الكتاب: ذم الهوى المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) المحقق: مصطفى عبد الواحد مراجعة: محمد الغزالي عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- ذم الهوى ابن الجوزي الكتاب: ذم الهوى المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) المحقق: مصطفى عبد الواحد مراجعة: محمد الغزالي عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله حمد الشَّاكِرِينَ، وصلواته على سيد الْمُرْسلين، مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وَآله الطاهرين، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا. شكا إِلَى بعض من أثرت شكواه إثارة همتي فِي جمع هَذَا الْكتاب، من بلَاء ابتلى بِهِ، وَهوى هوى فِيهِ، وسألني الْمُبَالغَة فِي وصف دَوَاء دائه، فأهديت لَهُ نصيحة وديد لأودائه، وَقد أتيت بهَا على أبلغ تَرْتِيب، وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب. فصل: اعْلَم يَا أخي، وفقنا الله وَإِيَّاك لمراضيه، وعصمنا وَإِيَّاك عَن مَعَاصيه، أَنَّك لم تشك إِلَى مرضك إِلَّا وفيك بعد بَقِيَّة ترجى بهَا السَّلامَة، فبادر إِلَى اسْتِعْمَال الدَّوَاء، وَبَالغ فِي مُلَازمَة الحمية، وَقد رَجَوْت لَك الْعَافِيَة. فَأَما إِن كنت تمضى فِي تخليصك وَلَا تصبر على مضض مَا يُوصف لَك، فَإنَّك تتعبنى وتتعب. وَأعلم أَنِّي قد نزلت لِأَجلِك فِي هَذَا الْكتاب عَن يفاع الْوَقار، إِلَى حضيض التَّرَخُّص فِيمَا أورد، اجتذابا لسلامتك، واجتلابا لعافيتك، وَقد مددت فِيهِ النَّفس بعض الْمَدّ، لِأَن مثلك مفتقر إِلَى مَا يلهيه من الأسمار، عَن الْفِكر فِيمَا هُوَ بصدده من الأخطار، فَلْيَكُن هَذَا الْكتاب سميرك، وَاسْتِعْمَال مَا آمُرك بِهِ فِيهِ شغلك، وَالله ولى صلاحك، فَإِنَّهُ لَا عَاصِم إِلَّا من رحم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 فصل: وَقد ضمنت هَذَا الْكتاب خمسين بَابا، وَهَذِه تراجم الْأَبْوَاب: الْبَاب الأول: فِي الْعقل وفضله وَمَا جَاءَ فِيهِ. الْبَاب الثَّانِي: فيذم الْهوى والشهوات. الْبَابُ الثَّالِثِ: فِي ذِكْرِ مُجَاهَدَةِ النَّفس ومحاسبتها وتوبيخها. الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي مَدْحِ الصَّبْرِ والحث عَلَيْهِ. الْبَابُ الْخَامِسُ: فِي حِرَاسَةِ الْقَلْبِ من التَّعَرُّض بالشواغل والفتن. الْبَابُ السَّادِسُ: فِي ذِكْرِ مَا يصدأ بِهِ الْقلب. الْبَابُ السَّابِعُ: فِي ذِكْرِ مَا يَنْفِي عَن الْقُلُوب صداها. الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي ذِكْرِ تَقْلِيبِ الْقُلُوبِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إصلاحها. الْبَابُ التَّاسِعُ: فِي ذِكْرِ الْوَاعِظِ من الْقلب. الْبَابُ الْعَاشِرُ: فِي الأَمْرِ بِتَفْرِيغِ الْقلب من غير محبَّة. الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ: فِي الأَمْرِ بغض الْبَصَر. الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي ذَمِّ فضول النّظر. الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ: فِي التَّحْذِيرِ من شَرّ النّظر. الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي النَّهْيِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْمُرْدَانِ وَمُجَالَسَتِهِمْ. الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ إِثْم النّظر وعقوبته. الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ مَنْ عَاقَبَ نَفْسَهُ عَلَى النَّظَرِ. الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَخْذُ بَصَره خوف الْفِتْنَة. الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ ثَوَابِ مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَام. الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي مُعَالَجَةِ الْهَمِّ وَالْفِكْرِ الْمُتَوَلِدِ عَنِ النَّظَرِ. الْبَابُ الْعِشْرُونَ: فِي ذِكْرِ مَا يَصْنَعُ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 الْبَاب الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: فِي تَحْرِيم الْخلْوَة بالأجنبية. الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّحْذِيرِ من فتْنَة النِّسَاء. الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْوِيفِ من الْفِتَن ومكايد الشَّيْطَان. الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّحْذِيرِ من المعاصى وقبح أَثَرهَا. الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذَمِّ الزِّنَا. الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ: فِي التحذير من عمل قوم لوط. الْبَاب السَّابِع وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْرِ عُقُوبَةِ اللُّوطِيِّ فِي الدُّنْيَا. الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْرِ عُقُوبَة اللوطي فِي الْآخِرَة. الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّحْذِيرِ من الْعُقُوبَات. الْبَابُ الثَّلاثُونَ: فِي الْحَثِّ عَلَى التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار. الْبَاب الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي الافتخار بالعفاف. الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي ذكر مَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ فَتَرَكَ ذَنْبَهُ. الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلاثُونَ: فِي الْحَثِّ على النِّكَاح. الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذَمِّ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا. الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ مَاهِيَّة الْعِشْق وَحَقِيقَته. الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ سَبَب الْعِشْق. الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ ذمّ الْعِشْق. الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ ثَوَابِ مَنْ عَشَقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ. الْبَابُ التَّاسِعُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ الآفَاتِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى الْعَاشِقِ مِنَ الْمَرَضِ وَالضَّنَى وَالْجُنُونِ، وَغَيْرِ ذَلِك. الْبَابُ الأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ الْحِيَلِ والمخاطرات بالنفوس وإلقائها إِلَى الْهَلَاك لأجل لِقَاء المحبوب. الْبَاب الْحَادِي الْأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ ضُرِبَتْ بِهِ الْأَمْثَال من العشاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 الْبَابُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى أَنْ زنى بمحارمه. الْبَابُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ من كفر بِسَبَب الْعِشْق. الْبَابُ الرَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى قَتْلِ النَّاس. الْبَابُ الْخَامِسُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أَخْبَار من قتل معشوقة. الْبَابُ السَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أَخْبَارِ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْعُشَّاقِ. الْبَابُ السَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أَخْبَار من قَتله الْعِشْق. الْبَابُ الثَّامِنُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسَبَبِ الْعِشْقِ. الْبَابُ التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أدوية الْعِشْق. الْبَاب الْخَمْسُونَ: فِيهِ مَجْمُوع وَصَايَا وزواجر ومواعظ. فَهَذِهِ جَمِيع أَبْوَاب الْكتاب. وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 الْبَابُ الأَوَّلُ فِي ذِكْرِ الْعَقْلِ وَفَضْلِهِ وَذِكْرِ مَاهِيَّتِهِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَاهِيَّةِ الْعَقْلِ اخْتِلافًا كَثِيرًا فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ غَرِيزَةٌ يَتَأَتَّى مَعَهَا دَرْكُ الْعُلُومِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ قُوَّةٌ يُفَضَّلُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ جَوْهَرٌ بَسِيطٌ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ جِسْمٌ شَفَّافٌ وَقَالَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ هُوَ نُورٌ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْمُحَاسِبِيِّ أَيْضًا مِثْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ كَأَنَّهَا نُورٌ يُقْذَفُ فِي الْقَلْبِ فَيَسْتَعِدُّ لإِدْرَاكِ الأَشْيَاءِ فَيَعْلَمُ جَوَازَ الْجَائِزَاتِ وَاسْتِحَالَةَ الْمُسْتَحِيلاتِ وَيَتَلَمَّحُ عَوَاقِبَ الأُمُورِ وَذَلِكَ النُّورُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَإِذَا قَوِيَ ذَلِكَ النُّورُ قَمَعَ بِمُلاحَظَةِ الْعَوَاقِبِ عَاجِلَ الْهَوَى ذِكْرُ مَحِلِّ الْعَقْلِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ مَحِلُّهُ الْقَلْبُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَتكون لَهُم قُلُوب يعْقلُونَ بهَا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وَقَوْلُهُ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لمن كَانَ لَهُ قلب} قَالُوا الْمُرَادُ لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ فَعَبَّرَ بِالْقَلْبِ عَنِ الْعَقْلِ لأَنَّهُ مَحِلُّهُ وَنَقَلَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مَحِلَّهُ الدِّمَاغُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ فَضْلِ الْعَقْلِ من طَرِيق النَّفْل أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتِ الرَّجُلَ يَقِلُّ قِيَامُهُ وَيَكْثُرُ رُقَادُهُ وَآخَرَ يَكْثُرُ قِيَامُهُ وَيَقِلُّ رُقَادُهُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ أَحْسَنُهُمَا عَقْلا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ عِبَادَتِهِمَا فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّهُمَا لَا يُسْأَلانِ عَنْ عِبَادَتِهِمَا إِنَّمَا يُسَأَلانِ عَنْ عُقُولِهِمَا فَمَنْ كَانَ أَعْقَلَ كَانَ أَفْضَلَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ رِزْقَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ لُوطٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِكُلِّ سَبِيلٍ مَطِيَّةً وَثِيقَةً وَمَحَجَّةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 وَاضِحَةً وَأَوْثَقُ النَّاسِ مَطِيَّةً وَأَحْسَنُهُمْ دَلالَةً وَمَعْرِفَةً بِالْمَحَجَّةِ الْوَاضِحَةِ أَفْضَلُهُمْ عَقْلا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ صُقَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ وَأَهْلِ الصَّلاةِ وَأَهْلِ الْحَجِّ وَأَهْلِ الْجِهَادِ فَمَا يُجْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا بِقَدْرِ عَقْلِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمَهْدِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاغَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ النُّورِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ سَبَقَ إِلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ أَقْوَامٌ مَا كَانُوا بِأَكْثَرِ النَّاسِ صَلاةً وَلا صِيامًا وَلا حَجًّا وَلا اعْتِمَارًا وَلَكِنَّهُمْ عَقَلُوا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَوَاعِظَهُ فَوَجِلَتْ مِنْهُمْ قُلُوبُهُمْ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النُّفُوسُ وَخَشِعَتْ مِنْهُمُ الْجَوَارِحُ فَفَاقُوا الْخَلِيقَةَ بِطِيبِ الْمَنْزِلَةِ وَحُسْنِ الدَّرَجَةِ عِنْدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ قُلْتُ الْمَنْقُولُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ الْعَقْلِ كَثِيرٌ إِلا أَنَّهُ بَعِيدُ الثُّبُوتِ فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْهُ قَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ الْحَافِظُ لَسْتُ أَحْفَظُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا صَحِيحًا فِي الْعَقْلِ لأَنَّ أَبَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ وَسَلَمَةَ بْنَ وَرْدَانَ وَعُمَيْرَ بْنَ عِمْرَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وَعَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ وَالْحَسَنَ بْنَ دِينَارٍ وَعَبَّادَ بْنَ كَثِيرٍ وَمَيْسَرَةَ بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ وَدَاوُدَ بْنَ الْمُحَبَّرِ وَمَنْصُورَ بْنَ صُقَيْرٍ وَذَوِيهِمْ لَيْسُوا مِمَّنْ أَحْتَجُّ بِأَخْبَارِهِمْ فَأُخَرِّجَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ فِي الْعَقْلِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَيْسَ الْعَاقِلُ مَنْ يَعْرِفُ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَعْرِفُ خَيْرَ الشَّرَّيْنِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ وَعِزَّتِي مَا خَلَقْتُ خَلْقًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْكَ فَبِكَ أُعْطِي وَبِكَ آخُذُ وَبِكَ أُعَاقِبُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الصَّوَّافِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ يَثَّغِرُ الْغُلامُ لِسَبْعِ سِنِينٍ وَيَحْتَلِمُ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَيَنْتَهِي طُولُهُ لإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَيَنْتَهِي عَقْلُهُ إِلَى ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ تَجَارِبٌ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَعَلَ اللَّهَ لَهُ عَقْلا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْحَمَّامِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَرِمِيسِينِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ وُلِدَ لِكِسْرَى مَوْلُودٌ فَأَمَرَ فَجِيءَ بِبَعْضِ أَهْلِ الأَدَبِ وَجِيءَ بِالْمَوْلُودِ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ كِسْرَى مَا خَيْرُ مَا أُوتِيَ هَذَا الْمَوْلُودُ قَالَ عَقْلٌ يُولَدُ مَعَهُ قَالَ فَإِنْ عَدِمَهُ قَالَ أَدَبٌ حَسَنٌ يَعِيشُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ فَإِنْ عَدِمَ ذَلِكَ قَالَ صَاعِقَةٌ تُحْرِقُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِثَلاثَةِ أَشْيَاءَ الدِّينِ وَالْعَقْلِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يُخَيِّرُكَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْ هَؤُلاءِ إِلا فِي الْجَنَّةِ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى الْعَقْلِ فَضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لِذَيْنِكَ اصْعَدَا قَالا لَا نَفْعَلُ قَالَ أَتَعْصِيَانِي قَالا لَا نَعْصِيكَ وَلَكِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَيْثُمَا كَانَ فَصَارَتِ الثَّلاثَةُ إِلَى آدَمَ وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ إِنِّي وَجَدْتُ فِي بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يُكَابِدْ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ مُؤْمِنٍ عَاقِلٍ وَأَنَّهُ يُكَابِدُ مِائَةَ جَاهِلٍ فَيَسْتَجِرُّهُمْ حَتَّى يَرْكَبَ رِقَابَهُمْ فَيَنْقَادُونَ لَهُ حَيْثُ شَاءَ وَيُكَابِدُ الْمُؤْمِنَ الْعَاقِلَ فَيَصْعُبُ عَلَيْهِ حَتَّى مَا يَنَالُ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ حَاجَتِهِ قَالَ وَهْبٌ وَلَإِزَالَةُ الْجَبَلِ صَخْرَةً صَخْرَةً وَحَجَرًا حَجَرًا أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ مُكَابَدَةِ الْمُؤْمِنِ الْعَاقِلِ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ تَحَوَّلَ إِلَى الْجَاهِلِ فَيَسْتَأْسِرُهُ وَيَسْتَمْكِنُ مِنْ قِيَادِهِ حَتَّى يُسْلِمَهُ إِلَى الْفَضَائِحِ الَّتِي يَتَعَجَّلُ بِهَا فِي الدُّنْيَا الْجَلْدِ وَالْحَلْقِ وَتَسْخِيمِ الْوَجْهِ وَالْقَطْعِ وَالرَّجْمِ وَالصَّلْبِ وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ يَسْتَوِيَانِ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَوْ أَبْعَدُ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْقَلَ مِنَ الآخَرِ وَمَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ وَقَالَ مَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لَوْ أَنَّ الْعَاقِلَ أَمْسَى وَأَصْبَحَ وَلَهُ ذُنُوبٌ بِعَدَدِ الرَّمْلِ كَانَ وَشِيكًا بِالنَّجَاةِ وَالسَّلامَةِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ الْجَاهِلَ أَمْسَى وَأَصْبَحَ وَلَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ عَدَدُ الرَّمْلِ لَكَانَ وَشِيكًا أَلَّا يَسْلَمَ لَهُ مِنْهَا مِثْقَالُ ذَرَّةٍ قِيلَ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ لأَنَّ الْعَاقِلَ إِذَا زَلَّ تَدَارَكَ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَالْعَقْلِ الَّذِي قُسِمَ لَهُ وَالْجَاهِلَ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلِهِ الَّذِي يَبْنِي وَيَهْدِمُ فَيَأْتِيهِ مِنْ جَهْلِهِ مَا يُفْسِدُ صَالِحَ عَمَلِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ مَا يَتِمُّ دِينُ الرَّجُلِ حَتَّى يَتِمَّ عَقْلُهُ وَمَا أودع الله امْرَءًا عَقْلا إِلا اسْتَنْقَذَهُ بِهِ يَوْمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 وَقِيلَ لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مَا أَفْضَلُ مَا أُعْطِيَ الإِنْسَانُ قَالَ الْعَقْلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ إِنَّ الْقَوْمَ لَيَحُجُّونَ وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيُصَلُّونَ يوصومون وَمَا يُعْطَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْبَجَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْفَيَّاضِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَلْحَةَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ قَالَ الْعَقْلُ سِرَاجُ مَا بَطَنَ وَمِلاكُ مَا عَلَنَ وَسَائِسُ الْجَسَدِ وَزِينَةُ كُلِّ أَحَدٍ وَلا تَصْلُحُ الْحَيَاةُ إِلا بِهِ وَلا تَدُورُ الأُمُورُ إِلا عَلَيْهِ وَسُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ قَالَ غَرِيزَةُ عَقْلٍ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَدَبٌ حَسَنٌ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَخٌ صَالِحٌ يَسْتَشِيرُهُ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ صَمْتٌ طَوِيلٌ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ مَوْتٌ عَاجِلٌ ذِكْرُ فَضِيلَةِ الْعَقْلِ مِنْ جِهَةِ الاسْتِنْبَاطِ إِنَّمَا تَتَبَيَّنُ فَضِيلَةُ الشَّيْءِ بِثَمْرَتِهِ وَفَائِدَتِهِ وَقَدْ عَرَفْتُ ثَمْرَةَ الْعَقْلِ وَفَائِدَتَهُ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى الإِلَهِ وَأَمَرَ بِطَاعَتِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَثَبَتَ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ وَأَمْرَ بِطَاعَتِهِمْ وَتَلَمَّحَ الْعَوَاقِبَ فَاعْتَبَرَهَا فَرَاقَبَهَا وَعَمِلَ بِمُقْتَضَى مَصَالِحِهَا وَقَاوَمَ الْهَوَى فَرَدَّ غُرَبَهُ وَأَدْرَكَ الأُمُورَ الْغَامِضَةَ وَدَبَّرَ عَلَى اسْتِخْدَامِ الْمَخْلُوقَاتِ فَاسْتَخْدَمَهَا وَحَثَّ عَلَى الْفَضَائِلِ وَنَهَى عَنِ الرَّذَائِلِ وَشَدَّ أَسْرَ الْحَزْمِ وَقَوَّى أَزْرَ الْعَزْمِ وَاسْتَجْلَبَ مَا يَزِينُ وَنَفَى مَا يَشِينُ فَإِذَا تُرِكَ وَسُلْطَانَهُ أَسَرَ فُضُولَ الْهَوَى فَحَصَرَهَا فِي حَبْسِ الْمَنْعِ وَكَفَى بِهَذِهِ الأَوْصَافِ فَضِيلَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُدَالَّ الْهَوَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عَدُوُّهُ فَيَحُطَّهُ عَنْ رُتْبَتِهِ وَيَسْتَنْزِلَهُ عَنْ دَرَجَتِهِ وَلا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ وَهُوَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَحْكُومًا وَلا أَنْ يَصِيرَ وَهُوَ الزَّمَّامُ مَزْمُومًا وَلَا أَنْ يَعُودَ وَهُوَ الْمَتْبُوعُ تَابِعٍا فَمَنْ صَبَرَ عَلَى مَضِيضِ مُشَاوَرَتِهِ اجْتَنَى حَلاوَةَ الْمُنَى فِي عَوَاقِبِهِ حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِم ابْن القَاضِي عَن أبي الوفا ابْن عَقِيلٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَسَنٌ الْمُتَطَبِّبُ قَالَ اسْتُدْعِيتُ إِلَى دَارِ الْخِلافَةِ فَأُدْخِلْتُ حُجْرَةً فَإِذَا بِسِتْرٍ مُسْبَلٍ وَإِذَا رِجْلٌ قَدْ أُخْرِجَتْ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ وَعَلَيْهَا أَثَرُ النِّعْمَةِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بِهَا قَدِ انْخَلَعَتْ فَقُلْتُ هَذِهِ الرِّجْلُ يَحْتَاجُ صَاحِبُهَا إِلَى رَجُلَيْنِ قَوِيَّيْنِ يَلْزَمَانِهِ حَتَّى لَا يَتَحَرَّكَ لِتُخْلَعَ وَتُرَدَّ إِلَى مَكَانِهَا فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَقْبِلْ عَلَى صِنَاعَتِكَ فَإِنَّ الْعَقْلَ مُمْسِكٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 الْبَابُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ اعْلَم أَنَّ الْهَوَى مَيْلُ الطَّبْعِ إِلَى مَا يُلائِمُهُ وَهَذَا الْمَيْلُ قَدْ خُلِقَ فِي الإِنْسَانِ لِضَرُورَةِ بَقَائِهِ فَإِنَّهُ لَوْلا مَيْلُهُ إِلَى الْمَطْعَمِ مَا أَكَلَ وَإِلَى الْمَشْرَبِ مَا شَرِبَ وَإِلَى الْمَنْكَحِ مَا نَكَحَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يشتهيه فالهوى مستحلب لَهُ مَا يَفِيدُ كَمَا أَنَّ الْغَضَبَ دَافِعٌ عَنْهُ مَا يُؤْذِي فَلا يَصْلُحُ ذَمُّ الْهَوَى عَلَى الإِطْلاقِ وَإِنَّمَا يُذَمُّ الْمُفْرَطُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ مُوَافِقِ الْهَوَى أَنَّهُ لَا يَقِفُ مِنْهُ عَلَى حَدِّ الْمُنْتَفِعِ أُطْلِقَ ذَمُّ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ لِعُمُومِ غَلَبَةِ الضَّرَرِ لأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُفْهَمَ الْمَقْصُودُ مِنْ وَضْعِ الْهَوَى فِي النَّفْسِ وَإِذَا فُهِمَ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْعَمَلِ بِهِ وَنَدُرَ مِثَالُهُ أَنَّ شَهْوَةَ الْمَطْعَمِ إِنَّمَا خُلِقَتْ لاجْتِلابِ الْغِذَاءِ فَيَنْدُرُ مَنْ يَتَنَاوَلُ بِمُقْتَضَى مَصْلَحَتِهِ وَلا يَتَعَدَّى فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ انْغَمَرَ ذِكْرُ الْهَوَى فِي حَقِّ هَذَا الشَّخْصِ وَصَارَ مُسْتَعْمَلا لِلْمَصَالِحِ وَأَمَّا الأَغْلَبُ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يُوَافِقُونَ الْهَوَى فَإِنْ حَصَلَتْ مَصْلَحَةٌ حَصَلَتْ ضِمْنًا وَتَبَعًا فَلَمَّا كَانَ هَذَا هُوَ الْغَالِبُ ذَكَرْتُ فِي هَذَا الْبَابِ ذَمَّ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ مُطْلَقًا ووسمت كتابي ب ذمّ الْهَوَى لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْهَوَى فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ إِلا ذَمَّهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِنَّمَا سُمِّيَ هَوًى لأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فصل اعْلَمْ أَنَّ مُطْلَقَ الْهَوَى يَدْعُو إِلَى اللَّذَّةِ الْحَاضِرَةِ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ فِي عَاقِبَةٍ وَيَحُثُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 عَلَى نَيْلِ الشَّهَوَاتِ عَاجِلا وَإِنْ كَانَتْ سَبَبًا لِلأَلَمِ وَالأَذَى فِي الْعَاجِلِ وَمَنْعِ لَذَّاتٍ فِي الآجِلِ فَأَمَّا الْعَاقِلُ فَإِنَّهُ يَنْهَى نَفْسَهُ عَنْ لَذَّةٍ تُعَقِّبُ أَلَمًا وَشَهْوَةٍ تُوَرِّثُ نَدَمًا وَكَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ مَدْحًا لِلْعَقْلِ وَذَمًّا لِلْهَوَى أَلا تَرَى أَنَّ الطِّفْلَ يُؤْثِرُ مَا يَهْوَى وَإِنْ أَدَّاهُ إِلَى التَّلَفِ فَيَفْضُلُ الْعَاقِلُ عَلَيْهِ بِمَنْعِ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ يَقَعُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْمَيْلِ بِالْهَوَى وَبِهَذَا الْقَدْرِ فُضِّلَ الآدَمِيُّ عَلَى الْبَهَائِمِ أَعْنِي مَلَكَةَ الإِرَادَةِ لأَنَّ الْبَهَائِمَ وَاقِفَةٌ مَعَ طِبَاعِهَا لَا نَظَرَ لَهَا إِلَى عَاقِبَةٍ وَلا فِكْرَ فِي مَآلٍ فَهِيَ تَتَنَاوَلُ مَا يَدْعُوهَا إِلَيْهِ الطَّبْعُ مِنَ الْغِذَاءِ إِذَا حَضَرَ وَتَفْعَلُ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الرَّوَثِ وَالْبَوْلِ أَيَّ وَقْتٍ اتَّفَقَ وَالآدَمِيُّ يَمْتَنِعُ عَنْ ذَلِكَ بِقَهْرِ عَقْلِهِ لِطَبْعِهِ وَإِذَا عَرَفَ الْعَاقِلُ أَنَّ الْهَوَى يَصِيرُ غَالِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ كُلَّ حَادِثَةٍ إِلَى حَاكِمِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ سَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الآجِلَةِ وَيَأْمُرُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشُّبْهَةِ بِاسْتِعْمَالِ الأَحْوَطِ فِي كَفِّ الْهَوَى إِلَى أَنْ يَتَيَقَّنَ السَّلامَةَ مِنَ الشَّرِّ فِي الْعَاقِبَةِ وَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَمَرَّنَ عَلَى دَفْعِ الْهَوَى الْمَأْمُونِ الْعَوَاقِبِ لِيَسْتَمِرَّ بِذَلِكَ عَلَى تَرْكِ مَا تُؤْذِي غَايَتُهُ وَلْيَعْلَمِ الْعَاقِلُ أَنَّ مُدْمِنِي الشَّهَوَاتِ يَصِيرُونَ إِلَى حَالَةٍ لَا يَلْتَذُّونَهَا وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَطِيعُونَ تَرْكَهَا لأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ عِنْدَهُمْ كَالْعَيْشِ الاضْطِرَارِيِّ وَلِهَذَا تَرَى مُدْمِنَ الْخَمْرِ وَالْجِمَاعِ لَا يَلْتَذُّ بِذَلِكَ عُشْرَ الْتِذَاذِ مَنْ لَمْ يُدْمِنْ غَيْرَ أَنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِيهِ ذَلِكَ فَيُلْقِي نَفْسَهُ فِي الْمَهَالِكِ لِنَيْلِ مَا يَقْتَضِيهِ تَعَوُّدُهُ وَلَوْ زَالَ رَيْنُ الْهَوَى عَنْ بَصَرِ بَصِيرَتِهِ لَرَأَى أَنَّهُ قَدْ شَقِيَ مِنْ حَيْثُ قَدَّرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 السَّعَادَةَ وَاغْتَمَّ مِنْ حَيْثُ ظَنَّ الْفَرَحَ وَأَلِمَ مِنْ حَيْثُ أَرَادَ اللَّذَّةَ فَهُوَ كَالْحَيَوَانِ الْمَخْدُوعِ بِحَبِّ الْفَخِّ لَا هُوَ نَالَ مَا خُدِعَ بِهِ وَلا أَطَاقَ التَّخَلُّصَ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ يَتَخَلَّصُ مِنَ هَذَا مَنْ قَدْ نَشِبَ فِيهِ قِيلَ لَهُ بِالْعَزْمِ الْقَوِيِّ فِي هِجْرَانِ مَا يُؤْذِي وَالتَّدَرُّجِ فِي تَرْكِ مَالا يُؤْمَنُ أَذَاهُ وَهَذَا يَفْتَقِرُ إِلَى صَبْرٍ وَمُجَاهَدَةٍ يُهَوِّنُهُمَا سَبْعَةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا التَّفَكُّرُ فِي أَنَّ الإِنْسَانَ لَمْ يُخْلَقْ لِلْهَوَى وَإِنَّمَا هُيِّئَ لِلنَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ وَالْعَمَلِ لِلآجِلِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْبَهِيمَةَ تُصِيبُ مِنْ لَذَّةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ والمنكح مَالا يَنَالُهُ الإِنْسَانُ مَعَ عَيْشٍ هَنِيٍّ خَالٍ عَنْ فِكْرٍ وَهَمٍّ وَلِهَذَا تُسَاقُ إِلَى مَنْحَرِهَا وَهِيَ مُنْهَمِكَةٌ عَلَى شَهَوَاتِهَا لِفُقْدَانِ الْعِلْمِ بِالْعَوَاقِبِ وَالآدَمِيُّ لَا يَنَالُ مَا تَنَالُهُ لِقُوَّةِ الْفِكْرِ الشَّاغِلِ وَالْهَمِّ الْوَاغِلِ وَضَعْفِ الآلَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فَلَوْ كَانَ نَيْلُ الْمُشْتَهَى فَضِيلَةٌ لَمَا بُخِسَ حَظُّ الآدَمِيِّ الشَّرِيفِ مِنْهُ وَزِيدَ حَظُّ الْبَهَائِمِ وَفِي تَوْفِيرِ حَظِّ الآدَمِيِّ مِنَ الْعَقْلِ وَبَخْسِ حَظِّهِ مِنَ الْهَوَى مَا يَكْفِي فِي فَضْلِ هَذَا وَذَمِّ ذَلِكَ وَالثَّانِي أَنَّ يُفَكِّرَ فِي عَوَاقِبِ الْهَوَى فَكَمْ قَدْ أَفَاتَ مِنْ فَضِيلَةٍ وَكَمْ قَدْ أَوْقَعَ فِي رَذِيلَةٍ وَكَمْ مِنْ مَطْعَمٍ قَدْ أَوْقَعَ فِي مَرَضٍ وَكَمْ مِنْ زَلَّةٍ أَوْجَبَتِ انْكِسَارَ جَاهٍ وَقُبْحَ ذِكْرٍ مَعَ إِثْمٍ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْهَوَى لَا يَرَى إِلا الْهَوَى فَأَقْرَبُ الأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ مَنْ فِي الْمَدْبَغَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ رِيحَهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَيَعْلَمَ أَيْنَ كَانَ وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَصَوَّرَ الْعَاقِلُ انْقِضَاءَ غَرَضِهِ مِنْ هَوَاهُ ثُمَّ يَتَصَوَّرَ الأَذَى الْحَاصِلَ عُقَيْبَ اللَّذَّةِ فَإِنَّهُ يَرَاهُ يَرْبَى عَلَى الْهَوَى أَضْعَافًا وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ سَبَبًا ... حَتَّى يُمَيِّزَ مَا تَجْنِي عَوَاقِبُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وَالرَّابِعُ أَنْ يَتَصَوَّرَ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ثُمَّ يَتَلَمَّحَ عَاقِبَتَهُ بفكره فَإِنَّهُ سير مَا يَعْلَمُ بِهِ عَيْبَهُ إِذَا وَقَفَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ وَالْخَامِسُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيمَا يَطْلُبُهُ مِنَ اللَّذَّاتِ فَإِنَّهُ سَيُخْبِرُهُ الْعَقْلُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا عَيْنُ الْهَوَى عَمْيَاءُ وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَعْجَبَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَةٌ فَلْيَذْكُرْ مَنَاتِنَهَا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ أَبِي الطَّيِّبِ لَوْ فَكَّرَ الْعَاشِقُ فِي مُنْتَهَى ... حُسْنِ الَّذِي يُسْبِيهِ لَمْ يُسْبِهِ لأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ ذَكَرَ الْحَالَ الْحَاضِرَةَ الْمُلازِمَةَ وَأَبُو الطَّيِّبِ أَحَالَ عَلَى أُمُورٍ مُتَأَخِّرَةٍ إِلا أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَالسَّادِسُ أَنْ يَتَدَبَّرَ عِزَّ الْغَلَبَةِ وَذُلَّ الْقَهْرِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ غَلَبَ هَوَاهُ إِلا أَحَسَّ بِقُوَّةِ عَزٍّ وَمَا مِنْ أَحَدٍ غَلَبَهُ هَوَاهُ إِلا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ ذُلَّ الْقَهْرِ وَالسَّابِعُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي فَائِدَةِ الْمُخَالَفَةِ لِلْهَوَى مِنَ اكْتِسَابِ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ فِي الدُّنْيَا وَسَلامَةِ النَّفْسِ وَالْعِرْضِ وَالأَجْرِ فِي الآخِرَةِ ثُمَّ يَعْكِسَ فَيَتَفَكَّرَ لَوْ وَافَقَ هَوَاهُ فِي حُصُولِ عَكْسِ ذَلِكَ عَلَى الأَبَدِ وَلْيَفْرِضْ لِهَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حَالَتَيْ آدَمَ ويوسف عَلَيْهِمَا السَّلَام فِي لقْمَة هَذَا وصبر هَذَا وَيَا أَيهَا الأَخُ النَّصُوحُ أَحْضِرْ لِي قَلْبَكَ عِنْدَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَقُلْ لِي بِاللَّهِ عَلَيْكَ أَيْنَ لَذَّةُ آدَمَ الَّتِي قَضَاهَا مِنْ هِمَّةِ يُوسُفَ الَّتِي مَا أَمْضَاهَا مَنْ كَانَ يَكُونُ يُوسُفُ لَوْ نَالَ تِلْكَ اللَّذَّةَ فَلَمَّا تَرَكَهَا وَصَبَرَ عَنْهَا بِمُجَاهَدَةِ سَاعَةٍ صَارَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَوَى يَسْرِي بِصَاحِبِهِ فِي فُنُونٍ وَيُخْرِجُهُ مِنْ دَارِ الْعَقْلِ إِلَى دَائِرَةِ الْجُنُونِ وَقَدْ يَكُونُ الْهَوَى فِي الْعِلْمِ فَيَخْرُجُ بِصَاحِبِهِ إِلَى ضِدِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ الْعِلْمُ وَقَدْ يَكُونُ فِي الزُّهْدِ فَيَخْرُجُ إِلَى الرِّيَاءِ وَكِتَابُنَا هَذَا لِذَمِّ الْهَوَى فِي شَهَوَاتِ الْحِسِّ وَإِنْ كَانَ يَشْتَمِلُ عَلَى ذَمِّ الْهَوَى مُطْلَقًا وَإِذْ قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ ذَمِّ الْهَوَى مَا أَمْلاهُ الْعَقْلُ فَلْنَذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ مَا يحويه النَّقْل فصل قَدْ مَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُخَالَفَةِ الْهَوَى فَقَالَ {وَنَهَى النَّفْسَ عَن الْهوى} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هُوَ نَهْيُ النَّفْسِ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَالَ مُقَاتِلٌ هُوَ الرَّجُلُ يُهِمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ مَقَامَهُ لِلْحِسَابِ فَيَتْرُكُهَا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمثل الْكَلْب} وَقَالَ {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فرطا} وَقَالَ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} وَقَالَ {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي من أضلّ الله} وَقَالَ {وَاتبعُوا أهواءهم} وَقَالَ {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْر هدى من الله} وَقَالَ {لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} وَقَالَ {أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتبع} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 {هَوَاهُ} وَقَالَ {وَلَئِن اتبعت أهواءهم} وَقَالَ {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تعدلوا} وَقَالَ {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيل الله} أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَارِعُ وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن المزرفي وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُوَحِّدُ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّوْزَنِيُّ وَبَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْخِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ الْفِرْيَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ فِي هَذِهِ الآيَةِ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} قَالَ هُوَ الْمُنَافِقُ لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلا رَكِبَهُ قَالَ الْفِرْيَابِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الْمُنَافِقُ يَعْبُدُ هَوَاهُ لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلا رَكِبَهُ قَالَ الْفِرْيَابِيُّ وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلهه هَوَاهُ} قَالَ إِذَا هَوَى شَيْئًا رَكِبَهُ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَينِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَسَنٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلا أَنَّ فِي لَفْظِ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ حُجِبَتْ مَكَانَ حُفَّتْ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ يَعْنِي إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا فَجَاءَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَهْلِهَا فِيهَا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلا دَخَلَهَا فَأَمَرَ بِهَا فَحُجِبَتْ بِالْمَكَارِهِ وَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَرَجَعَ فَإِذَا هِيَ قَدْ حُجِبَتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ لَقَدْ خَشِيتُ أَلا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ قَالَ فَانْظُرْ إِلَى النَّارِ وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا فَجَاءَهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ لأَهْلِهَا فِيهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ عزتك لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَقَالَ لَهُ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَرجع إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلا دَخَلَهَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّلالُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن سياووش قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَكَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَعْيَنُ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حبَان عَنْ أَبِي الْحَكَمِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ شَهَوَاتُ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلَّاتُ الْهَوَى وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي حَكَمٌ جَائِرٌ وَزَلَّةُ عَالِمٍ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبَّادِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ حُصَيْبِ بْنِ جَحْدَرٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ إِلَهٌ يُعَبْدُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ هَوًى مُتَّبَعٍ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ بَكْرٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُلاعِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حُبُّكَ الشَّيْء يعمى ويصم أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَذْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَحْشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّوَّافُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثٌ مُنْجِيَاتٌ وَثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ فَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ فَتَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ وَالْقَوْلُ بِالْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالسُّخْطِ وَالْقَصْدُ فِي الْغنى الْفقر وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ فَهَوًى مُتَّبَعٌ وَشُحٌّ مُطَاعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَهِيَ شَرُّهُنَّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيه قَالَ أَنبأَنَا عبد العزيز بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْجَزَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ خَدَّوَيْهِ قَالَ مَرَّ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ فَرَأَى عَبْدًا فِي الْهَوَاءِ مُتَعَبِّدًا فَقَالَ لَهُ بِمَ نِلْتَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ مِنَ اللَّهِ قَالَ بِأَمْرٍ يَسِيرٍ فَطَمْتُ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا وَلَمْ أَتَكَلَّمْ فِيمَا لَا يَعْنِينِي وَنَظَرْتُ فِيمَا أُمْرِتُ بِهِ فَعَمِلْتُ بِهِ وَنَظَرْتُ فِيمَا نَهَانِي عَنْهُ فَانْتَهَيْتُ عَنْهُ فَأَنَا إِنْ سَأَلْتُهُ أَعْطَانِي وَإِنْ دَعَوْتُهُ أَجَابَنِي وَإِنْ أَقْسَمْتُ عَلَيْهِ أَبَرَّ قَسَمِي سَأَلْتُهُ أَنْ يُسْكِنَنِي الْهَوَاءَ فَأَسْكَنَنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ طَلْحَةَ وَأخْبرنَا عَليّ ابْن مُحَمَّدِ بْنِ حَسُّونٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالا أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلانِ بَلَغَتْ بِهِمَا عِبَادَتُهُمَا أَنْ مَشَيَا عَلَى الْمَاءِ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ فِي الْبَحْرِ إِذَا هُمَا بِرَجُلٍ يَمْشِي فِي الْهَوَاءِ فَقَالا لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَدْرَكْتَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ قَالَ بِيَسِيرٍ مِنَ الدُّنْيَا فَطَمْتُ نَفْسِي عَنِ الشَّهَوَاتِ وَكَفَفْتُ لِسَانِي عَمَّا لَا يَعْنِينِي وَرَغِبْتُ فِيمَا دَعَانِي إِلَيْهِ وَلَزِمْتُ الصَّمْتَ فَإِنْ أَقْسَمْتُ عَلَى اللَّهِ أَبَرَّ قَسَمِي وَإِنْ سَأَلْتُهُ أَعْطَانِي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدثنَا بن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْغَالِبُ لِهَوَاهُ أَشَدُّ مِنَ الَّذِي يَفْتَحُ الْمَدِينَةَ وَحْدَهُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الْحِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوَيْهِ الشِّيِرَازِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْقُوبَ الْخَرَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْغُوطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَشِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي نَبْهَانُ بْنُ الْمُغَلِّسِ قَالَ أَخْبَرَنِي حُذَيْفَةُ بْنُ قَتَادَةَ الْمَرْعَشِيُّ قَالَ كُنْتُ فِي الْمَرْكَبِ فَكُسِرَ بِنَا فَوَقَعْتُ أَنَا وَامْرَأَةٌ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ الْمَرْكَبِ فَمَكَثْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ أَنَا عَطْشَى فَسَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَسْقِيَهَا فَنَزَلَتْ عَلَيْنَا مِنَ السَّمَاءِ سِلْسِلَةٌ فِيهَا كُوزٌ مُعَلَّقٌ فِيهِ مَاءٌ فَشَرِبَتْ فَرَفَعْتُ رَأْسِي أَنْظُرُ السِّلْسِلَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 فَرَأَيْتُ رَجُلا جَالِسًا فِي الْهَوَاءِ مُتَرَبِّعًا فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ قَالَ مِنَ الإِنْسِ قُلْتُ فَمَا الَّذِي بَلَّغَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ قَالَ آثَرْتُ مُرَادَ اللَّهِ عَلَى هَوَايَ فَأَجْلَسَنِي كَمَا تَرَانِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْعُشَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَادِرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ رَأَيْتُ غُرْفَةً فِي الْهَوَاءِ وَفِيهَا رَجُلٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ الَّتِي بَلَّغَتْهُ إِلَى تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَقَالَ تَرَكْتُ الْهَوَى فَأُدْخِلْتُ فِي الْهَوَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْقَزْوِينِيُّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالُوا أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَخْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ الْمُرُوءَةُ تَرْكُ اللَّذَّةِ وَعِصْيَانُ الْهَوَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَافِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ اجْتَمَعَ هَوَاهُ وَعَمَلُهُ فَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِهَوَاهُ فَيَوْمُهُ يَوْمُ سُوءٍ وَإِنْ كَانَ هَوَاهُ تَبَعًا لِعَمَلِهِ فَيَوْمُهُ يَوْمٌ صَالِحٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ مَنْ غَلَبَ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا فَذَلِكَ الَّذِي يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي مِيمِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ هَمُّهُ هَوَاهُ وَبَطْنُهُ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ هَمَّةُ أَحَدِهِمْ فِيهِ بَطْنَهُ وَدِينُهُ هَوَاهُ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا عبد الواحد بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَهْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ إِذَا أُشْكِلَ عَلَيْكَ أَمْرَانِ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا أَرْشَدُ فَخَالِفْ أَقْرَبَهُمَا مِنْ هَوَاكَ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَكُونُ الْخَطَأُ مَعَ مُتَابَعَةِ الْهَوَى أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنبأَنَا الْحسن ابْن أَحْمَدَ الْبَاقِلانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بُرَيْهٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْخَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ قَالَ قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِدَائِكَ وَإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِدَوَائِكَ دَاؤُكَ هَوَاكَ وَدَوَاؤُكَ تَرْكُ هَوَاكَ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ يَا أَبَا سَعْدٍ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ جِهَادُكَ هَوَاكَ أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ مَرَّرْتُ بِأَعْرَابِيٍّ بِهِ رَمَدٌ شَدِيدٌ وَدُمُوعُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 تَسِيلُ فَقُلْتُ أَلا تَمْسَحُ عَيْنَيْكَ فَقَالَ زَجَرَنِي الطَّبِيبُ وَلا خَيْرَ فِيمَنْ إِذَا زُجِرَ لَا يَنْزَجِرُ وَإِذَا أُمِرَ لَا يَأْتَمِرُ فَقُلْتُ أَمَا تَشْتَهِي شَيْئًا فَقَالَ أَشْتَهِي وَلَكِنْ أَحْتَمِي لأَنَّ أَهْلَ النَّارِ غَلَبَتْ شَهَوَاتُهُمْ فَلَمْ يَحْتَمُوا فَهَلَكُوا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ نُعَيْمٍ يَقُولُ قَالَ بِشْرٌ اعْلَمْ أَنَّ الْبَلاءَ كُلَّهُ فِي هَوَاكَ وَالشِّفَاءَ كُلَّهُ فِي مُخَالَفَتِكَ إِيَّاهُ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد العزيز بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ قَالَ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ مَنِ اسْتَحْوَذَتْ عَلَيْهِ الشَّهَوَاتُ انْقَطَعَتْ عَنْهُ مُوَادُّ التَّوْفِيقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُسْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي سُنَيْدٌ سَمِعْتُ حَجَّاجًا يَقُولُ الْكُفْرُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ ثُمَّ قَالَ حجاج رَأَيْت مِنْهُ اثْنَتَيْنِ رَجُلا غَضِبَ فَقَتَلَ أُمَّهُ وَرَأَيْتُ رَجُلا عَشِقَ فَتَنَصَّرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعَبَّاسِ ابْن الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الأَسَدِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَنَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ فَمَشَى إِلَى جَانِبِهَا ثُمَّ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 أَهْوَى هَوَى الدِّينِ وَاللَّذَّاتُ تُعْجِبُنِي ... فَكَيْفَ لِي بِهَوَى اللَّذَّاتِ وَالدِّينِ فَقَالَتْ لَهُ دَعْ أَحْدَهُمَا تَنَلِ الآخَرَ وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَبَلغنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ امْرَأَةً جَمِيلَةً فِي الطَّوَافِ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَإِلَى جَمَالِهِ مَالَتْ نَحْوَهُ وَطَمِعَتْ فِيهِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَهْوَى هَوَى الدِّينِ وَاللَّذَّاتُ تُعْجِبُنِي ... فَكَيْفَ لِي بِهَوَى اللَّذَّاتِ وَالدِّينِ نَفْسِي تُزَيِّنُ لِي الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ... وَزَاجِرِي مِنْ حَذَارِ الْمَوْتِ يُثْنِينِي فَتَرَكَتْهُ وَمَضَتْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ خبرني أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ فَهْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الَمَوْصِلِيُّ قَالَ قَالَ لِي الْمُعْتَصِمُ يَا إِسْحَاقُ إِذَا نُصِرَ الْهَوَى ذَهَبَ الرَّأْيُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَخِي مِيمِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جنَّة وَحَرِيرًا} قَالَ صَبَرُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد العزيز بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ يَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمًا لَا يَنْجُو مِنْ شَرِّهِ مُنْقَادٌ لِهَوَاهُ وَإِنَّ أَبْطَأَ الصَّرْعَى نَهْضَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرِيعُ شَهْوَةٍ وَإِنَّ الْعُقُولَ لَمَّا جَرَتْ فِي مَيَادِينِ الطَّلَبِ كَانَ أَوْفَرَ حَظًّا مَنْ يُطَالِبُهَا بِقَدْرِ مَا اسْتَصْحَبَتْهُ مِنَ الصَّبْرِ وَإِنَّ الْعَقْلَ مَعْدِنٌ وَالْفِكْرَ مِعْوَلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَارِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَأَنْتَ تَكْرَهُهَا وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَأَنْتَ تَطْلُبُهَا فَمَا أَنْتَ إِلا كَالْمَرِيضِ الشَّدِيدِ الدَّاءِ إِنْ صَبَّرَ نَفْسَهُ عَلَى مَضَضِ الدَّوَاءِ اكْتَسَبَ بِالصَّبْرِ عَافِيَةً وَإِنْ جَزَعَتْ نَفْسُهُ مِمَّا يَلْقَى طَالَتْ بِهِ عِلَّةُ الضَّنَى قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلَوَيْهِ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ وَقِيلَ لَهُ مَنْ أَصَحُّ النَّاسِ عَزْمًا قَالَ الْغَالِبُ لِهَوَاهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْوَلْيِدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ قَالَ دَخَلَ خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بِالأَهْوَازِ وَعِنْدَ سُلَيْمَانَ جَارِيَةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا الْبَدْرُ مِنْ أَحْسَنِ الْجَوَارِي وَجْهًا وَأَكْمَلِهِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِخَلَفٍ كَيْفَ تَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ مَا رَأَتْ عَيْنَايَ جَارِيَةً قَطُّ أَحْسَنُ مِنْهَا فَقَالَ خُذْ بِيَدِهَا فَقَالَ خَلَفٌ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ وَلا أَسْلُبَهَا الأَمِيرَ وَقَدْ عَرَفْتُ عُجْبَهُ بِهَا فَقَالَ خُذْهَا وَيْحَكَ عَلَى عُجْبِي بِهَا لَيَعْلَمَ هَوَايَ أَنِّي غَالِبٌ فَأَخَذَ بَيَدِهَا وَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ لَقَدْ حَبَانِي وَأَعْطَانِي وَفَضَّلَنِي ... عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنِّي سُلَيْمَانُ أَعْطَانِيَ الْبَدْرَ خَوْدًا فِي مَجَاسِدِهَا ... وَالْبَدْرُ لَمْ يُعْطَهُ إِنْسٌ وَلا جَانُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وَلست حَقًا بناسي عُرْفَهُ أَبَدًا ... حَتَّى يُغَيِّبَنِي لَحْدٌ وأكفان أَنبأَنَا عبد الوهاب الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ احْمَد قَالَ حَدثنَا عبد العزيز بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحْرِزٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى يَقُولُ قَالَ بَعْضُ الْعُبَّادِ أَشْرَفُ الْعُلَمَاءِ مَنْ هَرَبَ بِدِينِهِ مِنَ الدُّنْيَا وَاسْتَصْعَبَ قِيَادَهُ عَلَى الْهَوَى أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْمَغَازِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيَّ يَقُولُ أَسْرَعُ الْمَطَايَا إِلَى الْجَنَّةِ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَأَسْرَعُ الْمَطَايَا إِلَى النَّارِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ فَمَنِ اسْتَوَى عَلَى مَتْنِ شَهْوَةٍ مِنَ الشَّهَوَاتِ أَسْرَعَ بِهِ الْقَوْدُ إِلَى مَا يَكْرَهُ قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ مَنْ غَلَبَ هَوَاهُ عَقْلَهُ وَجَزَعُهُ صَبْرَهُ افْتُضِحَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْحِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكَوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ دَادَوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ مَنْ أَرْضَى الْجَوَارِحَ فِي اللَّذَّاتِ فَقَدْ غَرَسَ لِنَفْسِهِ شَجَرَ النَّدَامَاتِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيب قَالَ أَنبأَنَا عبد الجبار ابْن عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بن عَليّ الطوعي صنم كل إِنْسَان هَوَاهُ فَإذْ كَسَرَهُ بِالْمُخَالَفَةِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْفُتُوَّةِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ العلاف قَالَ أَنبأَنَا عبد الملك بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَزِيدَ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ وَاصِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْمُؤَدِّبُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ لَقِيَ عَالِمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ رَاهِبًا مِنَ الرُّهْبَانِ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَرَى الدَّهْرَ فَقَالَ يُخْلِقُ الأَبْدَانَ وَيُجَدِّدُ الآمَالَ وَيُبْعِدُ الأُمْنِيَّةَ وَيُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ قَالَ لَهُ فَأَيُّ الأَصْحَابِ أَبَرُّ قَالَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ قَالَ فَأَيُّ شَيْءٍ أَضَرُّ قَالَ النَّفْسُ وَالْهَوَى أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ الرَّسْعَنِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ لَقِيَ رَجُلٌ رَاهِبًا فَقَالَ لَهُ مَا أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ فِيكُمْ يَا رَاهِبُ قَالَ مَا نَصَبَتْ بِهِ الأَبْدَانُ وَاسْتَرْخَتْ بِهِ الْمَفَاصِلُ مِنَ الْمُدَاوَمَةِ قَالَ فَمَا أَحْسَنُهَا قَالَ رِقَّةُ الْقُلُوبِ عِنْدَ التَّذْكِرَةِ قَالَ فَمَا أَعْدَلُهَا قَالَ الاسْتِكَانَةُ لِلْحَقِّ قَالَ فَمَا حَقُّهَا قَالَ ترك الشَّهَوَات وَلُزُوم الخلوات وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ مَرَرْتُ بِرَاهِبٍ فَوَجَدْتُهُ نَحِيفًا فَقُلْتُ لَهُ أَنْتَ عَلِيلٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ مُنْذُ كَمْ قَالَ مُنْذُ عَرَفْتُ نَفْسِي قُلْتُ فَتَدَاوَ قَالَ قَدْ أَعْيَانِي الدَّوَاءُ وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْكَيِّ قُلْتُ وَمَا الْكَيُّ قَالَ مُخَالَفَةُ الْهَوَى أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدثنَا الْأَصْمَعِي والعتبي قَالا سَمِعْنَا أَعْرَابِيًّا يَقُولُ مَا أَشَدَّ تَحْوِيلِ الرَّأْيِ عِنْدَ الْهَوَى هُوَ الْهَوَانُ وَإِنَّمَا غُلِطَ بِاسْمِهِ فَاشْتُقَّ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مَا أَقُولُ مَنْ أَبْكَتْهُ الْمَنَازِلُ وَالطُّلُولُ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ رُفَيْلٍ الشَّيْخَ الصَّالِحَ يَقُولُ رَأَيْتُ فِي جَبَلِ اللُّكَامِ طَائِرًا مُعَلَّقًا مُنَكِّسًا يَصِيحُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ لأُخَلِّصَهُ فَإِذَا تَحْتَهُ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا نَقْرًا دَاؤُكَ هَوَاكَ فَإِنْ غَلَبْتَ هَوَاكَ فَذَاكَ دَوَاكَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو السَّبِيعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ لَا تَجِدُ حَلاوَةَ الْعِبَادَةِ حَتَّى تَجْعَلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهَوَاتِ حَائِطًا مِنْ حَدِيدٍ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ خِلافُ هَوَى النَّفْسِ قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ السَّرِيَّ يَقُولُ لَنْ يَكْمُلَ رَجُلٌ حَتَّى يُؤْثِرَ دِينَهُ عَلَى شَهْوَتِهِ وَلَنْ يَهْلِكَ حَتَّى يُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَى دِينِهِ قَالَ وَسَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَامِدٍ يَقُولُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَضْرَوَيْهِ لَا نَوْمَ أَثْقَلُ مِنَ الْغَفْلَةِ وَلا رِقَّ أْمَلَكُ مِنَ الشَّهْوَةِ وَلَوْلا ثِقَلُ الْغَفْلَةِ لَمْ تَظْفَرْ بِكَ الشَّهْوَةُ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ يَقُولُ قَالَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَيْنُ الْهَوَى عَوْرَاءُ وَسَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ فَارِسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلَوَيْهِ يَقُولُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ أَصْلُ غَلَبَةِ الْهَوَى مُقَارَبَةُ الشَّهَوَاتِ فَإِذَا غَلَبَ الْهَوَى أَظْلَمَ الْقَلْبُ وَإِذَا أَظْلَمَ الْقَلْبُ ضَاقَ الصَّدْرُ وَإِذَا ضَاقَ الصَّدْرُ سَاءَ الْخُلُقُ وَإِذَا سَاءَ الْخلق أبغضه الْخلق وَإِذ أَبْغَضَهُ الْخَلْقُ أَبْغَضَهُمْ وَإِذَا أَبْغَضَهُمْ جَفَاهُمْ وَإِذَا جَفَاهُمْ صَارَ شَيْطَانًا رَجِيمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ الرَّازِيَّ يَقُولُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ مَنْ غَلَبَهُ هَوَاهُ تَوَارَى عَنْهُ عَقْلُهُ وَقَالَ لَيْسَ شَيْءٌ أَوْلَى بِأَنْ تُمْسِكَهُ مِنْ نَفْسِكَ وَلا شَيْءَ أَوْلَى بِأَنْ تَغْلِبَهُ مِنْ هَوَاكَ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الْعَقْلُ وَالْهَوَى يَتَنَازَعَانِ فَمُعِينُ الْعَقْلِ التَّوْفِيقُ وَقَرِينُ الْهَوَى الْخُذْلانُ وَالنَّفْسُ وَاقِفَةٌ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا ظَفِرَ كَانَتْ فِي حَيِّزِهِ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْوَرَّاقَ يَقُولُ الشَّهْوَةُ أَغْلَبُ سُلْطَانٍ عَلَى النَّفْسِ وَلا يَزِيلُهَا إِلا الْخَوْفُ الْمُزْعِجُ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ يَقُولُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْقَصَّارُ أَضْعَفُ الْخَلْقِ مَنْ ضَعُفَ عَنْ رَدِّ شَهْوَتِهِ وَأَقْوَى الْخَلْقِ مَنْ قَوِيَ عَلَى رَدِّهَا قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا الْفَرَجِ بْنَ الصَّائِغِ يَقُولُ قَالَ الْمُرْتَعِشُ وَقِيلَ لَهُ إِنَّ فُلانًا يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَقَالَ إِنَّ مَنْ مَكَّنَهُ اللَّهُ مِنْ مُخَالَفَةِ هَوَاهُ لَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِلِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ شَاذَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ قَالَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ الْعَجَبُ لِمَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَجَلالَهُ كَيْفَ يُخَالِفُ أَمْرَهُ وينتهك حريمه فَقَالَ الْحَكِيمُ بِإِغْفَالِ الْحَذَرِ وَبَسْطِ أَمَدِ الأَمَلِ وَبِعَسَى وَسَوْفَ وَلَعَلَّ قَالَ الْمَلِكُ بِمَ يُعْتَصَمُ مِنَ الشَّهْوَةِ وَقَدْ رُكِّبَتْ فِي أَبْدَانٍ ضَعِيفَةٍ فَفِي كُلِّ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ لِلْشَهْوَةِ حُلُولٌ وَوَطَنٌ قَالَ الْحَكِيمُ إِنَّ الشَّهْوَةَ مِنْ نَتَاجِ الْفِكْرِ وَقَرِينُ كُلِّ فِكْرَةٍ عِبْرَةٌ وَمَعَ كُلِّ شَهْوَةٍ زَاجِرٌ عَنْهَا فَمَنْ قَرَنَ شَهَوَاتِهِ بِالاعْتِبَارِ وَحَاطَ نَفْسَهُ بِالازْدِجَارِ انْحَلَّتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 عَنهُ ربقة الْعدوان ودحض سيء فِكْرِهِ بِإِيثَارِ الصَّبْرِ عَلَى شَهْوَتِهِ لِمَا يَرْجُو مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى طَاعَتِهِ وَيَخَافُ مِنْ عِقَابِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ نُعَيْمِ بْنِ الْهَيْضَمِ يَقُولُ قَالَ بِشْرٌ الْحَافِيُّ لِحَسَنِ الْفَلاسِ مَنْ جَعَلَ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَرَقَ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ وَمَنْ غَلَبَ عِلْمُهُ هَوَاهُ فَهُوَ الصَّابِرُ الْغَالِبُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَلاءَ كُلَّهُ فِي هَوَاكَ وَالشِّفَاءَ كُلَّهُ فِي مُخَالَفَتِكَ إِيَّاهُ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَنُوشَرْوَانَ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الأَشْيَاءِ أَحَقُّ بِالاتِّقَاءِ فَقَالَ أَعْظَمُهَا مَضَّرَةً قِيلَ فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ الْمَضَرَّةِ قَالَ أَعْظَمُهَا مِنَ الْهَوَى نَصِيبًا وَقِيلَ لِلْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ بِمَ نِلْتَ مَا نِلْتَ قَالَ بِطَاعَةِ الْحَزْمِ وَعِصْيَانِ الْهَوَى وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِيُّ لَقِيتُ عَلِيًّا الْجَرْجَرَائِيَّ بِجَبَلِ لُبْنَانَ عَلَى عَيْنِ مَاءٍ فَلَمَّا بَصُرَ بِي قَالَ بِذَنْبٍ مِنِّي لَقِيتُ الْيَوْمَ إِنْسَانًا فَسَعَيْتُ خَلْفَهُ وَقُلْتُ أَوْصِنِي فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ أَمُسْتَوْصٍ أَنْتَ عَانِقِ الْفَقْرَ وَعَاشِرِ الصَّبْرَ وَعَادِ الْهَوَى وَعِفَّ الشَّهَوَاتِ وَاجْعَلْ بَيْتَكَ أَخْلَى مِنْ لَحْدِكَ يَوْمَ تُنْقَلُ إِلَيْهِ عَلَى هَذَا طَابَ الْمَسِيرُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ مَنْ مَلَكَ شَهْوَتَهُ فِي حَالِ شَبِيبَتِهِ صَيَّرَهُ اللَّهُ مَلِكًا فِي حَالِ كُهُولَتِهِ كَيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أجر الْمُحْسِنِينَ وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ الزَّاهِدُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الشَّهَوَاتِ فُخُوخٌ فَهُوَ لَعَّابٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ لابْنِهِ يَا بُنَيَّ مَنْ خَافَ الْمَوْتَ بَادَرَ الْفَوْتَ وَمَنْ لَمْ يَكْبَحْ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ بَادَرَتْ بِهِ إِلَى الْهَلَكَاتِ وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ أَمَامَكَ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أَعْدَلُ النَّاسِ مَنْ أَنْصَفَ عَقْلَهُ مِنْ هَوَاهُ وَقَالَ آخَرُ الْعَاقِلُ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى جَمِيعِ شَهَوَاتِهِ رَقِيبٌ مِنْ عَقْلِهِ وَقَالَ آخَرُ الْهَوَى مَلِكٌ عَسُوفٌ وَسُلْطَانٌ ظَالِمٌ دَانَتْ لَهُ الْقُلُوبُ وَانْقَادَتْ لَهُ النُّفُوسُ وَقَالَ آخَرُ النَّفْسُ إِذَا هَوِيَتْ شَيْئًا مَالَتْ إِلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عِنْدَ الَّذِي هَوِيَتْ أَكْثَرَ مِنْ كَوْنِهَا عِنْدَ جَسَدِهَا وَقَالَ آخَرُ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ أَبَا جَادَ وَإِنَّ أَبَا جَادَ الْحِكْمَةَ طَرْدُ الْهَوَى وَوَزْنُ الأَعْمَالِ ذِكْرُ أَشْعَارٍ قِيلَتْ فِي ذَمِّ الْهَوَى أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَبْرِيُّ قَالَتْ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْكَاتِبُ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ دَخَلَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بَعْضَ كَنَائِسِ الشَّامِ فَكَتَبَ فِي حِيطَانِهَا بِفَحْمَةٍ مَا أَرَى الْعَيْشَ غَيْرَ أَنْ تَتْبَعَ النَّفْسُ هَوَاهَا فَمُخْطِئًا أَوْ مُصِيبًا ... فَرَأَى ذَلِكَ الْبَيْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَكَتَبَ تَحْتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ حِينَ تُصْبِحُ آمِنًا ... أَنَّ الْمَنَايَا إِنْ أَقَمْتَ تُقِيمُ فَالْزَمْ هَوَاكَ كَمَا رَضِيتَ فَإِنَّهُ ... لَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي النِّعِيمِ نَعِيمُ وَرَأَيْتُ لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَبِالنَّاسِ عَاشَ النَّاسُ قِدْمًا وَلَمْ يَزَلْ ... مِنَ النَّاسِ مَرْغُوبٌ إِلَيْهِ وَرَاغِبُ وَمَا يَسْتَوِي الصَّابِي وَمَنْ تَرَكَ الصَّبَا ... وَإِن الصَّبَا لَلْعَيْشُ لَوْلا الْعَوَاقِبُ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ إِنَّ الْهَوَانَ هُوَ الْهوى قلب اسْمه ... فَإذْ هَوَيْتَ فَقَدْ لَقِيتَ هَوَانًا قُلْتُ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عَنِ الْهَوَى فَقَالَ هَوَانٌ سُرِقَتْ نُونُهُ فَنَظَمَهُ شَاعِرٌ فَقَالَ نُونُ الْهَوَانِ مِنَ الْهَوَى مَسْرُوقَةٌ ... فَإِذَا هَوَيْتَ فقد لقِيت هوانا أخبرنَا عبد الخالق بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَخِي مِيمِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ سَلْمَانَ الأُبَلِّيُّ كَمْ أَسِيرٍ لِشَهْوَةٍ وقتيل ... أُفٍّ للمشتهى خلاف الجيمل شَهَوَاتُ الإِنْسَانِ تُورِثُهُ الذُّلَّ ... وَتُلْقِيهِ فِي الْبَلاءِ الطَّوِيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ سَوَّارٍ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُّوخِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَاجِبِ النُّعْمَانِ رُبَّ مَسْتُورٍ سَبَتْهُ صَبْوَةً ... فَتَعَرَّى سِتْرَهُ فَانْتُهِكَا صَاحِبُ الشَّهْوَةِ عَبْدٌ فَإِذَا ... غَلَبَ الشَّهْوَةَ صَارَ الْمَلِكَا وَقَدْ أَنْشَدُوا لابْنِ الْمُبَارَكِ وَمِنَ الْبَلاءِ وَلِلْبَلاءِ عَلامَةٌ ... أَنْ لَا يُرَى لَكَ عَنْ هَوَاكَ نُزُوعُ الْعَبْدُ عَبْدُ النَّفْسِ فِي شَهَوَاتِهِ ... وَالْحُرُّ يَشْبَعُ تَارَةً وَيَجُوعُ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنَاذِرَ خَيْرُ مَا اجْتَنَّ بِهِ الْمَرْءُ التُّقَى ... فَاتَّخِذْهَا عُدَّةً دُونَ الْعُدَدْ وَأَرَى الشَّهْوَةَ مِفْتَاحَ الرَّدَى ... فَاجْتَنِبْهَا وَانْأَ عَنْهَا وَابْتَعِدْ وَلِصَالِحِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُوسِ عَاصِ الْهَوَى إِنَّ الْهَوَى مَرْكَبٌ ... يَصْعَبُ بَعْدَ اللَّينِ مِنْهُ الذَّلِيلُ إِنْ يَجْلِبِ الْيَوْمَ الْهَوَى لَذَّةً ... فَفِي غَدٍ مِنْهُ الْبُكَا وَالْعَوِيلُ مَا بَيْنَ مَا يُحْمَدُ فِيهِ وَمَا ... يَدْعُو إِلَيْكَ الذَّمُّ إِلا الْقَلِيلُ وَلابْنِ الرُّومِيِّ اتَّبِعِ الْعَقْلَ إِنَّهُ حَاكِمُ اللَّهِ وَلا تَمْشِ فِي طَرِيقِ عِنَادِهْ ... مَا الْهَوَى فِي لَفِيفِهِ إِنْ تَأَمَّلْتَ بِقِرْنٍ لِلْعَقْلِ فِي أَجْنَادِهْ ... لَا تُعَرِّضُ سَدَادَ رَأْيِكَ لِلْطَعْنِ عَلَيْهِ مِنْ نَاقِصٍ فِي سَدَادِهْ ... وَقَالَ آخَرُ إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْصِ الْهَوَى قَادَكَ الْهَوَى ... إِلَى بَعْضِ مَا فِيهِ عَلَيْكَ مُقَالُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وَقَالَ غَيْرُهُ وَأَتْرُكُ الشَّيْءَ أَهْوَاهُ وَيُعْجِبُنِي ... أَخْشَى عَوَاقِبَ مَا فِيهِ مِنَ الْعَارِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّ الْمِرْآةَ لَا تُرِيكَ عُيُوبَ وَجْهِكَ مَعَ صَدَاهَا ... وَكَذَاكَ نَفْسَكَ لَا تُرِيكَ عُيُوبَ نَفْسِكَ مَعَ هَوَاهَا ... وَقَالَ آخَرُ وَكُلُّ امْرِئٍ يَدْرِي مَوَاقِعَ رُشْدِهِ ... وَلَكِنَّهُ أَعْمَى أَسِيرُ هَوَاهُ يُشِيرُ عَلَيْهِ النَّاصِحُونَ بِجُهْدِهِمْ ... فَيَأْبَى قَبُولَ النُّصْحِ وَهُوَ يَرَاهُ هَوَى نَفْسِهِ يُعْمِيهِ عَنْ قَصْدِ رُشْدِهِ ... وَيُبْصِرُ عَنْ فَهْمٍ عُيُوبَ سِوَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الْبَابُ الثَّالِثِ فِي ذِكْرِ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَمُحَاسَبَتِهَا وَتَوْبِيخِهَا اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ النَّفْسَ مُجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْهَوَى وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ أَذَاهُ فَافْتَقَرَتْ لِذَلِكَ إِلَى الْمُجَاهَدَةِ وَالْمُخَالَفَةِ وَمَتَى لَمْ تُزْجَرْ عَنِ الْهَوَى هَجَمَ عَلَيْهَا الْفِكْرُ فِي طَلَبِ مَا شُغِفَتْ بِهِ فَاسْتَأْنَسَتْ بِالآرَاءِ الْفَاسِدَةِ وَالأَطْمَاعِ الْكَاذِبَةِ وَالأَمَانِي الْعَجِيبَةِ خُصُوصًا إِنْ سَاعَدَ الشَّبَابُ الَّذِي هُوَ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ وَامْتَدَّ سَاعِدُ الْقُدْرَةِ إِلَى نَيْلِ الْمَطْلُوبِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدثنَا الْحَارِث ابْن شُرَيْحٍ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْن سِنَانَ الْهَرَوِيُّ قَالُوا أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقَيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالا أَنبأَنَا أَبُو بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ابْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهُ وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ الْكَيِّسُ مَنْ أَدَانَ نَفْسَهُ وَالْفَاجِرُ بَدَلَ الْعَاجِزِ قَالَ وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى النَّحْوِيُّ الْكَيِّسُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْعَاقِلُ وَالْكَيْسُ الْعَقْلُ وَأَنْشَدَنَا فَكُنْ أَكْيَسَ الْكَيْسَى إِذَا مَا لَقِيتَهُمْ ... وَكُنْ جَاهِلا إِمَّا لَقِيتَ ذَوِي الْجَهْلِ قَالَ وَقَوْلُهُ مَنْ أَدَانَ نَفْسَهُ مَعَنَاهُ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ صِحَّتِهِ لِسَقَمِهِ وَمِنْ غِنَاهُ لِفَقْرِهِ وَمَنْ رَوَى مَنْ دَانَ نَفْسَهُ مَعْنَاهُ مَنِ اسْتَعْبَدَ نَفْسَهُ وَأَذَلَّهَا لِطَاعَةِ اللَّهِ قَالَ الأَعْشَى هُوَ دَانَ الرَّبَابَ إِذَا كَرِهُوا الدِّينَ دِرَاكًا بِعِزَّةٍ وَصِيَالِ مَعْنَاهُ هُوَ اسْتَعْبَدَ الرَّبَابَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْعَاقُولِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرّبيع ابْن رَوْحٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ السَّعْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بَقِيَّةَ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالا حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ الْبُجَيْرِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَصَابَ النَّبِيُّ يَوْمًا جُوعٌ شَدِيدٌ فَوَضَعَ حَجَرًا عَلَى بَطْنِهِ ثُمَّ قَالَ أَلا رُبَّ نَفْسٍ طَاعِمَةٍ نَاعِمَةٍ فِي الدُّنْيَا جَائِعَةِ عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِينٌ أَلا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُكْرِمٌ أَلا يَا رُبَّ مُتَخَوِّضٍ مُتَنَعِّمٍ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلاقٍ أَلا وَإِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنَةٌ بِرَبْوَةٍ أَلا وَإِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ أَلا يَا رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْنًا طَوِيلا ابْنُ الْبُجَيْرِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ إِلا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ قَالَ إِنَّ اسْمَهُ عَفَّانُ وَفِي الصَّحَابَةِ جَمَاعَةٌ لَا يُعْرَفُونَ إِلا بِالنِّسْبَةِ إِلَى آبَائِهِمْ فَقَطْ مِنْهُمُ ابْنُ ثَعْلَبَةَ وَابْنُ جَارِيَةَ وَابْنُ جَمِيلٍ وَابْنُ حَمَاطَةَ وَابْنُ حَنْظَلَةَ وَابْنُ الرَّسِيمِ وَابْنُ عَايِشٍ وَلَيْسَ بَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَايِشٍ وَابْنُ عَبْسٍ وَابْنُ عِصَام وَابْن غَنَّام واين الْفَاكِهِ وَابْنُ مُسْعَدَةَ وَابْنُ الْمُنْتَفِقِ وَابْنُ نُضَيْلَةَ فِي آخَرِينَ وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اشْتَهَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَبِيهِ مَعَ مَعْرِفَةِ اسْمِهِ كَابْنِ زَامِلَ وَابْنِ سَبْرَةَ وَابْنِ رَسْلانَ وَابْنِ الشَّيَّابِ وَابْنِ عَائِذٍ وَابْنِ الْقَشِيبِ وَابْنِ اللُّتَبِيَّةِ كُلُّ هَؤُلاءِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَإِنَّمَا اشْتُهِرَ بِأَبِيهِ وَالْحَزْنُ ضِدُّ السَّهْلِ وَالرَّبْوَةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرْضِ وَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ صَعْبٌ وَعَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ لأَنَّ ذَلِكَ يُخَالِفُ الطِّبَاعَ وَهَذَا يُوَافِقُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيِّبُ بِنْ وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ الْخَوْلانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ عَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْبُسْرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لُوَيْنٌ وَأَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْن أَحْمَدَ الْحَمَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ لَفْظُ مُسَدَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا وَاصِلُ بْنُ حَمْزَةَ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ هُوَ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلاءِ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزَاةٍ لَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمْتُمْ خَيْرَ مَقْدِمٍ وَقَدِمْتُمْ مِنَ الْجِهَادِ الأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الأَكْبَرِ قَالُوا وَمَا الْجِهَادُ الأَكْبَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مُجَاهَدَةُ الْعَبْدِ هَوَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 اعْلَمْ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ جِهَادُ النَّفْسِ أَكْبَرَ مِنْ جِهَادِ الأَعْدَاءِ لأَنَّ النَّفْسَ مَحْبُوبَةٌ وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ مَحْبُوبٌ لأَنَّهَا لَا تَدْعُو إِلا إِلَى مَا تَشْتَهِي وَمُوَافَقَةُ الْمَحْبُوبِ فِي الْمَكْرُوهِ مَحْبُوبَةٌ فَكَيْفَ إِذا دَعَا إِلَى مَحْبُوب فَإذْ عَكَسْتَ الْحَالَ وَخُولِفَ الْمَحْبُوبُ فِيمَا يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْمَحْبُوبِ اشْتَدَّ الْجِهَادُ وَصَعُبَ الأَمْرُ بِخِلافِ جِهَادِ الْكُفَّارِ فَإِنَّ الطِّبَاعَ تَحْمِلُ عَلَى خُصُومَةِ الأَعْدَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي قَوْله تعال وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ قَالَ هُوَ جِهَادُ النَّفْسِ وَالْهَوَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طراد قَالَ أَنبأَنَا على ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَنَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدثنَا هرون بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُزَيِّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ يؤمئذ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمًا وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ جِدَارٌ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَخٍ بَخٍ وَاللَّهِ بُنَيَّ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ لَتَتَّقِيَنَّ اللَّهَ أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَيْسَرُ النَّاسِ حِسَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُحَاسِبُونَ أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدُّنْيَا فَوَقَفُوا عِنْدَ هُمُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ الَّذِي هَمُّوا بِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَضَوْا فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمِ امْسَكُوا قَالَ وَإِنَّمَا يَثْقُلُ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الَّذِينَ جَازَفُوا الأُمُورَ فِي الدُّنْيَا اتَّخَذُوهَا عَلَى غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ فَوَجَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحْصَى عَلَيْهِمْ مَثَاقِيلَ الذَّرِّ ثمَّ قَرَأَ يَا ويلتنا مَا لهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ يُحَاسِبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَة على قوم حسابوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا شَقَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ أَخَذُوا هَذَا الأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَفْجَؤُهُ الشَّيْءُ يُعجبهُ فَيَقُول وَالله إِن لأَشْتَهِيكَ وَإِنَّكَ لَمِنْ حَاجَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا مِنْ صِلَةٍ إِلَيْكَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَفْرُطُ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الشَّيْءُ فَيَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا مَا لِي وَلِهَذَا وَاللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمٌ أَوْثَقَهُمُ الْقُرْآنُ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَلَكَتِهِمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَسِيرٌ فِي الدُّنْيَا يَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا يَأْمَنُ شَيْئًا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عون ابْن أَبِي شَدَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ لابْنِهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ الإِيمَانَ قَائِدٌ وَالْعَمَلَ سَائِقٌ وَالنَّفْسَ حَرُونٌ فَإِنْ فَتَرَ سَائِقُهَا ضَلَّتْ عَنِ الطَّرِيقِ وَإِنْ فَتَرَ قَائِدُهَا حَرَنَتْ فَإِذَا اجْتَمَعَا اسْتَقَامَتْ إِنَّ النَّفْسَ إِذَا أُطْمِعَتْ طَمِعَتْ وَإِذَا فَوَّضْتَ إِلَيْهَا أَسَاءَتْ وَإِذَا حَمَلْتَهَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ صَلُحَتْ وَإِذَا تَرَكْتَ الأَمْرَ إِلَيْهَا فَسَدَتْ فَاحْذَرْ نَفْسَكَ وَاتَّهِمْهَا عَلَى دِينِكَ وَأَنْزِلْهَا مَنْزِلَةَ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا وَلا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَإِنَّ الْحَكِيمَ يُذِّلُّ نَفْسَهُ بِالْمَكَارِهِ حَتَّى تَعْتَرِفَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الأَحْمَقَ يُخَيِّرُ نَفْسَهُ فِي الأَخْلاقِ فَمَا أَحَبَّتْ مِنْهَا أَحَبَّ وَمَا كَرِهَتْ مِنْهَا كَرِهَ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْخَيْرُ إِلا عَنْ نَشَاطٍ فَإِنَّ نَفْسَكَ إِلَى السَّآمَةِ وَالْفُتُورِ وَالْمَلَلِ أَقْرَبُ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الْعَجَّاجُ وَالْمُؤْمِنُ هُوَ الْمُتَوَقِّي وَالْمُؤْمِنُ هُوَ الْمُتَشَدِّدُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمُ الْعَجَّاجُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَاللَّهِ مَا زَالَ الْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ رَبَّنَا رَبَّنَا فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ حَتَّى اسْتَجَابَ لَهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ حَادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ فَإِنَّهَا سَرِيعَةُ الدُّثُورِ وَاقْرِعُوا هَذِهِ الأَنْفُسَ فَإِنَّهَا طَلِعَةٌ وَإِنَّهَا تُنَازِعُ إِلَى شَرِّ غَايَةٍ وَإِنَّكُمْ إِنْ تُقَارِبُوهَا لَمْ تُبْقِ لَكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا فَتَصَّبَّرُوا وَتَشَّدَّدُوا فَإِنَّمَا هِيَ لِيَالٍ تُعَدُّ وَإِنِّمَا أَنْتُمْ رَكْبٌ وُقُوفٌ يُوشِكُ أَنْ يُدْعَى أَحَدُكُمْ فَيُجِيبُ وَلا يَلْتَفِتْ فَانْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بَحَضْرَتِكُمْ إِنَّ هَذَا الْحَقَّ أَجْهَدَ النَّاسَ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شَهَوَاتِهِمْ وَإِنِّمَا صَبَرَ عَلَى هَذَا الْحَقِّ مَنْ عَرَفَ فَضْلَهُ وَرَجَا عَاقِبَتَهُ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوامة قَالَ تَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ وَتَلُومُ نَفْسَهَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ تَقِيًّا حَتَّى يُحَاسِبَ نَفسه محسابته لِشَرِيكِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ وَطِرَادٌ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدثنِي شُرَيْح ابْن يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَن مَيْمُون ابْن مِهْرَانَ قَالَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ تَقِيًّا حَتَّى يَكُونَ لِنَفْسِهِ أَشَدَّ مُحَاسَبَةً مِنَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ عَن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ عَنْ رُزَيْقِ بْنِ رُدَيْحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مولى لَهُم كَا يَصْحَبُ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ كُنْتُ أَصْحَبُهُ فَكَانَ عَامَّةُ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ الدُّعَاءَ وَكَانَ يَجِيءُ إِلَى الْمِصْبَاحِ فَيَضَعُ أَصْبِعَهُ ثُمَّ يَقُولُ حِسِّ ثُمَّ يَقُولُ يَا حُنَيْفُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا وَبِهِ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ إِنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا فِي مَسْجِدٍ لَهُمْ فَجَاءَ شَابٌّ حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَيْسَ مِثْلِي مَنْ يَدْخُلُ مَعَكُمْ أَنَا صَاحِبُ كَذَا أَنَا صَاحِبُ كَذَا يَزْرِي عَلَى نَفْسِهِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيِّهِمْ أَنَّ فُلانًا صِدِّيقٌ وَبِهِ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ قَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ بَيْنَمَا امْرَأَةٌ فِي الطَّوَافِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهِيَ تَقُولُ يَا رَبِّ ذَهَبَتِ اللَّذَّاتُ وَبَقِيَتِ التَّبِعَاتُ يَا رَبِّ سُبْحَانَكَ إِنَّكَ لأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يَا رَبِّ مَالَكَ عُقُوبَةٌ إِلا النَّارُ فَقَالَتْ صَاحِبَةٌ لَهَا يَا أُخَيَّةُ دَخَلْتِ بَيْتَ رَبِّكِ الْيَوْمَ فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَرَى هَاتَيْنِ الْقَدَمَيْنِ وَأَشَارَتْ إِلَى قَدَمَيْهَا أَهْلا لِلْطَوَافِ حَوْلَ بَيْتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَكَيْفَ أَرَاهُمَا أَهْلا أطؤ بِهِمَا بَيْتَ رَبِّي وَقَدْ عَلِمْتُ حَيْثُ مَشَتَا وَأَيْنَ مَشَتَا وَبِهِ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ النَّضْرِ قَالَ مَرَّ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانَ بِغُرْفَةٍ فَقَالَ مَتَى بُنِيَتْ هَذِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ تَسْأَلِينَ عَمَّا لَا يَعْنِيكِ لأُعَاقِبَنَّكِ بِصَوْمِ سَنَةٍ فَصَامَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ نَامَ لَيْلَةً لَمْ يَقُمْ يَتَهَجَّدُ فِيهَا فَقَامَ سَنَةً لَمْ يَنَمْ فِيهَا عُقُوبَةً لِلَّذِي صَنَعَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطُّوسِيُّ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِخَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بِمَ بَلَغَ فِيكُمُ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ مَا بَلَغَ فَذَكَرَ كَلامًا طَوِيلا إِلَى أَنْ قَالَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى نَفْسِهِ سُلْطَانًا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي عمر قَالَا أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ وَطِرَادٌ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قِيلَ لِرَجُلٍ صِفْ لَنَا الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ سُلْطَانًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا شُجَاعُ بْنُ فَارِسٍ قَالَ أَنْبَأَنَا شُجَاعُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بن عَمْرو الْعمريّ عَن شيب بْنِ شَيْبَةَ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ لخَالِد ابْن صَفْوَانَ بِمَ بَلَغَ فِيكُمُ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَنْهُ أَلْفًا وَإِنْ شِئْتَ حَذَفْتُ الْقَوْلَ فِيهِ حَذْفًا قَالَ بَلِ احْذِفْهُ حَذْفًا قَالَ إِنْ شِئْتَ ثَلاثًا وَإِنْ شِئْتَ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ شِئْتَ وَاحِدَةً قَالَ هَاتِ الثَّلاثَ قَالَ كَانَ لَا يَشْرَهُ وَلا يَحِيدُ وَلا يَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ حَقٍّ قَالَ فَهَاتِ الاثْنَتَيْنِ قَالَ كَانَ مُوَفَّقًا لِلْخَيْرِ مَعْصُومًا عَنِ الشَّرِّ قَالَ فَهَاتِ الْوَاحِدَةَ قَالَ لَمْ أَرَ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَقْوَى سُلْطَانًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَنَا طِرَادٌ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي شَمِيلَةَ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِمَّنْ كَانَ يُوصَفُ بِالْعَقْلِ وَالأَدَبِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ تَكَلَّمْ فَقَالَ بِمَ أَتَكَلَّمُ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ كُلَّ كَلامٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهِ وَبَالٌ إِلا مَا كَانَ لِلَّهِ فَبَكَى عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ قَالَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَوَاعَظُونَ وَيَتَوَاصَوْنَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ لِلنَّاسِ فِي الْقِيَامَةِ جَوْلَةً لَا يَنْجُو مِنْ غُصَصِ مَرَارَتِهَا إِلا مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ نَفْسِهِ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمِنْقَرِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَهْتَمِ لابْنِهِ يَا بُنَيَّ تَوَقَّ نَفْسَكَ فَإِنَّ فِي خِلافِهَا رُشْدَكَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادٌ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْن الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ رَجُلا تَعَبَّدَ زَمَانًا ثُمَّ بَدَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَاجَةً فَصَامَ سَبْعِينَ سَبْتًا يَأْكُلُ فِي كُلِّ سَبْتٍ إِحْدَى عَشْرَةَ تَمْرَةً ثُمَّ سَأَلَ حَاجَتَهُ فَلَمْ يُعْطَهَا فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ مِنْكِ أُتِيتُ لَوْ كَانَ فِيكِ خَيْرٌ أُعْطِيتِ حَاجَتَكِ فَنَزَلَ إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكٌ فَقَالَ يَا ابْنَ آدَمَ سَاعَتُكَ هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَتِكَ الَّتِي مَضَتْ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَاجَتَكَ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 ابْن صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِئُ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ إِنِّي خَلَّفْتُ زِيَادَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ يُخَاصِمُ نَفْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُولُ اجْلِسِي أَيْنَ تُرِيدِينَ أَيْنَ تَذْهَبِيِنَ أَتَخْرُجِينَ إِلَى أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ انْظُرِي إِلَى مَا فِيهِ تُرِيدِينَ أَنْ تُبْصِرِي دَارَ فُلانٍ وَدَارَ فُلانٍ قَالَ وَكَانَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ مَالَكِ مِنَ الطَّعَامِ إِلا هَذَا الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ وَمَالَكِ مِنَ الثِّيَابِ إِلا هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَمَالَكِ مِنَ النِّسَاءِ إِلا هَذِهِ الْعَجُوزُ أَفَتُحِبِّينَ أَنْ تَمُوتِي فَقَالَتْ أَنَا أَصْبِرُ عَلَى هَذَا الْعَيْشِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شبيب قَالَ حَدثنَا سهل ابْن عَاصِمٍ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الرَّقِّيِّ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ قَتَادَةَ قِيلَ لِرَجُلٍ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي شَهْوَتِكَ قَالَ مَا فِي الأَرْضِ نَفْسٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْهَا فَكَيْفُ أُعْطِيهَا شَهْوَتَهَا وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدَانُ بْنُ سُمْرَةَ الْعِجْلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الزِّبَرْقَانِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ إِنَّ الصَّالِحِينَ فِيمَا مَضَى كَانَتْ أَنْفُسُهُمْ تُوَاتِيهِمْ عَلَى الْخَيْرِ عَفْوًا وَإِنَّ أَنْفُسَنَا لَا تَكَادُ تُوَاتِينَا إِلا عَلَى كُرْهٍ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُكْرِهَهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنبأَنَا الْحسن بن عي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يُسَيْرٍ عَنْ جَمِيلَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اعْكِسُوا هَذِهِ الأَنْفُسَ عَكْسَ الْخَيْلِ بِاللُّجُمِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَلْبِسُ مَا يُسَاوِي ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ فَأَظَلُّ أَنْظُرُ فِي عِطْفَيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ أُمَّهُ عَثَّامَةَ كُفَّ بَصَرُهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا ابْنَهَا يَوْمًا وَقَدْ صَلَّى فَقَالَتْ أَصَلَّيْتُمْ بُنَيَّ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ عَثَّامَ مَالَكِ لاهِيَهْ ... حَلَّتْ بِدَارِكِ دَاهِيَهْ ابْكِي الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا ... إِنْ كُنْتِ يَوْمًا بَاكِيَهْ وَابْكِي الْقُرْانَ إِذَا تُلِي ... قَدْ كُنْتِ يَوْمًا تَالِيَهْ تَتْلِينَهُ بِتَفَكُّرٍ ... وَدُمُوعُ عَيْنِكِ جَارِيَهْ فَالْيَوْمُ لَا تَتْلِينَهُ ... إِلا وَعِنْدَكِ تَالِيَهْ لَهَفِي عَلَيْكِ صَبَابَةً ... مَا عِشْتُ طُولَ حِيَاتِيَهْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ وَطِرَادٌ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ مَا أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ جَهْضَمٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ وَاصِلٍ يَقُولُ سَمِعْتُ سَهْلا يَقُولُ مَنْ صَحِبَ نَفْسَهُ هَلَكَ وَمَنْ صَحِبَتْهُ نَفْسُهُ لَمْ يَسْلَمْ قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْبَلْخِيِّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْوَرَّاقَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 اسْتَعِنْ عَلَى سَيْرِكَ إِلَى اللَّهِ بِتَرْكِ مَنْ شَغَلَكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بِشَاغِلٍ يَشْغَلُكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَنَفْسِكَ الَّتِي هِيَ بَيْنَ جَنْبَيْكَ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَلَى الرُّوذَبَارِيَّ يَقُولُ النَّفْسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى سُوءِ الأَدَبِ وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِمُلازَمَةِ الأَدَبِ فَالنَّفْسُ تَجْرِي بِطَبْعِهَا فِي مَيْدَانِ الْمُخَالَفَةِ وَالْعَبْدُ مُجْتَهِدٌ فِي رَدِّهَا فَمَتَى أَعَانَهَا فَهُوَ شَرِيكُهَا فِي فَسَادِهَا قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَبَّادَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سَمْنُونًا يَقُولُ أَوَّلُ وِصَالِ الْعَبْدِ لِلْحَقِّ هُجْرَانُهُ لِنَفْسِهِ وَأَوَّلُ هُجْرَانِ الْعَبْدِ لِلْحَقِّ مُوَاصَلَتُهُ لِنَفْسِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ امْرَأَةً لَا تُشْبِهُ نِسَاءَ الدُّنْيَا فَقُلْتُ مَنْ أَنْتِ قَالَتْ حَوْرَاءُ قُلْتُ زَوِّجِينِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ اخْطُبْنِي إِلَى سَيِّدِي قُلْتُ فَمَا مَهْرُكِ قَالَتْ حَبْسُ نَفْسِكَ عَنْ مَأْلُوفَاتِهَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ وَطِرَادٌ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْعَثِ سَمِعَ الْفَضْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم قَالا لَا تَغْفَلُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّ مَنْ غَفَلَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ قَتَلَهَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكَوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَوَازِيجِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْحَدِيثِيَّ يَقُولُ مَا مَدَدْتُ يَدِي مُذْ عَقِلْتُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِنَفْسِي فِيهِ نَصِيبٌ وَلَوْلا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْدَعَنَا هَذِهِ النُّفُوسَ بِحِفْظِهَا لَهُ لَجَعَلْنَا عَلَى ذُرْوَةِ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهَا قِطْعَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْقَرِمِيسِينِيُّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ السُّرِّيَّ يَقُولُ أَقْوَى الْفُتُوَةِ غلبتك نَفسك وَمن عجر عَنْ أَدَبِ نَفْسِهِ كَانَ عَنْ أَدَبِ غَيْرِهِ أَعْجَزَ وَمِنْ عَلامَةِ الاسْتِدْرَاجِ الْعَمَى عَنْ عُيُوبِ النَّفْسِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ الْعَطَّارَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ حَاتِمٍ الأَصَمِّ قَالَ الْمَوْتُ الأَحْمَرُ مُخَالَفَةُ النَّفْسِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ نَفْسَهُ فَهُوَ مِنْ دِينِهِ فِي غُرُورٍ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَامِدٍ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ لأَحْمَدَ بْنِ خِضْرَوَيْهِ أَوْصِنِي فَقَالَ أَمِتْ نَفْسَكَ تحييها قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلَوَيْهِ يَقُولُ قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ لَا تَرْبَحْ عَلَى نَفْسِكَ بِشَيْءٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ تَشْغَلَهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا هُوَ أَوْلَى بِهَا قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الشّبهِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْدُونٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَعْمَى عَنْ نُقْصَانِ نَفْسِهِ فَلْيَفْعَلْ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْفَارِسِيَّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُلْوِيَّهُ يَقُول قَالَ مُحَمَّد ابْن الْفَضْلِ أَنْزِلْ نَفْسَكَ مَنْزِلَةَ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا وَلا بُدَّ لَهُ مِنْهَا فَإِنَّ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عَزَّ وَمَنْ مَلَكَتْهُ نَفْسُهُ ذَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 قَالَ السُّلَمِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ مَثَلُ النَّفْسِ مَثَلُ مَاءٍ وَاقِفٍ طَاهِرٍ صَافٍ فَإِنْ حَرَّكْتَهُ ظَهَرَ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْحَمْأَةِ وَكَذَا النَّفْسُ تَظْهَرُ عِنْدَ الْمِحَنِ وَالْفَاقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا فِي نَفْسِهِ كَيْفَ يَعْرِفُ رَبَّهُ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيَّ يَقُولُ مَنِ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ النَّفْسُ صَارَ أَسِيرًا فِي حُكْمِ الشَّهَوَاتِ مَحْصُورًا فِي سِجْنِ الْهَوَى وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ الْفَوَائِدَ فَلا يَسْتَلِذُّ كَلامَهُ وَلَا يتسحليه وَإِنْ كَثُرَ تِرْدَادُهُ عَلَى لِسَانِهِ قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيَّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ الْبِصْرِيُّ مَنْ صَبَرَ عَلَى مُخَالَفَةِ نَفْسِهِ أَوْصَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَقَامِ أُنْسِهِ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْعُشَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُول سَمِعت أَبَا بكر ابْن الضَّرِيرَ الْمُقْرِي يَقُولُ دَافَعْتُ الشَّهَوَاتِ حَتَّى صَارَتْ شَهْوَتِي الْمُدَافَعَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابت قَالَ أَخْبرنِي أَحْمد ابْن عَلِيٍّ الْمُحْتَسِبُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيَّ قَالَ سَمِعْتُ الْجَرِيرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ مَا أَخَذْنَا التَّصَوُّفَ عَنِ الْقِيلِ وَالْقَالِ لَكِن عَنِ الْجُوعِ وَتَرْكِ الدُّنْيَا وَقَطْعِ الْمَأْلُوفَاتِ والمستحسنات أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَهْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْح ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ قَالَ قَالَ فِرَاسٌ الْعَابِدُ قُلْتُ لِرَاهِبٍ أَوْصِنِي فَقَالَ عَلَيْكَ بِمَا تَكْرَهُ نَفْسُكَ فَأَلْزِمْهُ قَلْبَكَ فَإِنَّهُ يَقْدُمُ بِكَ عَلَى مَا تُحِبُّ وَإِيَّاكَ وَمَا تُحِبُّهُ فَإِنَّهُ يَقِفُكَ عَلَى مَا تَكْرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ذِكْرُ أَشْعَارٍ قِيلَتْ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّارُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَجَّ سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ مَاشِيًا فَبَلَغَ مِنْهُ وَجَهِدَ فَقَالَ قَدَمَيَّ اعْتَوِرَا رَمْلَ الْكَثِيبِ ... وَاطْرُقَا الآجِنَ مِنْ مَاءِ الْقَلِيبِ رُبَّ يَوْمٍ رُحْتُمَا فِيهِ عَلَى زَهْرَةِ ... الدُّنْيَا وَفِي وَادٍ خَصِيبِ وَسَمَاعٍ حَسَنٍ مِنْ حَسَنٍ ... صَخِبَ الْمِزْهَرُ كَالظَّبِيِّ الرَّبِيبِ فَاحْسِبَا ذَاكَ بِهَذَا وَاصْبِرَا ... وَخُذَا مِنْ كُلِّ فَنٍّ بِنَصِيبِ إِنَّمَا أَمْسَى لأَنِّي مُذْنِبٌ ... فَلَعَلَّ اللَّهَ يَعْفُو عَنْ ذُنُوبِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشِّيرَازِيُّ الْوَاعِظُ إِذَا مَا أَطَعْتَ النَّفْسَ فِي كُلِّ لَذَّةٍ ... نُسِبْتَ إِلَى غَيْرِ الْحِجَا وَالتَّكَرُّمِ إِذَا مَا أَجَبْتَ النَّفْسَ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ ... دَعَتْكَ إِلَى الأَمْرِ الْقَبِيحِ الْمُحَرَّمِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ وَكَمْ دُهِيَ الْمَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ ... فَلا تُؤْكَلَنَّ بِأَنْيَابِهَا وَإِنْ أَمْكَنَتْ فُرْصَةٌ فِي الْعَدُوِّ ... فَلا يُبْدَ فِعْلُكَ إِلا بِهَا وَإِيَّاكَ مَنْ نَدَمٍ بَعْدَهَا ... وَتَأْمِيلِ أُخْرَى وَأَنَّى بِهَا أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدِ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ إِذَا طَالَبَتْكَ النَّفْسُ يَوْمًا بِحَاجَةٍ ... فَكَانَ عَلَيْهَا لِلْقَبِيحِ طَرِيقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 فَدَعْهَا وَخَالِفْ مَا هَوِيتَ فَإِنَّمَا ... هَوَاكَ عَدُوٌّ وَالْخِلافُ صَدِيقُ فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَغْلُوبَ بِمُوَافَقَةِ الْهَوَى وَالنَّفْسِ مَقْهُورٌ وَلِذَلِكَ تَجِدُ فِي نَفْسِهِ ذُلا لِمَكَانِ الْقَهْرِ وَغَالِبِ الْهَوَى ذُو صَوْلَةٍ وَلِذَلِكَ وَقَعٌ عَظِيمٌ فِي الشَّرْعِ وَعِنْدَ الْخَلْقِ أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَإِنَّ قَهْرَ الْهَوَى يُوجِبُ الْمُبَاهَاةَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُورِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْكَتَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُشَّانَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ شَابٍّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَامِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ أَيُّهَا الشَّابُّ التَّارِكُ شَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي أَنْتَ عِنْدِي كَبَعْضِ مَلائِكَتِي أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ أَيُّهَا الشَّابُّ التَّارِكُ شَهْوَتَهُ لِي الْمُتَبَذِّلُ شَبَابَهُ مِنْ أَجْلِي أَنْتَ عِنْدِي كَبَعْضِ مَلائِكَتِي أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاذَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ كَانَ لِي مُطِيعًا كُنْتُ لَهُ وَلِيًّا فَلْيَثِقْ بِي وَلْيَحْكُمْ عَلَيَّ فَوَعِزَّتِي لَوْ سَأَلَنِي زَوَالَ الدُّنْيَا لأَزَلْتُهَا لَهُ وَأَمَّا عِنْدَ الْخَلْقِ فَإِنَّهُمْ يَعْجَبُونَ مِنَ الزَّاهِدِ وَيُذَلُّونَ لَهُ وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِ لأَنَّهُ قَوِيَ عَلَى حَمْلِ مَا ضَعُفُوا عَنهُ وهجر مَالا يَسْتَطِيعُونَ هجره فصل وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْحَزْمِ يُعَوِّدُونَ أَنْفُسَهَمْ مُخَالَفَةَ هَوَاهَا وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِيَقَعَ التَّمْرِينُ لِلْنَفْسِ عَلَى مَا تَرَكَ الْهَوَى مُطْلَقًا وَلِيَطْلُبَ الأَرْبَاحَ فِي الْمُعَامَلَةِ بِتَرْكِ الْمُبَاحِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا رُمَيْثَةُ وَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تحبون وَإِنِّي وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُحِبُّكِ فِي الدِّينَا اذْهَبِي فَأَنْتِ لِوَجْهِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ كَانَتْ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ زَوْجَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَارِيَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ فَائِقٍ وَكَانَ عُمَرُ مُعْجَبًا بِهَا قَبْلَ أَنْ تُفْضِيَ إِلَيْهِ الْخِلافَةُ فَطَلَبَهَا مِنْهَا وَحَرِصَ فَأَبَتْ دَفْعَهَا إِلَيْهِ وَغَارَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِ عُمَرَ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَمَرَتْ فَاطِمَةُ بِالْجَارِيَةِ فَأُصْلِحَتْ ثُمَّ جُلِيَتْ فَكَانَتْ حَدِيثًا فِي حُسْنِهَا وَجَمَالِهَا ثُمَّ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْجَارِيَةِ عَلَى عُمَرَ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ كُنْتَ بِفُلانَةَ جَارِيَتِي مُعْجَبًا وَسَأَلْتَنِيهَا فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ وَإِنَّ نَفْسِي قَدْ طَابَتْ لَكَ بِهَا الْيَوْمَ فَدُونَكَهَا فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ اسْتَبَانَتِ الْفَرَحَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ ابْعَثِي بِهَا إِلَيَّ فَفَعَلَتْ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ أَعْجَبَهُ فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا فَقَالَ لَهَا أَلْقِ ثَوْبَكِ فَلَمَّا هَمَّتْ أَنْ تَفْعَلَ قَالَ عَلَى رِسْلِكِ اقْعُدِي أَخْبِرِينِي لِمَنْ كُنْتِ وَمَنْ أَيْنَ أَنْتِ لِفَاطِمَةَ قَالَتْ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَغْرَمَ عَامِلا كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالا وَكُنْتُ فِي رَقِيقِ ذَلِكَ الْعَامِلِ فَاسْتَصْفَانِي عَنْهُ مَعَ رَقِيقٍ لَهُ وَأَمْوَالٍ فَبَعَثَ بِي إِلَى عَبْدِ الْملك بن مَرْوَان وَأَنا يؤمئذ صَبِّيَةٌ فَوَهَبَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنَتِهِ فَاطِمَةَ قَالَ وَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ قَالَتْ هَلَكَ قَالَ وَمَا تَرَكَ وَلَدًا قَالَتْ بَلَى قَالَ وَمَا حَالُهُمْ قَالَتْ سَيِّئَةٌ قَالَ شُدِّي عَلَيْكِ ثَوْبَكِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ عَامِلِهِ أَنْ سَرِّحْ لِي فُلانَ بْنَ فُلانٍ عَلَى الْبَرِيدِ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ لَهُ ارْفَعْ إِلَيَّ جَمِيعَ مَا أَغْرَمَ الْحَجَّاجُ أَبَاكَ فَلَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا إِلا دَفَعَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْجَارِيَةِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا أَخَذَ بِيَدِهَا قَالَ إِيَّاكَ وَإِيَّاهَا فَإِنَّكَ حَدِيثُ السِّنِّ وَلَعَلَّ أَبَاكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا فَقَالَ الْغُلامُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هِيَ لَكَ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا قَالَ فَابْتَعْهَا مِنِّي قَالَ لَسْتُ إِذَنْ مِمَّنْ يَنْهَى النَّفْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 عَنِ الْهَوى فَمَضَى الْفَتَى بِهَا فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ فَأَيْنَ مَوْجِدَتَكَ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ إِنَّهَا لَعَلَى حَالِهَا وَلَقَدِ ازْدَادَتْ فَلَمْ تَزَلِ الْجَارِيَةُ فِي نَفْسِ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ رَشِيقٌ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ رَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ قَالَ لَمْ يَكُنْ إِلا أَنْ وُضِعْتُ فِي اللَّحْدِ حَتَّى وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَحَاسَبَنِي حِسَابًا يَسِيرًا ثُمَّ أَمَرَ بِي إِلَى الْجَنَّةِ فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ بَيْنَ أَشْجَارِهَا وَأَنْهَارِهَا وَلا أَسْمَعُ حِسًّا وَلا حَرَكَةً إِذْ سَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ فَقُلْتُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ تَحْفَظُ أَنَّكَ آثَرْتَ اللَّهَ عَلَى هَوَاكَ يَوْمًا قَالَ قُلْتُ إِي وَاللَّهِ فَأَخَذَتْنِي صَوَانِي النِّثَارِ مِنْ جَمِيعِ الْجَنَّةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ رِزْقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَقُولُ بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ الْخَشَّابِينَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ إِنْ رَأَيْتُمْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فَاصْلُبُوهُ قَالَ فَجَاءَ النَّجَّارُونَ وَنَصَبُوا الْخَشَبَ وَنُودِيَ سُفْيَانُ وَإِذَا رَأْسُهُ فِي حِجْرِ الْفَضْلِ وَرِجْلاهُ فِي حِجْرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُشْمِتْ بِنَا الأَعْدَاءَ قَالَ فَتَقَدَّمَ إِلَى الأَسْتَارِ ثُمَّ أَخَذَهَا ثُمَّ قَالَ بَرِئْتُ مِنْهُ إِنْ دَخَلَهَا أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ سُفْيَانُ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 فَتَلَمَّحْ يَا أَخِي أَثَرَ خِلافِ الْهَوَى كَيْفَ بَانَ فِي مَقَامٍ لَوْ أَقْسَمَ وَمَيِّزْ مَا بَيْنَ إِدْلالِ الْمُطِيعِ وَذُلِّ الْعَاصِي وَقَدْ سَمِعْتَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَاءَهُ مُنكر وَنَكِير جذب بذاؤبة هَذَا وَذُؤَابَةِ هَذَا وَقَالَ مَنْ رَبُّكُمَا وَلَوْلا انْقِبَاضُ يَدِهِ عَنِ الْهَوَى مَا انْبَسَطَتْ إِلَى مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ ظَاهِرُ التَّقْوَى شَرَفُ الدُّنْيَا وَبَاطِنُهَا شَرَفُ الآخِرَةِ وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا عَكَسْتَ هَذِهِ الْحَالَ فِي حَقِّ مُوَافِقِ الْهَوَى وَالنَّفْسِ رَأَيْتَ الذُّلَّ مُلازِمًا وَالْجَاهَ مُنْكَسِرًا وَكَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَ الْمَخْلُوقِينَ فِي الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ مَنْ عُرِفَ عِنْدَهُمْ بِقَهْرِ الْهَوَى عَظُمَ وَمَنْ نُبِزَ بِأَنَّهُ مَقْهُورُ الْهَوَى أُهِينَ فَالْعَجَبُ مِنْ سَكْرَةِ ذِي الْهَوَى كَيْفَ غَلَبَتْ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ لَمْ يَرَ غَيْرَ اللُّوائِمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَدْحِ الصَّبْرِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَإِذْ قَدْ قَدَّمْنَا ذَمَّ الْهَوَى وَأَمَرْنَا بِمُخَالَفَةِ النَّفْسِ وَلا إِمْكَانَ لِمُخَالَفَتِهَا وَتَرْكِ هَوَاهَا إِلا بِالصَّبْرِ فَلْنَقُلْ فِي فَضْلِهِ وَشَرَفِهِ وَالأَمْرِ بِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ الصَّبْرُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَكُلُّ مَنْ حَبَسَ شَيْئًا فَقَدْ صَبَرَهُ وَمِنْهُ الْمَصْبُورَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا وَهِيَ الدَّجَاجَةُ وَنَحْوَهَا تُتَّخَذُ غَرَضًا وَتُرْمَى حَتَّى تُقْتَلْ وَسُمِّيَ رَمَضَانُ شَهْرُ الصَّبْرِ لأَنَّهُ شَهْرٌ تُحْبَسُ فِيهِ النَّفْسُ عَمَّا تُنَازِعُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ وَالصَّابِرُ حَابِسٌ لِنَفْسِهِ عَمَّا تُنَازِعُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُشْتَهَى أَوْ شَكْوَى أَلَمٍ وَسُمِّي الصَّابِرُ فِي الْمُصِيبَةِ صَابِرًا لأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ عَنِ الْجَزَعِ وَحَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الصَّبْرُ صَبْرًا لأَنَّ تَمَرُّرَهُ فِي الْقَلْبِ وَإِزْعَاجَهُ لِلنَّفْسِ كَتَمَرُّرِ الصَّبْرِ فِي الْفَمِ وَاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ الصَّبْرَ مِمَّا يُأْمُرُ بِهِ الْعَقْلُ وَإِنَّمَا الْهَوَى يَنْهَى عَنْهُ فَإِذَا فُوضِلَتْ فَوَائِدُ الصَّبْرِ وَمَا تَجْلِبُ مِنَ الْخَيْرِ عَاجِلا وَآجِلا بَانَتْ حِينَئِذٍ فَضَائِلُ الْعَقْلِ وَخَسَاسَةُ الْهَوَى وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ صَبْرٌ عَنِ الْمَحْبُوبِ وَصَبْرٌ عَلَى الْمَكْرُوهِ فَالطَّاعَةُ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى الصَّبْرِ عَلَيْهَا وَالْمَعْصِيَةُ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى الصَّبْرِ عَنْهَا وَلَمَّا كَانَتِ النَّفْسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْهَوَى فَكَانَتْ بِالطَّبْعِ تَسْعَى فِي طَلَبِهِ افْتُقِرَتْ إِلَى حَبْسِهَا عَمَّا تُؤْذِي عَاقِبَتُهُ وَلا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعَمَالِ الصَّبْرِ إِلا مَنْ عَرَفَ عَيْبَ الْهَوَى وَتَلَمَّحَ عُقْبَى الصَّبْرِ فَحِينَئِذٍ يَهُونُ عَلَيْهِ مَا صَبَرَ عَلَيْهِ وَعَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وَبَيَانُ ذَلِكَ بِمَثَلٍ وَهُوَ أَنَّ امْرَأَةً مُسْتَحْسَنَةً مَرَّتْ عَلَى رَجُلَيْنِ فَلَمَّا عَرَضَتْ لَهُمَا اشْتَهَيَا النَّظَرَ إِلَيْهَا فَجَاهَدَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ وَغَضَّ بَصَرَهُ فَمَا كَانَتْ إِلا لَحْظَةً وَنَسِيَ مَا كَانَ وَأَوْغَلَ الآخَرُ فِي النَّظَرِ فَعَلِقَتْ بِقَلْبِهِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فِتْنَتِهِ وَذَهَابِ دِينِهِ فَبَانَ لَكَ أَنَّ مُدَارَاةَ الْمَعْصِيَةِ حَتَّى تَذْهَبَ أَسْهَلُ مِنْ مُعَانَاةِ التَّوْبَةِ حَتَّى تُقْبَلَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ مَنْ تَخَايَلَ الثَّوَابَ خف عَلَيْهِ الْعلم فصل قَدْ حَثَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الصَّبْرِ فِي كِتَابِهِ وَأَمَرَ بِهِ وَمَدَحَ أَهْلَهُ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي نَحْوٍ مِنْ سَبْعِينَ مَوْضِعًا مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الْمَنْقُولِ كَثِيرٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ أَلا وَإِنَّهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَبر لَهُ وَقَالَ الْأَشْعَث بْنِ قَيْسٍ إِنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَإِلا سَلَوْتَ كَمَا تَسْلُوا الْبَهَائِمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوْزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يُونُس عَن من حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبْرُ ثَلاثَةٌ فَصَبْرٌ عَلَى الْمُصِيبَةِ وَصَبْرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 عَلَى الطَّاعَةِ وَصَبْرٌ عَنِ الْمَعْصِيَةِ فَمَنْ صَبَرَ عَلَى الْمُصِيبَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا بِحُسْنِ عَزَائِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثلثمِائة دَرَجَةٍ بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَمَنْ صَبَرَ عَلَى الطَّاعَةِ كَتَبَ الله لَهُ سِتّمائَة دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ تُخُومِ الأَرْضِ إِلَى الْعَرْشِ وَمَنْ صَبَرَ عَنِ الْمعْصِيَة كتب الله لَهُ تِسْعمائَة دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ تُخُومِ الأَرْضِ إِلَى الْعَرْشِ مَرَّتَيْنِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الذِّمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ قَالَ الصَّبْرُ صَبْرَانِ الصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عَنِ الْمَعَاصِي وَمَا نَالَ أَحَدٌ شَيْئًا من جَمِيع الْخَيْرِ نَبِيٌّ فَمَنْ دُونَهُ إِلا بِالصَّبْرِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ كُلُّ عَمَلٍ يُعْرَفُ ثَوَابُهُ إِلا الصَّبْرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْر حِسَاب قَالَ كَالْمَاءِ الْمُنْهَمِرِ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُبُّ الْفِرْدَوْسِ يُبَاعِدَانِ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَيُورِثَانِ الصَّبْرَ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ النَّصِيبِيِّ قَالَ قَالَ الْحَوَارِيُونَ لِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ يَا رُوحَ اللَّهِ كَيْفَ لَنَا بِأَنْ نُدْرِكَ جِمَاعَ الصَّبْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 قَالَ اجْعَلُوا عَزْمَكُمْ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا بَيْنَ يَدَيْ هَوَاكُمْ ثُمَّ اتَّخِذُوا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِمَامًا لَكُمْ فِي دِينِكُمْ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بن عَليّ ابْن أَبِي الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُسْلِمُ بْنُ جُنَادَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ قِلَّةُ الصَّبْرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا هِلالُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنَّمَا يَدْرِكُ ابْنُ آدَمَ حَاجَتَهُ فِي صَبْرِ سَاعَةٍ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر الخارئطي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَلَسَ إِلَيَّ يَوْمًا زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ قُلْتُ مَا تَشَاءُ قَالَ مَا هِيَ إِلا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ قُلْتُ وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَ وَمَا بَيْنَهُمَا مَنْزِلٌ يَنْزِلُهُ الْعِبَادُ قُلْتُ وَمَا بَيْنَهُمَا مَنْزِلٌ يَنْزِلُهُ الْعِبَادُ قَالَ فَوَاللَّهِ إِنَّ نَفْسِي لَنَفْسٌ أَضُنُّ بِهَا عَنِ النَّارِ وَلَلصَّبْرُ الْيَوْمَ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الأَغْلالِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 أَبَا عُثْمَانَ الأَسَدِيَّ يَقُولُ قَالَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ لِكُلِّ شَيْءٍ جَوْهَرٌ وَجَوْهَرُ الإِنْسَانِ الْعَقْلُ وَجَوْهَرُ الْعَقْلِ الصَّبْرُ وَبِهِ حَدَّثَنَا السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاذَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ قَالَ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَكِيُّ لَقَدْ وَبَّخَ اللَّهُ التَّارِكِينَ لِلصَّبْرِ عَلَى دِينِهِمْ بِمَا أَخْبَرَنَا عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتكُم فَهَذَا تَوْبِيخٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّبْرَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى دِينِهِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ الدَّيْنَوَرِيَّ يَقُولُ سُئِلَ عَبْدٌ الْخَزَّازُ عَنْ عَلامَةِ الصَّبْرِ فَقَالَ تَرْكُ الشَّكْوَى وَإِخْفَاءُ الصَّبْرِ وَالْبَلْوَى وَقَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ الصَّبْرُ وَأَنْشَدَ ابْنُ مَسْرُوقٍ إِذَا طَالَعَكَ الْكُرْهُ كُنْ بِالصَّبْرِ لَوَّاذَا وَإِلا ذَهَبَ الأَجْرُ فَلا هَذَا وَلا هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حِرَاسَةِ الْقَلْبِ مِنَ التَّعَرُّضِ بِالشَّوَاغِلِ وَالْفِتَنِ اعْلَمْ أَنَّ الْقَلْبَ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ سَلِيمٌ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَالْحَوَاسُّ الْخَمْسُ تُوَصِّلُ إِلَيْهِ الأَخْبَارَ فَتُرْقَمُ فِي صَفْحَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ سَدِّ الطُّرُقِ الَّتِي يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهَا الْفِتَنُ فَإِنَّهُ إِذَا اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَعْرَضَ عَمَّا خُلِقَ لَهُ مِنَ التَّعْظِيمِ لِلْخَالِقِ وَالْفِكْرِ فِي الْمَصَالِحِ وَرُبَّ فِتْنَةٍ عَلَقَ بِهِ شَبَاهَا فَكَانَتْ سَبَبًا فِي هَلاكِهِ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ ابْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسلم ابْن الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالا حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بَضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ وَلا آخَرُ قَدْ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سَقْفَهَا وَلا آخَرُ قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلادَهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيُّ وَأَبُو بكر الغورجي قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالُوا حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلا وَإِنَّ فِي الإِنْسَانِ مُضْغَةٌ إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ لَفْظُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ الْعَشَّارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنِ سَمْعُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الإِنْسَانِ مُضْغَةٌ إِذَا صَحَّتْ صَحَّ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا سَقِمَتْ سَقِمَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَهِيَ الْقَلْبُ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا قَبْلَهُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِينِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ قِيلَ لِعِيسَى لَوِ اتَّخَذْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ لِحَاجَتِكَ قَالَ أَنَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ لِي شَيْئًا يَشْغَلُنِي بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا وُهَيْبٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ جمل فَقِيلَ لَهُ لَوْ أَمْسَكْتَهُ فَقَالَ لَقَدْ كَانَ مُوَافِقًا وَلَكِنَّهُ أَذْهَبَ شُعْبَةً مِنْ قَلْبِي فَكَرِهْتُ أَنْ أَشْغَلَ قَلْبِي بِشَيْءٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ قَالَ قَدِمْتُ مِنْ مَكَّةَ فَأَهْدَيْتُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ رَكْوَةً فَكَانَتْ عِنْدَهُ فَجِئْتُ يَوْمًا فَجَلَسْتُ فِي مَجْلِسِهِ فَلَمَّا قَضَاهُ قَالَ لي يَا حراث تَعَالَى خُذُ تِلْكَ الرَّكْوَةَ فَقَدْ شَغَلَتْ عَلَيَّ قَلْبِي فَقُلْتُ يَا أَبَا يَحْيَى إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَتَوَضَّأُ فِيهَا وَتَشْرَبُ فَقَالَ يَا حَارِثُ إِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ جَاءَنِي الشَّيْطَانُ فَقَالَ لِي يَا مَالِكُ إِنَّ الرَّكْوَةَ قَدْ سُرِقَتْ فَقَدْ شَغَلَتْ عَلَيَّ قَلْبِي أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَامِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَ بْنَ أَسَدٍ يَقُولُ بَلِيَّةُ الْعَبْدِ تَعْطِيلُ الْقَلْبِ مِنْ فِكْرِ الآخِرَةِ حِينَئِذٍ تَحْدُثُ الْغَفْلَةُ فِي الْقَلْبِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ رَابِعَةُ شَغَلُوا قُلُوبَهُمْ بِحُبِّ الدُّنْيَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْ تَرَكُوهَا لَجَالَتْ فِي الْمَلَكُوتِ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بِطَرَائِفِ الْفَوَائِدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَحَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ السَّمَّاكِ عَنِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَسْكُنُ الْبَادِيَةَ قَالَ سَمِعْتُهَا تَقُولُ لَوْ تَطَالَعَتْ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ بِفِكْرِهَا إِلَى مَا ادُّخِرَ لَهَا فِي حُجُبِ الْغُيُوبِ مِنْ خَيْرِ الأَجْرِ لَمْ يَصْفُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَيْشٌ وَلَمْ تَقَرَّ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَيْنٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَامِدٍ يَقُولُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خِضْرَوَيْهِ الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ فَإِذَا امْتَلأَتْ مِنَ الْحَقِّ أَظْهَرَتْ زِيَادَةَ أَنْوَارِهَا عَلَى الْجَوَارِحِ وَإِذَا امْتَلأَتْ مِنَ الْبَاطِلِ أَظْهَرَتْ زِيَادَةَ ظُلْمِهَا عَلَى الْجَوَارِحِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُلْوَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ قَالَ أَبُو تُرَابٍ لَيْسَ مِنَ الْعِبَادَاتِ شَيْءٌ أَنْفَعُ مِنْ إِصْلاحِ خَوَاطِرِ الْقُلُوبِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْخَيْرِ التَّيْنَاتِيُّ حَرَامٌ عَلَى قَلْبٍ مَأْسُورٍ بِحُبِّ الدُّنْيَا أَنْ يَسِيحَ فِي رُوْحِ الْغَيْبِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ طَلَبَ الْمُلُوكُ شَيْئًا فَفَاتَهُمْ وَطَلَبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ مَا يَجُوزُ هَمِّي كِسَائِي هَذَا وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُرْتَعِشُ مَا نَفَعَنِي مِنَ الْعِبَادَاتِ شَيْءٌ مَا نَفَعَنِي جَمْعُ الْهِمَّةِ وَسُئِلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَلامَةِ الْقَلْبِ فَقَالَ الْعُزْلَةُ وَالصَّمْتُ وَتَرْكُ اسْتِمَاعِ خَوْضِ النَّاسِ وَلا يَعْقِدُ الْقَلْبُ عَلَى ذَنْبٍ وَلا عَلَى حِقْدٍ وَيَهَبُ لِمَنْ ظَلَمَهُ حَقَّهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَنْبَرِيُّ وَقَدْ وَدَّعَ مَحْبُوبًا لَهُ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ قَلْبًا مُذْ فُجِعْتُ بِهِ ... وَبِالأَحِبَّةِ لَمْ أَسْكُنْ إِلَى سَكَنِ قَدْ كَانَ يَحْمِلُ مِنْ هَمِّي وَمِنْ حَزَنِي ... مَا لَيْسَ يَحْمِلُهُ رُوحِي وَلا بَدَنِي لَا عُدْتُ إِنْ عَادَ لِي قَلْبِي أُعَذِّبُهُ ... بِالْحُسْنِ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ جَاءَ مِنْ حَسَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الْبَابُ السَّادِسُ فِي ذِكْرِ مَا يَصْدَأُ بِهِ الْقَلْبُ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَجْلانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ حُذَيْفَةُ إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا أَذْنَبَ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ حَتَّى يَصِيرَ قَلْبُهُ كَالشَّاةِ الرَّبْدَاءِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْخَطِيبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ شَاذَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر ابْن أَبِي الدُّنْيَا قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ الرَّيْنُ أَيْسَرُ مِنَ الطَّبْعِ وَالطَّبْعُ أَيْسَرُ مِنَ الإِقْفَالِ وَالأَقْفَالُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ وَحَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ أَنْبَأَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ مُجَاهِدٍ فَقَالَ الْقَلْبُ هَكَذَا وَبَسَطَ كَفَّهُ فَإِذَا أَذْنَبَ الرَّجُلُ ذَنْبًا قَالَ هَكَذَا فَعَقَدَ وَاحِدًا ثُمَّ إِذَا أَذْنَبَ قَالَ هَكَذَا وَعَقَدَ اثْنَيْنِ ثُمَّ ثَلاثًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ رَدَّ الإِبْهَامَ عَلَى الأَصَابِعِ فِي الذَّنْبِ الْخَامِسِ يُطْبَعُ عَلَى قَلْبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ فَأَيُّكُمْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطْبَعْ عَلَى قَلْبِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ سَقَمُ الْجَسَدِ بِالأَوْجَاعِ وَسَقَمُ الْقُلُوبِ بِالذُّنُوبِ فَكَمَا لَا يَجِدُ الْجَسَدُ لَذَّةَ الطَّعَامِ عِنْدَ سَقَمِهِ فَكَذَلِكَ الْقَلْبُ لَا يَجِدُ حَلاوَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ الذُّنُوبِ وَكَانَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ يَقُولُ إِذَا لَمْ يُسْتَعْمَلِ الْقَلْبُ فِيمَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الْفِكْرِ فِي اجْتِلابِ الْمَصَالِحِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَاجْتِنَابِ الْمَفَاسِدِ تَعَطَّلَ فَاسْتَتَرَتْ جَوْهَرِيَّتُهُ فَإِذَا أُضِيفَ إِلَى ذَلِكَ فِعْلُ مَا يَزِيدُهُ ظُلْمَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَطُولِ النَّوْمِ وَكَثْرَةِ الْغَفْلَةِ صَارَ كَالْحَدِيدِ يَغْشَاهُ الصَّدَأُ فَيُفْسِدُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الْبَابُ السَّابِعُ فِي ذِكْرِ مَا يَنْفِي عَنِ الْقُلُوبِ صَدَأَهَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا جِلاؤُهَا قَالَ تِلاوَةُ الْقُرْآنِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَشْكُو إِلَيْكَ قَسْوَةَ قَلْبِي قَالَ أَذِبْهُ مِنَ الذِّكْرِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ عَائِشَةَ مَا دَوَاءُ قَسْوَةِ الْقَلْبِ فَأَمَرَتْهُ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ وَتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَشَكَا ذَلِكَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ أَدِمَنَّ الصِّيَامَ فَإِنْ وَجَدْتَ قَسْوَةً فَأَطِلِ الْقِيَامَ فَإِنْ وَجَدْتَ قَسْوَةً فَأَقِلَّ الطَّعَامَ وَسُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ مَا دَوَاءُ الْقَلْبِ فَقَالَ قِلَّةُ الْمُلاقَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرَثَانِيُّ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَزْهَر الميفارقيني قَالَ سَمِعْتُ فَتْحَ بْنَ شَخْرَفَ يَقُولُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْقُلُوبَ مَسَاكِنَ لِلْذِكْرِ فَصَارَتْ مَسَاكِنَ لِلْشَهَوَاتِ وَلا يَمْحُو الشَّهَوَاتِ مِنَ الْقُلُوبِ إِلا خَوْفٌ مُزْعِجٌ أَوْ شَوْقٌ مُقْلِقٌ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بن عَليّ بن جَعْفَر قَول سَمِعْتُ الأَزْدِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْخَاص يَقُولُ دَوَاءُ الْقَلْبِ خَمْسَةُ أَشْيَاءٍ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّدَبُرِ وَخَلاءُ الْبَطْنِ وَقِيَامُ اللَّيْلِ وَالتَّضَرُّعُ عِنْدَ السَّحَرِ وَمُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 الْبَابُ الثَّامِنُ فِي ذِكْرِ تَقْلِيبِ الْقُلُوبِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إِصْلاحِهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ وَأَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ كِلاهُمَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا السَّرْخَسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمْيِدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالا حَدَّثَنَا حَيْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي ح وَأَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الأَزْدِيُّ وَالْغَوْرَجِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَيْفَ يَشَاءُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بكر ابْن بخيث قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْحَاسِبُ قَالَ حَدَّثَنَا جُبَارَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الُخُمَيْسِيُّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعِشَارِيُّ قَالَ حَدثنَا الْحُسَيْن ابْن سَمْعُونَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ يَقُولُ حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ ابْن سَمْعَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَزَّ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ قَالَ وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْهِشَامُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ الْخَرَائِطِيُّ وَحَدَّثَنَا التَّرْقُفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُكْثِرُ أَنْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ هَلْ تَخْشَى قَالَ وَمَا يُؤَمِنُنِي يَا عَائِشَةُ وَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ وَقَلَبَ الْوُسْطَى وَالسُّبَابَةَ وَاللَّفْظُ لِسَعْدَانَ وَفِي هَذَا الْبَابِ عَن أَبِي ذَرٍّ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الدَّجَاجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ فَلاةٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لقلب ابْن آدَمَ أَسْرَعُ انْقِلابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ خِضْرَوَيْهِ يَقُولُ الْقُلُوبُ جَوَّالَةٌ إِمَّا أَنْ تَجُولُ حَوْلَ الْعَرْشِ وَإِمَّا أَنْ تَجُولُ حَوْلَ الْحَشِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 الْبَابُ التَّاسِعُ فِي ذِكْرِ الْوَاعِظِ مِنَ الْقَلْبِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِي قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُوَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَعَلَى جَنْبَتَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَاب الصِّرَاط دَاع يَقُول يَا ايها النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلا تَعْرُجُوا وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ يَعْنِي الْعَبْدَ أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وَالصِّرَاطُ الإِسْلامُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمَ اللَّهِ وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقَ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ التَّرْقُفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيُّ عَنِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلا وَلَهُ عَيْنَانِ فِي وَجْهِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وَعَيْنَانِ فِي قَلْبِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ الآخِرَةِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فَتَحَ عَيْنَيْهِ اللَّتَيْنِ فِي قَلْبِهِ فَأَبْصَرَ بِهِمَا مَا وَعَدَ اللَّهُ بِالْغَيْبِ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ تَرْكَهِ عَلَى مَا فِيهِ ثُمَّ قَرَأَ أم على قُلُوب أقفالها وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ لَقِيتُ أَبَا نُوَاسٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَعَذَلْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَرْعَوِي أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَزْدَجِرَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى وَهُوَ يَقُولُ أَتَرَانِي يَا عَتَاهِي ... تَارِكًا تِلْكَ الْمَلاهِي أَتَرَانِي مُفْسِدًا بِالنُّسُكِ عِنْدَ الْقَوْمِ جَاهِي ... قَالَ فَلَمَّا أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ فِي الْعَذْلِ أَنْشَأَ يَقُولُ لَنْ تُرْجِعَ الأَنْفُسَ عَنْ غَيِّهَا ... مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا لَهَا زَاجِرُ فَوَدَدْتُ أَنِّي قُلْتُ هَذَا الْبَيْتُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُلْتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الأَمْرِ بِتَفْرِيغِ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ مَحَبَّةِ الرَّبِّ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدثنَا سعيد ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ سَأَلَ مَحْمُودٌ أَبَا سُلَيْمَانَ وَأَنَا حَاضِرٌ مَا أَقْرَبَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَبَكَى أَبُو سُلَيْمَانَ ثُمَّ قَالَ مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ هَذَا أَقْرَبُ مَا تَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى قَلْبِكَ وَأَنْتَ لَا تُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلا هُوَ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابْن سَهْلٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ النُّسُكُ هُوَ الْعِنَايَةُ بِالسَّرَائِرِ وَإِخْرَاجُ مَا سِوَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقَلْبِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَا مِنْ سَاعَةٍ إِلا وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُطَّلِعٌ عَلَى قُلُوبِ الْعِبَادِ فَأَيُّ قَلْبٍ رَأَى فِيهِ غَيْرَهُ سَلَّطَ عَلَيْهِ إِبْلِيسَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلا يَقُولُ مَنْ نَظَرَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَرِيبًا مِنْهُ بَعُدَ عَنْ قَلْبِهِ كُلُّ شَيْءٍ سِوَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ طَلَبَ مَرْضَاتِهِ أَرْضَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَسْلَمَ قَلْبُهُ تَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَوَارِحَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 قَالَ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصَ يَقُولُ قَالَ لي مُحَمَّد ابْن الْفَضْلِ مَا خَطَوْتُ أَرْبَعِينَ سَنَةً خُطْوَةً لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مَا نَظَرْتُ فِي شَيْءٍ أَسْتَحْسِنَهُ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ النِّسَائِيُّ قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن أبي الحوراي قَالَ قَالَ سَلَمُ الْخَوَّاصُ تَرَكْتُمُوهُ وَأَقْبَلَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَوْ أَقْبَلْتُمْ عَلَيْهِ لَرَأَيْتُمُ الْعَجَائِبَ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ الْحُسَيْنِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ ضَيْغَمٌ لِكِلابٍ إِنَّ حُبَّهُ تَعَالَى شَغَلَ قُلُوبَ مُحِبِّيهِ عَنِ التَّلَذُّذِ بِمَحَبَّةِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مَعَ حُبِّهِ لَذَّةٌ تُدَانِي مَحَبَّتَهُ وَلا يَأْمَلُونَ فِي الآخِرَةِ مِنْ كَرَامَةِ الثَّوَابِ أَكْبَرَ عِنْدَهُمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ مَحْبُوبِهِمْ قَالَ فَسَقَطَ كِلابٌ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَهْلُولٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي خُمَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ حَرَامٌ عَلَى قَلْبٍ أَنْ يَشْتَمَّ رَائِحَةَ الْيَقِينِ وَفِيهِ سُكُونٌ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ وَحَرَامٌ عَلَى قَلْبٍ أَنْ يَدْخُلَهُ النُّورُ وَفِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الصُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ قَالَ قَالَ لبي أَبُو بَكْرٍ الْهِلالِيُّ وَأَشَارَ إِلَى شَجْرَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ هَذِهِ الشَّجْرَةُ مَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا نَظْرَةً فَرَجَعَ طَرْفِي إِلَيَّ إِلا بِعُقُوبَةٍ أَوْ توبيخ فِي سرى يُقَال لِي تَكُونُ بَيْنَ أَيْدِينَا وَتَنْظُرُ إِلَى سِوَانَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ العشاري قَالَ حَدثنَا مبادر ابْن عُبَيْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الأَزْهَرِ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيَّ قَالَ لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ الْجَبَلِيَّ بِسِكَّةٍ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى وَطَنِهِ وَتَزَوُجِهِ بِابْنَةِ عَمِّهِ وَكَانَ قَدْ قَطَعَ الْبَادِيَةَ حَافِيًا فَحَدَّثَنِي أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَتَزَوَّجَ شُغِفَ بِابْنَةَ عَمِّهِ شَغَفًا شَدِيدًا حَتَّى مَا كَانَ يُفَارِقُهَا لَحْظَةً قَالَ فَتَفَكَّرْتُ لَيْلَةً فِي كَثْرَةِ مَيْلِي إِلَيْهَا وَشَغَفِي بِهَا فَقُلْتُ مَا يُحْسِنُ بِي أَنْ أَرِدَ الْقِيَامَةَ وَفِي قَلْبِي هَذِهِ فَتَطَهَّرْتُ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ وَقُلْتُ سَيِّدِي رُدَّ قَلْبِي إِلَى مَا هُوَ أَوْلَى فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى فَتُوُفِّيَتْ يَوْمَ الثَّالِثِ ونويت الخروح حَافِيًا مِنْ وَقْتِي إِلَى مَكَّةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَامِدٍ يَقُولُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ خِضْرَوَيْهِ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ رِعَايَةُ السِّرِّ عَنِ الالْتِفَاتِ إِلَى شَيْءٍ سِوَى اللَّهِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمُرْتَعِشَ يَقُولُ سُكُونُ الْقَلْبِ إِلَى غَيْرِ الْمَوْلَى تَعْجِيلُ عُقُوبَةٍ مِنَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا السَّرَّاجُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يَحْيَى النقاش قَالَ سُئِلَ الشبيل عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم فَقَالَ أبصار الرؤوس عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَأَبْصَارُ الْقُلُوبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ وَسَمِعْتُ ابْنَ سَمْعُونَ يَقُولُ فِي مَجْلِسِهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ أَوْ تِمْثَالٌ فَإِذَا كَانَ الْمَلَكُ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ أَوْ تِمْثَالٌ فَكَيْفَ تَدْخُلُ شَوَاهِدُ الْحَقِّ قَلْبًا فِيهِ أَوْصَافُ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ الْفَقِيهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ النِّعَالِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْبٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ رُقَيَّةُ الْعَابِدَةُ الْمُوصِلِيَّةُ إِنِّي لأُحِبُّ رَبِّي حُبًّا شَدِيدًا فَلَوْ أَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ لَمَا وَجَدْتُ لِلنَّارِ حَرَارَةً مَعَ حُبِّهِ وَلَوْ أَمَرَ بِي إِلَى الْجَنَّةِ لَمَا وَجَدْتُ لِلْجَنَّةِ لَذَّةً مَعَ حُبِّهِ لأَنَّ حُبَّهُ هُوَ الْغَالِبُ عَلِيَّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مَحْمُودٍ الزَّوْزَنِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَامِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَيْبَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَسَّانٍ أَوِ ابْنَ أَبِي حَسَّانٍ يَقُولُ كُنْتُ مَارًّا فِي الْبَادِيَةِ فَإِذَا أَنَا بِرَاهِبٍ قَدْ أَحْرَقَتْهُ السُّمُومُ وَالرِّيَاحُ فَقُلْتُ لَهُ عِظْنِي فَقَالَ لِي احْذِرْ فَإِنَّهُ غَيُورٌ لَا يُحِبُّ أَنْ يَرَى فِي قَلْبِ عَبْدِهِ أَحَدًا سِوَاهُ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ التَّمِيمِيُّ الْعَابِدُ قَالَ رَأَيْتُ فَتًى فِي بَعْضِ سَوَاحِلِ الشَّامِ فَقُلْتُ يَا فَتَى مُنْذُ كم أَنْت هَا هُنَا قَالَ لَا أَدْرِي فَقُلْتُ وَلِمَ قَالَ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِمَنْ يُحِبُّ أَنْ يُحْصِيَ الأَوْقَاتِ عَلَى مَنْ يُحِبُّهُ ثُمَّ أَنْشَدَنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 إِذَا فَرَّقَتْ بَيْنَ الْمُحِبِينَ سَلْوَةٌ ... فَحُبُكَ لِي حَتَّى الْمَمَاتِ قَرِينُ سَأُصْفِيكَ وُدِي مَا حَيِيتُ فَإِنْ أَمُتْ ... بِوُدِّكَ عَظْمِي فِي التُّرَابِ دَفِينُ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الأَشْرَافِ أَنَّهُ اجْتَازَ بِمَقْبَرَةٍ فَإِذَا جَارِيَةٌ حَسْنَاءُ عَلَيْهَا ثِيَابٌ سَوْدَاءُ فَعَلَقَتْ بِقَلْبِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهَا قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الشَّمْسَ وَاحِدَةٌ ... وَالْبَدْرُ فِي مَنْظَرٍ بِالْحُسْنِ مَوْصُوفُ حَتَّى رَأَيْتُكِ فِي أَثْوَابِ ثَاكِلَةٍ ... سُودٍ وَصُدْغُكِ فَوْقَ الْخَدِّ مَعْطُوفُ فَرُحْتُ وَالْقَلْبُ مِنِّي هَائِمٌ دَنِفٌ ... وَالْكِبْدُ حَرَّى وَدَمْعُ الْعَيْنِ مَذْرُوفُ رُدِّي الْجَوَابَ فَفِيهِ الشُّكْرُ وَاغْتَنِمِي ... وَصْلَ الْمُحِبِّ الَّذِي بِالْحُبِّ مَوْقُوفُ وَرَمَى بِالرُّقْعَةِ إِلَيْهَا فَلَمَّا قَرَأَتْهَا كَتَبَتِ الْجَوَابَ إِنْ كُنْتَ ذَا حَسَبٍ بَاقٍ وَذَا نَسَبٍ ... إِنَّ الشَّرِيفَ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَعْرُوفُ إِنَّ الزُّنَاةَ أُنَاسٌ لَا خَلاقَ لَهُمْ ... فَاعْلَمْ بِأَنَّكَ يَوْمَ الدِّينِ مَوْقُوفُ وَاقْطَعْ رجاك كاك اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ ... فَإِنَّ قَلْبِي عَنِ الْفَحْشَاءِ مَصْرُوفُ فَلَمَّا قَرَأَ الرُّقْعَةَ زَجَرَ نَفْسَهُ وَقَالَ لَبِئْسَ امْرَأَةٌ تَكُونُ أَشْجَعَ مِنْكِ ثُمَّ تَابَ وَلَبِسَ مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ وَالْتَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ فَبَيْنَا هُوَ فِي الطَّوَافِ يَوْمًا إِذَا بِجَارِيَةٍ عَلَيْهَا جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ وَإِذَا هِيَ تِلْكَ الْجَارِيَةُ فَقَالَتْ مَا أَلْيَقَ هَذَا بِالشَّرِيفِ هَلْ لَكَ فِي الْمُبَاحِ فَقَالَ كُنْتُ أَرُومُ هَذَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْحَقَّ وَأَحِبَّهُ وَالآنُ فَقَدْ شَغَلَنِي حُبُّهُ عَنْ حُبِّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ مَا قُلْتُ لَكَ هَذَا إِلا لاخْتِبَارِكَ لأَعْلَمَ حَدَّ مَا انْتَهَيْتَ إِلَيْهِ ثُمَّ طَافَتْ وَأَنْشَدَتْ وَطُفْنَا فَلاحَتْ فِي الطَّوَافِ لَوَائِحٌ ... غَنِينَا بِهَا عَمَّا يُشَاهَدُ بِالْعَقْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِي الأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ الْبَصَرَ صَاحِبُ خَبَرِ الْقَلْبِ يَنْقُلُ إِلَيْهِ أَخْبَارَ الْمُبْصَرَاتِ وَيَنْقُشُ فِيهِ صُوَرَهَا فَيَجُولُ فِيهَا الْفِكْرُ فَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا يَنْفَعُهُ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ وَلَمَّا كَانَ إِطْلاقُ الْبَصَرِ سَبَبًا لِوُقُوعِ الْهَوَى فِي الْقَلْبِ أَمَرَكَ الشَّرْعُ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا يُخَافُ عَوَاقِبَهُ فَإِذَا تَعَرَّضْتَ بِالتَّخْلِيطِ وَقَدْ أُمِرْتَ بِالْحَمِيَّةِ فَوَقَعْتَ إِذًا فِي أَذًى فَلِمَ تُضَجُّ مِنْ أَلِيمِ الأَلَمِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى مُسَبِّبِ هَذَا السَّبَب وَنبهَ على مَا يَئُول إِلَيْهِ هَذَا الشَّرُّ بِقَوْلِهِ وَيَحْفَظُوا فروجهم ويحفظن فروجهن أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الطُّوسِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن الْبَنَّا وَأَبُو الْفضل ابْن الْعَالِمَةِ وَأَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ قَالُوا أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حُبَابَةَ وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالُوا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنَانِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَضَالُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اكْفَلُوا لِي بِسِتٍّ أَكْفُلُ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلا يَكْذِبْ وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلا يَخُنْ وَإِذَا وَعَدَ فَلا يُخْلِفْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنَى فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ عَرَضَ لَهُ أَعْرَابِيٌّ مُرْدِفَ ابْنَةٍ لَهُ جَمِيلَةٍ وَكَانَ يُسَايِرُهُ قَالَ فَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا فَنَظَرَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَلَبَ وَجْهِي عَنْ وَجْهِهَا ثُمَّ أَعَدْتُ النَّظَرَ فَقَلَبَ وَجْهِي عَنْ وَجْهِهَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرَثَانِيُّ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَزْهَر الميافارقيني قَالَ سَمِعْتُ فَتْحَ بْنَ شَخْرَفَ يَقُولُ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 ابْن خُبَيْقٍ يَا خُرَاسَانِيُّ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ لَا غَيْرَ عَيْنُكَ وَلِسَانُكَ وَقَلْبُكَ وَهَوَاكَ فَانْظُرْ عَيْنَكَ لَا تَنْظُرُ بِهَا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ وَانْظُرْ لِسَانَكَ لَا تَقُلْ بِهِ شَيْئًا يَعْلَمُ اللَّهُ خِلافَهُ مِنْ قَلْبِكَ وَانْظُرْ قَلْبَكَ لَا يَكُونُ فِيهِ غِلٌّ وَلا حِقْدٌ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَوَاكَ لَا تَهْوَ شَيْئًا مِنَ الشَّرِّ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيكَ هَذِهِ الأَرْبَعُ خِصَالٍ فَاجْعَلِ الرَّمَادَ عَلَى رَأْسِكَ فَقَدْ شَقِيتَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل قَالَ حَدثنَا هرون ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ قَالَ دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَاشِرَ الأَتْقِيَاءِ تَعَالَوْا أُعَلِّمْكُمْ خَشْيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْكُمْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا وَيَرَى الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فَلْيَحْفَظْ عَيْنَيْهِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى السُّوءِ وَلِسَانَهُ أَنْ يَنْطِقَ بِالإِفْكِ عَيْنُ اللَّهِ إِلَى الصِّدِّيقِينَ وَهُوَ سَمِيعٌ لَهُمْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْفَرْغَانِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ سَمِعْتُ السُّرِّيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ يَقُولُ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَلَوْ عَنْ شَاةٍ أُنْثَى أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ذِي النِّونِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وَبَيْنَ يَدَيْهِ فَتَى حَسَنٌ يُمْلِي عَلَيْهِ شَيْئًا فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ وَخُلُقٍ فَجَعَلَ الْفَتَى يُسَارِقُ النَّظَرَ إِلَيْهَا فَفَطِنَ ذُو النُّونِ فَلَوَى عُنُقَ الْفَتَى وَأَنْشَأَ يَقُولُ دَعِ الْمَصُوغَاتِ مِنْ مَاءٍ وَمِنْ طِينِ ... وَاشْغِلْ هَوَاكَ بِحُورٍ خُرَّدٍ عِينِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَلَدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ اصْرِفْ هَمَّكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أَنْ تَنْظُرَ بِالْعَيْنِ الَّتِي بِهَا تُشَاهِدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَسْقُطَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْن عَلِيٍّ الْخَيَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن جَعْفَر ابْن مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلٌ تَابَ وَقَالَ لَوْ ضُرِبَ ظَهْرِي بِالسِّيَاطِ مَا دَخَلْتُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلا أَنَّهُ لَا يَدَعُ النَّظَرَ فَقَالَ أَيُّ تَوْبَةٍ هَذِهِ قَالَ جَرِيرٌ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي ذَمِّ فُضُولِ النَّظَرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاكِمُ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدِيرُ قَالُوا أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُورِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ كَنْزًا وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا فَلا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ سَلَمَةُ يَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بُخَيْتٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ ذُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُرَيْكٍ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وُعُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ قَالا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أبونصر أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النِّيَازِكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْخَيْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ وَمَعَهُ قَوْمٌ وَفِي الْبَيْتِ امْرَأَةٌ فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوِ انْفَقَأَتْ عَيْنُكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ كُلَيْبٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ لَوْ أَمَرْتَ بِمَا فِي سَقْفِ الْبَيْتِ مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ فَنُظِّفَ فَقَالَ لَهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ فُضُولَ النَّظَرِ ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ نُبِّئْتُ أَنَّ مُجَاهِدًا كَانَتْ فِي دَارِهِ عُلِّيَّةٌ ثَلاثِينَ سَنَةً لَمْ يَشْعُرْ بِهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنِ الْمَدَائِنِي عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ طَلَبَ دَاوُدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعْضُ أُمَرَاءِ الْبَصْرَةِ فَلَجَأَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ مَنْزِلُهُ أَقْصَى الْبَصْرَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وَكَانَ الرَّجُلُ غَيُورًا فَأَنْزَلَهُ مَنْزِلَهُ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا زَرْقَاءُ وَكَانَتْ جَمِيلَةٌ فَخَرَجَ الرَّجُلُ فِي حَاجَةٍ وَأَوْصَاهَا أَنْ تُلْطِفَهُ وَتَخْدُمَهُ فَلَمَّا قدم الرجل قَالَ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ الزَّرْقَاءَ وَكَيْفَ كَانَ لُطْفُهَا بِكَ قَالَ مَنِ الزَّرْقَاءُ قَالَ أُمُّ مَنْزِلِكَ قَالَ مَا أَدْرِي أَزَرْقَاءُ هِيَ أَمْ كَحْلاءُ فَأَتَاهَا زَوْجُهَا فَتَنَاوَلَهَا وَقَالَ أَوْصَيْتُكِ بِدَاوُدَ أَنْ تُلْطِفِيهِ وَتَخْدُمِيهِ فَلَمْ تَفْعَلِي قَالَتْ أَوْصَيْتِنِي بَرَجُلٍ أَعْمَى وَاللَّهِ مَا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيَّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْن نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّرَّادُ قَالَ خَرَجَ حَسَّانُ إِلَى الْعِيدِ فَقِيلَ لَهُ لَمَّا رَجَعَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا عِيدًا أَكْثَرَ نِسَاءً مِنْهُ قَالَ مَا لَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ حَتَّى رَجَعْتُ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ وَحَدَّثَنِي غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا يُقَالُ لَهُ أَبُو حَكِيمٍ قَالَ خَرَجَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ كَمْ مِنَ امْرَأَةٍ حَسَنَة قد نظرت الْيَوْم فَلم أكثرت قل وَيْحَكِ مَا نَظَرَتُ إِلا فِي إِبْهَامِي مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَكِ حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيلٍ الْعَنْزِيُّ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الضَبِّيُّ قَالَ قَدِمَتْ بَنُو كِلابٍ الْبَصْرَةَ فَأَتَيْتُهُمْ فَإِذَا عُجُوزٌ مَعَهَا صَبِيَّةٌ لَمْ أَرَ أَجْمَلَ مِنْهَا وَأَنَا إِذْ ذَاكَ غُلامٌ فَجَعَلْتُ أُدِيمُ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَفَطِنَتِ الْعَجُوزُ لِنَظَرِي فَقَالَتْ لِي يَا بُنَيَّ مَا أَحْوَجَكَ إِلَى مَا يَكُفُّ بَصَرَكَ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَمَنْ يَتَّبِعْ عَيْنَيْهِ فِي النَّاسِ لَا يَزَلْ ... يَرَى حَاجَةً مَمْنُوعَةً لَا يَنَالُهَا قَالَ فَانْصَرَفْتُ وَاللَّهِ لَمْ أَحِرْ جَوَابًا وَفِي قَلْبِي مِثْلَ النَّارِ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا قَالَ الْمَرْأَةُ تَمُرُّ بِالرَّجُلِ فَلا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَلا يَنْتَفِعُ بِهَا فَأَيُّ شَيْءٍ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا وَأَنْشَدَ مِسْكِينٌ الدَّارَمِيُّ مَا ضُرَّ لِي جَارٌ أُجَاوِرُهُ ... أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ أَعْمَى إِذَا مَا جَارَتِي خَرَجَتْ ... حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي الْخِدْرُ وَتَصُمُّ عَمَّا بَيْنَهُمْ أُذُنِي ... حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ وَقْرُ وَكَانَ فِي عَصْرِنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَحْشَوَيْهِ الْحَرْبِيُّ لَا يَمْشِي إِلا وَعَلَى رَأْسِهِ طَرْحَةٌ لِيَكُفَّ بِذَلِكَ بَصَرَهُ عَنِ الانْطِلاقِ وَدَخَلَ دَار اخت لَهُ فَرَأى لاجة امْرَأَةٍ فَقَالَ نَحُّوا تِلْكَ الَّلالِجَةَ كي لَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ شَرِّ النَّظَرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنَانُ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَينِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَنَفِيُّ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْقَاضِي قَالَ أَنبأَنَا عَليّ ابْن حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَيَّنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِي شُعْبَةَ أَوْ شَيْبَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ اتَّقِ النَّظْرَةَ بَعْدَ النَّظْرَةِ فَإِنَّهَا سَهْمٌ مَسْمُومٌ يُورِثُ الشَّهْوَةَ فِي الْقَلْبِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُبَارَكٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ التَّمَارُ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 ابْن عَلِيٍّ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِد ابْن مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ يَقُولُ النَّظَرُ يَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةُ وَكَفَى بِهَا خَطِيئَةٌ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَتِيقِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمشاب قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا الْفضل ابْن مُوسَى الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ إِيَّاكُمْ وَالنَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ وَكَفَى بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يَغُضُّ بَصَرَهُ فَمَرَّ بِهِ نِسْوَةٌ فَأَطْرَقَ حَتَّى ظَنَّ النِّسْوَةُ أَنَّهُ أَعْمَى فَتَعَوَّذْنَ بِاللَّهِ مِنَ الْعَمَى أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بُخَيْتٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ نَظْرَةٍ فَإِنَّ لِلْشَيْطَانِ فِيهَا مَطْمَعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 قَالَ هَنَّادٌ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشَّيْطَانُ مِنَ الرَّجُلِ فِي ثَلاثَةِ مَنَازِلَ فِي بَصَرِهِ وَقَلْبِهِ وَذِكْرِهِ وَهُوَ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي ثَلاثَةِ مَنَازِلَ فِي بَصَرِهَا وَقَلْبِهَا وَعَجُزِهَا قَالَ هَنَّادٌ وَحَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ قَالَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ فَتَمُرُّ بهُمُ الْمَرْأَةُ فَيُرِيَهُمْ أَنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ رَأَى مِنْهُمْ غَفْلَةً نَظَرَ إِلَيْهَا فَإِنْ خَافَ أَنْ يَفْطُنُوا إِلَيْهِ غَضَّ بَصَرَهُ وَقَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يَوَدُّ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهَا قَالَ هَنَّادٌ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كُلُّ نَظْرَةٍ يَهْوَاهَا الْقَلْبُ فَلا خَيْرَ فِيهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ حَبْلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ سِنَانَ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ مَا أُحِبُّ أَنِّي بَصِيرٌ إِنِّي أَذْكُرُ أَنِّي نَظَرْتُ نَظْرَةً وَأَنَا شَابٌّ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ لابْنِهِ يَا بُنَيَّ امْشِ وَرَاءَ الأَسَدِ وَالأَسْوَدِ وَلا تَمْشِ وَرَاءَ امْرَأَةٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَدِّبُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعِيزَارِ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ طَالَ أَسَفُهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْعَلَاء بن زِيَاد قَالَ لاتتبع بَصَرَكَ رِدَاءَ امْرَأَةٍ فَإِنَّ النَّظْرَةَ تَجْعَلُ فِي الْقَلْبِ شَهْوَةً أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخُتُلِّيُّ قَالَ أَنبأَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى الْمَمْلُوكَةِ قَالَ إِذَا خَافَ الْفِتْنَةَ لَا يَنْظُرُ كَمْ نَظْرَةٍ قَدْ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلابِلَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّوْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ الرُّوذَبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ ذُو النُّونِ اللَّحَظَاتُ تُورِثُ الْحَسَرَاتِ أَوَّلُهَا أَسَفٌ وَآخِرُهَا تَلَفٌ فَمَنْ تَابَعَ طَرْفَهُ تَابَعَ حَتْفَهُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دَوْمَا قَالَ أَنْبَأَنَا الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أَوَّلُ الْعِشْقِ النَّظَرُ وَأَوَّلُ الْحَرِيقِ الشَّرَرُ قَالَ الذَّارِعُ وَحَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَنَا مَهْدِيُّ بْنُ سَابِقٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 اجْتَمَعَ عِنْدَ الإِسْكَنْدَرِ نَفَرٌ مِنَ الْفَلاسِفَةِ فَذَكَرُوا يَوْمًا تُولَدُ الْمَحَبَّةُ مِنَ النَّظَرِ فَقَالَ أَحَدُهُمُ النَّظَرُ أَوَّلُهُ أَسَفٌ وَآخِرُهُ تَلَفٌ وَقَالَ آخَرُ مَنْ طَاوَعَ طَرْفَهُ تَابَعَ حَتْفَهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن عَليّ ابْن بِشْرٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ بَيَّنَّا رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذْ بَصَرَ بِامْرَأَةٍ ذَاتِ جَمَالٍ وَقَوَامٍ فَأَفْتَنَتْهُ وَشَغَلَتْ قَلْبَهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الْحُبَّ يَعْرِضُ لِي ... عِنْدَ الطَّوَافِ بِبَيْتِ اللَّهِ ذِي السُّتَرِ حَتَّى ابْتُلِيتُ فَصَارَ الْقَلْبُ مُخْتَبِلا ... مِنْ حُبِّ جَارِيَةٍ حوراء كَالْقَمَرِ ياليتني لَمْ أَكُنْ عَايَنْتُ صُورَتَهَا ... لِلَّهِ مَاذَا تَوَّخَانِي بِهِ بَصَرِي فَاحْذَرْ يَا أَخِي وَفَّقَكَ اللَّهُ مِنْ شَرِّ النَّظَرِ فَكَمْ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ عَابِدٍ وَفَسَخَ عَزْمَ زَاهِدٍ وَسَتَرَى فِي غُضُونِ هَذَا الْكِتَابِ مَا تَعْتَبِرُ بِهِ مِنْ قِصَصٍ مِنْ فِتْنَةِ النَّظَرِ فَاتَّعِظْ بِذَلِكَ وَتَلَّمَحْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّظَرُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ لأَنَّ السَّهْمَ يَسْرِي إِلَى الْقَلْبِ فَيَعْمَلَ فِي الْبَاطِنِ قَبْلَ أَنْ يُرَى عَمَلَهُ فِي الظَّاهِرِ فَاحْذَرْ مِنَ النَّظَرِ فَإِنَّهُ سَبَبُ الآفَاتِ إِلا أَنَّ عِلاجَهُ فِي بِدَايَتِهِ قَرِيبٌ فَإِذَا كُرِّرَ تَمَكَّنَ الشَّرُّ فَصَعُبَ عِلاجُهُ وَأَضْرِبُ لَكَ فِي ذَلِكَ مَثَلا إِذَا رَأَيْتَ فَرَسًا قَدْ مَالَتْ بِرَاكِبِهَا إِلَى دَرْبٍ ضَيِّقٍ فَدَخَلَتْ فِيهِ بِبَعْضِ بَدَنِهَا وَلِضِيقِ الْمَكَانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَدُورَ فِيهِ فَصِيحَ بِهِ ارْجِعْهَا عَاجِلا قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ دُخُولُهَا فَإِنْ قَبِلَ وَرَدَّهَا خُطْوَةً إِلَى وَرَائِهَا سَهُلَ الأَمْرُ وَإِنْ تَوَانَى حَتَّى وَلِجَتْ ثُمَّ قَامَ يَجْذِبُهَا بِذَنَبِهَا طَالَ تَعَبُهُ وَرُبَّمَا لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وَكَذَلِكَ النَّظْرَةُ إِذَا أَثَّرَتْ فِي الْقَلْبِ فَإِنْ عَجِلَ الْحَازِمُ بِغَضِّهَا وَحَسِمَ الْمَادَةَ مِنْ أَوَّلِهَا سَهُلَ عِلاجُهُ وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ نَقَّبَ عَنْ مَحَاسِنِ الصُّورَةِ وَنَقَلَهَا إِلَى قَلْبٍ مُتَفَرِّغٍ فَنَقَشَهَا فِيهِ فَكُلَمَا تَوَاصَلَتِ النَّظَرَاتُ كَانَتْ كَالْمِيَاهِ تُسْقَى بِهَا الشَّجْرَةُ فَلا تَزَالُ تَنْمِي فَيَفْسِدُ الْقَلْبُ وَيُعْرِضُ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَيَخْرُجُ بِصَاحِبِهِ إِلَى الْمِحَنِ وَيُوجِبُ ارْتِكَابَ الْمَحْظُورَاتِ وَيُلْقِي فِي التَّلَفِ وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الْهَلاكِ أَنَّ النَّاظِرَ أَوَّلَ نَظْرَةٍ الْتَذَّ بِهَا فَكَرَّرَهَا يَطْلُبُ الالْتِذَاذَ بِالنَّظَرِ مُسْتَهِينًا بِذَلِكَ فَأَعْقَبَهُ مَا اسْتَهَانَ بِهِ التَّلَفُ وَلَوْ أَنَّهُ غَضَّ عِنْدَ أَوَّلِ نَظْرَةٍ لَسَلِمَ فِي بَاقِي عُمْرِهِ فَصْلٌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ فِي وَصْفِ الْبَلايَا الَّتِي حَلَّتْ بِالنَّاظِرِينَ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ تَزَوَّدَ مِنْهَا نَظْرَةً لَمْ تَدَعْ لَهُ ... فُؤَادًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِمَا قَدْ تَزَوَّدَا فَلَمْ أَرَ مَقْتُولا وَلَمْ أَرَ قَاتِلا ... بِغَيْرِ سِلاحٍ مِثْلَهَا حِينَ أَقْصَدَا وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ صُوْلٍ الْكَاتِبُ مَنْ كَانَ يُؤْتَى مِنْ عَدُوٍّ وَحَاسِدٍ ... فَإِنِّي مِنْ عَيْنِي أُتِيتُ وَمِنْ قَلْبِي هُمَا اعْتَوَرَانِي نَظْرَةً ثُمَّ فِكْرَةً ... فَمَا أَبْقَيَا لِي مِنْ رُقَادٍ وَلا لُبِّ وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ قَعَدْتُ إِلَى أَعْرَابِيٍّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمَّارٍ وَإِذَا هُوَ يَفْتُلُ أَصَابِعَهُ وَيَتَلَهَّفُ فَقُلْتُ عَلامَ تَتَلَهَّفُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ عَيْنَايَ مَشْئُومَتَانِ وَيْحَهُمَا ... وَالْقَلْبُ حَيْرَانُ مُبْتَلَى بِهِمَا عَرَّفَتَاهُ الْهَوَى لِظُلْمِهِمَا ... يَا لَيْتَنِي قَبْلَهَا عَدِمْتُهُمَا هُمَا إِلَى الْحِينِ قَادَتَا وَهُمَا ... دِلٌّ عَلَى مَا أُجِنَّ دَمْعُهُمَا سَاعَدَتَا الْقَلْبَ فِي هَوَاهُ فَمَا ... سَبَبُ هَذَا الْبَلاءِ غَيْرُهُمَا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْشَدَنِي الدُّولابِيُّ قَلْبِي يَقُولُ لِطَرْفِي هِجْتَ لِي سَقَمًا ... وَالْعَيْنُ تَزْعُمُ أَنَّ الْقَلْبَ أَبْكَاهَا وَالْجِسْمُ يَشْهَدُ أَنَّ الْعَيْنَ كَاذِبَةٌ ... هِيَ الَّتِي هَيَّجَتْ لِلْقَلْبِ بَلْوَاهَا لَوْلا الْعُيُونُ وَمَا تَجْنِينَ مِنْ سَقَمٍ ... مَا كُنْتُ مُطَّرِحًا فِي سُرَّ مَنْ رَاهَا قَالَ وَأَنْشَدَنِي الدُّولابِيُّ يَقُولُ قَلْبِي لِطَرْفِي إِذْ بَكَى جَزَعًا ... تَبْكِي وَأَنْتَ الَّذِي حَمَّلْتَنِي الْوَجَعَا فَقَالَ طَرْفِي لَهُ فِيمَا يُعَاتِبُهُ ... بَلْ أَنْتَ حَمَّلْتَنِي الآمَالَ وَالطَّمَعَا حَتَّى إِذَا مَا خَلا كُلٌّ بِصَاحِبِهِ ... كِلاهُمَا بِطَوِيلِ السُّقْمِ قَدْ قَنَعَا نَادَاهُمَا كَبِدِي لَا تتلفا فَلَقَد ... قطعتماني بِمَا لَا قيتما قِطَعَا قَالَ وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَارِسْتَانِيُّ رَمَانِي بِهَا طَرْفِي فَلَمْ يُخْطِ مَقْتَلِي ... وَمَا كُلُّ مَنْ يُرْمَى تُصَابُ مَقَاتِلُهْ إِذَا مِتُّ فَابْكُونِي قَتِيلا لِطَرْفِهِ ... قَتِيلَ عَدُوٍّ حَاضِرٍ مَا يُزَايِلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وَمن هَا هُنَا قَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ مُتَيَّمٌ يَرْعَى نُجُومَ الدُّجَى ... يَبْكِي عَلَيْهِ رَحْمَةً عَاذِلُهْ عَيْنِي أَشَاطَتْ بِدَمِي فِي الْهَوَى ... فَابْكُوا قَتِيلا بَعْضُهُ قَاتِلُهْ وَمن هَا هُنَا قَالَ الْمُتَنَبِي وَأَنَا الَّذِي اجْتَلَبَ الْمَنِيَّةَ طَرْفُهُ ... فَمَنِ الْمُطَالِبِ وَالْقَتِيلُ الْقَاتِلُ وَقَالَ أَيْضًا يَا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقَادَ وَغَادَرَتْ ... فِي حَدِّ قَلْبِي مَا حَيِيتُ فُلُولا كَانَتْ مِنَ الْكَحْلاءِ سُؤْلِي إِنَّمَا ... أَجَلِي تَمَّثلَ فِي فُؤَادِي سُولا وَقَالَ أَيْضًا وُقِيَ الأَمِيرُ هَوَى الْعُيُونِ فَإِنَّهُ ... مَالا يَزُولُ بِبِأْسِهِ وَسَخَائِهِ يَسْتَأْسِرُ الْبَطَلَ الْكَمِيَّ بِنَظْرَةٍ ... وَيَحُولُ بَيْنَ فُؤَادِهِ وَعَزَائِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ وَمَا أَدْرِي إِذَا مَا جَنَّ لَيْلِي ... أَشَوْقًا فِي فُؤَادِي أَمْ حَرِيقَا أَلا يَا مُقْلَتِيَّ دَهِيتُمَانِي ... بِلَحْظِكُمَا فَذُوقَا ثُمَّ ذُوقَا وَلَهُ وَيْحَ الْقُلُوبِ مِنَ الْعُيُونِ لَقَدْ ... قَامَتْ قِيَامَتُهُنَّ فِي الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 وَلِخَالِدٍ الْكَاتِبِ وَمُسْتَرِيحِ الأَجْفَانِ مِنْ سَهَرٍ ... أَوْرَثَنِيهِ بِطُولِ إِعْرَاضِ يَا طَرْفُ هَذَا الَّذِي جَنَيْتَ فَذُقْ ... نَغَّصَكَ الْيَوْمَ أَمْسُكَ الْمَاضِي وَلَهُ يَا رَبِّ مَاذَا جَنَتْ عَيْنِي عَلَى بَدَنِي ... مِنَ السِّقَامِ فَلَيْتَ الْعَيْنَ لَمْ تَكُنِ لَمْ تَذْهَبِ النَّفْسُ إِلا عِنْدَ لَحْظَتِهَا ... وَحَسْبُهَا أَنْ تَرَى الْمَمْلُوكَ يَمْلِكُنِي جِسْمِي وَرُوحِي مَقْرُونَانِ فِي قَرَنِ ... مُوَكَّلانِ بِطُولِ السُّقْمِ وَالْحَزَنِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الصِّقِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ يُنْشِدُ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ عَاتَبْتُ قَلْبِيَ لَمَّا ... رَأَيْتُ جِسْمِي نَحِيلا فَأَلْزَمَ الْقَلْبُ طَرْفِي ... وَقَالَ كُنْتَ الرَّسُولا فَقَالَ طَرْفِي لِقَلْبِي ... بَلْ أَنْتَ كُنْتَ الْوَكِيلا فَقُلْتُ كُفَّا جَمِيعًا ... تَرَكْتُمَانِي قَتِيلا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي مُحَمَّدٌ الْعُصْفُرِيُّ قَالَ دَخَلَ أَصْبَهَانَ قَوَّالٌ وَكَانَ يُغَنِّي بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ سَمَاعًا يَا عِبَادَ اللَّهِ مِنِّي ... وَمِيلُوا عَنْ مُلاحَظَةِ الْمِلاحِ فَإِنَّ الْحُبَّ آخِرَهُ الْمَنَايَا ... وَأَوَّلُهُ شَبِيهٌ بِالْمِزَاحِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْمُظَفَّرِ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبِي قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو بَدْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وَشَادِنٍ لَمَّا شَدَا ... أَسْلَمَنِي إِلَى الرَّدَى بِطَرْفِهِ وَظُرْفِهِ ... وَلُطْفِهِ لَمَّا بَدَا أَرَدْتُ أَنْ أَصِيدَهُ ... فَاصْطَادَ قَلْبِي وَعَدَا وَلِبَعْضِهِمْ فِي مُعَاتَبَةِ الطَّرْفِ وَاللَّهِ يَا بَصَرِي الْجَانِي عَلَى جَسَدِي ... لأَطْفِيَنَّ بِدَمْعِي لَوْعَةَ الْحَزَنِ بِاللَّهِ تَطْمَعُ أَنْ أْبَلى هَوًى وَضَنًى ... وَأَنْتَ تَطْعَمُ مِنْ غَمْضٍ وَمِنْ وَسَنِ هَيْهَاتَ حَتَّى تَرَى طَرْفًا بِلا نَظَرٍ ... كَمَا أَرَى أَنَّنِي شَخْصٌ بِلا بَدَنِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ يَا مَنْ رَأَى سَقَمِي يَزِيدُ ... وَعِلَّتِي تُعْيِي طَبِيبِي لَا تَعْجَبَنَّ فَهَكَذَا ... تَجْنِي الْعُيُونُ عَلَى الْقُلُوب وَقَالَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ الْفَضْلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِلْعُيُونِ وَقَائِعٌ ... إِنْسَانُهَا الطَّمَّاحُ فِيهَا يَكْلَمُ لَوْ لَمْ تَكُنْ جَرْحَى غَدَاةَ لِقَائِهِمْ ... مَا كَانَ يَجْرِي مِنْ مَآقِيهَا الدَّمُ وَقَالَ أَيْضًا لَوَاحِظُنَا تَجْنِي وَلا عِلْمَ عِنْدَهَا ... وَأَنْفُسُنَا مَأْخُوذَةٌ بِالْجَرَائِرِ وَلَمْ أَرَ أَغْبَى مِنْ نُفُوسِ عَفَائِفٍ ... تُصَدِّقُ أَخْبَارَ الْعُيُونِ الْفَوَاجِرِ وَمَنْ كَانَتِ الأَجْفَانُ حُجَّابَ قَلْبِهِ ... أَذِنَّ عَلَى أَحْشَائِهِ بِالْفَوَاقِرِ وَقَالَ أَيْضًا أَبَدًا جِنَايَاتِ الْعُيُونِ ... بِحَرِّهَا يُصْلَى الْفُؤَادُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَلأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْخَفَاجِيِّ رَمَتْ عَيْنُهَا عَيْنِي وَرَاحَتْ سَلِيمَةً ... فَمَنْ حَاكِمٌ بَيْنَ الْكَحِيلَةِ وَالْعَبْرَى فَيَا طَرْفُ قَدْ حَذَّرْتُكَ النَّظْرَةَ الَّتِي ... خَلَسْتَ فَمَا رَاقَبْتَ نَهْيًا وَلا زَجْرَا وَيَا قَلْبُ قَدْ أَرْدَاكَ مِنْ قَبْلُ مَرَّةً ... فَوَيْحَكَ لِمَ طَاوَعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَلَهُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَخْلِسْ مَحَاسِنَهُ ... فَإِنَّ طَرْفَكَ مَوْتُورٌ مِنَ الْخَلَسِ ظَبْيٌ رَمَيْتُ لَهُ عَيْنَيَّ حَابِلَةً ... وَمَا عَلِمْتُ بِأَنَّ اللَّيْثَ فِي الْكُنُسِ وَقَالَ ابْنُ حَيُّوسٍ يَا لِلْرِجَالِ لِنَظْرَةٍ سَفَكَتْ دَمًا ... وَلِحَادِثٍ لَمْ أَلْقَهُ مُسْتَسْلِمًا وَأَرَى السِّهَامَ تَؤُمُّ مَنْ يُرْمَى بِهَا ... فَعَلامَ سَهُمُ اللُّحْظِ يُصْمِي مَنْ رَمَى وَقَالَ عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ غَالِبٍ الصَّوْرِيُّ مَا نَظْرَةٌ إِلا لَهَا سَكْرَةٌ ... كَأَنَّمَا طَرْفُكَ خَمَّارُ هَذَا هَوًى يَصْدُرُ عَنْهُ جَوًى ... تَتْلُوهُ لَوْعَاتٌ وَأَفْكَارُ وَهَذِهِ أَفْعَالُهَا هَذِهِ ... مَا بَعْدَ رَأْيِ الْعَيْنِ إِخْبَارُ وَلم تكن أول من غرفي ... كُلُّ غَرِيرِ الطَّرْفِ غَرَّارُ وَقَالَ أَيْضًا إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْعَ الْبُرُوقَ اللَّوَامِحَا ... وَنِمْتَ جَرَى مِنْ تَحْتِكَ السَّيْلُ سَائِحَا غَرَسْتَ الْهَوَى بِاللُّحْظِ ثُمَّ احْتَقَرْتَهُ ... فَأَهْمَلْتَهُ مُسْتَأْنِسًا مُتَسَامِحَا وَلَمْ تَدْرِ حَتَّى أَيْنَعَتْ شَجَرَاتُهُ ... وَهَبَّتْ رِيَاحُ الْهَجْرِ فِيهِ لَوَافِحَا وَأَمْسَيْتَ تَسْتَدْعِي مِنَ الصَّبْرِ عَازِبًا ... عَلَيْكَ وَتَسْتَدْنِي مِنَ النَّوْمِ بَارِحَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَقَالَ أَيْضًا فَعَرَّضَتْنِي فَلَوْ أَنِّي عَلَى حَذَرٍ ... لَمْ يَحْتَكِمْ نَاظِرِي فِي لَذَّةِ النَّظَرِ وَكُنْتُ أُغْضِي وَلا أَقْضِي لَهُ وَطَرًا ... مِنْهَا لِعْلِمِي بِعُقْبَى ذَلِكَ النَّظَرِ وَالْمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يقُلِّبُهَا ... فِي أَعْيُنِ الْعِينِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْخَطَرِ يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَرَّ مهجته ... لامرحبا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ وَقَالَ أَيْضًا وَإِذَا مَا تَكَامَلَتْ عِنْدَكَ الْقُوَّةُ فَاحْذَرْ مُسْتَضْعَفَ الأَجْفَانِ وَقَالَ ... وَقَالَ مهيار مَا أعف النُّفُوس يَا صَاحِبي شكواي لَوْلَا عراضة الأَحْدَاقِ ... وَلَهُ سَافَرَ طَرْفِي مَعَ الظَّعَائِنِ بِالسَّفْحِ ... وَآبَ الْفُؤَادُ بِالْخَبَلِ نَظْرَةٌ غِرٍّ جَنَتْ مُقَارَعَةً ... يَفْتُكُ فِيهَا الْجَبَانُ بِالْبَطَلِ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ الشِّبْلِ حَتْمٌ عَلَى الأَعْيُنِ الطَّوَامِحِ أَنْ تَنْقَادَ ... قَسْرًا لِلأَعْيُنِ النُّجْلِ مَا كَانَ أَجْدَى لَوْمَ اللَّوَائِمِ لَوْ ... كَانَ فُؤَادِي فِي الْجُبِّ مِنْ قِبَلِي وَلِلْوَزِيرِ أَبِي شُجَاعٍ لأُعَذِّبَنَّ الْعَيْنَ غَيْرَ مُفَكِّرٍ ... فِيهَا جَرَتْ بِالدَّمْعِ أَمْ فَاضَتْ دَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 وَلأَهْجُرَنَّ مِنَ الرُّقَادِ لَذِيذَهُ ... حَتَّى يَصِيرَ عَلَى الْجُفُونِ مُحَرَّمَا سَفَكَتْ دَمِي فَلأَسْفِكَنَّ دُمُوعَهَا ... وَهِيَ الَّتِي بَدَأَتْ فَكَانَتْ أَظْلَمَا هِيَ أَوْقَعَتْنِي فِي حَبَائِلِ فِتْنَةٍ ... لَوْ لَمْ تَكُنْ نَظَرَتْ لَكُنْتُ مُسَلَّمَا وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِعُ وَسِهَامُ اللُّحْظِ يُسْتَحْلَيْنَ فِي وَقْتِ الْوُقُوعِ ... ثُمَّ يُصْرَفْنَ فَمَا يُقْلِعْنَ إِلا عَنْ صَرِيعِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَفْلَحَ مَضَى يَتْبَعُ الآرَامَ بِالسَّفْحِ مُطْلَقًا ... فَعَادَ أَخُو الأَشْجَانِ عَوْدَةَ مُوثَقِ رَمَى يَوْمَ سَلِعٍ طَرْفَهُ مُتَهَاوِنًا ... فَآضَ بِسَهْمٍ فِي حَشَاهُ مُفَوَّقِ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَعْدُ غَرَّتْكَ زَيْنَبُ ... فَسَارَقْتَهَا لَحْظًا بِأَكْنَافٍ جِلَّقِ فَدُونَكَ إِذْ تَرْمِي الظِّبَاءَ سَوَانِحًا ... تَلَقَّ مَرَامِيهَا فَمَنْ يَرْمِ يَتَّقِي وَلَهُ أَيْضًا كَانَ طَرْفِي أَصْلَ سَقَمِي فِي الْهَوَى ... لَا أَذَاقَ اللَّهُ طَرْفِيَ الْوَسَنَا لَوْ تَحَرَّى فِي مَرَامِي لَخْطِهِ ... يَوْم سلع مَا عناني ماعنى وَقَالَ آخَرُ يَا عَيْنُ أَنْتِ قَتَلْتِنِي ... وَجَعَلْتِ ذَنْبَكِ مِنْ ذُنُوبِي وَأَرَاكِ تَهْوِينَ الدُّمُوعَ ... كَأَنَّهَا رِفْقُ الْحَبِيبِ بِاللَّهِ أَحْلِفُ صَادِقًا ... وَالصِّدْقُ مِنْ شِيَمِ الأَرِيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 لَوْ مُيِّزَتْ نُوَبُ الزَّمَانِ ... مِنَ الْبَعِيدِ إِلَى الْقَرِيبِ مَا كُنَّ إِلا دُونَ مَا ... جَنَتِ الْعُيُونُ عَلَى الْقُلُوبِ وَقَالَ آخَرُ وَمُسْتَفْتِحٍ بَابَ الْبَلاءِ بِنَظْرَةٍ ... يُزَوِّدُ مِنْهَا قَلْبَهُ حَسْرَةَ الدَّهْرِ فَوَاللَّهِ مَا يَدْرِي أَتَدْرِي بِمَا جَنَتْ ... عَلَى قَلْبِهِ أَمْ أَهْلَكَتْهُ وَمَا تَدْرِي وَقَالَ آخَرُ أَنَا مَا بَيْنَ عَدُوَّيْنِ هُمَا قَلْبِي وَطَرْفِي ... يَنْظُرُ الطَّرْفُ وَيَهْوَى الْقَلْبُ وَالْمَقْصُودُ حَتْفِي وَقَالَ ابْنُ الْحَرِيرِيِّ فَتَبَصَّرْ وَلا تَشِمْ كُلَّ بَرْقٍ ... رُبَّ بَرْقٍ فِيهِ صَوَاعِقُ حَيْنِ وَاغْضُضِ الطَّرْفَ تَسْتَرِحْ مِنْ غَرَامٍ ... تَكْتَسِي فِيهِ ثَوْبَ ذُلٍّ وَشَيْنِ فَبَلاءُ الْفَتَى مُوَافَقَةُ النَّفْسِ ... وَبَدْءُ الْهَوَى طُمُوحُ الْعَيْنِ فَصْلٌ قَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِ هَذَا الْبَلاءِ يَوْمًا قَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ تَحْرِيمَ النَّظَرِ وَقَدْ بَالَغْتَ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ النَّظَرِ إِنِّي نَظَرْتُ يَوْمًا إِلَى امْرَأَةٍ نَظْرَةً فَهَوَيْتُهَا وَقَوِيَ كَلَفِي بِهَا فَقَالَتْ لِي النَّفْسُ إِنَّكَ فِي بَلاءٍ عَظِيمٍ مِمَّا لَا تَتَيَقَنُّهُ فَإِنَّ أَوَّلَ نَظْرَةٍ لَا تُثْبِتُ الشَّخْصَ فَلَوْ أَعَدْتَ النَّظَرَ فَرُبَّمَا أَوْجَبَ التَّثَبُتَ السُّلُوَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 فَمَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَقُلْتُ لَهُ هَذَا لَا يَصْلُحُ لأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدِهَا أَنَّ هَذَا لَا يحل وَالثَّانِي أَنَّك لَوْ نَظَرْتَ فَالظَّاهِرُ تَقْوِيَةُ مَا عِنْدَكَ فَإِنَّ مَا بَهَتَكَ بِأَوَّلِ نَظْرَةٍ فَالظَّاهِرُ حُسْنُهُ فَلا تَحْسُنُ الْمُخَاطَرَةِ بِتَوْكِيدِ الأَمْرِ لَكَ لأَنَّكَ رُبَّمَا رَأَيْتَ مَا هُوَ فَوْقَ ظَنِّكَ فَزَادَ عَذَابُكَ وَالثَّالِثِ أَنَّ إِبِلْيِسَ عِنْدَ قَصْدِكَ لَهَذِهِ النَّظْرَةِ يَقُومُ فِي رَكَائِبِهِ لِيُزَيِّنَ لَكَ مَا لَا يَحْسُنُ ثُمَّ لَا تُعَانُ عَلَيْهِ لأَنَّكَ إِذَا أَعْرَضْتَ عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِ الشَّرْعِ تَخَلَّتْ عَنْكَ الْمَعُونَةُ والرَّابِعِ أَنَّكَ الآنَ فِي مَقَامِ مُعَامَلَةٍ لِلْحَقِّ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى تَرْكِ مَحْبُوبٍ وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَتَثَبَّتَ حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَنْظُورُ مُرْضِيًا تَرَكْتَهُ فَإِذَنْ يَكُونُ تَرْكُهُ لأَنَّهُ لَا يُلائِمُ غَرَضَكَ لَا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَيْنَ مُعَامَلَتُهُ بِتَرْكِ الْمَحْبُوبِ لأَجْلِهِ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ على حبه} وَقَالَ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْمُرْدَانِ وَمُجَالَسَتِهِمْ اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا الْبَابَ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِتَنِ قَدْ أَهْمَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مُرَاعَاتَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ حَيْثُ يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ إِلَى أَنْ يُدْرِجَهُ إِلَى غَايَةِ مَا يُمَكِنُهُ مِنَ الْفِتَنِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي إِلَى الْعَابِدِ فَيُحَسِّنُ لَهُ الزِّنَا فِي الأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُزَيِّنُ لَهُ النَّظَرَ وَالْعَابِدُ وَالْعَالِمُ قَدْ أَغْلَقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بَابُ النَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ الأَجَانِبِ لِبُعْدِ مُصَاحَبَتِهِنَّ وَامْتِنَاعِ مُخَالَطَتِهِنَّ وَالصَّبِيُّ مُخَالِطٌ لَهُمَا فَلْيَحْذَرْ مِنْ فِتْنَتِهِ فَكَمْ قَدْ زَلَّ فِيهَا قَدَمٌ وَكَمْ قَدْ حَلَّتْ مِنْ عَزْمٍ وَقَلَّ مَنْ قَارَبَ هَذِهِ الْفِتْنَةَ إِلا وَقَعَ فِيهَا وَعَلَى مَنْهَجِ الْحَذَرِ مَضَى سَلَفُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَبِهِ أَمَرَ الْعُلَمَاءُ الأَئِمَّةُ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر أَحْمد ابْن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَرَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ إِجَازَةً وَحَدَّثَنَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُرَيْثٍ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْمَرْوَزِيُّ وَلَيْسَ بِالْقَنْطَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَافِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَزْهَرَ عَنْ أَبَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُجَالِسُوا أَبْنَاءَ الْمُلُوكِ فَإِنَّ الْأَنْفس تشتاق إِلَيْهِم مَالا تَشْتَاقُ إِلَى الْجَوَارِي الْعَوَاتِقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْمُقْرِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحْرِزٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ غُلامٌ أَمْرَدُ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ فَأَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَقَالَ كَانَتْ خَطِيئَةُ دَاوُدَ النَّظَرُ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ الإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاجِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ قَالا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ زِيَادٍ السُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ سَيَّارٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنِ الْوَازِعِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحِدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى الْغُلامِ الأَمْرَدِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَقِيٍّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَضِينُ عَنْ عَطَاءٍ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمَشْيَخَةِ قَالَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُحِدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى الْغُلامِ الْجَمِيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ دَاوُدَ الصَّاغَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَضِينُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحِدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى الْغُلامِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحِدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى الْغُلامِ الْجَمِيلِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ مَا أَنَا بِأَخْوَفِ عَلَى النَّاسَكِ مِنْ سَبْعٍ ضَارٍّ مِنَ الْغُلامِ الأَمْرَدِ يَقْعُدُ إِلَيْهِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُوَيْدٍ قَالا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرَّاسَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ قَالَ لَا تُجَالِسُوا أَوْلادَ الأَغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ صُوَرًا كَصُوَرِ النِّسَاءِ وَهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنَ الْعَذَارَى وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنِ النَّجِيبِ بْنِ السَّرِيِّ قَالَ كَانَ يُقَالُ لَا يَبِيتُ الرَّجُلُ فِي بَيْتٍ مَعَ الْمُرْدِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدوري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 قَالَ حَدثنَا مهنى بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنِ النَّجِيبِ بْنِ السَّرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ مَعَ الْغُلامِ الأَمْرَدِ قَالَ النَّجِيبُ وَكَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحِدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى الْغُلامِ الْجَمِيلِ الْوَجْهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَلِحُّ بِالنَّظَرِ إِلَى غُلامٍ أَمْرَدٍ فَاتَّهِمُوهُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا كَرْدُوسُ بْنُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ مُجَالَسَةَ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ وَقَالَ مُجَالَسَتُهُمْ فِتْنَةٌ وَإِنَّمَا هُمْ بِمَنْزِلَةِ النِّسَاءِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ قَاسِمًا الْجُوْعِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي السَّائِبِ يَقُولُ لأَنَا عَلَى الْقَارِئِ مِنَ الْغُلامِ الأَمْرَدِ أَخْوَفُ مِنِّي عَلَيْهِ مِنْ سَبْعِينَ جَارِيَةٍ عَذْرَاءَ أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُفِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ هُوَ الْجُوعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لأَنَا أَخْوَفُ عَلَى عَابِدٍ مِنْ غُلامٍ مِنْ سَبْعِينَ عَذْرَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْفَتْح ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ كَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ لَا يدع أَمْرَد يُجَالِسُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ وَهُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمِصْرِيُّ وَكَانَ أَحَدُ حُفَّاظِ الأَثَرِ عَالِمًا بِعِلَلِ الْحَدِيثِ بَصِيرًا بِاخْتِلافِهِ وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَجَالَسَ بِهَا الْحُفَّاظَ وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ احْمَد ابْن حَنْبَلٍ مُذَاكَرَاتٌ وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا كَانَ لَا يُحَدِّثُ إِلا ذَا لِحْيَةٍ وَلا يَتْرُكُ أَمْرَد يَحْضَرُ مَجْلِسَهُ فَلَمَّا حَمَلَ أَبُو دَاوُدَ السَّجِسْتَانِيُّ ابْنَهُ إِلَيْهِ لِيَسْمَعَ مِنْهُ وَكَانَ إِذْ ذَاك أَمْرَد أنكر أَحْمد ابْن صَالِحٍ عَلَى أَبِي دَاوُدَ إِحْضَارَهُ ابْنَهُ الْمَجَالِسَ فَقَالَ لَهُ أَبُو دَاوُد هُوَ وَإِن كَانَ أَمْرَد أَحْفَظُ مِنْ أَصْحَابِ اللِّحَى فَامْتَحِنْهُ بِمَا أَرَدْتَ فَسَأَلَهُ عَنِ أَشْيَاءَ أَجَابَهُ عَنْهَا فَحَدَّثَهُ وَلَمْ يُحَدِّثْ أَمْرَد غَيْرَهُ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ الْحَسَنِ التَّفَكُّرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ بُنْدَارَ الزَّنْجَانِيَّ قَالَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُرْدِ مِنْ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ لَهُمْ تَعَفُّفًا وَتَنَزُّهًا وَنَفْيًا لِلْظِنَّةِ عَنْ نَفْسِهِ وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ وَيَسْمَعُ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ ابْنٌ أَمْرَدُ يُحِبُّ أَنْ يُسْمِعَهُ حَدِيثَهُ وَعَرَفَ عَادَتَهُ فِي الامْتِنَاعِ فَاحْتَالَ أَبُو دَاوُدَ بِأَنْ شَدَّ عَلَى ذَقْنِ ابْنِهِ قِطْعَةً مِنَ الشَّعْرِ لِيُوهِمَهُ مُلْتَحِيًا ثُمَّ أَحْضَرَهُ الْمَجْلِسَ وَأَسْمَعَهُ جُزْءًا فَأَخْبَرَ الشَّيْخُ بِذَلِكَ فَقَالَ لأَبِي دَاوُدَ مِثْلِي تَعْمَلُ مَعَهُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الشَّيْخُ لَا تُنْكِرْ عَلَيَّ مَا فَعَلْتُهُ وَاجْمَعِ ابْنِي مَعَ شُيُوخِ الْفُقَهَاءِ وَالرُّوَاةِ فَإِنْ لَمْ يُقَاوِمْهُمْ بِمَعْرِفَتِهِ فَاحْرِمْهُ السَّمَاعَ فَاجْتَمَعَ طَائِفَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ فَتَعَرَّضَ لَهُمْ هَذَا الابْنُ مُطَارِحًا وَغَلَبَ الْجَمِيعَ بِفَهْمِهِ وَلَمْ يَرْوِ لَهُ مَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ذَلِكَ الشَّيْخُ حَدِيثًا مِنْ حَدِيثِهِ وَحَصَّلَ لَهُ ذَلِكَ الْجُزْءَ الأَوَّلَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ يَفْتَخِرُ بِرِوَايَةِ هَذَا الْجُزْءِ الْوَاحِدِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُرْدِ لِمَجْلِسِهِ لِلْسَمَاعِ فَاحْتَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فَدَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ مُسْتَتِرًا بِهِمْ وَهُوَ أَمَرَدٌ فَسَمِعَ مَعَهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ مَالِكٌ فَأَحْضَرَهُ وَضَرَبَهُ سِتَّةَ عَشَرَ سُوطًا فَقَالَ هِشَامٌ لَيْتَنِي سَمِعْتُ مِائَةَ حَدِيثٍ وَضَرَبَنِي مِائَةَ سُوطٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَّافِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هَانِئٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَا طَمِعَ أَمْرَدُ بِصُحْبَتِي وَلا لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي طَرِيقٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِيمَا أَذِنَ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ الشعوبي قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب ابْن سِوَاكٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي نَصْرِ بْنِ الْحَارِثِ فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ مَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْهَا فَقَالَتْ يَا شَيْخُ أَيْنَ مَكَانُ بَابِ حَرْبٍ فَقَالَ لَهَا هَذَا الْبَابُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بَابُ حَرْبٍ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهَا غُلامٌ مَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ يَا شَيْخُ أَيْنَ مَكَانُ بَابِ حَرْبٍ فَأَطْرَقَ بِشْرٌ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْغُلامُ السُّؤَالَ فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ فَقُلْنَا لِلْغُلامِ تَعَالَ أَيُّ شَيْءٍ تُرِيدُ فَقَالَ بَابَ حَرْبٍ فَقُلْنَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَلَمَّا غَابَ قُلْنَا يَا أَبَا نَصْرٍ جَاءَتْكَ جَارِيَةٌ فَأَجَبْتَهَا وَكَلَّمْتَهَا وَجَاءَكَ غُلامٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 فَلَمْ تُكَلِمْهُ فَقَالَ نَعَمْ يُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَعَ الْجَارِيَةِ شَيْطَانٌ وَمَعَ الْغُلامِ شَيْطَانَانِ فَخَشِيتُ عَلَى نَفْسِي مِنْ شَيْطَانَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ قُلْتُ لَهُ حَدَّثَكُمْ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ إِمْلاءً قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو ذَكَرَهُ عَنْ شُجَاعِ بْنِ مَخْلَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ احْذَرُوا هَؤُلاءِ الأَحْدَاثِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنْبَأَنَا عمر ابْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بن احْمَد قَالَا أَنبأَنَا عبد العزيز بْنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذَبَارِيُّ بِمِصْرَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُؤَدِّبُ يَا أَبَا عَلِيٍّ مِنْ أَيْنَ أَخَذَ صُوفِيَّةُ عَصْرِنَا هَذَا الأُنْسَ بِالأَحْدَاثِ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيَّدِي أَنْتَ بِهِمْ أَعْرَفُ وَقَدْ تَصْحَبُهُمُ السَّلامَةُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأُمُورِ فَقَالَ هَيْهَاتَ قَدْ رَأَيْنَا مَنْ هُوَ أَقْوَى إِيمَانًا مِنْهُم إِذا رَاء الْحَدَثُ قَدْ أَقْبَلَ يَفِرُّ كَفَرَارِهِ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الأَوْقَاتِ الَّتِي تَغْلِبُ الأَحْوَالُ عَلَى أَهْلِهَا فَتَأَخُذَهَا عَنْ تَصَرُّفِ الطِّبَاعِ مَا أَكْثَرَ الْخَطَرِ مَا أَكْثَرَ الْغَلَطِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَسَمِعْتُ جُنَيْدًا يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ ابْن حَنْبَلٍ وَمَعَهُ غُلامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ ابْني فَقَالَ أَحْمد لَا تَجِيء بِهِ مَعَكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَافِظُ وَفِي رِوَايَةٍ الْخَطِيبُ قِيلَ لَهُ أَيَّدَ اللَّهُ الشَّيْخَ إِنَّهُ رَجُلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 مَسْتُورٌ وَابْنُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ فَقَالَ أَحْمَدُ الَّذِي قَصَدْنَا إِلَيْهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَيْسَ يَمْنَعُ مِنْهُ سِتْرَهُمَا عَلَى هَذَا رَأَيْنَا أَشْيَاخَنَا وَبِهِ خَبَّرُونَا عَنْ أَسْلافِهِمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْبُسْرِي عَن أبي عبد الله ابْن بَطَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُرْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ جَاءَ حَسَنُ بْنُ الْبَزَّازِ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله يَعْنِي أَحْمد ابْن حَنْبَلٍ وَمَعَهُ غُلامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَا أَبَا عَلِيٍّ لَا تَمْشِ مَعَ هَذَا الْغُلامِ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ ابْنُ أُخْتِي قَالَ وَإِنْ كَانَ لَا تؤثم النَّاس فِيك أخبرنَا عبد الخالق بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَسِيُّ وَأَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَادِقٍ وَعَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيُّ قَالُوا أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَاكَوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ النَّجَّارَ يَقُولُ سَمِعْتُ وَلِيدًا السَّقَّاءَ بِنُصَيْبِينَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْخُضَرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ فَتْحًا الْمَوْصِلِيَّ يَقُولُ صَاحَبْتُ ثَلاثِينَ شَيْخًا كَانُوا يُعَدُّونَ مِنَ الأَبْدَالِ كُلُّهُمْ أَوْصَوْنِي عِنْدَ فِرَاقِي إِيَّاهُمُ اتَّقُوا مُعَاشَرَةَ الأَحْدَاثِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ لَقِيتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْخُضَرِيَّ بِالْمُوصِلِ فَذَاكَرْتُهُ فَلَمْ يُنْكِرْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَكِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ شَيْخٍ يُقْرِئُ فَبَقِيَ عِنْدَهُ غُلامٌ يَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَرَدْتُ الْقِيَامَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَقَالَ اصْبِرْ حَتَّى يَفْرَغَ هَذَا الْغُلامُ وَكَرِهَ أَنْ يَخْلُوَ هُوَ وَالْغُلامُ أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمد ابْن أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ صَاحِبِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَكَانَ يُقَالُ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة ومعنا غُلَام حَدَثٌ فِي الْمَجْلِسِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ قُمْ مِنْ حِذَايَ فَأَجْلَسَهُ مِنْ خَلْفِهِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْيَسَعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّيْنَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ نَظَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشْعَثِ الدِّمَشْقِيُّ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى غُلامٍ جَمِيلٍ فَغَشِيَ عَلَيْهِ فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَاعْتَادَهُ السَّقَمُ حَتَّى أَقْعَدَ مِنْ رِجْلَيْهِ وَكَانَ لَا يَقُومُ عَلَيْهِمَا زَمَنًا طَوِيلا وَكُنَّا نَأْتِيهُ نَعُودُهُ وَنَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ وَأَمْرِهِ وَكَانَ لَا يُخْبِرُنَا بِقِصَّتِهِ وَلا بِسَبَبِ مَرَضِهِ وَكَانَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ حَدِيثَ نَظَرِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْغُلامُ فَأَتَاهُ عَائِدًا فَهَشَّ إِلَيْهِ وَتَحَرَّكَ وَضَحِكَ فِي وَجْهِهِ وَاسْتَبْشَرَ بِرُؤْيَتِهِ فَمَا زَالَ يَعُودُهُ حَتَّى قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَعَادَ عَلَى حَالَتِهِ فَسَأَلَهُ الْغُلامُ يَوْمًا الْمَصِيرَ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ وَكَلَّمَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَأَبَى فَقُلْتُ وَمَا الَّذِي تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَسْتُ بِمَعْصُومٍ مِنَ الْبَلاءِ وَلا آمَنُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَأَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيَّ مِنَ الشَّيْطَانِ مِحْنَةٌ فَيَجْرِي بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَعْصِيَةٌ فَأَكُونُ مِنَ الْخَاسِرِينَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَكْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْفَرَجِ الرُّسْتُمِيَّ الصُّوفِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْمُحْتَرِقَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ رَأَيْتُ إِبْلِيسَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَنَا عَزَفْنَا عَنِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا وَأَمْوَالِهَا فَلَيْسَ لَك إِلَيْنَا طَرِيق فَقَالَ كَيفَ رَأَيْت مَا استملت بِهِ قُلُوبكُمْ باستماع السماع ومعاشرة الْأَحْدَاث أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الصَّيَادَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْجَزَّارَ يَقُولُ رَأَيْتُ إِبْلِيسَ فِي النَّوْمِ وَهُوَ يَمُرُّ عَنِّي نَاحِيَةً فَقُلْتُ تَعَالَ فَقَالَ إِيشِ أَعْمَلُ بِكُمْ أَنْتُمْ طَرَحْتُمْ عَنْ نُفُوسِكُمْ مَا أُخَادِعُ بِهِ النَّاسَ قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ الدُّنْيَا فَلَمَّا وَلَّى الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ غَيْرَ أَنَّ لِي فِيكُمْ لَطِيفَةٌ قُلْتُ مَا هِيَ قَالَ صُحْبَةُ الأَحْدَاثِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَقَلَّ مَنْ يَتَخَلَّصُ مِنْ هَذَا مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَبِهِ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ قَالَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ نَظَرْتُ فِي آفَاقِ الْخَلْقِ فَعَرَفْتُ مِنْ أَيْنَ أُتُوا وَرَأَيْتُ آفَةَ الصُّوفِيَّةِ فِي صُحْبَةِ الأَحْدَاثِ وُمُعَاشَرَةِ الأَضْدَادِ وَإِرْفَاقِ النِّسْوَانِ وَكُلُّ مَا رَأَيْتُمُونِي أَفْعَلُهُ فَافْعَلُوهُ إِلا صُحْبَةَ الأَحْدَاثِ فَإِنَّهُ آفَةُ الْفِتَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَلَبِيَّ يَقُولُ نَظَرَ سَلامٌ الأَسْوَدُ إِلَى رَجُلٍ يَنْظُرُ إِلَى حَدَثٍ فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا أَبْقِ عَلَى جَاهِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ ذَا جَاهٍ مَا دُمْتَ لَهُ مُعَظِّمًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ الأَدَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ ابْن عَبْدِ الْغَفَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو النَّقَّاشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ السَّرَّاجَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَطَاءٍ الرُّوذَبَارِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيَّ يَقُولُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الصُّوفِيِّ قَالَ نظر عبد الوهاب بْنُ أَفْلَحَ إِلَى غُلامٍ أَمْرَدَ حَسَنِ الْوَجْهِ مَرَّةً فَرَفَعَ يَدَهُ يَدْعُو وَقَالَ هَذَا ذَنْبٌ أَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ مِنْهُ وَرَاجِعٌ إِلَيْكَ عَنْهُ فَعُدْ عَلِيَّ بِمَا لَمْ أَزَلْ أَعْرِفُهُ مِنْكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَبِهِ قَالَ النَّقَّاشُ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ الرَّازِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ خَيْرًا النَّسَّاجَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ يَقُولُ لَقِيَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَثًا جَمِيلا فَقَالَ يَا مَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَحَبَّ مِنْ مَشِيئَتِهِ لَا تَجْعَلْ لِلْشَيْطَانِ عَلَى قَلْبِي سَبِيلا بِنَظْرَتِي هَذِهِ يَا جَمِيلَ الْبَلاءِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ قَالَ مُظَفَّرٌ الْقَرِمِيسِينِيُّ مَنْ صَحِبَ الأَحْدَاثَ عَلَى شَرْطِ السَّلامَةِ والنصحية أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الْبَلاءِ فَكَيْفَ بِمَنْ صَحِبَهُمْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلامَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَنْصُورٍ عَبْدَ الْقَاهِرِ بْنَ طَاهَرٍ يَقُولُ مَنْ صَحِبَ الأَحْدَاثَ وَقَعَ فِي الأَحْدَاثِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَهْلٍ قَالَ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يُقَالُ لهُمُ اللُّوطِيُّونَ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ فَصِنْفٌ يَنْظُرُونَ وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ الْعَمَلَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَخِي مِيمِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ الْكَوْسَجُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَيُّوبَ يَقُولُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيَّ يَقُولُ جَنِّبُوا أَوْلادَكُمْ قُرَنَاءَ السُّوءِ قَبْلَ أَنْ تَصْبِغُوهُمْ فِي الْبَلاءِ كَمَا يُصْبَغُ الثَّوْبُ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَوَّلُ فَسَادِ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَابِرٍ الدَّلالُ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى الشِّبْلِيِّ فِي قُبَّةِ الشُّعَرَاءِ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ وَالنَّاسُ مَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فِي الْحَلْقَةِ غُلامٌ لَمْ يَكُنْ بِبَغْدَادَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَحْسَنُ وَجْهًا مِنْهُ يُعْرَفُ بِابْنِ مُسْلِمٍ فَقَالَ لَهُ تَنَحَّ فَلَمْ يَتَنَحَّ فَقَالَ لَهُ الثَّانِيَةَ تَنَحَّ يَا شَيْطَانُ عَنَّا فَلَمْ يَتَنَحَّ فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ تَنَحَّ وَإِلا وَاللَّهِ خَرَقْتُ كُلَّ مَا عَلَيْكَ فَصْلٌ وَقَدِ افْتُتِنَ بِالأَحْدَاثِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الأَفَاضِلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَهْدِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمِقَدَامِ قَالَ استعدى ابْن عمار ابْن أَبِي الْحُصَيْبِ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ عَلَى وَرَثَةِ أَبِيهِ وَكَانَ بَارِعَ الْجَمَالِ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْقَاضِي أَعْدِنِي عَلَيْهِمْ قَالَ فَمَنْ يُعْدِينِي أَنَا عَلَى عَيْنَيْكَ قَالَ فَهَرَبَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى بَغْدَادَ فَقَالَ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ وَاللَّهِ لَا أَنْفَذْتُ لَكِ حُكْمًا أَوْ تَرُدِّيهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْمُطَالَبَةِ مِنْكِ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الضَّبِّيُّ قَالَ كَانَ زَيْدَانُ الْكَاتِبُ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ الْقَاضِي وَكَانَ جَمِيلا مُتَنَاهِي الْجَمَالَ فَقَرَصَ الْقَاضِي خَدَّهُ فَاسْتَحْيَى وَطَرَحَ الْقَلَمَ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى اكْتُبْ مَا أُمْلِي عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ أَيَا قَمَرًا خَمَّشْتُهُ فَتَغَضَّبَا ... وَأَصْبَحَ لِي مِنْ تِيهِهٍ مُتَجَنِّبَا إِذَا كُنْتَ لِلْتَخْمِيشِ وَالْعِشْقِ كَارِهًا ... فَكُنْ أَبَدًا يَا سَيِّدِي مُتَنَقِّبَا وَلا تُظْهِرِ الأَصْدَاغَ لِلنَّاسِ فِتْنَةً ... وَتَجْعَلْ مِنْهَا فَوْقَ خَدَّيْكَ عَقْرَبَا فَتَقْتُلَ مُشْتَاقًا وَتَفْتِنَ نَاسِكًا ... وَتَتْرُكَ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ مُعَذَّبَا قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ عِنْدَ الْوَاثِقِ وَعِنْدَهُ أَمْرَدُ حَسَنُ الْوَجْهِ مِنْ غِلْمَانِ الْخَلِيفَةِ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَحَدَّ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَتَبَسَّمَ فَقَالَ لَهُ الْوَاثِقُ يَا يَحْيَى بِحَيَاتِي كشكيه قَالَ إِي وَحَيَاتِكَ مَرَّةً قُلْتُ هَذَا كَلامٌ مُصَحَّفٌ وَالْكَلِمَةُ الأُولَى كَلِمَتَانِ مَعَ التَّصْحِيفِ وَالْمَقْصُودُ ذِكْرُ الْفُجُورِ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ قَالَ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ ابْنَا مُسْعَدَةَ وَكَانَا عَلَى نِهَايَةِ الْجَمَالِ فَلَمَّا رَآهُمَا يَمْشِيَانِ فِي الصَّحْنِ أَنْشَأَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 يَا زَائِرِينَا مِنَ الْخِيَامِ ... حَيَّاكُمَا اللَّهُ بِالسَّلامِ لَمْ تَأْتِيَانِي وَلِي نُهُوضٌ ... إِلَى حَلالٍ وَلا حَرَامِ يُحْزِنُنِي أَنْ وَقَفْتُمَا بِي ... وَلَيْسَ عِنْدِي سِوَى الْكَلامِ ثُمَّ أَجْلَسْهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يُمَازِحْهُمَا حَتَّى انْصَرَفَا قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ وَسَمِعْتُ غَيْرَ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ مِنْ شُيُوخِنَا يَحْكِي أَنَّ يَحْيَى عُزِلَ عَنِ الْحُكْمِ بِسَبِبِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ الَّتِي أَنْشَدَهَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنَا مُسْعَدَةَ وَبَلَغَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ أَنَّهُ رَأَى غِلْمَانًا صِبَاحَ الْوُجُوهِ فِي دَارِ الْمَأْمُونِ فَقَالَ لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ فَبَلَغَ الْمَأْمُونَ فَعَاتَبَهُ فَقَالَ كَانَ دَرْسِي انْتَهَى إِلَى هُنَا وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ الأَصْبَهَانِيُّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي الْعَيْنَاءِ قَالَ نَظَرَ الْمَأْمُونُ إِلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ يَلْحَظُ خَادِمًا لَهُ فَقَالَ لِلْخَادِمِ تَعَرَّضْ لَهُ إِذَا قُمْتُ فَإِنِّي سَأَقُومُ لِلْوُضُوءِ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَبْرَحُ وَعُدْ إِلَيَّ بِمَا يَقُولُ لَكَ وَقَامَ الْمَأْمُونُ وَأَمَرَ يَحْيَى بِالْجُلُوسِ فَلَمَّا قَامَ غَمَزَهُ الْخَادِمُ بِعَيْنِهِ فَقَالَ يَحْيَى لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ فَمَضَى الْخَادِمُ إِلَى الْمَأْمُونِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ عُدْ إِلَيْهِ فَقل لَهُ أَنَحْنُ صُدِدْنَا كم عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بل كُنْتُم مجرمين فَخَرَجَ الْخَادِمُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَأَطْرَقَ وَكَادَ يَمُوتُ جَزَعًا وَخَرَجَ الْمَأْمُونُ وَهُوَ يَقُولُ مَتَى تَصْلُحُ الدُّنْيَا وَيَصْلُحُ أَهْلُهَا ... وَقَاضِي قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ يَلُوطُ قُمْ فَانْصَرِفْ وَاتَّقِ اللَّهَ وَأَصْلِحْ نِيَّتَكَ فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الْمِسْكِينِ كَيْفَ شَاعَ لَهُ هَذَا الذِّكْرُ الْقَبِيحُ مَعَ عِلْمِهِ الْوَافِرِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَ الْقُضَاةِ بَعْدَهُ عُزِلَ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ لَقَدْ كُنْتَ عَفِيفًا عَنْ أَمْوَالِنَا فَقَالَ وَعَنْ أَبْنَائِكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 يُعَرِّضُ بِيَحْيَى قُلْتُ وَبَلَغَنَا أَنَّ الْمَأْمُونَ دَخَلَ إِلَى دِيُوانِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ فَصَادَفَ حَوْلَهُ مُرْدًا حِسَانًا فَقَالَ أَسَدٌ رَابِضٌ حَوَالَيْهِ أَظْبٌ ... لَيْسَ يَنْجُو مِنَ الأُسُودِ الظِّبَاءُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْيَسَعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّيْنَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الصُّوفِيُّ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى مِنْ رُؤَسَاءِ الصُّوفِيَّة ووجوهم فَنَظَرَ إِلَى غُلامٍ فِي بَعْضِ الأَسْوَاقِ فَبُلِيَ بِهِ وَكَادَ يَذْهَبُ عَقْلُهُ عَلَيْهِ صَبَابَةً وَحُبًّا وَكَانَ يَقِفُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى طَرِيقِهِ حَتَّى يَرَاهُ إِذَا أَقْبَلَ وَإِذَا انْصَرَفَ فَطَالَ بِهِ الْبَلاءُ وَأَقْعَدَهُ عَنِ الْحَرَكَةِ فَكَانَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِي خُطْوَةً فَأَتَيْتُهُ يَوْمًا لأَعُودُهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا قِصَّتُكَ وَمَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى فَقَالَ أُمُورٌ امْتَحَنَنِي اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَلَمْ أَصْبِرْ عَلَى الْبَلاءِ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهَا طَاقَةٌ وَرُبَّ ذَنْبٍ اسْتَصْغَرَهُ الإِنْسَانُ هُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ثَبِيرٍ وَحَقِيقٌ لِمَنّ تَعَرَّضَ لِلْنَظَرِ الْحَرَامِ أَنْ تَطُولَ بِهِ الأسقام ثمَّ بكا فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَخَافُ أَنْ يَطُولَ فِي النَّارِ شَقَائِي فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ وَأَنَا رَاحِمٌ لَهُ لِمَا رَأَيْتُ بِهِ مِنْ سُوءِ الْحَالِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اللَّيْثِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ يَمِيلُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَامِعٍ الصَّيْدَلانِيُّ وَبِسَبَبِهِ عَمَلَ كِتَابُ الزَّهْرَةِ وَبَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَامِعٍ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَأَصْلَحَ وَجْهَهُ وَأَخَذَ الْمِرْآةَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ فَغَطَّاهُ وَرَكِبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ فَلَمَّا رَآهُ مُغَطَّى الْوَجْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَحِقَتْهُ آفَةٌ فَقَالَ مَا الْخَبَرُ فَقَالَ رَأَيْتُ وَجْهِيَ السَّاعَةَ فِي الْمِرْآَةِ فَغَطَّيْتُهُ وَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ فَغُشِيَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَطِيبُ قَالَ حَدَّثَنِي مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْشَدَنَا ابْنُ كَامِلٍ الدِّمَشْقِيُّ لأَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ فِي حَبِيبِهِ يَا يُوسُفَ الْحُسْنِ تَمْثِيلا وَتَشْبِيهَا ... يَا طَلْعَةً لَيْسَ إِلا الْبَدْرُ يَحْكِيهَا مَنْ شَكَّ فِي الْحُورِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْكَ فَمَا ... صِيغَتْ مَعَانِيكَ إِلا مِنْ مَعَانِيهَا مَا لِلْبُدُورِ وَلِلتَّحْذِيفِ يَا أَمَلِي نُورُ الْبُدُورِ عَنِ التَّحْذِيفِ يُغْنِيهَا إِنَّ الدَّنَانِيرَ لَا تُجْلَى وَإِنْ عَتَقَتْ ... وَلا تُزَادُ عَلَى النَّقْشِ الَّذِي فِيهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الظَّاهِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الصَّبَّاحِ الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ قَالَ كُنْتُ أُسَايِرُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ بِبَغْدَادَ فَإِذَا بِجَارِيَةٍ تُغَنِّي بِشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ وَهُوَ أَشْكُو غَلِيلَ فُؤَادٍ أَنْتَ مُتْلِفُهُ ... شَكْوَى عَلِيلٍ إِلَى إِلْفٍ يُعَلِّلُهُ سُقْمِي تَزِيدُ مَعَ الأَيَّامِ كَثْرَتُهُ ... وَأَنْتَ فِي عُظْمِ مَا أَلْقَى تُقَلِّلُهُ اللَّهُ حَرَّمَ قَتْلِي فِي الْهَوَى سَفَهًا ... وَأَنْتَ يَا قَاتِلِي ظُلْمًا تُحَلِّلُهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى اسْتِرْجَاعِ هَذَا فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ هَيْهَاتَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ شَاذَانَ قَالُوا حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ نَفْطَوَيْهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقُلْتُ كَيْفَ تَجِدُكَ فَقَالَ حُبُّ مَنْ تَعْلَمْ أَوْرَثَنِي مَا تَرَى فَقُلْتُ مَا مَنَعَكَ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَقَالَ أَمَّا النَّظْرُ الْمُبَاحُ فَأَوْرَثَنِي مَا تَرَى وَأَمَّا اللَّذَّةُ الْمَحْظُورَةُ فَإِنَّهُ مَنَعَنِي مِنْهَا مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي قَالَ حَدثنَا سُوَيْد ابْن سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ صَرَّحَ هَذَا الرَّجُلُ بِأَنَّ النَّظَرَ مُبَاحٌ فَمَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَى الأَمْرَدِ مَعَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ فَإِنْ عُدِمَتْ لَكِنَّهُ يُخَافُ أَنْ تَثُورَ بِالنَّظَرِ فَلأَصْحَابِنَا فِيهِ وَجْهَانِ وَمَتَى كَانَ الطَّبْعُ صَحِيحًا فَالشَّهْوَةُ قَائِمَةٌ وَالتَّحْرِيمُ مُلازِمٌ فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ لَا يَشْتَهِي فَهُوَ كَذَّابٌ فَلَوْ قَدَّرْنَا صِدْقَهُ كَانَ بَهِيمَةً لَا آدَمِيًا وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ دَاوُدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّظَرَ مُحَرَّمًا وَلَقَدْ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ وَجَرَّ عَلَيْهِ خَطَؤُهُ التَّلَفَ بَعْدَ اشْتِهَارِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَافْتِضَاحِهِ حَتَّى كَانَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيْجٍ إِذَا نَاظَرَهُ يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ دَاوُدَ بِكِتَابِ الزَّهْرَةِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَضَّ بَصَرَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَتَخَلَّصَ لَكِنَّهُ لَمْ يَرَ أَنَّ الْحَرَامَ سِوَى الْفَاحِشَةِ وَمِنْ أَخْبَارِهِ الْعَجِيبَةِ مَا أَخْبَرَتْنَا بِهِ شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمد قَالَت أَنبأَنَا جَعْفَر ابْن أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامَةَ الْقَاضِي الْقُضَاعِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السُّمْسَارُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 كَانَ يَدْخُلُ الْجَامِعَ مِنْ بَابِ الْوَرَّاقِينَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ عَدَلَ عَنْهُ وَجَعَلَ دُخُولَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَكُنْتُ مُجْتَرِئًا عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ السَّبَبُ فِيهِ أَنِّي فِي الْجُمْعَةِ الْمَاضِيَةِ أَرَدْتُ الدُّخُولَ مِنْهُ فَصَادَفْتُ عِنْدَ الْبَابِ حَدَثَيْنِ يَتَحَدَّثَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْرُورٌ بِصَاحِبِهِ فَلَمَّا رَأَيَانِي قَالا أَبُو بَكْرٍ قَدْ جَاءَ فَتَفَرَّقَا فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أَدْخُلَ مِنْ بَابٍ فَرَّقْتُ فِيهِ بَيْنَ مُؤْتَلِفَيْنِ فَصْلٌ وَقَدْ يَقَعُ لِلْنَفْسِ تَأْوِيلٌ فِي مُصَاحَبَةِ الْحَدَثِ الَّذِي قَدْ بَدَتْ زَغَبَاتُ الشَّعْرِ عَلَى وَجْهِهِ فَتَقُولُ النَّفْسُ هَذَا لَيْسَ بِأَمْرَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فَلا بَأْسَ بِصُحْبَتِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ لَهَا هَذَا التَّأْوِيلُ لِمَا يَنْظُرُ مِنْ هَوَاهُ فَيُقَالُ لَهَا كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حسيبا إِنْ كَانَ لَكَ مَيْلٌ إِلَيْهِ وَعِنْدَكَ الْتِذَاذٌ بِرُؤْيَتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الأَمْرَدِ لأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَاكَ مَوْجُودٌ فِي هَذَا وَلَوْ أَنَّ إِنْسَانًا الْتَذَّ بِالنَّظَرِ إِلَى بِنْتِ شَهْرَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا أَوْ إِلَى ابْنِ خَمْسِينَ سَنَةً أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَقَدْ سَأَلَهَا نُسْوَةٌ عَنِ الْمُسْكِرِ فَقَالَتْ لَوْ ظَنَّتْ إِحَدَاكُنَّ أَنَّ مَاءَ حُبِّهَا يُسْكِرُهَا فَلا تَشْرَبْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الصِّبْيَانِ تحسن وجوهم بِخُرُوجِ زَغَبَاتِ الشَّعْرِ فَيَزِيدُونَ بِذَلِكَ فِي الْحُسْنِ عَلَى الْمُرْدَانِ وَقَدِ افْتَتَنَ بِهِمْ جَمَاعَةٌ حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ فِي حَبِيبِهِ مَا لَهُمْ أَنْكَرُوا سَوَادًا بِخَدَّيْهِ وَلا يُنْكِرُونَ وَرْدَ الْغُصُونِ ... أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ لِنَفْسِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ انْظُرْ إِلَى الْبَحْرِ يَجْرِي فِي لَوَاحِظِهِ ... وَانْظُرْ إِلَى دَعَجٍ فِي طَرْفِهِ السَّاجِي وَانْظُرْ إِلَى شَعَرَاتٍ فَوْقَ عَارِضِهِ ... كَأَنَّهُنَّ نِمَالٌ دَبَّ فِي عَاجِ وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ مَا لَهُم أَنْكَرُوا سؤادا بِخَدَّيْهِ وَلا يُنْكِرُونَ وَرْدَ الْغُصُونِ ... إِن يكن عيب خَدّه بدر الشَّعْرِ فَعَيْبُ الْعُيُونِ شَعْرُ الْجُفُونِ ... فَقُلْتُ لَهُ نَفَيْتَ الْقِيَاسَ فِي لافقه وَأَثْبَتَهُ فِي الشِّعْرِ فَقَالَ غَلَبَةُ الْهَوَى وَمَلَكَةُ النُّفُوسِ دَعَوْا إِلَيْهِ قَالَ وَمَاتَ فِي لَيْلَتِهِ أَوْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَالَ آخَرُ وَقَدْ زَادَ فِي يَاقُوتَتِي شَفَتَيْهِ لِي ... وَدُرُّ ثَنَايَاهُ زُمُرُّدُ شَارِبِهْ وَبِالْقُرْبِ مِنْهُ نَقْشُ خَالٍ كَأَنَّهُ ... خِتَامٌ عَلَى مَاءِ الْجِنَانِ لِشَارِبِهِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ السَّوَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 ابْن جَهْمِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي جَهْمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جدي قَالَ بَيْنَمَا عمر ابْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَطُوفُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سِكَّةٍ مِنْ سِكَكِ الْمَدِينَةِ إِذْ سَمِعَ امْرَأَةً وَهِيَ تَهْتِفُ مِنْ خِدْرِهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا ... أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ إِلَى فَتًى مَاجِدِ الأَعْرَاقِ مُقْتَبِلِ ... سَهْلِ الْمُحَيَّا كَرِيمٍ غَيْرِ مِلْجَاجِ فَقَالَ عُمَرُ لَا أَرَى مَعِي فِي الْمِصْرِ رَجُلا تَهْتِفُ بِهِ الْعَوَاتِقُ فِي خُدُرِهِنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ فَأَتَى بِهِ وَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنُهُمْ شِعْرًا فَقَالَ عَلَيَّ بِالْحَجَّامِ فَجَزَّ شَعْرَهُ فَخَرَجَتْ لَهُ وَجْنَتَانِ كَأَنَّهُمَا شَقَّتَا قَمَرٍ فَقَالَ اعْتَمَّ فَاعْتَمَّ فَأَفْتَنَ النَّاسَ فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَا تُسَاكِنُنِي بَلَدًا أَنَا فِيهِ قَالَ وَلِمَ ذَاك يَا امير الْمُؤمنِينَ هُوَ مَا قُلْتُ لَكَ فَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ وَخَشِيَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي سَمِعَ مِنْهَا عُمَرُ مَا سَمِعَ أَنْ يَبْدُرَ إِلَيْهَا عُمَرُ بِشَيْءٍ فَدَسَّتْ إِلَيْهِ أَبْيَاتًا تَقُولُ فِيهَا قُلْ لِلإِمَامِ الَّذِي تُخْشَى بَوَادِرُهُ ... مَالِي وَلِلْخَمْرِ أَوْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ إِنِّي غَنِيتُ أَبَا حَفْصٍ بِغَيْرِهِمَا ... شُرْبِ الْحَلِيبِ وَطَرْفٍ فَاتِرٍ سَاجِ إِنَّ الْهَوَى زَمَّهُ التَّقْوَى فَقَيَّدَهُ ... حَتَّى أَقَرَّ بِإِلْجَامٍ وَإِسْرَاجِ لَا تَجْعَلِ الظَّنَّ حَقًّا أَوْ تُبَيِّنَهُ ... إِنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ الْخَائِفِ الرَّاجِي قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهَا عُمَرُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ خَيْرٌ وَإِنِّي لَمْ أُخْرِجْهُ مِنْ أَجْلِكِ وَلَكِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَلَسْتُ آمَنُهُنَّ وَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَيَّدَ الْهَوَى حَتَّى أَقَرَّ بِإِلْجَامٍ وَإِسْرَاجٍ ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْبَصْرَةِ كُتْبًا فَمَكَثَ الرَّسُولُ عِنْدَهُ أَيَّامًا ثُمَّ نَادَى مُنَادِيَهُ أَلا إِنَّ بَرِيدَ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ فَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فَلْيَكْتُبْ فَكَتَبَ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ كِتَابًا وَدَسَّهُ فِي الْكُتُبِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِعَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَلامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أإن غَنَّتِ الذَّلْفَاءُ يَوْمًا بِمُنْيَةٍ ... وَبَعْضُ أَمَانِي النِّسَاءِ غَرَامُ ظَنَنْتَ بِيَ الظَّنَّا الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ ... بَقَاءٌ فَمَا لِي فِي النَّدِّيِّ كَلامُ وَيَمْنَعُنِي مِمَّا تَظُنُّ تَكَرُّمِي ... وَآبَاءُ صِدْقٍ سَالِفُونَ كِرَامُ وَيَمْنَعُهَا مِمَّا تَظُنُّ صَلاتُهَا ... وَحَالٌ لَهَا فِي قَوْمِهَا وَصِيَامُ فَهَذَانِ حَالانَا فَهَلْ أَنْتَ رَاجِعِي ... فَقَدْ جُبَّ مِنِّي كَاهِلٌ وَسَنَامُ فَقَالَ عُمَرُ لَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ أَمَّا وَلِي سُلْطَانٌ فَلا فَمَا رَجَعَ الْمَدِينَةَ إِلا بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ إِثْمِ النَّظَرِ وَعُقُوبَتِهِ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارَبِيُّ عَنْ سِنَانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَشَلْشَلُ دَمًا فَقَالَ لَهُ مَالَكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتْ بِيَ امْرَأَةٌ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَلَمْ أَزَلْ أُتْبِعُهَا بَصَرِي فَاسْتَقْبَلَنِي جِدَارٌ فَضَرَبَنِي فَصَنَعَ بِي مَا تَرَى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا أخبرنَا أَحْمد بن عبيد الْبَاقِي بْنِ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ حَدثنَا عبد الواحد بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ قَالَ حَدثنَا يزِيد ابْن هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا وَرْقَاءُ عَنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِكَ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ جناج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّجِيبِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُحَارَبِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ مَنْ تَأَمَّلَ خَلْقَ امْرَأَةٍ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ فَقَدْ أَبْطَلَ صَوْمَهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي سِنَانَ عَنْ عَمْروِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى امْرَأَةٍ فَأَعْجَبَتْنِي فَكُفَّ بَصَرِي فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَزَائِي أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُلُنْدِيُّ الْمُقْرِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَلاءِ يَقُولُ كُنْتُ وَاقِفًا أَنْظُرُ إِلَى غُلامٍ نَصْرَانِيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ فَمَرَّ بِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ فَقَالَ إِيشِ وُقُوفُكَ فَقلت يَا عَمِّ مَا تَرَى هَذِهِ الصُّورَةَ تُعَذَّبُ بِالنَّارِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ بَيْنَ كَتِفَيَّ وَقَالَ لَتَجِدَنَّ غِبَّهَا وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ قَالَ ابْنُ الْجَلاءِ فَوَجَدْتُ غِبَّهَا بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أُنْسِيتُ الْقُرْآنَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَافِظَ يَقُولُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي الأَدْيَانِ قَالَ كُنْتُ مَعَ أُسْتَاذِي أَبِي بَكْرٍ الزَّقَّاقِ فَمَرَّ حَدَثٌ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَرَآنِي أُسْتَاذِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ لَتَجِدَنَّ غِبَّهَا وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ فَبَقِيتُ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَا أُرَاعِي فَمَا أَجِدُ ذَلِكَ الْغِبَّ فَنِمْتُ لَيْلَةً وَأَنَا مُتَفَكِّرٌ فِيهِ فَأَصْبَحْتُ وَقَدْ نَسِيتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْقُوبَ النَّهْرَ جُورِي قَالَ رَأَيْتُ فِي الطَّوَافِ رَجُلا بِفَرْدِ عَيْنٍ وَهُوَ يَقُولُ فِي طَوَافِهِ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الدُّعَاءُ فَقَالَ إِنِّي مُجَاوِرٌ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً فَنَظَرْتُ إِلَى شَخْصٍ يَوْمًا فَاسْتَحْسَنْتُهُ فَإِذَا بِلَطْمَةٍ وَقَعَتْ عَلَى عَيْنِي فَسَالَتْ عَيْنِي عَلَى خَدِّي فَقُلْتُ آهٍ فَوَقَعَتْ أُخْرَى وَقَائِلٌ يَقُولُ لَوْ زِدْتَ لَزِدْنَاكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ السَّاحِلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَمَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَمَّادٍ الرَّحْبِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ عُلْوَانٍ يَقُولُ خَرَجْتُ يَوْمًا إِلَى سُوقِ الرَّحْبَةِ فِي حَاجَةٍ فَرَأَيْتُ جَِنَازَةً فَتَبِعْتُهَا لأُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَوَقَفْتُ فِي جُمْلَةِ النَّاسِ حَتَّى يُدْفَنَ الْمَيِّتُ فَوَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى امْرَأَةٍ مُسْفِرَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَلَحَحْتُ بِالنَّظَرِ وَاسْتَرْجَعْتُ وَاسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ وَعُدْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَقَالَتْ لِي عَجُوزٌ يَا سَيِّدِي مَالِي أَرَى وَجْهَكَ أَسْوَدَ فَأَخَذْتُ الْمِرَآةَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا وَجْهِيَ أَسْوَدُ فَرَجَعْتُ إِلَى سِرِّي أَنْظُرُ مِنْ أَيْنَ دُهِيتُ فَتَذَكَّرْتُ النَّظْرَةَ فَانْفَرَدْتُ فِي مَوْضِعٍ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَسْأَلُهُ الإِقَالَةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَخَطَرَ فِي قَلْبِي أَنْ زُرْ شَيْخَكَ الْجُنَيْدَ فَانْحَدَرْتُ إِلَى بَغْدَادَ فَلَمَّا جِئْتُ الْحُجْرَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا طَرَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ لِي أُدْخُلْ يَا أَبَا عَمْروٍ تُذْنِبُ بِالرَّحْبَةِ وَتَسْتَغْفِرُ رَبَّكَ بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الْحِيرِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّجَّارُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْكَتَّانِيُّ قَالَ رَأَيْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ قَالَ عَرَضَ عَلَيَّ سَيِّئَاتِي وَقَالَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَفَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا فَقلت نعم ثمَّ قَالَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَقْرَأَ فَقَالَ غَفَرْتُ لَكَ بِمَا أَقْرَرْتَ فَكَيْفَ بِمَا اسْتَحْيَيْتَ فَقُلْتُ لَهُ مَا كَانَ ذَلِكَ الذَّنْبُ فَقَالَ مَرَّ بِي غُلامٌ أَمْرَدُ حَسَنُ الْوَجْهِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزَّرَّادِ أَنَّهُ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ قَالَ غَفَرَ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَقْرَرْتُ بِهِ الدُّنْيَا إِلا وَاحِدًا اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أُقِرَّ بِهِ فَوَقَّفَنِي فِي الْعَرَقِ حَتَّى سَقَطَ لَحْمُ وَجْهِيَ فَقِيلَ لَهُ مَا الذَّنْبُ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى شَخْصٍ جَمِيلٍ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَذَكَرَ هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ عَنْ مَنْصُورٍ الْفَقِيهِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ السُّكَّرِيَّ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ فَقَالَ وَقَّفَنِي فِي الْعَرَقِ حَتَّى سَقَطَ لَحْمُ خَدِّي قُلْتُ لِمَ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى غُلامٍ مُقْبِلا وَمُدْبِرا وَحَدَّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ الْوَاسِطِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْوَاعِظُ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو نَصْرٍ حَبِيبٌ النَّجَّارُ الْوَاعِظُ بِالْبَصْرَةِ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ وَوَجْهُهُ كَدَارَةِ الْقَمَرِ فِي لَيْلَةِ الْبَدْرِ وَفِي وَجْهِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءَ فَقَالَ لَهُ الَّذِي رَآهُ حَبِيبٌ مَالِي أَرَى فِي وَجْهِكَ هَذِهِ النُّكْتَةَ قَالَ قَالَ لِي كُنْتُ مَارًّا بِالْبَصْرَةِ فِي بَنِي عَبْسٍ فَرَأَيْتُ غُلامًا أَمْرَدَ عَلَيْهِ غِلالَةٌ يُشْرِقُ مِنْهَا بَدَنُهُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى رَبِّي قَالَ لِي حَبِيبُ قُلْتُ لَبَيْكَ قَالَ جُزْ عَلَى النَّارِ فَجُزْتُ عَلَيْهَا فَنَفَحَتْنِي هَذِهِ النَّفْحَةَ فَقُلْتُ أُوهْ فَنَادَانِي نَفْحَةٌ بِلْمَحَةٍ وَلَوْ زِدْتَ لِزِدْنَاكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كَانَ مَعِي شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ وَكَانَ يَخْدُمُنِي فَجَاءَنِي إِنْسَانٌ مِنْ بَغْدَادَ صُوفِيٌّ وَكَانَ كَثِيرَ الالْتِفَاتِ إِلَى الشَّابِّ فَكُنْتُ أَجِدُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ فَنِمْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَرَأَيْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ يَا أَبَا يَعْقُوبَ لِمَ لَمْ تَنْهَهُ وَأَشَارَ إِلَى الْبَغْدَادِيِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الأَحْدَاثِ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي إِنِّي لَا أَشْغُلُ بِالأَحْدَاثِ إِلا مَنْ بَاعَدْتُهُ عَنْ قُرْبِي قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا أَضْطَرِبُ فَحَكَيْتُ الرُّؤْيَا لِلْبَغْدَادِيِّ فَصَاحَ صَيْحَةً وَمَاتَ فَغَسَّلْنَاهُ وَدَفَنَّاهُ وَاشْتَغَلَ قَلْبِي بِهِ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ شَهْرٍ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ قَالَ وَبَّخَنِي حَتَّى خِفْتُ أَلا أَنْجُو ثُمَّ عَفَا عَنِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ مَنْ عَاقَبَ نَفْسَهُ عَلَى النَّظَرِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعِشَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ شَمْعُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخُتَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُقَاتِلٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ عِيسَى بن مَرْيَمَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ لَا يَسْتَسْقِ مَعَكَ خَطَّاءٌ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ وَقَالَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَطَايَا فَلْيَعْتَزِلْ فَاعْتَزَلَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا رَجُلا مُصَابًا بِعَيْنِهِ الْيُمْنَى فَقَالَ لَهُ عِيسَى مَالَكَ لَا تَعْتَزِلُ فَقَالَ يَا رُوحَ اللَّهِ مَا عَصِيتُ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَقَدِ الْتَفَتُّ فَنَظَرْتُ بِعَيْنِي هَذِهِ إِلَى قَدَمِ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ كُنْتُ أَرَدْتُ النَّظَرَ إِلَيْهَا فَقَلَعْتُهَا وَلَوْ نَظَرَتْ إِلَيْهَا بِالْيُسْرَى قَلَعْتُهَا قَالَ فَبَكَى عِيسَى حَتَّى ابْتَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِدُمُوعِهِ ثُمَّ قَالَ ادْعُ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالدُّعَاءِ مِنِّي فَإِنِّي مَعْصُومٌ بِالْوَحْيِ وَأَنْتَ لَمْ تُعْصَمْ فَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَنَا وَقَدْ عَلِمْتَ مَا نَعْمَلُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْلُقَنَا فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذَلِكَ أَنْ تَخْلُقَنَا فَكَمَا خَلَقْتَنَا وَتَكَفَّلْتَ بِأَرْزَاقِنَا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا فَوَالَّذِي نَفْسُ عِيسَى بِيَدِهِ مَا خَرَجَتِ الْكَلِمَةُ تَامَّةً مِنْ فِيهِ حَتَّى أَرْخَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا وَسُقِيَ الْحَاضِرُ وَالْبَادِ إِنْ قَالَ قَائِلٌ هَذَا قَدْ فَعَلَ مَعْصِيَةً بِقَلْعِ عَيْنِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ صَارَتْ طَاعَةً يَتَوَسَّلُ بِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِذَا صَحَّ النَّقْلُ عَنْهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي شَرْعِهِمْ جَائِزًا فَأَمَّا فِي شَرْعِنَا فَذَلِكَ حَرَامٌ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِر ابْن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 السَّوَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَاصِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ نَظَرَ رَجُلٌ مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ نَظْرَةَ شَهْوَةٍ فَعَمَدَ إِلَى عَيْنَيْهِ فَقَلَعَهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادٌ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ ضَيْغَمَ قَالَ حَدَّثَتْنِي خَالَتِي حُبَابَةُ ابْنَةُ مَيْمُونٍ الْعَتْكِيَّةُ قَالَتْ رَأَيْتُ أَبَاكَ ضَيْغَمًا نَزَلَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ بِكُوزٍ قَدْ بُرِّدَ لَهُ حَتَّى صَبَّهُ ثُمَّ اكتار مِنَ الْحبِّ مَاءً حَارًّا لَا يُشْرَبُ فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتَ فَمِمَّ ذَاكَ قَالَ حَانَتْ مِنِّي نَظْرَةٌ مَرَّةً إِلَى امْرَأَةٍ فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَلا تَذُوقَ الْمَاءَ الْبَارِدَ أَيَّامَ الدُّنْيَا أُنَغِّصُ عَلَيْهَا الْحَيَاةَ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيّ عَن هرون بن زباب أَنَّ غَزْوَانَ كَانَ فِي بَعْضِ مَغَازِيِهِمْ فَكَشَفَتْ جَارِيَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا غَزْوَانُ فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَطَمَ عَيْنَهُ حَتَّى نَفَرَتْ وَقَالَ إِنَّكِ لَلَحَّاظَةٌ إِلَى مَا يَضُرُّكِ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي بَصِيرٌ كُنْتُ نَظَرْتُ نَظْرَةً وَأَنَا شَابٌّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِهْرَوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونَ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 جَعْفَرٌ الْخَوَّاصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الْحُسَيْن قَالَ حَدثنِي هرون بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلا يُحَدِّثُ عَنْ وَهْبٍ قَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ دَيْرٌ وَكَانَ فِيهِ قَوْمٌ عُبَّادٌ وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ فَخَرَجُوا يَوْمًا فِي عِيدِهِمْ فَنَظَرَ رَجُلٌ مِنَ الْعُبَّادِ إِلَى جَارِيَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَعَبِّدَةٍ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ أَحَدَّ النَّظَرَ إِلَيْهَا قَالَتْ وَهِيَ لَا تُوهِمُهُ أَنَّهُ يُرِيدُهَا سُبْحَانَ الَّذِي أَضَاءَ الْعُيُونَ فَأَبْصَرَتْ وَهِيَ مُتَعَرِّضَةٌ إِلَى مَا حُرِّمَ عَلَيْهَا فَخَرَّ الْحَبْرُ لِوَجْهِهِ سَاجِدًا وَجَعَلَ يَقُولُ سَيِّدِي لَا تَسْلُبْنِي بَصَرِي عُقُوبَةً مِنْكَ لِنَظَرِي فَوَعِزَّتِكَ لأَبْكِيَنَّ بَعْدَهَا مَا أَطَاقَتِ الْبُكَاءَ عَمِيَتْ أَمْ لَمْ تَعْمَ فَبَكَى حَتَّى عَمِيَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بن الْفضل ابْن الْحَسَنِ الأَدَمِيُّ وَأَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو النَّقَّاشُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاعِظَ قَالَ سَمِعْتُ خَيْرًا النَّسَّاجُ يَقُولُ كُنْتُ مَعَ أَبِي حَمْزَةَ بِالشَّامِ فَإِذَا نَحْنُ بِصَوْمَعَةِ رَاهِبٍ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَمِصْرَ فَسَمِعْتُ بُكَاءَهُ وَشَهِيقَهُ فَنَادَاهُ أَبُو حَمْزَةَ ثَلاثًا فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَمْزَةَ سَأَلْتُكَ بِحَقِّ مَنْ يَجِبُ لَهُ الْحَقُّ عَلَيْكَ إِلا كَلَّمْتَنِي فَقَالَ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ وَمَا يَدْعُوكَ إِلَى كَلامِي فَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَرَضَتْ لِي فَقَالَ إِنِّي لَفِي شُغُلٍ عَنْ مَسْأَلَتِكَ وَكَلامِكَ فَامْضِ رَاشِدًا عَافَاكَ اللَّهُ فَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ أَرِنِي وَجْهَكَ فَقَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْ اصيب من النّظر فَقَالَ أَحْبَبْت أَنْ أُشَافِهَكَ بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ جَوَابَ مَسْأَلَتِكَ فَاسْأَلْ حَتَّى أُخْبِرَكَ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ النَّظَرَ فَامْضِ لِشَأْنِكَ فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ بِي مُصِيبَةً قَالَ وَمَا مُصِيبَتُكَ فَقَالَ إِنِّي اطَّلَعْتُ مِنْ صَوْمَعَتِي هَذِهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَوَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى شَخْصٍ فَأَفْسَدَ قَلْبِي وَأَنَا فِي عِلاجِهِ وَجِهَادِهِ مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى وَقْتِي مَا عَلِمْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 أَنِّي نَظَرْتُ إِلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى كَلَّمْتَنِي فَقَالَ لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ هَذَا نَظَرُ شُؤْمٍ عَلَيْكَ أَلْبَسَكَ طُولَ الْعَنَاءِ وَأَوْرَثَكَ إِدْمَانَ الْبُكَاءِ فَقَالَ هَذَا لَعَمْرِي كَذَاكَ لَقَدْ بَكَيْتُ حَتَّى نَفَدَ دَمْعِي وَقَلُصَ فَمَا أَقْدِرُ عَلَى قَطْرَةٍ إِلا فِي بَعْضِ الأَيَّامِ فَإِذَا بَكَيْتُ وَجَدْتُ لِذَلِكَ رَاحَةً وسلوا مَا قَالَ فَمَا النَّظَرُ الَّذِي بَلَغَ بِكَ هَذَا كُلَّهُ فَقَالَ حَضَرَ بَعْضُ أَعْيَادِنَا فَأَتَانِي جَمَاعَةٌ وَفِيهِمْ شَخْصٌ حَيَّرَ عَقْلِي كَمَالُهُ فَكَرَّرْتُ النَّظَرَ إِلَيْهِ مِرَارًا فَزَرَعَ فِي قَلْبِي زَرْعًا لَا تُحْصُدُهُ الْمَنَاجِلُ وَلا تُسْفِيهِ الرِّمَاحُ وَلا يَزْدَادُ عَلَى مَرِّ الأَيَّامِ إِلا جِدَّةً وَثَبَاتًا فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ عَاتَبْتُ قَلْبِي كَيْ يُرَاجِعَنِي فَأَبَى إِلا التَّعَلُّقَ بِهِ وَالتَّعَرُّضَ لَهُ وَالتَّطَلُبَ لأَسْبَابِ قُرْبِهِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقِيمًا عَلَى مُخَالَفَتِي وَمَاضِيًا عَلَى عِصْيَانِي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لَا أَرَى أَحَدًا وَلا يَرَانِي وَهَذِهِ عُقُوبَةُ كُلِّ طَرْفٍ مَالَ إِلَى غَيْرِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَا أَمَرَهُ أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ عَفَى لَهُ عَمَّا أَجْرَمَ ثُمَّ أَخَذَ فِي الْبُكَاءِ فَانْصَرَفْنَا وَتَرَكْنَاهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْيَسَعِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّيْنَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَر ابْن عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعُمَرِ حُسَامُ بْنُ الْمَضَّاءِ الْمِصْرِيُّ قَالَ غَزَوْتُ فِي زَمَنِ الرَّشِيدِ فِي بَعْضِ الْمَرَاكِبِ فَلَجَجْنَا فِي الْبَحْرِ فَكُسِرَ بِنَا فِي بَعْضِ جَزَائِرِ صِقِلَّيَةَ فَخَرَجَ مَنْ أَفْلَتَ وَخَرَجَتُ مَعَهُمْ فَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْجَزَائِرِ رَجُلا لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَقُلْتُ لَهُ ارْفِقْ بَعَيْنِكَ فَإِنَّ الْبُكَاءَ قَدْ أَضَرَّ بِهِمَا فَقَالَ إِلَّا ذَلِك قُلْتُ مَا جَنَايَتُهُمَا عَلَيْكَ حَتَّى تتمنى لَهَا الْبَلاءَ فَقَالَ جِنَايَةٌ لَا أَزَالُ إِلَى اللَّهِ مُعْتَذِرًا مِنْهَا أَيَّامَ حَيَاتِي قُلْتُ وَمَا هِيَ قَالَ سُرْعَةُ نَظَرِهِمَا إِلَى الأُمُورِ الْمَحْظُورَةِ عَلَيْهِمَا وَلَقَدْ أَوْقَعَانِي فِي ذَنْبٍ نَظَرْتُ إِلَيْهِ لَوْلا الرَّجَاءُ لِرَحْمَةِ اللَّهِ لَيَئِسْتُ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ لِي فَبِاللَّهِ لَوْ صَفَحَ اللَّهُ لِي عَنْهُ وَأَدْخَلَنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 الْجَنَّةَ ثمَّ ترَاءى لِي لاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنَيْنِ عَصَتَاهُ ثُمَّ صَعِقَ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الصُّوفِيِّ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى رَاهِبٍ فِي بَعْضِ بِلادِ الشَّامِ وَقَدْ أَشْرَفَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَهُوَ يُكَلِّمُ غُلامًا جَمِيلا مِنَ النَّصَارَى وَيَتْبَسِمُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ يَنْبَغِي لِمَنْ هُوَ عَلَى طَرِيقَتِكَ أَنْ لَا يَتَبَسَّمُ فِي وَجْهِ مَنْ لَا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ فَقَالَ هُوَ لَعَمْرِي كَمَا قُلْتَ غَيْرَ أَنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ لافتحت عَيْنِي حَوْلا عُقُوبَةً لَهَا وَأَغْمَضَ عَيْنَيْهِ وَأدْخل رَأسه وبكاء وَانْصَرَفْتُ أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَخِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ خَيْرًا النَّسَّاجَ يَقُولُ كُنْتُ مَعَ أُمَيَةَ بْنِ الصَّامِتِ الصُّوفِيِّ فَنَظَرَ إِلَى غُلَام فَقَرَأَ وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ثُمَّ قَالَ وَأَيْنَ الْفَرَارُ مِنْ سِجْنِ اللَّهِ وَقَدْ حَصَّنَهُ بِمَلائِكَةٍ غِلاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ تَبَارَكَ اللَّهُ فَمَا أَعْظَمُ مَا امْتَحَنَنِي بِهِ مِنْ نَظَرِي إِلَى هَذَا الْغُلامِ مَا شَبَّهْتُ نَظَرِي إِلَيْهِ إِلا بِنَارٍ وَقَعَتْ عَلَى قَصَبٍ فِي يَوْمِ رِيحٍ فَمَا أَبْقَتْ وَلا تَرَكَتْ ثُمَّ قَالَ اسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ بَلاءٍ جَنَتْهُ عَيْنَايَ عَلَى قَلْبِي وَأَحْشَائِي لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لَا أَنْجُو مِنْ مَعَرَّتِهِ وَلا أَتَخَلَّصُ مِنْ إِثْمِهِ وَلَوْ وَافَيْتُ الْقِيَامَةَ بِعَمَلِ سَبْعِينَ صديقا ثمَّ بكا حَتَّى كَادَ يُقْضَى فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي بُكَائِهِ يَا طَرْفِ لأَشْغَلَنَّكَ بِالْبُكَاءِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَلاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَخْذُ بَصَرِهِ خَوْفَ الْفِتْنَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُمَيْرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَامِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الْمَرْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ شُكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْمُقْرِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن بن عبد الله ابْن عَبْدِ الْحَكِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ضُمْرَةَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ كَانَ يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ مِنَ الْعُبَّادِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ رَائِحٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ جَعَلْتَ لِي بَصَرِي نِعْمَةً وَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَلَيَّ نِقْمَةً فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ قَالَ فَعَمِيَ وَكَانَ يَرُوحُ إِلَى الْمَسْجِدِ يَقُودُهُ ابْنُ أَخٍ لَهُ فَإِذَا اسْتَقْبَلَ بِهِ الأُسْطُوَانَةَ اشْتَغَلَ الصَّبِيُّ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَإِنْ فَاتَتْهُ حَاجَةٌ حَصَبَهُ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ ضَحْوَةً فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَحَسَّ فِي بَطْنِهِ بِشَيْءٍ فَحَصَبَ الصَّبِيَّ فَشُغِلَ الصَّبِيُّ مَعَ الصِّبْيَانِ حَتَّى خَافَ الشَّيْخُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ كُنْتَ جَعَلْتَ لِي بَصَرِي نِعْمَةً وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نِقْمَةً فَسَأَلْتُكَ فَقَبَضْتَهُ إِلَيْكَ وَقَدْ خَشِيتُ الْفَضِيحَةَ فَرُدَّهُ إِلَيَّ فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَحِيحًا يَمْشِي قَالَ مَالِكٌ فَرَأَيْتُهُ أَعْمَى وَرَأَيْتُهُ صَحِيحًا وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى قَلْبِ اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُجَلَّى قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَدِّلُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ أَبِي حَارُومَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ يُونُسَ بْنِ حَمَاسٍ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَدَعَا اللَّهَ فَذَهَبَ بَصَرَهُ فَأَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا يَخْلُفُ إِلَى الْمَسْجِدِ مَكْفُوفًا يُقَادُ ثُمَّ إِنَّهُ تَحَرَّكَ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ وَقَدِ انْصَرَفَ قَائُدُهُ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَقُودُهُ فَخَلا الْمَسْجِدُ فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ فَلَمْ يَزَلْ صَحِيحَ الْبَصَرِ حَتَّى مَاتَ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ الْبَيْرُوتِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى قَالَ بَيْنَمَا امْرَأَةٌ قَائِمَةٌ عِنْدَ قِنْدِيلٍ تُوقِدُهُ إِذْ نَظَرَ إِلَيْهَا رَجُلٌ فَفَطِنَتْ لَهُ وَعَرَفَتْ أَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَهَا فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ لَهُ تَنْظُرُ مِلْءَ عَيْنِكَ إِلَى شَيْءٍ لِغَيْرِكَ قَالَ فَزَادَنِي زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يُذْهِبَ بَصَرَهُ فَذَهَبَ فَمَكَثَ عِشْرِينَ سَنَةً أَعْمَى لَا يُبْصِرُ فَلَمَّا كَبُرَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ رَآهُ بَصِيرًا قَبْلَ أَنْ يَعْمَى فَرَآهُ شَيْخًا بَصِيرًا بَعْدَ مَا عَمِيَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الأَزَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْفَرَغَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ كُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى الشَّيْءِ الْحَسَنِ يَأْخُذُ مِنْ قَلْبِيَ الْمَأْخَذَ الشَّدِيدَ فَسَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُذْهِبَ بَصَرِي فَذَهَبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ ثَوَابِ مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالُوا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَفْصٍ الْكَتَّانِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد الطوسي وعايل بْنُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِي وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ النَّقُورِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُبَابَةَ قَالا حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَضَالُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اكْفَلُوا لِي بِسِتٍّ أَكْفُلُ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلا يَكْذِبْ وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلا يَخُنْ وَإِذَا وَعَدَ فَلا يُخْلِفْ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَكُفُوا أَيْدِيَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُهْتَدِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن صَالح بن زغيل قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ قَالا حَدَّثَنَا فَضَالُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اكْفَلُوا لِي بِسِتٍّ أَكْفُلُ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلا يَكْذِبْ وَإِذَا وَعَدَ فَلا يُخْلِفْ وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلا يَخُنْ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَتَّابُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْن زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلاوَتَهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمد ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَةِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّظْرَةُ الأُولَى خَطَأٌ وَالثَّانِيَةُ عَمَدٌ وَالثَّالِثَةُ تُدَمِّرُ نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ مَنْ تَرَكَهَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَرَجَاءِ مَا عِنْدَهُ أَثَابَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ عِبَادَةً تَبْلُغُهُ لَذَّتُهَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن إِسْحَاق عَن محَارب ابْن دِثَارٍ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّظَرُ إِلَى الْمَرْأَةِ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ فَمَنْ تَرَكَهُ خَوْفَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِيمَانًا يَجِدْ حَلاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُعَدِّلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ فَغَضَّ بَصَرَهُ عِنْدَ أَوَّلِ دُفْعَةٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلاوَتَهَا قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ قَالَ اللُّغَوِيُّونَ غَضٌّ تَفْسِيرُهُ يَغُضُّ يُقَالُ قَدْ غَضَضْتُ مِنَ الرَّجُلِ إِذَا طَعَنْتُ عَلَيْهِ وَوَضَعْتُ مِنْهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يَقُول النّظر سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ فَمَنْ تَرَكَهَا مِنْ مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ مَكَانَهَا إِيمَانًا يَجِدُ حَلاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ غُفَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُفُّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا نَظَرَ إِلا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلاوَتَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلَطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَهْلٍ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صُهْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا عَيْنٌ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَعَيْنٌ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَيْنٌ يَخْرُجُ مِنْهَا مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بن أَحْمد ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ قَالَ حَدثنِي الْحسن بن مُجَاهِدٍ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ يُورِثُ حُبَّ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْوَرَّاقَ يَقُولُ مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مُحَرَّمٍ أَوْرَثَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حِكْمَةً عَلَى لِسَانِهِ يَهْدِي بِهَا سَامِعُوهُ وَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ شُبْهَةٍ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِنُورٍ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى طَرِيقِ مَرْضَاتِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرَثَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَارِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ ابْن الْمُهَلَّبِ السَّائِحُ قَالَ رَأَيْتُ بَيْنَ الثَّعْلَبِيَةِ وَالْخُزَيْمِيَّةِ غُلامًا قَائِمًا يُصَلِّي قَدِ انْقَطَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 عَنِ النَّاسِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَطَعَ صَلاتَهُ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ مَا مَعَكَ مُؤْنِسٌ قَالَ بَلَى قُلْتُ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ أَمَامِي وَمَعِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَفَوْقِي فَعَلِمْتُ أَنَّ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ فَقُلْتُ أَمَا مَعَكَ زَادٌ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ الإِخْلاصُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّوْحِيدُ لَهُ وَالإِقْرَارُ بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانٌ صَادِقٌ وَتَوَكُّلٌ وَاثِقٌ قُلْتُ هَلْ لَكَ فِي مُرَافَقَتِي قَالَ الرَّفِيقُ يُشْغِلُ عَنِ اللَّهِ وَلا أُحِبُّ أَنْ أُرَافِقَ أَحَدًا فَأَشْتَغِلُ بِهِ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ قُلْتُ أَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هَذِهِ الْبَرِيَّةِ وَحْدَكَ فَقَالَ إِنَّ الأُنْسَ بِاللَّهِ قَطَعَ عَنِّي كُلَّ وَحْشَةٍ حَتَّى لَوْ كُنْتُ بَيْنَ السِّبَاعِ مَا خِفْتُهَا وَلا اسْتَوْحَشْتُ مِنْهَا قُلْتُ فَمِنْ أَيْنَ تَأْكُلُ فَقَالَ الَّذِي غَذَّانِي فِي ظُلَمِ الأَرْحَامِ صَغِيرًا قَدْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِي كَبِيرًا قُلْتُ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ تَجِيئُكَ الأَسْبَابُ فَقَالَ لِي جَدٌ مَعْلُومٌ وَوَقْتٌ مَفْهُومٌ إِذَا احْتَجْتُ إِلَى الطَّعَامِ أَصَبْتُهُ فِي أَيِ مَوْضِعٍ كُنْتُ وَقَدْ عَلِمَ مَا يُصْلِحُنِي وَهُوَ غَيْرُ غَافِلٍ عَنِّي قُلْتُ أَلَكَ حَاجَةً قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَا هِيَ قَالَ إِذَا رَأَيْتَنِي فَلا تُكَلِّمُنِي وَلا تُعْلِمُ أَحَدًا أَنَّكَ تَعْرِفُنِي قُلْتُ لَكَ ذَاكَ فَهَلْ حَاجَةٌ غَيْرُهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَا هِيَ قَالَ إِنِ اسْتَطَعْتَ لَا تَنْسَانِي فِي دُعَائِكِ وَعِنْدَ الشَّدَائِدِ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ فَافْعَلْ قُلْتُ كَيْفَ يَدْعُو مِثْلِي لِمِثْلِكَ وَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي خَوْفًا وَتَوَكُّلا قَالَ لَا تَقُلْ هَذَا إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلِي وَلَكَ حَقُّ الإِسْلامِ وَمَعْرِفَةُ الإِيمَانِ قُلْتُ فَإِنَّ لِي أَيْضًا حَاجَةً قَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ ادْعُ اللَّهَ لِي فَقَالَ حَجَبَ اللَّهُ طَرْفَكَ عَنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَأَلْهَمَ قَلْبَكَ الْفِكْرَ فِيمَا يُرْضِيهِ حَتَّى لَا يَكُونُ لَكَ هَمٌّ إِلا هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 قُلْتُ يَا حَبِيبِي مَتَى أَلْقَاكَ وَأَيْنَ أَطْلُبُكَ فَقَالَ أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَلا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِلَقَائِي فِيهَا وَأَمَّا الآخِرَةُ فَإِنَّهَا مَجْمَعُ الْمُتَّقِينَ فَإِيَّاكَ أَنْ تُخَالِفَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ وَنَدَبَكَ إِلَيْهِ فَإِنْ كُنْتَ تَبْغِي لِقَائِي فَاطْلُبْنِي مَعَ النَّاظِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي زُمْرَتِهِمْ قُلْتُ وَكَيْفَ عَلِمْتَ ذَاكَ قَالَ بِغَضِّ طَرْفِي لَهُ عَنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ وَاجْتِنَابِي فِيهِ كُلَّ مُنْكَرٍ وَمَأْثَمٍ وَقَدْ سَأَلْتُهُ أَنْ يَجْعَلَ جَنَّتِي النَّظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ صَاحَ وَاقْبَلَ يَسْعَى حَتَّى غَابَ عَنْ بَصَرِي فَتَفَهَّمْ يَا أَخِي مَا أُوصِيكَ بِهِ إِنَّمَا بَصَرُكَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكَ فَلا تَعْصِهِ بِنِعَمِهِ وَعَامِلْهُ بِغَضِّهِ عَنِ الْحَرَامِ تَرْبَحْ وَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ سَلْبَ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَكُلُّ زَمَنِ الْجِهَادِ فِي الْغَضِّ لخطة فَإِنْ فَعَلْتَ نِلْتَ الْخَيْرَ الْجَزِيلَ وَسَلِمْتَ مِنَ الشَّرِّ الطَّوِيلِ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الْقَائِلِ إِنِّي إِذَا ذَلَّ الْحَرِيصُ ... عَزَزْتُ فِي ظِلِّ الْقَنَاعَهْ وَأَقُولُ لِلْنَفْسِ اطْمَئِنِّي ... فَالشَّجَاعَةُ صَبْرُ سَاعَهْ وَقَالَ الآخَرُ لَيْسَ الشُّجَاعُ الَّذِي يَحْمِي مَطِيَّتَهُ ... يَوْمَ النِّزَالِ وَنَارُ الْحَرْبِ تَشْتَعِلُ لَكِنَّ فَتًى غَضَّ طَرْفًا أَوْ ثَنَى بَصَرًا ... عَنِ الْحَرَامِ فَذَاكَ الْفَارِسُ الْبَطَلُ وَقَالَ الآخَرُ صَبَرْتُ عَنِ اللَّذَّاتِ حَتَّى تَوَلَّتِ ... وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَهَا فَاسْتَمَرَّتِ وَكَانَتْ عَلَى الأَيَّامِ نَفْسِي عَزِيزَةٌ ... فَلَمَّا رَأَتْ صَبْرِي عَلَى الذُّلِّ ذَلَّتِ وَمَا النَّفْسُ إِلا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى ... فَإِنْ أُطْمِعَتْ تَاقَتْ وَإِلا تَسَلَّتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي مُعَالَجَةِ الْهَمِّ وَالْفِكْرِ الْمُتَوَلِدِ عَنِ النَّظَرِ اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّك إِذا امتثلت الْمَأْمُور بِهِ من غض الْبَصَر عِنْد أول نظرة سلمت من آفَات لَا تُحْصَى فَإِذَا كَرَّرْتَ النَّظَرَ لَمْ تَأْمَنْ أَنْ يَزْرَعَ فِي قَلْبِكَ زَرْعًا يَصْعُبُ قَلْعَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ ذَلِكَ فَعِلاجُهُ الْحِمْيَةُ بِالْغَضِّ فِيمَا بَعْدَ وَقَطْعُ مُرَادِ الْفِكْرِ بِسَدِّ بَابِ النَّظَرِ فَحِينَئِذٍ يَسْهُلُ عِلاجُ الْحَاصِلِ فِي الْقَلْبِ لأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ سَيْلٌ فَسُدَّ مَجْرَاهُ سَهُلَ نَزْفُ الْحَاصِلِ وَلا عَلاجَ لِلْحَاصِلِ فِي الْقَلْبِ أَقْوَى مِنْ قَطْعِ أَسْبَابِهِ ثُمَّ زَجْرُ الاهْتِمَامِ بِهِ خَوْفًا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَتَى شَرَعْتَ فِي اسْتِعْمَالِ هَذَا الدَّوَاءِ رُجِيَ لَكَ قُرْبُ السَّلامَةِ وَإِنْ سَاكَنْتَ الْهَمَّ تَرْقَى إِلَى دَرَجَةِ الْعَزْمِ ثُمَّ حَرِّكِ الْجَوَارِحَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ النَّسَوِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمُوَلَّدِ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الرَّافِقِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ التَّمِيمِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ النَّخْشَبِيَّ يَقُولُ احْفِظْ هَمَّكَ فَإِنَّهُ مُقَدِّمَةُ الأَشْيَاءِ فَمَنْ صَحَّ لَهُ هَمُّهُ صَحَّ لَهُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِلِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ مَا سَبَبُ الذَّنْبِ قَالَ الْخَطْرَةُ فَإِنْ تَدَارَكَتِ الْخَطْرَةُ بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ ذَهَبَتْ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَوَلَّدَتْ عَنْهَا الْفِكْرَةُ فَإِنْ تَدَارَكْتَهَا بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بَطَلَتْ وَإِلا فَعِنْدَ ذَلِكَ تُخَالِطُ الْوَسْوَسَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 الْفِكْرَةَ فَتَوَلَّدُ عَنْهَا الشَّهْوَةُ وَكُلُّ ذَلِكَ بَعْدُ بَاطِنٌ فِي الْقَلْبِ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى الْجَوَارِحِ فَإِنِ اسْتَدْرَكْتَ الشَّهْوَةَ وَإِلا تَوَلَّدُ مِنْهَا الطَّلَبُ فَإِنْ تَدَارَكْتَ الطَّلَبَ وَإِلا تَوَلَّدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ أَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ خَطَرَاتٍ تَخْطُرُ لَا أَمْلِكُهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهَا مَا لَمْ تَكُنْ عَزْمًا لَا تَضُرُّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُؤْجَرَ بِالْخَوْفِ مِمَّنْ يعلم ماتخفي الصُّدُورُ لِتَشَاغُلِ الْقَلْبِ بِوَظَائِفٍ بَعِيدَةٍ تُلْهِيهِ عَنِ الأَمْرِ الَّذِي خُلِقَ لَهُ وَمَتَى كَفَفْتَ جَوَارِحَكَ وَلَمْ تَعْزِمْ عَلَى الْخَطَايَا بِقَلْبِكَ فَقَدْ عُفِيَ لَكَ عَنِ الْوَسْوَاسِ وَالْخَوَاطِرِ فَإِذَا زَجَرْتَهَا بِالْخَوْفِ فَقَدْ بَالَغْتَ فِي النِّظَافَةِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ جَعْفَرًا الْخُلْدِيَّ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ مَنْ رَاقَبَ اللَّهَ فِي خَطَرَاتِ قَلْبِهِ عَصِمَهُ اللَّهُ فِي حَرَكَاتِ جَوَارِحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي ذِكْرِ مَا يَصْنَعُ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن الجعبين قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْبٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَأَتَى زَيْنَبَ فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَقَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا رَأَى أَحَدَكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُ مِمَّا فِي نَفْسِهِ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ وَقَدْ نَبَّهَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّسَلِّي عَنِ الْمَطْلُوبِ بِجِنْسِهِ وَالثَّانِي الإِعْلامُ بِأَنَّ سَبَبَ الإِعْجَابِ قُوَّةُ الشَّهْوَةِ فَأَمَرَ بِتَنْقِيصِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْخُلْوَةِ بِالأَجْنَبِيَةِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِي قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاسْمُ أَبِي مَعْبَدٍ نَافِذٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَخْلُونَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنَّ ثَالِثْهُمَا الشَّيْطَانُ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبَنَّا قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُسْرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالا حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي مِثْلِ مَقَامِي هَذَا فَقَالَ أَلا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْغَاضِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الله ابْن الزُّبَيْرِ قَالَ قَامَ فِينَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا كَمَقَامِي فِيكُمْ ثُمَّ قَالَ أَلا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدِيرُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُور عَبْدُ الْعَزِيزِ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَضِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْلَدٍ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قَتِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ إِلا هَمَّ أَوْ هَمَّتْ بِهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَا صَالِحَيْنِ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ وَيَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو عَليّ التَّمِيمِي وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ فُرَاتٍ عَن مَيْمُون ابْن مِهْرَانَ قَالَ ثَلاثَةٌ لَا تَبْلُوَنَّ نَفْسَكَ بِهِنَّ لَا تَدْخُلَنَّ عَلَى سُلْطَانٍ وَإِنْ قُلْتَ آمُرُهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلا تَدْخُلَنَّ عَلَى امْرَأَةٍ وَإِنْ قُلْتَ أُعَلِّمُهَا كِتَابَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلا تُصْغِيَنَّ سَمْعَكَ لِذِي هَوَى فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا يَعْلَقُ بِقَلْبِكَ مِنْهُ أَخْبَرَنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْبَهْلُولِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدثنَا فرج ابْن فَضَالَةَ عَنْ كَلْبِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ أَوْصَانِي عمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ يَا مَيْمُونُ لَا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَكَ وَإِنْ أَقْرَأْتَهَا الْقُرْآنَ وَلا تَتْبِعِ السُّلْطَانَ وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّكَ تَأمره بِمَعْرُوف أَو تنها هـ عَنْ مُنْكَرٍ وَلا تُجَالِسْ ذَا هَوَى فَيُلْقِي فِي نَفْسِكَ شَيْئًا يَسْخَطُ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَحَدَّثَنَا عَنْهُ الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمُقْرِي قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ لَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ أُوصِيكُمْ بِثَلاثٍ فَخُذُوهَا عَنِّي حَيِيتُ أَوْ مِتُّ لَا تُمَكِّنْ سَمْعَكَ مِنْ صَاحِبِ لَهْوٍ وَلا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَكَ بِحُرْمَةٍ وَلَوْ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ وَلا تَدْخُلْ عَلَى أَمِيرٍ وَلَوْ أَنْ تَعِظَهُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جماد بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ احْفَظُوا عَنِّي ثَلاثًا مِتُّ أَوْ عِشْتُ لَا يَدْخُلَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ يَعِظُهُ وَيُعَلِّمُهُ وَلا يَخْلُ بِامْرَأَةٍ شَابَّةٍ وَإِنْ أَقْرَأَهَا الْقُرْآنَ وَلا يُمَكِّنَ سَمْعَهُ مِنْ ذِي هَوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَاصِمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُبَيْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ بَيْنَمَا مُوسَى جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى مَا الَّذِي إِذَا صَنَعَهُ الإِنْسَانُ اسْتَحْوَذْتَ عَلَيْهِ قَالَ إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَاسْتَكْثَرَ عِلْمَهُ وَنَسِيَ ذُنُوبَهُ وَأُحَذِّرُكَ ثَلاثًا لَا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَكَ فَإِنَّهُ مَا خَلا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ إِلا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِي حَتَّى أَفْتِنَهُ بِهَا وَلا تُعَاهِدِ اللَّهَ عَهْدًا إِلا وَفَّيْتَ بِهِ فَإِنَّهُ مَا عَاهَدَ اللَّهُ أَحَدٌ عَهْدًا إِلا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِي حَتَّى أَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَلا تُخْرِجَنَّ صَدَقَةً إِلا أَمْضَيْتَهَا فَإِنَّهُ مَا أَخْرَجَ أَحَدٌ صَدَقَةً فَلَمْ يُمْضِهَا إِلا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِي حَتَّى أَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَفَاءِ بِهَا ثُمَّ وَلَّى وَهُوَ يَقُولُ يَا وَيْلَهُ ثَلاثًا عَلَّمَ مُوسَى مَا يُحَذِّرُ بِهِ بَنِي آدَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ قِيلَ لأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ النَّصْرَابَاذِيِّ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُجَالِسُ النِّسْوَانَ وَيَقُولُ أَنَا مَعْصُومٌ فِي رُؤْيَتِهِنَّ فَقَالَ مَا دَامَتِ الأَشْبَاحُ بَاقِيَةٌ فَإِنَّ الأَمْرَ وَالنَّهْيَ بَاقٍ وَالتَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ مُخَاطب بِهِ وَلنْ يجترىء عَلَى الشُّبُهَاتِ إِلا مَنْ هُوَ بِعُرْضِ الْمُحَرَّمَاتِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْحَمَامِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ ابْن عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي وَلِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ دَخَلَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى أَخِيه هِشَام ابْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَعِنْدَهُ خَادِمٌ جَمِيلٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءَ وَثِيَابٌ وَشَيٌّ فَقَالَ مَسْلَمَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيُّ فِتْيَانِنَا هَذَا قَالَ هَذَا خَادِمٌ لِي فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُ عَلَى حُرَمِكَ مِثْلَ هَذَا قَالَ إِنَّهُ مَجْبُوبٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى النِّسَاءِ قَالَ إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا ذَكَّرَهَا الرِّجَالَ قَالَ فَأَخْرَجَهُ هِشَامٌ فَاحْذَرْ رَحِمَكَ اللَّهُ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ بِسَبَبِ الْبَلاءِ فَبَعِيدٌ أَنْ يَسْلَمَ مُقَارِبُ الْفِتْنَةِ مِنْهَا وَكَمَا أَنَّ الْحَذَرَ مَقْرُونٌ بِالنَّجَاةِ فَالتَّعَرُضُ بِالْفِتْنَةِ مَقْرُونٌ بِالْعَطَبِ وَنَدُرَ مَنْ يَسْلَمُ مِنَ الْفِتْنَةِ مَعَ مُقَارَبَتِهَا عَلَى أَنَّهُ مَا يَسْلَمُ مِنْ فِكْرٍ وَتَصَوُّرٍ وَهِمَّةٍ وَكُلُّ هَذَا زَلَلٌ هَذَا لَوْ كَانَتِ الْخُلْوَةُ بِالأَجْنَبِيَةُ مُبَاحَةٌ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ هَذِهِ الآفَاتِ فَكَيْفَ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا بْنُ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ شَمْعُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْخَنَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَفْصٍ الْكَتَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُرَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ وَحَدَّثَنَا مَوْهُوبُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْبُسْرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ قَالُوا أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْفُرَاوِيُّ قَالا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارُ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا السَّرْخَسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ وَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ وَالَّذِي قَبْلَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَطِيعِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسْيَفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةٌ فَقَالَ إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عبد الله ابْن أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَضْلَ ثمَّ سَار حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَجِّ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالَكَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَخِفْتُ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا أَنْبَأَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَة بنت رَفِيقَة أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ فَقَالَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَينِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ قَالَ حَدثنَا معمر عَن إِسْمَاعِيل ابْن أُمَيَّةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ الْيَوْمَ لَنَهَاهُنَّ عَنِ الْخُرُوجِ أَوْ حَرَّمَ عَلَيْهِنَّ الْخُرُوجَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن البحتري قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النِّسَاءُ الأَكَابِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وَغَيْرُهُنَّ يَخْرُجْنَ يَحْضُرْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وُعَمَرَ وَعُثْمَانَ الْعِيدَ فَلَمَّا كَانَ سعيد ابْن الْعَاصِ سَأَلَنِي عَنْ خُرُوجِ النِّسَاءِ فَرَأَيْتُ أَنْ يَمْنَعَ الشَّوَابُّ الْخُرُوجَ فَأَمَرَ مُنَادِيَهُ لَا تَخْرُجْ يَوْمَ الْعِيدِ شَابَّةٌ فَكَانَ الْعَجَائِزُ يَخْرُجْنَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الأَيْلِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِبْلِيسُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا رَبِّ قَدْ أُهْبِطَ آدَمُ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ كِتَابٌ وَرُسُلٌ فَمَا كِتَابُهُمْ وَرُسُلُهُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رُسُلُهُمُ الْمَلائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ مِنْهُمْ وَكُتُبُهُمُ التوارة وَالإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ قَالَ فَمَا كِتَابِي قَالَ كِتَابُكَ الْوَشْمُ وَقُرْآنُكَ الشِّعْرُ وَرُسُلُكَ الْكَهَنَةُ وَطَعَامُكَ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَشَرَابُكَ مِنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَصِدْقُكَ الْكَذِبُ وَبَيْتُكَ الْحَمَّامُ وَمَصَائِدُكَ النِّسَاءُ وَمُؤَذِّنُكَ الْمِزْمَارُ وَمَسْجِدُكَ الأَسْوَاقُ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهُذَيْلُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ أَبِي الْعَرِيفِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ النَّخَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ مَرْيَم عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي النِّسَاءُ وَالْخَمْرُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالا لَمَّا كَثُرَ بَنُو آدَمَ وَعَصَوْا دَعَتْ عَلَيْهِمِ الْمَلائِكَةُ وَالسَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَالْجِبَالُ رَبَّنَا أَهْلِكْهُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمَلائِكَةِ إِنِّي لَو أنزلت الشَّهْوَة والشيطان مِنْكُمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي آدَمَ لَفَعَلْتُمْ مِثْلَ مَا يَفْعَلُونَ فَحَدَّثُوا أَنْفُسَهُمْ أَنهم لَوِ ابْتُلَوْا اعْتَصَمُوا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ أَنِ اخْتَارُوا من أفاضلكم ملكَيْنِ فَاخْتَارُوا هَارُون وَمَارُوتَ وَأُهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ حَكَمَيْنِ وَأُهْبِطَتِ الزَّهْرَةُ إِلَيْهِمَا فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ فَوَاقَعَا الْخَطِيئَةَ وَكَانَتِ الْمَلائِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فَلَمَّا وَاقَعَا الْخَطِيئَةَ اسْتَغْفَرُوا لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الهثيم قَالَ حَدَّثَنَا سَنَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ يَا نَافِعُ طَلَعَتِ الْحَمْرَاءُ قُلْتُ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ثُمَّ قُلْتُ طَلَعَتْ قَالَ لَا مَرْحَبًا بِهَا وَلا أَهْلا قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ نَجْمٌ سَامِعٌ مُطِيعٌ قَالَ مَا قُلْتُ إِلا مَا سَمِعت من رَسُول الله أَوْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ الْمَلائِكَةَ قَالَتْ يَا رَبِّ كَيْفَ صَبْرُكَ عَلَى بَنِي آدَمَ فِي الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ قَالَ إِنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ وَعَافَيْتُكُمْ قَالُوا لَوْ كُنَّا مَكَانَهُمْ مَا عَصَيْنَاكَ قَالَ فَاخْتَارُوا مَلَكَيْنِ مِنْكُمْ فَلَمْ يَأْلُوا أَنِ اخْتَارُوا هَارُوتَ وَمَارُوتَ فَنَزَلا فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمَا الشَّبَقَ قُلْتُ وَمَا الشَّبَقُ قَالَ الشَّهْوَةُ قَالَ فَنَزَلا فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا الزُّهْرَةُ فَوَقَعَتْ فِي قُلُوبِهِمَا فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُخْفِي عَنْ صَاحِبِهِ مَا فِي نَفْسِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَقَالَ هَلْ وَقَعَ فِي نَفْسِكَ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِي قَالَ نَعَمْ فَطَلَبَاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا أُمَكِّنُكُمَا حَتَّى تُعَلِّمَانِي الاسْمَ الَّذِي تَعْرُجَانِ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَتَهْبِطَانِ بِهِ فَأَبَيَا ثُمَّ سَأَلاهَا أَيْضًا فَأَبَتْ فَفَعَلا فَلَمَّا اسْتُطِيرَتْ طَمَسَهَا اللَّهُ كَوْكَبًا وَقَطَّعَ أَجْنِحَتَهَا ثُمَّ سَأَلا التَّوْبَةَ مِنْ رَبِّهِمَا فَخَيَّرَهُمَا فَقَالَ إِنْ شِئْتُمَا رَدَدْتُكُمَا إِلَى مَا كُنْتُمَا عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَّبْتُكُمَا وَإِنْ شِئْتُمَا عَذَّبْتُكُمَا فِي الدُّنْيَا وَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَدَدْتُكُمَا إِلَى مَا كُنْتُمَا عَلَيْهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا يَنْقَطِعُ وَيَزُولُ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا عَلَى عَذَابِ الآخِرَةِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمَا أَنِ ائْتِيَا بَابِلَ فَانْطَلَقَا إِلَى بَابِلَ فَخَسَفَ بِهِمَا فَهُمَا فِيهَا مَنْكُوسَانِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ يُعَذَّبَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يحيى بن بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ إِلَى الأَرْضِ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ أَيْ رَبِّ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَالا تعلمُونَ قَالُوا رَبَّنَا نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلائِكَةِ هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلائِكَةِ حَتَّى نُهْبِطَهُمَا إِلَى الأَرْضِ فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلانِ قَالُوا رَبَّنَا هَارُوتَ وَمَارُوتَ فَأُهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ فَتَمَثَّلَتْ لَهُمَا الزُّهْرَةُ امْرَأَةً حَسَنَةً مِنْ أَحْسَنِ النِّسْوَةِ فَجَائَتْهُمَا فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُكَلِّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الإِشْرَاكِ فَقَالا وَاللَّهِ لَا نُشْرِكَ أَبْدًا فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلْهُ فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَقْتُلا هَذَا الصَّبِيِّ فَقَالا وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ أَبَدًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحٍ فِيهِ خَمْرٍ فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذِهِ الْخَمْرَ فَشَرِبَا فَسَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلا الصَّبِيَّ فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ عَلَيَّ إِلا وَقَدْ فَعَلْتُمَاهُ حِينَ سَكِرْتُمَا فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الطُّومَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَنَّ عَابِدًا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ وَكَانَ فِي زَمَانِهِ ثَلاثَةُ إِخْوَةٌ لَهُمْ أُخْتٌ وَكَانَتْ بِكْرًا فَخَرَجَ الْبَعْثُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَدْرُوا عِنْدَ مَنْ يُخَلِّفُونَ أُخْتَهُمْ وَلا مَنْ يَأْمَنُونَ عَلَيْهَا وَلا عِنْدَ مَنْ يَضَعُونَهَا فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُخَلِّفُوهَا عِنْدَ عَابِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَخَلِّفُوهَا عِنْدَهُ فَتَكُونَ فِي كَنَفِهِ وَجِوَارِهِ حَتَّى يَرْجِعُوا فَأَبَى ذَلِكَ وَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ وَمِنْ أُخْتِهِمْ فَلَمْ يزَالُوا بِهِ حَتَّى أطمعهم فَقَالَ أَنْزِلُوهَا فِي بَيْتٍ حِذَاءَ صَوْمَعَتِي فَأَنْزَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ ثُمَّ انْطَلَقُوا وَتَرَكُوهَا فَمَكَثَتْ فِي جِوَارِ ذَلِكَ الْعَابِدِ زَمَانًا يَنْزِلُ إِلَيْهَا بِالطَّعَامِ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَيَضَعَهُ عِنْدَ بَابِ الصَّوْمَعَةِ ثُمَّ يُغْلِقُ بَابَهُ وَيَصْعَدُ فِي صَوْمَعَتِهِ ثُمَّ يَأْمُرُهَا فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا فَتَأْخُذْ مَا وَضَعَ لَهَا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ فَتَلَطَّفَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَغِّبُهُ فِي الْخَيْرِ وَيُعَظِّمُ عِنْدَهُ خُرُوجَ الْجَارِيَةِ مِنْ بَيْتِهَا نَهَارًا وَيُخَوِّفُهُ أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ فيعلقها فول مَشَيْتَ بِطَعَامِهَا حَتَّى تَضَعَهُ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَشَى بِطَعَامِهَا حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا وَلا يُكَلِّمُهَا قَالَ فَلَبِثَ بِذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَالأَجْرِ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ لَوْ كُنْتَ تَمْشِي إِلَيْهَا بِطَعَامِهَا حَتَّى تَضَعَهُ فِي بَيْتِهَا كَانَ أَعْظَمُ لأَجْرِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 قَالَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَشَى إِلَيْهَا بِطَعَامِهَا فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهَا قَالَ فَلَبِثَ بِذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ لَوْ كُنْتَ تُكَلِّمُهَا وَتُحَدِّثُهَا فَتَأْنَسَ بِحَدِيثِكَ فَإِنَّهَا قَدِ اسْتَوْحَشَتْ وَحْشَةً شَدِيدَةً قَالَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَدَّثَهَا زَمَانًا يَطَّلِعُ إِلَيْهَا مِنْ فَوْقِ صَوْمَعَتِهِ قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ إِبْلِيسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ كُنْتَ تَنْزِلُ إِلَيْهَا فَتَقْعُدُ عَلَى بَابِ صَوْمَعَتِكَ وَتَقْعُدُ هِيَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَتُحَدِّثُكَ كَانَ آنَسَ لَهَا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أنزلهُ فأجسله عَلَى بَابِ صَوْمَعَتِهِ يُحَدِّثُهَا وَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ مِنْ بَيْتِهَا حَتَّى تَقْعُدَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا قَالَ فَلَبِثَا زَمَانا يتح 2 دثان ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا فَقَالَ لَوْ خَرَجْتَ مِنْ بَابِ صَوْمَعَتِكَ فَجَلَسْتَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ بَيْتِهَا فَحَدَّثْتَهَا كَانَ آنَسَ لَهَا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى فَعَلَ فَلَبِثَا بِذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَوْ دَنَوْتَ مِنْ بَابِ بَيْتِهَا ثُمَّ قَالَ لَوْ دَخَلْتَ الْبَيْتَ فَحَدَّثَتْهَا وَلَمْ تَتْرُكْهَا تُبْرِزُ وَجْهَهَا لأَحَدٍ كَانَ أَحْسَنَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهَا نَهَارَهُ كُلَّهُ فَإِذَا أَمْسَى صَعَدَ فِي صَوْمَعَتِهِ قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ إِبْلِيسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يُزَيِّنُهَا لَهُ حَتَّى ضَرَبَ الْعَابِدُ عَلَى فَخْذِهَا وَقَبَّلَهَا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ إِبْلِيسُ يُحَسِّنُهَا فِي عَيْنِهِ وَيُسَوِّلُ لَهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَأَحْبَلَهَا فَوَلَدَتْ غُلامًا فَجَاءَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ إِخْوَةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْكَ كَيْفَ تَصْنَعُ لَا آمَنُ أَنْ تَفْتَضِحَ أَوْ يَفْضَحُوكَ فَاعْمَدْ إِلَى ابْنِهَا فَاذْبَحْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وَادْفِنْهُ فَإِنَّهَا سَتَكْتُمُ ذَلِكَ عَلَيْكَ مَخَافَةَ إِخْوَتِهَا أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَا صَنَعْتَ بِهَا فَفَعَلَ فَقَالَ لَهُ أَتَرَاهَا تَكْتُمُ إِخْوَتَهَا مَا صَنَعْتَ بِهَا خُذْهَا فَاذْبَحْهَا وَادْفِنْهَا مَعَ ابْنِهَا فَذَبَحَهَا وَأَلْقَاهَا فِي الْحُفَيْرَةِ مَعَ ابْنِهَا وَأَطْبَقَ عَلَيْهَا صَخْرَةً عَظِيمَةً وَسَوَّى عَلَيْهِمَا وَصَعَدَ إِلَى صَوْمَعَتِهِ يَتَعَبَّدُ فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى قَفَلَ إِخْوَتُهَا مِنَ الْغَزْوِ فَجَاءُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ أُخْتِهِمْ فَنَعَاهَا لَهُمْ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهَا وَبَكَاهَا وَقَالَ كَانَتْ خَيْرَ امْرَأَةٍ وَهَذَا قَبْرُهَا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ فَأَتَى إِخْوَتُهَا الْقَبْرَ فَبَكَوْا أُخْتَهُمْ وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهَا وَأَقَامُوا عَلَى قَبْرِهَا أَيَّامًا ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى أَهَالِيهِمْ قَالَ فَلَمَّا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ أَتَاهُمُ الشَّيْطَانُ فِي النَّوْمِ فَبَدَأَ بِأَكْبَرِهِمْ فَسَأَلَهُ عَنْ أُخْتِهِمْ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ الْعَابِدِ وَبِمَوْتِهَا فَكَذَّبَهُ الشَّيْطَانُ وَقَالَ لَمْ يَصْدُقَكُمْ أَمْرَ أُخْتِكُمْ إِنَّهُ أَحْبَلَ أُخْتَكُمْ وَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا فَذَبَحَهُ وَذَبَحَهَا مَعَهُ فَرَقًا مِنْكُمْ فَأَلْقَاهَا فِي حُفَيْرَةٍ خَلْفَ بَابِ الْبَيْتِ وَأَتَى الأَوْسَطَ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَى الأَصْغَرَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ اسْتَيْقَظُوا مُتَعَجِّبِينَ لِمَا رَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَقُولُ رَأَيْتُ عَجَبًا فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِمَا رَأَى فَقَالَ كَبِيرُهُمْ هَذَا حُلْمٌ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ فَامْضُوا بِنَا وَدَعُوا هَذَا قَالَ أَصْغَرُهُمْ لَا أَمْضِي حَتَّى آتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 فَانْطَلَقُوا وَبَحَثُوا الْمَوْضِعَ فَوَجَدُوا أُخْتَهُمْ وَابْنهَا مذوبحين فَسَأَلُوا عَنْهَا الْعَابِدَ فَصَدَّقَ قَوْلَ إِبْلِيسَ فِيمَا صَنَعَ بِهَا فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ مَلِكَهُمْ فَأُنْزِلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيُصْلَبَ فَلَمَّا أَوْقَفُوهُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي صَاحِبُكَ الَّذِي قَدْ فَتَنْتُكَ فِي الْمَرْأَةِ حَتَّى أَحْبَلْتَهَا وَذَبَحْتَهَا وَابْنَهَا فَإِنْ أَنْتَ أطَعْتَنِي الْيَوْمَ وَكَفَرْتَ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ خَلَّصْتُكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ فَكَفَرَ الْعَابِدُ بِاللَّهِ فَلَمَّا كَفَرَ خَلَّى الشَّيْطَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَصَلَبُوهُ قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمين وَقَدْ ذُكِرَتْ قِصَّةُ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى خِلافِ هَذِهِ الْحَالِ فِي التَّفْسِيرِ إِلا أَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ فِتْنَةٍ بِالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالْكُفْرِ وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فَتَلَمَّحْ وَفَّقَكَ اللَّهُ سَبَبَ وُقُوعِهِ فِي هَذَا الشَّرِّ وَهُوَ أَنَّهُ فَسَحَ لِنَفْسِهِ فِيمَا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْكَلامِ لِلأَجْنَبِيَّةِ وَالْخُلْوَةِ بِهَا وَكَانَ كَمَأْمُورٍ بِالْحِمْيَةِ أَقْبَلَ عَلَى التَّخْلِيطِ ثِقَةً بِعَافِيَتِهِ فَأَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى تَلَفِ نَفْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وَلَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ قَوْلَ طَبِيبِهِ لَسَلِمَ مِنْ شَرِّ مَا وَقَعَ فِيهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُذْلانِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْمُطَهَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ ابْن سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ ابْتُلِيتُمْ بِفِتْنَةِ الضَّرَّاءِ فَصَبَرْتُمْ وَسَتُبْتَلُونَ بِفِتْنَةِ السَّرَّاءِ وَأَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ فِتْنَةَ النِّسَاءِ إِذَا تَسَوَّرْنَ الذَّهَبَ وَلَبِسْنَ رِيَاطَ الشَّامِ وَعَصْبَ الْيَمَنِ فَأَتْعَبْنَ الْغَنِيَّ وَكَلَّفْنَ الْفَقِيرَ مَالا يَجِدْ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ ابْن جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِير عَن لَيْث عَن طَاوُوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ كُفْرُ مَنْ قَدْ مَضَى إِلا مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ وَهُوَ كَائِنٌ كُفْرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدثنَا حسان ابْن عَطِيَّةَ قَالَ مَا أُتَيَتْ أُمَّةٌ قَطُّ إِلا مِنْ قِبَلِ نِسَائِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ البَقَّالُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ اللَّخْمِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولاءَ كَأَنَّ عُنُقَهَا إِبْرِيقُ فِضَّةٍ قَالَ فَمَا صَبَرْتُ أَنْ قُمْتُ فَقَبَّلْتُهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدثنَا نصر بن داو د الْخَلَنْجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ ابْن طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا قَالَ إِذَا نَظَرَ إِلَى النِّسَاءِ لَمْ يَصْبِرْ وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا هرون ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ مَا يَئِسَ الشَّيْطَانُ مِنَ ابْنِ آدَمَ قَطُّ إِلا أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَقَالَ هَارُونُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَعْشُو بِالأُخْرَى وَمَا شَيْءٌ عِنْدِي أَخْوَفُ مِنَ النِّسَاءِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْبَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ لأَنْ أُوتَمَنَ عَلَى بَيْتٍ مِنَ الدُّرِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوتَمَنَ عَلَى امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ يَقُولُ لأَنْ أُوتَمَنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوتَمَنَ عَلَى امْرَأَةٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْن الْحَسَنِ الضَّرَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ يَقُولُ لَوِ ائْتَمَنَنِي رَجُلٌ عَلَى بَيْتِ مَالٍ لَظَنَنْتُ أَنْ أُؤَدِيَ إِلَيْهِ الأَمَانَةُ وَلَوِ ائْتَمَنَنِي عَلَى زِنْجِيَّةَ أَنْ أَخْلُوَ مَعَهَا سَاعَةً وَاحِدَةً مَا ائْتَمَنْتُ نَفْسِي عَلَيْهَا وَقَدْ سَمِعْتُ الشَّيْخَ الصَّالِحَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيًّا إِلا وَقَدْ تَخَوَّفَ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ مِنَ النِّسَاءِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوْزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا رِضْوَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ ائْتَمِنِّي عَلَى بَيْتٍ مَمْلُوءٍ مَالا وَلا تَأْتَمِنِّي عَلَى جَارِيَةٍ سَوْدَاءَ لَا تَحِلُّ لِي قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلَمٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَهَا أحيفى الْبَابَ ثُمَّ تَكَلَّمِي مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَتِيقِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ الْمُنْتَابِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدثنَا الْفضل ابْن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ يُقَالُ قَالَ إِبْلِيسُ سَهْمِي الَّذِي إِذَا رَمَيْتُ بِهِ لَمْ أُخْطِ النِّسَاءُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْقُوبَ التَّمِيمِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ فَخَطَبَهَا النَّاسُ وَكَادَتْ تَذْهَبُ بِعُقُولِ أَكْثَرِهِمْ فَقَالَ فِيهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ عَلِمْتِ بِبَعْضِهِ ... لَجُدْتِ وَلَمْ يَصْعُبْ عَلَيْكِ شَدِيدُ أُحِبُّكِ حُبًّا لَا يُحِبُّكِ مِثْلَهُ ... قَرِيبٌ وَلا فِي الْعَاشِقِينَ بَعِيدُ وُحُبُّكِ يَا أُمَّ الصَّبِيِّ مُدَلِّهِي ... شَهِيدِي أَبُو بَكْرٍ فَذَاكِ شَهِيد وَيعلم وحدي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ... وَعُرْوَةُ مَا أَلْقَى بِكُمْ وَسَعِيدُ وَيَعْلَمُ مَا عِنْدِي سُلَيْمَانُ عَلِمَهُ ... وَخَارِجَةُ يُبْدِي بِنَا وَيَعِيدُ مَتَى تَسْأَلِي عَمَّا أَقُولُ فَتُخْبَرِي ... فَلِلَّهِ عِنْدِي طَارِفٌ وَتَلِيدُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَقَدْ آمَنْتَ أَنْ تَسْأَلَنَا وَلَوْ سَأَلَتْنَا مَا طَمِعْتَ أَنْ نَشْهَدَ بِزُورٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وَهَؤُلاءِ الَّذِينَ اسْتَشْهَدَ بِهِمْ وَهُوَ مَعَهُمْ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَرِّدُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مُعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَحَجَّ مَعَهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ مِنْ رِجَالاتِ قُرَيْشٍ الْمَعْدُودِينَ وَعُلَمَائِهِمْ وَكَانَ عَظِيمُ الْقَدْرِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بَصَرَ بِرَمْلَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَعَشَقَهَا عِشْقًا مُبْرِحًا شَدِيدًا وَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ وُقُوعًا مُتَمَكِّنًا فَلَمَّا أَرَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقُفُولَ هَمَّ خَالِدٌ بِالتَّخَلُفِ عَنْهُ فَوَقَعَ بِقَلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ تُهْمَةٌ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَمْلَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ رَأَيْتُهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَدْ أَذْهَلَتْ عَقْلِي وَوَاللَّهِ مَا أَبْدَيْتُ لَكَ مَا بِي حَتَّى عِيلَ صَبْرِي وَلَقَدْ عَرَضْتُ النَّوْمَ عَلَى عَيْنِي فَلَمْ تَقْبَلْهُ وَالسُّلُوَ عَلَى قَلْبِي فَامْتَنَعَ مِنْهُ فَأَطَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّعَجُبِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ مَا كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ الْهَوَى يَسْتَأْثِرُ مِثْلَكَ فَقَالَ وَإِنِّي لأَشَدُّ تَعَجُبًا مِنْ تَعَجُبِكَ مِنِّي وَلَقَدْ كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ الْهَوَى لَا يَتَمَكَّنُ إِلا مِنْ صِنْفَيْنِ مِنَ النَّاسِ الشُّعَرَاءِ وَالأَعْرَابِ فَأَمَّا الشُّعَرَاءُ فَإِنَّهُمْ أَلْزَمُوا قُلُوبَهُمُ الْفِكْرَ فِي النِّسَاءِ وَالْغَزَلِ فَمَالَ طَمَعُهُمْ إِلَى النِّسَاءِ فَضَعُفَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ دَفْعِ الْهَوَى فَاسْتَسْلَمُوا إِلَيْهِ مُنْقَادِينَ وَأَمَّا الأَعْرَابُ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَخْلُو بِامْرَأَتِهِ فَلا يكون الْغَالِب عَلَيْهِ عَلَيْهِ غَيْرُ حُبِّهِ لَهَا وَلا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْهُ فَضَعُفُوا عَنْ دَفْعِ الْهَوَى فَتَمَكَّنَ مِنْهُمْ وَجُمْلَةُ أَمْرِي مَا رَأَيْتُ نَظْرَةً حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَزْمِ وَحَسَّنَتْ عِنْدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 رُكُوبَ الإِثْمِ مِثْلَ نَظْرَتِي هَذِهِ فَتَبَسَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ أَوَكُلِّ هَذَا قَدْ بَلَغَ بِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُنِي هَذِهِ اللَّيْلَةُ قَبْلَ وَقْتِي هَذَا فَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ رَمْلَةَ عَلَى خَالِدٍ فَذَكَرُوا لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ أَوْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ فَطَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ إِحَدَاهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ وَالأُخْرَى مِنَ الأَزْدِ وَظَعَنَ بِهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهَا يَقُولُ أَلَيْسَ يَزِيدُ الشَّوْقُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ... وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ حَبِيبَتِنَا قُرْبَا خَلِيلَيَّ مَا مِنْ سَاعَةٍ تَذْكُرَانِهَا ... مِنَ الدَّهْرِ إِلا فَرَّجَتْ عَنِّيَ الْكَرْبَا أُحِبُّ بَنِي الْعَوَّامِ طُرًّا لِحُبِّهَا ... وَمِنْ أَجْلِهَا أَحْبَبَتُ أَخَوَالَهَا كَلْبَا تَجُولُ خَلاخِيلُ النِّسَاءِ وَلا أَرَى ... لِرَمْلَةَ خَلْخَالا يَجُولُ وَلا قَلْبَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ دَاوُدَ الْعُمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِيمَا أَحْفَظُ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ كَانَ زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقَ يَجْلِسُ إِلَى إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَعَدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ عَلِيلا فَأَتَاهُ فَقَالَ مَا بِكَ قَالَ لَهُ زِيَادٌ عِلَّةٌ أَجِدُهَا قَالَ لَهُ إِيَاسٌ وَاللَّهِ مَا بِكَ حُمَّى وَلا بِكَ عِلَّةٌ أَعْرِفُهَا فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي تَجِدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا وَاثِلَة تقدّمت إِلَيْك امْرَأَة فَنَظَرت إِلَيْهَا فِي نقابهم حِينَ قَامَتْ مِنْ عِنْدِكَ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِي فَهَذِهِ الْعِلَّةُ مِنْهَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بن هِشَام ابْن مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ اسْتَعْمَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ سَعِيدَ بْنَ سَلَمٍ عَلَى قَضَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 قَنْدَابِيلَ وَكِرْمَانَ فَقَدِمَهَا وَكَانَ بِكِرْمَانَ عِلْجَةٌ يُقَالُ لَهَا أَرْذَكُ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَكَانَتْ بَغِيًّا يَبِيتُ عِنْدَهَا الرِّجَالُ بِجُمْلَةٍ مِنَ الْمَالِ فَبَلَغَ سَعِيدًا خَبَرُهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجِيءَ بِهَا فَلَمَّا رَآهَا قَالَ يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ أَفَتَنْتِ فِتْيَانَ الْبَلَدِ وَأَفْسَدْتِهِمْ ثُمَّ قَالَ اكْشِفِي عَنْ رَأْسِكِ فَكَشَفَتْ عَنْ شَعْرٍ حَسَنٍ جَثْلٍ يَضْرِبُ إِلَى عَجِيزَتِهَا ثُمَّ قَالَ أَلْقِي دِرْعَكِ فَأَلْقَتْهُ وَقَامَتْ عُرَيَانَةً فِي إِزَارٍ فَرَأَى مَا حَيَّرَهُ وَذَهَبَ بِعَقْلِهِ فَلَمْ يَمْلُكْ نَفْسَهُ حَتَّى جَعَلَ يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ فِي عُكَنِهَا فَإِذَا عُكَنٌ وَطِيَّةٌ وَثَدْيٌ صَغِيرٌ وَمَنَاكِبُ عَالِيَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ ثُمَّ قَالَ يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ أَدْبِرِي فَأَدْبَرَتْ فَنَظَرَ إِلَى ظَهْرٍ فِيهِ كَالْجَدْوَلِ وَكَفَلٍ كَأَزْمِكَةِ خَزٍّ حَشْوُهَا قَزٌّ ثُمَّ قَالَ أَقْبِلِي فَأَقْبَلَتْ فَافْتُتِنَ بِهَا لِمَا رَأَى مِنْ جَمَالِهَا فَوَثَبَ إِلَيْهَا فَمَا فَارَقَهَا حَتَّى فَعَلَ فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ فِعْلُهُ فَقَالَ بَعْضُ مَا يَعْتَرِي الْجَانِي مِنَ الشَّبَقِ وَصَرَفَ سَعِيدًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُهْتَدِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكَرَوَانِيُّ قَالَ كَانَ بِالْبَصْرَةِ قَيْنَةٌ يُقَالُ لَهَا مُتَيَّمٌ كَانَتْ مُتَنَاهِيَةُ الْجَمَالِ وَالْحَذْقِ فَجَاءَتْ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي تُظْهِرُ التَّوْبَةَ وَتَسْأَلْهُ أَنْ يَلِيَ بَيْعَهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ وَسَفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَافْتُتِنَ النَّاسُ بِهَا وَأَشَاعَ قَوْمٌ أَنَّ الْقَاضِيَ افْتُتِنَ بِهَا فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمُعَدِّلُ وَلَمَّا سَرَتْ عَنْهَا الْقِنَاعَ مُتَيْمٌ ... تَرَوَّحَ مِنْهَا الْعَنْبَرِيُّ مُتَيَّمَا رَأَى ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُحَكَّمٌ ... عَلَيْهَا لَهَا طَرْفًا عَلَيْهِ مُحَكَّمَا فَإِنْ تُصْبِ قَلْبَ الْعَنْبَرِيِّ فَقَبْلَهُ ... صَبَا بِالتَّيَامَى قَلْبُ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَا وَحَدَّثَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَابًا وَلا كَهْلا مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أَصْوَنَ لِنَفْسِهِ وَأَضْبَطَ لِحَاشِيَتِهِ وَأَعَفَّ لِسَانًا وَفَرْجًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ وَكَانَ رُبَّمَا عَبَثْنَا بِالْغَزَلِ فِي مَجْلِسِهِ فَيَجْرِي مَعَنَا فِيهِ فِيمَا لَا يَقْدَحُ بِهِ عَلَيْهِ قَادِحٌ وَكَانَ أَكْثَرَ مَا يَشْغَلُ بِهِ نَفْسَهُ سَمَاعُ الْغِنَاءِ وَكَانَ يَعِيبُ الْعِشْقَ كَثِيرًا وَيَقُولُ الْعِشْقُ طَرَفٌ مِنَ الْحُمْقِ وَكَانَ إِذَا رَأَى مِنَّا مُطْرِفًا أَوْ مُفَكِّرًا اتَّهَمَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى وَيَقُولُ وَقَعْتَ وَاللَّهِ يَا فُلانُ وَقَلَّ عَقْلُكَ وَسَخُفْتَ إِلَى أَنْ رَأَيْنَاهُ وَقَدْ حَدَثَ بِهِ سَهْوٌ شَدِيدٌ وَفِكْرٌ دَائِمٌ وَزَفِيرٌ مُتَتَابِعٌ وَسَمِعْنَاهُ يُنْشِدُ أَشْعَارًا مِنْهَا مَالِي أَرَى الثُّرَيَا ... وَلا أَرَى الرَّقِيبَا يَا مُرْسِلا غَزَالا ... أَمَا تَخَافَ ذِيبَا وَسَمِعْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى يُنْشِدُ وَهُوَ يَشْرَبُ فِي إِنَاءٍ قَدْ أَلِفَهُ فَاتَّهَمْنَاهُ فِيهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا الشِّعْرَ مَا قَلِيلٌ لِي مِنْكَ بِقَلِيلٍ ... يَا مُنَى نَفْسِي وَغَايَةَ سُولِي سَلْ بِحَقِّ اللَّهِ عَيْنَكَ عَنِّي ... هَلْ أَحَسَّتْ فِي الْهَوَى تَقْبِيلِي أَنْتَ أَفْسَدْتَ حَيَاتِي بِهَجْرٍ ... وَمَمَاتِي بِحِسَابٍ طَوِيلِ وَأَنْشَدَ أَيْضًا أَسَرَ الْحُبُّ أَمِيرًا ... لَمْ يَكُنْ قَبْلُ أَسِيرًا فَارْحَمُوا ذُلَّ عَزِيزٍ ... صَارَ عَبْدًا مُسْتَجِيرَا وَأَنْشَدَ أَيْضًا يَوْمًا وَقَدْ رَأَى دَارَ بَعْضِ النَّاس أيا داركم فِيكِ مِنْ لَذَّةٍ ... وَعَيْشٍ لَنَا مَا كَانَ أَطْيَبَهْ وَمِنْ قَيْنَةٍ أَفْسَدَتْ نَاسِكًا ... وَكَانَتْ لَهُ فِي التُّقَى مَرْتَبَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وَلَهُ أَيْضًا لَقَدْ فَتَكَتْ عَيْنَاكِ نَفْسًا كَرِيمَةً ... فَلا تَأْمَنِي إِنْ مِتُّ سَطْوَةَ ثَائِرِ كَأَنَّ فُؤَادِي فِي السَّمَاءِ ... مُعَلَّقٌ إِذَا غِبْتِ عَنْ عَيْنِي بِمِخْلَبِ طَائِرِ وَأَنْشَدَ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ حَصَلْتُ مِنْكِ عَلَى ... خَاتَمٍ حَوَتْهُ الْبَنَانُ فَمَا يُفَارِقُ كَفِّي ... كَأَنَّنِي قَهْرَمَانُ يَا أَهْلَ وُدِّي بَعُدْتُمْ ... وَأَنْتُمُ جِيرَانُ قَالَ النُّمَيْرِيُّ فَقُلْنَا لَهُ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ هَذِهِ أَشْيَاءُ قَدْ كُنْتَ تَعِيبُ أَمْثَالَهَا مِنَّا وَنَحْنُ الآنَ نُنْكِرُهَا مِنْكَ فَكَانَ يَرْجِعُ عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ تَصَنُّعًا ثُمَّ لَا يَلْبَثُ مَسْتُورُهُ أَنْ يَظْهَرَ حَتَّى تَحَقَّقَ عِنْدَنَا عِشْقُهُ وَدَخَلَ فِي طَبَقَةِ الْمَرْحُومِينَ فَسَمِعْتُهُ يَوْمًا يُنْشِدُ مَكْتُومُ يَا أَحْسَنَ خَلْقِ اللَّهِ ... لَا تَتْرُكِينِي هَكَذَا بِاللَّهِ ثُمَّ تَنَفَّسَ فَأَجَبْتُهُ قَدْ ظَفِرَ الْعِشْقُ بِعَبْدِ اللَّهِ ... وَانْهَتَكَ السِّتْرُ بِحَمْدِ اللَّهِ فَقُلْ لَهُ سَمِّ لَنَا سَيِّدِي ... هَذَا الَّذِي تَهْوَى بِحَقِّ اللَّهِ فَضَحِكَ وَقَالَ لَا وَلا كَرَامَةُ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ بَكَتْ عَيْنُهُ وَشَكَى حُرْقَةً ... مِنَ الْوِجْدِ فِي الْقَلْبِ مَا تَنْطَفِي فَقُلْتُ لَهُ سَيِّدِي مَا الَّذِي ... أَرَى بِكَ قَالَ سِقَامٌ خَفِي فَقُلْتُ عَشِقْتَ فَقَالَ اقْتَصِرْ ... على مَا ترى بِي أماتكتفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَكَتَبَ إِلَيَّ يَا مَنْ يُحَدِّثُ عَنِّي ... بِظَنِّ سَمْعٍ وَعَيْنِ إِنْ كُنْتَ تَخْطُبُ سِرِّي ... فَارْجِعْ بِخُفَيْ حُنَيْنِ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ هَيْهَاتَ لَحْظُكَ عِنْدِي ... تُقِرُّ فِيهِ بِعِشْقِكْ دَعْ عَنْكَ خُفَّيْ حُنَيْنِ ... وَاحْرِصْ عَلَى حَلِّ رِبْقِكْ تَعَالَ نَحْتَالُ فِيمَا ... تَهْوَى بِرِفْقِي وَرِفْقِكْ وَصِرْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا الطَّيِّبِ قَدْ عَصَيْتُ إِبْلِيسَ أَكْثَرَ مِمَّا عَصَى رَبَّهُ إِلَى أَنْ أَوْقَعَنِي فِي حِبَالِهِ فَأَنْشَدْتُهُ مِنْ أَيْنَ لَا كَانَ إِبْلِيسُ ... جَاءَنِي بِكَ يَسْعَى أَبْدَاكِ لِي مِنْ بَعِيدٍ ... فَقُلْتُ سَمْعًا وَطَوْعًا فَأَخْبَرَنِي بِقِصَّتِهِ فَسَعَيْتُ لَهُ بِلَطِيفِ الْحِيلَةِ وَأَعَانَنِي بِحَزْمِ الرَّأْيِ حَتَّى فَازَ بِالظَّفَرِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ اعْتَلَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ فَأَتَاهُ أَبُوهُ عَائِدًا وَقَالَ مَا عَرَاكَ يَا بُنَيَّ فَأَنْشَأَ يَقُولُ أَيُّهَا الْعَاذِلُونَ لَا تَعْذِلُونِي ... وَانْظُرُوا حُسْنَ وَجْهِهَا تَعْذُرُونِي وَانْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ أَحْسَنَ مِنْهَا ... إِنْ رَأَيْتُمْ شَبِيهَهَا فَاعْذِلُونِي بِي جُنُونُ الْهَوَى وَمَا بِي جُنُونُ وَجُنُونُ الْهَوَى جُنُونُ الْجُنُونِ قَالَ فَتَتَبَّعَ أَبُوهُ الْحَالَ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَابْتَاعَ الْجَارِيَةَ الَّتِي شُغِفَ بِهَا بِسَبْعَةِ آلافِ دِينَارٍ وَوَجَّهَهَا إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وَأَنْشَدَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنْشَدَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ قَالَ أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ أَنْشَدَنَا ثَعْلَبُ قَالَ أَنْشَدَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي صِفَةِ النِّسَاءِ هِيَ الضِّلْعُ الْعَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُهَا ... أَلا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا أَيَجْمَعْنَ ضَعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الْفَتَى ... أَلَيْسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا وَأَنْشَدَنَا آخَرُ لِلَّهِ مَا صَنَعَتْ بِنَا ... تِلْكَ الْمَحَاجِرُ فِي الْمَعَاجِرْ أَمْضَى وَأَبْعَدُ فِي الْقُلُوبِ ... مِنَ الْخَنَاجِرِ فِي الْحَنَاجِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّخْوِيفِ مِنَ الْفِتَنِ وَمَكَايِدِ الشَّيْطَانِ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنِي هَارُونُ الأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِي لَيْلا فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ مَالَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ فَقُلْتُ وَمَالِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ أَفَأَخَذَكِ شَيْطَانُكِ فَقلت أَو معي شَيْطَانٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ وَجُمْهُورُ الرُّوَاةِ يَرْوُونَ هَذَا الْحَدِيثَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ عَلَى مَذْهَبِ الْفِعْلِ الْمَاضِي يُرِيدُونَ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَسْلَمَ إِلا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ فَأَسْلَمُ أَنَا مِنْ شَرِّهِ وَكَانَ يَقُولُ الشَّيْطَانُ لَا يُسْلِمُ وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ مَذْهَبٌ حَسَنٌ يُظِهْرُ أَثَرَ الْمُجَاهَدَةِ إِلا أَنَّ مُسْلِمًا قَدْ رَوَى فِي صَحِيحه من حَدِيث ابْن معسود قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعَانَنِي فَأَسْلَمَ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِخَيْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ أَسْلَمَ لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ لَمَا كَانَ يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَكَفَى بِهَذَا رَدًّا لِقَوْلِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ شَمْعُونَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَث قَالَ حَدثنَا مَحْمُود ابْن خَالِدٍ وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ رَبٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا بَلاءٌ وَفِتْنَةٌ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ شَاذَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الأَسَدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَإِنْ نَسِيَ اللَّهَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ مَا مِنْ إِنْسَانٍ إِلا وَشَيْطَانٌ مُتَبَطِّنٌ فِقَارَ ظَهْرِهِ لاوٍ عُنُقَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَاغِرٌ فَاهُ عَلَى قَلْبِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ شَيَّعْنَا جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا بَلَغَ خُصَّ الْمَكَاتِبِ قُلْنَا لَهُ أَوْصِنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ نُورُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ وَهُدَى النِّهَارِ فَاعْمَلُوا بِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ جَهْدٍ وَفَاقَةٍ فَإِنْ عَرَضَ بَلاءٌ فَعَرِّضْ مَالَكَ قَبْلَ نَفْسِكَ فَإِنْ تَجَاوَزَهُ الْبَلاءُ فَقَدِّمْ مَالَكَ وَنَفْسَكَ دُونَ دِينِكَ فَإِن المحزوب مَنْ حُرِبَ دِينَهُ وَالْمَسْلُوبَ مَنْ سُلِبَ دِينَهُ إِنَّهُ لَا غِنَى بَعْدَ النَّارِ وَلا فَاقَةَ بَعْدَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ النَّارَ لَا يُفَكُّ أَسِيرُهَا وَلا يَسْتَغْنِي فَقِيرُهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنبأَنَا إِبْرَاهِيم ابْن عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ مُطَرَّفٌ نَظَرْتُ فَإِذَا ابْنُ آدَمَ مُلْقًى بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيْنَ إِبْلِيسَ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَعْصِمَهُ عَصَمَهُ وَإِنْ تَرَكَهُ ذَهَبَ بِهِ إِبْلِيسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَيَّانُ الْجَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ الْقَتَادِيُّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ إِنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 لإِبْلِيسَ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ قُبْقُبْ يحمه أَرْبَعِينَ سَنَةً فَإِذَا دَخَلَ الْغُلامُ فِي هَذَا الطَّرِيقِ قَالَ لَهُ دُونَكَ إِنَّمَا كُنْتُ أحمك لِمِثْلِ هَذَا أَجْلِبْ عَلَيْهِ وَأَفْتِنْهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَحَدَّثَنِي شُرَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ قَالَ إِذَا عُرِجَ بِرُوحِ الْمُؤْمِنِ إِلَى السَّمَاءِ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ سُبْحَانَ الَّذِي نَجَّى هَذَا الْعَبْدَ مِنَ الشَّيْطَانِ يَا وَيْحَهُ كَيْفَ نَجَا أَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ أَنَّ رَاهِبًا قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الْفِتْنَةِ يَسْتَبِينُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ مِمَّنْ يَعْبُدُ الطَّاغُوتَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو عبد الله ابْن بَاكَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُمَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبَّوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ حُمَيْدٍ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللَّهِ ابْن الْمُبَارَكِ رَأَيْتُ رَجُلا يُقَبِّلُ شَابًّا فَظَنَنْتُ فِي نَفْسِي أَنِّي خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَ أَمْنُكَ عَلَى نَفْسِكَ أَشَدُّ مِنْ ذَنْبِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخِنْدِفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يوسن قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ لَوْ رَأَيْتُ الَّذِينَ كَانُوا يُجَالِسُونَنِي وَابْتَلَيْتُ بِهَؤُلاءِ الصِّبْيَانِ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَسْبَابَ الْفِتْنَةِ فَأَنَا لَا أَكَادُ أَتَخَلَّصُ مِنْهُمْ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَكَانَ عَاقِلا عَنِ أَشْيَاخِ أَهْلِ الشَّامِ قَالُوا مَنْ أَعْطَى أَسْبَابَ الْفِتْنَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوَّلا لَمْ يَنْجُ آخِرًا وَإِنْ كَانَ جَاهِدًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِي قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحِنَّائِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخُتَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَلَّى الْكُوفِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بِسْطَامَ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ الأَفْقَمُ قَالَ قُلْتُ لِعُبَيْدَةَ بِنْتِ أَبِي كِلابٍ مَا تَشْتَهِينَ قَالَتْ الْمَوْتَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَتْ لأَنِّي وَاللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أُصْبِحُ أَخْشَى أَنْ أَجْنِيَ عَلَى نَفْسِي جِنَايَةً يَكُونُ فِيهَا أَيَّامَ الآخِرَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْمَعَاصِي وَقُبْحِ أَثَرِهَا أَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْغَوْرَجِيُّ وَالأَزْدِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالُوا أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَأْمُونِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالا حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْحصين قَالَ أَنبأَنَا ابْن لمَذْهَب قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبٌ وَأَبَانٌ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخْرَجَاهُ جَمِيعًا أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٌ حِمًى وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَا حَرَّمَ وَهَذَا // مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ // أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُهْتَدي قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ابْن عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ بن أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تعال فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَا عَنْ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي غُرْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْ تَهْجُرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَنْبَسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَارِقٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بن جلاد قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ نَبْهَانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلْحَسَنَةِ نُورًا فِي الْقَلْبِ وَزَيْنًا فِي الْوَجْهِ وَقُوَّةً فِي الْعَمَلِ وَإِنَّ لِلْخَطِيئَةِ سَوَادًا فِي الْقَلْبِ وَوَهْنًا فِي الْعَمَلِ وَشَيْنًا فِي الْوَجْهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلَّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ لَا تَأْمَنَنَّ سُوءَ عَاقِبَتِهِ وَلَمَا يَتْبَعُ الذَّنْبَ أَعْظَمُ من الذَّنب إِذا عَلمته قِلَّةُ حَيَائِكَ مِمَّنْ عَلَى الْيَمِينِ وَعَلَى الشِّمَالِ وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ وَضِحْكُكَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ وَفَرَحُكَ بِالذَّنْبِ إِذَا ظَفِرْتَ بِهِ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ وَحُزْنُكَ عَلَى الذَّنْبِ إِذَا فَاتَكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذَا ظَفِرْتَ بِهِ وَخَوْفُكَ مِنَ الرِّيحِ إِذَا حَرَّكَتْ سِتْرَ بَابِكَ وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ وَلا يَضْطَرِبُ فُؤَادُكَ مِنْ نَظَرِ اللَّهِ إِلَيْكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذَا عَمِلْتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا عَنْ عَامِرٍ قَالَ كَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامًّا وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبًا يَقُولُ إِنَّ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي بَعْضِ مَا يَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي إِذَا أُطِعْتُ رَضِيتُ وَإِذَا رَضِيتُ بَارَكْتُ وَلَيْسَ لبركتي ناهية وَإِذا اعصيت غَضِبْتُ وَإِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ وَلَعْنَتِي تَبْلُغُ السَّابِعَ مِنَ الْوَلَدِ أَخْبَرَنَا عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ حَدثنَا يُوسُف ابْن عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى السِّمْسَارُ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السِّنْدِيِّ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ مَا عَصَى اللَّهَ عَبْدٌ إِلا أَذَلَّهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيٌّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمر عَن عَليّ ابْن زَيْدٍ قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَةِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحسن ابْن لُولُو قَالَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ لَا تَنْظُرُ فِي صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَلَكِنِ انْظُرْ مَنْ عَصَيْتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُول يَا بن آدَمَ تَرْكُ الْخَطِيئَةِ أَيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ ابْن مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصِيبُ الذَّنْبَ فِي السِّرِّ فَيُصْبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَجِدُ لَهُ فِي قَلْبِهِ وَهْنًا قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَسَارٌ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ فَتًى أَصَابَ ذَنْبًا فِيمَا مَضَى فَأَتَى نَهْرًا لِيَغْتَسِلَ فَذَكَرَ ذَنْبَهُ فَوَقَفَ وَاسْتَحْيَا فَرَجَعَ فَنَادَاهُ النَّهْرُ يَا عَاصِي لَوْ دَنَوْتَ لَغَرَّقْتُكَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائَدَةَ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ فِتْيَانِ هَذَا الْمَسْجِدِ أَفْضَلَ عِبَادَةً إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَخْرُجُ بِالْهَجِيرِ فَلا يَزَالُ قَائِمًا يُصَلِّي حَتَّى الْعَصْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ مَا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا عِبَادَةً قُلْنَا لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَمَا الْعِبَادَةُ قَالَ التَّفْكِيرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَالْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بْشُرُ ابْن الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ قِيلَ لِوُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ أَيَجِدُ طَعْمَ الْعِبَادَةِ مَنْ يَعْصِي قَالَ لَا وَلا مَنْ يَهُمُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ أَهْلَ الْمَعَاصِي يَقُولُ هَانُوا عَلَيْهِ فَعَصَوْهُ وَلَوْ عَزُّوا عَلَيْهِ لَعَصَمَهُمْ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ قَطُّ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْمَعَاصِي وَقَالَ الْفَضْلُ بِقَدْرِ مَا يَصْغُرُ الذَّنْبُ عِنْدَكَ يَعْظُمُ عِنْدَ اللَّهِ وَبِقَدْرِ مَا يَعْظُمُ عِنْدَكَ يَصْغُرُ عِنْدَهُ وَقَالَ بِشْرٌ إِنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّوفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ سَهْلٌ أَعْمَالٌ يَعْمَلُهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَلا يَتَجَنَّبُ الْمَعَاصِي إِلا صِدِّيقٌ قَالَ الصُّوفِيُّ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا يَقُولُ وَبِالإِسْنَادِ عَنِ الْحَسَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ابْن عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ قَالَ سَمِعْتُ بَنَانًا الْحَمَّالَ يَقُولُ مَنْ كَانَ يَسُرُّهُ مَا يَضُرُّهُ مَتَى يُفْلِحُ قَالَ الصُّوفِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْمُزَيِّنَ يَقُولُ الذَّنْبُ بَعْدَ الذَّنْبِ عُقُوبَةُ الذَّنْبِ وَالْحَسَنَةُ بَعْدَ الْحَسَنَةِ ثَوَابُ الْحَسَنَةِ فَصْلٌ وَاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ الْمَعَاصِيَ قَبِيحَةُ الْعَوَاقِبِ سَيِّئَةُ الْمُنْتَهَى وَهِيَ وَإِنْ سَرَّ عَاجِلُهَا ضَرَّ آجِلُهَا وَلَرُبَّمَا تَعَجَّلَ ضَرُّهَا فَمَنْ أَرَادَ طِيبَ عَيْشِهِ فَلْيَلْزَمِ التَّقْوَى فَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ أَنَّ عِبَادِي أَطَاعُونِي لَسَقَيْتُهُمُ الْمَطَرَ بِاللَّيْلِ وَأَطْلَعْتُ عَلَيْهُمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ وَلَمْ أُسْمِعْهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ وَأَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ طَالُوتَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ شَيْخٌ يَدُورُ عَلَى الْمَجَالِسِ وَيَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ تَدُومَ لَهُ الْعَافِيَةُ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَمَتَى رَأَيْتَ وَفَّقَكَ اللَّهُ تَكْدِيرًا فِي حَالٍ فَتَذَكَّرَ ذَنْبًا قَدْ وَقَعَ فَقَدْ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ إِنِّي لأَعْصِي اللَّهَ فَأَعْرِفُ ذَلِكَ فِي خُلُقِ دَابَّتِي وَجَارِيَتِي وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ مَنْ صَفَى صُفِيَ لَهُ وَمَنْ كَدَرَ كُدِرَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَحْسَنَ فِي ليله كوفىء فِي نَهَارِهِ وَمَنْ أَحْسَنَ فِي نَهَاره كوفيء فِي لَيْلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ انَقْطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فِي عدوه إِلَى الْجُمُعَة فَقَالَ إِنَّمَا انْقَطَعَ لأَنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ لِلْجُمُعَةِ فَتَفَكَّرْ وَفَّقَكَ اللَّهُ فِي أَنَّ الذُّنُوبَ تَنْقَضِي لَذَّتُهَا وَتَبْقَى تَبِعَتُهَا كَمَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا ... مِنَ الْحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثْمُ وَالْعَارُ تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا ... لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَنْشَدَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْعَدَوِيُّ لِلْحُسَيْنِ بْنِ مُطَيْرٍ وَنَفْسَكَ أَكْرِمْ عَنْ أَشْايَا كَثِيرَةٍ ... فَمَا لَكَ نَفْسٌ بَعْدَهَا تَسْتَعِيرُهَا وَلا تَقْرَبِ الأَمْرَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ ... حَلاوَتُهُ تَفْنَى وَيَبْقَى مَرِيرُهَا ثُمَّ تَفَكَّرْ وَفَّقَكَ اللَّهُ فِيمَا أَكْسَبَكَ الذَّنْبُ مِنَ الْخَجَلِ فَقَدْ قيل للأسود ابْن يَزِيدَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَبْشِرْ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَالَ وَأَيْنَ الْخَجَلُ مِمَّا الْمَغْفِرَةُ مِنْهُ وَكَانَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ يَقُولُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُسِيءَ إِلَى مَنْ تُحِبُّ فَافْعَلْ قِيلَ لَهُ كَيْفَ يُسِيءُ الإِنْسَانُ إِلَى مَنْ يُحِبُّ فَقَالَ إِذَا عَصَيْتَ اللَّهَ أَسَأْتَ إِلَى نَفْسِكَ وَهِيَ أَكْبَرُ مَحْبُوبَاتِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ اغْتِرَارًا فَقَالَ أَشَدُّهُمْ تَهَاوُنًا بِالذَّنْبِ فَقِيلَ لَهُ عَلامَ تَبْكِي فَقَالَ عَلَى سَاعَاتِ الذُّنُوبِ قِيلَ عَلامَ تَأْسَفُ قَالَ عَلَى سَاعَاتِ الْغَفْلَةِ وَكَانَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ يَقُولُ هَبْ أَنَّ الْمُسِيءَ قَدْ غُفِرَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ فَاتَهُ ثَوَابُ الْمُحْسِنِينَ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ مِنَ الاغْتِرَارِ أَنْ تُسِيءَ فَيُحْسَنَ إِلَيْكَ فَتَتْرُكَ التَّوْبَةَ تَوَهُّمًا أَنَّكَ تُسَامِحُ فِي الْهَفَوَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي ذَمِّ الزِّنَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تقربو الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا وَأَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْرِقُ سَارِقٌ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَزْنِي زَانٍ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّاد ابْن سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ بَنِي آدَمَ حَظٌّ مِنَ الزِّنَا فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ وَالْفَمُّ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدَّيْنَوَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَهْلٍ الْحَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ نَصْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْعَلاءُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَالْيَدَانِ تزنيان وَالرجلَانِ تزنيان تحق ذَلِكَ الْفَرَجُ أَو يَكْفُرُ بِهِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلٍ وَقَدِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَحَدٌ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَإِذَا بَيْتٌ مَبْنِيٌّ عَلَى بِنَاءِ التَّنُّورِ أَعْلاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يُوقَدُ تَحْتَهُ نَارٌ فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فَإِذَا أُوقِدَتِ ارْتَفَعُوا حَتَّى يَكَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا أُخْمِدَتْ رَجَعُوا فِيهَا فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالا الزُّنَاةُ أَنَا اخْتَصَرْتُ الْحَدِيثَ وَهُوَ // مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ // أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حمد أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا عباد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ابْن كَثِيرٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَعْمَالَ أُمَّتِي تُعْرَضُ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمَعَةٍ وَأَشَدُّ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الزُّنَاةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُدَرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الإِيمَانَ سِرْبَالٌ يُسَرْبِلُهُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ فَإِذَا زَنَى الْعَبْدُ نَزَعَ مِنْهُ سِرْبَالَ الإِيمَانِ فَإِذَا تَابَ رُدَّ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ ذَنْبٍ بَعْدَ الشَّرْكِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ نُطْفَةٍ وَضَعَهَا رَجُلٌ فِي رَحِمٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا كَعْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُرْسُ بْنُ فَهْدٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالزِّنَا فَإِنَّ فِي الزِّنَا سِتَّ خِصَالٍ ثَلاثٌ فِي الدُّنْيَا وَثَلاثٌ فِي الآخِرَةِ فَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الدُّنْيَا فَذَهَابُ نُورِ الْوَجْهِ وَانْقِطَاعُ الرِّزْقِ وَسُرْعَةُ الْفَنَاءِ وَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الآخِرَةِ فَغَضَبُ الرَّبِّ وَسُوءُ الْحِسَابِ وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَدَّادِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالزِّنَا فَإِنَّ فِيهِ سِتَّ خِصَالٍ ثَلاثًا فِي الدُّنْيَا وَثَلاثًا فِي الآخِرَةِ فَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُذْهِبُ بِالْبَهَاءِ وَيُورِثُ الْفَقْرَ وَيُنْقِصُ الرِّزْقَ وَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُورِثُ سَخَطَ الرَّبِّ وَسُوءَ الْحِسَابِ وَالْخُلُودَ فِي النَّارِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْملك ابْن بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَخْرَجَانِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ أَشَدُّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا وَأَنْتَنُهُ رِيحًا كَأَنَّ رِيحَهُمُ الْمَرَاحِيضُ قُلْتُ مَنْ هَؤُلاءِ قَالَ هَؤُلاءِ الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمد قَالَ حَدثنِي الْعَبَّاس ابْن جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَجُلٌ عَنْ مَكْحُولٍ رَفَعَهُ قَالَ يُرَوَّحُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِرَائِحَةٍ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا مَا وَجَدْنَا رِيحًا مُنْذُ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ أَطْيَبَ مِنْ هَذِهِ فَيَقُولُ هَذِهِ رَائِحَةُ أَفْوَاهِ الصُّوَّامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وَيُرَوَّحُ أَهْلُ النَّارِ رَائِحَةً فَيَقُولُونَ رَبَّنَا مَا وَجَدْنَا مُنْذُ دَخَلْنَا النَّارَ أَنْتَنَ مِنْ هَذِهِ فَيَقُولُ هَذِهِ رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُجَلَّى قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر ابْن عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ شَقِيقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْعَجَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا طَفَّفَ قَوْمٌ كَيْلا وَلا بَخَسُوا مِيزَانًا إِلا مَنَعَهُمُ اللَّهُ الْقَطْرَ وَلا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَا إِلا ظَهَرَ فِيهُمُ الْمَوْتُ وَلا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ إِلا ظَهَرَ فِيهُمُ الْخَسْفُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ قُرَيْشٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ إِجَازَةً قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْن أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَا قَاتِلُ الْقَتَّالِينَ وَمُفْقِرُ الزُّنَاةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا ميسرَة ابْن عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالا خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ جَارِيَةٍ حَرَامًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 فَوَاقَعَهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَدْخَلَهُ النَّارَ وَمَنْ أَبْصَرَ امْرَأَةً نَظْرَةً حَرَامًا مَلأَ اللَّهُ عَيْنَيْهِ نَارًا ثُمَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ وَمَنْ صَافَحَ امْرَأَةً حَرَامًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولا يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ وَمَنْ فَاكَهَهَا حُبِسَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ كَلَّمَهَا فِي الدُّنْيَا أَلْفَ عَامٍ وَأَيُّ امْرَأَةٍ طَاوَعَتِ الرَّجُلَ حَرَامًا فَالْتَزَمَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ بَاشَرَهَا أَوْ فَاكَهَهَا أَوْ وَاقَعَهَا فَعَلَيْهَا مِنَ الْوِزْرِ مِثْلُ مَا عَلَى الرَّجُلِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو قَالَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الإِنْسَانِ فَرْجُهُ فَقَالَ هَذِهِ أَمَانَتِي عِنْدَكَ فَلا تَضَعْهَا إِلا فِي حَقِّهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ كَوْثَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنُ مُدَرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ بِزَّةٌ فَمَنْ زَنَا فَارَقَهُ الإِيمَانُ فَإِنْ لامَ نَفْسَهُ وَرَجَعَ رَاجَعَهُ الإِيمَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَلابُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الله ابْن يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبِيدٍ تَزَوَّجُوا فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا زَنَا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ نُورَ الإِيمَانِ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بَعْدُ أَمْ أَمْسَكَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ أَشَدُّهَا غَمًّا وَكَرْبًا وَحَرًّا وَأَنْتَنُهَا رِيحًا لِلزُّنَاةِ الَّذِينَ رَكِبُوا بَعْدَ الْعِلْمِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَتَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ غَرِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ إِذَا ظَهَرَ الزِّنَا كَثُرَ الْمَوْتُ وَإِذَا أُكِلَ الرِّبَا كَانَ الْخَسْفُ وَالزَّلْزَلَةُ وَإِذَا جَارَ الْحُكَّامُ قَحَطَ الْمَطَرُ وَإِذَا مُنِعَتِ الزِّكَاةُ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ بَعْدَ الْقَتْلِ أَصْعَبُ مِنَ الزِّنَا فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّنَا مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ إِلا أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ يَزِيدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَمِنْ أَفْحَشِهِ زِنَا الرَّجُلِ بِبَعْضِ مَحَارِمِهِ وَسَنَذْكُرُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قِصَصَ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى الزِّنَا بِالْمَحَارِمِ وَمِنْ أَفْحَشِهِ زِنَا الرَّجُلِ بِزَوْجَةِ الرَّجُلِ فَتَخْتَلِطُ الْمِيَاهُ وَالأَنْسَابُ وَأَفْحَشُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ امْرَأَةَ جَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ قَالَ أَخْبَرَتْنَا أَمَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 السَّلامِ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ قَالَتْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّدَارُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد المجوفي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمأْمُونِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ كِلاهُمَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَعُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ قَالا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ النِّيَازِكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْخَيْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدثنَا أَحْمد ابْن حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا طَيْبَةَ الْكَلاعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الزِّنَا فَقَالَ حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَالَ لأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُلاعِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ شَدَّادٍ عَن عزوان بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ الْفَوَاحِشَ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ تَدْرُونَ أَيُّ الزِّنَا عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَعْظَمُ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُ عَظِيمٌ قَالَ وَلَكِنْ سَأُخْبِرُكُمْ مَا أَعْظَمُ الزِّنَا عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ أَنْ يَزْنِيَ الْعَبْدُ بِزَوْجَةِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فَيَصِيرُ زَانِيًا وَقَدْ أَفْسَدَ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ النَّاسَ يُرْسَلُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحٌ نَتِنَةٌ حَتَّى يَتَأَذَّى مِنْهَا كُلُّ بَرًّ وَفَاجِرٍ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مِنْهُمْ وَأَلَمَّتْ أَنْ تُمْسِكَ بِأَنْفَاسِ النَّاسِ كُلِّهِمْ نَادَاهُمْ مُنَادٍ يُسْمِعُهُمُ الصَّوْتَ فَيَقُولُ لَهُمْ هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي قَدْ آذَتْكُمْ فَيَقُولُونَ لَا نَدْرِي وَاللَّهِ إِلا أَنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ فَيُقَالُ أَلا إِنَّهَا رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ الَّذِينَ لَقُوا اللَّهَ بِزِنَاهُمْ وَلَمْ يَتُوبُوا مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي التحذير من عمل قوم لوط أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَّاءِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ بِلالٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْجَارُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الصُّبْحِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ الْعَبْسِيِّ عَنْ جَابر ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَلَغَنِي حَدِيثٌ فِي الْقِصَاصِ وَكَانَ صَاحِبُ الْحَدِيثِ بِمِصْرَ فَاشْتَرْيَتُ بَعِيرًا وَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلا ثُمَّ سِرْتُ شَهْرًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 قَالَ فَلَقِيتُ الرَّجُلَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ أَلا فَلْيَرْتَقِبْ أُمَّتِي الْعَذَابَ إِذَا كَانَ الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنُّسَاءِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا طِرَادٌ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْن عُمَرَ الْجُشَمِيُّ قَالا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السّلمِيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ السَّامَرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ الْحِنَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يعل فَحْلا حَتَّى كَانَ قَوْمُ لُوطٍ فَإِذَا عَلا الْفَحْلُ الْفَحْلَ ارْتَجَّ أَوِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ فَاطَّلَعَتِ الْمَلائِكَةُ تَعْظِيمًا لِفِعْلِهِمَا فَقَالُوا يَا رَبِّ أَلا تَأْمُرُ الأَرْضَ أَنْ تُعْزِرَهُمَا وَتَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تَحْصُبَهُمَا فَقَالَ إِنِّي حَلِيمٌ لَا يَفُوتُنِي شَيْءٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَليّ بن أَحْمد ابْن نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِي الرَّجُلَ فَتَضِجُّ الأَرْضُ مِنْ تَحْتِهِمَا وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمَا وَالْبَيْتُ وَالسَّقْفُ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ أَيْ رَبِّ ائْذِنْ لَنَا أَنْ يَنْطَبِقَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَنَجَعْلَهُمُ نِكَالا وَمُعْتَبَرًا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ وَسِعَهُمْ حِلْمِي وَلَنْ يَفُوتُونِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ لَوْ أَنَّ رَجُلا عَبَثَ بِغُلامٍ بَيْنَ إِصْبِعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ يُرِيدُ الشَّهْوَةَ لَكَانَ لَوَّاطًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنِ الْعَلاءِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ وائلة بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِحَاقُ النِّسَاءِ زِنًا بَيْنَهُنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي عُقُوبَةِ اللُّوطِيِّ فِي الدُّنْيَا اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَصَّ عَلَيْنَا مِنْ قِصَّةِ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ إِيثَارَهُمُ الْفَاحِشَةَ وَمَيْلَهُمْ إِلَيْهَا وَشَرَحَ عِقَابَهُ إِيَّاهُمْ فِي الدُّنْيَا فَأَطَالَ فِي ذكر ذَلِك مالم يُطِلْ فِي ذِكْرِ كُفْرِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكُفْرَ أَعْظَمُ مِنَ الْفَاحِشَةِ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ تَحْذِيرَنَا مِنْ تِلْكَ الأَفْعَالِ وَقِصَّةُ الْقَوْمِ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ عَرَفْنَا مِنْهَا أَنَّهُ عَاقَبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالرَّجْمِ وَالْحِجَارَةِ وَقَدْ رُوِيَتْ فِي عُقُوبَةِ اللُّوطِيِّ فِي الدُّنْيَا أَحَادِيثُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ابْن أَبِي الزِّنَادِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ وَدَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ فِي عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُظَفَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ شُعَيْبٍ كِلاهُمَا عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّامَرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ حَدَّثَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ قَالَ السَّامَرِّيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُلاعِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ فَارْجُمُوا الأَعْلَى وَالأَسْفَلَ ذِكْرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ بَكْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلا فِي بَعْضِ الأَضَاحِي يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ فَجَمَعَ أَبُو بَكْرٍ لِذَلِكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّ هَذَا ذَنْبٌ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ إِلا أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ فَفَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ أَرَى أَنْ تَحْرِقَهُ بِالنَّارِ فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ قَالَ وَقَدْ حَرَّقَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ رَجَمَ لُوطِيًّا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْن بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا حَدُّ اللُّوطِيِّ قَالَ يُنْظَرُ أَعْلَى بَيْتٍ فِي الْقَرْيَةِ فَيُرْمَى مُنَكَّسًا ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُظَفَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ ابْن يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ حَدِّ اللُّوطِيِّ قَالَ يُنْظَرُ إِلَى أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ فَيُرْمَى بِهِ مَنْكُوسًا ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ ذِكْرُ كَلامِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ اللُّوطِيُّ يُرْجَمُ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ عَلَى اللُّوطِيِّ الرَّجْمُ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدُّ اللُّوطِيِّ حَدُّ الزَّانِي قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي اللُّوطِيِّ يُرْجَمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْن عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَدُّ اللُّوطِيِّ حَدُّ الزَّانِي وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ اللُّوطِيُّ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِي إِنْ أُحْصِنَ رُجِمَ وَإِلا جُلِدَ وَبِهِ قَالَ الْهَيْثَمُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ خَالَطَ الرَّجُلَ إِنْ كَانَ أُحْصِنَ جُلِدَ وَرُجِمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ وَنُفِيَ وَقَالَ مُعَاذٌ وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله ابْن مَعْمَرٍ أَنَّهُمَا قَالا عَلَيْهِ الرَّجْمُ إِنْ كَانَ أُحْصِنَ وَإِنْ لَمْ يُحْصَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 قَالَ قَتَادَةُ وَقَوْلُ الْحَسَنِ أَعْجَبُ إِلَيَّ وَقَالَ قَتَادَةُ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُخَالِطُ الْبَهِيمَةَ إِنْ كَانَ أُحْصِنَ جُلِدَ وَرُجِمَ وَإِنْ لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ وَنُفِيَ وَبِالإِسْنَادِ عَنِ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ يُرْجَمُ إِنْ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ وَكَذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ وَابْنُ هُرْمُزَ وَمَالك يرْجم أحصن أَو لم يحصن وَقَالَ الزُّهْرِيُّ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ قَالَ قُلْتُ لأَحْمِدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيُرْجَمُ اللُّوطِيُّ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ قَالَ يُرْجَمُ أحصن أَو لم يحصن وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ حَدَّ اللُّوطِيِّ كَحَدِّ الزَّانِي يَخْتَلِفُ بِالثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ كَالرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ الْحَكَمُ يُضْرَبُ اللُّوطِيُّ دُونَ الْحَدِّ وَإِلَى هَذَا مَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ النَّخَعِيّ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَنْبَغِي أَنْ يُرْجَمَ مَرَّتَيْنِ لَكَانَ يَنْبَغِي لِلُّوطِيِّ أَنْ يُرْجَمَ مَرَّتَيْنِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْمَوَازِينِيَّ يَقُولُ قَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْحُجَّاجِ مَرَرْتُ بِدِيَارِ قَوْمِ لَوْطٍ فَأَخَذْتُ حَجَرًا مِمَّا رُجِمُوا بِهِ فَطَرَحْتُهُ فِي مَخْلاةٍ وَدَخَلْتُ مِصْرَ فَنَزَلْتُ فِي بَعْضِ الدُّورِ فِي الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى وَكَانَ فِي سُفْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 الدَّارِ حَدَثٌ فَأَخْرَجْتُ الْحَجَرَ مِنْ خُرْجِي وَوَضَعْتُهُ فِي رَوْزَنَةٍ فِي الْبَيْتِ فَدَعَا الْحَدَثُ الَّذِي كَانَ فِي السُّفْلِ صَبِيًّا إِلَى عِنَدِهِ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ فَسَقَطَ الْحَجَرُ عَلَى الْحَدَثِ مِنَ الرَّوْزَنَةِ فَقَتَلَهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّد ابْن عُثْمَانَ بْنِ مَكَّيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنِ عِيسَى الْوَشَّاءُ الْمُقْرِئُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُولُ خَرَجْتُ حَاجًّا إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ عَرَفَاتٍ رَأَى الإِمَامُ الَّذِي حَجَّ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَنَامًا فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي فَوْقَ الْحَجَرِ أنْصِتُوا يَا مَعْشَرَ الْحَجِيجِ فَأَنْصَتَ الْخَلْقُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْحَجِيجِ إِنَّ إِمَامَكُمْ رَأَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَفَرَ لِكُلِّ مَنْ وَافَى الْعَامَ الْبَيْتَ إِلا رَجُلا وَاحِدًا فَإِنَّهُ فَسَقَ بِغُلامٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي ذِكْرِ عُقُوبَةِ اللُّوطِيِّ فِي الآخِرَةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ابْن نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّعَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبِّرِ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً فِي دُبْرِهَا أَوْ غُلامًا أَوْ رَجُلا حُشِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْتَنَ مِنَ الْجِيفَةِ يُنَادِي بِهِ النَّاسُ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ وَيُحْبِطُ اللَّهُ عَمَلَهُ وَلا يَقْبَلُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا وَيُجْعَلُ فِي تَابُوتٍ مِنَ النَّارِ وَيُسَمَّرُ عَلَيْهِ بِمَسَامِيرَ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ نَارٍ فَتَسْتَلُّ تِلْكَ الْمَسَامِيرُ فِي وَجْهِهِ وَفِي جَسَدِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا لِمَنْ لَمْ يَتُبْ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ هَدِيَّة الصَّوَّافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَيَانٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الجرزي عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حسان ابْن حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلا يَجْمَعُهُمْ مَعَ الْعَالَمِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ أَوَّلَ الدَّاخِلِينَ إِلا أَنْ يَتُوبُوا فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّاكِحُ يَدَهُ وَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ وَمُدْمِنُ خَمْرٍ وَالضَّارِبُ أَبَوَيْهِ حَتَّى يَسْتَغِيثَا وَالْمُؤْذِي جِيرَانَهُ حَتَّى يَلْعَنُوهُ وَالنَّاكِحُ حَلِيلَةَ جَارِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ أَنْبَأَنَا رَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّوطِيَّانِ لَوِ اغْتَسَلا بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمْ يُجْزِهِمَا إِلا أَنْ يَتُوبَا أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن أَحْمَدَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ نَقَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يُحْشَرَ مَعَهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَوْ أَنَّ الَّذِي يَعْمَلُ ذَلِكَ الْعَمَلَ يَعْنِي عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ اغْتَسَلَ بِكُلِّ قَطْرَةٍ فِي السَّمَاءِ وَكُلِّ قَطْرَةٍ فِي الأَرْضِ لَمْ يَزَلْ نَجِسًا أخبرنَا ابْن نَاصِر قَالَ أَنبأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ الْغَنَوِيُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَأْسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لُوطِيًّا اغْتَسَلَ بِكُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ لَقِيَ اللَّهَ غَيْرَ طَاهِرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 أَخْبَرَنَا ابْنُ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نُوحٍ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بَرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ يُحْشَرُ اللُّوطِيُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ مُنَازِلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمد ابْن نُصَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَن سعيد ابْن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حَالٍ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ حَتَّى إِنَّ اللُّوطِيَّ يَخْرُجُ يُعَلَّقُ ذَكَرُهُ عَلَى دُبْرِ صَاحِبِهِ مُفْتَضَحَيْنِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ اعْلَمْ أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَخْتَلِفُ فَتَارَةً تَتَعَجَّلُ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ وَتَارَةً يَظْهَرُ أَثَرُهَا وَتَارَةً يَخْفَى وأطرف الْعُقُوبَات مَالا يُحِسُّ بِهَا الْمُعَاقَبُ وَأَشَدُّهَا الْعُقُوبَةُ بِسَلْبِ الإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَدُونَ ذَلِكَ مَوْتُ الْقُلُوبِ وَمَحْوُ لَذَّةِ الْمُنَاجَاةِ مِنْهُ وَقُوَّةُ الْحِرْصِ عَلَى الذَّنْبِ وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ وَإِهْمَالِ الاسْتِغْفَارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا ضَرَرُهُ فِي الدِّينِ وَرُبَّمَا دَبَّتِ الْعُقُوبَةُ فِي الْبَاطِنِ دَبِيب الظلمَة إِلَى أَن يمتلىء أُفُقُ الْقَلْبِ فَتَعْمَى الْبَصِيرَةُ وَأَهْونُ الْعقُوبَة ماكان وَاقِعًا بِالْبَدَنِ فِي الدُّنْيَا وَرُبَّمَا كَانَتْ عُقُوبَةُ النَّظَرِ فِي الْبَصَرِ فَمَنْ عَرَفَ لِنَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ مَا يُوجِبُ الْعِقَابَ فَلْيُبَادِرْ نُزُولَ الْعُقُوبَةِ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ عَسَاهُ يَرُدُّ مَا يُرَدُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَوَّارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ 4 قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَالإِثْمُ لَا يُنْسَى وَالدَّيَانُ لَا يَنَامُ فَكُنْ كَمَا شِئْتَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنبأَنَا عَليّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 ابْن الْقَاسِمِ الشَّاهِدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَادَرَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمفضل ابْن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ قَالَ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجل يَا بن آدَمَ إِذَا كُنْتُ أُقَلِّبُكَ فِي نِعْمَتِي وَأَنْتَ تَنْقَلِبُ فِي مَعْصِيَتِي فَاحْذَرْ لَا أَصْرَعْكَ بَيْنَ مَعَاصِيكَ يَا بن آدَمَ اتَّقِنِي وَنَمْ حَيْثُ شِئْتَ إِنَّكَ إِنْ ذَكَرْتَنِي ذَكَرْتُكَ وَإِنْ نَسِيتَنِي نَسِيتُكَ وَالسَّاعَةُ الَّتِي لَا تَذْكُرُنِي فِيهَا عَلَيْكَ لَا لَكَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلٌ يَعْنِي ابْنَ هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ سَمِعْتُ فُضَيْلا يَقُولُ مَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ تَكُونَ بَارَزْتَ اللَّهَ بِعَمَلٍ مَقَتَكَ عَلَيْهِ فَأَغْلَقَ دُونَكَ أَبْوَابَ الْمَغْفِرَةِ وَأَنْتَ تَضْحَكُ كَيْفَ تَرَى يَكُونُ حَالُكَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُجَلَّى قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ثَوْرٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبْيَرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ لَمَّا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قُبْرُصَ فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهَا فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ يَبْكِي إِلَى بَعْضٍ فَبَكَى أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقُلْتُ لَهُ مَا يُبْكِيكَ فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ وَأَذَلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ قَالَ دَعْنَا مِنْكَ يَا جُبَيْرُ مَا أَهْوَنَ الْخَلْقُ عَلَى اللَّهِ إِذَا تَرَكُوا أَمْرَهُ بَيْنَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ قَادِرَةٌ إِذْ تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَصَارُوا إِلَى مَا تَرَى أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الذَّهَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عبد القدوس قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ اغْتَمَّ ابْنُ سِيرِينَ مَرَّةً فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا هَذَا الْغَمُّ فَقَالَ هَذَا الْغَمُّ بِذَنْبٍ أَصَبْتُهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ عُقُوبَةِ النَّظَرِ قِصَّةَ الَّذِي نَظَرَ إِلَى صَبِيٍّ فَنَسِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ الْمُجَلِّي قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بَرِقَ لَهُ سَاعِدُ امْرَأَةٍ فَوَضَعَ سَاعِدَهُ عَلَى سَاعِدِهَا يَتَلَذَّذُ بِهِ فَلُصِقَتْ سَاعِدَاهُمَا فَأَتَى بَعْضُ الشُّيُوخِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي فَعَلْتَ هَذَا فِيهِ فَعَاهِدْ رَبَّ الْبَيْتِ أَنْ لَا تَعُودَ فَفَعَلَ فَخُلِّيَ عَنْهُ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ بْنِ خِدَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بَشِيرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَنَّ أَسَافًا وَنَائِلَةَ رجل وَامْرَأَة حجا من الشَّام قبلهَا وهما يطوفان فمسخا حجرين فَلم يَزَالَا فِي الْمَسْجِد حَتَّى جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ فأخرجا أخبرنَا مُحَمَّد بن أبي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ النَّضْرِ بْنِ جُنَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي الْمُقَتِّلُ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ نَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا بِالْبَادِيَةِ أَنَّ مَجْنُونَ بَنِي عَامِرٍ لَمَّا قَالَ قَضَاهَا لَغَيْرِي وَابْتَلانِي بِحُبِّهَا ... فَهَلَّا بِشَيْءٍ غَيْرِ لَيْلَى ابْتَلانِيَا ذَهَبَ بَصَرُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 الْبَابُ الثَّلاثُونَ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا السَّرْخَسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ قَالا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنِ الأَغَرِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ يَا أَيهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَفْظُ أَحْمَدَ وَانْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ لِلأَغَرِّ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهُ وَرُبَّمَا تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ هَذَا الأَغَرَّ هُوَ الَّذِي فِي الحَدِيث فبله وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَذَا صَحَابِيٌّ وَذَاكَ تَابِعِيٌّ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوْقَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْمَجْلِسِ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلِيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَابُ الْغَفُورُ مِائَةَ مَرَّةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ بِأَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَزَادُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ فَأَضَلَّهَا فَخَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يَجِدْهَا قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي أَضْلَلْتُهَا فِيهِ فَأَمُوتُ فِيهِ فَأَتَى مَكَانَهُ فَغَلَبْتُهُ عَيْنُهُ فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَزَادُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ مَنْ قَالَهَا بَعْدَمَا يُصْبِحُ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا بَعْدَ مَا يُمْسِي مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ عَمْرو بن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتِ الأَرْوَاحُ فِيهِمْ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَبِعِزَّتِي وَجَلالِي لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ لِتُبَايِعَنِي فَأَدْخَلْتُهَا الدَّوْلَجَ فَأَصَبْتُ مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ إِلا الْجِمَاعَ قَالَ عُمَرُ لَعَلَّهَا مُغَيَّبَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَائْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهَا مُغَيَّبَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَسَكَتَ عَنهُ وَنزل الْقُرْآن أقِم الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْل إِلَى آخِرِ الآيَةِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِي خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَضَرَبَ عُمَرُ صَدْرَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ لَا وَلا نَعْمَةَ عَيْنٍ وَلَكِنْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ صَدَقَ عُمَرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنبأَنَا الْمُبَارك بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي النَّاشِرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ مَنْ ذَكَرَ خَطِيئَةً عَمِلَهَا فَوَجِلَ قَلْبُهُ مِنْهَا فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَحْبِسْهَا شَيْءٌ حَتَّى تُمْحَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لأَعْلَمُ آيَتَيْنِ لَا يَقْرَأُهُمَا عَبْدٌ عِنْدَ ذَنْبٍ يُصِيبُهُ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلا غُفِرَ لَهُ قَوْلُهُ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَو يظلم نَفسه} الآيَةُ وَقَوْلُهُ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة} الآيَةُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُتَوَكِلِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ ابْن شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سَالِمُ الْعَتَكِيُّ قَالَ سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزْنِيُّ قَالَ إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُرْفَعُ فَإِذَا رُفِعَتْ صَحِيفَةٌ فِيهَا اسْتِغْفَارٌ رُفِعَتْ بَيْضَاءُ وَإِذَا رُفِعَتْ صَحِيفَةٌ لَيْسَ فِيهَا اسْتِغْفَارٌ رُفِعَتْ سَوْدَاءُ قَالَ الْقُرَشِيُّ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يزِيد عَن حَازِم ابْن أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ الْبُكَاءُ عَلَى الْخَطِيئَةِ يَحُطُ الْخَطَايَا كَمَا تُحَطُ الرِّيحُ الْوَرَقَ الْيَابِسَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ ذَاذَانَ الصَّيْدَلانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَزِيدَ الرَّقَّاشِيُّ يَقُولُ بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ بَكَى عَلَى ذَنْبٍ مِنْ ذُنُوبِهِ نَسِيَ حَافِظَاهُ ذَلِكَ الذَّنْبَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنِي طَاهِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ الَّذِي حَجَبَ النَّاسُ عَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 التَّوْبَةِ طُولُ الأَمَلِ وَعَلامَةُ التَّائِبِ إِسْبَالُ الدَّمْعَةِ وَحُبُّ الْخُلْوَةِ وَالْمُحَاسَبَةُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ كُلِّ هِمَّةٍ سَمِعْتُ ظَفْرَ بْنَ عَلِيٍّ الْهَمَدَانِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْفَتْحِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُعَلِّمَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ رَوْحَ بْنَ عَلِيٍّ الْبُسْتِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ التَّمِيمِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاءِ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ الْمَغْبُونُ مَنْ عَطَّلَ أَيَامَهُ بِالْبِطَالاتِ وَسَلَّطَ جَوَارِحَهُ عَلَى الْهَلَكَاتِ وَمَاتَ قَبْلَ إِفَاقَتِهِ مِنَ الْجِنَايَاتِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خيرون قَالَ سَمِعت أَحْمد بن عبد الله الْحَرْبِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا بكر النجاد يَقُول من نقر على النَّاس قل أصدقاؤه وَمن نقر على ذَنبه طَال بكاؤه وَمن نقر على مطعمه طَال جوعه أَخْبَرَنَا ابْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَزَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ عَنْ مُضَرِ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَجَّاجِ الْجُرْجَانِيُّ يَوْمًا فَكَلَّمْتُهُ فَلَمْ يُكَلِّمُنِي فَقُلْتُ لَهُ أَنْتَ فِي حَرَجٍ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ علم إِلَّا مَا علمتني فَقَالَ لِي عَصَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَعْصِيَةٍ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كُتِبَتْ عَلَيْكَ وَرُفِعَتْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ عَلِمْتَ أَنَّهُ غَفَرَهَا قُلْتُ لَا قَالَ فَمَا قُعُودُكَ وَسُكُوتُكَ اذْهَبْ فَابْكِ عَلَى نَفْسِكَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ حَتَّى تَعْلَمَ مَا حَالَكَ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ قَالَ ثُمَّ بَكَى مُضَرٌ عَلَى هَذِهِ ثَلاثِينَ سَنَةً خَوْفًا حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَليّ الروذبادي يَقُولُ مِنَ الاغْتِرَارِ أَنْ تُسِيءَ فَيُحْسَنَ إِلَيْكَ فَتَتْرُكَ الإِنَابَةَ وَالتَّوْبَةَ تَوَهُّمًا أَنَّكَ تُسَامِحُ فِي الْهَفَوَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الْبَابُ الْوَاحِدُ وَالثَّلاثُونَ فِي الافْتِخَارِ بِالْعَفَافِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَا يُسَافِرُ سَفَرًا إِلا وَمَعَهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ وَكَانَ شَبِيهًا بِهِ جَمَالا وَحُسْنًا فَأَتَى الْيَمَنَ وَكَانَ يُجَالِسُ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهَا فَقَالَ لَهُ لَوْ أَمَرْتَ ابْنَكَ هَذَا يُجَالِسُنِي وَيُنَادِمُنِي فَعَشِقَتِ امْرَأَتُهُ الْحَارِثَ فَرَاسَلَتْهُ فَأَبَى عَلَيْهَا فَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَيْهَا لَا تَطْمَعِي فِيمَا لَدَيَّ فَإِنَّنِي ... كَرَمٌ مُنَادَمَتِي عَفِيفٌ مِئْزَرِي أَسْعَى لأُدْرِكَ مَجْدَ قَوْمٍ شَادَهُ ... عَمْرٌو قَطِينُ الْبَيْتِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ فَاقْنِي حَيَاءَكِ وَاعْلَمِي أَنِّي امْرُؤٌ ... آبَى لِنَفْسِي أَنْ يُعَيَّرَ مَعْشَرِي أَنَّى أُزَّنُّ بِجَارَتِي أَوْ كَنَّتِي ... أَوْ أَنْ يُقَالُ صَبَا بِعِرْسِ الْحَمْيَرِي وَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبَاهُ فَلَمَّا يَئِسَتْ مِنْهُ سَقَتْهُ سُمَّ شَهْرٍ فَارْتَحَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ مَاتَ الْحَارِثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِجَازَةً وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُرَيْثٍ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِي قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمِ إِذَا أَتَى الْيَمَنَ نَزَلَ عَلَى بَعْضِ مُلُوكِهَا وَإِنَّهُ أَتَى مَرَّةً فَنَزَلَ عَلَى بَعْضِ مُلُوكِهَا كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْمَلِكُ لِيُنَادِمَهُ وَيَتَحَدَّثُ مَعَهُ وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَا يَشْرَبُ الشَّرَابَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْمَلِكُ أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا بِالْحَارِثِ يَتَحَدَّثُ مَعَنَا فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا جَاءَ رَأَتْهُ امْرَأَةُ الْمَلِكِ فَعَشِقَتْهُ وَرَاسَلَتْهُ تُرِيدُهُ نَفْسَهَا فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَكَرُمَ فسقته شربة فِيهَا سُمُّ شَهْرٍ قَالَ الْكَلْبِيُّ وَيَكُونُ عِنْدَ الْمَلُوكِ السُّمُّ لِسَنَةٍ وَلِشَهْرٍ وَلِيَوْمٍ وَلِسَاعَةٍ فَسَقَطَ لِذَلِكَ الْحَارِثُ فَانْصَرَفَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ مَاتَ الْحَارِثُ فَدَخَلَ بِهِ مَكَّةَ فَدَفَنَهُ وَرَثَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي قَصِيدَةٍ وَالْحَارِثُ الْفَيَّاضُ وَلَّى مَاجِدًا ... أَيَّامَ نَازَعَهُ الْهُمَامُ الْكَاسَا وَقد روينَا عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ الَّذِي سقت حكايته أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لأَهْلِهِ لَا تَبْكُوا عَلِيَّ فَإِنِّي لَمْ أَتَنَطَّفْ بِخَطِيئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي رَاشِدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَدَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 قَالَ حَدَّثَنَا الْمِفْضَلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلَمَانِيِّ قَالَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَةِ أَخَوَانِ مِنْ حَيٍّ يُدْعُونَ بَنِي كُنَّةَ أَحَدُهُمَا مُتَزَوِّجٌ وَالآخَرُ أَعْزَبُ فَقَضَى أَنَّ الْمُتَزَوِّجَ خَرَجَ فِي بَعْضِ مَا يَخْرُجُ النَّاسُ فِيهِ وَبَقِيَ الآخَرُ مَعَ امْرَأَةِ أَخِيهِ فَخَرَجَتْ ذَاتَ يَوْمٍ حَاسِرَةً فَإِذَا أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنُ النَّاسِ شَعْرًا فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنْ قَدْ رَآهَا وَلْوَلَتْ وَصَاحَتْ وَقَالَتْ بِمِعْصَمِهَا فَغَطَّتْ وَجْهَهَا فَزَادَهُ ذَلِكَ فِتْنَةً فَحَمَلَ الشَّوْقُ عَلَى بَدَنِهِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلا رَأْسَهُ وَعَيْنَاهُ يَدُورَانِ فِي رَأْسِهِ وَقَدِمَ الأَخُ فَقَالَ يَا أَخِي مَا الَّذِي أَرَى بِكَ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّوْصَةُ قَالَ الشَّوْصَةُ تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ اللَّوَى وَذَاتِ الْجَنْبِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ لَا تَكْذِبَنَّهُ ابْعِثْ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ فَإِنَّهُ مِنْ أَطَبِّ الْعَرَبِ فَجِيءَ بِهِ فَلَمَسَ عُرُوقَهُ فَإِذَا سَاكِنُهَا سَاكِنٌ وَضَارِبُهَا ضَارِبٌ فَقَالَ مَا بِأَخِيكَ إِلا الْعِشْقُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ مَيِّتٍ قَالَ هُوَ ذَاكَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ شَرَابٍ فَجِيءَ بِهِ وَدَعَا بِمُسْعُطٍ فَصُبَّ فِيهِ وَحَلَّ صُرَّةً مِنْ صُرَارِهِ فَذَرَّ فِيهِ ثُمَّ سَقَاهُ ثُمَّ سَقَاهُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ سَقَاهُ الثَّالِثَةَ فَانْتَشَى يُغَنِّي سَكِرًا فَقَالَ أَلِمَّا بِي عَلَى الأَبْيَاتِ ... مِنْ خِيفٍ أَزُرْهُنَّهْ غَزَالا مَا رَأَيْتُ الْيَوْمَ ... فِي دُوَرٍ بَنِي كُنَّهْ غَزَالٌ أَحْوَرُ الْعَيْنِ ... وَفِي مَنْطِقِهِ غُنَّهْ فَقَالَ الرَّجُلُ دُوَرُ قَوْمِنَا فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 فَقَالَ الْحَارِثُ لَيْسَ فِيهِ مُسْتَمِعٌ غَيْرُ هَذَا الْيَوْمِ وَلَكِنْ أَغْدُو عَلَيْكُمْ مِنَ الْغَدِ فَفَعَلَ كَفِعْلِهِ بِالأَمْسِ فَانْتَشَى يُغَنِّي سَكِرًا وَكَانَتِ امْرَأَةُ أَخِيهِ اسْمُهَا رَيَّا فَقَالَ أَيُّهَا الْحَيُّ اسْلَمُوا ... كَيْ تَحْيَوْا وَتَسْلَمُوا خَرَجَتْ مُزْنَةٌ مِنَ الْبَحْرِ ... رَيَّا تُحَمْحِمُ هِيَ مَا كَنَّتِي ... وَتَزْعُمُ أَنِّي لَهَا حَمُو فَقَالَ الرَّجُلُ لِمَنْ حَضَرَ فَأُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلاثًا لِيَرْجِعَ إِلَى أَخِي فُؤَادُهُ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُوجَدُ وَالأَخُ لَا يُوجَدُ فَجَاءَ النَّاسُ يَسْعَوْنَ هَنِيئًا لَكَ أَبَا فُلانٍ فَإِنَّ فُلانًا قَدْ نَزَلَ لَكَ عَنْ فُلانَةَ فَقَالَ لِمَنْ حَضَرَ أُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي إِنْ تَزَوَجْتُهَا قَالَ عُبَيْدَةُ مَا أَدْرِي أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَكْرَمُ الأَوَّلُ أَمِ الآخَرُ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةُ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْعَسْقَلانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَخَرَجَتْ بِرِجْلِهِ قُرْحَةُ الآكِلَةِ فَاجْتَمَعَ رَأْيُ الأَطِبِّاءِ عَلَى نَشْرِهَا وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَتَلَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى الْوَلِيدِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِالأَطِّبَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 فَأَرْسَلَنِي بِهِمْ إِلَيْهِ فَقَالُوا نُسْقِيكَ مُرَقِّدًا قَالَ وَلِمَ فَقَالُوا لِئَلا تَحُسُّ بِمَا يُصْنَعُ بِكَ قَالَ بَلْ شَأْنُكُمْ بِهَا قَالَ فَنَشَرُوا سَاقَهُ بِالْمِنْشَارِ قَالَ فَمَا زَالَ عُضْوٌ مِنْ عُضْوٍ حَتَّى فَرِغُوا مِنْهَا ثُمَّ حَسَمُوهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا فِي أَيْدِيهِمْ تَنَاوَلَهَا وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمَا وَالَّذِي حَمَلَنِي عَلَيْكَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنِّي مَا مَشِيتُ بِكِ إِلَى حَرَامٍ قَطُّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ إِنَّ مِمَّا يُطَيِّبُ نَفْسِي عَنْكِ أَنِّي لَمْ أَنْقُلُكِ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ قَطُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أبوبكر الْعَامِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عبد الرحمان الْعَجْلانِيُّ عَنِ ابْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ كُنْتُ بِالشَّامِ فَقَالَ لِي قَائِلٌ هَلْ لَكَ فِي جَمِيلٍ فَإِنَّهُ لَمَا بِهِ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفَسِهِ مَا تَخَيَّلَ لِي أَنَّ الْمَوْت يكربه فَقَالَ لي يَا بن سَعْدٍ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ لَمْ يَسْفِكْ دَمًا حَرَامًا قَطُّ وَلَمْ يَشْرَبْ خَمْرًا قَطُّ وَلَمْ يَزْنِ قَطُّ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً قُلْتُ مَنْ هَذَا مَا أَحْسَبُهُ إِلا نَاجِيًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مدخلًا كَرِيمًا تَعْنِي نَفْسَكَ قَالَ نَعَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 قُلْتُ وَكَيْفَ وَأَنْتَ تُشَبِّبُ بِبُثَيْنَةَ مُذْ عِشْرِينَ سَنَةً فَقَالَ هَذَا آخِرُ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا وَأَوَّلُ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ الآخِرَةِ فَلَا نالتي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كُنْتُ وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهَا لِرَيْبَةٍ قَطُّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مَا نِلْتُ مِنْهَا إِلا أَنِّي كُنْتُ آخُذُ يَدَهَا فَأَضَعَهَا عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَأَفَاقَ فَأَنْشَدَ يَقُولُ صَرَخَ النَّعِيُّ وَمَا كَنَى بِجَمِيلِ ... وَثَوَى بِمِصْرَ ثَوَاءَ غَيْرِ قُفُولِ وَلَقَدْ أَجُرُّ الذَّيْلَ فِي وَادِي الْقُرَى ... نَشْوَانَ بَيْنَ مَزَارِعٍ وَنَخِيلِ قَومِي بُثَيْنَةَ فَانْدُبِي بِعَوِيلِ ... وَابْكِي خَلِيلَكِ قَبْلَ كُلِّ خَلِيلِ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَمَاتَ ابْنُ سَهْلٍ اسْمُهُ عَيَّاشٌ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَاهِلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ قَالَ بَصُرَتِ الثُّرَيَّا بِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَهُوَ يَطُوفُ حَوْلَ الْبَيْتِ فَتَنَكَّرَتْ وَفِي كَفِّهَا خَلُوقٌ فَزَحَمَتْهُ فَأَثَّرَ الْخَلُوقُ فِي ثَوْبِهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ يَا أَبَا الْخَطَّابِ مَا هَذَا زِيُّ الْمُحْرِمِِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ أَدْخَلَ اللَّهُ رَبُّ مُوسَى وَعِيسَى ... جَنَّةَ الْخُلْدِ مَنْ مَلانِي خَلُوقَا مَسَحَتْ كَفَّهَا بِجَيْبِ قَمِيصِي ... حِينَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ مَسْحًا رَفِيقَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ تَقُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ سَمِعْتَ مِنِّي مَا سَمِعْتَ فَوَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مَا حَلَلْتُ إِزَارِي عَلَى حَرَامٍ قَطُّ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ أَسِفَ عَلَيْهِ أَخُوهُ الْحَارِثُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا أَخِي إِنْ كَانَ أَسَفُكَ لِمَا سَمِعْتَ مِنْ قَوْلِي قُلْتُ لَهَا وَقَالَتْ لِي فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حَرٌّ إِنْ كَانَ كَشَفَ فَرْجًا حَرَامًا قَطُّ فَقَالَ الْحَارِثُ الْحَمْدُ لِلَّهِ طَيَّبْتَ نَفْسِي أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي اللَّيْثِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِلَيْلَى الأَخْيَلِيَةِ بِاللَّهِ هَلْ كَانَ بَيْنَكِ وَبَيْنَ تَوْبَةَ سُوءٍ قَطُّ قَالَتْ وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذِهَابِ نَفْسِي مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سُوءٌ قَطُّ إِلا أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَصَافَحْتُهُ فَغَمَزَنِي فِي يَدِي فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَخْنَعُ لِبَعْضِ الأَمْرِ قَالَ فَمَا مَعْنَى وَذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ لَا تَبُحْ بِهَا ... فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتَ سَبِيلُ لَنَا صَاحِبٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَخُونَهُ ... وَأَنْتِ لأُخْرَى مَا عَلِمْتُ خَلِيلُ فَقَالَتْ لَا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ مَا كَلَّمَنِي بِسُوءٍ قَطُّ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ دَخَلَتْ عَزَّةٌ عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ أُخْت عمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَتْ لَهَا يَا عَزَّةُ مَا قَوْلُ كُثَيْرٍ قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَّفَى غَرِيمَهُ ... وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَرِيمُهَا مَا كَانَ هَذَا الدَّيْنُ قَالَتْ كُنْتُ وَعَدْتُهُ قُبْلَةً ثُمَّ إِنِّي تَحَرَّجْتُ مِنْهَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ التوزي قَالَ أَنبأَنَا الْحُسَيْن ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ دَخَلَتْ عَزَّةٌ عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ فَقَالَتْ لَهَا مَا يَقُولُ كُثَيْرٌ قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ عَلِمْتُ غَرِيمَهُ ... وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَرِيمُهَا مَا كَانَ هَذَا الدَّيْنُ يَا عَزَّةُ فَاسْتَحْيَتْ فَقَالَتْ عَلَيَّ ذَاكَ قَالَتْ كُنْتُ وَعَدْتُهُ قُبْلَةً فَتَحَرَّجْتُ مِنْهَا فَقَالَتْ أُمُّ الْبَنِينَ أَنْجِزِيهَا لَهُ وَعَلَيَّ إِثْمُهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ لِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أُمَّ الْبَنِينَ أَعْتَقَتْ لِكَلِمَتِهَا هَذِهِ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً وَكَانَتْ إِذَا ذَكَرَتْهَا بَكَتْ وَقَالَتْ يَا لَيْتَنِي خَرِسْتُ وَلَمْ أَتَكَلَمْ بِهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنبأَنَا إِبْرَاهِيم ابْن عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هِلالٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 الأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ ثَوْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ذَا الرُّمَّةِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ يَقُولُ لَقَدْ مَكَثْتُ مُتَيَّمًا بِمَيٍّ عِشْرِينَ سَنَةً فِي غَيْرِ رِيبَةٍ وَلا فَسَادٍ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي شُعَيْبُ بْنُ صَخْرٍ قَالَ كَانَ فِي تَمِيمٍ خَصْلَتَانِ قَدْ غَلَبُوا النَّاسَ عَلَيْهِمَا الْحِلْمُ وَالْعَفَافُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ ابْن عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنُ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَأَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالا حَدَّثَنَا زُبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمِّلِ بْنِ طَالُوتَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ الْخُزَامِيُّ قَالَ خَرَجْتُ فِي آخِرِ الْحَجِّ فَنَزَلْتُ بِخَيْمَةٍ بِالأَبْوَاءِ عَلَى امْرَأَةٍ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ حُسْنِهَا وَأَطْرَبَنِي فَتَمَثَّلْتُ قَوْلَ نُصَيْبٍ بِزَيْنَبَ أَلْمِمْ قَبْلَ أَنْ يَرْحَلَ الرَّكْبُ ... وَقُلْ إِنْ تَمَلِّينَا فَمَا مَلَّكِ الْقَلْبُ خَلِيلَيَّ مِنْ كَعْبٍ أَلِمَّا هُدِيتُمَا ... بِزَيْنَبَ لَا تَفْقِدْكُمَا أَبَدًا كَعْبُ وَقُولا لَهَا مَا فِي الْبُعَادِ لِذِي الْهَوَى ... بُعَادٌ وَمَا فِيهِ لِصَدْعِ النَّوَى شَعْبُ فَمَنْ شَاءَ رَامَ الصَّرْمَ أَوْ قَالَ ظَالِمًا ... لِصَاحِبِهِ ذَنْبٌ وَلَيْسَ لَهُ ذَنْبُ فَلَمَّا سَمِعَتْنِي أَتَمَثَّلُ الأَبْيَاتَ قَالَتْ لِي يَا فَتَى أَتَعْرِفُ قَائِلَ هَذَا الشِّعْرِ قُلْتُ نَعَمْ ذَاكَ نُصَيْبٌ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ ذَاكَ أَفَتَعْرِفُ زَيْنَبَ قُلْتُ لَا قَالَتْ أَنَا وَاللَّهِ زَيْنَبُ قُلْتُ فَحَيَّاكِ اللَّهُ قَالَتْ أَمَا إِنَّ الْيَوْمَ مَوْعِدُهُ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجَ إِلَيْهِ عَامَ أَوَّلَ وَوَعَدَنِي هَذَا الْيَوْمَ وَلَعَلَّكَ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تَرَاهُ قَالَ فَمَا بَرِحْتُ مِنْ مَجْلِسِي حَتَّى إِذَا أَنَا بَرَاكِبٍ يَزُولُ مَعَ السَّرَابِ فَقَالَتْ تَرَى حَيْثُ ذَاكَ الرَّاكِبِ إِنِّي أَحْسَبُهُ إِيَّاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 قَالَ وَأَقْبَلَ الرَّاكِبُ يَؤُمُّنَا حَتَّى أَنَاخَ قَرِيبًا مِنَ الْخَيْمَةِ فَإِذَا هُوَ نُصَيْبٌ ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَنَزَلَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَجَلَسَ مِنْهَا نَاحِيَةً وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَسَاءَلَهَا وَسَاءَلَتْهُ فَأَخْفَيَا ثُمَّ إِنَّهَا سَأَلَتْهُ أَنْ يَنْشُدَهَا مَا أَحْدَثَ مِنَ الشِّعْرِ بَعْدَهَا فَجَعَلَ يَنْشُدُهَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي عَاشِقَانِ أَطَالا التَّنَائِي لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِهِمَا إِلَى صَاحِبِهِ حَاجَةٌ فَقُمْتُ إِلَى رَاحِلَتِي أَشُدُّ عَلَيْهَا فَقَالَ لِي عَلَى رِسْلِكَ أَنَا مَعَكَ فَجَلَسْتُ حَتَّى نَهَضَ وَنَهَضْتُ مَعَهُ فَتَسَايَرْنَا سَاعَةً ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ قُلْتَ فِي نَفْسِكَ مُحِبَّانِ الْتَقَيَا بَعْدَ طُولِ تَنَاءِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لأَحَدِهِمَا إِلَى صَاحِبِهِ حَاجَةً قُلْتُ نَعَمْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ قَالَ فَلا وَرَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ الَّتِي نَعْمَدُ مَا جَلْسَتُ مِنْهَا مَجْلِسًا قَطُّ أَقْرَبَ مِنْ مَجْلِسِي الَّذِي رَأَيْتَ وَلا كَانَ بَيْنَنَا مَكْرُوهٌ قَطُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ الْبَاكُسَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا يَعْشَقُونَ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ وَرُوِيَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ كَانَ عَاشِقًا لِعَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ وَلَهُ فِيهَا أَشْعَارٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا أَفْرَدَ لَهَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ كِتَابًا فَلَمَّا قُتِلَ عَنْهَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ قِيلَ لِلْحَارِثِ مَا يَمْنَعُكَ الآنَ مِنْهَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا يَتَحَدَّثُ رِجَالاتِ قُرَيْشٍ أَنْ تَشْبِيبِي كَانَ لِرَيْبَةٍ أَوْ لِشَيْءٍ مِنَ الْبَاطِلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا يُوسُف ابْن مُحَمَّدٍ الْمِهْرَوَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الْخَوَّاصُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ مَسْرُوق قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ابْن عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعُتْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُلاثَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَعْرَابِ خَيْمَتَهُ وَهُوَ يَئِنُّ فَقُلْتُ مَا شَأْنُهُ فَقَالُوا عَاشِقٌ فَقُلْتُ لَهُ مِمَّنِ الرَّجُلُ قَالَ مِنْ قَوْمٍ إِذَا عَشِقُوا مَاتُوا عِفَّةً قَالَ فَجَعَلْتُ أَعْذُلُهُ وَأُزَهِدُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ فَتَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ لَيْسَ لِي مُسْعِدٌ فَأَشْكُو إِلَيْهِ ... إِنَّمَا يُسْعِدُ الْحَزِينَ الْحَزِينُ لَا وَلا مُسْعِدٌ سِوَى عَبَرَاتِي ... وَمَمَرِّي بَحَيْثُ كَانَ يَكُونُ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونَ وَأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ابْن السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُعَافَى من زَكَرِيَّا قَالا أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْبَكْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُقْبَةَ لأَعْرَابِيٍّ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ قَوْمٍ إِذَا عَشِقُوا مَاتُوا قَالَ عُذْرِيٌّ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَقلت ومم ذَاك قَالَ فِي نِسَائِنَا صَبَاحَةٌ وَفِي رِجَالِنَا عِفَّةٌ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ قُلْتُ لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ وَرَأَيْتُ بِهَا هَوًى غَالِبًا حَتَّى خِفْتُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ مَا بَالُ الْعِشْقِ يَقْتُلُكُمْ مَعَاشِرَ عُذْرَةَ مِنْ بَيْنَ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ قَالَتْ إِنَّ فِينَا جَمَالا وَتَعَفُّفًا فَالْجَمَالُ يَحْمِلُنَا عَلَى الْعَفَافِ وَالْعَفَافُ يُورِثُنَا رِقَّةَ الْقُلُوبِ وَالْعِشْقُ يُفْنِي آجَالَنَا وَإِنَّا نَرَى مَحَاجِرَ لَا تَرَوْنَهَا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنِي التَّوَّزِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِزَارَةَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذَرَةَ تُعِدُّونَ مَوْتَكُمْ مِنَ الْحُبِّ مَزِيَّةً وَإِنِّمَا ذَلِكَ مِنْ ضِعْفِ الْبَنِيَّةِ وَوَهْنِ الْعُقْدَةِ وَضِيقِ الرَّوِيَةِ فَقَالَ الْعُذْرِيُّ أَمَا إِنِّكُمْ لَوْ رَأَيْتُمُ الْمَحَاجِرَ الْبُلْجَ تَرْشُقُ الأَعْيُنَ الدُّلْجَ مِنْ فَوْقِهَا الْحَوَاجِبُ الزُّجُ وَالشِّفَاهُ السُّمْرُ تَفْتَرّ عَنِ الثَّنَايَا الْغُرِّ كَأَنَّهَا سَرْدُ الدُّرِّ لَجَعَلْتُمُوهَا الَّلاتَ وَالْعُزَى وَرَفَعْتُمُ الإِسْلامَ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنبأَنَا أَحْمد بن عَليّ ابْن ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْخَلالُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّخَعِيُّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَسْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَطَأْ فَرْجًا حَرَامًا قَطُّ وَأَنَا أَعْلَمُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ آكُلَ دِرْهَمًا حَرَامًا قَطُّ وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ يَقُول سَمِعت إِسْمَاعِيل ابْن إِسْحَاقَ الْقَاضِي يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى الْمُعْتَضِدِ وَعَلَى رَأْسِهِ أَحْدَاثُ رُومٍ صِبَاحُ الْوُجُوهِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِمْ فَرَآنِي الْمُعْتَضِدُ وَأَنَا أَتَأَمَلُّهُمْ فَلَمَّا أَرَدْتُ الْقِيَامَ أَشَارَ إِلَيَّ فَمَكَثْتُ سَاعَةً فَلَمَّا خلا قَالَ لي أَيهَا القَاضِي وَاللَّهِ مَا حَلَلْتُ سَرَاوِيلِي عَلَى حَرَامٍ قَطُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُشَيْشٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الصُّولِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الطَّالَقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي فَضْلُ الْبُرَيْدِيُّ قَالَ جَلَسَ مُحَمَّد بن نصر ابْن مَنْصُورِ بْنِ بَسَّامٍ وَعَلَى رَأْسِهِ عَشْرَةُ خَدَمٍ لَمْ يُرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُمْ مَا مِنْهُمْ مَنْ ثَمَنُهُ أَلْفَ دِينَارٍ إِلا أَكْثَرَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ مُحَمَّدٌ هُمْ أَحْرَارٌ لِوَجْهِ اللَّهِ إِنْ كَانَ اللَّهُ كَتَبَ عَلَيَّ ذَنْبًا مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَطُّ فَمَنْ عَرَفَ خِلافَ هَذَا مِنْهُمْ فَلْيَمْضِ فَإِنَّهُ قَدْ عُتِقَ وَهُوَ فِي حِلٍّ مِمَّا يَأْخُذَ مِنْ مَالِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَدِّلُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَأْسٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ يَقُولُ شَهِدْتُ أَبِي عِنْدَ الْمَوْتِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ مَا يُبْكِيكَ فَمَا أَتَى أَبُوكَ فَاحِشَةً قَطُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى الْحَسَنِ ابْن أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنَ كَامِلٍ الْقَاضِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ يَقُولُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبِي الْوَفَاةُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَبَكَيْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَأَفَاقَ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ قُلْتُ أَبْكِي لِفُرَاقِكَ وَلِمَا دَخَلْتَ فِيهِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ يَعْنِي الْقَضَاءَ فَقَالَ لَا تَبْكِ فَإِنِّي مَا حَلَلْتُ سَرَاوِيلِي عَلَى حَرَامٍ قَطُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ قَالَ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ شَهِدْتُ الْهَيْثَمَ بْنَ حُمَيْدٍ وَهُوَ يَمُوتُ قَدْ سُجِّيَ نَحْوَ الْقِبْلَةِ قَالَ فَقَامَتْ جَارِيَتُهُ تَغْمِزُ رِجْلَهُ فَقَالَ اغْمِزِيهَا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا مَا مَشَتَا إِلَى حَرَامٍ قَطُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ الْوَرَّاقَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ أَتَتْ عَلَيَّ نَيْفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً مَا حَلَلْتُ سَرَاوِيلِي عَلَى حَلالٍ وَلا حَرَامٍ قَالَ الْخَرَائِطِيُّ وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَدَنِيِّينَ يَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ يُحُبُّ الْفَتَاةَ فَيَطِيفُ بِدَارِهَا حَوْلا يَفْرَحُ إِنْ رَأَى مَنْ رَآهَا فَإِنْ ظَفِرَ مِنْهَا بِمَجْلِسٍ تَشَاكِيَا وَتَنَاشَدَا الْأَشْعَار وَالْيَوْم يُشِير إليا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ فَيَعِدُهَا وَتَعِدُهُ فَإِذَا الْتَقَيَا لَمْ يُشْكَ حُبًّا وَلَمْ يُنْشَدْ شِعْرًا وَقَامَ إِلَيْهَا كَأَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى نِكَاحِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنبأَنَا الْمُبَارك بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الله ابْن إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ الْعُمَرِيِّينَ قَالَ بَيَّنَا أَنَا يَوْمًا فِي مَنْزِلِي إِذْ دَخَلَ عَلِيَّ خَادِمٌ لِي فَقَالَ لِي بِالْبَابِ رَجُلٌ مَعَهُ كِتَابٌ فَقُلْتُ لَهُ أَدْخِلْهُ أَوْ خُذْ كِتَابَهُ فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْهُ فَإِذَا فِيهِ تَجَنَّبَكَ الْبَلا وَلَقِيتَ خَيْرًا ... وَسَلَّمَكَ الْمَلِيكُ مِنَ الْغُمُومِ شَكَوْنَ بَنَاتُ أَحْشَائِي إِلَيْكُمْ ... هَوَاهَا حِينَ أَلْفَتْنِي كَتُومِ وَسَأَلَتْنِي الْكِتَابَ إِلَيْكَ فِيمَا ... يُخَامِرُهَا فَدَتْكَ من الهموم وَهن يقلن يَابْنَ الْجُودِ إِنَّا ... بَرِمْنَا مِنْ مُرَاعَاةِ النِّجُومِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وَعِنْدَكَ لَوْ مَنَنْتَ شِفَاءُ سُقْمٍ ... لأَعْضَاءٍ دَمَيْنَ مِنَ الْكُلُومِ فَلَمَّا قَرَأْتُ الأَبْيَاتَ قُلْتُ عَاشِقٌ فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ أَدْخِلْهُ فَخَرَجَ فَلَمْ يَرَهُ فَقُلْتُ أَخْطَأْتُ فَمَا الْحِيلَةُ فَارْتَبْتُ فِي أَمْرِهِ وَجَعَلَ الْفِكْرُ يَتَرَدَّدُ فِي قَلْبِي فَدَعَوْتُ جَوَارِي كُلَّهُنَّ مَنْ يَخْرُجُ مِنُهُنَّ وَمَنْ لَا يَخْرُجُ فَجَمَعْتُهُنَّ ثُمَّ قُلْتُ أَخْبِرْنَنِي الآنَ قِصَّةَ صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ فَجَعَلْنَ يَحْلِفْنَ وَيَقُلْنَ يَا سَيِّدَنَا مَا نَعْرِفُ لِهَذَا الْكِتَابِ سَبَبًا وَإِنَّهُ لَبَاطِلٌ مَنْ جَاءَ بِهَذَا الْكِتَابِ فَقُلْتُ قَدْ فَاتَنِي وَمَا أَرَدْتُ بِهَذَا الْقَوْلِ لأَنِّي ضَنَنْتُ عَلَيْهِ بِمَنْ يَهْوَى مِنْكُنَّ فَمَنْ عَرَفَتْ مِنْكُنَّ أَمْرَ هَذَا الرَّجُلِ فَهِيَ لَهُ فَلْتَذْهَبْ إِلَيْهِ مَتَى شَاءَتْ وَتَأْخُذْ كِتَابِي إِلَيْهِ قَالَ وَكَتَبْتُ إِلَيْهِ كِتَابًا أَشْكُرُهُ عَلَى فِعْلِهِ وَأَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ وَوَضَعْتُ الْكِتَابَ فِي مَوضِع من الدَّار فَقلت من عرف شَيْئا فليأخذه فَمَكثَ الْكتاب فِي مَوْضِعه حينا لَا تَأْخُذُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلا أَرَى لِلرَّجُلِ أَثَرًا فَاغْتَمَمْتُ غَمًّا شَدِيدًا ثُمَّ قُلْتُ لَعَلَّهُ بَعْضُ فِتْيَانِنَا ثُمَّ قُلْتُ إِنَّ هَذَا الْفَتَى قَدْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْوَرَعِ وَقَدْ قَنَعَ مِمَّنْ يُحِبُّهُ بِالنَّظَرِ فَدَبَّرْتُ عَلَيْهِ فَحَجَبْتُ جَمِيعَ جَوَارِي عَنِ الْخُرُوجِ فَمَا كَانَ إِلا يَوْمٌ وَبَعْضُ آخَرِ إِذْ دَخَلَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ كِتَابٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا قَالَ أَرْسَلَ بِهِ إِلَيْكَ فُلانٌ وَذَكَرَ بَعْضَ أَصْدِقَائِي فَفَضَّضْتُهُ فَإِذَا فِيهِ مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى رُوحٍ مُعَلَّقَةٍ ... عِنْدَ التَّرَاقِي وَحَادِي الْمَوْتِ يَحْدُوهَا حَثَثْتَ حاديها ظلما فجدبها ... فِي السَّيْرِ حَتَّى تَوَلَّتْ عَنْ تَرَاقِيهَا حَجَبْتَ مَنْ كَانَ تَحْيَا عِنْدَ رُؤْيَتِهَا ... رُوحِي وَمَنْ كَانَ يَشْفِينَا تَرَائِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 فَالنَّفْسُ تَرْتَاحُ نَحْوَ الظُّلْمِ جَاهِلَةً ... وَالْقَلْبُ مِنِّي سَلِيمٌ مَا يُوَاتِيهَا وَاللَّهِ لَوْ قِيلَ لِي تَأْتِي بِفَاحِشَةٍ ... وَأَنَّ عُقْبَاكَ دُنْيَانَا وَمَا فِيهَا لَقُلْتُ لَا وَالَّذِي أَخْشَى عُقُوبَتَهُ ... وَلا بِأَضْعَافِهِ مَا كُنْتُ آتِيهَا لَوْلا الْحَيَاءُ لَبُحْنَا بِالَّذِي كَتَمَتْ ... بِنْتُ الْفُؤَادِ وَأَبْدَيْنَا تَمَنِّيهَا قَالَ فَأُسْكِتُّ وَقُلْتُ لَا أَدْرِي مَا أَحْتَالُ فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ وَقُلْتُ لِلْخَادِمِ لَا يَأْتِيكَ أَحَدٌ بِكِتَابٍ إِلا قَبَضْتَ عَلَيْهِ حَتَّى تَدْخِلُهُ عَلَيَّ ثُمَّ لَمْ أَعْرِفْ لَهُ خَبَرًا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا أَنَا بِفَتًى قَدْ أَقْبَلَ نَحْوِي وَجَعَلَ يَطُوفُ إِلَى جَنْبِي وَيُلاحِظُنِي وَقَدْ صَارَ مِثْلَ الْعُودِ فَلَمَّا قَضَيْتُ طَوَافِي خَرَجْتُ وَاتَّبَعَنِي فَقَالَ لِي يَا هَذَا أَتَعْرِفُنِي قُلْتُ مَا أُنْكِرُكَ لِسُوءٍ قَالَ أَنَا صَاحِبُ الْكِتَابَيْنِ قَالَ فَمَا تَمَالَكْتُ أَنْ قَبَّلْتَ رَأْسَهُ وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَاللَّهِ لَقَدْ شَغَلْتَ عَلَيَّ قَلْبِي وَأَطَلْتَ غَمِّي بِشِدَّةِ كِتْمَانِكَ لأَمْرِكَ فَهَلْ لَكَ فِيمَا سَأَلْتَ وَطَلَبْتَ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَأَقَرَّ عَيْنَيْكَ إِنَّمَا أَتَيْتُكَ مُسْتَحِلا مِنْ نَظَرٍ كُنْتُ أَنْظُرُهُ عَلَى غَيْرِ حُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْهَوَى دَاعٍ إِلَى كُلِّ بَلاءٍ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَقُلْتُ يَا حَبِيبِي أُحِبّ أَنْ تَصِيرَ مَعِي إِلَى مَنْزِلِي فَآنَسُ بِكَ وَتَجْرِي الْحُرْمَةُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ قَالَ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ فَاعْذُرْ وَأَجِبْ إِلَى مَا سَأَلْتُكَ فَقُلْتُ يَا حَبِيبِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ وَقَدْ وَهَبْتُهَا لَكَ وَمَعَهَا مِائَةَ دِينَارٍ تَعِيشُ بِهَا وَلَكَ فِي كُلِّ سَنَّةٍ كَذَا وَكَذَا قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْلا عُهُودٌ عَاهَدْتُ اللَّهَ بِهَا وَأَشْيَاءٌ وَكَّدْتُهَا عَلَى نَفْسِي لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الَّذِي تَعْرِضُهُ عَلَيَّ وَلَكِنْ لَيْسَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ وَالدُّنْيَا فَانِيَةٌ مُنْقَطِعَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 فَقُلْتُ لَهُ فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتَ أَنْ تَصِيرَ إِلَى مَا دَعَوْنَاكَ إِلَيْهِ فَأَخْبِرْنِي مَنْ هِيَ مِنْ جَوَارِيَّ حَتَّى أُكْرِمُهَا لَكَ مَا بَقِيتُ فَقَالَ مَا كُنْتُ لأُسَمِّيهَا لأَحَدٍ أَبَدًا ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيَّ وَمَضَى فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَأَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَاهِلِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الأَصْمَعِيُّ قُلْتُ لأَعْرَابِيًّ حَدَّثَنِي عَنْ لَيْلَتِكَ مَعَ فُلانَةَ قَالَ نَعَمْ خَلَوْتُ بِهَا وَالْقَمَرُ يُرِينِيهَا فَلَمَّا غَابَ أَرَتْنِيهِ قُلْتُ فَمَا كَانَ بَيْنَكُمَا قَالَ الإِشَارَةُ لِغَيْرِ مَا بَاسٍ وَالدُّنُوُ بِغَيْرِ إِمْسَاسٍ وَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانِتِ الأَيَّامُ طَالَتْ بَعْدَهَا لَقَدْ كَانَتْ قَصِيرَةً مَعَهَا وَحَسْبُكَ بِالْحُبِّ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قِيلَ لِبَعْضِ الأَعْرَابِ وَقَدْ طَالَ عِشْقُهُ بِجَارِيَةٍ مَا أَنْتَ صَانِعٌ لَوْ ظَفِرْتَ وَلا يَرَاكُمَا غَيْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ إِذَنْ وَاللَّهِ لَا أَجْعَلُهُ أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ لَكِنِّي أَفْعَلُ بِهَا مَا أَفْعَلُهُ بِحَضْرَةِ أَهْلِهَا حَدِيثٌ طَوِيلٌ وَلَحْظٌ مِنْ بَعِيدٍ وَتَرْكُ مَا يَكْرَهُ الرَّبُّ وَيَقْطَعُ الْحُبَّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الحيرى قَالَ أَنبأَنَا أَبُو عبد الله بْنُ بَاكَوَيْهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الأَرْدَبِيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ نَزَلَ السَّرِي بْنُ دِينَارٍ فِي دَارٍ بِمِصْرَ كَانَتْ فِيهِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ تَفْتِنُ النَّاسَ بِجَمَالِهَا فَعَلِمَتِ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ لأَفْتِنَنَّهُ فَلَمَّا دَخَلَتْ مِنْ بَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الدَّرْبِ كَشَفَتْ وَأَظْهَرَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ السرى مَالك قَالَت هَل كل فِي فرَاش وطيء وَعَيْشٍ رَخِيٍّ فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ يَقُولُ وَكَمْ ذِي مَعَاصٍ نَالَ مِنْهُنَّ لَذَّةً ... وَمَاتَ فَخَلَّاهَا وَذَاقَ الدَّوَاهِيَا تَصَرَّمُ لَذَّاتُ الْمَعَاصِي وَتَنْقَضِي ... وَتَبْقَى تِبَاعَاتُ الْمَعَاصِي كَمَا هِيَا فها سَوْأَتَا وَاللَّهُ رَاءٍ وَسَامِعُ ... لِعَبْدٍ بِعَيْنِ اللَّهِ يَغْشَى الْمَعَاصِيَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ قَالَ أَعْرَابِيٌّ عَلَّقْتُ امْرَأَةً فَكُنْتُ آتِيهَا فَأُحَدِّثُهَا سِنِينَ مَا جَرَتْ بَيْنَنَا رِيبَةٌ قَطُّ إِلا أَنِّي رَأَيْتُ بَيَاضَ كَفِّهَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى يَدِهَا فَقَالَتْ مَهْ لَا تُفْسِدْ مَا صَلُحَ فَإِنَّهُ مَا نَكَحَ حُبٌّ قَطُّ إِلا فَسَدَ قَالَ فَقُمْتُ وَقَدِ ارْفَضَضْتُ عَرَقًا مِنَ الاسْتِحْيَاءِ مِنْهَا وَلَمْ أَعُدْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ إِذْنًا قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ خَرَجْنَا نُرِيدُ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْفَرْشِ مِنْ مَلَلٍ رَأَيْتُ امْرَأَةً لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهَا وَجْهًا وَلا أَحْلَى لَفْظًا قَالَ فَحَادَثْتُهَا أَنَا وَصَاحِبٌ لِي سَاعَةً وَعَرَّضَ لَهَا صَاحِبِي بِالْقَوْلِ وَأَنْشَدَهَا أَشْعَارَهُ فَقَالَتْ يَرَى اللَّهُ أَنْ لَسْنَا لَكُمْ بِصَحَابَةٍ ... فَرُوحُوا بِخَيْرٍ وَاسْلَمُوا أَيُّهَا الرَّكْبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ إِجَازَةً قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَخِي الأَصْمَعِيُّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ عَشِقَ رَجُلٌ مِنَ النُّسَّاكِ جَارِيَةً مِنَ الْبَصْرَةِ فَبَعَثَ يَخْطُبُهَا فَأَبَتْ وَقَالَتْ إِنْ أَرَدْتَ غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلْتُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ أَدْعُوكِ إِلَى الْأَمر الصَّحِيح والحلال الَّذِي عَيْبَ فِيهِ وَلا وِزْرَ وَتَدْعِينَنِي إِلَى مَا لَا يَصْلُحُ لِي وَلَا لَك قَالَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِالَّذِي عِنْدِي فَإِنْ أَرَدْتَ فَتَقَدَّمْ وَإِنْ كَرِهْتَ فَتَأَخَرْ فَأَنْشَأَ الْفَتَى يَقُولُ أُسَائِلُهَا الْحَلالَ وَتَدْعُ قَلْبِي ... إِلَى مَا تَشْتَهِيهِ مِنَ الْحَرَامِ كَدَاعِي آلَ فِرْعَوْنَ إِلَيْهِ ... وَهُمْ يَدْعُونَهُ نَحْوَ الْغَرَامِ فَظَلَّ مُنَعَّمًا فِي الْخُلْدِ يَسْعَى ... وَظَلُّوا فِي الْجَحِيمِ وَفِي السِّقَامِ فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ قَدِ امْتَنَعَ عَلَيْهَا مِنَ الْفَاحِشَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ عَلَى الَّذِي تُحِبُّ فَكَتَبَ إِلَيْهَا هَيْهَاتَ لَا حَاجَةَ لِي فِيمَنْ دَعَانِي إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَأَنَا أَدْعُوهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَقَالَ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُرَاقِبُ رَبَّهُ ... عِنْدَ الْهَوَى وَيَخَافُهُ أَحْيَانَا إِنَّ الَّذِي يَبْغِي الْهَوَى وَيُرِيدُهُ ... كَمُؤَاجِرٍ شَيْطَانَهُ شَيْطَانَا حَجَبَ التُّقَى بَابَ الْهَوَى فَأَخُو التُّقَى ... عَفُّ الْخَلِيقَةِ زَائِدٌ إِيمَانَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ عَنْ غَيْثِ بْنِ عبد الكريم قَالَ عَشِقَتْ عَاتِكَةُ الْمِزِّيَّةُ ابْنَ عَمٍّ لَهَا فَأَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ وَأَبَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ فَمَا طَعْمُ مَاءٍ أَيُّ مَا تَقُولُهُ ... تَحَدَّرَ مِنْ غُرٍّ طُوَالِ الذَّوَائِبِ بِمُنْعَرِجٍ أَوْ بَطْنِ وَادٍ تَحَدَّبَتْ ... عَلَيْهِ رِيَاحُ الصَّيْفِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ تَرَقْرَقَ مَاءُ الْمُزْنِ فِيهِنَّ وَالْتَقَتْ ... عَلَيْهِنَّ أَنْفَاسُ الرِّيَاحِ الْعَرَائِبِ نَفَتْ جَرْيَةُ الْمَاءِ الْقَذَى عَنْ مُتُونِهِ ... فَمَا إِنْ بِهِ عَيْبٌ تَرَاهُ لِشَارِبِ بِأَطْيَبَ مِمَّا يَقْصُرُ الْوَصْفُ دُونَهُ ... تُقَى اللَّهِ وَاسْتِحْيَاءُ تِلْكَ الْعَوَاقِبِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا أبوبكر مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبِي لِجَدِّي قَالَ عُثْمَانُ زُرْ حبابة ... بالعر صة تُحْدِثُ تَحِيَّةً وَسَلامَا ثُمَّ تَلْهُو إِلَى الصَّبَاحِ وَلا ... تَقْرَبْ فِي اللَّهْوِ وَالْحَدِيثِ حَرَامَا وَصَفُوهَا فَلَمْ أَزَلْ عَلِمَ ... اللَّهُ مُسْتَوْلِهَا مُسْتَهَامَا هَلْ عَلَيْهَا فِي نَظْرَةٍ مِنْ جَنَاحٍ ... مِنْ فَتَى لَا يَزُورُ إِلا لِمَامَا حَالَ فِيهَا الإِسْلامُ دُونَ هَوَاهُ ... فَهُوَ يَهْوَى وَيَرْقُبُ الإِسْلامَا وَيَمِيلُ الْهَوَى بِهِ ثُمَّ يَخْشَى ... أَنْ يُطِيعَ الْهَوَى فَيَلْقَى أَثَامَا قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَنْشَدَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ وَبِالْعَرْصَةِ الْبَيْضَاءِ إِنْ زُرْتَ أَهْلَهَا ... مَهًى مُهْمَلاتٌ مَا عَلَيْهِنَّ سَائِسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 بَرَزْنَ لِحُبِّ اللَّهْوِ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ ... عَفَائِفُ بَاغِي الْغَيِّ مِنْهُنَّ آيِسُ قَالَ وَأَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الإِسْكَافِيُّ مَا إِنْ دَعَانِي الْهَوَى لِفَاحِشَةٍ ... إِلا نَهَانِي الْحَيَاءُ وَالْكَرَمُ فَلا إِلَى فَاحِشٍ مَدَدْتُ يَدِي ... وَلا مَشَتْ لِي بَرِيبَةٍ قَدَمُ قَالَ وَأَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ لِلْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ أَمَا وَالَّذِي نَادَى مِنَ الطُّورِ عَبْدَهُ ... وَأَنْزَلَ فُرْقَانًا وَأَوْحَى إِلَى النَّحْلِ لَقَدْ وَلَدَتْ حَوَاءُ مِنْكَ بَلِيَّةً ... عَلَيَّ أُقَاسِيهَا وَخَبْلا مِنَ الْخَبْلِ وَإِنِّي وَإِيَّاكُمْ وَإِنْ شَفَّنِي الْهَوَى ... لأَهْلُ عَفَافٍ لَا يُدَنَّسُ بِالْجَهْلِ قَالَ وَأَنْشَدَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ لِلنُّمَيْرِيِّ يُغَطِّينَ أَطْرَافَ الْبَنَانِ مِنَ التُّقَى ... وَيَخْرُجْنَ بِالأَسْحَارِ مُعْتَجِرَاتِ تَضَوَّعَ مِسْكًا بَطْنُ نُعْمَانَ أَنْ مَشَتْ ... بِهِ زَيْنَبُ فِي نِسْوَةٍ عَطِرَاتِ فَلَمَّا رَأَتْ رَكْبَ النُّمَيْرِيِّ أَعْرَضَتْ ... وَكُنَّ مِنَ أَنْ يَلْقِينَهُ حَذِرَاتِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَسَنِ الضَّرَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَنْشَدَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ هَرْمَةَ قَدْ يُدْرِكُ الشَّرَفَ الْفَتَى وَرِدَاؤُهُ ... خَلِقٌ وَجَيْبُ قَمِيصِهِ مَرْقُوعُ إِمَّا تَرَانِي شَاحِبًا مُتَبَذِّلا ... كَالسَّيْفِ يَخْلَقُ جَفْنَهُ فَيَضِيعُ فَلَرُبَّ لَذَّةِ لَيْلَةٍ قَدْ نِلْتَهَا ... وَحَرَامُهَا بِحَلالِهَا مَدْفُوعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَبْرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاتِبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ وَأَنْبَأَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ النَّهْرَاوَنِيُّ قَالَ أَنبأَنَا الْمعَافى من زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مزِيد قَالا حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو السَّائِب المَخْزُومِي يَا بن أَخِي أَنْشِدْنِي لِلأَحْوَصِ فَأَنْشَدْتُهُ قَوْلُهُ قَالَتْ وَقُلْتُ تُحَرِّجِي وَصِلِي ... حَبْلَ امرىء بوصالكم صب صَاحب إِذَنْ بَعْلِي فَقُلْتُ لَهَا ... الْغَدْرُ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْ شَعْبِي ثِنْتَانِ لَا أَدْنُو لَوَصْلِهِمَا ... عَرْسُ الْخَلِيلِ وَجَارَةُ الْجُنْبِ أَمَّا الْخَلِيلُ فَلَسْتُ فَاجِعُهُ ... وَالْجَارُ أَوْصَانِي بِهِ رَبِّي عوجا كَذَا ندكر لِغَانِيَةٍ ... بَعْضَ الْحَدِيثِ مَطِيَّةً صَحْبِي وَنَقُلْ لَهَا فِيمَ الصُّدُودُ وَلَمْ ... نُذْنِبُ بَلَ أَنْتِ بَدَأْتِ بِالذَّنْبِ إِنْ تُقْبِلِي نُقْبِلُ وَنُنْزِلُكُمْ ... مِنَّا بِدَارِ السَّهْلِ وَالرَّحْبِ أَوْ تُدْبِرِي تَكْدُرْ مَعِيشَتُنَا ... وَتُصَدِّعِي مُتَلائِمَ الشِّعْبِ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ هَذَا يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ الْمُحِبُّ عَيْنًا لَا الَّذِي يَقُولُ وَكُنْتُ إِذَا حَبِيبٌ رَامَ صَرْمِي ... وَجَدْتُ لَدَيَّ مُنْفَسِحًا عَرِيضًا اذْهَبْ فَلا صَحِبَكَ اللَّهُ وَلا أَوْسَعَ عَلَيْكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ نَفْطَوَيْهِ وَخَبَّرَهَا الْوَاشُونَ أَنَّ خَيَالَهَا ... إِذَا نِمْتُ يَغْشَى مَضْجَعِي وَوِسَادِي فَخَفَّرَهَا فَرْطُ الْحَيَاءِ فَأَرْسَلَتْ ... تُعَيِّرُنِي غَضْبَى بِطُولِ رُقَادِي وَمِمَّا أَنْشَدُوا فِي الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِ الْعَفِيفِ يَقَظَاتُهُ وَمَنَامُهُ شَرَعٌ ... كُلٌّ بِكُلٍّ فَهْوَ مُشْتَبَهُ إِنْ هَمَّ فِي حُلْمٍ بِفَاحِشَةٍ ... زَجَرَتْهُ عِفَّتُهُ فَيَنْتَبِهُ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَاتِبَ أَنَّ عُلَيَّةَ بِنْتَ الْمَهْدِي كَانَتْ تَقُولُ لَا غَفَرَ اللَّهُ فَاحِشَةً ارْتَكَبْتُهَا قَطُّ وَمَا أَقُولُ فِي شِعْرِي إِلا عَبَثًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلاثُونَ فِي فَضْلِ مَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ فَتَرَكَ ذَنْبَهُ ذِكْرُ ثَوَابِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان} أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زِيَادٍ الْمَخْدُوجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان} قَالَ هُوَ الَّذِي إِذَا هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ ذَكَرَ مَقَامَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهَا فَانْتَهَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَعَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بُخَيْتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ ذُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ ربه جنتان} قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يَذْكُرُ اللَّهَ عِنْدَ الْمَعَاصِي فَيَنْحَجِزَ عَنْهَا وَحَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان} قَالَ مَنْ خَافَ اللَّهَ عِنْدَ مَقَامِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فِي الدُّنْيَا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الْخُتَّلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بن عبد الخالق قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قرىء عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَبُو قُطْنٍ قَالا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان} قَالَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُذْنِبَ أَمْسَكَ عَنِ الذَّنْبِ مَخَافَةَ اللَّهِ عز وَجل وقرىء عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ لِلسَّابِقِينَ وَجَنَّتَانِ مِنْ فَضَّةٍ لِلتَّابِعِينَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان} قَالَ هُوَ الَّذِي إِذَا هَمَّ بِالْمَعْصِيَةِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَتَرَكَهَا قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ ربه جنتان} قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُذْنِبَ الذَّنْبَ فَيَذْكُرُ مَقَامَ رَبِّهِ فَيَدَعُ الذَّنْبَ وَبِهِ قَالَ أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَينِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالا حَدَّثَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْفُضَيْلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن أَبِي شُرَيْحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمَنِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالا حَدَّثَنَا مَالِكٌ كِلاهُمَا عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ الإِمْامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنبأَنَا الْحُسَيْن ابْن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز عَن أبي سَلمَة ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالا خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَقَالَ فِي بَعْضِ خُطْبَتِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ جَارِيَةٍ حَرَامًا فَتَرَكَهَا مَخَافَةً مِنْهُ أَمَّنَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَحَرَّمَهُ عَلَى النَّارِ وَأَدْخَلَهُ الْجنَّة أخبرنَا عبد الخالق بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَاتِحِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حُدِّثْتُ عَنْ رِيَاحٍ الْعَبْسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ جَنَّاتُ النَّعِيمِ بَيْنَ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ وَبَيْنَ جَنَّاتِ عَدْنٍ فِيهَا جَوَارٍ خُلِقْنَ مِنْ وَرْدِ الْجَنَّةِ قِيلَ وَمَنْ يَسْكُنُهَا قَالَ الَّذِينَ هَمُّوا بِالْمَعَاصِي فَلَمَّا ذَكَرُوا عَظَمَتِي رَاقَبُونِي وَالَّذِينَ انْثَنَتْ أَصْلابُهُمْ مِنْ خَشْيَتِي وَعِزَّتِي إِنِّي لأَهِمُّ بِعَذَابِ أَهْلِ الأَرْضِ فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى أَهْلِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ مِنْ مَخَافَتِي صَرَفْتُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ الذِّكْرُ ذِكْرَانِ فَذَكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِاللِّسَانِ حَسَنٌ وَأَفْضَلُ مِنْهُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ عِنْدَمَا يُشْرِفُ عَلَيْهِ من مَعَاصيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 أخبرنَا عبد الوهاب الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ ابْن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عمار قَالَ حَدثنَا عبد الحميد قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ لَا يحمد أَو يحسن ورع امرىء حَتَّى يَشْفَى عَلَى طَمَعٍ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَتْرُكَهُ حِينَ يَتْرُكُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَا يَقْدِرُ رَجُلٌ عَلَى حَرَامٍ ثُمَّ يَدَعُهُ لَيْسَ بِهِ إِلا مَخَافَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا أَبْدَلَهُ اللَّهُ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شِبْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْروِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ مِنْ صِدْقِ الْإِيمَان وبره أَن يخلوا الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ فَيَدَعَهَا لَا يَدَعُهَا إِلا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصْلٌ قَدْ كَانَ يَغْلِبُ الْخَوْفُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّنْبِ تَارَةً عَلَى الرِّجَالِ فَيَكُونُ الامْتِنَاعُ مِنْهُمْ وَتَارَةً عَلَى النِّسَاءِ فَيَكُونُ الامْتِنَاعُ مِنْهُنَّ وَهَذَا سِيَاقُ أَخْبَارِ الرِّجَالِ الَّذِينَ امْتَنَعُوا مِنَ الذُّنُوبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ السَّرْخَسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ الشَّاشِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحجَّاج قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن إِسْحَاقَ الْمُسَيْبِيُّ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو ضُمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدثنَا مُوسَى ابْن عُقْبَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالا حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِي الْجَبَلِ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالا عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدَيَّ وَإِنَّهُ نَأَى بِي الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَجِئْتُ بِالْحِلابِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبُهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَّجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى رَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ وَقَالَ الثَّانِي اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا كَأَشَدَّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَقِيتُهَا بِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدِ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ عَنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فَفَرَّجَ لَهُمْ فُرْجَةً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرْقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِي حَقِّي فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ فَتَرَكَهُ وَرَغَبَ عَنْهُ فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا فَجَاءَنِي فَقَالَ اتَّقِ اللَّهِ وَلا تَظْلِمْنِي وَأَعْطِنِي حَقِّي فَقُلْتُ اذْهِبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تَهْزَأْ بِي فَقُلْتُ إِنِّي لَا أَهْزَأُ بِكَ فَخُذْ تِلْكَ الْبَقَرَ وَرَاعِيهَا فَأَخَذَهَا وَانْطَلَقَ بِهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا بَقِيَ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَفْظُ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ وَهُوَ ابْنُ أَخِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ وَلَيْسَ لإِسْمَاعِيلَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مِرَارٍ وَلَكِنْ قَدْ سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَتَوَّرَعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ أَرْعَدَتْ وَبَكَتْ فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ أَكْرَهْتُكِ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ هَذَا عَمَلٌ لَمْ أَعْمَلْهُ قَطُّ وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ الْحَاجَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 قَالَ أَفَتَفْعَلِينَ هَذَا وَلَمْ تَفْعَلِيهِ قَطُّ قَالَ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ اذْهَبِي وَالدَّنَانِيرُ لَكَ ثُمَّ قَالَ وَالله لَا يعصيى اللَّهَ الْكِفْلُ أَبَدًا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لِلْكِفْلِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُمَيْرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَامِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرَوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ شُكْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَاهِلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا كَعْبٍ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ لَهَا ثُلْثُ الْحُسْنِ لَا تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا إِلا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَإِنَّهُ أَبْصَرَهَا عَابِدٌ فَأَعْجَبَتْهُ فَذَهَبَ وَعَمِلَ بِيَدَيْهِ وَعَالَجَ فَجَمَعَ مِائَةَ دِينَارٍ فَجَاءَ فَقَالَ إِنَّكِ قَدْ أَعْجَبْتِنِي فَانْطَلَقْتُ فَعَمِلْتُ بِيَدَيَّ وَعَالَجْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَتِ ادْفَعْهَا إِلَى الْقَهْرَمَانِ حَتَّى يَنْتَقِدَهَا وَيَتَّزِنَهَا فَفَعَلَ فَقَالَتِ انْتَقَدْتَ مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ قَالَ نَعَمْ قَالَتِ ادْخُلْ وَكَانَ لَهَا مِنَ الْجَمَالِ وَالْهَيْئَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَكَانَ لَهَا بَيْتٌ مُتَّخَذٌ وَسَرِيرٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَتْ هَلُمَّ لَكَ فَلَمَّا جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَائِنِ ذَكَرَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَأَخَذْتُهُ رَعْدَةٌ وَمَاتَتْ شَهْوَتُهُ فَقَالَ اتركيني فلأخرج وَلَك الْمِائَة دِينَار قَالَتْ مَا بَدَا لَكَ وَقَدْ رَأَيْتَنِي كَمَا زَعَمْتَ فَأَعْجَبْتُكَ فَذَهَبْتَ وَعَالَجْتَ وَكَدَدْتَ حَتَّى جَمَعَتْ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَمَّا قَدَرْتَ عَلَيَّ فَعَلْتَ الَّذِي فَعَلْتَ قَالَ فَرَقٌ مِنَ اللَّهِ وَمَقَامِي بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَقَدْ أُبْغِضْتِ إِلَيَّ قَالَتْ لإِنْ كُنْتَ صَادِقًا مَالِي زَوْجٌ غَيْرَكَ قَالَ ذَرِينِي لأَخْرُجَ قَالَتْ لَا إِلا أَنْ تَجْعَلَ لِي عَهْدًا أَنْ تَزَوَّجَنِي قَالَ لَا حَتَّى أَخْرُجَ قَالَتْ فَلِي عَلَيْكَ إِنْ أَنَا أَتَيْتُكَ أَنْ تَزَوَّجَنِي قَالَ أَجَلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 قَالَ فَتَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ وَارْتَحَلَتِ الأُخْرَى بِدُنْيَاهَا نَادِمَةً عَلَى مَا كَانَ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَتْ بَلَدَهُ فَسَأَلَتْ عَنِ اسْمِهِ وَمَنْزِلِهِ فَدُلَّتْ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ الْمَلِكَةُ جَاءَتْ تَسْأَلُ عَنْكَ فَلَمَّا رَآهَا شَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ قَالَ فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْهَا فَقَالَتْ أَمَّا هَذَا فَقَدْ فَاتَنِي فَهَلْ لَهُ مِنْ قَرِيبٍ قِيلَ أَخُوهُ رَجُلٌ فَقِيرٌ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَزَوَّجُكَ حُبًّا لِحُبِّ أَخِيكَ قَالَ فَتَزَوَّجَتْهُ فَوَلَدَتْ لَهُ سَبْعَةُ أَنْبِيَاءَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَاهِبٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ فَأَشْرَفَ مِنْهَا فَرَأَى امْرَأَةً فَفُتِنَ بِهَا فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ مِنَ الصَّوْمَعَةِ لِيَنْزِلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا أَخْرَجَ رِجْلَهُ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْعِصْمَةُ وَأَدْرَكَتْهُ السَّعَادَةُ فَقَالَ يَا نَفْسُ رِجْلٌ خَرَجَتْ مِنَ الصَّوْمَعَةِ لِتَعْصِيَ اللَّهَ تَعُودُ إِلَيْهَا وَتَكُونُ مَعِي فِي صَوْمَعَتِي وَاللَّهِ لَا كَانَ هَذَا أَبَدًا قَالَ فَتَرَكَهَا مُعَلَّقَةً خَارِجَ الصَّوْمَعَةِ تَسْقُطُ عَلَيْهَا الثُّلُوجُ وَالأَمْطَارُ وَتُصِيبُهَا الشَّمْسُ وَالرِّيَاحُ حَتَّى تَقَطَّعَتْ وَتَنَاثَرَتْ وَسَقَطَتْ فَشَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَنْزَلَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَذُو الرِّجْلِ يَمْدَحُهُ بِذَلِكَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّوَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجُونِيُّ قَالَ كَانَ لَحَّامُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَوْرَعُ عَنْ شَيْءٍ فَجُهِدَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ جَارِيَةً مِنْهُمْ تَسْأَلُهُ فَقَالَتْ يَا لَحَّامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَعْطِنَا فَقَالَ لَا أَوْ تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ فَرَجَعَتْ فَجُهِدُوا جَهْدًا شَدِيدًا فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ يَا لَحَّامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَعْطِنَا فَقَالَ لَا أَوْ تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ فَرَجَعَتْ فَجُهِدُوا جَهْدًا شَدِيدًا فَأَرْسَلُوهَا إِلَيْهِ فَقَالَتْ يَا لَحَّامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَعْطِنَا قَالَ لَا أَوْ تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ قَالَتْ دُونَكَ فَلَمَّا خَلا بِهَا جَعَلَتْ تَنْتَفِضُ كَمَا تَنْتَفِضُ السَّعَفَةُ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْمَاءِ فَقَالَ لَهَا مَالَكِ قَالَتْ أَخَافُ اللَّهَ هَذَا شَيْءٌ لَمْ أَصْنَعْهُ قَطُّ قَالَ فَأَنْتِ تَخَافِينَ اللَّهَ وَلَمْ تَصْنَعِيهِ وَأَفْعَلُهُ أَنَا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي لَا أَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ كِتَابَ لَحَّامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَصْبَحَ فِي كِتَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ فَقَالَ يَا لَحَّامُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ كَتَابَكَ أَصْبَحَ فِي كِتَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنبأَنَا الْمُبَارك بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ شِبْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا أَرَاهُ إِلا عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَابِدًا مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْغُوَاةِ إِلَى امْرَأَةٍ بَغِيٍّ فَقَالُوا لَهَا لَعَلَّكَ أَنْ تُزِيلِيهِ فَجَاءَتْهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ مُظْلِمَةٍ فَنَادَتْهُ فَأَشْرَفَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ آوِنِي إِلَيْكَ فَتَرَكَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ وَمِصْبَاحُهُ ثَاقِبٌ فَقَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ آوِنِي إِلَيْكَ أَمَا تَرَى الظُّلْمَةَ وَالْمَطَرَ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى آوَاهَا إِلَيْهِ فَاضْطَجَعَتْ قَرِيبًا مِنْهُ فَجَعَلَتْ تُرِيَهُ مَحَاسِنَ خَلْقِهَا حَتَّى دَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَقَالَ لَا وَاللَّهِ حَتَّى أَنْظُرَ كَيْفَ صَبْرُكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 عَلَى النَّارِ فَتَقَدَّمَ إِلَى الْمِصْبَاحِ اوالقنديل فَوَضَعَ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِهِ فِيهِ حَتَّى احْتَرَقَتْ ثُمَّ عَادَ إِلَى صَلاتِهِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ أَيْضًا وَعَاوَدَ الْمِصْبَاحَ فَوَضَعَ أُصْبُعَهُ الأُخْرَى حَتَّى احْتَرَقَتْ فَلَمْ تَزَلْ نَفْسُهُ تَدْعُوهُ وَهُوَ يَعُودُ إِلَى الْمِصْبَاحِ حَتَّى احْتَرَقَتْ أَصَابِعُهُ جَمِيعًا وَهِيَ تَنْظُرُ فَصُعِقَتْ فَمَاتَتْ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ أَنَّ شَابًّا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُرَ شَابٌّ قَطُّ أَحَسَنَ مِنْهُ وَكَانَ يَبِيعُ الْقِفَافَ فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يَطُوفُ بِقِفَافِهِ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ دَارِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا رَأَتْهُ رَجَعَتْ مُبَادِرَةً فَقَالَتْ لابْنَةِ الْمَلِكِ يَا فُلانَةُ إِنِّي رَأَيْتُ شَابًّا بِالْبَابِ يَبِيعُ الْقِفَافَ لَمْ أَرَ شَابًّا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ قَالَتْ أَدْخِلِيهِ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ يَا فَتَى ادْخُلْ نَشْتَرِ مِنْكَ فَدَخَلَ فَأَغْلَقَتِ الْبَابَ دُونَهُ ثُمَّ قَالَتِ ادْخُلْ فَدَخَلَ فأغلت بَابًا آخَرَ دُونَهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ بِنْتُ الْمَلِكِ كَاشِفَةً عَنْ وَجْهِهَا وَنَحْرِهَا فَقَالَ لَهَا اشْترِي عافاك الله فَقَالَت إِنَّا لم نَدعك لهَذَا إِنَّمَا دعوناك لكذا يَعْنِي تراوده عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ لَهَا اتَّقِ اللَّهَ قَالَتْ لَهُ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُطَاوِعْنِي عَلَى مَا أُرِيدُ أَخْبَرْتُ الْمَلِكَ أَنَّكَ إِنَّمَا دَخَلْتُ عَلَيَّ تُكَابِرُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَ فَأَبَى وَوَعَظَهَا فَأَبت فَقَالَ ضَعُوا لِي وُضُوءًا فَقَالَتْ أَعَلَيَّ تَعَلَّلُ يَا جَارِيَةُ ضَعِي لَهُ وُضُوءًا فَوْقَ الْجَوْسَقِ فَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفِرَّ مِنْهُ وَمِنَ الْجَوْسَقِ إِلَى الأَرْضِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا صَارَ فِي أَعْلَى الْجَوْسَقِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي دُعِيتُ إِلَى مَعْصِيَتِكَ فَإِنِّي اخْتَارُ أَنْ أُصَبِّرَ نَفْسِي فَأُلْقِيهَا مِنْ هَذَا الْجَوْسَقِ وَلا أَرْكَبُ الْمَعْصِيَةَ ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَأَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ أَعْلَى الْجَوْسَقِ فَأَهْبَطَ اللَّهُ لَهُ مَلِكًا فَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 فَوَقَعَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ فَلَمَّا صَارَ فِي الأَرْضِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ رَزَقْتَنِي رِزْقًا يُغْنِينِي عَنْ بَيْعِ هَذِهِ الْقِفَافِ قَالَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ جَرَادًا مِنْ ذَهَبٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَتَّى مَلأَ ثَوْبَهُ فَلَمَّا صَارَ فِي ثَوْبِهِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا رِزْقًا رَزَقْتَنِيهِ فِي الدُّنْيَا فَبَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُنِي مِمَّا لِي عِنْدَكَ فِي الآخِرَةِ فَلا حَاجَةَ لِي فِيهِ فَنُودِيَ إِنَّ هَذَا الَّذِي أَعْطَيْنَاكَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا لِصَبْرِكَ عَلَى إِلْقَائِكَ نَفْسَكَ مِنْ هَذَا الْجَوْسَقِ فَقَالَ اللَّهُمّ لَا حَاجَةَ لِي فِيمَا يُنْقِصُنِي مِمَّا لِي عِنْدَكَ فِي الآخِرَةِ قَالَ فَرُفِعَ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْن يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحُ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ شَابٌّ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مُلازِمًا الْمَسْجِدَ وَالْعِبَادَةَ فَعَشِقَتْهُ جَارِيَةٌ فَأَتَتْهُ فِي خُلُوَةٍ فَكَلَّمَتْهُ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ فَشَهِقَ شَهْقَةً فَغُشِيَ عَلَيْهِ فَجَاءَ عَمٌّ لَهُ فَحَمَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ يَا عَمِّ انْطَلِقْ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ لَهُ مَا جَزَاءُ مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ فَانْطَلَقَ عَمُّهُ فَأَخْبَرَ عُمَرَ فَأَتَاهُ عُمَرُ وَقَدْ شَهَِقَ الْفَتَى شَهْقَةً فَمَاتَ مِنْهَا فَوَقَفَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَقَالَ لَكَ جَنَّتَانِ وَقَدْ بَلَغَتْنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّوَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّ فَتَى كَانَ يُعْجَبُ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ هَذَا الْفَتَى لَيُعْجِبُنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَإِنَّهُ انْصَرَفَ لَيْلَةً مِنْ صَلاةِ الْعِشَاءِ فَمَثُلَتْ لَهُ امْرَأَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَرَضَتْ لَهُ نَفْسَهَا فَفُتِنَ بِهَا وَمَضَتْ فَاتَّبَعَهَا حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِهَا فَلَمَّا وَقَفَ بِالْبَابِ أَبْصَرَ وَجُلِّيَ عَنْهُ وَمَثُلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى لِسَانِهِ {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} فَخر مغشيا عَلَيْهِ فنطرت إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَإِذَا هُوَ كَالْمَيِّتِ فَلَمْ تَزَلْ هِيَ وَجَارِيَةٌ لَهَا تَتَعَاوَنَانِ عَلَيْهِ حَتَّى أَلْقَوْهُ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَكَانَ لَهُ أَبٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَقْعُدُ لانْصِرَافِهِ كُلِّ لَيْلَةٍ فَخَرَجَ فَإِذَا هُوَ مُلْقَى عَلَى بَابِ الدَّارِ لِمَا بِهِ فَاحْتَمَلَهُ فَأَدْخَلَهُ فَأَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَأَلَهُ وَالِدُهُ مَا الَّذِي أَصَابَكَ يَا بُنَيَّ قَالَ لَهُ يَا أَبَتِ لَا تَسَلْنِي فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخْبَرَهُ وَتَلا الآيَةَ فَشَهِقَ شَهْقَةً خَرَجَتْ نَفْسُهُ فَدُفِنَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَلا آذَنْتُمُونِي بِمَوْتِهِ فَذَهَبَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ فَنَادَى يَا فُلانُ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ ربه جنتان فَأَجَابَهُ الْفَتَى مِنْ دَاخِلِ الْقَبْرِ قَدْ أَعْطَانِيهُمَا رَبِّي يَا عُمَرُ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ فَتًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ يَشْهَدُ الصَّلاةَ كُلَّهَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ فَتًى مِنْ هَل الْمَدِينَةِ كَانَ يَشْهَدُ الصَّلاةَ كُلَّهَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ يَتَفَقَّدُهُ إِذَا غَابَ قَالَ فَعَشِقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِبَعْضِ نِسَائِهَا فَقَالَتْ لَهَا أَلا أَحْتَالُ لَكَ فِي إِدْخَالِهِ عَلَيْكِ قَالَتْ بَلَى فَقَعَدَتْ لَهُ فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهَا قَالَتْ لَهُ أَنَا امْرَأَةٌ كَبِيرَةُ السِّنِّ وَلِي شَاةٌ وَلَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْلُبَهَا فَلَوْ تَنَوَيْتَ الثَّوَابَ وَدخلت محلبتها لِي فَدَخَلَ فَلَمْ يَرَ شَاةً فَقَالَتِ ادْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى آتِيكَ بِهَا فَدَخَلَ فَإِذَا امْرَأَةٌ وَرَاءَ الْبَابِ فَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 الْبَابَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمَدَ إِلَى مِحْرَابٍ فِي الْبَيْتِ فَقَعَدَ فِيهِ فَأَرَادَتْهُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَبَى وَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ فَجَعَلَتْ لَا تَكُفُّ عَنْهُ وَلا تَلْتَفِتُ إِلَى قَوْلِهِ فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهَا صاحت فجاؤوا فَدَخَلُوا عَلَيْهَا وَقَالَتْ إِنَّ هَذَا دَخَلَ عَلَيَّ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ وَأَوْثَقُوهُ فَلَمَّا صَلَّى عُمَرُ الْغَدَاةَ فَقَدَهُ فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ جاؤوا بِهِ فِي وِثَاقٍ فَلَمَّا رَآهُ عُمَرَ قَالَ اللَّهُمَّ لَا تُخْلِفْ ظَنِّي فِيهِ قَالَ مَالَكُمْ قَالُوا اسْتَغَاثَتِ امْرَأَةٌ فِي اللَّيْلِ فَجِئْنَا فَوَجَدْنَا هَذَا الْغُلامَ عِنْدَهَا فَنِلْنَاهُ بِضَرْبٍ وَأَوْثَقْنَاهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اصْدُقْنِي فَأَخْبَرَهُ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَتِ الْعَجُوزُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَتَعْرِفُهَا قَالَ مَا إِنْ رَأَيْتُهَا فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى نِسَاءِ جِيرَانِهَا وَعَجَائِزِهَا فَجَاءَ بِهِنَّ فَعَرَضَهُنَّ عَلَيْهِ فَجَعَلَ لَا يَعْرِفُ حَتَّى مَرَّتْ بِهِ الْعَجُوزُ فَقَالَ هَذِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَرَفَعَ عُمَرُ عَلَيْهَا الدُّرَةَ وَقَالَ اصْدُقِينِي فَقَصَّتْ عَلَيْهِ كَمَا قَصَّ الْفَتَى فَقَالَ عُمَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِينَا شَبِيهَ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلَطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبَرْدَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الأُوَيْسِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ حَاجَّيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُمْ أَصْحَابٌ لَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالأَبْوَاءِ نَزَلُوا مَنْزِلا فَانْطَلق سُلَيْمَان بْنُ يَسَارٍ حَاجَّيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُمْ أَصْحَابٌ لَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالأَبْوَاءِ نَزَلُوا مَنْزِلا فَانْطَلَقَ سُلَيْمَانُ وَأَصْحَابُهُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِمْ وَبَقِيَ عَطَاءٌ قَائِمًا فِي الْمَنْزِلِ يُصَلِّي فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَعْرَابِ جَمِيلَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فَلَمَّا رَآهَا عَطَاءٌ ظَنَّ أَنَّ لَهَا حَاجَةً فَأَوْجَزَ فِي صَلاتِهِ ثُمَّ قَالَ أَلَكِ حَاجَةً قَالَتْ نعم قَالَ اما هِيَ قَالَتْ قُمْ فَأَصِبْ مِنِّي فَإِنِّي قَدْ وَدِقْتُ وَلا بَعْلَ لِي فَقَالَ إِلَيْكِ عَنِّي لَا تَحْرِقِينِي وَنَفْسَكِ بِالنَّارِ وَنَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ فَجَعَلَتْ تُرَاوِدُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَتَأْبَى إِلا مَا تُرِيدُ فَجَعَلَ عَطَاءٌ يَبْكِي وَيَقُولُ وَيْحَكِ إِلَيْكِ عَنِّي إِلَيْكِ عَنِّي قَالَ وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ فَلَمَّا نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ وَمَا دَخَلَهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَالْجَزَعِ بَكَتِ الْمَرْأَةِ لِبُكَائِهِ فَجَعَلَ يَبْكِي وَالْمَرَأَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تَبْكِي فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ جَاءَ سُلَيْمَانُ مِنْ حَاجَتِهِ فَمَا نَظَرَ إِلَى عَطَاءٍ يَبْكِي وَالْمَرْأَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تَبْكِي فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ بَكَى لِبُكَائِهِمَا لَا يَدْرِي مَا أَبْكَاهُمَا وَجَعَلَ أَصْحَابَهُمَا يَأْتُونَ رَجُلا رَجُلا كُلَّمَا آتَاهُمْ رَجُلٌ فَرَآهُمْ يَبْكُونَ جَلَسَ يَبْكِي لِبُكَائِهِمَا لَا يَسْأَلْهُمْ عَنْ أَمْرِهِمْ حَتَّى كَثُرَ الْبُكَاءُ وَعَلا الصَّوْتُ فَلَمَّا رَأَتِ الأَعْرَابِيَةُ ذَلِكَ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَقَامَ الْقَوْمُ فَدَخَلُوا فَلَبِثَ سُلَيْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَسْأَلُ أَخَاهُ عَنْ قِصَّةِ الْمَرْأَةِ إِجْلالا لَهُ وَهَيْبَةً قَالَ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ ثُمَّ إِنَّهَا قَدِمَا مِصْرَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِمْ فَلَبِثَا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ فَبَيْنَا عَطَاءٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمًا اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ سُلَيْمَانُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَخِي قَالَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا اللَّيْلَةَ قَالَ مَا هِيَ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا مَا دُمْتُ حَيًّا رَأَيْتُ يُوسُفَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي النَّوْمِ فَجِئْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِيمَنْ يَنْظُرُ فَلَمَّا رَأَيْتُ حُسْنَهُ بَكَيْتُ فَنَظَرَ إِلَيَّ فِي النَّاسِ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قُلْتُ بِأَبَيِ أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ ذَكَرْتُكَ وَامْرَأَةَ الْعَزِيزِ وَمَا ابْتُلِيتَ بِهِ مِنْ أَمْرِهَا وَمَا لَقِيتَ مِنَ السِّجْنِ وَفُرْقَةِ الشَّيْخِ يَعْقُوبَ فَبَكَيْتُ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلا تَعَجَّبْتَ مِنْ صَاحِبِ الْمَرْأَةِ الْبَدَوِيَةِ بِالأَبْوَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 فَعَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ فَبَكَيْتُ وَاسْتَيْقَظْتُ باكيا فَقَالَ سلميان أَيْ أَخِي وَمَا كَانَ حَالُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ قَالَ فَقَصَّ عَطَاءٌ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَمَا أَخْبَرَ بِهَا سُلَيْمَانُ أَحَدًا حَتَّى مَاتَ عَطَاءٌ فَحَدَّثَ بِهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ وَمَا شَاعَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْمَدِينَةِ إِلا بَعْدَ مَوْتِ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ جَرَتْ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ لَا لِعَطَاءٍ فَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَدِينِيُّ قَالا حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَسَأَلَتْهُ نَفْسَهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ ادْنُ فَخَرَجَ هَارِبًا عَنْ منزله وتكرهها فِيهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَرَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِيمَا يَرَى النَّائِمَ وَكَأَنِّي أَقُولُ لَهُ أَنْتَ يُوسُفُ قَالَ نَعَمْ أَنَا يُوسُفُ الَّذِي هَمَمْتُ وَأَنْتَ سُلَيْمَانُ الَّذِي لَمْ تَهِمَّ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مِنْ بَنِي جَشْمٍ مُعَاوِيَةُ يَنْزِلُ بِمَكَّةَ وَكَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِهَا فُسُّمِيَ الْقِسُّ مِنْ عِبَادَتِهِ فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِسَلامَةَ وَهِيَ تُغَنِّي فَسَمِعَ غِنَاءَهَا فَرَآهُ مَوْلاهَا فَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يُدْخِلَهُ عَلَيْهَا فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ فَاقْعُدْ فِي مَكَانٍ تَسْمَعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 غِنَاءَهَا وَلا تَرَاهَا فَفَعَلَ فَغَنَّتْ فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلاهَا هَلْ لَكَ أَنْ أُحَوِّلُهَا إِلَيْكَ فَامْتَنَعَ بَعْضَ الامْتِنَاعِ ثُمَّ أَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَتْهُ فَشُغِفَ بِهَا وَشُغِفَتْ بِهِ وَكَانَ ظَرِيفًا فَقَالَ فِيهَا أُمَّ سَلامٍ لَوْ وَجَدْتِ مِنَ الْوِجْدِ ... عُشْرَ الَّذِي بِكُمُ أَنَا لاقِي أُمَّ سَلامٍ أَنْتِ هَمِّي وَشُغْلِي ... وَالْعَزِيزِ الْمُهَيْمِنِ الْخَلاقِ أُمَّ سَلامٍ مَا ذَكَرْتُكِ إِلا ... شَرِقَتْ بِالدِّمُوعِ مِنِّي الْمَآقِي قَالَ وَعَلِمَ بِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ فَسَمَّوْهَا سَلامَةَ الْقِسِّ فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ فَقَالَ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكِ فَقَالَتْ أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِكَ قَالَ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّ ذَلِكَ قَالَتْ فَمَا يَمْنَعُكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَخَالٍ فَقَالَ لَهَا وَيْحَكِ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُول الْخَلَاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ وَأَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ خِلَّةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكِ فِي الدُّنْيَا عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ نَهَضَ وَعَيْنَاهُ تَذْرُفَانِ مِنْ حُبِّهَا وَعَادَ إِلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا مِنَ النُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ فَكَانَ يَمُرُّ بَيْنَ الأَيَّامِ بِبَابِهَا فَيُرْسِلُ بِالسَّلامِ إِلَيْهَا فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلْ فَيَأْبَى وَمِمَّا قَالَ فِيهَا إِنَّ سَلامَةَ الَّتِي ... أَفْقَدَتْنِي تَجَلُّدِي لَوْ تَرَاهَا وَالْعُودُ فِي ... حِجْرِهَا حِينَ تَبْتَدِي لِلسُّرَيْجِيِّ وَالْغَرِيضِ ... وَلِلْقَرْمِ مَعْبَدِ خِلْتُهُمْ تَحْتَ عُودِهَا ... حِينَ تَدْعُوهُ بِالْيَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا طِرَادُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ شُيُوخَنَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْهُمْ سُلَيْمَانُ يَذْكُرُونَ أَنَّ الْقِسَّ كَانَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ عِبَادَةً وَأَطْهَرِهِمْ تَبَتُّلا وَأَنَّهُ مَرَّ يَوْمًا بِسَلامَةَ جَارِيَةٌ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَهِيَ الَّتِي اشْتَرَاهَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَمِعَ غِنَاءَهَا فَوَقَفَ يَسْتَمِعُ فَرَآهُ مَوْلاهَا فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ فَتَسْمَعَ فَتَأَبَّى عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تَسَمَّحَ وَقَالَ أَقْعِدْنِي فِي مَوْضِعٍ لَا أَرَاهَا وَلا تَرَانِي قَالَ أَفْعَلُ فَدَخَلَتْ فَغَنَّتْ فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ مَوْلاهَا هَلْ لَكَ أَنْ أُحَوِّلَهَا إِلَيْكَ فَتَأَبَّى ثُمَّ سَمَحَ فَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ غَنَاءَهَا حَتَّى شُغِفَ بِهَا وَشُغِفَتْ بِهِ وَعَلِمَ ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ قَالَ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكِ قَالَتْ وَأُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِكَ قَالَ وَأَنَا وَاللَّهِ قَالَتْ وَأُحِبُّ أَنْ أَلْصِقَ صَدْرِي بِصَدْرِكَ وَبَطْنِي بِبَطْنِكَ قَالَ وَأَنَا وَاللَّهِ قَالَتْ فَمَا يَمْنَعُكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَخَالٍ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُول الأخلاء يؤمئذ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ خِلَّةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكِ تُؤُولُ بِنَا إِلَى عَدَاوَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَتْ يَا هَذَا أَتَحْسَبُ أَنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ لَا يَقْبَلُنَا إِنْ نَحْنُ تُبْنَا إِلَيْهِ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ أُفَاجَأَ ثُمَّ نَهَضَ وَعَيْنَاهُ تَذْرُفَانِ فَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنَ النُّسُكِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ نُوحٍ قَالَ كُنْتُ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 جَالِسًا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ السُّوقِ فَمَرَّ بِي شَيْخٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْبَائِعُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَلِ اللَّهَ أَنْ يُعْظِمَ أَجْرَكَ وَأَنْ يَرْبِطَ عَلَى قَلْبِكَ بِالصَّبْرِ فَقَالَ الشَّيْخُ مُجِيبًا لَهُ وَكَانَ يَمِينِي فِي الْوَغَى وَمُسَاعِدِي ... فَأَصْبَحْتُ قَدْ خَانَتْ يَمِينِي ذِرَاعُهَا وَأَصْبَحْتُ حَرَّانًا مِنَ الثَّكْلِ حَائِرَا ... أَخًا كَلَفٍ ضَاقَتْ عَلَيَّ رِبَاعُهَا فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَبْشِرْ فَإِنَّ الصَّبْرَ مُعَوَّلُ الْمُؤْمِنِ وَإِنِّي لأَرْجُو أَلا يَحْرِمُكَ اللَّهُ الأَجْرَ عَلَى مُصِيبَتِكَ فَقُلْتُ لِلْبَائِعِ مَنْ هَذَا الشَّيْخُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ الْخَزْرَجِ فَقُلْتُ وَمَا قِصَّتُهُ قَالَ أُصِيبَ بِابْنِهِ كَانَ بِهِ بَارًّا قَدْ كَفَاهُ جَمِيعَ مَا يَعْنِيهِ وَمِيتَتُهُ أَعْجَبُ مِيتَةٍ فَقُلْتُ وَمَا كَانَ سَبَبُ مِيتَتِهِ قَالَ أَحَبَّتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تَشْكُو إِلَيْهِ حُبَّهَا وَتَسْأَلْهُ الزِّيَارَةَ وَتَدْعُوهُ إِلَى الْفَاحِشَةِ وَكَانَتْ ذَاتَ بَعْلٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا إِنَّ الْحَرَامَ سَبِيلٌ لَسْتُ أَسْلُكُهُ ... وَلا أَمُرُّ بِهِ مَا عِشْتُ فِي النَّاسِ فَابْغِي الْعِتَابَ فَإِنِّي غَيْرُ مُتَّبِعٍ ... مَا تَشْتَهِينَ فَكُونِي مِنْهُ فِي يَاسِ إِنِّي سَأَحْفَظُ فِيكُمْ مَنْ يَصُونُكُمْ ... فَلا تَكُونِي أَخَا جَهْلٍ وَوِسْوَاسِ فَلَمَّا قَرَأَتِ الْكِتَابَ كَتَبَتْ إِلَيْهِ دَعْ عَنْكَ هَذَا الَّذِي أَصْبَحْتَ تَذْكُرُهُ ... وَصِرْ إِلَى حَاجَتي يَا أَيهَا الْقَاسِي دَعِ التَّنَسُّكَ إِنِّي غَيْرُ نَاسِكَةٍ ... وَلَيْسَ يَدْخُلُ مَا أَبْدَيْتَ فِي رَاسِي قَالَ فَأَفْشَى ذَلِكَ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ لَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهَا بَعْضَ أَهْلِكَ فَوَعَظَتْهَا وَزَجَرَتْهَا رَجَوْتُ أَنْ تَكُفَّ عَنْكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا فَعَلْتُ وَلا صِرْتُ فِي الدُّنْيَا حَدِيثًا وَلَلْعَارُ فِي الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنَ النَّارِ فِي الآخِرَةِ وَقَالَ الْعَارُ فِي مُدَّةِ الدُّنْيَا وَقِلَّتِهَا ... يَفْنَى وَيَبْقَى الَّذِي فِي الْعَارِ يُؤْذِينِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 وَالنَّارُ لَا تَنْقَضِي مَا دَامَ بِي رَمَقٌ ... وَلَسْتُ ذَا مِيتَةٍ مِنْهَا فَتُفْنِينِي لَكِنْ سَأَصْبِرُ صَبْرَ الْحُرِّ مُحْتَسِبًا ... لَعَلَّ رَبِّي مِنَ الْفِرْدَوْسِ يُدْنِينِي قَالَ وَأَمْسَكَ عَنْهَا فَأَرْسَلَتْ إِمَّا أَنْ تَزُورُنِي وَإِمَّا أَنْ أَزُورَكَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ارْبِعِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِكِ وَدَعِي عَنْكِ التَّسَرُّعَ إِلَى هَذَا الأَمْرِ فَلَمَّا يَئِسَتْ مِنْهُ ذَهَبَتْ إِلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ تَعْمَلُ السِّحْرَ فَجَعَلَتْ لَهَا الرَّغَائِبَ فِي تَهْيِيجِهِ فَعَمِلَتْ لَهَا فِيهِ فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَالِسًا مَعَ أَبِيهِ إِذْ خَطَرَ ذِكْرُهَا بِقَلْبِهِ وَهَاجَ مِنْهُ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ وَاخْتَلَطَ فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ أَبِيهِ مُسْرِعًا وَصَلَّى وَاسْتَعَاذَ وَجَعَلَ يَبْكِي وَالأَمْرُ يَزِيدُ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ يَا بُنَيَّ مَا قِصَّتُكَ قَالَ يَا أَبَتِ أَدْرِكْنِي بِقَيْدٍ فَمَا أَرَى إِلا قَدْ غُلِبْتُ عَلَى عَقْلِي فَجَعَلَ أَبُوهُ يَبْكِي وَيَقُولُ يابني حَدَّثَنِي بِالْقِصَّةِ فَحَدَّثَهُ قِصَّتُهُ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَيَّدَهُ وَأَدْخَلَهُ بَيْتًا فَجَعَلَ يَتَضَرَّبُ وَيَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ ثُمَّ هَدَأَ سَاعَةً فَإِذَا هُوَ مِيِّتٌ وَإِذَا الدَّمُ يَسِيلُ مِنْ مُنْخَرَيْهِ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنِي إِسْحَق بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ قَالَ عَلِقَ أَعْرَابِيٌّ امْرَأَةً فَطَالَ بِهِ وَبِهَا الأَمْرُ فَلَمَّا الْتَقَيَا وَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَصَارَ بَيْنَ شُعْبَتَيْهَا ذَكَرَ الدَّارَ الآخِرَةَ وَجَاءَتْهُ الْعِصْمَة فَقَالَ وَالله إِن امْرَءًا بَاعَ جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ بِفِتْرٍ بَيْنَ رِجْلَيْكِ لَقَلِيلُ الْبَصَرِ بَالْمِسَاحَةِ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَكِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ يَقُولُ سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ مُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ هَوِيتُ جَارِيَةً مِنَ الْعَرَبِ ذَاتَ جَمَالٍ وَكَمَالٍ وَأَنَا إِذْ ذَاكَ لَا أُرَعُ عَنْ شَيْءٍ أُرِيدُهُ فَمَكَثْتُ حِينًا أُرْسِلُ إِلَيْهَا وَتُرْسِلُ إِلَيَّ فَلَمَّا تَطَاوَلَتِ الأَيَّامُ أَرْسَلْتُ إِلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَبْلَغَ مِنَ الاجْتِمَاعِ فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْمَوْعِدُ فَقُلْتُ لَيْلَةَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ خَرَجَتْ وَخَرَجْتُ فَالْتَقَيْنَا وَجَلَسْتُ أَشْكُو إِلَيْهَا فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ وَقَفَ شَيْخٌ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ فَرَدَدْتُ السَّلامَ فَقَالَ مَا جلوسك هَا هُنَا قُلْتُ حَاجَةً لِي فَقَالَ وَمَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ قُلْتُ بَعْضُ أَهْلِي قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تُخْرِجُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ قُلْتُ حَاجَةٌ عَرَضَتْ فَقَالَ لِي يَا هَذَا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات} وَتَلا الآيَةَ فَإِيَّاكَ يَا هَذَا أَنْ تَكُونَ لِلْسَيِّئَاتِ مُجْتَرِحًا فَإِنَّ اللَّهَ مُسَائِلُ كُلَّ نَفْسٍ عَمَّا عَمِلَتْ فَإِيَّاكَ لَا يَفْضَحْكَ عِنْدَ السُّؤَالِ إِذْ لَا عُذْرَ لَكَ ثُمَّ قَالَ قُومَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا فَقُمْنَا وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْطُوَ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْهُ وَشِدَّةِ هَيْبَتِهِ فَلَمَّا تَوَلَّيْتُ قَالَ انْظُرْ مَا أَوْصَيْتُكَ بِهِ فَإِنَّهُ مَعَكَ وَهُوَ يَرَاكَ حَيْثُ كُنْتَ ثُمَّ مَضَى فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ اعْصِمْهُمَا حَتَّى لَا يَعْصِيَاكَ وَكَأَنَّمَا فَرَغَ مِنْ قَلْبِي مَا كُنْتُ أَجِدُ فَأَتَيْتُ وَعَزَمْتُ عَلَى هَجْرِهَا فَأَتَانِي رَسُولُهَا بِالسَّلامِ فَقُلْتُ لَهُ لَا تَعُدْ إِلَيَّ بَعْدَ الْيَوْمِ فَلَمَّا بَلَّغَهَا الرَّسُولُ ذَلِكَ كَتَبَتْ إِلَيَّ هَذَا الشِّعْرَ إِنِّي تَوَهَّمْتُ أَمْرًا لَا أُحَقِّقُهُ ... وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ الظَّنِّ تَغْرِيرَا فَإِنْ يَكُنْ مَا ظَنَنْتُ الْيَوْمَ يَا سَكَنِي ... حَقًّا فَقَدْ طَالَ تَعْذِيبِي وَتَفْكِيرِي فَلَمَّا قَرَأْتُهُ كَتَبْتُ إِلَيْهَا يَا مَنْ تَوَهَّمَ أَنِّي مِثْلَ مَا عَهِدَتْ ... لَا تُكْذَبِي لَسْتُ عِنْدَ الظَّنِّ وَالأَمَلِ إِنِّي أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ يَلْحَقُنِي ... وَأَنْ يُقَرِّبَنِي حَتْفِي مِنَ الأَجَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 فَكَذِّبِي الظَّنَّ فِينَا وَاسْلُكِي سُبُلا ... نَقِفْكِ بَعْدَ الْهَوَى مِنَّا عَلَى الْعَمَلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بِإِسْنَاد لم يحفظه عبد الله أَنَّ فَتًى كَانَ لَهُ جَمَالٌ وَهَيْئَةٌ كَانَ يُكْثِرُ الاجْتِيَازَ بِبَابِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنَاتِ عَمِّهِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَعَلَّقَهَا فَخَطَبَهَا مِنْ أَبِيهَا فَرَغِبَ بِهَا عَنْهُ وَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْفَتَى قَدْ بَلَغَنِي مَا كَانَ مِنْكَ وَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِحُبِّكَ إِيَّايَ فَإِنْ كُنْتُ تُحِبُّ أَنْ أَصِيرَ إِلَيْكَ فَعَلْتُ وَإِنْ أَرَدْتَ سَهَّلْتُ لَكَ الإِذْنَ حَتَّى تَصِلَ إِلَيَّ قَالَ كَلا لَا أُرِيدُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُوقِعَنِي حُبُّكِ فِي نَارٍ لَا تطفأ وَعَذَاب لَا يَنْقَطِع فَلم بَلَغَتْهَا رَسَالَتُهُ قَالَتْ أَلا أَرَاكَ رَاهِبًا وَأَنَا لَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهَذَا مِنْ أَحَدٍ وَإِنَّ الْخَلْقَ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ لَمُشْتَرِكُونَ ثُمَّ تَعَبَّدَتْ وَلَبِسَتْ مُدَرَّعَةً مِنْ شَعْرٍ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى أَبِيهَا وَكَبُرَ فِي نَفْسِ أَهْلِهَا وَلَمْ تَزَلْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنَ الْعِبَادَةِ حَتَّى مَاتَتْ فَكَانَ الْفَتَى يَغْشَى قَبْرَهَا فِي كُلِّ جُمْعَةٍ فَيَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ لَهَا قَالَ فَرَأَيْتُهَا لَيْلَةً فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ فُلانَةُ قَالَتْ نَعَمْ نِعْمَ الْمَحَبَّةُ يَا سُؤْلِي مَحَبَّتُكُمْ ... حُبٌّ يَجُرُّ إِلَى خَيْرٍ وَإِحْسَانِ فَقُلْتُ لَهَا يَا حَبِيبَتِي إِلَى مَا صِرْتِ فَقَالَتْ إِلَى نَعِيمٍ وَمُلْكٍ لَا نَفَادَ لَهُ ... فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ خُلْدٍ لَيْسَ بِالْفَانِي فَقُلْتُ لَهَا أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ أَتَذْكُرِينِي هُنَاكَ فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي لأَتَمَنَّاكَ عَلَى مَوْلايَ وَمَوْلاكَ فَأَعِنِّي بِصَالِحٍ مِنْ عَمَلِكَ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَنَا فِي دَارِهِ دَارَ الْمُقَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 ثُمَّ ثَنَتْ وَجْهَهَا لِتَنْصَرِفَ فَقُلْتُ لَهَا يَا حَبِيبَتِي مَتَى أَرَاكِ قَالَتْ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَعَاشَ الْفَتَى أَيَّامًا قَلِيلَةً ثُمَّ مَاتَ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ قَالَ عَنِ ابْنِ أَبِي كَامِلٍ عَنْ إِسْحَاقَ ابْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيُّ قَالَ كَانَ بِالْكُوفَةِ فَتًى جَمِيلُ الْوَجْهِ شَدِيدُ التَّعَبُّدِ وَالاجْتِهَادِ وَكَانَ أَحَدَ الزُّهَادِ فَنَزَلَ فِي جِوَارِ قَوْمٍ مِنَ النَّخْعِ فَنَظَرَ إِلَى جَارِيَةٍ مِنْهُنَّ جَمِيلَةٍ فَهَوِيَهَا وَهَامَ بِهَا عَقْلُهُ وَنَزَلَ بِهَا مِثْلُ الَّذِي نَزَلَ بِهِ فَأَرْسَلَ يَخْطُبُهَا مِنْ أَبِيهَا فَأَخْبَرَهُ أَبُوهَا أَنَّهَا مُسَمَّاةٌ لابْنِ عَمٍّ لَهَا فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمَا مَا يُقَاسِيَانِ مِنْ أَلَمِ الْهَوَى أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ قَدْ بَلَغَنِي شِدَّةُ مَحَبَّتِكَ لِي وَقَدِ اشْتَدَّ بَلائِي بِكَ فَإِنْ شِئْتَ زُرْتُكَ وَإِنْ شِئْتَ سَهَّلْتُ لَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي فَقَالَ لِلرَّسُولِ وَلا وَاحِدَةَ مِنْ هَاتَيْنِ الْخُلَّتَيْنِ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَاب يَوْم عَظِيم أَخَافُ نَارًا لَا يَخْبُو سَعِيرُهَا وَلا يُخْمَدُ لَهَبُهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ الرَّسُولُ إِلَيْهَا فَأَبْلَغَهَا مَا قَالَ قَالَتْ وَأُرَاهُ مَعَ هَذَا زَاهِدًا يَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ أَحَدٍ وَإِنَّ الْعِبَادَ فِيهِ لَمُشْتَرِكُونَ ثُمَّ انْخَلَعَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَأَلْقَتْ عَلائِقَهَا خَلْفَ ظَهْرِهَا وَلَبِسَتِ الْمُسُوحَ وَجَعَلَتْ تَعَبَّدُ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَذُوبُ وَتَنْحُلُ حُبًّا لِلْفَتَى وَأَسَفًا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ شَوْقًا إِلَيْهِ فَدُفِنَتْ فَكَانَ الْفَتَى يَأْتِي قَبْرَهَا وَيَبْكِي عِنْدَهَا وَيَدْعُو لَهَا فَغَلَبْتُهُ عَيْنُهُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى قَبْرِهَا فَرَآهَا فِي مَنَامِهِ وَكَأَنَّهَا فِي أَحْسَنِ مَنْظَرِهَا فَقَالَ كَيْفَ أَنْتِ وَمَا لَقِيتِ بَعْدِي فَقَالَتْ نِعْمَ الْمَحَبَّةُ يَا سُؤْلِي مَحَبَّتُكُمْ ... حُبٌّ يَقُودُ إِلَى خَيْرٍ وَإِحْسَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 فَقَالَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى مَا صِرْتِ فَقَالَتْ إِلَى نِعِيمٍ وَعَيْشٍ لَا زَوَالَ لَهُ ... فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ مُلْكٌ لَيْسَ بِالْفَانِي فَقَالَ لَهَا اذْكُرِينِي هُنَاكَ فَإِنِّي لَسْتُ أَنْسَاكِ فَقَالَتْ وَلا أَنَا وَاللَّهِ أَنْسَاكَ وَلَقَدْ سَأَلْتُ قُرْبَكَ مَوْلايَ وَمَوْلاكَ فَأَعِنِّي عَلَى ذَلِكَ بِالاجْتِهَادِ ثُمَّ وَلَّتْ مُدْبِرَةً فَقَالَ لَهَا مَتَى أَرَاكِ قَالَتْ سَتَأْتِينَا عَنْ قَرْيبٍ فَتَرَانَا فَلَمْ يَعِشِ الْفَتَى بَعْدَ الرُّؤْيَا إِلا سَبْعَ لَيَالٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الْحِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوَيْهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الدُّقِّيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْكَرِيزِ مَعْمَرًا يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الْخَيْنِيَّ يَقُولُ مَكَرَتْ بِي امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا أَبَا زُرْعَةَ أَلا تَرْغَبُ فِي عِيَادَة مبتلي تتفط بِرُؤْيَتِهِ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَتِ ادْخُلْ إِلَى الدَّارِ فَلَمَّا دَخَلْتُ الدَّارَ أَغْلَقَتِ الْبَابَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَعَرَفْتُ قَصْدَهَا فَقُلْتُ اللَّهُمَّ سَوِّدْهَا فَاسْوَدَّتْ فَحَارَتْ وَفَتَحَتِ الْبَابَ فَخَرَجْتُ وَقُلْتُ اللَّهُمَّ رُدَّهَا إِلَى حَالَتِهَا فَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَاتِحِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ زُفْرٍ التَّيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ يَحْيَى بْنُ عَامِرٍ التَّيْمِيُّ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْحَيِّ خَرَجَ حَاجًّا فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ نَاشِرَةً شَعْرَهَا فِي بَعْضِ الْمِيَاهِ قَالَ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا فَقَالَتْ هَلُمَّ إِلَيَّ لِمَ تُعْرِضُ عَنِّي قَالَ قُلْتُ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَتَجَلَّبَبَتْ ثُمَّ قَالَتْ هِبْتَ مُهَابًا إِنَّ أَوْلَى مَنْ شركك فِي الهيبة عَن أَرَادَ أَنْ يُشْرِكَكَ فِي الْمَعْصِيَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 قَالَ ثُمَّ وَلَّتْ فَتَبِعْتُهَا فَدَخَلَتْ بَعْضَ خِيَامِ الأَعْرَابِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَجُلا مِنَ الْقَوْمِ فَوَصَفْتُهَا فَقُلْتُ فَتَاةُ كَذَا وَكَذَا مِنْ حُسْنِهَا مِنْ مَنْطِقِهَا فَقَالَ شَيْخٌ مِنْهُم ابْنَتي وَالله قُلْتُ هَلْ أَنْتَ مُزَوِّجِي قَالَ عَلَى الأَكْفَاءِ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ تيم الله قَالَ كفؤ كَرِيمٌ فَمَا رُمْتُ حَتَّى تَزَوَّجْتُهَا وَدَخَلْتُ بِهَا ثُمَّ قُلْتُ جَهِّزُوهَا إِلَيَّ قُدُومِي مِنَ الْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمْتُ حَمَلْتُهَا إِلَى الْكُوفَةِ فَهَا هِيَ عِنْدِي لي مِنْهَا بَنِينَ وَبَنَاتٌ قَالَ قُلْتُ لَهَا وَيْحَكِ مَا كَانَ تَعَرُّضُكِ لِي حِينَئِذٍ قَالَتْ يَا هَذَا لَا تُكْذَبَنَّ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ خَيْرٌ مِنَ الأَكْفَاءِ فَلا تَعْجَبَنَّ بِامْرَأَةٍ تَقُولُ هَوِيتُ فَوَاللَّهِ لَوْ عَجَّلَ لَهَا بَعْضُ السُّودَانِ مَا تُرِيدُهُ مِنْ هَوَاهَا لَكَانَ هُوَ الْهَوَى عِنْدَهَا دُونَ هَوَاهَا أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّلْمَاسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ بِمَكَّةَ وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ فَنَظَرَتْ يَوْمًا إِلَى وَجْهِهَا فِي الْمَرْأَةِ فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا أَتَرَى أَحَدًا يَرَى هَذَا الْوَجْهَ لَا يُفْتَنُ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ مَنْ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَتْ فَائْذَنْ لِي فِيهِ فَلأَفْتِنَّنَهُ قَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكِ قَالَ فَأَتَتْهُ كَالْمُسْتَفْتِيَةِ فَخَلا مَعَهَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ فَأَسْفَرَتْ عَنْ مِثْلِ فَلْقَةِ الْقَمَرِ فَقَالَ لَهَا يَا أَمَةَ اللَّهِ قَالَتْ إِنِّي قَدْ فُتِنْتُ بِكَ فَانْظُرْ فِي أَمْرِي قَالَ إِنِّي سَائِلُكِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ أَنْتِ صَدَقْتِينِي نَظَرْتُ فِي أَمْرِكِ قَالَتْ لَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِلا صَدَقْتُكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 قَالَ أَخْبِرِينِي لَوْ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاكِ لِيَقْبِضَ رُوحَكِ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ لَا قَالَ صَدَقْتِ قَالَ فَلَوْ أُدْخِلْتِ فِي قَبْرِكِ وَأُجْلِسْتِ لِلْمُسَاءَلَةِ أَكَانَ يَسُرُكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ لَا قَالَ صَدَقْتِ قَالَ فَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا كُتُبَهُمْ وَلا تَدْرِينَ تَأْخُذِينَ كِتَابَكِ بِيَمِينِكِ أَمْ بِشِمَالِكِ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ لَا قَالَ صَدَقْتِ قَالَ فَلَوْ جِيءَ بِالْمَوَازِينِ وَجِيءَ بِكِ لَا تَدْرِينَ تَخِفِّينَ أَمْ تَثْقُلِينَ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ لَا قَالَ صَدَقْتِ قَالَ فَلَوْ وَقَفْتِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْمُسَاءَلَةِ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ لَا قَالَ صَدَقْتِ قَالَ اتَّقِي اللَّهَ يَا أَمَةَ اللَّهِ فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَأَحْسَنَ إِلَيْكِ قَالَ فَرَجَعَتْ إِلَى زَوْجِهَا فَقَالَ مَا صَنَعْتِ قَالَتْ أَنْتَ بَطَّالٌ وَنَحْنُ بَطَّالُونَ فَأَقْبَلَتْ عَلَى الصَّلاةِ وَالصَّوْمِ وَالْعِبَادَةِ قَالَ فَكَانَ زَوْجُهَا يَقُولُ مَالِي وَلِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَفْسَدَ عَلَيَّ امْرَأَتِي كَانَتْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عَرُوسًا فَصَيَّرَهَا رَاهِبَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ فِيمَا أَجَازَ لَنَا قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْحسن أَحْمد ابْن مُوسَى الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن هَارُون المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ عَلِقَتْ فَتَاةٌ مِنَ الْعَرَبِ فَتًى مِنْ قَوْمِهَا وَكَانَ الْفَتَى عَاقِلا فَجَعَلَتْ تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ إِلَيْهِ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا مَرِضَتْ وَتَغَيَّرَتْ وَاحْتَالَتْ فِي أَنْ خَلا لَهَا وَجْهُهُ فتعرضت لَهُ بِبَعْض الْأَمر فصرفها وَدفعهَا عَنهُ فتزايد الْمَرَض حَتَّى سَقَطت على الْفراش فَقَالَت لَهُ أمه إِن فُلَانَة قد مَرضت وَلها علينا حق قَالَ فَعُودِيهَا وَقُولِي لَهَا يَقُولُ لَكِ مَا خَبَرُكِ فَصَارَتْ إِلَيْهَا أُمُّهُ فَقَالَتْ لَهَا مَا بِكِ قَالَتْ وَجَعٌ فِي قؤادي هُوَ أَصْلُ عِلَّتِي قَالَتْ فَإِنَّ ابْنِي يَقُولُ لَكِ مَا عِلَّتُكِ فَتَنَفَّسَتِ الصُّعْدَاءَ وَقَالَتْ يُسَائِلُنِي عَنْ عِلَّتِي وَهْوَ عِلَّتِي ... عَجِيبٌ مِنَ الأَنْبَاءِ جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ فَانْصَرَفَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ فَأَخْبَرَتْهُ وَقَالَتْ لَهُ قد كنت أحب أَنْ تَسْأَلَهَا الْمَصِيرَ إِلَيْنَا لِنَقْضِيَ حَقَّهَا وَنَلِيَ خِدْمَتَهَا قَالَ فَسَلِيهَا ذَلِكَ قَالَتْ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ عَنْ رَأْيِكَ فَمَضَتْ إِلَيْهَا فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ عَنْهُ فَبَكَتْ وَقَالَتْ يُبَاعِدُنِي عَنْ قُرْبِهِ وَلِقَائِهِ ... فَلَمَّا أَذَابَ الْجِسْمَ مِنِّي تَعَطَّفَا فَلَسْتُ بِآتِي مَوْضِعًا فِيهِ قَاتِلِي ... كَفَى بِي سَقَامًا أَنْ أَمُوتَ كَذَا كَفَى وَتَرَامَتِ الْعِلَّةُ بِهَا وَتَزَايَدَ الْمَرَضُ حَتَّى مَاتَتْ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنبأَنَا إِسْمَاعِيل ابْن سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْعُتْبِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ وَلِيَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 بِدِيَارِ مِصْرَ رَجُلٌ فَوَجَدَ عَلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ فَحَبَسَهُ وَقَيَّدَهُ فَأَشْرَفَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ الْوَالِي فَهَوِيَتْهُ فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ وَكَانَ قَدْ نَظَرَ إِلَيْهَا أُيُّهَا الرَّامِي بِعَيْنَيْهِ ... وَفِي الطَّرْفِ الْحُتُوفُ إِنْ تُرِدْ وَصْلا فَقَدْ ... أَمْكَنَكَ الظَّبْيُ الأَلُوفُ فَأَجَابَهَا الْفَتَى إِنْ تَرَيْنِي زَانِيَ ... الْعَيْنَيْنِ فَالْفَرْجُ عَفِيفُ لَيْسَ إِلا النَّظَرُ ... الْفَاتِرُ وَالشِّعْرُ الظَّرِيفُ فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ قَدْ أَرَدْنَاكَ عَلَى ... عِشْقِكَ إِنْسَانًا عَفِيفَا فَتَأَبَّيْتَ فَلا زِلْتَ ... لِقَيْدَيْكَ حَلِيفَا فَأَجَابَهَا مَا تَأَبَّيْتُ لأَنِّي ... كُنْتُ لِلظَّبْيِ عَيُوفَا غَيْرَ أَنِّي خِفْتُ رَبًّا ... كَانَ بِي بَرًّا لَطِيفَا فَذَاعَ الشِّعْرُ وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْوَالِي فَدَعَا بن فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا وَدَفَعَهَا إِلَيْهِ وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلا تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ فَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فَحَمَلَهَا إِلَيْهِ فَرَاوَدَتِ الْعَبْدَ نَفْسُهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْمَرْأَةِ فَجَاهَدَ نَفْسَهُ وَاسْتَعْصَمَ بِاللَّهِ تَعَالَى فَجَعَلَهُ اللَّهُ نَبِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الله بن عَليّ المقرىء قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي عِمَامَةَ أَنَّ رَجُلا أَحَبَّ امْرَأَةً فَأَحَبَّتْهُ فَاجْتَمَعَا فَرَاوَدَتْهُ الْمَرْأَةُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ إِنَّ أَجَلِي لَيْسَ بِيَدِي وَأَجَلَكِ لَيْسَ بِيَدِكِ فَرُبَّمَا كَانَ الأَجَلُ قَدْ دَنَا فنلقى الله عاصين فَقَالَتْ صَدَقْتَ فَتَابَا وَحَسُنَتْ حَالَتُهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيَّ يَقُولُ كَانَ لِي جَارٌ شَابٌّ وَكَانَ أَدِيبًا وَكَانَ يَهْوَى غُلامًا أَدِيبًا فَنَظَرَ يَوْمًا إِلَى طَاقَاتِ شَعْرٍ بِيضٍ فِي عَارِضَيْهِ فَوَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحَقِّ فَهَجَرَ الْغُلامَ وَقَلاهُ فَلَمَّا نَظَرَ الْغُلامُ إِلَى هَجْرِهِ كَتَبَ إِلَيْهِ مَا لِي جُفِيتُ وَكُنْتُ لَا أُجْفَى ... وَدَلائِلُ الْهُجْرَانِ لَا تَخْفَى وَأَرَاكَ تَشْرَبُنِي وَتَمْزِجُنِي ... وَلَقَدْ عَهِدْتُكَ شَارِبِي صَرْفَا قَالَ فَقَلَبَ الرُّقْعَةَ وَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِهَا التَّصَابِي مَعَ الشَّمَطْ ... سُمْتَنِي خُطَّةَ شَطَطْ لَا تَلُمْنِي عَلَى جَفَايَ ... فَحَسْبِي بِمَا فَرَطْ أَنَا رَهْنٌ بِمَا جَنَيْتُ ... فَذَرْنِي مِنَ الْغَلَطْ قَدْ رَأَيْنَا أَبَا الْخَلائِقِ ... فِي زِلَّةٍ هَبَطْ سِيَاقُ أَخْبَارِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي امْتَنَعْنَ من عَن الْفَاحِشَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَشِيطٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ أَنَّ قَصَّابًا وَلَعَ بِجَارِيَةٍ لِبَعْضِ جِيرَانِهِ فَأَرْسَلَهَا أَهْلُهَا إِلَى حَاجَةٍ لَهُمْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَتَبِعَهَا فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتْ لَا تَفْعَلْ لأَنَا أَشَدُّ حُبًا لَكَ مِنْكَ لِي وَلَكِنِّي أَخَافُ اللَّهَ قَالَ فَأَنْتِ تَخَافِينَهُ وَأَنَا لَا أَخَافُهُ فَرَجَعَ تَائِبًا فَأَصَابَهُ الْعَطَشُ حَتَّى كَادَ يَنْقَطِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 عُنُقُهُ فَإِذَا هُوَ بِرَسُولٍ لِبَعْضِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَالَكَ قَالَ الْعَطَشُ قَالَ تَعَالَ حَتَّى نَدْعُوَ حَتَّى تُظِلَّنَا سَحَابَةٌ حَتَّى نَدْخُلَ الْقَرْيَةَ قَالَ مَالِي مِنْ عَمَلٍ فَأَدْعُوَ قَالَ فَأَنَا أَدْعُو وَأَمِّنْ أَنْتَ قَالَ فَدَعَا الرَّسُول وَأمن هُوَ فأظلتهما سَحَابَة حَتَّى انتهيا إِلَى الْقرْيَة فَأخذ القصاب إِلَى مَكَانَهُ ومالت السحابة عَلَيْهِ فَرجع الرَّسُول فَقَالَ لَهُ زعمت أَنْ لَيْسَ لَكَ عَمَلٌ وَأَنَا الَّذِي دَعَوْتُ وَأَنْتَ الَّذِي أَمَّنْتَ فَأَظَلَّتْنَا سَحَابَةٌ ثُمَّ تَبِعْتُكَ لِتُخْبِرَنِي مَا أَمْرُكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ الرَّسُولُ التَّائِبُ إِلَى اللَّهِ بِمَكَانٍ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِمَكَانِهِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الإِبَرِيِّ قَالَ أَنبأَنَا جَعْفَر بن أَحْمد القارىء قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّوَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْن فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ قَالَ غَيْلانُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ قَالَ كَانَ رَجُلانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَابِدَانِ وَكَانَتْ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سَوْسَنُ عَابِدَةٌ وَكَانُوا يَأْتُونَ بُسْتَانًا فَيَتَقَرَّبُونَ فِيهِ بِقُرْبَانٍ لَهُمْ فَهَوِيَ الْعَابِدَانِ سَوْسَنَ فَكَتَمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَاخْتَبَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَلْفَ شَجْرَةٍ يَنْظُرَانِ إِلَيْهَا فَبَصُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا يقيمك هَا هُنَا فَأَفْشَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ حُبَّ سَوْسَنَ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُرَاوِدَاهَا فَلَمَّا جَاءَتْ لِتُقَرِّبَ قَالا لَهَا قَدْ عَرَفْتِ طَوَاعِيَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَنَا وَإِنْ لَمْ تُوَاتِينَا قُلْنَا إِذَا أَصْبَحْنَا إِنَّا أَصَبْنَا مَعَكِ رَجُلا وَإِنَّ الرَّجُلَ أَفْلَتَنَا وَإِنَّا أَخْذْنَاكِ فَقَالَتْ لَهُمَا مَا كُنْتُ لأُطِيعَكُمَا فَأَخَذَاهَا فَأَخْرَجَاهَا وَقَالا أَخَذْنَا سَوْسَنَ مَعَ رَجُلٍ وَإِنَّ الرَّجُلَ سَبَقَنَا وَذَهَبَ فَأَقَامُوا سَوْسَنَ عَلَى الْمَصْطَبَةِ وَكَانُوا يُقِيمُونَ الْمُذْنِبَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَتَنْزِلُ عُقُوبَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْخُذُهُ فَأَقَامُوا سَوْسَنَ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ جَاءَ دَانِيَالُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فَوَضَعُوا لَهُ كُرْسِيًّا فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ قدموها إِلَى فجاءا كالمستهزئين فَقَالَ لأَحَدِهِمَا خَلْفَ أَيِّ شَجَرَةٍ رَأَيْتَهَا فَقَالَ وَرَاءَ تُفَّاحَةٍ وَقَالَ لِلآخَرِ خَلْفَ أَيِّ شَجَرَةٍ رَأَيْتَهَا فَاخْتَلَفَا فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُمَا فَأَفْلَتَتْ سَوْسَنُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَفِي خَبَرٍ أَنَّهَا وَقَفَتْ لِتُرْجَمَ فَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى دَانِيَالَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ قَالَ وهب ابْن مُنَبِّهٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ مِنَ الْعُبَّادِ شَدِيدُ الاجْتِهَادِ فَرَأَى يَوْمًا امْرَأَةً فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ بِأَوَّلِ نَظْرَةٍ فَقَامَ مُسْرِعًا حَتَّى لَحِقَهَا فَقَالَ رُوَيْدَكِ يَا هَذِهِ فَوَقَفَتْ وَعَرَفَتْهُ فَقَالَتْ مَا حَاجَتُكَ قَالَ أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ قَالَتْ نَعَمْ فَمَا تُرِيدُ قَالَ لَوْ كَانَ غَيْرَ هَذَا كَانَ لَنَا نَظَرٌ فِي ذَلِكَ قَالَتْ وَمَا نَظَرُكَ قَالَ عَرَضَ بِقَلْبِي مِنْ نَظَرِكِ عَارِضٌ قَالَتْ وَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ إِنْفَاذِهِ قَالَ وَتُتَابِعِينِي عَلَى ذَلِكَ قَالَتْ نَعَمْ فَخَلَتْ بِهِ فِي مَوْضِعٍ فَلَمَّا أَنْ رَأَتْهُ مُجِدًّا فِي الَّذِي يَنَالُ قَالَتْ رُوَيْدَكَ يَا مِسْكِينُ لَا تُسْقِطْ جَاهَكَ عِنْدَهُ قَالَ فَانْتَبَهَ لَهَا وَسَكَنَ عَنْ قَلْبِهِ مَا كَانَ يجد من فتنتها فَقَالَ لَا حَرَمَكِ اللَّهُ ثَوَابَ فِعْلِكِ ثُمَّ تَنَحَّى نَاحِيَةً فَقَالَ لِنَفْسِهِ اخْتَارِي إِمَّا عَمَى الْعَيْنَيْنِ وَإِمَّا قَطْعَ الإِحْلِيلِ وَإِمَّا السَّيَاحَةَ فِي مَسَالِكِ الْوُحُوشِ وَالسِّبَاعِ فَاخْتَارَتِ السَّيَاحَةَ قَالَ فَلَبِسَ أَثْوَابَ السَّيَاحَةِ وَخَرَجَ سَائِحًا فِي الْبَرَارِي وَالْقِفَارِ حَتَّى مَاتَ يَبْكِي عَلَى تِلْكَ النَّظْرَةِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ السَّوَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زِيَادٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمَةَ يَذْكُرُ قَالَ هَوِيتُ امْرَأَةً مِنَ الْحَيِّ فَكُنْتُ أَتْبَعُهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ فَعَرَفَتْ ذَلِكَ مِنِّي فَقَالَتْ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ أَلَكَ حَاجَةً قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ وَمَا هِيَ قُلْتُ مَوَدَّتُكِ قَالَتْ دَعْ ذَلِكَ لِيَوْمِ التَّغَابُنِ قَالَ فَأَبْكَتْنِي وَاللَّهِ فَمَا عُدْتُ إِلَى ذَلِكَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الْبَتِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بن مُحَمَّد عَن عبد السلام ابْن عُبَيْدٍ عَنْ أَعْرَابِيٍّ قَالَ خَرَجْتُ فِي بَعْضِ لِيَالِي الظُّلْمَةِ فَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا عَلَمٌ فَأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ وَيْلَكَ أَمَا لَكَ زَاجِرٌ مِنْ عَقْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ نَاهٍ مِنْ دِينٍ فَقُلْتُ لَهَا إِيهًا وَاللَّهِ مَا يَرَانَا إِلا الْكَوَاكِبُ قَالَتْ فَأَيْنَ مُكَوْكِبُهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ التَّيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِيهِا قَالَ أَحْبَبْتُ جَارِيَةً مِنَ الْعَرَبِ وَكَانَتْ ذَاتَ عَقْلٍ وَأَدَبٍ فَمَا زِلْتُ أَحْتَالُ فِي أَمْرِهَا حَتَّى اجْتَمَعْتُ مَعَهَا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ شَدِيدَةِ السَّوَادِ فِي مَوْضِعٍ خَالٍ فَحَادَثْتُهَا سَاعَةً ثُمَّ دَعَتْنِي نَفْسِي إِلَيْهَا فَقُلْتُ يَا هَذِهِ قَدْ طَالَ شَوْقِي إِلَيْكِ قَالَتْ وَأَنَا كَذَلِكَ قُلْتُ وَقَدْ عَسُرَ اللِّقَاءُ قَالَتْ نَحْنُ كَذَلِكَ قُلْتُ هَذَا اللَّيْلُ قَدْ ذَهَبَ وَالصُّبْحُ قَدْ قَرُبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 قَالَتْ هَكَذَا تُفْنَى الشَّهَوَاتُ وَتَنْقَطِعُ اللَّذَّاتُ قُلْتُ لَهَا لَوْ أَدْنَيْتِنِي مِنْكِ قَالَتْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ إِنِّي أَخَافُ الْعُقُوبَةَ مِنَ اللَّهِ قُلْتُ لَهَا فَمَا الَّذِي دَعَاكِ إِلَى الْحُضُورِ مَعِي فِي هَذَا الْمَكَانِ قَالَتْ شِقْوَتِي وَبَلائِي قُلْتُ فَمَتَى أَرَاكِ قَالَتْ مَا أُرَانِي أَنْسَاكَ فَأَمَا الاجْتِمَاعُ مَعَكَ فَلا أُرَاهُ يَكُونُ ثُمَّ تَوَلَّتْ مِنْ بَيْنَ يَدَيَّ فَاسْتَحْيَيْتُ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهَا فَرَجَعْتُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ قَلْبِي مَا كُنْتُ أَجِدُ مِنْ حُبِّهَا ثُمَّ أَنْشَأْتُ أَقُولُ تَوَقَّتْ عَذَابًا لَا يُطَاقُ انْتِقَامُهُ ... وَلَمْ تَأْتِ مَا تَخْشَى بِهِ أَنْ تُعَذَّبَا وَقَالَتْ مَقَالا كِدْتُ مِنْ شِدَّةِ الْحَيَا ... أَهِيمُ عَلَى وَجْهِي حَيًّا وَتَعَجُّبَا أَلا أُفِّ لِلْحُبِّ الَّذِي يُورِثُ الْعَمَى ... وَيُورِدُ نَارًا لَا تَمَلُّ التَّوَثُّبَا فَأَقْبَلَ عَوْدِي فَوْقَ بَدْئِي مُفَكِّرًا ... وَقَدْ زَالَ عَنْ قَلْبِي الْعَمَى فَتَسَرَّبَا قَالَ فَلَمْ أَرَ امْرَأَةً كَانَتْ أَصْوَنَ مِنْهَا لِدِينِهَا وَلا أَعْقَلَ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ كَانَ بِالْبَصْرَةِ رَجُلٌ لَهُ أَكَّارٌ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ حَسْنَاءُ كَثِيرَةُ اللَّحْمِ فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَرَكَبَ زُبَيْدِيَّتَهُ إِلَى قَصْرِهِ وَقَالَ لِلأَكَّارِ أَلْقِطْ لَنَا مِنَ الرُّطَبِ وَصَيِّرْهُ فِي الدَّوَاخِلِ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيتِ بِهِ فُلانًا وَفُلانًا فَذَهَبَ بِهِ فَلَمَّا مَضَى قَالَ لامْرَأَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أَغْلِقِي بَابَ الْقَصْرِ فَأَغْلَقَتْهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَغْلِقِي كُلَّ بَابٍ فَفَعَلَتْ فَقَالَ لَهَا هَلْ بَقِيَ بَابٌ لَمْ تُغْلِقِيهِ قَالَتْ نَعَمْ بَابٌ وَاحِدٌ لَمْ أَغْلِقْهُ قَالَ وَأَيُّ بَابٍ هُوَ قَالَتْ الْبَابُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَبَكَا ثُمَّ قَامَ عَرِقًا وَانْصَرَفَ وَلَمْ يُوَاقِعِ الْخَطِيئَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ وَأَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ رَجُلا أَرَادَ امْرَأَةً عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتْ أَنْتَ قَدْ سَمِعْتَ الْحَدِيثَ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَأَنت أعلم فَقَالَ لَهَا أغلقي أَبْوَاب الْقصر فأغلقتها فَدَنَا مِنْهَا فَقَالَت بَقِي بَاب لم أغلقه قَالَ أَيُّ بَابٍ قَالَتْ الْبَابُ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهَا أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَبْرِيَّةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَثَّامٍ قَالَ كَانَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُكَنَّى أَبَا الشَّعْثَاءِ يُمَازِحُ دَنَانِيرَ جَارِيَةَ ابْنِ كُنَاسَةَ وَيُظْهِرُ لَهَا أَنَّهُ يَعْشَقُهَا فَقَالَتْ فِيهِ لأَبِي الشَّعْثَاءِ حُبٌّ دَائِمٌ ... لَيْسَ فِيهِ تُهْمَةٌ لِلْمُتَّهِمْ يَا فُؤَادِي فَازْدَجِرْ عَنْهُ وَيَا ... عَبَثَ الْحُبِّ بِهِ فَاقْعُدْ وَقُمْ جَاءَنِي مِنْهُ كَلامٌ صَائِدٌ ... وَرِسَالاتُ الْمُحِبِّينَ الْكَلِمْ صَائِدٌ تَأْمُنُهُ غِزْلانُهُ ... مِثْلَ مَا تَأْمَنُ غِزْلانُ الْحَرَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 صَلِّ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُعْطَى الْمُنَى ... يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ لِلَّهِ وَصُمْ ثُمَّ مِيعَادُكَ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي ... جَنَّةِ الْخُلْدِ إِنَّ اللَّهَ رَحِمْ حَيْثُ أَلْقَاكَ غُلامًا نَاشِئًا ... نَاعِمًا قَدْ كَمُلَتْ فِيكَ النِّعَمْ قَالَ الزبير لَكِن عَاصِمًا الْمُبَرْسَمَ وَكَانَ مِنْ وَلَدِ نَافِعٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى جَعْفَرَةَ جَارِيَةَ الرَّوَّاسِ وَيَتَعَشَّقُهَا وَيُظْهِرُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ خَلَتْ لَهُ فَسَاوَمَهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا عَاصِمُ إِنَّمَا ظَنَنْتُ حُبَّكَ حُبًّا إِلَى النَّظَرِ وَالْمِزَاحِ فَأَمَّا الْحَرَامُ فَلا سَبِيلَ إِلَيْهِ مَعَاذَ إِلَهِي مِنْ ذَلِكَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مَحْبُوبُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْعَرَبِ رَأَى امْرَأَةً فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ فَكَاتَمَ بِذَلِكَ دَهْرًا ثُمَّ إِنَّ الأَمْرَ تَفَاقَمَ وَتَمَكَّنَتْ مِنْهُ الصَّبَابَةُ وَاسْتَحَقَّهُ الْغَرَامُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا يَسْأَلُهَا نَفْسَهَا وَيُخْبِرُهَا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّهَا فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ اتَّقِ اللَّهَ أَيُّهَا الرَّجُلُ وَارْعَ عَلَى نَفْسِكَ وَاسْتَحِي مِنْ هَذِهِ الْهِمَّةِ الَّتِي قَدْ تَعَلَّقْتَ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِذَوِي الْعُقُولِ فَلَمَّا وَافَاهُ كِتَابُهَا أَخَذَتْهُ وَسْوَسَةٌ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَجَعَلَ الأَمْرَ يَتَزَايَدُ حَتَّى زَالَ عَقْلُهُ وَكَانَ لَا يَعْقِلُ إِلا مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِهَا أَوْ ذِكْرِهَا وَكَانَ يُبَكِّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَقِفَ عَلَى بَابِ الدَّارِ الَّتِي تَنْزِلُهَا الْمَرْأَةُ فَيَقُولُ يَا دَارُ حُيِّيتِ إِنْ كَانَتْ تَحِيَّتُنَا ... تُغْنِي وَلَوْ كَانَ فِي التَّسْلِيمِ إِشْفَائِي لَا زِلْتُ أَبْكِيكِ مَا قَامَتْ بِنَا قَدَمٌ ... وَابْغِي الشِّفَا بِكِ مِنْ سَقَمِي وَمِنْ دَائِي ثُمَّ مَضَى شَبِيهًا بِالْهَائِمِ عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَنَا مَوْهُوبُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُسْرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ بْنِ بُحَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ عَشِقَ هَارُونُ جَارِيَةً فَأَرَادَهَا فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَسَّهَا فَأُشْغِفَ بِهَا هَارُونُ حَتَّى قَالَ أَرَى مَاءً وَبِي عَطَشٌ شَدِيدٌ ... وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُرُودِ أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلُكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِنَ الرِّضَا أَحْسَنْتِ زِيدِي قَالَ فَسَأَلَ أَبَا يُوسُفَ عَنْهَا فَقَالَ أَوَ كُلَّمَا قَالَتْ جَارِيَةٌ تُصَدِّقُ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَلا أَدْرِي مِمَّنْ أَعْجَبُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ رَغِبَ عَنْهَا أَوْ مِنْهَا حَيْثُ رَغِبَتْ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِنْ أَبِي يُوسُفَ حَيْثُ أَمَرَ بِالْهُجُومِ عَلَيْهَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ السَّوَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الأَدَبِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي بِلالُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَعْرَابِيًا خَلا بِجَارِيَةٍ مِنْ قَوْمِهِ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتْ وَيْحَكَ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ مَا تَدْعُونِي إِلَيْهِ حِلًّا لَقَدْ كَانَ قَبِيحًا قَالَ فَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَتْ وَالشَّاهِدُ اللَّهُ قَالَ فَلَمْ يُعَاوِدْ قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ النُّمَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ بِرَاهِبَةٍ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ فَافْتُتِنَ بِهَا فَتَلَطَّفَ فِي الصُّعُودِ إِلَيْهَا فَأَرَادَهَا عَلَى نَفسهَا فَأَبت عَلَيْهِ وَقَالَت لاتغتر بِمَا تَرَى فَلَيْسَ قَطُّ شَيْءٌ فَأَبَى حَتَّى غَلَبَهَا عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَ إِلَى جَانِبِهَا مَجْمَرَةُ لُبَانٍ فَوَضَعَتْ يَدَهَا فِيهَا حَتَّى احْتَرَقَتْ فَقَالَ لَهَا بَعْدَ أَنْ قَضَى حَاجَتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 مِنْهَا مَا دَعَاكِ إِلَى مَا صَنَعْتِ قَالَتْ إِنَّكَ لَمَّا قَهَرْتَنِي عَلَى نَفْسِي خِفْتُ أَنْ أُشْرِكَكَ فِي اللَّذَّةِ فَأُشَارِكَكَ فِي الْمَعْصِيَةِ فَفَعَلْتُ ذَاكَ لِذَلِكَ فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ لَا أَعْصِي اللَّهَ أَبَدًا وَتَابَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَبَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَعَبِّدَاتِ الْبَصَرِيَاتِ وَقَعَتْ فِي نَفْسِ رَجُلٍ مُهَلَّبِيٍّ وَكَانَتْ جَمِيلَةً وَكَانَتْ تُخْطَبُ فَتَأْبَى فَبَلَغَ الْمُهَلَّبِيُّ أَنَّهَا تُرِيدُ الْحَجَّ فَاشْتَرَى ثَلَاثمِائَة بِعَيرٍ وَنَادَى مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَكْتَرِ مِنْ فُلانٍ الْمُهَلَّبِيِّ فَاكْتَرَتْ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ جَاءَهَا لَيْلا فَقَالَ إِمَّا أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَكِ وَإِمَّا غَيْرَ ذَلِكَ فَقَالَتْ وَيْحَكَ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ مَا هُوَ إِلا مَا تَسْمَعِينَ وَاللَّهِ مَا أَنَا بِجَمَّالٍ وَلا خَرَجْتُ فِي هَذَا إِلا مِنْ أَجْلِكِ فَلَمَّا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا قَالَتْ وَيْحَكَ انْظُرْ أَبَقِيَ فِي الرِّجَالِ أَحَدٌ لَمْ يَنَمْ قَالَ لَا قَالَتْ عُدْ فَانْظُرْ فَمَضَى وَجَاءَ فَقَالَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ نَامَ فَقَالَتْ وَيْحَكَ أَنَامَ رَبُّ الْعَالَمِيِنَ ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً وَخَرَّتْ مَيِّتَةً وَخَرَّ الْمُهَلَّبِيُّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَيْحِي قَتَلْتُ نَفْسًا وَلَمْ أَبْلُغْ شَهْوَتِي فَخَرَجَ هَارِبًا وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ لَقِيَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ لَيْلَى بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ وَهِيَ تَسِيرُ عَلَى بَغْلَةٍ لَهَا صَادِرَةً عَنِ الْحَجِّ فَقَالَ قِفِي أَنْشُدُكِ بَعْضَ مَا قُلْتُ فِيكِ فَقَالَ أُجَنُّ إِذَا رَأَيْتُ جَمَالَ سُعْدَى ... وَأَبْكِي إِنْ رَأَيْتُ لَهَا قَرِينَا أَلا يَا سُعْدَ إِنَّ شِفَاءَ سَقَمِي ... نُوَالُكِ إِنْ بَذَلْتِ فَنَوِّلِينَا فَقَدْ آنَ الرَّحِيلُ وَحَانَ مِنَّا ... فُرَاقُكِ فَانْظُرِي مَا تَأْمُرِينَا فَقَالَتْ آمُرُكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَتَرْكُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وَرَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيّ أَنَّ بَعْضَ مُلُوكِ الأَعَاجِمِ خَرَجَ يَتَصَيَّدُ وَانْفَرَدَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَمَرَّ بِقَرْيَةٍ فَرَأَى امْرَأَةً جَمِيلَةً فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتْ إِنِّي غَيْرُ طَاهِرَةٍ فَأَتَطَّهَرُ وَآتِي فَدَخَلَتْ بَيْتًا لَهَا فَأَخْرَجَتْ مِنْهُ كِتَابًا فَقَالَتِ انْظُرْ فِي هَذَا حَتَّى آتِي فَنَظَرَ فِيهِ فَإِذَا فِيهِ ذِكْرُ الْعُقُوبَةِ عَلَى الزِّنَا فَلُهِيَ عَنِ الْمَرْأَةِ وَخَرَجَ فَرَكَبَ فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا أَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ فَكَرِهَ أَنْ يَقْرَبَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَلِكِ فِيهَا حَاجَةً فَاعْتَزَلَهَا فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا إِلَى الْمَلِكِ فَقَالُوا أَعَزَّ اللَّهُ الْمَلِكَ إِنَّ لَنَا أَرْضًا فِي يَدِ هَذَا الرَّجُلِ فَلا هُوَ يَعْمُرُهَا وَلا هُوَ يَرُدُّهَا عَلَيْنَا فَقَدْ عَطَّلَهَا فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا تَقُولُ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ أَثَرَ الأَسَدِ وَأَنَا أَتَخَوَّفُ الدُّخُولَ مِنْهُ فَفَهِمَ الْمَلِكُ الأَمْرَ فَقَالَ عَمِّرْ أَرْضَكَ فَإِنَّ الأَسَدَ لَا يَدْخُلُهَا وَنِعْمَ الأَرْضُ أَرْضك كتب اسبهد ودست الديلمي الشَّاعِر إِلَى امْرَأَة فِي صباه مَا تَقُولِينَ فِي فَتى يهواك ... ومناه فِي كل وَقت يراك قد تخلى بالهم فِيك وَمَا ... يفتر مِنْهُ اللِّسَان عَنْ ذِكْرَاكِ فَأَجَابَتْهُ لَسْتُ مِمَّنْ يَبْغِي الْوِصَالَ حَرَامًا ... إِنَّ فِعْلَ الْحَرَامِ كَالإِشْرَاكِ إِنْ طَلَبْتَ الْحَلالَ مِنَّا أَطَعْنَاكَ ... وَإِلا فَاعْدِلْ إِلَى الإِمْسَاكِ إِنَّ خَيْرَ الأَعْمَالِ مَا كَانَ عُقْبَاهُ ... نَجَاةً مِنَ الأَذَى وَالْهَلاكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلاثُونَ فِي الْحَثِّ عَلَى النِّكَاحِ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ أَنْبَأَنَا الدَّاوُدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الزَّاغُونِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ الشَّاشِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّد ابْن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَزْدِيُّ وَالْغَوْرَجِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ عَيْلانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَيْسَ لَنَا شَيْءٌ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضٌّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وَجَاءٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْبَاءَةُ كِنَايَةٌ عَنِ النِّكَاحِ وَأَصْلُ الْبَاءَةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْوِي إِلَيْهِ الإِنْسَانُ وَمِنْهُ اشْتُقَ مُبَاءَةُ الْغَنَمِ وَهُوَ الْمِرَاحُ الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَالْوَجَاءُ رَضُّ الأُنْثَيَيْنِ وَالْخَصَاءُ نَزْعُهُمَا وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّعَالُجِ لِقَطْعِ الْبَاءَة بالأدوية لقَوْله فليصم أخبرناابن الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَنْ يَتَبَتَّلَ فَنَهَاهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ أَجَازَ لَهُ ذَلِكَ لاخْتَصَيْنَا أَخَرْجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالَّذِي قَبْلَهُ وَالتَّبَتُّلُ الانْقِطَاعُ إِلَى الْعِبَادَةِ عَنِ النِّكَاحِ وَمِنْهُ طَلْقَةٌ بَتْلَةٌ وَقِيلَ لِمَرْيَمَ الْبَتُولُ لانْقِطَاعِهَا عَنِ الأَزْوَاجِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَكَّافُ بْنُ بِشْرٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَكَّافُ هَلْ لَكَ مِنْ زَوْجَةٍ قَالَ لَا قَالَ وَلا جَارِيَةٍ قَالَ لَا قَالَ وَأَنْتَ مُوسِرٌ قَالَ وَأَنَا مُوسِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 قَالَ أَنْتَ إِذَنْ مِنْ إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ لَوْ كُنْتَ مِنَ النَّصَارَى كُنْتَ مِنْ رُهْبَانِهِمْ إِنَّ سُنَّتَنَا النِّكَاحُ شِرَارُكُمْ عُزَّابُكُمْ وَأَرَاذِلُ مَوْتَاكُمْ عُزَّابُكُمْ أَبِالشَّيَاطِينِ تَمَرَّسُونَ مَا لِلشَّيَاطِينِ مِنْ سِلاحٍ أَبْلَغُ فِي الصَّالِحِينَ مِنَ النِّسَاءِ إِلا الْمُتَزَوِّجُونَ أُولَئِكَ الْمُطهرُونَ المبرؤون مِنَ الْخَنَا وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ إِنَّهُنَّ صُوَاحِبُ أَيُّوبَ وَدَاوُدَ وَيُوسُفَ وَكُرْسُفَ فَقَالَ لَهُ بِشْرُ بْنُ عَطِيَّةَ وَمَنْ كُرْسُفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ كَانَ يَعْبُدُ الله بساحل الْبَحْر ثَلَاثمِائَة عَامٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ إِنَّهُ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فِي سَبَبِ امْرَأَةٍ عَشِقَهَا وَتَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِبَعْضِ مَا كَانَ فِيهِ فَتَابَ عَلَيْهِ وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ تَزَوَّجْ وَإِلا فَأَنْتَ مِنَ الْمُذَبْذَبِينَ قَالَ زَوِّجْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَ كَرِيمَةَ بِنْتَ كُلْثُومٍ الْحِمْيَرِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْلَمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مولى التَّوْأَمَة عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا شَابٍّ تَزَوَّجَ فِي حَدَاثَةِ سِنِّهِ عَجَّ شَيْطَانُهُ يَا وَيْلَهُ عَصَمَ مِنِّي دِينَهُ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو إِسْحَق الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بن بخيث قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا جُبَارَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ لَهُ وَلَدٌ وَقَدْ بَلَغَ النِّكَاحَ وَعِنْدَهُ مَا يُزَوِّجُهُ فَلَمْ يُزَوِّجْهُ فَأَحْدَثَ فَالإِثْمُ بَيْنَهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمد ابْن جَعْفَرٍ الْخُتَّلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْمَرْأَةُ شَطْرُ دِينِ الرَّجُلِ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَيْسَ الْعُزُوبِيَّةُ مِنْ أَمْرِ الإِسْلامِ فِي شَيْءٍ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ قَدْ تَزَوَّجَ كَانَ قَدْ تَمَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَوْ تَرَكَ النَّاسُ النِّكَاحَ لَمْ يَغْزُوا وَلَمْ يَحُجُّوا وَلَمْ يَكُنْ كَذَا وَلَمْ يَكُنْ كَذَا فَقَدْ كَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ وَيُمْسِي وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ وَكَانَ يَخْتَارُ النِّكَاحَ وَيَحُثُّ عَلَيْهِ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّبَتُّلِ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ وَيَعْقُوبُ فِي حُزْنِهِ قَدْ تَزَوَّجَ وَوُلِدَ لَهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ قُلْتُ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَرَوْعَةُ صَاحِبِ عِيَالٍ فَمَا قَدَرْتُ أَنْ أُتِمَّ الْحَدِيثَ حَتَّى صَاحَ بِي وَقَالَ وَقَعْنَا فِي بُنِيَّاتِ الطَّرِيقِ انْظُرْ عَافَاكَ اللَّهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ لَبُكَاءُ الصَّبِيِّ بَيْنَ يَدَيِ أَبِيهِ مُتَسَخِّطًا يَطْلُبُ مِنْهُ خُبْزًا أَفْضَلُ مِنْ كَذَا وَكَذَا أَيْنَ يَلْحَقُ الْمُتَعَبِّدُ الْعَزَبُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْخَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا زِلْتُ أَسْمَعُ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا إِذْ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْعَرَبِ مُغَلِّقَةٍ عَلَيْهَا بَابَهَا وَهِيَ تَقُولُ تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ تَسْرِي كَوَاكِبُهْ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا ضَجِيعَ أُلاعِبُهْ أُلاعِبُهُ طَوْرًا وَطَوْرًا كَأَنَّمَا ... بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهْ يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ ... لَطِيفُ الْحَشَا لَا تَحْتَوِيهِ أَقَارِبُهْ فَوَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... لَنُفِّضَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّلا ... بِأَنْفُسِنَا لَا يَفْتُرُ الدَّهْرُ كَاتِبُهْ ثُمَّ تَنَفَّسَتِ الصَّعْدَاءَ وَقَالَتْ لَهَانَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَحْشَتِي وَغَيْبَةُ زَوْجِي عَنِّي وَعُمَرُ وَاقِفٌ يَسْتَمِعُ قَوْلَهَا فَقَالَ لَهَا يَرْحَمُكِ اللَّهُ يَرْحَمُكِ اللَّهُ ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهَا بِكُسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ وَكَتَبَ فِي أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ النِّكَاحَ النَّظَرُ إِلَى الْمَنْكُوحَةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلْيَنْظُرْ مِنْهَا مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَذَلِكَ أَحْرَى أَن يُؤْدم بَينهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ صَاحِبَةَ الدِّينِ مَعَ الْحُسْنِ فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ فَأَمَّا مَنِ ابْتُلِيَ بِالْهَوَى فَأَرَادَ التَّزْوِيجَ فَلْيَجْتَهِدْ فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا إِنْ صَحَّ لَهُ ذَلِكَ وَجَازَ وَإِلا فَلْيَخْتَرْ مَا يَظُنُّهُ مُسَلِّيًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَقَعُ بِقَلْبِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَعَلامَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا رَأَى الشَّخْصَ تَشَبَّثَ بِقَلْبِهِ وَجَمُدَ نَظَرُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكَدْ يُقْلِعُ عَنْهُ فَهَذِهِ عَلامَةُ الْمَحَبَّةِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَبِي عَامِرٍ السَّيْلَحِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَلامٍ الْخَثْعَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ كُلُّ تَزْوِيجٍ عَلَى غَيْرِ هَوًى حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذَمِّ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْمُؤَذِّنُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَسَّانٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَطَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ مِنَّا أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَهْرَيَارَ قَالَ أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ سَهْلٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ أبي ظَبْيَة الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُول الله مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى مَوَالِيهِ فَلَيْسَ مِنَّا أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ ثَعْلَبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن يزِيد عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ وَمن خبب على امرىء زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحْرِزٍ الأَدَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ أَفْسَدَ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ فَلَيْسَ مِنِّي أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَليّ التَّمِيمِي قَالَت أنبانا أَبُو بكر ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ خَبَّبَ خَادِمًا عَلَى أَهْلِهَا فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ مِنَّا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ التَّوَّزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مَيْسَرَةَ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُ بِالْمِسْحَاةِ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَبَلَغَ جَبَّارًا مِنْ جَبَابِرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَمَالُهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَجُوزًا فَقَالَ خَبِّبِيهَا عَلَيْهِ وَقُولِي لَهَا تَرْضِينَ أَنْ تَكُونِي عِنْدَ مِثْلِ هَذَا الَّذِي يَعْمَلُ بِالْمِسْحَاةِ وَلَوْ كُنْتِ عِنْدِي لَحَلَّيْتُكِ بِالذَّهَبِ وَكَسَوْتُكِ بِالْحَرِيرِ وَأَخْدَمْتُكِ الْخَدَمَ يَعْنِي فَقَالَتْ لَهَا وَكَانَتْ تُقَرِّبُ إِلَيْهِ فِطْرَهُ وَتَفْرِشُ لَهُ فِرَاشًا فَلَمْ تَفْعَلْ وَتَغَيَّرَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا هَنْتَاهُ مَا هَذَا الْخُلُقُ الَّذِي لَا أَعْرِفُهُ قَالَتْ هُوَ مَا تَرَى قَالَ فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا جَبَّارُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأُرْخِيَتِ السُّتُورُ عَمِيَ وَعَمِيَتْ فَأَهْوَى بِيَدِهِ لَيَلْمَسَهَا فَجَفَّتْ يَدُهُ وَأَهْوَتْ بِيَدِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 تَلْمَسُهُ فَجَفَّتْ يَدُهَا وَصُمَّا وَخُرِسَا وَنُزِعَتْ مِنْهُمَا الشَّهْوَةُ فَلَمَّا أَصْبَحَا رُفِعَتِ السُّتُورُ فَإِذَا هُمْ صُمٌّ عُمْيٌ خُرْسٌ فَرُفِعَ خَبَرُهُمَا إِلَى نَبِي بني إِسْرَائِيلَ فَرَفَعَ خَبَرَهُمَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ أَغْفِرُ لَهُمَا أَبَدًا ظَنَّا أَنْ لَيْسَ بِعَيْنِي مَا عَمِلا بِصَاحِبِ الْمِسْحَاةِ وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَمِيرُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلمَة عَن عَطاء ابْن السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ يَعْمَلُ بِالْمِسْحَاةِ وَكَانَ إِذَا جَاءَ بِاللَّيْلِ قَدَّمَتْ طَعَامَهُ وَفَرَشَتْ لَهُ فِرَاشَهُ فَبَلَغَ خَبَرُهَا مَلِكَ ذَلِكَ الْعَصْرِ فَبَعَثَ إِلَيْهَا عَجُوزًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَتْ لَهَا مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا الَّذِي يَعْمَلُ بِالْمِسْحَاةِ لَوْ كُنْتِ عِنْدَ الْمَلِكِ لَكَسَاكِ الْحَرِيرَ وَفَرَشَكِ الدِّيبَاجَ فَلَمَّا وَقَعَ الْكَلامُ فِي مَسَامِعِهَا جَاءَ زَوْجُهَا بِاللَّيْلِ فَلَمْ تُقَدِّمْ لَهُ طَعَامَهُ وَلَمْ تَفْرِشْ لَهُ فِرَاشَهُ فَقَالَ لَهَا مَا هَذَا الْخُلُقُ يَا هَنْتَاهُ فَقَالَتْ هُوَ مَا تَرَى فَقَالَ أُطَلِّقُكِ قَالَتْ نَعَمْ فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الْمَلِكُ فَلَمَّا زُفَّتْ إِلَيْهِ نَظَرَ إِلَيْهَا فَعَمِيَ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا فَجَفَّتْ فَرَفَعَ نَبِيُّ ذَلِكَ الْعَصْرِ خَبَرَهُمَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَوْحَى لله تَعَالَى إِلَيْهِ أعلمها أَنِّي غَيْرُ غَافِرٍ لَهُمَا أَمَا عَلِمَا أَنَّ بِعَيْنِي مَا عَمِلا بِصَاحِبِ الْمِسْحَاةِ أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَافِظِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى مَنْزِلِهِ كَبَّرَ عَلَى بَابِ مَنْزِلِهِ فَتُكَبِّرُ امْرَأَتُهُ فَإِذَا كَانَ فِي صَحْنِ دَارِهِ كَبَّرَ فَتُجِيبُهُ امْرَأَتُهُ فَإِذَا بَلَغَ بَابَ بَيْتِهِ كَبَّرَ فَتُجِيبُهُ امْرَأَتُهُ فَانْصَرَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَكَبَّرَ عِنْدَ بَابِ دَارِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَلَمَّا كَانَ فِي الصَّحْنِ كَبَّرَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَلَمَّا كَانَ فِي بَابِ بَيْتِهِ كَبَّرَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ وَكَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ أَخَذَتِ امْرَأَتُهُ رَدِاءَهُ وَنَعْلَيْهِ ثُمَّ أَتَتْهُ بِطَعَامِهِ قَالَ فَدَخَلَ فَإِذَا الْبَيْتُ لَيْسَ فِيهِ سِرَاجٌ وَإِذَا امْرَأَتُهُ جَالِسَةٌ فِي الْبَيْتِ مُنَكَّسَةٌ تَنْكُتُ بِعُودٍ مَعَهَا فَقَالَ لَهَا مَالَكِ فَقَالَتْ أَنْتَ لَكَ مَنْزِلَةٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَلَيْسَ لَنَا خَادِمٌ فَلَوْ سَأَلْتَهُ فَأَخْدَمَنَا وَأَعْطَاكَ فَقَالَ اللَّهُمَّ مَنْ أَفْسَدَ عَلِيَّ امْرَأَتِي فَأَعْمِ بَصَرَهُ قَالَ وَقَدْ جَاءَتْهَا امْرَأَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَتْ زَوْجُكِ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَلَوْ قُلْتِ لَهُ يَسْأَلُ مُعَاوِيَةَ يُخْدِمَهُ وَيَعْطِيَهُ عِشْتُمْ قَالَ فَبَيْنَا تِلْكَ الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ فِي بَيْتِهَا إِذْ أَنْكَرَتْ بَصَرَهَا فَقَالَتْ مَا لِسِرَاجِكُمْ طُفِئَ قَالُوا لَا فَعَرَفَتْ ذَنْبَهَا فَأَقْبَلَتْ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ تَبْكِي تَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا يَرُدَّ عَلَيْهَا بَصَرَهَا قَالَ فَرَحِمَهَا أَبُو مُسْلِمٍ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا فَرَدَّ عَلَيْهَا بَصَرَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذِكْرِ مَاهِيَّةِ الْعِشْقِ وَحَقِيقَتِهِ اخْتَلَفَ كَلامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَأَكْثَرُهُمْ سَمَّوْهُ بَاسْمِ سَبَبِهِ أَوْ بِاسْمِ مَا يؤول إِلَيْهِ ذِكْرُ كَلامِ الأَوَائِلِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَفْلاطُونُ الْعِشْقُ حَرَكَةُ النَّفْسِ الْفَارِغَةِ بِغَيْرِ فِكْرَةٍ وَسُئِلَ يُوذَجَانِسُ عَنِ الْعِشْقِ فَقَالَ سُوءُ اخْتِيَارٍ صَادَفَ نَفْسًا فَارِغَةً وَقَالَ أرسطاطا لَيْسَ الْعِشْقُ هُوَ عَمَى الْحِسِّ عَنْ إِدْرَاكِ عُيُوبِ الْمَحْبُوبِ وَقَالَ فِيثَاغُورسُ الْعِشْقُ طَمَعٌ يَتَوَلَّدُ فِي الْقَلْبِ وَيَتَحَرَّكُ وَيَنْمَى ثُمَّ يَتَرَبَّى وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مَوَادُّ مِنَ الْحِرْصِ فَكُلَّمَا قَوِيَ ازْدَادَ صَاحِبُهُ فِي الاهْتِيَاجِ وَاللُّجَاجِ وَالتَّمَادِي فِي الطَّمَعِ وَالْفِكْرِ فِي الأَمَانِيِّ وَالْحِرْصِ عَلَى الطَّلَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ ذَلِكَ إِلَى الْغَمِّ الْمُقْلِقِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ الْمُتَنَبِّي وَمَا الْعِشْقُ إِلا غِرَّةٌ وَطَمَاعَةٌ ... يُعَرِّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ قَالَ سُقْرَاطُ الْحَكِيمُ الْعِشْقُ جُنُونٌ وَهُوَ أَلْوَانٌ كَمَا أَنَّ الْجُنُونَ أَلْوَانٌ أَنْبَأَنَا ابْنُ خَيْرُونٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ يَحْيَى قَالَ قَالَ بَعْضُ الْفَلاسِفَةِ لَمْ أَرَ حَقًّا أَشْبَهَ بِبَاطِلٍ وَلا بَاطِلا أَشْبَهَ بِحَقٍّ مِنَ الْعِشْقِ هَزْلُهُ جِدٌّ وَجِدُّهُ هَزْلٌ وَأَوَّلُهُ لَعِبٌ وَآخِرُهُ عَطَبٌ قَالَ ابْنُ عِمْرَانَ وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَيْنَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ قُلْتُ لِطَبِيبٍ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْحِذْقِ مَا الْعِشْقُ قَالَ شُغْلُ قَلْبٍ فَارِغٍ قُلْتُ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مَرَضٌ وُسْوَاسِيٌّ شَبِيهٌ بِالْمَالِيخُولِيَا ذِكْرُ كَلامِ الإِسْلامِيِّينَ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الإِبَرِيِّ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ المقرىء قَالَ حَدثنَا أَحْمد ابْن يَحْيَى ثَعْلَبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ الشَّامِيُّ قَالَ سَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ عَنِ الْعِشْقِ مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ سَوَانِحُ تَسْنَحُ لِلْمَرْءِ فَيَهْتَمُّ بِهَا قَلْبُهُ وَتُؤْثِرُهَا نَفْسُهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ ثُمَامَةُ اسْكُتْ يَا يَحْيَى إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُجِيبَ فِي مَسْأَلَةِ طَلاقٍ أَوْ مُحْرِمٍ صَادَ ظَبْيًا أَوْ قَتَلَ نَمْلَةً فَأَمَّا هَذِهِ فَمَسَائِلُنَا نَحْنُ فَقَالَ لَهُ الْمأْمُونُ قُلْ يَا ثُمَامَةُ مَا الْعِشْقُ فَقَالَ لَهُ ثُمَامَةُ الْعِشْقُ جَلِيسٌ مُمْتِعٌ وَأَلِيفٌ مُؤْنِسٌ وَصَاحِبُ مُلْكٍ مَسَالِكُهُ لَطِيفَةٌ وَمَذَاهِبُهُ غَامِضَةٌ وَأَحْكَامُهُ جَائِرَةٌ مَلَكَ الأَبْدَانَ وَأَرْوَاحَهَا وَالْقُلُوبَ وَخَوَاطِرَهَا وَالْعُيُونَ وَنَوَاظِرَهَا وَالْعُقُولَ وَآرَاءَهَا وَأُعْطِيَ عَنَانَ طَاعَتِهَا وَقَوْدَ تَصَرُّفِهَا تَوَارَى عَنِ الأَبْصَارِ مَدْخَلُهُ وَعَمِيَ فِي الْقُلُوبِ مَسْلَكُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 فَقَالَ لَهُ الْمأْمُونُ أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ يَا ثُمَامَةُ وَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عبد الله المقرىء قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ هَارُونَ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ لَمَّا اجْتَمَعَ ثُمَامَةُ بْنُ أَشْرَسَ وَيَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ عِنْدَ الْمأْمُونِ قَالَ لِيَحْيَى خَبِّرْنِي عَنِ الْعِشْقِ مَا هُوَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سوانح تسنح العاشق يُؤْثِرُهَا وَيَهِيمُ بِهَا تُسَمَّى عِشْقًا فَقَالَ لَهُ ثُمَامَةُ يَا يَحْيَى أَنْتَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ أَبْصَرُ مِنْكَ بِهَذَا وَنَحْنُ بِهَذَا أَحْذَقُ مِنْكَ قَالَ الْمأْمُونُ فَهَاتِ مَا عِنْدَكَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا امْتَزَجَتْ جَوَاهِرُ النُّفُوسِ بِوَصْلِ الْمُشَاكَلَةِ نَتَجَتْ لَمْحَ نُورٍ سَاطِعٍ تَسْتَضِيءُ بِهِ بَوَاصِرُ الْعَقْلِ وَيُتَصَّوَرُ مِنْ ذَلِكَ اللَّمْحِ نُورٌ خَاصٌّ بِالنَّفْسِ مُتَصَّلٌ بِجَوَاهِرِهَا يُسَمَّى عِشْقًا فَقَالَ لَهُ الْمأْمُونُ هَذَا وَأَبِيكَ الْجَوَابُ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْبَنَّا قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا بُنْدَارٌ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ فَقَالَ لِي يَا أَصْمَعِيُّ إِنِّي أَرِقْتُ لَيْلَتِي هَذِهِ فَقُلْتُ مِمَّ أَنَامَ اللَّهُ عَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ فَكَّرْتُ فِي الْعِشْقِ مِمَّ هُوَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فَصِفْهُ لِي حَتَّى أَخَالَهُ جِسْمًا مُجَسَّمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 قَالَ الأَصْمَعِيُّ لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ عِنْدِي قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ فَأَطْرَقْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قُلْتُ نَعَمْ يَا سَيِّدِي إِذَا تَقَادَحَتِ الأَخْلاقُ الْمُتَشاكِلَةُ وَتَمَازَجَتِ الأَرْوَاحُ الْمُتَشَابِهَةُ أُلْهِبَتْ لَمْحَ نُورٍ سَاطِعٍ يَسْتَضِيءُ بِهِ الْعَقْلُ وَتَهْتَزُّ لإِشْرَاقِهِ طِبَاعُ الْحَيَاةِ وَيُتَصَّوَرُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ خَلْقٌ خَاصٌّ بِالنَّفْسِ مُتَصِّلٌ بِجَوْهَرِيَّتِهَا يُسَمَّى الْعِشْقُ فَقَالَ أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ يَا غُلامُ أَعْطِهِ وَأَعْطِهِ وَأَعْطِهِ فَأُعْطِيتُ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الطوسي قَالَ حَدثنِي عَليّ ابْن عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ قُلْتُ لأَبِي زُهَيْرٍ الْمَدِينِيُّ مَا الْعِشْقُ قَالَ الْجُنُونُ وَالذُّلُّ وَهُوَ دَاءُ أَهْلِ الظُّرْفِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ابْن الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْمَرْوَرُّوذِيُّ قَالَ وَصَفَ أَعْرَابِيٌّ الْحُبَّ فَقَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسًا مِنَ الْجُنُونِ إِنَّهُ لَعُصَارَةٌ مِنَ السِّحْرِ وَرُوِيَ عَنِ الأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْعِشْقِ فَمَا سَمِعْتُ أَوْجَزَ وَلا أَجْمَلَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَسُئِلَتْ عَنِ الْعِشْقِ فَقَالَتْ ذُلٌّ وَجُنُونٌ قُلْتُ هَذِهِ صِفَةُ ثَمْرَةِ الْعِشْقِ وَمَآلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْعِشْقَ شِدَّةُ مَيْلِ النَّفْسِ إِلَى صُورَةٍ تُلائِمُ طَبْعِهَا فَإِذَا قَوِيَ فِكْرُهَا فِيهَا تَصَوَّرَتْ حُصُولَهَا وَتَمَنَّتْ ذَلِكَ فَيَتَجَدَّدُ مِنْ شِدَّةِ الْفِكْرِ مَرَضٌ فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَرَاتِبِ الْعِشْقِ أَوَّلُ مَا يُتَجَدَّدُ الاسْتِحْسَانُ لِلشَّخْصِ ثُمَّ يَجْلِبُ إِرَادَةَ الْقُرْبِ مِنْهُ ثُمَّ الْمَوَدَّةَ وَهُوَ أَنْ يَوَدَّ أَنْ لَوْ مَلَكَهُ ثُمَّ يَقْوَى الْوُدُّ فَيَصِيرُ مَحَبَّةً ثُمَّ يَصِيرُ خُلَّةً ثُمَّ يَصِيرُ هَوًى فَيَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِي مَحَابِّ الْمَحْبُوبِ مِنْ غَيْرِ تَمَالُكٍ ثُمَّ يَصِيرُ عِشْقًا ثُمَّ يَصِيرُ تَتَيُّمًا وَالتَّتَيُّمُ حَالَةٌ يَصِيرُ بِهَا الْمَعْشُوقُ مَالِكًا لِلْعَاشِقِ لَا يُوجَدُ فِي قَلْبِهِ سِوَاهُ وَمِنْهُ تَيْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَزِيدُ التَّتَيُّمُ فَيَصِيرُ وَلَهًا وَالْوَلَهُ الْخُرُوجُ عَنْ حَدِّ التَّرْتِيبِ وَالتَّعَطُّلُ عَنِ أَحْوَالِ التَّمْيِيزِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْعِشْقِ الْمَيْلُ إِلَى الْمَحْبُوبِ ثُمَّ يَسْتَحْكِمُ الْهَوَى فَيَصِيرُ مَوَّدَةً ثُمَّ تَزِيدُ بِالْمُؤَانَسَةِ وَتَدْرُسُ بِالْجَفَاءِ وَالأَذَى ثُمَّ الْخُلَّةُ ثُمَّ الصَّبَابَةُ وَهِيَ رِقَّةُ الشَّوْقِ يُوَلِّدُهَا الأُلْفَةُ وَيَبْعَثُهَا الإِشْفَاقُ وَيُهَيِّجُهَا الذِّكْرُ ثُمَّ يَصِيرُ عِشْقًا وَهُوَ أَعْلَى ضَرْبٌ فَمُبَتْدَؤُهُ يُصَفِّي الْفَهْمَ وَيُهَذِّبُ الْعَقْلَ كَمَا قَالَ ذُو الرَّيَاسَتَيْنِ لأَصْحَابِهِ اعْشَقُوا وَلا تَعْشَقُوا حَرَامًا فَإِنَّ عِشْقَ الْحَلالِ يُطْلِقُ اللِّسَانَ الْعَيِيَّ وَيَرْفَعُ التَّبَلُّدَ وَيُسَخِّي كَفَّ الْبَخِيلِ وَيَبْعَثُ عَلَى النَّظَافَةِ وَيَدْعُو إِلَى الذَّكَاءِ فَإِذَا زَادَ مَرَضُ الْجَسَدِ فَإِذَا زَادَ جُرْحُ الْقَلْبِ وَأَزَالَ الرَّأْيَ وَاسْتَهْلَكَ الْعَقْلَ ثُمَّ يَتَرَقَّى فَيَصِيرُ وَلَهًا وَيُسَمَّى ذُو الْوَلَهِ مُدَلَّهًا وَمُسْتَهَامًا وَمُسْتَهْتِرًا وَحَيَرَانَ ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 بَعْدَهُ التَّتَيُّمَ فَيُدْعَى مُتَيَّمًا وَالتَّتَيُّمُ نِهَايَةُ الْهَوَى وَآخِرُ الْعِشْقِ وَمِنَ التَّتَيُّمِ يَكُونُ الدَّاءُ الدَّوِيُّ وَالْجُنُونُ الشَّاغِلُ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أَوَّلُ الْحُبِّ الْعَلاقَةُ وَهُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ النَّظَرُ أَوِ السَّمْعُ فَيَخْطُرُ بِالْبَالِ وَيَعْرِضُ لِلْفِكْرِ وَيَرْتَاحُ لَهُ الْقَلْبُ ثُمَّ يُنَمَّى بِالطَّبْعِ وَاللُّجَاجِ وَإِدْمَانِ الذِّكْرِ ثُمَّ يَقْوَى فَيَصِيرُ حُبًّا ثُمَّ يَصِيرُ هَوًى ثُمَّ خُلَّةً ثُمَّ عِشْقًا ثُمَّ وَلَهًا فَيُسَمَّى صَاحِبُهُ مُدَلَّهًا وَمُسْتَهَامًا وَمُسْتَهْتِرًا وَهَائِمًا وَحَيَرَانَ ثُمَّ يَصِيرُ تَتَيُّمًا وَهُوَ أَرْفَعُ مَنَازِلِ الْحُبِّ لأَنَّ التَّتَيُّمَ التَّعَبُّدُ وَالْوَجْدَ أَلَمُ الْحُبِّ وَالْهَيَمَانَ الذِّهَابُ فِي طَلَبِ غَرَضٍ لَا غَايَةَ لَهُ وَالْكَلَفُ وَالشَّغَفُ اللَّهَجُ بِطَلِبِ الْغَرَضِ قَالَ الْفَرَّاءُ اللَّوْعَةُ حُرْقَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْحُبِّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ الْعَلاقَةُ الْحُبُّ الْمُلازِمُ لِلْقَلْبِ وَالْجَوَى الْهَوَى الْبَاطِنُ وَاللَّوْعَةُ حُرْقَةُ الْهَوَى وَالَّلاعِجُ الْهَوَى الْمُحْرِقُ وَالشَّغَفُ أَنْ يَبْلُغَ الْحُبُّ شَغَافَ الْقَلْبِ وَهُوَ جِلْدٌ دُونَهُ وَالتَّتَيُّمُ أَنْ يَسْتَعْبِدَهُ الْهَوَى وَمِنْهُ تَيْمُ اللَّهِ وَرَجُلٌ مُتَيَّمٌ وَالتَّبْلُ أَنْ يُسْقِمَهُ الْهَوَى يُقَالُ رَجُلٌ مَتْبُولٌ وَالتَّدْلِيهُ ذِهَابُ الْعَقْلِ مِنَ الْهَوَى يُقَالُ مُدَلَّهٌ وَالْهُيُومُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ وَالشَّغَفُ إِحْرَاقُ الْحُبِّ الْقَلْبَ مَعَ لَذَّةٍ يَجِدُهَا وَهُوَ شَبِيهٌ بِاللَّوْعَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ وَيُقَالُ اسْتَهْتَرَ الرَّجُلُ بِكَذَا إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ فِيهِ وَانْصَرَفَتْ هِمَّتُهُ إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَرَفَةَ الإِرَادَةُ قَبْلَ الْمَحَبَّةِ ثُمَّ الْمَحَبَّةُ ثُمَّ الْهَوَى ثُمَّ الْعِشْقُ ثُمَّ التَّتَيُّمُ وَأَنْشَدَ لِنَفْسِهِ يَا لَقَوْمٍ كَمْ يُعْذَلُ الْمُشْتَاقُ ... وَالْمُعَنَّى إِلَى الْهَوَى يَنْسَاقُ رَحْمَتِي رَأْفَةٌ وَحُبِّيَ عِشْقٌ ... وَاشْتِيَاقِي صَبَابَةٌ لَا تُطَاقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الصَّبَابَةُ رِقَّةُ الْهَوَى وَاشْتِقَاقُ الْحُبِّ مِنْ أَحَبَّ الْبَعِيرُ إِذَا بَرَكَ مِنَ الإِعْيَاءِ فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحَبَّةَ جِنْسٌ وَالْعِشْقَ نَوْعٌ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَبَاهُ وَابْنَهُ وَلا يَبْعَثُهُ ذَلِكَ عَلَى تَلَفِ نَفْسِهِ بِخَلافِ الْعَاشِقِ وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ بَعْضَ الْعُشَّاقِ نَظَرَ إِلَى جَارِيَةٍ كَانَ يَهْوَاهَا فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَغُشِيَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ مَا الَّذِي أَصَابَهُ فَقَالَ نَظَرٌ إِلَى مَنْ يُحِبُّهُ فَانْفَرَجَ قَلْبُهُ فَتَحَرَّكَ الْجِسْمُ لانْفِرَاجِ الْقَلْبِ فَقِيلَ لَهُ نَحْنُ نُحِبُّ أَهَالِينَا وَلا يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَقَالَ تِلْكَ مَحَبَّةُ الْعَقْلِ وَهَذِهِ مَحَبَّةُ الرُّوحِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ كِلاهُمَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ قَالَ سَمِعْتُ الْجَاحِظَ يَقُولُ كُلُّ عِشْقٍ يُسَمَّى حُبًّا وَلَيْسَ كُلُّ حُبٍّ يُسَمَّى عِشْقًا لأَنَّ الْعِشْقَ اسْمٌ لِمَا فَضَلَ عَنِ الْمَحَبَّةِ كَمَا أَنَّ السَّرْفَ اسْمٌ لِمَا جَاوَزَ الْجُودَ وَالْبُخْلَ اسْمٌ لِمَا نَقَصَ عَنِ الاقْتِصَادِ وَالْجُبْنُ اسْمٌ لِمَا فَضَلَ عَنْ شِدَّةِ الاحْتِرَاسِ وَالْهَوَجُ اسْمٌ لِمَا فَضَلَ عَنِ الشِّجَاعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذِكْرِ سَبَبِ الْحُبِّ وَالْعِشْقِ ذَكَرَ حُكَمَاءُ الأَوَائِلِ أَنَّ النُّفُوسَ ثَلاثٌ نَفْسٌ نَاطِقَةٌ وَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَعَارِفِ وَاكْتِسَابِ الْفَضَائِلِ وَنَفْسٌ حَيَوَانِيَّةٌ عَصَبِيَّةٌ فَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ نَحْوَ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالرِّيَاسَةِ وَنَفْسٌ شَهْوَانِيَّةٌ فَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ وَنَحْنُ الآنَ مُبْتَدِئُونَ لِنَشْرَحَ عِشْقَ هَذِهِ النَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ فَنَقُولُ سَبَبُ الْعِشْقِ مُصَادَفَةُ النَّفْسِ مَا يُلائِمُ طَبْعَهَا فَتَسْتَحْسِنُهُ وَتَمِيلُ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُ أَسْبَابِ الْمُصَادَفَةِ النَّظَرُ وَلا يَكُونُ ذَلِكَ بِاللَّمْحِ بَلْ بِالتَّثَبُّتِ فِي النَّظَرِ وَمُعَاوَدَتُهُ فَإِذَا غَابَ الْمَحْبُوبُ عَنِ الْعَيْنِ طَلَبَتْهُ النَّفْسُ وَرَامَتِ الْقُرْبَ مِنْهُ ثُمَّ تَمَنَّتِ الاسْتِمْتَاعَ بِهِ فَيَصِيرُ فِكْرُهَا فِيهِ وَتَصْوِيرُهَا إِيَّاهُ فِي الْغَيْبَةِ حَاضِرًا وَشُغْلُهَا كُلُّهُ بِهِ فَيَتَجَدَّدُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرَاضٌ لانْصِرَافِ الْفِكْرِ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَكُلَّمَا قَوِيَتِ الشَّهْوَةُ الْبَدَنِيَّةُ قَوِيَ الْفِكْرُ فِي ذَلِكَ فَصْلٌ وَمِنْ أَسْبَابِ الْعِشْقِ سَمَاعُ الْغَزَلِ وَالْغِنَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُصَوَّرُ فِي النُّفُوسِ نُقُوشَ صُوَّرٍ فَتَتَخَمَّرَ خَمِيرَةَ صُورَةٍ مَوْصُوفَةٍ ثُمَّ يُصَادِفُ النَّظَرُ مُسْتَحْسَنًا فَتَتَعَلَّقُ النَّفْسُ بِمَا كَانَتْ تَطْلُبُهُ حَالَةَ الْوَصْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 فَصْلٌ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الْعِشْقُ إِلا لِمُجَانِسٍ وَأَنَّهُ يَضْعَفُ وَيَقْوَى عَلَى قَدْرِ التَّشَاكُلِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلْفَ قَالَ وَقَدْ كَانَتِ الأَرْوَاحُ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الأَجْسَامِ فَمَالَ الْجِنْسُ إِلَى الْجِنْسِ فَلَمَّا افْتَرَقَتْ فِي الأَجْسَادِ بَقِيَ فِي كُلِّ نَفْسٍ حُبُّ مَا كَانَ مُقَارِبًا لَهَا فَإِذَا شَاهَدَتِ النَّفْسُ مِنْ نَفْسٍ نَوْعَ مُوَافَقَةٍ مَالَتْ إِلَيْهَا ظَانَّةً أَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتْ قَرِينَتَهَا فَإِنْ كَانَ التَّشَاكُلُ فِي الْمَعَانِي كَانَتْ صَدَاقَةً وَمَوَّدَةً وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِالصُّورَةِ كَانَ عِشْقًا وَإِنَّمَا يُوجَدُ الْمَلَلُ وَالإِعْرَاضُ فِي بَعْضِ النَّاسِ لأَنَّ التَّجْرِبَةَ أَبَانَتِ ارْتِفَاعَ الْمُجَانَسَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ وَقَائِلٌ كَيْفَ تَهَاجَرْتُمَا ... فَقُلْتُ قَوْلا فِيهِ إِنْصَافُ لَمْ يَكُ مِنْ شَكْلِي فَفَارَقْتُهُ ... وَالنَّاسُ أَشْكَالٌ وَأُلافُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ النِّعَالِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ قَالَ قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ أَيُّ الْحُبِّ أَغْلَبُ قَالَ حُبُّ مُتَشَاكِلَيْنِ وَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ سَعْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عبد الله الْحُسَيْن ابْن أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَنَوِيُّ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى الْكُوفَةِ فَجَاءَنِي ظُرَفَاؤُهَا فَقَالُوا هَا هُنَا فَتَيَانِ تَحَابَّا وَقَدِ اعْتَلَّ أَحَدُهُمَا فَنُرِيدُ أَنْ نَعُودَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 فَقُلْتُ خُذُونِي تَعُودُوا الْعَلِيلَ وَأَعُودُ الصَّحِيحَ فَمَضَيْنَا فَوَجَدْنَا فَتًى مُلْقًى عَلَى سَرِيرٍ وَفَتًى مُنْكَبًّا عَلَيْهِ يَذُبُّ عَلَيْهِ وَيَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ فَلَمَّا رَآنَا فَرَّجَ لَنَا عَنْ صَاحِبِهِ فَجَلَسَ أَصْحَابِي حَوْلَهُ وَجَلَسْتُ بِإِزَاءِ الصَّحِيحِ فَكَانَ الْعَلِيلُ إِذَا قَالَ أُوهْ مِنْ فَخْذِي قَالَ الصَّحِيحُ أُوهْ مِنْ فَخْذِي وَإِذَا قَالَ أُوهْ مِنْ يَدِي قَالَ الصَّحِيحُ أُوهْ مِنْ يَدِي إِلَى أَنْ قَالُوا قَدْ قَضَى رَحِمَهُ اللَّهُ فَشَدَّ أَصْحَابِي لَحْيَ الْعَلِيلِ وَشَدَدْتُ لَحْيَ الصَّحِيحِ فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى دَفَنَّاهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مَنْدَهْ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ قَالَ اشْتَرَى ابْنُ الْمُبَارَكِ جَارِيَةً فَأَحَبَّهَا فَحَجَّ فَكَتَبَ إِلَيْهَا هَبَّتِ الرِّيحُ مِنَ الشَّرْقِ ... فَجَائَتْنِي بِرِيحِكِ فَتَنَشَّقْتُ نَسِيمَ ... الْعَيْشِ مِنْ طِيبِ نُفُوحِكِ فَتَوَهَّمْتُكِ حَتَّى ... خِلْتُنِي بَيْنَ كُشُوحِكِ كَيْفَ أَنْسَاكِ وَرُوحِي ... صُنِعَتْ مِنْ جِنْسِ رُوحِكِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبرنِي عَليّ بن صَالح ابْن نَصْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سُئِلَ ذُو الرَّيَاسَتَيْنِ عَنِ الْمَوَدَّةِ فَقَالَ إِذَا تَقَارَبَتْ جَوَاهِرُ النُّفُوسِ بَوَصْلِ الْمُشَاكَلَةِ ثَقَبَتْ لَمْحَةَ نُورٍ سَاطِعٍ فِي عَالِمِ الرُّوحِ فَبَثَّتْهُ فِي أَقْطَارِهَا تَسْتَضِيءُ بِهِ نَوَاظِرُ الْعَقْلِ وَتَهْتَزُّ لإِشْرَاقِهِ طَبَائِعُ الْحَيَاةِ فَيُتَصَوَّرُ مِنْ ذَلِكَ خَلْقٌ خَاصٌّ بِالنَّفْسِ يتَّصل بجورها يُسَمَّى الْوُدُّ قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدَةَ الْمَوَّدَةُ تَعَاطُفُ الْقُلُوبِ وَائْتِلافُ الأَرْوَاحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وَحَنِينُ النُّفُوسِ إِلَى مُبَاثَّةِ الأَسْرَارِ وَالاسْتِرْوَاحُ بِالْمُسْتَكِنَّاتِ فِي الْغَرَائِزِ وَاسْتِيحَاشُ الأَشْخَاصِ لِتَبَايُنِ اللِّقَاءِ وَظُهُورُ السُّرُورِ بِكَثْرَةِ التَّزَاوُرِ وَعَلَى حَسْبِ مُشَاكَلَةِ الْجَوْهَرِ يَكُونُ الاتِّفَاقُ فِي الْخِصَالِ فصل وَقد ادعو مَيْلَ الْجِنْسِ إِلَى الْجِنْسِ فِيمَا لَا يُعْقَلُ فَأَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوْزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَكِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْلَمَةَ الْمِنْقَرِيَّ يَقُولُ كَانَ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ نَخْلَةٌ وَذَكَرَ مِنْ حُسْنِهَا وَطِيبِ رُطَبِهَا قَالَ فَفَسَدَتْ حَتَّى شَيَّصَتْ قَالَ فَدَعَا صَاحِبُهَا شَيْخًا قَدِيمًا يَعْرِفُ النَّخْلَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا حَوْلَهَا مِنَ النَّخْلِ فَقَالَ هَذِهِ عَاشِقَةٌ لِهَذَا الْفَحْلُ الَّذِي بِالْقُرْبِ مِنْهَا فَلُقِّحَتْ مِنْهُ فَعَادَتْ إِلَى أَحْسَنِ مَا كَانَتْ فَصْلٌ فَإِنْ قِيلَ إِذَا كَانَ سَبَبُ الْعِشْقِ نَوْعَ مُوَافَقَةٍ بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ فِي الطِّبَاعِ فَكَيْفَ يُحِبُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَالآخَرُ لَا يُحِبُّهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَتَّفِقُ فِي طَبْعِ الْمَعْشُوقِ مَا يُوَافِقُ طَبْعَ الْعَاشِقِ وَلا يَتَّفِقُ فِي طَبْعِ الْعَاشِقِ مَا يُلائِمُ طَبْعَ الْمَعْشُوقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وَإِذَا كَانَ سَبَبُ الْعِشْقِ اتِّفَاقًا فِي الطِّبَاعِ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعِشْقَ لَا يَكُونُ إِلا لِلأَشْيَاءِ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعِشْقُ لِنَوْعٍ مُنَاسَبَةٍ وَمُلاءَمَةٍ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ حَسَنًا عِنْدَ شَخْصٍ غَيْرَ حَسَنٍ عِنْدَ آخَرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ أَدِيبًا ظَرِيفًا طَلابَةً لِلأَدَبِ وَالْمُلْحِ قَالَ كُنْتُ يَوْمًا فِي مَجْلِسِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا قَيْنَةً ظَرِيفَةً حَسَنَةَ الصُّورَةِ لَهَا حُسْنٌ فَائِقٌ وَجَمَالٌ رَائِقٌ وَمَعَنَا فَتًى مِنْ أَقْبَحِ مَنْ رَأَتْهُ الْعَيْنُ وَأَحْمَقُهُ وَأَغْبَاهُ وَالْقَيْنَةُ مُقْبِلَةٌ عَلَيْهِ بِحَدِيثِهَا وَغِنَائِهَا فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا فَتًى أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَسْرَاهُ ثَوْبًا وَأَطْيَبَهُ رِيحًا فَأَقْبَلَ عَلَيَّ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَقَالَ لِي إِنَّ فِي أَمْرِ هَذَيْنِ لَعَجَبًا قُلْتُ وَمَا ذَاكَ قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ تُحِبُّ هَذَا يَعْنِي الْقَبِيحَ الْوَجْهِ وَلَيْسَ لَهَا فِي قَلْبِهِ مَحَبَّةٌ وَهَذَا الْحَسَنُ الْوَجْهِ يُحِبُّهَا وَلَيْسَ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَحَبَّةٌ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى شَرَابِنَا إِذْ سُرَّ الْفَتَى الْحَسَنُ الْوَجْهَ فَتَغَنَّى بِيَدِ الَّذِي شَغَفَ الْفُؤَادَ بِكُمْ ... فَرَجُ الَّذِي أَلْقَى مِنَ السُّقْمِ فَاسْتَيْقِنِي أَنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ ... ثُمَّ افْعَلِي مَا شِئْتِ عَنْ عِلْمِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ فَمَهْ ثُمَّ تَرَكَتْهُ وَأَقْبَلَتْ عَلَى الْقَبِيحِ فَلَبِثْنَا سَاعَةً فَغَنَّى الْفَتَى أَيْضًا أَلا لَيْتَنِي أَعْمَى أَصَمَّ تَقُودُنِي ... بُثَيْنَةُ لَا يَخْفَى عَلَيَّ كَلامُهَا قَالَ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ اعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ فَغَاظَتْنِي جِدًّا وَلَمْ أَصْبِرْ فَقُلْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 لَهَا يَا فَاجِرَةُ تَخْتَارِينَ هَذَا وَهُوَ أَقْبَحُ مِنْ ذُنُوبِ الْمُصِرِّينَ عَلَى هَذَا الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَوْبَةِ التَّائِبِينَ فَقَالَتْ لِي لَيْسَ الْهَوَى بِالاخْتِيَارِ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تُغَنِّي وَلا تَلُمِ الْمُحِبَّ عَلَى هَوَاهُ ... فَكُلُّ مُتَيَّمٍ كَلِفٌ عَمِيدُ يَظُنُّ حَبِيبَهُ حَسَنًا جَمِيلا ... وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبُ مِنَ الْقُرُودِ فَقُلْتُ أَجَلْ إِنَّهُ كَمَا قُلْتِ وَلَيْسَ فِي هَذَا حِيلَةٌ وَذَكَرْتُ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ فَتَضَاحَكْنَ وَقَدْ قُلْنَ لَهَا ... حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تَوَدُّ وَقَوْلَ آخَرَ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْحُبَّ يَسْتَعْبِدُ الْفَتَى ... وَيَدْعُوهُ فِي بَعْضِ الأُمُورِ إِلَى الْكُفْرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِر قَالَ أَنبأَنَا عبد الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَعَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بن خلف ابْن الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَسَّامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الأَدَبِ قَالَ كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَامِعٍ قَدْ تَزَوَّجَ بِالْحِجَازِ جَارِيَةً سَوْدَاءَ مَوْلاةً لِقَوْمٍ يُقَالُ لَهَا مَرْيَمُ فَلَمَّا صَارَ مِنَ الرَّشِيدِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي صَارَ بِهِ اشْتَاقَ إِلَى السَّوْدَاءِ فَقَالَ يَذْكُرُهَا وَيَذْكُرُ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ يَأْلَفُهَا فِيهِ ويجتمعان فِيهِ هَل لَيْلَتي يقفا الْحَصْحَاصِ عَائِدَةٌ ... فِي قُبَّةٍ ذَاتِ أَشْرَاجٍ وَأَزْرَارِ تَسْمُو مَجَامِرُهَا بِالْمُنْدَلِيِّ كَمَا ... تسموا بِحَنَّانَةٍ أَفْوَاجُ إِعْصَارِ الْمِسْكُ يَبْدُو إِلَيْنَا مِنْ غَلائِلِهَا ... وَالْعَنْبَرُ الْوَرْدُ يُذْكِيهِ عَلَى النَّارِ وَمَرْيَمٌ بَيْنَ أَثْوَابٍ مُنَعَّمَةٍ ... طَوْرًا وَطَوْرًا تُغَنِّينِي بِأَوْتَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ وَقَدْ سَمِعَ بِشِعْرِهِ وَيْلَكَ مِنْ مَرْيَمِكَ هَذِهِ الَّتِي قَدْ وَصَفْتَهَا صِفَةَ حُورِ الْعِينِ قَالَ زَوْجَتِي فَوَصَفَهَا كَلامًا أَضْعَافَ مَا وَصَفَهَا شِعْرًا فَأَرْسَلَ الرَّشِيدُ إِلَى الْحِجَازِ حَتَّى حُمِلَتْ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ طُمْطُمَانِيَّةٌ ذَاتُ مَشَافِرٍ فَقَالَ لَهُ وَيْلَكَ هَذِهِ مَرْيَمُ الَّتِي مَلأَتَ الدُّنْيَا بِذِكْرِهَا عَلَيْكَ وَعَلَيْهَا لَعْنَةُ اللَّهِ فَقَالَ يَا سَيِّدِي إِنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ يَقُولُ فَتَضَاحَكْنَ وَقَدْ قُلْنَ لَهَا ... حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تَوَدُّ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ أَنْشَدَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الْمَعْمَرِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي بَعْضُ إِخْوَانِي لأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْفَقِيهِ حَمَلْتُ جِبَالَ الْحُبِّ فِيكِ وَإِنَّنِي ... لأَعْجَزُ عَنْ حَمْلِ الْقَمِيصِ وَأَضْعَفُ وَمَا الْحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلا مِنْ سَمَاحَةٍ ... وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ النَّفْسُ تَكَلَّفُ فَصْلٌ وَقَدْ يَتَعَرَّضُ الإِنْسَانُ بِأَسْبَابِ الْعِشْقِ فَيَعْشَقُ فَإِنَّهُ قَدْ يُرَى الشَّخْصُ فَلا تُوجِبُ رُؤْيَتُهُ مَحَبَّتَهُ فَيُدِيمُ النَّظَرَ وَالْمُخَالَطَةَ فَيَقَعُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ تَوَلَّعَ بِالْعِشْقِ حَتَّى عَشِقْ ... فَلَمَّا اسْتَقَلَّ بِهِ لَمْ يُطِقْ رَأَى لُجَّةً ظَنَّهَا مَوْجَةً ... فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهَا غَرِقْ وَفِي النَّاسِ مَنْ تُوجِبُ لَهُ الرُّؤْيَةُ نَوْعَ مَحَبَّةٍ فَيُعْرِضُ عَنِ الْمَحْبُوبِ فَيَزُولُ ذَلِكَ فَإِنْ دَاوَمَ النَّظَرَ نَمَتْ كَالْجَنَّةِ إِذَا زُرِعَتْ فَإِنَّهَا إِنْ أُهْمِلَتْ يَبَسَتْ وَإِنْ سُقِيَتْ نَمَتْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قُلْتُ لأَبِي الْعَتَاهِيَةِ حَدِّثْنِي بِقِصَّتِكَ مَعَ عُتْبَةَ فَقَالَ لِي أُحَدِّثُكَ إِنَّا قَدِمْنَا مِنَ الْكُوفَةِ ثَلاثَةَ فِتْيَانٍ شُبَّانًا أُدَبَاءَ وَلَيْسَ لَنَا بِبَغْدَادَ مَنْ نَقْصِدُهُ فَنَزَلْنَا غُرْفَةً بِالْقُرْبِ مِنَ الْجِسْرِ فَكُنَّا نُبْكِرُ فَنَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَابِ الْجِسْرِ فِي كُلِّ غَدَاةٍ فَمَرَّتْ بِنَا يَوْمًا امْرَأَةٌ رَاكِبَةٌ مَعَهَا خَدَمٌ سُودَانُ فَقُلْنَا مَنْ هَذِهِ قَالُوا خَالِصَةُ فَقَالَ أَحَدُنَا قَدْ عَشِقْتُ خَالِصَةَ وَعَمِلَ فِيهَا شِعْرًا فَأَعَنَّاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرَّتْ بِنَا أُخْرَى رَاكِبَةً مَعَهَا خَدَمٌ بِيضَانُ فَقُلْنَا مَنْ هَذِهِ قَالُوا عُتْبَةُ فَقُلْتُ قَدْ عَشِقْتُ عُتْبَةَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى أَنِ الْتَأَمَتْ لَنَا أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ فَرَفَعَ صَاحِبِي شِعْرَهُ إِلَى خَالِصَةَ وَرَفَعْتُ أَنَا شِعْرِي إِلَى عُتْبَةَ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ وَأَلْحَحْنَا إِلْحَاحًا شَدِيدًا فَمَرَّةً تُقْبَلُ أَشْعَارُنَا وَمَرَّةً تُطْرَدُ إِلَى أَنْ جَدُّوا فِي طَرْدِنَا فَجَلَسَتْ عُتْبَةُ يَوْمًا فِي أَصْحَابِ الْجَوْهَرِ وَمَضَيْتُ فَلَبِسْتُ ثِيَابَ رَاهِبٍ وَدَفَعْتُ ثِيَابِي إِلَى إِنْسَانٍ كَانَ مَعِي وَسَأَلْتُ عَنْ رَجُلٍ كَبِيرٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ فَدُلِلْتُ عَلَى شَيْخٍ فَجِئْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي الإِسْلامِ عَلَى يَدَيْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَامَ مَعِي وَجَمَعَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَجَاءَهَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَاقَ إِلَيْكِ خَيْرًا هَذَا الرَّاهِبُ قَدْ رَغِبَ فِي الإِسْلامِ عَلَى يَدَيْكِ فَقَالَتْ هَاتُوهُ فَدَنَوْتُ مِنْهَا فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ وَقَطَعْتُ الزِّنَارَ وَدَنَوْتُ فَقَبَّلْتُ يَدَهَا فَلَمَّا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَفَعْتُ الْبُرْنُسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 فَعَرَفَتْنِي فَقَالَتْ نَحُّوهُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالُوا لَا تَلْعَنِيهِ فَقَدْ أَسْلَمَ فَقَالَتْ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِقَذَرِهِ فَعَرَضُوا عَلَيَّ كُسْوَةً فَقُلْتُ لَيْسَ بِي حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ وَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَشْرُفَ بِوَلائِهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلِيَّ بِحُضُورِكُمْ فَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَنِي الْحَمْدَ وَصَلَّيْتُ معَهُمُ الْعَصْرَ وَأَنَا فِي ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْهَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا لَا تَقْدِرُ لِي عَلَى حِيلَةٍ فَلَمَّا انْصَرَفَتْ لَقِيَتْ خَالِصَةَ فَشَكَتْ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَيْسَ يَخْلُو هَذَانِ مِنْ أَنْ يَكُونَا عَاشِقَيْنِ أَوْ مُسْتَأْكِلَيْنِ فَصَحَّ عَزْمُهُمَا عَلَى امْتِحَانِنَا بِمَالٍ عَلَى أَنْ نَدَعَ التَّعَرُّضَ لَهُمَا فَإِنْ قَبْلِنَا الْمَالَ فَنَحْنُ مُسْتَأْكِلانِ وَإِنْ لَمْ نَقْبَلْهُ فَنَحْنُ عَاشِقَانِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مَرَّتْ خَالِصَةُ فَعَرَضَ لَهَا صَاحِبِي فَقَالَ الْخَدَمُ اتْبَعْنَا فَاتَّبَعَهُمْ ثُمَّ لَمْ نَلْبَثْ أَنْ مَرَّتْ عُتْبَةُ فَقَالَ لِي الْخَدَمُ اتْبَعْنَا فَاتَّبَعْتُهُمْ فَمَضَتْ بِي إِلَى مَنْزِلٍ خَلِيطٍ لَهَا بَزَّازٌ فَلَمَّا جَلَسَتْ دَعَتْ بِي فَقَالَتْ لِي يَا هَذَا إِنَّكَ شَابٌّ وَأَرَى بِكَ أَدَبًا وَأَنَا حُرْمَةُ خَلِيفَةٍ وَقَدْ تَأَبَّيْتُكَ فَإِنْ أَنْتَ كَفَفْتَ وَإِلا أَنْهَيْتُ ذَلِكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ لَمْ آمَنْ عَلَيْكَ قُلْتُ فَافْعَلِي بِأَبِي أَنْتِ وَأُمِّي وَإِنَّكِ إِنْ سَفَكْتِ دَمِي أَرَحْتِينِي فَأَسْأَلُكِ بِاللَّهِ إِلا فَعَلْتِ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِي فِيكِ نَصِيبٌ فَأَمَّا الْحَبْسُ وَالْحَيَاةُ وَلا أَرَاكِ فَأَنْتِ فِي حَرَجٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَا تَفْعَلْ يَا هَذَا وَأَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ وَخُذْ هَذِه الْخَمْسمِائَةِ دِينَارٍ وَاخْرُجْ عَنْ هَذَا الْبَلَدِ فَلَمَّا سَمِعْتُ ذِكْرَ الْمَالِ وَلَّيْتُ هَارِبًا فَقَالَتْ رُدُّوهُ فَلَمْ تَزَلْ تُرَادُّنِي فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكِ مَا أَصْنَعُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَنَا لَا أَرَاكِ وَإِنَّكِ لَتُبَطِّئِينَ يَوْمًا وَاحِدًا عَنِ الرِّكُوبِ فَتَضِيقُ بِيَ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَهِيَ تَأَبَى إِلا ذِكْرَ الْمَالِ حَتَّى جَعَلَتْ لِي أَلْفَ دِينَارٍ فَأَبَيْتُ وَجَاذَبْتُهَا مُجَاذَبَةً شَدِيدَةً وَقُلْتُ لَوْ أَعْطَيْتِينِي جَمِيعَ مَا يَحْوِيهِ الْخَلِيفَةُ مَا كَانَتْ لِي فِيهِ حَاجَةً وَأَنَا لَا أَرَاكِ بَعْدَ أَنْ أَجِدَ السَّبِيلَ إِلَى رُؤْيَتِكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 وَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْغُرْفَةَ الَّتِي كُنَّا نَنْزِلُهَا وَإِذَا صَاحِبِي مُوَرَّمُ الأُذُنَيْنِ وَقَدِ امْتُحِنَ بِمِثْلِ مِحْنَتِي فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَى الْمَالِ صَفَّعُوهُ وَحَلَفَتْ خَالِصَةُ لَئِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتُودِعَنَّهُ الْحَبْسَ فَاسْتَشَارَنِي فِي الْمُقَامِ فَقُلْتُ اخْرُجْ وَإِيَّاكَ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيْكَ ثُمَّ الْتَقَتَا فَأَخْبَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَاحِبَتَهَا الْخَبَرَ وَأَحْمَدَتْنِي عُتْبَةُ وَصَحَّ عِنْدَهَا أَنِّي مُحِبٌّ مُحِقٌّ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ دَعَتْنِي فَقَالَتْ بِحَيَاتِي عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تُعِزُّهَا إِلا أَخَذْتَ مَا يُعْطِيكَ الْخَادِمُ فَأَصْلَحْتَ بِهِ مِنْ شَأْنِكَ فَقَدْ غَمَّنِي سُوءُ حَالِكَ فَامْتَنَعْتُ فَقَالَتْ لَيْسَ هَذَا مِمَّا تَظُنُّ وَلَكِنْ لَا أُحِبُّ أَنْ أَرَاكَ فِي هَذَا الزِّيِّ فَقُلْتُ لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ تَرَيْنِي فِي زِيِّ الْمَهْدِيِّ لَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ فَأَخَذْتُ الصُّرَّةَ فَإِذَا فِيهَا ثَلَاثمِائَة دِينَارٍ فَاكْتَسَيْتُ كُسْوَةً حَسَنَةً وَاشْتَرَيْتُ حِمَارًا فَصْلٌ وَيَتَأَكَّدُ الْعِشْقُ بِإِدْمَانِ النَّظَرِ وَكَثْرَةِ اللِّقَاءِ وَطُولِ الْحَدِيثِ فَإِنِ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مُعَانَقَةٌ أَوْ تَقْبِيلٌ فَقَدْ تَمَّ اسْتِحْكَامُهُ وَقَدْ ذَكَرَ حُكَمَاءُ الأَوَائِلِ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الْقُبَلُ بَيْنَ الْمُتَحَابَّيْنَ وَوَصَلَتْ بَلَّةٌ مِنْ رِيقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى مَعِدَةِ الآخَرِ اخْتَلَطَ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَوَصَلَ إِلَى جِرْمِ الْكَبِدِ وَهَكَذَا إِذَا تَنَفَّسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي وَجْهِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ ذَلِكَ النَّفَسِ شَيْءٌ مِنْ نَسِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَخْتَلِطُ بِأَجْزَاءِ الْهَوَاءِ فَإِذَا اسْتَنْشَقَا مِنْ ذَلِكَ الْهَوَاءِ دَخَلَ فِي الْخَيَاشِيمِ وَوَصَلَ بَعْضُهُ إِلَى الدِّمَاغِ فَسَرَى فَهِيَ كسريان النُّور فِي جرم البللور وَوَصَلَ بَعْضُهُ إِلَى جِرْمِ الرِّئَةِ ثُمَّ إِلَى الْقَلْبِ فَيَدُبُّ فِي الْعُرُوقِ الضَّوَارِبِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ فَيَنْعَقِدُ مِنْ بَدَنِ هَذَا مَا تحلل من بدن هَذَا فيصيرمزاجا بِهِ يَتَوَلَّدُ الْعِشْقُ وَيَنْمَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذِكْرِ ذَمِّ الْعِشْقِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعِشْقِ هَلْ هُوَ مَمْدُوحٌ أَوْ مَذْمُومٌ فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ مَمْدُوحٌ لأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلا مِنْ لَطَافَةِ الطَّبْعِ وَلا يَقَعُ عِنْدَ جَامِدِ الطَّبْعِ حَبِيسِهِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْهُ شَيْئًا فَذَلِكَ مِنْ غِلَظِ طَبْعِهِ فَهُوَ يَجْلُو الْعُقُولَ وَيُصَفِّي الأَذْهَانَ مَا لَمْ يُفَرِّطْ فَإِذَا أَفْرَطَ عَادَ سُمًّا قَاتِلا وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ هُوَ مَذْمُومٌ لِأَنَّهُ يستأمر الْعَاشِقُ وَيَجْعَلُهُ فِي مَقَامِ الْمُسْتَعْبَدِ قُلْتُ وَفَصْلُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنْ نَقُولَ أَمَّا الْمَحَبَّةُ وَالْوُدُّ وَالْمَيْلُ إِلَى الأَشْيَاءِ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَالْمُلائِمَةِ فَلا يُذَمُّ وَلا يُعْدَمُ ذَلِكَ إِلا الْحَبِيسُ مِنَ الأَشْخَاصِ فَأَمَّا الْعِشْقُ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْمَيْلِ وَالْمَحَبَّةِ فَيَمْلِكُ الْعَقْلَ وَيَصْرِفُ صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ فَذَلِكَ مَذْمُومٌ وَيَتَحَاشَى مِنْ مِثْلِهِ الْحُكَمَاءُ وَأَمَّا الْقِسْمُ الأَوَّلُ فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الأَكَابِرِ وَلَمْ يَكُنْ عَيْبًا فِي حَقِّهِمْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الْهَوَى ... فَأَنْتَ وَعَيْرٌ بِالْفَلاةِ سَوَاءُ وَقَدْ رَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ أَنَّ أَبَا نَوْفَلٍ سُئِلَ هَلْ يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنَ الشعق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 فَقَالَ نَعَمْ الْجِلْفُ الْجَافِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ وَلا عِنْدَهُ فَهْمٌ وَأَمَّا مَنْ فِي طَبْعِهِ أَدْنَى ظُرْفٌ أَوْ مَعَهُ دَمَاثَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَرِقَّةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَهَيْهَاتَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن عبد الرَّحْمَن ابْن أَحْمَدَ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدثنَا عِيسَى ابْن مُحَمَّدٍ أَبُو نَاظِرَةَ السَّدُوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي قُبَيْصَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي الْيَمَانُ بْنُ عَمْرٍو مَوْلَى ذِي الرِّيَاسَتَيْنِ قَالَ كَانَ ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ يَبْعَثُنِي وَيَبْعَثُ أَحْدَاثًا مِنْ أَحْدَاثِ أَهْلِهِ إِلَى شَيْخٍ بِخُرَاسَانَ لَهُ أَدَبٌ وَحُسْنُ مَعْرِفَةٍ بِالأُمُورِ وَيَقُولُ لَنَا تَعَلَّمُوا مِنْهُ الْحِكْمَةَ فَإِنَّهُ حَكِيمٌ فَكُنَّا نَأْتِيهِ فَإِذَا انْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ سَأَلْنَا ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ وَاعْتَرَضَ مَا حَفِظْنَاهُ فَيُخْبِرُونَهُ فَقَصَدْنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الشَّيْخِ فَقَالَ أَنْتُمْ أُدَبَاءٌ وَقَدْ سَمِعْتُمْ وَلَكُمْ جِدَّاتٌ وَنِعَمٌ فَهَلْ فِيكُمْ عَاشِقٌ فَقُلْنَا لَا فَقَالَ اعْشَقُوا فَإِنَّ الْعِشْقَ يُطْلِقُ اللِّسَانَ الْعَيِّ وَيَفْتَحُ حِيلَةَ الْبَلِيدِ وَالْمُخْتَلِّ وَيَبْعَثُ عَلَى التَّنْظِيفِ وَتَحْسِينِ اللِّبَاسِ وَتَطْيِيبِ الْمَطْعَمِ وَيَدْعُو إِلَى الْحَرَكَةِ وَالذَّكَاءِ وَتَشَرُّفِ الْهِمَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرَامَ فَانْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ إِلَى ذِي الرِّيَاسَتَيْنِ فَسَأَلَنَا عَمَّا أَخَذْنَا فِي يَوْمِنَا ذَلِكَ فَهُبْنَاهُ أَنْ نُخْبِرَهُ فَعَزَمَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا إِنَّهُ أَمَرَنَا بِكَذَا وَكَذَا قَالَ صَدَقَ وَاللَّهِ تعلمُونَ من أَيْن أَخذ هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ إِنَّ بُهْرَامَ جُورَ كَانَ لَهُ ابْنُ وَكَانَ قَدْ رَشَّحَهُ لِلأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ فَنَشَأَ الْفَتَى نَاقِصَ الْهِمَّةِ سَاقِطَ الْمُرُوءَةِ خَامِلَ النَّفْسِ سَيِّءَ الأَدَبِ فَغَمَّهُ ذَلِكَ وَوَكَّلَ بِهِ الْمُؤَدِّبِينَ وَالْحُكَمَاءَ وَمَنْ يُلازِمُهُ وَيُعَلِّمُهُ وَكَانَ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ فَيَحْكُونَ لَهُ مَا يَغُمُّهُ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِ وَقِلَّةِ أَدَبِهِ إِلَى أَنْ سَأَلَ بَعْضَ مُؤَدِّبِيهِ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ الْمُؤَدِّبُ قَدْ كُنَّا نَخَافُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 سُوءَ أَدَبِهِ فَحَدَثَ مَا جَرَّنَا إِلَى الْيَأْسِ مِنْ إِفْلاحِهِ قَالَ وَمَا ذَاكَ الَّذِي حَدَثَ قَالَ رَأَى ابْنَةَ فُلانٍ الْمَرْزُبَانِ فَعَشِقَهَا حَتَّى غَلَبَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ لَا يَهْدَى إِلا بِهَا وَلا يَتَشَاغَلُ إِلَّا بذكرهاز فَقَالَ بُهْرَامُ الآنَ رَجَوْتُ فَلاحَهُ ثُمَّ دَعَا بِأَبِي الْجَارِيَةِ فَقَالَ لَهُ إِنِّي مُسِرٌّ إِلَيْكَ سِرًّا فَلا يَعْدُونَكَ فَضَمِنَ لَهُ سِتْرَهُ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ ابْنَهُ قَدْ عَلِقَ ابْنَتَهُ وَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُنْكِحَهَا إِيَّاهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهَا بِإِطْمَاعِهِ فِي نَفْسِهَا وَمُرَاسَلَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهَا وَتَقَعْ عَيْنُهُ عَلَيْهَا فَإِذَا اسْتَحْكَمَ طَمَعُهُ فِيهَا تَجَنَّتْ عَلَيْهِ وَهَجَرَتْهُ فَإِنِ اسْتَعْتَبَهَا أَعْلَمَتْهُ أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلا لِمَلِكٍ وَمَنْ هِمَّتُهُ هِمَّةُ مَلِكٍ وَأَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ مَوَاصَلَتِهِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ ثُمَّ لِيُعْلِمُهُ خَبَرَهَا وَخَبَرَهُ وَلا يُطْلِعُهَا عَلَى مَا أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَبِلَ أَبُوهَا ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ لِلْمُؤَدِّبِ الْمُوَكَّلِ بِهِ خَوِّفْهُ وَشَجِّعْهُ عَلَى مُرَاسَلَةِ الْمَرْأَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَتِ الْمَرْأَةُ مَا أَمَرَهَا بِهِ أَبُوهَا فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى التَّجَنِّي عَلَيْهِ وَعَلِمَ الْفَتَى السَّبَبَ الَّذِي كَرِهَتْهُ لَهُ أَخَذَ فِي الأَدَبِ وَطَلَبِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ وَالْفُرُوسِيَّةِ وَالرِّمَايَةِ وَضَرْبِ الصَّوَالِجَةِ حَتَّى مُهِرَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَفَعَ إِلَى أَبِيهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ مِنَ الدَّوَابِّ وَالآلاتِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلابِسِ وَالنُّدَمَاءِ إِلَى فَوْقِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمَلِكُ وَأَمَرَ لَهُ بِهِ ثُمَّ دَعَا مُؤَدِّبَهُ فَقَالَ إِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَضَعَ بِهِ ابْنِي نَفْسَهُ مِنْ حُبِّ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا يُزْرِي بِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيَّ أَمْرَهَا وَيَسْأَلُنِي أَنْ أُزَوِّجَهُ إِيَّاهَا فَفَعَلَ فَرَفَعَ الْفَتَى ذَلِكَ إِلَى أَبِيهِ فَدَعَا بِأَبِيهَا فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ وَأَمَرَ لَهُ بِتَعْجِيلِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إِذَا اجْتَمَعْتَ وَهِيَ فَلا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى أَصِيرَ إِلَيْكَ فَلَمَّا اجْتَمَعَا صَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ لَا يَضَعَنَّ عِنْدَكَ مِنْهَا مُرَاسَلَتُهَا إِيَّاكَ وَلَيْسَتْ فِي حِبَالِكَ فَإِنِّي أَنَا أَمَرْتُهَا بِذَلِكَ وَهِيَ أَعْظَمُ النَّاسِ مِنْهُ عَلَيْكَ بِمَا دَعَتْكَ إِلَيْهِ مِنْ طَلَبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الْحِكْمَةِ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلاقِ الْمُلُوكِ حَتَّى بَلَغْتَ الْحَدَّ الَّذِي تَصْلُحُ مَعَهُ لِلْمُلْكِ مِنْ بَعْدِي فَزِدْهَا مِنَ التَّشْرِيفِ وَالإِكْرَامِ بِقَدْرِ مَا تَسْتَحِقُّ مِنْكَ فَفَعَلَ الْفَتَى ذَلِكَ وَعَاشَ مَسْرُورًا بِالْجَارِيَةِ وَعَاشَ أَبُوهُ مَسْرُورًا بِهِ وَأَحْسَنَ ثَوَابَ أَبِيهَا وَرَفَعَ مَرْتَبَتَهُ وَشَرَّفَهُ بِصِيَانَتِهِ سِرَّهُ وَطَاعَتِهِ وَأَحْسَنَ جَائِزَةَ الْمُؤَدِّبِ بِامْتِثَالِهِ أَمْرَهُ وَعَقَدَ لابْنِهِ عَلَى الْمُلْكِ بَعْدَهُ قَالَ الْيَمَانُ مَوْلَى ذِي الرِّيَاسَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَنَا ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ سَلُوا الشَّيْخَ الآنَ لِمَ حَمَلَكُمْ عَلَى الْعِشْقِ فَسَأَلْنَاهُ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثِ بُهْرَامِ جُورَ وَابْنَهُ فَصْلٌ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْعِشْقِ فَمَذْمُومٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَبَيَانُ ذَمِّهِ أَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُعْرَفُ مَمْدُوحًا أَوْ مَذْمُومًا بِتَأَمُّلِ ذَاتِهِ وَفَوَائِدِهِ وَعَوَاقِبِهِ وَذَاتُ الْعِشْقِ لَهَجٌ بِصُورَةٍ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ فَضِيلَةٌ فَيُمْدَحَ وَلا فَائِدَةٌ فِي الْعِشْقِ لِلْنَفْسِ النَّاطِقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُ غَلَبَةِ النَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ لأَنَّهَا لَمَّا قَوِيَتْ أَحَبَّتْ مَا يَلِيقُ بِهَا أَلا تَرَى أَنَّ الصِّبْيَانَ يُحِبُّونَ التَّمَاثِيلَ وَاللِّعْبَ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ لِلنَّاسِ لِضَعْفِ نُفُوسِهِمْ وَكَوْنِهَا مُمَاثِلَةٌ لِلْصُوَرِ لِخُلُوِهَا عَنْ رِيَاضَةٍ فَإِذَا ارْتَاضَتْ نُفُوسُهُمُ ارْتَفَعَتْ هِمَمُهُمْ إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى وَهُوَ حُبُّ الصُّوَرِ النَّاطِقَةِ فَإِذَا ارْتَاضَتْ نُفُوسُهُمْ بِالْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ ارْتَفَعَتْ عَنْ حُبِّ الذَّوَاتِ ذَوَاتِ اللَّحْمِ وَالدَّمِّ إِلَى مَا هُوَ أَشْرَفُ مِنْهَا وَأَتَمُّ أَحْوَالِ النف الشَّهْوَانِيَّةِ وُجُودُهَا مَعَ شَهَوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ مُنَغِّصٍ وَأَتَمُّ أَحْوَالِ النَّفْسِ الْحَيَوَانِيَّةِ وُجُودُ غَرَضِهَا مِنَ الْقَهْرِ وَالرَّيَاسَةِ وَأَتَمُّ أَحْوَالِ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ وُجُودُهَا مُدْرِكَةٌ لِحَقَائِقِ الأَشْيَاءِ بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وَهَذِهِ النَّفْسُ لَا يَسْتَأْسِرُهَا الْهَوَى فَإِنَّ أَمَالَهَا طَبْعُهَا أَقَامَهَا فِكْرُهَا وَانْتَاشَهَا مِنْ يَدِهِ عَقْلُهَا وَفَهْمُهَا لأَنَّهَا تَتَفَكَّرُ فِيمَا قَدْ نَابَهَا فَتَتَلَمَّحُ مُنْتَهَاهُ وَتَرَى غَايَتَهُ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا الْوُقُوفُ لأَنَّهَا فِي السَّيْرِ أَبَدًا تَتَرَقَّى مِنْ عِلْمٍ إِلَى عِلْمٍ وَالْعَاشِقُ وَاقِفٌ مَعَ صُورَةٍ جَامِدَةٍ عَنِ التَّحَرُّكِ وَالْعَارِفُ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي السَّيْرِ لَا يَفْتُرُ وَلا يُنْكِرُ أَنْ يَقْوَى طَبْعُهُ عَلَيْهِ فِي حَالٍ وَتَمِيلُ بِهِ الْمَحَبَّةُ لِلْصُوَرِ أَحْيَانًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَسِيرًا إِنَّمَا يَمِيلُ يَسِيرًا قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ لَيْسَ الْعِشْقُ مِنْ أَدْوَاءِ الْحُصَفَاءِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَمْرَاضِ الْخُلَعَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا دَأْبَهَمْ وَلَهْجَهُمْ مُتَابَعَةَ النَّفْسِ وَإِرْخَاءَ عَنَانِ الشَّهْوَةِ وَإِمْرَاجَ النَّظَرِ فِي مُسْتَحْسَنَاتِ الصُّوَرِ فَهُنَالِكَ تَتَقَيَّدُ النَّفْسُ بِبَعْضِ الصُّوَرِ فَتَأْنَسَ ثُمَّ تَأْلَفَ ثُمَّ تَتُوقُ ثُمَّ تَلْمَحُ فَيُقَالُ عَشِقَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ صِفَاتِ الْحُكَمَاءِ لأَنَّ الْحَكِيمَ مَنِ اسْتَطَالَ رَأْيُهُ عَلَى هَوَاهُ وَتَسَلَّطَتْ حِكْمَتُهُ عَلَى شَهْوَتِهِ فَرْعُونَاتُ طَبْعِهِ مُقَيَّدَةٌ أَبَدًا كَصَبِيٍّ بَيْنَ يَدَيِ مُعَلِّمِهِ أَوْ عَبْدٍ بِمَرْأَى سَيّده وَمَا كَانَ الشعق قَطُّ إِلا لأَرْعَنَ بَطَّالٍ وَقَلَّ أَنْ يَكُونَ لِمَشْغُولٍ بِصِنَاعَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ فَكَيْفَ لِمَشْغُولٍ بِالْعُلُومِ وَالْحِكَمِ فَإِنَّهَا تصرفه ذَلِك وَلِهَذَا لاتكاد تَجِدْهُ فِي الْحُكَمَاءِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ قَالَ قِيلَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ هَلْ تَعْرِفُونَ فِيكُمُ الْمَجْنُونَ الَّذِي قَتَلَهُ الْحُبُّ فَقَالَ إِنَّمَا يَمُوتُ مِنَ الْحُبِّ هَذِهِ الْيَمَانِيَّةُ الضِّعَافُ الْقُلُوبِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْعِشْقُ مَرَضٌ يَعْتَرِي النُّفُوسَ الْعَاطِلَةَ وَالْقُلُوبَ الْفَارِغَةَ وَالْمُتَلَمِحَةَ لِلصُّوَرِ لِدَوَاعٍ مِنَ النَّفْسِ وَيُسَاعِدُهَا إِدْمَانُ الْمُخَالَطَةِ فَتَتَأَكَّدَ الأُلْفَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وَيَتَمَكَّنَ الأُنْسُ فَيَصِيرُ بِالإِدْمَانِ شَغَفًا وَمَا عَشِقَ قَطُّ إِلا فَارِغٌ فَهُوَ مِنْ عِلَلِ الْبَطَّالِينَ وَأَمْرَاضِ الْفَارِغِينَ مِنَ النَّظَرِ فِي دَلائِلِ الْعِبَرِ وَطَلَبِ الْحَقَائِقِ الْمُسَتَدَلِّ بِهَا عَلَى عِظَمِ الْخَالِقِ وَلِهَذَا قَلَّ مَا تَرَاهُ إِلا فِي الرُّعْنِ الْبَطْرَى وَأَرْبَابِ الْخَلاعَةِ النَّوْكَى وَمَا عَشِقَ حَكِيمٌ قَطُّ لأَنَّ قُلُوبَ الْحُكَمَاءِ أَشَدُّ تَمَنُّعًا عَنْ أَنْ تَقِفَهَا صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْكَوْنِ مَعَ شِدَّةٍ تَطْلُبُهَا فَهِيَ أَبَدًا تَلْحَظُ وَتَخْطَفُ وَلا تَقِفُ وَقَلَّ أَنْ يَحْصُلَ عِشْقٌ مِنْ لَمْحَةٍ وَقَلَّ أَنْ يَضِيفَ حَكِيمٌ إِلَى لَمْحَةٍ نَظْرَةً فَإِنَّهُ مَارٌّ فِي طَلَبِ الْمَعَانِي وَمَنْ كَانَ طَالِبًا لمعْرِفَة الله لاتقفه صُورَةٌ عَنِ الطَّلَبِ لأَنَّهَا تَحْجِبُهُ عَنِ الْمُصَوَّرِ وَحُوشِيَتْ قُلُوبُ الْحُكَمَاءِ الطَّالِبِينَ فَضْلا عَنِ الْوَاصِلِينَ الْعَارِفِينَ مِنْ أَنْ تَحْبِسْهُمُ الصُّوَرُ أَوْ تَفْتِنُهُمُ الأَشْكَالُ عَنِ التَّرَقِّي فِي مَعَارِجِ مَقَاصِدِهِمْ أَوْ تَحُطُهُمْ عَنْ مَرَاكِزِهِمْ إِلَى مَحَلِّ الأَثْقَالِ الرَّاسِيَةِ بَلْ هُمْ أَبَدًا فِي التَّرَقِّي هَاتِكُونَ لِلْحُجُبِ وَالأَسْتَارِ بِقُوَّةِ النَّظَرِ فَصْلٌ وَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مُرَادَ النَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ اللَّذَّةُ فَلْنَقْدَحْ فِي اللَّذَّاتِ مُطْلَقًا بِمَا يَبِينُ بِهِ عَيْبَ الْعِشْقِ ثُمَّ نَخُصُّهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فَنَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ اللَّذَّةَ الْحَسَنَةَ لَيْسَتْ شَيْئًا مَطْلُوبًا فِي ذَاتِهَا إِنَّمَا هِيَ دَفْعُ حَادِثٍ مُؤْذٍ لِيَعُودَ الإِنْسَانُ إِلَى حَالَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْحَادِثِ وَمِثَالُ هَذَا كَرَجُلٍ خَرَجَ مِنْ مَكَانٍ ظَلِيلٍ فَسَارَ فِي الشَّمْسِ فَمَسَّهُ الْحَرُّ ثُمَّ عَادَ إِلَى الظِّلِّ فَإِنَّهُ يَلْتَذُّ بِذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى أَنْ يَعُودَ إِلَى حَالَتِهِ الأُولَى ثُمَّ يَفْقِدُ الالْتِذَاذَ وَيَكُونُ اشْتِدَادُ اللَّذَّةِ عَلَى قَدْرِ اشْتِدَادِ بُلُوغِ أَذَى الْحَرِّ إِلَيْهِ وَقَدْ يَتَصَوَّرُ صَاحِبُ اللَّذَّةِ أَنَّهَا حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ أَذًى سَابِقٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ لَذَّةٌ حَسَنَةٌ إِلا بِمِقْدَارِ التَّأَذِّي بِالْخُرُوجِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 عَنِ الطَّبِيعَةِ كَمَا أَنَّهُ بِمِقْدَارِ أَذَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ يَكُونُ الالْتِذَاذُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِذَا عَادَ الْجَائِعُ وَالْعَطْشَانُ إِلَى حَالَتِهِ الأُولَى كَانَ إِكْرَاهُهُ عَلَى تَنَاوُلِهِمَا أَبْلَغُ شَيْءٍ فِي أَذَاهُ وَأَرْبَابُ الطَّلَبِ لِلْمَلْذُوذِ لَا يَرَوْنَ إِلا صُورَةَ بُلُوغِ الْغَرَضِ وَهُمْ عَمُونَ بِحِجَابِ الْهَوَى الَّذِي قَدَّمْنَا ذَمَّهُ عَنْ فَهْمِ مَا قُلْنَا غَافِلُونَ عَمَّا تَنْطَوِي عَلَيْهِ اللَّذَّةُ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ بِالنُّفُوسِ وَانْكِسَارِ الْجَاهِ وَحُصُولِ الإِثْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَوْ قَدْ كَشَفَ فَجْرُ التَّيَقُظِ سِجَافَ لَيْلِ الْهَوَى فَرَأَوْا بِأَعْيُنِ الْبَصَائِرِ مَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ الْهَوَى مِنَ الآفَاتِ لَهَانَ عَلَيْهِمْ غَرَضُهُمْ قَالَ سُقْرَاطُ اللَّذَّةُ مِشْنَاقٌ مِنْ عَسَلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ اللَّذَّةُ مَشُوبَةٌ بِالْقُبْحِ فَتَفَكَّرُوا فِي انْقِطَاعِ اللَّذَّةِ وَبَقَاءِ ذِكْرِ الْقُبْحِ وَقَالَ آخَرُ عَارُ الْفَضِيحَةِ كَدْرُ لَذَّتِهَا فَصْلٌ وَإِذَا ثَبَتَ عَيْبُ اللَّذَّاتِ عِنْدَ الْعُقُولِ النَّيِّرَةِ بِمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فَهَذَا الْعَيْبُ لازِمٌ فِي بَابِ الْعِشْقِ بَلْ هُوَ بِهِ أَجْدَرُ فَإِنَّ إِعْمَالَ الْبَصَرِ فِي تِكْرَارِ النَّظَرِ حَقَنَ فِي نَفْسِ الْعَاشِقِ طَلَبَ الالْتِذَاذِ فَكُلَّمَا نَالَ لَذَّةً بِنَظْرَةٍ دَفَعَ بَعْضَ الأَذَى الَّذِي جَلَبَهُ لِنَفْسِهِ إِلا أَنَّهُ يَجْتَلِبُ بِتِلْكَ النَّظْرَةِ مِنَ الشَّرِّ أَضْعَافَ مَا دَفَعَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ تِكْرَارَ النَّظَرِ يُقَوِّي الْقَلَقَ إِلَى الْحَبِيبِ وَلا شِفَاءَ لِذَلِكَ إِلا أَنْ يَنْتَهِي إِلَى غَايَتِهِ الْمَطْلُوب مِنَ الْمُتْعَةِ الدَّائِمَةِ الَّتِي تَمْتَدُّ إِلَى بِدَايَةِ الْمَلَلِ وَبَعْضُ ذَلِكَ قَدْ يُوجِبُ خِزْيَ الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُشَّاقَ قَدْ جَاوَزُوا حَدَّ الْبَهَائِمِ فِي عَدَمِ مَلَكَةِ النَّفْسِ فِي الانْقِيَادِ إِلَى الشَّهَوَاتِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضُوا أَنْ يُصِيبُوا شَهْوَةَ الْوَطْءِ وَهِيَ أَقْبَحُ الشَّهَوَاتِ عِنْدَ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ حَتَّى أَرَادُوهَا مِنَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَضَمُّوا شَهْوَةً إِلَى شَهْوَةٍ وَذُلُّوا لِلْهَوَى ذُلا عَلَى ذُلٍّ وَالْبَهِيمَةُ إِنَّمَا تَقْصُدُ دَفْعَ الأَذَى عَنْهَا فَحَسْبُ وَهَؤُلاءِ اسْتَخْدَمُوا عُقُولَهُمْ فِي تَدْبِيرِ نَيْلِ شَهَوَاتِهِمْ فَصْلٌ فَقَدْ بَانَ لَكَ بِمَا ذَكَرْنَا عَيْبُ اللَّذَّاتِ وَعَيْبُ الْعِشْق من حهة مُشَابَهَتِهِ لِلَّذَّاتِ وَبَيَّنَّا أَنَّهُ يَزِيدُ عَيْبُهُ عَلَى عَيْبِ اللَّذَّاتِ مُطْلَقًا ونزيد ذَلِك شرحا هَا هُنَا فَنَقُولُ الْعِشْقُ بَيْنَ الضَّرَرِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَمَا فِي الدِّينِ فَإِنَّ الْعِشْقَ أَوَّلا يَشْغَلُ الْقَلْبَ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا خُلِقَ لَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الإِلَهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَالْقُرْبِ إِلَيْهِ ثُمَّ بِقَدْرِ مَا يَنَالُ مِنْ مُوَافَقَةِ غَرَضِهِ الْمُحَرَّمِ يَكُونُ خُسْرَانُ آخِرَتِهِ وَتَعَرُّضُهُ لِعُقُوبَةِ خَالِقِهِ فَكُلَّمَا قَرُبَ مِنْ هَوَاهُ بَعُدَ مِنَ مَوْلاهُ وَلا يَكَادُ الْعِشْقُ يَقْعُ فِي الْحَلالِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ فَيَا سُرْعَانَ زَوَالِهِ قَالَ الْحُكَمَاءُ كُلُّ مَمْلُوكٍ مَمْلُولٍ وَقَالَ الشَّاعِرُ وَزَادَنِي شَغَفًا بِالْحُبِّ أَنْ مُنِعْتُ ... وَحِبُّ شَيْءٍ إِلَى الإِنْسَانِ مَا مُنِعَا فَإِذَا كَانَ الْمَعْشُوقُ لَا يُبَاحُ اشْتَدَّ الْقَلَقُ وَالطَّلَبُ لَهُ فَإِنْ نِيلَ مِنْهُ غَرَضٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 فَالْعَذَابُ الشَّدِيدُ فِي مُقَابَلَتِهِ عَلَى أَنَّ بُلُوغَ الْغَرَضِ يَزِيدُهُ أَلَمًا فَتُرْبِي مَرَارَةُ الْفِرَاقِ عَلَى لَذَّةِ الْوِصَالِ كَمَا قَالَ قَائِلِهُمْ كُلُّ شَيْءٍ رَبَحْتُهُ فِي التَّلاقِي ... وَالتَّدَانِي خَسِرْتُهُ فِي الْفِرَاقِ وَإِنْ مَنَعَهُ خَوْفُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ نَيْلِ غَرَضٍ فَالامْتِنَاعُ عَذَابٌ شَدِيدٌ فَهُوَ مُعَذَّبٌ فِي كُلِّ حَالٍ فَصْلٌ وَأَمَّا ضَرَرُ الْعِشْقِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُورِثُ الْهَمَّ الدَّائِمَ وَالْفِكْرَ الَّلازِمَ وَالْوِسْوَاسَ وَالأَرَقَ وَقِلَّةَ الْمَطْعَمِ وَكَثْرَةَ السَّهَرِ ثُمَّ يَتَسَلَّطُ عَلَى الْجَوَارِحِ فَتَنْشَأُ الصُّفْرَةُ فِي الْبَدَنِ وَالرَّعْدَةُ فِي الأَطْرَافِ وَاللَّجْلَجَةُ فِي اللِّسَانِ وَالنُّحُولُ فِي الْجَسَدِ فَالرَّأْيُ عَاطِلٌ وَالْقَلْبُ غَائِبٌ عَنْ تَدْبِيرِ مَصْلَحَتِهِ وَالدُّمُوعُ هَوَاطِلٌ وَالْحَسَرَاتُ تَتَابُعٌ والزفرت تَتَوَالَى وَالأَنْفَاسُ لَا تَمْتَدُّ وَالأَحْشَاءُ تَضْطَرِمُ فَإِذَا غُشِيَ عَلَى الْقَلْبِ إِغْشَاءً تَامًّا أُخْرِجَتْ إِلَى الْجُنُونِ وَمَا أَقْرَبُهُ حِينَئِذٍ مِنَ التَّلَفِ هَذَا وَكَمْ يَجْنِي مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى الْعِرْضِ وَوَهْنِ الْجَاهِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَرُبَّمَا أَوْقَعَ فِي عُقُوبَاتِ الْبَدَنِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ وَقَدْ أَنْشَدُوا وَمَا عَاقِلٌ فِي النَّاسِ يُحْمَدُ أَمْرُهُ ... وَيُذْكَرُ إِلا وَهُوَ فِي الْحُبِّ أَحْمَقُ وَمَا مِنْ فَتًى ذَاقَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ ... مِنَ النَّاسِ إِلا ذَاقَهَا حِينَ يَعْشَقُ قَالَ جَالِينُوسُ الْعِشْقُ مِنْ فَعْلِ النَّفْسِ وَهِيَ كَامِنَةٌ فِي الدِّمَاغِ وَالْقَلْبِ وَالْكَبِدِ وَفِي الدِّمَاغِ ثَلاثَةُ مَسَاكِنٍ مَسْكَنٌ لِلْتَخَيُّلِ وَهُوَ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَمَسْكَنٌ لِلْفِكْرِ وَهُوَ فِي وَسَطِهِ وَمَسْكَنٌ لِلْذِكْرِ وَهُوَ فِي مُؤَخِرِهِ وَلا يُسَمَّى عَاشِقًا إِلا مَنْ إِذَا فَارَقَ مَعْشُوقَهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ تَخَيُّلِهِ فَيَمْتَنِعُ عَنِ الطَّعَام وَالشرَاب عَن بِاشْتِغَالِ الْكَبِدِ وَمِنَ النَّوْمِ بِاشْتِغَالِ الدِّمَاغِ بِالتَّخَيُلِ وَالْفِكْرِ وَالذِّكْرِ فَتَكُونُ جَمِيعُ مَسَاكِنِ النَّفْسِ قَدِ اشْتَغَلَتْ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 فَصْلٌ وَلَقَدْ وَصَفَ الْحُكَمَاءُ قُبْحَ مَا فِيهِ الْعُشَّاقُ فَأَبْلَغُوا وَكَانَتْ تَأْتِي عَلَى عُقَلاءِ الْعُشَّاقِ أَحْيَانًا إِفَاقَةً فَيَصِفُونَ قُبْحَ مَا هُمْ فِيهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ نَصْرُ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْجَاحِظُ قَالَ ذَكَرَ لِي عَنْ بَعْضِ حُكَمَاءِ الْهِنْدِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا ظَهَرَ الْعِشْقُ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ غَدَوْنَا عَلَى أَهْلِهِ بِالتَّعْزِيَةِ قَالَ الْجَاحِظُ وَبَلَغَنِي أَنَّ عَاشِقًا مَاتَ بِالْهِنْدِ عِشْقًا فَبَعَثَ مَلِكُ الْهِنْدِ إِلَى الْمَعْشُوقِ يَقْتُلُهُ بِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْهِنْدِ إِذَا ظَهَرَ الْعِشْقُ عِنْدَنَا فِي أَحَدٍ غَدَوْنَا عَلَيْهِ بِالتَّعْزِيَّةِ قَالَ الرَّبَعِيُّ وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيَّةٌ تَقُولُ مِسْكِينٌ الْعَاشِقُ كُلُّ شَيْءٍ عَدُوُّهُ هُبُوبُ الرِّيَاحِ يُقْلِقُهُ وَلَمَعَانُ الْبَرْقِ يُؤَرِّقُهُ وَرُسُومُ الدِّيَارِ تُحْرِقُهُ وَالْعَذْلُ يُؤْلِمُهُ وَالتَّذَكُّرُ يُسْقِمُهُ وَالْبُعْدُ يُنْحِلُهُ وَالْقُرْبُ يُهَيِّجُهُ وَاللَّيْلُ يُضَاعِفُ بَلاهُ وَالرُّقَادُ يَهْرَبُ مِنْهُ وَلَقَدْ تَدَاوَيْتُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِ دَوَاءٌ وَلا عَزَّى فِيهِ عَزَاءٌ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الَّذِي يَقُولُ وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمُحِبَّ إِذَا دَنَا ... يَمَلُّ وَأَنَّ النَّأْيَ يُشْفِي مِنَ الْوِجْدِ بِكُلٍّ تَدَاوَيْنَا فَلَمْ يَشْفِ مَا بِنَا ... عَلَى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنَ الْبُعْدِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَنْشَدَنِي الْمَارِسْتَانِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 إِذَا قَرُبَتْ دَارٌ كَلِفْتُ وَإِنْ نَأَتْ ... أَسِفْتُ فَلا بِالْقُرْبِ أَسْلُو وَلا الْبُعْدِ وَإِنْ وَعَدَتْ زَادَ الْهَوَى لانْتِظَارِهَا ... وَإِنْ بَخِلَتْ بِالْوَعْدِ مِتُّ عَلَى الْوَعْدِ فَفِي كُلِّ حُبّ لَا مَحَالَةَ فَرْحَةٌ ... وَحُبُّكِ مَا فِيهِ سِوَى مُحْكَمِ الْجَهْدِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَبْرِيَّةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَوْهُوبُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ وَقَفَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ عَلَى أُخْتٍ لَهَا فَقَالَتْ لَهَا يَا فُلانَةُ كَيْفَ أَصْبَحْتِ مِنْ حُبِّ فُلانٍ قَالَتْ قَلْقَلَ وَاللَّهِ حُبُّهُ السَّاكِنَ وَسَكَّنَ الْمُتَحَرِّكَ ثُمَّ أَنْشَدَتْهَا وَلَوْ أَنَّ مَا بِالْحَصَى فُلِقَ الْحَصَى ... وَبِالرِّيحِ لَمْ يُسْمَعْ لَهُنَّ هُبُوبُ وَلَوْ أَنَّنِي اسْتَغْفِرُ اللَّهَ كُلَّمَا ... ذَكَرْتُكَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيَّ ذُنُوبُ فَقَالَتْ لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَا أَقْفُ حَتَّى أَسْأَلَهُ كَيْفَ أَصْبَحَ مِنْ حُبِّكِ فَجَاءَتْهُ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ إِنَّمَا الْهَوَى هَوَانٌ وَإِنَّمَا خُولِفَ بِاسْمِهِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ مَا أَقُولُ مَنْ كَانَ مِثْلِي أَبْكَتْهُ الْمَعَارِفُ وَالطُّلُولُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بكرالعامري وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ الْهُذَلِيُّ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَزُبَانُ السَّوَّاقُ إِلَى الْعَقِيقِ فَلَقِينَا نِسْوَةٌ نَازِلاتٌ مِنَ الْعَقِيقِ ذَوَاتُ جَمَالٍ وَفِيهِنَّ جَارِيَةٌ حَسْنَاءُ الْعَيْنَيْنِ فَأَنْشَدَ زُبَانُ قَوْلَ أَبِي أَلا يَا عِبَادَ اللَّهِ هَذَا أُخُوكُمْ ... قَتِيلا فَهَلْ فِيكُمْ لَهُ الْيَوْمَ ثَائِرُ خُذُوا بِدَمِي إِنْ مِتُّ كُلَّ خَرِيدَةٍ ... مَرِيضَةِ جَفْنِ الْعَيْنِ وَالطَّرْفُ سَاحِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وَأَشَارَ إِلَيْهَا فَقَالَ يَابْنَ الْكِرَامِ دَمُ أَبِيكَ وَاللَّهِ فِي أَثْوَابِهَا فَلا تَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ قَالَ فَأَقَبَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مَعَهَا جَمِيلَةٌ أَجْمَلُ مِنْ تِيكَ فَقَالَتْ أَنْتَ ابْنُ جُنْدَبٍ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَتْ إِنَّ أَسِيرَنَا لَا يُفَكُّ وَقَتِيلُنَا لَا يُدَى فَاحْتَسِبْ أَبَاكَ وَاغْتَنِمْ نَفْسَكَ وَمَضَيْنَ فَصْلٌ فِيهِ أَشْعَارٌ قِيلَتْ فِي ذَمِّ الْعِشْقِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ أَنْبَأَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ سُئِلَ أَعْرَابِيٌّ عَنِ الْحُبِّ فَقَالَ وَمَا الْحُبُّ وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَلْ هُوَ إِلا سِحْرٌ أَوْ جُنُونٌ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ هَلِ الْحُبُّ إِلا زَفْرَةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ ... وَحَرٌّ عَلَى الأَحْشَاءِ لَيْسَ لَهُ بَرْدُ وَفَيْضُ دُمُوعٍ مِنْ جُفُونِي كُلَّمَا ... بَدَا عَلَمٌ مِنْ أَرْضِكُمْ لَمْ يَكُنْ يَبْدُو قَالَ الأَصْمَعِيُّ وَقُلْتُ لأَعْرَابِيٍّ مَا الْحُبُّ فَقَالَ الْحُبُّ مَشْغَلَةٌ عَنْ كُلِّ صَالِحَةٍ ... وَسَكْرَةُ الْحُبِّ تَنْفِي سَكْرَةَ الْوَسَنِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْشَدَنِي الصَّيْدَلانِيُّ قَالَتْ جُنِنْتُ عَلَى رَأْسِي فَقُلْتُ لَهَا ... الْعِشْقُ أَعْظَمُ مِمَّا بِالْمَجَانِينِ الْعِشْقُ لَيْسَ يَفِيقُ الدَّهْرَ صَاحِبُهُ ... وَإِنَّمَا يُصْرَعُ الْمَجْنُونُ فِي الْحِينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْيَزِيدِيِّ عَنْ عَمِّهِ أَبِي أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ لأَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْيَزِيدِيِّ كَيْفَ يَطِيقُ النَّاسُ وَصْفَ الْهَوَى ... وَهُوَ جَلِيلُ مَا لَهُ قَدْرُ بَلْ كَيْفَ يَصْفُو لِحَلِيفِ الْهَوَى ... عَيْشٌ وَفِيهِ الْبِينُ وَالْهَجْرُ وَلَهُ أَيْضًا وَالْهَوَى أَمْرٌ عَجِيبٌ شَأْنُهُ ... تَارَةً يَأْسٌ وَأَحْيَانًا رَجَا لَيْسَ مِمَّنْ مَاتَ مِنْهُ عَجَبٌ ... إِنَّمَا يُعْجَبُ مِمَّنْ قَدْ نَجَا أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَيْرُونٍ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ الْفَلْوَةِ صَبَّتْ عَلَى كَبِدِي مِنْ حُبِّهَا حُرُقًا ... لَوْ أَنْ أُبَرِّدُهَا بِالْمَاءِ مَا شُرِبَا لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ قَلْبِي أَوْ يُطَاوِعُنِي ... لَصُنْتُهُ وَكَفَانِي أَنْ يُقَالَ صَبَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنَاذِرَ مَنْ فَتًى أَصْبَحَ فِي الْحُبِّ ... م سَقَاهُ الْحُبُّ سُمَّا كُلَّمَا أَخْفَى جوى الْحبّ ... م عَلَيْهِ الدَّمْعُ نَمَّا سَاهِرٌ لَا يَطْعَمُ النَّوْمَ ... إِذَا اللَّيْلُ ادْلَهَمَّا كُلَّمَا رَاقَبَ نَجْمًا ... فَهَوَى رَاقَبَ نَجْمَا أَنْتُمُ هَمِّي فَإِنْ لَمْ ... تَصِلُونِي مِتُّ غَمَّا يَا ثِقَاتِي خطم الْحبّ ... م لَكُمْ أَنْفِي وَزَمَّا يَا أَخِي دائي جوى الْحبّ ... م وَدَاءُ النَّاسِ جُمَّا لَا تَلُمْ مُفْتَضَحًا فِي الْحُبِّ ... إِنَّ الْحُبَّ أَعْمَى وَلِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَمِنْ لَوْعَةِ الْهَوَى ... صَبَرْتُ عَلَى التَّقْصِيرِ أَمْ لَيْسَ لِي قَلْبُ أُقَبِّحُ أَمْرًا وَالْفُؤَادُ يُحِبُّهُ أَجُنَّ فُؤَادِي فِي الْهَوَى بَلْ هُوَ الْحُبُّ وَلَهُ حِيَاضُ الْحُبِّ مُتْرَعَةُ مَنَايَا ... مُطَوَّقَةٌ بِلَذَّاتِ النَّعِيمِ قَرِينُ الْحُبِّ يَأْنَسُ بِالْهُمُومِ ... وَيُكْثِرُ فِكْرَةَ الْقَلْبِ السَّلِيمِ وَأَعْظَمُ مَا يَكُونُ بِهِ اغْتِبَاطًا ... عَلَى خَطَرٍ وَمُطَّلَعٍ عَظِيمِ وَقَالَ الْبُحْتُرِيُّ قَالَ بُطْلا وَأَمَالَ الرَّأْيَ من ... لم يقل إِن المنايا فِي الحدق إِن تكن محتسبا من قد ثوى ... بحمام فاحتسب من قد عشق وَقَالَ أَبُو تَمام أما الْهوى فَهُوَ الْعَذَاب فَإِن جرت ... فِيهِ النَّوَى فأليم كل أَلِيم وَلابْن أبي حَصِينَة والعشق يجتذب النُّفُوس إِلَى الردى ... بالطبع واحسدي لمن لم يعشق طرق الخيال فهاج لِي بِطُرُوقِهِ ... وَلَهًا فَلَيْتَ خَيَالَهَا لَمْ يَطْرُقِ وَلابْنِ الرُّومِيِّ قَبَحَ الْهَوَى مَلِكُ السَّمَاءِ فَلَمْ يَزَلْ ... دِينًا يَدِينُ قَوِّيُهُ لِضَعِيفِهِ وَلَحَى الصَّبَا بَعْدَ الْمَشِيبِ فَإِنَّهُ ... شَأْوٌ يُرِيكَ الْحُرَّ خلف وصيفه وَله الْحبّ دَاء عياء لَا دَوَاءَ لَهُ ... تَضِلُّ فِيهِ الأَطِبَاءُ النَّحَارِيرُ قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ الْعَاشِقِينَ غَلَوْا ... فِي وَصْفِهِ فَإِذَا بِالْقَوْمِ تَقْصِيرُ وَلِصَالِحِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُوسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 عَاصِ الْهَوَى إِنَّ الْهَوَى مَرْكَبٌ ... يَصْعَبُ بَعْدَ اللَّينِ مِنْهُ الذَّلِيلُ إِنْ يَجْلِبِ الْيَوْمَ الْهَوَى لَذَّةً ... فَفِي غَدٍ مِنْهُ الْبُكَا وَالْعَوِيلُ وَلابْنِ الْمُعْتَزِّ لَقَدْ كُنْتُ دَهْرًا عَسُوفًا جَلِيدًا ... عَلَى مَا يَنُوبُ قَوِيًّا جَلِيدَا فَصَيَّرَنِي الْحُبُّ لَا أَسْتَطِيعُ ... أَقِيلُ بِكَفِّي مِنَ الأَرْضِ عُودَا وَلَهُ أَيُّهَا الرَّكْبُ بَلِّغُوهَا سَلامِي ... وَاتَّقُوا لَحْظَ طَرْفِهَا السَّحَّارَا إِنَّ مَسَّ الْهَوَى خَفِيٌّ كَدَاءِ ... الْعُرِّ يُعْدِي فَيُفْسِدُ الأَبْرَارَا وَلَهُ وَالْحُبُّ سُلْطَانٌ لَهُ عُبَيْدٌ ... مَجَّانٌ لَمْ يُشْرَوْا بِأَثْمَانِ وَلَهُ كَمْ قَدْ رَأَيْنَا قَاهِرًا سُلْطَانُهُ ... لَبِسَ الْهَوَى فَأَذَلَّهُ سُلْطَانُهُ وَلَهُ وَكَأَنَّ الْهَوَى امْرُؤٌ عَلَوِيٌ ... ظَنَّ أَنِّي وَلِيتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ وَكَأَنِّي لَدَيْهِ نَجْلُ زِيَادٍ ... فَهُوَ يَخْتَارُ أَوْجَعَ الْقَتْلَيْنِ وَلَهُ أَيَا قَلْبُ ذُقْ خَالَفْتَنِي وَعَصِيتَا ... نَهَيْتُكَ عَمَّا ضَرَّنِي فَأَبَيْتَا عَصَيْتَ مَقَالِي فِي التَّسَرُّعِ فِي الْهَوَى ... وَخَالَفْتَنِي فِيهِ فَكَيْفَ رأيتا أخبرتنا شهدة بن أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ قَالَ مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ قُلْتُ لِمَجْنُونٍ كَانَ عِنْدَنَا وَكَانَ شَاعِرًا يُقَالُ إِنَّ عَقْلَهُ ذَهَبَ لِفَقْدِ ابْنَةِ عَمٍّ كَانَتْ لَهُ أَجِزَ هَذَا الْبَيْتَ وَمَا الْحُبُّ إِلا شُعْلَةٌ قَدَحَتْ بِهَا ... عُيُونُ الْمَهَا بِاللُّحْظِ بَيْنَ الْجَوَانِحِ فَقَالَ عَلَى الْمَكَانِ وَنَارُ الْهَوَى تَخْفَى وَفِي الْقَلْبِ فِعْلُهَا ... كَفِعْلِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ كَفُّ قَادِحِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَجَّاجِ وَيْحَكَ يَا قَلْبُ مَا أَغْفَلَكَ ... تَعْشَقُ مَنْ يَعْشَقُ أَنْ يَقْتُلَكَ وَأَنْتَ يَا طَرْفِي أَوْقَعْتَنِي ... وَيْحَكَ يَا طَرْفُ مَا لِي وَلَكَ قَدْ كَانَ مِنْ حَقِّ بُكَايَ عَلَى ... مَنْ يُبْتَلَى بِالْحُبِّ أَنْ يَشْغَلَكَ حَتَّى تَوَصَّلْتَ لِقَلْبِي فَلا ... كُنْتَ وَلا كَانَ الَّذِي أَرْسَلَكَ وَلَهُ يَا سَائِلِي عَنْ دَمِي لَا تَطْلُبُوا أَحَدًا ... بَعْدِي بِهِ فَدَمِي الْمَسْفُوكُ فِي عُنُقِي إِنِّي حَمَلْتُ عَلَى نَفْسِي لِشَقْوَتِهَا ... مِثْلَ الْجِبَالِ مِنَ الْبَلْوَى فَلَمْ تُطِقِ وَلَهُ قُلْ لِقَلْبِي لِمَ تَشْكُو ... لَا شَفَى اللَّهُ غَلِيلَكَ أَنْتَ يَا مِسْكُينُ ... خَلَّطْتَ وَأَكْثَرْتَ فُضُولَكَ يَوْمَ صَيَّرْتَ إِلَى بَدْرِ ... الدُّجَى عَنِّي رَسُولك طَالبا هَيْهَات يَا قلبِي ... مَالا يَسْتَوِي لَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 وَلأَبِي الْفَرَجِ الْوَأْوَاءِ سُبُلُ الْهَوَى وَعْرُ ... حُلْوُ الْهَوَى مُرُّ بَرْدُ الْهَوَى حَرُّ ... يَوْمُ الْهَوَى دَهْرُ سِرُّ الْهَوَى جَهْرُ ... وَلأَبِي مُحَمَّدٍ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانٍ لَوْلاكِ مَا نَزَلَ الْقَتِيرُ بِرَاسِي ... وَأَصَارَنِي حَرَضًا لَدَى جُلاسِي أُمْسِي وَأُصْبِحُ خَاضِعًا مُتَذَّلِلا ... مِنْ بَعْدِ طُولِ تَأَنُّفٍ وَشُمَاسِ لَوْلا قَضَاءُ اللَّهِ وَهُوَ أَصَارَنِي ... لَكِ صَاحِبًا مَا كُنْتِ مِنْ أَحْلاسِي وَلَوِ انْجَلَتْ عَنْ نَاظِرَيَّ غَيَابَةٌ ... تَغْشَى رَأَيْتُكِ مِثْلَ كُلِّ النَّاسِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْشَدْتُ لأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصِّقِلِيِّ ابْتَدَاءَ قَصِيدَةٍ لَهُ وَقَدْ لَقِيتُهُ بِإِسْكَنْدَرِيَةِ هَذِي الْخُدُودُ وَهَذِهِ الْحِدَقُ ... فَلْيُدْنِ مَنْ بِفُؤَادِهِ يَثِقُ لَوْ أَنَّهُمْ عَشِقُوا لَمَا عَذَلُوا ... لَكِنَّهُمْ عَذَلُوا وَمَا شَقوا عَنُفُوا عَلَيَّ بِلَوْمِهِمْ سَفَهًا ... لَوْ جَرَعُوا كَأْسَ الْهَوَى رَفِقُوا لَيْسَ الْفُؤَادُ مَعِي فَاعْلَمْ مَا ... قَدْ نَالَ مِنْهُ الشَّوْقُ وَالْقَلَقُ مَا الْحُبُّ إِلا مَسْلَكٌ خَطِرٌ ... عَسْرُ النَّجَاةِ وَمَوْطِنٌ قَلِقُ وَلأَبِي بَكْرٍ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلافِ أَقُولُ وَقَدْ جَدَّ الْغَرَامُ بِمُهْجَتِي ... وَفَاضَتْ جُفُونِي بَعْدَ أَدْمُعِهَا دَمَا إِذَا شِئْتَ أَنْ تَلْقَى مِنَ النَّاسِ مَيِّتًا ... عَلَى صُورَةِ الأَحْيَاءِ فَالْقَ مُتَيَّمَا وَقَالَ عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ غَالِبٍ الصُّوْرِيُّ أَطْلَعَنِي الْحُبُّ عَلَى غَيْبِهِ ... فَصِرْتُ أَدْرِي الْيَوْمَ مَا فِي غَدٍ وَاللَّهِ مَا عُورِضْتُ فِي مُهْجَتِي ... إِلا لأَنْ أَرْفَعَ عَنْهَا يَدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وَقَالَ أَيْضًا وَكَانَ ابْتِدَاءُ الَّذِي بِي مُجُونًا ... فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَمْسَى جُنُونَا وَكُنْتُ أَظُنُّ الْهَوَى هَيِّنًا ... فَلاقَيْتُ مِنْهُ عَذَابًا مُهِينَا وَقَالَ أَيْضًا رُدُّوا عَلَيْنَا مَا أَخَذْتُمْ لَنَا ... وَعَاوِدُونَا فِيهِ إِنْ عُدْنَا مَا زَالَت الْأَسْرَار مكتومة ... ماسمع النَّاسُ وَلا قُلْنَا أَيْسَرُ مَا فِي أَمْرِنَا أَنَّنَا ... لَمَّا حَفِظْنَا عَهْدَكُمْ ضِعْنَا وَلَهُ كَأْسُ الْهَوَى وَالْخَمْرِ وَاحِدَةٌ ... كُلٌّ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الْعَقْلِ وَلَهُ وَلِلْحُبِّ غَايَاتٌ وَأَسْهَلُهَا الرَّدَى ... وَقَدْ صَارَ عِنْدِي عِنْدَمَا نَالَنِي سَهْلا وَقَالَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ الْفَضْلِ فَمَا فِي الْهَوَى مَرْعَى يَطِيبُ لِذَائِقٍ ... وَلا مَوْرِدٌ عَذْبٌ يَلَذُّ بِهِ حَاسِي سُؤَالُ مَغَانٍ رَبْعُهَا أَخْرَسُ الصَّدَى ... وَشَكْوَى إِلَى مَنْ قَلْبُهُ لَيِّنٌ قَاسِي وَله كلف تجلدت الَّذِي أَسْتَطِيعُهُ ... هَلْ فِيَّ إِلا قُدْرَةَ الإِنْسَانِ وَلِئْنِ فَرَرْتُ مِنَ الْهَوَى بِحَشَاشَتِي ... فَالْحُبُّ شَرُّ مَتَالِفِ الْحَيَوَانِ وَلَهُ نَوَدُّ النُّحُورَ وَنَهْوَى الثُّغُورَ ... وَنَعْلَمُ أَنَّا نُحِبُّ الْمُتُونَا وَلَهُ النَّجَاءَ النَّجَاءَ مِنْ أَرْضِ نَجْدِ ... قَبْلَ أَنْ يَعْلَقَ الْفُؤَادُ بِوَجْدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 كَمْ خَلِيٍّ غَدَا إِلَيْهِ وَأَمْسَى ... وَهُوَ يَهْذِي بِعُلْوَةَ وَبِهِنْدِ وَلأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَنْبَرِيُّ يَا صَاحِ إِنِّي مُذْ عَرَفْتُ الْهَوَى ... غَرِقْتُ فِي بَحْرٍ بِلا سَاحِلِ عَيْنِي لِحِينِي نَظَرَتْ نَظَرَةً ... رُحْتُ لَهَا فِي شُغْلِ شَاغِلِ عَلِقْتُهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ فَارِسٍ ... لَكِنَّهُ فِي السِّحْرِ مِنْ بَابِلِ يَظْلِمُنِي وَالْعَدْلُ مِنْ شَأْنِهِ ... مَا أَوْجَعَ الظُّلْمَ مِنَ الْعَادِلِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِعُ يَا قلب صبرا لنبل غُنْجٍ ... مِنْ مُقْلَةِ الشَّادَنِ الْمَلِيحَهْ هَذَا الَّذِي كُنْتُ فِي مَسَاءٍ ... أَنْهَاكَ عَنْهُ وَفِي صَبِيحَهْ حَتَّى إِذَا مَا وَقَعْتُ فِيهِ ... وَصِرْتَ فِي حَالَةٍ قَبِيحَهْ جِئْتَ مِنَ الْحُبِّ مُسْتَغِيثًا ... تَسْأَلُنِي سَلْوَةً مُرِيحَهْ كَطَالِبِ الرُّشْدِ عِنْدَ أَعْمَى ... وَقَابِسِ النَّارِ فِي الْبَطِيحَهْ سَوْفَ أُنَادِي عَلَيْكَ حَتَّى ... تَصِيرَ بَيْنَ الْمَلا فَضِيحَهْ هَذَا جَزَا مَنْ نَصَحْتُ جَهْدِي ... لَهُ فَلَمْ يَقْبَلِ النَّصِحيَهْ وَلَهُ أَيْضًا أَبَتْ نَارُ قَلْبِكَ إِلَّا استعارا ... وَمَاء شؤونك إِلا انْهِمَارَا وَكُنْتَ صَبُورًا قُبَيْلَ الْفِرَاقِ ... فَهَلا أَطَقْتَ عَلَيْهِ اصْطِبَارَا أَهَابَ بِقَلْبِكَ دَاعِي النَّوَى ... غَدَاةَ الْوَدَاعِ أَلا لَا فِرَارَا فَأَزْمَعْ إِذَا أَزْمَعُوا نِيَّةَ ... فِرَاقَ حَشَاكَ وَسَارُوا فَسَارَا فَلَسْتَ تَرَاكَ ضَنًي بَعْدَهَا ... عُيُونُ الْعَوَائِدِ حَتَّى تُمَارَى كَأَنْ لَمْ يُطِفْ بِسَوَاكَ الْهَوَى ... وَلا احْتَلَّ غَيْرَ سُوَيْدَاكَ دَارَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 وَقَدْ مَاتَ قَيْسٌ بِهِ هَائِمًا ... فَمَا أَدْرَكَتْ عَامِرٌ مِنْهُ ثَارَا وَأَوْدَى بِعُرَوَةَ مِنْ قَبْلِهِ ... فَلَمْ تَغْزُ عُذْرَةُ عَنْهُ انْتِصَارَا وَمَاتَ بِدَائِهِمَا تَوْبَةُ ... أَحَبُّو كِرَامًا وَمَاتُوا حِرَارَا وَأَنْتَ عَلَى إِثْرِهِمْ سَالِكٌ ... سَبِيلَهُمْ فَالْفَرَارَ الْفَرَارَا وَكُنْتُ وَلَيْلَى رَضِيعَيْ هَوَى ... وَجَارِي صَفَا مَا تذم الجوارا فَأصْبح قد جد حَبْلُ الْوِصَالِ ... وَجَدَّ الْفِرَاقُ فَشَطَّتْ مَزَارَا وَقَدْ خَلَّفَتْنِي أَرْعَى النُّجُومَ ... أَيْنَ بَدَا ذَا وَذَا أَيْنَ غَارَا وَقَالَ آخَرُ أَيُّهَا النَّائِمُونَ حَوْلِي هَنِيًّا ... هَكَذَا كُنْتُ حَيْثُ كُنْتُ خَلِيَّا مَنْ رَآنِي فَلا يُدِيَمَنَّ لَحْظًا ... وَلْيَكُنْ مِنْ جِلِيسِهِ سَامِرِيَّا وَقَالَ آخَرُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَرَى الْمَنَايَا ... بَعَيْنِهِ مَنْظَرًا صُرَاحَا فَلْيَحْسُ كَأْسًا مِنَ التَّجَنِّي ... وَلَيْعَشَقِ الأَوْجُهَ الْمِلاحَا يَا أَعْيُنًا أَرْسَلْتِ مِرَاضًا ... فَاخْتَلَسْتِ أَعْيُنًا صِحَاحَا وَقَالَ آخَرُ مَنْ كَانَ لَمْ يَذُقِ الْهَوَى فَلْيَأْتِنِي ... أُخْبِرْهُ مِنْ طَبٍّ بِهِ ذَوَّاقِ الْحُبُّ أَوَّلُهُ يَلَذُّ مَذَاقُهُ ... فَإِذَا خَبَرْتَ خَبَرْتَ شَرَّ مَذَاقَ وَقَالَ آخَرُ مَا أَقْتَلَ الْحُبِّ وَالإِنْسَانُ يَجْهَلُهُ ... وَكُلُّ مالم يَذْقُهُ فَهُوَ مَجْهُولُ رَاحَ الرُّمَاةُ إِلَى بَعْضِ الْمَهَا فَإِذَا ... بَعْضُ الرُّمَاةِ بِبَعْضِ الصَّيْدِ مَقْتُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذِكْرِ ثَوَابِ مَنْ عَشَقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ النِّعَالِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَدَثَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَشِقَ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى وَأَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودٍ الأَنْبَارِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَدَثَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ الذَّارِعُ قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُؤَدِّبُ مَعْنَى وَكَتَمَ كَتَمَ مَنْ يُحِبُّهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدثنَا الذِّرَاع قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُرَيْثٍ عَنْ مَطَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَقَّالِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَليّ قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ابْن طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّرْصَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم ابْن جَعْفَرٍ الْفَقِيهُ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمِّلُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَتَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم ابْن بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ ابْن سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ وَكَتَمَ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْزُومٍ قَالَ حَدثنِي الْحسن ابْن عَلِيٍّ الأُشْنَانِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالا حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَشِقَ فَظَفِرَ فَعَفَّ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ الطوسي قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْنِ الرَّازِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ حَدَّثَنِي بَعْضُ رُفَقَائِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَشِقَ فَعَفَّ وَكَتَمَ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْزُومٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأُشْنَانِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالا حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَشِقَ فَظَفِرَ فَعَفَّ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الرَّازِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ حَدَّثَنِي بَعْضُ رُفَقَائِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُوَيْدِ بْنُ سَعِيدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ وَكَتَمَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّار قَالَ أَنبأَنَا إِبْرَاهِيم ابْن عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَزْرَقُ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ عَشِقَ فَكَتَمَهُ وَعَفَّ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الأَزْرَقُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاتَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَسْقَطَ ذِكْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاتَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ يُسْأَلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يَرْفَعُهُ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدثنَا قطنة بن الْمفضل ابْن إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَن عَائِشَة قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْجَاحِظَ يَقُولُ سُئِلَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعُشَّاقِ فَقَالَ أَشَدُّهُمْ حُبًّا أَعْظَمُهُمْ أَجْرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 الْبَابُ التَّاسِعُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذِكْرِ الآفَاتِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى الْعَاشِقِ مِنَ الْمَرَضِ وَالضَّنَى وَالْجُنُونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد قَالَ أَنبأَنَا الزبير ابْن بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِلَى النَّجَاشِي يُكَلِّمَانِهِ فِيمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَرَاسَلَ عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ جَارِيَةً لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَتْ مَعَهُ حَتَّى صَغَتْ إِلَيْهِ فَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ تَعْلَمُ عُمَارُ أَنَّ مِنْ شَرِّ شِيمَةٍ ... لِمِثْلِكَ أَنْ يُدْعَى ابْنَ عَمٍّ لَهُ ابْنَمَا أَئِنْ كُنْتَ ذَا بُرْدَيْنِ أَحْوَى مُرَجَّلا ... فَلَسْتُ بِرَاءٍ لابْنِ عَمِّكَ مَحْرَمَا إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَتْرُكْ طَعَامًا يُحِبُّهُ ... وَلَمْ يَنْهَ قَلْبًا غَاوِيًا حَيْثُ يَمَّمَا قَضَى وَطَرًا مِنْهُ وَغَادَرَ سُبَّةً ... إِذَا ذُكِرَتْ أَمْثَالُهَا تَمْلأُ الْفَمَا وَقَدْ كَانَ عُمَارَةُ أَخْبَرَ عَمْرًا أَنَّ زَوْجَةَ الْمَلِكِ النَّجَاشِيِّ عَلِقَتْهُ فَأَدْخَلَتْهُ فَلَمَّا يَئِسَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ أَمْرِ الْمُهَاجِرِينَ عِنْدَ النَّجَاشِي بَخِلَ بِعُمَارَةَ عِنْدَهُ وَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ وَخَبَرَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ ائْتِنِي بِعَلامَةٍ اسْتَدِّلُ بِهَا عَلَى مَا قُلْتَ فَعَادَ عُمَارَةُ فَأَخْبَرَ عَمْرًا بِأَمْرِهِ وَأَمْرِ زَوْجَةِ النَّجَاشِيِّ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو لَا أَقْبَلُ هَذَا مِنْكَ إِلا أَنْ لَا تَرْضَى مِنْهَا إِلا بِأَنْ تُعْطِيَكَ مِنْ دُهْنِ الْمَلِكِ الَّذِي لَا يَدَّهِنُ بِهِ غَيْرُهُ فَكَلَّمَهَا عُمَارَةُ فِي الدُّهْنِ فَقَالَتْ أَخَافُ مِنَ الْمَلِكِ فَأَبَى أَنْ يَرْضَى عَنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهُ مِنْ ذَلِكَ الدُّهْنِ فَأَعْطَتْهُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ عَمْرًا فَجَاءَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ النَّجَاشِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 فَنَفَخَ سِحْرًا فِي إِحْلِيلِهِ فَذَهَبَ مَعَ الْوَحْشِ فِيمَا تَقُولُ قُرَيْشٌ فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَوْحِشًا يَرِدُ مَاءً فِي جَزِيرَةٍ بِأَرْضِ الْحَبَشِ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرَصَدَهُ عَلَى الْمَاءِ فَأَخَذَهُ فَجَعَلَ يَصِيحُ بِهِ يَا بَحِيرُ أَرْسِلْنِي فَإِنِّي أَمُوتُ إِنْ أَمْسَكْتَنِي فَأَمْسَكَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ الْفَقِيهُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَاتِبُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ كَانَ لِكِسْرَى حَاجِبٌ عَشِقَ جَارِيَةً فَعَاتَبَتْهُ يَوْمًا فَلَمْ يَدْرِ مَا يُجِيبُهَا وَارْتُجَّ عَلَيْهِ فَذَهَبَ لِيَتَكَّلَمَ فَلَجْلَجَ قَالَ فَمَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَسَ يُكَلَّمُ فَلا يَتَكَّلَمُ فَجَمَعَ لَهُ كِسْرَى الأَطِبَّاءَ لِيُعَالِجُوهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حِيلَةٌ وَتُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرُ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ عُرْوَةُ يَا هَذَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ أَرَقُّ النَّاسِ قُلُوبًا فَقَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُ بِالْحَيِّ ثَلاثِينَ شَابًّا قَدْ خَامَرَهُمُ السِّلُّ مَا بِهِمْ إِلا دَاءُ الْحُبِّ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 ابْن صَالِحٍ عَنِ ابْنِ دَأْبٍ قَالَ مَرَّ عَمْرُو بْنُ مَنَاةَ الْخُزَاعِيُّ بِلَيْلَى الْخُزَاعِيَّةِ وَهِيَ تَحْتَ أَرَاكَةٍ وَمَعَهَا نِسْوَةٌ مِنْ قَوْمِهَا وَكَانَ عَمْرُو مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْحَدِيثِ وَرِقَّةِ الشّعْر فَقَالَ لَهُ النسْوَة هَل فَحَدِّثْنَا فَجَلَسَ يُحَدِّثْهُنَّ فَرَأَى لَيْلَى بِنْتَ عُيَيْنَةَ فَعَلِقَهَا وَتَزَايَدَ الأَمْرُ بِهِ فَهَامَ حَتَّى كَانَ لَا يَنَامُ إِلا حَيْثُ يَرَى بُيُوتَ أَهْلِهَا وَإِلا لَمْ يَنَمْ وَأَخَذَتْهُ الْوَسْوَسَةُ وَفَقَدَ عَقْلَهُ وَكَانَ لَا يَهْدَى إِلا بِذِكْرِهَا وَقَالَ فِيهَا أَشْعَارًا كَثِيرَةً فَمِنْ قَوْلِهِ فِيهَا تَوَسَّدَ أَحْجَارًا وَدَقْعَاءَ بَائِتًا ... مَبِيتَ عَسِيفِ الْحَيِّ غَيْرَ الْمُكَرَّمِ أَرَى بَيْتَ لَيْلَى حِينَ أُغْلِقَ بَابُهُ ... أَلَذُّ وَأَشْهَى مِنْ مُهَادٍ مُقَدَّمِ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَمَّامٍ قَالَ خَرَجْتُ أُرِيدُ بَعْضَ الْحَوَائِجِ فَإِذَا أَنَا بَابْنِ أَبِي مَالِكٍ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْنَ الْحِيرَةِ والكوفة فَقلت مَا تصنع هَهُنَا فَقَالَ أَصْنَعُ مَا كَانَ صَاحِبُنَا يَصْنَعُ فَقُلْتُ وَمَنْ صَاحِبُكُمْ قَالَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ صَاحِبُ لَيْلَى قَالَ وَإِلَى جَانِبِهِ حَجَرٌ فَتَنَاوَلَهُ وَعَدَا خَلْفِي فَتَجَاوَزَنِي الْحَجَرُ وَعُدْتُ فَقَعَدْتُ بَعِيدًا مِنْهُ قَالَ فَقَالَ لِي وَاللَّهِ مَا أَحْسَنَ وَلا أَجْمَلَ حَيْثُ يَقُولُ عَلِقْتُكِ إِذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ ... فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَعْتُ نَفْسِي أَلُومُهَا مَا لَهُ لَمْ يَقُلْ كَمَا قُلْتُ رَمَانِي الْهَوَى مِنْهُ بِأَعْظِمِ شَجْوَةٍ ... وَعَسْكَرَ حَوْلِي الْهَجْرُ دُونَ حَبِيبِي فَصَبْرًا لَعَلَّ الدَّهْرُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ... بِإِلْفِ حَبِيبِ أَوْ بِمَوْتِ رَقِيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 قَالَ ثُمَّ قَالَ أَلا تَقُولُ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْوَاحِدُ الأَحَدُ خَلَقَ فَقَدَرَ وَحَكَمَ فَعَدَلَ وَبِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ يَقُولُ رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي مَالِكٍ جَالِسًا فِي مَوْضِعٍ قد كَانَ فِيهِ رماد ودمعه قِطْعَةُ جِصٍّ يُخَطِّطُ بِهَا وَيَسْتَبِينُ بَيَاضَ الْجَصِّ فِي سَوَادِ الرَّمَادِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ أَبِي مَالِكٍ مَا تَصْنَعُ قَالَ مَاكَانَ صَاحِبُنَا يَصْنَعُ يَعْنِي مَجْنُونَ بَنِي عَامِرٍ قَالَ فَقُلْتُ وَمَا كَانَ يَصْنَعُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ عَشِيَّةً مَا لِي حِيلَةٌ غَيْرُ أَنَّنِي ... بِلَقْطِ الْحَصَا وَالْخَطِّ فِي الدَّارِ مُولَعُ أَخُطُّ وَأَمْحُو فِيهِ مَا قَدْ خَطَطُّتُهُ ... بِدَمْعِي وَالْغِرْبَانُ فِي الدَّارِ وُقَّعُ قُلْتُ مَا سَمِعْتُهُ قَالَ فَتَضَاحَكَ ثُمَّ قَالَ أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ} أَفَسِمْعُتُهُ أَوْ رَأَيْتُهُ يَا ابْنَ إِدْرِيسَ هَذَا كَلامُ الْعَرَبِ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الأَزْدِيِّ قَالَ رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ مَجْنُونًا قَاعِدًا عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ بِالْمَرْبَدِ وَكُلَّمَا مَرَّ بِهِ رَكْبٌ قَالَ أَلا أَيُّهَا الرَّكْبُ الْيَمَانُونَ عَرِّجُوا ... عَلَيْنَا فَقَدْ أَمْسَى هَوَانَا يَمَانِيَا لِنَسْأَلُكُمْ هَلْ سَالَ نُعْمَانُ بَعْدَنَا ... فَحُبَّ إِلَيْنَا بَطْنُ نُعْمَانَ وَادِيَا قَالَ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْبَصْرَةِ كَانَتْ لَهُ ابْنَةُ عَمٍّ وَكَانَ يُحِبُّهَا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ فنقلها فاستوله عَلَيْهِ وَبِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ يَزِيدَ الْكَتَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَعْرَابِيُّ قَالَ رَأَيْتُ بِالْبَادِيَةِ أَعْرَابِيًا فِي عُنُقِهِ تَمَائِمٌ وَهُوَ عُرْيَانٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وَعَلَى سَوْأَتِهِ خِرْقَةٌ وَفِي رِجْلِهِ حَبْلٌ وَخَلْفَهُ عَجُوزٌ تُمْسِكُهُ بِطَرْفِ الْحَبْلِ وَإِذَا هُوَ يَعَضُّ ذَرَاعَيْهِ فَقُلْتُ لِلْعَجُوزِ مَنْ هَذَا فَقَالَتْ ابْنُ ابْنَتِي فَقُلْتُ لَهَا مَا حَالُهُ أَبِهِ مَسٌّ مِنَ الْجِنِّ قَالَتْ لَا وَاللَّهِ لَكِنَّهُ نَشَأَ وَابْنَةُ عَمٍّ لَهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَعَلِقَهَا وَعَلِقَتْهُ فَحَبَسَهَا أَهْلُهَا عَنْهُ وَمَنَعُوهَا مِنْهُ فَزَالَ عَقْلُهُ وَصَارَ إِلَى مَا تَرَى فَقُلْتُ لَهَا مَا اسْمُهُ فَقَالَتْ عِكْرِمَةُ فَقُلْتُ أَيَا عِكْرِمَةُ مَا أَصَابَكَ فَقَالَ أَصَابَنِي دَاءُ قَيْسٍ ... وَعُرْوَةَ وَجَمِيلِ فَالْجِسْمُ مِنِّي نَحِيلٌ ... وَفِي الْفُؤَادِ غَلِيلُ قَالَ فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّرْخَسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ جَارِيَةٌ ظَرِيفَةٌ حَاذِقَةٌ بِالْغِنَاءِ فَهَوِيَتْ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ فَكَانَتْ لَا تُفَارِقُهُ وَلا يُفَارَقُهَا فَمَلَّهَا الْفَتَى وَتَزَايَدَتْ هِيَ فِي مَحَبَّتِهِ وَأَسِفَتْ وَغَارَتْ وَوَلِهَتْ وَجَعَلَ مَوْلاهَا لَا يَعْبَأُ بِذَلِكَ وَلا يَرِقُّ لِشَكْوَاهَا فَتَفَاقَمَ الأَمْرُ بِهَا حَتَّى هَامَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَمَزَّقَتْ ثِيَابَهَا وَضَرَبَتْ مَنْ لَقِيَهَا فَلَمَّا رَأَى مَوْلاهَا ذَلِكَ عَالَجَهَا فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهَا الْعِلاجُ وَكَانَتْ تَدُورُ بِاللَّيْلِ فِي السِّكَكِ بَعْدَ الطَّوَفِ فَلَقِيَهَا مَوْلاهَا ذَاتَ يَوْمٍ فِي الطَّرِيقِ وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَقُولُ الْحُبُّ أَوَّلُ مَا يَكُونُ لَجَاجَةً ... تَأْتِي بِهِ وَتَسُوقُهُ الأَقْدَارُ حَتَّى إِذَا اقْتَحَمَ الْفَتَى لُجَجَ الْهَوَى ... جَاءَتْ أُمُورٌ لَا تُطَاقُ كِبَارُ قَالَ فَمَا بَقِي أحد إِلا رَحِمَهَا فَقَالَ لَهَا مَوْلاهَا يَا فُلانَةُ امْضِي مَعَنَا إِلَى الْبَيْتِ فَأَبَتْ وَقَالَتْ شَغَلَ الْحَلْيُ أَهْلَهُ أَنْ يُعَارَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 قَالَ وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ رَآهَا لَيْلَةً وَقَدْ لَقِيَتْهَا مَجْنُونَةٌ أُخْرَى فَقَالَتْ لَهَا يَا فُلانَةُ كَيْفَ أَنْتِ فَقَالَتْ كَمَا لَا أُحِبُّ فَكَيْفَ أَنْتِ مِنْ وَلَهِكِ وَحُبِّكِ فَقَالَتْ عَلَى مَا لَمْ يَزَلْ يَتَزَايَدُ عَلَى مَرِّ الأَيَّامِ قَالَتْ لَهَا فَغَنِّي بِصَوْتٍ مِنْ أَصْوَاتِكِ فَإِنِّي قَرِيبَةُ الشَّبَهِ بِكِ فَأَخَذَتْ قَصَبَةً تُوقِعُ بِهَا وَغَنَّتْ يَا مَنْ شَكَا أَلَمًا لِلْحُبِّ شَبَّهَهُ ... بِالنَّارِ فِي الْقَلْبِ مِنْ حُزْنٍ وَتِذْكَارِ إِنِّي لأُعْظِمُ مَا بِي أَنْ أُشَبِّهَهُ ... شَيْئًا يُقَاسُ إِلَى مِثْلٍ وَمِقْدَارِ لَوْ أَنَّ قَلْبِيَ فِي نَارٍ لأَحْرَقَهَا ... لأَنَّ أَحْزَانَهُ أَذْكَى مِنَ النَّارِ قَالَ ثُمَّ مَضَتْ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَرَجِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ نَصْرٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْن أَبِي سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْحِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ قَالَ قَدِمَ عَلَى نَيْسَابُورَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سِيَابَةَ الشَّاعِرُ الْبَصْرِيُّ فَأَنْزَلْتُهُ عَلَيَّ فَجَاءَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي وَهُوَ مَكْرُوبٌ وَقَدْ هَاجَ فَجَعَلَ يَصِيحُ بِي يَا أَبَا يُوسُفَ فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ غَشِيَتْهُ بَلِيَّةٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا تَشَاءُ فَقَالَ أَعَيَانِيَ الشَّادِنُ الرَّبِيبُ ... فَقُلْتُ بِمَاذَا فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَشْكُو فَلا يُجِيبُ ... فَقُلْتُ دَاؤُهُ وَدَوَاؤُهُ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 مِنْ أَيْنَ أَبْغِي شِفَاءَ دَائِي ... وَإِنَّمَا دَائِي الطَّبِيبُ فَقُلْتُ إِذَنْ يُفَرَّجُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ يَا رَبِّ فَرِّجْ إِذَنْ وَعَجِّلْ ... فَإِنَّكَ السَّامِعُ الْمُجِيبُ ثُمَّ انْصَرَفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ ابْن مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ قَالَ ذَكَرَ أَبُو الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ إِنِّي لَبِمُزْدَلِفَةَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ سَمِعْتُ بُكَاءً حَرِقًا وَنَفَسًا عَالِيًا فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ فَإِذَا بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا الشَّمْسُ حُسْنًا وَمَعَهَا عَجُوزٌ فَلَطَطْتُ بِالأَرْضِ أُلاحِظُهَا وَأُمَتِّعُ عَيْنِي بِحُسْنِهَا فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ دَعَوْتُكَ يَا مَوْلايَ سِرًّا وَجَهْرَةً ... دُعَاءَ ضَعِيفِ الْقَلْبِ عَنْ مَحْمَلِ الْحُبِّ بُلِيتُ بِقَاسِي الْقَلْبِ لَا يَعْرِفُ الْهَوَى ... وَأَقْتَلُ خَلْقِ اللَّهِ لِلْهَائِمِ الصَّبِّ فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَقْضِ الْمَوَدَّةَ بَيْنَنَا ... فَلا يَخْلُ مِنْ حُبٍّ لَهُ أبدا قَلْبِي رَضِيتُ بِهَذَا مَا حَيِيتُ فَإِنْ أَمُتْ ... فَحَسْبِي ثَوَابًا فِي الْمَعَادِ بِهِ حَسْبِي قَالَ وَجَعَلَتْ تُرَدِّدُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ وَتَبْكِي فَقُمْتُ إِلَيْهَا وَقُلْتُ بِنَفْسِي أَنْتِ مَعَ هَذَا الَوْجَهِ وَهَذَا الْجَمَالِ يَمْتَنِعُ عَلَيْكِ مَنْ تُرِيدِينَ قَالَتْ نَعَمْ وَاللَّهِ وَاللَّهِ يَفْعَلُ هَذَا تَصَبُّرًا وَفِي قَلْبِهِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي قَلْبِي قُلْتُ فَإِلَى كَمِ الْبُكَاءُ قَالَتْ أَبَدًا أَوْ يَصِيرَ الدِّمْعُ دَمًا وَتَتْلَفُ نَفْسِي غَمًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 قُلْتُ إِنَّ هَذِهِ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْحَجِّ فَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ مَمَّا أَنْتِ فِيهِ رَجَوْتُ أَنْ يَذْهَبَ حُبُّهُ مِنْ قَلْبِكِ قَالَتْ يَا هَذَا عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ فِي طَلَبِ رَغْبَتِكَ فَإِنِّي قَدْ قَدَّمْتُ رَغْبَتِي إِلَى مَنْ لَا يَجْهَلُ بُغْيَتِي وَحَوَلَتْ وَجْهَهَا عَنِّي وَأَقْبَلَتْ عَلَى بُكَائِهَا وَشِعْرِهَا وَلَمْ يَكُنْ بِهَا قَوْلِي وَوَعْظِي أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أخبرنَا عبد الصمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرِمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمَارِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَذَّلٍ قَالَ كَانَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي قَدْ خَامَرَ قَلْبُهُ شَيْءٌ مِنَ الْوِجْدِ فَقَالَ سَلَبْتِ عِظَامِي لَحْمَهَا فَتَرَكْتِهَا ... عَوَارِيَ فِي أَجْلادِهَا تَتَكَسَّرُ وَأَخْلَيْتِ مِنْهَا مُخَّهَا فَكَأَنَّهَا ... قُوَارَيرُ فِي أَجْوَافِهَا الرِّيحُ تُصْفِرُ خُذِي بِيَدِي ثُمَّ ارْفَعِي الثَّوْبَ فَانْظُرِي ... بَلِيَ جَسَدِي لَكِنَّنِي أتَسَتَّرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَمِيلٍ قَالَتْ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ الشَّرَوِيُّ قَهْرَمَانُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ دَخَلَ هَارُونُ الرَّشِيدُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ وَكَانَ عَلِيلا فَرَأَى عِنْدَهُ جَارِيَةً لَهُ تُسَمَّى ضَعِيفَةَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ وَالشَّكْلِ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَقَالَ هَارُونُ لِسُلَيْمَانَ هَبْهَا لِي فَقَالَ هِيَ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا أَخَذَهَا مَرِضَ سُلَيْمَانُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّهِ لَهَا فَقَالَ سُلَيْمَانُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 أَشْكُو إِلَى ذِي الْعَرْشِ مَا ... لاقِيتُ مِنْ أَمْرِ الْخَلِيفَهْ يَسَعُ الْبَرِيَةَ عَدْلُهُ ... وَيُرِيدُ ظُلْمِي فِي ضَعِيفَهْ عَلِقَ الْفُؤَادُ بِحُبِّهَا كَالْحِبْرِ يَعْلَقُ بِالصَّحِيفَهْ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ هَارُونُ الرَّشِيدُ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ شَاهِينَ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا احْمَد ابْن مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ الْقُمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُصْعَبِ الْمَدِينِيُّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ عُبَيْدٍ وَكَانَ قَدْ تِيمَ عَقْلُهُ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ وَيَقُولُ الْحُبُّ لَوْ قَطَّعَنِي ... مَا قُلْتُ لَلْحُبُّ ظَلَمْ قَدْ كُنْتُ خِلْوًا زَمَنًا ... فَالْيَوْمُ يَبْدُو مَا كَتَمْ قَالَ قُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا أَخُوكَ أَبُو الْمُصْعَبِ قَالَ عَشِيَّةً تَجِيءُ وَأُخْرَى تَذْهَبُ وَأَنَا أَتَوَقَّعُ الْمَوْتَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ قُلْتُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمَكَ قَالَ مَهْ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ يَنَالَهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ تَنَفَّسَ حَتَّى رَحِمْتُهُ وَذَهَبَ عَقْلُهُ فَقُمْتُ عَنْهُ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَذِنَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِلنَّاسِ يَوْمًا فَكَانَ فِيمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فَتًى مِنْ بَنِي عُذْرَةَ فَلَمَّا أَخَذَ النَّاسُ مَجَالِسَهُمْ قَامَ الْفَتَى الْعُذْرِيُّ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ ثُمَّ أنشأ يَقُول معاوى يَاذَا الْفَضْلِ وَالْحِلْمِ وَالْعَقْلِ ... وَذَا الْبِرِّ وَالإِحْسَانِ وَالْجُودِ وَالْبَذْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 أَتَيْتُكَ لَمَّا ضَاقَ فِي الأَرْضِ مَسْلَكِي ... وَأُنْكِرْتُ مِمَّا قَدْ أُصِيبَ بِهِ عَقْلِي فَفَرِّجْ كَلاكَ اللَّهُ عَنِّي فَإِنَّنِي ... لَقِيتُ الَّذِي لَمْ يَلْقَهُ أَحَدٌ قَبْلِي وَخُذْ لِي هَدَاكَ اللَّهُ حَقِّي مِنَ الَّذِي ... رَمَانِي بِسَهْمٍ كَانَ أَهْوَنُهُ قَتْلِي وَكُنْتُ أُرَجِّي عَدْلَهُ إِنْ أَتَيْتُهُ ... فَأُكْثِرُ تِرْدَادِي مَعَ الْحَبْسِ وَالْكَبْلِ فَطَلَّقْتُهَا مِنْ جَهْدِ مَا قَدْ أَصَابَنِي ... فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَدْلِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ ادْنُ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَا خَطْبُكَ فَقَالَ أَطَالَ اللَّهُ بِقَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ عَمٍّ لِي وَكَانَتْ لِي صِرْمَةٌ مِنْ إِبِلٍ وَشُوَيْهَاتٌ فَأَنْفَقْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصَابَتْنِي نَائِبَةُ الزَّمَانِ وَحَادِثَاتُ الدَّهْرِ رَغِبَ عَنِّي أَبُوهَا وَكَانَتْ جَارِيَةً فِيهَا الْحَيَاءُ وَالْكَرَمُ فَكَرِهَتْ مُخَالَفَةَ أَبِيهَا فَأَتَيْتُ عَامِلَكَ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ وَبَلَغَهُ جَمَالَهَا فَأَعْطَى أَبَاهَا عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَتَزَوَّجَهَا فَأَخَذَنِي وَحَبَسَنِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ فَلم أَصَابَنِي مَسُّ الْحَدِيدِ وَأَلَمُ الْعَذَابِ طَلَّقْتُهَا وَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ غِيَاثُ الْمَحْرُوبِ وَسَنَدُ الْمَسْلُوبِ فَهَلْ مِنْ فَرَجٍ ثُمَّ بكا وَقَالَ فِي بُكَائِهِ فِي الْقَلْبِ مِنِّي نَارٌ ... وَالنَّارُ فِيهَا شَرَارُ وَالْجِسْمُ مِنِّي نَحِيلٌ ... وَاللَّوْنُ فِيهِ اصْفِرَارُ وَالْعَيْنُ تَبْكِي بِشَجْوٍ ... فَدَمْعُهَا مِدْرَارُ وَالْحُبُّ دَاءٌ عَسِيرٌ ... فِيهِ الطَّبِيبُ يَحَارُ حَمَلْتُ مِنْهُ عَظِيمًا ... فَمَا عَلَيْهِ اصْطِبَارُ فَلَيْسَ لَيْلِي بِلَيْلٍ ... وَلا نَهَارِي نَهَارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 فرَقَّ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ كِتَابًا غَلِيظًا وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ رَكِبْتَ أَمْرًا عَظِيمًا لَسْتُ أَعْرِفْهُ ... اسْتَغْفِرُ اللَّهَ من جور امرىء زَانٍ قَدْ كُنْتُ تُشْبِهُ صُوفِيًا لَهُ كُتُبٌ ... مِنَ الْفَرَائِضِ أَوْ آيَاتِ فُرْقَانِ حَتَّى أَتَانِي الْفَتَى الْعُذْرِيِّ مُنْتَحِبًا ... يَشْكُو إِلِيَّ بِحَقٍّ غَيْرِ بُهْتَانِ أُعْطِي الإِلَهَ عُهُودًا لَا أَخِيسُ بِهَا ... أَوْ لَا فَبُرِّئْتُ مِنْ دِينٍ وَإِيمَانِ إِنْ أَنْتَ رَاجَعْتَنِي فِيمَا كَتَبْتُ بِهِ ... لأَجْعَلَنَّكَ لَحْمًا بَيْنَ عُقْبَانِ طَلِّقْ سُعَادَ وَفَارِقْهَا بِمُجْتَمِعٍ ... أَشْهِدْ عَلَى ذَاكَ نَصْرًا وَابْنَ طِبْيَانِ فَمَا سَمِعْتُ كَمَا بُلِّغْتُ مِنْ عَجَبٍ ... وَلا فِعَالُكَ حَقًّا فِعْلَ إِنْسَانِ فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُ مُعَاوِيَةَ عَلَى ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ تَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ وَقَالَ وَدَدْتُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَلَّى بَيْنِي وَبَيْنَهَا سَنَةً ثُمَّ عَرَضَنِي عَلَى السَّيْفِ وَجَعَلَ يُؤَامِرُ نَفْسَهُ عَلَى طَلاقِهَا فَلَمَّا أَزْعَجَهُ الْوَفْدُ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ يَا سُعَادُ اخْرُجِي فَخَرَجَتْ شَكِلَةً غَنِجَةً ذَاتَ هَيْئَةٍ وَجَمَالٍ فَلَمَّا رَآهَا الْوَفْدُ قَالَ مَا تَصْلُحُ هَذِهِ إِلا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَا لأَعْرَابِيٍّ وَكَتَبَ جَوَابَ كِتَابِهِ لَا تَحْنَثَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ ... أُوفِي بِعَهْدِكَ فِي رِفْقٍ وَإِحْسَانِ وَمَا رَكِبْتُ حَرَامًا حِينَ أَعْجَبَنِي ... فَكَيْفَ سُمِّيتُ بِاسْمِ الْخَائِنِ الزَّانِي وَسَوْفَ تَأْتِيكَ شَمْسٌ لَا خَفَاءَ بِهَا ... أَبْهَى الْبَرِيَةِ مِنْ إِنْسٍ وَمِنْ جَانِ حَوْرَاءَ يَقْصُرُ عَنْهَا الْوَصْفُ إِنْ وُصِفَتْ ... أَقُولُ ذَلِكَ فِي سِرٍّ وَإِعْلانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 فَلَمَّا وَرَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الْكِتَابُ قَالَ إِنْ كَانَتْ أُعْطِيَتْ حُسْنَ النَّغَمَةِ مَعَ هَذِهِ الصِّفَةِ فَهِيَ أَكْمَلُ الْبَرِيَةِ فَاسْتَنْطَقَهَا فَإِذَا هِيَ أَحْسَنُ النَّاسِ كَلامًا وَأَكْمَلُهُمْ شَكْلا وَدِلا فَقَالَ يَا أَعْرَابِيُّ هَلْ لَكَ مِنْ سُلُوٍّ عَنْهَا بِأَفْضَلِ الرَّغْبَةِ قَالَ نَعَمْ إِذَا فَرَّقْتَ بَيْنَ رَأْسِي وَجَسَدِي ثُمَّ أَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ لَا تَجْعَلَنِّي وَالأَمْثَالُ تُضْرَبُ بِي ... كَالْمُسْتَغِيثِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ ارْدُدْ سُعَادَ عَلَى حَيْرَانَ مُكْتَئِبٍ ... يُمْسِي وَيُصْبِحُ فِي هَمٍّ وَتِذْكَارِ قَدْ شَفَّهُ قَلَقٌ مَا مِثْلُهُ قَلَقٌ ... وَأُسْعِرَ الْقَلْبُ مِنْهُ أَيَّ إِسْعَارِ وَاللَّهِ وَاللَّهِ لَا أَنْسَى مَحَبَّتَهَا ... حَتَّى أُغَيَّبُ فِي رَمْسٍ وَأَحْجَارِ كَيْفَ السُّلُو وَقَدْ هَامَ الْفُؤَادُ بِهَا ... وَأَصْبَحَ الْقَلْبُ عَنْهَا غَيْرَ صَبَّارِ قَالَ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ لَهَا اخْتَارِي إِنْ شِئْتِ أَنَا وَإِنْ شِئْتِ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ وَإِنْ شِئْتِ الأَعْرَابِيَّ فَأَنْشَأَتْ سُعَادُ تَقُولُ هَذَا وَإِنْ أَصْبَحَ فِي أَطْمَارِ ... وَكَانَ فِي نَقْصٍ مِنَ الْيَسَارِ أَكْثَرُ عِنْدِي مِنْ أَبِي وَجَارِي ... وَصَاحِبُ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ أَخْشَى إِذَا غَدَرْتُ حَرَّ النَّارِ ... فَقَالَ مُعَاوِيَة خُذْهَا لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ خَلُّوا عَنِ الطَّرِيقِ لِلأَعْرَابِي ... أَلَمْ تَرِقُّوا وَيْحَكُمْ لِمَا بِي قَالَ فَضَحِكَ مُعَاوِيَةُ وَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَنَاقَةٍ وَوِطَاءٍ وَأَمَرَ بِهَا فَأُدْخِلَتْ فِي بَعْضِ قُصُورِهِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنَ ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ ثُمَّ أَمَرَ بِدَفْعِهَا إِلَى الأَعْرَابِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى الأَنْصَارِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ قَالَ لِي الرَّشِيدُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ حَدِيثًا أَتَفَرَّجُ بِهِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَاحِبٌ لَنَا فِي بَدْوِ بَنِي فُلانٍ كُنْتُ أَغْشَاهُ وَأَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ سَنَةُ أَصَحَّ النَّاسِ ذِهْنًا وَأَجْوَدَهُمْ أَكْلا وَأَقْوَاهُمْ بَدَنًا فَغَبَرْتُ عَنْهُ زَمَانًا ثُمَّ قَصَدْتُهُ فَوَجَدْتُهُ نَاحِلَ الْبَدَنِ كَاسِفَ الْبَالِ مُتَغَيِّرَ الْحَالِ فَقُلْتُ مَا شَأْنُكَ أَصَابَتْكَ مُصِيبَةٌ قَالَ لَا قُلْتُ أَفَمَرَضٌ عَرَاكَ قَالَ لَا قُلْتُ فَمَا سَبَبُ هَذَا الَّذِي أَرَاهُ بِكَ قَالَ قَصَدْتُ بَعْضَ الْقَرَابَةِ فِي حَيِّ بَنِي فُلانٍ فَأَلْفَيْتُ عِنْدَهُمْ جَارِيَةً قَدْ لاثَتْ رَأْسُهَا وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ وَقِنَاعٌ مَصْبُوغَانِ وَفِي عُنُقِهَا طَبْلٌ تُوقِعُ عَلَيْهِ وَتَنْشُدُ مَحَاسِنُهَا سِهَامٌ لِلْمَنَايَا ... مُرَيَّشَةٌ بِأَنْوَاعِ الْخُطُوبِ بَرَى رَيْبُ الْمَنُونِ لَهُنَّ سَهْمًا ... يُصِيبُ بِنَصْلِهِ مُهَجَ الْقُلُوبِ فَأَجَبْتُهَا قِفِي شَفَتَيَّ فِي مَوْضِعِ الطَّبْلِ تَرْتَقِي ... كَمَا قَدْ أَبَحْتِ الطَّبْلَ فِي جِيدِكِ الْحَسَنْ هَبِينِي عُودًا أَجْوَفًا تَحْتَ شَنَّةٍ ... تَمَتَّعَ فِيمَا بَيْنَ نَحْرِكِ وَالذَّقَنْ فَلَمَّا سَمِعَتِ الشِّعْرَ مِنِّي نَزَعَتِ الطَّبْلَ فَرَمَتْ بِهِ فِي وَجْهِي وَبَادَرَتْ إِلَى الْخِبَاءِ فَدَخَلَتْ فَلَمْ أَزَلْ وَاقِفًا إِلَى أَنْ حَمِيَتِ الشَّمْسُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِي لَا تخرج إِلَيّ وَلَا ترجع إل جَوَابًا فَقُلْتُ أَنَا وَاللَّهِ مَعَهَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ فَوَاللَّهِ يَا سَلْمَى لَطَالَ إِقَامَتِي ... عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يَا سُلَيْمَى أُرَاقِبُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 ثُمَّ انْصَرَفْتُ سَخِينَ الْعَيْنِ قَرِحَ الْقَلْبِ فَهَذَا الَّذِي تَرَى مِنَ التَّغَيُّرِ مِنْ عِشْقِي لَهَا فَضَحِكَ الرَّشِيدُ حَتَّى اسْتَلْقَى فَقَالَ وَيْحَكَ يَا عبد الْملك ابْن سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً يَعْشَقُ قُلْتُ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الأَدَبِ أَنَّهُ كَانَ لِلْمُتَوَكِّلِ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مَحْبُوبَةٌ وَكَانَتْ مِنَ الأَدَبِ وَالإِحْسَانِ فِي الْغِنَاءِ عَلَى غَايَةِ مَا يَكُونُ مِثْلُهَا وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ يَجِدُ بِهَا وِجْدًا شَدِيدًا وَكَانَتْ لَهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُتَوَكِّلِ مَا كَانَ تَفَرَّقَتِ الْجَوَارِي إِلَى الْقُوَّادِ فَصَارَتْ مَحْبُوبَةٌ إِلَى وَصِيفٍ فَكَانَ لِبَاسَهَا الْبَيَاضُ الْخَشِنُ وَكَانَتْ تَذْكُرُهُ فَتَشْهَقُ وَتَنْتَحِبُ قَالَ فَجَلَسَ وَصِيفٌ يَوْمًا لِلْشُرْبِ وَجَلَسَ الْجَوَارِي الَّلاتِي كُنَّ لِلْمُتَوَكِّلِ فِي الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ وَجَاءَتْ مَحْبُوبَةٌ فِي مِعْجَرٍ أَبْيَضَ فَجَلَسَتْ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ دَارَ النَّبِيذُ بَيْنَ النُّدَمَاءِ فَأَقْبَلَ وَصِيفٌ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ جَوَارِي الْمُتَوَكِّلِ وَكَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ جَمَاعَةٌ فَقَالَ غَنِّينَ فَمَا بَقِيَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إِلا غَنَّتْ وَطَرِبَتْ وَضَحِكَتْ وَشَرِبَتْ إِلَى أَنْ أَوْمَأَ وَصِيفٌ إِلَى مَحْبُوبَةَ بِالْغِنَاءِ فَقَالَتْ إِنْ رَأَى الأَمِيرُ أَنْ يَعْفِيَنِي فَأَبَى وَقَالَ لَهَا الْجَوَارِي لَوْ كَانَ فِي الْحُزْنِ فَرَجٌ لَحَزِنَّا مَعَكِ وَجِيءَ بِعُودٍ فَوُضِعَ فِي حِجْرِهَا فَسَوَّتْهُ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ أَيُّ عَيْشٍ يَطِيبُ لِي ... لَا أَرَى فِيهِ جَعْفَرَا مَلِكٌ قَدْ رَأْتُهُ ... عَيْنِي جَرِيحًا مُعَفَّرَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 كُلُّ مَنْ كَانَ هَائِمًا ... وَسَقِيمًا فَقَدْ بَرَا غَيْرَ مَحْبُوبَةٍ الَّتِي ... لَو ترى الْمَوْت يشترى لاتشرته بِمَا ... حَوَتْهُ جَمِيعًا لِتُقْبَرَا إِنَّ مَوْتَ الْكَئِيبِ ... أَطْيَبُ مِنْ أَنْ يُعَمَّرَا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى وَصِيفٍ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهَا فَصَارَتْ إِلَى قَبِيحَةَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ سَأَلَ عَنْهَا وَصِيفٌ فَقِيلَ لَهُ صَارَتْ إِلَى قَبِيحَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ تَمَسَّحَتْ وَمَضَتْ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي إِلامَ صَارَتْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ تَرَى الْعَاشِقَ إِذَا رَأَى مَنْ يُحِبُّهُ أَوْ سَمِعَ بِذِكْرِهِ كَيْفَ يَهْرَبُ دَمُهُ وَيَسْتَحِيلُ لَوْنُهُ وَيُخْفِقُ فُؤَادُهُ وَتَأْخُذُهُ الرَّعْدَةُ وَرُبَّمَا امْتَنَعَ مِنَ الْكَلامِ وَلَمْ يُطِقْ رَدَّ الْجَوَابِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ عَلامَةُ مَنْ كَانَ الْهَوَى فِي فُؤَادِهِ ... إِذَا مَا رَأَى الأَحْبَابَ أَنْ يَتَحَيَّرَا وَيَصْفَرَّ لَوْنُ الْوَجْهِ بَعْدَ احْمِرَارِهِ ... وَإِن حر كوه لِلْكَلامِ تَثَوَّرَا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي صَاحِبٌ لِي بِالْمَغْرِبِ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَان بن مُحَمَّد المقرىء الصِّقِلِيُّ قَالَ كَانَ بِسُوسَةِ إِفْرِيقَيَّةِ رَجُلٌ أَدِيبٌ شَاعِرٌ وَكَانَ يَهْوَى غُلَاما جميلا منغلمانها وَكَانَ كَلِفًا بِهِ وَكَانَ الْغُلامُ يُعْرِضُ عَنْهُ وَيَتَجَّنَى عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مُنْفَرِدًا يَشْرَبُ وَحْدَهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيذُ مِنْهُ إِذْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَبَسَ نَارٍ وَيَحْرِقُ دَارَهُ عَلَيْهِ لِتَجَنِّيهِ عَلَيْهِ فَقَامَ مِنْ حِينِهِ وَنَهَضَ بِقَبَسِ نَارٍ فَجَعَلَهُ عِنْدَ بَابِ الْغُلامِ فَاشْتَعَلَ نَارًا وَاتَّفَقَ أَنْ رَآهُ بَعْضُ الْجِيرَانِ فَبَادَرُوا النَّارَ بِالإِطْفَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَهَضُوا إِلَى الْقَاضِي فَأَعْلَمُوهُ وَشَكَوْا مِنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْقَاضِي وَقَالَ لَهُ لأَيِ شَيْءٍ أَحْرَقْتَ بَابَ هَذَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ لَمَّا تَمَادَى عَلَى بُعَادِي ... وَأَضْرَمَ النَّارَ فِي فُؤَادِي وَلَمْ أَجِدْ مِنْ هَوَاهُ بُدَّا ... وَلا مُعِينًا عَلَى السُّهَادِ حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى وُقُوفِي ... بِبَابِهِ حَملَة الْجواد فَطَافَ مِنْ بَعْضِ نَارِ قَلْبِي ... أَقَلَّ فِي الْوَصْفِ مِنْ زِنَادِي فَأَحْرَقَ الْبَابَ دُونَ عِلْمِي ... وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ مِنْ مُرَادِي قَالَ فَاسْتَظْرَفَهُ الْقَاضِي وَتَحَمَّلَ عَنْهُ مَا أَفْسَدَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ أَوْ كَمَا قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أنشدنا على ابْن مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ الصَّنَوْبَرِيُّ لِنَفْسِهِ أَخَذُوا لِلسَّيْرِ أَهُبَّتَهُ ... وَأَخَذْنَا أَهُبَّةَ الْكَمَدِ زَعَمُوا أَنَّ الْفِرَاقَ غَدًا ... وَفِرَاقُ الرُّوحِ بَعْدَ غَدِ حدث الْأَصْمَعِي قَالَ رَأَيْتُ امْرَأَةً فِي الطَّوَافِ وَهِيَ تَقُولُ اللَّهُمَّ مَالِكَ يَوْمَ الْقَضَا وَخَالِقَ الأَرْضَ وَالسَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 ارْحَمْ أَهْلَ الْهَوَى فَإِنَّكَ قَرِيبٌ مِمَّنْ دَعَا ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ يَا رب إِنَّك ذومن وَمَغْفِرَةٍ ... ثَبِّتْ بِعَافِيَةٍ مِنْكَ الْمُحِبِّينَا فَقُلْتُ يَا هَذِهِ أَتَرْفُثِينَ وَأَنْتِ فِي الطَّوَافِ فَقَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّي لَا رَهَقَكَ الْحُبُّ فَقُلْتُ لَهَا وَمَا الْحُبُّ فَقَالَتْ جَلّ أَنْ يُخْفَى وَدَقَّ أَنْ يُرَى لَهُ كُمُونٌ كَكُمُونِ النَّارِ فِي الْحَجَرِ إِنْ قَدَحْتَهُ أَوْرَى وَإِنْ تَرْكَتَهُ تَوَارَى قَالَ فَتَبِعْتُهَا حَتَّى عَرَفْتُ مَنْزِلَهَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ مَطَرٌ شَدِيدٌ فَمَرَرْتُ بِبَابِهَا وَهِيَ قَاعِدَةٌ مَعَ أَتْرَابٍ لَهَا وَهِيَ تَقُولُ لَهُنَّ قَدْ أَضَرَّ بِنَا الْمَطَرُ وَلَوْلا ذَلِكَ لَخَرَجْنَا إِلَى الطَّوَافِ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ قَالُوا أَضَرَّ بِنَا السَّحَابُ وَقَطْرُهُ ... لَمَّا رَأَوْهُ لِعَبْرَتِي يَحْكِي لَا تَعْجَبُوا مِمَّا تَرَوْنَ فَإِنَّمَا ... هَذِي السَّمَاءُ لِرَحْمَتِي تَبْكِي وَبَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ مَنْ تَبِعَ الْحَاجَّ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ فِي الطَّوَافِ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ اللَّيْلِ وَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ كَأَنَّهَا شَمْسٌ عَلَى قَضِيبِ غَرْسٍ فِي كَثِيبٍ وَهِيَ تَقُولُ رَأَيْتُ الْهَوَى حُلْوًا إِذَا اجْتَمَعَ الْوَصْلُ ... وَمُرًّا عَلَى الْهُجْرَانِ لَا بَلْ هُوَ الْقَتْلُ وَمَنْ لَمْ يَذُقْ لِلْهَجْرِ طَعْمًا فَإِنَّهُ ... إِذَا ذَاقَ طَعْمَ الْوَصْلِ لَمْ يَدْرِ مَا الْوَصْلُ وَقَدْ ذُقْتُ طَعْمَيْهِ عَلَى الْقُرْبِ وَالنَّوَى ... فَأَبْعَدُهُ قَتْلٌ وَأَقْرَبُهُ خَبْلُ ثُمَّ الْتَفَتَتْ فَرَأَتْنِي فَقَالَتْ يَا هَذَا ظُنَّ خَيْرًا فَإِنَّ مَنْ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ عَنْ حَمْلِ شَيْءٍ أَلْقَاهُ طَلَبًا لِلرَّاحَةِ وَفَرَارًا مِنْ ثِقَلِ الْمَحَبَّةِ وَقَدْ نَطَقْتُ بِمَا عَلِمَهُ اللَّهُ وَأَحْصَاهُ الْمَلَكَانِ فَإِنْ يَعْفُ عَنْ أَهْلِ السَّرَائِرِ أكن فيهم وَإِن يعاقبوا فياخيبة الْمُذْنِبِينَ ثُمَّ بَكَتْ فَمَا رَأَيْتُ دُرًّا قُطِعَ سِلْكُهُ فَانْتَثَرَ بِأَحْسَنَ مِنْ تَنَاثُرِ دُمُوعِهَا فَاعْتَزَلْتُ خَوْفًا أَنْ يَصْبُوَا قَلْبِي إِلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وَحَدَّثَ الأَصْمَعِيُّ قَالَ رُئِيَ أَبُو السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْعَاشِقِينَ فَقِيلَ يَا أَبَا السَّائِبِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ تَقُولُ هَذَا الْمَقَالِ قَالَ إِلَيْكَ عَنِّي فَوَاللَّهِ إِنَّ الدُّعَاءَ لَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ يَا هَجْرُ كُفَّ عَنِ الْهَوَى وَدَعِ الْهَوَى ... لِلْعَاشِقِينَ يَطِيبُ يَا هَجْرُ مَاذَا تُرِيدُ مِنَ الَّذِينَ جُفُونُهُمْ ... قَرْحَى وَحَشْوُ قُلُوبِهِمْ جَمْرُ والحزن حَشْو صُدُورهمْ ووجوهم ... مِمَّا تَجِنُّ صُدُورُهُمْ صُفْرُ وَسَوَابِقُ الْعَبَرَاتِ فَوْقَ نُحُورِهِمْ ... دُرَرٌ تَلُوحُ كَأَنَّهَا الْقَطْرُ صَرْعَى عَلَى جِسْرِ الْهَوَى لِشَقَائِهِمْ ... بِنُفُوسِهِمْ يَتَلاعَبُ الدَّهْرُ حكى لِي بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ امْرَأَةً نَزَلَتْ مَعَهُمْ فِي سَفِينَةٍ فَوَصَلَتْ إِلَى بَعْضِ الأَمَاكِنِ فَقَالَتْ رَقُّونِي فَقَالُوا لَيْسَ هَذَا بِمَوْضِعِ صُعُودٍ فَقَالَتْ لَا بُدَّ فَصَعَدَتْ قَالَ وَسِرْنَا فَلَمَّا عُدْنَا وَجَدْنَاهَا قَدْ وَلَدَتْ وَمَاتَتْ هُنَاكَ وَهَذِهِ امْرَأَةٌ قَدْ هَرَبَتْ مِنْ بَلَدِهَا لِعَارٍ ارْتَكَبَتْهُ فَآثَرَتِ الْمَوْتَ عَلَى الْعَارِ فَانْظُرْ مَا يَصْنَعُ الْهَوَى بِأَرْبَابِهِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بن احْمَد قَالَ أَنبأَنَا عبد العزيز بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الضَّرَّابُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله بن سلمم بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ قَرَأْتُ فِي سِيَرِ الْعَجَمِ أَنَّ أَرْدَشِيرَ لَمَّا اسْتَوْثَقَ لَهُ أَمْرَهُ وَأَقَرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ مُلُوكُ الطَّوَائِفِ حَاصَرَ مَلِكَ السِّرْيَانِيَةِ وَكَانَ مُتَحَصِّنًا فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا الْحَضَرُ فَحَاصَرَهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهَا حَتَّى رَقَّتْ بِنْتُ الْمَلِكِ يَوْمًا عَلَى الْحِصْنِ فَرَأَتْ أَرْدَشِيرَ فَهَوِيَتْهُ فَنَزَلَتْ فَأَخَذَتْ بِنَشَّابَةً فَكَتَبَتْ عَلَيْهَا إِنْ أَنْتَ شَرَطْتَ لِي أَنْ تَتَزَوَّجَنِي دَلَلْتُكَ عَلَى مَوْضِعٍ تَفْتَحُ بِهِ الْمَدِينَةَ بِأَيْسَرِ الْحِيلَةِ وَأَخَفِّ الْمَؤُنَةِ ثُمَّ رَمَتْ بِالنَّشَابَةِ نَحْوَ أَرْدَشِيرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 فَقَرَأَهُ وَأَخَذَ نُشَّابَةً فَكَتَبَ عَلَيْهَا لَكِ الْوَفَاءُ بِمَا سَأَلْتِينِي ثُمَّ ألقاهاإليها فَدَلَّتْهُ عَلَى الْمَوْضِعِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَافْتَتَحَهَا فَدَخَلَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ غَارُونَ لَا يَشْعُرُونَ فَقَتَلَ الْمَلِكَ وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهَا وَتَزَوَّجَهَا فَبَيْنَمَا هِيَ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ أَنْكَرَتْ مَكَانَهَا حَتَّى سَهِرَتْ أَكْثَرَ لَيْلَتِهَا فَقَالَ لَهَا مَالَكِ قَالَتْ أَنْكَرْتُ فِرَاشِي فَنَظَرُوا تَحْتَ الْفِرَاشِ فَإِذَا تَحْتَهُ طَاقَةُ آسٍ قَدْ أَثَّرَتْ فِي جِلْدِهَا فَتَعَجَبَ مِنْ رِقَّةِ بَشْرَتِهَا فَقَالَ لَهَا مَا كَانَ أَبُوكِ يُغَذُوكِ قَالَتْ كَانَ أَكْثَرُ غِذَائِي عِنْدَهُ الشَّهْدُ وَالْمُخُّ وَالزُّبْدُ فَقَالَ لَهَا مَا أَحَدٌ بَالِغٌ مِنْكِ فِي الْحِبَاءِ مَبْلَغَ أَبِيكِ وَإِنْ كَانَ جَزَاؤُهُ عِنْدَكِ عَلَى جَهْدِ إِحْسَانِهِ مَعَ لُطْفِ قَرَابَتِهِ وَعِظَمِ حَقِّهِ إِسَاءَتُكِ إِلَيْهِ مَا أَنَا بِآمِنٍ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْكِ ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ تُعْقَدَ قُرُونُهَا بِذَنَبِ فَرَسٍ شَدِيدِ الْجَرْيِ جَمُوحٍ ثُمَّ يَجْرِي فَفُعِلَ ذَلِكَ بِهَا حَتَّى تَسَاقَطَتْ عُضْوًا عُضْوًا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّحَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس ابْن عَطَاءٍ قَالَ كَانَ يَحْضُرُ حَلْقَتِي شَاب حسن الْوَجْه يخبأ يَدَهُ قَالَ فَوَقَعَ لِي أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَلَى حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ قَالَ فَجَاءَنِي يَوْمَ جُمْعَةٍ وَقَدْ جَاءَتِ السَّمَاءُ بِالْبَرَكَاتِ وَلَمْ يَجِئْنِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَدٌ قَالَ فَطَالَبَتْنِي نَفْسِي بِمُخَاطَبَتِهِ وَدَافَعْتُهَا مِرَارًا كَثِيرَةً إِلَى أَنْ غَلَبَ عَلَيَّ كَلامُهُ فَكَلَّمْتُهُ فَقُلْتُ يَا فَتًى مَالِي أَرَى يَدَكَ تُخَبِّؤُهَا ثُمَّ لَا تُخْرِجُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 فَإِنْ كَانَ بِهَا عِلَّةً دَعَوْنَا اللَّهَ تَعَالَى لَكَ بِالْعَافِيَةِ فَأَخْرَجَهَا فَرَأَيْتُ فِيهَا شَبِيهًا بِالشَّلَلِ فَقُلْتُ يَا فَتًى مَا أَصَابَ يَدَكَ قَالَ حَدِيثِي طَوِيلٌ قُلْتُ مَا سَأَلْتُكَ إِلا وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ فَقَالَ لِي أَنَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ خَلَّفَ لِي أَبِي ثَلاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَدِمْتُ بِهَا فَعَلَقَتْ نَفْسِي بِجَارِيَةٍ فِي الْقِيَانِ فَأَنْفَقْتُ عَلَيْهَا جُمْلَةً ثُمَّ أَشَارُوا عَلَيَّ بِشَرَائِهَا فَاشْتَرَيْتُهَا بِسِتَّةِ آلافِ دِينَارٍ فَلَمَّا حَصَلَتْ عِنْدِي وَمَلَكْتُهَا قَالَتْ لِمَ اشْتَرَيْتَنِي وَمَا فِي الأَرْضِ ابْغَضُ إِلَيَّ مِنْكَ وَإِنِّي لأَرَى نَظَرِي إِلَيْكَ عُقُوبَةً فَاسْتَرِدَّ مَالَكَ فَلا مُتْعَةَ لَكَ بِي مَعَ بُغْضِي لَكَ قَالَ فَبَذَلْتُ لَهَا كُلَّ مَا يَبْذُلُهُ النَّاسُ فَمَا ازْدَادَتْ إِلا غُلُوًّا فَهَمَمْتُ بِرَدِّهَا فَقَالَتْ لِي دَايَةٌ لِي دَعْهَا تَمُوتُ وَلا تَمُوتَ أَنْتَ قَالَتْ فَاعْتَزَلَتْ فِي بَيْتٍ وَلَمْ تَأْكُلْ وَلَمْ تَشْرَبْ إِلا تَبْكِي وَتَضَرَّعُ حَتَّى ضَعُفَ الصَّوْتُ وَأَحْسَسْنَا مِنْهَا بِالْمَوْتِ وَمَا مَضَى يَوْمٌ إِلا وَأَنَا أَمْضِي إِلَيْهَا وَأَبْذُلُ لَهَا الرَّغَائِبَ وَمَا يَنْفَعُ ذَلِكَ وَلا تَزْدَادُ إِلا بُغْضًا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ أَقْبَلْتُ عَلَيْهَا وَسَأَلْتُهَا عَمَّا تَشْتَهِيهِ فَاشْتَهَتْ حَرِيرَةً فَحَلَفْتُ لَا يَعْمِلُهَا أَحَدٌ سِوَايَ فأوقدت النَّار ونصبت الْقد ر وَبَقِيتُ أُمَرِّسُ مَا جُعِلَ فِيهَا وَالنَّارُ تَعْمَلُ وَقَدْ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ تَشْكُو مَا مَرَّ بِهَا مِنَ الآلامِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ فَأَقْبَلَتْ دَايَتِي فَقَالَتْ يَا سَيِّدِي ارْفِعْ يَدَيْكَ فَرَفَعْتُهَا وَقَدِ انْسَمَطَتْ عَلَى مَا ترَاهَا قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فَصَعَقْتُ صَعْقَةً وَقُلْتُ بِآبَائِي هَذَا فِي هَوَى مَخْلُوقٍ أَقْبَلَ عَلَيْكَ فَنَالَكَ هَذَا كُلُّهُ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَمْنُونُ قَالَ كَانَ فِي جِيرَانِي رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ وَكَانَ شَدِيدَ الْمَيْلِ إِلَيْهَا فَاعْتَلَّتِ الْجَارِيَةُ عِلَّةً شَدِيدَةً فَجَلَسَ يُصْلِحُ لَهَا حِسَاءً فَبَيْنَا هُوَ يُحَرِّكُ الْقِدْرَ إِذْ قَالَتِ الْجَارِيَةُ أُوهْ فَسَقَطَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ وَجَعَلَ يُحَرِّكُ الْقِدْرَ بِيَدِهِ حَتَّى سَقَطَ لَحْمُ أَصَابِعِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ فَقَالَتْ إِيشِ هَذَا فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ قَوْلِكِ أُوهْ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبِسْطَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْعُكْلِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ دُوَيْرَةَ أَخٌ قَدْ كَلِفَ بِابْنَةِ عَمٍّ لَهُ كَلَفًا شَدِيدًا وَكَانَ أَبُوهَا يَأْبَاهُ فَحَمَلَ الْحُبُّ عَلَيْهِ أَنْ تَسَوَّرَ الْجِدَارَ وَحَصَلَ مَعَهَا فَأَحَسَّ بِهِ أُبُوهَا فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَأَتَى بِهِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ الله الْقَسرِي وَادّعى عَلَيْهِ السرق وَأَتَى بِجَمَاعَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ فِي مَنْزِلِهِ لَيْلا وَقَدْ دَخَلَ دُخُول السراق فَسَأَلَ خَالِد الْفَتَى فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ دَخَلَ لِيَسْرِقَ وَمَا سَرَقَ شَيْئًا لِيَدْفَعَ بِذَلِكَ الْفَضِيحَةَ عَنِ ابْنَةِ عَمِّهِ فَأَرَادَ خَالِدٌ أَنْ يَقْطَعَهُ فَرَفَعَ عَمْرٌو أَخُوهُ إِلَى خَالِدٍ رُقْعَةً فِيهَا أَخَالِدُ قَدْ وَاللَّهِ أَوْطَئْتَ عَشْوَةً ... وَمَا الْعَاشِقُ الْمَظْلُومُ فِينَا بِسَارِقِ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يَأْتِهِ الْمَرْءُ إِنَّهُ ... رَأَى الْقَطْعَ خَيْرًا مِنْ فَضِيحَةِ عَاشِقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 وَلَوْلا الَّذِي قَدْ خِفْتُ مِنْ قَطْعِ كَفِّهِ ... لأَلْفَيْتُ فِي أَمْرٍ لَهُمْ غَيْرَ نَاطِقِ إِذَا مُدَّتِ الْغَايَاتُ فِي السَّبْقِ لِلْعُلا ... فَأَنْتَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلُ سَابِقِ فَأَرْسَلَ خَالِدٌ مَوْلًى لَهُ يَسْأَلْهُ عَنِ الْخَبَرِ وَيَتَجَسَّسْ عَنْ جَلِيَّةِ الأَمْرِ فَأَتَاهُ بِتَصْحِيحِ مَا قَالَ عَمْرٌو فِي شِعْرِهِ فَأَحْضَرَ الْجَارِيَةَ وَزَوَّجَهُ وَسَاقَ خَالِدٌ الْمَهْرَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ قَالَ أَنبأَنَا أَحْمد بن سلميان بْنِ دَاوُدَ الطُّوسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بَارِعَةَ الْجَمَالِ وَكَانَتْ تُدْعَى الْمَوْصُولَةَ وَكَانَتْ عِنْدَ أَبَانِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبَانُ بْنُ مَرْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَآهَا فَأَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهَا الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَأْمُرُهُ بِالشُّخُوصِ إِلَيْهِ فَشَخَصَ إِلَيْهِ فَنَزَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ يَحْيَى إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا بَعَثَ إِلَيْكَ لِتُزَوِّجَهُ أُخْتَكَ زَيْنَبَ فَهَلْ لَكَ فِي شَيْءٍ أَدْعُوكَ إِلَيْهِ قَالَ هَلُمَّ فَاعْرِضْ قَالَ أُعْطِيكَ لِنَفْسِكَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَلَهَا عَلَيَّ رِضَاهَا وَتُزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ مَا بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا بَلَغَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ذَلِكَ أَسِفَ عَلَيْهَا فَاصْطَفَى كُلَّ شَيْءٍ لِيَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ كَعْكَتَيْنِ وَزَيْنَب يُرِيد أَن يجتزىء بِكَعْكَتَيْنِ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ زَيْنَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الْحِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَاكَوَيْهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الطَّبَرِيُّ الزَّاهِدُ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ الْقَاسِمِ الْخَوَّاصُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مِلْكِيٍّ يَقُولُ كُنْتُ فِي الْبَادِيَةِ فَدَخَلْتُ بَعْضَ الأَحْيَاءِ أَطْلُبُ شَيْئًا آكُلُ فَرَأَيْتُ فَتًى عَلَى بَابِ الْحَيِّ مُسَجَّى فَقُلْتُ لَهُ مَا عِلَّتُكَ فَقَالَ سَلْ تِلْكَ الْقَائِمَةَ قُلْتُ وَأَيَّ شَيْءٍ تَكُونُ مِنْكَ قَالَ هِيَ ابْنَةُ عَمِّي قُلْتُ فَهِيَ لَكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ فَمَا هَذَا النُّحُولُ فَقَالَ لِي أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْوِصَالِ عَلِمَ أَنَّ الْفِرَاقَ يَفْنَى وَمَنْ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْفِرَاقِ عَلِمَ أَنَّ الْوِصَالَ يَبْقَى أخبرتنا شهدة بن بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ دَعَانِي فَتًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى جَارِيَةٍ تُغَنِّي فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهَا إِذَا أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَإِذَا بِهَا انْخِرَاطُ وَجْهٍ وَسَهْوٌ وَسُكُوتٌ فَجَعَلْنَا نَبْسُطُهَا بِالْمِزَاحِ وَالْكَلامِ وَيَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ مَا تُكَاتِمُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَاللَّهِ إِنَّ بِهَا لَهُيَامًا وَطَائِفًا مِنَ الْحُبِّ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا فَقُلْتُ بِاللَّهِ لَتَصْدُقِينِي بِالَّذِي بِكِ فَقَالَتْ بَرْحُ الذِّكْرِ وَدَوَامُ الْفِكْرِ وَحُلُولُ النَّهَارِ وَالتَّشَوُّقُ إِلَى مَنْ سَارَ وَأَخَذَتِ الْعُودَ فَغَنَّتْ سُيُورِدُنِي التِّذْكَارُ خَوْضَ الْمَهَالِكِ ... وَلَسْتُ لِتِذْكَارِ الْحَبِيبِ بِتَارِكِ أَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ أَمُوتَ صَبَابَةً ... وَلَسْتُ لِمَا يَقْضِي الإِلَهُ بِمَالِكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 كَأَنَّ بِقَلْبِي حِينَ شَطَتْ بِهِ النَّوَى ... وَخَلَّفَنِي فَرْدًا صُدُورُ النِّيَازِكِ تَقَطَّعَتِ الأَخْبَارُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... لِبُعْدِ النَّوَى وَانْسَدَ سُبُلُ الْمَسَالِكِ قَالَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ أُسْلَبَ عَقْلِي لَمَّا غَنَّتْ فَقُلْتُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكِ وَهَذَا الَّذِي صَيَّرَكِ إِلَى مَا أَرَى يَسْتَحِقُّ هَذَا مِنْكِ فَوَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ لَكَثِيرٌ فَلَوْ تَسَلَّيْتِ بِغَيْرِهِ فَلَعَلَّ مَا بِكِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَخِفَّ فَقَدْ قَالَ الأَوَّلُ صَبَرْتُ عَلَى اللَّذَّاتِ حَتَّى تَوَلَّتِ ... وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَهَا فَاسْتَمَرَّتِ وَمَا النَّفْسُ إِلا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى ... فَإِنْ أُطْمِعَتْ تَاقَتْ وَإِلا تَسَلَّتِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيَّ وَقَالَتْ قَدْ وَاللَّهِ رُمْتُ ذَلِكَ فَكُنْتُ كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ وَلَمَّا أَبَى إِلا جِمَاحًا فُؤَادُهُ ... وَلَمْ يَسْلُ عَنْ لَيْلَى بِمَالٍ وَلا أَهْلِ تَسَلَّى بِأُخْرَى غَيْرِهَا فَإِذَا الَّتِي ... تَسَلَّى بِهَا تُغْرِي بِلَيْلَى وَلا تُسْلِي قَالَ فَأَسْكَتَنِي وَاللَّهِ تَوَاتُرُ حُجَجِهَا عَنْ مُحَاوَرَتِهَا وَمَا رَأَيْتُ كَمَنْطِقِهَا وَلا كَشَكْلِهَا وَأَدَبِهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّبِيعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيَّ يَقُولُ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الزيات بتعشق جَارِيَةً مِنْ جَوَارِي الْقِيَانِ فَبِيعَتْ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فَأَخْرَجَهَا فَذُهِلَ عَقْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّى خُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 يَا طُولَ سَاعَاتِ لَيْلِ الْعَاشِقِ الدَّنِفِ ... وَطُولَ رَعْيَتِهِ لِلنَّجْمِ فِي السَّدَفِ مَاذَا تُوَارِي ثَيَابِي مِنْ أَخِي حَرَقٍ ... كَأَنَّمَا الْجِسْمُ مِنْهُ دَقَّةُ الأَلِفِ مَا قَالَ يَا أَسَفَا يَعْقُوبُ مِنْ كَمَدٍ ... إِلا لِطُولِ الَّذِي لاقَى مِنَ الأَسَفِ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَرَى مَيْتَ الْهَوَى دَنِفًا ... فَلْيَسْتَدِلَّ عَلَى الزَّيَّاتِ وَلْيَقِفِ وَبَلَغَنَا عَنْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ فَصَارَ عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ كَتَبَ إِلَى سُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ زَوْجَتِهِ وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ أَبِيتَ وَبَيْنَنَا ... حِجَابٌ فَقَدْ أَصْبَحْتِ مِنِّي عَلَى عَشْرِ وَأَبْكَاهُمَا لِلْعَيْنِ وَاللَّهِ فاعلمي ... إِذا ازددت مثليها صرت عَلَى شَهْرِ وَأَبْكَى لِقَلْبِي مِنْهُمَا الْيَوْمَ أَنَنِّي ... أَخَافُ بِأَنْ لَا نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 الْبَابُ الأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ الْحِيَلِ وَالْمُخَاطَرَاتِ بِالنُّفُوسِ وَإِلْقَائِهَا فِي الْهِلاكِ لأَجْلِ الْمَحْبُوبِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ عَبْدُ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكُرَيْمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا السُّلَيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ مَوْلاهُمْ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ أَحْمَدَ حَجَّابِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجْلِسُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمَيْنِ جُلُوسًا عَامًّا فَبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ فِي مُسْتَشْرَفٍ لَهُ وَقَدْ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْقِصَصُ إِذْ وَقَعَتْ فِي يَدِهِ قِصَّةٌ غَيْرَ مُتَرْجَمَةٍ فِيهَا إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْمُرَ جَارِيَتَهُ فُلانَةً أَنْ تُغَنِّي ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ ثُمَّ يُنَفِّذَ فِيَّ مَا شَاءَ مِنْ حُكْمِهِ فَعَلَ فَاسْتَشَاطَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا وَقَالَ يَا رَبَاحُ عَلَيَّ بِصَاحِبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَخَرَجَ النَّاسُ جَمِيعًا فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ غُلامٌ كَمَا عَذَّرَ كَأَهْيَإِ الْفِتْيَانِ وَأَحْسَنِهِمْ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ يَا غُلامُ أَهَذِهِ قِصَّتُكَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ وَمَا الَّذِي غَرَّكَ مِنِّي وَاللَّهِ لأُمَثِّلَنَّ بِكَ وَلأَرْدَعَنَّ بِكَ نُظَرَاءَكَ مِنْ أَهْلِ الْجَسَارَةِ عَلَيَّ بِالْجَارِيَةِ فَجِيءَ بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا فَلْقَةُ قَمَرٍ وَبِيَدِهَا عُودٌ فَطُرِحَ لَهَا كُرِسِيٌّ وَجَلَسَتْ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مُرْهَا يَا غُلامُ فَقَالَ لَهَا غَنِّينِي يَا جَارِيَةُ بِشِعْرِ قَيْسِ بْنِ ذُرَيْحٍ لَقَدْ كُنْتُ حَسْبَ النَّفْسِ لَوْ دَامَ وُدُّنَا ... وَلَكِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعُ غُرُورِ وَكُنَّا جَمِيعًا قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْهَوَى ... بِأَنْعَمِ حَالَيْ غِبْطَةٍ وَسُرُورِ فَمَا بَرِحَ الْوَاشُونَ حَتَّى بَدَتْ لَنَا ... بُطُونُ الْهَوَى مَقْلُوبَةً بِظُهُورِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 قَالَ فَخَرَجَ الْغُلامُ مِنْ جَمِيعِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ تَخْرِيقًا ثُمَّ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مُرْهَا تُغَنِّيكَ الصَّوْتَ الثَّانِي فَقَالَ غَنِّينِي بِشِعْرِ جَمِيلٍ أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادِي الْقُرَى إِنِّي إِذَنْ لَسَعِيدُ إِذَا قُلْتُ مَا بِي يَا بُثَيْنَةُ قَاتِلِي ... مِنَ الْحُبِّ قَالَتْ ثَابِتٌ وَيَزِيدُ وَإِن قُلْتُ رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ بِهِ ... مَعَ النَّاسِ قَالَتْ ذَاكَ مِنْكَ بَعِيدُ فَلا أَنَا مَرْدُودٌ بِمَا جِئْتُ طَالِبًا ... وَلا حُبُّهَا فِيمَا يَبِيدُ يَبِيدُ يَمُوتُ الْهَوَى مِنِّي إِذَا مَا لَقِيتُهَا ... وَيَحْيَا إِذَا فَارَقْتُهَا فَيَعُودُ فَغَنَّتْهُ الْجَارِيَةُ فَسَقَطَ الْغُلامُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مُرْهَا فَلْتُغَنِّكَ الصَّوْتَ الثَّالِثَ فَقَالَ يَا جَارِيَةُ غَنِّينِي بِشِعْرِ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوَّحِ الْمَجْنُونِ وَفِي الْجِيرَةِ الْغَادِينَ مِنْ بَطْنِ وَجْرَةٍ ... غَزَالٌ غَضِيضُ الْمُقْلَتَيْنِ رَبِيبُ فَلا تَحْسَبِي أَنَّ الْغَرِيب الَّذِي نأى ... وَلَك مَنْ تَنْئِينَ عَنْهُ غَرِيبُ فَغَنَّتْهُ الْجَارِيَةُ فَطَرَحَ الْغُلامُ نَفْسَهُ مِنَ الْمُسْتَشْرَفِ فَلَمْ يَصِلْ إِلَى الأَرْضِ حَتَّى تَقَطَّعَ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَيْحَهُ لَقَدْ عَجَّلَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَقَدْ كَانَ تَقْدِيرِي فِيهِ غَيْرَ الَّذِي فَعَلَ وَأَمَرَ فَأُخْرِجَتِ الْجَارِيَةُ عَنْ قَصْرِهِ ثُمَّ سَأَلَ عَنِ الْغُلامِ فَقَالُوا غَرِيبٌ لَا يُعْرَفُ إِلا أَنَّهُ مُنْذُ ثَلاثٍ يُنَادِي فِي الأَسْوَاقِ وَيَدُهُ عَلَى رَأْسِهِ غَدًا يَكْثُرُ الْوَاشُونَ مِنَّا وَمِنْكُمْ ... وَتَزْدَادُ دَارِي عَنْ دِيَارِكُمْ بُعْدَا قُلْتُ وَقَدْ رَوَى لَنَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا جَرَى فِي مَجْلِسِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَبَلَغَنَا عَنِ الْجَاحِظِ أَنَّهُ قَالَ قَعَدَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمًا لِلْمَظَالِمِ وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ الْقِصَصُ فَمَرَّتْ بِهِ قِصَّةٌ فِيهَا إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُخْرِجَ إِلَيَّ فُلانَةُ يَعْنِي إِحْدَى جَوَارِيهِ تُغَنِّي ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ فَعَلَ فَاغْتَاظَ سُلَيْمَانُ وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ إِلَيْهِ فَيَأْتِيَهُ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أُتْبِعَ الرَّسُولُ بِرَسُولٍ آخَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 فَأَمَرَ أَنْ يُدْخَلَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ فَأُدْخِلَ فَلَمَّا مَثَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ الثِّقَةُ بِحِلْمِكَ وَالاتِّكَالُ عَلَى عَفْوِكَ فَأَمَرَهُ بِالْقُعُودِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَحَدٌ أَمَرَ فَأُخْرِجَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ وَمَعَهَا عُودٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ اخْتَرْ فَقَالَ تُغَنِّي بِقَوْلِ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوَّحِ تَعَلَّقَ رُوحِي رُوحَهَا قَبْلَ خَلْقِنَا ... وَمن بعد مَا كُنَّا فطاما وَفِي الْمَهْدِ فَعَاشَ كَمَا عِشْنَا فَأَصْبَحَ نَامِيًا ... وَلَيْسَ وَإِنْ مِتْنَا بِمُنْتَقِضِ الْعَهْدِ وَلَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ ... وَزَائِرُنَا فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ يَكَادُ فَضِيضَ الْمَاءِ يَخْدُشُ جِلْدَهَا ... إِذَا اغْتَسَلَتْ بِالْمَاءِ مِنْ رِقَّةِ الْجِلْدِ وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى رِيحِ جِيبِهَا ... كَمَا اشْتَاقَ إِدْرِيسُ إِلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ فَغَنَّتْ ثُمَّ قَالَ تَأْمُرُ لِي بِرَطْلٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ تُغَنِّي بِقَوْلِ جَمِيلٍ عَلَقْتُ الْهَوَى مِنْهَا وَلِيدًا فَلَمْ يَزَلْ ... إِلَى الْيَوْمِ يُنْمَى حُبُّهَا وَيَزِيدُ وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي بِانْتِظَارِ نُوَالِهَا ... وَنِلْتُ بِذَاكَ الدَّهْرَ وَهُوَ جَدِيدُ فَلا أَنَا مَرْدُودٌ بِمَا جِئْتُ طَالِبًا ... وَلا حُبُّهَا فِيمَا يُبِيدُ يَبِيدُ إِذَا قُلْتُ مَا بِي يَا بُثَيْنَةُ قَاتِلِي ... مِنَ الْحبّ قَالَت ثَابت وَيزِيد وَإِنِّي قُلْتُ رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ بِهِ ... مَعَ النَّاسِ قَالَتْ ذَاكَ مِنْكَ بَعِيدُ فَغَنَّتْ فَقَالَ لَهُ سلميان قُلْ مَا تُرِيدُ قَالَ تَأْمُرُ لِي بِرَطْلٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ تُغَنِّي بِقَوْلِ قَيْسِ بْنِ ذُرَيْحٍ لَقَدْ كُنْتُ حَسْبَ النَّفْسِ لَوْ دَامَ وُدُّنَا ... وَلَكِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعُ غُرُورِ وَكُنَّا جَمِيعًا قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ الْهَوَى ... بِأَحْسَنِ حَالِي غِبْطَةٍ وَسُرُورِ فَمَا بَرِحَ الْوَاشُونَ حَتَّى بَدَتْ لَنَا ... بُطُونُ الْهَوَى مَقْلُوبَةً بِظُهُورِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 فَغَنَّتْ فَقَالَ سُلَيْمَانُ قُلْ مَا تَشَاءُ قَالَ تَأْمُرُ لِي بِرَطْلٍ فَمَا اسْتَتَمَّهُ حَتَّى وَثَبَ فَصَعَدَ إِلَى أعلا قُبَّةٍ ثُمَّ زَجَّ نَفْسَهُ عَلَى دِمَاغِهِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أَتَرَاهُ تَوَهَّمَ الْجَاهِلُ أَنِّي أُخْرِجُ إِلَيْهِ جَارِيَتِي وَأَرُدَّهَا إِلَى مُلْكِي يَا غُلامُ خُذْ بِيَدِهَا فَانْطَلِقْ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ إِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَإِلا فَبِيعُوهَا وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهَا عَنْهُ فَلَمَّا انْطَلَقُوا بِهَا نَظَرَتْ إِلَى حُفَيْرَةٍ فِي دَارِ سُلَيْمَانَ قَدْ أُعِدَّتْ لِلْمَطَرِ فَجَذَبَتْ يَدَيْهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَجَعَلَتْ تَقُولُ مَنْ مَاتَ عِشْقًا فَلْيَمُتْ هَكَذَا ... لَا خَيْرَ فِي عِشْقٍ بِلا مَوْتِ فَزَجَّتْ نَفْسَهَا فِي الْحُفَيْرَةِ عَلَى دِمَاغِهَا فَمَاتَتْ قُلْتُ وَبَلَغَنَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا جرى فِي ملجس الرَّشِيدِ فَأَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَخْرَمِيُّ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ جَارِيَةً مَدَنِيَّةً فَأُعْجِبَ بِهَا وَأَمَرَ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ أَنْ يَبْعَثَ فِي حَمْلِ أَهْلِهَا وَمَوَالِيهَا لَيَنْصَرِفُوا بِجَوَائِزَهَا وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَشْرِيفَهَا فَوَفَدَ إِلَى مَدِينَةِ السَّلامِ ثَمَانُونَ رَجُلا وَوَفَدَ مَعَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْتَوْطَنَ الْمَدِينَةَ كَانَ يَهْوَى الْجَارِيَةَ فَلَمَّا بَلَغَ الرَّشِيدُ خَبَرَهُمْ أَمَرَ الْفَضْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَيَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحَاجَتِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى الْعِرَاقِيِّ قَالَ لَهُ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ لَهُ إِنْ أَنْتَ كَتَبْتَهَا وَضَمِنْتَ لِي عَرْضَهَا مَعَ مَا تَعْرِضُ أَنْبَأْتُكَ بِهَا فَقَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ حَاجَتِي أَنْ أَجْلِسَ مَعَ فُلانَةَ حَتَّى تُغَنِّيَنِي بِثَلاثَةِ أَصْوَاتٍ وَأَشْرَبَ ثَلاثَةَ أَرْطَالٍ وَأَخْبَرَهَا بِمَا تُجِنُّ ضُلُوعِي مِنْ حُبِّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 فَقَالَ الْفَضْلُ أَنْتَ مُوَسْوَسٌ مَدْخُولٌ عَلَيْكَ فِي عَقْلِكَ فَقَالَ يَا هَذَا قَدْ أُمْرِتَ أَنْ تَكْتُبَ مَا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا فَاكْتُبْ مَا أَقُولُ وَاعْرِضْهُ فَإِنْ أُجِبْتَ إِلَيْهِ وَإِلا فَأَنْتَ فِي أَوْسَعِ الْعُذْرِ فَدَخَلَ الْفَضْلُ مُغَضَّبًا فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا كَتَبَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِمْ وَاحِدٌ مَجْنُونٌ سَأَلَ مَا أَجِلَّ مَجْلِسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ التَّفَوُّهِ بِهِ فَقَالَ قُلْ وَلا تَجْزَعَنَّ فَقَالَ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ اخْرُج إِلَيْهِ وَقل لَهُ إِذا كَانَ بعد ثَلَاث فَاحْضُرْ لننجز لَك مَا سَأَلت وَكن أَنْت تتولى الاسْتِئْذَان لَهُ ودعا بخادم فَقَالَ امْضِ إِلَى فُلَانَة فَقل لَهَا قد حضر رجل سَأَلَ كَذَا وَكَذَا وَقد أجبناه إِلَى مَا سَأَلَ فكوني على أهبة ثمَّ خرج الْفضل إِلَى الْفَتى فَأدى إِلَيْهِ مَا قَالَ الرَّشِيدُ فَانْصَرَفَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَضَرَ وَعَرَفَ الرَّشِيدُ خَبَرَهُ فَقَالَ يُلْقَى لَهُ بِحَيْثُ أُرِيَ كُرِسِيٌّ مِنْ فِضَّةٍ وَلِلْجَارِيَةِ كُرِسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ وَلْيَخْرُجْ إِلَيْهِ ثَلاثَةُ أَرْطَالٍ فَجَلَسَ الْفَتَى عَلَى الْكُرِسِيِّ وَالْجَارِيَةُ بِإِزَائِهِ يُحَدِّثُهَا وَالرَّشِيدُ يَرَاهُمَا فَقَالَ الْخَادِم لم تدخل لِتَشْتَوِي وَتُصَيِّفِ فَأَخَذَ رَطْلا وَخَرَّ سَاجِدًا وَقَالَ إِذَا شِئْتِ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي خَلِيلَيَّ عُوجَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ... وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِنْدٌ بِأَرْضِكُمَا قَصْدَا وَقُولا لَهَا لَيْسَ الضَّلالُ أَجَازَنَا ... وَلَكِنَّمَا جُزْنَا لِنَلْقَاكُمْ عَمْدَا غَدًا يَكْثُرُ الْبَاكُونَ مِنَّا وَمِنْكُمْ ... وَتَزْدَادُ دَارِي مِنْ دِيَارِكُمْ بُعْدَا فَغَنَّتْ ثُمَّ شَرِبَ الرَّطْلَ وَحَادَثَهَا سَاعَةً فَاسْتَحَثَّهُ الْخَادِمُ فَأَخَذَ الرَّطْلَ بَيَدِهِ وَقَالَ غَنِّي جعلني الله فدك تَكَلَّمُ مِنَّا فِي الْوُجُوهِ عُيُونَنَا ... فَنَحْنُ سُكُوتٌ وَالْهَوَى يَتَكَلَّمُ وَنَغْضَبُ أَحْيَانًا وُنَرْضَى بِطَرْفِنَا ... وَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَنَا لَيْسَ يُعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 فَغَنَّتْهُ فَشَرِبَ الرَّطْلَ الثَّانِي وَحَادَثَهَا سَاعَةً فَاسْتَعْجَلَهُ الْخَادِمُ فَخَرَّ سَاجِدًا يَبْكِي وَأَخَذَ الرَّطْلَ بِيَدِهِ وَاسْتَوْدَعَهَا اللَّهَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَدُمُوعِهِ تَسْتَبِقُ اسْتِبَاقَ الْمَطَرِ وَقَالَ إِذَا شِئْتِ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي أَحْسَنَ مَا كَنَّا تَفَرَّقْنَا ... وَخَانَنَا الدَّهْرُ وَمَا خُنَّا فَلَيْتَ ذَا الدَّهْرِ لَنَا مَرَّةً ... عَادَ لَنَا يَوْمًا كَمَا كُنَّا فغنته الصَّوْت فَقلت الْفَتَى طَرْفَهُ فَبَصَرَ بِدَرَجَةٍ فَأَمَّهَا فَاتَّبَعَهُ الْخَدَمُ لِيَهْدُوهُ الطَّرِيقَ فَفَاتَهُمْ وَصَعَدَ الدَّرَجَةَ فَأَلْقَى نَفْسَهُ إِلَى الأَرْضِ عَلَى رَأْسِهِ فَخَرَّ مَيِّتًا فَقَالَ الرَّشِيدُ عَجِلَ الْفَتَى وَلَوْ لَمْ يَعْجَلْ وَهَبْنَاهَا لَهُ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْيَزِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ حَسَنُ بْنُ الأَشْكُرِيُّ الْمِصْرِيُّ قَالَ كُنْتُ مِنْ جُلَّاسِ الأَمِيرِ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ وَمِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ جِدًّا قَالَ فَبَعَثَ إِلَيَّ بَغْدَادَ فَاشْتَرَيْتُ لَهُ جَارِيَةً رَائِعَةً مِنْ أَفْضَلِ مَا وُجِدَ فِي الْحسن والغناء فَلَمَّا وصلت إِلَيْهِ أَقَامَ دَعْوَة لجلسائه قَالَ وَأَنَا فِيهِمْ ثُمَّ وُضِعَتِ السِّتَارَةُ فَأَمَرَهَا بِالْغِنَاءِ فَغَنَّتْ وَبَدَا لَهُ مِنْ بَعْدِ مَا انْدَمَلَ الْهَوَى ... بَرْقٌ تَأَلَّقَ مَوْهِنًا لَمَعَانُهُ يَبْدُو كَحَاشِيَةِ الرِّدَاءِ وَدُونَهُ ... صَعْبُ الذُّرَى مَتَمَنِّعٌ أَرْكَانُهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هَذَانِ الْبَيْتَانِ فَبَدَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ لاحَ فَلَمْ يُطِقْ ... نظرا إِلَيْهِ وصده سحانه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 فَالنَّارُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ ضُلُوعُهُ ... وَالْمَاءُ مَا سَمَحَتْ بِهِ أَجْفَانُهُ قَالَ فَأَحْسَنَتْ مَا شَاءَتْ وَطَرِبَ تَمِيمٌ وَكُلُّ مَنْ حَضَرَ ثُمَّ غَنَّتْ سَيُسْلِيكَ عَمَّا فَاتَ دَوْلَةُ مُفْضِلٍ ... أَوَائِلُهُ مَحْمُودَةٌ وَأَوَاخِرُهُ ثَنَى الله غطفيه وَأَلَّفَ شَخْصُهُ ... عَلَى الْبِرِّ مُذْ شُدَّتْ عَلَيْهِ مَآزِرُهُ فَطَرَبَ الأَمِيرُ تَمِيمٌ وَكُلُّ مَنْ حَضَرَ طَرَبًا شَدِيدًا ثُمَّ غَنَّتْ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ فِي بَغْدَادَ لِي قَمَرًا ... بِالْكَرْخِ مِنْ فَلَكِ الأَزْرَارِ مَطْلَعُهُ فَاشْتَدَّ طَرَبُ الأَمِيرِ تَمِيمٌ وَأَفْرَطَ جِدًّا ثُمَّ قَالَ لَهَا تَمَنِّي مَا شِئْتِ فَلَكِ مُنَاكِ فَقَالَتْ أَتَمَنَّى عَافَيَةَ الأَمِيرِ وَبَقَاءَهُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا بُدَّ لَكَ أَنْ تَتَمَنِّي فَقَالَتْ عَلَى الْوَفَاءِ أَيُّهَا الأَمِيرُ بِمَا أَتَمَنَّى فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ لَهُ أَنْ أُغَنِّي هَذِهِ النَّوْبَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ فَاسْتَنْقَعَ لَوْنُ تَمِيمٍ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَتَكَدَّرَ الْمَجْلِسُ وَقَامَ وَقُمْنَا كُلُّنَا قَالَ ابْنُ الأَشْكُرِيُّ فَلَحِقَنِي بَعْضُ خَدَمِهِ وَقَالَ لِي ارِجِعْ فَالأَمِيرُ يَدْعُوكَ فَرَجَعْتُ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا يَنْتَظِرُنِي فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ وَيْحَكَ أَرَأَيْتَ مَا امْتُحِنَّا بِهِ قُلْتُ نَعَمْ أَيُّهَا الأَمِيرُ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنَ الْوَفَاءِ لَهَا وَمَا أَثِقُ فِي هَذَا بِغَيْرِكَ فَتَأَهَّبْ لِتَحْمِلَهَا إِلَى بَغْدَادَ فَإِذَا غَنَّتْ هُنَاكَ فَاصْرِفْهَا فَقُلْتُ سَمْعًا وَطَاعَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 قَالَ ثُمَّ قُمْتُ وَتَأَهَّبْتُ وَأَمَرَ لَهَا بِالتَّأَهُّبِ وَأَصْحَبَهَا جَارِيَةً سَوْدَاءَ تُعَادِلُهَا وَتَخْدُمُهَا وَأَمَرَ بِنَاقَةٍ وَمَحْمَلٍ فأدخلت فِيهِ وَجعلهَا معي ثمَّ سرت إِلَى مَكَّة مَعَ الْقَافِلَة فقضينا حجنا ثمَّ دَخَلنَا فِي قافلة الْعرَاق وسرنا قَالَ فَلَمَّا وَرَدْنَا الْقَادِسِيَّةَ أَتَتْنِي السَّوْدَاء عَنْهَا فَقَالَت تَقول لَك سيدتي أَيْن نَحن فَقلت لَهَا نَحن نزُول بالقادسية فَانْصَرَفت إِلَيْهَا وأخبرتها فَلم ألبث أَنْ سَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ بِالْغِنَاءِ لَمَّا وَرَدْنَا الْقَادِسِيَّةَ ... حَيْثُ مُجْتَمَعِ الرِّفَاقِ وَشَمَمْتُ مِنْ أَرْضِ الِعْرَاقِ ... نَسِيمَ أَنْفَاسِ الْعِرَاقِ أيقنت لي وَلمن أحب م ... بَجَمْعِ شَمْلٍ وَاتِّفَاقِ وَضَحِكْتُ مِنْ فَرَحِ اللِّقَاءِ ... كَمَا بَكَيْتُ مِنَ الْفِرَاقِ فَتَصَايَحَ النَّاسُ مِنْ أَقْطَارِ الْقَافِلَةِ أَعِيدِي بِاللَّهِ أَعِيدِي بِاللَّهِ قَالَ فَمَا سَمِعَ لَهَا كَلِمَةً قَالَ ثُمَّ نَزَلْنَا بِالْيَاسِرِيَّةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ قَرِيبٌ فِي بَسَاتِينٍ مُتَّصِلَةٌ يَنْزِلُ النَّاسُ بِهَا فَيَبِيتُونَ لَيْلَتَهُمْ ثُمَّ يُبْكِرُونَ لِدُخُولِ بَغْدَادَ فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الصَّبَاحِ إِذَا أَنَا بِالسَّوْدَاءِ قَدْ أَتَتْنِي مَذْعُورَةً فَقُلْتُ مَالَكِ قَالَتْ إِنَّ سَيَّدَتِي لَيْسَتْ حَاضِرَةً فَقُلْتُ وَأَيْنَ هِيَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي قَالَ فَلَمْ أَحُسْ لَهَا أَثَرًا بَعْدُ وَدَخَلْتُ بَغْدَادَ وَقَضَيْتُ حَوَائِجِي بِهَا وَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاغْتَمَّ لَهُ ثُمَّ مَا زَالَ ذَاكِرًا لَهَا وَاجِمًا عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْفَرَجِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّرْسِيُّ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا بِحَضْرَةِ أَبِي وَأَنَا حَدَثٌ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ فَحَدَّثَنِي حَدِيثَ وُصُولِ النِّعَمِ إِلَى النَّاس بالألوان الظريفة وَكَانَ مِمَّن حضر صديق لأبي فَسَمعته يُحَدِّثُ أَبِي قَالَ حَضَرْتُ عِنْدَ صَدِيقٍ لِي مِنَ التُّجَارِ كَانَ يُحْزَرُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فِي دَعْوَةٍ وَكَانَ حَسَنَ الْمُرُوءَةِ فَقَدَّمَ مَائِدَتَهُ وَقَدَّمَ عَلَيْهَا دنكيريكة فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا فَامْتَنَعْنَا فَقَالَ كُلُوا فَإِنِّي أَتَأَذَّى بِأَكْلِ هَذَا اللَّوْنِ فَقُلْنَا فَنُسَاعِدُكَ عَلَى تَرْكِهِ فَقَالَ بَلْ أُسَاعِدُكُمْ عَلَى الأَكْلِ وَاحْتَمَلَ الأَذَى فَأَكَلَ فَلَمَّا أَرَادَ غَسْلَ يَدِهِ أَطَالَ فَعَدَدْتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ غَسَلَهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً فَقُلْتُ يَا هَذَا أَوَسْوَسْتَ فَقَالَ هَذِهِ الأَذَيَّةِ الَّتِي فَرَقَتُ مِنْهَا قُلْتُ وَمَا سَبَبُهَا فَامْتَنَعَ مِنْ ذِكْرِهَا فَأَلْحَحْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَاتَ أَبِي وَسِنِّي عِشْرُونَ سَنَةً وَخَلَّفَ لِي نِعْمَةً صَغِيرَةً وَرَأْسَ مَالٍ وَمَتَاعًا فِي دُكَّانِهِ وَكَانَ دُكَّانُنَا فِي الْكَرْخِ فَقَالَ لِي لَمَّا حَضرته الْوَفَاة يابني إِنَّهُ لَا وَارِثَ لِي غَيْرُكَ وَلا دَيْنَ عَلَيَّ وَلا مَظْلَمَةَ فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْسِنْ جِهَازِي وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا وَأَخْرِجْ عَنِّي حَجَّةً بِكَذَا وَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي الْبَاقِي وَلَكِنِ احْفَظْ وَصِيَّتِي فَقُلْتُ قُلْ قَالَ لَا تُسْرِفْ فِي مَالِكَ فَتَحْتَاجَ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلا تَجِدْهُ وَاعْلَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 أَنَّ الْقَلِيلَ مَعَ الإِصْلاحِ كَثِيرٌ وَالْكَثِيرُ مَعَ الْفَسَادِ قَلِيلٌ فَالْزَمِ السُّوقَ وَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُهَا وَآخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَدْخُلَهَا سَحَرًا بِلَيْلٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ تَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ فَوَائِدَ تَكْشِفُهَا لَكَ الأَيَّامُ وَمَاتَ فَأَنْفَذْتُ وَصِيَّتَهُ وَعَمِلْتُ بِمَا أَشَارَ بِهِ وَكُنْتُ أَدْخُلُ السُّوقَ سَحَرًا وَأَخْرُجُ مِنْهُ عَشِيًا فَلا أُعْدَمُ مَنْ يَجِيئُنِي يَطْلُبُ كَفَنًا فَلا يَجِدُ مَنْ فَتَحَ غَيْرِي فَأَحْكُمُ عَلَيْهِ وَمَنْ يَبِيعُ شَيْئًا وَالسُّوقُ لَمْ يَقُمْ فَأَبِيعُهُ لَهُ وَأَشْيَاءَ مِنْ صِنْفِ هَذِهِ الْفَوَائِدِ وَمَضَى عَلَى لُزُومِي السُّوقَ سَنَةٌ وَكَسْرُ فَصَارَ لِي بِذَلِكَ جَاهٌ عِنْدَ أَهْلِهَا وَعَرَفُوا اسْتِقَامَتِي فَأَكْرَمُونِي فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ يَوْمًا وَلَمْ يَتَكَامَلَ السُّوقُ إِذَا بِامْرَأَةٍ رَاكِبَةٍ حِمَارًا مِصْرِيًّا وَعَلَى كَفَلِهِ مِنْدِيلٌ دَبِيقِيٌّ وَخَادِمٌ وَهِيَ بِزِيِّ الْقَهْرَمَانَةِ فَبَلَغَتْ آخِرَ السُّوقِ ثُمَّ رَجَعَتْ فَنَزَلَتْ عِنْدِي فَقُمْتُ إِلَيْهَا وَأَكْرَمْتُهَا وَقُلْتُ لَهَا مَا تَأْمُرِينَ وَتَأَمَّلْتُهَا فَإِذَا بِامْرَأَةٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا إِلَى الآنَ أَحْسَنَ مِنْهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ فَتَكَلَّمَتْ وَقَالَتْ أُرِيدُ كَذَا وَأُرِيدُ كَذَا ثِيَابًا طَلَبَتْهَا فَسَمِعْتُ نَغَمَةً وَرَأَيْتُ شَكْلا قَتَلَنِي وَعِشْقُتَهَا فِي الْحَالِ أَشَدَّ الْعِشْقِ وَقُلْتُ اصْبِرِي حَتَّى يَخْرُجَ النَّاسُ فَآخُذَ لَكَ ذَلِكَ فَلَيْسَ عِنْدِي إِلا الْقَلِيلُ مِمَّا يَصْلُحُ لَكِ وَأَخْرَجْتُ الَّذِي كَانَ عِنْدِي فَجَلَسَتْ تُحَادِثُنِي وَالسَّكَاكِينُ فِي فُؤَادِي مِنْ عِشْقِهَا وَكَشَفَتْ عَنْ أَنَامِلَ رَأْيُهَا كَالطَّلْعِ وَوَجْهٍ كَدَارَةِ الْقَمَرِ فَقُمْتُ لِئَلا يَزِيدَ عَلَيَّ الأَمْرُ وَأَخَذْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 لَهَا مِنَ السُّوقِ مَا أَرَادَتْ وَكَانَ ثَمَنُهُ مَعَ مَا هُوَ لي نَحْو خَمْسمِائَة دِينَارٍ فَأَخَذَتْهُ وَرَكِبَتْ وَلَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا وَذَهَبَ عَنِّي لِمَا تَدَاخَلَنِي مِنْ شَهْوَتِهَا أَنْ أَمْنَعَهَا مِنَ الْمَتَاعِ إِلا بِالْمَالِ أَوْ أَسْتَدِّلُ مَنْزِلَهَا وَمَنْ دَارِ مَنْ هِيَ فَحِينَ غَابَتْ عَنِّي وَقَعَ لِي أَنَّهَا مُحْتَالَةٌ وَأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ فَقْرِي فَتَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِي وَقَامَتْ قِيَامَتِي وَكَتَمْتُ خَبَرِي لِئَلا أَفْتَضِحَ بِمَا لِلنَّاسِ عَلَيَّ وَعَمِلْتُ عَلَى بَيْعِ مَا فِي يَدِي مِنَ الْمَتَاعِ وَإِضَافَتِهِ إِلَى مَا عِنْدِي مِنَ الدَّرَاهِمِ وَدَفْعِ أَمْوَالِ النَّاسِ إِلَيْهِمْ وَلُزُومِ الْبَيْتِ وَالاقْتِصَارِ عَلَى غَلَّةِ الْعَقَارِ الَّذِي وَرِثْتُهُ وَوَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَى الْمِحْنَةِ وَأَخَذْتُ أَشْرُعُ فِي ذَلِكَ مُدَّةَ أُسْبُوعٍ فَإِذَا بِهَا قَدْ نَزَلَتْ عِنْدِي فَحِينَ رَأَيْتُهَا أُنْسِيتُ جَمِيعَ مَا جَرَى عَلَيَّ وَقُمْتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا فَتًى تَأَخَّرْنَا عَنْكَ لِشُغْلٍ عَرَضَ لَنَا وَمَا شَكَكْنَا فِي أَنَّكَ لَمْ تَشُكَّ أَنَّا احْتَلْنَا عَلَيْكَ فَقُلْتُ قَدْ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَكِ عَنْ هَذَا فَقَالَتْ هَاتِ التَّخْتَ والطيار فأحضرته فَأَخْرَجَتْ دَنَانِيرَ عُتْقًا فَوَفَّتْنِي الْمَالَ بِأَسْرِهِ وَأَخْرَجَتْ تَذْكَرَةً بِأَشْيَاءٍ أُخَرَ فَأَنْفَذْتُ إِلَى التُّجَّارِ أَمْوَالَهُمْ وَطَلَبْتُ مِنْهُمْ مَا أَرَادَتْ وَحَصَّلْتُ أَنَا فِي الْوَسَطِ رِبْحًا جَيِّدًا وَأَحْضَرَ التُّجَّارُ الثِّيَابَ فَقُمْتُ وَثَمَّنْتُهَا مَعَهُمْ لِنَفْسِي ثُمَّ بِعْتُهَا عَلَيْهَا بِرِبْحٍ عَظِيمٍ وَأَنَا فِي خِلالِ ذَلِكَ أَنْظُرُ إِلَيْهَا نَظَرَ تَالِفٍ مِنْ حُبِّهَا وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ قَدْ فَطِنَتْ بِذَلِكَ وَلَمْ تُنْكِرْهُ فَهَمَمْتُ بِخِطَابِهَا وَلَمْ أَقْدِرْ أُقْدِمْ فَاجْتَمَعَ الْمَتَاعُ وَكَانَ ثَمَنُهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَخَذَتْهُ وَرَكِبَتْ وَلَمْ أَسْأَلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَلَمَّا غَابَتْ عَنِّي قُلْتُ هَذَا الآنَ هُوَ الْحِيلَة المحكمة أعطتني خَمْسمِائَة دِينَارٍ وَأَخَذَتْ أَلْفَ دِينَارٍ وَلَيْسَ إِلا بَيْعُ عَقَارِي الآنَ وَالْحُصُولُ عَلَى الْفَقْرِ الْمُدْقِعِ ثُمَّ سَمِحَتْ نَفْسِي بِرُؤْيَتِهَا مَعَ الْفَقْرِ وَتَطَاوَلَتْ غَيْبَتَهَا نَحْوَ شَهْرٍ وَأَلَحَّ التُّجَارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 علَيَّ بِالْمُطَالَبَةِ فَعَرَضْتُ عَقَارِي لِلْبَيْعِ وَلازَمَنِي بَعْضُ التُّجَّارِ فَوَزَنْتُ جَمِيعَ مَا كُنْتُ أَمْلِكُهُ وَرِقًا وَعَيْنًا فَأَنَا كَذَلِكَ إِذْ نَزَلَتْ عِنْدِي فَزَالَ عَنِّي جَمِيعُ مَا كُنْتُ فِيهِ بِرُؤْيَتِهَا فَاسْتَدْعَتِ الطَّيَّارَ وَالتَّخْتَ فَوَزَنَتِ الْمَالَ وَقَدَّمَتْ لِي تَذْكَرَةً يَزِيدُ مَا فِيهَا عَلَى أَلْفَيْ دِينَارٍ بِكَثِيرٍ فَتَشَاغَلْتُ بِإِحْضَارِ التُّجَّارِ وَدَفْعِ أَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ وَأَخْذِ الْمَتَاعِ مِنْهُمْ فَطَالَ الْحَدِيثُ بَيْنَنَا فَقَالَتْ يَا فَتًى لَكَ زَوْجَةٌ فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُ امْرَأَةً قَطُّ وَأَطْمَعَنِي ذَلِكَ فِيهَا وَقُلْتُ هَذَا وَقْتُ خِطَابُهَا وَالإِمْسَاكُ عَنْهَا عَجْزٌ وَلَعَلَّهَا تَعُودُ أَوْ لَا تَعُودُ وَأَرَدْتُ كَلامَهَا فَهِبْتُهَا وَقُمْتُ كَأَنَّنِي أَحُثُّ التُّجَّارَ عَلَى جَمْعِ الْمَتَاعِ وَأَخَذْتُ يَدَ الْخَادِمَ وَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ دَنَانِيرَ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَقْضِيَ لِي حَاجَةً فَقَالَ أَفْعَلُ وَأُبَلِّغُ لَكَ مَحَبَّتَكَ وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّتِي وَسَأَلْتُهُ تَوَسُّطَ الأَمْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَضَحِكَ وَقَالَ إِنَّهَا لَكَ أَعْشَقُ مِنْكَ لَهَا وَاللَّهِ مَا بِهَا حَاجَةٌ إِلَى أَكْثَرِ هَذَا الَّذِي تَشْتَرِيهِ وَإِنَّمَا تَجِيئُكَ مَحَبَّةً لَكَ وَطَرِيقًا إِلَى مُطَاوَلَتِكَ فَخَاطِبْهَا بِظُرْفٍ وَدَعْنِي فَإِنِّي أَفْرُغُ لَكَ مِنَ الأَمْرِ فَجَسَّرَنِي بِذَلِكَ عَلَيْهَا فَخَاطَبْتُهَا وَكَشَفْتُ لَهَا عِشْقِي وَمَحَبَّتِي وَبَكَيْتُ فَضَحِكَتْ وَتَقَبَّلَتْ ذَلِكَ أَحْسَنَ تَقَبُّلٍ وَقَالَتْ الْخَادِمُ يَجِيئُكَ بِرَسَالَتِي وَنَهَضَتْ وَلَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا مِنَ الْمَتَاعِ فَرَدَدْتُهُ عَلَى النَّاسِ وَقَدْ حَصَلَ لِي مِمَّا اشْتَرَيْتُهُ أَوَّلا وَثَانِيًا أُلُوفُ دَرَاهِمَ رِبْحًا وَلَمْ يَحْمِلُنِي النَّوْمُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ شَوْقًا إِلَيْهَا وَخَوْفًا مِنَ انْقِطَاعِ السَّبَبِ بَيْنَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَنِي الْخَادِمُ فَأَكْرَمْتُهُ وَسَأَلْتُهُ عَنْ خَبَرِهَا فَقَالَ هِيَ وَاللَّهِ عَلِيلَةٌ مِنْ شَوْقِهَا إِلَيْكَ فَقُلْتُ اشْرَحْ لِي أَمْرَهَا فَقَالَ هَذِهِ مَمْلُوكَةُ السَّيِّدَةِ أُمِّ الْمُقْتَدِرِ وَهِيَ مِنْ أَخَصِّ جَوَارِيهَا بِهَا وَاشْتَهَتْ رُؤْيَةَ النَّاسِ وَالدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ فَتَوَصَّلَتْ حَتَّى جَعَلَتْهَا قَهْرَمَانَةً وَقَدْ وَاللَّهِ حَدَّثَتِ السَّيِّدَةَ بِحَدِيثِكَ وَبَكَتْ بَيْنَ يَدَيْهَا وَسَأَلَتْهَا أَنْ تُزَوِّجَهَا مِنْكَ فَقَالَتِ السَّيِّدَةُ لَا أَفْعَلُ أَوْ أَرَى هَذَا الرَّجُلَ فَإِنْ كَانَ يَسْتَأْهِلُكِ وَإِلا لَمْ أَدَعْكِ وَرَأْيَكِ وَتَحْتَاجُ أَنْ تَحْتَالَ فِي إِدْخَالِكَ الدَّارَ بِحِيلَةٍ فَإِنْ تَمَّتْ وَصَلْتَ بِهَا إِلَى تَزْوِيجِهَا وَإِنِ انْكَشَفَتْ ضُرِبَتْ عُنُقُكَ فِي هَذَا وَقَدْ أَنْفَدَتْنِي إِلَيْكَ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ وَقَالَتْ لَكَ إِنْ صَبَرْتَ عَلَى هَذَا وَإِلا فَلا طَرِيقَ لَكَ وَاللَّهِ إِلَيَّ وَلا لِي إِلَيْكَ بَعْدَهَا فَحَمَلَنِي مَا فِي نَفْسِي عَلَى أَنْ قُلْتُ أَصْبِرُ فَقَالَ إِذَا كَانَ اللَّيْلَةَ فَاعْبُرْ إِلَى الْمُخَرَّمِ فَادْخُلْ إِلَى الْمَسْجِدِ وَبِتْ فِيهِ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ إِذَا بِطَيَّارٍ قَدْ قَدِمَ وَخَدَمٍ قَدْ رَقَّوْا صَنَادِيقَ فُرَّغًا فَجَعَلُوهَا فِي الْمَسْجِدِ وَانْصَرَفُوا فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ فَصَعَدَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَعَهَا الْخَادِمُ الَّذِي أَعْرِفُهُ فَجَلَسَتْ وَفَرَّقَتْ بَاقِي الْخَدَمِ فِي حَوَائِجَ وَاسْتَدْعَتْنِي فَقَبَّلَتْنِي وَعَانَقَتْنِي طَوِيلا وَلَمْ أَكُنْ قَدْ نِلْتُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهَا قُبْلَةً ثُمَّ أَجْلَسَتْنِي فِي بَعْضِ الصَّنَادِيقِ وَقَفَلَتْهُ وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ وَجَاءَ الْخَدَمُ بِثِيَابٍ وَحَوَائِجَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَتْ أَنْفَذَتْهُمْ إِلَيْهَا فَجَعَلَتْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِمْ فِي بَاقِي الصَّنَادِيقِ وَقَفَلَتْهَا وَحَمَلَتْهَا إِلَى الطَّيَّارِ وَانْحَدَرَ فَلَمَّا حَصَلْتُ فِيهِ نَدِمْتُ وَقُلْتُ قَتَلْتُ نَفْسِي لِشَهْوَةٍ وَأَقْبَلْتُ أَلُومُهَا تَارَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وَأُشَجِّعُهَا أُخْرَى وَأَنْذِرُ النُّذُورَ عَلَى خَلاصِي وَأُوَطِّنُ مَرَّةً نَفْسِي عَلَى الْقَتْلِ إِلَى أَنْ بَلَغْنَا الدَّارَ وَحَمَلَ الْخَدَمُ الصَّنَادِيقَ وَحَمَلَ صَنْدُوقِي الْخَادِمُ الَّذِي يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَبَادَرَتْ بِصَندُوقِي أَمَامَ الصَّنَادِيقِ وَهِيَ مَعِي وَالْخَدَمُ يَحْمِلُونَ الْبَاقِي وَيَلْحَقُونَهَا فَكُلَّمَا جَازَتْ بِطَبَقَةٍ مِنَ الْخَدَمِ وَالْبَوَّابِينَ قَالُوا نُرِيدُ تَفْتِيشَ الصَّنْدُوقِ فَتَصِيحُ عَلَيْهِمْ وَتَقُولُ مَتَى جَرَى الرَّسْمُ مَعِي بِهَذَا فَيُمْسِكُونَ وَرُوحِي فِي السِّيَاقِ إِلَى أَنِ انْتَهَيْنَا إِلَى خَادِمٍ خَاطَبَتْهُ هِيَ بِالأُسْتَاذِ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ أَجَلُّ الْخَدَمِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ تَفْتِيشِ الصُّنْدُوقِ الَّذِي مَعَكِ فَخَاطَبَتْهُ بِلِينٍ وَذُلٍّ فَلَمْ يُجِبْهَا وَعَلِمْتُ أَنَّهَا مَا ذُلَّتْ لَهُ وَلَهَا حِيلَةٌ فَأُغْمِيَ عَلَيَّ وَأُنْزِلَ الصُّنْدُوقُ لِيُفْتَحَ فَذَهَبَ عَلَيَّ أَمْرِي وَبُلْتُ فَزَعًا فَجَرَى الْبَوْلُ مِنْ خُلَلِ الصُّنْدُوقِ فَقَالَتْ يَا أُسْتَاذُ أَهْلَكْتَ عَلَيْنَا مَتَاعًا بِخَمْسَةِ آلَاف دِينَار فِي الصندوق وَثيَاب مُصَبَّغَاتٍ وَمَاءَ وَرْدٍ قَدِ انْقَلَبَ عَلَى الثِّيَابِ وَالسَّاعَةُ تَخْتَلِطُ أَلْوَانُهَا وَهِيَ هَلاكِي مَعَ السَّيِّدَةِ فَقَالَ لَهَا خُذِي صُنْدُوقَكِ إِلَى لَعْنَةِ اللَّهِ أَنْتِ وَهُوَ وَمُرِّي فَصَاحَتْ بِالْخَدَمِ احْمِلُوهُ وَأُدْخِلْتُ الدَّارَ وَرَجَعَتْ إِلَيَّ رُوحِي فَبَيْنَا نَحْنُ نَمْشِي إِذْ قَالَتْ وَاوَيْلاهُ الْخَلِيفَةُ وَاللَّهِ فَجَاءَنِي أَعْظَمُ مِنَ الأَوَّلِ وَسَمِعْتُ كَلامَ خَدَمٍ وَجَوَارٍ وَهُوَ يَقُولُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَيْلَكِ يَا فُلانَةُ إِيشِ فِي صُنْدُوقِكِ أَرِينِي هُوَ فَقَالَتْ ثِيَابٌ لِسِتِّي يَا مَوْلاي وَالسَّاعَةَ أَفْتَحُهُ بَيْنَ يَدَيْهَا وَتَرَاهُ وَقَالَتْ لِلْخَدَمِ أَسْرِعُوا وَيْلَكُمْ فَأَسْرَعُوا وَأَدْخَلَتْنِي إِلَى حُجْرَةٍ وَفَتَحْتُ عَيْنِي وَقَالَتْ اصْعَدْ هَذِهِ الدَّرَجَةَ إِلَى الْغُرْفَةِ وَاجْلِسْ فِيهَا وَفَتَحَتْ بِالْعَجَلَةِ صُنْدُوقًا آخَرَ فَنَقَلَتْ بَعْضَ مَا كَانَ فِيهِ إِلَى الصُّنْدُوقِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَقَفَلَتِ الْجَمِيعَ وَجَاءَ الْمُقْتَدِرُ وَقَالَ افْتَحِي فَفَتَحَتْهُ فَلَمْ يَرْضَ مِنْهُ شَيْئًا وَخَرَجَ فَصَعَدَتْ إِلَيَّ وَجَعَلَتْ تَرْشُفُنِي وَتُقَبِّلُنِي فَعِشْتُ وَنَسِيتُ مَا جَرَى وَتَرَكَتْنِي وَقَفَلَتْ بَابَ الْحُجْرَةِ يَوْمَهَا ثُمَّ جَاءَتْنِي لَيْلا فَاطْعَمَتْنِي وَسَقَتْنِي وَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَتْنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 فَقَالَتِ السَّيِّدَةُ السَّاعَةَ تَجِيءُ فَانْظُرْ كَيْفَ تُخَاطِبُهَا ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ مَعَ السَّيِّدَةِ وَقَالَتْ انْزِلْ فَنَزَلْتُ فَإِذَا بِالسَّيِّدَةِ جَالِسَةً عَلَى كُرِسِيٍّ وَلَيْسَ مَعَهَا إِلا وَصِيفَتَانِ وَصَاحِبَتِي فَقَبَّلْتُ الأَرْضَ وَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهَا فَقَالَتِ اجْلِسْ فَقُلْتُ أَنَا عَبْدُ السَّيِّدَةِ وَخَادِمُهَا وَلَيْسَ مِنْ مَحِلِّي أَنْ أَجْلِسَ بِحَضْرَتِهَا فَتَأَمَّلَتْنِي وَقَالَتْ مَا اخْتَرْتِ يَا فُلانَةُ إِلا حَسَنَ الْوَجْهِ وَالأَدَبِ وَنَهَضَتْ فَجَاءَتْنِي صَاحِبَتِي بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَتْ أَبْشِرْ فَقَدْ أَذِنَتْ لِي وَاللَّهِ فِي تَزْوِيجِكَ وَمَا بَقِيَ الآنَ عَقَبَةٌ إِلا الْخُرُوجُ فَقُلْتُ يُسَلِّمُ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ حَمَلَتْنِي فِي الصُّنْدُوقِ فَأُخْرِجْتُ كَمَا أُدْخِلْتُ بَعْدَ مُخَاطَرَةٍ أُخْرَى وَفَزَعٍ ثَانِ وَنَزَلْتُ فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَتَصَدَّقْتُ وَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلامَةِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَنِي الْخَادِمُ وَمَعَهُ كِيسٍ فِيهِ ثَلاثَةُ آلافِ دِينَارٍ عَيْنًا فَقَالَ أَمَرَتْنِي سِتِّي بِإِنْفَاذِ هَذَا إِلَيْكَ مِنْ مَالِهَا وَقَالَتْ تَشْتَرِي بِهَا ثِيَابًا وَمَرْكُوبًا وَخَدَمًا وَتُصْلِحُ بِهِ ظَاهِرَكَ وَتَعَالَ يَوْمَ الْمَوْكِبِ إِلَى بَابِ الْعَامَّةِ وَقِفْ حَتَّى تُطْلَبَ فَقَدْ وَافَقَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُزَوِّجَكَ بِحَضْرَتِهِ فَأَجَبْتُ عَنْ رُقْعَةٍ كَانَتْ مَعَهُ وَأَخَذْتُ الْمَالَ فَاشْتَرَيْتُ مَا قَالُوهُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْهُ وَبَقِيَ الأَكْثَرُ عِنْدِي وَرَكِبْتُ إِلَى بَابِ الْعَامَّةِ فِي يَوْمِ الْمَوْكِبِ بِزِيٍّ حَسَنٍ وَجَاءَ النَّاسُ فَدَخَلُوا إِلَى الْخَلِيفَةِ وَوَقَفْتُ إِلَى أَنِ اسْتُدْعِيتُ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بالمقتدر جَالس والقضاة والقواد والهاشميين فَهِبْتُ الْمَجْلِسَ وَعُلِّمْتُ كَيْفَ أُسَلِّمُ فَفَعَلْتُ وَتَقَدَّمَ الْمُقْتَدِرُ إِلَى بَعْضِ الْقُضَاةِ الْحَاضِرِينَ فَخَطَبَ لِي وَزَوَّجَنِي وَخَرَجْتُ مِنْ حَضْرَتِهِ فَلَمَّا صِرْتُ فِي بَعْضِ الدَّهَالِيزِ قَرِيبًا مِنَ الْبَابِ عُدِلَ بِي إِلَى دَارٍ عَظِيمَةٍ مَفْرُوشَةٍ بِأَنْوَاعِ الْفَرْشِ الْفَاخِرِ وَفِيهَا مِنَ الآلاتِ وَالْخَدَمِ وَالْقُمَاشِ كُلُّ شَيْءٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 فَأُجْلِسْتُ فِيهَا وَتُرِكْتُ وَحْدِي وَانْصَرَفَ مَنْ أَدْخَلَنِي فَجَلَسْتُ يَوْمِي لَا أَرَى مَنْ أَعْرِفُ وَلا أَبْرَحُ مَوْضِعِي إِلا إِلَى الصَّلاةِ وَخَدَمٌ يَدْخُلُونَ وَيَخْرُجُونَ وَطَعَامٌ عَظِيمٌ يُنْقَلُ وَهُمْ يَقُولُونَ اللَّيْلَةَ تُزَفُّ فُلانَةُ بِاسْمِ صَاحِبَتِي إِلَى زَوْجِهَا الْبَزَّازِ فَلا أُصَدِّقُ فَرَحًا فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْلُ أَثَّرَ فِيَّ الْجُوعُ وَقُفِّلَتِ الأَبْوَابُ وَيَئِسْتُ مِنَ الْجَارِيَةِ فَقُمْتُ أَطُوفُ الدَّارَ فَوَقَعْتُ عَلَى الْمَطْبَخِ وَوَجَدْتُ الطَّبَّاخِينَ جُلُوسًا فَاسْتَطْعَمْتُهُمْ فَلَمْ يَعْرِفُونِي وَقَدَّرُونِي بَعْضَ الْوُكَلاءِ فَقَدَّمُوا إِلَيَّ هَذَا اللَّوْنَ مِنَ الطَّعَامِ مَعَ رَغِيفَيْنِ فَأَكَلْتُهُمَا وَغَسَلْتُ يَدَّيَّ بِأَشْنَانٍ كَانَ فِي الْمَطْبَخِ وَقَدَّرْتُ أَنَّهَا قَدْ نقيَتْ وَعُدْتُ إِلَى مَكَانِي فَلَمَّا جَنَّنِي اللَّيْلُ إِذَا بِطُبُولٍ وَزُموُرٍ وَأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ وَإِذَا بِالأَبْوَابِ قَدْ فُتِحَتْ وَصَاحِبَتِي قَدْ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ وَجَاءُوا بِهَا فَجَلَّوْهَا عَلَيَّ وَأَنَا أُقَدِّرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّوْمِ فَرَحًا وَتُرِكَتْ مَعِي فِي الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فَلَمَّا خَلَوْنَا تَقَدَّمْتُ إِلَيْهَا فَقَبَّلْتُهَا وَقَبَّلَتْنِي وَشَمَّتْ لِحْيَتِي فَرَفَسَتْنِي وَرَمَتْ بِي عَنِ الْمِنَصَّةِ وَقَالَتْ أَنْكَرْتُ أَنْ تُفْلِحَ يَا عَامِّيُّ يَا سَفَلَةُ وَقَامَتْ لِتَخْرُجَ فَقُمْتُ وَتَعَلَّقْتُ بِهَا وَقَبَّلْتُ الأَرْضَ وَرِجْلَيْهَا وَقُلْتُ عَرِّفِينِي ذَنْبِي وَاعْمَلِي بَعْدَهُ مَا شِئْتِ فَقَالَتْ وَيْحَكَ أَكَلْتَ وَلَمْ تَغْسِلْ يَدَكَ فَقَصَصْتُ عَلَيْهَا قِصَّتِي فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى آخِرِهَا قُلْتُ عَلَيَّ وَعَلَيَّ فَحَلَفْتُ بِطَلاقِهَا وَطَلاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَصَدَقَةِ مَالِي وَجَمِيعِ مَا أَمْلِكُهُ وَالْحَجِّ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيَّ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ وَكُلُّ مَا يَحْلِفُ الْمُسْلِمُونَ بِهِ لَا أَكَلْتُ بَعْدَهَا دِيكِيرِيكَةً إِلا غَسَلْتُ يَدَيَّ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فَاسْتَحْيَتْ وَتَبَسَّمَتْ وَصَاحَتْ يَا جَوَارِي فَجَاءَ مِقْدَارُ عَشْرِ جَوَارٍ وَوَصَائِفَ فَقَالَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 هَاتُوا شَيْئًا نَأْكُلَ فَقُدِّمَتْ إِلَيَّ أَلْوَانٌ ظَرِيفَةٌ وَطَعَامٌ مِنْ أَطْعِمَةِ الْخُلَفَاءِ فَأَكَلْنَا وَغَسَلْنَا أَيْدِيَنَا وَاسْتَدْعَتْ شَرَابًا فَشَرِبْنَا وَغَنَّى أُولَئِكَ الْوَصَائِفُ أَطْيَبَ غِنَاءٍ وَأَحْسَنَهُ ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الفراشفدخلت بِهَا وَبِتُّ بِلَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْخُلَفَاءِ وَلَمْ نَفْتَرِقْ أُسْبُوعًا وَكَانَ يَوْمَ الأُسْبُوعِ وَلِيمَةٌ هَائِلَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْجَوَارِي فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ قَالَتْ إِنَّ دَارَ الْخِلافَةِ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقَامُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَلَوْلا أَنَّهُ اسْتُؤْذِنَ فَأُذِنَ بَعْدَ جَهْدٍ لَمَا تَمَّ لَنَا هَذَا إِلا أَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يُفْعَلْ قَطُّ مَعَ جَارِيَةٍ غَيْرِي لِمَحَبَّةِ السَّيِّدَةِ لِي وَجَمِيعُ مَا تَرَاهُ فَهُوَ هِبَةٌ لِي مِنَ السَّيِّدَةِ وَقَدْ أَعْطَتْنِي خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ عَيْنٍ وَوَرِقٍ وَجَوْهَرٍ وَدَنَانِيرَ وَذَخَائِرَ لِي خَارِجَ الْقَصْرِ أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ وَجَمِيعُهَا لَكَ فَاخْرُجْ إِلَى مَنْزِلِكَ وَخُذْ مَعَكَ مَالا فَاشْتَرِ دَارًا سَوِّيَةً وَاسِعَةَ الصَّحْنِ فِيهَا بُسْتَانٌ كَبِيرٌ كَثِيرَةَ الْحُجَرِ فَاخِرَةَ الْمَوْقِعِ وَتَحَوَّلْ إِلَيْهَا وَعَرِّفْنِي لأَنْقُلَ هَذَا كُلَّهُ إِلَيْكَ فَإِذَا حَصَلَ عِنْدَكَ جِئْتُكَ وَسَلَّمَتْ إِلَيَّ عَشْرَةَ آلافِ دِينَارٍ عَيْنًا فَحَمَلَهَا الْخَادِمُ مَعِي فَابْتَعْتُ الدَّارَ وَكَتَبْتُ إِلَيْهَا بِالْخَبَرِ فَحَمَلَتْ لِي تِلْكَ النِّعْمَةَ بِأَسْرِهَا فَجَمِيعُ مَا أَنَا فِيهِ مِنْهَا فَأَقَامَتْ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا سَنَةً أَعِيشُ مَعَهَا عَيْشَ الْخُلَفَاءِ وَلَمْ أَدَعْ مَعَ ذَلِكَ التِّجَارَةَ فَزَادَ مَالِي وَعَظُمَتْ مَنْزِلَتِي وَأَثْرَتْ حَالِي وَوَلَدَتْ لِي هَؤُلاءِ الْفِتْيَانِ وَأَوْمَأَ إِلَى أَوْلادِهِ ثُمَّ مَاتَتْ رَحِمَهَا اللَّهُ وَبَقِيَ عَلَيَّ مِنْ مَضَرَّةِ الدِّيكِيرِيكَةِ مَا شَاهَدْتُهُ وَمِمَّنْ نَالَ نِعْمَةً عَظِيمَةً بِسَبِبِ أَنَّهُ عَشِقَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِزَوْجِ الْحُرَّةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي الأَمِيرُ أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ قَالَ كَانَتْ بِنْتُ بَدْرٍ مَوْلَى الْمُعْتَضِدُ بِاللَّهِ زَوْجَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ وَكَانَ لَهَا مُكْرِمًا وَعَلَيْهَا مُفْضِلا الإِفْضَالَ الْعَظِيمَ فَتَأَثَّلَتْ حَالُهَا وَانْضَافَ ذَلِك إِلَى عَظِيم نعمتها الْمَوْرُوثَةِ وَقُتِلَ الْمُقْتَدِرُ فَأَفْلَتَتْ مِنَ النَّكْبَةِ وَسَلِمَ لَهَا جَمِيعُ أَمْوَالِهَا وَذَخَائِرِهَا حَتَّى لَمْ يَذْهَبْ لَهَا شَيْءٌ وَخَرَجَتْ عَنِ الدَّارِ فَكَانَ يَدْخُلُ إِلَى مَطْبَخِهَا حَدَثٌ يَحْمِلُ فِيهِ عَلَى رَأْسِهِ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَكَانَ حَرِكًا فَنَفَقَ عَلَى الْقَهْرَمَانَةِ بِخِدْمَتِهِ فَنَقَلُوهُ إِلَى أَنْ صَارَ وَكِيلَ الْمَطْبَخِ وَتَرَقَّى أَمْرُهُ حَتَّى صَارَ يَنْظُرُ فِي ضِيَاعِهَا وَعَقَارِهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا فَصَارَتْ تُكَلِّمُهُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ وَخَلْفَ بَابٍ أَوْ سِتَارَةٍ وَزَادَ اخْتِصَاصُهُ بِهَا حَتَّى عَلَقَ بِقَلْبِهَا فَاسْتَدْعَتْهُ إِلَى تَزْوِيجِهَا فَلَمْ يَجْسُرْ عَلَى ذَلِكَ فَجَسَّرَتْهُ وَبَذَلَتْ مَالا حَتَّى تَمَّ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَتْ حَالُهُ تَأَثَّلَتْ بِهَا وَأَعْطَتْهُ لَمَّا أَرَادَتْ ذَلِكَ مِنْهُ أَمْوَالا جَعَلَهَا لِنَفْسِهِ نِعْمَةً ظَاهِرَةً لِئَلا يَمْنَعَهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْهُ بِالْفَقْرِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ ثُمَّ هَادَتِ الْقُضَاةَ بِهَدَايَا جَلِيلَةٍ حَتَّى زَوَّجُوهَا مِنْهُ وَاعْتَرَضَ الأَوْلِيَاءُ فَغَالَبَتْهُمْ بِالْحُكْمِ وَالدَّرَاهِمِ فَتَمَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَهَا فَأَقَامَ مَعَهَا سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ فَحَصَلَ لَهُ من مَالهَا نَحْو ثَلَاثمِائَة أَلْفِ دِينَارٍ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فَهُوَ يَتَقَلَّبُ إِلَى الآنَ فِيهَا قَالَ أَبِي وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا هَذَا الرَّجُلَ وَهُوَ شَيْخٌ عَاقِلٌ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ تَوَصَّلَ بِالْمَالِ إِلَى أَنْ قَبِلَهُ أَبُو السَّائِبِ الْقَاضِي حَتَّى أَقَرَّ فِي يَدِهِ وُقُوفَ الْحُرَّةِ وَوَصِيَّتَهَا لأَنَّهَا وَصَّتْ إِلَيْهِ فِي أَمْوَالِهَا وَأَوْقَافِهَا وَهُوَ إِلَى الآنَ لَا يُعْرَفُ إِلا بِزَوْجِ الْحُرَّةِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْحُرَّةُ لأَجْلِ تَزْوِيجِ الْمُقْتَدِرِ بِهَا وَهَكَذَا عَادَةُ الْخُلَفَاءِ لِغَلَبَةِ الْمَمَالِيكِ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ زَوْجَةٌ قِيلَ الْحُرَّةُ قَالَ الْخَطِيبُ قَالَ لَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ زَوْجَ الْحُرَّةِ جَارَنَا وَسَمِعْتُ مِنْهُ مَجَالِسَ مِنْ أَمَالِيهِ وَكَانَ يَحْضُرُهُ فِي مَجْلِسِ الْحَدِيثِ الْقَاضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 الْجَرَّاحِي وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُظَفَّرِ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ وَأَبُو الْحَسَنِ الدَّرَاقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الشُّيُوخِ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ قَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الصَّيْفِ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ كَانَ وَضَّاحُ الْيَمَنِ نَشأ هُوَ وَأُمُّ الْبَنِينَ صَغِيرَيْنِ فَأَحَبَّهَا وَأَحَبَتْهُ وَكَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ حُجِبَتْ عَنْهُ فَطَالَ بِهِمَا الْبَلاءُ فَحَجَّ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَبَلَغَهُ جَمَالُ أُمِّ الْبَنِينَ وَأَدَبُهَا فَتَزَوَّجَهَا وَنَقَلَهَا إِلَى الشَّامِ قَالَ فَذَهَبَ عَقْلُ وَضَّاحٍ عَلَيْهَا وَجَعَلَ يَذُوبُ وَيَنْحَلُ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْبَلاءُ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَجَعَلَ يَطُوفُ بِقَصْرِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كُلَّ يَوْمٍ لَا يَجِدُ حِيلَةً حَتَّى رَأَى يَوْمًا جَارِيَةً صَفْرَاءَ فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَنِسَ بِهَا فَقَالَ لَهَا هَلْ تَعْرِفِينَ أُمَّ الْبَنِينَ فَقَالَتْ إِنَّكَ تَسْأَلُ عَنْ مَوْلاتِي فَقَالَ إِنَّهَا لابْنَةُ عَمِّي وَإِنَّهَا لَتُسَرُّ بِمَكَانِي وَبِمَوْضِعِي فَلَوْ أَخْبَرْتِهَا قَالَتْ إِنِّي أُخْبِرُهَا فَمَضَتِ الْجَارِيَةُ فَأَخْبَرَتْ أُمَّ الْبَنِينَ فَقَالَتْ وَيْلَكِ أَوَحَيٌّ هُوَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ قُولِي لَهُ كُنْ مَكَانَكَ حَتَّى يَأْتِيكَ رَسُولِي فَلَنْ أَدَعَ الاحْتِيَالَ لَكَ فَاحْتَالَتْ إِلَى أَنْ أَدْخَلَتْهُ إِلَيْهَا فِي صُنْدُوقٍ فَمَكَثَ عِنْدَهَا حِينًا فَإِذَا أَمِنَتْ أَخْرَجَتْهُ فَقَعَدَ مَعَهَا وَإِذَا خَافَتْ عَيْنَ الرَّقِيبِ أَدْخَلَتْهُ الصُّنْدُوقَ فَأُهْدِيَ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمًا جَوْهَرٌ فَقَالَ لِبَعْضِ خَدَمِهِ خُذْ هَذَا الْجَوْهَرَ فَامْضِ بِهِ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ لَهَا أُهْدِيَ هَذَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَوَجَّهَ بِهِ إِلَيْكِ فَدَخَلَ الْخَادِمُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَوَضَّاحٌ مَعَهَا فلمحه وَلم تشعر أُمُّ الْبَنِينَ فَبَادَرَ إِلَى الصُّنْدُوقِ فَدَخَلَهُ فَأَدَّى الْخَادِمُ الرِّسَالَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 إِلَيْهَا وَقَالَ لَهَا هِبِي لِي مِنْ هَذَا الْجَوْهَرِ حَجَرًا فَقَالَتْ لَا أُمَّ لَكَ وَمَا تَصْنَعُ أَنْتَ بِهَذَا فَخَرَجَ وَهُوَ عَلَيْهَا حَنِقٌ فَجَاءَ الْوَلِيدَ فَخَبَّرَهُ الْخَبَرَ وَوَصَفَ لَهُ الصُّنْدُوقَ الَّذِي رَآهُ دَخَلَهُ فَقَالَ لَهُ كَذَبْتَ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ نَهَضَ الْوَلِيدُ مُسْرِعًا فَدَخَلَ إِلَيْهَا وَهِيَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ وَفِيهِ صَنَادِيقٌ عِدَادٌ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى ذَلِكَ الصُّنْدُوقِ الَّذِي وَصَفَ لَهُ الْخَادِمُ فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ الْبَنِينَ هَبِي لِي صَنْدُوقًا مِنْ صَنَادِيقِكِ هَذِهِ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هِيَ وَأَنَا لَكَ فَقَالَ لَا أُرِيدُ غَيْرَ هَذَا الَّذِي تَحْتِي قَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النِّسَاءِ قَالَ مَا أُرِيدُ غَيْرَهُ قَالَتْ هُوَ لَكَ فَأَمَرَ بِهِ فَحُمِلَ وَدَعَا بِغُلامَيْنِ فَأَمَرَهُمَا بِحَفْرِ بِئْرٍ فَحُفِرَ حَتَّى إِذَا بَلَغَا الْمَاءَ وَضَعَ فَمُهُ عَلَى الصُّنْدُوقِ وَقَالَ أَيُّهَا الصُّنْدُوقُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَقَدْ دَفَنَّا خَبَرَكَ وَدَرَسْنَا أَثَرَكَ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا فَمَا عَلَيْنَا فِي دَفْنِ صُنْدُوقٍ مِنْ خَشَبٍ حَرَجٌ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الْحُفْرَةِ وَأَمَرَ بِالْخَادِمِ فَقُذِفَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَوْقَهُ وَطَمَّ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا التُّرَابَ قَالَ فَكَانَتْ أُمُّ الْبَنِينَ تُوجَدُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَبْكِي إِلَى أَنْ وُجِدَتْ يَوْمًا مَكْبُوبَةً عَلَى وَجْهِهَا مَيِّتَةً قُلْتُ وَقَدْ رَوَى الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا هَذِهِ الْحِكَايَةَ فَذَكَرَ أَنَّ الْخَلِيفَة كَانَ يزِيد ابْن عَبْدِ الْمَلِكِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْخُتَّلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ النِّسَائِيُّ قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد ابْن حَيَّان ابْن صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 كَانَتْ عِنْدَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أُمُّ الْبَنِينَ وَكَانَ لَهَا مِنْ قَلْبِهِ مَوْضِعٌ قَالَ فَقُدِمَ عَلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ مِصْرَ بِجَوْهَرٍ لَهُ قَدْرٌ وَقِيمَةٌ قَالَ فَدَعَا خَصِيًّا لَهُ فَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى أُمِّ الْبَنِينَ وَقُلْ لَهَا أُتِيتُ بِهِ السَّاعَةُ فَبَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكِ قَالَ فَأَتَاهَا الْخَادِمُ فَوَجَدَ عِنْدَهَا وَضَّاحَ الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الْعَرَبِ وَأَحْسَنِهِمْ وَجْهًا فَعَشِقَتْهُ أُمُّ الْبَنِينَ فَأَدْخَلَتْهُ عَلَيْهَا فَكَانَ يكون عِنْدهمَا فَإِذَا أَحَسَّتْ بِدُخُولِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَيْهَا أَدْخَلَتْهُ فِي صُنْدُوقٍ مِنْ صَنَادِيقِهَا فَرَآهُ الْغُلامُ وَرَأَى الصُّنْدُوقَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ فَوَضَعَ الْجَوْهَرَ بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَبْلَغَهَا رِسَالَةَ يَزِيدَ ثُمَّ قَالَ يَا سَيِّدَتِي هَبِي لِي مِنْهُ لُؤْلُؤَةً قَالَتْ لَا وَلا كَرَامَةً فَغَضِبَ وَجَاءَ إِلَى مَوْلاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا وِعَنْدَهَا رَجُلٌ فَلَمَّا رَأَتْنِي أَدْخَلَتْهُ صُنْدُوقًا وَهُوَ فِي الصُّنْدُوقِ الَّذِي مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ الثَّالِثُ أَوِ الرَّابِعُ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ جأوا عُنُقه فوجأوا عُنُقه وَنَحْوه عَنهُ قَالَ فَأَمْهَلَ قَلِيلا ثُمَّ قَامَ فَلِبِسَ نَعْلَهُ وَدَخَلَ عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ وَهِيَ تَمْتَشِطُ فِي خَزَانَتِهَا فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الصُّنْدُوقِ الَّذِي وَصَفَ لَهُ الْخَادِمُ فَقَالَ يَا أُمَّ الْبَنِينَ مَا أَحَبَّ إِلَيْكِ هَذَا الْبَيْتِ قَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْخُلُهُ لِحَاجَتِي وَفِيهِ خَزَانَتِي فَمَا أَرَدْتُ مِنْ شَيْءٍ أَخَذْتُهُ مِنْ قُرْبٍ قَالَ فَمَا فِي هَذِهِ الصَّنَادِيقِ الَّتِي أَرَاهَا قَالَتْ حِلْيَتِي وَأَثَاثِي قَالَ فَهِبِي لِي مِنْهَا صُنْدُوقًا فَقَالَتْ كُلُّهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَ قَالَ لَا أُرِيد إِلَّا وَاحِد وَلَكِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكِ زِنَتَهُ وَزِنَةَ مَا فِيهِ ذَهَبًا قَالَتْ فَخُذْ مَا شِئْتَ قَالَ هَذَا الَّذِي تَحْتِي قَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُدْ عَنْ هَذَا وَخُذْ غَيْرَهُ فَإِنَّ لِي فِيهِ شَيْئًا يَقَعُ بِمَحَبَّتِي قَالَ مَا أُرِيدُ غَيْرَهُ فَقَالَتْ هُوَ لَكَ قَالَ فَأَخَذَهُ وَدَعَا الْفَرَّاشِينَ فحملوا الصندوق فَمضى بِهِ إِلَى مَجْلِسه فَجَلَسَ وَلم يَفْتَحهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وَلم ينظر مَا فِيهِ فَلَمَّا جنه اللَّيْل دَعَا غُلَاما لَهُ أعجميا فَقَالَ لَهُ اسْتَأْجر أجراء غرباء لَيْسُوا من أهل الْمصر قَالَ فَجَاءَهُ بِهِمْ وَأَمَرَهُمْ فَحَفَرُوا لَهُ حفيرة فِي مَجْلِسه حَتَّى بلغُوا المَاء ثمَّ قَالَ قَدِّمُوا إِلَيَّ الصُّنْدُوقَ فَأَلْقَاهُ فِي الْحُفَيْرَةِ ثُمَّ وَضَعَ فَمَهُ عَلَى شَفِيرِهِ فَقَالَ يَا هَذَا قَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ خَبَرٌ فَإِنْ يَكُ حَقًّا فقد قَطعنَا أَثَره وَإِن يكن بَاطِلا فَإِنَّمَا دَفَنَّا خَشَبًا ثُمَّ أَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ حَتَّى اسْتَوَى قَالَ فَلَمْ يُرَ وَضَّاحُ الْيَمَنِ حَتَّى السَّاعَة قَالَ فَلا وَاللَّهِ مَا بَانَ لَهَا فِي وَجْهِهِ وَلا فِي خَلائِقِهِ وَلا فِي شَيْءٍ حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَهُمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ النِّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ سَمَّاهُ أَحْسَبُهُ ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ بْنُ عَادٍ مِنْ أَشَدِّ قَوْمِهِ وَأَجْلَدِهِمْ فَقَالُوا لَهُ لَوْ تَزَوَّجْتَ فَبَقِيَ مَنْ نَسْلِكَ فِي عَادٍ فَقَالَ إِنِّي أَكْرَهُ النِّسَاءَ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ مِنًى ثُمَّ بَنَى بَيْتًا طَوِيلا وَجَعَلَ لَهُ بَابًا مِنْ أَسْفَلِهِ وَسَكَنَ فِي أَعْلاهُ مَعَ امْرَأَتِهِ وَجَعَلَ خَيْطًا فِي جُلْجُلٍ فَإِذَا جَاءَ مَنْ يُرِيدُهُ حَرَّكَ الْجُلْجُلَ لِئَلا تَسْمَعَ امْرَأَتُهُ كَلامَ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَةً وَإِنَّ فَتًى مِنْ عَادٍ قَالَ لِقَوْمِهِ أُرِيدُ أَنْ أَرَى امْرَأَةَ لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ فَمَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ أَرَهَا لأَجُرَّنَّ عَلَى عَادٍ جَرِيرَةً يَكُونُ فِيهَا اسْتِئْصَالُ عَادٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 قَالَ فَجَمَعُوا سُيُوفًا وَسِلاحًا وَأَدْخَلُوهُ فِي جَوْفِ حِزْمَةٍ مِنْهَا ثُمَّ أَتَوْا لُقْمَانَ فَقَالُوا إِنَّا نُرِيدُ نجعة لنا ونريد أَنْ نَضَعَ سَلاحَنَا عِنْدَكَ فَأَتَوْهُ بِهِ وَصَعَدَ بِهِ فَوَضَعَهُ عِنْدَهُ وَعَادَ الْقَوْمُ وَأَخَذُوا سُيُوفَهُمْ بَعْدَ أَيَّامٍ فَبَيْنَا لُقْمَانُ مَعَ امْرَأَتِهِ إِذْ نَظَرَ إِلَى نُخَامَةٍ فِي سَقْفِ بَيْتِهِ فَقَالَ مَنْ تَنَخَّمَ هَذِهِ قَالَتْ أَنَا قَالَ أَقَائِمَةً أَمْ نَائِمَةً قَالَتْ قَائِمَةٌ قَالَ فَتَنَخَّمِي فَتَنَخَّمَتْ فَلَمْ تَبْلُغْ فَقَالَ السُّيُوفُ دَهَتْنِي فَذَهَبَتْ مَثَلا قَالَ فَقَتَلَهَا وَنَزَلَ فَلَقِيَ ابْنَتَهُ فَقَتَلَهَا فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتَصْدُقُنِّي فَصَدَقُوهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِهَذَا الْفَتَى فَخَافَ الْفَتَى فَلَحِقَ بِالْوُحُوشِ فَكَانَ يَأْوِي مَعَهَا فَكَفَّ لُقْمَانُ عَنْ قَوْمِهِ حِينَ بَلَغَهُ أَمْرُ الْفَتَى فَقِيلَ لَهُ فِي قَتْلِ الصَّبِيَّةِ مَا كَانَ ذَنْبُهَا وَلِمَ قَتْلَتْهَا قَالَ إِنَّهَا مِنَ النِّسَاءِ وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَتَمَّ مِنْ هَذَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ الْقُضَاعِيُّ وَلَقِيتُهُ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعُكْلِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْهَيْثَمِ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ بْنُ عَادِ بْنِ عَادِيَا الَّذِي عَمَّرَ سَبَعَةَ أَنْسُرٍ مُبْتَلًى بِالنِّسَاءِ وَكَانَ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ فَتَخُونُهُ حَتَّى تَزَوَّجَ جَارِيَةً صَغِيرَةً لَمْ تَعْرِفِ الرِّجَالَ ثُمَّ نَقَرَ لَهَا بَيْتًا فِي سَفْحِ جَبَلٍ وَجَعَلَ لَهُ دَرَجَةً بِسَلاسِلَ يَنْزِلُ بِهَا وَيَصْعَدُ فَإِذَا خَرَجَ رَفَعَتِ السَّلاسِلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 حَتَّى عَرَضَ لَهَا فَتًى مِنَ الْعَمَالِيقِ فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَأَتَى بَنِي أَبِيهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لأَجْنِيَنَّ عَلَيْكُمْ حَرْبًا لَا تَقُومُونَ بِهَا قَالُوا وَمَا ذَاكَ قَالَ امْرَأَةُ لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ هِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ قَالُوا فَكَيْفَ نَحْتَالُ لَهَا قَالَ اجْمَعُوا سُيُوفَكُمْ ثُمَّ اجْعَلُونِي بَيْنَهَا وَشُدُّوهَا حِزْمَةً عَظِيمَةً ثُمَّ ائْتُوا لُقْمَانَ فَقُولُوا لَهُ إِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نُسَافِرَ وَنَحْنُ نَسْتَوْدِعُكَ سُيُوفَنَا حَتَّى نَرْجِعَ وَسَمُّوا لَهُ يَوْمًا فَفَعَلُوا وَأَقْبَلُوا بِالسُّيُوفِ فَدَفَعُوهَا إِلَى لُقْمَانَ فَوَضَعَهَا فِي نَاحِيَةِ بَيْتِهِ وَخَرَجَ لُقْمَانُ وَتَحَرَّكَ الرَّجُلُ فَحَلَّتِ الْجَارِيَةُ عَنْهُ فَكَانَ يَأْتِيهَا فَإِذَا أَحَسَّتْ بِلُقْمَانَ جَعَلَتْهُ بَيْنَ السُّيُوفِ حَتَّى انْقَضَتِ الأَيَّامُ ثُمَّ جَاءُوا إِلَى لُقْمَانَ فَاسْتَرْجَعُوا سُيُوفَهُمْ فَرَفَعَ لُقْمَانُ رَأْسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا نُخَامَةٌ تَنُوسُ فِي السَّقْفِ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ مَنْ نَخَمَ هَذِهِ قَالَتْ أَنَا قَالَ فَتَنَخَّمِي فَفَعَلَتْ فَلَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا فَقَالَ يَا وَيْلَتَاهُ السُّيُوفُ دَهَتْنِي ثُمَّ رَمَى بِهَا مِنْ ذُرْوَةِ الْجَبَلِ فَتَقَطَّعَتْ قِطَعًا فَانْحَدَرَ مُغْضَبًا فَإِذَا ابْنَةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا صُحْرٌ فَقَالَتْ لَهُ يَا أَبَتَاهُ مَا شَأْنُكَ قَالَ وَأَنْتِ أَيْضًا مِنَ النِّسَاءِ فَضَرَبَ رَأْسَهَا بِصَخْرَةٍ فَقَتَلَهَا فَقَالَتِ الْعَرَبُ مَا أَذْنَبَتَ إِلا ذَنْبَ صُحْرٍ فَصَارَتْ مَثَلا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الأَمِيرُ مُنْتَخَبُ الْمَلِكِ قَالَ كَانَ ابْنُ الْمَغْرَبِيُّ مُخْتَفِيًا بِالْقَاهِرَةِ وَالسُّلْطَانُ يَطْلُبُ دَمَهُ وَكَانَ بِمِصْرَ صَبِيٌّ أَمْرَدُ مِمَّنِ انْتَهَى الْحُسْنُ إِلَيْهِ فِي زَمَانِهِ وَكَانَ يَشْتَهِي يَرَاهُ فخبر أَنَّهُ يَسْبَحُ فِي الْخَلِيجِ فَخَرَجَ وَغَرَّرَ بِنَفْسِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 عُلِّمْتُ مَنْطِقَ حَاجِبَيْهِ ... وَالْبِينُ يَنْشُرُ رَايَتَيْهِ وَعَرِفْتُ آثَارَ النَّعِيمِ بِقُبْلَةٍ فِي عَارِضَيْهِ هَا قَدْ رَضِيتُ مِنَ الْحَيَاةِ ... بِأَسْرِهَا نَظَرِي إِلَيْهِ وَلَقَدْ أَرَاهُ فِي الْخَلِيجِ يَشُّقُهُ مِنْ جَانِبَيْهِ وَالْمَوْجُ مِثْلَ السَّيْفِ وَهُوَ فِرْنَدُهُ فِي صَفْحَتَيْهِ لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهِ ... أَبَدًا وَلا تَرِدُوا عَلَيْهِ قَدْ ذَابَ مِنْهُ السِّحْرُ فِي ... حَرَكَاتِهِ مِنْ وَجْنَتَيْهِ فَكَأَنَّهُ فِي الْمَوْجِ قَلْبِي بَيْنَ أَشْوَاقِي إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 الْبَابُ الْوَاحِدُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ مَنْ ضُرِبَتْ بِهِ الأَمْثَالُ فِي الْعِشْقِ أَشْهَرُ الْمَشْهُورِينَ بِذَلِكَ مَجْنُونُ لَيْلَى وَلَهُ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ وَأَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّمَا أَنْتَقِي مَحَاسِنَهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِالأَنْسَابِ فِي اسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ قَالَ ابْنُ دَابٍ عَنْ رَبَاحِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ هُوَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنِ مُزَاحِمٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ الْبُخْتُرِيُّ بْنُ الْجَعْدِيِّ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْوَالِبِيُّ عَنْ بَعْضِ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ هُوَ قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ الْعُقَيْلِيُّ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ هُوَ الأَقْرَعُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي كَرِيمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو قُلابَةَ الْعَامِرِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُوَيْدٍ الْحَرَمِيِّ قَالَ كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ ثَلاثَةُ مَجَانِينٍ مُعَاذُ لَيْلَى وَهُوَ معَاذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 ابْن كُلَيْبٍ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ عُبَيْدٍ وَقَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ وَمَهْدِيُّ بْنُ الْمُلَوَّحِ الْجَعْدِيُّ فَأَمَّا لَيْلَى فَاخْتَلَفُوا فِي نَسَبِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَى بِنْتُ وَرْدٍ مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ وَفِي كُنْيَتِهَا قَوْلانِ أَحَدُهُمَا أَمُّ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ كَنَّاهَا الْمَجْنُونُ فِي شِعْرِهِ وَالثَّانِي أُمُّ الْخَلِيلِ سباق بِدَايَةِ مَعْرِفَةِ الْمَجْنُونِ بِلَيْلَى اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْبَلْخِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ دَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهُ رَبَاحُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ جَارِيَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ لَهَا عَقْلٌ وَأَدَبٌ يُقَالُ لَهَا لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ فَبَلَغَ الْمَجْنُونَ خَبَرُهَا وَمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَمَالِ وَالْعَقْلِ وَكَانَ صَبًّا بِمُحَادَثَةِ النِّسَاءِ فَعَمَدَ إِلَى أَحْسَنِ ثِيَابِهِ فَلَبِسَهَا وَتَهَيَّأَ فَلَمَّا جَلَسَ إِلَيْهَا وَتَحَدَّثَ بَيْنَ يَدَيْهَا أَعْجَبَتْهُ وَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ فَظَلَّ يَوْمَهُ ذَلِكَ يُحَدِّثُهَا وَتُحَدِّثُهُ حَتَّى أَمْسَى فَانْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ فَبَاتَ بِأَطْوَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 لَيْلَةٍ حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ مَضَى إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَمْسَى ثُمَّ انْصَرَفَ فَبَاتَ بِأَطْوَلِ مِنْ لَيْلَتِهِ الأُولَى وَجَهَدَ أَنْ يُغْمِضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ هَزَّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ أَقْضِي نَهَارِي بِالْحَدِيثِ وَبِالْمُنَى ... وَيَجْمَعُنِي وَالْهَمَّ بِاللَّيْلِ جَامِعُ وَأَدَامَ زِيَارَتَهَا وَتَرَكَ إِتْيَانَ كُلَّ مَنْ كَانَ يَأْتِيهِ فَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِثْلَ الَّذِي وَقَعَ فِي قَلْبِهِ فَجَاءَ يَوْمًا يُحَدِّثُهَا فَجَعَلَتْ تُعْرِضُ عَنْهُ وَتُقْبِلُ عَلَى غَيْرِهِ تُرِيدُ تَمْتَحِنَهُ وَتَعْلَمَ مَا فِي قَلْبِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَخَرَجَ فَلَمَّا خَافَتْ عَلَيْهِ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ كِلانَا مُظْهِرٌ لِلنَّاسِ بُغْضًا ... وَكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ مَكِينُ فَسُرِّيَ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَتْ إِنَّمَا أَرَدْتُ امْتِحَانَكَ وَالَّذِي لَكَ عِنْدِي أَكْثَرُ مِنَ الَّذِي لِي عِنْدَكَ وَأَنَا مُعْطِيَةٌ اللَّهَ عَهْدًا إِنْ أَنَا جَالَسْتُ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا رَجُلا سِوَاكَ حَتَّى أَذُوقَ الْمَوْتَ إِلا أَنْ أُكْرَهَ عَلَى ذَلِكَ فَانْصَرَفَ وَهُوَ أَسَرُّ النَّاسِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمُضِلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لَا مَالٌ لَدَيَّ وَلا أَهْلُ وَلا أَحَدٌ أُفْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلا وَارِثٌ إِلا الْمَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا وَحَلَّتْ مَكَانًا لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 قُلْتُ قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ قَوْلُهُ هَزَّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ وَمَا رُوِيَ لَنَا إِلا بِالزَّايِ وَلا سَمِعْنَا أَحَدٌ يَذْكُرُهُ إِلا كَذَلِك ثمَّ رَأينَا الْفَتْحِ بْنَ جِنِّي يَذْكُرُهُ بِالرَّاءِ فَقَالَ هَرَّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ قَالَ وَالزَّايُ تَصْحِيفٌ عِنْدَهُمْ قَالَ وَيُقَالُ هَرَّ الشَّيْءَ يَهُرُّ وَيَهِرُّهُ إِذَا كَرِهَهُ فَمَعْنَى هَرَّتْنِي كَرِهَتْنِي فَنَبَتْ بِي قُلْتُ وَفِي بِدَايَةِ مَعْرِفَتِهَا قَوْلٌ آخَرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبُخَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ قَالَ الْعُمَرِيُّ عَن لَقِيط ابْن بُكَيْرٍ الْمُحَارِبِيُّ أَنَّ الْمَجْنُونَ عَلِقَ بِلَيْلَى عَلاقَةَ الصِّبَا وَذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا صَغِيرَيْنِ يَرْعَيَانِ أَغْنَامًا لِقَوْمِهِمَا فَعَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ إِلا أَنَّ الْمَجْنُونَ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَمْ يَزَالا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَبِرَا فَلَمَّا عُلِمَ بِأَمْرِهِمَا حُجِبَتْ لَيْلَى عَنْهُ فَزَالَ عَقْلُهُ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهِيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٌ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبُهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبُرْ وَلَمْ تَكْبُرِ الْبُهْمُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَرْدَسْتَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ التَّرْقُفِيُّ قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْن عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غِيَاثٍ الْبَصْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ بَيَّنَّا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يُؤَذِّنُ إِذْ سُمِعَ الأَخْضَرُ الْجَدِّيُّ يَتَغَنَّى فِي دَارِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَيَقُولُ صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبُهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الآنَ لَمْ نَكْبُرْ وَلَمْ تَكْبُرِ الْبُهْمُ قَالَ فَأَسْرَعَ فِي الأَذَانِ فأرد أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ فَقَالَ حَيَّ عَلَى الْبَهْمِ حَتَّى سَمِعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ فَجَاءَ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِمْ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ كَانَ الْمَجْنُونُ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلابٍ فَأَتَى عَلَيْهِ عَصْرٌ مِنَ الدَّهْرِ لَا يَعْرِفُ لَيْلَى ثُمَّ عَشِقَهَا فَخَطَبَهَا فَلَمْ يُزَوِّجُوهُ فَاشْتَدَّتْ حَالَتُهُ وَزَادَ مَا كَانَ يَجِدُهُ وَفَشَا أَمْرُهُ فِي النَّاسِ فَلَقِيَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ فَقَالَ يَا أَخِي اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَازْجُرْهُ عَنْكَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ يَا حَبَّذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ مِنْ عَمَلٍ ... إِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ حُبِّيهَا مَنَّيْتُهَا النَّفْسَ حَتَّى قَدْ أَضَرَّ بِهَا ... وَأَحَدَثَتْ خُلُقًا مِمَّا أُمَنِّيهَا قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كَانَ الْمَجْنُونُ يَجْلِسُ فِي نَادِي قَوْمِهِ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ فَيُحَدِّثُهُ وَهُوَ بَاهِتٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلا يَفْهَمُ مَا يُحَدِّثُهُ بِهِ ثُمَّ يَثُوبُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ فَيُسْأَلُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يَعْرِفُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 فَحَدَّثَهُ مَرَّةً بَعْضُ أَهْلِهِ بِحَدِيثٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْهُ فِي غَدٍ فَلَمْ يَعْرِفْهُ فَقَالَ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ فَقَالَ إِنِّي لأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيقُ وَقَدْ غَالَتْنِيَ الْغُوَلُ يَهْوِي بِقَلْبِي حَدِيثُ النَّفْسِ دُونَكُمُ ... حَتَّى يَقُولَ خَلِيلِي أَنْتَ مَخْبُولُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَتَزَايَدَ الأَمْرُ بِهِ حَتَّى فَقَدْ عَقْلَهُ فَكَانَ لَا يَقَرُّ فِي مَوْضِعٍ وَلا يُؤْوِيهِ رَحْلٌ وَلا يَعْلُوهُ ثَوْبٌ إِلا مَزَّقَهُ وَصَارَ لَا يَفْهَمُ شَيْئًا مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ إِلا أَنْ تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَإِذَا ذُكِرَتْ أَجَابَ النِّدَاءَ بِهِ وَرَجَعَ عَقْلُهُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ رَوَى رَبَاحُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ لَمَّا كَثُرَ ذِكْرُ الْمَجْنُونِ لِلَيْلَى وَاشْتَهَرَ أَمْرُهُ اجْتَمَعَ إِلَى أَبِيهِ أَهْلُهُ وَكَانَ سَيِّدًا فَقَالُوا لَهُ زَوِّجْ قَيْسًا فَإِنَّهُ سَيَكُفُّ عَنْ ذِكْرِ لَيْلَى وَيَنْسَاهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَبُوهُ التَّزْوِيجَ فَأَبَى وَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي إِلَى ذَلِكَ فَأَتَى لَيْلَى بَعْضُ فِتْيَانِ الْقَوْمِ مِمَّنْ كَانَ يَحْسُدُ قَيْسًا وَيُعَادِيهِ فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ وَجَاءَ الْمَجْنُونُ كَمَا كَانَ يَجِيءُ فَحَجَبَتْهُ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي عَلامَ هَجَرْتِنِي ... وَأَيَّ أُمُورِي فِيكِ يَا لَيْلُ أَرْكَبُ أَأَقْطَعُ حَبْلَ الْوَصْلِ فَالْمَوْتُ دُونَهُ ... أَمْ اشْرَبُ رَنْقًا مِنْكُمُ لَيْسَ يُشْرَبُ أَمْ أهرب حَتَّى لايرى لِي مُجَاوِرٌ ... أَمْ افْعَلُ مَاذَا أَمْ أَبُوحُ فَأُغْلَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَدَائِبٌ ... أَفُكِّرُ مَا جُرْمِي إِلَيْهَا فَأَعْجَبُ قَالَ فَبَلَغَهَا قَوْلُهُ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ صَدَقَ وَاللَّهِ قَيْسٌ حَيْثُ يَقُولُ وَمَنْ يُطِعِ الْوَاشِينَ لَا يَتْرُكُوا لَهُ ... صَدِيقًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُقَرَّبَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ لَمَّا ظَهَرَ مِنَ الْمَجْنُونِ مَا ظَهَرَ وَرَأَى قَوْمُهُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ اجْتَمَعَ قَوْمُهُ إِلَى أَبِيهِ وَقَالُوا يَا هَذَا قَدْ تَرَى مَا ابْتُلِيَ بِهِ ابْنُكَ فَلَوْ خَرَجَتْ بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَعَادَ بِبِيتِ اللَّهِ وَزَارَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَجَوْنَا أَنْ يَرْجِعَ عَقْلُهُ وَيُعَافِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَخَرَجَ أَبُوهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَجَعَلَ يَطُوفُ بِهِ وَيَدْعُو اللَّهَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ وَهُوَ يَقُولُ دَعَا الْمَحْرُمُونَ اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ ... بِمَكَّةَ وَهْنًا أَنْ سَتُمْحَى ذُنُوبُهَا وَنَادَيْتُ أَنْ يَا رَبِّ أَوَّلُ سُؤْلَتِي ... لِنَفْسِيَ لَيْلَى ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا فَإِنْ أُعْطَ لَيْلَى فِي حَيَاتِيَ لَا يَتُبْ ... إِلَى اللَّهِ خَلْقٌ تَوْبَةً لَا أَتُوبُهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَنَى نَادَى مُنَادٍ مِنْ تِلْكَ الْخِيَامِ يَا لَيْلَى فَخَرَّ قَيْسٌ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ وَأَبُوهُ يَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ ثُمَّ أَفَاقَ وَهُوَ يَقُولُ وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ أَطْرَافَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ وَغَيْثٍ الْبَاهِلِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ دَأْبٍ عَنْ رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالَ خَرَجْتُ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِمِنَى إِذَا بِجَمَاعَةٍ عَلَى جَبَلٍ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ فَصَعَدْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا فِيهِمْ فَتَى أَبْيَضُ حَسَنُ الْوَجْهِ وَقَدْ عَلاهُ الصَّفَارُ وَبَدَنُهُ نَاحِلٌ وَهُمْ يَمْسِكُونَهُ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا هَذَا قَيْسٌ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَجْنُونُ خَرَجَ بِهِ أَبُوهُ لَمَّا بُلِيَ بِهِ يَسْتَجِيرُ لَهُ بِبِيتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَقَبْرِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَهُ قُلْتُ لَهُمْ فَمَا لَكُمْ تُمْسِكُونَهُ قَالُوا نَخَافُ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ جِنَايَةً تُتْلِفُهُ قَالَ وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ دَعَونِي أَتَنَسَّمُ صَبَا نَجْدٍ فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ لَيْسَ يَعْرِفُكَ فَلَوْ شِئْتَ دَنَوْتَ مِنْهُ فَأَخْبَرْتَهُ أَنَّكَ قَدْ قَدِمْتَ مِنْ نَجْدٍ وَأَخْبَرْتَهُ عَنْهَا قُلْتُ نَعَمْ أَفْعَلُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالُوا يَا قَيْسُ هَذَا رَجُلٌ قَدِمَ مِنْ نَجْدٍ قَالَ فَتَنَفَّسَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ كَبِدَهُ قَدْ تَصَدَّعَتْ ثُمَّ جَعَلَ يُسَائِلُنِي عَنْ مَوْضِعٍ مَوْضِعٍ وَوَادٍ وَادٍ فَأَنَا أُخْبِرُهُ وَهُوَ يَبْكِي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ أَلا حَبَّذَا نَجْدٌ وَطِيبُ تُرَابِهِ ... وَأَرْوَاحُهُ إِنْ كَانَ نَجْدٌ عَلَى الْعَهْدِ أَلا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ عُوَارِضَتَيْ قَنَا ... بِطُولِ اللَّيَالِي هَلْ تَغَيَّرَتَا بَعْدِي وَعَنْ جَارَتْيَنَا بِالْبَتِيلِ إِلَى الْحِمَى ... عَلَى عَهْدِنَا أَمْ لَمْ يَدُومَا عَلَى الْعَهْدِ وَعَنْ عُلُوِيَّاتِ الرِّيَاحِ إِذَا جَرَتْ ... بِرِيحِ الْخُزَامَى هَلْ تَهُبُّ عَلَى نَجْدِ وَعَنْ أُقْحَوَانِ الرَّمْلِ مَا هُوَ صَانِعٌ ... إِذَا هُوَ أَثْرَى لَيْلَةً بِثَرَى جَعْدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ الأَعْرَابِيُّ لَمَّا شَبَّبَ الْمَجْنُونُ بِلَيْلَى وَشَهَّرَ بِحُبِّهَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا فَمَنَعُوهُ مِنْ مُحَادَثَتِهَا وَزِيَارَتِهَا وَتَهَدَّدُوهُ وَأَوْعَدُوهُ بِالْقَتْلِ فَكَانَ يَأْتِي امْرَأَةً فَتَعْرِفُ لَهُ خَبَرَهَا فَنَهَوْا تِلْكَ الْمَرْأَةَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ يَأْتِي غَفَلاتِ الْحَيِّ فِي اللَّيْلِ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ خَرَجَ أَبُو لَيْلَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا يَنَالُهُمْ مِنْ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوَّحِ وَسَأَلُوهُ الْكِتَابَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَيْهِمْ يَمْنَعُهُ مِنْ كِلامِ لَيْلَى فَكَتَبَ لَهُمْ مَرْوَانُ كِتَابًا إِلَى عَامِلِهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُحْضِرَ قَيْسًا وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ فِي تَرْكِ زِيَارَةِ لَيْلَى فَإِنْ أَصَابَهُ أَهْلُهَا عِنْدَهُمْ فَقَدْ أَهْدَرُوا دَمَهُ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى عَامِلِهِ بَعَثَ إِلَى قَيْسٍ وَأَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَجَمَعَهُمْ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ مَرْوَانَ وَقَالَ لِقَيْسٍ اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ لَا يَذْهَبْ دَمُكَ هَدْرًا فَانْصَرَفَ قَيْسٌ وَهُوَ يَقُولُ أَلا حُجِبَتْ لَيْلَى وَآلَى أَمِيرُهَا ... عَلَيَّ يَمِينًا جَاهِدًا لَا أَزُورُهَا وَأَوْعَدَنِي فِيهَا رِجَالٌ أَبُوهُمْ ... أَبِي وَأَبُوهَا خُشِّنَتْ لِي صُدُورُهَا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّهَا ... وَأَنَّ فُؤَادِي عِنْدَ لَيْلَى أَسِيرُهَا فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهَا وَعَلِمَ أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا صَارَ شَبِيهًا بِالتَّائِهِ الْعَقْلِ وَأَحَبَّ الْخُلْوَةَ وَحَدِيثَ النَّفْسِ وَتَزَايَدَ الأَمْرُ بِهِ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ وَلَعِبَ بِالْحَصَا وَالتُّرَابِ وَلَمْ يَكُنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 يَعْرِفُ شَيْئًا إِلا ذِكْرَهَا وَقَوْلُ الشِّعْرِ فِيهَا وَبَلَغَهَا مَا صَارَ إِلَيْهِ قَيْسٌ فَجَزِعَتْ أَيْضًا لِفُرَاقِهِ وَضَنِيَتْ ضَنًى شَدِيدًا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاذٍ النُّمَيْرِيُّ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ اسْتَعْمَلَ رَجُلا مِنْ قَيْسٍ على صدقَات كَعْب ابْن رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ وَهُمْ قَيْسٌ وَالْحَرِيشُ وَجَعْدَةُ فَسَمِعَ بِخَبَرِ قَيْسِ بْنِ مُعَاذٍ وَهُوَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ فَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِهِ فَأُتِيَ بِهِ فَسَاءَلَهُ عَنْ حَالِهِ وَاسْتَنْشَدَهُ فَأَنْشَدَهُ فَأُعْجِبَ بِهِ وَقَالَ لَهُ الْزَمْنِي فَلَكَ أَنْ أَحْتَالَ لَكَ فِي أَمْرِ لَيْلَى حَتَّى أَجْمَعَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا فَلازَمَهُ وَكَانَ يَأْتِيهِ فَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ وَكَانَ لَبَنِي عَامِرٍ مُجْتَمَعٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَكَانَ الْوَالِي يَخْرُجُ مَعَهُمْ إِلَى ذَلِكَ الْمُجْتَمَعِ لِئَلا يَكُونَ بينهُمُ اخْتِلافٌ فَحَضَرَ الْوَقْتُ فَقَالَ قَيْسٌ لِلْوَالِي أَتَأْذَنُ لِي فِي الْخُرُوجِ مَعَكَ إِلَى هَذَا الْمُجْتَمَعِ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ رَهْطِ قَيْسٍ فَقَالُوا لَهُ إِنَّمَا سَأَلَكَ الْخُرُوجَ مَعَكَ لِيَرَى لَيْلَى وَيُكَلِّمَهَا وَقَدِ اسْتَعْدَى عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِهَا وَأَهْدَرَ لهُمُ السُّلْطَانُ دَمَهُ إِنْ أَتَاهُمْ فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ مَنَعَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِقَلائِصَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَرَدَّهَا وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ رَدَدْتُ قَلائِصَ الْقُرَشِيِّ لَمَّا ... بَدَا لِي النَّقْضُ مِنْهُ لِلْعُهُودِ سَعَوْا لِلْجَمْعِ ذَاكَ وَخَلَّفُونِي ... إِلَى حُزْنٍ أُعَالِجُهُ شَدِيدِ فَلَمَّا عَلِمَ قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ وَأَنْ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا ذَهَبَ عَقْلُهُ وَصَارَ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا إِلا خَرَقَهُ وَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ عُرْيَانًا لَا يَعْقِلُ شَيْئًا مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ وَلا يُصَلِّي فَلَمَّا رَأَى أَبُوهُ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ خَافَ عَلَيْهِ التَّلَفَ فَحَبَسَهُ وَقَيَّدَهُ فَجَعَلَ يَأْكُلُ لَحْمَهُ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ الأَرْضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 فَلَمَّا رَأَى أَبُوهُ ذَلِكَ حَلَّ قَيْدَهُ وَخَلَّاهُ فَكَانَ يَدُورُ فِي فَيَافِيهِمْ عُرْيَانًا وَيَلْعَبُ بِالتُّرَابِ وَكَانَتْ لَهُ دَايَةٌ لَمْ يَكُنْ يَأْنَسُ بِأَحَدٍ غَيْرَهَا وَكَانَتْ تَأْتِيَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِرَغِيفٍ وَمَاءٍ فَتَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَرُبَّمَا أَكَلَهُ وَرُبَّمَا تَرَكَهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ السَّكَنِ عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ قَالَ لَمَّا اخْتَلَطَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ وَزَالَ عَقْلُهُ وَامْتَنَعَ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ صَارَتْ أُمُّهُ إِلَى لَيْلَى فَقَالَتْ لَهَا إِنَّ ابْنِي جُنَّ مِنْ أَجْلِكِ وَذَهَبَ حُبُّكِ بِعَقْلِهِ وَقَدِ امْتَنَعَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنْ رَأَيْتِ أَنْ تَصِيرِي مَعِي إِلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إِذَا رَآكِ أَنْ يَسْكُنَ بَعْضُ مَا يَجِدُ فَقَالَتْ لَهَا أَمَّا نَهَارًا فَلا يُمْكِنُنِي ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَاءِ ذَلِكَ لَمْ آمَنْهُمْ عَلَى نَفْسِي وَلَكِنِّي سَأَصِيرُ إِلَيْهِ فِي اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ صَارَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ مُطْرِقٌ يَهْذِي فَقَالَتْ لَهُ يَا قَيْسُ إِنَّ أُمَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ جُنِنْتَ عَلَى رَأْسِي وَأَصَابَكَ مَا أَصَابَكَ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَتَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ قَالَتْ جُنِنْتَ عَلَى رَأْسِي فَقُلْتُ لَهَا ... الْحُبُّ أَعْظَمُ مِمَّا بِالْمَجَانِينِ الْحُبُّ لَيْسَ يُفِيقُ الدَّهْرَ صَاحِبُهُ ... وَإِنَّمَا يُصْرَعُ الْمَجْنُونُ فِي الْحِينِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى زِيَادَةٌ لَوْ تَعْلَمِينَ إِذَا مَا غِبْتِ مَا سَقَمِي ... وَكَيْفَ تَسْهَرُ عَيْنِي لَمْ يَلُومُونِي أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَائِشَةَ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 أَبِيهِ قَالَ وَلِيَ نَوْفَلُ بْنُ مُسَاحِقٍ صَدَقَاتِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ فَنَزَلَ بِمَجْمَعٍ مِنْ تِلْكَ الْمَجَامِعِ فَرَأَى قَيْسَ بْنَ مُعَاذٍ الْمَجْنُونَ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالتُّرَابِ فَدَنَا مِنْهُ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ يُجِيبُهُ بِخِلافِ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُكَلِمَكَ كَلامًا صَحِيحًا فَاذْكُرْ لَهُ لَيْلَى فَقَالَ لَهُ نَوْفَلُ أَتُحِبُّ لَيْلَى قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَدِّثْنِي حَدِيثَكَ مَعَهَا قَالَ فَجَعَلَ يَنْشُدُهُ شِعْرَهُ فِيهَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ وَشُغِلْتُ عَنْ فَهْمِ الْحَدِيثِ سِوَى ... مَا كَانَ فِيكِ فَأَنْتُمْ شُغُلِي وَأُدِيمُ نَحْوَ مُحَدِّثِي لِيَرَى ... أَنْ قَدْ فَهِمْتُ وَعِنْدَكُمْ عَقْلِي وَأَنْشَدَ سَرَتْ فِي سَوَادِ الْقَلْبِ حَتَّى إِذَا انْتَهَى ... بِهَا السَّيْرُ وَارْتَادَتْ حِمَى الْقَلْبِ حَلَّتِ فَلِلْعَيْنِ تِسْكَابٌ إِذَا الْقَلْبُ مَلَّهَا ... وَلِلْقَلْبِ وِسْوَاسٌ إِذَا الْعَيْنِ مَلَّتِ وَوَاللَّهِ مَا فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ مِنَ الْهَوَى ... لأُخْرَى سِوَاهَا أَكْثَرَتْ أَمْ أَقَلَّتِ وَأَنْشَدَ ذَكَرْتُ عَشِيَةَ الصَّدَفَيْنِ لَيْلَى ... وَكُلَّ الدَّهْرِ ذِكْرَاهَا جَدِيدُ عَلَيَّ أَلِيَّةٌ إِنْ كُنْتُ أَدْرِي ... أَيَنْقُصُ حُبَّ لَيْلَى أَمْ يَزِيدُ فَلَمَّا رَأَى نَوْفَلُ ذَلِكَ مِنْهُ أَدْخَلَهُ بَيْتًا وَقَيَّدَهُ وَقَالَ أُعَالِجُهُ فَأَكَلَ لَحْمَ ذَرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ فَحَلَّهُ وَأَخْرَجَهُ فَكَانَ يَأْوِي مَعَ الْوُحُوشِ وَكَانَ لَهُ دَايَةٌ رَبَّتْهُ صَغِيرًا وَكَانَ لَا يَأْلَفُ غَيْرُهَا وَلا يَقْرَبُ مِنْهُ أَحَدٌ سِوَاهَا فَكَانَتْ تَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ فِي الْبَادِيَةِ وَتَحْمِلُ لَهُ الْخُبْزَ وَالْمَاءَ فَرُبَّمَا أَكَلَ بَعْضَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يَأْكُلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ ابْن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاذٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ لَقِيَ مَجْنُونَ بَنِي عَامر الْأَحْوَص ابْن مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ لَهُ حَدَّثَنِي حَدِيثَ عُرْوَةَ بْنِ حُزَامٍ قَالَ فَجَعَلَ الأَحْوَصُ يُحَدِّثُهُ وَهُوَ يَسْمَعُ حَتَّى فَرِغَ مِنْ حَدِيثِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ عَجِبْتُ لِعُرْوَةَ الْعُذِرِيِّ أَمْسَى ... أَحَادِيثًا لَقَوْمٍ بَعْدَ قَوْمِ وَعُرْوَةُ مَاتَ يَوْمًا مُسْتَرِيحًا ... وَهَأَنَذَا أَمُوتُ بِكُلِّ يَوْمِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّالَقَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ دَخَلَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَجَعَلَ يَنْشُدُهُ شِعْرًا فِي عَزَّةَ وَعَيْنَاهُ تَذْرُفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَاتَلَكَ اللَّهُ يَا كُثَيِّرُ هَلْ رَأَيْتَ أَحَدًا أَعْشَقَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتُ مَرَّةً أَسِيرُ فِي الْبَادِيَةِ عَلَى بَعِيرٍ لِي يُوضَعُ فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ رَفَعَ لِي شَخْصٌ فَأَمَمْتُهُ فَإِذَا رجل قد نصب شركا للطباء وَقَعَدَ بَعِيدًا مِنْهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلامَ فَقُلْتُ لَهُ مَا أجلسك هَا هُنَا فَقَالَ نَصَبْتُ شَرَكًا لِلظِّبَاءِ فَأَنَا أَرْصُدُهُ فَقُلْتُ إِنْ أَقَمْتُ لَدَيْكَ فِصِدْتَ أَطْعَمْتَنِي فَقَالَ إِيهًا وَاللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 قَالَ فَنَزَلْتُ وَعَقَلْتُ نَاقَتِي وَجَلَسْتُ أُحَدِّثُهُ فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ حَدِيثًا وَأَرَقُّهُ وَأَجْزَلُهُ قَالَ فَمَا لَبِثْنَا أَنْ وَقَعَتْ ظِبْيَةٌ فِي الشَّرَكِ فَوَثَبَ وَوَثَبْتُ مَعَهُ فَخَلَّصَهَا مِنَ الْحَبَائِلِ ثُمَّ نَظَرَ فِي وَجْهِهَا مَلِيًّا ثُمَّ أَطْلَقَهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ أَيَا شِبْهَ لَيْلَى لَنْ تُرَاعِي فَإِنَّنِي ... لَكَ الْيَوْمَ مِنْ بَيْنَ الْوُحُوشِ صَدِيقُ وَيَا شِبْهَ لَيْلَى لَنْ تَزَالِي بِرَوْضَةٍ ... عَلَيْكِ سَحَابٌ دَائِمٌ وَبُرُوقُ فَمَا أَنَا إِذْ أَشْبَهْتِهَا ثُمَّ لَمْ تَؤُبْ ... سَلِيمًا عَلَيْهَا فِي الْحَيَاةِ شَفِيقُ فَفِرِّ فَقَدْ أَطْلَقْتُ عَنْكِ لِحُبِّهَا ... فَأَنْتِ لِلَيْلَى مَا حَيِيتُ طَلِيقُ ثُمَّ أَصْلَحَ شَرَكَهُ وَعُدْنَا إِلَى مَوْضِعِنَا فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْرِفَ أَمْرَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَقَمْنَا بَاقِي يَوْمِنَا فَلَمْ يَقَعْ لَنَا شَيْءٌ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا قَامَ إِلَى غَارٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ وَقُمْتُ مَعَهُ فَبِتْنَا بِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا فَنَصَبَ شَرَكَهُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ وَقَعَتْ ظِبْيَةٌ شَبِيهَةٌ بِأُخْتِهَا بِالأَمْسِ فَوَثَبَ إِلَيْهَا وَوَثَبْتُ مَعَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا مِنَ الشَّرَكِ وَنَظَرَ فِي وَجْهِهَا مَلِيًّا ثُمَّ أَطْلَقَهَا فَمَرَّتْ فَأَنْشَأَ يَقُولُ اذْهَبِي فِي كَلاءَةِ الرَّحْمَنِ ... أَنْتِ مِنِّي فِي ذِمَّةٍ وَأَمَانِ تُرْهِبِينِي وَالْجِيدُ مِنْكِ لِلَيْلَى ... وَالْحَشَا وَالْبُغَامُ وَالْعَيْنَانِ لَا تَخَافِي بِأَنْ تُهَاجِي بِسُوءٍ ... مَا تَغَنَّى الْحَمَامُ فِي الأَغْصَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 ثُمَّ عُدْنَا إِلَى مَوْضِعِنَا فَلَمْ يَقَعْ يَوْمَنَا ذَلِكَ شَيْءٌ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا صِرْنَا إِلَى الْغَارِ فَبِتْنَا فِيهِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَا إِلَى شَرَكَهِ وَغَدَوْتُ مَعَهُ فَنَصَبَهُ وَقَعَدْنَا نَتَحَدَّثُ وَقَدْ شَغَلَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِحُسْنِ حَدِيثِهِ عَنِ الْجُوعِ فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَحَدَّثُ إِذْ وَقَعَتْ فِي الشَّرَكِ ظِبْيَةٌ فَوَثَبَ إِلَيْهَا وَوَثَبْتُ مَعَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا مِنَ الشَّرَكِ ثُمَّ نَظَرَ فِي وَجْهِهَا وَأَرَادَ أَنْ يُطْلِقَهَا فَقَبَضْتُ عَلَى يَدِهِ وَقُلْتُ مَاذَا تُرِيدُ أَنْ تَعْمَلَ أَقَمْتُ لَدَيْكَ ثَلاثًا كُلَّمَا صِدْتَ شَيْئًا أَطْلَقْتُهُ قَالَ فَنَظَرَ فِي وَجْهِي وَعَيْنَاهُ تَذْرُفَانِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ أَتَلْحَى مُحِبًّا هَائِمَ الْقَلْبِ أَنْ رَأَى ... شَبِيهًا لِمَنْ يَهْوَاهُ فِي الْحَبْلِ مُوثَقَا فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ تَذَكَّرَ شَجْوَهُ ... وَذَكَّرَهُ مَنْ قَدْ نَأَى فَتَشَوَّقَا فَرِحِمْتُهُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَكَيْتُ لِبُكَائِهِ وَنَسَبْتُهُ فَإِذا هُوَ قيس ابْن مُعَاذٍ الْمَجْنُونُ فَذَاكَ وَاللَّهِ أَعْشَقُ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ الْعُمَرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَنبأَنَا عُثْمَان ابْن عُمَارَةَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ مِنْ بَنِي مُرَّةَ قَالَ رَحَلَ رَجُلٌ مِنَّا إِلَى نَاحِيَةِ الشَّامِ مِمَّا يَلِي تَيْمَاءَ وَالشَّرَاةَ فِي طَلَبِ بُغْيَةٍ لَهُ فَإِذَا هُوَ بِخَيْمَةٍ قَدْ رُفِعَتْ لَهُ وَقَدْ أَصَابَهُ مَطَرٌ فَعَدَلَ إِلَيْهَا فَتَنَحْنَحَ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ كَلَّمَتْهُ فَقَالَتْ لَهُ انْزِلْ فَنَزَلَ وَرَاحَتْ إِبِلُهُمْ وَغَنَمُهُمْ فَإِذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ وَإِذَا رِعَاءٌ كَثِيرٌ فَقَالَتْ لِبَعْضِ الْعَبِيدِ سَلُوا هَذَا الرَّجُلَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ فَقُلْتُ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَامَةِ وَنَجْدٍ فَقَالَتْ أَيَّ بِلادِ نَجْدٍ وَطِئْتَ فَقُلْتُ كُلَّهَا فَقَالَتْ عِنْدَ مَنْ نَزَلْتَ هُنَاكَ قلت ببني عَامر فتنتفست الصَّعْدَاءَ وَقَالَتْ بِأَيِّ بَنِي عَامِرٍ فَقُلْتُ بِبَنِي الْحَرِيشِ فَاسْتَعْبَرَتْ ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 قَالَتْ هَلْ سَمِعْتَ بِذِكْرِ فَتًى يُقَالُ لَهُ قَيْسٌ وَيُلَقَّبُ بِالْمَجْنُونِ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ وَنَزَلْتُ بِأَبِيهِ وَأَتَيْتُهُ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ يَهِيمُ فِي تِلْكَ الْفَيَافِي وَيَكُونُ مَعَ الْوُحُوشِ لَا يَعْقِلُ وَلا يَفْهَمُ إِلا أَنْ تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَيَبْكِي وَيُنْشِدُ أَشْعَارًا يَقُولُهَا فِيهَا قَالَ فَرَفَعَتِ السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَإِذَا شَقَّةُ قَمَرٍ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهَا فَبَكَتْ وَانْتَحَبَتْ حَتَّى ظَنَنْتُ وَاللَّهِ أَنَّ قَلْبَهَا قَدِ انْصَدَعَ فَقُلْتُ لَهَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ اتَّقِي اللَّهَ فَوَاللَّهِ مَا قُلْتُ بَأْسًا فَمَكَثَتْ طَوِيلا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنَ الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ ثُمَّ قَالَتْ أَلا لَيْتَ شِعْرِي وَالْخُطُوبُ كَثِيرَةٌ ... مَتَى رَحْلُ قَيْسٍ مُسْتَقِلٌّ فَرَاجِعُ بِنَفْسِيَ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِرَحْلِهِ ... وَمَنْ هُوَ إِنْ لَمْ يَحْفَظِ اللَّهَ ضَائِعُ ثُمَّ بَكَتْ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَفَاقَتْ قُلْتُ مَنْ أَنْتِ يَا أَمَةَ اللَّهِ قَالَتْ أَنَا لَيْلَى الْمَشْئُومَةُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُسَاعِدَةِ لَهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ خَرَجَ الْمَجْنُونُ مَعَ قوم فِي سفر فبيناهم يَسِيرُونَ إِذْ تَشَعَبَّتْ لَهُمْ طَرِيقٌ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ لَيْلَى فَقَالَ الْمَجْنُونُ لأَصْحَابِهِ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَحُطُّوا وَتَرْعَوْا وَتَنْتَظِرُونِي حَتَّى آتِي الْمَاءَ فَأَبَوْا عَلَيْهِ وعذلوه فَقَالَ لَهُم أنْشدكُمْ الله لَوْ أَنَّ رَجُلا صَحِبَكُمْ وَتَحَرَّمَ بكم فأضل بعيره أَكُنْتُم مقميين عَلَيْهِ يَوْمًا حَتَّى يَطْلُبَ بَعِيرَهُ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ فَوَاللَّهِ لَلَيْلَى أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْبَعِيرِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ أَأَتْرُكُ لَيْلَى لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... سِوَى لَيْلَةٍ إِنِّي إِذَنْ لَصَبُورُ هِبُونِي امْرأَ مِنْكُمْ أَضَلَّ بَعِيرَهُ ... لَهُ ذِمَّةٌ إِنَّ الذمام كَبِير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 وللصاحب لامتروك أَعْظَمُ حُرْمَةً ... عَلَى صَاحِبٍ مِنْ أَنْ يَضِلَّ بَعِيرُ عَفَا اللَّهُ عَنْ لَيْلَى الْغَدَاةَ فَإِنَّهَا ... إِذَا وَلِيَتْ حُكْمًا عَلَيَّ تَجُورُ قَالَ فَأَقَامُوا عَلَيْهِ حَتَّى مَضَى وَرَجَعَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكَاتِبُ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ خَرَجَ الْمَجْنُونُ فِي عِدَّةٍ مِنْ قَوْمِهِ يُرِيدُونَ سَفَرًا لَهُمْ فَمَرُّوا فِي طَرِيقٍ يَتَشَعَّبُ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا يَنْزِلُهُ رَهْطُ لَيْلَى وَفِيهِ زِيَادَةُ مَرْحَلَةٍ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَعْدِلُوا مَعَهُ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ فَأَبَوْا فَمَضَى وَحْدَهُ وَقَالَ أَأَتْرُكُ لَيْلَى فَذَكَرَ الأَبْيَاتَ وَقَدْ رَوَى الْعُتْبِيُّ قَالَ مَرَّ الْمَجْنُونُ يَوْمًا بِزَوْجِ لَيْلَى وَهُوَ جَالِسٍ يَصْطَلِي فِي يَوْمٍ شَاتٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بِرَبِّكَ هَلْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ لَيْلَى ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَوْ قَبَّلْتَ فَاهَا وَهَلْ رَفَّتْ عَلَيْكَ قُرُونُ لَيْلَى ... رَفِيفَ الأَقْحَوَانَةِ فِي نَدَاهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِذْ حَلَّفْتَنِي فَنعم فَقبض الْمَجْنُون بكلتي يَدَيْهِ قَبْضَةً مِنَ الْجَمْرِ فَمَا فَارَقَهَا حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْجَمْرُ مَعَ لَحْمِ رَاحَتَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ رُزَامٍ قَالَ وَفَدَ فَتًى مِنْ نَهْدٍ يُقَالُ لَهُ صَبَاحُ بْنُ عَامِرٍ عَلَى الْمُلَوَّحِ أَبِي قَيْسٍ الْمَجْنُونِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَخَبَّرَهُ بِنَسَبِهِ وَقَالَ لَهُ إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ مِنْ بَلَدِي لأَنْظُرَ إِلَى قَيْسٍ وَأَسْمَعُ مِنْ شِعْرِهِ فَمَا فَعَلَ فَبَكَى الشَّيْخُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَ وَقَالَ أَنَّى لَكَ بِقَيْسٍ إِنَّ قَيْسًا عَشِقَ ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ وَإِنَّهُ جُنَّ عَلَى رَأْسِهَا فَهُوَ لَا يَأْنَسُ بِأَحِدٍ يَرِدُ مَعَ الْوُحُوشِ يَوْمَ وُرُودِهَا وَيَصْدِرُ مَعَهَا إِذَا صَدَرَتْ وَلَكِن هَا هُنَا شَابٌّ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَهُوَ يَأْنَسُ بِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَقُولُ وَقَدْ حَفِظَ لَهُ قَصِيدَةً يُقَالُ لَهَا الْمُؤْنِسَةُ فَإِذَا أَنْشَدَهُ إِيَّاهَا أَنِسَ بِهِ وَحَدَّثَهُ فَإِنْ شِئْتَ فَصِرْ إِلَيْهِ قَالَ صَبَاحُ فَصِرْتُ إِلَى الْفَتَى فَرَحَّبَ بِي وَسَأَلَنِي عَنْ حَالِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِي أَتَرْوِي لِقَيْسِ بْنِ ذُرَيْحٍ شَيْئًا فَإِنَّ الْمَجْنُونَ مُسْتَهْتِرٌ بِشِعْرِهِ قُلْتُ أَنَا أَحْفَظُ النَّاسِ لِشِعْرِ قَيْسٍ قَالَ فَصِرْ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَاطْلُبُهُ فِي تِلْكَ الْفَيَافِي فَإِنَّكَ تَجِدْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا رَآكَ سَوْفَ يَنْفِرُ مِنْكَ وَيَهْوِي إِلَيْكَ بِحَجَرٍ فَلا يَهُولَنَّكَ وَاقْعُدْ كَأَنَّكَ لَا تُرِيدُهُ فَإِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ سَكَنَ فَاذْكُرْ لَهُ لَيْلَى فَإِنَّهُ سَيَرْجِعُ إِلَى عَقْلِهِ وَيُرَاجِعُ صِحَّتَهُ وَيُحَدِّثُكَ عَنْ حَالِهِ ثُمَّ أَنْشِدْهُ مِنْ شَعْرِ قَيْسٍ شَيْئًا فَإِنَّهُ مَشْغُوفٌ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 قَالَ صَبَاحُ فَفَعَلْتُ الَّذِي أَوْصَانِي بِهِ الْفَتَى وَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُهُ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عُرْيَانٍ قَدْ سَقَطَ شَعْرُ رَأْسِهِ عَلَى حَاجِبَيْهِ وَإِذَا هُوَ قَدْ حَظَرَ حَظِيرَةً مِنْ تُرَابٍ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي وَسَطِهَا وَإِلَى جَانِبِهِ أَحْجَارٌ وَهُوَ يُخَطِّطُ بِإِصْبِعِهِ فِي الأَرْضِ فَلَمَّا رَآنِي أَهْوَى إِلَى حَجَرٍ وَوَثَبَ لِيَقُومَ فَقَعَدْتُ نَاحِيَةً أَرْمِي بِبَصَرِي إِلَى غَيْرِهِ وَلا أَحْفَلُ بِهِ ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ إِلَى عَبَثِهِ وَتَخْطِيطِهِ فَقُلْتُ لَهُ أَتَعْرِفُ لَيْلَى قَالَ بِأَبِي وَاللَّهِ هِيَ فَكَيْفَ لَا أَعْرِفُهَا قُلْتُ لِلَّهِ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ حَيْثُ يَقُولُ وَإِنِّي لَمُفْنِ دَمْعَ عَيْنِيَ بِالْبُكَا ... حَذَارًا لِمَا قَدْ كَانَ أَوْ هُوَ كَائِنُ وَقَالُوا غَدًا أَوْ بَعْدَ ذَاكَ بِلَيْلَةٍ ... فِرَاقُ حَبِيبٍ لَمْ يَبِنْ وَهُوَ بَائِنُ وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِكَفَّيْكِ إِلا أَنَّ مَا حُمَّ حَائِنُ فَقَالَ أَنَا وَاللَّهِ أَشْعَرُ مِنْهُ حَيْثُ أَقُولُ نَعَبَ الْغُرَابُ بِبِينَ لَيْلَى إِنَّهُ ... كَانَ الْكِتَابُ بِبَيْنِهِمْ مَخْطُوطَا أَصْبَحْتُ مِنْ أَهْلِي الَّذِينَ أُحِبُّهُمْ ... كَالسَّهْمِ أَصْبَحَ رِيشُهُ مَمْرُوطَا ثُمَّ وَثَبَ مُسْرِعًا إِلَى ظِبَاءٍ سَنَحَتْ لَهُ فَغَابَ عَنِّي فَتَبِعْتُهُ فَجَعَلْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ فَمَا وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ غَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَجَعَلْتُ أَطُوفُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْفَيَافِي حَتَّى إِذَا جَنَّنِي اللَّيْلُ انْصَرَفْتُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ طَلَبْتُهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ عُرَيَانٌ بَيْنَ أَحْجَارٍ مَيِّتٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّ رَجُلا مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 أَهْلِ الشَّامِ كَانَ لَهُ أَدَبٌ وَإِنَّهُ ذُكِرَ لَهُ الْمَجْنُونُ فَأُخْبِرَ بِخَبَرِهِ فَأَحَبَّ أَنْ يَرَاهُ وَأَنْ يَسْمَعَ مِنْ شِعْرِهِ فَخَرَجَ يُرِيدُهُ حَتَّى إِذَا صَارَ إِلَى حَيِّهِ سَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَا يُؤْوِيهِ مَكَانٌ وَأَنَّهُ يَكُونُ مَعَ الْوَحْشِ قَالَ فَكَيْفَ لِي بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ قِيلَ إِنَّهُ لَا يَقِفُ لأَحَدٍ حَتَّى يُكَلِّمَهُ إِلا لِدَايَةٍ لَهُ هِيَ الَّتِي كَانَتْ رَبَّتْهُ فَكَلَّمَ دَايَتَهُ وَرَاسَلَهَا فَخَرَجَتْ مَعَهُ تَطْلُبُهُ فِي مَظَانِّهِ الَّتِي كَانَ يَكُونُ فِيهَا فِي الْبَرِّيَةِ فَطَلَبُوهُ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ غَدَوْا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَطْلُبُونَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَشْرَفُوا عَلَى وَادٍ كَثِيرِ الْحِجَارَةِ وَإِذَا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي بَيْنَ الْحِجَارَةِ مَيِّتًا فَاحْتَمَلَهُ الرَّجُلُ وَدَايَتُهُ حَتَّى أَتَيَا بِهِ الْحَيَّ فَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ وَقَدْ حُكِيَ فِي مَوْتِ مَجْنُونِ بَنِي عَامِرٍ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فَذُكِرَ أَنَّ كُثَيِّرًا قَالَ بَيَّنَّا أَنَا عِنْدَ مَجْنُونِ بَنِي عَامِرٍ جَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ تَعَزَّ يَا قَيْسُ قَالَ عَمَّنْ قَالَ عَنْ لَيْلَى فَقَامَ إِلَى بَعِيرِهِ وَقُمْتُ إِلَى بَعِيرِي ثُمَّ أَتَيْنَا الْحَيَّ فَأَرْشَدَنَا إِلَى قَبْرِهَا فَأَقْبَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَلْتَزِمَهُ وَيَشُمُّ تُرَابَهُ وَيَنْشِدُ الشِّعْرَ ثُمَّ شَهَِقَ فَمَاتَ فَدَفَنْتُهُ سِيَاقُ أَبْيَاتٍ مِنْ مُسْتَحْسَنِ شِعْرِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَدِينِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيُّ يَقُولُ كَانَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ يَسِيحُ مَعَ الْوَحْشِ وَيَنْثِرُ الشِّعْرَ نَثْرًا وَكَانَ الرُّكْبَانُ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهُ الشِّعْرَ فَيَرْوُونَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 قَالَ ابْنُ خَلَفٍ قَالَ الْقَحْذَمِيُّ لما قَالَ الْمَجْنُون قَضَاهَا لغير وَابْتَلانِي بِحُبِّهَا ... فَهَلَّا بِشَيْءٍ غَيْرِ لَيْلَى ابْتَلانِيَا سُلِبَ عَقْلُهُ قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَأَنْشَدَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِلْمَجْنُونِ أَلا أَيُّهَا الْقَلْبُ الَّذِي لَجَّ هَائِمًا ... وَلِيدًا بِلَيْلَى لَمْ تُقَطَّعْ تَمَائِمُهْ أَفِقْ قَدْ أَفَاق الواجدون وَقد ال ... لِدَائِكَ أَنْ يَلْقَى طَبِيبًا يُلائِمُهْ وَمَالك مَسْلُوبَ الْعَزَاءِ كَأَنَّمَا ... تَرَى نَأْيَ لَيْلَى مَغْرَمًا أَنْتَ غَارِمُهْ أَجَدَّكَ لَا يُنْسِيكَ لَيْلَى مُلِمَّةٌ ... تُلِمُّ وَلا يُنْسِيكَ عَهْدًا تَقَادُمُهْ قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ لِلْمَجْنُونِ دَعَاكَ الْهَوَى وَالشَّوْقُ حَتَّى تَرَنَّمَتْ ... هُتُوفُ الضُّحَى بَيْنَ الْغُصُونِ طَرُوبُ تُجَاوِبُ وُرْقًا قَدْ أُرْعِنَ لِصَوْتِهَا ... فَكُلٌّ لِكُلٍّ مُسْعِدٌ وَمُجِيبُ أَلا يَا حَمَامَ الأَيْكِ مَالَكَ بَاكِيًا ... أَفَارَقْتَ إِلْفًا أَمْ جَفَاكَ حَبِيبُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعَدِّلُ قَالَ سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ وَذَكَرَ مَجْنُونَ بَنِي عَامِرٍ فَقَالَ هُوَ قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ مَجْنُونًا وَإِنَّمَا كَانَتْ بِهِ لَوْثَةٌ وَهُوَ الْقَائِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وَلَمْ أَرَ لَيْلَى بَعْدَ مَوْقِفِنَا الَّذِي ... بِخَيْفِ مِنًى تَرْمِي جِمَارَ الْمُحَصَّبِ وَيُبْدِي الْحَصَا مِنْهَا إِذَا قَذَفَتْ بِهِ ... مِنَ الْبُرْدِ أَطْرَافَ الْبَنَانِ الْمُخَضَّبِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ سُوَيْدٍ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو بكر ابْن الأَنْبَارِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى لِقَيْسِ بْنِ مُعَاذٍ إِذَا قَرُبَتْ دَارٌ كَلِفْتُ وَإِنْ نَأَتْ ... أَسِفْتُ فَلا بِالْقُرْبِ أَسْلُو وَلا الْبُعْدِ وَإِنْ وَعَدَتْ زَادَ الْهَوَى لانْتِظَارِهَا ... وَإِنْ بَخِلَتْ بِالْوَعْدِ مِتُّ عَلَى الْوَعْدِ فَفِي كُلِّ حُبّ لَا مَحَالَةَ فَرْحَةٌ ... وَحُبُّكِ مَا فِيهِ سِوَى مُحْكَمِ الْجَهْدِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِلَيْلَى يَوْمًا فَلَمَّا حَانَ فِرَاقُهَا أَنْشَدَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَرْدَسْتَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ الأَنْبَارِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْعَبَّاس ابْن سَالِمٍ الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ الأَعْرَابِيِّ قَالَ وَمِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ يَعْنِي مَجْنُونَ بَنِي عَامِرٍ وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِالتَّعَاوِيذِ وَالرُّقَّى ... وَصَبُّوا عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنْ أَلَمِ النُّكْسِ قَالُوا بِهِ مِنْ أَعْيُنِ الْجِنِّ نَظْرَةٌ ... وَلَوْ عَقَلُوا قَالُوا بِهِ أَعْيُنِ الإِنْسِ وَحُكِيَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لأَبِيهِ اطْلُبْ لَهُ طَبِيبًا فَأَتَاهُ بِطَبِيبٍ فَأَنْشَأَ قَيْسٌ يَقُولُ أَلا يَا طَبِيبَ النَّفْسِ أَنْتَ طَبِيبُهَا ... فَرِفْقًا بِنَفْسٍ قَدْ جَفَاهَا حَبِيبُهَا دَعَتْنِي دَوَاعِي حُبِّ لَيْلَى وَدُونَهَا ... ذُرًى فَقَدَ جِسْمُ الْحُزْنِ مِنْهَا قُلُوبُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 فَلَبَّيْكِ مِنْ دَاعٍ دَعَا وَلَوْ أَنَّنِي ... صَدًى بَيْنَ أَحْجَارٍ لَظَلَّ يجيبها وَمَا هَجَرَتْكِ النَّفْسُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا ... قَلَتْكِ وَلَكِنْ قَلَّ مِنْكِ نَصِيبُهَا وَلَهُ فِي قَصِيدَةٍ سَقَى اللَّهُ جَارَاتٍ لِلَيْلَى تَبَاعَدَتْ ... بِهِنَّ النَّوَى حَيْثُ احْتَلَلْنَ الْمَطَالِيَا بِثَمْدِينَ لاحَتْ نَارُ لَيْلَى وَصُحْبَتِي ... بِقَرْعِ الْغَضَا تزج الْمَطِيَّ الْخَوَافِيَا فَقَالَ بَصِيرُ الْقَوْمِ لَمْحَةُ كَوْكَبٍ ... بَدَا فِي سَوَادِ اللَّيْلِ فَرْدًا يَمَانِيَا فَقُلْتُ لَهُمْ بَلْ نَارُ لَيْلايَ أُوقِدَتْ ... بِعَلْيَا تَسَامَى ضَوْءُهَا فَبَدَا لِيَا بَلَى نَارُ لَيْلَى يَا خَلِيلَيَّ أَرَيْتُمَا الْقِلاصَ فَلا تَأْوُوا لَهُنَّ وَلا لِيَا أَشَوْقًا وَلَمَّا يَمْضِ لِي غَيْرُ لَيْلَةٍ ... رُوَيْدَ الْهَوَى حَتَّى تَغِبَّ لَيَالِيَا خَلِيلَيَّ لَا وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ الْبُكَا ... إِذَا عَلَمٌ مِنْ أَرْضِ لَيْلَى بَدَا لِيَا خَلِيلَيَّ لَا وَاللَّهِ لَا أَمْلِكُ الَّذِي ... قَضَى اللَّهُ فِي لَيْلَى وَلا مَا قَضَى لِيَا قَضَاهَا لَغَيْرِي وَابْتَلانِي بِحُبِّهَا ... فَهَلَّا بِشَيْءٍ غَيْرِ لَيْلَى ابْتَلانِيَا وَخَبَّرْتُمَانِي أَنَّ تَيْمَاءَ مَنْزِلٌ ... لِلَيْلَى إِذَا مَا الصَّيْفُ أَلْقَى الْمَرَاسِيَا فَهَذِي شُهُورُ الصَّيْفِ أَمْسَتْ قَدِ انْقَضَتْ ... فَمَا لِلْنَوَى تَرْمِي بِلَيْلَى الْمَرَامِيَا فَلَوْ كَانَ وَاشٍ بِالْيَمَامَةِ دَارُهُ ... وَدَارٌ بأعلا حَضْرَمَوْتَ اهْتَدَى لِيَا وَمَاذَا لَهُمْ لَا أَحْسَنَ اللَّهُ حِفْظَهُمْ ... مِنَ الْحَظِّ فِي تَصْرِيمِ لَيْلَى حَبَالِيَا وَقَدْ كُنْتُ أَعْلُو حُبَّ لَيْلَى فَلَمْ يَزَلْ ... بِيَ النَّقْضُ وَالإِبْرَامُ حَتَّى عَلانِيَا فَيَا رَبِّ سَوِّ الْحُبَّ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... يَكُونُ كِفَافًا لَا عَلَى وَلا لِيَا فَمَا طَلَعَ النَّجْمُ الَّذِي يُهْتَدَى بِهِ ... وَلا الصُّبْحُ إِلا هَيَّجَا ذِكْرَهَا لِيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 وَلا سِرْتُ مَيْلا مِنْ دِمَشْقَ وَلا بَدَا ... سُهَيْلٌ لأَهْلِ الشَّامِ إِلا بَدَا لِيَا وَلا سُمِّيَتْ عِنْدِي لَهَا مِنْ سَمِّيَةٍ ... مِنَ النَّاسِ إِلا بَلْ دَمْعِي رِدَائِيَا وَلا هَبَّتِ الرِّيحُ الْجَنُوبِ مِنْ أَرْضِهَا ... مِنَ اللَّيْلِ إِلا بِتُّ لِلْرِيحِ حَانِيَا وَيَوْمٌ كَظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرْتُ طُولَهُ ... بِلَيْلَى فَأَلْهَتْنِي وَمَا كُنْتُ لاهِيَا فَيَا لَيْلَ كَمْ مِنْ حَاجَةٍ لِي مِهُمَّةٍ ... إِذَا جِئْتُكُمْ بِاللَّيْلِ لَمْ أَدْرِ مَاهِيَا خَلِيلَيَّ إِلا تَبْكِيَا لِي أَلْتَمِسُ ... خَلِيلا إِذَا أَنْزَفْتُ دَمْعِيَ بَكَى لِيَا فَقَدْ يَجْمَعُ اللَّهُ الشَّتِيتَيْنِ بَعْدَمَا ... يَظُنَّانِ جَهْدَ الظَّنِّ أَلا تَلاقِيَا فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَتَحْمُوا بِلادَهَا ... عَلَيَّ فَلَنْ تَحْمُوا عَلَيَّ الْقَوَافِيَا فَأَشْهَدُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّي أُحِبُّهَا ... فَهَذَا لَهَا عِنْدِي فَمَا عِنْدَهَا لِيَا قَضَى اللَّهُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْهَا لِغَيْرِنَا ... وَبِالشَّوْقِ مِنَّا وَالْعَنَاءِ قَضَى لِيَا وَإِنَّ الَّذِي أَمَّلْتُ مِنْ أُمِّ مَالِكٍ ... أَشَابَ قَذَالِي وَاسْتَهَامَ فُؤَادِيَا أَعُدُّ اللَّيْالِي لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ ... وَقَدْ عِشْتُ دَهْرًا لَا أَعُدُّ اللَّيَالِيَا وَأَخْرُجُ مِنْ بَيْنَ الْبُيُوتِ لَعَلَّنِي ... أُحَدِّثُ عَنْكِ النَّفْسَ يَا لَيْلُ خَالِيَا إِذَا سِرْتُ أَرْضًا بِالْفَضَاءِ رَأَيْتُنِي ... أَصَانِعُ رَحْلِي أَنْ تَمِيلَ حِيَالِيَا يَمِينًا إِذَا كَانَتْ يَمِينًا وَإِنْ تَكُنْ ... شِمَالا يُنَازِعُنِي الْهَوَى مِنْ شِمَالِيَا أَرَانِي إِذَا صَلَّيْتُ يَمَّمْتُ نَحْوَهَا ... بِوَجْهِي وَإِنْ كَانَ الْمُصَلَّى وَرَائِيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 وَمَا بِي إِشْرَاكٌ وَلَكِنْ حُبُّهَا ... كَعَظْمِ الشَّجَا أَعْيَى الطَّبِيبَ الْمُدَاوِيَا أُحِبُّ مِنَ السَّمَاءِ مَا وَافَقَ اسْمُهَا ... وَأَشْبَهُهُ أَوْ كَانَ مِنْهُ مُدَانِيَا خَلِيلَيَّ لَيْلَى أَكْبَرُ الْحَاجِّ وَالْمُنَى ... فَمَنْ لِي بِلَيْلَى أَوْ فَمَنْ ذَا بِهَا لِيَا فَقَدْ طَالَ مَا أَلْبَثَتْنِي عَنْ صَحَابَتِي ... وَعَنْ حَوْجِ قَضَاؤُهَا مِنْ شِفَائِيَا لَعَمْرِي لَقَدْ أَبْكَيْتِنِي يَا حَمَامَةَ ال ... عقيق وَأَبْكَيْتِ الْعُيُونَ الْبَوَاكِيَا وَكُنْتُ رَبِيطَ الْجَأْشِ مَا تَسْتَفِزُّنِي ... رِيَاحُ الصَّبَا لَوْ نَحَتْ نَوْحًا مُدَانِيَا فَأَصْبَحْتُ بَعْدَ الإِنْسِ صَاحِبَ جِنَّةٍ ... تَجَاوَزْنَ بِي عَرْضَ النِّعَافِ الْفَيَافِيَا خَلِيلَيَّ مَا أَرْجُو مِنَ الْعَيْشِ بَعْدَمَا ... أَرَى حَاجَتِي تُشْرَى وَلا تُشْتَرَى لِيَا وَتُجْرِمُ لَيْلَى ثُمَّ تَزْعُمُ أَنَّنِي ... سَلَوْتُ وَلا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ مَا بِيَا فَلَمْ أَرَ مِثْلَيْنَا خَلِيلَيَّ جِنَايَةً ... أَشَدُّ عَلَيَّ رَغْمَ الْعَدُوِّ تَصَافِيَا خَلِيلانِ لَا نَرْجُو لِقَاءَ وَلا تَرَى ... خَلِيلَيْنِ إِلا يَرْجُوَانِ تَلاقِيَا وَإِنِّي لأَسْتَحْيِيكَ أَنْ أَعْرِضَ الْمُنَى ... بِوَصْلِكِ أَوْ أَنْ تُعْرِضِي فِي الْمُنَى لِيَا يَقُولُ أُنَاسٌ عَلَّ مَجْنُونُ عَامِرٍ ... يَرُومُ سُلُوًّا قُلْتُ إِنِّي لِمَا بِيَا بِيَ الْيَأْسُ أَوْ دَاءُ الْهُيَامِ أَصَابَنِي ... فَإِيَّاكَ عَنِّي لَا يَكُنْ بِكَ مَا بِيَا إِذَا مَا طَوَاكِ الدَّهْرُ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... فَشَأْنُ الْمَنَايَا الْقَاضِيَاتِ وَشَأْنِيَا إِذَا اكْتَحَلَتْ عَيْنِي بِعَيْنِكِ لَمْ تَزَلْ ... بِخَيْرٍ وَجَلَتْ غَمْرَةٌ عَنْ فؤاديا وَأَنت الَّذِي إِن شِئْت أشقيت عيشتي ... وَإِن شِئْت بعد الله أَنْعَمت بَالِيًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 وَأَنت الَّتِي مَا من صديق وَلَا أَخٍ ... يَرَى نَضْوَ مَا أَبْقَيْتِ إِلا أَوَى لِيَا وَإِنِّي لأَسْتَغْشِي وَمَا بِي نَعْسَةٌ لَعَلَّ خَيَالا مِنْكِ يَلْقَى خَيَالِيَا هِيَ السِّحْرُ إِلا أَنَّ لِلْسِحْرِ رُقْيَةٌ ... وَإِنِّي لَا أَلْقَى لِسِحْرِي رَاقِيَا إِذَا نَحْنُ أَدْلَجْنَا وَأَنْتِ أَمَامَنَا ... كَفَى لِمَطَايَانَا بِذْكَرَاكِ هَادِيَا ذَكَتْ نَارُ شَوْقٍ فِي فُؤَادِي فَأَصْبَحَتْ ... لَهَا وَهَجٌ مُسْتَضْرَمٌ فِي فُؤَادِيَا أَلا أَيُّهَا الرَّكْبُ الْيَمَانُونَ عَرِّجُوا ... عَلَيْنَا فَقَدْ أَمْسَى هَوَانَا يَمَانِيَا نُسَائِلُكُمْ هَلْ سَأَلَ نُعْمَانُ بَعْدَنَا ... وَحَبَّ إِلَيْنَا بَطْنُ نُعْمَانَ وَادِيَا أَلا يَا حَمَامَيْ بَطْنَ نُعْمَانَ هِجْتُمَا ... عَلَيَّ الْهَوَى لَمَّا تَغَنَّيْتُمَا لِيَا أَلا أُيُّهَا الْقُمْرِيَّتَانِ تَجَاوَبَا ... بِلَحْنَيْكُمَا ثُمَّ اسْجِعَا عَلِّلانِيَا فَإِنْ أَنْتُمَا اسْتَطْرَبْتُمَا وَأَرَدْتُمَا ... لِحَاقًا بِأَطْلالِ الْغَضَا فَاتَّبِعَانِيَا أَلا لَيْتَ شِعْرِي مَا لِلَيْلَى وَمَا لَنَا ... وَمَا لِلْصَبَا مِنْ بَعْدِ شَيْبٍ عَلانِيَا أَلا أَيُّهَا الْوَاشِي بِلَيْلَى أَلا تَرَى ... إِلَى مَنْ تَشِيهَا أَوْ بِمَنْ جِئْتَ وَاشِيَا إِذَا نَحْنُ رُمْنَا هَجْرَهَا ضَمَّ حُبُّهَا ... ضَمِيمَ الْحَشَا ضَمَّ الْجِنَاحُ الْخَوَافِيَا لَئِنْ ظَعَنَ الأَحْبَابُ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... لَمَا ظَعَنَ الْحُبُّ الَّذِي فِي فُؤَادِيَا فَيَارَبِّ إِذْ صَيَّرْتَ لَيْلَى هِيَ الْمُنَى ... فَزِنِي بِعَيْنَيْهَا كَمَا زِنْتَهَا لِيَا وَإِلا فَبَغِّضْهَا إِلَيَّ وَأَهْلَهَا ... فَإِنِّي بِلَيْلَى قَدْ لَقِيتُ الدَّوَاهِيَا أَلا لَا أُحِبُّ السَّيْرَ إِلا مُصَاعِدًا ... وَلا الْبَرْقَ إِلا أَنْ يَكُونَ يَمَانِيَا عَلَى مِثْلِ لَيْلَى يَقْتُلُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ... وَإِنْ كُنْتُ مِنْ لَيْلَى عَلَى الْيَأْسِ طَاوِيَا خَلِيلَيَّ إِنْ ضَنُّوا بِلَيْلَى فَقَرِبَا ... لِي النَّعْشَ وَالأَكْفَانَ وَاسْتَغْفِرَا لِيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 أَلا يَا حَمَامَ الطَّلْحِ إِنْ كُنْتَ بَاكِيَا ... فَمِلآنُ فَاهْتَجْ إِنَّنِي قَدْ أَنَى لِيَا فَيَا أَخَوَيَّ حَزْمٍ أَلَمَّا هُدِيتُمَا ... عَلَى حَاضِرِي الرِّيَانِ ثُمَّ اذْكُرَانِيَا وَلَهُ وَإِنِّي لمَجْنُون بليلى مُوكل ... وَلست عزوفا عَنْ هَوَاهَا وَلا جَلْدَا إِذَا ذُكِرَتْ لَيْلَى بَكَيْتُ صَبَابَةً ... لِتِذْكَارِهَا حَتَّى يَبُلَّ الْبُكَا الْخَدَّا وَيُرْوَى لَهُ فِي أُخْرَى أَيَا حَرَجَاتِ الْحَيّ يَوْم تحملوا ... بِذِي سلم لَا جَادَكُنَّ رَبِيعُ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَنَّهُ شُقَّتِ الْعَصَا ... هِيَ الْيَوْم شَتَّى وَهِي أمس جمع فَإِنَّ انْهِمَالَ الْعَيْنِ يَا لَيْلُ كَلُمَّا ... ذَكَرْتُكِ وَحْدِي خَالِيًا لَسَرِيعُ فَلَوْ لَمْ يَهِجْنِي الظَّاعِنُونَ لَهَاجَنِي ... حَمَائِمُ وُرْقٍ فِي الدِّيَارِ وُقُوعُ تُجَاوَبْنَ فَاسْتَبْكَيْنِ مَنْ كَانَ ذَا ... هَوَى نَوَائِحُ مَا تَجْرِي لَهُنَّ دُمُوعُ لَعَمْرُكِ إِنِّي يَوْمَ جَرْعَاءَ مَالِكٍ ... لَعَاصٍ لأَمْرِ الرَّاشِدِينَ مُضِيعُ مَضَى زَمَنٌ وَالنَّاسُ يَسْتَشْفِعُونَ بِي ... فَهَلْ لِي إِلَى لَيْلَى الْغَدَاةِ شَفِيعُ نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي فَقَدْتُنِي ... كَمَا يَنْدُمُ الْمَغْبُونُ حِينَ يَبِيعُ فَقَدْتُكِ مِنْ نَفْسٍ شُعَاعٍ فَإِنَّمَا ... نَهَيْتُكِ عَنْ هَذَا وَأَنْتِ جَمِيعُ فَقَرَّبْتِ لِي غَيْرَ الْقَرِيبِ وَأَشْرَفْتِ ... مُنَاكِ ثَنَايَا مَا لَهُنَّ طُلُوعُ وَلَهُ يَقَرُّ بَعَيْنِي قُرْبُهَا وَيَزِيدُنِي ... بِهَا عَجَبًا مَنْ كَانَ عِنْدِي يَعِيبُهَا فَكَمْ قَائِلٍ فِيكُمْ قَرِيبٌ عَصِيتُهُ ... وَتِلْكَ لَعَمْرِي تَوْبَةٌ لَا أَتُوبُهَا فَيَا نَفْسُ صبرا لست وَالله فاعلميه ... بِأَوَّلِ نَفْسٍ غَابَ عَنْهَا حَبِيبُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 وَلَهُ تَجَنَّبْتُ لَيْلَى أَنْ يَلِجَّ بِكَ الْهَوَى ... وَهَيْهَاتَ كَانَ الْحُبُّ قَبْلَ التَّجَنُّبِ وَلَمْ أَرَ لَيْلَى قَبْلَ مَوْقِفِ سَاعَةٍ ... بِبَطْنِ مِنًى تَرْمِي جِمَارَ الْمُحَصَّبِ وَلَهُ فِي أُخْرَى وَأَلْقَى مِنَ الْحُبِّ الْمُبَرَّحِ سَوْرَةً ... لَهَا بَيْنَ جِلْدِي وَالْعِظَامُ دَبِيبُ لَقَدْ شَفَّ هَذِي النَّفْسَ أَنْ لَيْسَ بَارِحًا لَهَا شَجَنٌ مَا يُسْتَطَاعُ قَرِيبُ فَلا تَتْرُكِي نَفْسِي شُعَاعًا فَإِنَّهَا ... مِنَ الْوَجْدِ قَدْ كَادَتْ عَلَيْكَ تَذُوبُ فَصْلٌ وَمِنَ الْمُشْتَهِرِينَ بِالْعِشْقِ عُرْوَةُ بْنُ حُزَامٍ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ فَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي لَقِيطُ بْنُ بُكَيْرٍ الْمُحَارِبِيُّ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ حُزَامٍ وَعَفْرَاءَ ابْنَةَ مَالِكٍ الْعُذْرِيَّيْنِ وَهُمَا بَطْنٌ مِنْ عُذْرَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو هِنْدِ بْنِ حُزَامِ بْنِ ضَنَّةَ بن عبد بكير ابْن عُذْرَةَ وَيُقَالُ إِنَّهُمَا نَشَأَ جَمِيعًا فَعَلِقَهَا عَلاقَةَ الصَّبَا وَكَانَ عُرْوَةُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عَمِّهِ حَتَّى بلغ فَكَانَ يسْأَل عَمه أَنْ يُزَوِّجَهُ عَفْرَاءَ فَيُسَوِّفَهُ إِلَى أَنْ خَرَجَتْ عِيرٌ لأَهْلِهِ إِلَى الشَّامِ وَخَرَجَ عُرْوَةُ إِلَيْهَا وَوَفَدَ عَلَى عَمِّهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنَ الْبَلْقَاءِ يُرِيدُ الْحَجَّ فَخَطَبَهَا فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ فَحَمَلَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وَأَقْبَلَ عُرْوَةُ فِي عِيرِهِ تِلْكَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِتَبُوكٍ نَظَرَ إِلَى رِفْقَةٍ مُقْبِلَةٍ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ فِيهَا امْرَأَةٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ وَاللَّهِ لَكَأَنَّهَا شَمَائِلُ عَفْرَاءَ فَقَالُوا وَيْحَكَ مَا تَتْرُكُ ذِكْرَ عَفْرَاءَ لِشَيْءٍ قَالَ وَجَاءَ الْقَوْمُ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ وَتَبَيَّنَ الأَمْرُ يَبِسَ قَائِمًا لَا يَتَحَرَّكُ وَلا يَحِيرُ كَلامًا وَلا يُرْجِعُ جَوَابًا حَتَّى بَعُدَ الْقَوْمُ فَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ رَعْدَةٌ ... لَهَا بَيْنَ جِلْدِي وَالْعِظَامِ دَبِيبُ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ أَرَاهَا فُجَاءَةً ... فَأُبْهَتُ حَتَّى مَا أَكَادُ أُجِيبُ وَقُلْتُ لَعَرَّافِ الْيَمَامَةِ دَاوِنِي ... فَإِنَّكَ إِنْ أَبْرَأْتَنِي لَطَبِيبُ فَمَا بِي مِنْ حِمَى لَا مَسِّ جِنَّةٍ ... وَلَكِنْ عَمِّي الْحُمَيْرِيَّ كَذُوبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعَرَّافُ الْيَمَامَةِ هَذَا الَّذِي ذكره عُرْوَة وَغَيره من الشُّعَرَاء هُوَ ريَاح بن رَاشد ويكنى أَبَا كحيلة عبد لبني يشْكر تزوج مَوْلَاهُ امْرَأَة من بني الْأَعْرَج فساقه فِي مهرهَا ثمَّ ادّعى نسبا فِي بني الْأَعْرَج ثمَّ إِن عُرْوَة انْصَرف إِلَى أَهله وَأَخذه الْبكاء والهلاس حَتَّى نحل جِسْمه فَلم يبْق مِنْهُ شَيْء فَقَالَ بعض النَّاس هُوَ مسحور وَقَالَ قَوْمٌ بِهِ جِنَّةٌ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ هُوَ مَوَسْوَسٌ وَإِنَّ بِالْحَاضِرِ مِنَ الْيَمَامَةِ لَطَبِيبًا لَهُ تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ أَطَبُّ النَّاسِ فَلَوْ أَتَيْتُمُوهُ فَلَعَلَّ اللَّهَ يُعَافِيَهُ فَسَارُوا إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِ عذرة حى دَاوَاهُ فَجَعَلَ يَسْقِيهِ وَيُنَشِّرُ عَنْهُ وَهُوَ يَزْدَادُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 سُقْمًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةَ يَا هَنَاهُ هَلْ عِنْدَكَ لِلْحُبِّ دَوَاءٌ أَوْ رُقْيَةٌ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ فَانْصَرَفُوا حَتَّى مَرُّوا بِطَبِيبٍ بِحَجْرٍ فَعَالَجَهُ وَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ مَا دَائِي وَدَوَائِي إِلا شَخْصٌ بِالْبَلْقَاءِ مُقِيمُ فَهُوَ دَائِي وَعِنْدَهُ دَوَائِي فَانْصَرَفُوا بِهِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافُهُمْ بِهِ جَعَلْتُ لِعَرَّافِ الْيَمَامَةِ حُكْمَهُ ... وَعَرَّافُ حَجَرٍ إِنْ هُمَا شَفَيَانِي فَقَالا نَعَمْ نُشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُلِّهِ ... وَقَامَا مَعَ الْعُوَّادِ يَبْتَدِرَانِ فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يَعْلَمَانِهَا ... وَلا سَلْوَةٍ إِلا وَقَدْ سَقَيَانِي فَقَالا شَفَاكَ اللَّهُ وَاللَّهِ مَالَنَا ... بِمَا ضَمِنَتْ مِنْكَ الضُّلُوعُ يَدَانِ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ وَكَانَ لَهُ أَخَوَاتٌ أَرْبَعٌ وَوَالِدَةٌ وَخَالَةٌ فَمَرَّضْنَهُ دَهْرًا فَقَالَ لَهُنَّ يَوْمًا اعلمن أَنِّي لَو نَظَرْتُ إِلَى عَفْرَاءَ نَظْرَةً وَاحِدَةً ذَهَبَ وَجَعِي فَذَهَبُوا بِهِ حَتَّى نَزَلُوا الْبَلْقَاءَ مُسْتَخْفِينَ فَكَانَ لَا يَزَالَ يَلُمُّ بِعَفْرَاءَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ كَرِيمٍ سَيِّدٍ كَثِيرِ الْمَالِ وَالْغَاشِيَةِ فَبَيْنَمَا عُرْوَةُ يَوْمًا بِسُوقِ الْبَلْقَاءِ إِذْ لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ وَمَقْدِمِهِ فَأخْبرهُ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّكَ مَرِيضٌ وَأَرَاكَ قَدْ صَحَحْتَ فَلَمَّا أَمْسَى الرَّجُلُ دَخَلَ عَلَى زَوْجِ عَفْرَاءَ فَقَالَ مَتَى قَدِمَ هَذَا الْكَلْبُ عَلَيْكُمُ الَّذِي قَدْ فَضَحَكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 قَالَ زَوْجُ عَفْرَاءَ أَيُّ كَلْبٍ هُوَ قَالَ عُرْوَةُ قَالَ وَقَدْ قَدِمَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنْتَ وَاللَّهِ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ أَنْ تَكُونَ كَلْبًا مَا عَلِمْتُ بِقُدُومِهِ وَلَوْ عَلِمْتُ لَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا يَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ قَدِمْتُ هَذِهِ الْبَلْدَ فَلَمْ تَنْزِلْ بِنَا وَلَمْ تَرَ أَنْ تُعْلِمُنَا بِمَكَانِكَ فَيَكُونُ مَنْزِلُكَ عِنْدَنَا عَلَيَّ وَعَلَيَّ إِنْ كَانَ لَكُمْ مَنْزِلٌ إِلا عِنْدِي قَالَ نَعَمْ نَتَحَوَّلُ إِلَيْكَ اللَّيْلَةَ أَوْ فِي غَدٍ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ عُرْوَةُ لأَهْلِهِ قَدْ كَانَ مَا تَرَوْنَ وَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَخْرَجُوا مَعِي لأَرْكَبَنَّ بِرَأْسِي وَلأُلْحِقَنَّ بِقَوْمِكُمْ فَلَيْسَ عَلَيَّ بَأْسٌ فَارْتَحَلُوا وَرَكَبُوا طَرِيقَهُمْ وَنُكِسَ عُرْوَةُ وَلَمْ يَزَلْ مُدْنَفًا حَتَّى نَزَلُوا وَادِي الْقُرَى وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ حِزَامًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَهُ عُرْوَةَ فِي حِجْرِ عَمِّهِ عُقَالِ بْنِ مَهَاصِرَ وَكَانَتْ عَفْرَاءُ تِرْبًا لِعُرْوَةَ يَلْعَبَانِ جَمِيعًا حَتَّى أَلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَكَانَ عَقَالُ يَقُولُ لِعُرْوَةَ أَبْشِرْ فَإِنَّ عَفْرَاءَ امْرَأَتُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا بَلَغَا أَتَى عُرْوَةُ عَمَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا هِنْدٌ بِنْتُ مَهَاصِرَ فَشَكَا إِلَيْهَا حُبَّ عَفْرَاءَ وَقَالَ يَا عَمَّةُ إِنِّي أُكَلِّمُكِ وَإِنِّي أَسْتَحْيِي مِنْكِ وَلَكِنْ مَا أَفْعَلُ هَذَا حَتَّى ضِقْتُ ذَرْعًا بِمَا أَنَا فِيهِ فَذَهَبَتْ إِلَى أَخِيهَا فَقَالَتْ يَا أَخِي قَدْ أَتَيْتُكَ فِي حَاجَةٍ يَأْجُرُكَ اللَّهُ عَلَيْهَا تُزَوِّجُ عُرْوَةُ عَفْرَاءَ فَقَالَ مَا عَنْهُ مَذْهَبٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِذِي مَالٍ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ عَجَلَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 وَكَانَتْ أُمُّ عَفْرَاءَ لَا تُرِيدُ لَهَا إِلا مَنْ لَهُ مَالٌ فَخَطَبَ رَجُلٌ لَهُ مَالٌ عَفْرَاءَ فَأَتَى عُرْوَةُ عَمَّهُ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتُ قَرَابَتِي وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلا يَخْطُبُ عَفْرَاءَ فَإِنْ تُجِبْهُ قَتَلْتَنِي فَقَالَ لَيْسَ أُخْرِجُهَا إِلَى غَيْرِكَ وَلَكِنْ أُمُّهَا تُرِيدُ مَهْرًا غَالِيًا فَاسْتَرْزِقِ اللَّهَ وَاضْطَرَبْ فَخَرَجَ إِلَى ابْنِ عَمٍّ لَهُ مُوسِرٌ بِالْيَمَنِ وَاشْتَرَطَ عَلَى أَبَوَيْ عَفْرَاءَ أَنْ لَا يُحْدِثَا فِيهَا حَدَثًا فَضَمِنَا لَهُ ذَلِكَ وَذَهَبَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ فَوَصَلَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ وَاتَّفَقَ أَنْ رَجُلا خَطَبَ عَفْرَاءَ وَكَانَ ذَا مَالٍ فَاعْتَذَرَ أَبُوهَا إِلَيْهِ وَأَجَابَتْهُ أُمُّهَا وَصَرَفَتْ أَبَاهَا عَنْ رَأْيِهِ وَقَالَتْ قَدْ جَاءَ الْغَنِيُّ إِلَى بَابِنَا وَلَا نَدْرِي أعروة حَيّ أَمْ مَيِّتٌ وَهَلْ يَأْتِي بِشَيْءٍ أَمْ لَا فَزَوَّجَهُ وَارْتَحَلَ بِهَا إِلَى الشَّامِ وَعَمَدَ أَبُوهَا إِلَى قَبْرٍ عَتِيقٍ فَجَدَّدَهُ وَسَوَّاهُ وَقَالَ الْحَقُّ كِتْمَانُ الْحَالِ فَقَدِمَ عُرْوَةُ فَنَعَاهَا أَبُوهَا إِلَيْهِ فَجَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى الْقَبْرِ أَيَّامًا ثُمَّ أُخْبِرَ بِالْحَالِ فَرَحَلَ إِلَى الشَّامِ فَنَزَلَ بِالرَّجُلِ وَهُوَ لَا يَعْرِفْهُ فَأَحْسَنَ ضِيَافَتَهُ ثُمَّ عَلِمَتْ بِهِ عَفْرَاءُ وَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ تَرَكْتُمْ هَذَا فِي دَارِكُمْ يَفْضَحُكُمْ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ وَاسْتَحَضْرَ عُرْوَةَ وَقَالَ لَا تَبْرَحُ مِنْ عِنْدِي ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَهَا عِنْدَ عُرْوَةَ وَأَوْصَى خَادِمَ الْبَابِ بِحِفْظِ مَا يَقُولانِ فَقَالَ قَدْ أَجْمَلَ هَذَا الرَّجُلُ وَمَا أُقِيمُ بَعْدَ عِلْمِهِ وَإِنَّمَا أَرْحَلُ إِلَى مَنِّيَتِي ثُمَّ رَحَلَ فَتَنَاوَلَتْهُ الأَسْقَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَبْرِيَةُ قَالَتْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاتِبُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ إِنِّي لأَسِيرُ فِي أَرْضِ عُذْرَةَ فَإِذَا بِامْرَأَةٍ تَحْمِلُ غُلامًا خَدِلا لَيْسَ مِثْلُهُ يَتَوَّرَكُ فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ فَإِذَا بِرَجُلٍ لَهُ لِحْيَةٌ قَالَ فَقَالَتْ لِي سَمِعْتُ بِعُرْوَةَ بْنِ حُزَامٍ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ هَذَا وَاللَّهِ عُرْوَةُ بْنُ حُزَامٍ فَقُلْتُ أَنْتَ عُرْوَةُ فَكَلَّمَنِي وَعَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي رَأْسِهِ فَقَالَ نعم أَنَا وَاللَّهِ الَّذِي أَقُول جعلت لعراف الْيَمَامَة حكمه ... وعراف نجد إِن هما شفيافي فَقَالا نَعَمْ نُشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُله ... وراحا مَعَ العواد يبتدران فَمَا تركا من سلوة يعلمانها ... وَلَا شربة إِلَّا وَقد سقياني فَقَالَا شفاك الله وَالله مَا لنا ... بِمَا ضمنت مِنْك الضلوع يدان فعفراء أحظى النَّاس عِنْدِي مَوَدَّة ... وعفراء عني المعرض المتواني قَالَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَمَا رُحْتُ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى سَمِعْتُ الصَّيْحَةَ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقِيلَ مَاتَ عُرْوَةُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقُلْتُ يَا أَبَا السَّائِبِ وَاللَّهِ مَا أَرَاهُ إِلا شَرِقَ قَالَ فَمِمَّ شَرِقَ قُلْتُ شَرِقَ بِرِيقِهِ تَرَى إِنْسَانًا يَمُوتُ مِنَ الْحُبِّ فَقَالَ سَخِنَتْ عَيْنَاكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلْمَانَ الأَخْفَشُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ بِشْرٍ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ وُلِيتُ صَدَقَاتِ بَنِي عُذْرَةَ قَالَ فَدُفِعْتُ إِلَى فَتًى تَحْتَ ثَوْبٍ فَكَشَفْتُ عَنْهُ فَإِذَا رَجُلٌ لَمْ يَبْقَ إِلا رَأْسُهُ فَقُلْتُ مَا بِكَ فَقَالَ كَأَنَّ قَطَاةً عَلَقَتْ بِجَنَاحِهَا ... عَلَى كَبِدِي مِنْ شِدَّةِ الْخَفَقَانِ جَعَلَتُ لِعَرَّافِ الْيَمَامَة حكمه ... وعراف نجد إِن هُمَا شَفَيَانِي ثُمَّ تَنَفَّسَ حَتَّى مَلأَ الثَّوْبَ الَّذِي كَانَ فِيهِ ثُمَّ جَمُدَ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَأُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ فَقِيلَ أَتَدْرِي مَنْ هَذَا هَذَا عُرْوَةُ بْنُ حُزَامٍ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ كِلاهُمَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سَلَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَلَفٍ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرَّيَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَوْ قَالَ عُثْمَانُ شَكَّ الرَّاوِي عَلَى صَدَقَاتِ سَعْدِ هُذَيْمٍ فَلَمَّا قَبَضْتُ الصَّدَقَةَ وَقَسَّمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا أَقْبَلْتُ فَلَمَّا كُنْتُ بِبِلادِ عُذْرَةَ فِي حِيٍّ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَنُو هِنْدٍ إِذَا أَنَا بِبِيتٍ حَرِيدٍ مُفْرِدٍ عَنِ الْحَيِّ فَمِلْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا عَجُوزٌ جَالِسَةٌ عِنْدَ كَسْرِ الْبَيْتِ وَإِذَا شَابٌّ نَائِمٌ فِي ظِلِّ الْبَيْتِ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ وَسَلَّمْتُ تَرَنَّمَ بِصَوْتٍ لَهُ ضَعِيفٍ جَعَلْتُ لِعَرَّافِ الْيَمَامَةِ حُكْمَهُ ... وعراف نجد إِن هما شفياني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 فَقَالا نَعَمْ نُشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُلِّهِ ... وَقَامَا مَعَ الْعُوَّادِ يَبْتَدِرَانِ نَعَمْ وَبَلَى قَالا مَتَى كُنْت هَكَذَا ... لِيَسْتَخْبِرَانِي قُلْت مِنْذُ زَمَانٍ فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يَعْلَمَانِهَا ... وَلا سَلْوَةٍ إِلا بِهَا سَقَيَانِي فَقَالَا شفاك الله وَالله مَا لَنَا ... بِمَا حَمَلَتْ مِنْكَ الضُّلُوعُ يَدَانِ ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَفِيفَةً فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَقُلْتُ أَيُّهَا الْعَجُوزُ مَا أَظُنُّ هَذَا النَّائِمَ بِفِنَاءِ بَيْتِكِ إِلا مَاتَ فَقَالَتْ نَفْسُهُ وَاللَّهِ نَفْسُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مَالا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ تَعَالَى فَاغْتَمَمْتُ وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ لِكَلامِي فَلَمَّا رَأَتِ الْعَجُوزُ جَزَعِي قَالَتْ هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ بِأَجَلِهِ وَاسْتَرَاحَ مِمَّا كَانَ فِيهِ وَقَدِمَ عَلَى رَبٍّ غَفُورٌ فَهَلْ لَكَ فِي اسْتِكْمَالِ الأَجْرِ هَذِهِ الأَبْيَاتُ مِنْكَ قَرِيبٌ تَأْتِيهِمْ فَتَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ وَتَسْأَلْهُمْ حُضُورَهُ فَرَكِبْتُ فَأَتَيْتُ أَبْيَاتًا مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَيْلٍ فَنَعَيْتُهُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ حَفِظْتُ الشِّعْرَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ بَعْدَ الرَّجُلِ مِنْهُمْ يَسْتَرْجِعُ فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ خِبَائِهَا تَجُرُّ خِمَارَهَا نَاشِرَةً كَأَنَّهَا الشَّمْسُ طَالِعَةً فَقَالَتْ أَيُّهَا النَّاعِي بِفِيكَ الْكَثْكَثُ بِفِيكَ الْحَجَرُ مَنْ تَنْعَى قُلْتُ عُرْوَةَ بْنَ حُزَامٍ قَالَتْ بِالَّذِي أُرْسِلَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَاصْطَفَاهُ بِالنُّبُوَةِ هَلْ مَاتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ مَاذَا فَعَلَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَنْشَدْتُهَا الشِّعْرَ فَوَاللَّهِ مَا نَهْنَهَتْ أَنْ قَالَتْ عَدَانِي أَنْ أَزُورَكَ يَا خَلِيلِي ... مَعَاشِرُ كُلُّهُمْ وَاشٍ حَسُودُ أَشَاعُوا مَا سَمِعْتَ مِنَ الدَّوَاهِي ... وَعَابُونَا وَمَا فِيهِمْ رَشِيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 فَأَمَّا إِذْ ثَوَيْتَ الْيَوْمَ لَحْدًا ... وَدُورُ النَّاسِ كُلُّهُمْ لُحُودُ فَلا طَابَتْ لِيَ الدُّنْيَا فَوَاقًا ... وَلا لَهُمُ وَلا أَثْرَى عَدِيدُ ثُمَّ مَضَتْ مَعِي وَمَعَ الْقَوْمِ تَصِيحُ وَتُوَلْوِلُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَغَسَّلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ وَصَلَيْنَا عَلَيْهِ وَقَبَرْنَاهُ فَجَاءَتْ فَأَكْبَتْ عَلَى الْقَبْرِ وَحَرَّكْتُ مَطِيَّتِي وَدَخَلْتُ الشَّامَ فَدَخَلْتُ عَلَى يَزِيدَ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ وَأَخْبَرْتُهُ بِالأَمْرِ الَّذِي قدمت لَهُ فَقَالَ لي هَلْ رَأَيْتَ فِي طَرِيقِكَ شَيْئًا فَحَدَّثْتَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَأَكْبَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ عَلَى الْقَبْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ تَأْكُلْ وَلَمْ تَشْرَبْ فَمَا رُفِعَتْ إِلا مَيِّتَةً قُلْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا أَحْسَبُ الرَّاوِي عَنِ الْهَيْثَمِ حَفِظَهَا وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَصَحُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارك بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَوْ عُثْمَانُ ابْن عَفَّانَ شَكَّ الرَّاوِي عَلَى صَدَقَاتِ سَعْدِ هُذَيْمٍ وَهُمْ عُذْرَةٌ وَسَلامَانُ وَالْحَارِثُ وَهُمْ مِنْ قُضَاعَةَ فَلَمَّا قَبَضْتُ الصَّدَقَةَ وَقَسَّمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا وَأَقْبَلْتُ بِالسَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ إِلَى عُمَرَ أَو عمثان فَلَمَّا كُنْتُ بِبِلادِ عُذْرَةَ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو هِنْدٍ إِذَا أَنَا بِبِيتٍ حَرِيدٍ مُنْتَزَحٍ عَنِ الْحَيِّ فَمِلْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا عَجُوزٌ جَالِسَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 عِنْدَ كَسْرِ الْبَيْتِ وَإِذَا شَابٌّ نَائِم فِي ظلّ الْبَيْت فملا دَنَوْتُ سَلَّمْتُ فَتَرَنَّمَ بِصَوْتٍ لَهُ ضَعِيفٍ فَقَالَ جَعَلْتُ لِعَرَّافِ الْيَمَامَةِ حكمه ... وعراف نجد إِن هما شَفَيَانِي فَقَالا نَعَمْ نُشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُلِّهِ ... وَقَامَا مَعَ الْعُوَّادِ يَبْتَدِرَانِ نَعَمْ وَبَلَى قَالا مَتَى أَنْتَ هَكَذَا ... لِيَسْتَخْبِرَانِي قُلْتُ مِنْذُ زَمَانٍ فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يعْلَمَانِهَا ... وَلا سَلْوَةٍ إِلا بِهَا سَقَيَانِي فَقَالا شَفَاكَ اللَّهُ وَاللَّهِ مَا لنا ... بِمَا ضمنت مِنْك الضُّلُوعُ يَدَانِ ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَفِيفَةً فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَقُلْتُ أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ مَا أَظُنُّ هَذَا النَّائِمَ بِفِنَاءِ بَيْتِكِ إِلا قَدْ مَاتَ قَالَتْ وَاللَّهِ أَظُنُّ ذَلِكَ فَقَامَتْ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ قَاضَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ يَا أَمَةَ اللَّهِ مَنْ هَذَا قَالَتْ عُرْوَةُ بْنُ حُزَامٍ الْعُذْرِيُّ وَأَنَا أُمُّهُ قُلْتُ وَمَا صَيَّرَهُ إِلَى هَذَا قَالَتْ الْعِشْقُ لَا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ كَلامَهُ مُنْذُ سَنَةٍ إِلا فِي صَدْرِ يَوْمِنَا هَذَا فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِي بَاكِيًا أَبَدًا ... فَالْيَوْمَ إِنِّي أَرَانِي الْيَوْمَ مَقْبُوضَا تسمعننيه فَإِنِّي غَيْرُ سَامِعِهِ ... إِذَا عَلَوْتُ رِقَابَ الْقَوْمِ مَعْرُوضَا قَالَ النُّعْمَانُ فَأَقَمْتُ وَاللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ وَصُلَّى عَلَيْهِ وَدُفِنَ قَالَ قُلْتُ لِلْنُعْمَانِ فَمَا دَعَاكَ إِلَى ذَلِك قَالَ احتساب الْأجر وَاللَّهِ فِيهِ وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بن مُحَمَّد السَّائِب عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ أَنَّ عَفْرَاءَ لَمَّا بَلَغَهَا وَفَاةُ عُرْوَةَ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَاهَنَاهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ مَا بَلَغَكَ وَاللَّهِ مَا كَانَ ذَلِكَ إِلا عَلَى الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى أَرْضِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 فِي أَرْضٍ غُرْبَةٍ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَخْرُجَ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قَوْمِي فَيَنْدُبْنَهُ وَيَبْكِينَ عَلَيْهِ فَقَالَ إِذَا شِئْتِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ تُرَثِّيهِ أَلا أَيُّهَا الرَّكْبُ الْمَخْبُونُ وَيْحَكُمْ ... بِحَقٍّ نَعَيْتُمْ عُرْوَةَ بْنَ حُزَامِ فَلا هنىء الْفِتْيَانُ بَعْدَكَ غَارَةٌ ... وَلا رَجَعُوا مِنْ غَيْبَةٍ بِسَلامِ فَقُلْ لِلْحَبَالَى لَا تُرْجِينَ غَائِبًا ... وَلا فَرِحَاتٍ بَعْدَهُ بِغُلامِ قَالَ وَلَمْ تَزَلْ تُرَدِّدُ هَذِهِ الأَبْيَاتَ وَتَبْكِي حَتَّى مَاتَتْ فَدُفِنَتْ إِلَى جَانِبِهِ فَبَلَغَ الْخَبَرُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَوْ عَلِمْتُ بِهَذَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَا قُلْتُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَوْ عَلِمْتُ بِهِمَا جَمَعْتُ بَيْنَهُمَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُرَاقَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَوْ أَدْرَكْتُ عَفْرَاءَ وَعُرْوَةَ لَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ فِي كِتَابِ الزَّهْرَةِ حِكَايَةَ مَوْتِ عَفْرَاءَ مَبْسُوطَةً قَالَ لَمَّا انْصَرَفَ عُرْوَةُ بْنُ حُزَامٍ مِنْ عِنْدِ عَفْرَاءَ بِنْتِ عُقَالٍ فُتُوُفِّيَ وَحِيدًا مَرَّ بِهِ رَكْبٌ فَعَرَفُوهُ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى مَنْزِلِهَا صَاحَ بَعْضُهُمْ أَلا أَيُّهَا الْقَصْرُ الْمُغَفَّلُ أَهْلَهُ ... بِحَقٍّ نَعَيْنَا عُرْوَةَ بْنَ حُزَامِ فَأَجَابَتْهُ فَقَالَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 أَلا أَيُّهَا الرَّكْبُ الْمَخْبُونُ وَيْحَكُمْ ... بِحَقٍّ نَعَيْتُمْ عُرْوَةَ بْنَ حُزَامِ فَأَجَابُوهَا نَعَمْ قَدْ تَرَكْنَاهُ بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ ... مُقِيمًا بِهَا فِي دَكْدَكٍ وَأَكَامِ فَقَالَتْ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ حَقًّا مَا تَقُولُونَ فَاعْلَمُوا ... بِأَنْ قَدْ نَعَيْتُمْ نُورَ كُلِّ ظَلامِ فَلا لَقِيَ الْفِتْيَانُ بَعْدَكَ لَذَّةً ... وَلا رَجَعُوا مِنْ غَيْبَةٍ بِسَلامِ وَلا وَضَعَتْ أُنْثَى تَمَامًا بِمِثْلِهِ ... وَلا فَرِحَتْ مَنْ بَعْدِهِ بِغُلامِ وَلا لَا بَلَغْتُمْ حَيْثُ وُجِّهْتُمْ لَهُ ... وَبُغِّضْتُمْ لَذَّاتِ كُلِّ طَعَامِ ثُمَّ سَأَلَتْهُمْ أَيْنَ دَفَنُوهُ فَأَخْبَرُوهَا فَسَارَتْ إِلَى قَبْرِهِ فَلَمَّا قَرِبُوا مِنْ مَوْضِعِ قَبْرِهِ قَالَتْ إِنِّي أُرِيدُ قَضَاءَ حَاجَةٍ فَأَنْزَلُوهَا فَانْسَلَّتْ إِلَى قَبْرِهِ فَأَكْبَتْ عَلَيْهِ فَمَا رَاعَهُمْ إِلا صَوْتُهَا فَلَمَّا سَمِعُوهَا بَادَرُوا إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ مَمْدُودَةٌ عَلَى الْقَبْرِ قَدْ خَرَجَتْ نَفْسَهَا فَدَفَنُوهَا إِلَى جَانِبِهِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدثنَا عَليّ ابْن أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّخَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ يَحْيَى الصَّنَعَانِيُّ قَالَ خَرَجَتُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى صَنْعَاءَ فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَنْعَاءَ خَمْسٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يَنْزِلُونَ عَنْ مَحَامِلِهِمْ وَيَرْكَبُونَ دَوَابَّهُمْ فَقُلْتُ أَيْنَ تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيدُ نَنْظُرُ إِلَى قَبْرِ عَفْرَاءَ وَعُرْوَةَ فَنَزَلْتُ عَنْ مَحْمَلِي وَرَكِبْتُ حِمَارِي وَاتَّصَلْتُ بِهِمْ فَانْتَهَيْتُ إِلَى قَبْرَيْنِ مُتَلاصِقَيْنِ قَدْ خَرَجَ مِنْ هَذَا الْقَبْرِ سَاقُ شَجَرَةٍ وَمِنْ هَذَا سَاقُ شَجَرَةٍ حَتَّى إِذَا صَارَا عَلَى قَامَةٍ الْتَقَيَا فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ تَآلَفَا فِي الْحَيَاةِ وَفِي الْمَوْتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 وَفِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ إِسْحَاقُ قُلْتُ لِمُعَاذٍ أَيُّ ضَرْبٍ هُوَ مِنَ الشَّجَرِ فَقَالَ لَا أَدْرِي وَقَدْ سَأَلْتُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ عَنْهُ فَقَالُوا لَا يُعْرَفُ هَذَا الشّجر ببلادنا وَمن أشعار عُرْوَة المستحسنة لَوْ أَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ وِجْدًا وَمِثْلَهُ ... مِنَ الْجِنِّ بَعْدَ الإِنْسِ يَلْتَقِيَانِ فَيَشْتَكِيَانِ الْوِجْدَ ثَمَّتْ أَشْتَكِي ... لأَضْعَفِ وِجْدِي فَوْقَ مَا يَجِدَانِ فَقَدْ تَرَكَتْنِي لَا أَعِي لِمُحَدِّثٍ ... حَدِيثًا وَإِنْ نَاجَيْتُهُ وَنَجَانِي وَقَدْ تَرَكَتْ عَفْرَاءُ قَلْبِي كَأَنَّهُ ... جَنَاحُ عُقَابٍ دَائِمُ الْخَفَقَانِ فَصْلٌ وَمِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِشْقِ الْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ بْنِ الأَسْوَدِ أَصْلُهُ مِنْ خُرَاسَانَ وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ وَيْحَ الْمُحِبِّينَ مَا أَشْقَى جُدُودَهُمْ ... إِنْ كَانَ مِثْلَ الَّذِي بِي بِالْمُحِبِّينَا يُشْقَوْنَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِعِشْقِهِمْ ... لَا يُدْرِكُونَ بِهِ دُنْيَا وَلا دِينَا يَرِقُّ قَلْبِي لأَهْلِ الْعِشْقِ إِنَّهُمْ ... إِذَا رَأَوْنِي وَمَا أَلْقَى يَرِقُّونَا قَالَ وَلَهُ أَيْضًا أَيُّهَا النَّادِبُ قَوْمًا هَلَكُوا ... صَارَتِ الأَرْضُ عَلَيْهِمْ طَبَقَا انْدُبِ الْعُشَّاقَ لَا غَيْرَهُمْ ... إِنَّمَا الْهَالِكُ مَنْ قَدْ عَشَقَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ اجْتَمَعَ أَبُو نُوَاسٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ فَاسْتَنْشَدَ أَبُو نُوَاسٍ الْعَبَّاسُ فَأَنْشَدَهُ حُبُّ الْحِجَازِيَّةِ أَبْلَى الْعِظَامَ ... فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ سَيِّدَتِي سَيِّدَتِي إِنَّهُ ... لَيْسَ لِمَا بِالْعَاشِقِينَ اكْتِتَامْ سَيِّدَتِي سَيِّدَتِي إِنَّنِي ... أَعْجَزُ عَنْ حَمْلِ الْبَلايَا الْعِظَامْ سَيِّدَتِي سَيِّدَتِي فَاسْمَعِي ... دَعْوَةَ مَيِّتٍ عَاشِقٍ مُسْتَهَامْ وَمَرَّ فِي أَبْيَاتٍ كَثِيرَةٍ أَوَّلُ كُلِّ بَيْتٍ سَيِّدَتِي سَيِّدَتِي فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوَاسٍ لَقَدْ خَضَعْتَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ خُضُوعًا ظَنَنْتَ مَعَهُ أَنَّكَ تَمُوتَ قَبْلَ تَمَامِ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَهْوَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللُّغَوِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُعْتَزِّ يَقُولُ لَوْ قِيلَ لِي مَا أَحْسَنُ شِعْرٍ تَعْرِفُهُ لَقُلْتُ شِعْرُ الْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ قَدْ سَحَبَ النَّاسُ أَذْيَالَ الظُّنُونِ بِنَا ... وَفَرَّقَ النَّاسُ فِينَا قَوْلَهُمْ فِرَقَا فَكَاذِبٌ قَدْ رَمَى بِالظَّنِّ غَيْرَكُمْ ... وَصَادِقٍ لَيْسَ يَدْرِي أَنَّهُ صَدَقَا أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ قَالَ لِي بَعْضُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 أَصْحَابِنَا قَالَ بَشَّارٌ مَا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا الْغُلامَ مِنَ الشُّعَرَاءِ يَعْنِي الْعَبَّاسَ بْنَ الأَحْنَفِ حَتَّى قَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ نَزَفَ الْبُكَاءُ دُمُوعَ عَيْنِكَ فَالْتَمِسْ ... عَيْنًا لِغَيْرِكَ دَمْعُهَا مِدْرَارُ مَنْ ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تَبْكِي بِهَا ... يَا مَنْ لِعَيْنٍ لِلْبُكَاءِ تُعَارُ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ لِلْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ بَرَغْمِي أُطِيلُ الصَّدَّ عَنْكِ وَأَبْتَلِي ... بِهَجْرِكِ قَلْبًا لَمْ يَزَلْ مِنْكِ مُتْعَبَا وَمَا أَنَا فِي صَدِّي بِأَوَّلِ ذِي هَوَى ... رَأَى بَعْضَ مَالا يَشْتَهِي فَتَجَنَّبَا تَجَنَّبَ يَرْتَادُ السُّلُّوَ فَلَمْ يَجِدْ ... لَهُ عَنْكِ فِي الأَرْضِ الْبَعِيدَةِ مَذْهَبَا قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبِي قَالَ مِنْ بَارِعِ شِعْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ قَوْلُهُ قَدْ رَقَّ أَعْدَائِي لِمَا حَلَّ بِي ... فَلَيْتَ أَحْبَابِي كَأَعْدَائِي أَمَّلْتُ بِالْهُجْرَانِ لِي رَاحَةً ... مِنْ جَمَرَاتٍ بَيْنَ أَحْشَائِي فَازْدَادَ جَهْدِي وَبَلائِي بِهَا ... أَنَا الَّذِي اسْتَشْفَيْتُ بِالدَّاءِ قَالَ وَقَوْلُهُ يَا ذَا الَّذِي أَنْكَرَنِي طَرْفُهُ ... أَنْ ذَابَ جِسْمِي وَعَلانِي شُحُوبْ مَا مَسَّنِي ضُرٌّ وَلَكِنَّنِي ... جَفَوْتُ نَفْسِيَ إِذْ جَفَانِي الْحَبِيبْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 أَخْبَرَنِي أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الصَّوْلِيُّ قَالَ رُوِيَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ أَنَّ بَشَّارًا أَنْشَدَ قَوْلَ الْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ أَوَّلَ مَا قَالَ الشِّعْرَ لَمَّا رَأَيْتُ اللَّيْلَ سَدَّ طَرِيقَهُ ... عَنِّي وَعَذَّبَنِي الظَّلامُ الرَّاكِدُ وَالنَّجْمُ فِي كَبَدِ السَّمَاءِ كَأَنَّهُ ... أَعْمَى تَحَيَّرَ مَا لَدَيْهِ قَائِدُ نَادَيْتُ مَنْ طَرَدَ الرُّقَادَ بِنَوْمِهِ ... عَمَّا أُلاقِي وَهُوَ خِلْوٌ هَاجِدُ فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ هَذَا الْغُلامُ مَا رَضَى أَنْ يَجَعَلَهُ أَعْمَى حَتَّى جَعَلَهُ بِلا قَائِدٍ قُلْتُ وَقَدْ سَقَطَ مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ بَيْتٌ آخَرُ نَادَيْتُ مَنْ مَنَعَ الرُّقَادَ بِصَدِّهِ ... حَتَّى مَتَى أَنَا سَاهِرٌ يَا رَاقِدُ وِلِلْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ تَجَنَّبْتُهُمْ وَالْقَلْبُ صَابٍّ إِلَيْهِمْ ... بِنَفْسِي ذَاكَ الْمَنْزِلُ الْمُتَجَنَّبُ إِذَا ذُكِرُوا أَعْرَضْتُ لَا عَنْ مَلالَةٍ ... وَذكرهمْ شيىء إِلَيَّ مُحَبَّبُ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَيْشِ عِنْدَنَا ... وَأَعْذَبُ مِنْ صَفْوِ الْحَيَاةِ وَأَطْيَبُ وَلَهُ إِذَا أَرَدْتَ سُلُوًا كَانَ نَاصِرُكُمْ ... قَلْبِي فَهَل أَنَا مِنْ قَلْبِي بِمُنْتَصِرِ فَأَكْثِرُوا أَوْ أَقِلُّوا مِنْ إِسَاءَتِكُمْ ... فَكُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَدْرِ وَضَعْتُ خَدِّيَ لأَدْنَى مَنْ يَطِيفُ بِكُمْ ... حَتَّى احْتُقِرْتُ وَمَا مِثْلِي بِمُحْتَقِرِ وَلَهُ قَلْبِي يَقُولُ لِعَيْنِي كُلَّمَا نَظَرَتْ ... كَمْ تَنْظُرِينَ رَمَاكِ اللَّهُ بِالْعَوَرِ يَا مَنْ يُسَائِلُ عَنْ فَوْزٍ وَصُورَتِهَا ... إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرَهَا فَانْظُرْ إِلَى الْقَمَرِ مَا زِلْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الشَّمْسَ وَاحِدَةً ... حَتَّى رَأَيْتُ لَهَا أُخْتًا مِنَ الْبَشَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبِي لِلْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ قَالَ وَتُرْوَى لِغَيْرِهِ جَرَى السَّيْلُ فَاسْتَبْكَانِيَ السَّيْلُ إِذْ جَرَى ... وَهَاجَتْ لَهُ مِنْ مُقْلَتَيَّ غُرُوبُ وَمَا ذَاكَ إِلا حِينَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ ... يَمُرُّ بِوَادٍ أَنْتِ مِنْهُ قَرِيبُ يَكُونُ أُجَاجًا دُونَكُمْ فَإِذَا انْتَهَى ... إِلَيْكُمْ تَلْقَى طِيبَكُمْ فَيَطِيبُ فَيَا سَاكِنِي شَرْقَيَّ دِجْلَةٍ كُلُّكُمْ ... إِلَى الْقَلْبِ مِنْ حُبِّ الْحَبِيبِ حَبِيبُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ أَنبأَنَا أَحْمد ابْن أَبِي سَهْلٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ إِجَازَةً قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ السِّجِسْتَانِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ النُّمَيْرِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ الزَّنْبَقِيُّ يَقُولُ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ لَيْسَ أُمْرُ الْهَوَى يُدْبِرُ بِالرَّأْيِ ... وَلا بِالْقِيَاسِ وَالتَّفْكِيرِ إِنَّمَا الأَمْرُ فِي الْهَوَى خَطِرَاتٌ ... مُحْدِثَاتُ الأُمُورِ بَعْدَ الأُمُورِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الأَدِيبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ السُّكُونِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُكْرِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الثُّمَالِيُّ قَالَ مَاتَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ وَإِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَرُفِعَ خَبَرُهُمْ إِلَى الرَّشِيدِ فَأَمَرَ الْمأْمُونَ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِمْ فَوَافَى الْمأْمُونُ وَقَدْ صَفُّوا لَهُ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَقَالَ مَنْ قَدَّمْتُمْ قَالُوا إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخِّرُوهُ وَقَدَّمُوا عَبَّاسًا فَلَمَّا فَرِغَ مِنَ الصَّلاةِ اعْتَرَضَهُ مَنْ قَالَ لَهُ لِمَ قَدَّمْتُ عَبَّاسًا قَالَ بِقَوْلِهِ سَمَّاكِ لِي قَوْمٌ وَقَالُوا إِنَّهَا ... لَهِيَ الَّتِي تَشْقَى بِهَا وَتُكَابِدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 فَجَحَدْتُهُمْ لِيَكُونَ غَيْرَكِ ظَنَّهُمْ ... إِنِّي لَيُعْجِبُنِي الْمُحِبُّ الْجَاحِدُ قَالَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا نَظَرٌ لأَنَّ وَفَاةَ الْعَبَّاسِ كَانَتْ بِالْبَصْرَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وأنبأنا مُحَمَّد ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ سُوَارٍ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الشَّطَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ بَيَّنَّا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِدٌ فِي مَجْلِسٍ بِالْبَصْرَةِ إِذَا بِغُلامٍ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَثَوْبًا وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِي فَقَالَ إِنَّ مَوْلايَ يُرِيدُ أَنْ يُوصِي إِلَيْكَ فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخَذَ بَيَدِي حَتَّى أَخَرَجَنِي إِلَى الصَّحْرَاءِ فَإِذَا أَنَا بِالْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ مُلْقَى عَلَى فَرَاشِهِ يَجُودُ بِنَفَسِهِ وَهُوَ يَقُولُ يَا بَعِيدَ الدَّارِ عَنْ وَطَنِهِ ... مُفْرَدًا يَبْكِي عَلَى شَجَنِهِ كُلَّمَا جَدَّ النَّحِيبُ بِهِ ... زَادَتِ الأَسْقَامُ فِي بَدَنِهِ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً فَانْتَبَهَ بِصَوْتِ طَائِرٍ عَلَى شَجَرَةٍ وَهُوَ يَقُولُ وَلَقَدْ زَادَ الْفُؤَادُ شَجًى ... هَاتِفٌ يَبْكِي عَلَى فَنَنِهِ شَاقَهُ مَا شَاقَنِي فَبَكَى ... كُلُّنَا يَبْكِي عَلَى سَكَنِهِ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَظَنَنْتُهُ مِثْلَ الأُولَى فَحَرَّكْتُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَصْلٌ وَمِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِشْقِ ذُو الرُّمَّةِ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ ذُكِرَ ذُو الرُّمَّةِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عِدَّةٌ من الْأَعْرَاب فَقَالَ عصمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 ابْن مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ شَيْخٌ مِنْهُمْ بَلَغَ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً إِيَّايَ فَسَلُوا عَنْهُ كَانَ حُلْوَ الْعَيْنَيْنِ حَسَنَ الْمَضْحَكِ بَرَّاقَ الثَّنَايَا خَفِيفَ الْعَارِضِينَ إِذَا نَازَعَكَ الْكَلامَ لَا تَسْأَمُ حَدِيثَهُ وَإِذَا أَنْشَدَ بَرْبَرَ وَجَشَّ صَوْتُهُ جَمَعَنِي وَإِيَّاهُ مَرْبَعٌ مَرَّةً فَأَتَانِي فَقَالَ هَيَا عِصْمَةُ إِنَّ مَيًّا مِنْقَرِيَةٌ وَمِنْقَرٌ أَخْبَثُ حَيٍّ أَقْوَفُهُ لأَثَرٍ وَأَثْبَتُهُ فِي نَظَرٍ وَأَعْلَمُهُ بِبَصَرٍ وَقَدْ عَرَفُوا آثَارَ إِبِلِي فَهَلْ مِنْ نَاقَةٍ نَزْدَارُ عَلَيْهَا مَيًّا قُلْتُ إِي وَاللَّهِ الْجُؤْذَرُ قَالَ فَعَلَيْنَا بِهَا فَجِئْتُ بِهَا فَرَكِبَ وَرَدَفْتُهُ ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى نَهْبِطَ حَيَّ مَيٍّ وَإِذَا الْحَيُّ خُلُوفٌ فَلَمَّا رَآنَا النِّسْوَةُ عَرَفْنَ ذَا الرُّمَّةِ فَتَقَوَّضْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ حَتَّى اجْتَمَعْنَ إِلَى مِيٍّ وَأَنَخْنَا قَرِيبًا وَحَيَّيْنَاهُنَّ فَقَالَتْ ظَرِيفَةٌ مِنْهُنَّ أَنْشِدْنَا ذَا الرُّمَّةِ فَقَالَ لِي أَنْشِدْهُنَّ فَأَنْشَدْتُهُنَّ قَوْلَهُ وَقَفَتْ عَلَى رَبْعٍ لِمَيَّةَ نَاقَتِي ... فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وَأُخَاطِبُهُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ نَظَرْتُ إِلَى أَظْعَانِ مَيٍّ كَأَنَّهَا ... ذُرَى النَّخْلِ أوأثل تَمِيلُ ذَوَائِبُهْ فَأَسْبَلَتِ الْعَيْنَانِ وَالْقَلْبُ كاتم ... بمغرورق نمت عَلَيَّ سَوَاكِبُهْ بَكَى وَامِقٌ جَاءَ الْفُرَاقُ وَلَمْ تُجُلْ ... جَوَائِلَهَا أَسْرَارُهُ وَمَعَاتِبُهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 قَالَتِ الظَّرِيفَةُ لَكِنَّ الْيَوْمَ فَلْتُجِلْ ثُمَّ مَضَيْتُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ حَلَفَتْ بِاللَّهِ مَيَّةُ مَا الَّذِي ... أُحَادِثُهَا إِلا الَّذِي أَنَا كَاذِبُهْ إِذَنْ فَرَمَانِي اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَا أَرَى ... وَلا زَالَ فِي أَرْضِي عَدُوٌّ أُحَارِبُهْ قَالَتْ مَيُّ وَيْحَكَ يَا ذَا الرُّمَّةِ خِفْ عَوَاقِبَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ مَضَيْتُ إِلَى أَنِ انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ إِذَا سَرَحَتْ مِنْ حُبِّ مَيٍّ سَوَارِحُ ... عَلَى الْقَلْبِ آبَتْهُ جَمِيعًا عَوَازِبُهْ فَقَالَتِ الظَّرِيفَةُ قَتَلْتِهِ قَتَلَكِ اللَّهُ فَقَالَتْ مَيَّةُ مَا أَصَحُّهُ وَهَنِيئًا لَهُ قَالَ فَتَنَفَّسَ ذُو الرُّمَّةِ تَنَفُسَّةً كَادَ حَرُّهَا يَطِيرُ بِلِحْيَتِهِ ثُمَّ مَضَيْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ إِذَا نَازَعَتْكَ الْقَوْلَ مَيَّةُ أَوْ بدا ... لَك الْوَجْه مِنْهَا أونضا الدِّرْعَ سَالِبُهْ فَيَالَكَ مِنْ خَدٍّ أَسِيلٍ وَمَنْطِقٍ ... رَخِيمٍ وَمِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جَادِبُهْ فَقَالَتِ الظَّرِيفَةُ هَذَا الْوَجْهُ قَدْ بَدَا وَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ تُنُوزِعَ فَمَنْ لَنَا بِأَنْ يَنْضُو الدِّرْعَ سَالِبُهْ فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهَا مَيٌّ فَقَالَتْ مَالَكِ قَاتَلَكِ اللَّهُ مَاذَا تُجِيبِينَ بِهِ فَتَضَاحَكَ النِّسْوَةُ فَقَالَتِ الظَّرِيفَةُ إِنَّ لِهَذَيْنِ لَشَأَنًا فَقُومُوا بِنَا عَنْهُمَا فَقُمْنَ وَقُمْتُ فَصِرْتُ إِلَى بَيْتٍ قَرِيبٍ مِنْهُمَا أَرَاهُمَا وَلا أَسْمَعُ كَلامَهُمَا إِلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 الْحَرْفَ بَعْدَ الْحَرْفِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ بَرِحَ مَكَانَهُ وَلا تَحَرَّكَ وَسَمِعْتُهَا تَقُولُ كَذَبْتَ وَاللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا الَّذِي كَذَّبَتْهُ فِيهِ فَتَحَدَّثَا سَاعَةً ثُمَّ جَاءَنِي وَمَعَهُ قَوَيْرِيرَةً فِيهَا دُهْنٌ طَيِّبٌ فَقَالَ هَذِهِ دَهْنَةٌ أَتْحَفَتْنَا بِهَا مَيٌّ فَشَأْنُكَ بِهَا وَهَذِهِ قَلائِدٌ زَوَّدَتْنَاهَا لِلْجُؤْذَرِ فَلا وَاللَّهِ لَا قَلَّدْتَهُنَّ بَعِيرًا أَبَدًا ثُمَّ عَقَدَهُنَّ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِهِ قَالَ وَانْصَرَفْنَا فَلم نزل تخْتَلف إِلَيْهَا مَرْبَعَنَا حَتَّى انْقَضَى ثُمَّ جَاءَنِي يَوْمًا فَقَالَ يَا عِصْمَةُ قَدْ ظَعَنَتْ مَيٌّ فَلَمْ يَبْقَ إِلا الدِّيَارُ وَالنَّظَرُ فِي الآثَارِ فَامْضِ بِنَا نَنْظُرْ إِلَى آثَارِهَا فَخَرَجْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى دِيَارِهَا فَجَعَلَ يَنْظُرُ ثُمَّ قَالَ أَلا فَاسْلَمِي يَا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبَلَى ... وَلا زَالَ مُنْهَلا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ وَإِنْ لَمْ تَكُونِي غَيْرَ شَامٍ بِقَفْرَةٍ ... تَجُرُّ بِهَا الأَذْيَالُ صَيْفِيَّةٌ كَدْرُ ثُمَّ انْتَضَحَتْ عَيْنَاهُ بِعَبْرَةٍ فَقُلْتُ مَهْ فَقَالَ إِنِّي لَجَلِدٌ وَإِنْ كَانَ مِنِّي مَا تَرَى فَمَا رَأَيْتُ صَبَابَةً قَطُّ وَلا تَجَلُدًا أَحْسَنَ مِنْ صَبَابَتِهِ وَتَجَلُّدِهِ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ فَصْلٌ وَمِنْهُمْ تَوْبَةُ مَعَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّصَيْبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مَوْلَى لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 كُنْتُ أَدْخُلُ مَعَ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَدَخَلَ يَوْمًا فَدَخَلْتُ إِلَيْهِمَا وَلَيْسَ عِنْدَ الْحَجَّاجِ غَيْرَ عَنْبَسَةَ فَقَعَدْتُ فَجَاءَ الْحَاجِبُ فَقَالَ امْرَأَةٌ بِالْبَابِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ أَدْخِلْهَا فَدَخَلْتُ فَلَمَّا رَآهَا الْحَجَّاجُ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَجَاءَتْ حَتَّى قَعَدَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ قَدْ أَسَنَّتْ حَسَنَةُ الْخَلْقِ وَمَعَهَا جَارِيتَانِ لَهَا وَإِذَا هِيَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ فَسَأَلَهَا الْحَجَّاجُ عَنْ نَسَبِهَا فَانْتَسَبَتْ لَهُ فَقَالَ يَا لَيْلَى مَا أَتَانِي بِكِ قَالَتْ إِخْلافُ النُّجُومِ وَقِلَّةُ الْغُيُومِ وَكَلَبُ الْبَرْدِ وَشِدَّةُ الْجَهْدِ وَكُنْتَ بَعْدَ اللَّهِ الرِّفْدَ فَقَالَ لَهَا صِفِي الْفِجَاجَ فَقَالَتْ الْفِجَاجُ مُغْبَرَّةٌ وَالأَرْضُ مُقْشَعِرَّةٌ وَالْمَبْرَكُ مُعْتَلٌّ وَذُو الْعِيَالِ مُخْتَلٌّ وَالْهَالِكُ الْمُقِلُّ وَالنَّاسُ مُسْنِتُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ يَرْجُونَ وَأَصَابَتْنَا سِنُونَ مُجْحَفَةٌ مُبْلِطَةٌ لَمْ تَدَعْ لَنَا هُبَعًا وَلا رُبَعًا وَلا عَافِطَةً وَلا نَافِطَةً أَذْهَبَتِ الأَمْوَالَ وَفَرَّقَتِ الرِّجَالَ وَأَهْلَكَتِ الْعِيَالَ ثُمَّ قَالَتْ إِنِّي قَدْ قُلْتُ فِي الأَمِيرِ قَوْلا قَالَ هَاتِ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ أَحَجَّاجُ لَا يُفْلَلْ سِلاحُكَ إِنَّمَا الْمَنَايَا بِكَفِّ اللَّهِ حَيْثُ يَرَاهَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 أحجاج لَا تُعْطِي الْعُصَاةَ مُنَاهُمُ ... وَلا اللَّهُ يُعْطِي لِلْعُصَاةِ مُنَاهَا إِذَا هَبَطَ الْحَجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً ... تَتَبَّعَ أَقْصَى دَائِهَا فَشَفَاهَا شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا ... غُلامٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ سَقَاهَا سَقَاهَا فَرَوَاهَا بِشُرْبِ سِجِالِهِ ... دِمَاءَ رِجِالٍ حَيْثُ قَالَ حَمَاهَا إِذَا سَمِعَ الْحَجَّاجُ رَزَّ كَتِيبَةٍ ... أَعَدَّ لَهَا قَبْلَ النُّزُولِ قِرَاهَا أَعَدَّ لَهَا مَسْمُومَةً فَارِسِيَّةً ... بِأَيْدِي رِجَالٍ يَحْلِبُونَ صَرَاهَا فَمَا وَلَدَ الأَبْكَارُ وَالْعُوْنُ مِثْلَهُ ... بِنَجْدٍ وَلا أَرْضٍ يَخِفُّ ثَرَاهَا قَالَ فَلَمَّا قَالَتْ هَذَا قَالَ الْحَجَّاجُ قَاتَلَهَا اللَّهُ مَا أَصَابَ صِفَتِي شَاعِرٌ مُنْذُ دَخَلْتُ الْعِرَاقَ غَيْرُهَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لأَعُدُّ لِلأَمْرِ عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ أبدا ثمَّ الْتفت إلهيا فَقَالَ حَسْبُكِ وَيْحَكِ حَسْبُكِ ثُمَّ قَالَ يَا غُلامُ اذْهَبْ إِلَى فُلانٍ فَقُلْ لَهُ اقْطَعْ لِسَانَهَا قَالَ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ الْحَجَّامِ فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَ إِنَّمَا أَمَرَكَ أَنْ تَقْطَعَ لِسَانِي بِالصِّلَةِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَسْتَبِينَهُ فَاسْتَشَاطَ الْحَجَّاجُ غَضَبًا وَهَمَّ بِقَطْعِ لِسَانِهِ وَقَالَ ارْدُدْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَتْ كَادَ وَأَمَانَة وَالله يَقْطَعُ مَقُولِي ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 حَجَّاجُ أَنْتَ الَّذِي مَا فَوْقَهُ أَحَدُ ... إِلا الخْلَيِفةُ واَلْمُسْتَغْفَرُ الصَّمَدُ حَجَّاجُ أَنْتَ شِهَابُ الْحَرْبِ إِذْ لفحت ... وَأَنت للنَّاس نجم فِي الدجا يَقِدُ ثُمَّ أَقْبَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَنْ هَذِهِ قَالُوا لاوالله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا أَنَّا لَمْ نَرَ امْرَأَةً قَطُّ أَفْصَحَ لِسَانًا وَلا أَحْسَنَ مُحَاوَرَةً وَلا أَمْلَحَ وَجْهًا وَلا أَرْصَنَ شِعْرًا مِنْهَا فَقَالَ هَذِهِ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ الَّتِي مَاتَ تَوْبَةُ الْخَفَاجِيُّ مِنْ حُبِّهَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ أَنْشِدِينَا يَا لَيْلَى بَعْضَ مَا قَالَ فِيكِ تَوْبَةُ فَقَالَتْ نَعَمْ أَيُّهَا الأَمِيرُ هُوَ الَّذِي يَقُولُ وَهَلْ تَبْكِينِ لَيْلَى إِذَا مِتُّ قَبْلَهَا ... وَقَامَ عَلَى قَبْرِي النِّسَاءُ النَّوَائِحُ كَمَا لَوْ أَصَابَ الْمَوْتُ لَيْلَى بَكَيْتُهَا ... وَجَادَ لَهَا دَمْعٌ مِنَ الْعَيْنِ سَافِحُ وَأُغْبِطَ مِنْ لَيْلَى بِمَا لَا أَنَالُهُ ... بَلَى كُلُّ مَا قَرَّتْ بِهِ الْعَيْنُ صَالِحُ وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَةٌ وَصَفَائِحُ لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ الْبَشَاشَةِ أَوْ زَقَا ... إِلَيْهَا صَدَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ صَائِحُ فَقَالَ لَهَا زِيدِينَا مِنْ شِعْرِهِ فَقَالَتْ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ حَمَامَةُ بَطْنِ الْوَادِيَيْنِ تَرَنَّمِي ... سَقَاكِ مِنَ الْغُرِّ الْغَوَادِي مَطِيرُهَا أَبِينِي لَنَا لَا زَالَ رِيشُكِ نَاعِمًا ... وَلا زِلْتِ فِي خَضَرَاءَ غَضٍّ نَضِيرُهَا وَأُشْرِفُ بِالْقُورِ الْيَفَاعِ لَعَلَّنِي ... أَرَى نَارَ لَيْلَى أَوْ يَرَانِي بَصِيرُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 وَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا صُدُودٌ رَأَيْتُهُ ... وَإِعْرَاضُهَا عَنْ حَاجَتِي وَبُسُورُهَا وَكُنْتُ إِذَا مَا جِئْتُ لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ ... فَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاةَ سُفُورُهَا يَقُولُ رِجَالٌ لَا يَضُرُّكَ نَأْيُهَا ... بَلَى كُلُّ مَا شَفَّ النُّفُوسَ يَضِيرُهَا بَلَى قَدْ يَضُرُّ الْعَيْنُ أَنْ تُكْثِرُ الْبُكَا ... وَيُمْنَعُ مِنْهَا نَوْمُهَا وَسُرُورُهَا وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّي فَاجِرٌ ... لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا فَقَالَ لَهَا الْحَجَّاجُ يَا لَيْلَى مَا الَّذِي رَابَهُ مِنْ سُفُورِكِ قَالَتْ أَيُّهَا الأَمِيرُ كَانَ يَلُمُّ بِي كَثِيرًا فَأَرْسَلَ يَوْمًا إِلَيَّ إِنِّي آتِيكِ وَفَطِنَ الْحَيُّ فَأَرْصَدُوا لَهُ فَلَمَّا أَتَانِي سَفَرْتُ فَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَشَرٌّ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالرُّجُوعِ فَقَالَ لِلَّهِ دَرُّكِ فَهَلْ رَأَيْتِ مِنْهُ شَيْئًا تَكْرَهِينَهُ قَالَتْ لَا وَاللَّهِ الَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً قَوْلا ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ خَضَعَ لِبَعْضِ الأَمْرِ فَأَنْشَأَتُ أَقُولُ وَذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ لَا تَبُحْ بِهَا ... فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتَ سَبِيلُ لَنَا صَاحِبٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَخُونَهُ ... وَأَنْتَ لأُخْرَى فَارِغٌ وَخَلِيلُ فَلا وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَكَ مَا رَأَيْتُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... قَالَ ثُمَّ مَهْ قَالَتْ ثُمَّ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فِي غُزَاةٍ لَهُ فَأَوْصَى ابْنُ عَمِّهِ إِذَا أَتَيْتَ الْحَاضِرَ مِنْ بَنِي عُبَادَةَ فَنَادِ بِأَعْلَى صَوْتِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 عَفَا اللَّهُ عَنْهَا هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... مِنَ الدَّهْرِ لَا يَسْرِي إِلَيَّ خَيَالُهَا فَخَرَجْتُ وَأَنَا أَقُولُ وَعَنْهُ عَفَا وَرَبِّي وَأَحْسَنَ حَالَهُ ... فَعَزَّتْ عَلَيْنَا حَاجَةً لَا يَنَالُهَا قَالَ ثُمَّ مَهْ قَالَتْ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فَأَتَانَا نَعْيُهُ قَالَ فَأَنْشِدِينَا بَعْضَ مَرَاثِيكِ فِيهِ فَأَنْشَدَتْ لِتَبْكِ الْعَذَارَى مِنْ خُفَاجَةَ نِسْوَةٌ ... بِمَاءِ شُئُونِ الْعَبْرَةِ الْمُتَحَدِّرِ كَأَنَّ فَتَى الْفِتْيَانِ تَوْبَةَ لَمْ يُنِخْ ... قَلائِصَ يَفْحَصْنَ الْحَصَا بِالْكَرَاكِرِ قَالَ فَأَنْشِدِينَا فَأَنْشَدْتُهُ فَلَمَّا فَرَغِتْ مِنَ الْقَصِيدَةِ قَالَ مِحْصَنٌ الْفَقْعَسِيُّ وَكَانَ مِنْ جُلَسَاءِ الْحَجَّاجِ مَنْ هَذَا الَّذِي تَقُولُ هَذِهِ هَذَا فِيهِ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَظُنُّهَا كَاذِبَةً فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَتْ أَيُّهَا الأَمِيرُ إِنَّ هَذَا الْقَائِلَ لَوْ رَأَى تَوْبَةَ لَسَرَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي دَارِهِ عَذْرَاءَ إِلا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَقَالَ الْحَجَّاجُ هَذَا وَأَبِيكِ الْجَوَابُ وَقَدْ كُنْتَ عَنْهُ غَنِيًا ثُمَّ قَالَ لَهَا سَلِي يَا لَيْلَى تُعْطَيْ قَالَتْ أُعْطِ فَمِثْلُكَ أَعْطَى فَأَحْسَنَ قَالَ لَكِ عِشْرُونَ قَالَتْ زِدْ فَمِثْلُكَ زَادَ فَأَجْمَلَ قَالَ لَكِ أَرْبَعُونَ قَالَتْ زِدْ فَمِثْلُكَ زَادَ فَأَفْضَلَ قَالَ لَكِ سِتُّونَ قَالَتْ زِدْ فَمِثْلُكَ زَادَ فَأَكْمَلَ قَالَ لَكِ ثَمَانُونَ قَالَتْ زِدْ فَمِثْلُكَ زَادَ فَأَتَمَّ قَالَ لَكِ مِائَةٌ وَاعْلَمِي يَا لَيْلَى أَنَّهَا غَنَمٌ قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْتَ أَجْوَدُ جُودًا وَأَمْجَدُ مَجْدًا وأورى زندا من أَن نَجْعَلهَا غَنَمًا قَالَ فَمَا هِيَ وَيْحَكِ يَا لَيْلَى قَالَتْ مِائَةُ نَاقَةٍ بِرِعَائِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 فَأَمَرَ لَهَا بِهَا ثُمَّ قَالَ أَلَكِ حَاجَةً بَعْدَهَا قَالَتْ تَدْفَعُ إِلَيَّ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ فِي قَرَنٍ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ وَقَدْ كَانَتْ تَهْجُوهُ وَيَهْجُوهَا فَأَبْلَغَ النَّابِغَةَ ذَلِكَ فَفَرَّ هَارِبًا عَائِذًا بِعَبْدِ الْمَلِكِ فَاتَّبَعَتْهُ إِلَى الشَّامِ فَهَرَبَ إِلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ بِخُرَاسَانَ فَاتَّبَعَتْهُ عَلَى الْبَرِيدِ بِكِتَابِ الْحَجَّاجِ إِلَى قُتَيْبَةَ فَمَاتَتْ بِقَوْمَسَ وَيُقَالُ بِحُلْوَانٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ طهر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ بْنُ طِرَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْخُتَّلِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ زَيْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ تَوْبَةَ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ إِنَّ زَوْجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّ بِقَبْرِ تَوْبَةَ وَلَيْلَى مَعَهُ فَقَالَ لَهَا يَا لَيْلَى هَلْ تَعْرِفِينَ هَذَا الْقَبْرَ فَقَالَتْ لَا قَالَ هَذَا قَبْرُ تَوْبَةَ فَسَلَّمِي عَلَيْهِ قَالَتِ امْضِ لِشَأْنِكَ فَمَا تُرِيدُ مِنْ تَوْبَةَ وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ قَالَ أُرِيدُ تَكْذِيبَهُ أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَةٌ وَصَفَائِحُ لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ الْبَشَاشَةِ أوزقا ... إِلَيْهَا صَدَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ صَائِحُ فَوَاللَّهِ لَا بَرِحْتِ أَوْ تُسَلِّمِي عَلَيْهِ فَقَالَتْ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا تَوْبَةَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا صِرْتَ إِلَيْهِ فَإِذَا طَائِرٌ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ حَتَّى ضَرَبَ صَدْرَهَا فَشَهِقَتْ شَهْقَةٌ فَمَاتَتْ فَدُفِنَتْ إِلَى جَانِبِ قَبْرِهِ فَنَبَتَتْ عَلَى قَبْرِهِ شَجْرَةٌ وَعَلَى قَبْرِهَا شَجْرَةٌ فَطَالَتَا فَالْتَقَيَا وَمِنْ مَحَاسِنِ أَشْعَارِ تَوْبَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 يَقُولُ رِجَالٌ لَا يُضِيرُكَ نَأْيُهَا ... أَلا كُلُّ مَا شَفَّ النُّفُوسَ يُضِيرُهَا أَلَيْسَ يَضُرُّ الْعَيْنُ أَنْ تُدْمِنَ الْبُكَا ... وَيُمْنَعُ مِنْهَا نَوْمُهَا وَسُرُورُهَا أَرَى الْيَوْمَ يَأْتِي دُونَ لَيْلَى كَأَنَّمَا ... أَتَتْ دُونَ لَيْلَى حِجَّةٌ وَشُهُورُهَا خَلِيلَيَّ مَا مِنْ سَاعَةٍ تَقِفَا بِهَا ... مِنَ اللَّيْلِ إِلا مِثْلَ أُخْرَى نَسِيرُهَا حَمَامَةُ بَطْنِ الْوَادِيَيْنِ أَلا اسْلَمِي ... سَقَاكِ الْغُرِّ الْغَوَادِي مَطِيرُهَا أَبِينِي لَنَا لَا زَالَ رِيشُكِ نَاعِمًا ... وَبَيْضُكِ فِي خَضْرَاءَ غَضٍّ نَضِيرُهَا وَكُنْتُ إِذَا زُرْتُ لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ ... فَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاةَ سُفُورُهَا أَلا يَا صَفِيَّ النَّفْسِ كَيْفَ تَقُولُهَا ... لَوْ أَنَّ طَرِيدًا خَائِفًا يَسْتَجِيرُهَا عَلَى دَمَاءِ الْبَدَنِ إِنْ كَانَ زَوْجُهَا ... يَرَى لِي ذَنْبًا غَيْرَ أَنِّي أَزُورُهَا وَإِنِّي إِذَا مَا زُرْتُهَا قُلْتُ يَا اسْلَمِي وَمَا كَانَ فِي قَلْبِي لَهَا مَا يَضِيرُهَا وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّيَ فَاجِرٌ ... لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا وَلَهُ وَلَو أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَةٌ وصفائح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 لسلمت تَسْلِيم البشاشة أوزقا ... إِلَيْهَا صَدَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ صَائِحُ إِذَا النَّاسُ قَالُوا كَيْفَ أَنْتَ وَقَدْ بَدَا ... ضَمِيرُ الَّذِي بِي قُلْتُ لِلنَّاسِ صَالِحُ فَهَلْ تَبْكِنِي لَيْلَى إِذَا مِتُّ قَبْلَهَا ... وَقَامَ عَلَى قَبْرِي النِّسَاءُ النَّوَائِحُ كَمَا لَوْ أَصَابَ الْمَوْتُ لَيْلَى بَكَيْتُهَا ... وَجَادَ لَهَا دَارٌ مِنَ الدَّمْعِ سَافِحُ وَلَهُ فِي أُخْرَى فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَحُسْنَ حَدِيثِهَا ... فَهَلْ تَمْنَعُوا مِنِّي الْبُكَا وَالْقَوَافِيَا فَهَلا مَنَعْتُمْ إِذْ مَنَعْتُمْ كَلامَهَا ... خَيَالا يُمْسِينَا عَلَى النَّأْيِ هَادِيَا يَلُومُكَ فِيهَا الَّلائِمُونَ فَصَاحَةً ... فَلَيْتَ الْهَوَى بِالَّلائِمِينَ مَكَانِيَا لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْهَدَتْنِي حَمَامَةُ الْعَقِيقِ ... وَقَدْ أَبْكَيْتُ مَنْ كَانَ بَاكِيَا وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى فِي بِلادٍ بَعِيدَةٍ ... بِأَقْصَى بِلادِ اللَّهِ فَالْحُرُّ وَادِيَا لَكَانَتْ حَدِيثَ النَّفْسِ لَا يَلْحُنِي بِهَا ... إِذَا عَلِقَ الرَّكْبُ الْحَدِيثَ فُؤَادِيَا ذَكَرْتُكِ بِالْقُورِ التُّهَامَى فَأُصْدِعَتْ ... شُجُونُ الْهَوَى حَتَّى بَلَغْنَ التَّرَاقِيَا بِثَمْدَيْنِ لاحَتْ نَارُ لَيْلَى وَصُحْبَتِي ... بِقَرْعِ الغضا تزجي القلاص الخوافيا فصل وَمِنْهُمْ جَمِيلٌ وَبُثَيْنَةُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ كُنْتُ مَارًّا بَيْنَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى صَادِرًا مِنْ مَكَّةَ فَرَأَيْتُ صَخْرَةً عَظِيمَةً مَلْسَاءَ فِيهَا تَرْبِيعٍ بِقَدْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 مَا يَجْلِسُ عَلَيْهَا النَّفَرُ كَالدِّكَةِ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَنَا مِنَ الْعَرَبِ وَأَظُنُّهُ جُهَنِيًّا هَذَا مَجْلِسُ جَمِيلٍ وَبُثَيْنَةَ فَاعْرِفْهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمَدَائِنِيُّ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُحَدِّثُ قَالَ لَمَّا عَلِقَ جَمِيلٌ بُثَيْنَةَ وَجَعَلَ يُشَبِّبُ بِهَا اسْتَعَدَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا رِبْعِيَّ بْنَ دَجَاجَةَ وَهُوَ يَؤْمَئِذٍ أَمِيرُ تَيْمَاءَ فَخَرَجَ جَمِيلٌ هَارِبًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُذْرَةَ بِأَقْصَى بِلادِهِمْ وَكَانَ سَيَّدًا فَاسْتَجَارَ بِهِ وَكَانَ لِلرَّجُلِ سَبْعُ بَنَاتٍ فَلَمَّا رَأَى جَمِيلا رَغِبَ فِيهِ فَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهُ لَيْسَلُو عَنْ بَثُيَنْةَ فَقَالَ لِبَنَاتِهِ الْبِسْنَ أَحْسَنَ ثِيَابِكُنَّ وَتَحَلَّيْنَ بَأَحْسِنِ حُلِيِّكُنَّ وَتَعَرَّضْنَ لَهُ فَلَعَلَّ عَيْنَهُ أَنْ تَقَعَ عَلَى إِحْدَاكُنَّ فَأُزَوِّجُهُ إِيَّاهَا قَالَ وَكَانَ جَمِيلٌ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ فَإِذَا أَقْبَلَ رَفَعْنَ جَانِبَ الْخِبَاءِ فَإِذَا رَآهُنَّ صَرَفَ وَجْهَهُ قَالَ فَفَعَلْنَ ذَلِكَ مِرَارًا فَعَرَفَ جَمِيلٌ مَا أَرَادَ بِهِ الشَّيْخُ فَقَالَ حَلَفْتُ لِكَيْمَا تَعْلَمِينِيَ صَادِقًا ... وَلَلْصِدْقِ خَيْرٌ فِي الأُمُورِ وَأَنْجَحُ لَتَكْلِيمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ بُثَيْنَةَ ... وَرُؤْيَتُهَا عِنْدِي أَلَذُّ وَأَمْلَحُ مِنَ الدَّهْرِ لَوْ أَخْلُو بِكُنَّ وَإِنَّمَا ... أُعَالِجُ قَلْبًا طَامِحًا حِينَ يَطْمَحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 فَقَالَ الشَّيْخُ أَرْخِينَ عَلَيْكُنَّ الْخِبَاءَ فَوَاللَّهِ لَا يُفْلِحُ هَذَا أَبَدًا أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُقَتْدِرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الصَّوْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ جَمِيلا بِمِصْرَ قَالَ مَنْ يُعْلِمُ لِي بُثَيْنَةَ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا فَلَمَّا مَاتَ صَارَ إِلَى حَيِّ بُثَيْنَةَ فَقَالَ بَكَرَ النَّعْيُ وَمَا كَنَى بِجَمِيلِ ... وَثَوَى بِمِصْرَ ثَوَاءَ غَيْرِ قُفُولِ بَكَرَ النَّعِيُّ بِفَارِسٍ ذِي هِمَّةٍ ... بَطَلٍ إِذَا حَمَلَ اللِّوَاءَ مُدِيلِ فَسَمِعَتْ بُثَيْنَةَ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ تَقُولُ وَإِنَّ سُلُوِّيَ عَنْ جَمِيلٍ لَسَاعَةٌ ... مِنَ الدَّهْرِ مَا حَانَتْ وَلا حَانَ حِينُهَا سَوَاءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلُ بْنُ مُعَمَّرٍ ... إِذَا مِتَّ بَأْسَاءُ الْحَيَاةِ وَلِينُهَا وَبَلَغَنَا مِنْ طُرِقٍ أُخْرَى عَنْ جَمِيلٍ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ مَنْ يَأْخُذُ نَاقَتِي وَمَا عَلَيْهَا وَيَأْتِي مَاءَ بَنِي فُلانٍ وَيَنْشُدُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ بَكَرَ النَّعْيُ وَمَا كَنَى بِجَمِيلِ ... وَثَوَى بِمِصْرَ ثَوَاءَ غَيْرِ قُفُولِ غَدَرَ الزَّمَانُ بِفَارِسٍ ذِي هِمَّةٍ ... ثَبْتٍ إِذَا حَمَلَ اللِّوَاءَ نَزُولِ فَلَمَّا قَضَى حَيَاتَهُ أَتَى الرَّجُلُ الْمَاءَ فَأَنْشَدَ الْبَيْتَيْنِ فَخَرَجَتْ بُثَيْنَةُ نَاشِرَةً شَعْرَهَا شَاقَةً جَيْبَهَا لاطِمَةً خدها وَهِي تَقول يَا أَيهَا النَّاعِي بِفِيكَ الْحَجَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ كَذَبْتَنِي لَقَدْ فَضَحْتَنِي وَإِنْ كُنْتَ صَدَقَتَنِي لَقَدْ قَتَلْتَنِي ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ وَإِنَّ سُلُوِّيَ عَنْ جَمِيلٍ لَسَاعَةٌ ... مِنَ الدَّهْرِ مَا جَاءَتْ وَلا جَاءَ حِينُهَا سَوَاءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلُ بْنُ مُعَمَّرٍ ... إِذَا مِتَّ بَأْسَاءُ الْحَيَاةُ وَلِينُهَا وَيُقَالُ إِنَّهَا لَمْ تَقُلْ شِعْرًا غَيْرَهُ وَمِنْ مُسْتَحْسَنِ أَشْعَارِ جَمِيلٍ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ التَّوْزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ قَالَ جَمِيلُ بْنُ مُعَمَّرٍ خَلِيلَيَّ عُوجَا الْيَوْمَ حَتَّى تُسَلِّمَا ... عَلَى عَذْبَةُ الأَنْيَابِ طَيِّبَةُ النَّشْرِ فَإِنَّكُمَا إِنْ عُجْتُمَا لِي سَاعَةً ... شَكَرْتُكَمَا حَتَّى أُغَيَّبَ فِي قَبْرِي وَإِنَّكُمَا إِنْ لَمْ تَعُوجَا فَإِنَّنِي ... سَأَصْرِفُ وِجْدِي فَائْذَنَا الْيَوْم بالهجر وَمَالِي لَا أَبْكِي وَفِي الأَيْكِ نَائِحٌ ... وَقَدْ فَارَقَتْنِي شَخْتَةُ الْكَشْحِ وَالْخَصْرِ أَيَبْكِي حَمَامُ الأَيْكِ مِنْ فَقْدِ إِلْفِهِ ... وَأَصْبِرُ مَا بِي عَنْ بُثَيْنَةَ مِنْ صَبْرِ يَقُولُونَ مَسْحُورٌ يُجَنُّ بِذِكْرِهَا ... وَأُقْسِمُ مَا بِي مِنْ جُنُونٍ وَلا سِحْرُ وَأُقْسِمُ لَا أَنْسَاكِ مَا ذَرَّ شَارِقٌ ... وَمَا خَبَّ آلٌ فِي مُلَمَّعَةِ قَفْرِ وَمَا لاحَ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ مُعَلَّقٌ ... وَمَا أَوْرَقَ الأَغْصَانُ مِنْ وَرَقِ السِّدْرِ لَقَدْ شَغَفَتْ نَفْسِي بُثَيْنُ بِذِكْرِكُمْ ... كَمَا يُشْغَفُ الْمَخْمُورُ يَا بُثْنُ بِالْخَمْرِ ذَكَرْتُ مَقَامِيَ لَيْلَةَ الْبَانِ قَابِضًا ... عَلَى كَفِّ حَوْرَاءَ الْمَدَامِعِ كَالْبَدْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 وَكِدْتُ وَلَمْ أَمْلُكْ إِلَيْهَا صَبَابَةً ... أَهِيمُ وَفَاضَ الدَّمْعُ مِنِّي عَلَى النَّحْرِ فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... كَلَيْلَتِنَا حَتَّى نَرَى سَاطِعَ الْفَجْرِ تَجُودُ عَلَيْنَا بِالْحَدِيثِ وَتَارَةً ... تَجُودُ عَلَيْنَا بِالرُّضَابِ مِنَ الثَّغْرِ فَلَيْتَ إِلَهِي قَدْ قَضَى ذَاكَ مَرَّةً ... فَيَعْلَمُ رَبِّي حِينَ ذَلِكَ مَا شُكْرِي وَلَوْ سَأَلَتْ مِنِّي حَيَاتِي بَذَلْتُهَا ... وَجُدْتُ بِهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِي وَمِنْ أَشْعَارِهِ رَأَيْتُكَ تَأْتِي الْبَيْتَ تُبْغِضُ أَهْلَهُ ... وَقَلْبُكَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي أَنْتَ هَاجِرُهُ أَجِدُّكَ لَا يُنْسِيكَ جُمْلا وَذِكْرَهَا ... تَطَاوُلُ هَذَا اللَّيْلِ ثُمَّ تَقَاصُرُهُ وَلَهُ فِي أُخْرَى طَرِبْتُ وَهَاجَ الشَّوْقُ مِنِّي وَرُبَّمَا ... طَرِبْتُ وَأَبْكَانِي الْحَمَامُ الْهَوَاتِفُ وَأَصْبَحْتُ قَدْ ضَمَّنْتُ صَدْرِي حَرَارَةً ... وَفِي الصَّدْرِ بِلْبَالٌ تَلِيدُ وَطَارِفُ إِذَا ذَكَرَتْكِ النَّفْسُ ظَلْتُ كَأَنَّنِي ... يُقَرِّفُ قَرْحًا فِي فُؤَادِيَ قَارِفُ وَقُلْتُ لِقَلْبٍ قَدْ تَمَادَى بِهِ الْهَوَى ... وَأَبْلاهُ حُبٌّ مِنْ بُثَيْنَةَ رَادِفُ لَعَمْرُكِ لَوْلا الذِّكْرُ لانْقَطَعَ الْهَوَى ... وَلَوْلا الْهَوَى مَا جَنَّ لِلْبَيْنِ آلِفِ وَصَاحَ بِشِعْبِ الدَّارِ مِنَّا وَمِنْهُمُ ... غَدَاةَ ارْتَحَلْنَا لِلتَّفَرُّقِ هَاتِفِ وَلَهُ فِي أُخْرَى أَلا لَا أُبَالِي جَفْوَةَ النَّاسِ بَعْدَمَا ... بَدَا مِنْكِ رَأَيٌ يَا بُثَيْنُ جَمِيلُ وَمَا لَمْ تُطِيعِي كَاشِحًا وَتَبَدَّلِي ... بِنَا بَدَلا أَوْ بَانَ مِنْكِ ذُهُولُ وَإِنَّ صَبَابَاتِي إِلَيْكِ كَثِيرَةٌ ... بُثَيْنُ وَنِسْيَانِيكُمْ لَقَلِيلُ وَلَهُ فِي أُخْرَى رَسْمُ دَارٍ وَقَفْتُ فِي طَلَلِهِ ... كِدْتُ أَقْضِي الْحَيَاةَ مِنْ جَلَلِهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 مُوحِشًا مَا تَرَى بِهِ أَحَدًا ... تَنْسِجُ الرِّيحُ ثَوْبَ مُعْتَدِلِهْ قَدْ أَصُونُ الْحَدِيثَ دُونَ خَلِيلٍ ... لَا أَخَافُ الأَذَاةَ مِنْ قِبَلِهْ غَيْرَ مَا بِغْضَةٍ وَلا لاجْتِنَابٍ ... غَيْرَ أَنَّ الْمُحِبَّ مِنْ وَجَلِهْ وَلَهُ أَصْبَحْتَ وَدَّعْتَ الصَّبَابَةَ وَالْجَهْلا ... وَقَالَ لَكَ الشَّيْبُ الَّذِي قَدْ عَلا مَهْلا وَقَالَ الأُلَى كَانُوا لِدَاتِكَ هَلْ تَرَى ... إِلَى الشَّيْبِ فَاجْدُدْ جِدَّنَا وَدَعِ الْهَزْلا فَكَيْفَ وَقَدْ لَجَّتْ مِنَ الْعَيْنِ نَظْرَةٌ ... لِبُثْنَةَ تَأْبَى أَنْ تَبُتَّ لَهَا حَبْلا وَتَرْجِعُ عَيْنِي بِالرِّضَا مِنْ لِقَائِهَا ... وَلَمْ تَكُ تَرْضَى الْبُخْلَ مَا أَعْيَبَ الْبُخْلا تَرَى الْعَيْنُ مِنْهَا مَا لَوْ أَنَّكَ قَادِرٌ ... عَلَيْهِ إِذَنْ لَمْ تَبْغِ مَالا وَلا أَهْلا بُثَيْنَةُ مِنْ صِنْفٍ يَقَلِّبْنَ أَيْدِيَ الرُّمَاةَ ... وَمَا يَحْمِلْنَ قَوْسًا وَلا نَبْلا وَلَوْ كُنَّ يَصْطَدْنَ الْقُلُوبَ بِشِكَّةٍ ... لَمَ اعْجَبْ وَلَكِنْ كَيْفَ يَصْطَدْنَهَا غُزْلا وَلَهُ فِي أُخْرَى فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا سَاعِيًا بِنَمِيمَةٍ ... لآخَرَ لَمْ يَعْمَلْ بِكَفٍّ وَلا رِجْلِ إِذَا مَا تَذَاكَرْنَا الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا ... جَرَى الدَّمْعُ مِنْ عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بِالْكُحْلِ كِلانَا بَكَى أَوْ كَادَ يَبْكِي صَبَابَةً ... إِلَى إِلْفِهِ وَاسْتَعْجَلَتْ عَبْرَةً قَبْلِي فياويح نَفْسِي حَسْبُ نَفْسِي الَّذِي بِهَا ... وَيَا وَيْحَ أَهْلِي مَا أُصِيبَ بِهِ أَهْلِي وَلَوْ تَرَكَتْ عَقْلِي مَعِي مَا طَلَبْتُهَا ... وَلَكِنْ طِلابِيهَا لِمَا فَاتَ مِنْ عَقْلِي خَلِيلَيَّ فِيمَا عِشْتُمَا هَلْ رَأَيْتُمَا ... قَتِيلا بَكَى مِنْ حُبِّ قَاتِلِهِ قَبْلِي فَإِنْ قَرُبَتْ لَمْ يَنْفَعِ الْقُرْبُ عِنْدَهَا ... وَإِنْ بَعُدَتْ زَادَتْكَ خَبْلا عَلَى خَبْلِ أُولَئِكَ إِنْ يَمْنَعْنَ فَالْمَنْعُ شِيمَةٌ ... لَهُنَّ وَإِنْ يُعْطِينَ يُعْطِينَ عَنْ بُخْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 وَلَهُ فِي أُخْرَى أَرَاعَكَ بِالْبَينِ الْخَلِيطُ الْمُزَايِلُ ... وَمَنْ وُدُّهُ فِي أَسْوَدِ الْقَلْبِ دَاخِلُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّيْلُ الْقَصِيرُ لَنَا بِهَا ... عَلَيَّ بِرَوْعَاتِ الْهَوَى يَتَطَاوَلُ إِذَا مَا اعْتَرَتْنِي لَوْعَةٌ فَادَّكَرْتُهَا ... تَجَدَّدَ وَجْدِي وَاعْتَرَتْنِي الْبَلابِلُ فَبِتُّ نَجِيًّا لِلْهُمُومِ مُسَهَّدًا ... وَنَامَتْ فَلَمْ يَأْرَقْ لِذَاكَ الْعَوَاذِلُ أَلا رُبَّ لاحٍ لَوْ بَلا الْحُبَّ لَمْ يُلَمْ ... وَلَكِنَّهُ مِنْ سَوْرَةِ الْحُبِّ جَاهِلُ وَلَهُ فِي أُخْرَى وَلَرُبَّ عَارِضَةٍ عَلَيْنَا وَصْلَهَا ... بِالْجِدِّ تَخْلِطُهُ بِقَوْلِ الْهَازِلِ فَأَجَبْتُهَا بِالْقَوْلِ بَعْدَ تَسَتُّرٍ ... حُبِّي بُثَيْنَةَ عَنْ وِصَالِكِ شَاغِلِي لَوْ كَانَ فِي قَلْبِي كَقَدْرِ قُلامَةٍ ... فَضْلٌ وَصَلْتُكِ أَوْ أَتَتْكِ رَسَائِلِي وَلَهُ فِي أُخْرَى وَلَمَّا عَصَيْتُ النَّاصِحِينَ وَلَمْ أُطِعْ ... مَقَالَتَهُمْ أَلْقَوْا عَلَى غَارِبِي حَبْلِي بُثَيْنَةُ إِنِّي قَدْ عَصَيْتُ عَوَاذِلِي ... وَإِنَّكِ لَا تَعْصِينَ مَنْ لامَ مِنْ أَجْلِي تُرِيدِينَ قَتْلِي لَا تُرِيدِينَ غَيْرَهُ ... وَمَاذَا الَّذِي يُرْضِيكِ يَا بُثْنُ مِنْ قَتْلِي وَلَهُ فِي أُخْرَى أَهَاجَتْكِ الْمَعَارِفُ وَالْطُّلُولُ ... عَفَوْنَ وَخَفَّ مِنْهُنَّ الْحُلُولُ نَعَمْ فَذَكَرْتُ دُنْيَا قَدْ تَقَضَّتْ ... وَأَيُّ نَعِيمِ دُنْيَا لَا يَزُولُ بِرَابِيَةٍ تُجَنُّ الرِّيحُ فِيهَا ... كَمَا جُنَّتْ مُوَلَّهَةٌ عَجُولُ أماثل دَارَ بُثْنَةَ أَيْنَ حَلَّتْ ... كَأَنَّ الدَّارَ تَفْقَهُ مَا أَقُولُ فَهَمَّ صَحَابَتِي أَنْ يَعْذِلُونِي ... فَقُلْتُ لَهُمْ أَلَيْسَ لَكُمْ عُقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 مَلامُكُمْ عَلَيَّ أَذًى وَضَرٌّ ... وَمَوْقِفُ سَاعَةٍ مِنْكُمْ قَلِيلُ وَلَهُ فِي أُخْرَى أَلا أَيُّهَا الْقَلْبُ اللَّجُوجُ أَلا تَسْلُو ... أَلَسْتَ بِذِي عَقْلٍ فَيَنْفَعُكَ الْعَقْلُ فَتَتْرُكَ هَذَا الْجَهْلَ يَوْمًا لِغَيْرِهِ ... إِذَا أَنْتَ لَمْ يُعْرَفْ لأَمْثَالِكَ الْجَهْلُ أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمُضِلَّةٍ مِنَ الأَرْضِ لَا مَالٌ لَدَيَّ وَلا أَهْلُ وَلا أحدا أَقْضِي إِلَيْهِ وَصَّيَتِي ... وَلا وَارِثَ إِلا الْمَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وَحَلَّتْ مَكَانًا لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ وَلَهُ فِي أُخْرَى لَحَى اللَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُ الْوُدُّ عِنْدَهُ ... وَمَنْ حَبْلُهُ إِنْ مُدَّ غَيْرُ مَتِينِ وَمَنْ هُوَ إِنْ تُحْدِثْ لَهُ الْعَيْنُ نَظْرَةٌ ... يَقْطَعُ لَهَا أَسْبَابَ كُلِّ قَرِينِ وَمَنْ هُوَ ذُو لَوْنَيْنِ لَيْسَ بِدَائِمٍ ... عَلَى خُلُقٍ خَوَّانُ كُلِّ أَمِينِ فَلَيْتَ رِجَالا فِيكَ قَدْ نَذَرُوا دَمِي ... وَهَمُّوا بِقَتْلِي يَا بُثَيْنُ لَقُونِي إِذَا مَا رَأَوْنِي طَالِعًا مِنْ ثَنِيَّةٍ ... يَقُولُونَ مَنْ هَذَا وَقَدْ عَرَفُونِي يَقُولُونَ لِي أَهْلا وَسَهْلا وَمَرَحْبًا ... وَلَوْ ظَفَرُوا بِي سَاعَةً قَتَلُونِي أَرَادُوا لِكَيْمَا يَقْتُلُونِي وَلا يَدُوا ... دَمِي غَيْرَ أَنَّ الْوَاقِيَاتِ تَقِينِي وَكَيْفَ وَلا تُوفِي دِمَاؤُهُمْ دَمِي ... وَلا مَالُهُمْ ذُو نَدْهَةٍ فَيَدُونِي وَلَهُ فِي أُخْرَى حَلَّتْ بُثَيْنَةُ مِنْ قَلْبِي بِمَنْزِلَةٍ ... بَين الجوانج لَمْ يَنْزِلْ بِهَا أَحَدُ صَادَتْ فُؤَادِي بِعَيْنِهَا وَمُبْتَسَمٍ ... كَأَنَّهُ حِينَ أبدته لنا رد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وَعَاذِلَيْنِ لَحَوْنِي فِي مَوَدَّتِهَا ... يَا لَيْتَهُمْ وَجَدُوا مِثْلَ الَّذِي أَجِدُ لَمَّا أَطَالُوا عِتَابِي فِيكِ قُلْتُ لَهُمْ ... لَا تُفْرِطُوا بَعْضَ هَذَا اللَّوْمِ وَاقْتَصِدُوا قَدْ مَاتَ قَبْلِي أَخُو نَهْدٍ وَصَاحِبُهُ ... مُرَقَّشٌ وَاشْتَفَى مِنْ عُرْوَةَ الْكَمَدُ وَكُلُّهُمْ كَانَ فِي عِشْقٍ مَنِيَّتُهُ ... وَقَدْ وَجَدْتُ بِهَا فَوْقَ الَّذِي وَجَدُوا إِنِّي لأَحْسَبُنِي أَوْ كِدْتُ أُعْلِمُهُ ... أَنْ سَوْفَ يُورِدُنِي الْحَوْضَ الَّذِي وَرَدُوا إِنْ لَمْ تَنِلُنِي بِمَعْرُوفٍ تَجُودُ بِهِ ... أَوْ يَدْفَعِ اللَّهُ عَنِّي الْوَاحِدُ الصَّمَدُ وَلَهُ فِي أُخْرَى أَعَاذِلَتِي أَكْثَرْتِ جَهْلا مِنَ الْجَهْلِ ... عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ مَنْ مُلامٍ وَمِنْ عُذْلِ أَعَاذِلُ فِي حُبِّي بُثَيْنَةَ ضِلَّةٌ ... وَقَدْ سَارَ حُبِّي فِي عِظَامِي وَفِي عَقْلِي كَأَنَّكِ لَا تَدْرِينَ مَا وَجْدُ ذِي الْهَوَى ... وَلَمْ تَعْلَمِي فِي النَّاسِ ذَا صَبْوَةٍ قَبْلِي يَقُلْنَ الْتَمِسْ بِالنَّأْيِ لِلْحُبِّ سَلْوَةً ... وَلَمْ يُلْفَ طُوْلَ النَّأْيِ عَنْ حُبِّهَا يُسْلِي وَأَنْتِ حَدِيثُ النَّفْسِ إِنْ كُنْتُ خَالِيًا ... وَجِدُّ حَدِيثِي إِنْ جَدَدْتُ وَفِي الْهَزْلِ وَمَا وَجَدَ النَّهْدِيُّ مِنْ دَاخَلَ الْهَوَى ... كَوِجْدِي وَلا مَنْ كَانَ ذَا جِدَّةٍ قَبْلِي وَلَهُ فِي أُخْرَى تَذَكَّرْتُ ذَاتَ الْخَالِ مِنْ فَرْطِ حُبِّهَا ... ضُحًى وَالْعِتَاقُ الْيَعْمُلاتِ بِنَا تَخْدِي فَمَا مَلَكَتْ عَيْنَايَ حِينَ ذَكَرْتُهَا ... دُمُوعَهُمَا كَالنَّظْمِ تَجْرِي عَلَى خَدِّي فَعَنَّفَنِي صَحْبِي وَقَالُوا مِنَ الْهَوَى ... بَكَيْتَ وَلَوْ كَانُوا بِهَا وَجَدُوا وِجْدِي لَمَّا عَنَّفُونِي فِي الْبُكَاءِ مِنْ أَجْلِهَا ... وَرَبِّ مِنًى لَكِنْ شُغِفْتُ بِهَا وَحْدِي وَقَالُوا لَقَدْ كُنَّا عَهِدْنَاكَ مَرَّةً ... جَلِيدًا فَمَا هَذَا بِفِعْلِ الْفَتَى الْجَلْدِ أَلا تَرْعَوِي مِنْ أَنْ يَشُوقَكَ ذِكْرُهَا ... وَأَنْتَ عَلَى هَوْلٍ تَسِيرُ مَعَ الْوَفْدِ فَقُلْتُ ذَرُوا لَوْمِي فَلَسْتُ وَإِنْ نَأَتْ ... بِمُنْصَرَفٍ عَنْهَا هَوَاي وَلا وُدِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 وَلَسَتُ وِإِنْ شَطَتْ بِهَا غُرْبَةُ النَّوَى ... بِنَاسٍ هَوَاهَا أَوْ أُغَيَّبُ فِي لَحْدِي وَمَا كُنْتِ لِي إِلَّا خيالا وفتنة ... فياليت أَنِّي مِتُّ إِذْ كُنْتُ فِي الْمَهْدِ وَلَمْ أَكُ فِي الدُّنْيَا عَلِقْتُ عَلاقَةً ... وَمَا كَانَ عِرْفَانِيكِ إِلا شَقَا جَدِّي فَصْلٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُشْتَهِرِينَ بِالْعِشْقِ كُثَيِّرُ عَزَّةَ وَلَيْسَ بِذَاكَ فَإِنَّ عَزَّةَ تَنَكَّرَتْ لَهُ فَلَمْ يَعْرِفْهَا فَمَالَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ فَأَيْنَ قَوْلُكَ فِي عزة فَقَالَ لَوْ كَانَتْ عَزَّةُ لِي لَجَعَلْتُهَا مَمْلُوكَةً لَكِ وَسَنَذْكُرُ قِصَّتَهُ هَذِهِ فِي بِابِ أَدْوِيَةِ الْعِشْقِ عِنْدَ ذِكْرِ التَّسَلِّي وَمَنْ يَكُونُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ فَلَيْسَ بِصَادِقٍ فِي الْمَحَبَّةِ عَلَى أَنَّ قَوْمًا قد فضلو كُثَيْرًا عَلَى جَمِيلٍ فِي الْمَحَبَّةِ بقوله فأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مَا رَأَيْتُ بِالْحِجَازِ أَعْلَمَ مِنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي كُثَيْرٌ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُفِيضُونَ فِيهِ وَفِي جَمِيلٍ أَيُّهُمَا أَصْدَقُ عِشْقًا وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ بِوَجْهِهِ فَفَضَّلُوا جَمِيلا فِي عِشْقِهِ فَقُلْتُ لَهُمْ ظَلَمْتُمْ كُثَيِّرًا كَيْفَ يَكُونُ جَمِيلٌ أَصْدَقُ عِشْقًا مِنْ كُثَيِّرٍ وَإِنَّمَا أَتَاهُ عَنْ بُثَيْنَةَ بَعْضُ مَا يَكْرَهُ فَقَالَ رَمَى اللَّهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بِالْقَذَى ... وَفِي الْغِرِّ مِنْ أَنْيَابِهَا بِالْقَوَادِحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 وَالْقَوَادِحُ مَا يَنْقُبُهَا وَيَعِيبُهَا وَكُثَيِّرٌ أَتَاهُ عَنْ عَزَّةَ مَا يَكْرَهُ فَقَالَ هَنِيئًا مَرِيئًا غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ ... لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ قَالَ فَمَا انْصَرَفُوا إِلا عَلَى تَفْضِيلِي قُلْتُ لَعَمْرِي إِنَّ قَوْلَ كُثَيِّرٍ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ مَحَبَّتِهِ غَيْرَ أَنَّ فِعْلَهُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ اخْتِيَارِهِ غَيْرَهَا مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُحْتَمَلِ لِلْصِدْقِ وَالْكَذِبِ وَالَّذِي يَصْدُرُ لَا عَنْ إِرَادَةٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُشَيِّعِ قَالَ خَرَجَ كُثَيِّرٌ يَلْتَمِسُ عَزَّةَ وَمَعَهُ شُنَيْنَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَأَخَذَهُ الْعَطَشُ فَتَنَاوَلَ الشُّنَيْنَةَ فَإِذَا هِيَ عَظْمٌ مَا فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ وَرُفِعَتْ لَهُ نَارٌ فَأَمَّهَا فَإِذَا بِقُرْبِهَا مَظَّلَةٌ بِفِنَائِهَا عَجُوزٌ فَقَالَتْ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا كُثَيِّرٌ قَالَتْ قَدْ كُنْتُ أَتَمَنَّى مُلاقَاتِكَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَانِيكَ قَالَ وَمَا الَّذِي تَلْتَمِسِينَهُ عِنْدِي قَالَتْ أَلَسْتَ الْقَائِلَ إِذَا مَا أَتَتْنَا خُلَّةٌ كَيْ نَزِيلَهَا ... أَبَيْنَا وَقُلْنَا الْحَاجِبِيَّةُ أَوَّلُ قَالَ بَلَى قَالَتْ أَفَلا قُلْتَ كَمَا قَالَ سَيِّدُكَ جَمِيلٌ يَا رُبَّ عَارِضَةٍ عَلَيْنَا وَصْلَهَا ... بِالْجِدِّ تَخْلِطُهُ بِقَوْلِ الْهَازِلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 فَأَجَبْتُهَا فِي الْقَوْلِ بَعْدَ تَأَمُّلٍ ... حُبِّي بُثَيْنَةَ عَنْ وِصَالِكِ شَاغِلِي لَوْ كَانَ فِي قَلْبِي كَقَدْرِ قُلامَةٍ ... فَضْلٌ لِغَيْرِكِ مَا أَتَتْكِ رَسَائِلِي قَالَ دَعِي هَذَا وَاسْقِينِي مَاءً قَالَتْ وَاللَّهِ لَا سَقَيْتُكَ شَيْئًا قَالَ وَيْحَكِ إِنَّ الْعَطَشَ قَدْ أَضَرَّ بِي قَالَتْ ثَكِلْتُ بُثَيْنَةَ إِنْ طَعِمْتَ عِنْدِي قَطْرَةً فَكَانَ جَهْدَهُ أَنْ رَكَضَ رَاحِلَتَهُ وَمَضَى يَطْلُبُ الْمَاءَ فَمَا بَلَغَهُ حَتَّى ضُحَى النَّهَارِ وَقَدْ كَرُبَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْعَطَشُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ وَشُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالا أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الرُّمَّانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ مُرَيْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ كُثَيِّرٌ يُرِيدُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَكْرَمَهُ وَرَفَعَ مَنْزِلَتَهُ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ وَقَالَ سَلْنِي مَا شِئْتَ مِنَ الْحَوَائِجِ قَالَ نَعَمْ أُحِبّ أَنْ تَنْظُرَ لِي مِنْ يَعْرِفُ قَبْرَ عَزَّةَ فَيَقِفْنِي عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِنِّي لَعَارِفٌ بِهِ فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مَوْضِعِ قَبْرِهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَعَيْنَاهُ تَجْرِيَانِ وَهُوَ يَقُولُ وَقَفَتْ عَلَى رَبْعٍ لِعَزَّةَ نَاقَتِي ... وَفِي الْبُرْدِ رَشَّاشٌ مِنَ الدَّمْعِ يَسْفِحُ فَيَا عَزُّ أَنْتِ الْبَدْرُ قَدْ حَالَ دُونَهُ ... رَجِيعُ التُّرَابِ وَالصَّفِيحِ الْمُضَرَّحُ وَقَدْ كُنْتُ أَبْكِي مِنْ فُرَاقِكِ حِقْبَةً ... فَهَذَا لَعَمْرِي الْيَوْمَ أَنْأَى وَأَنْزَحُ فَهَلا فَدَاكِ الْمَوْتُ مَنْ أَنْتِ زَيْنُهُ ... وَمَنْ هُوَ أَسْوَا مِنْكِ حَالا وَأَقْبَحُ أَلا لَا أَرَى بَعْدَ ابْنَةِ النَّضْرِ لَذَّةً ... لِشَيْءٍ وَلا مِلْحًا لِمَنْ يَتَمَلَّحُ فَلا زَالَ وَادِي رَمْسٍ عَزَّةَ سَائِلا ... بِهِ نِعْمَةً مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَسْفَحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 فَإِنَّ الَّتِي أَحْبَبْتُ قَدْ حَالَ دُونَهَا ... طُوَالُ اللَّيَالِي وَالضَّرِيحُ الْمُوَجَّحُ أَرَبِّ بِعَيْنَيَّ الْبُكَا كُلُّ لَيْلَةٍ ... فَقَدْ كَادَ مَجْرَى دَمْعِ عَيْنِيَ يَقْرَحُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَاءً تَحَلَّبَتَا دَمًا ... وَشَرُّ الْبُكَاءِ الْمُسْتَعَارُ الْمُمَتَّحُ فَصْلٌ وَقَدِ اشْتُهِرَ بِالْعِشْقِ جَمَاعَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ وَجُمْهُورُهُمْ مَذْكُورٌ فِي غُضُونِ كِتَابِنَا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا الَّذِينَ اشْتَدَّتْ شُهْرَتُهُمْ فَلْنَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 الْبَابُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى أَنْ زَنَا بِمَحَارِمِهِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ النُّصَيْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ نَجِيحٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مَسْتُورٌ كَانَ لِي صَدِيقًا وَكَانَ يَنْزِلُ بِقُرْبِ مَقَابِرِ الْخَيْزَرَانِ بِبَغْدَادَ قَالَ رَأَيْتُ لَيْلَةً فِي مَنَامِي كَأَنِّي قَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ دَارِي إِلَى الْمَقْبَرَةِ عَلَى رَسْمِي فِي ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا أَنَا بِالْقُبُورِ مُفَتَّحَةٌ وَأَهْلُهَا يخرجُون مِنْهَا شعثا غيرا حُفَاةً عُرَاةً فَيَجْتَمِعُونَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ قَبْرٌ إِلا خَرَجَ مَنْ كَانَ فِيهِ ثُمَّ ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُمْ دَفْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُدْفَنُ عِنْدَهُمْ فِي غَدٍ فَكَأَنِّي قَدْ سَأَلْتُ بَعْضَهُمْ فَقَالَ هَذِهِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ دُفِنَتْ عِنْدَنَا تَأْذِينَا بِسَمَاعِ عَذَابِهَا وَمَا يَجْرِي عَلَيْهَا فَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ صَرْفَ دَفْنِهَا عَنَّا قَالَ فَانْتَبَهْتُ فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا عَجَبًا شَدِيدًا وَطَالَ اللَّيْلُ بِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ الْحَفَّارِينَ هَلْ حَفَرُوا قَبْرًا لامْرَأَةٍ فَدَلَّنِي بَعْضُهُمْ عَلَى قُبَّةٍ عَظِيمَةٍ لِقَوْمٍ مِنَ التُّجَّارِ مَيَاسِيرَ قَدْ مَاتَتْ زَوْجَةُ أَحَدِهِمْ وَيُرِيدُ دَفْنَهَا فِي الْقَبْرِ وَقَدْ حُفِرَ لَهَا قَالَ فَقَصَصْتُ الرُّؤْيَا عَلَى الْحَفَّارِينَ فَطَمُّوا الْقَبْرَ فِي الْحَالِ وَرَاعَيْتُ أَمْرَ الْمَرْأَةِ فَجَاءَ رُسُلُ الْقَوْمِ يَسْأَلُونَ عَنِ الْقَبْرِ فَقَالَ الْحَفَّارُونَ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَيْسَ يَتَأَتَّى فِيهِ قَبْرٌ لأَنَّا قَدْ وَقَعْنَا عَلَى حَمْأَةٍ تَحْتَ الأَرْضِ لايثبت فِيهَا مَيِّتٌ فَسَأَلُوا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْقِبَابِ أَنْ يَحْفُرُوا عِنْدَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ وَكَانَ الْخَبَرُ قَدِ اشْتُهِرَ بَيْنَ الْحَفَّارِينَ وَانْتَشَرَ فَمَضَوْا إِلَى مَقْبَرَةٍ أُخْرَى فَحَفَرُوا لِلْمَرْأَةِ فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ الْجَِنَازَةُ فَدُلِلْتُ فَحَضَرْتُ وَشَيَّعْتُ الْجَِنَازَةَ وَكَانَ الْجَمْعُ عَظِيمًا هَائِلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 وَالرَّجُلُ جَلِيلا وَرَأَيْتُ خَلْفَ الْجَِنَازَةِ فَتًى مُلْتَحِيًا حَسَنَ الْوَجْهِ ذُكِرَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُعَزَّى وَأَبُوهُ وَهُمَا وَقِيذَانِ بِالْمُصِيبَةِ فَلَمَّا دُفِنَتِ الْمَرْأَةُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِمَا فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي فِي أَمْرِ هَذِهِ الْمُتَوَفَّاةِ فَإِنْ أَحْبَبْتُمَا قَصَصْتُهَا عَلَيْكُمَا فَقَالَ الشَّيْخُ الَّذِي هُوَ زَوْجُ الْمُتَوَفَّاةِ أَمَّا أَنَا فَمَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَأَقْبَلَ الْفَتَى فَقَالَ إِنْ رَأَيْتُ أَنْ تَفْعَلَ فَقُلْتُ تَخْلُوا مَعِي فَقَامَ فَقُلْتُ إِنَّ الرُّؤْيَا عَظِيمَةٌ فَاحْتَمِلْنِي قَالَ قُلْ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا وَقُلْتُ يَجِبُ لَكَ أَنْ تَنْظُرَ فِي هَذَا الأَمْرِ الَّذِي أَوْجَبَ مِنَ اللَّهِ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ فَتَجْتَنِبَ مِثْلَهُ وَإِنْ جَازَ أَنْ تُعَرِّفْنِيهِ لأَجْتِنِبَ مِثْلَهُ فَافْعَلْ فَقَالَ وَاللَّهِ يَا أَخِي مَا أَعْرِفُ مِنْ حَالِ أُمِّي مَا يُوجب هَذ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّ أُمِّي كَانَتْ تَشْرَبُ النَّبِيذَ وَتَسْمَعُ الْغِنَاءَ وَتُرْمَى بِالنسَاء وَمَا يُوجب هَذَا هَذَا الأَمْرُ الْعَظِيمُ وَلَكِنْ فِي دَارِنَا عَجُوزٌ لَهَا نَحْوَ تِسْعِينَ سَنَةُ هِيَ دَايَتُهَا وَمَاشِطَتُهَا فَإِنْ نَشَطْتَ صِرْتَ مَعِي فَسَأَلْنَاهَا فَلَعَلَّهَا تُخْبِرُنَا بِمَا يُوجِبُ هَذَا فَنَجْتَنِبَهُ فَقُمْتُ مَعَهُ فَقَصَدْنَا الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ لِلْمُتَوَفَّاةِ فَأَدْخَلَنِي إِلَى غُرْفَةٍ فِيهَا وَإِذَا بِعَجُوزٍ فَانِيَةٍ فَخَاطَبَهَا بِمَا جَرَى وَقَصَصْتُ أَنَا عَلَيْهَا الرُّؤْيَا فَقَالَتْ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهَا كَانَتْ مُسْرِفَةً عَلَى نَفْسِهَا جِدًّا فَقَالَ لَهَا الْفَتَى يَا أُمِّي بِأَكْثَرَ مِنَ الشَّرَابِ وَالسَّمَاعِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَتْ نَعَمْ يَا بُنِيَّ وَلَوْلا أَنْ أَسُوءَكَ لأَخْبَرْتُكَ بِمَا أَعْلَمُ إِنَّ هَذَا الَّذِي رَآهُ هَذَا الرَّجُلُ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرِ مَا أَخَافُ عَلَيْهَا مِنَ الْعَذَابِ فَقَالَ الْفَتَى أُحِبُّ أَنْ تُخْبِرِينِي وَرَفَقْتُ أَنَا بِالْعَجُوزِ فَقُلْتُ أَخْبِرِينَا لِنَجْتَنِبَهُ وَنَتَّعِظَ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 فَقَالَتْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِجَمِيعِ مَا أَعْرِفُهُ مِنْهَا وَمِنْ نَفْسِي مَعَهَا طَالَ وَبَكَتْ وَقَالَتْ أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي تَائِبَةٌ مِنْذُ سِنِينَ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو لَهَا التَّوْبَةَ فَمَا فَعَلَتْ وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ بِثَلاثَةِ أَحْوَالٍ مِنْ أَفْعَالِهَا وَهِيَ عِنْدِي أَعْظَمُ ذُنُوبِهَا فَقُلْنَا قُولِي فَقَالَتْ لِلْفَتَى كَانَتْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ زِنًا وَمَا كَانَ يَمْضِي يَوْمٌ إِلا تُدْخِلُ إِلَى دَارِ أَبِيكَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ الرَّجُلَ وَالرّجلَيْنِ فيطأونها وَيَخْرُجُونَ وَيَكُونُ دُخُولُهُمْ بِأَلْوَانٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْحِيَلِ وَأَبُوكَ فِي سُوقِهِ فَلَمَّا نَشَأْتَ أَنْتَ وَبَلَغْتَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ خَرَجْتَ فِي نَهَايَةَ الْمَلاحَةِ فَكُنْتُ أَرَاهَا تَنْظُرُ إِلَيْكَ نَظَرَ شَهْوَةٍ فَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَتْ لِي يَوْمًا يَا أُمِّي قَدْ غَلَبَ عَلَى قَلْبِي عِشْقَ ابْنِي هَذَا وَلا بُدَّ لِي أَنْ يَطَأَنِي فَقُلْتُ لَهَا يَا بِنْتي اتَّقِ اللَّهَ وَلَكِ فِي الرِّجَالِ غَيْرُهُ مُتَّسَعٌ فَقَالَتْ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا أَوْ كَيْفَ يَجِيئُكِ وَهُوَ صَبِيٌّ وَتَفْتَضِحِينَ وَلا تَصِلِينَ إِلَى بُغْيَتِكِ فَدَعِي هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَتْ لَا بُدَّ أَنْ تُسَاعِدِينِي فَقُلْتُ أَعْمَلُ مَاذَا فَقَالَتْ تَمْضِينَ إِلَى فُلانٍ الْمُعَلِّمُ وَكَانَ مُعَلِّمًا فِي جِوَارِنَا أَدِيبًا وَرَسْمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهَا رِقَاعًا إِلَى عُشَّاقِهَا وَيُجِيبُ عَنْهَا فَتَبَرُّهُ وَتَعْطِيَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَقَالَتْ قُولِي لَهُ يَكْتُبْ إِلَيْهِ رُقْعَةً يَذْكُرُ فِيهَا عِشْقًا وَشَغَفًا وَوَجْدًا وَيَسْأَلُهُ الاجْتِمَاعَ وَأَوْصِلِي الرُّقْعَةَ كَأَنَّهَا مِنْ فُلانَةَ وَذَكَرَتْ صَبِيَّةً مِنَ الْجِيرَانِ مَلِيحَةً قَالَتِ الْعَجُوزُ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَأَخَذْتُ الرُّقْعَةَ وَجِئْتُكَ بِهَا فَلَمَّا سَمِعْتَ ذِكْرَ الصَّبِيَّةِ الْتَهَبَ قَلْبُكَ نَارًا وَأَجَبْتَ عَنِ الرُّقْعَةِ تَسْأَلُهَا الاجْتِمَاعَ عِنْدَهَا وَتَذْكُرُ أَنَّهُ لَا مَوْضِعَ لَكَ فَسَلَّمْتُ الْجَوَابَ إِلَى وَالِدَتِكَ فَقَالَتِ اكْتُبِي إِلَيْهِ عَنِ الصَّبِيَّةِ أَنْ لَا مَوْضِعَ لَهَا وَأَنَّ سَبِيلَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَإِذَا قَالَ لَكِ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ فَأَعِدِّي لَهُ الْغُرْفَةَ الْفُلانِيَّةَ وَافْرِشِيهَا وَاجْعَلِي فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 الطِّيبَ وَالْفَاكِهَةَ وَقُولِي لَهُ إِنَّهَا صَبِيَّةٌ وَهُوَ ذَا نَسْتَحِي وَلَكِنْ عِشْقُكَ قَدْ غَلَبَ وَهِيَ تَجِيئُكَ إِلَى هَا هُنَا لَيْلا وَلا يَكُونُ بَيْنَ أَيْدِيكُمَا ضَوْءٌ حَتَّى لاتستحي هِيَ وَلا تَفْطُنَ وَالِدَتُكَ بِالْحَدِيثِ وَلا أَبُوكَ إِذَا رَأَوْا فِي الْغُرْفَةِ ضَوْءَ سِرَاجٍ فَإِذَا أَجَابَكِ إِلَى هَذَا فَأَعْلِمِينِي قَالَتْ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَأَجَبْتَ أَنْتَ إِلَى هَذَا وَتَقَرَّرَ الْوَعْدُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا وَأَعْلَمْتُهَا فَلَبِسَتْ ثِيَابًا وَتَبَخَّرَتْ وَتَطَيَّبَتْ وَتَعَطَّرَتْ وَصَعَدَتْ إِلَى الْغُرْفَةِ وَجِئْتَ أَنْتَ وَعِنْدَكَ أَنَّ الصَّبِيَّةَ هُنَاكَ فَوَقَعْتَ عَلَيْهَا وَجَامَعْتَهَا إِلَى الْغَدَاةِ فَلَمَّا كَانَ فِي وَقْتِ السَّحَرِ جِئْتُ أَنَا وَأَيْقَظْتُكَ وَأَنْزَلْتُكَ وَأَنْتَ نَائِمٌ وَكَانَ صُعُودُهَا إِلَيْكَ بَعْدَ أَنْ نَامَ أَبُوكَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَتْ لِي يَا أُمِّي قَدْ وَاللَّهِ حَبِلْتُ مِنَ ابْنِي فَكَيْفَ الْحِيلَةُ فَقُلْتُ لَا أَدْرِي فَقَالَتْ أَنَا أَدْرِي ثُمَّ كَانَتْ تَجْتَمِعُ مَعَكَ عَلَى سَبِيلِ الْحِيلَةِ الَّتِي عَرَّفْتُكَ إِلَى أَنْ قَارَبَتِ الْوِلادَةَ فَقَالَتْ لأَبِيكَ إِنَّهَا عَلِيلَةٌ وَقَدْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا التَّلَفَ وَإِنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَمْضِي إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا فَتَتَعَلَّلَ هُنَاكَ فَأَذِنَ لَهَا وَمَضَتْ وَقَالَتْ لأُمِّهَا إِنَّهَا عَلِيلَةٌ فَأُدْخِلَتْ وَأَنَا مَعَهَا فِي حُجْرَةٍ مِنْ دَارِهَا وَجِئْنَا بِقَابِلَةٍ فَلَمَّا وَلَدَتْ قَتَلَتْ وَلَدَهَا وَأَخْرَجَتْهُ فَدَفَنَتْهُ عَلَى حِيلَةٍ وَسِتْرٍ وَأَقَامَتْ أَيَّامًا وَعَادَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا فَقَالَتْ لِي بَعْدَ أَيَّامٍ أُرِيدُ ابْنِي فَقُلْتُ وَيْحَكِ مَا كَفَاكِ مَا مَضَى فَقَالَتْ لَا بُدَّ فَجِئْتُكَ عَلَى تِلْكَ الْحِيلَةِ بِعَيْنِهَا فَقَالَتْ لِي مِنْ غَدٍ قَدْ وَاللَّهِ حَبِلْتُ وَهَذَا وَاللَّهِ سَبَبُ مَوْتِي وَفَضِيحَتِي وَأَقَامَتْ تَجْتَمِعُ مَعَكَ عَلَى سَبِيلِ الْحِيلَةِ إِلَى أَنْ قَارَبَتِ الْوِلادَةَ فَمَضَتْ إِلَى أُمِّهَا وَعَمِلَتْ كَمَا عَمِلَتْ فَوَلَدَتْ بِنْتًا مَلِيحَةً فَلَمْ تُطِبْ نَفْسُهَا بِقَتْلِهَا وَأَخَذْتُهَا أَنَا مِنْهَا لَيْلا فَأَخْرَجْتُهَا إِلَى قَوْمٍ ضُعَفَاءَ لَهُمْ مَوْلُودٌ فَسَلَّمْتُهَا إِلَيْهِمْ وَأَعْطَيْتُهُمْ مِنْ مَالِ أَبِيكَ دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ وَوَافَقْتُهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 عَلَى إِرْضَاعِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا وَأَنْ أُعْطِيَهُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا بِعَيْنِهِ وَكَانَتْ تُنْفِذُهُ إِلَيْهِمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَتُعْطِيهِمْ ضِعْفَهُ حَتَّى تُدَلِّلَ الصَّبِيَّةَ وَتُوفِدَ إِلَيْهَا الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ فَنَشَأَتْ فِي دَلالٍ وَنِعْمَةٍ وَهِيَ تَرَاهَا فِي كُلِّ أَيَّامٍ إِذَا اشْتَاقَتْهَا وَخَطَبَ أَبُوكَ عَلَيْكَ مِنَ النِّسَاءِ فَتَزَوَّجْتَ بِزَوْجَتِكَ الْفُلانِيَّةِ فَانْقَطَعَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا وَهِيَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عِشْقًا لَكَ وَغَيْرَةً عَلَيْكَ مِنَ امْرَأَتِكَ وَلا حِيلَةَ لَهَا فِيكَ حَتَّى بَلَغَتِ الصَّبِيَّةُ تِسْعَ سِنِينَ فَأَظْهَرَتْ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ قَدِ اشْتَرَتْهَا وَنَقَلَتْهَا إِلَى دَارِهَا لِتَرَاهَا كُلِّ وَقْتٍ لِشِدَّةِ مَحَبَّتِهَا لَهَا وَالصَّبِيَّةُ لَا تَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَتَهَا وَسَمَّتْهَا بِاسْمِ الْمَمَالِيكِ وَنَشَأَتِ الصَّبِيَّةُ مِنْ أَحَسَنِ النَّاسِ وَجْهًا فَعَلَّمْتَهَا الْغِنَاءَ بِالْعُودِ فَبَرَعَتْ فِيهِ وَبَلَغَتْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ فَقَالَتْ لِي يَوْمًا يَا أُمِّي هُوَ ذَا تَرَيْنَ شَغَفِي بِابْنَتِي هَذِهِ وَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَتِي غَيْرُكِ وَلا أَقْدِرُ عَلَى إِظْهَارِ أَمْرِهَا وَقَدْ بَلَغَتْ حَدًّا إِنْ لَمْ أُعَلِّقُهَا بِرَجُلٍ خِفْتُ أَنْ تَخْرُجَ عَنْ يَدِي وَتَلْتَمِسَ الرِّجَالَ وَتَلْتَمِسَ الْبَيْعَ وَتَظُنُّ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَإِنْ مَنَعْتُهَا تَنَغَّصَ عَيْشُهَا وَعَيْشِي وَإِنْ بِعْتُهَا وَفَارَقْتُهَا تَلَفَتْ نَفْسِي عَلَيْهَا وَقَدْ فَكَّرْتُ فِي أَنْ أَصِلَهَا بِابْنِي فَقُلْتُ يَا هَذِهِ اتَّقِي اللَّهَ يَكْفِيكَ مَا مَضَى فَقَالَتْ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ وَكَيْفَ يَتِّمُ هَذَا الأَمْرُ قَالَتِ امْضِي وَاكْتُبِي رُقْعَةً تَذْكُرِينَ فِيهَا عِشْقًا وَغَرَامًا وَامْضِي بِهَا إِلَى زَوْجَةِ ابْنِي وَقُولِي لَهَا إِنَّهَا مِنْ فُلانٍ الْجُنْدِيِّ جَارِنَا وَذَكَرْتُ لَهَا غُلامًا حِينَ بَقَلَ عَذَارَهُ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ قَدْ كَانَتْ تَعْشَقُهُ وَيَعْشُقُهَا وَارْفُقِي بِهَا وَاحْتَالِي حَتَّى تَأْخُذِي جَوَابَهَا إِلَيْهِ فَفَعَلْتُ فَلَحِقَنِي مِنْ زَوْجَتِكَ امْتِهَانٌ وَطَرْدٌ وَاسْتِخْفَافٌ فَتَرَدَّدْتُ إِلَيْهَا وَمَا زِلْتُ بِهَا حَتَّى دَرَّ مَتْنُهَا فَقَرَأَتِ الرُّقْعَةَ وَأَجَابَتْ عَنْهَا بِخَطِّهَا وَجِئْتُ بِالْجَوَابِ إِلَى أُمِّكَ فَأَخَذْتُهُ وَمَضَتْ بِهِ إِلَى أَبِيكَ فَشَنَّعَتْ عَلَيْهَا وَأَلْقَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبِيهَا وَأَبِيكَ وَبَيْنَ أُمِّهَا شَرًّا كُنَّا فِيهِ شُهُورًا إِلَى أَنِ انْتَهَى الأَمْرُ إِلَى أَنْ طَالَبَكَ أَبُوكَ بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِكَ أَوِ الانْتِقَالِ عَنْهُ وَأَنْ يَهْجُرَكَ طُولَ عُمْرِهِ وَبَذَلَ لَكَ وَزْنَ الصَّدَاقِ مِنْ مَالِهِ فَأَطَعْتَ أَبَوَيْكَ وَطَلَّقْتَ الْمَرْأَةَ وَوَزَنَ أَبُوكَ الصَّدَاقَ وَلَحِقَكَ غَمٌّ شَدِيدٌ وَبُكَاءٌ وَامْتِنَاعٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 عَنِ الطَّعَامِ فَجَاءَتْكَ أُمُّكَ وَقَالَتْ لَكَ لِمَ تَغْتَمُّ عَلَى هَذِهِ الْقَحْبَةِ أَنَا أَهَبُ لَكَ جَارِيَتِي الْمُغَنِّيَةَ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا وَهِيَ بِكْرٌ وَصَالِحَةٌ وَتِلْكَ ثَيِّبٌ فَاجِرَةٌ وَأَجْلُوهَا عَلَيْكَ كَمَا يُفْعَلُ بِالْحَرَائِرِ وَأُجَهِّزُهَا مِنْ مَالِي وَمَالِ أَبِيكَ بِأَحْسَنِ مِنَ الْجِهَازِ الَّذِي نُقِلَ إِلَيْكَ فَلَمَّا سَمِعْتَ ذَلِكَ زَالَ غَمُّكَ وَأَجَبْتَهَا فَوَافَقْتَ عَلَى ذَلِكَ وَأَصْلَحَتِ الْجِهَازَ وَصَاغَتِ الْحُلِيَّ عَلَيْكَ وَأَوْلَدْتَهَا أَوْلادَكَ هَؤُلاءِ وَهِيَ الآنَ قَعِيدَةُ بَيْتِكَ فَهَذَا بَابٌ وَاحِدٌ مِمَّا أَعْرِفْهُ مِنْ أُمِّكَ وَبَابٌ آخَرُ وَبَدَأَتْ تُحَدِّثُ فَقَالَ حَسْبِي حَسْبِي اقْطَعِي لَا تَقُولِي شَيْئًا لَعَنَ اللَّهُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَلا رَحِمَهَا وَلَعَنَكِ مَعَهَا وَقَامَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَبْكِي وَيَقُولُ خَرِبَ وَاللَّهِ بَيْتِي وَاحْتَجْتُ إِلَى مُفَارَقَةِ أُمِّ أَوْلادِي وَأَخَذَ بِيَدِي وَقُمْتُ وَفِي قَلْبِي حَسْرَةٌ كَيْفَ لَمْ أَسْمَعْ بَاقِي مَا أَرَادَتِ الْعَجُوزُ أَنْ تُحَدِّثُنَا بِهِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ النُّصَيْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ النَّحْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ كُنْتُ سَنَةً مِنَ السِّنِينَ جَالِسًا فِي دَرْبِي إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ وَالْهَيْئَةِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ نِعْمَةٍ فَسَأَلَ عَنْ دَارٍ فَارِغَةٍ فِي الدَّرْبِ يَكْتَرِيهَا وَكَانَ أَكْثَرُ الدَّرْبِ لِي فَقُمْتُ مَعَهُ إِلَى دَارٍ فِيهِ كَبِيرَةٍ حَسَنَةٍ فَارِغَةٍ فَأَرَيْتُهُ إِيَّاهَا فَاسْتَحْسَنَهَا وَوَزَنَ لِي أُجْرَتَهَا لِشَهْرٍ وَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ جَاءَ وَجَاءَ مَعَهُ غُلامٌ فَفَتَحَا الْبَابَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 وَكَنَسَ الْغُلامُ الدَّارَ وَرَشَّ وَجَلَسَ هُوَ وَمَضَى الْغُلامُ وَعَادَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَمَعَهُ عِدَّةُ حَمَّالِينَ وَامْرَأَةٌ فَدَخَلُوا الدَّارَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ فَمَا سَمِعْنَا لَهُمْ حَرَكَةً وَخَرَجَ الْغُلامُ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَقِيَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الدَّارِ فَمَا فَتَحَا الْبَابَ أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَقُلْتُ وَيْحَكَ مَالَكَ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنَّهُ مُسْتَتَرٌ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَسَأَلَنِي أَنْ أَنْدُبَ لَهُ رجل يَبْتَاعُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يُرِيدُهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَفَعَلْتُ فَكَانَ يَخْرُجُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ فَيَزِنَ دَرَاهِمَ كَثِيرَةً فَيُعْطِيهَا لِلْغُلامِ الَّذِي نَصَّبْتُهُ لَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا مَا يَكْفِيهِ لِطُولِ تِلْكَ الأَيَّامِ مِنَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْفَاكِهَةِ وَالنَّبِيذِ وَالأَبْقَالِ وَيَصُبُّ الْمَاءَ فِي الْحُبَابِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي قَدْ أَعَدَّهَا لِتِلْكَ الأَيَّامِ وَلا يَفْتَحُ الْبَابَ أَوْ يَنْقَضِيَ ذَلِكَ الزَّادُ فَكَانَ عَلَى هَذَا سَنَةً وَلا يَجِيءُ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَلا يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ أَحَدٌ وَلا أَرَاهُ أَنَا وَلا غَيْرِي إِلَى أَنْ جَاءَ فِي لَيْلَةٍ وَقْتَ الْمَغْرِبِ فَدَقَّ بَابِي فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ مَالَكَ فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ زَوْجَتِي قَدْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَأَغِثْنِي بِقَابِلَةٍ وَكَانَ فِي دَارِي قَابِلَةٌ لأُمِّ أَوْلادِي فَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ لَيْلَتَهَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَتْنِي فَذَكَرَتْ أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ فِي اللَّيْلِ بِنْتًا وَأَنَّهَا أَصْلَحَتْ أُمُورَهَا وَأَنَّ النُّفَسَاءَ فِي حَالَةِ التَّلَفِ وَعَادَتْ إِلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ فَجَاءَتِ الْقَابِلَةُ فَأَخْبَرَتْنَا فَقَالَ الله اللَّهَ أَنْ تَجِيئَنِي امْرَأَةٌ أَوْ يَلْطِمَ أَحَدٌ أَوْ يَجِيءَ أَحَدٌ مِنَ الْجِيرَانِ فَيُعَزِّيَنِي أَوْ يَصِيرَ لِي جَمْعٌ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَوَجَدْتُهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَالشَّهِيقِ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ فَأَحْضَرْتُ لَهُ الْجَِنَازَةَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَنْفَذْتُ مَنْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَقْبَرَةٍ قَرِيبًا مِنَّا فَانْصَرَفَ الْحَفَّارُونَ لَمَّا أَمْسَوْا وَقَدْ كَانَ وَافَقَنِي عَلَى صَرْفِهِمْ وَقَالَ لَا أُرِيدُ أَنْ يَرَانِي أَحَدٌ وَأَنَا وَأَنْتَ نَحْمِلُ الْجَِنَازَةَ إِنْ تَفَضَّلْتَ بِذَاكَ وَرَغِبْتُ فِي الثَّوَابِ وَنَلِيَ دَفْنَهَا فَاسْتَحْيَيْتُ وَقُلْتُ لَهُ أَفْعَلُ فَلَمَّا قَرُبَتِ الْعَتْمَةُ خَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ تُخْرِجُ الْجَِنَازَةَ فَقَالَ تَتَفَضَّلُ أَوَّلا تَنْقُلُ هَذِهِ الصَّبِيَّةُ إِلَى دَارِكَ عَلَى شَرْطٍ قُلْتُ وَمَا هُوَ قَالَ إِنَّ نَفْسِي لَا تُطِيقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 الْجُلُوسَ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَعْدَ صَاحِبَتِي وَلا الْمَقَامَ فِي الْبَلَدِ وَمَعِي مَالٌ عَظِيمٌ وَقُمَاشٌ فَتَفَضَّلْ بِأَخْذِهِ وَتَأَخْذُ الصَّبِيَّةَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَثْمَانِ الأَمْتِعَةِ إِلَى أَنْ تَكْبُرَ الصَّبِيَّةُ فَإِنْ مَاتَتْ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَإِنْ عَاشَتْ فَهُوَ يَكْفِيهَا إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مَبْلَغَ النِّسَاءِ فَحِينَئِذٍ تُدَبِّرُ أَمْرَهَا بِمَا تَرَى وَأَنَا أَمْضِي بَعْدَ الدَّفْنِ فَأَخْرُجُ عَنِ الْبَلْدَةِ فَوَعَظْتُهُ وَثَبَّتُّهُ فَلَمْ يَكُنْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ فَنَقَلْتُ الصَّبِيَّةَ إِلَى بَيْتِي وَحَمَلَ الْجَِنَازَةَ وَأَنَا مَعَهُ أُسَاعِدُهُ فَلَمَّا صِرْنَا عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ قَالَ لِي تَتَفَضَّلُ وَتَبْتَعِدُ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَّدِعَهَا فَأَكْشِفَ وَجْهَهَا فَأَرَاهُ ثُمَّ أَدْفِنَهَا فَفَعَلْتُ فَحَلَّ وَجْهَهَا وَأَكَّبَّ عَلَيْهَا يُقَبِّلُهَا ثُمَّ شَدَّ كَفَنَهَا وَأَنْزَلَهَا الْقَبْرَ ثُمَّ سَمِعْتُ صَيْحَةً مِنَ الْقَبْرِ فَفَزِعْتُ فَجِئْتُ فَاطَّلَعْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ أَخْرَجَ سَيْفًا كَانَ مُعَلَّقًا تَحْتَ ثِيَابِهِ مُجَرَّدًا وَأَنَا لَا أَعْلَمُ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فِي فُؤَادِهِ وَخَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ وَصَاحَ تِلْكَ الصَّيْحَةَ وَمَاتَ كَأَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ عَجَبًا شَدِيدًا وَخِفْتُ أَنْ يُدْرَكَ فَيَصِيرَ قِصَّةً فَأَضْجَعْتُهُ فَوْقَهَا فِي اللَّحْدِ وَغَيَّبْتُ عَلَيْهِمَا اللَّبِنَ وَهِلْتُ التُّرَابَ وَأَحْكَمْتُ أَمْرَ الْقَبْرِ وَصَبَبْتُ عَلَيْهِ جِرَارَ مَاءٍ كَانَتْ لَنَا فِي الْمَكَانِ وَعُدْتُ فَنَقَلْتُ كُلَّ مَا كَانَ فِي الدَّار إِلَى دَاري وعزلته فِي بَيت وَخَتَمْتُهُ وَقُلْتُ هَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ عَاقِبَةٌ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ أَمَسَّ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَالْمَتَاعِ شَيْئًا وَكَانَ جَلِيلا يُسَاوِي أُلُوفَ دَنَانِيرَ وَأَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَى هَذِهِ الطِّفْلَةِ وَأَعُدُّهَا مَلْقُوطَةً مِنَ الطَّرِيقِ رَبَّيْتُهَا لِلثَّوَابِ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَمَضَى عَلَى مَوْتِ الْغُلامِ وَالْجَارِيَةِ نَحْوُ سَنَةٍ فَإِنِّي لَجَالِسٌ عَلَى بَابِي يَوْمًا إِذِ اجْتَازَ شَيْخٌ عَلَيْهِ أَثَرُ النُّبْلِ وَالْيَسَارِ وَتَحْتَهُ بَغْلَةٌ فَارِهَةٌ وَبَيْنَ يَدَيْهِ غُلامٌ أَسْوَدُ فَسَلَّمَ وَوَقَفَ وَقَالَ مَا اسْمُ هَذَا الدَّرْبِ فَقُلْتُ دَرْبَ فَتْحٍ فَقَالَ أَنْتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مُنْذُ كَمْ سَكَنْتَهُ قُلْتُ مُنْذُ نَشَأْتُ وَإِلَيَّ يُنْسَبُ وَأَكْثَرُهُ لِي فَثَنَى رِجْلَهُ وَنَزَلَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَأَكْرَمْتُهُ فَجَلَسَ تُجَاهِي يُحَادِثُنِي وَقَالَ لِي حَاجَةٌ فَقُلْتُ قُلْ فَقَالَ أَتَعْرِفُ فِي هَذِهِ النَّاحِيَةِ إِنْسَانًا وَافَى مُنْذُ سَنَتَيْنِ شَابٌّ مِنْ حَالِهِ وَصِفَتِهِ فَوَصَفَ الْغُلامَ واكترى هَا هُنَا دَارًا فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَمَا كَانَتْ قِصَّتُهُ وَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ انْتَهَى أَمْرُهُ فَقُلْتُ وَمَنْ أَنْتَ مِنْهُ حَتَّى أُخْبِرَكَ قَالَ تُخْبِرُنِي فَقُلْتُ لَا أَفْعَلُ أَوْ تَصْدُقَنِي فَقَالَ أَنَا أَبُوهُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ عَلَى أَتَمِّ شَرْحٍ فَأَجْهَشَ بِالْبُكَاءِ وَقَالَ مُصِيبَتِي أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ فَقَدَّرْتُهُ يُومِئُ إِلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَقُلْتُ لَعَلَّهُ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَبَكَى وَقَالَ لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ فَأَيْنَ الطِّفْلَةُ فَقُلْتُ عِنْدِي وَالْمَتَاعُ فَقَالَ تُعْطِينِي الطِّفْلَةَ فَقُلْتُ لَا أَفْعَلُ أَوْ تَصْدُقَنِي فَقَالَ تُعْفِينِي فَقُلْتُ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ إِلا فَعَلْتَ فَقَالَ يَا أَخِي مَصَائِبُ الدُّنْيَا كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا أَنَّ ابْنِي هَذَا نَشَأَ فَأَدَّبْتُهُ وَعَلَّمْتُهُ وَنَشَأَتْ لَهُ أُخْتٌ لَمْ يَكُنْ بِبَغْدَادَ أَحْسَنَ مِنْهَا وَكَانَتْ أَصْغَرَ سِنًّا مِنْهُ فَعَشِقَهَا وَعَشِقَتْهُ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ثُمَّ ظَهَرَ أَمْرُهُمَا فَزَجَرْتُهُمَا وَأنْكرت عَلَيْهَا وَانْتَهَى الأَمْرُ إِلَى أَنِ افْتَرَعَهَا فَبَلَغَنِي ذَلِكَ فَضَرَبْتُهُ بِالْمَقَارِعِ وَإِيَّاهَا وكتمت خبرهما لِئَلَّا أفضتح فَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا وَحَجَرْتُ عَلَيْهِمَا وَشَدَّدَتْ عَلَيْهِمَا أُمُّهِمَا مِثْلَ تَشْدِيدِي فَكَانَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى حِيلَةٍ كَالْغَرِيبَانِ فَبَلَغَنَا ذَلِكَ فَأَخْرَجْتُ الْغُلامَ مِنَ الدَّارِ وَقَيَّدْتُ الْجَارِيَةَ فَكَانَا عَلَى ذَلِكَ شُهُورًا كَثِيرَةً وَكَانَ يَخْدُمُنِي غُلامٌ لِي كَالْوَلَدِ فَتَمَّتْ لِوَلَدِي عَلَيَّ حِيلَةٌ بِهِ يَتَرَسَّلُ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَخَذُوا مِنِّي مَالا جَلِيلا وَقُمَاشًا كَثِيرًا وَهَرَبُوا مُنْذُ سِنِينَ وَعَمِلُوا عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ وَالْهَرَبِ حِيلَةً طَوِيلَةَ الشَّرْحِ فَلَمْ أَقِفْ لَهُمْ عَلَى خَبَرٍ وَهَانَ عَلَيَّ فَقْدُ الْمَالِ لِبُعْدِهِمَا فَاسْتَرَحْتُ مِنْهُمَا إِلا أَن نَفسِي كَانَت تحف إِلَيْهِمَا فَبَلَغَنِي أَنَّ الْغُلامَ فِي بَعْضِ السِّكَكِ مُنْذُ أَيَّامٍ فَكَبَسْتُ عَلَيْهِ الدَّارَ فَصَعَدَ إِلَى السَّطْحِ فَقُلْتُ لَهُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ يَا فُلانُ مَا فَعَلَ وَلَدَايَ فَقَدْ قَتَلَنِي الشَّوْقُ إِلَيْهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 وَأَنْتَ آمِنٌ فَقَالَ لِي عَلَيْكَ بِدَرْبِ فَتْحٍ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فَسَلْ عَنْهُمَا هُنَاكَ وَرَمَى نَفْسَهُ إِلَى سَطْحٍ آخَرَ وَهَرَبَ وَأَنَا أَعْرِفُ بِفُلانٍ مِنْ مَيَاسِيرِ التُّجَّارِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَأَخَذَ يَبْكِي وَقَالَ تَقِفُنِي عَلَى الْقَبْرِ فَجِئْتُ بِهِ حَتَّى وَقَفْتُهُ عَلَى الْقَبْرِ ثُمَّ جَاءَ فَأَدْخَلْتُهُ دَارِي فَأَرَيْتُهُ الصَّبِيَّةَ فَجَعَلَ يَتَرَشَّفُهَا وَيَبْكِي وَأَخَذَهَا وَنَهَضَ فَقُلْتُ مَكَانَكَ انْقُلْ مَتَاعَكَ قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْهُ وَسِعَةٍ فَمَا زلت أداريه إِلَى أَنْ عَلِقْتُ بِهِ وَقُلْتُ خُذِ الْمَالَ وَأَرِحْنِي مِنْ تَبِعَتِهِ فَقَالَ عَلَى شَرْطٍ نَقْسِمُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا تَلَبَّسْتُ مِنْهُ بِحَبَّةٍ قَالَ فَاطْلُبْ حَمَّالِينَ فَجِئْتُ بِهِمْ فَحَمَلَ تِلْكَ التَّرِكَةَ وَالصَّبِيَّةَ وَانْصَرَفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 الْبَابُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ مَنْ كَفَرَ بِسَبِبِ الْعِشْقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يعبد الله بساحل الْبَحْر ثلثمِائة عَامٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ إِنَّهُ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فِي سَبَبِ امْرَأَةٍ عَشِقَهَا وَتَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ اللَّهُ بِبَعْضِ مَا كَانَ مِنْهُ فَتَابَ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَعْمِلُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْقَصِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ الْحَارِثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن السَّلمَانِي عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَّ صَوَاحِبَاتُ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَكُرْسُفٍ يَعْنِي النِّسَاءَ قِيلَ وَمَا كُرْسُفُ قَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ عَبَدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ثلثمِائة سَنَةٍ فَمَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ فَكَفَرَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَدَارَكَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا شَاءَ مِنْ عِبَادَتِهِ فَتَابَ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْبُسْرِي عَنْ أبي عبد الله ابْن بَطَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي سُنَيْدٌ سَمِعْتُ حَجَّاجًا يَقُولُ رَأَيْتُ رَجُلا عَشِقَ فَتَنَصَّرَ سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بن عبيد الله الزاغوي يَحْكِي أَنَّ رَجُلا اجْتَازَ بِبَابِ امْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ فَرَآهَا فَهَوِيَهَا مِنْ وَقْتِهِ وَزَادَ الأَمْرُ بِهِ حَتَّى غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَارَسْتَانِ وَكَانَ لَهُ صَدِيقٌ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ وَيَتَرَّسَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثُمَّ زَادَ الأَمْرُ بِهِ فَقَالَتْ أُمُّهُ لِصَدِيقِهِ إِنِّي أَجِيءُ إِلَيْهِ وَلا يُكَلِّمُنِي فَقَالَ تَعَالِي مَعِي فَأَتَتْ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ صَاحِبَتَكَ قَدْ بَعَثَتْ إِلَيْكَ بِرِسَالَةٍ فَقَالَ كَيْفَ فَقَالَ هَذِهِ أُمُّكَ تُؤَدِي رِسَالَتَهَا فَجَعَلَتْ أُمُّهُ تُحَدِّثُهُ عَنْهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ ثُمَّ إِنَّهُ زَادَ الأَمْرُ عَلَيْهِ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْت فَقَالَ لصيدقه قَدْ جَاءَ الأَجَلُ وَحَانَ الْوَقْتُ وَمَا لَقِيتُ صَاحِبَتِي فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَلْقَاهَا فِي الآخِرَةِ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ أَرْجِعُ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ وَأَقُولُ عِيسَى وَمَرْيَمَ وَالصَّلِيبَ الأَعْظَمَ فَقَالَ ذَلِكَ وَمَاتَ فَمَضَى صَدِيقُهُ إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ فَوَجَدَهَا مَرِيضَةٌ فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَجَعَلَ يُحَدِّثُهَا فَقَالَتْ أَنَا مَا لَقِيتُ صَاحِبِي فِي الدُّنْيَا وَأُرِيدُ أَنْ أَلْقَاهُ فِي الآخِرَةِ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَا بَرِيئَةٌ مِنْ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ فَقَامَ أَبُوهَا فَقَالَ لِلْرَجُلِ خُذُوهَا الآنَ فَإِنَّهَا مِنْكُمْ فَقَامَ الرَّجُلُ لِيَخْرُجَ فَقَالَتْ لَهُ قِفْ سَاعَةً فَوَقَفَ فَمَاتَتْ وَبَلغنِي عَنْ رَجُلٍ كَانَ بِبَغْدَادَ يُقَالُ لَهُ صَالِحُ الْمُؤَذِّنُ أَذَّنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَكَانَ يُعْرَفُ بِالصَّلاحِ أَنَّهُ صَعَدَ يَوْمًا إِلَى الْمَنَارَةِ لِيُؤَذِّنَ فَرَأَى بِنْتَ رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ كَانَ بَيْتُهُ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَافْتُتِنَ بِهَا فَجَاءَ فَطَرَقَ الْبَابَ فَقَالَتْ مَنْ فَقَالَ أَنَا صالِحٌ الْمُؤَذِّنُ فَفَتَحَتْ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ ضَمَّهَا إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 فَقَالَتْ أَنْتُمْ أَصْحَابُ الأَمَانَاتِ فَمَا هَذِهِ الْخِيَانَةِ فَقَالَ إِنْ وَافَقْتِنِي عَلَى مَا أُرِيدُ وَإِلا قَتَلْتُكِ فَقَالَتْ لَا إِلا أَنْ تَتْرُكَ دِينَكَ فَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلامِ وَمِمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ثُمَّ دَنَا إِلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّمَا قُلْتُ هَذِهِ لِتَقْضِي غَرَضَكَ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى دِينِكَ فَكُلْ مِنْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَأَكَلَ قَالَتْ فَاشْرَبِ الْخَمْرَ فَشَرِبَ فَلَمَّا دَبَّ الشَّرَابُ فِيهِ دَنَا إِلَيْهَا فَدَخَلَتْ بَيْتًا وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ وَقَالَتِ اصْعَدْ إِلَى السَّطْحِ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَبِي زَوَّجَنِي مِنْكَ فَصَعَدَ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَخَرَجَتْ فَلَفَّتْهُ فِي مَسْحٍ فَجَاءَ أَبُوهَا فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَأَخْرَجَهُ فِي اللَّيْلِ فَرَمَاهُ فِي السِّكَّةِ فَظَهَرَ حَدِيثُهُ فَرُمِيَ فِي مَزْبَلَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 الْبَابُ الرَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى قَتْلِ النَّاسِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّصَيْبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ عَنْ مَشْيَخَةِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ لَعَنَّهُ اللَّهُ رَأَى امْرَأَةً مِنْ تِيمِ الرَّبَابِ يُقَالُ لَهَا قَطَامُ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ تَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ قَدْ قُتِلَ قَوْمُهَا عَلَى هَذَا الرَّأْيِ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ فَلَمَّا أَبْصَرَهَا عَشِقَهَا فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُكَ إِلا عَلَى ثَلاثَةِ آلافٍ وَقَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا بَنَى بِهَا قَالَتْ لَهُ يَا هَذَا قَدْ فَرِغْتَ فَافْرَغْ فَخَرَجَ مُتَلَّبِسًا سِلاحَهُ وَخَرَجَتْ قَطَامُ فَضَرَبَتْ لَهُ قُبَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَخَرَجَ عَلِيٌّ يَقُولُ الصَّلاةَ الصَّلاةَ فَأَتْبَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى قَرْنِ رَأْسِهِ فَقَالَ الشَّاعِرُ لَمْ أَرَ مَهْرًا سَاقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ ... كَمَهْرِ قَطَامَ بَيْنَنَا غَيْرِ مُعْجَمِ ثَلاثَةُ آلافٍ وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ ... وَقَتْلُ عَلِيٍّ بِالْحُسَامِ الْمُصَمَّمِ فَلا مَهْرَ أَغْلَى مِنْ عَلِيٍّ وَإِنْ غَلا ... وَلافَتْكَ إِلا دُونَ فَتْكِ ابْنِ مُلْجَمِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَهْمِ الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ كَانَ لَهَا هَوًى فَقَالَتْ لَا أَرْضَى حَتَّى تَقْتُلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 فُلانًا لِسَيِّدِهَا فَقَتَلَهُ وَأَعَانَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ وَأَخَذَتْ مَعَهُ فَتَحَابَلَتْ فَتَرَكُوهَا قَرِيبًا مِنْ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا حَمْلَ بِهَا قَتَلُوهَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن إِدْرِيسَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرَ الْمَعْرُوفَ بِالطَّلِيقِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ يَتَعَشَّقُ جَارِيَةً كَانَ أَبُوهُ قَدْ رَبَّاهَا مَعَهُ وَذَكَرَهَا لَهُ ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَأْثَرَهَا وَخَلا مَعَهَا فَيُقَالُ إِنَّهُ اشْتَدَّتْ غَيْرَتُهُ لِذَلِكَ وَانْتَضَى سَيْفًا وَتَغَفَّلَ أَبَاهُ فِي بَعْضِ خَلَوَاتِهِ فَقَتَلَهُ فَسَجَنَهُ الْمَنْصُورُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ سِنِينَ وَقَالَ فِي السِّجْنِ أَشْعَارًا رَائِعَةً اشْتُهِرَ بِهَا ثُمَّ أُطْلِقَ فَلُقِّبَ الطَّلِيقَ وَيُقَالُ إِنَّهُ اعْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ شَبِيهُ الْجُنُونِ وَكَانَ يُصْرَعُ فِي الأَوْقَاتِ فَأَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ نَافِعُ بْنُ رِيَاضٍ الشَّاعِرُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ أَعْقَابَ ذَلِكَ فَوَجَدَهُ قَاعِدًا عَلَى مَاءٍ فَأَنْشَدَهُ فَأَمَرَ لَهُ بِصَلَةٍ وَعَلَى رَأْسِهِ خَادِمٌ صَقْلَبِيٌّ يسْتَحِثُّهُ وَيَسْتَعْجِلُهُ الْخُرُوجَ فَلَمَّا خَرَجَ أَخْبَرَهُ ذَلِكَ الْخَادِمُ أَنه يصرع وَأَنه إِذا احسن بِالصَّرَعِ رَمَى نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ وَهَذِهِ عَادَتُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجِدُ لِذَلِكَ خِفَّةً وَأَنَّ اسْتِعْجَالَهُ إِيَّاهُ كَانَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ خَوْفَ فُجَاءَتِهِ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَمِنْ أَشْعَارِهِ فِي السِّجْنِ الْمَوْتُ أَحْسَنُ أَحْوَالا مِنْ أَحْوَالي ... أَقَلُّهُنَّ فِرَاقُ الأَهْلِ وَالْمَالِ لَا أَشْتَكِي اللَّهَ بَلْ أَشْكُو إِلَيْهِ فَكَمْ ... أَبْكِي وَحُزْنِي جَدِيدٌ لَيْسَ بِالْبَالِي أَضْحَى لِسَانِي وَكَفِّي صَاحِبَيْ قَدَمِي ... قَدْ قُيِّدَا دُونَ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 بِمَلْحَدٍ بَيْنَ مَوْتِي مِيتَتَيْنِ بِهِ ... مَوْتُ الْجَهَالَةِ فِي مَوْتٍ مِنَ الْحَالِ فَمَا يَشْكِي هِزَبْرٌ ضِيقَ خَلْخَالِ ... قَبْلِي وَلا دَفَنُوهُ بَيْنَ أَوْعَالِ يَمُرُّ بِي كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَصَائِبِهِ ... مَا لَا يَمُرُّ عَلَى وَهْمِ وَلا بَالِ وَكُلُّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ حَائِلَةٌ ... وَمَا يَحُولُ مِنَ الأَحْوَالِ أَحْوَالِي وَمَا حَيِّيتُ لأَنَّ الْعَيْشَ أَحْمَدُ لِي ... لَكِنْ حَيِّيتُ لأَنَّ الْمَوْتَ أَحْيَى لِي وَكَيْفَ جَازَ لِدَهْرِي أَنْ يَرَى عُطُلا ... حَالِي بِهِ وَهُوَ مِنْ مَجْدِي بِهِ حَالِي فَمَا أعر زَمَانِي إِذْ ذَلَلْتُ بِهِ ... وَمَا أَذَلَّ الْمَعَالِي يَوْمَ إِذْلالِي فَلَيْتَ شِعْرِيَ هَلْ يَبْدُو لَنَا زَمَنٌ ... يَبْدُو بِأَيَّامِهِ فَضْلٌ لِمْفِضَالِ قَالَ وَمِمَّا يُسْتَحْسَنُ لَهُ فِي وَصْفِ الْكَأْسِ أَصْبَحَتْ شَمْسًا وَفُوهَ مَغْرِبَا ... وَيَدُ السَّاقِي الْمُحَيِّي مُشْرِقَا فَإِذَا مَا غَرَبَتْ فِي فَمِّهِ ... تَرَكَتْ فِي الْخَدِّ مِنْهُ شَفَقَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدثنَا الْحسن ابْن عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ كَانَتْ رَقَاشُ امْرَأَةٌ مِنْ إِيَّادِ بْنِ نَزَارٍ وَكَانَ أَبُوهَا يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا فَخَطَبَهَا رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهَا فَأَعُجِبَتْ بِهِ وَوَقَعَ مِنْ قَلْبِهَا فَامْتَنَعَ أَبُوهَا مِنْ تَزْوِيجِهِ فَسَقَتْ أَبَاهَا شَرْبَةً فَلَمَّا وَجَدَ حِسَّ الْمَوْتِ قَالَ يَا رَقَاشُ قَتَلْتِنِي لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنِّي وَسَوْفَ يَنَالُكِ وَبَالُ النِّقْمَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 قَالَ فَلَمَّا هَلَكَ أَبُوهَا تَزَوَّجَتْ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ ضَرَبَهَا فَقِيلَ لَهَا يَا رَقَاشُ ضَرَبَكِ زَوْجُكِ فَقَالَتْ مَنْ قَلَّ نَاصِرُهُ اعْتَرَفَ بِالذُّلِّ ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَقِيلَ يَا رَقَاشُ تَزَوَّجَ عَلَيْكَ زَوْجُكِ فَلَوْ سَأَلْتِيهِ الطَّلاقَ قَالَتْ لَا أَبْغِي الشَّرَّ بِالشَّرِّ وَحَسْبُكِ بِالطَّلاقِ عَيْبًا بِالْحُرَّةِ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ النَّقِيبُ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَانَ يَخْدِمُنِي أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلاقِ أَنْ لَا يَحْضُرُ أَبَدًا دَعْوَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْ سَبِبِ ذَلِكَ فَقَالَ كُنْتُ قَدِ انْحَدَرْتُ إِلَى الْبَصْرَةِ مِنْ بَغْدَادَ فَصَعَدْتُ إِلَى بَعْضِ مَشَارِعِ الْبَصْرَةِ فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ فَكَنَّانِي بِغَيْرِ كُنْيَتِي وَبَشَّ بِي وَاحْتَفَى وَجَعَلَ يُسَائِلُنِي عَنْ قَوْمٍ لَا أَعْرِفُهُمْ وَكُنْتُ غَرِيبًا لَا أَعْرِفُ مَكَانًا فَقُلْتُ أَبِيتُ عِنْدَهُ اللَّيْلَةَ إِلَى غَدٍ فَأَطْلُبُ مَكَانًا فَوَهَّمْتُ عَلَيْهِ فِي الْقَوْلَ فَجَذَبَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ وَمَعِي رَجُلٌ صَالِحٌ وَفِي كُمِّي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُ دَارًا حَسَنَةً وَحَالا مُتَوَسِّطًا وَإِذَا عِنْدَهُ دَعْوَةٌ وَهُمْ عَلَى نَبِيذٍ وَقَدْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ فَشَبَّهَنِي بِصَدِيقٍ كَانَ لَهُ وَكَانَ فِيمَنْ كَانَ عِنْدَهُ غُلامٌ أَمْرَدُ فَلَمَّا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا لِلْنَوْمِ نَدِمْتُ عَلَى فِعْلِي وَنَامَتِ الْجَمَاعَةُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ طَوِيلَة رَأَيْت احْمَد الْجَمَاعَةِ قَدْ قَامَ إِلَى الْغُلامِ الأَمْرَدِ فَفَسَقَ بِهِ وَرَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِ الْغُلامِ فَاسْتَيْقَظَ صَاحِبُ الْغُلامِ وَحَرَّكَهُ فَقَالَ لَهُ الْغُلامُ مَا تُرِيدُ أَلَمْ تُكُنِ السَّاعَةَ عِنْدِي وَفَعَلْتَ بِي كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ لَا فَقَالَ قَدْ جَاءَنِي السَّاعَةَ مَنْ فَعَلَ بِي كَذَا وَظَنَنْتُ أَنَّكَ هُوَ أَنْتَ فَلَمْ أَتَحَرَّكْ وَلَمْ أَظُنَّ أَنَّ أَحَدًا يَجْسُرُ عَلَيْكَ فَنَخَرَ الرَّجُلُ وَجَرَّدَ سِكِّينًا فِي وَسَطِهِ وَاتَّفَقَ أَنَّهُ بَدَأَ بِصَاحِبِ الْخِيَانَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 وَأَنَا أَرْعُدُ فَزِعًا وَلَوْ كَانَ بَدَأَ بِي فَوَجَدَنِي أَرْعُدُ لَقَتَلَنِي وَكَانَ يَظُنُّ أَنَّنِي صَاحِبُ الْقِصَّةِ فَلِمَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ حَيَاتِي بَدَأَ بِصَاحِبِ الْقِصَّةِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَلْبِهِ فَوَجَدَهُ يَخْفِقُ وَقَدْ تَنَاوَمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ يَرْجُو بِذَلِكَ السَّلامَةَ فَوَضَعَ السِّكِّينَ فِي فُؤَادِهِ وَأَمْسَكَ فَاهُ فَاضْطَرَبَ الرَّجُلُ وَتَلَفَ وَأَخَذَ بِيَدِ غُلامِهِ وَانْصَرَفَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ بَهْلُولُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْقَاضِي صَاحِبُ الرَّبْعِ بِبَابِ الشَّامِ قَالَ كُنْتُ أَعْمَلُ مَعَ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ بِبَغْدَادَ فَأَخْرَجَ لُصُوصًا مِنَ الْحَبْسِ وَاسْتَأَذْنَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ فِي قَتْلِهِمْ وَصَلْبِهِمْ عِنْدَ الْجِسْرِ فَأَذِنَ لَهُ فَصَلَبَهُمْ عِشَاءً وَكَانُوا عِشْرِينَ رَجُلا وَوَكَّلَ بِهِمْ جَمَاعَةً فَكُنْتُ فِيهِمْ وَالرَّئِيسُ عَلَيْنَا فُلانٌ وَقَالُوا كُونُوا عِنْدَ خَشَبِهِمْ بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَلَيْلَتِكُمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنْ غَدٍ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ فَبِتْنَا وَنِمْنَا فَاحْتَالَ بَعْضُ اللُّصُوصِ فِي أَنْ قَطَعَ الْحَبْلَ وَنَزَلَ مِنَ الْخَشَبَةِ فَمَا انْتَبَهْنَا إِلا بِصَوْتِ وُقُوعِهِ وَعَدْوِهِ فَعَدَا رَئِيسُنَا وَأَنَا خَلْفَهُ فَمَا لَحِقْنَاهُ وَخِفْنَا أَنْ يَتَشَوَّشَ الرِّجَالَةُ الْبَاقُونَ فَيُفْلِتَ إِنْسَانٌ آخَرُ فَرَجَعْنَا مُسْرِعِينَ وَجَلَسْنَا مَغْمُومِينَ نُفَكِّرُ مَاذَا نَعْمَلُ فَقَالَ رَئِيسُنَا إِنَّ صَاحِبَ الشُّرْطَةِ لَا يُقِيلَ عَثْرَةً وَلا يَقْبَلُ عُذْرًا وَيَقَعُ لَهُ أَنَّنِي قَدْ أَخَذْتُ مِنَ اللِّصِّ مَالا وَأَطْلَقْتُهُ فَيَضْرِبُنِي لِلتَّقْرِيرِ فَلا أُقِرُّ فَيَقَعُ لَهُ أَنِّي أَتَجَلَّدُ فَيَمِدُّ الضَّرْبَ عَلَيَّ إِلَى أَنْ أَتْلَفَ فَمَا الرَّأْيُ فَقُلْتُ لَهُ نَهْرَبُ قَالَ فَمِنْ أَيْنَ نَعِيشُ فَقُلْتُ هَذَا نَصْفُ اللَّيْلِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا جَرَى أَحَدٌ فَقُمْ فَلَنْ يَخْلُوَ أَنْ يَقَعَ بِأَيْدِينَا مَشْئُومٌ قَدْ جَاءَتْ مَنِّيَتُهُ فَنُوثِقَهُ وَنَصْلُبَهُ وَنُقُولُ سَلَّمْتَ إِلَيْنَا عِشْرِينَ رَجُلا وَهَؤُلاءِ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ مَا أَثْبَتَ حِلاهُمْ فَقَالَ هَذَا صَوَابٌ فَقُمْنَا نَطُوفُ وَسَلَكْنَا طَرِيقَ الْجِسْرِ لِنَعْبُرَ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 فَرَأَيْنَا فِي أَسْفَلِ كُرْسِيِّ الْجِسْرِ رَجُلا يَبُولُ فَعَدَلْنَا إِلَيْهِ فَقَبَضْنَا عَلَيْهِ فَصَاحَ يَا قَوْمِ مَا لَكُمْ أَنَا مَلاحٌ صَعَدْتُ مِنَ سُمَيْرِيَّتِي أَبُولُ وَهَذِهِ سُمَيْرِيَّتِي وَأَوْمَأَ إِلَيْهَا أَيُّ شَيْءٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَضَرَبْنَاهُ وَقُلْنَا أَنْتَ اللِّصُّ الَّذِي هَرَبَ مِنَ الْخَشَبَةِ وَجِئْنَا بِهِ وَرَقَيَّنْاهُ إِلَى الْخَشَبَةِ وَصَلَبْنَاهُ مَكَانَ الْهَارِبِ وَهُوَ يَصِيحُ طُولَ اللَّيْلِ وَيَبْكِي فَتَقَطَّعَتْ قُلُوبُنَا رَحْمَةً لَهُ وَقُلْنَا مَظْلُومٌ وَلَكِنْ مَا الْحِيلَةُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَكِبَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَجَاءَ لِيَضْرِبَ أَعْنَاقَ الْقَوْمِ فَصَاحَ بِهِ الْمَلاحُ بِوُقُوفِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ادْعُ بِي وَاسْمَعْ كَلامِي فَلَسْتُ مِنَ اللُّصُوصِ الَّذِينَ أَخْرَجْتَهُمْ وَأَمَرْتَ بِصَلْبِهِمْ وَأَنَا مَظْلُومٌ وَقَدْ وَقَعَتْ بِي حِيلَةٌ فَأَنْزَلَهُ وَقَالَ مَا قِصَّتُكَ فَشَرَحَ لَهُ حَدِيثَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَدَعَا بِنَا وَقَالَ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَقُلْنَا مَا نَعْرِفُ مَا يَقُولُ سَلَّمْتُ إِلَيْنَا عِشْرِينَ رَجُلا وَهَؤُلاءِ عِشْرُونَ فَقَالَ قَدْ أَخَذْتُمْ مِنَ اللِّصِّ دَرَاهِمَ وَأَطْلَقْتُمُوهُ وَاعْتَرَضْتُمْ مِنَ الطَّرِيقِ رَجُلا غَرِيبًا فَأَخَذْتُمُوهُ فَقُلْنَا مَا فَعَلْنَا هَذَا وَاللِّصُّ الَّذِي سَلَّمْتَ إِلَيْنَا هُوَ هَذَا فَضَرَبَ أَعْنَاقَ الْجَمَاعَةِ وَتَرَكَ الْمَلَّاحَ وَقَالَ هَاتُوا السَّجَّانِينَ وَالْبَوَّابِينَ فَجَاءُوا فَقَالَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْعِشْرِينَ الَّذِينَ أَخْرَجْنَاهُمْ فَتَأَمَّلُوهُ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالُوا لَا فَفَكَّرَ ثُمَّ أَمَرَ بِإِطْلاقِهِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوهُ إِلَيَّ فَرَدَدْنَاهُ فَقَالَ اشْرَحْ لِي قِصَّتُكَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ لَهُ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ إِيشِ كُنْتَ تَعْمَلُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَالَ كُنْتُ قَدْ بِتُّ فِي سُمَيْرِيَّتِي فَأَخَذَتْنِي بَوْلَةٌ فَصَعَدْتُ أَبُولُ قَالَ فَفَكَّرَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ أدصقني أَمْرَكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى أُطْلِقَكَ وَأَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَعْمَلُ هُنَاكَ حَتَّى أُطْلِقَكَ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ وَكَانَ مِنْ رَسْمِهِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَرِّرَ إِنْسَانًا قَرَّرَهُ وَهُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 وَوَرَاءَهُ جَمَاعَةٌ بِمَقَارِعَ فَإِذَا حَكَّ رَأْسَهُ ضُرِبَ الْمُقَرَّرُ وَاحِدَةً عَظِيمَةً فَيَقُولُ هُوَ لِلَّذِي ضَرَبَهُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ يَا فَاعِلُ يَا صَانِعُ مَنْ أَمَرَكَ بِضَرْبِهِ وَلِمَ ضَرَبْتَهُ تَقَدَّمَ يَا هَذَا لَا بَأْسَ عَلَيْكَ اصْدُقْ وَقَدْ نَجَوْتَ فَإِنْ أَقَرَّ وَإِلا حَكَّ رَأسه ثَانِيَة وثالثة أبدا عل هَذَا وَكَذَا كَانَتْ عَادَتُهُ فِي جَمِيعِ الْجُنَاةِ فَلَمَّا أَطَالَ عَلَيْهِ الْمَلاحُ حَكَّ رَأْسَهُ فَضَرَبَ قَفَاهُ بَعْضُ الْقَائِمِينَ بِمِقْرَعَةٍ عَظِيمَةٍ فَصَاحَ صِيَاحًا شَدِيدًا فَقَالَ هُوَ مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا يَا فَاعِلُ يَا صَانِعُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكَ ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاحِ اصْدُقْ وَانْجُ بِنَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ لاملاح اللَّهُ شَاهِدٌ عَلَيْكَ أَنِّي آمِنٌ عَلَى نَفْسِي وَأَعْضَائِي حَتَّى أَصْدُقَ قَالَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ أَنَا رَجُلٌ مَلاحٌ أَعْمَلُ فِي الْمِشْرَعَةِ الْفُلانِيَّةِ يَعْرِفُنِي جِيرَانِي بِالسِّتْرِ كُنْتُ قَدْ سَرَحْتُ سُمَيْرِيَّتِي الْبَارِحَةَ بَعْدَ الْعَتْمَةِ أَتَفَرَّجُ فِي الْقَمَرِ فَنَزَلَ خَادِمٌ مِنْ دَارٍ لَا أَعْرِفُهَا فَصَاحَ يَا مَلاحُ فَتَقَدَّمْتُ فَسَلَّمَ إِلَيَّ امْرَأَةً حَسَنَةً وَمَعَهَا صَبِّيتَانِ وَأَعْطَانِي دِرْهَمًا صَحِيحًا وَقَالَ احْمِلْ هَؤُلاءِ إِلَى بَابِ الشُّمَاسِيَّةِ فَصَاعَدْتُ بِهِمْ قِطْعَةً مِنَ الطَّرِيقِ فَكَشَفَتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا فَإِذَا هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا كَالْقَمَرِ فَاشْتَهَيْتُهَا فَعَلَّقْتُ مَجَادِيفِي فِي الدَّرْنُوكِ وَأَخْرَجْتُ السَّفِينَةَ إِلَى وَسَطِ دِجْلَةٍ وَتَقَدَّمْتُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَرَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَخَذَتْ تَصِيحُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَئِنْ صِحْتِ لأُغَرِّقَنَّكِ السَّاعَةَ فَسَكَتَتْ وَأَخَذَتْ تُمَانِعُنِي عَنْ نَفْسِهَا فَاجْتَهَدْتُ بِأَنْ أَقْدِرَ عَلَيْهَا فَمَا قَدَرْتُ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ هَاتَانِ الصَّبِيَّتَانِ مِنْكِ فَقَالَتْ بِنَاتِي فَقُلْتُ لَهَا أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ أَوْ أُغْرِقُ هَذِهِ وَقَبَضْتُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَتْ أَمَّا أَنَا فَلا أُطِيعُكَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَرَمَيْتُ إِحْدَى الصَّبِيَتَيْنِ فِي الْمَاءِ فصاحت فَضربت فاها وَصِحْتُ مَعَهَا وَاللَّهِ لَا طَلَّقْتُكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 وَلَوْ قَتَلْتِينِي لِيَشْتَبِهَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ عَسَاهُ يَسْمَعُ الصِّيَاحَ فِي اللَّيْلِ فَسَكَتَتْ وَأَقْبَلَتْ تَبْكِي فَتَرَكْتُهَا سَاعَةً ثُمَّ قُلْتُ لَهَا دَعِينِي وَإِلا أَغْرَقْتُ الأُخْرَى فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَا فَعَلْتُ فَأَخَذْتُ الصَّبِيَّةَ الأُخْرَى فرميت بهَا إى المَاء فَصَاحب وَصِحْتُ مَعَهَا ثُمَّ قُلْتُ لَهَا مَا بَقِيَ إِلا أَنْ أَقْتُلَكِ أَنْتِ فَدَعِينِي وَإِلا قَتَلْتُكِ وَأَخَذْتُهَا وَرَفَعْتُ يَدَيْهَا لأَرْمِي بِهَا إِلَى الْمَاءِ فَقَالَتْ أَدَعُكَ فَرَدَدْتُهَا إِلَى السُّمَيْرِيَّةِ فَمَكَّنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا فَوَطِئْتُهَا وَسِرْتُ لأَمْضِيَ بِهَا إِلَى الْمِشْرَعَةِ فَقُلْتُ هَذِهِ السَّاعَةَ تَصْعَدُ إِلَى دَارِهَا وَإِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ فَتُنْذِرُ بِي فَأُوخَذُ وَأُقْتَلُ وَلَيْسَ الْوَجْهُ إِلا تَغْرِيقُهَا فَجَمَعْتُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَرَمَيْتُ بِهَا فِي الْمَاءِ فَغَرِقَتْ فَفَكَّرْتُ فِيمَا أَرْتَكَبْتُهُ وَمَا جَنَيْتُهُ فَنَدِمْتُ وَكُنْتُ كَرَجُلٍ كَانَ سَكْرَانًا فَأَفَاقَ فَقُلْتُ أَيَّ شَيْءٍ أَعْمَلُ لَيْسَ إِلا أَنْ أَنْحَدِرَ فِي سُمَيْرِيَّتِي هَذِهِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَأَغُوصُ فِي أَنْهَارِهَا فَلا أُعْرَفُ فَانْحَدَرْتُ فَلَمَّا صِرْتُ حِذَاءَ الجس أخَذَتْنِي بَطْنِي فَصَعَدْتُ لأَتَمَسَّحَ وَأَعُودَ إِلَى سُمَيْرِيَّتِي فَقَبَضَ عَلَيَّ هَؤُلاءِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ مُتَطَايِبًا فَأَيُّ مُعَامَلَةٍ بَيْنَ مِثْلِكَ وَبَيْنِي انْصَرِفْ بِسَلامٍ فَظَنَّ بِجَهَالَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فَوَلَّى يَمْشِي لِيَنْصَرِفَ فَصَاحَ بِهِ يَا فَتَى هُوَ ذَا تَنْصَرِفُ وَتَدَعُنَا مِنْ حَقِّنَا فَلا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ لِنُحَلِّفَكَ أَنْ لَا تَعُودَ إِلَى مِثْلِ هَذَا فَرَجَعَ فَقَالَ خُذُوهُ فَأَخُذُوهُ فَقَالَ اقْطَعُوا يَدَهُ فَقَالَ يَا سَيِّدِي تَقْطَعُ يَدِي أَلَيْسَ قَدْ أَمَّنْتَنِي فَقَالَ يَا كَلْبُ أَمَانٌ لِمِثْلِكَ قَدْ قَتَلْتَ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وَزَنَيْتَ وَأَخَفْتَ السَّبِيلَ قَالَ فَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاهُ ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأُحْرِقَ جَسَدُهُ فِي مَكَانِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 الْبَابُ الْخَامِسُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ أَخْبَارِ مَنْ قَتَلَ مَعْشُوقَهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ عَنِ الْعُتْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ تَحْتَهُ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ لَهَا عَاشِقًا وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً وَكَانَ مِنْ عِشْقِهِ لَهَا أَنَّهُ كَانَ يَقْعُدُ فِي دِهْلِيزِهِ مَعَ نُدَمَائِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِهِ عِشْقًا لَهَا فَطَبِنَ لَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا فَاكْتَرَى دَارًا إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُرَاسِلُهَا حَتَّى أَجَابَتْهُ إِلَى مَا أَرَادَ فَاحْتَالَتْ وَتَدَلَّتْ إِلَيْهِ وَدَخَلَ الزَّوْجُ كَعَادَتِهِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَرَهَا فَقَالَ لأُمِّهَا أَيْنَ فُلانَةُ فَقَالَتْ تَقْضِي حَاجَةً فَطَلَبَهَا فِي الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَجِدَهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ تَدَلَّتْ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا مَا وَرَاءَكِ وَاللَّهِ لَتُصْدُقِنِّي قَالَتْ وَاللَّهِ لأَصْدُقَنَّكَ مِنَ الأَمْرِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَأَقَرَّتْ لَهُ فَسَلَّ السَّيْفَ فَضَرَبَ عُنُقَهَا ثُمَّ قَتَلَ أُمَّهَا وَهَرَبَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ يَا طَلْعَةً طَلَعَ الْحِمَامُ عَلَيْهَا ... وَجَنَتْ لَهَا ثُمْرُ الرَّدَى بِيَدَيْهَا وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ فَجَنَى لَهَا رَوَّيْتُ مِنْ دَمِّهَا الثَّرَى وَلَرُبَّمَا ... رَوَّى الْهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتَيْهَا وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ الْحُسَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 حَكَمْتُ سَيْفِيَ فِي مَجَالِ خِنَاقِهَا ... وَمَدَامِعِي تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهَا مَا كَانَ قَتْلِيهَا لأَنِّي لَمْ أَكُنْ ... أَبْكِي إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ عَلَيْهَا لَكِنْ بَخِلْتُ عَلَى الْعُيُونِ بِحُسْنِهَا ... وَشَفِقْتُ مِنْ نَظَرِ الْغُلامِ إِلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الْعُيُونِ إِلَيْهَا زَادَ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ خَلَفٍ قَالَ وَزَادَنِي غَيْرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ لَهَا أُخْتٌ شَاعِرَةٌ فَقَالَتْ تُجِيبُهُ لَوْ كُنْتَ تُشْفِقُ أَوْ تَرِقُّ عَلَيْهَا ... لَرَفَعْتَ حَدَّ السَّيْفِ عَنْ وَدْجَيْهَا وَرِحِمْتَ عَبْرَتَهَا وَطُولَ حَنِينِهَا ... وَجَزِعْتَ مِنْ سُوءٍ يَصِيرُ إِلَيْهَا مَنْ كَانَ يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ بِمِثْلِهَا ... إِذْ طَاوَعَتْكَ وَخَالَفَتْ أَبَوَيْهَا فَتَرَكْتَهَا فِي خِدْرِهَا مَقْتُولَةً ... ظُلْمًا وَتَبْكِي يَا شَقِيُّ عَلَيْهَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ إِجَازَةً قَالَ سَمِعْتُ الْخَلِيل ابْن أَحْمَدَ الْقَاضِي يَقُولُ نَظَرَ دِيكُ الْجِنِّ وَكَانَ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ إِلَى غُلامٍ لَهُ يَتَأَمَّلُ جَارِيَةً لَهُ وَالْجَارِيَةُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ أَظْهَرَ النَّدَمَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ يَا مُهْجَةً بَرَكَ الْحِمَامُ عَلَيْهَا ... وَجَنَى لَهَا ثَمَرَ الرَّدَى بِيَدَيْهَا مَا كَانَ قَتْلِيهَا بِأَنِّي لَمْ أَكُنْ ... أَبْكِي إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَيْهَا لَكِنْ نَفِسْتُ عَنِ الْعُيُونِ بِنَظْرَةٍ ... وَأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الْغُلامِ إِلَيْهَا اسْمُ دِيكِ الْجِنِّ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ رَغْبَانَ وَإِنَّمَا لُقِبَّ بِدِيكِ الْجِنِّ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ ابْن الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ أَنَّ دِيكَ الْجِنِّ هَوَى نَصْرَانِيَّةٌ فَدَعَاهَا إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَتْ وَكَانَ اسْمُهَا وَرْدًا فَتَزَوَّجَهَا وَكَانَ لَهُ ابْنُ عَمٍّ يُبْغِضُهُ فَأَشَاعَ أَنَّهَا تَهْوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 غُلامًا لِدِيكِ الْجِنِّ فَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهَا فَطَلَبَهُ السُّلْطَانُ فَهَرَبَ ثُمَّ عَلِمَ كَيْفَ جَرَى الأَمْرُ فَأَقَامَ عَلَى الْبُعَادِ وَقَالَ يَا طَلْعَةً طَلَعَ الْحِمَامُ عَلَيْهَا ... وَجَنَى لَهَا ثَمْرُ الرَّدَى بِيَدَيْهَا رَوَّيْتُ مِنْ دَمِّهَا الثَّرَاءَ وَطَالَمَا ... رَوَّى الْهَوَى شَفَتَّيَ مِنْ شَفَتَيْهَا قَدْ بَاتَ سَيْفِيَ فِي مَجَالِ وِشَاحِهَا ... وَمَدَامِعِي تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهَا فَوَحَقِّ نَعْلَيْهَا فَمَا وطىء الثَّرَى ... شَيْءٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَعْلَيْهَا مَا كَانَ قَتْلِيهَا لأَنِّي لَمْ أَكُنْ ... أَبْكِي إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ عَلَيْهَا لَكِنْ ضِنِنْتُ عَلَى الْعُيُونِ بِحُبِّهَا ... وَأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الْحَسُودِ إِلَيْهَا وَقَدْ رَوَى الأَصْبَهَانِيُّ أَنَّ السَّلِيكَ بْنَ مَجْمَعٍ كَانَ مِنَ الْفُرْسَانِ وَكَانَ مَطْلُوبًا فِي سَائِرِ الْقَبَائِلِ بِدِمَاءِ قَوْمٍ قَتَلَهُمْ وَكَانَ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ يَخْطُبُهَا قَدْ مَنَعَهُ أَبُوهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا لَهُ خَوْفًا مِنْهُ فَدَخَلَ بِهَا فِي دَارِ أَبِيهَا ثُمَّ نَقَلَهَا بَعْدَ أُسْبُوعٍ إِلَى عَشِيرَتِهِ فَلَقِيَهُ مِنْ فَزَارَةَ ثَلاثُونَ فاررسا كلهم يَطْلُبهُ بِدَم فقالتهم وَقَاتَلُوهُ حَتَّى إِذَا أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ وَأَيْقَنَ بِالْمَوْتِ صَارَ إِلَيْهَا فَقَالَ مَا أسمح بك لهَؤُلَاء وَأحب أَنْ أُقَدِّمَكَ قَبْلِي قَالَتْ افْعَلْ وَلَوْ لَمْ تَفْعَلْ فَعَلْتُهُ أَنَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ فَقَتَلَهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ يَا طَلَعَةً طَلَعَ الْحِمَامُ إِلَيْهَا ... فَذَكَرَ الأَبْيَاتَ الْمَتَقَدِّمَةَ ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهَا فَتَمَرَّغَ فِي دَمِّهَا وَتَخَضَّبَ بِهِ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَلَفٍ إِذْنًا قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْيَاخٌ مِنْ بَنِي سَعْدٍ وَمَالِكُ ابْنَيْ زَيْدِ بْنِ مُنَاةَ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِمْ أَدْرَكُوا ذَلِكَ الدَّهْرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 أَنَّ أَبَا الْبِلادِ وَهُوَ بِشْرُ بْنُ عَلاءٍ أَخُو بَنِي طُهَيَّةَ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي سَوْدٍ كَانَ فِي الشَّرَفِ مِنْ قَوْمِهِ وَكَانَ يَتِيما فِي حجر عَمه وَكَانَ لِعَمِّهِ ابْنَةٌ يُقَالُ لَهَا سَلْمَى وَكَانَت أجمل فتاة بِنَجْد مَشْهُودَة بِذَلِكَ فَعَلِقَهَا أَبُو الْبِلادِ وَعَمُّهُ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ وَكَانَ يَهَابُ عَمَّهُ أَنْ يَخْطُبَهَا إِلَيْهِ فَغَابَ أَبُو الْبِلادِ غَيْبَةً فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا أَحَدَ بَنِي عَمِّهَا وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْبِلادِ فَذُهِلَ عَقْلُهُ فَأَتَى الْخِبَاءَ الَّذِي تَكُونُ بِهِ سَلْمَى كَمَا كَانَ يَأْتِي فَرَأَتْ سَلْمَى فِي وَجْهِهِ صُفْرَةً وَرَأَتْ بِهِ زَمْعًا فَحَسِبَتْ أَنَّهُ جَائِعٌ فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ جَفْنَةً فِيهَا طَبِيخٌ مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ قَدْ رَاحَ بِهِ رِعَاؤُهُمْ فَطَفِقَ يَأْكُلُ أَكْلَ مَسْلُوسٍ فَظَنَّتِ الْفَتَاةُ أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنَ الْجِنِّ فَخَرَجَتْ مِنْ كَسْرِ الْبَيْتِ تُرِيدُ أُخْتَهَا لَيْلَى وَسَمِعَ حَفِيفَ ثَوْبِهَا فَخَرَجَ مُعَارِضًا لَهَا بِالسِّيفِ فَضَرَبَهَا عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهَا فَقَتَلَهَا وَقَدْ نُقِلَتْ إِلَيْنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْيَاخٌ مِنْ بَنِي سعد وَمَالك ابْنا زَيْدِ مَنَاةَ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِمْ أَدْرَكُوا ذَلِكَ الدَّهْرَ أَنَّ أَبَا الْبِلادِ وَهُوَ بِشْرُ بْنُ الْعَلاءِ أَحَدُ بَنِي طُهَيْةَ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي سَوْدٍ كَانَ فِي شَرَفٍ مِنْ قَوْمِهِ وَكَانَ يَتِيمًا مِنْ أُمِّهِ وَكَنَفَهُ عَمُّهُ وَكَانَ اسْم عَمه حنيف بن عرو وَكَانَ عِنْده أثر من وَالِده وَكَانَتْ لِعَمِّهِ ابْنَةٌ يُقَالُ لَهَا سَلْمَى وَكَانَتْ أَحْسَنَ فَتَاةٍ بِنَجْدٍ مَشْهُورَةٌ بِذَلِكَ وَكَانَ يَهَابُ عَمَّهُ أَنْ يَخْطُبَهَا إِلَيْهِ فَغَابَ غَيْبَةً فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا أَحَدَ بَنِي عَمِّهَا وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْبِلادِ فَذُهِلَ عَقْلُهُ وَإِنَّهُ أَتَى الْخِبَاءَ الَّذِي تَكُونُ بِهِ سَلْمَى كَمَا كَانَ يَأْتِي فرأت سلم فِي وَجْهِهِ صُفْرَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 وَرَأَتْ بِهِ زَمْعًا فَحَسِبَتْ أَنَّهُ جَائِعٌ فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ جَفْنَةً فِيهَا طَبِيخٌ مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ قَدْ رَاحَ بِهِ رِعَاؤُهُمْ فَطَفِقَ يَأْكُلُ أَكْلَ مَسْلُوسٍ فَظَنَّتِ الْفَتَاةُ أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنَ الْخَافِي فَخَرَجَتْ مِنْ كَسْرِ الْبَيْتِ تُرِيدُ بِيتَ أُخْتِهَا لَيْلَى وَسَمِعَ حَفِيفَ ثَوْبِهَا فَخَرَجَ مُعَارِضًا لَهَا بِالسِّيفِ فَضَرَبَهَا عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهَا وَسَمِعْتُ لَيْلَى الْوَجْبَةَ فغدت عَلَيْهِ بهراوة وَأدبر فابتعته الْفَتَاةُ فَأَصَابَتْ خِشَاشَهُ فَتَتَعْتَعَ فَسَقَطَ ثُمَّ انْتَعَشَ فَغَدَا هَارِبًا وَقَالَ فِي ذَلِكَ إِنَّ لِلَيْلَى بَيْنَ أُذُنِي وَعَاتِقِي ... كَضَرْبَةِ سَلْمَى يَوْمَ نَعْفِ الشَّقَائِقِ قَالَ وَاسْتَصْرَخَ أَبُوهَا وعمها وإخواتها فَأَقْبَلُوا وَيَأْوِي أَبُو الْبِلادِ فِي قَارَةٍ حِذَاءَ أَبْيَاتِهِمْ فَكَانَ يَكُونُ فِيهَا نَهَارَهُ وَيَنْحَدِرُ بِاللَّيْلِ فَيَتَنَوَّرُ نَارَ أَهْلِهَا وَهِيَ تَضْرِبُ بِنَفْسِهَا فِي ثِيَابٍ لَهَا بِهَا عَلَزُ الْمَوْتِ فَيَرَاهَا فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبُوهَا فَقَالَ مَا كُنْتُ لأَقْتُلَ وَلَدًا يُولد وَقَالَ أَبُو الْبِلادِ وَهُوَ يَرَى نَارَ سَلْمَى الَّتِي كَانَتْ تُوقَدُ لَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ يَا مَوْقِدَ النَّارِ وَهْنًا مَوْقِدَ النَّارِ ... بِجَانِبِ الشِّيحِ مِنْ رَقَصَاتِ أَعْيَارِ يَا مَوْقِدَ النَّارِ أَشْعِلْهَا بِعَرْفَجَةٍ ... لِمَنْ تَنَوَّرَهَا مِنْ مُدْلِجٍ سَارِي نَارٌ تُضِيءُ سُلَيْمَى وَهِيَ حَاسِرَةٌ ... سُقْيًا لِمُوقِدِ تِلْكَ النَّارِ مِنْ نَارِ قَالَ فماتتت سليمى وَلَمْ يَزَلْ بِأَبِي الْبِلادِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسْوَسَةٌ وَبَهْتَةٌ حَتَّى مَاتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَانَ يَخْدِمُنِي وَقَدْ تَجَارَيْنَا أَحَادِيثَ قَالَ بِتُّ لَيْلَةً فِي مَكَانٍ فَقَتَلَ رَجُلٌ رَجُلا فَخَرَجْتُ وَاللَّيْلُ مُنْتَصِفٌ لَا أَدْرِي أَيْنَ أَقْصِدُ وَخِفْتُ الْعَسَسَ فَرَأَيْتُ أَتُّونَ حَمَّامٍ وَلَمْ يُوقد بعد فَقلت أختبيء فِيهِ إِلَى أَنْ يُفْتَحَ الْحَمَّامُ فَأَدْخُلَهُ فَجَلَسْتُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الأَتُّونِ فَمَا لَبِثْتُ حَتَّى سَمِعْتُ وَقْعَ حَافِرٍ فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ جَارِيَةٌ فَأَدْخَلَهَا إِلَى الأَتُّونِ فَذَبَحَهَا وَتَرَكَهَا وَمَضَى فَرَأَيْتُ بَرِيقَ خَلْخَالَيْنِ فِي رِجْلِهَا فَانْتَزَعْتُهُمَا مِنْهَا وَصَبَرْتُ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجْتُ وَمَا زِلْتُ أَمْشِي فِي طَرِيقٍ لَا أَعْرِفُهُ مُتَحَيِّرًا إِلَى أَنِ اجْتَزْتُ بِحَمَّامٍ قَدْ فُتِحَ فَدَخَلْتُهُ وَخَبَّأْتُ مَا مَعِي فِي ثِيَابِي وَخَرَجْتُ فَعَرَفْتُ الطَّرِيقَ وَعَلِمْتُ أَنِّي بِالْقُرْبِ مِنْ دَارِ صَدِيقٍ لِي فَطَلَبْتُهَا وَدَقَقْتُ بَابَهُ فَفَتَحَ لِي وَسُرَّ بِقُدُومِي وأدخلني فَدفعت إِلَيْهِ دراهمي ليخبأها وَالْخَلْخَالِينِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ فَقُلْتُ مَالَكَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَانِ الْخَلْخَالانِ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي كُلِّهِ فِي لَيْلَتِي تِلْكَ فَقَالَ لِي تَعْرِفُ الرَّجُلَ الَّذِي قَتَلَ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ أَمَّا بِوَجْهِهِ فَلَا لن الظُّلْمَةَ كَانَتْ حَائِلَةً بَيْنَنَا وَلَكِنْ إِنْ سَمِعْتُ كَلامَهُ عَرَفْتُهُ فَأَعَدَّ طَعَامًا وَنَظَرَ فِي أَمْرِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَعَادَ بَعْدَ سَاعَةٍ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجُنْدِ فَكَلَّمَهُ وَغَمَزَنِي عَلَيْهِ فَقُلْتُ نَعَمْ هُوَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَكَلْنَا وَحَضَرَ الشَّرَابُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالنَّبِيذِ حَتَّى سَكِرَ وَنَامَ فِي مَوْضِعِهِ فَغَلَقَ بَابَ الدَّرْبِ وَذَبَحَ الرَّجُلَ وَقَالَ لِي إِنَّ الْمَقْتُولَةَ أُخْتِي وَكَانَ هَذَا قَدْ أَفْسَدَهَا وَأَنَا مُنْذُ مُدَّةٍ أَتَخَبَّرُ فَلا أُصَدِّقُ إِلا أَنِّي طَرَدْتُ أُخْتِي وَأَبْعَدْتُهَا عَنِّي فَمَضَتْ إِلَيْهِ وَلَسْتُ أَدْرِي مَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَتَّى قَتَلَهَا وَإِنَّمَا عَرَفْتُ الْخَلْخَالِينِ فَدَخَلْتُ وَسَأَلْتُ عَنْ أَمْرِهِمَا فَقَالُوا لِي هِيَ عِنْدَ فُلانٍ فَقُلْتُ قَدْ رِضِيتُ عَنْهَا فَوَجِّهُوا رُدُّوهَا فَمَضَوْا يَعْرِفُونَ خَبَرَهَا فَلَجْلَجَ الرَّجُلُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَهَا كَمَا ذَكَرْتَ فَقَتَلْتُهُ فَقُمْ حَتَّى نَدْفِنَهُ فَخَرَجْنَا لَيْلا أَنَا وَالرَّجُلُ حَتَّى دَفَنَّاهُ وَعُدْتُ إِلَى الْمِشْرَعَةِ هَارِبًا مِنَ الْبَصْرَةِ حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَحَلَفْتُ لَا أَحْضِرُ دَعْوَةً أَبَدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ النُّصَيْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ حَامِدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي حَامِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي قَالَ كَانَ جَدُّكَ أَبُو حَامِدٍ وَهُوَ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَالِ إِذْ ذَاكَ يَتَمَشَّى فِي دَارِ الْخِلافَةِ فَيَنْصَرِفُ وَقَدْ مَضَى رُبْعُ اللَّيْلِ وَثُلُثُهُ فَيَجْلِسُ فِي طَيَّارِهِ وَيَصْعَدُ إِلَى دَارِهِ وَنَحْتَاجُ نَحْنُ أَنْ يَكُونَ لَنَا سُفُنٌ مُشَاهِرَةٌ فَإِذَا رَكِبَ طَيَّارَهُ نَزَلْنَا نَحْنُ سُفُنَنَا وَكَانَ بِرَسْمِي مَلاحٌ عَلَى مُرُور الوقات فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي خرجت مَعَ جدك فلطبت مَلاحِي فَلَمْ أَجِدْهُ فَأَخَذَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ جَدِّكَ فِي سُمَيْرِيَّتِهِ وَبَكَرْتُ مِنَ الْغَدِ فَلَمْ أَعْرِفْ لَهُ خَبَرًا وَتَمَادَى ذَلِكَ سِنِينَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِنِينَ رَأَيْتُهُ فِي الْكَرْخِ بِطَيْلَسَانٍ وَنَعْلٍ طَاقٍ وَرِدَاءٍ بِزِيِّ التُّجَّارِ الْمَيَاسِيرِ فَقُلْتُ فُلانٌ فَحِينَ رَآنِي اضْطَرَبَ فَقُلْتُ وَيْحَكَ مَا قِصَّتُكَ قَالَ خَيْرٌ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا الزِّيُّ قَالَ تَرَكْتُ الْمِلاحَةَ وَصِرْتُ تَاجِرًا قُلْتُ فَرَأْسُ الْمَالِ مِنْ أَيْنَ لَكَ فَجَهِدَ أَنْ يُفْلِتَ فَقُلْتُ لَا تُطَوِّلْ عَلَيَّ وَاللَّهِ لَا افْتَرَقْنَا أَوْ تُخْبِرَنِي خَبَرَكَ وَلِمَ تَرَكْتَنِي تِلْكَ اللَّيْلَةُ ثُمَّ لَمْ نَرَكَ إِلَى الآنَ فَقَالَ عَلَى أَنْ تَسْتُرَ عَلَيَّ فَقُلْتُ أَفْعَلُ فَأَحْلَفَنِي فَحَلَفْتُ قَالَ إِنَّكَ أَبْطَأْتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَعَرَضَتْ لِي بَوْلَةٌ فَأَصَعَدْتُ مِنْ دَارِ الْخِلافَةِ إِلَى مَشْرَعَةٍ بِنَهْرِ مُعَلَّى فَبُلْتُ وَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ نَزَلَ فَقَالَ احْمِلْنِي فَقُلْتُ أَنَا مَعَ رَاكِبٍ لَا يُمْكِنُنِي فِرَاقُهُ فَقَالَ خُذْ مِنِّي دِينَارًا وَاحْمِلْنِي فَلَمَّا سَمِعْتُ ذِكْرَ الدِّينَارِ طَمِعْتُ وطننته هَارِبًا فَقُلْتُ إِلَى أَيْنَ احْمِلُكَ فَقَالَ إِلَى الدَّبَّاغِينَ فَقُلْتُ لَا أَحْمِلُكَ فَقَالَ خُذْ دِينَارَيْنِ فَقُلْتُ هَاتِ فَأَعْطَانِي دِينَارَيْنِ فَجَعَلْتُهُمَا فِي كُمِّي وَكَانَ مَعَهُ غُلامٌ فَقَالَ امْضِ وَهَاتِ مَا مَعَكَ فَمَضَى الْغُلامُ وَلَمْ يَحْتَبِسْ حَتَّى جَاءَ بِامْرَأَةٍ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهَا وَلا ثِيَابًا وَجَاءَ بِجَوْنَةٍ كَبِيرَةٍ حَسَنَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 وَأَطْبَاقِ فَاكِهَةٍ وَثَلْجٍ وَنَبِيذٍ وَكَانَتْ لَيْلَةٌ مُقْمِرَةٌ وَجَاءَ بِعُودٍ فَأَخَذَتْهُ الْجَارِيَةُ فِي حِجْرِهَا فَسَهَّلَ عَلَيَّ لِطِيبِ الْوَقْتِ أَنْ أَخِلَّ بِكَ ثُمَّ قَالَ لِلْغُلامِ امْضِ أَنْتَ فَمَضَى قَالَ ادْفَعْ فَدَفَعْتُ وَكَشَفَتِ الْجَارِيَةُ وَجْهَهَا فَإِذَا هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْبَدْرِ بِشَيْءٍ كَبِيرٍ فَلَمَّا بَلَغْتُ الدَّبَّاغِينَ جَرَّدَ سَيْفًا كَانَ مَعَهُ وَقَالَ ادْفَعْ إِلَى مَكَانٍ أَقُولُ لَكَ وَإِلا ضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَقُلْتُ مَا بِكَ إِلَى هَذَا حَاجَةٌ السُّمْعَ وَالطَّاعَةَ فَانْحَدَرْتُ فَقَالَ لَهَا تَأْكُلِينَ شَيْئًا فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَخْرَجَ مَا كَانَ فِي الْجُونَةِ فَإِذَا طَعَامٌ نَظِيفٌ ظَرِيفٌ فَأَكَلا وَألقى الجنوة إِلَيَّ ثُمَّ أَخَذَتِ الْعُودَ وَغَنَّتْ أَحْسَنَ غِنَاءٍ يَكُونُ وَأَطْيَبَهُ فَقَالَ لِي يَا مَلَّاحُ لَوْلا خَوْفِي أَنْ تَسْكَرَ لَسَقَيْتُكَ فَقُلْتُ يَا أُسْتَاذُ أَنَا أَشْرَبُ عِشْرِينَ رَطْلا نَبِيذًا وَلا أَسْكَرُ فَأَعْطَانِي ظَرْفًا فِيهِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَقَالَ اشْرَبْ لِنَفْسِكَ فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ عَلَى الْغِنَاءِ واجحدف وَهُمَا يَشْرَبَانِ إِلَى أَنْ دَنَا مِنْهَا فَقَبَّلَهَا كَثِيرًا وَاحْتَجَّتْ شَهْوَتُهُ فَجَامَعَهَا وَأَنَا أَرَاهُ ثُمَّ عَاوَدَهَا دُفُعَاتٍ وَثَمِلَ فَقَالَ يَا فُلانَةُ خُنْتِ عَهْدِي وَمِيثَاقِي وَمَكَّنْتِ فُلانًا مِنْ نَفْسِكِ حَتَّى فَعَلَ بِكِ كَيفَ وَكَيْتَ وَفُلانًا وَفُلانًا وَجَعَلَ يُوَاقِفُهَا وَهِيَ تَقُولُ لَا وَاللَّهِ لَا يَا سَيِّدِي مَا فَعَلْتُ هَذَا وَإِنَّمَا كَذَبُوا عَلَيَّ عِنْدَكَ لِيُبَاعِدُونِي مِنْكَ قَالَ كَذَبْتِ أَنَا تَوَصَّلْتُ إِلَى أَنْ حَصَلْتُ مَعَكُمْ فِي لَيْلَةِ كَذَا فِي الدَّارِ الْفُلانِيَّةِ وَقَدْ دَعَاكِ فُلانٌ وَصَنَعْتُمْ كَذَا وَفَعَلْتُمْ كَذَا وَأَنَا أَرَاكُمْ بَعَيْنِي وَمَا بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ وَتَدْرِينَ لِمَ جِئْتُ بِكِ إِلَى هَذَا الْموضع وعاتبتك هَا هُنَا فَقَالَتْ لَا فَقَالَ لأَنْ أُوَدِّعَكِ وَأَجْعَلَ هَذَا آخِرَ الْعَهْدِ بِكِ وَأَقْتُلَكِ وَأَطْرَحَكِ فِي الْمَاءِ قَالَ فَجَزِعَتِ الْجَارِيَةُ جَزَعًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَتْ يَا مَوْلايَ وَيَطِيبُ قَلْبُكَ قَالَ إِي وَاللَّهِ ثُمَّ خَالَطَهَا وَأَخْرَجَ تِكَّتِهَا فَكَتَّفَهَا بِهَا فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي اتَّقِ اللَّهَ مِثْلُ هَذَا الْوَجْهِ وَأَنْتَ تَالِفٌ مِنْ حُبِّهِ تَعْمَلُ بِهِ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ السَّاعَةَ وَاللَّهِ ابْتَدِئُ بِكَ وَأَخَذَ السَّيْفَ فَجَزَعْتُ وَمَسَكْتُ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا فَذَبَحَهَا وَأَمْسَكَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 حَتَّى جَرَى دَمُّهَا وَمَاتَتْ ثُمَّ أَقْبَلَ يَنْزِعُ حُلِيَّهَا وَيَرْمِي بِهِ إِلَى صَدْرِ السُّمَيْرِيَّةِ ثُمَّ نَزَعَ الثِّيَابَ عَنْهَا وَشَقَّ جَوْفَهَا وَجَعَلَ يُقَطِّعُهَا قِطَعًا وَيَرْمِي بِهَا إِلَى الْمَاءِ وَكُنَّا قَدْ قَارَبْنَا الْمَدَائِنَ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ اللَّيْلِ فَرَأَيْتُ مَنْظَرًا لَمْ أَرَ قَطُّ مِثْلَهُ وَمِتُّ جَزَعًا وَقُلْتُ السَّاعَةَ يَقْتُلُنِي لِئَلا أَنِمَّ عَلَيْهِ وَلَمْ أَجِدْ حِيلَةً فَاسْتَسْلَمْتُ وَطَرَحَ نَفْسَهُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ شَفَيْتُ نَفْسِي وَقَتَلْتُ نَفْسِي وَيَلْطِمُ وَرَمَى بِالْعُودِ وَجَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ فَاكِهَةٍ وَأَكْلٍ وَشَرَابٍ إِلَى الْمَاءِ فَطَلَعَ الْفَجْرُ وَأَضَاءَ وَبَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَدَائِنِ نِصْفُ فَرْسَخٍ فَطَمِعْتُ فِي الْحِيلَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي قَدْ أَصْبَحْنَا أَفَلا تُصَلِّي وَأَرَدْتُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى الشَّطِّ وَانْحَدِرَ أَنَا فِي السُّمَيْرِيَّةِ وَأَدَعَهُ فَقَالَ بَلَى اطْرَحْنِي إِلَى الشط فقدمن السُّمَيْرِيَّةِ إِلَى الشَّطِّ وَطَرَحْتُهُ فَحِينَ صَعَدَ مِنَ السُّمَيْرِيَّةِ أَذْرُعًا يَسِيرَةً إِذَا سَبْعٌ قَدْ قَفَزَ عَلَيْهِ فَتَنَاوَلَهُ فَرَأَيْتُهُ وَاللَّهِ فِي فَمِهِ كَالْفَأْرَةِ فِي فَمِّ التَّنُّورِ فَلا أَنْسَى مَا وَرَدَ عَلَى قَلْبِي مِنَ السُّرُورِ بِذَلِكَ فَحَدَرْتُ السَّفِينَةَ فَلَمَّا تَجَاوَزَتِ الْمَدَائِنَ طَرَحْتُ إِلَى الشَّطِّ وَجَمَعْتُ الْحُلِيَّ وَخَبَّأْتُهُ تَحْتَ بَارِيَةِ السُّمَيْرِيَّةِ وَتَأَمَّلْتُ الثِّيَابَ فَغَسَلْتُ مَا أَثَّرَ الدَّمُ فِيهِ وَخَبَّأْتُهُ وَانْحَدَرْتُ فَمَا رَدَّ وَجِهِيَ شَيْءٌ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا مَعِي حُلِيٌّ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ وَثِيَابٍ بِعْتُهَا بِجُمْلَةِ دَنَانِيرَ كَثِيرَةٍ فَأَقَمْتُ بِالْبَصْرَةِ أَتَّجِرُ وَخِفْتُ الْعَوْدَ إِلَى بَغْدَادَ لِئَلا يَرَانِي ذَلِكَ الْغُلامُ أَوْ يُطَالِبَنِي بِالرَّجُلِ أَوْ أُسْأَلَ عَنِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةُ وَانْقَضَتِ السُّنُونَ وَقَعَ لِي أَنَّ الأَمْرَ قَدْ نُسِيَ وَاشْتَقْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَكَانَتِ الْبِضَاعَةُ قَدْ نَمَتْ وَزَادَتْ فَاشْتَرَيْتُ بِجَمِيعِهَا تِجَارَةً إِلَى بَغْدَادَ وَدَخَلْتُ وَأَنَا فِيهَا مُنْذُ نَحْوِ سَنَةٍ حَتَّى رَأَيْتَنِي الْيَوْمَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ النَّقِيبُ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَانَ يَخْدِمُنِي أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلاقِ لَا يُشَيِّعُ جَِنَازَةً فَسَأَلْتُهُ عَنِ السَّبِبِ فَقَالَ خَرَجْتُ يَوْمًا بِبَغْدَادَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ مِنْ يَوْمٍ حَارٍّ لِحَاجَةٍ لِي فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَِنَازَةٌ يَحْمِلُهَا اثْنَانِ فَقُلْتُ غَرِيبٌ فَقِيرٌ أَرْبَعُهَا فَأُثَابُ فَدَخَلْتُ تَحْتَهَا بَدَلا مِنْ أَحَدِ الْحَمَّالِينَ فَحِينَ اسْتَقَرَّتْ عَلَى كَتِفِي افْتَقَدْتُ الْحَمَّالَ فَقُلْتُ يَا حَمَّالُ يَا حَمَّالُ فَقَالَ الآخَرُ إِيشِ تُرِيدُ امْشِ وَاسْكُتْ قَدِ انْصَرَفَ الْحَمَّالُ فَقُلْتُ السَّاعَةَ وَاللَّهِ أَرْمِي بِهَا فَقَالَ الْحَمَّالُ وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَ لأَصِيحَنَّ فَاسْتَحْيَيْتُ وَاحْتَمَلْتُ الأَذَى وَقُلْتُ ثَوَابٌ وَمَا زِلْتُ أَسِيرُ فِي الشَّمْسِ وَالرَّمْضَاءِ إِلَى الشُّونَيْزِيَّةِ فَلَمَّا حَطَطْنَا الْجَِنَازَةَ فِي مِسْجَدِ الْجَنَائِزِ هَرَبَ الْحَمَّالُ الآخَرُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا لِهَؤُلاءِ الْمَلاعِينَ وَاللَّهِ لأُتْمِمَنَّ الثَّوَابَ وَأَخْرَجْتُ مِنْ كُمِّي دَرَاهِمَ وَصِحْتُ يَا حَفَّارُ أَيْنَ قَبْرُ هَذِهِ الْجَِنَازَةِ فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقُلْتُ احْفُرْ فَأَخَذَ مِنِّي دِرْهَمَيْنِ وَحَفَرَ قَبْرًا فَلَمَّا صَوت عَلَيْهِ الْجَِنَازَةُ لِيَأَخُذَ الْمَيِّتَ لِيَدْفِنَهُ وثب من اللَّحْد ولتكمني وَجَعَلَ عِمَامَتِي فِي رَقَبَتِي وَصَاحَ يَا قَوْمِ قَتِيلٌ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَسَأَلُوهُ فَقَالَ هَذَا جَاءَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الرَّأْسِ لأَدْفِنَهُ لَهُ فَحُلَّ الْكَفَنُ فَوُجِدَ الأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْحَفَّارُ فَبُهِتُّ وَتَحَيَّرْتُ وَجَرَى عَلَيَّ مِنَ الْعَامَّةِ مِنَ الْمَكْرُوهِ مَا كَادَتْ نَفْسِي تَتْلَفُ إِلَى أَنْ حُمِلْتُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ فَأُخْبِرَ الْخَبَرَ فَجُرِّدْتُ لِلْسِيَاطِ وَأَنَا سَاكِتٌ بَاهِتٌ وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ فَحِينَ رَأَى حَيْرَتِي قَالَ لَهُ أَنْظِرْنِي حَتَّى أَكْشِفَ أَمْرَ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنِّي أَحْسَبُهُ مَظْلُومًا فَخَلا بِي وسائلني فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي لَمْ أَزِدْ فِيهِ وَلَمْ أَنْقُصْ فَنَحَّى الْمَيِّتَ عَنِ الْجَِنَازَةِ وَفَتَّشَهَا فَوَجَدَ فِيهَا كِتَابَةً أَنَّهَا لِلْمَسْجِدِ الْفُلانِي لِلْنَاحِيَةِ الْفُلانِيَّةِ فَأَخَذَ مَعَهُ رِجَالَهُ وَمَضَى فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَنَكِّرًا فَوَجَدَ فِيهِ خَيَّاطًا فَسَأَلَهُ عَنْ جَِنَازَةٍ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَيِّتًا لَهُ فَقَالَ الْخَيَّاطُ لِلْمَسْجِدِ جَِنَازَةٌ إِلا أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْهُ الْغَدَاةَ لِحَمْلِ مَيِّتٍ وَلَمْ تُرَدَّ فَقَالَ مَنْ أَخَذَهَا فَقَالَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ وَأَوْمَأَ إِلَيْهَا فَكَبَسَهَا الْكَاتِبُ بِرِجَالِهِ الشُّرْطَةِ فَوَجَدَ فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 رِجَالا فَقَبَضَ عَلَيْهِمْ وَحَمَلَهُمْ إِلَى الشُّرْطَةِ وَأَخْبَرَ صَاحِبَهُ الْخَبَرَ فَقَدَّمَ الْقَوْمَ وَقَرَّرَهُمْ فَأَقَرُّوا أَنَّهُمْ تَغَايَرُوا عَلَى غُلامٍ أَمْرَدَ مَعَهُمْ فَقَتَلُوهُ وَحَزُّوا رَأْسَهُ وَدَفَنُوهُ فِي بِئْرٍ حَفَرُوهَا فِي الدَّارِ وَحَمَلُوهُ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ وَأَنَّ الْحَمَّالَيْنِ كَانَا أَحَدَ الْقَوْمِ فُضِرِبَتْ أَعْنَاقُ الْقَوْمِ وَخَلِّيَ سَبِيلِي فَهَذَا سَبَبُ تَوْبَتِي أَنْ لَا أَحْضِرَ جَِنَازَةً أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوْزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ خَرْدَاذَبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ الْمأْمُونِ قَالَ كَانَ فَرُّوحُ الزَّنَّاءُ يَعْشِقُ جَارِيَةً بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا رَهْبَةُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَقَالَ يَا رَهْبُ لَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ أُسَرُّ بِهِ ... إِلا الْجُلُوسَ فَتَسْقِينِي وَأَسْقِيكِ وَتَمْزُجِينَ بِرِيقٍ مِنْكِ لِي قَدَحًا ... وَتَشْتَفِي بِكُمُ نَفْسِي وَأَشْفِيكِ يَا رَهْبُ مَا مَسَّنِي شَيْءٌ أُغَمُّ بِهِ ... إِلا تَفَرَّجَ عَنِّي حِينَ آتِيكِ قَالَ ثُمَّ عَثُرَ عَلَى رِيبَة بَينهَا وَبَين جَارِيَة فقلتها أَنْبَأَنَا بِهِ عَالِيًا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنِ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ يُقَالُ لَهَا وَهْبَةُ فَقَالَ يَا وهب بِالْوَاو أَنبأَنَا أَبُو بكر بن أَبِي طَاهِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْجُهْنِيُّ قَالَ كَانَ فِي جِوَارِي بِبَغْدَادَ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ مَسْتُورَةٌ وَلَهَا ابْنُ عَمٍّ يَهْوَاهَا كَانَ قَدْ رُبِّيَ مَعَهَا فَعَدَلَ بِهَا أَبُوهَا عَنْهُ إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 رَجُلٍ غَرِيبٍ فَزَوَّجَهُ بِهَا فَكَانَ ابْنُ الْعَمِّ يَلْزَمُ بَابَهَا طَمَعًا فِيهَا وَأحسن الزُّوْجُ بِذَلِكَ فَكَانَ يَحْتَرِزُ فَخَرَجَ يَوْمًا زَوْجَهَا فَأَرَادَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَبْتَرِدَ فَنَزَعَتْ ثِيَابَهَا وَاغْتَسَلَتْ وَتَرَكَتْ خَوَاتِيمَ لَهَا مِنْ ذَهَبٍ عِنْدَ ثِيَابِهَا فَأَخَذَ الْخَوَاتِيمَ عَقْعَقٌ كَانَ فِي الدَّارِ وَخَرَجَ إِلَى الْبَابِ فَوَافَقَ خُرُوجُهُ ابْنَ عَمِّهَا فَأَخَذَ الْخَوَاتِيمَ مِنْهُ فَلَبِسَهَا وَقَعَدَ عَلَى الْبَابِ لِيَرَاهُ زَوْجُ الْمَرْأَةِ فَيَظُنَّ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهَا فَيُطَلِّقَهَا فَجَاءَ الزَّوْجُ فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْعَمِّ مُسَلِّمًا وَتَعَمَّدَ أَنْ يُرَيَهُ الْخَوَاتِيمَ فِي يَدِهِ فَرَآهَا فَعَرَفَهَا فَدَخَلَ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ تَغْتَسِلُ فَلَمْ يَشُكَّ أَنه غسل جِنَايَة وَأَنَّ ابْنَ عَمِّهَا قَدْ كَانَ عِنْدَهَا فَقَالَ لِجَارِيَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ اذْهَبِي فَذَهَبَتْ فَأَغْلَقَ الْبَابَ وَذَبَحَ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ شَيْءٍ فَجَاءَتِ الْجَارِيَةُ فَرَأَتْهَا مَقْتُولَةً فَصَاحَتْ فَحُمِلَ الرَّجُلُ إِلَى السُّلْطَانِ فَقُتِلَ بِهَا وَأَخْرَجَ ابْنُ الْعَمِّ الْحَدِيثَ وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبُ تَوْبَتِهِ وَلُزُومِهِ الْعِبَادَةَ إِلَى أَنْ مَاتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 الْبَابُ السَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ أَخْبَارِ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْعُشَّاقِ بِسَبَبِ الْعِشْقِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْن عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ إِذْنًا وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ أَنْبَأَنَا قَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعُمَرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ دَخَلَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرْبَ يَوْمًا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا عَمْرُو أَخْبَرَنِي عَنْ أَشْجَعِ مَنْ لَقِيتَ وَأَجْبَنِ مَنْ لَقِيتَ فَقَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتُ مَرَّةً أُرِيدُ الْغَارَةَ فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذَا أَنَا بِفَرَسٍ مَشْدُودٍ وَرُمْحٍ مَرْكُوزٍ وَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَإِذَا هُوَ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ خَلْقًا وَهُوَ مُحْتَبٍ بِسَيْفٍ فَقُلْتُ لَهُ خُذْ حِذْرَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ فَقَالَ وَمَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرَبَ فَشَهِقَ شَهْقَةً فَمَاتَ فَهَذَا أَجْبَنُ مَنْ رَأَيْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَخَرَجْتُ يَوْمًا آخَرَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى حِيٍّ فَإِذَا أَنَا بِفَرَسٍ مَشْدُودٍ وَرُمْحٍ مَرْكُوزٍ وَإِذَا صَاحِبُهُ فِي وَهْدَةٍ يَقْضِي حَاجَةً فَقُلْتُ لَهُ خُذْ حِذْرَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ قَالَ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرَبَ قَالَ يَا أَبَا ثَوْرٍ مَا أَنْصَفْتَنِي أَنْتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِكَ وَأَنَا فِي بِئْرٍ فَأَعْطِنِي عَهْدًا أَنَّكَ لَا تَقْتُلُنِي حَتَّى أَرْكَبَ فَرَسِي وَآخُذَ حِذْرِي فَأَعْطَيْتُهُ عَهْدًا أَنْ لَا أَقْتُلَهُ حَتَّى يَرْكَبَ فَرَسَهُ وَيَأْخُذَ حِذْرَهُ فَخَرَجَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَتَّى احْتَبَى بِسَيْفِهِ وَجَلَسَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ مَا أَنَا بِرَاكِبٍ فَرَسِي وَلا بِمُقَاتِلِكَ فَإِنْ نَكَثْتَ عَهْدًا فَأَنْتَ أَعْلَمُ فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ فَهَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحْيَلُ مَنْ رَأَيْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ يَوْمًا آخَرَ إِلَى مَوْضِعٍ كُنْتُ أَقْطَعُ فِيهِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَأَجْرَيْتُ فَرَسِي يَمِينًا وَشِمَالا فَإِذَا أَنَا بِفَارِسٍ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ غُلامٌ حِينَ بَقَلَ وَجْهُهُ مِنْ أَجْمَلِ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْفِتْيَانِ وَأَحْسَنُهُمْ فَإِذَا هُوَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ نَحْوِ الْيَمَامَةِ فَلَمَّا قَرُبَ مِنِّي سَلَّمَ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ مَنِ الْفَتَى قَالَ أَنَا الْحَارِثُ بْنُ سَعْدٍ فَارِسُ الشَّهْبَاءِ فَقُلْتُ لَهُ خُذْ حِذْرَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ قَالَ بَلِ الْوَيْلُ لَكَ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ الْحَقِيرُ الذَّلِيلُ وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ قَتْلِكَ إِلا اسْتِصْغَارُكَ قَالَ وَتَصَاغَرَتْ نَفْسِي إِلَيَّ وَعَظُمَ عِنْدِي مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهِ فَقُلْتُ لَهُ خُذْ حِذْرَكَ فَوَاللَّهِ مَا يَنْصَرِفُ إِلا أَحَدُنَا قَالَ اغْرُبْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ فَإِنِّي مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مَا نَكِلْنَا عَنْ فَارِسٍ قَطُّ فَقُلْتُ هُوَ الَّذِي تَسْمَعُ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ فَقَالَ إِمَّا أَنْ تَطَّرِدَ لِي وَإِمَّا أَنْ أَطَّرِدَ لَكَ فَاغْتَنَمْتُهَا مِنْهُ فَقُلْتُ اطَّرِدْ لِي فَاطَّرَدَ وَحَمَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا قُلْتُ أَنِّي قَدْ وَضَعْتُ الرُّمْحَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ إِذَا هُوَ قَدْ صَارَ حِزَامًا لِفَرَسِهِ ثُمَّ اتَّبَعَنِي فَقَرَعَ بِالْقَنَاةِ رَأْسِي وَقَالَ يَا عَمْرُو خُذْهَا إِلَيْكَ وَاحِدَةً فَوَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي أَكْرَهُ قَتْلَ مِثْلِكَ لِقَتَلْتُكَ فَتَصَاغَرَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَكَانَ الْمَوْتُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا رَأَيْتُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا يَنْصَرِفُ إِلا أَحَدُنَا فَقَالَ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ فَقُلْتُ اطَّرِدْ لِي فَاطَّرَدَ وَظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ تَمَكَّنْتُ مِنْهُ وابتعته حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ وَضَعْتُ الرُّمْحَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ صَارَ لَبِبًا لِفَرَسِهِ ثُمَّ اتَّبَعَنِي فَقَرَعَ رَأْسِي بِالْقَنَاةِ وَقَالَ يَا عَمْرُو خُذْهَا إِلَيْكَ اثْنَتْيَنِ فَتَصَاغَرَتْ إِلَيَّ نَفْسِي فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا يَنْصَرِفُ إِلا أَحَدُنَا فَقَالَ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ فَقُلْتُ اطَّرِدْ لِي فَاطَّرَدَ حَتَّى إِذَا قُلْتُ وَضَعْتُ الرُّمْحَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَثَبَ عَنْ فَرَسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 فَإِذَا هُوَ عَلَى الأَرْضِ فَأَخْطَأْتُهُ وَمَضَيْتُ فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ فَاتَّبَعَنِي فَقَرَعَ بِالْقَنَاةِ رَأْسِي وَقَالَ يَا عَمْرُو خُذْهَا إِلَيْكَ ثَلاثًا وَلَوْلا أَنِّي أَكْرَهُ قَتْلَ مِثْلِكَ لِقَتَلْتُكَ فَقُلْتُ لَهُ اقْتُلْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا أَرَى بِنَفْسِي وَأَنْ تَسْمَعَ فِتْيَانُ الْعَرَبِ بِهَذَا فَقَالَ لِي يَا عَمْرُو إِنَّمَا الْعَفْوُ ثَلاثٌ وَإِنِّي إِنِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْكَ الرَّابِعَةَ قَتَلْتُكَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ وَكِدْتُ أَغْلاظًا مِنَ الأَيْمَانِ ... إِنْ عُدْتَ يَا عَمْرُو إِلَى الطِّعَانِ ... لَتُوجَرَنَّ لَهَبَ السِّنَانِ ... أَوْلا فَلَسْتُ مِنْ بَنِي شَيْبَانِ ... فَلَمَّا قَالَ هَذَا كَرِهْتُ الْمَوْتَ وَهِبْتُهُ هَيْبَةً شَدِيدَةً وَقُلْتُ لَهُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ أَكُونُ لَكَ صَاحِبًا وَرَضِيتُ بِذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَسْتَ مِنْ أَصْحَابِي فَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَيَّ وَأَعْظَمَ مِمَّا صَنَعَ فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى قَالَ وَيْحَكَ وَهَلْ تَدْرِي أَيْنَ أُرِيدُ قُلْتُ لَا قَالَ أُرِيدُ الْمَوْتَ عَيَانًا فَقُلْتُ رَضِيتُ بِالْمَوْتِ مَعَكَ قَالَ امْضِ بِنَا فَسِرْنَا جَمِيعًا يَوْمَنَا حَتَّى جَنَّنَا اللَّيْلُ وَذَهَبَ شَطْرُهُ قَالَ فَوَرِدْنَا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَقَالَ يَا عَمْرُو فِي هَذَا الْحَيِّ الْمَوْتُ ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى قُبَّةٍ فِي الْحَيِّ فَقَالَ وَفِي تِلْكَ الْقُبَّةِ الْمَوْتُ الأَحْمَرُ فَإِمَّا أَنْ تُمْسِكَ عَلَى فَرَسِي فَآتِيَ بِحَاجَتِي وَإِمَّا أَنْ أمسك عَلَيْك فرسك فتنزل فتأتني بِحَاجَتِي فَقُلْتُ لَا بَلِ انْزِلْ أَنْتَ فَأَنْتَ أَعْرَفُ بِمَوْضِعِ حَاجَتِكَ فَرَمَى إِلَيَّ بِعَنَانِ الْفَرَسِ فَنَزَلَ وَرَضِيتُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَكُونَ لَهُ سَائِسًا ثُمَّ مَضَى حَتَّى دَخَلَ الْقُبَّةَ فَاسْتَخْرَجَ جَارِيَةً لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهَا قطّ حسنا وجمالا فحلمها عَلَى نَاقَةٍ ثُمَّ قَالَ لِي يَا عَمْرُو قُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ إِمَّا أَنْ تَحْمِيَنِي وَأَقُودَ أَنَا وَإِمِّا أَنْ أَحْمِيَكَ وَتَقُودَ أَنْتَ قُلْتُ لَا بَلْ تَحْمِينِي أَنْتَ وَأَقُودُ أَنَا فَرَمَى إِلَيَّ بِزِمَامِ النَّاقَةِ ثُمَّ سِرْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ خَلْفَنَا حَتَّى إِذَا أَصْبَحْنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 قَالَ لِي يَا عَمْرُو قُلْتُ لَبَّيْكَ مَا تَشَاءُ قَالَ الْتَفِتْ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَدًا قَالَ فَالْتَفَتُّ فَقُلْتُ أَرَى جِمَالا فَقَالَ أَغِذِّ السَّيْرَ ثُمَّ قَالَ يَا عَمْرُو قُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ انْظُرْ فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ قَلِيلا فَالْجَلَدُ وَالْقُوَّةُ وَهُوَ الْمَوْتُ وَإِنْ كَانُوا كَثِيرًا فَلَيْسُوا بِشَيْءٍ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَقُلْتُ هُمْ أَرْبَعَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ قَالَ أَغِذِّ السَّيْرَ فَفَعَلْتُ وَسَمِعَ وَقْعَ الْخَيْلِ عَنْ قُرْبٍ فَقَالَ لِي يَا عَمْرُو قُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ كُنْ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ وَقِفْ وَحَوِّلْ وُجُوهَ دَوَابِّنَا إِلَى الطَّرِيقِ فَفَعَلْتُ وَوَقَفْتُ عَنْ يَمِينِ الرَّاحِلَةِ وَوَقَفَ هُوَ عَنْ يَسَارِهَا وَدَنَا الْقَوْمُ مِنَّا فَإِذَا هُمْ ثَلاثَةُ نَفَرٍ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ وَهُوَ أَبُو الْجَارِيَة وأخوها غُلامَانِ شَابَّانِ فَسَلَّمُوا فَرَدَدْنَا السَّلامَ وَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فَقَالَ الشَّيْخ خل عَن الْجَارِيَة يَا بن أَخ فَقَالَ مَا كُنْتُ لأُخَلِّيَهَا وَلا لِهَذَا أَخَذْتُهَا فَقَالَ لأَصْغَرِ ابْنَيْهِ اخْرُجْ إِلَيْهِ فَخَرَجَ وَهُوَ يَجُرُّ رُمْحَهُ وَحَمَلَ عَلَيْهِ الْحَارِثُ وَهُوَ يَقُولُ مِنْ دُونِ مَا تَرْجُوهُ خَضْبُ الذَّابِلِ ... مِنْ فَارِسٍ مُسْتَلْئِمٍ مُقَاتِلِ ... يُنْمَى إِلَى شَيْبَانَ خَيْرَ وَائِلٍ ... مَا كَانَ سَيْرِي نَحْوَهَا بِبَاطِلِ ... ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً دَقَّ مِنْهَا صُلْبَهُ فَسَقَطَ مَيِّتًا فَقَالَ الشَّيْخُ لابْنِهِ الآخَرِ اخْرُجْ إِلَيْهِ يَا بُنَيَّ فَلا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ عَلَى الذُّلِّ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَأَقْبَلَ الْحَارِثُ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتَ كَيْفَ كَانَتْ طَعْنَتِي ... وَالطَّعْنُ لِلْقِرْنِ شَدِيدًا نُهْمَتِي ... وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ فِرَاقِ خُلَّتِي ... فَقَتْلَتِي الْيَوْمَ وَلا مَذَلَّتِي ... ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً سَقَطَ مِنْهَا مَيِّتًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ خَلِّ عَنِ الظعينة يَابْنَ أَخ فَإِنِّي لَسْتُ كَمَنْ رَأَيْتَ قَالَ مَا كُنْتُ لأُخَلِّيَهَا وَلا لِهَذَا قَصَدْتُ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ اخْتَرْ بِابْن أَخ فَإِنْ شِئْتَ طَارَدْتُكَ وَإِنْ شِئْتَ نَازَلْتُكَ قَالَ فَاغْتَنَمَهَا الْفَتَى فَنَزَلَ وَنَزَلَ الشَّيْخُ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَرْتَجِي بَعْدَ فَنَاءِ عُمْرِي ... سَأَجْعَلُ السِّنِينَ مِثْلَ الشَّهْرِ ... شَيْخٌ يُحَامِي دُونَ بِيضِ الْخِدْرِ ... إِنِ اسْتَبَاحَ الْبِيضُ قَصْمَ الظَّهْرِ ... سَوْفَ تَرَى كَيْفَ يَكُونُ صَبْرِي ... فَأَقْبَلَ الْحَارِثُ وَهُوَ يَقُولُ بَعْدَ ارْتِحَالِي وَطُولِ سَفَرِي ... وَقَدْ ظَفِرْتُ وَشَفَيْتُ صَدْرِي ... وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ لِبَاسِ الْغَدْرِ ... وَالْعَارُ أَهْدِيهِ لَحَيِّ بَكْرِ ... ثُمَّ دَنَا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ يَابْنَ أَخِي إِنْ شِئْتَ ضَرَبْتُكَ وَإِنْ بَقِيَتْ مِنْكَ قُوَّةٌ ضَرَبْتَنِي وَإِنْ شِئْتَ فَاضْرِبْنِي فَإِنْ بَقِيَتْ فِيَّ قُوَّة ضربتك فاغتنمها الْفَتى فَقَالَ أَنا أبدأ أَولا قَالَ هَات فَرَفَعَ الْحَارِثُ السَّيْفَ فَلَمَّا نَظَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ قَدْ أَهْوَى بِهِ إِلَى رَأْسِهِ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً قُدَّ مِنْهَا مِعَاهُ وَوَقَعَتْ ضَرْبَةُ الْحَارِثِ فِي رَأْسِهِ فَسَقَطَا مَيِّتَيْنِ فَأَخَذْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْبَعَةَ أَفْرَاسٍ وَأَرْبَعَةَ أَسْيَافٍ ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّاقَةِ فَعَقَدْتُ أَعِنَّةَ الأَفْرَاسِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَجَعَلْتُ أَقُودُ فَقَالَتْ لِي الْجَارِيَةُ يَا عَمْرُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 إِلَى أَيْنَ وَلَسْتَ لِي بِصَاحِبٍ وَلَسْتَ كَمَنْ رَأَيْتُ وَلَوْ كُنْتَ لِي صَاحِبًا لَسَلَكْتَ سَبِيلَهُمْ فَقُلْتُ اسْكُتِي قَالَتْ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَعْطِنِي سَيْفًا أَوْ رُمْحًا فَإِنْ غَلَبْتَنِي فَأَنَا لَكَ وَإِنْ غَلَبْتُكَ قَتَلْتُكَ فَقُلْتُ لَهَا مَا أَنَا بِمُعْطِيكِ ذَاكَ وَقَدْ عَرَفْتُ أَصْلَكِ وَجُرْأَةَ قَوْمِكِ وَشَجَاعَتَهُمْ فَرَمَتْ بِنَفْسِهَا عَنِ الْبَعِيرِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلَيَّ وَهِيَ تَقُولُ أَبَعْدَ مَا شَيْخِي وَبَعْدَ إِخْوَتِي ... أَطْلُبُ عَيْشًا بَعْدَهُمْ فِي لَذَّتِي ... هَلا تَكُونُ قَبْلَ ذَاكَ مِيتَتِي ... ثُمَّ أَهْوَتْ إِلَى الرُّمْحِ وَكَادَتْ تَنْتَزِعَهُ مِنْ يَدِي فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهَا خِفْتُ إِنْ هِيَ ظَفِرَتْ بِي أَنْ تَقْتُلَنِي فَقَتَلْتُهَا فَهَذَا أَشَدُّ مَنْ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقْتَ يَا عَمْرُو أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الرُّسْتُمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ رَجُلا أَضَافَ نَاسًا مِنْ هَذِيلٍ فَذَهَبَتْ جَارِيَةٌ لَهُ تَحْتَطِبُ فَأَرَادَهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ نَفْسِهَا فَرَمَتْهُ بِفِهْرٍ فَقَتَلَتْهُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ ذَاكَ قَتِيلُ اللَّهِ وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّوَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا بِفَتَى أَمْرَدَ قَدْ وُجِدَ قَتِيلا عَلَى وَجْهِ الطَّرِيقِ فَسَأَلَ عَنْ أَمْرِهِ وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَقِفْ لَهُ عَلَى خَبَرٍ وَلَمْ يَعْرِفْ لَهُ قَاتِلٌ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَظْفِرْنِي بِقَاتِلِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ وُجِدَ صَبِيٌّ مَوْلُود ملقى بِموضع الْقَتِيل فاتي بِهِ عُمَرُ فَقَالَ ظَفِرْتُ بَدَمِ الْقَتِيلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى امْرَأَةٍ وَقَالَ لَهَا قُومِي بِشَأْنِهِ وَخُذِي مِنَّا نَفَقَتَهُ وَانْظُرِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْكِ فَإِذَا وَجَدْتِ امْرَأَةً تُقَبِّلُهُ وَتَضُمُّهُ إِلَى صَدْرِهَا فَأَعْلِمِينِي بِمَكَانِهَا فَلَمَّا شَبَّ الصَّبِيُّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ إِنَّ سَيَّدَتِي بَعَثَتْنِي إِلَيْكِ لَتَبْعَثِي بِالصَّبِيِّ لِتَرَاهُ وَتَرُدَّهُ إِلَيْكِ فَقَالَتْ نَعَمْ اذْهَبِي بِهِ إِلَيْهَا وَأَنَا مَعَكِ فَذَهَبَتْ بِالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةُ مَعَهَا حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى سَيِّدَتِهَا فَلَمَّا رَأْتُهُ أَخَذَتْهُ فَقَبَّلَتْهُ وَضَمَّتْهُ إِلَى صَدْرِهَا فَإِذَا هِيَ بِنْتُ شَيْخٍ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ خَبَرَ الْمَرْأَةِ فَاشْتَمَلَ عُمَرُ عَلَى سَيْفِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى مَنْزِلِهَا فَوَجَدَ أَبَاهَا مُتَّكِئًا عَلَى بَابِ دَارِهِ فَقَالَ يَا أَبَا فُلانٍ مَا فَعَلَتِ ابْنَتُكَ فُلانَةُ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَزَاهَا اللَّهُ خَيْرًا هِيَ مِنْ أَعْرَفِ النَّاسِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ أَبِيهَا مَعَ حُسْنِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَالْقِيَامِ بِدِينِهَا فَقَالَ عُمَرُ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَدْخُلَ إِلَيْهَا فَأَزِيدَهَا رَغْبَةً فِي الْخَيْرِ وَأَحُثَّهَا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ امْكُثْ مَكَانَكَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ فَاسْتَأَذَنَ لِعُمَرَ فَلَمَّا دَخَلَ أَمَرَ عُمَرُ كل من كَانَ عَنْهَا فَخَرَجَ وَبَقِيَتْ هِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 وَعُمَرُ فِي الْبَيْتِ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ فَكَشَفَ عُمَرُ عَنِ السَّيْفِ وَقَالَ لَتَصْدُقِنِّي وَكَانَ عُمَرُ لَا يَكْذِبُ فَقَالَتْ عَلَى رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ لأَصْدُقَنَّ إِنَّ عَجُوزًا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَيَّ فَاتَّخَذْتُهَا أُمًّا وَكَانَتْ تَقُومُ مِنْ أَمْرِي بِمَا تَقُومُ بِهِ الْوَالِدَةُ وَكُنْتُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِنْتِ فَامْضَتْ بِذَلِكَ حِينًا ثُمَّ إِنَّهَا قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ إِنَّهُ قَدْ عَرَضَ لِي سَفَرٌ وَلِي بِنْتٌ فِي مَوْضِعٍ أَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا فِيهِ أَنْ تَضِيعَ وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَضُمَّهَا إِلَيْكِ حَتَّى أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي فَعَمَدَتْ إِلَى ابْنٍ لَهَا شَابٍّ أَمْرَدَ فَهَيَأَتْهُ كَهَيْئَةِ الْجَارِيَةِ وَأَتَتْنِي بِهِ لَا أَشُكُّ أَنَّهُ جَارِيَةٌ فَكَانَ يَرَى مِنِّي مَا تَرَى الْجَارِيَةُ مِنَ الْجَارِيَةِ حَتَّى اغْتَفَلَنِي يَوْمًا وَأَنَا نَائِمَةٌ فَمَا شَعُرْتُ حَتَّى عَلانِي وَخَالَطَنِي فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَى شَفْرَةٍ كَانَتْ إِلَى جَنْبِي قَتَلْتُهُ ثُمَّ أَمَرْتُ بِهِ فَأُلْقِيَ حَيْثُ رَأَيْت فاشتملت مِنْهُ على هَذِه الْفَتَى فَلَمَّا وَضَعْتُهُ أَلْقَيْتُهُ فِي مَوْضِعِ أَبِيهِ فَهَذَا وَاللَّهِ خَبَرُهُمَا عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقْتِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ ثُمَّ أَوْصَاهَا وَوَعَظَهَا وَدَعَا لَهَا وَقَالَ لأَبِيهَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي ابْنَتك فَنعم الِابْنَة ابْنَتك وَقد فَقَالَ الشَّيْخُ وَصَلَكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَجَزَاكَ خَيْرًا عَنْ رَعِيَّتِكَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ رَبِيبُ أَبِي حَيُّوَيْهِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلا خَرَجَ غَازِيًا فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ جِيرَانِهِ فَأَبْصَرَ فِي بَيْتِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ مُصْبَاحًا فَقَامَ قَرِيبًا مِنْ مَنْزِلِهِ فَسَمِعَ وَأَشْعَثَ غَرَّهُ الإِسْلامُ مِنِّي ... خَلَوْتُ بِعُرْسِهِ لَيْلَ التَّمَامِ أَبِيتُ عَلَى تَرَائِبِهَا وَيُضْحِي ... عَلَى جَرْدَاءَ لاحِقَةِ الْحَزَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 كَأَنَّ مَوْضِعَ الرَّبَلاتِ مِنْهَا ... قِيَامٌ يَنْتَمِينَ إِلَى قِيَامِ قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ عُمَرُ بِذَلِكَ فَقَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشَدَ اللَّهُ رَجُلا وَأَعْزِمْ عَلَيْهِ عَلِمَ مَنْ عَلِمَ هَذَا الرَّجُلَ عِلْمًا إِلا أَخْبَرَنَا بِهِ فَقَامَ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى وَبِمَا سَمِعَ فَقَالَ عُمَرُ اقْتُلْ قَالَ فَعَلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّوَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن بَيَانٍ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْمُحَوَّلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يَهْوَى امْرَأَةً فَأَرَادَهَا فَأَغَلَقَتِ الْبَابَ دُونَهُ فَأَدْخَلَ الرَّجُلُ رَأْسَهُ مِنْ أَسْكُفَةِ الْبَابِ فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ حَجَرًا أَوْ خَشَبَةً وَضَرَبَتْ رَأْسَهُ فَدَمَغَتْهُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ بِهِ لَا بِظَبْيٍ وَأَهْدَرَ دَمُهُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله ابْن أَسْبَاطٍ قَالَ حَدَّثَنِي دِعْبَلٌ قَالَ كُنْتُ بِالثَّغْرِ فَنُودِيَ بِالنَّفِيرِ فَخَرَجْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 مَعَ النَّاسِ فَإِذَا أَنَا بِفَتَى يَجُرُّ رُمْحَهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَالْتَفَتُّ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ أَنْتَ دِعْبَلٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ اسْمَعْ مِنِّي بَيْتَيْنِ فَأَنْشَدَنِي أَنَا فِي أَمْرِي رَشَادٌ ... بَيْنَ غَزْوٍ وَجِهَادِ بَدَنِي يَغْزُو عَدُوِّي ... وَالْهَوَى يَغْزُو فُؤَادِي ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تَرَى قُلْتُ جَيِّدٌ قَالَ وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ إِلا هَارِبًا مِنَ الْحُبِّ ثُمَّ الْتَقَيْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَقَدْ بَلَغَتْنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْ دِعْبَلٍ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ الدَّمَنِيِّ فِي غُزَاتِهِ الَّتِي حَارَبَ فِيهَا كَلْبَ الرُّومِ فَلَمَّا وَقَفَ الْجَيْشَانِ بَرَزَ عِلْجٌ مِنَ الرُّومِ فَقَتَلَ سَبْعَةً مِنَ مُبَارِزِي الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ جَعَلَ يَجُرُّ رُمْحَهُ وَيَطْلُبُ الْبِرَازَ فَلا يَبْرُزُ لَهُ أَحَدٌ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَخِفْنَا الْهَزِيمَةَ بَرَزَ غُلامٌ وَضِيءُ الْوَجْهِ ظَاهِرُ الْجَمَالِ لَهُ ذُؤَابَتَانِ مِنْ وَرَائِهِ فَبَارَزَ الْعِلْجَ فَقَتَلَهُ ثُمَّ ابْتَدَرَ إِلَيْهِ عَشْرَةٌ مِنْ عُلُوجِ الرُّومِ فَقَتَلَهُمْ وَرَدَّ الرُّومَ مُنْهَزِمِينَ فَقُتِلَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ وَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى الْغَنَائِمِ فَارْتَقَى الْغُلامُ رَابِيَةً وَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَأَخَذَ مِقْوَدَهُ بِيَدِهِ وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ عَلَى الأَرْضِ كَالْقَطْرِ قَالَ دِعْبَلٌ فَنَزَلْتُ عَنْ فَرَسِي فَقُلْتُ يَا بُنَيَّ قَدْ أَبْلَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَكِ هَذَا الْبَلاءُ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ أَلا أَرَاكَ تَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنَ الْغَنَائِمِ وَأَنْتَ مِنَ الْبُكَاءِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَأَعْلِمْنِي قَصَّتَكَ فَأَطْرَقَ سَاعَةً ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ أَنَا فِي أَمْرِي رَشَادٌ ... بَيْنَ غَزْوٍ وَجِهَادِ بَدَنِي يَغْزُو عَدُوِّي ... وَالْهَوَى يَغْزُو فُؤَادِي ثُمَّ مَضَى وَلا أَعْرِفُ اسْمَهُ وَلا نَسَبَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّوَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْن إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيَادٍ الأَعْرَابِيُّ قَالَ نَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَاهِلَةٍ وَلَيْسَ عِنْدَهَا زَوْجُهَا فَأَكْرَمَتْهُ وَفَرَشَتْهُ فَلَمَّا لَمْ يَرَ عِنْدَهَا أَحَدًا وَلا قُرْبَهَا سَامَهَا نَفْسَهَا فَلَمَّا خَشِيَتْهُ قَالَتْ لَهُ امْكُثْ أَسْتَصْلِحُ لَكَ ثُمَّ رَاغَتْ فَأَخَذَتْ مُدْيَةً فَأَخْفَتْهَا ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهَا ثَارَ إِلَيْهَا فَضَرَبَتْ بِهَا فِي نَحْرِهِ فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ سَقَطَتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا وَسَقَطَ هُوَ مَيِّتًا فَأَتَاهَا آتٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَأَجْلَسَهَا حَتَّى أَفَاقَتْ فَقَالَ أَعْشَى بَاهَلَةٍ فِي ذَلِكَ لَعَمْرِي لَقَدْ أَخْفَتْ مُعَاذَةُ ضَيْفَهَا ... وَسَوَّتْ عَلَيْهِ مَهْدَهُ ثُمَّ بَرَّتِ فَلَمَّا بَغَاهَا نَفْسَهَا غَضِبَتْ لَهَا ... عُرُوقٌ نَمَتْ وَسْطَ الثَّرَى فَاسْتَقَرَّتِ وَشَدَّتْ عَلَى ذِي مُدْيَةِ الْكَفِّ مِعْصَمًا ... وَضِيئًا وَعَزَّتْ نَفْسُهَا فَاسْتَمَرَّتِ فَأَمَّتْ بِهَا فِي نَحره وَهُوَ يَبْتَغِي الن ... كاح فَمَرَّتْ فِي حَشَاهُ وَجَرَّتِ فَثَجَّ كَأَنَّ النِّيلَ فِي جَوْفِ صَدْرِهِ ... وَأَدْرَكَهَا ضَعْفُ النِّسَاءِ فَخَرَّتِ قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ شَيْخٌ قَدِيمٌ قَالَ أَدْرَكْتُ الْخَادِمَ الَّذِي كَانَ يَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْحَجَّاجِ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي بِأَعْجَبَ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ مِنَ الْحَجَّاجِ قَالَ كَانَ ابْنُ أَخِيهِ أَمِيرًا عَلَى وَاسِطٍ قَالَ وَكَانَتْ بِوَاسِطٍ امْرَأَةٌ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَكُ بِوَاسِطٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَجْمَلُ مِنْهَا فَأَرْسَلَ ابْنُ أَخِيهِ إِلَيْهَا يُرِيدُهَا عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 نَفْسِهَا مَعَ خَادِمٍ لَهُ فَأَبَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ إِنْ أَرَدْتَنِي فَاخْطُبْنِي إِلَى إِخْوَتِي قَالَ وَكَانَ لَهَا إِخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ فَأَبَى وَقَالَ لَا إِلا كَذَا وَعَاوَدَهَا فَأَبَتْ عَلَيْهِ إِلا أَنْ يَخْطُبَهَا فَأَمَّا حَرَامٌ فَلا قَالَ وَأَبَى هُوَ إِلا الْحَرَامَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِهَدِيَةٍ فَأَخَذَتْهَا فَعَزَلَتْهَا قَالَ وَأَرَسْلَ إِلَيْهَا عَشِيَّةَ جُمْعَةٍ أَنِّي آتِيكِ اللَّيْلَةَ فَقَالَتْ لأُمِّهَا إِنَّ الأَمِيرَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا قَالَ فَأَنْكَرَتْ أُمُّهَا ذَلِكَ وَقَالَتْ أُمُّهَا لإِخْوَتِهَا إِنَّ أُخْتَكُمْ قَدْ زَعَمَتْ كَذَا وَكَذَا فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ وَكَذَّبُوهَا فَقَالَتْ إِنَّهُ قَدْ وَعَدَنِي أَنْ يَأْتِيَنِي اللَّيْلَةَ فَسَتَرَوْنَهُ قَالَ فَقَعَدَ إِخْوَتُهَا فِي بَيْتٍ حِيَالَ الْبَيْتِ الَّذِي هِيَ فِيهِ وَفِيهِ سِرَاجٌ وَهُمْ يَرَوْنَ مَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهَا وَجُوَيْرِيَةٌ لَهَا عَلَى بَابِ الدَّارِ قَاعِدَةٌ حِينَ جَاءَ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَقَالَ لِغُلامِهِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَّذِنُ فِي الْغَلَسِ فَائْتِنِي بِدَابَّتِي وَدَخَلَ فَمَشَتِ الْجَارِيَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَتْ لَهُ ادْخُلْ فَدَخَلَ وَهِيَ عَلَى سَرِيرٍ مُسْتَلْقِيَةٌ فَاسْتَلْقَى إِلَى جَانِبِهَا ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَقَالَ إِلَى كَمْ ذَا الْمَطْلُ فَقَالَتْ لَهُ كُفَّ يَدَكَ يَا فَاسِقُ قَالَ وَدَخَلَ إِخْوَتُهَا عَلَيْهِ مَعَهُمْ سُيُوفٌ فَقَطَّعُوهُ ثُمَّ لَفُّوهُ فِي نِطْعٍ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى سِكَّةٍ مِنَ سِكَكِ وَاسِطٍ فَأَلْقَوْهُ فِيهَا وَجَاءَ الْغُلامُ بِالدَّابَّةِ فَجَعَلَ يَدُقُّ الْبَابَ دَقًّا رَقِيقًا وَلَيْسَ يُكَلِّمُهُ أَحَدٌ فَلَمَّا خَشِيَ الصُّبْحَ وَأَنْ تُعْرَفَ الدَّابَّةُ انْصَرَفَ وَأَصْبَحُوا فَإِذَا هُمْ بِهِ فَأَتَوْا بِهِ الْحَجَّاجَ فَأَخَذَ أَهْلَ تِلْكَ السِّكَّةِ فَقَالَ أَخْبِرُونِي مَا هَذَا وَمَا قِصَّتُهُ قَالُوا لَا نَعْلَمُ حَالَهُ غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَاهُ مُلْقَى فَفَطِنَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ عَلَيَّ بِمَنْ كَانَ يَخْدُمُهُ قَالَ فَأَتَى بِذَلِكَ الْخَصِيِّ الَّذِي كَانَ الرَّسُولَ فَقَالُوا هَذَا كَانَ صَاحِبُ سِرَّهُ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ اصْدُقْنِي مَا كَانَ حَالُهُ وَمَا قِصَّتُهُ فَأَبَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 فَقَالَ لَهُ إِنْ صَدَقْتَنِي لَمْ أَضْرِبْ عُنُقَكَ وَإِنْ لَمْ تَصْدُقْنِي ضَرَبْتُ عُنُقَكَ وَفَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ قَالَ فَأَخْبَرَهُ الأَمْرَ عَلَى جِهَتِهِ فَأمر بِالْمَرْأَةِ وَأمّهَا وإخوتها فجيء بهما فَعُزِلَتِ الْمَرْأَةُ عَنْهُمُ فَسَاءَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْخَصِيُّ ثُمَّ عَزَلَهَا وَسَأَلَ الإِخْوَةَ فَأَخْبَرُوهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَالُوا نَحْنُ صَنَعْنَا بِهِ الَّذِي تَرَى قَالَ فَعَزَلَهُمْ وَأَمَرَ بِرَقِيقِهِ وَدَوَابِّهِ وَمَالِهِ لِلْمَرْأَةِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدِي هَدِيَّتُهُ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهَا وَأَكْثَرَ فِي النِّسَاءِ مِثْلِكِ هِيَ لَكَ وَكُلُّ مَا تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَك وَقَالَ مِثْلُ هَذَا لَا يُدْفَنُ فَأَلْقُوهُ لِلْكِلابِ وَدَعَا الْخَصِيَّ فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ قُلْتُ لَكَ إِنِّي لَا أَضْرِبُ عُنُقَكَ وَأَمَرَ بِضَرْبِ وَسَطِهِ حَكَى لِي ابْنُ رَشَادَةَ الطَّبِيبُ أَنَّ طَبِيبًا نَصْرَانِيًا كَانَ بِوَاسِطٍ وَكَانَ شَابًّا مُسْتَحْسَنًا تَتَعَشَّقُهُ النِّسَاءُ فَدَخَلَ إِلَى امْرَأَةِ بَعْضِ الأَكْرَادِ لِيفْصِدَهَا فَأَخْرَجَتْ ذِرَاعَهَا فَحَارَ لِحُسْنِهِ ثُمَّ جَعَلَ يَلْمَسُهُ لَمْسَ مُلْتَذٍّ بِهِ فَلَمْ يُخْفَ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ قَالَ لَهَا الْيَوْمَ لَا يَتَهَيَّأُ الْفَصْدُ فَأَخِّرِيهِ إِلَى غَدٍ وَخَرَجَ فَجَاءَ زَوْجُهَا فَحَدَّثَتْهُ الْحَدِيثَ فَخَرَجَ وَبَعَثَ إِلَى الطَّبِيبِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ تَجِيءُ مَعِي لِتَنْظُرَ إِلَى مَرِيضٍ فَنَزَلا فِي سُمَيْرِيَّةٍ وَأَخْرَجَهُ إِلَى الْبَطَائِحِ ثُمَّ قَطَّعَهُ قِطَعًا بِالسَّيْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 الْبَابُ السَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ مَنْ قَتَلَهُ الْعِشْقُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنَا الزبير ابْن بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ بَكَّارٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَمِّهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ إِنَّا لَمَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ يَحْمِلُونَ فَتًى مِنْ بَنِي عُذْرَةَ قَدْ بَلِيَ بَدَنُهُ وَكَانَتْ لَهُ حَلاوَةٌ وَجَمَالٌ حَتَّى وَقَّفُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالُوا استشف لهَذَا يَا بن عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَمَا بِهِ فَتَرَنَّمَ الْفَتَى بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ لَا يَتَبَيَّنُ وَهُوَ يَقُولُ بِنَا مِنْ جَوَى الأَحْزَانِ وَالْحُبِّ لَوْعَةٌ ... تَكَادُ لَهَا نَفْسُ الشَّفِيقِ تَذُوبُ وَلَكِنَّمَا أَبْقَى حَشَاشَةَ مُعْوِلٍ ... عَلَى مَا بِهِ عَوْدٌ هُنَاكَ صَلِيبُ وَمَا عَجَبٌ مَوْتُ الْمُحِبِّينَ فِي الْهَوَى ... وَلَكِنْ بَقَاءُ الْعَاشِقِينَ عَجِيبُ ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً فَمَاتَ قَالَ عِكْرِمَةٌ فَمَا زَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُبِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنِ الْبُسْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ فُلَيْحِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ إِنِّي لَمَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إِذَا فِتْيَةٌ يَحْمِلُونَ فَتًى فِي كِسَاءٍ مَعْرُوقَ الْوَجْهِ نَاحِلَ الْبَدَنِ أَحْلَى مَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْفِتْيَانِ فَوَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالُوا اسْتَشْفِ لَهُ يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَمَا بِهِ فَأَنْشَأَ الْفَتَى يَقُولُ بِنَا مِنْ جَوَى الأَحْزَانِ وَالْحُبِّ لَوْعَةٌ ... تَكَادُ لَهَا نَفْسُ الشَّفِيقِ تَذُوبُ وَلَكِنَّمَا أَبْقَى حَشَاشَةَ مُعْوِلٍ ... عَلَى مَا بِهِ عَوْدٌ هُنَاكَ صَلِيبُ قَالَ وَأَنْشَأَ الْفَتَى يَقُولُ وَبِي لَوْعَةٌ لَوْ تَشْتَكِي الصُّمُّ مِثْلَهَا ... لَفُطِّرَتِ الصُّمُّ الصِّلابُ فَخَرَّتِ وَلَوْ قَسَّمَ اللَّهُ الَّذِي بِي مِنَ الْجَوَى ... عَلَى كُلِّ نَفْسٍ حَظَّهَا لأَلَمَّتِ وَلَكِنَّمَا أَبْقَى حَشَاشَةَ مُعْوِلٍ ... عَلَى مَا بِهِ صَلْبُ النَّجَّارِ فَمُدَّتِ قَالَ ثُمَّ حَمَلَ فَخَفَتَ فَمَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا قَتِيلُ الْحُبِّ لَا عَقْلَ وَلا قَوْدَ قَالَ عِكْرِمَةُ فَمَا رَأَيْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ اللَّهُ فِي تِلْكَ الْعَشِيَّةِ حَتَّى أَمْسَى إِلا الْعَافِيَةَ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ ذَلِكَ الْفَتَى أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ قَالَ أَنْبَأَنَا رِضْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ الْعُطَارِدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ حَدْرَدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ فِي خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الَّتِي أَصَابَ بِهَا بَنِي جُذَيْمَةَ إِذَا فَتًى مِنْهُمْ مَجْمُوعَةٌ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 بِرُمَّةٍ يَقُولُ نَحِيلٌ فَقَالَ لِي يَا فَتَى هَلْ أَنْتَ آخِذٌ بِهَذِهِ الرُّمَّةِ فَمُقَدِّمِي إِلَى هَؤُلاءِ النِّسْوَةِ حَتَّى أَقْضِيَ إِلَيْهِنَّ حَاجَةً ثُمَّ تَصْنَعُونَ مَا بَدَا لَكُمْ فَقُلْتُ لَيَسِيرٌ مَا سَأَلْتَ فَأَخَذْتُ بِرُمَّتِهِ فَقَدَّمْتُهُ إِلَيْهِنَّ فَقَالَ اسْلَمِي حُبَيْشُ عَلَى بُعْدِ الْعَيْشِ ثُمَّ قَالَ أَرَيْتُكِ إِذْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ ... بِحَلْيَةٍ أَوْ أَلْفَيْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ أَلَمْ يَكُ حَقًّا أَنَّ يَنُولَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ فَلا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إِذْ أَهُلْنَا مَعًا ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الصَّفَائِقِ أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى ... وَيَنْأَى الأَمِيرُ بالحبيب المفارق فَإِنِّي لَا سِرَّ لَدَيَّ أَضَعْتُهُ ... وَلا رَاقَ عَيْنِي بَعْدَ وَجْهِكِ رَائِقُ عَلَى أَنَّ مَا نَابَ الْعَشِيرَةَ شَاغِلٌ ... عَنِ اللَّهْوِ إِلا أَنْ يَكُونَ تَوَامِقُ فَقَالَتْ وَأَنْتَ فَحُيِّيتَ عَشْرًا وَسَبْعًا وَتْرًا وَثَمَانِيًا تَتْرَى ثُمَّ قَدَّمْنَاهُ فضربنا عُنُقه قَالَ إِبْنِ إسحاقفحدثني أَبُو فَرَّاسٍ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ شَهِدُوا مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالُوا فَلَمَّا قُتِلَ قَامَتَ إِلَيْهِ فَمَا زَالَتْ تَرْشُفُهُ حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَفِيهَا بِدَايَةُ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْمَرْزُبَانِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَشَأَ فِينَا غُلامٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْن عَلْقَمَةَ وَكَانَ جَمِيلا فَهَوَى جَارِيَةً مِنْ غَيْرِ فَخْذِهِ يُقَالُ لَهَا حُبَيْشَةُ وَكَانَ يَأْتِيهَا وَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ عِنْدِهَا وَمَعَهُ أُمُّهُ فَرَأَى فِي طَرِيقِهِ ظَبْيَةً عَلَى رَابِيَةٍ فَأَنْشَأَ يَقُولُ يَا أُمَّتَا خَبِّرِينِي غَيْرَ كَاذِبَةٍ ... وَمَا يُرِيدُ مَسُولُ الْخَيْرِ بِالْكَذِبِ حُبَيْشُ أَحْسَنُ أَمْ ظَبْيٌ بِرَابِيَةٍ ... لَا بَلْ حُبْيَشَةُ مِنْ دُرٍّ وَمِنْ ذَهَبِ ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهَا مَرَّةً أُخْرَى فَأَصَابَتْهُ السَّمَاءُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ وَمَا أَدْرِي إِذَا أَبْصَرْتُ يَوْمًا ... أَصَوْبُ الْقَطْرِ أَحْسَنُ أَمْ حُبَيْشُ حُبَيْشٌ وَالَّذِي خَلَقَ الْهَدَايَا ... عَلَى أَنْ لَيْسَ عِنْدَ حُبَيْشِ عَيْشُ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَشُهِرَ بِهَا قَالَ قَوْمُهُ لأُمِّهِ إِنَّ هَذَا الْغُلامَ تِيمٌ وَإِنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ يَرْغَبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْكُمْ فَانْظُرِي جَارِيَةً مِنْ قَوْمِكِ مِمَّنْ لَا تَمْتَنِعُ عَلَيْكِ فَزَيِّنِيهَا وَاعْرِضِيهَا عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَتَعَلَّقُهَا وَيَسْلُوا تِلْكَ فَفَعَلَتْ وَحَضَرَ نِسَاؤُهَا فَجَعَلُوا يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ نِسَاءَ الْحَيِّ ثُمَّ يَقُولُونَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فَيَقُولُ إِنَّهَا وَاللَّهِ حَسْنَاءُ جَمْلاءُ إِلَى أَنْ قَالَ قَائِلٌ هِيَ أَحْسَنُ أَمْ حُبَيْشَةُ فَقَالَ مَرْعَى وَلا كَالسَّعْدَانِ فَلَمَّا يَئِسُوا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بِحُبَيْشَةَ وَطَمِعُوا أَنْ يَأْتُوا الأَمْرَ مِنْ قِبَلِهَا فَقَالُوا وَاللَّهِ لَئِنْ أَتَاكِ فَلَمْ تَزْرِي بِهِ وَتَتَجَهَّمِيهِ وَتَقُولِي لَهُ أَنْتَ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ فَلا تَقْرَبْنِي لَنَفْعَلَنَّ بِكِ مَا يسوؤك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 فَأَتَاهَا فَلَمْ تُكَلِّمْهُ بِشَيْءٍ مِمَّا قَالُوا وَلَمْ تَزِدْ عَلَى أَنْ نظرت إِلَيْهِ ونظرإليها ثُمَّ أَرْسَلَتْ عَيْنَهَا تَبْكِي فَانْصَرَفَ عَنْهَا وَهُوَ يَقُولُ وَمَا كَانَ حُبِّي عَنْ نَوَالٍ بَذَلْتِهِ ... وَلَيْسَ بِمُسْلِيَّ التَّجَهُمُ وَالْهَجْرُ سِوَى أَنَّ دَائِي مِنْكِ دَاءُ مَوَدَّةٍ ... قَدِيمًا وَلَمْ يُمْزَجْ كَمَا تُمْزَجُ الْخَمْرُ وَمَا أُنْسَ مِلْ أَشْيَاءِ لَا أَنْسَ دَمْعَهَا ... وَدَمْعَتَهَا حَتَّى يُغَيِّبُنِي الْقَبْرُ فَبَيْنَمَا هُمَا عَلَى أَشَدِّ مَا كَانَا عَلَيْهِ مِنَ الْهَوَى وَالصَّبْوَةِ هَجَمَ عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَوْمَ الْغُمَيْصَاءِ فَأَخَذَ الْغُلامُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ خَالِدٍ فَأَرَادَ قَتْلَهُ فَقَالَ لَهُ أَلْمِمْ بِي أَهْلَ تِلْكَ الْبُيُوتِ أَقْضِي إِلَيْهِنَّ حَاجَةً ثُمَّ افْعَلْ مَا بَدَا لَكَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ بِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى خَيْمَةٍ مِنْهَا فَقَالَ أَسْلِمِي حُبَيْشُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْعَيْشِ فَأَجَابَتْهُ فَقَالَتْ سَلِمْتَ وَحَيَّاكَ اللَّهُ عَشْرًا وَتِسْعًا وِتْرًا وَثَمَانِيَةً تَتَرَى فَلَمْ أَرَ مِثْلَكَ يُقْتَلُ صَبْرًا وَخَرَجَتْ تَشْتَدُّ وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَسْوَدُ قَدْ لاثَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا وَكَأَنَّ وَجْهَهَا الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ حِينَ نَظَرَ إِلَيْهَا أَرَيْتُكِ أَنْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ ... بِبُرَزَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ أَمَا كَانَ حَقًّا أَنْ يَنُولَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ فَإِنِّي لَا سِرٌّ لَدَيَّ أَضَعْتُهُ ... وَلا رَاقَ عَيْنِي بَعْدَ وَجْهِكِ رَائِقُ عَلَى أَنَّ مَا نَابَ الْعَشِيرَةَ شَاغِلٌ ... فَلا ذِكْرَ إِلا أَنْ يَكُونَ تَوَامُقُ فَهَا أَنَا مَأْسُورٌ لَدَيْكِ مُكَبَّلٌ ... وَمَا إِنْ أَرَانِي بَعْدَهُ الْيَوْمَ نَاطِقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 فَأَجَابَتْهُ أَرَى لَكَ أَسْبَابًا أَظُنُّكَ مُخْرِجًا ... بِهَا النَّفْسَ مِنْ جَنْبَيَّ وَالرُّوحَ زَاهِقُ فَأَجَابَهَا فَقَالَ فَإِنْ يَقْتُلُونِي يَا حُبَيْشُ فَلَمْ يَدَعْ ... هَوَاكِ لَهُمْ مِنِّي سِوَى غُلَّةِ الصَّدْرِ وَأَنْتِ الَّتِي قَفَّلْتِ جِلْدِي عَلَى دَمِي ... وَعَظْمِي وَأَسْبَلْتِ الدُّمُوعَ عَلَى النَّحْرِ فَأَجَابَتْهُ فَقَالَتْ وَنَحْنُ بَكَيْنَا مِنْ فُرَاقِكَ مَرَّةً ... وَأُخْرَى وَقَايَسْنَا لَكَ الْعُسْرَ بِالْيُسْرِ فَأَنْتَ فَلا تَبْعُدْ فَنِعْمَ أَخُو النَّدَى ... جَمِيلُ الْمُحَيَّا فِي الْمَرُوءَةِ وَالْبِشْرِ قَالَ الَّذِي أَخَذَهُ فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً قططت مِنْهَا يَده وعنقه فلمارأته قَدْ سَقَطَ قَالَتِ ائْذَنْ لِي أَنْ أَجْمَعَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَمَعَتْهُ وَجَعَلَتْ تَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ بِخِمَارِهَا وَتَبْكِي ثمَّ شهقت شهقة خرجت مَعهَا نَفسهَا وَقد رويت لنا هَذِه الْحِكَايَة وفيهَا ذكر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ حَدَّثَ بِحَالِ هَذَا الرَّجُلِ أَخْبَرَتْنَا شهدة بن أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ خَلَفٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم ابْن بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مَسَاحِقَ عَنِ ابْنِ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى بَطْنِ نَخْلَةَ فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ ظَعَائِنُ لَهُ يَسُوقُهُنَّ أَمَامَهُ فَأَتَيْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ أَسْلِمْ فَقَالَ وَمَا الإِسْلامُ فَعَرَضْنَاهُ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 فَإِذَا هُوَ لَا يَعْرِفُهُ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّا قَاتِلُوكَ فَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكِي حَتَّى أَلْحَقُ بِهَؤُلاءِ الظَّعَائِنِ قَالَ قُلْنَا نَعَمْ وَنَحْنُ مُدْرِكُوكَ لَا مَحَالَةَ قَالَ فَأَتَى هَوْدَجَ ظَعِينَةٍ مِنْهُنَّ قَدْ وَصَفَهَا بِشَيْءٍ مِنْ حُسْنٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ أَرَيْتُكِ أَنْ طَالَبْتُكُمْ فَلَحِقْتُكُمْ ... بِحَلْيَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ أَمَا كَانَ حَقًّا أَنَّ يَنُولَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ ثُمَّ قَالَ فَلا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إِذْ أَهُلْنَا مَعًا ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الصَّفَائِقِ أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى ... وَيَنْأَى الأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ ثُمَّ قَالَ أَسْلِمِي حُبَيْشُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْعَيْشِ فَقَالَتْ لَهُ أُسْلِمُ عَشْرًا وَتِسْعًا وِتْرًا وَثَمَانِيَ تَتْرَى ثُمَّ أَتَى فَمَدَّ عُنُقَهُ فَقَالَ شَأْنُكُمْ فَاصْنَعُوا مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ فَقَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ فَرَأَيْتُ تِلْكَ الظَّعِينَةِ نَزَلَتْ مِنْ هَوْدِجَهَا فَحَنَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تَزَلْ تُقَبِّلُهُ حَتَّى مَاتَتْ قَالَ فَحَدَّثْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ قَدْ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بن وَافد عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَغَنِمُوا وَفِيهِمْ رَجُلٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي لَسْتُ مِنْهُمْ عَشِقْتُ امْرَأَةً فَلَحِقْتُهَا فَدَعُونِي أنظرإليها نَظْرَةً ثُمَّ اصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ أَدْمَاءُ فَقَالَ أَسْلِمِي حُبَيْشُ قَبْلَ نَفَادِ الْعَيْشِ أَرَيْتُكِ لَوْ أَتْبَعْتُكُمْ فَلَحِقْتُكُمْ ... بِحَلْيَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ أَمَا كَانَ حَقًّا أَنْ يُنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ فَقَالَتْ نَعَمْ فَدَيْتُكَ فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ فَشَهِقَتْ شَهْقَةً أَوْ شَهْقَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَحِيمٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ الطَّائِفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّسْتُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْعَدَةَ الأَخْفَشُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَحْذُورَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الرَّاوِيَةُ قَالَ سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ أَبَقَ غُلامَانِ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي نَهْشَلٍ يُقَالُ لَهُ الْخَضِرُ فَحَدَّثَنِي الْخَضِرُ قَالَ خَرَجْتُ أَبْغِيهِمَا وَقَصَدْتُ نَاحِيَةَ الْيَمَامَةِ عَلَى نَاقَةٍ لِي عَبْسَاءَ كَوْمَاءَ قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ الْعَبْسَاءُ الْبَيْضَاءُ وَالْكَوْمَاءُ الْعَظِيمَةُ السَّنَامِ فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ فَرَعِدَتْ وَأَبْرَقَتْ وَحَلَّتْ عَزَالِيهَا فَمِلْتُ إِلَى بَعْضِ دِيَارِ بَنِي حَنِيفَةَ فَقَصَدْتُ دَارًا وَطَلَبْتُ الْقِرَى فَقِيلَ لِي ادْخُلْ فَأَنَخْتُ نَاقَتِي وَدَخَلْتُ فَجَلَسْتُ تَحْتَ ظُلَّةٍ مِنْ جَرِيدٍ وَفِي الدَّارِ جُوَيْرِيَّةٌ سَوْدَاءُ فَدَخَلَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ وَكَأَنَّ عَيْنَيْهَا كَوْكَبَانِ فَقَالَتْ لِمَنْ هَذِهِ النَّاقَةُ قَالَتِ السُّوَيْدَاءُ لِضَيْفِكُمْ هَذَا فَسَلَّمَتْ عَلَيَّ وَقَالَتْ مِمَّنِ الرَّجُلُ قُلْتُ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ قَالَتْ مِنْ أَيِّهِمْ قُلْتُ مِنْ بَنِي نَهْشَلٍ قَالَتْ فَأَنْتَ مِنَ الْبَيْتِ يَقُولُ فِيهُمُ الْفَرَزْدَقُ إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ بَيْتًا بَنَاهُ لَنَا الْمَلِيكُ وَمَا بَنَى ... مَلَكُ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ بَيْتٌ زُرَارَةُ مُحْتَبٍ بِفِنَائِهِ ... وَمُجَاشِعٌ وَأَبُو الْفَوَارِسِ نَهْشَلُ فَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا قَالَتْ إِلا أَنَّ ابْنَ الْخَطْفِيِّ نَقَضَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَخْزَى الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ مُجَاشِعًا ... وَبَنَى بِنَاءَكَ بِالْحَضِيضِ الأَسْفَلِ بَيْتًا يُخَيِّمُ قَيْنُكُمْ بِفِنَائِهِ ... دَنِسًا مَقَاعِدُهُ خَبِيثَ الْمُدْخَلِ فَخَجِلْتُ وَاسْتَحْيَيْتُ فَقُلْتُ لَهَا أَيِّمٌ أَنْتِ أَمْ ذَاتُ بَعْلٍ فَقَالَتْ إِذَا رَقَدَ النِّيَامُ فَإِنَّ عَمْرًا ... تُؤَرِّقُهُ الْهُمُومُ إِلَى الصَّبَاحِ تُقَطِّعُ قَلْبَهُ الذِّكْرَى وَقَلْبِي ... فَمَا هُوَ بِالْخَلِيِّ وَلا بِصَاحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 سَقَى اللَّهُ الْيَمَامَةَ دَارَ قَوْمٍ ... بِهَا عَمْرٌو يَحِنُّ إِلَى الرَّوَاحِ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ عَمْرٌو هَذَا فَقَالَتْ سَأَلْتَ وَلَوْ عَلِمْتَ كَفَفْتَ عَنْهُ ... وَمَنْ لَكَ بِالْجَوَابِ سِوَى الْخَبِيرِ فَإِنْ تَكُ سَائِلا عَنْهُ فَعَمْرٌو ... مَعَ الْقَمَرِ الْمُضِيءِ الْمُسْتَنِيرِ ثُمَّ قَالَتْ أَيْنَ تَؤُمُّ قُلْتُ الْيَمَامَةَ فَتَنَفَّسَتِ الصَّعْدَاءَ ثُمَّ قَالَتْ تُذَكِّرُنِي بِلادًا حَلَّ أَهْلِي ... بِهَا أَهْلُ الْمَوَّدَةِ وَالْكَرَامَهْ أَلا فَسَقَى الإِلَهُ أَجَشَّ صَوْتٍ ... يَسِحُّ بِدَرِّهِ بَلَدَ الْيَمَامَهْ وَحَيَّا بِالسَّلامِ أَبَا نُجَيْدٍ ... فَأَهْلٌ لِلْتَحِيَّةِ وَالسَّلامَهْ ثُمَّ قَالَتْ يُخَيَّلُ لِي أَيَا كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو ... بِأَنَّكَ قَدْ حُمِلْتَ عَلَى السَّرِيرِ فَإِنْ تَكُ هَكَذَا يَا عَمْرُو ... إِنِّي مُبَكِّرَةٌ عَلَيْكَ إِلَى الْقُبُورِ ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً فَمَاتَتْ فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ لِي هِيَ مِنْ وَلَدِ مُعَرَّقِ بْنِ النُّعْمَان ابْن الْمُنْذِرِ وَعَمْرُو بْنُ كَعْبٍ هَوَى لَهَا بِالْيَمَامَةِ فَرَكِبْتُ نَاقَتِي وَسِرْتُ إِلَى الْيَمَامَةِ فَسَأَلْتُ عَنْ عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ فَخُبِّرْتُ أَنَّهُ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي قَالَتِ الْجَارِيَةُ مَا قَالَتْ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عبد العزيز ابْن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلانَ النَّهْدِيُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَلا إِنَّ هِنْدًا أَصْبَحَتْ مِنْكَ مَحْرَمًا ... وَأَصْبَحْتَ مِنْ أَدْنَى حُمَيِّمِهَا حِمَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 وَأَصْبَحْتَ كَالْمَقْمُورِ جَفْنُ سَلاحِهِ ... يُقَلِّبُ بِالْكَفَّيْنِ قَوْسًا وَأَسْهُمَا وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيّ قَالَ أَنبأَنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ خَرَجْتُ فِي طَلَبِ ضَالَّةٍ لِي فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ فِي أَرْضِ بَنِي عُذْرَةَ أَنْشُدُ ضَالَّتِي إِذَا بِبَيْتٍ مُعْتَزِلٍ عَنِ الْبُيُوتِ وَإِذَا فِي كَسْرِ الْبَيْتِ فَتًى شَابٌّ مُغْمَى عَلَيْهِ وَعِنْدَ رَأْسِهِ عَجُوزٌ لَهَا بَقِيَّةٌ مِنْ جَمَالٍ سَاهِيَةٌ تَنْظُرُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّتِ السَّلامَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ضَالَّتِي فَلَمْ يَكُ عِنْدَهَا مِنْهَا عِلْمٌ فَقُلْتُ أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ مَنْ هَذَا الْفَتَى قَالَتِ ابْنِي ثُمَّ قَالَتْ هَلْ لَكَ فِي اجْرِ لَا مؤونة فِيهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ الأَجْرَ وَإِنْ رُزِئْتُ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ عَلِقَهَا وَهُمَا صَغِيرَانِ فَلَمَّا كَبِرَا حُجِبَتْ عَنْهُ فَأَخَذَهُ شَبِيهٌ بِالْجُنُونِ ثُمَّ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهِ وَخَطَبَهَا غَيْرُهُ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ فَنَحَلَ جِسْمُ وَلَدِي وَاصْفَرَّ لَوْنُهُ وَذُهِلَ عَقْلُهُ فَلَمَّا كَانَ مُنْذُ خَمْسٍ زُفَّتْ إِلَى زَوْجِهَا فَهُوَ كَمَا تَرَى لَا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ مُغْمَى عَلَيْهِ فَلَوْ نَزَلْتَ إِلَيْهِ فَوَعَظْتَهُ قَالَ فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ أدع شَيْئًا مِنَ الْمَوْعِظَةِ إِلا وَعَظْتُهُ حَتَّى أَنِّي قُلْتُ فِيمَا قُلْتُ إِنَّهُنَّ الْغَوَانِي صَاحِبَاتُ يُوسُفَ النَّاقِضَاتُ الْعَهْدِ وَقَدْ قَالَ فِيهِنَّ كُثَيِّرُ عَزَّةَ هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إِلا وَصْلُ غَانِيَةٍ ... فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ مِنْ وَصْلِهَا خُلْفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ كَالْمُغْضَبِ وَهُوَ يَقُولُ لَسْتُ كَكُثَيِّرِ عَزَّةَ إِنَّ كُثَيِّرًا رَجُلٌ مَائِقٌ وَأَنَا رَجُلٌ وَامِقٌ وَلَكِنِّي كَأَخِي تَمِيمٍ حَيْثُ يَقُولُ أَلا لَا يَضِيرُ الْحُبُّ مَا كَانَ ظَاهِرًا ... وَلَكِنَّ مَا اجْتَافَ الْفُؤَادُ يَضِيرُ أَلا قَاتَلَ اللَّهُ الْهَوَى كَيْفَ قَادَنِي ... كَمَا قِيدَ مَغْلُولُ الْيَدَيْنِ أَسِيرُ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أُصِيبَ مِنْكُمْ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي فَأَنْشَأَ يَقُولُ أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي ... أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ مَرِضْتُ فَعَادَنِي أَهْلِي جَمِيعًا ... فَمَا لَكِ لَا تُرَيْ فِيمَنْ يَعُودُ فَقَدْتُكِ بَيْنَهُمْ فَبَكَيْتُ شَوْقًا ... وَفَقْدُ الإِلْفِ يَا أَمَلِي شَدِيدُ وَمَا اسْتَبْطَأْتُ غَيْرَكِ فَاعْلَمِيهِ ... وَحَوْلِي مِنْ ذَوِي رَحِمِي عَدِيدُ وَلَوْ كُنْتِ الْمَرِيضَ لَكُنْتُ أَسْعَى ... إِلَيْكِ وَمَا يُهَدِّدُنِي الْوَعِيدُ قَالَ ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً وَخَفَتَ فَمَاتَ فَبَكَتِ الْعَجُوزُ وَقَالَتْ فَاضَتْ وَاللَّهِ نَفْسُهُ فَدَخَلَنِي أَمْرٌ لَمْ يَدْخُلْنِي مِثْلُهُ فَلَمَّا رَأَتِ الْعَجُوزُ مَا حَلَّ بِي قَالَتْ يَا فَتَى لَا ترع مَا ت وَاللَّهِ وَلَدِي بِأَجَلِهِ وَاسْتَرَاحَ مِنْ تَبَارِيحِهِ وَغُصَصِهِ ثُمَّ قَالَتْ هَلْ لَكَ فِي اسْتِكْمَالِ الصَّنْعَةِ قُلْتُ قُولِي مَا أَحْبَبْتِ قَالَتْ تَأْتِي الْبُيُوتَ فَتَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ لِيُعَاوِنُونِي عَلَى رَمْسِهِ فَإِنِّي وَحِيدَةٌ قَالَ فَرَكِبْتُ نَحْوَ الْبُيُوتِ فَرَسِي فَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ أَجْمَلُ مَا رَأَيْتُ مِنَ النِّسَاءِ نَاشِرَةً شَعْرَهَا حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَقَالَتْ بِفِيكَ الْحَجَرُ الْمُصْلَتُ مَنْ تَنْعِي قُلْتُ أَنْعِي فُلانًا قَالَت أوقد مَاتَ قُلْتُ إِي وَاللَّهِ قَدْ مَاتَ قَالَتْ فَهَلْ سَمِعْتَ لَهُ قَوْلا قُلْتُ اللَّهُمَّ لَا إِلا شِعْرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 قَالَتْ وَمَا هُوَ قَالَ فَأَنْشَدْتُهَا قَوْلَهُ أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي ... أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ فَاسْتَعْبَرَتْ بَاكِيَةً وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ عَدَانِي أَنْ أَزُورَكَ يَا مُنَايَ ... مَعَاشِرُ كُلُّهُمْ وَاشٍ حَسُودُ أَشَاعُوا مَا عَلِمْتَ مِنَ الدَّوَاهِي ... وَعَابُونَا وَمَا فِيهِمْ رَشِيدُ فَلَمَّا أَنْ ثَوَيْتَ الْيَوْمَ لَحْدًا ... فَكُلُّ النَّاسِ دُورُهُمُ لُحُودُ فَلا طَابَتْ لِيَ الدُّنْيَا فَوَاقًا ... وَلا لَهُمُ وَلا أَثْرَى الْعَدِيدُ ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا وَخَرَجَ النِّسَاءُ مِنَ الْبُيُوتِ وَاضْطَرَبَتْ سَاعَةً وَمَاتَتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ الْحَيَّ حَتَّى دَفَنْتُهُمَا جَمِيعًا وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّمْسَارِ وَيُعْرَفُ بِابْنِ قُشَيْشٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزِّيَادِيِّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الأُبَيْدِيُّ وَجَّهَنِي عَامِلُ الْمَدِينَةِ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ وَكَتَبَ مَعِي كِتَابًا فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا خَلَّفْنَا الْمَدِينَةَ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ حَدِيثِ السِّنِّ وَاضِعٌ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ امْرَأَةٍ مُخْتَمِرَةٍ قَدْ خَلا مِنْ نَسَبِهَا وَفِيهَا بَقِيَّةٌ مِنْ جَمَالٍ وَالشَّابُّ يَتَمَلْمَلُ وَيَضْطَرِبُ وَكُلَّمَا تَنَحَّى رَأْسُهُ مِنْ حِجْرِهَا رَدَّتِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا وَأَنَا عَلَى بَغْلَةٍ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّتِ الْمَرْأَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 وَلَمْ يَرُدَّ الشَّابُّ فَتَفَرَّسَتْ فِيَّ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ مِنْ غَيْرِ مِرْزَأَةٍ فَقُلْتُ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ الأَجْرَ وَإِنْ رُزِئْتُ قَالَتْ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ عَلِقَهَا وَهُمَا صَغِيرَانِ فَلَمَّا حُجِبَتْ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا وَنَحْنُ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْلَفُ الْمَرْأَةَ فِي صِغَرِهِ لَمْ يُزَوِّجُوهُ مَخَافَةَ أَنْ تُرْمَى بِالْعَيْبِ فَيُقَالُ قَدْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُوءٌ قَبْلَ التَّزْوِيجِ قَالَتْ وَخَطَبَ الْمَرْأَةَ ابْنُ عَمٍّ لَهَا آخَرُ فَزُوِّجَتْ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى مَا تَرَى مُنْذُ بَلَغَهُ لَا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ وَلَا يُصَلِّي وَلَا يعقل فَلَو وعظته قَالَ فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ أَدَعْ لَهُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْعِظَةِ إِلا وَعَظْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ أَتَرْغَبُ فِيمَنْ لَا يَرْغَبُ فِيكَ وَإِنْ عَظُمَتْ عَلَيْكَ الْمُصِيبَةُ فِيهَا فَاذْكُرْ مُصِيبَتَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَعَظُمَتْ عَلَيْهِ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمُصِيبَاتِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْعِظَةِ إِلا وَعَظْتُهُ بِهَا وَفَتَلْتُ لَهُ فِي الذُّرْوَةِ وَالْغَارِبِ وَمَا يَحِيرُ كَلِمَةً وَلا جَوَابًا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالَ أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي ... أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ مَرِضْتُ فَعَادَنِي أَهْلِي جَمِيعًا ... فَمَا لَكِ لَمْ تُرَيْ فِيمَنْ يَعُودُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 فَقَدْتُكِ بَيْنَهُمْ فَبَكَيْتُ شَوْقًا ... وَفَقْدُ الإِلْفِ يَا أَمَلِي شَدِيدُ وَمَا استنبطأت غَيْرَكِ فَاعْلَمِيهِ ... وَحَوْلِي مِنْ ذَوِي رَحِمِي عَدِيدُ وَلَوْ كُنْتِ الْمَرِيضَ لَكُنْتُ أَسْعَى ... إِلَيْكِ وَمَا يُهَدِّدُنِي الْوَعِيدُ قَالَ ثُمَّ شَهَِقَ وَخَفَتَ فَمَاتَ فَدَخَلَنِي أَمْرٌ شَدِيدٌ وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ مَاتَ مِنَ عِظَتِي وَكَلامِي فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ مَا بِي قَالَتْ هَوِّنْ عَلَيْكَ عَاشَ بِأَجَلٍ وَمَاتَ بِقَدَرٍ وَقَدِمَ عَلَى رَبٍّ غَفُورٍ وَاسْتَرَاحَ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الْبَلاءِ فَهَلْ لَكَ فِي اسْتِتْمَامِ مَا صَنَعْتَ فَاسْتَرَحْتُ إِلَى قَوْلِهَا وَقُلْتُ فَمَا هُوَ قَالَتْ هَذِهِ أَبْيَاتٌ مِنَّا غَيْرَ بعيد فتأتيهم فتنعاه إِلَيْهِم وتأمره بِحُضُورِهِ فَأَقْبَلت أنعناه إِلَيْهِمْ وَقَدْ حَفِظْتُ الشِّعْرَ فَبَيْنَا أناأنعاه إِلَيْهِمْ إِذَا خَيْمَةٌ قَدْ رُفِعَ جَانِبٌ مِنْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ خَرَجَتْ كَأَنَّهَا الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ نَاشِرَةً شَعَرَهَا تَجُرُّ خِمَارَهَا وَهِيَ تَقُولُ بِفِيكَ الْحَجَرُ مَنْ تَنْعِي قُلْتُ فُلانَ بْنَ فُلانٍ قَالَتْ آللَّهِ لَقَدْ زَارَتْهُ شُعُوبٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ فَهَلْ قَالَ مِنْ قَوْلٍ قَبْلَ وَفَاتِهِ قُلْتُ نَعَمْ وَقَدْ حَفَظْتُهُ فَأَنْشَدْتُهَا الشِّعْرَ فَوَاللَّهِ مَا نَهْنَهَتْ أَنْ قَالَتْ عَدَانِي أَنْ أَزُورَكَ يَا حَبِيبِي ... مَعَاشِرُ كُلُّهُمْ وَاشٍ حَسُودُ أَشَاعُوا مَا سَمِعْتَ مِنَ الدَّوَاهِي ... وَعَابُونَا وَمَا فِيهِمْ رَشِيدُ فَأَمَّا إِذْ ثَوَيْتَ الْيَوْمَ لَحْدًا ... وَدُورُ النَّاسِ كُلُّهُمْ اللُّحُودُ فَلا طَابَتْ لِيَ الدُّنْيَا فَوَاقًا ... وَلا لَهُمُ وَلا أَثْرَى عَدِيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ قَالَ الضَّبِّيُّ عَشِقَ كَامِلُ بْنُ الْوَضِينِ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِرٍ ابْنَةَ عَمِّهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الْعِشْقُ حَتَّى صَارَ كَالشَّنِ الْبَالِي فَشَكَا أَبُوهُ إِلَى أَبِيهَا مَا نَزَلَ بِابْنِهِ فَأَمَرَ فَحُمِلَ إِلَى دَارِهِ لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ كَامِلُ بْنُ الْوَضِينِ فَعَلِمَ فَقَالَ وَإِنَّ أَسْمَاءَ لَتَسْمَعُ كَلامِي قِيلَ نَعَمْ فَشَهِقَ شَهْقَةً وَقَضَى مَكَانَهُ فَقِيلَ لَهَا مَاتَ بِغُصَّةِ شَجَنِهِ قَالَتْ وَاللَّهِ لأَمُوتَنَّ بِمِثْلِهَا وَلَقَدْ كُنْتُ عَلَى زِيَارَتِهِ قَادِرَةً فَمَنَعَنِي مِنْهَا قُبْحُ ذِكْرِ الرِّيبَةِ وَمَرِضَتْ فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهَا الْمَرَضُ قَالَتْ لأَشْفَقِ نِسَائِهَا عَلَيْهَا صَوِّرِي لِي مِثَالَهُ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزُورَهُ قَبْلَ مَوْتِي فَفَعَلَتْ فَلَمَّا وَصَلَتِ الصُّورَةُ اعْتَنَقَتْهَا وَشَهِقَتْ فَقَضَتْ فَطَلَبَ أَبُو الْفَتَى إِلَى أَبِيهَا أَنْ يَدْفِنَهَا بِالْقُرْبِ مِنْ قَبْرِ ابْنِهِ فَفَعَلَ وَكَتَبَ عَلَى قَبْرَيْهِمَا بِنَفْسِي هُمَا لَمْ يُمَتَّعَا بِهَوَاهُمَا ... عَلَى الدَّهْرِ حَتَّى غُيِّبَا فِي الْمَقَابِرِ أَقَامَا عَلَى غَيْرِ التَّزَاوُرِ بُرْهَةً ... فَلَمَّا أُصِيبَا قُرِّبَا بِالتَّزَاوُرِ فَيَا حُسْنَ قَبْرٍ زَارَ قَبْرًا يُحِبُّهُ ... وَيَا زَوْرَةً جَاءَتْ بِرَيْبِ الْمَقَادِرِ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبَّاسٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ قَالَ كَانَ فِينَا فَتًى ظَرِيفٌ غَزِلٌ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَحَدَّثُ إِلَى النِّسَاءِ فَهَوَى جَارِيَةً مِنَ الْحَيِّ فَرَاسَلَهَا فَأَظْهَرَتْ لَهُ جَفْوَةً فَوَقَعَ مُضْنًى مُدْنِفًا وَظَهَرَ أَمْرُهُ وَتَبَيَّنَتْ دَنَفَهُ فَلَمْ يَزَلِ النِّسَاءُ مِنْ هله وَأَهْلِهَا يُكَلِّمُوَنَهَا فِيهِ حَتَّى أَجَابَتْهُ فَصَارَتْ إِلَيْهِ عَائِدَةً وَمُسَلِّمَةً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ تَحَدَّرَتْ عَيْنَاهُ بِالدِّمُوعِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ أَرَيْتُكِ إِنْ مَرَّتْ عَلَيْكِ جَِنَازَتِي ... يلُوحُ بِهَا أَيْدٍ طُوَالٍ وَشُرَّعُ أَمَا تَتْبَعِينَ النَّعْشَ حَتَّى تُسَلِّمِي ... عَلَى رَمْسِ مَيْتٍ فِي الْحَفِيرَةِ مُودَعِ قَالَ فَبَكَتْ رَحْمَةً لَهُ وَقَالَتْ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ الأَمْرَ بَلَغَ بِكَ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 فَوَاللَّهِ لأُسَاعِدَنَّكَ وَلأُدَاوِمَنَّ عَلَى وَصْلِكَ فَهَمِلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ دَنَتْ وَظِلالُ الْمَوْتِ بيني وَبَينهَا ... ومنت بوصل حِين لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَرَجَتْ نَفْسُهُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ تَلْثُمُهُ وَتَبْكِي فَرُفِعَتْ عَنْهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا مَكَثَتْ بَعْدَهُ إِلا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَتْ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْن عَلِيٍّ الأَبَنُوسِيُّ وَنَقَلْتُهُ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ الأَزْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا السَّاجِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ رايت بالبادية رجلا قد عَظْمُهُ وَضَؤُلَ جِسْمُهُ وَرَقَّ جِلْدُهُ فَتَعَجَّبْتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ فَلَمْ يُرِدْ جَوَابًا فَسَأَلْتُ جَمَاعَةً حَوْلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالُوا اذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنَ الشِّعْرِ يُكَلِّمْكَ فَقُلْتُ سَبَقَ الْقَضَاءُ بِأَنَّنِي لَكَ عَاشِقٌ ... حَتَّى الْمَمَاتِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَذَاهِبِي فَشَهِقَ شَهْقَةً ظَنَنْتُ أَنَّ رُوحَهُ قَدْ فَارَقَتْهُ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ أَخْلُو بِذِكْرِكِ لَا أُرِيدُ مُحَدِّثًا ... وَكَفَى بِذَلِكَ نِعْمَةً وَسُرُورَا أَبْكِي فَيُطْرِبُنِي الْبُكَاءُ وَتَارَةً ... يَأْبَى فَيَأْتِي مَنْ أُحِبُّ أَسِيرَا قَالَ فَقلت لَهُ أَخْبَرَنِي عَنْكَ قَالَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ ذَلِكَ فَاحْمِلْنِي وَأَلْقِنِي عَلَى بَابِ تِلْكَ الْخَيْمَةِ فَفَعَلْتُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ يَرْفَعُهُ بِجُهْدِهِ أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَا تَعُودُ ... أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ فَلَوْ كُنْتِ الْمَرِيضَةَ جِئْتُ أَسْعَى ... إِلَيْكِ وَلَمْ يُنَهْنِهْنِي الْوَعِيدُ فَإِذَا جَارِيَةٌ مِثْلَ الْقَمَرِ قَدْ خَرَجَتْ فَأَلْقَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَاعْتَنَقَا وَطَالَ ذَلِكَ فَسَتَرْتُهُمَا بِثَوْبِي خَشْيَةَ أَنْ يَرَاهُمَا النَّاسُ فَلَمَّا خِفْتُ عَلَيْهِمَا الْفَضِيحَةَ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 فَإِذَا هُمَا مَيِّتَانِ فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى صَلَّيْتُ عَلَيْهِمَا وَدَفَنْتُهُمَا فَسَأَلْتُ عَنْهُمَا فَقِيلَ لِي عَامِرُ بْنُ غَالِبٍ وَجَمِيلَةُ بِنْتُ أَمْيَلَ الْمُزَنِيَّانِ فَانْصَرَفت أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارَكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاذٍ الْقَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُنَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدٌ لآلِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ شَيْخًا جَالِسًا عَلَى هَضَبَةٍ يَبْكِي فَقُلْتُ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ الرَّحْمَةُ لِجَارِيَةٍ مِنَّا كَانَتْ تَنْزِلُ فِي أَقْصَى بِلادِ كَلْبٍ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَغَلَبَهَا الشَّوْقُ وَأَضَرَّ بِهَا الْجَوَى فَأَشْرَفَتْ فَوْقَ عُلِّيَةٍ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ لَعَمْرِي لَئِنْ أَشَرَفْتُ أَرْفَعُ مَا أَرَى ... وَكَلَّفْتُ عَيْنِي مَنْظَرًا مُتَعَادِيَا وَقُلْتُ زِيَادًا تُؤْنَسِينَ وَأَهْلَهُ ... أَمِ الشَّوْقُ يُدْنِي مِنْكِ مَا لَيْسَ دَانِيَا وَقُلْتُ لِبَطْنِ الْجِنِّ حِينَ رَأَيْتُهُ ... سَقَى اللَّهُ أَعْلاكَ السَّحَابَ الْغَوَادِيَا ثُمَّ قَضَتْ مِنْ وَقْتِهَا فِي مَكَانِهَا بَطْنُ الْجِنِّ وَادٍ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَقَلْتُ مِنْ خِطِّ ابْنِ حَيُّوَيْهِ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَدَائِنِي قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ عَاشِقًا لَهَا مُسْتَهْتِرًا بِهَا فَضَاقَ ضِيقَةً شَدِيدَةً وَأَرَادَ الْمَسِيرَ إِلَى هِشَامٍ إِلَى الرُّصَافَةِ فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يَجِدُ بِهَا وَكَرِهَ فِرَاقَهَا فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا وَقَدْ بلغ مِنْهَا الضّيق يَا بن عَمِّ أَلا تَأْتِي الْخَلِيفَةَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَقْسِمَ لَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 مِنْهُ رِزْقًا فَيَكْشِفَ بِهِ بَعْضَ مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهَا نَشَطَ لِلْخُرُوجِ فَتَجَهَّزَ وَمَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الرُّصَافَةِ عَلَى أَمْيَالٍ خَطَرَ ذِكْرُهَا بِقَلْبِهِ وَتَمَثَلَّتْ لَهُ فَلَبِثَ سَاعَةً شَبِيهًا بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لِلْجَمَّالِ احْبِسْ فَحَبَسَ إِبِلَهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ بَيْنَمَا نَحْنُ مِنْ بِلَا كث فَالْقَاعِ ... سِرَاعًا وَالْعِيسُ تَهْوِي هَوِيَّا خَطَرَتْ خَطْرَةٌ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ ذِكْرَاكِ ... وَهْنًا فَمَا أَطَقْتُ مُضِيَّا قُلْتُ لَبَيِّكِ إِذْ دَعَانِي لَكَ الشَّوْقُ ... وَلِلْحَادِيِّينَ رُدَّا الْمَطِيَا ثُمَّ قَالَ لِلْجَمَّالِ ارْجِعْ بِنَا فَقَالَ لَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ قَدْ بَلَغْتَ وَهَذِهِ أَبْيَاتُ الرُّصَافَةِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا تَخْطُو خُطْوَةً إِلا رَاجِعَةً فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ لَقِيَهُ بَعْضُ بَنِي عَمِّهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَتَهُ قَدْ تُوُفِّيَتْ فَشِهَقَ شَهْقَةً وَسَقَطَ عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ مَيِّتًا أخبرنَا عمر بن ظفر المقرىء وَشُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الإِبَرِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحسن ابْن جَهْضَمٍ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاتِبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَرْجَلانِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَابِدُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عِنْدَنَا بِالْكُوفَةِ شَابٌّ يَتَعَبَّدُ لازِمٌ لِلْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْهُ وَكَانَ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْقَامَةِ حَسَنَ السَّمْتِ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَعَقْلٍ فَشُغِفَتْ بِهِ وَطَالَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَفَتْ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَتْ لَهُ يَا فَتَى اسْمَعْ مِنِّي كَلِمَاتٍ أُكَلِّمُكَ بِهَا ثُمَّ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَمَضَى وَلَمْ يُكَلِّمْهَا ثُمَّ وَقَفَتْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَتْ لَهُ يَا فَتَى اسْمَعْ مِنِّي كَلِمَاتٍ أُكَلِّمُكَ بِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 فَأَطْرَقَ مَلِيًّا وَقَالَ لَهَا هَذَا مَوْضِعُ تُهْمَةٍ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ لِلْتُهْمَةِ مَوْضِعًا فَقَالَتْ لَهُ وَاللَّهِ مَا وَقَفْتُ مَوْقِفِي هَذَا جَهَالَةً مَنِّي بِأَمْرِكَ وَلَكِنْ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَشَرَّفَ الْعُبَّادُ إِلَى مِثْلِ هَذَا مِنِّي وَاللَّهِ إِنَّ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى أَنْ لَقِيتُكَ فِي هَذَا الأَمْرِ بِنَفْسِي لِمَعْرِفَتِي أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ هَذَا عِنْدَ النَّاسِ كَثِيرٌ وَأَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْعُبَّادِ فِي مِثَالِ الْقَوَارِيرِ أَدْنَى شَيْءٍ يُعِيبُهُ وَجُمْلَةُ مَا أُكَلِّمُكَ بِهِ أَنَّ جَوَارِحِي كُلَّهَا مَشْغُولَةٌ بِكَ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَمْرِي وَأَمْرِكَ قَالَ فَمَضَى الشَّابُّ إِلَى مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّي فَلَمْ يَعْقِلْ كَيْفَ يُصَلِّي فَأَخَذَ قِرْطَاسًا وَكَتَبَ كِتَابًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِذَا بِالْمَرْأَةِ وَاقِفَةً فِي مَوْضِعِهَا فَأَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَابَ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَكَانَ الْكِتَابُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اعْلَمِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا عُصِيَ حَلِمَ فَإِذَا عَاوَدَ الْعَبْدُ الْمَعْصِيَةَ سَتَرَهُ فَإِذَا لَبِسَ لَهَا مَلابِسَهَا غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ غَضْبَةً تَضِيقُ مِنْهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ فَمَنْ ذَا يُطِيقُ غَضْبَهُ فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرْتِ بَاطِلا فَإِنِّي أُذَكِّرُكِ يَوْمًا تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَصِيرُ الْجِبَالِ كَالْعِهْنِ وَتَجْثُو الأُمُمُ لِصَوْلَةِ الْجَبَّارِ الْعَظِيمِ وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ ضَعُفْتُ عَنْ إِصْلاحِ نَفْسِي فَكَيْفَ بِإِصْلاحِ غَيْرِي وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرْتِ حَقًّا فَإِنِّي أَدُلُّكِ عَلَى طَبِيبٍ هُوَ أَوْلَى بِالْكُلُومِ الْمُمْرِضَةِ وَالْوِجَاعِ الْمُرْمِضَةِ ذَلِكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَاقْصُدِيهِ عَلَى صِدْقِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنِّي مُتَشَاغِلٌ عَنْكِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تخفي الصُّدُور} فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ فَوَقَفَتْ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ فَلَمَّا رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى مَنْزِلِهِ لِئَلا يَرَاهَا فَقَالَتْ يَا فَتَى لَا تَرْجِعْ فَلا كَانَ الْمُلْتَقَى بَعْدَ هَذَا أَبَدًا إِلا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَكَتْ بُكَاءً كَثِيرًا ثُمَّ قَالَتْ أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ قَلْبِكَ أَنْ يُسَهِّلَ مَا قَدْ عُسِّرَ مِنْ أَمْرِكَ ثُمَّ تَبِعَتْهُ فَقَالَتِ امْنُنْ عَلَيَّ بِمَوْعِظَةٍ أَحْمِلُهَا عَنْكَ وَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَعْمَلُ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا الْفَتَى أُوصِيكِ بِحِفْظِ نَفْسِكِ مِنْ نَفْسِكِ وَأُذَكِّرُكِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جرحتم بِالنَّهَارِ} قَالَ فَأَطْرَقَتْ وَبَكَتْ بُكَاءً أَشَدَّ مِنْ بُكَائِهَا الأَوَّلِ ثُمَّ أَفَاقَتْ ثُمَّ لَزِمَتْ بَيْتَهَا وَأَخَذَتْ فِي الْعِبَادَةِ قَالَ فَكَانَتْ إِذَا جَهِدَ بِهَا الأَمْرُ تَدْعُو بِكِتَابِهِ فَتَضَعُهُ عَلَى عَيْنَيْهَا فَيُقَالُ لَهَا وَهَلْ يُغْنِي هَذَا شَيْئًا فَتَقُولُ وَهَلْ لِي دَوَاءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ إِذَا جَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلُ قَامَتْ إِلَى مِحْرَابِهَا فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَتْ كَمَدًا فَكَانَ الْفَتَى يَذْكُرُهَا ثُمَّ يَبْكِي عَلَيْهَا فَيُقَالُ لَهُ مِمَّ بُكَاؤُكَ وَأَنْتَ أَيَّسْتُهَا فَيَقُولُ إِنِّي ذَبَحْتُ طَمَعِي مِنْهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَجَعَلْتُ قَطْعَهَا ذَخِيرَةً لِي عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِّي لأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ أَنْ أَسْتَرِدَّ ذَخِيرَةً ادَّخَرْتُهَا عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ لَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزَجِيُّ وَوَجَدْتُ فِي نُسْخَةٍ مَسْمُوعَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 عَن الزبنبي زِيَادَةً ثُمَّ إِنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ تَلْبَثْ أَنْ بُلِيَتْ بِبَلِيَّةٍ فِي جِسْمِهَا فَكَانَ الطَّبِيبُ يُقَطِّعُ مِنْ لَحْمِهَا أَرْطَالا وَكَانَ الطَّبِيبُ قَدْ عَرَفَ حَدِيثَهَا مَعَ الْفَتَى فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ لَحْمَهَا يُحَدِّثُهَا بِحَدِيثِ الْفَتَى فَمَا كَانَتْ تَجِدُ لِقَطْعِ لَحْمِهَا أَلَمًا وَلا كَانَتْ تَتَأَوَّهُ فَإِذَا سَكَتَ تَأَوَّهَتْ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَتْ كَمَدًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُعَافًى الْكُوفِيَّ يَقُولُ كَانَ عِنْدَنَا بِالْكُوفَةِ فَتًى مِنْ آلِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَكَانَ نَاسِكًا لَهُ وَرَعٌ وَكَانَ يَنْزِلُ فِي كِنْدَةَ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَغْشَى مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَيَبْكِي حَتَّى يَرِقَّ لَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَيَبْكُونَ لِبُكَائِهِ وَكَانَ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ النُّطْقِ قَالَ فَرَأَتْهُ امْرَأَةٌ مِمَّنْ كَانَ يَحْضُرُ الْمَجَالِسِ فَأَحَبَّتْهُ فَكَانَتْ لَا تَكَادُ تُفَارِقُ الْمَجَالِسَ الَّتِي تَعْلَمُ أَنَّهُ يَحْضَرُهَا فَإِذَا انْصَرَفَ قَامَتْ لَهُ بِالطَّرِيقِ فَإِذَا مَرَّ بِهَا تَنَفَسَّتِ الصَّعْدَاءَ ثُمَّ قَالَتْ أَلا أَيُّهَا الْمَاشِي بِسَمْتٍ وَهَيْئَةٍ ... وَوَجْهٍ جَمِيلٍ مَا لَنَا فِيكَ مَطْمَعُ أَمُوتُ وَأَحْيَا عِنْدَ ذِكْرِكَ تَارَةً ... فَفِي الْقَلْبِ مِنِّي حُرْقَةٌ لَيْسَ تُرْفَعُ أَلَيْسَ عَجِيبًا عَاشِقٌ يَكْتُمُ الْهَوَى ... يُعَلِّلُ بِالآمَالِ قَلْبًا يُقَطَّعُ بِمَنْ لَيْسَ يَدْرِي أَنَّنِي فِي وِثَاقِهِ ... بِرَوْضَةِ أَحْزَانٍ بِهَا الْحُزْنُ يُزْرَعُ قَالَ ثُمَّ تَوَلَّى فَكَانَ هَذَا دَأَبُهَا حِينًا وَالْفَتَى فِي غَفْلَةٍ لَا يَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَخَشِيَتْ أَنْ تُبْدِيَ بِهِ وَقَفَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الَّتِي كَانَ يَمُرُّ فِيهَا فَقَالَتْ أَلا أَيُّهَا السَّاهِي وَلَيْسَ بِذِي سَهْوٍ ... رُوَيْدَكَ إِنِّي عَنْكَ لَسْتُ بِذِي لَهْوِ قَالَ فَوَقَفَ فَقَالَ لَهَا مَا حَاجَتُكِ فَقَالَتْ أَتُنْصِفُ مِنْ نَاظِرِكَ أَمْ تجوز عَلَيْهِ فِي حُكْمِكَ إِذْ صَيَّرَ أَمْرَهُ إِلَيْكَ فَقَالَ لَهَا وَيْحَكِ إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ مَقَالَتَكِ إِنْكَارًا شَدِيد وَاسْتَوْحَشَتْ مِنْهَا جَوَارِحِي وَمَا أَجِدُ إِلَى الْوُقُوفِ مَعَكِ سَبِيلا أَحَتَجُّ بِهِ عِنْدَ رَبِّي غَدًا ثُمَّ وَلَّى وَتَرَكَهَا فَأَتَى مَنْزِلَهُ مَغْمُومًا منا فَلَزِمَ مَنْزِلَهُ فَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَذَارًا أَنْ يَلْقَاهَا فَتُكَلِّمَهُ قَالَ وَكَانَتِ امْرَأَةً ذَاتَ جَمَالٍ وَهَيْبَةٍ وَجَعَلَتْ تَطْلُبُهُ وَتَسْأَلُ عَنْهُ مَنْ يَعْرِفُهُ فَيُخْبِرُهَا أَنَّهُ قَدْ لَزِمَ بَيْتَهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهَا كَتَبَتْ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ تَقُولُ الَّتِي قَدْ شَفَّهَا حُبُّ نَاسِكٍ ... وَأَمْرَضَهَا حَتَّى تَغَيَّرَ حَالُهَا وَصَيَّرَهَا مِثْلَ الْقَضِيبِ بِرَوْضَةٍ ... تُزَعْزِعُهُ ضَعْفًا هُنَاكَ شَمَالُهَا وَخَلاهُ لِلأَحْزَانِ فَرْدًا معذبا ... وَمَالِي وَالْأَحْزَان مَالِي وَمَالهَا أَفِي النُّسْكِ أَنْ لَا تَرْحَمَ الْيَوْمَ عَاشِقًا ... شَكَا حُرْقَةً فِي الْقَلْبِ مِنْ ظَالِمٍ لَهَا قَالَ وَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ وَقَالَتْ لِلرَّسُولِ أخبريه بِمَا ترى مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُسَهِّلَ أَمْرَهُ وَيُعَطِّفَ قَلْبَهُ وَلا تُقَصِّرِي فِي تَرْغِيبِهِ فِيَّ وَمَاله فِي ذَلِكَ مِنَ الأَجْرِ قَالَ فَأَتَتْهُ الْمَرْأَةُ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنِّي قَدْ حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِي غَيْرَ أَنِّي تَحَمَّلْتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 رَجَاءَ الثَّوَابِ وَحُسْنِ الْجَزَاءِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُلْقِيَ إِلَيْكَ أَمْرًا لَسْتُ أُحِبُّ فِيهِ مُفَارَقَةَ الْحَقِّ فَإِنِّي رَأَيْتُ كُلَّ بَاطِلٍ عِنْدَ الْحَقِّ مُضْمَحِلًّا وَكُلَّ أَمْرٍ يَدْعُو إِلَى ضَرَرٍ فِي الآخِرَةِ فَاسِدًا فَقَالَ قُولِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ مَا بَدَا لَكِ أَنْ تَقُولِي وَدَعِي الإِكْثَارَ فَإِنَّ النَّهَارَ يَمْضِي وَالسَّاعَاتِ تُحْصَى قَالَ فَأَقْرَأَتْهُ الشِّعْرَ وَأَخْبَرَتْهُ بِحَالِهَا فَقَالَ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ إِنَّ لِلَّهِ مِحَنًا يَمْتَحِنُ بِهَا عِبَادَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ وَأَحِبَّاءَهُ لِيَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُهُمْ لَهُ وَكَيْفَ إِيثَارُهُمْ إِيَّاهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ وَمَا أَظُنُّ إِلا أَنَّ اللَّهَ ابْتَلانِي بِمَا ذَكَرْتِ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِيَمْتَحِنَنِي وَوَاللَّه مَالِي طَاقَةٌ بِمِحَنِ رَبِّي إِنْ لَمْ يُوَفِّقْنِي وَيُثَبِّتْنِي وَاللَّهِ لَمُفَارَقَةُ الأَحِبَّةِ فِي مَرْضَاتِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمُقَامِ مَعَهُمْ وَالاشْتِغَالِ بِمَا يَقْطَعُنِي عَنْ خِدْمَتِهِ وَالتَّحَبُّبِ إِلَيْهِ فَأَبْلِغِيهَا عَنِّي السَّلامَ وَقُولِي لَهَا قَدْ سَمِعْتُ دَعَوْاكِ وَمَا ذَكَرْتِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِرَاضٍ عَنْ نَفْسِي فِي خِدْمَةِ مَنْ إِلَيْهِ فَقْرِي وَحَاجَتِي فَكَيْفَ إِذَا عَلِقْتُهَا بِبَلاءٍ لَا يُمْكِنُنِي التَّخَلُصَ مِنْهُ قَالَ فَخَرَجَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَتْهَا وَأَخَبْرَتْهَا بِمَقَالَتِهِ فَجَعَلَتْ تَبْكِي ثُمَّ قَالَتْ لَهَا فَكَيْفَ كَانَ إِنْصَاتُهُ لِكَلامِكِ حِينَ أَنْشَدْتِهِ الشِّعْرَ قَالَتْ يَا أُخْتَاهُ رَأَيْتُ رَجُلا مُزْوَرًّا مُسْتَوْقِرًا كَأَنَّهُ قَدْ نَصَبَ الآخِرَةَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأَبْقِي عَلَى نَفْسِكِ وَلا تُهْلِكِيهَا فَتَنْدَمِي حِينَ لَا تُغْنِي النَّدَامَةُ قَالَ فَلَزِمَتْ مَنْزِلَهَا وَقَالَتْ وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعٍ أَبَدًا وَلأَجْعَلَنَّهُ قَبْرِي أَيَّامَ حَيَاتِي قَالَ ثُمَّ لَزِمَتِ الصَّلاةَ فَكَانَتْ لَا تَهْتَدِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مِنَ الصَّلاةِ فَكَانُوا يَسْمَعُونَهَا فَكَانَتْ تَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ غَلَبَ عَلَى قَلْبِي ذِكْرُهُ حَتَّى لَا يُفَارِقَنِي وَإِنِّي لأَذْكُرُ ذُنُوبِي فَأَبْكِي عَلَى تَفْرِيطِي ثُمَّ أَذْكُرُهُ فَأَبْكِي عَلَيْهِ فَيَهِيجُ مِنْ قَلْبِي شَجْوٌ لَا يُشْبِهُهُ شَجْوٌ وَإِنِّي أَسْأَلُ الَّذِي حَرَمَنِي قُرْبَهُ فِي الدُّنْيَا أَنْ يُنْسِيَنِي ذِكْرَهُ وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي دَارِهِ قَالَ وَمَرِضَتْ مَرَضًا شَدِيدًا وَبُلِيَتْ فِي بَدَنِهَا بَلاءً عَظِيمًا قَالَ فَكَانَ الْمُعَالِجُ إِذَا بَدَأَ بِمُعَالَجَتِهَا حَادَثَهَا فَيَقُولُ يَا فُلانَةُ مَا هَذَا الْجَزَعُ الَّذِي تَجْزَعِينَ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلا هُوَ أَهْيَأُ وَلا أَحْسَنُ هَدْيًا وَلا أَصْبَرُ عَلَى بَلاءٍ إِذَا نَزَلَ بِهِ مِنْ فَتَى فِي جِيرَانِي يُقَالُ لَهُ فُلانٌ يَعْنِي صَاحِبَهَا فَتَسْكُتُ ثُمَّ تَقُولُ هِيَ حَدِّثْنِي وَهُوَ يُقَطِّعُ مِنْ لَحْمِهَا وَكَأَنَّهَا لِمَا غَلَبَ عَلَى قَلْبِهَا مِنَ الْمَحَبَّةِ لِذِكْرِهِ لَا تُحِسُّ بِمَا يُصْنَعُ بِهَا فَإِذَا كَفَّ عَنْ ذِكْرِهِ تَوَجَّعَتْ وَجَزَعَتْ فَمَا زَالَتْ فِي حَالِهَا تِلْكَ حَتَّى مَاتَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي جَِنَازَتِهَا مُغَطَّى الرَّأْسِ حَتَّى دَفَنَهَا وَكُنْتُ كَثِيرًا إِذَا مَرَرْتُ بِالْمَقَابِرِ أُرَاهُ عِنْدَ قَبْرِهَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ ابْن أَبِي سَهْلٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى السَّلامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْفُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ بِتُّ عِنْدَ بَعْضِ الأَعْرَابِ فِي الْبَادِيَةِ وَلَهُ وَلَدٌ مُضْنَى عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ لِي أَبُوهُ ابْنِي هَذَا قَدْ نَزَلَ بِهِ مَا ترى من الشعق فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَنْشِدْنِي شَيْئًا فَقُلْتُ لَسْتُ بِشَاعِرٍ فَقَالَ لَوْلا أَنَّكَ ضَيْفٌ لَسَأَلْتُكَ أَنْ تَحُدِّثَنِي وَلَكِنْ مِنْ حَقِّ الضِّيَافَةِ أَنْ يُحَدَّثَ الضَّيْفُ فَقُلْتُ لَهُ فَمَا حَالُكَ فَحَدَّثَنِي بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 كَأَنَّ فُؤَادِي طَائِرٌ حَانَ وِرْدُهُ ... فَهَزَّ جَنَاحَيْهِ اشْتِيَاقًا إِلَى الْوِرْدِ ثُمَّ فَاضَتْ نَفْسُهُ فَكُنْتُ فِيمَنْ صلى عَلَيْهِ أخبرنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ ابْنِ حَيُّوَيْهِ يَقُولُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَم ابْن عَدِيٍّ عَنِ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ قَالَ هَوِيَ فَتًى مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَتَاةً مِنْ فَخْذِهِ وَكَانَ أَيْسَرَ مِنْهَا وَأَغْنَى وَكَانَ أَبُوهُ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا وَيُرِيدُ لَهُ أَشْرَفَ مِنْهَا وَأَيْسَرَ وَيُعْرِضُ عَلَيْهِ غَيْرَهَا فَيَأْبَى إِلا هِيَ وَكَانَ أَبُوهَا قَدْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا طَالَ عَلَى أَبِيهَا وَأَيِسَ مِنْهُ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَقِيَهَا الْفَتَى يَوْمًا فَقَالَ لَهَا لَعَمْرِي يَا سُعْدَى لَطَالَ تَأَيُّمِي ... وَمَعْصِيَتِي شَيْخَيَّ فِيكِ كِلَيْهِمَا وَتَرْكِي ذَا الْحَيَّيْنِ لَمْ أَبْغِ مِنْهُمَا ... سِوَاكِ وَلَمْ يَرْبَعْ هَوَايَ عَلَيْهِمَا فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ حَبِيبِي لَا تَعْجَلْ لِتَفْهَمَ حُجَّتِي ... كَفَانِيَ مَا بِي مِنْ بَلاءٍ وَمِنْ جَهْدِ وَمِنْ عَبَرَاتٍ تَعْتَرِينِي وَزَفْرَةٍ ... تَكَادُ لَهَا نَفْسِي تُسَلُّ مِنَ الْوِجْدِ غُلِبْتُ عَلَى نَفْسِي جِهَادًا وَلَمْ أُطِقْ خِلافًا عَلَى أَهْلِي بِهَزْلٍ وَلا جِدِّ وَلَنْ يَمْنَعُونِي أَنْ أَمُوتَ بِرَغْمِهِمْ ... غَدًا جَوْفَ هَذَا الْغَارِ فِي جَدَثٍ وَحْدِي فَلَا تنس أَن تأني هُنَاكَ فَتَلْتَمِسْ ... مَكَانِي فَتَسْلُوَ مَا تَحَمَّلْتَ مِنْ جَهْدِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ أَتَاهَا حَيْثُ زَعَمَتْ لَهُ فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً فَأَدْخَلَهَا شِعْبًا ثُمَّ الْتَزَمَهَا فَمَاتَ مَعَهَا قَالَ فَالْتُمِسَا حَوْلا فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمَا خَبَرٌ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي هُمَا فِيهِ وَكَانَ الْجَبَلُ يُدْعَى أَعْرَافًا إِنَّ الْكَرِيمَيْنِ ذَوِي التَّصَافِي ... الذَّاهِبَيْنِ بِالْوَفَاءِ الصَّافِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 وَاللَّهِ مَا لَقِيتُ فِي تِطْوَافِي ... أَبْعَدَ مِنْ غَدْرٍ وَمِنْ إِخْلافِ من ميتين فِي ذرا أَعْرَافِ ... قَالَ فَصَعَدَ الْقَوْمُ الْجَبَلَ فَوَجَدُوهُمَا مَيِّتَيْنِ فَوَارَوْهُمَا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنِ الْعُمَرِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحبشاني يعشق صفراء العلاقمية وَكَانَتْ سَوْدَاءَ فَاشْتَكَى مِنْ حُبِّهَا وَضَنِيَ حَتَّى صَارَ إِلَى حَدِّ الْمَوْتِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِهِ لِمَوْلاهَا لَوْ وَجَّهْتَ صَفْرَاءَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُبْشَانِيِّ فَلَعَلَّهُ يَعْقِلُ إِذَا رَآهَا فَفَعَلَ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ صَفْرَاءُ قَالَتْ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بِخَير مالم تَبْرَحِي قَالَتْ مَا تَشْتَهِي قَالَ قُرْبَكِ قَالَتْ فَمَا تَشْتَكِي قَالَ حُبَّكِ قَالَتْ فَتُوصِي بِشَيْءٍ قَالَ نَعَمْ أُوصِي بِكِ إِنْ قَبِلُوا مِنِّي فَقَالَتْ إِنِّي أُرِيدُ الانْصِرَافَ قَالَ فَتَعَجَّلِي ثَوَابَ الصَّلاةِ عَلَيَّ فَقَامَتْ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا رَآهَا مُوَلِّيَةً تَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ وَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَرْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَفَدَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَحَدَّثَهُ قَالَ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً مُوَلَّدَةً بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ فَوُصِفَتْ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ إِمَّا تُهْدِيَهَا لِي وَإِمَّا أَنْ تَبِيعَهَا بِحُكْمِكَ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ لَا تَخْرُجْ وَاللَّهِ عَنْ مِلْكِي بِبِيَعٍ وَلا هِبَةٍ أَبَدًا وَمَكَثَتْ عِنْدِي عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَا أَزْدَادُ لَهَا إِلا حُبًّا حَتَّى أَتَتْنِي عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِنَا فَذَكَرَتْ أَنَّ بَعْضَ عُزَّابِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَهْوَاهَا وَأَنَّهُ يَجِيءُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُتَنَكِّرًا فَيَقِفُ بِالْبَابِ حَتَّى ي يَسْمَعَ غِنَاءَهَا فَرَاعَيْتُ مَجِيئَهُ لَيْلَةً فَإِذَا بِهِ قَدْ أَقْبَلَ مُتَقَّنِعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 الرَّأْسِ حَتَّى قَعَدَ مُسْتَخْفِيًا فَدَعَوْتُ قَيَّمَةَ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ انْطَلِقِي السَّاعَةَ فَأَصْلِحِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَحْسَنَ مَا أَمْكَنَ وَعَجِّلِي بِهَا إِلَيَّ فَلَمَّا جَاءَتْ بِهَا نَزَلْتُ قَابِضًا عَلَى يَدِهَا وَفَتَحْتُ الْبَابَ ثُمَّ حَرَّكْتُ الرَّجُلَ فَانْتَبَهَ مَذْعُورًا فَقُلْتُ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ خُذْ بِيَدِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ هِيَ لَكَ فَإِذَا هَمَمْتَ بِبَيْعِهَا فَارْدُدْهَا إِلَيَّ فَدُهِشَ الْفَتَى وَلُبِطَ بِهِ فَدَنَوْتُ إِلَى أُذُنِهِ فَقُلْتُ وَيْحَكَ قَدْ أَظْفَرَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبُغْيَتِكَ فَانْصَرِفْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَإِذَا الْفَتَى مَيِّتٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ وَهَانَتِ الْجَارِيَةُ فِي عَيْنِي وَكَرِهْتُ أَنْ أُوَجِّهَ بِهَا إِلَى يَزِيدَ فَيَعْلَمَ حَالَهَا أَوْ تُخْبِرَهُ عَنْ نَفْسِهَا فَيَحْقِدَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَمَكَثَتْ مُدَيْدَةً ثُمَّ مَاتَتْ وَلا أَظُنُّهَا مَاتَتْ إِلا كَمَدًا وَأَسَفًا عَلَى الْفَتَى أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ بَعْضِ إِخَوَانِي هَلْ لَكَ فِي عَاشِقٍ تَرَاهُ فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَرَأَيْتُ فَتًى كَأَنَّمَا نُزِعَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ وَهُوَ مُتَّزِرٌ بِإِزَارٍ مُرْتَدٍ بِآخَرَ وَإِذَا هُوَ مُفَكِّرٌ وَفِي سَاعِدِهِ وَرْدَةٌ فَذَكَرْنَا لَهُ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ فَتَهَيَّجَ وَقَالَ جَعَلْتُ مِنْ وَرْدَتِهَا ... تَمِيمَةً فِي عَضُدِي أَشُمُّهَا مِنْ حُبِّهَا ... إِذَا عَلانِي جَهْدِي فَمَنْ رَأَى مِثْلِي فَتًى ... بِالْحُزْنِ أَضْحَى مُرْتَدِي أَسْقَمَهُ الْحُبُّ وَقَدْ ... صَارَ قَلِيلَ الأَوَدِ وَصَارَ سَاهٍ دَهْرَهُ ... مُقَارِنًا لِلْكَمَدِ أَلا فَمَنْ يَرْحَمُ أَوْ ... يَرِقُّ لِي مِنْ كَمَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 ثُمَّ أَطْرَقَ فَقُلْتُ مَا شَأْنُهُ قَالُوا عَاشِقٌ جَارِيَةً لِبَعْضِ أَهْلِهِ فَأَعْطَى بِهَا كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَهُوَ سبعمائه دِينَارٍ فَأَبَوْا أَنْ يَبِيعُوهَا فَنَزَلَ بِهِ مَا تَرَى وَفَقَدَ عَقْلَهُ قَالَ فَخَرَجْنَا فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ فَحَضَرْتُ جَِنَازَتَهُ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ إِذَا بِجَارِيَةٍ تَسْأَلُ عَنِ الْقَبْرِ فَدَلَلْتُهَا عَلَيْهِ فَمَا زَالَتْ تَبْكِي وَتَأْخُذُ التُّرَابَ فَتَجْعَلُهُ فِي شَعْرِهَا فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِك إد جَاءَ قَوْمٌ يَسْعَوْنَ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهَا ضَرْبًا فَقَالَتْ شَأْنُكُمْ وَاللَّهِ لَا تَنْتَفِعُونَ بِي بَعْدَهُ أَبَدًا وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الإِبَرِيُّ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ قَالَ لِي رجل أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ بَعْضِ إِخَوَانِي أُرِيكَ فَتًى عَاشِقًا قُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ فَإِنِّي أَسْمَعُ النَّاسَ يُنْكِرُونَ الْعِشْقَ وَذِهَابَ الْعَقْلِ فِيهِ وَإِنِّي لأُحِبُّ رُؤْيَتَهُ فَعِدْنِي يَوْمًا أَجِيءُ مَعَكَ فِيهِ قَالَ فَوَعَدْتُهُ يَوْمًا فَمَضَيْنَا فَأَنْشَأَ صَاحِبِي يَحُدِّثُنِي عَنْ نُسُكِهِ وَعِبَادَتِهِ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الاجْتِهَادِ قُلْتُ وَبِمَنْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ قَالَ بِجَارِيَةٍ لِبَعْضِ أَهْلِهِ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا مِنْهُ فَأَبَوْا وَبَذَلَ لَهُمْ جَمِيعَ مُلْكِهِ وَهُوَ سَبْعمِائة دِينَارٍ فَأَبَوْا عَلَيْهِ ضِرَارًا وَحَسَدًا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا فِي مُلْكِهِ فَلَمَّا أَبَوْا عَلَيْهِ بَعَثَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا مُرْنِي بِأَمْرِكَ فَوَاللَّهِ لأُطِيعَنَّكَ وَلأَنْتَهِيَنَّ إِلَى أَمْرِكَ فِي كُلِّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَلَيْكِ بِطَاعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 اللَّهِ فَإِنَّ عَلَيْهَا الْمُعَوِّلَ وَالسُّكُونَ إِلَيْهَا وَبِطَاعَةِ مَنْ يَمْلِكُ رِقَّكِ فَإِنَّهَا مَضْمُومَةٌ إِلَى طَاعَةِ رَبِّكِ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعِي الْفِكْرَ فِي أَمْرِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فَرَجًا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ بِالَّذِي تَطِيبُ نَفْسِي بِنَيْلِ شَيْءٍ أُحِبُّهُ أَبَدًا فِي مُلْكِي فَأُمْنَعُهُ أَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ حَرَامًا بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَكِنْ أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ عَلَى أَمْرِي فَلْيَكُنْ هَذَا آخِرُ رُسُلُكِ إِلَيَّ وَلا تَعُودِي فَإِنِّي أَكْرَهُ وَاللَّهِ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَا فِي قَبْضَتِهِ مُلْتَمِسًا أَمْرًا يَكْرَهُهُ مِنِّي فَعَلَيْكِ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهَا عِصْمَةٌ لأَهْلِ طَاعَتِهِ وَفِيهَا سُلُوٌ عَنْ مَعْصِيَتِهِ قَالَ ثُمَّ لَزِمَ الاجْتِهَادَ الشَّدِيدَ وَلَبِسَ الشَّعْرَ وَتَوَّحَدَ فَكَانَ لَا يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ إِلا مِنْ لَيْلٍ إِلَى لَيْلٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَشْغُولُ الْقَلْبِ بِذِكْرِهَا مَا يَكَادُ يُفَارِقُهُ فَوَاللَّهِ مَا زَالَ الأَمْرُ بِهِ حَتَّى قَطَّعَهُ فَهُوَ الآنَ ذَاهِبُ الْعَقْلِ وَالِهٌ فِي مَنْزِلِهِ قَالَ ثُمَّ صِرْنَا إِلَى الْبَابِ فَاسْتَأْذَنَّا فَأُذِنَ لَنَا قَالَ عَلِيٌّ فَدَخَلْتُ إِلَى دَارٍ قَوْرَاءَ سَرِيَّةٍ وَإِذَا أَنَا بِشَابٍّ فِي وَسَطِ الدَّارِ على حَصِير متزر بإزار مُرْتَد بآخر قَالَ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يُرُدَّ عَلَيْنَا السَّلامَ فَجَلَسْنَا إِلَى جَنْبِهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ أَجْمَلِ مَنْ رَأَيْتُ وَجْهًا وَهُوَ مُطْرِقٌ يَنْكِتُ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى سَاعِدِهِ ثُمَّ يَتَنَفَّسُ الصَّعْدَاءَ حَتَّى أَقُولَ قَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كَالْخَلالِ مِنْ شِدَّةِ الضُّرِّ الَّذِي بِهِ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِوَرْدَةٍ حَمْرَاءَ مَشْدُودَةٍ فِي عَضُدِهِ قَالَ فَقُلْتُ لِصَاحِبِي مَا هَذِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ الْعَامَ وَرْدًا قَبْلَ هَذِهِ فَقَالَ أَظُنُّ فُلانَةً سَمَّاهَا بَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا سَمَّاهَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْنَا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتُ مِنْ وَرْدَتِهَا ... تَمِيمَةً فِي عَضُدِي أَشُمُّهَا مِنْ حُبِّهَا ... إِذَا عَلانِي كَمَدِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 فَمَنْ رَأَى مِثْلِي فَتًى ... بِالْحُزْنِ أَضْحَى مُرْتَدِي أَسْقَمَهُ الْحُبُّ فَقَدْ ... صَارَ حَلِيفَ الأَوَدِ وَصَارَ سَهْوًا دَهْرُهُ ... مُقَارِنًا لِلْكَمَدِ قَالَ ثُمَّ أطرق فَقلت السَّاعَة وَالله يَمُوت قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَوَرَدَ على من أمره مالم أَتَمَالَكْ وَقُمْتُ أَجُرُّ رِدَائِي فَوَاللَّهِ مَا بَلَغْتُ الْبَابَ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا مَاتَ وَاللَّهِ قَالَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَشْهَدَهُ قَالَ وَتَسَامَعَ النَّاسُ فَجَاءُوا بِطَبِيبٍ فَقَالَ خُذُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِكُمْ فَقَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ فَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ وَانْصَرَفَ النَّاسُ فَقَالَ لِي صَاحِبِي امْضِ بِنَا فَقُلْتُ امْضِ أَنْت فَإِنِّي أُرِيد الْجُلُوس هَا هُنَا سَاعَةً فَمَضَى فَمَا زِلْتُ أَبْكِي وَأَعْتَبِرُ بِهِ وَأَذْكُرُ أَهْلَ مَحَبَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا هُمْ فِيهِ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ كَأَنَّهَا مَهَاةٌ وَهِيَ تُكْثِرُ الالْتِفَاتَ فَقَالَتْ لِي يَا هَذَا أَيْنَ دُفِنَ هَذَا الْفَتَى قَالَ عَلِيٌّ فَرَأَيْتُ وَجْهَهَا مَا رَأَيْتُ قَبْلَهُ مِثْلَهُ فَأَوْمَأْتُ إِلَى قَبْرِهِ قَالَ فَذَهَبت إِلَيْهِ فوَاللَّه ماتركت عَلَى الأَرْضِ كَثِيرَ تُرَابٍ إِلا أَلْقَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا وَجَعَلَتْ تَتَمَرَّغُ فِيهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهَا سَتَمُوتُ فَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ طَلَعَ الْقَوْمُ يَسْعَوْنَ حَتَّى جَاءُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوهَا فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهَا فَقُمْتُ إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ رِفْقًا بِهَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَالَتْ دَعْهُمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ يَبْلُغُوا هِمَّتَهُمْ فَوَاللَّهِ لَا انْتَفَعُوا بِي أَبَدًا بَعْدَهُ أَيَّامَ حَيَاتِي فَلْيَصْنَعُوا بِي مَا شَاءُوا فَإِذَا هِيَ الَّتِي كَانَ يُحِبُّهَا الْفَتَى فَانْصَرَفْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ ذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان العذري وكا ينزل الْكُوفَة قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ مَيْسَرَةَ وَكَانَ كَهَيْئَةِ الْخَيَالِ وَكَأَنَّهُ صُبِغَ بِالْوَرْسِ لَا يَكَادُ يُكَلِّمُ أَحَدًا وَلا يُجَالِسُهُ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ عاشق فَكَانُوا يسألوه عَنْ قِصَّتِهِ فَيَقُولُ يُسَائِلُنِي ذُو اللُّبِّ عَنْ طُولِ عِلَّتِي ... وَمَا أَنا بالمبدي لذا النَّاسِ عِلَّتِي سَأَكْتُمُهَا صَبْرًا عَلَى حَرِّ جَمْرِهَا ... وَأَكْتُمُهَا إِذْ كَانَ فِي السِّرِّ رَاحَتِي إِذَا كُنْتُ قَدْ أَبْصَرْتُ مَوْضِعَ عِلَّتِي ... وَكَانَ دَوَائِي فِي مَوَاضِعِ لَذَّتِي صَبَرْتُ عَلَى دَائِي احْتِسَابًا وَرَغْبَةً ... وَلَمْ أَكُ أُحْدُوثَاتِ أَهْلِي وَخُلَّتِي قَالَ فَمَا أَظْهَرَ أَمْرَهُ وَلا عَلِمَ أَحَدٌ بِقِصَّتِهِ حَتَّى كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي كَانَتْ بِي مِنْ أَجْلِ فُلانَةَ ابْنَةِ عَمِّي وَاللَّهِ مَا حَجَبَنِي عَنْهَا وَأَلْزَمَنِي الضُّرَّ إِلا خَوْفُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا غَيْرَ فَمَنْ بُلِيَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ فَلا يَكُنْ أَحَدٌ أَوْثَقُ عِنْدَهُ بِسِّرِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَوْلا أَنَّ الْمَوْتَ نَازِلٌ بِي السَّاعَة مَا حدثتكم فأقرءوها مِنِّي السَّلامَ وَمَاتَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ ابْنِ حَيُّوَيْهِ وَنَقَلْتُهُ مِنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعُتْبِيُّ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيِّ أَنَّ فَتًى مِنْ عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ كَانَ عَاشِقًا لابْنَةِ عَمٍّ لَهُ عِشْقًا شَدِيدًا فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ إِنَّهُ قَعَدَ بِضْعِ عِشْرَةَ سَنَةً لَا يُحَسُّ لَهُ خَبَرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 قَالَ شَبَابَةُ فَاضْتَلَلْتُ إِبِلا لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا فَبَيْنَا أَنَا أَسِيُرُ فِي الرِّمَالِ إِذَا بِهَاتِفٍ يَهْتِف بِصَوْت ضَعِيف يَا بن الْوَلِيدِ أَلا تَحْمُونَ جَارَكُمْ ... وَتَحْفَظُونَ لَهُ حَقَّ الْقُرَابَاتِ عَهْدِي إِذَا جَارُ قَوْمٍ نَابَهُ حَدَثٌ ... وَقَوْهُ مِنْ كُلِّ مَفْرُوجِ الْمُلِمَّاتِ هَذَا أَبُو مَالِكٍ الْمُمْسِي بِبَلْقَعَةٍ ... مَعَ الضباع وآسادج وَغَابَاتِ طَلِيحُ شَوْقٍ بِنَارِ الْحُبِّ مُحْتَرِقٌ ... تَعْتَادُهُ زَفَرَاتٌ إِثَرَ لَوْعَاتِ أَمَّا النَّهَارُ فَيُضْنِيهِ تَذَكُّرُهُ ... وَاللَّيْلُ مُرْتَقِبٌ لِلْصُبْحِ هَلْ يَاتِي يَهْذِي بِجَارِيَةٍ مِنْ عُذْرَةَ اخْتَلَسَتْ ... فُؤَادَهُ فَهُوَ مِنْهَا فِي بَلِيَّاتِ فَقُلْتُ دُلَّنِي عَلَيْهِ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ نَعَمْ أَقْصُدُ الصُّوْتَ فَلَمَّا قَصَدْتُ سَمِعْتُ أَنِينًا مِنْ خِبَاءٍ فَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ يَا رَسِيسَ الْهَوَى أَذَبْتَ فُؤَادِي ... وَحَشَوْتَ الْحَشَا عَذَابًا أَلِيمَا فَدَنَوْتُ فَقُلْتُ أَبُو مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ بت مَا أَرَى قَالَ حُبِّي سُعَادَ ابْنَةَ أَبِي الْهَيْذَامِ الْعُذْرِيِّ شَكَوْتُ يَوْمًا مَا أَجِدُ مِنْ حُبِّهَا إِلَى ابْنِ عَمٍّ لَنَا فَاحْتَمَلَنِي إِلَى هَذَا الْوَادِي مُنْذُ بِضْعِ عَشْرَةَ سَنَةٍ يَأْتِينِي كُلَّ يَوْمٍ بِخَبَرِهَا وَيَقُوتُنِي مِنْ عِنْدِهِ فَقُلْتُ إِنِّي أَصِيرُ إِلَى أَهْلِهَا فَأُخْبِرُهُمْ بِمَا رَأَيْتُ قَالَ أَنْتَ وَذَلِكَ فَانْصَرَفت فَأَخْبَرتهمْ فرقوا لَهُ فَزَوجُوهُ بحضرتي فَرَجَعت إِلَيْهِ أفرج عَنهُ فَلَمَّا أخْبرته الْخَبَر حدد النّظر إِلَيّ ثمَّ تأوه تأوها شَدِيدا بلغ من قلبِي ثمَّ قَالَ الآنَ إِذْ حَشْرَجَتْ نَفْسِي وَحَاضَرَهَا ... فِرَاقُ دُنْيَا وَنَادَاهَا مُنَادِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 ثُمَّ زَفَرَ زَفْرَةً فَمَاتَ فَدَفَنْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ فَأَقَامَتِ الْجَارِيَةُ بَعْدَهُ ثَلاثًا لَا تُطْعَمُ ثُمَّ مَاتَتْ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ قَالَ رَأَيْتُ امْرَأَةً مُنْحَطَّةً عَلَى قَبْرٍ وَهِيَ تَقُولُ فَيَا قَبْرُ لَوْ شَفَّعْتَنِي فِيهِ مَرَّةً ... فَأَخْرَجْتَهُ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ فَكُنْتُ أَرَى هَلْ غَيَّرَ التُّرْبِ وَجْهَهُ ... وَهَلْ عَاثَ دُودُ اللَّحْدِ فِي ذَلِكَ اللَّحْدِ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ صَاحِبُ الْقَبْرِ مِنْكِ قَالَت ابْن عَمٍّ لِي تَزَوَّجَنِي فَطَفِقَ لَا يَرْوَى مِنِّي وَلا أَنْهَلُ مِنْهُ حَتَّى كَانَ الْعَامُ الْمَاضِي وَغَزَتْنَا سُلَيْمٌ وَلَيْسَ فِي الْحَيِّ غَيْرِي وَغَيْرُهُ فَخَرَجَ يَحْمِي وَهُوَ يَقُولُ نَعَتْنِي زُبَيْدٌ إِنْ شَكَوْتُ حَلِيلَتِي ... طِعَانِي وَكَرِّي مَا إِذَا الْخَيْلُ كَرَّتِ فَإِنْ مِتُّ فَاغْزِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... بِذِكْرِي وَلا تَنْسِي أُمَيْمَةُ خُلَّتِي فَوَاللَّهِ مَا بَرِحَ يُقَاتِلُ حَتَّى قُتِلَ قُلْتُ فَكَمْ سَنَةٍ كَانَتْ لَهُ قَالَتْ أَنَا أكبر مِنْهُ ولي تسع عشر سَنَةً وَاللَّهِ لَا شَمِمْتُ رُوحَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ فَظَنَنْتُهَا هَازِئَةً فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَيْتُ جَِنَازَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ لِي هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي كَانَتْ تُحَدِّثُكَ بِالأَمْسِ عِنْدَ الْقَبْرِ عَنْ بَعْلِهَا وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَّتْ لِبَعْلِهَا وَصَدَقَتْ فِي نَفْسِهَا وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْعُمَرِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ رَأَيْتُ جَارِيَةً عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَقُولُ بِنَفْسِي فَتًى أَوْفَى الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا ... وَأَقْوَاهُمُ فِي الْمَوْتِ صَبْرًا عَلَى الْحُبِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 فَقُلْتُ بِمَ صَارَ أَقْوَاهُمْ وَأَوْفَاهُمْ قَالَتْ هَوِيَ فَكَانَ أَهْلِي إِذَا جَاهَرَ بِحُبِّي لامُوهُ وَإِذَا كَتَمَهُ عَنَّفُوهُ فَلَمَّا أَخَذَهُ الأَمْرُ قَالَ بَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعْرِ وَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُمَا إِلَى أَنْ مَاتَ قُلْتُ وَمَا هُمَا قَالَتْ قَوْلُهُ يَقُولُونَ إِنْ جَاهَرْتُ قَدْ عَضَّكَ الْهَوَى ... وَإِنْ لَمْ أَبُحْ بِالْحُبِّ قَالُوا تَصَبَّرَا فَمَا لِلَّذِي يَهْوَى وَيْكَتِمُ حُبَّهُ ... مِنَ الأَمْرِ إِلا أَنْ يَمُوتَ فَيُعْذَرَا وَاللَّهِ يَا هَذَا لَا أَبْرَحُ أَوْ يَتَّصِلَ قَبْرَانَا ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً فَصَاحَ النِّسَاءُ وَقُلْنَ قَضَتْ وَالَّذِي اخْتَارَ لَهَا الْوَفَاةَ فَمَا رَأَيْتُ أَسْرَعُ وَلا أَوْحَى مِنْ أَمْرِهَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَلادُ بْنُ يَزِيدَ الأَرْقَطُ قَالَ كَانَ عُوَيْمَرُ الْعُقَيْلِيُّ مَشْغُوفًا بِابْنَةِ عَمٍّ لَهُ وَكَانَ يُقَالُ لَهَا رَيَّا فَزُوِّجَتْ بِرَجُلٍ فَحَمَلَهَا إِلَى بِلادِهِ فَاشْتَدَّ وَجْدُهُ وَاعْتَلَّ عِلَّةً وَأَخَذَهُ الْهُلاسُ فَدَعَوْا لَهُ طَبِيبًا لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَخْبَرَنِي بِالَّذِي تَجِدُ فَرَفَعَ عَقِيرَتَهُ فَقَالَ عَطَفْتُ عَلَى أَسْرَارِكُمْ فَكَسَوْتُهَا ... فميصا مِنَ الْكِتْمَانِ لَا يَتَخَرَّقُ وَلِي عَبْرَتَانِ مَا يَفِيقَانِ عَبْرَةٌ ... تَفِيضُ وَأُخْرَى لِلصَّبَابَةِ تَخْنُقُ وَأَكْثَرُ حَظِّي مِنْكِ أَنِّي إِذَا جَرَتْ ... لِيَ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَائِكُمْ أَتَنَشَّقُ ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَمَا مَكَثَ إِلا لِيَالِيَ يَسِيرَةً حَتَّى قَضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ عَنْ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ تَزَوَّجَ مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ بِنْتَ عَمِّ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَشُغِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَكَانَ مَالِكٌ شُجَاعًا مُسْبَعًا فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقَاتِلَ إِذَا لَقِيَ شَفَقًا عَلَيْهِ وَضَنًّا بِهِ وَإِنَّهُ غَزَا حَيًّا مِنْ لَخْمٍ فَبَاشَرَ الْقِتَالَ فَأَصَابَتْهُ جِرَاحٌ فَقَالَ وَهُوَ مُثْقَلٌ مِنْهَا أَلا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ غَزَالٍ تَرَكْتُهُ ... إِذَا مَا أَتَاهُ مَصْرَعِي كَيْفَ يَصْنَعُ فَلَوْ أَنَّنِي كُنْتُ الْمُؤَخَّرَ بَعْدَهُ ... لَمَا بَرِحَتْ نَفْسِي عَلَيْهِ تَطْلُعُ وَإِنَّهُ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ فَلَمَّا وَصَلَ خَبَرُهُ إِلَى زَوْجَتِهِ بَكَتْ سَنَةً ثُمَّ اعْتُقِلَ لِسَانُهَا فَامْتَنَعَتْ عَنِ الْكَلامِ وَكَثُرَ خُطَّابُهَا فَقَالَ عمومتها وولاة أمرهَا تزَوجهَا فَلَعَلَّ لِسَانَهَا يَنْطَلِقُ وَيَذَهَبُ حُزْنُهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ فَزَوَّجُوهَا بَعْضَ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَسَاقَ إِلَيْهَا أَلْفَ بَعِيرٍ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ فِيهَا قَامَتْ عَلَى بَابِ الْقُبَّةِ فَقَالَتْ يَقُولُ رِجَالٌ زَوِّجُوهَا لَعَلَّهَا ... تَقَرُّ وَتَرْضَى بَعْدَهُ بِحَلِيلِ فَأَخْفَيْتُ فِي النَّفْسِ الَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا ... رَجَاءٌ لَهُمْ وَالصِّدْقُ أَفْضَلُ قِيلِ أَبَعْدَ ابْنِ عَمِّي فَارِسِ الْقَوْمِ مَالِكٍ ... أُزَفُّ إِلَى بَعْلٍ بِهَضْبِ كَلِيلِ وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... أَقَامَ وَنَادَى صَحْبَهُ بِرَحِيلِ وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السَّيْفِ غَيْرُ نَكُولِ وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... جَوَادٌ بِمَا فِي الرَّحْلِ غَيْرُ بَخِيلِ وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... خَفِيفٌ عَلَى الْحَدَّاثِ غَيْرُ ثَقِيلِ وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... صَرُومٌ كَمَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ وَحَدَّثَنِي مُشْكِدَانَةُ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْقَرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي شَيْخٌ أَثِقُ بِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنَ الشِّعْرِ شَهِقَتْ شَهْقَةً فَمَاتَتْ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْوَرَّاقُ قَالَ حَكَى لِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِرَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْدِقَائِي أَنَّهُ دَخَلَ بَعْضَ الْمَارَسْتَانَاتِ بِبَغْدَادَ فَرَأَى شَابًّا حَسَنَ الْوَجْهِ نَظِيفَ الثِّيَابِ جَالِسًا عَلَى حَصِيرٍ نَظِيفٍ وَعَنْ يَسَارِهِ مِخَّدَةٌ نَظِيفَةٌ وَفِي يَدَهِ مِرْوَحَةٌ وَإِلَى جَانِبِهِ كَرَارٌ فِيهِ مَاءٌ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلامَ أَحْسَنَ رَدٍّ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ نَعَمْ أُرِيدُ قُرْصَيْنِ وَعَلَيْهِمَا فَالُوذَجٌ فَمَضَيْتُ فَجِئْتُهُ بِذَلِكَ وَجَلَسْتُ مُقَابِلَهُ حَتَّى أَكَلَ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ بَقِيَ لَكَ حَاجَةٌ قَالَ نَعَمْ وَأَظُنُّكَ تَقْدِرُ عَلَيْهَا فَقُلْتُ اذْكُرْهَا فَلَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُيَسِّرُهَا فَقَالَ تَمْضِي إِلَى نَهْرِ الدَّجَاجِ دَرْبِ أَحْمَدَ الدَّهْقَانِ إِلَى دَارٍ عَلَى بَابِ زُقَاقِ الْغَفْلَةِ فَاطْرُقِ الْبَابَ وَقُلْ إِنَّ فُلانًا قَالَ لِي مُرَّ بِالْحَبِيبِ وَقُلْ لَهُ ... مَجْنُونُكُمْ مَنْ يَحُلُّهْ قَالَ فَمَضَيْتُ وَسَأَلْتُ عَنِ الدَّرْبِ وَالزُّقَاقِ فَدُلِلْتُ عَلَيْهِ فَطَرَقْتُ الْبَابَ فَخَرَجَتْ إِلَيَّ عَجُوزٌ فَأَبْلَغْتُهَا الرِّسَالَةَ فَدَخَلَتْ وَغَابَتْ عَنِّي سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ وَقَالَتْ ارْجِعْ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ ... عَلَيْكُمْ مَنْ أَعَلَّهْ فَرَجَعْتُ إِلَى الْفَتَى فَأَخْبَرْتُهُ بِالْجَوَابِ فَشَهِقَ شَهْقَةً فَمَاتَ وَعُدْتُ إِلَى الْقَوْمِ أُخْبِرُهُمْ بِذَلِكَ فَوَجَدْتُ الصُّرَاخَ فِي الدَّارِ وَقَدْ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ أَوْ كَمَا قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْعُتَيْقِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الأَزْهِرِ قَالَ قَالَ الرِّيَاشِيُّ قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ أَحَبَّ رَجُلٌ ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ فَقَالَتْ إِنَّ النَّاسَ قَدِ أَكْثَرُوا عَلَيْنَا فَلَوْ خَرَجْتَ بِنَا مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ قَالَ فَخَرَجَ بِهَا وَخَرَجَ فِي إِثْرِهِمَا أَخٌ لَهُ فَجَعَلَ لَا يَتْرُكُ مَنْزِلا إِلا قِيلَ لَهُ قَدْ نَزَلا وَارْتَحَلا حَتَّى أَتَى مَنْزِلا فَقِيلَ لَهُ نَزَلا بِهَذَا الْمَاءِ فَمَرِضَتْ فَمَاتَتْ فَدَفَنَّاهَا ثُمَّ كَانَ يَأْتِي الرَّجُلُ قَبْرَهَا فَيَبْكِي وَيَنْصَرِفُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا وَهَذَانِ هُمَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ أَفِقْ مُرَّ إِنَّ الْوُدَّ شَرُّ لَصِيقٍ ... وَإِلا فَمُتْ إِنْ كُنْتَ غَيْرَ مُطِيقِ فَقَدْ سَاقَ لَيْلَى الْحُبُّ حَتَّى أَحَلَّهَا ... بِرَاذَانَ قَبْرًا غَيْرَ جِدِّ عَمِيقِ فَمِنْ بَيْنَ مَوْتَانَا دُفِنْتِ غَرِيبَةً ... فَلا تَبْعُدِي مِنْ ذِي هَوًى وَمَشُوقِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ قَالا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِي فَضْلٌ الْيَزِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْهِلالِيَّ قَالَ شَهِدْتُ أَبَا يَحْيَى التَّيْمِيَّ يَقُولُ كَانَ يَخْتَلِفُ مَعَنَا فَتًى مِنَ النُّسَّاكِ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ إِلَى مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ وَكَانَ يَخْتَلِفُ مَعَهُ فَتًى حَسَنُ الْوَجْهِ يَفْتِنُ النَّاسَ إِذَا رَأَوْهُ فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْقَوْلَ فِيهِ وَفِي صُحْبَتِهِ إِيَّاهُ وَمَنَعَهُ أَهْلُهُ أَنْ يَصْحَبَهُ وَأَنْ يُكَلِّمَهُ فَذُهِلَ عَقْلُهُ حَتَّى خُشِيَ عَلَيْهِ التَّلَفُ فَبَلَغَ ذَلِكَ مِسْعَرًا فَقَالَ قُولُوا لَهُ لَا يَقْرَبُنِي وَلا يَأْتِي مَجْلِسِي فَإِنِّي لَهُ كَارِهٌ فَلَقِيتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَتَنَفَّسَ الصعداء ثمَّ أنشأيقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 يَا مَنْ بَدَائِعُ حُسْنِ صُورَتِه ... تُثْنِي إِلَيْهِ أَعِنَّةُ الْحَدَقِ لِي مِنْكَ مَا لِلنَّاسِ كُلِّهِمُ ... نَظَرٌ وَتَسْلِيمٌ عَلَى الطُّرُقِ لَكِنَّهُمْ سَعِدُوا بأمنهم ... وَشَقِيتُ حِينَ أَرَاكَ بِالْفَرَقِ ثُمَّ صَرَخَ صَرْخَةً وَشَخَصَ بَصَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَسَقَطَ فَحَرَّكْتُهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكَادِحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِين قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلانَ هُوَ صَاحِبُ هِنْدٍ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو وَإِنَّهُ عَشِقَهَا فَمَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا حَتَّى ضَنِيَ فَلَمْ يَدْرِ أَهْلُهُ مَا بِهِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ عَجُوزٌ فَقَالَتْ إِنَّ صَاحِبَكُمْ عَاشِقٌ فَاذْبَحُوا لَهُ شَاةً وَائْتُوهُ بِهَا وَغَيِّبُوا فُؤَادَهَا فَفَعَلُوا وَأَتَوْهُ بِهَا فَجَعَلَ يَرْفَعُ بَضْعَةً وَيَضَعُ أُخْرَى ثمَّ قَالَ أَمَا لِشَاتِكُمْ قَلْبٌ فَقَالَ أَخُوهُ أَلا أَرَاكَ عَاشِقًا وَلَمْ تُخْبِرْنَا فَبَلَغَنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ آهٍ وَمَاتَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ فِيمَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبْدي قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان ابْن عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ صَالِحِ بْنِ دَاوُدَ ذَكَرَ عَنْ جَارِيَةٍ مِنْ جَوَارِي الْقِيَانِ أَنَّهَا كَانَتْ تَمِيلُ إِلَيْهِ مَحَبَّةً وَكَلَفًا وَكَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالأَدَبِ شَاعِرَةً فَحَضَرَ يَوْمًا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ طَابَ عَيْشُنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَكَتَبَتْ عَلَى مِنْدِيلٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 لَعَلَّ الَّذِي أَبْلَى بِحُبِّكَ يَا فَتَى ... يَرُدُّكَ لِي يَوْمًا إِلَى أَحْسَنِ الْعَهْدِ ثُمَّ تَغَافَلَتْ أَهْلَ الْمَجْلِسِ وَأَلْقَتْ إِلَيْهِ الْمِنْدِيلَ قَالَ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ قَرَأْتُ الشِّعْرَ حَتَّى وَجَدْتُ فِي قَلْبِي مِنْ أَمْرِهَا مِثْلَ النَّارِ فَقُمْتُ وَانْصَرَفْتُ خَوْفًا مِنَ الْفَضِيحَةِ ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَعْمَلُ الْحِيلَةَ فِي ابْتِيَاعِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمْ فَعَسُرَ ذَلِكَ فَعَرَّفْتُهَا مَا قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْهِ مِنَ ابْتِيَاعِهَا فَأَعَانَتْنِي عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَلَكْتُهَا فَلَمْ أُوثِرْ عَلَيْهَا أَحَدًا مِنْ حَرَمِي وَأَهْلِي وَلا كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ يَعْدِلُهَا فَتُوُفِّيَتْ فَأَنَا لَا عَيْشَ لِي وَلا سُرُورَ فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ بَعْدَ هَذَا الْكَلامِ إِلا أَيَّامًا يَسِيرَةً حَتَّى مَاتَ أَسَفًا عَلَيْهَا وَكَمَدًا فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّرَّاجِ وَأَنْبَأَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنِ مَنْصُورٍ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الصَّائِغُ بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنِ ابْنِ الأَشْدَقِ قَالَ كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَرَأَيْتُ شَابًّا تَحْتَ الْمِيزَابِ قَدْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي كِسَائِهِ يَئِنُّ كَالْمَحْمُومِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مِنْ أَيْنَ قُلْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ قَالَ وَرَاجِعٌ إِلَيْهَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ النِّبَاجَ فَاخْرُجْ إِلَى الْحَيِّ ثُمَّ نَادِ يَا هِلالُ تَخْرُجُ إِلَيْكَ جَارِيَةٌ تُنْشِدُهَا هَذَا الْبَيْتَ وَقَدْ كُنْتُ أَهْوَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِعَيْنَيْكِ حَتَّى تَنْظُرِي مَيَّتَ الْحُبِّ وَمَاتَ مَكَانَهُ فَلَمَّا دَخَلْتُ النِّبَاجَ أَتَيْتُ الْحَيَّ فَنَادَيْتُ يَا هِلالُ يَا هِلالُ فَخَرَجَتْ إِلَيَّ جَارِيَةٌ لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالَتْ مَا وَرَاءَكَ قُلْتُ شَابٌّ بِمَكَّةَ أَنْشَدَنِي هَذَا الْبَيْتَ قَالَتْ وَمَا صَنَعَ قُلْتُ مَاتَ فَخَرَّتْ مَكَانَهَا مَيِّتَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ كِلاهُمَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ حَجَجْتُ فَرَأَيْتُ امْرَأَةً قُبَيْلَ فَيْدٍ وَهِيَ تَقُولُ فَإِنْ تَضْرِبُوا ظَهْرِي وَبَطْنِي كَلَيْهِمَا ... فَلَيْسَ لِقَلْبٍ بَيْنَ جَنْبِيَ ضَارِبُ فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ عَاشِقٌ ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَإِذَا بِهَا قَدْ حَالَ لَوْنُهَا مَعَ حُسْنِهِ وَهِيَ تَقُولُ فَإِنْ يَكُ عِيسَى قَدْ أَطَاعَ بِيَ الْعِدَا ... فَلا وَأَبِيهِ مَا أَطَعْتُ الأَعَادِيَا يَقُولُونَ لِي مَوْلَى فَلا تَقْرَبِنَّهُ ... وَعَيْشِ أَبِي إِنِّي أُحِبُّ الْمَوَالِيَا ثُمَّ رَجَعَتُ مِنَ الْعَامِ الثَّالِثِ فَإِذَا هِيَ مُقَيَّدَةٌ فَاقِدَةٌ عَقْلَهَا وَهِيَ تَقُولُ أَيَا طَلْحَةَ الرُّعْيَانِ ظِلُّكَ بَارِدٌ ... وَمَاؤُكَ عَذْبٌ يَسْتَسِيغُ لِشَارِبِ ثُمَّ سَأَلْتُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأُخْبِرْتُ أَنَّهَا مَاتَتْ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الإِبَرِيِّ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِئُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَرْدَسْتَانِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِمَكَّةَ بَابِ النَّدْوَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِنَسَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّامِرِيُّ قَالَ مَرَرْتُ بِدَيْرِ هِزْقَلَ أَنَا وَصَدِيقٌ لِي فَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ فَتَرَى مَنْ فِيهِ مِنْ مِلاحِ الْمَجَانِينِ قُلْتُ ذَاكَ إِلَيْكَ فَدَخَلْنَا فَإِذَا بِشَابٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ مُرَجَّلِ الشَّعْرِ مَكْحُولِ الْعَيْنِ أَزَجِّ الْحَوَاجِبِ كَأَنَّ شَعْرَ أَجْفَانِهِ مَقَادِيمُ النُّسُورِ وَعَلَيْهِ طَلاوَةٌ تَعْلُوهُ حَلاوَةٌ مَشْدُودٌ بِسِلْسِلَةٍ إِلَى جِدَارٍ فَلَمَّا بَصُرَ بِنَا قَالَ مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ قَرَّبَ اللَّهُ مَا نَأَى مِنْكُمْ بِأَبِي أَنْتُمْ قُلْنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 وَأَنْتَ فَأَمْتَعَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ بِقُرْبِكَ وَآنَسَ جَمَاعَةَ ذَوِي الْمُرُوءَةِ بِشَخْصِكَ وَجَعَلَنَا وَسَائِرَ مَنْ يُحِبُّكَ فِدَاكَ فَقَالَ أَحَسَنَ اللَّهُ عَنْ جميل القَوْل جَزَاء كَمَا وَتَوَلَّى عَنِّي مُكَافَأَتَكُمَا قُلْنَا وَمَا تَصْنَعُ فِي هَذَا الْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ لِغَيْرِهِ أَهْلٌ فَقَالَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنِي كَمِدُ ... لَا أَسْتَطِيعُ أَبُّثُ مَا أَجِدُ رُوحَانِ لِي رُوحٌ تَضَمَّنَهَا ... بَلَدٌ وَأُخْرَى حَازَهَا بَلَدُ أَمَّا الْمُقِيمَةُ لَيْسَ يَنْفَعُهَا ... صَبْرٌ وَلَيْسَ بِقُرْبِهَا جَلَدُ وَأَظُنُّ غَائِبَتِي كَشَاهِدَتِي ... بِمَكَانِهَا تَجِدُ الَّذِي أَجِدُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ أَحْسَنْتُ قُلْنَا نَعَمْ وَوَلَيْنَا فَقَالَ بِأَبِي أَنْتُمْ مَا أَسْرَعَ مَلَلَكُمْ بِاللَّهِ أَعِيرُونِي أَفْهَامَكُمْ وَأَذْهَانَكُمْ قُلْنَا هَاتِ فَقَالَ لَمَّا أَنَاخُوا قُبَيْلَ الصُّبْحِ عِيرَهُمُ ... وَرَحَّلُوهَا فَسَارَتْ بِالْهَوَى الإِبِلُ وَقَلَّبَتْ مِنْ خِلالِ السَّجْفِ نَاظِرَهَا ... تَرْنُو إِلَيَّ وَدَمْعُ الْعَيْنِ مُنْهَمِلُ فَوَدَّعَتْ بِبِنَانٍ عَقْدُهُ عَنَمٌ ... نَادَيْتُ لَا حَمَلَتْ رِجْلاكَ يَا جَمَلُ وَيْلِي مِنَ الْبَيْنِ مَاذَا حَلَّ بِي وَبِهَا ... يَا نَازِحَ الدَّارِ حَلَّ الْبَيْنُ فَارْتَحِلُوا يَا رَاحِلَ الْعِيسِ عَرِّجْ كَيْ أُوَدِّعُهَا ... يَا رَاحِلَ الْعِيسِ فِي تِرْحَالِكَ الأَجَلُ إِنِّي عَلَى الْعَهْدِ لَمْ أَنْقُضْ مَوَدَّتَكُمْ ... فَلَيْتَ شِعْرِي وَطَالَ الْعَهْدُ مَا فَعَلُوا فَقُلْنَا وَلَمْ نَعْلَمْ بِحَقِيقَةِ مَا وَصَفَ مُجُونًا مَاتُوا فَقَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكُمْ مَاتُوا فَقُلْنَا انْظُرْ مَا تَصْنَعُ نَعَمْ مَاتُوا قَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَيِّتٌ فِي إِثْرِهِمْ ثُمَّ جَذَبَ نَفْسَهُ فِي السِّلْسِلَةِ جَذْبَةً دُلِعَ مِنْهَا لِسَانُهُ وَنَدَرَتْ لَهَا عَيْنَاهُ وَانْبَعَثَتْ شَفَتَاهُ بِالدِّمَاءِ فَتَلَبَّطَ سَاعَةً ثُمَّ مَاتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 فَلا أَنْسَى نَدَامَتَنَا عَلَى مَا صَنَعْنَا وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحسن ابْن مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُبَرِّدُ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِي مَعَ الْمأْمُونِ فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنْ نَحْوِ الرِّقَّةِ إِذَا نَحْنُ بِدَيْرٍ كَبِيرٍ فَأَقْبَلَ إِلِيَّ بَعْضُ أَصْحَابِي فَقَالَ مِلْ بِنَا إِلَى هَذَا الدَّيْرِ لِنَنْظُرَ مَنْ فِيهِ وَنَحْمَدَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنَ السَّلامَةِ فَلَمَّا دَخَلْنَا إِلَى الدَّيْرِ رَأَيْنَا مَجَانِينَ مُغَلْغَلِينَ وَهُمْ فِي نِهَايَةِ الْقَذَارَةِ فَإِذَا مِنْهُمْ شَابٌّ عَلَيْهِ ثِيَابٌ نَاعِمَةٌ فَلَمَّا بَصُرَ بِنَا قَالَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُمْ يَا فِتْيَانُ حَيَّاكُمُ اللَّهُ فَقُلْنَا نَحْنُ مِنَ الْعِرَاقِ فَقَالَ بِأَبِي الْعِرَاقُ وَأَهْلُهَا بِاللَّهِ أَنْشِدُونِي أَوْ أُنْشِدُكُمْ فَقَالَ الْمُبَرِّدُ وَاللَّهِ إِنَّ الشِّعْرَ مِنْ هَذَا لَظَرِيفٌ فَقُلْنَا أَنْشِدْنَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنِي كَمِدُ ... لَا أَسْتَطِيعُ أَبُّثُ مَا أَجِدُ رُوحَانِ لِي رُوحٌ تَضَمَّنَهَا ... بَلَدٌ وَأُخْرَى حَازَهَا بَلَدُ وَأَرَى الْمُقِيمَةَ لَيْسَ يَنْفَعُهَا ... صَبْرٌ وَلا يَقْوَى بِهَا جَلَدُ وَأَظُنُّ غَائِبَتِي كَشَاهِدَتِي ... بِمَكَانِهَا تَجِدُ الَّذِي أَجِدُ قَالَ الْمُبَرِّدُ إِنَّ هَذَا لَظَرِيفٌ وَاللَّهِ زِدْنَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ لَمَّا أَنَاخُوا قُبَيْلَ الصُّبْحِ عِيرَهُمُ ... وَرَحَّلُوهَا فَثَارَتْ بِالْهَوَى الإِبِلُ وَأَمْرَرَتْ مِنْ خِلالِ السَّجْفِ نَاظِرَهَا ... تَرْنُو إِلَيَّ وَدَمْعُ الْعَيْنِ مُنْهَمِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 وَوَدَّعَتْ بِبَنَانٍ عِقْدُهَا عَنَمُ ... نَادَيْتُ لَا حَمَلَتْ رِجْلاكَ يَا جَمَلُ وَيْلِي مِنَ الْبَيْنِ مَاذَا حَلَّ بِي وَبِهَا ... مِنْ نَازِلِ الْبَيْنِ حَانَ الْبَيْنُ وَارْتَحَلُوا يَا رَاحِلَ الْعِيسِ عَرِّجْ حَتَّى نُوَدِّعَهَا ... يَا رَاحِلَ الْعِيسِ فِي تِرْحَالِكَ الأَجَلُ إِنِّي عَلَى الْعَهْدِ لَمْ أَنْقُضْ مَوَدَّتَهُمْ ... فَلَيْتَ شِعْرِي لِطُولِ الْعَهْدِ مَا فَعَلُوا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْبُغَضَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعِي مَاتُوا قَالَ إِذَنْ فَأَمُوتُ فَقَالَ لَهُ إِنْ شِئْتَ فَتَمَطَّى وَاسْتَنَدَ إِلَى السَّارِيَةِ الَّتِي كَانَ مَشْدُودًا فِيهَا فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى دَفَنَّاهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْجَرَادِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ وَأَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ قَالا حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ يُونُسَ قَالَ انصرفت من الْحَج فممرت بِمَاوِيَّهَ وَكَانَ لِي فِيهَا صَدِيقٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَصِرْتُ إِلَيْهِ مُسَلِّمًا فَأَنْزَلَنِي فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ وَنَحْنُ قَاعِدَانِ بِفِنَائِهِ إِذَا نِسَاءٌ مُسْتَبْشِرَاتٌ وَهُنَّ يَقُلْنَ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا فَتى منا كَانَ يعشق ابْنة عَمٍّ لَهُ فَتَزَوَّجَتْ وَحُمِلَتْ إِلَى نَاحِيَةِ الْحِجَازِ فَإِنَّهُ لَعَلَى فِرَاشِهِ مُذْ حَوْلٍ مَا تَكَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 فَقُلْتُ أُحِبّ أَنْ أَرَاهُ فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ فَمَشَيْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ وَإِذَا فَتَى مُضْطَجِعٌ بِفِنَاءِ بَيْتٍ مِنْ تِلْكَ الْبُيُوتِ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلا خَيَالٌ فَأَكْبَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ وَأَمُّهُ وَاقِفَةٌ فَقَالَتْ يَا مَالِكُ هَذَا عَمُّكَ أَبُو فُلانٍ يَعُودُكَ فَفَتَحَ عَيْنَهُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ لِيَبْكِنِي الْيَوْمَ أَهْلُ الْوُدِّ وَالشَّفَقِ ... لَمْ يَبْقَ مِنْ مُهْجَتِي شَيْءٌ سِوَى رَمَقِي الْيَوْمَ آخِرُ عَهْدِي بِالْحَيَاةِ فَقَدْ ... أُطْلِقْتُ مِنْ رَبْقَةِ الأَحْزَانِ وَالْقَلَقِ ثُمَّ تَنَفَسَّ الصَّعْدَاءَ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ فَقَامَ الشَّيْخ وَقمت فَانْصَرَفت إِلَى خبائه وَإِذَا امْرَأَةٌ بَضَّةٌ تَبْكِي وَتَفَجَّعُ فَقَالَ الشَّيْخُ مَا يُبْكِيكِ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ أَلا أَبْكِي لِصَبٍّ شَفَّ مُهْجَتَهُ ... طُولُ السِّقَامِ وَأَضْنَى جِسْمُهُ الْكَمَدُ يَا لَيْتَ مَنْ خَلَّفَ الْقَلْبَ الْمَهِيمَ بِهِ ... عِنْدِي فَأَشْكُو إِلَيْهِ بَعْضَ مَا أَجِدُ أَنَشْرُ تُرْبِكَ أَسَرَى لِي النِّسِيمُ بِهِ ... أَمْ أَنْتَ حَيْثُ يُنَاطُ السَّحَرُ وَالْكَبِدُ ثُمَّ أَنْكَبَّتْ عَلَى كَبِدِهَا وَشَهِقَتْ فَإِذَا هِيَ مَيِّتَةٌ قَالَ يُونُسُ فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِ الشَّيْخِ وَأَنَا وَقِيذٌ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ ذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الثَّقَفِيِّ أَنَّ بَعْضَ الأَعْرَابِ عَشِقَ جَارِيَةً مِنْ حَيِّهِ فَكَانَ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا فَلَمَّا عَلِمَ أَهْلُهَا بِمَكَانِهِ وَمَجْلِسِهِ مِنْهَا تَحَمَّلُوا بِهَا فَتَبِعَهُمْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فَفُطِنَ بِهِ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ فُطِنَ بِهِ انْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ بَانَ الْخَلِيطُ فَأَوْجَعُوا قَلْبِي ... حَسْبِي بِمَا قَدْ أَوْرَثُوا حَسْبِي إِنْ تَكْتُبُوا نَكْتُبْ وَإِنْ لَا تَكْتُبُوا ... تَأَتِيكُمْ بِمَكَانِكُمْ كُتُبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 جَدَّ الرَّحِيلُ وَكَانَ فُرْقَةُ بَيْنِنَا ... لَا شَكَّ أَنِّي مُنْقَضِ نَحْبِي قَالَ ثُمَّ وَقَفَ عَلَى جَبَلٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مَاضِيِّنَ فَلَمَّا غَابُوا مِنْ عَيْنِهِ خَرَّ مَيِّتًا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي هَارُونُ أَبُو مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَر وَعبد الْملك ابْن الْمَاجَشُونِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا دَفَنَ حُبَابَةَ رَجَعَ فَمَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى خُرِجَ بِنَعْشِهِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ إِنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَصْفُو لأَحَدٍ عَيْشُهُ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ لَا يُكَدِّرُهُ شَيْءٌ سَأُجَرِّبُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِمَنْ مَعَهُ إِذَا كَانَ غَدًا فَلا تُخْبِرُونِي بِشَيْءٍ وَلا يَأْتِينِي كِتَابٌ وَخَلا هُوَ وَحُبَابَةُ فَأُتِيَا بِمَا يَأْكُلانِ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَشَرِقَتْ بِحَبَّةٍ مِنْهَا فَمَاتَتْ فَأَقَامَ لَا يَدْفِنُهَا حَتَّى تَغَيَّرَتْ وَأَنْتَنَتْ وَهُوَ يَشُمُّهَا وَيَلْثُمُهَا فَعَاتَبُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَذِنَ فِي غُسْلِهَا وَخَرَجَ مَعَهَا فَلَمَّا دفنت قَالَ صاحبت وَاللَّهِ كَمَا قَالَ كُثَيِّرٌ فَإِنْ تَسْلُ عَنْكَ النَّفْسُ أَوْ تَدَعِ الصِّبَا ... فَبِالْيَأْسِ تَسْلُو عَنْكَ لَا بِالتَّجَلُّدِ ... فَمَا أَقَامَ إِلا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى دُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا وَفِي رِوَايَةٍ بَقِيَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَخَرَجَ يَوْمًا فَقَالَ انْبِشُوهَا حَتَّى أَنْظُرُ إِلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ تَصِيرُ حَدِيثًا فَسَكَتَ وَحَكَى الأَصْبَهَانِيُّ عَنِ الْمَدَائِنِيِّ أَنَّهُ أَمَرَ بِنَبْشِهَا بَعْدَ ثَلاثٍ فَنُبِشَتْ وَكُشِفَ لَهُ عَنْ وَجْهِهَا وَقَدْ تَغَيَّرَتْ تَغَيُّرًا قَبِيحًا فَقِيلَ لَهُ أَلا تَرَاهَا كَيْفَ صَارَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 فَقَالَ مَا رَأَيْتُهَا قَطُّ أَحَسَنَ مِنْهَا الْيَوْمَ أَخْرِجُوهَا فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى سَكَتَ ثُمَّ مَاتَ عُقَيْبَ ذَلِكَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ التَّوْزِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الرُّصَافِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ مُصْعَبًا يَقُولُ قَرَأْتُ عَلَى لَوْحَيْنِ مَكْتُوبًا عَلَيْهِمَا عَلَى قَبْرَيْنِ أَمُغَطَّى مِنِّي عَلَى بَصَرِي فِي الْحُبِّ أَمْ أَنْتَ أَكْمَلُ النَّاسِ حُسْنَا وَحَدِيثٌ أَلَذُّهُ هُوَ مِمَّا ... يَنْعَتُ النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وَزْنَا وَرَأَيْتُ امْرَأَةً عِنْدَ الْقَبْرَيْنِ تَقُولُ بِأَبِي لَمْ تُمَتِّعْكَ الدُّنْيَا مِنْ لَذَّاتُهَا اسْتَوْدَعْتُكَ مَنْ وَهَبَكَ لِي ثُمَّ سَلَبَكَ أَسَرَّ مَا كُنْتُ بِكَ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ هَذَا قَالَتِ ابْنِي وَهَذِهِ ابْنَةُ عَمِّهِ كَانَ مُسَمَّى بِهَا فَلَيْلَةً زُفَّتْ إِلَيْهِ أَخَذَهَا وَجَعٌ أَتَى عَلَى نَفْسِهَا فَقَضَتْ فَانْصَدَعَ قَلْبُ ابْنِي فَلَحِقَتْ رُوحُهُ رُوحَهَا فَدَفَنْتُهُمَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قلت فَمن كتب هذَيْن البيتيتن قَالَتْ أَنَا كَانَ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهِمَا قُلْتُ مِمَّنْ أَنْتِ قَالَتْ فَزَارِيَّةٌ قُلْتُ وَمَنْ قَائِلُهُمَا قَالَتْ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَة ابْن حِصْنٍ يَقُولُهُمَا فِي امْرَأَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي جُنْدَبٍ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ قَالَتْ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ يَا مُنَزِّلَ الْغَيْثِ بَعْدَمَا قَنَطُوا ... وَيَا وَلِيَّ الإِنْعَامِ وَالْمِنَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 يَكُونُ مَا شِئْتُ أَنْ يَكُونَ وَمَا ... قَدَرْتَ أَنْ لَا يَكُونُ لَمْ يَكُنِ لَوْ شِئْتَ إِذْ كَانَ حُبُّهَا عَرَضًا ... لَمْ تُرِنِي وَجْهَهَا وَلَمْ تَرَنِي يَا جَارَةَ الْحَيِّ كُنْتِ لِي سَكَنًا ... إِذْ لَيْسَ بَعْضُ الْجِيرَانِ بِالسَّكَنِ أَذْكُرُ مِنْ جَارَتِي مَحَاسِنَهَا ... طَرَائِقًا مِنْ حَدِيثِهَا الْحَسَنِ وَمِنْ حَدِيثٍ يَزِيدُنِي مِقَةً ... مَا لِحَدِيثِ الْمَوْمُوقِ مِنْ ثَمَنِ قَالَ فَكَتَبْتُهَا ثُمَّ قَامَتْ مُوَلِّيَةً بَلَغَنِي عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي نَهْدٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ مُرَّةُ زُوِّجَ ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ جَمِيلَةٌ يُقَالُ لَهَا لَيْلَى وَكَانَ مُسْتَهَامًا بِهَا فَضُرِبَ عَلَيْهِ الْبَعْثُ إِلَى خُرَاسَانَ فَكَرِهَ فِرَاقَهَا وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدًا فَخَلَّفَهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ بِرَاذَانَ فَغَزَا ثُمَّ تَعَجَّلَ فَلَمَّا صَارَ بِرَاذَانَ جَلَسَ قَرِيبًا مِنَ الْقَصْرِ وَكَرِهَ أَنْ يَدْخُلَ نَهَارًا فَخَرَجَتْ مِنَ الْقَصْرِ جَارِيَةٌ فَقَالَ لَهَا مَا فَعَلَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي خَلَّفْتَهَا عِنْدَكُمْ قَالَتْ أَمَا تَرَى ذَلِكَ الْقَبْرَ الْجَدِيدَ فَإِنَّهُ قَبْرُهَا فَلَمْ يُصَدِّقْ حَتَّى خَرَجَتْ أُخْرَى فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَتَى الْقَبْرَ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ فَيَا قَبْرَ لَيْلَى لَوْ شَهِدْنَاكَ أَعْوَلَتْ ... عَلَيْكَ نِسَاءٌ مِنْ فَصَيحٍ وَمِنْ عَجَمِ وَيَا قَبْرَ لَيْلَى مَا تَضَمَّنْتَ مِثْلَهَا ... شَبِيهًا لِلَيْلَى فِي عَفَّافٍ وَفِي كَرَمِ وَيَا قَبْرَ لَيْلَى أَكْرِمَنَّ مَحِلَّهَا ... تَكُنْ لَكَ مَا عِشْنَا عَلَيْنَا بِهَا نِعَمُ وَيَا قَبْرَ لَيْلَى إِنَّ لَيْلَى غَرِيبَةٌ ... بِرَاذَانَ لَمْ يَشْهَدْكَ خَالٌ وَلا ابْنُ عَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 وَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى مَاتَ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ صَحِبَنِي فَتًى فِي بَعْضِ أَسْفَارِي فَكُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُهُ يَنْشِدُ هَذِهِ الأَبْيَاتَ أَلا إِنَّمَا التَّقْوَى رَكَائِبُ أُدْلِجَتْ ... وَأَدْرَكَتِ السَّارِي بِلَيْلٍ فَلَمْ يَنَمْ وَفِي صُحْبَةِ التَّقْوَى غناء وَثَرْوَةٌ ... وَفِي صُحْبَةِ الأَهْوَاءِ ذُلٌّ مَعَ النَّدَمْ فَلا تَصْحَبِ الأَهْوَاءَ وَاهْجُرْ مُحِبَّهَا وَكُنْ لِلْتُقَى إِلْفًا وَكُنْ فِي التُّقَى عَلَمْ فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا مَا هَذِهِ الأَبْيَاتُ الَّتِي أَسْمَعُكَ كَثِيرًا تَنْشُدُهَا فَضَحِكَ وَقَالَ كَيْفَ سَأَلْتَنِي عَنْهَا فَقُلْتُ لإِنِّي أَرَاكَ كَثِيرًا مَا تُنْشِدُهَا فَأَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ مِنْ قَوْلِكَ هِيَ قَالَ لَا وَلَكِنَّهَا مِنْ قَوْلِ أَخٍ لِي وَلَهُ حَدِيثٌ عَجِيبٌ فَقُلْتُ لَهُ حَدَّثَنِي فَقَالَ نَعَمْ كَانَ لِي أَخٌ وَكُنْتُ أحبه الْحبّ الَّذِي لَا شَيْء بَعْدَهُ فَمَكَثْنَا بِذَلِكَ حِينًا فَلَزِمَ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَالأَدْبَ وَمَا رَأَيْتُ فَتًى مَعَ التَّقْوَى أَمْزَحُ مِنْهُ قَالَ ثُمَّ تَغَيَّرَ عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَعْهَدُ مِنْهُ مِنَ الْمِزَاحِ وَالسُّرُورِ وَحُسْنِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ غَمَّنِي وَأَنْكَرْتُهُ فَخَلَوْتُ بِهِ يَوْمًا فَقُلْتُ يَا أَخِي مَا قِصَّتُكَ وَمَا حَالُكَ وَمَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ أَخْبِرْنِي فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ سُرِرْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 قَالَ وَاللَّهِ يَا أَخِي مَا هُوَ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ وَلَكِنَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَلَسْتُ أُبْدِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ الأَمْرُ آخِرَهُ وَيَخْرُجَ مِنْ يَدِي وَلا أَسْتَطِيعُ رَدَّهُ قَالَ وَلَهِجَ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ أَلا إِنَّمَا التَّقْوَى رَكَائِبُ أُدْلِجَتْ ... قَالَ فَعَظُمَ عَلَيَّ مَا نَزَلَ بِهِ وَشَغَلَ قَلْبِي وَأَخَذَهُ شَبِيهٌ بِالسَّهْوِ وَيَقُولُ فِي بَعْضِ السَّاعَاتِ رَبِّ لَا تَسْلُبْنِي دِينِي وَلا تَفْتِنِّي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ وَسْوَسَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَهُوَ يَخَافُ وَمَكَثَ بِذَلِكَ حِينًا مَا يَزْدَادُ إِلا ضَنًى وَجَعَلَ أَهْلُهُ يَسْأَلُونَنِي فَأَقُولُ وَاللَّهِ مَا علمي بِهِ إِلَّا كعلمكم وَلَقَد سَأَلته عَنْ حَالِهِ فَمَا يُخْبِرُنِي بِشَيْءٍ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَمْرُ فَسَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ وَكَانَ النَّاسُ يَعُودُونَهُ وَدَخَلَ الأَطِبَّاءُ عَلَيْهِ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ سُلٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ غَمٌ وَاخْتَلَفَتْ فِي أَمْرِهِ عَلَيْنَا الأَقَاوِيلُ وَكَانَ لَا يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَلا إِنَّمَا التَّقْوَى رَكَائِبُ أُدْلِجَتْ ... فَأَدْرَكَتِ السَّارِي بِلَيْلٍ فَلَمْ يَنَمْ قَالَ وَلَمْ يَزَلْ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ وَضَاقَ بِهِ مَكَانُهُ فَأَدْخَلْنَاهُ بَيْتًا فَكَانَ يَصْرُخُ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَإِذَا مَلَّ مِنَ الصُّرَاخِ أَنَّ كَمَا يَئِنُّ الْمُدْنِفُ مِنْ عِلَّتِهِ فَأَشَارُوا عَلَيْنَا بِتَخَلِيَتِهِ وَقَالُوا إِنَّكُمْ إِنْ خَلَيْتُمُوهُ تَفَرَّحَ وَاسْتَرَاحَ فَخَلَيْنَاهُ فَكَانَ إِذَا أَصْبَحَ خَرَجَ فَقَعَدَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ سَأَلَهُ أَيْنَ تُرِيدُ فَيَقُولُ أُرِيدُ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ اذْهِبْ مَحْفُوظًا لَوْ كَانَ طَرِيقُكَ عَلَى بغيتنا أَو دعناك كَلامًا قَالَ فَمَرَّ بِهِ بَعْضُ إِخْوَانِهِ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ حَيْثُ تُحِبُّ فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا هِيَ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 تَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى الْحَبِيبِ تَحِيَّةً ... وَتَبُثُّهُ بِمَطَاوِلِ الأَسْقَامِ وَتَقُلْ لَهُ إِنَّ الْتُقَى زَمَّ الْهَوَى ... لَمَّا سَمَا مُسْتَعْجِلا بِزِمَامِ فَقَالَ أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَمَضَى فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ مِنْ أَنْ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ بَلَّغْتُ الْقَوْمَ رِسَالَتَكَ قَالَ فَمَا قَالُوا قَالَ قَالُوا لَئِنْ كَانَ تَقْوَى اللَّهِ زَمَّكَ أَنْ تَنَلْ ... أُمُورًا نَهَى عَنْهَا فَهُنَّ حَرَامُ فَزُرْنَا لِنَقْضِيَ مِنْ حَدِيثٍ لُبَانَةً ... وَنَشْفِي نُفُوسًا آذَنَتْ بِسِقَامِ قَالَ فَوَثَبَ قَائِمًا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ لَا قَلَّ مَنْ هَذَا وَفِيهِ لِذِي الْهَوَى ... شِفَاءٌ وَقَدْ يَسْلُوا الْفَتَى جِدُّ وَامِقِ إِذَا الْيَأْسُ حَلَّ الْقَلْبَ لَمْ يَنْفَعِ الْبُكَا ... وَهَلْ يَنْفَعُ الْمَعْشُوقُ دَمْعَةُ عَاشِقِ قَالَ وَمَضَى فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَقُلْتُ لأَهْلِهِ لَا يَتْبَعُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ وَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالرَّأْيِ وَالدِّينِ وَكَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ فَهَأَنَذَا قَدْ جِئْتُ أَشْكُو صَبَابَتِي ... وَأُخْبِرُكُمْ عَمَّا لَقِيتُ مِنَ الْحُبِّ وَأُظْهِرُ تَسْلِيمًا عَلَيْكُم لِتَعْلَمُوا ... بِأَنِّي وَصُولٌ ثُمَّ ذَا مِنْكُمْ حَسْبِي قَالَ فَلَمَّا فَهِمْتُ الْقِصَّةَ وَخَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُنِي أَحَدٌ أَوْ يَرَاهُ بَعْضُ مَنْ يَعْرِفُهُ أَوْ يَفْهَمَ قِصَّتَهُ خَرَجْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ مَا جُلُوسُكَ عَلَى بَابِ الْقَوْمِ وَلَمْ يَأْذَنُوا لَكَ قَالَ بَلَى فَقُلْتُ كَيْفَ وَهُمْ يَقُولُونَ بِاللَّهِ رَبِّكَ لَا تُمُرُّ بِبَابِنَا ... إِنَّا نَخَافُ مَقَالَةَ الْحُسَّادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 وَدَعِ التَّعَتُّبَ وَالتَّذُكُّرَ إِنَّهُ ... يَنْقُلُهُ عَنْكَ أَجِلَّةُ الْعُوَّادِ قَالَ يَا صَالِحُ وَقَدْ قَالُوا هَذَا قُلْتُ نَعَمْ فَجَعَلَ يَهْذِي وَيَقُولُ إِنْ كَانَ قَدْ كَرِهُوا زِيَارَةَ عَاشِقٍ ... فَلَرُبَّ مَعْشُوقٍ يَزُورُ الْعَاشِقَا فَلَمَّا رَجَعَتْ سَأَلُونِي عَنْ قِصَّتِهِ فَقُلْتُ مَا أَخطَأ الجبان وَلم بَيْتَهُ فَلَمْ يَزَلْ زَائِلَ الْعَقْلِ حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمد القارىء قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُحَسِّنُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ النِّعَالِيُّ غُلامُ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ انْصَرَفْتُ مِنْ جَِنَازَةٍ وَقْتَ الْهَاجِرَةِ فَتَوَخَّيْتُ سِكَّةً ظَلِيلَةً فَاضْطَجَعْتُ عَلَى بَابِ دَارٍ فَسَمِعْتُ تَرَنُّمًا يَجْذِبُ الْقَلْبَ فَطَرَقْتُ الْبَابَ وَاسْتَسْقَيْتُ مَاءً فَإِذَا فَتَى ابْتَهَرْتُ بِجَمَالِهِ إِلا أَنَّ آثَارَ الْعِلَّةِ وَالسَّقَمِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَأَدْخَلَنِي إِلَى خَيْشٍ نظيف وفرش سرى وَجَاءَتْ وَصِيفَةٌ مَعَهَا طِسْتٌ وَمِنْدِيلٌ فَغَسَلْتُ رِجْلِيَّ وَجَاءَتْ أُخْرَى بِطِسْتٍ فَغَسَلْتُ يَدَيَّ لِلْطَعَامِ وَأَقْبَلَ الْفَتَى ضَاحِكًا لِيُؤْنِسُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الْعَبْرَةَ فِي عَيْنَيْهِ وَأَقْبَلَ يَأْكُلُ كَأَنَّهُ يُغَصُّ بِمَا يَأْكُلُهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يُنَشِّطُنِي فَلَمَّا انْقَضَى أَكْلُنَا أُتِينَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ قَدَحًا وَشَرِبْتُ آخَرَ ثُمَّ زَفَرَ زَفْرَةً ظَنَنْتُ أَنَّ أَعْضَاءَهُ قَدِ انْتُقِضَتْ وَقَالَ لِي يَا أَخِي إِنَّ لِي نَدِيمًا فَقُمْ بِنَا إِلَيْهِ فَقُمْتُ وَتَقَدَّمَنِي فَدَخَلَ مَجْلِسًا فَإِذَا قَبْرٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَخْضَرُ وَفِي الْبَيْتِ رَمْلٌ مَصْبُوبٌ فَقَعَدَ عَلَى الرَّمْلِ وَطَرَحَ لِي مُصَلَّى فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا قَعَدْتُ إِلا كَمَا تَقْعُدُ وَأَقْبَلَ يُرَدِّدُ الْعَبَرَاتِ ثُمَّ شَرِبَ كَأْسًا وَشَرِبْتُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ أَطَأُ التُّرَابَ وَأَنْتَ رَهْنُ حُفَيْرَةٍ ... هَالَتْ يَدَايَ عَلَى صَدَاكَ تُرَابَهَا إِنِّي لأَغْدَرُ مَنْ مَشَى إِنْ لَمْ أَطَأُ ... بِجِفُونِ عَيْنِيَ مَا حَيِّيتُ جَنَابَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 لَوْ أَنَّ جَمْرَ جَوَانِحِي مُتَلَبِّسٌ ... بالنَّار أطفأحرها وَأَذَابَهَا ثُمَّ أَكْبَ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَجَاءَهُ غُلامٌ بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فَأَفَاقَ فَشَرِبَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ الْيَوْمُ ثَابَ لِيَ السُّرُورُ لأَنَّنِي ... أَيْقَنْتُ أَنَّ عَاجِلا بِكَ لاحِقُ فَغَدًا أُقَاسِمُكَ الْبِلَى وَيُسُوقُنِي ... طَوْعًا إِلَيْكَ مِنَ الْمَنِيَّةِ سَائِقُ ثُمَّ قَالَ لِي قَدْ وَجَبَ حَقِّي عَلَيْكَ فَاحْضُرْ غَدًا جَِنَازَتِي قُلْتُ يُطِيلُ اللَّهُ عُمْرَكَ قَالَ إِنِّي مَيِّتٌ لَا مَحَالَةَ فَدَعَوْتُ لَهُ بِالْبَقَاءِ فَقَالَ لَقَدْ عَقَقْتَنِي أَلا قُلْتَ جَاوِرْ خَلِيلَكَ مُسْعِدًا فِي رَمْسِهِ ... كَيْمَا يَنَالَكَ فِي الْبِلَى مَا نَالَهُ فَانْصَرَفْتُ وَطَالَتْ عَلَيَّ لَيْلَتِي وَغَدَوْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ الْقُضَاعِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ حرزاد قَالَ أَنبأَنَا جَعْفَر ابْن شَاذَانَ الْقُمِّيُّ قَالَ كَانَ عَمْرُو بْنُ يُوحَنَّا النَّصْرَانِيُّ يَسْكُنُ فِي دَارِ الرُّومِ بِبَغْدَادَ مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً وَأَجْمَلُهُمْ وَكَانَ مُدْرَكُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ يَهْوَاهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْوَسْوَاسِ وَسُلَّ جِسْمُهُ وَذُهِلَ عَقْلُهُ فَلَزِمَ الْفِرَاشَ فَحَضَرَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالَ لَهُمْ أَلَسْتُ صَدِيقَكُمُ الْقَدِيمُ الْعِشْرَةِ لَكُمْ أَمَا فِيكُمْ أَحَدٌ يُسْعِدُنِي بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِ عَمْرٍو فَمَضَوْا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ إِنْ كَانَ قَتْلُ هَذَا الْفَتَى دِينًا إِنَّ إِحْيَاءَهُ لَمَرُوءَةٍ قَالَ وَمَا فَعَلَ قَالُوا قَدْ صَارَ إِلَى حَالٍ مَا أَظُنُّكَ تَلْحَقُهُ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَنَهَضَ مَعَهُمْ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ سَلَّمَ عَلَيْهِ عَمْرٌو وَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ يَا سَيِّدِي فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 أَنَا فِي عَافِيَةٍ إِلا ... مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْكَا أَيُّهَا الْعَائِدُ مَا بِي ... مِنْكَ لَا يُخْفَى عَلَيْكَا لَا تَعُدْ جِسْمًا وَعُدْ قَلْبًا رَهِينًا فِي يَدَيْكَا كَيْفَ لَا يهْلك مرشو ... اق بِسَهْمِي مُقْلَتَيْكَا ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً فَارَقَ فِيهَا الدُّنْيَا فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى دَفَنُوهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَيُّوَيْهِ يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَر أَحْمد ابْن الْحَارِثِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ حَجَّ ابْنُ أَبِي الْعَنْبَسِ الثَّقَفِيِّ فَجَاوَرَ وَمَعَهُ ابْنُ ابْنِهِ وَإِلَى جَانِبِهِ قَوْمٌ مِنْ آلِ أَبِي الْحَكَمِ مُجَاوِرُونَ وَكَانَ الْفَتَى يَجْلِسُ مَجْلِسًا يَشْرُفُ مِنْهُ عَلَى جَارِيَةٍ مِنْهُمْ فَعَشِقَهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأَجَابَتْهُ فَكَانَ يَأْتِيهَا فَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا فَلَمَّا أَرَادَ جَدَّهُ الرَّحِيلُ جَعَلَ الْفَتَى يَتَأَبَّى فَقَالَ لَهُ جَدُّهُ مَا يُبْكِيكَ يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ ذَكَرْتَ مِصْرَ وَكَانُوا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ نَعَمْ وَأَنْشَأَ يَقُولُ يُسَائِلُنِي غَدَاةَ الْبَيْنِ جَدِّي ... وَقَدْ بَلَّتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ نَحْرِي أَمِنْ جَزَعٍ بَكَيْتَ ذَكَرْتَ مِصْرَا ... فَقُلْتُ نَعَمْ ومابي ذِكْرُ مِصْرَ وَلَكِنْ لِلَّتِي خَلَّفْتُ خَلْفِي ... بَكَتْ عَيْنِي وَقَلَّ الْيَوْمَ صَبْرِي فَمَنْ ذَا إِنْ هَلَكْتُ وَحَانَ يَوْمِي ... يُخْبِرُ وَالِدِي دَائِي وَخَبَرِي فَيَحْفَظُ أَهْلَ مَكَّةَ فِي هَوَايَ ... وَإِنْ كَانُوا إِلَى قَتْلِي وَضَرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 قَالَ فَارْتَحَلُوا فَلَمَّا خَرَجُوا عَنْ أَبْيَاتِ مَكَّةَ أَنْشَأَ يَقُولُ رَحَلُوا وَكُلُّهُمْ يَحِنُّ صَبَابَةً ... شَوْقًا إِلَى مِصْرَ وَدَارِي بِالْحَرَمِ لَيْتَ الرِّكَابَ غَدَاةً حَانَ فِرَاقُنَا ... كَانَتْ لُحُومًا قُسِّمَتْ فَوْقَ الْوَضَمِ رَاحُوا سِرَاعًا يَعْمَلُونَ مَطِيَّهُمْ ... قُدُمًا وَبِتُّ مِنَ الصَّبَابَةِ لَمْ أَنَمِ طُوبَى لَهُمْ يَسْعَوْنَ قَصْدَ سَبِيلِهِمْ وَالْقَلْبُ مُرْتَهِنٌ بِبَيْتِ أَبِي الْحَكَمِ ثُمَّ إِنَّ الْفَتَى اعْتُلَّ وَاشْتَدَّتْ عِلَّتُهُ فَلَمَّا وَرَدُوا أَطْرَافَ الشَّامِ مَاتَ الْفَتَى فَدَفَنَهُ جَدُّهُ وَوُجِدَ عَلَيْهِ وِجْدًا شَدِيدًا وَقَالَ يُرَثِّيهِ يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الْغَرِيبِ ... بِالشَّامِ مِنْ طَرَفِ الْكَثِيبِ لَمَّا سَمِعْتُ أَنِينَهُ ... وَنِدَاءَهُ عِنْدَ الْمَغِيبِ أَقْبَلْتُ أَطْلُبُ طِبَّهُ ... وَالْمَوْتُ يُعْضِلُ بِالطَّبِيبِ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ وَذَكَرَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَيُّوَيْهِ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي رِيَّاحُ بْنُ قُطَيْبٍ الأَسَدِيُّ عَنْ قَرِيبَةِ ابْنَةِ أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيَّةِ قَالَتْ كَانَ عَبْدُ الْمُخَبَّلِ وَهُوَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَمْرٍو وَكَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ فَخَلا بِهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ وَاضِعَةٌ ثِيَابهَا فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ عَمْرٍو هَلْ تَرَيْنَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ أَحْسَنُ مِنْكِ قَالَتْ نَعَمْ أُخْتِي مَيْلاءُ أَحْسَنُ مِنِّي قَالَ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ تُرِينِيهَا قَالَتْ إِنْ عَلِمَتْ بِكَ لَمْ تُخْرُجْ إِلَيْكَ وَلَكِنْ أُخَبِّأُكَ فِي السِّتْرِ وَأَبْعَثُ إِلَيْهَا فَفَعَلْتُ فَجَاءَتْ مَيْلاءُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا عَشِقَهَا فَلَمَّا تَرَوَّحَتْ مِنْ عِنْدِ أُخْتِهَا عَارَضَهَا مِنْ مَكَانٍ لَا تَحْتَسِبُهُ فَشَكَا إِلَيْهَا حُبَّهَا وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ قَدْ رَآهَا فَقَالَتْ وَاللَّهِ يَا بن عَمِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 مَا وَجَدْتَ بِي مِنْ شَيْءٍ إِلا قَدْ وَجَدْتُ بِكَ مِثْلَهُ وَظَنَّتْ أُمُّ عَمْرٍو أَنَّهُ قَدْ عَشِقَ أُخْتَهَا فَتَبِعَتْهُمَا حَتَّى رَأَتْهُمَا قَاعِدَيْنِ جَمِيعًا فَمَضَتْ قَصْدَ إِخْوَتِهَا وَكَانُوا سَبْعَةً فَقَالَتْ إِمَّا أَنْ تُزَوِّجُوا كَعْبًا مِنْ مَيْلاءَ وَإِمَّا أَنْ تُغَيِّبُوهَا عَنِّي فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ بَلَغَ إِخْوَتَهَا هَرَبَ فَرَمَى بِنَفْسِهِ نَحْوَ الشَّامِ وَقَالَ أَفِي كُلِّ يَوْمٍ أَنْتَ مِنْ بَارِحِ الْهَوَى ... إِلَى الشُّمِّ مِنْ أَعْلامِ مَيْلاءَ تَنْظُرُ فَرَوَى هَذَا الْبَيْتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى أُمِّ عَمْرٍو وَأُخْتِهَا مَيْلاءَ وَقَدْ ضَلَّ الطَّرِيقَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا وَسَأَلَهُمَا عَنِ الطَّرِيقِ فَقَالَتْ أُمُّ عَمْرٍو يَا مَيْلاءُ صِفِي لَهُ الطَّرِيقَ فَتَمَثَّلَ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ فَعَرَفَتِ الشِّعْرَ فَقَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قَالَ مِنَ الشَّامِ قَالَتْ فَمِنْ أَيْنَ رُوِّيتَ هَذَا الشِّعْرَ قَالَ رُوِّيتُهُ عَنْ أَعْرَابِيٍّ بِالشَّامِ قَالَتْ أَوَ تَدْرِي مَا اسْمُهُ قَالَ كَعْبٌ قَالَتْ فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَبْرَحَ حَتَّى يَرَاكَ إِخْوَتُنَا فَيُكْرِمُوكَ وَيَدُلُّوكَ عَلَى الطَّرِيقِ فَنَزَلَ الرَّجُلُ فَجَاءَ إِخْوَتُهُمَا فَأَخْبَرَاهُمُ الْخَبَرَ وَكَانُوا مُهْتَمِّينَ بِكَعْبٍ لأَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَمِّهِمْ فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ كَعْبًا بِالشَّامِ فَوَجَدُوهُ فَأَقْبَلُوا بِهِ حَتَّى إِذَا صَارَ إِلَى بَلَدِهِمْ نَزَلَ فِي بَيْتٍ نَاحِيَةٍ مِنَ الْحَيِّ فَرَأَى نَاسًا قَدِ اجْتَمَعُوا عِنْدَ الْبُيُوتِ فَقَالَ كَعْبٌ لِغُلامٍ قَائِمٍ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ بُنَيًّا لَهُ صَغِيرًا يَا غُلامُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ كَعْبٌ قَالَ فَعَلامَ يَجْتَمِعُ هَؤُلاءِ قَالَ عَلَى خَالَتِي مَيْلاءَ مَاتَتِ السَّاعَةَ فَزَفِرَ زَفْرَةً خَرَّ مِنْهَا مَيِّتًا فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِهَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَمِيرُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الرِّيَاشِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ جَبْرِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ أَقَبَلْتُ مِنْ مَكَّةَ أُرِيدُ الْيَمَامَةَ فَنَزَلْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 بِحَيٍّ مِنْ عَامِرٍ فَأَكْرَمُوا مَثْوَايَ فَإِذَا فَتًى حَسَنُ الْهَيْئَةِ قَدْ جَاءَنِي فَسَلَّمَ عَلِيَّ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ أَيُّهَا الرَّاكِبُ قُلْتُ الْيَمَامَةَ قَالَ أَتَأْذَنُ فِي صُحْبَتِكَ إِلَى الْيَمَامَةِ قُلْتُ أَحَبُّ مَصْحُوبٌ فَقَامَ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِنَاقَةٍ كَأَنَّهَا قَلْعَةٌ بَيْضَاءُ وَعَلَيْهَا أَدَاةٌ حَسَنَةٌ فَأَنَاخَهَا قَرِيبًا مِنْ مَبِيتِي وَتَوَسَّدَ ذِرَاعَهَا فَلَمَّا هَمَمْتُ بِالرَّحِيلِ أَيْقَظْتُهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَائِمًا فَقَامَ فَأَصْلَحَ رَحْلَهُ فَرَكِبَ وَرَكِبْتُ فَقَصَّرَ عَلِيَّ يَوْمِي بِصُحْبَتِهِ وَهُوَ لَا يُنْشُدُنِي إِلا بَيْتًا مُعْجَبًا فِي الْهَوَى فَلَمَّا قَرِبْنَا مِنَ الْيَمَامَةِ مَالَ عَنِ الطَّرِيقِ إِلَى أَبْيَاتٍ قَرِيبَةٍ مِنَّا ثُمَّ قَالَ هَلْ أَنْتَ مُوفٍ حَقَّ الصُّحْبَةِ قُلْتُ أَفْعَلُ قَالَ مِلْ مَعِي فَمِلْتُ مَعَهُ فَلَمَّا رَآهُ أَهْلُ الصِّرْمِ ابْتَدَرُوهُ وَأَظْهَرُوا السُّرُورَ ثُمَّ قَالَ قُومُوا إِنْ شِئْتُمْ فَصِرْنَا إِلَى قَبْرٍ حَدِيثِ التَّطْيِينِ فَأَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ لَئِنْ مَنَعُونِي فِي حَيَاتِي زِيَارَةً ... أُحَامِي بِهَا نَفْسًا تَرَشَّفَهَا الْحُبُّ فَلَنْ يَمْنَعُونِي أَنْ أُجَاوِرَ لَحْدَهَا ... فَيَجْمَعُ جِسْمَيْنَا التَّجَاوُرُ وَالتُّرْبُ ثُمَّ أَنَّ أَنَّاتٍ فَمَاتَ فَأَقَمْتُ مَعَ الْفِتْيَانِ حَتَّى دَفَنَّاهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا ابْنُ سَيِّدِ هَذَا الْغَائِطِ وَهَذِهِ ابْنَةُ عَمِّهِ وَكَانَ بِهَا مُغْرَمًا فَمَاتَتْ مُنْذُ ثَلاثٍ فَرَكِبْتُ وَاللَّهِ وَكَأَنِّي قَدْ ثُكِلْتُ حَمِيمًا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَحَدَّثَنَا السَّكَنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ حَدثنِي مصدع بن غلاب الْحِمْيَرِي وَكَانَ مخضرما قَالَ وَأَدْرَكْتُهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمِائَةِ سَنَةٍ وَمَا فِي وَفْرَتِهِ وَلِحْيَتِهِ بَيْضَاءُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي غَلابٌ قَالَ كَانَ بِذِمَارٍ فَتَى مِنْ حِمْيَرَ يُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ بْنُ رُقَيْمٍ وَكَانَ جَمِيلا شَاعِرًا لَا تَرَاهُ امْرَأَةٌ إِلا صَبَتْ إِلَيْهِ وَكَانَ فِي ظَهْرِ ذِمَارٍ شَيْخٌ كَثِيرُ الْمَالِ لَهُ بِنْتٌ تُسَمَّى مُفَدَّاةُ بَارِعَةُ الْجَمَالِ حَصِيفَةُ اللُّبِّ وَكَانَ زُرْعَةُ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا وَإِنَّهُ خَامَرَهُ مِنْ حُبِّهَا مَا غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ وَاحْتُجِبَتِ الْمُفْدَاةُ عَنْهُ فَامْتَنَعَ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالطَّعَامِ فَغَبَرَ بِذَلِكَ حَوْلا ثُمَّ مَاتَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْقَبَائِلِ فَبَلَغَ زُرْعَةَ أَنَّ الْمُفْدَاةَ فِي مَأْتَمٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْتَمِ فَاحْتُمِلَ حَتَّى عَلا نَشْزًا ثُمَّ شَهَِقَ فَمَاتَ فَبَلَغَ الْمُفْدَاةَ خَبَرُهُ فَجَاءَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَيْهِ فَهَمَّتْ أَنْ تُلْقِي نَفْسَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَاسَكَتْ وَبَادَرَتْ خِبَاءَهَا فَسَقَطَتْ تَائِهَةَ الْعَقْلِ تُكَلَّمُ فَلا تُجِيبُ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلُ رَفَعَتْ عَقِيرَتَهَا فَقَالَتْ بِنَفْسِيَ يَا زَرْعُ بْنُ أَرْقَمَ لَوْعَةٌ ... طُوَيْتُ عَلَيْهَا الْقَلْبَ وَالسِّرَّ كَاتِمُ لَئِنْ لَمْ أَمُتْ حُزْنًا عَلَيْهِ فَإِنَّنِي ... لأَلأَمُ مَنْ نِيطَتْ عَلَيْهِ التَّمَائِمُ لَئِنْ فُتَّنِي حَيًّا فَلَيْسَ بِفَائِتِي ... جِوَارَكَ مَيِّتًا حَيْثُ تُبْلَى الرَّمَائِمِ ثُمَّ تَنَفَّسَتْ نَفَسًا أَنْبَهَ مَنْ حَوْلَهَا فَإِذَا هِيَ مَيِّتَةٌ فَدُفِنَتْ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حِمْيَرَ وَفَيْتُ لابْنِ مَالِكِ بْنِ أَرْطَاهْ ... كَمَا وَفَتْ لِزُرْعَةَ الْمُفْدَاهْ وَاللَّهِ لاخِسْتُ بِهِ أَوْ أَلْقَاهْ ... حَيْثُ يُلاقِي وَامِقٌ مَنْ يَهْوَاهْ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 بَعْضِ إِخْوَانِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي مَشْيَخَةٌ مِنْ خُزَاعَةٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِالطَّائِفِ جَارِيَةٌ عَفِيفَةٌ صَالِحَةٌ وَكَانَتْ لَهَا أُمٌّ مِنْ خِيَارِ النِّسَاءِ لَهَا فَضْلٌ وَدِينٌ وَكَانَتْ لَهُمْ بِضَاعَةٌ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَكَانَ يَتَّجِرُ لَهُمْ بِهَا وَيَعْطِيهِمْ فَضْلَهَا قَالَ فَبَعَثَ الرَّجُلُ إِلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ ابْنَهُ فِي حَاجَةٍ وَكَانَ غُلامًا جَمِيلا فَدَخَلَ وَالْجَارِيَةُ جَالِسَةٌ لَمْ تَعْلَمْ بِدُخُولِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَمَا يَدْرِي أَيْنَ يَسْلُكَ وَجَعَلَ الأَمْرُ يَتَزَايَدُ عَلَيْهِ حَتَّى تَغَيَّرَ عَقْلُهُ وَنَحِلَ جِسْمُهُ وَلَزِمَ الْوِحْدَةَ وَالْفِكْرَ وَكَتَمَ حَالَهُ وَجَعَلَ لَا يَقَرُّهُ قَرَارٌ فَلَمَّا رَأَى أَهْلُهُ ذَلِكَ حَبَسُوهُ فِي بَيْتٍ وَأَوْثَقُوهُ فَكَانَ رُبَّمَا أَفْلَتَ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ فَيَقُولُونَ لَهُ مُتْ عِشْقًا مُتْ عِشْقًا قَالَ وَكَانَ يَقُولُ إِذَا كَثَرُوا عَلَيْهِ أَأُفْشِي إِلَيْكُمْ بَعْضَ مَا قَدْ أَصَابَنِي ... أَمِ الصَّبْرُ أَهْيَا بِالْفَتَى عِنْدَمَا يَلْقَى سَلامٌ عَلَى مَنْ لَا أُسَمِّي بِاسْمِهَا ... وَلَوْ صِرْتُ مِثْلَ الطَّيْرِ فِي غَيْضَةٍ مُلْقَى أَلا أَيُّهَا الصِّبْيَانُ لَوْ ذُقْتُمُ الْهَوَى ... لأَيْقَنْتُمْ أَنِّي أُحَدِّثُكُمْ حَقَّا أُحِبُّكُمْ مِنْ حُبِّهَا وَأَرَاكُمْ ... تَقُولُونَ لِي مُتْ يَا شُجَاعُ بِهَا عِشْقَا فَلَمْ تَنْصِفُونِي لَا وَلا هِيَ أَنْصَفَتْ ... فَرِفْقًا قَلِيلا بِالْفَتَى وَيْحَكُمْ رِفْقَا قَالَ فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِهِ وَعَلِمُوا أَنَّهُ عَاشِقٌ جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَلا يُخْبِرُهُمْ بِقِصَّتِهِ وَلا يُجِيبُهُمْ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ مِنْهُ حَبَسُوهُ فِي بَيْتٍ وَقَيَّدُوهُ فَكَانَ إِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ هَتَفَ بِصَوْتٍ لَهُ حَزِينٍ يَقُولُ يَالَيْلُ أَنْتَ رَفِيقِي ... مِنْ بَيْنِ أَهْلِي وَمَالِي يَا لَيْلُ أَنْتَ أَنِيسِي ... مِنْ وَحْشَتِي وَاحْتِيَالِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 يَالَيْلُ إِنَّ شِكَاتِي ... إِلَيْكَ طُولُ اشْتِغَالِي بِمَنْ بَرَتْ جِسْمَ صَبٍّ ... فَصَارَ مِثْلَ الْخِلالِ فَالْجِسْمُ مِنِّي نَحِيلٌ ... لَمْ يَبْقَ إِلا خَيَالِي وَالشَّوْقُ قَدْ شَفَّ جِسْمِي ... وَلَيْسَ يَخْلُقُ بَالِي فَلَوْ رَآنِي عَدُوِّي لَرَقَّ لِي وَرَثَى لِي قَالَ فَلَمْ يَزَلْ تِلْكَ حَالُهُ حَتَّى مَاتَ وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَتَمَّ مِنْ هَذَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَلافِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي مَشْيَخَةٌ مِنْ خُزَاعَةٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِالطَّائِفِ جَارِيَةٌ مُتَعَبِّدَةٌ ذَاتَ يَسَارٍ وَوَرَعٍ وَكَانَ لَهَا أُمٌّ أَشَدُّ عِبَادَةً مِنْهَا وَكَانَتْ مَشْهُورَةً بِالْعِبَادَةِ وَكَانَتَا قَلِيلَتَيِ الْمُخَالَطَةِ لِلنَّاسِ وَكَانَتْ لَهُمَا بِضَاعَةٌ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ فَكَانَ يُبَضِّعُهَا فهما لَهما رَزَقَهُمَا اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ أَتَاهُنَّ بِهِ قَالَ فَبَعَثَ يَوْمًا ابْنَهُ وَكَانَ فَتًى جَمِيلا مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ إِلَيْهِنَّ بِبَعْضِ حَوَائِجِهِنَّ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَالَتْ أُمُّهَا مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا ابْنُ فُلانٍ قَالَتْ ادْخُلْ فَدَخَلَ وَابْنَتُهَا فِي بَيْتٍ لَا تَعْلَمُ بِدُخُولِ الْفَتَى فَلَمَّا قَعَدَ مَعَهَا خَرَجَتِ ابْنَتُهَا وَهِيَ تَظُنُّ أَنَّهَا بَعْضُ نِسَائِهِنَّ حَتَّى جَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ قَامَتْ مُبَادِرَةً وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ الْعَرَبِ قَالَ وَوَقَعَ حُبُّهَا فِي قَلْبِهِ فَخَرَجَ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَسْلُكُ فَجَعَلَ يَنْحَلُ وَيَذُوبُ وَلِزَمَ الْوِحْدَةَ وَالْفِكْرَ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ عَلَى فِرَاشِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 فَدَعَا لَهُ أَبُوهُ الأَطِّبَاءَ فَجَعَلَ يَصِفُ كُلٌّ دَوَاءَ فَلَمَّا طَالَتْ عِلَّتُهُ دَعَا أَبُوهُ فِتْيَانًا مِنَ الْحَيِّ وَإِخْوَانَهُ الَّذِينَ كَانُوا لَهُ أُنْسًا فَقَالَ اخْلُوا بِهِ وَسَلُوهُ عَنْ عِلَّتِهِ لَعَلَّهُ يُخْبِرُكُمْ بِبَعْضِ مايجده فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا بِي عِلَّةٌ أَعْرِفُهَا فَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ وَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَجِدُ مِنْهَا فَأَقَلُّوا الْكَلامَ وَكَانَ الْفَتَى ذَا عَقْلٍ فَلَمَّا طَالَ بِهِ الْوِجْدُ دَعَا امْرَأَةً مِنْ أَهْلِهِ وَقَالَ إِنِّي مُلْقٍ إِلَيْكِ حَدِيثًا مَا أَلْقَيْتُهُ إِلا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ نَفْسِي فَإِنْ ضَمِنْتِ لِي كِتْمَانَهُ أَخْبَرْتُكِ وَإِلا صَبَرْتُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ فِي أَمْرِي وَبَعْدُ فَوَاللَّهِ مَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا قَبْلَكِ وَلَئِنْ كَتَمْتِ عَلَيَّ لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا بَعْدَكِ وَإِنَّ هَذَا الْبَلاءَ الَّذِي أَرَى لَا شَكَّ قَاتِلِي وَإِنَّهُ يَجِبُ عَلِيَّ فِي مَحَبَّتِي لِمَنْ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ لَهُ صَائِنًا وَعَلَيْهِ مُشْفِقًا مِنْ تَزَيُّدِ النَّاسِ وَإِكْثَارِهِمْ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَمْرِي وَاجْعَلِيهِ مُحْرَزًا فِي صَدْرِكِ فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ قُلْ يَا بُنَيَّ فَوَاللَّهِ لأَكْتُمَنَّ أَمْرَكَ مَا بَقِيتُ فَقَالَ إِنَّ مِنْ قِصَّتِي كَذَا وَكَذَا قَالَتْ يَا بُنَيُّ أَفَلا أَخْبَرَتْنَا فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَلِمَةً تَسْكُنُ الْقَلْبَ فَلا تُفَارِقُهُ مِنْ كَلِمَةِ عَاشِقٍ أَخْبَرَ مَنْ يُحِبهُ أَن لَهُ وَامِقٌ فَتِلْكَ الْكَلِمَةُ تَزْرَعُ فِي قُلُوبِ ذَوِي الأَلْبَابِ شَجَرًا لَا تُدْرَكُ أُصُولُهُ فَقَالَ وَمَنْ لِي بِهَا وَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهَا وَقَدْ بَلَغَكِ حَالَهَا وَشِدَّةِ عِبَادَتِهَا قَالَتْ يَا بُنَيَّ عَلَيَّ أَنْ آتِيكَ بِمَا تُسَرُّ بِهِ فَلَبِسَتْ ثَوْبَهَا وَأَتَتْ مَنْزِلَ الْجَارِيَةِ فَدَخَلَتْ فَسَلَّمَتْ عَلَى أُمِّهَا وَحَادَثَتْهَا سَاعَةً فَسَأَلَتْهَا أُمُّهَا عَنْ حَالِهِ وَعَنْ وِجْدِهِ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الأَوْجَاعَ وَالآلامَ فَمَا رَأَيْتُ وَجَعًا قَطُّ كَوَجَعِهِ وَإِنَّهُ لَيَزِيدُ وَيَتَرَاقَى وَهُوَ فِي ذَلِكَ صَابِرٌ غَيْرُ شَاكٍ قَالَتْ أَلا تَدْعُونَ لَهُ الأَطِّبَاءَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا وَقَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى دَائِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 ثُمَّ قَامَتْ فَدَخَلَتْ عَلَى الْجَارِيَةِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهَا وَحَادَثَتْهَا سَاعَةً وَقَدْ كَانَ وَقَعَ إِلَى الْجَارِيَةِ خَبَرُهُ فَعَلِمَتْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِهَا فَقَالَتْ لَهَا الْمَرْأَةُ يَا بُنَيَّةُ أَبْلَيْتِ شَبَابَكِ وَأَفْنَيْتِ أَيَّامَكِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ قَالَتْ يَا عَمَّتَاهُ أَيَّةُ حَالِ سُوءٍ تَرَيْنِي عَلَيْهَا قَالَتْ لَا يَا بُنَيَّةُ وَلَكِنْ مِثْلُكِ يَفْرَحُ فِي الدُّنْيَا وَيَلَذُّ بِبَعْضِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ غَيْرَ تَارِكَةٍ لِطَاعَةِ رَبِّكِ وَلا مُفَارِقَةٍ لِخَدْمَتِهِ فَيَجْمَعُ اللَّهُ لَكَ بِذَلِكَ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا قَالَتْ يَا عَمَّتَاهُ وَهَذِهِ الدَّارُ دَارُ بَقَاءٍ تَثِقُ بِهِ الْجَوَارِحُ فَتَجْعَلُ لِلَّهِ شَطْرَهَا وَلِلْدُنْيَا شَطْرَهَا أَمْ دَارُ فَنَاءٍ قَالَتْ لَا يَا بُنَيَّةُ بَلْ دَارُ فَنَاءٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لِعِبَادِهِ فِيهَا سَاعَاتٍ صَدَقَةً مِنْهُ عَلَى النُّفُوسِ تَنَالُ فِيهَا مَا أُحِلَّ فَقَالَتْ صَدَقْتِ وَلَكِنْ لِلَّهِ عِبَادًا قَدْ سَكَنَتْ نُفُوسُهُمْ وَرَضِيَتْ بِالصَّبْرِ عَلَى الطَّاعَةِ لِتَنَالَ جُمْلَةَ الْكَرَامَةِ وَإِنَّ كَلامَكِ لَيَدُلَّنِي عَلَى أَنَّ تَحْتَهُ عِلَّةٌ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَكِ عَلَى مُنَاظَرَتِكِ لِي عَلَى مِثْلِ هَذَا وَقَدْ كُنْتُ وَاللَّهِ أَظُنُّ قَبْلَ الْيَوْمِ فِيكِ أَنَّكَ تَأْمُرِينَ بِالْحِرْصِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالأَعْمَالِ الزَّكِيَّةِ فَقَدْ أَصْبَحْتِ مُتَغَيِّرَةً عَمَّا عَهِدْتُكِ عَلَيْهِ فَأَخْبِرِينِي بِمَا عِنْدَكِ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ إِنَّ مِنْ قِصَّةِ فُلانٍ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ قَدْ ظَنَنْتُ ذَلِكَ فَأَبْلِغِيهِ مِنِّي السَّلامَ وَقُولِي أَيْ أَخَاهُ إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لِمَلِيكٍ يُكَافِئُ مَنْ أَقْرَضَهُ بِالْعَطَايَا الْجَزِيلَةِ وَيُعِينُ مَنِ انْقَطَعَ إِلَيْهِ وَخَدَمَهُ وَلَيْسَ إِلَى الرُّجُوعِ بَعْدَ الْهِبَةِ سَبِيلٌ فَتَوَسَّلْ إِلَى مَوْلاكَ بِمَحَابَّةٍ وَاضْرَعْ إِلَيْهِ فِي غُفْرَانِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ مِنْ عَمَلٍ لَمْ تَهِبْهُ فِيهِ فَهُوَ أَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَسْأَلَهُ وَأَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَعِظُكَ بِهِ فَإِذَا خَدَمْتَهُ قَدْرَ مَا عَصِيتَهُ طَابَ لَكَ الْفَرَاغُ عَنْ سُؤَالِ شَهَوَاتِ الْقُلُوبِ وَخَطَرَاتِ الصُّدُورِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَنُ بِعَبْدٍ كَانَ لِمَوْلاهُ عَاصِيًا أَنْ يَنْسَى ذُنُوبَهُ وَالاعْتِذَارِ مِنْهَا وَيَسْأَلُ الْحَوَائِجَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 فَاسْتَنْقِذْ نَفْسَكَ يَا أَخِي مِنْ مُهْلِكَاتِ الذُّنُوبِ وَلَسْتُ مُؤَيِّسَتُكَ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ رَآكَ مُتَبَتِّلا إِلَيْهِ أَنْ يَمُنَّ بِي عَلَيْكَ وَلْيَكُنْ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ نُصْبَ عَيْنَيْكَ وَلَا ترادني فِي المسئلة فَلا أُجِيبُكَ وَالسَّلامُ فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَقَالَتِهَا فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا فَقَالَتِ الْعَجُوزُ وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَدْرِهَا مِثْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَتْكَ بِهِ فقد وَالله بالغت فِي النصحية فَلا تُلْقِ نَفْسَكَ لِمُهْلِكَاتِ الأُمُورِ فَتَنْدَمَ حَيْثُ لَا تُغْنِي النَّدَامَةُ وَلَوْ عَلِمْتَ يَا بُنَيَّ أَنَّ حِيلَةً تَنْفُذُ لاحْتَلْتُهَا وَلَكِنِّي رَأَيْتُهَا قَدْ جَعَلَتِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نُصْبَ عَيْنَيْهَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لُهِيَ عَنْ زِينَةِ الدُّنْيَا فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ كَيْفَ لِي بِالْبُلُوغِ إِلَى مَا دَعَتْ إِلَيْهِ وَمَتَى تَكُونُ آخِرُ الْمُدَّةِ الَّتِي نَلْتَقِي فِيهَا وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ أَنَّهُ لَا يَقَرُّهُ قَرَارٌ حَبَسُوهُ فِي بَيْتٍ وَتَوَهَّمُوا أَنَّ الَّذِي بِهِ مِنْ عِشْقٍ فَكَانَ رَبُّمَا أَفْلَتَ فَيَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَتَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الصِّبْيَانُ فَيَقُولُونَ مُتْ عِشْقًا مُتْ عِشْقًا فَكَانَ يَقُولُ أَأُفْشِي إِلَيْكُمْ بَعْضَ مَا قَدْ يهجيني ... أَمِ الصَّبْرُ أَوْلَى بِالْفَتَى عِنْدَمَا يَلْقَى سَلامٌ عَلَى مَنْ لَا أُسَمِّي بِاسْمِهِ ... وَلَوْ صِرْتُ مِثْلَ الطَّيْرِ فِي غَيْضَةٍ مُلْقَى أَلا أَيُّهَا الصِّبْيَانُ لَوْ ذُقْتُمُ الْهَوَى ... لأَيْقَنْتُمْ أَنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَقَّا أُحِبُّكُمْ مِنْ حُبِّهَا وَأَرَاكُمْ ... تَقُولُونَ لِي مُتْ يَا شُجَاعُ بِهَا عِشْقَا فَلَمْ تَنْصِفُونِي لَا وَلا هِيَ أَنْصَفَتْ ... فَرِفْقًا رُوَيْدًا وَيْحَكُمْ بِالْفَتَى رِفْقَا فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِهِ وَعَلِمُوا أَنَّهُ عَاشِقٌ جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَكَانَ لَا يُجِيبُهُمْ وَكَتَمَتِ الْعَجُوزُ قِصَّتَهُ فَأَخَذُوهُ فَحَبَسُوهُ فِي بَيْتٍ فَلَمْ يَزَلْ فِيهِ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْيَسَعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد ابْن عَمْرو الدنيوري قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ الْخَيَّاطُ قَالَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ رَأَيْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ قُطْنٍ الصُّوفِيِّ غُلامًا جَمِيلا فَكَانَا لَا يَفْتَرِقَانِ فِي سَفَرٍ وَلا حَضَرٍ فَمَكَثَا بِذَلِكَ زَمَانًا طَوِيلا فَمَاتَ الْغُلامُ وَكُمِدَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ قُطْنٍ حَتَّى عَادَ جِلْدًا وَعَظْمًا فَرَأَيْتُهُ يَوْمًا وَقَدْ خَرَجَ إِلَى الْمَقَابِرِ فَاتَّبَعْتُهُ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ قَائِمًا يَبْكِي وَيَنْظُرُ إِلَيْهِ وَالسَّمَاءُ تُمْطِرُ فَمَا زَالَ وَاقِفًا مِنْ وَقْتِ الضُّحَى إِلَى أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَمْ يَبْرَحْ وَلَمْ يَجْلِسْ وَيَدُهُ عَلَى خَدِّهِ فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاقِفٌ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ خَرَجْتُ لأَعْرِفَ خَبَرَهُ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فَصِرْتُ إِلَى الْقَبْرِ فَإِذَا هُوَ مَكْبُوبٌ لِوَجْهِهِ مَيِّتٌ فَدَعَوْتُ مَنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ فَأَعَانُونِي على حملهفغسلته وَكَفَّنْتُهُ فِي ثِيَابِهِ وَدَفَنْتُهُ إِلَى جَانِبِ الْقَبْرِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُذَحِجِيُّ الأَدِيبُ قَالَ كُنْتُ أَخْتَلِفُ فِي النَّحْوِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَطَّابٍ النَّحْوِيِّ فِي جَمَاعَةٍ أَيَّامَ الْحَدَاثَةِ وَكَانَ مَعَنَا أَسْلَمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَاضِي قُضَاةِ الأَنْدَلُسِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ مَنْ رَأَتْهُ الْعُيُونُ وَكَانَ مَعَنَا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ خَطَّابٍ أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الأَدَبِ وَالشِّعْرِ فَاشْتَدَّ كَلَفُهُ بِأَسْلَمَ وَفَارَقَ صَبْرَهُ وَصَرَفَ فِيهِ الْقَوْلَ مُسْتَتِرًا بِذَلِكَ إِلَى أَنْ فَشَتْ أَشْعَارُهُ فِيهِ وَجَرَتْ عَلَى الأَلْسِنَةِ وَتُنُوشِدَتْ فِي الْمَحَافِلِ فَلَعَهْدِي بِعُرْسٍ فِي بَعْضِ الشَّوَارِعِ وَالنُّكُورِي الزَّامِرِ فِي وَسَطِ الْمَحَافِلِ يُزَمِّرُ بِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ فِي أَسْلَمَ أَسْلَمَنِي فِي هَوَا ... أَسْلَمَ هَذَا الرَّشَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 غَزَالٌ لَهُ مُقْلَةٌ ... يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَا وَشَى بَيْنَنَا حَاسِدٌ ... سَيُسْأَلُ عَمَّا وَشَا وَلَوْ شَاءَ أَنْ يرْتَشِي ... عَلَى الْوَصْلِ رُوحِي ارْتَشَى وَمُغَنٍّ مُحْسِنٍ يُسَايِرُهُ فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغِ انْقَطَعَ أَسْلَمُ عَنْ جَمِيعِ مَجَالِسِ الطَّلَبِ وَلَزِمَ بَيْتَهُ وَالْجُلُوسَ عَلَى بَابِهِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ لَا شُغْلَ لَهُ إِلا الْمُرُورَ عَلَى بَابِ دَارِ أَسْلَمَ سَائِرًا أَوْ مُقْبِلا نَهَارَهُ كُلَّهُ فَانْقَطَعَ أَسْلَمُ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى بَابِ دَارِهِ نَهَارًا فَإِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَاخْتَلَطَ الظَّلامُ خَرَجَ مُسْتَرْوِحًا وَجَلَسَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَعِيلَ صَبْرُ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ فَتَحَيَّلَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَلَبِسَ جُبَّةَ صُوفٍ مِنْ جُبَابِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَاعْتَمَّ بِمِثْلِ عَمَائِمِهِمْ وَأخذ بِإِحْدَى يَدَيْهِ دجاحا وَبِالْيَدِ الأُخْرَى قَفَصًا فِيهِ بَيْضٌ كَأَنَّهُ قَدِمَ مِنْ بَعْضِ الضِّيَاعِ وَتَحَيَّنَ جُلُوسَ أَسْلَمَ عِنْدَ اخْتِلاطِ الظَّلامِ عَلَى بَابِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ يَا مَوْلايَ مَنْ يَقْبِضُ هَذَا فَقَالَ لَهُ أَسْلَمُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَجِيرُكَ فِي الضَّيْعَةِ الْفُلانِيَّةِ وَقَدْ كَانَ تَعَرَّفَ أَسْمَاءَ ضِيَاعِهِ وَالْعَامِلِينَ فِيهَا فَأَمَرَ أَسْلَمُ غِلْمَانَهُ بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي قُبُولِ هَدَايَا الْعَامِلِينَ فِي ضِيَاعِهِمْ ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الضَّيْعَةِ فَلَمَّا جَاوَبَهُ أَنْكَرَ الْكَلامَ فَتَأَمَّلَهُ فَعَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَخِي إِلَى هَا هُنَا تتبعني أما كَفَاكَ انْقِطَاعِي عَنْ مَجَالِسِ الطَّلَبِ وَعَنِ الْخُرُوجِ جُمْلَةً وَعَنِ الْقُعُودِ عَلَى بِابِي نَهَارًا حَتَّى قَطَعْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ مَالِي فِيهِ رَاحَةً فَقَدْ صِرْتَ فِي سِجْنِكَ وَاللَّهِ لَا فَارَقَتُ بَعْدَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَعْرَ مَنْزِلِي وَلا جَلَسْتُ بَعْدَهَا عَلَى بَابِي لَا لَيْلا وَلا نَهَارًا ثُمَّ قَامَ وَانْصَرَفَ أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ حَزِينًا كَئِيبًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِنَا فَقُلْنَا لأَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ خَسِرْتَ دَجَاجَكَ وَبَيْضَكَ فَقَالَ هَاتِ كُلِّ لَيْلَةٍ قُبْلَةَ يَدِهِ وَأَخْسَرُ أَضْعَافَ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 قَالَ فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ رُؤْيَتِهِ الْبَتَّةَ نهكته الْعلَّة وأضجعه المرضى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَأَخْبَرَنِي شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَطَّابٍ قَالَ فَعُدْتُهُ فَوَجَدْتُهُ بِأَسْوَإِ حَالٍ فَقُلْتُ لَهُ وَلِمَ لَا تَتَدَاوَى فَقَالَ دوائي مرعوف وَأَمَّا الأَطِّبَاءُ فَلا حِيلَةَ لَهُمْ فِيَّ الْبَتَّةَ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا دَوَاؤُكَ قَالَ نَظْرَةٌ مِنْ أَسْلَمَ فَلَوْ سَعَيْتُ فِي أَنْ يَزُورَنِي لأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ بِذَلِكَ وَأَجْرَهُ قَالَ فَرَحِمْتُهُ وَتَقَطَّعَتْ نَفْسِي لَهُ حَسْرَةً فَنَهَضْتُ إِلَى أَسْلَمَ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي وَتَلَقَّانِي بِمَا يَجِبُ فَقُلْتُ لَهُ لِي حَاجَةً فَقَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ قَدْ عَلِمْتُ مَا جَمَعَكَ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ مِنْ ذِمَامِ الطَّلَبِ عِنْدِي فَقَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ قَدْ تَعْلَمُ أَنَّهُ بَرَّجَ بِي وَشَهَّرَ اسْمِي وَآذَانِي فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالرَّجُلُ يَمُوتُ فَتَفَضَّلْ بِعِيَادَتِهِ فَقَالَ لِي وَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلا تُكَلِّفُنِي هَذَا فَقُلْتُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنِّمَا هِيَ عِيَادَةُ مَرِيضٍ قَالَ وَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَ فَقُلْتُ لَهُ فَقُمِ الآنَ فَقَالَ لَسْتُ وَاللَّهِ أَفْعَلُ وَلَكِنْ غَدًا فَقُلْتُ لَهُ وَلا خُلْفَ قَالَ نَعَمْ فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِوَعْدِهِ بَعْدَ تَأَبِّيهِ فَسُرَّ بِذَلِكَ وَارْتَاحَتْ نَفْسُهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بَكَّرْتُ إِلَى أَسْلَمَ وَقُلْتُ لَهُ الْوَعْدَ قَالَ فَوَجِمَ وَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ تَحْمِلُنِي عَلَى خِطَّةٍ صَعْبَةٍ عَلَيَّ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ أَطِيقُ ذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ لَا بُد أَن تَقِيّ بِوَعْدِكَ لِي قَالَ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَنَهَضَ مَعِي رَاجِلا قَالَ فَلَمَّا أَتَيْنَا مَنْزِلَ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ وَكَانَ يَسْكُنُ فِي دَرْبٍ طَوِيلٍ وَتَوَسَّطَ الزُّقَاقَ وَقَفَ وَاحْمَرَّ وَخَجِلَ وَقَالَ لِي يَا سَيِّدِي السَّاعَةَ وَاللَّهِ أَمُوتُ وَمَا أَسْتَطِيعُ نَقْلَ قَدَمَيَّ وَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعْرِضَ هَذَا عَلَى نَفْسِي فَقُلْتُ لَا تَفْعَلْ بَعْدَ أَنْ بَلَغْتَ الْمَنْزِلَ تَنْصَرِفُ قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ وَاللَّهِ الْبَتَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 قَالَ وَرَجَعَ هَارِبًا فَاتَّبَعْتُهُ وَأَخَذْتُ بِرِدَائِهِ فَتَمَادَى وَتَمَزَّقَ الرِّدَاءُ وَبَقِيَتْ قِطْعَةٌ مِنْهُ فِي يَدِي لِشِدَّةِ إِمْسَاكِي لَهُ وَمَضَى وَلَمْ أَدْرِكْهُ فَرَجَعْتُ وَدَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ قَالَ وَقَدْ كَانَ غُلامُهُ دَخَلَ عَلَيْهِ إِذْ رَآنَا مِنْ أَوَّلِ الزِّقَاقِ مُبَشِّرًا قَالَ فَلَمَّا رَآنِي تَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ وَأَيْنَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ فَاسْتَحَالَ مِنْ وَقْتِهِ وَاخْتَلَطَ وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِكَلامٍ لَا يُعْقَلُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنَ الاسْتِرْجَاعِ فَاسْتَبْشَعْتُ الْحَالَ وَجَعَلْتُ أَتَوَجَّعُ وَقُمْتُ قَالَ فَثَابَ إِلَيْهِ ذِهْنُهُ وَقَالَ لِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ اسْمَعْ مِنِّي وَاحْفَظْ عَنِّي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ أَسْلَمُ يَا رَاحَةَ الْعَلِيلِ ... رِفْقًا عَلَى الْهَائِمِ النَّحِيلِ وَصْلُكَ أَشْهَى إِلَى فُؤَادِي ... مِنْ رَحْمَةِ الْخَالِقِ الْجَلِيلِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ مَا هَذِهِ الْعَظِيمَةُ فَقَالَ قَدْ كَانَ قَالَ فَخَرَجَتْ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا تَوَسَّطْتُ الزِّقَاقَ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ وَقَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ لَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ثِقَةٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَطَّابٍ ثِقَةٌ وَأَسْلَمُ هَذَا مِنْ بَنِي خَالِدٍ وَكَانَتْ فِيهِمْ وَزَارَةٌ وَحِجَابَةٌ وَهُوَ صَاحِبُ الدِّيوَانِ الْمَشْهُورِ فِي غِنَاءِ زِرْيَابٍ وَأَبُوهُ الآنَ فِي الْحَيَاةِ يُكَنَّى أَبَا الْجَعْدِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْخَوْلانِيِّ الْكَاتِبِ فَعَرَفَهَا وَقَالَ لِي لَقَدْ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ رَأَى أَسْلَمَ هَذَا فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْمَطَرِ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَمْشِي فِي طَرِيقٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى قَبْرِ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ الْمَذْكُورِ زَائِرًا لَهُ قَدْ تَحَيَّنَ غَفْلَةَ النَّاسِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ التُّجِيبِيُّ لأَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ وَقَدْ أَهْدَى إِلَى أَسْلَمَ كِتَابَ الْفَصِيحِ لِثَعْلَبٍ هَذَا كِتَابُ الْفَصِيحِ ... بِكُلِّ لَفْظٍ مَلِيحِ وَهَبْتُهُ لَكَ طَوْعًا ... كَمَا وَهَبْتُكَ رُوحِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّ الزُّبَيْرَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اللَّيْثِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ قَالَ أَقْحَمَتِ السَّنَةُ الْمَدِينَةَ نَاسًا مِنَ الأَعْرَابِ فَحَلَّ الْمِذَادَ صِرْمٌ مِنْ بَنِي كِلابٍ وَكَانُوا يُسَمُّونَ عَامَهُمْ ذَلِكَ الْجَرَّافَ فَغَدَوْتُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا غُلامٌ مِنْهُمْ قَدْ عَادَ جلدا وعظما ضيقَة وضمانة وَمَرَضًا وَإِذَا هُوَ رَافِعٌ عَقِيرَتَهُ بِأَبْيَاتٍ قَالَهَا أَلا يَا سَنَا بَرْقٍ عَلَى قُلَلِ الْحِمَى ... لَهِنَّكَ مِنْ بَرْقٍ عَلَيَّ كَرِيمُ فَبِتُّ بِحَدِّ الْمِرْفَقَيْنِ أَشِيمُهُ ... كَأَنِّي لِبَرْقٍ بِالسِّتَارِ حَمِيمُ فَهَلْ مِنْ مُعِيرِي طَرْفَ عَيْنٍ خَلِيَّةٍ ... فَإِنْسَانُ طَرْفِ الْعَامِرِيِّ كَلِيمُ رَمَى قَلْبَهُ الْبَرْقُ الْمُلالِيُّ رَمْيَةً ... بِذِكْرِ الْحِمَى وَهْنًا فَكَادَ يَهِيمُ فَقُلْتُ لَهُ دُونَ مَا أَنْتَ فِيهِ لَمَا أَفْحَمَ عَنْ قَوْلِ الشِّعْرِ قَالَ صَدَقْتَ وَلَكِنَّ الْبَرْقَ أيقظني فوَاللَّه مَا لبث يَوْمه حَتَّى مَاتَ مَا بِهِ دَاء غير الوجد أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ مُسَافِرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ يَتَعَشَّقُ جَارِيَةً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَنُذِرَ بِهِ أَهْلُهَا فَهَرَبَ فَلَحِقَ بِالنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَاعْتُلَّ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ مَا فَعَلَتْ فُلانَةُ قَالَ تَزَوَّجَتْ فَشَهِقَ وَمَاتَ فِي مَكَانِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ كَانَ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّغْلَبِيُّ مِنْ أَهْلِ الأَدَبِ وَالظُّرْفِ فَوَاصَلَتْهُ جَارِيَةٌ وَكَانَ يُظْهِرُ لَهَا مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ وَهِيَ عَلَى غَايَةِ الْعِشْقِ لَهُ فَمَاتَتْ عِشْقًا لَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ جَفَائِهِ لَهَا وَإِعْرَاضِهِ عَنْهَا فَرَآهَا لَيْلَةً فِي مَنَامِهِ وَهِيَ تَقُولُ أَتَبْكِي بَعْدَ قَتْلِكَ لِي عَلَيَّا ... فَهَلا كَانَ ذَا إِذْ كُنْتُ حَيَّا سَكَبْتَ دُمُوعَ عَيْنِكَ لِي عَلَيَّا ... وَمَنْ قَبْلِ الْمَمَاتِ تُسِي إِلَيَّا فَيَا قَمَرًا بَرَى جِسْمِي وَرُوحِي ... وَيَقْتُلُنِي وَمَا أَبْقَى عَلَيَّا أَقِلَّ مِنَ النِّيَاحَةِ وَالْمَرَائِي ... فَإِنِّي مَا أَرَاكَ صَنَعْتَ شَيَّا فَزَادَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الأَسَفِ وَالْغَمِّ وَالْبُكَاءِ حَتَّى فَاضَتْ نَفْسُهُ فَمَاتَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ الْحَسَنِ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ أَنْشَدَنَا جَدِّي قَالَ أَنْشَدَنِي جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ أَنْشَدَنِي ابْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ أَنْشَدَنِي الْبَرْجَلانِيُّ ذَكَرْتُ فَتَى فِيمَا مَضَى كَانَ عَاشِقًا ... فَغَادَرَهُ رَيْبُ الزِّمَانِ فَخَانَهُ فَعَاشَ كَئِيبًا مُدْنِفًا فِي حَيَاتِهِ ... إِلَى أَنْ مَضَى لَمْ يَعْرِفِ النَّاسَ شَانَهُ بَلَى قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَاحَسْرَتِي عَلَى ... فَتَى لَا أُسَمِّيهِ وَعَضَّ بَنَانَهُ وَقَلَّبَ طَرْفَيْهِ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ ... وَأَنَّ بِشَهْقَاتٍ وَمَاتَ مَكَانَهُ فَيَا أَهْلَ وُدِّي هَكَذَا الْحُبُّ فِي الْهَوَى ... وَلَكِنَّ مَا هَذَا الزَّمَانُ زَمَانَهُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ النَّحْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 يَحْيَى بْنُ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَصَفْتُ لِلْمَأْمُونِ جَارِيَةً بِكُلِّ مَا يُوصَفُ بِهِ امْرَأَةً مِنَ الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ فَبَعَثَ فِي شِرَائِهَا فَأُتِيَ بِهَا وَقْتَ خُرُوجِهِ إِلَى بِلادِ الرُّومِ فَلَمَّا هَمَّ لِيَلْبِسَ دِرْعَهُ خَطَرَتْ بِبَالِهِ فَأَمَرَ فَأُخْرِجَتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا أُعْجِبَ بِهَا وَأُعْجِبَتْ بِهِ فَقَالَتْ مَا هَذَا قَالَ أُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى بِلادِ الرُّومِ قَالَتْ قَتَلْتَنِي وَاللَّهِ يَا سَيِّدِي وَحَدَرَتْ دُمُوعُهَا عَلَى خَدِّهَا كَنِظَامِ اللُّؤْلُؤِ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ سَأَدْعُو دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ رَبًّا ... يُثِيبُ عَلَى الدُّعَاءِ وَيَسْتَجِيبُ لَعَلَّ الله أَنْ يَكْفِيكَ حَرْبًا ... وَيَجْمَعُنَا كَمَا تَهْوَى الْقُلُوبُ فَضَمَّهَا الْمأْمُونِ إِلَى صَدْرِهِ وَأَنْشَأَ مُتَمَثِّلا يَقُولُ فَيَا حُسْنَهَا إِذْ يَغْسِلُ الدَّمْعُ كُحْلَهَا ... وَإِذْ هِيَ تُذْرِي الدَّمْعَ مِنْهَا الأَنَامِلُ صَبِيحَةَ قَالَتْ فِي الْعِتَابِ قَتَلْتَنِي ... وَقَتْلِي بِمَا قَالَتْ هُنَاكَ تُحَاوِلُ ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ يَا مَسْرُورُ احْتَفِظْ بِهَا وَأَكْرِمْ مَحِلَّهَا وَأَصْلِحْ لَهَا كُلَّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَقَاصِيرِ وَالْخَدَمِ وَالْجَوَارِي إِلَى وَقْتِ رُجُوعِي فَلَوْلا مَا قَالَ الأَخْطَلُ قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرِهُمْ ... دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَزَلْ يَتَعَاهَدُهَا وَيُصْلِحُ مَا أَمَرَ بِهِ فَاعْتَلَّتِ الْجَارِيَةُ عِلَّةً شَدِيدَةً أَشْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهَا وَوَرَدَ نَعْيُ الْمأْمُونِ فَلَمَّا بَلَغَهَا ذَلِكَ تَنَفَّسَتِ الصَّعْدَاءَ وَمَاتَتْ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمُوسَائِيُّ الْعَلَوِيُّ يَقُولُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرُّصَافِيُّ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ إِنِّي خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ أُرِيدُ الْحَجَّ وَإِذَا أَنَا بِفَتًى نَضْوٍ قَدْ نَهَكَهُ السِّقَامُ يَقِفُ عَلَى مَحْمَلٍ محمل وهودج وَهَوْدَجٍ وَيَطَّلِعُ فِيهِ فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَمِنْ فِعْلِهِ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 أَحُجَّاجَ بَيْتِ اللَّهِ فِي أَيِّ هَوْدَجٍ ... وَفِي أَيِّ خِدْرٍ مِنْ خُدُورِكُمْ قَلْبِي أَأَبْقَى أَسِيرَ الْحُبِّ فِي دَارِ غُرْبَةٍ ... وَحَادِيكُمْ يَحْدُو بِقَلْبِي فِي الرَّكْبِ فَلَمْ أَزَلْ أَقِفُ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَ الْمَنْزِلَ فَاسْتَنَدَ إِلَى جِدَارٍ ثُمَّ قَالَ خَلِّ فَيْضَ الدَّمْعِ يَنْهَمِلُ ... بَانَ مَنْ تَهْوَاهُ فَارْتَحَلُوا كُلُّ دَمْعٍ صَانَهُ كَلِفٌ ... فَهُوَ يَوْمَ الْبَيْنِ مُبْتَذَلُ قَالَ ثُمَّ تَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ وَشَهِقَ شَهْقَةً فَحَرَّكْتُهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَ أَبُو عُمَرَ بن حيويه قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الأَسَدِيُّ قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد ابْن زِيَادٍ الأَعْرَابِيُّ قَالَ خَرَجَ الأَحْوَصُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى دِمَشْقَ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا بِشْرَةُ وَكَانَ شَدِيدَ الإِعْجَابِ بِهَا لَا يَكَادُ يَصْبِرُ عَنْهَا وَكَانَتْ هِيَ لَهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ فَاشْتَكَى الأَحْوَصُ وَمَاتَ فَجَزِعَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَزَلْ تَنْدُبُهُ إِلَى أَنْ شَهِقَتْ شَهْقَةً فَمَاتَتْ فَدُفِنَتْ إِلَى جَانِبِ قَبْرِهِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْحُسَيْن بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّصَيْبِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي دِعْبِلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ مَالَ إِلَى جَارِيَةٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَعَاظَمَ أَمْرُهُ وَأَمْرُهَا فَكَانَ يَقُولُ فِيهَا الشِّعْرَ وَيَذْكُرُ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ حُبِّهَا وَصَنَعُوا لَهُ كِتَابًا فِي ذَلِكَ مِثْلَ كِتَابِ جَمِيلٍ وَبُثَيْنَةَ وَعَفْرَاءَ وَعُرْوَةَ وَكُثَيِّرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 وَعَزَّةَ فَبَاعَهَا مَوْلاهَا لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ فَيُرْوَى أَنَّهُ مَاتَ حِينَ أُخْرِجَتْ مِنَ الْكُوفَةِ وَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهَا مَوْتُهُ مَاتَتْ أَسَفًا عَلَيْهِ فَمِنْ شِعْرِهِ عِنْدَ فِرَاقِهَا جَدَّ الرَّحِيلَ وَحَثَّنِي صَحْبِي ... قَالُوا الرَّحِيلَ فَطَيَّرُوا لُبِّي وَاشْتَقْتُ شَوْقًا كَادَ يَقْتُلُنِي ... فَالنَّفْسُ مُشْرِفَةٌ عَلَى نَحْبِي لَمْ يَلْقَ عِنْدَ الْبَيْنِ ذُو كَلَفٍ ... يَوْمًا كَمَا لاقَيْتُ مِنْ كَرْبِ لَا صَبْرَ لِي عِنْدَ الْفِرَاقِ عَلَى ... فَقَدِ الْحَبِيبِ وَلَوْعَةِ الْحُبِّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْبَدَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الصَّلْتِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُون المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ عَلِقَتْ فَتَاةٌ مِنَ الْعَرَبِ فَتًى مِنْ قَوْمِهَا وَكَانَ الْفَتَى عَاقِلا فَاضِلا فَجَعَلَتْ تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ إِلَيْهِ فَتَسْأَلُهُ عَنْ أُمُورٍ مِنْ أُمُورِ النِّسَاءِ وَمَا بِهَا إِلا النَّظَرُ إِلَيْهِ وَاسْتِمَاعُ كَلامِهِ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهَا مَرِضَتْ وَتَغَيَّرَتْ وَاحْتَالَتْ فِي أَنْ خَلا لَهَا وَجْهُهُ فتعرضت لَهُ بِبَعْض الْأَمر فَدَفعهَا عَنهُ فتزايد الْمَرَض حَتَّى سَقَطت على الْفراش فَقَالَت لَهُ أمه إِن فُلَانَة قد مَرضت وَلها علينا حق قَالَ فَعُودِيهَا وَقُولِي لَهَا يَقُولُ لَكِ مَا خَبَرُكِ فَمَضَتْ إِلَيْهَا أُمُّهُ فَقَالَتْ لَهُ مَا بِكِ قَالَتْ وَجَعٌ فِي فُؤَادِي هُوَ أَصْلُ عِلَّتِي قَالَتْ فَإِنَّ ابْنِي يَقُولُ لَكِ مَا عِلَّتُكِ فَتَنَفَّسَتِ الصُّعْدَاءَ وَقَالَتْ يُسَائِلُنِي عَنْ عِلَّتِي وَهْوَ عِلَّتِي ... عَجِيبٌ مِنَ الأَنْبَاءِ جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ فَانْصَرَفَتْ أُمُّهُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَتْهُ وَقَالَتْ لَهُ قد كنت أحب أَنْ تَسْأَلَهَا الْمَصِيرَ إِلَيْنَا فَنَقْضِي حَقَّهَا وَنَلِيَ خِدْمَتَهَا قَالَ فَسَلِيهَا ذَلِكَ قَالَتْ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ عَنْ رَأْيِكَ فَمَضَتْ إِلَيْهَا فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ عَنْهُ فَبَكَتْ وَقَالَتْ يُبَاعِدُنِي عَنْ قُرْبِهِ وَلِقَائِهِ فَلَمَّا أَذَابَ الْجِسْمُ مِنِّي تَعَطَّفَا فَلَسْتُ بِآتِي موضعا فِيهِ قاتلي ... كف بِي سَقَامًا أَنْ أَمُوتَ كَذَا كَفَى وَتَرَامَتْ بِهَا الْعِلَّةُ وَتَزَايَدَ الْمَرَضُ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ قَالَ عَلِقَ بَدْرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمَدَانِيُّ نُعْمَ بِنْتَ حَاجِبِ بْنِ عُطَارِدٍ وَكَانَ سَبَبُ عَلاقَتِهِ أَنَّهُ رَآهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَفَتِنَتْهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الْحُبَّ يَعْرِضُ لِي ... عِنْدَ الطَّوَافِ بِبَيْتِ اللَّهِ ذِي السُّتَرِ حَتَّى بَدَتْ فِي طَوَافِ الْبَيْتِ جَارِيَةٌ ... أَظُنُّهَا فِتْنَةً لَيْسَتْ مِنَ الْبَشَرِ ثُمَّ عَظُمَ عَلَيْهِ الأَمْرُ فِي لَيْلَتِهِ وَامْتَنَعَ النَّوْمُ مِنْهُ فَلَمَّا بَدَا الصُّبْحُ أَنْشَأَ يَقُولُ يَا صُبْحُ قَدْ جِئْتَ عَلَى ياس ... من عشاق مَاتَ بِوَسْوَاسِ صَبْرًا وَتَسْلِيمًا لِمَا قَدْ قَضَى ... ذُو الْمَنِّ وَالطُّولِ عَلَى رَأْسِي وَكَانَتْ تَنْزِلُ الْكُوفَةَ فَلَمَّا عَزَمَتْ عَلَى الرَّحِيلِ أَنْشَأَ يَقُولُ جَدَّ الرَّحِيلُ فَكَيْفَ وَيْحَكَ تَصْنَعُ ... أَتَرَاكَ تَصْبِرُ أَمْ إِخَالُكَ تَجْزَعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 يَا بَدْرُ إِنَّكَ قَدْ شَقَيْتَ بِمَا تَرَى ... كَتَبَ الإِلَهُ عَلَيْكَ مَا لَا يُدْفَعُ أَبْصَرْتَ عِنْدَ الْبَيْتِ خَوْدًا غَادَةً ... ذَهَبَتْ بِعَقْلِكَ فَالرُّقَى لَا تَنْفَعُ ثُمَّ ارْتَحَلَ مَعَهَا إِلَى الْكُوفَةِ فَنَزَلَتْ فِي قَصْرِ حَاجِبٍ فَكَانَ يَجْلِسُ بِحِذَاءِ الْقَصْرِ وَيَقُولُ يَا قَصْرُ حَاجِبَ قَدْ أَصْبَحْتَ لِي سِجْنًا ... لَمْ يَبْقَ مِنْ فِيكَ لِي سَمْعًا وَلا بَصَرَا يَا قَصْرُ حَاجِبَ هَلْ لِي فِيكَ مِنْ طَمَعٍ ... أَمْ ذَاكَ مِنْكَ فَدَتْكَ النَّفْسُ قَدْ عُسِرَا اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مَا ذَكَرْتُكُمُ ... إِلا تَرَقْرَقَ مَاءُ الْعَيْنِ فَانْحَدَرَا وَنَظَرَ يَوْمًا إِلَى حَمَامٍ عَلَى سَطْحِ الْقَصْرِ قَدْ سَقَطَ إِلَيْهِ حَمَامٌ فَأَنْشَأَ يَقُولُ قَدْ بَدَا الصُّبْحُ لِي بِشَيْءٍ مَلِيحٍ ... فَرَّجَ الْكَرْبَ عَنْ فُؤَادٍ قَرِيحِ مِنْ حَمَامٍ رَأَيْتُهُ حِينَ أَوْفَى ... فَوْقَ سَطْحٍ يَدْعُو بِصَوْتٍ فَصِيحِ فَأَتَتْهُ حَمَامَةٌ فَدَنَتْ مِنْهُ ... دُنُوًا بِغَيْرِ أَمْرٍ قَبِيحِ فَزَجَرَتِ الْحَمَامَ نَفْسِي يَقِينًا ... وَزَجَرَتِ الأُخْرَى شَقِيقَةُ رُوحِي فَاتَّصَلَ خَبَرُهُ بِهَا وَكَثُرَ مَنْ يَعْذُلُهُ عَلَى مَا يُلْزِمُهُ نَفْسَهُ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ أَيُّهَا الْعَاذِلُونَ بِاللَّهِ كُفُّوا ... عَنْ مَلامِي فَقَدْ خَلَعْتُ الْعَذَارَا لَسْتُ وَاللَّهِ قَابِلا مِنْ عَذُولٍ ... مَا بِهِ فِي الْهَوَى عَلَيَّ أَشَارَا وَكَانَ بَدْرٌ مَعْرُوفًا بِالشِّجَاعَةِ وَالنَّجْدَةِ وَالْعَقْلِ وَالْبَيَانِ فَأُدْخِلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَخَاطَبَهُ فَأُعْجِبَ بِهِ وَغَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ وَأَحْسَنَ رِفْدَهُ وَأَخْرَجَهُ فِيمَنْ أُخْرِجَ إِلَى قِتَالِ ابْنِ الأَشْعَثِ فَعَمِلَ فِي الْحَرْبِ عَمَلا عُجِبَ مِنْهُ فِيهِ وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِي أَصْحَابِ ابْنِ الأَشْعَثِ وَعَظُمَتِ الْجِرَاحَ بِهِ فَقَالَ وَهُوَ بِآخِرِ رُمْقٍ احْمِلُونِي إِلَى الْكُوفَةِ فَادْفِنُونِي بِهَا فَفُعِلَ ذَلِكَ بِهِ فَاتَّصَلَ خَبَرُهُ بِنُعْمَ فَأَتَتْ قَبْرَهُ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ يَا مَنْ لِعَيْنٍ بِالدِّمُوعِ سَكُوبِ ... تَبْكِي قَتِيلا ثَاوِيًا بِقَلِيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 يَا بَدْرُ قَدْ أَشْجَيْتَنِي وَتَرَكْتَنِي ... فِي كُرْبَةٍ تَعْتَادَنِي وَنَحِيبِ بِأَبِي وَأمي من كريم سيد ... جَزِلِ الْعَطَايَا لِلأُلُوفِ وَهُوبِ لَهَفِي عَلَيْكَ إِذَا الْحُرُوبِ تَسَعَّرَتْ ... وَتَضَرَّمَتْ وَتَلَهَّبَتْ بِلَهِيبِ فَلأُبْكِيَنَّكَ مَا بَقِيتُ بِلَوْعَةٍ ... وَأَشُقُّ مِنْ جَزَعٍ عَلَيْكَ جُيُوبِي أَبْكِيكَ يَا بَدْرًا بِعَيْنٍ سَحَّةٍ ... وَغَلِيلِ قَلْبٍ مُوجَعٍ مَكْرُوبِ لَا خَيْرَ لِي يَا بَدْرُ بَعْدَكَ فِي الْبَقَا ... مَا خَيْرُ عَيْشٍ بَعْدَ هُلْكِ حَبِيبِ وَلَمْ تَزَلْ مُقِيمَةً عَلَى قَبْرِهِ تُقَلِّبُ عَلَيْهِ وَتَبْكِي حَتَّى مَاتَتْ فَدُفِنَتْ هُنَاكَ إِلَى جَانِبِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيُّ بَلَغَنِي أَنَّ فَتًى مِنَ الأَعْرَابِ يُقَالُ لَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ هَوَى فَتَاةً مِنَ الْحَيِّ فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَى أَنَّهُ يُحِبُّهَا هَجَرَتْهُ فَزَالَ عَقْلُهُ وَخُولِطَ وَأَشْفَى عَلَى التَّلَفِ وَصَارَ رَحْمَةً لِلنَّاسِ فَلَمَّا بَلَغَ الْمَرْأَةَ حَالُهُ وَمَا هُوَ فِيهِ أَتَتْ فَأَخَذَتْ بِعَضَادَتَيِ الْبَابِ فَقَالَتْ كَيفَ تجدك يَا امْرُؤ الْقَيْسِ فَقَالَ دَنَتِ وَظِلالُ الْمَوْتِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... وَأَدْلَتْ بِوَصْلٍ حِينَ لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ وَقَالَ الرَّيَّانُ بْنُ عَلِيٍّ الأَدِيبُ عَشِقَ فَتًى مِنْ أَبْنَاءِ بَعْضِ أَصْدَقَائِي جَارِيَةً فَأَنْحَلَهُ الْعِشْقُ وَتَيَّمَهُ فَزَالَ عَقْلُهُ وَأَخَذَ فِي الْهَجْرِ وَالْهَذَيَانِ فَمَرَرْتُ بِهِ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَعْضِ الْخَرَابَاتِ فَقُلْتُ لَهُ أَبَا فُلانٌ مَا حَالُكَ فَقَالَ أَسْوَأُ حَالٍ عَقْلٌ هَائِمٌ وَغَمٌّ لازِمٌ وَفِكْرٌ دَائِمٌ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ تَيَّمَنِي حُبُّهَا وَأَضْنَانِي ... وَفِي بِحَارِ الْهُمُومِ أَلْقَانِي كَيْفَ احْتِيَالِي وَلَيْسَ لِي جَلَدٌ ... فِي دَفْعِ مَا بِي وَكَشْفِ أَحْزَانِي يَا رَبِّ فَاعْطِفْ بِقَلْبِهَا فَعَسَى ... تَرْحَمُ ضَعْفِي وَطُولَ أَشْجَانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ بَعْدَ أَيَّامٍ وَهُوَ يَبْكِي وَيَتَمَرَّغُ فِي التُّرَابِ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ يَا عَمِّ إِنِّي مَيِّتٌ اللَّيْلَةَ فَقُلْتُ اللَّهُ يَشْفِيكَ فَقُبِضَ فِي لَيْلَتِهِ وَقَالَ إِسْحَاقُ الرَّافِقِيُّ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ بِالرَّافِقَةِ مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الظُّرَفَاءِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفِتْيَانِ وَمَعَنَا فَتًى كَأَهْيَأَ مَا رَأَيْتُ مِنَ الْفِتْيَانِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ ذِلَّةِ الْهَوَى يُدِيمُ الأَنِينَ وَالْبُكَاءَ فَغَنَّتْ إِحْدَاهُنَّ إِنِّي لأَبْغَضُ كُلَّ مُصْطَبِرٍ ... عَنْ إِلْفِهِ فِي الْوَصْلِ وَالْهَجْرِ الصَّبْرُ يُحْسَنُ فِي مَوَاطِنِهِ ... مَا لِلْفَتَى الْمُحْزُونِ وَالصَّبْرِ قَالَ فَنَظَرَ الْفَتَى إِلَيْهَا وَتَبَادَرَتْ عَبَرَاتُهُ ثُمَّ وَثَبَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأَسْهِ وَقَالَ غَدًا يَكْثُرُ الْبَاكُونَ مِنَّا وَمِنْكُمْ ... وَتَزْدَادُ دَارِي مِنْ دِيَارِكُمْ بُعْدَا ثُمَّ رَمَى بِنَفْسِهِ فَسَقَطَ مُجَدَّلا مِنْ قَامَتِهِ فَحَمَلْنَاهُ مَيِّتًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 الْبَابُ الثَّامِنُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ أَخْبَارِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسَبَبِ الْعِشْقِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر ابْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سيعد بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ قَالَ كَانَ عِنْدَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فُقَهَاءٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِيهِمْ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ إِذْ قَالَ خَالِدٌ حَدِّثُونَا بِحَدِيثِ عِشْقٍ لَيْسَ فِيهِ فُحْشٌ فَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ زَعَمُوا أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ غَدْرُ النِّسَاءِ وَسُرْعَةُ تَزْوِيجِهِنَّ فَقَالَ هِشَامٌ إِنَّهُ لَيَبْلُغُنِي مَنْ ذَلِكَ الْعَجَبُ فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ أُحَدِّثُكَ عَمَّا بَلَغَنِي مِنْ ذَلِكَ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي يَشْكُرَ يُقَالُ لَهُ غَسَّانُ بْنُ جَهْمَ بْنِ الْعُذَافِرِ كَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عُقْبَةَ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ الأَبْجَرِ وَكَانَ لَهَا مُحِبًّا وَكَانَتْ لَهُ كَذَلِكَ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَظَنَّ أَنَّهُ مُفَارِقُ الدُّنْيَا قَالَ ثَلاثَةُ أَبْيَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ عُقْبَةَ اسْمَعِي مَا أَقُولُ وَأَجِيبِي بِحَقٍّ فَقَدْ تَاقَتْ نَفْسِي إِلَى مسئلتك عَنْ نَفْسِكِ بَعْدَ مَا يُوَارِينِي التُّرَابُ فَقَالَتْ قُلْ فَوَاللَّهِ لَا أُجِيبُكَ بِكَذِبٍ وَلا جَعَلْتُهُ آخِرَ حَظِّكَ مِنِّي فَقَالَ وَهُوَ يَبْكِي بُكَاءً كَادَ يَمْنَعُهُ الْكَلامُ أَخَبْرِينِي مَاذَا تُرِيدِينَ بَعْدِي وَالَّذِي تَضْمُرِينَ يَا أُمَّ عُقْبَهْ تَحْفَظِينِي بَعْدَ مَوْتِي لِمَا قَدْ ... كَانَ مِنْ حُسْنِ خُلُقٍ وَصُحْبَهْ أَمْ تُرِيدِينَ ذَا جَمَالٍ وَمَالٍ ... وَأَنَا فِي التُّرَابِ فِي سِجْنِ غُرْبَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 فَأَجَابَتْهُ بِبُكَاءٍ وَانْتِحَابٍ قَدْ سَمِعْنَا الَّذِي تَقُولُ وَمَا قَدْ ... خِفْتُهُ يَا غَسَّانُ مِنْ أُمِّ عُقْبَهْ أَنَا مِنْ أَحْفَظِ النِّسَاءِ وَأَرْعَاهُ ... لِمَا قَدْ أَوْلَيْتَ مِنْ حُسْنِ صُحْبَهْ سَوْفَ أَبْكِيكَ مَا حَيِيتُ بِشَجْوٍ ... وَمَرَاثٍ أَقُولُهَا وَبِنُدْبَهْ قَالَ فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ طَابَتْ نَفْسُهُ وَفِي النَّفْسِ مَا فِيهَا فَقَالَ أَنَا وَاللَّهِ وَاثِقٌ مِنْكِ لَكِنْ ... رُبَّمَا خِفْتُ مِنْكِ غَدْرَ النِّسَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الأَزْوَاجِ يَا خَيْرَ من عوشر ... فارعمى حَقِّي بِحُسْنِ الْوَفَاءِ إِنَّنِي قَدْ رَجَوْتُ أَنْ تَحْفَظِي الْعَهْدَ ... فَكُونِي إِنْ مِتُّ عِنْدَ الرَّجَاءِ ثُمَّ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَلَمْ يَنْطِقْ حَتَّى مَاتَ فَلَمْ تَلْبَثْ إِلا قَلِيلا حَتَّى خُطِبَتْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَرَغَبَتْ فِيهَا الأَزْوَاجُ لاجْتِمَاعِ الْخِصَالِ الْفَاضِلَةِ فِيهَا مِنَ الْعَقْلِ وَالْجَمَالِ وَالْعَفَافِ وَالْحَسَبِ فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُمْ سَأَحْفَظُ غَسَّانًا عَلَى بُعْدِ دَارِهِ ... وَأَرْعَاهُ حَتَّى نَلْتَقِي يَوْمَ نُحْشَرُ وَإِنِّي لَفِي شُغْلٍ عَنِ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... فَكُفُّوا فَمَا مِثْلِي بِمَنْ مَاتَ يَغْدِرُ سَأَبْكِي عَلَيْهِ مَا حَيِيتُ بِعَبْرَةٍ ... تَجُولُ عَلَى الْخَدَّيْنِ مِنِّي فَتَكْثِرُ فَيَئِسَ النَّاسُ مِنْهَا حِينًا فَلَمَّا مَرَّتْ بِهَا الأَيَّامُ نَسِيَتْ عَهْدَهُ وَقَالَتْ مَنْ مَاتَ فَقَدْ فَاتَ فَأَجَابَتْ بَعْضَ خُطَّابِهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَرَادَ الدُّخُولَ بِهَا جَاءَهَا غَسَّانُ فِي النَّوْمِ وَقَدْ أَغْفَتْ فَقَالَ غَدَرْتِ وَلَمْ تَرْعَيْ لِبَعْلِكِ حُرْمَةً ... وَلَمْ تَعْرِفِي حَقًّا وَلَمْ تَحْفَظِي عَهْدَا وَلَمْ تَصْبِرِي حَوْلا حِفَاظًا لِصَاحِبٍ ... حَلَفْتِ لَهُ يَوْمًا وَلَمْ تُنْجِزِي وَعْدَا غَدَرْتِ بِهِ لَمَّا ثَوَى فِي ضَرِيحِهِ ... كَذَلِكَ يُنْسَى كُلُّ مَنْ سَكَنَ اللَّحْدَا فَلَمَّا قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتُ انْتَبَهَتْ مُرْتَاعَةً مُسْتَحِيِيَةُ مِنْهُ كَأَنَّهُ بَاتَ مَعَهَا فِي جَانِبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 الْبَيْتِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْهَا مَنْ حَضَرَهَا مِنْ نِسَائِهَا فَقُلْنَ مَالَكِ وَمَا حالك وَمَا دَهَاكِ فَقَالَتْ مَا تَرَكَ غَسَّانُ بَعْدَهُ فِي الْحَيَاةِ أَرَبًا وَلا بَعْدَهُ فِي الْحَيَاةِ سُرُورٌ وَرَغْبَةٌ أَتَانِي فِي مَنَامِي السَّاعَةَ فَأَنْشَدَنِي هَذِهِ الأَبْيَاتَ وَأَنْشَدَتْهَا وَهِيَ تَبْكِي بِدَمْعٍ غَزِيرٍ وَانْتِحَابٍ شَدِيدٍ فَلَمَّا سَمِعْنَ ذَلِكَ مِنْهَا أَخَذْنَ بِهَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِتَنْسَى مَا هِيَ فِيهِ فَتَغَافَلَتْهُنَّ ثُمَّ قَامَتْ فَلَمْ يُدْرِكْنَهَا حَتَّى ذَبَحَتْ نَفْسَهَا حَيَاءً مِمَّا كَادَتْ تَرْكَبُ بَعْدَهُ مِنَ الْغَدْرِ بِهِ وَالنِّسْيَانُ لِعَهْدِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ قَالَ ضَلَّتْ نَاقَةٌ لِفَتَى مِنْ تَمِيمٍ فَخَرَجَ إِلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي شَيْبَانٍ يَنْشُدُهَا فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ إِذْ بَصُرَ بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا الشَّمْسُ حُسْنًا وَجَمَالا فَعَشِقَهَا عِشْقًا مُبْرِحًا فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَمَا تَمَالَكَ أَنْ رَجَعَ إِلَى حَيِّهِمْ فَلَمَّا هذأ اللَّيْلُ قَالَ لَعَلِّي أُسَكِنُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا بَعْضَ مَا بِي فَأَتَاهَا وَهِيَ جَالِسَةٌ وَإِخْوَتِهَا نِيَامٌ حَوْلَهَا فَقَالَ لَهَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي قَدْ وَاللَّهِ أَذْهَبَ الشَّوْقُ عَقْلِي وَكَدَّرَ عَلَيَّ عَيْشِي فَقَالَتِ امْضِ إِلَى حَالِكَ وَإِلا نَبَّهْتُ إِخْوَتِي فَقَتَلُوكَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ الْقَتْلَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الَّذِي أَنَا فِيهِ قَالَتْ وَهَلْ يَكُونُ شَيْءٌ أَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ قَالَ نَعَمْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ حُبِّكِ قَالَتْ لَهُ فَمَا تَشَاءُ قَالَ أَمْكِنِينِي مِنْ يَدِكِ حَتَّى أَضَعَهَا عَلَى قَلْبِي وَلَكِ عَهْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنِّي أَرْجِعُ فَفَعَلَتْ فَرَجَعَ فَلَمَّا كَانَتِ الْقَابِلَةُ عَادَ فَوَجَدَهَا عَلَى حَالِهَا فَقَالَتْ لَهُ كَقَوْلِهَا الأَوَّلِ فَقَالَ تُمَكِّنِينِي مِنْ شَفَتَيْكِ حَتَّى أَرْشُفَهَا وَأَنْصَرِفَ فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِنْهُ كَهَيْئَةِ النَّارِ فَأَقْبَلَتْ تَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَنَذُرَ بِهِ حَيُّهَا وَإِخْوَتُهَا فَقَالُوا مَا لِهَذَا الْكَلْبِ قَدْ أَطَالَ الْمُكْثَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَهُوَ يَتَخَطَّانَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 فَقَعَدُوا لِطَلَبِهِ فِي لَيْلَتِهِمْ تِلْكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنَّ الْقَوْمَ يُرِيدُونَكَ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ وَإِيَّاكَ وَالْغَفْلَةَ فَجَاءَتِ السَّمَاءُ بِمَطَرٍ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ طَلَبِهِ ثُمَّ انْجَلَتِ السَّحَابُ وَطَلَعَ الْقَمَرُ فَتَطَيَّبَتِ الْجَارِيَةُ وَنَشَرَتْ شَعَرَهَا وَأُعْجِبَتْ بِنَفْسِهَا وَاشْتَهَتْ أَنْ يَرَاهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَالَتْ لِتُرْبٍ لَهَا قَدْ كَانَتْ أَطْلَعَتْهَا عَلَى شَأْنِهَا يَا فُلانَةُ أَسْعِدِينِي عَلَى الْمُضِيِّ إِلَيْهِ فَخَرَجَتَا تُرِيدَانِهِ وَهُوَ عَلَى الْجَبَلِ خَائِفٌ مِنَ الطَّلَبِ فَبَصَرَ بِشَخْصَيْنِ يَسِيرَانِ فِي الْقَمَرِ فَلَمْ يَشُكْ أَنَّهُمَا مِنَ الطَّالِبِينَ فَانْتَزَعَ سَهْمًا فَمَا أَخْطَأَ قَلْبَ صَاحِبَتِهِ فَسَقَطَتْ لِوَجْهِهَا مُضْرِجَةً بِدَمِهَا فَلَمْ تَزَلْ تَضْطَرِبُ حَتَّى مَاتَتْ فَبُهِتَ شَاخِصًا يَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ نَعَبَ الْغُرَابُ بِمَا كَرِهْتُ ... وَلا إِزَالَةَ لِلْقَدَرْ تَبْكِي وَأَنْتَ قَتَلْتَهَا ... فَاصْبِرْ وَإِلا فَانْتَحِرْ ثُمَّ جَمَعَ نَبْلَهُ فَجَعَلَ يَجَأُ بِهَا أَوْدَاجَهُ حَتَّى قَتَلَ نَفْسَهُ ... أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّولابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ انْحَدَرْتُ مِنْ سِرِّ مَنْ رَأَى مَعَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ العلث دعى بِالطَّعَامِ فَأَكَلْنَا وَحَوَّلَ مِنَ الْحَرَّاقَةِ الَّتِي فِيهَا الْخَدَمُ جَارِيَتَيْنِ عَوَّادَةَ وَطَنْبُورِيَّةَ وَمُدَّتْ سِتَارَةٌ فَغَنَّتِ الطَّنْبُورِيَّةُ يَا رَحْمَتَا لِلْعَاشِقِينَا ... مَا إِنْ أَرَى لَهُمْ مُعِينَا كَمْ يُهْجَرُونَ وَيُبْعَدُونَ ... وَيُضْرَبُونَ فَيَصْبِرُونَا فَقَالَتْ لَهَا الْعَوَّادَةُ فَيَصْنَعُونَ مَاذَا إِذَا لَمْ يَصْبِرُوا فَهَتَكَتِ السِّتَارَةِ وَقَالَتْ يَصْنَعُونَ هَكَذَا وَأَلْقَتْ بِنَفْسِهَا فِي دِجْلَةَ فَغَرِقَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 وَكَانَ عَلَى رَأْسِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ غُلامٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا فَلَمَّا رَأَى مَا صَنَعَتِ الْجَارِيَةُ قَالَ أَنْتِ الَّتِي غَرَّقْتِنِي ... بَعْدَ الْقَضَا لَوْ تَعْلَمِينَا لَا خَيْرَ بَعْدَكِ إِنْ بَقِينَا ... وَالْمَوْتُ زَيْنُ الْعَاشِقِينَا وَأَلْقَى نَفْسَهُ خَلْفَهَا فَغَرِقَ فَاشْتَدَّ عَلَى إِسْحَاقَ وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمَا فَأُخْرِجَا مِنَ الْمَاءِ فَدُفِنَا وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ قَالَ حَدثنَا مَيْمُون بن هرون الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ انْحَدَرْتُ مِنْ سِرِّ مَنْ رَأَى مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخِي إِسْحَاقَ وَدِجْلَةُ تَزْخَرُ مِنْ كَثْرَةِ مَائِهَا فَلَمَّا أَنْ سِرْنَا سَاعَةً قَالَ أَرْفُوا بِنَا ثُمَّ دَعَا بِطَعَامِهِ فَأَكَلْنَا ثُمَّ قَالَ مَا تَرَى فِي النَّبِيذِ قُلْتُ لَهُ أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ هَذِهِ دِجْلَةُ قَدْ جَاءَتْ بِمَدٍّ عَظِيمٍ يُرْعِبُ مِثْلُهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْزِلِكَ مَبِيتُ لَيْلَةٍ فَلَوْ شِئْتَ أَخَرَّتَهُ قَالَ لَا بُدَّ لِي مِنَ الشِّرَابِ فَضُرِبَتْ سِتَارَةٌ وَانْدَفَعَتْ مُغَنِّيَةٌ فَغَنَّتْ ثُمَّ انْدَفَعَتْ أُخْرَى فَغَنَّتْ يَا رَحْمَتَا لِلْعَاشِقِينَا ... مَا إِنْ أَرَى لَهُمْ مُعِينَا كَمْ يُشْتَمُونَ وَيُضْرَبُونَ ... وَيُهْجَرُونَ فَيَصْبِرُونَا فَقَالَتْ لَهَا الْمُغَنِيَّةُ الأُولَى فَيَصْنَعُونَ مَاذَا قَالَتْ يَصْنَعُونَ هَكَذَا فَرَفَعَتِ السِّتَارَةِ وَقَذَفَتْ بِنَفْسِهَا فِي دِجْلَةَ وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدٍ غُلامٌ ذَكَرَ أَنَّ شِرَاءَهُ أَلْفَ دِينَارٍ بِيَدِهِ مَذَبَّةٌ لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ فَوَضَعَ الْمَذَبَّةَ وَقَذَفَ بِنَفْسِهِ فِي دِجْلَةَ وَهُوَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 أَنْتِ الَّتِي غَرَّقْتِنِي ... بَعْدَ الْقَضَا لَوْ تَعْلَمِينَا فَأَرَادَ الْمَلاحُونَ أَنْ يَطْرَحُوا أَنْفُسَهُمْ خَلْفَهُمَا فَصَاحَ بِهِمْ مُحَمَّدٌ دَعُوهُمَا يَغْرَقَا إِلَى لَعْنَةِ اللَّهِ قَالَ فَرَأَيْتُهُمَا قَدْ خَرَجَا مِنَ الْمَاءِ مُعْتَنِقَيْنِ ثُمَّ غَرِقَا بَلَغَنِي عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُعَمَّرٍ الْعُذْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ يَا جَمِيلُ حَدَّثَنِي بِبَعْضِ أَحَادِيثِ بَنِي عُذْرَةَ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ أَصْحَابُ أَدَبٍ وَغَزَلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْتَجَعُوا عَنْ حَيِّهِمْ مَرَّةً فَوَجَدُوا النَّجْعَةَ بِمَوْضِعٍ نَازِحٍ فَقَطَنُوهُ فَخَرَجْتُ أُرِيدُهُمْ فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ غَلَطِتُ الطَّرِيقَ وَجَنَّ عَلَيَّ اللَّيْلُ وَلاحَ لِي بَابٌ فَقَصَدْتُهُ حَتَّى وَرِدْتُ عَلَى رَاعٍ فِي أَصْلِ جَبَلٍ قَدْ أَلْجَأَ غَنَمَهُ إِلَى كَهْفٍ فِي الْجَبَلِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلامَ وَقَالَ أَحْسَبُكَ قَدْ ضَلَلْتَ الطَّرِيقَ قُلْتُ قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَأَرْشِدْنِي قَالَ بَلِ انْزِلْ حَتَّى تُرِيحَ ظَهْرَكَ وَتَبِيتَ لَيْلَتَكَ فَإِذَا أَصْبَحْتَ وَقَفْتُكَ عَلَى الْقَصْدِ فَنَزَلْتُ فَرَحَّبَ بِي وَأَكْرَمَنِي وَعَمَدَ إِلَى شَاةٍ فَذَبَحَهَا وَأَجَّجَ نَارًا وَجَعَلَ يَشْوِي وَيُلْقِي بَيْنَ يَدَيَ وَيُحَدِّثُنِي فِي خِلالِ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ إِلَى كِسَاءٍ كَانَ مَعَهُ فَقَطَعَ بِهِ جَانِبَ الْخِبَاءِ وَمَهَّدَ لِي جَانِبًا وَتَرَكَ جَانِبًا خَالِيًا فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ سَمِعْتُهُ يَبْكِي وَيَشْكُوا إِلَى شَخْصٍ كَانَ مَعَهُ فَأَرَّقْتُ لَيْلَتِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ طَلَبْتُ الإِذْنَ فَأَبَى وَقَالَ الضِّيَافَةُ ثَلاثٌ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ وَسَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحَالِهِ فَانْتَسَبَ لِي فَإِذَا هُوَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَقُلْتُ يَا هَذَا وَمَا الَّذِي أَحَلَّكَ هَذَا الْمَوْضِعَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ وَتَهْوَاهُ وَأَنَّهُ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنْهَا لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ وَأَنَّهُ زَوَّجَهَا رَجُلا مِنْ بَنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 كِلابٍ فَخَرَجَ بِهَا عَنِ الْحَيِّ وَأَسْكَنَهَا فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ تَنَكَّرَ وَرَضَى أَنْ يَكُونَ رَاعِيًا لِتَأْتِيَهُ ابْنَةُ عَمِّهِ وَيَرَاهَا وَجَعَلَ يَشْكُو إِلَيَّ صَبَابَتَهُ بِهَا وَعِشْقُهُ لَهَا حَتَّى إِذَا جَنَّنَا اللَّيْلُ وَحَانَ وَقْتُ مَجِيئِهَا جَعَلَ يَتَقَلْقَلُ وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ كَالْمُتَوَقِّعِ لَهَا فَأَبْطَأَتْ عَنِ الْوَقْتِ وَغَلَبَهُ الشَّوْقُ فَوَثَبَ قَائِمًا وَأَنْشَأَ يَقُولُ مَا بَالُ مَيَّةَ لَا تَأْتِي كَعَادَتِهَا ... أَهَاجَهَا طَرَبٌ أَمْ صَدَّهَا شُغُلُ لَكِنْ قَلْبِي لَا يُلْهِيهِ غَيْرُكُمُ ... حَتَّى الْمَمَات وَمَالِي غَيْركُمْ أمل لَا تَعْلَمِينَ الَّذِي بِي مِنْ فِرَاقِكُمُ ... لَمَا اعْتَلَلْتِ وَلا طَابَتْ لَكَ الْعِلَلُ رُوحِي فَدَاءُكِ قَدْ هَيَّجْتِ لِي سَقَمًا ... تَكَادُ مِنْ حَرِّهِ الأَعْضَاءُ تَنْفَصِلُ لَوْ أَنَّ عَادِيَةً مِنِّي عَلَى جَبَلٍ ... لَزَالَ وَانْهَدَّ عَنْ أَرْكَانِهِ الْجَبَلُ ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا بَنِي عُذْرَةَ مَكَانَكَ حَتَّى أُعُودُ إِلَيْكَ فَمَا أَتَوَهَّمُ أَنَّ أَمْرَ ابْنَةَ عَمِّي صَحِيحٌ ثُمَّ مَضَى فَمَا لَبِثَ أَنْ أَقْبَلَ وَعَلَى يَدِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ وَقَدْ عَلا شَهِيقُهُ وَنَحِيبُهُ فَقَالَ يَا أَخَا بَنِي عُذْرَةَ هَذِهِ ابْنَةُ عَمِّي أَرَادَتْ أَنْ تَأْتِينِي فَاعْتَرَضَهَا الأَسَدُ فَأَكَلَهَا ثُمَّ وَضَعَهَا عَنْ يَدِهِ وَقَالَ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى أَعُودُ إِلَيْكَ وَمَضَى فَأَبْطَأَ حَتَّى يَئِسْتُ مِنْ رُجُوعِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَرَأْسُ الأَسَدِ عَلَى يَدِهِ فَجَعَلَ يَنْكُثُ عَلَى أَسْنَانِ الأَسَدِ وَيَقُولُ أَلا أَيُّهَا اللَّيْثُ الْمُخِّلُ بِنَفْسِهِ ... هُبِلْتَ لَقَدْ جَرَّتْ يَدَاكَ لَنَا حُزْنَا وَغَادَرْتَنِي فَرْدًا وَقَدْ كُنْتُ آلِفًا ... وَصَيَّرْتَ بَطْنَ الأَرْضِ ثَمَّ لَنَا سِجْنَا أَقُولُ لِدَهْرٍ خَانَنِي بِفُرَاقِهِ ... مَعَاذَ إِلَهِي أَنْ أَكُونَ لَهُ خَدْنَا ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا بَنِي عُذْرَةَ إِنَّكَ سَتَرَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ مَيِّتًا فَإِذَا مِتُّ فَاعْمَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 إِلَيَّ وَابْنَةَ عَمِّي وَأَدْرِجْنَا فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَاحْفُرْ لَنَا جَدَثًا وَاحِدًا فَادْفِنَّا فِيهِ وَاكْتُبْ عَلَى قَبْرِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ كُنَّا عَلَى ظَهْرِهَا وَالْعَيْشُ فِي مَهَلٍ ... وَالشَّمْلُ يَجْمَعُنَا وَالدَّارُ وَالْوَطَنُ فَفَرَّقَ الدَّهْرُ وَالتَّصْرِيفُ أُلْفَتَنَا ... فَصَارَ يَجْمَعُنَا فِي بَطْنِهَا الْكَفَنُ وَرُدَّ الْغَنَمَ عَلَى صَاحِبِهَا وَأَعْلِمْهُ بِقِصَّتِنَا ثُمَّ عَمَدَ إِلَى خِنَاقٍ فَطَرَحَهُ فِي عُنُقِهِ فَنَاشَدْتُهُ اللَّهَ أَلا يَفْعَلُ فَأَبَى وَجَعَلَ يَخْنِقُ نَفْسَهُ حَتَّى سَقَطَ مَيِّتًا فَكَفَّنْتُهُمَا وَدَفَنْتُهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِد كَمَا أَمرنِي وكتبت البيتيتن عَلَى قَبْرِهِمَا وَرَدَدْتُ الْغَنَمَ عَلَى صَاحِبِهَا وَأَعْلَمْتُهُ بِقِصَّتِهِمَا فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا أَشَفَقْتُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَسَفًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّحَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلا يُعَاتِبُ إِلْفًا لَهُ عَلَى الْجِسْرِ وَكُنْتُ قَرِيبًا مِنْهُمَا بِحَيْثُ أَسْمَعُ مَا كَانَا فِيهِ جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ أَلَمْ أَفْعَلُ بِكَ كَذَا أَلَمْ أَصْنَعُ بِكَ كَذَا فَلَمْ يَزَلْ يُعَدِّدُ عَلَيْهِ مَا أَوْلاهُ إِيَّاهُ فَقَالَ لَهُ الْمَأْلُوفُ هَذَا الَّذِي فَعَلْتَ فِي هَوَاكَ أَوْفِي هَوَايَ وَخَرَجَ الْكَلامُ بَيْنَهُمَا إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ قَدْ أَضْجَرْتَنِي فَمَا تُحِبُّ أَنْ أَفْعَلَ بِنَفْسِي حَتَّى تَشْتَفِي قَالَ تَطْرَحُ نَفْسَكَ فِي هَذَا الْمَاءِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ قَالَ فَعَهْدِي بِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ رِدَاءٌ وَقَدْ لَفَّ رَأْسَهُ بِرِدَائِهِ وَزَجَّ نَفْسَهُ فِي دِجْلَةَ فَدَاخَلَنِي مِنَ الأَمْرِ مَا غَلَبَ عَلَيَّ حَتَّى صُعِقْتَ صَعْقَةً غُشِيَ عَلَيَّ مِنْهَا وَلَمْ أَدْرِ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 577 وَبَلَغَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ فِي خَانِ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ شَابًّا وَفِي يَدِهِ مُدْيَةٌ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَوْمُ الْفِرَاقُ مِنَ الْقِيَامَةِ أَطْوَلُ ... وَالْمَوْتُ مِنْ أَلَمِ التَّفَرُّقِ أَجْمَلُ قَالُوا الرَّحِيلَ فَقُلْتُ لَسْتُ بِرَاحِلٍ ... لَكِنْ مُهْجَتِي الَّتِي تَتَرَّحَلُ ثُمَّ بَقَرَ بَطْنَهُ بِالْمُدْيَةِ وَخَرَّ مَيِّتًا فَسَأَلْتُ عَنْهُ وَعَنْ أَمْرِهِ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ كَانَ يَهْوَى فَتًى لِبَعْضِ الْمُلُوكِ وَحُجِبَ عَنْهُ يَوْمًا وَاحِدًا وَحَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيُّ قَالَ كَانَ بِبِلادِ فَارِسٍ صُوفِيٌّ كَبِيرٌ فَابْتُلِيَ بِحَدَثٍ فَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ أَنْ دَعَتْهُ إِلَى الْفُجُورِ فَرَاقَبَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ نَدِمَ عَلَى هَذِهِ الْهِمَّةِ وَكَانَ مَنْزِلُهُ عَلَى مَكَانٍ عَالٍ وَوَرَاءَ مَنْزِلِهِ بَحْرٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ النَّدَامَةُ صَعَدَ عَلَى السَّطْحِ وَرَمَى بِنَفْسِهِ إِلَى الْمَاءِ وَتَلا {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفسكُم} فَغَرَقَ فِي الْمَاءِ وَذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ أَنَّ شِيرِينَ وُلِدَتْ بِالْمَدَائِنِ وَكَانَتْ يَتِيمَةً فِي مَنْزِلِ رَجُلٍ مِنَ الأَشْرَافِ فِي جِوَارِ هُرْمُزَ أَنُو شِرْاوَنَ وَكَانَ أَبْرَوِيزُ صَغِيرًا يَدْخُلُ مَنْزِلَ هَذَا الرَّجُلِ فَيُلاعِبُ شِيرِينَ وَيُمَازِحُهَا وَتُمَازِحُهُ فَأَخَذَتْ فِي قَلْبِهِ مَوْضِعًا فَنَهَاهَا الَّذِي هِيَ فِي مَنْزِلِهِ عَنِ التَّعَرُّضِ لأَبْرَوِيزَ ثُمَّ رَآهَا يَوْمًا قَدْ أَخَذَتْ مِنْ أَبْرَوِيزَ خَاتَمًا كَانَ فِي إِصْبَعِهِ فَقَالَ أَلَمْ آمُرُكِ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِهَذَا الصَّبِيِّ لَا تُعَرَّضِينَا لِلْهَلَكَةِ ثُمَّ أَمَرَ بَعْضَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنْ يَحْمِلَهَا إِلَى شاطيء الْفُرَات ويغرقها فحملها إِلَى شاطيء الْفُرَاتِ لِيُغْرِقَهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا الَّذِي يَنْفَعُكَ مِنْ غَرَقِي فَقَالَ إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ لِمَوْلايَ وَلا بُدَّ قَالَتْ فَمَا عَلَيْكَ إِلا أَنْ تَأْتِي بِي مَوْضِعًا مِنَ الْفُرَاتِ فِيهِ مَاءٌ رَقِيقٌ فَتَقْذِفَ بِي فِيهِ وَتَتْرُكَنِي وَتَمْضِي فَإِنْ نَجَوْتُ لَمْ أَظْهَرْ مَا دُمْتُ بَاقِيَةً وَإِنْ مِتُّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ قَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 فَأَتَى مَوْضِعًا فِيهِ الْمَاءُ إِلَى الرُّكْبَةِ فَزَجَّهَا فِيهِ وَتَرَكَهَا تَضْطَرِبُ وَوَلَّى عَنْهَا لَا يَلْتَفِتُ ثُمَّ وَافَى مَوْلاهُ فَأَخْبَرَهُ وَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ أَغْرَقَهَا ثُمَّ إِنَّهَا تَخَلَّصَتْ مِنَ الْمَاءِ فَأَتَتْ بَعْضَ الدِّيَارَاتِ الَّتِي على شاطيء الْفُرَاتِ فَآوَتْ إِلَيْهِ وَأَعْلَمَتِ الرُّهْبَانَ أَنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَحْسَنُوا إِلَيْهَا فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْمُلْكُ لأَبْرَويِزَ بَعْدَ أَبِيهِ هُرْمُزْ وَوَجَّهَ بِرُسُلِهِ إِلَى قَيْصَرَ اجْتَازَ الرُّسُلُ بِالدَّيْرِ فَسَأَلَتْ شِيرِينُ عَنْ ذَلِكَ فَأُعْلِمَتْ أَنَّ الْقَوْمَ رُسُلُ أَبْرَوِيزَ الْمَلِكِ وَمَعَهُمْ هَدَايَا إِلَى قَيْصَرَ وَأَخْبَرُوهَا بِمُلْكِهِ وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ فَوَجَّهَتْ إِلَى رَئِيسِ الرُّسُلِ مُنْتَصِحَةً لَهُ تُخْبِرُهُ أَنَّهَا أَمَةٌ لِلْمَلِكِ أَبْرَوِيزَ وَسَأَلَتْهُ إِيفَادَ رَسُولٍ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ بِمَكَانِهَا وَوَجَّهَتْ مَعَهُ ذَلِكَ الْخَاتَمَ فَأَنْفَذَ الرَّجُلُ رَسُولا قَاصِدًا إِلَى الْمَلِكِ يُعَرِّفُهُ خَبَرَ شِيرِينَ وَمَكَانَهَا وَالْخَاتَمَ فَلَمَّا وَرَدَ الرَّسُولُ عَلَى أَبْرَوِيزَ أَمَرَ لِلرَّسُولِ بِمَالٍ عَظِيمٍ وَجَعَلَ لَهُ رُتْبَةً جَلِيلَةً بِبِشَارَتِهِ وَوَجَّهَ مَعَهُ بِخَدَمٍ وَمَرَاكِبَ وَهَوَادِجَ وَكَسْيٍ وَحُلِيٍّ وَطِيبٍ وَوَصَائِفَ حَتَّى أَتَوْهُ بِشِيرِينَ فَوَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَحِ بِهَا مَا لَمْ يَفْرَحْ بِشَيْءٍ مِثْلَهُ وَكَانَتْ مِنْ أَكْمَلِ النِّسَاءِ كَمَالا وَجَمَالا وَبَرَاعَةً وَذَكَرَ أَبْرَوِيزُ أَنَّهُ مَا جَامَعَهَا قَطُّ إِلا وَجَدَهَا كَالْعَذْرَاءِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي حُرَّةً وَلا أَمَةً مَرَّةً وَاحِدَةً إِلا أَتَاهَا قَبْلُ وَعَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَ أَحَدٍ لِمُبَاضَعَةٍ فَلَمَّا هَلَكَ أَبْرَوِيزُ أَرَادَهَا شَيْرَوَيْهِ فَأَبَتْ وَعَرَّفَتْهُ الْعُهُودَ فَرَمَاهَا بِكُلِّ مُعْضِلَةٍ مِنَ الْفُجُورِ وَبَعَثَ الشُّعَرَاءُ عَلَى ذَمِّهَا فَلَمَّا لَجَّ وَلَمْ تَجِدْ عَنْهُ مَحِيدًا بَعْدَ أَنْ غَصَبَهَا جَمِيعَ مَالِهَا وَضِيَاعِهَا قَالَتْ أَفْعَلُ مَا سَأَلْتَ بَعْدَ أَنْ تَقْضِيَ لِي ثَلاثَ حَوَائِجٍ تَرُدَّ عَلَيَّ أَمْوَالِي وَضِيَاعِي وَتُسَلِّمَ إِلَيَّ قَتَلَةَ زَوْجِي وَتَدْعُوَ الْعُلَمَاءَ وَالأَشْرَافَ وَتَرْقَى الْمِنْبَرَ فَتُبَرِّئَنِي مِمَّا قَذَفْتَنِي بِهِ مِنَ الْفُجُورِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَقَتَلَتْ قَتَلَةَ زَوْجِهَا بِأَفْحَشِ قَتْلٍ فَقَالَ لَهَا هَلْ بَقِيَتْ لَكِ حَاجَةٌ قَالَتْ نَعَمْ إِنَّ الْمَلِكَ أَوْدَعَنِي وَدِيعَةً وَجَعَلَهَا أَمَانَةً فِي عُنُقِي إِنْ أَنَا تَزَوَّجْتُ أَنْ أَرُدَّهَا إِلَيْهِ فَتَأْمُرُ بِفَتْحِ النَّاوُوسِ حَتَّى أَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ لَهَا النَّاوُوسَ فَدَخَلَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 وَقَلَعَتْ فَصَّ خَاتَمٍ فِي يَدِهَا تَحْتَهُ سُمُّ سَاعَةً فَمَصَّتْهُ ثُمَّ اعْتَنَقَتْ أَبْرَوِيزَ وَلَفَّتْ عَلَيْهِ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَمَّا أَبْطَأَتْ عَلَى الْحَوَاضِنِ وَالْخَدَمِ صَاحُوا بِهَا فَلَمْ تُجِبْ فَدَخَلُوا فَوَجَدُوهَا مَيِّتَةً مُعَانِقَةً لأَبْرَوِيزَ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوا شَيْرَوَيْهِ فَنَدِمَ نَدَامَةً لَا تُوصَفُ وَجَعَلَ يَأْكُلُ أَصَابِعَهُ عَلَى صَنِيعِهَا قُلْتُ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْحِيَلِ وَالْمُخَاطَرَاتِ ذِكْرُ جَمَاعَةٍ قَتَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِسَبَبِ الْعِشْقِ فَلَمْ نَرَ إِعَادَةَ ذِكْرِهِمْ فَصْلٌ فَانْظُرْ وَفَّقَكَ اللَّهُ إِلَى مَا صَنَعَ الْعِشْقُ بِهَؤُلاءِ الْمَغْبُونِينَ مِنْ بَيْنَ قَاتِلٍ لِنَفْسِهِ وَقَاتِلٍ لِغَيْرِهِ فَأَمَّا قَتْلُ الْغَيْرِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيما} وَقَالَ {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمُوبِقَاتِ فَعَدَّ مِنْهُنَّ قَتْلَ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَأَمَا قَتْلُ النَّفْسِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 وَقَدْ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَينِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَوْلُهُ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جرح فجزع فَأخذ سكينا فَخر بِهَا يَدَهُ فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 الْبَابُ التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ فِي ذِكْرِ أَدْوِيَةِ الْعِشْقِ الْحِمْيَةُ الَّلازِمَةُ فِي زَمَانِ الصِّحَّةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ وَمَتَى عُلِمَتْ أَسْبَابُ مَرَضٍ وَجَبَ اجْتِنَابُهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطِّبَاعَ تَتَسَاوَى فِي الْمَيْلِ إِلَى الْهَوَى فَيَنْبَغِي لِلْحَازِمِ اجْتِنَابِ أَسْبَابِهِ فَمَتَى أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى الطَّبِيبِ قَبْلَ أَنْ يَصْعُبَ التَّلافِي أَوْ يَحِلَّ التَّلَفُ فَصْلٌ وَمِنَ التَّفْرِيطِ الْقَبِيحِ الَّذِي جَرَّ أَصْعَبَ الْجِنَايَاتِ عَلَى النَّفْسِ مُحَادَثَةُ النِّسَاءِ الأَجَانِبِ وَالْخَلْوَةُ بِهِنَّ وَقَدْ كَانَتْ عَادَةٌ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعَرَبِ يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَارٍ وَيَثِقُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِالامْتِنَاعِ مِنَ الزِّنَا وَيَقْنَعُونَ بِالنَّظَرِ وَالْمُحَادَثَةِ وَتِلْكَ الأَشْيَاءُ تَعْمَلُ فِي الْبَاطِنِ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ هَلَكُوا وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَنَى عَلَى مَجْنُونِ لَيْلَى وَغَيْرِهِ مَا أَخْرَجَهُمْ بِهِ إِلَى الْجُنُونِ وَالْهَلاكِ وَكَانَ غَلَطُهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا مُخَالَفَةُ الشَّرْعِ الَّذِي نَهَى عَنِ النَّظَرِ وَالْخُلْوَةِ وَالثَّانِي تَعْرِيضِ الطَّبْعِ لِمَا قَدْ جُبِلَ عَلَى الْمَيْلِ إِلَيْهِ ثُمَّ مُعَانَاةُ كَفِّهِ عَنْ ذَلِكَ فَالطَّبْعُ يَغْلِبُ فَإِنْ غَلَبَ وَقَعَتِ الْمَعَاصِي وَإِنْ غُلِبَ حَصَلَ التَّلَفُ بِمَنْعِ الْعَطْشَانِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 582 وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْرَاضَ الْعِشْقِ تَخْتَلِفُ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ أَنْ يَخْتَلِفَ عِلاجُهَا فَلَيْسَ عِلاجُ مَنْ عِنْدَهُ بِدَايَةُ الْمَرَضِ كَعِلاجِ مَنِ انْتَهَى بِهِ الْمَرَضُ نِهَايَتَهُ وَإِنَّمَا يُعَالِجُ هَذَا الْمَرَضِ مَنْ لَمْ يَرْتَقِ إِلَى غَايَتِهِ فَإِنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ أَحْدَثَ الْجُنُونَ وَالذُّهُولَ وَتِلْكَ حَالَةٌ لَا تَقْبَلُ الْعِلاجَ قَالَ بُقْرَاطُ قَصَمْتُ الأَدْوَاءَ بِالْعَقَاقِيرِ وَأَقَمْتُهَا بِإِزَاءِ الْعِلَلِ فَأَعْيَانِي دَوَاءُ الْحُبِّ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ أَنْ أُدْرِكَهُ قَالَ الْبُحْتُرِيُّ وَلَقَدْ قَالَ طَبِيبِي ... وَطَبِيبِي ذُو احْتِيَالِ أُشْكُ مَا شِئْتَ سِوَى الْحُبِّ ... فَإِنِّي لَا أُبَالِي سَقَمُ الْحُبِّ رَخِيصٌ ... وَدَوَاءُ الْحُبِّ غَالِي وَقَالَ أَبُو غَالِبِ بْنُ بِشْرَانَ وَمُنْتَصِحٍ قَالَ لِي إِذْ رَأَى ... دُمُوعِي قَدْ أَقْرَحَتْ مَدْمَعِي مَتَى تَسْتَفِيقَ وَتَسْلُو الْهَوَى ... فَقُلْتُ إِذَا كَانَ قَلْبِي مَعِي وَقَالَ غَيْرُهُ دُخُولُكَ فِي بَابِ الْهَوَى إِنْ أَرَدْتُهُ ... يَسِيرٌ وَلَكِنَّ الْخُرُوجَ شَدِيدُ فَصْلٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ يَذْكُرُ لِلْعِشْقِ أَدْوِيَةٌ وَهُوَ قَلِقٌ لَا سُكُونَ فِيهِ وَسُكْرٌ لَا صَحْوَ مَعَهُ فَيُقَالُ لِمَنْ يَهْوَى فِي الْهَوَاءِ أَمْسِكْ نَفْسَكْ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّا قَدْ قُلْنَا إِنَّمَا يُدَاوَى هَذَا الْمَرَضُ قَبْلَ بُلُوغِ نِهَايَتِهِ فَإِنَّهَا أَحْوَالٌ يُمْكِنُ عِلاجُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 وَالثَّانِي أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا يُضْعِفُهُ وَيُقَوِّيهُ فَأَنَا أَعُرِّفُكَ السَّبَبَ الَّذِي يُضْعِفُ الْعِشْقَ وَيُوهِنُهَ وَأُحَذِّرُكَ مِنَ السَّبَبِ الَّذِي يَزِيدُهُ قُوَّةً فَمَا قُلْتُ لَكَ امْنَعِ النَّارَ أَنْ تَحْرِقَ وَإِنَّمَا قُلْتُ أَطْفِئْهَا وَلا قُلْتُ ادْفَعِ الْمَاءَ عَنْ أَنْ يُغْرِقَ وَإِنَّمَا عَلَّمْتُكَ السِّبَاحَةَ وَهَذَا حِينَ شُرُوعِنَا فِي ذِكْرِ الْمَرَضِ وَالْعِلاجِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ فَصْلٌ اعْلَمْ أَنَّ بِدَايَةَ الْعِشْقِ فِي الأَغْلَبِ تَكُونُ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى المحاسن ولحصول الْعِشْق بِهَذِهِ النَّظَرِ عَلامَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ النَّظَرُ إِلَى الْمُسْتَحْسَنِ خَفَقَ الْقَلْبُ خُفُوقًا يَكَادُ يَطِيرُ إِلَيْهِ فَإِذَا رَدَّ الإِنْسَانُ الطَّرْفَ قَلِقَ الْقَلْبُ حَتَّى يَعُودُ فَإِذَا أُطْلِقَ ثُمَّ رُدَّ فَكَّ اللِّجَامَ قَهْرًا وَعَاوَدَ النَّظَرَ فَهَذِهِ عَلامَةُ الْعِشْقِ لَا تكَاد تخطيء إِلا أَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ يَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِالْمَنْظُورِ فِي بَدِيهَةِ النَّظَرِ فَإِذَا رَدَّدَ نَظَرَهُ بَانَ لَهُ مِنَ الْعُيُوبِ مَا لَمْ يَكُنْ بَانَ فَزَالَ مَا كَانَ عَلِقَ بِقَلْبِهِ لأَنَّ النَّفْسَ تَصَوَّرَتْ فِي بِدَايَةِ النَّظَرِ مِنَ الصُّورَةِ معنى أعانها عَلَيْهِ تخيل الشَّهْوَةِ وَتَوَهُّمُ اللَّذَّةِ فَزَادَتِ الصِّفَةُ عَنْ مِقْدَارِ الْعِيَانِ فَإِذَا تَكَرَّرَ النَّظَرُ وَحُقِّقَ أَثْبَتَ حَقِيقَةَ الصُّورَةِ فَزَالَتْ زِيَادَاتُ التَّخَيُّلِ وَبِرْخَاشَاتُ التَّوَهُّمِ فَبَرُدَ قَلْبُ الْمُحِبِّ لِزَوَالِ التَّوَهُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 584 وَرُبَّ امْرَأَةٍ تُسْتَحْسَنُ فِي نِقَابِهَا فَإِذَا أَسْفَرَتْ لَمْ تُسْتَحْسَنْ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَمِّي قَالَ حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِ الْبَصْرَةِ أَنَّ رَجُلا وَامْرَأَتَهُ اخْتَصَمَا إِلَى أَمِيرٍ مِنْ أُمَرَاءِ الْعِرَاقِ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ حَسَنَةَ الْمُنْتَقَبِ قَبِيحَةَ الْمَسْفَرِ وَكَانَ لَهَا لِسَانٌ فَكَأَنَّ الْعَامِلَ مَالَ مَعَهَا فَقَالَ يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَرْأَةِ الْكَرِيمَةِ فَيَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ يُسِيءُ إِلَيْهَا فَأَهْوَى الرَّجُلُ فَألْقى النقاب عَنْ وَجْهِهَا فَقَالَ الْعَامِلُ عَلَيْكِ اللَّعْنَةُ كَلامُ مَظْلُومٍ وَوَجْهُ ظَالِمٍ فَصْلٌ فَأَمَّا إِذَا كَانَ النَّظَرُ عَنْ تَثَبُّتٍ وَتَحْقِيقٍ وَزَادَ بِتِرْدَادِهِ الْمَرَضُ فَذَلِكَ الْعِشْقُ الْمُتَمَكِّنُ وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مُسْتَحْسَنٍ فَوَجَدَ لَذَّةَ تِلْكَ النَّظْرَةِ فِي قَلْبِهِ أَنْ يَصْرِفَ بَصَرَهُ فَمَتَى مَا تَثَبَّتَ فِي تِلْكَ النَّظْرَةِ أَوْ عَاوَدَ وَقَعَ فِي اللَّوْمِ شَرْعًا وَعَقْلا فَإِنْ قِيلَ فَإِنْ وَقَعَ الْعِشْقُ بِأَوَّلِ نَظْرَةٍ فَأَيِّ لَوْمٍ عَلَى النَّاظِرِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ النَّظْرَةُ لَمْحَةً لَمْ تَكَدْ تُوجِبُ عِشْقًا إِنَّمَا يُوجِبهُ جمهود الْعَيْنِ عَلَى الْمَنْظُورِ بِقَدْرِ مَا تَثْبُتْ فِيهِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَلَوْ قَدَّرْنَا وُجَودَهُ بِاللَّمْحَةِ فَأَثَّرَ مَحَبَّةً سَهُلَ قَمْعُ مَا حَصَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنبأَنَا الْمُبَارك بن الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيُّوَيْهِ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْن عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي رَأَيْتُ امْرَأَةً جَمِيلَةً فَعَشِقْتُهَا فَقَالَ عُمَرُ ذَاكَ مَالا يَمْلِكُ فَإِنْ قِيلَ فَمَا عِلاجُ الْعِشْقِ إِذَا وَقَعَ بِأَوَّلِ لَمْحَةٍ قِيلَ عِلاجُهُ الإِعْرَاضُ عَنِ النَّظَرِ فَإِنَّ النَّظَرَ مِثْلُ الْحَبَّةِ تُلْقَى فِي الأَرْضِ فَإِذَا لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهَا يَبِسَتْ وَإِنْ سُقِيَتْ نَبَتَتْ فَكَذَلِكَ النَّظْرَةُ إِذَا أُلْحِقَتْ بِمِثْلِهَا فَصْلٌ فَإِنْ جَرَى تَفْرِيطٌ بِاتِّبَاعِ نَظْرَةٍ لِنَظْرَةٍ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُخَافُ وَتُحْذَرُ فَلا يَنْبَغِي أَنْ تُحْقَرَ هَذِهِ النَّظْرَةُ فَرُبَّمَا أَوْرَثَتْ صَبَابَةً صَبَّتْ دَمِ الصَّبِّ أَنْشَدَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو زَكَرِيَّا قَالَ أنشدنا ابْن نحريز الْبَغْدَادِيُّ تَوَلَّعَ بِالْعِشْقِ حَتَّى عَشِقَ ... فَلَمَّا اسْتَقَلَّ بِهِ لَمْ يُطِقْ رَأَى لُجَّةً ظَنَّهَا مَوْجَةً ... فَلَمَّا تمكن منا غرق وَلما رأى أدمعا تستهل ... وَأَبْصَرَ أَحْشَاءَهُ تَحْتَرِقْ تَمَنَّى الإِفَاقَةَ مِنْ سُكْرِهِ ... فَلَمْ يَسْتَطِعْهَا وَلَمْ يَسْتَفِقْ وَعِلاجُ هَذِهِ النَّظْرَةِ بِالنَّظَرِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ شَرِّ النَّظَرِ وَخَوْفِ الْعُقُوبَةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَاجِلا وَآجِلا وَالْحَذَرُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهَا وَمَا تَجُرُّ وَتَجْنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 فَيَتَجَدَّدُ مِنَ الْعَزْمِ عَلَى الْغَضِّ مَعْنًى يُسَمَّى الْيَأْسُ وَهُوَ دَوَاءٌ حَاسِمٌ قَالَ الْحُكَمَاءُ الْيَأْسُ أَحَدُ الرَّاحَتَيْنِ وَقَالَ الشَّاعِرُ حَاوَلْتُ أَمْرًا فَلَمْ يَجْرِ الْقَضَاءُ بِهِ ... وَلا أَرَى أَحَدًا يُعْدَى عَلَى الْقَدَرِ فَقَدْ صَبَرْتُ لأَمْرِ اللَّهِ مُحْتَسِبًا ... وَالْيَأْسُ مِنْ أَشْبَهِ الأَشْيَاءِ بِالظَّفَرِ وَلْيَكُنْ لَكَ فِي هَذَا الْغَضِّ عَنِ الْمُشْتَهَى نِيَّةٌ تَحْتَسِبُ بِهَا الأَجْرَ وَتَكْتَسِبُ بِهَا الْفَضْلُ وَتَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ مَنْ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى وَانْظُرْ فِي بَابِ ثَوَابِ مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فَصْلٌ فَإِنْ كَانَ تِكْرَارُ النَّظَرِ قَدْ نَقَشَ صُورَةَ الْمَحْبُوبِ فِي الْقَلْبِ نَقْشًا مُتَمَكِّنًا وَعَلامَةُ ذَلِكَ امْتِلاءُ الْقَلْبِ بِالْحَبِيبِ فَكَأَنَّهُ يَرَاهُ حَالا فِي الصَّدْرِ وَكَأَنَّهُ يَضُمُّهُ إِلَيْهِ عِنْدَ النَّوْمِ وَيُحَادِثُهُ فِي الْخُلْوَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ سَبَبَ هَذَا الطَّمَعِ فِي نَيْلِ الْمَطْلُوبِ وَكَفَى بِالطَّمَعِ مَرَضًا وَقَلَّ أَنْ يَقَعَ الْفِسْقُ إِلا فِي الْمَطْمُوعِ فِيهِ فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ رَأَى زَوْجَةَ الْمَلِكِ فَهَوِيَهَا لَمْ يَكَدْ قَلْبُهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا لأَجْلِ الْيَأْسِ مِنْ مِثْلِهَا فَأَمَّا مَنْ طَمَعَ فِي شَيْءٍ فَإِنَّ الطَّمَعَ يَحْمِلُهُ عَلَى طَلَبِهِ وَيُعَذِّبُهُ إِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ وَمَا النَّفْسُ إِلا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى ... فَإِنْ أُطْمِعَتْ تَاقَتْ وَإِلا تَسَلَّتِ وَقَالَ آخَرُ فَقُلْتُ لَهَا يَا عَزُّ كُلُّ مُصِيبَةٍ ... إِذَا وَطِّنَتْ يَوْمًا لَهَا النَّفْسُ ذَلَّتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الْتَمَسْتُ الرَّاحَةَ فَوَجَدْتُهَا فِي الْيَأْسِ وَعِلاجُ هَذَا الْمَرَضِ الْعَزْمُ الْقَوِيُّ عَلَى الْبُعْدِ عَنِ الْمَحْبُوبِ وَالْقَطْعُ الْجَزْمُ على غض الْبَصَر عَنهُ وهجران الطمع فِيهِ وتوطين النَّفس على الْيَأْس مِنْهُ وَالنَّظَر فِيمَا تقدم من ذمّ الْهوى والتحذير من ذَلِك فصل فَإِن كَانَ تكْرَار النّظر قد مكن نَقَشَ صُورَةَ الْمَحْبُوبِ فِي الْقَلْبِ فأثر ذَلِك قُوَّة الْفِكر وَزِيَادَة الشَّهْوَة واشتداد القلق فسبب ذَلِك زِيَادَة الطمع وقوته وَقد أعلمتك أَنَّ الْمَحَبَّةَ كَشَجَرَةٍ وَأَنَّ النَّظَرَاتِ كَمَاءٍ يَجْرِي إِلَيْهَا فَكُلَّمَا سَقَاهَا عَتَتْ وَعَسَتْ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ هَذِهِ الآفَاتُ مِنْ بَابِ إِطْلاقِ الْبَصَرِ فِيمَا حَظَّرَهُ الشَّرْعُ فَبِذَلِكَ تَمَكَّنَ سُلْطَانُ الْهَوَى مِنَ الْقَلْبِ فَبَثَّ جُنْدُ الْفَسَادِ فِي رُسْتَاقِ الْبَدَنِ وَكَمْ قَدْ تَمَكَّنَ هَذَا الْمَرَضُ مِنْ شَخْصٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ عذل عاذل وَضرب ضَارِبٍ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مَنْصُورُ ابْن النُّعْمَانِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ دُرَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِمٍ قَالَ قَالَ الأَصْمَعِيُّ تَزَوَّجَ أَعْرَابِيٌّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَسَمِعَهَا تَتَمَثَّلُ بِبَيْتِ غَزَلٍ فَقَالَ لَهَا مَا هَذَا الَّذِي تَتَمَثَّلِينَ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 لَعَلَّكِ عَاشِقٌ لَئِنْ سَمِعْتُكِ تَعُودِينَ لِمِثْلِ هَذَا لأَضْرِبَنَّ ظَهْرَكِ وَبَطْنَكِ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ فَإِنْ يَضْرِبُوا ظَهْرِي وَبَطْنِي كَلَيْهِمَا ... فَلَيْسَ لِقَلْبٍ بَيْنَ جَنْبَيَّ ضَارِبُ فَطَلَّقَهَا وَعِلاجُ هَذَا الْمَرَضِ مِنْ جِنْسِ مَا تَقَدَّمَ إِلا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى قُوَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي الْعَزْمِ عَلَى الْغَضِّ وَهَجْرِ الْمَحْبُوبِ قَطْعًا بَتًّا ليعود بالغض غض نَبَاتُ الْمَحَبَّةِ الَّذِي سُقِيَ بِمِيَاهِ النَّظَرَاتِ هَشِيمًا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَتْ مِيَاهُ الْوَادِي نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ وَأَنْشَفَتْهُ فَعَادَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَدَوَامُ الْبُعْدِ عَنِ الْمَحْبُوبِ يَعْمَلُ فِي مَحْوِ مَا نُقِشَ فِي الْقَلْبِ فَيَمْحُوَ الْيَسِيرَ مِنْهُ بَعْدَ الْيَسِيرَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ كَمَا أَنَّ مُرُورَ الزَّمَانِ يَمْحَوُ أَثَرَ الْمُصِيبَةِ مِنَ الْقَلْبِ وَمَتَى اشْتَدَّتِ الْعَزِيمَةُ فَقَطَعَتِ الطَّمَعَ وَمَكَّنَتِ الْيَأْسَ ثُمَّ أُجِيلَ الْفِكْرُ فِي خَوْفِ الْعَوَاقِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الأُخْرَى وَكُرِّرَ عَلَى النَّفْسِ مَا سَبَقَ مِنْ ذَمِّ الْهَوَى وَمَا فَعَلَ بِأَرْبَابِهِ فَأَضْنَاهُمْ وَأَمْرَضَهُمْ وَأَذْهَبَ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ وَجَاهَهُمْ بَيْنَ النَّاسِ فَاسْتَغَاثُوا بَعْدَ الْفَوْتِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُنَاذِرَ مَنْ فَتًى أَصْبَحَ فِي الْحُبِّ ... مسقاه الْحُبُّ سُمَّا كُلَّمَا أَخْفَى جَوَى الْحُبِّ ... عَلَيْهِ الدَّمْعُ نَمَّا سَاهِرٌ لَا يَطْعَمُ النَّوْمَ ... إِذَا اللَّيْلُ ادْلَهَمَّا كُلَّمَا رَاقَبَ نَجْمًا ... فَهَوَى رَاقَبَ نَجْمَا يَا ثِقَاتِي خَطَمَ الْحُبُّ ... لَكُمْ أَنْفِي وَزَمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 يَا أَخِي دَائِي جَوَى الْحُبِّ ... وَدَاءُ النَّاسِ جُمَّا لَا تَلُمْ مُفْتَضَحًا فِي ... الْحُبِّ إِنَّ الْحُبَّ أَعْمَى فَصْلٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ كَبُرَتْ جِنَايَتِي عَلَى نَفْسِي وَكَرَّرْتُ النَّظَرَ وَانْتَقَشَتْ صُورَةَ الْمَحْبُوبِ فِي قَلْبِي وَأُورِثْتُ الْقَلَقَ الدَّائِمَ وَرَأَتْ النَّفْسِيّ أَنَّهَا تَسْتَشْفِي مِنْ هَذَا الْمَرَضِ بِتِكْرَارِ النَّظَرِ وَالزِّيَارَةِ لِلْمَحْبُوبِ فَلَمَّا فَعَلْتُ زَادَ الأَمْرُ بِي وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَصْبِرَ عَنِ الْحَبِيبِ لَحْظَةً فَهَلْ لِهَذَا مِنْ عَلاجٍ أَتَلافَى فِيهِ أَمْرِي قَبْلَ التَّلَفِ فَالْجَوَابُ كَيْفَ آمُرُكَ بِهَجْرِ مَنْ لَا تَصْبِرُ عَنْهُ لَحْظَةً وَكَيْفَ لَا آمُرُكَ وَأَنْتَ عَلَى شَفَا هَلَكَةٍ قَدْ لَعِبْتَ بِبَدَنِكَ وَدِينِكَ فَأَنْتَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ كَثَّرَ فِيكَ اللُّوَّمُ ... وَأَيْنَ سَمْعِي وَهُمُ وَقَالَ الآخَرُ بَكَرَتْ صُبْحًا عَوَاذِلُهُ ... وَرَسِيسُ الْحُبِّ قَاتِلُهُ هُوَ فِي وَادٍ وَلَيْسَ بِهِ ... وَالْهَوَى عَنْهُنَّ شَاغِلُهُ يَتَمَنَّيْنَ السُّلُوَّ لَهُ ... وَمُنَاهُ مَنْ يُوَاصِلُهُ وَمَعَ هَذَا فَلا بُدَّ لِي مِنْ نَصِيحَتِكَ مَا دَامَ الْكَلامُ يَصِلُ إِلَى سَمْعِكَ إِنْ كَانَ التَّرَدُّدُ إِلَى مَحْبُوبِكَ يَتَرَدَّدُ فِي قَلْبِكَ فَلا تَأْتَيَنَّ إِلَى وَاعِظٍ ... فَلَسْتَ بِمُنْتَفِعٍ بِالْعِظَاتِ إِنَّمَا يُوصَفُ الدَّوَاءُ لِمَنْ يَقْبَلُ فَأَمَّا الْمُخَلَّطُ فَإِنَّ الدَّوَاءَ يَضِيعُ عِنْدَهُ فَإِنْ صَحَّ عَزْمُكَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَاسْمَعْ أَصِفْ لَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 اعْلَمْ أَنَّ الْخَيَالَ الَّذِي وَقَعَ لَكَ مِنْ أَنَّ التَّزَاوُرَ وَالنَّظَرَ يَشْفِي بَعْضَ الْمَرَضِ خَيَالٌ فَاسِدٌ فَإِنْ قُلْتَ فَأَرَانِي أَسْكُنُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْكُنُ الْوِجْدُ لِمَكَانِ الْقُرْبِ فَإِذَا وَقَعَ الْبُعْدُ زَادَتْ نَارُ الشَّوْقِ اشْتِعَالا فَأَنْتَ فِي ضَرْبِ الْمَثَلِ كَالْعَطْشَانِ شَرِبَ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ يَجِدُ رُطُوبَةَ الرَّيِّ عِنْدَ تَجَرُّعِهَا ثُمَّ تُلْهِبُهُ فَتَزِيدُ الْعَطَشَ فَكَذَلِكَ قُرْبُ الْعَاشِقِ مِنْ مَعْشُوقِهِ يَضُمُّ جُرْحًا إِلَى جُرْحٍ وَعَقْرًا إِلَى عَقْرٍ وَكُلَّمَا زَادَتِ الأَسْبَابُ الظَّاهِرَةُ قَوِيَتِ الْمَحَبَّةُ فِي الآلاتِ الْبَاطِنَةِ فَعَمِلَتْ سُمُومُهَا فِي الْمُقَاتِلِ وَالْمَقْتُولُ لَا يَرَى الْقَاتِلَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ قبلتها أشتفى بقبلتها ... فزادني ذَاك ألما ألما وسائلتني عَنْ مُبْتَدَا سَقَمِي ... مُسْقِمُ جَفْنَيْكَ مُسْقِمِي بِهِمَا وَقَالَ الآخَرُ أُعَانِقُهَا وَالنَّفْسُ بَعْدُ مَشُوقَةٌ ... إِلَيْهَا وَهَلْ بَعْدَ الْعَنَاقِ تَدَانِي وَأَلْثُمُ فَاهَا كَيْ تَزُولَ صَبَابَتِي ... فَيَزْدَادُ مَا أَلْقَى مِنَ الْهَيَمَانِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْكَاتِبُ يَقُولُونَ لَوْ لاقَيْتَهَا سَكَنَ الَّذِي ... بِقَلْبِكَ يَا مُشْتَاقُ وَانْقَطَعَ الْحَزَنْ فَهَا أَنَا قَدْ لاقَيْتُهَا مِثْلَ قَوْلِهِمْ ... لِيَسْكُنَ قَلْبِي بِاللِّقَاءِ فَمَا سَكَنْ وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ نَعِمَتْ بِهَا عَيْنِي فَطَالَ عَذَابُهَا ... وَلَكَمْ عَذَابٌ قَدْ جَنَاهُ نَعِيمُ نَظَرَتْ فَأَقْصَدَتِ الْفُؤَادَ بِسَهْمِهَا ... ثُمَّ انْثَنَتْ نَحْوِي فَكِدْتُ أَهِيمُ وَيْلاهُ إِنْ نَظَرَتْ وَإِنْ هِيَ أَعْرَضَتْ ... وَقْعُ السِّهَامِ وَنَزْعُهُنَّ أَلِيمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 591 وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَقَرَّ عَيْنِيَ ثُمَّ خَلَّفَ لِي ... قَلْبًا بِشَوْقِي إِلَيْهِ قَدْ جُرِحَا وَيَخْسَرُ الْقَلْبُ بَعْدَ غَيْبَتِهِ ... مَا كَانَ طَرْفِي عَلَيْهِ قَدْ رَبَحَا وَقَالَ غَيْرُهُ وَمَا فِي الأَرْضِ أَشْقَى مِنْ مُحِبٍّ ... وَإِنْ وَجَدَ الْهَوَى عَذْبَ الْمَذَاقِ تَرَاهُ بَاكِيًا فِي كُلِّ حِينٍ ... مَخَافَةَ فُرْقَةٍ أَوْ لاشْتِيَاقِ فَيَبْكِي إِنْ نَأَوْا شَوْقًا إِلَيْهِمْ ... وَيَبْكِي إِنْ دَنَوْا خَوْفَ الْفِرَاقِ فَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عِنْدَ التَّنَائِي ... وَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عِنْدَ التَّلاقِي فَإِذَا عَرَفْتَ غُرُورَ الشَّيْطَانِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْقُرْبَ دَوَاءٌ وَأَنَّ النَّظَرَ شِفَاءٌ بِمَا أَوْضَحْتُ لَكَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ مُحَالٌ وَأَنَّهُ أَمْرٌ تَزِيدُ بِهِ الْحَالُ مَعَ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ الَّذِي لَا طَاقَةَ بِعَذَابِهِ وَلا قُوَّةَ عَلَى عِقَابِهِ عَلِمْتَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا عِلاجَ إِلا بِالْهَجْرِ وَحَسْمِ الطَّبْعِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ قُلْتُ لأَعْرَابِيٍّ صِفِ الْحُبَّ فَقَالَ هُوَ نَبْتٌ بِذْرُهُ النَّظَرُ وَمَاؤُهُ الْمُزَاوَرَةُ وَنَمَاؤُهُ الْوَصْلُ وَقِلَّتُهُ الْهَجْرُ وَحَصَادُهُ التَّجَنِّي أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَجِيهِيُّ قَالَ سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذَبَارِيُّ لِمَ يَلْحَقُ الإِنْسَانُ مِنَ التَّعْذِيبِ عِنْدَ لِقَاءِ مَنْ يُحِبُّهُ أَشَدُّ مِنْ وَقْتِ الْفُرَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 592 فَقَالَ أُجِيبُ عَنْهُ بِبَيْتِ شِعْرٍ بَكَى عَلَيْهَا حَتَّى إِذَا حَصَلَتْ ... بَكَى عَلَيْهَا خَوْفًا مِنَ الْغِيَرِ فَصْلٌ وَتَفَكَّرْ فِي خُطُوَاتِكَ إِلَى لِقَاءِ مَحْبُوبِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهَا مَعَ مَا بَيَّنَّا مِنْ ضَرَرِ أَلَمِ الزِّيَارَةِ مَكْتُوبَةٌ عَلَيْكَ وَأَنْتَ مُطَالَبٌ بِهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ مَا خَطَا رَجُلٌ خُطْوَةً إِلا كُتِبَتْ عَلَيْهِ حَسَنَةٌ أَوْ سَيِّئَةٌ قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ خَطَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاسُ لَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُغْفِلا شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِكُمْ لأَغْفَلَ هَذَا الأَثَرَ الَّذِي تَسْفَى عَلَيْهِ الرِّيَاحُ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّا نَحْنُ نحي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ فَصْلٌ وَتَفَكَّرْ فِي مُكَالَمَتِكَ مَحْبُوبِكَ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَمَّا تَقُولُ مَعَ إِلْهَابِ الْكَلامِ نَارَ الْحُبِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يَزِلَّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ عَنْ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الرَّجُلَ لِيَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَيْهِ سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يَقُولُ مَا مِنْ شَيْءٍ تَتَكَلَّمُ بِهِ إِلا كُتِبَ قَالَ مُجَاهِدٌ حَتَّى أَنِينِ الْعَبْدِ فِي مَرَضِهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدِيرُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ حَمْكَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ السَّرْخَسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ حَاتِمًا يَعْنِي الأَصَمَّ يَقُولُ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ خَبَرٍ جَلَسَ إِلَيْك ليكتب كَلَام لاحْتَرَزْتَ مِنْهُ وَكَلامُكَ يُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ فَلا تَحْتَرِزُ وَهَكَذَا حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَخْبِرُونِي لَوْ كَانَ مَعَكُمْ مَنْ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى السُّلْطَانِ أَكُنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 594 فَصْلٌ فَإِنْ قَوِيَتْ أَسْبَابُ الْهَوَى فَحَمَلَتْكَ عَلَى الْخَلْوَةِ بِحَبِيبِكَ فَقَدْ تَعَرَّضْتَ بِالأَسَدِ فِي خِيسِهِ وَبَعِيدٌ سَلامَةُ مِثْلِكَ فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ فَلا نَجَاةَ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ أَمْسَكَكَ الْهَوَى فَاجْتَذِبْ نَفْسَكَ مِنْ يَدِهِ بِخَوْفِ مَنْ يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَاسْتَحْيِي مِنْ نَظَرِهِ إِلَيْكَ فَإِنَّهُ حَاضِرٌ مَعَكَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُرَّةَ الْهَمَذَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنْ مَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا حَوَى وَالْبَطْنَ وَمَا وَعَى وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَط اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنبأَنَا الْمُبَارك بن عبد الجبار قَالَ أَنبأَنَا إِبْرَاهِيم ابْن عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّيْنَبِيُّ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدَةُ بِنْتُ حَكَّامَةَ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمِّي حَكَّامَةُ بنت عُثْمَان ابْن دِينَار عَن أمهَا عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشْيَةُ اللَّهِ رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَعٌ يَصُدُّهُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِذْ خَلا لَمْ يَعْبَأِ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ عَلِمَ الْقَوْمُ أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُمْ فَاسْتَحْيَوْا مِنْ نَظَرِهِ أَنْ يُرَاعُوا شَيْئًا سِوَاهُ قَالَ السُّلَمِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ اجْعَلْ مُرَاقَبَتَكَ لِمَنْ لَا يَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْكَ وَاجْعَلْ شُكْرَكَ لِمَنْ لَا تَنْقَطِعُ عَنْكَ نِعَمُهُ وَاجْعَلْ خُضُوعَكَ لِمَنْ لَا تَخْرُجُ عَنْ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ مَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ فَتَرَكَ ذَنْبَهُ مِنْ هَذَا مَا فِيهِ بَلاغٌ فَصْلٌ فَأَدْرِ فِي تَلَذُّذِكَ ذِكْرَ مَرَارَةِ الْمَوْتِ الَّذِي سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَازِمُ اللَّذَّاتِ وَتَذَكَّرْ شِدَّةَ النَّزْعِ وَتَفَكَّرْ فِي الْمَوْتَى الَّذِينَ حُبِسُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ لِيُجَازَوْا بِهَا فَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى مَحْوِ خَطِيئَةٍ وَلا عَلَى زِيَادَةِ حَسَنَةٍ فَلا تَعْثَ يَا مُطْلِقُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَخِي مِيمِي قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخَوَّاصُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ عُدْتُ مَرِيضًا فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ هُوَ الْمَوْتُ قُلْتُ وَكَيْفَ عَلِمْتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 أَنَّهُ الْمَوْتُ قَالَ أَجِدْنِي أَجْتَذِبُ اجْتِذَابًا وَكَأَنَّ الْخَنَاجِرَ مُخْتَلِفَةٌ فِي جَوْفِي وَكَأَنَّ جَوْفِي تَنَوُّرٌ مُحْمًى يَتَلَهَّبُ قُلْتُ فَاعْهَدْ قَالَ أَرَى الأَمْرَ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ فَدَعَا بِدَوَاةٍ وَصَحِيفَةٍ فَوَاللَّهِ مَا أُتِيَ بِهَا حَتَّى شَخُصَ بَصَرُهُ فَمَاتَ وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يزيدالعبدي أَتَانِي رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَهْلِ الآخِرَةِ نُحْدِثُ بِقُرْبِهِمْ عَهْدًا فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَأَتَى إِلَى الْمَقَابِرِ فَجَلَسْنَا إِلَى بَعْضِ تِلْكَ الْقُبُورِ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا تَرَى هَذَا مُتَمَنِّيًا لَوْ مُنِّيَ قُلْتُ أَنْ يُرَدَّ وَاللَّهِ إِلَى الدُّنْيَا فَيَسْتَمْتِعَ مِنَ طَاعَةِ اللَّهِ وَيُصْلِحَ قَالَ فَهَا نَحْنُ ثُمَّ نَهَضَ فَجَدَّ وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ فَصْلٌ وَصَوِّرْ لِنَفْسِكَ حِينَ اعْتِرَاضِ الْهَوَى عَرْضَكَ عَلَى رَبِّكَ وَتَخْجِيلِهِ إِيَّاكَ بِمَضِيضِ الْعِتَابِ عَلَى فَعْلِ مَا نَهَاكَ عَنْهُ أَخْبَرَنَا الْكَرُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَزْدِيُّ وَالْغَوْرَجِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْجَرَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَحْبُوبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدثنَا الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة بن عدي ابْن حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٍ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 597 ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ كُنْتُ آخِذًا بِيَدِ ابْنِ عُمَرَ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ وَيُقَرِّرُهُ بذنونه وَيَقُولُ لَهُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَصْلٌ وَتَخَايَلْ شَهَادَةَ الْمَكَانِ الَّذِي تَعْصِي فِيهِ عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا أَنْ تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ أَخْبَارُهَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 فَصْلٌ وَمَثِّلْ فِي نَفْسِكَ عِنْدَ بَعْضِ زُلَلِكَ كَيْفَ يُؤْمَرُ بِكَ إِلَى النَّارِ الَّتِي لَا طَاقَةَ لِمَخْلُوقٍ بِهَا وَتَصَوَّرْ نَفَادَ اللَّذَّةِ وَبَقَاءَ الْعَارِ وَالْعَذَابِ فَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ شَهْوَتَهُ ... مِنَ الْحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثْمُ وَالْعَارُ تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا ... لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بكر ابْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أبي قَالَ حَدثنَا عبد الرزاق قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ نَارُكُمْ هَذِهِ مَا يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ إِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلَ حَرِّهَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ قُسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ خَطَبنَا أَبُو مُوسَى فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاسُ ابْكُوا فَإِنَّ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ الدُّمُوعَ حَتَّى تَنْقَطِعَ ثُمَّ يَبْكُونَ الدِّمَاءَ حَتَّى لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السفن لجرت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 599 قَالَ أَحْمد وحدنثا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رِيَاحٌ قَالَ حَدَّثَتُ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا سُيِّرَتِ الْجِبَالِ فَسَمِعَتْ حَسِيسَ النَّارِ وَتَغَيُّظَهَا وَزَفِيرَهَا وَشَهِيقَهَا صَرَخَتِ الْجِبَالُ كَمَا تَصْرُخُ النِّسَاءُ ثُمَّ تَرْجِعُ أَوَائِلُهَا عَلَى أَوَاخِرِهَا يَدُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْضَاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُتْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا رَجُلٌ لَهُ نَعْلانِ مِنْ نَار وشرا كَانَ مِنْ نَارٍ أَضْرَاسُهُ جَمْرٌ وَمَسَامِعُهُ جَمْرٌ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ مِنْ لَهِيبِ النَّارِ تَخْرُجُ أَحْشَاؤُهُ مِنْ قَدَمَيْهِ وَسَائِرِهِمْ كَالْحَبُّ الْقَلِيلِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ فَهِيَ بِهِمْ تَفُورُ وَكَانَ بُسْرٌ الْحَافِي يَقُولُ مَا ظَنُّكُمْ بِأَقْوَامٍ وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى مِقْدَارَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ لَمْ يَأْكُلُوا وَلَمْ يَشْرَبُوا حَتَّى تَقَطَّعَتْ أَكْبَادُهُمْ مِنَ الْعَطَشِ وَأَجْوَافُهُمْ مِنَ الْجُوُعِ وَأَعْنَاقُهُمْ مِنَ التَّطَاوُلِ وَرَجَوْا الْفَرَجَ فَأُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ فَصْلٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ عَرَفْتَ صِحَّةَ مَا ذَكَرْتَ كُلَّهُ وَعَلِمْتُ أَنْ لَا دَوَاءَ كَالْيَأْسِ وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى هَجْرِ الْمَحْبُوبِ بِالْكُلِّيَةِ وَقَطَعْتُ طَمَعِي مِنْهُ جَزْمًا إِلا أَنَّنِي فِي قَلَقٍ لَا يَسْكُنُ وَحُرْقَةٍ لَا تَخْبُو وَلَهِيبٍ لَا يَطْفَأُ فَهَلْ لِذَلِكَ عِلاجٌ فَالْجَوَابُ إِنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَحْبُوبُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ مُبَاحًا كَجَارِيَةٍ يُمْكِنُ شِرَاؤُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَلا دَوَاءَ لِذَلِكَ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 600 فَإِنَّ خَلْقًا كَثِيرًا أَضْنَاهُمُ الْعِشْقُ فَلَمَّا قَدَرُوا عَلَى الْمَحْبُوبِ عَاوَدَتْهُمُ الصِّحَّةُ سَرِيعًا لأَنَّ النِّكَاحَ يَزِيلُ الْعِشْقَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ بَكْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَتِيقِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الدَّخِيلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّنِّيسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن طَاوُوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابِّينَ مِثْلَ التَّزَّوُجِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ مُحْتَسِبُ الْمِصِّيصَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَنَا يَتِيمَةٌ قَدْ خَطَبَهَا رَجُلانِ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ هِيَ تَهْوَى الْمُعْسِرَ وَنَحْنُ نَهْوَى الْمُوسِرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابِّينَ مِثْلَ النِّكَاحِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِجَازَةً وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُرَيْثٍ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ عَنِ ابْنِ شُبْرَمَةَ قَالَ كُنْتُ أَقْعُدُ إِلَى فُلانَةَ التَّرْجَمِيَّةِ وَكَانَتْ جَمِيلَةً بَرِزَةً فَخَلا الْبَيْتُ يَوْمًا فَقُلْتُ لَهَا هَلْ لَكَ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَرَ بِهِ فَقَالَتْ يُعْجِبُكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ فَلا تُرِدْهُ فَإِنَّ الْحُبَّ إِذَا نُكِحَ فَسَدَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبُخَارِيُّ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 601 قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ خَلَفٍ قَالَ زَعَمَ ابْنُ دَأْبٍ أَنَّ معَاذ ابْن كُلَيْبٍ كَانَ يَعْشَقُ لَيْلَى الأَعْلَمِيَّةَ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وَكَانَ قَدْ أَقْعَدَهُ حُبُّهَا مِنْ رِجْلَيْهِ فَأَتَاهُ أَخُو لَيْلَى بِلَيْلَى فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا وَكَلَّمَتْهُ تَحَلَّلَ مَا كَانَ بِهِ وَانْصَرَفَ وَقَدْ عُوفِيَ فَصْلٌ وَإِنْ كَانَ حُصُولُ الْمَحْبُوبِ مُمْكِنًا جَائِزًا فِي الشَّرْعِ إِلا أَنَّهُ تَعَسَّرَ فَلْيَلْجَأِ الْمُحِبُّ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي تَسْهِيلِهِ وَلْيُعَامِلْهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا نَهَى عَنْهُ فَرُبَّمَا عَجَّلَ لَهُ مُرَادَهُ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنبأَنَا عبد الملك بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الزَّاهِدُ قَالَ كَانَتْ عِنْدِي جَارِيَةٌ فَبِعْتُهَا فَتَتَبَّعَتْهَا نَفْسِي فصرت إِلَّا مَوْلاهَا مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ إِخْوَانِي فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُقِيلَنِي وَيَرْبَحَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَبَى عَلَيَّ فَانْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَرُمْتُ فِطْرِي فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ فَبِتُّ سَاهِرًا لَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ فَخَشِيَ أَنْ أُعَاوِدَهُ فِي غَدٍ فَأَخْرَجَهَا إِلَى الْمَدَائِنِ فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا بِي مِنَ الْجَهْدِ كَتَبْتُ اسْمَهَا فِي رَاحَتِي وَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ فَكُلَّمَا طَرَقَنِي طَارِقٌ مِنْ ذِكْرِهَا رَفَعْتُ يَدَيَ إِلَى السَّمَاءِ وَقُلْتُ يَا سَيِّدِي هَذِهِ قصتي حَتَّى حَتَّى إِذَا كَانَ فِي السَّحَرِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَدُقُّ عَلِيَّ الْبَابَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا مَوْلَى الْجَارِيَةِ فَنَزَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِهِ فَقَالَ خُذِ الْجَارِيَةَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا فَقُلْتُ خُذْ دَنَانِيرِكَ وَالرِّبْحَ فَقَالَ مَا كُنْتُ لآخُذَ مِنْكَ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا قُلْتُ وَلِمَ ذَاكَ قَالَ لأَنَّهُ أَتَانِي آتٍ اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي فَقَالَ لِي رُدِّ الْجَارِيَةَ عَلَى ابْنِ عُبَيْدٍ وَلَكَ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةُ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ قَالَ أَخَذَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَيَّادِ ابْنَ أَخِي صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيُّ فَحَبَسَهُ فَتَحَمَّلَ صَفْوَانُ عَلَيْهِ بِالنَّاسِ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلا كَلَّمَهُ فَلَمْ يَرَ لِحَاجَتِهِ نُجْحًا فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ يَا صَفْوَانُ قُمْ فَاطْلُبْ حَاجَتَكَ مِنْ وَجْهِهَا فَقَامَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا قَالَ مُنَبّه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِحَاجَةِ صَفْوَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَقَالَ عَلَيَّ بِابْنِ أَخِي صَفْوَانَ قَالَ فَجَاءَ الْحَرَسُ وَالشُّرْطُ وَالنِّيرَانُ وَفُتِحَتِ السُّجُونُ حَتَّى استخرج فجيء بِهِ إِلَى عبيد الله فَقَالَ أَنْت ابْن أخي صَفْوَان فَقَالَ نعم فَأرْسلهُ فَمَا شعر صَفْوَان حَتَّى ضرب عَلَيْهِ ابْن أَخِيه الْبَاب قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ فُلانٌ نَبَّهَ الأَمِيرُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَجَاءَ الْحَرَسُ وَالشُّرْطُ وَجِيءَ بِالنِّيرَانِ وَفُتِحَتِ السُّجُونُ فَجِيءَ بِي إِلَيْهِ فَخَلَّى عَنِّي بِغَيْرِ كَفَالَةٍ قَالَ الْخَرَائِطِيُّ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ النَّسَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّبَاجِيُّ قَالَ سَمِعْتُ هَاتِفًا يَهْتِفُ عَجَبًا لِمَنْ وَجَدَ حَاجَتَهُ عِنْدَ مَوْلَاهُ فأنزلها بالعبيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 سِيَاقُ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ حَصَلَ لَهُمْ مُرَادُهُمْ مِنْ تَزَوُّجِ النِّسَاءِ الْمَحْبُوبَاتِ أَوْ مِلْكُ الْجَوَارِي أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ كَانَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَارِيَةٌ وَكَانَ لَهُ مُؤَذِّنٌ بِالرُّحْبَةِ يُؤَذِّنُ بِغَلَسٍ وَكَانَتِ الْجَارِيَةُ تَخْرُجُ تَسْتَعْذِبُ لَهُ الْمَاءَ مِنَ الْفُرَاتِ فَكَانَتْ كُلَّمَا تَمُرُّ بِالْمُؤَذِّنِ يَقُولُ لَهَا أَنَا وَاللَّهِ يَا فُلانَةُ أُحِبُّكِ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهَا شَكَتْهُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ لَهَا إِذَا قَالَ لَكِ أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكِ فَقُولِي لَهُ أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ فَمَاذَا فَقَالَتْ لَهُ فَقَالَ نَصْبِرُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ فَجَاءَتْ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ اذْهَبِي فَائْتِنِي بِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ وَقَالَ لَهُ يَا فُلانُ فِي قَلْبِكَ مِنْ فُلانَةَ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَهَلْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَالَ لَا وَاللَّهِ قَالَ فَنَاشَدَهُ ثَلاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَحْلِفُ لَهُ قَالَ فَشَأْنُكَ بِهَا فَخُذْ بِيَدِهَا فَهِيَ لَكَ فَهَذَا مِنْ حُكْمِ اللَّهِ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا فَإِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدُونَ النَّدِيمُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالُوا كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ يُقَالُ لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 عُمَارَةُ وَكَانَ يَجِدُ بِهَا وِجْدًا شَدِيدًا وَكَانَ لَهَا مَكَانٌ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْ جَوَارِيهِ فَلَمَّا وَفَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ خَرَجَ بِهَا مَعَهُ فَزَارَهُ يَزِيدُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَخْرَجَهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا وَسَمِعَ غِنَاءَهَا وَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَأَخَذَهُ عَلَيْهَا مَا لَا يُمْكِنُهُ وَجَعَلَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَبُوحَ بِمَا يَجِدُ بِهَا إِلا مَكَانَ أَبِيهِ مَعَ الْيَأْسِ مِنَ الظَّفَرِ بِهَا فَلَمْ يَزَلْ يُكَاتِمُ النَّاسَ أَمْرَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَأَفْضَى الأَمْرُ إِلَيْهِ فَاسْتَشَارَ بعض من قدم عَلَيْهِ من أهل الْمَدِينَة وَعَامة من يَثِق بِهِ فِي أمرهَا وَكَيف الْحِيلَة فِيهَا فَقيل لَهُ إِن أَمر عبد الله بن جَعْفَر لَا يُرَامُ وَمَنْزِلَتُهُ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ وَمِنْكَ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَأَنْتَ لَا تَسْتَجِيزُ إِكْرَاهَهُ وَهُوَ لَا يَبِيعُهَا بِشَيْءٍ أَبَدًا وَلَيْسَ يُغْنِي فِي هَذَا إِلا الْحِيلَةُ فَقَالَ انْظُرُوا لِي رَجُلا عِرَاقِيًا لَهُ أَدَبٌ وَظُرْفٌ وَمَعْرِفَةٌ فَطَلَبُوهُ فَأَتَوْهُ بِهِ فَلَمَّا دَخَلَ رَأَى بَيَانًا وَحَلاوَةً وَفَهْمًا فَقَالَ يَزِيدُ إِنِّي دَعَوْتُكَ لأَمْرٍ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِ فَهُوَ حَظُّكَ آخِرَ الدَّهْرِ وَيَدٌ أُكَافِئُكَ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ لَيْسَ يُرَامُ مَا قِبَلَهُ إِلا بِالْخَدِيعَةِ وَلَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ عَلَى مَا سَأَلْتَ فَأَرْجُوا أَنْ أَكُونَهُ وَالْقُوَّةُ بِاللَّهِ فَأَعِنِّي بِالْمَالِ قَالَ خُذْ مَا أَحْبَبْتَ فَأَخَذَ مِنْ طُرَفِ الشَّامِ وَثِيَابِ مِصْرَ وَاشْتَرَى مَتَاعًا لِلتِّجَارَةِ مِنْ رَقِيقٍ وَدَوَابٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ شَخَصَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَنَاخَ بِعَرْصَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَاكْتَرَى مَنْزِلا إِلَى جَانِبِهِ ثُمَّ تَوَسَّلَ إِلَيْهِ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَدِمْتُ بِتِجَارَةٍ وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ فِي جِوَارِكَ وَكَنَفِكَ إِلَى أَنْ أَبِيعَ مَا جِئْتُ بِهِ فَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى قَهْرَمَانَةَ أَنْ أَكْرِمِ الرَّجُلَ وَوَسِّعْ عَلَيْهِ فِي نُزُلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 فَلَمَّا اطْمَأَنَّ الْعِرَاقِيُّ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَرَّفَهُ نَفْسَهُ وَهَيَّأَ لَهُ بَغْلَةً فَارِهَةً وَثِيَابًا مِنْ ثِيَابِ الْعِرَاقِ وَأَلْطَافًا فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ وَكَتَبَ يَا سَيِّدِي إِنِّي رَجُلٌ تَاجِرٌ وَنِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيَّ سَابِغَةٌ وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ مِنْ لُطَفِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الثِّيَابِ وَالْعِطْرِ وَبَعَثْتُ بِبَغْلَةٍ خَفِيفَةِ الْعَنَانِ وَطِيئَةِ الظَّهْرِ وَأَنَا أَسْأَلُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا قَبِلْتَ هَدِيَتِي وَلَمْ تُوحِشْنِي بِرَدِّهَا إِنِّي أَدِينُ اللَّهَ تَعَالَى بِحُبِّكَ وَحُبِّ أَهْلِ بَيْتِكَ وَإِنَّ أَعْظَمَ أَمَلِي فِي سَفَرِي هَذِهِ أَنْ أَسْتَفِيدَ الأُنْسَ بِكَ وَالتَّحَرُّمَ بِمَوَاصَلَتِكَ فَأَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بِقَبْضِ هَدِيَّتِهِ وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ فَلَمَّا رَجَعَ مر بالعراق فِي مَنْزِلِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ فَرَأَى أَدَبًا وَظُرْفًا وَفَصَاحَةً فَأَعُجِبَ بِهِ وَسُرَّ بِنُزُولِهِ عَلَيْهِ فَجَعَلَ الْعِرَاقِيُّ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَبْعَثُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بِلُطَفٍ تُطْرِفُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ جَزَى اللَّهُ ضَيْفَنَا هَذَا خَيْرًا قَدْ مَلأَنَا شُكْرًا وَمَا نَقْدِرُ عَلَى مُكَافَأَتِهِ فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ إِلَى أَنْ دَعَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَدَعَا بِعُمَارَةَ فِي جَوَارِيهِ فَلَمَّا طَابَ لَهُمَا الملجس وَسَمِعَ غِنَاءَ عُمَارَةَ تَعَجَّبَ وَجَعَلَ يَزِيدُ فِي عَجَبِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ سُرَّ بِهِ إِلَى أَنْ قَالَ هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ عُمَارَةٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا سَيِّدِي مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا وَمَا تَصْلُحُ إِلا لَكَ وَمَا ظَنَنْتُ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ حُسْنَ وَجْهٍ وَحُسْنَ عَمَلٍ قَالَ فَكَمْ تُسَاوِي عِنْدَكَ قَالَ مَالَهَا ثَمَنٌ إِلا الْخِلافَةُ قَالَ تَقُولُ هَذَا لِتُزَيِّنَ لِي رَأْيِي فِيهَا وَتَجْتَلِبُ سُرُورِي قَالَ لَهُ يَا سَيِّدِي إِنِّي لأُحِبُّ سُرُورَكَ وَمَا قُلْتُ لَكَ إِلَّا الْجد وَبعد فَإِنِّي تَاجِرًا أَجْمَعُ الدِّرْهَمَ إِلَى الدِّرْهَمِ طَلَبًا لِلْرِبْحِ وَلَوْ أَعْطَيْتَنِيهَا بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ لأَخَذْتُهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ عَشَرَةُ آلافٍ قَالَ نَعَمْ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ جَارِيَةٌ تُعْرَفُ بِهَذَا الثَّمَنِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 606 أَنَا أَبِيعَكَهَا بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ قَالَ قَدْ أَخَذْتُهَا قَالَ هِيَ لَكَ قَالَ قَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَانْصَرَفَ الْعِرَاقِيُّ فَلَمَّا أَصْبَحَ عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَشْعُرْ إِلا بِالْمَالِ قَدْ وَافَى بِهِ فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ قَدْ بَعَثَ الْعِرَاقِيُّ بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ وَقَالَ هَذَا ثَمَنُ عُمَارَةٍ فَرَدَّهَا وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّمَا كُنْتُ أَمْزَحُ مَعَكَ وَمِمَّا أُعْلِمُكَ أَنَّ مِثْلِي لَا يَبِيعُ مِثْلَهَا فَقَالَ لَهُ جَعَلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الْجِدَّ وَالْهَزْلَ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَيْحَكَ مَا أَعْلَمُ جَارِيَةً تُسَاوِي مَا بَذَلْتَ وَلَوْ كُنْتُ بَائِعُهَا مِنْ أَحَدٍ لآثَرْتُكَ وَلَكِنِّي كُنْتُ مَازِحًا وَمَا أَبِيعَهَا بِمِلْكِ الدُّنْيَا لِحُرْمَتِهَا بِي وَمَوْضِعِهَا مِنْ قَلْبِي فَقَالَ الْعِرَاقِيّ إِن كنت مازحا فَإِن كُنْتُ جَادًّا وَمَا اطَّلَعْتُ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ وَقَدْ مَلَكْتُ الْجَارِيَةَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِثَمَنِهَا وَلَيْسَتْ تَحِلُّ لَكَ وَمَالِي مِنْ أَخْذِهَا بُدٌّ فَمَانَعَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُ لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ وَلَكِنِّي أَسْتَحْلِفُكَ عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْبَرِهِ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ الْجِدَّ قَالَ بِئْسَ الضَّيْفُ أَنْتَ مَا طَرَقَنَا طَارق وَلَا نزل بِنَا فازل أَعْظَمُ بَلِيَّةً مِنْكَ أَتُحَلِّفُنِي فَيَقُولُ النَّاسُ اضْطَهَدَ عَبْدُ اللَّهِ ضَيْفَهُ وَقَهَرَهُ فَأَلْجَأَهُ إِلَى أَنِ اسْتَحْلَفَهُ أَمَا وَاللَّهِ لَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنِّي سَائِلُهُ فِي هَذَا الأَمْرِ الصَّبْرَ وَحُسْنَ الْعَزَائِمِ ثُمَّ أَمَرَ قَهْرَمَانَةَ بِقَبْضِ الْمَالِ فِيهِ وَتَجْهِيزِ الْجَارِيَةِ بِمَا يُشْبِهُهَا مِنَ الْخَدَمِ وَالثِّيَابِ وَالطِّيبِ فَجُهِّزَتْ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ وَقَالَ هَذَا لَكَ وَلَكَ عِوَضَهَا مِمَّا أَلْطَفْتَنَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَقَبَضَ الْعِرَاقِيُّ الْجَارِيَةَ وَخَرَجَ بِهَا فَلَمَّا بَرَزَ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ لَهَا يَا عُمَارَةُ إِنِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 وَاللَّهِ مَا مَلَكْتُكِ قَطُّ وَلا أَنْتَ لِي وَلا مِثْلِي يَشْتَرِي جَارِيَةً بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ وَمَا كُنْتُ لأُقْدِمَ عَلَى ابْنِ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلُبَهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ لِنَفْسِي وَلَكِنِّي دَسِيسٌ مِنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَفِي طَلَبِكِ بَعَثَ بِي فَاسْتَتِرِي مِنِّي وَإِنْ دَاخَلَنِي الشَّيْطَانُ أَوْ تَاقَتْ نَفْسِي إِلَيْكِ فَامْتَنِعِي ثُمَّ مَضَى بِهَا حَتَّى وَرَدَ دِمَشْقَ فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ بِجَِنَازَةِ يَزِيدَ وَقَدِ اسْتَخْلَفَ ابْنَهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ فَأَقَامَ الرَّجُلُ أَيَّامًا ثُمَّ تَلَطَّفَ لِلْدُخُولِ عَلَيْهِ فَشَرَحَ لَهُ الْقِصَّةَ وَيُرْوَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يَعْدِلُ عَدْلَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ فِي زَمَانِهِ بُتْلا وَنُسْكًا فَلَمَّا أَخْبَرَهُ قَالَ هِيَ لَكَ وَكُلُّ مَا دَفَعَهُ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِهَا فَهُوَ لَكَ وَارْحَلْ مِنْ يَوْمِكَ وَلا أَسْمَعُ بِخَبَرِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ بِلادِ الشَّامِ فَرَحَلَ الْعِرَاقِيُّ ثُمَّ قَالَ لِلْجَارِيَةِ إِنِّي قُلْتُ لَكَ مَا قُلْتُ حِينَ خَرَجْتُ بِكِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَخْبَرْتُكِ أَنَّكَ لِيَزِيدَ وَقَدْ صِرْتِ لِي وَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ إِنَّكِ لِعَبْدِ اللَّهِ ابْن جَعْفَرٍ وَأَنِّي قَدْ رَدَدْتُكِ عَلَيْهِ فَاسْتَتِرِي مِنِّي ثُمَّ خَرَجَ بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ حَرَمِهِ فَقَالَ لَهُ هَذَا الْعِرَاقِيُّ ضَيْفُكَ الَّذِي صَنَعَ مَا صَنَعَ وَقَدْ نَزَلَ الْعَرْصَةَ لَا حَيَّاهُ اللَّهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَهْ أَنْزِلُوا الرَّجُلَ وَأَكْرِمُوهُ فَلَمَّا اسْتَقَّرَ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَذْنَةً خَفِيفَةً لأُشَافِهُكَ بِشَيْءٍ فَعَلْتَ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَرَّبَهُ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ اقْتَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ حَتَّى فَرَغَ قَالَ وَاللَّهِ قَدْ وَهَبْتُهَا لَكَ قَبْلَ أَنْ أَرَاهَا أَوْ أَضَعَ يَدِي عَلَيْهَا فَهِيَ لَكَ وَمَرْدُودَةٌ عَلَيْكَ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنِّي مَا رَأَيْتُ لَهَا وَجْهًا إِلا عِنْدَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 وَبَعَثَ إِلَيْهَا فَجَاءَتْ وَجَاءَ بِمَا جَهَّزَهَا بِهِ مُوَفَّرًا فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَأَهْوَى إِلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ فَضَمَّهَا إِلَيْهِ وَخَرَجَ الْعِرَاقِيُّ وَتَصَايَحَ أَهْلُ الدَّارِ عُمَارَةُ عُمَارَةُ فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ وَدُمُوعُهُ تَجْرِي أَحِلْمٌ هَذَا أَحَقٌّ هَذَا مَا أصدق بِهَذَا قَالَ لَهُ الْعِرَاقِيُّ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَدَّهَا عَلَيْكَ إِيثَارُكَ الْوَفَاءَ وَصَبْرُكَ عَلَى الْحَقِّ وَانْقِيَادُكَ لَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي تَصَبَّرْتُ عَنْهَا وَآثَرْتُ الْوَفَاءَ وَأَسْلَمْتُ لأَمْرِكَ فَرَدَدْتَهَا عَلَيَّ بِمَنِّكَ فَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا الْعِرَاقِ مَا فِي الأَرْضِ أَعْظَمُ مِنَّةً مِنْكَ وَسَيُجَازِيكَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَقَامَ الْعِرَاقِيُّ أَيَّامًا وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ غَنَمًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقَالَ لِقَهْرَمَانَةَ احْمِلْهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ اعْذُرْ وَاعْلَمْ أَنِّي لَوْ وَصَلْتُكَ بِكُلِّ مَا أَمْلُكُ لَرَأَيْتُكَ أَهْلا لأَكْثَرَ مِنْهُ وَقَفَلَ الْعِرَاقِيُّ مَحْمُودًا وَافِرَ الْعَرَضِ وَالْمَالِ وَرَوَى مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ دخل عبد الله ابْن أَبِي عَمَّارٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فَقِيهُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى نَخَّاسٍ فَعَلِقَ فَتَاةً فَاشْتُهِرَ بِذِكْرِهَا حَتَّى مَشَى إِلَيْهِ عَطاء وطاووس وَمُجَاهِدٌ يَعْذُلُونَهُ فَكَانَ جَوَابُهُ يَلُومُنِي فِيكِ أَقْوَامٌ أُجَالِسُهُمْ ... فَمَا أُبَالِي أَطَارَ اللَّوْمُ أَمْ وَقَعَا فَانْتَهَى خَبَرُهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ غَيْرُهُ فَحَجَّ فَبَعَثَ إِلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَأَمَرَ قَيَّمَةَ جَوَارِيهِ أَنْ تُزَيِّنُهَا وَتُجَلِّيهَا فَفعلت وَبلغ النَّاس قدومه فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِي لَا أَرَى ابْنَ أَبِي عَمَّارٍ زَائِرَنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 فَأُخْبِرَ الشَّيْخُ فَأَتَاهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ اسْتَجْلَسَهُ فَقَعَدَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ جَعْفَرٍ مَا فَعَلَ حُبُّ فُلانَةَ فَقَالَ سِيطَ بِهِ لَحْمِي وَدَمِي وَعَصَبِي وَمُخِّي وَعِظَامِي قَالَ فَتَعْرِفُهَا إِنْ رَأَيْتَهَا قَالَ وَأَعْرِفُ عِيرَهَا قَالَ فَإِنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُهَا وَوَاللَّهِ مَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا وَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَزُفَّتْ فِي الْحِلَى وَالْحِلَلِ فَقَالَ أَهِيَ هَذِهِ قَالَ نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ فَخُذْ بِيَدِهَا فَقَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ لَكَ أَرَضِيتَ قَالَ إِي وَاللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَفَوْقَ الرِّضَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ جَعْفَرٍ وَلَكِنِّي وَالله لَا أَرْضَى أَنْ أُعْطِيكَهَا صِفْرًا احْمِلْ مَعَهُ يَا غُلامُ مِائَةَ ألف دِرْهَم كَيْلا يهتم بمؤونتها قَالَ فَرَاحَ بِهَا وَبِالْمَالِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَاقُولِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ كَانَ بِالْحِجَازِ رَجُلٌ لَهُ ابْنَةٌ جَمِيلَةٌ فَهَوِيَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا فَبَذَلَ لأَبِيهَا أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ فَأَجْدَبَتِ الْجَارِيَةُ وَانْقَرَضَ مَالُ الرَّجُلِ فَتَحَوَّلَ أَبُو الْجَارِيَةِ بِأَهْلِهِ مِنَ الشَّامِ فَكَثُرَ خُطَّابُهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَمِّهَا فَصَارَ إِلَى أَبِيهَا فَشَكَى إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ كُنْتَ بَذَلْتَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فأعطيناها فَهِيَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ قَرَابَتِكَ قَالَ أَجِّلْنِي شَهْرًا وَلَمْ يَكُنْ لِلأَعْرَابِيِّ إِلا نَاقَةٌ فَرَكِبَهَا وَلَحِقَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَأُصِيبَ بِنَاقَتِهِ فَحَمَلَ الْحِلْسَ وَالْقَتَبَ عَلَى عُنُقِهِ وَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَلَمَّا وَضَعَ الْحِلْسَ وَالْقَتَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْشَأَ يَقُولُ مَاذَا يَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ ... أَدْلَى إِلَيْهِ بِلا قُرْبٍ وَلا نَسَبِ مُدَلَّهٌ عَقْلُهُ مِنْ حُبِّ جَارِيَةٍ ... مَوْصُوفَةٍ بِكَمَالِ الدَّلِّ وَالأَدَبِ خَطَبْتُهَا إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ لَهَجُوا ... بِذِكْرِهَا وَالْهَوَى يَدْعُو إِلَى الْعَطَبِ فَقُلْتُ لِي حَسَبٌ عَالٍ وَلِي شَرَفٌ ... قَالُوا الدَّرَاهِمُ خَيْرٌ مِنْ ذَوِي الْحَسَبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 إِنَّا نُرِيدُ أُلُوفًا مِنْكَ أَرْبَعَةً ... وَلَسْتُ أَمْلُكُ غَيْرَ الْحِلْسِ وَالْقَتَبِ فَالنَّفْسُ تَعْجَبُ لَمَّا رُمْتُ خِطْبَتَهَا ... مِنِّي وَيَضْحَكُ إِفْلاسِي مِنَ الْعَجَبِ لَوْ كُنْتُ أَمْلُكُ مَالا أَوْ أُحِيطُ بِهِ ... أَعْطَيْتُهُمْ أَلْفَ قِنْطَارٍ مِنَ الذَّهَبِ فَامْنُنْ عَلَيَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا ... وَاجْمَعْ بِهَا شَمْلَ هَذَا الْبَائِسِ الْعَزَبِ فَمَا وَرَاءَكَ بَعْدَ اللَّهِ مَطْلَبٌ ... أَنْتَ الرَّجَاءُ وَمِنِّي غَايَةُ الطَّلَبِ فَضَحِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ قَالَ أَصْدُقْهَا هَذِهِ وَأَرْبَعَةِ آلافٍ قَالَ أَو لم بِهَذِهِ وَأَرْبَعَةِ آلافٍ قَالَ اقْتَنِ هَذِهِ فَأَخَذَهَا الْفَتَى وَرَجَعَ إِلَى الشَّيْخِ فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَتًى مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى قَيْنَةٍ لِبَعْضِ قُرَيْشٍ وَكَانَ طَرِيرًا ظَرِيفًا وَكَانَتِ الْجَارِيَةُ تُحِبُّهُ وَلا يَعْلَمُ بِحُبِّهَا وَيُحِبُّهَا وَلا تَعْلَمُ فَأَرَادَ يَوْمًا أَنْ يَبْلُوَ ذَلِكَ مِنْهَا فَقَالَ لِبَعْضِ إِخَوَانِهِ امْضِ بِنَا إِلَى فُلانَةَ فَانْطَلَقَا فَدَخَلا إِلَيْهَا فَلَمَّا جَلَسَتْ مَجْلِسَهَا وَاحْتَجَزَتْ بِمَزْهَرِهَا قَالَ الأُمَوِيُّ تُغَنِّينَ أُحِبُّكُمُ حُبًّا بِكُلِّ جَوَارِحِي ... فَهَلْ لَكُمُ عِلْمٌ بِمَا لَكُمُ عِنْدِي وَتُجْزَوْنَ بِالْوُدِّ الْمُضَاعَفِ مِثْلَهُ ... فَإِنَّ الْكَرِيمَ مَنْ جَزَى الْوُدَّ بِالْوُدِّ قَالَتْ نَعَمْ وَأَحْسَنَ مِنْهُ وَغَنَّتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 لِلَّذِي وَدَّنَا الْمَوَدَّةُ بِالضِّعْفِ وَفَضْلُ الْبَادِي بِهِ لَا يُجَازَى لَوْ بَدَا مَا بِنَا لَكُمْ مَلأَ الأَرْضَ ... وَأَقْطَارَ شَامِهَا وَالْحِجَازَا فَعَجِبَ الْقَوْمُ مِنْ سُرْعَتِهِ مَعَ شُغْلِ قَلْبِهِ وَمِنْ ذِهْنِهَا وَحُسْنِ جَوَابِهَا فَازْدَادَ كَلَفًا وَصَرَّحَ عَمَّا فِي قَلْبِهِ فَقَالَ أَنْتِ عُذْرُ الْفَتَى إِذَا هُتِكَ ... السِّتْرُ وَإِنْ كَانَ يُوسُفُ الْمَعْصُومَا مَنْ يَلُمْ فِي هَوَاكِ يَقْصُرْ عَنِ اللَّوْمِ ... وَإِمَّا رَآكِ كَانَ الْمَلُومَا وَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينَةِ خَبَرُهَا فَاشْتَرَاهَا بِعَشْرِ حَدَائِقَ وَوَهَبَهَا لَهُ وَمَا يُصْلِحُهَا فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ حَوْلا ثُمَّ مَاتَتْ فَرَثَّاهَا فَقَالَ قَدْ تَمَنَّيْتُ جَنَّةَ الْخُلْدِ بِالْجَهْدِ ... وَأُدْخِلْتُهَا بِلا اسْتِئْهَالِ ثُمَّ أُخْرِجْتُ أَنْ تَطَعَّمْتُ بِالنِّعْمَةِ مِنْهَا وَالْمَوْتُ أَحْمَدُ حَالِ فَكَرَّرَ هَذَا الشِّعْرَ مِرَارًا وَقَضَى فَدُفِنَا مَعًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْمُؤَدِّبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن ابْن الْقَاسِمِ الْمَكِّيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ جَارِيَةٌ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ وَرَوَتِ الأَشْعَارَ وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَكَانَ الأَحْوَصُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ يَخْتَلِفَانِ إِلَيْهَا يُطَارِحَانِهَا الشِّعْرَ فَعَلِقَاهَا وَعَلِقَتْ هِيَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَكَانَتْ إِذَا حَدَّثَتْ أَقْبَلَتْ بِحَدِّيثِهَا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِذَا حَدَّثَ أَنْصَتَتْ لَهُ فَغَاظَ ذَلِكَ الأَحْوَصَ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُعَرِّضَنَّ لَهَا بِبَيْتٍ مِنَ شِعْرٍ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 أَرَى الإِقْبَالَ مِنْكِ عَلَى خَلِيلِي ... وَمَا لِي فِي حَدِيثِكِ مِنْ نَصِيبِ فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ تُجِيبُهُ لأَنَّ اللَّهَ عَلَّقَهُ فُؤَادِي ... فَأَضْحَى الْحُبُّ دُونَكَ وَالْحَبِيبُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ خَلِيلِي لَا تَلُمْهَا فِي هَوَاهَا أَلَذُّ الْعَيْشِ مَا تَهْوَى الْقُلُوبُ فَقَالَ الأَحْوَصُ وَاللَّهِ لأَجْهَدَنَّ أَنْ أُفَرِقَ بَيْنَكُمَا فَخَرَجَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَامْتَدَحَهُ فَأَجَازَهُ وَأَحْسَنَ صِلَتَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَصِيحَةٌ قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ جَارِيَةٌ خَلَّفْتُهَا بِالْمَدِينَةِ جَمِيلَةٌ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ وَرَوَتِ الأَشْعَارَ وَمَا تَصْلُحُ إِلا لِمُسَامَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ وَيْحَكَ صِفْهَا فِي أَبْيَاتِ شِعْرٍ فَقَالَ كَمُلَتْ فِي الْجِمَالِ وَالْحُسْنِ وَالْمَلَحِ وَتَمَّتْ فِي عَقْلِهَا وَالْعَفَافِ غَضَّةٌ بَضَّةٌ فَتَاةٌ كَعُوبٌ ... هَضْمَةُ الْكَشْحِ وَعْثَةُ الأَرْدَافِ هِيَ شَمْسُ النَّهَارِ فِي الْحُسْنِ إِلا ... أَنَّهَا فُضِّلَتْ بِعَطْفِ الظِّرَافِ وَلَهَا مَنْظَرٌ وَدَلٌّ شَهِيٌّ ... وَحَدِيثٌ مُرَتَّلٌ غَيْرُ جَافِي خُلِقَتْ فَوْقَ منية المتمني ... فاقبل النصح يَابْنَ عَبْدِ مَنَافِ قَالَ قَدْ قَبِلْتُ فَبَعَثَ فَاشْتَرَاهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا صَارَتْ إِلَى الشَّامِ خَرَجَ الأَحْوَصُ مِنَ الشَّامِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَمَرَّ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ وَهُوَ جَالِسٌ بِفِنَاءِ دَارِهِ يَخُطُّ الأَرْضَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 يَا مُبْتَلًى بِالْحُبِّ مَفْدُوحًا ... لاقَى مِنَ الْحُبِّ التَّبَارِيحَا أَلْجَمَهُ الْحُبُّ فَمَا يَنْثَنِي ... إِلا بِفَاسِ الْحُبِّ مَكْبُوحَا وَصَارَ مَا يُعْجِبُهُ مُغْلَقًا ... عَنْهُ وَمَا يَكْرَهُ مَفْتُوحَا قَدْ حَازَهَا مَنْ أَصْبَحَتْ عِنْدَهُ ... يُنَالُ مِنْهَا الشَّمُّ وَالرِّيحَا خَلِيفَةُ اللَّهِ فَسَلِّ الْهَوَى ... وَعَزِّ قَلْبًا مِنْكَ مَجْرُوحَا فَرَفَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَأْسَهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ لَا صَبْرَ لِي عَنْ شَادِنٍ طَرْفُهُ ... يُورِثُ بِاللُّحْظِ التَّبَارِيحَا لَوْ تَخْلُصُ الرِّيحُ إِلَى جِسْمِهِ ... ظَلَّ لِمَسِّ الرِّيحِ مَجْرُوحَا لَا حَظَّ لِي مِنْهُ سِوَى أَنَّنِي ... مِنْ نَحْوِهِ أَسْتَنْشِقُ الرِّيحَا وَكُلَّمَا اسْتَنْشَقْتُهَا مَرَّةً ... عَدَدْتُهَا غَنْمًا وَمَفْرُوحَا وَوَافَقَ ذَلِكَ خُرُوجُ غُلامٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ أَلَكَ حَاجَةً قَالَ نَعَمْ هَذَا الْكِتَابُ تَلَطَّفْ فِي إِيصَالِهِ إِلَيْهَا وَكَتَبَ إِلَيْهَا يُعْلِمُهَا مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَحْوَصِ مِنَ الشِّعْرِ وَشَمَاتَتِهِ بِهِ فَكَتَبَتِ الْجَارِيَةُ إِلَيْهِ يَا مُشْتَكِي الْحُبِّ وَلَوْعَاتِهِ ... أَصْبَحَ قَلْبِي مِنْكَ مَقْرُوحَا مَا قَرَّتِ الْعَيْنُ بِمَا نِلْتُهُ ... وَلا عَدَدْتُ الْمِلْكَ مَفْرُوحَا شَوْقًا إِلَى وَجْهِكَ ذَاكَ الَّذِي ... لَمْ يُبْقِ لِي فِي يَدِي رُوحَا فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهَا اسْتَفَزَّهُ ذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَامْتَدَحَهُ فَأَحْسَنَ صِلَتَهُ وَجَائِزَتَهُ ثُمَّ مَكَثَ أَيَّامًا وَعَلِمَتِ الْجَارِيَةُ بِقُدُومِهِ فَجَعَلَتْ تُوَجِّهُ إِلَيْهِ تَسْتَخْبِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 خَبَرَهُ وَكَانَ الَّذِي يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ خَادِمٌ لَهَا فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا احْتَلْ فِي أَنْ تُدْخِلَهُ فَأَتَى يَزِيدَ فَأَعْلَمَهُ بِاللَّيْلَةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا فَجَلَسَ يَزِيدُ فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُمْ وَلا يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُ كَلامَهُمْ فَلَمَّا دَخَلَ قَامَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ ثُمَّ جَلَسَتْ نَاحِيَةً يَتَحَدَّثَانِ وَيَبْكِيَانِ إِلَى أَنْ طَلَعَ الْفَجْرَ فَقَامَ لِيَنْصَرِفَ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ مَنْ كَانَ أَضْحَى سَلا بِالْيَأْسِ عَنْ سَكَنٍ ... فَإِنَّنِي عَنْكَ مَا أَمْسَيْتُ بِالسَّالِي وَاللَّهِ وَاللَّهِ لَا أَنْسَاكَ يَا سَكَنِي ... حَتَّى تُفَارِقَ مِنِّي الرُّوحَ أَوْصَالِي فَأَجَابَهَا أَضْحَى الْمُحِبُّونَ بَعْدَ الْوَصْلِ قَدْ يَئِسُوا ... وَقَدْ يَئِسَتْ وَمَا أُسْلُو عَلَى حَالِ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ يَزِيدُ بَعَثَ إِلَيْهِ وَبَعَثَ إِلَيْهَا وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ حَدِّثَانِي مَا كَانَ بَيْنَكُمَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَقَدْ خَبَّرَنِي بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَكُمَا فَأَخْبَرَاهُ بِمَا كَانَ فَأَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ أَتُحِبُّهَا قَالَ إِي وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُبًّا تَالِدًا غَيْرَ طَارِفٍ وَلا مُسْتَأْنَفٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ أَتُحِبِّينَهُ قَالَتْ إِي وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُبًّا قَدْ خَرَقَ شَغَافَ قَلْبِي فَقَالَ خُذْ بِيَدِهَا ثُمَّ قَالَ مَكَانَكْ إِنَّهَا لَا تَنْفَعُكَ بِغَيْرِ مَا يُصْلِحُكُمَا فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَدِمَ بِهَا الْمَدِينَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَخِي الأَصْمَعِيِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ حَجَّ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خِلافَةِ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ جَمِيلَةٌ فَأُعْجِبَ بِهَا غَايَةَ الإِعْجَابِ فَاشْتَرَاهَا بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ وَكَانَ اسْمُهَا الْعَالِيَةُ فَسَّمَاهَا حُبَابَةُ وَكَانَ يَهْوَاهَا الْحَارِثُ بْنُ خَالِد المَخْزُومِي فَقَالَ لَهُ بَلَغَهُ خُرُوجُ يَزِيدَ بِهَا ظَعَنَ الأَمِيرُ بِأَحْسَنِ الْخَلْقِ ... وَغَدَا بِلُبِّكَ مَطْلَعَ الشَّرْقِ وَبَلَغَ سُلَيْمَانُ خَبَرَهَا فَقَالَ لَهَمَمْتُ أَنْ أَحْجِرَ عَلَى يَزِيدَ يَبْتَاعُ جَارِيَةً بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ وَكَانَ يَزِيدُ يَهَابُهُ وَيَتَّقِيهِ فَتَأَدَّى إِلَيْهِ قَوْلُهُ فَرَدَّهَا عَلَى مَوْلاهَا وَاسْتَرَجَعَ مِنْهُ الْمَالَ وَبَاعَهَا مَوْلاهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَمَكَثَ يَزِيدُ آسِفًا مُتَحَسِّرًا عَلَيْهَا فَلَمْ تَمْضِ إِلا مُدَيْدَةً حَتَّى تَقَلَّدَ يَزِيدُ الأَمْرَ فَبَيْنَا هُوَ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ مَعَ امْرَأَتِهِ سُعْدَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ إِذْ قَالَتْ لَهُ بَقِيَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَمْ تَنَلْهُ قَالَ نَعَمْ حُبَابَةُ فَأَمْسَكَتْ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَرْسَلَتْ بَعْضَ ثِقَاتِهَا إِلَى مِصْرَ وَدَفَعَتْ إِلَيْهِ مَالا وَأَمَرَتْهُ بِابْتِيَاعِ حُبَابَةَ فَمَضَى فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ مِنْ أَنْ وَرَدَ وَهِيَ مَعَهُ قَدِ اشْتَرَاهَا فَأَمَرَتْ سُعْدَةُ قَيَّمَةَ جَوَارِيهَا أَنْ تَصْنَعَهَا وَكَسَتْهَا مِنْ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَصَاغَتْ لَهَا أَفْخَرَ الْحُلِيِّ وَقَالَتْ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُتَحَسِّرٌ عَلَيْكِ وَلَهُ اشْتَرَيْتُكِ فَسُرَّتْ وَدَعَتْ لَهَا فَلَبِثَتْ أَيَّامًا تَصَنْعُهَا تِلْكَ الْقَيِّمَةَ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ عَنْهَا وَعْثُ السَّفَرِ قَالَتْ سُعْدَةُ لِيَزِيدَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَمْضِيَ مَعِي إِلَى بستانك بالغوطة لنتتزه فِيهِ قَالَ أَفْعَلُ فَتَقَدَّمِينِي إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 616 فَمَضَتْ وَضَرَبَتْ قُبَّةً وَشْيٍ وَنَجَّدَتْهَا بِالْفَرْشِ وَجَعَلَتْ دَاخِلَهَا كُلَّةَ قَصَبٍ وأجسلت فِيهَا حُبَابَةَ وَجَاءَ يَزِيدُ فَأَكَلُوا وَجَلَسُوا عَلَى شَرَابِهِمْ فَأَعَادَتْ سُعَدَةُ عَلَيْهِ هَلْ بَقِيَ فِي نَفْسِكَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ لَمْ تَبْلُغْهُ قَالَ نَعَمْ حُبَابَةُ قَالَتْ فَإِنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً ذَكَرَتْ أَنَّهَا عَلَّمَتْهَا غِنَاءَهَا كُلَّهُ فَهِيَ تُغَنِّي مِثْلَهَا فَتَنَشَّطْ لاسْتِمَاعِهَا قَالَ إِي وَاللَّهِ فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى الْقُبَّةِ وَجَلَسَا قُدَّامَهَا وَقَالَتْ غَنِّي يَا جَارِيَة فغنت الصَّوْت الَّذِي عنته لِيَزِيدَ لَمَّا اشْتَرَاهَا هُوَ مِنْ شِعْرِ كُثَيِّرٍ وَبَيْنَ التَّرَاقِي وَالْفُؤَادِ حرارة ... مَكَان الشجالا تَسْتَقِلُّ فَتَبْرَدُ فَقَالَ يَزِيدُ حُبَابَةُ وَاللَّهِ فَقَالَتْ سُعْدَةُ حُبَابَةُ وَاللَّهِ لَكَ اشْتَرَيْتُهَا وَقَدْ أَهْدَيْتُهَا لَكَ فَسُرَّ سُرُورًا عَظِيمًا وَشَكَرَهَا غَايَةَ الشُّكْرِ وَانْصَرَفَتْ وَتَرَكَتْهُ مَعَ حُبَابَةَ فِي الْبُسْتَانِ فَلَمَّا كَانَ بِالْعَشِيِّ صَعَدَ مَعَهَا إِلَى مُسْتَشْرَفٍ فِي الْبُسْتَانِ وَقَالَ لَهَا غَنِّي وَبَيْنَ التَّرَاقِي وَالْفُؤَادِ حَرَارَةٌ فَغَنَّتْهُ فَأَهْوَى لِيَرْمِيَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَطِيرُ وَاللَّهِ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَالَتْ اللَّهَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَقَامَ مَعَهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْبُسْتَانِ ثُمَّ انْصَرَفَا وَأَقَامَتْ أَيَّامًا ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا وَامْتنع عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمَرِضَ وَمَاتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 617 أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْعُشَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَخِي مِيمِي قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُرْجُلانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَشْرَسُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِي الْجَزَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَكِّيُّ قَالَ كَانَ عِنْدَنَا هَا هُنَا نَخَّاسٌ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ وَكَانَ يُوصَفُ مِنْ جِمَالِهَا وَكَمَالِهَا أَمْرٌ عَجِيبٌ وَكَانَ يُخْرِجُهَا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَكَانَ يُبْذَلُ لَهُ فِيهَا الرَّغَائِبَ فَيَمْتَنِعُ عَنْ بَيْعِهَا وَيَطْلُبُ الزِّيَادَةَ فِي ثمنهَا فَمَا زَالَ بذلك حينا وتسامع بهَا أهل الْأَمْصَار فَكَانُوا يحجون عمدا للنَّظَر إِلَيْهَا قَالَ وَكَانَ عِنْدَنَا فَتًى مِنَ النُّسَّاكِ قَدْ نَزَعَ إِلَيْنَا مِنْ بَلَدِهِ وَكَانَ مُجَاوِرًا عِنْدَنَا فَرَأَى الْجَارِيَةَ يَوْمًا فِي أَيَّامِ الْعَرْضِ لَهَا فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ وَكَانَ يَجِيءُ طُولَ أَيَّامِ الْعَرْضِ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَنْصَرِفُ فَلَمَّا حُجِبَتْ أَحْزَنَهُ ذَلِكَ وَأَمْرَضَهُ مَرَضًا شَدِيدًا وَجَعَلَ يَذُوبُ جِسْمُهُ وَيَنْحُلُ وَاعْتَزَلَ النَّاسَ فَكَانَ يُقَاسِي الْبَلاءَ طُولَ سَنَتِهِ إِلَى أَيَّامِ الْمَوْسِمِ فَإِذَا خَرَجَتِ الْجَارِيَةُ إِلَى الْعَرْضِ خَرَجَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَسَكَنَ مَا بِهِ حَتَّى تُحْجَبُ فَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ سِنِينَ يَنْحُلُ وَيَذُوبُ وَلَمْ أَزَلْ بِهِ وَأَلِحُّ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ حَدَّثَنِي بِحَدِيثِهِ وَمَا يُقَاسِيهِ وَسَأَلَ أَنْ لَا أُذِيعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلا يَسْمَعُ بِهِ أَحَدٌ فَرَحِمْتُهُ لِمَا يُقَاسِي وَمَا صَارَ إِلَيْهِ فَدَخَلْتُ إِلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ وَلَمْ أَزَلْ أُحَادِثُهُ إِلَى أَنْ خَرَجَتُ إِلَيْهِ بِحَدِيثِ الْفَتَى وَمَا يُقَاسِي وَمَا صَارَ إِلَيْهِ وَأَنَّهُ صَارَ عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 618 فَقَالَ قُمْ بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى أُشَاهِدُهُ وَأَنْظُرُ حَالَهُ فَقُمْنَا جَمِيعًا وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ مَوْلَى الْجَارِيَةِ وَرَآهُ وَشَاهَدَ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ رَجَعَ إِلَى دَارِهِ فَأَخْرَجَ ثِيَابًا حَسَنَةً سَرِيَةً وَقَالَ أَصْلِحُوا فُلانَةَ وَلَبِّسُوهَا هَذِهِ الثِّيَابَ وَاصْنَعُوا مَا تَصْنَعُونَ بِهَا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ فَفَعَلُوا بِهَا ذَلِكَ فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَأَخْرَجَهَا إِلَى السُّوقِ وَنَادَى فِي النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ وَهَبْتُ جَارِيَتِي فُلانَةَ لِهَذَا وَمَا عَلَيْهَا ابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ الله ثمَّ قَالَ لِلْفَتَى تَسَلَّمْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فَهِيَ هَدِيَةٌ مِنِّي إِلَيْكَ بِمَا عَلَيْهَا فَجَعَلَ النَّاسُ يَعْذُلُونَهُ وَيَقُولُونَ وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ قَدْ بُذِلَ لَكَ فِيهَا الرَّغَائِبَ فَلَمْ تَبِعْهَا وَوَهَبْتَهَا لِهَذَا فَقَالَ إِلَيْكُمْ عَنِّي فَإِنِّي أَحْيَيْتُ كُلَّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ النَّهْرَوَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرَيْرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الأَزْهَرِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي فَحَدَّثَنِي قَالَ بَيَّنَّا أَنَا الْبَارِحَةَ قَدْ أَوَيْتُ إِلَى فِرَاشِي فَإِذَا دَاقٌّ يَدُقُّ الْبَابَ دَقًّا شَدِيدًا فَأَخَذْتُ عَلَيَّ إِزَارِي وَخَرَجْتُ فَإِذَا هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ يَا أَبَا حَاتِمٍ لِي بِكَ حُرْمَةٌ وَهَذَا وَقْتٌ كَمَا تَرَى وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ دَعَانِي لأَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ فَإِنْ أَمْكَنَكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 أَنْ تَدْفَعَ بِذَلِكَ إِلَى الْغَدِ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ رَأْيٌ فَقَالَ مَالِي إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ السَّبَبُ قَالَ خَرَجَ إِلَيَّ مَسْرُورٌ الْخَادِمُ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ بِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَصُبَّ عَلَيَّ مَاءً وَأَتَحَنَّطُ فَإِنْ كَانَ أَمْرٌ مِنَ الأُمُورِ كُنْتُ قَدْ أَحْكَمْتُ شَأْنِي وَإِنْ رَزَقَ اللَّهُ الْعَافِيَةَ فَلَنْ يَضُرَّ فَأَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَلَبِسْتُ ثِيَابًا جُدُدًا وَتَطَيَّبْتُ بِمَا أَمْكَنَ مِنَ الطِّيبِ ثُمَّ خَرَجْنَا فَمَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا دَارَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ فَإِذَا مَسْرُورٌ وَاقِفًا فَقَالَ لَهُ هَرْثَمَةُ قَدْ جِئْتُ بِهِ فَقُلْتُ لِمَسْرُورٍ يَا أَبَا هَاشِمٍ خِدْمَتِي وَحُرْمَتِي وَهَذَا وَقْتٌ ضَيِّقٌ فَتَدْرِي لِمَ طَلَبَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا قُلْتُ فَمَنْ عِنْدَهُ قَالَ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ قُلْتُ وَمَنْ قَالَ مَا عِنْدَهُ ثَالِثٌ فَقَالَ مُرْ فَإِذَا صِرْتُ فِي الصَّحْنِ فَإِنَّهُ فِي الرُّوَاقِ جَالِسٌ فَحَرِّكْ رِجْلِكَ بِالأَرْضِ فَإِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ فَقُلْ أَنَا فَجِئْتُ فَفَعَلْتُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قُلْتُ يَعْقُوبُ قَالَ ادْخُلْ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَعَنْ يَمِينِهِ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ وَقَالَ أَظُنُّنَا رَوَّعْنَاكَ قُلْتُ إِي وَاللَّهِ وَكَذَلِكَ مَنْ خَلْفِي قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ حَتَّى سَكَنَ رَوْعِي ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا يَعْقُوبُ تَدْرِي لَمْ دَعَوْتُكَ قُلْتُ لَا قَالَ دَعَوْتُكَ لأُشْهِدُكَ عَلَى هَذَا إِنَّ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ سَأَلْتُهُ أَنْ يَهِبَهَا لِي فَامْتَنَعَ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا فَأَبَى وَوَاللِّهِ لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ لأَقْتُلَنَّهُ قَالَ فَالْتَفَتُّ إِلَى عِيسَى فَقُلْتُ وَمَا بَلَغَ اللَّهُ بِجَارِيَةٍ تَمْنَعُهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَتْرُكُ نَفْسَكَ عِنْدَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ قَالَ فَقَالَ لِي عَجِلْتَ عَلَيَّ فِي الْقَوْلِ قَبْلَ أَنْ تَعْرِفَ مَا عِنْدِي قُلْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 وَمَا فِي هَذَا مِنَ الْجَوَابِ قَالَ إِنَّ عَلَيَّ يَمِينًا بِالطَّلاقِ وَالْعِتَاقِ وَمَا أَمْلِكُ صَدَقَةً أَنْ لَا أَبِيعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَلا أَهِبَهَا فَالْتَفَتَ إِلَيَّ الرَّشِيدُ فَقَالَ هَلْ فِي ذَلِكَ مِنْ مَخْرَجٍ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَمَا هُوَ قُلْتُ يَهِبُ لَكَ نِصْفَهَا وَيَبِيعَكَ نِصْفَهَا فَيَكُونُ لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَهِبْ قَالَ عِيسَى وَيَجُوزُ ذَلِكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ بِعْتُهُ نِصْفَهَا وَوَهَبْتُهُ النِّصْفَ الْبَاقِي بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ الْجَارِيَةَ فَأُتِيَ بِالْجَارِيَةِ وَبِالْمَالِ فَقَالَ خُذْهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا قَالَ يَا يَعْقُوبُ بَقِيَتْ لَكَ وَاحِدَةٌ قُلْتُ وَمَا هِيَ قَالَ هِيَ مَمْلُوكَةٌ وَلا بُدَّ أَنْ تَسْتَبْرِأَ وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ أَبِتْ مَعَهَا لَيْلَتِي إِنِّي لأَظُنُّ أَنَّ نَفْسِيَ سَتَخْرُجُ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَعْتِقُهَا وَتَتَزَوَّجُهَا فَإِنَّ الْحُرَّةَ لَا تُسْتَبْرَأُ قَالَ فَمَنْ يُزَوِّجْنِيهَا قُلْتُ أَنَا فَدَعَا بِمَسْرُورٍ وَحَسَنٍ فَخَطَبْتُ وَحَمَدْتُ اللَّهَ وَزَوَّجْتُهُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفِ دِينَارٍ فَدَعَا بِالْمَالِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ لِي يَا يَعْقُوبُ انْصَرِفْ وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى مَسْرُورٍ فَقَالَ يَا مَسْرُورُ فَقَالَ لَبَيَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ احْمِلْ إِلَى يَعْقُوبَ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ تَخْتًا ثِيَابًا فَحَمَلَ ذَلِكَ مَعِي قَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ فَالْتَفَتَ إِلَيّ يَعْقُوبَ فَقَالَ هَلْ رَأَيْتَ بَأْسًا فِيمَا فَعَلْتَ قُلْتُ لَا قَالَ فَخُذْ مِنْهَا حَقَّكَ قُلْتُ وَمَا حَقِّي قَالَ الْعُشْرُ قَالَ فَشَكَرْتُهُ وَدَعَوْتُ لَهُ وَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَإِذَا بِعَجُوزٍ دَخَلَتْ فَقَالَتْ يَا أَبَا يُوسُفَ بِنْتُكَ تُقْرِئُكَ السَّلامَ وَتَقُولُ لَكَ وَاللَّهِ مَا وَصَلَ إِلَيَّ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلا الْمَهْرَ الَّذِي قَدْ عَرَفْتُهُ وَقَدْ حَمَلْتُ إِلَيْكَ النِّصْفَ مِنْهُ وَخَلَّفْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 الْبَاقِي لِمَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَقَالَ رديه فوَاللَّه لَا قَبِلْتُهُ أَخْرَجْتُهَا مِنَ الرِّقِّ وَزَوَجْتُهَا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرْضَى لِي بِهَذَا فَلَمْ نَزَلْ نَطْلُبْ إِلَيْهِ أَنَا وَعُمُومَتِي حَتَّى قَبِلَهَا وَأَمَرَ لِي مِنْهَا بِأَلْفِ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قَالَ مَنْصُورٌ الْبَرْمَكِيُّ كَانَ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ جَارِيَةٌ غُلامِيَّةٌ تَصُبُّ عَلَى يَدِهِ وَتَقِفُ عَلَى رَأْسِهِ وَكَانَ الْمأْمُونُ مُعْجَبًا بِهَا وَهُوَ أَمْرَدُ فَبَيْنَا هِيَ تَصُبُّ عَلَى هَارُونَ مِنْ إِبْرِيقٍ مَعَهَا وَالْمَأْمُونُ مَعَ هَارُونَ الرَّشِيدِ قَدْ قَابَلَ بِوَجْهِهِ وَجْهَ الْجَارِيَةِ إِذْ أَشَارَ إِلَيْهَا بِقُبْلَةٍ فزبرتهبحاجبها وَأَبْطَأَتْ عَنِ الصَّبِّ فِي مَهْلَةٍ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا هَارُونُ فَقَالَ مَا هَذَا فَتَلَكَّأَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ ضَعِي مَا مَعَكِ عَلَيَّ كَذَا إِنْ لَمْ تُخْبِرِينِي لأَقْتُلَنَّكِ فَقَالَتْ أَشَارَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بِقُبْلَةٍ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْحَيَاءِ وَالرُّعْبِ مَا رَحِمَهُ مِنْهُ فَاعْتَنَقَهُ وَقَالَ أَتُحِبُّهَا قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ قُمْ فَاخْلُ بِهَا فِي تِلْكَ الْقُبَّةِ فَقَامَ فَفَعَلَ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ قُلْ فِي هَذَا شِعْرًا فَأَنْشَأَ يَقُولُ ظَبْيٌ كَتَبْتُ بِطَرْفِي ... عَنَّ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ قَبَّلْتُهُ مِنْ بَعِيدٍ ... فَاعْتَلَّ مِنْ شَفَتَيْهِ وَرَدَّ أَحْسَنَ رَدٍّ ... بِالْكَسْرِ مِنْ حَاجِبَيْهِ فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِي ... حَتَّى قَدَرْتُ عَلَيْهِ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمسلمَة قَالَ أنبانا إِسْمَاعِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 622 ابْن سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ قَدْ رَبَّتْ جَارِيَةً وَأَدَّبَتْهَا وَكَانَتْ تَخْتَلِفُ فِي مُهِمِّ أُمُورِهَا إِلَى كُتَّابِهَا وَعُمَّالِهَا وَدِيوَانِهَا وَكَانَ لأُمِّ جَعْفَرٍ مَوْضِعٌ تُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى الدِّيوَانِ تَرَى مَنْ فِيهِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهَا فَقَالَتْ يَوْمًا لِجَارِيَتِهَا تِلْكَ يَا فُلانَةُ مَنْ أَحْسَنُ مَنْ فِي الدِّيوَانِ قَالَتْ فُلانٌ مَوْلاكِ قَالَتْ كَيْفَ ذَاكَ وَهُنَاكَ فُلانٌ الْهَاشِمِيُّ وَفُلانٌ الْكَاتِبُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ قَالَتْ هُوَ وَاللَّهِ أَحْسَنُ الْقَوْمِ لأَنِّي أُحِبُّهُ قَالَتْ وَكَيْفَ عَلِمْتِ أَنَّهُ يُحِبُّكِ قَالَتْ لأَنَّنِي أَخْرُجُ إِلَى الدِّيوَانِ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكِ فَإِذَا رَآنِي مُقْبِلَةً تَرَكَ عَمَلَهُ ثُمَّ لَا يَزَالُ نَاظِرًا إِلَيَّ حَتَّى أُوَلِّي ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْظُرُ إِلَيَّ مُوَلِّيَةً حَتَّى أَغِيبَ عَنْهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فَأَحْبَبْتُهُ قَالَتْ فَاذْهَبِي إِلَيْهِ السَّاعَةَ حَتَّى تُقَبِّلِيهِ قُبْلَةً عَلَى فَمِهِ فَانْطَلَقَتْ فَلَمَّا رَآهَا مُقْبِلَةً أَلْقَى الْقِرْطَاسَ وَالْقَلَمَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ بُهِتَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُ ظَنَّ أَنَّهَا جَاءَتْ بِرِسَالَةِ أُمِّ جَعْفَرٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا كَالْمُصْغِي إِلَيْهَا فَقَبَّلَتْهُ فَفَزِعَ لِذَلِكَ ثُمَّ ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ وَعَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ هَذَا إِلا عَنْ أَمْرٍ فَدَعَاهَا ثمَّ كتب رفْعَة فَقَالَ لَهَا ارْفَعِيهَا إِلَى أُمِّ جَعْفَرٍ فَإِذَا فِيهَا قَدْ وَجَدْنَا طَعْمَ الْحَرَامِ لَذِيذًا ... فَأَذِيقِي مَوْلاكِ طَعْمَ الْحَلالِ فَكَتَبَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ فِي أَسْفَلِ رُقْعَتِهِ لَيْسَ فِيهَا مَطْمَعٌ لِمُحِبٍّ ... إِنَّمَا نَقْتَنِي لِغَيْرِ الرِّجَالِ فَيَئِسَ مِنْهَا ثُمَّ أَمَرَتْ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا وَأَمَرَتْ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَحْسَنَتْ جِهَازَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ النَّخَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ كَاتِبُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَجَّ الرَّشِيدُ وَمَعَهُ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ وَكُنْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى أُحِبّ أَنْ تَنْظُرَ لِي جَارِيَةً وَلا تُبْقِي غَايَةً فِي حَذَاقَتِهَا بِالْغِنَاءِ وَالضَّرْبِ وَالْكَمَالِ فِي الظُّرْفِ وَالآدَابِ وَجَنِّبْنِي قَوْلَهُمْ صَفْرَاءُ قَالَ فَأُرْشِدْتُ إِلَى جَارِيَةٍ لِرَجُلٍ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ رُسُومَ النِّعْمَةِ وَأَخْرَجَهَا إِلَيَّ فَلَمْ أَرَ أَجْمَلَ مِنْهَا وَلا أَصْبَحَ وَلا آدَبَ ثُمَّ تَغَنَّتْ أَصْوَاتًا فَأَجَادَتْهَا فَقُلْتُ لِصَاحِبِهَا قُلْ مَا شِئْتَ قَالَ أَقُولُ لَكَ قَوْلا لَا أَنْقُصُ مِنْهُ دِرْهَمًا قُلْتُ قُلْ قَالَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ قُلْتُ قَدْ أَخَذْتُهَا وَأَشْتَرِطُ عَلَيْكَ نَظْرَةً قَالَ ذَاكَ لَهُ قَالَ فَأَتَيْتُ جَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى فَقُلْتُ قَدْ أَصَبْتُ حَاجَتَكَ عَلَى غَايَةِ الظُّرْفِ وَالأَدَبِ وَالْجَمَالِ وَنَقَاءِ اللَّوْنِ وَجَوْدَةِ الطَّرَبِ وَالْغِنَاءِ وَقَدِ اشْتَرَطَتْ نَظْرَةً فَاحْمِلِ الْمَالَ وَمُرْ بِنَا فَحَمَلَ الْمَالَ عَلَى حَمَّالِينَ وَجَاءَ جَعْفَرُ مُسْتَخْفِيًا فَدَخَلْنَا عَلَى الرَّجُلِ فَأَخْرَجَهَا فَلَمَّا رَآهَا جَعْفَرٌ أُعْجِبَ بِهَا وَعَرَفَ أَنْ قَدْ صَدَقْتُهُ ثُمَّ غَنَّتْ فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا فَقَالَ لِي اقْطَعْ أَمْرَهَا فَقُلْتُ لِمَوْلاهَا هَذَا الْمَالُ قَدْ وَزَنَّاهُ وَنَقَدْنَاهُ فَإِنْ قَنَعْتَ وَإِلا فَوَجِّهْ مَنْ شِئْتَ لِتَنْقُدَهُ فَقَالَ لَا بَلْ أَقْنَعُ بِمَا قُلْتُمْ فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ يَا مَوْلايَ فِي أَيُ شَيْءٍ أَنْتَ قَالَ قَدْ عَرَفْتِ مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَمَا كُنْتُ فِيهِ مِنَ انْبِسَاطِ الْيَدِ وَقَدِ انْقَبَضْتُ عَنْ ذَلِكَ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 624 عَلَيْنَا فَقَدَرْتُ أَنْ تَصِيرِي إِلَى هَذَا الْمَلِكِ لِتَنْبَسِطِي فِي شَهَوَاتِكِ وَإِرَادَاتِكِ فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ وَاللَّهِ يَا مَوْلايَ لَوْ مَلَكْتُ مِنْكَ مَا مَلَكْتَ مِنِّي مَا بِعْتُكَ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَبَعْدُ فَاذْكُرِ الْعَهْدَ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ لَهَا أَلا يَأْكُلَ لَهَا ثَمَنًا قَالَ فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنُ الْمَوْلَى وَقَالَ اشْهَدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ وَأَنِّي تَزَوَّجْتُهَا وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي فَقَالَ لِي جَعْفَرٌ انْهَضْ بِنَا قَالَ فَدَعَوْتُ الْحَمَّالِينَ لِيَحْمِلُوا الْمَالَ قَالَ جَعْفَرٌ لَا وَالله يَصْحَبُنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَوْلاهَا فَقَالَ هُوَ لَكَ مُبَارَكٌ لَكَ فِيهِ أَنْفِقْهُ عَلَيْهَا وَعَلَيْكَ وَقُمْنَا فَخَرَجْنَا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَليّ ابْن أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ رَوَى أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِي عَنِ الرِّيَاشِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ اشْتَرَى صَبِيَّةً فَأَحْسَنَ تَأَدِّيبَهَا وَتَعْلِيمَهَا وَأَحَبَّهَا كُلَّ الْمَحَبَّةِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى أَمْلَقَ وَحَتَّى مَسَّهَا الضُّرُّ الشَّدِيدُ فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ إِنِّي لأَرْثِي لَكَ يَا مَوْلايَ مِمَّا أَرَى بِكَ مِنْ سِوءِ الْحَالِ فَلَوْ بِعْتَنِي وَاتَّسَعْتَ بِثَمَنِي فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَصْنَعَ لَكَ وَأَقَعَ أَنَا بِحَيْثُ يَحْسُنُ حَالِي فَيَكُونُ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا قَالَ فَحَمَلَهَا إِلَى السُّوقِ فَعُرِضَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيِّ وَهُوَ أَمِير الْبَصْرَة يؤمئذ فَأَعْجَبَتْهُ فَاشْتَرَاهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا قَبَضَ الْمَوْلَى الثَّمَنَ وَأَرَادَ الانْصَرَافَ اسْتَعْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى صَاحِبِهِ بَاكِيًا وَأَنْشَأَتِ الْجَارِيَةُ تَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 625 هَنِيئًا لَكَ الْمَالُ الَّذِي قَدْ حَوَيْتَهُ ... وَلَمْ يَبْقَ فِي كَفَّيَّ غَيْرُ التَّذَكُّرِ أَقُولُ لِنَفْسِي وَهِيَ فِي غَشْيِ كُرْبَةٍ ... أَقِلِّي فَقَدْ بَانَ الْحَبِيبُ أَوَ أكْثِرِي إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلأَمْرِ عِنْدَكِ حِيلَةٌ ... وَلَمْ تَجِدِي شَيْئًا سِوَى الصَّبْرَ فَاصْبِرِي فَاشْتَدَّ بُكَاءُ الْمَوْلَى ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ فَلَوْلا قُعُودُ الدَّهْرِ بِي عَنْكِ لَمْ يَكُنْ ... يُفَرِّقُنَا شَيْءٌ سِوَى الْمَوْتِ فَاعْذُرِي أَرُوحُ بِهَمٍّ فِي الْفُؤَادِ مُبَرِّحٍ ... أُنَاجِي بِهِ قَلْبًا شَدِيدَ التَّفَكُّرِ عَلَيْكِ سَلامٌ لَا زَيَارَةَ بَيْنَنَا ... وَلا وَصْلَ إِلا أَنْ يَشَاءَ ابْنُ مَعْمَرِ فَقَالَ ابْنُ مَعْمَرٍ قَدْ شِئْتُ خُذْهَا وَلَكَ الْمَالُ وَانْصَرِفَا رَاشَدَيْنِ فَوَاللَّهِ لَا كُنْتُ سَبَبًا لِفُرْقَةِ مُحِبَّيْنِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَصْبَحْتُ ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا فِي غَايَةِ الضِّيقِ فَطَلَبْتُ الْخَادِمَ فَلَمْ أَجِدْهُ ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ أَيْنَ كُنْتَ قَالَ كُنْتُ فِي احْتِيَالِ شَيْءٍ لَكَ وَعَلَفٍ لِدَابَّتِكَ فَوَاللَّهِ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ قُلْتُ أَسْرِجْ لِي وَرَكِبْتُ فَلَمَّا صرت فِي سوق يحيى إِذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 626 000000 - أَنَا بِمَوْكِبٍ عَظِيمٍ وَإِذَا الْفَضْلُ بن يحيى بن خَالِد فَلم بَصُرَ بِي قَالَ سِرْ فَسِرْنَا قَلِيلا وَحَجَزَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ غُلامٌ يَحْمِلُ طَبَقًا عَلَى بَابٍ يَصِيحُ بِجَارِيَةٍ فَوَقَفَ الْفَضْلُ طَوِيلا ثُمَّ قَالَ سِرْ ثُمَّ قَالَ تَدْرِي سَبَبَ وُقُوفِي قُلْتُ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعْلِمُنِي قَالَ كَانَتْ لأُخْتِي جَارِيَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا وَأَسْتَحْيِي مِنْ أُخْتِي أَنْ أَطْلُبَهَا مِنْهَا فَفَطِنَتْ أُخْتِي لِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَبَّسَتْهَا وَزَيَّنَتْهَا وَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيَّ فَمَا كَانَ مِنْ عُمْرِي يَوْمٌ أَطْيَبَ مِنْ يَوْمِي هَذَا فَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ جَاءَنِي رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَزْعَجَنِي وَقَطَعَ عَلَيَّ لَذَّتِي فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ دَعَا هَذَا الْغُلامَ صَاحِبَ الطَّبَقِ بِاسْمِ تِلْكَ الْجَارِيَةِ فَارْتَحْتُ لِنَدَائِهِ وَوَقَفْتُ فَقُلْتُ أَصَابَكَ مَا أَصَابَ أَخَا بَنِي عَامِرٍ حَيْثُ يَقُولُ وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ أَطْرَافَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي فَقَالَ لِي اكْتُبْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فَعَدَلْنَا أَطْلُبُ وَرَقَةً أَكْتُبُ لَهُ فِيهَا فَلَمْ أَجِدْ فَرَهَنْتُ خَاتَمِي عِنْدَ بَقَّالٍ وَأَخَذْتُ وَرَقَةً فَكَتَبْتُهُمَا فِيهَا وَأَدْرَكْتُهُ بِهِمَا فَقَالَ لِي ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَرَجَعْتُ فَقَالَ لِي الْخَادِمُ أَعْطِنِي خَاتَمَكَ أَرْهَنْهُ عَلَى قُوتِكَ فَقُلْتُ قَدْ رَهَنْتُهُ فَمَا أَمْسَيْتُ حَتَّى بَعَثَ إِلَيَّ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَائِزَةً وَعَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ سَلَفًا مِنْ رِزْقٍ أَجْرَاهُ إِلَيَّ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عبد العزيز بْنُ بُنْدَارَ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَلالَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ حَرْبٍ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ اختفى إِبْرَاهِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 627 ابْن الْمَهْدِيِّ زَمَنَ الْمأْمُونِ عِنْدَ عَمَّتِهِ وَكَانَتْ تُكْرِمُهُ غَايَةَ الْكَرَامَةِ وَوَكَّلَتْ بِهِ جَارِيَةً قَدْ أَدَّبَتْهَا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهَا الأَمْوَالَ وَكَانَتْ حَاذِقَةً رَاوِيَةً لِلشِّعْرِ وَكَانَتْ قَدْ طُلِبَتْ مِنْهَا بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ تلِي خدم إِبْرَاهِيمَ وَتَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ فَهَوِيَهَا وَكَرِهَ طَلَبَهَا مِنْ عَمَّتِهِ فَلَمَّا اشْتَدَّ وِجْدُهُ بِهَا وَسَكِرَ أَخَذَ عُودًا وَغَنَّى بِشْعِرٍ لَهُ فِيهَا وَهِيَ وَاقِفَةٌ عَلَى رَأْسِهِ يَا غَزَالا لِي إِلَيْهِ ... شَافِعٌ مِنْ مُقْلَتَيْهِ وَالَّذِي أَجْلَلْتُ خَدَّيْهِ فَقَبَّلْتُ يَدَيْهِ بِأَبِي وَجْهَكَ مَا ... أَكْثَرَ حسادي عَلَيْهِ أَنا ضيف وجزءا الضَّيْفِ ... إِحْسَانٌ إِلَيْهِ فَسَمِعَتِ الْجَارِيَةُ الشِّعْرَ وَفَطِنَتْ لِمَعْنَاهُ لِرِقَّتِهَا وَظُرْفِهَا وَكَانَت مَوْلاتُهَا تَسْأَلُهَا عَنْ حَالِهَا وَحَالِهِ كل يَوْم فَأَخْبَرتهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمَا فِي قَلْبِهِ مِنْهَا وَبِمَا سَمِعَتْ مِنْهُ من الشّعْر والغناء فَقَالَت لَهَا مَوْلاتُهَا اذْهَبِي فَقَدْ وَهَبْتُكِ لَهُ فَعَادَت إِلَيْهِ فَلَا رَآهَا أَعَادَ الصَّوْتَ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ الْجَارِيَة فَقبلت رَأسه فَقَالَ لَهَا كُفِّي فَقَالَتْ قَدْ وَهَبَتْنِي مَوْلاتِي لَكَ وَأَنَا الرَّسُولُ فَقَالَ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْن مَنْصُورٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّلْحِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله ابْن الْقَاسِمِ قَالَ عَشِقَ التَّيْمِيُّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ أَوْ مُحَمَّدٌ التَّيْمِيُّ الشَّاعِرُ جَارِيَةً عِنْدَ بَعْضِ النَّخَّاسِينَ فَشَكَى وَجْدَهُ بِهَا إِلَى أَبِي عِيسَى بْنِ الرَّشِيدِ فَقَالَ أَبُو عِيسَى لِلْمَأْمُونِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ التَّيْمِيَّ يَجِدُ بِجَارِيَةٍ لِبَعْضِ النَّخَّاسِينَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ بَيْتَيْنِ يَسْأَلُنِي فِيهِمَا فَقَالَ لَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْكَ فَأَنْشَدَهُ يَا أَبَا عِيسَى إِلَيْكَ الْمُشْتَكَى ... وَأَخُو الصَّبْرِ إِذَا عِيلَ اشْتَكَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 628 لَيْسَ لِي صَبْرٌ عَلَى هُجْرَانِهَا ... وَأَعَافُ الْمَشْرَبَ الْمُشْتَرَكَا فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا وَبَلَغَنَا عَن الْمُهلب بن أَي صُفْرَةَ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى فَتًى يُكَلِّمُ جَارِيَةً مِنْ جَوَارِيهِ فَدَعَا بِالْجَارِيَةِ فَقَالَ لَهَا مَا حَمَلَكِ عَلَى كَلامِ مَنْ رَأَيْتُ فَقَالَتْ يَا سَيِّدِي لأَنَّ لَهُ مِنْ مَحْضِ قَلْبِي مَوَّدَةً ... لَهَا تَحْتَ أَحْنَاءِ الضُّلُوعِ خُفُوقُ إِلَى غَيْرِ سُوءٍ فَاعْلَمَنَّ كَلامَنَا ... وَلَكِنْ لِشَوْقٍ وَالْمُحِبُّ مَشُوقُ فَدَعَا بِالْفَتَى فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى كَلامِ هَذِهِ فَقَالَ لأَنَّ لَهَا فِي الْقَلْبِ مِنِّي مَحَبَّةً ... وَفِي طَيِّ صَدْرِي لَوْعَةٌ وَحَرِيقُ وَإِنِّي لأَهْوَاهَا عَلَى كُلِّ حَالَةٍ ... وَإِنِّي إِلَيْهَا مَا حَيِيتُ أَتُوقُ فَقَالَ الْمُهَلَّبُ لَعَمْرِيَ إِنِّي لِلْمُحِبِّينَ رَاحِمُ ... وَإِنِّي بِحِفْظِ الْعَاشِقِينَ حَقِيقُ سَأَجْمَعُ مِنْكُمْ شَمْلَ وَدٍّ مُبَدَّدٍ ... فَإِنِّي بِمَا قَدْ تَرْجُوَانِ خَلِيقُ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافِ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حِفْظِهِ مُذَاكَرَةً قَالَ كَانَ أَبُو دَاوُدَ حَامِدٌ الْمِرْوَرُّوذِيُّ قَلِيلُ الدُّخُولِ عَلَى ابْنِ أَبِي حَامِدٍ صَاحِبِ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُتَفَقَّهَةِ فَغَابَ عَنْهُ أَيَّامًا فَسَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مُتَشَاغِلٌ يَأْمر قَدْ قَطَعَهُ عَنْ حُضُورِ الْمَجْلِسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 629 فَأَحْضَرَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدِ اشْتَرَى جَارِيَةً لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ انْقَطَعَتْ بِهِ النَّفَقَةُ وَضَاقَتْ يَدُهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لانْقِطَاعِ الْمَادَّةِ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِجَمَاعَةٍ مِنَ السُّوقَةِ فَلَمْ يَجِدْ قَضَاءً لِذَلِكَ جون أَنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ فَلَمَّا قَبَضَ الثَّمَنَ تَذَكَّرَهَا وَتَشَوَّقَ إِلَيْهَا وَاسْتَوْحَشَ مِنْ بُعْدِهَا عَنْهُ حَتَّى لَمْ يُمْكِنْهُ التَّشَاغُلَ بِفِقْهٍ وَلا بِغَيْرِهِ مِنْ شِدَّةِ تَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِهَا وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ أَبِي حَامِدٍ قَدِ اشْتَرَاهَا فَأَوْجَبَتِ الْحَالُ مُضِيَّ أَبِي حَامِدٍ الْفَقِيهِ إِلَى ابْنِ أَبِي حَامِدٍ يَسْأَلُهُ الإِقَالَةَ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنَ الْبَائِعِ فَمَضَى وَمَعَهُ الرَّجُلُ فَحِينَ اسْتَأْذَنَ عَلَى ابْنِ أَبِي حَامِدٍ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَالِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَهُ وَقَامَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ غَايَةَ الإِكْرَامِ وَسَأَلَهُ عَن حَاله وَمَا جرى بِهِ فَأَخْبَرَهُ أَبُو حَامِدٍ بِخَبَرِ الْفَقِيهِ وَبَيْعِ الْجَارِيَةِ وَسَأَلَهُ قَبْضَ الْمَالِ وَرَدَّ الْجَارِيَةِ عَلَى صَاحِبِهَا فَلَمْ يَعْرِفِ ابْنُ أَبِي حَامِدٍ لِلْجَارِيَةِ خَبَرًا وَلا كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ أَمْرِهَا وَذَاكَ أَنَّ امْرَأَتَهُ كَانَتِ اشْتَرَتْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَوَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَوْرِدَ تَبِيُّنٍ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَامَ وَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْ جَارِيَةٍ اشْتُرِيَتْ مِنْ سُوقِ النَّخَّاسِينَ عَلَى الصِّفَةِ وَالنَّعْتِ فَصَادَفَ ذَلِكَ أَنَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ جَالِسَةً وَالْجَارِيَةُ حَاضِرَةً وَهُمْ يُصْلِحُونَ وَجْهَهَا وَقَدْ زُيِّنَتْ بِالثِّيَابِ الْحِسَّانِ وَالْحُلِيِّ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِنَ الزِّينَةِ فَقَالَتْ يَا سَيِّدِي هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي الْتُمِسَتْ فَسُرَّ بِذَلِكَ سُرُورًا تَامًّا إِذْ كَانَتْ عِنْدَهُ رَغْبَةً فِي قَضَاءِ حَاجَةِ أَبِي حَامِدٍ وَإِنْجَازِ مَا قَصَدَ لَهُ فَعَادَ إِلَى أَبِي حَامِدٍ وَقَالَ لَهُ خِفْتُ أَلا تَكُونَ الْجَارِيَةُ فِي دَارِي وَالآنَ فَهِيَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا وَالأَمْرُ لِلشَّيْخِ أَعَزَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 630 وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْجَارِيَةِ إِلَى الْجَمَاعَةِ فَحِينَ أُخْرِجَتْ تَغَيَّرَ وَجْهُ الْفَتَى تَغَيُّرًا شَدِيدًا فَعَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الأَمْرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ مِنْ حُبِّهِ لَهَا وَصَبَابَتِهِ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي حَامِدٍ هَذِهِ جَارِيَتُكَ فَقَالَ نَعَمْ هَذِهِ جَارِيَتِي وَاضْطَرَبَ كَلامُهُ مِنْ شِدَّةِ مَا نَزَلَ بِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا فَقَالَ لَهُ خُذْهَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا فَجَزَاهُ أَبُو حَامِدٍ خَيْرًا وَتَشَكَّرَ لَهُ وَسَأَلَهُ قَبْضَ الْمَالِ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْرُهُ ثَلاثَةُ آلافِ دِرْهَمٍ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَطَالَ الْكَلامُ فِي بَابِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَامِدٍ إِنَّمَا قَصَدْنَا نَسْأَلُ الإِقَالَةَ لَمْ نَقْصُدْ لأَخْذِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي حَامِدٍ هَذَا رَجُلٌ فَقِيهٌ وَقَدْ بَاعَهَا لأَجْلِ حَاجَتِهِ وَقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ وَمَتَى أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ لَا يَرُدَّهَا عَلَيْهِ فَالْمَالُ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا جَاءَهُ نَفَقَةٌ مِنْ بَلَدِهِ جَازَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ فَوَهَبَ الْمَالَ لَهُ وَكَانَ عَلَيْهَا مِنَ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ شَيْءٌ لَهُ قَدْرٌ كَثِيرٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَامِدٍ إِنْ رَأَى أَيَّدَهُ اللَّهُ أَنْ يَتَفَضَّلَ وَيُنْفِذُ مَعَ الْجَارِيَةِ مَنْ يُقْبِضُ هَذِه الثِّيَاب والحلي الَّذِي عَلَيْهَا فَمَا لِهَذَا الْفَقِيهِ أَحَدٌ يُنْفُذُ بِهِ عَلَى يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا شَيْءٌ أَشْغَفْنَاهَا بِهِ وَوَهَبْنَاهُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مِلْكِنَا أَوْ خَرَجَتْ عَنْ قَبْضَتِنَا لَسْنَا نَرْجِعُ فِيمَا وَهَبْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَلا يَجُوزُ فَعَرَفَ أَبُو حَامِدٍ أَنَّ الْوَجْهَ مَا قَالَهُ فَلَمْ يَلِحْ فِي ذَلِكَ بَلْ حَسُنَ مَوْقِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ وَقَلْبِ صَاحِبِ الْجَارِيَةِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ وَيُوَدِّعَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي حَامِدٍ أُرِيدُ أَسْأَلَهَا قَبْلَ انْصِرَافِهَا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَهَا يَا جَارِيَةُ أَيَّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ نَحْنُ أَوْ مَوْلاكِ هَذَا الَّذِي بَاعَكِ وَأَنْتِ الآنَ لَهُ فَقَالَتْ يَا سَيِّدِي أَمَّا أَنْتُمْ فَأَحْسَنَ اللَّهُ عَوْنَكُمْ وَفَعَلَ بِكُمْ وَفَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنْتُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 631 إِلَيَّ وَأَعَنْتُمُونِي وَأَمَّا مَوْلايَ هَذَا فَلَوْ مَلَكْتُ مِنْهُ مَا مَلَكَهُ مِنِّي مَا بِعْتُهُ بِالرَّغَائِبِ الْعَظِيمَةِ فَاسْتَحْسَنَ الْجَمَاعَةُ ذَلِكَ مِنْهَا وَمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقْلِ مَعَ الصَّبَا وَوَدَّعُوهُ ثُمَّ انْصَرَفُوا ابْنُ أَبِي حَامِدٍ اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ النَّضْرِ كَانَ صَاحِبَ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ ثِقَةً جَوَّادًا رَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْبَارِعُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْجَوَائِزِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ الْكَاتِبُ قَالَ حَجَجْتُ فِي سَنَةٍ مِنَ بَعْضِ السِّنِينَ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي الطَّوَافِ لَمَحْتُ جَارِيَةً فَلَمْ أَرَ كَحُسْنِهَا فَعَلِقَهَا قَلْبِي فَسَأَلْتُهَا عَنِ اسْمِهَا فَقَالَتْ اسْمِي نُعْمُ وَانْتِسَابِي إِلَى فَهْمٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَمْتِعُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا مُدَّةَ إِقَامَتِنَا بِمَكَّةَ فَلَمَّا فَارَقْنَا مَكَّةَ لَمْ أَدْرِ أَيُّ صَوْبٍ سَلَكَتْ فَقُلْتُ قُلْ لِلظَّلُومِ أَلا هَلُمِّي ... لِلْحُكْمِ إِنْ أَنْكَرْتِ ظُلْمِي وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يَبِيتَ ... حَبِيبُ جِسْمِي وَهُوَ خَصْمِي أَوْ أَنْ يُرَى نَجْمِي وَقَدْ ... نَادَيْتُهُ مُغْرًى بِرَجْمِي خَوْدٌ تُصِيبُ سَوَادَ قَلْبِي ... وَهْيَ لِلْجَمَرَاتِ تَرْمِي وَكم الْتَقت أنفسانا ... فِي حَوْمَةِ الْحَجَرِ الأَحَمِّ عِنْدَ اسْتِلامِ الرُّكْنِ آوِنَةً ... وَسُحُبُ الدَّمْعِ تَهْمِي فَمَحَوْتُ مَا سَطَرَتْ مَلا ... ثمها عَلَى عَمْدٍ بِلَثْمِي أَثْبَتِّ يَوْمَ النَّفْرِ ... سَهْمَكِ فِي الْفُؤَادِ وَطَاشَ سَهْمِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 632 قَالَ وَازْدَادَ وِجْدِي بِهَا وَكَلَفِي بحسنها فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ آنَسُ بِهِ لَوْ تَزَوَّجْتَ لَسَكَنَ مَا بِكَ فَتَأَبَّيْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ مِلْتُ إِلَى مَا قَالَ رَجَاءَ الإِفَاقَةِ فَاسْتَعَنْتُ بِامْرَأَةٍ عَلَى ارْتِيَادِ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَجَاءَتْنِي بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَتْ قَدْ حَصُلْتُ لَكَ امْرَأَةً تُلائِمُ مُرَادَكَ حُسْنًا وَبَيْتًا فَاسْتَحْضَرْتُ وَلِيَّهَا وَتَزَوَّجْتُهَا فَلَمَّا زُفَّتْ إِلَيَّ تَأَمَّلْتُهَا فَإِذَا هِيَ صَاحِبَتِي فَقَضَيْتُ الْعَجَبُ مِنْ حُسْنِ الاتِّفَاقِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ كَانَ أَبُو الْجَوَائِزِ أَدِيبًا شَاعِرًا حَسَنَ الشِّعْرِ فِي الْمَدِيحِ وَالأَوْصَافِ وَالْغَزَلِ وَعَلَّقْتُ عَنْهُ أَخْبَارًا وَحِكَايَاتٍ وَأَنَاشِيدَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وُلِدْتُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسٍ وثلاثمائة فَصْلٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ ذَكَرْتُ عِلاجَ الْعَاشِقِ بِتَحْصِيلِ الْمَعْشُوقِ إِنْ كَانَ مُبَاحًا وَرَجَيْتُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ وَقَدِ اتَّفَقَ لِجَمَاعَةٍ فَمَا تَقُولُ فِي عِشْقِ مَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى تَحْصِيلِهِ كَذَاتِ الزَّوْجِ أَوْ مُحَرَّمٌ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالأَمْرَدِ فَهَلْ لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ عِلاجٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَنْحَفَ الْجَسَدَ وَأَدَامَ السَّهَرَ وَقَارَبَ بِصَاحِبِهِ مَرْتَبَةَ الْجُنُونِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِلاجَ الْكُلِّي فِي جَمِيعِ أَمْرَاضِ الْعِشْقِ الْحِمْيَةُ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحِمْيَةُ بِالْعَزْمِ الْجَازِمِ عَلَى هَجْرِ الْمَحْبُوبِ فَإِنْ حَصُلَتْ هَذِهِ الْحِمْيَةِ حَسُنَتِ الْمُعَالَجَةِ وَالْعِلاجِ حِينَئِذٍ يَقَعُ لِلظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَلْيَبْتَدِئَ الْمَرِيضُ بِاللُّجُوءِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلْيُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌ وَهُوَ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ثُمَّ لِيَتَعَالَجَ فَإِنَّ الأَسْبَابَ لَا تُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالدُّعَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 633 فُصُولٌ فِي مُعَالَجَةِ الظَّاهِرِ فَصْلٌ اعْلَمْ أَنَّ بَدَنَ الْعَاشِقِ إِذَا نَحُفَ أَسْرَعَتْ فِيهِ الْحَرَارَةُ إِلْهَابًا وَإِحْرَاقًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ التَّرْطِيبَاتِ كَشَمِّ الْبَنَفْسَجِ وَاللِّينُوفَرَ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ طُولِ مَكْثٍ فِيهِ وَالنَّوْمِ الطَّوِيلِ وَالتَّغَذِّي بِالأَغْذَيَةِ الرَّطِبَةِ وَلْيَنْظُرَ إِلَى الْمَاءِ الصَّافِي فِي الرِّيَاضِ النَّضِيرَةِ وَلْيُحَدِّثَ بِالنَّوَادِرِ الْمُضْحِكَةِ فَصْلٌ وَمِنَ الْمُعَالِجَاتِ السَّفَرُ فَإِنَّهُ بِالسَّفَرِ يَتَحَقَّقُ الْبُعْدُ عَنِ الْمَحْبُوبِ وَكُلُّ بَعِيدٍ عَنِ الْبَدَنِ يُؤَثِّرُ بُعْدُهُ فِي الْقَلْبِ فَلْيَصْبِرْ عَلَى مَضَضِ الشَّوْقِ فِي بِدَايَةِ السَّفَرِ صَبْرَ الْمُصَابِ فِي بِدَايَةِ مُصِيبَتِهِ ثُمَّ إِنَّ مَرَّ الأَيَّامِ يُهَوِّنُ الأَمْرَ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ الْكَلْبِيُّ إِذَا مَا شِئْتَ أَنْ تَسْلُوَ حَبِيبًا ... فَأَكْثِرْ دُونَهُ عَدَدَ اللَّيَالِي فَمَا سَلَّى حَبِيبَكَ غَيْرُ نَأْيٍ ... وَلا أَبْلَى جَدِيدَكَ كَابْتِذَالِ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ وَإِنَّكَ لَمْ تَقْطَعْ لُبَانَةَ عَاشِقٍ ... بِمِثْلِ غُدُوٍّ أَو رواح مأوب وَمعنى مأوب انه غذ السّير حَتَّى يؤوب صَاحِبُهُ عِنْدَ اللَّيْلِ يَقُولُ تَكُونُ اسْتِرَاحَتُهُ بِاللَّيْلِ فَصْلٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُشْغِلُ الْقَلْبَ مِنَ الْمَعَاشِ وَالصِّنَاعَةِ فَإِنَّهُ يُسْلِي لأَنَّ الْعِشْقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 634 شُغْلُ الْفَارِغِ فَهُوَ يُمَثِّلُ صُورَةَ الْمَعْشُوقِ فِي خَلْوَتِهِ لِشَوْقِهِ إِلَيْهَا فَيَكُونُ تَمْثِيلُهُ لَهَا إِلْقَاءً فِي بَاطِنِهِ فَإِذَا تَشَاغَلَ بِمَا يُوجِبُ اشْتِغَالَ الْقَلْبِ بِغَيْرِ الْمَحْبُوبِ دَرَسَ الْحُبُّ وَدَثَرَ الْعِشْقُ وَحَصَلَ التَّنَاسِي فَصْلٌ وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِعْرَاضُ النِّسَاءِ لِلْتَزْوِيجِ وَالْجَوَارِي لِلتَّسَرِي وَلْيَطْلُبِ الْحُسْنُ الْفَائِقُ فَإِنَّهُ يُسْلِي وَقَدْ وَصَفَ الْحُكَمَاءُ الْحُسْنَ وَالْمَلاحَةَ فَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ الْمُجَلِّي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْمُهْتَدِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ قَالَ قَالَ أَعْرَابِيٌّ إِذَا حَسُنَ خُفْيَا الْمَرْأَةِ حَسُنَتْ وَخُفْيَاهَا كَلامُهَا وَوَطْأَتِهَا عَلَى الأَرْضِ قَالَ وَيُقَالُ أَحْسَنُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ غِبَّ بِنَائِهَا وَغِبَّ نِفَاسِهَا وَغِبَّ الْمَطَرِ قَالَ وَشَبَابُ الْمَرْأَةِ مَا بَيْنَ ثَلاثَةَ عَشْرَةَ إِلَى عِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتِ الثَّلاثِينَ فَقَدْ كَهِلَتْ فَإِذَا بَلَغَتِ الأَرْبَعِينَ فَقَدْ شَهِلَتْ فَإِذَا بَلَغَتِ الْخَمْسِينَ فَطَلِّقْ طَلِّقْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الشَّهْلَةُ الْعَجُوزُ وَقَدْ قِيلَ لَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ حَسْنَاءً حَتَّى يَبْيَضَّ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَهِيَ اللَّوْنُ وَبَيَاضُ الْعَيْنِ وَالأَسْنَانِ وَالأَظْفَارِ وَيَسْوَدُّ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَهِيَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَشَعْرُ الْحَاجِبَيْنِ وَأَشْفَارُ الْعَيْنَيْنِ وَسَوَادُ الْعَيْنِ وَيَحْمَرُّ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ اللِّسَانُ وَالشَّفَتَانُ وَالْوَجْنَاتُ وَثَمَّ وَيَتَّسِعُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ الْجَبْهَةُ وَالرَّاحَتَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 635 وَالْوِرْكَانِ وَالصَّدْرُ وَيَضِيقُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ خَرْقُ الأَنْفِ وَخَرْقُ الأُذُنَيْنِ وَشَقُّ الْفَمِّ وَثَمَّ وَيَطُولُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ الْقَامَةُ وَالْعُنُقُ وَالْقَصَبُ وَالأَصَابِعُ وَيَضْخُمُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ السَّاقَانِ وَالْوِرْكَانِ وَالْعَجَزُ وَالْكرب وَهُوَ مَنْبَتُ الْعَانَةِ وَيَقْصُرُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ خُطَاهَا وَطَرْفُهَا وَلِسَانُهَا وَذِكْرُهَا وَكَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ تَقُولُ النِّسَاءُ أَغْلالٌ فَلْيَتَخَيَّرَ الرَّجُلُ غُلا لِيَدِهِ فَصْلٌ هَذَا مَا ذُكِرَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُسْنِ وَالْحُسْنُ عِنْدَ الْمُحِبِّ مَا يَقَعُ بِقَلْبِهِ فَلْيَجْهَدْ فِي اسْتِعْرَاضِ النِّسَاءِ وَالْجَوَارِي فَالْغَالِبُ حُصُولُ مَا يَغْلِبُ عَلَى مَا عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ أَدَامَ التَّتَبُّعَ فَإِنَّ النَّفْسَ لَا تقف على شَيْء ولاتقيم عَلَى حَالٍ فَرُبَّ ثَانِ مَحَا الأَوَّلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عمر ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَتُ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا كُنْتُ بِالشَّرَاةِ وَدَنَا اللَّيْلُ إِذَا قَصْرٌ فَهَوِيتُ إِلَيْهِ فَإِذَا بَيْنَ بَابِ الْقَصْرِ امْرَأَةٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ هَيْبَةً وَجَمَالا فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا فَرَدَّتْ ثُمَّ قَالَتْ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ فَقَالَتْ مَرْحَبًا بِكَ وَحَيَّاكَ اللَّهُ انْزِلْ فَأَنْتَ فِي أَهْلِكَ قُلْتُ وَمَنْ أَنْتِ عَافَاكِ اللَّهُ قَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِكَ فَأَمَرَتْ لِي بِمَنْزِلٍ وَقِرًى وَبِتُّ فِي خَيْرِ مبيت فَلم أصحبت أَرْسَلَتْ إِلَيَّ كَيْفَ أَصْبَحْتَ وَكَيْفَ كَانَ مَبِيتُكَ قُلْتُ خَيْرَ مَبِيتٍ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ مِنْكِ وَلا أَشْرَفَ مِنْ فِعَالِكِ قَالَتْ فَإِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً تَمْضِي حَتَّى تَأْتِي ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 636 الدَّيْرَ دَيْرًا أَشَارَتْ إِلَيْهِ فَتَجِيءَ فَائت ابْنَ عَمِّي فِيهِ وَهُوَ زَوْجِي قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ نَصْرَانِيَّةٌ فِي ذَلِكَ الدَّيْرِ فَهَجَرَنِي فَلَزِمَهَا فَتَنْظُرَ إِلَيْهِ فَتُخْبِرُهُ عَنْ مَبِيتِكَ وَعَمَّا قُلْتُ لَكَ فَقُلْتُ أَفْعَلُ وَنُعْمَى عَيْنٍ فَخَرَجْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الدَّيْرِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ فِي فِنَائِهِ جَالِسٌ كَأَجْمَلِ مَا يَكُونُ مِنَ الْفِتْيَانِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ وَسَاءَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا وَأَيْنَ بِتُّ وَمَا قَالَتْ لِي الْمَرْأَةُ فَقَالَ صَدَقْتَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ آلِ الْحَارِثِ بْنِ حَكِيمٍ ثمَّ صَاح ياقسطا فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ نَصْرَانِيَّةٌ عَلَيْهَا ثِيَابُ حَبْرٍ وَزَنَانِيرُ مَا رَأَيْتُ قَبْلَهَا مِثْلَهَا وَلا بَعْدَهَا أَحْسَنَ مِنْهَا فَقَالَ هَذِهِ قُسْطَا وَتِلْكَ أَرْوَى وَأَنَا الَّذِي أَقُولُ تَبَدَّلْتُ قُسْطَا بَعْدَ أَرْوَى وَحُبِّهَا ... كَذَاكَ لَعَمْرِي الْحُبُّ يَذْهَبُ بِالْحُبِّ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ ابْنُ خَلَفٍ وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ أَرَادَتْ عَزَّةُ أَنْ تَعْرِفَ مَالَهَا عِنْدَ كُثَيِّرٍ فَتَنَكَّرَتْ لَهُ وَمَرَّتْ بِهِ مُتَعَرِّضَةً فَقَامَ فَاتَّبَعَهَا فَكَلَّمَهَا فَقَالَتْ لَهُ وَأَيْنَ حُبُّكَ لِعَزَّةَ فَقَالَ أَنَا الْفِدَاءُ لَكِ لَوْ أَنَّ عَزَّةَ أَمَةٌ لِي لَوَهَبْتُهَا لَكِ قَالَتْ وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهَا لَكَ فِي صِدْقِ الْمَوَّدَةِ وَمَحْضِ الْمَحَبَّةِ وَالْهَوَى عَلَى حَسْبِ الَّذِي كُنْتَ تُبْدِي لَهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ وَبَعْدُ فَأَيْنَ قَوْلَكَ إِذَا وَصَلَتْنَا خُلَّةٌ كَيْ نُزِيلَهَا ... أَبينَا وَقُلْنَا الحاجية أَوَّلُ فَقَالَ كُثَيِّرٌ بِأَبِي أَنْتِ وَأُمِّي أَقْصِرِي عَنْ ذِكْرِهَا وَاسْمَعِي مَا أَقُولُ لَكِ هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إِلا وَصْلُ غَانِيَةٍ ... فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ مِنْ وَصْلِهَا بَدَلُ قَالَتْ فَهَلْ لَكَ فِي الْمُخَالَّةِ قَالَ لَهَا فَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ قَالَتْ لَهُ فَكَيْفَ بِمَا قُلْتُهُ فِي عَزَّةَ وَسَيَّرْتُهُ إِلَيْهَا قَالَ أَقْلِبُهُ فَيَتَحَوَّلَ إِلَيْكَ وَيَصِيرُ لَكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 637 قَالَ فَسَفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ أَغَدْرًا وَانْتِكَاثًا يَا فَاسِقُ وَإِنَّكَ لَهَا هُنَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ فَبُهِتَ وَأُبْلِسَ وَلَمْ يَنْطِقْ وَتَحَيَّرَ وَخَجِلَ فَقَالَتْ قَاتل الله جميلا حَيْثُ يَقُولُ لَحَى اللَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُ الْوُدُّ عِنْدَهُ ... وَمَنْ حَبْلُهُ إِنْ مُدَّ غَيْرُ مَتِينِ وَمَنْ هُوَ ذُو وَجْهَيْن لي بِدَائِمٍ ... عَلَى الْعَهْدِ حَلافٌ بِكُلِّ يَمِينِ فَأَنْشَأَ كُثَيِّرٌ بِانْخِزَالٍ وَحَصْرٍ وَانْكِسَارٍ يَعْتَذِرُ إِلَيْهَا وَيَتَنَصَّلُ مِمَّا كَانَ مِنْهُ وَيَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ جَمِيلٍ وَيُقَالُ بَلْ سَرَقَهُ مِنْ جَمِيلٍ وَنَحَلَهُ نَفْسَهُ فَقَالَ أَلا لَيْتَنِي قَبْلَ الَّذِي قُلْتُ شِيبَ لِي ... مِنَ الْمُذْعِفِ الْقَاضِي وَسُمِّ الذُّرَارِحِ فَمِتُّ وَلَمْ تَعْلَمْ عَلَيَّ خِيَانَةً ... أَلا رُبَّ بِاغِي الرِّبْحَ لَيْسَ برابح فَلَا تحمليها واجعلهيا جِنَايَةً ... تَرَوَّحْتُ مِنْهَا فِي مِيَاحَةِ مَائِحِ أَبُوءُ بِذَنْبِي إِنَّنِي قَدْ ظَلَمْتُهَا ... وَإِنِّي بِبَاقِي سِرِّهَا غَيْرُ بَائِحِ وَرَوَى الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ طَلَّقَ النِّمْرُ بْنُ تَوْلَبَ امْرَأَةً ثُمَّ جَزِعَ عَلَيْهَا حَتَّى خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ وَمَكَثَ أَيَّامًا لَا يَطْعَمُ وَلا يَنَامُ فَلامَهُ عَشِيرَتُهُ وَصَبَّرُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا دَعْدُ جَمِيلَةٌ فَتَزَوَّجَهَا فَشَغَلَتْهُ عَنْ ذِكْرِ امْرَأَتِهِ الأُولَى وَفِيهَا يَقُولُ أَهِيمُ بِدَعْدٍ مَا حَييتُ فَإِنْ أمت ... فياحرتا مِمَّنْ يَهِيمُ بِهَا بَعْدِي وَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا قَصَدَ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فَقَالَ لَهُ قَدْ قُلْتُ بَيْتَيْنِ فَأَجِزْهُمَا سَأَلْتُ الْمُحِبِّينَ الَّذِينَ تَجَشَّمُوا ... أَعَاجِيبَ هَذَا الْحُبِّ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 638 فَقُلْتُ لَهُمْ مَا يُذْهِبُ الْحُبَّ بَعْدَمَا ... تَمَكَّنَ مَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ وَالصَّدْرِ فَمَكَثَ عُمَرُ أَيَّامًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِجَازَتِهِ فَرَأَتْهُ وُلَيْدَةٌ لَهُ مَهْمُومًا فَسَأَلَتْهُ فَأَخْبَرَهَا فَخَطَرَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَهِيَ تَقُولُ فَقَالُوا دَوَاءُ الْحُبِّ حُبٌّ تُفِيدُهُ ... مِنْ آخَرَ أَوْ نَأْيٌ بَعِيدٌ عَلَى الْهَجْرِ وَإِلا فَيَأْسٌ تَصْبِرُ النَّفْسُ بَعْدَمَا ... رَجَتْ أَمَلا وَالْيَأْسُ عَوْنٌ عَلَى الصَّبْرِ فَقَالَ فَرَّجْتِ عَنِّي فَصْلٌ وَمِنْ أَدْوِيَةِ الظَّاهِرِ كَثْرَةُ الْجِمَاعِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ الْمَحْبُوبِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ دَوَاءٌ أَنَّهُ يُقَلِّلُ الْحَرَارَةَ الَّتِي مِنْهَا يَنْتَشِرُ الْعِشْقُ وَإِذَا ضَعُفَتِ الْحَرَارَةُ الْغَرِيزِيَّةُ حَصَلَ الفتور وَبرد الْقلب فَحَمدَ لَهَبُ الْعِشْقِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ وَطَأْ مَنْ شِيبٍ يُغْنِيكَ ... عَنِ الْحَسْنَاءِ فِي الذُّرْوَهْ فَصْلٌ وَمِنَ الأَدْوِيَةِ عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعُ الْجَنَائِزِ وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَوْتَى وَالتَّفَكُّرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُطْفِئُ نِيرَانَ الْهَوَى كَمَا أَنَّ سَمَّاعَ الْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ يُقَوِيهِ فَمَا هُوَ كَالضِّدِّ يُضْعِفُهُ وَكَذَلِكَ مُوَاصَلَةِ مَجَالِسِ التَّذَكُّرِ وَمُجَالَسَةِ الزُّهَّادِ وَسَمَاعِ أَخْبَارِ الصَّالِحِينَ وَالْمَوَاعِظَ وَكُلِّ ذَلِكَ يُخْرِجُ الإِنْسَانَ عَنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ إِلَى حَيِّزِ الْحُزْنِ وَالْفِكْرِ وَذَلِكَ يُضَادُّ الْعِشْقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 639 فَصْلٌ وَقَدْ ذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّ الْمُتَنَزَّهَاتِ الْمُونِقَةُ وَالْمَسْمُوعَاتِ الْمُطْرِبَةِ تُسَلِّي وَهَذِهِ رُبَّمَا زَادَتْ فِي عِشْقِ قَوْمٍ فُصُولٌ فِي مُعَالَجَةِ الْبَاطِنِ فَصْلٌ أَوَّلُ عِلاجِ الْبَاطِنِ وَأَنْجَعُهُ قَطْعُ الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ وَقُوَّةُ الْعَزْمِ عَلَى قَهْرِ الْهَوَى فَمَتَى تَرَدَّدَ الأَمْرُ عِنْدَ النَّفْسِ أَوْ ضَعُفَ الْعَزْمُ لَمْ يَنْفَعْ دَوَاءٌ أَصْلا فَصْلٌ وَمِنْ ذَلِكَ زَجْرُ الْهِمَّةِ الأَبِيَّةِ عَنْ مَوَاقِفِ الذُّلِّ وَاكْتِسَابِ الرَّذَائِلِ وَحِرْمَانُ الْفَضَائِلِ فَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ أَبِيَّةٌ لَمْ يَكَدْ يَتَخَلَّصْ مِنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةِ فَإِنَّ ذَا الْهِمَّةِ يَأْنَفُ أَنْ يَمْلِكَ رِقَّهُ شَيْءٌ وَمَا زَالَ الْهَوَى يَذِلُّ أَهْلَ الْعِزِّ وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِنَا أَنَّ الرَّشِيدَ عَشِقَ جَارِيَةً وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ أَرَى مَاءً وَبِي عَطَشٌ شَدِيدٌ ... وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُرُودِ أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلُكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِنَ الرِّضَا أَحْسَنْتِ زِيدِي أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَمَّادٍ الْبَرْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ قَالَ قَالَ هَارُونُ الرَّشِيدُ فِي ثِلاثِ جَوَارٍ مَلَكَ الثَّلاثُ الْغَانِيَاتُ عِنَانِي ... وَحَلَلْنَ مِنْ قَلْبِي بِكُلِّ مَكَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 640 مَالِي تُطَاوِعُنِي الْبَرِّيَةُ كُلُّهَا ... وَأَطِيعُهُنَّ وَهُنَّ فِي عِصْيَانِي مَا ذَاكَ إِلا أَنَّ سُلْطَانَ الْهَوَى ... وَبِهِ قَوِينَ أَعَزُّ مِنْ سُلْطَانِي وَقَدْ كَانَ الْهَوَى غَلَبَ الرَّشِيدُ فِي حُبِّ جَارِيَةٍ لِعيسَى بْنِ جَعْفَرٍ فَاحْتَالَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي تلخيصها وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقِصَّةَ آنِفًا قَبْلَ أَوْرَاقٍ وَكَانَ يُحِبُّ جَارِيَةً اسْمُهَا جَنَانُ فَيَقُولُ فِيهَا الشِّعْرَ فَأَزْعَجَ لَيْلَةً الْعَبَّاسَ بْنَ الأَحْنَفِ فِي مَنْزِلِهِ لأَجْلِ بَيْتٍ قَالَهُ فِيهَا أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الواحد قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَازِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا قَالَ قَالَ هَارُونُ الرَّشِيدُ فِي اللَّيْلِ بَيْتًا وَرَامَ أَنْ يَشْفَعَهُ بِآخَرَ فَلَمْ يَقْدِرْ وَامْتَنَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ فَقَالَ عَليّ بِالْعَبَّاسِ ابْن الأَحْنَفِ فَلَمَّا طُرِقَ ذُعِرَ وَفُزِعَ أَهْلُهُ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ قَالَ وَجَّهْتُ إِلَيْكَ لِبَيْتٍ قُلْتُهُ وَرُمْتُ أَنْ أَشْفَعَهُ بِمِثْلِهِ فَامْتَنَعَ الْقَوْلُ عَلَيَّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ دَعْنِي حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيَّ نَفْسِي فَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ عِيَالِي عَلَى حَالٍ مِنَ الْقَلَقِ عَظِيمَةٍ وَنَالَنِي مِنَ الْخَوْفِ مَا يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ وَالْوَصْفَ فَانْتَظَرَ هُنَيَّةً ثُمَّ أَنْشَدَهُ الْبَيْتَ جَنَانُ قَدْ رَأَيْنَاهَا ... فَلَمْ نَرَ مِثْلَهَا بَشَرَا فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَزِيدُكَ وَجْهَهَا حُسْنًا ... إِذَا مَا زِدْتَهُ نَظَرَا فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ زِدْنِي فَقَالَ إِذْ مَا اللَّيْلُ مَالَ ... عَلَيْكِ بِالإِظْلامِ واعتكرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 641 ودع فَمَا تَرَى قَمَرًا ... فَأَبْرِزَهَا تَرَى الْقَمَرَا فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ قَدْ ذَعَرْنَاكَ وَأَفْزَعْنَا عَيَالَكَ فَالْوَاجِبُ أَنْ نُعْطِيَكَ دَيْنَكَ فَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَصَرَفَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ الرَّشِيدَ عَتَبَ عَلَى بَعْضِ جَوَارِيهِ فِي أَمْرٍ وَكَانَ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا فَحَلَفَ أَلا يَدْخُلَ حُجْرَتَهَا فَلَمْ تَتَرَضَّاهُ فَقَالَ صدعني إِذْ رَآنِي مُفْتَتَنْ ... وَأَطَالَ الصَّدَّ لَمَّا أَنْ فَطِنْ كَانَ مَمْلُوكِي فَأَضْحَى مَالِكِي ... إِنَّ هَذَا مِنْ أَعَاجِيبِ الزَّمَنْ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى أَبِي الْعَتَاهِيَةِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُجِيزَهَا فَقَالَ عِزَّةُ الْحُبِّ أَرَتْهُ ذِلَّتِي ... فِي هَوَاهُ وَلَهُ وَجْهٌ حَسَنْ فَلِهَذَا صِرْتُ مَمْلُوكًا لَهُ ... وَلِهَذَا شَاعَ أَمْرِي وَعَلَنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَهَذَا الذُّلُّ لَا يَحْتَمِلُهُ ذُو أُنْفَةٍ فَإِنَّ أَهْلَ الأَنَفَةِ حَمَلَهُمْ طَلَبُ عُلُوِ الْقَدْرِ عَلَى قَتْلِ النُّفُوسِ وَإِجْهَادِ الأَبْدَانِ فِي طَلَبِ الْمَعَالِي وَنَحْنُ نَرَى طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْهَرُ وَيَهْجُرُ اللَّذَّاتِ أُنْفَةً مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهُ جَاهِلٌ وَالْمُسَافِرُ يَرْكَبُ الأَخْطَارَ لِيَنَالَ مَا يَرْفَعُ قَدْرَهُ مِنَ الْمَالِ حَتَّى إِنَّ رُذَالَةَ الْخَلْقِ رُبَّمَا حَمَلُوا كَثِيرًا مِنَ الْمَشَاقِّ لِيَصِيرَ لَهُمْ قَدْرٌ فَهَذَا السَّاعِي يُتْعِبُ نَفْسَهُ بِالْعَدْوِ وَيَصْبِرُ عَنْ لَذَّاتِ الْجِمَاعِ لِيَنَالَ قَدْرًا وَقَدْ قَالَ الْقَائِل وكل امرىء قَاتِلٌ نَفْسَهُ ... عَلَى أَنْ يُقَالَ لَهُ إِنَّهُ فَأَمَّا مَنْ لَا يَأْنَفُ مِنَ الذُّلِّ وَيَنْقَادُ لِمُوَافَقَةِ هَوَاهُ فَذَاك خَارج عَن التميزين أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 642 وَالتَّنُوخِيُّ وَالْقَزْوِينِيُّ قَالُوا أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَا أَلَذُّ الأَشْيَاءِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْ أحذاق قُرَيْشٍ فَلْيَقُومُوا فَلَمَّا قَامُوا قَالَ إِسْقَاطُ الْمَرُوءَةِ يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ تُهِمُّهُ مَرُوءَتُهُ فَعَلَ مَا يَهْوَى وَلَمْ يُبَالِ بِلَوْمٍ وَهَذِهِ صِفَاتُ الْبَهَائِمِ فَأَمَّا أَرْبَابُ الأَنَفَةِ فَكَمَا قَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ وَإِنِّي وَإِنْ حَنَّتْ إِلَيْكَ ضَمَائِرِي ... فَمَا قَدْرُ حُبِّي أَنْ يُذَّلَ لَهُ قَدْرِي وَقَالَ أَبُو فَرِاسٍ لَقَدْ ضَلَّ مَنْ تَحْوِي هَوَاهُ خَرِيدَةٌ ... وَقَدْ ذُلَّ مِنْ تَقْضِي عَلَيْهِ كِعَابُ وَلَكِنَّنِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَازِمٌ ... أُعَزُّ إِذَا ذُلَّتْ لَهُنَّ رِقَابُ وَلا تَمْلِكُ الْحَسْنَاءُ قَلْبِي كُلَّهُ ... وَلَوْ شَمِلَتْهَا رِقَّةٌ وَشَبَابُ وَأَجْرِي وَلا أُعْطِي الْهَوَى فَضْلَ مِقْوَدِي ... وَأَهْفُو وَلا يَخْفَى عَلَيَّ صَوَابُ صَبُورٌ وَلَوْ لَمْ تَبْقَ مني بَقِيَّة ... قؤول وَلَوْ أَنَّ السُّيُوفَ جَوَابُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَصْرٍ الْبَبَّغَاءُ سَلِ الصَّبَابَةَ عَنِّي هَلْ خَلَوْتُ بِمَنْ ... أَهْوَى مَعَ الشَّوْقِ إِلا وَالْعَفَافُ مَعِي لَا صَاحَبَتْنِي نَفْسٌ لَوْ هَمَمْتُ بِأَنْ ... أَرْمِي بِهَا لَهَوَات الْموَات لَمْ تُطِعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 643 تَأَبَى الدَّنَاءَةَ لِي نَفْسٌ نُفَاسَتُهَا ... تَسْعَى لِغَيْرِ الرِّضَا بِالرَّيِّ وَالشِّبَعِ بِهِمَّةٍ مَا أَظُنُّ الْحَظَّ يُدْرِكُهَا ... إِلا وَقَدْ جَاوَزَتْ بِي كُلَّ مُمْتَنِعِ وَلَهُ وَقَدْ رَامَ هَذَا الْحُبُّ أَنْ يَسْتَرِقَّنِي ... فَأَنْجَدَنِي صَبْرٌ عَلَيَّ جَمِيلُ وَلَهُ لَا تَحْسَبِي أَنَّ نَفْسِيَ كَالنُّفُوسِ إِذَا ... حَمَّلْتُهَا فِي هَوَاكِ الضَّيْمَ تَحْتَمِلُ وَرُبَّمَا بَعَثَ التِّذْكَارُ نَحْوَكُمُ ... دَمْعِي فَتُنْكِرُهُ الأَجْفَانُ وَالْمُقَلُ كُونِي كَمَا شِئْتِ إِنْ هَجْرًا وَإِنْ صِلَةً ... فَلَيْسَ تُنْكِرُ صَبْرَ الْبَازِلِ الإِبِلُ كَمْ ذُقْتُ لِلدَّهْرِ خَطْبًا أَنْتِ أَيْسَرُهُ ... فَمَا ثَنَى عِطْفَ حِلْمِي الْحَادِثُ الْجَلِلُ وَلَهُ سِوَايَ الَّذِي تَرْمِي المطامع نبله ... وَغَيره مَنْ بِالْحِرْصِ يَسْهُلُ ذُلُّهُ وَلَوْ كُنْتُ مِمَّنْ تَقْبَلُ الضَّيْمَ نَفْسُهُ ... لَجَنَّبْتُ هَجْرِي مَنْ مُنَى النَّفْسِ وَصْلُهُ هَوًى سُمْتُ قَلْبِي أَنْ يُطَاوِعَ حُكْمَهُ ... فَبَادَرَنِي قَبْلَ الْعَوَاذِلِ عَذْلُهُ تَوَهَّمَنِي كَالْعَاشِقِينَ يَرُوعُنِي ... تَجَنُّبُهُ أَوْ يَغْتَالُ جَدِّيَ هَزْلُهُ وَإِنِّي لأَلْقَاهُ بِسَلْوَةِ زَاهِدٍ ... وَفِي يَدِهِ عَقْدُ الْفُؤَادِ وَحَلُّهُ أُصَارِفُ طَرْفِي فِي تَأَمُّلِ حُسْنِهِ ... وَأَسْخَطُ مَا يُرْضِي سِوَايَ أَقَّلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 644 وَلا خَيْرَ فِيمَنْ يَمِلِكُ الْحُبُّ رَأْيُهُ ... وَإِنْ مَلَكَ الْقَلْبَ الْمُتَيَّمَ حَبْلُهُ وَلأَبِي عَلِيِّ بْنِ الشِّبْلِ وَآنَفُ أَنْ تَعْتَاقَ قَلْبِي خَرِيدَةٌ ... بِلَحْظٍ وَأَنْ يُرْوِي صَدَايَ رُضَابُ وَلِلْقَلْبِ مِنِّي زَاجِرٌ مِنْ مَرُوءَةٍ ... يُجَنِّبُهُ طَرْقَ الْهَوَى فَيُجَابُ وَلِمَنْصُورِ بْنِ الْهَرَوِيِّ خُلِقْتُ أَبَيَّ النَّفْسِ لَا أَتْبَعُ الْهَوَى ... وَلا أَسْتَقِي إِلا مِنَ الْمَشْرَبِ الأَصْفَى وَلا أَحْمِلُ الأَثْقَالَ فِي طَلَبِ الْغِنَى ... وَلا أَبْتَغِي مَعْرُوفَ مَنْ سَامَنِي خسفا وَلَا أتحرى الْعِزّ فميا يُذِلَّنِي ... وَلا أَخْطُبُ الأَعْمَالَ كَيْ لَا أَرَى صَرْفَا وَلَسْتُ عَلَى طَبْعِ الذُّبَابِ مَتَى يُذَدْ ... عَنِ الشَّيْءِ يَسْقُطْ فِيهِ وَهُوَ يَرَى الْحَتْفَا وَلَهُ كَفَى حَزَنًا أَنْ زَارَنِي مَنْ أُحِبُّهُ ... فَأَعْرَضْتُ عَنْهُ لَا مَلالا وَلا بُغْضَا وَلَكِنَّ نَفْسِي عَنْهُ نَفْسٌ أَبِيَّةٌ ... إِذَا لَمْ تَنَلْ كُلَّ الْمُنَى رَدَّتِ الْبَعْضَا فَصْلٌ وَمِمَّا يُذِلُّ الْعُشَّاقَ تَجَنِّي الْمَحْبُوبُ وَالتَّجَنِّي يَحْصُدُ الْمَحَبَّةَ فِي الْقُلُوبِ الَّتِي لَهَا أُنْفَةٌ قَالَ الأَعْشَى أَرَى سَفَهًا بِالْمَرْءِ تَعْلِيقُ قَلْبِهِ ... بِغَانِيَةٍ خَوْدٍ مَتَى يَدْنُ تَبْعُدِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ بَسَّامٍ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِي أَحْمَدُ بْنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 645 حَمْدُونَ الْكَاتِبُ قَالَ كَانَ بَيْنَ الْوَاثِقِ وَبَعْضِ جَوَارِيهِ شَرٌّ فَخَرَجَ كَسْلانَ فَلَمْ أَزَلْ أَنَا وَالْفَتْحُ بْنُ خَاقَانَ نَحْتَالُ لِنَشَاطِهِ فَرَآنِي أُضَاحِكُ الْفَتْحَ بْنَ خَاقَانَ فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْعَبَّاسَ بْنَ الأَحْنَفِ حَيْثُ يَقُولُ عَدْلٌ مِنَ اللَّهِ أَبْكَانِي وَأَضْحَكَكُمْ ... فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدْلٌ كُلُّ مَا صَنَعَا الْيَوْمَ أَبْكِي عَلَى قَلْبِي وَأَنْدُبُهُ ... قَلْبٌ أَلَحَّ عَلَيْهِ الْحُبُّ فَانْصَدَعَا لِلْحُبِّ فِي كُلِّ عُضْوٍ لِي عَلَى حَدَةٍ ... نَوْعٌ تَفَرَّقَ عَنْهُ الصَّبْرُ وَاجْتَمَعَا وَقَالَ ابْنُ الدُّمَيْنَةِ أَمَا وَاللَّهِ ثُمَّ اللَّهُ حَقًّا ... يَمِينًا ثُمَّ أُتْبِعُهَا يَمِينَا لَقَدْ نَزَلَتْ أُمَيْمَةُ مِنْ فُؤَادِي ... تِلاعًا مَا أُبِحْنَ وَلا رُعِينَا وَلَكِنَّ الْخَلِيلَ إِذَا جَفَانَا ... وَآثَرَ بِالْمَوَدَّةِ آخَرِينَا صَدَدْتُ تَكَرُّمًا عَنْهُ بِنَفْسِي ... وَإِنْ كَانَ الْفُؤَادُ بِهِ ضَنِينَا فَصْلٌ وَمِنَ الأَنَفَةِ الأَنَفَةُ مِنْ حُبِّ مَنْ طَبْعُهُ الْغَدْرُ وَهَذَا أَجَلُّ طِبَاعِ النِّسَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي غُضُونِ كِتَابِنَا مِنْ غَدْرِهِنَّ طَرَفًا وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْحِيَلِ وَالْمُخَاطَرَاتِ فِي قِصَّةِ لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ وَذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ مَنْ قَتَلَ مَعْشُوقَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الْحُكَمَاءُ لَا تَثِقْ بِامْرَأَةٍ وَقَالَ الشَّاعِرُ إِذَا غَدَرَتْ حَسْنَاءُ أَوْفَتْ بِعَهْدِهَا ... وَمِنْ عَهْدِهَا أَنْ لَا يَدُومُ لَهَا عَهْدُ أَنْشَدَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 646 أَفِقْ يَا فُؤَادِي مِنْ غِرَامِكَ وَاسْتَمِعْ ... مَقَالَةَ مَحْزُونٍ عَلَيْكَ شَفِيقِ عَلِقْتَ فَتَاةً قَلْبُهَا مُتَعَلِّقٌ ... بِغَيْرِكَ فَاسْتَوْثَقْتَ غَيْرَ وَثِيقِ وَأَصْبَحْتَ مَوْثُوقًا وَرَاحَتْ طَلِيقَةً ... فَكَمْ بَيْنَ مَوْثُوقٍ وَبَيْنَ طَلِيقِ فَصْلٌ وَمِمَّا يُدَاوَى بِهِ الْبَاطِنُ أَنْ يَعْلَمَ الإِنْسَانُ أَنَّ زَوْجَتَهُ الْمَحْبُوبَةُ إِنْ مَاتَ عَنْهَا مَالَتْ إِلَى غَيْرِهِ وَنَسِيَتْهُ أَسْرَعُ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ تُحِبُّهُ لأَنَّهُ لَا وَفَاءَ لِلنِّسَاءِ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّبَّاسُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْخُزَامِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَأَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَزِيدُ أَحدهمَا على صَاحبه قَالَ تَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَاتِكَةَ بنت زيد بن عَمْرو ابْن نُفَيْلٍ وَكَانَتْ حَسْنَاءُ جَمْلاءُ ذَاتُ خُلُقٍ بَارِعٍ فَشَغَلَتْهُ عَنْ مَغَازِيهِ فَأَمَرَهُ أَبُوهُ بِطَلاقِهَا وَقَالَ إِنَّهَا قَدْ شَغَلَتْكَ عَنْ مَغَازِيكَ فَقَالَ يَقُولُونَ طَلِّقْهَا وَخَيِّمْ مَكَانَهَا ... مُقِيمًا عَلَيْكَ الْهَمُّ أَحْلامَ نَائِمِ وَإِنَّ فِرَاقِي أَهْلَ بَيْتٍ جَمَعْتُهُمْ ... عَلَى كِبَرٍ مِنِّي لإِحْدَى الْعَظَائِمِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَمَرَّ بِهِ أَبُوهُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَرَ مِثْلِي طَلَّقَ الْعَامَ مِثْلَهَا ... وَلا مِثْلَهَا فِي غَيْرِ جُرْمٍ تُطَلَّقُ لَهَا خُلُقٌ جَزْلٌ وَرَأْيٌ وَمَنْصِبٌ ... وَخَلْقٌ سَوِيٌ فِي الْحَيَاةِ وَمَصْدَقُ فَرَقَّ لَهُ أَبُوهُ فَرَاجَعَهَا ثُمَّ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الطَّائِفِ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَمَاتَ بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَتْ عَاتِكَةُ تَبْكِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 647 رُزِئْتُ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ... وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَمَا كَانَ قَصَّرَا فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُ عَيْنِي حَزِينَةً ... عَلَيْكَ وَلا يَنْفَكُ جِلْدِيَ أَغْبَرَا فَلِلَّهِ عَيْنًا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى ... أَكَرَّ وَأَحْمَى فِي الْهِيَاجِ وَأَصْبَرَا إِذَا شُرِعَتْ فِيهِ الأَسِنَّةُ خَاضَهَا ... إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَتْرُكَ الرُّمْحَ أَحْمَرَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَوْلَمَ وَكَانَ فِيمَنْ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ دَعْنِي أُكَلِّمُ عَاتِكَةَ فَقَالَ كَلِّمْهَا يَا أَبَا الْحَسَنِ فَأَخَذَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِجَانِبِ الْخِدْرِ ثُمَّ قَالَ يَا عُدَيَّةُ نَفْسَهَا فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُ عَيْنِي قَرِيرَةً ... عَلَيْكَ وَلا يَنْفَكُ جِلْدِيَ أَصْفَرَا فَبَكَتْ فَقَالَ عُمَرُ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ كُلُّ النِّسَاءِ يَفْعَلْنَ هَذَا ثُمَّ قُتِلَ عَنْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ فَكَانَتْ تَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَ يَكْرَهُ خُرُوجَهَا وَيَتَحَّرَجُ مِنْ مَنْعِهَا فَخَرَجَتْ لَيْلَةً إِلَى الْمَسْجِدِ وَخَرَجَ الزُّبَيْرُ فَسَبَقَهَا إِلَى مَكَانٍ مُظْلِمٍ مِنْ طَرِيقِهَا فَلَمَّا مَرَّتْ بِهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَعْضِ جَسَدِهَا فَرَجَعَتْ تَنْشَجُ ثُمَّ لَمْ تَخْرُجْ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ مَالَكِ لَا تَخْرُجِينَ إِلَى الْمَسْجِدِ كَمَا كُنْتِ تَفْعَلِينَ فَقَالَتْ فَسَدَ النَّاسُ فَقَالَ أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَلَيْسَ غَيْرُكَ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ وَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى قُتِلَ عَنْهَا الزُّبَيْرُ وَبِالإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ خَطَبَ إِلَى عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ يَا ابْنَ أَخِي قَدِ انْتَظَرْتُ هَذَا مِنْكَ انْطَلِقْ مَعِي فَخَرَجَ بِهِ حَتَّى أَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ وَسَكِينَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ اخْتَرْ فَاخْتَارَ فَاطِمَةَ فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا فَكَانَ يُقَالُ فَلَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ الْوَفَاةُ قَالَ لِفَاطِمَةَ إِنَّكِ امْرَأَةٌ مَرْغُوبٌ فِيكِ فَكَأَنِّي بِعَبْد الله بن عَمْرو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 648 ابْن عُثْمَانَ إِذَا خُرِجَ بِجَِنَازَتِي قَدْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ مُرَجَّلا جَبِينُهُ لَا بسا حُلَّتَهُ يَسِيرُ فِي جَانِبِ النَّاسِ يَتَعَرَّضُ لَكِ فَانْكِحِي مَنْ شَئْتِ سِوَاهُ فَإِنِّي لَا أَدَعُ مِنَ الدُّنْيَا وَرَائِي هَمًّا غَيْرَكِ فَقَالَتْ لَهُ آمِنْ مِنْ ذَلِكَ وَأثْلَجَتْهُ بِالأَيْمَانِ مِنَ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ لَا تَتَزَوَّجُهُ وَمَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ وَخُرِجَ بِجَِنَازَتِهِ فَوَافَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ فِي الْحَالِ الَّتِي وَصَفَ الْحَسَنُ وَكَانَ يُقَالُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْمُطْرَفُ مِنْ حُسْنِهِ فَنَظَرَ إِلَى فَاطِمَةَ حَاسِرَةً تَضْرِبُ وَجْهَهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا إِنَّ لَنَا فِي وَجْهِكِ حَاجَةً فَارْفُقِي بِهِ فَاسْتَرْخَتْ يَدَاهَا وَعُرِفَ ذَلِكَ فِيهَا وَخَمَّرَتْ وَجْهَهَا فَلَمَّا حَلَّتْ أَرْسَلَ إِلَيْهَا فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ كَيْفَ يَمِينِي الَّتِي حَلَفْتُ بِهَا قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَكَانَ كُلِّ مَمْلُوكٍ مَمْلُوكَيْنِ وَمَكَانَ كُلِّ شَيْءٍ فَعَوَّضَهَا مِنْ يَمِينِهَا فَنَكَحَتْهُ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا الدِّيبَاجَ وَالْقَاسِمَ قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ زَعَمُوا أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الله ابْن الزُّبَيْرِ نَظَرَ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْقَاسِمِ تَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ وَهُوَ يَمُوتُ فَقَالَ لَهَا أَمَا وَاللَّهِ فَكَأَنِّي بِالأُعَيْرَجِ طَلْحَةَ بْنِ عُمَرَ قَدْ أَرْسَلَ إِلَيْكِ إِذَا حَلَلْتِ فَتُزَوَّجِينَهُ قَالَتْ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حرَّة وَكُلُّ شَيْءٍ لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ تَزَوَّجْتُهُ أَبَدًا فَلَمَّا حَلَّتْ أَرْسَلَ إِلَيْهَا طَلْحَةُ بْنُ عُمَرَ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ يَمِينَكِ وَلَكِ بِكُلِّ شَيْءٍ شَيْئَانِ فَأَصْدقهَا ثَلَاثمِائَة أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَزَوَّجَتْهُ فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ وَرَمْلَةَ قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ قَالَ كَانَتْ أُمُّ هِشَامٍ بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَهْلٍ الْعَامِرِيُّ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ صَدِيقًا لَهُ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 649 فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمُوتُ فَإِذَا هُوَ شَكِعٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا يُشْكِعُكَ يَا أَخِي أَمِنَ الْمَوْتِ تَشْكَعُ قَالَ وَاللَّهِ مَا ذَاكَ يُشْكِعُنِي وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ تَزَوَّجَ أم هِشَام عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُمَرُ إِذْ ذَاكَ وَالٍ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ وَسِتْرٌ فِي الْبَيْتِ فَسَمِعَتُ حَرَكَةً فِيهِ فَمَا كَانَ بِأَوْشَكِ مِنْ أَنْ كَشَفَ السِّتْرَ وَإِذَا جَوَارٍ قَدْ قُمْنَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ قَالَتْ قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ يَا بن عُمَرَ وَالَّذِي يَشْغَلُكَ وَاسْتَغْلَظَتْ فِي الْيَمِينِ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ شَيْءٍ لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِتْقُ مَا تَمْلِكُ إِنْ تَزَوَّجْتُهُ فَطِبْ نَفْسًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أُبَالِي مَتَى جَاءَنِي الْمَوْتُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرِمَةَ فَخَرَجَتُ إِلَى الْمَنْزِلِ فَوَاللَّهِ مَا بَلَغْتُ حَتَّى سَمِعْتُ الصِّيَاحَ وَجَاءَنِي الرَّسُولُ أَنْ أَدْرِكْ أَخَاكَ فَقَدْ مَاتَ قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُمْنَا إِلَى حَاجَتِهِ فَرَمَحَ بِهِ الظَّهْرُ وَأُمُّ هِشَامٍ فِي النَّاسِ لَيْسَ لِي هِمَّةٌ إِلا أَنْظُرُ كَيْفَ تَصْنَعُ هِيَ وَعُمَرُ فَلَمَّا كُنَّا عَلَى الْقَبْرِ الْتَفَتَ عُمَرُ إِلَى الْمَأْتَمِ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ رَاقَتِ النِّسَاءُ طُولا وَجَمَالا وَهِيَ تَضْرِبُ عَلَى خَدَّيْهَا ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ مَنْ هَذِه فَقيل ابْن خَالَتِكَ أَيُّهَا الأَمِيرُ أُمُّ هِشَامٍ بِنْتُ عُثْمَانَ فَأَرْسَلَ أَبْقِي فِي خَدَّيْكِ فَإِنَّ لَنَا فِيهِمَا حَاجَةً قَالَ فَأَتَى الْخَصِيُّ فَكَلَّمَهَا فَنَظَرَتُ إِلَى يَدَيْهَا وَقَدِ اسْتَرْخَتَا فَلَمْ يَكُنْ إِلا أَنْ حَلَّتْ فَأَخْلَفَ عَلَيْهَا مَا حَلَفَتْ بِهِ وَأَرْغَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَبَلَغَنِي ذَلِكَ فَكَتَبْتُ إِلَيْهَا أُذَكِّرُهَا مَا كَانَ بَلَغَنَا مِنْ غَدْرِ النِّسَاءِ وَأَنَّا كُنَّا بَيْنَ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ حَتَّى بَانَ لِي ذَلِكَ فِيهَا وَتَمَثَّلَتُ لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 650 إِنْ لَقِيَتْ خَيْرًا فَلا يَهِنْهَا ... وَإِنْ عَثَرَتْ فَلِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ فَكَتَبَتْ إِلَيَّ قَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ لِي مَثَلا إِلا مَا قَالَ أَرْطَاة ابْن شُهْبَة كَأَيِّنْ تَرَى مِنْ ذَاتِ شَجْوٍ وَلَوْعَةٍ ... طَوَتْ كَشْحَهَا بَعْدَ الْحَنِينِ الْمُرَجَّعِ وَقَالَ الْمُتَوَكِّلُ اللَّيْثِيُّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّلُوِّ عَنِ النِّسَاءِ لِغَدْرِهِنَّ وَكُنَّا ارْتَقَيْنَا فِي صُعُودٍ مِنَ الْهَوَى ... فَلَمَّا ارْتَقْيَنَاهُ ثَبَتُّ وَزَلَّتِ وَكُنَّا عَقَدْنَا عُقْدَةَ الْوَصْلِ بَيْنَنَا ... فَلَمَّا تَوَاثَقْنَا عَقَدْتُ وَحَلَّتِ فَإِنْ سَأَلَ الْوَاشُونَ فِيمَ صَرَمْتَهَا ... فَقُلْ نَفْسُ حُرٍّ سَلِيَتْ فَتَسَلَّتِ وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ قُدَامَةَ قَالَ كَانَتْ لِمُوسَى الْهَادِي جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا غَادِرُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَعَيْنًا وَكَانَ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا فَبَيْنَا هِيَ تُغَنِّيهِ يَوْمًا عَرَضَ لَهُ فِكْرٌ وَسَهْوٌ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ فَسَأَلَهُ مَنْ حَضَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَقَعَ فِي فِكْرِي أَنِّي أَمُوتُ وَأَنَّ أَخِي هرون يَلِي مَكَانِي وَيَتَزَوَّجُ جَارِيَتِي هَذِهِ فَقِيلَ لَهُ يُعِذْكَ اللَّهُ وَيُقَدِّمُ الْكُلَّ بَيْنَ يَدَيْكَ قَبْلَكَ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ أَخِيهِ وَعَرَّفَهُ مَا خَطَرَ لَهُ فَأَجَابَهُ بِمَا يُوجِبُ زَوَالَ الْخَاطِرِ فَقَالَ لَا أَرْضَى حَتَّى تَحْلِفَ لِي أَنِّي مَتَى مِتُّ لَمْ تَتَزَوَّجَهَا فَاسْتَوْفَى عَلَيْهِ الأَيْمَانَ مِنَ الْحَجِّ رَاجِلا وَطَلاقِ الزَّوْجَاتِ وَعِتْقِ الْمَمَالِيكِ وَتَسْبِيلِ مَا يَمْلِكُهُ ثُمَّ نَهَضَ إِلَيْهَا فَأَحْلَفَهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ فَمَا لَبِثَ إِلا نَحْوَ شهر حَتَّى توفّي فَبعث هرون يَخْطُبُ الْجَارِيَةَ فَقَالَتْ كَيْفَ يَمِينِي وَيَمِينُكَ فَقَالَ أُكَفِّرُ عَنِ الْكُلِّ وَأَحُجُّ رَاجِلا فَتَزَوَّجَهَا وَزَادَ شَغَفُهُ بِهَا عَلَى شَغَفِ أَخِيهِ أَنَّهَا كَانَتْ تَضَعُ رَأْسَهَا فِي حِجْرِهِ وَتَنَامُ فَلا يَتَحَرَّكُ حَتَّى تَنْتَبِهَ فَبَيْنَا هِيَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ذَلِكَ انْتَبَهَتْ مَرْعُوبَةً فَزِعَةً فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ رَأَيْتُ أَخَاكَ السَّاعَةَ وَهُوَ يَقُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 651 أَخْلَفْتِ وَعْدِي بَعْدَمَا ... جَاوَرْتِ سُكَّانَ الْمَقَابِرْ وَنَسِيتَنِي وَحَنَثْتِ فِي ... أَيْمَانَكِ الْكَذِبِ الْفَوَاجِرْ وَنَكَحْتِ غَادِرَةَ أَخِي ... صَدَقَ الَّذِي سَمَّاكِ غَادِرْ أَمْسَيْتِ فِي أَهْلِ الْبِلَى ... وَغَدَوْتِ فِي الْحُورِ الْغَرَائِرْ لَا يَهْنَكِ الإِلْفُ الْجَدِيدُ ... وَلا تَدُرْ عَنْكِ الدَّوَائِرْ وَلَحِقْتِ بِي قَبْلَ الصَّبَاحِ ... وَصِرْتِ حَيْثُ غَدَوْتُ صَائِرْ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَأَّنِي أَسْمَعُهُمَا وَكَأَنَّمَا كَتَبْتُهُمَا فِي قَلْبِي فَمَا أُنْسِيتُ مِنْهُمَا كلمة فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ فَقَالَتْ كَلا ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَضْطَرِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتُرْعَدُ حَتَّى مَاتَتْ فَصْلٌ وَمِمَّا يُدَاوَى بِهِ الْبَاطِنُ أَنْ تَفَكَّرَ فَتَعْلَمَ أَنَّ مَحْبُوبَكَ لَيْسَ كَمَا فِي نَفْسِكَ فَأَعْمِلْ فِكْرَكَ فِي عُيُوبِهِ تَسْلُ فَإِنَّ الآدَمِيَ مَحْشُوٌّ بِالأَنْجَاسِ وَالأَقْذَارِ وَإِنَّمَا يَرَى الْعَاشِقُ مَعْشُوقَهُ فِي حَالِ الْكَمَالِ وَلا يُصَوِّرُ لَهُ الْهَوَى عَيْبًا لأَنَّ الْحَقَائِقَ لَا تَنْكَشِفُ إِلا مَعَ الاعْتِدَالِ وَسُلْطَانِ الْهَوَى حَاكِمٌ جَائِرٌ يُغَطِّي الْمَعَايِبَ فَيَرَى الْعَاشِقَ الْقَبِيحَ مِنْ مَعْشُوقِهِ حَسَنًا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَمَّرِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ الْغَوْرَجِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْوَزَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 652 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن أَخِي الأَصْمَعِيُّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ قَالَ لِي الرَّشِيدُ مَا حَدُّ الْعِشْقِ وَصِفَتُهُ فَقُلْتُ أَنْ تَكُونَ رِيحُ الْبَصَلِ مِنَ الْمَعْشُوقِ أَطْيَبُ عِنْدَ الْعَاشِقِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ مَعَ غَيْرِهِ وَقَالَ الْحُكَمَاءُ عَيْنُ الْهَوَى عَوْرَاءُ بِهَذَا السَّبَبُ يُعْرِضُ الإِنْسَانُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَيُؤْثِرُ عَلَيْهَا الأَجْنَبِيَّةَ وَقَدْ تَكُونُ الزَّوْجَةُ أَحْسَنُ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عُيُوبَ الأَجْنَبِيَّةِ لَمْ تَبِنْ لَهُ وَقَدْ تُكْشِفُهَا الْمُخَالَطَةُ وَلِهَذَا إِذَا خَالَطَ هَذِهِ الْمَحْبُوبَةِ الْجَدِيدَةِ وَكَشَفَتْ لَهُ الْمُخَالَطَةُ مَا كَانَ مَسْتُورًا مَلَّ وَطَلَبَ أُخْرَى إِلَى مَا لَا نِهَايَةٍ لَهُ وَقَدْ بَلَغَنَا عَنِ الْمُتَوَكَّلِ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا وَاجِمًا فَسَأَلَهُ وَزِيرُهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ فِي الدَّارِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ جَارِيَةٍ مَا فِيهِنَّ مَنْ تَطْلُبُهَا نَفْسِي قَالَ الْمُصَنِّفُ فَاسْتِعْمَالُ الْفِكْرِ فِي بَدَنِ الآدَمِي وَمَا يَحْوِي مِنَ الْقَذَارَةِ وَمَا تَسْتُرُ الثِّيَابُ مِنَ الْمُسْتَقْبَحِ يَهُونُ الْعِشْقُ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا أَعْجَبَتْ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَذْكُرْ مَنَاتِنَهَا وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مَنْ وَجَدَ رِيحًا كَرِيهَةً مِنْ مَحْبُوبَهِ سَلاهُ وَكَفَى بِالْفِكْرِ فِي هَذَا الأَمْرِ دَفْعًا لِلْعِشْقِ الْمُقْلِقِ وَلَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا عَشِقَ امْرَأَةً فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا مَعَ طَيْشٍ فَقَالَتْ لَهُ تَأَمَّلْ أَمْرَكَ أَتَدْرِي مَا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تَبُولَ فِي بَالُوعَةٍ لَوْ شَاهَدْتَ دَاخِلَهَا لَوَجَدْتَهُ أَنْتَنَ مِنَ الْكَنِيفِ فَبَرَدَ وَسَكَنَ وَلَمْ يُعَاوِدُ وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنِ نَبَاتَةَ مَا كُنْتُ أَعَرِفُ عَيْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ ... حَتَّى سَلَوْتُ فَصِرْتُ لَا أَشْتَاقُ وَإِذَا أَفَاقَ الْوِجْدُ وَانْدَمَلَ الْهَوَى ... رَأَتِ الْقُلُوبُ وَلَمْ تَرَ الأَحْدَاقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 653 فَصْلٌ وَلِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ شَكَا خَلْقٌ مِنَ الْعُشَّاقِ مَعْشُوقَهُمْ وَمَلُّوهُمْ وَأَعْرَضُوا عَنْهُمْ وَمَا كَانَ السَّبَب إِلَّا أَنَّ الْمُخَالَطَةَ أَظْهَرَتِ الْمَعَايِبَ الآدَمِيَّةَ فَنَفَرُوا عَنْهُمْ وَمَضَى مَا مَضَى مِنَ الْقَلَقِ وَوَهْنِ الْجَاهِ مَجَّانًا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُوسَى السَّرَّاجُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ أَمْلَى عَلَيْنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْن أَبِي بَكْرٍ خَرَجَ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ يَمْتَارُونَ مِنْهُ فَمَرُّوا بِامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا لَيْلَى فَذَكَرَ مِنْ جَمَالِهَا فَرَجَعَ وَقَدْ وَقَعَ مِنْهَا فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ وَهُوَ يُشَبِّبُ وَيَقُولُ تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ بَيْنَنَا ... وَمَا لابْنَةِ الْجُودِي لَيْلَى وَمَالِيَا زَادَنَا مُصْعَبٌ بَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعْرِ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَنَّى تَعَاطَى قَلْبَهُ حَارِثِيةٌ ... تُدَمِّنُ بُصْرَى أَوْ تَحِلُّ الْجَوَانِيَا وَأَنَّى تَلاقِيهَا بَلَى وَلَعَلَّهَا ... إِنِ النَّاسُ حَجُّوا قَابِلا أَنْ تُلاقِيَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ سُفْيَانَ قَالَ فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ افْتَتَحَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّامَ فَصَارَتْ إِلَيْهِ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْخُزَامِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَ الشَّامَ فِي تِجَارَةٍ فَرَأَى هُنَاكَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا ابْنَةُ الْجُودِيِّ عَلَى طَنْفَسَةٍ لَهَا وَلائِدٌ فَأَعْجَبْتُهُ فَقَالَ فِيهَا تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ بَيْنَنَا ... وَمَا لابْنَةِ الْجُودِيِّ لَيْلَى وَمَالِيَا وَأَنَّى تَعَاطَى ذِكْرَهُ حَارِثِيَّةٌ ... تُدَمِّنُ بُصْرَى أَوْ تَحِلُّ الْجَوَانِيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 654 وَأَنَّى تَلاقِيهَا بَلَى وَلَعَلَّهَا ... إِنِ النَّاسِ حَجُّوا قَابِلا أَنْ نُلاقِيَا قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَيْشَهُ إِلَى الشَّامِ قَالَ لِصَاحِبِ الْجَيْشِ إِنْ ظَفِرْتَ بِلَيْلَى ابْنَةِ الْجُودِيِّ عُنْوَةً فَادْفَعْهَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَظَفِرَ بِهَا فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأُعْجِبَ بِهَا وَآثَرَهَا عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى شَكَوْنَهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فَعَاتَبَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ كَأَنِّي أَرْشُفُ بِأَنْيَابِهَا حَبَّ الرُّمَّانِ فَأَصَابَهَا وَجَعٌ سَقَطَ لَهُ فُوهَا فَجَفَاهَا حَتَّى شَكَتْهُ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها لَقَدْ أَحْبَبْتَ لَيْلَى فَأَفْرَطْتَ وَأَبْغَضْتَهَا فَأَفْرَطْتَ فَإِمَّا أَنْ تَنْصِفَهَا وَإِمَّا أَنْ تُجَهِّزَهَا إِلَى أَهْلِهَا فَجَهَّزَهَا إِلَى أَهْلِهَا قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نفل عبد الرحمن ابْن أَبِي بَكْرٍ لَيْلَى بِنْتَ الْجُودِي حِينَ فَتَحَ دِمَشْقَ وَكَانَتْ بِنْتُ مَالِكِ دِمْشَقَ وَمِمَّا يُرْوَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لَيْلَى بِنْتِ الْجُودِي بابنة الْجُودِي قَلْبِي لَبِثٌ ... مُسْتَهَامٌ عِنْدَهَا مَا يؤوب جَاوَرت أخوا لَهَا حَيَّ عَكٍّ ... فَلَعَلَّكِ مِنْ فُؤَادِي نَصِيبُ وَلَقَدْ لامُوا فَقُلْتُ ذَرُونِي ... إِنَّ مَنْ تَلْحُونَ فِيهَا الْحَبِيبُ غُصْن بَان ماخلا الْخَصْرَ مِنْهَا ... ثُمَّ مَا أَسْفَلَ ذَاكَ كَثِيبُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كُنْتُ أُعَاتِبُهُ فِي كَثْرَةِ مَحَبَّتِهِ لَهَا ثُمَّ صِرْتُ أُعَاتِبُهُ فِي إِسَاءَتِهِ إِلَيْهَا حَتَّى رَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن أبي نعيم الْبَلْخِي قل حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّحْوِيُّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بَعَثَ إِلَى الضَّحَّاكِ عَامِلِ الْمَدِينَةِ ابْعَثْ إِلَيَّ الأَحْوَصَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ وَمَعْبَدًا الْمُغَنِّي فَخَرَجَا يقصدان الْمنَازل ويقيمان فِيهَا يستلذا حَتَّى نَزَلا عَلَى غَدِيرِ مَاءٍ وَرَوْضَةٍ خَضْرَاءَ بِبَلَدٍ أَفْيَحٍ وَبِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فِي قَصْرٍ لَهُ حَتَّى نَزَلا الْبَلْقَاءَ وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ فَأَصَابَهُمَا مَطَرٌ مِنَ اللَّيْلِ وَأَصْبَحَتِ الْغُدُرُ مَمْلُوءَةً فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 655 الأَحْوَصُ لَوْ أَقَمْنَا الْيَوْمَ فَتَغَدَّيْنَا عَلَى هَذِهِ الْغُدُرِ فَفَعَلا وَرَفَعَ لَهُمَا قَصْرٌ فَلَمَّا أَكَلا وَوَضَعْنَا شَرَابَهُمَا فُتِحَ بَابَ الْقَصْرِ فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ بَيْضَاءَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَيَاضًا وَأَحْسَنِهِمْ شِعْرًا فِي يَدِهَا جَرَّةٌ فَوَرَدَتِ الْغَدِيرَ بِتِلْكَ الْجَرَّةِ فَاسْتَقَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عَلَى خَمْسٍ أَوْ نَحْوَهَا أَلْقَتِ الْجَرَّةُ فَكَسَرَتْهَا وَقَعَدَتْ فَانْدَفَعَتْ تُغَنِّي بِحَذْقٍ يَا بَيْتَ عَاتِكَةَ الَّتِي أَتَغَزَّلُ ... حَذَرَ الْعِدَى وَبِهِ الْفُؤَادُ مُوَكَّلُ إِنِّي لأَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وَإِنَّنِي ... قَسَمًا إِلَيْكَ مَعَ الصُّدُودِ لأَمْيَلُ فَقَالَ مَعْبَدٌ غِنَائِي وَاللَّهِ وَقَالَ الأَحْوَصُ شِعْرِي وَاللَّهِ فَلَمَّا سَمِعَا ذَلِكَ مِنْهَا قَامَا إِلَيْهَا فَسَلَّمَا عَلَيْهَا وَسَأَلاهَا إِعَادَةَ الصَّوْتِ فَأَعَادَتْهُ فَقَالا لَهَا مِنْ أَيْنَ أَنْتِ فَقَالَتْ مَكِّيَّةٌ كُنْتُ لآلِ الْوَلِيدِ فَحَجَّ هَذَا الْمَخْزُومِيَّ الَّذِي أَنَا عِنْدَهُ فَابْتَاعَنِي مِنْ أَهْلِي بِخَمْسِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَنَزَلْتُ من قلبه أحسن منزلَة إِذا طَرَقَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ فَنَزَلَتْ أَحْسَنَ الْمَنَازِلِ وَعَلا مَكَانُهَا فَلَمْ يَزِدْهَا إِلا ارْتِفَاعًا وَلَمْ يَزِدْنِي إِلا اتِّضَاعًا حَتَّى بَلَغَتْ مَنْزِلَتَهَا أَنْ قَالَتْ لَسْتُ بِرَاضِيَةٍ حَتَّى تَأْمُرَهَا تَسْتَقِي الْمَاءَ مِنَ الْغَدِيرِ كُلَّ يَوْمٍ جَرَّتَيْنِ فَفَعَلَ فَأَنَا إِذَا ذَكَرْتُ مَا كُنْتُ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ كَسَرْتُ الْجَرَّةَ وَإِذَا اعْتَرَفْتُ بِالْمُلْكَةِ أَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ جَرَّتَهُمْ مَمْلُوءَةً حَدَّثَنِي بَعْضُ إِخْوَانِي عَنْ صَدِيقٍ لَهُ أَنَّهُ عَشِقَ امْرَأَةً كَانَتْ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ وَأَنُّهُ كَانَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ لِيَجْتَمِعَ بِهَا قَالَ فَقَالَ لِي يَوْمًا وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعْتُ بِهَا ثُمَّ قُدِّمْتُ فَضُرِبَتْ عُنُقِي مَا بَالَيْتُ ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَمَضَى عَلَيْهِ قَلِيلٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَالَ فَمَرَرْتُ يَوْمًا أَنَا وَهُوَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ بِحَمْأَةٍ مُنْتِنَةٍ فَقَالَ لِي يَا فُلانُ وَاللَّهِ إِنَّ فُلانَةً الْيَوْمَ أَقْبَحُ عِنْدِي حَالا مِنْ هَذِهِ الْحَمْأَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 656 فَصْلٌ وَقَدْ يَقَعُ السُّلُوُّ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَظُنُّ مِثْلَ أَنْ يُحِبَّ الإِنْسَانُ الْمَرْأَةَ فَإِذَا بِهَا نِسْبَةٌ لِصَدِيقٍ مِنْ أَصْدِقَائِهِ فَيَحْتَشِمُ ذَلِكَ فَيَسْلُوهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُهَلَّبِيُّ عَنْ بَعْضِ إِخْوَانِهِ وَأَظُنُّهُ أَبَا الْوَلِيدِ ابْن الْفَرْضِيِّ عَنْ أَبِي عُمَرَ يُوسُفَ بْنِ هَارُونَ قَالَ خَرَجْتُ يَوْمًا لِصَلاةِ الْجُمُعَةِ فَتَجَاوَزْتُ نَهْرَ قُرْطُبَةَ مُتَفَّرِجًا إِلَى رِيَاضِ بَنِي مَرْوَانَ فَإذْ جَارِيَةٌ لَمْ أَرَ أَجْمَلَ مِنْهَا فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا فَرَدَّتْ ثُمَّ جَارَيْتُهَا فَرَأَيْتُ أَدَبًا بَارِعًا فَأَخَذَتْ بِمَجَامِعِ قَلْبِي فَقُلْتُ سَأَلْتُكِ بِاللَّهِ أَحُرَّةٌ أَمْ أَمَةٌ فَقَالَتْ بَلْ أَمَةٌ فَقُلْتُ مَا اسْمُكِ فَقَالَتْ حُلْوَةُ فَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الصَّلاةِ انْصَرَفْتُ فجَعَلْتُ أَقْفُو أَثَرَهَا فَلَمَّا بَلَغَتْ رَأْسَ الْقَنْطَرَةِ قَالَتْ إِمَّا أَنْ تَتَقَدَّمَ وَإِمَّا أَنْ تَتَأَخَّرَ فَلَسْتُ وَاللَّهِ أَخْطُو خُطْوَةً وَأَنْتَ مَعِي فَقُلْتُ لَهَا فَمَا ثَمَنُكِ إِنْ بَاعَكِ مَنْ أَنْتِ لَهُ قَالَتْ ثَلَاثمِائَة دِينَارٍ قَالَ فَخَرَجْتُ جُمْعَةً أُخْرَى فَوَجَدْتُهَا عَلَى الْعَادَةِ فَازْدَادَ كَلَفِي بِهَا فَرَحَلْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّجِيبِيِّ صَاحِبِ سَرَقُسْطَةَ فَمَدَحْتُهُ بِالْقَصِيدَةِ الميمية الْمَشْهُورَة فِيهِ ن وَذكرت فِي تشبيبها حُلْوَةً وَحَدَّثْتُهُ مَعَ ذَلِكَ بِحَدِيثِي فوصلني بثلاثمائة دِينَارٍ ذَهَبًا سِوَى مَا زَوَّدَنِي مِنْ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ مُقْبِلا وَرَاجِعَا وَعُدْتُ إِلَى نَهْرِ قُرْطُبَةَ فَلَزِمْتُ الرِّيَاضَ جُمَعًا لَا أَرَى لَهَا أَثَرًا وَقَدِ انْطَبَقَتْ سَمَائِي عَلَى أَرْضِي وَضَاقَ صَدْرِي إِلَى أَنْ دَعَانِي يَوْمًا رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِي فَدَخَلْتُ دَارَهُ وَأَجْلَسَنِي فِي صَدْرِ مَجْلِسِهِ ثُمَّ قَامَ إِلَى بَعْضِ شَأْنِهِ فَلَمْ أَشْعُرْ إِلا بِالسِّتَارَةِ الْمُقَابِلَةِ لِي وَإِذَا بِهَا قَدْ رُفِعَتْ وَإِذَا بِهَا فَقُلْتُ حُلْوَةُ فَقَالَت نعم فَقلت أَنْت مملوكته فَقَالَت لَا وَاللَّهِ وَلَكِنِّي أُخْتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 657 قَالَ فَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَحَا حُبَّهَا مِنْ قَلْبِي وَقُمْتُ مِنْ فوري فاعتذرت إِلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بِعَارِضٍ طَرَقَنِي وَانْصَرَفْتُ وَأَوَّلُ قَصِيدَتِهِ قِفُوا تَشْهَدُوا بَثِي وَإِنْكَارِ لائِمِي ... عَلَيَّ بُكَائِي فِي الرُّسُومِ الطَّوَاسِمِ أَيَأْمَنُ أَنْ يَغْدُو حَرِيقًا تَنَفُّسِي ... وَإِلا غَرِيقًا فِي الدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ خُذُوا رَأْيَهُ إِنْ كَانَ يَتْبَعُ كُلَّ مَنْ ... يَنُوحُ عَلَى أُلافِهِ بِالْمَلاوِمِ فَهَذَا حَمَامُ الأَيْكِ يَبْكِي هَدِيلَهُ ... بُكَائِي فَلْيَفْزَعِ لِلَوْمِ الْحَمَائِمِ وَمَا هِيَ إِلا فُرْقَةٌ تَبْعَثُ الأَسَى ... إِذَا نَزَلَتْ بِالنَّاسِ أَوْ بِالْبَهَائِمِ جَلا نَاظِرِي مِنْ نَوْمِهِ بَعْدَ خَلْوَةٍ ... مَتَى كَانَ مِنِّي النَّوْمَ ضَرْبَةَ لازَمِ وَمِنْ شِعْرِهِ قَالُوا اصْطَبِرْ وَهُوَ شَيْءٌ لَسْتُ أَعْرِفُهُ ... مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُ صَبْرًا كَيْفَ يَصْطَبِرُ أُوصِ الْخَلِيَّ بِأَنْ يُغْضِي الْمَلاحِظَ عَنْ ... غُرِّ الْوُجُوهِ فَفِي إِعْمَالِهَا غَرَرُ وَفَائِقِ الْحُسْنِ قَتَّالِ الْهَوَى نَظَرَتْ ... عَيْنِي إِلَيْهِ فَكَانَ الْمَوْتُ وَالنَّظَرُ ثُمَّ انْتَصَرْتُ بِعَيْنِي وَهِيَ قَاتِلَتِي ... مَاذَا تُرِيدُ بِقَلْبِي حِينَ تَنْتَصِرُ يَا شِقَّةَ النَّفْسِ وَاصِلِهَا بِشِقَّتِهَا ... فَإنَّا أَنْفُسُ الأَعْدَاءُ تَهْتَجِرُ ظَلَمْتِنِي ثُمَّ إِنِّي جِئْتُ مُعْتَذِرًا ... يَكْفِيكَ أَنِّي مَظْلُومٌ وَمُعْتَذِرُ فَصْلٌ وَمِمَّا يُدَاوَى بِهِ الْبَاطِنُ تَصْوِيرُ فَقْدِ الْمَحْبُوبِ إِمَّا بِمَوْتِهِ أَوْ بِفُرَاقٍ يَحْدُثُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ أَوْ بِنَوْعِ مَلَلٍ أَوْ بِتَغَيُّرِ حِلْيَتِهِ فَيَزُولُ مَا أَوْجَبَ الْمِحَنَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْحَدِّ الَّتِي خَسِرَ بِهَا الْمُحِبُّ جَاهَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَكَمْ مِمَّنْ مَاتَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَقَدْ حَكَى أَنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ قَالَ لِغُلامٍ لَهُ وَكَانَ قَدْ عَشِقَ جَارِيَةً يَا فُلانُ لَا بُدَّ مِنْ فِرَاقِ هَذِهِ قَالَ لَا بُدَّ قَالَ فَاسْتَعْجِلْهُ وَارْبَحْ مَا بَيْنَهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 658 وَقَالَ كُثَيِّرٌ أَفِقْ قَدْ أَفَاقَ الْعَاشِقُونَ وَفَارَقُوا الْهَوَى وَاسْتَمَرَّتْ بِالرِّجَالِ الْمَرَائِرُ وَهَبْهَا كَشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَنَازِحٍ ... بِهِ الدَّارُ أَوْ مَنْ غَيَّبَتْهُ الْمَقَابِرُ وَمَتَى صَوَّرَ الإِنْسَانُ مِثْلَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَتَلَمَّحَ عَوَاقِبَهَا بِفِكْرِهِ سَهُلَ عَلَيْهِ عِلاجُ مَا فِي قَلْبِهِ وَمَتَى مَرَّ عَلَى وَجْهِهِ فِي اسْتِلْذَاذِ عِشْقِهِ هَجَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمِحَنِ مَا يُرْبِي عَلَى لَذَّتِهِ وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبُ هَلَكَتِهِ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرُوسَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ دَخَلَ يَوْمًا بَعْدَ مَوْتِ حُبَابَةَ وَكَانَ لَهَا عَاشِقًا إِلَى خَزَانَتِهَا وَمَقَاصِيرِهَا فَطَافَ بِهَا وَمَعَهُ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيهَا فَتَمَثَّلَتِ الْجَارِيَةُ كَفَى حُزْنًا بِالْوَالِهِ الصَّبّ أَنْ يَرَى ... مَنَازِلَ مَنْ يَهْوَى مُعَطَّلَةً قَفْرَا فَصَاحَ صَيْحَةً وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَلَمْ يَفِقْ إِلَى أَنْ مَضَى مِنَ اللَّيْلِ هُوَيٌّ فَلَمْ يَزَلْ بَاقِي لَيْلَتِهِ بَاكِيًا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي وَقَدِ انْفَرَدَ فِي بَيْتٍ يَبْكِي عَلَيْهَا جَاءُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ مَيِّتًا أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَ أَبُو عَليّ ابْن شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بن بكار قَالَ حَدثنِي هرون بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بَيَّنَّا هُوَ مَعَ حُبَابَةَ أَسَرَّ النَّاسَ بِهَا حَذَفَهَا بِحَبَّةِ رُمَّانٍ أَوْ بِعِنَبَةٍ وَهِيَ تَضْحَكُ فَوَقَعَتْ فِي فِيهَا فَشَرِقَتْ فَمَاتَتْ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ حَتَّى جَيَّفَتْ أَوْ كَادَتْ تُجَيِّفَ ثُمَّ خَرَجَ فَدَفَنَهَا فَأَقَامَ أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى قَبْرِهَا فَقَالَ فَإِنْ تَسْلُ عَنْكِ النَّفْسُ أَوْ تَدَعِ الصِّبَا ... فَبِالْيَأْسِ تَسْلُو عَنْكِ لَا بِالتَّجَلُدِ ثُمَّ رَجَعَ فَمَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى خُرِجَ بِنَعْشِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 659 أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْحُسَيْن بن عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ التَّوْزِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْخَطَّابِ الأَزْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سَلَمَةَ الْقَاضِي عَنْ أَبِي شُرَاعَةَ حُمَيْدِ بْنِ هَارُونَ الْكِنْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَسْقُوطَ الْكِنْدِيُّ قَالَ مَاتَتْ حُبَابَةُ فَأَحْزَنَتْ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَخَرَجَ فِي جَِنَازَتِهَا فَلَمْ تُقِلَّهُ رِجْلاهُ فَأَقَامَ وَأَمَرَ مَسْلَمَةَ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ بَعْدَهَا إِلا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَكِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَمُوتُ بْنُ الْمُزَرَّعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِفَّانَ قَالَ كَانَ لأَبِي دُلَفٍ الْعِجْلِيُّ جَارِيَةٌ تُسَمَّى جَنَانُ وَكَانَ يَعْشَقُهَا وَكَانَ لَفَرْطِ فُتُونِهِ وَظُرْفِهِ يُسَمِّيهَا صَدِيقَتِي فَمِنْ قَوْلِهِ فِيهَا أُحِبُّكِ يَا جَنَانُ وَأَنْتِ مِنِّي ... مَكَانَ الرُّوحِ مِنْ جَسَدِ الْجَبَانِ وَلَوْ أَنِّي أَقُولُ مَكَانَ رَوحِي ... خَشِيتُ عَلَيْكِ بَادِرَةَ الزَّمَانِ وَإِقْدَامِي إِذَا مَا الْخَيْلُ كَرَّتِ ... وَهَابَ كُمَاتُهَا حَرَّ الطِّعَانِ قَالَ أَبُو هَفَّانَ ثُمَّ مَاتَتْ فَرَثَّاهَا بِمِرَاثٍ حِسَانٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْن عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن عِيسَى الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ جَلادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ كَانَ الرَّشِيدُ شَدِيدُ الْحُبِّ لَهَيْلانَةَ وَكَانَتْ قَبْلَهُ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدٍ فَدَخَلَ يَوْمًا إِلَى يَحْيَى قَبْلَ الْخِلافَةَ فَلَقِيَتْهُ فِي مَمَرٍّ فَأَخَذَتْ بِكُمِّهِ فَقَالَتْ نَحْنُ لَا يُصِيبُنَا مِنْكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 660 يَوْمٌ فَقَالَ لَهَا بَلَى فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى ذَلِكَ فَقَالَتْ تَأْخُذُنِي مِنْ هَذَا الشَّيْخِ فَقَالَ لَيَحْيَى أُحِبُّ أَنْ تَهِبَ لِي فُلانَةً فَوَهَبَهَا لَهُ حَتَّى غَلَبَتْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ تُكْثِرُ أَنْ تَقُولَ هِيَ الآنَةَ فَسَمَّاهَا هَيْلانَةُ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ ثَلاثَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَجَدَ عَلَيْهَا وِجْدًا شَدِيدًا وَأَنْشَدَ قَدْ قُلْتُ لَمَّا ضَمَّنُوكِ الثَّرَى ... وَجَالَتِ الْحَسْرَةُ فِي صَدْرِي اذْهَبُ فَوَاللَّهِ مَا سَرَّنِي ... بَعْدَكِ شَيْءٌ آخِرَ الدَّهْرِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْكَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الصُّولِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْغَلابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَتْ هَيْلانَةُ جَارِيَةُ الرَّشِيدِ أَمَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ الأَحْنَفِ أَنْ يُرَثِّيهَا فَقَالَ يَا مَنْ تَبَاشَرَتِ الْقُلُوبُ بِمَوْتِهَا ... قَصَدَ الزَّمَانُ مُسَاءَتِي فَرَمَاكِ أَبْغِي الأَنِيسَ فَلا أَرَى لِي مُؤْنِسًا ... إِلا التَّرَدُّدَ حَيْثُ كُنْتُ أَرَاكِ مَلِكٌ بَكَاكِ وَطَالَ بَعْدَكِ حُزْنُهُ ... لَوْ يَسْتَطِيعُ بِمُلْكِهِ لَفَدَاكِ يَحْمِي الْفُؤَادَ عَنِ النِّسَاءِ حَفِيظَةً ... كَيْلا يَحُلَّ حِمَى الْفُؤَادِ سِوَاكِ فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ بَيْتٍ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَوْ زِدْتَنَا لَزِدْنَاكَ فَصْلٌ وَمِنَ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ أَنْ يُصَوِّرَ الإِنْسَانُ انْقِضَاءَ غَرَضِهِ أَوْ يَمْثُلَ غَيْرُهُ فِي مَقَامِهِ ثُمَّ يَتَلَمَّحُ عَوَاقِبَ الْحَالِ أَفَتَرَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَوْ زَلَّ مَنْ كَانَ يَكُونُ أَوْ لَمْ يَبْقَ مَدْحُهُ لِصَبْرِهِ أَبَدَ الدَّهْرِ أَفَتَرَى مَا سَمِعْتَ بِمَا عَزَّ وَلا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْقِيمَةِ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كَانَتِ التَّوْبَةُ قَدْ غَمَرَتْ ذَنْبَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 661 وَلَكِنْ تَلَمَّحْ أَنْتَ عَوَاقِبَ مَنْ صَبَرَ وَمَنْ لَمْ يَصْبِرْ وَأَعْمِلْ فِكْرَكَ فِي الْحَالَتَيْنِ لَعَلَّ هَذِهِ الْعِبْرَةِ تَخْرِقُ حِجَابَ الْهَوَى فَتَدْخُلَ عَلَى الْقَلْبِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَتَكْشِفَ هَذِهِ الْغُمَّةَ فَالْعَاقِلُ مَنْ وَزَنَ مَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ الْعِشْقُ مِنْ لَذَّة ونغصة فنغصه كَثِيرَة وَأَذَاهُ شَدِيدٌ وَهُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ يَهِينُ النَّفْسَ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا وَغَالِبُ لَذَّاتِهِ مُحَرَّمٌ ثُمَّ هِيَ مَشُوبَةٌ بِالْغُمُومِ وَالْهُمُومِ وَخَوْفِ الْفِرَاقِ وَفَضِيحَةِ الدُّنْيَا وَحَسَرَاتِ الآخِرَةِ فَيَعْلَمَ الْمُوَازِنُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ أَنَّ اللَّذَّةَ مَغْمُورَةٌ فِي جَنْبِ الأَذَى قَالَ الْبَبَّغَاءُ وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ سَبَبًا ... حَتَّى يُمَيِّزَ مَا تَجْنِي عَوَاقِبُهُ وَقَالَ الْمُتَنَبِّي مِمَّا أَضَرَّ بِأَهْلِ الْعِشْقِ أَنَّهُمُ ... هَوُوا وَمَا عَرَفُوا الدُّنْيَا وَلا فَطِنُوا تَفْنَى عُيُونُهُمُ دَمْعًا وَأَنْفُسُهُمْ ... فِي إِثْرِ كُلِّ قَبِيحٍ وَجْهُهُ حَسَنُ تَحَمَّلُوا حَمْلَتَكُمْ كُلُّ نَاجِيَةٍ ... فَكُلُّ بَيْنٍ عَلِيَّ الْيَوْمَ مُؤْتَمِنُ مَا فِي هَوَادِجِكُمْ مِنْ مُهْجَتِي عِوَضٌ ... إِنْ مِتُّ شَوْقًا وَلا فِيهَا لَهَا ثَمَنُ سَهِرْتُ بَعْدَ رَحِيلِي وَحْشَةً لَكُمْ ... ثُمَّ اسْتَمَرَّ مَرِيرِي وَارْعَوَى الْوَسَنُ فَصْلٌ وَمِنْ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الابْتِلاءَ لِظُهُورِ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ فَرُبَّمَا كَانَ ابْتِلاؤُكَ لِيَنْظُرَ إِلَى صَبْرِكَ فَإِنَّ صَبَرْتَ فَرُبَّمَا نَقَلَكَ إِلَى مَحَبَّتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 662 قَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ قَالَ مُرِيدٌ لأُسْتَاذِهِ قَدْ طُولِعْتُ بِشَيْءٍ من الْمحبَّة قَالَت يَا بُنَيَّ هَلِ ابْتَلاكَ بِمَحْبُوبٍ سِوَاهُ فَآثَرْتُهُ عَلَيْهِ قَالَ لَا قَالَ فَلا تَطْمَعُ فِي الْمَحَبَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْطِيهَا عَبْدًا حَتَّى يَبْتَلِيَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ التَّمْكِينُ إِلا بَعْدَ الْمَحَبَّةِ فَإِذَا امْتُحِنَ الإِنَسْانُ فَصَبَرَ مُكِّنَ أَلا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ مَكَّنَهُ وَامْتَحَنَ أَيُّوبَ ثُمَّ مَكَّنَ لَهُ فَقَالَ {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} وَامْتَحَنَ سُلَيْمَانَ ثُمَّ آتَاهُ مُلْكًا وَكَذَلِكَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ قُلْتُ فَمَنْ نَظَرَ فِي هَذَا فَلْيَعْلَمَ أَنَّ مُدَّةَ هَذَا الْبَلاءِ خُطُوَاتٍ فِي مَيْدَانِ مُعَامَلَةٍ وَيَا قُرْبَ النِّهَايَةِ فَلْيُصَابِرْ هَجِيرَ الصَّبْرِ فَمَا أَسْرَعَ انْقِضَاءِ الْيَوْمِ وَلْيَحْذَرْ مِنَ الْخُسْرَانِ فِي مَوْسِمِ الْبَلاءِ فَرُبَّمَا ذَهَبَ أَصْلُ الْبِضَاعَةِ وَلْيَتَخَايَلْ عِنْدَ صَبْرِهِ خُيْلاءَ فَخْرِهِ فَلْيَزْهُ بِهَا فَمَا يُوَازِنُ صَبْرَهُ عَمَلُ عَابِدٍ وَلا زُهْدِ زَاهِدٍ وَرُبَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ نَظْرَةَ رِضًا كَانَتْ غِنَى الأَبَدِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّدْمَةِ الأُولَى فَإِنَّهُ رُبَّمَا وَقَعَ مَلَلٌ أَوْ سَلُوٍّ فَصْلٌ وَمِنَ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ أَنْ يَتَفَكَّرَ الإِنْسَانُ فِيمَا يَفُوتُهُ تَشَاغُلُهُ بِالْمَعْشُوقِ مِنَ الْفَضَائِلِ فَإِنَّ أَرْبَابَ الْيَقَظَةِ عِشْقُهُمْ لِلْفَضَائِلِ مِنَ الْعُلُومِ والفقة وَالصِّيَانَةِ وَالْكَرَمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْخِلالِ الْمَمْدُوحَةِ أَوْفَى مِنْ مَيْلِهِمْ إِلَى شَهَوَاتِ الْحِسِّ لأَنَّ شَهَوَاتِ الْحِسِّ حَظُّ النَّفْسِ وَتِلْكَ الْخِلالُ حَظُّ الْعَقْلِ وَالنَّفْسُ النَّاطِقَةُ الْفَاضِلَةُ إِلَى مَا يُؤْثِرُهُ الْعَقْلُ أَمْيَلُ وَإِنْ جَرَّهَا الطَّبْعُ إِلَى الشَّهَوَاتِ الْحِسِّيَاتِ وَمِنْ أَعْجَبِ مَا نُقِلَ إِلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثْتُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الأَنْبَارِيِّ أَنَّهُ مَضَى يَوْمًا فِي النَّخَّاسِينَ وَجَارِيَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 663 تُعْرَضُ حَسَنَةٌ كَامِلَةُ الْوَصْفِ قَالَ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِي ثُمَّ مَضَيْتُ إِلَى دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّاضِي فَقَالَ لِي أَيْنَ كُنْتَ إِلَى السَّاعَةَ فَعَرَّفْتُهُ فَأَمَرَ بَعْضَ أَسْبَابِهِ فَمَضَى فَاشْتَرَاهَا وَحَمَلَهَا إِلَى مَنْزِلِي فَجِئْتُ فَوَجَدْتُهَا فَعَلِمْتُ الأَمْرَ كَيْفَ جَرَى فَقُلْتُ لَهَا كُونِي فَوْقَ إِلَى أَنْ أَسْتَبْرِئُكِ وَكُنْتُ أَطْلُبُ مَسْأَلَةً قَدِ اخْتَلَّتْ عَلَيَّ فَاشْتَغَلَ قَلْبِي فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ خُذْهَا وَامْضِ بِهَا إِلَى النَّخَّاسِ فَلَيْسَ قَدْرُهَا أَنْ تَشْغَلَ قَلْبِي عَنْ عِلْمِي فَأَخَذَهَا الْغُلامُ فَقَالَتْ دَعْنِي أُكَلِّمُهُ بِحَرْفَيْنِ فَقَالَتْ أَنْتَ رَجُلٌ لَكَ مَحل وعقل وغذا أَخْرَجْتَنِي وَلَمْ تُبَيِّنْ لِي ذَنْبِي لَمْ آمُنْ أَنْ يَظُنَّ النَّاسُ بِي ظَنًّا قَبِيحًا فَعَرِّفْنِيهِ قَبْلَ أَن تخرجني فَقلت لَهَا مَالك عِنْدِي عَيْبٌ غَيْرَ أَنَّكَ شَغَلْتِنِي عَنْ عِلْمِي فَقَالَتْ هَذَا أَسْهَلُ عِنْدِي قَالَ فَبَلَغَ الرَّاضِي أَمْرَهُ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ فِي قَلْبِ أَحَدٍ أَحْلَى مِنْهُ فِي صَدْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَرُوضِيُّ قَالَ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَهُوَ عِنْدَ الرَّاضِي عَلَى الطَّعَامِ وَكَانَ قَدْ غَرَفَ الطَّبَّاخُ مَا يَأْكُلُ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ يَشْوِي لَهُ قَلِيَّةً يَابِسَةً فَأَكَلْنَا نَحْنُ مِنْ أَلْوَانِ الطَّعَامِ وَأَطَيَابِهِ وَهُوَ يُعَالِجُ تِلْكَ الْقَلِيَّةَ ثُمَّ فَرَغْنَا وَأُتِينَا بِحَلْوَاءَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا وَقَامَ وَقُمْنَا إِلَى الْخَيْشِ فَنَامَ بَيْنَ الْخَيْشَيْنِ وَنِمْنَا نَحْنُ فِي خَيْشٍ نُنَافِسُ فِيهِ فَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً إِلَى الْعَصْرِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ لِغُلامٍ الْوَظِيفَةُ فَجَاءَهُ بِمَاءٍ مِنَ الْحُبِّ وَتَرَكَ الْمَاءَ الْمُزَمَّلَ بِالثَّلْجِ فغاظني أمره فَصحت نصحية فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِإِحْضَارِي وَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَقُلْتُ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْتَاجُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ لأَنَّهُ يَقْتُلُهَا وَلا يُحْسِنُ عِشْرَتَهَا فَضَحِكَ وَقَالَ فِي هَذَا لَذَّةٌ وَقَدْ صَارَ إِلْفًا فَلَنْ يَضُرَّهُ ثُمَّ قُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 664 لِمَ تَفْعَلُ هَذَا بِنَفْسِكَ قَالَ أُبْقِي عَلَى حِفْظِي قُلْتُ لَهُ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي حِفْظِكَ فَكَمْ قَالَ أَحْفَظُ ثَلاثَةَ عَشَرَ صُنْدُوقًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَلَمَّا وَقَعَ فِي عِلَّةِ الْمَوْتِ أَكَلَ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ يَشْتَهِي وَقَالَ هِيَ عِلَّةُ الْمَوْتِ قُلْتُ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَنْطِقِيُّ غَيْرِي يَشُوقُ فُؤَادَهُ حَدَقُ الْمَهَا ... وَيَرُوقُهُ رَوْضُ الْخُدُودِ بِوَرْدِهِ وَإِذَا تَثَنَّى خَوْطَ بَانٍ لَمْ أَكُنْ ... مِمَّنْ يَقُدُّ حَشَاهُ مُرْهَفُ قَدِّهِ لَا أَنَّ طَبْعِي مَسَّهُ طَبْعٌ وَلا ... أَنِّي صَفًا يَنْبُو الْهَوَى عَنْ صَلْدِهِ لَكِنَّ كُنْهِي لِلْمَسَاعِي عَاقَنِي ... عَنْ عَسْفِ قَلْبِي فِي الْحِسَانِ وَكَدِّهِ وَإِذَا ابْنُ عَزْمٍ لَمْ يَقُمْ مُتَجَرِّدًا ... لِلْحَادِثَاتِ فَصَارِمٌ فِي غِمْدِهِ وَالسَّيْفُ سُمِّيَ فِي النَّوَائِبِ عُدَّةً ... لِمَضَائِهِ فِيهِنَّ لَا لِفَرَنْدِهِ فَصْلٌ وَمِنْ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ أُنْفَةُ النَّفْسِ الأَبِيَّةِ أَن تكون مقهورة فَإِن الْعَاقِل ذَلِيلٌ مَقْهُورٌ وَكُلُّ مُوَافِقٍ لِلْهَوَى يَقَعُ عَلَيْهِ قَتْرَةً سَبَبُهَا أَنَّهُ قُهِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ الافْتِخَارِ بِالْعَفَافِ مِنْ هَذَا طَرَفًا فَلْيُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ فَصْلٌ وَمِنْ أَعْظَمِ أَدْوِيَةِ الْبَاطِنِ إِعْمَالُ الْفِكْرِ فِي قُبْحِ هَذِهِ الْحَالِ وَالإِصْغَاءِ إِلَى سَمَاعِ الْعِظَةِ مِنْ وَاعِظِ الْقَلْبِ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ قَلْبِهِ وَاعِظٌ لَمْ تَنْفُعْهُ الْمَوَاعِظُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْمَعُ مَوْعِظَةً فَيَرْعَوِي وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى غَيْرَهُ فَيَنْتَهِي وَمَنِهُمْ مَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 665 يَرَى طَاقَةَ شَيْبٍ فَيَنْزَعُ وَقَدْ قَدَّمْنَا بَابًا فِيمَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ فَتَرَكَ ذَنْبَهُ فَلْيُطَالَعُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَبَّهُ بِمَنَامٍ فَيَنْتَبِهَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو حَنِيفَةَ الْمُؤَدِّبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِسْلُ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ شَفِيقٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ الْغَنَوِيُّ قُلْتُ لأَبِي الْعَتَاهِيَةِ مَا الَّذِي صَرَفَكَ عَنْ قَوْلِ الْغَزَلِ إِلَى قَوْلِ الزُّهْدِ قَالَ إِذَنْ وَاللَّهِ أُخْبِرُكَ إِنِّي لَمَّا قُلْتُ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَوْلاتِي ... أَهْدَتْ لِيَ الصُّدُودَ وَالْمَلالاتِ مَنَحْتُهَا مُهْجَتِي وَخَالِصَتِي ... فَكَانَ هُجْرَانُهَا مُكَافَاتِي هَيَّمَنِي حُبُّهَا وَصَيَّرَنِي ... أُحْدُوثَةً فِي جَمِيعِ جَارَاتِي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَقَالَ مَا أَصَبْتَ أَحَدًا تُدْخِلُهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عُتْبَةَ يَحْكُمُ لَكَ عَلَيْهَا بِالْمَعْصِيَةِ إِلا اللَّهَ تَعَالَى فَانْتَبَهْتُ مَذْعُورًا وَتُبْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ سَاعَتِي مِنْ قَوْلِ الْغَزَلِ فَصْلٌ فَإِن قَالَ قَائِلٌ فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ صَبَرَ عَنْ حَبِيبِهِ وَبَالَغَ فِي اسْتِعْمَالِ الصَّبْرِ غَيْرَ أَنَّ خَيَالَ الْحَبِيبِ فِي الْقَلْبِ لَا يَزُولُ وَوَسْوَاسَ النَّفْسِ بِهِ لَا يَنْقَطِعُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِذَا كَفَفْتَ جَوَارِحَكَ فَقَدْ قَطَعْتَ مَوَادِّ الْمَاءِ الْجَارِي وَسَيَنْضُبُ مَا حَصَلَ فِي الْوَادِي مَعَ الزَّمَانِ خُصُوصًا إِنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ شَمْسُ صَيْفِ الْخَوْفِ وَمَرَّتْ بِهِ سُمُومُ الْمُرَاقَبَةِ لِمَنْ يَرَى الْبَاطِنَ فَمَا أَعْجَلَ ذِهَابَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 666 ثُمَّ اسْتَغِثْ بِمَنْ صَبَرْتَ لأَجْلِهِ وَقُلْ إِلَهِي فَعَلْتُ مَا أَطَقْتُ فاحفظ لي مَالا طَاقَةَ لِي بِحِفْظِهِ أَخْبَرَنَا مَوْهُوبُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُسْرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ النَّقَّاشَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ الإِنْسَانُ لَا يُعَابُ بِمَا فِي طَبْعِهِ إِنَّمَا يُعَابُ إِذَا فَعَلَ بِمَا فِي طَبْعِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 667 الْبَابُ الْخَمْسُونَ فِيهِ وَصَايَا وَمَوَاعِظُ وَزَوَاجِرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ أَيْنَ الْوُضَاةُ الْحَسَنَةُ وُجُوهُهُمْ أَيْنَ الْمُعْجَبُونَ بِشَبَابِهِمْ أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ بَنُوا الْمَدَائِنَ وَحَصَّنُوهَا بِالْحِيطَانِ أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُعْطَوْنَ الْغَلَبَةَ فِي مَوَاطِنِ الْحَرْبِ قَدْ تَضَعْضَعَ بهُمُ الدَّهْرُ فَأَصْبَحُوا فِي ظُلُمَاتِ الْقُبُورِ الْوَحَا الْوَحَا النَّجَا النَّجَا قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ حُجَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّكُمْ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَأَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا فَيُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً وَلِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَعَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بُرَيْهٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا التَّيْمِيِّ قَالَ بَيَّنَّا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذْ أَتَى بِحَجَرٍ مَنْقُورٍ فَطَلَبَ مَنْ يَقْرَأُهُ فَأَتَى بِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ ابْنُ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ قُرْبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِكَ لَزَهَدْتَ فِي طَوِيلِ أَمَلِكَ وَلَرَغَبْتَ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ عَمَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 668 وَلَقَصَّرْتَ مِنْ حِرْصِكَ وَحِيَلِكَ وَإِنَّمَا يَلْقَاكَ نَدَمُكَ لَوْ قَدْ زُلَّتْ بِكَ قَدَمُكَ وَأَسْلَمَكَ أَهْلُكَ وَحَشَمُكَ فَبَانَ مِنْكَ الْوَالِدُ وَالْقَرِيبُ وَرَفَضَكَ الْوَلَدُ وَالنَّسِيبُ فَلا أَنْتَ إِلَى دُنْيَاكَ عَائِدٌ وَلا فِي حَسَنَاتِكَ زَائِدٌ فَاعْمَلْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَمَّامِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ كَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَخٍ لَهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ أُحِيطَ بِكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَارُ بِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَاحْذَرِ اللَّهَ وَالْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِكَ بِهِ وَالسَّلامُ أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وابْنُ نَاصِرٍ قَالا أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُعَدِّلُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلا كَتَبَ إِلَى دَاوُدَ الطَّائِي أَنْ عِظْنِي بِمَوْعِظَةٍ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ فَاجْعَلِ الدُّنْيَا كَيَوْمٍ صُمْتَهُ عَنْ شَهْوَتِكَ وَاجْعَلْ فِطْرَكَ الْمَوْتَ فَكَأَنْ قَدْ وَالسَّلامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ زِدْنِي فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ فَارْضَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ مَعَ سَلامَةِ دِينِكَ كَمَا رَضِيَ أَقْوَامٌ بِالْكَثِيرِ مَعَ ذَهَابِ دِينِهِمْ وَالسَّلامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 669 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سَلَمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ السُّنِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ إِنَّهُ لَيْسَتْ عُقُوبَتِي لِمَنْ عَرَفَنِي وَاجْتَرَأَ عَلَيَّ كَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت مُحَمَّد ابْن حَاتِمٍ التِّرْمِذِيَّ يَقُولُ رَأْسُ مَالِكَ قَلْبُكَ وَوَقْتُكَ وَقَدْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ بِهَوَاجِسِ الظُّنُونِ وَضَيَّعْتَ أَوْقَاتَكَ بِارْتِكَابِ مَالا يَعْنِيكَ فَمَتَى يَرْبَحُ مَنْ خَسِرَ رَأْسَ مَالِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ وَالْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَمَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ يَقُولُ مَرَرْتُ أَنا وَأَبُو يُوسُف الفسولي فِي طَرِيقِ الشَّامِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا يُوسُفَ عِظْنِي بِمَوْعِظَةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ قَالَ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ اعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَمَرَّهُمَا يُسْرِعَانِ فِي هَدْمِ بِدَنِكَ وَفَنَاءِ عُمْرِكَ وَانْقِضَاءِ أَجَلِكَ فَيَنْبَغِي لَكَ يَا أخي أَن لاتطمئن حَتَّى تَعْلَمَ أَيْنَ مُسْتَقَّرُكَ وَمَصِيرُكَ وَسَاخِطٌ رَبُّكَ عَلَيْكَ بِمَعْصِيَتِكَ وَغَفْلَتِكَ أَوْ رَاضٍ عَنْكَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ابْنُ آدَمَ الضَّعِيفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 670 نُطْفَةٌ بِالأَمْسِ وَجِيفَةٌ غَدًا فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرْضَى بِهَذَا فَسَتُرَدُّ وَتَعْلَمُ وَتَنْدَمُ فِي وَقْتٍ لَا يَنْفَعُكَ النَّدَمُ قَالَ وَبَكَى أَبُو يُوسُفَ وَبَكَى الرَّجُلُ وَبَكِيتُ لِبُكَائِهِمَا وَوَقَعَا مَغْشِيًّا عَلَيْهِمَا وَوَعَظَ أَعْرَابِيٌّ وَلَدَهُ فَقَالَ لَا الدَّهْرُ يَعِظُكَ وَلا الأَيَّامُ تنذرك والساعات تعد عَلَيْك والأنفاس تعد مِنْك وَأحب أمريك إِلَيْك أعودهما بالضر عَلَيْك وَكتب بعض الْحُكَمَاء إِلَى أَخٍ لَهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِن الدُّنْيَا حلم وَالْآخِرَة يقظة والمتوسط بَينهمَا الْمَوْت وَنحن فِي أضغاث أَحْلَام وَالسَّلَام آخَرُونَ آخر الْكتاب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وصلواته على سيدنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل سمع هَذَا الْكتاب من لَفْظِي سوى جُزْء من أَوله فَإِنَّهُ قَرَأَهُ على فتم لَهُ جَمِيع الْكتاب سَمَاعا صَاحبه الشَّيْخ الْأَجَل السَّيِّد الْعَالم صَلَاح الدّين أَبُو عَليّ الْحسن بن سيف بن الْحسن الشهراباني وَكتب عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْجَوْزِيّ فِي شعْبَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة حامدا الله ومصليا على رَسُوله مُحَمَّد وَآله الطاهرين آخر س آخر الْكتاب وَالْحَمْد لله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم وَفرغ من نسخه فِي يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِي من شهر الله الْمحرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أحسن الله تقضيها وَذَلِكَ بِالْمَدْرَسَةِ الكروسية رحم الله واقفها وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 671