْتُ بَيْسا مِنْ حَبِيبٍ ... فأنْكِرهُ بعَيْنٍ أوْ بِقَلْبِ) وَقَالَ ابْن الرُّومِي (وَما أحْدثَ العَصْرانِ شَيْئا نَكَرْتُهُ ... هُما الوَاهِبانِ السَّالبِانِ هُما هُما) 14 - الْغَرِيب الكاشحون جمع كاشح وَهُوَ الَّذِي يضمر لَك الْعَدَاوَة والعلاقم جمع عَلْقَمَة وَهِي المرارة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ مَا وَجه التُّهْمَة فِي هَذَا الْمَوْضُوع قَالَ أَن يَظُنُّوا بِي جزعا الْمَعْنى يُرِيد لَا يتهمني الْأَعْدَاء بالخوف من الردي والجزع من الْفِرَاق فَإِنِّي قد اعْتدت ذوق المرارات فَلَا أستمرها فقد حلالي أمرهَا وَمن اعْتَادَ ذوق العلاقم حلا لَهُ العلاقم ورعيت الردي يُرِيد أَسبَاب الردى وَالْمعْنَى لَا أجزع من الْفِرَاق وَإِن عظم أمره واشتدت مرارته لِأَنِّي اعْتدت ذَلِك كَقَوْل الآخر (وَفارَقْتُ حَتى لَا أُبالي مِنَ النَّوَى ... وَإنْ بانَ جِيرَانٌ عَلىِّ كِرامُ) وَقَالَ المؤرخ (رُوّعْتُ بالْبَيْنِ حَتى مَا أُراعُ لَهُ ... وَبالمَصائبِ فِي أهْلِي وَجِيراني) وَهَذَا من قَول الخزيمي (لَقَدْ وَقَرَتَنْي الحَادِثاتُ فَما أُرَى ... لنازِلَةٍ مِنْ رَيْبِها أتَوَجَّعُ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من قَول أَوْس بن حجر (لَا تُجْزِعَنِّي بالفرَاقِ فَإنَّتي ... لَا تَسْتهِل مِنْ الفِرَاقِ شُئُوِنِي) 15 - الْغَرِيب أشب يشب فَهُوَ مشب وتوقاه حذره الْمَعْنى الَّذِي يجزع على فقد الشَّبَاب إِنَّمَا أشابه من أشبه فالشيب حضل مِمَّن عِنْده الشَّبَاب فَلَا سَبِيل إِلَى التوقي مِنْهُ لِأَن أمره بيد غَيره فَإِنَّمَا يهدم مَا بناه وَيَأْخُذ مَا أعطَاهُ قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن الرُّومِي (تُضَعْضِعُهُ الأوْقاتُ وَهْيَ بَقاؤُهُ ... وَتَغْتالُهُ الأقْوَاتُ وَهْيَ لَهُ طُعْمُ) (إذَا مَا رَأيْتَ الشَّيْءَ يُبْلِيه عُمْرُهُ ... وَيُفْنِيِهِ أنْ يَبْقَى فَفي دَائِهِ عُقْمُ) الضَّمِير فِي توقيه للباكي وَفِي بانيه وهادمه للشباب 16 - الْمَعْنى يَقُول قَالَ الواحدي تَمام الْعَيْش هُوَ الصِّبَا أَولا ثمَّ مَا يتعقبه من بُلُوغ الأشد حَتَّى يكون يافعا مترعرعا إِلَى أَن يخْتَلف إِلَى عارضيه لونا بَيَاض وَسَوَاد وغائب لون العارضين هُوَ الْبيَاض والقادم هُوَ السوَاد السَّابِق إِلَى الْعَارِض وَيجوز أَن يكون غَائِب لون العارضين لون الْبشرَة حَتَّى يغيب عَنْهُمَا سَواد الشّعْر وبياضه والقادم هُوَ لون الشّعْر من بَيَاض وَسَوَاد وَيجوز أَن يُرِيد بالقادم الشيب من قدم يقدم إِذا ورد وبالغائب السوَاد الَّذِي غَابَ بقدوم الْبيَاض وَيجوز أَن يُرِيد بالغائب لون جلد الْعَارِض الْمُسْتَتر بالشعر وبالقادم سَواد الشّعْر النَّابِت وَهَذَا هُوَ الأولى لِأَنَّهُ يَجْعَل تَمام الْعَيْش أَن يكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 الْإِنْسَان صَبيا ثمَّ مترعرعا يافعا ثمَّ ينْبت شعره فَيكون شَابًّا وَلم يَجْعَل الشيب من تَكْمِلَة الْعَيْش لِأَن من شَاب فقد مَاتَ قَالَ (مَنْ شابَ قَدْ ماتَ وَهْوَ حَتّى ... يَمْشِي عَلى الأرْضِ مَشْيَ هالِكْ) وَبَيت المتنبي من قَول ابْن الرُّومِي (سُلِبْتُ سَوَادَ العارِضينَ وَقَبْلَهُ ... بَياضَهما المْحمُودَ إِذْ أَنا أمْرَدُ) 17 - الْغَرِيب الفاحم الْأسود الشَّديد السوَاد قَالَ الواحدي الْبيَاض فِي الشّعْر حسن وَلم يخضب الْبيَاض لِأَنَّهُ مستقبح وَلَكِن السوَاد أحسن مِنْهُ فالخاضب إِنَّمَا يطْلب الْأَحْسَن من لون الشّعْر قَالَ أَبُو الْفَتْح ذكر أَن الشيب لم يخضب لِأَنَّهُ قَبِيح وَلَكِن سَواد الشّعْر أحسن وَالْإِنْسَان إِذا شَاب علم أَنه كَبِير السن فزهد فِيهِ فَإِذا خضب ظهر للغواني أَنه شَاب فرغبن فِيهِ وَجَاء فِي الحَدِيث عَلَيْكُم بالخضاب فَإِنَّهُ زِينَة لنسائكم وهيبة لعدوكم وَسُئِلَ بعض الصَّحَابَة هَل خضب رَسُول الله فَقَالَ لم يكن بِهِ من الشيب مَا يُوجب الخضاب وَقيل أَن عبد الْمطلب بن هَاشم نزل بِبَعْض الْمُلُوك فَأمر الْملك بخضابه فَقَالَ عبد الْمطلب (فَلوْ دامَ لِي هذَا المَشيبُ رَضيِتُهُ ... وَكانَ بَدِيلا مِنْ شَبابٍ قَد انْصرَم) قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول ابْن الرُّومِي (إنَّ خَيْراً مِنَ الشَّبابِ بَنُو الفَياَّضِ ... للِمُشترِي أوِ المُعْتاضِ) 18 - الْغَرِيب مَاء الشبية نضارتها والحيا مَقْصُورَة الْمَطَر وَالْخصب وَهُوَ الَّذِي تحيا بِهِ الأَرْض والبارق السَّحَاب ذُو الْبَرْق اللامع والشائم الَّذِي يرقب مَوضِع الْغَيْث والفازة الْقبَّة والخيمة وَكَانَ سيف الدولة فِي خيمة من ديباج قد وصفهَا أَبُو الطّيب فِي هَذِه القصيدة وتشيب إِلَى الْمَدْح بِأَحْسَن تشبب قَالَ إِن أحسن من مَاء الشبيبة الَّذِي اجْتمع النَّاس على الكلف بوقته ولاأسف لفقده جود يشبه الْغَيْث بكثرته لملك يخلف السَّحَاب بكرمه نرقبه من قبَّة وتنتجعه فِي فازة وَأَشَارَ بذلك إِلَى كرم سيف الدولة قد جمع لَهُ فِي الْبَيْت بَين ضروب وَمن الْمَدْح ثمَّ وصف الْقبَّة فَقَالَ عَلَيْهَا رياض الْبَيْت 19 - الْغَرِيب الرياض جمع رَوْضَة وَهِي الَّتِي ينبتها الْغَيْث وفيهَا الأزهار والدوح جمع دوحة وَهِي الشَّجَرَة الْعَظِيمَة من أَي الْأَشْجَار كَانَت والحمائم جمع حمامة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 الْمَعْنى شبه أَبْوَابهَا بِقطع الرياض إِلَّا أَن زهراتها مِمَّا لم تحكه أَي تنسجه وتصنعه أَيدي السَّحَاب وأغصان شَجَرهَا مُخَالفَة لأغصان سَائِر الْأَشْجَار لِأَنَّهَا لَا تتغنى عَلَيْهَا حمامها وَلَا تتجاوب طيورها فَأَوْمأ بِهَذَا الِاشْتِرَاط إِلَى أَنَّهَا صُورَة ممثلة وصناعات مؤلفة وَهَذَا نوع بديع من أَنْوَاع الْإِيمَاء وَالْإِشَارَة 20 - الْغَرِيب الموجه من كل شَيْء ذُو الْوَجْهَيْنِ والسمط السلك وَقيل أَرَادَ بالسمط الدَّوَائِر الْبيض على حَاشِيَة تِلْكَ الأثواب الَّتِي اتَّخذت مِنْهَا الْخَيْمَة شبهها بالدر لبياضها إِلَّا أَنه من نظمه لم يثقبه لِأَنَّهُ لَيْسَ بدر حَقِيقِيّ الْمَعْنى يَقُول كل ثوب يسْتَقْبل من هَذِه الفازة فَوق حَوَاشِيه سموط لآلي تَجْتَمِع غير مثقوبة وتتألف غير منظومة يومىء بِهَذَا الإشتراط إِلَى أَنَّهَا لآلي ممثلة لَا حَقِيقِيَّة وَهُوَ من البديع 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا خيمة فِيهَا أَصْنَاف الوحوش ضد كل جنس يسالمه وَهُوَ مَصَالِحه وَمن عَادَة الْحَيَوَان أَن يهارش بعضه بَعْضًا ويفترس بعضه بَعْضًا وَأَرَادَ بالمحاربة أَنَّهَا نقشت فِي صُورَة الْمُحَاربَة والمسالمة أَنَّهَا جماد لَا روح فِيهَا فتقاتل 22 - الْغَرِيب المذاكي المسنة من الْخَيل دأيت الرجل أد أَي لَهُ دأبا إِذا ختلته مثل أدوات لَهُ ودأوت لَهُ لُغَة فِي دأيت ودأي الذِّئْب ليَأْخُذ الغزال وَرُوِيَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة من ذأي الْإِبِل إِذا طردها وساقها والضراغم جمع ضرغام وَهُوَ الْأسد الْمَعْنى يَقُول إِذا ضربت الرّيح هَذَا الثَّوْب تحرّك حَتَّى كَأَنَّهُ يموج وَكَأن الْخَيل الَّتِي صورت عَلَيْهِ جائلة وَكَأن أسواد تختل الظباء لتصيدها وتطردها لتدركها 23 - الْغَرِيب صُورَة الرُّومِي كَانَ قد صور فِي الْخَيْمَة صُورَة ملك الرّوم والأبلج هُوَ النَّفْي مَا بَين الحاجبين وَهُوَ من صفة السَّادة والتيجان لملوك الْأَعَاجِم والعمائم للْعَرَب وَفِي كَلَامهم الْقَدِيم العمائم تيجان الْعَرَب وَالسُّيُوف أرديتها والحبا جدرانها الْمَعْنى يَقُول صُورَة ملك الرّوم على هَذَا الثَّوْب ساجد لسيف الدولة وَقد خضع لَهُ وتذلل على عَادَته وَإِن كَانَ متوجا فَإِن التيجان فِي الْحَقِيقَة والعمائم الَّتِي على رَأس سيف الدولة وَإِن أرفع الرَّأْي رَأْي من تكون لَهُ الْغَلَبَة وتعرف مِنْهُ الْقُدْرَة وروى الواحدي لأباخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ المتكبر الْعَظِيم فِي نَفسه بَلخ بِالْكَسْرِ وتبلخ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 أَي تكبر فَهُوَ أبلخ بَين البلخ قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ عكس قَول ابْن الرُّومِي (رُؤُوسٌ مَرَائِيسٌ قَدِيما تعمَّمتْ ... لَعَمْركَ بِالتِّيجان لَا بِالعَمائم) 24 - الْغَرِيب الْكمّ كم الثَّوْب وَهُوَ الَّذِي تخرج مِنْهُ الْيَد والبراجم الْأَصَابِع وَهِي رُؤُوس السلاميات من ظَاهر الْكَفّ وَقيل عروق ظَاهر الْكَفّ وَقيل عظامها والبراجم بطن من تَمِيم وَمن أمثالهم إِن الشقي وَافد البراجم وَقيل جمع برجمة وَهِي النواشر من مفاصل الْأَصَابِع الْمَعْنى يَقُول الْمُلُوك يخدمونه ويقبلون بساطه بأفواههم عِنْدَمَا يقعون لَهُ سجدا لأَنهم لَا يقدرُونَ على تَقْبِيل كمه وَيَده لارتفاعه وعلو مَكَانَهُ لانه أعظم شَأْنًا من ذَلِك فهم يستغنون عَن تَقْبِيل كمه بتقبيل بساطه إعظاما لقدره واعترافا لفضله 25 - الْإِعْرَاب قيَاما مصدر لم يذكر فعله وَهُوَ حَال من الْمُلُوك الْغَرِيب القرم السَّيِّد والمواسم جمع ميسم وَهُوَ الَّذِي يوسم بِهِ الْمَعْنى يُرِيد انهم قيام بَين يَدَيْهِ أذلاء وكنى بالكي عَن طعنه وضربه بالداء عَن غوائل الْأَعْدَاء فَهُوَ يرد بالطعن وَالضَّرْب من عَصَاهُ إِلَى طَاعَته كَمَا يرد من بِهِ دَاء إِلَى الصِّحَّة بالكي وَهَذَا مثل ضربه يُرِيد أَن كل ملك عَظِيم قد ذلله وَبَان عَلَيْهِ أثر قهره إِيَّاه 26 - الْإِعْرَاب القبائع جمع قبيعة وَهِي قبيعة السَّيْف وَهِي الحديدة الَّتِي فَوق مقبض السَّيْف وَأَرَادَ قبائع سيوف الْمُلُوك فَحذف الْمُضَاف الْمَعْنى كني عَن السيوف وَلم يجر لَهَا ذكر وَهُوَ كثير فِي كَلَامهم وَالْكتاب الْعَزِيز يَقُول قَامُوا عِنْده متكئين على قبائع سيوفهم هَيْبَة لَهُ وتعظيما لَهُ وعزائمه إِذا عزم على الْأُمُور كَانَت أمضي من السيوف والجفون أغمدة السيوف وَاحِدهَا جفن 27 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بهَا للخيل وَالطير فَلَمَّا جعلهَا جمَاعَة كني عَنْهَا بِلَفْظ الْجمع وَلم يكن عَنْهَا بالتثنية للعسكرين الْغَرِيب الجماجم جمع جمجمة وَهِي عظم الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول ان الطير تصْحَب عسكره اعتيادا لِكَثْرَة وقائعها لتأكل من لُحُوم الْقَتْلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 فَكَأَنَّهَا من عديد حشمه فَإِذا رمي عسكرا بخيله وطيره أهلكه وَهُوَ من قَول النَّابِغَة (إِذا مَا غَزَوْا فِي الجَيْشِ حَلِّقَ فْوقَهمْ ... عَصائِبُ طَيرٍ تَهْتَد بعَصائِبِ) وَقَالَ ابْن وَكِيع لَا ادري كَيفَ خص الجماجم بِالْبَقَاءِ دون سَائِر الْعِظَام وَلَا أعرف للخيل فِي هَذَا معنى بل للطير لِأَنَّهَا لَا تَأْكُل عِظَام الْمَوْتَى وَذَلِكَ أَن الْخَيل إِذا حملت من عَلَيْهَا أهلكوا من وقف وَالطير تاكلهم فَلَا تدع إِلَّا الْعِظَام للوحش وَخص الجماجم من بَين الْعِظَام لِأَنَّهَا اكبر عظم فِي الْإِنْسَان وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى إِنَّهُم كَانُوا يقتلُون وَيَأْسِرُونَ فَكَانُوا يَأْخُذُونَ رُؤُوس الْقَتْلَى يجعلونها فِي أَعْنَاق الأساري فَلهَذَا لم تبْق إِلَّا الجماجم 28 - الْغَرِيب الأجلة جمع جلّ والملاغم مَا حول الْفَم الْوَاحِد ملغم وملغمت الْمَرْأَة إِذا تطيبت حول الْفَم وَقيل لأعرابي مَتى الْمسير فَقَالَ تلغموا بِيَوْم السبت أَي اُذْكُرُوهُ يَوْم السبت يُرِيد حركوا ملاغمكم بِذكر السبت كَمَا تَقول تفوهوا الْمَعْنى يُرِيد أَن أجلة خيله ثِيَاب من طَغى عَلَيْهِ وَخَالفهُ وموطئها من كل من بغي عَلَيْهِ وَجهه وَهَذَا مُبَالغَة وَلَا تتمّ هَذِه الصّفة إِلَّا بعد الإمعان فِي قَتلهمْ وبلوغ الْغَايَة من الظُّهُور عَلَيْهِم 29 - الْإِعْرَاب أَرَادَ تغير فِيهِ فَحذف الظّرْف وأوصل الْفِعْل كَقَوْل الراجز (قَدْ صُبِحَتْ بِصَبْحِها السًّلامُ ... بِكَبدِ يَتْبَعُها سنامُ) (فِي ساعةٍ يُحيبُّها الطَّعامُ ... ) يُرِيد يحب فِيهَا وكقولهم أَقمت ثَلَاثًا مَا أذوقهن طَعَاما أَي أذواق فِيهِنَّ وَالضَّمِير فِي تزاحمه مفعول بِهِ وَلَيْسَت فِي معنى تزاحم فِيهِ لِأَنَّهُ يتَعَدَّى بِنَفسِهِ الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يُغير عِنْد الصُّبْح وَهُوَ عَادَة الْعَرَب فِي غاراتها لليغفلوا الْقَوْم وَكَانُوا يَقُولُونَ عِنْد الْغَارة واصباحاه فَيَقُول قد مل الصُّبْح وسئم وضجر مِمَّا تغير فِيهِ وَكَذَا اللَّيْل من مزاحمتك هُوَ أَنَّك تبلغ كل مَوضِع يبلغهُ اللَّيْل وَقَالَ الواحدي تغير وتزاحمه يجوز أَن يكون للخطاب وَيجوز أَن يكون للخيل وَقيل فِي معنى الْبَيْت تغيره تحمله على الْغيرَة بِمَا يزِيد على بياضه بريق أسلحتك وتزاحم اللَّيْل فتذهب ظلمته بضوء أسلحتك وَقَالَ ابْن الإفليلي تزاحم اللَّيْل بغبار خيلك فَكَأَنَّهُ ليل آخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي ملت رماح الْأَعْدَاء من دقك أعاليها وملت سيوفك من ملاطمتك إِيَّاهَا والملاطمة الْمُقَاتلَة بالترس والمجن قَالَ وَيجوز أَن يُرِيد رماح عسكره وَسُيُوفهمْ على أَن يرفع الصُّدُور يَقُول رماحك من كَثْرَة مَا تدق صدورها أعداءك قد ملت وملت سيوفك من الشَّيْء الَّذِي تلاطمه لِكَثْرَة وقعها عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن وَكِيع الملاطمة لَا تكون إِلَّا بَين أثنين فَلَو قَالَ مَعَ تدق تلطم لَكَانَ أحسن فِي الصِّنَاعَة وَأحسن من هَذَا قَول الْقَائِل (حَرَامٌ عَلى أرْماحِنا طَعْنُ مُدْبِرٍ ... وتَنْدَقُ مِنها فِي الصُّدُورِ صُدورهُا) 31 - الْغَرِيب العقبان جمع عِقَاب وَهُوَ طَائِر كَبِير مَعْرُوف من الْجَوَارِح وَأَنت السَّحَاب الثَّانِي وَذكر الْأَخير الأول وَذَلِكَ أَن كل جمع بَينه وَبَين واحده الْهَاء يجوز تذكيره وتأنيثه فَذكر الثَّانِي وَأَنت الأول أَخذ بالأمرين وَلَو قَالَ تَحْتَهُ لما تغير الْوَزْن وَيجوز أَن يكون التَّأْنِيث لجمع العقبان والصوارم جمع صارم وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى أَنه جعل الطير الَّتِي تطير فَوق عسكره سحابا وَجعل جَيْشه سحابا لما فِيهِ من بريق الأسلحة وصب الدِّمَاء وَصَوت الْأَبْطَال وَجعل الْأَسْفَل يسْقِي الْأَعْلَى إغرابا فِي الصَّنْعَة شبه العقبان بسحب يظل الجيوش ويزحف تحتهَا سَحَاب يُرِيد الْجَيْش إِذا استسقت العقبان بِطَلَب الدَّم سقتها صوارمه لِأَنَّهَا تقتل الْأَعْدَاء فَتَشرب العقبان دِمَاء الْقَتْلَى هَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا انْتهى كَلَامهمَا وتعنت قوم على أبي الطّيب مِمَّن هُوَ مقصر فِي معرفَة تدقيق الْمعَانِي بأمرين أَحدهمَا قَالَ إِن السَّحَاب لَا يسْقِي مَا فَوْقه وَالْآخر أَن الطير لَا تستقي وَإِنَّمَا تستطعم أما إسقاء السَّحَاب مَا فَوْقه فَهُوَ الَّذِي أغرب بِهِ فَإِنَّهُ لم يَجْعَل الْجَيْش سحابا فِي الْحَقِيقَة فَيمْتَنع إسقائه لما فَوْقه وَإِنَّمَا أَقَامَهُ مقَام السَّحَاب لِأَنَّهُ طبق الأَرْض لكثرته وتزاحمه وغطاها كَمَا يُغطي السَّحَاب السَّمَاء وَقد فعلت الْعَرَب ذَلِك فِي أشعارها وَلما جعله يَسْتَسْقِي فيسقي مَعَ أَن الطير لَا تصيب من الْقَتْلَى مَا تصيبه وَهِي فِي الجو وَإِذا كَانَت تهبط إِلَى الأَرْض حَتَّى تقع على الْقَتْلَى فالسحاب الساقي عَال عَلَيْهَا وَأما استسقاء الطير فجار على عَادَة الْعَرَب فِي أشعارها فِي اسْتِعْمَال هَذِه اللَّفْظَة تَعْظِيمًا لقدر المَاء كَقَوْل عَلْقَمَة بن عَبده (وَفِي كُلّ حَىّ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمَة ... فَحَقّ لِشأسٍ مِنْ نَداَكَ ذَنُوبُ) وَكَانَ ملك الشَّام قد أسر أَخَاهُ شأسأ فَبعث إِلَيْهِ بِهَذِهِ الأبيات يطْلب مِنْهُ أَن يفكه وأصل الذُّنُوب الدَّلْو الْعَظِيمَة إِذا كَانَ فِيهَا المَاء وَقد قَالَ رؤبة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 (يَا أُيها المَائحُ دَلْوي دُونكا ... إنّي رَأيْتُ النَّاسَ يَحمَدُونكا) وهما لم يستسقيا مَاء فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا أَحدهمَا إستطلق أَسِيرًا وَالْآخر طلب عَطاء كثيرا وَأما قَوْله فِي صُحْبَة الطير لحبشة فَهُوَ كثير فِي الأشعارهم قَالَ الأفوه الأودي (وَتَرىَ الطَّيْرَ عَلى آثارِنا ... رَأيَ عَينٍ ثِقَةً أنْ سَمُّارُ) مَعْنَاهُ تُعْطِي الْميرَة بِمَا تَجِد من لُحُوم الْقَتْلَى قَالَ النَّابِغَة (إذَا مَا غَزَوْا بالجَيشِ حِلقَّ فوْقَهمْ ... عَصائِبُ طَيرٍ تَهْتَدي بِعَصائبِ) وَقَالَ أَبُو نواس (يَتَأيَّا الطَّيْرُ غَدْوتَهُ ... ثِقَةً بالشِّبَعِ مِنْ جَزَرِهْ) وَبَيت أبي الطّيب مَنْقُول من قَول حبيب (وَقَدْ ظُلِّلَتْ عِقْبانُ أعْلامِهِ ضُحىً ... بِعِقْبان طَيرٍ فِي الدّماءِ نَوَاهِلِ) (أقامَتْ مَعَ الرَّاياتِ حَتَّى كَأنَّها ... مِنْ الجَيْشِ إلاَّ أَّنها لمْ تُقاتِلِ) 32 - الْغَرِيب المؤيدات القويات يُقَال أيدته قويته وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ذَا الأيد إِنَّه أواب} يُرِيد الْقُوَّة الْمَعْنى يصف كَثْرَة مَا لَقِي من صروف الدَّهْر وتقلبه وشدته حَتَّى لَقِي سيف الدولة وَجعل عزمه مركوبا لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَافر إِلَّا بعزمه وَلما جعله مركوبا جعل لَهُ ظهرا وقوائم وَجعلهَا مؤيدات قويات وَهَذَا كُله على سَبِيل الِاسْتِعَارَة 33 - الْإِعْرَاب نصب مهالك بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره قطعت مهالك وَقد قَالَ قوم هِيَ بدل من صروف وَلَا يجوز ذَلِك لِأَنَّهَا لَيست من صروف الدَّهْر فِي شَيْء الْغَرِيب القوادم صُدُور ريش الْجنَاح من الطَّائِر أَربع فِي كل جنَاح الْمَعْنى يَقُول قطعت إِلَى لِقَاء سيف الدولة مهالك لَو قطعهَا الذِّئْب لما صحبته نَفسه لشدَّة الْخَوْف لِأَنَّهُ يَمُوت خوفًا فِيهَا والغراب لَو سلكها لم نصحبه قوادمه وَلم يقدر على الطيران وَخص الْغُرَاب وَالذِّئْب لِأَنَّهُمَا يألفان الْأَمْكِنَة الْبَعِيدَة عَن النَّاس وَإِذا كَانَا عاجزين عَن قطع هَذِه المهالك فغيرهما أعجز عَن قطعهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 - الْغَرِيب عبر النَّهر شطه والعائم السابح الْمَعْنى يَقُول أَبْصرت بَدْرًا إِذا طلع الْبَدْر لم ير تَحْتَهُ مثله فاستعار الرُّؤْيَة للبدر قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ لَا يرى الْبَدْر مثله على أَن يكون مثله فَاعِلا لَكَانَ جيدا وَالْمعْنَى يَقُول أَبْصرت من سيف الدولة فِي الْحسن والصباحة والطلاقة بَدْرًا لَا يرى بدر التَّمام مثله مَعَ اطِّلَاعه على الدُّنْيَا كلهَا وخاطبت مِنْهُ بحرا لَا يرى السابح فِيهِ ساحله يُرِيد بدر كرم وَمولى نعم يستعظم الْبَدْر أمره ويصغر دونه وَلَا يعْهَد مثله وَفِيه نظرا إِلَى قَول الشَّاعِر (وَإنَّ منَّا أُناسا لَوْ أعانُهمُ ... دَهْرٌ رَأيْتَ بُحوُرا مَا لَها طَرَفُ) وَقَول البحتري (وَمَنْ يَرَ جَدْوَى يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ ... يَرَ البَحْرَ لمْ يَجْمَعَ جَنابَيْهِ ساحلٌ) إِلَّا ان أَبَا الطّيب زَاد عَلَيْهِمَا بالبدر وجزالة اللَّفْظ 35 - الْغَرِيب الطماطم جمع طمطم وَهُوَ الَّذِي لَا يفصح يُقَال رجل طمطم بِالْكَسْرِ إِذا كَانَ فِي لِسَانه عجمة لَا يفصح وطمطماني بِالضَّمِّ وطماطم وَقَالَ عنترة (تأوى لَهُ قلص النعام كَمَا أوت ... حزق يَمَانِية لأعجم طمطم) وَقَالَ كثير (وَمُقَرَبَةٌ دُهْمٌ وَكُمْتٌ كَأَّنَها ... طَماطُم يُوفُونَ الوَقارَ عنادِلُ) الْمَعْنى يَقُول لما رَأَيْت صِفَاته وَهِي كَثِيرَة جليلة غضِبت لكثرتها بِلَا واصف من شعرائه الَّذين يمدحونه لقصورهم عَن وصفهَا فَلَمَّا رَأَيْت الشُّعَرَاء مقصرين عَن وصفهَا فِي الْمَدْح جِئْت إِلَيْهِ ليعلم مَكَاني فِي الْمَدْح وَشبه مَا كَانَ مدح بِهِ الممدوح بالطماطم الَّتِي هِيَ أصوت لَا تفهم لأَنهم لَا يحسنون أَن يمدحوه وَلَا أَن يَأْتُوا بأوصافه على الاسْتقَامَة 36 - الْغَرِيب يمت قصدت الْمَعْنى يَقُول كنت إِذا قصدت إِلَى الممدوح أَرضًا بعيدَة سريت لَيْلًا مُشْتَمِلًا بالظلام فَكَأَنِّي سر وَاللَّيْل كاتمه وَهَذَا مَنْقُول من قَول البحتري (وَطَيَّكَ سِرا لَوْ تَكَلَّفَ طَيُّهُ ... دُجىَ اللِّيلِ عَنَّا لَمْ تَسَعُه ضَمائِرُهُ) وَنَقله الصاحب بن عباد من قَول أبي الطّيب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 (تَجَشَّمْتُهُ وَاللَّيلُ وَحْفُ جَناحُه ... كأّنَي سِرٌ وَالظَّلامُ ضَمِيرُ) وَنَقله البحتري من قَول قعنب (سريا بِهِ وَاللَّيْل داج ظلامه ... فَكَانَ لنا قلبا وَكَانَ لَهُ سرا) 37 - الْإِعْرَاب معلما حَال من الْمجد أَي أعلم بِهِ النَّاس وأظهره الْمَعْنى يَقُول إِن الشّرف ومعالي الْأُمُور أظهره للنَّاس وَحمله على قتل الْأَعْدَاء فَلَا يغمده الْمجد وَلَا يثلمه الضَّرْب لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ سَيْفا فِي الْحَقِيقَة إِذْ لَو كَانَ سَيْفا من حَدِيد لثلمه الضَّرْب وَهَذَا من أحسن الْكَلَام 38 - الْغَرِيب من روى الْملك بِفَتْح الْمِيم أَرَادَ الْخَلِيفَة وَمن رَوَاهُ بِضَم الْمِيم وَهُوَ أَكثر وروايتي عَن شَيْخي أَرَادَ المملكة والأغر الْأَبْيَض الْكَرِيم ونجاد السَّيْف حمائله والعاتق مَوضِع النجاد على كتف الرجل والعاتق يذكر وَيُؤَنث وقائم السَّيْف قَبضته الَّتِي تكون فِي يَد الضَّارِب بِهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ سيف يتقلده الْخَلِيفَة على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَهُوَ زين للخليفة نَاصِر لدين الله وعَلى الرِّوَايَة الْأُخْرَى هُوَ سيف على عاتق المملكة نجاده يتزين بِهِ الْملك فَهُوَ من الْملك فِي أرفع موَاضعه وَمن تأييد الله بالجد الَّذِي يمضيه فِيهِ فِي أَعلَى مواقعه وَإِذا كَانَ كَذَلِك اكتفه نَصره وساعدته أقداره فَحِينَئِذٍ يبلغ مُرَاده من أعدائه وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (لَقَدْ خابِ مَن أهْدَى سُويداء قلبِهِ ... لَحدْ سنانٍ فِي يَدِ اللهِ عامِلُهْ) وَقد كَرَّرَه أَبُو الطّيب فِي سيف الدولة بقوله (فأنْتَ حُسامُ المُلْكِ وَاللهُ ضارِبُ ... ) 39 - الْغَرِيب عبيده جمع عبد وَأكْثر الرِّوَايَات عباده وَعبيد مثل كلب وكليب وَهُوَ جمع عَزِيز وَقد جَاءَ فِي جمعه أعبد وَعباد وعبدان بِالضَّمِّ مثل تمر وتمران وعبدان بِالْكَسْرِ مثل جحشان وعبدان بِكَسْر أَوله وثانيه مشددا وعبداء ممدودا ومقصورا ومعبوداء بِالْمدِّ وَعبد أنْشد الْأَخْفَش ... 0 أُنْسَبِ العَبْدَ إِلَى آبائِهِ ... أسْوَدَ الجِلْدَةِ مِنْ قَوْمٍ عَبَدْ) فَهُوَ مثل سقف وسقف وَرهن وَرهن وَهُوَ جمع جيد وَله نَظَائِر والغنائم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 وَاحِدهَا غنيمَة وَهُوَ المَال الَّذِي يُؤْخَذ من الْكفَّار إِذا ظفر بهم وروى عتيدة بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقهَا والعتيد الشَّيْء الْحَاضِر المهيأ والعتاد الْعدة والأهبة والآلة يُقَال أخذت لِلْأَمْرِ عتاده أَي آلَته الْمَعْنى يَقُول الْأَعْدَاء عبيد لَهُ لِأَنَّهُ يسببهم ويسترقهم وَيملك رقابهم يحاربونه وهم عبيده وَهُوَ يتعجب من هَذَا ويدخرون الْأَمْوَال وَهِي غَنَائِم لَهُ لانه يحويها بالإغارة عَلَيْهِم فَهِيَ غير ممتنعة عَلَيْهِ 40 - الْمَعْنى يَقُول هم يعدون الدَّهْر كَبِير الْأَمر عَظِيم الشَّأْن والدهر دونه لانه مُسْتَعْمل بِحَسب إِرَادَته تقرب لَهُ فِيهِ السَّعَادَة بغيته ويسهل عَلَيْهِ الإقبال فِيهِ رغبته ويستعظمون الْمَوْت وَهُوَ أعظم حَادث لِأَنَّهُ يطيعه فِي أعدائه فَهُوَ يدمر أعمارهم ويقلل عَددهمْ 41 - الغرب على اسْم سيف الدولة وَهُوَ فعيل أَصله عليو من عَلَوْت فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء والعلي الشَّديد الرفيع الْمَعْنى يَقُول أنصفه الَّذِي سَمَّاهُ عليا بِمَا يسْتَحقّهُ من علو الْمنزلَة والرفعة لِأَنَّهُ عالي الْقدر وَقد ظلمه الَّذِي سَمَّاهُ سَيْفا لِأَن السَّيْف جماد لَا يعقل وَلَا يفعل مَا يَفْعَله هَذَا الممدوح لِأَن الجوامد لَا تُوصَف بِحسن وَلَا بقبيح وَلَا بمعقول وَإِنَّمَا هِيَ شخوص مرتبطة لَيْسَ عِنْدهَا نطق وَلَا عِبْرَة وَهَذَا يولي الْإِحْسَان ويبر الْأَهْل والإخوان ويحمي بقوته وهيبته الْبلدَانِ وَيخَاف بأسه كل سُلْطَان قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو اتّفق لَهُ أَن يَقُول سَمَّاهُ عليا لَكَانَ أشبه بآخر الْبَيْت وَهَذَا جَائِز حسن لِأَن الْمَفْعُول حذفه كثير من الْكَلَام 42 - الْغَرِيب اللزبة وَاحِدَة اللزبات وَهِي الشدَّة يُقَال لزبة ولزبات أَي شدَّة وقحط قَالَ أَبُو الْفَتْح والواحدي نَقله مِنْهُ وَالْوَجْه أَن يُقَال لزبات بِفَتْح الزَّاي وَإِنَّمَا سكن الزَّاي ضَرُورَة وَلَيْسَ كَمَا ذكرا فقد قَالَ الْجَوْهَرِي فِي صحاحه أَصَابَتْهُم لزبه أَي شدَّة وقحط وَالْجمع لزبات بالتسكين لِأَنَّهُ صفة الْمَعْنى يَقُول هُوَ أفضل من السَّيْف فقد ينبو حد السَّيْف فَلَا يقطع وَمَكَارِم هَذَا الممدوح تذْهب شَدَائِد الزَّمَان وتقطعها عَن كل إِنْسَان فَلَا يشبه فعله فعل السَّيْف حَتَّى يُسمى باسمه فقد بَان لَهُ على السَّيْف فضل ظَاهر وَشرف بَين فاخر وانه يقصر عَنهُ ويتواضع دونه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 - 1 الْغَرِيب الإزماع الْعَزْم على الرحيل والهمام الْملك الْعَظِيم الهمة والربا جمع ربوة وَخص الربادون غَيرهَا لِأَن الرَّوْضَة إِذا كَانَت على يفاع من الأَرْض كَانَت أحسن الْمَعْنى يَقُول أَيْن وَهُوَ سُؤال عَن مَكَان أَي أَي مَكَان عزمت عَلَيْهِ أَيهَا الْملك قَالَ الواحدي وَنحن وَنحن لَا عَيْش لنا إِلَّا بك فَإِذا فارقتنا لم نعش كنبات الرِّبَا لَا يبْقى إِلَّا بالغمام لِأَنَّهُ لَا شرب لَهُ إِلَّا من مَائه وَغير نَبَات الرِّبَا يُمكن أَن يجْرِي إِلَيْهِ المَاء وَهُوَ من قَول الآخر (نَحْن زَهْرُ الرّبا وَجُودُكَ غَيْثٌ ... هَلْ بِغَيرِ الغُيُوثِ يُونِقُ زَهْرُ) هَذَا كَلَامه وَهُوَ كَلَام أبي الْفَتْح نقلا وَالْمعْنَى يَقُول أَي أزمعت أَيهَا الْملك عَنَّا وَنحن الَّذين أظهر تهم نِعْمَتك إِظْهَار الْغَمَام لنبت الرِّبَا وَهُوَ من آنق النبت وَلِهَذَا ضرب الله بِهِ الْمثل فِي قَوْله {كَمثل جنَّة بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وابل} وَهُوَ مَعَ ذَلِك أقرب النبت موضعا من الْغَمَام وأشده افتقارا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُقيم فِيهِ ويسرع الانسكاب عَنهُ وَلِهَذَا شبه أَبُو الطّيب حَاله بِهِ قَالَ ابْن وَكِيع أول هَذِه القصيدة سوء أدب لسؤاله ملكا جَلِيلًا بأين أزمعت وَالْبَيْت مَأْخُوذ من قَول أبي فنن (لَعَمْرُكَ إنَّني وَأبا عَليّ ... كَنَبْتِ الأرْضِ تَصْلِحُه السَّماءُ) 2 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح اللَّام فِي لَهُ زَائِدَة وَله نَظَائِر كَقَوْلِه تَعَالَى {ردف لكم} وَقَوله {إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون} وَقَول الشَّاعِر (أرِيدُ لأنْسى ذِكْرَها فَكَأنَّما ... تُمَثَّلُ لي لَيْلى بِكُلّ سبيلِ) يُرِيد أَن أنسى وَقَالَ ابْن ميادة (وَمَلَّكْتَ مَا بَينَ العِرَاقِ وَيَثْرِبٍ ... مَلِكا أجارَ لِمسُلِمٍ وَمُعاهِدِ) يُرِيد أَجَارَ مُسلما ومعاهدا وَمثله قَوْله تَعَالَى {ردف لكم} أَي ردفكم وَنصب قربك على الْمَفْعُول الثَّانِي يُقَال خَان الزَّمَان زيدا ملكه يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَلَا يجوز نَصبه على الظّرْف لِأَنَّهُ يصير ذما للمدوح وَإِقْرَار بِأَن الزَّمَان خَانَهُمْ فِي حَال اقترابهم مِنْهُ وَقيل أَرَادَ نَحن من ضايقه الزَّمَان فَحذف الرَّاجِع إِلَى الْمَوْصُول الحديث: 219 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 وَقَالَ ابْن فورجة الضَّمِير فِي لَهُ للزمان مَعْنَاهُ نَحن الَّذين ضايقهم الزَّمَان فِيك لنَفسِهِ ولأجله ليَكُون لَهُ دونهم كَمَا تَقول هم الَّذين رضيهم زيدا لَهُ أَي لنَفسِهِ وإلحاق اللَّام بالمفعول قبح جدا وَكَذَا قَالَ الْخَطِيب الْمَعْنى يَقُول نَحن الَّذين ضايقهم الزَّمَان فِيك فيبخل عَلَيْهِم بك فيحرمهم لقائك ويباعد بَينهم وَبَيْنك وتخونهم الْأَيَّام فِي الْقرب مِنْك يُشِير إِلَى أَن الزَّمَان يعشقه ويغار على قربه فَهُوَ يُرِيد أَن ينْفَرد بِهِ دون النَّاس وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول مُحَمَّد بن وهيب (وَحارَبَنِي فيهِ رَيْبُ الزَّمانِ ... كَأنَّ الزَّمانَ لَهُ عاشِقُ) 3 - الْغَرِيب السّلم ضد الْحَرْب وَهُوَ الصُّلْح والإجذام الْإِسْرَاع فِي السّير قَالَ طرفَة (أحَلْتُ عَلَيْها بالقَطِيعِ فأجْذَمَتْ ... وَقَدْ خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المُتَوَقِّدِ) والإجذام الإقلاع عَن الشَّيْء بِسُرْعَة قَالَ الرّبيع بن زِيَاد (وَحرَّقَ قَيْسٌ عَليَّ البلادَ ... حَتَّى إذَا اضْطرَمَتْ أجْذَما) وَقيس هَذَا هُوَ ابْن زُهَيْر الْعَبْسِي الْمَعْنى يَقُول كل فعالك فِي سَبِيل المكارم الْعَالِيَة إِن قَاتَلت أَو سالمت فَأَنت فِي طلاب العلياء وَأَنَّك لَا تألف من ذَلِك إِلَّا مَا شرف قدره وَظهر فَضله 4 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي لَيْت أَنا مَعَك نحمل عَنْك الْمَشَقَّة فِي مسيرك ونزولك فِي سفرك هَذَا معنى الْبَيْت وَلكنه أَسَاءَ حَيْثُ تمنى أَن يكون بَهِيمَة وجمادا وَلَا يحسن بالشاعر أَن يمدح غَيره بِمَا هُوَ وضع مِنْهُ وَلَا يحسن أَن يَقُول لَيْتَني امْرَأَتك انْتهى كَلَامه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح طعن عَلَيْهِ قوم تعصبوا عَلَيْهِ فَقَالُوا الْخيام يَعْلُو من تحتهَا وَقد جعله دونهَا فَأجَاب عَنهُ نظما (لَقَدْ نَسَبُوا الخيامَ إِلَى عَلاءِ ... ) وتلخيص الْمَعْنى ليتنا نقيك الْأَذَى ونتحمل عَنْك الردى وَالْمعْنَى لَيْت أَنِّي وَمن يتَّصل بِي نتحمل من موقرتك مَا تتحمله الْخَيل عِنْد رحيلك وننوب فِي صيانتك عَن الْخيام عِنْد إقامتك رَغْبَة فِي الشّرف بقربك وَالْقَضَاء لحقوق فضلك 5 - الْمَعْنى يَقُول كل يَوْم لَك يحدث سفرا وَهُوَ دَلِيل على علو همتك وَفِي كل يَوْم لَك رحيل يُقيم فِيهِ الْمجد عنْدك لِأَنَّهُ يطْلب الْمجد وَلِأَن الْمجد مَعَك حَيْثُمَا كنت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 كَقَوْل الْأَزْدِيّ (المَجْدُ صاحِبْكَ الَّذي حالفْتَه ... أبدا فَرَوْضَتهُ المريعةُ مَرْبَعكْ) (فَإِذا رَحَلْتَ سرَيْتَ تحتَ ظِلالِهِ ... وَإذا رَتَعْتَ فَفِي ذُرَاهُ مَرْتَعُكْ) وكقول حبيب (كُلَّما زرْتُهُ وَجَدْتُ لَدَيْهِ ... نَشَبا ظاعِنا وَمجْداً مُقيما) 6 - الْمَعْنى يَقُول إِذا عظمت الهمة وَكَبرت النَّفس تَعب الْجِسْم فِي طلب الْمَعَالِي من الْأُمُور وَلَا يرضى بالمنزلة الدنيئة فيطلب الرُّتْبَة الشَّرِيفَة كَقَوْل العتابي (وَإنَّ عَلِيَّاتِ الأُمُورِ مَثُوبَةٌ ... بِمُسْتَوْدعاتٍ فِي بُطُونِ الأساوِدِ) وَبَيت أبي الطّيب من كَلَام أرسطا طاليس إِذا كَانَت الشَّهْوَة فَوق الْقُدْرَة كَانَ هَلَاك الْجِسْم دون بُلُوغ الشَّهْوَة وَقَالَ ابْن وَكِيع لم يَأْخُذ من الْحَكِيم وَإِنَّمَا أَخذ من أهل صناعته فَأخذ قَوْله من قَول عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر (فَقالُوا أَلا تَلْهُو لِتُدْرِكَ لَذَّةً ... فَقُلت وَكيْفَ اللَّهو وَالهمُّ حاجِزُ) (وَنَفْسِي تُعاني أنْ تُقيِمَ مُروءَتي ... عَلى غايَتِي فِي المجْد وَالجَهدُ عاجِز) وَمن قَول ابْن أبي زرْعَة (أهْلُ مَجْدٍ لَا يَحْفِلونَ إذَانا ... لُوا جَسِيما أنْ تُنهَكَ الأجْسامُ) وَمن قَول الحصني (نَفْسِي مُوَكَّلَةٌ بِالمجْدِ تَطْلُبُه ... وَمَطْلب المجْدِ مَقْرونٌ بِه التَّلفُ) وَمن قَول ابْن جَابر (إذَا مَا عَلا المَرْءُ رَامَ العُلى ... وَيَقْنَعُ بِالدُّونِ مَنْ كانَ دُونا) وَمن قَول حبيب (فَعَلِمْنا أنْ لَيْس إِلَّا بِشِقَّ النَّفْفْس ... صَار الكَريِم يدْعَى كَرِيما) (طَلَب المْجدِ يُورِث النَّفْس خَبْلاً ... وهموما تُقَضْقِضّ الحيزوما) وَأخذ هَذَا الْمَعْنى بَعضهم فَقَالَ (فَيامَنْ يَكُدُّ النَّفْس فِي طَلبِ العُلى ... إِذا كَبِرتْ نَفْسُ الفَتى طَال شُغْلُهُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 - الْغَرِيب البدور جمع بدر وَإِنَّمَا أَرَادَ بدر السَّمَاء وَهُوَ وَاحِد فَكَأَنَّهُ جعل بدر كل شهر على حياله بَدْرًا فَجمع لذَلِك الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك بدر وبحر فعادتك كعادتهما لِأَن الْبَدْر يطلع تَارَة ويغيب تَارَة وَالْبَحْر يموج ويضطرب ويتحرك وَكَذَا أَنْت تقلق فِي الْأَسْفَار كالبدور تطلع علينا سائرة وتبدو لأعيننا رَاحِلَة وَالْبَحْر يمد ويجزر ويضطرب فَبين بِهَذَا أَنه من عظم شَأْنه لَا يسْتَقرّ بِهِ مَوضِع 8 - الْمَعْنى يَقُول لَو كلفنا غير فراقك عَنَّا لصبرنا صبرا جميلا كعادتنا مِنْهُ إِلَّا أَنا لَا طَاقَة لنا فِي بعْدك وَلَا طَاقَة لنا بِاحْتِمَال نواك كَقَوْل حبيب (الصَّبْر يحْسُن فِي المَواطِنِ كُلِّها ... إلاَّ عَلَيْك فإنَّه مَذْمومُ) وَكَقَوْلِه أَيْضا (جَلِيدٌ عَلى خَطْبِ الأمُورِ إذَا التَوَت ... وَلِيْسَ عَلى عتْبِ الأخِلاَّءِ بالجَلدْ) وكقول الآخر (وَقَالَ أناسٌ لَوْ صبْرتَ وإنَّنِي ... عَلى كُلّ شيءٍ مَا خَلا البَيْنَ صابرُ) 9 - الْإِعْرَاب قَامَت الْهَاء مقَام خبر كَانَ والأجود لَو قَالَ تكن إِيَّاهَا وَهُوَ كبيت (دعِ الخَمْر يَشْرَبها الغُواة فإنَّني ... رأيْت أخاها مُغْنيا بِمَكانِها) (فَإلاَّ يَكُنْها أوْ تكُنْهُ فإنَّهُ ... أخُوها غَذتهُ أمُّهُ بلِبانِها) الْمَعْنى يُرِيد كل حَيَاة لم تطبها بقربك فَهِيَ موت وكل شمس ظلمَة إِذا لم تكن أَنْت الشَّمْس وَالْمعْنَى من كَانَت هَذِه حَاله فالصبر عَنهُ مَذْمُوم 10 - الْغَرِيب اللهام الْعَظِيم الَّذِي يلتهم كل شَيْء فيهلكه وَيذْهب بِهِ الْمَعْنى يَقُول أقِم عندنَا لتزول الوحشة عَنَّا يَا من بِهِ يأنس الْجَيْش لقوتهم بمكانه فيهم وَإِن كَثُرُوا فَإِنَّهُم يأنسون بِهِ ثِقَة بشجاعته ويعتد بِهِ أَكثر من اعتداده بجماعته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 - الْغَرِيب الوغى الْحَرْب وأصوات الْحَرْب يُقَال بِالْعينِ والغين والحاء والذمام الْعَهْد الْمَعْنى يَقُول وَالَّذِي يشْهد الْحَرْب غير مُضْطَرب الجأش كَأَن الْقِتَال عاهده أَن لَا يقتل فَهُوَ يسكن إِلَى الْقَتْل سكونه إِلَى الذمام فَهُوَ يحضرها ثَبت النَّفس غير حافل بشدتها وَهُوَ من قَول حبيب (مُتَسَرّعِينَ إِلَى الحُتُوفِ كأنَّما ... بَينَ الحُتُوفِ وَبَيْنَهُمِ أرْحامُ) وَمن قَول مُحَمَّد بن نواس (يَتَبادَرونَ إِلَى الهِياجِ كَأنَّما ... بَدَرُوا إِلَى صِلةٍ مِن الأرْحامِ) 12 - الْغَرِيب الكتيبة الْجَمَاعَة من الْخَيل والفهاق جمع فهقة وَهِي الْعظم الَّذِي يكون على اللهاة وَهُوَ مركب الرَّأْس فِي الْعُنُق قَالَ الْأَصْمَعِي قَالَ قُرَّة بن خَالِد سُئِلَ عبد الله بن عتبي عَن المتفهقين فَنفخ وجافى يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ وَنفخ شدّ قيه قَالَ أَبُو حَاتِم أَصله من الفهقة وَهُوَ الَّذِي عقد عُنُقه تيها وكبرا والأقدام جمع قدم الْمَعْنى يَقُول وَالَّذِي يضْرب الجيوش بِسَيْفِهِ وَيقطع أَعْنَاقهم حَتَّى تتلاقى مَعَ الْأَقْدَام وَقيل الفهقة خرزة الْعُنُق الْمُتَّصِلَة بِالظّهْرِ وَسميت فهقة لأنما تفهق موضعهَا أَي تماؤه 13 - الْمَعْنى إِذا نزل سَاعَة بمَكَان صَار ذَلِك لَك الْمَكَان فِي ذمَّته فَلَا تنزل بِهِ الْحَوَادِث وَلَا يُصِيبهُ الزَّمَان بأذى من قحط وجدب وَالْمعْنَى أَن سيف الدولة إِذا نزل بِبَلَد أجاره على الدَّهْر وكف عَنهُ صروفه وَحرم أَذَاهُ وَأمن ببركته الْمَكْرُوه 14 - الْمَعْنى يُرِيد أَن السرُور والطرب يقيمان بذلك الْمَكَان لَا يفارقانه فَكَأَن السرُور نَبَات ذَلِك الْبَلَد لكثرته فِيهِ وَكَأن المدام سحابه لظُهُور فَرح أَهله بِهِ قَالَ ابْن وَكِيع لَو قَالَ وَالَّذِي ينْبت الْبِلَاد بهائر فَجمع بَين المشروب والمشموم لَكَانَ أحسن وَهُوَ من قَول البحتري (وَيَوْمٍ بالمَطِيرَةِ أمْطَرَتْنَا ... سمَاءٌ صَوْبَ وَابِلهِا عُقارُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه يبلغ فِي الْكَرم مَالا يرتقب الزِّيَادَة فِيهِ وَيفْعل مِنْهُ كل مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ الْمعرفَة فَإِذا قيل هَذَا غَايَة الْكَرم أبدع فِيهِ مَا لَا عهد لأحد بِمثلِهِ وَلَا يبلغهُ كريم بِجهْدِهِ وَلَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ الْكِرَام وَهُوَ من قَول البحتري (طَلُوبٌ لأَقْصَى غايَةٍ بَعْدَ غايَةٍ ... إذَا قِيلَ يَوْما قَدْ تَناهَى تَزَايَداً) 16 - الْغَرِيب كع الرجل يكع بِكَسْر الْكَاف وَقد فتحهَا قوم وكع وكاع بِمَعْنى وَاحِد إِذا عجز عَن الشَّيْء والارتياح الاهتزاز للكرم الْمَعْنى يَقُول أرانا كفاحا تعجز عَنهُ الأعادي وينكصون على أَعْقَابهم مِنْهُ وارتياحا أَي اهتزاز للكرم تتحير مِنْهُ الْعُقُول وتعجز الْأَنَام عَنهُ 17 - الْمَعْنى يَقُول إِن فِي الْقُلُوب من هيبته مَا يَكْفِيهِ عَن السَّيْف وَمَا يشبه السَّيْف فِي نفاذه والشجاع يهابه ويخافه فَلَا يُقيم عَلَيْهِ فَإِذا لَا يحْتَاج إِلَى دفعهم بِالسَّيْفِ إِذْ هيبته تقوم فِي قُلُوبهم كالسيف قَالَ ابْن وَكِيع وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول أبي دلف (وَيصُولُ الإمامُ فِي حَيْثما صالَ ... وَفي صَوْلَةِ الإمامِ الحِمامُ) 18 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي إِن توقاه الشجاع وَحفظ مِنْهُ نَفسه فَذَاك مِنْهُ كثير والبليغ إِن أمكنه أَن يسلم عَلَيْهِ فَذَلِك غَايَة بلاغته وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لِأَن هيبته توجب أَن لَا ينْطق أحد بَين يَدَيْهِ وَقد ذهب قوم إِلَى أَن مُرَاده أَن الشجاع بكثر التوقي مِنْهُ لِأَنَّهُ يُشَاهد من الهيبة مَا يحملهُ على ذَلِك والبليغ يسلم تَسْلِيمًا بعد تَسْلِيم فيكثر السَّلَام لِأَنَّهُ لَا يقدر على غير وَالْأول أشبه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 - 1 الْغَرِيب الارتياح انبساط الْخلق بِالْمَعْرُوفِ الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة أَنا مِنْك بَين فَضَائِل باهرة وَمَكَارِم شَامِلَة وَمن ارتياحك فِي سَحَاب لَا يقْلع وَعَطَاء لَا يقطع 2 - الْغَرِيب الحالم النَّائِم حلم بِالْفَتْح يحلم فَهُوَ حالم إِذا رأى فِي مَنَامه شَيْئا وحلم بِضَم اللَّام من الْحلم وحلم الْأَدِيم بِالْكَسْرِ الْمَعْنى أَنْت عَظِيم الْقدر تحتقر الْأَشْيَاء الْعَظِيمَة فَإِذا رَأَيْت كَثْرَة مواهبك الَّتِي تحتقرها ظَنَنْت أَنِّي فِي نوم لِأَن الْعَادة لم تجر بذلك فِي الْيَقَظَة وَمَا فِي قَوْله فِيمَا ألاحظه نكرَة كَأَنَّهُ قَالَ فِي شَيْء ألاحظه بعيني حالم غير مُحَقّق ومتوهم غير مُصدق 3 - الْإِعْرَاب الْهَاء فِي سيفها للدولة وَإِذا كَانَ الْمُخَاطب عَالما فالمضمر كالمظهر الْغَرِيب الِابْتِلَاء التجربة وَالِاخْتِيَار وَعين الشَّيْء حَقِيقَته والصارم الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول إِن الْخَلِيفَة لم يسمك سيف دولته إِلَّا بعد أَن جربك فوجدك صَارِمًا حَقِيقَة صَارِمًا لَا ينبو حدك وَلَا ينفل عزمك وَلَا يطْمع فِيهَا عَدوك 4 - الْغَرِيب تتوج لبس التَّاج والخاتم بِكَسْر التَّاء وَفتحهَا وَقَرَأَ عَاصِم وَخَاتم النَّبِيين بِالْفَتْح الْمَعْنى يَقُول الْخَلِيفَة يتجمل بك كَمَا يتجمل بالتاج والخاتم وَالْمعْنَى أَنَّك أرفع حلية تاجه لِأَنَّك درته وَأجل مَا يشْتَمل عَلَيْهِ خَاتمه إِذا تختم لِأَنَّك فصه يُشِير إِلَى أَنه أرفع مَا يترفع بِهِ الْخَلِيفَة 5 - الْغَرِيب الانتضاء التَّجْرِيد والإشهار والمعرك الْحَرْب وقائم السَّيْف مَا يكون فِي يَد الضَّارِب الْمَعْنى يَقُول إِذا جردك على عَدو هلك الْعَدو وَعجز عَن حملك لِأَنَّك أجل من أَن تكون سَيْفه وَالْمعْنَى إِذا جردك على أعدائه فِي معترك وعارضهم بك فِي موقف أهلك بنفاذك جمعهم وأذل باقتدارك عزهم وَضَاقَتْ كَفه عَن قَائِم سيف أَنْت حَقِيقَته وَقل هَذَا الْأَمر لقدرك وتواضع لجلالة أَمرك 6 - الْمَعْنى يَقُول من شمر لوصف جودك عجز عَن كل وصفك كَمَا قَالَ (وَكُلُّ مَنْ أبْدَعَ فِي وَصْفِهِ ... أصْبَح مَنْسُوبا إِلَى العْيّ) وَمن كتم وصف جودك ضَاقَ ذرعه لِأَنَّهُ يُرِيد أَن يصف جودك وَيعلم عَجزه فيضيق ذرعه لأجل ذَلِك فمحاول وَصفه لَا يبلغهُ ومحاول كتمه لَا يُمكنهُ لما تبين لَهُ مِنْهُ الحديث: 220 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 - 1 الْغَرِيب النسيب نسب الرجل بِالْمَرْأَةِ ينْسب بِالْكَسْرِ إِذا شَبَّبَ بهَا والتشبيب هُوَ الْغَزل وَهُوَ أول مَا يعْمل الشَّاعِر ثمَّ يَأْتِي بعده بالمدح الْمَعْنى يَقُول من عَادَة الشُّعَرَاء تَقْدِيم النّسَب فِي أشعارهم فَأنْكر أَبُو الطّيب هَذِه الْعَادة وَقَالَ أكل فصيح يَقُول الشّعْر هُوَ متيم بالحب حَتَّى يبْدَأ بالنسيب فَلَيْسَ الْأَمر على هَذَا فَلَا تمّ هَذِه الْعَادة يَقُول مَا كل فصيح عاشق وَلَا كل شَاعِر سلف متيم وَلَكِن آخِرهم فِي ذَلِك يَتْلُو أَوَّلهمْ حَتَّى كَانَ مَا يتو اصفونه من الْحبّ قد جَعَلُوهُ فَاتِحَة الشّعْر فَإِذا كَانَ هَذَا فوَاللَّه 2 - الْغَرِيب ابْن عبد الله هُوَ عَليّ بن عبد الله بن حمدَان سيف الدولة الْمَعْنى يَقُول حبه أولى من حب غَيره فَإِنَّهُ إِذا جرى الذّكر الْجَمِيل كَانَ هُوَ أَولا وآخرا فَلَا يذكر إِلَّا هُوَ وَإِذا كَانَ بِهَذِهِ الصّفة كَانَ أولى بالحب من النِّسَاء اللَّاتِي يشبب بِهن الشُّعَرَاء 3 - الْإِعْرَاب سكن الْيَاء من الغواني ضَرُورَة وَأَرَادَ بِعظم عَنْهُم فَحذف لعلم الحديث: 221 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 الْغَرِيب طمح ببصره طماحا وطموحا إِذا أبعد الْبَصَر بنظره والغواني جمع غانية وَهِي الَّتِي غنيت بحسنها عَن الزِّينَة الْمَعْنى يَقُول كنت متيما بِالنسَاء وحبهن قبل أَن أتعرض للأمور الْعَالِيَة فَلَمَّا قصدتها تركهن وَقَوله إِلَى منظر يَعْنِي معالي الْأُمُور هَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدى وَقَالَ وَرِوَايَته على هَذَا التَّفْسِير وَأعظم أَي أَنا أعظم عَنهُ فَحذف لتقدم ذكره الخ قَالَ يَعْنِي بن جني جعل نَفسه تعظم عَن الْمَعَالِي وَأنكر ابْن فورجة تَفْسِيره وَرِوَايَته وَقَالَ الْمَعْنى كنت أَرغب فِي النِّسَاء قبل التقائي بِسيف الدولة فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ نظرت إِلَى منظر يصغر منظر هن عَنهُ ويعظم هَذَا المنظر عَن منظر هن لِأَنَّهُ ملك وسلطان وَهن لَهو وغزل اه وتلخيص الْمَعْنى أَنه يَقُول أَطَعْت الغواني فِي التشبيب بِهن قبل أَن يطمح بَصرِي إِلَى مملكة هَذَا الممدوح الَّتِي يقل حسنهنَّ عِنْدهَا ويصغر شأنهن عِنْد شَأْنهَا 4 - الْغَرِيب التطبيق أَن يُصِيب الْمفصل فِي الضَّرْب والتصميم النَّفاذ فِي الْأَمر وَالضَّرْب وَسيف مطبق وَهُوَ الَّذِي إِذا أصَاب الْمفصل قطعه وَكَانَ مَاضِيا فِي الضريبة الْمَعْنى يَقُول أَتَى الدَّهْر عَن عرض فذلله بالتطبيق والتصميم وَلما جعله سَيْفا وَصفه بالتطبيق والتصميم وَجعله مَاضِيا فِي عزمه وإرادته وَأَنه لَا يعسر عَلَيْهِ مَا أَرَادَهُ 5 - الْغَرِيب الميسم الْحسن قَالَ الراجز (لَوْ قُلْتُ مَا فِي قَوْمها لمْ تَيْثَمِ ... يَفْضُلها فِي حَسَب وَمَيْسمِ) الْمَعْنى يَقُول حكمه جَائِز حَتَّى على الشَّمْس وَظهر حسنه حَتَّى على الْبَدْر أَي ظهر أَنه أحسن مِنْهُ قَالَ الواحدى قَالَ الْعَرُوضِي إِن جَازَ أَخذ الميسم من الوسامة فَأَخذه من الوسم أولى ليَكُون الْمَعْنى مُوَافقا للمصراع الأول يُرِيد أَن كل شَيْء موسم بَان أَنه لَهُ وَتَحْت قهره حَتَّى الْبَدْر وَأَشَارَ بالميسم إِلَى مَا فِي وَجهه من السوَاد الَّذِي هُوَ كأثر المحو قَالَ ابْن الإفليلى أَرَادَ الْبَدْر وَالشَّمْس وَالْعرب تفعل مثل ذَلِك تذكر وَاحِدًا وتريد ضِدّه أَو صَاحبه 6 - الْغَرِيب العدا جمع عَدو والحليف الصاحب وَهُوَ الَّذِي يحالف الْقَوْم ليمنعوه من عدوه على رِوَايَة من روى بِالْحَاء الْمُهْملَة وَلَيْسَت بِشَيْء وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِالْحَاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 الْمُعْجَمَة وَهُوَ جمع خَليفَة تَقول خَليفَة وخلفاء وخلائف جَاءُوا بِهِ على الأَصْل مثل كَرِيمَة وكرائم وَقَالُوا خلفاء مَعَ أَن فِيهِ الْهَاء وفعيلة بِالْهَاءِ لَا تجمع على فعلاء لِأَنَّهُ لَا يَقع إِلَّا على مُذَكّر فجمعوه على إِسْقَاط الْهَاء فَصَارَ مثل ظريف وظرفاء الْمَعْنى يُشِير بِهَذَا إِلَى أَن تصرف أعَاد بِهِ فِي الْبِلَاد بأَمْره فَإِن أعرض عَنْهُم اسْتَمْتعُوا بِالْبَقَاءِ فِيهَا وَإِن عزلهم سلمُوا إِلَيْهِ بِالْخرُوجِ فَجعل أعاديه من الرّوم وَغَيرهم خلفاءه فِي بِلَادهمْ وعماله فِي قواعدهم فهم عاجزون عَن التَّعَرُّض لحربه 7 - الْغَرِيب المشرفية السيوف تنْسب إِلَى مَوضِع تطبع فِيهِ السيوف وَهِي المشارف وَالْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم والعرمرم الْكثير الْمَعْنى يَقُول لَا يُرْسل إِلَى أحد رَسُولا إِلَّا الْجَيْش الْكثير وَلَا كتابا إِلَّا بِالسَّيْفِ وَلَا يَسْتَدْعِي مِنْهُم حَاجَة برَسُول وَلَا كتاب لَكِن يبْعَث إِلَيْهِم الْجَيْش يَعْنِي من اقتداره عَلَيْهِم لَا كتب يبعثها وَلَا رسل يوجهها نحوهم غير جيوشه فهم يتصرفون على حكمه عاجزون عَن الْمُخَالفَة لأَمره وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (السَّيْفُ أصْدَقُ أنْباءً مِنَ الكُتُبِ ... فِي حدّهِ الحَدُّ بَينَ الجدّ وَاللعِبِ) 8 - الْمَعْنى يَقُول مخبرا عَن عَظِيم ملكه وَمَا ظهر من عُمُوم فَضله لم يخل من نَصره أحد لَهُ يَد يبطش بهَا لوقوف جَمِيع النَّاس عِنْد أمره ووقوعهم تَحت طَاعَته وَلم يخل من شكره أحد لَهُ فَم ينْطق بِهِ لما شملهم من إحسانه وأحاط بهم من إنعامه فَبين بِهَذَا أَن طَاعَة الْجَمِيع لَهُ طَاعَة وداد ومحبة لَا طَاعَة استكراه وَغَلَبَة 9 - الْغَرِيب الدِّينَار أَصله دنار بِالتَّشْدِيدِ فأبدل من أحد حرفي تضيعفه يَاء لِئَلَّا يلتبس بالمصادر الَّتِي تَجِيء على فعال كَقَوْلِه تَعَالَى {وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا} إِلَّا أَن يكون بِالْهَاءِ فَيخرج عَن أَصله كالدنامه والصنارة والمنبر أَصله من نبرت الشَّيْء رفعته ونبرة الْمَعْنى رفع صَوته عَن خفض الْمَعْنى يَقُول عَمت مَمْلَكَته الدُّنْيَا فَلم يخل مِنْبَر إِلَّا واسْمه مَذْكُور فِيهِ لِأَن الْبِلَاد تَحت ولَايَته يخْطب على منابرها بِلُزُوم طَاعَته وَلم يخل دِينَار وَلَا دِرْهَم من اسْمه لِأَن دنانيرها ودراهمها مَضْرُوبَة باسمه مسكوكة بِذكرِهِ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى عظم مَمْلَكَته وَأَن الْآفَاق تَحت ولَايَته مطيعة لأَمره وَنَهْيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا ستر الْغُبَار نور الشَّمْس فأظلم مَا بَين الشجاعين قبصره ثَابت لم يمنعهُ الظلام صِحَة النّظر قَالَ وَيجوز أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا قد وَقع فِي أَمر عَظِيم وَمن شَأْن النَّاس أَن يَقُولُوا أظلمت الدُّنْيَا بيني وَبَين فلَان إِذا كَلمه بكلمه يشق عَلَيْهِ وَإِن لم يكن ثمَّ ظلام انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى أَنه شَدِيد الضَّرْب رابط الجأش إِذا التقى الشجاعان وضاق مَا بَينهمَا بتجلد الْأَبْطَال وتقارب مَا بَين الأقران وَأَنه بَصِير إِذا أظلم مَا بَين الشجاعين بتمثل الْمَوْت لَهما وتيقن الْمنية عِنْدهمَا فهنالك يثبت نظره لقُوَّة نَفسه وَلَا يشخص بَصَره لتمكن بأسه وَهَذَا مُبَالغَة فِي الشجَاعَة 11 - الْغَرِيب نُجُوم الْقَذْف هِيَ الَّتِي تقذف بهَا الشَّيَاطِين قَالَ الله تَعَالَى {ويقذفون من كل جَانب دحورا} قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى خيله تبارى تِلْكَ النُّجُوم الَّتِي تنقض فِي السرعة وَجعلهَا نجوما لِأَنَّهَا تتلألأ فِي الظلام ببريق الْحَدِيد وَأَنَّهَا تستغرق الأَرْض بسيرها فَهِيَ تسير فِي الأَرْض كَمَا تسير الْكَوَاكِب فِي السَّمَاء انْتهى كَلَامهمَا والورد الْفرس الْأَحْمَر والأدهم مَعْرُوف وَالْمعْنَى أَن خيله سريعة السّير كسرعة النُّجُوم وفيهن الْورْد والأدهم 12 - الْغَرِيب الْقَصْد قطع الرماح إِذا انْكَسَرت الْوَاحِدَة قصدة والمران الرماح سميت بذلك لمرانتها أَي للينها الْمَعْنى يَقُول خيله يطأن من الْأَبْطَال الْأَعْدَاء من لَا حملنه وَمَا تكسر من الرماح الَّتِي لَا تقوم بعد كسرهَا وَالْمعْنَى أَن خيله يطأن من الْأَبْطَال المقتولين فِي وقائعه من لَا جعلهَا الله أَن تحمله بِأَن يصير فِي رِجَاله ويئول إِلَى آماله ويطأن فِي تِلْكَ الوقائع من قطع الرماح مَا تقوس فَلَا يُمكن تقويمه وتكسر فَلَا يحاول تعديله وَهُوَ من قَول الْحصين بن الْحمام المرى (يَطَأْنَ مِنْ القَتْلَى وَمَنْ قِصَدِ القَنا ... خياراً فَما يَجرِينَ إلاَّ تَجشمُّا) 13 - الْغَرِيب السيدان جمع سيد وَهُوَ الذِّئْب وَهُوَ مِمَّا جَاءَ على فعل وفعلان نَحْو قنو وقنوان وَالْعَسَل جمع عاسل من عسلان الذِّئْب وَهُوَ الْإِسْرَاع والنينان جمع نون وَهُوَ الْحُوت وَنون ونينان كحوت وحيتان وعوم جمع عائم وَهُوَ السابح كصائم وَصَوْم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 الْمَعْنى يُرِيد أَن خيله عَمت الْبر وَالْبَحْر فَهِيَ تعدو مَعَ الذئاب فِي الْبر وتعوم مَعَ الْحيتَان فِي المَاء فَهِيَ تَارَة تقطع الْبر وَتارَة تعوم فِي الْبَحْر وَالْمعْنَى لِكَثْرَة غَزَوَاته واتصال غاراته تقطع خيله الفلوات نَحْو أعاديه عسلا مَعَ الذئاب الَّتِي مستقرها الفلوات وتعبر الْأَنْهَار نحوهم عائمة مَعَ الْحيتَان الَّتِي موضعهَا المَاء 14 - الْإِعْرَاب الواد حذف الْيَاء وَاسْتغْنى بالكسرة عَنْهَا كَقِرَاءَة الْقُرَّاء سوى الْكسَائي وَاد النَّمْل بِغَيْر يَاء فِي الْوَقْف وكقراءة ابْن عَامر والكوفيين يناد المناد بِغَيْر يَاء فِي الْحَالين الْغَرِيب كمن جمع كامن تَقول كمن كمونا إِذا اختفى وَمِنْه الكمين فِي الْحَرْب والعقبان جمع عِقَاب وَهُوَ طَائِر كَبِير من الْجَوَارِح والنيق أَعلَى الْجَبَل والحوم جمع حائم من حوام الطير وَهُوَ دورانها الْمَعْنى يَقُول خيله كمن مَعَ الغزلان فِي الأودية الَّتِي فِيهَا كناسها أَو تقتحم على الْأَعْدَاء رُءُوس الْجبَال مَعَ العقبان الَّتِي فِيهَا وكورها وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن سيف الدولة لقُوَّة عَزَائِمه ونفاذه فِي مقاصده قد اسْتَوَى عِنْد خيله وفرسان جَيْشه الْبر وَالْبَحْر والسهل والوعر فَلَا يبعد عَنهُ مطلب وَلَا يمْتَنع عَلَيْهِ مَوضِع 15 - الْغَرِيب الوشيج عروق القنا ثمَّ صَار اسْما لَهُ ولباتهن جمع لبه وَهِي مَا فَوق النَّحْر الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي فَإِنَّهُ للوشيج على رِوَايَة من فتح الطَّاء وَمن كسرهَا فَالضَّمِير لسيف الدولة أَي يكسر الرماح بخيله طاعنة وَفِي صُدُور خيل عدوه مطعونة الْمَعْنى يَقُول إِذا جلب النَّاس القنا على سَبِيل الْجمع لَهَا وَحملُوهَا على طَرِيق التزين بهَا فَإِن السَّيْف الدولة فِي نحور الْخَيل يكسرها وبوقائعه يفتها ويحطمها 16 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة باسم الْفَاعِل الَّذِي هُوَ القافية الْغَرِيب السّلم ضد الْحَرْب وَيذكر وَيُؤَنث والحجا الْعقل واللها العطايا الْوَاحِدَة لهاة والمعلم هُوَ الَّذِي يعلم نَفسه بعلامة عِنْد الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول إِذا نظرت إِلَيْهِ عرفت أَنه أهل لهَذِهِ الْأَشْيَاء مَوْصُوف بهَا يحارب إِذا رأى الْخَيْر فِي الْحَرْب ويسالم إِذا رأى السّلم خيرا من الْحَرْب وبعرف بِوَجْهِهِ أَنه عَاقل جواد مَحْمُود ماجد فَهُوَ معلم بِجَمَال نَفسه ووفور عقله وجلالة مجده وَإِجْمَاع النَّاس على حَمده وَأَن هَذِه الْجَلالَة شيمته فِي سلمه وحربه ومفرد بهَا من بَين أَبنَاء دهره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 - الْغَرِيب يوده يُحِبهُ وَيُقَال رجل منجم ونجام الْمَعْنى يَقُول من لَا يوده يقر بفضله وَلَا يَدْفَعهُ لبيانه وَمن لَا ينجم يقْضى لَهُ بالسعد وَلَا يُنكره لاتصاله فلظهوره ووضوحه لَا يُنكر فَضله ولظهور آثَار السَّعَادَة عَلَيْهِ يحكم لَهُ بالسعادة من لَا يعرف أَحْكَام النُّجُوم من السَّعَادَة والنحوسة وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الآخر (والفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأعْدَاءُ ... ) 18 - الْغَرِيب عَاد وجرهم قبيلتان كَانُوا فِي أول الزَّمَان وانقرضوا الْمَعْنى يَقُول هَذَا الممدوح أَجَارَ على الْأَيَّام بكفه حوادثها وإنصافه مِنْهَا بانقاذه من مكارهها حَتَّى حسبت هَاتين القبيلتين ستطالبانه بِالرَّدِّ لَهما على طول الْعَهْد مَا انصرم عَلَيْهِمَا من تقادم الدَّهْر وَأَن سعادته إِذا قربت مَا كَانَ يبعد وسهلت مَا كَانَ يعسر فَمَا تمكن لَهُ من ذَلِك يُوجب عَلَيْهِ أَن يطْلب بِمَا لَا يُمكن فعله وَيسْأل مَا يمْتَنع مثله 19 - الْمَعْنى إِنَّمَا قَالَ للريح ضلالا لِأَنَّهَا آذتهم فِي طريقهم وَلما حَكَاهُ السَّيْل بالجود إدعاله قَالَ ابْن فورجة أَرَادَ الدُّعَاء على الرّيح لضررها وَالدُّعَاء للمطر لنفعه وَهَذَا مُطَابقَة من حَيْثُ الْمَعْنى 20 - الْإِعْرَاب فيخبره نَصبه لِأَنَّهُ جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ الْغَرِيب الوبل أَشد الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول هلا سَأَلَ الْمَطَر الَّذِي قصد أَن يصرفنا عَن وجهنا بسكبه واعترضنا فِي طريقنا بسيله كاشفا عَن أَمر سيف الدولة ومستفهما عَن حَاله فيخبره الْحَدِيد الَّذِي ثلمته وقائعه وكسرته بالجلادة كتائبه فيعلمه بِأَنَّهُ لَا ترد عَزَائِمه وَلَا تواجه بالاعتراض مطالبه وَهُوَ مِمَّن لَا يثنى بالحديد فَكيف بالمطر كَقَوْلِه (فَأهْوَنُ مَا تَمُرُّ بهِ الوُحُولُ ... ) 21 - الْغَرِيب بصوبه بِمَا يصوب بِهِ وَهُوَ المَاء وَفُلَان أَعلَى كَعْبًا من فلَان أرفع من صَاحبه قدرا وَأَصله فِي المصارعين لِأَن كَعْب الْغَالِب أَعلَى من كَعْب المغلوب ثمَّ اسْتعْمل فِي كَون الْإِنْسَان أرفع قدرا من صَاحبه وَإِن لم يكن ثمَّ صراع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 الْمَعْنى لما تلقاك السَّحَاب بالمطر استقبله من هُوَ أبين مِنْهُ شرفا وَأظْهر كرما يُرِيد لما اعترضك فِي طريقك سكبه تَلقاهُ مِنْك من يعلوه برفعته ويزري عَلَيْهِ بكرم رَاحَته 22 - الْمَعْنى فباشر وَجها طالما بَاشر القنا فَلم تصبه مباشرتها وبل ثيابًا طالما بلها الدِّمَاء وَلم يثنه بللها فَكيف يهاب وَقع الْمَطَر من لَا يهاب وَقع الرماح ويتألم من المَاء من لَا يتألم من الدِّمَاء 23 - الْغَرِيب تلاك تبعك وَالشَّام إقليم مَعْرُوف من غَزَّة إِلَى الْفُرَات طوله عشرُون يَوْمًا الْمَعْنى يَقُول أَنْت غيث حاذق بالصب والسكب فِي الْجُود فتبعك السَّحَاب ليتعلم مِنْك والغيث بعضه يتبع بَعْضًا وَأَنت فِي الْجُود وَهُوَ متعلم فَلهَذَا تبعك ليتعلم 24 - الْغَرِيب جشمه كلفه جشمت الْأَمر بِالْكَسْرِ جشما وتجشمته تكلفته على مشقة وجشمته تجشما وأجشمته إِذا كلفته إِيَّاه وَمِنْه (فَمَهْما تُجَشِّمْني فَإنّيَ جاشِمُ ... ) الْمَعْنى يَقُول زار مَعَك الْغَيْث قبر والدتك وكلفه الشوق مَا كلفك من الْمسير نَحْوهَا فَكَأَنَّهُ يشتاقها كَمَا تشتاقها أَنْت فأسعدك قَاضِيا لحقك وتبعك مُعظما لقدرك وَعلم أَن أمك تلْزم السحائب زيارتها ويحق عَلَيْهَا كرامتها 25 - الْإِعْرَاب من نصب الذؤابة جعله كالضارب الرجل فأعمل اسْم الْفَاعِل وَمن جرها جعله كالحسن الْوَجْه الْغَرِيب الذؤابة الضفيرة من شعر الرَّأْس هَذَا هُوَ الأَصْل وسمى مَا سدل من الْعِمَامَة بذلك وَهَذَا مَا أَرَادَ أَبُو الطّيب الْمَعْنى يَقُول لما عرضت الْجَيْش وتصفحته كَانَ بهاؤه على عظم شَأْنه وتكاثر شجعانه على الْفَارِس المعتم بَين جمَاعَة المتجففين المرخى ذؤابة عمَامَته من بَين سَائِر المغتفرين وَهُوَ زِيّ أَمِير الْعَرَب فِي الْحَرْب وَأَشَارَ بذلك إِلَى سيف الدولة 26 - الْغَرِيب التجافيف من كَلَام الْعَرَب الفصيح الْوَاحِد تجفاف وَهُوَ ضرب من السِّلَاح يلْبسهُ الرِّجَال وَالْخَيْل والطود الْجَبَل والأيهم الَّذِي لَا يَهْتَدِي بِهِ يُقَال برأيهم وفلاة يهماء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 الْمَعْنى أَنه جعل كَثْرَة التجافيف حوله بحرا مائجا وَجعل خيله الَّتِي تسير بِهَذِهِ التجافيف طودا وَالْمعْنَى أَن حوله من بريق الأسلحة ولمعان التجافيف مَا يشبه الْبَحْر بكثرته ويحكيه ببريق جملَته وَيُشِير بذلك إِلَى موكب من خيله 27 - الْغَرِيب الأقتار جمع قتر وَهُوَ النَّاحِيَة من الأَرْض وَهِي مثل الأقطار وَهِي النواحي قتر وقطر والأشتات المتفرقة الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح يُحِيط خيله بالجبال وَهِي كالجبل فَكَأَن جَيْشه يؤلف بَينهَا لسعته وكثافته كَقَوْل النَّابِغَة (تَغِببُ الشَّوَاهِق فِي جَيْشِهِ ... وَتَبْدُو صِغاراً إذَا لمْ تَغِبْ) وَقَالَ الواحدي عَم الأَرْض بخيله ونظم بِعُمُومِهِ متفرق الْجبَال ونواحي الأَرْض وَقَالَ ابْن الإفليلى الأقتار الْغُبَار يُشِير إِلَى أَن هَذَا الْجَيْش يسحق الْجبَال بكثرته ويحطمها بعظمه فيستوى الرهج فِي السهل والوعر وَفِي الصلب والرخو ويشتمل العجاج على الْجبَال حَتَّى تصبر كَأَنَّهَا فِي ذَلِك العجاج منتظمة وَبِمَا عشيها من الْجَيْش مُتَّصِلَة كَقَوْل النَّابِغَة (جَيْشٌ يَظَلُّ بِه الْفَضاء مُعَطَّلاً ... يَدَعُ الإكامَ كَأَّنهُنَّ صَحارِ) 28 - الْإِعْرَاب وكل فَتى عطفه على قَوْله حواليه بَحر أَي وحواليه كل فَتى فَهُوَ ابْتِدَاء الْغَرِيب الأسنة جمع سِنَان وَهِي أَطْرَاف الرماح الْمَعْنى يُرِيد وَحَوله كل فَتى قد خدد بِهِ الْحَرْب ووسمه الطعْن وَالضَّرْب فَفِي جَبينه للسيوف آثَار مستطيلة تشبه السطر وللأسنة فِيهِ نكت مجتمعة تشبه الْعَجم وَأَشَارَ باعتماد الْجراح لوجههم إِلَى شجاعتهم وبأسهم وإقدامهم وَجعل ضرب السَّيْف كالسطر لطوله وَطعن الرماح إعجاما لذَلِك السطر وَهُوَ النقط وَهُوَ من قَول الطَّائِي (كَتَبْتَ أوْجُههُم مَشْقا وَنَمْنَمْةً ... ضَرْبا وَطَعْنا يَفُلُّ الهَامَ وَالصّلفا) (كِتابَةً لَا تَنِي مَقْرُوءَة أبَداً ... وَما خَطَطْتَ بِها لاما وَلا ألفَا) 29 - الْإِعْرَاب يُرِيد وَيفتح عَيْنَيْهِ وَهُوَ من بَاب علفتها تبنا وَمَاء بَارِدًا أَي سقيتها مَاء بَارِدًا وَيُرِيد يمد يَدَيْهِ مِنْهُ فَحذف للْعلم بِهِ الْغَرِيب المفاضة الدرْع الواسعة والضيغم الْأسد والتريكة الْبَيْضَة تَشْبِيها بالتريكة وَهِي بَيْضَة النعامة إِذا انفلقت وَخرج الْفرج فَتركت والأرقم ضرب من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 الْحَيَّات وَجمعه أراقم وَسمي بذلك لنقش على ظَهره الْمَعْنى يَقُول هَؤُلَاءِ الفتيان الَّذين حوله كلهم أَسد فِي شدته وأرقم فِي بسالته يمد فِي درعه يَدي أَسد قُوَّة وَشدَّة وَيفتح من تَحت تركته عينا أَرقم إقداما وشجاعة يُشِير إِلَى أَنهم شجعان لَا يقدرهم أحد 30 - الْغَرِيب رايات جمع راية وَهِي الْعلم الَّذِي يكون مَعَ الْجَيْش لكل قوم علم يعْرفُونَ بِهِ والمسمم الَّذِي سقى السم وشعارها الْكَلَام الَّذِي يتَكَلَّم بِهِ وَقت الْحَرْب وَهُوَ كَلَام اصْطَلحُوا عَلَيْهِ وَأَرَادَ هَهُنَا بالشعار لبسهَا الْمَعْنى يُرِيد كأجناس الْخَيل جَمِيع مَا مَعهَا من الرَّايَات وَالسِّلَاح على اخْتِلَاف أجناسها من السود والشهب وَسَائِر الألوان كأجناسها فِي الْفضل وَالْكَرم أَجنَاس راياتها المؤيدة وشعارها المنصورة وَمَا لبسته من سلاحها الشاك وَحَمَلته من حديدها الصَّقِيل المحسن 31 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي أدبها وإليها وتفهم للخيل وَالضَّمِير فِي طرفه لِلْقِتَالِ وَقيل لفارسها وَإِن لم يجر لَهُ ذكر لِأَن الْخَيل لما ذكرت لابد لَهَا من رَاكب الْمَعْنى قَالَ الواحدى خيله مؤدبة بطول قوده إِيَّاهَا إِلَى الْقِتَال حَتَّى أَنَّهَا تفهم الْإِشَارَة إِلَيْهَا من بعيد وَقَالَ ابْن الإفليلى أدب هَذِه الْخَيل طول ممارستها الْقِتَال والتقلب فِي شَدَائِد الْحَرْب ففارسها يُشِير إِلَيْهَا من بِعَبْد فتفهم ويومئ إِلَيْهَا بِمَا يُرِيد فتفعل 32 - الْغَرِيب الْوَحْي الصَّوْت الْخَفي الْمَعْنى يَقُول الْخَيل من أدبها وَكَثْرَة مَا لاقت من الحروب تجيبه بِفعل من غير أَن تسمع الصَّوْت ويسمعها بِالْإِشَارَةِ بطرفه من غير أَن يتَكَلَّم وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (هَلْ تَذكرِينَ إِذا الرّكابُ مُناخَةٌ ... بِرِحالِها لِوَدَاعِ أهْلِ الموْسِمِ) (إذْ نَحْنُ تخبِرُنا الحَوَاجِبُ بَيْنَنا ... مَا فِي النُّفُوسِ وَنحنُ لمْ نَتَكَلَّمِ) 33 - الْغَرِيب التجانف الْميل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَمن خَافَ من موص جنفا} أَي ميلًا وميا فارقين بَلْدَة من أَعمال ديار بكر وَلها رستاق كَبِير وَهِي صَغِيرَة الْمَعْنى يَقُول للممدوح تميل خيلك عَن ميافارقين لِأَن فِيهَا قبر والدته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 فَكَأَنَّهَا ترحم الْبَلدة لأجل بركَة والدتك وَلَو مَالَتْ عَلَيْهَا لداستها بحوافرها فَهِيَ كَأَنَّهَا ترق لَهَا راحمة فَلَا تميل عَلَيْهَا فَكَأَنَّهَا تعدل عَنْهَا مشفقة وتتجانب عَنْهَا مترحمة وَذَلِكَ لبركة من فِيهَا يُرِيد أم سيف الدولة 34 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي زحمتها للبلدة وَكَذَلِكَ فِي درت أَي درت الْبَلدة وَرفع أَي بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَهُوَ اسْتِفْهَام ومفعول درت مَحْذُوف تَقْدِيره علمت ضعفها لِأَن أيا لَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {لنعلم أَي الحزبين أحصى} فَرفع أَي بأحصى لِأَنَّهُ فعل مَاض على قَول بَعضهم وَالصَّحِيح أَن أيا فِي الْآيَة بِمَعْنى الَّذِي وأحصى اسْم وَقد حذف صدر الصِّلَة وَالتَّقْدِير هُوَ أحصى وَأي إِذا كَانَت بِمَعْنى الَّذِي وتمت صلتها أعربت وَإِذا حذف صدر الصِّلَة عَادَتْ إِلَى أَصْلهَا من الْبناء وَهِي مَنْصُوبَة الْموضع بتَعَلُّم وَأي فِي الْبَيْت مُبْتَدأ والضعيف خَبره والمهدم خبر ثَان وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بدرت فَهِيَ معلقَة عَن الْعَمَل وَأي فِي الْبَيْت اسْتِفْهَام وروى الواحدى وَغَيره سوريها فَالضَّمِير للبلدة وَرِوَايَة أبي الْفَتْح سورينا يُرِيد سور الْبناء وسور الْخَيل اسْتعَار للخيل سورا لِأَنَّهُ ذكرهَا مَعَ الْبَلدة وَجَمعهَا فِي الْمُزَاحمَة وَلما كَانَت الْبَلدة قَوِيَّة بالسور اسْتعَار لقُوَّة الْخَيل سورا الْغَرِيب المناكب جمع منْكب والزحام لَا يكون إِلَّا بالمناكب وَهِي الأكتاف وَدرت علمت تَقول دريته ودريت بِهِ دريا ودرية ودرية ودراية أَي علمت بِهِ قَالَ العجاج (لَا هُمَّ لَا أدْرِي وَأنْتَ الدَّارِي ... ) الْمَعْنى يَقُول لَو زحمتها خيلك بمناكبها أَي لَو جرت بَينهمَا مزاحمة لعَلِمت الْبَلدة أَنَّهَا ضَعِيفَة وَأَنَّهَا لَا تقدر على مزاحمة الْخَيل لِأَن الْخَيل أقوى مِنْهَا فَلَو قصدتها لهدمت سورها فَكَانَت تعلم أَن سورها ضَعِيف لَا يقوى على دفع الْخَيل وَالْمعْنَى لَو زاحمتها الْخَيل بمناكبها وصادمتها بمواكبها لأيقنت أَن سورها مَعَ شدَّة قوته وشهرة منعته كَانَ يعجز عَن زحام هَذِه الْخَيل قَالَ أَبُو الْفَتْح من أعجب مَا جرى أَن أَبَا الطّيب أنْشد هَذِه القصيدة عصرا وَوَقع السُّور لَيْلًا 35 - الْإِعْرَاب حرف الْجَرّ يتَعَلَّق بِمَا قبله وَهُوَ قَوْله وكل فَتى وَمَا ذكر اعْتِرَاض بَينهمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 الْغَرِيب الطاوي الخميص الْجوف وَهُوَ الضامر رجل طيان وَامْرَأَة طيا وَهُوَ الضامر الْمَعْنى يَقُول هم خماص على خيل مضمرة أَي كل فَتى على طاو مُضْمر لَيْسَ لَهُ غذَاء وَلَا مشرب إِلَّا من لَحْمه وَدَمه فَهُوَ يزْدَاد كل يَوْم ضمورا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى كَأَنَّهُ يتغذى لحم نَفسه وَيشْرب دَمه فقد زَاد هزاله إِذْ لَيْسَ لَهُ مطعم وَلَا مشرب إِلَّا من جِسْمه وَوجه آخر وَهُوَ أَن يكون مطعمه ومشربه من لُحُوم أعدائه فَهُوَ مقتحم عَلَيْهِم وموغل فِي طَلَبهمْ ليدرك مأكله ومشربه وَهَذَا الْوَجْه أبلغ وأمدح وَالْقَوْل الأول يحسن قَالَ ابْن وَكِيع وَالْبَيْت مَأْخُوذ من قَول أَبى الشيص (أكَلَ الوَجِيفُ لحُومَها وَلحُومَهُم ... فأتَوْكَ أنْقاضاً عَلى أنْقاضِ) 36 - الْغَرِيب الحصان الذّكر من الْخَيل والدارع مَا عَلَيْهِ تجفاف ومتلثم على وَجهه مخطمة من حَدِيد الْمَعْنى يَقُول لهَذِهِ الْخَيل فِي الْحَرْب زِيّ فوارسها لِأَنَّهَا قد ألبست التجافيف صَوتا لَهَا فَكل فرس مِنْهَا ذُو درع وَذُو لثام بِمَا أرسل على وَجهه فَهَذِهِ الْخَيل بالدروع مُشْتَمِلَة وَفِي الجواشن ملتثمة وَاعْتذر بعد هَذَا للفوارس باحترازهم فَقَالَ 37 - الْمَعْنى اعتذر للفوارس عِنْد تحصنهم فَقَالَ لم يَفْعَلُوا ذَلِك بخلا بنفوسهم لأَنهم شجعان لَا يخَافُونَ الْمَوْت وَلَا يبالون بِالْقَتْلِ إِلَّا أَنهم قابلوا شَرّ الْأَعْدَاء بِمثلِهِ وَهُوَ فعل الحازم اللبيب وَمن شهد الْحَرْب غير مستعد بِغَيْر سلَاح فَهُوَ أخرق وروى أَن كثيرا لما أنْشد عبد الْملك بن مَرْوَان (عَلي ابنِ أَبى العاصِي دِلاصٌ حَصِينَةٌ ... أجادَ المُسدِّى سَرْدَها وَأذَالها) فَقَالَ لَهُ عبد الْملك هلا مدحتني كَمَا مدح الْأَعْشَى صَاحبه فَقَالَ (وَإذَا تَكُونُ كَتِيبَةٌ مَلْمُومَةٌ ... شَهْباءُ يَخْشَى الرَائِدُون نِهالَها) (كُنْتَ المقَدَّمَ غَيرَ لابِسِ جُنَّةٍ ... بِالسَّيْفِ تَقْتُلُ مُعْلِما أبْطالَها) فَقَالَ لَهُ كثير إِنَّه وصف صَاحبه بالحرق وَأَنا وصفتك بالحزم وَقَوله الشَّرّ بِالشَّرِّ الأول شَرّ الْأَعْدَاء وَالثَّانِي مَا عارضوهم بِمثلِهِ فَسَماهُ شرا للمقابلة كَقَوْلِه تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} فَالْأول جِنَايَة وَالثَّانِي قصاص 38 - الْإِعْرَاب يجوز فِي مُسْتَقْبل حسب فتح السِّين وَكسرهَا وهما لُغَتَانِ فصيحتان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 وبالفتح قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَعبد الله بن عَامر وبيض الْهِنْد السيوف الْهِنْدِيَّة الْمَعْنى يَقُول أتحسب سيوف الْهِنْد مَعَ جلالتها ورفعتها ونفاذها وهيبتها أَنَّك مِنْهَا لمشاركتك لَهَا فِي الاسمية واللقب سَاءَ مَا ظنته وخاب سعيها فِيمَا توهمته وَالسُّيُوف بعض آلاتك تصرفها وَلَا تصرفك وتستعملها وَلَا تستعملك وَأَنَّك وَإِن سميت سَيْفا فَإنَّك أشرف من سيوف الْهِنْد وَأجل مِنْهَا شَأْنًا وَأعظم أصلا 39 - الْمَعْنى يَقُول إِذا نَحن سميناك سَيْفا فَحَذفهُ للْعلم بِهِ خلنا سُيُوفنَا تتكبر وتعجب تيها بمشاركتك لَهَا فِي الاسمية فَهِيَ تتبسم تيها وفخرا وَهَذَا الْبَيْت من نَوَادِر أبياته وَقد عابه من لَا يعرف مَعَاني الشّعْر وَقَالَ قد وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه حَيْثُ قَالَ تتبسم من التيه وَلَا يكون من التيه إِلَّا العبوس وَأَن يشمخ الْإِنْسَان بِنَفسِهِ وَهُوَ فعل التائه المتكبر وَإِنَّمَا يكون التبسم من المرح والفرح وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا والتبسم قد يكون من المعجب بِنَفسِهِ التائه على أقرانه استكثارا لما عِنْده واستقلالا لما عِنْد غَيره فَلَيْسَ يُنكر أَن يكون التبسم من الْإِعْجَاب فَكَأَن السيوف تبسمت إعجابا بِنَفسِهَا لمشاركة الممدوح لَهَا فِي التَّسْمِيَة فحقرت بذلك السِّلَاح والرماح وَهُوَ من قَول أبي نواس (تَتِيه الشَّمْسُ وَالقَمَر المُنِيرُ ... إذَا قُلْنا كأنَّهما الأَميرُ) 40 - ، 41 الْغَرِيب الثَّنية الْجَبَل الصَّغِير وقيلى هِيَ الطَّرِيق فِي رَأس الْجَبَل الْإِعْرَاب اسْتعْمل الظّرْف اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء فأعربه الْمَعْنى يَقُول لم نر ملكا يدعى بِدُونِ اسْمه وَقدره وبرضى بذلك وَمحله فَوق أَن يُسمى سَيْفا وَلَكِن النَّاس يجهلون قدره وَهُوَ يحلم عَنْهُم ويقصرون عَن حَقِيقَة وَصفه فيكرم ثمَّ قَالَ أخذت على أعدائك كل طَرِيق عيشهم فِيهَا فَلَيْسَ يعيشون لِأَنَّك فرفت بَينهم وَبَين أَرْوَاحهم بِالْقَتْلِ وَأَنت تُعْطِي من تشَاء وَتحرم لِأَنَّك ملك يُشِير بذلك إِلَى قُوَّة ملكه وَتمكن أمره فَأَنت تُعْطِي من أطاعك ورجاك وَتحرم من خالفك وعصاك عَالما بِمَا تَفْعَلهُ قَادِرًا على مَا تقصده فَأَنت مؤيد من الله 42 - الْمَعْنى يَقُول لسنا نعلم قَتِيلا بحديد إِلَّا من سِلَاحك فِي وقعك ولسنا نعلم عَطاء يقْصد من غير هباتك ومكارمك فالموت من رماحك والرزق من عطائك وَهُوَ من قَول أبي الْعَتَاهِيَة (فَما آفَةُ الآجالِ غَيرُكَ فِي الوَغَى ... وَما آفَةُ الأمْوَال غيرُ حبِائِكا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 - 1 الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح قلباه بِكَسْر الْهَاء وَضمّهَا وَهُوَ غير جَائِز عِنْد الْكُوفِيّين وَلَا يجوز إِلَّا فِي الضَّرُورَة وَالْوَجْه قَالَ أَبُو الْفَتْح الْكسر لالتقاء الساكنين الْألف وَالْهَاء وَمن ضمهَا شبهها بعصاه ورحاه والكوفيون ينشدون لبَعض الْأَعْرَاب (وَقَدْ رَابَنِي قَوْلهُا يَا هَناهُ ... وَيحَكَ ألحْقْتَ شَرّا بِشَرٍّ) وأنشدوا أَيْضا (يَا رَبُّ يَا رَبَّاهُ إيَّاكَ أسَلْ) والبصريون يَقُولُونَ يَا هَناه الْهَاء بدل من الْوَاو فِي هنوك وهنوات وَهِي بدل من لَام الْكَلِمَة وَلذَلِك جَازَ ضمهَا وَقَالَ أَبُو زيد فِي مرحباه إِنَّه شبهها بِحرف الْإِعْرَاب فَضمهَا هَذَا قَول الواحدى اخْتَصَرَهُ من كَلَام أبي الْفَتْح وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ ينشده بِكَسْر الْهَاء وَضمّهَا وَهَذَا لَا يعرفهُ أَصْحَابنَا وَلَا يجيزون إِثْبَات الْهَاء فِي الْوَصْل سَاكِنة وَلَا متحركة لِأَنَّهَا إِنَّمَا تلْحق فِي الْوَقْف لبَيَان الْألف قبلهَا فَإِذا صيرت إِلَى الْوَصْل أسقطت عَنْهَا بِاللَّفْظِ بِمَا بعْدهَا تَقول فِي الْوَقْف وازيداه فَإِذا وصلت قلت وازيدا وعمراه فَإنَّك تحذفها فِي الْوَصْل وتثبتها فِي الْوَقْف فَإِن قَالَ قَائِل هلا أجريت الْهَاء فِي الْوَصْل على حد الْوَقْف كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ قَول رؤبة (ضَخْمٌ يُحِبُّ الخلُقَ الأضْخَمَّا ... ) بتَشْديد الْمِيم لأَنهم إِذا وقفُوا على اسْم شَدَّدُوا آخِره إِذا كَانَ مَا قبله متحركا أَلا ترى أَن من يَقُول خَالِد فِي الْوَقْف بتَشْديد الدَّال إِذا وصل رده إِلَى التَّخْفِيف إِلَّا أَنه قد يجريه فِي الْوَصْل على حد مجْرَاه فِي الْوَقْف فَلذَلِك جَازَ للمتنبي أَن يلْحق الْهَاء فِي الْوَصْل كَمَا كَانَ يثبتها فِي الْوَقْف قيل فِي هَذَا أَمْرَانِ أَحدهمَا مَكْرُوه وَلآخر خطأ فَاحش أما الْمَكْرُوه الحديث: 222 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 فإثباتها فِي الْوَصْل على حد إِثْبَاتهَا فِي الْوَقْف ضَرُورَة مستقبحة للمحدث وسبيل مثلهَا أَن لَا يُقَاس عَلَيْهِ إِلَّا على استكراه وَأما الْخَطَأ فَإِن الَّذِي ذهب إِلَى هَذَا وَاحْتج بِهِ قد عدل عَن صوب التَّشْبِيه وَذَلِكَ أَنه لَا يَخْلُو من أَن تجْرِي الْكَلِمَة على حد الْوَقْف أَو على حد الْوَصْل فَإِن كَانَ على حد الْوَصْل وَهُوَ الْوَجْه لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاقِفًا فسبيله أَن يحذف الْهَاء وصلا لما ذَكرْنَاهُ من استغنائه عَنْهَا فِي الْوَصْل بِمَا يتبع الْألف وَإِن كَانَ على حد الْوَقْف فقد خَالف ذَلِك بإثباتها متحركة بِالضَّمِّ أَو الْكسر فالهاء فِي الْوَقْف بِلَا خلاف سَاكِنة فَالَّذِي رام إِثْبَاتهَا متحركة لأعلى حد الْوَصْل أجراها فيحذفها وَلَا على حد الْوَقْف أجراها فيسكنها وَلَا تعلم منزلَة بَين الْوَصْل وَالْوَقْف يرجع إِلَيْهَا وتجري الْكَلِمَة عَلَيْهَا فَلهَذَا كَانَ إِثْبَات هَذِه الْهَاء متحركة خطأ عندنَا وَأما مَا رَوَاهُ الْكُوفِيُّونَ فشاذ عندنَا وَأما مَا ذكره فِي نوادره أَبُو زيد من أَنهم شبهوا الْهَاء بِحرف الْإِعْرَاب فَلَا وَجه لَهُ وَلَو كَانَت الْهَاء فِي قلباه مشبهة بِحرف الْإِعْرَاب لما جَازَ فتحهَا وَلَا ضمهَا ولوجب جرها بِإِضَافَة حر إِلَيْهَا وَمر حباه الَّذِي أنْشدهُ أَبُو زيد لَيْسَ مُضَافا إِلَيْهِ فَيجوز أَن يشبه بِحرف الْإِعْرَاب أنْتَهى كَلَامه وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو الطّيب على لُغَة قومه وَكَانَ الأَصْل قلبِي فأبدل من الْيَاء آلفا طلبا للخفة وَالْعرب تفعل ذَلِك فِي النداء واستجلب هَاء السكت وأثبتها فِي الْوَصْل كَمَا تثبت فِي الْوَقْف وَالْعرب تفعل ذَلِك كَقِرَاءَة ابْن ذكْوَان فبهداهم اقتده هِيَ بِكَسْر الْهَاء وَإِثْبَات الْيَاء وصلا وكقراءة هِشَام بِكَسْر الْهَاء وَقد اسْتَوْفَيْنَا عِلّة ذَلِك فِي كتَابنَا الموسوم بالروضة المزهرة فِي شرح التَّذْكِرَة وحرك الْهَاء أَبُو الطّيب لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا وللعرب فِي ذَلِك أَمْرَانِ مِنْهُم من حرك بِالضَّمِّ تَشْبِيها بهاء الضَّمِير وأنشدوا (يَا مَرْحَباهُ بِحمارٍ أعْفَرَا ... ) وَمِنْهُم من يُحَرك بِالْكَسْرِ على مَا يُوجد كثيرا فِي الْكَلَام عِنْد التقاء الساكنين وأنشدوا (يَا ربُّ يَا رَبَّاهُ إيَّاكَ أَسلْ ... عَفْرَاءَ يَا رَبَّاهُ منْ قَبْلِ الأجَلْ) الْغَرِيب والشبم الْبَارِد والشبم الْبرد وَقد شبم بِالْكَسْرِ فَهُوَ شبم والشبم الَّذِي يجد الْبرد مَعَ الْجُوع قَالَ حميد بن ثَوْر (بِعيْنيْ قَطامِيّ بِمَا فَوْقَ مَرْقَبٍ ... غَدَا شَبِما يَنْقَضُّ فَوْقَ الهَجارِسِ) الْمَعْنى يَقُول واحر قلبِي واحتراقه واستحكام همه بِمن قلبه عَنى بَارِد لَا اعتناء لَهُ بِي وَلَا إقبال لَهُ على وَمن بجسمي وحالي من إعراضه سقم يُوجب ألمهما وشكاة تؤذن إختلالهما وَالْعرب تكنى بحرارة الْقلب عَن الاعتناء وببرده عَن الْإِعْرَاض وَالتّرْك وتلخيص الْمَعْنى قلبِي حَار من حبه وَقَلبه بَارِد من حبي وَأَنا عِنْده مختل الْحَال معتل الْجِسْم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 - الْغَرِيب أكتم مُبَالغَة فِي الكتمان وبرى جَسَدِي أنحله وأضناه الْمَعْنى يَقُول لأي شَيْء أُخْفِي حبه وغيري يظْهر أَنه يُحِبهُ وَهُوَ بِخِلَاف مَا يضمر وَأَنا مُضْمر من حبه مَا يزِيد مضمره على ظَاهره ومكتومه على شَاهده والأمم تشركني فِي ادِّعَاء ذَلِك بقلوب غير خَالِصَة ونيات غير صَادِقَة فينحل جسمي بقدمي فِي صدق وده وتأخري فِيمَا يخصني من فَضله 3 - الْغَرِيب الْغرَّة الطلعة وَالْوَجْه الْحسن الْأَغَر الْمَعْنى يَقُول إِن حصلت الشّركَة فِي حبه فحظي وافر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا إِن كَانَ يجمعنا من آفَاق الْبِلَاد المتباعدة حب لغرته فليت أَنا نقتسم بره كَمَا نقتسم حبه وَالْآخر إِن كَانَ يجمعني وغيري أَن أكون أَنا وَهُوَ محبين لَهُ فليت حظي مِنْهُ مثل حظي من الْمحبَّة لَهُ كَقَوْلِك أَنا وَفُلَان تجمعنا الْكِتَابَة وَالْقِرَاءَة كِلَانَا من أَهلهَا وتلخيص الْمَعْنى إِن كَانَ يجمعنا حبه والكلف بمودته فليت أَنا نقتسم الْمنَازل عِنْده بِقدر مَا نَحن عَلَيْهِ من محبتنا الْخَالِصَة وَمَا نعتقده من مودتنا الصادقة فَلَا يبخس المخلص حَقه وَلَا يبْذل للمتصنع بره 4 - الْمَعْنى يَقُول قد خدمته فِي حالتي السّلم وَالْحَرب وَالسُّيُوف دم أَي مخضبة بِالدَّمِ يُرِيد أَنه قد شهده فِي شَدَائِد الْحَرْب وَقد جربه فِي الضّيق وَالسعَة وامتحنه فِي الْأَمْن وَالْخَوْف فأعجبه كَيفَ تقلب وأحمده على أَي حَال تصرف 5 - الْإِعْرَاب فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالتَّقْدِير وَكَانَ الشيم أحسن مَا فِي الْأَحْسَن الْغَرِيب الشيم جمع شِيمَة وَهِي الخليقة تَقول شِيمَة زيد الْكَرم أَي خليقته وخلقه الْمَعْنى يَقُول لما بلوته فِي حالتيه كَانَ أحسن الْخلق وَكَانَت أخلاقه أحسن مَا فِيهِ فَكَانَ فِي جَمِيع أَحْوَاله أحسن خلق الله شَاهدا وَأكْرمهمْ ظَاهرا وَكَانَ أحسن من ذَلِك شيمه المختبرة وأخلاقه المستحسنة 6 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي طيه الأول عَائِد على الظفر وَفِي الثَّانِي عَائِد عَليّ الأسف الْغَرِيب يممته قصدته والأسف الْحزن وَالظفر الْفَتْح والظهور على الْعَدو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 وَالنعَم جمع نعْمَة تَقول نعْمَة وَنعم وأنعم ونعمات الْمَعْنى يُرِيد أَنه اتبع بعض مُلُوك الرّوم ففاته يَقُول فَوت الْعَدو الَّذِي قصدته ففر عَنْك لاستحكام جزعه ظفر ظَاهر واستعلاء بَين وَإِن كَانَ ذَلِك الظفر فِي طيه مِنْك أَسف على مَا حرمته من إِدْرَاكه وَفِي طي ذَلِك الأسف نعم بهَا صرف الله عَنْك مُؤنَة الْحَرْب وَشدَّة معاناه اللِّقَاء وَحفظ عسكرك من الْجراح أَو قتل فَفِي هَذَا نعم من الله كَثِيرَة 7 - الْغَرِيب المهابة شدَّة الْفَزع والبهم الْأَبْطَال الْوَاحِدَة بهمة وهم الَّذين تناهت شجاعتهم وَيُقَال للجيش بهمة وَمِنْه قَوْلهم فلَان فَارس بهمة الْمَعْنى يَقُول قد نَاب عَنْك خوف الْعَدو لَك فذعره وهزمه وصنعت لَك فِيهِ مهابتك وَبَلغت لَك مخافتك مَا لَا تَصنعهُ الشجعان 8 - الْإِعْرَاب نصب يواريهم بِأَن وَمثله قِرَاءَة عَاصِم وَابْن كثير وَنَافِع وَابْن عَامر وَحَسبُوا أَن لَا تكون فتْنَة بِنصب الْفِعْل وَقد بَيناهُ فِي كتَابنَا الموسوم بالروضة المزهرة يواريهم يسترهم ويكنهم وَالْعلم الْجَبَل الطَّوِيل الوعر المسلك وَمِنْه قَول الخنساء (وَإنَّ صَخْراً لَتَأتَمَّ الهُدَاةُ بِهِ ... كَأنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأسِهِ نارُ) الْمَعْنى يَقُول قد ألزمت نَفسك مَا لم يكن يلْزمهَا وكلفتها مَا لَا يحِق عَلَيْهَا من أَن عَدوك لَا يواريهم أَرض تشْتَمل عَلَيْهِم وَلَا يسترهم عَنْك جبل يحول بَيْنك وَبينهمْ وَهَذَا غَايَة التَّكَلُّف 9 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه مَتى مَا هزم جَيْشًا حَملته همته الْعَالِيَة على اقتفاء آثَارهم وَهَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار يُرِيد كلما فر جَيش من جيوش الرّوم وَولى عَنْك هَارِبا تصرفت بك همتك فِي أَثَره فَلم يرضك انهزامهم دون أَن ينالهم الْقَتْل ويستحكم فيهم السَّيْف 10 - الْغَرِيب المعترك ملتقى الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول عَلَيْك أَن تهزمهم إِذا الْتَقَوْا مَعَك فِي الْحَرْب وَلَا عَار عَلَيْك إِذا مَا انْهَزمُوا فَتَحَصَّنُوا بالهرب وَلم تظفر بهم وَالْمعْنَى لَا عَار عَلَيْك أَن يَغْلِبهُمْ خوفك فيهزموا دون قتال ويفرقو دون لِقَاء إشفاقا مِنْك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 - الْغَرِيب تصافحت تلاقت بالصفاح وَهِي السيوف واللمم جمع لمة وَهِي الشّعْر إِذا ألم بالمنكب الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ يحلو لَك ظفر تناله وأمل فِي عَدوك تبلغه إِلَّا أَن يكون ذَلِك بعد مصادمة وقتال ومجالدة ونزال وَبعد مصافحة سيوفك رُءُوسهم وتباشر سِلَاحك خيولهم فَهَذَا هُوَ الظفر الحلو عنْدك 12 - الْغَرِيب الْخِصَام الْمُخَاصمَة والخصم يَقع على الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة قَالَ الله تَعَالَى {وَهل أَتَاك نبأ الْخصم إِذْ تسوروا الْمِحْرَاب} الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة يَا أعدل النَّاس فِي أَحْكَامه وَأكْرمهمْ فِي أَفعاله إِلَّا فِي معاملتي فَإِنَّهُ يخرجني عَن عدله ويضيق على مَا قد بسط من فَضله فِيك خصامي وتعبي وَأَنت خصمي وحكمي فَأَنا أخاصمك إِلَى نَفسك وأستدعي عَلَيْك حكمك قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذِه شكوى مفرطة لِأَنَّهُ قَالَ فِي مَوضِع آخر (وَما يُوجعُ الحرْمانُ منْ كَفّ حارِم ... كَمَا يُوجِعُ الحِرْمانُ من كفّ رَازِقِ) وَإِذا كَانَ عدلا فِي النَّاس كلهم إِلَّا فِي مُعَامَلَته فقد وَصفه بأقبح الْجور وَقد وَصفه بِثَلَاثَة أَوْصَاف مُخْتَلفَة بقوله فِيك الْخِصَام أَي أَنْت الَّذِي تختصم فِيهِ وَأَنت الْخصم وَهُوَ غير مختصم فِيهِ وَأَنت الحكم وَلَيْسَ الحكم أحد الْخَصْمَيْنِ وَلَا بالشَّيْء الَّذِي يَقع فِيهِ الْخِصَام وَالْمعْنَى أَنْت الحكم لِأَنَّك ملك لَا أخاصمك إِلَى غَيْرك وَالْخِصَام وَقع فِيك 13 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن الْهَاء على أَي شَيْء تعود فَقَالَ على النظرات وَقد أجَاز مثله أَبُو الْحسن الْأَخْفَش فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} فَقَالَ الْهَاء رَاجِعَة إِلَى الْأَبْصَار وَغَيره من النَّحْوِيين يَقُول إِنَّهَا إِضْمَار على شريطة التَّفْسِير كَأَنَّهُ فسر الْهَاء بالنظرات الْغَرِيب الورم الانتفاخ فِي الْعُضْو من ألم يُصِيبهُ الْمَعْنى يُرِيد أَن نظراتك صَادِقَة إِذا نظرت إِلَى شَيْء عَرفته على مَا هُوَ عَلَيْهِ فَلَا تغلظ فِيمَا ترَاهُ وَلَا تحسب الورم شحما وَهَذَا مثل يُرِيد لَا تظن المتشاعر شَاعِرًا كَمَا يحْسب السقم صِحَة والورم سمنا وَقَالَ الْخَطِيب نظرات فِي مَوضِع نصب على التَّمْيِيز أَي من نظرات كَقَوْل الراجز (كَمْ دُونَ لَيْلى فَلَوَاتٍ بِيدِ ... ) أَي من فلوات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 - الْمَعْنى يَقُول وَمَا ينْتَفع أَخُو الدُّنْيَا بنظره وَلَا يعود عَلَيْهِ فَائِدَة بصده إِذا اسْتَوَت عِنْده الصِّحَّة والسقم والأنوار وَالظُّلم وَالْمعْنَى يجب أَن تميز بيني وَبَين غَيْرِي مِمَّن لم يبلغ درجتي كَمَا تميز بَين النُّور والظلمة وَهُوَ مَنْقُول من قَول الْحَكِيم أرسطاطاليس اعْتِدَال الأمزجة وتساوي أَرْكَان الْإِنْسَان تفرق بَين الْأَشْيَاء وأضدادها 15 - الْمَعْنى يُرِيد أَن شعره سارا فِي آفَاق الْبِلَاد واشهر حَتَّى تحقق عِنْد الْأَعْمَى والأصم فَكَأَن الْأَعْمَى رَآهُ لتحققه عِنْده وَكَأن الْأَصَم سَمعه أَي أَنا الَّذِي شاع أدبي واستبان موضعي فَثَبت ذَلِك فِي الْعُقُول وَتمكن فِي الْقُلُوب وَرَآهُ من لَا يبصره وأسمعت كلماتي من لَا يسمع وَكَانَ المعري إِذا أنْشد هَذَا الْبَيْت قَالَ أَنا الْأَعْمَى 16 - الْإِعْرَاب ملْء جفوني هُوَ مَوضِع الْمصدر أَي أَنَام نوما ملْء جفوني كَقَوْلِك قعد القرفصاء أَي الْقعدَة الَّتِي هِيَ كَذَلِك وَالضَّمِير فِي شواردها للكلمات قَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل أَن يُرَاد بالكلمات جمع كلمة الَّتِي هِيَ اللَّفْظَة الْوَاحِدَة وَهَذَا أَشد فِي الْمُبَالغَة من غَيره وَيجوز أَن يَعْنِي بالكلمات القصائد وهم يسمون القصيدة كلمة الْغَرِيب الشوارد النوافر من قَوْلهم شرد الْبَعِير إِذا نفر وَيُقَال فعلت ذَلِك من جراك أَي من أَجلك وَمن جلالك وَمن إجلالك وَمن جرائك مشددا وَمن جلك هَذِه اللُّغَات كلهَا فِي هَذَا الْحَرْف قَالَ الشَّاعِر (رَسْمُ دَارٍ وََقَفْتُ فِي طَلَلِهْ ... كِدْتُ أقْضِي الحَياةَ مِنْ جَلَلِهْ) وَقَالَ الْمَجْنُون (أُغَفِّرُ مِنْ جَرَّاكِ خَدّي عَلى الثرَى ... ) وَقَالَ الرَّاعِي (وَنحنُ قَتَلْنا مِنْ جَلالِكَ وَائِلًا ... وَنحنُ بَكَيْنا بِالسُّيُوفِ على عَمرِو) وَقَالَ كثير (حَنِيني إِلَى أسمَاءَ والخرْقُ بَيْنَنا ... وَإكْرِامي القَوْمَ العِدَا مِنْ جَلالِها) ووحد الضَّمِير فِي يخْتَصم على لفظ الْخلق لَا مَعْنَاهُ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} على اللَّفْظ {وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون} على الْمَعْنى الْمَعْنى يَقُول أَنَام سَاكن الْقلب مُتَمَكن النّوم لَا أعجب بشوارد مَا أبدع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 وَلَا أحفل بنوادر مَا أنظم ويسهر الْخلق فِي تحفظ ذَلِك وتعلمه ويختصمون فِي تعرفه وتفهمه فأستقل مِنْهُ مَا يستكثرون وأغفل عَمَّا يغتنمون 17 - الْغَرِيب أصل الْفرس دق الْعُنُق وَمِنْه سمى الْأسد فِرَاسًا الْمَعْنى يَقُول رب جَاهِل خدعه تركي لَهُ فِي جَهله وضحكي مِنْهُ حَتَّى افترسته بعد زمَان فأهلكته فَأَنا أغضي عَن الْجَاهِل حَتَّى أهلكه فَرب جَاهِل اغْترَّ بمجاملتي ومسامحتي إِيَّاه وضحكي على جَهله حَتَّى سطوت بِهِ ففرسته وغضبت عَلَيْهِ فأهلكته 18 - الْغَرِيب النيوب جمع نَاب وَاللَّيْث الْأسد الْمَعْنى يَقُول إِذا كشر الْأسد عَن نابه فَلَيْسَ ذَلِك تبسما وَإِنَّمَا هُوَ قصد للافتراس وَهَذَا مثل ضربه يَعْنِي أَنه وَإِن أبدى بشره للجاهل فَلَيْسَ هُوَ رضَا عَنهُ فَإِن اللَّيْث إِذا كشر لَا تظنه مُتَبَسِّمًا وَإِن ذَلِك أقرب لبطشه وأدل على مَا يحذر من فعله فَكَذَلِك ضحكي للجاهل قَادَهُ إِلَى صرعته وَأَدَّاهُ إِلَى هَلَكته وَمعنى الْبَيْت من قَول الشَّاعِر (لمَّا رَآني قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ ... أبْدَي نَوَاجِذَهُ لِغَيْرِ تَبَسُّمِ) وَأَخذه حبيب فَقَالَ (قَدْ قَلَصَتْ شَفَتاهُ مِنْ حَفِيظَتِهِ ... فَخِيْلَ مِنْ شِدة التَّعْبِيسِ مُبتِسما) 19 - الْمَعْنى يَقُول رب إِنْسَان طلب نَفسِي كَمَا طلبت نَفسه أدركتها على جواد ظَهره حرم لأمن رَاكِبه لِأَنَّهُ لَا يقدر عَلَيْهِ فَكَأَن فِي حرم يَقُول أدْركْت مِنْهُ مَا أَرَادَ أَن يدْرك مني من قَتْلَى فَقتلته وظفرت بِهِ وَوصف جَوَاده الْبَيْت بعده 20 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ صَحِيح الجري يصف اسْتِوَاء وَقع قوائمه وَصِحَّة جريه فَكَأَن رجلَيْهِ رجل وَاحِدَة لِأَنَّهُ يرفعها مَعًا ويضعهما مَعًا وَكَذَلِكَ اليدان وَهَذَا الجري يُسمى النقال والمناقلة وَفعله مَا تُرِيدُ الْكَفّ بِالسَّوْطِ وَالرجل بالاستحثاث فَهُوَ بجريه يُغْنِيك عَنْهُمَا وَقَالَ ابْن الإفليلى وَفعله فِي السرعة مَا تُرِيدُ الْقدَم الَّتِي بهَا يستعجل وَفِي المؤاتاة والموافقة مَا تُرِيدُ الْكَفّ الَّتِي بهَا يستوقف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 - الْغَرِيب المرهف السَّيْف الرَّقِيق الشفرتين والجحفلان الجيشان العظيمان وروى ابْن جني وَغَيره بَين الموجتين أَرَادَ موجتي الجيشين لِأَنَّهُمَا يموج بَعضهم فِي بعض الْمَعْنى يَقُول رب سيف رَقِيق الحدين سرت بِهِ بَين الجيشين العظيمين حَتَّى قتلت بِهِ وَالْمَوْت غَالب تلتطم أمواجه ويضطرب بحره واستعار الموج لكتائب الْحَرْب 22 - الْغَرِيب الْبَيْدَاء الفلاة الْبَعِيدَة عَن المَاء والقرطاس الْكتاب فِيهِ الْكِتَابَة وَجمعه قَرَاطِيس يُقَال قرساطاس بِضَم الْقَاف وقرطس قَالَ أَبُو زيد فِي نوادره قَالَ مخش الْعقيلِيّ (كَأنَّ بِحيْثُ اسْتَودَعَ الدَّارَ أهْلُها ... مَخطُّ زبور من دَوَاة وقرطس) الْمَعْنى يصف شجاعته وجلادته وَأَن هَذِه الْأَشْيَاء لَا تنكره وَهِي تعرفه لِأَنَّهُ من أَهلهَا يَقُول اللَّيْل يعرفنِي لِكَثْرَة سراي فِيهِ وَطول ادراعي لَهُ وَالْخَيْل تعرفنِي لتقدمي فِي فروسيتها والبيداء تعرفنِي بمداومتي لقطعها واستسهال لصعبها وَالْحَرب وَالضَّرْب يَشْهَدَانِ بحذقي بهما وتقدمي فيهمَا والقراطيس تشهد لي لإحاطتي بِمَا فِيهَا والقلم عَالم بإبداعي فِيمَا يُقَيِّدهُ وَقد سبقه أَبُو عبَادَة بِهَذَا فَقَالَ (اطْلُبا ثَالِثا سوَاي فَإنّي ... رَابِعُ العِيسِ وَالدُّجَى وَالبِيدِ) وَقد أَخذه أَبُو الْفضل الْهَمدَانِي بقوله (إنْ شِئْتَ تعرفُ فِي الآدابِ مَنزِلَتي ... وَأنَّني قدْ عَداني الفَضْلُ والنِّعمُ) (فالطِّرْفُ والقوْسُ وَالأوْهاقُ تشْهَدُ لي ... وَالَّسْيفُ وَالنرْدُ وَالشِّطرَنْجُ وَالقَلَمُ) 23 - الْغَرِيب من روى القور بالراء وَضم الْقَاف فَهُوَ جمع قارة وَهِي الأكمة وَقيل هِيَ حرَّة وَهِي اللابة وَجَمعهَا لوب كأكمة وأكم قَالَ مَنْظُور بن مرْثَد الْأَسدي (هلْ تعرِفُ الدَّارَ بأعْلى ذِي القُورْ ... قَدْ دَرَستْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ) وَمن روى بِفَتْح الْقَاف وبالزاي فَهُوَ القوز وَهُوَ الْكَثِيب الصَّغِير وَجمعه أفواز وقيزان وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة معمر لذِي الرمة (إِلَى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أقْوَازَ مُشْرِفٍ ... شِمالًا وَعَنْ أيمانِهِنََّ الفَوَارِسُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 الْمَعْنى يَقُول قد سَافَرت وحدي فَلَو كَانَت الْجبَال تتعجب من أحد لتعجبت مني لِكَثْرَة مَا تَلقانِي وحدي فصحبت الْوَحْش فِي الفلوات مُنْفَردا بقطعها مستأنسا بِصُحْبَة حيوانها حَتَّى تعجب مني سهلها وجبلها وقوزها وأكمها 24 - الْمَعْنى يُرِيد يَا من يعز علينا مُفَارقَته بِمَا أسلف إِلَيْنَا من فَضله واستوفرناه من الْحَظ بِقُرْبِهِ وجداننا كل شَيْء طائل بعدكم عدم لَا نسر بِهِ ومحتقر لَا نبهج لَهُ يُرِيد لَا يخلفكم أحد 25 - الْغَرِيب مَا أخلقه بِكَذَا وأقمنه وأجدره أولاه والأمم الْقَصْد وَهُوَ أَمر بَين أَمريْن لَا قريب وَلَا بعيد الْمَعْنى يَقُول مَا أخلقنا ببركم وتكرمتكم وإيثاركم لَو أَن أَمركُم فِي الِاعْتِقَاد لنا على نَحْو أمرنَا فِي الِاعْتِقَاد لكم وَمَا نَحن عَلَيْهِ من الثِّقَة بكم 26 - الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ مَا فعله الْحَاسِد لنا واختلقه الواشي بَيْننَا مرضيا لكم مستحسنا عنْدكُمْ فَمَا يتشكى الْجرْح إِذا أرضاكم مَعَ شدَّة وَجَعه وَلَا يكره مَعَ استحكام ألمه حرصا على موافقتكم وإسراعا إِلَى إرادتكم قَالَ الواحدى هَذَا من قَول مَنْصُور الْفَقِيه (سُرِرْتُ بِهَجْرِكِ لمَّا عَلمْتُ ... أنْ لِقَلْبِكِ فِيهَ سُرُورَا) (وَلَوْلا سُرورُكِ مَا سَرَّنِي ... وَلا كنْتُ يوْما عَلَيْهِ صَبُورَا) (لأّني أرَى كُلّّ مَا ساءَني ... إذَا كانَ يُرْضِيكِ سَهْلًا يَسيرَا) 27 - الْغَرِيب النَّهْي الْعُقُول والمعارف جمع معرفَة والذمم العهود وَاحِدهَا ذمَّة الْمَعْنى يَقُول بَيْننَا معرفَة لَو رعيتم تِلْكَ الْمعرفَة وَإِنَّمَا ذكر لِأَن الْمعرفَة مصدر فَيجوز تذكيره على نِيَّة الْمصدر يَقُول إِن لم يجمعنا الْحبّ فقد جمعتنَا الْمعرفَة وَأهل الْعقل يراعون حق الْمعرفَة والمعارف عِنْدهم عهود وذمم لَا يضيعونها فبيننا وَسَائِل الْمعرفَة وَلنَا إِلَيْكُم شوافع المحالفة إِن أَحْسَنْتُم المراعاة والمعارف عِنْد أمثالكم من ذَوي الْعُقُول الراجحة والأحلام الوافرة ذمم لَا يضيع حفظهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 - الْمَعْنى يَقُول أَنْتُم تطلبون لنا عَيْبا فيعجزكم وجوده وَهَذَا تعنيف لسيف الدولة على إصغائه إِلَى الطاعنين عَلَيْهِ يطْلبُونَ لنا عَيْبا تغضبون بِهِ عينا وتصغون إِلَى الطاعن مِنْهُم علينا فِيمَا ينْقل إِلَيْكُم وَلَا يمكنكم ذَلِك وَيكرهُ الله مَا تأتون من ذَلِك ويسخطه ويكرهه الْكَرم الَّذِي يلزمكم الْإِنْصَاف وَالْعدْل وَيُوجب عَلَيْكُم الْمُحَافظَة وَالْعقل 29 - الْإِعْرَاب ذان إِشَارَة إِلَى الْعَيْب وَالنُّقْصَان الْغَرِيب الثريا مَعْرُوفَة هِيَ أنجم مجتمعة والهرم الْكبر وَالْعجز الْمَعْنى أَنا بعيد عَن الْعَيْب والنقيصة كبعد الثريا من الشيب وَالْكبر فَكَمَا لَا يلْحقهَا الشيب والهرم فَأَنا كَذَلِك لَا يلحقني الْعَيْب وَالنُّقْصَان فَمَا أبعد الْعَيْب وَالنُّقْصَان عَن شرفي ورفعته وعرضي وسلامته 30 - الْغَرِيب الْغَمَام السَّحَاب وَالصَّوَاعِق جمع صَاعِقَة وَهِي قِطْعَة من نَار تسْقط بأثر الرَّعْد الشَّديد وَيُقَال صَاعِقَة وصاقعة والديم جمع دِيمَة وَهِي مطر يَدُوم مَعَ سُكُون الْمَعْنى يُشِير إِلَى الممدوح معنفا لَهُ على إصغائه إِلَى الطاعنين عَلَيْهِ أَي لَيْت هَذَا الْملك الَّذِي يشبه الْغَمَام بجوده ويخلفه بعقله الَّذِي عِنْدِي صواعقه يُرِيد مَا يلْحقهُ من الْأَذَى مِمَّن حوله يزِيل تِلْكَ الصَّوَاعِق إِلَى الحاسدين فيشاركونني فِي بؤسه كَمَا يشاركونني فِي فَضله وَالْمعْنَى لبته أَزَال الشَّرّ الَّذِي عِنْدِي إِلَى من عِنْده النَّفْع وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول حبيب (فَلَوْ شاءَ هَذَا الدَّهْرُ أقْصرَ شَرَّهُ ... كَمَا قَصُرَتْ عَنَّا لهُاهُ وَنائلُهُ) وَمثله لِابْنِ الرُّومِي (أعِنْدِيَ تَنْقَضُّ الصَّوَاعقُ منْكُما ... وَعِنْدَ ذَوي الكُفرِ الحيا وَالثرَى الجعْدُ) وللبحتري (سَيْلُهُ يَقْصِدُ العِدَى وَتُجاهي ... خُلْفُ إيماضِ بَرْقهِ وجُمُودُهْ) وَأَخذه السّري الْموصِلِي فَقَالَ (وَأنا الفِدَاءُ لمَنْ مخَيِلَةُ بَرْقِهِ ... حَظِّي وَحظُّ سوَايَ مِنْ أنْوَائِهِ) وألفاظ السّري وسبكه أحسن من الْجَمَاعَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 - الْغَرِيب النَّوَى الْبعد والوخد والرسم ضَرْبَان من السّير والوخادة من الْإِبِل الَّتِي تسير بالوخد واحدتها واخدة والرسم الَّتِي تسير بالرسيم واحدتها رسوم وراسم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح النَّوَى هُنَا النِّيَّة أَو الْمنزلَة مَا بَين المرحلتين يُرِيد تَقْتَضِي مراحل شدادا لَا ترْتَفع وَقَالَ الواحدى يكلفني الْبعد عَنْكُم قطع كل مرحلة لَا تقوم بقطعها الْإِبِل المسرعة وَالْمعْنَى أرى النَّوَى الَّتِي أريدها والرحلة الَّتِي أعتقدها تقتضيني تجشم كل مرحلة وافية لَا تستبد بهَا الْإِبِل لبعد منالها وَلَا تطيقها لشدَّة أهوالها 32 - الْإِعْرَاب ليحدثن اللَّام لَام جَوَاب الْقسم وَترك جَوَاب الشَّرْط فَإِنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا كَانَ الْجَواب للقسم وَترك جَوَاب الشَّرْط وَمثله قَوْله تَعَالَى {لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل} وَفِي الْكتاب الْعَزِيز مثل هَذَا كثير الْغَرِيب ضمير جبل على يَمِين طَالب مصر من الشَّام وَهُوَ قريب من دمشق الْمَعْنى يَقُول إِن قصدت مصر ليحدثن لمن ودعتهم نَدم على مفارقتي لَهُم وأسف على رحيلي عَنْهُم يُشِير بذلك إِلَى سيف الدولة أَنه ينْدَم على فِرَاقه فَكَانَ كَمَا قَالَ 33 - الْمَعْنى يَقُول إِذا سرت عَن قوم وهم قادرون على إكرامك بارتباطك حَتَّى لَا تحْتَاج إِلَى مفارقتهم فهم المختارون للارتحال يُشِير بِهَذَا إِلَى إِقَامَة عذره فِي فراقهم أَي أَنْتُم تختارون الْفِرَاق إِذْ ألجأتموني إِلَيْهِ قَالَ الْخَطِيب إِن الرجل إِذا فَارق أُنَاسًا وَقد ظنُّوا أَنه غير مفارق لَهُم أسفوا لَهُ فكأنهم راحلون وَقَالَ ابْن القطاع رحلت عَن الْمَكَان انْتَقَلت ورحلت غَيْرِي نقلته وسفرته وَمَعْنَاهُ إِذا ترحلت عَن قوم قَادِرين على أَن لَا يفارقوك فالراحلون عَنْك هم وَالْمعْنَى أَنه يُخَاطب نَفسه وَيُشِير إِلَى سيف الدولة حَتَّى لَا يذمه فِي رحلته قَائِما فِي ذَلِك عَن نَفسه بحجته أَي إِذا رَحل الراحل عَن قوم وهم قادرون على إزاحة علته بإسعاف رغبته وأغفلوه حَتَّى ترحل عَنْهُم وَانْقطع بالزوال مِنْهُم فهم الَّذين رحلوه وأزعجوه وأخرجوه وَهُوَ مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم من لم يردك لنَفسِهِ فَهُوَ النائي عَنْك وَإِن تَبَاعَدت أَنْت عَنهُ وَقَالَ ابْن وَكِيع هُوَ مَأْخُوذ من قَول حبيب (وَمَا القفر بالبيد القواء بل الَّتِي ... نبت بِي وفيهَا ساكنوها هِيَ القفر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 الْغَرِيب يصم يعيب والوصم الْعَيْب وَجمعه وَصَوْم والوصم الصدع فِي الْعود من غير بينونة والرخم جمع رخمة وَهُوَ طَائِر أبقع يشبه النسْر فِي الْخلقَة يُقَال لَهُ الأنوق قَالَ الْأَعْشَى (يَا رَخَما قاظَ عَلى مَسْلُوبِ ... يُعْجلُ كَفَّ الخارِىِء المُطيبِ) الْمَعْنى يَقُول شَرّ الْبِلَاد بِلَاد لَا يُوجد فِيهَا من يؤنس بوده ويسكن إِلَى كريم فعله وَشر مَا كَسبه الْإِنْسَان مَا عابه وأذله يُرِيد أَن هبات سيف الدولة وَإِن كثرت مَعَ جلالتها وسعتها لَا تعادل تَقْصِيره فِي حَقه وإيثاره لحساده وَشر مَا قنصه الصَّائِد وظفر بِهِ قنص يشركهُ فِيهِ البزاة الشهب مَعَ رفعتها والرخم مَعَ سقاطتها ودناءتها وَضَعتهَا يُشِير بذلك إِلَى أَن مَا وهبه من بره وَأظْهر عَلَيْهِ من إحسانه وفضله شَاركهُ فِيهِ من حساده أهل الغباوة ونازعه فِيهِ أهل الْعَجز والجهالة وَالْمعْنَى إِذا تساويت أَنا وَمن لَا قدر لَهُ فِي أَخذ عطائك فَأَي فضل لي عَلَيْهِ وَمَا كَانَ من الْفَائِدَة كَذَا فَلَا أفرح بِهِ 36 - الْغَرِيب زعنفة بِكَسْر الزَّاي وَجمعه زعانف وهم اللئام السقاط من النَّاس وَهُوَ مَأْخُوذ من زعنفة الْأَدِيم وَهُوَ مَا سقط من زوائده الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة بِأَيّ لفظ تَقول الشّعْر أراذل النَّاس لَا عرب وَلَا عجم يُرِيد لَيست لَهُم فصاحة الْعَرَب وَلَا تَسْلِيم الْعَجم فليسوا شَيْئا وَقَالَ الواحدى يَقُول هَؤُلَاءِ الخساس اللئام من الشُّعَرَاء بِأَيّ لفظ يَقُولُونَ الشّعْر وَلَيْسَت لَهُم فصاحة الْعَرَب وَلَا تَسْلِيم الْعَجم والفصاحة للْعَرَب فليسوا شَيْئا وصحف بَعضهم فَقَالَ يخور من خوار الثور وَهُوَ صَحِيح فِي الْمَعْنى وَإِن كَانَ تصحيفا من حَيْثُ الرِّوَايَة وَهُوَ كَمَا يروي أَن رجلا قَرَأَ على حَمَّاد الرِّوَايَة شعر عنترة (إذْ نَسْتَبِيكَ بِذِي غُرُوبٍ وَاضِحٍ ... ) فَقَالَ إِذْ تستنبك فأبدل من الْبَاء نونا فَضَحِك حَمَّاد وَقَالَ أَحْسَنت لَا أرويه بعد الْيَوْم إِلَّا كَمَا قَرَأت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 - الْغَرِيب المقة الْمحبَّة والود والكلم لَا يكون أقل من ثَلَاث كَلِمَات وَالْكَلَام قد يَقع على الْكَلِمَة الْوَاحِدَة لِأَنَّك لَو قلت لرجل من ضربك فَقَالَ زيد لَكَانَ متكلما فَالْكَلَام يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير فَالْكَلَام مَا أَفَادَ وَإِن بِكَلِمَة والكلم جمع كلمة كنبقة ونبق وثفنة وثفن وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب علم مَا الْكَلم من الْعَرَبيَّة وَلم يقل الْكَلَام لأته أَرَادَ أَن يُفَسر ثَلَاثَة أَشْيَاء الِاسْم وَالْفِعْل والحرف فجَاء بِمَا لَا يكون إِلَّا جمعا وَترك مَا يُمكن أَن يَقع على الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة وَقَالَ الله تَعَالَى {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} وَقَالَ كثير (وَإني لَذُو كَلْمٍ عَلى كَلِمِ العِدَى ... ) وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ {يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} وَتَمِيم تَقول فِي كلمة كَلمه بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون اللَّام مثل كبد وكبد وكبد وورق وورق وورق الْمَعْنى يَقُول هَذَا الَّذِي أَتَاك من الشّعْر عتاب مني إِلَيْك وَهُوَ محبَّة لِأَن العتاب يجْرِي بَين المحبين وَهُوَ در حسن نظمه وَلَفظه إِلَّا أَنه كَلِمَات وَالْمعْنَى هَذَا عتابك وَهُوَ وَإِن أمضك وأزعجك محبَّة خَالِصَة ومودة صَادِقَة فباطنه غير ظَاهره كَمَا أَنه قد ضمن الدّرّ لحسنه وَإِن كَانَ كلما معهودا فِي ظَاهر لَفظه وَلما أنْشد هَذِه القصيدة وَانْصَرف كَانَ فِي الْمجْلس رجل يعاديه فَكتب إِلَى أبي العشائر على لِسَان سيف الدولة كتابا إِلَى أنطاكية يشْرَح لَهُ فِيهِ ذكر القصيدة وأغراه بِهِ فَوجه أَبُو العشائر عشرَة من غلمانه فوقفوا قَرِيبا من بَاب سيف الدولة فِي اللَّيْل وأنفذوا إِلَيْهِ رَسُولا على لِسَان سيف الدولة فَلَمَّا قرب مِنْهُم ضرب رجل مِنْهُم بِيَدِهِ إِلَى عنان فرسه فسل أَبُو الطّيب السَّيْف فَوَثَبَ عَلَيْهِ الرجل وَتَقَدَّمت فرسه بِهِ فَعبر قنطرة كَانَت بَين يَدَيْهِ وَأصَاب أحدهم فرسه بِسَهْم فانتزعه واستقلت الْفرس بِهِ وتباعد بهم ليقطعهم من مدد إِن كَانَ لَهُم وَرجع إِلَيْهِم بعد أَن فني نشابهم فَضرب أحدهم بِالسَّيْفِ فَقطع الْوتر وَبَعض الْقوس وأسرع السَّيْف فِي ذراعه فوقفوا على صَاحبهمْ الْمَجْرُوح وَسَار وتركهم فَلَمَّا يئسوا مِنْهُ قَالَ أحدهم نَحن غلْمَان أَبى العشائر فَحِينَئِذٍ قَالَ (وَمُنْتَسِبٍ عِنْدِي إِلَى مَنْ أحِبُّهُ ... وَللنَّبْلِ حوْلي مِنْ يَدَيْهِ حَفِيف) وَقد تقدم شرحها فِي حرف الْفَاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 - 1 الْإِعْرَاب زَالَ خبر وَلَيْسَ هُوَ دُعَاء فَلَيْسَ كَقَوْلِك غفر الله لَك فِي عرض كلامك أَلا ترَاهُ خاطبه بعد زَوَال مَا كَانَ يجده وَصدر الْبَيْت خبر فَكَذَلِك عَجزه الْمَعْنى يَقُول الْمجد عوفي بعافيتك وَالْكَرم صَحَّ بصحتك وَزَالَ الْأَلَم إِلَى أعدائك الَّذين تَأَخّر عَنْهُم غزوك وأغمد دونهم سَيْفك وَهُوَ من قَول حبيب (سلِمْتَ فإنْ كانتْ لكَ الدَّعْوَةُ اسمَها ... وَكانَ الَّذي يَحْظىَ بإنْجاحِها المجْدُ) 2 - الْغَرِيب الغارات جمع غَارة والديم جمع دِيمَة وَهِي الْمَطَر الدَّائِم مَعَ سُكُون وابتهجت فرحت واستبشرت الْمَعْنى يَقُول صحت الغارات بِتمَام صحتك وانتظمت الجيوش بانتظام قوتك وابتهجت بذلك المكارم وأشرق حسنها وانهلت الديم واتصل نَفعهَا وَكَانَت الأمطار مُنْقَطِعَة فَلَمَّا عوفي صَادف اتصالها عافيته 3 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الشَّمْس مَرضت لمرضه حزنا عَلَيْهِ فَعظم الْأَمر فِي علته كعادة الشُّعَرَاء وَيُرِيد أَن الشَّمْس فقدت نورها أَيَّام مَرضه فَكَانَ فقد ذَلِك كاسفا لَهَا فَقَالَ رَاجع الشَّمْس بصحتك وعاودها بِزَوَال علتك نور كَانَ فَقده كالسقم فِي جسمها أَو النُّقْصَان المضر بحسنها 4 - الْغَرِيب الْعَارِض مَا يَلِي الناب من دَاخل الْفَم وَيُقَال هُوَ الناب الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة لَاحَ لي ببشرك وبدا لي بتبسمك برق لامع وَنور سَاطِع لَا يسْقط الْغَيْث إِلَّا فِي أَثَره وَلَا يُوجد إِلَّا فِي مَوْضِعه يُشِير إِلَى الْعَطاء الَّذِي يَتْلُو بشره وَيُرِيد أَنه إِذا تَبَسم أعْطى مَاله فَيصير ذَلِك الْمَكَان كَأَن الْغَيْث قد نزل بِهِ لِأَنَّهُ أخصب بجوده الحديث: 223 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 - الْغَرِيب تَقول سميته وأسميته وسميته والمخدوم الَّذِي يَخْدمه غَيره والخدم جمع خَادِم الْمَعْنى يَقُول هُوَ يُسمى بِالسَّيْفِ وَالسيف لَا يُشبههُ ويوصف بِهِ وَهُوَ لَا يعدله وَكَيف يشْتَبه المخدوم وَالْخَادِم ويعدم الْملك بِمن هُوَ بأَمْره وطاعته قَائِم 6 - الْغَرِيب المحتد الأَصْل من قَوْلهم حتد بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ عَرَبِيّ الأَصْل فالعرب تخْتَص بالفخر بِهِ إِذْ هُوَ مِنْهُم وحصلت الشّركَة للعجم مَعَ الْعَرَب فِي إحسانه وعطائه وَهُوَ من قَول البحتري (غَدا قَسْمهُ عَدْلًا فَفِيكُمْ نَوَالُهُ ... وَفي سِرّ نَبهانِ بنِ عَمرٍ ومآثِرُهُ) 7 - الْغَرِيب الآلاء النعم الْوَاحِدَة إِلَى وَمِنْه قَول الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ نعْمَة رَبهَا الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَت الْأُمَم مُشْتَركَة فِي إنعامه وَأَن نصرته خَالِصَة لدين الْإِسْلَام لَا ينصر غَيره من الْأَدْيَان أَي جعل الله نصرته خَالِصَة لِلْإِسْلَامِ وَإِن كَانَ قد شَمل الْأُمَم بِالْفَضْلِ وَالْإِحْسَان 8 - الْمَعْنى يَقُول مَا أخصك فِي التهنئة بعافيتك مُنْفَردا بل سَلامَة النَّاس مَوْصُولَة بسلامتك وكفاية الله لَهُم متمكنة بكفايتك وَقَالَ سلمُوا على معنى كل لَا على لَفظهَا وَقد جَاءَ فِي الْكتاب الْعَزِيز على لفظ كل وعَلى مَعْنَاهَا فَأَما على لَفظهَا فَقَوله تَعَالَى {وَكلهمْ آتيه} وَأما على مَعْنَاهَا فَقَوله تَعَالَى {وكل أَتَوْهُ داخرين} وَقَرَأَ حَفْص وَحَمْزَة وعَلى {أَتَوْهُ} مَقْصُورا وَالْمعْنَى من قَول أبي الْعَتَاهِيَة (لَوْ عَلمَ النَّاسُ كَيْفَ أنتَ لهمْ ... ماتَ إذَا مَا ألمِتَ أكْثرُهُمْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 - 1 الْمَعْنى يَقُول قد سمعنَا مَا رَأَيْت فِي النّوم وَأَعْطَيْنَاك بدرة وَهِي عشرَة آلَاف دِرْهَم وأجزلنا لَك الصِّلَة فِي الْمَنَام 2 - الْغَرِيب النوال الْعَطاء والانتباه من النّوم هُوَ الْيَقَظَة الْمَعْنى يَقُول كَانَ سؤالك فِي النّوم مثل الْعَطاء الَّذِي أعطيناك فانتبهت بِلَا شَيْء وَكَذَلِكَ نَحن كَانَ نوالنا على نَحْو مدحك وجودنا على سَبِيل قَوْلك يُشِير إِلَى تسفيه رَأْيه وتخطئة فعله إِذْ لم يَجْعَل مدحه لسيف الدولة غَرضا يَقْصِدهُ وأمرا وَاجِبا يعتمده 3 - الْمَعْنى يزري عَلَيْهِ بِمَا فعل فَقَالَ كنت فِي الَّذِي رَأَيْته نَائِما فَهَل كنت وَقت الْكِتَابَة نَائِما أَيْضا اللَّفْظ كَانَ رديئا والخط رديئا 4 - الْغَرِيب لَا بِمَعْنى لَيْسَ كبيت الْكتاب (فَأنا ابْنُ قَيْسٍ لَا بَرَاحُ ... ) الْمَعْنى يَقُول أَيهَا المشتكي الْفقر فِي نَومه والمتوجع للإقلال فِي حلمه والإقلال يطرد النّوم والإعدام يبطل الْحلم كَيفَ قدرت على النّوم مَعَ الْعَدَم 5 - الْمَعْنى افْتَحْ عَيْنَيْك وَصحح قَوْلك وَلَا تخدع بالأحلام نَفسك وميز مَا يُخَاطب بِهِ سيف الإِمَام يُرِيد الْخَلِيفَة وَلَا تخاطبه بِمَا تخاطب بِهِ سَائِر النَّاس 6 - الْإِعْرَاب يجوز أَن يكون الَّذِي فِي مَوضِع جر على الْبَدَل من سيف الإِمَام وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على خبر الِابْتِدَاء وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْمَدْح الْمَعْنى يُرِيد الَّذِي لَا يغنى عَنهُ أحد وَلَا يكون مِنْهُ بدل لجلالة قدره وَلَا يحمى عَلَيْهِ فِيمَا يَطْلُبهُ أحد فَلَا يُغني عَنهُ أحد لعُمُوم فَضله وَلَا يكون مِنْهُ بدل لجلالة قدره وَلَا يحتمي عَلَيْهِ مَا طلبه لسعة مقدرته وَلَا يمْتَنع دونه لنفوذ أمره فِيهِ 7 - الْغَرِيب الآخاء جمع أَخ كالآباء جمع أَب الْمَعْنى يَقُول كل كرام بنى الدُّنْيَا آخاؤه لأَنهم يوافقونه فِي رَأْيه ويشابهونه فِي فعله لكنه المبرز فيهم والمقدم عَلَيْهِم لِأَنَّهُ كريم كريمهم والمحتوى على جَمِيع فعالهم فَهُوَ أكْرمهم وأفضلهم وأشرفهم الحديث: 224 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 - 1 الْغَرِيب العزائم جمع عَزِيمَة وَهِي مَا يعزم الْإِنْسَان عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول عَزِيمَة الرجل على مِقْدَاره وَكَذَلِكَ مكارمه فَمن كَانَ كَبِير الهمة قوي الْعَزْم عظم الْأَمر الَّذِي يعزم عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ المكارم إِنَّمَا تكون على قدر أَهلهَا فَمن كَانَ أكْرم كَانَ مَا يَأْتِيهِ من المكارم أعظم وَالْمعْنَى أَن الرِّجَال قوالب الْأَحْوَال إِذا صغروا صغرت وَإِذا كبروا كَبرت فعلى قدر أهل الْعَزْم من الْمُلُوك وَمَا يكونُونَ عَلَيْهِ من نَفاذ الْأَمر وتظاهر الْعُلُوّ والرفعة تكون عزائمهم وعَلى قدر الْكِرَام فِي مَنَازِلهمْ واستبانة فضائلهم تكون مكارمهم فِي جلالتها وأفعالها فِي قوتها وفخامتها وَهَكَذَا كَقَوْل عبد الله ابْن طَاهِر (إنَّ الفُتُوحَ عَلى قَدْرِ المُلوك وَهِمْمَاتِ ... الوُلاةِ وَأقْدَامِ المقاديِرِ) وَكَانَ سَبَب هَذِه القصيدة أَن سيف الدولة سَار نَحْو ثغر الْحَدث وَكَانَ أَهلهَا قد سلموها بالأمان إِلَى الدمستق فَنزل بهَا سيف الدولة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وثلاثمائة فَبَدَأَ فِي يَوْمه فحط الأساس وحفر أَوله بِيَدِهِ ابْتِغَاء مَا عِنْد الله تَعَالَى فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة نازله ابْن الفقاس دمستق النَّصْرَانِيَّة فِي خمسين ألف فَارس وراجل من جموع الحديث: 225 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 الرّوم والأرمن والبلغر والصقلب وَوَقعت الْوَقْعَة يَوْم الِاثْنَيْنِ سلخ جُمَادَى الْآخِرَة وَأَن سيف الدولة حمل بِنَفسِهِ فِي نَحْو من خَمْسمِائَة من غلمانه فقصد موكبه فَهَزَمَهُ وأظفر الله بِهِ وَقتل ثَلَاثَة آلَاف من مقاتلته وَأسر خلقا كثيرا فَقتل بَعضهم واستبقى الْبَعْض وَأسر تودس الْأَعْوَر بطرِيق سمندو وَهُوَ صهر الدمستق على ابْنَته وَأسر ابْن الدمستق وَأقَام على الْحَدث إِلَى أَن بناها وَوضع بِيَدِهِ آخر شرافة مِنْهَا يَوْم الثُّلَاثَاء آخر ثَالِث عشرَة لَيْلَة خلت من رَجَب وَفِي هَذَا الْيَوْم أنْشد أَبُو الطّيب هَذِه القصيدة لسيف الدولة بِالْحَدَثِ 2 - الْمَعْنى يَقُول صغَار الْأُمُور عَظِيمَة فِي عين الصَّغِير الْقدر وعظامها صَغِيرَة فِي عين الْعَظِيم الْقدر يُشِير بذلك إِلَى شرف سيف الدولة وَمَا فعل فِي الْوَقْعَة الَّتِي ذكرنَا من نَفاذ عزمه وجلالة قدره وَالْهَاء فِي صغارها للعزائم أَو المكارم قَالَ أَبُو الْفَتْح وَيحْتَمل أَن يرجع إِلَى الْجَمِيع 3 - الْغَرِيب الخضارم جمع خضرم وَهُوَ الْعَظِيم الْكَبِير من كل شَيْء وَمن روى البحور الخضارم فَهُوَ غلط وَالصَّحِيح الجيوش الْمَعْنى يُكَلف جَيْشه مَا فِي همته من الْغَزَوَات والغارات وَلَا يتَحَمَّل ذَلِك الجيوش الْكَثِيرَة لِأَن مَا فِي همته لَيْسَ فِي طَاقَة الْبشر تحمله وَالْمعْنَى يُكَلف جَيْشه اسْتِيفَاء مَا تبلغه همته وتنعقد عَلَيْهِ نِيَّته والجيوش العظمية تعجز عَن ذَلِك وَلَا تُدْرِكهُ وتقصر عَنهُ وَلَا تلْحقهُ 4 - الْغَرِيب الضراغم جمع ضرغام وَهُوَ الْأسد الْمَعْنى يُرِيد سيف الدولة أَن يكون النَّاس مثله فِي الشجَاعَة وَذَلِكَ شَيْء لَا يَدعِيهِ الْأسد والأسد لَا تَدعِي أَنَّهَا مثله فِي الشجَاعَة وَالْمعْنَى يطْلب أَصْحَابه وَأَتْبَاعه بِمَا عِنْده من الْبَأْس والنجدة والإقدام والشدة وَذَلِكَ مَا لَا تُطِيقهُ الْأسود العادية وَلَا تدعيه الضراغم الباسلة 5 - الْغَرِيب القشاعم النسور الطويلات الْعُمر وَمِنْه سميت الْمنية أم قشعم لطول عمرها والملا وَجه الأَرْض والأحداث الشَّابَّة وَاحِدهَا حدث وَهُوَ الشَّاب الْإِعْرَاب نسور بدل من أتم الطير وَقيل هُوَ عطف بَيَان وأحداثها والقشاعم عطف بَيَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 الْمَعْنى يَقُول يفْدي أطول الطير عمرا سلَاح سيف الدولة وَبَين هَذَا الصِّنْف فَقَالَ أحداثها وقشاعمها أَي أصاغرها وأكابرها وَإِنَّمَا يفْدِيه لَو جود الجثث فِي وقائعه والاستبشار بِكَثْرَة ملاحمه 6 - الْغَرِيب المخالب جمع مخلب وَهُوَ الظفر لسباع الطير والقوائم جمع قَائِم وَهُوَ قَائِم السَّيْف الْمَعْنى يَقُول مَا ضرّ الْأَحْدَاث من النسور يَعْنِي الْفِرَاخ والقشاعم وَهِي المسنة الَّتِي ضعفت عَن طلب الرزق وَخص هذَيْن النَّوْعَيْنِ لعجزها عَن طلب الْقُوت يَقُول لَيْسَ يضرهما أَن لَا يكون لَهما مخالب قَوِيَّة مفترسة بعد أَن خلقت أسياف سيف الدولة فَإِنَّهَا تقوم بكفاية قوتها قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى وَمَا ضرها لَو خلقت بِغَيْر مخالب كَمَا تَقول مَا ضرّ النَّهَار ظلمته مَعَ حضورك وَلَيْسَ النَّهَار بمظلم لكنك تُرِيدُ مَا ضره لَو خلق مظلما وَالْمعْنَى مَا يَضرهَا أَن تخلق بِغَيْر مخالب تستعملها فِيمَا تَأْكُله وتصرفها فِيمَا تنشبه لِأَن سيوفه تبلغها فِي ذَلِك مَا ترغبه وَتفعل لَهَا مَا تريده وتطلبه وَقد ذكر الطير فِي مَوَاضِع فَأحْسن وَجَاء بِمَا لم يسْبق إِلَيْهِ بقوله (وَيُطْمِعُ الطَّير فيهمْ طُولُ أكْلهم ... حَتَّى تَكادَ عَلى أحيْائِهمْ تَقَع) وَمن مستحسن قَوْله فِي وصف الْجَيْش (وَذِي لجَبٍ لاذُو الجَناحِ أمامَهُ ... بِناجٍ وَلا الوَحْشُ المُثارُ بِسالِمِ) (تَمُرُّ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهْيَ ضَعِيفَةٌ ... تُطالِعُهُ مِنْ بَينِ رُؤُسٍ القَشاعِمِ) وَقد ذكر الطير جمَاعَة ذَكَرْنَاهُمْ قبل هَذَا وَقد أَخذ معنى أبي الطّيب أَبُو نصر بن نباتة بقوله (وَبَوْماكَ يَوْمٌ لِلعُفاةِ مُذَلَّلٌ ... وَيَوْمٌ إِلَى الأعْدَاءِ مِنْكَ عَصَبْصَبُ) (إذَا حَوَّمَتْ فَوْقَ الرّماحِ نُسُورُهُ ... أطارَ إلَيْها الضَّرْبُ مَا تَترَقَّبُ) وَله أَيْضا (وَإنَّكَ لَا تَنْفَكُّ تَحتَ عَجاجَةٍ ... تُقَطَّعُ فِيها المشْرِفِيَّةُ بالطُّلَي) إذَا يَئِسَتْ عقْبانُها مِنْ خَصِيَلِةٍ ... رَفَعْتَ إلَيها الدَّارِعينَ عَلى القُلَي) الخصيلة كل عصبَة فِيهَا لحم غليظ والطلي الْأَعْنَاق 7 - الْإِعْرَاب أَي ابْتِدَاء والغمائم الْخَبَر وَتعلم مَكْفُوفَة عَن الْعَمَل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 الْغَرِيب الْحَدث هِيَ القلعة الَّتِي بناها وَهِي فِي بِلَاد الرّوم وَعَلَيْهَا كَانَت الْوَقْعَة وسماها حَمْرَاء لِأَنَّهُ بناها بحجارة حمر وَقيل سَمَّاهَا حَمْرَاء لِكَثْرَة مَا أجْرى عِنْدهَا من الدِّمَاء الْمَعْنى يَقُول هَل تعرف القلعة لَوْنهَا لِأَنَّهُ غير لَوْنهَا إِمَّا بِالْحِجَارَةِ وَإِمَّا بالدماء وَهل تعلم أَي السَّاقَيْن سَقَاهَا الغمائم أم الجماجم وَترك ذكر الجماجم اكْتِفَاء بِذكر الغمائم وَهِي السحائب وَاحِدهَا غمامة وكقول الْهُذلِيّ (دَعاني إليْها القَلْبُ إنّي لأمْرِهِ ... مُطِيعٌ فَما أدْرِي أرُشْدٌ طِلابُها) أَرَادَ أرشد أم غي فَحذف اكْتِفَاء برشد وَقد بَين أَبُو الطّيب الْمَعْنى فِي الْبَيْت الثَّانِي بقوله 8 - الْغَرِيب الغر ذَوَات الْبَرْق والجماجم جمع جمجمة الْمَعْنى يَقُول سَقَاهَا الْغَمَام قبل نزُول سيف الدولة بهَا وجادها قبل حُلُوله فِيهَا فَلَمَّا حلهَا أوقع فِيهَا بالروم الَّذين حاولوا مَنعه من بنيانها فقتلتهم جيوشه وفلقت هامهم سيوفه فسفك فِيهَا من دِمَائِهِمْ مَا ماثل الْمَطَر الَّذِي جاد بهَا والسحاب فِي كثرته وقاومه فِي جملَته 9 - الْمَعْنى يَقُول بنى سيف الدولة القلعة وأذل الرّوم بالإيقاع بهم وقهرهم بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِم بعد أَن تقارع القنا فِي حربهم وتلاطم موج الْمَوْت فِي منازلتهم 10 - الْغَرِيب الجثث جمع جثة وَهِي الْجَسَد والتمائم العوذ وَاحِدهَا تَمِيمَة الْمَعْنى جعل الِاضْطِرَاب بالفتنة فِيهَا جنونا لَهَا وَذَلِكَ أَن الرّوم كَانُوا يقصدونها ويحاربون أَهلهَا فَلَا تزَال الْفِتْنَة بهَا قَائِمَة فَلَمَّا قتل سيف الدولة الرّوم وعلق الْقَتْلَى على حيطانها سكنت الْفِتْنَة وَسلم أَهلهَا فَجعل جثث الْقَتْلَى كالتمائم عَلَيْهَا حَيْثُ أذهبت مَا بهَا من الْجُنُون وَهُوَ إسكان الْفِتْنَة فَكَأَن الْفِتْنَة كَانَت جنونا فسكن سيف الدولة تِلْكَ المخافة وأذهبت تِلْكَ المهابة وَترك حولهَا من جثث الرّوم مَا قَامَ لَهَا مقَام التمائم وأمنها من جَمِيع المحاذر وَقد لَاذَ بقول حبيب (تكادُ عَطاياهُ يُجَنُّ جُنُوُنها ... إذَا لمْ يُعَوّذْها بِنَغْمَةِ طَالِبِ) قَالَ أَبُو الطّيب مَا رد على أحد شَيْئا فقبلته إِلَّا سيف الدولة فَإِنِّي أنشدته وَمن جيف الْقَتْلَى فَقَالَ لي مَه قل من جثث الْقَتْلَى فَقبلت وَقلت كَمَا قَالَ لي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 - الْغَرِيب الطريدة المطرودة وفعيل بِمَعْنى مفعول كثير فِي الْكَلَام نَحْو قَتِيل وأسير والخطى الرماح وأصل الرغم أَن يلتصق الْأنف بِالتُّرَابِ الْمَعْنى جعلهَا طريدة الدَّهْر بِأَن سلط عَلَيْهَا الرّوم حَتَّى أخربوها فَأَعَادَ بناءها سيف الدولة وردهَا على أهل الْإِسْلَام برغم الدَّهْر حِين خَالفه فِيمَا قصد فَهُوَ يُخَاطب سيف الدولة بقوله كَانَت هَذِه الْمَدِينَة طريدة دهر أخرجهَا الدَّهْر عَن مدن الْإِسْلَام وأزعجها من بَينهم لعدم الْعمرَان فرددتها على الْإِسْلَام بتعميرك لَهَا واغتصبتها من الرّوم بدفعهم عَنْهَا وغالبت الدَّهْر الَّذِي ساعدهم عَلَيْهَا فغلبته وقارعته دونهَا فأرغمته 12 - الْغَرِيب تفيت تفعل من الْفَوْت والغوا رم جمع غارمة الْمَعْنى قَالَ الواحدى اللَّيَالِي إِذا أخذت شَيْئا ذهبت بِهِ فَإِن أخذت مِنْك غرمت لِأَنَّك تلزمها الغرامة قَالَ وَيجوز أَن يكون تفيت مُخَاطبَة على رِوَايَة من روى أَخَذته بِالتَّاءِ يَقُول إِذا سلبت اللَّيَالِي شَيْئا أفته عَلَيْهَا فَلم تقدر على اسْتِرْدَاده وَهِي إِذا أخذت مِنْك شَيْئا غرمت يَعْنِي أَنْت أقوى من الدَّهْر فَإِنَّهُ لَا يقدر على مخالفتك وَهَذَا من قَول الآخر (فَما أدْرَكَ السَّاعُونَ فِبنا بوِتْرِهِمْ ... وَلا فاتَنا مِنْ سِائرِ النَّاس وَاترِ) وكقول الطرماح (إنْ نأْخُذَ النَّاسَ لَا تُدْرَكْ أخيذَتُنا ... أوْ نَطَّلِبْ نَتَعَدَّ الحَقَّ فِي الطَّلَبِ) وَقَالَ الْخَطِيب وَابْن القطاع كِلَاهُمَا اشْتَركَا فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى قَالَا من رَوَاهُ بالنُّون أفسد الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع قَالَ لي شَيْخي مُحَمَّد بن الْبَراء التَّمِيمِي قَالَ لي صَالح بن رشد قَرَأت على المتنبي أحذنه بالنُّون فَقَالَ صحفت يَا أَبَا عَليّ قلت وَكَيف قلت فَقَالَ قلت أَخَذته بِالتَّاءِ لِأَنِّي لَو قلت بالنُّون لأفسدت الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب ونقضت قولي فِي آخر الْبَيْت وَذَلِكَ أَن تفيت يتَعَدَّى إِلَى مفعولين فَإِذا جعلت اللَّيَالِي فَاعله ونصبت كل شَيْء لم يكن مفعول ثَان ففسد الْإِعْرَاب وَإِذا قلت بِالتَّاءِ جعلت اللَّيَالِي مَفْعُولا أول وكل شَيْء ثَانِيًا وَأما فَسَاد الْمَعْنى فَلَو جعلت اللَّيَالِي الفاعلة لجعلتها تفيت كل شَيْء وَلَا تغرمه ثمَّ نقضته بِقَوْلِي وَهن لما يَأْخُذن مِنْك غوارم وَإِنَّمَا الْمَعْنى تفيت يَا سيف الدولة اللَّيَالِي كل شَيْء أَخَذته مِنْهَا فَلَا تغرمه لَهَا وَهن غوارم لَك مَا يَأْخُذن فصح الْمَعْنى 13 - الْغَرِيب الْفِعْل الْمُضَارع مَا كَانَ فِيهِ إِحْدَى الزَّوَائِد الْأَرْبَع الْألف للمتكلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 وَالنُّون للْجَمَاعَة وَالْيَاء للْغَائِب وَالتَّاء للمخاطب وَالْمَرْأَة الغائبة والنحويون يسمون الْمُسْتَقْبل الْمُضَارع وَهُوَ يصلح للْحَال والاستقبال حَتَّى تدخل عَلَيْهِ سَوف أَو السِّين فَيصير للمستقبل خَاصَّة وَأَرَادَ أَبُو الطّيب هُنَا الِاسْتِقْبَال ليَصِح لَهُ الْمَعْنى لِأَن الْفِعْل الْحَاضِر لَا يجوز أَن يَنْوِي ويتوقع وَلَا يُؤمر بِهِ والجوازم حُرُوف الْجَزْم وَهِي لم وَلما وَمهما وحروف الشَّرْط فَهَذِهِ الْحُرُوف إِذا دخلت على الْفِعْل الصَّحِيح سكنته وَإِذا دخلت على المعتل حذفت حرف الْعلَّة مِنْهُ وَالْبَيْت بناه على التورية الْمَعْنى يَقُول إِذا نَوَيْت أمرا تَفْعَلهُ فَكَانَ ذَلِك فعلا مُسْتَقْبلا غير مَاض مضى ذَلِك الْفِعْل الَّذِي نويته قبل أَن يجْزم ذَلِك الْفِعْل يُرِيد مَا أسعده الله بِهِ وأظهره لَهُ من سعده فِي قَصده فَإِذا كَانَ مَا ينويه فعلا مُسْتَقْبلا وَلَفظ الْمُسْتَقْبل يَقع على الدَّائِم الَّذِي لم يَنْقَطِع وعَلى الْمُتَأَخر الَّذِي لم يَقع صَار ذَلِك الْفِعْل مَاضِيا بِوُقُوعِهِ مِنْهُ ومتصرفا بتمكنه مِنْهُ قبل أَن تلْحقهُ الجوازم فتثبته فِيمَا لم يجب وَتدْخل عَلَيْهِ فتخلصه فِيمَا لم يَقع قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ مَأْخُوذ من قَول حبيب (خَرْقاءُ يَلْعَبُ بالعُقُولِ حَبابُها ... كَتلاعبِ الأفْعالِ بِالأسماءِ) 14 - الْغَرِيب الروس فرقة تنضم إِلَى الرّوم والأساس مَا يَبْنِي عَلَيْهِ يُقَال أس الْحَائِط وأساسه وَجمع الأس آساس وَقد قَالُوا أسس بِالْفَتْح فِي أساس وَفِي جمع أساس أسس بِالضَّمِّ كقذال وقذل وَفِي جمع أس إساس كعس وعساس وَفِي جمع الأسس آساس كسبب وَأَسْبَاب واسست الْبناء تأسيسا والدعائم جمع دعامة وَهِي عماد الْبَيْت وكل شَيْء يسْتَند إِلَيْهِ ويتقوى بِهِ فَهُوَ دعامة وَمِنْه سمي السَّنَد الدعامة الْمَعْنى يَقُول كَيفَ يرجون هدمها وَهِي موسسة بطعنك مدعومة بشجاعتك وجيشك فالطعن لَهَا كالأساس والجيش لَهَا كالدعائم فَكيف يرومون هدمها وَقد أسستها بالطعن الَّذِي أعملته فيهم وأدعمتها بِالْقَتْلِ الَّذِي سلطته عَلَيْهِم فَكيف يرومون هدمها وَهَذِه صُورَة بنيتها وَكَيف يحاولون إخلاءها وَهَذِه حَقِيقَة منعتها 15 - الْمَعْنى يَقُول حاكموها يَعْنِي القلعة وَكَانُوا ظالمين لَهَا وَكَانَت مظلومة فَلَمَّا حكمت السيوف قتلت الظَّالِم وأبقت الْمَظْلُوم فأهلكت الرّوم وجدد بِنَاء القلعة وَالروم خصمين وَالْحَرب حاكمة فحكمت الْحَرْب للقلعة بالسلامة وللروم بِالْهَلَاكِ فَمَا عاشوا مَعَ مَا حاولوه من الظُّلم لَهَا وَلَا مَاتَ ذكر القلعة مَعَ مَا أرادوه من الخراب لَهَا بل نصر الله فِيهَا سيف الدولة فَهزمَ جيوشهم وأظهره عَلَيْهِم فَفرق جموعهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم اجترموا على نُفُوسهم وخيولهم ولبسوا الْحَدِيد وألبس خيولهم التجافيف حَتَّى صَارَت لَا تبين قَوَائِمهَا فَصَارَت كَأَنَّهَا لَا قَوَائِم لَهَا والقوائم هُنَا قَوَائِم الْخَيل وَفِي أول القصيدة (وَقَدْ خْلِقَتْ أسيْافُهُ وَالقَوَائمُ ... ) فالقوائم قَوَائِم السيوف فَلهَذَا لم يكن فِي هَذِه القصيدة إيطاء وَلَو كَانَتَا بِمَعْنى لجَاز لِأَن الأول معرفَة وَهَذِه نكرَة والسرى سير اللَّيْل والجياد الْخَيل 17 - الْغَرِيب الْبيض السيوف الْمَعْنى جعل الرّوم يبرقون لِكَثْرَة مَا عَلَيْهِم من الْحَدِيد والبريق اللمعان وَلم يفرق بَين سيوفهم وَبينهمْ لِأَن على رُءُوسهم الْبيض والمغافر وثيابهم الدروع فهم كالسيوف وَقد فسره بقوله من مثلهَا أَي مثل السيوف يُرِيد من الْحَدِيد وَأَشَارَ بِهَذَا الْوَصْف أغْنى كَثْرَة سلَاح هَذَا الْجَيْش إِلَى قوته وَبِمَا ذكره من هَذِه الْهَيْئَة إِلَى شدته وَسمعت بَعضهم وَكَانَ شَيخا يقْرَأ عَلَيْهِ هَذَا الدِّيوَان يَقُول أَخطَأ أَبُو الطّيب كَيفَ ذكر العمائم والعمائم للْعَرَب وَلَيْسَت للروم فَكيف جعلهَا للروم فَضَحكت من قَوْله وَقلت لَهُ الضَّمِير فِي مثلهَا إِلَى أَيْن يعود أَلَيْسَ إِلَى الْبيض وَهِي السيوف فَلم يدر مَا قلت 18 - الْغَرِيب الْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم لَهُ الميمنة والميسرة وَالْقلب والجناحان والزحف التَّقَدُّم والجوزاء أنجم مَعْرُوفَة والزمازم جمع زمزمة وَهِي صَوت لَا يفهم لتداخله الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْجَيْش لكثرته قد عَم الشرق والغرب وَبلغ صوتهم الجوزاء وخصها بِالذكر من سَائِر البروج لِأَنَّهَا على صُورَة الْإِنْسَان هَذَا قَول الواحدى وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كَانَ لَهَا أذن سَمِعت بهَا وَالْمعْنَى أَن هَذَا الْجَيْش لعظم أمره وَكَثْرَة أَهله قد مَلأ مَا بَين الشرق والغرب وَفِي أذن الجوزاء من أصوات أَهله زمازم لَا تفسر وأخلاط لَا تبين وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الْأَصْوَات تبلغ السَّمَاء بكثرتها وتقطع أبعد المسافات بشدتها وَلم نسْمع فِي وصف جَيش مثل هَذَا وَمثل قَول الطَّائِي (مَلأ المَلا عُصَبا فَكادَ بِأنْ يُرَى ... لَا خَلْفَ فيِهِ وَلا لَهُ قُدَّام) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 - الْغَرِيب اللسن اللُّغَة وَاللِّسَان أَيْضا وَقد قَرَأَ أَبُو السمال الْعَدْوى {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بلسن قومه} أَي بَلغهُمْ وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة بلغتهم والحداث جمع حَادث وَهُوَ بِمَعْنى متحدث قَالَ سُوَيْد بن أبي كَاهِل (يُسْمعُ الحُدَّاثَ قَوْلاً حَسَنا ... لَوْ أرَادُوا غَيرَهُ لمْ يَسْتَطعْ) والتراجم جمع ترجمان وَقد نطقت الْعَرَب فَقَالُوا ترجمان وَالْجمع التراجم مثل زعفران وزعافر وصحصحان وصحاصح وترجمان بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا إتباعا لضم الْجِيم قَالَ الراجز (فَهُنَّ يَلْغَطْنَ بِهِ إلْغاطا ... كالترْجُمان لِفيَ الأنْباطا) الْمَعْنى يَقُول تجمع فِي هَذَا الْجَيْش جَمِيع أهل اللُّغَات من الْأُمَم الْمُخْتَلفَة والطوائف المفترقة فَمَا يتفاهم الحداث مِنْهُم إِلَّا بتراجم تتكلف لَهُم وتفاسير تسْتَعْمل بَينهم وكل هَذَا يُشِير إِلَى عظم الْجَيْش وَمَا قد جمع فِيهِ من الْمُقَاتلَة 20 - الْغَرِيب يُرِيد بالغش الضُّعَفَاء من الرِّجَال والصارم السِّلَاح الْقَاطِع والضبارم الْأسد الشَّديد الغليظ الْمَعْنى يتعجب من ذَلِك الْوَقْت الَّذِي قَامَت الْحَرْب فِيهِ بَين سيف الدولة وَالروم يَقُول مَا كَانَ مغشوشا هلك وتلاشى كَأَنَّهُ ذاب بِنَار الْحَرْب وَذكر النَّار لِأَن تأنيثها غير حَقِيقِيّ أَو أَرَادَ لهبها فَلم يبْق إِلَّا سيف قَاطع أَو رجل شَدِيد الْحلق شُجَاع وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْحَرْب أدهبت تمويه الفرسان وذوبت نارها غشهم وبينت أَمرهم فَلم يبْق من السيوف إِلَّا الْقَاطِع وَلَا من الرِّجَال إِلَّا الضبارم 21 - الْمَعْنى يَقُول تكسر من السيوف مَا لم يكن مَاضِيا يقطع الدروع والرماح وَذهب الْجُبَنَاء الَّذين لَا يُقَاتلُون يُرِيد تكسر السَّيْف الَّذِي لَا يقطع الدرْع والرماح لِأَنَّهُ كل وَعجز على رِوَايَة من روى تقطع وَهِي رِوَايَة الْخَطِيب وفر من الفرسان من لَا يقدر على المصادمة وَمن روى فَقطع بِالْفَاءِ أَرَادَ الْوَقْت يَعْنِي أَن الْوَقْت كَانَ صعبا لم يبْق فِيهِ إِلَّا الْخَاص من الرِّجَال والأسلحة قَالَ ابْن القطاع تقطع كل سيف لَا يقطع الدرْع وَالرمْح أَي كل سيف كهام لَا يقطع وَقَوله تقطع أَي تفرق وتمزق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 كَقَوْلِه تَعَالَى {فتقطعوا أَمرهم بَينهم} أَي تفَرقُوا وتمزقوا فَلم يبْق إِلَّا مَاض صارم أَو أَسد ضبارم 22 - الْمَعْنى قَالَ الواحدى سَمِعت الشَّيْخ أَبَا معمر الْفضل بن إِسْمَاعِيل القَاضِي يَقُول سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز يَقُول لم أنْشد المتنبي هَذَا الْبَيْت وَالَّذِي بعده أنكر عَلَيْهِ سيف الدولة تطبيق عجزي الْبَيْتَيْنِ على صدريهم وَقَالَ لَهُ يَنْبَغِي أَن تطبق عجز الأول على الثَّانِي وَعجز الثَّانِي على الأول ثمَّ قَالَ لَهُ وَأَنت فِي هَذَا مثل امْرِئ الْقَيْس فِي قَوْله (كَأنّي لمْ أرْكَبْ جَوَاداً لِلَذَّةٍ ... وَلمْ أتَبَطَّنْ كاعِبا ذَاتَ خَلْخال) (وَلمْ أسْبإِ الزّقَّ الرَّوِيَّ وَلمْ أقُلْ ... لخَيْليْ كُرّى كَرَّةً بَعْدَ إجْفالِ) قَالَ وَوجه الْكَلَام فِي الْبَيْتَيْنِ على مَا قَالَه أهل الْعلم بالشعر أَن يكون عجز الأول على الثَّانِي وَالثَّانِي على الأول ليستقيم الْكَلَام فَيكون ركُوب الْخَيل مَعَ الْأَمر للخيل بالكر وسبء الْخمر مَعَ تبطن الكاعب فَقَالَ لَهُ أَبُو الطّيب أدام الله عز مَوْلَانَا إِن صَحَّ أَن الَّذِي استدرك هَذَا على امْرِئ الْقَيْس أعلم مِنْهُ بالشعر فقد أَخطَأ امْرُؤ الْقَيْس وأخطأت أَنا ومولانا يعرف أَن الْبَزَّاز لَا يعرف الثَّوْب معرفَة الحائك لِأَن الْبَزَّاز يعرف جملَته والحائك يعرف جملَته وتفصيله لِأَنَّهُ أخرجه من الغزلية إِلَى الثوبية وَإِنَّمَا قرن امْرُؤ الْقَيْس لَذَّة النِّسَاء بلذة الرّكُوب للصَّيْد وَقرن السماحة فِي شِرَاء الْخمر للأضياف بالشجاعة فِي منازلة الْأَعْدَاء وَأَنا لما ذكرت الْمَوْت فِي أول الْبَيْت أتبعته بِذكر الردى ليجانسه وَلما كَانَ وَجهه المنهزم لَا يَخْلُو من أَن يكون عبوسا وعينه من أَن تكون باكية قلت ووجهك وضاح لأجمع بَين الأضداد فِي الْمَعْنى فأعجب سيف الدولة وَوَصله بِخَمْسِمِائَة دِينَار وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدى وَلَيْسَ الْملك والشجاعة فِي شَيْء من صناعَة الشّعْر وَلَا يُمكن أَن يكون فِي ملاءمة الْعَجز الصَّدْر مثل هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لِأَن قَوْله كَأَنَّك فِي جفن الردى هُوَ معنى قَوْله وقفت فَلَا معدل لهَذَا الْعَجز عَن هَذَا الصَّدْر لِأَن النَّائِم إِذا طبق جفْنه أحَاط بِمَا تَحْتَهُ فَكَأَن الْمَوْت قد أظلهُ من كل مَكَان كَمَا يحدق الجفن بِمَا يتضمنه من جَمِيع جهاتها فَهَذَا هُوَ حَقِيقَة الْمَوْت وَقَوله تمر بك الْأَبْطَال هُوَ النِّهَايَة فِي التطابق للمكان الَّذِي تكلم فِيهِ الْأَبْطَال فتكلح وتعبس وَقَوله ووجهك وضاح لاحتقار الْأَمر الْعَظِيم انهى كَلَامهمَا يَقُول وقفت غبر متهيب وأقدمت غير متوقع الْمَوْت وَهُوَ لَا شكّ فِيهِ عِنْد من وقف موقفك وَتقدم تقدمك كَأَنَّك من الردى فِي أنكر موَاضعه وَهُوَ معرض عَنْك فِيمَا تتكلفه من شَدَائِد وَأَشَارَ بجفن الردى إِلَى عَظِيم مَا اقتحم وَجعله نَائِما لسلامته من الْهَلَاك لِأَنَّهُ لم يبصره وغفل عَنهُ بِالنَّوْمِ فَسلم وَلم يهْلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 - الْغَرِيب كلمى جرحى وَهُوَ جمع كليم وهزيمة مهزومة وَهُوَ من بَاب فعيل بِمَعْنى مفعول والوضاح الْوَاضِح الْمَعْنى يَقُول تمر بك الْجَرْحى من الْأَبْطَال منهزمين وكلمى مستسلمين وَذَلِكَ لَا يثنى عزمك وَلَا يضعف نَفسك بل كنت حِينَئِذٍ وضاحا غير متخوف وبساما غير متضجر واثقا من الله بنصره متيقنا بِمَا وصلك بِهِ من جميل صنعه وَهُوَ من قَول مُسلم ابْن الْوَلِيد (يَفْترُّ عِنْد اقْتِرابِ الحَرْبِ مُبْتَسِمِاً ... إذَا تَغَيرَ وَجْهُ الفارِسِ البَطَلِ) 24 - الْغَرِيب النهى جمع نهية وَهِي الْعقل الْمَعْنى قَالَ الواحدى يَقُول مَا فِيك من الفطانة يتَجَاوَز حد الْعقل لِأَنَّهُ يدْرك الْعقل مَا تُدْرِكهُ أَنْت وَمَا فِيك من الشجَاعَة قد تجَاوز الْحَد إِلَى مَا تَقوله النَّاس فِيك من أَنَّك عَالم بِالْغَيْبِ لِأَنَّك كدت أَن تعرف مَا تصير إِلَيْهِ من الظفر فَلَا تحذر الْمَوْت لعلمك أَن الْعَاقِبَة لَك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فِي آخِره بعض التنافر لأوله لِأَن الشجَاعَة لَا تذكر مَعَ علم الْغَيْب وَلَوْلَا أَنه ذكر الْعقل لَكَانَ أَشد تباينا لِأَن الْعَاقِل عَارِف بأعقاب الْأُمُور وَلَو كَانَ مَوضِع الشجَاعَة الفطانة لَكَانَ أليق بِعلم الْغَيْب إِلَّا أَنه كَانَ فِي ذكر الْحَرْب وَكَانَت الشجَاعَة من أَلْفَاظ وصفهَا وَيجوز أَن يكون ذكر الشجَاعَة مَعَ علم الْغَيْب أَنه كَانَ قد عرف مَا يصير إِلَيْهِ فشجع وَلم يحذر الْمَوْت انهى كَلَامه وَالْمعْنَى أَنَّك أظهرت من إقدامك وعزمك وسماحتك بمهجتك مَا صدق قَول قوم فِيك إِنَّك تعلم الْغَيْب يُرِيد غيب مآل أَمرك فِي الظفر فَلم تحفل بِشدَّة الْحَرْب وتيقنت مَا ختم الله لَك بِهِ من التأييد فأمنت مخاوف الْقَتْل فَحِينَئِذٍ كنت وضاحا بساما عِنْد شدَّة الْحَرْب 25 - الْغَرِيب الجناحان جانبا الْعَسْكَر من جناحي الطَّائِر والخوافي أَربع ريشات تتلو أَرْبعا قبلهَا من جناحي الطَّائِر والقوادم أَربع ريشات فِي أول جناحي الطَّائِر وَعَلَيْهَا معوله فِي طيرانه وَأَرَادَ بالجناحين الميمنة والميسرة وهما جانبا الْعَسْكَر وَلما سَمَّاهَا جناحين جعل رجالهما خوافي وقوادم والجناح يشْتَمل على القوادم والخوافي الْمَعْنى يَقُول لففت جناحي الْعَسْكَر على الْقلب فأهلكت الْجَمِيع بقتلك أَوَّلهمْ وَآخرهمْ يُرِيد أَنَّك ضممت جناحي جَيش الرّوم ضمة مُنكرَة وشددت فِي الْجَيْش شدَّة صَادِقَة قتلت بهَا مِنْهُم من كَانَت مَنْزِلَته فِي إنهاض الْخَمِيس منزلَة الخوافي والقوادم من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 الجناحين والأوائل والأواخر من هذَيْن العضدين واستعار الجناحين وَجعل الخوافي والقوادم فرسَان الْجَيْش وَلَقَد أحسن فِي هَذَا غَايَة الْإِحْسَان وَقَالَ قوم فِي الْجنَاح عشرُون ريشة أَربع قوادم وَأَرْبع مناكب وَأَرْبع خواف وَأَرْبع أباهر وَأَرْبع كلي 26 - الْغَرِيب الهامات جمع هَامة وَهِي الرُّءُوس واللبات النحور وَاحِدهَا لبة وطابق بَين غَائِب وقادم قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا ضربت عدوا فَحصل سَيْفك فِي رَأسه لم تَعْتَد ذَلِك نصرا وَلَا ظفرا وَإِذا فلق رَأسه وَصَارَ إِلَى اللبة يكون نصرا وَلَا يرضيك مَا دونه وَقَالَ ابْن فورجة إِنَّمَا عَنى سرعَة النَّصْر وَأَنه لم يلبث إِلَّا قدر وُصُول السَّيْف الْمَضْرُوب بِهِ من الهامة إِلَى اللبة كَمَا تَقول نازلت الْعَدو والنصر غَائِب وضربتهم بِالسَّيْفِ وَقد قدم النَّصْر وَالْمعْنَى كسرت الجناحين والقوادم والخوافي بِضَرْب فلق رُءُوس الرّوم وَبلغ لباتهم وتمكنت سيوفك فيهم وجيشهم مهزوم وجمعهم مغلوب والنصر الْغَائِب قد قدم والظهور قد انتظم والتأم وَأَشَارَ بذلك إِلَى أَن هزيمَة الرّوم لم تكن إِلَّا مجالدة وَغَلَبَة وظفر سيف الدولة لم يكن إِلَّا بعد مقاومة 27 - الْغَرِيب الردينيات الرماح المنسوبة إِلَى ردينة امْرَأَة بِالْيَمَامَةِ هِيَ وَزوجهَا يعملان الرماح والشتم السب وَالِاسْم الشتيمة شتم فَهُوَ شاتم الْمَعْنى تركت الرماح فِي الْقِتَال وازدريتها لِأَنَّهَا سلَاح الْجُبَنَاء وَسلَاح الشجعان السَّيْف لمقاربة مَا بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي الْقِتَال وَلما اخْتَرْت السَّيْف على الرمْح عير الرمْح لِأَنَّهُ يطعن من بعيد وَالسيف من قريب فَكَأَنَّهُ يشتمه بالضعف وَقلة الْغناء وَالْمعْنَى أَنَّك طرحت الرماح واستقللت فعلهَا وَعدلت إِلَى السيوف عَالما بفضلها واعتمدتها لخبرتك بأمرها فَكَأَنَّهَا شتمت الرماح بتصغيرها لشأنها وإهانتها تسخطا لفعلها 28 - الْغَرِيب الْبيض السيوف والخفاف المرهفة والصوارم القواطع الْمَعْنى يَقُول من ارتقب النَّصْر الْجَلِيل وحاوله وَطلب الْفَتْح الْمُبين فَإِنَّمَا مَفَاتِيح ذَلِك السيوف الصارمة الْخفاف الْمَاضِيَة 29 - الْغَرِيب الأحيدب جبل والنثر التَّفْرِيق الْمَعْنى يَقُول فرقتهم على هَذَا الْجَبَل مقتولين ونثرتهم نثر الدَّرَاهِم على الْعَرُوس فتفرقت مصَارِعهمْ على هَذَا الْجَبَل كَمَا تتفرق مواقع الدَّرَاهِم إِذا نثرت وَهَذَا من محَاسِن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 أبي الطّيب وَقد أَشَارَ إِلَى أَن سيف الدولة تحكم فِي الرّوم قتلا وأسرا ونثر جيشهم فَوق هَذَا الْجَبَل نثرا 30 - الْغَرِيب وكر الطَّائِر مَوضِع مبيته وَالْجمع وكور والذرا رُءُوس الْجبَال الْمَعْنى يُرِيد أَنه يتبعهُم فِي رُءُوس الْجبَال حَيْثُ تكون وكور الطير فيقتلهم هُنَاكَ فتكثر للطير المطاعم عِنْد بيوتها أَي إِذا أخذُوا عَلَيْك دربا صعدت إِلَيْهِم رُءُوس الْجبَال فتقتلهم هُنَالك فتكثر المطاعم حول الوكور هَذَا كَلَام أَبى الْفَتْح وَنَقله الواحدى وَقَالَ غَيره تدوس بك الْخَيل فِي آثَار الرّوم وكور الطير فِي رُءُوس الْجبَال وقنن الأوعار وَقد كثرت الجثث من الْقَتْلَى حول الوكور بِكَثْرَة من قتلته هُنَالك فرسانك وَمن أهلكه من الرّوم جيشك وغلمانك وَأَشَارَ بذلك إِلَى كَثْرَة الجثث حول وكور الطير مَعَ انتزاح موَاضعهَا وَامْتِنَاع أماكنها إِلَى مَا كَانَ الرّوم عَلَيْهِ من شدَّة الْهَرَب وَمَا كَانَ أَصْحَاب سيف الدولة عَلَيْهِ من قُوَّة الطّلب وَأَنَّهُمْ قتلوهم فِي رُءُوس الْجبَال وأدركوهم فِي أبعد غايات الأوعار 31 - الْغَرِيب الفتخ إناث العقبان واحدتها فتخاء وَسميت بذلك لطول جناحها وَلينه فِي الطيران والفتخ لين المفاصل والأمهات جمع أم فِيمَا لَا يعقل وَقد جَاءَ فِيهِ أُمَّهَات حملا على من يعقل وَالْعتاق كرام الْخَيل والصلادم جمع صلدم وَهِي الْفرس الشَّدِيدَة والصلبة القوية الْمَعْنى يَقُول ظنت فراخ العقبان لما صعدت خيلك إِلَيْهَا أَنَّهَا أماتها لِأَن خيلك كالعقبان شدَّة وَسُرْعَة وضمرا وَقَالَ ابْن الإفليلي تظن فراخ العقبان لِكَثْرَة مَا صيرت حول وكورها من جثث الْقَتْلَى أَنَّك زرتها بأماتها فأمددتها بمطاعمها وأقواتها وَإِنَّمَا فعل ذَلِك صلادم خيلك وَكَثْرَة كتائب جيشك 32 - الْغَرِيب الصَّعِيد وَجه الأَرْض والأراقم الْحَيَّات الْمَعْنى يَقُول إِذا زلقت الْخَيل فِي صعودها الْجبَال جَعلتهَا تمشي على بطونها فِي الصَّعِيد يصف صعوبة ترقيها إِلَى الْجبَال أَي إِذا زلقت لصعوبة مَا تحاوله مشيتهَا على بطونها مُكْرَهَة وأنهضتها على تِلْكَ الْحَال مسرعة كَمَا تتمشى الأراقم فِي الصَّعِيد على بطونها وتسير فِيهِ متمكنة فِي مسيرها 33 - الْغَرِيب الدمستق صَاحب جَيش الرّوم وَقد مر تَفْسِيره فِي مَوَاضِع وَجمعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 دماسقة على زِيَادَة التَّاء الْمَعْنى يَقُول أكل يَوْم يقدم عَلَيْك ثمَّ يفر فيلوم قَفاهُ وَجهه على إقدامه فَيَقُول لم أقدمت حَتَّى عرضتني للضرب بهزيمتك وَذَلِكَ أَن إقدامه سَبَب هزيمته وَقَفاهُ من الضَّرْب لائم وَجهه وَأَصْحَابه غير مستشكرين لفعله 34 - الْغَرِيب اللَّيْث الْأسد وَالْجمع الليوث يذوقه يجربه ويختبره وذاق أَي جرب الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ حازما لكفاه مَا يعرفهُ ويسمعه من أخبارك ويشاهده من شجاعتك أَي أَنه يسمع خبرك ويأتيك مُقَاتِلًا ثمَّ ينهزم وَلَو انهزم من غير قتال لَكَانَ أحزم 35 - الْإِعْرَاب جمع فعلة فعلات بِفَتْح الْعين فِي الصَّحِيح وَإِنَّمَا أسكن الْمِيم من حملات ضَرُورَة الْغَرِيب الصهر أهل بَيت الْمَرْأَة عَن الْخَلِيل وَمن الْعَرَب من يَجْعَل الصهر من الأحماء والأختان جَمِيعًا يُقَال صاهرت إِلَيْهِم إِذا تزوجت فيهم وأصهرت بهم إِذا اتَّصَلت بهم وتحرمت بجوار أَو نسب أَو تزوج عَن ابْن الْأَعرَابِي وَأنْشد لزهير (قَوْدُ الجِيادِ وَصْهارُ المُلُوكِ وَصَبْرٌ ... فِي مَوَطِنَ لَوْ كانُوا بِها سَئِموا) والغواشم الغواصب الْمَعْنى يَقُول حملاتك عَلَيْهِم الَّتِي تغشمهم وتدقهم وتكسرهم قد فجعتهم بأقاربه فَهَلا اعتبربهم حَتَّى لَا يقدم يُرِيد أَن حملات سيف الدولة فجعت الدمستق بِابْنِهِ وأصهاره وَهُوَ لَا يرتدع بحملاته الغوا شم للأقران العواصب لأنفس الفرسان فَمَا للدمستق لَا يكفه عَن التَّعَرُّض لَهُ مَا أسلف سيف الدولة من الْإِيقَاع 36 - الْغَرِيب الظبا جمع ظبة وَهِي حد السَّيْف والمعاصم جمع معصم وَهُوَ الزند الْمَعْنى يُرِيد أَنه يشْكر أَصْحَابه لِأَن السيوف اشتغلت بهم عَنهُ فشكرهم كَأَنَّهُمْ وقوه السيوف برءوسهم وأيديهم حَتَّى انهزم وَفَاتَ السيوف 37 - الْغَرِيب المشرفية السيوف نسبت إِلَى مشارف وَهِي قرى من أَرض الْعَرَب تَدْنُو إِلَى الرِّيف يُقَال سيف مشرفي وَلَا يُقَال مشارفي لِأَن الْجمع لَا ينْسب إِلَيْهِ إِذا كَانَ على هَذَا الْوَزْن فَلَا يُقَال مهالبي وَلَا جعافري وَلَا مغافري الْمَعْنى يَقُول السيوف لَا يفهم أصواتها أحد لِأَن أصواتها أعاجم غير مفهومة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 والدمستق يفهم صَوتهَا فِي أَصْحَابه لِأَنَّهُ يسْتَدلّ بذلك على قَتلهمْ فَهُوَ فهم من الطَّرِيق الاعتياد لَا من طَرِيق السماع يَعْنِي إِذا سمع صليلها علم أَنهم مقتولون 38 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ مسرور بِمَا أَخَذته من أَصْحَابه وأمتعته حَيْثُ كَانَت الْفِدَاء لَهُ إِذْ نجا هُوَ واشتغل الْعَسْكَر بِأخذ هَذِه الْأَشْيَاء وَلَيْسَ يفرح جهلا بحالته وَإِنَّمَا يفرح بسلامته حَيْثُ نجا مِنْك سالما بِرُوحِهِ وَأمن من غنيمته ففاتك بِنَفسِهِ وطلبته فَلم تنله بحتفه فَهُوَ وَإِن نجا بِرَأْسِهِ غَانِم وَإِن كَانَ مغنوما فالمسلوب إِذا نجا مِنْك بسلبه فَهُوَ غَانِم سَالم وَهَذَا مثل قَول بسطَام بن قيس فِي الْمثل السَّلامَة إِحْدَى الغنيمتين 39 - الْإِعْرَاب رفع هازم خبر لَكِن والتوحيد الْخَبَر الأول كَقَوْلِك حُلْو حامض وَيجوز أَن يكون خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي أَنْت هازم الْمَعْنى يَقُول لست فِي هزمك الدمستق ملكا مثله وَلَكِنَّك الْإِسْلَام هزم الشّرك وَلَيْسَ بَينهمَا قِيَاس فِي الْفضل يُرِيد أَنَّك سيف الْإِسْلَام ومقيم أود الْإِيمَان وَملك الرّوم الَّذِي واجهك عماد أهل الْكفْر وَعَلِيهِ مدَار الْأَمر فهزيمتك لَهُ هزيمَة التَّوْحِيد للشرك وظهورك عَلَيْهِ ظُهُور أهل الْحق على أهل الْإِفْك 40 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بِهِ لمليك وَهُوَ لُغَة فِي ملك وَلَو كَانَ بدل الْهَاء كَاف كَانَ أَجود حَتَّى يكون مُخَاطبا الْغَرِيب مُضر وَرَبِيعَة ابْنا نزار بن معد بن عدنان وَرَبِيعَة رَهْط سيف الدولة والعواصم قلاع وحصون من أَعمال حلب وَقيل هِيَ من الْفُرَات إِلَى حمص الْمَعْنى يَقُول تفتخر بِهَذَا الْملك الْعَرَب كلهَا لَا يخص ربيعَة قومه وتفتخر بِهِ الدُّنْيَا كلهَا لَا الشَّام وَحدهَا فَكل النَّاس يفتخرون بِهِ وَإِن بعد نسبهم عَن نسبه والبلاد تَفْخَر بِهِ وَإِن بعد أَكْثَرهَا عَن بَلَده 41 - الْمَعْنى يُرِيد بالدر شعره يُرِيد أَن الْمعَانِي لَك وَاللَّفْظ لي فَأَنت تعطيه وَأَنا ناظمه لِأَنِّي أصف مكارمك فِيهِ وأقيد فضائلك بِهِ وَهُوَ من قَول ابْن الرُّومِي (وَدُونَكَ مِنْ أقاوِيلي مَديِحا ... غَدَا لكَ دُرُّهُ وَلى النِّظامُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 - الْغَرِيب تعدو أَي تجْرِي وتسرع والوغى الْحَرْب الْمَعْنى يُرِيد أَنِّي أركب خيلك الَّتِي تهبني فَهِيَ تعدو بِي فِي الْحَرْب فلست مذءوما فِي أَخذهَا لِأَنِّي شَاكر أياديك وناشر ذكرك وَلست نَادِما على مَا أَعْطَيْتنِي لقيامي بِحَق مَا أوليتني 43 - الْإِعْرَاب على مُتَعَلق بِمَا قبله من قَوْله نادم أَي لست نَادِما على كل طيار الْغَرِيب الغماغم جمع غمغمة وَهِي الصَّوْت الْمُخْتَلف وَهِي أصوات الْأَبْطَال فِي الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول لست نَادِما على كل فرس طيار وَيجوز أَن يكون على مُتَعَلقا بِمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ أقصد الوغى على كل طيار يطير بِرجلِهِ أَي يجْرِي فِي سرعَة الطير إِذا سمع صَوت الْأَبْطَال فِي الْحَرْب وَفِيه نظر إِلَى قَول ابْن المعتز (وَليلٍ كَكُحلِ العَينِ خضْتُ ظلامَهُ ... بأزَرق لمَّاعٍ وَأخْضَرَ صارِمِ) (وَطَيَّارَةٍ بِالرجْلِ خَوْفا كَأنَّما ... تُصافحُ رُضَّاضَ الحَصَى بِالجَماجِمِ) 44 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت السَّيْف الَّذِي لَا ينبوه حد وَلَا يتضمنه غمد وَلَا فِيهِ لمبصره رِيبَة وَلَا تعتصم مِنْهُ جثة لِأَن مقاصده مَوْصُولَة بالنصرومساعيه مكنوفة بجميل الصنع 45 - الْمَعْنى تهنأ هَذِه الْأَشْيَاء بسلامتك لِأَنَّك قوامها فَضرب الْهَام أَنْت أحذق النَّاس بِهِ وَالْمجد أَنْت أكسب النَّاس والعلا أَنْت جَامع شملها وراجي مكارمك الَّتِي لَا تمطل بفضلها وَالْإِسْلَام لِأَنَّك أعززت دَعوته وأبلجت على الْإِشْرَاك حجَّته بأنك سَالم أَي منسأ عمرك متبوع أَمرك 46 - الْمَعْنى لم اسْتِفْهَام إِنْكَار أَي لم لَا يحفظك مَا دمت تفلق هام العدا فَالله لاشك يحفظك لِأَنَّك سَيْفه بك يصول على أعدائه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 - 1 الْغَرِيب أراع أفزع والهمام الْملك الْعَظِيم الهمة والغمام السَّحَاب وسح أمطر الْإِعْرَاب كَذَا فِي وضع نصب صفة مصدر مَحْذُوف أَي روعا كَذَا مثل هَذَا الْمَعْنى يَقُول هَل رَاع ملك جَمِيع الْمُلُوك وَكَذَا أَي كَمَا أرى من روعك إيَّاهُم وَهل تقاطرت الرُّسُل على ملك كَمَا تقاطرت عَلَيْك وَجعل توالي الرُّسُل إِلَيْهِ كسح الْغَمَام وَهَذَا تعجب يُرِيد هَل رَاع ملك قبل هَذَا كل الْمُلُوك حَتَّى خضعوا لَهُ واستجاروا بِهِ وَتَتَابَعَتْ رسلهم عَلَيْهِ حَتَّى كَأَن غماما أمطرهم بِحَضْرَتِهِ 2 - الْغَرِيب دَانَتْ أطاعت الْمَعْنى يَقُول دَانَتْ الدُّنْيَا لأَمره وَبلغ ابعد غاياتها بعفوه وَالْأَيَّام قَائِمَة فِيمَا يبتغيه مجتهدة فِيمَا يحاوله وينويه لَا يسْعَى فِي تَحْصِيل مُرَاد وَالْأَيَّام تسْعَى فِي تَحْصِيل مَا يُريدهُ 3 - الْغَرِيب اللمام الزِّيَارَة القليلة وَمِنْه قَول جرير (بِنَفْسِيَ مَنْ تَجَنُّبُهُ عَزِيزٌ ... عَلىَّ وَمَنْ زِيارَتُهُ لمام) الْمَعْنى يَقُول إِذا غزاهم كفاهم أدنى نزُول مِنْهُ لَو اكْتفى هُوَ بذلك لكنه لَا يَكْتَفِي حَتَّى يبلغ أقاصي بِلَادهمْ 4 - الْمَعْنى يَقُول الزَّمَان يتبعهُ من أحسن إِلَيْهِ من النَّاس أحسن إِلَيْهِ الزَّمَان وَمن أَسَاءَ إِلَيْهِ أَسَاءَ إِلَيْهِ الزَّمَان فالزمان فِي النَّاس يتبع خطوه وَلَا يُخَالف أمره وَحكمه حَتَّى كَأَن لكل زمَان فِي يَدَيْهِ زماما يملكهُ بِهِ وخطاما يذلله يُشِير إِلَى قُوَّة سعده وإقبال جده 5 - الْإِعْرَاب لَيْسَ هُنَا تحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا أَن يكون استعملها اسْتِعْمَال مَا كَقَوْل الْعَرَب لَيْسَ الطّيب إِلَّا الْمسك فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَالثَّانِي أَن يكون فِي لَيْسَ ضمير وَحذف تَاء التَّأْنِيث ضَرُورَة والأجود أَن تكون بِمَعْنى مَا فتخلو من الضَّمِير لِأَنَّهُ إِذا جعلهَا فعلا مَاضِيا فَالْوَاجِب أَن يَقُول لَيست تنام الحديث: 226 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 الْمَعْنى أَن الرُّسُل تنام عنْدك آمِنَة تتفيأ ظلك مستبشرة بمشاهدة فضلك وأجفان الْمُلُوك الَّذين بعثوهم إِلَيْك ساهرة لما تتوقعه من خيبة رسلهم وَالْمعْنَى الرُّسُل تنام آمِنَة لما تحسن إِلَيْهِم وهم آمنون بمقامهم عنْدك وَالَّذين بعثوهم يخافونك لأَنهم لَيْسُوا على أَمَان مِنْك فَلَا تنام أجفانهم خوفًا مِنْك وَقد بَينه بقوله الْبَيْت بعده 6 - الْغَرِيب الْقبل الْمُقَابلَة والمواجهة وَهِي مُخَفّفَة من الْقبل وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ جمع أقبل وقبلاء وَهُوَ الَّذِي أَقبلت إِحْدَى عَيْنَيْهِ على الْأُخْرَى تشاوسا وَعزة نفس الْمَعْنى يَقُول هم لَا ينامون حذارا لمن يركب الْخَيل عريا إِلَى الْحَرْب يَعْنِي لَا يقف حَتَّى تسرج أَو تلجم إِذا فَجْأَة أَمر أَي يحذرون ملكا شَدِيدا بأسه قَوِيا جَيْشه تتسابق فرسانه إِلَى الْحَرْب عِنْد مفاجأتها لَهُم على أعراء الْخَيل فيستقبلون بهَا الطعان غير ملجمة ويجالدون عَلَيْهَا الأقران غير مسرجة 7 - الْإِعْرَاب الضميران فِي الظرفين لِلطَّعْنِ الْمَذْكُور فِي الْبَيْت الَّذِي قبله الْغَرِيب الأعنة جمع عنان وَهُوَ للخيل السيور الَّتِي فِي اللجام والسياط جمع سَوط وَهُوَ مَا يضْرب بِهِ الرَّاكِب الْمَعْنى يُرِيد أَن خيله مؤدبة إِذا قيدت بشعرها انقادت كَمَا تنقاد بالعنان وَإِذا زجرت قَامَ الْكَلَام لَهَا مقَام السَّوْط فَهِيَ لَا تحْتَاج إِلَى اللجم وَأَرَادَ أَن يَقُول والأعنة معارفها فَمَا صَحَّ لَهُ الْوَزْن وَلَو صَحَّ لَكَانَ حسنا وَإِنَّمَا اكْتفى بشعرها وَمرَاده المعارف 8 - الْمَعْنى يَقُول مَا تَنْفَع الْخَيل الْكِرَام وَلَا السِّلَاح وَإِن عزمها لَيْسَ بِنَافِع إِذا لم يكن فَوْقهَا كرام فِي الْحَرْب يُرِيد لَيْسَ تَنْفَع الْخَيل وَلَا صم الرماح إِذا لم يصرفهَا من الْأَبْطَال كرام 9 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّك تردهم عَمَّا يطْلبُونَ من الْهُدْنَة ردك لوم اللائمين لَك فِي الْعَطاء أَي كَمَا أَنَّك لَا تصغي إِلَى ملامة لائم فِي سخائك فَكَذَلِك لَا تقبل الْهُدْنَة وَهَذَا هُوَ الْمَدْح الموجه 10 - الْغَرِيب الذمام جمع ذمَّة وَهِي الْعَهْد وطعت للشَّيْء طَوْعًا وطواعة وطواعية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 الْمَعْنى يَقُول إِن كنت لَا تُعْطِي الرّوم عهدا وصلحا بالطوع فلياذهم بك يُوجب لَهُم الذمام لِأَن من لَاذَ بالكريم وجيت لَهُ الذِّمَّة أَي فقد حصل لَهُم مَا طلبُوا وَإِن لم تعطهم وعوذ الأعادي بِالْملكِ الْكَرِيم جوَار يأمنون بِهِ وَقد استعاذوا بك فتقبلتهم ورجوا كريم عائذتك فأسعفتهم وأجرتهم وَقد أكد هَذَا الْمَعْنى بِمَا بعده فَقَالَ الْبَيْت بعده 11 - الْغَرِيب أممتك قصدتك وَالْحرَام الَّذِي لَا يستباح الْمَعْنى يَقُول إِن نفوسا قصدتك مستجيرة بك واعتمدتك راجية لَك مَمْنُوعَة مِمَّا تحذره آمِنَة لما تكرههُ وَإِن دِمَاء استسلمت إِلَيْك واقتصرت بآمالها عَلَيْك لواجب حفظهَا حرَام سفكها 12 - الْغَرِيب الْملك والمليك وَاحِد الْمَعْنى يَقُول إِذا خَافَ ملك من ملك أجرت الْخَائِف بِفَضْلِك وزجرت المخيف بعزك وَالروم خَافُوا سَيْفك فخضعوا لَك والجوار يطْلبُونَ ليعتصموا بك وَإِذا كنت تجير من غَيْرك فَأَنت بِأَن تجير من نَفسك أولى 13 - الْمَعْنى هم يهربون من سيوفك الْمَاضِيَة المرهفة ويزدحمون عَلَيْك بالكتب يطْلبُونَ الْهُدْنَة بالتلطف والتضرع وَقَالَ قوم بل بالكتب اللطيفة نَفسهَا وَالْمعْنَى أَنه يُشِير إِلَى عجزهم عَن مقاومته فِي الْحَرْب وازدحامهم عَلَيْهِ فِي السّلم 14 - الْغَرِيب الْحمام الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول حب الْحَيَاة يغر الْقلب حَتَّى يخْتَار عَيْشًا فِيهِ ذل أَو يخْتَار الْهَرَب من خوف الْقَتْل وَذَلِكَ هُوَ الْقَتْل فِي الْحَقِيقَة بل هُوَ شَرّ مِنْهُ وَالْمعْنَى أَن اخْتِيَار الْعَزِيز للذل هُوَ الذل 15 - الْغَرِيب الزؤام الْمَوْت العاجل والمضام المغلوب الْمَعْنى يَقُول شَرّ الموتتين العاجلتين يُشِير إِلَى ميتَة الذل وميتة الحتف المحتومة عيشة يذل متخيرها ويضام مؤثرها يُرِيد أَن عيشة الذل شَرّ الموتتين وأضعف الْحَالَتَيْنِ 16 - الْغَرِيب الغرام الشَّرّ الدَّائِم الملازم وَمِنْه الْغَرِيم لملازمته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الَّذِي طلبوه مصالحة لما احتاجوا إِلَى التشفع بفرسان الثغور لِأَن الصُّلْح أَن ترغب فِيهِ أَنْت أَيْضا وَلَكِن طلبُوا مِنْك أَن تُؤخر الْحَرْب عَنْهُم أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِك ذلالهم يُرِيد أَن فرسَان طرسوس بعثوهم إِلَيْهِ ليشفعوا لَهُم فِي المهادنة فشفعهم فَيَقُول لَو كَانَ صلحا لما تشفعوا إِلَيْك بفرسان طرسوس الَّذين شفعتهم فيهم وَجعلت لَهُم الْمِنَّة عَلَيْهِم وَلكنه مِنْهُم خضوع وذلة وَعجز وهلكة 17 - الْمَعْنى بلغتهم مَا كَانُوا لَا يظنون أَنه يَقع فأخرت عَنْهُم الْحَرْب بشفاعة الفرسان فَكَانَت لَهُم عَلَيْهِم منَّة إِذْ بلغوهم مَالا يكَاد أَن يطْلب وَلَا يبلغونه بِأَنْفسِهِم 18 - الْغَرِيب الْكَتَائِب جمع كَتِيبَة من الْخَيل والخضوع الذلة والخائم الناكص على عَقِبَيْهِ وخام عَنهُ يخيم خيومة أَي جبن الْمَعْنى يَقُول هَذِه كتائب قد جَاءُوا إِلَيْك وأقدموا على مقاربتك وقصدوك مستسلمين فشجعوا على مشاهدتك وَلَو لم يَكُونُوا كَذَلِك لجبنوا عَنْك ناكصين على أَعْقَابهم ولتباعدوا عَنْك هاربين 19 - الْغَرِيب الذري الظل تَقول هُوَ فِي ذراه أَي فِي ظله وكنفه وعام سبح فِي المَاء الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم تعودوا إحسانك قَدِيما إِذْ كَانُوا فِي ناحيتك وكنفك وحمايتك تحسن إِلَيْهِم حَتَّى غرقوا فِي برك وإحسانك 20 - الْغَرِيب الميمون ذُو الْيمن وَالْبركَة والغارة الْحَرْب وَالصَّلَاة الرَّحْمَة وَالسَّلَام الْبركَة تَقول صلى صَلَاة وتصلية قَالَ (تَركْتُ القِدَاحِ وَعَزْفَ القِيانِ ... وَأدْمَنْتُ تَصْلِيَةً وَابْتِهالاَ) الْمَعْنى يَقُول هم لمحبتك يصلونَ عَلَيْك ويسلمون وَإِن كنت تغير عَلَيْهِم تَعَجبا لحسن وَجهك الميمون على الْإِسْلَام وَأَهله الْمُبَارك على الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَحزبه 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْكِرَام كلهم يقتدون بأفعاله فَكل أنَاس لَهُم إِمَام يؤمونه وَأَنت إِمَام أهل المكرمات وسيدهم وقدوتهم ومعتمدهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 - الْغَرِيب عنوان الْكتاب مَا يعرف بِهِ وَهُوَ بِضَم الْعين فِي اللُّغَة الفصيحة قَالَ أَبُو دواد (لمَنْ طَلَلٌ كَعُنْوَانِ الِكتابِ ... بِبَطْنِ الوَجّ أوْ قَرْنِ الذَّهابِ) وَيُقَال عنوان وعنيان وعلوان وعلوان وَجمعه عناوين وعلاوين وعنونت الْكتاب وعنيته وعنيته أبدلوا من إِحْدَى النونات يَاء والقتام الْغُبَار الْمَعْنى يَقُول رب جَيش أقمته مقَام جَوَاب كنب إِلَيْك فَصَارَت غبرته تدل عَلَيْهِ كَمَا يدل عنوان الْكتاب على الْكَاتِب والمكتوب إِلَيْهِ 23 - الْغَرِيب الْبَيْدَاء الأَرْض القفرة الْبَعِيدَة والفض الْكسر والختام طَابع الْكتاب الْمَعْنى يَقُول تضيق الأَرْض الواسعة بذلك الْجَيْش قبل أَن تنشر كتائبه وتغص بجمعه قبل أَن تغير موَالِيه ويملأ الفضاء وَهُوَ مُجْتَمع لم يفض ختامه وَلَا انْتَشَر بالغارة على الْأَعْدَاء نظامه واستعار الفض والختم وهما للْكتاب وَالْجَوَاب لما جعل الْجَيْش كتابا وجوابا وَقد أبدع فِي هَذَا غَايَة الإبداع 24 - الْغَرِيب الْجواد الْفرس الْكَرِيم والذابل الرمْح الْيَابِس الْمُسْتَقيم والحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى أَنه وصل الِاسْتِعَارَة فَقَالَ حُرُوف هجاء النَّاس فِي ذَلِك الْجَواب الَّذِي هُوَ الْجَيْش جواد ينْهض فارسه ورمح يقدم حامله وحسام يصول بِهِ صَاحبه فَهُوَ مؤلف من هَذِه الْأَشْيَاء كَمَا يؤلف الْجَواب من حُرُوف الهجاء 25 - الْغَرِيب يَقُول يَاذَا الْحَرْب لهى الرجل عَن الشَّيْء يلهي إِذا أعرض وَلها يلهو إِذا أَخذ فِي اللَّهْو الْمَعْنى يَقُول اترك الْحَرْب سَاعَة فقد أَتعبت الْخَيل وَالرِّجَال حَتَّى يغمد سيف أَو يحل عَن جواد حزامه فقد أَتعبت الْجَيْش أَي حَتَّى تغمد النصول الَّتِي سلتها فرسانك وَتحل الحزم الَّتِي قد شدتها أتباعك وأعوانك 26 - الْإِعْرَاب الْوَجْه أَن يُقَال يُعَمِّرْنَ فِيهِ إِلَّا أَنه شبه الظّرْف بالمفعول اتساعا كَمَا تَقول قُمْت اللَّيْلَة أَي فِيهَا الْغَرِيب عمر الرجل يعمر إِذا طَال عمره الْمَعْنى يَقُول إِن أَعمار الرماح عِنْد غَيْرك دعة تطول واتساع هدنة وَغَايَة أعمارها عنْدك عَام لَا يتجاوزه لِأَن الانكسار يسْرع إِلَيْهَا بمداومتك الطعْن وأمد مهادنتك للروم عَاما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 ثمَّ تعود إِلَى حربهم على عادتك وتكسر الرماح فيهم على سجيتك وَمَا تتْرك عادتك 27 - الْغَرِيب السمر الرماح واللهام الْكَبِير وَهُوَ الَّذِي يلتهم كل شَيْء الْمَعْنى يَقُول لَهُ مازلت تفنى الرماح بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وتفنى بهَا جَيش الْأَعْدَاء فَمَا زلت تفنى الرماح فِي وقائعك مَعَ كثرتها وتفنى بفنائها الْجَيْش الْكثير وَتذهب بإذهابها الجموع الْعِظَام 28 - الْغَرِيب الجالون الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلَا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء} الْمَعْنى يَقُول إِذا عَاد الَّذين فارقوا دِيَارهمْ هربا مِنْك إِلَى أوطانهم عدت إِلَيْهِم وظفرت بهم فقتلتهم وَالْمعْنَى إِذا عَاد الرّوم الَّذين تركُوا دِيَارهمْ خوفًا مِنْك بالهدنة الَّتِي أَجَبْتهم إِلَيْهَا عاودت أَنْت تِلْكَ الأَرْض بالغزو فألفيت فِيهَا جماعات تعْمل سيوفك فِي رقابهم وتصرفها فِي رُءُوسهم 29 - الْإِعْرَاب ربوا مَعْطُوف على عاودت أَرضهم وَحَتَّى تكون للعاقبة كَقَوْلِه تَعَالَى {ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} أَي تكون الْعَاقِبَة إصابتك لَهُم الْغَرِيب الكاعب الَّتِي قد بدا ثديها للنهود وشب الْغُلَام كبر وَنَشَأ الْمَعْنى لما هربوا مِنْك وجلوا عَن مَنَازِلهمْ ربوا أَوْلَادهم لسبيهم فَصَارَت الْبِنْت كاعبا وَالِابْن شَابًّا يصلحان للسي فَأَشَارَ إِلَى أَن مسالمة سيف الدولة ضرب من التَّدْبِير عَلَيْهِم لأَنهم يعاودون مَا أخلوه من مَنَازِلهمْ فَيكون ذَلِك أقرب لقتلهم وَأمكن لسبيهم 30 - الْغَرِيب القصوى الْبَعِيدَة يُقَال القصوى والقصيا الْمَعْنى يَقُول جاروك حَتَّى إِذا أنهى بهم الجري تخلفوا عَنْك وجريت وَحدك فسبقتهم أَرَادَ جاراك الْمُلُوك فِيمَا نهجته من مكارمك واقتدت بك فِيمَا عرضت إِلَيْهِ من مقاصدك فَلَمَّا أوفيت على الْغَايَة الْبَعِيدَة والمنزلة الْعَالِيَة جريت وَحدك غير ثَان لعنانك وَتَقَدَّمت مُقبلا على شَأْنك ووقفوا عاجزين عَن بُلُوغ شأوك معترفين بالتقصير عَن إِدْرَاك سعيك 31 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه أنور من الشَّمْس فإنارتها تذْهب بَاطِلَة عِنْد إنارته وَهُوَ أتم من الْبَدْر فتمامه كلا تَمام وَالْمعْنَى: لَيْسَ لشمس مِنْهُم إنارة مَعَ مَا يَبْدُو من نورك وَلَا لبدر مِنْهُم تَمام مَعَ مَا أتمه الله لَك من فضلك. يُرِيد أَن الْمُلُوك صَغِير كل كَبِير مِنْهُم عِنْد قدرك وناقص كل من كَانَ يتم مِنْهُم بِالْإِضَافَة إِلَى فضلك تمّ الْجُزْء الثَّالِث من ديوَان المتنبي ويليه الْجُزْء الرَّابِع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 - 1 الْغَرِيب الإصماء إِصَابَة المقتل فِي الرمى أصماه إِذا قَتله والمرام الْمطلب الْمَعْنى يَقُول إِذا طلب شَيْئا أصَاب خَالص مَا طلبه ويربى عداهُ ريشها هُوَ مثل، وَذَلِكَ أَن السِّهَام إِنَّمَا تنفذ بريشها وأعداؤه يجمعُونَ الْأَمْوَال وَالْعدَد لَهُ لِأَنَّهُ يَأْخُذهَا، فيقوى بهَا على قِتَالهمْ فكأنهم يربون الريش لسهامه حَيْثُ يجمعُونَ المَال لَهُ فالريش مثل لأموالهم والسهام مثل لَهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا أَن يكون يربون الريش فَإِذا تَكَامل رَمَاه الممدوح بسهامه أَي أَن الطَّائِر يكون فرخا فَلَا يكمل حَتَّى يتم ريشه فهم يربونه إِلَى أَن يصلح أَن يصاد وَالْآخر أَن الْأَعْدَاء يربون ريشهم ليأخذه فيريش بِهِ سهامه فَيكون فعلهم قُوَّة لَهُ وَالْعرب تكنى بالريش عَن حسن الْحَال راش فلَان فلَانا كَأَنَّهُ جعل لَهُ ريشا ينْهض بِهِ 2 - الْغَرِيب الإقطاع مَا أقطعه من الْبِلَاد والطرف الْفرس والحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول كل مَا أَنا فِيهِ من مواهبه وإنعامه فيخبر عَن نَفسه أَنى أَسِير إِلَى مَا أقطعني من الأَرْض فِيمَا خلعه عَليّ من الثِّيَاب ممتطيا لما حَملَنِي عَلَيْهِ من الْخَيل خَارِجا مِمَّا أسكننيه من الْمنَازل مُمْتَنعا بِمَا قلدنيه من السِّلَاح وَهَذَا الْمَعْنى قد أجمله النَّابِغَة فِي قَوْله (لما أغْفَلْتُ شُكْرَكَ فانْتَصِحْنٍ ي ... وَكيَفَ وَمِنْ عَطائِكَ جُلُّ مَا لِي) وَقد فَصله النَّابِغَة بقوله أَيْضا (وَإنَّ تِلادِي إِن ذكرتُ وشِكَّتى ... وَمُهْرِي وَمَا ضَمَّتْ إلىَّ الأنامِلُ) (حبِاؤُكَ وَالعَيَْسُ العتِاقُ كأنَّها ... هِجانُ المَها تَرْدِى علَيها الرَّحائِلُ) قَالَ أَبُو نواس (وكُلُّ خَير عِنْدَهم مِنْ عِنْدِه ... ) الحديث: 227 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 - الْغَرِيب الْبيض السيوف والقنا الرماح وَالروم جمع رومي كزنجي وزنج والعبدي العبيد والغمام السَّحَاب والهاطل المنسكب الْمَعْنى أَسِير فِيمَا أمطرتني سَحَاب جوده وعوائد فَضله من بيض السيوف وَسمر الرماح يحمل ذَلِك روم العبيد والجميع مِمَّا أفادته مواهبه وسهلت السَّبِيل إِلَيْهِ مكارمه 4 - الْغَرِيب الإقليم الْقرى المجتمعة والبلاد المجتمعة فالعراق إقليم وَالشَّام إقليم والفسطاط إقليم والغرب إقليم وأندلس إقليم وخراسان إقليم واليمن إقليم والهند إقليم الْمَعْنى يَقُول هُوَ كريم يهب الْبِلَاد بِمَا فِيهَا من الْأَمْوَال وَالرِّجَال وَالضَّمِير فِي فرسانه وكرامه للإقليم 5 - الْغَرِيب التخويل التَّمْلِيك والنوال الْعَطاء الْمَعْنى يَجْعَل عَظِيم مَا يملكني من مَاله جَزَاء لعَظيم مَا يخولني من عمله وَأَشَارَ بالْكلَام إِلَى الشّعْر وَأَن سيف الدولة أرشده بِمَا أرَاهُ من فَضله إِلَى بديع مَا قيل فِيهِ من شعره \ وَهُوَ أغرب من قَول حبيب (نَأْخُذ من مَاله وَمن أدبه ... ) 6 - الْغَرِيب اللثام مَا كَانَ على الْوَجْه إِلَى الْعين من القناع والعمامة وأضاف السَّمَاء إِلَيْهِ قَالَ أَبُو الْفَتْح لإظلالها وإشرافها عَلَيْهِ كَمَا أنْشد أَبُو عَليّ (إِذا كَوْكَبُ الخرْقاء لاحَ بِسُحْرَةٍ ... سُهَيْلٌ أذَاعَتْ غَزْلها فِي القَرَائِبِ) أضَاف الْكَوْكَب إِلَيْهَا لجدها فِي الْعَمَل عِنْد طلوعه الْمَعْنى فَلَا زَالَت الشَّمْس المنيرة فِي السَّمَاء تراقب من وَجهه الْمُسْتَتر باللثام شمسا لَا تقاوم حسنها وَلَا تماثل نورها فَهِيَ تطالعها متهيبة لحسنها مستعظمة لأمرها 7 - الْمَعْنى يَقُول وَلَا زَالَت بدور الشُّهُور مجتازة بِوَجْهِهِ متعجبة من نقصانها عَن بُلُوغ رتبته وتصاغرها عَن مماثلة بهجته فَدَعَا لَهُ بِالْبَقَاءِ وَطوله دَالا على مَنْزِلَته من الرّفْعَة والبهاء وَجمع البدور لِأَنَّهُ أَرَادَ بدر كل شهر وَأَنه أكمل مِنْهَا فَهِيَ تتعجب من نقصانها عِنْد تَمَامه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 - 1 الْغَرِيب النّيل الْعَطاء والْحَدِيث من الشُّعَرَاء هم الَّذين خالطوا الْحَضَر وتربوا فِي الْبِلَاد كمسلم ومروان وَأبي نواس وبشار وَسلم الخاسر ودعبل وحبِيب والوليد وأقرانهم والقدماء كشعراء الْجَاهِلِيَّة مثل زِيَاد هَذَا وَزُهَيْر وولديه ولبيد وَعَمْرو بن كُلْثُوم وعنترة وطرفة وامرئ الْقَيْس وأقرانهم الْمَعْنى يَقُول رَأَيْتُك تكْثر للشعراء الْعَطاء للقدماء مِنْهُم والمحدثين فذكرك للقدماء هُوَ نيلهم مِنْك ثمَّ بَين ذَلِك بقوله الْبَيْت بعده 2 - الْغَرِيب الجسيم الْعَظِيم الْكَبِير وَقَوله بقى هِيَ لُغَة طَيء يُقَال بَقِي وَبقيت مَكَان بَقِي وَبقيت وَقَرَأَ الْحسن فِي إِحْدَى رواياته وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا وطيء تَقول فِي المعتل كُله مثل هَذَا تَقول فِي بنيت بنت قَالَ البولاني (تَسْتَوْقدُ النَّبْلَ بِالحَضِيض وتَصْطادُ ... نُفُوسا بُنَتْ عَلى الكَرَمِ) وَأنْشد زيد الْخَيل: (لَعَمْرك مَا أخشَْى التَّصَعْلُكَ مَا بَقي ... عَلى الأرْضِ قيْسِىٌّ يسُوقُ الأباعِرَا) الْمَعْنى يَقُول تُعْطى الماضين شرفا عَظِيما بإنشادك شعرهم فَيكون شرفا لَهُم وتعطى البَاقِينَ عطاءه جزيلا لمن جَاءَ يقصدك 3 - الْمَعْنى يَقُول سَمِعتك تنشد بَيْتَيْنِ هما للنابغة واسْمه زِيَاد والبيتان هما (وَلا عَيْبَ فِيهمْ غَيرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ... يبهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتائِبِ) (تُخُيِّرْنَ مِنْ أزْمانِ يوْمِ حَلِيمَةٍ ... إِلَى اليَوْمِ قَدْ جُرّبنَ كُلَّ التَّجارِبِ) 4 - الْغَرِيب الْغِبْطَة أَن تتمنى مثل حَال المغبوط من غير أَن تُرِيدُ زَوَالهَا عَنهُ وَلَيْسَ يحْسد غبطته أغبطه غبطا وغبطة والرمة بِالْكَسْرِ الْعِظَام البالية وَالْجمع رمم ورمام رم الْعظم يرم بِالْكَسْرِ رمة أَي بلَى فَهُوَ رَمِيم وَقَوله أعظمه الرميم وصفهَا وَهِي جمع بالمفرد لِأَن فعيلا وفعولا يَسْتَوِي فيهمَا الْمُذكر والمؤنث والمفرد وَالْجمع مثل رَسُول وصديق وعدو قَالَ الله تَعَالَى {قَالَ من يحي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} الْمَعْنى يَقُول لم أنكر مَوضِع زِيَاد من الشّعْر وَأَنه أهل أَن ينشد شعره وَلَكِنِّي غبطت أعظمه البالية فِي التُّرَاب حَيْثُ أنشدت شعره وَمثل هَذَا يَحْكِي عَن المعتز ملك مصر أَنه دخل عَلَيْهِ بعض شعرائه وَهُوَ ينشد قَول أبي الطّيب (وَمَا الحُسْنُ فِي وَجْهِ الْفَتى شَرَفا لَهُ ... إذَا لمْ يَكُنْ فِي فِعْلِهِ والخَلائِق) وَهُوَ يكرره اسْتِحْسَانًا فَقَالَ (لَئِنْ جادَ شِعْرُ ابْنِ الحُسَينِ فَإنَّما ... بِقَدْرِ العَطايا واللُّها تَفْتَحُ اللَّها) (تَنَبَّأ فِي نَظْمِ القَرِيضِ وَلَوْدَرَى ... بِّأنَكَ تَرْوِى شِعْرَهُ لَتَأَّلها) الحديث: 228 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 - 1 الْإِعْرَاب من روى مرابع بِالْجَرِّ عطفه على الصِّبَا وَمن رَفعه عطفه على ذكر الْغَرِيب الآرام جمع ريم وَهن الظباء الْبيض وَأَرَادَ بِهن النِّسَاء والمرابع حمع مربع وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي يربعون فِيهِ وَمن روى بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقهَا أَرَادَ جمع مرتع وَهُوَ المرعى رتعت الْمَاشِيَة ترتع رتوعا أكلت مَا شَاءَت وَخَرجْنَا نرتع وَنَلْعَب أَي نَلْهُو وننعم وإبل رتاع جمع راتع مثل نيام ونائم وَالْحمام الْمَوْت الحديث: 229 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 الْمَعْنى يَقُول ذكر الصِّبَا وَهُوَ جمع ذكرة كسدرة وَسدر ومراتع النِّسَاء اللَّاتِي أهيم بِهن جلبا موتى قبل وقته يُرِيد من شدَّة وجده بِهن وشوقه لفراقهن فَكَأَنَّهُ مَاتَ قبل مَوته 2 - الْغَرِيب الدمن جمع دمنة وَهِي آثَار الْقَوْم بعد رحيلهم والعرصات جمع عَرصَة وَهِي نواحي الدَّار الْمَعْنى يَقُول آثَار دَار المحبوب لما وقفت بهَا تكاثرت همومي شوقا إِلَى من كَانَ بهَا كتكاثر لوامي فِي حبهن 3 - الْغَرِيب عُرْوَة بن حزَام أحد العشاق الْمَشْهُورين صَاحب عفراء الْمَعْنى يَقُول كل سَحَابَة أمْطرت فِي تِلْكَ الدمن كَأَنَّهَا تبْكي بعيني هَذَا العاشق على فِرَاق عفراء قَالَ الواحدي وَهُوَ من قَول حبيب (كأنَّ السَّحابَ الغُرَّ غَيَّبْنَ تَحتها ... حَبِيبا فَما تَرْقا لَهُنَّ مَدَامِعُ) وَمثله لمُحَمد بن أبي زرْعَة ( ... كأنَّ صَبَّيْنِ باتا طُولَ لَيْلِهمِا ... يَسْتَطمْطِرَان على غُدْرَانها المُقَلا) 4 - الْغَرِيب الكَعاب (بِالْفَتْح) الكاعب وَهِي الْجَارِيَة الَّتِي قد كَعْب نهدها الْمَعْنى يَقُول طالما رشفت ريق كعاب تِلْكَ الدمن وأطلت الحَدِيث مَعَ جواري ذَلِك الْموضع وأطالت عتابي أَي أَطَالَت محبوبتي عتابي حَتَّى قطعتني وأفحمتني فَأَنا أذكر من كَانَ بِهَذِهِ الدمن وارتحل عَنْهَا فيزيد وجدي وشوقي 5 - الْغَرِيب الهزء الضحك والمجانة الخلاعة والماجن الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا يتَكَلَّم بِهِ والشرة الحدة والنشاط والغرام أَصله شرس الْخلق يُقَال صبى عَارِم بَين العرام أَي شرس وَقد عرم يعرم ويعرم عرامة بِالْفَتْح وَقيل العرام الْخبث وأنشدوا لشبيب ابْن البرصاء (كَأنَّها مِنْ بُدُنٍ وَإيفارْ ... دَبَّتْ عَلَيْهَا عارِماتُ الأنْبارْ) أَي خبيثاتها الْمَعْنى يُخَاطب نَفسه يَقُول حِين كنت شَابًّا مرحا لم تبتل بالفراق وَمَا كنت تَدْرِي شدته وَلَا مضضه فَكنت غافلا تضحك مِنْهُ لَا هيا بشرتك وَقُوَّة شبابك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 - الْإِعْرَاب من روى القباب بِالنّصب جعله خبر لَيْسَ وَيكون الْمَعْنى لَيْسَ الَّذِي تعانيه القباب وَمن رفع وَهُوَ الْأَشْهر كَانَ اسْم لَيْسَ وَخَبره فِي الْجَار وَالْمَجْرُور وموضعه نصب الْغَرِيب القباب الهوادج والركاب الْإِبِل الْمَعْنى يَقُول هَذَا الَّذِي ترَاهُ فَوق الْإِبِل من هوادجهن لَيْسَ هُوَ الهوادج وَإِنَّمَا هِيَ الْحَيَاة ترحلت عَنَّا فَلَا نبقى بعْدهَا وَقَوله بِسَلام أَي بِالتَّسْلِيمِ يُشِير إِلَى أَنه لَا يبْقى بعد الرحيل وَهُوَ معنى كثير 7 - الْغَرِيب النَّوَى الْبعد والخف يسْتَعْمل لِلْإِبِلِ ويستعار للنعام وَيُقَال أَيْضا للجمل المسن خف قَالَ الراجز (أعْطَيْت عَمْراً بَعْدَ بَكْرٍ خُفَّا ... وَالدَّلْوُ قَدْ يُسْمَعُ كَيْ يَخِفَّا) يسمع أَي يَجْعَل لَهُ مسمع بِأَن يشد فِي أَسْفَله عُرْوَة وَالضَّمِير فِي خفافهن لِلْإِبِلِ الْمَعْنى يَقُول متمنيا لَيْت الَّذِي خلق الْفِرَاق جعل عِظَامِي لأخفاف الْإِبِل الَّتِي تحمل عَلَيْهَا الْحَصَى حَتَّى تطأني بإخفاقها 8 - الْإِعْرَاب متلاحظين نصب على الْحَال من فعل مَحْذُوف تَقْدِيره سرنا أَو بَقينَا متلاحظين وَمثله قَوْله تَعَالَى {بلَى قَادِرين} حَال من ضمير فعل مَحْذُوف تَقْدِيره تجمعها قَادِرين وَقَالَ الواحدي قد الْحَال على الْعَامِل وَهُوَ قَوْله نسح وَرَوَاهُ متلاحظين على التَّثْنِيَة الْغَرِيب السح السكب والشؤون جمع شَأْن وَهُوَ مجْرى الدمع والآكام جمع أكمة وَهِي التل من القف من حِجَارَة وَاحِدَة الْمَعْنى يَقُول على رِوَايَة الواحدي تنظر إِلَيّ وَأنْظر إِلَيْهَا وكلانا قد غَلبه الْبكاء وستره خوفًا من الرقباء 9 - الْغَرِيب الانهمال الأنصاب الْمَعْنى يَقُول الدُّمُوع الَّتِي أجريناها لَيست بدموع وَإِنَّمَا هِيَ أَرْوَاحنَا جرت على أَرْجُلنَا وَهُوَ مَنْقُول من قَول آخر (وَلَيْسَ الَّذِي يَجرِي منَ العَينِ ماءَها ... وَلكَّنها رُوحي تَذُوبُ فتَقْطُرُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 - الْإِعْرَاب التَّقْدِير لَو كن كصبرنا وَكن الثَّانِيَة زَائِدَة وَالْعرب تجْعَل الْكَوْن زَائِدا فِي الْكَلَام وَقد حمل قَوْله تَعَالَى {كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} على زِيَادَة كَانَ وأنشدوا قَول الفرزدق (جِيادُ بَنى أبي بَكْرٍ تَسامَى ... عَلى كانَ المُسَوَّمةِ العِرَابِ) الْغَرِيب السجام الغزيرة الْكَثِيرَة الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَت دموعنا يَوْم الرحيل كصبرنا لكَانَتْ قَليلَة لَكِنَّهَا كَانَت غزيرة يخبر عَن قلَّة صبره وَكَثْرَة دُمُوعه 11 - الْغَرِيب الأسى الْحزن والذميل ضرب من السّير سريع والدعبلة النَّاقة السريعة وَأَرَادَ بفحل النعام الذّكر لسرعته الْمَعْنى لما رحلوا خلفوني وحيدا صَاحب حزن وفكر وجدا بهم وصاحبت نَاقَة تشبه الظليم فِي عدوها وسرعتها 12 - الْمَعْنى تعذر وجود الْأَحْرَار وقلتهم صير ظهر هَذِه النَّاقة عَليّ فِي ركُوبهَا إِلَى قصد سواك حَرَامًا كركوب الْفرج الْحَرَام يُرِيد الزِّنَا وَهُوَ مَنْقُول من قَول الحكمى (وَإذا المَطىُّ بِنا بَلَغْنَ مُحمَّداً ... فَظُهوُرُهُنَّ عَلى الرّجالِ حَرَامُ) وَلَقَد جود هَذَا الْمَعْنى فِي أَخذه مهيار بقوله (يَا ناقُ وَيحَكِ عَجلي تَصلى ... هَذَا المُنى فَلْيَهْنِكِ الطَّلَبُ) (فَإِذا وَصَلْتِ بِنَا قِبَابَ قُبا ... لامَسَّ ظَهْرَكِ بَعْدَها قَتَبُ) 13 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح أَنْت الغريبة أَرَادَ الْحَال أَو الْخصْلَة أَو السّلْعَة قَالَ الواحدي أَخطَأ فِي هَذَا لِأَنَّهُ لَا يُقَال للرجل أَنْت الْحَال الغريبة وَالصَّحِيح أَن يُقَال الْهَاء للْمُبَالَغَة لَا للتأنيث كَمَا يُقَال راوية وعلامة وَيجوز أَن يُقَال أَنْت الْفَائِدَة الغريبة فِي زمَان أَهله كلهم ناقصو كرم لم تتمّ مكارمهم وَيُقَال ولد الْمَوْلُود لتَمام وَتَمام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 بِالْكَسْرِ وبالفتح اهـ وَقَالَ الْخَطِيب أَنْت أعجوبة غَرِيبَة كَمَا تَقول داهية دهياء وليل أليل وليل التَّمام بِالْكَسْرِ لَا غير 14 - الْغَرِيب الْعلم الْعَلامَة وَهِي الَّتِي يعرف بهَا الشَّيْء الْمَعْنى لم تزل علما يعرف بِهِ الإفضال والإنعام 15 - الْإِعْرَاب أَدخل لَام التَّأْكِيد عَليّ كَأَن وَهُوَ قَلِيل جدا وَالْقِيَاس لَا يمْنَع مِنْهُ لِأَن كَاف التَّشْبِيه تكون فِي صدر الْكَلَام وقولك كَأَن زيدا عَمْرو مؤد عَن قَوْلك كعمرو زيد فَجَاز دُخُول اللَّام على الْكَاف كَمَا جَازَ فِي قَوْلك لزيد أفضل من بكر الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي كَبرت عَن أَن تشبه بِشَيْء فَيُقَال كَأَنَّك كَذَا وَفعلت هَذَا كُله وَأَنت شَاب فَهُوَ أشرف وأمدح وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّه صغر كل كَبِير لِأَن النَّاس إِذا نظرُوا إِلَى أَفعاله استصغروا فعل غَيره وَكَبرت أَن تشبه بِشَيْء وَأَنت مَعَ ذَلِك شَاب 16 - الْغَرِيب رفل يرفل فِي ثِيَابه إِذا أطالها وجرها متبخترا فَهُوَ رافل ورفل بِالْكَسْرِ رفلا أَي خرق فِي لبسته فَهُوَ رفل وَأنْشد الْأَصْمَعِي (فِي الرَّكبِ وَشْوَاشٌ وَفِي الحَيّ رَفِلْ ... ) وَالْحلَل جمع حلَّة وَلَا تكون الْحلَّة إِلَّا ثَوْبَيْنِ الْمَعْنى يُرِيد أَن عَلَيْك من الثَّنَاء حللا تتبختر فِيهِنَّ وَعدم الثَّنَاء هُوَ غَايَة الْعَدَم لَا عدم الثراء 17 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أَن ترى فَحذف أَن وَقَوله بِسيف أَي مَعَ سيف كَقَوْلِك ركب الْأَمِير بسلاحه الْغَرِيب الوغى أصوات الْحَرْب والصمصام السَّيْف وَهُوَ الصارم لَا ينبو الْمَعْنى يُرِيد أَنْت السَّيْف فَمَا حَاجَتك فِي الْحَرْب إِلَى سيف يُرِيد أَنْت سيف فِي حدتك ومضائك فَلَا تحْتَاج إِلَى سيف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 - الْمَعْنى يَقُول مَا كَانَ وَلَا يكون مثلك وَهَذَا يدل على رقة دينه إِلَّا أَنه من شعر الصِّبَا وَقد رفع الْقَلَم عَن الصبى حَتَّى يبلغ والنائم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَالْمَجْنُون حَتَّى يفِيق 19 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ زهيت فأبدل من الكسرة فَتْحة فَانْقَلَبت الْيَاء ألفا ثمَّ حذفت لالتقائها مَعَ الْيَاء الساكنة على لُغَة طَيء كَقَوْلِهِم بنت على الْكَرم أَي بنيت وَلَا يُمكن أَن يُقَال زهت لِأَنَّهُ لَا يسْتَعْمل هَذَا إِلَّا غير مُسَمّى الْفَاعِل كَمَا قَالُوا فِي رضى رضى وَفِي هذي هذي وَحكى قوم زها فَقَالُوا زها يزهو فَهُوَ زاه وَهُوَ ضَعِيف أَو قَول مَرْدُود الْغَرِيب زها تكبر وافتخر وزها لُغَة غربية حَكَاهَا ابْن دُرَيْد وَمِنْه قَوْلهم مَا أزهاه وَلَيْسَ هَذَا من زهى لِأَن مَا لم يسم فَاعله لَا يتعجب مِنْهُ وَأنْشد لخلف الْأَحْمَر (لنا صاَحِبٌ مُولَعُ بِالخِلافْ ... كَثيرُ الخطاءِ قَليِلُ الصَّوَابْ) (ألَجَّ لجاجا مِن الخُنْفُسَاءْ ... وَأزْهى إذّا مَا مَشَى مِنْ غُرَابْ) وَقيل لأعرابي مَا معنى زهى الرجل قَالَ أعجب بِنَفسِهِ الْمَعْنى يَقُول افتخرت بك الْأَيَّام على الْأَيَّام الَّتِي مضين وَلم تكن فِيهِنَّ 20 - الْمَعْنى يَقُول لرجاحة حلمه على أَحْلَام النَّاس كَأَنَّهُ أَخذ أحلامهم إِلَى حلمه والأحلام الْعُقُول 21 - الْغَرِيب أصل الإبرام الفتل فِي الْحَبل وَالْخَيْط والنقض ضِدّه الْمَعْنى تكشفت عزماته عَن رجل لَا نَظِير لَهُ فِي عزماته إِن أبرم أمرا أَو نقضه 22 - الْغَرِيب البنان الْأَصَابِع والنيل الْعَطاء والذمام هُنَا الْحق الْمَعْنى يَقُول إِذا سَأَلته عَطاء لم يرض جَمِيع الدُّنْيَا لَو أَعْطَاهَا قَضَاء حق لسائله 23 - الْإِعْرَاب أَرَادَ عَمْرو بن حَابِس مرخم فِي غير النداء قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي لَا يجوز التَّرْخِيم فِي غير النداء لِأَن التَّرْخِيم حذف يلْحق أَوَاخِر الْأَسْمَاء فِي النداء تَخْفِيفًا والكوفيون يجيزونه فِي غير النداء وأنشدوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 (أَبَا عُرْوَ لَا تَبْعَدْ فَكُلُّ ابْنِ حُرَّة ... سَيَدْعُوهُ دَاعِي مِيتَةٍ فَيُجِبُ) والبصريون يُنكرُونَ هَذِه الرِّوَايَة وَيَقُولُونَ أيا عرو على النداء اهـ كَلَامهمَا ذهب أَصْحَابنَا إِلَى جَوَاز ترخيم الْمُضَاف وأوقعوا التَّرْخِيم فِي آخر الِاسْم الْمُضَاف إِلَيْهِ وحجتهم أَنه قد جَاءَ فِي أشعار الْعَرَب القدماء كَقَوْل زُهَيْر بن أبي سلمى (خُذوا حَظكمْ يَا آل عِكرِمَ واحفظُوا ... أوَاضِرَنا وَالرّحْمُ بالغَيْبِ تُذكَرُ) أَرَادَ يَا آل عِكْرِمَة فَحذف للترخيم وَهُوَ عِكْرِمَة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مُضر أَبُو قبائل كَثِيرَة من قيس وكقول الآخر (إمَّا تَرَيْني اليَوْمَ أُمَّ حَمْزِ ... قارَبتُ بَينَ عَنَقِي وَجْمزِى) أَرَادَ أمّ حَمْزَة والشواهد كَثِيرَة وَقد جَاءَ التَّرْخِيم فِي قَول جرير (أَلا أضْحَتْ خِيامُكُمُ رِماما ... وَأضْحَتْ منْكَ شاسعَةً أُماما) فَهَذَا ترخيم فِي غير النداء على من قَالَ يَا حَار بِالْكَسْرِ الْغَرِيب الأغتام وصف توصيف بِهِ الأغبياء الْجُهَّال من قَوْلهم يَوْم غتم إِذا كَانَ شَدِيد الحرّ قَالَ الراجز (حَرَّقَها حَمْضُ بِلاد فِل ... وَغَتمُ نَجْمٍ غَيْرِ مُسْتَقِلْ) أَي غير مُرْتَفع لثبات الْحر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ وَالْحر يشْتَد عِنْد طُلُوع الشعري الَّتِي فِي الجوزاء والغتمة العجمة والأغتم الَّذِي لَا يفصح شَيْئا وَالْجمع غتم وأغتام الْمَعْنى يَقُول هَؤُلَاءِ الَّذين عصوك أهلكتهم لقلَّة رَأْيهمْ وَكَثْرَة جهلهم حِين عصوك 24 - الْغَرِيب يرْوى الْمنية بدل الأسنة والمنية الْمَوْت والجور خلاف الْعدْل وَجمع الْمنية منايا وَلَيْسَ بِشَيْء وَالأَصَح الأسنة وَلِهَذَا قَالَ وَهن فَجمع الضَّمِير فِي الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَمن روى الْمنية أَرَادَ بهَا المنايا وَلَيْسَ هُوَ بِشَيْء إِلَّا أَنى وَجدتهَا فِي بعض النّسخ فَذَكرتهَا حَتَّى لَا أخل بِشَيْء على حسب الطَّاقَة 25 - الْغَرِيب خلل الْبيُوت هُوَ حَشْو أَو فِيهِ التَّنْبِيه على غزوهم فِي خلال دُورهمْ الْمَعْنى يَقُول لما عصوك غزوتهم فِي دُورهمْ ومواطنهم وَفرقت بَين رُءُوسهم وأجسامهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 - الْغَرِيب الْبيض المغافر والقتام الْغُبَار الْإِعْرَاب رفع أَحْجَار على الِابْتِدَاء أَي ثمَّ أَحْجَار نَاس فَهُوَ ابْتِدَاء مَحْذُوف الْخَبَر الْمَعْنى يصف المعركة وَكَثْرَة الْقَتْلَى يَقُول مَكَان الْحِجَارَة نَاس قَتْلَى فَوق تِلْكَ الأَرْض وَالْأَرْض دِمَاء وَصَارَت الْبيض نجوما لامعة فِي سَمَاء من الْغُبَار 27 - الْإِعْرَاب نصب كنية على الْحَال من أبي فلَان قَالَ أَبُو الْفَتْح وَيجوز نصبها بأعنى وَقَالَ الواحدي على الْحَال تَقْدِيره كل أَب لفُلَان لِأَن مَا بعد كل إِذا كَانَ واجدا فِي معنى جمَاعَة لَا يكون إِلَّا نكرَة كَمَا تَقول كل فرس وكل عبد كَقَوْلِك رب وَاحِد أمه لقِيت وَعبد بَطْنه رَأَيْت على تَقْدِير رب وَاحِد لأمه وَعبد لبطنه وَالْإِضَافَة يُرَاد بهَا الِانْفِصَال وذراع عطف على أَحْجَار نَاس أَي وَثمّ ذِرَاع أبي فلَان وَقيل أَبُو فلَان لَيْسَ تَقْدِيره كل أَب لفُلَان لِأَنَّهُ لم يرد بِهَذَا اللَّفْظ هُنَا حَقِيقَة مَعْنَاهُ وَأَنه أَب لفُلَان وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَة الْعلم كَمَا إِذا كَانَ قوم يُسمى كل وَاحِد مِنْهُم بزيد فَتَقول ذِرَاع كل زيد علما ثمَّ جعلت زيدا نكرَة وأخرجته عَن كَونه معرفَة كَذَا هَهُنَا أحرجت الكنية عَن كَونهَا معرفَة الْمَعْنى يَقُول ثمَّ فِي ذَلِك الْموضع كل ذِرَاع أَبى فلَان يكنى حَالَتْ كنيته بعد أبي بكر أَو أبي عَمْرو أَو أبي خَالِد وَرجعت إِلَى أبي الْأَيْتَام فَصَارَ يكنى أَبَا الْأَيْتَام لِأَن وَلَده يَتِيم بهلاكه 28 - الْإِعْرَاب من روى وخيله بِالْجَرِّ عطفه على المعركة ومحجمة بِالنّصب على الْحَال وَمن رَفعه فَهُوَ على الِاسْتِئْنَاف وَالْوَاو وأو الْحَال الْغَرِيب المعركة مَوضِع الْحَرْب وَالنَّقْع الْغُبَار والإحجام التَّأَخُّر أحجم تَأَخّر وأحجم بِتَقْدِيم الْجِيم تَأَخّر أَيْضا والإقدام خلاف الْفِرَار الْمَعْنى يَقُول لم أر معركة إِلَّا وخيله مُتَقَدّمَة مُتَأَخِّرَة عَن الإحجام 29 - الْمَعْنى يَقُول من طلب أَن ينَال مطلبك فقد طلب مَالا يكون وَلَا يُوجد وَسَماهُ سيف دولة هَاشم لِأَنَّهُ سيف للدولة العباسية وَبهَا يصول على الأعادي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 - الْغَرِيب قَوْله غير مُودع أَي أَنا مَعَك قلبا وَإِن فَارَقت شخصا وَيجوز أَن يكون من جِهَة الفأل وَيجوز أَن يكون إِن روحي صحبتك فَأَنت مشيع غير مُودع وَسَقَى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق الْقُرْآن بهما قَالَ الله تَعَالَى {لأسقيناهم مَاء غدقا} وَقَالَ الله تَعَالَى {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو بكر نسقيكم بِفَتْح النُّون فِي النَّحْل وَقد أَفْلح وَصوب الْغَمَام الْمَطَر الْمَعْنى يَقُول لازلت سالما نسلم عَلَيْك غير مود عين لَك وَيَدْعُو لقبر أَبَوَيْهِ بالسقيا 31 - الْغَرِيب يَقُول كساك ثوب المخافة حَتَّى يخافك النَّاس والقمقام أَصله الْبَحْر لِأَنَّهُ مُجْتَمع المَاء من قَوْلهم فمقم الله عصبه أَي جمعه وَقَبضه وَأَرَادَ بشقيقه أَخَاهُ نَاصِر الدولة الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بِأَن يلْبسهُ ثوب الهيبة حَتَّى يهابه أعداؤه وَأَن يجمع شَمله بأَخيه نَاصِر الدولة 32 - الْغَرِيب الروق الْقرن فاستعاره لأوّل الْعَسْكَر والأرعن الْجَيْش المضطرب لكثرته والغطم الْكثير المَاء واللهام الَّذِي يلتهم كل شَيْء الْمَعْنى يَقُول إِن أَخَاك قد رمى بلد الْعَدو بِنَفسِهِ يُرِيد وَحده لشجاعته وَلم يكن مَعَه من أَهله أحد فَهُوَ قَائِد جَيش يلتهم كل شَيْء وَلَا يخْشَى من شَيْء 33 - الْغَرِيب تفرست تَأَمَّلت والمنايا جمع منية وَهِي الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول أَنْتُم قوم تَأَمَّلت المنايا فِيكُم واختبرتكم فرأتكم صابرين فِي الْحَرْب لَا تفرون وَإِذا صَبَرُوا فِي الْحَرْب كَانَت المنايا أقرب إِلَيْهِم وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول فيهم فرأت لَهُم كَمَا تَقول أَنْتُم قوم لَهُم وَفَاء وَلكنه حمله على الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِذا خاطبهم بِالْكَاف كَانَ أمدح 34 - الْمَعْنى يُرِيد مِنْكُم اسنفاد النَّاس الْكَرم والشجاعة فَأنْتم عرفتموهما النَّاس وَلَوْلَا أَنْتُم مَا عرفا لأنكم كرام شجعان فتعلم النَّاس ذَلِك مِنْكُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 - 1 الْغَرِيب الْإِقْدَام الشجَاعَة وَالْقسم الْيَمين الْمَعْنى يَقُول إِذا حَلَفت أَنَّك تلقى من هُوَ لَيْسَ من أقرانك نَدِمت وَلم يزدك اقسمك شجاعة يَعْنِي أَنه من حلف على الظفر فَإِنَّهُ ينْدَم لَا محَالة لِأَنَّهُ رُبمَا لم يظفر وَفِي الْمثل الْيَمين حنث أَو مندمة فعقبى يَمِين الْحَالِف عَن الْحَرْب إِنَّمَا تعقبه ندما لِأَن فعل لإِنْسَان مَا يُرِيد لَا يفْتَقر إِلَى يَمِين فَإِنَّهُ إِذا حلف أَنه يفعل فَإِنَّهُ لَا يعلم بِأَيّ شَيْء يجْرِي الْقَضَاء وَهَذَا إِشَارَة إِلَى تَكْذِيب البطريق الَّذِي حلف لملك الرّوم أَنه لَا بُد أَن يلقى سيف الدولة فِي بطارقته ويجتهد فِي لِقَائِه بالبطارقة فَفعل فخيب الله ظَنّه وأتعس جده فَذكر ذَلِك أَبُو الطّيب يرد عَلَيْهِ ويهجوه وَيُرِيد لَو كنت مِمَّن إِذا قَالَ وفى لم تحتج إِلَى الْيَمين 2 - الْمَعْنى يَقُول إِذا حَلَفت على مَا تعده من نَفسك دلّت الْيَمين على أَنَّك غير صَادِق فِيمَا تعده لِأَن الصَّادِق لَا يحْتَاج إِلَى الْيَمين 3 - الْغَرِيب آلى حلف وَمن الْإِيلَاء وَقَوله تَعَالَى {للَّذين يؤلون وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل} وَابْن شمشقيق بطرِيق الرّوم والكلم الْكَلَام الْمَعْنى أقسم بطرِيق الرّوم أَنه يلقى سيف الدولة فأحنثه فَتى يُرِيد سيف الدولة تنسى عِنْده أَي عِنْد سيف الدولة من الضَّرْب الْيَمين فَلَا يذكر الْحَالِف أَنه حلف أَنه يلقاه 4 - الْإِعْرَاب فَاعل عطف على قَوْله فَتى الْأَخير وَالضَّمِير فِي يُغْنِيه لَهُ الْمَعْنى يَقُول وأحنثه فَاعل يفعل مَا يُرِيد وَلَا يحْتَاج إِلَى يَمِين لِأَنَّهُ ملك لَا معَارض لَهُ ويغنيه عَن الْقسم على مَا يَفْعَله حُضُور فعله وَكَرمه فَلَا يحْتَاج إِلَى قسم عَمَّا يُريدهُ لي الحديث: 230 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 - الْغَرِيب السأم الضجر الْمَعْنى يَقُول كل السيوف إِذا ضرب بهَا كلت وَنبت إِلَّا هَذَا السَّيْف فَإِنَّهُ لَا يضجر وَلَا يسأم من قراع الْأَبْطَال 6 - الْإِعْرَاب من روى تحمله رفعا وَهُوَ الْمَشْهُور وَالْمُخْتَار أَرَادَ فعل الْحَال أَي حَتَّى هِيَ غير مُحْتَملَة وَمن نصب أَرَادَ إِلَى أَن لَا تحمله الْغَرِيب كلت ضعفت والهمم جمع همة وَهِي الْعَزِيمَة الْمَعْنى يَقُول لَو عجزت الْخَيل عَن تحمله إِلَى أعدائه لسار إِلَيْهِم بِنَفسِهِ لِأَن همته لَا تَدعه يتْرك الْقِتَال 7 - الْغَرِيب البطاريق جمع بطرِيق وَهُوَ الْقَائِد من الرّوم وَجمعه بطارقة وبطاريق وَهُوَ مُعرب وَالْملك لُغَة فِي الْملك ومفرق الْملك رَأسه الْمَعْنى يَقُول أَيْن ذهبت البطارقة وَأَيْنَ مَضَت أَيْمَانهم بِرَأْس ملكهم وَأَيْنَ مَا وعدوا من الْقِتَال وَقَوله الزَّعْم هُوَ كِنَايَة عَن الْكَذِب 8 - الْإِعْرَاب فِي ولى ضمير سيف الدولة الْغَرِيب الصوارم السيوف القواطع والقمم جمع قمة وَهِي الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول ولى سيف الدولة صوارمه أَن تكذبهم فِيمَا قَالُوا من الصَّبْر على الملاقاة وَجعلهَا كالألسنة تعبر عَن كذبهمْ وَلما جعلهَا أَلْسِنَة جعل رُءُوسهم كالأفواه لِأَنَّهَا تتحرك فِي تِلْكَ الرُّءُوس تحرّك اللِّسَان فِي الْفَم 9 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا الْبَيْت تَفْسِير للمصراع الْأَخير من الْبَيْت الَّذِي قبله يُرِيد أَن سيوفه تخبرهم عَن سيف الدولة بِمَا علمُوا مِنْهُ من إقدامه وشجاعته وَصَبره فِي الْحَرْب الْحَرْب وَمَا جهلوا مِنْهُ لأَنهم لم يعرفوا مَا عِنْده من الشجَاعَة تَمام الْمعرفَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 - الْغَرِيب محفاة أَي قد حفيت من الطراد مقودة أَي يَقُودهَا من بلد إِلَى بلد وبار مَدِينَة قديمَة الخراب وَهِي من مسَاكِن الْجِنّ قَالَ أَبُو الْفَتْح وَهِي مَبْنِيَّة على الْكسر مثل حذام وقطام وَرُبمَا أعربوها وَلم يصرفوها وإرم جيل من النَّاس يُقَال إِنَّهُم عَاد وَقَالَ جمَاعَة من أهل التَّفْسِير فِي قَوْله تَعَالَى {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بعاد إرم} إِن إرم بدل من عَاد وَقَالَ قوم عطف بَيَان فعلى هَذَا يكون عَاد إرم الْمَعْنى قَالَ الواحدي هُوَ الَّذِي رد الْخَيل عَن غَزَوَاته وَقد حفيت من كَثْرَة الْمَشْي يَقُودهَا من كل بلد مثل وبار فِي الْهَلَاك وَأَهْلهَا باروا وهلكوا هَلَاك إرم وَلَيْسَ يُرِيد أَن وبار أَهلهَا إرم بل يُرِيد أَن الديار الَّتِي رد عَنْهَا خيله كَانَت كوبار خرابا وَأَهْلهَا كإرم هَلَاكًا 11 - الْغَرِيب تل بطرِيق مَوضِع بِبِلَاد الرّوم بِقرب ملطية وقنسرون مَدِينَة من أَعمال حلب وَكَذَلِكَ الأجم مَوضِع بِالشَّام الْإِعْرَاب من روى ساكنها على على تَأْنِيث الضَّمِير فَإِنَّمَا أنث وَهُوَ مُذَكّر على إِرَادَة الْبَلدة أَو الْمَدِينَة وَمن روى تذكير الضَّمِير فَهُوَ على اللَّفْظ لِأَن تل بطرِيق مُذَكّر اللَّفْظ وقنسرون الأجود فِيهِ فتح النُّون كَأَنَّهُ جمع قنسر وَمثله فعلل بِوَزْن علكد وهلقف وَيُقَال بِكَسْر النُّون وَلَا يعرف فِي الْكَلَام فعلل بِكَسْر الْعين وَأنْشد أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب (سَقى اللهُ فِتْيانا وَرَائي تَرَكْتُهُمْ ... بِحاضِرِ قِنَّسْرِينَ مِنْ سَبَلِ القَطْرِ) الْمَعْنى هَذَا تَفْسِير لقَوْله من كل مثل وبار أَي كتل بطرِيق الَّذِي غر أَهله أَنَّك بعيد عَنْهُم لَا تقدر على قطع مَا بَيْنك وبيهم من الْمسَافَة لِأَن قنسرين بِالشَّام والجم بِقرب الْفُرَات وَبَينهمَا وَبَين تل بطرِيق مَسَافَة بعيدَة 12 - الْإِعْرَاب ظنهم بِالْجَرِّ عطفا على مَا دخلت عَلَيْهِ الْبَاء من قَوْله بِأَن دَارك أَي واغتروا بظنهم وَقد روى بِالرَّفْع فَيكون فَاعِلا تَقْدِيره وغرهم ظنهم الْمَعْنى يَقُول اغتروا بظنهم أَنَّك كالمصباح فِي حلب وَمَتى مَا فَارقهَا أظلمت لِأَنَّك إِن ارتحلت عَنْهَا وبعدت انتقضت عَلَيْك ولايتها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 - الْمَعْنى يُرِيد إِنَّمَا أَنْت كَالشَّمْسِ تعم الْأَمَاكِن بالضياء وَإِن كَانَت بعيدَة وغلطوا وَلم يعرفوا أَنَّك الْمَوْت الَّذِي لَا يتَعَذَّر عَلَيْهِ مَكَان 14 - الْغَرِيب سروج مَوضِع بِالْقربِ من الْفُرَات وَهُوَ من أول الشَّام الْمَعْنى يَقُول لم تصبح سروج إِلَّا وجيشك مزدحم عَلَيْهَا وَجعل الصَّباح لَهَا بِمَنْزِلَة فتح النَّاظر 15 - الْإِعْرَاب صرف حران ضَرُورَة لِأَن فِيهِ العلتين فَلَا ينْصَرف إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر الْغَرِيب حران مَوضِع يعد من الجزيرة والبقعة قَالَ أَبُو الْفَتْح هِيَ الْمَكَان الْوَاسِع من الأَرْض وَرَوَاهُ بِضَم الْبَاء أَبُو الْفَتْح وَجَمَاعَة وَرَوَاهُ أَبُو الْعَلَاء المعري بِفَتْح الْبَاء وَقَالَ هِيَ مَكَان أفيح كالبطحاء قَالَ وَلَا يجوز أَن تضم الْبَاء فِي هَذَا الْموضع لِأَن النَّقْع وَهُوَ الْغُبَار إِذا أَخذ حران فقد أَخذ بقعتها فَلَا يحْتَاج إِلَى ذكره الْمَعْنى يَقُول حران بعد من سروج وَالْغُبَار قد وصل إِلَيْهَا لعظم الْحَرْب وَكَثْرَة الْجَيْش 16 - الْغَرِيب سحب جمع سَحَاب ككتاب وَكتب فِي لُغَة من سكن الْعين وحصن الران مَوضِع من بِلَاد سيف الدولة والنقم جمع نقمة كنعمة وَنعم الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ إمْسَاك هَذِه السحب بخلا وَإِنَّمَا هُوَ إشفاق على بِلَاده والنقم إِنَّمَا تصب على بِلَاد الْأَعْدَاء 17 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي تطاوله للْأَرْض وَالضَّمِير الْمَفْعُول للجيش يُرِيد تطاول الأَرْض جيشك الْغَرِيب الْأُمَم بَين الْقَرِيب والبعيد وَهُوَ من المقاربة والأمم الشَّيْء الْيَسِير يُقَال مَا سَأَلت إِلَّا أمما وَمَا أَخَذته من أُمَم أَي من قريب قَالَ زُهَيْر (كأنَّ عَيْني وَقدْ سالَ السَّليلُ بِهِمْ ... وَجِيْرَةٌ مَا هُمُ لَوْ أنهُمْ أمَمُ) يُرِيد أيّ جيرة كَانُوا لَو أَنهم بِالْقربِ مني الْمَعْنى يَقُول بَعدت الأَرْض فطالت فَكَأَنَّهَا تطاول جيشك الْبعيد أَطْرَافه وَكِلَاهُمَا كَانَ طَويلا ثمَّ فسره فِيمَا بعده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمُذكر للجيش والمؤنث للْأَرْض الْغَرِيب الْعلم للإرض هُوَ الْجَبَل وللجيش هُوَ الرَّايَة وَجمع علم أَعْلَام فِي الْقلَّة وَقَالُوا علام كجبل وجبال الْمَعْنى يَقُول الْأَعْلَام من الأَرْض وَمن الْجَيْش كَثِيرَة فَإِذا مضى جبل بدا جبل وَإِذا مضى علم بدا علم فَلَا الْجبَال تفنى وَلَا الْأَعْلَام تفنى قَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ ابْن مُحَمَّد بن حَمْزَة الشجري فِي الأمالي لَهُ قَالَ الْخَطِيب لَو قَالَ وَإِن مضى عَالم لَكَانَ أحسن لِأَن تكْرَار الْعلم كثير فِي الْبَيْت وَلَو اسْتعْمل أَبُو الطّيب مَا قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا لَكَانَ قبيحا فِي صناعَة الشّعْر لِأَنَّهُ أَتَى بِذكر الْعلم الَّذِي هُوَ الْجَبَل مرَّتَيْنِ فَوَجَبَ أَن يُقَابله بِذكر الْعلم الَّذِي هُوَ الرَّايَة مرَّتَيْنِ وَإِذا قَالَ مضى عَالم دلّ على كَثْرَة الْجَيْش فَكَذَلِك ذكر الْعلم يدل على كَثْرَة الْجَيْش لِأَن الْعلم يكون تَحْتَهُ أَمِير مَعَه جمَاعَة وَأما كراهيته لتكرار الْعلم فَقَوْل من جهل مَا فِي التّكْرَار من التوكيد والتبيين إِذا تعلق التّكْرَار بعضه بِبَعْض بِحرف عطف أَو شَرط أَو غَيرهمَا من المعلقات وَقد جَاءَ فِي الْكتاب الْعَزِيز {وَإِن مِنْهُم لفريقا يلوون ألسنتهم بِالْكتاب لتحسبوه من الْكتاب وَمَا هُوَ من الْكتاب وَيَقُولُونَ هُوَ من عِنْد الله} وَأَيْضًا فِيهِ فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كَمَا استمتع الَّذين من قبلكُمْ بخلاقهم} والتكرار فِي هَذَا النَّحْو حسن مَقْبُول وَإِذا ورد التّكْرَار فِي الْكتاب الْعَزِيز علمت أَن التّكْرَار فِي بَيت المتنبي غير معيب وَإِنَّمَا يعاب التّكْرَار إِذا ورد اللَّفْظ فِي بَيْتَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَالْمعْنَى وَاحِد 19 - الْإِعْرَاب من روى شرب بِالرَّفْع عطفه على قَوْله علم الْأَخير وَمن جَرّه خفضه بِرَبّ الْمقدرَة فِي القَوْل الْبَصْرِيّ وبالواو فِي القَوْل الْكُوفِي الْغَرِيب الشّرْب جمع شَارِب وَهِي الْفرس الضامر وَشرب الْفرس شروبا وخيل شرب ضوامر وَمَكَان شازب أَي خشن والشعري نجم يطلع فِي فصل الصَّيف وَفِيه يكون شدَّة الْحر والشكائم جمع شكيمة وَهِي رَأس اللجام وَالْحكم جمع حِكْمَة وَهُوَ مَا على أنف الْفرس الْمَعْنى حميت الشكائم من حر الشَّمْس حَتَّى وسمت الْحِكْمَة الْخَيل على أنافها يصف شدَّة الْحر وَأَن الشَّمْس قد أحمت اللجم حَتَّى بقى مَكَان الحكم مثل الوسم 20 - الْغَرِيب سمنين مَوضِع من أفلاذ بِلَاد الرّوم والنشيش صَوت المَاء وَغَيره إِذا غلا ونش الغدير ينش نشيشا إِذا أَخذ مَاؤُهُ فِي النضوب واللجم جمع لجام وَهُوَ الحديدة الَّتِي تجْعَل فِي شدق الدَّابَّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 الْمَعْنى يَقُول حَتَّى وَردت هَذِه الْخَيل بحيرة هَذَا الْموضع وكرعت المَاء فَسمع للجمعها نشيش فِي أشداقها من شدَّة حرارة الْحَدِيد يُرِيد أَنَّهَا كَانَت محماة فَلَمَّا أَصَابَهَا المَاء نشت وَيُشِير إِلَى أَنَّهَا وَردت المَاء بلجمها لسرعتها حَتَّى لم يقدروا أَن ينزعوا عَنْهَا اللجم للسرعة بل كرعت فِي المَاء بلجمها 21 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي ترعى للخيل والظبا مفعول لترعى الْغَرِيب هنزيط من بِلَاد الرّوم والظبا جمع ظبة وَهِي ظبة السَّيْف والخصيب الْمَكَان الْكثير النَّبَات واللمم جمع لمة وَهُوَ مَا ألم بالمنكب من الشّعْر وجائلة تجول للغارة الْمَعْنى يَقُول أَصبَحت هَذِه الْخَيل بِهَذَا الْمَكَان تجول للغارة وَالْقَتْل وَالسُّيُوف ترعى فِي مَكَان خصيب من رُءُوسهم إِلَّا أَن نبته الشّعْر قَالَ الواحدي وَالْمعْنَى أَن السيوف تصل من الرُّءُوس إِلَى مَكَان مثل مَا يصل إِلَيْهِ المَال الرَّاعِي فِي الْبَلَد الخصيب أَي إِن الرُّءُوس تنْبت الشّعْر كَمَا ينْبت الْبَلَد الخصيب الْكلأ وَهُوَ قَول أبي الْفَتْح وَنَقله حرفا فحرفا 22 - الْغَرِيب الْخلد ضرب من الفأر لَيست لَهُ عُيُون الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي يَعْنِي أَن الرّوم كَانُوا قسمَيْنِ قسما دخلُوا المطامير والأسراب كالفأر إِذا فزعت من شَيْء دخلت جحرها وقسما صعدوا الْجبَال واعتصموا بهَا كالبازي يطير علوا من الأَرْض فَجعل من دخل الأسراب خلدا ذَات أعين وَمن تحصن بالجبال بزاة لَهَا أَقْدَام وَالْمرَاد بالفريقين النَّاس قَالَ وَالْمعْنَى مَا تركت السيوف إنْسَانا دخل تَحت الأَرْض فَصَارَ كالخلد وَلَا من تعلق بِرَأْس الْجَبَل كالبازي إِلَّا أهلكته وَقَالَ ابْن القطاع مَا تركن من هُوَ فِي ضعفه وخفاء مَكَانَهُ كالخلد إِلَّا أَنه ذُو بصر يَعْنِي إنْسَانا وَلَا تركن من هُوَ كالبازي فِي ارتفاعه إِلَّا أَنه ذُو قدم يَعْنِي إنْسَانا 23 - الْغَرِيب الهزبر الْأسد واللبد جمع لبدة وَهِي مَا على كَتِفي الْأسد من شعره والمهاة بقرة الْوَحْش والحشم الخدم وَهِي حَاشِيَة الْإِنْسَان الْعَظِيم الْمَعْنى يَقُول وَلَا تركت السيوف هزبرا يَعْنِي فَارِسًا بطلا وَجعل درعه لَهُ بمَكَان اللبدة للأسد وَلَا تركت امْرَأَة حسناء كَأَنَّهَا فِي حسن عينيها بقرة وحشية وَلها من جِنْسهَا وشكلها خدم يخدمونها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 - الْغَرِيب الشفرات جمع شفرة وَهِي حد السَّيْف والباترات القاطعات ومكامن الأَرْض الخفيات مِنْهَا والغيطان جمع غَائِط وَهُوَ المطمئن من الأَرْض والأكم جمع أكمة وَجمع الأكم إكام كجبل وجبال وَجمع الإكام أكم ككتاب وَكتب وَجمع الأكم آكام كعنق وأعناق الْمَعْنى يَقُول لقرب حينهم وحلول آجالهم لم يَنْفَعهُمْ الْهَرَب حَتَّى كَأَن مهاربهم من الْغِيطَان وَالْجِبَال تلقيهم على حد السيوف 25 - الْإِعْرَاب صرف أرسناس لضَرُورَة الْوَزْن أرسناس نهر مَعْرُوف ببلادهم الْمَعْنى يَقُول قطعُوا هَذَا النَّهر هاربين وظنوا أَنه يمنعهُم وَكَيف يعْصم من لَا يعْصم نَفسه وَأَرَادَ أَنه لَا ينعصم لِأَنَّهُ يقطعهُ إِلَيْهِم بالجسور والسفن 26 - الْغَرِيب الطود الْجَبَل والشمم الْعُلُوّ الْمَعْنى يَقُول لَا يمنعك من عبور بَحر إِلَيْهِم سعته وَلَا يردك عَن صعُود جبل إِلَيْهِم علوه لِأَنَّك تقطع البحور وَإِن اتسعت وتعلوا الْجبَال وَإِن شمخت وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَنهم لَا يعصمهم مِنْهُ شَيْء 27 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمَفْعُول فِي ضَربته للنهر وَهُوَ أرسناس الْمَعْنى يَقُول ضربت هَذَا النَّهر بصدر خيل حاملة فُرْسَانًا يرَوْنَ تلافهم سَلامَة فِي إقدامهم على الْعَدو وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (يَسْتَعذبِوُنَ منَاياهُمْ كأنَّهُمُ ... لَا يَيْأَسُونَ من الدُّنْيَا إِذا قُتلُوا) 28 - الْغَرِيب التجفل الْإِسْرَاع فِي الذّهاب والغارة الْخَيل الغائرة على الْعَدو وَالنعَم وَاحِد الْأَنْعَام وَهِي المَال الراعية وأكبر مَا يَقع هَذَا الإسم على الْإِبِل قَالَ الْفراء هُوَ ذكر لَا يؤنث يَقُولُونَ هَذَا نعم وَارِد وَيجمع على نعْمَان كحمل وحملان الْمَعْنى يَقُول الموج تنبسط على المَاء صادرة عَن صُدُور حيلهم السابحة فِيهِ كَمَا تنبسط النعم مُتَفَرِّقَة عِنْد الْغَارة إِذا جفلت وأسرعت فِي الذّهاب 29 - الْغَرِيب الرمم البالية من الْعِظَام والحمم جمع حمة وَهِي مَا احْتَرَقَ بالنَّار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 وَمِنْه قَول طرفَة (أشَجاكَ الرَّبْعُ أمْ قِدَمُهْ ... أمْ رَمادٌ دَارِسٌ حُمَمُهْ) الْمَعْنى يَقُول عبرت تقدم الْجَيْش إِلَى بلد أَي تقدم فرسانك وَقد قتلت أهل الْبَلَد فصاروا عظاما بالية وأحرقت مساكنهم فَصَارَت حمما 30 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمَجْرُور عَائِد على قوم سيف الدولة الَّذين ذكرهم فِي قَوْله حاملة قوما التَّقْدِير وَفِي أكف الْقَوْم الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد سيوفا كالنار فِي الصفاء والجوهر قبل الْمَجُوس يُرِيد أَنَّهَا عَتيق قديمَة وَقَالَ الْخَطِيب يُرِيد بالنَّار السيوف شبهها بالنَّار اضطراما وإهلاكا وعبادتهم السيوف اشتمالهم بهَا كَمَا يشْتَمل الْمُسلمُونَ بالصحف وَالنَّصَارَى بالصلب وَقَالَ الواحدي يَعْنِي السيوف الَّتِي كَانَت مطاعة فِي كل وَقت قبل أَن عبدت الْمَجُوس النَّار وَهِي نَار تضطرم إِلَى هَذَا الْيَوْم أَي توقد وتبرق 31 - الْغَرِيب هندية منسوبة إِلَى الْهِنْد الْأَعْرَاب جزم الشَّرْط وَلم يَأْتِ لَهُ بِجَوَاب مجزوم وَلَا بِمَا يقوم مقَامه وَالْأولَى فِي الشَّرْط وَالْجَوَاب إِذا كَانَا فعلين أَن يَكُونَا مُسْتَقْبلين وَيجوز أَن يَكُونَا ماضيين وَيجوز أَن يكون الشَّرْط مَاضِيا وَالْجَوَاب مضارعا وَبِالْعَكْسِ كَهَذا وَهُوَ أضعفها لِأَن الشَّرْط إِذا أثر فِي الشَّرْط يُرِيد أَن يُؤثر فِي الْجَواب وَذكر عبد القاهر أَن الشَّرْط إِذا كَانَ مَاضِيا وَالْجَوَاب مضارعا جَازَ فِيهِ الْجَزْم وَالرَّفْع وَأنْشد بَيت زُهَيْر (وَإنْ أتاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ ... يَقُولُ لَا غائِبٌ مالِي وَلا حَرْمُ) وَهَذَا قَول مَرْدُود لِأَن سِيبَوَيْهٍ يَجْعَل هَذَا ضَرُورَة فِي الشّعْر وَالشّرط معترض وَيَقُول خبر لَا جَوَاب وَمَوْضِع الضَّرُورَة يُؤَخر الْخَبَر إِلَى مَوضِع الِاعْتِرَاض وَيقدم الِاعْتِرَاض إِلَى مَوضِع الْخَبَر وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ قَوْله يَقُول وَوجه التَّأْخِير أَن الْمَعْنى يَقُول لَا غَائِب مَالِي إِن أَتَاهُ خَلِيل الْمَعْنى يَقُول هَذِه السيوف من صغرته صغر وَمن عَظمته عظم 32 - الْمَعْنى يُرِيد أَن سيوفك لما قاسمتها هَذِه الْبَلدة أعطيتهَا الْأَبْطَال فأهلكتهم وَأخذت أَنْت النِّسَاء وَالصبيان سهيا فَكَانَت هَذِه الْمُقَاسَمَة بَيْنكُمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 - الْغَرِيب التيار الموج والمقربة فِي الأَصْل الْخَيل المدناة من الْبيُوت لكرمها وإعدادها للغارة والجحافل جمع جحفلة وَهِي لذِي الْحَافِر كالشفة للْإنْسَان والرئم بَيَاض فِي شفة الْفرس الْعليا والنضخ أَكثر من النَّضْح وَهُوَ أغْلظ جسما مِنْهُ الْمَعْنى يُرِيد بالمقربة السفن جعلهَا كالخيل المقربة يُرِيد أَنه عبر بالسفن المَاء وهم فِي زوارق وَلما سَمَّاهَا مقربة جعل مالصق من زبد المَاء كالرثم فِي جحافل الْخَيل يُرِيد أَن الزّبد قد بلغ إِلَى أعاليها فَصَارَ كالرثم للْفرس 34 - الْإِعْرَاب رفع دهم على الْبَدَل من مقربة فوارسها مُبْتَدأ وركاب خَبره والألم ابْتِدَاء وَخَبره مقدم عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَار وَالْمَجْرُور الْمَعْنى يَقُول هِيَ سود مقربة يركب بَطنهَا لَا ظهرهَا بِخِلَاف المركوب من الدَّوَابّ والتعب يلْحق من يسومها وهم الملاحون وَلَا يلْحقهَا 35 - الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد والشيم جمع شِيمَة وَهِي مَا يظْهر من خلق الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول هَذِه السفن من الْخَيل الَّتِي جَعلتهَا كيدا لأعدائك وَلَيْسَ لَهَا خلق الْخَيل وصورها وَلَا أخلاقها 36 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه السفن مِمَّا أحدثه رَأْيك فِي وَقت قريب الْمدَّة كمدة فهم كلمة فِي فهم سامع فَكَأَن مُدَّة عَملهَا كمدة من وعى كلمة وَكَانَ ذافهم قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يُرِيد الْوَاحِد من حُرُوف المعجم مِمَّا لَهُ معنى كع من وعيت ود من وديت 37 - الْغَرِيب الدَّرْب مَوضِع واللجب اخْتِلَاف الْأَصْوَات وبكسر الْجِيم نعت للجيش الْمَعْنى يَقُول تمنوا أَن يبصروك فَلَمَّا أبصروك غضت هيبتك عيونهم فكأنهم عموا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا هَلَكُوا وزالت أَبْصَارهم وَالثَّانِي عموا عَن الرَّأْي والرشد أَي تحيروا 38 - الْغَرِيب الْخَمِيس الْجَيْش والغرة الْوَجْه والسمهرية الرماح وأصل الاسمهرار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 الشدَّة من قَوْلهم اسمهر الظلام أشتند وَقيل سمهر رجل كَانَ يصنع الرماح فَهِيَ تنْسب إِلَيْهِ والغمم كَثْرَة الشّعْر وإسباله على الْوَجْه الْمَعْنى أَنه جعل الرماح فِي هَذَا الْجَيْش كالغمم فِي وَجه الْإِنْسَان وَهُوَ من قَول الآخر (فَلَوْ أنَّا شَهِدنْاكمْ نُصِرْنا ... بِذي لجَبٍ أزَبَّ مِنَ العَوَالي) 39 - الْمَعْنى كَانَت أجسامهم الثَّابِتَة سَاقِطَة بَين يَديك وأرواحهم منهزمة 40 - الْإِعْرَاب نصب ملْء على الْحَال من الضَّمِير فِي الظّرْف وَيجوز أَن يكون بإضمار فعل يُرِيد والأعوجية ترقص فِي حَال ملئها الطّرق الْغَرِيب الأعوجية خيل منسوبة إِلَى أَعْوَج فَحل كَانَ لكندة مَا كَانَ فِي فحول الْعَرَب أَكثر ذكرا مِنْهُ وَكَانُوا يفخرون بِهِ والمشرفية السيوف وَجعل السيوف ملْء الْيَوْم لِأَنَّهَا تعلو فِي الجو وتنزل عِنْد الضَّرْب فِي الْهَوَاء فأينما كَانَ النَّهَار كَانَت السيوف وَهَذَا مُبَالغَة فِي القَوْل وإغراق فِي الْوَصْف 41 - الْغَرِيب تصطدم تفتعل من الصدم وَهُوَ ضرب الشَّيْء بالشَّيْء الْمَعْنى يَقُول إِذا توافقت الضربات من الْأَبْطَال صاعدة فِي الْهَوَاء لِأَن الْيَد ترفع المضرب اتّفقت رُءُوس مَقْطُوعَة فَتلك الضربات متصادمة فِي الْهَوَاء يُرِيد أَنهم لَا يضْربُونَ ضَرْبَة إِلَّا قطعُوا بهَا رَأْسا فالرءوس المقطوعة على قد تِلْكَ الضربات لَا تخطئ لَهُم ضَرْبَة عَن قطع رَأس وَالْمعْنَى إِذا توافقت الضربات فِي حَال الصعُود قطعت الرُّءُوس واصطدمت 42 - الْمَعْنى يَقُول ترك ابْن شمشقيق وَهُوَ بطرِيق من بطارقة الرّوم وَقد آلى أَنه يثبت وَلَا يفر فهرب حِينَئِذٍ وَترك يَمِينه الَّتِي حلف بهَا على الثَّبَات وَأَن لَا ينهزم فَانْهَزَمَ وَأبْعد فِي الْهَزِيمَة فأليته وَهِي يَمِينه تسخر مِنْهُ وتضحك 43 - الْغَرِيب الْأَقْصَى الْأَبْعَد وَهُوَ ضد الْأَدْنَى وطاق بَينهمَا الْمَعْنى يَقُول ليأسه من نَفسه لَا يَرْجُو أَن يدْرك النَّفس الْبعيد فيغتم نَفسه الْأَدْنَى فِي الْحَال وَأَرَادَ فَهُوَ يسرق فرفعه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي عَنهُ لِابْنِ شمشقيق الْغَرِيب سابغة أَي درع سابغة والصوب الْمَطَر والديم جمع دِيمَة وَهُوَ الْمَطَر الدَّائِم فِي سُكُون وأثنائها مطاويها الْمَعْنى يَقُول يمْنَع عَن ابْن شمشقيق الرماح من النّفُوذ فِيهِ درع سابغة قد تلطخت بالدماء الَّتِي تمطرها عَلَيْهِ الأسنة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَقع الأسنة فِي هَذِه الدرْع كديمة الْمَطَر تتابعا 45 - الْغَرِيب العوالي الرماح الْمَعْنى أَن الرماح تُؤثر فِيهَا وَلَا تنفذها حَتَّى كَأَنَّهَا قلم فِي كاغد 46 - الْغَرِيب واراه أخفاه والرخم جمع رخمة وَهُوَ طَائِر أبقع يشبه النسْر فِي الْحلقَة الْمَعْنى يَقُول إِنَّه لما هرب دخل فِي الشّجر فاختفى عَن أعين الْقَوْم وَلَوْلَا ذَلِك لقتل وَألقى للطير فَأَكله ودعا على الشّجر الَّذِي أخفاه بِأَن لَا يسقى المَاء 47 - الْغَرِيب ألهاه شغله والممالك جمع مملكة وَهِي جمع ملك كالمشايخ جمع مشيخة وَهُوَ جمع شيخ وَيجوز أَن يُرِيد أَرْبَاب الممالك فَحذف الْمُضَاف الْمَعْنى يَقُول شغلهمْ عَمَّا رجعت بِهِ من الفخار وَالْمجد وَالْغنيمَة فِي هَذِه الْغَزْوَة اللَّهْو بالمدامة والغناء بالأوتار 48 - الْإِعْرَاب مُقَلدًا حَال الْعَامِل فِيهَا قفلت أَي رجعت مُقَلدًا وَالضَّمِير فِي مِنْهُمَا للشكر وَالسيف أَي من الشُّكْر وَالسيف وَقَوله لَا تستدام هُوَ اسْتِئْنَاف وَلَيْسَ بِوَصْف لشكر الله وَذَا شطب لِأَن أَحدهمَا معرفَة وَالْآخر نكرَة والمعرفة لَا تُوصَف وَالْجُمْلَة وَلَا يجمع بَين وصف الْمعرفَة والنكرة فَجرى مجْرى قَوْلك مَرَرْت بزيد وَجَاءَنِي رجل عاقلان أَي هما عاقلان لِأَنَّك استأنفت الْجُمْلَة الْغَرِيب ذَا شطب أَي سَيْفا فِيهِ طرائق وَالنعَم جمع نعْمَة المعني يَقُول جعلت الشُّكْر شعارك وقلدت فَوْقه سَيْفا تُجَاهِد بِهِ أَعدَاء الله وَلَا شَيْء فِي اسْتِدَامَة النعم مثلهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 - الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة مَا قتلت مِنْهُم أطاعوك وَلم يخالفوك فهم يطيعونك بِغَيْر قتل 50 - الْغَرِيب الْحَادِثَة مَا يُصِيب الْإِنْسَان من مرض أَو زمانة أَو غَيرهمَا والهرم الْعَجز عِنْد الْكبر الْمَعْنى يَقُول إِنَّك تفنيهم بِالْقَتْلِ فَأَنت تسابق الْحَوَادِث فيهم وَالْمَوْت والهرم فَمَا تتْرك مِنْهُم أحدا حَتَّى يَمُوت حتف أَنفه وَلَا تَدعه حَتَّى يكبر فيهرم 51 - الْغَرِيب عَن محاجره عَن محاجر عَيْنَيْهِ والحلم النّوم الْمَعْنى نفى رقاده عَن عَيْنَيْهِ كَبِير همته وَقُوَّة عزمه وَنَفس يفرج عَن غَيرهَا النّوم والدعة وَاللَّهْو وعَلى هُوَ سيف الدولة 52 - الْإِعْرَاب رفع الْقَائِم على خبر الِابْتِدَاء الْمَحْذُوف أَي هُوَ الْقَائِم وروى بِالْجَرِّ بَدَلا من على الْمَعْنى يَقُول هُوَ الْقَائِم بالأمور يدبرها ويمضيها على وَجههَا الْهَادِي إِلَى دين الله الَّذِي حضرت الْعَرَب والعجم قِيَامه بالأمور والحروب وهداه فِي الدّين 53 - الْغَرِيب المعفر الَّذِي عفر الفرسان فِي العفر هُوَ التُّرَاب يُرِيد أَبَاهُ أَبَا الهيجاء لما حَارب القرامطة بِنَجْد ونجد مَا بَين الْكُوفَة والحجاز أَرض كَبِيرَة وأنثه على إِرَادَة الْجِهَة وَيجوز أَن يكون الضَّمِير فِي فوارسها لفرسان الْعَرَب وَهُوَ أَجود من أَن يعود على نجد وكوفان الْكُوفَة وَالْحرم أَرَادَ مَكَّة الْمَعْنى هُوَ ابْن الَّذِي عفر فوارس الْعَرَب وألقاهم فِي التُّرَاب وولايته الْكُوفَة وَطَرِيق مَكَّة وَهُوَ الَّذِي أفنى القرامطة 54 - الْمَعْنى إِذا رَأَيْته فَلَا تطلب بعده كَرِيمًا فَهُوَ خَاتم الكرماء وَنصب يدا على التَّمْيِيز 55 - الْمَعْنى يَقُول لَا تبال أَلا تسمع شعرًا بعد شاعره يَعْنِي نَفسه فَالْقَوْل من هَؤُلَاءِ الشُّعَرَاء قد أفسد فَالْأولى أَن لَا يسمع فالصمم حِينَئِذٍ قد حمد حَتَّى لَا يسمع شعر هَؤُلَاءِ وَهَذِه القصيدة آخر مَا قَالَ فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 - 1 الْإِعْرَاب قَالَ الْخَطِيب يحْتَمل المصراع الأول وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون مستغنيا بِنَفسِهِ أَي كفى لومك فَأَنِّي أَرَانِي ألوم مِنْك أَي أَكثر مِنْك لوما لنَفْسي وَالْآخر أَن يكون مُتَعَلقا بِالثَّانِي فَيكون هم فَاعل أَرَانِي وَإِذا حمل على الأول كَانَ هم مَرْفُوعا بابتداء مُضْمر أَي هَذَا هم أَو بِفعل يُرِيد أصابني هم قَالَ أَبُو الْفَتْح وفى أنجم ضمير يعود على الْفُؤَاد أَي ذهب بِهِ كَمَا يذهب السَّحَاب النَّجْم وألوم بِمَعْنى أَحَق بالملامة مني وَقَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى أَرَانِي هَذَا الْهم لومك إيَّايَ أَحَق بِأَن يلام مني وعَلى مَا قَالَ ألوم مبْنى من الملوم وأفعل لَا يبْنى من الْمَفْعُول إِلَّا شاذا وَقَالَ قوم ألوم من المليم وَهُوَ الَّذِي يسْتَحق اللوم يقوم الْهم أَرَانِي لومك أبلغ فِي الإلامة وَاسْتِحْقَاق اللوم وَهَذَا أبلغ فِي الشدوذ كَمَا ذكر ابْن جنى انْتهى كَلَامه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ إِنَّه مبْنى من الملوم لِأَنَّهُ قَالَ فِي مَعْنَاهُ أَحَق بِأَن يلام فَيكون من الإلامة وَابْن جنى أعرف مِنْهُ بالتصريف الْغَرِيب كفى دعى واتركي وَأرَانِي عرفني وأنجم أقلع يُقَال أنجمت السَّمَاء إِذا أقلعت من الْمَطَر وَقَالَ الواحدي ألوم فعل مَاض من الملام وأجراه على الأَصْل كَقَوْل الآخر (صَدَدْتِ فَأطْوَلْتِ الصُّدُودَ وَقَلَّما ... وِصَالٌ عَلى طُول الصدُود يَدُومُ) أَرَادَ فأطلت وَقَالَ لَا يُقَال فُؤَاده منجم وَلَا أنجم فُؤَاده وَلكنه اسْتعْمل فِي مُقَابلَة أَقَامَ على الضِّدّ الْمَعْنى يَقُول للعاذلة اتركي عذلي فقد أَرَانِي لومك أبلغ تَأْثِيرا أَو اشد على هم مُقيم على فُؤَاده راحل ذَاهِب مَعَ الحبيب والمحزون لَا يُطيق اسْتِمَاع اللوم فَهُوَ يَقُول لومك أوجع فِي هَذِه الْحَالة فَكفى عَنى وَفِيه نظر إِلَى قَول عمر بن أبي ربيعَة (تَقُولُ وَتُظْهِر وجدْاً بِنا ... وَوَجْدِىَ لَوْ أظْهَرَتْ أوْجَدُ) الحديث: 231 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 - الْإِعْرَاب وخيال عطف على قَوْله هم وَنصب ينحله لِأَنَّهُ جَوَاب نفى بِالْفَاءِ الْغَرِيب الخيال اسْم لما يتخيل لَك لَا عَن حَقِيقَة فَشبه جِسْمه لنحوله بالخيال وروى قوم فينحله السقام بِالنّصب وَجعله من النحلة وَهِي الْعَطِيَّة أَي لم يتْرك فِيهِ الْهوى شَيْئا فيعطيه السقام وعداه إِلَى مفعولين الْمَعْنى يَقُول لم يتْرك الْهوى بجسمي محلا من لحم ولادم فَيعْمل فِيهِ السقام وعَلى الرِّوَايَة الْأُخْرَى لم يبْق الْهوى فِي جسمي لَحْمًا وَلَا دَمًا فيهبه للسقام وَهَذَا معنى كثير جدا 3 - الْغَرِيب الخفوق والخفقان اضْطِرَاب الْقلب واللهب مَا يلتهب من النَّار الْمَعْنى انْتقل من خطاب العادلة إِلَى خطاب المحبوبة والقصة وَاحِدَة وَإِن أَرَادَ بالعاذلة المحبوبة لم يكن انتقالا وَيكون كَقَوْل النميري (عَذلَتْنا فِي عِشْقِها أُمُّ عْمرو ... هَل سَمِعْتمْ بِالعاذِلِ المعْشُوقِ) وَالْمعْنَى يَقُول اضْطِرَاب قلبِي وَمَا فِيهِ من حرارة الوجد لَو رَأَيْت لهيبه يَا جنيتى لظنت فِيهِ جَهَنَّم من شدَّة لهيبه واحتراقه وَفِيه نظر إِلَى قَول عبد الله بن الدمينة فِي وداع محبوبته (غَدَتْ مُقْلَتِي فِي جَنَّةٍ مِنْ جمَالهَا ... وَقلْبي غَدَا منْ حُبِّها فِي جَهنَمِ) 4 - الْغَرِيب الْحبّ المحبوب وأبرقت أظهرت برقها والعلقم شجر مر وَيُقَال للحنظل وَلكُل شَيْء مر عَلْقَمَة وَمِنْه عَلْقَمَة الإسم الَّذِي يُسمى بِهِ الْعَرَب كعلقمة ابْن عَبدة الشَّاعِر وَهُوَ الْفَحْل وعلقمة الخصى وهما من ربيعَة الْجُوع وعلقمة بن علاتة من بني جَعْفَر الْمَعْنى اسْتعَار للصدود سحابا فَلَمَّا اسْتعَار لَهُ سحابا اسْتعَار لَهُ برقا يَقُول إِذا صد الحبيب عَادَتْ كل حلاوة مرَارَة وقابل بَين الْحَلَاوَة والمرارة وجانس بَين الْحبّ وَالْحب 5 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح داهية اسْم الَّتِي شَبَّبَ بهَا وَلِهَذَا لم يصرفهَا وَقَالَ ابْن فورجة لَيْسَ هُوَ باسم علم لَهَا وَلَكِن كنى بِهِ عَن اسْمهَا على سَبِيل التضجر لعَظيم مَا حل بِهِ من بلائها أَي إِنَّهَا لم تكن إِلَّا داهية على قتل الواحدي وَالْقَوْل قَول ابْن جنى لترك صرفهَا وَلَو لم يكن علما لَكَانَ الْوَجْه صرفهَا والضنى السقم والهزال والرض السحق والتكسير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 الْمَعْنى يَقُول لوجه محبوبته لولاك مَا أنحلني الْهوى وَلَا تسلط على السقم والهزال وَلما دق عظمي ورضاض كل شَيْء دقاقه يُرِيد ضعفت حَتَّى كَأَنِّي تَكَسَّرَتْ عِظَامِي وَمثله لي (لَوْلا مُحَيَّاكِ مَا أحْيَيْتُ مُفْتَكِراً ... لَيْلى الطَّوِيلَ وَلا أبْلانِي السَّقَمُ) 6 - الْغَرِيب السلوّ البغض والسآمة والمعدم الْفَقِير وروى ابْن جنى مصرما وَهُوَ بِمَعْنى وَاحِد والمصرم والمعدم والممحق والمماق والمبلط والمعسر والمفتر والمفلس الَّذِي لَا مَال لَهُ وَلَا شَيْء لَهُ وَمن كَلَام الْعَرَب كلأ يبجع لَهُ كبد المصرم وَهُوَ الَّذِي لَا مَال لَهُ حزن أَن لَا يكون لَهُ مَال فيرعاه فأوجعته كبده الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ السلوّ تَركهَا غنية عَن وصالي وَلَا تحْتَاج إِلَى وَصلي فَأَنا مُحْتَاج إِلَيْهَا قد عدمتها وعدمت كَبِدِي يُرِيد إِنَّهَا غنية عني وَأَنا فَقير إِلَيْهَا 7 - الْغَرِيب تقوى تَثْنِيَة نقا يُقَال نقوان ونقيان وَهُوَ الْكَثِيب من الرمل سمى بذلك لِأَن الْمَطَر يُصِيبهُ وينقيه كَمَا ينقى الثَّوْب الْغسْل والفلاة الأَرْض الْبَعِيدَة وتقل تحمل يُقَال أقل الشَّيْء إِذا حمله الْمَعْنى يَقُول محبوبته هِيَ غُصْن نابت يُرِيد قامتها كالغصن ووجهها كَالشَّمْسِ تحمل من شعرهَا لَيْلًا وقابل بَين اللَّيْل وَالنَّهَار وَشبه ردفها بكثيب رمل وقامتها بالغصن ووجهها بشمس النَّهَار وشعرها بِاللَّيْلِ 8 - الْغَرِيب الْغرم الغرام وَهُوَ مَا لزمَه من عَشِقَهَا وهواها والمغنم الْغَنِيمَة وَهُوَ مَا يغتنمه الْإِنْسَان وَأَصله من مَال الْعَدو ثمَّ صَار فِي كل مَا يُصِيبهُ الْإِنْسَان من كسب أَو هبة الْمَعْنى يَقُول لم تجمع هَذِه المحبوبة الأضداد وَهُوَ مَا ذكر فِي الْبَيْت الَّذِي قبله من أَن ردفيها كالنقوين وقامتها كالغصن ووجهها كشمس النَّهَار وشعرها كالليل إِلَّا لتجعلني ملازما لهواها مغرما بهَا وَقَوله فِي متشابه يُرِيد فِي شخص يماثل حسنها وَالْمعْنَى إِلَّا لتستعبدني وترتهن قلبِي وروى الواحدي وَغَيره لم تجمع الأضداد بِإِسْنَاد الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول 9 - الْغَرِيب بهر الشَّيْء ظهر وَغلب بظهوره كَالشَّمْسِ تغلب النُّجُوم والإفحام ضد النُّطْق الْإِعْرَاب الْكَاف فِي مَوضِع نصب صفة لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره لم تجمع جمعا مثل صِفَات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 الْمَعْنى أَنه شبه الأضداد بِصِفَات الممدوح وَهُوَ تَشْبِيه فِي الْجمع بَينهَا من كَونه قد جمع فِيهِ أضداد فَهُوَ حُلْو لأوليائه مر على أعدائه طلق عِنْد الندى جهم عِنْد اللِّقَاء وأوصافه غلبت واصفيه فَلم يقدروا على وصفهَا فأنطق واصفيه لأَنهم أَرَادوا وصف محاسنه ثمَّ أفحمهم لعجزهم عَن إِدْرَاكهَا فطابق بَين النُّطْق وَالسُّكُوت وَقيل المفحم الَّذِي لَا يَقُول الشّعْر 10 - الْغَرِيب الجرم والجريمة الذَّنب وجرم وأجرم واجترم بِمَعْنى وَأَصله الْكسْب يُقَال جرم يجرم أَي كسب وَفُلَان جريمة أَهله أَي كاسبهم قَالَ أَبُو خرَاش (جَرِيمَة ناهِضٍ فِي رَأسِ نِيقٍ ... تَرَى لَعَظامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبا) الْمَعْنى أَنه يعْطى من قبل أَن تسأله فَإِن أعجلته أَعْطَاك معتذرا إِلَيْك كَأَنَّهُ قد أَتَى بذنب 11 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي المتعظم إِظْهَار العظمة وضده التَّوَاضُع وَهُوَ أَن يظْهر الضعة من نَفسه وَوضع أَبُو الطّيب التَّوَاضُع مَوضِع الضعة والخساسة كَمَا وضع التَّعْظِيم مَوضِع العظمة فَهُوَ يَقُول يرى شرفه وارتفاع رتبته فِي تواضعه واتضاعها فِي تكبره والمعي يرى العظمة فِي أَن يتواضع فيتواضع وَيرى الضعة فِي أَن يتعظم فَلَيْسَ يتعظم 12 - الْغَرِيب نَصره رَفعه وَأَعلاهُ وأظهره والفعال بِفَتْح الغاء يسْتَعْمل فِي الْفِعْل الْجَمِيل والمطال المماطلة وَهِي المدافعة وروى الْمقَال وَهُوَ جيد لمقابلته الفعال والنوال الْعَطاء وَهُوَ مَا ينيله الْمُعْطى للمعطى الْمَعْنى يَقُول نصر فعله على قَوْله ووعده وإعطائه على المطل لِأَنَّهُ يُعْطي من غير عدَّة كَأَنَّهُ ظن أَن السُّؤَال حرَام على الْعَطاء فَلَا يحوج إِلَى السُّؤَال بل يسْبق بنواله السُّؤَال وَالْمرَاد أَنه تبَاعد عَن الإلجاء إِلَى السُّؤَال فَهُوَ يعْطى بِغَيْر سُؤال 13 - الْإِعْرَاب أسمى من سما قَالَ أَبُو الْفَتْح مَوْضِعه نصب لِأَنَّهُ منادى مُضَاف وَيجوز أَن يكون مَوْضِعه رفعا أَي أَنْت أسمى من سما أَي أَعلَى من علا الْغَرِيب الْجَوْهَر يُرِيد الأَصْل وَالنَّفس وَذي الملكوت هُوَ الله تَعَالَى وأسمى أَعلَى وسما علا وَمِنْه اشتقاق الِاسْم بِمَعْنى الْعُلُوّ على قَول الْبَصْرِيّ الْمَعْنى يَقُول يَا أَيهَا الْملك الَّذِي خلص الله جوهره أصلا ونفسا من عِنْد الله يُرِيد أَن الله تولى تصفية جوهره لَا غَيره فَهُوَ جَوْهَر مصفى من عِنْد الله تَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 قَالَ الواحدي وَهَذَا مدح يُوجب الْوَهم وألفاظ مستكرهة فِي مدح الْبشر وَذَلِكَ أَنه أَرَادَ أَن يستكشف الممدوح عَن مذْهبه فَإِن رَضِي بِهَذَا علم أَن مذْهبه رَدِيء وَإِن أنكر علم أَنه حسن الِاعْتِقَاد وأسمى من سما فِي مَوضِع جر لِأَنَّهُ من صفة ذِي الملكوت هَذَا قَول الواحدي 14 - الْإِعْرَاب لاهوتية قَالَ أَبُو الْفَتْح نَصبه على الْمصدر وَيجوز أَن يكون حَالا من الضَّمِير فِي تظاهر وَأنكر عَلَيْهِ الواحدي وَقَالَ هَذَا خطأ فِي اللَّفْظ وَالرِّوَايَة لِأَن النُّور مُذَكّر فَلَا تؤنث صفته واللاهوت لفظ عبراني يُقَال لله لاهوت وللإنسان ناسوت وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كَانَ عَرَبيا لَكَانَ اشتقاقه من إِلَه الَّذِي أَدخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام فَصَارَ مُخْتَصًّا باسم الله تَعَالَى فِي أحد قولي سِيبَوَيْهٍ وَيكون بِوَزْن الطاغوت إِلَّا أَن الطاغوت مقلوب واللاهوت غير مقلوب وَلَو كَانَ عَرَبيا كَانَ وَزنه فعلوت بِمَنْزِلَة الرهبوت والرحموت وتظاهر ظهر وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى تعاون أَي عاون بعضه بَعْضًا وَمِنْه وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ الْمَعْنى يَقُول قد ظهر فِيك نور إلهي تكَاد تعلم بِهِ الْغَيْب الَّذِي لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى 15 - الْإِعْرَاب فصاحة نصبها قَالَ أَبُو الْفَتْح على الْمصدر وَيجوز على التَّمْيِيز وَأَن يكون مَفْعُولا لقَوْله نطقت ومفعولا لَهُ ويهم فِيك أَي نورك فَالضَّمِير لَهُ الْمَعْنى يَقُول يهم هَذَا النُّور أَن يتَكَلَّم من كل عُضْو وَلَا يقْتَصر على اللِّسَان دون غَيره وَقَالَ الواحدي قَالَ أَبُو الْفَتْح يهم كل عُضْو من أعضائك أَن يتَكَلَّم بمدحك إِذا نطقت لفصاحتك وَهَذَا عِنْد من يجوز زِيَادَة من فِي الْإِثْبَات وفيك فِي أول الْبَيْت يتَعَلَّق بِأَن يتَكَلَّم فِي آخِره وفيك أَي فِي مدحك ووصفك وَلَيْسَ الْمَعْنى على مَا ذكره من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه جعل ظُهُور النُّور فِي كل عُضْو مِنْهُ نطقا وَاللَّفْظ لَا يشْعر بِهِ إِلَّا أَنه يُقَال هم بِهِ وَلم يَفْعَله وَالْآخر أَنه لَا يكون لقَوْله إِذا نطقت فصاحة فَائِدَة لِأَن قَوْله ويهم فِيك كل عُضْو مِنْك أَن يتَكَلَّم أَفَادَ الْمَعْنى المُرَاد فَيبقى ذَلِك الْبَاقِي لَغوا وَالْمعْنَى أَنه جعل النُّطْق عبارَة عَن الظُّهُور وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول هم بِأَن يظْهر وَلكنه لم يظْهر لَا أَنه ظهر النُّور من جَمِيع الْأَعْضَاء بِالْفِعْلِ وَقَالَ قوم لما كَانَ تكلم الْعُضْو بِالنورِ الإلهي أَعنِي بِهِ الْقُوَّة الناطقة وَكَانَ هُوَ الْمُوجب لنطق اللِّسَان وَغَيره أضَاف الْفِعْل إِلَيْهِ وَقَالَ يهم النُّور فِيك أَن يتَكَلَّم وينطق من كل عُضْو من أعضائك بِخِلَاف سَائِر النَّاس الَّذين لَا ينطقون إِلَّا من أَفْوَاههم جعل ظُهُوره فِي كل عُضْو مِنْهُ نطقا وَالْمعْنَى لفصاحتك يفعل النُّور ذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 - الْإِعْرَاب تمّ الْكَلَام عِنْد المصراع الأول ثمَّ استفهم فنصب أحلم لِأَنَّهُ جَوَاب بِالْفَاءِ كَقَوْلِك من أمكنه أَن يطلع إِلَى النُّجُوم فَأطلع إِلَيْهَا وَهَذَا لَا يُسْتَطَاع الْمَعْنى يَقُول أَنا أرى الشَّيْء على حَقِيقَته وَكَأَنِّي فِي نوم والنائم لَيْسَ بَصَره ثَابتا وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا القَوْل استعظاما لرُؤْيَته وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان إِذا رأى شَيْئا يُعجبهُ وَأنكر رُؤْيَته قَالَ أرى هَذَا حلما يُرِيد أَن مثل هَذَا لَا يرى فِي الْيَقَظَة وَهُوَ كَقَوْل الآخر (أبْطَحاءُ مَكَةَ هَذا الَّذِي ... أرَاهُ عيَانًا وَهَذاً أَنا) وَقَالَ الواحدي استفهم مُتَعَجِّبا مِمَّا رأى ثمَّ حقق أَنه رأى ذَلِك يقظان لَا نَائِما يدل على هَذَا بَاقِي الْبَيْت وَالْمعْنَى لَا يحلم أحد بِرُؤْيَة الله تَعَالَى وَلَا يرَاهُ فِي النّوم أحد حَتَّى أَرَاك أَنا أَي كَمَا لَا يرى الله فِي النّوم كَذَلِك لَا ترى أَنْت وَهَذِه مُبَالغَة مذمومة وإفراط وَتجَاوز حد ثمَّ هُوَ غلط فِي إِنْكَار رُؤْيَة الله تَعَالَى فِي النّوم فَإِن الْأَخْبَار قد تَوَاتَرَتْ بذلك وَقد ذكر المعبرون حكم تِلْكَ الرُّؤْيَا فِي كتبهمْ ويروى أَن ملكا من الْمُلُوك رأى فِي نَومه أَن الله تَعَالَى قد مَاتَ فَقص رُؤْيَاهُ على المعبرين فَلم يتكلموا فِيهَا بِشَيْء استعظاما لما رآى حَتَّى قَالَ من كَانَ أعلمهم تَأْوِيل روياك أَن الْحق قد مَاتَ فِي بلدك لظلمك وجورك وَذَلِكَ بِأَن الله هُوَ الْحق فَعلم الْملك أَنه كَمَا قَالَ فَرجع عَن ظلمه وَتَابَ 17 - الْمَعْنى يُؤَكد مَا قَالَ فِي الْبَيْت الأول أَي عظم على مَا أعاينه من الممدوح وحاله حَتَّى شَككت فِيمَا رَأَيْت إِذْ لم أر مثله وَلم أسمع بِهِ حَتَّى صَار المعاين كالمتوهم المظنون الَّذِي لَا يرى قَالَ الواحدي وَالصَّحِيح رِوَايَة من روى إِنَّه بِالْكَسْرِ لِأَن مَا بعد حَتَّى جملَة وَهِي لَا تعْمل فِي الْجمل كَمَا تَقول خرج الْقَوْم حَتَّى إِن زيدا لخارج وَمن روى بِفَتْح الْألف فَهُوَ مخطىء 18 - الْمَعْنى يَقُول جودك ينْتَقم من مَالك فيفرقه كَمَا تنتقم أَنْت من الْعَدو بإهلاكه إِلَّا أَن تِلْكَ النقم عَائِدَة على الْيَتَامَى نعما لِأَنَّهَا مفرقة فيهم 19 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول هُوَ يفرط فِي جوده حَتَّى ينْسبهُ النَّاس إِلَى الْجُنُون وَيَقُول بَيت المَال مَا هَذَا مُسلما لِأَنَّهُ فرق بيُوت أَمْوَال الْمُسلمين وَلم يدع فِيهَا شَيْئا اهـ وَقَالَ الْخَطِيب عظم الممدوح تَعْظِيمًا وَجب مَعَه أَن لَا يكون خاطبه بِهَذَا الْخطاب وَإِنَّمَا تبع قَول أبي نواس (جُدْتَ بِالأمْوَالِ حَتى ... قِيلَ مَا هَذَا صَحِيحُ) وَلَعَلَّ أَبَا نواس أَرَادَ مَا هَذَا الْفِعْل صَحِيح انْتهى كَلَامه وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو نواس مَا هَذَا صَحِيح الْعقل وَقد صرح بِهِ فِي مَوضِع آخر فَقَالَ (جادَ بالأمْوَالِ حَتَّى ... حَسِبُوه النَّاسُ حُمْقا) وَتَبعهُ أَبُو تَمام بقوله (مَا زَالَ يْهذي بالمكارِمِ وَالنَّدَى ... حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ مَحْمُومُ) وَالْأَصْل فِي هَذَا قَول عبيد بن أَيُّوب الْعَنْبَري ذكره الجاحظ فِي كتاب الْحَيَوَان (حَمْرَاءُ تامِكَةُ السَّنامِ كَأنَّها ... جَمَلٌ بِهَوْدَجِ أهْلِهِ مَظْعُونُ) (جادَتْ بهَا عِنْدَ الوَدَاعِ يَمينُه ... كِلْتا يَدَيْ عُمَرَ الغَداةَ يَمينُ) (مَا كانَ يُعْطى مِثلها فِي مِثْلِهِ ... إلاَّ كَرِيمُ الخِيمِ أوْ مَجْنُونُ) 20 - الْغَرِيب أذكرته بِمَعْنى ذكرته والمترجم الْمعبر عَن الشَّيْء مثلى الترجمان الْمَعْنى يَقُول مثلك إِذا لم أذكرهُ حَاجَتي فَهُوَ تذكار لَهُ لِأَنَّهُ يعلم مَا يُرِيد فَلَا يحْتَاج إِلَى من يترجم لَهُ عَمَّا فِي مرادي فَترك إذكاره وَهُوَ من قَول الطَّائِي (وَإذا الجودُ كانَ عَوْني عَلى المَرْ ... تَقاضَيْتُهُ بِتْركِ التَّقاضِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 - 1 الْإِعْرَاب كم اسْم مَبْنِيّ على السّكُون وَهُوَ يَقع عبارَة عَن الْإِخْبَار وَعَن الِاسْتِفْهَام وَهنا هُوَ اسْتِفْهَام وحركته للقافية لَا لالتقاء الساكنين فَكَأَنَّهُ أَرَادَ إِلَى كم التواني الْغَرِيب زِيّ الْمحرم هُوَ المتعري من الثِّيَاب وَالَّذِي لَا يلبس الْمُحِيط الْمَعْنى يَقُول إِلَى مَتى أَنْت عُرْيَان شقي بالفقر وَقَوله إِلَى كم هُوَ اسْتِفْهَام عَن عدد أَي إِلَى أَي عدد من أعداد الزَّمَان وَقَالَ الواحدي يجوز أَن يُرِيد أَن الْمحرم لَا يصيد وَلَا يقتل صيدا فَهُوَ يَقُول حَتَّى مَتى أَنْت كالمحرم عَن قتل الْأَعْدَاد وَقَالَ هُوَ الْوَجْه 2 - الْمَعْنى أَنه يحث على طلب الْعِزّ والإقدام فِي الْحَرْب فَيَقُول إِن لم تقتل فِي الْحَرْب كَرِيمًا مت غير كريم فِي الهوان ذليلا فصبرك على الْحَرْب خير من أَن تهرم ثمَّ لَا تنجو من الْمَوْت فِي الذل 3 - الْغَرِيب الهجا من أَسمَاء الْحَرْب تمد وتقصر وجنى النَّحْل مَا يجنى من خلاياها من الْعَسَل الْمَعْنى يَقُول قُم مبادرا إِلَى الْحَرْب بدار كريم شرِيف النَّفس يستحلى طعم الْمَوْت كَمَا يستحلى الْعَسَل الحديث: 232 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 - 1 الْغَرِيب المحتشم المستحى المنقبض واللمم جمع لمة وَهُوَ الشّعْر الَّذِي ألم بالمنكبين الْإِعْرَاب من روى غير بِالنّصب جعله حَالا وَهُوَ الْأَكْثَر وَمن رَفعه جعله وصف الضَّيْف الْمَعْنى يَقُول هَذَا ضيف ألم أَي نزل رَأْسِي وَالْعرب تعبر عَن المشيب بالضيف كَمَا قَالَ الآخر (أهْلاً وسَهْلاً بِضَيْفٍ نَزَلْ ... وَأسْتَوْدِعُ الله إلْفا رَحَلُ) يُرِيد الشيب والشباب وَالْمعْنَى أَن الشيب نزل بِرَأْسِهِ دفْعَة وَاحِدَة من غير تراخ ومهلة وَاخْتَارَ فعل السَّيْف بالشعر على الشيب قَالَ الواحدي وَذَلِكَ أَن الشيب يبيضه وَهُوَ أقبح ألوان الشّعْر وَلذَلِك حسن تَغْيِيره بالحمرة وَالسيف يكسبه حمرَة إِذا قطع اللَّحْم على أَن ظَاهر قَوْله أحسن فعلا يُوجب أَن الشّعْر الْمَقْطُوع بِالسَّيْفِ أحسن من الشّعْر الْأَبْيَض لِأَن السَّيْف إِذا أصَاب الشّعْر قطعه وَإِنَّمَا يكسبه حمرَة إِذا قطع اللَّحْم وَالْمعْنَى للبحتري (وَدِدتُ بَياضَ السَّيْفِ يَوْمَ لَقينَني ... مكانَ بَياضِ الشَّيْبِ حَبلَّ بِمفرقي) فَجعل نزُول السَّيْف بِرَأْسِهِ أحب إِلَيْهِ من نزُول الشيب بِهِ وَقد أحسن فِي ذكر البياضين الحديث: 233 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا يُقَال أسود من كَذَا لِأَن الألوان لَا يَبْنِي مِنْهَا أفعل التَّفْضِيل وَفعل التَّفْضِيل وَفعل التَّعَجُّب على أَن الْكُوفِيّين قد حكى عَنْهُم مَا أسود شعره وَمَا أبيضه فَإِن صَحَّ هَذَا فَإِنَّمَا جَازَ لِكَثْرَة استعمالهم هذَيْن الحرفين وَأما قَول الراجز (جارِيَةٌ فِي دِرْعِها الفَضْفاضِ ... أبْيَضُ مِنْ أختِ بَنِي إباضِ) وَقَول طرفَة (إِذا الرّجالُ شَتَوْا وَاشْتَدَّ أكْلُهُمُ ... فأنْتَ أبْيَضُهُمْ سِرْبالَ طَبَّاخِ) فَإنَّا نقُول هُوَ أفعل الَّذِي مؤنثه فعلاء وَمَا هُوَ أفعل الَّذِي تصحبه من الَّتِي للمفاضلة فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك هُوَ أحسن الْقَوْم وَجها وَأكْرمهمْ أَبَا فَكَأَنَّهُ قَالَ مبيضهم وَهَذَا أحسن من حمله على الشذوذ وَيُمكن أَن يكون لأَنْت أسود فِي عَيْني كلَاما تَاما ثمَّ ابْتَدَأَ من الظُّلم كَمَا تَقول هُوَ كريم من أَحْرَار وسرى من أَشْرَاف فَمن فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَفِي عَيْني فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا وصف لأسود كَقَوْل الآخر (وَأبْيَضُ منْ ماءِ الحَديدِ كَأنَّهُ ... شِهابٌ بَدَا وَالليْلُ دَاجٍ عَساكُرُهُ) فَمن مَاء الْحَدِيد وصف لأبيض وَلَيْسَ مُتَّصِلا بِهِ كاتصال من بِخَير فِي قَوْلك هُوَ خير مِنْهُ وكقول الآخر (ولمَّا دَعانِي السَّمْهَرِى أجبتهُّ ... بِأبْيَض مِنْ مَاء الَحديِدِ صَقيِلِ) فَمن فِي مَوضِع جرّ وصف لأبيض كَأَنَّهُ قَالَ بأبيض كَائِن من مَاء الْحَدِيد وَقَالَ الْعَرُوضِي أسود هُنَا وَاحِد السود وَالظُّلم اللَّيَالِي الثَّلَاث فِي آخر الشَّهْر الَّتِي يُقَال لَهَا ثَلَاث ظلم يَقُول أَنْت عِنْدِي وَاحِد اللَّيَالِي الظُّلم هَذَا مَا قيل فِي إعزاب الْبَيْت وَهُوَ مَجْمُوع كَلَام ابْن جنى وَابْن القطاع والواحدي والخطيب وَكلهمْ ذكر كَلَام أبي الْفَتْح وَأما قَول أَصْحَابنَا الْكُوفِيّين فِي جَوَاز مَا أَفعلهُ فِي التَّعَجُّب من الْبيَاض والسواد خَاصَّة من دون سَائِر الألوان فالحجة لَهُم فِيهِ مَجِيئه نقلا وَقِيَاسًا فَأَما النَّقْل فَقَوْل طرفَة وَهُوَ إِمَام يستشهد بقوله فَإِذا كَانَ يرتضى بقوله فَالْأولى أَن يرتضى بقوله فِي كل مَا يصدر عَنهُ وَلَا ينْسب هَذَا إِلَى شذوذ وَقَول الآخر (أبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَني إباضِ ... ) وَأما الْقيَاس فَإِنَّمَا جوزناه فِي السوَاد وَالْبَيَاض لِأَنَّهُمَا أصلا الألوان ومنهما يتركب سَائِر الألوان وَإِذا كَانَا هما الأصليين للألوان كلهَا جَازَ أَن يثبت لَهما مَال لم يثبت لسَائِر الألوان الْغَرِيب بَعدت هَلَكت وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَلا بعد الْمَدِين كَمَا بَعدت ثَمُود} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 الْمَعْنى أَنه يُخَاطب الشيب يَقُول لَهُ اذْهَبْ واهلك فلأنت وَإِن كنت أَبيض لأسود فِي عَيْني من الظُّلم فَأَنت بَيَاض لَا بَيَاض لَهُ وأسود من كل أسود وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (لَهُ مَنْظَرٌ فِي العَينِ أبْيَضُ ناصِعٌ ... وَلكِنَّهُ فِي الْقلب أسْوَدُ أسْفَعُ) قَالَ 3 - الْإِعْرَاب قَالَ الشريف هبة الله بن الشجري يحْتَمل مَوضِع هواي وشيبي الرّفْع والجر فالرفع بِأَن يَكُونَا مبتدأين طفْلا وَبَالغ حَالين سدا مسدا الْخَبَرَيْنِ كَقَوْلِك ضربي زيدا جَالِسا وَتَقْدِيره هُوَ أَي إِذْ كنت طفْلا وشيبي إِذْ كنت بَالغ الْحلم والجر على إبدالهما من الْحبّ والشيب وَحسن إِبْدَال الْهوى من الْحبّ إِذْ كَانَ بِمَعْنَاهُ وَالْعَامِل فِي الْحَالين على هَذَا القَوْل المصدران هواي وشيبي وَالتَّقْدِير تغذيتي بحب قاتلتي والشيب بِأَن هويت طفْلا وشبت بَالغ الْحلم وَقد بَين فِي المصراع الآخر وَقت الْمحبَّة وَوقت الشيب وَهَذَا القَوْل ذكره ابْن القطاع وَكِلَاهُمَا معنى قَول أبي الْفَتْح الْمَعْنى قَاتلته حبيبته لِأَن حبها قَتله وَالْبَاء فِي قَوْله بحب من صلَة التغذية يَقُول تغذيتي بِهَذَيْنِ الْحبّ والشيب ثمَّ فسر ذَلِك بقوله هويت وَأَنا طِفْل وشبت حِين احْتَلَمت لشدَّة مَا قاسيت من الْهوى فَصَارَ غذائي 4 - الْغَرِيب الرَّسْم أثر الديار مِمَّا كَانَ لاصقا بِالْأَرْضِ والطلل مَا كَانَ شاخصا والخمار مَا تغطى بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وَالْجمع خمر قَالَ الله تَعَالَى {وَليَضْرِبن بخمورهن على جُيُوبهنَّ} وأراق وهراق بِمَعْنى إِذا أسَال الْمَعْنى يَقُول مَا أَمر بأثر دَار إِلَّا ذَكرنِي رسم دَار المحبوبة وكل امْرَأَة أَرَاهَا تذكرنيها فأذكرها فيسيل دمي أَي تقتلني 5 - الْغَرِيب المنصدع المنشق والشعب الْفِرَاق من قَوْلهم شعبته إِذا فرقته وَيُقَال أَرَادَ هُنَا بِالشعبِ الْقَبِيلَة وَيكون مَعْنَاهُ فِرَاق شعب غير مُجْتَمع لارتحالهم وتفرقهم فِي كل وَجه والملتئم الْمُجْتَمع الْمَعْنى يَقُول تنفست عِنْد فراقنا أسفا وتحسرا عَن وَفَاء يُرِيد عَمَّا فِي قَلبهَا من وَفَاء صَحِيح غير منشق وفراق مُجْتَمع وَأَرَادَ وحزن فِرَاق فَحذف الْمُضَاف يُرِيد أَنَّهَا كَانَت منطوية على وَفَاء صَحِيح وحزن فِرَاق لَا يجْتَمع وكنى بتنفسها عَن هذَيْن الْحَالين يُرِيد أَنَّهُمَا افْتَرقَا بالأجساد لَا بالقلوب لِأَنَّهَا كَانَت على الْوَفَاء لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 - الْإِعْرَاب نصب فَمَا على الْحَال كَقَوْلِك كَلمته فَاه إِلَى فِي أَي مشافهة وَقَالَ الْخَطِيب نَصبه بِفعل مُضْمر أَو اسْم فَاعل يقوم مقَام الْفِعْل يُرِيد جعلت فمها إِلَى فمي أَو جاعلة فمها إِلَى فمي الْمَعْنى يَقُول لما بكينا جَمِيعًا امتزجت دموعها بدموعي فِي حَال التَّقْبِيل ومزج مصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول يُفِيد فَائِدَة المزاج أَي مَا يمزج بالشَّيْء وَلَيْسَ بِمَعْنى الْفَاعِل يَقُول دموعي مازجت أدمعها أَي امتزجت بهَا وَالْمعْنَى أَنَّهُمَا تقاربا حَتَّى اخْتلطت دموعها حَال التَّقْبِيل 7 - الْغَرِيب الْمقبل مَوضِع التَّقْبِيل وصاب أَي نزل من قَوْلهم صاب الْمَطَر يصوب صوبا وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى أصَاب يُقَال صابه وأصابه والأمم جمع أمة الْمَعْنى يَقُول إِن رِيقهَا عذب طيب فَهُوَ مَاء الْحَيَاة إِذا ذاقه العاشق عَاشَ بِهِ حَتَّى لَو أصَاب تربا فِيهِ أموات لأحيا الْمَوْتَى من الْأُمَم السالفة وَهُوَ من قَول الْأَعْشَى (لوْ أسْنَدَتْ مَيْتا إِلَى صَدْرِها ... عاشَ وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَى قابِرِ) 8 - الْغَرِيب مجهشة متحيرة قد تغير وَجههَا للبكاء وَلم تبك هَذَا أَصله وترنو تنظر والطل الْمَطَر الصغار وَالْغَم دود أَحْمَر يكون فِي الرمل وَقيل هُوَ نبت فِي الرمل أَحْمَر وَقَالَ الْجَوْهَرِي هُوَ شجر لين الأغصان يشبه بِهِ أنامل الْجَوَارِي وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ أَطْرَاف الخروب الشَّامي قَالَ الشَّاعِر (فَلمْ أْسَمعْ بِمُرْضِعَةٍ أمالَتْ ... لهاةَ الطَّفْلِ بِالعَنمِ المَسُوكِ) وأنشدوا للنابغة (بِمُخَضَّبٍ رَخْصِ كأنَّ بَنانَهُ ... عَنمٌ عَلى أغْصَانِهِ لمْ يُعْقَدِ) وَهَذَا يدل على أَنه نبت لَا دود وبنان معنم أَي مخضوب الْمَعْنى أَنه شبه أَرْبَعَة بأَرْبعَة من غير أَن يَأْتِي بكأن أَو بِمثل شبهها بالظبي ودمعها بالطل وخدودها بالورد وبنانها مخضوبة بالعنم وَهَذَا الْمَعْنى كثير قَالَ الحكمى وَهُوَ أَبُو نواس (يَا قمراً أبْصَرْتُ فِي مأْتَمٍ ... يَنْدبُ شَجْواً بَينَ أتْرابِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 (يَبْكي فَيُلْقِي الدُّرَّ منْ نرْجِسٍ ... وَيَلْطُمُ الوَرْدَ بِعُنَّابِ) وَمثله لِابْنِ الرُّومِي (كأنَّ تلْك الدمُوعَ قَطرُ نَدىً ... يَقْطُرُ مِنْ نَرْجِسٍ عَلى وَرْدِ) وَأحسن فِيهِ الوأواء الدِّمَشْقِي بقوله (فَأمْطرتْ لؤْلؤاً من نَرْجِسْ وَسَقَتْ ... وَرْداً وَعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبرَدِ) 9 - الْإِعْرَاب رويد اسْم من أَسمَاء الْفِعْل أَي أمْهل وارفق وَانْظُر مثل صه ومه وَنصب حكمك بِهِ غير منصفه قَالَ ابْن القطاع يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون حَالا من المخاطبة وَالْعَامِل فِيهِ حكمك يُرِيد أَن تحكمي غير منصفة وَالثَّانِي أَن يكون نِدَاء مُضَافا يُرِيد يَا غير منصفة فَحذف حرف النداء وَمن حكم فِي مَوضِع الْحَال أَي أفديك حاكمة الْمَعْنى يَقُول أَنا أفديك بِالنَّاسِ كلهم حاكمة وَإِن جرت عَليّ فِي الحكم فأمهلي وأقلي فَأَنت ظالمة لي 10 - الْغَرِيب أجننت الشَّيْء سترته وكتمته والجزع الْخَوْف الْمَعْنى يَقُول قد وافقتيني فِي ظَاهر الْجزع للفراق وَلم تضمري مَا أضمرته من وَجَعه كَقَوْل الناشى (لَفْظي وَلفْظُكِ بالشَّكْوَى قد ائْتلَفا ... يَا لَيْتَ شِعرِي فَقَلْبانا لِمَ اخْتَلفا) 11 - الْإِعْرَاب تَأْوِيل إِذا إِن كَانَ الْأَمر كَمَا جرى أَو كَمَا ذكرت يَقُول الْقَائِل زيد يصير إِلَيْك فَتَقول إِذا أكْرمه أَي إِن كَانَ الْأَمر على مَا تصف وَقع إكرامه وَهُوَ هَاهُنَا أَنه ذكر أَنَّهَا لم تستر الْأَلَم كَأَنَّهُ قَالَ لَو سترت من الْأَلَم مَا سترته إِذا لبزك الْغَرِيب بزه سلبه وَفِي الْمثل من غز بز الْمَعْنى يَقُول لَو أخفيت وسترت من الْأَلَم مَا سنرت إِذا لسلبك أقل جُزْء مِنْهُ الْحسن فَأذْهب حسنك وكساك ثوبي السقم وثنى الثَّوْب على عَادَة النَّاس إِزَار ورداء للْعَرَب وهم يسمونهما الْحلَّة فَكَأَنَّهُ قَالَ وكساك حلَّة السقم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 - الْغَرِيب التعلل ترجية الْوَقْت بالشَّيْء الْيَسِير بعد الشَّيْء يُقَال فلَان يتعلل بِكَذَا أَي يمْضِي بِهِ وقته ودهره والإقلال الْفقر وَالْحَاجة يُقَال أقل إِذا صَار إِلَى حَالَة قلَّة الْوُجُود للشَّيْء وَهُوَ ضد الْإِكْثَار الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ من عادتي أَن أترجى بالأمل وأدافع الْوَقْت بالشَّيْء الْيَسِير يُرِيد أَنه يطْلب الْكثير ويسافر فِي طلب المَال كَقَوْل أبي الْأسود (وَما طَلَبُ المَعِيشَةِ بِالتَّمَنِّي ... وَلكنْ ألْقِ دَلْوَكَ فِي الدلاء) 13 - الْغَرِيب بَنَات الدَّهْر صروفه وحوادثه وشدته وَالْعرب تسْتَعْمل الْبُنُوَّة والأخوة فِيمَن فعل شَيْئا يعرف بِهِ فَيَقُولُونَ هَذَا ابْن سفر إِذا كَانَ مُعْتَادا للأسفار وَهُوَ أَخُو مَعْرُوف وَأَبُو الأضياف الْمَعْنى يَقُول لَا تدعني شَدَائِد الدَّهْر حَتَّى أدفعها عَن نَفسِي بسد طريقها وَهُوَ أَنه يتقوى بِالْمَالِ وَالرِّجَال 14 - الْغَرِيب الْجدّة الْغنى ورقة الْحَال الْفقر وأخني عَلَيْهِ الدَّهْر أَتَى عَلَيْهِ وأهلكه وَمِنْه قَول لبيد (أضْحتْ خَلاءً وَأضْحى أهْلُها احْتملوا ... أخي عَلَيْهَا الَّذي أخْنَى عَلى لُبَدِ) الْمَعْنى يَقُول لمن لامه فِي الْفقر لَا تلمني وَلم الدَّهْر الَّذِي أتلف مَالِي 15 - الْغَرِيب الْمَحْصُول مصدر نقل من اسْم الْمَفْعُول كَقَوْلِهِم وَلَيْسَ لَهُ مَعْقُول أَي عقل ولي لَهُ مجلود أَي جلد الْمَعْنى يَقُول أرى أُنَاسًا وَإِنَّمَا حصولي على غنم لأَنهم لَا عقول لَهُم كالأنعام كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن هم إِلَّا كالنعام بل هم أضلّ} وَذكر جود تَقْدِيره وأسمع ذكر جود وَهُوَ من بَاب علفتها تبنا وَمَاء بَارِدًا أَي وأسمع ذكر الْجُود وأتحصل على الْكَلَام دون الْفِعْل وتلخيصه أرى نَاسا غير أَنهم عِنْد الْحُصُول كالغنم وأسمع ذكر جود وَهُوَ عِنْد التَّحْصِيل كَلَام دون فعال وَهُوَ من قَول السَّيِّد الْحِمْيَرِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 (قَدْ ضَيَّعَ الله مَا جَمَّعْتُ منْ أدَب ... بَينَ الحَمير وَبينَ الشَّاءِ وَالبَقَرِ) وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم من كَانَ همته الْأكل وَالشرب وَالنِّكَاح فَهُوَ بطبع الْبَهَائِم لأَنا نعلم أَنَّهَا مَتى خلى بَينهَا وَبَين مَا تريده لم تفعل شَيْئا غير ذَلِك 16 - الْإِعْرَاب وَرب مَال عطف على قَوْله أُنَاسًا وَذكر جود وَالضَّمِير فِي مروته عَائِد على رب مَال الْغَرِيب الإثراء كَثْرَة المَال وأصل الْمَرْوَة الْهَمْز يُقَال امْرُؤ بَين الْمُرُوءَة وتخفف الْهَمْز فَيبقى واوان فتدغم الأولى فِي الثَّانِيَة الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ رب المَال لَا مُرُوءَة لَهُ فقد أثري من الْعَدَم أَي اسْتغنى من الْفقر وافتقر من الْمُرُوءَة يُرِيد إِذا كَانَ رب المَال لَا كرم عِنْده وَلم يستكثر مِنْهُ كَمَا استكثر من المَال حَتَّى أثرى بعد الْفقر أَي فَلم يكثر الْمُرُوءَة عِنْد كَثْرَة المَال قَالَ أَبُو الْفَتْح أرى أُنَاسًا يجوز أَن يكون من رُؤْيَة الْعين ورؤية الْقلب وَهُوَ من قَول حبيب (لَا يَحْسَبُ الإقْلالَ عُدْما بَلْ يَرَى ... أنَّ المُقِلَّ مِنَ المُرُوءَةِ مُعْدمُ) وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم من أثرى من الْعَدَم افْتقر من الْكَرم 17 - الْغَرِيب النصل نصل السَّيْف والصمة الْحَيَّة الشجاع وَبِه سمى أَبُو دُرَيْد ابْن الصمَّة لشجاعته والصمم جمعه الْمَعْنى يَقُول السَّيْف سيصحب مني رجلا كحدته فِي مضائه ويتبين للنَّاس أَنِّي أَشْجَع الشجعان يُرِيد أَنه إِذا قصد الْحَرْب مضى مضاء السَّيْف وَعمل عَم الأشجع أَي أَنه أَشْجَع الشجعان والانجلاء الانكشاف 18 - الْإِعْرَاب التَّاء فِي لات زَائِدَة وَقد تزاد فِي الْحُرُوف كثم وثمت وَرب وربت والجر بِهِ شَاذ وَقد جر بِهِ الْعَرَب وأنشدوا (طَلَبُوا صُلْحَنا وَلاتَ أوَانٍ ... فأجَبْنا أنء لاتَ حيِنَ بَقاءِ) وَأما قَوْله تَعَالَى {ولات حِين مناص} فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هِيَ زَائِدَة على حِين لَا دَاخِلَة على لَا وَالْوَقْف عِنْده على لَا والابتداء بتحين مناص وَكَانَ الْكسَائي يقف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ فَيَقُول ولاه وَكَانَ الزّجاج يقف على التَّاء فالكسائي يَرَاهَا تَاء التَّأْنِيث نَحْو قَاعد وَقَاعِدَة والزجاج يَقُول هِيَ مثل ذهبت وَضربت وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَليّ لِأَن هَذِه التَّاء دخلت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 على الْحَرْف والحرف بِالْفِعْلِ أشبه بِالِاسْمِ من حَيْثُ إِن الْفِعْل جَاءَ ثَانِيًا وَالِاسْم أَولا فالحرف بِهَذَا الثَّانِي أشبه مِنْهُ بِالْأَصْلِ وَقَالَ الْكَلْبِيّ لات بلغَة الْيمن بِمَعْنى لَيْسَ فَهَذَا يُشِير إِلَى أَن التَّاء أَصْلِيَّة لَا زَائِدَة وَقَالَ الْفراء مَا بعد لات نصب بلات لِأَنَّهَا فِي معنى لَيْسَ أَي لَيْسَ الْوَقْت حِين مناص وَقَالَ الزّجاج الرّفْع جَائِز على أَنه اسْم لَيْسَ وَالْخَبَر مُضْمر أَي لَيْسَ حِين منجى ذَلِك الْغَرِيب المصطبر بِمَعْنى الاصطبار والمقتحم كَذَلِك بِمَعْنى الاقتحام وَهُوَ الدُّخُول فِي الشَّيْء الْمَعْنى يَقُول تكلفت الصَّبْر حَتَّى لم يبْق اصطبار فَالْآن أقحم وَأورد نَفسِي المهالك وأوقعها فِي الحروب حَتَّى أدْرك مرادي فَلَا يبْقى اقتحام يُرِيد أَنه يحمل نَفسه على العظائم وَيَرْمِي بهَا فِي المهالك 19 - الْغَرِيب ساهمة متغيرة الْوُجُوه وَسَهْم وَجهه يُسهم إِذا تغير سهوما وَقَامَت الْحَرْب على سَاق إِذا اشتدت الْمَعْنى يَقُول لأكلفن الْخَيل من الْحَرْب مَا يُغير ألوانها ولأتركن الْحَرْب قَائِمَة كانتصاب السَّاق على الْقدَم لشدتها 20 - الْإِعْرَاب الطعْن ابْتِدَاء وَالْوَاو وَاو الِابْتِدَاء الْغَرِيب الزّجر الصياح عِنْد الاقتحام فِي الْحَرْب أَو فِي المَاء ويروى وَالضَّرْب ويروى بخرقها بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة واللمم الْجُنُون يُرِيد أَنَّهَا تضطرب لما يلْحقهَا من ألم الطعْن الْمَعْنى الطعْن يعْمل فِيهَا عمل النَّار حَتَّى كَأَنَّهُ يحرقها وَالضَّرْب والزجر يمْنَعهَا عَن التَّأَخُّر ويقلقها أَي يحركها فَكَأَن بهَا جنونا من شدَّة اضطرابها 21 - الْغَرِيب كلمتها من الْجراح أَي جرحتها كالحة قد فتحت أفواهها لما بهَا من الْجراح والصاب نبت مر قَالَ أَبُو ذويب الْهُذلِيّ (إِنِّي أرقْتُ فَبِتُّ اللَّيْلَ متشجراُ ... كأنَّ عينيَ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ) واللجم جمع لجام الْمَعْنى الْخَيل عابسة فَاتِحَة أفواهها لما بهَا من ألم الْجراح كَأَن الصاب ذَر على لجمها فَهِيَ تكره أَن تطلق أفواهها ويروى معصور بالراء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بقوله لأتركن وُجُوه الْخَيل فِي الْبَيْت الرَّابِع قبل هَذَا الْغَرِيب المنصلت المتجرد وأدلت لَهُ أَي أعنته عَلَيْهِ حَتَّى جعلت لَهُ الدولة والخدم الَّذين لَا يسْتَحقُّونَ الْإِمَارَة الْمَعْنى يَقُول لأتركن الْحَرْب قَائِمَة بِكُل رجل مَاض فِي الْأُمُور ينْتَظر خروجي على السُّلْطَان حَتَّى أعينه فَأعْطِيه الدولة من الأنذال الَّذين لَا يستحقونها وهم الَّذين تملكوا الْعرَاق وَخَرجُوا على السطلان 23 - الْإِعْرَاب شيخ هُوَ صفة لمنصلت الْغَرِيب قَالَ ابْن القطاع كل من فسر الدِّيوَان قَالَ الشَّيْخ هُنَا وَاحِد الشُّيُوخ من النَّاس يَقُول انتصر على أعدائي بِكُل شيخ مَاض فِي أُمُوره لَا يُبَالِي بالعواقب مستحل للمحارم سافك للدماء وَهَذَا بالهجاء أشبه وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَن الشَّيْخ هُنَا السَّيْف فَإِن الشَّيْخ من أَسْمَائِهِ وَكَذَلِكَ الْعَجُوز قَالَ أَبُو الْمِقْدَام الْبَصْرِيّ (رُبّ شَيْخٍ رَأيتُ فِي كف شيخ ... يضْرب المعلمين والأبطال) وعجوز رَأَيْت فِي فَمْ كَلْبٍ ... جَعَلَ الكَلْبَ للأميرِ جَمالا) سمى السَّيْف شَيخا لقدمه لأَنهم يمدحون السيوف بالقدم وَقيل سمى شَيخا لبياضه تَشْبِيها بالشيب وَكَذَلِكَ الْمَعْنى فِي الْعَجُوز سَوَاء وَالْكَلب مِسْمَار من ذهب أَو فضَّة يَجْعَل فِي قَائِم السَّيْف انْتهى كَلَامه وَقد ذكر الَّذِي ذكره الواحدي والخطيب وَأَبُو الْعَلَاء 24 - الْغَرِيب الْكَتَائِب جمع كَتِيبَة ورامته زَالَت عَنهُ وَهُوَ لَا يبرح وَأَرَادَ عَنهُ فَحذف وَوصل الْفِعْل وَهُوَ لَا يسْتَعْمل إِلَّا بِحرف الْجَرّ كَقَوْل الْأَعْشَى (أَبَانَا فَلا رِمْتَ مِنْ عِنْدِنا ... فإنَّا بخيْرٍ إِذا لمْ تَرَمْ) الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا يَلِيق النطح بالأسد وَلَو قَالَ كلما صدمت أَو رميت لَكَانَ أليق يُرِيد أَن الْأَبْطَال تنهزم عَنهُ وَلَا ينهزم هُوَ وَذكر الواحدي مَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَقَالَ أَرَادَ بالنطح الْقِتَال 25 - الْغَرِيب الجو مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والديم جمع دِيمَة وَهِي الْمَطَر الدَّائِم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 الْمَعْنى يَقُول إِذا برقتْ سيوفي فِي حَرْب أعدائي فَإِن ضوءها يزِيد على ضوء بروق السَّحَاب حَتَّى تنسى النَّاس البروق وَيكثر مَعَ ذَلِك سيلان الدِّمَاء حَتَّى تَسْتَغْنِي الْبِلَاد عَن الأمطار بِمَا صبه من الدِّمَاء وَهَذَا كَلَام مشبع بالحماقة حَتَّى لَو قَالَه أحد بنى بويه أَو بنى أرتق أَو بنى أَيُّوب لنسب إِلَى ذَلِك وهم مُلُوك الأَرْض وحملتها وأرباب الْمَغَازِي وولاتها 26 - الْغَرِيب ردى من ورد المَاء والحياض جمع حَوْض وَهُوَ مَا يسقى فِيهِ الْإِبِل وَغَيرهَا وَالشَّاء جمع شَاة وَالنعَم يُقَال هُوَ وَاحِد الْأَنْعَام وَقيل النعم يُرَاد بِهِ الْإِبِل خَاصَّة ويروى حوباء واتركي والحوباء النَّفس وَحذف على هَذِه الرِّوَايَة حرف النداء وَأَرَادَ يَا حوباء ويروى يَا نفس بِالرَّفْع وَيُرِيد بِهِ نَفسه فَلهَذَا رَفعهَا الْمَعْنى يَقُول ردى المهالك والحروب واتركي خوف وُرُود الْهَلَاك للأهام وَالشَّاء الَّتِي لَا تقَاتل عَن نَفسهَا وَقَالَ ابْن القطاع قد صحف هَذَا الْبَيْت جمَاعَة فرووا حِيَاض خوف الردى بِالْحَاء الْمُهْملَة قَالَ لي شَيْخي قَالَ لي صَالح بن رشدين لما قَرَأت هَذَا الْبَيْت قرأته بِالْحَاء الْمُهْملَة فَقَالَ لي لم أقل كَذَلِك قلت فَكيف قلت قَالَ قلت خياض بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة لِأَنِّي لَو قلته بِالْمُهْمَلَةِ كنت قد نقضت قولي ردى حِيَاض الردى فَإِنَّهَا هِيَ حِيَاض خوف الردى وكل من ورد المَاء فَلَا بُد أَن يخوضه إِمَّا بيد أَو فَم وَالْمعْنَى ردى يَا نفس حِيَاض الْمَوْت فَإِن الْمَوْت فِي الْعِزّ حَيَاة واتركي حِيَاض خوف الردى للحيوان الَّذِي لَا يعقل وَلَو قَالَ المتنبي خياض غير الردى بِالْخَاءِ أَو قَالَ واتركي وُرُود خوف الردى الخ لم يحْتَج إِلَى هَذَا إِلَّا أَن مذْهبه أَنه يغمض مَعَانِيه حَتَّى لَا يفهمها إِلَّا الْعلمَاء 27 - الْمَعْنى يَقُول لنَفسِهِ إِن لم أدعك سَائِلَة الدَّم على الرماح أَي لم أحضر الْحَرْب حَتَّى يسيل الدَّم من جَسَدِي على الرماح فَلَا دعيت أَخا الْمجد وَالْكَرم وَهُوَ من قَول ابْن أَيُّوب (إِن تَقْتُلوُني فَآجالُ الكُماةٍ كَمَا ... خُبِرتُ قَبْلُ وَما بالقتلِ منْ عارِ) (وَإن نَجوْتُ لوَقتٍ غَيرِهِ فَعَسَى ... وكُلُّ نَفْسٍ إِلَى وَقْتٍ وَمِقْدَارِ) 28 - الْإِعْرَاب لحم فَاعل أيملك أَي يملك لحم على وَضم الْملك الْغَرِيب الْوَضم كل شَيْء يوضع عَلَيْهِ اللَّحْم وَيضْرب مثلا للضعيف الَّذِي لَا امْتنَاع عِنْده وَفِي الحَدِيث النِّسَاء لحم على وَضم إِلَّا ماذب عَنهُ والظامئ العطشان الْمَعْنى يَقُول لَا يملك الْملك ضَعِيف لَا يمْتَنع وَلَا يدْفع عَن نَفسه والأسياف عطاش إِلَى دَمه وَالطير لم تشبع من لَحْمه قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن مُلُوك عصره لَيْسَ فيهم من يدْفع عَن نَفسه وَقَالَ الْخَطِيب أيملك الْملك قوم أذلاء كَاللَّحْمِ على الْوَضم وأسيافنا ظامئة إِلَى دِمَائِهِمْ وَالطير جائعة وَلَا نشبعها مِنْهُم قَالَ الْوَضم الْخَشَبَة الَّتِي يقطع عَلَيْهَا اللَّحْم 29 - الْإِعْرَاب من بدل من قَوْله لحم على وَضم يُرِيد أيملك من لَو رَآنِي الْغَرِيب مثل ظهر وَغَابَ وَهُوَ من الأضداد الْمَعْنى يَقُول من لَو رَآنِي وَهُوَ عطشان مَاء لمَنعه خَوفه مني أَن يشرب فَيَمُوت عطشا وَلَو رَآنِي فِي الْمَنَام لهجر النّوم خوفًا من أَن يراني فِي النّوم وَفِيه نظر إِلَى قَول مُسلم (فَإِذا تَنَبَّهَ رُعْتَهُ وَإذَا غَفا ... سَلَّتْ عَلَيْهِ سُيُوفَكَ الأحْلامُ) 30 - الْغَرِيب رَقِيق الشفرتين هُوَ الَّذِي رقت مضاربه بِكَثْرَة الصقل الْمَعْنى يَقُول ميعاد الْأَعْدَاء غَدا أحاربهم وأقود إِلَيْهِم الجيوش وَمن عصى أَي من عَصَانِي الْمَعْنى يَقُول إِن أطاعوني وَأَجَابُوا إِلَى مَا أدعوهم إِلَيْهِ فلست أقصدهم بسيوفي وَإِنَّمَا أقصد غير مُطِيع فَأَقْتُلهُ بهَا وَإِن أدبروا عني فَلَا أقتصر على قَتلهمْ وحدهم بل أقتلهم وقوما آخَرين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 - 1 معَاذ هَذَا هُوَ أَبُو عبد الله معَاذ بن إِسْمَاعِيل اللاذقي ذكر أَن أَبَا الطّيب قدم عَلَيْهِ اللاذقية سنة سِتّ وَعشْرين وَثَلَاث مئة وَأَنه ادّعى النُّبُوَّة وَذكر عَنهُ حِكَايَة قبيحة وَأَنه كَانَ يعلم طرفا من السيمياء وَمَا استجزت أَن أذكرها الحديث: 234 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 الْمَعْنى يَقُول يَا معَاذ يخفى عَلَيْك مَكَاني فِي الْحَرْب لِأَنِّي ملتبس بالأبطال مختلط بالأقران بِحَيْثُ لَا تراني أَنْت ومعاذ مَرْفُوع بِالْبَدَلِ من أبي عبد الله وَلَو كَانَ عطف بَيَان لَكَانَ مَنْصُوبًا منونا لأَنهم أجروا عطف الْبَيَان مجْرى الصّفة 2 - الْإِعْرَاب مَا يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن تكون زَائِدَة كَقَوْلِه تَعَالَى {فِيمَا رَحمَه من الله} وكقول الشَّاعِر (وَإنْ أُمْسِ مَا شَيْخا كَبيراً فَطالمَا ... عُمَّرْتُ وَلكنْ لَا أرَى العُمرَ يَنْفَعُ) وَالْآخر أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي أَو نكرَة فيضمر هُوَ بعْدهَا فَإِذا كَانَت نكرَة فتقديره جسيم شَيْء هُوَ طلبي الْغَرِيب الجسيم الْعَظِيم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَصله مَا ثقل من الْكَلَام ثمَّ استعبر فِي كل أَمر عَظِيم فَقَالُوا جسيم وَإِن لم يكن لَهُ شخص الْمَعْنى يَقُول عاتبتني على طلب الْأَمر الْعَظِيم ومخاطرتنا فِيهِ بالأرواح الْعَظِيمَة وَهَذَا لندرك الْفضل والشرف 3 - الْمَعْنى يَقُول مثلي لَا تصيبه النكبات وَهِي الشدائد الَّتِي تنكب الْإِنْسَان يَقُول لَا تصيبني وَهَذَا إِمَّا لِأَنَّهُ حَازِم يَدْفَعهَا عَن نَفسه بحزمه أَو أَنه صابر عَلَيْهَا فَلَيْسَتْ تُؤثر فِيهِ 4 - يَقُول الزَّمَان هُوَ مَحل النكبات والنوائب وَلَو كَانَ شخصا ثمَّ برز إِلَيّ للحرب لخضبت شعر رَأسه 5 - الْمَعْنى يَقُول لم يبلغ الزَّمَان مُرَاده مني من تَغْيِير حَالي وتوهين أَمْرِي وَمَا انقدت لَهُ انقياد من أعْطى زمامه وَهُوَ من قَول البحتري (لَعَمْرُ أبي الأيَّامِ مَا جارَ صَرفُها ... عَلي وَلا أعْطَيْتُها ثِنْىَ مقْوَدي) 6 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أَصْحَاب الْخَيل فَحذف كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَا خيل الله أَي يَا خيل أَصْحَاب الله فَحذف وَأَرَادَ فويل لَهَا فَحذف للْعلم بِهِ الْمَعْنى يَقُول هم يخافونني فَإِذا رأوني فِي النّوم ذهبت لَذَّة نومهم فَلَا ينامون وَإِذا ذكروني ذهبت أَمَنَة يقظتهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 - 1 الْغَرِيب الْخمر الصّرْف الْخَالِصَة غير ممزوجة بِشَيْء وَالَّذِي من مثله شرب الْكَرم هُوَ المَاء الْمَعْنى يَقُول إِذا شربت أَنْت الْخمر خَالِصَة فَأَنا أشْرب المَاء وَكَانَ الْأَحْسَن بِمن جمع هَذَا الدِّيوَان أَن لَا يذكر مثل هَذِه المقاطيع المرتجلة السخيفة وَلَوْلَا أَن ينسبني النَّاس إِلَى عجز لما ذكرتها وَأَيْضًا فَإِنَّهَا روايتي من طريقتي 2 - الْإِعْرَاب حب فعل مَاض لَا يتَصَرَّف وَأَصله حبب وَذَا فَاعله وَهُوَ اسْم مُبْهَم من أَسمَاء الْإِشَارَة وَجعلا شَيْئا وَاحِدًا فصارا بِمَنْزِلَة اسْم أَو هُوَ اسْم يرفع مَا بعده وموضعه رفع بِالِابْتِدَاءِ وَزيد خَبره فِي قَوْلك حبذا زيد وَلَا يجوز أَن يكون بَدَلا من ذَا لِأَنَّك تَقول حبذا امْرَأَة وَلَو كَانَ بَدَلا نقلت حبذت امْرَأَة قَالَ جرير (وَحَبذَا نَفَحاتٌ مِنْ يَمانِيَةٍ ... تَأتْيكَ مِنْ قِبلِ الرَّيَّانِ أحيْانا) الْغَرِيب نداماهم جمع النديم ندام وَجمع الندمان ندامى الْمَعْنى يَقُول نداماهم الْأَبْطَال الَّذين يُقَاتلُون بِالرِّمَاحِ ويلازمونها كَمَا يلازم النديم نديمه ويسقونها مَا يروونها من الدِّمَاء فهم سقاة رماحهم وعزمهم على الْحَرْب يسقيهم دِمَاء الْأَعْدَاء 236 - 1 الْغَرِيب الخرطوم من أَسمَاء الْخمر وَقد فسر قَوْله تَعَالَى {سنسمه على الخرطوم} أَي على شربه الْخمر وَسميت بهَا لأخذها بخراطم شرابها (وَلقَدْ شرِبْتُ الخمْرَ حَتَّى خِلْتُها ... أفْعَى تَكِشُّ عَلىَّ طَرِيقِ المَنْخَرِ) والألية الْقسم وَالْجمع ألايا والعلل السقى مرّة بعد أُخْرَى الْمَعْنى يَقُول رب أَخ لنا حلف بِالطَّلَاق على لتشر بن هَذِه الكأس وَقَالَ الواحدي سميت الخرطوم لِأَنَّهَا فِي الدن تنصب فِي صُورَة الخرطوم 2 - الْمَعْنى يَقُول فَجعلت ردى امْرَأَته وإبقاءها عَلَيْهِ كَفَّارَة فشربتها غير أثيم حَيْثُ كَانَ قصدي بالشرب بَقَاء الزَّوْجِيَّة عَلَيْهِ الحديث: 235 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 - 1 الْغَرِيب النَّوَى الْبعد الْمَعْنى يَقُول ملام النَّوَى ظلم وَلَعَلَّ النَّوَى يعشقها كعشقي فَكَأَنَّهُ يختارها لنَفسِهِ ويحول بَينه وَبَينهَا يُعَاتب نَفسه على لوم النَّوَى وَيَقُول يَا نفس هلا جوزت النَّوَى عاشقة لَهَا مثلي وَقد فسره فِيمَا بعده وَهُوَ من قَول مُحَمَّد بن وهيب (وَحارَبَنِي فِيهِ صَرْفُ الزَّمانِ ... كَأنَّ الزَّمانَ لَهُ عاشِقُ) وَقَالَ البحتري (قدْ بَّينَ البَينُ المُفَرَّقُ بَيْنَنا ... عِشْقَ النَّوَى لرَبيبِ ذَاك الرَّبْرَبِ) 2 - الْغَرِيب أصل الزوى الْجمع وَفِي الحَدِيث زويت لي وَهُوَ أَيْضا بِمَعْنى الدّفع وَالْمَنْع وزوى فلَان المَال عَن وَارثه زويا أَي مَنعه وَدفعه عَنهُ والخصم المخاصم وَهُوَ للمجمع وَالْوَاحد والمؤنث بِمَعْنى هم خصم وَهُوَ خصم وهما خصم وَهِي خصم الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَت النَّوَى لَا تغار عَلَيْكُم لما منعت عني لقاءكم وطوته عني وَلما كَانَت تخاصمني فِيكُم بتبعيدها لكم عني الحديث: 237 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 - الْإِعْرَاب يجوز أَن تكون الظبية مُبْتَدأ أَي الظبية منعمة كَقَوْلِك أقائم زيد وَالْمعْنَى أَزِيد قَائِم وَيجوز أَن يرفع بِمَنْعه لِأَن منعمة مُعْتَمدَة على الْهمزَة وَلَوْلَا ذَلِك لم يجز إِلَّا أَن تكون خَبرا مقدما على رَأْي سِيبَوَيْهٍ وَيجوز أَن يرْتَفع بِفِعْلِهَا إِذا لم يكن ثمَّ اسْتِفْهَام وتسد الظبية مسد الْخَبَر ومنعمة مُبْتَدأ الْغَرِيب الوسمي أول الْمَطَر وَالْوَلِيّ مَا يَلِيهِ والنائل الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول إِنَّهَا بدأت بوصل ثمَّ لم تعد إِلَيْهِ فليتها أَنْعَمت عَليّ برجوعها إِلَى الْوَصْل مرّة أُخْرَى وَهُوَ مَنْقُول من قَول ذِي الرمة (لِنِى وَلْيَةً تُمْرِعْ جَنانِي فَإنَّنِي ... لِما نِلْتُ منْ وَسمِيِّ نُعْماكِ شاكِرُ) وَقَالَ بشار (قَدْ زُرْتِني زَوْرَةً فِي الدَّهْرِ وَاحدَةً ... ثَنِّى وَلا تَجْعَلِيها بَيْضَةَ الدّيكٍ) 4 - الْغَرِيب الترشف المص وَالظُّلم مَاء الْأَسْنَان وبريقها وَالْجمع ظلوم (إِذا ضَحْكَتْ لمْ تَنْبهِرْ وَتَبَسَّمَتْ ... ثَنايا لَهَا كالْبَرَقِ غُرٌّ ظُلُومُها) الْمَعْنى يَقُول هِيَ طيبَة النكهة لِأَنَّهَا إِذا كَانَت آخر اللَّيْل طيبَة النكهة فَهِيَ أَوله أطيب لِأَن الأفواه تَتَغَيَّر آخر اللَّيْل فَإِذا كَانَت النكهة طيبَة آخر اللَّيْل كَانَ أمدح أَلا ترى إِلَى قَول امْرِئ الْقَيْس (كأنَّ المُدَامَ وَصَوْبَ الغَمامٍ ... ورِيحَ الخُزَامَى وَنَشْرَ القُطُرْ) (يُعَلُّ بهِ بَرْدُ أنْيابِها ... إِذا طَرَّبَ الطَّائِرُ المُسْتَحرّ) وَقَالَ الْحَارِثِيّ (كأنَّ بِفيها قَهْوَةً بابِليَّةً ... بِماء سماءٍ بَعْدَ وَهْنٍ مِزَاجُها) قَالَ الواحدي العاشق إِذا مص ريق معشوقه زَادَت نَار حَبَّة تلهبا فَلذَلِك قَالَ (تَرَشَّفْتُ حَرَّ الوَجْدِ مِنَ بارِدِ الظَّلْمِ ... ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 - الْغَرِيب العقد قلادة من در الْمَعْنى يُرِيد أَنه قد اسْتَوَى كَلَامهَا وقلادتها فِي نطقها وثغرها فِي تبسمها فِي الْحسن وَالنّظم وَهَذَا الْمَعْنى كثير جدا قَالَ البحتري (فَمنْ لُؤْلُؤٍ تُبْدِيه عِنْدَ ابْتِسامها ... وَمنْ لُؤْلُؤٍ عِنْدَ الحَديثِ تُساقِطُهْ) فَذكر شَيْئَيْنِ وَقَالَ المؤمل بن أميل (وَإنْ نَطَقَتْ دُرٌّ فَدُرُّ كلامُها ... وَلمْ أدْرِ دُراً قَبْلَها يَنْظِمُ الدّرا) وَأخذ أَبُو المطاع بن نَاصِر الدولة هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ (وَمُفارِق نَفْسِي الفِداءُ لِنَفْسِهِ ... وَدَّعْتُ صَبرِي عَنْهُ فِي تَوْدِيعِهِ) (وَرَأيْتُ مِنْهُ مِثلَ لُؤْلُؤِ عِقْدِهِ ... منْ ثَغْرِهِ وَحَديثِهِ وَدُمُوعِهِ) فَزَاد ذكر الدمع على أبي الطّيب وَأحسن فِي الْأَخْذ 6 - الْغَرِيب المندلي هُوَ الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى منْدَل مَوضِع بِالْهِنْدِ وَكَذَلِكَ قمار ينْسب إِلَيْهِ الْعود قَالَ ابْن هرمة (كَأنَّ الرَّكْبَ إذْ طَرَقَتْكَ باتُوا ... بِمنْدَلَ أوْ بِقارِعَتْي قِمارِ) وَقد يُقَال المندل على إِرَادَة يَاء النِّسْبَة وطرحها وَهُوَ الْعود أَيْضا قَالَ كثير (بِأطْيَبَ مِنْ أرْدّانِ عَزَّةَ مَوْهِنا ... وَقَدْ أوْقَدَتْ بِالمَنْدلِ الرطْبِ نارَها) وَقَالَ الآخر (إذَا مَا أُوقِدَتْ يُلْقَى ... عَلَيْها المَنْدَلُ الرَّطْبُ) أَرَادَ كِلَاهُمَا المندلي لكنهما حذفا يَاء النّسَب والقرقف من أَسمَاء الْخمر وَكَذَلِكَ الصَّهْبَاء وَسميت بذلك للونها وأصل الصهوبة الشقرة فِي شعر الرَّأْس والأصهب من الْإِبِل الَّذِي يخالط بياضه حمرَة الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول قد اسْتَوَت مِنْهَا هَذِه الْأَشْيَاء فِي طيب الرَّائِحَة والذوق وَإِنَّمَا يَسْتَوِي فِي الذَّوْق شَيْئَانِ النكهة وَالْخمر لِأَن الْعود مرّ المذاق وَلكنه جمع بَينهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 فِي الرّيح وَأَرَادَ فِي الطّعْم شَيْئَيْنِ والنكهة أَيْضا لَا طعم لَهَا لِأَنَّهَا رَائِحَة الْفَم واستقام الْكَلَام إِلَى ذكر الرّيح ثمَّ احْتَاجَ إِلَى القافية وَإِقَامَة الْوَزْن فَذكر الطّعْم فأفسد لاخْتِلَاف مَا ذكره فِي الطّعْم انْتهى وَلَيْسَ كَمَا ذكر لِأَنَّهُ قَالَ اسْتَوَت نكهتها والمندلي وقرقف فَلَمَّا وصف القرقف احْتَاجَ أَن يَقُول فِي الرّيح والطعم وَلم يرد سوى الْخمر فِي الطّعْم 7 - الْغَرِيب الشهب من الْخَيل الَّتِي يخالطها فِي ألوانها بَيَاض والدهم السود يُرِيد أَنَّهَا تَغَيَّرت ألوانها من الدِّمَاء والعجاج كَقَوْل الْجَعْدِي (وتُنْكِر يوْمض يَوْم الرَّوعِ ألْوانَ خَيْلنا ... منَ الطَّعْنِ حَتَّى تَحْسَبَ الجونَ أشقرا) الْمَعْنى يَقُول هِيَ غادرة ناقضة الْعَهْد كعادة النِّسَاء رمتي بالجفاء وَأَنا الْأَفْصَح الأِشجع من عشيرتها وَهَذَا على عَادَة نسَاء الْعَرَب يملن إِلَى الشجاع الفصيح كَمَا قَالَ الْعَنْبَري لما رَأَتْهُ امْرَأَته يطحن فازدرته (تَقُولُ وَصَكَّتْ وَجْهَها بِيَمِينها ... أبَعْليَ هَذَا بالرَّتحَى المُتقَاعِسُ) (فَقُلْتُ لَها لَا تَعْجَلي وَتَبَييَّني ... بَلائي إذَا التَفَّتْ عَلىَّ الفَوَارِسُ) 8 - الْغَرِيب الحتف الْهَلَاك والنكز كالغرز بِشَيْء محدد الطّرف قَالَ أَبُو زيد نكزته الْحَيَّة أَي لسعته بأنفها فَإِذا عضته بنابها قيل نشطته قَالَ رؤبة (يَأيُّها الجاهِلُ ذُو النَّبزِ ... لَا تُوعِدُني حَيَّةً بِالنَّكْزِ) والأفعى جنس من الْحَيَّات الْمَعْنى يَقُول حتفي يحذر مني وَهَذَا مُبَالغَة فِي وصف شجاعته وَالْمعْنَى قَرْني الَّذِي ينازلني وحتفي رُبمَا كَانَ مِنْهُ يحذرني فَلَا يقابلني وتنكزني الأفعى يُرِيد يعْتَرض لي الْأَعْدَاء فأهلكتهم وَلما جعل المتنبي عدوه أَفْعَى سمى قُوَّة نَفسه وشجاعته سما لشدَّة تَأْثِيره فِي عدوه وَقَالَ الواحدي جعل عدوه حاذرا يحذرهُ 9 - الْغَرِيب الردينيات رماح تنْسب إِلَى ردينة امْرَأَة سمهر كَانَا يقومان الرماح بِخَط هجر والسريجيات سيوف منسوبة إِلَى قين اسْمه سُرَيج الْمَعْنى يَقُول الرماح تقصفت قبل الْوُصُول إِلَى إِرَاقَة دمى وَالسُّيُوف تقطع قبل أَن تقطع لحمى فَجعل دَمه يقصفها لما كَانَ السَّبَب فِي قصفها وَكَذَلِكَ لَحْمه وَالْفِعْل قد ينْسب إِلَى من كَانَ سَببا فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 قَالَ الْخَطِيب الْمَعْنى أَنا من نَفسِي وعشيرتي فِي مَنْعَة فَإِذا أصابني طعن كبر الطعْن فِي طلب ثَأْرِي حَتَّى تنقصف الرماح وَإِذا ضربت تتكسر السيوف حَتَّى يدْرك ثَأْرِي 10 - الْإِعْرَاب من روى أخف بِالرَّفْع وَهُوَ اخْتِيَار أبي الْفَتْح قَالَ أخف مُبْتَدأ وجرمي خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الضَّمِير فِي رددني كَقَوْلِك مَرَرْت بزيد ثَوْبه حسن أَو أبدل جُرْمِي من الضَّمِير الْمَفْعُول فِي رددنني وأخف حَال مِنْهُ مُقَدّمَة عَلَيْهِ كَقَوْلِك كلمت قَائِمَة هندا وَهَذَا على رِوَايَة من روى أخف بِالنّصب وَفِي أخف على هَذَا ضمير مَرْفُوع بِهِ وَلَا يقبح رفع أخف للمضمر كَمَا قبح رَفعه الْمظهر لِأَن الْمُضمر لما لم يظْهر إِلَى اللَّفْظ صَار كَأَنَّهُ لَا شَيْء وَالْقِيَاس لَا يجوز رفع الظَّاهِر بأفعل مِنْك فَلَا تَقول مَرَرْت بِرَجُل خير مِنْك أَبوهُ وَلَا بِغُلَام أظرف مِنْك صَاحبه لِأَن أفعل لما اتَّصَلت بِمن أكسبها ذَلِك تحصينا فباعدها عَن مشابهة الْفِعْل بالإبهام والتنكير الْغَرِيب المدى جمع مدية وَهِي السكين والجرم الْجَسَد وَجمع لأسرى لِأَنَّهُ اسْم يدل على الْجِنْس أَو على أَنَّهَا اسْم سَرِيَّة وبرى المدى مصدر أضيف إِلَى الْفَاعِل هَذَا كَلَام الواحدي وَالصَّحِيح أَن السرى الِاسْم من سرى سَرِيَّة تَقول سرينا سَرِيَّة وَاحِدَة فالاسم السّريَّة بِالضَّمِّ والسرى هَذَا كَلَام الْجَوْهَرِي والأزهري إمامي اللُّغَة الْمَعْنى يَقُول أذهبت السرى لحمي فجعلتني فِي خفتي على المركوب كنفسي الَّذِي يخرج من فمي 11 - الْإِعْرَاب عطف أبْصر على أخف فِي رِوَايَة من نصب وعَلى وضع الْجُمْلَة فِي رِوَايَة من رفع لِأَن الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب برددني على الْمَفْعُول الثَّانِي أَو على الْحَال الْغَرِيب جو قَصَبَة الْيَمَامَة وزرقاء اسْم امْرَأَة من أهل جو حَدِيدَة الْبَصَر كَانَت تدْرك ببصرها الشَّيْء الْبعيد فَضربت الْعَرَب بهَا الْمثل فَقَالُوا أبْصر من زرقاء الْيَمَامَة وَقيل اسْمهَا الْيَمَامَة وَبهَا سميت الْيَمَامَة وَهِي من بَنَات لُقْمَان بن عَاد وَقَالَ قوم هِيَ من جديس وقصدهم طسم فِي جَيش حسان بن تبع فَلَمَّا صَارُوا بالجو على مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام أبصرتهم وَقد حمل كل رجل مِنْهُم شَجَرَة يسْتَتر بهَا فَأَخْبَرتهمْ فكذبوها ثمَّ قَالَت بِاللَّه لقد أرى رجلا ينهش كَتفًا أَبُو يخصف نعلا فكذبوها فصبحهم جَيش حسان فاجتاحهم وَأَخذهَا فشق عينيها وَإِذا فِيهَا عرق من الأثمد فوصفها الْأَعْشَى بقوله (قالَتْ أرَى رَجُلاً فِي كَفِه كَتِفٌ ... أوْ يخْصَفُ النَّعْلَ لَهْفي إنَّهُ صَنَعا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 (فَكَذَّبُوها بِما قالَتْ فَصَبَّحَهُمُ ... ذُو آل حَسَّانَ يُزْجى الموْتَ وَالسِّرعا) وَمن روى شأواهما فالشأو الْغَايَة والامد وَبهَا روى أَبُو الْفَتْح وَمن روى شاءهما أَي سبقهما فَهُوَ مقلوب شأي كَمَا تَقول رَاء فِي رَأْي وناء فِي نأي الْمَعْنى أَنه فضل نَفسه فِي الرُّؤْيَة على الزَّرْقَاء فَقَالَ إِذا نظرت عَيْنَايَ فَإِنَّهُمَا لَا تسبقان علمي فَإِذا رَأَيْت الشَّيْء ببصري عَلمته بقلبي لِأَنِّي عَالم بالأمور وَفِي رِوَايَة أبي الْفَتْح إِذا نظرت عَيْنَايَ فغايتها وأمدهما أَن يريَا مَا قد عَلمته بقلبي لِأَنِّي قد عرفت الْأَشْيَاء 12 - الْغَرِيب الدحو الْبسط والخبرة الْعلم بالشَّيْء والإسكندر هُوَ ذُو القرنين قبل كَانَ نَبيا وَقَالَ على عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن نَبيا بل كَانَ رجلا صَالحا وَاخْتلفُوا فِي تَسْمِيَته بِذِي القرنين فَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْمر قومه بالصلاح فضربوه ضَرْبَة على قرنه الْأَيْمن ثمَّ ضربوه ثَانِيَة الْأَيْسَر أَو كَانَت لَهُ ضفيرتان وَقَالَ ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ بلغ قَرْني الشَّمْس أَي مطْلعهَا وَمَغْرِبهَا وَقيل بلغ قطري الأَرْض من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَحكى عَن ابْن سَمَاء وَقيل عَاشَ فِي قرنين من النَّاس فَلهَذَا سمى ذَا القرنين وَذكر الْمَاوَرْدِيّ أَنه عبد الله بن الضَّحَّاك بن معد وَاخْتلفُوا فِي زَمَانه فَقيل كَانَ فِي وَقت إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام وَقيل كَانَ بعد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل كَانَ فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام والسد مَا يسد بِهِ مَا بَين الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ فِي شعر أبي الطّيب السد الَّذِي بناه الْإِسْكَنْدَر ليسد بَين النَّاس وَبَين يَأْجُوج وَمَأْجُوج قَالَ أَبُو الْفَتْح السد بِالضَّمِّ من فعل الله وبالفتح من قَول المخلوقين وَيرد عَلَيْهِ أَن الْقُرَّاء اخْتلفُوا فِي السدين وهما بِمَعْنى الجبلين من مفعل الله فَقَرَأَ بِالْفَتْح ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَحَفْص عَن عَاصِم وَاخْتلفُوا فِي قَوْله أَن تجْعَل بَيْننَا وَبينهمْ سدا وَهُوَ فعل ذِي القرنين فَقَرَأَ بِضَم السِّين نَافِع وَابْن عَامر وَأَبُو بكر وَكَانَ على مَا ذكر أَبُو الْفَتْح يجب أَن يقْرَأ الأول بِالضَّمِّ من غير خلاف وَالثَّانِي بِالْفَتْح من غير خلاف الْمَعْنى أَنه يصف أَسْفَاره وَكَثْرَتهَا وَأَنه قد خبر الأَرْض وَعرفهَا فَكَأَنَّهُ بسطها لعلمه بهَا وَيذكر عزمه على الْأُمُور 13 - الْغَرِيب اللَّام مُتَّصِلَة بقوله برتني أَي برتني السرى لألفي الممدوح الْمَعْنى يَقُول كابدت شَدَائِد الْأَسْفَار وَقطعت اللَّيْل وَالنَّهَار لألقي الْحُسَيْن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 ابْن إِسْحَاق وَهُوَ الممدوح الَّذِي دق فهمه فارتفع عَن إِدْرَاك دقة الْفَهم إِيَّاه وأبدع فِي دقة فهمه حَتَّى جلّ عَن أَن يُوصف بِهِ فَيُقَال إِنَّه عَالم بِالْغَيْبِ 14 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ مستحلى اللَّفْظ فصيح الْكَلَام يلتذ السّمع بِكَلَامِهِ وَلَو شتم بِهِ لصِحَّته وعذوبته يُقَال لذذت الشَّيْء ولذذت بِهِ أَي استلذذت بِهِ ويروى يلذ لَهَا ويروى ضمنت بِفَتْح الضَّاد مخففا 15 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّه فِي هَؤُلَاءِ كاليمين من الْجَسَد وَفِي هَؤُلَاءِ كالرأس والعرنين لِأَنَّهُ رئيسهم وَبِه عزهم فَجعل مثلا فِي الْعِزّ وَكَذَلِكَ الْأنف وَجعله كالبدر فِي بنى فهم الَّذين هم كَالنُّجُومِ 16 - الْغَرِيب البيات أَن يطْرق الْعَدو لَيْلًا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لنبيتنه وَأَهله} أَي نطرقة لَيْلًا فنقلته والصرير والقعقعة الْأَصْوَات الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى يُبَادر إِلَى أَخذ الرمْح فَإِن لحق إسراج فرسه فَذَاك وَإِلَّا رَكبه عُريَانا قَالَ الواحدي وَهَذَا هذيان المبرسم والنائم وَكَلَام من لَا يعرف الْمَعْنى وَالْمعْنَى إِذا أَتَاهُم لَيْلًا أخْفى تَدْبيره ومكره وَتحفظ من قبل أَن يفْطن بِهِ فيأخذهم على غَفلَة حَتَّى يسمعوا صرير رماحه بَين ضلوعهم قبل أَن يسمعوا أصوات اللجم متحركة فِي أحناك خيله قَالَ وَلم يعرف ابْن دوست هَذَا لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيره رماحه تصل إِلَيْهِم قبل وُصُول خيله إِلَيْهِم وَلَيْسَ يتَصَوَّر مَا قَالَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم رَاجِلا وَالْمعْنَى أَنه يهجم عَلَيْهِم فَلَا يَشْعُرُونَ بِهِ إِلَّا إِذا طعنهم برماحه لإخفائه ذَلِك بلطف تَدْبيره 17 - الْإِعْرَاب مذل خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الْغَرِيب الأعزاء جمع عَزِيز يُقَال أعزاء وعزاز وأعزة ويئن يحن من قَوْلهم أَن الشَّيْء يئين أَيّنَا أَي حَان وَقَوله يَئِن بِهِ يتمهم أَي على يَدَيْهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ مذل الأعزة ومعز الأذلاء يرفع قوما وَيَضَع آخَرين فَهُوَ الموتم الجابر الْيُتْم يُرِيد أَنه يقتل الْآبَاء ثمَّ يحسن إِلَى الْأَبْنَاء الْأَيْتَام ويصطنعهم 18 - الْغَرِيب من روى ممسكها بِفَتْح السِّين أَرَادَ مَوضِع الْإِمْسَاك وَهُوَ الْكَفّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 مثل الْمدْخل والمخرج مَوضِع الإدخال والإخراج وَمن كسر أَرَادَ نَفسه والعدم الْفقر الْمَعْنى قَالَ الواحدي إِن أردى قُلُوب المطعونين بقناته فَإِن الَّذِي أمْسكهَا هُوَ الَّذِي يشفى من الْفقر بعطائه وَقد قَابل بَين الدَّاء والشفاء 19 - الْغَرِيب الشفرتان حدا السَّيْف والهام الرَّأْس والجور خلاف الْعدْل والطاغي الْبَاغِي الَّذِي يتَجَاوَز الْحَد الْمَعْنى يَقُول هُوَ مقلد سَيْفا جائرا فِي حكمه لِأَنَّهُ يقتل الْجَمِيع فَلَا يبْقى أحدا وَلِأَنَّهُ لما تحكم فِي الرُّءُوس أفناها وجار فِي الحكم 20 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي لما وَصفه بِكَثْرَة الْقَتْل ذكر أَنه لَا يقتل إِلَّا من يسْتَحق الْقَتْل كجده لِأَنَّهُ كَانَ غازيا يقتل الْكفَّار وَكَانَ بريا من إِثْم الْقَتْل على كَثْرَة مَاله من الْقَتْلَى وروى أَبُو الْفَتْح كحده بِالْحَاء يُرِيد حد السَّيْف الْمَذْكُور أَي إِن الممدوح كثير الْقَتْل وَهُوَ غير آثم لِأَنَّهُ لَا يضع الشَّيْء إِلَّا فِي مَوْضِعه كَمَا أَن حد السَّيْف كثير الْقَتْل وَهُوَ غير آثم كَقَوْل الطَّائِي فِي الرماح (إنْ أجْرَمتْ لمْ تَنَصَّلْ منْ جَرَائِمها ... وَإنْ أساءَتْ إِلَى الأقْوَامِ لمْ تُلَم) 21 - الْإِعْرَاب فِي تحرج ضمير يرجع إِلَى الممدوح الْغَرِيب التحرج الْكَفّ عَن الشَّيْء والإمساك عَنهُ وحقن الدِّمَاء حفظهَا وَتركهَا فِي أبدانها الْمَعْنى يُرِيد أَنه يريق دِمَاء الْأَعْدَاء وَلَا يحفظها فَكَأَنَّهُ يرى ترك رَأس عدوه على جِسْمه مثل مَا يقتل نفسا بِغَيْر حق فَهُوَ يتحرج من هَذَا كَمَا يتحرج من ذَاك 22 - الْغَرِيب الحزم قُوَّة الرَّأْي وَالتَّدْبِير الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو ضيع الحزم مرّة من الدَّهْر لضيعه بتسليط الْجُود على مَاله وبتدبره فِي طلب الْمجد فَكَانَ تضييعه بالتدبر مِمَّا يبْنى بِهِ الْمجد وَالْمعْنَى لَو أَرَادَ ترك الحزم لم يُمكنهُ وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (تَعَوَّدَ بَسْطَ الكَفْ حَتَّى لَوَانَّهُ ... ثَناها لِقَبْضٍ لمْ تُطِعْهُ أنامِلُهْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 - الْإِعْرَاب يتَعَلَّق الظّرْف بوجدنا وَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله مَعَ الحزم أَي وَجَدْنَاهُ مَعَ الحزم وَفِي الْحَرْب الْغَرِيب الْقدَم الْإِقْدَام الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ عِنْده غير التَّقَدُّم كَقَوْلِهِم تحيتك الضَّرْب وعتابك السَّيْف أَي عنْدك السَّيْف مَكَان العتاب وَالضَّرْب مَكَان التَّحِيَّة فَلَو أَرَادَ التَّأَخُّر كَانَ تَأَخره تقدما أَي لَو أَرَادَ تأخرا لأخره الطَّبْع الْكَرِيم عَن التَّأَخُّر إِلَى التَّقَدُّم 24 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا غضب على مجرم لأجل جرم جناه تجاوزت غضبته قدر المجرم فَكَانَت أعظم مِنْهُ فإمَّا احتقره فَلم يُجَازِهِ وَإِمَّا جازاه فَتَجَاوز عَن قدر جرمه فَأَهْلَكَهُ قَالَ الواحدي هَذَا هوس لَا يُسَاوِي ذكره وَالْمعْنَى بلغت رَحمته إِلَى أَنَّهَا تكَاد تحيي الْعِظَام الْميتَة أَي فضلت عَن الْأَحْيَاء وَأدْركت الْأَمْوَات وغضبه فضل عَن صَاحب الجرم فضلَة هِيَ للجرم مفنية يَعْنِي أَنه يهْلك بغضبته المجرم ويفنى ذَلِك الَّذِي جناه حَتَّى لَا يجنى أحد تِلْكَ الْجِنَايَة وَلَا يَأْتِي بِمثل ذَلِك الجرم خوفًا من غَضَبه فغضبه يفنى المجرم وجرمه الْمَعْنى يَقُول هُوَ رَقِيق الْوَجْه لكرمه وحيائه فَلَو نظر إِلَيْهِ نَاظر لظهر أثر ذَلِك النّظر على رقة وَجهه كأثر الْخَتْم ثمَّ لَا يذهب ذَلِك الْأَثر وَلَا يمحى 26 - الْإِعْرَاب أسكن الغواني ضَرُورَة لِأَنَّهَا مفعول أذاق الْغَرِيب الغواني جمع غانية وَهِي الَّتِي غنيت بحسنها عَن الحلى وَقيل بزوجها وَقيل الَّتِي غنيت بِبَيْت أَبَوَيْهَا فَلم يَقع عَلَيْهَا سباء والصرم الِاسْم من صرمت الرجل إِذا قطعت كَلَامه وأصل الانصرام الِانْقِطَاع الْمَعْنى يَقُول هُوَ عفيف تعشقه النِّسَاء ويعف فَلَا يواصلهن فيكافهن عني بِمَا فعلن بِي 27 - الْغَرِيب الفدى يقصر إِذا فتحت الْفَاء وَإِذا كسرت قصر وَمد والغبراء الأَرْض والأبى بِمَعْنى الآبي وَهُوَ الَّذِي يَأْبَى الدنايا والجائد الْفَاعِل من جاد يجود وَالْقَرْمُ السَّيِّد وَأَصله الْبَعِير المكرم الَّذِي لَا يحمل عَلَيْهِ بل يكون للفحلة الْمَعْنى يَقُول كل من على الأَرْض يفدون هَذَا الممدوح وأولهم أَنا لِأَنَّهُ سيدهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 - الْغَرِيب حَال منع ورد وَالْعرب وَالْعرب وَاحِد كالسقم والسقم وَكَذَلِكَ الْعَجم والعجم الْمَعْنى يَقُول أَخَاف الْجِنّ وَالْإِنْس سَيْفه فحال بَينهم وَبَين أَن يأمنوه فَكيف ظَنك بالعرب والعجم 29 - الْغَرِيب أرهب أَخَاف والجزع الْخَوْف والفزع وَيُقَال فَحم وفحم بِالتَّحْرِيكِ والسكون وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا يجوز فِيهِ سوى فتح الْحَاء وَأنْشد للنابغة (كالهَبرِ فيّ تَنَحَّى يَنْفُخُ الفَحَما ... ) وَيُقَال فحيم أَيْضا وَأنْشد أَبُو عبيد (وَإذْ هيَ سَوْداءُ مثْلُ الفَحْيمِ ... تُغَشّى المَطانِبَ وَالمَنْكِبا) الْمَعْنى يَقُول كل من رَآهُ هابه حَتَّى لَو أَنه نظر إِلَى درعه لذابت جزعا من خَوفه وَجَرت جرى المَاء وَهُوَ من قَول آخر (لَوْ صالَ منْ غَضَبِ أَبُو دُلَفٍ عَلى ... بِيضِ السُّيُوفِ لَذُبْنَ فِي الأغمادِ) 30 - الْمَعْنى يَقُول جاد بالأموال فَأكْثر فلولا أننا رَأَيْنَاهُ صَاحِيًا لقلنا كريم هيجته الْخمر فتكرم شاربا وبعثته الْخمر على الْكَرم وجانس بَين الْكَرِيم وَالْكَرم وَهُوَ من قَول البحتري (صَحَا وَاهْتزَّ لِلْمَعْرُوفِ ... حَتَّى قِيلَ نَشْوَانُ) 31 - الْإِعْرَاب ارْتَفع الحاسدون عطفا على الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي أطعناك وَحسن الْعَطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع من غير تَأْكِيد طول الْكَلَام كَقَوْلِه تَعَالَى {لَو شَاءَ الله مَا اشكرنا وَلَا آبَاؤُنَا} وَقَوله {الحاسدو} حذف النُّون لِأَنَّهُ شبهه بِالِاسْمِ الْمَوْصُول كَأَنَّهُ قَالَ وَالَّذين حسدوك وَقد جَاءَ مثله فِي الشّعْر الفصيح قَالَ عبيد بن الأبرص (وَلَقدْ يَغْنَى بِهِ جِيرَانُكِ المُمسِكُو ... مِنْكِ بِأسْبابِ الوِصالْ) أَرَادَ الممسكون وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 (الحَافِظُو عَوْرَةَ العشيرَة لَا ... يَأتِيهِمُ مِنْ وَرَائهِمْ وَكْفُ) أَرَادَ الحافظون لذَلِك نصب الْعَوْرَة وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن والمقيمي الصَّلَاة بِالنّصب الْمَعْنى يَقُول أطعناك نِهَايَة الطَّاعَة شَهْوَة منا وأطاعك حاسدوك رغما خوفًا مِنْك قَالَ الواحدي أطعناك كَمَا أطاعك الدَّهْر وَيجوز أَن يكون أطعناك كَمَا نطيع الدَّهْر وَلَا يَنْفَكّ أحد عَن طَاعَة الدَّهْر 32 - الْغَرِيب الْوَهم الظَّن تَقول وهمت فِي الشَّيْء بِالْفَتْح أهم وهما إِذا ذهب وهمك إِلَيْهِ وَأَنت تُرِيدُ غَيره ووهمت فِي الْحساب بِالْكَسْرِ أوهم وهما إِذا غَلطت فِيهِ الْمَعْنى يَقُول وثقنا بِأَن تُعْطِينَا لما تحققنا من جودك فَلَو لم تُعْطِنَا لظننا أَنَّك قد أَعطيتنَا 33 - الْغَرِيب التقريظ مدح الرجل حَيا والتأبين مدحه مَيتا وَأَرَادَ وَظن الَّذِي يدعوني فَحذف الْمَفْعُول وَحذف الْمَفْعُول كثير فِي الْكَلَام الْمَعْنى يَقُول قد عرفت بالثناء عَلَيْك حَتَّى صَار كَأَنَّهُ اسْم لي قَالَ أَبُو الْفَتْح أَنا أمدحك بالشعر فَيَقُول النَّاس هَذَا شَاعِر الْأَمِير فاشتق لي من مدحك اسْم وَهَذَا الْمَعْنى من قَول النَّاس من أَكثر من شَيْء عرف بِهِ وَقد قَالَ جَعْفَر بن كثير لجميل قد مَلَأت الْبِلَاد بِذكر بثينة وَصَارَ اسْمهَا لَك نسبا وَإِنِّي لأظنها حَدِيدَة العرقوب دقيقة الظنوب وَقد نَقله أَبُو الطّيب من البحتري (وَما أَنا إلاَّ عَبْدُ نِعْمَتكِ الَّتي ... نُسِبتُ إِلَيْهَا دُونَ رَهْطِي وَمعْشرِي) 34 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول قد نلْت بجودك كل مَا أردْت وَلما أدْركْت ذَلِك طمعت فِيمَا لَا ينَال لِأَن من نَالَ مَا أَرَادَ طمع فِيمَا وَرَاءه مِمَّا لَا يَنَالهُ وَلم يزل بِي هَذَا الطمع حَتَّى صرت أطع فِي إِدْرَاك النُّجُوم كَمَا قَالَ البحتري (لمَ لَا أمُد يَدِي كَيماَ أنالَ بِها ... زُهْرَ النُّجُومِ إِذا مَا كُنْتَ لي عَضُدَا) 35 - الْغَرِيب الْقرن كُفْء الرجل فِي شجاعنه والجائزة مَا يعطاها الشَّاعِر والكلم الْجرْح الْمَعْنى يَقُول إِذا أجزيتني أَعْطَيْتنِي جَائِزَة وَهِي الْعَطاء فَكل لي ذَهَبا فِي جرح الْقرن إِذا نازلته وجرحته يُرِيد أَنَّك وَاسع الضَّرْبَة فَأعْطى مِقْدَار مَا تسع الضَّرْبَة من الذَّهَب 36 - الْغَرِيب النخوة الْكبر يُرِيد تكبره عَن الدنايا وَعَما يورثه عَيْبا وَيَمِينه ويمان نِسْبَة إِلَى الْيمن والمازق الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول تكبرك عَن النقائض ونفسك الَّتِي ترمي بهَا أبدافي المضايق من الْحَرْب يأبيان ذمِّي لَك يُرِيد لَا مَوضِع للذم فِيك لِأَنَّك مترفع عَن كل مَا يزرى بك لِأَنَّك كريم شُجَاع 37 - الْغَرِيب الْقرى الظّهْر والمكمن المخفي والمستتر والدهم الْكَبِير الْمَعْنى يَقُول كم من قَائِل يَقُول لَو كَانَ جسمك على قدر نَفسك وهمتك لسترت وَرَاء ظهرك عسكرا عَظِيما 38 - الْإِعْرَاب نصب الأَرْض بأعنى تَقْدِيره وقائله أعنى الأَرْض وتعجبا مصدر فِي مَوضِع الْحَال الْمَعْنى يَقُول تعجبت الأَرْض وَقَالَت على رجل ثقيل حلمه كثقلى يصف رزانته وَثقل حلمه 39 - الْإِعْرَاب نصب عظما على الْمصدر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح نَصبه بعظمت على الْحَال كَقَوْلِك أقبل زيد ركضا فَكَأَنَّهُ قَالَ تعظمت متعظما عَن الْعظم الْمَعْنى تعظمت عظما عَن الْعظم أَي وَهَذَا هُوَ الْعظم لَا طلب الْعظم وَقَالَ الواحدي أَنْت عَظِيم الْقدر وَالنَّفس والهمة فَلم يكلمك النَّاس مهابة لَك فَلَمَّا هابوك تواضعت عَن تِلْكَ العظمة وَهُوَ العظمة لِأَن تواضع الشريف عَن شرفه أشرف من شرفه وَقَوله عظما عَن الْعظم أَي تَعَظُّمًا عَن التعظم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 - 1 الْغَرِيب الْعَافِي الدارس الذَّاهِب عَفا درس والهمم جمع همة والقدم خلاف الْحُدُوث الحديث: 238 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن مَعْنَاهُ فَقَالَ أَحَق مَا صرف إِلَيْهِ بكاءك همم النَّاس لِأَنَّهَا قد عفت ودرست فَصَارَ أحدثها عهدا قَدِيما وَقَالَ الْخَطِيب أَحَق عاف بِأَن يبكي عَلَيْهِ همم الْكِرَام لِأَنَّهَا قد عفت كَمَا تَعْفُو الربوع فَهِيَ أَحَق بدمعك من كل الدراسات وَجعل الْقدَم أحدث الْأَشْيَاء عهدا بالهمم أَي دروسها قديم فَلَا همم فِي الأَرْض وَقَالَ الواحدي أولى ذَاهِب دارس ببكائك الهمم الَّتِي قد درست وَذَهَبت أَي إِنَّهَا أولى بالبكاء من الدمن والأطلال ثمَّ ذكر قدم وجودهَا بالمصراع الثَّانِي فَقَالَ لَا عهد لأحد بالهمم لِأَن المحدثات تتأخر عَن الْقدَم وَإِذا كَانَ الْقدَم أحدث الْأَشْيَاء عهدا بهَا فَلَا عهد بهَا لأحد وَهَذَا كَمَا تَقول أحدث النَّاس عهدا بهَا آدم دلّ هَذَا على أَنه لَا عهد بهَا لأحد من النَّاس 2 - الْغَرِيب أصل الْفَلاح الْبَقَاء ثمَّ كثر اسْتِعْمَاله فِي كل خير حَتَّى جعلُوا سَعَة الرزق فلاحا وَقَضَاء الْحَاجة فلاحا الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا يرْتَفع النَّاس بِخِدْمَة الْمُلُوك وينالون بهَا الرّفْعَة وَالْعرب إِذا ملكهم الْعَجم لم يفلحوا لما بَينهمَا من التنافر والتباين وَاخْتِلَاف الطباع واللغة 3 - الْغَرِيب الْحسب الْكَرم وَالْمَال والذمم جمع ذمَّة وَهِي الْأمان وَالْعقد الْمَعْنى يَقُول مُلُوك الْعَجم لَا أدب لَهُم وَلَا عهود وَلَا يرعون ذمَّة 4 - الْغَرِيب الْأُمَم جمع أمة وَهِي الطَّائِفَة من النَّاس الْمَعْنى يُرِيد العبيد الَّذين كَانُوا يؤمرون على النَّاس من الأتراك وَغَيرهم الَّذين كَانُوا أُمَرَاء 5 - الْغَرِيب الْخَزّ ثِيَاب تعْمل من الإبريسم لَا يخالطها قطن وَلَا كتَّان وَلَا تعْمل إِلَّا بِالْكُوفَةِ وَكَانَت تعْمل بِالريِّ قَدِيما الْمَعْنى يَقُول صَار يتكبر حَتَّى أَنه يرى الخرخشنا وَكَانَ قبل يلبس الصُّوف حافيا طَوِيل الْأَظْفَار 6 - الْمَعْنى يَقُول حسادي معذورون فِي حدسهم لي وَأَنا لَا أنكر أَنِّي عُقُوبَة عَلَيْهِم لأَنهم يظْهر نقصهم بزيادتي عَلَيْهِم بفضلى وهم معاقبون بتقدمي عَلَيْهِم فَأَنا غيظ لَهُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 - الْغَرِيب الْعلم هُوَ الْجَبَل المنيف أَرَادَ بِهِ هُنَا شهرته فِي النَّاس والهامة الرَّأْس الْمَعْنى هَذَا يُؤَكد مَا قدم من عذرهمْ فِي الْحَسَد لَهُ أَي كَيفَ لَا يحسدون من صَار كَالْعلمِ فِي كل فضل واشتهر وَصَارَ الْمشَار إِلَيْهِ وَعلا النَّاس كلهم فَصَارَت قدمه فَوق الرُّءُوس يُرِيد علو دَرَجَته وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (واْعْذُرْ حَسُودَكَ فِيما قدْ خُصِصْتَ بِهِ ... إنَّ العُلا حَسَنٌ فِي مِثْلِهَا الحَسَدُ) 8 - الْغَرِيب أبسأ الرِّجَال آنسهم بِهِ تَقول بسأت الرجل وبسئت بِهِ بسئا وبسوءا إِذا استأنست بِهِ وناقة بِسوء لَا تمنع الحالب والبهم الْأَبْطَال الْوَاحِد بهمة وَهُوَ الْفَارِس الَّذِي لَا يدْرِي من أَن يُؤْتى من شدَّة بأسه الْمَعْنى يَقُول يهابه أنيسه الَّذِي لَا يُفَارِقهُ وإلفه الَّذِي يألفه فَكيف لَا يحْسد من كَانَ من الهيبة بِحَيْثُ يهابه أنيسه وإلفه وَمن الشجَاعَة بِحَيْثُ تهابه الْأَبْطَال 9 - الْغَرِيب كفاني بِمَعْنى منعنى وَجعل الْكَرم مَالا كَقَوْلِك لَا مَال لزيد إِلَّا الْكَرم فأقامه مقَام المَال الْمَعْنى يَقُول منع عني الذَّم كرمي لِأَنِّي أبذل المَال وأصون بِهِ الْكَرم وَلما جعل الْكَرم مَالا كَانَ يصونه وَيبْخَل بِهِ كَمَا يبخل الْبَخِيل بِالْمَالِ وصيانة الْكَرم بذل المَال 10 - الْغَرِيب اللئام جمع لئيم وَهُوَ الْبَخِيل والعدم الْفقر الْمَعْنى يَقُول لؤم الْغنى يكسبه المذمة لَو كَانَ عَاقِلا وَلَو كَانَ فَقِيرا لسقط عَنهُ المذام لِأَن فقره يقطعهَا عَنهُ وَلَا يظْهر لؤمه لِأَنَّهُ يقْصد والغنى يتَّصل بِهِ الأطماع واللؤم يمْنَع من تحقيقها فَيتَوَجَّه عَلَيْهِ الذَّم وَقَوله يجنى أَي يكْسب لَهُم المذمة 11 - الْغَرِيب التأم الْجرْح إِذا التحم وانسد الْمَعْنى يَقُول اللئام عبيد لأموالهم يخدمونها لأَنهم يتعبون فِي حفظهَا وَجَمعهَا وَكَأن الْأَمْوَال لَيست لَهُم لِأَنَّهَا رُبمَا أَصَابَهَا حَادث فِي حَال حياتهم فَلَا يَنْتَفِعُونَ بهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 وَرُبمَا تصير للْوَارِث فَلَيْسَتْ لَهُم لأَنهم لَا يَكْسِبُونَ بهَا محمدة فِي الدُّنْيَا وَلَا أجرا ومثوبة فِي الْآخِرَة فهم للأموال وَلَيْسَت لَهُم وَبِهَذَا يُوصف اللَّئِيم المكثر كَقَوْل حَاتِم (إذَا كانَ بَعْضُ المالِ رَبَّا لأهْلِهِ ... فَإني بِحَمْدِ اللهِ مَالِي مُعَبَّدُ وَقَالَ الآخر (ذرِيِني أكُنْ لِلْمالِ رَبَّا وَلا يَكُنْ ... لِيَ المَالُ رَبَّا تَحْمَدِي غِبَّهُ غَدَا) وَقَالَ أَبُو نواس (أنْتَ لِلْمالِ إذَا أمْسَكْتَهُ ... فإذَا أنْفَقْتَهُ فالمالُ لَكْ) وَقَالَ المَخْزُومِي (إنَّ رَبَّ المالِ آكِلُهْ ... وَهْوَ لِلْبُخَّالِ أكَّالُ) وَقَوله الْعَار أبقى من الْجرْح لِأَن الْجرْح يبرأ وَيذْهب والعار لَا يذهب وَلَا يَزُول قَالَ أَبُو الْفَتْح أحسن أَحْوَالهم أَن تصير أَمْوَالهم إِلَى الْوَرَثَة وَرُبمَا سر الْوَارِث بِمَوْتِهِ كَمَا قَالَ (يَبْكي الغَرِيبُ عَلَيْهِ لَيسَ يَعْرِفُهُ ... وّذُو قَرَابَتِهِ فِي الحيّ مَسْرُورُ) 12 - الْإِعْرَاب الْكَاف فِي مَوضِع نصب خبر كَانَ أَي مثل على وَهُوَ يبتسم جملَة ابتدائية فِي مَوضِع الْحَال الْمَعْنى يَقُول من أَرَادَ الْمجد وَهُوَ الرّفْعَة وَحسن الذّكر فَلْيَكُن مثل هَذَا الممدوح يهب الْألف مُبْتَسِمًا للوفاد يلقاهم بالطلاقة والبشر 13 - الْإِعْرَاب يُرِيد أَصْحَاب الْخَيل كل طعنة نَافِذَة فَحذف للْعلم بِهِ الْغَرِيب الوحاء السرعة يمد وَيقصر وَتقول توح يَا هَذَا أَي أسْرع الْمَعْنى إِن المطعون لَا يحس بالطعنة أَي بألمها لِأَنَّهَا تقتله من قبل أَن يصل إِلَيْهِ الْأَلَم وَلَا ألم بعد الْمَوْت قَالَ أَبُو الْفَتْح لم تُوصَف الطعنة بوحاء أسْرع من هَذَا وَقد قَالَ غَيره فِي السَّيْف (تَرَى ضَرَباتِهِ أبَداً خِطابا ... إِلَى أنْ يَسْتَبينَ لَهُ قَتِيلُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا حمل هَذَا الْبَيْت على صِحَة الظَّن كَانَ كَمَا قَالَ أَوْس بن حجر (الأَلَمعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّنَّ ... كأنْ قَدْ رَأى وَقَدْ سَمِعا) أَي هَذَا الممدوح لَا ينْدَم لِأَنَّهُ لَا يفرط فِي الْأُمُور وَإِنَّمَا ينْدَم من ضيع حزمه وَقت الْمَنْفَعَة وَقد شرح هَذَا الْغَرَض من قَالَ (إِذا أنتَ لمْ تَزْرَعْ وأبصرْتَ حاصِدا ... نَدِمْتَ على التَّفرِيطِ فِي زَمنِ البَذْرِ) والموقع هَهُنَا مصدر بِمَعْنى الْوُقُوع 15 - الْإِعْرَاب الْأَمر وَمَا عطف عَلَيْهِ ابْتِدَاء وَخَبره الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ مُتَعَلق بالاستقرار الْغَرِيب السلاهب جمع سلهبة وسلهب وَهُوَ الْفرس الطَّوِيل الذَّنب والحشم أَتبَاع الرجل الَّذين يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه 16 - الْغَرِيب السطوات جمع سطوة وَهِي الْقَهْر بالبطش والفصم الْكسر من غير أَن يبين تَقول فصمته فانفصم قَالَ الله تَعَالَى {لَا انفصام لَهَا} وَقَالَ ذُو الرمه يشبه غزالا نَائِما بدملج فضَّة (كأنَّهُ دُمْلُجُ مِنْ فَضَّةٍ نَبَهٌ ... فِي مَلعبٍ منْ جَوارِي الحَيّ مَفْصُومُ) الْمَعْنى يَقُول وَله السطوات الَّتِي سَمعهَا النَّاس فتكاد الْجبَال تتصدع لَهَا لشدّتها وهيبتها 17 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ الدَّاعِي فَحذف الْيَاء تَخْفِيفًا وَقد رَوَاهُ غير أبي الْفَتْح بِإِثْبَات الْيَاء وَقد حذف الْقُرَّاء يَاء الدَّاعِي فِي مَوَاضِع وأثبتوها فِي مَوَاضِع فَأثْبت أَبُو عَمْرو وورش عَن نَافِع الدَّاعِي فِي الْبَقَرَة {دَعْوَة الدَّاعِي إِذا دعان} وصلا وحذفاها وَقفا اتبَاعا للمصحف وَفِي سُورَة الْقَمَر {يدع الدَّاعِي} أثبتها وَقفا ووصلا البزي وأثبتها وصلا أَبُو عَمْرو وورش و {إِلَى الدَّاعِي} أثبتها فِي الْحَالين الْحَالين ابْن كثير وَفِي الْوَصْل نَافِع وَأَبُو عَمْرو وَحذف الْجَمِيع الْبَاقُونَ وصلا ووقفا اتبَاعا للمصحف الْغَرِيب أرعني سَمعك أَي أسمع مني واجعله لكلامي بِمَنْزِلَة الْموضع الَّذِي يرْعَى وبتصرف فِيهِ والصمم انسداد السّمع وَهُوَ الطرش الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 الْمَعْنى يَقُول هُوَ يسمع الدَّاعِي إِذا دَعَاهُ لنصرة أَو فعل مكرمَة فَهُوَ سميع عِنْد ذَلِك وَبِه صمم إِذا سمع الحنا وَهُوَ الْفُحْش من الْكَلَام 18 - الْإِعْرَاب غَرَائِبه نصب بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ خلقه يُرِيد إِذا خلق غَرَائِبه الْغَرِيب النسم جمع نسمَة وَهِي النَّفس وَالروح قَالَ (مَا صَوَّرَ اللهُ حِينَ صَوَّرَها ... فِي سائِرِ النَّاسِ مِثْلِها نَسْمَه) الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَاك كَيفَ يخلق الله النُّفُوس يعظم قدر مَا يَأْتِيهِ كَأَنَّهُ شبه أَفعاله بِأَفْعَال الله تَعَالَى وَقَالَ الْخَطِيب هَذَا الممدوح من ابتداعه غرائب المكارم يُرِيك من نَفسه مَا يدلك على قدرَة الله تَعَالَى أَنه يخلق النسم لِأَن الْمَخْلُوق إِذا قدر على خلق شَيْء كَانَ الْخَالِق أولى 19 - الْمَعْنى يُخَاطب صَاحِبيهِ وَيجوز أَن يكون خَاطب صَاحبه مُخَاطبَة الِاثْنَيْنِ وَهِي من عَادَة الشُّعَرَاء أَي إِنِّي عدلت إِلَى زِيَارَة رجل لَو جئتما تسألانه يكَاد يَنْقَسِم بَيْنكُمَا فَصَارَ لكل وَاحِد مِنْكُمَا نصفه إِن سألتماه نَفسه وَهَذَا مُبَالغَة فِي الْكَرم 20 - الْغَرِيب الشنف مَا كَانَ فِي أَعلَى الْأذن والقرط مَا كَانَ فِي الشحمة والخدم جمع خدمَة وَهِي الخلخال الْمَعْنى يَقُول عدلت إِلَى زيارته بعد مَا وصل إِلَى عطاؤه فصغت لمن أحب الشنوف والخلاخيل أَي إِن مواهبه وعطاياه وصلت إِلَى قبل زيارته 21 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه أَجود النَّاس وأفصحهم فَمَا بذلت يَد مَا يجود بِهِ وَلَا لِسَان يتَكَلَّم بِمَا يَقُول 22 - الْإِعْرَاب بَنو العفرني مُبْتَدأ وَخَبره الْأسد ومحطة بدل من العفرني وَلكنه لم يصرفهُ لكَونه جد الممدوح والأسد صفة لمحطة الْغَرِيب العفرني من أَسمَاء الْأسد وَأَصله من العفر لِأَنَّهُ يعفر صَيْده لقُوته وَالنُّون وَالْألف للإلحاق بسفرجل وناقة عفرناة قَوِيَّة قَالَ الشَّاعِر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 (حَمَّلْتُ أثْقالِي مُصَمِّماتها ... غُلْبَ الذَّفارَى وَعَفَرْ نِياتِها) والأجم جمع أجمة وَهِي خيس الْأسد وبيته الْمَعْنى يَقُول بَنو محطة الْأسود يُقَال إِن الْمَنْصُور ضرب عنق محطة هَذَا على الْإِسْلَام عرض الْإِسْلَام عَلَيْهِ فَلم يسلم فَقتله أَي أَنْتُم أسود لَكِن رماحكم الآجام الَّتِي تمتنعون بهَا عَن الْأَعْدَاء كَمَا تمْتَنع الْأسد بالجمة من الْأسد فَهِيَ بدل لَهُم من الآجام كَقَوْل حبيب (آسادُ مَوْتٍ مُخَدَّرَاتٌ مالَها ... إلاَّ الصَّوَارِم وَالقَنا آجامُ) وَكَقَوْلِه أَيْضا (أُسْدُ العَرِينِ إذَا مَا المَوْتُ صَبَّحها ... أوْ صَبَّحَتْهُ وَلكنْ غابُها الأسَلُ) وكقول عَليّ بن جبلة (كَأنَّهُمْ وَالرّماح شائِلَةٌ ... أًسْدٌ عَلَيْها أظَلَّتِ الأجَمُ) وروى الْخَوَارِزْمِيّ محطة بالخفض جعله من الْحَط وَهُوَ الْوَضع أَي أَنه يخط الْأسد عَن مَنْزِلَته وشجاعته 23 - الْغَرِيب النحور جمع نحر وَهُوَ مَوضِع القلادة والكماة جمع كمي وَهُوَ الْمُسْتَتر فِي سلاحه والحلم الْبلُوغ قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم} وعلامات الْبلُوغ الشَّرْعِيّ ثَلَاث الإنبات وبلوغ السن خمس عشرَة سنة وَقيل سبع عشرَة وَقيل ثَمَانِي عشرَة سنة وَأَن يرى فِي النّوم أَنه بِجَامِع فَينزل المَاء وَأخذ عمر ابْن عبد الْعَزِيز بِخمْس عشرَة وَقَالَ هُوَ حد الْبلُوغ وَفرض الْعَطاء لمن بلغ خمس عشرَة سنة أخذا بِحَدِيث عبد الله بن عمر عرضت على رَسُول الله فِي أحد فردني وَكَانَ عمري أَربع عشرَة سنة ثمَّ عرضت عَلَيْهِ فِي الخَنْدَق فأجازني ولي خمس عشرَة سنة الْمَعْنى يَقُول بُلُوغ الْغُلَام عِنْدهم أَن يحمل على الْأَعْدَاء فِي الْحَرْب فيطعنهم فَهَذَا حد الْبلُوغ عِنْدهم وَهُوَ من قَول أبي دلف (عَلامَةُ القَوْم فِي بُلُوغِهِمُ ... أنْ يُرْضِعُوا السيَّفَ مُهْجةَ البَطلِ) وكقول يحيى بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن (خَرَجْنا نُقيمُ الديّنَ بَعْدَ اعْوِجاجه ... سَوِيَّا وَلمْ نَخْرُجْ لجَمْعِ الدَّرَاهِمِ) (إِذا أحْكَمَ التَّنزِيلُ وَالحِلْمُ طِفْلنا ... فَإن بَلُوغَ الطِّفلِ ضرْبُ الجماجِمَ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 - الْغَرِيب الندى الْكَرم والهرم الْكبر وَالْعجز عَن التَّصَرُّف الْمَعْنى يَقُول كرمهم مَوْجُود مَعَهم فهم أجواد فِي أَوَائِل أعمارهم وأواخرهم وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (عرِيقُونَ فِي الإفْضَالِ يُؤْتَنفُ النَّدَى ... لِناشِئهمْ منْ حَيثُ يؤتنَفُ العُمُرُ) 25 - الْغَرِيب الصنيعة مَا يصنعون من الْمَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول إِذا عَادوا فَإِنَّهُم يظاهرون بالعداوة وَلَا يأْتونَ الْعَدو على غرَّة وغفلة وَإِذا اصطنعوا صَنِيعَة أخفوها وَلم يفتخروا بهَا لِأَن صنائعهم كَثِيرَة 26 - الْغَرِيب الِاعْتِدَاد مَا يعْتد بِهِ الْمَعْنى يُرِيد أَنهم لَا يعتدون بصنيعهم وإنعامهم كَأَنَّهُمْ لم يعلمُوا بذلك لتناسيهم وغفلتهم عَنهُ كَقَوْل الخريمي (زَادَ مَعْرُوفَكَ عِندِي عَظَما ... أنَّهُ عِنْدَكَ مَسْتُورٌ حَقِيرْ) (تَتناساهُ كأنْ لمْ تَأْتِهِ ... وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مَشْهُورٌ كَبير) وكقول يزِيد بن حمَار (وَمِنْ تَكَرُّمِهِمْ فِي المْحلِ أنَّهُمُ ... لَا يَعْلَمُ الجارُ فيهمْ أنّهُ الجارُ) 27 - الْغَرِيب برقوا خوفوا وتهددوا والحتوف جمع حتف وَهُوَ الْهَلَاك الْمَعْنى يَقُول إِذا هددوا الْأَعْدَاء حضر هلاكها وَإِن تكلمُوا رَأَوْا الصَّوَاب وَالْحكمَة 28 - الْغَرِيب الْغمُوس هِيَ الْيَمين الَّتِي من كذب فِيهَا غمسته فِي الْإِثْم الْمَعْنى إِذا حلفوا بِيَمِين يخَافُونَ فِيهَا الْإِثْم عِنْد الْحِنْث حلفوا بخيبة سائلهم لِأَنَّهَا أعظم شَيْء عَلَيْهِم كَقَوْل الأشتر النَّخعِيّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 (بَقَّيْتُ وَفْرى وَانحرَفْتُ عَن العُلا ... وَلَقِيتُ أضْيافي بِوَجْهِ عبُوسٍ) (إنْ لمْ أشُنَّ على ابنِ هِنْد غارَةً ... لمْ تَخْلُ يوْما مِن ذَهابِ نُفُوسٍ) 29 - الْمَعْنى أَنهم إِذا ركبُوا الْخَيل عريا لِكَثْرَة مَا يطرقهم المستغيث لَيْلًا أَو نَهَارا فَلم يمهلهم حَتَّى يسرجوا خيلهم فهم قد تعودوا ركُوبهَا عريا وَصَارَت أَفْخَاذهم حزما لَهَا تمنعهم من الْوُقُوع إِذا أجروها كَمَا يمْنَع الحزام السرج أَن يَقع فَيَقَع الرَّاكِب 30 - الْغَرِيب اللاقح الْحَرْب الشَّدِيدَة شبهت بالناقة إِذا حملت والدارعون لَا بسو الدرْع الْمَعْنى يَقُول إِذا شهدُوا الْحَرْب الشَّدِيدَة تحكموا فِي أَرْوَاح الْأَبْطَال فَقتلُوا من أَرَادوا 31 - الْغَرِيب عرض الرجل مَوضِع الذَّم والمدح والشيم الْخَلَائق واحدتها شِيمَة الْمَعْنى يَقُول كَأَن أعراضهم خلائق تشرق فِي أنفسهم وَهَذَا وصف لَهُم بِبَقَاء الْأَعْرَاض وَالْوُجُوه وَالْخَلَائِق قَالَ ابْن وَكِيع وَهَذَا من قَول أبي الطمحان (أضَاءَتْ لهمْ أحْسابُهُمْ وَوُجُوهم ... دُجَى اللَّيلِ حَتَّى نَظَّمَ الجزْعَ ثاقبُه) وَمن قَول الآخر (فإنْ كانَ خَطب أوْ ألَّمتْ مُلمَّةٌ ... كَفى خابِط الظَّلْماءِ فَقْدَ المصَابِحِ) 32 - الْغَرِيب الْبحيرَة هِيَ بحيرة طبرية مَوضِع بِالشَّام وبحيرة تَصْغِير بحرة وَهِي الواسعة وَلَيْسَت تَصْغِير بَحر لِأَن الْبَحْر مُذَكّر قَالَ الله تَعَالَى {وَالْبَحْر يمده من بعده} والغور مَوضِع بِالشَّام وكل مَا انخفض من الأَرْض يُسمى غورا والشيم الْبَارِد الْمَعْنى يَقُول لولاك لم أترك الْبحيرَة وماؤها بَارِد فِي الْحر والغور بلدك دفىء فلولاك مَا جِئْت الْغَوْر لِأَنَّهُ حَار 33 - الْإِعْرَاب مزبدة حَال من الفحول وتهدر الضَّمِير للموج وَبهَا وفيهَا الضميران للبحيرة وَقَالَ قوم يجوز أَن تكون مزبدة حَالا من الموج أَو الْبحيرَة أَي الْبحيرَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 مزبدة فَيكون كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ أَوْحَينَا إِلَيْك أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} فَجَاز أَن يكون الْحَال من إِبْرَاهِيم أَو من مُحَمَّد الْغَرِيب هدر الْفَحْل إِذا هاج وَأخرج زبده والقطم شَهْوَة الضراب وَمِنْه فَحل قطم والموج جمع موجة فَلهَذَا قَالَ كالفحول كَقَوْلِه تَعَالَى {موج كالظلل} الْمَعْنى يصف الْبحيرَة وَيذكر موجها وَأَنه يهدر وَيزِيد كهدير الْفَحْل من غير قطم وشهوة ضراب 34 - الْغَرِيب الْحباب طرائق المَاء والأبلق مَا كَانَ فِيهِ سَواد وَبَيَاض وَشبههَا ببلق الْخَيل لِأَن زبده أَبيض وَمَا لَيْسَ بمزيد فَهُوَ يضْرب إِلَى الخضرة الْمَعْنى شبه الطير على المَاء فِي حَال رفرفها وانغماسها فِيهِ بفرسان مضطربة على ظُهُور الْخَيل وَشبه الموج ببلق الْخَيل عِنْد اخْتِلَاف الأمواج وَقَوله {تخونها اللجم} أَي تقطع أعنتها فَهِيَ تذْهب حَيْثُ شَاءَت وَقَالَ أَبُو الْفَتْح تخونها فَهِيَ تكبو يُرِيد رفرفة الطير على المَاء ثمَّ انغماسها فِيهِ قَالَ الواحدي وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء لِأَن الْفرس إِذا انْقَطع لجامه لم يكب وَلَيْسَت الرفرفة والانغماس مِمَّا ذكر فِي الْبَيْت وَإِنَّمَا بناه على الكبو 35 - الْمَعْنى أَنه شبه الطير وَهِي يتبع بَعْضهَا بَعْضًا على وَجه المَاء إِذا ضربهَا الرّيح بجيشين هازم ومهزوم فالهازم يتبع المنهزم وَإِنَّمَا تنشط وَتَطير فَوق المَاء إِذا ضربتها الرّيح يُرِيد أَنَّهَا تضرب الموج فتهزمه ثمَّ تعود فَكَأَنَّهَا منهزمة من بَين يَدَيْهِ 36 - الْغَرِيب حف أحَاط بهَا وجنانها جمع جنَّة وَهِي الْبُسْتَان الْإِعْرَاب قَالَ الواحدي كَانَ حَقه أَن يَقُول حفه كَمَا روى فِي الحَدِيث حفت الْجنَّة بالمكاره الْمَعْنى شبه المَاء فِي صفائه وَقد أحَاط بِهِ سَواد الْجنان وخضرتها بقمر أحَاط ظلم وَخص النَّهَار لِأَن هَذَا الْوَصْف لَهَا بِالنَّهَارِ دون اللَّيْل وَشبه شدَّة الخضرة حولهَا بِالسَّوَادِ كَقَوْلِه تَعَالَى {مدهامتان} أَي سوداوان وَقَالَ حف بِهِ وَلم يقل حفه لِأَنَّهُ ضمنه معنى أحَاط فعداه تعديته كَقَوْلِه تَعَالَى {وَقد أحسن بِي إِذْ أخرجني} أَي لطف بِي وَكَقَوْلِه تَعَالَى {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} أَي يخرجُون عَن أمره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 - الْمَعْنى لما وصف الْبحيرَة ألغز فِيهَا فَقَالَ لَا عِظَام لَهَا وَهِي ناعمة الْجِسْم وبناتها السّمك أَي إِن الْبحيرَة مَاء والسمك بناتها فَهِيَ أمهن وَمَا لَهَا رحم وَهَذَا عجب 38 - الْغَرِيب يبقر يشق والبطن مُذَكّر وَحكى أَبُو حَاتِم تأنيثه لُغَة الْمَعْنى لما جعلهَا ناعمة الْجِسْم وَجعل لَهَا بَنَات كنى عَن اسْتِخْرَاج مَا فِيهَا من الْحَيَوَان بالصيد بالبقر وَهُوَ الشق 39 - الْغَرِيب جَادَتْ من الْجُود وَهُوَ الْمَطَر والديم جمع دِيمَة وَهِي الْمَطَر الدَّائِم فِي سُكُون الْمَعْنى يَقُول الطير تغني فِي جوانبها لما جادتها الديم وأنبتت الرَّوْض 40 - الْغَرِيب الماوية الْمرْآة شبهت بِالْمَاءِ لصفائها ومطوقة لَهَا طوق فضَّة أَو ذهب والغشاء الغطاء والغلاف الَّذِي تكون فِيهِ الْمرْآة والأدم جمع الْأَدِيم مثل أفق وأفيق وَقد يجمع على أدمة مثل رغيف وأرغفة الْمَعْنى أَنه شبه مَا حولهَا من الْجنان مَعَ صفاء المَاء بالمرآة المطوقة إِذا أخرجت من غلافها 41 - الْغَرِيب يشينها يعيبها والقزم هم رذال النَّاس والأدعياء هم الَّذين ينسبون إِلَى غير آبَائِهِم الْمَعْنى يَقُول عيب هَذِه الْبحيرَة أَنَّهَا فِي بلد أَهله لئام خساس 42 - الْمَعْنى يَقُول مدحكم لحسنه يثني عَلَيْكُم لِأَن فعلكم يمدحكم قبل أَن يَنْتَظِم فِي الشّعْر ويروى فِي الْعقل يُرِيد أَن النَّاس عقلوا مدحكم قبل أَن تكلمُوا بِهِ 43 - الْغَرِيب العهاد جمع عهد وَهُوَ الْمَطَر الَّذِي يكون بعد الْمَطَر وَيجمع أَيْضا على عهود وَقيل هِيَ أمطار بَعْضهَا فِي أثر بعض والمطرة الَّتِي تسم هِيَ الوسمى وَهِي الَّتِي تكون فِي أول السّنة فَهِيَ الَّتِي تسم الأَرْض بالنبات الْمَعْنى شبه مَا اتجه فيهم بأمطار متتابعة لِأَنَّهَا تنْبت لَهُ إنعامهم عَلَيْهِ وَأَرَادَ بِالَّتِي تسم هَذِه القصيدة 44 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أدعوكم وأسأل الله أَن يعيذكم من صروف الزَّمَان فَإِن الزَّمَان مولع بالكرام يفنيهم ويهلكهم وَمثله للبحتري (ألمْ ترَ لِلنَّوائِبِ كيْفَ تَسْمُو ... إِلَى أهْلِ النَّوافلِ وَالفُضُولِ) وأصل الْمَعْنى لحبيب (إِن ينْتحلْ حَدَثانُ الدَّهْرِ أنفسَكمْ ... وَيَسْلمِ النَّاسُ بينَ الحَوْضِ وَالعَطَنِ) (فالماءُ لَيْس عَجِيبا أنَّ أعْذَبَهُ ... يَفْنى وَيمْتدُّ عُمْرُ الآجِنِ الأَسِنِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 - 1 الْإِعْرَاب فؤاد خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَيجوز أَن يكون ابْتِدَاء مَحْذُوف الْخَبَر فَإِن عَنى نَفسه فتقديره لي فؤاد أَو فؤاد بَين جَنْبي وَإِن عَنى بِهِ غَيره فتقديره فؤاد لكل أحد أَو لكل إِنْسَان فؤاد والعموم أحسن قَالَ أَبُو الْفَتْح وَذَلِكَ لِأَن أَعمار أهل هَذَا الْعَصْر إِذا نسبت إِلَى الْقدَم فَإِنَّهَا كالشيء الحقير المتناهي فِي الْقصر الْغَرِيب سلوت عَنهُ سلوا وسليت بِالْكَسْرِ سليا وسلاني وأسلاني عَن همي تَسْلِيَة أَي كشفه وأذهبه وانسلى عَنهُ الْهم وتسلى انْكَشَفَ والمدام الْخمر واللئام جمع لئيم وَهُوَ الْبَخِيل الَّذِي جمع الشُّح ومهانة النَّفس والآباء الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن فورجة يَعْنِي أَن عرضي بعيد ومرامي مُتَعَذر إِذْ لست كالناس أرْضى بِمَا يرضون بِهِ ويلهني السكر ثمَّ قَالَ وَعمر مثل مَا تهب اللئام وَهَذَا تأسف مِنْهُ يَقُول لَو كَانَ الْعُمر طَويلا رَجَوْت أَن أدْرك أغراضي لطول الْعُمر وَلَكِن الْعُمر قصير ومدته قَليلَة فَهِيَ كَهِبَة اللئام يسيرَة حقيرة فَمَا أخوفني أَن لَا أدْرك طلبي بِقدر مَا أَجِدهُ من الْعُمر قَالَ وَكَأن هَذَا من قَول الطَّائِي (وَكأنَّ الأنامِلَ اعْتَصَرَتْهَا ... بَعْدَ كَدَّ منْ ماءِ وَجْهِ البَخيِل) الحديث: 239 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 - الْغَرِيب الجثة جسم الرجل وَقَالَ قوم لَا يُسمى جثة إِلَّا إِذا كَانَ قَاعِدا أَو قَائِما وَقيل جثة الرجل شخصه على سرج أورحل وَيكون معتما كَذَا نَقله أَبُو الْفَتْح وَقَالَ لم يسمع بِهَذَا والضخم الغليظ من كل شَيْء وَالْجمع ضخام وَالْأُنْثَى ضخمة وَالْجمع ضخمات بالتسكين لِأَنَّهُ صفة وَلَو كَانَ اسْما لحرك مثل جَفْنَة وجفنات الْمَعْنى يَقُول هُوَ فِي دهر أَهله صغَار الْقدر والهمم وَلَكنهُمْ غِلَاظ الْأَجْسَام يذمهم غَايَة الذَّم وَهُوَ كَقَوْل حسان (لَا عَيْبَ بِالقَوْمِ منْ طُولِ وَمن قِصرٍ ... جِسْمُ البِغالِ وَأحْلامُ العَصَافِيرِ) وَقَالَ الْعَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ (فَما عِظَمُ الرجالِ لَهُمْ بِفَخْرٍ ... وَلكِنْ فَخْرُهُمُ كَرَمٌ وَخِيرُ) 3 - الْغَرِيب الرغام التُّرَاب والمعدن مَوضِع الْإِقَامَة وعدن بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ وتوطنه وَلِهَذَا قيل لَهُ مَعْدن بِكَسْر الدَّال لِأَن النَّاس يُقِيمُونَ فِيهِ الْمَعْنى يَقُول مَا أَنا مِنْهُم وَإِن كنت حَيا مُقيما فيهم فَأَنا فَوْقهم كالذهب مقَامه فِي التُّرَاب وَهُوَ أشرف مِنْهُ 4 - الْغَرِيب الأرانب جمع أرنب وَهُوَ جنس من الْوَحْش صَغِير الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الْمَعْهُود فِي مثل هَذَا أَن يُقَال هم مُلُوك إِلَّا أَنهم فِي صُورَة الأرانب فتزايد وَعكس الْكَلَام مُبَالغَة فَجعل الأرانب حَقِيقَة لَهُم والملوك مستعارا فيهم وَهَذَا عَادَة لَهُ يخْتَص بهَا ثمَّ قَالَ هم وَإِن تفتحت عيونهم نيام من حَيْثُ الْغَفْلَة كالأرانب نيام مفتحة الْأَعْين كَمَا قَالَ (وَأنتَ إِذا اسْتَيْقَظْتَ أيْضاً فَنائمُ) وكقول أبي تَمام (أيْقَظْتَ نائمَهُمْ وَهَلْ يُغْنيهمُ ... سَهَرُ النَّواَظِرِ وَالعُيُونُ نِيامُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 هَذَا كَلَام أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي 5 - الْغَرِيب يحر يشْتَد من قَوْلهم حر يَوْمنَا يجر حرارة الْمَعْنى يَقُول أَكْثَرهم يَمُوت بالتخمة لَيْسَ لَهُم أَقْرَان إِلَّا الطَّعَام فَهُوَ يقتلهُمْ أَي إِنَّهُم من كَثْرَة الْأكل يتخمون فيموتون 6 - الْإِعْرَاب خيل مَعْطُوف على قَوْله بأجسام الْغَرِيب خر يخر سقط والثمام نبت ضَعِيف مَعْرُوف لَهُ خوص أَو شَبيه بالخوص وَرُبمَا حشى بِهِ وسد بِهِ خصاص الْبيُوت الْوَاحِدَة ثُمَامَة الْمَعْنى وبخيل لَا يخر لَهَا أَي لَا يسْقط لَهَا طعين لِأَنَّهَا لَا تلاقي عدوا وَلَا تخرج عَن موطنها 7 - الْغَرِيب الْخَلِيل الصّديق وَالْأُنْثَى خَلِيلَة والخليل أَيْضا الْفَقِير المختل الْحَال قَالَ زُهَيْر (وَإنْ أتاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ ... يَقُولُ لَا غائبٌ مالِي وَلا حَرِمُ) الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ لأحد صديق إِلَّا نَفسه فِي الْحَقِيقَة وَلَيْسَ من تَقول هُوَ خليلي خَلِيلًا لَك وَإِن كثر تملقه ولان لَك قَوْله 8 - الْغَرِيب الْحفاظ هُوَ الْمُحَافظَة على الْحُقُوق ورعى الذمام والحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول لَو ملكت الْمُحَافظَة على الْحُقُوق وَكَانَ الْإِنْسَان يُمَيّز بِلَا عقل وتمييز لَكَانَ السَّيْف لَا يقطع عنق صيقله وَالْمعْنَى أَنهم لَا عقل لَهُم وَلَيْسَ لَهُم حفاظ 9 - الْغَرِيب الطغام جمع طغامه وَهُوَ الْجَاهِل الَّذِي لَا يعرف شَيْئا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الطغام رذال النَّاس وسفلتهم وَقَالَ الْخَطِيب هُوَ الْجَاهِل وروى ابْن السّكيت أَن رجلا كَانَ يتَرَدَّد إِلَى أبي مهدية الْأَعرَابِي وَأَنه سَافر فَلَمَّا قدم قَالَ لَهُ أَبُو مهدية كَيفَ حَال النَّاس أَو نَحْو ذَلِك فَقَالَ لَهُ وَمَا الْحَال فَقَالَ أَبُو مهدية يَا طغامة لقد أحفيتني فِي المسئلة وَأَنت لَا تَدْرِي مَا الْحَال ولزمت ذَلِك الرجل الطغامة فَقَالَ فِيهِ بعض النَّحْوِيين (من كانَ يُعْجبُهُ الطَّغامَةُ كُلُّها ... فَعَلَيْه مَيْمُونا أَبَا الضَّحاكِ) (رَجُلاً تَجَمَّعَتِ الطَّغامَة كلهاُ ... فِيهِ وَحالَفَها بَرَاكِ بَرَاكِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 وَبَيت أبي الطّيب مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم الأشكال لاحقة بأشكالها كَمَا أَن الأضداد مباينة لأضدادها الْمَعْنى يَقُول الدُّنْيَا لَا عقل لَهَا وَكَذَلِكَ أَهلهَا فَشبه الشَّيْء يُقَارِبه أَي إِن الشَّيْء يمِيل إِلَى شكله وَالدُّنْيَا خسيسة فَلذَلِك ألفت الخساس لأَنهم أشكالها فِي اللؤم والشكل إِلَى الشكل أميل وَمن أَمْثَال الْعَامَّة الْجَوْز الفارغ يتدحرج بعضه إِلَى بعض 10 - الْغَرِيب القتام العجاج وقابل بَين الْعُلُوّ والانحطاط الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعُلُوّ لَا يدل على شرف الْمحل وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ الْغُبَار سافلا والجيش عَالِيا 11 - الْغَرِيب سامت السَّائِمَة إِذا رعت وأسمتها إِذا رعيتها والمسام الرّعية وَقَوله أسامهم الضَّمِير فِيهِ للملوك الْمُتَقَدِّمين فِي أول القصيدة والرتبة الْمنزلَة الْعَالِيَة فِي شرف الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح المسيم الَّذِي يدبر أُمُور النَّاس مُحْتَاج إِلَى من يديره وَهُوَ مهمل بِلَا نَاظر فِي أمره فَلَو لم يل الْأَمر إِلَّا من يسْتَحقّهُ لخلا النَّاس من خَليفَة يَلِي أَمرهم لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق أَن يَلِي عَلَيْهِم وَقَالَ الواحدي رعيتهم أَحَق وَأولى بالإمارة مِنْهُم لَو كَانَت الْإِمَارَة بِالِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ ابْن فورجة المسام المَال الْمُرْسل فِي مراعيه يَقُول هَؤُلَاءِ شَرّ من الْبَهَائِم فَلَو ولى بِالِاسْتِحْقَاقِ لَكَانَ الرَّاعِي لَهُم الْبَهَائِم لِأَنَّهَا أشرف مِنْهُم وأعقل 12 - الْغَرِيب الغواني جمع غانية وَهِي الَّتِي غنيت بحسنها عَن حليها أَو بزوجها الْمَعْنى يَقُول من كَانَ قد جرب الغواني فَإِنَّهُنَّ ضِيَاء فِي الظَّاهِر ظلام فِي الْبَاطِن يُرِيد أَنَّهُنَّ يتعبن من يمِيل إلَيْهِنَّ ويعلق قلبه بحبهن 13 - الْغَرِيب الْحمام الْمَوْت وَالْبَيْت مدرج الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ الْإِنْسَان فِي شبيبته كَالسَّكْرَانِ وَعند مشيبه مَا يُفَارق الْهم وَالْغَم فالحياة هِيَ الْمَوْت فِي الْحَقِيقَة يُرِيد أَن الْحَيَاة مكدرة لِأَنَّهُ يهتم عِنْد المشيب لما فَاتَ من عمره وَهُوَ فِي غَفلَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي لَيْسَ كل أحد يعْذر إِذا بخل لِأَن الْوَاحِد الْغنى لَا عذر لَهُ فِي الْمَنْع وَالْبخل وَلَيْسَ كل أحد يلام على الْبُخْل فَإِن الْمُعسر الْمُحْتَاج إِلَى مَا فِي يَده لَا يلا فِي بخله قَالَ وَوجه آخر وَهُوَ أَن الَّذِي لَا يعْذر فِي بخله من وَلدته الْكِرَام وَالَّذِي لَا يلا فِي بخله من وَلدته اللثام لِأَنَّهُ لم يتَعَلَّم غير الْبُخْل وَلم ير فِي آبَائِهِ الْجُود وَالْكَرم وَيكون هَذَا من قَول الطَّائِي (لكُل مِنْ بَنى حَوَّاءَ عُذْرٌ ... وَلا عُذْر لِطائي لَئِيمِ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من قَول أبي نواس (كَفى حَزَنا أنَّ الجَوَادَ مُقَترٌ ... عَلَيْهِ وَلا مَعْرُوقَ عِنْدَ بَخيِلِ) 15 - الْمَعْنى يذم جِيرَانه وَيَلُوم نَفسه على الْإِقَامَة بَينهم حَيْثُ لَا يجودون بِشَيْء وَهُوَ مفتقر إِلَى جود الْكِرَام فَوَجَبَ أَن لَا يكون مثل مُقيما بَينهم وَقد بَين فِي الْبَيْت الَّذِي بِعْ هَذَا 16 - الْمَعْنى بَين مَا أَرَادَ فِي هَذَا الْبَيْت وَأَن متله لَا يُقيم بَين هَؤُلَاءِ يُرِيد أَن بِهَذِهِ الأَرْض مَا أَرَادَ من الْخيرَات وَالْأَمْوَال فَمَا يفوتها شَيْء إِلَّا أَن يكون فِيهَا كرام 17 - الْمَعْنى يَقُول هلا كَانَ نقص الْأَهْل فِي الأَرْض وتمامها فِي أَهلهَا أَي لَيْت كَمَال الأَرْض كَانَ لساكنيها ونقصانهم كَانَ فِيهَا وَالضَّمِير فِي مِنْهَا للكرام وَالتَّقْدِير هلا كَانَ أهل هَذِه الأَرْض أقل مِمَّا هم عَلَيْهِ من الْعدَد وَكَانَ من الْكِرَام فِيهَا قوم 18 - الْغَرِيب أنافا أشرفا وطالا واللكام جبل يُقَال لَهُ جبل الْإِبْدَال والمغيث هُوَ الممدوح الْمَعْنى يَقُول بهَا جبلان الْمَعْرُوف بجبل الْإِبْدَال والجبل الآخر الْفَخر وَقدم الصخر على الْفَخر صَنْعَة وحذاقة لما اسْتعَار للفخر جبلا عطفه على الْجَبَل الْحَقِيقِيّ 19 - الْغَرِيب المواطن جمع موطن وَهُوَ مَا يتوطنه الْإِنْسَان للإقامة فِيهِ والغمام السَّحَاب الْوَاحِدَة غمامة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْبَلدة الَّتِي ذمها لَيست من مواطنه نفى عَنْهَا أَن يكون مسَاكِن هَذَا الممدوح وَجعله يمر بهَا كَمَا يمر السَّحَاب فتصيب من نَفعه فميزه من بَينهم بِهَذَا الْبَيْت وَأَنه لَا يُقيم بِهَذِهِ الأَرْض المذمومة الَّتِي لَيْسَ يفوتها إِلَّا الْكِرَام وَهُوَ من قَول حبيب (إنْ حَنَّ نَجْدٌ وَأهْلُوهُ إلَيْكَ فَقَدْ ... مَرَرْتُ فِيهمْ مُرُورَ العارِضِ الهَطِلِ) 20 - الْغَرِيب سقى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْكتاب الْعَزِيز وَقَوله ابْن منجبة يُرِيد أَنَّهَا أنجبت فِي وِلَادَتهَا لهَذَا الممدوح لِأَنَّهُ نجيب يُقَال أَنْجَب فلَان إِذا كَانَ وَلَده نجيبا والفطام انْفِصَال الْوَلَد عَن ثدي أمه والدر اللَّبن وَكَثْرَة سيلانه وللسحاب درة أَي صب وَالْجمع دُرَر قَالَ النمر بن تولب (سَلامُ الإلهِ وَرْيحانُهُ ... وَرَحْمَتُهُ وَسَماءٌ درَرْ) الْمَعْنى يَقُول سقَاهُ الله أَي يَدْعُو لَهُ بالسقيا وَذكر دوَام عطاياه وَأَنَّهَا تدر عَلَيْهِ من غير انْفِصَال 21 - الْإِعْرَاب إِحْدَى ابْتِدَاء العطايا خَبره وَمن فِي مَوضِع نصب بدل من ابْن منجبة وروى وَمن إِحْدَى بِكَسْر الْمِيم فَيكون حرف جر مُتَعَلقا بسقاني وَيجوز أَن يتَعَلَّق بِمَحْذُوف إِذا جعلت سقى الله بن منجبة كلَاما تَاما ثمَّ استأنفت أسقاني وَيجوز أَن يكون حرف الْجَرّ وَمَا عمل فِيهِ خبر ابْتِدَاء والعطايا الِابْتِدَاء الْمَعْنى يَقُول معروفه وعطاياه لَا تَنْقَطِع عني 22 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد اشْتَمَل على الزَّمَان فخفى بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ وَشبهه بالدر إِذا اكتنف السلك لنفاسته وشرفه فَاجْتمع فِيهِ الْأَمْرَانِ الاشتمال والنفاسة وَقَالَ الْخَطِيب قَرَأت على أبي الْعَلَاء خفى الزَّمَان بهَا وَكَذَلِكَ النّسخ الَّتِي يعْتَمد عَلَيْهَا وَذكر أَن الضَّمِير رَاجع إِلَى عطاياه وَقَالَ قد أودعني أَنَّهَا قد انتظمت الزَّمَان فغطته كَمَا يغطى الدّرّ مَا نظم فِيهِ من السلك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الضَّمِير رَاجع إِلَى الممدوح وَقَالَ الواحدي يُرِيد أَنه غطى بمحاسنه مساوى الدَّهْر وتجمل الزَّمَان بِهِ تجمل السلك إِذا نظم فِيهِ الدّرّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 وَقَالَ ابْن القطاع هَذَا الْبَيْت على الْقلب يَقُول قد خفينا بأفعاله عَن حوادث الزَّمَان فَلَا يَرَانَا وَلَا نرَاهُ وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى استخفى الزَّمَان عَنَّا فَلم نر أَذَاهُ وَلَا حوادثه واستتر عَنَّا فَمَا نرَاهُ خوفًا من هَذَا الممدوح 23 - الْغَرِيب الْمَرْوَة الْكَرم والغرام الْمُلَازمَة وَأَرَادَ بالغرام هُنَا الْعَذَاب ولذ الشَّيْء يلذ لَذَّة الْمَعْنى يَقُول الْكَرم يُؤْذى صَاحبه بهَا فِيهِ من التكاليف وَهُوَ مَعَ هَذَا لذيذ كالعشق مَعَ مَا فِيهِ من النصب والهم 24 - الْغَرِيب قيس هُوَ ابْن ذريح الْمَجْنُون على رِوَايَة من روى للبنى وَمن روى لليلى أَرَادَ قيس بن الملوح وعشق الْمَجْنُون أَشد من عشق ابْن ذريح فعلى هَذَا تكون الرِّوَايَة الجيدة لليلى الْمَعْنى يَقُول عشق الْمَرْوَة كَمَا عشق قيس الْمَجْنُون ليلى العزمرية إِلَّا أَنه وَاصل الْمَرْوَة فَلم يورثه حبها سقما مَا أورث عشق ليلى قيسا سقما لِأَنَّهُ لم يصل إِلَيْهَا وَلم يجد لَهُ سَبِيلا إِلَى وَصلهَا 25 - الْغَرِيب يروع يفرع والركانة الْوَقار يُقَال رجل ركين أَي وقور والظريف الْحسن الْمَعْنى هُوَ قد جمع بَين وقار الشُّيُوخ وظرافة الفتيان 26 - الْغَرِيب الْجِدَال الجدل جادلت فلَانا وجادلني أَي ناظرني وناظرته الْمَعْنى يَقُول هُوَ كريم يملكهُ فِي كرمه الْمسَائِل الْوَارِدَة عَلَيْهِ من جِهَة السُّؤَال فَهُوَ منقاد لسؤال من يسْأَله صَعب لَا يرام عِنْد الْمسَائِل فِي الْجِدَال فالمسائل الْوَارِدَة عَلَيْهِ من جِهَة السُّؤَال لَا يُمكنهُ رد هَا بالخيبة فَهِيَ تملكه وَأما الْمسَائِل فِي الْعلم عِنْد الْجِدَال فَهُوَ لَا يُطَاق فِيهَا يصفه بِالْكَرمِ وَقُوَّة الْعلم والفهم 27 - الْغَرِيب النوال الْعَطاء والذام المذمة وَالْعَيْب الْمَعْنى يَقُول إِذا أَخذنَا عطاءه كَانَ شرفا لنا وَعزا وفخرا وَإِذا أَخذنَا عَطاء غَيره كَانَ عَيْبا علينا وَهُوَ كَقَوْل أُميَّة (عَطاؤُكَ زَيْنٌ لَا مْرِىءٍ إنْ أصَبْتَه ... بِخَيرٍ وَما كُلُّ العَطاءِ يَزِين) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 (وَلَيْسَ بِعارٍ لامِرْىءٍ بَذْلُ وَجْهِهِ ... إلَيْكَ كَمَا بَعْضُ السُّؤَالِ يَشيِنُ) وكقول البحتري (وَيُعْجبُني فَقْرِي إليَكَ وَلمْ يَكُنْ ... لِيُعْجِبَني لَوْلا مَحبَّتُكَ الفَقْرُ) 28 - الْغَرِيب الْحمام عِنْد الْعَرَب القمارى والفواخت وسَاق حر وَهِي ذَوَات الأطواق والأيادي جمع يَد من النِّعْمَة وَجمع الْجَارِحَة أيذى الْمَعْنى يَقُول نعْمَته لَا تفارق رِقَاب النَّاس لِأَنَّهَا لَازِمَة لَهَا كلزوم الأطواق الْحمام فَإِن النَّاس تَحت منته وأياديه وَهُوَ كَقَوْل حبيب (أبْقَيْنَ فِي الأعنْاقِ فِعْلَكَ جَوْهَراً ... أبْقى مِنَ الأطْوَاقِ فِي الأعنْاقِ) وَقَالَ السّري (وَطَوَّقْتَ قَوْما فِي الرّقابِ صَنائِعا ... كأنَّهُمُ مِنها الحَمامٌ المُطَوَّقُ) 29 - الْغَرِيب الأنواء جمع نوء وَهُوَ سُقُوط نجم من منَازِل الْقَمَر فِي الْمغرب مَعَ الْفجْر وطلوع رقيبه من الْمشرق يُقَابله وَيُسمى النَّجْم نوءا وَفِي الأنواء خلاف فَمن الْعَرَب من يَجْعَل لكل كَوْكَب من الثَّمَانِية وَالْعِشْرين أعنى منَازِل الْقَمَر نوءا مُخَالفا لنوء صَاحبه فِي الْعدة فَيجْعَل نوء كَوْكَب ثَلَاثَة أَيَّام ونوء آخر خَمْسَة أَيَّام ونوء آخر سَبْعَة أَيَّام على قدر تجاربها وإتيان سُقُوطه أَو طُلُوع رقيبه حرا وبردا ومطرا وريحا أَو غير ذَلِك وَمِنْهُم من يَجْعَل لكل كَوْكَب طلع مِنْهَا ثَلَاثَة عشر يَوْمًا بعد طلوعه مَعْدُودَة فِي نوئه وَكلما حدث فِيهَا من الْغَيْر الَّتِي ذَكرنَاهَا عدوه من إحداثه وَثَلَاثَة عشر يَوْمًا فِي ثَمَانِيَة وَعشْرين منزلَة ثَلَاث مئة وَأَرْبَعَة وَسِتُّونَ يَوْمًا وَهِي أَيَّام السّنة ينقص يَوْم شَذَّ عَن قسمته وَأي المذهبين سلك أَبُو الطّيب فَالْمَعْنى الَّذِي أَرَادَهُ حَاصله هَذِه الأنواء إِذا حصلت كلهَا كَانَت عَاما وَفِي الْعَام يكمل فَكَذَلِك الْكِرَام إِذا عدوا كَانُوا عجلا وَهِي هَذِه الْقَبِيلَة أَي كلهم كرام وَلَيْسَ كريم إِلَّا عجليا فهم كمنازل الْقَمَر إِذا حصلت كلهَا كَانَت عَاما والكرام إِذا حصلوا كَانُوا عجلا فَهَذَا من أحسن مَعَانِيه الْمَعْنى يَقُول إِذا عد الْكِرَام فَعجل يجمعها كَمَا أَن الأنواء يجمعها السّنة من سُقُوط أَولهَا إِلَى آخرهَا وَالْمعْنَى من أَرَادَ أَن يعد الْكِرَام فِي الدُّنْيَا فَلْيقل هم بَنو عجل فَإِنَّهُم يشملون جَمِيع الْكِرَام كَمَا أَن الأنواء بطلوعها وسقوطها تَشْمَل جَمِيع الْعَام وَأما منَازِل الْقَمَر فهن ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ منزلَة مِنْهَا أَربع عشرَة شامية وَأَرْبع عشرَة يَمَانِية فالشامية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 الشَّرْطَيْنِ والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك وَأما اليمانية فالغفر والزبانا والإكليل وَالْقلب والشولة والنعائم والبلدة وَسعد بلع وَسعد الذَّابِح وَسعد السُّعُود وَسعد الأخبية وَفرغ الدَّلْو الْمُقدم وَفرغ الدَّلْو الْمُؤخر والرشاء وَلكُل نجم مِنْهَا ثَلَاثَة عشر يَوْمًا من السّنة إِلَّا الْجَبْهَة فَإِن لَهَا أَرْبَعَة عشر يَوْمًا 30 - الْغَرِيب الذرى الْعُلُوّ جمع ذرْوَة وذروة بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَهِي أَعلَى كل شَيْء وَمِنْه ذرْوَة السنام والذرى كل مَا استترت بِهِ يُقَال أَنا فِي ذرى فلَان أَي فِي كنفه وستره والشفار السيوف وأضمرها فَلم يجرلها ذكرا لدلَالَة الْحَال عَلَيْهَا واللطام المصادمة بهَا الْمَعْنى من روى جبهاتهم بِالنّصب فَإِنَّهُم يتلقون السيوف بِوُجُوهِهِمْ وَيكون مَنْقُولًا من بَيت الحماسة (نُعَرْضُ لِلسّيوفِ إذَا التَقَيْنا ... خُدُوداً لَا تُعَرَّضُ لِلَّطامِ) 31 - الْغَرِيب يمم قصد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} الْمَعْنى يَقُول من جودهم وكرمهم لَا يردون سَائِلًا فَلَو قصدهم فِي الْقِيَامَة سَائل لأعطوه من صلَاتهم وصيامهم وَخص الْحَشْر لِأَنَّهُ موقف عَظِيم فِيهِ يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ كَمَا فِي الْآيَة وَهَذَا من قَول حبيب (وَلَوْ نَصُرَتْ أمْوَالهُ عَنْ سَمَاحَةٍ ... لَقاسَمَ مَنْ يَرْجُوهُ شَطْرَ حَياتِهِ) (وَلَوْ لمْ يَجِدْ فِي قِسْمَةِ العُمْرِ حِيلَة ... وَجازَ لَهُ الإعطاءُ مِنْ حَسَناته) (لجادَ بِها مِنْ غَيرِ كٌ فْرٍ بِرَبِّهِ ... وَوَاساهُمُ مِنْ صَوْمِهِ وَصَلاتِهِ) وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة (فَمنْ لي بِهذا لَيْتَ أنِّي أصَبْتُه ... فَقاسَمْتُهُ مَالِي مِنَ الَحسَناتٍ) وَأَخذه بَعضهم فَقَالَ (وَلَوْ جاءهُ يَوْمَ القِيامةِ سائِلٌ ... تَعَرَّى لَهُ عَنْ صَوْمِهِ وَصَلاتِهِ) 32 - الْغَرِيب حلم بِالضَّمِّ فَهُوَ حَلِيم وحلم بِالْفَتْح واحتلم بِكَذَا إِذا رَآهُ فِي النّوم وحلم الْأَدِيم بِالْكَسْرِ إِذا تثقب وَفَسَد وَمِنْه بَيت الْكتاب وَهُوَ للوليد بن عقبَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 (فَإنَّكَ وَالكِتابَ إِلَى عَليّ ... كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأديمُ) والعرام الشراسة وصبى عَارِم بَين العرام أَي شرس الْمَعْنى يَقُول إِن كَانُوا حلماء ذَوي وقار وعقل ورزانة فَإِن خيلهم خفاف فِي الْعَدو ورماحهم فِيهَا نشاط تسرع إِلَى الْأَعْدَاء فتهلكهم 33 - الْإِعْرَاب مكللات حَال الْغَرِيب الجفان جمع جَفْنَة وَيجمع على جفنات فِي الْقَلِيل والشزر مَا أدرته عَن الصَّدْر والتؤام جمع توءم على غير قِيَاس وَالْقِيَاس توائم وَقَوله مكللات يُرِيد أَن اللَّحْم فَوْقهَا كالإكليل وَمِنْه قَول زِيَاد بن منقذ (تَرَى الجِفانَ منَ الشَّيزَى مُكلَّلَةً) الْمَعْنى يَقُول عِنْدهم الجفان مَمْلُوءَة وَعِنْدهم الضَّرْب المتوالي المتدارك وَالْمعْنَى أَنهم مطاعيم مطاعين 34 - الْغَرِيب تنبو ترْتَفع والسهام جمع سهم وَهُوَ مَا يرْمى بِهِ من الْقوس وَهُوَ اسْم مُشْتَرك الْمَعْنى يُرِيد أَنهم رقاق الْأَوْجه من الْحيَاء إِذا نَظرنَا إِلَيْهِم صرعناهم يُرِيد قَدرنَا عَلَيْهِم وهم شجعان عِنْد الْحَرْب لَا يقدر أحد عَلَيْهِم فترتفع عَن وُجُوههم السِّهَام وَهُوَ كَقَوْلِه حييون إِلَّا أَنهم الْبَيْت وَفِيه نظر إِلَى قَول العطوي (أهابُ الرَيمَ أرْمُقُهُ ... وَأضْرِبُ هَامَهَ الأسَدٍ) (وَيجْرَحُنِي بِمُقْلَتِهِ ... وَيَنْبُو السَّيْفُ عَنْ جَسدِي) 35 - الْغَرِيب الْقَبِيل الْجَمَاعَة تكون من الثَّلَاثَة فَصَاعِدا من قوم شَتَّى وَالْجمع قبل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا} قَالَ الْأَخْفَش أَي قبيلا قبيلا والقبيلة وَاحِدَة قبائل الرَّأْس وَبِه سميت الْقَبِيلَة وَاحِدَة قبائل الْعَرَب وهم بَنو أَب وَاحِد الْمَعْنى يَقُول إِن الْمَعَالِي الْمُشْتَملَة عَلَيْهِم اشْتِمَال اللَّحْم وَالْجَلد على الْعِظَام وهم للمعالي كالعظام للأجساد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 - الْإِعْرَاب أخر حرف الْعَطف وَهُوَ قَبِيح جدا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَظِيره قَامَت زيد وَهِنْد أَي قَامَت هِنْد وَزيد قَالَ وَيجوز أَن أَن يكون جعل مَا بعد قبيل وَصفا لَهُ وَلم ينْو تَقْدِيم بعضه وَفِيه قبح وَقَالَ الْخَطِيب أَنْت فِي مَوضِع الْحَال أَي أَنْت منتسبا إِلَيْهِم فَلَا تَقْدِيم فِيهِ الْمَعْنى يَقُول قبيل أَنْت على شرف قدرك أَنْت مِنْهُم وَأَنت أَنْت وَإِذا كنت مِنْهُم وَجدك بشر كفاهم بذلك فخرا وشرفا فهم يفخرون بك وبأبيك 37 - الْمَعْنى يَقُول لمن هَذَا المَال الَّذِي نرَاهُ عنْدك وعطاياك تفرقه وَالنَّاس شُرَكَاء فِي رغيبته 38 - الْإِعْرَاب أَرَادَ بِصُحْبَتِهِ فَحذف الْهَاء ضَرُورَة وَهُوَ جَائِز الْغَرِيب الذمام الْعَهْد وَقيل هُوَ جمع ذمَّة وَهِي الْأمان وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وأذمه أجاره الْمَعْنى إِذا كنت لَا ترْضى بِأَن تنْسب إِلَيْك هَذَا المَال وعطاياك تفرقه وتمزقه فَلِمَنْ هَذَا المَال وروى فيرضى بِالْيَاءِ وَالضَّمِير لِلْمَالِ وَمَعْنَاهُ فيرضى المَال بذلك حَتَّى يجب لَهُ مِنْك الْأمان وَقَالَ الواحدي معنى الْبَيْت الأول لمن مَال هَذِه حَالَته يَعْنِي لَا مَال لأحد بِهَذِهِ الصّفة إِلَّا لَك وَأَرَادَ لمن مَال هَذِه حَاله غير حالك فَحذف لدلَالَة الْمَعْنى عَلَيْهِ ثمَّ ينْفَرد معنى الْبَيْت الثَّانِي بِمَا ذَكرْنَاهُ 39 - الْغَرِيب جاد عَن الشَّيْء يحيد حيودا وحيدودة مَال عَنهُ وَعدل وحايده محايدة جَانِبه والسامري هُوَ الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ سامري وَقَالَ الوحدي كَانَ حَقه أَن يَقُول كَأَنَّك السامري مُعَرفا لِأَن هَذَا نسب لَهُ لَيْسَ باسم علم وَهُوَ فِي الْقُرْآن معرف بأل إِلَّا أَن يكون أَرَادَ وَاحِدًا من قبيلته وَهَذَا الَّذِي قَالَ فِي الْأَخير هُوَ الَّذِي أَرَادَ أَبُو الطّيب أَي كَأَنَّك رجل سامري كَمَا تَقول هُوَ محمدي وداودي وهاروني فتنسبه إِلَى أحد من هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام كَقَوْلِك حَنَفِيّ وشافعي وَلَيْسَ للْوَجْه الأول وَجه والجذام برص لَيْسَ لَهُ دَوَاء إِذا استولى أعاذنا الله تَعَالَى مِنْهُ وَهُوَ دَاء يقطع الْأَطْرَاف من الجذم وَهُوَ الْقطع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 الْمَعْنى يَقُول أَنْت تجانب هَذَا المَال وتنفر عَنهُ كَمَا ينفر السامري من مصافحة رجل فِي يَده جذام وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {لَا مساس} أَي لَا تمسني 40 - الْغَرِيب عراه واعتراه قَصده وَأَتَاهُ وَمِنْه قَول النَّابِغَة (أتَيْتُكَ عارِيا خَلَقا ثِيابِي ... عَلى خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنونُ) والحبر الْعَالم وَالْجمع أَحْبَار قَالَ الله تَعَالَى {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله وَيُقَال حبر وَحبر بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالْكَسْر أفْصح لِأَنَّهُ يجمع على أَفعَال دون الفعول وَقَالَ الْفراء هُوَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْعَالم بتحبير الْكَلَام وتحسينه الْمَعْنى يَقُول إِذا قصدك الْعلمَاء استفادوا مِنْك وتعلموا لِأَنَّك إِمَام فِي جَمِيع الْأَشْيَاء فِي الْقُرْآن والْحَدِيث واللغة والعربية وَالْفِقْه 41 - الْغَرِيب الْمعلم صَاحب الْعَلامَة فِي الْحَرْب وَهُوَ عَلامَة الْجَيْش فِي الْحَرْب يُرِيد أَنه الَّذِي يشهر نَفسه بعلامة يعرف بهَا وَأعلم نَفسه إِذا شهرها فِي الْحَرْب وَمن روى بِفَتْح اللَّام أَرَادَ الَّذين علمُوا بالعلامة واللهام الْكثير الَّذِي يلتهم كل مَا يمر بِهِ الْمَعْنى يَقُول إِذا رآك الْأَبْطَال الشجعان قَالُوا هَذَا عَلامَة الْجَيْش الْعَظِيم لأَنهم لَا يَجدونَ أشهر مِنْك وَقَالَ الواحدي يجوز أَن يكون يعلم بِفَتْح اللَّام من الْعلم أَي بِهَذَا يعرف الْجَيْش أَي أَنه صَاحب الْجَيْش وفارسه وَمن روى بِكَسْر اللَّام فَمَعْنَاه الْجَيْش يعلمُونَ أنفسهم بِهَذَا الرجل أَنهم شجعان إِذْ كَانَ هُوَ قائدهم ومتقدمهم 42 - الْمَعْنى يَقُول كَانَت الْأَيَّام عابسة متجهمة فَلَمَّا أظهرك الله طابت بك الْأَيَّام وَزَالَ عبوسها وَظَهَرت بشاشتها فكأنك ابتسام لَهَا وطلاقة وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (وَيَضْحَكُ الدَّهرُ مِنْهُمْ عنْ غَطارِفة ... كَأنَّ أيَّامَهُمْ مِنْ حَسُسْنِها جُمَعُ} 43 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بمغفرة الله وَأَن يُسلمهُ من المخاوف وَيَقُول لَهُ قد أَعْطَيْت مَا لم يُعْطه أحد من أَبنَاء الدُّنْيَا لِأَنَّك تُعْطى الْأَمْوَال الجزيلة وتفيد الْأَمْوَال النبيلة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 - 1 الْغَرِيب الْبَين الْبعد والفراق والواشون جمع واش وَهُوَ الَّذِي يشي بأخبارك ويظهرها الْمَعْنى يَقُول نرى الْبَين عَظِيما وَلَيْسَ كَذَلِك وَرُبمَا قطعت مسافته فَقرب والصد لَا تقطع لَهُ مَسَافَة وَقَالَ الشريف هبة الله بن الشجري فِي أَمَالِيهِ نرى عظما بالصد والبين أعظم وَالْمعْنَى أَن الحبيب إِذا صد فالعين تنظره وَإِذا فَارق حَال الْبعد بِهِ عَن النّظر إِلَيْهِ وَهُوَ معنى حسن وَقَوله نهم الوشاة فِي إذاعة أَسْرَارنَا والدمع من أعظمهم لِأَنَّهُ لَا يرقأ وَيظْهر مَا فِي الْقلب من الوجد فَالْأولى أَن لَا نتهم بإذاعة أَسْرَارنَا سوى الدمع 2 - الْغَرِيب اللب الْعقل الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ عقلك مَعَ غَيْرك كَيفَ يكون حالك وَإِذا كَانَ سرك فِي جفنك كَيفَ تقدر على كِتْمَانه يُرِيد أَن الدمع يظهره وَهُوَ تَفْسِير الْعَجز الَّذِي فِي الْبَيْت الأول 3 - الْإِعْرَاب الْوَاو فِي والنوى وَاو الْحَال وَهُوَ ابْتِدَاء الْمَعْنى يَقُول لما الْتَقَيْنَا وَكَانَ الرَّقِيب والفراق غافلين عَنَّا ظلت أبكى وَهِي تَبَسم تَعَجبا من حَالي ودلالا عَليّ 4 - الْمَعْنى يَقُول لما الْتَقَيْنَا وضحكت وبكيت فَلم أر قبلهَا بَدْرًا ضَاحِكا وَلم تَرَ قبلي مَيتا متكلما الحديث: 240 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 - الْغَرِيب تظلم الرجل إِذا اشْتَكَى الظُّلم والمتنان الجانبان الأسفلان من الظّهْر والخصر مَا فَوْقهمَا الْمَعْنى يَقُول هَذِه المحبوبة ثَقيلَة الأرداف فردفاها يظلمان خصرها وَشبه ظلمها لصب عاشق يحِيل بظُلْم متنيها لخصرها ثمَّ وصف نَفسه بِأَنَّهُ ضَعِيف القوى يتظلم مِمَّا يفعل بِهِ وَالْمعْنَى أَنَّهَا تظلم عاشقها كَمَا أَن متنيها يظلمان خصرها وَهُوَ من قَول خَالِد الْكَاتِب (صَبَّا كَئِيبا يَتِشكى الهَوَى ... كَمَا اشْتَكى خَصُركَ مِنْ رِدْفِكا) 6 - الْإِعْرَاب الْبَاء تتَعَلَّق بِمَحْذُوف تَقْدِيره تسبى أَو تقبل بفرع وَيجوز أَن يكون مُتَعَلقا بيعيد أَي يُعِيد اللَّيْل بفرع وَالصُّبْح بِوَجْه وَقَالَ الواحدي الْبَاء بِمَعْنى مَعَ الْمَعْنى يَقُول قد جمعت فِيهَا الأضداد فَهِيَ تجمع بَين اللَّيْل وَالنَّهَار تريك النَّهَار لَيْلًا بشعرها وَاللَّيْل نَهَارا بوجهها وَفِيه نظر إِلَى قَول بكر بن النطاح (بَيْضاءُ تَسْحَبُ مِن قيامٍ شَعْرَها ... وَتَغِيبُ فِيهِ وَهْوَ جَثْلٌ أسْحَمُ) (فَكَأنها فِيهِ نَهارٌ مُشرِق ... وَكأنَّهُ لَيْلٌ عَلَيْها مُظْلِمُ) وكقول حبيب (بَيْضَاءُ تَبْدُ وَفِي الظَّلامِ فَيَكْتَسِي ... نُوراً وَتحْسِرُ فِي النَّهارِ فيُظْلِمُ) ولحبيب أَيْضا (فَرُدَّتْ علَينا الشَّمس واللَّيلُ رَاغِمٌ ... بشَمسٍ لهُم منْ جانِبِ الخِدر تطلعٌ) (نَضَا ضَوْؤُها صِبْغَ الدُّجُنَّةِ وانْطَوَى ... بِبَهْجَتِها ضَوْءُ السَّماءِ المُجزَّع) (فَوَاللهِ مَا أدْرِى أأحْلامُ نائمٍ ... ألَّمتْ بِنا أمْ كانَ فِي الركبِ يوُشعُ) 7 - الْغَرِيب العرمرم الْعَظِيم الْكثير الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كَانَ قلبِي خَالِيا كخلو دارها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 وَقَالَ الْخَطِيب لَو كَانَ قلبِي خَالِيا خلو دارها لِأَنَّهَا قد خلت عَنْهَا وَلَكِن قلبه مَمْلُوء بالشوق وَفِيه مِنْهُ جَيش عَظِيم شَدِيد وَالْمعْنَى لَو كَانَ قلبِي مثل دارها كَانَ خَالِيا لِأَنَّهَا قد خلت وَلكنه ملآن بحبها والشوق إِلَيْهَا فحبها ملازم لَهُ لَا يُفَارِقهُ 8 - الْغَرِيب الأثافي جمع أثفية وَهِي الَّتِي تنصب تَحت الْقدر وَالْعرب تجمعه على تخفيفها وَقَالَ الْأَزْهَرِي إِن شِئْت خففت وَإِن شِئْت شددت تَقول أثاف وأثافي والأثفية أفعولة وثفيت الْقد تثفية وَضَعتهَا على الأثافي والصلى الاصطلاء بالنَّار إِذا فتحت قصرت وَإِن كسرت مددت والرسم مَا بَقِي من آثَار الدَّار الْمَعْنى ديارها فِيهَا أثاف بهَا مَا بفؤادي فَهِيَ محترقة بالنَّار قد أثرت النَّار فِيهَا كَمَا أحرق الْحبّ والشوق قلبِي فأثافي دارها مسودة محترقة كقلبي وكما أَن رسم دارها بَال مهدم كَذَلِك قلبِي لفراقها 9 - الْغَرِيب ردنا الْقَمِيص كماه والغيم السَّحَاب وَالْعبْرَة تحلب الدمع عبر الرجل بِالْكَسْرِ يعبر عبرا فَهُوَ عَابِر وَالْمَرْأَة أَيْضا عَابِر قَالَ الْحَارِث بن وَعلة (يَقُولُ لي النَّهْدِيُّ هلْ أنْتَ مُرْدَفي ... وكْيفَ رِدافُ الفَرّ أُمُّكَ عابِرُ) وعبرت عينه واستعبرت دَمَعَتْ وَالصرْف الْخَالِصَة من المزاج الْمَعْنى يَقُول وقفت على دارها والسحاب تمطر فَبَكَيْت فَكَانَ دمع السَّحَاب خَالِصا وَكَانَ دمعي ممزوجا بِالدَّمِ 10 - الْغَرِيب انهل سَالَ وَجرى والسقام الْمَرَض والسقم والسقم كالحزن والحزن لُغَتَانِ وسقم بِالْكَسْرِ يسقم سقما فَهُوَ سقيم وأسقمه الله الْمَعْنى يَقُول هَذَا الَّذِي يجْرِي فِي الخد من عَيْني هُوَ دمي لِأَنَّهُ يسيل وَكلما سَالَ سقمت وبليت 11 - الْإِعْرَاب الزائري الْألف وَاللَّام بِمَعْنى الَّذِي الْغَرِيب الخيال مَا يتخيله الْإِنْسَان وَهُوَ الَّذِي يرَاهُ الرجل فِي نَومه والهجعة النّوم وأتيت فلَانا بعد هجعة أَي بعد نومَة خَفِيفَة من أول اللَّيْل وهجيع من اللَّيْل مثل هزيع الْمَعْنى يَقُول قَالَ لي الخيال معاتبا أتنام بعد فراقنا وَكَيف تقدر على الْمَنَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 - الْإِعْرَاب سَلام ابْتِدَاء مَحْذُوف الْخَبَر أَي قَالَ الخيال لي سَلام وَقد روى سَلاما نصبا أَي سلم على سَلاما الْمَعْنى قَالَ الخيال سَلام عَلَيْك ثمَّ قَالَ لَوْلَا أَنه بخيل جبان لَقلت الْمُسلم الممدوح إجلالا لَهُ واستعظاما قَالَ أَبُو الْفَتْح لَوْلَا خوفي من مُفَارقَته أَو مُعَاتَبَته على نومي وَلَوْلَا بخله لِأَنَّهُ لَا حَقِيقَة لزيارته لَقلت الْمُسلم على أَبُو حَفْص الممدوح قَالَ الواحدي أَخطَأ ابْن جنى فِي تَفْسِيره لِأَنَّهُ جعل الْخَوْف للمتنبي وَأَن لَا حَقِيقَة لزيارته وَمَا هُوَ كَذَلِك لَا يُوصف ببخل وَالْمَرْأَة تُوصَف بالبخل والجبن وهما من شَرّ أَخْلَاق الرِّجَال وَمن خير أَخْلَاق النِّسَاء وَقَوله بَعدنَا الغمض تطعم من قَول الصنوبري (قَالَ وَالنَّوْمُ مُمْكنٌ غُرَّ غَيْرِي ... لَا تُمَوَّهْ فَلَسْتُ بِالمُستْهامِ) 13 - الْغَرِيب صبا يصبو إِذا مَال إِلَى الْجَهْل صبوا وصبى صباء كسمع سَمَاعا إِذا لعب مَعَ الصّبيان وتيمه الْحبّ أَي عَبده وذلله فَهُوَ متيم وَيُقَال تامه الْحبّ وتامته فُلَانَة قَالَ لَقِيط بن زُرَارَة (تامَتْ فُؤَادَكَ لَوْ يَحْزُنْكَ مَا صَنَعَتْ ... إحْدَى نِساءِ بَنى ذُهْلِ بنِ شيبانا) الْمَعْنى يَقُول إِنَّه يعشق إِنْفَاق المَال كرما ويميل إِلَى ذَلِك ميل الْمُحب الذَّلِيل إِلَى محبوبة 14 - الْغَرِيب الضيغم مُشْتَقّ من الضغم وَهُوَ العض الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا مَا فِيهِ من الشجَاعَة وَالْقُوَّة يزِيد على الْأسد بِعَدَد شعر بدنه لقلنا لَهُ أَنْت أَسد وَلكنه تفضل شجاعته الْأسد 15 - الْغَرِيب البخس النَّقْص بخسه حَقه يبخسه فَهُوَ باخس أَي نَقصه الْمَعْنى يَقُول إِذا جَعَلْنَاهُ كالأسد وَقد زَاد عَلَيْهِ قُوَّة وشجاعة فقد نقصناه حَظه لِأَنَّهُ يسْتَحق فَوق ذَلِك 16 - الْغَرِيب المخدم السَّيْف الْقَاطِع واللجة مُعظم الْبَحْر والضرغام الْأسد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 الْمَعْنى يَقُول هُوَ أعظم من أَن يشبه كَفه بالبحر ورأيه بِالسَّيْفِ الْقَاطِع وَنَفسه بالأسد لِأَن كَفه فَوق الْبَحْر ورايه أنقذ من السَّيْف فَلَا يشبه بِشَيْء من ذَلِك 17 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح عطف بِلَا فِي هَذَا الْبَيْت على مَدْخُول لَا فِي الَّذِي قبله فِي ظَاهر اللَّفْظ لَا فِي الْمَعْنى وَذَلِكَ لِأَن قَوْله لَا الْكَفّ لجة أَي فِيهَا مَا فِي الْبَحْر وَزِيَادَة عَلَيْهِ وَلَا هُوَ ضرغام أَي فِيهِ مَا فِي الضرغام من الشجَاعَة وَزَاد عَلَيْهِ وَلَا الرَّأْي مخدم لرأيه مضاء السَّيْف وَفَوق ذَلِك وَأما قَوْله وَلَا جرحه يوسيى فَلَيْسَ يُرِيد أَنه يوسى وَيُزَاد عَلَيْهِ وَكَذَا وَلَا غوره وَلَا حَده وَلَيْسَ يُرِيد أَنه يتثلم وَيزِيد كَمَا أَرَادَ فِي الْبَيْت فَهُوَ فِي الْبَيْت الأول مُثبت فِي الْمَعْنى لما نَفَاهُ فِي اللَّفْظ وَفِي الثَّانِي ناف فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى جَمِيعًا أَلا ترى إِلَى إحسانه الصَّنْعَة وَصِحَّة نظمه وتوفيقه بَين الأضداد المتباينة وَنَقله الواحدي كَمَا نَقَلْنَاهُ الْغَرِيب يوسى يداوي أسوت العليل أسوه أسوا والآسي الطَّبِيب وينبو يرْتَفع عَن الضريبة الْمَعْنى يَقُول جرحه أوسع من أَن يعالج لِأَنَّهُ لَا يبرأ بالعلاج وَلَا يرى غوره أَي عمقه قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى وَلَا غور الممدوح يرى أَي يعلم أَي أَنه بعيد الْغَوْر فِي الرَّأْي وَالتَّدْبِير فَلَا يدْرك غوره واستعار لَهُ حدا لمضائه ونفاذه فِي الْأُمُور وَجعل حَده غير نَاب وَلَا متثلم لحدته 18 - الْإِعْرَاب أظهر التَّضْعِيف فِي حالل وَهُوَ من بَاب الضرورات وَلَو قَالَ مَكَانَهُ نَاقض لسلم من الضَّرُورَة وَرُبمَا فعل الشَّاعِر هَذَا ليشعر أَنه يعلم بالضرورات كَقَوْل قعنب (مَهْلاً أعاذِلَ قدْ جَرَّبْتِ منْ خُلُقِي ... أَنِّي أجُودُ لأقْوَامٍ وَإنْ ضَنِنُوا) وكقول زُهَيْر (لمْ يَلْقَها إلاَّ بِشِكَّةِ باسِلٍ ... يَخْشَى الحَوَادِثَ حازِمٍ مُسْتَعْدِدِ) الْغَرِيب أبرمت الْأَمر وبرمته أحكمته وَأَصله من فتل الْحَبل الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ لِلْأَمْرِ الَّذِي يحكمه نَاقض وَلَا للَّذي نقضه مبرم وَالْمعْنَى أَنه لَا يُخَالف فِيمَا أَرَادَ 19 - الْغَرِيب يرمح الأذيال يُرِيد الْخُيَلَاء يُقَال للمختال إِنَّه ليرمح الأذيال إِذا كَانَ يُطِيل ثَوْبه وَلَا يرفعهُ ويضربه بِرجلِهِ وَمِنْه قَول القحيف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 (يقُولُ ليَ المَغْنى وَهُنَّ عَشِيَّةً ... بِمكةَ يرْمَحْنَ المُهدََّبةَ السُّحْلا) والجبرية الْكبر يُقَال فِي فلَان تجبر وجبورة وَجَبْرِيَّة وَجَبْرِيَّة وجبروت وأجبرته على الْأَمر وجبرته وَرجل جَبَّار وَجبير وَالْجمع جبابرة وجبابير وأنشدوا فِي جُبَير (حَتى إذَا جازَ المنازِلَ وَاسْتَوَى ... يَدَعُ الزَّمانَ كأنَّهُ جِبَّيرُ) الْمَعْنى يَقُول لَا يختال فِي مشيته تكبرا وَلَا يرمح ذيل ثَوْبه وَلَا يخْدم أهل الدُّنْيَا وهم يخدمونه 20 - الْمَعْنى يَقُول لَا يَشْتَهِي أَن يسلم وَسلم أعداؤه وَلَكِن يُرِيد أَن يسلم فِي نَفسه وتهلك أعداؤه وَلَا يَشْتَهِي أَن يبْقى وَلَا عَطاء لَهُ وَإِنَّمَا يحب الْبَقَاء ليُعْطى إِذا لم يكن لَهُ عَطاء لم يحب الْبَقَاء وَالْمعْنَى لَا يحب الْبَقَاء إِلَّا للعطاء وَيُحب أَن يقتل الْأَعْدَاء وَإِن كَانَ فِيهِ هَلَاكه 21 - الْغَرِيب الصَّهْبَاء من أَسمَاء الْخمر والمعدم الْفَقِير الْمَعْنى يَقُول ذكره ألذ من الْخمر إِذا مزجت بِالْمَاءِ وَهُوَ أحسن من يسر وَهُوَ غنى ناله فَقير 22 - الْغَرِيب عنقاء مغرب يُقَال على الْإِضَافَة وعَلى الصّفة وَهُوَ طَائِر ذهب وبقى اسْمه وَسميت عنقاء لبياض كَانَ فِي عُنُقهَا كالطوق الْمَعْنى يَقُول هُوَ أغرب من هَذَا الطَّائِر فِي الطير واشد إعوازا وَأَقل وجودا من سَائل مِنْهُ شَيْئا فيحرمه وَلَا يُعْطِيهِ أَي فَكَمَا أَن هذَيْن لَا يوجدان كَذَلِك نَظِيره وَمثله وَقَالَ الْخَطِيب شكله مَفْقُود كفقد عنقاء مغرب وأعوز من مسترفد يحرمه لِأَنَّهُ لَا يحرم أحدا استرفده أَي استعطاه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ الْوَجْه أَن يُقَال أَشد إعوازا لِأَن ماضيه أعوز وَلكنه جَاءَ على حذف الزِّيَادَة 23 - الْغَرِيب أَرَادَ هُوَ أَكثر أياديا بعد الأيادي من الْقطر وأثجمت السَّمَاء دَامَ مطرها الْمَعْنى يَقُول هُوَ أَكثر أياديا من الْقطر فِي حَال انثجام دمعه والوبل الْمَطَر والوابل أَيْضا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 - الْغَرِيب السناء ممدودا الرّفْعَة والسنى الرفيع وأسناه رَفعه وسناه فَتحه وسهله والتهويم اختلاس أدنى النّوم وَأَصله النّوم الْقَلِيل كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ أَخذ النّوم فِي هَامة الْإِنْسَان لِأَنَّهُ يبْدَأ بِرَأْسِهِ ثمَّ ينتشر فِي سَائِر الْجَسَد واللؤم هُوَ الْبُخْل الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ النّوم الَّذِي لَا بُد للْإنْسَان مِنْهُ بخلا لحلف أَنه لَا ينَام 25 - الْمَعْنى يَقُول لَو طلب درهما لم يكن من عطاياه لأعجز وجوده النَّاس يُرِيد أَن جَمِيع مَا فِي أَيدي النَّاس مِنْهُ وَهَذَا من الْمُبَالغَة 26 - الْغَرِيب الْمَرْء الرجل تَقول هَذَا امْرُؤ ومررت بامرىء وَتقول هَذَا مرء ومررت بمرء بِفَتْح الْمِيم وَقد جَاءَ بضَمهَا وَهِي لُغَة والمرء تأنيثه مرأة وَلَا يجمع على لَفظه وَإِذا صغرت قلت مرىء ومريئة الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ يضرّهُ مَا يسره لضره الْكَرم والإقدام وَقَالَ الواحدي لَو كَانَ يضر بِمَا يسر بِهِ الْإِنْسَان لَكَانَ الْبَأْس والتكرم قد أضرا بِهَذَا الممدوح لِأَنَّهُ يسر بهما 27 - الْإِعْرَاب بيضًا صفة ليتامى ويتامى فِي مَوضِع نصب بيروى ويوتم عطف على يرْوى الْغَرِيب الفرصاد التوت يُرِيد بِدَم كالفرصاد فِي حمرته واليتامى السيوف الَّتِي فَارَقت أغمادها فَجَعلهَا يتامى لِأَنَّهَا فَارَقت مَا كَانَ يؤويها ويحوطها كالوالدين الْمَعْنى يَقُول يرْوى بِمثل الفرصاد سيوفا قد فَارَقت أغمادها فَصَارَت كاليتامى ويوتم أَوْلَاد من يقْتله بهَا فِي كل غَارة يغيرها على الْأَعْدَاء وَقد روى وتوتم وَالضَّمِير لِلْيَتَامَى يَعْنِي السيوف 28 - الْإِعْرَاب مذ ومنذ مركبان من من وَإِذ فغيرا عَن حَالهمَا فِي إِفْرَاد كل وَاحِد مِنْهُمَا فحذفت الْهمزَة ووصلت من بِالذَّالِ وضمت الْمِيم للْفرق بَين حلَّة الْإِفْرَاد والتركيب وَالدَّلِيل على أَن كلا مركب من من وَإِذ قَول بعض الْعَرَب مذ ومنذ بِكَسْر الْمِيم فَدلَّ على أَنَّهُمَا مركبان وَإِذا ثَبت أَنَّهُمَا مركبان كَانَ الرّفْع بعدهمَا بِتَقْدِير فعل لِأَن الْفِعْل يحسن بعد إِذْ وَالتَّقْدِير مَا رَأَيْته مذ مضى يَوْمَانِ ومنذ مضى شَهْرَان وَمن خفض بهما فقد اعْتبر من وَلِهَذَا كَانَ الْخَفْض بمنذ أَجود لظهر نون من فِيهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 تَغْلِيبًا لمن وَالرَّفْع بمذ أَجود لحذف نون من مِنْهَا تَغْلِيبًا لإذ وَيدل على أَن أصل مذ مُنْذُ أَنَّك لَو سميت بهَا قلت فِي تصغيره منيذ وَفِي تكسيره أمناذ فَترد النُّون المحذوفة لِأَن التصغير والتكسير يرد ان الأشِياء إِلَى أُصُولهَا هَذَا قَول أَصْحَابنَا الْكُوفِيّين وَقَالَ الْفراء يرْتَفع الِاسْم بعدهمَا بِتَقْدِير مُبْتَدأ مَحْذُوف وَذَلِكَ أَنَّهُمَا مركبان من من وَذُو الَّتِي بِمَعْنى الَّذِي وَهِي لُغَة مَشْهُورَة قَالَ الشَّاعِر (وقُولا لِهذَا المرْءِ ذُو جاءَ ساعِيا ... هَلُمَّ فإنَّ المشْرِفَّي الفَرَائِضُ) (أظُنكَ دُونَ المالِ ذُو جئتَ تبتغي ... سَتَلْقاكَ بِيضٌ للنُّفوسِ قَوَابِضُ) أَرَادَ الَّذِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ سِنَان بن الْفَحْل (فإنَّ الماءَ ماءُ أبي وَجَدّي ... وَبْئْرِي ذُو حَفَرْتُ وّذُو طَوَيتُ) وَقَالَ البصريون هما اسمان فيرتفع مَا بعْدهَا لِأَنَّهُ خبر عَنْهُمَا ويكونان حرفي جر فَيكون مَا بعدهمَا مجرورا بهما وَإِنَّمَا بنيا لتضمنهما معنى من وَإِلَى فِي قَوْلك مَا رَأَيْته مذ يَوْمَانِ مَعْنَاهُ مَا رَأَيْته من أول هَذَا الْوَقْت إِلَى آخِره وبنيت مذ على السّكُون لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْبناء ومنذ على الضَّم لِأَنَّهُ لما وَجب تحريكها لالتقاء الساكنين حركت بِالضَّمِّ لِأَن من عَادَتهم أَن يتبعوا الضَّم الضَّم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح من رفع الْغَزْو رَفعه بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره مذ الْغَزْو وَاقع أَو كَائِن وَمن جَرّه أَرَادَ مذ زمن الْغَزْو فَحذف الْمُضَاف وَقَالَ الْخَطِيب يجر مَا بعْدهَا فَيكون الْغَزْو مجرورا لِأَنَّهَا بِمَعْنى فِي كَقَوْلِك أَنْت عندنَا مذ الْيَوْم أَي فِي الْيَوْم الْغَرِيب الْفِدَاء مَا كَانَ بَين الْمُسلمين وَالنَّصَارَى وَكَانَ يتَوَلَّى الْفِدَاء بَين الْمُسلمين وَالروم من الْأُسَارَى الْمَعْنى يَقُول هُوَ مشتغل بِعَمَلِهِ فِي الْفِدَاء فَمَا حط الْفِدَاء سروجه يُرِيد أَنه يذهب إِلَى الرّوم ويفادي الْأُسَارَى قَالَ الواحدي وَلَيْسَ فِي هَذَا مدح وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه لَا يقبل الْفِدَاء وَلَا يدع الْغَزْو بل يَغْزُو وَلَا يمنعهُ الْفِدَاء 29 - الْغَرِيب النَّقْع الْغُبَار والأدهم الْأسود الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 الْمَعْنى يَقُول يقطع بِلَاد الرّوم وَالْغُبَار أبلق بأسيافه يُرِيد سَواد الْغُبَار ولمعان السيوف والجو أسود بالغبار لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لمعان 30 - الْإِعْرَاب إِلَى الْملك مُتَعَلق بيشق الْمَعْنى يَقُول يشق بِلَاد الرّوم إِلَى الْملك الطاغي فكم من كَتِيبَة للروم تعارضه فِي السّير وَهِي تعلم أَنه حتفها 31 - الْغَرِيب العاتق الْبكر وَجمعه عواتق ونصرانة تَأْنِيث نصران وخد أسيل حسن طَوِيل الْمَعْنى يَقُول كم جَارِيَة بكر لَهَا خد حسن برزت للممدوح عَن سترهَا لِأَنَّهَا سبيت فَهِيَ تلطم وتهان وَإِن كَانَت حَسَنَة الخد 32 - الْإِعْرَاب صُفُوفا حَال من عاتق لِأَنَّهُ فِي معنى الْجمع كَقَوْلِك كم رجل جَاءَنِي فالرجل هُنَا بِمَعْنى جمَاعَة وَيجوز أَن يكون حَالا من قَوْله فكم من كَتِيبَة الْغَرِيب المذاكي الْخَيل المسنة والوشيخ شجر الرماح وَأَصله عرق الشَّجَرَة وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة (وَلَقَدْ جَرَى لَهُمُ فَلمْ يَتَعَيَّفُوا ... تَيْسٌ قَعِيدٌ كالْوَشِيجَةِ أغْضَبُ) ووشجت الْعُرُوق والأغصان اشتبكت الْمَعْنى يَقُول برزت أَي الْكَتَائِب لهَذَا الممدوح الَّذِي هُوَ فِي شجاعته كالأسد فِي جمع كالأسود شجاعة وإقداما قد تحصنت بالخيول والرماح 33 - الْمَعْنى يَقُول إِذا غَابَ عَن غزوهم غَابَ عَنْهُم الْمَوْت وَيقدم الْمَوْت دِيَارهمْ عِنْد قدومه لغزوهم 34 - الْإِعْرَاب أجدك نَصبه على الْمصدر تَقْدِيره أتجد جدك وَمَعْنَاهُ أبجد هَذَا مِنْك فَهَذَا اصله ثمَّ صَار افتتاحا للْكَلَام وَقل الْخَطِيب يَنْبَغِي أَن يكون عان مُبْتَدأ وَخَبره تفكه وَلَوْلَا الْوَزْن لَكَانَ نَصبه أوجه وَتَقْدِيره على هَذَا مَا تنفك تفك عانيا ومالا مَنْصُوب بتقسم وَقَوله عَم ترخيم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 عمر على رَأْي أهل الْكُوفَة وَهُوَ لحن عِنْد الْبَصرِيين كَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح وَذهب أَصْحَابنَا الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز ترخيم الثلاثي من الْأَسْمَاء إِذا كَانَ متحرك الْوسط كعمر وَزفر وَقَالَ البصريون وَالْكسَائِيّ لَا يجوز وَحجَّة الْكُوفِيّين إِذا كَانَ وَسطه متحركا مَا جَاءَ من نَحْو يَد وَدم إِذْ الأَصْل فِي يَد يَدي وَفِي دم دمو بِدَلِيل قَول بعض الْعَرَب تثنيته دموان وَقيل أَصله دمى قَالَ الشَّاعِر (فَلَوْ أنَّا عَلى حَجَرٍ ذُبِحْنا ... جَرَى الدَّمَيانِ بِالخبِر اليَقيِنِ) فَهُوَ من ذَوَات الْيَاء والترخيم إِنَّمَا وضع للتَّخْفِيف بالحذف والحذف قد جَازَ فِي مثله للتَّخْفِيف فَوَجَبَ أَن يكون جَائِزا وَلَا يجوز التَّرْخِيم فِي الِاسْم الثلاثي السَّاكِن الْوسط كزيد لِأَنَّهُ إِذا حذف الْأَخير وَجب حذف السَّاكِن فَيبقى على حرف وَاحِد وَذَلِكَ لَا نَظِير لَهُ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ متحرك الْوسط وَحجَّة الْبَصرِيين أَن التَّرْخِيم حذف آخر الِاسْم المنادى إِذا كثرت حُرُوفه تَخْفِيفًا والثلاثي فِي غَايَة الخفة الْغَرِيب العاني الْأَسير وتنفك تَبْرَح الْمَعْنى يَقُول مَا تَبْرَح تفك عانيا وتقسم مَالا وَقد روى يَنْفَكّ بِالْيَاءِ وَمَال بِالرَّفْع 35 - الْغَرِيب مكافيك أَصله الْهَمْز وَلكنه أبدل بِالْيَاءِ اضطرارا وَكَذَلِكَ شانيك الْمَعْنى يَقُول مكافيك من أَعْطيته دين النَّبِي يَعْنِي أسلمته من الْكفَّار يُرِيد أَنه يكون شفيعك يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الله حَتَّى يدْخلك الْجنَّة فَحِينَئِذٍ جازاك يدا أَي نعْمَة لَا يُؤَدِّي شكرها يَد وَلَا فَم 36 - الْمَعْنى يَقُول ارْفُقْ بِنَفْسِك فَإِن كنت لَا ترحمها فَإِن النَّاس يرحمونك لِأَنَّك تجود بِنَفْسِك وتبذلها فِي الْحَرْب كجودك بِكُل شَيْء تملكه فارفق بِنَفْسِك 37 - الْغَرِيب المفحم السَّاكِت والشاني الْمُبْغض وَأَصله الْهَمْز قَالَ الله تَعَالَى {إِن شانئك هُوَ الأبتر} والخضرم الْكثير والنيل الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول محلك أَي موضعك مَقْصُود يَقْصِدهُ السُّؤَال ومبغضك لَا يقدر على النُّطْق فَلَا يقدر أَن ينْطق فِيك بِعَيْب لِأَنَّهُ لَا يجد لَك عَيْبا يعيبك بِهِ وَأَنت مَفْقُود الْمثل لِأَنَّك قد تفردت بأَشْيَاء لم يقدر عَلَيْهَا غَيْرك وعطاؤك كثير 38 - الْغَرِيب التحرج التَّضْيِيق وَالتَّيَمُّم الْقَصْد الْمَعْنى يَقُول تحرجي عَن قصد غَيْرك من الْمُلُوك حَملَنِي على زيارتك وتركي إياك إِلَى مدح غَيْرك كَتَرْكِ المَاء مَعَ وجوده إِلَى الصَّعِيد وَهَذَا غير جَائِز تَقول زرتك يزِيد وزرت زيدا وأزرت زيدا إياك وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (لَبِسْتُ سِوَاهُ أقْوَاما فَكانُوا ... كَمَا أغْنى التَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ) 39 - الْمَعْنى يَقُول الْمُسلمُونَ كلهم عبيدك فَكيف غَيرهم من أهل الْأَدْيَان فَلَو كَانَ الْمَمْلُوك فدَاء عَن مَالِكه مَا فقدت وَوَاحِد من الْمُسلمين حَيّ فكلهم مملوكون لَك فهم يفدونك بِأَنْفسِهِم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 - 1 الْإِعْرَاب فتسكن جَوَاب الِاسْتِفْهَام فنصبه بِالْفَاءِ الْغَرِيب الفراديس مَوضِع بِالشَّام الْمَعْنى يَقُول على عَادَة الْعَرَب فِي مُخَاطبَة الوحوش وَالسِّبَاع لِمَكَانِهِمْ من الْبَريَّة لأسود هَذَا الْمَكَان هَل يكون من جاورك عَزِيزًا مكرما فتسكن نَفسِي إِلَى جوارك أم يكون ذليلا مخذولا 2 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا أطلب جوارك لآمن من الَّذين أَخَافهُم وَأحذر مِنْهُم 3 - الْغَرِيب الْحلف المعاقدة والمعاهدة وَكَانُوا يَفْعَلُونَهُ قبل الْإِسْلَام بترك الرجل عشيرته ويحالف غَيرهم ليحموه من عدوه الْمَعْنى يَقُول لَو حالفتني لأتاك الرزق فَحذف لدلَالَة أول الْكَلَام على آخِره أَي هَل لَك رَغْبَة فِي عهدي فَأَنا أعلم بِأَسْبَاب الْمَعيشَة مِنْك 4 الْغَرِيب أثريت من الثرى وَهُوَ كَثْرَة المَال والوجهة الْجِهَة والموضع الْمَعْنى يَقُول إِن رغبت فِي جواري أقبل إِلَيْك الْخَيْر والرزق وَكثر عنْدك المَال مِمَّا تغنمينه من الصَّيْد وأكسبه من المَال وَالْغنيمَة وَلَوْلَا أَن من تقدمني شرح هَذَا المقاطيع لما ذكرتها لِأَنَّهَا من الشّعْر الرَّدِيء بَارِدَة العاني وَلَا رونق لَهَا وَلَا معنى حسن وَإِنَّمَا اقتديت بِمن سبقني وَلَوْلَا ذَلِك لتركت الارتجال كُله الحديث: 241 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 - 1 الْمَعْنى يَقُول هَذِه اللعبة لَيست تشَاء شَيْئا فتنقل قدمهَا فِيهِ ويروى مَشِيئَة تَصْغِير مشْيَة وَهِي لَا تَشْتَكِي الْأَلَم من دورانها لِأَنَّهَا يديرها سواهَا 2 - الْمَعْنى يَقُول لم أر شخصا قبل هَذِه يفعل أفعالها يَعْنِي من الدوران 3 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الْبَيْت يُنَاقض الأول لِأَنَّهُ وصفهَا بِأَنَّهَا لَا تشَاء وَلَا تحس بألم ثمَّ جعلهَا تطرب لَا بتسام الممدوح وَلَيْسَ بِعَيْب فِي صناعَة الشّعْر لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الْمحَال 243 - 1 الْإِعْرَاب لَا افتخار أَرَادَ أَن يَقُول لَا افتخار بِالْفَتْح كَقَوْلِك لَا رجل فِي الدَّار وَإِنَّمَا الرّفْع جَائِز مَعَ النَّفْي بِلَا إِذا عطف عَلَيْهِ فيرفع وينون كَقَوْلِك لَا رجل فِي الدَّار وَلَا امْرَأَة وَإِنَّمَا أجَازه بِغَيْر عطف لِأَنَّهُ جعل لَا بِمَعْنى لَيْسَ كبيت الْكتاب (مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرَانِها ... فَأنا ابْنُ قَيْسٍ لَا بَرَاحُ) الحديث: 242 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وَقَوله لمن نكرَة وجر صفتهَا كَقَوْلِك مَرَرْت بِمن عَاقل أَي بِإِنْسَان عَاقل وكقول الآخر (إِنِّي وَإيَّاكَ إذْ حَلَّتْ بأرْحُلِنا ... كمَنْ بواديِهِ بَعْدَ المَحْلِ مَمْطُورِ) فدخول رب عَلَيْهِ يُؤَيّد أَنه نكرَة الْمَعْنى يَقُول لَا فَخر إِلَّا لمن لَا يظلم بامتناعه من الظُّلم وعزته وقوته فَهُوَ إِمَّا أَن يدْرك مَا طلبه بِغَيْر حَرْب أَو يحارب وَلَا ينَام وَلَا يغْفل حَتَّى يدْرك مَا طلبه 2 - الْمَعْنى يَقُول العازم على الشَّيْء لَا يقصر عَنهُ وَإِذا قصر فِيهِ لم يكن ذَلِك عزما وَكَذَلِكَ مَا مَنعك الظلام عَن طلبه لَيْسَ ذَلِك همة لِأَن العازم إِذا هم بِأَمْر لم يعقه دونه شَيْء 3 - الْغَرِيب تضوى تهزل وَغُلَام ضاو وَامْرَأَة ضاوية وَفِيهِمَا ضوى الْمَعْنى يَقُول الصَّبْر على الْأَذَى وإبصار من يَفْعَله غذَاء ينْحل مِنْهُ الْبدن أَي أَنه يشق على الْإِنْسَان حَتَّى يُؤْذِيه النحول 4 - الْإِعْرَاب رفع أخف لِأَنَّهُ خبر مقدم تَقْدِيره الْحمام أخف مِنْهُ الْغَرِيب غبطت الرجل أغبطه إِذا تمنيت أَن تكون مثله من غير أَن تتمنى زَوَال مَاله وَالْحمام الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول الْحَيَاة فِي الذل لَا يطْلبهَا عَاقل والحياة فِي الذل الْمَوْت خير مِنْهَا فَمن عَاشَ ذليلا لم يغبط بحياته وَإِنَّمَا يغبط على الْحَيَاة فِي الْعِزّ وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم إِذا لم تتصرف النُّفُوس فِي شهواتها ومرادها فِي فحياتها موت ووجودها عدم وَمن قَول تأبط شرا (هُما خُطَّتا إمَّا إسارٌ وَمِنَّةٌ ... وَإمَّا دَمٌ وَالقَتْلُ بِالحُرّ أجْدَرُ) 5 - الْمَعْنى الْحلم إِنَّمَا يحسن مَعَ الْقُدْرَة وَأما من لَا قدرَة لَهُ فاعتصامه بالحلم حجَّة للؤمه واللئام يسمون عجزهم عَن مُكَافَأَة الْعَدو حلما وَهُوَ كَقَوْل الآخر (إنَّ منَ الحِلْمِ ذُلاً أنْتَ عارِفُهُ ... وَالحِلمُ عنْ قُدْرَة فَضْلٌ مِنَ الكَرَمِ) وَقد نَقله أَبُو الطّيب من كَلَام الْحَكِيم الْفرق بَين الْحلم وَالْعجز أَن الْحلم لَا يكون إِلَّا عَن قدرَة وَالْعجز لَا يكون إِلَّا عَن ضعف فَلَيْسَ للعاجز أَن يتسمى باسم الْحَلِيم وَهُوَ عَاجز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 - الْمَعْنى يَقُول الْإِنْسَان إِذا كَانَ هينا فِي نَفسه سهل عَلَيْهِ احْتِمَال الهوان كالميت الَّذِي لَا يتألم بالجراحة وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وَلَو خرس بعده كلفاه وَهُوَ من قَول جَابر بن مُوسَى الْحَنَفِيّ (إذَا مَا علا المَرْءُ رَامَ العُلا ... وَيَقْنَعُ بِالدُّونِ مَنْ كانَ دُونا) 7 - الْغَرِيب ضَاقَ ذرعا بِكَذَا إِذا لم يطقه وَهُوَ من الذِّرَاع وَأَصله أَن يمد الرجل ذراعه إِلَى شَيْء فَلَا يصل إِلَيْهِ فَيُقَال ضَاقَ ذرعا كَمَا يُقَال حسن وَجها الْمَعْنى يَقُول الزَّمَان عَاجز أَن يحملني مَالا أحتمله فلست أضيق مِنْهُ ذرعا وَإِن كثرت ذنُوبه وإساءته إِلَيّ وَقد وجدني الْكِرَام كَرِيمًا واستكرمتني أَي وجدتني كَرِيمًا صبورا على نَوَائِب الدَّهْر 8 - الْإِعْرَاب وَاقِفًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ نصب على الْحَال الْغَرِيب الأخمصان للقدم هما باطناه الْمَعْنى يَقُول أَنا وَإِن كنت فَوق جَمِيع الْأَنَام فَإِنِّي فِي تِلْكَ الْحَال وَاقِف تَحت أخمصي همتي لم أبلغ مَا بلغته همتي وَقَالَ أَبُو الْفَتْح نَفسِي عالية فِي السَّمَاء وَإِن كَانَ جسمي يرى بَين النَّاس فَأَنا وَاقِف تَحت قدر نَفسِي والأنام وقُوف تَحت أخمصي 9 - الْغَرِيب الشرار مَا تطاير من النَّار واحده شرارة والشرر مثله واحده شررة وَتجمع الشرارة على شرائر أَيْضا وَأنْشد الْأَصْمَعِي (وَمَرْوَةٌ تُطَيَّرُ الشَّرائِرَا ... ) والمرام الْمطلب الْمَعْنى يَقُول لَا أستلذ الْقَرار على شرار النَّار أَي لَا أَصْبِر على مقاساة الذل وَلَا أبغي مطلبا مَا دَامَ ظلمي يرام وَيطْلب فَأَنا لَا أطلب مراما دون دفع الضيم عَن نَفسِي ويروى أنفي أَي أترك وَالْكثير أبغي بالغين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 - الْإِعْرَاب الشآم الشَّام وَأَصله الْهَمْز لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْيَد الشؤمى وَهِي الشمَال وَذَلِكَ أَنَّك إِذا وقفت بِمَكَّة مُسْتَقْبلا مطلع الشَّمْس كَانَ الشَّام عَن شمالك واليمن عَن يَمِينك الْغَرِيب الْحجاز من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة ونجد أَرض بَين الْكُوفَة والحجاز وَالْعراق الأول من الْكُوفَة إِلَى حلوان عرضا وَمن تكويت إِلَى الْبَحْر طولا وَالْعراق الثَّانِي من حلوان إِلَى الرّيّ وَهُوَ عراق الْعَجم وَالشَّام من غَزَّة إِلَى الْفُرَات طولا الْمَعْنى يَقُول لَا ألذ قرارا دون أَن تشرق هَذِه الْمَوَاضِع بِالرِّمَاحِ وَأَن أملأ الْبِلَاد بِالْخَيْلِ وَالرجل وأقاتل الْمُلُوك وآخذ بِلَادهمْ ولعلها قد كَانَت لِآبَائِهِ فاغتصبت مِنْهُم وَهَذَا من حماقته الْمَعْرُوفَة وَلَا بُد لَهُ فِي كل قصيدة من هَذَا 11 - الْغَرِيب القمقام السَّيِّد والقمقام الْعدَد الْكثير والقمقام الْبَحْر قَالَ الفرزدق (فَغَرِقْتُ حينَ وَقَعْتُ فِي القُمْقام ... ) والأصيد الْملك الْعَظِيم الَّذِي لَا يلْتَفت كبرا وَالضَّرْب الْخَفِيف اللَّحْم والهمام الَّذِي ينفذ مَا يهم بِهِ الْمَعْنى يُرِيد شَرق الجو بالغبار إِذا سَار الممدوح نَحْو الْأَعْدَاء لِأَنَّهُ ذكى جعد أَي كريم وَإِذا ذكر الْجَعْد مُضَافا لِلْيَدَيْنِ كَانَ بِمَعْنى الْبَخِيل وَإِذا ترك بِغَيْر إِضَافَة كَانَ بِمَعْنى الْكَرِيم والسرى من السرُور وَهُوَ سخاء فِي مُرُوءَة تَقول سرو يسري وسرى بِالْكَسْرِ يسري سروا فيهمَا وسرويسر وسراوة إِذا صَار سريا قَالَ الشَّاعِر (تَلْقى السَّريَّ منَ الرْجالِ بِنَفْسهِ ... وَابنُ السَّرِي إذَا سَرَى أسْرَاهُما) 13 - الْمَعْنى يَقُول الَّذِي صروف الزَّمَان قد أسرها وحبسها عَن النَّاس فَلَا يتَمَكَّن من إِحْدَاث شَيْء إِلَّا بِمَا يُريدهُ وَلَا يُصِيب أحدا بل لَا ينفع وَلَا يضر إِلَّا بِإِذْنِهِ 14 - الْإِعْرَاب جودا نصب على الْمصدر أَي يجود جودا يدل عَلَيْهِ ظَاهر الْكَلَام الْمَعْنى يَقُول هَذَا يبْذل المَال ليصير معلا وَيصير ذَلِك دَوَاء من الدَّاء الَّذِي هُوَ الْإِكْثَار فَكَأَن أَمْوَاله الْكَثِيرَة دَاء لَهُ وسقام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 - الْإِعْرَاب فِي عُيُون أعدائه ظرف لأقبح لَا لحسن قدمه عَلَيْهِ كَقَوْلِك زيد فِي الدا أحسن مِنْك فَكَأَنَّهُ قَالَ هُوَ حسن وَسكت ثمَّ قَالَ فِي عُيُون أعدائه أقبح الْغَرِيب السوام المَال المرعى الْمَعْنى يَقُول هُوَ أقبح فِي عُيُون أعدائه من ضَيفه فِي عُيُون مَاله الرَّاعِي لِأَنَّهُ ينْحَر إبِله للأضاف فَهِيَ تكرههم وَهَذَا كَمَا قيل فِي الضَّيْف (حَبِيب إِلَى كَلْبِ الكَرِيمِ مُناخُهُ ... بَغِيض إِلَى الكْوماءِ وَالكَلبُ أبْصَرُ) قَالَ أَبُو الْفَتْح يُمكن أَن يكون فِي عُيُون أعدائه ظرفا لحسن فَالْمَعْنى هُوَ فِي عُيُون أعدائه حسن إِن قيل كَيفَ يكون حسنا فِي عُيُون أعدائه وأقبح من ضَيفه إِذا رَأَتْهُ الْإِبِل لِأَنَّهُ يذبحها للأضياف فَهِيَ تكرههم فَجَوَابه أَن أعداءه يرونه حسن الصُّورَة قَبِيح الْفِعْل بهم فهم يرونه حسنا وقبيحا وَفِي الأول قبيحا لَا غير 16 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لَو كَانَ سيدا محميا من الْمَوْت لحماك وحفظك مِنْهُ إجلال النَّاس إياك وإعظامهم لَك أَي إِنَّهُم يفدونك بنفوس من الْمَوْت لَو قبل الْمَوْت فدَاء فَكنت لَا تَمُوت قَالَ وَقَالَ ابْن دوست لأَنهم يهابونك فَلَا يقدمُونَ عَلَيْك وَلَيْسَ الْمَعْنى فِي إجلال النَّاس إِيَّاه مَا ذكر لِأَنَّهُ لَيْسَ كل الْمَوْت الْقَتْل حَتَّى يَصح مَا ذكره 17 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ عَن عوار فَقَالَ أردْت السيوف ودينها الْحل حَتَّى لَا تتحرج عَن شَيْء وإحرامها تجريدها من الأغماد 18 - الْإِعْرَاب رفع بِسم لِأَنَّهُ أجْرى الْكَلِمَة مَعَ الْبَاء بِمَنْزِلَة كملة وَاحِدَة فَرَفعهَا كَمَا أنْشد الغراء (فَلا وَاللهِ لَا يُلْفِي لما بِي ... وَلا لِلِمَابِهِمْ أبَداً دَوَاءُ) وَأنْشد الآخر (وَكاتِبٍ قَطَّطَ أقْلاما ... وَخَطَّ بِسمْا ألِفا وَلاما) وَمن قَالَ بِسم بالخفض وخفضه بِالْبَاء فَهُوَ قَبِيح جدا أَن يَجْعَل مَا لَيْسَ من الْكَلِمَة كالجزء مِنْهُ وَترك صرف قيس لِأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى الْقَبِيلَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 الْمَعْنى يُرِيد لَا يُسمى عِنْد تَسْمِيَة الْمجد غير قيس فَيكْتب بِسم الله ثمَّ اسْم هَذِه الْقَبِيلَة ثمَّ السَّلَام الَّذِي يكْتب فِي أَوَاخِر الْكتب فَأَرَادَ أَن الْمجد انْتهى إِلَى هَذِه الْقَبِيلَة وَفرغ من السَّلَام 19 - الْغَرِيب النعام تشْتَهي الْجَمْر لفرط برودة فِي طبعها وجمرات الْعَرَب ثَلَاث بنوضبة بن أد وَبَنُو الْحَارِث بن كَعْب وَبَنُو نمير بن عَامر فطفئت مِنْهُم جمرتان طفئت ضبة لِأَنَّهَا حالفت الربَاب وطفئت بَنو الْحَارِث لِأَنَّهَا حالفت مذْحج وَبقيت بَنو نمير لم تطفأ لِأَنَّهَا لم تحالف وكل قَبيلَة كَانُوا كلهم يدا وَاحِدَة وَلم يحالفوا غَيرهم فهم جَمْرَة وَقيل الجمرات عبس والْحَارث وضبة وهم إخْوَة لأم وَذَلِكَ أَن امْرَأَة من الْيمن رَأَتْ فِي الْمَنَام أَنه خرج من فرجهَا ثَلَاث جمرات فَتَزَوجهَا كَعْب بن عبد المدان رجل من الْيمن فَولدت لَهُ الْحَارِث بن كَعْب وهم أَشْرَاف الْيمن ثمَّ تزَوجهَا بغيض بن ريث فَولدت لَهُ عبسا وهم فرسَان الْعَرَب ثمَّ تزَوجهَا أد فَولدت لَهُ ضبة فجمرتان فِي مُضر وجمرة فِي الْيمن الْمَعْنى يَقُول أَنْتُم أَصْحَاب بَأْس وشجاعة فَلَا يقدر أحد أَن يُضَاف لكم لأنكم أَفْخَر النَّاس كرما وشجاعة 20 - الْغَرِيب كل ليل طَال من مرض أوهم فَهُوَ تَمام وَأكْثر مَا جَاءَ ليل التَّمام بِالْألف وَاللَّام وَإِنَّمَا جَاءَ بِهِ للقافية وَإِلَّا فقد تمّ الْكَلَام بِدُونِهِ الْمَعْنى يَقُول يوقدون النَّار بِاللَّيْلِ للقرى فالليل كُله صبح لزوَال الظلام والإصباح ليل لأَنهم يوقدون بِالنَّهَارِ النَّار لأجل الْقرى وَإِن ضيافتهم لَا تَنْقَطِع لَيْلًا وَلَا نَهَارا فدخان النَّار يستر ضِيَاء الشَّمْس وَيجوز أَن يُرِيد أَنهم يغيرون فِي النَّهَار ويحاربون فيزول نور النَّهَار بالغبار وَهُوَ معنى حسن وَقد أَخذه الحيص بيص بقوله (نَفى وَاضحَ التشْرِيقِ عنْ شَمْسِ أرضِهِ ... دُخانُ قُدورٍ أوْ عجاجَةُ قَسْطَلِ) 21 - الْمَعْنى يَقُول لكم همم عالية قد بلغتكم أَعلَى الْمَرَاتِب مَرَاتِب لاتبلغها الوهام وَلم يخْطر فِي وهم أحد أَنه يبلغهَا 22 - الْغَرِيب الانبراء التَّعَرُّض للشَّيْء والنفاد الفناء قَالَ الله تَعَالَى {لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 الْمَعْنى يَقُول وَلكم نفوس إِذا تعرضت للحرب أنفدتها الْحَرْب وإقدامها لم ينفذ وَقَالَ الواحدي يعلمُونَ النَّاس الْإِقْدَام فيفنون وإقدامهم بَاقٍ 23 - الْغَرِيب موطنات مسكنات والروع هُنَا الْحَرْب وَلم يرد الْفَزع والاقتحام الدُّخُول فِي الْحَرْب والاستسلام طلب الصُّلْح الْمَعْنى يَقُول هم شجعان يقتحمون الْمَوْت وَقد عودوا أنفسهم الْإِقْدَام فكأنهم لَا سترسالهم وانبساطهم على الْحَرْب يطْلبُونَ الصُّلْح وَالسّلم 24 - الْغَرِيب الشطبة الْفرس الطَّوِيلَة وبراها هزلها وأنحلها الْمَعْنى يَقُول يقودون إِلَى الْحَرْب كل فرس طَوِيلَة وحصان لِكَثْرَة مُلَازمَة الْحَرْب قد نحلت 25 - الْغَرِيب التمتام الَّذِي يتَرَدَّد لِسَانه بِالتَّاءِ وَامْرَأَة تمتامة وَقيل التمتام الَّذِي يعجل بالْكلَام وَقيل الَّذِي تسبقه كملته إِلَى حنكه الْأَعْلَى والفأفاء الَّذِي يتَرَدَّد لِسَانه بِالْفَاءِ الْمَعْنى يَقُول خيولهم تعثر برءوس الْقَتْلَى فيمنعها ذَلِك من الْعَدو منعا شَدِيدا كتردد التمتام فِي التَّاء إِذا حاول النُّطْق بهَا يُرِيد من كَثْرَة الْقَتْل لم يبْق للخيل مجَال إِلَّا بَين رُؤُوس الْقَتْلَى 26 - الْغَرِيب الكرائه جمع كريهة وَهِي فعلية فِي معنى مقتولة والحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة مَا يقاسي فِي الْحَرْب ولازمها يكَاد السَّيْف أَن يَقُول كَمَا أَقُول وَيشْهد لقولي بانفلاله قَالَ الواحدي فَجعل ذَلِك كالقول من السَّيْف قَالَ وَلم يعرف ابْن دوست الْمَعْنى فَقَالَ السَّيْف قَالَ فِيك مَا أَقُول من الْمَدْح بالشجاعة 27 - الْغَرِيب الصفائح جمع صفيحة وَهِي السيوف الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح اسْتَغْنَيْت بسيوفك عَن نصْرَة النَّاس لَك ثمَّ استعنيت بأقلامك عَن سيوفك لما اسْتَقر من الهيبة لَك فِي قُلُوب النَّاس فلست تحْتَاج مَعهَا إِلَى السيوف وَقَالَ ابْن دوست كفتك سيوفك النَّاس من العساكر وَغَيرهَا حَتَّى اسْتَغْنَيْت عَنْهُم وَلم تحتج إِلَيْهِم وَهَذَا فِيهِ ضعف لِأَن السيوف تحْتَاج إِلَى من يحملهَا ليحصل لَهُ الهيبة وَهِي بمجردها لَا تكفيه النَّاس ويروى الباس بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْمعْنَى كفتك سيوفك الْحَرْب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 - الْغَرِيب التجارب جمع تجربة وَهِي التجريب والإلهام مَا يلهمه الله الْمَعْنى يَقُول لم تزل تعْمل التجارب حَتَّى انطبعت على الصَّوَاب فصرت تَأتيه كالملهم الَّذِي ألهمه الله الصَّوَاب فكفاك إلهام الله الصَّوَاب التجارب وَهَذَا وَمَا قبله من قَول البحتري (يَوْمَ أرْسَلْتَ منْ كتائِبِ آرَائِكَ ... جُنْداً لَا يَأخُذُونَ عَطاء) (وَيَوَدُّ الأعْدَاءُ لوْ تُضْعِفُ الجَيْشَ ... عَلَيْهمْ وَتَصْرِفُ الآرَاءَ) 29 - الْغَرِيب البرَاز المبارزة وَهِي أَن يبارز الرجل قرنه الْمَعْنى يَقُول من طلب مبارزتك بقتْله لَا يلام على ذَلِك لِأَنَّهُ يطْلب الْفَخر بِكَوْنِهِ قرنا لَك فَإِن قتلته كَانَ فخرا لَهُ فَلَا يلام عَلَيْهِ فَيسْتَحق الْفَخر بِهَذَا حَتَّى يَقُول النَّاس قد قدر على مبارزته 30 - الْمَعْنى يَقُول لَو لم ينل غير النّظر إِلَيْك لَكَانَ فقره منعما عَلَيْهِ أَي لما كَانَ فقره سَببا إِلَى إبصارك كَانَ فقره منعما عَلَيْهِ وَالْمعْنَى أَن الْفَقِير إِذا سَاقه إِلَيْك الْفقر كَانَ فقره منعما عَلَيْهِ برؤيتك لِأَن رؤيتك الْغَايَة وَالْمطلب لمن رَآهَا 31 - الْمَعْنى يَقُول الرَّأْس خير عُضْو فِي الْإِنْسَان لِأَنَّهُ مجمع الْحَواس وَفِيه مَحل الْعقل وَلَكِن صَارَت الْأَقْدَام أفضل مِنْهَا لقصدك إياك وَهَذَا كَقَوْلِه أَيْضا (فإنَّ الفِئامَ الَّتِي حَوْلَهُ ... لَتَحْسُدُ أرْجْلَها الأرْؤُسُ) 32 - الْغَرِيب الْوَفْد اسْم جنس وهم الوافدون على الْمُلُوك الْمَعْنى يَقُول لما ازدحمت عَلَيْك الْوُفُود وازدحمت عطاياك عَلَيْهِم أقصرت عَنْك وَقد بَينه فِيمَا بعده 33 - الْمَعْنى يَقُول أقصرت عَنْك خوفًا إِن صرت فِي يَمِينك أَن تأخذني الْوُفُود فِي بعض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 هباتك يُشِير إِلَى كَثْرَة عطاياه حَتَّى يخَاف شاعره وزائره أَن يُؤْخَذ فِيمَا يُؤْخَذ من الْهِبَة وَهُوَ كَقَوْل البحتري (وَمَنْ لَوْ تُرَى فِي مِلْكِهِ عُدْتَ نائلا ... لأوَّلِ عافٍ مِنْ مُرِجَيَّهِ مُقْتِرِ) 34 - الْإِعْرَاب على الْقرب تمّ الْكَلَام عِنْده ثمَّ اسْتَأْنف مَا بعده الْمَعْنى يَقُول كنت بِالْقربِ فَلم أزره فَلَمَّا بَعدت عَنهُ زرته يَقُول من إِصَابَة الرشد أَن لم أزرك وَأَنا على الْقرب مِنْك لِأَن حق الزِّيَارَة إِنَّمَا يعرف إِذا كَانَ بعد 35 - الْغَرِيب البطء اسْم من الإبطاء وَهُوَ التَّأَخُّر والسيب الْعَطاء والجهام السَّحَاب الَّذِي لَا مَاء فِيهِ الْمَعْنى بطء سيبك عني مَحْمُود غير مَذْمُوم والسحاب إِذا قل مَاؤُهُ وصف بِسُرْعَة السّير 36 - الْغَرِيب الود بِالْفَتْح التَّمَنِّي وبالضم الْمحبَّة الْمَعْنى يَقُول للممدوح قل وَتكلم فَإِن الْجَوْهَر المنظوم يتَمَنَّى أَن يكون كلَاما لَك لحسن نطقك وَبَيَان كلامك 37 - الْمَعْنى يَقُول اللَّيْل وَالنَّهَار يخافانك يمتثلان أَمرك ونهيك فَلَو نهيتهما عَن الْمُرُور لم يمرا أَي لَو أَشرت إِلَى الدَّهْر وأمرته أَن يقف لوقف 38 - الْمَعْنى يَقُول الله يَكْفِيك كل شَرّ وغائله وَأَنت مَعَ الْحق لَا تضل عَنهُ والآثام لَا تصل إِلَيْك لِأَنَّك لَا تَأتي مَا تأثم بِهِ 39 - الْغَرِيب الدنايا جمع دنية الْمَعْنى يَقُول أَنْت تقدم على المهالك وكل شَيْء وَلَا تتفكر فِي عَاقِبَة شَيْء إِلَّا مَا كَانَ من دنية أَو شَيْء حرَام فَإنَّك لَا تقدم عَلَيْهِ يُرِيد لم تفعل ذَلِك وروى أَبُو الْفَتْح أَو مَا بِأَلف الِاسْتِفْهَام وَقَالَ لإفراطك فِي توقي الدنايا صَار كَأَنَّك لَا حرَام عَلَيْك غَيرهَا يُرِيد أَنه لَا بتفكر فِي عَاقِبَة شي سوى الدنايا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 وَقَالَ الْخَطِيب إِلَّا فِي أَمر دنيء يهاب أَن يَفْعَله أَو ماعليك حرَام أَو مَا هُوَ عَلَيْك حرَام فَحَرَام خبر الْمُبْتَدَأ الْمَحْذُوف وَلَو كَانَت القافية مجرورة لجَاز جر حرَام وَتجْعَل مَا نكرَة وَيكون التَّقْدِير فِي غير الدنايا أَو شَيْء عَلَيْك حرَام وَإِذا رفع حرَام جَازَ أَن تكون مَا معرفَة ونكرة وَقَالَ ابْن القطاع لم تلقى نَفسك فِي المهالك أَو مَا تظن أَن ذَلِك حرَام يُشِير إِلَى شجاعته 40 - الْمَعْنى يَقُول ينهاك عَن مُوَاصلَة من يعذرك فِي حبه كل أحد لنفاسته وَحسنه تقاك والمعتى كم حبيب يسْتَحق المواصلة وَلَا يلام على مواصلته تقاك ينهاك عَنهُ حَتَّى كَأَن التَّقْوَى لوام تلومك فِي وَصله يصفه بتقوى الله وخشيته وأكده بقوله الْبَيْت بعده 41 - الْغَرِيب أصل التَّنَزُّه التباعد عَن السوء وَفُلَان ينزه عَن الأقذار ونزه نَفسه عَنْهَا أَي تبَاعد والجسام الْعِظَام الْمَعْنى يَقُول تباعدك عَن الآثام رفع قدرك عَن مواصلته وَصرف قَلْبك عَنهُ الْأُمُور الْعَظِيمَة الَّتِي تسْعَى فِيهَا 42 - الْغَرِيب القريض الشّعْر وَهُوَ مَأْخُوذ من قرض الشَّيْء إِذا قطعه كَأَن الْإِنْسَان يقطعهُ من فكرة وَفِي الْمثل حَال الجريض دون القريض قيل هُوَ قَول عبيد ابْن الأبرص لما لقِيه عمر وبن هِنْد فِي بؤسه فَقَالَ لَهُ أَنْشدني أقفر من أَهله ملحوب فَقَالَ حَال الجريض دون القريض وَهَذَا يهذي هذاء وهذيانا إِذا قَالَ قولا لَا فَائِدَة لَهُ وَالْأَحْكَام جمع حكم بِمَعْنى الْحِكْمَة الْمَعْنى يَقُول بعض الشّعْر هذيان وَبَعضه حِكْمَة وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِن من الشّعْر لحكما أَي حِكْمَة 43 - الْغَرِيب برع وبرع بِالْفَتْح وَالضَّم بارعة فاق أَصْحَابه فِي الْعلم فَهُوَ بارع والبرسام عِلّة مَعْرُوفَة يُقَال برسم إِذا خلط فِي مَرضه الْمَعْنى هُوَ تَفْسِير للبيت الَّذِي قبله أَي من الشّعْر مَا يكون عَن فضل وَمَعْرِفَة وَمِنْه مَا يكون عَن مرض وجنون فَهَذَا هذيان كهذيان المبرسم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 - 1 الْغَرِيب الْأَحْدَاث جمع حدث وَهِي المصائب والبطش الْأَخْذ بِغَلَبَة وَقُوَّة الْمَعْنى يَقُول لَا أَحْمد الْحَوَادِث وَلَا أذمها فَإِنَّهَا إِذا بطشت بِنَا لم يكن ذَلِك جهلا مِنْهَا وَإِذا كفت عَن الضّر لم يكن ذَلِك حلما مِنْهَا لِأَن الْفِعْل فِي هَذَا كُله لله عز وَجل وَإِنَّمَا تنْسب الْأَفْعَال إِلَيْهَا على سَبِيل الْمجَاز والاستعارة 2 - الْغَرِيب بَدَأَ الشَّيْء وأبدأ وَالله بَدَأَ الْخلق وأبدأهم ويكرى ينقص وأكرى زَاد وَنقص من الأضداد وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي للبيد (كذِى زَادٍ مَتى مَا يُكْرِمَنْهُ ... فَلَيْسَ وَرَاءَ هـ ثِقَةٌ بِزَادِ) الْمَعْنى يَقُول كل أحد لَا بُد لَهُ من أَن ينقص كَمَا زَاد وَيرجع إِلَى حَاله الأول كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} فَلَا ذَنْب للمصائب حَتَّى أذمها أَو أمدحها 3 - الْغَرِيب الوصم الْعَيْب وَلَك الله دُعَاء لَهَا وحبيبها يَعْنِي نَفسه الْمَعْنى يَدْعُو لَهَا وَيَقُول هِيَ مفجوعة قلتهَا شوقها إِلَيْهِ وَلم يلْحقهَا عيب لِأَنَّهَا اشتاقت إِلَى وَلَدهَا وَلم تشتق حبيبا ينالها بشوقه عيب وَإِنَّمَا اشتاقت من تئاب على شوقه وَلَيْسَ الْأجر إِلَّا بِالصبرِ عَلَيْهِ 4 - الْغَرِيب الكأس الْمَوْت وَهِي مُؤَنّثَة قَالَ الله تَعَالَى {بكأس معِين بَيْضَاء} الحديث: 244 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 وَقَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت (مَنْ لمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَما ... لِلْمَوْتِ كَأسٌ فالمَرْءُ ذَائِقُها) قَالَ ابْن الْأَعرَابِي لَا تسمى الكأس كأسا إِلَّا وفيهَا الشَّرَاب وَجَمعهَا كؤوس وأكؤس وكئاس الْمَعْنى يَقُول أحن إِلَى الْمَوْت الَّذِي شربت كأسه فَلَا أحب الْبَقَاء بعْدهَا وَأحب لأجل مقَامهَا التُّرَاب وَمَا ضمه يَعْنِي شخصها أَو كل مدفون فِي التُّرَاب يجوز أَن يكون يحب التُّرَاب حَيا للدفن فِيهِ وَيجوز أَن يحب التُّرَاب لِأَنَّهَا فِيهِ 5 - الْمَعْنى يَقُول كنت أبْكِي عَلَيْهَا فِي حَيَاتهَا خوفًا من فقدها فتغربت عَنْهَا فطال تغربي فثكلتها قبل الْمَوْت وثكلتني وَفِي المصراع الأول نظر إِلَى بَيت الحماسة (فأبْكى إنْ نَأوْا شَوْقا إليِهمْ ... وَأبْكى إنْ دَنَوْا خَوْفَ الفِرَاقِ) 6 - الْغَرِيب أَجدت بِمَعْنى جدت والصرم الْبعد والقطيعة الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لَو كَانَ الهجر يقتل كل محب لقتل بَلَدهَا يَعْنِي أَن الْبَلَد كَانَ يُحِبهَا لافتخاره بهَا وَلَكِن الهجر إِنَّمَا يقتل بعض المحبين دون بعض وَقد نفى فِي هَذَا الْبَيْت مَا أثْبته فِي قَوْله (لَا تَحْسَبُوا رَبْعَكُمْ وَلا طَلَلَه ... أوَّلَ حَيّ فِرَاقُكُمْ قَتَلَهْ) 7 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح مَنَافِع الْأَحْدَاث أَن تجوع وَأَن تظمأ وَهَذَا ضار بغَيْرهَا لِأَن جوعها وعطشها أَن يهْلك النَّاس فتخلو مِنْهُم الدُّنْيَا كَقَوْلِه (كالمَوْتِ لَيْسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ ... ) وَقَالَ ابْن فورجة الضَّمِير فِي مَنَافِعهَا للجدة المرثية يَعْنِي أَنَّهَا كَانَت قَليلَة الْمطعم تُؤثر بطعامها على نَفسهَا وتجوع لينْتَفع غَيرهَا وَتمّ الْكَلَام ثمَّ جعل المصراع الثَّانِي مُفَسرًا للْأولِ فَقَالَ غذاؤها فِي جوعها وريها فِي عطشها لِأَن سرورها بإطعام غَيرهَا يقوم مقَام شبعها وريها وَقَالَ الواحدي أما كَلَام ابْن جنى فَلَا وَجه لَهُ وَلَا وَجه لجوع الْأَحْدَاث وظمها على مَا ذكر وَأما قَول ابْن فورجة فَيصح على تَقْدِير مَنَافِعهَا مَا ضرّ فِي نفع غَيرهَا وَهُوَ الْجُوع والعطش بايثار غَيرهَا بِالطَّعَامِ وَالشرَاب وَذَلِكَ ينفع غَيرهَا فَهَذَا صَحِيح من هَذَا الْوَجْه غير أَن الأولى رد الْكِنَايَة على الْأَحْدَاث والليالي لَا إِلَى الْجدّة وَالْمعْنَى مَنَافِع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 اللَّيَالِي فِي مضرَّة غَيرهَا من النَّاس ثمَّ ذكر ذَلِك وَفَسرهُ فَقَالَ غذاؤها وريها فِي أَن تجوع أَيهَا الْمُخَاطب وتظمأ لولوعها بالإساءة بِنَا كَأَن ريها وشبعها فِي جوعنا وظمئنا ويروى نجوع ونظما بالنُّون فيهمَا على مَا ذكرنَا من التَّفْسِير وَيجوز أَن يكون تجوع وتظمأ بِالتَّاءِ خَبرا عَن اللَّيَالِي وَالْمعْنَى غذاؤها وريها جوعها وعطشها أَي لارى لَهَا وَلَا شبع لِأَنَّهَا لَا تروى وَلَا تشبع من إهلاك الْأَنْفس وإزهاق الْأَرْوَاح وَتَقْدِير الْبَيْت مَا ضرّ فِي نفع غَيرهَا مَا أثر فِي نفع غَيرهَا بِالضَّرَرِ كَأَنَّهُ قَالَ مَنَافِعهَا فِي ضرّ غَيرهَا 8 - الْمَعْنى يَقُول كنت عَالما بالليالي وتفريقها بَين الْأَحِبَّة قبل أَن تفعل بِنَا هَذَا التَّفْرِيق فَلَمَّا دهتني هَذِه الْمُصِيبَة لم تزدني بهَا علما وَهُوَ من قَول الْحَكِيم من نظر بِعَين الْعقل وَرَأى عواقب الْأُمُور قبل حلولها لم يجزع بحلولها وَمن قَول الْقَائِل (حَلَّمَتْنِي زَعْمُتُم وَأرَانِي ... قَبْلَ هَذَا التَّحْليِمِ كُنْتُ حَليماً) وَهُوَ أَيْضا من قَول بعض الْعَرَب وَقد مَاتَ وَلَده فَحسن عزاؤه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَمر كُنَّا نتوقعه فَلَمَّا وَقع لم ننكره 9 - الْغَرِيب التَّرَحِ الْحزن وترحه تتريحا أحزنه الْمَعْنى يَقُول كثر حزني بهَا فَكَأَنِّي مت عَلَيْهَا غما وَمَاتَتْ هِيَ من شدَّة سرورها بحياتي بعد إياسها مني 10 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بِهِ رَاجع إِلَى السرُور الْمَعْنى يَقُول السرُور حرَام عَليّ فإنني بعد مَوتهَا بالسرور أعده سما فأتباعد مِنْهُ وأحرمه على نَفسِي 11 - الْغَرِيب أغربة جمع غراب والأعصم الَّذِي فِي أحد جناحيه ريشة بَيْضَاء وَقيل هُوَ الَّذِي إِحْدَى رجلَيْهِ بَيْضَاء وَهُوَ قَلِيل الْوُجُود وأغربة جمع قلَّة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح شبه الْبيَاض الَّذِي بَين الأسطر بالبياض فِي الْغُرَاب الأعصم وَقَالَ الْخَطِيب تعجبت من كتابي حَتَّى كَأَنَّهَا تنظر إِلَى مَالا يُوجد كالغراب الأعصم وَوجه تعجبها مِنْهُ أَنه سَافر عَنْهَا حَتَّى يئست مِنْهُ فَلَمَّا نظرت إِلَى كِتَابه أكثرت النّظر شغفا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 بِهِ لَا عجبا حَقِيقِيًّا قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ من قَول ابْن الرُّومِي (غَضَبٌ أسَحٌّ مِنَ الغَمام الأسْحَمِ ... وَرِضاً أعَزُّ منَ الغُرَابِ الأعْصَمٍ) وَلَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا شَاركهُ فِي لَفْظَة من أَلْفَاظ الْبَيْت 12 - الْغَرِيب اللثم الْقبْلَة يُقَال لثمت بِكَسْر الْعين وَبِفَتْحِهَا وَأنْشد الْمبرد قَول عمر بن أبي ربيعَة بِالْفَتْح (فَلَثَمْتُ فاها آخِذا بِقُرُوِنها ... شُرْبَ النزِيفِ بِبَرْدِ ماءِ الحَشْرَجِ) والأنياب الْأَسْنَان وسحما سُودًا الْمَعْنى يَقُول لم تزل تقبل كتابي وتضعه على عينيها حَتَّى اسود مَا حول عينيها وأنيابها بمداده 13 - الْغَرِيب رقأ الدَّم والدمع يرقأ رقوءا إِذا انْقَطع وأرقأ الله عينه قطع دمعها وَأَصله الْهَمْز وإبدال الْهمزَة إِجْرَاء للوصل مجْرى الْوَقْف كَمَا يفعل حَمْزَة بن الزيات المقرى فِي وَقفه على المهموز الْمَعْنى يَقُول لما مَاتَت انْقَطع دَمهَا الْجَارِي على فراقي ويبست جفونها عَن الدمع وسلت حَتَّى بعد مَا أدْمى قَلبهَا 14 - الْمَعْنى يَقُول لم يسلها عني إِلَّا الْمَوْت وَالْمَوْت الَّذِي أذهب سقمها بالحزن لأجلي كَانَ أَشد من السقم وَهُوَ من قَول الطَّائِي (أقولُ وَقَدْ قالُوا اسْتَرَاحَ بِمَوْتِها ... منَ الكْرْبِ رُوحُ المْوتِ شَرّ من الكْرب) وَمثله لَهُ (أجارَكَ المَكْرُوهُ مِنْ مِثْلِهِ ... فاقِرَةٌ نَجَّتْكَ مِنْ فاقِرَهْ) 15 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَافَرت عَنْهَا لأفيد مَا يكون لَهَا حظا وسعة فقاتت هِيَ وَفَاتَ الْحَظ وَكَانَت راضية لَو أَنِّي رضيت لَهَا بذلك وروى بهَا وَنَقله الواحدي 16 - الْغَرِيب الاسْتِسْقَاء طلب السقيا من الله بالمطر والغمام السَّحَاب لِمَعْنى يَقُول كنت أستسقى الْحَرْب والقنا دِمَاء الْأَعْدَاء فصرت أستسقى الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 لقبرها على عَادَة الْعَرَب فِي الدُّعَاء للقبور سقيا السَّمَاء وَقَالَ الواحدي بعد مَا نقل هَذَا تركت الْحَرْب وجدا بموتها واشتغلت بِالدُّعَاءِ لَهَا وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (وَبِرَغمِي أصْبَحْتُ أمْنَحُكَ الوُدَّ ... وَأهْدِي إلَيْكَ صَوْبَ الغَمامِ) 17 - الْمَعْنى يَقُول كنت قبل مَوتهَا أستعظم فراقها فَصَارَت حَادِثَة الْفِرَاق صَغِيرَة عِنْد مَوتهَا وَكَانَت قبله عَظِيمَة فَصَارَ مَوتهَا أعظم من فراقها 18 - الْغَرِيب هبيني اجعليني وَالْعرب تَقول وهبني الله فداءك أَي جعلني والثار الذحل وثأرت الْقَتِيل بالقتيل ثأرا وثؤورة أَي قتلت قَاتله قَالَ (شفْيتُ بهِ نفْسِي وَأدرَكْتُ ثُوْتي ... بَنِي مالكٍ هَل كُنْتُ فِي ثُؤرَتي نِكسا) والثائر الَّذِي لَا يبْقى على شَيْء حَتَّى يدْرك ثَأْره الْمَعْنى يَقُول اجعليني واحسبيني بِمَنْزِلَة من أَخذ ثأرك من الْأَعْدَاء لَو أَنهم قتلوك فَكيف آخذ ثأرك من هَذِه الْعلَّة وَفِيه نظر إِلَى قَول عمرَان بن حطَّان (وَلمْ يُغْنِ عَنْكَ الموْتُ يَا حَمْزَ إذْ أَتَى ... رِجالٌ بِأيْديِهِم سُيُوفٌ قَوَاضِبُ) وَأحسن فِيهِ أَبُو الْحسن التهامي (لَوْ كُنْتَ تُمْنَعُ خاضَ نَحْوَكَ فِتيَةٌ ... مِنَّا بِحارَ عَوَامِلٍ وَشِفارٍ) 19 - الْمَعْنى يَقُول الْأَعْمَى تنسد المسالك عَلَيْهِ وَالدُّنْيَا لم تنسد عَليّ لضيقها بل هِيَ وَاسِعَة وَلَكِنِّي كالأعمى لفقدك فالمسالك عَليّ منسدة 20 - الْإِعْرَاب تَقول أكب زيد على الْأَمر وكبه الله لوجهه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه} وَفِي حَدِيث معَاذ وَهل يكب النَّاس فِي النَّار إِلَّا حصائد ألسنتهم بِفَتْح الْيَاء من الثلاثي وَالَّذِي أَرَادَ اللَّذين فَحذف النُّون لطول الِاسْم وَقَالَ قوم بلَى هِيَ لُغَة فِي تَثْنِيَة اللذ بِحَذْف الْيَاء فَإِنَّهُ يُقَال اللذا وَالَّذِي وأنشدوا عَلَيْهِ قَول الأخطل (أبَنِي كلَيْبٍ إنَّ عمَّىَّ اللَّذَا ... كَسَرَا القُيُود وفَكَّكا الأغْلالا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 الْمَعْنى مَا أَشد حزني حَيْثُ إِنِّي غبت عَن وفاتك فَكنت لَا أنكب على رَأسك مُقبلا وعَلى صدرك اللَّذين ملئا حزامة وعقلا والدماغ مأوى الْعقل والصدر مأوى الرَّأْي 21 - الْغَرِيب الرّوح يذكر وَيُؤَنث فالتأنيث يُرَاد بِهِ النَّفس وَشَيْء ذكى وَذَاكَ شَدِيد الرَّائِحَة الْمَعْنى يَقُول وَا أسفي أَنِّي لَا ألْقى روحك الطَّاهِر الَّذِي كَأَن جِسْمه الْمسك الذكي الشَّديد الرَّائِحَة 22 - الْغَرِيب الضخم الْعَظِيم وَالْجدّة تسمى أما وَتقوم فِي الْمِيرَاث مقَام الْأُم الْمَعْنى يَقُول إِذا لم يكن أَبوك عَظِيم الْقدر فولادتك إيَّايَ بِمَنْزِلَة أَب عَظِيم تنسبين إِلَيْهِ إِذا قيل لَك أَنْت أم أبي الطّيب فَقَامَ ذَلِك مقَام نسب عَظِيم لَو لم يكن لَك نسب 23 - الْغَرِيب لذ طَابَ والشامت الْفَرح بمصيبة عدوه وشمت بِكَسْر الْعين يشمت شماتة وَبَات فلَان بليلة الشوامت أَي بليلة تشمت الشوامت وَقَوله بيومها أَي بِيَوْم مَوتهَا وَمِنْه لَا أَرَانِي الله يَوْمك الْمَعْنى يَقُول إِذا شمتوا بموتها فقد خلفت لَهُم مني من يرغم أنوفهم أَي يَجْعَلهَا فِي التُّرَاب ذلة وقهرا 24 - الْمَعْنى يَقُول ولدت مني رجلا تغرب أَي خرج من بَلَده إِلَى الغربة وَهُوَ لَا يستعظم أحدا إِلَّا نَفسه فَلهَذَا تغرب وَفَارق الَّذين كَانُوا يتعظمون عَلَيْهِ بِغَيْر اسْتِحْقَاق وَلم يقبل حكم أحد إِلَّا حكم الله الَّذِي خلقه وَهُوَ من بَاب التكبر والحمق المعروفين لَهُ 25 - الْمَعْنى يَقُول وَلَا سالكا أَي لَا أسلك طَرِيقا إِلَّا قلب عجاجة اسْتعَار لَهَا قلبا وَلَا أجد طعما أستلذه إِلَّا طعم المكارم وَالْمعْنَى لَا أجد شَيْئا لذيذا إِلَّا الْحَرْب والمكارم 26 - الْإِعْرَاب مَا وَاقعَة على صِفَات من يعقل فَإِذا قَالَ مَا أَنْت فَالْمُرَاد أَي شَيْء أَنْت فَتَقول كَاتب أَو شَاعِر أَو فَقِيه قَالَ الله تَعَالَى حاكيا عَن فِرْعَوْن قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رب الْعَالمين وَمَا تبتغي أَي أَي شَيْء تبتغي وَمَا أَبْتَغِي ابْتِدَاء أَي فَقلت الَّذِي أَبْتَغِي جليل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 الْمَعْنى يُرِيد أَنه كثير الْأَسْفَار فِي كل بَلْدَة وَأَنه يُقَال لَهُ مَال الَّذِي تطلبه فَيَقُول الَّذِي أطلبه أجل من أَن يذكر اسْمه يَعْنِي قتل الْمُلُوك والاستيلاء على ملكهم قَالَ ابْن وَكِيع وَهُوَ من قَول الآخر (وَسائِلةٍ بالغَيْبِ عَنَّي وَسائِلٍ ... وَمنْ يَسألُ الصُّعُلوك أينَ مذاهبهُ) 27 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بَينهم رَاجع إِلَى الَّذين يَقُولُونَ مَا أَنْت حَكَاهُ الْخَطِيب وَقَالَ غَيره هُوَ رَاجع إِلَى الشامتين الْغَرِيب جلوب بِمَعْنى جالب الْمَعْنى يَقُول هم يبغضونني وَإِن بَينهم قد علمُوا أَنِّي أجلب الْيُتْم إِلَيْهِم من معادته بقتل آبَائِهِم فَلهَذَا أبغضوني 28 - الْغَرِيب الْجد الْحَظ وَالْبخْت والفهم معرفَة الْعُلُوم الْمَعْنى يَقُول جمع الضدين على يسير وَإِنَّمَا الصعب الَّذِي لَا أقد عَلَيْهِ الْجمع بَين الْجد والفهم لِأَن الْعقل وَالْعلم بتدبير الْأُمُور لَا يجْتَمع مَعَ الْحَظ فِي الدُّنْيَا وَالْجَاهِل الْمَحْفُوظ فِي الدُّنْيَا أسعد من الْعَالم وَمَا أحسن قَول حسان (رُبَّ حلْمٍ أضاعَهُ عَدَمُ المَالِ ... وَجَهلِ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعيمُ) وَأحسن فِيهِ بن دُرَيْد بقوله (لَا يَرْفَعُ اللبُّ بِلا جِدّ وَلا ... يَحُطكَ الجَهْلُ إذَا الْجد عَلا) وَقيل لحكيم لم لَا تجمع بَين الْعلم وَالْمَال فَقَالَ لعز الْكَمَال وَأحسن فِيهِ الحمدوني بقوله (إنَّ المُقَدَّمَ فِي حِذْقٍ بِصَنْعَتهِ ... أَنِّي تَوَجَّهَ فِيها فَهْوَ مَحْرُومُ) الْمَعْنى يَقُول لكنني أستنصر بذبابه أَي طرف السَّيْف فأضمره لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ أَي إِن لم أقدر على الْجمع بَين الْجد والفهم فَأَنا أطلب النُّصْرَة بذباب السَّيْف وأرتكب بِهِ الظُّلم فِي كل حَال للأعداء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 - الْغَرِيب البطل الشجاع وَالْقَرْمُ السَّيِّد مَأْخُوذ من الْبَعِير القرم وَهُوَ الَّذِي لَا يحمل عَلَيْهِ بل هُوَ معد للفحولة الْمَعْنى يَقُول وَأَجْعَل سَيفي يَوْم لِقَاء الْأَعْدَاء تحيتي أَي أجعله لَهُم بدل التَّحِيَّة وَهُوَ كَقَوْل عَمْرو بن معدي كرب (وَخَيْلً قَدْ دَلَفْتُ لَها بِخَيْلٍ ... تَحيَّةُ بَيْنِهمْ ضَرْبٌ وَجيعُ) 31 - الْإِعْرَاب يرْوى قل بِالْفَاءِ وَالْقَاف فبالفاء يرْتَفع خوف لِأَنَّهُ فَاعل وبالقاف ينْتَصب على الْمَفْعُول لَهُ والمدى الْغَايَة والبعد الْمَعْنى يَقُول إِذا لم يكن عزم فَلَا يُوصل إِلَى شَيْء وَوُجُود الْمُمكن مَعَ عدم الْعَزْم أبعد فِي الْوُقُوع من وجود عزم مَعَ بعد الْمطلب أَي إِذا منع عزمي عَن بُلُوغ غَايَة خوف بعْدهَا فَإِن الْمُمكن وجوده لَا يدْرك أَيْضا إِذا لم يكن عزم وَإِذا كنت تحْتَاج إِلَى الْعَزْم لنيل الْقَرِيب فاعزم على الْبعيد لتناله وَلَا يمنعك خوف بعده فَإِنَّهُ يقرب بالعزم وَيُمكن وَهُوَ من قَول الْحَكِيم لحقوق البغية فِي نيل الشَّهَوَات اصعب الْأَشْيَاء وأعجز من الْعَجز من لم يقو عزمه فِي طلب الْغَايَة 32 - الْغَرِيب الْأنف الاستنكاف من الشَّيْء وَلَو قَالَ نُفُوسهم كَانَ أوجه لإعادة الضَّمِير على لفظ الْغَيْبَة لكنه قَالَ نفوسنا لِأَنَّهُ أهم الْقَوْم الَّذين عناهم وَهُوَ أمدح الْمَعْنى يَقُول أَنا من قوم يأنفون من الْعَار فَكَأَن نُفُوسهم تستنكف أَن تبقى مجاورة للحمها ودمها بل يحبونَ الْقِتَال فيسارعون إِلَى الْحَرْب فكأنهم لَا يحبونَ نُفُوسهم بل يبذلونها طلبا للمحامد 33 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول للدنيا أَنا كَمَا وصفت نَفسِي لَا أقبل ضيما وَلَا آسَف لدنية فاذهبي عني إِن شِئْت فلست أُبَالِي بك ويانفس زيدي تقدما فِيمَا تكرههُ الدُّنْيَا من التعظم عَلَيْهَا وَترك الانقياد لَهَا وَإِن شِئْت قلت فِي كَرَاهِيَة أَهلهَا أَي مَا تكرههُ يَعْنِي فِي الْحَرْب وَهِي مَكْرُوهَة عِنْد أهل الدُّنْيَا وَلذَلِك تسمى الْحَرْب الكريهة فَيكون هَذَا من بَاب حذف الْمُضَاف 34 - الْغَرِيب يرْوى عبرت بِالْعينِ الْمُهْملَة ويروى بِالْمُعْجَمَةِ أَي لَا بقيت وغبر من الأضداد بِمَعْنى بَقِي وَذهب والضيم الذل الْمَعْنى يَقُول لَا بقيت بِي سَاعَة لَا أنال فِيهَا الْعِزّ وَلَا غبرت على سَاعَة لَا أكون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 - عَزِيزًا وَلَا صحبني نفس تقبل الذل يَدْعُو على نَفسه 1 - الْغَرِيب المعالم ديار الْأَحِبَّة جمع معلم حَيْثُ ظَهرت عَلَامَات النازلين من آثَار الدَّوَابّ والخيام وَالنَّار الْمَعْنى يَقُول أَنا لَا ئمي أَي أَنا مثله إِن فعلت كَذَا وَفِيه معنى الْقسم أَي إِن كنت وَقت وُقُوفِي بالديار علمت بِمَا بِي فَأَنا لائمي يُرِيد أَن رَأْيه لَيْسَ كرأي اللوائم قَالَ الواحدي لما وقف بالديار أَصَابَهُ من الوجد والدهش لفرقتهم مَا أذهب عقله حَتَّى لم يشْعر بِمَا جرى عَلَيْهِ من الْجزع والبكاء وَالْمعْنَى إِن كنت حِين يلومني اللوام على فرط جُرْمِي علمت مَا بِي وَمَا الَّذِي دهاني هُنَاكَ فَأَنا لائمي أَي فقد لمت نَفسِي فِي قُصُور محبتي لِأَن ثبات علمي وعقلي فِي دِيَارهمْ دَلِيل أَن هواي قَاصِر قَالَ وَيجوز أَن يكون أَنا لائمي فِي النُّقْصَان والسلوان وَهُوَ اخْتِيَار ابْن جنى لِأَنَّهُ قَالَ هُوَ كَقَوْلِك أَنا مثلك إِن فعلت كَذَا قَالَ وَنَظِيره (عُيُونُ رواحِلي إنْ حِرْتُ عَيْني ... ) وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (أظَلَّهُ البَيْنُ حَتَّى إنّهُ رَجُلٌ ... لَوْ ماتَ مِنْ شُغْلهِ بالبَيينِ مَا علما) 2 - الْغَرِيب يرْوى شدهت وذهلت والشده التحير وشده فَهُوَ مشدوه إِذا تحير الْمَعْنى يَقُول وَلَكِنِّي متيم مِمَّا تحيرت كسال أَي أفرط ذهولي فصرت كالسالي وقلبي بائح وَهُوَ مَعَ ذَلِك كالكاتم لِأَنَّهُ لَا يقْصد الإذاعة كَمَا يقْصد البائح فَهُوَ بِلَا قصد فِي كلتا حالتيه 3 - الْغَرِيب الأذواد جمع ذود وَهُوَ مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَمِنْه الحَدِيث لَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة الْمَعْنى يَقُول أطلنا الْوُقُوف من الْحيرَة والوجد بِأَهْل المعالم فَكَأَن هوى قُلُوبنَا تمكن فِي قَوَائِم إبلنا فتحيرت فَلم تَبْرَح فوقفت بِنَا الحديث: 245 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 الْغَرِيب المنسم للخف كالسنبك للحافر واللثم التَّقْبِيل الْمَعْنى يَقُول الثم مناسم إبلى طَالبا شِفَاء مَا بِي لِأَنَّهَا وطِئت تُرَاب مَنَازِلهمْ وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (أمْسحُ الرَّبْعَ بِخَدي ... إنّ مَشىَ فِيهِ الخَليلُ) 5 - الْغَرِيب التمائم جمع تَمِيمَة وَهِي العوذة وَيجمع أَيْضا على تَمِيم الْمَعْنى يَقُول ديارهن منيعة لَا يتَوَصَّل إلَيْهِنَّ مِنْهَا وَهن يحفظن بِالرِّمَاحِ لَا بالعوذ 6 - الْغَرِيب الوشى النقش وَهِي الثِّيَاب المنقوشة ومسن تبخترن الْمَعْنى يَقُول لنعومة أجسادهن ورقهن يُؤثر الوشى فِيهَا مثله إِذا تبخترن وَمثله (رَقَّ فَلَوْ مَرَّتْ بِه نَمْلَةٌ ... مُنْعَلَةٌ أرْجُلُها بالحَريرْ) (لأثَّرَتْ فِيهِ كَمَا أثَّرَتْ ... مُدَامَةٌ فِي عارِضٍ مُسْتَديِرْ) وللسرى الْموصِلِي (رَقَّتْ عَنِ الوَشْىِ نِعْمَةٌ فإذَا ... صافَحَ مِنْها الجُسوُمَ وَشَّاها) 7 - الْغَرِيب التراقي جمع ترقوة وَهِي الْعِظَام الَّتِي فَوق الصَّدْر والمباسم جمع مبسم وَهُوَ الثغر الْمَعْنى يَقُول هن يبسمن عَن در من ثغورهن قد تقلدن فِي قلائدهن مثله لصفاته وَحسنه فَكَأَن تراقيهن حلين بثغورهن وَمثله قَول الآخر (تِلْكَ الثَّنايا مِنْ عِقْدِها نُظِمَتْ ... أمْ نُظِمَ العِقْدُ مِنْ ثَناياها) 8 - الْإِعْرَاب طلابي مُبْتَدأ ونجومها خَبره أَي الَّذِي أطلب نجومها فَقَامَ الْمصدر مقَام الْمَفْعُول فَكَأَنَّهُ قَالَ مطلوبي نجومها وَلَو نصب جَازَ كَقَوْلِك ضربي زيدا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يكون طلابي بَدَلا من الْيَاء فِي قَوْله لي فينصب نجومها لَا غير الْغَرِيب شدوق جمع كَثْرَة وأشداق جمع قلَّة والأراقم جمع أَرقم وَهُوَ ضرب من الْحَيَّات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 الْمَعْنى يَقُول مَالِي وللدنيا أطلب معالي الْأُمُور ومسعاي مِنْهَا فِي مَوَاضِع الهلكة الَّتِي لَا تُؤدِّي إِلَى فَائِدَة قَالَ الواحدي لم يقل أحد فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت مَا يعْتَمد عَلَيْهِ وَلَا يُسَاوِي الْحِكَايَة لِأَن جَمِيع مَا قيل فِيهِ من الْمَعْنى لَا يُوَافقهُ اللَّفْظ وَالَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَنه يشكو الدُّنْيَا وَيَقُول مَالِي وَلها أطلب معاليها وَأَنا مرتبك فِي نوائبها وخطوبها يَعْنِي أَنَّهَا عكست عَلَيْهِ الْأَمر فَهُوَ يطْلب الْمَعَالِي وَهِي تَدْفَعهُ عَنْهَا وتوقعه فِي النوائب والطلاب بِمَعْنى الطّلب وَالْمرَاد بِهِ الْمَطْلُوب وكنى بنجوم الدُّنْيَا عَمَّا فِيهَا من الشّرف وَالذكر وبشدوق الأراقم عَن الخطوب الْمهْلكَة والنوائب المفظعة وَهَذَا ظَاهر صَحِيح بِحَمْد الله 9 - الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ حلمك دَاعيا إِلَى ظلمك فَمن الْحلم أَن تجْهَل إِذا اتسعت طرق الظُّلم عَلَيْك لِأَن الْمَظَالِم جمع الْمظْلمَة وَهِي الظُّلم وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم ثَلَاثَة إِن لم نظلمهم ظلموك ولدك وزوجتك وَعَبْدك فسبب صَلَاحهمْ التَّعَدِّي عَلَيْهِم قَالَ الشَّاعِر (فَلا خيرَ فِي حِلمْ إذَا لمْ يَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمى صَفْوَهُ أنْ بُكَدَّرَا) 10 - الْمَعْنى ترد المَاء الَّذِي كثر الْقَتْل عَلَيْهِ حَتَّى امتزج بدماء الْقَتْلَى أَي تزاحم على الْأَمر المنافس عَلَيْهِ وَهُوَ من من قَول الْعلوِي النضري (لَا يَشْرَبُ الماءَ إلاَّ مِنْ قَلِيبِ دَمٍ ... وَلا يَبِيتُ لَهُ جارٌ عَلى وَجَلِ) 11 - الْمَعْنى إِذا عرف أحد الْأَيَّام معرفتي بهَا وبأهلها قَتلهمْ غير رَاحِم لَهُم 12 - الْمَعْنى يَقُول هم إِذا ظفروا بِهِ أَي من عرفهم لم يرحموه وَهُوَ غير آثم فِيمَا يفعل بهم 13 - الْغَرِيب صال عَلَيْهِ إِذا استطال وصال عَلَيْهِ وثب عَلَيْهِ صولا وصولة يُقَال رب قَول أَشد من صول والمصاولة المواثبة الْمَعْنى يُرِيد أَنه فِي غَايَة الشجَاعَة والبلاغة فَإِذا صال لَا يرد وَإِن قَالَ كفى غَيره القَوْل وأفحم من يُعَارضهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 - الْمَعْنى يَقُول إِن كنت كَاذِبًا فِيمَا قلت فَلَا وفت لي القوافي حَتَّى أعجز عَن نظمها أَو ضعفث عزيمتي فِي قصد المدوح حَتَّى يعوقني عَنهُ ضعف عزمي يَعْنِي أَنه إِذا قعد عَنهُ وَلم يَأْته لم يصل إِلَى الْمَطْلُوب 15 - الْغَرِيب التلاد المَال الْمَوْرُوث الْقَدِيم الأَصْل وَهُوَ نقيض الطارف وَاصل التَّاء فِيهِ وَاو تَلد المَال يتلد ويتلد تلودا وأتلد الرجل إِذا اتخذ مَالا الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَقَامَ بذل تلاده مقَام مَا يقتنيه فلازمه مُلَازمَة التلاد وَقَالَ الْخَطِيب كَأَنَّهُ قَالَ إِلَى الْجَاعِل بذل التلاد تلادا لَهُ يهب التلاد وَيجْعَل بذله تلادا لَهُ وَنقل الواحدي قَول أبي الْفَتْح 16 - الْغَرِيب العفاة جمع عاف وَهُوَ طَالب الْمَعْرُوف وَقد عَفا يعْفُو وَفُلَان تعفوه الأضياف وتعفيه والغمائم جمع غمامة وَهِي السحابة الْمَعْنى يَقُول أعداؤه تمنى أَن تكون فِي مَحل عفاته مِنْهُ لِأَن عفاته مِنْهُ فِي أَمَان من نَوَائِب الدَّهْر وأعاديه يتمنون ذَلِك وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى أَنهم يغيرون على أَمْوَاله وَهُوَ أقْصَى مَا يتمناه أعاديه وَمعنى قَوْله والغمائم تحسد كفيه أَنَّهُمَا أندى من الْغَمَام وَأكْثر عطايا مِنْهُ فَلهَذَا تحسده لعجزها عَن إِدْرَاكه 17 - الْمَعْنى يَقُول لَا يسْتَقْبل الْحَرْب إِلَّا بمهجة مَرْفُوعَة عَن الدنايا وَهِي مذخورة لكفاية الْأُمُور العظائم الَّتِي لَا تكفى إِلَّا بِمثلِهِ ومهجة نَفسه 18 - الغرب اللجب الْكثير الْأَصْوَات فِي الْحَرْب الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح الْجَيْش يصيد الْوَحْش والغزلان والعقبان فَوْقه تسايره فتخطف الطير أَمَامه ورد عَلَيْهِ ابْن فورجة وَقَالَ صيد الطير بِالنَّبلِ والسهام مُسْتَمر مُعْتَاد فَلم نسبه إِلَى العقبان وَلَا مدح فِي ذَلِك من فعلهَا فَإِنَّهَا تصيد الطير وَإِن لم تصْحَب جَيش الممدوح قَالَ وَالْمعْنَى عِنْدِي أَن هَذَا الْجَيْش جَيش الْمُلُوك تصحبه الفهود الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 والبزاة وَالْكلاب فَلَا يسلم الطَّائِر مِنْهُ وَلَا الْوَحْش وَقَوله المثار يُرِيد أَن الْجَيْش الْكثير يثير مَا كمن من الْوَحْش وَلأَجل ذَلِك قَالَ مَالك بن الريث (بجَيْشٍ لهامٍ يَشْغَلُ الأرْضَ جمعهُ ... عَلى الطَّيرِ حَتى مَا يَجِدْنَ مَنازِلا) وَقَالَ الْخَطِيب إِذا طَار ذُو الْجنَاح أَمَامه فَلَيْسَ بناج لِكَثْرَة الرُّمَاة فِي الْجَيْش وَإِن ثار وَحش أَخذ وَذكر الْوَجْه الآخر الَّذِي ذكره ابْن فورجة 19 - الْغَرِيب القشاعم النسور الْكِبَار وَاحِدهَا قشعم الْمَعْنى يَقُول تمر الشَّمْس على هَذَا الْجَيْش ضَعِيفَة من غباره أَو من طيره أومن ضوء أسلحته فَلَا يَقع ضوءها عَلَيْهِ إِلَّا من بَين ريش النسور لِكَثْرَة مَا أظلتهم الطير وَهُوَ من قَول الطرماح (تَجَنَّبُهُ الكُماةُ بِكُلّ يَوْمٍ ... مَرِيضِ الشَّمْسِ مُحْمَرً الحَوَامي) 21 - الْغَرِيب الهماهم جمع همهمة وَهِي صَوت يتَرَدَّد فِي الصَّدْر لَا يفهم وحافاته جوانبه الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة أسلحة هَذَا الْجَيْش وبريقها ولمعانها يخفى الْبَرْق عَلَيْك فَلَا تعرفه ولكثرة مَا فِيهِ من الْأَصْوَات يخفى عَلَيْك الرَّعْد يصفه بِالْكَثْرَةِ فَإِذا برقتْ السَّمَاء ورعدت أخْفى لمع أسلحته برقها ورعدها وعلت هماهمه رعدها فَلَا يسمع 22 - الْغَرِيب الْفُرَات مَعْرُوف وَهُوَ أحد الْأَنْهُر الْكِبَار الَّتِي فِي الحَدِيث نهران ظاهران ونهران باطنان فالباطنان النّيل والفرات والظاهران سيحان وجيحان وبرقة مَوضِع ذُو حِجَارَة وَرمل وطين الْمَعْنى يَقُول أرى فِي هَذَا الْموضع محاربة بِالسُّيُوفِ يكثر فِيهَا قطع الرُّءُوس حَتَّى تطأها الْخَيل فتمشى فَوق جماجم الْقَتْلَى 23 - الْغَرِيب الغطاريف جمع غطريف وَهُوَ السَّيِّد الْكَرِيم وَمِنْه بازغطريف وغطارف للكريم مِنْهَا والردينات جمع رديني وَهُوَ الرمْح مَنْسُوب إِلَى ردينة امْرَأَة من الْعَرَب كَانَت تقوم الرماح والمعصم مَوضِع السوار من الساعد وَمَا يَجْعَل فِيهِ من خرز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 وَغَيره يُسمى معصما وَهُوَ مَا يلْبسهُ الْغُلَام وَالْجَارِيَة فِي الصغر الْمَعْنى يَقُول وارى طعن سادة كرام قد عرفُوا الطعْن ونشئوا عَلَيْهِ فعرفوه قبل مَا يلبسُونَ المعاصم وَهُوَ أَشد مُبَالغَة من قَوْله أَيْضا (وكأنَّها نُتِجَتْ قِياما تَحْتَهُمْ ... وكأنَّهُمْ وُلِدُوا عَلى صَهَوَاتِها) 24 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي حمته يعود إِلَى ذِي لجب وَهُوَ الْجَيْش أَي جعلت سيوفهم هَذَا الْمَكَان حمى على الْأَعْدَاء فَلَا يحومون حوله وَترك صرف طغج وجف وهما اسمان أعجميان وَهَذَا جَائِز عِنْد أَصْحَابنَا الْكُوفِيّين والبصريون لَا يختارونه وَيَقُولُونَ الِاسْم الأعجمي الثلاثي ينْصَرف نَحْو هود وَلُوط ونوح قَالَ أَبُو الْفَتْح الأجود أَن تكسرها وتحذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين كَقَوْل الآخر (وَحاتِمُ الطَّائيُّ وَهَّابُ المِئي ... ) وَهُوَ كثير فِي الشّعْر وعَلى هَذَا تكون قِرَاءَة الْقُرَّاء سوى عَاصِم وَعلي بن حَمْزَة عُزَيْر ابْن الله بِغَيْر تَنْوِين الْغَرِيب طغج الأَصْل فِيهِ ضم الْغَيْن وَإِنَّمَا غَيره على عَادَة الْعَرَب فِي تَغْيِير الْأَسْمَاء الأعجمية والقماقم جمع قماقم وَهُوَ السَّيِّد الْعَظِيم والقمقام أَيْضا الْبَحْر والقمقام الْعدَد الْكثير وَقَالَ أَبُو الْفَتْح حذف الْيَاء من القماقيم ضَرُورَة الْمَعْنى يَقُول حمت سيوفهم هَذَا الْمَكَان من الْأَعْدَاء فَلَا يصلونَ إِلَيْهِ لشجاعتهم وقوتهم فَلَا يقدر أحد أَن يصل إِلَيْهِم من جَمِيع نواحيهم 25 - الْغَرِيب الْكر هُوَ تكْرَار الْإِقْدَام فِي الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول هم شجاعتهم وكرمهم يَفْعَلُونَ ذَلِك مرّة بعد مرّة وَلَا يقتصرون على مرّة وَاحِدَة فهم محسنون فِي اللِّقَاء وَالعطَاء 26 - الْغَرِيب الْغرم اسْم للغرامة مَا يلْزم الرجل أَدَاؤُهُ من دِيَة أَو ضَمَان أَو غير ذَلِك وَالرجل غَارِم أَي لزمَه مَا يغرم عَنهُ الْمَعْنى يَقُول هم قوم يحسنون الْعَفو عَن كل من أذْنب ويحتملون أَدَاء الغرامة لمن عَلَيْهِ غَرَامَة فهم فِي كل أَحْوَالهم محسنون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 - الْغَرِيب الشفار جمع شفرة والصوارم جمع صارم وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول هم حييون إِلَّا فِي وَقت الْحَرْب فَإِنَّهُم لاحياء عِنْدهم فِي الْحَرْب وَلَا يلينون لأقرانهم وَهُوَ مَنْقُول من قَول بكر بن النطاح (يَتَلَقى النَّدَى بِوَجْهٍ حَيِيٍ ... وَصَدُورَ القَنا بِوَجْهٍ وَقاحِ) 28 - الْمَعْنى يَقُول الْأسد وَهِي جمع أَسد مَعْدُودَة من الْبَهَائِم وَلَوْلَا ذَلِك لَكُنْت أشبههَا بهم وَأَقُول الْأسد مثلهم وَإِنَّمَا يَقع التَّشْبِيه للمفضول بالفاضل إِذا كَانَت بَينهمَا مُنَاسبَة وَلَا مُنَاسبَة بَين هَؤُلَاءِ وَبَين الْأسود إِلَّا بالإقدام وَهَذَا الْبَيْت مِمَّا وَقع فِيهِ جمَاعَة من النَّاس فينشدونه شبهتهم بهَا وَهُوَ على الظَّاهِر بَين وَإِنَّمَا أغرب أَبُو الطّيب 29 - الْغَرِيب سريت سرى ومسرى وأسريت بِمَعْنى إِذا سرت لَيْلًا وبالألف لُغَة أهل الْحجاز وَجَاء الْقُرْآن بهما جَمِيعًا وَقَالَ حسان بن ثَابت (حَيَّ النَّضِيرَةَ ربَّةَ الخدْرِ ... أسْرَتْ إليَّ وَلْم تَكُنْ تَسْرِي) والصنائع العطايا وَهُوَ مَا يصنعه الْإِنْسَان إِلَى الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول ذهب النّوم عني لِكَثْرَة مَا شهِدت فِي سَفَرِي إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي تسير عطاياه إِلَى كل نَائِم عَن السرى إِلَيْهِ 30 - الْغَرِيب الأسرى جمع أَسِير يُقَال أسرى وأسارى وَبِهِمَا قَرَأَ الْقُرَّاء قَرَأَ أَبُو عمر وَحده أَن يكون لَهُ أُسَارَى وَقَرَأَ الْبَاقُونَ أسرى واخترمهم الدَّهْر وتخرمهم أَي استأصلهم فَهُوَ مخترمهم ومشكى من أشكيت الرجل إِذا نزعت عَمَّا يشكوه وأشكيته أَيْضا إِذا أحوجته إِلَى الشكوى والمراغم الَّذِي يرغم غَيره وَأَصله الرغام وَهُوَ التُّرَاب الْمَعْنى يَقُول هُوَ يُطلق الأسرى وَيهْلك العدا ويستأصلهم ويشكي أهل الشكوى ويرغم المراغم وَالْمعْنَى يمن على الْأُسَارَى فيطلقهم ويختطف الْأَعْدَاء بسيوفه ويزيل شكوى من يَأْتِيهِ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 - الْمَعْنى نفضت النَّاس لما وصلت إِلَيْهِ نفض القادم حثالة زَاده لاستغنائه عَنهُ بعد الْقدوم فَكَذَلِك أَنا اسْتَغْنَيْت بِهَذَا الممدوح عَن غَيره فَلَزِمته ورفضت غَيره 32 - الْمَعْنى يَقُول لما اتَّصَلت بِهِ وسررت بِهِ فكاد سروري لَا يُوفى بندامتي على انقطاعي عَن خدمته فِي عمري الْمَاضِي فلآن أعد عمري من يَوْم صرت إِلَيْهِ لِأَنِّي نلْت السَّعَادَة مِنْهُ وَهَذَا الْمَعْنى مثل قَول أبي فراس (أيَّامُ عِزّي وَنَفاذِ أمْرِي ... هيِ الَّتِي أحْسبها مِنْ عُمْرِي) 33 - الْإِعْرَاب قَالَ الْخَطِيب الضَّمِير فِي بهَا للتربة وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب نعت لَهَا الْغَرِيب شَرّ الأَرْض قيل طبرية لِأَن فِيهَا أَعدَاء الممدوح وَقَالَ أَبُو الْفَتْح طبرية وفيهَا أَعدَاء أبي الطّيب الَّذين قَالَ فيهم أَتَانِي وَعِيد الأدعياء الْبَيْت وهَاشِم هُوَ ابْن عبد منَاف جد رَسُول الله الْمَعْنى يَقُول لما اتَّصَلت بِهِ فَارَقت شَرّ الأَرْض وَهِي طبرية وَبهَا قوم يدعونَ الشّرف فَأقر لَهُم بالعلوية ثمَّ نفى عَنْهُم الشّرف وَقَالَ هم قوم يدعونَ نسبهم إِلَى عَليّ وَلَيْسَ هم من وَلَده 34 - الْمَعْنى يَقُول ابْتَلَاهُم الله بحلمه حَيّ لَا يقتلهُمْ وَرَفعه فَوْقهم حَتَّى يكون على رُءُوسهم وَذَلِكَ أَن بقاءهم أصعب عَلَيْهِم من الْمَوْت لأَنهم يعيشون فِي ذلة وَخَوف وتمم الْمَعْنى بقوله بعده 35 - الْغَرِيب الغلاصم جمع غلصمة وَهِي الْحُلْقُوم الناتي فِي الْحلق وغلصمه قطع غلصمته الْمَعْنى يَقُول مَوْتهمْ رَاحَة لَهُم لِأَن فِي عيشهم وحياتهم قطع حلاقيمهم 36 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا تَعْرِيض بالذين يبارون الممدوح بالجود والسماحة من حساده يَقُول أَيهَا الْإِنْسَان الَّذِي يباريه فِي الْجُود وَيظْهر عَلَيْك جوده كَأَنَّك مَا جاودته لِأَن الْفضل وَالْغَلَبَة لَهُ عَلَيْك وكأنك لم تقَاتل من لم تقاومه فِي الْحَرْب لِأَن من غلبك فِي الْحَرْب لم تنفعك محاربتك إِيَّاه أَي إِن مفاخرتهم إِيَّاه لَا تنفهم إِذْ كَانَت الْغَلَبَة لَهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح جاودني فجدته أجوده أَي كنت أَجود مِنْهُ وَقَالَ الْخَطِيب كل من جاودته زِدْت عَلَيْهِ وكل من حاربته غلبته فكأنك اخْتَرْت مِنْهُمَا مَا شقّ بظهورك عَلَيْهِ وَلم تنفعل ذَلِك وَلَكِنَّك كنت الظَّاهِر عَلَيْهِمَا بمزيتك وفضلك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 - 1 الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي لَهُ عَائِد على الْمقسم فَقَوله أَمْسَى الْأَنَام جملَة فِي مَوضِع الْحَال من الْمقسم وَقيل هُوَ عَائِد على الْقسم وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع حفض على الصّفة للقسم الْمَعْنى يَقُول أَنا أفدي الْمقسم أَي الممدوح الَّذِي هُوَ جليل مُعظم عِنْد الْأَنَام بشرفه وفضله 2 - الْمَعْنى يَقُول مُخَالفَته أحرم من شربهَا أَي هِيَ حرَام وَأَنا تركت عصيانه لِأَنَّهُ أحرم من شرب الْخمر وَهَذَا كذب بِغَيْر خلاف 247 - 1 الْمَعْنى يَقُول لَا يُنكر أحد إقدامك وشجاعتك فَلم تحدث وَتعلم بِهَذَا وَالنَّاس عالمون بِهِ 2 - الْمَعْنى نَحن من قبل هَذَا نعلم أَنَّك لَا يمنعك شَيْء وَلَا تخشى أحدا لَيْلًا وَلَا نَهَارا الحديث: 246 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 - 1 الْغَرِيب المغامرة الدُّخُول فِي المهالك والغمرات الشدائد والمروم الْمَطْلُوب الْمَعْنى يَقُول إِذا طلبت أمرا شريفا فَلَا تقنع بِمَا دون أَعْلَاهُ وَلَا ترض بالدون 2 - الْمَعْنى يَقُول طعم الْمَوْت فِي الْأَمر الهين كطعمه فِي الْأَمر الشَّديد الصعب 3 - الْإِعْرَاب قَالَ ابْن الْقطع فرسي ومهري بدل من ضمير شجوها أَي ستبكي الصفائح فرسي ومهري شجوا لِأَنَّهَا كَانَت تبلغها الرّيّ من الدِّمَاء الْغَرِيب الشجو الْحزن وشجاه الْأَمر أحزنه والصفائح جمع صفيحة وَهِي السيوف الْمَعْنى يَقُول أقتل أعدائي فتجري سيوفي دِمَاء كَأَنَّهَا الدُّمُوع وَلما جعل السيوف باكية جعل الدِّمَاء دموعا جَارِيَة أَي ستبكي سيوفي حزنا عَلَيْهِمَا وَهَذَا كُله مجَاز واستعارة وَلَو أَنَّهَا مِمَّن تبْكي لبكت عَلَيْهِمَا دموعا 4 - الْغَرِيب روى أَبُو الْفَتْح قرين من قربت الْإِبِل المَاء إِذا دنت مِنْهُ فِي صبحها والقرب سير اللَّيْل لورد الْغَد يُقَال قرب بصباص وَذَلِكَ أَن الْعَرَب يسيمون الْإِبِل وهم فِي ذَلِك يَسِيرُونَ نَحْو المَاء فَإِذا بقيت بَينهم وَبَين المَاء عَشِيَّة عجلوا نَحوه فَتلك اللَّيْلَة لَيْلَة الْقرب قد أقرب الْقَوْم إِذا كَانَت إبلهم قوارب فهم قاربون وَلَا يُقَال مقربون وَهَذَا الْحَرْف شَاذ قَالَ الواحدي يُرِيد أَن هَذِه السيوف وَردت النَّار وَهَذَا قلب للمعهود لِأَن الْقرب إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي وُرُود المَاء فَجعل النَّار لهَذِهِ السيوف كَالْمَاءِ الَّذِي ترده الشاربة وَالنَّار تهْلك وتفنى وَقد أنمت هَذِه السيوف وريتها تربية النَّعيم العذارى يُرِيد أَنَّهَا تخلصت من الْخبث وَحسنت صنعتها بِحسن تَأْثِير النَّار فِي تَخْلِيصهَا فطبعت وَصَارَت سيوفا بعد أَن كَانَت زبرا فَذَلِك أَنْشَأَهَا إنْشَاء العذارى فِي النَّعيم وَمن روى قرين بِالْيَاءِ من الْقرى فَإِنَّمَا أَرَادَ قرين بالنَّار فنشأن يحسن الْقرى وَقَالَ جعل السيوف الحديث: 248 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 بِمَا تُؤَدِّيه إِلَى النَّار من الْخبث قارية لَهَا وَكَانَ حكم النَّمَاء أَن يكون للمقري لَا للقاري فعكس مُوجب الْقرى بِأَن جعل النشء للقاري 5 - الْغَرِيب الصياقل جمع صيقل وَهُوَ الفين والكلوم جمع كلم وَهِي الْجراح الْمَعْنى يَقُول إِن الصياقل لم تقدر أَن تحفظ أيديها من هَذِه السيوف لحدتها فبأيدي الصياقل جراح مِنْهَا 6 - الْغَرِيب الْجُبَنَاء جمع جبان وَيُقَال جبان وجبين وَالْجمع جبناء ككريم وكرماء وشريف وشرفاء الْمَعْنى يَقُول لؤم طبع الجبان يرِيه الْعَجز عقلا حَتَّى يظنّ أَن عَجزه وجريه على حكم الْجُبْن عقل وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا ذَلِك لسوء طبعه الرَّدِيء 7 - الْمَعْنى يَقُول الشجَاعَة فِي غير الْحَكِيم لَيست مثل الشجَاعَة فِي الْحَكِيم وكل الشجَاعَة حَسَنَة مغنية فِي أَي شخص كَائِنا مَا كَانَ وَكَيف كَانَت فَإِذا كَانَت فِي الْحَكِيم الْعَاقِل كَانَت أتم وَأحسن لَا نضمام الْعقل إِلَيْهَا وتغنى من الْغناء لامن الْغنى 8 - الْمَعْنى يَقُول كم من إِنْسَان يعيب قولا حسنا لجهله بِهِ وَإِنَّمَا أَتَى الْعَيْب من سوء فهمه كَمَا قَالَ أَبُو تَمام وَقد قَالَ لَهُ أَبُو سعيد الضَّرِير يَا أَبَا تَمام لم لَا تَقول مَا يفهم فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سعيد لم لَا تفهم مَا يُقَال وَهَذَا الْبَيْت من أحسن الْكَلَام قَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري فِي أَمَالِيهِ وكتبته بخطى لَا يصدر هَذَا الْكَلَام إِلَّا عَن فُضَيْل غزير وَهَذَا الْمَعْنى كثير قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ 000} الْآيَة 9 - الْغَرِيب القريحة خَالص الطَّبْع وَأَصله من قريحة الْبِئْر وَهِي مَا يخرج من مَائِهَا وَفُلَان فِي قرح عمره أَي فِي أَوله وَمَاء قراح خَالص لَا يخالطه شَيْء الْمَعْنى يَقُول كل أحد يَأْخُذ على قدر فهمه وكل أذن تَأْخُذ من الْكَلَام الَّذِي تسمعه على قدر طبع صَاحبهَا فَإِن كَانَ عَارِفًا فهمه وَقَبله بطبعه وَإِن كَانَ جَاهِلا نفر عَنهُ طبعه فَكل أذن تدْرك من الْكَلَام مَا يُنَبه عَلَيْهِ الطَّبْع وَهَذَا الْمَعْنى كثر جدا وَأحسن مَا فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا لم يهتدوا بِهِ فسيقولون هَذَا إفْك قديم} وَقَالَ الشَّاعِر (وَالنَّجمُ تَسْتَصْغرُ الأبصارُ طَلْعَته ... وَالذَّنبُ للعينِ لَا للِنَّجمِ فِي الصّغَرِ) وَمثله (إنْ عابَ نَاسٌ عَلىَّ قَوْلي ... فَلَيْسَ بِي قَوْلُهُم يَضِيرُ) (قَدْ قَيلَ إنَّ القُرْآنَ سِحْرٌ ... وَما يَقُولُ الرَّسُولُ زُورُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 - 1 الْإِعْرَاب عرضا نصب على أَنه مفعول مُطلق أَي نظرت نظرا عرضا فَيكون صفة مصدر مَحْذُوف وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا بِهِ أَي نظرت عرضا الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا يدْرِي الْإِنْسَان من أَيْن يَأْتِيهِ الْهوى فيحترز مِنْهُ يعرض فِي هَذَا بِمَا يذكرهُ بعد وَعَلِيهِ بنى القصيدة وَمثله التَّحْمِيد فِي أول الرسائل فَإِذا كَانَ المراسل حاذقا أَشَارَ فِي تحميده إِلَى مَا يُريدهُ ويراسل من أَجله وَقَالَ الواحدي سريرة الْهوى لَا تعلم وَلَا تَدْرِي من أَيْن تَأتي كَمَا قَالَ (إنَّ المَحَبَّةَ أمْرُها عَجَبُ ... تُلْقى عَلَيْكَ وَمَا لَها سَبَبُ) وعرضا فَجْأَة واعتراضا عَن غير قصد كَقَوْل عنترة علقها عرضا يَقُول نظرت إِلَيْهَا نظرة عَن فَجْأَة وخلت أَنِّي أسلم من هَواهَا الحديث: 249 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 - الْغَرِيب ثمَّ إِشَارَة إِلَى الْمَكَان ومعتنق الفوارس وصف للشجاع لِأَنَّهُ يعتنقهم عِنْد الضَّرْب بِالسَّيْفِ والوغى الْحَرْب الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يرميه بأخته وبالابنة وَثمّ إِشَارَة إِلَى الْمَكَان الَّذِي تفعل فِيهِ الْأَحْوَال الْمَكْرُوهَة وَيجوز أَن تكون إِشَارَة إِلَى مَوضِع الْحَرْب يصفه بالجبن قَالَ الواحدي وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا أَتَاهُ من الْبَيْت الثَّانِي 3 - الْغَرِيب رنا إِلَيْهِ يرنو رنوا إِذا أدام النّظر يُقَال ظلّ رانيا وأرناه غَيره وَيُقَال أرناني حسن مَا رَأَيْت أَي حَملَنِي على الرنو وكأس رنوناة أَي دائمة سَاكِنة وَأَصلهَا نونوة فتحركت الْوَاو فَانْقَلَبت ألفا قَالَ أَبُو عَليّ وَزنهَا فعوعلة وَقيل فعلعلة وَالْمَجُوس كاليهود جِنْسَانِ وَإِنَّمَا عرفا على حد يَهُودِيّ ويهود ومجوسي ومجوس فَجمع على قِيَاس شعيرَة وشعير ثمَّ عرف الْجمع بِالْألف وَاللَّام وَلَوْلَا ذَلِك لم يجز دُخُول الْألف وَاللَّام عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا معرفتان مؤنثتان فجرتا فِي الْكَلَام مجْرى القبيلتين وَلم تجعلا كالحيين فِي بَاب الصّرْف وَأنْشد أَبُو عَليّ لامرىء الْقَيْس (أحارِ أُرِيكَ يَرْقا هَبَّ وَهْنا ... كَنارِ مَجُوسَ تَسْتَعِرُ اسْتعاراً) وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن بزِي النَّحْوِيّ صدر الْبَيْت لامرىء الْقَيْس وعجزه للتوأم الْيَشْكُرِي الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ الْعَرُوضِي شَبَّبَ بِامْرَأَة أَخُوهَا مبارز فتاك فَقَالَ لَهَا أَخُوك على قساوة قلبه وإراقته الدِّمَاء أرْحم مِنْك وَكَيف يرميه بالابنة وبأخته وَهُوَ يَقُول يرنو إِلَيْك مَعَ العفاف وَهَذِه الْعِفَّة من جِهَة الْإِسْلَام وَإِلَّا فَهُوَ يرى أَن تزوج الْأَخَوَات عِنْد الْمَجُوس من حكمهم فَمن حسنها يرى أَن الْمَجُوس أَصَابُوا فِي حكمهم وَقد روى أَن بشارا كَانَ فِي جمَاعَة من نسَاء يداعبهن فَقُلْنَ لَهُ ليتنا بناتك فَقَالَ وَأَنا على دين كسْرَى وَقَالَ ابْن فورجة شَبَّبَ بِامْرَأَة ومدح أَخَاهُ وَزعم أَنَّهَا من بَيت الفوارس الأنجاد كَمَا قَالَ (مَتى تَزرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتها ... ) وَكَقَوْلِه (ديارُ اللَّوَاتِي دارُهُنَّ عَزيزَةٌ ... ) وَكَقَوْلِه (تَحُولُ رِماحُ الخَطّ دُونَ سِبائِهِ ... ) ثمَّ قَالَ لحبيبته أَنْت قاسية الْقلب وأخوك على بسالته إِذا لقى الْعَدو كَانَ أرْحم مِنْك وأرق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 مِنْك عَليّ تمّ بَالغ فِي حسنها فَقَالَ أَخُوك يود لَو كَانَ على دين الْمَجُوس فَيَتَزَوَّج بك وَمن الدَّلِيل على النِّهَايَة فِي الْحسن أَن يود أَخُوهَا وأبوها أَنَّهَا تحل لَهُ وَلِهَذَا قَالَ الْخَوَارِزْمِيّ (تَخْشَى عَلَيها أمُّها أَبَاهَا ... ) وَقَالَ الطَّائِي (بِأبي مَنْ إِذا رَآها أَبوهَا ... قالَ حُبا يَا لَيْتَ أنَّا مَجُوسُ) ويروى (شَغَفا قالَ لَيْتَ أنَّا مَجُوسُ) وَكَانَ لعبد الصَّمد جَارِيَة يسميها بنته فَقَالَ (أُحِبُّ بُنَيّتي حُبا أرَاهُ ... يَزِيدُ عَلى مَحَبَّاتِ البَناتِ) (أرَاني مِنْكِ أهْوَى قُرْصَ خَدّ ... وَرَشْفا لِلثَّنايا وَاللَّثاتِ) (وَإلصاقا بِبَطْنٍ مِنكِ بَطْنِي ... وَضَماً لِلْقُرونِ الوَارِدَاتِ) (وَشَيْئا لَسْتُ أذْكُره مَليِحا ... بِهِ يَحْظَى الفَتى عِنْدَ الفَتاةِ) (أرَى حُكْمَ المَجُوسِ إذَا التَقَيْنا ... يكُون أحَلَّ مِنْ ماءِ الفُراتِ) 4 - الْغَرِيب روى أَبُو الْفَتْح راعية بِتَقْدِيم الْعين وَقَالَ هِيَ أول شَعْرَة تطلع من الشيب وَجَمعهَا رواع وَأنْشد (أهْلاً بِرَاعيةٍ للشَّيْبِ وَاحِدَة ... تَنْعَى الشَّبابَ وَتنهانا عَنِ الغَزَلِ) وروى غَيره رائعة وَهِي الَّتِي تروع النَّاظر وَهُوَ أصوب والأسحم الْأسود والعارض مَعْرُوف وَهُوَ مَا يَلِي الخد الْمَعْنى يَقُول لَا يروعك شيبي فَلَو كَانَ أول لون الشّعْر بَيَاضًا ثمَّ أسود لراعك الْأسود إِذا ظهر فَلَا ترع للبياض فَإِنَّهُ كالسواد 5 - الْغَرِيب سفرت أظهرت وكشفت وأسفر الصُّبْح أَضَاء وسفروجه زيد أشرق والتلثم ستر الْوَجْه الْمَعْنى يَقُول لَو أمكنني كشفت عَن صباي لِأَنِّي حَدِيث السن وَلَكِن الشيب جَار عَليّ عَاجلا فَستر شَبَابِي فَكَأَنَّهُ تلثم لستر مَا تَحْتَهُ من سَواد شعري يَعْنِي كَأَن على شبابه لثاما من الشيب أَي إِن الشيب عجل إِلَيْهِ قبل وقته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 - الْمَعْنى يَقُول الْبيَاض فِي الشّعْر لَا يكون مُوجبا للْمَوْت فقد يعِيش الشَّيْخ والسواد لَا يحفظ من الْمَوْت فقد يَمُوت الشَّاب وَيُقَال أَبيض يقق أَي شَدِيد الْبيَاض 7 - الْغَرِيب يخترم يهْلك ويستأصل والجسيم الْعَظِيم الْجِسْم والنحافة الهزال ونصبه على التَّمْيِيز والهرم الضعْف وَالْعجز عَن الحركات الْمَعْنى يَقُول الْحزن يذهب جَسَد الْعَظِيم الْجَسَد هزالًا ويهرم الصَّبِي قبل أَوَانه وَهُوَ من قَول الحكمى (وَما إنْ شِبْتُ منْ كِبَرٍ وَلكِنْ ... لَقِيتُ مِنَ الحَوَادِثِ مَا أشابا) 8 - الْمَعْنى يَقُول الْعَاقِل يشقى وَإِن كَانَ فِي نعْمَة لفكره فِي عَاقِبَة الْأُمُور وَعلمه بتحول الْأَحْوَال وَالْجَاهِل إِذا كَانَ فِي الشقاوة فَهُوَ ينعم لِغَفْلَتِه وَقلة تفكره فِي العواقب وَمِنْه قَوْلهم مَا سر عَاقل قطّ لِأَنَّهُ يتفكر فِي عواقب أمره ويتخوفها وَيُقَال شفوة وشقاوة وَقَرَأَ الْقُرَّاء بهما فَقَرَأَ حَمْزَة وعَلى شقاوتنا بِفَتْح الشين وَالْقَاف وَألف وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم الْعَاقِل لَا يساكن شَهْوَة الطَّبْع لعلمه بزوالها وَالْجَاهِل يظنّ أَنَّهَا خالدة وَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهَا فَهَذَا يشقى بِعِلْمِهِ وَهَذَا ينعم بجهله وَمَا أحسن قَول مُسلم (مَنْ رَاقَبَ النَّاسَ ماتَ عَمَّا ... وَفازَ بالِلَّذةٍ الجسَورُ) وَقَالَ البحتري (أرَى الحِلْمَ بُؤْسا فِي المَعيِشَةِ للفتى ... وَلا عَيْشَ إِلَّا محبَاكَ بِهِ الجَهْلُ) وَلآخر (من لي بعيش الأغبياء فَإِنَّهُ ... لَا عَيْش إِلَّا عَيْش من لم يعلم) وَلابْن المعتز (وَحَلاوَةُ الدُّنيا لجاهِلِها ... وَمرَارَةُ الدنْيا لِمَنْ عقَلا) وَلآخر (وَأخُو الدرَايَةِ وَالنبَّاهَةِ مُتْعَبٌ ... وَالعَيْشُ عَيْشُ الجاهِلِ المجْهولِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 - الْغَرِيب نبذت الشَّيْء أَلقيته والحفاظ الْمُحَافظَة على العهود وَغَيرهَا وعاف من الْعَفو عَن الْإِسَاءَة الْمَعْنى يَقُول النَّاس لَا يُحَافِظُونَ على مُرَاعَاة الْحُقُوق وَقد تركُوا الْإِحْسَان وَالشُّكْر فَإِذا أَحْسَنت إِلَى أحد نسي إحسانك إِلَيْهِ وَإِذا عَفَوْت عَن مسيء ترك شكرك فتندم بعد ذَلِك على إحسانك إِلَيْهِ لِأَن صنيعك إِلَيْهِ لم يشْكر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح النَّدَم على كل حَال غير مستحسن قَالَ الحطيئة (منْ يفْعَلِ الخيرَ لَا يعْدَم جَوَازِيَهُ ... لَا يَذْهبُ العَرْفُ بينَ اللهِ والنَّاسِ) 10 - الْمَعْنى يَقُول لَا تنخدع ببكاء الْعَدو وَاحْذَرْ نَفسك من عَدو ترحمه فَهُوَ إِذا ظفر بك لم يَرْحَمك 11 - الْمَعْنى يَقُول لَا يسلم للشريف شرفه من أَذَى الحساد والمعاندين حَتَّى يقتل أعداءه فَإِذا أراق دِمَاءَهُمْ سلم شرفه لِأَنَّهُ يصير مهيبا فَلَا يتَعَرَّض لَهُ قَالَ أَبُو الْفَتْح اشْهَدْ بِاللَّه لَو لم يقل إِلَّا هَذَا لَكَانَ أشعر المجيدين ولكان لَهُ أَن يتَقَدَّم عَلَيْهِم وَهُوَ مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم الصَّبْر على مضض الرياسة ينَال بِهِ شرف النفاسة 12 - الْغَرِيب اللئام جمع لئيم وَهُوَ الَّذِي لَا قدر لَهُ وَلَا أصل والقليل هُنَا لَيْسَ قَلِيلا لعدد وَإِنَّمَا هُوَ الخسيس الحقير الْمَعْنى يَقُول اللَّئِيم مطبوع على أَذَى الْكَرِيم لعدم المشاكلة بَينهمَا 13 - الْغَرِيب الشيم جمع شِيمَة وَهِي الخليقة الْمَعْنى يَقُول الظُّلم فِي طبائع النُّفُوس وَقد جبلوا عَلَيْهِ فَإِذا رَأَيْت عفيفا لَا يظلم فَإِنَّمَا تَركه لعِلَّة وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم الظُّلم من طبع النَّفس وَإِنَّمَا يصدها عَن ذَلِك إِحْدَى علتين إِمَّا عِلّة دينية أَو عِلّة سياسية كخوف الانتقام مِنْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 - الْمَعْنى أَنه كَانَ أَخذ الطَّرِيق على أبي الطّيب حِين سَأَلَهُ أَن يمدحه فاعتل عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قد حلف أَلا يمدح إِلَى مُدَّة فَأخذ عَلَيْهِ الطَّرِيق حَتَّى تَنْقَضِي الْمدَّة فهرب مِنْهُ وَمضى قَالَ الواحدي معي الْبَيْت من قَول الفرزدق (وَأنختَ أُمَّكَ يَا جَرِيرُ كأَّنها ... لِلنَّاس بارِكَةً طَرِيقٌ مُعْمَلُ) وَقد أبدع عَليّ الربعِي فِي مثل هَذَا فِي امْرَأَة يُوسُف بن الْمعلم (وَتَبِيتُ بَينَ مُقابِلٍ وَمُدَابِر ... مِثْلَ الطَّرِيق لِمُقْبِلٍ وَلُمدْبرِ) (كأجِيرَي المِنْشارِ يَعْتَوِرانِهِ ... مُتنَازِعَيْه فِي فَلِيجِ صَنَوْبَرِ) (وَتَقولُ لِلضَّيْفِ المُلِمّ بِساحَةٍ ... إِن شِئتَ فِي إستي فائتْني أوْ فِي حِرِى) (أَنا كَعْبَةٌ النَّيْكِ الَّتِي خُلِقتْ لَهُ ... فَتَلَقَّ مِنَّي حَيْثُ شِئْتَ وَكبِّرِ) (أَنا زَوْجَةُ الأعمَى المُباحِ حَريمُهُ ... أَنا عِرْس ذُي القَرْنينِ لَا الإسْكنْدرِ) (قالتْ إِذا أفْرَدْتُ عِدَّةَ نَيْكِها ... تَدعو عَدمتُ الفَرْد عينَ الأعْوَرِ) (فَإِذا اضَفْتُ إِلَى الفَرِيدِ قَرِينَهُ ... قالتْ عدِمتُ مُصَلِّيا لمْ يُوتِرِ) (مازَالَ دَيْدَنها وَذلكَ دَيْدَني ... حَتَّى بَدَا عَلم الصَّباحِ الأزْهَرِ) (أرْمي مَشِيمَتَها برَأسٍ مُلَمْلَمٍ ... رَيَّانَ منْ ماءِ الشَّبِيَبةِ أعْجَرِ) 15 - الْغَرِيب المسالح جمع مسلحة وَزنهَا مفعلة وَهُوَ مَوضِع يعلق عَلَيْهِ السِّلَاح والخضرم الْبَحْر الْكثير المَاء الْمَعْنى يَقُول أقِم فَوق شفرها وَهُوَ حرف الْفرج المسالح وَيُرِيد بحلقيها حلقتي الْفرج وَالرحم وَهِي ملاقية لَهَا من دَاخل شبه الْمَنِيّ لكثرته فِي رَحمهَا بالبحر 16 - الْمَعْنى يَقُول ارْفُقْ بِنَفْسِك فخلقك نَاقص أَعور قصير واترك ذكر أَبِيك لِأَن أصلك أصل لئيم فَلَا تعرض للشعراء فيذكروا أَبَاك ويذكروا قبح صُورَتك 17 - الْغَرِيب الكمر جمع كمرة وَهِي رَأس الذّكر والمناواة المعاداة وَأَصله الْهَمْز لِأَنَّهُ من النوء وَهُوَ النهوض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 الْمَعْنى يَقُول لَا تُعَاد الرِّجَال فَإنَّك لَا تقدر عَلَيْهِم وَلَا لَك بهم طَاقَة وَإِنَّمَا قدرتك وإقدامك على ذُكُور العبيد يصفه بالابنة 18 - الْغَرِيب فيشلة وفيشة وَهُوَ الذّكر الْمَعْنى يَقُول غناك فِي مسئلة النَّاس وَلَيْسَ وَرَاء طيشك حَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ نفخة نفخت فِيك ورضاك أَن ترى ذَا فيشلة من عبد أَو مماثلة وَرَبك الَّذِي تعبده دِرْهَم يصفه بالبخل 19 - الْمَعْنى يَقُول من البلية الَّتِي يبتلى بهَا الْإِنْسَان عذل الْجَاهِل الَّذِي لَا يرجع وَلَا يقْلع عَن غيه وجهله وخطابك من لَا يفهم مَا تَقول لجهله أَو غيه 20 - الْغَرِيب العلوج جمع علج وهوا لرجل العجمي وَالْحمار الوحشي وَهُوَ من المعالجة كَأَنَّهُ لِشِدَّتِهِ يعالج الشَّيْء الثقيل وَالْحمار الوحشي علج لِأَنَّهُ يعالج أتانه حِين يعاركها وَقَوله يمشي بأَرْبعَة كَانَ الْقيَاس أَن يَقُول بِأَرْبَع لكنه ذهب باليدين وَالرّجلَيْنِ مَذْهَب الْأَعْضَاء فَلهَذَا ذكر على الْمَعْنى كَقَوْل الْأَعْشَى (يَضُم إِلَى كَشْحَيْهِ كَفا مُخَّّضبا ... ) وَقد أنثوا الْمُذكر على الْمَعْنى فَقَالَ الْأَصْمَعِي قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء سَمِعت أَعْرَابِيًا يَمَانِيا يَقُول فلَان لغوب أَي أَحمَق جَاءَتْهُ كتابي فاحتقرها فَقلت لَهُ أَتَقول كتابي فَقَالَ أَلَيْسَ بِصَحِيفَة وَمن تَأْنِيث الْمُذكر على الْمَعْنى تَأْنِيث الْأَمْثَال فِي قَوْله تَعَالَى فَلهُ عشر أَمْثَالهَا لِأَن الْأَمْثَال فِي الْمَعْنى حَسَنَات فالتقدير عشر حَسَنَات أَمْثَالهَا وَإِذا أنث الْمُذكر فتذكير الْمُؤَنَّث اسهل لِأَن حمل الْفَرْع على الأَصْل أسهل من حمل الأَصْل على الْفَرْع وَقَوله على أعقابه جمع فِي مَوضِع التَّثْنِيَة وَحقه أَن يَقُول على عَقِبَيْهِ كَمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيل نكص على عَقِبَيْهِ وَلَكنهُمْ قد جمعُوا فِي مَوضِع الْإِفْرَاد فَقَالُوا شابت مفارقه وَقَالَ الشَّاعِر (والزَّعفرانُ عَلى تَرَائِبِها ... شَرِقٌ بِهِ اللَّبَّاتُ وَالنَّحْرُ) فَجمع التربية واللبة بِمَا حولهما وَإِذا كَانَ هَذَا جَائِزا فِي مَوضِع الْوَاحِد فالجمع فِي مَوضِع التَّثْنِيَة أجوز الْإِعْرَاب من وَرَاء حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ والظروف إِذا حذفت مِنْهَا المضافات بنيت على الضَّم كقبل وَبعد وَفَوق وَتَحْت وَإِنَّمَا بنيت لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ مُقَدّر عِنْدهم حَتَّى إِنَّهَا متعرفة بِهِ محذوفا فَلَمَّا اقتصروا على الْمُضَاف جَعَلُوهُ نِهَايَة فَصَارَ كبعض الِاسْم وَبَعض الِاسْم لَا يعرب فَإِن نكروا شَيْئا مِنْهَا أعربوه فَقَالُوا جِئْت قبلا وَمن قبل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 وبعدا وَمن بعد قَالَ الشَّاعِر (فَساغَ ليَ الشَّرَابُ وكُنْت قَبْلاً ... أكادُ أغَصُّ بالماءِ الفُراتِ) وقرىء من قبل وَمن بعد فأعرب لنِيَّة التنكير فَقَوله من وَرَاء على نِيَّة التنكير كَأَنَّهُ قَالَ من جِهَة تخَالف وَجهه الْمَعْنى يَقُول هُوَ يمشي القهقهرى إِلَى خَلفه حبا للاستدخال وَلَو قَالَ بأَرْبعَة لاستراح من التَّذْكِير وَاسْتَرَحْنَا من التَّوْجِيه والتحيل لَهُ أَي أَنه كَانَ تركبه العلوج ويمشى إِلَى خَلفه على غير الْعَادة فَإِن من عَادَة المركوب أَن يمشي إِلَى قُدَّام وَهُوَ بِخِلَاف المركوب لِأَنَّهُ يلجم من وَرَائه 21 - الْإِعْرَاب عطف فت على مطروفة لَيْسَ من حق الْفِعْل أَن يعْطف على الِاسْم وَلَا الِاسْم على الْفِعْل وَلَكِن سَاغَ ذَلِك فِي اسْم الْفَاعِل وَاسم الْمَفْعُول لما بَينهمَا وَبَين الْفِعْل من التقارب بالاشتقاق وَالْمعْنَى وَلذَلِك عملا فِيهِ وَقد عطف الْفِعْل على الِاسْم فِي الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى {صافات ويقبضن والمصدقين والمصدقات وأقرضوا الله} وَقَالَ الراجز (تَبِيتُ لَا تَأْوَى وَلا نُفَّاشا ... ) أَي لَا تأوى وَلَا تنتفش وَكَذَلِكَ صافات وقابضات وَالَّذين تصدقوا وأقرضوا الْمَعْنى يَقُول هُوَ يُحَرك جفونه يُشِير بِهن إِلَى العلوج فَتبقى كَأَنَّهَا قد أُصِيبَت بقذى أَو عصر فِيهَا الحصرم لِأَنَّهَا لَا تفتر من التحريك 22 - الْمَعْنى قَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري عيب على أبي الطّيب قَوْله هَذَا وَقَالُوا لَا معنى لتشبيهه الحَدِيث باللطم وَإِنَّمَا كَانَ حَقه أَن يضع فِي مَوضِع تلطم تولول أَو تبْكي أَو نَحْوهمَا لَكِن لما شبه صَوت حَدِيثه بقهقهة الْفَرد وَهِي صَوت شبهه بلطم عَجُوز وَلَطم النِّسَاء لابد أَن يَصْحَبهُ صَوت فَلَمَّا اضطرته القافية إِلَى ذكر اللَّطْم الدَّال على الولولة وَالنوح اكْتفى بِذكر الدَّلِيل عَن الْمَدْلُول عَلَيْهِ وأو للْإِبَاحَة أَي إِن شِئْت شبهت حَدِيثه بقهقهة القرد وَإِن شِئْت شبهته يعجوز تلطم وَقَول ثَان وَهُوَ أَنه شبه شَيْئَيْنِ بشيئين شبه حَدِيثه بقهقهة القرد وَشبه إِشَارَته فِي أثْنَاء حَدِيثَة بلطم الْعَجُوز لِأَنَّهُ من عيه لَا يفهم وَجعله مُشِيرا بيدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يقدر على الإفصاح فَهُوَ يَسْتَعِين بِالْإِشَارَةِ إِذا حدث كَمَا أَشَارَ بِأَقَلّ لما عجز عَن الْجَواب وَقد مر بِقوم وَمَعَهُ ظَبْي قد اشْتَرَاهُ بِأحد عشر درهما وَهُوَ متأبطه فَقَالُوا لَهُ بكم اشْتَرَيْته فَمد يَدَيْهِ وَفرق أَصَابِعه وَأخرج لِسَانه يُرِيد بإصابعه عشرَة وبلسانه درهما فشرد الظبي وَفِي هَذَا التَّشْبِيه معنى آخر وَهُوَ أَنه أَرَادَ قبح وَجهه وَكَثْرَة تشنجه فَهُوَ فِي الْقبْح كوجه الْفَرد وَفِي التشنج كوجه الْعَجُوز فَإِن قيل كَيفَ شبه شَيْئَيْنِ بشيئين وَعطف بِأَو وَهِي لأحد الشَّيْئَيْنِ وَحقه أَن يعْطف بِالْوَاو قُلْنَا إِن أوقد وَردت فِي كَلَامهم بِمَعْنى الْوَاو وأنشدوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 (أَلا فالبَثا شَهرَيْن أوْ نِصْفَ ثالِثٍ ... إِلَى ذَاكَ مَا قدْ عَيَّبتْني غيابيا) يُرِيد وَنصف ثَالِث وَكَقَوْلِه تَعَالَى ( {إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} أَي وَيزِيدُونَ 23 - الْغَرِيب يقلى مثل رمى يَرْمِي وقليه يقلاه مثل رضيه يرضاه وَهُوَ من اليائي وَلَو كَانَ من الواوي لَكَانَ يقلوا وأنشدوا فِي يقلى (وَترْمِينَنَي بالطَّرْفِ أيْ أنتَ مُذنِبُ ... وَتقْليِنَني لكِنَّ إيَّاكِ لَا أقْلى) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح قلاه يقلوه قلاء مثل رجاه يرجوه رَجَاء وَأنْشد (فإنْ تَقْلُ بَعْدَ الوُدّ أُم مُحَلَّمٍ ... فَسِيَّانِ عِنْدِي وُدُّها وَقَلاؤُها) الْمَعْنى يَقُول هُوَ صفعان وَقد تعود أَن يصفع فيكاد يتعمم على يَد تصفعه 24 - الْإِعْرَاب يَقُول أكذب مَا يكون مقسمًا فَوضع الْمُضَارع مَوضِع الْحَال وَزَاد واوا وَالْمعْنَى أَحْقَر مَا ترَاهُ إِذا نطق لعيه فَلَا يكَاد يبين وأكذب مَا يكون إِذا حلف كَمَا قَالَ الآخر (فَلا تَحْلِفْ فَإنَّكَ غَيْرُ بَرِّ ... وَاكْذَبُ مَا تَكُونُ إِذا حَلَفْنا) قَالَ الشريف هبة الله بن على الشجري فِي أَمَالِيهِ ونقلته بخطى فعل الرُّؤْيَة من الْعين يعدى إِلَى مفعول وَاحِد واصغر نصب على الْمصدر لِأَنَّهُ أضيف إِلَى مَا المصدرية وناطقا نصب على الْحَال وأفعل الْمُضَاف إِلَى الْمفضل عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بعض مَا يُضَاف إِلَيْهِ فَصَارَ كَقَوْلِك سرت اشد الْمسير واكذب حكمه حكمه فِي ذَلِك حكم أَصْغَر وناصب ناطقا ترى الأول من الرُّؤْيَة وانتصابه على الْحَال وَتَقْدِيره وتراه ناطقا أَحْقَر رؤيتك إِيَّاه فالتحقير تنَاول الرُّؤْيَة فِي اللَّفْظ والمارد تحقير الْمَرْء وَالْمعْنَى ترَاهُ ناطقا أَحْقَر مِنْهُ إِذا رَأَيْته ساكتا وَيكون كِلَاهُمَا بِمَعْنى يُوجد وَإِن جعلت يكون الأول نَاقِصا وَخَبره أكذب لم يجز لما ذكرته من انتصاب أكذب على الْمصدر لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْمصدر والمضمر فِي يكون عَائِد على المهجو وَخبر كَانَ إِذا كَانَ مُفردا فَهُوَ وَاسْمهَا عبارَة عَن شَيْء وَاحِد بَطل أَن يَجْعَل يكون نَاقِصا لفساد الْإِخْبَار عَن الجثث بالأحداث أَو الْوَاو فِي قَوْله وَيقسم وَاو الْحَال وَالْجُمْلَة بعده حَال عمل فِيمَا يكون الأول وَهِي جملَة ابْتِدَاء والمبتدأ مَحْذُوف وَالتَّقْدِير وَهُوَ يقسم فَحذف هُوَ كَمَا حذفه الْأَعْشَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 (وَرَدَتْ عَلى قَيْسِ بنِ سعْدٍ نَاقَتي ... وَلِما بِها 000000) أَرَادَ وَهِي لما بهَا من الْجهد فَحذف الْمُبْتَدَأ من جملَة الْحَال وَالتَّقْدِير يُوجد وَهُوَ مقسم وجودا أكذب وجوده غير مقسم الْمَعْنى يُوجد مقسمًا أكذب مِنْهُ إِذا وجد غير مقسم وَإِنَّمَا أضافوا الْكَذِب إِلَى وجوده وَكَونه كَمَا أضافوا الخطابة إِلَى الْأَمِير فِي قَوْلهم أَخطب مَا يكون الْأَمِير قَائِما وَالتَّقْدِير عِنْد النَّحْوِيين أَخطب أكوان الْأَمِير إِذا كَانَ قَائِما وَهَذَا على الاتساع كَمَا وصف النَّهَار بمبصرا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالنَّهَار مبصرا} أَي مبصرا فِيهِ 25 - الْغَرِيب الْمَوَدَّة الْمحبَّة والأرقم ضرب من الْحَيَّات فِيهِ سَواد وَبَيَاض الْمَعْنى يَقُول الذَّلِيل يظْهر الْمَوَدَّة لمن يبغضه وَلَو كَانَ ذَا أَنَفَة لما شاتره وَلمن يود أَي يظْهر وده عَدَاوَة فَهُوَ يظْهر الْمَوَدَّة لذله لمن يخافه إِذْ لَيْسَ يقدر على مكافأته وَلَا امْتنَاع عِنْده فيتودد إِلَيْهِ والحية أقرب إِلَى المصافاة من الذَّلِيل إِذا أظهر الْمَوَدَّة لمن يود وَهُوَ من قَول سديف (ذُلُّها أظْهَرَ المَوَدَّةَ مِنها ... وَبِها مِنْكُمُ كَحَزَّ المَوَاسِي) 26 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَعْنِي أَن عَدَاوَة السَّاقِط تدل على مباينة طبعه فتنفع وصداقته تدل على مناسبته فتضر وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا وَهُوَ من قَول صَالح بني عبد القدوس (عَدُوْكَ ذُو العَقْلِ خَيرٌ مِنَ الصَّديِقِ ... لكِ الوَامِقِ الأحْمَقِ) 27 - الْغَرِيب صفراء اسْم أمه الْمَعْنى يَقُول من جهلك أرْسلت تطلب مني الْمَدْح وأمك على مَا فِيهَا أخس حَالا مِنْك فَكيف يتَّجه لي الْمَدْح فِيك 28 - الْغَرِيب الأعير تَصْغِير أَعور وَيجوز أعيور وَكَانَ أَبوهُ أَعور الْمَعْنى يَقُول يَا بن الْأَعْوَر يَعْنِي أَبَاهُ إِبْرَاهِيم القيادة فِي غَيْرك كسب وَأَنت تتكرم بهَا أَي تطلبها كرما 29 - الْغَرِيب شدّ مَا بِمَنْزِلَة نعما وبئسما فِي التَّقْدِير وعني بالخيم أَبْيَات شعره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 الْمَعْنى يَقُول مَا أَشد مَا تجاوزت قدرك حَتَّى بعثت تَسْأَلنِي المديح ومسئلتك إيَّايَ مدحك تجَاوز مِنْك لقدرك حِين طلبت مني الأنجم يُرِيد الأبيات 30 - الْإِعْرَاب نصب خَالِصا على الْحَال وَلَا يجوز نَصبه بأرغت لِأَنَّهُ لَيْسَ يُرِيد طلبه خَالِصا وَالْعَامِل اللَّام فِي لأبي العشائر أَي الَّذِي ثَبت لَهُ خَالِصا لَا لَك لِأَنَّك غير مُسْتَحقّ الثَّنَاء وَإِنَّمَا يسْتَحق الثَّنَاء الْمُنعم على قصاده وزواره والإراغة الطّلب 31 - الْغَرِيب الأخدعان عرقان فِي الْعُنُق معروفان والوجء القط والنهم الزّجر الشَّديد الْمَعْنى يَقُول إِذا أَقمت على بَابه مهانا يوجأ أخدعاك يَعْنِي بِكَثْرَة الصفع لِأَنَّك ذليل كل من رآك صفعك وَهُوَ من قَول جرير (قوْمٌ إذَا حضَرَ المُلُوكَ وَفُودُهُمْ ... نُتْفَتْ شَوَارِبُهُمْ عَلى الأبْوَابِ) 32 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي وَهُوَ مكرم يعود على المَال يُرِيد أَنه مكرم يضن بِمثلِهِ وَيجوز أَن يكون للمدوح أَي يهين مَاله وَيكرم عِنْد النَّاس وَمثله قَوْله تَعَالَى {ويطعمون الطَّعَام على حبه} فَالضَّمِير محتم لله تَعَالَى وللطعام الْغَرِيب العرمرم الْكَبِير الْعَظِيم الْمَعْنى الْمَدْح وَالثنَاء لمن يزار فينعم وَلمن يهين المَال فَهُوَ عطف عَلَيْهِ وَالْمَال مكرم مَحْبُوب وَأَنه يهين المَال وَهُوَ مكرم وَلَا يصل إِلَيْهِ ذمّ لِأَنَّهُ عَار من الذَّم وَلمن يجر الْجَيْش الْعَظِيم إِلَى الْأَعْدَاء فَهَذَا يسْتَحق الْمَدْح 33 - الْغَرِيب الكماة جمع كمى وَهُوَ الْمُسْتَتر بِالسِّلَاحِ والمازق الْمضيق وَمِنْه سمى مَوضِع الْحَرْب مأزقا وَقَالَ الْفراء تأزق صَدْرِي أَي ضَاقَ والمعلم الَّذِي عَلَيْهِ عَلامَة فِي الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول المديح وَالثنَاء لهَذَا الَّذِي إِذا الْتَقت الشجعان فِي الْمضيق من الحروب والشدائد كَانَ نصِيبه مِنْهَا الْأَبْطَال لَا الأسلاب وَفِيه نظر إِلَى قَول الطَّائِي (إنَّ الأُسُودَ أُسُودَ الغابِ همَّتُها ... يوْمَ الكرِيهَةِ فيا لمَسْلُوبِ لَا السَّلبِ) 34 - الْغَرِيب أطر عوج وتأطر الرمْح تثنى وأطرت الْقوس حنيتها أطرها أطرا الْمَعْنى يَقُول إِذا اعوجت قناته فِي مطعون طعن بهَا آخر فتقومت 35 - الْغَرِيب الْأَزْهَر النير الْأَبْيَض والمشيع الجريء والمصمم السَّيْف الَّذِي لَا ينبو عَن الضريبة الْمَعْنى يَقُول إِذا التقى هُوَ الكماة فِي مأزق فوجهه أَزْهَر وفؤاده قوى جريء وَرمحه يطعن بِهِ وسيفه مصمم لَا ينبو وَلَا يفتر من الضَّرْب 36 - الْغَرِيب حكى ابْن زيد رجل أعجم وَقوم أعجم والأعاجم عِنْد الْعَرَب لئام وهم يسمون من لم يتَكَلَّم بلغتهم أعجم من أَي جيل كَانَ قَالَ الراجز (سَلُّومُ لوْ أصْبَحْتِ وَسْطَ الأعْجم ... فِي الرُّومِ أوْ فارِسَ أوْ بِالدَّيْلمِ) وَقَالَ حميد بن ثَوْر (وَلم أرَ مِثْلي شاقَهُ صَوْتُ مِثْلِها ... وَلا عرَبِياً شاقَهُ صَوْتُ أعْجَمِ) الْمَعْنى يَقُول الْفِعْل يشابه النّسَب فَمن كرمت مناسبه كرمت أَفعاله وعَلى الضِّدّ من هَذَا من كَانَ لئيم النّسَب كَانَت أَفعاله لئيمة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 - 1 الْإِعْرَاب الْهمام بدل من ابْن عَسْكَر فنصبه الْغَرِيب الهيام الْعَطش والهيام أَيْضا مثل الْجُنُون من الْعِشْق والهيام أَيْضا دَاء يَأْخُذ الْإِبِل فتهيم فِي الأَرْض لَا ترعى يُقَال نَاقَة هيماء قَالَ كثير بن عبد الرَّحْمَن (فَلا يَحْسَبِ الوَاشُونَ أَن صَبابَتِي ... بِعَزَّةَ كانَتْ غَمْرَةٍ فَتَجَلَّتِ) (وَإني قدْ أبْلَلْتُ مِنْ دَنف بهَا ... كَمَا أدنفتْ هيماءُ ثمَّ اسْتَبَلَّت) الْمَعْنى يَقُول يَا بن عَسْكَر لما نزلنَا بفنائك روينَا من عطشنا فَلم تتْرك بِنَا عطشا يُرِيد أَنهم اكتفوا من إنعامه وإحسانه إِلَيْهِم 2 - الْغَرِيب القلى البغض وَمِنْه مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى الْمَعْنى يَقُول قد استغنينا عَن الْهَدَايَا وأردنا الارتحال وَأحب مَا تهديه إِلَيْنَا أَن وَدعك ونسلم عَلَيْك 2 - الْغَرِيب الموَالِي الَّذِي يَلِي بعضه بَعْضًا والأيادي جمع يَد بِمَعْنى النِّعْمَة تجمع على أيادي والجسام الْعِظَام الْمَعْنى لم نرحل عَنْك لملال وَلَا أَنا ذممنا إنعامك المتوالي علينا 4 - الْغَرِيب الغيوث جمع غيث وَهُوَ الْمَطَر وتوالت تَتَابَعَت والغمام السَّحَاب نَحن عطاياك تَأْتِينَا وَأَنت قيدتنا باحسانك وَلَوْلَا أننا على سفر لم نملل إنعامك فالمطر يسْأَله كل أحد إِلَّا الْمُسَافِر هَذَا كَلَام الواحدي وَقَالَ غَيره وَقد نَقله إِن الْمُسَافِر إِذا كثرت عَلَيْهِ الأمطار بِالْأَرْضِ الَّتِي هُوَ بهَا اشتقاق إِلَى وَطنه وَكره الْمقَام بِأَرْض السّفر كَذَلِك نَحن قد أَحْسَنت إِلَيْنَا كل الْإِحْسَان فَنحْن نشتاق أَن نأتي الوطن ونسرع الارتحال وَقَالَ الواحدي الأول أوجه وَأظْهر الحديث: 250 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 - 1 الْإِعْرَاب هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار الْغَرِيب الرهو السَّاكِن وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {واترك الْبَحْر رهوا} الْمَعْنى يَقُول لَا تهب الرّيح سَاكِنة سهلة بإذني وَكَذَا الْغَمَام لَا يسري على على مشيئتي وَيُرِيد بِالرِّيحِ والغمام الممدوح أَي هُوَ فِي سرعته فِي الْعَطاء والجود مثلهمَا يَعْنِي أَن الَّذِي يَفْعَله لَا يَفْعَله بإذني أَبُو بمشيئتي إِنَّمَا يَفْعَله طيعا طبع عَلَيْهِ كَمَا قَالَ 2 - الْغَرِيب التبجس التفجر وَمِنْه فانبجست مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا أَي تَفَجَّرَتْ الْمَعْنى يَقُول هَذَا الَّذِي تَفْعَلهُ طبع لَا تطبع كالغمام طبعه الانهلال بِالْمَاءِ وَكَذَا الْكِرَام الحديث: 251 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 - 1 الْإِعْرَاب فِرَاق خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَيجوز رَفعه بإضمار فعل أَي حدث فِرَاق الْغَرِيب مذمم مفعل من المذمة والذم ويمت قصدت الْمَعْنى يَقُول هَذَا فِرَاق أَي هَذِه الْحَالة فِرَاق وَمن فارقته يَعْنِي سيف الدولة غير مَذْمُوم وَهَذَا الْفِرَاق هُوَ قصد لإِنْسَان آخر هُوَ خير مَقْصُود يَعْنِي الْأسود كافورا 2 - الْغَرِيب أبجل أعظم وَيرْفَع قري الْمَعْنى يَقُول لَا أقيم بمنزل لطيب الْعَيْش والحياة إِذا لم أكن مُعظما مكرما لِأَنَّهُ مَعَ الذل لَا يطيب لي 3 - الْإِعْرَاب رفع سحبية على حذف الِابْتِدَاء وَلَو نصبها جَازَ بإضمار فعل وَيجوز نصبها على الْبَدَل من مصدر مَحْذُوف أَي مرميا بهَا رميا سجية الْغَرِيب مليحة مشفقة من أَن تضام وَتخَاف وألاح من الْأَمر إِذا أشْفق مِنْهُ وَالْمحرم الطَّرِيق فِي الْجَبَل الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْفِرَاق سجية نَفسِي الَّتِي هِيَ أبدا خائفة من أَن تظلم وتبخس حَقّهَا من الْإِكْرَام وَأَنا أرمى بهَا كل طَرِيق هَارِبا من الذل والضيم 4 - الْغَرِيب الشادن ولد الغزال وَهُوَ فَوق الطلا والضيغم من أَسمَاء الْأسد الْمَعْنى كم رجال يَبْكُونَ على ويجزعون لارتحالي عَنهُ فالباكي يجفن الشادن الْمَرْأَة المليحة والباكي بأجفان الضيغم الرجل الشجاع الْكَرِيم الحديث: 252 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 قَالَ أَبُو الْفَتْح بأجفان ضيغم يُرِيد سيف الدولة وَهَذَا وَفَاء لما أوعد بِهِ من قَوْله (لَيَحْدُثَنَّ لِمَنْ فارَقْتُهُ نَدَمُ ... ) 5 - الْإِعْرَاب مَكَانَهُ فَاعل وَلَيْسَ للقرط ضمير لِأَن مليح قد رفع الظَّاهِر القرط الَّذِي يعلق فِي شحمة الْأذن وَالْجمع قرطة وقراط مثل رمح ورماح والمصمم صفة للحسام وَيجوز أَن يكون لرب وَهُوَ أولى وَأحسن الْمَعْنى يَقُول لَيست هَذِه الْمَرْأَة لفراقي بأجزع من الرجل الشجاع لِأَن الرجل يبكي عَليّ لمكاني عِنْده 6 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الَّذِي أشكوه من الْغدر بِي من امْرَأَة عذرتها لِأَن شِيمَة النِّسَاء الْغدر وَلكنه من رجل والمعمم أَرَادَ بِهِ الرجل لِأَن الْمَرْأَة لَا تعمم 7 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لم يحسن إِلَيّ وَلم أهجه لحبي إِيَّاه فَضرب الْمثل لإساءته إِلَيْهِ بالرمى ولأمنه من الْمُكَافَأَة بالهجاء بالاتقاء وَالْمعْنَى أَن حبي إِيَّاه مَنَعَنِي عَن الْمُكَافَأَة بالإساءة فَكَانَ كرام يرميي وَهُوَ وَرَاء جنَّة تمنعني أَن أرميه 8 - الْمَعْنى يَقُول الْمُسِيء يسيء الظَّن لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن مِمَّن أَسَاءَ إِلَيْهِ وَمَا يخْطر بِقَلْبِه من التَّوَهُّم على إساءة غَيره يصدق ذَلِك فَكلما سمع عَن شخص كَلَام سوء يَظُنّهُ فِيهِ لسوء وهمه وَفعله وَهُوَ كَقَوْل الآخر (وَما فَسدَتْ لي يشْهدُ اللهُ نيَّةٌ ... عَلَيْك بَلِ اسْتفْسدتني فاتهمْتَني) 9 - الْمَعْنى يَقُول وبسوء ظَنّه عادي محبيه بقول الْأَعْدَاء وَأصْبح فِي كل أُمُوره حائرا 10 - الْمَعْنى يُرِيد بِالنَّفسِ الهمة والمعاني الَّتِي فِي جسم الْإِنْسَان من أخلاقه فَهُوَ يذكر لطف حسه ودقة علمه وَأَنه قبل أَن يَقع بَينه وَبَين من يُحِبهُ معرفَة يصادق نَفسه أَولا ويستدل عَلَيْهَا بِكَلَامِهِ وَفعله وَهَذَا من قَول الْحَكِيم الائتلاف بالجواهر قبل الائتلاف بالأجسام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 - الْمَعْنى يَقُول اصفح عَن خليلي علما بِأَنِّي إِذا جازيته على سفهه بالحلم تدم على قَبِيح فعله فَاعْتَذر إِلَيّ وَرجع إِلَى مرادي وَهُوَ من قَول سَالم بن وابصة (وَنَيْرَبٍ منْ موَالِي السُّوءِ ذِي حسَد ... يَقْتابُ لَحمِي وَمَا يَشْفِيه من قَرَمِ) (دَوايْتُ صَدْراً طوِيلا غمُرُ حَقِداً ... منهُ وقَلَّمتُ أظْفارا بِلا جَلمِ) (بالجَزْمِ وَالخيرِ أُسْديِهِ وَأُلحِمُهُ ... تَقَوى الْإِلَه وَما لمْ يْرعَ مِنْ رَحِمِ) (فأصْبَحتْ قَوْسُهُ دُونَي مُوتَّرة ... تَرْمي عَدُوّى جِهارا غَيرَ مُكتَمِمِ) (إنَّ منَ الحِلْمِ ذلاً أنْتَ عارفُهُ ... وَالحِلْمُ عنْ قدْرةٍ فضْلٌ من الكَرمِ) وَمن روى (0000000 أنَّنِي ... مَني أجْزِهِ يوْما عَلى الجَهْلِ أندمِ) يُرِيد إِن جهلت عَلَيْهِ كَمَا جهل عَليّ نَدِمت على ذَلِك لِأَن السَّفه وَالْجهل ليسَا من أخلاقي فِي شَيْء وَأَصله هَذَا كُله قَوْله تَعَالَى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن فَإِذا الَّذِي بَيْنك وَبَينه عَدَاوَة كَأَنَّهُ ولي حميم} 12 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لَا آخذ من الْإِنْسَان الصِّلَة حَتَّى يكون مَعهَا بشر وبشاشة وَإِن بذلها وَهُوَ عَابس جزيته عَن جوده بجود وَهُوَ تركي مَعَ تَبَسم مني أَزِيد على مَا فعل لِأَنَّهُ بذل جوادا يعبوس وجزيته جودا بتبسم قَالَ ابْن القطاع صحف هَذَا الْبَيْت سَائِر الروَاة فَرَوَوْه بجود التارك وَلَا معنى للتارك وَإِنَّمَا هُوَ الْبَاذِل وَمَعْنَاهُ وَإِن بذل الْإِنْسَان لي جوده وَهُوَ عَابس الْوَجْه غير منشرح الصَّدْر جازيته مجازاة من بذل لي جوده وَهُوَ ضَاحِك وَلم أكافئه 13 - الْغَرِيب السميذع السَّيِّد الْكَرِيم والسمهري من الرماح الْقوي الصلب من اسمهر الْأَمر إِذا اشْتَدَّ الْمَعْنى أحب من الفتيان كل كريم يغشى النَّاس بَيته للقرى نجيب طَوِيل كصدر الرمْح الْمُقَوّم الشَّديد 14 - الْغَرِيب خطت قطعت والعيس الْإِبِل الْبيض والفلاة الأَرْض الْبَعِيدَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 عَن المَاء وَقَوله كبات جمع كبة وَهِي الصدمة والحملة والعرمرم الْكثير والكبة بِالضَّمِّ الْجَمَاعَة من الْخَيل وبالفتح الدفعة من الْقِتَال والحملة والكبة الزحام الْمَعْنى يَقُول الَّذِي قد سَافر الْكثير وَقطع الفلوات وَشهد الحروب فخالطت بِهِ الْخَيل الْجَيْش والكبة من قَوْلهم كَبه لوجهه إِذا أَلْقَاهُ قَالَ بعض الْعَرَب طعنته فِي الكبة طعنة فِي السبة فأخرجتها من اللبة فَقيل لَهُ كَيفَ طعنته فِي السبة وَهِي حَلقَة الدبر فَقَالَ إِن رمحه سقط من يَده فأكب ليأخذه فطعنته 15 - الْمَعْنى هُوَ عفيف إِلَّا فِي سَيْفه وَرمحه فَإِنَّهُ إِذا شهد الْحَرْب قتل الأقران وَلم يعف عَنْهُم وَإِنَّمَا عفته فِي كَفه لَا يَأْخُذ من مَال أحد شَيْئا وَفِي فرجه لَا يقرب الزِّنَا وَفِي فَمه فَهُوَ يمسك لِسَانه عَن الْغَيْبَة وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بِالصّدقِ وَلَا يَأْكُل إِلَّا من حَلَال لِأَنَّهُ لَا يُصِيب مَالا إِلَّا من حلّه 16 - الْغَرِيب هويت الشَّيْء أهواه فَأَنا هُوَ وهاو كحذر وحاذر الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كل من أحب الْأَمر الْجَمِيل يصنعه وَلَا كل من يصنعه يتممه 17 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح وَجَمَاعَة فَإِنَّهَا وَالضَّمِير عَائِد على الْكِرَام وَقَالَ يجوز أَن يكون الَّذِي حمله على ذَلِك أَنه شبههم بالسوابق وَقَالَ يهتدين فَجعل الضَّمِير عَائِدًا عَلَيْهَا قَالَ وَلَو قَالَ فَإِنَّهُم سوابق لَكَانَ جيدا وَقد رَوَاهُ جمَاعَة فَإِنَّهُم وَلم يعرفهُ أَبُو الْفَتْح وَلَا ذكر فِيهِ خلافًا الْغَرِيب أَبُو الْمسك كافور وَهُوَ الممدوح والأدهم الْأسود الْمَعْنى لما جعل الْكِرَام خيولا سوابق جعل الممدوح أدهم يتَقَدَّم السوابق وَهِي تجْرِي على أَثَره يَعْنِي أَنه إِمَام الْكِرَام وسابقهم ومتقدمهم 18 - الْإِعْرَاب أغر بدل من أدهم الْغَرِيب شخصن رفعن أبصارهن ورحب وسيع ومطهم حسن الْمَعْنى يَقُول لَا بَيَاض على الْحَقِيقَة فِي وَجهه وَإِنَّمَا مجده يشرق فِي وَجهه إشراق الْغرَّة والسوابق قد شخصت أعينها وَرَاء هَذَا الْأَغَر تنظر إِلَى خلق وَاسع وَخلق تَامّ حسن يُرِيد أَن خلقه حسن وَوَجهه حسن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 - الْمَعْنى يَقُول إِذا لم تحسن السياسة فاخدمه بِالْقيامِ قدامه مرّة تتعلم حسن السياسة 20 - الْغَرِيب المساعي جمع مسعاة وَهِي السَّعْي فِي طلب الْمجد الْمَعْنى يَقُول من رَآهُ وَرَأى أَفعاله لم يكن لَهُ عذر أَن يكون ضَعِيف المساعي قَلِيل التكرم يُرِيد أَنه مِنْهُ تتعلم هَذِه الْأَشْيَاء فن رَآهُ وَلم يتعلمها مِنْهُ فَهُوَ غير مَعْذُور وأبوا لفتح يَجْعَل هَذَا دَاخِلا فِي الهجاء على معنى أَن مثله خسة ولؤم أصل إِذا كَانَ لَهُ تكرم فَلَا عذر لأحد بعده فِي تَركهَا كَقَوْل الآخر (لَا تَيْأسَنَّ منَ الإمارَةِ بَعْدَما ... خَفَقَ الَّلوَاءُ عَلى عِمامَةِ جَرْوَلِ) وَقَالَ ابْن القطاع الهجاء هُوَ أَن يَقُول إِن كافورا قد ضيق على وَلَا نفع لي مِنْهُ لي مِنْهُ ولاجاه لي عِنْده وَأَنه ينْتَفع بخدمتي وَلَا أنتفع بِهِ وَلَو أَنه قَالَ هَذَا لشخص لخاف أَن يتَّصل بكافور فَيكون فِيهِ هَلَاكه 21 - الْغَرِيب يُقَال أجحم بِتَقْدِيم الْجِيم مثل أحجم بتأخيرها عَن الْأَمر كف عَنهُ وَمن روى اقدمي بِفَتْح الدَّال فَمَعْنَاه ردى الْحَرْب من قدم يقدم قدومًا وَمن روى بضَمهَا كَانَ ن قدم يقدم إِذا تقدم الْمَعْنى يَقُول إِذا وقفت الكتيبة وتأخرت عَن الْإِقْدَام وَقل من يحثها على وُرُود المعركة فَمن مثله أَي أَنه يحث الْخَيل عِنْد الإحجام ويشجعها على لِقَاء الْعَدو 22 - الْغَرِيب الطّرف بِكَسْر الطَّاء هُوَ الْفرس وَمن روى بِفَتْح الطَّاء أَرَادَ طرف الْعين وَالنَّقْع الْغُبَار واللهوات جمع لهاة وَهِي مَا فَوق اللِّسَان والمتلثم الَّذِي على فِيهِ اللثام وَهُوَ مَا يستره من الْغُبَار والهواء الْمَعْنى يَقُول هُوَ ثَابت فِي حَال الْحَرْب وَالنَّقْع قد وصل إِلَى لَهَوَات المتلثم وَهُوَ فِي المعركة ثَابت لَا يحجم وَلَا يتَأَخَّر وَلَا يتداخله الْفَزع 23 - الْمَعْنى يُخَاطب كافورا ويناديه يَا أَبَا الْمسك أَنا راج مِنْك عزا أتمكن بِهِ من قتل أعدائي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 - الْغَرِيب الشقا يمد وَيقصر وهمزته منقلبة عَن وَاو الْمَعْنى يَقُول أَرْجُو أَن أدْرك بعزك حَالَة شقائي فِيهَا مثل التنعم أَي أَشْقَى فِي حَرْب الْأَعْدَاء فأتنعم بذلك وَقَالَ الواحدي أبدل تنعم الْأَعْدَاء بالشقاء لما أورد عَلَيْهِم من الْحَسَد لنعمتي والغيظ لمكاني فيشقون بِي وَيجوز أبدل بالشقاء تنعما 25 - الْمَعْنى أَنْت أهل أَن يُرْجَى عنْدك مَا أرجوه وَلم أَضَع الرَّجَاء فِي غير مَوْضِعه لِأَنِّي لم أرج إِلَّا من مُتَمَكن كمن يطْلب الْمَطَر من السَّحَاب وَلم يَطْلُبهُ من غير السَّحَاب 26 - الْمَعْنى فَلَو لم تكن فِي مصر مَا كنت أقصدها مستهاما متيما 27 - الْإِعْرَاب أسكن حملات ضَرُورَة لِأَنَّهَا جمع حَملَة وَجمع فعله إِذا كَانَ إسما كَانَ متحركا الْغَرِيب عبر باسم الديلم عَن الْأَعْدَاء وهم جيل من النَّاس وَالْعرب تعبر بالديلم عَن الْأَعْدَاء لِأَنَّهَا كَانَت بَينهَا وَبَين الْعَرَب عَدَاوَة فَصَارَ اسمهم عبارَة عَن الْأَعْدَاء وَمِنْه قَول عنترة (زَوْرَاءُ تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلمِ ... ) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح قلت لَهُ أَتُرِيدُ بالديلم الْأَعْدَاء أم هَذَا الجيل من الْعَجم فَقَالَ بل الْعَجم الْمَعْنى يَقُول إِنَّه كَانَ يمر بِاللَّيْلِ فِي طَرِيقه إِلَى مصر على الْقَبَائِل وتصول كلابها على خيله كَأَنَّهَا أَعدَاء تحمل عَلَيْهَا 28 - الْغَرِيب الْقَائِف التَّابِع الَّذِي يقفو الْآثَار والمنسم لذِي الْخُف كالحافر الْمَعْنى يَقُول الْقَائِف إِذا اتَّبعنَا ليرد عَن الْمسير إِلَيْك لم ير إِلَّا آثَار الْإِبِل وَالْخَيْل أَي أَنه لم يدركهم لسرعة السّير وَمن عَادَة الْعَرَب أَن يجنبوا الْخَيل ويركبوا الْإِبِل يَعْنِي إِلَّا أثر حافر فَوق أثر خف كَقَوْل الشَّاعِر (أوْلى فأوْلى يَا امرَأ القَيْسِ بَعْدَما ... خَصَفْنا بآثارِ المَطِيِّ الحَوَفِرَا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 - الْغَرِيب التغمر الشّرْب الْقَلِيل وَهُوَ من الْغمر وَهُوَ الْقدح الصَّغِير وَإِنَّمَا قل شربهَا لِأَنَّهَا وصلت مكدودة وَمِنْه قَول طفيل (أنخْنا فَسِمنْاها النَّطافَ فَشارِبٌ ... قَلِيلاً وَآبٍ صَدَّ عَنْ كُل مشرَبٍ) واستذرت نزلت فِي ذراه أَي ناحيته والمقطم جبل مَعْرُوف بِمصْر وَهُوَ المشرف على مَقْبرَة القرافة والقلعة الْمَعْنى يَقُول وَسمنًا الْبَيْدَاء بآثار خَيْلنَا وسرنا فِي أَرض غفل لَا أثر بهَا لسالك فَصَارَت آثَار الْخَيل وَالْإِبِل كالسمة لَهَا وَهِي الْعَلامَة حَتَّى وَردت النّيل مكدودة فَشَرِبت شربا قَلِيلا 30 - الْغَرِيب الأبلخ بِالْخَاءِ هُوَ الْعَظِيم وَهُوَ من صفة الْمُلُوك وبالجيم الْجَمِيل الْوَجْه الْإِعْرَاب وأبلخ فِي مَوضِع جر عطفا على ظلّ المقطم أَي وبظل أبلخ ولومي يُرِيد رجَالًا وَهَذَا هُوَ الأِشهر فِي بَاب فَاعل وفاعلة من الْوَصْف وَمثله عاذل وعذل وَلَو أَرَادَ نسَاء لقَالَ لوائمي الْمَعْنى يَقُول واستذرت بِظِل أبلخ يعْصى من يُشِير عَلَيْهِ وَهُوَ وزيره ابْن الْفُرَات لِأَن المتنبي لم يمدحه وعصيت بقصديه قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ مِمَّا يجوز نَقله إِلَى الهجاء وَظَاهر اللَّفْظ الَّذِي بنى عَلَيْهِ أَنه أَرَادَ عصيت من كَانَ يُشِير عَليّ بالْمقَام شحا مِنْهُ عَليّ وَكَرَاهَة لبعدي عَنهُ والأبلج هُوَ كافور والأبلج المفترق الحاجبين وَمَا بَينهمَا يُسمى بلجة هَذَا قَوْله وَقَالَ الواحدي يعْصى من يُشِير عَلَيْهِ بتركي بِأَن يختصني دون غَيْرِي كَمَا أَنِّي عصيت من أَشَارَ عليّ بترك المير إِلَيْهِ 31 - الْغَرِيب المجمجم الَّذِي لَا يفهم وَلَا يَأْتِي على الْوَجْه وجمجم كَلَامه إِذا عماه وستره وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَيْسَ فِيهِ عيب وَلَا إِشَارَة إِلَى ذمّ الْمَعْنى يَقُول لم يكدر إحسانه إِلَيّ بالمن وَلم ينغصه بالأذى وَلم يكدره عَليّ كَغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا النَّفْي يشْهد بِمَا ذكرته من قلب المديح إِلَى الهجاء 32 - الْإِعْرَاب أَرَادَ من الْأَمْلَاك فَحذف وأوصل الْفِعْل كَقَوْلِه تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه} أَي من قومه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 الْمَعْنى يَقُول قد اخْتَرْتُك من الْأَمْلَاك أَي من مُلُوك الأَرْض بِالْقَصْدِ إِلَيْك فاختر لَهُم بِنَا حَدِيثا من مدح أَو هجاء أَو منع أَو عَطاء يُرِيد أَنهم يتحدثون بِنَا فاختر مَا تُرِيدُ من ثَنَاء وإطراء بِالْإِحْسَانِ أَو ذمّ أَو هجاء بالبخل والحرمان قَالَ الواحدي لم يعرف ابْن جنى هَذَا فَقَالَ افْعَل بِي فعلا إِذا سَمِعُوهُ كَانَ مُخْتَارًا مستحسنا عِنْدهم وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي يَقُوله فِي الْبَيْت أَلا ترى إِلَى قَوْله وَقد حكمت رَأْيك يُرِيد أَنْت الْمُحكم فِي مَا تخْتَار وَلَو أَرَادَ مَا قَالَه لما كَانَ محكما 33 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا الْبَيْت يوري عَن هجائه بقبح الصُّورَة فَإِنَّهُ لَا منقبة لَهُ يمدح بهَا إِلَّا أَنه إِذا أحسن بالعطاء فوجهه أحسن الْوُجُوه بِالْإِحْسَانِ وَيَده أَيمن الْأَيْدِي بالإنعام وَكَذَلِكَ الْبَيْت الَّذِي بعده 34 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه خَال عَمَّا يمدح بِهِ الْمُلُوك من نسب أَو حسب أَو شرف تليد فَإِن لم يستحدث لنقشه شرفا مطرفا بعلو همة وإقدام لم يكن لَهُ خصْلَة يمدح بهَا 35 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا تطلب الدُّنْيَا وتقاتل عَلَيْهَا وتنافس فِيهَا لهذين الشَّيْئَيْنِ إِمَّا لنفع الْأَوْلِيَاء أَو لضر الْأَعْدَاء وَلَيْسَت تصلح لغير هذَيْن وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم إِذا لم تصن بِالْمَالِ أَبنَاء الْجِنْس وَتقتل بِهِ أَعدَاء النَّفس فَمَا تصنع بالأعراض 36 - الْغَرِيب الْمهْر هُوَ الصَّغِير السن من الْخَيل يُقَال مهر ومهرة وَجمع الْمُذكر أمهار ومهار ومهارة وَجمع الْمُؤَنَّث مهر ومهرات قَالَ الرّبيع بن زِيَاد الْعَبْسِي (وَمَجنَّباتٍ مَا يَذُقْنَ عَذوقا ... يَفْذِفْنَ بالمهُرَاتِ وَالأمْهارِ) والمعصم مَوضِع السوار من الزند الْمَعْنى يَقُول قد وصل إِلَى الْمهْر الَّذِي أهديته لي وَعَلِيهِ وسم بِاسْمِك الَّذِي هُوَ سمة لكل حَيَوَان يُرِيد أَنه ملك مَالك لكل حَيّ أَلا ترى قَوْله الْبَيْت بعده 37 - الْغَرِيب الْحَيَوَان يُطلق على كل حَيّ فَمنهمْ النَّاطِق وهم بَنو آدم وماعداهم فحيوان غير نَاطِق والموسم الْمعلم الْمَعْنى يَقُول لَك الْخَيل وَمن يركبهَا وَإِن كَانُوا خالين من الْعَلامَة 38 - الْمَعْنى أَنه استبطأ مَا يَرْجُو مِنْهُ فَقَالَ لَو كنت أعرف كم قدر حَياتِي فِي الدُّنْيَا لجعلت ثلتي ذَلِك الْقدر مُدَّة انْتِظَار عطائك وَهَذَا من قَول مُسلم (لوْ كانَ عِندَك ميثاقٌ يُخَلِّدُنا ... إِلَى المشِيبِ انْتَظَرْنا سَلْوَةَ الكبرِ) 39 - الْمَعْنى يَقُول الْفَائِت من الْعُمر غير مرتجع وَلَا يعود على أحد أَي لَا تطول مُدَّة الْبَقَاء فَإِن الْمَاضِي غير مُسْتَدْرك فجد لي بِخَط من يستعجل ويغتنم الْقُدْرَة والإمكان 40 - الْمَعْنى هَذَا كالعود من عتاب الاستبطاء يَقُول إِن كنت ترْضى بِتَأْخِير مَا أرجوه فَأَنا أرْضى بِهِ أَيْضا محبَّة لَك وانجذابا إِلَى هَوَاك لِأَنِّي قدت نَفسِي إِلَيْك قَود من يسلم لَك مَا تَفْعَلهُ وَالْمُسلم لَا يُعَارض بِشَيْء 41 - الْمَعْنى يَقُول مثلك فِي كرمك وسماحتك يكون فُؤَاده بَينه وبيني وَسِيطًا فيكلمه عني وَلَا يحوجني إِلَى الْكَلَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 - 1 الْغَرِيب جلّ الْأَمر عظم وَقل أَيْضا وَالْكَلَام هُوَ الْمَعْرُوف وَقَالَ ابْن القطاع أَرَادَ الْكَلَام وَهِي الْجِرَاحَات الْمَعْنى يَقُول لصاحبيه اللَّذين يلومانه على الإخطار بِنَفسِهِ وتجشم الْأَسْفَار فِي طلب الْمَعَالِي ملومكما يَعْنِي نَفسه أجل من أَن يلام لِأَن فعله جَازَ طوق القَوْل فَلَا يدْرك فعله بِالْوَصْفِ وَالْقَوْل وَلِأَنَّهُ لَا مطمع للائم فِيهِ بِأَن يطيعه أَو يخدعه وَقَالَ ابْن القطاع ملومكما يجل عَن لومكما وَوَقع فعال لومكما فَوق الْكَلَام أَي الْجِرَاحَات الحديث: 253 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 - الْإِعْرَاب نصب الفلاة والهجير لِأَنَّهُمَا مفعولان مَعَهُمَا أَي اتركاني مَعَ الفلاة والهجير الْغَرِيب الفلاة الأَرْض الْبَعِيدَة عَن المَاء والهجير شدَّة الْحر واللثام مَا يستر بِهِ الْوَجْه الْمَعْنى يَقُول اتركاني مَعَ الفلاة فَإِنِّي أسلكها بِغَيْر دَلِيل لاهتدائي فِيهَا وذراني مَعَ الهجير أَسِير فِيهِ بِغَيْر لثام على وَجْهي لِأَنِّي قد اعْتدت ذَلِك 3 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أستريح بالفلاة والهجير وراحتي فيهمَا وتعبي فِي النُّزُول وَالْمقَام وَأَنا أستريح بِهَذَيْنِ اللَّذين قد تعودتهما 4 - الْغَرِيب حرت تحيرت والبغام صَوت النَّاقة للتعب بغمت تبغم بِالْكَسْرِ وَهُوَ صَوت لَا يفصح بِهِ والرازح من الْإِبِل الْهَالِك هزالًا وَقد رزحت النَّاقة ترزح رزوحا ورزاحا سَقَطت من الإعياء هزالًا ورزحتها أَنا ترزيحا. الْمَعْنى أَنه شبه نَفسه فِي التحير بالبهيمة لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي أَيْن تذْهب وَهُوَ كَذَلِك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح إِن حارت عَيْني فَأَنا بَهِيمَة عَيْني عينهَا وصوتي صَوتهَا كَمَا تَقول إِن فعلت هَذَا فَأَنا حمَار وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد أَنه بدوي عَارِف بدلالات النُّجُوم بِاللَّيْلِ فَيَقُول إِن تحيرت فِي الْمَفَازَة بعيني البصيرة عين رَاحِلَتي ومنطقي الفصيح بغامها وَقَالَ الْخَطِيب عُيُون رواحلي تنوب عني إِذا ضللت اهْتَدَى بهَا وصوتها إِذا احتجت إِلَى أَن أصوت ليسمع الْحَيّ يقوم مقَام صوتي وَإِنَّمَا قَالَ بغامي على الِاسْتِعَارَة 5 - الْغَرِيب قَالَ ابْن السّكيت الْعَرَب إِذا عدت للسحاب مائَة برقة لم تشك فِي أَنَّهَا ماطرة قد سقت فتتبعها على الثِّقَة بالمطر وَقَالَ الْخَطِيب قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي النَّوَادِر الْعَرَب كَانُوا إِذا لَاحَ الْبَرْق عدوا سبعين برقة فَإِذا كملت وثقوا بِأَنَّهُ برق ماطر فرحلوا يطْلبُونَ مَوضِع الْغَيْث وَأنْشد عمر بن الْأَعْوَر (سقى اللهُ جِيرَانا حَمِدْتُ جوَارِهمْ ... كراما إِذا عُدُّوا وَفَوْقَ كرَامِ) (يَعدُّونَ بَرْقَ المُزْنِ قي كلّ مَهْمَةٍ ... فَمَا رِزْقُهُمْ إلاَّ بُرُوقُ غَمامِ) الْمَعْنى يَقُول لَا أحتاج فِي وُرُود المَاء إِلَى دَلِيل يدلني سوى أَن أعد برق الْغَمَام فَأتبعهُ كعادة الْعَرَب فِي عدهَا بروق الْغَمَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 - الْغَرِيب الذمام الْعَهْد والخفارة الْمَعْنى يَقُول من احْتَاجَ فِي السّفر إِلَى ذمام وَجوَار وَعبد ليأمن بذلك فَأَنا فِي جوَار الله وَجوَار سَيفي يُرِيد أَنه لَا يصحب أحدا فِي سَفَره 7 - الْمَعْنى يَقُول لَا أمسي ضيفا لبخيل وَإِن لم أجد زادا أَلْبَتَّة لِأَنَّهُ لَا مخ للنعام وَيجوز أَن يُرِيد بِهَذَا أَن الْبَخِيل لَا قرى عِنْده ويروي مح بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْمعْنَى لَو لم يكن لي قرى إِلَّا بيض النعام شربته وَلم آتٍ بَخِيلًا أتضيف بِهِ 8 - الْغَرِيب الخب الْمَكْر والود الْحبّ والصداقة الْمَعْنى يَقُول لما صَار ود النَّاس غير صَادِق صرت كأحدهم أفعل بهم كَمَا يَفْعَلُونَ فَإِذا تبسموا إِلَيّ تبسمت لَهُم 9 - الْمَعْنى يَقُول لم أكن على ثِقَة من مَوَدَّة من أوده لعلمي أَنه من جملَة النَّاس يُرِيد لعُمُوم فَسَاد الْخلق كلهم إِذا اخْتَرْت أحدا للمودة لم أَثِق بمودته 10 - الْغَرِيب الوسام والوسامة الْحسن وسم يوسم وسامة ووساما الْمَعْنى يَقُول الْعَاقِل إِنَّمَا يحب من يُحِبهُ على صفاء الود فَمن أصفى لَهُ الود أحبه وَالْجَاهِل يحب على جمال الصُّورَة وَذَلِكَ حب الْجُهَّال لِأَنَّهُ لَيْسَ كل جميل المنظر يسْتَحق الْمحبَّة كخضراء الدمن رائق اللَّوْن وَبِي المذاق 11 - الْغَرِيب آنف أستنكف الْمَعْنى يَقُول أبْغض البخلاء وَأحب الْكِرَام حَتَّى أبْغض أخي إِذا لم أَجِدهُ كَرِيمًا 12 - الْمَعْنى يَقُول الْخلق اللَّئِيم قد يغلب الأَصْل الطّيب حَتَّى يكون صَاحبه لئيما وَإِن كَانَ من أصل كريم كَقَوْل الآخر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 (أبُوكَ أبٌ حُرً وَأمُّكَ حُرَّةٌ ... وَقْدْ يَلِدُ الحُرَّانِ غَيرَ نَجِيبِ) وكقول الآخر (لَئِنْ فَخَرْتَ بِآباءٍ لهُمْ شَرَفٌ ... لقَدْ صَدَقْتَ وَلكنْ بِئِْسَ ماوَلدُوا) 13 - الْمَعْنى يَقُول لَا أقنع من الْفضل بِأَن أنسب إِلَى جد فَاضل إِذا لم أكن فَاضلا بنفسي وَلم يغن عني فضل جدي وَهُوَ من قَول البحتري (وَعَدلهُمُ عَنْ آخِرِ المَجْدِ غالبٌ ... فأفْعالهُمْ تَحْذُو قَديِمَ المناصِبِ) 14 - الْغَرِيب القضم بِالسَّيْفِ المفلل وَفِيه قضم وينبو يرْتَفع الْمَعْنى يَقُول عجبت لمن لَهُ حد النصل وَقد الرِّجَال ثمَّ لَا ينفذ فِي الْأُمُور وَلَا يكون مَاضِيا والكهال الَّذِي لَا يقطع الْمَعْنى يَقُول عجبت لمن وجد الطَّرِيق إِلَيّ معالي الْأُمُور فَلَا يقطع إِلَيْهَا الطَّرِيق وَلَا يتعب مطاياه فِي ذَلِك الطَّرِيق حَتَّى تذْهب أسنمتها 16 - الْمَعْنى يَقُول لَا عيب أبلغ من عيب من قدر أَن يكون كَامِلا فِي الْفضل فَلم يكمل أَي لَا عذر لَهُ فِي ترك الْكَمَال إِذا قدر على ذَلِك ثمَّ تَركه وَالْعَيْب ألزم لَهُ من النَّاقِص الَّذِي لَا يقدر على الْكَمَال 18 - الْمَعْنى يَقُول إِن مَرضه قد طَال حَتَّى مله الْفراش وَإِن لاقاه جنبه فِي الْعَام مرّة وَاحِدَة لِأَنَّهُ أبدا كَانَ فِي السّفر 19 - الْمَعْنى يَقُول قَلِيل عائدي لِأَنِّي غَرِيب لم يعدني أحد إِلَّا قَلِيل من النَّاس وفؤادي سقيم لِكَثْرَة الأحزان وحسادي كثير لكثير فضلى ومطلبي صَعب لِأَنِّي أطلب الْملك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 - الْغَرِيب المدام الْخمر والمدام الْمَطَر الدَّائِم كَأَنَّهُ أَدِيم أَي أدامه الله الْمَعْنى يَقُول أَنا على هَذِه الْحَالة فِي الغربة عليل الْجِسْم عَاجز عَنَّا لقِيَام سَكرَان من غير خمر بل من ضعف 21 - الْمَعْنى يكنى عَن الْحمى الَّتِي كَانَت تَأتيه لَيْلًا فَيَقُول كَأَنَّهَا حيية فَلَيْسَتْ تزور إِلَّا فِي اللَّيْل 22 - الْغَرِيب المطارف جمع مطرف وَهُوَ الَّذِي فِي جنبه علمَان والحشايا جمع حشية وَهُوَ مَا حشى من الْفرش مِمَّا يجلس عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول هَذِه الزائرة يَعْنِي بهَا الْحمى الَّتِي كَانَت تَأْخُذ فِي مصر لَا تبيت فِي الْفراش وَإِنَّمَا تبيت فِي عِظَامِي 23 - الْمَعْنى يضيق جلدي فَلَا يَسعهَا وَلَا يسع أنفاسي الصعداء والحمى تذْهب لحمى فتوسع جلدي بِمَا تورده على من أَنْوَاع السقام 24 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه يعرق عِنْد فراقها فَكَأَنَّهَا تغسله لعكوفهما على مَا يُوجب الْغسْل وَإِنَّمَا خص الْحَرَام للقافية وَإِلَّا فالجماع على الْحَلَال كالجماع على الْحَرَام فِي وجوب الْغسْل وَقَالَ ابْن الشجري وَإِنَّمَا خص الْحَرَام لِأَنَّهُ جعلهَا زائرة غَرِيبَة وَلم يَجْعَلهَا زَوْجَة وَلَا مَمْلُوكَة 25 - الْغَرِيب بأَرْبعَة سجام أَي ذَات سجام فَحذف وَأَرَادَ بالأربعة اللحاظين والموقين للعينين فَإِن الدمع يجْرِي من الموقين فَإِذا غلب وكتر جرى من اللحاظ أَيْضا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَرَادَ الْغُرُوب وَهِي مجارى الدمع والغروب لَا تَنْحَصِر بأَرْبعَة الْمَعْنى يَقُول إِنَّهَا تفارق عِنْد الصُّبْح فَكَأَن الصُّبْح يطردها وَأَنَّهَا إِذا فارقته تجْرِي مدامعها من أَرْبَعَة سجام يُرِيد كَثْرَة الرحضاء وَهُوَ عرق الْحمى فَكَأَنَّهَا تبْكي عِنْد فِرَاقه محبَّة لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أنْتَظر وَقت مجيئها كَمَا ينْتَظر المشوق مَجِيء حَبِيبه وَذَلِكَ أَن الْمَرِيض بجزع لوُرُود الْحمى فَهُوَ يراقب وَقتهَا خوفًا لَا شوقا 27 - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا صَادِقَة الْوَعْد فِي الْوُرُود وَذَلِكَ الصدْق شَرّ من الْكَذِب لِأَنَّهُ صدق يضر وَلَا ينفع كمن أوعد ثمَّ صدق فِي وعيده 28 - الْغَرِيب يُرِيد ببنت الدَّهْر الْحمى وببنات الدَّهْر شدائده الْمَعْنى يَقُول للحمى عِنْدِي كل شَدِيدَة فَكيف وصلت إِلَيّ وَقد تزاحمت الشدائد عَليّ ألم يمنعك زحامها من الْوُصُول إِلَيّ وَهَذَا من قَول الآخر (أتَيْتُ فُؤَادَها أشْكُو إلَيْهِ ... فَلمْ أخْلُصْ إلَيْهِ منَ الزّحامِ) 29 - الْمَعْنى يَقُول قد خرجت رجلا من كَثْرَة ملاقاته الحروب لم يبْق فِيهِ مَكَان لضرب السيوف وَلَا للسهام 30 - الْغَرِيب الْعَنَان للْفرس والزمام لِلْإِبِلِ الْمَعْنى يَقُول يَا لَيْت يَدي علمت هلت تصرف بعد هَذَا فِي عنان الْفرس أَو زِمَام الْإِبِل يَعْنِي لَيْتَني علمت هَل أصح فأسافر وأتصرف فِي أزمة الْإِبِل وأعنة الْخَيل 31 - الْغَرِيب الراقصات الْإِبِل تسير الرقص وَهُوَ ضرب من الخبب يُقَال رقص الْبَعِير رقصا إِذا خب واللغام زبد يخرج من فَم الْبَعِير أَبيض وَجمع لغام لغم الْمَعْنى يَقُول المقاود حليت من اللغام فَجعله لبياضه كالفضة وَهِي ترقص فِي سَيرهَا فَهَل أبلغ مرادي بسيرها وَهَذَا من قَول النميري (وَيَقْطَعُ البيدَ مِنْها كُلُّ يَعْمَلةٍ ... خُرْطُومُها بِاللغُّامِ الجَعْدِ مُلتفعُ) 32 - الْغَرِيب الغليل حر الصَّدْر يكون من عشق وَغَيره والحسام السَّيْف الْقَاطِع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 الْمَعْنى يَقُول إِنَّه لما كَانَ صَحِيحا كَانَ مُسَافِرًا وَيُقَاتل فيشفى غليله بالسير إِلَى مَا يهواه بِالرُّمْحِ وَالسيف 33 - الْغَرِيب الْفِدَام شَيْء يَجْعَل على رُءُوس الأباريق الَّتِي يكون فِيهَا الْخمر الْمَعْنى يَقُول رُبمَا ضَاقَ أَمر عَليّ فَكَانَ خلاصي مِنْهُ خلاص الْخمر من النسج الَّذِي يشد على رَأس الإبريق لتصفية الْخمر 34 - الْمَعْنى يَقُول رُبمَا فَارَقت الحبيب بِلَا وداع يُرِيد أَنه قد هرب من أَشْيَاء كرهها دفعات فَلم يقدر على توديع الحبيب ول أَن يسلم على أهل ذَلِك الْبَلَد الَّذِي هرب مِنْهُ 35 - الْمَعْنى يَقُول الطَّبِيب يظنّ سَبَب دائي الْأكل وَالشرب فَيَقُول لي أكلت كَذَا وَكَذَا يَعْنِي مِمَّا يضر فسبب دائك الْأكل وَالشرب 36 - الْغَرِيب الجمام أَن يتْرك الْفرس فَلَا يركب الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ فِي طب الطَّبِيب أَن الَّذِي أضرّ بِي وبجسمي طول لبثي وقعودي عَن السّفر كالفرس الْجواد يضر بجسمه طول قِيَامه فَيصير بِهِ مجموما والجمام ضد التَّعَب 37 - الْغَرِيب القتام الْغُبَار والسرايا جمع سَرِيَّة وَهِي الَّتِي تسري إِلَى الْعَدو الْمَعْنى يَقُول تعود هَذَا الْجواد أَن يثير الْغُبَار فِي العساكر وَيدخل من هَذِه الْحَرْب إِلَى حَرْب أُخْرَى وَأَرَادَ بِدُخُول القتام حُضُور الْحَرْب 38 - الْمَعْنى أمسك هَذَا الْجواد لَا يرخى لَهُ الطول فيرعى فِيهِ وَلَا هُوَ فِي السّفر فيعتلف من المخلاة وَلَيْسَ هُوَ فِي اللجام وَهَذَا مثل ضربه لنَفسِهِ وَأَنه حَلِيف الْفراش مَمْنُوع الْحَرَكَة ظَاهر الْكَلَام مُتَعَلق بِالْعِلَّةِ وَيجوز أَن يَعْنِي بِهِ كافورا إِذْ مَنعه إِيَّاه مِمَّا طلب من الْإِنْصَاف 39 - الْمَعْنى إِنِّي إِن مَرضت فِي بدني فَإِن صبري وعزمي على مَا كَانَا عَلَيْهِ من الصِّحَّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 - الْمَعْنى: يَقُول فَإِن أسلم من مرض لم أبق خَالِدا وَلَكِن سلمت من الْمَوْت بِهَذَا الْمَرَض إِلَى الْمَوْت بِمَرَض وَسبب آخر وَهُوَ كَقَوْل طرفَة (لعَمْرُكَ إنَّ المَوْتَ مَا أخْطَأ الفَتى ... لَكالطَّوَلِ المُرْخي وَثِنْياهُ بِاليَدِ) وكقول آخر (إِذا بُل مِنْ دَاء بِهِ خالَ أنَّهُ ... تَجاذَبَهُ الدَّاءُ الَّذِي هُوَ قاتِلُهُ) 41 - الْغَرِيب الرجام القبو وَاحِدهَا رجم قَالَ كَعْب بن زُهَيْر (أَنا ابْنُ الذِي لمْ يُخْزِني فِي حَياتِهِ ... وَلمْ أُخْزِهِ لَمَّا تَغيَّبَ فِي الرَّجْمِ) وَأَصله حِجَارَة ضخام تجْعَل على الْقَبْر وَمِنْه قَول عبد الله بن مُغفل لَا ترجموا قَبْرِي يُرِيد لَا تجْعَلُوا عَلَيْهِ الرَّجْم أَي لَا تسنموه بل سوّوه بِالْأَرْضِ الْمَعْنى يَقُول مَا دمت حَيا تمتّع من حالتي النّوم والسهاد فَإنَّك لَا تنام فِي الْقَبْر وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (تَمَتَّع بِالرُّقادِ عَلى شِمالٍ ... فنَوْمُكَ قَدْ يَطُولُ عَلى اليَمِينِ) 42 - الْمَعْنى يُرِيد بثالث الْحَالين الْمَوْت يَقُول الْمَوْت غير الْيَقَظَة والرقاد فَلَا تَظنن الْمَوْت نوما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 - 1 الْغَرِيب المحاجم جمع محجمة وَهِي آلَة الْحجام والحجام مَأْخُوذ من الحجم وَهُوَ المص يُقَال حجم الصَّبِي ثدي أمه إِذا مصه والجلم الَّذِي يجر بِهِ وهما جلمان الْمَعْنى يَقُول أَنْت أهل أَن تكون حجاما مزينا فَأَيْنَ آلَة الْحجامَة حَتَّى تشتغل بهَا وَأي طَرِيق لَك إِلَى الْكَرم فَأَنت لست مِنْهُ فِي شَيْء وَفِيه نظر إِلَى قَول الآخر (إنَّ المَكارِمَ وَيْكَ عَنْكَ بَعيدةٌ ... وَاللُّؤْمُ أضْحَى وَهْوَ مِنْكَ قَريبُ) 2 - الْمَعْنى يَقُول هَؤُلَاءِ الَّذين تجاوزوا تقدرهم حَتَّى ملكهم كلب فقد بجاوزوا قدرهم بِالنّظرِ إِلَيْك فملكت عَلَيْهِم تحقيرا لَهُم ووضعا عَن قدرهم 3 - الْغَرِيب يُرِيد بالفحل الَّذِي لَهُ ذكر عسكره وبالأمة الَّتِي لَا رحم لَهَا الْأسود الْمَعْنى يَقُول توبيخا لَهُم بانقيادهم للأسود لَا شَيْء أقبح فِي الدُّنْيَا من رجل ينقاد لأمه حَتَّى تقوده إِلَى مَا تريده 4 - الْغَرِيب القزم رذال النَّاس وسفلتهم قَالَ زِيَاد بن منقذ (وَهمْ إذَّا الخيْل حالُوا فِي كَوَاثِبها ... فَوَارِسُ الخيلْ لَا مِيلٌ وَلا قَزَمُ) يُقَال رجل قزم وَرِجَال قزم يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْوَاحد وَالْجمع الْمَعْنى يَقُول كل جيل وَأمة يملكهم من هُوَ من جنسهم فَكيف سَاد هَؤُلَاءِ الْمُسلمين عبد من رذال النَّاس وَلَيْسَ من نُفُوسهم قَالَ الواحدي روى ابْن جنى القزم بِالْفَتْح والتحريك وَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِي 5 - الْمَعْنى يَقُول لأهل مصر لَا شَيْء عنْدكُمْ من الدّين إِلَّا إحفاء الشَّوَارِب حَتَّى ضحِكت مِنْكُم الْأُمَم بطاعتكم الْأسود وَتَقْرِيره فِي المملكة ثمَّ حرض على قَتله وكل هَذَا إغراء بِهِ وتحفوها تستأصلوها والشوارب جمع شَارِب وَهُوَ الشّعْر السَّائِل على الشّفة وسمى بذلك لِأَنَّهُ يشرب مَعَ غَيره 6 - الْمَعْنى يَقُول أَلا رجل يقْتله مِنْكُم حَتَّى يَزُول عَن الْعَاقِل الشَّك والتهمة وَذَلِكَ أَن تمْلِيك مثله يشكك النَّاس فِي حِكْمَة الله تَعَالَى حَتَّى يُؤَدِّيه إِلَى أَن يظنّ أَن النَّاس معطلون عَن صانع يدبرهم فيكفرون بذلك 7 - الْمَعْنى الدهري يَقُول لَو كَانَ للْإنْسَان أَو للأشياء مُدبر وَكَانَت الْأُمُور جَارِيَة على تَدْبِير حَكِيم مَا ملك هَذَا الْأسود وَإِنَّمَا حكم لِأَن النَّاس بِغَيْر مُدبر 8 - الْمَعْنى يَقُول الله قَادر على إخزاء خليقته بِأَن يملك عَلَيْهِم لئيما سَاقِطا من غير أَن تصدق الملحدة فِي قَوْلهم وهم الَّذين يَقُولُونَ بقدم الدَّهْر وَمرَاده أَن تأمير كافور خزي للنَّاس وَالله تَعَالَى فعل ذَلِك عقوبه لَهُم وَمَا هُوَ كَمَا تَقول الملحدة الحديث: 254 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 - 1 الْمَعْنى يَقُول إِن الدُّنْيَا قد خلت من الْكِرَام فَمَا فِيهَا كريم يأنس بِهِ فَاضل فيزول همه بِهِ 2 - الْمَعْنى يُرِيد أَن جَمِيع الْأَمْكِنَة قد عَمها اللؤم والجور فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَكَان أَهله يحفظون الْجَار فيسر بجوارهم جارهم 3 - الْغَرِيب الْعَبْدي العبيد والصميم الصَّرِيح الْخَالِص النّسَب والموالي جمع مولى وَهُوَ يَقع على أَشْيَاء كَثِيرَة الْمَعْنى يَقُول قد عَم الْجَهْل الْعِيد والأحرار حَتَّى أشبهوا الْبَهَائِم فِي الْجَهْل وَملك المملوكون والتبس الصَّرِيح النّسَب بِالْمَوَالِي يَعْنِي الأحرارا بِالْمَوَالِي يَقُول إِنَّمَا يسْتَحق الْملك الْكِرَام فَإِذا صَار إِلَى اللئام ظنُّوا كراما الحديث: 255 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 - الْمَعْنى يَقُول مَا أدرى هَذَا الَّذِي أصَاب النَّاس من تملك العبيد واللئام عَلَيْهِم أحدث الْآن أم هُوَ قديم كَانَ فِيمَا تقدم من قبلنَا 5 - الْمَعْنى يَقُول أَقمت بِأَرْض مصر عِنْد عبيد يَعْنِي كافورا وَأَصْحَابه مهانا مجفوا كاليتيم 6 - الْغَرِيب اللابي مَنْسُوب إِلَى اللابة وَهِي أَرض ذَات حِجَارَة سود وَجمع اللابة لوب ولاب والسودان ينسوب إِلَيْهَا الْمَعْنى شبهه بالغراب وَهُوَ طير خسيس كثير الْعَيْب وَشبه أَصْحَابه بخساس الطير حول الْغُرَاب وَيُقَال أسود لوبي 7 - الْمَعْنى يَقُول أكرهت على مدحه فرأيتني لاهيا أَن أصف الأحمق بالحيم وَأَن أمدحه بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَهُوَ غَايَة اللَّهْو 8 - الْغَرِيب العي هُوَ عيب فِي النُّطْق وَهُوَ ضد الفصاحة وَابْن آوى دويبة أَصْغَر من الْكَلْب تنذر بالسبع بصياحها الْمَعْنى يَقُول هُوَ ظَاهر اللؤم فَكَأَن نسبتي إِلَيْهِ اللؤم عيا لِأَن التَّكَلُّم بِمَا لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى بَيَان عي وَمن قَالَ لِابْنِ آوى يَا لئيم وَهُوَ من أخس السبَاع كَانَ متكلفا لِأَنَّهُ خسيس لئيم 9 - الْمَعْنى يَقُول هَل من عاذر لي يقوم بعذرى فِي مدحه وهجائه فَإِنِّي كنت مُضْطَرّا لم أكن فيهمَا مُخْتَارًا كالسقم يطْرَأ على السقيم من غير اخْتِيَار ثمَّ ذكر عذره فِي الهجاء 10 - الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ اللَّئِيم يسيء إِلَى لم يتَوَجَّه اللوم على غَيره وَهَذَا من قَوْله الطَّائِي (إذَا أنَا لمْ أُلمْ عَثَرَاتِ دَهْرٍ ... أُصِبْتُ بِهِ الغَدَاةَ فَمَنْ ألُومُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 - 1 الْغَرِيب الند شَيْء من الطّيب وَالضَّمِير فِي اسْمه لفاتك الْمَعْنى يَقُول يذكرنِي فاتكا حلمه أَي مَاله عِنْدِي من النعم وَالْإِحْسَان 2 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي رِيحه لفاتك وَفِي شمه للند 3 - الْغَرِيب الْمنون هِيَ الْمنية وَسميت بذلك لِأَنَّهَا تذْهب بالمنة وَقيل لِأَنَّهَا شَدِيدَة الْمِنَّة الْمَعْنى يَقُول وَأي فَتى سلبني الْمَوْت وَلم أنس عَهده وَإِنَّمَا ريح فاتك يذكرنِي شم الند 4 - الْمَعْنى يَقُول لَو علمت أم فاتك الَّتِي كَانَت تضمه إِلَى صدرها فِي صغره أَنه شُجَاع فتاك لهالها ضمه ولفزعت عِنْد ذَلِك 5 - الْمَعْنى يَقُول فِي مصر مُلُوك يعرض بكافور لَهُم مَاله من الْأَمْوَال والبلاد وَلَكِن لَيْسَ لَهُم همته وشجاعته ورأيه وَهَذَا من قَول الآخر (فَلمْ يَكُ أكْثَر الفِتْيانِ مَالا ... وَلكِنْ كانَ أوْسَعَهُمْ ذِرَاعاً) وَمن قَول أَشْجَع (وَلَيْسَ بِأوْسَعِهِمْ فِي الغِنَى ... وَلكِنَّ مَعْرُوفَهُ أوْسَعُ) 6 - الْمَعْنى يَقُول إِذا بخل كَانَ أَجود مِنْهُم وَإِذا ذمّ كَانَ أَحْمد مِنْهُم هَذَا قَول الواحدي وَالْمعْنَى أَنه لَا يبخل بِشَيْء تمتد يَده إِلَيْهِ فَإِذا لم يجد شَيْئا يَهبهُ كَانَ يعده من نَفسه بخلا وَقَوله أَحْمد من حمدهم أَي لَا يذم إِلَّا بالإسراف فِي الْجُود والمخاطرة بِنَفسِهِ فِي الْإِقْدَام وَهَذَا أَحْمد من حمدهم الحديث: 256 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 - الْغَرِيب الوجد الْغنى وَرجل وَاجِد غنى وَمِنْه أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم والعدم الْفقر الْمَعْنى يَقُول هُوَ ميت أشرف مِنْهُم وهم أَحيَاء وَهُوَ عادم أَنْفَع مِنْهُم وهم أَغْنِيَاء لِأَنَّهُ كَانَ يجود بِمَا كَانُوا يَبْخلُونَ بِهِ من الْمَعْرُوف مَعَ غناهم 8 - الْغَرِيب الْخمر يذكر وَيُؤَنث فَمن ذكرهَا ذهب بهَا إِلَى النَّبِيذ لِأَنَّهُ مُذَكّر الْمَعْنى يَقُول إِن الْمنية كَانَت مِنْهُ تنبث فِي النَّاس وتتفرع بَينهم ثمَّ إِنَّهَا عَادَتْ عَلَيْهِ فأهلكته فجرت لذَلِك مجْرى الْخمر الَّتِي أَصْلهَا الْكَرم ثمَّ عَادَتْ فسقيها الْكَرم 9 الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمَفْعُول فِي ذاقه قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ عَائِد على فاتك وعبه كَذَلِك وَقَالَ ابْن القطاع وَابْن فورجه لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ قد قَالَ فِي الْبَيْت الَّذِي قبله إِن الْمَوْت الَّذِي أَصَابَهُ هُوَ بِمَنْزِلَة الْخمر سقيها الْكَرم يُرِيد أَن الْمنية سقت النَّاس بِسَيْفِهِ فَصَارَت شرابًا لَهُ ثمَّ قَالَ فَذَاك الَّذِي عبه يَعْنِي الْخمر هُوَ مَاء الْكَرم بِعَيْنِه وَذَاكَ الَّذِي ذاقه هُوَ طعم نَفسه الَّذِي كَانَ يَمُوت بِهِ الْخلق الْغَرِيب عبه تجرعه والعب شدَّة الجرع الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح إِن الزَّمَان أَتَى من مَوته بِمَا فِيهِ نقض الْعَادة وَذَلِكَ أَن المَاء مشروب لَا شَارِب والطعم مذوق لَا ذائق فموته مثل انقلاب الْأَمر وَهُوَ أَن يعب المَاء مَعَ كَونه مشروبا وَيَذُوق الطّعْم مَعَ كَونه مذوقا وَقَالَ الواحدي هَذَا مثل وَهُوَ أَن الْكَرم إِذا سقى الْخمر فشربه فقد شرب مَاء نَفسه وَالَّذِي ذاقه من طعم الْخمر هُوَ طعم الْكَرم كَذَلِك موت فاتك لما أهلكه فَشرب شراب الْمَوْت وذاق طعمه فَكَأَنَّهُ شرب شراب نَفسه وذاق طعم نَفسه 10 - الْغَرِيب حرى خليق وحقيق الْمَعْنى يَقُول من ضَاقَتْ الأَرْض عَن همته لخليق أَن يضيق جِسْمه عَن همته فَلَا يَسعهَا فَإِذا لم يَسعهَا لم يطق احتمالها وَإِذا لم يطق احتمالها هلك لعظم مَا يَطْلُبهُ كَقَوْل الآخر (عَلى النّفُوسِ جِناياتٌ مِنَ الهِمَمِ ... ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 - 1 الْإِعْرَاب حتام إِلَى مَتى وحذفت الْألف من مَا لاختلاطها بحتى وَكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَكَذَلِكَ فيمَ وعلام وإلام وَعم ومم وَيجوز الْإِثْبَات فِي الْجَمِيع على الأَصْل الْغَرِيب النَّجْم اسْم جنس وَلم يرد الثريا وَإِنَّمَا أَرَادَ النُّجُوم وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى {وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} الْمَعْنى يَقُول إِلَى مَتى نسري مَعَ النُّجُوم فِي ظلم اللَّيْل وَنحن نتألم بالسير والسهر وَهِي لَا تحس بألم لِأَنَّهَا تسير بِغَيْر خف وَقدم لِأَن الْخُف لِلْإِبِلِ والقدم لبني آدم فَهِيَ لَا ينالها الكلال وَلَا الضعْف وَلَا التَّعَب كَمَا يُصِيب الْإِنْسَان وَالْإِبِل 2 - الْمَعْنى أَي هَذَا الَّذِي يلقاه من السهر والتعب لَا يحس بِهِ النَّجْم وَلَا يُؤثر فِيهِ عدم النّوم كَمَا يُؤثر فِي غَرِيب بعيد عَن أَهله بَات يسرى ساهرا يُرِيد نَفسه 3 - الْغَرِيب الْعذر جمع عذار وأسكن الذَّال وَالْأَصْل عذر لِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ على كتاب وَكتب فِي لُغَة من أسكن الْعين وَرَسُول ورسل والعذار مَأْخُوذ من عذار الدَّابَّة وَهُوَ السّير الَّذِي يكون على خديها فاستعير للشعر النَّابِت فِي مَوضِع العذار واللمم جمع لمة وَهِي الشّعْر الَّذِي يلم بالمنكب الْمَعْنى يَقُول الشَّمْس تغير ألواننا الْبيض وتؤثر فِي أوجهنا بِالسَّوَادِ وَلَا تُؤثر مثل ذَلِك التَّأْثِير فِي شعورنا الْبيض وَهُوَ مَنْقُول من قَول حبيب (تَرَى قَسَماتِنا تَسْوَدُّ فِيها ... وَما أخْلاقُنا فِيها بسُودِ) 4 - الْغَرِيب الحكم بِمَعْنى الْحَاكِم الْمَعْنى يَقُول لَو احتكمنا إِلَى حَاكم من حكام الدُّنْيَا لحكم بِأَن مَا يسود الْوَجْه يسود الشّعْر وَلَكِن الله حكم بِأَن الشَّمْس تسود الْوُجُوه وَلَا تسود الشُّعُور الحديث: 257 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 - الْغَرِيب الْأدم جمع الْأَدِيم كأفيق وأفق وَيجمع على آدمه كرغيف وأرغفة الْمَعْنى يَقُول نعترف المَاء من أعقاب السَّحَاب فنوعية فِي الأداوى وَالْمَاء يُسَافر مَعنا إِمَّا فِي الْغَيْم وَإِمَّا فِي المزاود فَهُوَ مُسَافر حَيْثُمَا سافرنا 6 - الْغَرِيب العيس الْإِبِل الْبيض الْمَعْنى يَقُول العيس لَا أبغضها يُرِيد أَن إتعابها فِي السّفر لم يكن بغضا لَهَا مَتى وَلَكِن أسافر عَلَيْهَا لأقي قلبِي وأحفظه من الْحزن وجسمي من السقم إِذا غير الْهَوَاء وَالْمَاء وسافر صَحَّ جِسْمه وَكَذَلِكَ المحزون يتنسم بِروح الْهَوَاء أَو يصير إِلَى مَكَان يسر بالإكرام فِيهِ 7 - الْإِعْرَاب اسكن الْيَاء من أيديها ضَرُورَة وَمثله بَيت الْكتاب (كَأنَّ أيْديِهِنَّ بِالقاعِ الفَرِقْ ... ) الْغَرِيب جوش وَالْعلم موضعان وهما جبلان ومرقن شبهها بِالسَّهْمِ لسرعة سَيرهَا فاستعار لَهَا المروق الْمَعْنى يَقُول لما خرجت من مصر وأسرعت السّير وَكَانَت الْإِبِل تعدو فَكَأَن أرجلها تطرد أيديها وَذَلِكَ أَن الْيَد أَمَام الرجل كالمطرودة أما م الطارد وَشبه خُرُوجهَا من هذَيْن المكانين بِخُرُوج السهْم من الرَّمية لسرعة سَيرهَا وَهُوَ كَقَوْلِه الآخر (كأنَّ يَدَيها حِينَ جَدَّ نَجاؤُها ... طَرِيدَان وَالرجْلانِ طالبِتَا وِتْرِ) 8 - الْغَرِيب تبرى تعَارض الدو الفلاة المستوية وَيُقَال بَرى لَهُ وانبرى إِذا عراضه قَالَ أَبُو النَّجْم (تَبِري لَها مِنْ أيْمُنِ وَأشمُلِ ... ) يُرِيد تعارضها من جَانبهَا وَأَرَادَ بنعام الدو الْخَيل شبهها بالنعام لسرعتها والعلو أعناقها وإشرافها تعَارض أَعْنَاق الْإِبِل والجدل جمع جديل وَهِي الأزمة الْمَعْنى تعَارض نعام الدو وَهِي الْخَيل لَهُنَّ يَعْنِي الْإِبِل مسرجة أَي فِي حَال إسراجها فتعارض أزمة العيس بلجمها فَتكون اللجم فِي أعناقها كالأزمة فِي أَعْنَاق الْإِبِل لعلوها وإشرافها فأعناق الْخَيل تعَارض أَعْنَاق الْإِبِل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 - الْغَرِيب الأيسار جمع وهم الَّذين ينحرون الْجَزُور ويتقارعون عَلَيْهَا بِالْقداحِ وَهُوَ شَيْء كَانَت تَفْعَلهُ الْجَاهِلِيَّة واحدهم يسر والزلم السهْم الْمَعْنى يَقُول سرت من مصر فِي غلمة حملُوا أَرْوَاحهم على الْخطر لبعد الْمسَافَة وصعوبة الطَّرِيق وَرَضوا بِمَا يستقبلون من هَلَاك وَغَيره كَمَا يرضى المقامر بِمَا يخرج لَهُ من القداح 10 - الْمَعْنى يَقُول إِن غلمانه مرد فَإِذا ألقوا عمائمهم الَّتِي على رُءُوسهم ظَهرت من شُعُورهمْ عمائم تقوم مقَام العمائم إِلَّا أَنَّهَا مَالهَا لثم وَهُوَ جمع لثام وَهُوَ مَا يلقى على الْوَجْه من طرف الْعِمَامَة وَالْعرب من عَادَتهَا أَن تجْعَل العمائم بَعْضهَا لثما على الْوَجْه وَبَعضهَا على الرَّأْس وَقد بَين أَنهم مرد لم تتصل شُعُور الْعَوَارِض بِشعر الرَّأْس بقوله الْبَيْت بعده 11 - الْغَرِيب الْعَوَارِض جمع عَارض وَالنعَم تطلق على الْإِبِل وَغَيرهَا وَقيل على الْإِبِل وَحدهَا الْمَعْنى يُرِيد أَنهم قتالون للفوارس يغيرون على أَمْوَال النَّاس أَيْنَمَا وجودهَا وطاردون للنعم ويروى طعانين وشلالين على الْمَدْح وَيجوز على الْحَال 12 - الْمَعْنى يَقُول قد استفرغوا وسع القنا طَعنا وَلم يبلغ القنا مَعَ ذَلِك غَايَة الهمم 13 - الْغَرِيب الْأَشْهر الْحرم أَرْبَعَة ثَلَاثَة سرد وَوَاحِد فَرد السرد الْقعدَة وَالْحجّة وَالْمحرم والفرد رَجَب الْمَعْنى يَقُول هم فِي الْقِتَال والغارة كَفعل أهل الْجَاهِلِيَّة إِلَّا أَن أنفسهم طابت بِالْقَتْلِ وسكنت إِلَيْهِ فكأنهم فِي الْأَشْهر الْحرم أمنا وشكونا لِأَن الْجَاهِلِيَّة كَانَت تسكن فِي الْأَشْهر الْحرم عَن الْقِتَال وَقَالَ ابْن القطاع الْمَعْنى أَنهم لتمرنهم فِي الْحَرْب وَالْقَتْل فِي مثل أَحْوَال الْجَاهِلِيَّة إِلَّا أَن أنفسهم غير خائفة من الْحَرْب لشجاعتهم واثقة بظهورهم على أعدائهم فكأنهم فِي الْأَشْهر الْحرم وَبِه الضَّمِير للقنا 14 - الْغَرِيب ناشوا تناولوا والبهم جمع بهمة وَهُوَ الشجاع وصياح الطير يُرِيد صَوت الرماح إِذا طعنوا بهَا الْأَبْطَال كصوت الطير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 الْمَعْنى يَقُول تناولوا الرماح وَهِي جماد لَا تنطق فَاسْمَعُوا النَّاس صريرها فِي الْأَبْطَال فَصَارَت كَأَنَّهَا فرقة طير تصيح وَهُوَ من قَول الآخر (تَصيِحُ الرُّدَينْيِاتِ فِينَا وَفِيِهُمُ ... صِياحَ بَناتِ الماءِ أصْبَحْنَ جُوَّعا) ولبعض الْعَرَب (زُرْقٌ تَصايَحْنَ فِي المَنُونِ كَمَا ... هاجَ دَجاجَ المدِينَةِ السَّحَرُ) 15 - الْغَرِيب خدعت النَّاقة تخدى أَي أسرعت مثل وخذت وخودت كُله بِمَعْنى قَالَ الرَّاعِي (حَتَّى غَدَتْ فِي بَياضِ الصُّبحِ طَيِّبة ... رِيحَ المَباءَةَ تَخْدِى وَالثرَى عَمِدُ) وَإِنَّمَا نصب ريح المباءة لما نون طيبَة وَكَانَ حَقّهَا الْإِضَافَة فضارع قَوْلهم هُوَ ضَارب زيدا والفراسن جمع فرسن وَهُوَ للبعير بِمَنْزِلَة الْحَافِر للدابة والرغل والينم نبتان الْوَاحِدَة ينمة الْمَعْنى يَقُول الركاب تخدى بِنَا أَي تسرع ومشافرها بيض لِأَنَّهَا تمنع من المعرى لشدَّة السّير وفراسنها خضر لِأَنَّهَا تسير فِي هذَيْن النبتين 16 - الْإِعْرَاب معكومة حَال الْعَامِل فِيهَا نَضْرِبهَا الْغَرِيب معكومة مشدودة الأفواه الْمَعْنى يَقُول السِّيَاط تمنعها الْأكل لِأَن العكام هُوَ الَّذِي يشد بِهِ فَم الْبَعِير لِئَلَّا يعَض فَيَقُول نَحن نَضْرِبهَا عَن المرعى نبغي منبت الْكَرم لِأَنَّهُ قصدنا وَالْبَيْت من قَول الأسدى (إلَيْكَ أمِيرَ المُؤْمِنينَ رَحَلْتهَا ... مِنَ الطَّلِحْ تَبْغي مَنبِتَ الزَّرَجونِ) 17 - الْغَرِيب القريع الْفَحْل لِأَنَّهُ مقترع من الْإِبِل أَي مُخْتَار وَلِأَنَّهُ يقرع النَّاقة قَالَ ذُو الرمة (وَقدْ لاحَ للِسَّارِي سُهَيْلٌ كأنَّهُ ... قَريعُ هِجانٍ عارَضَ الشَّوْلَ جافُر) والقريع السَّيِّد وَفُلَان قريع دهره الْمَعْنى يَقُول أَيْن منبت الْكَرم بعد موت هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ منبت الْكَرم وَكَانَ سيد الْعَرَب والعجم 18 - الْإِعْرَاب لَا بِمَعْنى لَيْسَ وفاتك مَخْصُوص فَلهَذَا نونه وَلَيْسَ بنكرة مَبْنِيا مَعَ لَا فَيكون مَنْصُوبًا بِغَيْر تَنْوِين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ لنا بِمصْر رجل آخر نقصده فِي جوده مثل فاتك لِأَنَّهُ لم يخلف مثله بعده كرما وشجاعة 19 - الْغَرِيب الرمم الْعِظَام البالية والشيم الْخَلَائق الْمَعْنى يَقُول من لم يكن لَهُ شبه فِي الْأَحْيَاء فِي أخلاقه صَار تشابهه الْأَمْوَات فِي الْعِظَام البالية فَمَاتَ فَأشبه الْأَمْوَات فِي الْعِظَام البالية 20 - الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة أسفاري وترددى فِي الدُّنْيَا كَأَنِّي أطلب لَهُ نظيرا وَلَا أحصل إِلَّا على الْعَدَم لِأَنِّي لَا أجد مثله بعده 21 - الْمَعْنى يَقُول مازلت أسافر عَلَيْهَا إِلَى من لَا يسْتَحق الْقَصْد إِلَيْهِ فَلَو كَانَت الْإِبِل مِمَّا تضحك لضحكت إِذا نظرت من قصدته اسْتِخْفَافًا بِهِ وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف بِهِ يتم الْمَعْنى تَقْدِيره اختضبت أخفافها بِدَم فِي قَصده أَو الْمسير إِلَيْهِ وَفِيه تعويض بِبَعْض أهل بَغْدَاد 22 - الْغَرِيب يُقَال أساردابته بسيرها ويروى أَسِيرهَا بِمَعْنى أَسِير عَلَيْهَا والأصنام صور لَا تعقل جماد وعنى بِهَذَا هَهُنَا قوما يطاعنون ويعظمون وهم كالجماد الْمَعْنى يَقُول أَسِير دَابَّتي بَين أصنام كالجماد مطاعين لَا اهتزاز فيهم للكرم وَلَا أربحية للجود والصنم أفضل مِنْهُم لأَنهم لَيست لَهُ لَهُم من عفة الصَّنَم لِأَن الصَّنَم وَإِن لم ينفع فَهُوَ غير مَوْصُوف بالفضائح والقبائح وَهَؤُلَاء لَا يعفون عَن مُنكر وَلَا قَبِيح 23 - الْإِعْرَاب قطع ألف الْوَصْل فِي أول النّصْف الثَّانِي وَقد ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي الضرورات وَأنْشد الْأَعْشَى (إذْ سامَهُ خُطَّتيْ خَسْفٍ فَقَالَ لهُ ... إعْرِضْهُما هَكَذَا أسْمَعْهمُا حارِ) وَحسن هَذَا أَنه حِكَايَة عَن قَائِل ولقطع ألف الْوَصْل أَربع مَرَاتِب الأولى أَن تكون فِي أول الْبَيْت وَلَا ضَرُورَة فِيهِ كَقَوْل الْقطَامِي (الضَّارِبُونَ عُمَيْراً عَنْ بُيُوِتهِم ... بِالنَّبْلِ يَوْمَ عُمَيرٌ ظالِمٌ عادِي) وَالثَّانيَِة هَكَذَا لِأَنِّي الطّيب وَالثَّالِثَة أَن تكون بعد حرف سَاكن كَقَوْل جميل (أَلا لَا أرَى اثْنَينِ أحْسَنَ شِيمَةً ... عَلى حَدَثانِ الدَّهْرِ مِنَّي وَمن جمل) وكقول قيس بن الخطيم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 (إِذا جاوَزَ الإثْنَيْنِ سرٌّ فإنَّه ... بِكُثرٍ وَتكثيرُ الوُشاةٍ قَمِينُ) وَالرَّابِعَة وَهِي أقبح الضرورات أَن تكون ألف الْوَصْل بعد متحرك كَقَوْل الراجز (يَا نفسُ صَبراً كلُّ حَتى لاقِ ... وكُلُّ اثْنَينِ إِلَى افْتِراقِ) وَلَو ترك قيس الِاثْنَيْنِ وَقَالَ الخلين لتخلص من الضَّرُورَة وَكَذَلِكَ الراجز وَقد قيل إنَّهُمَا نطقا بِهِ على الصَّوَاب وَغَيره الروَاة الْمَعْنى يَقُول عدت إِلَى وطني وَأَنا أعلم أَن الْمجد يدْرك بِالسَّيْفِ لَا بالقلم لِأَن الْقَلَم غير مُعظم وَلَا مهيب هَيْبَة السَّيْف وَلَا يُدْرِكهُ من أُمُور الْمجد والشرف مَا يُدْرِكهُ وَلِهَذَا قيل لَا مجد أسْرع من مجد السَّيْف وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (السَّيْفُ أصْدَقُ أنْباءً مِنَ الكُتُبِ ... ) 24 - الْغَرِيب الْكتاب مصدر يُقَال كتبت كتابا وكتبا الْمَعْنى هَكَذَا حِكَايَة قَول الْقَلَم وَالْمعْنَى قَالَت لي الأقلام اخْرُج على النَّاس بِالسَّيْفِ واقتلهم ثمَّ اكْتُبْ بِنَا مَا تَقول من الشّعْر فيهم فَإِن الْقَلَم كالخادم للسيف وَجعل الضَّرْب بِالسَّيْفِ كالكتابة بِهِ وَهُوَ من قَول البحتري (تَعْنُو لَهُ وُزَراءُ المُلْكِ خاضعِةً ... وَعادَةُ السَّيْفِ أنْ يَسْتَخْدِم القلما) 25 - الْمَعْنى أَنه جاوب الأقلام بِهَذَا الْجَواب فَقَالَ لَهَا أسمعتني قَوْلك ودوائي هُوَ إشارتك عَليّ بِالصَّوَابِ وَإِن تركت إشارتك وَلم أفهمها صَار ذَلِك دائي ثمَّ أكده بِمَا أشارت عَلَيْهِ الأقلام بِهِ من اسْتِعْمَال السَّيْف بقوله 26 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح جعل هَل وَلم اسْمَيْنِ فجرهما وَهل حرف اسْتِفْهَام وَلم حرف نفي قَالَ وَيجوز أَن تكون الكسرة لم كسرة السَّاكِن إِذا احْتج إِلَى تحريكه للقافية كَقَوْل النَّابِغَة (00000 ... وَكأنْ قَدِ) وَحكى الْخَلِيل قَالَ قلت لأبي الدقيش هَل لَك فِي ثريدة كَأَن ودكها عُيُون الضياون فَقَالَ أَسد الْجَواب لهل أوحاه أَي أسرعه الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول من طلب حَاجته بِغَيْر السَّيْف أجَاب سائله عَن قَوْله هَل أدْركْت حَاجَتك بقوله لم أدْرك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن بن عبد الْعَزِيز كَانَ الْوَاجِب أَن يَقُول عَن هَل يَلِي لِأَن الطَّالِب بِغَيْر السَّيْف يَقُول هَل تتبرع لي بِهَذَا المَال فَيَقُول الْمَسْئُول لَا فَأَقَامَ لم مقَام لَا لِأَنَّهُمَا حرفا نفي وَهَذَا ظلم مِنْهُ للمتنبي وَقلة فهم من القَاضِي وَلَو أَرَادَ ذَلِك الَّذِي ظَنّه لقَالَ أُجِيب عَن كل سُؤال بهل بِلَا لِأَن الْمُقْتَضى مجاب لَيْسَ هُوَ الْمُجيب وَالَّذِي أَرَادَ المتنبي أَن النَّاس يسألونه هَل أدْركْت حَاجَتك هَل وصلت إِلَى بغيتك فيجيب وَيَقُول لم أدْرك لم أبلغ لم أظفر لم أصل إِلَى مَا أطلب 27 - الْمَعْنى الْقَوْم الَّذين قصدناهم بالمديح توهموا أَن الْعَجز عَن طلب الرزق قرينا ثمَّ قَالَ والتقرب قد يَدْعُو إِلَى التُّهْمَة لِأَنَّك إِذا تقربت إِلَى إِنْسَان توهمك عَاجِزا محتجا إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يَنْبَغِي أَن يتهمونا فِي قصدهم وَلَا يتهمونا فِي أَنا مستهجنون 28 - الْمَعْنى يَقُول ترك الْإِنْصَاف دَاعِيَة القطيعة بَين النَّاس وَإِن كَانُوا أقَارِب وَهُوَ من قَول الآخر (إِذا أنْتَ لمْ تُنْصِفْ أخاكَ وَجَدْتَه ... عَلى طَرَفِ الهِجْرَانِ إِن كانَ يعقلُُ) 29 - الْغَرِيب الخذم جمع خذوم وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول إِذا لم ينصفونا فَلَا نزورهم إِلَّا بِالسُّيُوفِ القواطع 30 - الْمَعْنى يَقُول من كل سيف تقضي شفرته وَهِي حَده بِالْمَوْتِ بَين الْفَرِيقَيْنِ الظَّالِم والمظلوم 31 - الْغَرِيب اللؤم خسة الأَصْل وَالْبخل والكزم قصر الْيَد وناقة كزماء إِذا قصر خطامها الْمَعْنى يَقُول صنا قَوَائِم السيوف فَمَا وَقعت إِلَّا فِي أَيْدِينَا الَّتِي لَا لؤم فِيهَا وَلَا قصر يَعْنِي أَنهم لَا يحسنون الْعَمَل بِالسُّيُوفِ وَنحن أَرْبَابهَا نشأت أَيْدِينَا مَعهَا وَالْمعْنَى أَنهم لم يسلبونا سُيُوفنَا فَتَقَع فِي أَيْديهم الَّتِي هِيَ مواقع اللؤم وَالْقصر عَن بُلُوغ الْحَاجة وَقَالَ ابْن القطاع قد صحف هَذَا الْبَيْت جمَاعَة فَرَوَوْه الْكَرم ضد الْبُخْل وَلَا معنى لَهُ هُنَا وَإِنَّمَا الصَّحِيح الكزم بالزاي وَهُوَ قصر الْيَد بالبخل وَمَا رَأَيْت أحدا روا بالراء كَمَا ذكر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 - الْغَرِيب يقظات جمع يقظة وَهِي الانتباه والحلم مَا يرى فِي النّوم الْإِعْرَاب من روى منظره بِالرَّفْع يُرِيد مَا صعبت رُؤْيَته وَمن روى بِالْفَتْح فَإِن المُرَاد شقّ الْبَصَر وفتحه باقتضائه النّظر إِلَيْهِ وَالْكِنَايَة على هَذَا لِلْبَصَرِ وَفِي الرِّوَايَة الأولى الْكِنَايَة لما وَمعنى شقّ من قَوْلهم شقّ على هَذَا الْأَمر الْمَعْنى يَقُول هون على الْعين مَا شقّ عَلَيْهَا النّظر إِلَيْهِ مِمَّا ترَاهُ من المكاره وهب أَنَّك ترَاهُ فِي الْحلم لِأَن مَا ترَاهُ فِي الْيَقَظَة يشبه مَا ترَاهُ فِي الْمَنَام لِأَنَّهُمَا يبقيان قَلِيلا تمّ يزولان أَلا ترى إِلَى قَول أبي تَمام (ثمَّ انْقَضَتْ تِلْك السِّنُونَ وَأهلُها ... فكأنَّها وَكأنَّهُمْ أحْلامُ) قَالَ الواحدي وَلم يعرف ابْن جنى شَيْئا من هَذَا وَقَالَ يُقَال شقّ بصر الْمَيِّت شقوقا الْفِعْل لِلْبَصَرِ قَالَ وَمعنى الْبَيْت هون عَليّ بَصرك شقوقه ومقاساة النزع وَهَذَا كَلَام كَمَا ترَاهُ فِي غَايَة الْفساد والبعد عَن الصَّوَاب وَقَالَ ابْن القطاع قَول ابْن جنى هون عل بَصرك شقوقه ومقاساته النزع والحشرجة صَحِيح فَإِن الْحَيَاة كَالْحلمِ وَهُوَ من قَول الْحَكِيم كرور الْأَيَّام أَحْلَام وغذاؤها أسقام والآلام 33 - الْغَرِيب الْغرْبَان جمع غراب يُقَال غربان وأغربة وغرابيب والرخم خسيس الطير الْمَعْنى يَقُول لَا تشك إِلَى أحد من النَّاس مَا تَلقاهُ لِأَنَّك لَا تأمن أَن يكون المشكو إِلَيْهِ شامتا إِذا علم بالشكية وَقَالَ الْخَطِيب النَّاس بَعضهم أَعدَاء بعض فَمن شكا حَاله إِلَيْهِم فَهُوَ كَمثل جريح اجْتمعت عَلَيْهِ الطير لتأكل لَحْمه فَهُوَ يشكو إِلَيّ من لَيْسَ عِنْده رَحْمَة لِأَن الْغرْبَان والرخم إِنَّمَا يَجْتَمِعَانِ حول الجريح ليأكلا لَحْمه 34 - الْمَعْنى يَقُول احذر النَّاس واستر حذرك مِنْهُم وَلَا تغتر بابتسامهم إِلَيْك فَإِن خدعهم فِي صُدُورهمْ فهم يضمرون فِي قُلُوبهم مَالا يبدون لَك من الْمَكْر وَهَذَا من قَول الْحَكِيم الْحَيَوَان كُله متغلب وَلَيْسَ من السياسة شكوى بعض إِلَى بعض 35 - الْإِعْرَاب غاض مُتَعَدِّيا ولازما سَوَاء بِمَعْنى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 الْمَعْنى نقص الْوَفَاء فَمَا ترَاهُ فِي عدَّة يَعْنِي إِذا وَعدك أحد بِشَيْء لم يَفِ بِهِ وَقد أوعز الصدْق أَي قل فَمَا يُوجد فِي أَخْبَار وَلَا قسم إِذا أخْبرك أحد بِشَيْء فَمَا يصدق فِيهِ وَإِذا حلف لم يصدق 36 - الْمَعْنى يتعجب من أَن الله تَعَالَى جعل لذته فِي وُرُود المهالك وَقطع المفاوز وَهُوَ غَايَة ألم النَّفس وَهُوَ من قَول الْحَكِيم النَّفس الشَّرِيفَة ترى الْمَوْت بَقَاء لدركها أَمَاكِن الْبَقَاء وَهَذِه حَالَة تعجز الْخلق عَن ركُوبهَا 37 - الْغَرِيب الحطم بِالضَّمِّ جمع حطوم وبالفتح جمع حطمة وَهِي من أَسمَاء النَّار لِأَنَّهَا تحطم مَا يلقى فِيهَا وَاصل الحطم الْكسر حطمته كَسرته وَيُقَال حوادث وأحداث فحوادث جمع حادثه وأحداث جمع حدث الْمَعْنى يَقُول من شدَّة صبري على نَوَائِب الدَّهْر فالدهر يتعجب من حملي وصبري على حوادثه لِأَنِّي لَا أَشْكُو إِلَى أحد مَا بِي 38 - الْإِعْرَاب وَقت خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ وَقت وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير لي وَقت فَيكون ابْتِدَاء الْمَعْنى يَقُول لي وَقت يضيع فِي مُخَالطَة أهل الدَّهْر ومصاحبتهم لأَنهم سفل أنذال يضيع الْوَقْت بصحبتهم وليت مُدَّة عمري كَانَت فِي أمة أُخْرَى من الْأُمَم السالفة وَهَذَا شكاية من أهل الدَّهْر الْغَرِيب الْهَرم الْكبر وَالْعجز وَالْخَوْف وَهُوَ مَا ينَال الشَّيْخ عِنْد كبره الْمَعْنى يَقُول الْأُمَم السَّابِقَة كَانُوا قبلنَا فِي حدثان الدَّهْر وجدته فسرهم وأتاهم بِمَا يفرحون وَنحن أتيناه وَقد كبر وَعجز فَلم نجد عِنْده مَا يسرنَا وَقد نظر إِلَى قَول من قَالَ (وَنْحنُ فِي عدََمٍ إذْ دَهْرُنا جَذَعٌ ... فَالْآن أمْسَى وَقدْ أوْدَى بهِ الخوَفْ) وَأخذ هَذَا الْمَعْنى أَبُو الْفَتْح البستي فِي قَوْله (لَا غَرْوَ إنْ لمْ نَجِدُ فِي الدَّهْرِ مُخْتَرَفا ... فَقَدْ أتَيْناهُ بَعدْ الشَّيْبِ وَالخرَفِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 - 1 الْغَرِيب الديم جمع دِيمَة وَهِي الْمَطَر الساكب الدَّائِم الْمَعْنى كَانَ قد نثر وردا والورد لم يزْعم شَيْئا فَقَوله زعم هُوَ على الْمجَاز أَي لَو زعم لقَالَ هَذَا أَنه يَنْثُرهُ كنثر الْمَطَر 2 - الْغَرِيب الْعلم شجر لين الأغصان يشبه بِهِ بنان الْجَوَارِي وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ أَطْرَاف الخروب الشَّامي وَأنْشد بَيت النَّابِغَة (بِمُخَضَّبٍ رَخْصِ البَنانِ كأنَّهُ ... عَمٌ عَلى أغْصانِهِ لمْ يُعْقَدِ) الْمَعْنى يَقُول كَأَن الْهَوَاء وَهُوَ مائج بِهِ عِنْد نثره وَهُوَ يفرقه بَحر من العنم يُرِيد كَثْرَة الْورْد فِي الْهَوَاء شبهه ببحر جمع من الْغم مثل مَائه فِي الْكَثْرَة 3 - الْإِعْرَاب من نصب السيوف فبأعمال اسْم الْفَاعِل وَمن خفضها كَانَ على الْإِضَافَة كالحسن الْوَجْه ودما جعله فِي مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ ناثر السيوف متلطخة بِالدَّمِ وَمن خفض كل عطفه على السيوف وَمن نَصبه قَالَ أَبُو الْفَتْح عطف على الْمَعْنى كَقَوْلِك هُوَ ضَارب زيد وعمرا وَكَقَوْلِه تَعَالَى {وجاعل اللَّيْل سكنا وَالشَّمْس وَالْقَمَر} يُرِيد فِي قِرَاءَة الحرميين وَأبي عَمْرو وَابْن عَامر وَأما أهل الْكُوفَة فقرءوا وَجعل اللَّيْل سكنا وَالشَّمْس وَالْقَمَر عطفا على اللَّيْل وَقَالَ الْخَطِيب إِنَّمَا هُوَ عطف على السيوف الْمَعْنى يَقُول الَّذِي نثر الْورْد ينثر السيوف أَي يفرقها فِي أعدائه وَهِي دم لِأَنَّهَا متلطخة بِالدَّمِ وَإِذا قَالَ قولا كَانَ حِكْمَة 4 - الْإِعْرَاب الْخَيل عطف على مَا قبله وَكَذَلِكَ النعم والنقم الْغَرِيب فصل العقد إِذا نظم فِيهِ أَنْوَاع الْحِرْز فَجعل كل نوع مَعَ نوع ثمَّ فصل بَين الْأَنْوَاع بِذَهَب أَو غَيره وَهَذَا هُوَ الأَصْل فِي تَفْصِيل الْعُقُود ثمَّ سمى نظم العقد تَفْصِيلًا يُقَال عقد مفصل إِذا كَانَ منظوما وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس الوشاح الْمفصل الْمَعْنى يَقُول جمع هَذِه الِأشياء بِالْخَيْلِ أَي تمكن من جمعهَا بِالْخَيْلِ وَجعل جمعهَا تَفْصِيلًا لِأَنَّهَا أَنْوَاع فَجعل ذَلِك كتفصيل العقد وَالْمعْنَى أَنه ينثر الْخَيل فِي الْغَارة ثمَّ ذكر أَنه جمع بهَا هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي ذكرهَا من النعم لأوليائه والنقم لأعدائه 5 - الْإِعْرَاب أحسن نصب بيرنا وَالضَّمِير فِي مِنْهُ للورد وَفِي جوده من رَوَاهُ مذكرا رَجَعَ إِلَى الممدوح وَمن رَوَاهُ جودها يعود على يَده الْمَعْنى يَقُول فليرنا الْورْد أحسن مِنْهُ سلم من جود الممدوح أَو من جود يَده يُرِيد أَنه ينثر الدَّنَانِير وَلَا تسلم من جود يَدَيْهِ وَهِي احسن من الْورْد يَعْنِي الدَّنَانِير 6 - الْغَرِيب العودة والمعاذة والتعويذ كُله بِمَعْنى وعذت إِلَى الشَّيْء إِذا لجأت إِلَيْهِ وَفُلَان عياذي أَي ملجئي الْمَعْنى يَقُول قل للورد لست خيرا مِمَّا نثرت يَدَاهُ وَإِنَّمَا جعلك لما نثرك عوذة للكرم 7 - الْغَرِيب عين الرجل إِذا أَصَابَته الْعين فَهُوَ معِين ومعيون قَالَ الشَّاعِر (قدْ كانَ قَوْمُكَ يَحْسَبُونك سيداً ... وَإخالُ أنَّكَ سَيدٌ مَعْيونٌ) الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أعمى الله عينا يعان بهَا وَهَذِه قِطْعَة فِي نثر الْورْد غير مليحة وَلَيْسَ المتنبي من أهل الْأَوْصَاف وَهِي كالقطعة الَّتِي وصف بهَا كَلَام ابْن العميد انْتهى كَلَامه قلت إِنَّمَا المتنبي مِمَّن يحسن الْأَوْصَاف فِي كل فن وَإِنَّمَا هَذَا الَّذِي يَأْتِي لَهُ فِي البديهة والارتجال أَو فِي وَقت يكون على شراب أَو غَيره فَلَا يعْتد بِهِ وَلَو كَانَ أَبُو الْفَتْح عمل لصوابا لَكَانَ أسْقطه من شعره وَلَوْلَا أَن من تقدمني شرح هَذِه المقطعات وأثبتها لما ذكرتها فِي كتابي هَذَا الحديث: 258 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 حرف النُّون 259 - 1 الْغَرِيب المغنى وَاحِد المغاني وَهِي الْمَوَاضِع الَّتِي كَانَ بهَا أهلوها الحديث: 259 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 الْمَعْنى يَقُول نَحن نزور ديار الْأَعْدَاء وَلَا نحب مغنى من مغانيها والزيارة تَقْتَضِي الْمحبَّة إِلَّا أَنا نزور هَذِه الديار غير محبين لَهَا لِأَنَّهَا ديار أَعْدَائِنَا ونسأل الْإِذْن من غير سكانها لأَنا نسْأَل سيف الدولة أَن يَأْذَن لنا لنسرع إِلَيْهَا فنقتل من بهَا ونسلبهم أَمْوَالهم 2 - الْغَرِيب المدى الْبعد وَهُوَ الْغَايَة والكماة جمع كمى وَهُوَ الْمُسْتَتر فِي السِّلَاح الْمَعْنى نقود إِلَى هَذِه الديار خيلا تَأْخُذ لنا الْغَايَة وتحوز لنا قصب السَّبق فرسانها قد جربوها وعرفوها فهم يحسنون الظَّن بهَا لِكَثْرَة مَا ظفروا عَلَيْهَا 3 - الْغَرِيب كنيت فلَانا إِذا دَعوته بكنيته تَعْظِيمًا لَهُ أَن تَدعُوهُ باسمه وَالْعرب كَانَت تكنى أَوْلَادهَا وهم صغَار تفاؤلا أَن يصيروا آبَاء وَفِي الصَّحِيح أَن رَسُول الله كَانَ يدْخل بَيت أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَكَانَ لَهُ ولد صَغِير من أم سليم وَهِي أم أنس بن مَالك فَكَانَ يَقُول لَهُ يَا أَبَا عُمَيْر مَا فعل النغير وَفِي الحَدِيث فقه كثير لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه وَأَبُو الْحسن هر على بن عبد الله سيف الدولة الممدوح وَأكْثر مَا تقع هَذِه الكنية لمن اسْمه على الْمَعْنى يَقُول نقود إِلَيْهَا الْخَيل وَنرْضى الله بفعلنا ونصفي الْمحبَّة لهَذَا الممدوح فنقاتل أعداءه ونقيه بِأَنْفُسِنَا ونعلمه أننا نختاره على أَنْفُسنَا وَقَوله يُسمى الْإِلَه وَلَا يكنى من أحسن الْكَلَام لِأَن الله سُبْحَانَهُ جلّ عَن الكنية وَتَعَالَى عَن الْوَلَد وَالْوَالِد فَهُوَ فَرد وَاحِد أزلي صَمد أحد وَقَوله يُسمى الْإِلَه حسن لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يشركهُ أحد فِي هَذَا الِاسْم أعنى الله فَإِن الْمُلُوك قد شركوه فِي غَيره من الْأَسْمَاء تكبرا وعلوا وعتواً 4 - الْغَرِيب الْغَرِيب جمع شقي شقيون وأشقياء وشقاة الْمَعْنى يَقُول لَا تغتر الرّوم بتركنا أَرضهم خلفنا عودنا إِلَيْهَا أسْرع من رجوعنا عَنْهَا الْغَرِيب صرح برز وَظهر وكشف وصرحت بِالْأَمر أظهرته والوغى الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول إِذا صَار الْمَوْت صَرِيحًا فِي الْحَرْب بارزا لَيْسَ دونه قناع توسلنا إِلَى مَا نطلب ونريد من الْحَوَائِج بالطعن بِالرِّمَاحِ وَالضَّرْب بِالسُّيُوفِ فِي لأعداء 6 - الْإِعْرَاب لقاؤه مَرْفُوع بالحبيب فَهُوَ فَاعل وَقَوله هلمنا قَالَ الواحدي قُلْنَا للسيوف هَلُمِّي إِلَيْنَا فَأدْخل عَلَيْهَا النُّون الشَّدِيدَة فَحذف الْيَاء لالتفاء الساكنين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 ثمَّ أشْبع فَتْحة النُّون فَصَارَ هلمنا وَمن ضم الْمِيم خَاطب السيوف مُخَاطبَة من يعقل كَقَوْلِه تَعَالَى {ادخُلُوا مَسَاكِنكُمْ} ثمَّ أسقط الْوَاو من هلموا لِاجْتِمَاع الساكنين ثمَّ اشبع الفتحة انْتهى كَلَامه قَالَ الْخَلِيل أَصله لم من قَوْلهم لم الله شعثه أَي جمعه كَأَنَّهُ قَالَ لم نَفسك إِلَيْنَا أَي أقرب وَهَا للتّنْبِيه وحذفت ألفها لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَجعلا اسْما وَاحِدًا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَالْجمع والتأنيث والتذكير فِي لُغَة أهل الْحجاز قَالَ الله تَعَالَى {والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا} وَأهل نجد يصرفونها يَقُولُونَ للاثنين هلما وللجمع هلموا وللمرأة هَلُمِّي وللنساء هلممن وَالْأول أفْصح وَقد توصل بِاللَّامِ فَيُقَال هَلُمَّ لَك وهلم لَكمَا كَقَوْلِهِم هيت لَك وَإِذا أدخلت عَلَيْهِ النُّون الثَّقِيلَة قلت هلمن يَا رجل وللمرأة هلمن بِكَسْر الْمِيم وَفِي التَّثْنِيَة هلمان للمذكر والمؤنث جَمِيعًا وهلمن يَا رجال وهلممنان يَا نسْوَة وَإِذا قيل لَك هَلُمَّ إِلَى كَذَا قلت إلام أهلم بِفَتْح الْألف وَالْهَاء كَأَنَّك قلت إلام ألم وَتركت الْهَاء على مَا كَانَت عَلَيْهِ وَإِذا قَالَ لَك هَلُمَّ كَذَا وَكَذَا قلت لَا أهلمه أَي لَا أعطيكه الْمَعْنى يَقُول قصدنا الْمَوْت كَمَا يقْصد من يحب لقاؤه وَقُلْنَا للسيوف هَلُمِّي إِلَيْنَا نبعثك فِي الْأَعْدَاء 7 - الْغَرِيب التكدس التجمع وتكدسن اجْتَمعْنَ وَركب بَعْضهَا بَعْضًا من كثرتها وَهنا يمعنى هَهُنَا وَهُوَ غَرِيب فِي التصريف وَلَيْسَ هُوَ من لَفظه وَمِنْه قَوْله العجاج (هُنا وَهَنَّا وَعَلى المَسْجُوحِ ... ) يصفه بالعطاء يَقُول يعْطى يَمِينا وَشمَالًا وعَلى سجيته أَي طَبِيعَته الْمَعْنى يَقُول جعلنَا الأسنة حَشْوًا لَهَا أَي طعناها وَهِي تَجْتَمِع علينا ويركب بَعْضهَا بَعْضًا من كثرتها يَمِينا وَشمَالًا وَهُوَ من قَول الْوَلِيد بن الْمُغيرَة (فَكْم مِن كريِم الجَدّ يَركبُ رَدْعَهُ ... وآخرَ يَهْوِي قَدْ حَشَوْناهُ ثَعْلَبا) 8 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بهَا يعود على السِّيَاط الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي وَغَيره كَانَت خيل الرّوم قد رَأَتْ خيلا لسيف الدولة فظنوهم روما فَأَقْبَلُوا نحوهم مسترسلين فَلَمَّا تحققوا الْأَمر ولوا هاربين فَلهَذَا قَالَ جَهَالَة وَقَالَ إِلَيْنَا وعنا 9 - الْغَرِيب تعد تجَاوز وروى أَبُو الْفَتْح وَجَمَاعَة نيارى والمباراة أَن يفعل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 الرجل كَمَا يفعل الْأُخَر وباراه إِذا جر بِهِ واختبره وَكَذَا الابتيار قَالَ الْكُمَيْت (قَبِيحٌ بِمِثْليَ نَعْتُ الفَتاةِ ... إمَّا ابْتِهاراً وَإمَّا ابْتِياراً) يُرِيد إِمَّا بهتانا وَإِمَّا اختبارا بِالصّدقِ وروى الواحدي نبادر من الْمُبَادرَة وَهِي الْإِسْرَاع الْمَعْنى يَقُول لسيف الدولة تجَاوز الْقرى إِلَى الصَّحرَاء وَحَارب بِنَا جَيش الرّوم وأدننا إِلَيْهِم دنو الملامس تظفر يدلك بِمَا تشْتَهي من ضرب وَطعن وَسبي 10 - الْغَرِيب اللقان مَوضِع والسخن ضد الْبَارِد وطابق بَينهمَا الْمَعْنى يَقُول نَحن أنَاس قد تقادم عهدنا يسفك دِمَائِهِمْ وَقد برد مَا سفكناه وعادتنا أَن نتبع الْبَارِد من دِمَاء الْأَعْدَاء السخن مِنْهَا يعْنى لاننفك من سفك دِمَائِهِمْ وَإِذا برد دمهم أتبعناه دَمًا طريا حارا 11 - الْغَرِيب العضب الْقَاطِع وعضبه قطعه وَمِنْه العضب للسيف الْقَاطِع واللدن صفة للرماح تَقول رمح لدن ورماح لدن بِفَتْح اللَّام للْوَاحِد وضمه للْجمع وَهُوَ الدَّقِيق الْمُسْتَقيم الْمَعْنى يَقُول إِن كنت السَّيْف الَّذِي يعول عَلَيْهِ فَدَعْنَا نَكُنْ قدامك كَمَا أَن الرمْح يطعن بِهِ قبل الضَّرْب بِالسَّيْفِ فاجعلنا القنا نتقدمك وَكَانَ سيف الدولة لما أحرق الْبقْعَة توجه إِلَى قلعة سمندر وبلغه أَن الْعَدو بهَا مَعَه أَرْبَعُونَ ألفا فتهيب جَيْشه المير إِلَيْهِم فَمَا أنْشدهُ أَبُو الطّيب هَذِه القصيدة وَبلغ هَذَا الْبَيْت قَالَ لَهُ سيف الدولة قل لهَؤُلَاء وَأَشَارَ إِلَى الْجَيْش لِيَقُولُوا كَمَا قلت لنسير إِلَيْهِم 12 - الْمَعْنى نَحن قوم لَا نقصر فِي نصرتك وَقد عرفت ذَلِك منا مرَارًا وَأَنت وَحدك تقوم مقامنا فَلَو اكتفيت وَحدك بقتالهم لَا ستغنيت عَنَّا 13 - الْغَرِيب الردى الْمَوْت والأدنى الدون وَهُوَ الْقَلِيل الْمَعْنى يَقُول يقيك الْمَوْت من يطْلب بخدمته لَك الْعُلُوّ والرفعة وَمن لَا يرضى من خدمته بالعيش الدنيء وَيُرِيد بِهَذَا القَوْل نَفسه فَكَأَنَّهُ يَقُول أَنا أقيك الْمَوْت بنفسي 14 - الْغَرِيب اللها جمع لهوة وَهِي الْعَطِيَّة الْمَعْنى يَقُول لولاك لم تجر دِمَاء الْأَعْدَاء وَلم يسْتَغْن الْأَوْلِيَاء وَالْمعْنَى لولاك لم تكن شجاعة وَلَا جود لِأَن الدِّمَاء لَا تجْرِي إِلَّا بشجاعتك وقتلك الْأَعْدَاء والعطايا تجْرِي من جودك ولولاك مَا كَانَ يظْهر للنَّاس وَلَا للدنيا معنى يُرِيد إِنَّمَا النَّاس وَالدُّنْيَا بك وَأَنت مَعْنَاهُمَا 15 - الْمَعْنى يَقُول الْخَوْف مَا رَآهُ الرجل خوفًا وَإِن كَانَ أمنا وَكَذَلِكَ الْأَمْن يَعْنِي أَن حَقِيقَة الْخَوْف مَا يخافه الْإِنْسَان وَإِن خَافَ شَيْئا غير مخوف فقد صَار خوفًا وَإِن أَمن غير مَأْمُون فقد تعجل الْأَمْن وَهَذَا تَعْرِيض بِجَيْش سيف الدولة وَذَلِكَ أَنه راودهم على الذّهاب نَحْو الرّوم فنكلوا خوفًا على أنفسهم وَهُوَ من قَول دعبل (هيَ النَّفْسُ مَا حَسَّنْتَهُ فَمُحَسَّنٌ ... لدَيها وَما قَبَّحْتَهُ فَمُقَبَّحُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 - 1 الْإِعْرَاب رفع ثِيَاب على تَقْدِير عِنْدِي ثِيَاب أَو أَتَتْنِي ثِيَاب الْغَرِيب الصوان التخت وَهُوَ مَا يحفظ الثِّيَاب الْمَعْنى يَقُول أَتَتْنِي ثِيَاب من كريم لَا يصون الثِّيَاب الْحَسَنَة وَلَكِن يَهَبهَا فَلَيْسَ لَهَا صوان إِلَّا الهبات فَلَا يَتْرُكهَا فِي التخت بل يَهَبهَا قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون مَا يصومها من منديل وَنَحْوه يكون هبة أَيْضا كَقَوْلِه (أوَّلُ مَحْمُولِ سَيْبِه الحَمَلهْ) 2 - الْغَرِيب الصناع الحاذقة الَّتِي قد صورت الصُّور وَهِي حاذقة بِالْعَمَلِ الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْمَرْأَة الحاذقة الَّتِي قد صورت الصُّورَة بالصنعة أرتنا من صنعتها فِي هَذِه الثِّيَاب مُلُوك الرّوم وقيانها وَجَمِيع مَا قد صورت فِيهَا من الْمُلُوك وَغَيرهَا فَهِيَ مرقومة فِيهَا 3 - الْمَعْنى يَقُول لم يكفها تَصْوِير الْخَيل وَحدهَا بل صورت الْأَجْسَام وَمَا أمكنها تَصْوِيره وَلم تقدر على تَصْوِير الزَّمَان لِأَنَّهُ لَا جثة لَهُ فيحكي فَلم تتْرك شَيْئا لم تصَوره إِلَّا الزَّمَان الحديث: 260 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي ادخرتها يعود على الصناع وَالْمَفْعُول يعود على الصُّورَة وَقَوله ادخرتها لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين لكنه أضمر فعلا فِي مَعْنَاهُ فعداه عَال مفعولين كَأَنَّهُ قَالَ حرمتهَا قدرَة الْمَعْنى يَقُول لم تقدر هَذِه الصناع على شَيْء إِلَّا فعلته فِي هَذِه الصُّورَة إِلَّا أَنَّهَا لم تقدر على إنطاق مَا صورت من الْحَيَوَان 5 - الْإِعْرَاب عطف سمراء على قَوْله ثِيَاب كريم لِأَنَّهَا كَانَت فِي جملَة الهبات الْغَرِيب الاستغواء الإمالة والإطماع الْمَعْنى يَقُول قناة سمراء يطْمع قدها الفوارس وَيذكر الفوارس كراتها وطعانها 6 - الْغَرِيب ردينية منسوبة إِلَى ردينة امْرَأَة كَانَت تعْمل الرماح والزج الَّذِي يكون فِي أَسْفَل الرمْح والسنان الَّذِي فِي أَعْلَاهُ الْمَعْنى يَقُول لحسن نباتها الَّذِي، أبنة الله كَاد نباتها يَجْعَلهَا ذَات زج وَسنَان 7 - الْغَرِيب أم عَتيق فرس أُنْثَى لَهَا مهر كريم أَبوهُ أكْرم من أمه عانها أَصَابَهَا بِالْعينِ الْمَعْنى يَقُول هَذِه فرس لَهَا مهر كريم خَال ذَلِك الْمهْر فِي الشف دون عَمه وَإِذا كَانَ الْعم أكْرم من الْخَال كَانَ الْأَب أكْرم وَقَالَ الواحدي كَأَنَّهَا مصابه بِالْعينِ لقبح خلقهَا لِأَن الْمهْر كَانَ حسن الْخلقَة وَأمه قبيحة المنظر 8 - الْمَعْنى يَقُول إِذا سايرت الْمهْر لم يلتبس خلقه بخلقه لِأَنَّهَا قد بابنته وبابنها وَهُوَ بعيد مِنْهَا فِي الشّبَه وشانته عابته وزانها حسنها فَهِيَ تشينه بقبح خلقهَا وَهُوَ يزينها بحسنه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فِي عين الْبَصِير يُرِيد الْبَصِير بِأَمْر الْخَيل دون غَيره وَيحْتَمل أَن يكون الْبَصِير من أبصرهَا وَلم يكن لَهُ علم لِأَن بَصَره قد كَفاهُ وَالْمعْنَى أَن الْمهْر خير من أمه 9 - الْمَعْنى يَقُول هلا قدب إِلَى فرسا هَذِه صفتهَا إِذا ركبتها لَا يُؤمن شَرها وَلَا شري وَلَا يحسن ركُوبهَا غَيْرِي أَي لَا تنقاد لغيري يُرِيد أَيْن الَّتِي تصلح للحروب 10 - الْمَعْنى يَقُول أَيْن الْفرس الَّتِي تصلح للحرب والطعان فَلَا ترد المرح خائبا فِي الْحَرْب إِذا طاعنت عَلَيْهَا وأرخيت عنانها بيَدي الْيُسْرَى 11 - الْمَعْنى يَقُول قد أَعطيتك أفضل ثنائي ورأيتك أَهلا لَهُ فَمَا يَنْبَغِي أَن يكون لَك إنعام لَا تراني مُسْتَحقّا لَهُ فتدخره عني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 - 1 هَذَا من مشطور الرجز وَيُسمى ذَا الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّك إِذا شِئْت أطلقت هاءه وَإِن شِئْت وقفتها الْمَعْنى يُرِيد بالبحر سيف الدولة وبالبحار أمواه النَّهر نهر قويق الَّذِي بحلب يُرِيد أَن الأمواه قد حَجَبته ونعت الزِّيَارَة مِنْهُ وَالدُّخُول عَلَيْهِ وَيُقَال إِن سيف الدولة رأى فِي الْمَنَام أَن حَيَّة تطوقت على دَاره فَعظم ذَلِك عَلَيْهِ ففسر ذَلِك أَنه مَاء فأر أَن يحْفر بَين دَاره وَبَين قويق وَهُوَ نهر بحلب حَتَّى أدَار المَاء حول الدَّار وَكَانَ يحمص رجل ضَرِير من أهل الْعلم يُفَسر المنامات فَدخل على سيف الدولة فَقَالَ لَهُ كلَاما مَعْنَاهُ إِن الرّوم تحتوي على دَارك فَأمر بِهِ فَأخْرج بعنف وَقدر الله تَعَالَى أَن الرّوم فتحُوا حلب واحتووا على دَار سيف الدولة فَدخل عَلَيْهِ الضَّرِير بعد ذَلِك فَقَالَ هَذَا مَا كَانَ من الْمَنَام فَأعْطَاهُ شَيْئا 2 - الْغَرِيب الْمعِين اسْتِعَارَة وَهُوَ المَاء الَّذِي يخرج من الأَرْض من عين أَو نَحْوهَا والقرين المماثل الْمَعْنى يَقُول حسدتنا عَلَيْهِ فحجبت بَيْننَا وَبَينه أم أردْت أَن تكون مثله فزخزت وزدت 3 - الْغَرِيب الانتجاع طلب المرعى والقطين الحشم وَالْجَمَاعَة قَالَ الشَّاعِر (نَهَتْهُ فَلَمَّا لمْ تَرَ النَّهْيَ عاقَهُ ... بَكَتْ فَبكَى مِمَّا شَجَّاهَا قَطِينُها) الْمَعْنى يَقُول أم جِئْته تطلب معروفه لتصير غَنِيا أم أَتَيْته زَائِرًا لتكثير من عِنْده فِي مَجْلِسه الحديث: 261 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 - الْغَرِيب الخَنْدَق مَعْرُوف وَهُوَ مَا يكون حول الْمَدِينَة وَلم تكن الْعَرَب تعرفه وَأول من عمله من الْعَرَب رَسُول الله لما جَاءَت الْأَحْزَاب مَعَ صَخْر بن حَرْب إِلَى الْمَدِينَة وَقيل إِنَّمَا أَشَارَ بِعَمَلِهِ سلمَان الْفَارِسِي لِأَنَّهُ كَانَ من فَارس والخنادق حول بلادها والحصون جمع حصن وَهُوَ مَا يتحصن بِهِ الْإِنْسَان من الْعَدو الْمَعْنى يَقُول أم جِئْته لتحفر خَنْدَقًا لحصونه وَلَا حَاجَة إِلَى الخَنْدَق فَإِن جياده وَهِي جمع جواد على غير قِيَاس ورماحه تغنيه عَن اتِّخَاذ الخَنْدَق 5 - الْغَرِيب اللج جمع لجة الْبَحْر وَهِي معظمه والعازب الْبعيد وتوفت أهلكت وَعون جمع عانة وَهِي الْقطعَة من الْوَحْش وتوفته قيل أَخَذته وافيا لما اصطادت وحشه الْمَعْنى يَقُول لما عبر عَليّ خيله الْأَنْهَار جعلن كالسفينة وَقَوله سَفِينِهِ السفين جَمِيع سفينة فَالْمَعْنى رب مَاء عَظِيم عبرته خيله فَكُن لَهُ كالسفين وَرب روض بعيد الْمَكَان أهلكت حمره وغزلانه وَجَمِيع مَا فِيهِ من أَنْوَاع الْوَحْش فَأَخَذته وافيا 6 - الْغَرِيب الشّرْب جمع شَارِب يَقُول قوم شرب مثل صَاحب وَصَحب وَيجمع الشّرْب على شروب قَالَ الْأَعْشَى (هُوَ الوَاهِبُ المُسْمِعاتِ الشَّرُوبَ ... بَينَ الحَرِيرِ وَبَينَ الكَتَنْ) وَالشرب مصدر وبالضم الِاسْم وبالضم قَرَأَ عَاصِم وَنَافِع وَحَمْزَة والرنين شدَّة الصَّوْت الْمَعْنى يَقُول رب ذِي جُنُون يَعْنِي عَاصِيا مُخَالفا لِأَنَّهُ لَا بعصيه عَاقل لعلمه أَنه لَا ينجو مِنْهُ إِذا طلبه أذلته خيله حَتَّى انْقَادَ وأطاع وَرب قوم يشربون الْخمر هجمت عَلَيْهِم خيله فَقتل مِنْهُم حَتَّى كثر رنين أهلهم بالبكاء على قتلاهم 7 - الْغَرِيب الأنين صَوت ضَعِيف يكون من وجع والضيغم الْأسد والعرين بَيت الْأسد الْمَعْنى يَقُول بدلت عناء الشّرْب وطربه بالأنين لما ناله من الْجراح وَقتل أَهله وَرب رجل مثل الْأسد عزة وَقُوَّة أَدخل عَلَيْهِ خيله عرينه فوطئت أرضه وَأخذت بَلَده 8 - الْإِعْرَاب مسهدا حَال وعداه إِلَى الجفون فنصها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 الْمَعْنى يَقُول وَرب ملك عَظِيم من الْمُلُوك قَتله فوطئت خيله جَبينه وَهُوَ يَقُود إِلَيْهِ مسهدا جفونه لشدَّة السّير إِلَيْهِ 9 - الْمَعْنى يَقُول إِذا طعن إنْسَانا شرفه بطعنه إِيَّاه لِأَنَّهُ رَآهُ أَهلا للمبارزة والمحاربة وَهُوَ عفيف الْفرج أَي مَأْمُون الْفرج بعيد عَن الزِّنَا 10 - الْغَرِيب النُّون الْحُوت وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَذَا النُّون} لِأَنَّهُ ابتلعه الْحُوت الْمَعْنى يَقُول هُوَ أَبيض الْوَجْه مباركه وَهُوَ بَحر أَي كثير الْعَطاء يصغر كل ملك بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ 11 - الْإِعْرَاب ذكر الضَّمِير وَالشَّمْس مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ ذهب بالتذكير إِلَى الممدوح وَهُوَ مُذَكّر وَكَانَ الأولى أَن تكون إِيَّاه مَوضِع تكونه الْمَعْنى يُرِيد أَن الشَّمْس تمنى أَن تكون مثل هَذَا الممدوح لِأَنَّهُ أشرف من الشَّمْس وَأكْثر مناقبا 12 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي سينه للسيف وَفِي تستعينه للمدوح الْمَعْنى يُرِيد سرعَة الْإِجَابَة لِأَنَّك إِذا دَعوته يَا سيف أجابك قبل تَمام السِّين فَأَنت إِن تنطق بِحرف النداء يجبك إِلَى مَا تُرِيدُ 13 - الْإِعْرَاب من فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ فَاعل أدام أَي أدام الله الَّذِي صان هَذَا الممدوح من أعدائه وصان نفس سيف الدولة وَدين الله فَالضَّمِير فِي نَفسه للمدوح وَفِي دينه لله تَعَالَى الْمَعْنى يَقُول أدام الله تَمْكِينه من أعدائه كَمَا أَنه تَعَالَى قد صان دينه وصان نفس الممدوح مِنْهُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 - 1 الْغَرِيب الشجعان جمع شُجَاع وَهُوَ الشَّديد الْقلب عِنْد الْبَأْس وشجع بِالضَّمِّ فَهُوَ شُجَاع وشجيع وَيجمع على شجعة كغلام وغلمة وشجعان كغلام وغلمان وشجعاء كفقيه وفقهاء وَحكى فِيهِ شُجَاع وشجاع بِضَم الشين وَكسرهَا وَكَذَا فِي شجعان وَحكى أَبُو عُبَيْدَة قوم شجعة وشجعة بِضَم الشين وَفتحهَا وَحكى غَيره شجعة بِالتَّحْرِيكِ الْمَعْنى يَقُول الْعقل مقدم على الشجَاعَة فَإِنَّهَا إِذا تصدر عَن عقل أَنْت على صَاحبهَا فأهلكته وَتسَمى خرقا وَالْمعْنَى أَن الْعقل فِي تَرْتِيب المناقب هُوَ الأول ثمَّ الشجَاعَة ثَانِيَة لَهُ 2 - الْغَرِيب النَّفس الْمرة هِيَ القوية الشَّدِيدَة من مر الْحَبل والمرة الشذة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ذُو مرّة فَاسْتَوَى} وَالنَّفس الْمرة هِيَ الَّتِي لَا تقبل الضيم الْمَعْنى يَقُول إِذا مَا اجْتمع الْعقل والشجاعة لرجل يَأْبَى الضيم لَا يذل للأعداء بلغت نَفسه من الْعلَا والشرف أَعلَى الْمَرَاتِب 3 - الْمَعْنى يَقُول الْعقل أفضل من الشجَاعَة وَذَلِكَ أَنه رُبمَا طعن الْفَتى أقرانه بالمكيدة ولطف التَّدْبِير ودقة الرَّأْي قبلا لطعن بالأرماح وَيجوز أَن يرد على الْقِتَال بِالرَّأْيِ لَا بِالرِّمَاحِ 4 - الْغَرِيب أدنى ضغيم يُرِيد الدون من السبَاع والضيغم الْأسد وَأدنى إِلَى شرف أَي أقرب الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا الْعقل لَكَانَ أقل سبع كَالْكَلْبِ وَنَحْوه أقرب إِلَى أَعلَى مَا فِي الْإِنْسَان من الشّرف وَلَكِن الْعقل يمْنَع عَنهُ كل منع لَهُ وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم الْإِنْسَان شبح نور روحاني ذُو عقل غريزي لَا مَا ترَاهُ الْعُيُون من ظَاهر الصُّورَة الحديث: 262 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 - الْغَرِيب المران القنا وَهُوَ فعال الْوَاحِدَة مرانة وَأَصله من مرن مرونا إِذا لَان والعوالي جمع عالية وَهِي على قدر ذراعين من أَعلَى الرمْح والكماة جمع كمي وَهُوَ الْمُسْتَتر فِي السِّلَاح الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا الْعقل لما تفاضلت النُّفُوس بَعْضهَا على بعض لِأَن الْآدَمِيّ أفضل من الْبَهِيمَة لعقله وَقد قَالَ الْمَأْمُون الأجساد أبضاع وَلُحُوم وَإِنَّمَا تتفاضل بالعقول فَإِنَّهُ لَا لحم أطيب من لحم وَقَوله ودبرت يُرِيد وَلما دبرت يُرِيد أَنهم لم يتصلوا إِلَى اسْتِعْمَال الرماح فِي الْحَرْب إِلَّا بِالْعقلِ وَحكى الْخَطِيب قَالَ غزت تَمِيم حنيفَة فاستاقت أَمْوَالًا ورجالا فباتت حنيفَة ثَلَاثًا ثمَّ تبعوهم فَقيل لغلام مِنْهُم كَيفَ صنع قَوْمك بحوافر الْخَيل حَتَّى لحقوهم بعد ثَلَاث ثمَّ تبعوهم فَقيل لغلام مِنْهُم كَيفَ صنع قَوْمك بحوافر الْخَيل حَتَّى لحقوهم بعد ثَلَاث قَالَ جهلوا المران أرشية الْمَوْت فاستسقوا بهَا أَرْوَاحهم 6 - الْغَرِيب الجفان جمع جفن وَهُوَ غمد السَّيْف وَهُوَ اسْم مُشْتَرك فَهُوَ لغمد السَّيْف وللعين وَهُوَ اسْم مَوضِع والأجفان أَيْضا قضبان الْكَرم الْوَاحِدَة جَفْنَة الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا سيف الدولة مَا كَانَت تغني السيوف شَيْئا ولكانت فِي قلَّة الْغناء كأجفانها وَالسيف لَا يفعل بِنَفسِهِ شَيْئا إِنَّمَا يفعل الضَّارِب بِهِ وَهَذَا مثل فول عَمْرو ابْن معد يكرب الزبيدِيّ أحد فرسَان الْعَرَب وَقد أعْطى سَيْفه الصمصامة لرجل فَلم يعْمل بِهِ شَيْئا فَقَالَ إِنَّمَا يفعل الساعد لَا السَّيْف 7 - الْغَرِيب الْحمام الْمَوْت والخوض الاقتحام فِي الشَّيْء والاحتقار الامتهان الْمَعْنى يَقُول خَاضَ الْمَوْت بسيوفه حَتَّى مَا علم أذلك الْخَوْض من احتقار للْمَوْت أم نِسْيَان لَهُ وغفلة عَنهُ الْغَرِيب المدى الْبعد الْمَعْنى يَقُول لما سعى فِي طلب العلياء وَهُوَ مَا يكسبه من الْمَعَالِي قصر عَن بُلُوغه فِي بعد مَا طلب أهل زَمَانه وَأهل كل زمَان 9 - الْغَرِيب تخذوا بِمَعْنى اتَّخذُوا وَتقول تخذت الشَّيْء واتخذته وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 وَابْن كثير لتخذت عَلَيْهِ أجرا بِكَسْر الْخَاء على هَذِه اللُّغَة الْمَعْنى يَقُول أهل الزَّمَان تخذوا الْبيُوت مجَالِس ومجالسة السُّرُوج فَلهَذَا قصروا عَن اللحاق بِهِ 10 - الْغَرِيب الوعى والهيجاء من أَسمَاء الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول ظنُّوا أَن الْحَرْب لعب والطعن فِي اللّعب غير الطعْن فِي الْحَرْب لِأَن طعن اللّعب طعن فِي إبْقَاء وَلَا إبْقَاء فِي الْحَرْب 11 - الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد على غير قِيَاس والأوطان جمع وَطن وَهُوَ مَا مَا يستوطنه الْإِنْسَان الْمَعْنى يَقُول قاد خيله إِلَى الطعان يُرِيد طعان الْأَبْطَال وَإِنَّمَا قادها إِلَى مَا تعودت فَكَأَنَّهُ قادها إِلَى عَادَتهَا ووطنها 12 - الْغَرِيب يُرِيد بِابْن سَابِقَة فرسا وَلدته سَابِقَة من كرام الْخَيل الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْفرس الَّذِي هُوَ من نجل السابقات إِذا رَآهُ صَاحبه فَرح بِهِ وَذهب الْحزن من قلبه 13 - الْغَرِيب الوغى الْحَرْب وَأَصله شدَّة اصوات أهل الْحَرْب والأرسان جمع رسن وَهُوَ مايكون فِي رَأس الدَّابَّة تمنع بِهِ من التَّصَرُّف الْمَعْنى يُرِيد أَن خيله قد تعودت الحروب فَهِيَ وَإِن كَانَ مخلاة مربوطة بِمَا فِيهَا من الْأَدَب إِذا دعوتها فَلَا تحاج إِلَى جذبها بالأرسان بل تنقاد لَك بِالدُّعَاءِ قَالَ أَبُو الْفَتْح وَهَذَا كَقَوْلِه (وَأدَّ بهَا طُولُ القِيادِ 0000 ... ) الْبَيْت وَكَقَوْلِه (تُعَطَّفُ فِيهِ وَالأعِنَّةُ شَعْرُها ... وتُضْرِبُ فِيهِ وَالسَّياطُ كُلامُ) 14 - الْغَرِيب الجحفل الْجَيْش الْعَظِيم مَأْخُوذ من تجحفل الْقَوْم أَي اجْتَمعُوا وَرجل جحفل أَي عَظِيم الْقدر الْمَعْنى يُرِيد أَن الْغُبَار الَّذِي أثارته حوافرها قد منع أبصارها أَن تبصر فَهِيَ تسمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 تسمع الْأَصْوَات بآذانها وَتفعل مَا يَقْتَضِيهِ الصَّوْت فَكَأَنَّمَا تبصر بِهن وَالْمعْنَى أَنَّهَا إِذا أَحْسَنت بِشَيْء نصبت آذانها فَكَأَنَّهَا تبصر بهَا وَفِيه نظر إِلَى قَول البحتري (وَمُقَدِّمِ الأُذنينِ تَحْسِبُ أنَّهُ ... بِهما رَأى الشَّخْصَ الذِي لأَمامه) 15 - الْمَعْنى طابق بَين الْبعد والقرب وَيُرِيد أَنه رجل مَنْصُور قد عوده الله لظفر والنصر فَلَا يبعد عَلَيْهِ شَيْء فالبعد عِنْده كالقريب عِنْد غَيره لعزمه على الْأُمُور 16 - الْغَرِيب منبج بَلْدَة بِالشَّام من أَعمال حلب على مرحلَتَيْنِ مِنْهَا وحصن الران من بِلَاد الرّوم الْمَعْنى يُرِيد سرعَة خطوها وَبعد مَا بَين أيديها وأرجلها فِي الخطو فَكَأَنَّهَا تُرِيدُ أَن تبلغ الرّوم بخطوة وَاحِدَة قَالَ أَبُو الْفَتْح وَبَينهمَا مسيرَة خمس لَيَال 17 - الْغَرِيب إرسناس نهر بِالشَّام بَارِد المَاء جدا يسيل من ذوب الثَّلج الْمَعْنى يَقُول مازالت تسرع حَتَّى عبرت هَذَا النَّهر قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي وَإِنَّمَا ينشرن عمائم الفرسان فِيهِ لسرعتهن فِي السباحة لاعتيادها ذَلِك 18 - الْغَرِيب يقمصن يثبن لشدَّة برده والمدى جمع مدية وَهِي السكين والخصيان جمع خصى من الْخَيل الْمَعْنى يَقُول هَذَا النَّهر لبرودة مَائه وَقد ضربه الرّيح حَتَّى صَار طرائق يذر الذكران كالخصيان فَشبه الطرائق بالمدى وَجعل تقليص خصى الفحول من شدَّة الْبرد كَأَنَّهَا خصيان لِأَنَّهَا قد تَسَاوَت هِيَ والخصيتان بذهاب الخصى فَهَذِهِ الطرائق جعلت الفحول بِلَا خصى كالخصيان 19 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أَن الْجَيْش صَار فريقين فِي عبور النَّهر فريق عبروا وفريق لم يعبروا وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا عجاج وَالْمَاء بَينهمَا فالعجاجتان تفترقان وتلتقيان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 قَالَ وَقَالَ ابْن جنى يَعْنِي عجاجة الْمُسلمين وعجاجة الرّوم وَلَيْسَ كَمَا ذكر لأَنهم عِنْد عبور النَّهر مَا كَانُوا فَاقْتُلُوا الرّوم بعد وَقَالَ أَبُو الْفَتْح رُبمَا حجز المَاء بَين عجاجتين وَرُبمَا جازتاه فالتقيتا وقلما تثور الْعَجَاجَة فِي الشتَاء قَالَ وَسَأَلته عِنْد الْقِرَاءَة عَن هَذَا فَذكر أَنه شَاهده قَالَ وَكَانَ فِي حزيران وَقَالَ هُوَ من أبرد الْمِيَاه فِي كل وَقت لِأَنَّهُ يذوب من الثَّلج وَقَالَ شَيخنَا لَا وَجه لرد الواحدي على أبي الْفَتْح بِدَلِيل الْبَيْت الثَّانِي وَإِذا قَاتلُوا عِنْد النَّهر كَانَ لما قَالَ أَبُو الْفَتْح ألف وَجه لَا وَجه 20 - الْغَرِيب اللجين الْفضة والعفيان الذَّهَب والأعنة جمع عنان وَهُوَ مَا يكون فِي رَأس الْفرس والأعنة للخيل كالأرسان لغَيْرهَا الْمَعْنى يَقُول عبر هَذَا النَّهر الْأَمِير سيف الدولة وحباب هَذَا النَّهر وَهُوَ مَا يعلوه من الْهَوَاء وَمن الْخَوْض وَهُوَ شَيْء يَعْلُو عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنه عبره وماؤه أَبيض كالفضة فَلَمَّا قَتلهمْ جرت إِلَيْهِ الدِّمَاء فَعَاد أَحْمَر كالذهب 21 - الْغَرِيب الغدائر جمع غديرة وَهِي الذؤابة من الشّعْر والسفين جمع سفينة والصلبان جمع صَلِيب وَهُوَ الَّذِي تعظمه النَّصَارَى وَيكون فِي كنائسهم وبيعهم الْمَعْنى يَقُول إِنَّه اتخذ حبال سفينة من شعر الْقَتْلَى وَبنى السفن من صلبانهم لِكَثْرَة مَا غنهم مِنْهُم 22 - الْغَرِيب الْعَقِيم الَّذِي لَا يلد والحوالك جمع حالكة وَهِي السَّوْدَاء والحالك الْأسود من كل شَيْء الْمَعْنى يُرِيد أَنه حَشا المَاء فِيهِ سفنا عَادِية بِغَيْر قَوَائِم وبطونها عقم لِأَنَّهُ لَا تَلد وَهِي سود الألوان لِأَنَّهَا مقيرة فَشبه السفن بِالْخَيْلِ العادية وَكَانَ لَهَا قَوَائِم وَمن عَادَتهَا أَن تنْتج فَبين أَنه أَرَادَ السفائن وَلَقَد أحسن فِي هَذَا 23 - الْغَرِيب الحسان جمع حسناء والمرابض جمع مربض وَهُوَ مأوى الْغنم والوحش فَكل مَا تأوى إِلَيْهِ من بَيت أَو غَيره فَهُوَ مربض وَجمع على مرابض وأرباض قَالَ العجاج (واعتْادَ أرْباضاً لَها آرِىُّ ... ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 الْمَعْنى يُرِيد أَن السفن تحمل الْجَوَارِي الَّتِي سبتها الفوارس فشبههن بالغزلان والسفن لَهَا مرابض 24 - الْإِعْرَاب رفع بَحر على حذف الِابْتِدَاء أَي هُوَ بَحر وَيجوز أَن يكون فَاعِلا وَالْفِعْل الَّذِي بعده مُفَسّر وَالضَّمِير فِي دهره للبحر وَهُوَ النَّهر وَأَن يذم فِي مَوضِع الْمَفْعُول الْغَرِيب الذمام الْعَهْد وَالْحِفْظ وَفُلَان فِي ذمَّة الله أَي فِي حفظه والحدثان والحادثة وَالْحَدَث والحدثي كُله بِمَعْنى وَهُوَ حوادث الدَّهْر الْمَعْنى يَقُول هَذَا المَاء الَّذِي عبره سيف الدولة بَحر تعود أَن يَجْعَل من وَرَاءه فِي ذمَّته فَلَا يصل إِلَيْهِم أحد وهم فِي جواره من الدَّهْر وحوادثه إِلَّا إِنَّه لم يقدر أَن يذم لَهُم مِنْك 25 - الْغَرِيب أَذمّ أَجَارَ وَبَنُو حمدَان هم قبائل سيف الدولة الْمَعْنى يَقُول تركت هَذَا النَّهر وَقد عبرت إِلَيْهِم وسبيتهم يجير أَله مِمَّن يقصدهم بِسوء إِلَّا من قَوْمك فَإِنَّهُ لَا يقدر على إجارتهم مِنْك وَالْمعْنَى أَن غَيْرك لَا يقدر على عبوره إِلَيْهِم 26 - الْغَرِيب خفرت الرجل إِذا أجرته وأخفرته إِذا نقضت عَهده والأبيض السَّيْف والصارم الْقَاطِع والذمم جمع ذمَّة والتيجان جمع تَاج وَهُوَ مَا يلْبسهُ الْمُلُوك الْمَعْنى يَقُول بَنو حمدَان هم الَّذين ينقضون عهود الدروع الَّتِي أجارت الْمُلُوك بسيوفهم وَلما جعل الْمُلُوك قد تحَصَّنُوا بدروعهم وَكَانُوا فِي إِجَارَتهَا وذمتها جعل سيوف هَؤُلَاءِ تنقض عهودها وَتصل إِلَى أرواحها 27 - الْغَرِيب الصعلوك الْفَقِير الَّذِي لَا مَال لَهُ والكثافة الْكَثْرَة والشان الْقدر والعو الْمَعْنى يُرِيد أَنهم على كَثْرَة ملكهم وَعظم قدرهم كالصعاليك لِكَثْرَة غزواتهم لَا يبْقى مَعَهم مَال بل كل مَا يغنمونه يخرجونه وهم على عظم قدرهم يتواضعون تقربا إِلَى النَّاس وهم أعظم النَّاس قدرا 28 - الْغَرِيب روى أَبُو الْفَتْح يتقيلون بِالْقَافِ وَمَعْنَاهُ يتبعُون من قَوْلهم فلَان يتَقَبَّل أَبَاهُ إِذا تبعه يُرِيد أَنهم يتبعُون آبَاءَهُم فِي الشّرف والسبق إِلَيْهِ كالفرس المطهم وتقيل إباه أَي أشبهه والمطهم الْفرس التَّام كل شَيْء مِنْهُ على حِدته فَهُوَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 بارع الْجمال وَوجه مطهم أَي مُجْتَمع مدور وَمِنْه الحَدِيث فِي وصف النَّبِي لم يكن بالمطهم وَلَا بالمكلثم يُرِيد لم يكن بالمدور الْوَجْه وَلَا بالموجن والظليم ذكر النعام والسرحان الذِّئْب والربقة مَا يكون فِي رَقَبَة الشَّاة تحبسها من التَّصَرُّف قَالَ ابْن القطاع صحف كل الروَاة هَذَا الْبَيْت فَرَوَوْه بِالْقَافِ من القيلولة وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة يتفيئون من قَوْله تَعَالَى يتفيؤ ظلاله قَالَ ابْن فورجة يتقيلون أَي أَنهم كثيرو الْغَزْو فَلَا يتقيلون إِلَّا على سروج خيلهم وَقت القائلة فهم يَسْتَظِلُّونَ بأفياء خيلهم فِي شدَّة الْحر الْمَعْنى أَنَّهَا إِذا طردت النعام والذئاب أدركتها فقتلتها ومنعتها من الْعَدو وَهُوَ من قَول امْرِئ الْقَيْس (0000 قَيْدِ الأوَابِدِ هَيْكَلِ ... ) إِلَى أَن المتنبي زَاد عَلَيْهِ بقوله أجل الظليم فَاسْتحقَّ الْمَعْنى بِالزِّيَادَةِ وَقد قَالَت الْعلمَاء بِهَذَا الشَّأْن إِن أَخذ الْأَلْفَاظ لَيْسَ بِسَرِقَة وَإِنَّمَا السّرقَة أَخذ الْمعَانِي فَإِذا أَخذ الشَّاعِر معنى من غَيره فَزَاد فِيهِ اسْتحق الْمَعْنى بِالزِّيَادَةِ وَإِذا أَتَى بِالْمَعْنَى وَأَلْفَاظه أحسن من الْأَلْفَاظ الأول فَهِيَ سَرقَة وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا فضل جودة اللَّفْظ وَإِذا أَخذ الْمَعْنى وأتى بالألفاظ مثل الْأَلْفَاظ الأول أَو دونهَا فَهِيَ السّرقَة الْمَكْرُوهَة الْمَحْضَة وَقَول المتنبي ربقة السرحان هِيَ قيد الأوابد وأجمعت الروَاة على أَن امْرأ الْقَيْس أول من قَالَ قيد الأوابد ثمَّ اقتدت بِهِ الشُّعَرَاء وَقَالَ ابْن الرُّومِي فِي الْغَزل (وَحَديِثها السَّحْرُ الحَلالُ لَو انَّهُ ... لمْ يَجْنِ قَتْلَ المُسْلِمِ المتَحَرِزِ) (إنْ طالَ لِم يُملَلْ وَإن هيَ أوْجَزَتْ ... وَدَّ المُحَدَّثُ أنَّها لمْ تُوجِزِ) شَرَكُ العَقولِ وَنُزْهَةٌ مَا مِثلها ... لِلمُطْمَئِنّ وَعُقْلَةُ المُسْتَوْفِزِ) 29 - الْغَرِيب الخضوع التذلل والمنصل السَّيْف والعنوة الْقَهْر الْمَعْنى يَقُول ذلت لسيفك السيوف وأذل دينك كل دين لِأَنَّهُ علا فذلت لَهُ الْأَدْيَان وَالروم وَغَيرهَا ذليلة بِهِ 30 - الْغَرِيب الغضاضة الْعَيْب وَهُوَ مَا يغض من الْإِنْسَان الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن هَذَا فَقَالَ مَعْنَاهُ وَكَانَ هَذَا الَّذِي ذكرته على الدروب أَيْضا إِذْ فِي الرُّجُوع غَضَاضَة أَي عيب على الرَّاجِع وَإِذ السّير مُمْتَنع من الْإِمْكَان وَقَالَ أَبَوا لفضل الْعَرُوضِي لعوذ بِاللَّه من الخطل لَو كَانَ سَأَلَهُ لأجابه بِالصَّوَابِ وَالْجَوَاب ظَاهر فِي قَوْله نظرُوا إِلَى زبر الْحَدِيد وَالْقَوْل مَا قَالَه أَبُو الْفضل لِأَنَّهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 لَو كَانَ كَمَا قَالَ أَبُو الْفَتْح لما احْتَاجَ إِلَى الْوَاو فِي قَوْله وعَلى الدروب لِأَنَّهُ يُقَال كَذَا وَكَذَا على الدروب وَالْوَاو هِيَ وَاو الْحَال وَكَذَا مَا بعْدهَا من الواوات وَالْمعْنَى حِين كُنَّا على الدروب يَعْنِي مضايق الرّوم اشْتَدَّ الْحَال حَتَّى تعذر الِانْصِرَاف والتقدم 31 - الْمَعْنى يَقُول قد ضَاقَتْ الطّرق فَلَا يقدر أحد أَن يخلص مِنْهَا لِكَثْرَة القنا واشتباكها وَأهل الْكفْر قد أحاطوا بِأَهْل الْإِيمَان يصف كثرتهم وَشدَّة الْأَمر 32 - الْغَرِيب الزبر جمع زبرة وَهِي الْقطعَة من الْحَدِيد والعقبان جمع عِقَاب وَهُوَ من سِبَاع الطير الْمَعْنى يَقُول فِي هَذِه الْأَحْوَال الَّتِي ذكرهَا وَفِي الْمَكَان الَّذِي ذكره نظرُوا إِلَى الْمُسلمين وهم مقنعون فِي الْحَدِيد حَتَّى كَأَنَّهُمْ قطع الْحَدِيد لَا شتماله عَلَيْهِم وهم فَوق خيل كالعقبان شبه خيلهم بالعقبان لسرعتها قَالَ الواحدي يُرِيد بزبر الْحَدِيد السيوف وبصعدت صعودها فِي الْهَوَاء بِرَفْع الْأَبْطَال إِيَّاهَا للضرب وَهَذَا أولى لِأَنَّهُ ذكر الفوارس بقوله وفوارس الْبَيْت 33 - الْإِعْرَاب عطف فوارس على قَوْله زبر الْحَدِيد أَي وَإِلَى فوارس الْغَرِيب الْحمام الْمَوْت وَالْحَيَوَان ذُو الرّوح فالناطق بَنو آدم وَالَّذِي هُوَ غير نَاطِق الدَّوَابّ وَالطير الْمَعْنى يَقُول نظرُوا إِلَى فوارس حياتهم فِي قَتلهمْ لأَنهم شُهَدَاء وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله} (أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} وَقَوله لَيست من الْحَيَوَان لِأَن الْحَيَوَان لَا يحيا بهلاكه وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ من الْحَيَوَان إِذا مَاتُوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم مرزقين وَهُوَ من قَول الطَّائِي (يَسْتَعْذبِونَ منَاياهُمْ كَأَنَّهُمُ ... لَا يَيْأسُونَ مِنَ الدُّنْيا إِذا قُتِلُوا) وَقَالَ ابْن القطاع هُوَ مَأْخُوذ من قَول زُهَيْر نَقله نقلا (تَرَاه إذَا ماجِئْتَهُ مُتَهَللا ... كأنَّكَ تُعطيهِ الَّذِي أنْتَ سائلُهْ) وَهُوَ من الْأَخْذ الْخَفي لِأَن زهيرا جعل الممدوح يسر بِمَا يعْطى سائله حَتَّى كَأَنَّهُ يَأْخُذهُ وَجعل المتنبي هَؤُلَاءِ الفرسان يسرعون إِلَى الْقَتْل فِي الْحَرْب حَتَّى كَأَنَّهُ حَيَاة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 - الْغَرِيب ذرى الشَّيْء أَعْلَاهُ والدراك التَّتَابُع الْمَعْنى يَقُول مازلت تضربهم ضربا مُتَتَابِعًا فِي أعالي أبدانهم يعْمل فِي السَّيْف الْوَاحِد فِيهِ عمل سفين قَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَنَّك سيف ومعك سيف فالضرب ضرب سيفين 35 - الْإِعْرَاب فِي قَوْله خص ضمير يعود على الضَّرْب يُرِيد يَضْرِبهُمْ ضربا يخص وُجُوههم ورءوسهم الْغَرِيب الجماجم جمع جمجمة وَهِي أَعلَى الرَّأْس الْمَعْنى يَقُول هَذَا الضَّرْب لَا يَقع إِلَّا فِي وَجه أَو فِي رَأس وَلَا يتَعَرَّض لسَائِر الْجَسَد فَكَأَن الجسام أخذت مِنْك أَمَانًا وَأَتَتْ إِلَيْك بِأَمَان 36 - الْغَرِيب الحنية الْقوس والمرنان المصوتة الْمَعْنى أَنهم رموا بقسيهم ثمَّ انهزلوا مُدبرين يطئون فِي هزيمتهم القسي الَّتِي رموك بهَا ثمَّ ولوا على أدبارهم 37 - الْغَرِيب المثقف الرمْح الْمُقَوّم والمهند السَّيْف وَمرَاده بِالسِّنَانِ الزج الَّذِي فِي أَسْفَل الرمْح الْمَعْنى شبه الْجَيْش بكثرته وكثافته بالسحاب فيريد أَن وَقع السِّلَاح كوقع الْمَطَر يَأْتِي دفْعَة دفْعَة فَهِيَ تقع بهم مفصلة تَارَة بِالرِّمَاحِ وَتارَة بِالسُّيُوفِ فَلهَذَا قَالَ مفصلا 38 - الْغَرِيب أملت الشَّيْء تأميلا وأملته آمله أملا وأملا وعاذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة من قَوْلهم عذت بالشَّيْء امْتنعت بِهِ وَمِنْه العوذة وَمن روى بِالدَّال الْمُهْملَة فَهُوَ من الرُّجُوع والحرمان حرمَان الْغَنِيمَة وَأَن يرجع بالخيبة الْمَعْنى يَقُول حرمُوا مَا أملوا من الظفر بك وَأدْركَ آماله مِنْهُم من سلم لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أمل النجَاة فَرجع بِمَا أمله مِنْهَا وَإِن كَانَ قد حرم مَا كَانَ قَدِيما أمله فقد أدْرك أمه بنجاته سالما ورضى بحرمان الْغَنِيمَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 - الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع هَذَا الْبَيْت من مَعَانِيه الغامضة وَذَلِكَ أَنه فِي مدح سيف الدولة وَظَاهره هجاء مَحْض لِأَنَّهُ يَقُول شغلت سيف الدولة مهجته عَن إخوانه وَهَذَا غَايَة الهجو لِأَن الْعَرَب مدحت الرئيس بقتاله عَن أَصْحَابه وبذله مهجته دونهم وَقد قَالَ إِن سيف الدولة اشْتغل بالدفاع عَن الإخوان فَحذف الْجَار وَقد قيل فِيهِ إِن مَعْنَاهُ إِذا الرماح شغلن مهجة ثَائِر مَشْغُول بمهجته اشْتغل سيف الدولة بالدفاع عَن الإخوان فَالْأول يَكُونَا لضمير فِيهِ لسيف الدولة وَالثَّانِي يكون شغلته صفة لثائر وَهَذَا إِن سلم من الهجاء صَحَّ بِهِ الْمَعْنى فَإِن الْكَلَام يحْتَمل من الْحَذف مَا لَا يحْتَملهُ وَالصَّحِيح من معنى هَذَا الْبَيْت أَن قَوْله عَن بِمَعْنى الْبَاء فَيكون الْمَعْنى شغلت سيف الدومة مهجته بإخوانه وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} أَي بالهوى وَهَذَا الْبَيْت يدل على علم المتنبي وفصاحته واتساعه فِي لِسَان الْعَرَب وَلَو لم يكن لَهُ إِلَّا هَذَا الْبَيْت لكفاه وَقَالَ الواحدي الْمَعْنى شغلوا بِأَنْفسِهِم عَن إِدْرَاك ثأر قتلاهم فعلى هَذَا يكون الضَّمِير للروم وَلَا يكون لسيف الدولة فِيهِ شَيْء وَإِنَّمَا يصف هزيمتهم فَيَقُول إِذا تناوشت الرماح لطلب ثأر شغلت كل وَاحِد من عَسْكَر الرّوم صِيَانة روحه عَن إِدْرَاك ثأر إخوانه 40 - الْغَرِيب عَاق منع والعواد المعاودة والقواضب السيوف جمع قاضب وقضيب وَيجمع أَيْضا على قضب وَهُوَ القطاع والعاني الْأَسير وَقوم عناة ونسوة عوان الْمَعْنى يَقُول هَيْهَات لَهُم العودة تمنعهم مِنْهَا سيوف قواطع كثرت بهَا الْقَتْلَى وَقل الْأَسير لِأَنَّهُ الْمُسلمين لم يَأْسِرُوا بل قتلوا من وجدوا فهم يرَوْنَ الْقَتْل أبلغ من الْأسر 41 - الْإِعْرَاب عطف مهذبا على قواضب الْغَرِيب الْمُهَذّب الطَّاهِر من الْعَيْب وَيُرِيد بِهِ سيف الدولة والرحمن والرحيم اسمان مشتقان من الرَّحْمَة والرحمن أبلغ وَأعظم مُبَالغَة من الرَّحِيم والرحيم ألطف وأسماه الله تَعَالَى كلهَا قد طَرَأَ فِيهَا الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ إِلَّا الله والرحمن قد سمى بِهِ مُسَيْلمَة الْكذَّاب فَكَانُوا يَقُولُونَ رَحْمَن الْيَمَامَة الْمَعْنى يُرِيد أَنهم يمنعهُم من العودة مهذب يَأْمر المنايا فيهم بِمَا يُرِيد فتطيعه فِي طَاعَة الله تَعَالَى 42 - الْغَرِيب المسنة الدانية من الأَرْض أَسف الطَّائِر إِذا دنا من الأَرْض فِي طبرانه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 والغربان جمع غراب يُقَال غراب وأغربة وغربان وأغربة فِي الْقلَّة الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة الْقَتْلَى وطيران شُعُورهمْ على الْأَشْجَار اسودت بهَا فَكَأَن الْأَشْجَار لسوادها بشعورهم قد دنت مِنْهَا الْغرْبَان فَشبه سَواد شُعُورهمْ على الْأَشْجَار بالغربان السود وَالضَّمِير الَّذِي فِي الظّرْف للشجر وَهُوَ يذكر ويونث أَي فَكَأَن فِي الشّجر 43 - الْغَرِيب النجيع الدَّم الطري وَقيل دم الْجوف والقاني الْأَحْمَر الشَّديد الْحمرَة والنارنج مَعْرُوف وَلَيْسَ بعربي الْمَعْنى يَقُول لما قتلوا وتمزقت شُعُورهمْ على شجر الْجبَال اسودت وَلما جرى على ورق شجر الْجبَال دماوهم أَحْمَر فَصَارَ لحمرته كَأَنَّهُ النارنج فِي الأغصان وَهُوَ حسن 44 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّمَا تفعل السيوف إِذا كَانَ الضَّارِب بهَا مثلهَا يُرِيد إِذا كَانَ قلبه كقلبها يُرِيد أَنَّهَا تعين الشجاع الَّذِي لَا يفزع فِي الْحَرْب وَلما ذكر قُلُوبهم اسْتعَار لَهَا قلوبا وَهُوَ من قَول البحتري (وَما السَّيْفُ إلاَّ بَزُّغادِ لِزِيِنَةٍ ... إذْا لم يكن أمْضَى منَ السيفِ حاملُه) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح قَوْله إِن السيوف مَعَ يدل على معنى النَّصْر والمعونة كَمَا تَقول الله مَعنا أَي معِين وناصر وَلَيْسَت فِي معنى الصُّحْبَة لِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك لم يكن لَهَا نفع وَالْمرَاد أَن السيوف تنصر الَّذين قُلُوبهم كقلوبها وَإِنَّمَا يُرِيد إِذا كَانُوا ماضين فِي الْحَرْب كَانَت السيوف قَاطِعَة مَاضِيَة 45 - الْغَرِيب الحسام السَّيْف الْقَاطِع والجراءة الْإِقْدَام والجبان ضد الشجاع الْمَعْنى يَقُول السَّيْف لَا ينفع وَلَا يُغني إِذا لم يكن حامله شجاعا وَقد يكون السَّيْف مَاضِيا فِي كف من لَا يعْمل بِهِ كَغَيْرِهِ من السيوف فَهُوَ مثل الجبان يكف الجبان وَإِنَّمَا يُغني السَّيْف إِذا كَانَ مَعَ الشجاع 46 - الْغَرِيب الْعِمَاد الْعُلُوّ زَمَنه عماد الْبَيْت وَهُوَ مَا يرفعهُ والقمم جمع قمة وَهِي أَعلَى الرَّأْس وقمة كل شَيْء أَعْلَاهُ الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعَرَب ارْتَفَعت بك وشرفت وقاتلوا الْمُلُوك وأوقدوا على رُءُوسهم نَار الْحَرْب زَمَنه فلَان رفيع الْعِمَاد إِذا كَانَ فِي قومه شريفا 47 - الْمَعْنى يُرِيد أَن شرفهم مِنْك فهم منتسبون إِلَى شرفك وأنسابهم الْمَعْرُوفَة من آبَائِهِم إِلَى عدنان وَإِلَيْهِ يَنْتَهِي النّسَب وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث أَن رَسُول الله كَانَ يَنْتَهِي إِلَى عدنان وَيَقُول كذب النسابون مَا فَوق عدنان 48 - الْمَعْنى يخاطبه بِأَنَّهُ يقتل من أَرَادَ بِسَيْفِهِ أَي غير مُمْتَنع مِنْهُ قتل من أَرَادَ لَكِن أَبَا الطّيب يَقُول أَنا قد أَصبَحت من قتلاه بِالْإِحْسَانِ أَي قد غمرني بِالْإِحْسَانِ 49 - الْغَرِيب حَار يحار حيرة وحيرا أَي تحير فِي أمره فَهُوَ حيران وحيرته أَنا فتحير وَقوم حيارى وَرجل حائر إِذا لم يهتد لشَيْء الْمَعْنى إِذا نظرت إِلَيْك وَرَأَيْت جمالك تحيرت فَإِذا أَبْصرت خلائقك وسيرتك وَأَرَدْت أَن أمدحها تحيرت فَلَا أَدْرِي لإجلالها مَا أَقُول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 - 1 الْإِعْرَاب أسفا نَصبه على الْمصدر أَي أسفت أسفا وَدلّ على فعله مَا تقدمه لِأَن إبلاء الْهوى يدل بدنه على أسفه كَأَنَّهُ قَالَ أسفت أسفا وَمثله صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء وَيَوْم النَّوَى ظرف لأبلى وَيجوز أَن يكون مَعْمُول الْمصدر الَّذِي هُوَ قَوْله أسفا الْغَرِيب يُقَال بلَى الثَّوْب يبْلى بلَى وبلاء وأبلاه غَيره إبلاء والنوى الْبعد والوسن النّوم والأسف الْحزن أَسف يأسف فَهُوَ أسيف وآسف الْمَعْنى يَقُول أدّى الْهوى بدني إِلَى الأسف والهزال يَوْم الْفِرَاق وَبعد هجر الحبيب بَين جفني وَالنَّوْم وإبلاء الْهوى الْبدن أَن يذهب قوته ولحمه لما يُورد عَلَيْهِ من شدائده وَخص يَوْم النَّوَى لِأَن أَشد مَا يكون الوجد والألم يَوْم الْفِرَاق وَقَالَ الواحدي الْهوى عذب مَعَ الْوِصَال سم مَعَ الْفِرَاق وَأنْشد للسرى (وَأرَى الصَّبابَةَ أرْيَةً مَا لمْ يَشُبْ ... يَوْما حَلاوَتها الفِراقُ بِصَابِه) الحديث: 263 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 - الْإِعْرَاب فِي مثل صفة لمَحْذُوف تَقْدِيره فِي بدن مثل الْخلال وَالضَّمِير فِي عَنهُ وَفِي يبن رَاجع إِلَى الْبدن وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الرّوح تذكر وتونث فَمن أنث أَرَادَ النَّفس الْمَعْنى يَقُول قد صرت فِي النحول مثل الْخلال وَهُوَ الْعود الدَّقِيق لَا أرى فَإِذا أطارت الرّيح الثَّوْب الَّذِي عَليّ لَا يراني أحد لدقتي ونحولي وَلم تبْق إِلَّا روح تَجِيء وَتذهب فِي جسم بَال إِنَّمَا يرى الثَّوْب الَّذِي علىّ فَلَو ذهب الثَّوْب لم أبْصر قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون لم يبن لم يُفَارق أَي أَن الرّيح تذْهب بِالْبدنِ مَعَ الثَّوْب لخفته فالبدن لم يُفَارق الثَّوْب لخفته قَالَ وأقرأني أَبُو الْفضل الْعَرُوضِي فِي مثل الخيال قَالَ وأقرأني الشعراني خَادِم المتنبي الخيال قَالَ وَلم أسمع الْخلال إِلَّا بِالريِّ وَبدل على صِحَة هَذِه الرِّوَايَة أَن الوأواء الدِّمَشْقِي سمع هَذَا الْبَيْت فَأَخذه فَقَالَ (وَمَا أبقى الهَوَى وَالشَّوْقُ مِنَّي ... سِوَى رُوحٍ تَرَدَّدُ فِي خَيالِ) (خَفيِتُ عَنِ النوَّائِبِ أنْ تَرَاني ... كَانَّ الرُّوحَ مِنَّي فِي مُحالِ) وَهَذَا الْمَعْنى كثير قد ألمت بِهِ الشُّعَرَاء القدماء والمحدثون وَأحسن مَا قيل فِيهِ قَول بَعضهم (بَرَاني الهَوَى بَرْىَ المُدَى وَأذَابَني ... صُدُودُكِ حَتى صِرْتُ أنحَلَ من أمس) (فَلَسْتُ أُرَى حَتَّى أرَاكِ وَإنَّما ... يَبينُ هَباءُ الذَرّ فِي ألَقِ الشَّمْسِ) وَقَول الآخر (لمْ يبْقَ إلاَّ نَفَسٌ خافِتُ ... وَمُقْلَةٌ إنْسانُها باهِتُ) وَلم يُبَالغ فِيهِ أحد مَا بَالغ أَبُو الطّيب بِهَذَا وَبِقَوْلِهِ (فَلَوْ قَلَمٌ أُلقِيت فِي شِقّ رَأسِه ... ِ) 3 - الْإِعْرَاب قَالَ الشريف هبة الله بن الشجري الحسني فِيهِ سُؤال فِي الْإِعْرَاب بَين كفى بجسمي نحولا وَبَين كفى بِاللَّه وَأَن المفتوجة تكون مَعَ مدخولها فِي تَأْوِيل الْمصدر كَقَوْلِك بَلغنِي أَنَّك ذَاهِب أَي ذهابك فَبِأَي مصدر تتقدر وَجُمْلَة لَوْلَا مخاطبتي وصف لرجل وَرجل من قبيل الْغَيْبَة فَكيف عَاد إِلَيْهِ مِنْهَا ضمير مُتَكَلم وَكَانَ الوبه أَن يُقَال لَوْلَا مخاطبته إياك لم تره الْجَواب أَن كفى مِمَّا علمت فِيهِ زِيَادَة الْبَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 تَارَة مَعَ فَاعله وَتارَة مَعَ مَفْعُوله ودخولها على مَفْعُوله قَلِيل فزيادتها مَعَ الْفَاعِل مثل كفى بِاللَّه وَالْمعْنَى كفى الله وَالَّذِي يدلك على أَنَّهَا مزيدة فِي كفى بِاللَّه قَول سحيم (كَفى الشَّيْبُ ولإسْلامُ للِمْرَْءِ ناهِيا ... ) وَأما زيادتها مَعَ الْمَفْعُول فَفِي مثل قَول حسان (وكَفى بِنَا فَضْلاً عَلى مَنْ غَيرُنا ... ) وَكفى بجسمي لِأَن فَاعل كفى أَن وَمَا بعْدهَا وأسبك لَك من ذَلِك فَاعِلا بِمَا دلّ الْكَلَام عَلَيْهِ من النَّفْي بلم وَامْتِنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره بلولا وَالتَّقْدِير كفى بجسمي نحولا انْتِفَاء رؤيتي لَوْلَا وجود مخاطبي ونحولا نصب على التَّفْسِير وَالتَّفْسِير فِي هَذَا النَّحْو للْفَاعِل دون الْمَفْعُول وَقَوله كفى بِاللَّه وَكيلا فوكيلا تَفْسِير لاسم الله ونحولا تَفْسِير لانْتِفَاء الرُّؤْيَة كَمَا أَن فضلا فِي بَيت حسان تَفْسِير لحب النَّبِي إيَّاهُم فَهَذَا فرق فِي الْإِعْرَاب بَين كفى بِاللَّه وَبَين كفي بجسمك من حَيْثُ كَانَ بِاللَّه فَاعِلا ووكيلا وبجسمي مَفْعُولا وَإِنَّمَا زيدت الْبَاء فِي نَحْو كفى على مَعْنَاهُ إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ اكتف بِاللَّه وَنَظِيره حَسبك بزيد وَأما قَوْله أنني رجل فخبر موطىء وَالْخَبَر فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْجُمْلَة الَّتِي وصف بهَا رجل وَالْخَبَر الموطىء هُوَ الَّذِي لَا يُفِيد بِانْفِرَادِهِ عَمَّا بعده كالحال الموطئة فِي نَحْو {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} أَلا ترى أَنَّك لَو اقتصرت هُنَا على رجل لم تحصل بِهِ فَائِدَة وَإِنَّمَا الْفَائِدَة مقرونة بصفتنه فَالْخَبَر كالزيادة فِي الْكَلَام فَلذَلِك عَاد الضميران اللَّذَان هما الياءان فِي مخاطبتي وترني إِلَى الْيَاء فِي أنني وَلم يعودا على رجل لِأَن الْجُمْلَة فِي الْحَقِيقَة خبر عَن الْيَاء فِي أنني وَإِن كَانَت بِحكم اللَّفْظ صفة لرجل وَلَو قلت إِن رجل لما كَانَ هُوَ الْيَاء الَّتِي فِي أنني من حَيْثُ وَقع خَبرا عَنْهَا عَاد الضميران إِلَيْهِ على الْمَعْنى كَانَ قولا وَنَظِيره عود الْيَاء إِلَى الَّذِي فِي قَول عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام (أَنا الَّذي سَمَّني أُميّ حَيْدَرَهْ ... ) لما كَانَ فِي الْمَعْنى أَنا وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يحمل على الضَّرُورَة لِأَنَّهُ قد جَاءَ مثله فِي الْقُرْآن {بل أَنْتُم قوم تجهلون} فتجهلون فعل خطاب وصف بِهِ قوم وَقوم من قبيل الْغَيْبَة كَمَا ترى وَلم يَأْتِ بِالْيَاءِ وَلكنه جَاءَ وفْق الْمُبْتَدَأ الَّذِي هُوَ أَنْتُم فِي الْخطاب وَلَو قيل {بل أَنْتُم قوم} لم تحصل بِهَذَا الْخَبَر فَائِدَة وَمِمَّا جَاءَ فِي الشّعْر بِغَيْر ضَرُورَة قَوْله (أأكَرمُ مِنْ لَيلى عَلىَّ فَتَبْتَغِي ... بِهِ الجاهَ أمْ كُنْتُ أمْرَأً لَا أُطِيعها) ؟ أعَاد من أطيعها ضمير مُتَكَلم وَلم يعد ضمير غَائِب وفَاقا لَا مرىء فَهَذَا دَلِيل إِلَى دَلِيل التَّنْزِيل الْمَعْنى يَقُول قد بلغ فِي النحول الْغَايَة وَكفى أنني رجل لَوْلَا كَلَامي لم يَقع نَاظر الْعَائِد عليّ إِنَّمَا يسْتَدلّ الْعَائِد عَليّ بصوتي وَهُوَ مَنْقُول من قَول الأخطل (ضفَادع فِي ظَلْماءِ لَيْلٍ تَجاوَبَتْ ... فَدَلَّ عَلَيها صَوْتُها حَيَّةَ البَحْرِ) وَقَالَ الصنوبري (ذبْت حَتى مَا يُسْتدل عَلى أنىَ ... حَيّ إلاَّ بِبَعْضِ كَلامِي) وَقَالَ الآخر (لَوْلم أقُلْها أَنا لِلنَّاسِ لمْ أبِنْ ... ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 - 1 الْإِعْرَاب الْفَتى وَالْجُمْلَة الَّتِي بعده فِي مَوضِع رفع خبر أَن وَاللَّام تتَعَلَّق بادخرت الْغَرِيب قضاعة بطن من حمير وَهُوَ قضاعة بن عَمْرو بن مرّة بن زيد بن مَالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان والفتى أَصله الْكَرِيم الشجاع القوى الْمَعْنى يَقُول قضاعة قومِي تعلم أَنِّي فتاها الَّذِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ويدخرونه لدفع مَا نزل بهم من الحروب والحوادث لما يعلمُونَ من شجاعته وسداد رَأْيه 2 - الْغَرِيب خندف هِيَ بنت عمرَان بن الحاف بن قضاعة وَهِي امْرَأَة إلْيَاس بن مُضر ولدت لَهُ مدركة وطابخة وقمعة وَكَانَ اسْم مدركة عَامِرًا وَاسم طابخة عمرا قيل إِنَّهُم كَانُوا فِي إبل لَهُم يرعونها فصاد عَامر وَعَمْرو صيدا فَقعدَ يطبخانه فعدت عَادِية على إبلهما فَقَالَ عَامر لعَمْرو أتدرك الْإِبِل أم تطبخ هَذَا الصَّيْد فَقَالَ بل أطبخ فلحق عَامر بِالْإِبِلِ فجَاء بهَا فَلَمَّا رجعا على أَبِيهِمَا حَدَّثَاهُ بشأنهما فَقَالَ لعامر إِنَّك مدركة وَقَالَ لعَمْرو أَنْت طابخة فَجَاءَت أمهما تمشي فَقَالَ لَهَا أَنْت خندف وَأما قمعة فَيُقَال إِن خُزَاعَة من وَلَده من ولد عَمْرو بن لحى الَّذِي هُوَ ابْن قمعة ابْن إلْيَاس وَهُوَ عَمْرو الَّذِي قَالَ رَسُول الله رَأَيْته يجر قصبه فِي النَّار وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار صَاحب الْمَغَازِي فِي أول كِتَابه ولد معد بن عدنان أَرْبَعَة نزار بن معد وقضاعة بن معد وَكَانَ قضاعة بكر معد وَكَانَ بِهِ يكنى وقنص بن معد فَأَما قضاعة فيامنت إِلَى حمير بن سبأ وَكَانَ اسْم سبأ عبد شمس وَإِنَّمَا سمى الحديث: 264 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 سبأ لِأَنَّهُ أول من سبى فِي الْعَرَب واليمن تَقول قضاعة بن مَالك وَأنْشد عَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ (نَحْنُ بَنُو الشَّيْخِ الهِجانِ الأزْهَر ... قُضاعَة بْنِ مالِكِ بنِ حِمْيَرِ) (النَّسَبِ المعْرُوفِ غَيرِ المُنْكَرِ ... ) وَأما قنص فَهَلَكت وهم مُلُوك الْحيرَة الَّذين مِنْهُم النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَقَوله كل كريم يمَان يُرِيد من قبائل الْيمن الَّذين ينسبون إِلَى سبأ وَقد جَاءَ فِي مدح الْيمن مَا فِيهِ كِفَايَة ويكفيهم فخرا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْإِيمَان يمَان وَأَجد ريح الرَّحْمَن من قبل الْيمن وَالْحكمَة يَمَانِية وَأهل الْيمن أَلين قوبا الْمَعْنى يَقُول كرمي وشرفي دَلِيل على أَن كل كريم يمنى من قبائل الْيمن لِأَنِّي مِنْهُم وَذَلِكَ أَن الشّعْر على لِسَان غَيره وَهُوَ من أهل الْيمن وَأما أَبُو الطّيب فقد قيل إِنَّه جعفى وَلم أتحققه 3 - الْغَرِيب اللِّقَاء ملاقاة الأقران فِي الْحَرْب والسخاء الْكَرم والضراب مصدر ضَارب يضارب ضرابا وَهُوَ من ضرب السَّيْف والطعان أَيْضا مصدر طَاعن يطاعن طعانا وَهُوَ من الطعْن بِالرُّمْحِ وَقَوله أَنا ابْن هَذِه الْأَشْيَاء يُرِيد أَنا ملازمها وكل من لزم شَيْئا يُقَال هُوَ ابْنه كَقَوْلِهِم لطير المَاء ابْن المَاء لملازمته لَهُ الْمَعْنى يَقُول أَنا صَاحب هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي ذكرت لِأَنِّي مَنْسُوب إِلَيْهَا فَلَا أعرف إِلَّا بهَا 4 - الْغَرِيب الفيافي جمع فيفاء وَهِي الأَرْض الملساء والفيف الْمَكَان المستوى وجمعة أفياف وفيوف قَالَ رؤبة (مَهِيلُ أفْيافٍ لَها فُيُوفُ ... ) والمهيل الْمخوف والقوافي جمع قافية الشّعْر وَهِي آخر الْبَيْت وَرُبمَا قَالُوا للقصيدة قافية والرعان جمع رعن وَهُوَ أنف الْجَبَل الَّذِي ينْدر مِنْهُ وَيُقَال لَهُ رعل بِاللَّامِ أَيْضا وَقد ينشد هَذَا الْبَيْت بطرح الْيَاء اكْتِفَاء بالكسرة كَقِرَاءَة أهل الْكُوفَة وَالشَّام وقالون والبزي جابوا الصخر بالواد لِأَن أَبَا عَمْرو أثبتها فِي الْحَالين وأثبتها ورش وقنبل وصلا وحذفاها وَقفا انباعا للمصحف الْمَعْنى يَقُول أَنا ابْن هَذِه أَي مَنْسُوب إِلَيْهَا لِأَن الأَرْض الْبَعِيدَة الصعبة أَنا أعاينها وَقد كثر قَطْعِيّ لَهَا وَكَذَلِكَ الْجبَال لِكَثْرَة سلوكي فِيهَا فصرت أعرف بهَا كَمَا يعرف الرجل بِأَبِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 - الْغَرِيب النجاد حمائل السَّيْف فَإِذا طَالَتْ الحمائل دلّ على طول الْقَامَة والطول مِمَّا تمدح بِهِ الْعَرَب وَمَا أحسن مَا قَالَ الحكمى فِي الْأَمِير مُحَمَّد بن زبيدة (سَبْطُ البَنان إذَا احْتَبى بِنجادِهِ ... عَمَرَ الجَماجِمَ وَالصُّفُوفُ قِيامُ) والعماد عَمُود الْخَيْمَة تقوم عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يمدح بِهِ لِأَنَّهُ إِذا طَال كَانَ دَلِيلا لمن يَقْصِدهُ ويزوره وَطول الْقَنَاة يدل على شدَّة ساعد حاملها لِأَنَّهُ لَا يقدر على حمل الْقَنَاة الطَّوِيلَة إِلَّا القوى الشَّديد الْمَعْنى يَقُول أَنا شُجَاع كريم قوي حمائل سَيفي طوال وعماد بَيْتِي طَوِيل يُرَاد القاصد من بعيد فيأتيه ورمحي طَوِيل لِأَنِّي قوي شَدِيد 6 - الْغَرِيب اللحاظ طرف الْعين مِمَّا يَلِي الصدغ والحفاظ الْمُحَافظَة على مَا يجب حفظه والجنان الْقلب والحسام السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا مني حَدِيدَة أَي قويه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فبصرك الْيَوْم حَدِيد} أَي لحاظي حَدِيدَة لِأَنَّهَا ترى فِي الْحَرْب مقَاتل الْأَعْدَاء فَأَنا قويها وقوى الْحِفْظ وَالْقلب وَالسيف وَقد نَقله من قَوْله حبيب (وَهْوَ غَضُّ الإباءِ وَالرَّأيِ غضُّ الحَزْمِ ... غَضُّ النَّوَالِ غَضُّ الشَّبابِ) 7 - الْغَرِيب المنايا جمع منية وَهِي الْمَوْت والرهان من قَوْلهم راهنت فلَانا على كَذَا أَي خاطرته وَهُوَ الرَّهْن الَّذِي كَانُوا يرهنون فِي سباق الْخَيل وَقد جَاءَ رهنته وأرهنته بِمَعْنى وأنشدوا لعبد الله بن همام السلولى (فَلَمَّا خَشِيتُ أظافيِرَهُمْ ... نجَوْتُ وَأرْهَنْتُهُمْ مالِكا) قَالَ ثَعْلَب كل الروَاة قَالُوا أرهنتهم إِلَّا الْأَصْمَعِي فَإِنَّهُ رَوَاهُ وأرهنهم عطفا لفعل مُسْتَقْبل على فعل مَاض وَشبهه بقَوْلهمْ قُمْت وأصك وَجهه لِأَن الْوَاو وَاو الْحَال فَيجْعَل أصك حَالا للْفِعْل وَقد عَابَ الْأَخْفَش قِرَاءَة ابْن كثر وَابْن الْعَلَاء فرهن وَقَالَ هِيَ قبيحة لِأَنَّهُ لَا يجمع فعل على فعل إِلَّا شاذا إِلَّا أَن يكون جمع رهن على رهان وَجمع رهان على رهن كفرش وفراش وَغَابَ عَن الْأَخْفَش جمعه سقفا على سقف فقد قَرَأَ أهل الْكُوفَة وَنَافِع وَابْن عَامر ولبيوتهم سقفا من فضَّة وَهَذَا جمع سقف فَكَانَ الأولى أَن يعيب على هَؤُلَاءِ جمعهم سقفا على سقف الْمَعْنى يَقُول سَيفي يُبَادر آجال الْعباد مسابقة فيقتلهم قبل انْقِضَاء أيامهم الْمَكْتُوبَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 لَهُم وَهَذَا من الْمُبَالغَة وَقد نَقله من قَول عنترة (وَأنا المَنِيَّةُ فِي المَوَاقِفِ كُلَّها ... وَالطَعْنُ مِنَّي سابِقُ الآجالِ) وَأَخذه الطَّائِي فَقَالَ (يَكادُ حِينَ يُلاقى القِرْنَ منْ حَنقٍ ... قبلَ السَّنانِ عَلى حَوْبائِهِ يَرِدُ) 8 - الْغَرِيب قد عيب عَلَيْهِ قَوْله لَا أَرَانِي وَهَذَا لَا يكون إِلَّا فِي أَفعَال الشَّك وَالْيَقِين نَحْو ظننتني وحسبتني وَقد جَاءَ شاذا فقدتني وعدمتني وَلَا يُقَال ضرتني وَلَا رَأَيْتنِي وَلَا أكرمتني وَإِنَّمَا يُقَال ضربت نَفسِي وأكرمت نَفسِي فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول لَا أرى نَفسِي وَقد جَاءَ رَأَيْتنِي فَحَمله على هَذَا والهبوة الغبرة وَالضَّمِير فِي حَده للسيف الْمَعْنى يَقُول يرى حد سَيفي قُلُوب الْأَعْدَاء إِذا اشْتَدَّ العجاج وأظلم فَلَا يرى أحد نَفسه وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا} وَقَالَ الْخَطِيب يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يبلغ بِهِ غامضات الْقُلُوب فَكَانَ السَّيْف يَرَاهَا فِي وَقت لَا يرى فِيهِ حامله من شدَّة الْغُبَار نَفسه وَهَذَا من الْمُبَالغَة فِي الْأَمر وَمعنى الْبَيْت من قَول زيد الْخَيل الطَّائِي (وَأسَمَر مَرْفُوعٍ يَرَى مَا أرَيْتُهُ ... بَصِيرٍ إِذا صَوَّبْتُهُ بِالمقاتِلِ) يُرِيد إِذا هيأته نَحْو الْعَدو وَقد قَالَ أَبُو تَمام (مِن كلّ أزْرَقَ نَظَّارٍ بِلَا نَظَرٍ ... إِلَى المقاتِل مَا فِي مَتنْهِ أوَدُ) 9 - الْغَرِيب الحكم بِمَعْنى الْحَاكِم وناب فلَان عَن فلَان إِذا كَانَ عوضه فِيمَا يُريدهُ الْمَعْنى يَقُول لساني مثل سَيفي فِي الْإِقْدَام والحدة فَأَنا أقتل من أعدائي من شِئْت وَأَنا قَادر أَن أبلغ من أعدائي بلساني مَا أبلغ بِالسَّيْفِ قَالَ الواحدي وَلَو نَاب اللِّسَان عَن السَّيْف بِأَن يطيعوا أَمْرِي لم أسْتَعْمل السَّيْف فيهم وَهُوَ معنى حسن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 - 1 - الْإِعْرَاب تكرمة نصب على الْمصدر أَي وتكرمت تكرمة الْمَعْنى يَقُول كتمت حَتَّى عَن محبوبي حَتَّى غلب الْأَمر فَاسْتَوَى إعلامي وإسراري وَقَالَ الواحدي تكرمت بكتمان حبك حَتَّى كتمته مِنْك وَيجوز أَن يكون المغنى إِكْرَاما للحب وإعظاما لَهُ حَتَّى لَا يطلع عَلَيْهِ ثمَّ تَغَيَّرت الْحَال حَتَّى ظهر بالشواهد الدَّالَّة عَلَيْهِ وَبَطل الكتمان وَهَذَا معنى جيد 2 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي كَأَنَّهُ للحب وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هِيَ رَاجِعَة إِلَى الكتمان فأضمر لدلَالَة كتمت عَلَيْهِ الْغَرِيب السقم والسقم كالحزن والحزن لُغَتَانِ وَقَرَأَ حَمْزَة وَعلي ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا بِضَم الْحَاء الْمَعْنى قَالَ الواحدي لم يعرف الشَّيْخَانِ معنى هَذَا الْبَيْت فَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَأَنَّهُ أَي كَأَن الكتمان ثمَّ قَالَ وَمَا علمت أحدا ذكر استتار سقمه وَأَن الكتمان أخفاه غير هَذَا الرجل وَقَالَ أَبُو عَليّ بن فورجة كَأَنَّهُ زَاد يَعْنِي الكتمان وَقَوله فَصَارَ سقمي كَأَنَّهُ فِي وعَاء من الكتمان فَكَأَنَّهُ يَقُول كَأَن كتماني فِي جسمي فَصَارَ جسمي فِي كتماني وَهَذَا مثل قَول أبي الْفَتْح قَالَ وَإِنَّمَا ذكرت كَلَامهمَا ليعرف أَنَّهُمَا لم يقفا على معنى الْبَيْت وأخطا حَيْثُ جعلا الْخَبَر عَن الكتمان وَإِنَّمَا هُوَ عَن الْحبّ يَقُول كَأَن الْحبّ زَاد حَتَّى لَا أقدر على إِمْسَاكه وكتمانه ثمَّ فاض عَن جَسَدِي كَمَا يفِيض المَاء إِذا زَاد عَليّ ملْء الْإِنَاء وَصَارَ سقمي بالحب فِي الكتمان أَي سقم كتماني وَضعف وَإِذا سقم الكتمان صَحَّ الإفشاء ووضح الإعلان قَالَ والأستاذ أَبُو بكر فسر هَذَا التَّفْسِير وَهُوَ على مَا قَالَ وَقَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري فِي أَمَالِيهِ شبه أَبُو الطّيب حبه الْأَشْيَاء المائعة فوصفه بالفيض ثمَّ قَالَ فَصَارَ سقمي لما افرط حبي فِي الزِّيَادَة وَصَارَ كالشيء الفائض فقوى سقمي بِهِ وانتقل إِلَى جسم كتماني فأذابه وأضعفه فَلَمَّا ضعف الكتمان ظهر الْحبّ لضعف مخفيه قَالَ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح دلّ الكتمان عَليّ قَالَ وَهَذَا من بدائعه فِي هَذَا القَوْل اختلال فِي الْإِعْرَاب وَفَسَاد فِي الْمَعْنى وتناقض فِي اللَّفْظ وَذَلِكَ أَنه إِذا عَاد الضَّمِير من كَأَنَّهُ إِلَى الكتمان وَجب إِعَادَة الضمائر الَّتِي بعده إِلَى الكتمان فَيصير التَّقْدِير كَأَن الكتمان زَاد حَتَّى فاض فَصَارَ سقمي بِهِ أَي بِالْكِتْمَانِ فِي جسم كتماني فَفِي هَذَا اختلال فِي الْإِعْرَاب كَمَا ترى وَقد جعل الكتمان هُوَ الَّذِي أسقمه مَعَ أَن الْحبّ هُوَ المسقم لَهُ وَقَوله ذكر استتار سقمه وَأَن الكتمان أخفاه أَي مَعَ أَنه مُنَاقض لمساواة إسراره إعلانه الحديث: 265 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 - 1 الْإِعْرَاب أَرَادَ بيني وَبَين عَقْلِي فَحذف الْمُضَاف قَالَ أَبُو الْفَتْح وَجَاء بِهِ من طرز كَلَام الصُّوفِيَّة كَقَوْل قَائِلهمْ (عَجِبْتُ مِنْكَ وَمِنَّي ... أفْنَيْتَني بكَ عَنَّي) (أقَمْتَنِي بِمقامٍ ... ظَنَنْتُ أنَّكَ أَنِّي) هَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا الْغَرِيب أرعشت حركت من الرعشة وَهِي الرعدة الْمَعْنى يَقُول لَا أشربها إِذْ كَانَت تحول بيني وَبَين عَقْلِي 2 - الْغَرِيب اللجين الْفضة وقابل بَينهَا وَبَين الذَّهَب والمزن الْغَمَام وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ءأنتم أنزلتموه من المزن} الْمَعْنى يَقُول قد هجرت الْخمر الصافية الْحَمْرَاء وَجعلت خمري مَاء أَبيض وَهُوَ مَاء الْغَمَام فَلَا أشْرب خمرًا أبدا 3 - الْمَعْنى يَقُول أَنا أغار من مر الزجاجة على شفة الْأَمِير وَهَذَا من الْغيرَة الْبَارِدَة الَّتِي لَا معنى لَهَا وَإِنَّمَا نَقله من قَول حبيب وَهُوَ جيد فِي مَعْنَاهُ الحديث: 266 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 (أغارُ مِنَ القْمِيصِ إذَا عَلاهُ ... مخافَةَ أَنْ يُلامِسَهُ القْمِيصً) وَقَالَ الْخبز أرزى وَهُوَ جيد فِي مَعْنَاهُ (مِنْ لُطْفِ إشْفاقِي وَدِقَّةِ غَيْرتِي ... أنَّي أَغَارُ عَلَيْكَ مِنْ مَلَكَيْكا) (وَلَو اسْتَطَعْتُ جَرَحْتُ لَفْظَكَ غَيْرَةً ... أَنَّي أَرَاهُ مُقَبَّلاً شَفَتَيْكا) وَقَالَ الواحدي وَقد أَسَاءَ أَبُو الطّيب لِأَن الْأُمَرَاء لَا يغار على شفاههم وَيَقُول من يعذرهُ إِنَّمَا يغار لِأَنَّهُ يرفع شَفَتَيْه عَن رُتْبَة الْخمر والكأس لِأَنَّهُمَا لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي والألفاظ الْحَسَنَة وَالْأَمر بالصلة وَيجوز أَن الزجاجة نَالَتْ مَا لم ينله أحد 1 - الْغَرِيب الراح الْخمر الصافي وَالضَّمِير فِي بياضها رَاجع إِلَى الزجاجة وَكَذَلِكَ الضَّمِير الَّذِي فِي الظّرْف 2 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخمْرَة السَّوْدَاء الَّتِي فِي الزجاجة الْبَيْضَاء كَأَن الزجاجة وَهِي فِيهَا بَيَاض محدق بسواد عين وَهُوَ قريب فِي التَّشْبِيه 2 - الْغَرِيب الرفد الْعَطاء تَقول رفدت زيدا وأرفدته إِذا أَعْطيته وأعنته الْمَعْنى يَقُول الرفد الَّذِي نطالبه بِهِ يرَاهُ دينا عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْقُول من قَول الطَّائِي (غَرِيمٌ لِلْمُسلِمَّ بِه وَحاشَى ... نَدَاءُ مِنْ مماطَلَةِ الغْرَيم) وَله أَيْضا (إلاَّ نَدَى كالدَّيْنِ حَلَّ قَضاؤُهُ ... إنَّ الكَرِيمَ لِمُعْنَفيهِ غَرِيمُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 - 1 الْإِعْرَاب يرْوى الألسن والألسن بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَمَا قَالَ الواحدي يكون على رِوَايَة من فتح السِّين بِمَعْنى الَّذِي قَالَ وَيجوز أَن يكون على رِوَايَة من ضم السِّين بِمَعْنى الَّذِي وَالظَّاهِر أَن مَا نفى لِأَن المصراع الثَّانِي حث على إعلان الْعِشْق وَإِنَّمَا يعلن من قدر على الْكَلَام هَذَا كَلَامه وَيجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَيكون موضعهما بصلتهما رفعا خبر الِابْتِدَاء الْغَرِيب الألسن بِالْفَتْح الفصيح وَقد لسن بِالْكَسْرِ فَهُوَ لسن وألسن وَقوم لسن والألسن بِالضَّمِّ جمع لِسَان وَاللِّسَان الْجَارِحَة واللغة أَيْضا قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} وَقد يؤنث وَيذكر قَالَ أعشى باهلة (إِنِّي أتتْنِي لِسانٌ لَا أُسَرُّ بهَا ... مِنْ عَلْوَ لَا عَجَبٌ مِنْهَا وَلا سَحرُ) فَمن أنثه قَالَ فِي جمعه ثَلَاث ألسن كذراع وأذرع وَمن ذكره قَالَ فِي جمعه ثَلَاثَة أَلْسِنَة كحمار وأحمرة وَهَذَا قِيَاس مَا جَاءَ على فعال من الْمُذكر والمؤنث الْمَعْنى يَقُول الْحبّ غَايَته أَن يمْنَع لِسَان الْمُحب من الْكَلَام فَلم يقدر على وصف مَا فِي قلبه إِذا رأى المحبوب وَإِنَّمَا يبهت ويخرس فَلَا يقدر على الْكَلَام كَقَوْل قيس ابْن ذريح (فَما هُوَ إلاَّ أنْ أرَاها فُجاءَةً ... فأُبهَتَ حَتى لَا أكادُ أُجِيبُ) وكقول الْمَجْنُون (فَما الحُبُّ حَتَّى يلصَق الجلدُ بالحَشَى ... وَتخرَسَ حَتَّى لَا تُجيِبَ المُناديا) والمصراع الثَّانِي يَقُول ألذ الشكوى الإعلان لمن قدر على الْكَلَام كَقَوْل عَليّ بن الجهم (تَهتَّكْ وَبحْ بالعشْقِ جَهرا فَقَلَّما ... يَطيبُ الهَوَى إلاَّ لمُنْهَتِكِ السَّترِ) وَالْأَصْل فِيهِ قَول أبي نواس (فَبحْ باسْمِ مَنْ تَهْوَى وَذَرْني منَ الْكُنَى ... فَلا خَيْرَ فِي اللَّذاتِ مِنْ دُونِها سِترُ) وأخده السرى الْموصِلِي فَقَالَ (ظَهرَ الهَوى وَتهَتَّكَتْ أسْتارُهُ ... وَالحُبُّ خَيرُ سَبيلهِ إظْهارُهُ) أعْصِي العَوَاذِلَ فِي هَوَاهُ جهَارَةً ... فَألَذُّ عَيْشِ المُسْتَهامِ جِهارُهُ) الحديث: 267 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 - الْإِعْرَاب هجر وصلَة مصدران وحرف الْجَرّ يتَعَلَّق باسم الْفَاعِل وَتَقْدِيره الَّذِي هجرني هجر الْكرَى وواصلي فِي مَوضِع رفع خبر الْغَرِيب الجرم الذَّنب والجريمة مثله تَقول مِنْهُ جرم وأجرم واجترم وأصل الجرم الْقطع وَمِنْه جرام النّخل الْمَعْنى يَقُول متمنيا لَيْت حَبِيبِي الَّذِي قد هجرني كهجر الْكرَى من غير ذَنْب وصلني كوصل الضنى جَسَدِي من أجل بعده عَن وصده يُرِيد أَن الضنى ملازم لَهُ فتمنى أَن يكون وصل الحبيب ملازما لَهُ مُلَازمَة الضنى جسده وَهُوَ معنى حسن ومطابقة جَيِّدَة بَين الهجر والوصل 3 - الْإِعْرَاب نصب تلونا على التَّفْسِير وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز أَن يكون مَفْعُولا لَهُ وَقَالَ الْخَطِيب على الْمصدر وَإِذا كَانَ قَوْلهم جَاءَ زيد مشيا ينْتَصب على الْحَال فأحرى أَن يكون تلونا كَذَلِك الْغَرِيب بِنَا تفرقنا من الْبَين وَهُوَ الْفِرَاق وحليتنا وصفتنا وَيُقَال حليت الرجل إِذا أظهرت حليته وامتقع لَونه إِذا تغير حَيَاء أَو خيفة الْمَعْنى يَقُول تفرقنا فلعظم مَا نالنا من ألم الْفِرَاق لَو أردْت أَن تصفنا مَا قدرت لتغير ألواننا فَكنت لَا تَدْرِي بِأَيّ لون تصفنا 4 - الْإِعْرَاب أَرَادَ أَن تخترق فَحذف أَن وبقى الْفِعْل مَرْفُوعا وَيجوز نَصبه بإضمار أَن على مَذْهَبنَا وروايتنا قَول طرفَة (أَلا أيُّهذا الزَّاجِرِي أحْضُرَ الوَغَى ... ) بِنصب أحضر مَعَ إِسْقَاط الناصب الْغَرِيب الشَّفَقَة الخيفة والمحبة وَهِي الِاسْم من الإشفاق وَكَذَلِكَ الشَّفق قَالَ ابْن الْمُعَلَّى (تَهْوَى حَياتي وَأهْوَى مَوْتها شفَقَا ... وَالمُوتُ أكْرَمُ نَزَّالٍ عَلى الحرَمِ) وأشفقت عَلَيْهِ فَأَنا مُشفق وشفيق وَإِذا قلت أشفقت مِنْهُ فَإِنَّمَا تعنى حذرته وَأَصلهَا وَاحِد وَلَا يُقَال شفقت وَقَالَ ابْن دُرَيْد شفقت واشفقت بِمَعْنى وَأنْكرهُ أهل اللُّغَة الْمَعْنى يَقُول لشدَّة مَا لَقينَا من الْفِرَاق وحرارة الوجد صَارَت أنفاسنا كالنار المتوقدة حَتَّى خفت أَن تحترق العواذل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 قَالَ الواحدي وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ ينم على مَا فِي قُلُوبهم من حرارة الْهوى وَقَالَ الْخَطِيب وَجه الإشفاق أَن ينم إحراقهن على مَا كَانُوا فِيهِ من حر أنفاسهم 5 - الْإِعْرَاب سكن زفرات ضَرُورَة وفعلة تجمع على فعلات بتحريك الْعين فِي الصَّحِيح نَحْو جَمْرَة وجمرات وثناء مَمْدُود وَإِنَّمَا قصره لِأَنَّهُ قافية وعنى الْوَقْف وفرادى اسْم جمع لفرد الْمَعْنى يَقُول أفدي بنفسي هَذِه المحبوبة الَّتِي قد ودّعتني فَكلما نظرت إِلَيْهَا نظرة أتبعتها زفرتين لشدَّة مَا فِي قلبِي من نَار الوجد 6 - الْغَرِيب الديدن الْعَادة تَقول مَا زَالَ ديدنه وديدانه وهجيراه أَي عَادَته قَالَ الراجز (وَلا تَزَال عِنْدَهُمْ جَفانُهُ ... دَيْدانُهُمْ ذَاكَ وَذَا دَيْدَانُه) والحوادث جمع حَادِثَة وَهِي مَا يحدثه الزَّمَان من شَرّ الْمَعْنى يَقُول أول مَا طرقني الدَّهْر بحوادثه أنكرتها وَقلت لم يقصدني وَإِنَّمَا أَخطَأ فِي قصدي فَلَمَّا كثرت عِنْدِي حوادثه عرفتها وَصَارَت عَادَة لي أَنْفك عَنْهَا وَلَا تُفَارِقنِي فألفها قَالَ الواحدي وَقد رَوَاهُ الْخَوَارِزْمِيّ ديدان بِكَسْر الدَّال الأولى كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنه مُعرب ديدن وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فيعل بِكَسْر الْفَاء وَمعنى الْبَيْت من قَول الآخر (رُوّعْتُ بِالبَينِ حَتَّى مَا أُرَاعُ لَهُ ... وَبالحَوَادِثِ فِي أهْلِي وَجِيرَاني) 7 - الْغَرِيب الفلا جمع فلاة وَتجمع أَيْضا على فلوات وفلى وَهِي الأَرْض الْبَعِيدَة والركائب جمع ركاب وَهِي الْإِبِل والموهن والوهن الْقطعَة من اللَّيْل وَالضُّحَى بعض النَّهَار فَإِن ضحوة النَّهَار بعد طُلُوع الشَّمْس ثمَّ بعده الضُّحَى وَهِي حِين تشرق الشَّمْس وَهِي مَقْصُورَة وتذكر وتؤنث فَمن أنث ذهب إِلَى أَنَّهَا جمع ضحوة وَمن ذكر ذهب إِلَى أَنه اسْم على فعل نَحْو صرد ونغر وَهُوَ ظرف غير مُتَمَكن مثل سحر تَقول لَقيته ضحى وضحى إِذا اردت بِهِ ضحى يَوْمك لم تصرفه ثمَّ بعده الضحاء بِالْمدِّ وَهُوَ عِنْد ارْتِفَاع النَّهَار الْأَعْلَى تَقول مِنْهُ أَقمت بِالْمَكَانِ حَتَّى أضحيت كَمَا تَقول من الصَّباح حَتَّى أَصبَحت وَمِنْه حَدِيث عمر بن الْخطاب يَا عباد الله أضحوا بِصَلَاة الضُّحَى يَعْنِي لَا تصلوها أَلا إِلَى ارْتِفَاع الضُّحَى الْمَعْنى يصف جلادته وشجاعته وَكَثْرَة أَسْفَاره وَأَنه قطع الدُّنْيَا شرقا وغربا وَقطع الفلا والركاب بِكَثْرَة الأتعاب وَقطع اللَّيْل وَالنَّهَار وَأَنه قطع الزَّمَان وَالْمَكَان وأفنى كلا مِنْهُمَا بِكَثْرَة أَسْفَاره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 - الْإِعْرَاب حذف التَّنْوِين من عمار لالتقاء الساكنين كَقَوْلِه تَعَالَى {وآتينا ثَمُود النَّاقة} قَرَأَهُ الْقُرَّاء كلهم بِغَيْر تَنْوِين وَكلهمْ صرف ثَمُود إِلَّا حَمْزَة وحفصا وَوَافَقَهُمَا أَبُو بكر فِي آخر سُورَة النَّجْم وَصرف الْكسَائي فِي مَوضِع الْجَرّ فِي هود عِنْد قَوْله لثمود وَقد يجوز عندنَا إِسْقَاط التَّنْوِين فِي الشّعْر وشاهدنا مَا رَوَاهُ الإمامان أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج النَّيْسَابُورِي وَأَبُو دَاوُد سُلَيْمَان السجيتاني فِي سنَنه قَول الْعَبَّاس بن مرداس يَوْم حنين للنَّبِي (وَما كَانَ حِصْنٌ وَلا حابسٌ ... يَفُوقانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ) فكلهم رَوَوْهُ مرداس من غير تَنْوِين الْغَرِيب يُقَال وقفت ووقفني زيد ووقفت دَابَّتي ووقفت وَقفا للْمَسَاكِين قَالَ الله تَعَالَى {وقفوهم إِنَّهُم مسئولون} وَأما قَوْله أوقفني فَمَعْنَاه عرضي الندى للوقوف الْمَعْنى يَقُول وقفت من الدُّنْيَا وَقد روى وقفت فِيهَا أَي فِي الدُّنْيَا حَيْثُ حَبَسَنِي الْجُود وَأدْركت من المدوح مَا تمنيت والمنى جمع منية وَهِي مَا يتمناه الْإِنْسَان من الْخَيْر وَهُوَ من المخالص الْحَسَنَة 9 - الْغَرِيب الجدي مَا أَعْطَيْت مجتديك والوعاء مَا يضم الشَّيْء ويحفظه وَمِنْه وعيت الْكَلَام كَأَنَّك جعلته فِي وعَاء والأزمن جمع زمَان تَقول زمَان وأزمن وأزمنة الْمَعْنى يَقُول لهَذَا الممدوح عَطاء يضيق عَنهُ الْوِعَاء وَلَو كَانَ الدهور أوعيته وَإِذا كَانَ الزَّمَان يضيق عَن شَيْء فحسبك بِهِ عظما وَكَثْرَة وسعة 10 - الْإِعْرَاب رفع شجاعة عطف على الْمُبْتَدَأ الَّذِي فِي الْبَيْت قبله وَهُوَ جدي وَأَن يجبنا فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ مصدر الْغَرِيب الجبان الضَّعِيف الْقلب الَّذِي يخَاف عِنْد ملاقاة الحروب الْمَعْنى يَقُول لَهُ شجاعة عَظِيمَة قد مَلَأت قُلُوب الرِّجَال فقد أغنته بذكرها عَن ملاقاتهم فَهِيَ لشهرتها فِي النَّاس تغنيه عَن إظهارها واستعمالها فَكل شُجَاع يخافه لما يسمع من شجاعته والجبان إِذا سمع مَا يتَكَرَّر من الثَّنَاء عَلَيْهِ من أجلهَا تمنى أَن يثنى عَلَيْهِ كَمَا أثنى على الممدوح فَيتْرك حِينَئِذٍ الْجُبْن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 - الْغَرِيب نيطت علقت والعانق أصل الْعُنُق من الْإِنْسَان ووالمحرب صَاحب الْحَرْب الممارس لَهَا وَالْكر خلاف الغر وَهُوَ أَن يحمل مرّة بعد أُخْرَى وَقَوله وَمَا أنثنى أَي عَمَّا يُرِيد الْمَعْنى ذكر الضَّمِير وَلم يذكر مَا يعود إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قد ذكر الْحَرْب وَالسيف أول آلانها فَقَالَ علقت حمائل سَيْفه بعانق رجل محرب ممارس للحرب قد عرفهَا وخبرها وجر بهَا مَا كرّ قطّ لِأَنَّهُ لم ينثن عَن حَرْب فَيحْتَاج إِلَى الْكر قَالَ أَبُو الْفَتْح الشُّعَرَاء الفصحاء القدماء والمحدثون قد يصفونَ الْكر بعد الانحياز لِأَن الْحَرْب خدعة وتحتاج إِلَى الإطراد والطرد إِلَّا أَنه بَالغ وَلم يَجعله يكر لِأَنَّهُ لَا ينثني وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا وَقَالَ الواحدي هَذَا مَنْقُول من قَول الآخر (وكَيْفَ أذْكُرُهُ إذْ لَسْتُ أنْساهُ ... ) 12 - الْإِعْرَاب أَن يطعن فِي مَوضِع نصب الْمَعْنى يَقُول هُوَ لشدَّة إقدامه فِي الْحَرْب لَا يرجع وَلَا يلْتَفت إِلَى خَلفه فَهُوَ أبدا مقدم فَكَأَنَّهُ يخَاف طَعنا من خَلفه فَهُوَ من خوف مَا وَرَاءه مقدم كَقَوْل بكر بن النطاح (كأنَّكَ عنْدَ الطَّعنِ فِي حوْمةِ الوَغى ... تَفِرُّ منَ الصَّفّ الَّذِي مِنْ وَرَائِكا) 13 - الْغَرِيب التَّوَهُّم خلاف التيقن والذهن الْعقل والفطنة وطابق بَين التَّوَهُّم والتيقن الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح اعتذر فِي هَذَا الْبَيْت من إفراطه وإقدامه وَجعله عَارِفًا بأعقاب الْأُمُور وأفرط فِيهِ أَيْضا وَنَقله الواحدي كَمَا ذكره أَبُو الْفَتْح وَزَاد أَن فطنته تقفه على عواقب الْأُمُور حَتَّى يعرفهَا يَقِينا لَا وهما 14 - الْغَرِيب الْجَبَّار الْعَظِيم الشَّديد الْبَطْش وبغتاته جمع بَغْتَة وَهُوَ مَا يَفْعَله فجاة وظل إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ وَأقَام على فعل الشَّيْء والمتكفن لَا بس الْكَفَن الْمَعْنى يَقُول إِن الرجل الْعَظِيم الْبَطْش يخَاف أَن يَأْخُذهُ الممدوح بَغْتَة ويهجم عَلَيْهِ من حَيْثُ لَا يدْرِي فيظل لابس كَفنه توقعا لبغتته قَالَ الواحدي وَيرى متلفنا والتلفن التندم على مَا فَاتَ يَعْنِي أَنه ينْدَم على معاداته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 - الْإِعْرَاب سَوف للاستقبال وَقد لما مضى وَجعلهَا بِمَنْزِلَة الْأَسْمَاء فأعربها وَثمّ للمكان الْبعيد وَهنا للقريب الْغَرِيب الْأَقْصَى الْبعيد الْمَعْنى يَقُول إِذا نوى أمرا فَكَأَنَّهُ يسابق نِيَّته بِوُقُوعِهِ فَيصير مَاضِيا وَالْمَكَان الْبعيد يصير عِنْده قَرِيبا فَمَا هُوَ عِنْد غَيره مُسْتَقْبل مَاض عِنْده وَمَا هُوَ عِنْد غَيره بعيد قريب عِنْده 16 - الْغَرِيب البضاضة مثل الغضاضة يُقَال غض بض أَي طري لين وَهِي رقة الْجِسْم مَعَ بَيَاض الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة ملامسته الدروع ولبسها فِي الْحَرْب قد صَار يجدهَا أخف من أَثوَاب الْحَرِير والين مَعَ أَنه ناعم الْجِسْم وَفِيه نظر إِلَى قَول البحتري (مُلُوكٌ يَعُدُّونَ الرّماحَ مَخاصِراً ... إذَا زَعْزَعُوها وَالدرُّوُعَ غَلائلا) 17 - الْإِعْرَاب فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير أَي فقد السيوف عِنْده أَمر من فقد الْأَحِبَّة فَقَوله فقد السيوف ابْتِدَاء خَبره أَمر وَالْجَار مُتَعَلق باسم التَّفْضِيل الْغَرِيب الأجفن جمع جفن وَيجمع على أجفان وجفون أَيْضا وَهُوَ غمد السيوف الْمَعْنى يَقُول فقد السيوف الْمُجَرَّدَة أَشد عَلَيْهِ من فقد أحبته وصفهَا بِأَنَّهَا فاقدة لغمودها لِأَنَّهَا أبدا مستعملة فِي الحروب 18 - الْإِعْرَاب أَن لَا يحسن فِي مَحل نصب لِأَنَّهُ مفعول الْإِحْسَان قَالَ الواحدي وَلَو قَالَ وَلَا إِحْسَان لَكَانَ أقرب إِلَى الْفَهم من اسْتِعْمَاله بالتعريف وَإِن كَانَ الْمَعْنى سَوَاء فَإِن قَوْلك أعجبني ضرب زيد أقرب من قَوْلك أعجبني الضَّرْب زيدا الْغَرِيب الْإِحْسَان الأول مصدر من أَحْسَنت الشَّيْء إِذا حذفته وعلمته وَالثَّانِي ضد الْإِسَاءَة قَالَه أَبُو الْفَتْح واستكن الشَّيْء إِذا خفى وَلم يظْهر والرعب الْخَوْف والفزع الْمَعْنى يَقُول الرعب لَا يستكن بَين ضلوعه أبدا لِأَنَّهُ شُجَاع لَا يخَاف من مَخْلُوق وَهُوَ لَا يحسن إِلَّا بِفعل الْجَمِيل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 وَقَالَ ابْن فورجة لَا يصبر حَتَّى يحسن وعَلى هَذَا الْإِحْسَان الْهم بِهِ أَي فَإِذا هم بِالْإِحْسَانِ لَا يثبت وَلَا يصبر حَتَّى يَفْعَله وَقَالَ الواحدي هُوَ لَا يحسن أَلا يحسن يُرِيد أَنه لَا يعرف ترك الْإِحْسَان فَلَو رام أَن لَا يحسن لَا يعرف ذَلِك وَلم يُمكنهُ وَقَالَ ابْن القطاع لَا يحسن ترك الْإِحْسَان وَقَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري الْإِحْسَان ضد الْإِسَاءَة يتَعَدَّى بِحرف الْجَرّ بِالْبَاء وَإِلَى قَالَ كثير (أسِيئي بِنا أوْ أحْسِني لَا مَلُومَةٌ ... لَدَيْنا وَلا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ) وَالثَّانِي يكون بِمَعْنى إجادة الْعَمَل إِذا كَانَ حاذقا فِي فعله وَفعله يتَعَدَّى بِنَفسِهِ قَالَ الله تَعَالَى {وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا} قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (وَقدْ زَعَمتْ بَسْباسَةُ اليَوْمَ أنِني ... كَبِرْتُ وَأنْ لَا يُحْسِنُ اللَّهوَ أمثالي) وَمعنى الْبَيْت من قَول الآخر (يُحْسِنُ أنْ يُحْسِنَ حَتَّى إِذا ... رَام سِوَى الإحسْانِ لمْ يُحْسِنِ) 19 - الْغَرِيب الاستنباط الاستخراج ونبط المَاء ينبط وينبط نبوطا نبع وأنبط الحفار أَي بلغ المَاء ودونت الشَّيْء إِذا جمعته فِي ديوَان أَي فِي كتاب الْمَعْنى يَقُول هُوَ من ذكائه وفطنته يسْتَخْرج بِعِلْمِهِ مَا فِي عده فِي يَوْمه أَي الَّذِي يَقع فِي غَد فَكَأَن مَا سَيكون قد كتب فِي علمه وَالْمعْنَى أَن علمه صَحْفَة الكائنات وَقد روى فِي يَوْمه مَا فِي غَد وَالْمعْنَى أَنه يسْتَدلّ بِمَا فِي يَوْمه على مَا يَقع فِي غده فيعرفه 20 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْحسن عفيف الدّين عَليّ بن عَدْلَانِ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة مثل بِالرَّفْع وَيكون على تَقْدِير هُوَ مثل يَعْنِي أَن الأفهام تتقاصر عَن هَذَا الممدوح فِي معرفَة حَقِيقَته فَهُوَ مثل علم الله تَعَالَى وَمن رَوَاهُ بِالنّصب يحْتَاج إِلَى حذف كثير يخل حذفه بِالْمَعْنَى وَيكون التَّقْدِير مثل تقاصر الأفهام عَن علم الله تَعَالَى الْغَرِيب الدنا جمع دنيا كالعلا جمع عليا والقصا جمع قصيا وَقَالَ الواحدي مثل الْكبر والصغر فِي جمع الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى الْمَعْنى يَقُول إفهام النَّاس قَصِيرَة فَهِيَ لَا تدْرك صفة هَذَا الرجل فقد تقاصرت عَن إِدْرَاكه كَمَا تقاصرت عَن علم الشَّيْء الْمُحِيط بالأفلاك وَالدُّنْيَا لِأَن أحدا لَا يعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 مَا وَرَاء الأفلاك ووراء الْعَالم إِلَى مَا يَنْتَهِي من الْأَعْلَى والأسفل وَالْمعْنَى تتقاصر الأفهام عَن إِدْرَاك الشَّيْء الَّذِي فِيهِ الأفلاك وَحذف لدلَالَة مَا تقدم على مَا حذف قَالَ أَبُو الْفَتْح لقد افرط جدا لِأَن الَّذِي فِيهِ الدُّنْيَا والأفلاك هُوَ علم الله تَعَالَى وتقدس 21 - الْغَرِيب الطليق الَّذِي أطلق من الْقَتْل وَجمعه طلقاء وَمِنْه الطُّلَقَاء الَّذين أطلقهُم رَسُول الله من الْقَتْل يَوْم فتح مَكَّة بقوله من دخل الْحرم فَهُوَ آمن وَمن دخل بَيت ابْن حَرْب فَهُوَ آمن ودان أطَاع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَا يدينون دين الْحق} وَحين بِضَم الْحَاء على رِوَايَة من رَوَاهُ بِهِ بمعي أهلك وَمن رَوَاهُ بِالْفَتْح على الْمَاضِي يُرِيد حِينه أَي أهلكه الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح من أفلت من سَيْفه فَهُوَ طليقة وَالَّذِي لَا يطيعه أحد المحينين يَعْنِي الهالكين وَالْمعْنَى من كَانَ لَا يطيعه وَلَا هُوَ من أهل طَاعَته فَهُوَ مِمَّن يهلكه 22 - الْغَرِيب القفول الرُّجُوع من سفر أَو غَزْوَة والسواحل بِلَاد السَّاحِل وَهُوَ جمع سَاحل كجامع وجوامع وَخَاتم وخواتم وصارم وصوارم الْمَعْنى يَقُول لما غبت عَنَّا اعترتنا لَك وَحْشَة فَلَمَّا رجعت إِلَيْنَا ذهبت تِلْكَ الوحشة إِلَى الْمَكَان الَّذِي فارقته 23 - الْغَرِيب أرج الطّيب بِالْكَسْرِ يأرج أرجا وأريجا إِذا فاح والأرج والأريج توهج ريح الطّيب قَالَ أَبُو ذُؤَيْب (كأنَّ عَلَيْها بَالَةً لَطَمِيَّةً ... لَها مِنْ خِلالِ الدَّأيَتَينِ أرِيجُ) البالة وعَاء الطّيب والدأية فقار الظّهْر والشذا الْمسك والشذا كسر الْعود والشذا شجر قَالَ عَمْرو بن الإطنابة (إذَا مَا مَشَتْ نادَى بِما فِي ثِيابها ... ذَكِيٌّ الشَّذَا وَالمَنْدَلِيُّ المُطَيرُ) وَيُقَال الشذا حِدة الرَّائِحَة الْمَعْنى يَقُول لما رجعت إِلَيْنَا طَابَ الطَّرِيق الَّذِي سلكته ففاحت رَائِحَته فَمَا مَرَرْت بطرِيق إِلَّا صَارَت فِيهِ الرَّائِحَة الطّيبَة مُقِيمَة مستوطنة لَا تُفَارِقهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 - الْإِعْرَاب محيية حَال الْعَامِل فِيهَا مدت الْمَعْنى يُرِيد أَن الشّجر جماد وَأَنه لَا يعقل فَلَو عقل الشّجر لما قابلته كَانَ مد إِلَيْك أغصانه تحييك وَلكنه لَا يعقل وَالشَّجر جمع شَجَرَة كتمرة وتمر وَهُوَ من الجموع الَّذِي بَينه وَبَين مفرده الْهَاء وَهَذَا الْمَعْنى كثير للشعراء قَالَ الفرزدق (يكادُ يُمسْكِهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ ... ) الْبَيْت وَقَالَ البحتري (فَلَوْ أنَّ مُشتْاقا تَكَلَّفَ فَوْقَ مَا ... فِي وُسْعِهِ لَسَعَى إلَيْكَ المِنْبرُ) وَقَالَ كثير (لَوْ كانَ حَيَّا قَبْلَهُن ظَعائِنا ... حَيَّا الحَطييمُ وُجوُهَهُنَّ وَزَمْزَمُ) الْغَرِيب التَّمَاثُل جمع تِمْثَال وَهِي الصُّور المنقوشة على القباب والقباب جمع قبَّة كحربة وحراب وجعبة وجعاب الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح بدر قد خرج من مَدِينَة ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَضربت القباب فَقَالَ إِن الصُّور الَّتِي فِيهَا تكَاد من صِحَّتهَا كَأَن الْجِنّ سلكتها فأدارت أعينها وَقَالَ الواحدي اشتاقت إِلَيْك الْجِنّ فتورات بماثيل القباب للنَّظَر إِلَيْك وتماثيل القباب هِيَ القباب قَالَ وَيجوز أَن يُرِيد بتماثيلها الصُّور الَّتِي تقشت فِيهَا أَي أَنَّهَا تَضَمَّنت من الْجِنّ أرواحا وَهَذَا معنى قَول ابْن حَنى لِأَنَّهُ قَالَ مَا أعلم أَنه وصفت صُورَة أَنَّهَا تكَاد تنطق بِأَحْسَن من هَذَا 26 - الْمَعْنى يَقُول لفرحنا بقدومك سالما طربت بِنَا مراكبنا وَهِي الْخُيُول حَتَّى أننا ظننا أَنَّهَا لَوْلَا الْحيَاء لرقصت بِنَا وَالْمعْنَى أَن فرحنا بقدومك غلب حَتَّى ظهر فِي الْبَهِيمَة الَّتِي لَا تعقل 27 - الْإِعْرَاب تَبَسم فِي مَوضِع الْحَال أَي باسما والجياد مُبْتَدأ وعوابس الْخَبَر الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد على غير قِيَاس وَهِي الْخَيل والعوابس جمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 عَابس وَهُوَ المكلح الْوَجْه والعبوس ضد التبسم وقابل فِيهِ بَين التبسم والعبوس وَالْحلق جمع حَلقَة وَهِي حَلقَة الْحَدِيد الَّتِي فِي الدروع والمضاعف الْكثير وضاعفت الشَّيْء إِذا جعلته أضعافا كَثِيرَة الْمَعْنى يَقُول لما قدمت إِلَى بلدك أَقبلت ضَاحِكا وجيادك عوابس لطول سَيرهَا وإثقالها بالدروع والقنا الطوَال وَمَا لاقت من شدَّة الحروب 28 - الْغَرِيب السنابك جمع سنبك وَهُوَ طرف مقدم الْحَافِر والعثير الْغُبَار والعنق ضرب من السّير شَدِيد قَالَ أَبُو النَّجْم (يَا ناقُ سِيرِي عَنَقا فَسيِحا ... إِلَى سُلَيْمانَ فَنَسْتَرِيحا) وَنصب نستريح لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر بِالْفَاءِ وَقَالَ قوم بل هونون التَّأْكِيد فَلَمَّا وقف أبدل مِنْهَا ألفا كَقَوْلِه تَعَالَى {ليسجنا} أَو عنق الْفرس وَفرس معناق جيد الْمَعْنى يَقُول عقدت سنابك الْخَيل فَوْقهَا غبارا كثيفا لَو طلب عَلَيْهِ السّير لأمكن من كثافته قَالَ الواحدي وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (لَما أتاكَ يَقُودُ جَيْشا أرْعَنا ... يَمْشِي عَلَيهِ كَثافَةً وَجُمُوعا) فنقله أَبُو الطّيب إِلَى الرهج لَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا أَخذه من معنى العتابي (تَبْنى سَنابِكُها مِنْ فوْقِ أرْؤُسهِمْ ... سَقْفا كَوَاكِبُهُ البِيضُ البَوَاتِيرُ) وَأَخذه العتابي من قَول الأول (وَأرْعَنُ فِيهِ لِلسَّوَابِغِ لُجَّةٌ ... وَسَقْفُ سَمَاءٍ أنْشَأتْهُ الحَوَافُر) 29 - الْغَرِيب خوافق مضطربة والمنية الْمَوْت والمنى جمع أُمْنِية وَهُوَ مَا يتمناه الْإِنْسَان من الْخَيْر الْمَعْنى يَقُول أَمرك مُطَاع فِي كل حَال حَتَّى فِي هَذِه الْحَالة عِنْد اضْطِرَاب الْقُلُوب فِي الحروب وَالنَّاس بَين قَاتل ومقتول قد وافقته منيته وَالْقَاتِل قد نَالَ أمْنِيته 30 - الْغَرِيب الظبي السيوف وَقَالَ الْجَوْهَرِي الظبة طرف السهْم وظبة السَّيْف طرفه وَأنْشد قَول بشامة بن حرى النَّهْشَلِي وَيُقَال فِيهِ ابْن حزن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 (إِذا الكُماةُ تَنَحَّوْا أنْ يَنالَهُمُ ... حَدُّ الظباةِ وَصَلنْاها بأيْدِيِنا) والسنى الْمَقْصُور الضَّوْء قَالَ تَعَالَى {يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار} الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَقُول عجبت من كَثْرَة السيوف حَتَّى زَالَ تعجبي لما كثرت وَرَأَيْت من الضَّوْء وتألق الْحَدِيد مَا خطف بَصرِي يُرِيد يَوْم قدومه رأى الأسلحة وَالسُّيُوف مَعَ الْعَسْكَر وَنَقله الواحدي وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب (عَلى أنَّها الأيَّامُ قَدْ صِرْنَ كُلُّها ... عَجائِبُ حَتى لَيْس فِيها عَجائبُ) 31 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت فِي نَفسك عَسْكَر وحولك من مكارمك عَسْكَر آخر وأراك معدنا من الْمَعَالِي أَي أصلأ لَهَا فالمعالي تُؤْخَذ مِنْك لِأَنَّك أَصْلهَا 32 - الْمَعْنى يَقُول قد عرفت مَا كَانَ من شكري وَالثنَاء عَلَيْك فِي حَال غَيْبَتِك وَلم أتعرض لضد ذَلِك لِئَلَّا ينمي إِلَيْك فَلَو لم أتركه إِلَّا لهَذَا لتركته فَكيف وَأَنا شَاكر لَك مثن عَلَيْك محب لآبائك وَكَانَ قد وشى إِلَيْك بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعَ هَذَا قد اعْترف بتقصير كَانَ مِنْهُ وَقد بَينه بعد لِأَن سِيَاق الأبيات يدل عَلَيْهِ 33 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي عَلَيْهِ يعود على مَا فعله وَقَالَ أَبُو الْفَتْح على مَا تَركه مَخَافَة أَن يفْطن الممدوح الْمَعْنى يَقُول صَار فراقك عُقُوبَة لي على مَا فعلته مِمَّا كرهته وَالضَّمِير فِي مِنْهُ يعود على الْفِرَاق وَقَوله قاسيت المقاساة الممارسة للشَّيْء بِمَشَقَّة وصعوبة 34 - الْغَرِيب حباه أعطَاهُ والحباء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ الْعَطاء قَالَ الفرزدق (خَالِي (خَالِي الَّذِي اغتَصَبَ المُلوكَ نُفوسَهم ... وَإلَيْهِ كَانَ حَباءُ جَفْنَةَ يُنقلُ) الْمَعْنى يَقُول فَاغْفِر لي ذَنبي الَّذِي جنيته فدى لَك نَفسِي وَأَهلي وَمَالِي وَأَعْطِنِي يعد عفوك عني عَطِيَّة تكون نَفسِي مِنْهَا لِأَنَّك إِذا عَفَوْت عني وأعطيتني كنت قد خصصتني بعطية هِيَ نَفسِي لِأَنَّهَا قد سلمت بسلامتها مِنْك فَهِيَ الْآن من عطيتك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 - الْغَرِيب الضلة ارْتِكَاب الضلال الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي كَانَ الْأَعْوَر بن كروس قد وشى بِهِ إِلَى بدر بن عمار لما سَار وَتَأَخر عَنهُ المتنبي وَجعل قبُوله مِنْهُ ضلة يُرِيد إِن أطعته فيّ ضللت يهدده بالهجاء وَيجوز أَن يكن أَرَادَ بالضلال مَا يَأْمر بِهِ من هجران المتنبي وحرمانه وَهَذَا أولى مِمَّا ذكره ابْن جنى من التهديد وعنى بِالْحرِّ نَفسه وبأولاد الزِّنَا الوشاة وَفِيه نظر إِلَى قَول مَرْوَان بن أبي حَفْصَة (مَا ضَرَّني حَسَدُ اللِّثامِ وَلمْ يَزَلْ ... ذُو الفَضْلِ يَحْسُدُ ذَووُ التقصِيرِ) وَإِلَى قَول حبيب (وّذُو النَّقْصِ فِي الدَنيا بِذِي الفَضْلِ مُولَعُ ... ) 36 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح اللذ عَنَّا يُرِيد الَّذِي عني وَفِي الَّذِي أَربع لُغَات الَّذِي واللذ بِلَا يَاء واللذ بِسُكُون الآخر وَالَّذِي بتَشْديد الْيَاء وَقَالَ الْخَطِيب اللذ عَنَّا كلمة وَاحِدَة وَهِي الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مواراة وَالْعَامِل فِي الظّرْف الْفِعْل الْمَاضِي الْمَعْنى لما ذكر فِي الْبَيْت الَّذِي قبله أَوْلَاد الزِّنَا بَين أَنه قد عرض بأولاد الزِّنَا وَقد فهمه من عناه بِهَذَا الْكَلَام 37 - الْغَرِيب السُّفَهَاء جمع سَفِيه وَهُوَ الَّذِي لَا عقل لَهُ وَلَا رأى أَصله الَّذِي لَا يعرف أَن يدبر أمره وَالْأَصْل فِيهِ الخفة وَالْحَرَكَة وتسفهت الرّيح الشّجر أَي مَالَتْ بِهِ قَالَ ذُو الرمة (جَريْنَ كَمَا اهْتزتْ رِماحٌ تَسَفَّهتْ ... أعاليِها مَرُّ الرّياحِ النَّوَاسِمِ) وتسفهت فلَانا عَن مَاله إِذا خدعته عَنهُ الْمَعْنى يُرِيد أَن السَّفِيه كَيده رَاجع إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يحسن التَّدْبِير فَإِذا فعل شَيْئا فعله شَيْئا فعله جَاهِلا من غير روية وَلَا نظر وعنى بالسفهاء الَّذين وشوا بِهِ إِلَى بدر وعداوة الشُّعَرَاء تهديد بالهجاء يُرِيد أَنه إِذا عودي الشَّاعِر جعل فِي عرض عدوه مَا يبْقى عَلَيْهِ بَقَاء الدَّهْر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 - الْغَرِيب الضيفن الَّذِي يَجِيء مَعَ الضَّيْف ونونه زَائِدَة وَهُوَ فعلن إِذا أَخذ من الضِّيَافَة وَإِن أَخذ من الضفن وَهُوَ الثقيل الْكثير اللَّحْم فوزنه فيعل وَالْمَرْأَة ضفنة بِكَسْر الضَّاد قَالَ الشَّاعِر (إذَا جاءَ ضَيْفٌ جاءَ للضَّيْفِ ضَيْفَنٌ ... فأودَى بِمَا تُقْرَى الضُّيُوفُ الضَّيافِنُ) الْمَعْنى يَقُول معاشرة اللَّئِيم ومخالطته مذمومة تجر لصَاحِبهَا الندامة فَهِيَ كضيف مَعَه ضيفن فعاقبتها غير محمودة وَالْأَصْل فِي هَذَا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام جليس السوء كصاحب الْكِير إِن لم يصبك من شرره أَصَابَك من دخانه والجليس الصُّلْح كالداري يَعْنِي الْعَطَّار إِن لم يصبك طيبه أَصَابَك من رِيحه 39 - الْغَرِيب الرزء الْمُصِيبَة وَكَذَلِكَ الرزية والحسود الَّذِي يتَمَنَّى زَوَال نِعْمَتك والغابط الَّذِي يتَمَنَّى أَن يكون لَهُ مثلك من النِّعْمَة الْمَعْنى يَقُول إِذا رَأَيْتُك رَاضِيا عني هُوَ مُصِيبَة تحل بحاسدي وبلاء أعظم مَا يكون من الْبلَاء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يتَمَنَّى أَن تسخط على 40 - الْمَعْنى يَقُول أجمع على فضلك ألسن الْمُخْتَلِفين فِي الْأَدْيَان فَالَّذِي يكفر بِاللَّه من غَيرنَا مُؤمن من بِفَضْلِك مقرّ بِهِ أَي الَّذِي يخالفنا فِي الْإِيمَان يوافقنا فِي الْإِقْرَار بِفَضْلِك 41 - الْغَرِيب الغزالة الشَّمْس وعضت زيدا من كَذَا وأعضته وعوضته الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا سِيبَوَيْهٍ لَا يُجِيز تَقْدِيم ضمير الْغَائِب الْمُتَّصِل على الْحَاضِر وَالصَّوَاب عِنْده أعاضها إياك وَأَبُو الْعَبَّاس يُجِيزهُ وَالصَّوَاب عِنْد أهل النَّحْو إِذا اجْتمع ضمير الْمُخَاطب وَالْغَائِب فَالْوَاجِب تَقْدِيم ضمير الْمُخَاطب فَكَانَ الْوَاجِب فأعاضكها الله وَعند الْأَخْفَش يجب أَن يكون ضمير الْغَائِب مُنْفَصِلا يُرِيد إِيَّاه وَإِيَّاهَا الْمَعْنى يَقُول الْبِلَاد إِذا خلت من الشَّمْس فِي اللَّيْل جعلك الله عوضا مِنْهَا للبلاد قَالَ الْخَطِيب وَأَبُو الْفَتْح قَالَ من يوثق بِهِ إِن أَبَا الطّيب أنْشدهُ (خَلَتِ البَلادُ مِنَ النَّبيّ مُحَمَّدٍ ... ) ثمَّ غَيره بقوله من الغزالة لَيْلهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 - 1 الْإِعْرَاب يُرِيد ذُو شجون أَي ذُو فنون فَحذف الْمُضَاف وَفصل بَين اسْم إِن وخبرها بِالْجُمْلَةِ لما فِيهِ من الشدائد وأجراه مجْرى التوكيد كَقَوْل الآخر (وَقدْ أدْركَتْني وَالحَوادثُ جَمَّة ... أسِنَّةُ قَوْمٍ لَا ضِعافٍ وَلا عُزْلِ) الْغَرِيب الحَدِيث ذُو شجون أَي يدْخل بعضه فِي بعض وَهُوَ من الشجنة بِكَسْر الشين وَضمّهَا عروق الشّجر المشتبكة وشجنة رحم أَي قرَابَة مشتبكة وَفِي الحَدِيث الرَّحِم شجنة من الله أَي الرَّحِم مُشْتَقَّة من الرَّحْمَن يَعْنِي أَنَّهَا قرَابَة من الله عز وَجل مشتبكة كاشتباك الْعُرُوق الْمَعْنى يَقُول يَا بدر إِنَّك من لم يكن مثله وَأَشَارَ بقوله والْحَدِيث شجون إِلَى أَن تَحت قولي من لم يكن الخ مَعَاني كَثِيرَة لَا تحصى لِأَنَّك من لم يكون الله مثله 2 - الْغَرِيب جبرين اسْم أعجمي للْعَرَب فِيهِ لُغَات وَقد قَرَأت الْقُرَّاء بهَا فَقَرَأَ عبد الله بن كثر جِبْرِيل بِفَتْح الْجِيم من غير ز وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو بِكَسْر الْجِيم من غير همز وَكَذَلِكَ ابْن عَامر وَحَفْص وَقَرَأَ أَبُو بكر بِفَتْح الْجِيم وَالرَّاء والهمز وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ مثله إِلَّا أَنَّهُمَا أَتَيَا بياء بعد الْهمزَة وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ جبرين بالنُّون وَفِي رِوَايَة عَن الْحسن جبرال بِفَتْح الْجِيم وَزِيَادَة ألف من غير همز وَقد قَالُوا فِي إِسْرَائِيل وَإِسْمَاعِيل إسرائين وإسمعين الْمَعْنى يَقُول لَو كنت أَمَانَة لَكُنْت عَظِيما لَا يؤتمن عَلَيْهَا الْأمين جِبْرِيل مَعَ أَنه مؤتمن على وَحي الله قَالَ الواحدي وَهَذَا إفراط وَتجَاوز حد يدل على رقة دين وسخافة عقل بل يدل على زندقة وَكفر 3 - الْإِعْرَاب جعل الظرفين اسْمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا مَا تُعْطى الْأَسْمَاء وَنصب خَالِيا على الْحَال الْغَرِيب الْبَريَّة الْخلق قَالَ الْفراء إِن أخذت من الْبري وَهُوَ التُّرَاب فأصله غير الْهَمْز تَقول مِنْهُ براه الله يبروه بروا أَي خلقه وَقيل أَصله الْهَمْز وَالْجمع البرايا والبريات وَلِهَذَا اخْتلف الْقُرَّاء فِيهِ فقرأه بِالْهَمْز نَافِع وَابْن ذكْوَان عَن ابْن عَامر وقرأت بهما على شَيْخي الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ النَّاس بَعضهم مَعَ بعض وَكنت خَالِيا مِنْهُم لم تكن مَعَهم يرفع بَعضهم على بعض وَإِذا حضرت كَانَ الَّذِي هُوَ فَوق النَّاس دُونك لشرفك عِنْدهم ولعظم قدرك أَي إِذا خلا النَّاس اخْتلفُوا وتباينوا فَإِذا حضرت اسْتَووا كلهم فِي التَّقْصِير عَنْك وَصَارَ أَشْرَفهم وأعظمهم صَغِيرا عِنْد قدرك الحديث: 268 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 - 1 الْغَرِيب أغراض جمع غَرَض وَهُوَ الهدف الَّذِي يَرْمِي فِيهِ والفطن جمع فطنة وَهِي الْعقل والذكاء الْمَعْنى يَقُول الْفُضَلَاء من النَّاس للزمان كالأغراض يرميهم بنوائبه وصروفه ويقصدهم بالمحن فَلَا يزالون محزونين وَإِنَّمَا يَخْلُو من الْحزن والفكر من كَانَ خَالِيا من الفطنة والبصيرة وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم قَالَ الْحَكِيم على قدر الهمم تكون الهموم وَذَلِكَ أَن الْعَاقِل يفكر فِي عواقب الْأُمُور فَلَا يزَال مهموما وَأما الْجَاهِل فَلَا يفكر فِي شَيْء من هَذَا وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فِيهِ قَالَ ذُو الإصبع (أطافَ بِنا رَيبُ الزَّمانِ فَدَاسَنا ... لَهُ طائِفٌ بالصّالِحين بَصِيرُ) وَقَالَ البحتري (ألم تَرَ لِلنّوَائِب كَيْفَ تَسْمُو ... إِلَى أهْلِ النَّوَافِلِ وَالفُضُولِ) 2 - الْغَرِيب الجيل ضرب من النَّاس وَلَقَد أضلّ مِنْكُم جيلا بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تَحت الحديث: 269 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 وسواسية متساوون فِي الشَّرّ دون الْخَيْر الْوَاحِد سَوَاء من غير لَفظه والسقم الْمَرَض يُقَال سقم وسقم كحزن وحزن الْمَعْنى يَقُول نَحن فِي قرن من النَّاس قد تساووا فِي الشَّرّ دون الْخَيْر فَمَا فيهم أحد يركن إِلَيْهِ 3 - الْغَرِيب يرْوى خلق بِالْخَاءِ وَبِالْحَاءِ فبالحاء الْجَمَاعَة من النَّاس جمع حَلقَة وَبِالْحَاءِ جمع خلقَة وَهِي الصُّورَة والاستفهام عَمَّن يعقل بِمن وَعَما لَا يعقل بِمَا تَقول للْجَمَاعَة من النَّاس من أَنْتُم وَتقول لمالا يعقل مَا هَذِه الْقطعَة أغنم أم إبل أم خيل فَمن لما يعقل وَمَا لما لَا يعقل وَأما قَوْله تَعَالَى {فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم من يمشي على رجلَيْنِ وَمِنْهُم من يمشي على أَربع} فتقديره فَمنهمْ الْجِنْس الَّذِي يمشي وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مُعَارضَة وَمن على بَابهَا وَمَا على بَابهَا الْمَعْنى يَقُول حَولي من هَؤُلَاءِ النَّاس جمَاعَة كَالْبَهَائِمِ فَإِذا قلت من أَنْتُم أَخْطَأت فِي القَوْل لِأَنَّك خاطبت مَالا يعقل بِمَا يُخَاطب بِهِ من يعقل بل إِذا أردْت أَن تَقول لَهُم من أَنْتُم فَقل مَا أَنْتُم وَفِيه نظر إِلَى قَوْله تَعَالَى {إِن هم إِلَّا كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا} 4 - الْغَرِيب قروت الْمَكَان واستقريته واقتريته إِذا تتبعته فَقَوله لَا أفتري أَي لَا أتتبع الْبِلَاد أَي لَا أخرج من بلد إِلَى بلد والمضطغن هُوَ من الضغن وهوا لحقد الْمَعْنى يَقُول لَا أسافر من بلد إِلَى بلد إِلَّا على غرر أَي خطر أخاطر بنفسي فَأَنا أسافر على خطر على نَفسِي من الحساد والأعداء وَلَا أَمر بِأحد إِلَّا وَله عَليّ حقد وعداوة وَذَلِكَ أَنه يعاديني لفضلي وجهله والجهال أَعدَاء لِذَوي الْفضل 5 - الْغَرِيب الْأَمْلَاك جمع ملك كجمل وأجمال والوثن الصَّنَم وَجمعه وثن وأوثان مثل أَسد وَأسد وآساد الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لَا أخالط أحدا من مُلُوكهمْ إِلَّا وَهُوَ يسْتَحق الْقَتْل كالصنم الَّذِي يسْتَحق أَن يكسر ويفصل بَين رَأسه وبدنه حَتَّى لَا يكون على خلقَة الْإِنْسَان قَالَ وَيجوز أَن يكون ضرب الرَّأْس كِنَايَة عَن الإذلال يَقُول هُوَ أَحَق بالإذلال من الوثن إِنَّمَا خص الوثن لِأَنَّهُ صُورَة لَا معنى لَهُ يفتن قوما يعبدونه وتمثال لَا يضر وَلَا ينفع 6 - الْغَرِيب التعنيف التَّعْبِير واللوم وَقَوله أَنِّي أَي أفتر وَمِنْه قَوْله تَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 {وَلَا تنيا فِي ذكري} وَمِنْه الأناة من النِّسَاء وَهِي الَّتِي فهيا فتور عِنْد الْقيام وتأن قَالَ النميري (رَمَتْهُ أناةٌ منْ رَبِيعَةِ عامِرٍ ... نَؤُومُ الضُّحَى فِي مأتمٍ أيّ مأتمِ) الْمَعْنى يَقُول أَنا ألومهم وأعيرهم بِمَا هم فِيهِ من الْغَفْلَة والجهالة وأعذرهم وأعود على نَفسِي باللوم وأترك لومهم لأَنهم جهال وَمن كَانَ جَاهِلا لَا يلام على ترك الْفَضَائِل والمكارم وَالرَّغْبَة عَن الْمَعَالِي 7 - الْغَرِيب الرسن الْحَبل وَجمعه أرسان ورسنت الْفرس فَهُوَ مرسون وأرسنته أَيْضا إِذا شددته بالرسن قَالَ ابْن مقبل (هَرِيْتٌ قَصِيرُ عِذَارِ اللِّجامِ ... أسِيلٌ طَوِيلُ عِذَا الرَّسَنْ) وَاسْتعْمل فَصَارَ مَخْصُوصًا بالحبل الَّذِي تقاد بِهِ الدَّابَّة الْمَعْنى يَقُول الْجَاهِل لَا يحْتَاج وَلَا يفْتَقر إِلَى أدب لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عقل فَأول مَا يحاج إِلَيْهِ الْإِنْسَان الْعقل الَّذِي يعقل بِهِ ثمَّ بعد ذَلِك يتأدب فَإِذا عدم الْعقل لم يحْتَج إِلَى أدب كالحمار ألذ لَيْسَ لَهُ رَأس لَا يحْتَاج إِلَى حيل يُقَاد بِهِ وَهَذَا كَلَام حسن من كَلَام الْحَكِيم الْحسن قبل المحسوس وَالْعقل قبل الْمَعْقُول 8 - الْإِعْرَاب ومدقعين فِي وضع جر بِتَقْدِير رب أَو بِالْوَاو على المذهبين الْغَرِيب المدقع الَّذِي لَا شَيْء لَهُ فَهُوَ من دقع بِالْكَسْرِ إِذا لصق بِالتُّرَابِ والدقعاء التُّرَاب والدقع سوء احْتِمَال الْفقر وَفِي الحَدِيث إِذا جعتن دفعتن أَي لزقين بِالتُّرَابِ وخضعتن والبروت الأَرْض الَّتِي لَا نبت بهَا وَمِنْه قيل للقبر سبروت وَالْحلَل جمع حلَّة وَمِنْه قَول عمر لما أعطَاهُ رَسُول الله حلَّة مَا أصنع بهَا وَقد قلت فِي حلَّة عُطَارِد مَا قلت وَكَانَ عمر قد رأى حلَّة سيراء تبَاع فِي السُّوق فَقَالَ يَا رَسُول الله لَو اشْتَرَيْتهَا تلبسها للْجُمُعَة وللوفود فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا يلبسهَا من لَا خلاق لَهُ والدرن الْوَسخ والقذر الْمَعْنى رب قوم صعاليك يَجْلِسُونَ لفقرهم على التُّرَاب صحبتهم عارين من الثِّيَاب كاسين من الْوَسخ والقذر 9 - الْإِعْرَاب خراب صفة لمدقعين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 الْغَرِيب خراب جمع خارب وَهُوَ الَّذِي يسرق الْإِبِل خَاصَّة وغرثى جمع غرثان وَهُوَ الجائع وَمكن جمع مكنة وَهُوَ بيض الضَّب الْمَعْنى يَقُول هَؤُلَاءِ قوم يسرقون الْإِبِل وَلَيْسَ لَهُم طَعَام يَأْكُلُونَهُ فَمن جوعهم أكلون بيض الضباب يأخذونه من الفلاة بِلَا ثمن 10 - الْغَرِيب طاش السهْم إِذا لم يصب وَخرج عَن صوب الرَّمية والظنن من الظَّن وَهُوَ جمع ظنة الْمَعْنى يَقُول هم يستخبرون عَن خبري وَأَنا أكتمهم أَمْرِي وهم لَا تخطىء ظنونهم بِأبي المتنبي الَّذِي سمعُوا بِهِ وَلَكِنِّي أكتم خبري مِنْهُم خوفًا من غائلتهم وَهُوَ من فوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام اسْتَعِينُوا على أُمُوركُم بِالْكِتْمَانِ 11 - الْغَرِيب الْخلَّة الْخصْلَة المحمودة والمذمومة والوهن من وَهن يهن ووهن يوهن الْمَعْنى يَقُول رب خصْلَة مذمومة فِي جليس لي استقبلته بِمِثْلِهَا يُرِيد أتخلق بِمِثْلِهَا حَتَّى يظنّ أنني مثله فِي ضعف الرَّأْي لِأَنِّي أفعل كَفِعْلِهِ يُرِيد أَنه يفعل مَا يخفى بِهِ عَن أَصْحَابه أمره حَتَّى لَا يعرفونه وَمعنى الْبَيْت من قَول الآخر (أُحامِقُهُ حَتى يَقُولَ سَجيَّةٌ ... وَلوَ كانَ ذَا عَقْلٍ لكنتُ أُعاقلُهُ) 12 - الْغَرِيب اصل الْإِعْرَاب التَّبْيِين وَمِنْه وَالثَّيِّب تعرب عَن نَفسهَا وأصل اللّحن الْعُدُول عَن الظَّاهِر وَالْقَصْد ولحن فِي مَنْطِقه يلحن لحنا إِذا ترك الصَّوَاب وَيُسمى الفطن لحنا وَمِنْه الحَدِيث وَلَعَلَّ أحدكُم أَلحن بحجته أَي أفطن لَهَا الْمَعْنى يَقُول رب كَلَام أردْت ترك الْإِعْرَاب فِيهِ لِئَلَّا يَهْتَدِي إليّ وَلَا يعلم أَنِّي أَنا المتنبي فَلم أقدر على ذَلِك يُرِيد أَنه مطبوع على الفصاحة لَا يقدر أَن يفارقها إِلَى الْخَطَأ 13 - الْغَرِيب النَّازِلَة الْحَادِثَة والمصيبة تنزل بالإنسان الْمَعْنى يَقُول صبري قد جعل كل حَادِثَة تنزل بِي سهلة وعزمي على الْأَشْيَاء الصعبة ألان لي كل مركب خشن فَلَا أستخشن الخطوب الصعبة بل أَصْبِر عَلَيْهَا وَلَا أشتكي النَّوَازِل وَإِذا عزمت على أَمر عَظِيم صغره عزمي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 - الْغَرِيب القتلة بِالْفَتْح الْمرة الْوَاحِدَة وَهِي اسْم لحالة الْمَقْتُول الْمَعْنى يَقُول كم من خلاص وعلو لمن خَاضَ المهالك وَكم من قتل مَعَ الذَّم للجبان يَعْنِي كثيرا مَا يخلص خائض المهالك مَعَ مَا يكْسب من الرّفْعَة وَكَثِيرًا مَا يقتل الجبان مذموما 15 - الْغَرِيب المضيم الْمَظْلُوم وَالْبزَّة اللبَاس الْحسن وَيُقَال أَيْضا اللبَاس الْخلق وراقه الشَّيْء أعجبه والدفين المدفون الْمَعْنى يَقُول الْمَظْلُوم الَّذِي لَا يقدر على الدّفع عَن نَفسه كالميت فالميت لَا يعجب يعجب بِحسن كَفنه فَكَذَلِك الْمَظْلُوم لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يعجب بِحسن بزته وَقَالَ الْخَطِيب لَا يعجب الذَّلِيل بِحسن ثَوْبه فَهُوَ مثل الَّذِي دفن وَالْمَيِّت لَا يعجب بِحسن الْكَفَن وَهَذَا مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم قَالَ الْحَكِيم لَيْسَ جمال الظَّاهِر من الْإِنْسَان مِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على حسن فعله وفضله 16 - الْغَرِيب يُقَال عِنْد التَّعَجُّب من شَيْء لله هُوَ وَهَذَا كثير فِي الْكَلَام وَالشعر والإخلاف ضد الإنجاز والمطل تردد الْغَرِيم مطله بِدِينِهِ إِذا مَا داه وَلم يقضه وطابق بَين الِاقْتِضَاء والمطل الْمَعْنى يَقُول الْحَال الَّتِي أطلبها وَأَرْجُو بُلُوغهَا يخلفني فِيهِ الْقَادِر على قَضَائهَا فَلَا ينجز وعدى وَإِذا سَأَلت الدَّهْر أَن يكونها لي مطلني فَكلما اقتضيت دهري بهَا مطلني 17 - الْغَرِيب الْحصن جمع حصان وَهُوَ الذّكر من الْخَيل وَلَا يُسمى بِهِ إِلَّا الذّكر الْفَحْل من الْخَيل الْمَعْنى يَقُول مدحت قوما لم يستحقوا الْمَدْح لبخلهم وجهلهم وَلَكِن إِن عِشْت غزوتهم بخيل إناث وذكور وَجعل الْخَيل كالقصائد الْمُؤَلّفَة الَّتِي مدحهم بهَا 18 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قوافيها للقصائد وَهِي ابْتِدَاء وَالْخَبَر مقدم وَالْمعْنَى قوافيها تَحت العجاج ومضمرة حَال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 الْغَرِيب القوافي جمع قافية وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي تكون فِي آخر الْبَيْت والقافية أَيْضا القصيدة وَالْأُذن الْجَارِحَة وتخفف وتثقل وَقَرَأَ نَافِع بِالتَّخْفِيفِ الْمَعْنى يَقُول قوافي القصائد خيل مضمرة تَحت العجاج وَلَيْسَت من القوافي الَّتِي إِذا أنشدت دخلت فِي الْأذن لِأَن هَذِه القوافي خيل ووصفها بالتضمير وَهُوَ مدح للخيل وَكَذَا القوافي فِي الشّعْر إِذا جَادَتْ جاد الشّعْر قَالَ ابْن الْأَعرَابِي استجيدوا القوافي فَإِنَّهَا حوافر الشّعْر وَهَذَا من عَادَة المتنبي التهدد والقعقعة عَن غير أصل 19 - الْإِعْرَاب مدفوعا نصب على الْحَال وَكَذَلِكَ مغرورا الْغَرِيب الْجدر جمع جِدَار وَهُوَ الْحَائِط والدخن الْفساد والعداوة فِي الْقلب وَمِنْه الحَدِيث هدنة على دخن وَكَذَلِكَ الدخل وَهُوَ الْفساد والغش الْمَعْنى يَقُول لست مِمَّن يعتصم فِي الْحَرْب بالجدر فَيدْفَع عَلَيْهَا قَالَ الواحدي روى ابْن جنى مَرْفُوعا بالراء أَي يرفع إِلَى الْجدر فيحارب عَلَيْهَا أَي لَا أصالح أعدائي على بذل الرِّضَا إِذا غدروني ونافقوني 20 - الْغَرِيب الْبَيْدَاء الأَرْض الْبَعِيدَة والصهر الإذابة ويصهره يذيبه وصهرت الشَّمْس دماغه أذابته والهواجر جمع هاجرة الْمَعْنى يَقُول أَنا مخيم على هَذِه الْحَال لَا أركن إِلَى الدعة فِي عَسْكَر عَظِيم تضيق بِهِ الصَّحرَاء يذيبهم حر الهواجر فِي فتن صم شَدِيدَة وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى فِي فتن لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا كالحية الصماء الَّتِي تعجز الراقي 21 - الْغَرِيب باد الشَّيْء هلك وأباده غَيره أهلكه والخصيبي هُوَ الممدوح نِسْبَة إِلَى الْجد الْمَعْنى يَقُول الْكِرَام الَّذين هَلَكُوا ورثوه مكارمهم فَهُوَ يستعملها عِنْد مَا يلْزمه من الْفَرِيضَة وَالسّنة فَصَارَت مَكَارِم الْكِرَام عِنْده تَحت تصرفه 22 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي فهن يعود على المكارم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 الْغَرِيب أصل الْحجر الْمَنْع وَحجر القَاضِي على فلَان مَنعه من التَّصَرُّف والمنن جمع مِنْهُ وَهُوَ مَا يمن بِهِ الْإِنْسَان على صَاحبه الْمَعْنى يَقُول المكارم تَحت حجره وتصرفه يستعملها كَيفَ شَاءَ حَيْثُ شَاءَ ولكما عرضت لَهُ الْأَيْتَام بَدَأَ هم بالمجد فِيمَن عَلَيْهِم وَيحسن إِلَيْهِم قَالَ الواحدي وَإِنَّمَا ذكر الْيَتَامَى لِأَنَّهُ يمدح قَاضِيا وَالْقَاضِي متكفل أَمر الْيَتَامَى وَقَالَ ابْن فورجة يَعْنِي أَن المكارم قل راغبوها وَكَانَ لَهَا من الْكِرَام آبَاء فَلَمَّا هَلَكُوا كفلوها هَذَا الممدوح لِأَنَّهُ قَاض والقضاة يتكفلون الْأَيْتَام فجعلوه كفيلها فَهُوَ يُرَبِّيهَا مَعَ سَائِر الْأَيْتَام غير أَنه يُؤثر المكارم بِحسن التربية على سَائِر الْأَيْتَام وَهَذَا معنى قَوْله كلما عرضت لَهُ الْيَتَامَى بَدَأَ بالمجد والمنن أَرَادَ بَدَأَ بالمكارم فَأَقَامَ الْمجد والمنن مقَامهَا لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهَا قَالَ الواحدي قد تكلّف وَلم يعرف الْمَعْنى 23 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ قَاض ذكى فطن إِذا اخْتلف الْأَمْرَانِ عَلَيْهِ واشتبها ظهر لَهُ رأى يفصل بِهِ بَين مَالا يُمكن الْفَصْل فِيهِ وَهُوَ المَاء إِذا اخْتَلَط بِاللَّبنِ 24 - الْغَرِيب الوسن النعاس وَالسّنة مثله وَقد وَسن يوسن فَهُوَ وَسنَان واستوسن مثله والغض الطري الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح ليلته طَوِيلَة لسهره فِيمَا يكسبه من الدّين والشرف وَالْفَخْر وَلَيْسَ هُوَ مِمَّن يقصر ليله باللذات وَقَالَ الواحدي فِيهِ وَجْهَان فَذكر هَذَا وَقَالَ الثَّانِي أَرَادَ بِالْفَجْرِ بَيَاض الشيب وبالليل سَواد الشَّبَاب لِأَن بَيَاض الشيب بعيد عَنهُ لِأَنَّهُ شَاب غض الشَّبَاب وَقَوله مُجَانب الْعين أَي عينه بعيدَة عَن النّظر إِلَى مَالا يحل وَعَن النّوم أَيْضا لطول سهره 25 - الْغَرِيب النشح الشَّرَاب الْقَلِيل دون الرّيّ نشح نشحا ونشوحا قَالَ ذُو الرمة (فانْصَاعتِ الحُقْبُ لمْ تُقْصَعْ ضرَائرُها ... وَقدْ نَشَحْنَ فَلا رِيٌّ وَلا هِيَمُ) الْمَعْنى يَقُول طَعَامه قَلِيل وَشَرَابه قَلِيل يطعم الطَّعَام الَّذِي يُقيم بِهِ جِسْمه لِأَنَّهُ لَا يَأْكُل للشبع وَلَا يشرب للري وَقَالَ الْحَكِيم النَّاس يحبونَ الْحَيَاة ليأكلوا وَأَنا آكل لأحيا والنشح أول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 الشّرْب ثمَّ التغمير ثمَّ الرّيّ ثمَّ النَّقْع والتحبيب ثمَّ البغر - // \. وَهُوَ عَطش يَأْخُذ الْإِبِل فَتَشرب فَلَا تروى وتمرض وَتَمُوت قَالَ الفرزدق (فَضُلْتُ مَا هُوَ إلاَّ السَّامُ تَرْكَبُهُ ... كَأنَّما المْوتُ فِي أجنْادِهِ البَغرُ) 26 - الْإِعْرَاب الصدْق بِالْجَرِّ وَالنّصب فالنصب على معنى الَّذِي يَقُول الصدْق فَهُوَ يَقُول الصدْق فِي الْحَال والاستقبال فَهُوَ صَادِق على الدَّوَام وَمن جر وَجعله الْمَاضِي مَعْنَاهُ الَّذِي قان الصدْق وَدَلِيل الْخَفْض عجز الْبَيْت وَالْوَاحد الْحَالَتَيْنِ السِّرّ والعلن على الْبَدَل مِنْهُمَا الْغَرِيب السِّرّ مَا يسره الْإِنْسَان والإعلان ضِدّه وأضر بِهِ إِذا حمله على الضّر الْمَعْنى يَقُول هُوَ يَقُول الصدْق وَإِن كَانَ مضرا بِهِ وَلَا يضمر خلاف مَا يظْهر فسره كعلنه والصدق نَافِع وَإِن كَانَ فِيهِ ضَرَر فقد روى أَن الْحجَّاج طلب ولد الربعِي ابْن حِرَاش الْكُوفِي وَكَانَ صَادِقا مَا كذب قطّ فَقيل لَهُ سَله عَنهُ فَإِنَّهُ يصدقك فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج يَا ربعي أَيْن ابْنك فَقَالَ فِي بَيْتِي فَقَالَ قد عَفَوْنَا عَنهُ لصدقك 27 - الْغَرِيب عي بِالْأَمر إِذا عجز عَنهُ والساهي الغافل والذهن الفطن الذكي الْمَعْنى يَقُول يفصل بِرَأْيهِ وَعلمه الحكم الَّذِي عجز عَنهُ السَّابِقُونَ وَيظْهر حق الْخصم الغافل على الْخصم الذكي 28 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ مَعْرُوف عِنْد النَّاس بأفعاله الْكَرِيمَة وَقد عرف أَنه من ولد الخصيب فَلَو لم ينتسب مَعَ أَفعاله لعرفناه كَمَا يسْتَدلّ بالغصن على الأَصْل وَهَذَا كَقَوْل حبيب (فَرُوعٌ لَا تَرِفُّ عَلَيْكَ إلاَّ ... شَهِدْتَ فَانْظُرْ إِلَى طيب الأروم) وكقول الآخر (وَإِذا جهلت من امْرِئ أعراقه ... وأصوله فَانْظُر إِلَى مَا يَصْنَعُ) 29 - الْغَرِيب الْعَارِض السَّحَاب والهتن الْكثير الصب هتن الْمَطَر والدمع يهتن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 هتونا وهتنا وتهتانا إِذا قطر مُتَتَابِعًا وسحاب هاتن وسحالب هتن كراكع روكع وسحاب هتون وَالْجمع هتن مثل صبور وصبر وَقَالَ ابْن القطاع غلط المتنبي فِي هَذَا الْبَيْت وَكرر غلطه أَربع مَرَّات وَقد أجمع الْعلمَاء أَن اسْم الْفَاعِل من هتن هاتن وَلَا جَاءَ عَن أحد من الْعلمَاء الهتن وَلم يذكرهُ أحد من جَمِيع الروَاة حَتَّى نبهت عَلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ جواد ابْن جواد كالسحائب جودهم يصب على النَّاس كَمَا يصب السَّحَاب وَعَابَ قوم هَذَا الْبَيْت عَلَيْهِ وَقَالُوا من العي تكْرَار اللَّفْظ فَسمِعت شَيْخي أَبَا الْفَتْح نصر بن مُحَمَّد الْوَزير الْجَزرِي يَقُول إِن كَانَ هَذَا عيا فَحَدِيث النَّبِي أَصله فقد قَالَ رَسُول الله يُوسُف الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم وَإِنَّمَا تكَرر الْأَلْفَاظ لشرف الْآبَاء 30 - الْغَرِيب المغار الْحَبل الشَّديد الفتل والقرن الْحَبل الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا مثل يُرِيد أَنهم ضبطوا الْعلم وقيدوا بِهِ الْأَحْكَام فَيكون التَّقْدِير على مَا قَالَ أول أَحْكَام الدُّنْيَا أَي الْأَحْكَام الَّتِي تكون فِي الدُّنْيَا وتجري فِيهَا وَالْمعْنَى أَن آباءه كَانُوا عُلَمَاء وَقَالَ ابْن فورجة مدحهم بِرِوَايَة الحَدِيث يَعْنِي أَنهم ضابطون للأيام عارفون بالأخبار وَقَالَ الواحدي أظهر من الْقَوْلَيْنِ أَنه مدحهم بِكَثْرَة التجارب وَالْعلم بالدنيا يَقُول أحاطوا علما بأحوال الدُّنْيَا من أَولهَا إِلَى آخرهَا وَيدل على صِحَة هَذَا قَوْله كَأَنَّهُمْ الخ 31 - الْإِعْرَاب كَانَ هُنَا تَامَّة بِمَعْنى حدث وَوَقع تكتفي بالفاعل الْمَعْنى يَقُول كَأَنَّهُمْ شاهدوا أَولهَا فقضوا فِيهَا بِخَبَر وعيان لعلمهم بأحوال الدُّنْيَا والأمور كَأَنَّهُمْ قد شاهدوا أَولهَا فَكَانُوا قبل أَن كَانُوا لأَنهم إِذا علمُوا أَحْوَال الماضين فكأنهم كَانُوا مَعَهم فِي عصرهم أَو كَانَ فهمهم مَوْجُودا فِي الْأَيَّام الَّتِي لم يكن فِيهَا مَوْجُودا لأَنهم فَهموا مَا كَانَ فِي تِلْكَ الْأَيَّام 32 - الْغَرِيب خطر يخْطر إِذا مَشى خطرانا وخطر يخْطر بِالضَّمِّ إِذا خطر ببالي وَقد جمعه الحريري وَأحسن بقوله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 (فَكَمْ أخْطِرُ فِي بالٍ ... وَلا أخْطُرُ فِي بالٍ) والجنن جمع جنَّة وَهِي مَا استتر بِهِ من السِّلَاح والمحامد جمع محمدة وَهُوَ مَا يحمد بِهِ الْإِنْسَان من فعل الْمَعْنى يَقُول محامدهم تَقِيّ أعراضهم فهم يَمرونَ على أعدائهم متبخترين وَعَلَيْهِم من المحامد مَا هُوَ أمنع من الجنن يقي أعراضهم الذَّم 33 - الْغَرِيب الجباه جمع جبهة وَهِي مَوضِع السُّجُود من الْوَجْه والغضن تكسر جلد الْجَبْهَة وَيكون ذَلِك عِنْد العبوس وَيَزُول عِنْد الْفَرح والاستبشار الْمَعْنى يَقُول إِذا أقبل على الوافدين إقبالا يفرحون بِهِ فيزول بذلك حزنهمْ وتنبسط وُجُوههم وَوجه المسرور يكون طلقا بشا والمحزون أبدا يكون وَجهه معبسا منزوى جلدَة الْوَجْه 34 - الْمَعْنى يُرِيد أَن مَاله يقرب من القَاضِي كقربه من الداني وَقَالَ أَبُو الْفَتْح عرفه يُسَافر ويصل إِلَى من نأى عَنهُ فَكَأَنَّهُ يوصله إِلَيْهِم من راحتيه فعطاؤه بالبعد كعطائه بِالْقربِ وَكَذَا ذكره الواحدي وَأما ذكره هذَيْن الإقليمين دون غَيرهمَا فَلَمَّا بَينهمَا من الْبعد فإقليم الرّوم هُوَ الْقَرِيب مِنْهُ واليمن هُوَ الْبعيد عينه ليطابق بَين الْقرب والبعد وَأَن عطاءه يعم الْقَرِيب والبعيد 35 - الْغَرِيب اللثق الوحل الَّذِي يبْقى من أثر السَّحَاب وَهُوَ الطين الَّذِي يصير ن تُرَاب الأَرْض بِمَاء السَّحَاب والمزن جمع مزنة وَهِي السَّحَاب قَالَ الله تَعَالَى {ءأنتم أنزلتموه من المزن} والسفن جمع سفينة الْمَعْنى يَقُول لم نعدم من الْغَمَام بِوُجُود هَذَا الممدوح إِلَّا الطين الَّذِي يبْقى فِي الأَرْض وَلَا من الْبَحْر إِلَّا الرّيح الَّذِي يكون فِيهِ السفن وَهَذَا غمام وبحر وَقَوله بك بِمَعْنى فِيك وحروف الْجَرّ يقوم بَعْضهَا مقَام بعض 36 - الْمَعْنى وَلم نعدم بوجودك من اللَّيْث وشجاعته وإقدامه إِلَّا قبح منظره وَلم نعد م برؤيتك شَيْئا من الْأَشْيَاء الْحَسَنَة فَجَمِيع محَاسِن الدُّنْيَا فِيك مجتمعة وَأجل بعد التَّفْصِيل بقوله وَمن سواهُ فيمَ يبْق شَيْئا وَهَذَا من أحسن الْكَلَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 - الْإِعْرَاب مُنْذُ ومذ عِنْد أَصْحَابنَا مركبان من من وَإِذ فيرتفع مَا بعدهمَا بِفعل مُقَدّر مَحْذُوف وَقَالَ الْفراء بِتَقْدِير مُبْتَدأ وَقَالَ البصريون هما اسمان يرْتَفع مَا بعده أخبرا عَنْهُمَا ويكونان حرفي جر فَيكون مَا بعدهمَا مجرورا بهما وَلنَا فِي هَذَا كَلَام طَوِيل وَلَهُم كَذَلِك وَقد ذكرنه قل هَذَا فأغنى عَن الْإِعَادَة الْغَرِيب الاحتباء أَن يجمع الرجل ظَهره وساقيه بحمائل سَيْفه أَو بغَيْرهَا وَقد يحتبي بيدَيْهِ وَالِاسْم الحيوة والحبوة يُقَال حل حبوته وحبوته وَالْجمع حبي بِكَسْر الْحَاء عَن يَعْقُوب وَبِضَمِّهَا ذكرهَا فِي الْإِصْلَاح وأنشدوا بَيت الفرزدق فِي الْوَجْهَيْنِ (وَما حُلَّ مِنْ جَهْلٍ حِبي حُلمائنا ... وَلا قائِلُ المعْرُوفِ فيِنا يٌ عَنَّفُ) والأوتار جمع وتر وَهِي الْعَدَاوَة والهدن جمع هدنة وَهِي السّكُون بَين الْمُحَاربين الْمَعْنى يَقُول للممدوح مُنْذُ جَلَست مُحْتَبِيًا للْحكم بِهَذِهِ الْبَلدة وَهِي أنطاكية وَكَانَت من أَعمال حلب وَهِي بِالْقربِ مِنْهَا بَينهمَا ثَلَاثُونَ ميلًا اسْتَوَى أمرهَا واستقام أَهلهَا وَزَالَ مَا كَانَ بَينهم من الْخلاف وَالظُّلم والحقد وَذَلِكَ بعد لَك وَحسن سيرتك فيهم 38 - الْغَرِيب الأطواد جمع طود وَهُوَ الْجَبَل وقرعت من قرع الرَّأْس إِذا لم ينْبت الشّعْر وَالسُّجُود أَصله الخضوع والقنن جمع قنة وَهِي أَعلَى الْجَبَل وَقيل أَيْضا القنة الْجَبَل المستطيل الْمَعْنى يَقُول للممدوح لما مَرَرْت على الْجبَال وَإِن كَانَت لَا تعقل عرفت أَنَّك فَوْقهَا وَأَعْلَى مِنْهَا وارجح حلما فخضعت لَك وَهَذَا من الْمُبَالغَة وَبَالغ فِي السُّجُود حَتَّى عداهُ من الجبين إِلَى الرَّأْس أَي فَمن كَثْرَة توالي السُّجُود عَلَيْهَا قرعت لِكَثْرَة الخضوع فَهِيَ لَا نبت فِي أَعلَى رءوسها 39 - الْغَرِيب الْمَوَاهِب جمع موهبة والصنع الصَّانِع الحاذق بِيَدِهِ وَمِنْه قَول أبي ذويب (وَعَلَيْهما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما ... دَاوُدُ أوْ صَنَعُ السَّوَابغِ تُبَّعُ) والمهن جمع مهنة وَهِي الْخدمَة والتبذل فِي التَّصَرُّف الْمَعْنى يَقُول للممدوح قد أغنت مواهبك الصناع عَن الْعَمَل وَأَن يخْدم النَّاس بَعضهم بَعْضًا فقد خلت الْأَسْوَاق من الصناع اسْتغْنَاء بِعَطَائِك لِأَن عطاءك قد انْتَشَر بَين النَّاس حَتَّى أصَاب أهل الْأَسْوَاق مِنْهُ مَا استغنوا بِهِ عَن المعاش وَالْعَمَل وَاسْتغْنى الْفَقِير بِهِ عَن خدمَة النَّاس 40 - الْمَعْنى يَقُول جودك هَذَا جود من يعلم أَن المَال حَادث فَهُوَ يجود بِهِ ليحرز الْحَمد وَالْأَجْر لِأَنَّهُ لَيْسَ من دهر على ثِقَة وزهدك زهد من يعلم أَن الدُّنْيَا دَار فنَاء وَمحل نقلة وَدَار رحْلَة فَلَا يشْتَغل بعمارتها وَلَا يجمع فِيهَا مَالا وَقد جمع فِي هَذَا الْبَيْت مَعَاني كَثِيرَة فِي ذمّ الدُّنْيَا وَبَالغ فِي الْوَعْظ مَعَ اخْتِصَار اللَّفْظ 41 - الْغَرِيب المنن جمع منَّة وَهِي الفوة والبشر الْخلق يُقَال للْجمع وَالْوَاحد قَالَ الله تَعَالَى حاكيا عَن أهل مَكَّة إِن هَذَا إِلَّا قَول الْبشر وَقَالَ الله تَعَالَى حاكيا عَن النسْوَة مَا هَذَا بشرا الْمَعْنى لَك هَيْبَة وعظمة فِي قُلُوب النَّاس لم يؤتها أحد واقتدار على الفصاحة إِذا نطقت لم تكن فِي قُوَّة لِسَان 42 - الْإِعْرَاب الأَصْل أومىء قَالَ أَبُو الْفَتْح حذف الْهَمْز ة ضَرُورَة وَيحْتَمل أَن يكون جَاءَ بِهِ على أَو ميت وَقد جَاءَ فِيمَا روينَاهُ وأومىء بِالْهَمْزَةِ وَيصِح بِهِ الْوَزْن الْغَرِيب حضن جبل بِأَعْلَى نجد وَقد جَاءَ فِي الْمثل أنجد من رأى حضينا يُرِيد من رَآهُ حصل بِنَجْد وَيُقَال هَذَا الْمثل للَّذي يبلغ حَاجته وَإِن كَانَ فِي غير بِلَاد نجد وَلَا قَرِيبا مِنْهَا الْمَعْنى يَقُول لَهُ مر من شِئْت وأوم فَإنَّك مُطَاع وَجعله جبلا لثباته ووقاره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 - 1 الْغَرِيب الْبَين الْبعد والفراق والأجفان جمع جفن الْإِعْرَاب تدمي فِي مَوضِع نصب صفة لأجفانا كَأَنَّهُ قَالَ أجفانا دامية وَقَالَ الحطيب أَرَادَ أَن تدمى فَحذف أَن الحديث: 270 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 الْمَعْنى يَقُول الْفِرَاق قد علم أجفانا الْفِرَاق فَمَا تلتقي سهرا وَجعل الْفِرَاق يؤلف الْحزن إغرابا فِي الصَّنْعَة وَمثله (تَصَارَمَت الأجفْانُ لَمَّا صَرَمتْنِي ... فَما تَلَْقِي إلاَّ عَلى عَبَرةٍ تَجْرِي) 2 - الْغَرِيب المعصم مَوضِع السوار ولبث يلبث أَقَامَ والحي النَّاس النازلون والظاعنون وَالْجمع أَحيَاء وحار يحار حيرة وحيرا تحير فِي أمره فَهُوَ حيران وَقوم حيارى وحيرته أَنا فتحير وَرجل حائر بائر إِذا لم يتَّجه لشَيْء الْمَعْنى يَقُول تمنيت ورجوت عِنْد رحيلهم أَن تكشف معصمها ليراه الْقَوْم فيففوا عَن الرحيل متحيرين فأتزود سَاعَة من مقَامهَا 3 - الْغَرِيب تاه يتوه ويتيه إِذا تحير وأتاهه غَيره وتيهه وتوهه والصون الْحِفْظ وصنته حفظته وأخفيته الْمَعْنى يَقُول لَو ظَهرت هَذِه المحبوبة لَهُم لحيرتهم وَلَكِن حجبها صون صان عُقُولهمْ من لحظها يُرِيد أَنَّهَا صانت نَفسهَا عَن البروز والظهور واللحظ مصدر يجوز أَن يكون هُنَا مُضَافا إِلَى الْفَاعِل ومضافا إِلَى الْمَفْعُول أَي لَو لحظتهم لأخذت عُقُولهمْ من لحظها أَو لحوظها لطارت عُقُولهمْ 4 - الْغَرِيب الواخدات الْإِبِل وأصل الوخد للنعام وَاسْتعْمل فِي سير الْإِبِل وخد الْبَعِير يخد وخدا ووخدانا وَهُوَ أَن يَرْمِي بقوائمه مثل مَشى النعام فَهُوَ وأخد ووخاد والخدر خدر الْمَرْأَة وَهُوَ مَا يكنها ويحجبها وحشى بِكَسْر الشين فَهُوَ حش وحشيان إِذا أَصَابَهُ الربو وعلاه البهر قَالَ الشماخ (تُلاعِبُنِي إذَا مَا شِْتُ خَوْدٌ ... عَلى الأنْماطِ ذَاتُ حَشىً قَطيِعِ) أَي ذَات نفس مُنْقَطع من سمنها وَأنكر بعض من لَا يعرف اللُّغَة على أبي الطّيب لَفْظَة حشيان وَقَالَ لم أسمعها وَلم يسمع قَول الآخر (فَنْهنَهْتُ أولى القومْ عني بِضَرْبَةٍ ... تَنَفَّسَ مِنها كُلُّ حَشْيانَ مُحْجِرِ) الْمَعْنى أفدى بِالْإِبِلِ الواحدات وبحاديها وبنفسي قمرا يظل من سير الْإِبِل حشيان لترفه وَلِأَنَّهُ لم يتعود السّير وَلَا ركُوب الْإِبِل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 قَالَ الواحدي ويروى خشيان بِالْخَاءِ أَي أَنه يخْشَى من سرعَة سير الْإِبِل وهزها لَهُ وَهُوَ غير متعود لذَلِك 5 - الْغَرِيب نضا الشَّيْء عَنهُ خلعه وأزاله ونضا ثَوْبه خلعه قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (فَجِئْتُ وَقدْ نضتْ لِنَوْمٍ ثِيابها ... لَدى السَّترِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضلِّ) الْمَعْنى يَقُول إِذا خلع الثِّيَاب عريت من محاسنه لِأَنَّهُ يزين الثِّيَاب بحسنه وَإِذا عرى من الثِّيَاب كَانَ مكسوا بِحسن تَقول كسوته ثوبا وكسى يكسى فَهُوَ كاس 6 - الْغَرِيب الأعكان جمع عكنة وَهُوَ مَا يتكسر فِي أَسْفَل الْبَطن من الشَّحْم وَيجمع على عُكَن أَيْضا وَمِنْه الحَدِيث أَن رجلا كَانَ عِنْد أم سَلمَة وَكَانَ يُقَال إِنَّه من غير أولى الإربة فَقَالَ لعبد الله بن أبي أُميَّة أخي ام سَلمَة إِذا فتح الله عَلَيْكُم الطَّائِف أدلك على ابْنة غيلَان فَإِنَّهَا تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان فَلَمَّا سَمعه رَسُول الله قَالَ لَا يدْخل هَذَا عليكن الْمَعْنى يَقُول إِن الْمسك المحبته لَهَا يضمها ضم المستهام بهَا حَتَّى يصير الْمسك أعكانا على أعكان بَطنا الْمَعْنى يَقُول كنت أَخَاف على عَيْني من الْبكاء فَلَمَّا افترقنا هان على كل عَزِيز لبعدكم وَهَذَا مَنْقُول من قَول أبي نواس الْحسن بن هانىء فِي الْأمين (وكُنْتُ عَلَيْهِ أحْذرُ المَوْتَ وَحْدَهُ ... فَلَمْ يَبْقَ لي شَيءٌ عَلَيْهِ أُحاذِرُ) وَأَخذه أَبُو نواس من قَول امْرَأَة من الْعَرَب (كُنْتَ السَّوادَ لنِاظرِي ... فَعَلَيْكَ يَبْكِي النَّاظِرُ) (مَنْ شَاءَ بَعْدَك فَلْيَمُتْ ... فَعَلَيْكَ كُنْتُ أُحاذِرُ) 8 - الْغَرِيب البوارق جمع بارقة وَهِي الَّتِي تكون فِي السَّحَاب والأخلاف الضروع واستعار لَهَا أخلافا الأنها تَغْدُو النَّبَات كَمَا تَغْدُو الْأُم بالإرضاع وَلَدهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 الْمَعْنى يَقُول هَذِه البوارق إِذا برقتْ بشرتكم بالقطر فَهِيَ تهدي إِلَيْكُم المَاء وتنبت لكم الْكلأ وتهدي لمن يحبكم نيران الشوق بتذكركم لِأَنَّهَا تلمع من نحوكم الَّذِي ارتحلتم إِلَيْهِ فيتجدد عِنْدهَا الشوق وَالْعرب تذكر موَاضعهَا وديارها بلمع البروق وَهُوَ فِي أشعارها 9 - العريب قدمت تقدّمت وقدمت وَردت وشيعني تَبِعنِي وَمِنْه شيعَة الرجل التابعون لَهُ الْمَعْنى يَقُول لي قلب يطيعني ويتبعني فِي كل هول إِلَّا على السلو فَإِنَّهُ لَا يطيعني بل يخوني وَفِيه نظر إِلَى قَول البحتري (أحْنُو عَلَيْكِ وَفي فُؤَادي لَوْعَةٌ ... وَأصُدُّ عَنْكِ وَوَجْهُ وُدّيَ مُقبِلُ) (وَإذا طَلَبْتُ وِصالَ غيرِكِ رَدَّني ... وَلَهٌ عَلَيْكِ وَشافعٌ لكِ أوَّلُ) 10 - الْغَرِيب أبدو أظهر وإهوانا جَاءَ بِهِ على الأَصْل أهونته إهوانا كَقَوْل آخر (صَدَدْتَ فاطْوَلتَ الصدُودَ وَقلَّما ... وِصالٌ عَلى طولِ الصدُّودِ يَدُومُ) الْمَعْنى يَقُول إِذا طهرت للَّذي يذكرنِي بالسوء فِي غيبتي عظمني وخضع لي وَأعْرض عَنهُ وَعَن عتابه إهانة لَهُ واحتقار بِهِ لِأَنَّهُ لَا يقدر أَن ينظر إِلَى فِي حضرتي إِذا كنت شَاهدا 11 - الْغَرِيب الوطن الْمنزل الَّذِي يتوطنه الْإِنْسَان والنفيس الْعَزِيز الْكَرِيم الْمَعْنى يَقُول أَنا فِي وطني وَبَين أَهلِي غَرِيب قَلِيل الْمُوَافق والمساعد وَالرجل الْعَزِيز الْكَرِيم غَرِيب فِي وَطنه وَهُوَ من قَول الطَّائِي (غَرَّبَتْهُ الْعلَا عَلى كَثرَتِ الأهْلِ ... فَأضْحَى فِي الأقْلاَبِين جَنَيبا) (فَلْيَطُلْ عُمْرُهُ فَلَوْ ماتَ فِي مرْ ... وَمُقِيما بِها لَماتَ غِرِيبا) 12 - الْإِعْرَاب رفع محسد على خبر ابْتِدَاء تَقْدِيره أَنا محسد الْفضل الْغَرِيب أثرى خَلْفي وَوقت خروجي من مشْهد والكمى الرجل الْمُسْتَتر بسلاحه وحان حِينه إِذا قرب أَجله وَوَقته قَالَت بثينة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 (وَإنَّ سُلُوّى عَنْ جَمِيلٍ لَساعَةٌ ... منَ الدَّهرِ مَا حانَتْ وَلا حَان حِينْها) الْمَعْنى يَقُول أَنا مَحْسُود لفضلى ومكذوب على إِذا خرجت من مَوضِع لخوفهم مني وَلَا يقدر أحد أَن يدركني والشجاع إِذا حَان وقته وأجله لَقِيَنِي فِي معركة وَصدر الْبَيْت من قَول التغلبي (يَغْتاب عِرْضِيَ خالِيا ... وَإذا يُلاقِينا اقْشَعَرْ) وَمن قَول سُوَيْد بن أبي كَاهِل (وَيُحَيِّيِي إذَا لاقَيْتُهُ ... وَإذَا يَخْلُو لَهُ لَحمِي رَتَعْ) 13 - الْإِعْرَاب ذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَن همزَة أشرئب أَصْلِيَّة وَهِي تزاد فِي مثل هَذَا الْموضع كثيرا نَحْو قَوْله اطْمَأَن وازمأر إِذا تهَيَّأ لِلْقِتَالِ واشمأز من الشَّيْء إِذا تقبض وَهَذِه الْأَمَاكِن تشهد لَهَا بِالزِّيَادَةِ لَا سِيمَا وَالْعرب إِذا اضطرت همزت أفعالا فَقَالَت أحمأر واسوأد الْغَرِيب أشرئب أتطلع إِلَى الشَّيْء وحسران فعلان من الْحَسْرَة الْمَعْنى يَقُول لَا أتطلع إِلَى شَيْء وَلَا أتحسر على شَيْء فَلَا أتطلع إِلَى مَا لم يفت وَلَا أتحسر على مَا فَاتَ وَهُوَ من قَول عبد القدوس (إنَّ الغَنِيَّ الَّذِي يَرْضَى بِعِيشَتِهِ ... لَا منْ يَظَلُّ عَلى مَا فاتَ مُكْتئبا) 14 - الْمَعْنى يَقُول لَا أفرح بِمَا آخذه من غَيْرِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمَحْمُود على عطائه وَلَو مَلأ الدَّهْر لي عَطاء والحميد هُوَ الْمَحْمُود 15 - الْغَرِيب الركاب الْإِبِل وقلقلن خركن والكيران جمع كور هُوَ رَحل الْجمل يُقَال كور وأكوار وكيران الْمَعْنى يَقُول لَا أقصد مَا حييت وَلَا قلقك ركابي أكوارها وَهَذَا قَوْله وَقد قصد بعد هَذَا جمَاعَة بل يشْهد لَهُ آخر الشّعْر 16 - الْإِعْرَاب بعرانا حَال من النَّاس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 الْغَرِيب الْبَعِير من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان من النَّاس يُقَال للجمل بعير وللناقة بعير وَحكى عَن بعض الْعَرَب صرعتي بَعِيري أَي نَاقَتي وشربت من لبن بَعِيري وَالْجمع أَبْعِرَة وأباعرة وبعران الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لَو قدرت لأظهرت مَا وَرَاء ظواهرهم من الْمعَانِي الْبَهِيمَة وَإِظْهَار ذَلِك بإجرائهم مجْرى سَائِر الْحَيَوَان بالركوب وَإِنَّمَا كنت أفعل ذَلِك لِأَنَّهُ أَعقل لَهُم وَقَالَ ابْن عباد فِي هَذَا الْبَيْت أَرَادَ أَن يزِيد على الشُّعَرَاء فِي ذكر المطايا فَأَنِّي بأخزى الخزايا فَقَالَ مَا قَالَ وَمن النَّاس أمة فَهَل ينشط لركوبها وللمدوح عصبية لَا يحب أَن يركبهم إِلَيْهِ وَلَيْسَ الْأَمر على مَا قَالَ لِأَن الشَّاعِر إِذا ذكر النَّاس فَإِنَّهُ يخرج من جُمْلَتهمْ كثيرا من النَّاس كَمَا قَالَ السّري (إِلَّا أنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيَّاً ومَيتا ... أسِيرُ ثَقِيفٍ عِنْدَهُمْ فِي السَّلاسِلِ) لم يفضل السرى أحدا على رَسُول الله وَأَصْحَابه بِهَذَا الْبَيْت وَإِن كَانَ قد أكد بقوله حَيا وَمَيتًا وَقد خصص أَبُو الطّيب فِي الْبَيْت الثَّانِي 17 - الْغَرِيب العيس الْجمال الْبيض يخالط بياضها شَيْء من الشقرة وَاحِدهَا أعيس وَالْأُنْثَى عيساء قَالَ الشَّاعِر (أقُولُ لِخازِبيْ هَمْدَانَ لَمَّا ... أثارَا صِرْمّةً حُمْراً وعِيسا) وَقَوله عميانا أفعل إِذا كَانَ وَصفا فَجَمعه على فعل كأحمر وحمر قَالَ الله تَعَالَى {صم بكم عمي} وَقد جَاءَ فِي جمع أَحْمَر وأقرع حمْرَان وقرعان وَكَذَلِكَ عُمْيَان وَقد نطق بِهِ أفْصح الْكَلَام فِي قَوْله صمًّا وعميانا الْمَعْنى أَنه لما ذكر الْإِبِل شفعه بتفضيل العيس على قوم رَآهُمْ عميانا عَمَّا يرَاهُ هَذَا الممدوح لَا يَهْتَدُونَ إِلَى فعله وَأَرَادَ أَنه يمتطي النَّاس اللئام إِلَى هَذَا الممدوح صَاحب الْإِحْسَان الَّذِي عمى عَنهُ هَؤُلَاءِ 18 - الْغَرِيب الْجواد الَّذِي يجود بِمَالِه والأقران جمع قرن بِالْفَتْح إِذا كَانَ على سنه وبالكسر إِذا كَانَ كفؤه فِي الْحَرْب الْمَعْنى يُرِيد أَنه فَوق كل جواد وَفَوق كل شُجَاع وَإِن قل أَن يُقَال لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 أَنْت الْجواد وَأَن الشجاع وَإِن لم يرض قرناؤه من النَّاس فَهُوَ فِي جوده وشجاعته لم يلْحقهُ جواد وَلَا شُجَاع 19 - الْغَرِيب الْمعد بِالْكَسْرِ الَّذِي يَجْعَل الْأَشْيَاء عدَّة والمعد بِالْفَتْح الَّذِي يَجْعَل عدَّة فَمن كسر فَهُوَ وصف للمدوح وَمن فتح كَانَ وَصفا لِلْمَالِ وقنوت الشَّيْء أقنوه قنوا وعزيت الرجل سليته عَن حزنه الْمَعْنى يَقُول مَاله لنا وَنحن أَحَق بِهِ وَهُوَ عدَّة لمن يَقْصِدهُ فَلَو أُصِيب بِشَيْء مِنْهُ صلح أَن يعزى العافين لِأَنَّهُ مَا لَهُم وَإِنَّمَا ذهب من أَيْديهم لَا من يَده وَقَوله عزانا مَاض مُرَاد بِهِ الْمُسْتَقْبل أَي يصلح أَن يغرينا كَمَا تَقول لمن وَقع فِي هلكة قد هلك فلَان وَلم يهْلك بعد وَإِنَّمَا قَارب الهلكة 20 - الْغَرِيب الأنامل أَطْرَاف الْأَصَابِع الْوَاحِدَة أُنْمُلَة الْمَعْنى يَقُول إِن الزَّمَان فِي يَده وَفِي تصرفه فَهُوَ يصرفهُ على إِرَادَته فَكَأَن أنامله أزمان للأزمان لتقليبها إِيَّاه والأزمان يقلب الْأَحْوَال وأنامله تقلب الزَّمَان فَكَأَنَّهَا أزمان للأزمان 21 - الْغَرِيب الوغى الْحَرْب والنازلات جمع نازلة وَهِي مَا ينزل بالإنسان من الْحَوَادِث وجذلانا فَرحا مُسْتَبْشِرًا الْمَعْنى يَقُول هُوَ شُجَاع جلد يلقى الْأَشْيَاء الصعبة فَرحا مَسْرُورا 22 - الْغَرِيب قَوْله محتميا يُرِيد موقدا شَدِيد الْحَرَارَة لحدة قلبه وذكائه والبشر طلاقة الْوَجْه وتهلله وَمِنْه سميت الْبشَارَة لِأَن الَّذِي يبشر يحسن وَجهه والنشوان السَّكْرَان من الْخمر وَرجل نشوان بَين النشوة وَقَالَ يُونُس يجوز فِيهِ النشوة بِالْكَسْرِ الْمَعْنى يَقُول تحسبه من توقد ذكائه متو قداو من كرمه وَظُهُور بشره كَأَنَّهُ سَكرَان 23 - الْغَرِيب الحبر جم حبرَة وَهِي ثِيَاب تعْمل بِالْيمن جمعهَا حبر وحبرات والقينات جمع قينة وَهِي الْمُغنيَة ورفل فِي ثِيَابه يرفل إِذا أطالها وجرها متبخترا فَهُوَ رافل ورفل بِالْكَسْرِ رفلا خرق فِي لبسه فَهُوَ رفل والأرسان جمع رسن وَهُوَ الْحَبل الْمَعْنى يَقُول جَمِيع مَا نَحن فِيهِ من النعم وَمَا يلْبسهُ الْجَوَارِي وتجره الْخَيل من نعْمَته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 - الْغَرِيب المبشر الَّذِي يَأْتِي بالبشارة والقصاد جمع قَاصد وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدهُ لنواله الْإِعْرَاب نصب عطشانا على الْحَال من الممدوح الْمَعْنى يَقُول لكرمه ومحبته لمن يَقْصِدهُ إِذا بشره أحد بقدومه أعطَاهُ قبل مَا يعْطى القاصد وَيكون كمن بشره بِالْمَاءِ وَهُوَ فِي فلاة عطشان لفرحه بالقصاد وَهُوَ من قَول حبيب (تُبَشِّرُهُ خُدَّامُهُ بِعُفاتِهِ ... كَمَا بَشَّرَ الظَمْآنَ بالماءِ وَاشِلُهْ) 25 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي مثلهم عَائِد على الْقَوْم وعدنان فِي مَوضِع جر لِأَنَّهُ لَا ينْصَرف وَهُوَ بدل من الغر الْغَرِيب بني الْحسن قَالَ أَبُو الْفَتْح كَانَ الممدوح من ولد الْحسن بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام وَالْحُسْنَى الْجنَّة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} وَقَوله {فَلهُ جَزَاء الْحسنى} فِي قِرَاءَة حَفْص وَحَمْزَة وَعلي بِنصب الْمصدر وتنوينه وَتَقْدِيره فَلهُ الْحسنى جَزَاء والغر الْكِرَام الْمَعْنى يَقُول جَزَاء بني الْحسن الْجنَّة لأَنهم من قوم كرام فهم خير قَومهمْ وقرمهم خير بني عدنان الغر 26 - الْغَرِيب شيد رفع والإشادة رفع الصَّوْت بالشَّيْء وأشاد بِذكرِهِ أَي رفع من قدره والسالف وَاحِد السّلف وهم الَّذين مَاتُوا والآن السَّاعَة وَالْوَقْت الَّذِي أَنْت فِيهِ قَالَ الله تَعَالَى {آلآن وَقد عصيت} الْآيَة الْمَعْنى يَقُول قد ورثرا مجد آبَائِهِم فَمَا رفع الله لِآبَائِهِمْ من مجد فَهُوَ لَهُم الْيَوْم نرَاهُ لأَنهم حاموا على شرف آبَائِهِم وأحسابهم فَلم يهدموه فَمَا اجْتمع فِي آبَائِهِم من الشّرف وَالْفضل فَهُوَ فيهم الْآن 27 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا تَفْصِيل مَا أجمله فِي الْبَيْت الَّذِي قبله يَعْنِي أَنهم كتاب فضلاء شجعان كآبائهم فهم فرسَان البلاغة وَالْكِتَابَة وَالْحَرب وَلَيْسَ يُرِيد بقوله لقوا من ملاقاة الأقران فِي الْحَرْب لِأَنَّهُ ذكر الْحَرْب بعده وَإِنَّمَا يُرِيد ملاقاة الأقران فِي المخاطبة والمكالمة وَقد فسر فِي المصراع الثَّانِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 - الْغَرِيب الخرصان جمع خرص وَهُوَ هُنَا السنان وَفِي غير مَا هُنَا مَا على الْجُبَّة من حَلقَة السنان وَوَاحِد الخرصان خريص وخرص الْمَعْنى يَقُول ألسنتهم مَاضِيَة نَافِذَة كَأَنَّهَا أسنتهم وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري (وَإذا تألَّقَ فِي النَّدِىّ كَلامُهُ ... المَصْقُولُ خِلْتَ لِسانَهُ منْ عضْبهِ) 29 - الْغَرِيب الظمأ الْعَطش ونشقت أنشق مثل شمت أَشمّ والخطى وَاحِد الرماح الخطية تنْسب إِلَى الْخط مَوضِع بِالْيَمَامَةِ الْمَعْنى يَقُول لسُهُولَة أَمر الْحَرْب عَلَيْهِم صَار عِنْدهم الْمَوْت كَالْمَاءِ العطشان والرماح كالريحان الَّذِي يشم كل هَذَا لحرصهم على الْمَوْت وَهُوَ من قَول البحتري (يَتَزَاحَمُونَ عَلى القِتالِ لَدَى الوَغَى ... كَتزَاحُمِ الإبِلِ العِطاشِ بمَوْرِدِ) 30 - الْإِعْرَاب الكائنين نصب على الْمَدْح الْغَرِيب العدى جمع عَدو وطابق بَين الْعَدو وَالْأَخ يُقَال آخيت وواخيت الْمَعْنى يَقُول أعنى الكائنين أَي يكونُونَ لمن عاديت أَعدَاء وَلمن آخيت إخْوَانًا وَمثل هَذَا قَول أبي عبَادَة البحتري (أخٌ ليَ لايُدْني الَّذِي أَنا مُبْعِدٌ ... لِشَيْء وَلا يْرضَى الَّذِي أَنا ساخِطهْ) 31 - الْغَرِيب خلائق جَمِيع خَلِيقَة وَهِي الْخلق وَلَيْسَت من الْخِصَال لِأَن السجايا الحسان قد تكون فِي الصُّور القبيحة والزنج جنس من السودَان فهم أقبح السودَان وُجُوهًا وأغلظهم شفاها وظمى الشفاه دقاق الشفاه مَعَ سَمُرَة وَقيل هُوَ مثل اللمى وغران جمع أغر وَهُوَ الْأَبْيَض وَلَا تَجْتَمِع جعودة الشّعْر مَعَ بَيَاض الْوَجْه والزنج يُوصف بغلط الشفاه تَشْبِيها بمشافر الْجمل قَالَ الفرزدق (فَلوْ كُنْتَ ضَبيِّا عرَفْتَ قَرَابَتِي ... وَلكِنَّ زَنجِيا عَظِيمَ المشافِرِ) الْمَعْنى يَقُول لَو أَن خلقهمْ للزنج حسنت مَعَ جعودة شُعُورهمْ قَالَ الواحدي هَذَا القَوْل وَقَالَ كَانُوا أحسن خلق الله إِلَّا أَن الخليقة بِمَعْنى الْخلقَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 لَا تصح وَإِذا حملت الخليقة على السجايا فسد معنى الْبَيْت لِأَن الْخلقَة لَا تَتَغَيَّر بالسجية انْتهى كَلَامه وَقَالَ ابْن القطاع قد أَخذ عَلَيْهِ فِي قَوْله خلائق الخ إِذْ كَأَنَّهُ قَالَ لَا نقلبوا من الجعودة إِلَى الجعودة لِأَن شُعُور الزنج جعاد وَالْمعْنَى أَنهم انقلبوا إِلَى جد الِاعْتِدَال لِأَن شُعُور الزنج زَائِدَة الجعودة وَالْمعْنَى أَنهم قوم لَهُم محامد وخصال جميلَة فَلَو حواها الزنج على قبح صورهم غطت قبائحها وصاروا عِنْد النَّاس لمحبتهم كمن خلقتهمْ خلقَة حَسَنَة وصاروا مَعَ سوادهم مثل الْبيض وَمَعَ غلظ شفاههم مثل ظمى الشفاه وَيدل على مَا قُلْنَاهُ مَا بعده 32 - الْغَرِيب اليلمعي والألمعي الحاد الفطنة وَهُوَ الَّذِي يظنّ الشَّيْء فَيصح ظَنّه وَقَوله اضطرارا هُوَ ضد الِاخْتِيَار ونصبه على الْحَال من الضَّمِير فِي تحبهم الْمَرْفُوع وأقصيت الشَّيْء أبعدته والشنآن البغض ويحرك ويسكن وبالتسكين قَرَأَ عبد الله بن عَامر وَأَبُو بكر عَن عَاصِم الْإِعْرَاب رفع أنفس عطف على خلائق وَهُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي لَهُم خلائق وأنفس وَنصب شنآنا لِأَنَّهُ يحْتَمل ثَلَاثَة أوجه أَن يكون مصدرا وَأَن يكون تمييزا وَأَن يكون مَفْعُولا لأَجله الْمَعْنى يَقُول لَهُم أنفس ذكية فطنة تحبهم لأَجلهَا ضَرُورَة وَلَو أبعدوك وأبغضوك 33 - الْإِعْرَاب نصب الواضحين على الْمَدْح الْغَرِيب أبوات جمع أبوة وأجبنة جمع جبين وألبابا جمع لب وَهُوَ الْعقل والذهن الفطنة الْمَعْنى يَقُول هم معروفو الْآبَاء وأنسابهم ظَاهِرَة فهم وضاح الْوُجُوه وأحوالهم وأمورهم ظَاهِرَة غير مستترة وَفُلَان وَاضح الجبين حسن المنظر قَالَ (كأنَّ جَبِينَهُ سَيْفٌ صَقِيلُ ... ) 34 - الْغَرِيب الجحفل الْجَيْش الْعَظِيم والمرهوب الْمخوف أحدانا جمع وَاحِد وَالْأَصْل وحدان الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَنْت تصيد الْجَيْش كُله وَاللَّيْث يصيد النَّاس وَاحِدًا فواحدا وَكَذَا نَقله الواحدي حرفا حرفا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 - الْإِعْرَاب كل ابْتِدَاء وَخَبره الْوَقْت الثَّانِي الْغَرِيب النائل الْعَطاء وَأَحْيَانا جمع حِين والوهاب جمع واهب وَقد روى على التَّوْحِيد على وزن فعال بِفَتْح الْوَاو الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ الجوده وَقت مَحْدُود بل يجود كل الْأَوْقَات وَالْإِنْسَان إِنَّمَا يجود حينا بعد حِين 36 - الْغَرِيب سبك صفى وَجمع والخزان جمع خَازِن وَالسُّؤَال جمع سَائل الْمَعْنى يَقُول أَنْت الَّذِي جمع الْأَمْوَال وخلصها وصفاها ثمَّ أَعْطَاهَا لمن يَقْصِدهُ فكأنهم خزان لَهَا فتسلموها كَمَا يتسلمها الخازن وَهُوَ من قَول البحتري (جُمَلٌ مَنْ لُها يُشَكِّكْنَ فِي القَوْمِ ... أهُمْ مُجْتَدُوهُ أم خُزَّانُهْ) 37 - الْإِعْرَاب يرْوى أخليت أَي وجدت خَالِيا ويروى أخليت بِفَتْح الْهمزَة أَي وجدت مَكَانا خَالِيا يُقَال أكذبته صادفته كذابا وأجبنته صادفته جَبَانًا وأفحمته وجدته مفحما والمرتقب الرَّقِيب الْمَعْنى يَقُول أَنْت رَقِيب على نَفسك فلست تفعل فِي السِّرّ غير الَّذِي تَفْعَلهُ فِي العلن وَهَذَا من قَول عبد الله بن الدمينة (وَإني لأسْتَحْيِيكَ حَتَّى كأنَّما ... عَلىَّ بظَهْرِ الغَيْبِ مِنْكَ رَقِيبُ) 38 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت كريم فَوق كل كريم إِن استزدتك كرما كنت كمن نبه يقظان لِأَن النَّائِم هُوَ الَّذِي يُنَبه وَالْيَقظَان لَا يُنَبه كَذَلِك أَنْت لَا تستزاد كرما وَقَوله نَام وَلم يقل نمت هرب من هَذَا لما كَانَ فِي الضَّمِير ذمّ لم يردهُ إِلَى نَفسه وَلم يُؤثر الْإِخْبَار بِهِ عَن نَفسه وَهَذَا من أدق مَا فِي شعره وأدله على حكمه واستيلائه على قصب السَّبق فِي شعره وَلَو تَأَمَّلت شعره وجدت فِيهِ كثيرا من هَذَا وَإِذا كَانَ فِي الضَّمِير مدح أَعَادَهُ إِلَى نَفسه أَلا ترى إِلَى قَوْله (وَإِنِّي لَمِن قَوْمٍ كَأنَّ نُفُوسَنا ... ) فَأَعَادَ الضَّمِير إِلَيْهِ وَلم يقل نُفُوسهم وَهَذَا عَادَته فِي شعره وَهُوَ من البلاغة والحذق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 - الْغَرِيب المباهاة الافتخار وتباهوا تفاخروا ورضوان مصدر يُقَال بِضَم الرَّاء وَكسرهَا وبالضم قَرَأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم الْمَعْنى يَقُول بمثلك أفاخر الْكِرَام وأرضى عَن الدَّهْر يُرِيد أَنَّك ترد الساخط على الْأَيَّام رَاضِيا بإحسانك وإنعامك وَهُوَ من قَوْله (أزَالَتْ بِكَ الأيَّامُ عَتْبِي 0000 الْبَيْت) 40 - الْإِعْرَاب ذكرا وَقدرا وبنيانا نصب على التَّمْيِيز الْمَعْنى يَقُول أَنْت أبعدهم ذكرا يُرِيد أَن ذكرك قد سَار إِلَى أبعد الْبِلَاد وَإِن قدرك فَوق أقدارهم وَإِن شرفك أَعلَى من شرفهم 41 - الْمَعْنى يَقُول ارْض أَنْت فِيهَا مُقيم قد شرفها الله على غَيرهَا وَشرف الله النَّاس إِذا كنت مِنْهُم قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو قَالَ عوض سواك أنشاك لَكَانَ حسنا ورد عَلَيْهِ الْخَطِيب وَقَالَ قد قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ سواك رجلا وَنَفس وَمَا سواهَا} وَقَالَ أَبُو الْفضل الْعَرُوضِي سُبْحَانَ الله أتليق هَذِه الْكَلِمَة بشرف الْقُرْآن وَلَا تلِيق بِلَفْظ المتنبي قَالَ الله تَعَالَى {الَّذِي خلق فسوى} وَقَالَ {بشرا سويا} وَقَالَ {فسواك فعدلك ثمَّ سواك رجلا} وَقَالَ ابْن فورجة نِهَايَة مَا يقدر عَلَيْهِ الفصيح أَن يَأْتِي بِأَلْفَاظ الْقُرْآن وألفاظ الرَّسُول أَو أَلْفَاظ الصَّحَابَة بعده وَعند أَي الْفَتْح أَنه يقدر على تَبْدِيل أَلْفَاظ هَذَا الشّعْر بِمَا هُوَ خير مِنْهُ قَالَ وقرأت على أبي الْعَلَاء المعري ومنزلته فِي الشّعْر مَا قد علمه من كَانَ ذَا أدب فَقلت لَهُ يَوْمًا فِي كملة مَا ضرّ أَبَا الطّيب لَو كَانَ قَالَ مَكَان هَذِه الْكَلِمَة كلمة أُخْرَى أوردتها فأبان لي عوار الْكَلِمَة الَّتِي ظننتها ثمَّ قَالَ لَا تَظنن أَنَّك تقدر على إِبْدَال كلمة وَاحِدَة من شعره بِمَا هُوَ خير مِنْهَا فجرب إِن كنت مُرْتَابا وَهَا أَنا أجرب هَذَا الْعَهْد فَلم أقدر وليجرب من لم يصدق يجد الْأَمر كَمَا قلت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 - 1 الْغَرِيب جنه اللَّيْل وجن عَلَيْهِ جنونا وأجن إجنانا وجنح اللَّيْل بِضَم الْجِيم وَكسرهَا طَائِفَة مِنْهُ وجنوح اللَّيْل إقباله الْمَعْنى يَقُول قد أقبل اللَّيْل وَلَكِن نور وَجهك يوهمنا أَن النَّهَار بَاقٍ وَأَنه لم يزل مَعَ أَن الظلمَة قد أَقبلت وَنور وَجهك يغلب فيظن أَن النَّهَار بَاقٍ 2 - الْغَرِيب الْبُسْتَان مُفْرد وَجمعه بساتين وَهُوَ الْموضع الَّذِي فِيهِ الشّجر النخيل وضده القراح الْمَعْنى يَقُول إِن يمسكنا طلب الْقعُود فِي هَذَا الْمَكَان فَكل مَوضِع تكون فِيهِ هُوَ بُسْتَان بك 272 - 1 الْإِعْرَاب من رفع الْخمر عطفه على الْمُبْتَدَأ وَمن نصب جعله بِمَعْنى مَعَ الْخمر وبطيخة إعرابها إِعْرَاب الْخمر وأنشدوا (يَا زِبْرِقانُ أجابَني خَلَفٌ ... مَا أنْتَ وَيلُ أبيكَ وَالفَخْرُ) وَقَالَ الآخر (فَما أَنا وَالسَّيْرُ فِي مَتْلَفٍ ... يٌ بّرحُ بالذَّكَرِ الضَّابِطِ) الْغَرِيب الخيزران أصُول الرماح وَقيل هُوَ عروق تكون فِي الأَرْض وَالْعرب تجْعَل الْعرق خيزرانة قَالَ شَاعِرهمْ يصف حمامة (هَتُوفٌ دعَتْ أُخرَى على خيزَرانة ... يكادُ يُدَنَّيها مِن الأرْضِ لِينها) الْمَعْنى يَقُول مَالِي ولهذه البطيخة وَإِنَّمَا أشتغل بالطعن وَالضَّرْب فِيمَا بَينه بعده بقوله 2 - الْمَعْنى يَقُول يشغلني عَنْهَا أَي عَن هَذِه البطيخة مَا أسوى وأهييء ليَوْم الْحَرْب فَعم بقوله عَن غَيرهَا وَهُوَ يُرِيد التَّخْصِيص وَقَوله توطيني أَي أقرها وأثبتها لِلطَّعْنِ يَوْم الطعْن الْإِعْرَاب وكل من رَفعه عطفه على توطيني وَمن خفضه عطفه على الطعان الْغَرِيب النجلاء الواسعة وصائك لازق صاك بِهِ الطّيب إِذا لصق بِهِ قَالَ الْأَعْشَى (وَمِثْلُكِ مُعْجَبَةٌ بِالشَّبابِ ... وَصَاكَ العَبِيرُ بِأجْلادِها) الْمَعْنى ويشغلني كل طعنة وَاسِعَة لَهَا دم يلصق بالمطعون ويخضب الزج الحديث: 271 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 - 1 الْإِعْرَاب حُرُوف الْجَرّ إِذا دخلت على مَا الاستفهامية حذفت ألفها وَإِذا وقفت عَلَيْهَا تقف بِالْهَاءِ وَكَذَلِكَ وقف أَحْمد البزي عَن ابْن كثير بِالْهَاءِ فِي مثل بِمَ وَلم وفيم وَعم وَنَحْوه الْغَرِيب الوطن مَا يتوطنه الْإِنْسَان من مسكن والنديم الصاحب وَأكْثر مَا يكون فِي الْخمر والسكن الصاحب وكل مَا سكنت إِلَيْهِ والسكن بِسُكُون الْكَاف أهل الدَّار قَالَ ذُو الرمة (فَيا كَرَمَ السَّكْنِ الذينَ تَحَمَّلُوا ... عَنِ الدَّارِ وَالمسْتَخْلِفِ المُتَبَدّلِ) وَفِي الحَدِيث حَتَّى إِن الرمانة لتشبع السكن الْمَعْنى يَقُول عِنْد شكواه الزَّمَان بِمَ أتعلل وَأَنا عَن أَهلِي بعيد وَعَن وطني فَلم يبْق لي مَا أعلل بِهِ نَفسِي فَبِأَي شَيْء أتعلل وَكتب رجل إِلَى امْرَأَته من مصر وَهِي بِبَغْدَاد مستشهدا بِهَذَا الْبَيْت فكنبت إِلَيْهِ لست كَمَا قلت وَإِنَّمَا أَنْت كَمَا قَالَ صَاحب هَذِه القصيدة (سَهِرْتُ بعدَ رَحيلي وَحشَة لَكُمُ ... ثُم استمرَّ مَرِيرِي وَارْعوَى الوَسنُ) الحديث: 273 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح ذهب إِلَى أَن الزَّمَان كَالَّذي يعقل فيختار أَن يكون كُله ربيعا لِأَنَّهُ أطيب الزَّمَان يظْهر فِيهِ من الرَّوْض والزهر مَالا يظْهر فِي غَيره من الْأَزْمِنَة وَقَالَ الواحدي أطلب من الزَّمَان استقامة الْأَحْوَال وَالزَّمَان لَا يبلغ هَذَا من نَفسه لِأَنَّهُ أَرْبَعَة فُصُول كل فصل ضد الآخر قَالَ وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أَن همته أَعلَى من أَن يكون فِي وسع الزَّمَان الْبلُوغ إِلَيْهَا وَهُوَ يتَمَنَّى على الزَّمَان أَن يبلغهُ همته وَيجوز أَنه يُطَالب الزَّمَان أَن يخليه من الأضداد وَالزَّمَان لَيْسَ يبلغ هَذَا من نَفسه فَإِن اللَّيْل وَالنَّهَار ضدان وَيجوز أَن يُرِيد أَنِّي أقترح على الزَّمَان الاستبقاء وَهُوَ لم ينل فِي نَفسه الْبَقَاء فَيكون قد ألم بقول البحتري (تُنابُ النَّائِبات إذَا تَناهَتْ ... وَيَدْمُرُ فِي تَصَرُّفِهِ الدَّمار) 3 - الْغَرِيب تَقول مَا أكترث لَهُ أَي مَا أُبَالِي الْمَعْنى يَقُول مادمت حَيا فَلَا تبالي بِالزَّمَانِ وصروفه ونوائبه فَإِنَّهَا تَزُول وَلَيْسَت دائمة وَالَّذِي إِذا فَاتَ فَلَا عوض مِنْهُ هُوَ الرّوح وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم أَيَّام الْحَيَاة لَا خوف فِيهَا كَمَا أَن أَيَّام المصائب لَا بَقَاء فِيهَا 4 - الْمَعْنى يَقُول السرُور وَهُوَ الْفَرح لَا يَدُوم وَلَا بُد لَهُ من انْقِضَاء وَإِذا حزنت على فَائت تعبت وَلَا يردهُ عَلَيْك حزنك وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الْأَيَّام لَا تديم الْفَرح وَلَا التَّرَحِ والأسف على الْمَاضِي يضيع الْعقل لَا غير 5 - الْمَعْنى يُرِيد بِأَهْل الْعِشْق الَّذين عشقو الدُّنْيَا وَلم يعرفوا أَنَّهَا غدارة وَلَا توَافق محبا وَلَا تساعده وَلَا تبقى عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ لَو فطنوا لما تعبوا فِي جمع مَالا يبْقى لَهُم وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الْعِشْق ضَرُورَة دَاخِلَة على النَّفس والعاشق جَاهِل بِتِلْكَ الضَّرُورَة 6 - الْمَعْنى يَقُول هم يَبْكُونَ حَتَّى تهْلك عيونهم بالبكاء وأنفسهم بالحزن على كل مستحسن فِي الظَّاهِر قَبِيح عِنْد الاختبار يُرِيد بذلك الدُّنْيَا وَأحسن من هَذَا كُله قَول الحكمى (إذَا اختَبرَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشَّفتْ ... لَه عنْ عَدوّ فِي ثِيابِ صدَيِق) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 - الْغَرِيب النَّاجِية النَّاقة المسرعة والبين الْفِرَاق الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا تعنت من أضمر فِي نَفسه عتبا وموجدة فَقَالَ ارتحلوا عني حملتكم كل مسرعة على طَرِيق الدُّعَاء فالفراق مؤتمن عَليّ أَي أرْضى بِحكمِهِ وَلَا تضرني غائلته أَي لَا أَحْزَن على فراقكم وَقَالَ الْخَطِيب دَعَا لنَفسِهِ بِأَن يتحملوا عَنهُ وتحملهم النواجي وَهَذَا ضد قَوْله (ليتَ الَّذِي خلَق النوَى جَعلَ الحصَى ... لِخِفانِهِنَّ مَفاصِلِ وَعِظامِي) 8 - الْغَرِيب الهودج مركب النِّسَاء الْمَعْنى يَقُول لَسْتُم أَهلا أَن تبذل فِيكُم الْأَرْوَاح شوقا إِلَيْكُم ومحبة لكم فلستم بَدَلا لي عَن الرّوح إِن فاتتني 9 - الْغَرِيب الناعون جمع ناع وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِخَبَر الْمَوْت نعاه نعيا بِفَتْح النُّون وَضمّهَا والنعي على فعيل يُقَال جَاءَ نعي فلَان واصله أَن الْعَرَب كَانَت إِذا مَاتَ مِنْهَا من لَهُ قدر جليل ركب رَاكب فرسا وَجعل يسير يَقُول نعاء فلَانا أَي انعه وَأظْهر خبر وَفَاته وَهِي مَبْنِيَّة على الْكسر وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ (نعاءِ جُذَاما غيرَ مَوْتٍ وَلا قَتْل ... وَلكن فِراقا لِلدَّعائمِ وَالأصْلِ) الْمَعْنى يَقُول أَنا قد نعيت بمجلسكم على الْبعد وكل أحد مُرْتَهن بِالْمَوْتِ فَلَا بُد لَهُ مِنْهُ 10 - الْمَعْنى يَقُول تعريضا لسيف الدولة كم قد أخبرتم بموتي وَتحقّق ذَلِك عنْدكُمْ ثمَّ بَان لكم الْأَمر بِالْخِلَافِ فكأنني كنت مَيتا ثمَّ خرجت من الْقَبْر 11 - الْمَعْنى قبل قَوْلهم الضَّمِير يعد على الناعين أَي من قبل قَول الناعين يُرِيد أَن قوما قبل قَول الناعين شاهدوا دَفنه ثمَّ مَاتُوا والمتنبي حييّ وهم كاذبون فِي مشاهدتهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 - الْإِعْرَاب يجوز فِي كل الرّفْع وَالنّصب فالنصب بِفعل مُضْمر يُرِيد مَا يدْرك الْمَرْء كل مَا يتَمَنَّى فَلَمَّا أضمر الْفِعْل فسره بقوله يُدْرِكهُ كَقَوْلِك مَا زيدا ضَربته فيختار النصب لأجل النَّفْي ومضارعته وَهَذَا فِي لُغَة تَمِيم لِأَن مَا عِنْدهم غير عاملة فتجري مجْرى لَا فِي نَحْو قَول الْقَائِل (لَا الدَّارُ غَيَّرَها بَعْدِي الأنِيسُ وَلا ... بِالدّارِ لوْ كَلَّمَتْ ذَا حاجةٍ صَمَمٌ) أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ بِنصب الدَّار لأجل حرف النَّفْي وَأما أهل الْحجاز فيرفعون كل بِمَا لِأَنَّهَا عاملة عِنْدهم كليس وَيكون الْخَبَر يُدْرِكهُ وَمثله مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ لمزاحم الْعقيلِيّ (وَقالُوا تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِنْ مِني ... وَمَا كُلُّ مَنْ وَافى مِني أَنا عارِفُ) أنْشدهُ بِالرَّفْع على إِرَادَة الْهَاء وَبَنُو تَمِيم ينصبون كلا على مَا تقدم وَالْقُرْآن قد جَاءَ بالحجازية فِي قَوْله تَعَالَى {مَا هَذَا بشرا} وَفِي قِرَاءَة السَّبْعَة {مَا هن أمهاتهم} بِكَسْر التَّاء الْمَعْنى يَقُول أعدائي يتمنون وَلَا يدركون مَا يتمنون فالرياح تجْرِي وَلَيْسَ كل مَا تجْرِي ترْضى بهَا السفن وَإِنَّمَا ترْضى السفن بالرياح الطّيبَة وَهَذَا مثل ضربه وَهُوَ من أحسن الْكَلَام 13 - الْغَرِيب الْعرض النَّفس ودر اللَّبن يدر الْمَعْنى يَقُول أَنْتُم لَا تمْنَعُونَ جاركم وتشتمون جاركم فَمن جاوركم لَا يقدر على صون عرضه مِنْكُم وَالنعَم إِذا رعى أَرْضكُم لم يدر اللَّبن على ذَلِك المرعى لوخامته وَهَذَا من أوجع الهجاء 14 - الْغَرِيب الضغن والضغن الحقد الْمَعْنى يَقُول من قرب مِنْكُم مللتموه وأبغضتموه وَمن أحبكم حقدتم عَلَيْهِ يُرِيد أَنهم لَا يجاوزون الْمُحب والغريب بِمَا يسْتَحقّهُ 15 - الْغَرِيب الرفد الْعَطاء والمنن جمع منَّة الْمَعْنى يَقُول لَا يخلوا عطاؤكم من الْمَنّ والأذى وَهَذَا كُله تَعْرِيض بِسيف الدولة 16 - الْغَرِيب اليهماء الأَرْض الَّتِي لَا يَهْتَدِي فِيهَا يُقَال برأيهم وفلاة يهماء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 الْمَعْنى يَدْعُو بالبعد بَينهم وَبَينه بِأَرْض لَا يَهْتَدِي بهَا تسمع الآذان فِيهَا مَالا حَقِيقَة لَهُ وَترى الْعين مَالا حَقِيقَة لَهُ وسالك المفاوز والقفاز تخيل لعَينه الْأَشْيَاء ولسمعه الْأَصْوَات وَهَذَا من قَول ذِي الرمة (إِذا قالَ حاديِنا لِيَسْمَعَ نَبْأةً ... صَهٍ لمْ يكُنْ إلاَّ دَوِىَّ المسامِع) 17 - الْغَرِيب الرواسم الْإِبِل الَّتِي سَيرهَا الرسيم وَهُوَ ضرب من السّير والثفن جمع ثفنة وَهِي وَاحِدَة ثفنات الْبَعِير وَهُوَ مَا يَقع على الأَرْض من أَعْضَائِهِ إِذا استناخ كالركبتين وَغَيرهمَا قَالَ العجاج (خَوَى عَلى مُسْتَوِياتٍ خَمْسٍ ... كِركِرَةٍ وَثَفِناتٍ مُلْسِ) الْمَعْنى يَقُول إِذا كلت أَخْفَاف الْمطِي وحفيت لشدَّة الشَّمْس حبت وَسَأَلت الأَرْض الثفنات عَن الْخفاف استراحة إِلَيْهَا وَهَذَا مثل ضربه لقُوَّة السّير وَلَا سُؤال فِي الْحَقِيقَة كَمَا قَالَ الراجز (قَدْ قالَتِ الأنْساعُ للْبَطْنِ الحَقِ ... ) 18 - الْمَعْنى يَقُول أحلم عَمَّن يُؤْذِينِي مَا دَامَ حلمي كرما فَإِذا كَانَ يعد جبنا لم أحلم وَهَذَا كَقَوْل الفند الزماني (وَبَعْضُ الحِلْمِ عِنْدَ الجَهْلِ لِلذّلَّةِ إذْعانُ) 19 - الْغَرِيب الدَّرن الْوَسخ لِمَعْنى يَقُول لَا آخذ المَال بالذل فَإِذا حصل لي مَال بذل تركته وَلَا أستلذ بِشَيْء يلطخ عرضي بِأَخْذِهِ 20 - الْغَرِيب المرير جمع مريرة وَهِي الْقُوَّة من الْحَبل وَاسْتمرّ استقام وارعوى انزجر والوسن النعاس الْمَعْنى يَقُول لما فارقتكم سهرت وَاسْتَوْحَشْت ثمَّ تصبرت واستقام أمرى وَرجع النّوم إِلَى عَيْني فَنمت وَذهب مَا كَانَ بِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 - الْغَرِيب الود الْمحبَّة وقمن أَي خليق وجدير فَإِن فتحت ميمه لم تثنه وَلم تجمعه وَلم تؤنثه وَإِن كسرت الْمِيم جمعت وثنيت وأنثت وَكَذَا إِذا قلت قمين الْمَعْنى يَقُول إِن كنت فِي قوم آخَرين وعاملوني معاملتكم فَارَقْتهمْ كَمَا فارقتكم قَالَ الواحدي هَذَا تَعْرِيض بالأسود يَعْنِي كافورا يُرِيد إِن جرى على رسمكم ألحقته بكم فِي الْفِرَاق وَأنْشد أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد مثل هَذِه الأبيات (لَا تَطْلُبِ الرّزْقَ بِامْتِهانِ ... وَلا تُرِدْ عُرْفَ ذِي امْتنانِ) (وَاسْترْزِقَ اللهَ وَاسْتَعنْهُ ... فَإنَّهُ خَيْرُ مُسْتَعانِ) (أشَدُّ مِنْ فاقَةٍ وَجُوعٍ ... إغْضاءُ حُرّ عَلى هَوَانِ) (فَإنْ نَبا مَنْزِلٌ بِقَومٍ ... فَمِنْ مَكانٍ إِلَى مَكانِ) 22 - الْغَرِيب الأجلة جمع جلّ وَيُقَال جلّ وإجلال وَهُوَ مَا يتجلل بِهِ الْفرس والعذر جمع عذار والفسطاط اسْم لمصر وَفِيه سِتّ لُغَات فسطاط وفستاط بِالتَّاءِ أبدل من الطَّاء وفساط بِإِسْقَاط الطَّاء وبالتشديد وَكسر الْفَاء فِي الثَّلَاث والرسن الْحَبل الْمَعْنى يَقُول طَال بِمصْر مقَامي عنْدكُمْ حَتَّى أبلى إجلال فرسي وعذره ورسنه فبدل بغَيْرهَا 23 - الْغَرِيب الْهمام الْعَظِيم الهمة وَأَبُو الْمسك كنية كافور وَمُضر الْحَمْرَاء يرْوى بِالْإِضَافَة وبالصفة وَهُوَ مُضر بن نزار وَإِنَّمَا سموا مُضر الْحَمْرَاء لِأَن نزاراً لما مَاتَ ترك أَوْلَادًا أَرْبَعَة مُضر وَرَبِيعَة وإياد وأنمار فتحا كموا إِلَى جرهم فَأعْطى مُضر الذَّهَب وقبة حَمْرَاء فسموا بذلك وأنشدوا (إِذا مُضرُ الحَمْرَاءِ عَبَّ عُبابُها ... فَمَنْ يَتَصَدَّى مَوْجَها حِينَ تَزْخَرُ) وَأعْطى ربيعَة الْخَيل فمسوا ربيعَة الْفرس وأنشدوا (قُولُوا لِقَحْطانَ مِنْ ذَوِي يمَنِ ... كَيْفَ وَجَدُتمْ رَبِيعَةَ الفَرْسِ) وَأعْطى إياد الْإِبِل وَالْغنم فسموا إياد الشمط وأنشدوا (إِذا مَا إيادُ الشَّمْطِ يَوْماً تَجشَّمَتْ ... ظَنَنْتَ لَها صُمَّ الجيادِ تمِيدُ) وَأعْطى أَنْمَار الْحمار وَالْأَرْض وَمَا شاكلها فسميت أَنْمَار الْحمار وأنشدوا (فَلَوَ أنَّ أنمارَ الحِمارِ تَناصَرَتْ ... لَكانَ لَها مِنْ بَينَ فَيدٍ إِلَى هَجَرْ) واشتقاق مُضر من اللَّبن الماضر وَهُوَ الحامض وَقيل من الشَّيْء المضر وَهُوَ وَهُوَ الرَّائِق الْحسن يُقَال دُنْيَاهُ خضرَة مضرَّة الْمَعْنى يَقُول طَال مقَامي عِنْد أبي الْمسك الَّذِي نعْمَته قد عَمت النَّاس الْعَرَب العرباء بني نزار واليمن وأفرد الْيمن لأَنهم من غير ولد نزار فَأَرَادَ أَن مَعْرُوفَة قد وسع جَمِيع الْعَرَب 24 - الْغَرِيب وَهن يهن ووهن يوهن وَهنا ضعف وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَا تهنوا} الْآيَة الْمَعْنى يَقُول آمالي بموعده لَا تضعف وَلَا يتَأَخَّر عني مَا أؤمله من موعده وَلَا يضعف رجائي عِنْده ثمَّ ذكر عذر تَأَخره بقوله الْبَيْت بعده 25 - الْغَرِيب الْمَوَدَّة الْمحبَّة والابتلاء الاختبار وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يَوْم تبلى السرائر} وَكَذَلِكَ الامتحان هُوَ الاختبار الْمَعْنى يَقُول هُوَ الوفي بِمَا وَعَدَني غير أَنه يختبر مَا ذكرت لَهُ من الْمحبَّة فَلهَذَا يتَأَخَّر عني مَا وَعَدَني بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 - 1 الْغَرِيب عناه يعنيه إِذا أتعبه وأهمه يُقَال عني بِالْكَسْرِ يَعْنِي عناء إِذا تَعب الْمَعْنى يَقُول قد صحب النَّاس زمانهم قبلنَا وأتعبهم فِي شَأْنه الَّذِي أتعبنا يُرِيد أَن كل النَّاس يهمهم الزَّمَان 2 - الْغَرِيب الغصة مَا يتجرعه الْإِنْسَان من مرارات الزَّمَان وسر افرح وَأَحْيَانا جمع حِين وَهُوَ الْوَقْت والحين على وُجُوه الأول بِمَعْنى سنة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة إِبْرَاهِيم {تؤتي أكلهَا كل حِين} أَي كل سنة وَالثَّانِي يَوْم الْقِيَامَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين} وَالثَّالِث سَاعَات النَّهَار وَمِنْه قَوْله تَعَالَى الحديث: 274 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} الرَّابِع بِمَعْنى أَرْبَعِينَ سنة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} وَهُوَ بَقَاء آدم جسدا من غير روح وَأما قَوْله {ولتعلن نبأه بعد حِين} فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَرَادَ يَوْم بدر الْمَعْنى يَقُول صحبوا الزَّمَان ثمَّ مَاتُوا بغصة لم يبلغُوا مَا أملوا من الزَّمَان وَإِن كَانَ قد فَرَحهمْ حينا فقد نغصهم أَكثر مِمَّا فَرَحهمْ وَالْمعْنَى يُرِيد أَن أحدا لم ينل مُرَاده من الزَّمَان 3 - الْغَرِيب الصَّنِيع الْإِحْسَان الْمَعْنى يَقُول الدَّهْر إِن أحسن أَولا كدر وأساء آخرا هَذِه عَادَته يعْطى ثمَّ يرجع وَإِذا أحسن لَا يتم الْإِحْسَان وَهَذَا يشبه قَول الآخر (الدَّهْرُ آخِذُ مَا أعْطَى مُكَدّرُ مَا ... أصْفى وَمُفْسِدُ مَا أهْوَى لَهُ بيدِ) 4 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح فِي يرضى ضمير فَاعل يفسره من أعانا وأضمره قبل الذّكر على شريطة التَّفْسِير ويروى لم ترض بِالتَّاءِ وَالضَّمِير اللَّيَالِي الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا وَالَّذِي قبله أحسن مَا قيل أحسن مَا قيل فِي الزَّمَان وَأَن طباعة الشَّرّ وَفعل الزَّمَان مَنْسُوب إِلَى الْقَضَاء فالزمان لَا يفعل شَيْئا وَإِنَّمَا يفعل فِيهِ وَكَذَا قَوْلهم يَوْم سعيد فاليوم لَا يُوصف بِسَعْد وَإِنَّمَا يُوصف بِهِ من يشْتَمل عَلَيْهِ الْيَوْم وَقَالَ الواحدي يُرِيد هُوَ الَّذِي أعَان على الدَّهْر كَأَنَّهُ لم يرض بِمَا يُصِيبنِي من محنة حَتَّى أَعَانَهُ عليّ وَهَذَا كَقَوْل الْقَائِل (أعانَ عَليَّ الدَّهْرَ إذْ حَكَّ بَركَهُ ... كَفى الدَّهْرُ لَوْ رَكَّلتْهُ بِيَ كَافِيا) 5 - الْغَرِيب السنان زج الرمْح الَّذِي يطعن بِهِ الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول إِذا ابتدر الزَّمَان للإساءة بِمَا جبل عَلَيْهِ صَارَت عَدَاوَة المعادى مدَدا لقصده نَحْوك فَجعل الْقَنَاة مثلا لما فِي طبع الزَّمَان والسنان مثلا للعداوة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح والخطيب الزَّمَان إِذا أنبت قناة إِنَّمَا ينبتها بالطبع وَلَا يشْعر لأي شَيْء تصلح فيتكلف بَنو آدم اتِّخَاذ الْقَنَاة توصلا إِلَى هَلَاك النُّفُوس فالزمان يفعل وَلَا يشْعر مَا يُرَاد بِهِ وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم يَقُول من صِحَة السياسة أَن يكون الْإِنْسَان كلما ظَهرت سنة عمل بهَا بِحَسب السياسة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 - الْمَعْنى يَقُول الدُّنْيَا فانية وَالْمرَاد فِيهَا فان وَهِي أقل من أَن يعادي بَعْضنَا بَعْضًا لأجل مُرَاد النَّفس وَهُوَ ذَاهِب فان وَهَذَا نهى عَن التحاسد والمعاداة وَفِيه نظر إِلَى قَول النَّبِي الْمجمع على صِحَّته حَدِيث أنس وَغَيره لَا تدابروا وَلَا تباغضوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا وَمَا أحسن هَذَا وَلَقَد أحسن أَبُو الطّيب فِي هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم لَيْسَ الحزم إفناء النُّفُوس فِي طلب الشَّهَوَات بل فِي دَرك الْعَالم الْعلوِي 7 - الْغَرِيب كالحات معبسات الْمَعْنى يَقُول لِقَاء الْمَوْت الكريه أَهْون من ملاقاة الْهون لِأَن الحريري الْمَوْت أَهْون عَلَيْهِ من الهوان وَللَّه دره وَمَا أحسن هَذَا وَمَا أخفه على الْأَلْسِنَة فَلَا ترى أحدا يَنَالهُ أدنى شَيْء إِلَّا اسْتشْهد بِهِ 8 - الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الجبان يسلم من الْمَوْت ويلقاه الشجاع كَانَ الشجاع ضَالًّا فِي إقدامه لِأَنَّهُ يتَعَرَّض للْقَتْل وَلَكِن الْحَيَاة لَا تبقى لشجاع وَلَا لجبان بل الْمَوْت ينَال الْجَمِيع ثمَّ أكد بقوله وَإِذا 9 - الْمَعْنى يَقُول الْمَوْت لابد مِنْهُ فَإِذا كَانَ كَذَلِك فالجبان لَا يَنْفَعهُ جبنه والشجاع لَا يضرّهُ إقدامه فَمن الْعَجز يكون الْجُبْن وَهَذَا من قَول خَالِد بن الْوَلِيد لما حَضَره الْمَوْت قَالَ فِي جَسَدِي مائَة طعنة وضربة وَهَا أَنا قدمت حتف أنفي فَلَا أقرّ الله أعين الْجُبَنَاء وَلَقَد سعد أَبُو الطّيب فِي هَذِه الْقطعَة وَهِي الدرة الْيَتِيمَة 10 - الْإِعْرَاب سهل خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ كل شَيْء وَتَقْدِير الْكَلَام كل شَيْء لم يكن صعبا فِي النَّفس سهل إِذا وَقع الْمَعْنى يَقُول الْأَمر الشَّديد إِنَّمَا يصعب على النَّفس قبل وُقُوعه فَإِذا وَقع سهل وَهَذَا مثل قَول البحتري (لَعَمْرُكَ مَا المَكْرُوهُ إلاَّ ارْتقابُهُ ... وأبْرَحُ ممَّا حَلَّ مَا يُتَوَقَّعُ) وكقول الآخر (لَا يَصْعُبُ الأمْرُ إلاَّ رَيْثَ يَركَبُهُ ... وكلَّ شَيءٍ سِوَى الفَحشاءِ يأتمِرُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 - 1 الْغَرِيب القمران الشَّمْس وَالْقَمَر تَغْلِيبًا لأَحَدهمَا على الآخر كَقَوْلِهِم الْعمرَان أَبُو بكر وَعمر بن الْخطاب الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول من عاداك دلّ على جهالته وَسَقَطت مَنْزِلَته عِنْد النَّاس وعاداه كل أحد وذمه وَلَو كَانَ من أعدائك القمران لصارا مذمومين مَعَ عُمُوم نفعهما وارتفاع منزلتهما وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَغَيره هَذَا الْمَدْح ينعكس هجاء يَقُول أَنْت رذل سَاقِط والساقط لَا يضاهيه إِلَّا مثله وَإِذا كَانَ معاديك مثلك فَهُوَ مَذْمُوم بِكُل لِسَان كَمَا أَنَّك كَذَلِك وَلَو عاداك القمران 2 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يجوز فِيهِ أَن يَنْقَلِب هجاء لِأَنَّهُ يجوز أَن يصرف إِلَى أَن يغِيظ بِهِ الْأَحْرَار وَقَالَ الواحدي لله تبَارك وَتَعَالَى سر فِيمَا أَعْطَاك من الْعُلُوّ والبسطة لَا يطلع النَّاس على ذَلِك السِّرّ وَلَا يعلمُونَ مَا هُوَ وَمَا يَخُوض الْأَعْدَاء فِيهِ من الْكَلَام نوع من الهاذيان بعد أَن أَرَادَ الله فِيك مَا أَرَادَ وَهَذَا إِلَى الهجاء أقرب لِأَنَّهُ نسب علوه على النَّاس إِلَى قدر جرى بِهِ من غير اسْتِحْقَاق وَالْقدر قد يُوَافق بعض النَّاس فيعلوا ويرتفع على الأقران وَإِن كَانَ سَاقِطا بِاتِّفَاق من الْقَضَاء الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح الهذيان من فصيح كَلَام الْعَرَب وَلم يذكرهُ الْجَوْهَرِي وَلَا ابْن فَارس فِي مجمله 3 - الْمَعْنى يَقُول هَل بَقِي للأعداء أَن يَقُولُوا شَيْئا بعد مَا قدر أَو إِمَّا أَعْطَاك الله من السِّيَادَة وَرفع قدرك على أعدائك فَهَل يطْلبُونَ بعد ذَلِك دَلِيلا أَو وضوح بَيَان الحديث: 275 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 - الْمَعْنى يَقُول الْأَعْدَاء قد رَأَتْ كل من نوى لَك غدرا أَنه يباوه الله بِالْمَوْتِ أَو بغدره الزَّمَان فَيهْلك وَالْمَوْت خير للعاقل من غدر زَمَانه 5 - الْمَعْنى يَقُول إِنَّه لما هلك فَارقه سَيْفه وَكَانَ رَفِيقه فِي كل حَال وشبيب هَذَا هُوَ ابْن جرير الْعقيلِيّ من قوم كَانُوا من القرامطة وَكَانُوا مَعَ سيف الدولة وَولى شبيب معرة النُّعْمَان دهرا طَويلا وَاجْتمعَ إِلَيْهِ جمَاعَة من الْعَرَب فَوق عشرَة آلَاف وَأَرَادَ أَن يخرج على كافور وَقصد دمشق فحاضرها فَيُقَال إِن امْرَأَة أَلْقَت عَلَيْهِ رَحا فصرعته فَانْهَزَمَ من كَانَ مَعَه لما مَاتَ وَيُقَال إِنَّه حدث بِهِ صرع من شرب الْخمر فَحدث بِهِ تِلْكَ السَّاعَة فصرع فَتَركه أَصْحَابه ومضوا فَأَخذه أهل دمشق فَقَتَلُوهُ فَعرض بِهِ أَبُو الطّيب بِهَذَا الْبَيْت يُرِيد أَن من عاداك رَمَاه الله بِالْمَوْتِ أَبُو بغدر الزَّمَان بِهِ 6 - الْغَرِيب قيس من عدنان واليمن من قحطان وَبَينهمَا بعد وتنازع وَاخْتِلَاف وَكَأن الرّقاب قَالَت مجَازًا لسيفه أَنْت يمني والنصل الْجيد ينْسب إِلَى الْيمن الْمَعْنى يَقُول الرّقاب لما كثر تقطيعها بِسَيْفِهِ أغرت مَا بَينه وَبَين سَيْفه ليغترقا وشبيب الَّذِي يصاحبك قيسي وَأَنت يماني وَهُوَ مُخَالف لَك ففارقه لما علم أَنه يُخَالف الأَصْل 7 - الْغَرِيب الْحَيَوَان كل مَا كَانَ فِيهِ روح كبني آدم وَغَيرهم والمنايا جمع منية وَهِي الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول الْمَوْت غَايَة كل حَيّ فَإِذا هلك شبيب فَلَا عَار عَلَيْهِ من ذَلِك 8 - الْمَعْنى يَقُول كَانَ نَارا على الْأَعْدَاء غير أَن دخانه الْغُبَار وَهُوَ من قَول الآخر (ماوِيَّ يارُبما غارةْ ... شَعْوَاءَ كاللذْعَةِ بالميسَمِ) 9 - الْإِعْرَاب يشهي لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَإِنَّمَا يتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي بِحرف جر فَحَذفهُ وَهُوَ يُريدهُ كَأَنَّهُ قَالَ إِلَى كل جبان الْمَعْنى يَقُول عَاشَ فِي عز ومنعة يتمناهما الْعَدو ثمَّ مَاتَ موتا من غير عِلّة وَلَا ألم فَهُوَ يشهي الْمَوْت إِلَى الْجُبَنَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 - الْغَرِيب النَّجْم الثريا وَهُوَ اسْم لَهَا على مثل زيد وَعَمْرو والدبران خَمْسَة كواكب من الثور يُقَال إِنَّهَا سنامه وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر الْمَعْنى يَقُول نفى عَن نَفسه الرماح بشجاعته وَلم يكن نافيا نحس النَّجْم والدبران وهما من مناحس النُّجُوم فِي حِسَاب المنجمين وزعمهم قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه دفع عَن نَفسه نحوس الأَرْض وَلم يقدر أَن يدْفع نحوس السَّمَاء وَهَذَا خلاف قَول لبيد (أخْشَى عَلى أرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أرْهَبُ نَوْءَ السِّماك وَالأسَدِ) 11 - الْغَرِيب شواته جلدَة رَأسه وَمِنْه نزاعة للشوى قَرَأَ حَفْص نزاعة بِالنّصب يرْوى جناحي وَجَنَاح الْمَعْنى وَلم يدر أَن الْمَوْت قد أعير جنَاحا فَهُوَ يرفرف حَتَّى يَقع عَلَيْهِ من علو وَهَذَا معنى مَا قيل إِن امْرَأَة أَلْقَت عَلَيْهِ من فَوق رَأسه رحى من سور دمشق 12 - الْغَرِيب الأقران جمع قرن وَهُوَ مثلك فِي السن والقرن بِالْكَسْرِ وَهُوَ كفؤك فِي الْحَرْب الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لما أنْشد أَبُو الطّيب هَذَا الْبَيْت بِحَضْرَة كافور قَالَ كافور لَا وَالله إِلَّا بأشذ قرن فِي أعز مَكَان فَرَوَاهُ النَّاس كَقَوْل كافور قَالَ الواحدي ذكر فِي قصَّته أَنه كَانَ يحارب أهل دمشق وَيُرِيد الْغَلَبَة عَلَيْهَا فَسقط على الأَرْض وثار من سقطته فَمشى خطوَات ثمَّ وَقع مَيتا وَلم يصبهُ شَيْء فتعجب النَّاس من ذَلِك حَتَّى قَالَ قوم إِنَّه كَانَ مصروعا وأصابه الصرع فِي تِلْكَ السَّاعَة فَانْهَزَمَ أَصْحَابه وَقَالَ قوم بل ركب وَقد شرب سويقا مسموما فَلَمَّا حمى عَلَيْهِ الْحَدِيد عمل فِيهِ السم فَهُوَ فَهُوَ قَوْله بأضعف قرن يَعْنِي السم فِي أذلّ مَكَان فِي غير الْحَرْب ومعركة الْقِتَال 13 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه مَاتَ بَغْتَة وَلم يدر كَيفَ مَاتَ وَلم يسْتَدلّ أحد على مَوته بمرأى أَو مسمع كَقَوْل يزِيد المهلبي (جاءَتْ مَنيَّتُهُ وَالعَينُ هاجِعَةٌ ... هَلاَّ أتَتْهُ المَنايا وَالقَنا قصِدُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي سلكت للمنية الْمَعْنى يَقُول لَو أَتَتْهُ منيته من طَرِيق السِّلَاح أَي بالمحاربة لدفعها عَن نَفسه بطول يَده وسعة صَدره لِأَنَّهُ شُجَاع لَا يغالب 15 - الْغَرِيب تقصده أَي قَصده وتعمده وتوخاه وتحراه فَهُوَ بِمَعْنى قَصده قَالَ (أَبَا عَينُ مَالِي لَا أرَى الدَّمعَ جامِداً ... وَقَدْ قَصَّدتْ رَيْبُ المَنِيَّةِ خَالِدا) والمقدار الْقدر وَهُوَ الْقَضَاء الْمَعْنى يَقُول كَانَ واثقا بِالْحَيَاةِ فقصده الْمَوْت دون أَصْحَابه فَأَهْلَكَهُ وَكَانَ لم يفكر فِي الْمَوْت كَأَنَّهُ كَانَ على ثِقَة من الدَّهْر وأمان 16 - الْغَرِيب الالتفاف الِاجْتِمَاع والتف النَّاس على فلَان ازدحموا حوله الْمَعْنى يَقُول الْجَيْش الْكثير لَا ينْتَفع بكثرته إِذا لم يكن منصورا من الله ومعانا بتأييد ضربه مثلا لِكَثْرَة جَيش شبيب وَأَنه لم ينْتَفع بكثرته وَإِنَّمَا الِانْتِفَاع بنصر الله أَلا ترى أَن رَسُول الله لَقِي صَنَادِيد قُرَيْش بثلثمائة وَبضْعَة عشر رجلا وَيَوْم حنين كَانَ فِي أَكثر من عشرَة آلَاف فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ إِذْ أعجبتهم كثرتهم ثمَّ أعَاد الله لَهُم النَّصْر فقهروا هوَازن وَأخذُوا أَمْوَالهم وذار أريهم 17 - الْغَرِيب ودي من الدِّيَة أَي أعْطى الدِّيَة وَالْمَبِيت اللَّيْل والجامل اسْم للجمال الْكَثِيرَة كالباقر اسْم لجَماعَة الْبَقر والتامر اسْم للتمار قَالَ ابْن الْأَعرَابِي يُقَال جمالتهم وجمالاتهم وجاملهم وجواملهم وَقَرَأَ حَفْص وَحَمْزَة وعَلى جمالة صفر بِكَسْر الْجِيم موحدا والعنكنان بِفَتْح الْكَاف وسكونها والسكون أَكثر وَهِي الْإِبِل الْكَثِيرَة وَنعم عكنان أَي كَثِيرَة قَالَ (وَصَبَّحَ الماءَ بوِرْدٍ عَكَنانْ ... ) الْمَعْنى يَقُول أدّى دِيَة من قتل من النَّاس من قبل اللَّيْل بِنَفسِهِ وَلم يؤد الدِّيَة بِالْإِبِلِ الْكَثِيرَة فَصَارَ بِهَلَاك نَفسه كَأَنَّهُ أَدَّاهَا دِيَة إِلَى من قَتله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 - الْإِعْرَاب عطف تمسك على تمسك ويركب على يركب وَلَو نصبهما لجَاز أَي يجْتَمع هَذَانِ مَعَ هذَيْن كَقَوْلِك أتأكل السّمك وتشرب اللَّبن أَي أتجمع بَينهمَا وَقَوله أتمسك اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا كفر نِعْمَتك من أَحْسَنت إِلَيْهِ لم يقبض يَده على عنانه تخاذلا وحيرة وَقَالَ الواحدي الْعَاقِل لَا يجمع بَين إمْسَاك مَا أَعْطيته من النعم وإمساك الْعَنَان فِي الكفران لِأَن من كَانَ عَاقِلا لم يكفر نعْمَة الْمُنعم عَلَيْهِ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى أَن شبيبا كفر نعْمَة كافور فصرعه شُؤْم الكفران حَتَّى هلك 19 - الْمَعْنى يَقُول لَا يجْتَمع لأحد إكرامك ومعصيتك وَكَيف يقدر على هَذَا من تكرمه ويعصيك لِأَنَّهُ إِذا خَالف أَمرك وعصاك هلك 20 - الْغَرِيب ثنى يَده ردهَا والسنان الْأَصَابِع واحدتها بنانة الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول إحسانك إِلَيْهِ رد يَده عَمَّا امتدت فِيهِ حَتَّى كَأَنَّهَا وَهِي مَقْبُوضَة لم تبسط فِيمَا أَرَادَ كَانَت بِغَيْر بنان لِأَن الْقَبْض يحصل بالأصابع فَإِذا كَانَ الْيَد بِغَيْر أَصَابِع لم يحصل الْقَبْض وَكَأَنَّهَا مَفْتُوحَة لَا تقدر على الْقَبْض والانبساط ويروى قبضت بِإِسْنَاد الْفِعْل إِلَيْهَا وَيكون الْمَعْنى كَانَت قابضة فَلَمَّا صرفت عَمَّا قصدت صَارَت كَأَنَّهَا بِغَيْر بنان وَغير قابضة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح ملئت يَده بِالْإِحْسَانِ حَتَّى ثناها إِلَى وَرَائِهَا كَأَنَّهَا كَانَت لما قبضت مَا وهبت لم يكن لَهَا بنان يطبقها على الْمَوْهُوب فأرسلته 21 - الْإِعْرَاب يرْوى نرى بالنُّون وَترى على الْخطاب وَعند من هُوَ اسْتِفْهَام يدل على النَّفْي أَي مَا عِنْد أحد وَفَاء لصَاحب وشبيب ابْتِدَاء أوفى عطف عَلَيْهِ وَالْخَبَر أَخَوان كَمَا تَقول زيد وَبكر أَخَوان الْمَعْنى لم يبْق فِي النَّاس واف لمن يَصْحَبهُ أَي من يَفِي لصَاحبه يَوْمنَا هَذَا وأوفى النَّاس غادر كشبيب فِي الْغدر 22 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا أَجود مَا مدح بِهِ ملك يَقُول قضى الله أَنَّك أول فِي المكارم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 والمعالي لم يسبقك أحد إِلَى مَا سَبَقَك إِلَيْهِ وَلم يقْض يلحقك أحد أَو يكون لَك مثل فَيكون ثانيك 23 - الْغَرِيب القسى جمع قَوس والثقلان الْجِنّ وَالْإِنْس وَفِي الحَدِيث خلقت فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وعترتي أهل بَيْتِي فالثقلان فِي الحَدِيث نثنية ثقل من حط ثقله أَي مَتَاعه وَأَرَادَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن كتاب الله وعترته ثقلاه اللَّذَان يهمه حفظهما الْمَعْنى يَقُول لَا تحْتَاج أَن تستجيد القسى لرمى الْأَعْدَاء فَإِن قسى سعادتك هِيَ ترمي عَنْك من شِئْت من الْأَعْدَاء فالجن وَالْإِنْس يُقَاتلُون عَنْك من عاديت وَإِذا كَانَت سعادتك هِيَ الَّتِي تساعدك فَلَا حَاجَة إِلَى اتِّخَاذ سلَاح 24 - الْغَرِيب الأسنة جمع سِنَان والقنا الرماح وَالْجد الْحَظ والسعادة الْمَعْنى يَقُول لَا تغني بالأسنة وَلَا الرماح فسعادتك تطعن عَنْك الْأَعْدَاء بِغَيْر سِنَان وَهُوَ بِمَعْنى الْبَيْت الأول يُنكر عَلَيْهِ اتِّخَاذ السِّلَاح للأعداء لِأَن السَّعَادَة تقَاتل عَنهُ 25 - الْغَرِيب النجاد حمائل السَّيْف وَإِذا وصف النجاد بالطول دلّ على طول حامله والحدثان حوادث الدَّهْر والحادثة والحدثي والحدثان بِمَعْنى الْمَعْنى يَقُول لم تحمل السَّيْف وَأَنت غير مُحْتَاج إِلَى حمله لِأَن حوادث الدَّهْر تقَاتل عَنْك الْأَعْدَاء وَهَذَا إِشَارَة إِلَى قتل شبيب لما خرج عَلَيْهِ بِغَيْر سلَاح فَكَانَ هَلَاكه بِغَيْر سلَاح قيل وَقع عَلَيْهِ رحى وَقيل بل صرع وَكَانَ مسموما فَهَلَك بحوادث الدَّهْر 26 - الْمَعْنى يَقُول الأقدار جَارِيَة بحكمك فَإِذا أردْت شَيْئا كَانَ وَإِذا أردْت أَن تُعْطِينِي شَيْئا وصل إِلَيّ وَإِن لم تَجِد بِهِ لِأَن الْأَقْضِيَة تجْرِي بأحكامك يُرِيد أَن الْقَضَاء مُوَافق لإرادته فَإِذا أَرَادَ بِهِ خيرا أَتَاهُ ذَلِك وَأي لم يجد بِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا من قَول حبيب (فالدَّهْرُ يَفْعَلُ صاغِراً مَا تَأمُرُهُ ... ) 27 - الْإِعْرَاب يرْوى الْفلك بِالرَّفْع وَالنّصب وَالنّصب أَجود لِأَن لَو تَقْتَضِي الْفِعْل فَيجب أَن تضمر لَهُ فعلا ينصبه وَيكون الْفِعْل الَّذِي نصب سعى الْمُضَاف إِلَى الضَّمِير وَهُوَ أبْغض تَفْسِيرا للمضمر كَقَوْلِك لَو أَخَاك أكرمت غُلَامه لجازاك عَنهُ وَتَقْدِير الْفِعْل الناصب لذَلِك لَو كرهت الْفلك أَي دورانه لِأَنَّك تَقول أَنا أكره زيد وَأَنت تُرِيدُ فعله وأبغضت مُفَسّر فَلَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب كَقَوْلِه تَعَالَى فِي قِرَاءَة الْكُوفِيّين وَابْن عَامر وَالْقَمَر بِالنّصب قدرناه فقددنا هُوَ الناصب للضمير وَهُوَ مُفَسّر فَلَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب تَقْدِيره قَدرنَا الْقَمَر وَمن رفع الْقَمَر قبالابتداء أَو بضمر لَهُ فعل يرفعهُ فِي معنى الظَّاهِر وَالظَّاهِر تَفْسِير لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَو خالفك الْفلك لعوقه شَيْء وَصَارَ أبغضت تَفْسِيره ودليلا عَلَيْهِ كَقَوْل ذِي الرمة (إِذا ابْنُ أبي مُوسَى بِلالٌ بَلغْتِهِ ... فَقامَ بِفأسٍ بَينَ أُذْنَيْك جازِرُ) أَي إِذا بلغ ابْن أَي مُوسَى ثمَّ فسره ببلغته وَهَذَا فِيهِ خلاف بَيْننَا وَبَين الْبَصرِيين فَإِن أَصْحَابنَا يَقُولُونَ فِي الإسم الْمَرْفُوع بعد إِن وَإِذا الشرطيتين إِنَّه يرْتَفع بِمَا عَاد إِلَيْهِ من الْفِعْل من غير تَقْدِير فعل وَذهب البصريون إِلَى أَنه يرْتَفع بِتَقْدِير فعل وَالْفِعْل الْمظهر تَفْسِير لَهُ وَحجَّتنَا أَن إِن هِيَ الأَصْل فِي بَاب الْجَزَاء ولقوتها جَازَ تَقْدِيم لمرفوع مَعهَا فيرتفع بالعائد لِأَن المكنى الْمَرْفُوع فِي الْفِعْل الِاسْم الأول فَيَنْبَغِي أَن يكون مَرْفُوعا بِهِ كَمَا قَالُوا جَاءَنِي الظريف زيد وَإِذا كَانَ مَرْفُوعا بِهِ لم يفْتَقر إِلَى تَقْدِير فعل وَقَالَ البصريون إِنَّه لَا يجوز أَن يفصل بَين حرف الْجَزْم وَبَين الْفِعْل باسم لم يعْمل فِيهِ ذَلِك الْفِعْل وَلَا يجوز أَن يكون الْفِعْل هُنَا عَاملا فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يجوز تَقْدِيم مَا يرْتَفع بِالْفِعْلِ عَلَيْهِ فَلَو لم يقدر مَا يرفعهُ لبقي الِاسْم مَرْفُوعا بِلَا رَافع وَذَلِكَ لَا يجوز فَدلَّ على أَن الِاسْم ارْتَفع بِتَقْدِير فعل وَقَالَ الْأَخْفَش من الْبَصرِيين هُوَ الْمَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ الْمَعْنى يَقُول لَو كرهت دوران الْفلك لحَدث شَيْء يمنعهُ عَن الدوران وَهَذَا مُبَالغَة وَقَالَ الواحدي هَذِه أَبْيَات لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا لَهَا مثل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 - 1 الْغَرِيب الأزواد جمع زَاد وَهُوَ مَا يتزوده الْإِنْسَان فِي سَفَره وَفِي الحَدِيث فجمعنا أزوادنا على نطع الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْأسود الَّذِي يَأْكُل زادي لَو كَانَ عِنْدِي ضيفا لأكثرت إِلَيْهِ الْإِحْسَان أَي لَو أَنه أَتَانِي وقصدني ضيفا لأحسنت إِلَيْهِ وَهُوَ كَقَوْلِه (جَوْعانَ يَأكُلُ مِنْ زَادي 000 ... ) وَقَالَ الواحدي فِي الْآكِل أزوادنا وَجْهَان أَحدهمَا أَنه أَتَاهُ بِهَدَايَا فَلم يُكَافِئهُ عَلَيْهَا وَالْآخر أَن أَبَا الطّيب يَأْكُل عِنْده من خَاصَّة مَاله وَينْفق على نَفسه مِمَّا حصل مَعَه وَهُوَ يمنعهُ الارتحال فَكَأَنَّهُ يَأْكُل زَاده حِين لم يبْعَث إِلَيْهِ شَيْئا ويمنعه من الطّلب 2 - الْغَرِيب الزُّور الْكَذِب وَيُقَال بَهته بهتا وبهتانا فَهُوَ باهت قَالَ عَلَيْهِ مَا لم يَفْعَله فَهُوَ بهتان الْمَعْنى يَقُول نَحن فِي الظَّاهِر أضيافه لأَنا قصدناه وَلَيْسَ يُعْطِينَا قرى غير الزُّور والمواعيد الكاذبة 3 - الْغَرِيب السبل جمع سَبِيل وَهُوَ الطَّرِيق وَيُقَال سبل وسبل بِالتَّخْفِيفِ والتثقيل وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو بِالتَّخْفِيفِ حَيْثُ وَقع والسبيل يذكر وَيُؤَنث قَالَ الله تَعَالَى {قل هَذِه سبيلي} وَقَالَ {وَإِن يرَوا سَبِيل الرشد لَا يتخذوه سَبِيلا} الْمَعْنى يَقُول متمنيا ياليته أطلقنا أَعَانَهُ الله على التَّخْلِيَة لنا وَالْإِطْلَاق وأعاننا الله على الذّهاب الحديث: 276 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 - 1 الْإِعْرَاب أَرَادَ لتقرر على الْأَمر فَحذف اللَّام كبيت الْكَاتِب (مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نفسٍ ... إِذا مَا خِفْت مِنْ أمْرٍ تَبالا) وكقول الآخر (عَلى مِثْلِ أصحابِ البْعُوضُة فاخْمشِي ... لكِ الوَبلُ حوَّ الوَجِهِ أوْيَبكِ من بَكَى) أَرَادَ ليبك فَحذف اللَّام الْغَرِيب بلبيس بلد قريب من مصر وَقَالَ الواحدي هُوَ مَوضِع بِالشَّام وَهُوَ مَعْذُور لِأَنَّهُ لم يعرفهُ وَلَا رَآهُ وَتقول قررت بِهِ عينا وقررت بِهِ عينا أقرّ قُرَّة وقرورا وَالْأول أفْصح قَالَ الله تَعَالَى الحديث: 277 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 {وقري عينا} والمسعاة وَاحِدَة المساعي وَهُوَ مَا يسْعَى فِي الْخَيْر وَيحصل الْمجد وَهُوَ السَّعْي فِي الْجُود وسعى سعيا إِذا عدا وَإِذا عمل وَكسب وكل من ولى شَيْئا فَهُوَ ساع وَأكْثر مَا يُقَال فِي وُلَاة الصَّدَقَة سعى عَلَيْهَا أَي عمل عَلَيْهَا وهم السعاة قَالَ عَمْرو بن العداء الْكَلْبِيّ فِي عَمْرو بن عتبَة بن أبي سُفْيَان (سَعَى عِقالاً فَلمْ يَترُكْ لَنا سبداً ... فَكَيْف لوْ قد سَعى عَمرو عِقَالَيْنِ) الْمَعْنى يَقُول جزى رب الْعَرَب الْعَرَب الَّتِي تكون فِي هَذِه الْبقْعَة جَزَاء تقربه عيونها فَإِنَّهَا تسْعَى فِي الْأَمْوَال الَّتِي يسْعَى لَهَا الْكِرَام 2 - الْإِعْرَاب كراكر بدل من عرب وَهُوَ جمع لَا ينْصَرف كمساجد وقبائل الْغَرِيب الْكَرَاكِر الْجَمَاعَات الْوَاحِدَة كركرة بِكَسْر الْكَاف قَالَه الْجَوْهَرِي وهم الْجَمَاعَة من النَّاس وَقيس بن عيلان اسْمه إلْيَاس بن مُضر بن نزار ولقبه قيس وَيُقَال لقب أَبِيه مُضر عيلان قَالَ زفر بن الْحَارِث الْكلابِي (أَلا إنَّما قَيْسُ بنُ عَيلانَ بَقَّةٌ ... إِذا وَجَدَتْ رِيحَ العَصِيرِ تَغَنَّتِ) وَقَالَ قوم بل كَانَ لَهُ فرس اسْمه عيلان فَسمى بِهِ وَأكْثر مَا يَأْتِي مُضَافا قيس عيلان وعيلان الدكر من الضباع والظبا السيوف الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لما وصف جفونهم بالسهر فِي طلب الْعلَا وصف جفون سيوفهم بالسهر على التَّمْثِيل يُرِيد أَنَّهَا قد فقدت نصولها فَكَأَنَّهَا ساهرة مَعَ جفون عيونهم فِي طلب الْمَعَالِي والفخار فاستعار لَهَا السهر لما ذكر جفون الْعين وَكَذَا نَقله الواحدي وَقَالَ قد ألم يهذا بَعضهم فَقَالَ (وَطالَما غابَ عَنْ عَيْنِي لِزَوْرَتها ... وَجَفْنِ سَيْفي غِرَارُ السَّيْفِ والوسَن) 3 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بِهِ يعود على الْجَزَاء الْغَرِيب الْعين من الشَّيْء خَيره وأفضله والمعين المَاء الصافي الَّذِي لَا كدر فِيهِ وَقيل الْمعِين الْجَارِي وَهُوَ مفعول من عنت المَاء إِذا استنبطته وكلأ ممعون جرى فِيهِ المَاء الْمَعْنى يمول وَخص بِهَذَا الْجَزَاء يُوسُف الممدوح الَّذِي هُوَ أفضلهم وسيدهم فَهُوَ كَالْعَيْنِ من الْإِنْسَان وَهُوَ لَهُم كَالْعَيْنِ يبصرون بآرائه ويقتدون بِهِ 4 - الْغَرِيب الْقَبِيلَة الْجَمَاعَة تكون من أَب وَاحِد وَالْجمع قبائل قَالَ الله تَعَالَى {وجعلناكم شعوبا وقبائل} والقبيل من الثَّلَاثَة فَصَاعِدا من قوم شَتَّى مثل الْعَرَب وَالروم والزنج وَجمعه قيل والحلة الْجَمَاعَة يحلونَ بِالْمَكَانِ الْمَعْنى يَقُول هَذَا الرجل زين عشيرته ورهطه وَإِن تباعدوا عَنهُ فِي النّسَب وَغَيره من السَّادة لَا يزين قومه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 - 1 الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح الشاميون ينصبون طيبا بإضمار فعل أَي تزيد طيبا أَو تطيب طيبا كَقَوْلِك زنيد سيرا أَي يسير سيرا والبغداديون يَرْفَعُونَهُ وَيمْنَعُونَ من نَصبه أَو من نَصبه فعلى التميير لِأَنَّهُ لَيْسَ ثمَّ فعل وَلَو كَانَ ثمَّ فعل لجَاز تَقْدِيمه مَنْصُوبًا كَقَوْل الآخر (وَما كانَ نَفْسا بِالفِرَاقِ تَطيِبُ ... ) وَوجه الرّفْع أَن المغاني مُبْتَدأ وَطيب خَبره الْغَرِيب مغاني وَاحِدهَا مغنى وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي فِيهِ أَهله وَالربيع الزَّمَان الطّيب وَهُوَ الْفَصْل الَّذِي بعد فصل الشتَاء تخرج فِيهِ الأزهار وتورق الْأَشْجَار الْمَعْنى يَقُول مغاني الشّعب وَهُوَ شعب بوان وَهُوَ مَوضِع كثر الشّجر والمياه يعد من جنان الدُّنْيَا كنهر الأبلة وسغد سَمَرْقَنْد وغوة دمشق طيبَة فِي المغاني بِمَنْزِلَة أَيَّام الرّبيع من الزَّمَان فَهِيَ تفوق سَائِر الْأَمْكِنَة طيبا كَمَا يفوق الرّبيع سَائِر الْأَزْمِنَة 2 - الْغَرِيب الْفَتى الْعَرَبِيّ يُرِيد نَفسه وغريب الْوَجْه لِأَنَّهُ أسمر لَا يعرف وهم شقر وغريب الْيَد لِأَن سلاحه الرمْح وأسلحة أهل الشّعب القسي وغريب اللِّسَان لِأَنَّهُ عَرَبِيّ وهم عجم فَلَا يعرف مَا يَقُولُونَ وَلَا يعْرفُونَ مَا يَقُول الحديث: 278 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 الْمَعْنى يَقُول هَذِه المغاني طيبَة إِلَّا أَنِّي فِيهَا غَرِيب بَينهم بِكُل حَال فَأَنا من دونهم أسمر وَأَنا أَتكَلّم بِغَيْر لغتهم فَلَا أعلم مَا يَقُولُونَ وَلَا يعلمُونَ مَا أَقُول فَأَنا غَرِيب بَينهم بِكُل حَال 3 - الْغَرِيب الملاعب جمع ملعب وَالْجنَّة الْجِنّ وَسموا بذلك لاستتارهم عَن النَّاس والترجمان بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا لُغَتَانِ وَالْجمع التراجم مثل زعفران وزعافر وصحصحان وصحاصح وَهُوَ الَّذِي يُفَسر كَلَام غَيره بِلِسَانِهِ وَهُوَ الَّذِي يعرف يُغير لِسَانه فيفسره بِلِسَانِهِ وأنشدوا (فَهْنَّ يُلْغِطْنَ بِهِ إلْغاطا ... كالترْجُمانِ لَقِيَ الأنْباطا) الْمَعْنى يَقُول هَذَا الشّعب طيب وَأَهله شجعان فَهُوَ كملاعب الْجِنّ يَلْعَبُونَ فِيهِ وَالْعرب إِذا أفرطت فِي مدح شَيْء نسبته إِلَى الْجِنّ كَقَوْلِه (بِخَيْلٍ عَلَيْها جِنَّةٌ عَبْقَرِيَّةٌ ... ) وَهُوَ مَعَ طيبه فِيهِ قوم لغتهم غَرِيبَة لَو أَتَاهُم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ مَعْرفَته بِجَمِيعِ اللُّغَات لاحتاج إِلَى من يفهمهُ لغتهم 4 - الْإِعْرَاب طبت فِيهِ ضمير يعود على المغاني أَي هَذِه المغاني دعت فرساننا وخيولنا إِلَى الْمقَام الْغَرِيب طباه يطبوه ويطيبه طبيا وطبوا إِذا دَعَاهُ قَالَ ذُو الرمة (َلباليَ اللَّهُوُ يَطْبِيني فَأتْبَعُهُ ... كأنَّنِي ضارِبٌ فِي غَمْرَةٍ لَعِبُ) أَي يدعوني اللَّهْو فَأتبعهُ والحران الِاسْم من حرن بِالضَّمِّ إِذا صَار حرونا وَفرس حرن لَا ينقاد وَإِذا اشْتَدَّ بِهِ الجرى وقف الْمَعْنى يَقُول دعت هَذِه المغاني لطيبها خَيْلنَا وفرساننا إِلَى الْمقَام فاستمالت قُلُوبنَا وَقُلُوب خَيْلنَا حَتَّى خشيت على خَيْلنَا أَن تقف فَلَا تَبْرَح ميلًا إِلَيْهَا وَإِن كَانَت كَرِيمَة لَا يعتريها الْعَيْب وَلَكِن قد خفنا عَلَيْهَا من طيب هَذَا الْمَكَان أَن يلْحقهَا هَذَا الحران 5 - الْغَرِيب الْأَعْرَاف جمع عرف وَهُوَ عرف الْفرس وَهُوَ الشّعْر الَّذِي على ناصيته والجمان حب صغَار يشبه اللُّؤْلُؤ الْمَعْنى يَقُول الشّجر الَّذِي فِي هَذَا الشّعب يسْقط عَلَيْهِ فِي اللَّيْل الندى فَهُوَ ينفض على أعراف الْحِيَل مثل الجمان وَهُوَ يشبه اللُّؤْلُؤ وَهُوَ يكون من فضَّة يصف أَنَّهَا كَثِيرَة الشّجر وَالْمَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 - الْمَعْنى يَقُول سرت وَهَذِه الأشجارا لكثرتها قد حجبن الشَّمْس عني وأعطيتني من الضَّوْء مَا قد كفاني وَقَالَ الواحدي تحجب عَن حر الشَّمْس وتلقى عليّ من الضياء مَا أحتاج إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد أَن الجمان الَّذِي يَقع على الْخَيل هُوَ مَا يَقع عَلَيْهَا من بَين الأغصان من ضوء الشَّمْس 7 - الْغَرِيب الشرق الشَّمْس يُقَال طلع الشرق وَلَا يُقَال غَابَ الشرق والبنان الْأَصَابِع الْمَعْنى يَقُول هَذِه الأغصان تلقى على الشَّمْس من بَينهَا قطعا شَبيهَة بِالدَّنَانِيرِ وَلَكِن لَا تثبت فِي الْأَصَابِع وَقَالَ الْخَطِيب يَقُول هَذَا الشّجر كثر الْوَرق ملتف فضوء الشَّمْس يدْخل من خلله فَيكون على الثِّيَاب كَأَنَّهُ الدَّنَانِير إِلَّا أَنه يفر من البنان وَلَيْسَت الدَّنَانِير كَذَلِك وَهَذَا معنى لم يسْبق إِلَيْهِ 8 - الْغَرِيب الْأَوَانِي جمع آنِية وَهِي الَّتِي تضم الشَّيْء وتجمعه الْمَعْنى يَقُول هَذِه الأغصان ثَمَرَتهَا رقيقَة فَهِيَ تُشِير إِلَى النَّاظر بأشربة واقفة بِلَا إِنَاء لِأَن ماءها يرى من تَحت قشرها كَمَا يبين المَاء فِي الزّجاج وَقد نَقله من قَول البحتري (يُخْفِي الزُّجاجَةَ لَوْنُها فَكَأنَّها ... فِي الكَفّ قائِمة بِغَيْرِ إناءِ) يَقُول هَذِه الأغصان ثمارها كَأَنَّهَا أشربة قَائِمَة بنفوسها وَلَا أواني لَهَا 9 - الْغَرِيب صل إِذا صَوت وصلصلة اللجام صَوته والحلى مَا يلْبسهُ النِّسَاء من الذَّهَب وَالْفِضَّة والجوهر وَفِيه ثَلَاث لُغَات بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَبِه قَرَأَ الْقُرَّاء الْخَمْسَة وبكسرهما وَبِه قَرَأَ حَمْزَة وعَلى وبفتح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَبِه قَرَأَ يَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ والغواني جمع غانية وَهِي الْمَرْأَة الَّتِي غنيت بحسنها وَقيل بزوجها الْمَعْنى يَقُول لَهَا مياه يصوت حصاها من تحتهَا كصوت الحلى فِي أَيدي الْجَوَارِي 10 - الْغَرِيب لبيق حسن مليح طيب والجفان جمع جَفْنَة يُقَال جَفْنَة وجفان وجفنات والثرد والثريد وَاحِد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كَانَت هَذِه المغاني كغوطة دمشق فِي الطّيب لثني عناني عَنْهَا واجتذبني إِلَيْهَا هَذَا الممدوح الَّذِي ثرده لبيق وجفانه صينية لِأَنَّهُ ملك وَلَيْسَ هُوَ من أهل الْبَادِيَة وَقَالَ الواحدي لثنى عناني إِلَيْهِ رجل ثريده لبيق وجفانه صينية يَعْنِي لإضافتي هُنَاكَ رجل ذُو مُرُوءَة يحسن إِلَى الضيفان لِأَنَّهَا من بِلَاد الْعَرَب وَهَذَا الشّعب للعجم ورد على أبي الْفَتْح قَوْله وَقَالَ لَيْسَ الْأَمر على مَا قَالَ لِأَن الْبَيْت لَيْسَ بمخلص وَلم يذكر الممدوح بعد وَالْمعْنَى أَنه يبين فضل دمشق وَأَهْلهَا وإحسانهم إِلَى الضيفان وَخص دمشق من سَائِر الْبلدَانِ لِأَن شعب بوان يضاهيها فِي الطّيب وَكَثْرَة الْمِيَاه وَالْأَشْجَار 11 - الْغَرِيب اليلنجوج الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ وندى تشم مِنْهُ رَائِحَته الند الْإِعْرَاب قَالَ الْخَطِيب مَوضِع مَا رفع وَلم يجر بِإِضَافَة يلنجوجي وَلم يتعرف يلنجوجي بِالْإِضَافَة لِأَن التَّقْدِير لثناني لبيق ثرده صبني جفانه يلنجوجي مَا رفعت بِهِ لضيف ناره ندى دخانه الْمَعْنى يَقُول يوقدون النَّار لأضيافهم بِالْعودِ اليلنجوجي ودخانها يشم مِنْهُ الند 12 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يسر بأضيافه فتقوى نَفسه بالسرور فَإِذا رحلوا اغتنم فضعفت نَفسه قَالَ ابْن فورجة كَأَنَّهُ يظنّ أَنَّهُمَا قلبا عضد الدولة وَلَو أَرَادَ مَا قَالَ لقَالَ يجل بِهِ على قلب مسرور ويرحل مِنْهُ عَن قلب مهموم فَأَما الشجَاعَة والجبن فَلَهُمَا معنى غير غير مَا ذهب إِلَيْهِ وَإِنَّمَا يُرِيد أَنَّك إِذا حللت بِهِ كنت ضيفا لَهُ وَفِي ذمامه وَأَنت شُجَاع الْقلب لَا تبالي بِأحد وتفارقه وَلَا ذمام لَك فَأَنت جبان تخشى من لقيك وَمثله لَهُ (وَإنَّ نَفُوسا أمَّمَتْكَ مَنِيعَةٌ ... ) والقلبان فِي الْبَيْت قلبا من يحل بِهِ ويرحل عَنهُ قَالَ الواحدي وَقد يجوز أَن يكون القلبان للمضيف على غير مَا ذكره أَبُو الْفَتْح يَقُول تحل بِهِ أَنْت أَيهَا الرجل على قلب شُجَاع جرىء على الْإِطْعَام غير بخيل لِأَن الْبَخِيل جبان من أجل خوف الْفُقَرَاء وترحل عَنهُ عَن قلب جبان خَائِف فراقك وارتحالك وَظَاهر اللَّفْظ يدل على أَن القلبين للمضيف لِأَنَّهُ قَالَ يحل بِهِ وَإِذا جعلت القلبين للضيف فقد عدلت عَن ظَاهر اللَّفْظ 13 - الْغَرِيب النو بندجان مَوضِع فِي طَرِيق وَقيل بلد بِفَارِس ويشيعني يَتبعني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه يرى دمشق فِي النّوم وه بِفَارِس فخيال منَازِل دمشق يتبعهُ وَالْمعْنَى أَنه يُحِبهَا وَيكثر ذكرهَا ويحلم بهَا وَقَالَ وَيجوز أَن يُرِيد خيال حبيب لَهُ بِدِمَشْق ونواحيها يَأْتِيهِ فِي مَنَامه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذِه الْمنَازل لما شاهدت حسنها لَا أَزَال أرى خيالها فِي النّوم فَكَأَنَّهَا تشيعني إِلَى ذَلِك الْمَكَان 14 - الْغَرِيب الْوَرق جمع وَرْقَاء وَهِي الَّتِي فِي لسنها بَيَاض إِلَى سَواد وَقيل للرماد أَوْرَق وللحمامة وللذئبة وَرْقَاء قَالَ رؤبة (فَلا تَكُونِي يَا بْنَةَ الأشَمّ ... وَرْقاءَ دَمي ذِئْبَها المُدِمي) والأغاني جمع أغنية وَقد قَالُوا أغان ومخففا والقيان جمع قينة وَهِي الْمُغنيَة الْمَعْنى يَقُول لطيبها قد اجْتمع أصوات الْحمام والقيان بهَا يُجَاوب بَعْضهَا بَعْضًا 15 - الْغَرِيب الشّعب هُوَ الشّعب الأول وَهُوَ شعب بوان مَوضِع من أَعمال شيراز وَهُوَ بِالْقربِ مِنْهَا وأصل الشّعب الطَّرِيق فِي الْجَبَل وَالْجمع شعاب وغنى الْحمام وناح هُوَ مَوْجُود فِي أشعار الْعَرَب فَتَارَة تَقول غنى الْحمام إِذا طرب وَتارَة تَقول ناح إِذا شجى الْمَعْنى يُرِيد أهل الشّعب أحْوج إِلَى الْبَيَان من حمامها فِي غنائها ونوحها لِأَنَّهُ لَا يبان لَهَا وَلَا فصاحة فَلَا تفهم الْعَرَب كَلَامهم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أعاجم الشّعب نَاس قد بعدوا عَن الإنسانية مثل الْحمام إِلَّا أَن أوصافهما فِي عدم الإفصاح والاستعجام مُتَقَارِبَة جدا وَفِي الْخلق متباعدة 16 - الْمَعْنى هُوَ مَا قَالَه أَبُو الْفَتْح وكتبناه فِيمَا قبله يُرِيد أَنهم قد بعدوا عَن الْحمام بالإنسانية ووصفها لَكِن العجمة تجمعهما فالحمام أعجم وهم الْأَعَاجِم 17 - الْإِعْرَاب أهوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار الْمَعْنى يَقُول فرسي يَقُول وَأَنا بِهَذَا الْمَكَان مُنْكرا عَليّ أَعنِي هَذَا الْمَكَان يسَار إِلَى المطاعنة وَالتَّقْدِير لَو نطلق لقَالَ لي ذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 - الْمُغنِي قَالَ الواحدي السّنة فِي الارتحال عَن الْأَمَاكِن الطّيبَة وَفِي مَعْصِيّة الله سنّهَا لكم أَبُو كم آدم حِين عصى وَأخرج من الْجنَّة وَإِنَّمَا ذكر هَذَا لكَي يتَخَلَّص إِلَى ذكر الممدوح فَيَقُول هَذَا الْمَكَان وَإِن طَابَ فَإِنِّي لم أعرج بِهِ عَمَّا كَانَ سبيلي إِلَيْهِ كَمَا قَالَ (لَا أقمنْنا عَلى مَكانٍ وَإنْ طابَ ... ) الْبَيْت 19 - الْمَعْنى يَقُول إِذا رَأَيْت الممدوح وَهُوَ أَبُو شُجَاع عضد الدولة نسيت الْعباد وَهَذَا الْمَكَان الَّذِي قد ذكرته ووصفته بالطيبة والنزهة 20 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ مقصد النَّاس فَالنَّاس وَالدُّنْيَا كلهم طَرِيق يتركون فِي الْقَصْد إِلَى هَذَا الممدوح 21 - الْغَرِيب الطراد المطاعنة فِي الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول علمت نَفسِي القَوْل فِي النَّاس بالشعر فِي مدائحهم كَمَا يتَعَلَّم الطعان أَولا بِغَيْر سِنَان ليصير المتعلم ماهرا بالطعان بِالسِّنَانِ كَذَلِك تعلمت الشّعْر ومدح النَّاس لأتدرج إِلَى مدحه وخدمته وَقَوله لَهُ أَي لأَجله وَهُوَ أظهر فِي الْمَعْنى 22 - الْمَعْنى يَقُول الدولة يُرِيد الْملك امْتنعت وعزت بِهَذَا الممدوح وَهُوَ للْمَالِك عضد وَيَد وَمن لَهُ عضد وَيَد يدْفع بهما عَن نَفسه وَعَن الْملك وَلَا يَد لمن لَا عضد لَهُ فَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك قَالَ أَبُو الْفَتْح يعرض بدولة غَيره من الْمُلُوك الَّتِي لَا يذب عَنْهَا وَلَا يحميها لِأَنَّهُ لَا عضد لَهُ مِنْهُ وأودع كَلَامه رمزا خَفِيفا وتعريضا بِجَمِيعِ من لَا عضد لَهُ دولة كَانَ أَو إنْسَانا بقوله لَيْسَ لغير ذِي عضد يدان وَلم يخص دولة من غَيرهَا 23 - الْغَرِيب السمر الرماح واللدان جمع لدن وَهُوَ اللين المثني وَالْبيض السيوف والمواضي القواطع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 الْمَعْنى يَقُول من لم يكن لَهُ يدان لم يقبض على السيوف وَلم يطعن بِالرِّمَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِك وَالْمعْنَى أَن غَيره لَا يقوم مقَامه فِي الدّفع عَن الدولة لِأَنَّهُ عضدها وَمن لَا عضد لَهُ لَا بُد لَهُ وَمن لَا يَد لَهُ لم يضارب وَلم يطاعن ولاحظ لَهُ من الشمر أَي لَا حَظّ لَهُ من الطعان قَالَ الواحدي يرْوى ولاحط بِالطَّاءِ الْمُهْملَة وَهُوَ خفض الرماح لِلطَّعْنِ 24 - الْغَرِيب اصل الْبكر الْعَذْرَاء وَالْجمع أبكار وَالْبكْر الْمَرْأَة الَّتِي ولدت بَطنا وَاحِدًا وبكرها وَلَدهَا وَالذكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء وَالْبكْر أول كل شَيْء من ثَمَرَة وَغَيرهَا والعوان من الْحَرْب الَّتِي قوتل فِيهَا مرّة كَأَنَّهُمْ جعلُوا الأولى بكرا الْمَعْنى قَالَ الواحدي روى ابْن جنى بِموضع لِأَن الواحدي روى بمفزع قَالَ وَقَالَ دَعَتْهُ السيوف بمقابضها والرماح بأعقابها لِأَنَّهَا مَوَاضِع الْأَعْضَاء مِنْهَا وَحَيْثُ يمسك الطاعن والضارب قَالَ وَيحْتَمل عِنْدِي أَن يُرِيد دَعَتْهُ الدولة بمواضع الْأَعْضَاء من السيوف والرماح أَي اجتذبته واستمالته وَقَالَ ابْن فورجة هَذَا مسخ للشعر لَا شرح لَهُ وَمَا قَالَ الشَّاعِر إِلَّا بمفزع يَعْنِي دَعَتْهُ الدولة عضدا والعضد مفزع الْأَعْضَاء كَأَنَّهُ شرح قَوْله (بِعَضْدِ الدوَّلَةٍ امْتَنَعَتْ وَعَزَّتْ ... ) انْتهى كَلَامه وَهُوَ على مَا قَالَ يُرِيد أَن الدولة سمته عضدها وَهِي مفزع الْأَعْضَاء لِأَن الْأَعْضَاء عِنْد الْحَرْب تفزع إِلَى الْعَضُد والعضد هِيَ الدافعة عَنْهَا الحامية لسَائِر الْأَعْضَاء وَقَوله بكر هُوَ صفة لمَحْذُوف تَقْدِيره ليَوْم الْحَرْب حَرْب بكر أَو عوان 25 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح الْوَجْه أَن يكون فناخسر اسْمَيْنِ مركبين كجرى بَحر وَيجوز أَن يكون اسْما وَاحِدًا أعجميا طَالَتْ حُرُوفه وَهُوَ وَجه ضَعِيف الْغَرِيب الْمُسَمّى الَّذِي يَدْعُو بِالِاسْمِ والكاني الَّذِي يَدْعُو بالكنية الْمَعْنى يَقُول هُوَ وَاحِد فِي النَّاس لَا نَظِير لَهُ فَمَا يدعى أحد باسم وَلَا كنية مثله 26 - الْإِعْرَاب كَانَ الْوَجْه أَن يَقُول عَنْهَا وَلكنه حمله على الْمَعْنى أَرَادَ وَلَا يُحْصى فَضله وَيجوز أَن يكون ذكر الْفَضَائِل لِأَن تأنيثها غير حَقِيقِيّ كَقِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ يخفى مِنْكُم خافية بالتذكير وَمثله كثير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 الْمَعْنى يَقُول الظَّن على كثرته وسعته وَالْأَخْبَار لَا يحيطان بوصفه والأعيان إِذا عَايَنت فَضله لَا تطِيق حصره 27 - الْغَرِيب قَالَ أَبُو الْفَتْح قد صرح سِيبَوَيْهٍ أَن الْعَرَب قد امْتنعت من تكسير أَرض اسْتغْنَاء بقَوْلهمْ أرضات وأرضون بِفَتْح الرَّاء كَمَا قَالُوا سنُون بِكَسْر السِّين فألزموهما ضربا من التَّغْيِير تَنْبِيها على أَنَّهُمَا جمعا على أبنية لم تكن لَهما فِي الأَصْل وَحكى أَبُو زيد فِي نوادره فِي أَرض أروض وَأَرَادَ بِالنَّاسِ الْمُلُوك وَكَذَا نَقله الواحدي حرفا حرفا الْمَعْنى يُرِيد أَن أَرض الْمُلُوك مخلوقة من التُّرَاب وَالْخَوْف لملازمة الْخَوْف لَهَا فَكَأَنَّهَا قد جعلت مِنْهُ كَقَوْلِه تَعَالَى {خلق الْإِنْسَان من عجل} لما كَانَ فِي أَكثر أَحْوَاله عجلا كَأَنَّهُ مَخْلُوق من عجل وَأَرْض الممدوح كلهَا كَأَنَّهَا مخلوقة من أَمَان للُزُوم الْأمان لَهَا وَالْمعْنَى أَن أحدا لَا يعبث فِي ولَايَته وَلَا يُفْسِدهَا هَيْبَة لَهُ وخوفا مِنْهُ وَهَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا حرفا 28 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي تذم يعود على الأَرْض الْغَرِيب التَّجر جمع تَاجر كصحب وَصَاحب وَركب وراكب وتذم تجير أذمه أجاره والجاني الَّذِي يجنى جِنَايَة فيهرب مِنْهَا كسارق وَقَاتل وَغَيرهمَا واللصوص جمع لص وَهُوَ السَّارِق الْمَعْنى يَقُول أَرض هَذَا الممدوح تجير كل تَاجر من سَارِق وذاعر فَلَا يقدر عَلَيْهِ أحد وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهَا قد ضمنت لسيوفه كل مُفسد يفْسد فِيهَا وَيقطع فِيهَا 29 - الْغَرِيب المحاني جمع محنية وَهِي منعطف الْوَادي والرعان جمع رعن وَهُوَ أنف الْجَبَل الْمَعْنى يُرِيد أَن ودائع التُّجَّار إِذا تركوها فِي هَذِه الْأَمَاكِن أمنُوا عَلَيْهَا وَلم يخَافُوا أحدا عَلَيْهَا وَهُوَ معنى غَرِيب الْمَعْنى يُرِيد أَن بضائع التُّجَّار باتت فِي هَذِه الْأَمَاكِن آمِنَة من غير حَافظ لَهَا سوى هيبته تصيح بالمار عَلَيْهَا هَلُمَّ أما تراني وَلَيْسَ دوني حرز وَلَا مَانع 31 - الْغَرِيب الْأَبْيَض السَّيْف والمشرفي نِسْبَة إِلَى مشارف وَهِي قرى من أَرض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 الْعَرَب يدنو من الرِّيف والصل ضرب من الْحَيَّات وَيُشبه بهَا الرجل إِذا كَانَ داهيا مُنْكرا فَيُقَال إِن فلَانا لصل أصلال والأفعوان ذكر الأفاعي الْمَعْنى أَنه لما ذكر الصل والأفعوان أَتَى بِذكر الرقى وَجعل اللُّصُوص كالأفاعي وَجعل سيوفه رقاة للأفاعي فَكَمَا أَن الْحَيَّات تدفع بالرقي كَذَلِك تدفع اللُّصُوص بسيوفه 32 - الْإِعْرَاب يرْوى يرقى بِإِسْنَاد الْفِعْل إِلَيْهِ فينصب المَال ونعته ويروى على إِسْنَاد الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول فيرتفعان الْغَرِيب اللها جمع لهوة وَهِي الْعَطِيَّة من أَي شَيْء كَانَ الْمَعْنى يَقُول يرقى بسيوفه الأفاعي من اللُّصُوص وَغَيرهم وَلَا بِقدر أَن يرقى مَاله من كرمه وَلَا مَاله الْكَرِيم من هوانه 3 - الْغَرِيب فَارس يُرِيد أَرض فَارس وَهُوَ لَا ينْصَرف والشمري الْكثير التشمير وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ مَنْسُوب إِلَى مَوضِع يُقَال لَهُ شمر وَقد تكسر ميمه ورد عَلَيْهِ أَبُو الْفضل الْعَرُوضِي بِأَن عضد الدولة لم يكن من مَكَان يُقَال لَهُ شمر وَلَا سمعنَا بِهِ وَلَا مدح بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ الْكثير التشمير الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يَقُول لأَصْحَابه أفنوا أَنفسكُم ليبقى ذكركُمْ فكأنكم باقون بِبَقَائِهِ قَالَ الْعَرُوضِي هَذَا التَّفْسِير طَاهِر الاستحالة وَلكنه يَقُول حمى فَارس بقتل اللُّصُوص فَاعْتبر غَيرهم فَلم يؤذوا النَّاس وَلم يستحقوا الْقَتْل فبقوا يعْنى أَنه إِذا قتل أهل الْفساد كَانَ فِي ذَلِك زجر لغَيرهم فَيصير ذَلِك حثا لَهُم على اغتنام التباقي وَهُوَ الْبَقَاء والتفاني الفناء وَهُوَ جناس خطى وَيدل على مَا قَالَه أَبُو الْفَتْح مَا بعده يضْرب 34 - الْغَرِيب المثاني والمثالث ضَرْبَان من الْغناء يكونَانِ فِي الْعود وَنَحْوه الْمَعْنى يَقُول حمى فَارس بِضَرْب يطرب المنايا فيحركها بِكَثْرَة من يقْتله وَذَلِكَ الضَّرْب سوى ضرب أوتار الْعود فَهُوَ يضْرب بِالسَّيْفِ وَلَا يمِيل إِلَى ضرب الْعود وَنَحْوه 35 - الْغَرِيب العناصي جمع عنصوة وَهُوَ الشّعْر المتفرق فِي جَانب الرَّأْس والحيقطان ذكر الدراج وريشة ألوان الْمَعْنى يَقُول من كَثْرَة الْقَتْلَى قد تساقطت شُعُورهمْ من رُءُوسهم وَعَلَيْهَا الدَّم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 فَهِيَ حمر وَقد صَارَت الأَرْض حَمْرَاء فشبهها بريش الدراج فَجمع بَين الشّعْر الْأسود والأبيض وَالدَّم فَجعله كصدر ذكر الدراج وَهُوَ من أحسن التَّشْبِيه لِأَنَّهُ جعل الشّعْر الأشمط وَالدَّم والعناصي نواحي الرَّأْس كريش الحقيطان وَمِنْه قَول أبي النَّجْم (إنْ يُمْسِ رَأسِي أشْمَطَ العَناصِي ... ) 36 - الْإِعْرَاب يُرِيد أهل الْعِشْق فحدف وَالضَّمِير فِي فِيهَا واجع إِلَى أَرض فَارس الْمَعْنى يَقُول هَذِه هَذِه الأَرْض آمِنَة لِأَن الْأَمْن قد عَمها قريبها وبعيدها حَتَّى لَو كَانَت قُلُوب أهل الْعِشْق فِيهَا لما خَافت من العهون وَهُوَ معنى حسن 37 - الْغَرِيب الشبل ولد الْأسد وَالْمهْر الصَّغِير من الْخَيل والرهان السباق الْمَعْنى لم أر فِي النَّاس مثل ولديه اللَّذين كشبلي أَسد فِي الشجَاعَة ومهري رهان فِي الْمُسَابقَة إِلَى الْكَرم وارتفاع الْمجد 38 - الْغَرِيب الهجان الْخَالِص الْكَرِيم وَأَرْض هجان طيبَة الترب الْمَعْنى يَقُول لم أر أَشد تنَازعا أَي تجاذبا لأصل كريم وَأب كريم مِنْهُمَا يُرِيد أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يجاذب صَاحبه فِي كرم الأَصْل فيريد أَن يكون أكْرم من صَاحبه وَأَن يكون حَظه أوفر من حَظّ صَاحبه فِي الْكَرم وَلم أر وَلَدي أَب أشبه مِنْهُمَا بأب كريم خَالص النّسَب 39 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي مجالسه يعود إِلَى أَب تَقْدِيره لم أر وَلدين أَكثر استماعا فِي مجَالِس الْأَب مِنْهُمَا الْمَعْنى يَقُول لَا يجْرِي فِي مجْلِس أَبِيهِمَا إِلَّا ذكر المطاعنة فهما لَا يستعملان غير ذَلِك وَلَا يستمعان سوى ذكر الشجَاعَة وَالْكَرم 40 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح داية وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا الظِّئْر وَهِي الَّتِي ترْضع الْمَوْلُود وروى الواحدي وَغَيره راية وَهِي فعلة من الرَّأْي الْمَعْنى يَقُول فِي رِوَايَة أبي الْفَتْح إِن الْمَعَالِي تولت تربيتهما فَلَا يميلان إِلَّا إِلَيْهَا ويحبانها حب الصَّبِي من رباه وَفِي رِوَايَة الواحدي وَغَيره أول شَيْء رأياه الْمَعَالِي فقد عشقاها قبل أَوَان الْعِشْق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 - الْغَرِيب الصَّارِخ هُوَ المستصرخ بالقوم لينصروه والعاني الْأَسير ويروى لَفْظَة وَكلمَة وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى الْمَعْنى يُرِيد أول كَلَام فهموه إِجَابَة من استغاثهم ونصرته وَفك الْأَسير من وثَاقه أَو فقره 42 - الْغَرِيب بهره بهرا أَي غَلبه والبهر بِالضَّمِّ تتَابع النَّفس يُقَال بهره الْحمل بهرا أَي أوقع عَلَيْهِ البهر الْمَعْنى بَدَت مَعَك شمسان يَعْنِي ولديه فَكنت شمسا تغلب على كل عين ببهائك فَكيف الْآن وَقد ظهر من ولديك شمسان أخريان 43 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهما بِالْبَقَاءِ الدَّائِم بَقَاء الشَّمْس وَالْقَمَر ينْتَفع النَّاس بضوئهما وَلَا يكون بَينهمَا تحاسد وَلَا اخْتِلَاف 44 - الْمَعْنى هَذَا دُعَاء أَيْضا لأبيهما بطول الْحَيَاة يَقُول لَا ملكا ملكك بل ملك الأعادي وَلَا ورثاك إِنَّمَا يرثان من يقتلانه من الأعادي 45 - الْمَعْنى يَقُول عَدوك الَّذِي لَهُ ولدان وكاثر يهما كياءين زائدتين فِي أنيسيان لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مكبرا كَانَ خَمْسَة أحرف فَإِذا صغر زيد فِيهِ ياءان فِي عدده وَنقص فِي مَعْنَاهُ وفخره فهما زائدتان فِي نَقصه كَذَلِك إِذا كَانَ لهَذَا الممدوح عَدو لَهُ ابْنَانِ فكاثره بهما ليكونان زِيَادَة فِي عدده فهما ناقصان لتخلفهما وسقوطهما عَن قدره كياءي أنيسيان قد زادتا فِي حُرُوفه وضغرتاه 46 - الْإِعْرَاب رفع دُعَاء لِأَنَّهُ خبر الِابْتِدَاء أَي هَذَا دُعَاء الْغَرِيب الْجنان الْقلب والرياء ضد الخلوص الْمَعْنى يَقُول الَّذِي ذكرته دُعَاء وَهُوَ ثَنَاء خَالص من قلبِي لَا يخالطه رِيَاء فَهُوَ من قلبِي تفهمه عني بقلبك وَتعلم أَنه إخلاص لَا رِيَاء فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 - الْغَرِيب فرند السَّيْف وإفرنده ربده وشيه والعضب السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى أَنه شبه شعره بفرند السَّيْف دَالا على جودته وَشبه الممدوح بِسيف قَاطع يُرِيد أَنَّك كسيف قَاطع وشعري فرنده وَذَلِكَ أَنَّك كريم جواد وشعري جيد لَا عيب فِيهِ 48 - الْغَرِيب الهراء يُقَال منطق هراء إِذا كَانَ فَاسِدا قَالَ ذُو الرمة (لَها بَشَرق مِثْلُ الحَرِيرِ ومَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الحَوَاشِي لَا هُراءٌ وَلا نَزْرُ) وهراء الْكَلَام إِذا أَكثر مِنْهُ فِي خطأ وهراء الرجل فِي مَنْطِقه هراء إِذا قَالَ الْخَنَا والقبيح الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أَن تَكُونُوا فِي النَّاس كانو لَغوا وَلما كُنْتُم فيهم صَارَت لَهُم معَان فبكم تُوجد الْمعَانِي فِي النَّاس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 - 1 الْغَرِيب الحيز فيعل من حَاز يجوز وَهُوَ الْمَكَان وسيبويه يجمعه حياييز والأخفش حياوز وتحيز تحيزا قَالَ سِيبَوَيْهٍ هُوَ تفعل من حزت الشَّيْء يُرِيد أَن وزن تحيز تفعل وَكَانَ أَصله تحيوز ثمَّ قلب وأدغم قَالَ الْقطَامِي (تَحَيَّزُ مِنِّي خَشْيَةً أنْ أُضِيفَها ... كَمَا انْحازَتِ الأفْعَى مَخافَةَ ضَارِب) ونميت الشَّيْء على الشَّيْء رفعته عَلَيْهِ وَمِنْه قَول النَّابِغَة (فَعَدّ عَمَّا تَرَى إذْ لَا ارِْتجاعَ لَهُ ... وَانمِ القُتودَ على عَيْرَانَةٍ أُجُدِ) الْمَعْنى يَقُول الْجَانِب الَّذِي أَنْت فِيهِ أغلب الْجَانِبَيْنِ يُرِيد أَن عشيرتك الَّتِي تنْسب إِلَيْك يغلبُونَ بك غَيرهم عِنْد المساماة وَمن ترفعه أَنْت فَهُوَ فِي كل يَوْم فِي زِيَادَة ورفعة 2 - الْغَرِيب يُقَال هُوَ ابْن عمي دنية وَدُنْيا بِالتَّنْوِينِ وبإسقاطه وَهُوَ الْقَرِيب الْمَعْنى يَقُول أَبُو العشائر الَّذِي هُوَ ربيب نِعْمَتك وغذى دولتك أَنْت جده وَأَبوهُ دنية لَا أَبَوَاهُ اللَّذَان ولداه واتصاله بك فِي الْقَرَابَة يُغْنِيه عَن ذكر الْأَب وَالْجد فَأَنت أقرب إِلَيْهِ وأعطف عَلَيْهِ من الْأَب وَالْجد 280 - 1 الْمَعْنى يَقُول النَّاس أَمْثَال بَعضهم لبَعض فَإِذا رأوك اخْتلفُوا بك لِأَنَّك لَا نَظِير لَك فيهم وَأَنت معنى الدَّهْر لِأَنَّهُ يحسن إِلَى أَهله بك وبسيء وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن دُرَيْد (اللهُ يَعْلَمُ وَالرَّاضي وَشِيعَتُهُ ... أنَّ الوَزَارَةَ لَفْظٌ أنْتَ مَعْاهُ) الحديث: 279 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 - الْغَرِيب الباع قدر مد الْيَدَيْنِ وبعت الْحَبل أبوعه بوعا إِذا مددت باعك بِهِ كَمَا تَقول شبرته من الشبر وَرُبمَا عبر بالباع عَن الشّرف وَالْكَرم قَالَ العجاج (إذَا الكِرَامُ ابْتَدَروُا الباع بَدرْ ... ) وَقَالَ حجر بن خَالِد (نُدهْدِقُ بضْعَ اللحمِ للبْاعِ وَالندى ... وَبَعْضُهمْ تَغْلِي بِذَمٍّ مَناقِعُهْ) الْمَعْنى يَقُول أَنْت من الْجُود بِمَنْزِلَة النَّاظر من الْعين وَمن الْبَأْس بِمَنْزِلَة اليميني من الباع وَهُوَ من قَول عَليّ بن جبلة (وَلَوْ جَزَأ اللهُ العُلى فَتَجَزَّأتْ ... لكانَ لكَ العَيْنانِ وَالأُذُنانِ) 3 - الْإِعْرَاب أغبر صفة لمأزق وفرسانه ابْتِدَاء وَالْخَبَر تحاماه وَفِيه ضمير يعود على الَّذِي والضيمر فِي فرسانه يعود على المأزق وَالَّذِي وصلته فِي مَوضِع نصب بأفدى الْغَرِيب المأزق الضّيق فِي الْحَرْب وحرج ضيق وأغبر كثير الْغُبَار الْمَعْنى يَقُول أفدى الَّذِي تحاماه الْأَبْطَال فِي الْحَرْب لشجاعته لِأَنَّهَا تكره ملاقاته 4 - الْغَرِيب الكمي الشجاع الْمُسْتَتر فِي سلاحه الْمَعْنى يَقُول فِيهِ أَي فِي ذَلِك المأزق يُرِيد أَنه يحملهُ برمحه فيتأطر الرمْح للينه حَتَّى يصير أوسطه أَعْلَاهُ وَيكون الكمي مُنَكسًا قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته عَن مَعْنَاهُ فَقَالَ هُوَ مثل الْبَيْت الآخر (ولرَّبما أطرَ القناةَ بِفارسٍ ... وثَنى فَقوَّمها بآخر منهمُ) 5 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يخلع عَلَيْهِم ثيابًا تنشد مدائحهم فِيهِ بألسن مالهن أقواه تقَعْقع لجدتها والأصم يَسْتَغْنِي برؤيتها عون صَوتهَا فقد اجْتمع فِيهَا الْحسن والقعقعة قَالَ الْعَرُوضِي هَذَا كَلَام من لم ينظر فِي مَعَاني الشّعْر وَلم يرو الْكثير مِنْهُ وَكنت أربأ بِأبي الْفَتْح عَن مثل هَذَا القَوْل ألم يسمع قَول نصيب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 (فَعاجُوا فَأثْنَوْا بِالَّذِي أنتَ أهْلُهُ ... وَلوْ سكَتُوا أثْنَتْ عَليكَ الحقائبُ) وَلم يكن للحقائب قعقعة وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنهم يرونها ممتلئة كَذَلِك أَرَادَ المتنبي بألسن خلعه وأثوابه فيراها النَّاس علينا فيعلمون أَنَّهَا من هداياه فَكَأَنَّهَا قد أثنت عَلَيْهِ وأنشدت مدائحه بألسن لَا تتحرك فِي أَفْوَاه لِأَنَّهَا لَا تنطق فِي لحقيقة إِنَّمَا يسْتَدلّ بهَا على جوده فَكَأَنَّهَا أخْبرت ونطقت 6 - الْغَرِيب الْأَصَم الَّذِي لَا يسمع والمسمعان الأذنان الْمَعْنى هَذَا يُؤَكد مَا قبله وَذَاكَ لِأَن الْأَصَم وَغَيره سَوَاء فِي النُّطْق من الثَّوْب فَإِن الْأَصَم يرَاهُ كَمَا يرَاهُ غَيره فَإِذا رَآهُ اسْتغنى عَن أَن يسمع أَنه أعْطى فَيكون كالسامع 7 - الْغَرِيب خار الله لَهُ كَذَا اخْتَار لَهُ والجدوى الْعَطِيَّة ونلن بِالْكَسْرِ أفْصح من الضَّم وَمِنْهُم من يَجْعَلهَا بَين الْكسر وَالضَّم مثل قيل كَقِرَاءَة عَليّ وَهِشَام عَن ابْن عَامر الْمَعْنى يَقُول سُبْحَانَ الله الَّذِي اخْتَار للنجوم الْبعد عَن النَّاس فَلَو نيلت لأخذها وَجعلهَا فِي عطاياه وهباته 8 - الْغَرِيب صاعه فرقه تَقول صعته فانصاع أَي فرقته فَتفرق وَجمع الشموس على تَقْدِير أَن لكل يَوْم شمسا أَو لكل فصل شمسا الْمَعْنى لَو ملك ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وَغَيرهمَا لفرقه جوده وأفناه 9 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه لَا دين إِلَّا بِهِ لحفظه على النَّاس وَلَا دنيا إِلَّا مَعَه لِأَنَّهُ ملك فَمن ودعه فقد ودعهما جَمِيعًا 10 - الْمَعْنى يَقُول لَا مزِيد على كرمك فَإِن كَانَ فِيهِ مزِيد فزادك الله تَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 - 1 الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح فِي الْبَيْت اختلال فِي صناعَة الْإِعْرَاب وَذَلِكَ أَنهم قد عرفُوا أَنه لم يكنه فحكايته عَنْهُم أَنهم قَالُوا ألم تكنه إِنَّمَا هُوَ على مَذْهَب التَّقْرِير لأَنهم لم يشكوا فِي أَنه لم يكنه فيستفهموه فَصَارَ كَقَوْلِك ألم تأت فأعطيك وَلم ترد استفهامه وَإِنَّمَا تُرِيدُ أَنه أَتَاك وأعطيته وَإِذا كَانَ تقريرا فَفِيهِ نقص واختلال وَذَلِكَ أَن التَّقْرِير إِذا دخل على لفظ النَّفْي رده إِلَى الْإِيجَاب فِي الْمَعْنى وَإِذا دخل على الْإِيجَاب رده إِلَى النَّفْي فِي الْمَعْنى أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى {أَأَنْت قلت للنَّاس} وَهُوَ تَعَالَى لم يشك وَإِنَّمَا هُوَ تَقْرِير وَمَعْنَاهُ أَنَّك لم تقل فَهَذَا لفظ الْإِيجَاب الَّذِي عَاد إِلَى النَّفْي وَأما لفظ النَّفْي الَّذِي أَعَادَهُ التَّقْرِير إِلَى الْإِيجَاب فكقوله تَعَالَى {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى للْكَافِرِينَ} أَي فِيهَا مثوى لَهُم وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَقَوله ألم تكنه يَنْبَغِي أَن يعود على الْمَعْنى أَي أَنهم قَالُوا قد كنيته وَهَذَا محَال لأَنهم أَنْكَرُوا عَلَيْهِ ترك كنيته فَلم يضع الْكَلَام مَوْضِعه وَلم يَأْتِ بِهِ على وَجهه انْتهى كَلَامه أَي كَانَ حَقه أَن يَقُول قَالُوا وَلم تكنه وَلَا يَأْتِي بِحرف الِاسْتِفْهَام قَالَ ابْن فورجة هُوَ اسْتِفْهَام صَرِيح وَلَيْسَ فِيهِ تَقْرِير كَأَن وَاحِدًا من الْقَوْم سَأَلَ أَبَا الطّيب فَقَالَ ألم تكنه أَي هَل كنيته قَالَ الواحدي والاستفهام الصَّرِيح لَا يكون بِالنَّفْيِ لِأَنَّك إِذا استفهمت أحدا هَل فعل شَيْئا قلت هَل فعلت كَذَا وَلم تقل ألم تَفْعَلهُ الْغَرِيب كنيت الرجل إِذا دَعوته بكنيته والعي ضد الفصاحة الْمَعْنى يُرِيد أَنه يعرف بصفاته لَا بكنيته فَإِذا ذكرنَا كنيته مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا بخصائص صِفَاته كَانَ ذَلِك عيا فِي كلامنا 2 - الْغَرِيب العشائر جمع عشيرة وَيُقَال فِي جمعهَا عشيرات وَقَرَأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم فِي بَرَاءَة {وعشيراتكم} جمع عشيرة الْمَعْنى يَقُول لَا يحذر أَبُو العشائر من لَيْسَ مَعَاني الورى بِمَعْنَاهُ أَي اخْتِلَاط صِفَاته بِصِفَات غَيره ومعانيه لِأَنَّهُ قد انْفَرد عَن النَّاس بخصائص لَا يُشَارك فِيهَا فَإِذن لَا يحْتَاج فِي مدحه إِلَى ذكر كنيته وروى الواحدي لَا يتوفى أَبُو العشائر وَمَعْنَاهُ لَا تستوفي هَذِه الكنية وَهَذَا اللَّفْظ رجلا يزِيد مَعْنَاهُ على مَعَاني الورى كلهم لِأَن فِيهِ من معنى الْكَرم والمدح مَا لَيْسَ فيهم 3 - الْإِعْرَاب أَفرس خبر ابْتِدَاء أَي هُوَ أَفرس وَنصب الْحَدِيد على أَنه اسْتثِْنَاء مقدم وَاسم لَيْسَ أمواه تَقْدِيره لَيْسَ أمواه فِي الأَرْض إِلَّا الْحَدِيد وَإِن جعلته خبر لَيْسَ كَانَ فِيهِ ضَرُورَة لِأَن الِاسْم نكرَة وَالْخَبَر معرفَة وَهُوَ جَائِز فِي الضَّرُورَة كبيت حسان (يَكُونُ مِزَاجَها عَسَلٌ وَماءُ ... ) وَقد حيل لَهُ وصرفوه عَن هَذَا الْوَجْه الْغَرِيب الْجِيَاد جمع جواد على غير قِيَاس الْمَعْنى يَقُول أَفرس الفرسان فِي الْحَرْب وَلما جعل الْخَيل سابحة جعل لَهَا الْحَدِيد مَاء اسْتِعَارَة وَالْمعْنَى أَنَّهَا تسير فِي بَحر من حَدِيد لِكَثْرَة الأسلحة وَالسُّيُوف وكل شَيْء كثر وَجَاوَزَ الْحَد يشبه بالبحر الحديث: 281 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 - 1 الْغَرِيب الْملك وَالْملك لُغَتَانِ وَالْمبَارك من الْبركَة وكل مَا يتيمن بِهِ الْإِنْسَان جَازَ أَن يُوصف بِالْبركَةِ الْمَعْنى يَقُول أَحَق الديار أَن تدعى وَتسَمى مباركة دَار ملكهَا الَّذِي فِيهَا مبارك يُرِيد إِن كَانَ صَاحب الدَّار مُبَارَكًا فداره أَحَق الدّور بِأَن تدعى مباركة 2 - الْغَرِيب أَجْدَر أَحَق وأخلق الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ السكان يسقون النَّاس وينفعونهم ويبرونهم فدارهم تكون مسقيمة بهم تَشْمَل بركاتهم الدَّار فأعظم الدّور بركَة دَار سكانها سقاة النَّاس 3 - الْمَعْنى يَقُول نَحن نهنىء دَارك الَّتِي انْتَقَلت إِلَيْهَا بعودك إِلَيْهَا فَمن يسلى الأولى الَّتِي فارقتها فيعزيها بِفِرَاقِك عَنْهَا لِأَنَّهَا فِي حزن لفقدك 4 - الْغَرِيب حللت نزلت وتاه فلَان تيها إِذا تكبر وافتخر الْمَعْنى يَقُول أَنْت إِذا ارتحلت عَن مَكَان إِلَى سواهُ أَعْطَيْت ذَلِك الْمَكَان حزن لفراقك وَأعْطيت الَّذِي نزلت فِيهِ تكبرا وفخرا على الْمَكَان الَّذِي ارتحلت عَنهُ 5 - الْغَرِيب المغاني جمع مغنى وَهُوَ الْمنزل والمسكن الْمَعْنى يَقُول لَا تستبعد أَن تكون الدَّار الَّتِي فارقتها وَالَّتِي حللتها عَاقِلَة حِين تفرح بنزولك وتحزن على فراقك فَإِن رِيحك لَهَا روح وجانس بَين الرّيح وَالروح 6 - الْمَعْنى يَدْعُو لَهُ بإتمام السَّعَادَة وَطول الْبَقَاء وَهُوَ أحسن مَا يكون من الدُّعَاء الحديث: 282 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 - 1 الْغَرِيب فِي هَذَا الْبَيْت خرم وَيُسمى العضب وَهُوَ كثير فِي أشعار الْعَرَب وطيء قَبيلَة عَظِيمَة وَلها بطُون كَثِيرَة وسمى الرجل لربيعه بربيعة الْحَدِيد وَهِي الْبَيْضَة وَمِنْه ربيعَة الْفرس وَهُوَ ربيعَة بن نزار بن معد بن عدنان أعْطى من مِيرَاث أَبِيه الْخَيل الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَت طَيء لِئَامًا فألأمهم ربيعَة أَو بنوه وَيجوز أَن يكون أَبُو بِمَعْنى الْوَاو 2 - الْغَرِيب وردان اسْم مُشْتَقّ من الْورْد وَلَو سميت رجلا بوردان تَثْنِيَة ورد جَازَ لَك فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا أَن تجريه مجْرى مَرْوَان فتعربه كإعرابه وَلَا تصرفه وَالثَّانِي أَن تلفظ بِهِ بِلَفْظ التَّثْنِيَة تَقول فِي رَفعه جَاءَنِي وردان وَفِي نَصبه رَأَيْت وردين وَفِي جَرّه مَرَرْت بوردين الْمَعْنى يَقُول وَإِن كَانُوا كراما فوردان لم يكن مِنْهُم لِأَنَّهُ غير كريم فَيكون دعيا فيهم 3 - الْغَرِيب حسمي بِالْكَسْرِ اسْم رض بالبادية غَلِيظَة لَا خير فِيهَا ينزلها جذام وَيُقَال آخر مَاء صب من مَاء الطوفان بحسمي فَبَقيت مِنْهُ هَذِه الْبَقِيَّة إِلَى الْيَوْم وفيهَا جبال شَوَاهِق ملس الجوانب لَا يكَاد القتام يفارقها قَالَ النَّابِغَة (فَأصْبَحَ عاقِلاً بِجِبالِ حِسْمِي ... دِقاقَ التْربِ مُحْتزِمِ القَتامِ) ويمجّ المجّ من فَوق والبج من أَسْفَل قَالَ (لَدَدْتهم النَّصِيحَةَ كُلَّ لدَ ... فَمَجُّوا النُّصْحَ ثُمَّ ثَنَوْا فَقاءُوا) الْمَعْنى يَقُول مَرَرْنَا مِنْهُ بِهَذَا الْموضع بِعَبْد يقذف اللؤم من منخره وَفِيه 4 - الْغَرِيب شَذَّ العَبْد إِذا هرب وأشذه غَيره هربه الْمَعْنى يَقُول فرق بِسَبَب امْرَأَته عني عَبِيدِي يُرِيد أَنه دعاهم إِلَى الْفُجُور بهَا فاتلفهم لِأَنَّهُ حملهمْ على الْفُجُور وأتلفوا مَالِي لأَنهم أنفقوه على امْرَأَته 5 - الْغَرِيب الْجِيَاد الْخَيل والمنصل السَّيْف الْمَعْنى يُرِيد العَبْد الَّذِي أَخذ فرسه تَحت اللَّيْل فانتبه أَبُو الطّيب وَضرب وَجهه السَّيْف وَأمر الغلمان فَقَتَلُوهُ الحديث: 283 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 - 1 الْغَرِيب أوه كلمة للتوجع قَالَ (فَأوْهِ لِذكْرَاها إذَا مَا ذَكَرْتُها ... ) وواها كلمة للتعجب وَمِنْه قَول أبي النَّجْم (وَاها لرَيا ثمَ وَاها وَاها ... ) ونأت ونأت فَارَقت وَقَوله لمن نأت أَي لأجل من نأت الحديث: 284 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 الْمَعْنى يَقُول كنت أتعجب من وصالها فصرت أتوجع لفراقها وَصَارَ التأوه بَدَلا من التَّعَجُّب فَصَارَ هَذَا بديلا من ذَاك يُرِيد ذكرى إِيَّاهَا صَار بَدَلا مِنْهَا بعد أَن فارقتني وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى هدا البديل الَّذِي هُوَ التوجع ذكرى لَهَا أَي كلما ذكرتها توجعت وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أتألم لما لاقيت من بعْدهَا وفقدي إِيَّاهَا أولى من تعجبي وَالْمعْنَى نأت والبديل مني ذكرهَا 2 - الْإِعْرَاب أضَاف أصل وَنصب واها على الْحِكَايَة الْمَعْنى يَقُول أتوجع لِأَنِّي لَا أرى محاسنها وأصل توجعي وتعجبي أنني رَأَيْتهَا فهويتها والتوجع والتعجب بِسَبَب رؤيتي لَهَا 3 - الْغَرِيب شامية نِسْبَة إِلَى الشَّام والمحيا الْوَجْه الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا يُرِيد فرط قربه مِنْهَا حَتَّى إِنَّهَا مِنْهُ بِحَيْثُ يرى وَجههَا فِي ناظره وَهَذَا عبارَة عَن غَايَة الْقرب وَالْآخر أَنه أَرَادَ لحبها إِيَّاه فَهِيَ تنظر إِلَى وَجهه وتدنو مِنْهُ حَتَّى ترى وَجههَا فِي ناظره 4 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح معنى الْبَيْت أَن النَّاظر وَهُوَ مَوضِع الْبَصَر من الْعين كالمرآة إِذا قابله شَيْء أدّى صورته أَي أوهمتني أَنَّهَا قبلت عَيْني وَإِنَّمَا قبلت فاها الَّذِي رَأَتْهُ فِي ناظري أَلا ترَاهُ قَالَ (تبصر فِي ناظري محياها ... ) 5 - الْغَرِيب آويه ذكر وَهِي مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ أَرَادَ لَا تزَال شخصا آويه كَقَوْل الآخر (قامَتْ وَتَبْكِيهِ عَلى قَبْرِهِ ... مَنْ ليَ مِنْ بَعْدِكَ يَا عامِرُ) (تَركْتَنِي فِي الدَّارِ ذَا غرْبَةٍ ... قَدْ ذَلَّ مَنْ لَيْسَ لهُ ناصِرُ) أَرَادَ تَرَكتنِي شخصا ذَا غربَة الْمَعْنى يَقُول لَيْت ناظري مأواها الَّذِي يَأْوِيهَا ويضمها وَهُوَ الْمسكن والمنزل قَالَ الله تَعَالَى {مأواهم النَّار} قَالَ الواحدي يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه تمنى الْقرب الَّذِي ذكره وَالْآخر أَنه يرضى بِأَن يكون بَصَره مأواها من حبه لَهَا يَقُول لَو أوت إِلَى ناظري فاتخذته مأوى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 لَهَا كَانَ ذَلِك مناي قَالَ وَابْن جنى روى آويه بالتذكير وَالْإِضَافَة وَقد احتال على التَّذْكِير بِوَجْه وَالرِّوَايَة آوية على التَّأْنِيث 6 - الْمَعْنى من دهته أَي أَصَابَته بعينيها لم ترج سَلَامَته وَقد نظرت إِلَى هَذَا الْمَعْنى فَقلت (لَستُ أخْشَىَ وَخْزَ السِّنانِ وَلكِنِّي ... أخْشَى مِنْ طَرْفِهِ الوَسنانِ) 7 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى دلّ بِهَذَا الْبَيْت على أَنَّهَا كَانَت متكئة عَلَيْهِ وعَلى غَايَة الْقرب مِنْهُ وَقَالَ ابْن فورجة أظنها وَقعت عَلَيْهِ تبْكي فَوَقع دمعها عَلَيْهِ وَمعنى الْبَيْت أَن دموعي كالمطر تبل خدي كلما ابتسمت بَكَيْت فَكَانَ دموعي مطربرقه بريق ثناياها أَي كَانَ بُكَائِي فِي حَال ابتسامها كَقَوْلِه ظلت أبكى وَتَبَسم وكقول عنترة (أبكى وَيضْحكُ من بكايَ وَلنْ تَرَى ... عَجبا كَحاضرِ ضِحْكِهِ بَكُائي) وَنَحْوه قَول الْخَوَارِزْمِيّ (عذيرِيَ منْ ضِحكٍ غَدا سببَ الرَّدى ... ومِنْ جَنَّةٍ قَدْ أوْقَعَتْ فِي جَهَّنمِ) 8 - الْإِعْرَاب مَا يجوز أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي فَتكون ابْتِدَاء وَالْخَبَر جعلته وَمَا اتَّصل بِهِ وَيجوز أَن تكون شَرْطِيَّة ونفضت فِي مَوضِع جزم وَجَعَلته جَوَابه الْغَرِيب الغدائر الضفائر وَهِي الذوائب من الشّعْر والمدام الْخمر وأفواه الطّيب أخلاطه واحدتها فوه الْمَعْنى يَقُول ضفائرها لِكَثْرَة الطّيب فِيهَا ينتفض الطّيب مِنْهَا فَالَّذِي ينتفض على مِنْهَا من الطّيب بِطيب بِهِ الْخمر 9 - الْغَرِيب الحجال جمع حجلة بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ بَيت يزين بالثياب والأسرة والستور للعروس والحسان جمع حسناء وَهِي الْمَرْأَة الْكَامِلَة الْحسن الْمَعْنى يَقُول هَذِه فِي مَوضِع فِيهِ حسان وَلَكِن لَا يشبهنها فِي حسنها فَهِيَ مُنْفَرِدَة بالْحسنِ بِمَا لَا يشاركها فِيهِ سواهَا قَالَ الواحدي وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى أَن كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ مُنْفَرِدَة فِي الْحسن لم تشاركها فِيهِ غَيرهَا فَلَا يشبه بَعضهنَّ بَعْضًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 - الْإِعْرَاب يحْتَمل نصب أمواها وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون مَفْعُولا وَالثَّانِي أَن يكون حَالا الْغَرِيب الحمول بِضَم الْحَاء من غير هَاء هِيَ الْإِبِل الَّتِي تحمل الهوادج كَانَ فِيهَا نسَاء أَو لم يكن الْمَعْنى يَقُول لقيننا هَؤُلَاءِ الحسان وَقد سَارَتْ الركاب فهن لرقهن وصيانهن در فصرن سرابا لما بعدن عَنَّا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَي أَجْرَيْنِ دُمُوعهنَّ أسفا علينا وَقَالَ غَيره نَزَلْنَ فِي الْوَادي سائرات فاستحيين منا فذبن أمواها قَالَ الواحدي يجوز أَن يكون المعني غبن عَنَّا فَإِن الدز جامد والدوب يسيله وَقَالَ غَيره يكدن يذبن أَي قاربن وَيجوز أَن يكون بكين فَجعل بكاءهن الكذوب 11 - الْغَرِيب المهاة الْبَقَرَة الوحشية وَالْجمع مها ومهوات وَقد مهت تمهومها فِي بياضها والمهاة بِضَم الْمِيم مَاء الْفَحْل فِي رحم النَّاقة الْمَعْنى يَقُول هَذِه المهاة صائدة للأنفس لَا مصيدة فَكَأَن مقلتها تَقول للناظرين احذورا أَن تصيدكم وتسبيكم 12 - الْإِعْرَاب الضَّمِير الَّذِي فِي الظّرْف يعود على كل مهاة الْمَعْنى يَقُول فِيهِنَّ من هِيَ منيعة وقومها لَهُم غيرَة فَلَا يقدر العاشق أَن يذكرهَا وَلَو ذكرهَا لقطرت السيوف دَمًا لِكَثْرَة من يمْنَعهَا ويحفظها بِسَيْفِهِ أَي إِن كَانَ لَهُ قوم ينصرونه فَذكرهَا شبت بَين قومه وقومها الْحَرْب فقطرت السيوف دَمًا 13 - الْغَرِيب حمص وخناصرة بِضَم الْخَاء بلدان بِالشَّام ومحياها حَيَاتهَا الْمَعْنى يَقُول أحب هذَيْن البلدين وكل نفس تحب الْموضع الَّذِي نشأت بِهِ 14 - الْغَرِيب لبنان جبل بِالشَّام من جبال بعلبك وَهُوَ كثير الْجنان والمياه والحميا الْخمر وَقيل سورتها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 الْمَعْنى يَقُول أخب هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ حَيْثُ التقى خدها وتفاح الشَّام وَالْخمر وثغري يُرِيد حَيْثُ اجْتمعت لي هَذِه الطَّيِّبَات خد الحبيب وتفاح الشَّام وَهُوَ أَحْمَر وَالْخمر 15 - الْغَرِيب الصحصحان الْمَكَان المستوى سفت أَقمت الصَّيف وشتوت أَقمت الشتَاء الْمَعْنى يَقُول أَقمت صيفا كصيف الْبَادِيَة وأقمت بالصحصحان شتاء كشتاء أهل الْبَادِيَة على رسم أهل الْبَادِيَة فِي الصَّيف والشتاء 16 - الْغَرِيب الرَّوْضَة من البقل والعشب وَالْجمع روض ورياض صَارَت الْوَاو يَاء لكسرة مَا قبلهَا والحلة الْجَمَاعَة النازلون بمَكَان وَالْجمع حَلَال الْمَعْنى هَذَا يُفَسر مَا تقدم يَقُول نَحن نَعِيش عَيْش أهل الْبَادِيَة فِي تتبع مساقط الْغَيْث وَإِذا ذكر لنا قوم نازلون بمَكَان أغرنا عَلَيْهِم فأخذنا أَمْوَالهم وأهلهم 17 - الْغَرِيب الْعَانَة الْقطعَة من حمر الْوَحْش ومقزعة خَفِيفَة مفرقة كالقزع وَهِي قطع السَّحَاب ويروى مفزعة بِالْفَاءِ أَي فزعت فَهِيَ أَشد على قانصها لحفة عدوها الْمَعْنى يَقُول إِن عرضت قِطْعَة من حمر الْوَحْش صدناها بآخر خيولنا يُرِيد أَن خيلهم سريعة يلْحق آخرهَا أول الْعَانَة فَنحْن نَفْعل كَفعل الْعَرَب فِي الْبَادِيَة من صيد الْوَحْش وَأكله 18 - الْغَرِيب الهجمة الْقطعَة من الْإِبِل وَهُوَ مَا بَين السّبْعين إِلَى الْمِائَة وكاس الْبَعِير بكوس إِذا عقرت إِحْدَى قوائمه فَمشى على ثَلَاث والشروب جمع شرب وَوَاحِد شرب شَارِب وهم الَّذين يشربون الْخمر وعقراها المعقورة الْمَعْنى وَإِذا مر بِنَا قطيع من الْإِبِل عقرناه وَتَرَكْنَاهُ للشاربين وَيُرِيد بعقراها جمع عقر يَنْحَرهَا للأضياف 19 - الْغَرِيب فعلى إِذا كَانَت تَأْنِيث أفعل مثل الطولي تَأْنِيث أطول والقصرى تَأْنِيث أقصر لَا يجوز اسْتِعْمَالهَا إِلَّا مُضَافَة أَو معرفَة بلام التَّعْرِيف وَإِن كَانَ قد قَرَأَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 الْأَعْمَش وَعِيسَى بن عَمْرو قُولُوا للنَّاس حسني بِغَيْر تَنْوِين فَهُوَ على إِرَادَة الْإِضَافَة أَي حسني القَوْل وَكَذَلِكَ أَتَى فِي شعر الْحكمِي (كأنَّ صُغْرَى وكبْرَى مِنْ فَقاقِعِها ... حَصْباءُ دُرّ عَلى أرْض مِنَ الذَّهبِ) أَرَادَ صغرى وكبرى فقاقعها على إِسْقَاط حرف الْجَرّ الْمَعْنى يَقُول الْخَيل فِي مطاردة الفرسان بَعْضهَا مطرودة وَبَعضهَا طاردة فِي لعبهم بِالرِّمَاحِ تجر الطَّوِيلَة مِنْهَا والقصيرة 20 - الْغَرِيب يعجبها أَي يعجب فرسانها قتل الكماة وهم الشجعان الَّذين اكتموا فِي الأسلحة وأنظره إِذا أَخّرهُ وأمهله وَمِنْه قِرَاءَة حَمْزَة أنظرونا نقتبس من نوركم بِقطع الْألف وَكسر الظَّاء أَي أمهلوا علينا الْمَعْنى يعجب فرسَان الْخَيل قَتلهمْ الكماة وَلَا يلبثُونَ أَن يقتلُوا بعدهمْ لِكَثْرَة المعاودة وفشو الْحَرْب فِي طلب الثأر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يعجب خَيْلنَا قتل الكماة كَمَا يعجب فرسانها أَلا ترَاهُ يَقُول فِي مَوضِع آخر (تَحْمَى السُّيوفُ عَلى أعْدائِهِ مَعه ... كَأنهُنَّ بَنُوهُ أوْ غَشائِرُهُ) فَإِذا جَازَ أَن تُوصَف الجمادات بِأَنَّهَا تَحْمِي فالحيوان الَّذِي يعرف كثيرا من أغراض صَاحبه أَحْرَى لِأَنَّهُ معلم مؤدب وَقَالَ فِي قَوْله وَلَا ينظرها الدَّهْر أَنه إِذا قتل الْفَارِس عفرت بعده فرسه قَالَ زِيَاد الْأَعْجَم (وَإذا مَرَرْتَ بِقَبْرِهِ فاعْقِرْ لَهُ ... كُومَ الهِجانِ وكُلَّ طِرْف سابحِ) ورد عَلَيْهِ ابْن فورجة هَذَا القَوْل وَقَالَ لَيْسَ هُوَ بِشَيْء يُرِيد بقتلاها من قَتله يُرِيد خيل القاتلين لَا خيل المقتولين وَالْمعْنَى أَن أَصْحَابهَا يهلكونها بالتعب وَكَثْرَة الركض بعد الَّذين قتلوهم فَلَا بَقَاء لَهَا بعدهمْ 21 - الْإِعْرَاب قاطبة حَال وَيجوز أَن يكون صفة لمصدر مَحْذُوف الْغَرِيب قاطبة جَمِيعًا من قطبت الشَّيْء بالشَّيْء إِذا جعلتهما جَمِيعًا الْمَعْنى يَقُول قد رَأَيْت جَمِيع الْمُلُوك حَتَّى رَأَيْت مَوْلَاهَا 22 - الْمَعْنى رَأَيْت الْمُلُوك بأجمعهم وسرت حَتَّى رَأَيْت أعظمهم الَّذِي يحي من شَاءَ مِنْهُم وَيُمِيت من شَاءَ ومناياهم بكفه يَقُول يصرفهَا فيهم كَيفَ يَشَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 - الْإِعْرَاب أَبَا شُجَاع بدل من قَوْله مَوْلَاهَا الْمَعْنى يَقُول رَأَيْت أَبَا شُجَاع وَهَذَا الْبَيْت قَالَ أَبُو الْفَتْح على أَنه قصير الْوَزْن قد جمع فِيهِ كنية الممدوح وبلده واسْمه ونعته وَسَماهُ بِملك الْمُلُوك شاهنشاه وَهُوَ من أحسن الْجمع والمدح 24 - الْإِعْرَاب أساميا نصبها بإضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ ذكرت أساميا دلّ عَلَيْهِ ذَكرنَاهَا وَهُوَ مَا ذكر قبل هَذَا الْبَيْت وَلَذَّة نصبها على الْمصدر الْمَعْنى يَقُول قَالَ أَبُو الْفَتْح الْوَصْف يَجِيء على ضَرْبَيْنِ الْإِيضَاح والتخصيص كَقَوْلِك مَرَرْت بِأبي مُحَمَّد الْكَاتِب وَالثَّانِي للإسهاب والإطناب كَقَوْلِك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فالنعت هُنَا لم يَجِيء للإيضاح لِأَن اسْم الله تَعَالَى لَا يشركهُ فِيهِ غَيره فَيحْتَاج إِلَى الْوَصْف وَإِنَّمَا ذكر للإطناب فِي الثَّنَاء فَكَذَلِك هُنَا لِأَنَّهُ قَالَ وسرت حَتَّى رَأَيْت مَوْلَاهَا فقد علم أَنه لَا يَعْنِي لَا أَبَا شُجَاع فَإِنَّمَا هُوَ ثَنَاء وإسهاب وإطناب وَلَا يُرِيد التَّعْرِيف لِأَنَّهُ غير مَجْهُول وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ ذكرته استلذاذا للثناء 25 - الْغَرِيب عظماها أَي معظمها والسحاب يكون مُفردا وجمعا قَالَ الله تَعَالَى فِي الْجمع {حَتَّى إِذا أقلت سحابا ثقالا وينشىء السَّحَاب الثقال} وَقَالَ فِي الْمُفْرد {ألم تَرَ أَن الله يزجى سحابا ثمَّ يؤلف بَينه الله الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح فتثير سحابا فيبسطه فِي السَّمَاء} الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْأَسَامِي تحمل على الْمعَانِي إِذا ذكرت ووصفت لَهُ يحسن الْكَلَام بهَا قَالَ الواحدي يُرِيد بقودها مستحسن الْكَلَام أَنَّهَا سبقت إِلَى الذّكر فَهِيَ مُقَدّمَة معَان أذكرها بعد وأصفها كَمَا يَقُود مُعظم السَّحَاب الْبَاقِي 26 - الْغَرِيب النفيس الْعَظِيم وأنفس أَمْوَاله أعظمها وأسناها أرفعها الْمَعْنى يَقُول هُوَ جليل الْقدر عَظِيم ومواهبه عَظِيمَة جليلة قَالَ أَبُو الْفَتْح قَالَ بعض خزان عضد الدولة أَمر لَهُ بِأَلف دِينَار عددا فَلَمَّا أنْشد هَذَا الْبَيْت أَمر أَن تبدل بِأَلف موازنة فَأعْطى ألف مِثْقَال موازنة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 - الْمَعْنى يَقُول لَو علمت خيله بجوده وفطنت إِلَيْهِ لم يرضها أَنه يرضاها لِأَنَّهُ يَهَبهَا لِأَنَّهُ إِذا رأى شَيْئا جيدا وهبه لمن يَقْصِدهُ فتفارق مربطها 28 - الْغَرِيب انتشى فَهُوَ نشوان يُرِيد إِذا سكر والخلة الْخصْلَة وتلافاها تداركها الْمَعْنى يَقُول هُوَ قبل شرب الْخمر كريم يتكرم بالبذل وَالعطَاء فَلَا يزِيد تكرمه بشربها وَلَيْسَ فِي مكارمه خلة يتلافاها الْخمر قَالَ الواحدي أول هَذَا الْمَعْنى لعنترة (وَإذا صَحْوتُ فَما أُقصَّرُ عنْ نَدىً ... وكما عَلِمْتِ شمائِلي وَتَكَرُّمي) وَقَرِيب مِنْهُ قَول زُهَيْر (أخُو ثِقةٍ لَا يُهْلِكُ الخَمْرُ مالَه ... وَلكِنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ المالَ نائِلُهْ) وَقَول البحتري (تكرَّمتَ من قبل الكؤُوسِ عَلَيْهِمِ ... فَما اسْطَعْنَ أنْ يُحْدِثْنَ فِيك تكرّما) وَقَول أبي نواس (فَتى لَا يُذيِبُ الخَمْرُ شَحْمةَ مَاله ... وَلكنْ أيادِ عُوَّدٍ وَبَوادِي) وألم الصابي بِبَيْت المتنبي فَقَالَ فِي بعض محاوراته وَلَقَد آتَاهُ الله فِي اقتبال الْعُمر جَوَامِع الْفضل وسوغه فِي عنفوان الشَّبَاب محامد الاستكمال فَلَا تَجِد الكهولة خلة يتلافاها بتطاول الْمدَّة وثلمة يسدها بمزايا الْحِكْمَة وَلَقَد أحسن أَبُو عبَادَة فِي قَوْله هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ أَجود من الْجَمِيع 29 - الْغَرِيب الراح من أَسمَاء الْخمر والأريحية الاهتزاز للكرم والنشاط للجود الْمَعْنى أريحيته فَوق فعل الراح فَإِذا اجْتمعت الراح مَعَ نشاطه للكرم فأدنى أريحيته تجلب من السخاء مَا لَا يجلبه الراح فَلَا تطِيق الراح أَن تسامى أريحيته فَإِذا طلبت أَن تساميها سَقَطت 30 - الْغَرِيب الكرائن جمع كرينة وَهِي الْجَارِيَة الْمُغنيَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هِيَ الأعواد والكران الْعود الْمَعْنى يَقُول إِذا طرب فَرح العودات بطربه ثمَّ يَزُول فرحهن لِأَنَّهُ يهبهن فيخرجن عَن ملكه فيزول سرورهن لأجل ذَلِك لِأَنَّهُنَّ لَا يخترن فِرَاقه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 - الْغَرِيب المولولة الداعية بِالْوَيْلِ من ثكل أَو غَيره والزير الْوتر الدَّقِيق قَالَ الواحدي والمثاني الأوتار الْمَعْنى يَقُول يزِيل سرُور هن بِكُل جَارِيَة قد وَهبهَا وَهِي تولول حزنا على فِرَاقه وتقطع أوتار الْعود غَضبا لزوَال ملكة عَنْهَا 32 - الْغَرِيب تعود تسبح والقذاة الشَّيْء الْيَسِير وَهُوَ الَّذِي يُصِيب الْعين فتدمع مِنْهُ الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْجَارِيَة الَّتِي وَهبهَا فِي عَطاء جم كالبحر الزّبد فَهِيَ كالقذاة فِي بَحر مُزْبِد وروى أَبُو الْفَتْح زبد بِكَسْر الْبَاء وَهُوَ الْكثير الزّبد لِكَثْرَة مَائه 33 - الْغَرِيب عرته وَجهه والتيجان جمع تَاج وَهُوَ مَا يلْبسهُ الْمُلُوك الْمَعْنى يَقُول إِذا لبس تاجه وارتفع التَّاج على رَأسه أشرق تاجه بإشراق وَجهه كإشراق أَلْفَاظه بمعناها 34 - الْإِعْرَاب الضميران فِي شرقها وَمَغْرِبهَا يعودان على الدُّنْيَا الْغَرِيب دَان لَهُ أطَاع الْمَعْنى يَقُول أطاعه أهل الْمشرق وَالْمغْرب وَنَفسه تستقل جَمِيع الدُّنْيَا قَالَ الواحدي وَكَذَا كَانَ يَقُول عضد الدولة سيفان فِي غمد محَال يَعْنِي أَن الدُّنْيَا تكتفي بِملك وَاحِد وَكَانَ يقْصد أَن يستولي على جَمِيع الأَرْض 35 - الْغَرِيب الهمم جمعه همة وَاصل الهمة من الهميم وَهُوَ الدبيب هَمت الْهَوَام على وَجه الأَرْض إِذا دبت فالهم يهم فِي الْقلب أَي يدب قَالَ الْهُذلِيّ (تَرى أثْرَهُ فِي صَفْحَتَيْهِ كأنَّهُ ... مَدَارِجُ شِبْثانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ) الْمَعْنى يَقُول قد اجْتمع فِي فُؤَاده همم إِحْدَاهَا تملأ الزَّمَان وَلَا شي أوسع من الزَّمَان وَلم ذكر فؤاد الممدوح اسْتعَار للزمان فؤادا وَإِذا كَانَ الزَّمَان مَعَ سعته لَا يسع إِلَّا إِحْدَاهَا لم تظهر بَاقِي هممه إِلَّا أَن يَقع اتِّفَاق كَمَا ذكر فِيمَا بعد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح حظها يَعْنِي الدُّنْيَا إِن كَانَ لَهَا حَظّ فَأَتَاهَا زمَان أوسع من زمانها الَّذِي هُوَ فِيهِ أظهر هَذَا الممدوح هممه وَقَالَ الواحدي إِن أَتَى بخت هممه بِزَمَان أوسع مِمَّا ترى أبدى تِلْكَ الهمم وَهَذَا كَقَوْلِه (ضاقَ الزَّمانُ وَوَجْهُ الأرْضِ عَنْ مَلِكٍ ... ) 37 - الْغَرِيب الفليقان الجيشان الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح شن الْغَارة فِي جَمِيع الأَرْض فخلط الْجَيْش بالجيش فصارا لاختلاطهما كالجيش الْوَاحِد وَقَالَ ابْن فورجة لَيْسَ أَبُو الطّيب من ذكر الْغَارة وشنها فِي شَيْء وَإِنَّمَا هُوَ يَقُول فِي فُؤَاده همم إِحْدَاهَا أعظم من فؤاد الزَّمَان فَهُوَ لَا يبديها لِأَنَّهُ لَا يجد زَمَانا يَسعهَا فَإِن قضى لَهَا وَجَاء حظها وبختها بأزمنة أوسع من هَذَا الزَّمَان فَحِينَئِذٍ أظهر تِلْكَ الهمم وَاجْتمعَ أهل هَذَا الزَّمَان وَأهل تِلْكَ الْأَزْمِنَة فَصَارَ شَيْئا وَاحِدًا وَضَاقَتْ الأَرْض بهم حَتَّى عثر حيهم بميتهم للزحمة وَكَثْرَة النَّاس وَمثله قَوْله أَيْضا فِي ذكر الزحمة (سُبِقْنا إِلَى الدُّنْيا فَلَوْ عاشَ أَهلهَا ... مُنِعْنا بِها مِنْ جَيْئَةٍ وَذُهُوبِ) وَأَنت الفيلق على إِرَادَة الكتيبة وَالْجَمَاعَة 38 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح شبه الجيوش لما اخْتَلَط بَعْضهَا بِبَعْض بفلك تَدور فِيهِ نجومه وَشبه مُلُوك الجيوش بالأقمار وَشبه عضد الدولة بالشمس لِأَنَّهُ أَشْرَفهم وأشهرهم وتسجد تذل وتخضع وَالضَّمِير فِي أبهاها يعود على النيرات وَقَالَ الواحدي لم يَأْتِ ابْن جنى وَلَا ابْن فورجة فِي هَذَا الْبَيْت بِشَيْء يفهم وَالْمعْنَى أَنه يُرِيد بالنيرات والأقمار مُلُوك الدُّنْيَا إِذا عَادوا واجتمعوا فِي زمَان وَاحِد وَأَرَادَ بأبهاها عضد الدولة فَحِينَئِذٍ يُبْدِي هممه هَذَا كَلَامهم وَهُوَ معنى قَول أبي الْفَتْح إِلَّا أَنه أحسن الْعبارَة وَلم يَأْتِ بِشَيْء 39 - الْإِعْرَاب يجوز فِي الْفَارِس الحركات الثَّلَاث فالرفع على خبر الْمُبْتَدَأ وَمن نَصبه أضمر لَهُ فعلا ينصبه وَمن جَرّه جعله مُتَّصِلا بأبهاها فَيكون بَيَانا للضمير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 الْمَعْنى يَقُول هُوَ الْفَارِس الَّذِي يَتَّقِي بِهِ السِّلَاح وَالْمعْنَى أَنه يَتَّقِي بِهِ جَيْشه سلَاح الْأَعْدَاء يُرِيد أَنه يتَقَدَّم الْجَيْش إِلَى الْأَعْدَاء دون أَصْحَابه وَهَذَا من قَول عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كُنَّا إِذا اشْتَدَّ الْبَأْس اتقينا برَسُول الله وَكَانَ أقربنا إِلَى الْعَدو قَالَ أَبُو عَليّ يَتَّقِي بِهِ السِّلَاح فَلَا يعْمل مَعَه شَيْئا وَمثل تَثْنِيَة الْخَيل قَول الآخر (خيْلانِ منْ قومْي ومِنْ أعْدَائهِمْ ... خفَضُوا أسِنَّتهُمْ وكُلّ باغِي) 40 - الْمَعْنى ذكر الواحدي يَقُول إِن المُرَاد لَو أَن يَده أنْكرت جراحاتها لعرفناها من آثَار يَده لِأَن غَيره لَا يقدر على مثلهَا يُرِيد ضرباته تعرف من ضربات غَيره وَكَذَا طعناته وَالْمرَاد بِالْيَدِ صَاحبهَا لِأَن الْيَد لَا تُوصَف بالإنكار 41 - الْغَرِيب المُرَاد بِالزِّيَادَةِ السَّوْط قَالَ الواحدي هُوَ مَأْخُوذ من قَول المرار (وَلمْ يُلْقُوا وَسائِدَ غَيْرَ أيْدٍ ... زِيادُ تُهنَّ سَوْطٌ أوْ جَدِيلُ) والنافع الثَّابِت وَالسَّمَاء الْعَلامَة وَمِنْه {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} الْمَعْنى يَقُول كَيفَ تخفى الْيَد الَّتِي سوطها يقتل بِهِ فَكيف سيفها وَالْمعْنَى كَيفَ تخفى آثَار يَد الْمَوْت من علاماتها 42 - الْغَرِيب تاه الرجل إِذا تكبر وتعظم الْمَعْنى يمول هُوَ عَظِيم شرِيف فَلَو تكبر وتعظم على أهل الدُّنْيَا لَكَانَ لَهُ الْعذر الْوَاسِع فِي ذَلِك لبَيَان شرفه وفضله عَلَيْهِم وَلكنه لم يفعل ذَلِك وَهُوَ كَقَوْل الآخر (وَما تَزْدَهِينا الكِبْرِياءُ علَيْهِمُ ... إذَا كَلَّمُونا أنء نُكَلِّمَهُمْ نزْراً) 43 - الْغَرِيب الْكفْر الْجحْد والتغطية والسجايا جمع سجية وَهِي الطبيعة والخلق الْمَعْنى يَقُول لَو كفر النَّاس نعْمَته وجحدوها لما أثر ذَلِك عِنْده وَلَا قطع عَنْهُم الْأَنْعَام لِأَن نَفسه مجبولة على فعل الْإِحْسَان فَهُوَ يُعْطي طبعا وَلَا يعْطى طلبا للشكر وَهُوَ من قَول بشار (لَيْس يُعطِيكَ لِلرَّجاءِ وَللْخَوْفِ ... وَلِكنْ يَلَذُّ طَعْمَ العَطاءِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 - الْمَعْنى ضرب الْمثل لَهُ بالشمس وَهِي من أحسن الْأَشْيَاء يُرِيد أَن كَثْرَة مَنَافِع الدُّنْيَا بالشمس وَهِي لَا تطلب بذلك جاها عِنْد النَّاس وَلَا نفعا مِنْهُم لِأَن الله تَعَالَى سخرها للنَّاس وَكَذَا الممدوح مطبوع على فعل الْإِحْسَان 45 - الْغَرِيب الحديا بِالدَّال الْمُهْملَة هِيَ الْوَاحِد والمباراة تَقول تحديت فلَانا إِذا باريته فِي فعل ونازعته الْغَلَبَة وَيُقَال أَنا حدياك أَي أبرز لي وَحدك قَالَ عَمْرو ابْن كُلْثُوم (حُديَّا النَّاس كُلِّهِمِ جَميعا ... مُقارَعَةً بَنيِهِمْ عَنْ بَنيِنا) ويروى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بَيت أبي الطّيب على تَصْغِير حداء فلَان إِذا كَانَ بازائه وَأَلْجَأَ إِلَيْهِ اسْتندَ واعتصم الْمَعْنى يَقُول كل أَمر الْمُلُوك إِلَى من يتولاهم واستند إِلَى هَذَا الممدوح تكن وَاحِدًا مِنْهُم أَو مثلهم فَإنَّك إِذا استندت إِلَيْهِ ساميت الْمُلُوك وصرت مثلهم وَهُوَ من قَول بعض الوعاظ يَا هَذَا صانع وَجها وَاحِدًا تقبل عَلَيْك الْوُجُوه كلهَا 46 - الْغَرِيب باهي من المباهاة وَهِي الْمُفَاخَرَة وتباهوا تفاخروا الْمَعْنى يَقُول لَا تعتقد الْإِمَارَة فِي غير الْأَمِير وَإِن رَأَيْت مفاخرا بالإمارة فَلَا يغرنك مفاخرته فَهُوَ الْأَمِير حَقًا وَمن سواهُ مجَازًا 47 - الْغَرِيب فَعم مَلأ وساعد فَعم أَي ممتليء وَقد فَعم بِالضَّمِّ فعامة وفعومة وأفعمت الْإِنَاء ملأته قَالَ الراجز (فَصَبَّحْتَ وَالطَّيرُ لمْ تَكَلَّمِ ... جابِيَةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفعَم) وأفعمت الْبَيْت برِيح الطّيب ملأته بِهِ وَقَالَ قوم فِي بَيت أبي الطّيب فغم بغين مُعْجمَة وَهُوَ بِمَعْنى الولوع من قَوْلهم فغمت بِهِ إِذا ولعت وفغمة الطّيب رِيحه وفغمتي الطّيب إِذا سد خياشيمك والفغم بِالتَّحْرِيكِ الولوع والحرص قَالَ الْأَعْشَى (تَؤُمُّ دِيارَ بَنِي عامِرٍ ... وَأنْتَ بِآلِ عَقِيلٍ فَغِمْ) والخافقان أفقا الْمشرق وَالْمغْرب لِأَن اللَّيْل وَالنَّهَار يخفقان فِيهِ والريا الرَّائِحَة خبيثة كَانَت أَو طيبَة الْمَعْنى بقول إِنَّمَا الْملك هَذَا الممدوح الَّذِي مَمْلَكَته قد مَلَأت الدُّنْيَا شرقا وغربا فَهُوَ الْملك على الْحَقِيقَة وَغَيره مجَازًا 48 - الْغَرِيب العابس المنقبض الكالح وَالسّلم ضد الْحَرْب وَقد طابق فِي الْبَيْت بَينهمَا بِذكر الهيجاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ محتقر الْأَعْدَاء لَا يُبَالِي بهم كَثُرُوا وأقلوا فَهُوَ واثق بشجاعته فَإِذا كَانَت الْوُجُوه عابسة ف يُحَال الْحَرْب وضيق الْأَمر كَانَ هُوَ ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا فَالصُّلْح عِنْده وَالْحَرب سَوَاء 49 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح النَّاس الَّذين فِي طَاعَة غَيره كَأَنَّهُمْ يعْبدُونَ آلِهَة مُخْتَلفَة وعبيده الَّذين يطيعونه كَأَنَّهُمْ الموحدون لله لَا يشركُونَ بِهِ فَلَا يرجون سواهُ وَمن يخْدم سواهُ لم تَنْفَعهُ تِلْكَ الْخدمَة كَالَّذِين يعْبدُونَ الْآلهَة دون الله وَهَذَا كَقَوْلِه (وَلَسْتَ مَلِيكا هازِما لِنَظِيره ... وَلكِنَّكَ التَّوْحِيدُ لِلشِّرْكِ هازِمُ) وَقَالَ الواحدي يَعْنِي بِعَبْدِهِ نَفسه يَقُول خدمتي مَقْصُورَة عَلَيْهِ فَأَنا فِي خدمته كمن يعبد الله عز وَجل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 - 1 الْإِعْرَاب الْبَاء تزاد فِي الْمَفْعُول هَهُنَا كَمَا تزاد فِي الْفَاعِل نَحْو قَوْله {وَكفى بِاللَّه} وَقد ذَكرْنَاهُ قبل هَذَا وَقَالَ الْخَطِيب الْبَاء فِي مَوضِع رفع كَقَوْلِك كفى بفلان صديقا فَأَما فِي التَّعَجُّب فِي قَوْلك أكْرم بزيد فقد اخْتلف فِيهِ النحويون فَقيل الْبَاء وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ مؤد معنى قَوْلك مَا أكْرم زيدا وَقيل فِي مَوضِع رفع لِأَن الْمَعْنى كرم زيد ويحج صَاحب هَذَا القَوْل بِأَن الْفِعْل لَا يَخْلُو من فَاعل وَقد يَخْلُو من الْمَفْعُول وَأَن ترى فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ فَاعل أَي كفى رؤيتك الحديث: 285 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 الْغَرِيب أصل الْأَمَانِي التثقيل وتخفيفها لُغَة والمحذوفة الْيَاء الأولى الزَّائِدَة المنقلبة عَن الْوَاو لِأَن أَصْلهَا أمنوية ثمَّ غيرت الْمَعْنى كَفاك دَاء رؤيتك الْمَوْت شِفَاء أَي إِذا أفضت بك الْحَال إِلَى أَن تمنى المنايا فَذَلِك غَايَة الشدَّة وَإِن دَاء شفاؤه الْمَوْت أقْصَى الأدواء وَإِن الْمنية إِذا صَارَت أُمْنِية فَهِيَ غَايَة البلية وَالْمعْنَى كَفاك من أذية الزَّمَان مَا تتمنى مَعَه الْمَوْت 2 - الْغَرِيب أعيا صَعب وَعز والمداجي المساتر للعداوة وَهُوَ من الدجى وَهِي الظلمَة الْمَعْنى يَقُول تمنيت الْمَوْت لما طلبت صديقا مصافيا فأعجزك أَو عدوا ساترا للعداوة وَعند عدم الصّديق المصافي والعدو الْمُوَافق يتَمَنَّى الْمَرْء الْمنية قَالَ الواحدي هَذَا تَفْسِير الدَّاء الْمَذْكُور فِي الْبَيْت الأول 3 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح اسْتعْمل النهى مَوضِع الِاسْتِفْهَام الَّذِي اسْتَعْملهُ غَيره فِي قَوْله (فَلِمْ طالَ حَمْلِي جَفْنَهُ وَنجادهُ ... إذَا أَنا لمْ أضْرَبْ بِهِ مَنْ تَعَرَّضَا) الْغَرِيب الحسام الْقَاطِع واليماني مَنْسُوب إِلَى صَنْعَة أهل الْيمن الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا لنَفسِهِ إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى عمل السَّيْف ليرْفَع بِهِ الذل فَإِذا رضيت أَن تعيش ذليلا فَمَا تصنع بِالسَّيْفِ الْقَاطِع 4 - الْغَرِيب الْعتاق الْكِرَام وَفرس عَتيق كريم والمذاكي الْخَيل الْقرح الَّتِي قد تمت أسنانها الْمَعْنى يُرِيد لَا تتَّخذ الرماح الطوَال وَلَا تتَّخذ الْخَيل الْكِرَام إِذا رضيت أَن تعيش فِي ذل وَإِنَّمَا تتَّخذ هَذِه لنفي الذل 5 - الْغَرِيب الْأسد جمع أَسد والطوى الْجُوع وضرى الْكَلْب بالصيد يضرى ضراوة تعود وكلب ضار وكلبة ضاربة وأضراه صَاحبه إِذا عوده وَأَصله الجراءة والوقاحة الْمَعْنى ضرب هَذَا مثلا وَهُوَ من أَجود الْكَلَام وأحثه على طلب الرزق بِالسَّيْفِ وَغَيره يَقُول إِذا كَانَ الْأسد فِيهِ حَيَاء لم يَنْفَعهُ وَلَا يَأْتِيهِ بالشبع وَإِنَّمَا ينَال الشِّبَع إِذا افترس فَلَو لزم عرينه وَلم يصد لبقي جائعا غير مهيب وَإِنَّمَا يخَاف وَيَتَّقِي إِذا كَانَ ضَارِبًا مفترسا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 - الْغَرِيب حببتك شَاذ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِي المضاعف يفعل بِالْكَسْرِ إِلَّا ويشركه يفعل بِالضَّمِّ إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا مَا خلا هَذَا وأنشدوا لغيلان النَّهْشَلِي (أُحِبُّ أَبَا مَرْوَانَ مِنْ أجْلِ تَمْرِهِ ... وَأعْلَمُ أنَّ الجارَ بالجارِ أرْفَقُ) (وَوَاللهِ لَوْلا تمْرهُ مَا حَبَبْتُهُ ... وَلا كانَ أدنى منْ عُبَيدٍ وَمُشرِقِ) وَقَوله نأى بعد الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لِقَلْبِهِ أحببتك قبل أَن أَحْبَبْت هَذَا الَّذِي بعد عَنَّا يعرض بِسيف الدولة وَقد كَانَ عذارا فَلَا تكن أَنْت غدارا تشتاق إِلَيْهِ وَلَا محباله فَإنَّك إِن أَحْبَبْت الْغدر لم تف لي وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُعَاتب قلبه على حنينه إِلَى من فَارق 7 - الْغَرِيب شَكَوْت فلَانا أشكوه شكوى وشكاية وشكية وشكاة إِذا أخْبرت عَنهُ بِسوء فعله بك فَهُوَ مشكو ومشكى وَالِاسْم الشكوى وأشكيت فلَانا إِذا فعلت بِهِ فعلا أحوجه إِلَى الشكوى وأشكيته أَيْضا إِذا أعتبته من شكواه ونزعت عَن شكايته وأزلته عَمَّا يشكوه وَهُوَ من الأضداد قَالَ الشَّاعِر (تَمُدُّ بِالأعْناقِ أوْ تُلْوِيها ... وَتَشْكِى لَوْ أنَّنا نُشْكيِها) الْمَعْنى يَقُول لِقَلْبِهِ إِن شَكَوْت فِرَاقه تبرأت مِنْك يهدده بذلك لعلمه مِنْهُ أَنه يشكو فِرَاقه لإلفه إِيَّاه 8 - الْغَرِيب غدر جمع غادر وَأَرَادَ بالظاعنين الراحلين الَّذين فارقوه الْمَعْنى يَقُول إِذا جرت الدُّمُوع فِي إِثْر فِرَاق الغادر فَهِيَ غادرة بصاحبها لِأَنَّهُ لَيْسَ من حق الغادر أَن يبكي عَلَيْهِ فَإِذا جرت الدُّمُوع فِي إِثْر الغادر وَفَاء لَهُ فَذَلِك الْوَفَاء غدر بِصَاحِب الدُّمُوع وَالْمعْنَى لَا تف لغادر 9 - الْإِعْرَاب شبه لَا يلبس فنصب الْخَبَرَيْنِ كتشبيه ابْن قيس فِي بَيت الْكتاب (مَنْ فَرَّعْنَ نِيرِانها ... فَأنا ابْنُ قَيْسٍ لَا بَرَاحْ) الْمَعْنى يُرِيد إِذا لم يتَخَلَّص الْجُود من الْمَنّ بِهِ لم يبْق المَال وَلم يحصل الْحَمد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 لِأَن المَال يذهبه الْجُود والأذى يذهب الْحَمد فَالَّذِي يمن بالجود غير مَحْمُود وَلَا مأجور وَهَذَا من أحسن الْكَلَام وَقد نظر فِيهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} وَذكر الْحَاتِمِي أَن هَذَا الْبَيْت من قَول الْحَكِيم إِذا لم تتجرد الْأَفْعَال من الذَّم كَانَ الْإِحْسَان إساءة 10 - الْغَرِيب السخاوة والسخاء الْجُود يُقَال سخا يسخو وسخى يسخي قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم (مُشَعْشَعَةً كَأنَّ الحُصَّ فِيها ... إِذا مَا الماءُ خالَطَها سَخِينا) وأخلاق أَفعَال وخصال الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح جمجم عَمَّا فِي قلبه من إفراط العتب وَلم يُصَرح بِهِ وَقَالَ الْخَطِيب نفس الْإِنْسَان لَهَا أَخْلَاق تدل عَلَيْهِ أسخى هُوَ أم متشبه بالأسخياء فأخلاقه تدل عَلَيْهِ فَيعرف أَن جوده طبع أم تطبع وَهَذَا من قَول الْحَكِيم تغير الْأَفْعَال الَّتِي تَأتي غير مطبوعة أَشد انقلابا من الرّيح الهبوب 11 - الْإِعْرَاب يجوز فِي أقل فتح اللَّام وكسره وكل ذَلِك لالتقاء الساكنين فالكسر الْأَجَل كسرة الْقَاف فأتبع الكسرة الكسرة وَالْفَتْح طلبا للخفه مَعَ التَّضْعِيف وَقد قَرَأَ بَعضهم قُم اللَّيْل بِفَتْح الْمِيم الْغَرِيب الود الْمحبَّة وتصفى تخلص الْمَعْنى يَقُول لِقَلْبِهِ لَا تشتق إِلَى من لَا يشتاق إِلَيْك فانك تحب من لَا يجازيك بالمحبة كَقَوْل البحتري (لَقَدَّ حَبَوَتُ صَفاءَ الوُدّ صائِنَهُ ... عَنَّى وَأقْرَضْتُهُ مَنْ لَا يجازِيِني) 12 - الْغَرِيب تَقول ألفت الْموضع بِالْكَسْرِ آلفه إلفا وألفت الْموضع أولفه إيلافا وآلفت الْموضع أؤالفه مؤالفة وإلافا فَصَارَ صُورَة افْعَل وفاعل فِي الْمَاضِي وَاحِدَة وَتقول آلف وألاف ككافر وكفار الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا شرح لما قبله وَدَلِيل على أَنه فَارق ذاما لِأَنَّهُ جعله كالشيب أَي لَو فَارَقت الشيب الذميم برحيلي إِلَى الصِّبَا وَهُوَ خير حَيَاة الْإِنْسَان لَكَانَ ذَلِك الْفِرَاق موجعا لقلبي مبكيا لعَيْنِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 وَقَالَ الواحدي هَذَا الْبَيْت رَأس فِي صِحَة الإلف وَذَلِكَ أَن كل أحد يتَمَنَّى مُفَارقَة الشيب وَهُوَ يَقُول لَو فارقني شيبي إِلَى الصِّبَا لبكيت عَلَيْهِ لإلفي إِيَّاه لِأَنِّي خلقت ألوفا 13 - الْغَرِيب الْفسْطَاط مَدِينَة مصر وَفِيه سِتّ لُغَات فسطاط وفستاط بِالتَّاءِ بَدَلا من الطَّاء وفساط بِالتَّشْدِيدِ وَكسر الْفَاء وَضمّهَا فِي الثَّلَاث وأزرته حَملته على الزِّيَارَة والقوافي جمع قافية وَقد تكون القصيدة الْمَعْنى قَالَ الواحدي ذكر فِي الْبَيْت الأول أَنه أُلُوف لما يَصْحَبهُ فِي أَي حَال كَانَت مَكْرُوهَة أَو محبوبة ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ لكني على هَذِه الْحَالة من الألفة قصدت مصر وحملت هواي والنصح وَالشعر على زِيَارَة جواد بهَا كالبحر 14 - الْإِعْرَاب عطف جردا على مَا تقدم من قَوْله حَياتِي الْغَرِيب جردا يُرِيد خيلا قليلات الشّعْر وَهُوَ مدح فِي الْفرس والعوالي الرماح الْمَعْنى وأزرته خيلا جردا تركنَا الرماح بَين آذانها فباتت تتبع عوالي الرماح فِي سَيرهَا كَقَوْل الخنساء (وَلمَّا أنْ رَأيْتُ الخيْل قُبْلاً ... تُباري بِالخُدُودِ شَبا العَوَالي) 15 - الْغَرِيب الصَّفَا الصخر وواحده صفاة يُقَال فِي الْمثل مَا تندى صِفَاته وَالْجمع صفا بِالْقصرِ وأصفاء وصفى على فعول قَالَ الأخيل (كأنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النّفِىّ ... مِنْ طُولِ إشْرافً عَلى الطَّوِىّ) (مَوَاقِعُ الطَّيرِ عَلى الصُّفِىّ ... ) والصفواء الْحِجَارَة اللينة الملمس قَالَ امْرُؤ الْقَيْس (كميِتٍ يزِلُّ اللِّبْدُ عَنْ حَال متْنِهِ ... كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالمُتَنَزَّل) والبزاة جمع باز وحوافيا جمع حاف ونصبه على الْحَال الْمَعْنى يَقُول إِذا وطِئت هَذِه الجرد فِي الصخر وَهِي حافية بِغَيْر نعال أثرت فِيهِ مثل صُدُور البزاة وَهُوَ من التَّشْبِيه الْجيد وَوصف حوافرها بالشدة والصلابة وَأَنَّهَا تُؤثر فِي الصخر حافية وَهُوَ مَنْقُول من قَول الراجز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 (يَرْفَعْنَ فِي الركض أمامَ السُّبَّقِ ... حَوَافِراً كالعَنْبرِ المُفَلَّقِ) (يَنْقُشْنَ فِي الصَّخرِ صُدُورَ الزُّرَّقِ ... ) 16 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح بعيدات جمع مَا لَا يعقل فِي الصَّحِيح مذكرا أَو مؤنثا بِالْألف وَالتَّاء وَرُوِيَ أَبُو الْفَتْح وَتنظر بِالتَّاءِ أَي وَتنظر هَذِه الجرد وَهِي روايتي عَن شَيْخي أَنِّي الحزم وَأبي مُحَمَّد الْمَعْنى تنظر هَذِه الجرد من عيوني سود صوادق فِيمَا تنظره فِي ظلمَة اللَّيْل فترى الشَّخْص الْبعيد كَهَيْئَته فِي الْقرب وَذَلِكَ بِخِلَاف الْعَادة لِأَن الشَّخْص إِذا أبْصر من بعيد صغر فِي الْعين وَالْخَيْل تُوصَف بحدة النّظر وَقد قَالُوا أبْصر من فرس فِي غلس فوصفها بِأَنَّهَا ترى الشَّخْص الْبعيد عَنْهَا كَمَا يكون قَرِيبا 17 - الْغَرِيب الجرس الصَّوْت الْخَفي وَهُوَ السرَار والسوا مَعَ جمع سامعة وَهِي الْأذن والمناجاة السرَار والتنادي تفَاعل من قَوْلك فلَان أندى صَوتا من فلَان وَمِنْه الحَدِيث لقنها بِلَالًا فَهُوَ أندى صَوتا ويخلن يَحسبن الْمَعْنى وصفهن بحدة السّمع كَمَا وصفهن بِالنّظرِ الْحَدِيد فَهِيَ إِذا سَمِعت الْخَفي نصبت آذانها فَسَمعته وَهَذَا من عاداتها أَنَّهَا إِذا سَمِعت أخْفى مَا يكون نصبت آذانها حَتَّى إِن مَا يُنَاجِي بِهِ الضَّمِير عِنْدهَا كالمناداة لحدة سَمعهَا 18 - الْغَرِيب فرسَان الصَّباح فرسَان الْغَارة الَّتِي تغير عِنْد الصَّباح والغارة تكون عِنْد ذَاك الْوَقْت لِأَن الْقَوْم يكونُونَ غافلين فِي ذَلِك الْوَقْت فَصَارَ الصَّباح اسْما للغارة وأفاعي جمع أَفْعَى وَهُوَ ذكر الْحَيَّات وأعنة جمع عنان وَهُوَ للْفرس خَاصَّة وَهِي السيور الَّتِي تكون فِي اللجام الْمَعْنى أَنه يصف نَفسه وَأَصْحَابه بالنجدة إِذا دعوا لغارة فَيَقُول هَذِه الْخَيل تجاذب فرسانها أعنتها لقوتها ونشاطها وَشبه أعنتها وَهِي فِي طولهَا ممتدة على الْأَعْنَاق بالأفاعي وَنَقله من قَول ذِي الرمة (رَجِيعَةُ أسْفار كَأنَّ زِمِامَها ... شُجاعٌ لَدى يُسرَى الذّرَاعَينِ مطرق) 19 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح لقُوَّة الْعَزْم يكَاد الْقلب يَتَحَرَّك عَن مَوْضِعه وَلَو تحرّك فِي الْحَقِيقَة لمات صَاحبه وَفِي مَعْنَاهُ لحبيب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 (مَشَتْ قُلُوبُ أُناس فِي صُدُورِهمِ ... لمَّا رَأوْكَ تَمشّى نَحْوَهُمْ قَدَما) وَطَرِيق أبي تَمام أسلم لِأَنَّهُ ذكر تحرّك الْقلب فِي مَوضِع الشدَّة الْمهْلكَة أَلا تراهم يَقُولُونَ انخلع قلبه فَمَاتَ وَالْمعْنَى لقُوَّة عزمنا إِذا سَار الْفَارِس فِي سَرْجه سَار قلبه فِي جِسْمه يَعْنِي ذكاءه وتيقظ فُؤَاده فَكَأَن قلبه ماش فِي جسده وَقَالَ الواحدي سرنا بعزم قوى كَأَن الْجِسْم وَهُوَ مُقيم فِي السرج يسْبق السرج وَكَأن الْقلب وَهُوَ مُقيم فِي الْجِسْم يسْبق الْجِسْم لقُوَّة الْعَزْم على السّير 20 - الْإِعْرَاب قوا صد حَال من الجرد أَي هن يقصدنه توارك غَيره الْغَرِيب الْقَصْد الطّلب والسواقي جمع ساقية وَهِي النَّهر الصَّغِير الْمَعْنى يُرِيد أَن الجرد وَهِي الَّتِي تحتنا قاصدة هَذَا الْبَحْر وَتركت السواقي وطالب الْبَحْر بِغَيْر سلاف يرى غَيره قَلِيلا لِأَن السواقي تستمد من الْبَحْر وَيُقَال إِن سيف الدولة لما سمع هَذَا الْبَيْت قَالَ لَهُ الوبل جعلني ساقية وَجعل الْأسود بحرا وَإِن كَانَ المتنبي قصد هَذَا فَلَقَد أبان عَن نقض عهد وَقلة مُرُوءَة لِأَنَّهُ مدح خلقا فَلم يُعْطه أحد مَا أعطَاهُ عَليّ بن حمدَان وَلَا كَانَ فيهم من لَهُ شرفه وفضله لِأَنَّهُ عَرَبِيّ من سَادَات تغلب عَالم بالشعر وَلم يمدح مثله فِي الشّرف والحسب إِلَّا مُحَمَّد بن عبد الله الْكُوفِي الْحسنى وَمعنى الْبَيْت من قَول أبي عبَادَة البحتري (وَلم أرْض فِي رَنقِ الصرَى ليَ مَوْرِداً ... فَحاوَلتُ وُرْدَ النِّيلِ عِنْدَ احِتفاله) 21 - الْغَرِيب موق الْعين طرفها مِمَّا يَلِي الْأنف واللحاظ طرفها الَّذِي يَلِي الْأذن وَالْجمع آماق وأمآق مثل آبار وأبآر ومأقي الْعين لُغَة فِي موق الْعين وَهُوَ فعلى وَلَيْسَ بمفعل لِأَن الْمِيم من نفس الْكَلِمَة وَإِنَّمَا زيد فِي آخِره الْيَاء للإلحاق فَلم يَجدوا لَهُ نظيرا يلحقونه بِهِ لِأَن فعلى بِكَسْر اللَّام نَادِر لَا أُخْت لَهَا فَألْحق بمفعل فَلهَذَا جَمَعُوهُ على مآق على التَّوَهُّم كَمَا جمعُوا مسيل المَاء أمسلة ومسلانا وجمعوا الْمصر مصرانا تَشْبِيها لَهما بفعيل على التَّوَهُّم وَقَالَ ابْن السّكيت لَيْسَ فِي ذَوَات الْأَرْبَعَة مفعل بِكَسْر الْعين إِلَّا حرفان مأقى الْعين ومأوى الْإِبِل قَالَ الْفراء سمعتهما وَالْكَلَام كُله مفعل بِالْفَتْح نَحْو رميته مرمى ودعوته مدعى وغزوته مغزى وَقَالَ قوم إِن ابْن السّكيت وهم فِي مأقى الْعين وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد ثَبت أَن الْمِيم أَصْلِيَّة فَيكون أَصْلهَا فعلى كَمَا قيل أَولا الْمَعْنى قَالَ الْخَطِيب شبه النَّاس ببياض الْعين لِأَنَّهُ لَا ينْتَفع بِهِ فِي النّظر وَجعل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 كافورا إِنْسَان الْعين لِأَن الخاصية فِيهِ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الْبَيْت فِي مَعْنَاهُ قَول ابْن الرُّومِي (أكْسَبها الحُبَّ أنَّها صُبِغَتْ ... صِبغَةً حَبّ القُلُوبِ وَالحدَقِ) إِلَّا أَن المتنبي فضل السود على الْبيض لِأَنَّهُ قَابل السوَاد فِي الحدقة وَهُوَ أشرف مأقى الْعين بالبياض وَقَالَ الواحدى جعله إِنْسَان عين الزَّمَان كِنَايَة عَن سَواد لَونه وَهُوَ الْمَعْنى الْمَقْصُود من الدَّهْر وأبنائه وَأَن من سواهُ فضول لَا حَاجَة بِأحد إِلَيْهِم كَالَّذي حول الْعين جفون ومآق وَقَالَ ابْن الشجري مَا مدح أسود بِأَحْسَن من هَذَا 22 - الْغَرِيب الأيادي جمع يَد بِمَعْنى النِّعْمَة وَهِي تجمع على أياد بِخِلَاف الْجَارِحَة فَهِيَ تجمع على أيد وَتقول لَهُ عِنْدِي يَد أَي نعْمَة وَبِه فسر قَوْله تَعَالَى {بل يَدَاهُ مبسوطتان} الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْخَيل تجوز عَلَيْهَا الْمُحْسِنِينَ أَي تتخطاهم إِلَى هَذَا الممدوح الَّذِي عَادَته أَن يحسن إِلَيْهِم وَقد رَأينَا إنعامه عَلَيْهِم فاخترنا قَصده على قصدهم لِأَنَّهُ فَوْقهم وَقَالَ الواحدى يَعْنِي بالمحسنين سيف الدولة وعشيرته وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا أَرَادَ نتخطى عَلَيْهَا أُنَاسًا فِي ولَايَة الْأسود نرى عَلَيْهِم إحسانه خلعه وعطاياه وَلم يكن للأسود على سيف الدولة وَلَا قومه إِحْسَان وَأما لَو قَالَ ترى عِنْده إحسانهم والأياديا لَكَانَ قَول الواحدى الْمَعْنى وَذَلِكَ أَنه كَانَ يُرِيد تَتَخَطَّى سيف الدولة وعشيرته إِلَى الَّذِي يرى عِنْده إنعام أُولَئِكَ وإحسانهم إِلَى من يقصدهم وَكَذَلِكَ هَذَا يفعل بِمن يَقْصِدهُ فَيحسن إِلَيْهِ فإحسان الْجَمِيع نرَاهُ عِنْد هَذَا الممدوح 22 - الْإِعْرَاب فَتى يجوز أَن يكون فِي مَوضِع جر بدل من قَوْله إِلَى الَّذِي وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع بِتَقْدِير هُوَ الَّذِي وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب بدل من قَوْله إِنْسَان عين زَمَانه أَو نقصد فَتى ونرجى فِي مَوضِع الْحَال تَقْدِيره مرجين فَصَرفهُ إِلَى الِاسْتِقْبَال الْمَعْنى يَقُول مازلنا نرجو لقاءه مُنْذُ زمَان قديم ننتقل من ظهر إِلَى بطن حَتَّى تلقيناه 24 - الْغَرِيب العون جمع عوان وَهِي خلاف الْبكر وَهِي الَّتِي بَين السنين فَوق الْبكر وَدون الفارض والعذارى جمع عذراء وَهِي الْبكر الَّتِي لم يَمَسهَا بعل الْمَعْنى يَقُول قدره جليل فَلَا يفعل شَيْئا إِلَّا ابتكار وَلَا يفعل شَيْئا قد سبق إِلَيْهِ وَإِنَّمَا يفعل المكرمات ابتداعا واختراعا وَهُوَ كَقَوْلِه (تَمْشِى الكِرَامُ عَلى آثارِ عيرِهمِ ... وَأنْتَ تَخْلُقُ مَا تَأتي وَتَبْتَدعُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 - الْغَرِيب الْبُغَاة جمع بَاغ ويبيد يهْلك أباده أهلكه الْمَعْنى يَقُول هُوَ برفقة ولطفه يحسن إِلَيْهِم فَإِن بلغ مَا يُرِيد من زَوَال الْعَدَاوَة وَإِلَّا أباد العدا 26 - الْمَعْنى يُرِيد بِأبي الْمسك كنية كافور وتاق يتوق توقانا إِذا نازعه الحنين إِلَى الوطن وَغَيره يخاطبه ويناديه يَا أَبَا الْمسك هَذَا الْوَجْه الَّذِي كنت أشتاق إِلَيْهِ وأحن إِلَيْهِ وَهَذَا الْوَقْت الَّذِي كنت أَرْجُو لقاءه وأتمناه حَتَّى أَرَاك فِيهِ قَالَ أَبُو الْفَتْح وَهَذَا الْبَيْت يتَأَوَّل فِيهِ الهجاء 27 - الْغَرِيب المروري جمع مروراة وَهِي الفلاة الواسعة والشناخيب جمع شنخوب وَهِي الْقطعَة الْعَالِيَة من الْجَبَل والهجير شدَّة الْحر والصادي العطشان وَقَالَ الْجَوْهَرِي الشنخوبة والشنخوب وَاحِد شناخيب الْجَبَل وَهِي رءوسه الْمَعْنى يَقُول إِنَّه لَقِي من التَّعَب فِي الطَّرِيق وَأَنه قاسي شدَّة عَظِيمَة من حر الهواجر الَّتِي تنشف المَاء وَالْمَاء لَا يكون صاديا وَلكنه ذكره مُبَالغَة وَإِذا عَطش المَاء فحسبك بِهِ وَيجوز أَن يكون بِحَذْف الْمُضَاف أَي تتْرك مُسْتَقر المَاء صاديا لِأَنَّهُ لما كثر عَلَيْهِ الْحر شرب المَاء ونقصه فَكَانَ كالعطشان الَّذِي تشرب المَاء قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا مِمَّا يَنْقَلِب هجاء لِأَن دونه وَدون هَذَا الْوَجْه مَا ذكر من الشدَّة فَكَأَنَّهُ يُرِيد عظم مشافره وغلظها وَوَجهه وقبحه كَقَوْلِك لَئِن لقِيت فلَانا لتلْقين دونه الْأسد أَي مثل الْأسد ويؤكده قَوْله لما هجاه وأسود مشفراه الْبَيْت وقلما يسلم لَهُ شعر من هَذَا 28 - الْإِعْرَاب وكل سَحَاب من جَرّه عطفه على كل الأول وَمن نَصبه جعله على النداء الْغَرِيب الغوادي جمع غادية وَهِي سَحَابَة تنشأ صياحا الْمَعْنى يَقُول لَهُ مُخَاطبا يَا أَبَا الطّيب كُله لَا أُرِيد الْمسك وَإِنَّمَا أُرِيد جنس الظيب وَيَا أَبَا كل سَحَاب لَا أخص سحابا بِعَيْنِه وَإِن شِئْت يَا كل سَحَاب 29 - الْمَعْنى يُرِيد أَن كل فاخر من النَّاس يفخر بِمَعْنى وَاحِد وَأَنت قد جمع الله فِيك كل المناقب والمفاخر وَهُوَ مَنْقُول من قَول الحكمى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 (كَأنَّما أنْتَ شَىءٌ ... حَوَى جَميعَ المعَانِي) قَالَ أَبُو الْفَتْح لما وصلت إِلَى هَذَا الْبَيْت ضحِكت وَضحك وَعرف غرضي 30 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح عطاك يعلي مَحل آخذه وَهَذَا مِمَّا يُمكن قلبه يُرِيد إِذا اتّفق لَك كسب معلاة انسلخت مِنْهَا لِأَنَّك لَا تحسن تدبيرها فكأنك قد سلمتها إِلَى من يحسن تدبيرها فَهِيَ تقيم عِنْده وَقَالَ الواحدى الْجواد إِنَّمَا جاد ليحصل لَهُ الْعُلُوّ بالجود وَإنَّك تعلى من تعطيه وتشرفه بِعَطَائِك فالآخذ مِنْك يكْسب بِالْأَخْذِ شرفا كَقَوْل البحتري (وَإذَا احْتَذَاهُ المُحْتَذُونَ فإنَّهُ ... يُعْطي العُلا فِي نَيْلِهِ المَوْهُوبِ) وَيدل على صِحَّته مَا بعده من قَوْله الْبَيْت بعده 31 - الْغَرِيب العراقان عراق الْعَجم وعراق الْعَرَب وَآخر عراق الْعَجم أَعمال الرّيّ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا ظَاهره أَن من رآك اسْتَفَادَ مِنْك كسب الْمَعَالِي وباطنه أَن من رآك على مَا بك من النَّقْص وَقد صرت إِلَى هَذَا الْعُلُوّ ضَاقَ ذرعه أَن يقصر عَمَّا بلغته وَأَن لَا يتَجَاوَز ذَلِك إِلَى كسب المكارم وَكَذَلِكَ إِذا رآك راجل لَا ستكثر لنَفسِهِ أَن يرجع واليا على العراقين لِأَنَّهُ لَا يُوجد أحد دُونك وَقد بلغت هَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح العراقان الْكُوفَة وَالْبَصْرَة 32 - الْغَرِيب الْجَيْش الْعَسْكَر الْعَظِيم والعافي السَّائِل وَهُوَ وَاحِد العفاة وهم الطلاب الْمَعْنى يَقُول إِذا غزاك جَيش أَخَذته فَوَهَبته لسائل وَاحِد وأصل الْغَزْو الْقَصْد وَمِنْه غزونا الْعَدو أَي قصدناهم 33 - الْغَرِيب التحقير التصغير والمجرب الَّذِي جرب الْأُمُور وحنكته التجارب الْمَعْنى يَقُول أَنْت عَظِيم الْقدر فَلهَذَا تحتقر الدُّنْيَا احتقار من جربها وَعرفهَا وَعلم أَنَّهَا فانية وَلَا يبْقى إِلَّا ذكر الْجَمِيل بَين النَّاس فَأَنت تجود بِمَا فِيهَا وَلَا تدخرها وحاشاك من أحسن مَا خُوطِبَ بِهِ فِي هَذَا الْموضع والأدباء يَقُولُونَ هَذِه اللَّفْظَة حشْوَة وَلكنهَا حشْوَة فستق وسكر وَمثلهَا فِي الحشوات قَول المحلم (إنَّ الثمانِينَ وَبُلِّغْتَها ... قَدْ أحْوَجتْ سْمعي إِلَى تَرْجُمان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 - الْغَرِيب الْأَيَّام يُرِيد الوقائع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَذكرهمْ بأيام الله} يُرِيد الوقائع بالأمم الخالية والنواصي وَاحِدهَا نَاصِيَة وَهِي مقدم شعر الرَّأْس وَمِنْه قَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مالكم تنصون ميتكم أَي تمدون ناصيته كَأَنَّهَا كرهت تَسْرِيح الرَّأْس من الْمَيِّت والناصاة الناصية بلغَة طَيء قَالَ جرير بن عتاب الطَّائِي (لَقَدْ آذَنَتْ أهلَ اليمامَةِ طَّيءٌ ... بِحَرْبٍ كَناصاةِ الحِصانِ المُشَهَّرِ) الْمَعْنى يَقُول لَهُ أَنْت لم تدْرك الْملك بالتمني وَلَا بالِاتِّفَاقِ وَلَكِن بالسعي والجهد والوقائع الشَّدِيدَة الَّتِي تشيب نواصي الْأَعْدَاء وَهُوَ من قَول البحتري (فَتي هَزَّ القَنا فَحَوَى سَناءً ... بِها لَا بِالأحاظِى وَالجُدُودِ) وَمِنْه قَول يزِيد المهبلي (سَعَيْتمْ فأدْركُتمْ بِصالح سعيِكُم ... وَأدْرَكَ قَوْمٌ غَيرُكُمْ بِالمقادِرِ) وَله أَيْضا (إِذا قَدَّم السُّلْطانُ قوْما عَلى الهَوى ... فَإنَّكُمُ قُدّمْتمُ لِلْمَناقِبِ) 35 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي ترَاهَا للأيام وَقَالَ الْخَطِيب وَغَيره للأفعال الْغَرِيب المراقي وَاحِدهَا مرقاة وَهِي الدرج الَّتِي تكون فِي السّلم والمساعي فِي فعل الْخَيْر وَهُوَ من سِعَايَة السَّاعِي على الصَّدَقَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تعتقد فِي الْمَعَالِي أَضْعَاف مَا يَعْتَقِدهُ النَّاس فيحسب ذَلِك يكون طَلَبك لَهَا وشحك عَلَيْهَا قَالَ الواحدى وَقد حكى كَلَام أَبى الْفَتْح فَيكون على مَا قَالَ إِن أعداءك يرَوْنَ الْأَيَّام والوقائع مساعي فِي الأَرْض وَأَنت ترَاهَا مراقي فِي السَّمَاء لِأَنَّك بهَا تنَال الْعُلُوّ 36 - الْغَرِيب الجو مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَهُوَ الفضاء الَّذِي بَينهمَا الْمَعْنى يَقُول لبست للأيام والحروب والمساعي عجاجا مظلما فلست ترى صفاء إِذا رَأَيْت الجو صافيا من العجاج فَأَنت أبدا تثير العجاج فِي الْحَرْب فكأنك إِذا رَأَيْت الجو صافيا من العجاج رَأَيْته غير صَاف لكراهيتك لصفائه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 - الْغَرِيب الأجرد الْقَلِيل شعر الْجَسَد والسابح الَّذِي يسبح فِي جريه الْمَعْنى قدت إِلَى الْحَرْب كل فرس جواد يوردك الْحَرْب غَضْبَان ويصدرك رَاضِيا بِمَا نلْت من الْغَنِيمَة وَأدْركت من الْمَطْلُوب 38 - الْإِعْرَاب مخترط عطف على أجرد وآمرا نصب على حَال الْغَرِيب المخترط السَّيْف السَّيْف إِذا اخترطته من غمده الْمَعْنى وكل مخترط إِذا أَمرته بِالْقطعِ أطاعك فَمضى فِي الضريبة وَإِن نهيته أَو استثنيت شَيْئا من الْقطع عصاك وَلم يقف لسرعة نفاذه فِي الضريبة وَالْمعْنَى إِن عَن لَك توقف عَن الضَّرْب عصاك 39 - الْغَرِيب الأسمر الرمْح وَذي عشْرين يُرِيد كَعْبًا أَو ذِرَاعا الْمَعْنى أَنه يُرِيد هُنَا الرمْح الطَّوِيل إِذا أوردته دِمَاء الْأَعْدَاء وَهُوَ يرضاك ساقيا إِذا أوردته فرسَان الْأَعْدَاء وَهُوَ مَنْقُول من قَول عبد الله بن طَاهِر فِي السَّيْف (أخُو ثِقَةٍ أرْضاهُ فِي الرَّوْعِ صاحبا ... وَفَوْقَ رِضَاهُ أنَّنِي أَنا صاحِبُهْ) يُرِيد أَنه يرضى بِهِ صاحبا فَوق الرِّضَا 40 - الْإِعْرَاب كتائب يروي بِالرَّفْع وَالنّصب وَالنّصب على قدت إِلَى الْحَرْب كتائب وَقد ذكره فِيمَا قبل من قَوْله وقدت إِلَيْهَا كل أجرد وَمن رفع فعلى تَقْدِير لَك كتائب أَو مَا انفكت لَك كتائب الْغَرِيب الْكَتَائِب جمع كَتِيبَة وَهِي الْجَيْش تَقول كتب فلَان الْكَتَائِب تكتيبا إِذا عباها كَتِيبَة كَتِيبَة وتجوس تدوس وَتَطَأ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فجاسوا خلال الديار} وعمائر جمع عمَارَة وَهِي الْقَبِيلَة وَالْعشيرَة من النَّاس قَالَ الْأَخْنَس بن شهَاب الثَّعْلَبِيّ (لِكُلّ أُناسٍ مِنْ مَعَدٍّ عِمارَةٍ ... عَرُوضٌ إلَيها يَلْجَئُونَ وجانبُ) وَعمارَة بالخفض على الْبَدَل من أنَاس وَتَقْدِيره لكل قَبيلَة من معد عرُوض وجانب والفيافي الفلوات الْمَعْنى يَقُول كتائبك لَا تزَال وَلَا تَبْرَح تدوس وَتَطَأ قبائل من النَّاس قد وطِئت إِلَيْهِم الفلوات للغارة عَلَيْهِم وَالْمعْنَى أَن عساكره لَا تزَال محاربة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 - الْأَعْرَاب الضَّمِير فِي بهَا للكتائب ويروى دور الْمُلُوك فَيكون الضَّمِير فِي هاماتهم للملوك لِأَن الْمُلُوك لم تغزهم لأَنهم لم يقدروا على إقدامك وَمن روى دون الْمُلُوك فَيكون الضَّمِير للعمائر وَيكون غزوتهم دون الْمُلُوك الْغَرِيب السنبك للحافر كالظفر للطير والمخلب للسبع والمغاني جمع مغنى وَهُوَ الْمنزل الْمَعْنى غزوت الْأَعْدَاء بكتائب لم تغز قبلك الْمُلُوك بهَا حَتَّى قَتلتهمْ فوطئت خيلك رُءُوسهم وديارهم 42 - الْغَرِيب يُقَال غشى يغشى غشيانا إِذا جَاءَهُ وَغَشيتهُ بِالسَّيْفِ ضَربته وأنف من الشَّيْء يأنف أنفًا وأنفة أَي استنكف الْمَعْنى يَقُول أَنْت أول من يَأْتِي الْحَرْب وَأول من يبارز وتأنف أَن تَأتيه ثَانِيًا لِأَنَّك مِقْدَام فَلَا يتقدمك أحد فِي الْحَرْب 43 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا طبعت الْهِنْد سيفين فَجَعَلتهمَا سَوَاء فِي الحدة والمضاء فالسيف الَّذِي يصاحبك يكون أمضى لِأَنَّك تزيل مساواتهما بِشدَّة الضَّرْب وَكَذَا قَالَ الواحدى وَقَالَ الْخَطِيب هَذَا الْمَعْنى ثمَّ قَالَ وَيحْتَمل معنى آخر وَهُوَ أَن الْهِنْد سوت بَين السيفين فَإِذا ضربت بِالسَّيْفِ علم أَن فضيلته فِي المضاء أعظم من فَضِيلَة السَّيْف الْمَضْرُوب بِهِ 44 - الْإِعْرَاب روى فدى بِكَسْر الْفَاء وَالْإِضَافَة إِلَى ابْن فَهُوَ ابْتِدَاء وَخَبره نسلى وَمَا بعده وَمن رَوَاهُ بِفَتْح الْفَاء جعله فعلا مَاضِيا وَنصب ابْنا وَكَانَ الْفَاعِل نسلى وَمَا بعده الْغَرِيب سَام هُوَ ابْن نوح وَهُوَ أَبُو الْبيض وَحَام ابْن نوح أَبُو السودَان الْمَعْنى يَقُول لَو رآك سَام بن نوح أَبُو الْبيض أَنَّك من وَلَده لَكَانَ من قَوْله فدَاك أَهلِي وَنَفْسِي وَمَالِي أَي كَانَ يفديك بِنَفسِهِ فَيَقُول أَنا ونسلى وَأَهلي فدى هَذَا 45 - الْغَرِيب المدى الْغَايَة والأستاذ جمعه أساتيذ وَهُوَ مُسْتَعْمل فِي الْعرَاق للمعلم وَالشَّيْخ وَيسْتَعْمل للخدم أَيْضا الْمَعْنى يَقُول الَّذِي ذكرته من مناقبك غَايَة بلغك الله أقصاها أَي غايتها وَلَك نفس لَا ترْضى إِلَّا أَن تبلغ النِّهَايَة 46 - الْمَعْنى يَقُول دَعَتْهُ نَفسه إِلَى الْمجد فلباها وأجابها وَغَيره إِذا دَعَتْهُ نَفسه إِلَى الْمجد لم يجب لِأَنَّهُ لم يَأْتِ مَا يكسبه الْمجد والشرف من الْجُود والشجاعة والأخلاق الحميدة كَمَا أتيتها أَنْت 47 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه فَوق النَّاس قدرا بَعيدا عَنْهُم وَلَكِن التكرم يُدْنِيه مِنْهُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 - 1 الْمَعْنى قَالَ الواحدي لَو أخفت النَّفس مَا فِيهَا من كراهتك لأريتك الرِّضَا أَي لَو قدرت على إخفاء مَا فِي نَفسِي من السخط والكراهية لقصدك لَكُنْت أريك الرِّضَا وَلَكِن لست براض عَن نَفسِي فِي قصدك إِلَيْك وَلَا عَنْك أَيْضا لتقصيرك فِي شأني والخافي ضد الظَّاهِر 2 - الْإِعْرَاب كل هَذِه مصَادر فنصبها على الْمصدر بِأَفْعَال مِنْهَا أَي أتمين مينا وتخلف إخلافا وتغدر غدرا الْغَرِيب المين الْكَذِب والإخلاف خلف وعد والمخازي جمع مخزية وَهُوَ مَا يَفْعَله الْإِنْسَان من الْفِعْل المذموم وخزي بِالْكَسْرِ يخزي خزيا إِذا ذل وَهَان وَقَالَ يَعْقُوب وَقع فِي بلية وأخزاه الله وخزي أَيْضا يخزي خزاية استحيا فَهُوَ خزيان وَقوم خزايا وَامْرَأَة خزيا قَالَ جرير (وَإنَّ حِمىً لمْ يحْمِهِ غَيرُ فَرْتَنيَ ... وَغيرُ ابنِ ذِي الكيرَينِ خزْيانُ ضَائعُ) فرتني هِيَ أم البعيث الْمَعْنى يَقُول قد جمعت بَين هَذِه الْعُيُوب والمخازي وَهُوَ كَمَا تَقول الْعَرَب أحشفا وَسُوء كيلة أَي جمعت بَين سوء الْكُلية وَإِعْطَاء الحشف فَأَنت لاشك مخازي لاجتماعها فِيك ووجودها 3 - الْغَرِيب التبسم دون الضحك وَهُوَ أَن يَبْدُو مبسمه وَهُوَ ثغره وَجَمعهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ مرّة بعد مرّة وَرجل باسم وبسام كثير التبسم الحديث: 286 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 الْمَعْنى يَقُول أَنا أضْحك وضحكي على نَفسِي من رجائي مثلك لِأَنَّك لَا ترجى فتظن ضحكي فَرحا وَلَيْسَ كَذَلِك بل إِنَّمَا هُوَ ضحك على رجائي لَك 4 - الْغَرِيب تعجبني مَعْنَاهُ التَّعَجُّب لَا الِاسْتِحْسَان الْمَعْنى يَقُول إِذا كنت حافيا فَأَنت منتعل لغلظ جلد رجليك وَأَنا أتعجب من قبح صُورَتك وشين سيرتك ويروي أنني بِفَتْح الْهمزَة بِمَعْنى لأنني ويروي بِكَسْرِهَا على الِاسْتِئْنَاف 5 - الْمَعْنى يَقُول أَنْت جَاهِل فِي كل الْأَشْيَاء حَتَّى إِنَّك لَا تعرف نَفسك وَمَا تَدْرِي من جهلك ألونك لون العبيد السودَان أم لون البيضان 6 - الْإِعْرَاب نصب عَارِيا على حَال ويروي تخييط رفعا ونصبا فالرفع على إِضْمَار الْمَفْعُول الثَّانِي ليذكرني أَي يذكرنيك حياطتك شقّ كعبك وروى ابْن فورجة تخييط ومشيك بِالنّصب فيهمَا قَالَ وفاعل يذكرنِي رجلاك وتخييط مفعول ثَان وَكَذَلِكَ مشيك وَأَرَادَ تخييط شقّ كعبك فَقدم الكعب ثمَّ كني عَنهُ الْمَعْنى يَقُول كلما رَأَيْت كعبك ذَكرنِي تشققه وَقت مَا كنت مجلوبا وَيُقَال إِن مَوْلَاهُ كَانَ زياتا وَأَن الْأسود كَانَ يحمل الزَّيْت عَارِيا وَيَمْشي متلطخا فَكَأَنَّهُ فِي ثوب من الزَّيْت هَذَا معنى قَول ابْن جنى وَقَالَ ابْن فورجة يَعْنِي انه كَانَ أسود إِلَى لون الصُّفْرَة كلون الزَّيْت وَأهل الْعرَاق يسمون كل من كَانَ غير مشبع السوَاد زيتيا يُرِيد أَنَّك فِي حَال كونك عَارِيا فِي ثوب من الزَّيْت لِأَنَّهُ أصفر والحبش الْغَالِب عَلَيْهِم الصُّفْرَة 7 - الْمَعْنى يُرِيد أنني أهجرك فِي سري وَأَنت أهل للهجاء لَا للمدح فلولا فضول النَّاس لأظهرت ذمك وَقلت إِنِّي أمدحك وَأَنت جَاهِل لَا تعلم الْمَدْح من الذَّم وَلَكِن النَّاس فيهم فضول فهم كَانُوا يَقُولُونَ لَك هَذَا هجاء لَا مدح 8 - الْمَعْنى يَقُول كنت تصبح مَسْرُورا فَرحا بإنشادي هجوك تظنه مدحا وَإِن كَانَ يغلو هجوك بالإنشاد لِأَنَّك أقل وأحقر من أَن تهجى وينشد هجوك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 - الْغَرِيب المشفر وَاحِد مشافر الْبَعِير وَهُوَ من الْإِبِل كالجحفلة من الْفرس ومشافر الْفرس مستعارة مِنْهُ والملاهي من اللَّهْو الْمَعْنى يَقُول إِن كنت مَا أفدتني فِي مقَامي عنْدك خيرا فإنني قد اسْتَفَدْت بنظري إِلَى قبح صُورَتك ومشافرك اللَّهْو وَقَالَ الواحدي يُرِيد إِن لم تفدني خيرا وتحسن إِلَى فإنني اسْتَفَدْت الملاهي برؤيتي صُورَتك ومشفريك قَالَ هَذَا إِذا جعلت أفدت بِمَعْنى اسْتَفَدْت وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى أفدت نَفسِي الملاهي بلحظي مشفريك فَيكون الْمَفْعُول الأول مُقَدرا 10 - الْغَرِيب ربات الْحداد لابسات الْحداد وَهِي ثِيَاب سود يلبسهَا النِّسَاء ربات الْحزن وَهن اللواتي مَاتَت أَزوَاجهنَّ للْحَدِيث الصَّحِيح حَدِيث زَيْنَب ربيبة رَسُول الله بنت أم سَلمَة عَن أمهَا وَأم حَبِيبَة عَنهُ لَا يحل لامْرَأَة أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث لَيَال إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا والبواكي جمع باكية وَهِي الثاكلة الَّتِي فقدت حبيبا الْمَعْنى يَقُول أَنْت إِذا نظرت إِلَيْك طربت وضحكت لِأَنَّك يُؤْتى يَك من الْبِلَاد الْبَعِيدَة ليضحك الحزان والبواكي لِأَنَّك عجب من رآك ضحك وَقد صرح فِي هَذَا الْبَيْت بِجَمِيعِ مَا كَانَ أخفاه فِي مدحه بقوله فِي غير هَذِه (وَما طَرَبِي لَمَّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً ... لَقَدْ كنْتُ أرْجُو أنْ أرَاك فأطَربُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296