الكتاب: تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ) الناشر: دار القلم - بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1984 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين الشوكاني الكتاب: تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ) الناشر: دار القلم - بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1984 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] السَّنَد بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يروي المفتقر إِلَى رَحْمَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى زبارة الْحسنى اليمني غفر الله لَهُ ولوالديه وَلِلْمُؤْمنِينَ كتاب تحفة الذَّاكِرِينَ هَذَا وَسَائِر مؤلفات القَاضِي الشهير مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّوْكَانِيّ عَن إِمَام السّنة النَّبَوِيَّة فِي الْبِلَاد اليمنية الْمولى الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد الْعمريّ عمره الله تَعَالَى عَن السَّيِّد الْحَافِظ إِسْمَاعِيل بن محسن بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْحسنى الْمُتَوفَّى سنة 1301 هجرية عَن الْمُؤلف الشَّوْكَانِيّ قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب يسر وأعن يَا كريم يَا مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين الْحَمد الله الَّذِي جعل ذكره عدَّة لِلْمُتقين يتوصلون بهَا إِلَى خيرى الدُّنْيَا وَالدّين وجنة واقية للْمُؤْمِنين عرض الشَّيَاطِين وَشر إخْوَانهمْ المتمردين من طوائف الْخلق أَجْمَعِينَ وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على خير الْبشر الَّذِي أنزل عَلَيْهِ وَلذكر الله أكبر فَبين للعباد من فَضَائِل الْأَذْكَار وَمَا فِيهَا من الْمَنَافِع الْكِبَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 والفوائد ذَوَات الأخطار مَا مَلأ الْأَسْفَار وتناقلته ألسن الروَاة فِي جَمِيع الأقطار وَكَانَ بِهِ الْعَمَل فِي جَمِيع الْأَعْصَار وعَلى آله الطاهرين وَأَصْحَابه الهادين وَبعد فَإِنَّهُ لما كَانَ كتاب عدَّة الْحصن الْحصين فِي الْأَذْكَار الْوَارِدَة عَن سيد الْمُرْسلين من أَكثر الْكتب نفعا وأحسنها صنعا وأتقنها جمعا وأحكمها رصعا يقي فِيهِ مَا يقي الرين من الْعين وَإِن لم يكن فِيهِ شين وَهُوَ عدم التَّنْبِيه على مَا فِي بعض أَحَادِيثه من الْمقَال وَعدم الانتباه لعزوه إِلَى مخرجيه على الْكَمَال وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَن لَا تكون بصائر المطلعين عَلَيْهِ بَصِيرَة وَلَا أبصار المتطلعين إِلَيْهِ بِهِ قريرة فَإِن بَيَان التحسين أَو التَّصْحِيح أَو التَّضْعِيف بِمَا يَقْتَضِيهِ النّظر من التَّرْجِيح بعد الموازنة بَين التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح هُوَ الْمَقْصد الْأَعْلَى من علم الرِّوَايَة والغاية الَّتِي لَيْسَ وَرَاءَهَا غَايَة وَالْمطلب الَّذِي يَنْبَغِي أَن ترفع لَهُ أول راية قبل كل مَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ من تَفْسِير أَو دراية وَمَعْلُوم أَن كل من لَهُ فضل ورغبة إِلَى الْعَمَل بِمَا ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَول أَو عمل إِذا لم يقف على حَقِيقَة حَال الْمَنْقُول وَلَا درى أهوَ صَحِيح أَو حسن أَو مَعْلُول فتر نشاطه وانقبض انبساطه لِأَنَّهُ لم يكن على ثِقَة لتردده بَين طرفِي الْمُوَافقَة والمخالفة ولفقده للالماع بِمَا يتَمَيَّز بِهِ الِاتِّبَاع من الابتداع وَلم نقف إِلَى الْآن وَلَا سمعنَا عَن أَحْمد من أهل الْعرْفَان أَنه شرح هَذَا الْكتاب بشرح يشْرَح صُدُور أولي الْأَلْبَاب ويتبين بِهِ القشر من اللّبَاب وَلَا أَنه حام أحد حول هَذَا الْمَقْصد النفيس وَالْغَرَض الَّذِي هُوَ لطَالب هَذَا الْكَلَام على فَوَائِد الحَدِيث كالرئيس وَأما الْكَلَام على الْمَعْنى الْعَرَبِيّ والتعرض لما يَقْتَضِيهِ الْعلم الْأَعرَابِي فَهُوَ وَإِن كَانَ مُشْتَمِلًا على فَائِدَة يعود بهَا على الطَّالِب أحسن عَائِدَة لَكِن بَين الفائدتين من التَّفَاوُت فِي النَّفْع مَا بَين المشرقين فَإِنَّهُ إِذا تبين الْحَال من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 تَصْحِيح أَو تَحْسِين أَو إعلال فقد وَقع الظفر بالمطلب الَّذِي تَدور عَلَيْهِ الدَّوَائِر وتعمر فَوْقه مشيدات القناطر وَهَذَا هُوَ السَّبَب الَّذِي نشطت بِهِ إِلَى شرح هَذَا الْكتاب ورغبت لأَجله إِلَى السبح فِي هَذَا الْبَحْر الْعباب مستعينا بِاللَّه مفوضا أَمْرِي إِلَى الله راجيا أَن ينفع بِهِ مَا شَاءَ من عباده الصَّالِحين ويجعله لي ذخيرة يَدُوم خَيرهَا بعد الِانْتِقَال إِلَى جوَار رب الْعَالمين على أَنَّك بِحَمْد الله ستقف فِي هَذَا الشَّرْح بعد الْأَخْذ من بَيَان ذَلِك الْمَقْصد الْكَبِير بِمَا تبلغ إِلَيْهِ الطَّاقَة من التفتيش والتنقير على فَوَائِد شوارد وفرائد قلائد لم يتَعَرَّض لَهَا من تعرض لشرحه وَإِن طَال فِي لججة بشوط سبحه وَاعْلَم أَن مَا كَانَ من أَحَادِيث هَذَا الْكتاب فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ فقد أَسْفر فِيهِ صبح الصِّحَّة لكل ذِي عينين لِأَنَّهُ قد قطع عرق النزاع مَا صَحَّ من الْإِجْمَاع على تلقي جَمِيع الطوائف الإسلامية لما فيهمَا بِالْقبُولِ وَهَذِه رُتْبَة فَوق رُتْبَة التَّصْحِيح عِنْد جَمِيع أهل الْعُقُول وَالْمَنْقُول على أَنَّهُمَا قد جمعا فِي كِتَابَيْهِمَا من أعلا أَنْوَاع الصَّحِيح مَا اقْتدى بِهِ وبرجاله من تصدي بعدهمَا للتصحيح كَأَهل المستخرجات والمستدركات وَنَحْوهم من المتصدرين لأفراد الصَّحِيح فِي كتاب مُسْتَقل وَأما مَا عدا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا فقد وطنت النَّفس على الْبَحْث عَنهُ وإمعان النّظر فِيهِ حَتَّى أَقف على مَا يُضعفهُ أَو يقويه وَقد اكْتفى بتصحيح إِمَام إِذا أعوز الْحَال فِي الْمقَام فَائِدَة ذكر السُّيُوطِيّ فِي تَرْجَمَة الْجَامِع الْكَبِير أَن عزوه للأحاديث الَّتِي فِيهِ إِلَى الصَّحِيحَيْنِ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه والضياء فِي المختارة معلم بِالصِّحَّةِ سوى مَا تعقب على الْمُسْتَدْرك فَإِنَّهُ نبه عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ وَهَكَذَا مَا فِي موطأ مَالك وصحيح ابْن خُزَيْمَة وصحيح أبي عوَانَة وَابْن السكن والمنتقى لِابْنِ الْجَارُود والمستخرجات فالعزو إِلَيْهَا معلن بِالصِّحَّةِ أَيْضا ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وكل مَا كَانَ فِي مُسْند أَحْمد فَإِنَّهُ مَقْبُول فان الضَّعِيف الَّذِي فِيهِ يقرب من الْحسن ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك إِن مَا عزى إِلَى الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وَابْن عدي فِي الْكَامِل والخطيب وَابْن عَسَاكِر والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم فِي تَارِيخه وَابْن الْجَارُود فِي تَارِيخه والديلمي فِي مُسْند الفردوس فَهُوَ ضَعِيف فيستغني بالعزو إِلَيْهَا أَو إِلَى بَعْضهَا عَن بَيَان ضعفه وَهَذِه الْفَائِدَة لم أقتد بِهِ فِيهَا بل بحثت كل الْبَحْث عَن أَسَانِيد هَذِه الْكتب الَّتِي جعل الْعزو إِلَيْهَا مُعْلنا بِالصِّحَّةِ أَو الضعْف كَمَا ستعرف ذَلِك إِلَّا فِي الصَّحِيحَيْنِ وضممت إِلَى التَّصْحِيح والتسقيم فَائِدَة جليلة هِيَ أَنِّي أذكر أَلْفَاظ الحَدِيث إِذا كَانَ لَهُ أَلْفَاظ وَأورد مَا يُطَابق معنى ذَلِك الحَدِيث من الْأَحَادِيث كَمَا ستقف على ذَلِك رِوَايَة المُصَنّف رَحْمَة الله للعدة ولنقدم الْآن ذكر روايتي لهَذَا الْكتاب عَن مُؤَلفه رَحمَه الله فَأَقُول أَنا أرويه من طرق أَحدهَا عَن شَيخنَا السَّيِّد الإِمَام عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر الكوكباني رَحمَه الله عَن شَيْخه السَّيِّد سُلَيْمَان بن يحيى الأهدل عَن السَّيِّد يحيى بن عمر الأهدل عَن الْحَافِظ يُوسُف بن مُحَمَّد البطاح الأهدل عَن السَّيِّد الطَّاهِر بن حُسَيْن الأهدل عَن الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الديبع عَن الْحَافِظ زين الدّين بن أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الشرجي عَن الْمُؤلف رَحمَه الله وَقد شَارك الْحَافِظ الشرجي فِي رِوَايَة هَذَا الْكتاب عَن الْمُؤلف جمَاعَة من عُلَمَاء الْيمن وَغَيرهم فَمنهمْ الْفَقِيه إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مبارك وَمِنْهُم عبد الله بن عمر بن جعمان وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن بكر وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن عبد الْكَرِيم بن زِيَاد وَأَنا أروي عَنْهُم جَمِيعًا بِهَذَا الْإِسْنَاد الْمَذْكُور إِلَى الديبع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 عَن الْمُؤلف رَحمَه الله ولنقتصر على هَذَا الْإِسْنَاد لكَون رِجَاله جَمِيعًا ثِقَات أثباتا أعلاما معروفين مشهورين وَسميت هَذَا الشَّرْح الْمُبَارك تحفة الذَّاكِرِينَ بعدة الْحصن الْحصين وأسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن ينفع بِهِ ويجعله ذخيرة خير لي يسْتَمر لي نَفعهَا بعد موتِي إِلَى يَوْم الدّين آمين تَرْجَمَة ابْن الْجَزرِي رَحمَه الله أما الْمُؤلف رَحمَه الله فَهُوَ الإِمَام الْكَبِير مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْجَزرِي رَحمَه الله ولد بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة ورحل إِلَى مصر وشيراز والحرمين وَأخذ عَن شُيُوخ بَلَده مولده ومنشئه وَعَن شُيُوخ الْبِلَاد الَّتِي رَحل إِلَيْهَا وَمهر فِي كثير من الْعُلُوم خُصُوصا علم الْقُرْآن فَإِنَّهُ تفرد بِهِ وَأخذ عَنهُ النَّاس فِيهِ وَفِي غَيره من الْعُلُوم وصنف النشر فِي الْقرَاءَات الْعشْر وَله التَّوْضِيح فِي شرح المصابيح وَمن مصنفاته أصل هَذَا الْكتاب وَهُوَ الْحصن الْحصين ثمَّ اخْتَصَرَهُ فِي هَذَا الْكتاب وَسَماهُ عدَّة الْحصن الْحصين وَله مؤلف آخر سَمَّاهُ مِفْتَاح الْحصن وَله مصنفات كَثِيرَة وَقد استوفيتها فِي ترجمتي لَهُ فِي تاريخي الْمُسَمّى الْبَدْر الطالع بمحاسن من بعد الْقرن السَّابِع وَقد طوف كثيرا من الأقطار ووفد على الْمُلُوك الْكِبَار مِنْهُم من ذكرت فِي تَرْجَمَة هَذَا الْكتاب الَّتِي سنذكرها وَأَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (مليك على الدُّنْيَا بطلعة وَجهه ... جمال وإجلال وَعز مؤبد) وَهُوَ السُّلْطَان إِبْرَاهِيم بن تيمرلنك سُلْطَان بِلَاد الْعَجم ووفد أَيْضا على سُلْطَان الْيمن الْملك الْمَنْصُور فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة فَأكْرمه وأسمع بِحَضْرَتِهِ صَحِيح مُسلم وَعقد مجْلِس الحَدِيث بزبيد فِي مَسَاجِد الأشاعرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 وَأخذ عَنهُ جُمْهُور عُلَمَاء هَذِه الديار ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَعشْرين وَتوجه مِنْهَا إِلَى شيراز وَتُوفِّي بهَا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَبَقِيَّة أَحْوَاله مستوفاة فِي كتابي الْمشَار إِلَيْهِ وَقد ابْتَدَأَ المُصَنّف رَحمَه الله بِخطْبَة كِتَابه وتبويب أبوابه وكل ذَلِك غنى عَن الشَّرْح لوضوحه لفظا وَمعنى وَعدم الْفَائِدَة بتبيين الْبَين وتوضيح الْجَلِيّ فَإِن ذَلِك من تَحْصِيل الْحَاصِل وَمن شغلة الْخَيْر بِمَا لَيْسَ فِيهِ طائل وَقد كتبنَا ذَلِك هَاهُنَا لتكمل الْفَائِدَة وَمَعْرِفَة مَا بنى عَلَيْهِ كِتَابه خطْبَة ابْن الْجَزرِي رَحمَه الله قَالَ رَحمَه الله مَا لَفظه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الَّذِي جعل ذكره عدَّة من الْحصن الْحصين وَصلَاته وَسَلَامه على سيد الْخلق مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي الْأمين وعَلى آله الطاهرين وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُم باحسان إِلَى يَوْم الدّين وَبعد فَإِنَّهُ لما كَانَ كتابي الْحصن الْحصين من كَلَام سيد الْمُرْسلين مِمَّا لم يسْبق إِلَى مِثَاله أحد من الْمُتَقَدِّمين وَعز تأليف نَظِيره على من سلك طَرِيقه من الْمُتَأَخِّرين لما حوى من الِاخْتِصَار الْمُبين وَالْجمع الرصين والتصحيح المتين وَالرَّمْز الَّذِي هُوَ على الْعزو معِين حداني على الِاخْتِصَار فِي هَذِه الأوراق من أَصله الْمَذْكُور بعد أَن كنت سُئِلت عَن ذَلِك مرَارًا فِي سِنِين وشهور من أنس غربتي وكشف كربتي فَأوجب الْحق عَليّ مكافأته وَلم أقدر عَلَيْهَا إِلَّا بِالدُّعَاءِ لَهُ فأسأل الله نَصره ومعافاته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 (مليك على الدُّنْيَا لغرة وَجهه ... جمال وإجمال وَعز مؤبد) (فَتى مَا سمعنَا قبله كَانَ مثله ... وَلَا بعده فَالله يبقيه يُوجد) ورمزت للكتب الْمخْرج مِنْهَا هَذِه الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْكتاب فَصَحِيح البُخَارِيّ (خَ) وصحيح مُسلم (م) وَسنَن أبي دَاوُد (د) وَالتِّرْمِذِيّ (ت) وَالنَّسَائِيّ (س) وَابْن مَاجَه الْقزْوِينِي (ق) وَهَذِه الْأَرْبَعَة (عه) وَهَذِه السِّتَّة (ع) وموطأ مَالك (طا) وصحيح ابْن خُزَيْمَة (مَه) وصحيح ابْن حبَان (حب) وصحيح أبي عوَانَة (عو) ومستدرك الْحَاكِم على الصَّحِيحَيْنِ (مس) ومسند الإِمَام أَحْمد (أ) ومسند أبي يعلى الْموصِلِي (ص) ومسند الدَّارمِيّ (مي) ومسند الْبَزَّار (ز) ومعجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير (ط) والمعجم الْأَوْسَط لَهُ (طس) والمعجم الصَّغِير لَهُ (صط) وَالدُّعَاء لَهُ (طب) وَالدُّعَاء لِابْنِ مرْدَوَيْه (مر) وَالسّنَن للدارقطني (قطّ) وَالسّنَن الْكُبْرَى للبيهقي (سى) وَالدُّعَاء لَهُ (قى) ومصنف ابْن أبي شيبَة (مص) وَعمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة لِابْنِ السنى (ى) وعلامة الْمَوْقُوف مِنْهَا (قف) وَجَعَلته فِي عشرَة أَبْوَاب كل بَاب يتَعَلَّق بأنواع وَأَسْبَاب (الْبَاب الأول) فِي فضل الذّكر وَالدُّعَاء وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآداب ذَلِك (الْبَاب الثَّانِي) فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا وأماكنها وَمن يُسْتَجَاب لَهُ وَبِمَ يُسْتَجَاب وَاسم الله الْأَعْظَم وأسمائه الْحسنى وعلامة الاستجابة وَالْحَمْد عَلَيْهَا (الْبَاب الثَّالِث) فِيمَا يُقَال فِي الصَّباح والمساء وَاللَّيْل وَالنَّهَار عُمُوما وخصوصا وأحوال النّوم واليقظة (الْبَاب الرَّابِع) فِيمَا يتَعَلَّق بالطهور وَالْمَسْجِد وَالْأَذَان وَالصَّلَاة الرَّاتِبَة وصلوات منصوصات (الْبَاب الْخَامِس) فِيمَا يتَعَلَّق بِالْأَكْلِ وَالشرب وَالصَّوْم وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالسّفر وَالْحج وَالْجهَاد وَالنِّكَاح (الْبَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 السَّادِس) فِيمَا يتَعَلَّق بالأمور العلوية كسحاب ورعد وبرق ومطر وريح وهلال وقمر (الْبَاب السَّابِع) فِيمَا يتَعَلَّق بأحوال بني آدم من أُمُور مختلفات باخْتلَاف الْحَالَات (الْبَاب الثَّامِن) فِيمَا يهم من عوارض وآفات فِي الْحَيَاة إِلَى الْمَمَات (الْبَاب التَّاسِع) فِي ذكر ورد فَضله وَلم يخص بِوَقْت من الْأَوْقَات واستغفار يمحو الخطيئات وَفضل الْقُرْآن الْعَظِيم وسور مِنْهُ وآيات (الْبَاب الْعَاشِر) فِي أدعية صحت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطلقات غير مقيدات فجَاء بِحَمْد الله كَبِير الْمِقْدَار غَايَة فِي الِاخْتِصَار جَامعا للصحيح من الْأَخْبَار لم يؤلف مثله فِي الْأَعْصَار جمع بَين الذّكر النَّبَوِيّ والْحَدِيث المصطفوي وَالْخَيْر الدنيوي والأخروي لَو كتب بِمَاء الذَّهَب لَكَانَ من حَقه أَن يكْتب بل بسواد الأحداق لَاسْتَحَقَّ وَكَانَ أَجْدَر أَن يسطر على كل حَدِيث مِنْهُ صَحِيح مجرب أسأَل الله أَن ينفع بِهِ أَهله وَأَن يولينا جَمِيعًا فَضله وَأَن ينصر بِهِ كل مظلوم وَأَن يرْزق بِهِ كل محروم وَأَن يجْبر بِهِ كل مكسور وَأَن يُؤمن بِهِ كل مذعور وَأَن يفرج بِهِ عَن كل مكروب وَأَن يرد بِهِ عَن كل محروب انْتهى قَالَ رَحمَه الله الْبَاب الأول فِي فضل الذّكر وَالدُّعَاء وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآداب ذَلِك فضل الذّكر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تَعَالَى (أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي وَإِن ذَكرنِي فِي ملاء ذكرته فِي ملاء خير مِنْهُ) (خَ. م) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَتَمَامه فَإِن اقْترب إِلَيّ شبْرًا اقْتَرَبت مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 ذِرَاعا وَإِن اقْترب إِلَيّ ذِرَاعا اقْتَرَبت مِنْهُ باعا وَإِن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا ابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ ابْن آدم إِن ذَكرتني فِي نَفسك ذكرتك فِي نَفسِي وَإِن ذَكرتني فِي مَلأ ذكرتك فِي مَلأ أفضل مِنْهُم وَأكْرم وَإِن دَنَوْت مني شبْرًا دَنَوْت مِنْك ذِرَاعا وَإِن دَنَوْت مني ذِرَاعا دَنَوْت مِنْك باعا وَإِن مشيت إِلَيّ هرولت إِلَيْك وَفِي إِسْنَاده معمر بن زَائِدَة قَالَ الْعقيلِيّ لَا يُتَابع على حَدِيثه وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَأحمد فِي الْمسند من حَدِيث أنس أَيْضا بِلَفْظ إِذا تقرب مني عَبدِي شبْرًا تقربت مِنْهُ ذِرَاعا وَإِذا تقرب مني ذِرَاعا تقربت مِنْهُ باعا وَإِذا أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة وَمن حَدِيث قَتَادَة أَيْضا وَأخرجه بِهَذَا الْإِسْنَاد البُخَارِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس وَمن حَدِيث التَّمِيمِي عَنهُ أَيْضا وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ وَمن تقرب مني شبْرًا تقربت مِنْهُ ذِرَاعا وَمن تقرب مني ذِرَاعا تقربت مِنْهُ باعا وَمن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يَقُول أَنا مَعَ عَبدِي إِذا ذَكرنِي وتحركت بِي شفتاه قَوْله قَالَ الله تَعَالَى (أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي) فِيهِ ترغيب من الله عز وَجل لِعِبَادِهِ بتحسين ظنونهم وَأَنه يعاملهم على حسبها فَمن ظن بِهِ خيرا أَفَاضَ عَلَيْهِ جزيل خيراته وأسبل عَلَيْهِ جميل تفضلاته ونثر عَلَيْهِ محَاسِن كراماته وسوابغ عطياته وَمن لم يكن فِي ظَنّه هَكَذَا لم يكن الله تَعَالَى لَهُ هَكَذَا وَهَذَا هُوَ معنى كَونه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِنْد ظن عَبده فعلى العَبْد أَن يكون حسن الظَّن بربه فِي جَمِيع حالاته ويستعين على تَحْصِيل ذَلِك باستحضاره مَا ورد من الْأَدِلَّة الدَّالَّة على سَعَة رَحْمَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَحَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قضى الله أَمر الْخلق كتب كتابا فَهُوَ عِنْده فَوق عَرْشه إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَفِي رِوَايَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 غلبت غَضَبي وكحديثه أَيْضا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله مائَة رَحْمَة أنزل مِنْهَا رَحْمَة وَاحِدَة بَين الْجِنّ والأنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وَبهَا يتراحمون وَبهَا يعْطف الْوَحْش على وَلَده وَأخر الله تسعا وَتِسْعين رَحمَه يرحم بهَا عباده يَوْم الْقِيَامَة وكحديث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبى فَإِذا امْرَأَة من السَّبي قد تحلب ثديها تسْعَى إِذْ وجدت صَبيا فِي السَّبي فَأَخَذته فَأَلْصَقته بِبَطْنِهَا وأرضعته فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَرَوْنَ هَذِه طارحة وَلَدهَا فِي النَّار فَقُلْنَا لَا وَهِي تقدر على أَن لَا تطرحه فَقَالَ الله أرْحم بعباده من هَذِه بِوَلَدِهَا وَمثل هَذَا مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن بعض الصَّحَابَة قَالَ بَينا نَحن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أقبل رجل عَلَيْهِ كسَاء وَفِي يَده شَيْء قد التف عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله مَرَرْت بغيضة شجر فِيهَا أصوات فراخ طَائِر فأخذتهن فوضعتهن فِي كسائي فَجَاءَت أمهن فدارت على رَأْسِي فَكشفت لَهَا عَنْهُن فَوَقَعت عَلَيْهِنَّ فلففتهن بكسائي فهن أولاء معي فَقَالَ ضعهن فوضعتهن فَأَبت أمهن إِلَّا لزومهن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتعجبون لرحم أم الأفراخ بفراخها فوالذي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لله أرْحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها ارْجع بِهن حَتَّى تضعهن من حَيْثُ أخذتهن وأمهن مَعَهُنَّ فَرجع بِهن وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا ورد فِيمَن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَهِي أَحَادِيث صَحِيحَة كَثِيرَة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث لَا يَتَّسِع لَهَا إِلَّا مؤلف مُسْتَقل ويغنى عَن الْجَمِيع مَا أخبرنَا بِهِ الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابه من أَن رَحْمَتي وسعت كل شَيْء وَمن أَنه كتب على نَفسه الرَّحْمَة فَإِن هَذَا وعد من الله عز وَجل وَهُوَ لَا يخلف على خلقه الْوَعْد وَخير مِنْهُ لِعِبَادِهِ وَهُوَ صَادِق الْمقَال على كل حَال // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 دُعَاء عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله وَمَا أحسن مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ الْخَلِيفَة الْعَادِل عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول يَا من وسعت رَحمته كل شَيْء أَنا شَيْء فلتسعني رحمتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ وَقلت أَنا يَا من كتب على نَفسه الرَّحْمَة لِعِبَادِهِ إِنِّي من عِبَادك فارحمني يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ (قَوْله وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي) فِيهِ تَصْرِيح بِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ عباده عِنْد ذكرهم لَهُ وَمن مُقْتَضى ذَلِك أَن ينظر إِلَيْهِ برحمته ويمده بتوفيقه وتسديده فَإِن قلت هُوَ مَعَ جَمِيع عباده كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} وَقَوله جلّ ذكره {مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم} الْآيَة قلت هَذِه معية عَامَّة وَتلك معية خَاصَّة حَاصِلَة للذاكر على الْخُصُوص بعد دُخُوله مَعَ أهل الْمَعِيَّة الْعَامَّة وَذَلِكَ يَقْتَضِي مزِيد الْعِنَايَة ووفور الْإِكْرَام لَهُ والتفضل عَلَيْهِ وَمن هَذِه الْمَعِيَّة الْخَاصَّة مَا ورد فِي الْكتاب الْعَزِيز من كَونه مَعَ الصابرين وَكَونه مَعَ الَّذين اتَّقوا وَمَا ورد هَذَا المورد فِي الْكتاب الْعَزِيز أَو السّنة فَلَا مُنَافَاة بَين إِثْبَات الْمَعِيَّة الْخَاصَّة وَإِثْبَات الْمَعِيَّة الْعَامَّة وَمثل هَذَا مَا قيل من أَن ذكر الْخَاص بعد الْعَام يدل على أَن للخاص مزية اقْتَضَت ذكره على الْخُصُوص بعد دُخُوله تَحت الْعُمُوم (قَوْله فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي) يحْتَمل أَن يُرِيد سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن العَبْد إِذا ذكره ذكرا قلبيا غير شفاهي أثابه ثَوابًا مخفيا عَن عباده وَأَعْطَاهُ عَطاء لَا يطلع عَلَيْهِ غَيره وَيحْتَمل أَن يُرِيد الذّكر الشفاهي على جِهَة السِّرّ دون الْجَهْر وَأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَجْعَل ثَوَاب هَذَا الذّكر الإسراري ثَوابًا مَسْتُورا لَا يطلع عَلَيْهِ أحد وَيدل على هَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي قَوْله وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُ فَإِنَّهُ يدل على أَن العَبْد قد جهر بِذكرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَين ذَلِك الْمَلأ الَّذِي هُوَ فيهم فيقابله الاسرار بِالذكر بِاللِّسَانِ لَا مُجَرّد الذّكر القلبي فانه لَا يُقَابل الذّكر الجهري بل يُقَابل مُطلق الذّكر اللساني أَعم من أَن يكون سرا أَو جَهرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وَمعنى قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُ أَن الله يَجْعَل ثَوَاب ذَلِك الذّكر بمرأى ومسمع من مَلَائكَته أَو يذكرهُ عِنْدهم بِمَا يعظم بِهِ شَأْنه ويرتفع بِهِ مَكَانَهُ وَلَا مَانع من أَن يجمع بَين الْأَمريْنِ وَفِي قَوْله ذكرته فِي نَفسِي مشاكلة كَمَا فِي قَوْله عز وَجل {تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} وَقد حقق ذَلِك أهل علم الْبَيَان وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى هَذَا إِذا أُرِيد بِالنَّفسِ معنى من مَعَانِيهَا لَا يجوز إِطْلَاقه على الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأما إِذا أُرِيد بهَا الذَّات فَلَا حَاجَة إِلَى القَوْل بالمشاكلة وكما جَاءَت السّنة بفضائل الذّكر وَالتَّرْغِيب إِلَيْهِ وَعظم الْأجر عَلَيْهِ كَذَلِك جَاءَ مثل ذَلِك فِي الْكتاب الْعَزِيز قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَلذكر الله أكبر} أَي أكبر مِمَّا سواهُ من الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فاذكروني أذكركم} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {واذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب} {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات أعد الله لَهُم مغْفرَة} الخ وَغَيرهَا من الْآيَات فضل الذّكر على الصَّدَقَة (مَا صَدَقَة أفضل من ذكر الله) (طس) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَذَا فِي الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي وَذكره الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب فِي الذّكر معزوا إِلَى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي مُوسَى وَحسنه وَقَالَ الهيثمي فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن رِجَاله موثوقون وَفِيه دَلِيل على أَن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يفضل عَلَيْهِ شَيْء من جَمِيع أَنْوَاع الصَّدَقَة لِأَن قَوْله صدقه نكرَة فِي سِيَاق نفى فتعم كل صَدَقَة وَمُقْتَضَاهُ أَن لَا تُوجد صدقه كائنة مَا كَانَت افضل من ذكر الله فَتكون إِمَّا مُسَاوِيَة لَهُ أَو دونه وَالذكر قد يكون مثلهَا أَو افضل مِنْهَا وَلَا يكون دونهَا // استشكال بعض أهل الْعلم لهَذَا الحَدِيث وَالْجَوَاب عَنهُ وَقد أورد بعض أهل الْعلم أشكالا هَاهُنَا فَقَالَ أَن صَدَقَة المَال يتَعَدَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 نَفعهَا إِلَى الْغَيْر بِخِلَاف الذّكر والنفع الْمُتَعَدِّي أفضل من النَّفْع الْقَاصِر وَأجَاب الْحَلِيمِيّ عَن ذَلِك بِأَنَّهُ لم يكن المُرَاد من هَذَا الذّكر ذكر اللِّسَان وَحده بل المُرَاد ذكر اللِّسَان وَالْقلب جَمِيعًا وَذكر الْقلب أفضل لِأَنَّهُ يردع عَن التَّقْصِير فِي الطَّاعَات وَعَن الْمعاصِي والسيئات وَذكر مثل هَذَا الْجَواب الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأقرهُ وَنقل عَن النَّوَوِيّ أَن ذكر اللِّسَان مَعَ حُضُور الْقلب أفضل من شغل جارحة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ شغل ثَلَاث جوارح أفضل من شغل جارحتين وكل مَا زَاد فَهُوَ أفضل وَسَيَأْتِي تَمام الْكَلَام على هَذَا فِي شرح الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ وَسَنذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَا يَنْبَغِي الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ أفضل الْأَعْمَال ذكر الله (أَلا أخْبركُم بِخَير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد مليككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة وَخير لكم من أَن تلقوا الْعَدو فتضربوا أَعْنَاقهم ويضربوا أَعْنَاقكُم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ ذكر الله) (أ. ت. مس) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَأخرجه أَيْضا مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر كلهم من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء إِلَّا أَن مَالِكًا فِي الْمُوَطَّأ وَقفه عَلَيْهِ وَقد صَححهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَغَيره وَأخرجه أَحْمد أَيْضا من حَدِيث معَاذ قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد جيد إِلَّا أَن فِيهِ انْقِطَاعًا وَقَالَ فِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أَن أَحْمد أخرجه بِإِسْنَاد حسن وَقَالَ الهيثمي فِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء إِسْنَاده حسن وَقَالَ فِي حَدِيث معَاذ رِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا أَن زِيَاد بن أبي زِيَاد مولى ابْن عَبَّاس لم يدْرك معَاذًا (قَوْله بِخَير أَعمالكُم) فِيهِ دَلِيل على أَن الذّكر خير الْأَعْمَال على الْعُمُوم كَمَا يدل عَلَيْهِ إِضَافَة الْجمع إِلَى الضَّمِير وَكَذَلِكَ إِضَافَة أزكى وَأَرْفَع إِلَى ضمير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الْأَعْمَال والزكا النَّمَاء وَالْبركَة فَأفَاد كل ذَلِك أَن الذّكر أفضل عِنْد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من جَمِيع الْأَعْمَال الَّتِي يعملها الْعباد وَأَنه أَكْثَرهَا نَمَاء وبركة وأرفعها دَرَجَة وَفِي هَذَا ترغيب عَظِيم فَإِنَّهُ يدْخل تَحت الْأَعْمَال كل عمل يعمله العَبْد كَائِنا مَا كَانَ (قَوْله وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة) وَفِي نُسْخَة من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق وَفِي نُسْخَة الْجمع بَين الْفضة الْوَرق وَالْوَرق هِيَ الدَّرَاهِم المضروبة فعطفه على الْفضة من عطف الْخَاص على الْعَام وَعطف إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة على مَا تقدم من عُمُوم الْأَعْمَال مَعَ كَونه مندرجا تحتهَا يدل على فَضِيلَة زَائِدَة على سَائِر الْأَعْمَال كَمَا هُوَ النُّكْتَة الْمَذْكُورَة فِي عطف الْخَاص على الْعَام وَهَكَذَا قَوْله (وَخير لكم من أَن تلقوا الْعَدو) وَهَذَا من عطف الْخَاص على الْعَام لكَون الْجِهَاد من الْأَعْمَال الفاضلة وطبقته مُرْتَفعَة على كثير من الْأَعْمَال وَفِي تَخْصِيص هذَيْن العملين الفاضلين بِالذكر أَيْضا بعد تَعْمِيم جَمِيع الْأَعْمَال زِيَادَة تَأْكِيد لما دلّ عَلَيْهِ أَلا أنبئكم بِخَير أَعمالكُم وَمَا بعده من فَضِيلَة الذّكر على كل الْأَعْمَال ومبالغة فِي النداء بفضله عَلَيْهَا وَدفع لما يظنّ من أَن المُرَاد بِالْأَعْمَالِ هَاهُنَا غير مَا هُوَ متناه فِي الْفَضِيلَة وارتفاع الدرجَة وَهُوَ الْجِهَاد وَالصَّدَََقَة بِمَا هُوَ محبب إِلَى قُلُوب الْعباد فَوق كل نوع من أَنْوَاع المَال وَهُوَ الْمَذْهَب وَالْفِضَّة // استشكال بعض أهل الْعلم تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد وَقد اسْتشْكل بعض أهل الْعلم تَفْضِيل الذّكر على الصَّدَقَة وَقد قدمت فِي شرح الحَدِيث الْمُتَقَدّم على هَذَا طرفا من ذَلِك وَاسْتشْكل بَعضهم تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد مَعَ وُرُود الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة أَنه أفضل الْأَعْمَال وَقد جمع بعض أهل الْعلم بَين مَا ورد من الْأَحَادِيث الْمُشْتَملَة على تَفْضِيل بعض الْأَعْمَال على بعض آخر وَمَا ورد مِنْهَا مِمَّا يدل على تَفْضِيل الْبَعْض الْمفضل عَلَيْهِ بِأَن ذَلِك بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال فَمن كَانَ مطيقا للْجِهَاد قوي الْأَثر فِيهِ أفضل أَعماله الْجِهَاد وَمن كَانَ كثير المَال فأفضل أَعماله الصَّدَقَة وَمن كَانَ غير متصف بِأحد الصفتين المذكورتين فأفضل أَعماله الذّكر وَالصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك وَلكنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 يدْفع هَذَا تصريحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأفضلية الذّكر على الْجِهَاد نَفسه فِي هَذَا الحَدِيث وَفِي الْأَحَادِيث الْآخِرَة كَحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْعباد أفضل دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الذاكرون الله كثيرا قَالَ قلت يَا رَسُول الله وَمن الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ لَو ضرب بِسَيْفِهِ فِي الْكفَّار وَالْمُشْرِكين حَتَّى ينكسر ويختضب دَمًا لَكَانَ الذاكرون الله كثيرا أفضل مِنْهُ دَرَجَة قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث غَرِيب وكحديث عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا وَفِيه وَلَا شَيْء أنجى من عَذَاب الله من ذكر الله قَالُوا وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَو أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يتقطع أخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة سعيد بن سِنَان وَسَيَأْتِي قَرِيبا حَدِيث إِلَّا أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع وَمِمَّا يدل على أَن الذّكر أفضل من الصَّدَقَة مَا أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن من حَدِيث ثَوْبَان قَالَ لما نزلت {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فَقَالَ بعض أَصْحَابه أنزلت فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة لَو علمنَا أَي المَال خير فَنَتَّخِذهُ فَقَالَ أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة مُؤمنَة تعينه على إيمَانه وَمِمَّا يدل على ذَلِك الحَدِيث الْآتِي فِي الرجل الَّذِي فِي حجره دَرَاهِم يقسمها وَآخر يذكر الله وَمِمَّا يدل على ذَلِك فِي الْجِهَاد وَالصَّدَََقَة وَغير ذَلِك مَا أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا سَأَلَهُ قَالَ أَي الْمُجَاهدين أعظم أجرا قَالَ أَكْثَرهم لله تبَارك وَتَعَالَى ذكرا قَالَ فَأَي الصَّالِحين أعظم أجرا قَالَ أَكْثَرهم لله تبَارك وَتَعَالَى ذكرا ثمَّ ذكر الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصَّدَََقَة كل ذَلِك وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَكْثَرهم لله تبَارك وَتَعَالَى ذكرا فَقَالَ أَبُو بكر لعمر رَضِي الله عَنْهُمَا يَا أَبَا حَفْص ذهب الذاكرون بِكُل خير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجل فَإِن قلت قد يرشد إِلَى الْجمع الْمَذْكُور مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عجز مِنْكُم عَن اللَّيْل أَن يكابده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وبخل بِالْمَالِ أَن يُنْفِقهُ وَجبن عَن الْعَدو أَن يجاهده فليكثر من ذكر الله قلت لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَن الْعَاجِز عَن هَذِه الْأُمُور الْمَذْكُورَة يستكثر من الذّكر وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا أفضل من الذّكر على أَن فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث أَبَا يحيى القَتَّات وَهُوَ ضَعِيف مثل الَّذِي يذكر الله وَالَّذِي لَا يذكرهُ كالحي وَالْمَيِّت (مثل الَّذِي يذكر ربه وَالَّذِي لَا يذكر ربه مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت) (خَ. م) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المصنبف رَحمَه الله هُوَ لفظ البُخَارِيّ فِي كتاب الدَّعْوَات من صَحِيحه وَذكره مُسلم فِي كتاب الصَّلَاة من صَحِيحه وَلَفظه مثل الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ وَالْبَيْت الَّذِي لَا يذكر الله فِيهِ مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت وَفِي هَذَا التَّمْثِيل منقبة للذاكر جليلة وفضيلة لَهُ نبيلة وَأَنه بِمَا يَقع مِنْهُ من ذكر الله عز وَجل فِي حَيَاة ذاتية وروحية لما يَغْشَاهُ من الْأَنْوَار ويصل إِلَيْهِ من الأجور كَمَا أَن التارك للذّكر وَإِن كَانَ فِي حَيَاة ذاتية فَلَيْسَ لَهَا اعْتِبَار بل هُوَ شَبيه بالأموات الَّذين لَا يفِيض عَلَيْهِم بِشَيْء مِمَّا يفِيض على الْأَحْيَاء المشغولين بِالطَّاعَةِ لله عز وَجل وَمثل مَا فِي هَذَا الحَدِيث قَوْله تَعَالَى {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} وَالْمعْنَى تَشْبِيه الْكَافِر بِالْمَيتِ وتشبيه الْهِدَايَة إِلَى الْإِسْلَام بِالْحَيَاةِ // (لَا يقْعد قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده) (م) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد مَعًا رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهمَا مَعًا أَبُو دَاوُد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 الطَّيَالِسِيّ وَأحمد فِي الْمسند وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي وَابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهمَا مَعًا ابْن أبي شيبَة وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر وَقَالَ حسن صَحِيح بِلَفْظ مَا جلس قوم مُسلمُونَ مَجْلِسا يذكرُونَ الله فِيهِ إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات من حَدِيثهمَا مَعًا بِلَفْظ مَا قعد قوم يذكرُونَ الله الخ وَفِي الْبَاب أَحَادِيث مِنْهَا مَا أخرجه أَحْمد فِي الْمسند وَأَبُو يعلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والضياء فِي المختارة من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ مَا جلس قوم يذكرُونَ الله إِلَّا ناداهم مُنَاد من السَّمَاء قومُوا مغفورا لكم وَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والضياء فِي المختارة من حَدِيث سهل ابْن الحنظلية بِلَفْظ مَا جلس قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى فَيقومُونَ حَتَّى يُقَال لَهُم قومُوا فقد غفرت لكم ذنوبكم وبدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن مُغفل رَضِي الله عَنهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطّرق يَلْتَمِسُونَ أهل الذّكر فَإِذا وجدوا قوما يذكرُونَ الله تَعَالَى تنادوا هلموا إِلَى حَاجَتكُمْ فيحفونهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء الحَدِيث بِطُولِهِ وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث مُعَاوِيَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على حَلقَة من أَصْحَابه فَقَالَ مَا أجلسكم فَقَالُوا جلسنا نذْكر الله ونحمده على مَا هدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمن بِهِ علينا قَالَ آللَّهُ مَا أجلسكم إِلَّا ذَلِك قَالُوا آللَّهُ مَا أجلسنا إِلَّا ذَلِك قَالَ أما أَنى لم أستحلفكم تُهْمَة لكم وَلكنه أَتَانِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن الله عز وَجل يباهي بكم الْمَلَائِكَة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث (قَوْله حفتهم الْمَلَائِكَة) أَي أحدقت بهم واستدارت عَلَيْهِم وَمعنى غشيتهم الرَّحْمَة سترتهم أخذا من التغشي بِالثَّوْبِ والسكينة هِيَ الطُّمَأْنِينَة وَالْوَقار وَقيل المُرَاد بِالسَّكِينَةِ الرَّحْمَة وَيرد ذَلِك عطفها على قَوْله غشيتهم الرَّحْمَة وَمعنى ذكر الله عز وَجل فِيمَن عِنْده أَنه يذكرهم عِنْد مَلَائكَته حَسْبَمَا قدمنَا بَيَانه وَفِي الحَدِيث ترغيب عَظِيم للاجتماع على الذّكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 فَإِن هَذِه الْأَرْبَع الخصائص فِي كل وَاحِدَة مِنْهَا على انفرادها مَا يثير رَغْبَة الراغبين وَيُقَوِّي عزم الصَّالِحين على ذكر رب الْعَالمين // (مَا عمل ابْن آدم عملا أنجى لَهُ من عَذَاب الله من ذكر الله قَالُوا وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع ثَلَاث مَرَّات) (مص. ط) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد فِي الْمسند وَالطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي الْأَوْسَط وَقَالَ منذري فِي التَّرْغِيب بعد أَن عزاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير الْأَوْسَط ورجالهما رجال الصَّحِيح وجعلهما عِنْده من حَدِيث جَابر بِهَذَا اللَّفْظ فَظهر بِهَذَا أَن هَذَا الْمَتْن حديثان لَا حَدِيث وَاحِد وَقَالَ الهيثمي فِي حَدِيث معَاذ رِجَاله رجال الصَّحِيح قَالَ وَقد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن جَابر بِسَنَد رِجَاله رجال الصَّحِيح انْتهى وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الذّكر أفضل وَقد قدمنَا الْكَلَام على ذَلِك // (لَو أَن رجلا فِي حجره دَرَاهِم يقسمها وَآخر يذكر الله لَكَانَ الذاكر لله أفضل) (ط) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر وَفِي إِسْنَاده جَابر بن الولاع قَالَ النَّسَائِيّ مُنكر الحَدِيث انْتهى وَلكنه قد روى لَهُ مُسلم فَلَا وَجه لإعلال الحَدِيث بِهِ وَقد حسن إِسْنَاده الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب فِي الذّكر قَالَ الهيثمي رِجَاله وثقوا انْتهى وَقَالَ الْمَنَاوِيّ لَكِن صحّح بَعضهم وَقفه وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد من حَدِيث أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ (قَوْله فِي حجره دَرَاهِم) الْحجر بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وَكسرهَا قيل هُوَ طرف الثَّوْب وَقيل هُوَ طرف كل شَيْء وَقَالَ فِي الْقَامُوس أَنه حضن الْإِنْسَان وَهَذَا أنسب بِمَعْنى الحَدِيث وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الذّكر أفضل من الصَّدَقَة وَقد تقدم الْبَحْث عَن ذَلِك // (إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ حلق الذّكر) (ت) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه مُحَمَّد فِي الْمسند وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَقَالَ الْمَنَاوِيّ وشواهده ترتقي إِلَى الصِّحَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قَالُوا وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ مجَالِس الْعلم وَفِي إِسْنَاده رجل مَجْهُول وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَقَالَ غَرِيب من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قَالُوا وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ الْمَسَاجِد قيل وَمَا الرتع قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن لله سَرَايَا من الْمَلَائِكَة تحل وتقف على مجَالِس الذّكر فِي الأَرْض فارتعوا فِي رياض الْجنَّة قَالُوا وَأَيْنَ رياض الْجنَّة قَالَ مجَالِس الذّكر فاغدوا وروحوا فِي ذكر الله وَذكروا أَنفسكُم من كَانَ يُرِيد أَن يعلم مَنْزِلَته عِنْد الله فَلْينْظر كَيفَ منزلَة الله عِنْده فَإِن الله ينزل العَبْد عِنْده حَيْثُ أنزلهُ تَعَالَى فِي نَفسه قَالَ الْمُنْذِرِيّ والْحَدِيث حسن انْتهى وَلَا مُخَالفَة بَين هَذِه الْأَحَادِيث فرياض الْجنَّة تطلق على حلق الذّكر ومجالس الْعلم والمساجد وَلَا مَانع من ذَلِك انْتهى وَأما قَوْله فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قيل وَمَا الرتع قَالَ سُبْحَانَ الله الخ فَفِيهِ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 يدل على أَن هَذَا الذّكر لَهُ مزية تشرف على سَائِر الْأَذْكَار وَلَا يُنَافِي مَا يدل عَلَيْهِ قَوْله حلق الذّكر من الْعُمُوم وَلَا يُنَافِي أَيْضا مَا فِي الحَدِيث الآخر حَيْثُ قَالَ مجَالِس الْعلم وَالْحَاصِل أَن الْجَمَاعَة المشتغلين بِذكر الله عز وَجل أَي ذكر كَانَ والمشتغلين بِالْعلمِ النافع وَهُوَ علم الْكتاب وَالسّنة وَمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَيْهِمَا هم يرتعون فِي رياض الْجنَّة (قَوْله إِذا مررتم برياض الْجنَّة) جمع رَوْضَة وَهِي الْموضع الْمُشْتَمل على النَّبَات وَإِنَّمَا شبه حلق الذّكر بهَا وَشبه الذّكر بالرتع فِي الخصب (قَوْله حلق الذّكر) بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح اللَّام جمع حَلقَة بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَكَذَا فِي كثير من النّسخ من كتب اللُّغَة وَقَالَ الْجَوْهَرِي جمع حَلقَة حلق بِفَتْح الْحَاء وَالْمرَاد بالحلقة جمَاعَة من النَّاس يستديرون كحلقة الْبَاب وَغَيره // (مَا من آدَمِيّ إِلَّا لِقَلْبِهِ بيتان فِي أَحدهمَا الْملك وَفِي الآخر الشَّيْطَان فَإِذا ذكر الله خنس وَإِذا لم يذكر الله وضع الشَّيْطَان منقاره فِي قلبه ووسوس لَهُ) (مص) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله ابْن شَقِيق وَرِجَال إِسْنَاده رجال الصَّحِيح وَفِي مَعْنَاهُ مَا أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّيْطَان جاثم على قلب ابْن آدم إِذا ذكر الله خنس وَإِذا غفل وسوس لَهُ وَكَذَا مَا أخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان وَاضع خطمه على قلب أبن آدم فَإِن ذكر الله خنس وَإِن نسي الْتَقم قلبه وَالْمرَاد بقوله خطمه فَمه وَهُوَ بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة (قَوْله خنس) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون أَي تَأَخّر وَخرج من الْمَكَان الَّذِي قد كَانَ فِيهِ وَهُوَ قلب الْآدَمِيّ (قَوْله منقاره) المُرَاد بِهِ هَاهُنَا فَمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 شبهه بمنقار الطَّائِر فِي لقطه لما يلتقط بِهِ من هَاهُنَا بِسُرْعَة وخفة // (من صلى الْفجْر فِي جمَاعَة ثمَّ قعد يذكر الله حَتَّى تطلع الشَّمْس ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ كَانَت لَهُ كَأَجر حجَّة وَعمرَة تَامَّة تَامَّة (ت) انْقَلب بِأَجْر حجَّة وَعمرَة (ط)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَاللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف معزوا إِلَى الطَّبَرَانِيّ هُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الْغَدَاة فِي جمَاعَة ثمَّ جلس يذكر الله حَتَّى تطلع الشَّمْس ثمَّ قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ انْقَلب بِأَجْر حجَّة وَعمرَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإِسْنَاده جيد وَأخرج أَحْمد فِي الْمسند وَابْن جرير وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الْفجْر فِي جمَاعَة ثمَّ جلس فِي مُصَلَّاهُ يذكر الله صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة وصلاتهم عَلَيْهِ اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ ارحمه وَمن جلس ينْتَظر الصَّلَاة صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة وصلاتهم عَلَيْهِ اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ الله ارحمه وَفِي تَكْرِير قَوْله تَامَّة تَامَّة تَامَّة تَأْكِيد لرفع توهم أَنه لم يرد الْحجَّة وَالْعمْرَة على التَّمام وَهُوَ تَأْكِيد رَاجع إِلَى الْحجَّة وَالْعمْرَة فَكَأَنَّهُ قَالَ كَأَجر حجَّة تَامَّة تَامَّة تَامَّة وَعمرَة تَامَّة تَامَّة تَامَّة وَهَذَا الْأجر الْمَذْكُور يحصل بِمَجْمُوع مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ الحَدِيث من صَلَاة الْفجْر فِي جمَاعَة ثمَّ الْقعُود للذّكر حَتَّى تطلع الشَّمْس ثمَّ صَلَاة رَكْعَتَيْنِ بعد طُلُوع الشَّمْس // (ذَاكر الله فِي الغافلين بِمَنْزِلَة الصابر فِي الفارين) (ز) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار فِي مُسْنده كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَمن حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَرِجَاله فِي الْأَوْسَط ثِقَات وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الشّعب من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَاكر الله فِي الغافلين مثل الَّذِي يُقَاتل عَن الفارين وذاكر الله فِي الغافلين كالمصباح فِي الْبَيْت المظلم وذاكر الله فِي الغافلين كَمثل الشَّجَرَة الخضراء فِي وسط الشّجر الَّذِي قد تحات وذاكر الله فِي الغافلين يعرف مَقْعَده فِي الْجنَّة وذاكر الله فِي الغافلين يغْفر الله لَهُ بِعَدَد كل فصيح وعجمي وَفِي إِسْنَاده عمرَان بن مُسلم الْقصير قَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ سَنَده ضَعِيف وَلَعَلَّه يُشِير إِلَى كَون فِي إِسْنَاده هَذَا الرجل (قَوْله ذَاكر الله فِي الغافلين الخ) الذاكر بَين جمَاعَة لَا يذكرُونَ الله كمن يُجَاهد الْكفَّار بعد فرار أَصْحَابه من الزَّحْف وَهَذِه فَضِيلَة جليلة ومنقبة نبيلة // (مَا من قوم جَلَسُوا مَجْلِسا وَتَفَرَّقُوا عَنهُ وَلم يذكرُوا الله فِيهِ إِلَّا كَأَنَّمَا تفَرقُوا عَن جيفة حمَار وَكَانَ عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة (مس. دت. حب) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد فِي الْمسند وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار والرياض إِسْنَاده صَحِيح وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا عِنْد أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة فَإِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَأخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَصَححهُ وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أبي أُمَامَة وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن مُغفل رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 مَا من قوم اجْتَمعُوا فِي مجْلِس فَتَفَرَّقُوا وَلم يذكرُوا الله إِلَّا كَانَ ذَلِك الْمجْلس حسرة عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَرِجَال الطَّبَرَانِيّ مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بِلَفْظ مَا من قوم جَلَسُوا مَجْلِسا لَا يذكرُونَ الله فِيهِ إِلَّا رَأَوْهُ حسرة يَوْم الْقِيَامَة (قَوْله إِلَّا كَأَنَّمَا تفَرقُوا عَن جيفة حمَار) أَي مثلهَا فِي النتن وَفِي هَذَا التَّشْبِيه غَايَة التنفير عَن ترك ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْمجَالِس وَأَنه مِمَّا يَنْبَغِي لكل أحد أَن لَا يجلس فِيهِ وَلَا يلابس أَهله وَأَن يفر عَنهُ كَمَا يفر عَن جيفة الْحمار فَإِن كل عَاقل يفر عَنْهَا وَلَا يقْعد عِنْدهَا (قَوْله وَكَانَ عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة) أَي بِسَبَب تفريطهم فِي ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَذَلِكَ لما يظْهر لَهُم فِي موقف الْحساب من أجور العامرين لمجالسهم بِذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيَنْبَغِي لمن حضر مجَالِس الْغَفْلَة أَن لَا يخليها عَن شَيْء من ذكر الله وَأَن يَأْتِي عِنْد الْقيام مِنْهَا بكفارة الْمجْلس الَّتِي أرشد إِلَيْهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عِنْد أبي دَاوُد وَالْحَاكِم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يقوم من مجْلِس قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لاإله إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك فَقَالَ رجل إِنَّك لتقول قولا مَا كنت تَقوله فِيمَا مضى قَالَ ذَلِك كَفَّارَة لما يكون فِي الْمجْلس وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيثهَا وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ ورجالهما رجال الصَّحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث رَافع ابْن خديج رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَيْثُ عبد الله بن عَمْرو ابْن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا وَسَيذكر المُصَنّف رَحمَه الله هَذَا الحَدِيث فِي الْبَاب السَّابِع (إِن خِيَار عباد الله الَّذين يراعون الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والأظلة لذكر الله عز وَجل) (مس) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ وَصَححهُ الْحَاكِم وَقَررهُ الذَّهَبِيّ فِي كِتَابه على الْمُسْتَدْرك وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير قَالَ الهيثمي رجال الطَّبَرَانِيّ موثقون وَأخرجه أَيْضا ابْن شاهين وَقَالَ حَدِيث غَرِيب صَحِيح (قَوْله الَّذين يراعون الشَّمْس) أَي يرصدون دُخُول الْأَوْقَات بِهَذِهِ العلامات لأجل ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي يعتادونه فِي أَوْقَات مَخْصُوصَة وَمن ذَلِك ارتقاب طُلُوع الشَّمْس لكَرَاهَة الصَّلَاة فِي ذَلِك الْوَقْت وَمَا بعده وَكَذَلِكَ ارتقاب زَوَالهَا لدُخُول وَقت الظّهْر وارتقاب اصفرارها لكَرَاهَة الصَّلَاة فِي ذَلِك الْوَقْت وَمَا بعده وَهَكَذَا ارتقاب الْقَمَر لمعْرِفَة سَاعَات اللَّيْل لمن يعْتَاد التَّهَجُّد وَالذكر وَهَكَذَا ارتقاب النُّجُوم لمعْرِفَة هَذِه السَّاعَات لمن هُوَ كَذَلِك وَهَكَذَا ارتقاب الأظلة لمعْرِفَة وَقت الظّهْر وَوقت الْعَصْر فقد ثَبت تَقْدِير ذَلِك أَي تَقْدِير صَلَاة الظّهْر وَوقت صَلَاة الْعَصْر بِمِقْدَار من الظل كَمَا فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وكل هَذِه الْأُمُور هِيَ من ذكر الله وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ و {وَلذكر الله أكبر} // (لَيْسَ يتحسر أهل الْجنَّة إِلَّا على سَاعَة مرت بهم وَلم يذكرُوا الله تَعَالَى فِيهَا) (ط) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ الهيثمي وَرِجَاله ثِقَات وَفِي شيخ الطَّبَرَانِيّ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الصُّورِي خلاف وَأخرجه أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب أَنه رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بأسانيد أَحدهَا جيد (قَوْله لَيْسَ يتحسر أهل الْجنَّة) أَي إِذا رَأَوْا مَا أعد الله لِعِبَادِهِ الذَّاكِرِينَ لَهُ من الأجور الموفرة على الذّكر كَانَ ذَلِك حسرة فِي قُلُوب التاركين لَهُ وَفِي كَونهم لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 يتحسرون إِلَّا على هَذِه الْخصْلَة أعظم دَلِيل على أَنَّهَا عِنْد الله بمَكَان عَظِيم وَأَن أجرهَا فَوق كل أجر // (أَكْثرُوا ذكر الله تَعَالَى حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُون) (حب) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ الهيثمي بعد أَن عزاهُ إِلَى أَحْمد وَأبي يعلي أَن فِي إِسْنَاده دَرَّاجًا ضعفه جمع وَبَقِيَّة رجال مُسْند أَحْمد ثِقَات انْتهى وَقد حسنه الْحَافِظ ابْن حجر فِي أَمَالِيهِ (قَوْله حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُون) وَفِي لفظ أَكثر ذكر الله حَتَّى يُقَال إِنَّك مَجْنُون قيل المُرَاد هُنَا حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ بِدَلِيل مَا أخرجه أَحْمد فِي الزّهْد والضياء فِي المختارة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث أبي الجوزاء مُرْسلا عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ إِنَّكُم مراءون وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي قصر الْمقَالة فِي حَدِيث الْبَاب على الْمُنَافِقين فَيَنْبَغِي تَفْسِير ضمير حَتَّى يَقُولُوا بِمَا هُوَ أَعم من ذَلِك أَي حَتَّى يَقُول الغافلون عَن الذّكر أَو حَتَّى يَقُول الَّذين لَا رَغْبَة لَهُم فِي الذّكر وَيدخل المُنَافِقُونَ فِي هَذَا دُخُولا أوليا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز الْجَهْر بِالذكر وَقد تقدم حَدِيث وَمن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُم وَيُمكن أَن يكون سَبَب نسبتهم الْجُنُون إِلَيْهِ مَا يرونه من إدامة الذّكر وتحريك شَفَتَيْه بِهِ واضطراب بدنه من خوف من صَار مشتغلا بِذكرِهِ وَهُوَ الرب سُبْحَانَهُ فقد يظنون إِذا رَأَوْهُ كَذَلِك أَنه من الممسوسين المصابين بِطرف من الْجُنُون وَكَثِيرًا مَا يرى من لَا شغلة لَهُ بالطاعات أَو من هُوَ مشتغل بمعاصي الله يظْهر السخرية بِأَهْل الطَّاعَات والاستهزاء بهم لِأَنَّهُ قد طبع على قلبه وَصَارَ فِي عداد المخذولين وَقد وَردت أَحَادِيث تَقْتَضِي الاسرار بِالذكر وَأَحَادِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 تَقْتَضِي الْجَهْر بِهِ وَالْجمع بَينهمَا أَن ذَلِك مُخْتَلف باخْتلَاف الْأَحْوَال والأشخاص فقد يكون الْجَهْر أفضل إِذا أَمن الرِّيَاء وَكَانَ فِي الْجَهْر تذكير للغافلين وتنشيط لَهُم إِلَى الِاقْتِدَاء بِهِ وَقد يكون الْأَسْرَار أفضل إِذا كَانَ الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك // (لِأَن أقعد مَعَ قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى من صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى تطلع الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَرْبَعَة من ولد إِسْمَاعِيل وَلِأَن أقعد مَعَ قوم يذكرُونَ الله من صَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَرْبَعَة) (د) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْعِرَاقِيّ إِسْنَاده حسن وَتَبعهُ فِي تَحْسِين إِسْنَاده السُّيُوطِيّ وَقَالَ الهيثمي فِي إِسْنَاده محتسب أَبُو عَامِد وثقة ابْن حبَان وَضَعفه غَيره وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَأخرجه أَيْضا أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والضياء فِي المختارة (قَوْله حَتَّى تطلع الشَّمْس) زَاد فِي رِوَايَة ثمَّ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (قَوْله أَرْبَعَة) قَالَ الْبَيْضَاوِيّ خص الْأَرْبَعَة بِالنِّسْبَةِ لِأَن الْمفضل عَلَيْهِ مَجْمُوع أَرْبَعَة أَشْيَاء ذكر الله وَالْقعُود لَهُ والاجتماع عَلَيْهِ والاستمرار بِهِ إِلَى الطُّلُوع والغروب وَخص بنى اسمعيل لشرفهم وانافتهم على غَيرهم وقربهم مِنْهُ ومزيد اهتمامه بحالهم (قَوْله أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَرْبَعَة) ترك هَهُنَا ذكر كَون الْأَرْبَعَة من ولد اسمعيل استغنا عَنهُ بِمَا تقدم فِي الطّرف الأول فِي رِوَايَة ثُبُوت من ولد إِسْمَعِيل بعد لفظ أَرْبَعَة وَفِي رِوَايَة مَكَان أَرْبَعَة لفظ رَقَبَة من ولد إمسعيل وَفِي الحَدِيث دَلِيل على مزِيد شرف الذّكر فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ مَعَ قوم يذكرُونَ الله فَإِنَّهُ قد ثَبت أَن من أعتق رَقَبَة أعتق الله مِنْهُ بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا من النَّار // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 (إِن الله أَمر يحيى بن زَكَرِيَّاء أَن يَأْمر بني إِسْرَائِيل بِخمْس كَلِمَات مِنْهَا ذكر الله فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل خرج الْعَدو فِي أَثَره سرَاعًا حَتَّى إِذا أَتَى على حصن حُصَيْن فأحرز نَفسه مِنْهُم كَذَلِك العَبْد لَا يحرز نَفسه من الشَّيْطَان إِلَّا بِذكر الله تَعَالَى (ت. حب) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْحَارِث بن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه من حَدِيثه أَحْمد فِي الْمسند وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقد صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه والْحَدِيث طَوِيل وَلَفظه إِن الله أَمر يحيى بن زَكَرِيَّاء بِخمْس كَلِمَات أَن يعْمل بِهن وَأَن يَأْمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن وَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَن تبليغهن فَأوحى الله إِلَى عِيسَى أَن يبلغهن أَو تبلغهن فَأَتَاهُ عِيسَى فَقَالَ لَهُ إِنَّك أمرت بِخمْس كَلِمَات أَن تعْمل بِهن فَأَما أَن تبلغهن أَو بلغهن فَقَالَ لَهُ يَا روح الله إِنِّي أخْشَى أَن سبقتني أَن أعذب أَو يخسف بِي فَجمع يحيى بن زَكَرِيَّا بني إِسْرَائِيل فِي بَيت الْمُقَدّس حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِد فَقعدَ على الشرفات فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ إِن الله أَمرنِي بِخمْس كَلِمَات أَن أعمل بِهن وآمركم أَن تعملوا بِهن أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا فَإِن مثل من أشرك بِاللَّه كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص ملكه بِذَهَب أَو ورق ثمَّ أسْكنهُ دَارا فَقَالَ لَهُ اعْمَلْ وارفع إِلَيّ عَمَلك فَجعل العَبْد يعْمل وَيرْفَع على غير سَيّده فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك وَإِن الله تَعَالَى خَلقكُم ورزقكم فاعبدوه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وآمركم بِالصَّلَاةِ وَإِذا أقمتم الصَّلَاة فَلَا تلتفتوا فَإِن الله عز وَجل ليقبل بِوَجْهِهِ إِلَى عَبده مَا لم يلْتَفت وآمركم بالصيام وَمثل ذَلِك كَمثل رجل مَعَه صرة مسك فِي عِصَابَة كلهم يجد ريح الْمسك وَإِن خلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وآمركم بِالصَّدَقَةِ وَمثل ذَلِك كَمثل رجل أسره الْعَدو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 فشدوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقه وقدموه ليضربوا عُنُقه فَقَالَ لَهُم هَل لكم أَن أفتدي نَفسِي فَجعل يفْدي نَفسه مِنْهُم بِالْقَلِيلِ وَالْكثير حَتَّى فك نَفسه وآمركم بِذكر الله كثيرا وَمثل ذَلِك كَمثل رجل طلبه الْعَدو سرَاعًا فِي أَثَره فَأتى على حصن حُصَيْن فأحرز نَفسه فِيهِ وَإِن العَبْد أحصن مَا يكون من الشَّيْطَان إِذا كَانَ فِي ذكر الله تَعَالَى وَأَنا آمركُم بِخمْس أَمرنِي الله بِهن الْجَمَاعَة والسمع وَالطَّاعَة وَالْهجْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ من فَارق الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه إِلَّا أَن يرجع وَمن ادّعى بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ من جثى جَهَنَّم وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم فَادعوا بِدَعْوَى الله الَّذِي سَمَّاكُم الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ عباد الله انْتهى قَوْله مسرعا كَذَلِك فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا سرَاعًا وَهُوَ الْمُوَافق للفظ الحَدِيث الَّذِي كتبناه هَهُنَا (قَوْله حَتَّى إِذا أَتَى على حصن حُصَيْن) لَعَلَّ المُصَنّف رَحْمَة الله أَخذ تَسْمِيَة كِتَابه الْحصن الْحصين الَّذِي هُوَ أصل هَذَا الْكتاب من هَهُنَا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الذّكر يحرز صَاحبه من الشَّيْطَان كَمَا يحرز الْحصن الْحصين من لَجأ إِلَيْهِ من الْعَدو فالذاكر فِي أَمَان من تخبط الشَّيْطَان ووسوسته إِلَيْهِ وإضلاله إِيَّاه وَمن سلم من الشَّيْطَان الرَّجِيم فقد كفى من أخطر الخطرين وهما الشَّيْطَان وَالنَّفس فضل الدُّعَاء (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء وَهُوَ الْعِبَادَة ثمَّ تَلا قَوْله تَعَالَى {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي} الْآيَة (حب. مص. ع) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأخرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء مخ الْعِبَادَة (قَوْله الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة) هَذِه الصّفة الْمُقْتَضِيَة للحصر من جِهَة تَعْرِيف الْمسند إِلَيْهِ وَمن جِهَة تَعْرِيف الْمسند وَمن جِهَة ضمير الْفَصْل تَقْتَضِي أَن الدُّعَاء هُوَ أَعلَى أَنْوَاع الْعِبَادَة وأرفعها وَأَشْرَفهَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء مخ الْعِبَادَة وَالْآيَة الْكَرِيمَة قد دلّت على أَن الدُّعَاء من الْعِبَادَة فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمر عباده أَن يَدعُوهُ ثمَّ قَالَ {إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي} فَأفَاد ذَلِك أَن الدُّعَاء عبَادَة وَأَن ترك دُعَاء الرب سُبْحَانَهُ استكبار وَلَا اقبح من هَذَا الاستكبار وَكَيف يستكبر العَبْد عَن دُعَاء من هُوَ خَالق لَهُ ورازقه وموجده من الْعَدَم وخالق الْعَالم كُله ورازقه ومحييه ومميتة ومثيبة ومعاقبة فَلَا شكّ أَن هَذَا الاستكبار طرف من الْجُنُون وَشعْبَة من كفران النعم // (من فتح لَهُ بَاب فِي الدُّعَاء مِنْكُم فتحت لَهُ أَبْوَاب الْإِجَابَة) (مص) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب بعد أَن عزاهُ إِلَى التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم أَنه رَوَاهُ كِلَاهُمَا من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْمليكِي وَهُوَ ذَاهِب الحَدِيث عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب وَلَفظ الحَدِيث عِنْد هَؤُلَاءِ من فتح لَهُ بَاب فِي الدُّعَاء مِنْكُم فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة وَمَا يسْأَل الله شَيْئا أحب إِلَيْهِ من أَن يسْأَل الْعَافِيَة وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه بِلَفْظ فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة (قَوْله من فتح لَهُ بَاب فِي الدُّعَاء مِنْكُم) لَعَلَّ المُرَاد وَالله أعلم أَن من فتح الله لَهُ بالإقبال على الدُّعَاء بخشوع وخضوع وتضرع وتذلل كَانَ هَذَا الْفَتْح سَببا لإجابة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 دُعَائِهِ وَلِهَذَا قَالَ فتحت لَهُ أَبْوَاب الْإِجَابَة وَهَكَذَا قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة فَإِن فتح أَبْوَاب الرَّحْمَة دَلِيل على إِجَابَة دُعَائِهِ وَهَكَذَا قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة فَإِن العَبْد إِذا وجد من نَفسه النشاط إِلَى الدُّعَاء والإقبال عَلَيْهِ فليستكثر مِنْهُ فَإِنَّهُ مجاب وتقضي حَاجته بِفضل الله وَرَحمته // (لَا يرد الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر) (ت. حب) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَصَححهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَلم يُصَحِّحهُ لِأَن فِي إِسْنَاده أَبَا مودود الْبَصْرِيّ واسْمه فضَّة قَالَ أَبُو حَاتِم ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والضياء فِي المختارة وَمثله حَدِيث ثَوْبَان الَّذِي أخرجه ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن حبَان فِي صَحِيحه بِلَفْظ لَا يرد الْقدر إِلَّا الدُّعَاء وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر وَإِن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يُصِيبهُ (قَوْله لَا يرد الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء) فِيهِ دَلِيل على أَنه سُبْحَانَهُ يدْفع بِالدُّعَاءِ مَا قد قَضَاهُ على العَبْد وَقد وَردت بِهَذَا أَحَادِيث كَثِيرَة وَيُؤَيّد ذَلِك قَوْله تَعَالَى {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} وَهَذِه الْمَسْأَلَة هِيَ من المعارك لاخْتِلَاف الْأَدِلَّة فِيهَا من الْكتاب وَالسّنة وَقد أفردناها برسالة (قَوْله وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر) فِيهِ دَلِيل أَن مَا يصدق عَلَيْهِ الْبر على الْعُمُوم يزِيد فِي الْعُمر وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَن صلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر وَالْمرَاد الزِّيَادَة الْحَقِيقِيَّة وَقيل المُرَاد الْبركَة فِي الْعُمر وَالظَّاهِر الأول وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} الْآيَة وَقَوله {ثمَّ قضى أَََجَلًا وَأجل مُسَمّى عِنْده} وَتَحْقِيق الْبَحْث عَن هَذَا يطول وَقد أودعناه فِي الرسَالَة الَّتِي أَشَرنَا إِلَيْهَا قَرِيبا // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 (لَا يُغني حذر من قدر وَالدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل وَإِن الْبلَاء لينزل فيتلقاه الدعا فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) (مس. ز) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والخطيب وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَتعقبه الذَّهَبِيّ وَابْن حجر فِي التَّلْخِيص بَان زَكَرِيَّا بن مَنْصُور أحد رِجَاله وَهُوَ مجمع على ضعفه وَقَالَ فِي الْمِيزَان ضعفه ابْن معِين ووهاه أَبُو زرْعَة وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حَدِيث لَا يَصح وَقَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى بِنَحْوِهِ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الأسط وَرِجَال أَحْمد وَأبي يعلى وَأحد أسنادي الْبَزَّار رِجَاله رجال الصَّحِيح غير عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي وَهُوَ ثِقَة (قَوْله لَا يُغني حذر من قدر) فِيهِ دَلِيل أَن الحذر لَا يُغني عَن صَاحبه شَيْئا من الْقدر الْمَكْتُوب عَلَيْهِ وَلكنه ينفع من ذَلِك الدُّعَاء وَلذَلِك عقبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله وَالدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل وأكد ذَلِك بقوله أَن الْبلَاء لينزل فيتلقاه الدُّعَاء فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمعنى يعتلجان يتصارعان ويتدافعان بحث نَفِيس فِي كَون الدُّعَاء يرد الْقَضَاء وَالْحَاصِل أَن الدُّعَاء من قدر الله عز وَجل فقد يقْضِي بِشَيْء على عَبده قَضَاء مُقَيّدا بِأَن لَا يَدعُوهُ فَإِن دَعَاهُ إندفع عَنهُ وَتَحْقِيق الْبَحْث عَن هَذَا يرجع إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ فِي شرح الحَدِيث الَّذِي قبله وَفِي الرسَالَة الَّتِي أَشَرنَا إِلَيْهَا مَا يدْفع الْإِشْكَال (لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء) (ت. حب) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَقد أخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَالْبُخَارِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 فِي التَّارِيخ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَقَالَ ابْن حبَان حَدِيث صَحِيح وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ لِأَن فِي إِسْنَاده عِنْده عمرَان الْقطَّان ضعفه النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَمَشاهُ أَحْمد وَقَالَ ابْن الْقطَّان رُوَاته كلهم ثِقَات إِلَّا عمرَان وَفِيه خلاف (قَوْله لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء) قيل وَجه ذَلِك أَنه يدل على قدرَة الله تَعَالَى وَعجز الدَّاعِي وَالْأولَى أَن يُقَال أَن الدُّعَاء لما كَانَ هُوَ الْعِبَادَة وَكَانَ مخ الْعِبَادَة كَمَا تقدم كَانَ أكْرم على الله من هَذِه الْحَيْثِيَّة لِأَن الْعِبَادَة هِيَ الَّتِي خلق الله سُبْحَانَهُ الْخلق لَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} قَالَ الطَّيِّبِيّ وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين قَوْله تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} لِأَن كل شَيْء شرف فِي بَابه فَإِنَّهُ يُوصف بِالْكَرمِ قَالَ تَعَالَى {وأنبتنا فِيهَا من كل زوج بهيج} أَي كريم // (من لم يسْأَل الله يغْضب عَلَيْهِ (ت) من لم يدع الله غضب عَلَيْهِ (مص)) // الحَدِيث أخرجه بِاللَّفْظِ الأول التِّرْمِذِيّ وَالثَّانِي ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَكِلَاهُمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرج اللَّفْظ الأول الْحَاكِم وَأخرج أَيْضا اللَّفْظ الثَّانِي الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَتَصْحِيح أحد اللَّفْظَيْنِ تَصْحِيح للْآخر لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد وَمن حَدِيث صَحَابِيّ وَاحِد وَفِيهِمَا دَلِيل على أَن الدُّعَاء من العَبْد لرَبه من أهم الْوَاجِبَات وَأعظم المفروضات لِأَن تجنب مَا يغْضب الله مِنْهُ لَا خلاف فِي وُجُوبه وَقد انْضَمَّ إِلَى هَذَا الْأَوَامِر القرآنية وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} وَقَوله {واسألوا الله من فَضله} وَقد قدمنَا أَن قَوْله سُبْحَانَهُ {إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} يدل على أَن ترك دُعَاء العَبْد لرَبه من الإستكبار وتجنب ذَلِك وَاجِب لَا شكّ فِيهِ وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك قَوْله عز وَجل {أم من يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ ويكشف السوء} فَإِن هَذَا الِاسْتِفْهَام هُوَ للتقريع والتوبيخ لمن ترك دُعَاء ربه وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلَك عبَادي} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان) فَإِن هَذَا التَّعْلِيل بِالْقربِ ثمَّ الْوَعْد بعده بالإجابة يقطع كل معذرة وَيدْفَع كل تعلة // (لَا تعجزوا فِي الدُّعَاء فَإِنَّهُ لن يهْلك مَعَ الدُّعَاء أحد (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَقد أخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك والضياء فِي المختارة فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة أَئِمَّة صححوا الحَدِيث ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد والضياء فِي المختارة وَمَا ذكره فِيهَا فَهُوَ صَحِيح عِنْده وَإِذا عرفت هَذَا فَلَا وَجه لتعقب الذَّهَبِيّ للْحَاكِم فِي تَصْحِيحه لِأَن غَايَة مَا قَالَه أَن فِي إِسْنَاده عمر بن مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ وَأَنه لَا يعرفهُ وَعدم مَعْرفَته لَهُ لَا تَسْتَلْزِم عدم معرفَة غَيره لَهُ نعم قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان حاكيا عَن أبي حَاتِم أَنه مَجْهُول وَهَذَا قَادِح صَحِيح وَلِهَذَا قَالَ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان وَقد تساهل الْحَاكِم فِي تَصْحِيحه وَلَكِن لَا يخفاك أَن تَصْحِيح ابْن حبَان والضياء يَكْفِي وَلَا يحْتَاج مَعَه إِلَى غَيره وعَلى تَقْدِير ان فِي إسنادهما هَذَا الرجل الَّذِي قيل أَنه مَجْهُول فمعلوم أَنَّهُمَا لَا يصححان الحَدِيث الْمَرْوِيّ من طَرِيقه إِلَّا وَقد عرفاه وَعرفا صِحَة مَا رَوَاهُ وَمن علم حجَّة على من لم يعلم وليسا مِمَّن يظنّ بِهِ التساهل فِي التَّصْحِيح (قَوْله لَا تعجزو الخ) فِيهِ النَّهْي عَن أَن يعجز الْإِنْسَان عَن دُعَاء ربه فَإِن ضَرَر ذَلِك لَاحق بِهِ وعائد عَلَيْهِ وَمَا أحسن مَا علل بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا النَّهْي بقوله فَإِنَّهُ لن يهْلك مَعَ الدُّعَاء أحد فَإِن هَذِه المزية يَهْتَز لَهَا كل طَالب للخير وينشط بِسَبَبِهَا كل عَارِف بمعاني الْكَلَام وَلَا سِيمَا مَعَ مَا مر إِن الدُّعَاء يرد الْقَضَاء وَيدْفَع الْقدر // (من سره أَن يستجيب الله لَهُ عِنْد الشدائد وَالْكرب فليكثر الدُّعَاء فِي الرخَاء (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد أَن أخرجه حَدِيث غَرِيب وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثه فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَأخرجه الْحَاكِم أَيْضا فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله وَالْكرب) بِضَم الْكَاف وَفتح الرَّاء جمع كربَة وَهِي مَا يَأْخُذ النَّفس من الْغم (قَوْله فليكثر الدُّعَاء فِي الرخَاء) أَي فِي حَال الصِّحَّة والرفاهية والأمن من المخاوف والسلامه من المحن قَالَ الْحلَبِي المُرَاد بِهَذَا الدُّعَاء فِي الرخَاء هُوَ دُعَاء الشِّفَاء وَالشُّكْر وَالِاعْتِرَاف بالمنن وسؤال التَّوْفِيق والمعونة والتأييد وَالِاسْتِغْفَار لعوارض التَّقْصِير فَإِن العَبْد وَإِن أجتهد لم يعرف مَا عَلَيْهِ من حُقُوق بِاللَّه بِتَمَامِهَا وَمن غفل عَن ذَلِك فَلَا حَظّ لَهُ وَكَانَ مِمَّن صدق عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ} انْتهى وَالْأولَى أَن يُقَال كَانَ مِمَّن صدق عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا مس الْإِنْسَان ضرّ دَعَا ربه منيبا إِلَيْهِ ثمَّ إِذا خوله نعْمَة مِنْهُ نسي مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ من قبل} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى {وَإِذا أنعمنا على الْإِنْسَان أعرض ونأى بجانبه وَإِذا مَسّه الشَّرّ فذو دُعَاء عريض} وَقَوله تَعَالَى {وَإِذا مس الْإِنْسَان الضّر دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما فَلَمَّا كشفنا عَنهُ ضره مر كَأَن لم يدعنا إِلَى ضرّ مَسّه} // (الدُّعَاء سلَاح الْمُؤمن وعماد الدّين وَنور السَّمَوَات وَالْأَرْض (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَبُو يعلى من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِهَذَا اللَّفْظ وَأخرج أَبُو يعلى من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلكم على مَا ينجيكم من عَدوكُمْ ويدر لكم أرزاقكم تدعون الله فِي ليلكم ونهاركم فَإِن الدُّعَاء سلَاح الْمُؤمن (قَوْله الدُّعَاء سلَاح الْمُؤمن) فِيهِ تَشْبِيه الدُّعَاء بِالسِّلَاحِ الَّذِي يُقَاتل بِهِ صَاحبه الْعَدو فَإِن هَذَا الدَّاعِي كَأَنَّهُ بِالدُّعَاءِ يُقَاتل مَا يعتوره من المصائب وَمَا يخشاه من سوء العواقب وَمَا أفخم الحكم على الدُّعَاء بِأَنَّهُ عماد الدّين وَبِأَنَّهُ نور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 السَّمَوَات وَالْأَرْض فَإِن ذَلِك قد اشْتَمَل على تَعْظِيم لَا يقادر قدره وَلَا يبلغ مداه وَالْعَاجِز من عجز عَن لبس هَذَا السِّلَاح وَترك الِاعْتِمَاد على هَذَا الْعِمَاد وَلم ينْتَفع بِهَذَا النُّور الَّذِي أنارت بِهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض // (مَا من مُسلم ينصب وَجهه لله فِي مسئلة إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاهَا إِمَّا أَن يعجلها لَهُ وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ (ا. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَأخرجه أَيْضا البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَيشْهد لمعناه مَا أخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى قَالَ الْمُنْذِرِيّ بأسانيد جَيِّدَة وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يَدْعُو الله بدعوة لَيْسَ فِيهَا إِثْم وَلَا قطيعة رحم إِلَّا أعطَاهُ الله بهَا إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يعجل لَهُ دَعوته وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة وَإِمَّا أَن يصرف عَنهُ من السوء مثلهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ من حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حَيّ كريم يستحي إِذا رفع الرجل إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَن يردهما صفرا خائبتين وَأخرج الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حَيّ كريم يستحيي من عَبده أَن يرفع إِلَيْهِ يَده ثمَّ لَا يضع فِيهَا خيرا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن دُعَاء الْمُسلم لَا يهمل بل يعْطى مَا سَأَلَهُ إِمَّا معجلا وَإِمَّا مُؤَجّلا تفضلا من الله عز وَجل // فضل الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 كَانَ عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة وَإِن دخلُوا الْجنَّة للثَّواب (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد من حَدِيثه قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَيْضا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة يَوْم الْقِيَامَة فَإِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ حَدِيث حسن وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الْمجْلس الَّذِي لم يذكر الله تَعَالَى فِيهِ وَلم يصل على رَسُوله فِيهِ يكون حسرة يَوْم الْقِيَامَة على أَهله لما فاتهم من الْأجر وَالثَّوَاب وَإِن دخلُوا الْجنَّة للثَّواب على أَعْمَالهم مَعَ تفضل الله سُبْحَانَهُ عَلَيْهِم بِدُخُولِهَا فَإِنَّهُ قد فاتهم مَا فِيهِ زِيَادَة فِي الدَّرَجَات وَكَثْرَة فِي المثوبات وَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة أَي بِفَوَات الثَّوَاب بترك الذّكر وَالصَّلَاة وَقد قدمنَا طرفا من هَذِه الْأَحَادِيث فِي الْبَاب السَّابِق فِي فضل الذّكر // (أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب وَقَالَ ابْن حبَان صَحِيح وَلَا يُنَافِي هَذَا التَّصْحِيح كَون فِي إِسْنَاده مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي فَإِنَّهُ قد وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو دَاوُد وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 يضرّهُ قَول النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ (قَوْله أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة) أَي أولاهم بشفاعتي وأحقهم بِالْقربِ مني أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة فِي الدُّنْيَا لِأَن هَذَا الَّذِي استكثر من الصَّلَاة على النَّبِي قد توسل إِلَى شَفَاعَته بوسيلة مرعية وتقرب بقربة مرضية وَلَو لم يكن فِي ذَلِك إِلَّا مَا سَيَأْتِي من أَنه من صلى عَلَيْهِ مرّة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا فَإِن هَذِه الْمُكَافَأَة من رب الْعِزَّة سُبْحَانَهُ مستلزمة للثَّواب الْأَكْثَر // (الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْحُسَيْن بن عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد فِي الْمسند وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَهُوَ من رِوَايَة عبد الله بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ عَن أَبِيه عَن الْحُسَيْن وَقد روى من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَمَا فِي سنَن التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب (قَوْله الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ) تَعْرِيف الْمسند إِلَيْهِ يَقْتَضِي الْحصْر فَيَنْبَغِي حمله على أَنه الْكَامِل فِي الْبُخْل لِأَنَّهُ نحل بِمَا لَا نقص عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا مُؤنَة مَعَ كَون الْأجر عَظِيما وَالْجَزَاء موفرا قَالَ الْفَاكِهَانِيّ وَهَذَا أقبح بخل وشح لم يبْق بعده إِلَّا الشُّح بِكَلِمَة الشَّهَادَة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على وجوب الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذكره // (رغم أنف رجل ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ (ت. حب)) // الحَدِيث أخرحه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح وَقَالَ ابْن حجر لَهُ شَوَاهِد وَهَذَا الَّذِي ذكره المُصَنّف هُوَ بعض من الحَدِيث وَبعده وَرَغمَ أنف رجل أدْرك عِنْده أَبَوَاهُ الْكبر فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة وَرَغمَ أنف رجل دخل عَلَيْهِ رَمَضَان ثمَّ انْسَلَخَ قبل أَن يغْفر لَهُ وَقد أوردهُ فِي مجمع الزَّوَائِد من حَدِيث ابْن مَسْعُود وعمار بن يَاسر وَابْن عَبَّاس وَعبد الله بن الْحَارِث وَجَابِر بن سَمُرَة وَأنس وَكَعب بن عجْرَة وَمَالك بن الْحُوَيْرِث وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم (قَوْله رغم) بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وتفتح أَي لصق أَنفه بِالتُّرَابِ والرغام هُوَ التُّرَاب وَفِيه كِنَايَة عَن حُصُول الذل والهوان وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي هُوَ بِفَتْح الْغَيْن وَمَعْنَاهُ ذل وَذكر الرجل وصف طردي فَإِن الْمَرْأَة مثل الرجل فِي ذَلِك وَفِي الحَدِيث دَلِيل على وجوب الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذكره لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو بالذل والهوان على من ترك ذَلِك إِلَّا وَهُوَ وَاجِب عَلَيْهِ (قَوْله فَلم يصل عَليّ) قَالَ الطَّيِّبِيّ الْفَاء إستبعادية وَالْمعْنَى بعيد على الْعَاقِل أَن يتَمَكَّن من إِجْرَاء كَلِمَات مَعْدُودَة على لِسَانه فيفوز بهَا فَلم يغتنمه فحقيق أَن يذله الله وَقيل أَنَّهَا للتعقيب فتفيد بِهِ ذمّ التَّرَاخِي عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ عِنْد ذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (من ذكرت عِنْده فَليصل عَليّ (س. طس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن السّني وَتَمَامه فَإِنَّهُ من صلى عَليّ مرّة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاده جيد وَقَالَ الهيثمي رِجَاله ثِقَات وَفِي الحَدِيث دَلِيل على وجوب الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذكره وَمِمَّا يدل على ذَلِك الحديثان الْمَذْكُورَان قبل هَذَا وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَيْضا مَا أخرجه ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ فقد شقي وَقد ضعف النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 إِسْنَاده وَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذكرت عِنْده فخطى الصَّلَاة عَليّ خطى طَرِيق الْجنَّة قَالَ الهيثمي وَفِيه بشر بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ أَو بشير فَإِن كَانَ بشرا فقد ضعفه ابْن الْمُبَارك وَابْن معِين وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيرهم وَإِن كَانَ بشيرا فَلم أر من ذكره وَقَالَ الْقُسْطَلَانِيّ حَدِيث مَعْلُول واخرج ابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نسي الصَّلَاة عَليّ خطى طَرِيق الْجنَّة وَفِي إِسْنَاده جبارَة بن الْمُفلس وَهُوَ مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ // (من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَفِي بعض أَلْفَاظه من صلى عَليّ مرّة وَاحِدَة كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات كَذَا فِي سنَن التِّرْمِذِيّ وَفِي لفظ لِأَحْمَد وَالنَّسَائِيّ من صلى عَليّ صَلَاة وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشر صلوَات وَحط عَنهُ بهَا عشر سيئات وَرَفعه بهَا عشر دَرَجَات وَأخرجه أَيْضا ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَهُوَ عِنْد هَؤُلَاءِ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 بن عَوْف أَن جِبْرِيل قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أُبَشِّرك أَن الله عز وَجل يَقُول من صلى عَلَيْك صليت عَلَيْهِ وَمن سلم عَلَيْك سلمت عَلَيْهِ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى بِلَفْظ من صلى عَليّ صَلَاة من أمتِي كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَأخرج النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار من حَدِيث أبي بردة بن نيار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى عَليّ من أمتِي صَلَاة مخلصا قلبه صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشر صلوَات وَرَفعه بهَا عشر دَرَجَات وَكتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَأخرج نَحوه ابْن أبي عَاصِم من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ وَزَاد وَكن لَهُ عدل عشر رِقَاب وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا بِلَفْظ فَإِن من صلى عَليّ صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا طيب النَّفس يرى فِي وَجهه الْبشر فَقَالُوا يَا رسو ل الله إِنَّك أَصبَحت الْيَوْم طيب النَّفس يرى فِي وَجهك الْبشر قَالَ أجل أَتَانِي آتٍ أَي جِبْرِيل من رَبِّي عز وَجل فَقَالَ من صلى عَلَيْك من أمتك صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشر صلوَات ومحا عَنهُ بهَا عشر سيئات وَرفع لَهُ بهَا عشر دَرَجَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آتَانِي جِبْرِيل آنِفا عَن ربه عز وَجل فَقَالَ مَا على الأَرْض من مُسلم يُصَلِّي عَلَيْك مرّة وَاحِدَة إِلَّا صليت عَلَيْهِ أَنا وملائكتي عشرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ نَحوه وَفِي الْبَاب أَحَادِيث وَسَيذكر المُصَنّف رَحمَه الله بَعْضهَا قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى // (أَتَانِي ملك فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله يَقُول أما يرضيك أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا وَلَا يسلم عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا عشرا (س. حب)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد فِي الْمسند بِهَذَا اللَّفْظ وَزَاد قَالَ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلَى وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ وَقد صَححهُ ابْن حبَان وَفِيه دَلِيل على أَن السَّلَام كَالصَّلَاةِ وَأَن الله سُبْحَانَهُ يسلم على من سلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا يُصَلِّي على من صلى على رَسُوله عشرا // (إِن لله مَلَائِكَة سياحين يبلغوني عَن أمتِي السَّلَام (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَقَالَ الهيثمي رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حَيْثُمَا كُنْتُم فصلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ تبلغني وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى على بلغتني صلَاته وَصليت عَلَيْهِ وَكتب لَهُ سوى ذَلِك عشر حَسَنَات والاقتصار فِي الحَدِيث على السَّلَام لَا يُنَافِي إبلاغ الصَّلَاة إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحكمهما وَاحِد كَمَا يدل عَلَيْهِ الحديثان الْمَذْكُورَان هُنَا (قَوْله سياحين) بِالسِّين الْمُهْملَة من السياحة وَهُوَ السّير يُقَال ساح فِي الأَرْض يسيح سياحة إِذا ذهب فِيهَا وَأَصله من السيح وَهُوَ المَاء الْجَارِي المنبسط وَفِي الحَدِيث التَّرْغِيب الْعَظِيم للاستكثار من الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن إِذا كَانَت صَلَاة وَاحِدَة من صَلَاة من صلى عَلَيْهِ تبلغه كَانَ ذَلِك منشطا لَهُ أعظم تنشيط // (مَا من أحد يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي حَتَّى أرد عَلَيْهِ السَّلَام (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاده صَحِيح وَكَذَا قَالَ فِي الرياض وَكَذَا قَالَ ابْن حجر رُوَاته ثِقَات وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 حَدِيثه وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن حبَان من حَدِيث عمار بن يَاسر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله وكل بقبري ملكا فَأعْطَاهُ إسماع الْخلق فَلَا يُصَلِّي عَليّ أحد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا بَلغنِي باسمه وَاسم أَبِيه هَذَا فلَان ابْن فلَان قد صلى عَلَيْك زَاد أَبُو الشَّيْخ فَيصَلي الرب تَعَالَى على ذَلِك الرجل بِكُل وَاحِدَة عشرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِنَحْوِهِ قَالَ ابْن حجر رَوَوْهُ كلهم عَن نعيم بن هضيم وَفِيه خلاف عَن عمرَان الْحِمْيَرِي وَلَا يعرف (قَوْله أَلا رد الله عَليّ روحي) لفظ أَحْمد أَلا رد الله إِلَيّ روحي قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَهُوَ ألطف وأنسب وَبَين التعديتين فرق لطيف فَإِن رد يتَعَدَّى كَمَا قَالَ الرَّاغِب بعلي فِي الإهانة وبالى فِي الْإِكْرَام وَقيل وَالْمرَاد برد الرّوح النُّطْق لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ فِي قَبره وروحه لَا تُفَارِقهُ لما صَحَّ أَن الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم كَذَا قَالَ ابْن الملقن وَغَيره وَقَالَ ابْن حجر الْأَحْسَن أَن يؤول رد الرّوح بِحُصُول الْفِكر كَمَا قَالُوهُ فِي خبر يغان على قلبِي وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تكون روحه القدسية فِي الحضرة الإلهية فَإِن بلغه السَّلَام من اُحْدُ من الْأمة رد الله روحه فِي تِلْكَ الْحَالة إِلَى رد سَلام من يسلم عَلَيْهِ وَفِي الْمقَام أجوبة كَثِيرَة وَهَذَا الَّذِي ذكرنَا أحْسنهَا والاقتصار فِي الحَدِيث على السَّلَام لَا يدل على أَن الصَّلَاة لَيست كَذَلِك كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم قبل هَذَا وكما يُفِيد ذَلِك حَدِيث عمار الَّذِي ذَكرْنَاهُ // (إِنِّي لقِيت جِبْرِيل فبشرني وَقَالَ رَبك يَقُول من صلى عَلَيْك صليت عَلَيْهِ وَمن سلم عَلَيْك سلمت عَلَيْهِ فسجدت لله شكرا (ا. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَلَفظ الحَدِيث خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتبعته حَتَّى دخل نخلا فَسجدَ فَأطَال السُّجُود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 حَتَّى خفت أَو خشيت أَن الله قد توفاه أَو قَبضه قَالَ فَجئْت أنظر فَرفع رَأسه فَقَالَ مَالك يَا عبد الرَّحْمَن فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ إِن جِبْرِيل قَالَ لي أَلا أُبَشِّرك أَن الله عز وَجل يَقُول من صلى عَلَيْك صليت عَلَيْهِ وَمن سلم عَلَيْك سلمت عَلَيْهِ فسجدت لله شكرا وَقَالَ الهيثمي فِي إِسْنَاده من لم أعرفهُ وَقد قدمنَا ذكر الْأَحَادِيث المصرحة بِأَن الله تَعَالَى يُصَلِّي على من صلى على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة وَاحِدَة عشر صلوَات // (من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشر صلوَات وحطت عَنهُ عشر خطيئآت وَرفعت لَهُ عشر دَرَجَات (س. حب. ط) وكتبت لَهُ عشر حَسَنَات (س. ط)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَقَالَ ابْن حجر رُوَاته ثِقَات وَقد قدمنَا ذكر الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بِهَذَا الْمَعْنى وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ من الله الرَّحْمَة لِعِبَادِهِ وَأَنه يرحمهم رَحْمَة بعد رَحْمَة حَتَّى تبلغ رَحمته ذَلِك الْعدَد وَقيل المُرَاد بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِم إقباله عَلَيْهِم بعطفه وإخراجهم من حَال ظلمَة إِلَى رفْعَة وَنور كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته ليخرجكم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} // (من صلى عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحِدَة صلى الله وَمَلَائِكَته عَلَيْهِم سبعين صَلَاة) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب أخرجه أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَكَذَلِكَ حسنه الهيثمي وَتَمَامه فَلْيقل عَبده من ذَلِك أَو ليكْثر وَالْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين مَا تقدم بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 يعلم بِهَذَا الثَّوَاب شَيْئا فَشَيْئًا وَكلما علم بِشَيْء قَالَه فَعلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن ثَوَاب من صلى عَلَيْهِ هُوَ مَا فِي الحَدِيث الأول وَمَا ورد فِي مَعْنَاهُ فَأخْبر بِهِ ثمَّ علم بِأَن ثَوَابه هُوَ مَا جَاءَ فِي الحَدِيث الثَّانِي فَأخْبر بِهِ // (من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى إِذا صلى علينا أهل الْبَيْت فَلْيقل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وازواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَذريته وَأهل بَيته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم (ي. ت. ز. ط) وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد (م. د)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْبَيْهَقِيّ وَفِيه التَّرْغِيب الْعَظِيم إِلَى أَن تكون الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على تِلْكَ الصّفة وأصل الحَدِيث ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من الْأُمَّهَات السِّت من دون قَوْله من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى فَإِنَّهُ تفرد بذلك مُسلم وَأَبُو دَاوُد // (من صلى على مُحَمَّد وَقَالَ اللَّهُمَّ أنزلهُ المقعد المقرب عنْدك يَوْم الْقِيَامَة وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي (ز. ط)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث رويفع ابْن ثَابت الْأنْصَارِيّ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب وَبَعض أسانيدهم حسن وَفِي الحَدِيث الْجمع بَين الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسؤاله أَن ينزله المقعد المقرب عِنْده يَوْم الْقِيَامَة فَمن وَقع مِنْهُ ذَلِك اسْتحق الشَّفَاعَة المحمدية وَكَانَت وَاجِبَة لَهُ // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 (قيل يَا رَسُول الله جعلت لَك صَلَاتي كلهَا قَالَ إِذا تكفى همك وَيغْفر ذَنْبك (ت. مس. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَفِي نُسْخَة التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَهُوَ من حَدِيث أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند وَلَفظ الحَدِيث قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذهب ربع اللَّيْل قَامَ فَقَالَ أَيهَا النَّاس اذْكروا الله اذْكروا الله جَاءَت الراجفة تتبعها الرادفة جَاءَ الْمَوْت بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْت بِمَا فِيهِ قَالَ أبي بن كَعْب فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي أَكثر الصَّلَاة فكم أجعَل لَك من صَلَاتي فَقَالَ مَا شِئْت قلت الرّبع قَالَ مَا شِئْت وان زِدْت فَهُوَ خير لَك قلت النّصْف قَالَ مَا شِئْت وان زِدْت فَهُوَ خير لَك قَالَ أجعَل لَك صَلَاتي كلهَا قَالَ إِذن تكفى همك وَيغْفر ذَنْبك وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت أَن جعلت صَلَاتي كلهَا عَلَيْك قَالَ إِذا يَكْفِيك الله تَعَالَى مَا أهمك من أَمر دنياك وآخرتك قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإسْنَاد هَذِه الزِّيَادَة جيد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أجعَل ثلث صَلَاتي عَلَيْك قَالَ نعم إِن شِئْت قَالَ الثُّلثَيْنِ قَالَ نعم أَن شِئْت قَالَ صَلَاتي كلهَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذن يَكْفِيك الله مَا أهمك من أَمر دنياك وآخرتك (قَوْله جعلت لَك صَلَاتي كلهَا) المُرَاد بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاء وَمن جملَته الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ المُرَاد الصَّلَاة ذَات الْأَذْكَار والأركان (قَوْله إِذن تكفى همك وَيغْفر ذَنْبك) فِي هذَيْن الخصلتين جماع خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِن من كَفاهُ الله همه سلم من محن الدُّنْيَا وعوارضها لِأَن كل محنة لَا بُد لَهَا من تَأْثِير الْهم وَإِن كَانَت يسيرَة وَمن غفر الله ذَنبه سلم من محن الْآخِرَة لِأَنَّهُ لَا يوبق العَبْد فِيهَا إِلَّا ذنُوبه // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أَكْثرُوا من الصَّلَاة عَليّ يَوْم الْجُمُعَة فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة عَليّ (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَوْس ابْن أَوْس رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ هُوَ وَابْن حبَان وَلَفظ الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه قبض وَفِيه النفخة الثَّانِيَة وَفِيه الصعقة فَأَكْثرُوا من الصَّلَاة عَليّ فِيهِ فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة عَليّ قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف تعرض عَلَيْك صَلَاتنَا وَقد أرمت يَعْنِي بليت قَالَ إِن الله سُبْحَانَهُ حرم على الأَرْض ان تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا من الصَّلَاة عَليّ فِي كل يَوْم جُمُعَة فَإِن صَلَاة أمتِي تعرض عَليّ فِي كل جُمُعَة فَمن كَانَ أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة كَانَ أقربهم مني منزلَة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن صَلَاة الْعباد يَوْم الْجُمُعَة تعرض عَلَيْهِ وَقد تقدم أَيْضا حَدِيث مَا من أحد يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ ورحي حَتَّى أرد عَلَيْهِ السَّلَام وَقد تقدم حَدِيث أَن لله مَلَائِكَة سياحين يبلغوني السَّلَام وَظَاهر الْجَمِيع أَن كل صَلَاة وَسَلام تبلغه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَوَاء كَانَ ذَلِك فِي يَوْم الْجُمُعَة أَو فِي غَيره من الْأَيَّام أَو اللَّيَالِي فَلَعَلَّ فِي الْعرض عَلَيْهِ زِيَادَة على مُجَرّد الإبلاغ إِلَيْهِ وَيكون ذَلِك من خَصَائِص الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْجُمُعَة // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 (لَيْسَ أحد يُصَلِّي عَليّ يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا عرضت عَليّ صلَاته (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن ماجة بِإِسْنَاد جيد بِلَفْظ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا من الصَّلَاة عَليّ يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُ يَوْم مشهود تشهده الْمَلَائِكَة وَأَن أحد صلى عَليّ إِلَّا عرضت عَليّ صلَاته حَتَّى يفرغ مِنْهَا قَالَ وَقلت وَبعد الْمَوْت قَالَ إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء وَقد تقدم الْجمع بَين الْأَحَادِيث الدَّالَّة على أَن الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم وَالْأَحَادِيث المصرحة بِأَن الله يرد عَلَيْهِ روحه عِنْد سَلام من سلم عَلَيْهِ وَعند صَلَاة من صلى عَلَيْهِ حَتَّى يرد عَلَيْهِ رَسُول الله // (كل دُعَاء مَحْجُوب حَتَّى يصلى على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد (طس)) وَصفَة الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَأتي فِي التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة إِن شَاءَ الله تَعَالَى // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْمُنْذِرِيّ أَنه مَوْقُوف وَرُوَاته ثِقَات وَرَفعه بَعضهم وَالْمَوْقُوف أصح انْتهى وَقَالَ الهيثمي رِجَاله ثِقَات وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيثه وَأخرجه الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ كل دُعَاء مَحْجُوب حَتَّى يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الدينَوَرِي قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الضُّعَفَاء مُنكر الحَدِيث وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي قُرَّة الْأَسدي عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا قَالَ إِن الدُّعَاء مَوْقُوف بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَا يصعد مِنْهُ شَيْء حَتَّى تصلي على نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وللوقف فِي مثل هَذَا حكم الرّفْع لِأَن ذَلِك مِمَّا لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهِ وَيشْهد لما فِي الْبَاب مَا أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وصححاه من حَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 فضَالة بن عبيد قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد فِي الْمَسْجِد إِذْ دخل عَلَيْهِ رجل فصلى فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عجلت أَيهَا الرجل إِذا صليت فَقَعَدت فاحمد الله بِمَا هُوَ أَهله وصل عَليّ ثمَّ ادْعُه قَالَ ثمَّ صلى رجل آخر بعد ذَلِك فَحَمدَ الله وَصلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع تجب // فصل فِي آدَاب الذّكر (يَنْبَغِي أَن يكون الْمَكَان الَّذِي يذكر الله فِيهِ نظيفا خَالِيا والذاكر على أكمل الصِّفَات الْآتِيَة وَأَن يكون فَمه نظيفا وَأَن يزِيل تغيره بِالسِّوَاكِ وَأَن يسْتَقْبل الْقبْلَة وَأَن يتدبر مَا يَقُول ويتعقل مَعْنَاهُ وَأَن جهل شَيْئا تبينه وَلَا يعْتد لَهُ بِشَيْء مِمَّا رتبه الشَّارِع على وَقَوله حَتَّى يتَلَفَّظ بِهِ وَيسمع نَفسه وَأفضل الذّكر الْقُرْآن إِلَّا فِيمَا شرع بِغَيْرِهِ والمواظب على الْأَذْكَار المأثورة صباحا وَمَسَاء وَفِي الْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة هُوَ من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات وَمن كَانَ لَهُ ورد مَعْرُوف ففاته فليتداركه إِذا أمكنه ليعتاد الْمُلَازمَة عَلَيْهِ) (قَوْله يَنْبَغِي أَن يكون الْمَكَان الَّذِي يذكر الله فِيهِ نظيفا خَالِيا) أَقُول وَجه هَذَا أَن الذّكر عبَادَة للرب سُبْحَانَهُ والنظافة على الْعُمُوم قد ورد التَّرْغِيب فِيهَا وَالْأَمر بالبعد عَن النَّجَاسَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وثيابك فطهر وَالرجز فاهجر} وَلَا شكّ أَن الْقعُود حَال الدُّعَاء فِي مَكَان مُتَنَجّس يُخَالف آدَاب الْعِبَادَة كَمَا فِي آدَاب الصَّلَاة من تَطْهِير مَكَانهَا وَقد صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا أَنه قَالَ فِي الَّذِي لَا يتنزه عَن بَوْله أَن عَامَّة عَذَاب الْقَبْر مِنْهُ وَالْحَاصِل أَن التَّنَزُّه عَن مُلَابسَة النَّجَاسَة مُطلقًا مَنْدُوب إِلَيْهِ فَتدخل حَالَة الدُّعَاء تَحت ذَلِك دُخُولا أوليا وَإِن لم يرد مَا يدل على هَذَا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الْخُصُوص وَأما قَوْله خَالِيا فوجهه أَن ذَلِك أقرب إِلَى حُضُور الْقلب وَأبْعد من الرِّيَاء والمباهاة وأعون على تدبر معنى مَا يَدْعُو بِهِ أَو يذكر بِهِ وَلَا شكّ أَن هَذِه الْحَالة أكمل مِمَّا يُخَالِفهَا (قَوْله والذاكر على أكمل الصِّفَات الْآتِيَة) أَقُول ستأتي هَذِه الصِّفَات فِي الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا (قَوْله وَأَن يكون فَمه نظيفا وَأَن يزِيل تغيره بِالسِّوَاكِ) أَقُول وَجه هَذَا أَن الذّكر عبَادَة بِاللِّسَانِ فتنظيف الْفَم عِنْد ذَلِك أدب حسن وَلِهَذَا جَاءَت السّنة المتواترة بمشروعية السِّوَاك للصَّلَاة وَالْعلَّة فِي ذَلِك تنظيف الْمحل الَّذِي يكون الذّكر بِهِ فِي الصَّلَاة وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سلم عَلَيْهِ بعض الصَّحَابَة تَمِيم من جِدَار الْحَائِط ثمَّ رد عَلَيْهِ وَإِذا كَانَ هَذَا فِي مُجَرّد رد السَّلَام فَكيف بِذكر الله سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ أولى بذلك وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كرهت أَن أذكر الله إِلَّا على طهر وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة (قَوْله وَأَن يسْتَقْبل الْقبْلَة) أَقُول وَجه ذَلِك أَنَّهَا الْجِهَة الَّتِي شرع الله سُبْحَانَهُ أَن تكون الصَّلَاة إِلَيْهَا وَهِي الْجِهَة الَّتِي يتَوَجَّه إِلَى الله عز وَجل مِنْهَا وَلِهَذَا ورد النَّهْي عَن أَن يبصق الرجل إِلَى جِهَة قبلته مُعَللا بِمثل هَذِه الْعلَّة كَمَا فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب الْمَذْكُور بعد هَذَا مَا ورد فِي اسْتِقْبَال الْقبْلَة (قَوْله ويتدبر مَا يَقُول ويتعقل مَعْنَاهُ وَإِن جهل شَيْئا تبينه) أَقُول لَا ريب أَن تدبر الذاكر لمعاني مَا يذكر بِهِ أكمل لِأَنَّهُ بذلك يكون فِي حكم الْمُخَاطب والمناجي لَكِن وَإِن كَانَ أجر هَذَا أتم وأوفى فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي ثُبُوت مَا ورد الْوَعْد بِهِ من ثَوَاب الْأَذْكَار لمن جَاءَ بهَا فَإِنَّهُ أَعم من أَن يَأْتِي بهَا متدبرا لمعانيها متعقلا لما يُرَاد مِنْهَا أَولا وَلم يرد تَقْيِيد مَا وعد بِهِ من ثَوَابهَا بالتدبر والتفهم (قَوْله وَلَا يعْتد لَهُ بِشَيْء مِمَّا رتبه الشَّارِع على قَوْله حَتَّى يتَلَفَّظ بِهِ وَيسمع نَفسه) أَقُول أما بِاعْتِبَار التَّلَفُّظ فَهُوَ مَعْلُوم من أَقْوَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المصرحة بِأَن من قَالَ كَذَا كَانَ لَهُ من الْأجر كَذَا فَلَا يحصل لَهُ ذَلِك الْأجر إِلَّا بِمَا يصدق عَلَيْهِ معنى القَوْل وَهُوَ لَا يكون إِلَّا بالتلفظ بِاللِّسَانِ وَأما اشْتِرَاط أَن يسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 نَفسه فَلم يرد مَا يدل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يصدق القَوْل بِمُجَرَّد التَّلَفُّظ وَهُوَ تَحْرِيك اللِّسَان وَأَن لم يسمع نَفسه فَينْظر مَا وَجه الِاشْتِرَاط مَعَ أَنه قد تقدم الحَدِيث الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَذْكُور فِي أول هَذَا الْكتاب بِلَفْظ فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي فَإِذا كَانَ مُجَرّد الذّكر النَّفْسِيّ مقتضيا للثَّواب فَكيف لَا يكون الذّكر اللساني الَّذِي قد صدق عَلَيْهِ أَنه قَول مقتضيا للثَّواب وَالْحَاصِل أَنه لَا وَجه لهَذَا الِاشْتِرَاط لَا بِاعْتِبَار أصل الثَّوَاب وَلَا بِاعْتِبَار كَمَاله بل قد يكون التدبر والتفهم بِمَا لَا يسمع النَّفس من الْأَذْكَار أتم وأكمل (قَوْله وَأفضل الذّكر الْقُرْآن إِلَّا فِيمَا شرع بِغَيْرِهِ) أَقُول ثَوَاب الْأَذْكَار قد قدرهَا الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصرح بِمَا يحصل لفاعلها من الْأجر وَهَكَذَا مَا ورد فِي تِلَاوَة الْقُرْآن على الْعُمُوم وَفِي تِلَاوَة سُورَة مِنْهُ مُعينَة وآيات خَاصَّة كَمَا هُوَ مَعْرُوف فِي موَاضعه وَكَون هَذَا الذّكر أفضل من هَذَا الذّكر إِنَّمَا يظْهر بِمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من الْأجر فَمَا كَانَ أجره أَكثر كَانَ أفضل وَلَا ريب أَن كَلَام الرب سُبْحَانَهُ أفضل من حَيْثُ ذَاته وأشرف الْكَلَام عل الْإِطْلَاق وَأَيْنَ يكون كَلَام الْبشر من كَلَام خَالق القوى وَالْقدر تبَارك اسْمه وَعلا جده وَلَا إِلَه غَيره وَأما قَوْله إِلَّا فِيمَا شرع بِغَيْرِهِ فَذَلِك فِي المواطن الَّتِي قد ورد النَّهْي عَن قِرَاءَة الْقُرْآن فِيهَا كَمَا ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّحِيح إِنِّي نهيت أَن أَقرَأ الْقُرْآن رَاكِعا وساجدا وَهَكَذَا مَا وَردت بِهِ السّنة من الْأَذْكَار فِي الْأَوْقَات وعقيب الصَّلَوَات فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الِاشْتِغَال بِمَا ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن إرشاده إِلَيْهِ يدل على أَنه أفضل من غَيره (قَوْله والمواظب على الْأَذْكَار المأثورة صباحا مسَاء وَفِي الْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة هُوَ من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات) أَقُول لَا شكّ أَن صدق هَذَا الْوَصْف أَعنِي كَونه من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات أكمل من صدقه على من ذكر الله كثيرا من غير مواظبة وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح من حَدِيث عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يذكر الله كثيرا على كل أحيانه وَورد عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أحب الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى أَدْوَمه (قَوْله وَمن كَانَ لَهُ ورد مَعْرُوف ففاته تَدَارُكه إِذا أمكنه ليعتاد الْمُلَازمَة عَلَيْهِ) أَقُول هَكَذَا يَنْبَغِي حَتَّى يصدق عَلَيْهِ أَنه مديم للذّكر مواظب عَلَيْهِ وَقد كَانَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم يقضون مَا فاتهم من أذكارهم الَّتِي كَانُوا يفعلونها فِي أَوْقَات مَخْصُوصَة وَثَبت فِي الصَّحِيح من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَام عَن حزبه من اللَّيْل أَو شَيْء مِنْهُ فقرأه مَا بَين صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الظّهْر كتب الله لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ من اللَّيْل فصل فِي آدَاب الدُّعَاء (وآكدها تجنب الْحَرَام مأكلا ومشربا وملبسا وَالْإِخْلَاص لله وَتَقْدِيم عمل صَالح وَالْوُضُوء واستقبال الْقبْلَة وَالصَّلَاة والجثو على الركب وَالثنَاء على الله تَعَالَى وَالصَّلَاة على نبيه أَولا وآخرا وَبسط يَدَيْهِ ورفعهما حَذْو مَنْكِبَيْه وكشفهما مَعَ التأدب والخشوع والمسكنة والخضوع وَأَن يسْأَل الله بأسمائه الْعِظَام الْحسنى والأدعية المأثورة ويتوسل إِلَى الله بأنبيائه وَالصَّالِحِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 بخفض صَوت واعتراف بذنب وَيبدأ بِنَفسِهِ وَلَا يخص نَفسه إِن كَانَ إِمَامًا وَيسْأل بعزم ورغبة وجد واجتهاد ويحضر قلبه وَيحسن رَجَاءَهُ ويكرر الدُّعَاء ويلح فِيهِ وَلَا يَدْعُو بإثم وَلَا قطيعة رحم وَلَا بِأَمْر قد فرغ مِنْهُ وَلَا بمستحيل وَلَا يتحجر وَيسْأل حاجاته كلهَا ويؤمن الدَّاعِي والمستمع وَيمْسَح وَجهه بيدَيْهِ بعد فَرَاغه وَلَا يستعجل أَو يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي) (قَوْله آدَاب الدُّعَاء) أعلم أَن المُصَنّف رَحمَه الله ذكر فِي كِتَابه الْحصن الْحصين هَذِه الْآدَاب كَمَا هُنَا ورمز رموزا لمن خرجها فَلم نكتف بذلك بل بحثنا كل الْبَحْث عَن أدلتها كَمَا ترَاهُ هَهُنَا وَقد نشِير إِلَى رمز نَادِر وَقد تتبعنا كثيرا مِنْهَا فَلم نجده صَحِيحا وَلَعَلَّ ذَلِك سَببه اخْتِلَاف أَقْلَام الناسخين لذَلِك الْكتاب (قَوْله وآكدها تجنب الْحَرَام مأكلا ومشربا وملبسا) أَقُول وَجه ذَلِك أَن مُلَابسَة الْمعْصِيَة مقتضية لعدم الْإِجَابَة إِلَّا إِذا تفضل الله على عَبده وَهُوَ ذُو الْفضل الْعَظِيم وَمِمَّا يدل على هَذَا قَوْله عز وَجل {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَمِمَّا يدل على ذَلِك قَوْله فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عِنْد مُسلم وَغَيره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث أغبر يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء يَا رب يَا رب ومطعمه حرَام وملبسه حرَام وغذي بالحرام فَأنى يُسْتَجَاب لَهُ وَوجه تَخْصِيص الْمُسَافِر بِالذكر أَنه قد ورد أَن دَعوته مستجابة فَإِذا كَانَت ملابسته لِلْحَرَامِ مَانِعَة لقبُول دَعوته فَغَيره بفحوى الْخطاب أَولا (قَوْله وَالْإِخْلَاص لله) أَقُول هَذَا الْأَدَب هُوَ أعظم الْآدَاب فِي أجابة الدُّعَاء لِأَن الْإِخْلَاص هُوَ الَّذِي تَدور عَلَيْهِ دوائر الْإِجَابَة وَقد قَالَ عز وَجل {فَادعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} فَمن دَعَا ربه غير مخلص فَهُوَ حقيق بِأَن لَا يُجَاب إِلَّا أَن يتفضل الله عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو الْفضل الْعَظِيم وَقد روى مَا يدل على ذَلِك الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك (قَوْله وَتَقْدِيم عمل صَالح) أَقُول ليَكُون ذَلِك وَسِيلَة إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 الْإِجَابَة وَيدل على ذَلِك الحَدِيث فِي أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيدل على ذَلِك حَدِيث الثَّلَاثَة الَّذين انطبقت عَلَيْهِم الصَّخْرَة كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكى عَنْهُم أَنه توسل وَاحِد مِنْهُم بأعظم أَعماله الَّتِي عَملهَا لله عز وَجل فَإِنَّهُ اسْتَجَابَ الله دعاءهم وَارْتَفَعت عَنْهُم الصَّخْرَة وَكَانَ ذَلِك بحكايته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة لأمته (قَوْله وَالْوُضُوء) أَقُول وَجهه مَا تقدم فِي الْبَاب الْمُتَقَدّم على هَذَا من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كرهت أَن أذكر الله إِلَّا على طهر وَالدُّعَاء ذكر وَيدل على ذَلِك حَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من تَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ فَدَعَا ربه إِلَّا كَانَت دَعوته مستجابة مُعجلَة أَو مؤخرة وَحَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا بِمَاء ثمَّ تَوَضَّأ ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لِعبيد بن عَامر الحَدِيث وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي قصَّة طَوِيلَة وَيدل على ذَلِك الحَدِيث الَّذِي أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من كَانَت لَهُ حَاجَة إِلَى الله عز وَجل أَو إِلَى أحد من بني آدم فَليَتَوَضَّأ وليحسن الْوضُوء ثمَّ ليصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ليثن على الله تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهله وَليصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد الْمجَالِس قبالة الْقبْلَة (قَوْله واستقبال الْقبْلَة) أَقُول وَجه ذَلِك أَنَّهَا الْجِهَة الَّتِي يتَوَجَّه إِلَيْهَا العابدون لله سُبْحَانَهُ والداعون لَهُ والمتقربون إِلَيْهِ وَقد ورد مَا يرغب فِي ذَلِك على الْعُمُوم كَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء سيدا وَإِن سيد الْمجَالِس قبالة الْقبْلَة وَأخرج نَحوه فِي الْأَوْسَط من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَمن ذَلِك أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَرَادَ أَن يَدْعُو فِي الاسْتِسْقَاء اسْتقْبل الْقبْلَة كَمَا فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَقد اسْتقْبل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقبْلَة فِي دُعَائِهِ فِي غير موطن كَمَا فِي يَوْم بدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 أخرجه مُسلم وَغَيره (قَوْله وَالصَّلَاة) أَقُول يدل على ذَلِك الَّذِي ذَكرْنَاهُ قَرِيبا ثمَّ ليصل رَكْعَتَيْنِ الخ وَنَحْوه (قَوْله والجثو على الركب) أَقُول لم يثبت فِي هَذِه الْهَيْئَة شَيْء يصلح للاحتجاج بِهِ وَقد روى مَا يدل عَلَيْهِ أَبُو عوَانَة (قَوْله وَالثنَاء على الله سُبْحَانَهُ) أَقُول يدل على هَذَا قَوْله فِي الحَدِيث الْمَذْكُور قَرِيبا ثمَّ ليثن على الله بِمَا هُوَ أَهله وصل عَليّ ثمَّ ادْعُه (قَوْله وَالصَّلَاة على نبيه) أَقُول يدل على ذَلِك مَا تقدم بِلَفْظ كل دُعَاء مَحْجُوب حَتَّى يصلى على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد وَمَا تقدم أَيْضا هُنَالك فِي حَدِيث آخر بِلَفْظ وصل عَليّ وَمَا تقدم قَرِيبا بِلَفْظ وَليصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَوْله وَبسط يَدَيْهِ ورفعهما حَذْو مَنْكِبَيْه) أَقُول يدل على ذَلِك مَا وَقع مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رفع يَدَيْهِ فِي نَحْو ثَلَاثِينَ موضعا فِي أدعية متنوعة وَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ من حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حَيّ كريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 يستحي إِذا رفع الرجل إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَن يردهما صفرا خائبتين وَأخرج الْحَاكِم نَحوه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله رَحِيم كريم يستحي من عَبده أَن يرفع إِلَيْهِ يَدَيْهِ ثمَّ لَا يضع فيهمَا خيرا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث مَالك بن بشار رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ ببطون أكفكم وَلَا تسألوه بظهورها مسح الْوَجْه باليدين فِي الدُّعَاء وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نَحوه وَزَاد فِيهِ فَإِذا فَرَغْتُمْ فامسحوا بهَا وُجُوهكُم وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء لم يحطهما حَتَّى يمسح بهما وَجهه وَأما كشفهما فقد روى ذَلِك ابْن مرْدَوَيْه (قَوْله مَعَ التأدب والخشوع والمسكنة والخضوع) أَقُول هَذَا الْمقَام هُوَ أَحَق المقامات بِهَذِهِ الْأَوْصَاف لِأَن الْمَدْعُو هُوَ رب الْعَالمين خَالق الْخلق ورازقه وَفِي ذَلِك سَبَب الْإِجَابَة لِأَن العَبْد إِذا خشع وخضع رَحمَه ربه وتفضل عَلَيْهِ بالإجابة وَقد ورد فِي التَّرْغِيب فِي هَذِه الْأَوْصَاف على الْعُمُوم مَا فِيهِ كِفَايَة وَمِنْه قَوْله عز وَجل {ادعوا ربكُم تضرعا وخفية} وَقد روى مَا يدل على التأدب مُسلم وَغَيره وروى مَا يدل على الْخُشُوع ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وروى مَا يدل على الخضوع التِّرْمِذِيّ فَأَما مَا رَوَاهُ مُسلم فَهُوَ من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَفِيه أَنا عَبدك ظلمت نَفسِي وَاعْتَرَفت بذنبي وَأما مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فَهُوَ من قَول مُسلم بن يسَار قَالَ لَو كنت بَين يَدي ملكا تطلب حَاجَة لسرك أَن تخشع لَهُ وَأما مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فَهُوَ فِي أَحَادِيث الاسْتِسْقَاء من كِتَابه (قَوْله وَأَن يسْأَل بأسماء الله الْعِظَام الْحسنى والأدعية المأثورة) أَقُول يدل على ذَلِك قَوْله عز وَجل {وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا} وَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا من حَدِيث عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَنِّي أشهد أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْأَحَد الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد فَقَالَ لقد سَأَلت الله بِالِاسْمِ الَّذِي إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى وَإِذا دعِي بِهِ أجَاب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا وَهُوَ يَقُول يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام فَقَالَ قد اسْتُجِيبَ لَك فسل وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة سَيَأْتِي بَعْضهَا وَجه التوسل بالأنبياء بالصالحين (قَوْله ويتوسل إِلَى الله سُبْحَانَهُ بأنبيائه وَالصَّالِحِينَ) أَقُول وَمن التوسل بالأنبياء مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح غَرِيب وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عُثْمَان بن حنيف رَضِي الله عَنهُ أَن أعمى أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يكْشف لي عَن بَصرِي قَالَ أَو أدعك فَقَالَ يَا رَسُول الله أَنِّي قد شقّ عَليّ ذهَاب بَصرِي قَالَ فَانْطَلق فَتَوَضَّأ فصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بِمُحَمد نَبِي الرَّحْمَة الحَدِيث وَسَيَأْتِي هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْكتاب عِنْد ذكر صَلَاة الْحَاجة وَأما التوسل بالصالحين فَمِنْهُ مَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَن الصَّحَابَة استسقوا بِالْعَبَّاسِ رَضِي الله عَنهُ عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ اللَّهُمَّ إِنَّا نتوسل إِلَيْك بعم نَبينَا الخ (قَوْله بخفض صَوت) أَقُول لحَدِيث أربعوا على أَنفسكُم فَإِنَّكُم لن تدعوا أَصمّ وَلَا غَائِبا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ (قَوْله واعتراف بذنب) أَقُول لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ عِنْد مُسلم ظلمت نَفسِي وَاعْتَرَفت بذنبي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعهَا (قَوْله وَيبدأ بِنَفسِهِ) أَقُول وَجه ذَلِك مَا روى من الْأَحَادِيث المصرحة بِأَنَّهُ يبْدَأ الْإِنْسَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 بِنَفسِهِ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح غَرِيب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر أحدا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفسِهِ (قَوْله وَلَا يخص نَفسه إِن كَانَ إِمَامًا) أَقُول لحَدِيث لَا يؤم رجل قوما فيخص نَفسه بِالدُّعَاءِ دونهم فَإِن فعل فقد خَانَهُمْ أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأخرجه أَيْضا غَيره (قَوْله وَيسْأل بعزم ورغبة وجد واجتهاد) أَقُول وَجه هَذَا مَا أخرجه البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دَعَا أحدكُم فَلَا يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت وارحمني إِن شِئْت وارزقني إِن شِئْت وليعزم مَسْأَلته أَنه يفعل مَا يَشَاء وَلَا مكره لَهُ وَفِي لفظ لمُسلم من هَذَا الحَدِيث وَلَكِن ليعزم وليعظم الرَّغْبَة فَإِن الله تَعَالَى لَا يتعاظم شَيْئا أعطَاهُ (قَوْله ويحضر قلبه وَيحسن رَجَاءَهُ) أَقُول وَجه ذَلِك مَا أخرجه أَحْمد بِإِسْنَاد حسن عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُلُوب أوعية وَبَعضهَا أوعى من بعض فَإِذا سَأَلْتُم الله تَعَالَى أَيهَا النَّاس فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُم موقنون الْإِجَابَة فَإِن الله لَا يستجيب لعبد دَعَاهُ عَن ظهر قلب غافل وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْحَاكِم مُسْتَقِيم الْإِسْنَاد وَتفرد بِهِ صَالح المرى وَهُوَ أحد زهاد الْبَصْرَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ صَالح المرى لَا شكّ فِي زهده لَكِن تَركه أَبُو دَاوُد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 وَالنَّسَائِيّ (قَوْله ويكرر الدُّعَاء ويلح فِيهِ) أَقُول وَجه ذَلِك مَا ثَبت من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله يحب الملحين فِي الدُّعَاء أخرجه ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج مُسلم فِي صَحِيحه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دَعَا كَرَّرَه ثَلَاثًا (قَوْله وَلَا يَدْعُو بإثم وَلَا قطيعة رحم) أَقُول وَجه ذَلِك مَا أخرجه مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى قَالَ الْمُنْذِرِيّ بأسانيد جَيِّدَة من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يَدْعُو بدعوة لَيْسَ فِيهَا إِثْم وَلَا قطيعة رحم إِلَّا أعطَاهُ الله بهَا إِحْدَى ثَلَاث أما أَن يعجل لَهُ دَعوته وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة وَإِمَّا أَن يصرف عَنهُ من السوء مثلهَا وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله وَلَا بِأَمْر قد فرغ مِنْهُ) أقوم وَجه ذَلِك أَن الشَّيْء إِذا قد فرغ مِنْهُ لم يتَعَلَّق بِالدُّعَاءِ فِيهِ فَائِدَة وَقد روى مُسلم وَالنَّسَائِيّ مَا يدل على ذَلِك من حَدِيث أم حَبِيبَة رَضِي الله عَنْهَا لما سَمعهَا تَدْعُو للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأبيها ولأخيها بِأَن يمتعها الله بهم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن يعجل الله شَيْئا قد أَجله الحَدِيث (قَوْله وَلَا بمستحيل) أَقُول وَجه ذَلِك أَن الدُّعَاء بالمستحيل هُوَ من الاعتداء فِي الدُّعَاء وَقد ثَبت النَّهْي القرآني عَنهُ قَالَ الله تَعَالَى {ادعوا ربكُم تضرعا وخفية إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} قَالَ فِي الدُّعَاء وَغَيره وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن عبد الله بن مُغفل رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع ابْنه يَقُول اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك الْقصر الْأَبْيَض عَن يَمِين الْجنَّة إِذا دَخَلتهَا فَقَالَ أَي بني سل الله الْجنَّة وتعوذ من النَّار فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّه سَيكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 فِي هَذِه الْأمة قوم يعتدون فِي الطّهُور وَالدُّعَاء (قَوْله وَلَا يتحجر) أَقُول وَجهه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمع الْأَعرَابِي يَقُول اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي ومحمدا وَلَا ترحم مَعنا أحدا قَالَ لَهُ لقد تحجرت وَاسِعًا وَهُوَ ثَابت فِي الصَّحِيح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ (قَوْله وَيسْأل حاجاته كلهَا) أَقُول لما أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليسأل أحدكُم ربه حاجاته كلهَا حَتَّى يسْأَل شسع نَعله إِذا انْقَطع وَأخرجه أَيْضا ابْن حبَان (قَوْله ويؤمن الدَّاعِي والمستمع) أَقُول وَجهه أَن التَّأْمِين بِمَعْنى طلب الْإِجَابَة من الرب سُبْحَانَهُ واستنجازها فَهُوَ تَأْكِيد لما تقدم من الدُّعَاء وتكرير لَهُ وَقد ورد فِي الصَّحِيح مَا يرشد إِلَى ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سمع رجلا يَدْعُو فَقَالَ وَجب أَن خَتمه بآمين وَأخرج الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمن فِي دُعَائِهِ وَأخرج الْحَاكِم أَيْضا وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يجْتَمع مَلأ فيدعو بَعضهم ويؤمن بَعضهم إِلَّا أجابهم الله (قَوْله وَيمْسَح وَجهه بيدَيْهِ بعد الْفَرَاغ من الدُّعَاء) أَقُول وَجهه مَا أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن مَالك بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ ببطون أكفكم وَلَا تسألوه بظهورها فَإِذا فَرَغْتُمْ فامسحوا وُجُوهكُم وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيثه وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ (قَوْله وَلَا يستعجل أَو يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي) أَقُول وَجهه مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى بِرِجَال الصَّحِيح من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال العَبْد بِخَير مَا لم يستعجل قَالُوا يَا نَبِي الله وَكَيف يستعجل قَالَ يَقُول قد دَعَوْت الله فَلم يستجب لي فَفِي الحَدِيث تَفْسِير الاستعجال بقول الدَّاعِي دَعَوْت فَلم يستجب لي وَلَيْسَ مُجَرّد سُؤال العَبْد لرَبه عز وَجل أَن يعجل لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الْإِجَابَة من هَذَا فقد ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي دُعَاء الاسْتِسْقَاء عَاجلا غير رائث وَكَانَ الْأَحْسَن أَن يَقُول المُصَنّف وَلَا يستعجل فَيَقُول قد دَعَوْت فَلم يستجب لي لما فِي عِبَارَته من الْإِبْهَام الْبَاب الثَّانِي فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا وأماكنها وَمن يُسْتَجَاب لَهُ وَبِمَ يُسْتَجَاب وَاسم الله الْأَعْظَم وأسمائه الْحسنى وعلامة الاستجابة وَالْحَمْد عَلَيْهَا فصل فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا لَيْلَة الْقدر وَيَوْم عَرَفَة وَشهر رَمَضَان وَلَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة وَسَاعَة الْجُمُعَة وَهِي مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة وَالْأَقْرَب أَنَّهَا عِنْد قِرَاءَة الْفَاتِحَة حَتَّى يُؤمن وجوف اللَّيْل وَنصفه الثَّانِي وَثلثه الأول وَثلثه الْأَخير وَوقت السحر وَعند النداء بِالصَّلَاةِ وَبَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَبَين الحيعلتين للمجيب المكروب مس وَعند الْإِقَامَة وَعند الصَّفّ فِي سَبِيل الله وَعند التحام الْحَرْب ودبر الصَّلَوَات المكتوبات وَفِي السُّجُود وَعند تِلَاوَة الْقُرْآن لَا سِيمَا الْخَتْم وَعند قَول الإِمَام وَلَا الضَّالّين وَعند شرب مَاء زَمْزَم (خَ. م) وصياح الديكة واجتماع الْمُسلمين وَفِي مجَالِس الذّكر وَعند تغميض الْمَيِّت (د. س. ت) وَعند نزُول الْغَيْث وَعند الزَّوَال فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء قَالَه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان) (قَوْله فصل فِي أَوْقَات الْإِجَابَة) أَقُول قد رمز المُصَنّف رَحمَه الله فِي كِتَابه الْحصن الْحصين فِي هَذَا الْفَصْل كَمَا فعل فِي الْفَصْل الأول وَقد ذكرنَا هُنَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 عدم اعتمادنا على رموزه ورجوعنا إِلَى الْبَحْث لتِلْك الْعلَّة (قَوْله لَيْلَة الْقدر) أَقُول قد نطق الْكتاب الْعَزِيز بشرف تِلْكَ اللَّيْلَة قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم من كل أَمر سَلام} وشرفها مُسْتَلْزم لقبُول دُعَاء الداعين فِيهَا وَلِهَذَا أَمرهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالتماسها وحرض الصَّحَابَة على ذَلِك غَايَة التحريض وكرروا السُّؤَال عَنْهَا وتلاحوا فِي شَأْنهَا وَقد أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَن من قامها إِيمَانًا واحتسابا غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا بِمَعْنَاهُ وَقد روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم مَا يدل على أَن الدُّعَاء فِيهَا مجاب وأخرجوا من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا تَقول فِي لَيْلَة الْقدر اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني وَقد اخْتلف فِي تَعْيِينهَا على أَقْوَال كَثِيرَة زِيَادَة على أَرْبَعِينَ قولا وَقد اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي شرحنا للمنتقي وَذكرت أدلتها ورجحت مَا هُوَ الرَّاجِح فَليرْجع إِلَيْهِ (قَوْله وَيَوْم عَرَفَة) أَقُول قد ثَبت مَا يدل على فَضِيلَة هَذَا الْيَوْم وشرفه حَتَّى كَانَ صَوْمه يكفر سنتَيْن وَورد فِي فَضله مَا هُوَ مَعْرُوف وَذَلِكَ يسْتَلْزم إِجَابَة دُعَاء الداعين فِيهِ وَقد روى التِّرْمِذِيّ مَا يدل على إِجَابَة دُعَاء الداعين فِيهِ وَهُوَ مَا أخرجه وَحسنه من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنْهُم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خير الدُّعَاء يَوْم عَرَفَة (قَوْله وَشهر رَمَضَان) أَقُول قد ورد فِي شرفه وفضله من الْأَدِلَّة الثَّابِتَة فِي الْأُمَّهَات وَغَيرهَا مَا هُوَ مَعْرُوف وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم الصَّائِم حِين يفْطر وَفِي لفظ لبَعْضهِم حَتَّى يفْطر وَالْإِمَام الْعَادِل ودعوة الْمَظْلُوم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للصَّائِم عِنْد فطره لدَعْوَة لَا ترد (قَوْله وَلَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة وَسَاعَة الْجُمُعَة) أَقُول قد ثَبت فضل يَوْم الْجُمُعَة وشرفه على سَائِر الْأَيَّام وَهَكَذَا ليلته وتواترت النُّصُوص بِأَن فِي يَوْم الْجُمُعَة سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا ربه شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي تَعْيِينهَا على أَكثر من أَرْبَعِينَ قولا قد أوضحناها فِي شرحنا للمنتقى وَذكرنَا أدلتها ورجحنا مَا هُوَ الرَّاجِح مِنْهَا فَليرْجع إِلَيْهِ وَقد روى التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم حَدِيثا فِي قبُول الدُّعَاء لَيْلَة الْجُمُعَة من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَاعَة الدُّعَاء فِيهَا مستجاب وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْحَاكِم وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم حَدِيثا فِي قبُول الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة من غير نظر إِلَى تِلْكَ السَّاعَة الَّتِي تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث بِقبُول الدُّعَاء فِيهَا (قَوْله وجوف اللَّيْل) أَقُول يدل على هَذَا مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء يسمع قَالَ فِي جَوف اللَّيْل ودبر الصَّلَاة (قَوْله وَنصفه الثَّانِي وَثلثه الأول وَثلثه الْأَخير) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح من حَدِيث عَمْرو بن عبسة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أقرب مَا يكون العَبْد من ربه فِي جَوف اللَّيْل الآخر فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون مِمَّن يذكر الله فِي تِلْكَ السَّاعَة فَكُن وَأخرجه أَيْضا ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل رَبنَا كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر فَيَقُول من يدعوني فأستجيب لَهُ من يسألني فَأعْطِيه من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَن الله سُبْحَانَهُ يُمْهل حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل الأول نزل إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَنا الْملك أَنا الْملك من الَّذِي يدعوني الحَدِيث وَأخرج مُسلم من حَدِيث جَابر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن فِي اللَّيْل لساعة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم يسْأَل الله خيرا من أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَذَلِكَ فِي كل لَيْلَة (قَوْله وَوقت السحر) أَقُول هَذَا جُزْء من أَجزَاء ثلث اللَّيْل الآخر وَقد تقدم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مَا يدل على قبُول الدُّعَاء فِيهِ (قَوْله وَعند النداء بِالصَّلَاةِ) أَقُول لما أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَانِ لَا يردان الدُّعَاء عِنْد النداء وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا وَزَاد أَبُو دَاوُد وَتَحْت الْمَطَر وَأخرجه ابْن حبَان وَالْحَاكِم وصححاه (قَوْله وَبَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة) أَقُول لما أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرد الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قيل مَاذَا نقُول يَا رَسُول الله قَالَ سلو الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا (قَوْله وَبَين الحيعلتين للمجيب المكروب) أَقُول يُرِيد بالمجيب الَّذِي يَقُول كَمَا يَقُول الْمُؤَذّن فَإِنَّهُ كالمجيب لَهُ وَبِقَوْلِهِ المكروب من أَصَابَهُ كرب وَفِيه إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي ذَلِك وَهُوَ مَا أخرجه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا نَادَى الْمُنَادِي فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء فَمن نزل بِهِ كرب أَو شدَّة فليتحين الْمُنَادِي فَإِذا كبر كبر وَإِذا تشهد تشهد وَإِذا قَالَ حَيّ على الصَّلَاة قَالَ حَيّ على الصَّلَاة وَإِذا قَالَ حَيّ على الْفَلاح قَالَ حَيّ على الْفَلاح ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة الصادقة المستجاب لَهَا دَعْوَة الْحق وَكلمَة التَّقْوَى أحينا عَلَيْهَا وأمتنا عَلَيْهَا واجعلنا من خِيَار أَهلهَا أَحيَاء وأمواتا ثمَّ يسْأَل الله حَاجته وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 إِسْنَاده عفير بن معدان قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَهُوَ واه وَلَا يخفاك أَن هَذَا الدُّعَاء فِي هَذَا الحَدِيث مُصَرح بِأَنَّهُ بعد الحيعلتين فَقَوْل المُصَنّف وَبَين الحيعلتين غير صَوَاب (قَوْله وَعند الْإِقَامَة) أَقُول وَلَعَلَّ الْوَجْه فِي ذَلِك أَن الْإِقَامَة هِيَ نِدَاء إِلَى الصَّلَاة كالأذان وَقد تقدم مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء مُطلقًا عِنْد النداء وَيدل على خُصُوصِيَّة الْإِقَامَة مَا أخرجه أَحْمد من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ ساعتان لَا ترد على دَاع دَعوته حِين تُقَام الصَّلَاة وَفِي الصَّفّ وَلَفظ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من هَذَا الحَدِيث عِنْد حُضُور الصَّلَاة وَقَوله فِيمَا تقدم قَرِيبا فِي الشَّرْح إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ المُرَاد بالتثويب الْإِقَامَة وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الحَدِيث الآخر حِين تُقَام الصَّلَاة وَعند حُضُور الصَّلَاة (قَوْله وَعند الصَّفّ فِي سَبِيل الله) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ ساعتان تفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَقل دَاع ترد عَلَيْهِ دَعوته حَضْرَة النداء للصَّلَاة والصف فِي سَبِيل الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ مَرْفُوعا (قَوْله وَعند التحام الْحَرْب) أَقُول يدل على ذَلِك حَدِيث سهل بن سعد الْمُتَقَدّم بِلَفْظ وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا (قَوْله ودبر الصَّلَوَات المكتوبات) أَقُول قد ورد الْإِرْشَاد إِلَى الْأَذْكَار فِي دبر الصَّلَوَات وَهِي مُشْتَمِلَة على ترغيب عَظِيم وفيهَا أَن الذاكر يقوم مغفورا لَهُ وفيهَا أَنَّهَا تحل لَهُ الشَّفَاعَة وفيهَا أَنه يكون فِي ذمَّة الله عز وَجل إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى وفيهَا أَنَّهَا لَو كَانَت خطاياه مثل زبد الْبَحْر لمحتهن وَغير ذَلِك من الترغيبات وكل ذَلِك يدل على شرف هَذَا الْوَقْت وَقبُول الدُّعَاء فِيهِ وَقد ورد حَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ أَن دبر الصَّلَاة من الْأَوْقَات الَّتِي تجاب فها الدَّعْوَات وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء اسْمَع قَالَ جَوف اللَّيْل الْأَخير ودبر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن (قَوْله وَفِي السُّجُود) أَقُول يدل على ذَلِك حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء أخرجه مُسلم وَغَيره (قَوْله وَعند تِلَاوَة الْقُرْآن لَا سِيمَا الْخَتْم) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أَنه مر على قَارِئ يقْرَأ ثمَّ يسْأَل فَاسْتَرْجع ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من قَرَأَ الْقُرْآن فليسأل الله بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقوام يقرءُون الْقُرْآن يسْأَلُون بِهِ النَّاس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ مَا يدل على مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء عِنْد ختم الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد إِذا ختم الْقُرْآن نزلت الرَّحْمَة (قَوْله وَعند قَول الإِمَام وَلَا الضَّالّين) أَقُول يدل على ذَلِك مَا ثَبت فِي مُسلم وَغَيره بِلَفْظ إِذا قَالَ الإِمَام غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين يحبكم الله وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَفِي الْمُوَطَّأ أَنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 يَقُول رب اغْفِر لي آمين (قَوْله وَعند شرب مَاء زَمْزَم) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ إِن شربته تستشفى بِهِ شفاك الله وَإِن شربته لشبعك أشبعك الله وَإِن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وَهُوَ هزمة جِبْرِيل وسقيا اسماعيل وَزَاد الْحَاكِم وَإِن شربته مستعيذا أَعَاذَك الله قَالَ وَكَانَ ابْن عَبَّاس إِذا شرب مَاء زَمْزَم قَالَ اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وشفاء من كل دَاء قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد إِذا سلم من الْجَارُود مَعْنَاهُ مُحَمَّد بن حبيب قَالَ الْمُنْذِرِيّ سلم مِنْهُ فَإِنَّهُ صَدُوق قَالَه الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وَلَكِن الرَّاوِي عَنهُ مُحَمَّد بن هِشَام الْمروزِي لَا أعرفهُ وروى الدَّارَقُطْنِيّ دُعَاء ابْن عَبَّاس مُفردا من رِوَايَة حَفْص بن عمر الْعَدنِي (قَوْله وصياح الديكة) أَقُول يدل عَلَيْهِ مَا ورد فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَمِعْتُمْ صياح الديكه فاسألوا الله من فَضله فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا وَإِذا سَمِعْتُمْ نهيق الْحمار فتعوذوا بِاللَّه فَإِنَّهُ رأى شَيْطَانا (قَوْله واجتماع الْمُسلمين وَفِي مجَالِس الذّكر أَقُول المُرَاد باجتماع الْمُسلمين فِي مجَالِس الذّكر فَإِنَّهَا قد وَردت بذلك الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة وَمن ذَلِك مَا أخرجه مُسلم وَغير من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَنَّهُمَا شَهدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا يقْعد قوم يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ من الحَدِيث الطَّوِيل وَفِيه أَن الله يَقُول لملائكته اشْهَدُوا أَنِّي قد غفرت لَهُم فَيَقُول ملك من الْمَلَائِكَة فيهم فلَان لَيْسَ فيهم إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة قَالَ هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث حَفْصَة بنت سِيرِين فِي خُرُوج النِّسَاء يَوْم الْعِيد وَفِيه وليشهدن الْخَيْر ودعوة الْمُسلمين فَهَذَا دَلِيل على أَن مجامع الْمُسلمين من مَوَاطِن الدُّعَاء (قَوْله وَعند تغميض الْمَيِّت) أَقُول الدَّلِيل على ذَلِك مَا أخرجه مُسلم وَأهل السّنَن من حَدِيث أم سَلمَة قَالَت دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي سَلمَة وَقد شقّ بَصَره فاغمضه فَقَالَ إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر فَضَجَّ نَاس من أَهله فَقَالَ لَا تدعوا على أَنفسكُم إِلَّا بِخَير فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لأبي سَلمَة وَأَرْفَع دَرَجَته فِي المهديين وأخلفه فِي عقبَة فِي الغابرين واغفر لنا وَله يَا رب الْعَالمين وأفسح لَهُ فِي قَبره وَنور لَهُ فِيهِ (قَوْله والحضور عِنْد الْمَيِّت) أَقُول ثَبت هَذَا اللَّفْظ فِي بعض النّسخ وَلم يثبت فِي أَكْثَرهَا وَلَعَلَّ وَجهه مَا أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حضر الْمُؤمن أَتَت مَلَائِكَة الرَّحْمَة الحَدِيث فَيكون الدُّعَاء عِنْد حُضُور هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة مَقْبُولًا (قَوْله وَعند نزُول الْغَيْث) أَقُول وَجهه مَا تقدم من حَدِيث سهل بن سعد عِنْد أبي دَاوُد بِلَفْظ وَتَحْت الْمَطَر وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم من حَدِيثه وَهُوَ حَدِيث صَحِيح وَوَقع فِي بعض النّسخ من هَذَا الْكتاب زِيَادَة وَهُوَ قَوْله وَعند الزَّوَال فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء وَلم تثبت فِي أَكثر النّسخ وَوجه ذَلِك أَنه ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فصل فِي أَمَاكِن الْإِجَابَة وَهِي الْمَوَاضِع الْمُبَارَكَة (وَلَا أعلم دَلِيلا فِي ذَلِك ورد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد إِن الدُّعَاء مستجاب عِنْد رُؤْيَة الْكَعْبَة) (قَوْله وَهِي الْمَوَاضِع الْمُبَارَكَة) أَقُول وَجه ذَلِك أَنه يكون فِي هَذِه الْمَوَاضِع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الْمُبَارَكَة مزِيد اخْتِصَاص فقد يكون مَا لَهَا من الشّرف وَالْبركَة مقتضيا لعود بركتها على الدَّاعِي فِيهَا وَفضل الله وَاسع وعطاؤه جم وَقد تقدم حَدِيث هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم فَجعل جليس أُولَئِكَ الْقَوْم مثلهم مَعَ أَنه لَيْسَ مِنْهُم وَإِنَّمَا عَادَتْ عَلَيْهِ بركتهم فَصَارَ كواحد مِنْهُم فَلَا يبعد أَن تكون الْمَوَاضِع الْمُبَارَكَة هَكَذَا فَيصير الْكَائِن فِيهَا الدَّاعِي لرَبه عِنْدهَا مشمولا بِالْبركَةِ الَّتِي جعلهَا الله فِيهَا فَلَا يشقى حِينَئِذٍ بِعَدَمِ قبُول دُعَائِهِ (قَوْله وَلَا أعلم دَلِيلا ورد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ) أَقُول لَعَلَّه يُشِير إِلَى مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا ترفع الْأَيْدِي إِلَّا فِي سَبْعَة مَوَاطِن حِين تفتتح الصَّلَاة وَحين تدخل الْمَسْجِد الْحَرَام فتنظر إِلَى الْبَيْت وَحين تقوم على الصَّفَا وَحين تقوم على الْمَرْوَة وَحين تقوم مَعَ النَّاس عَشِيَّة عَرَفَة وَتجمع العشاءين وَحين ترمي الْجَمْرَة وَلَفظه فِي الْأَوْسَط أَنه قَالَ رفع الْيَدَيْنِ إِذا رَأَيْت الْبَيْت وَفِيه وَعند رمي الْجمار وَإِذا أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد فِي الْإِسْنَاد الأول مُحَمَّد بن أبي ليلى وَهُوَ سيئ الْحِفْظ وَحَدِيثه حسن اه وَفِي الْإِسْنَاد الثَّانِي عَطاء بن السَّائِب وَقد اخْتَلَط وَكَانَ على المُصَنّف رَحمَه الله أَن يَجْعَل هَذِه الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث مَنْصُوصا عَلَيْهَا لهَذَا الحَدِيث وَلَا يخص رُؤْيَة الْبَيْت وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيثه الطَّوِيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى الصَّفَا وَصلى عَلَيْهِ حَتَّى نظر إِلَى الْبَيْت وَرفع يَدَيْهِ وَجعل يحمد الله وَيَدْعُو مَا شَاءَ الله أَن يَدْعُو وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث حذيفه بن أسيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نظر إِلَى الْبَيْت قَالَ اللَّهُمَّ زد بَيْتك هَذَا تَعْظِيمًا وتشريفا وتكريما وَبرا ومهابة وَفِي إِسْنَاده عَاصِم بن سُلَيْمَان الكوزي وَهُوَ مَتْرُوك كَمَا قَالَ الهيثمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 (وَورد مجربا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مَشْهُورَة فِي الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وَبَين الجلالتين من سُورَة الْأَنْعَام وَفِي الطّواف وَعند الْمُلْتَزم وَفِيه حَدِيث مَرْفُوع روينَاهُ مسلسلا) (قَوْله وَورد مجربا) أَقُول لَعَلَّ وَجه مَا ثَبت بِهَذَا التجريب مزِيد شرف هَذِه الْمَوَاضِع وَلذَلِك مدخلية فِي قبُول الدُّعَاء كَمَا قدمنَا قَرِيبا وَقد ثَبت فِيمَا يُضَاعف أجر الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَفِي مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هُوَ مَعْرُوف فَغير بعيد أَن يكون فِيهَا مَقْبُولًا زِيَادَة على مَا فِي غَيرهَا (قَوْله وَفِيه حَدِيث مَرْفُوع) أَقُول هُوَ مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا بَين الرُّكْن وَالْمقَام مُلْتَزم مَا يَدْعُو بِهِ صَاحب عاهة إِلَّا برِئ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه عباد بن كثير الثَّقَفِيّ وَهُوَ مَتْرُوك وَبِهَذَا تعرف أَن الحَدِيث ضَعِيف بالمرة فَلَا يَصح مَا وَقع فِي بعض نسخ هَذَا الْكتاب بِلَفْظ وَفِيه حَدِيث صَحِيح (وَفِي دَاخل الْبَيْت وَعند زَمْزَم وعَلى الصَّفَا والمروة وَفِي الْمَسْعَى وَخلف الْمقَام وَفِي عَرَفَات والمزدلفة وَمنى وَعند الجمرات الثَّلَاث) (قَوْله وَفِي دَاخل إِلَى آخر مَا ذكره) أَقُول لما ثَبت فِي صَحِيح مُسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل الْبَيْت دَعَا على نفر من قُرَيْش وَظَاهر كَلَامه أَنه لم يثبت فِي هَذِه الْمَوَاضِع شَيْء إِلَّا مُجَرّد التجريب كَمَا تقدم وَفِيه نظر وَقد تقدم حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الْمَذْكُور قَرِيبا أَن من جملَة الْمَوَاضِع السَّبْعَة الَّتِي ترفع فِيهَا الْأَيْدِي حِين تقوم على الصَّفَا وَحين تقوم على الْمَرْوَة وَحين تقف مَعَ النَّاس عَشِيَّة عَرَفَة وَتجمع العشاءين وَعند رمي الْجمار يَرْمِي وَيَدْعُو وَثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَغَيره أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ عِنْد رمي الْجمار وَيَدْعُو وَثَبت عِنْد مُسلم وَأهل السّنَن أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا عِنْد الْمشعر الْحَرَام وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رقى على الصَّفَا فَوحد الله وَكبره وَهَلله ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك وَفعل على الْمَرْوَة كَمَا فعل على الصَّفَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 (وَعند قُبُور الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَلَا يَصح قبر نَبِي بِعَيْنِه سوى قبر نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْإِجْمَاع فَقَط وقبر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام دَاخل السُّور من غير تعْيين وجرب استجابة الدُّعَاء عِنْد قُبُور الصَّالِحين بِشُرُوط مَعْرُوفَة) (قَوْله وَعند قُبُور الْأَنْبِيَاء) أَقُول هَذَا جعله المُصَنّف رَحمَه الله دَاخِلا فِيمَا تقدم من التجريب الَّذِي ذكره وَوجه ذَلِك مزِيد الشّرف ونزول الْبركَة وَقد قدمنَا أَنَّهَا تسري بركَة الْمَكَان على الدَّاعِي كَمَا تسري بركَة الصَّالِحين الذَّاكِرِينَ الله سُبْحَانَهُ على من دخل فيهم مِمَّن لَيْسَ هُوَ مِنْهُم كَمَا يفِيدهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم (قَوْله وجرب استجابة الدُّعَاء عِنْد قُبُور الصَّالِحين) أَقُول وَجه هَذَا مَا ذَكرْنَاهُ هَهُنَا وَفِيمَا تقدم وَلَكِن ذَلِك بِشَرْط أَن لَا تنشأ عَن ذَلِك مفْسدَة وَهِي أَن يعْتَقد فِي ذَلِك الْمَيِّت مَا لَا يجوز اعْتِقَاده كَمَا يَقع لكثير من المعتقدين فِي الْقُبُور فَإِنَّهُم قد يبلغون الغلو بِأَهْلِهَا إِلَى مَا هُوَ شرك بِاللَّه عز وَجل فينادونهم مَعَ الله وَيطْلبُونَ مِنْهُم مَا لَا يطْلب إِلَّا من الله عز وَجل وَهَذَا مَعْلُوم من أَحْوَال كثير من العاكفين على الْقُبُور خُصُوصا الْعَامَّة الَّذين لَا يَفْطنُون لدقائق الشّرك وَقد جمعت فِي ذَلِك رِسَالَة مطوله سميتها الدّرّ النضيد فِي إخلاص التَّوْحِيد جَوَاب عَن سُؤال بعض الْأَعْلَام فصل الَّذين يُسْتَجَاب دعاؤهم وَبِمَ يُسْتَجَاب (الْمُضْطَر والمظلوم مُطلقًا وَلَو كَانَ فَاجِرًا أَو كَافِرًا وَالْوَالِد على وَلَده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وَالْإِمَام الْعَادِل وَالرجل الصَّالح وَالْولد الْبَار بِوَالِديهِ وَالْمُسَافر والصائم حِين يفْطر وَالْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب وَالْمُسلم مَا لم يدع بظُلْم أَو قطيعة رحم أَو يَقُول دَعَوْت فَلم أجب والتائب فقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله عز وَجل عُتَقَاء فِي كل يَوْم وَلَيْلَة لكل عبد مِنْهُم دَعْوَة مستجابة) (قَوْله الْمُضْطَر) أَقُول يدل على ذَلِك الْكتاب الْعَزِيز {أم من يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ} وَقد روى فِي ذَلِك حَدِيث الثَّلَاثَة الَّذين انطبقت عَلَيْهِم الصَّخْرَة فَإِنَّهُم مضطرون وَهُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا (قَوْله والمظلوم مُطلقًا وَلَو كَانَ فَاجِرًا أَو كَافِرًا) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث دعوات لَا شكّ فِي إجابتها دَعْوَة الْمَظْلُوم ودعوة الْمُسَافِر ودعوة الْوَالِد على وَلَده وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّار وَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد من حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة تستجاب دعوتهم الْوَالِد وَالْمُسَافر والمظلوم وَأخرج نَحوه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَكَذَلِكَ الْبَزَّار وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم الإِمَام الْعَادِل والصائم حَتَّى يفْطر ودعوة الْمَظْلُوم وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث معَاذًا إِلَى الْيمن فَقَالَ اتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهُ لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب وَفِي الْبَاب أَحَادِيث وَأخرج أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة وَإِن كَانَ فَاجِرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 ففجوره على نَفسه وَنَحْوه حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ عِنْد أَحْمد وَإِن كَانَ فَاجِرًا وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار قَالَ الْمُنْذِرِيّ والهيثمي وَإِسْنَاده حسن وَأخرجه أَحْمد وَابْن حبَان بِلَفْظ وَلَو كَانَ فَاجِرًا (قَوْله وَالْوَالِد على وَلَده وَالْإِمَام الْعَادِل) أَقُول يدل على ذَلِك مَا ذكرنَا هـ هَهُنَا من الْأَحَادِيث (قَوْله وَالرجل الصَّالح) أَقُول لَا بُد من تَقْيِيد ذَلِك بِمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث دَعْوَة الْمُسلم لَا ترد بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم وَكَأن ذكر الْمُسلم فِيمَا سَيَأْتِي يُغني عَن ذكر الصَّالح هَهُنَا لِأَن لفظ الْمُسلم يتَنَاوَل الرجل الصَّالح تناولا أوليا (قَوْله وَالْولد الْبَار بِوَالِديهِ) أَقُول لما أخرجه الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَن الله تبَارك وَتَعَالَى ليرْفَع للرجل الدرجَة فَيَقُول أَنى لي هَذِه فَيَقُول بِدُعَاء ولدك قَالَ الهيثمي وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير عَاصِم بن بَهْدَلَة وَهُوَ حسن الحَدِيث وَله طرق وَيدل على هَذَا حَدِيث الثَّلَاثَة الَّذين انطبقت عَلَيْهِم الصَّخْرَة فدعوا الله بِصَالح أَعْمَالهم وَكَانَ أحدهم بارا بِوَالِديهِ فتوسل إِلَى الله تَعَالَى بذلك فَأجَاب دعاءه وَهَذَا الحَدِيث فِي الصَّحِيح مطولا (قَوْله وَالْمُسَافر والصائم) أَقُول يدل على ذَلِك الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكرنَاهَا قَرِيبا (قَوْله وَالْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد مُسلم يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب إِلَّا قَالَ الْملك وَلَك مثل ذَلِك وَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أسْرع الدُّعَاء إِجَابَة دَعْوَة غَائِب لغَائِب قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعوتان لَيْسَ دونهمَا حجاب دَعْوَة الْمَظْلُوم ودعوة الْمَرْء لِأَخِيهِ الْمُسلم بِظهْر الْغَيْب وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ اسْتَأْذَنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعمرَة فَأذن لي وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 أشركنا يَا أخي فِي دعائك وَلَا تنسنا فَقَالَ كلمة مَا يسرني أَن لي بهَا الدُّنْيَا (قَوْله وَالْمُسلم مَا لم يدع بظُلْم أَو قطيعة رحم أَو يَقُول دَعَوْت فَلم أجب) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا على الأَرْض مُسلم يَدْعُو بدعوة إلأ آتَاهُ الله إِيَّاهَا أَو صرف عَنهُ من السوء مثلهَا مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يَدْعُو بدعوة لَيْسَ فِيهَا إِثْم وَلَا قطيعة رحم إِلَّا أعطَاهُ الله إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يعجل لَهُ دَعوته وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة وَإِمَّا أَن يصرف عَنهُ من السوء مثلهَا وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم وَمَا لم يستعجل قيل يَا رَسُول الله مَا الاستعجال قَالَ يَقُول قد دَعَوْت فَلم يستجب لي فيستحسر عِنْد ذَلِك ويدع الدُّعَاء وَفِي الْبَاب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عِنْد أَحْمد وَأبي يعلى بِإِسْنَاد رِجَاله رجال الصَّحِيح (قَوْله والتائب فقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخ) أَقُول هَذَا الحَدِيث أخرجه أَحْمد كَمَا قَالَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ الهيثمي رجال أَحْمد رجال الصَّحِيح وَقيل فِي إِسْنَاده أبان بن عَيَّاش وَهُوَ مَتْرُوك (وَمن تعار من اللَّيْل أَي اسْتَيْقَظَ فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَيَدْعُو يستجب لَهُ فَإِن تَوَضَّأ وَصلى قبلت صلَاته (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان (قَوْله من تعار بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعْدهَا عين مُهْملَة وَبعد الْألف رَاء مُهْملَة مُشَدّدَة أَي هَب من نَومه مَعَ صَوت وَقَوله تعار فَقَالَ ظَاهره أَنه يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا القَوْل عقيب الاستيقاظ من غير تراخ كَمَا يُفِيد ذَلِك الْفَاء وَظَاهر الحَدِيث أَن استجابة الدُّعَاء لَا تحصل إِلَّا بعد أَن يَقُول المستيقظ جَمِيع مَا ذكر فِيهِ وَإِنَّمَا أفرد قَوْله اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَعَ دُخُوله فِي عُمُوم الدُّعَاء الْمَذْكُور بعده لِأَن مغْفرَة جَمِيع الذُّنُوب هِيَ أعظم مَا يَطْلُبهُ المتوجهون إِلَى الله سُبْحَانَهُ بِالدُّعَاءِ وَثَبت فِي بعض النّسخ بعد قَوْله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم // (وَمن دَعَا بهؤلاء الْكَلِمَات الْخمس لم يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث مُعَاوِيَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من دَعَا بهؤلاء الْكَلِمَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الْخمس فَذكره قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط بِإِسْنَاد حسن وَهَذِه الْكَلِمَات الْخمس الأولى مِنْهُنَّ قَوْله لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَالثَّانيَِة لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَالثَّالِثَة وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَالرَّابِعَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالْخَامِسَة وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه // (وَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا يَقُول يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام فَقَالَ قد اسْتُجِيبَ لَك فسل (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن استفتاح الدُّعَاء بقول الدَّاعِي يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام يكون سَببا فِي الْإِجَابَة وَفضل الله وَاسع // (إِن لله ملكا موكلا بِمن يَقُول يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ فَمن قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَ لَهُ الْملك إِن أرْحم الرَّاحِمِينَ قد أقبل عَلَيْك فسل (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ وَقد صَححهُ الْحَاكِم وَتعقبه الذَّهَبِيّ بِأَنَّهُ من حَدِيث كَامِل بن طَلْحَة عَن فضَالة أَو قَالَ فضَالة لَيْسَ بِشَيْء فَأَيْنَ الصِّحَّة (قَوْله قد أقبل عَلَيْك) أَي بِالرَّحْمَةِ والرأفة وَإجَابَة مَا دَعَوْت بِهِ قيل وَالْمرَاد أَن كل إِنْسَان يَقُول ذَلِك يُوكل بِهِ ملك مَخْصُوص وَقيل أَن الْملك الْمُوكل بِمن يَقُول ذَلِك هُوَ ملك وَاحِد وَالْأول أظهر لِكَثْرَة الْقَائِلين بِهَذِهِ الْمقَالة من خلق الله وتفرقهم فِي الأقطار // (من سَأَلَ الله الْجنَّة ثَلَاث مَرَّات قَالَت الْجنَّة اللَّهُمَّ أدخلهُ الْجنَّة وَمن استجار من النَّار ثَلَاث مَرَّات قَالَت النَّار اللَّهُمَّ أجره من النَّار (ت. حب)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ فِي الِاسْتِعَاذَة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَابْن مَاجَه فِي الزّهْد وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يتعقبه الذَّهَبِيّ وَكَذَا صَححهُ ابْن حبَان (قَوْله قَالَت الْجنَّة وَكَذَا قَالَت النَّار) الظَّاهِر أَن هَذَا الْمقَال هُوَ حَقِيقَة وَأَن الله سُبْحَانَهُ يخلق فيهمَا الْحَيَاة وَالْقُدْرَة على النُّطْق وَقيل هُوَ بِلِسَان الْحَال لَا بِلِسَان الْمقَال وَقيل هُوَ على حذف مُضَاف أَي قَالَت خَزَنَة الْجنَّة وَقَالَت خَزَنَة النَّار وَأخرج أَبُو يعلى بِإِسْنَاد على شَرط الشَّيْخَيْنِ مَا استجار عبد من النَّار سبع مَرَّات إِلَّا قَالَت النَّار يَا رب أَن عَبدك فلَانا إِلَى آخر الحَدِيث وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ من قَالَ أسأَل الله الْجنَّة قَالَت الْجنَّة اللَّهُمَّ أدخلهُ الْجنَّة // (لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين لم يدع بهَا رجل مُسلم فِي شَيْء قطّ إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ (ا. ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَأحمد فِي الْمسند كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ وَلَفظ التِّرْمِذِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْوَة ذِي النُّون إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بطن الْحُوت لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين فَإِنَّهُ لم يدع بهَا رجل مُسلم فِي شَيْء قطّ إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَزَاد فِي طَرِيق عِنْده فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله هَل كَانَت ليونس خَاصَّة أم للْمُؤْمِنين عَامَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا تسمع إِلَى قَول الله عز وَجل {ونجيناه من الْغم وَكَذَلِكَ ننجي الْمُؤمنِينَ} // (من قَالَ حِين يُنَادي الْمُنَادِي اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة الْقَائِمَة وَالصَّلَاة النافعة صل على سيدنَا مُحَمَّد وَارْضَ عني رضَا لَا تسخط بعده إِلَّا اسْتَجَابَ الله دَعوته (ا. طس)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر ابْن عبد الله بن حرَام وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَأخرج الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ وَفِيه مَا يَقُول السَّامع للنداء ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة الصادقة المستجاب لَهَا دَعْوَة الْحق وَكلمَة التَّقْوَى أحينا عَلَيْهَا وأمتنا عَلَيْهَا وابعثنا عَلَيْهَا واجعلنا من خِيَار أَهلهَا أَحيَاء وأمواتا ثمَّ يسْأَل الله حَاجته وَفِي إِسْنَاده عفير بن معدان وَهُوَ واه فَلَا يتم تَصْحِيح الْحَاكِم لحديثه وَأخرج البُخَارِيّ وَأهل السّنَن من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يسمع النداء اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة آتٍ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته حلت لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة (قَوْله رب هَذِه الدعْوَة الْقَائِمَة) كَذَا فِي كثير من نسخ هَذَا الْكتاب بِلَفْظ الْقَائِمَة وَفِي غير هَذَا الْكتاب بِلَفْظ التَّامَّة (قَوْله وَارْضَ عني رضَا) هُوَ مَقْصُور حَيْثُ أُرِيد بِهِ الْمصدر كَمَا هُنَا وممدود حَيْثُ أُرِيد بِهِ الِاسْم ذكر معنى ذَلِك فِي الصِّحَاح // (من اسْتغْفر الله للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات كل يَوْم سبعا وَعشْرين أَو خمْسا وَعشْرين مرّة أحد العددين كَانَ من الَّذين يُسْتَجَاب دعاؤهم ويرزق بهم أهل الأَرْض (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء قَالَ الهيثمي فِيهِ عُثْمَان بن عَاتِكَة وثقة غير وَاحِد وَضَعفه الْجُمْهُور وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات والتنصيص على هذَيْن العددين لحكمة اخْتصَّ بعلمها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَار على أَحدهمَا من دون زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَقد ترَتّب على ذَلِك فَضِيلَة عَظِيمَة وَهِي أَن المستغفر بِمَا ذكر يكون من الَّذين يُسْتَجَاب دعاؤهم وَمِمَّنْ يرْزق بهم أهل الأَرْض وهم الصالحون من عباد الله // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 فصل فِي بَيَان اسْم الله الْأَعْظَم (اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ وَكَذَلِكَ أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير من حَدِيثه وَفِي لفظ بَعضهم هَكَذَا عَن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْوَة ذِي النُّون إِذْ دَعَا بهَا وَهُوَ فِي بطن الْحُوت لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين لم يدع بهَا رجل مُسلم فِي شَيْء إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ وَلَفظ ابْن جرير اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعى بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى دَعْوَة يُونُس بن مَتى وَقد اقْتصر السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الْكَبِير وَالْجَامِع الصَّغِير على عزوه إِلَى ابْن جرير من حَدِيث سعد هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ قَالَ الْمَنَاوِيّ فِي مختصرة للشرح بِإِسْنَاد ضَعِيف وَلَعَلَّه تبع فِي ذَلِك رمز السُّيُوطِيّ وَمثل ذَلِك لَا يوثق بِهِ وَاعْلَم إِن المُصَنّف قد ذكر فِي كِتَابه هَذَا فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم ثَلَاثَة أَحَادِيث هَذَا أَحدهَا وَالْحَدِيثَانِ الْآخرَانِ سنذكرهما ونتكلم عَلَيْهِمَا وَسَنذكر هُنَا مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم مِمَّا لم يذكرهُ المُصَنّف // مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم فَمِنْهَا مَا أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أَبى أَمَامه الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ اجاب فِي ثَلَاث سور من الْقُرْآن فِي الْبَقَرَة وَآل عمرَان وطه قَالَ الْمَنَاوِيّ فِي شَرحه الْكَبِير على الْجَامِع وَفِيه هِشَام بن عمار مُخْتَلف فِيهِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصر على الْجَامِع وَفِيه هِشَام بن عمار مُخْتَلف فِيهِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 وَإِسْنَاده حسن وَقيل صَحِيح قَالَ أَبُو أُمَامَة فالتمستها فَوجدت فِي الْبَقَرَة فِي آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَفِي آل عمرَان {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَفِي طه {وعنت الْوُجُوه للحي القيوم} وَمِنْهَا مَا أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أَسمَاء بنت يزِيد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسم الله الْأَعْظَم فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ {وإلهكم إِلَه وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم} وفاتحة آل عمرَان {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَقد حسنه التِّرْمِذِيّ قَالَ الْمَنَاوِيّ فِي الْمُخْتَصر وَصَححهُ غَيره وَفِي إِسْنَاده عبد الله ابْن أبي ذئاب القداح وَفِيه لين وَضَعفه ابْن معِين وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي أَحَادِيثه مَنَاكِير وَمِنْهَا مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب فِي هَذِه الْآيَة وَهِي {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ الهيثمي فِي إِسْنَاده حَنش بن فرقد وَهُوَ ضَعِيف قَالَ الْمَنَاوِيّ وَفِي إِسْنَاده أَيْضا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا السعداني وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ أَحْمد لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف وَفِي إِسْنَاده أَيْضا أَبُو الجوزاء وَفِيه نظر وَمِنْهَا مَا أخرجه الديلمي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْم الله الْأَعْظَم فِي آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر اخْتلف فِي الِاسْم الْأَعْظَم على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا وَقد اخْتلف فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا قد أفردها السُّيُوطِيّ بالتصنيف قَالَ ابْن حجر وأرجحها من حَيْثُ السَّنَد الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْأَحَد الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد وَسَيَأْتِي هَذَا الحَدِيث وَيَأْتِي الْكَلَام على إِسْنَاده إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ المُصَنّف رَحمَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الله فِي شَرحه وَعِنْدِي أَن الِاسْم الْأَعْظَم لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَذكر ابْن الْقيم فِي الْهدى أَنه الْحَيّ القيوم فَينْظر فِي وَجه ذَلِك أرجح مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَنِّي أشهد أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْأَحَد الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد (ع. حب)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بُرَيْدَة وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَلَفظه عِنْده لقد سَأَلت الله باسمه الْأَعْظَم قَالَ الْمُنْذِرِيّ قَالَ شَيخنَا أَبُو الْحُسَيْن الْمَقْدِسِي وَإِسْنَاده لَا مطْعن فِيهِ وَلم يرد فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث أَجود مِنْهُ إِسْنَادًا وَقد قدمنَا أَن ابْن حجر قَالَ إِن هَذَا الحَدِيث أرجح مَا ورد من حَيْثُ السَّنَد // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَن لَك الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا أَنْت المنان بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض يَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام يَا حَيّ يَا قيوم (ع. حب)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثه وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله المنان) لفظ أَحْمد وَابْن مَاجَه يَا حنان يَا منان يَا بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد دَعَا باسمه الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى وَزَاد أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي آخِره يَا حَيّ يَا قيوم كَمَا ذكره المُصَنّف هُنَا وَزَاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الْحَاكِم فِي رِوَايَة أَسأَلك الْجنَّة وَأَعُوذ بك من النَّار (قَوْله يَا قيوم) هُوَ الَّذِي بِهِ قيام كل شَيْء وَهُوَ قَائِم على كل شَيْء // فصل فِي فضل أَسمَاء الله الْحسنى (أَسمَاء الله الْحسنى الَّتِي أمرنَا بِالدُّعَاءِ بهَا وَمن أحصاها دخل الْجنَّة وَلَا يحفظها أحد إِلَّا دخل الْجنَّة (خَ. م. ت. س. ق.)) // الحَدِيث أخرجه من ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه ايضا من حَدِيثه ابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوانه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تسعا وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة إِنَّه وتر يحب الْوتر وَفِي لفظ ابْن مرْدَوَيْه وَأبي نعيم من دَعَا بهَا اسْتَجَابَ الله دعاءه وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ وَلَا يحفظها أحد إِلَّا دخل الْجنَّة وَهَذَا اللَّفْظ يُفَسر معنى قَوْله أحصاها فالاحصاء هُوَ الْحِفْظ وَهَكَذَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَقيل أحصاها قَرَأَهَا كلمة كلمة كَأَنَّهُ يعدها وَقيل أحصاها علمهَا وتدبر مَعَانِيهَا واطلع على حقائقها وَقيل أطَاق الْقيام بِحَقِّهَا وَالْعَمَل بمقتضاها وَالتَّفْسِير الأول هُوَ الرَّاجِح المطابق للمعنى اللّغَوِيّ وَقد فسرته الرِّوَايَة المصرحة بِالْحِفْظِ كَمَا عرفت وَهَذَا الحَدِيث قد ورد من طَرِيق جمَاعَة من الصَّحَابَة خَارج الصَّحِيحَيْنِ وَالْحجّة بِمَا فيهمَا على انْفِرَاده قَائِمَة // (هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق الباريء المصور الْغفار القهار الْوَهَّاب الرَّزَّاق الفتاح الْعَلِيم الْقَابِض الباسط الْخَافِض الرافع الْمعز المذل السَّمِيع الْبَصِير الحكم الْعدْل اللَّطِيف الْخَبِير الْحَلِيم الْعَظِيم الغفور الشكُور الْعلي الْكَبِير الحفيظ المقيت الحسيب الْجَلِيل الْكَرِيم الرَّقِيب الْمُجيب الْوَاسِع الْحَكِيم الْوَدُود الْمجِيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الْبَاعِث الشَّهِيد الْحق الْوَكِيل الْقوي المتين الْوَلِيّ الحميد المحصي المبديء المعيد المحيي المميت الْحَيّ القيوم الْوَاجِد الْمَاجِد الْوَاحِد الْأَحَد الصَّمد الْقَادِر المقتدر الْمُقدم الْمُؤخر الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن الْوَالِي المتعالي الْبر التواب المنتقم الْعَفو الرءوف مَالك الْملك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام المقسط الْجَامِع الْغَنِيّ الْمُغنِي الْمَانِع الضار النافع النُّور الْهَادِي البديع الْبَاقِي الْوَارِث الرشيد الصبور (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه من حَدِيثه ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَالتِّرْمِذِيّ رَوَاهُ عَن الْجوزجَاني عَن صَفْوَان بن صَالح عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَقَالَ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث غَرِيب وَقد روى من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة وَلَا نعلم فِي شَيْء من الرِّوَايَات ذكر الْأَسْمَاء الْحسنى إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث انْتهى وَرَوَاهُ الْآخرُونَ من طَرِيق صَفْوَان بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور وَأخرجه ابْن ماجة من طَرِيق أُخْرَى عَن مُوسَى بن عقبَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا فروى الْأَسْمَاء الْمُتَقَدّمَة بِزِيَادَة ونقصان وَذكره آدم بن أبي إِيَاس بِسَنَد آخر وَلَا يَصح وَقد صَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار أَنه حَدِيث حسن وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره وَالَّذِي عول عَلَيْهِ جمَاعَة من الْحفاظ أَن سرد الْأَسْمَاء مدرج فِي هَذَا الحَدِيث وَإِنَّمَا ذَلِك كَمَا رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم وَعبد الْملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 ابْن مُحَمَّد الصغاني عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد أَنه بلغه عَن غير وَاحِد من أهل الْعلم أَنهم قَالُوا ذَلِك أَي أَنهم جمعوها من الْقُرْآن كَمَا روى جَعْفَر بن مُحَمَّد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَبُو زيد اللّغَوِيّ قَالَ ثمَّ ليعلم أَن الْأَسْمَاء الْحسنى لَيست بمنحصرة فِي التِّسْعَة وَالتسْعين بِدَلِيل مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده عَن يزِيد بن هَارُون عَن فُضَيْل بن مَرْزُوق عَن أبي سَلمَة الْجُهَنِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ مَا أصَاب أحدا قطّ هم وَلَا حزن فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك وَابْن أمتك ناصيتي بِيَدِك مَاض فِي حكمك عدل فِي قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو عَلمته أحدا من خلقك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن الْعَظِيم ربيع قلبِي وَنور بَصرِي وجلاء حزني وَذَهَاب همي وغمي إِلَّا أذهب الله همه وغمه وحزنه وأبدله مَكَانَهُ فَرحا قيل يَا رَسُول الله أَلا نتعلمها فَقَالَ بلَى يَنْبَغِي لمن سَمعهَا أَن يتعلمها // وَلَا يخفاك أَن هَذَا الْعدَد قد صَححهُ إمامان وَحسنه إِمَام فَالْقَوْل بِأَن بعض أهل الْعلم جمعهَا من الْقُرْآن غير سديد وَمُجَرَّد بُلُوغ وَاحِد أَنه رفع ذَلِك لَا ينتهض لمعارضة الرِّوَايَة وَلَا تدفع الْأَحَادِيث بِمثلِهِ وَأما الحَدِيث الَّذِي ذكره عَن الإِمَام أَحْمد فغايته أَن الْأَسْمَاء الْحسنى أَكثر من هَذَا الْمِقْدَار وَذَلِكَ لَا يُنَافِي كَون هَذَا الْمِقْدَار هُوَ الَّذِي ورد التَّرْغِيب فِي إحصائه وَحفظه وَهَذَا ظَاهر مَكْشُوف لَا يخفى وَمَعَ هَذَا فقد أخرج سرد الْأَسْمَاء بِهَذَا الْعدَد الَّذِي ذكره التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَكَرَاهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه كِلَاهُمَا فِي التَّفْسِير وَأَبُو نعيم فِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ إِن لله تسعا وَتِسْعين اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة أسأَل الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْإِلَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الرب الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق البارئ المصور الْحَكِيم الْعَلِيم السَّمِيع الْبَصِير الْحَيّ القيوم الْوَاسِع اللَّطِيف الْخَبِير الحنان المنان البديع الغفور الْوَدُود الشكُور الْمجِيد المبدئ المعيد النُّور البارئ (وَفِي لفظ) الْقَائِم الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن الْعَفو الْغفار الْوَهَّاب الْفَرد (وَفِي لفظ) الْقَادِر الْأَحَد الصَّمد الْوَكِيل الْكَافِي الْبَاقِي المغيث الدَّائِم المتعالي ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام الْمولى النصير الْحق الْمُبين الْوَارِث الْمُنِير الْبَاعِث الْقَدِير (وَفِي لفظ) الْمُجيب المحيي المميت الحميد (وَفِي لفظ) الْجَمِيل الصَّادِق الحفيظ الْمُحِيط الْكَبِير الْقَرِيب الرَّقِيب الفتاح التواب الْقَدِيم الْوتر الفاطر الرَّزَّاق الْعلي الْعَظِيم الْغَنِيّ الْملك المقتدر الأكرم الرؤوف الْمُدبر الْمَالِك القاهر الْهَادِي الشاكر الْكَرِيم الرفيع الشَّهِيد الْوَاحِد ذَا الطول ذَا المعارج ذَا الْفضل الخلاق الْكَفِيل الْجَلِيل وَفِي إِسْنَاده ضعف وَفِي الْبَاب غير مَا ذكر وَقد أَطَالَ الْكَلَام أهل الْعلم على الْأَسْمَاء الْحسنى قَالَ ابْن حزم جَاءَت فِي إحصائها يَعْنِي الْأَسْمَاء الْحسنى أَحَادِيث مضطربة لَا يَصح مِنْهَا شَيْء أصلا وَبَالغ بَعضهم فِي تكثيرها حَتَّى قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ حاكيا عَن بعض أهل الْعلم أَنه جمع من الْكتاب وَالسّنة من أَسمَاء الله تَعَالَى ألف اسْم انْتهى وانهض مَا ورد فِي إحصائها الحَدِيث الَّذِي ذكره المُصَنّف فلنتكلم على تَفْسِير مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ بِاخْتِصَار (فَنَقُول) الله علم دَال على المعبود بِحَق دلَالَة جَامِعَة لجَمِيع مَعَاني الْأَسْمَاء الْآتِيَة وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ صفته والرحمن الرَّحِيم صفتان للْمُبَالَغَة من الرَّحْمَة وَالْملك ذُو الْملك وَالْمرَاد بِهِ الْقَدِير على إِيجَاد مَا يَشَاء واختراع مَا يُرِيد والقدوس المنزه عَن صِفَات النَّقْص وَالسَّلَام الْمُسلم عباده عَن المهالك أَو ذُو السَّلامَة من كل آفَة وَنقص وَالْمُؤمن الْمُصدق رسله أَو الَّذِي أَمن الْبَريَّة والمهيمن الرَّقِيب المبالغ فِي المراقبة وَالْحِفْظ والعزيز ذُو الْعِزَّة الْغَالِب لغيره والجبار الَّذِي جبر خلقه على مَا يَشَاء والخالق الْمُقدر الْمُبْدع والمتكبر ذُو الْكِبْرِيَاء والبارئ الَّذِي خلق الْخلق والمصور مبدع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 المخترعات والغفار ستار القبائح والذنُوب والقهار الَّذِي قهر مخلوقاته كَيفَ يَشَاء والوهاب كثير الْأَنْعَام والرزاق معطي الأرزاق لجَمِيع من يحْتَاج إِلَى الرزق من مخلوقاته والفتاح الْحَاكِم بَين الْخَلَائق أَو الَّذِي يفتح خَزَائِن الرَّحْمَة لِعِبَادِهِ والعليم الْعَالم بِكُل مَعْلُوم والقابض الَّذِي يضيق على من يَشَاء والباسط الَّذِي يُوسع لمن يَشَاء والخافض الَّذِي يخْفض من عَصَاهُ والرافع الَّذِي يرفع من أطاعه والمعز الَّذِي يَجْعَل من يَشَاء عَزِيزًا والمذل الَّذِي يَجْعَل من يَشَاء ذليلا والسميع الْمدْرك لكل مسموع والبصير الْمدْرك لكل مبصر وَالْحكم الَّذِي يحكم بَين عباده وَالْعدْل الَّذِي يعدل فِي قَضَائِهِ واللطيف الْعَالم بخفيات الْأُمُور والملاطف لِعِبَادِهِ والخبير الْعَالم ببواطن الْأُمُور وحقائقها والحليم الَّذِي لَا يستفزه الْغَضَب والعظيم الَّذِي لَا يتصوره عقل وَلَا يُحِيط بِهِ فهم والغفور كثير الْمَغْفِرَة والشكور المثني على المطيعين من عباده الْمُعْطِي لَهُم ثَوَاب مَا فَعَلُوهُ من الْخَيْر والعلي الْبَالِغ فِي علو الْمرتبَة وَالْكَبِير الَّذِي تقصر الْعُقُول عَن إِدْرَاك حَقِيقَته والحفيظ الْحَافِظ لجَمِيع خلقه عَن المهالك والمقيت بِالْقَافِ والتحتية وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق خَالق الأقوات وَوَقع فِي نُسْخَة من هَذَا الْكتاب عوض المقيت المغيث بالغين الْمُعْجَمَة والتحتية والثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ المغيث لمن إستغاثه وَأكْثر النّسخ من هَذَا الْكتاب على النُّسْخَة الأولى وَهُوَ كَذَلِك فِي غير هَذَا الْكتاب والحسيب الْكَافِي أَو المحاسب والجليل المنعوت بنعوت الْجلَال والكريم المتفضل على خلقه بِكُل خير من غير سُؤال وَلَا وَسِيلَة والرقيب مراقب الْأَشْيَاء وملاحظها فَلَا يعزب عَنهُ شَيْء والمجيب الَّذِي يُجيب دَعْوَة من دَعَاهُ والواسع الَّذِي وسع غناهُ مَا يَحْتَاجهُ عباده والحكيم ذُو الْحِكْمَة الْبَالِغَة والودود الْمُحب لأوليائه والمجيد المتبالغ فِي الْمجد وَهُوَ سَعَة الْكَرم والباعث لمن فِي الْقُبُور والشهيد الْعَالم بظواهر الْأَشْيَاء فَلَا يغيب عَنهُ شَيْء وَالْحق الثَّابِت أَو الْمظهر للحق وَالْوَكِيل الْقَائِم بِأُمُور عباده وَالْقَوِي الَّذِي لَا يلْحقهُ ضعف والمتين الَّذِي لَهُ كَمَال الْقُوَّة وَالْوَلِيّ النَّاصِر أَو الْمُتَوَلِي لأمور الْخَلَائق والحميد الْمُسْتَحق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 للثناء والمبدىء الْمظهر للشَّيْء من الْعَدَم والمعيد الَّذِي يُعِيد مَا فني والمحيي الَّذِي يُعْطي الْحَيَاة لمن يَشَاء والمميت لمن أَرَادَ من خلقه والحي الدَّائِم الْحَيَاة والقيوم الْقَائِم بِأُمُور خلقه والواجد بِالْجِيم الَّذِي يجد كل مَا يُريدهُ والماجد المتعالي المتنزه والصمد الَّذِي يصمد إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِج جَمِيع خلقه ويلتجئون أليه والقادر المتمكن من كل مَا يُريدهُ بِلَا معالجة والمقتدر الْمُتَوَلِي على كل ذِي قدرَة والمقدم الَّذِي يقدم بعض الْأَشْيَاء على بعض والمؤخر الَّذِي يُؤَخر بَعْضهَا عَن بعض وَالْأول مبدأ الْوُجُود وَالْآخر مُنْتَهى الْوُجُود وَالظَّاهِر الَّذِي ظهر بآياته وَالْبَاطِن الَّذِي بطن بِذَاتِهِ والوالي الَّذِي يتَوَلَّى أُمُور خلقه والمتعالي الْبَالِغ فِي الْعُلُوّ المتنزه عَن النَّقْص وَالْبر المحسن بِالْخَيرِ والتواب الَّذِي يرجع بالأنعام على كل مذنب والمنتقم المعاقب للعصاة وَالْعَفو كثير الْعَفو عَن السَّيِّئَات والرؤوف ذُو الرَّحْمَة الْبَالِغَة وَمَالك الْملك الَّذِي يفعل فِي ملكه مَا يُرِيد وَذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام الَّذِي لَا شرف وَلَا كَمَال إِلَّا وَهُوَ مُسْتَحقّه وَلَا مكرمَة إِلَّا مِنْهُ والمقسط الْعَادِل فِي أَحْكَامه وَالْجَامِع الْمُؤلف بَين شتات الْحَقَائِق الْمُخْتَلفَة والغني المستغني عَن كل شَيْء وَالْمُغني لِعِبَادِهِ عَن غَيره يُعْطي من يَشَاء مَا يَشَاء وَالْمَانِع الرافع لأسباب الْهَلَاك أَو مَانع من يسْتَحق الْمَنْع والضار الَّذِي يضر من يَشَاء والنافع الَّذِي ينفع من أَرَادَ والنور الظَّاهِر بِنَفسِهِ وَالْهَادِي الَّذِي يهدي خلقه إِلَى مَا يُرِيد والبديع الْمُبْدع وَهُوَ الْآتِي بِمَا لم يسْبق أليه وَالْبَاقِي الدَّائِم الْوُجُود وَالْوَارِث الْبَاقِي بعد فنَاء الْعباد والرشيد الَّذِي تكون تدبيراته على غَايَة الصَّوَاب والسداد والمرشد لِلْخلقِ إِلَى مصالحهم والصبور الَّذِي لَا يعجل بالمؤاخذة لمن عَصَاهُ // (من كَانَ دعاؤه اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة مَاتَ قبل أَن يُصِيبهُ الْبلَاء (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بسر بن أبي أَرْطَاة وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه قَالَ الهيثمي وَإسْنَاد أَحْمد وَأحد اسنادي الطَّبَرَانِيّ ثقاة انْتهى وَكلهمْ رَوَوْهُ بِلَفْظ اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة وَزَاد الطَّبَرَانِيّ فِي أَوله وَآخره مَا ذكره المُصَنّف هَهُنَا فَلهَذَا عزى الحَدِيث أليه وَبسر هُوَ ابْن أبي أَرْطَاة لَا ابْن أَرْطَاة كَمَا يَقُول كثير من النَّاس قَالَ ابْن حجر فِي الْإِصَابَة انه ابْن أبي أَرْطَاة قَالَ ابْن حبَان وَمن قَالَ ابْن أَرْطَاة فقد وهم وَهُوَ الَّذِي ولاه مُعَاوِيَة الْيمن وَفعل تِلْكَ الأفاعيل قَالَ ابْن عَسَاكِر لَهُ بهَا آثَار غير محمودة وَقَالَ يحيى بن معِين كَانَ بسر رجل سوء وَأهل الدينة يُنكرُونَ سَمَاعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الحَدِيث دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة سُؤال الله عز وَجل أَن يحسن للداعي عَاقِبَة أُمُوره كلهَا وَأعظم الْأُمُور واجلها وأهمها حسن خَاتِمَة عمره فَإِنَّهُ يلقى ربه على مَا ختم لَهُ بِهِ إِن خيرا فخيرا وَإِن شرا فشرا وَلِهَذَا يَقُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أخرجه الْبَزَّار عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعَمَل بخواتيمه ثَلَاث مَرَّات وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن مَيْمُون القداح وَهُوَ ضَعِيف وَقَالَ الْبَزَّار هُوَ صَالح قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا عَلَيْكُم أَن لَا تعجلوا بِأحد حَتَّى تنظروا بِمَا يخْتم لَهُ فَإِن الْعَامِل يعْمل زَمَانا من عمره أَو بُرْهَة من دهره بِعَمَل صَالح لَو مَاتَ عَلَيْهِ دخل الْجنَّة ثمَّ يتَحَوَّل فَيعْمل عملا سَيِّئًا وَإِن العَبْد ليعْمَل البرهة من دهره بِعَمَل سيء لَو مَاتَ عَلَيْهِ دخل النَّار ثمَّ يتَحَوَّل فَيعْمل عملا صَالحا وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ قبل مَوته قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف يَسْتَعْمِلهُ قَالَ يوفقه لعمل صَالح ثمَّ يقبضهُ عَلَيْهِ قَالَ الهيثمي رجال أَحْمد رجال الصَّحِيح وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا نَحوه قَالَ الهيثمي وَبَعض أسانيده رِجَاله رجال الصَّحِيح وَهَكَذَا أخرج نَحوه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 هُرَيْرَة قَالَ الهيثمي رجال الطَّبَرَانِيّ رجال الصَّحِيح وَأخرج الْبَزَّار الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالصَّغِير من حَدِيث عميرَة وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه قَالَ الهيثمي ورجالهم ثِقَات وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود وَفِي إِسْنَاده عمر بن إِبْرَاهِيم الْعَبْدي وَقد وَثَّقَهُ غير وَاحِد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ نَحوه وَفِيه أَنه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْمَال بخواتيمها الْأَعْمَال بخواتيمها الْأَعْمَال بخواتيمها وَفِي إِسْنَاده حَمَّاد بن وَاقد الصفار قَالَ الهيثمي وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج نَحوه الطَّبَرَانِيّ عَن أَكْثَم بن أبي الجون وَقَالَ الهيثمي وَإِسْنَاده حسن وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح حَدِيث أَن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة إِلَى آخر الحَدِيث وَهُوَ بِمَعْنى الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة هُنَا وَأخرج أَحْمد الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير من حَدِيث عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ قبل مَوته قيل وَمَا اسْتَعْملهُ قبل مَوته قَالَ يفتح لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي مَوته حَتَّى يرضى عَنهُ قَالَ الهيثمي رجال أَحْمد وَالْبَزَّار رجال الصَّحِيح وَأخرج أَحْمد من حَدِيث جُبَير بن نفير نَحوه وَفِي إِسْنَاده بَقِيَّة بن الْوَلِيد قَالَ الهيثمي وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سُرَيج بن النُّعْمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا غسله قيل وَمَا غسله قَالَ يفتح لَهُ عملا صَالحا قبل مَوته ثمَّ يقبضهُ عَلَيْهِ وَفِي إِسْنَاده بَقِيَّة بن الْوَلِيد وَقد صرح بِالسَّمَاعِ عَنهُ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات كَمَا قَالَ الهيثمي وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا قَالَ الهيثمي رِجَاله رجال الصَّحِيح غير يُونُس ابْن عُثْمَان وَهُوَ ثِقَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ ثمَّ صمت قَالُوا فِيمَا ذَا يَا رَسُول الله قَالَ يَسْتَعْمِلهُ عملا صَالحا قبل أَن يَمُوت قَالَ الهيثمي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن شَيْخه أَحْمد بن مُحَمَّد بن نَافِع وَلم أعرفهُ وَبَقِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 رِجَاله رجال الصَّحِيح وَفِي الْبَاب غير مَا ذكرنَا وَالْكل يدل على أَن الِاعْتِبَار بالخاتمة فَيَنْبَغِي للْعَبد الاستكثار من دُعَاء الله سُبْحَانَهُ أَن يحسن خاتمته وَكَذَا الدُّعَاء بِأَن يجيره من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فَإِن هَذَا من جَوَامِع الْكَلم الْمُشْتَملَة على خيري الدَّاريْنِ وَسَيذكر المُصَنّف هَذَا الحَدِيث فِي آخر الْكتاب إِن شَاءَ الله // فصل فِي عَلامَة استجابة الدُّعَاء (عَلامَة استجابة الدُّعَاء الخشية والبكاء والقشعريرة وَرُبمَا تحصل الرعدة والغشي والغيبة وَيكون عَقِيبه سُكُون الْقلب وَبرد الجأش وَظُهُور النشاط بَاطِنا والخفة ظَاهرا حَتَّى يظنّ الدَّاعِي أَنه كَانَ على كَتفيهِ حَملَة ثَقيلَة فوضعها عَنهُ وَحِينَئِذٍ لَا يغْفل عَن التَّوَجُّه والإقبال وَالصَّدَََقَة والأفضال وَالْحَمْد والابتهال وَأَن يَقُول الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات) (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يمْنَع أحدكُم إِذا عرف الْإِجَابَة من نَفسه فشفي من مرض أَو قدم من سفر أَن يَقُول الْحَمد لله الَّذِي بعزته وجلاله تتمّ الصَّالِحَات (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرجه أَيْضا ابْن ماجة وَابْن السّني قَالَ فِي الْأَذْكَار وَإِسْنَاده جيد وَحسنه السُّيُوطِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف هُوَ أحد أَلْفَاظ الحَدِيث عِنْد الْحَاكِم وَلَفظه عِنْد الآخرين وَعند الْحَاكِم أَيْضا فِي رِوَايَة أُخْرَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى مَا يحب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وَإِذا رأى مَا يكره قَالَ الْحَمد لله على كل حَال وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا سَأَلَ أحدكُم ربه مَسْأَلَة فَعرف الاستجابة فَلْيقل الْحَمد لله الَّذِي بعزته وجلاله تتمّ الصَّالِحَات وَمن أَبْطَأَ عَلَيْهِ من ذَلِك شَيْء فَلْيقل الْحَمد لله على كل حَال وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيث عَليّ رَضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الله عَنهُ وَفِيه عبد الله بن رَافع وَابْنه مُحَمَّد وهما غير معروفين (قَوْله الْحَمد لله الَّذِي بعزته وجلاله تتمّ الصَّالِحَات) هَكَذَا فِي بعض النُّسْخَة وَفِي بَعْضهَا الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وَفِي بَعْضهَا الْحَمد لله الَّذِي يعزته وجلاله وَنعمته تتمّ الصَّالِحَات فَالظَّاهِر أَنه جمع فِي النّسخ الأولى بَين مَا فِي النّسخ وَكَأَنَّهُ جعل نُسْخَة بنعمته عوضا عَن قَوْله بعزته وجلاله فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي أَلْفَاظ الحَدِيث عِنْد غير المُصَنّف إِلَّا أحد اللَّفْظَيْنِ وَلم يُوجد الْجمع بَينهمَا وَهَذِه العلامات الَّتِي ذكرهَا المُصَنّف هِيَ تجريبية فَلَا تحْتَاج إِلَى الِاسْتِدْلَال عَلَيْهَا وكل فَرد من أَفْرَاد الداعين إِذا حصل لَهُ الْقبُول وتفضل الله عَلَيْهِ بالإجابة لَا بُد أَن يجد شَيْئا من ذَلِك وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم وَعَلِيهِ عِنْد إِدْرَاك ذَلِك أَن يتبع مَا أرشد إِلَيْهِ الشَّارِع من تكْرَار الْحَمد بِهَذَا اللَّفْظ الَّذِي أمرنَا بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // الْبَاب الثَّالِث فِيمَا يُقَال فِي الصَّباح والمساء وَاللَّيْل وَالنَّهَار خُصُوصا وعموما وأحوال النّوم واليقظة فصل فِي أذكار الصَّباح والمساء (بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم ثَلَاث مَرَّات (ع. حب)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب صَحِيح وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَتَمام الحَدِيث بعد قَوْله ثَلَاث مَرَّات فَلَا يضرّهُ شَيْء وَفِي وَلَفظ فيضره شَيْء وَأول الحَدِيث مَا من عبد يَقُول فِي صباح كل يَوْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وَمَسَاء كل لَيْلَة بِسم الله الخ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْكَلِمَات تدفع عَن قَائِلهَا كل ضرّ كَائِنا مَا كَانَ وَأَنه لَا يصاب بِشَيْء فِي لَيْلَة وَلَا فِي نَهَاره إِذا قَالَهَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَكَانَ أبان بن عُثْمَان قد أَصَابَهُ طرف فالج فَجعل الرجل الَّذِي سمع مِنْهُ هَذَا الحَدِيث ينظر إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أبان مَا تنظر أما أَن الحَدِيث كَمَا حدثتك وَلَكِنِّي لم أَقَله يَوْمئِذٍ ليمض الله عَليّ قدره (قَوْله فِي الصَّباح والمساء) قَالَ المُصَنّف فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ مِفْتَاح الْحصن إِن الصَّباح من طُلُوع الْفجْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَالْمرَاد بالمساء من الْغُرُوب إِلَى الْفجْر وَقد أبعد من قَالَ أَن الْمسَاء يدْخل وقته بالزوال فَإِن أَرَادَ دُخُول العشى فقريب وَإِن أَرَادَ الْمسَاء فبعيد فَإِن الله عز وَجل يَقُول {حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} فقابل الْمسَاء بالصباح // (أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق صباحا مرّة (ت. طس) ومساءا ثَلَاثًا (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من ثَلَاث طرق قَالَ الهيثمي رِوَايَتَانِ مِنْهَا رجالهما ثِقَات وَفِي بَعضهم خلاف وَلَفظ التِّرْمِذِيّ من قَالَ حِين يُمْسِي وَحين يصبح ثَلَاث مَرَّات أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم تضره حمة تِلْكَ اللَّيْلَة وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن وأصل الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم وَأهل السّنَن بِلَفْظ أَنه جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا رَسُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 الله لقِيت عقربا لدغني البارحة فَقَالَ أما قلت حِين أمسيت أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق وَظَاهره انه يَقُولهَا مرّة وَاحِدَة (قَوْله أعوذ بِكَلِمَات الله التامات) قَالَ الْهَرَوِيّ وَغَيره الْكَلِمَات هِيَ الْقرَان والتامات قيل هِيَ الكاملات وَالْمعْنَى انه لَا يدخلهَا نقص وَلَا عيب كَمَا يدْخل فِي كَلَام النَّاس وَقيل هِيَ النافعات الكافيات الشافيات من كل مَا يتَعَوَّذ مِنْهُ (أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم ثَلَاثًا هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة إِلَى آخر سُورَة الْحَشْر (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معقل ابْن يسَار رَضِي الله عَنهُ وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَعَن معقل بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح ثَلَاث مَرَّات أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَقَرَأَ ثَلَاث آيَات من أخر سُورَة الْحَشْر وكل الله سبعين ألف ملك يصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِي وَإِن مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم مَاتَ شَهِيدا وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمنزلَة قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَأخرجه أَيْضا الدَّارمِيّ وَابْن السّني قَالَ النَّوَوِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف // (قل هُوَ الله أحد ثَلَاثًا قل أعوذ بِرَبّ الفلق ثَلَاثًا قل أعوذ بِرَبّ النَّاس ثَلَاثًا (د. ت)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ بن عبد الله ابْن خبيب عَن أَبِيه وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَلَفظ أبي دَاوُد قَالَ خرجنَا فِي لَيْلَة مطر وظلمة شَدِيدَة نطلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي بِنَا فأدركناه فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 قل فَلم اقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل فَلم اقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل فَلم أقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل قلت يَا رَسُول الله مَا أَقُول قَالَ قل هُوَ الله أحد والمعوذتين حِين تمسي وَحين تصبح ثَلَاث مَرَّات تكفك عَن كل شَيْء الحَدِيث وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن تِلَاوَة هَذِه السُّور عِنْد الْمسَاء وَعند الصَّباح تَكْفِي التَّالِي من كل شَيْء يخْشَى مِنْهُ كَائِنا مَا كَانَ {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشيا وَحين تظْهرُونَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ} الْآيَتَيْنِ (د) // // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَلَفظ أبي دَاوُد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه من قَالَ حِين يصبح فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وعشيا وَحين تظْهرُونَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ أدْرك مَا فَاتَهُ فِي يَوْمه ذَلِك وَمن قَالَ حِين يُمْسِي مثل ذَلِك أدْرك مَا فَاتَهُ فِي ليلته تِلْكَ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني وَضعف هَذَا الحَدِيث البُخَارِيّ فِي تَارِيخه فِي كتاب الضُّعَفَاء لَهُ وَفِي إِسْنَاد أبي دَاوُد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي وَهُوَ ضَعِيف // (وَآيَة الْكُرْسِيّ (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ من قَرَأَ عشر آيَات من أول الْبَقَرَة وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتين بعْدهَا وخواتيمها لم يدْخل ذَلِك الْبَيْت شَيْطَان حَتَّى يصبح وَأخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيثه وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا من قَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَآيَة الْكُرْسِيّ وَلَا يقرؤهما عبد فِي دَار فَيُصِيبهُ ذَلِك الْيَوْم عين أنس أَو جن ويغني عَن هَذَا مَا ثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 أَنه رأى الشَّيْطَان الَّذِي جَاءَ يسرق التَّمْر فَأَخذه أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ أَن يخلي سَبيله ويعلمه كَلِمَات يَنْفَعهُ الله بهَا ثمَّ قَالَ إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ فَإِنَّهُ لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فَقَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أما أَنه قد صدقك وَهُوَ كذوب وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ بِنَحْوِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن // (أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله وَالْحَمْد لله لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير رب إِنِّي أَسأَلك خير مَا فِي هَذَا الْيَوْم وَخير مَا بعده وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا فِي هَذَا الْيَوْم وَشر مَا بعده رب أعوذ بك من الكسل وَسُوء الْكبر رب أعوذ بك من عَذَاب فِي النَّار وَعَذَاب فِي الْقَبْر (م. د)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَلَفظ مُسلم قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَمْسَى قَالَ أمسينا وَأمسى الْملك لله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير هَذِه اللَّيْلَة وَخير مَا فِيهَا وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم وَسُوء الْكبر وفتنة الدُّنْيَا وَعَذَاب الْقَبْر وَإِذا أصبح قَالَ ذَلِك أَيْضا أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله وَفِي رِوَايَة رب أعوذ بك من عَذَاب فِي النَّار وَعَذَاب الْقَبْر وَقد وَقع الِاخْتِلَاف فِي نسخ كتاب المُصَنّف هَذَا فَفِي بَعْضهَا أَصْبَحْنَا وَفِي بَعْضهَا أمسينا وَكَذَلِكَ قَوْله خير هَذَا الْيَوْم وَشر مَا بعده وَكَانَ على المُصَنّف أَن يُؤثر لفظ مُسلم (قَوْله من الكسل) بِفَتْح الْكَاف // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم وَسُوء الْكبر وفتنة الدُّنْيَا وَعَذَاب الْقَبْر (م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 // الحَدِيث هُوَ طرف من الحَدِيث الأول كَمَا عرفناك وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود كَمَا قدمنَا (قَوْله وَسُوء الْكبر) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ استعاذة من طول الْعُمر وآفاته وَمَا يجلبه الْكبر من الخرف وَذَهَاب الْعقل وروى بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة الَّذِي هُوَ النخوة وَالصَّوَاب الأول // (أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله رب الْعَالمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير هَذَا الْيَوْم فَتحه وَنَصره ونوره وبركته وهداه وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا فِيهِ وَشر مَا بعده (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَفِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَفِيه مقَال مَعْرُوف وَفِي إِسْنَاده أَيْضا ضَمْضَم بن زرْعَة الْحَضْرَمِيّ ضعفه أَبُو حَاتِم وَلَكِن قد وَثَّقَهُ ابْن معِين وَابْن حبَان وَفِي آخِره زِيَادَة عِنْد أبي دَاوُد وَهِي ثمَّ إِذا امسى فَلْيقل مثل ذَلِك وَقد وَقع الاختباط فِي نسخ هَذَا الْكتاب فَفِي بَعْضهَا أَصْبَحْنَا كَمَا هُوَ هُنَا وَفِي بَعْضهَا أمسينا وَوَقع تَغْيِير للضمائر بالتذكير والتأنيث مُرَاعَاة للفظ الصَّباح وَلَفظ الْمسَاء وَاللَّيْلَة وَالْيَوْم وَأول هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ إِذا أصبح أحدكُم فَلْيقل أَصْبَحْنَا وَقد أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير // (اللَّهُمَّ بك أَصْبَحْنَا وَبِك أمسينا وَبِك نحيا وَبِك نموت وَإِلَيْك النشور (ع. حب)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَالنَّوَوِيّ وَأخرجه أَحْمد بِإِسْنَاد رِجَاله رجال الصَّحِيح وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَأول الحَدِيث بِلَفْظ كَانَ إِذا أصبح يَقُول اللَّهُمَّ بك أَصْبَحْنَا وَعند بعض هَؤُلَاءِ المخرجين لَهُ بِلَفْظ إِذا أَصْبَحْتُم فقد اجْتمع فِي الحَدِيث القَوْل وَالْفِعْل (قَوْله وَإِلَيْك النشور) هَكَذَا فِي بعض نسخ هَذَا الْكتاب وَفِي بَعْضهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَإِلَيْك الْمصير وَعَلِيهِ أَكثر أَلْفَاظ المخرجين لهَذَا الحَدِيث وَلكنه خرج هَذَا الحَدِيث وَمَا بعده أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِلَفْظ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصبح قَالَ اللَّهُمَّ بك أَصْبَحْنَا وَبِك أمسينا وَبِك نحيا وَبِك نموت وَإِلَيْك الْمصير وَإِذا أَمْسَى قَالَ اللَّهُمَّ بك أمسينا وَبِك أَصْبَحْنَا وَبِك نحيا وَبِك نموت وَإِلَيْك النشور فَأفَاد هَذَا أَن لفظ الْمصير فِي الصَّباح وَلَفظ النشور فِي الْمسَاء وَتَقْدِيم بك على أَصْبَحْنَا وَمَا بعده يُفِيد الِاخْتِصَاص وَالْبَاء للاستعانة // (أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله وَالْحَمْد لله لَا شريك لَهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَإِلَيْهِ النشور (ز. ي)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أصبح قَالَ أَصْبَحْنَا الخ وَإِذا أَمْسَى قَالَ أمسينا وَأمسى الْملك لله وَالْحَمْد لله لَا إِلَى إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمصير قَالَ الهيثمي وَإِسْنَاده جيد وروى أَيْضا من حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث ابْن النجار بِلَفْظ اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا شريك لَك أَصبَحت وَأصْبح الْملك لله لَا شريك لَهُ ثَلَاث مَرَّات وَإِذا أمسيت فَقل مثل ذَلِك فَإِنَّهُنَّ يكفرن مَا بَينهُنَّ وَأول الحَدِيث إِذا أَصبَحت فَقل اللَّهُمَّ الخ (قَوْله وَإِلَيْهِ النشور) وَفِي بعض النّسخ وَإِلَيْهِ الْمصير وَقد تقدم بَيَان ذَلِك // (اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة رب كل شَيْء ومليكه أشهد ان لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أعوذ بك من شَرّ نَفسِي وَشر الشَّيْطَان وشركه (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَقد أخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيثه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَصَححهُ ابْن حبَان وَأول الحَدِيث أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَا رَسُول الله مرني بِكَلِمَات أقولهن إِذا أَصبَحت وَإِذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 أمسيت قَالَ قل اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات الخ وَزَاد فِي أواخرهن قَالَ قلها إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت وَإِذا أخذت مضجعك وَزَاد التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أُخْرَى وَأَن نقترف على أَنْفُسنَا سوءا أَو نجره إِلَى مُسلم (قَوْله وشركه) قَالَ الْخطابِيّ روى على وَجْهَيْن أَحدهمَا بِكَسْر الشين وَسُكُون الرَّاء وَمَعْنَاهُ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْطَان ويوسوس بِهِ من الْإِشْرَاك بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالثَّانِي بِفَتْح الشين وَالرَّاء يُرِيد حبائل الشَّيْطَان ومصائده // (وَأَن أقترف على نَفسِي سوءا أَو أجره إِلَى مُسلم (طس) وَإِن نقترف على أَنْفُسنَا سوءا أَو نجره إِلَى مُسلم (ت)) هَذَا طرف من الحَدِيث الأول كَمَا قدمنَا وَقد نسب المُصَنّف اللَّفْظ الأول إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَاللَّفْظ الثَّانِي إِلَى التِّرْمِذِيّ وَقد قدمنَا أَنه لفظ التِّرْمِذِيّ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك بأنك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك من قَالَهَا غفر الله لَهُ مَا أصَاب يَوْمه وَلَيْلَته (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ الهيثمي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق أبي حميد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم وَلم أعرفهُ وَحسن إِسْنَاده بِاعْتِبَار بَقِيَّة رِجَاله وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيثه بِلَفْظ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يصبح اللَّهُمَّ إِنَّا أَصْبَحْنَا نشهدك ونشهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك إِلَّا غفر الله لَهُ مَا أصَاب فِي يَوْمه ذَلِك وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي غفر الله لَهُ مَا أصَاب تِلْكَ اللَّيْلَة من ذَنْب قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا الحَدِيث غَرِيب (قَوْله وملائكتك) هُوَ من عطف الْعَام على الْخَاص لِأَن حَملَة الْعَرْش هم من الْمَلَائِكَة وَكَذَا قَوْله وَجَمِيع خلقك لِأَن الْمَلَائِكَة من جملَة الْخلق // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 (اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك أَربع مَرَّات (د. ت)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَلَفظ الحَدِيث عِنْد هَؤُلَاءِ من قَالَ حِين يصبح أَو حِين يُمْسِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك أعتق الله ربعه من النَّار وَمن قَالَهَا مرَّتَيْنِ أعتق الله نصفه من النَّار وَمن قَالَهَا ثَلَاثًا أعتق الله ثَلَاثَة أَرْبَاعه فَإِن قَالَهَا أَرْبعا أعْتقهُ الله من النَّار وَقد جود النَّوَوِيّ إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَالْمُصَنّف اقْتصر على بعضه كَمَا ترى // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَالَك الْعَفو والعافية فِي ديني ودنياي وَأَهلي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عورتي وَأمن روعتي اللَّهُمَّ احفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَأَعُوذ بعظمتك أَن أغتال من تحتي (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان وَقَالَ النَّوَوِيّ روينَاهُ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة وَأول الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد وَغَيره بِلَفْظ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدع هَؤُلَاءِ الدَّعْوَات حِين يُمْسِي وَحين يصبح اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الخ (قَوْله اسْتُرْ عورتي وَأمن روعتي) هَكَذَا بِالْإِفْرَادِ عِنْد الْجَمِيع وَعند ابْن أبي شيبَة اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتي وَأمن روعاتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 بِالْجمعِ فيهمَا والعورة كل مَا يستحيا مِنْهُ إِذا ظهر والروعة الْفَزع (قَوْله وَإِن أغتال من تحتي) قَالَ وَكِيع بن الْجراح يَعْنِي الْخَسْف // (لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي عَيَّاش الزرقي وَأخرجه أَيْضا أَحْمد وَابْن مَاجَه وَلَفظ الحَدِيث عَن أبي عَيَّاش أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ إِذا أصبح لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل وَكتب لَهُ عشر حَسَنَات وَحط عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات وَكَانَ فِي حرز من الشَّيْطَان حَتَّى يُمْسِي وان قَالَهَا إِذا أَمْسَى كَانَ لَهُ مثل ذَلِك حَتَّى يصبح قَالَ فِي حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة فَرَأى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يرى النَّائِم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أَبَا عَيَّاش يحدث عَنْك بِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ صدق أَبُو عَيَّاش هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَقد ورد فِي التَّرْغِيب فِي هَذَا الذّكر غير مُقَيّد بِلَفْظ الصَّباح أَحَادِيث فَمِنْهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات كَانَ كمن أعتق أَرْبَعَة أنفس من ولد إِسْمَاعِيل وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد وَالطَّبَرَانِيّ من هَذَا الحَدِيث كن كَعدْل عشر رِقَاب من ولد إِسْمَاعِيل وَمِنْهَا مَا أخرجه أَحْمد من حَدِيث الْبَراء بِإِسْنَاد رِجَاله رجال الصَّحِيح بِلَفْظ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على لَك شَيْء قدير فَهُوَ كعتق نسمَة وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَمِنْهَا مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ بِإِسْنَاد رِجَاله رجال الصَّحِيح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لم يسبقها عمل وَلم تبْق مَعهَا سَيِّئَة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 (رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا (ع. ط) رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا ثَلَاثًا (مص)) // الحَدِيث أخرجه باللفظين الْمَذْكُورين من ذكره المُصَنّف رَحمَه الله فَالْأول عزاهُ إِلَى أهل السّنَن الْأَرْبَع وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالثَّانِي عزاهُ إِلَى مُصَنف ابْن أبي شيبَة وَهُوَ من حَدِيث سَلام رَضِي الله عَنهُ خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من قَالَ إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا كَانَ حَقًا على الله أَن يرضيه وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد قَالَ الهيثمي وَرِجَال أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ ثِقَات وَزَاد ثَلَاث مَرَّات وَمن حَدِيثه أخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ثَوْبَان بِلَفْظ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَقَالَ حسن غَرِيب وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَابْن السّني من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَزَاد ثَلَاث مَرَّات وَسَلام هَذَا قد ذكره ابْن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب وَذكر هَذَا الحَدِيث من حَدِيثه وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث (قَوْله فِي الرِّوَايَة الأولى رَسُولا وَفِي الثَّانِيَة نَبيا) قَالَ النَّوَوِيّ فَيُسْتَحَب أَن يجمع بَينهمَا فَيُقَال نَبيا ورسولا وَلَو اقْتصر على أَحدهمَا لَكَانَ عَاملا بِالْحَدِيثِ // (اللَّهُمَّ مَا أصبح بِي من نعْمَة أَو بِأحد من خلقك فمنك وَحدك لَا شريك لَك فلك الْحَمد وَلَك الشُّكْر (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وأبن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن غَنَّام البياضي وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وجود النَّسَائِيّ إِسْنَاده وَلَفظه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح اللَّهُمَّ مَا أصبح بِي من نعْمَة أَو بِأحد من خلقك فمنك وَحدك لَا شريك لَك فلك الْحَمد وَلَك الشُّكْر فقد أدّى شكر يَوْمه وَمن قَالَهَا مثل ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 حِين يُمْسِي فقد أدّى شكر ليلته وَأخرجه أَيْضا ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَفِيه اللَّهُمَّ مَا أصبح بِي من نعْمَة أَو بِأحد من خلقك وَرَوَاهُ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِي الحَدِيث فَضِيلَة عَظِيمَة ومنقبة كَرِيمَة حَيْثُ تكون تأدية وَاجِب الشُّكْر بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ الْيَسِيرَة القليلة وَأَن قَائِلهَا صباحا قد أدّى شكر يَوْمه وقائلها مسَاء قد أدّى شكر ليلته مَعَ أَن الله تعالي يَقُول {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} وَإِذا كَانَت النعم لَا يُمكن إحصاؤها فَكيف يقدر العَبْد على شكرها فَللَّه الْحَمد وَللَّه الشُّكْر على هَذِه الْفَائِدَة الجليلة الْمَأْخُوذَة من مَعْدن الْعلم ومنبعه // (اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بدني اللَّهُمَّ عَافنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بَصرِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ثَلَاثًا اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ثَلَاثًا (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَلَفظ الحَدِيث أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَت إِنِّي سَمِعتك تَدْعُو كل غَدَاة اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بدني اللَّهُمَّ عَافنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بَصرِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت تعيدها ثَلَاثًا حِين تصبح وَثَلَاثًا حِين تمسي فَقَالَ إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بِهن فَأَنا أحب أَن أستن بسنته قَالَ عَبَّاس ابْن عبد الْعَظِيم فِيهِ وَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت يُعِيدهَا ثَلَاثًا حِين يصبح وَثَلَاثًا حِين يُمْسِي فيدعو بِهن فَإِنِّي أحب أَن أستن بسنته وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ النَّسَائِيّ فِيهِ جَعْفَر بن مَيْمُون لَيْسَ بالقوى // (سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شي علما (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الحميد مولى بني هَاشم أَن أمه حدثته وَكَانَت تخْدم بعض بَنَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان ابْنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدثتها أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعلمهَا فَيَقُول قولي حِين تصبحين سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَلَا قُوَّة أَلا بِاللَّه مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شَيْء علما فانه من قالهن حِين يصبح حفظ حَتَّى يُمْسِي وَمن قالهن حِين يُمْسِي حفظ حَتَّى يصبح قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصر السّنَن وَفِي إِسْنَاده امْرَأَة مَجْهُولَة وَهِي هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي كَانَت تخْدم بعض بَنَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَيْضا ابْن السّني من حَدِيثه // (أَصْبَحْنَا على فطْرَة الْإِسْلَام وَكلمَة الْإِخْلَاص وعَلى دين نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى مِلَّة أَبينَا إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين (ا. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيثه من طَرِيق أُخْرَى رجال إِسْنَاده رجال الصَّحِيح وَلَفظ الحَدِيث قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصبح قَالَ أَصْبَحْنَا على فطْرَة الْإِسْلَام وَكلمَة الْإِخْلَاص وعَلى دين نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى مِلَّة أَبينَا إِبْرَاهِيم حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين وَلَفظ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ كَانَ إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى وَلِهَذَا جعله المُصَنّف من أدعية الصَّباح والمساء وَأخرجه أَيْضا ابْن السّني بِإِسْنَاد صَححهُ النَّوَوِيّ وَقَالَ الهيثمي رجالهما يَعْنِي أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ رجال الصَّحِيح (قَوْله حَنِيفا) قَالَ الْأَزْهَرِي معنى الحنيفية فِي الْإِسْلَام الْميل إِلَيْهِ وَالْإِقَامَة على عقده والحنف إقبال إِحْدَى الْقَدَمَيْنِ على الْأُخْرَى والحنيف الصَّحِيح الْميل إِلَى الْإِسْلَام وَالثَّابِت عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن سَيّده فِي محكمه الحنيف الْمُسلم الَّذِي يتحنف عَن الْأَدْيَان أَي يمِيل إِلَى الْحق قَالَ وَقيل هُوَ المخلص والفطرة ابْتِدَاء الْخلقَة وفطرة الْإِسْلَام دين الْإِسْلَام وَمن ذَلِك قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 يَا حَيّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث أصلح لي شأني كُله وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة مَا يمنعك أَن تسمعي مَا أوصيك بِهِ تَقُولِينَ إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت يَا حَيّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث أصلح لي شأني كُله وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَقَالَ الهيثمي رِجَاله رِجَاله الصَّحِيح غير عُثْمَان بن موهب فَهُوَ ثِقَة والْحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم لِأَن صَلَاح الشَّأْن كُله يتَنَاوَل جَمِيع أُمُور الدُّنْيَا والأخرة فَلَا يفز شَيْء مِنْهَا فيفوز قَائِل هَذَا إِذا تفضل الله عَلَيْهِ بالإجابة بخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَعَ مَا فِي الحَدِيث من تَفْوِيض الْأُمُور إِلَى الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِن ذَلِك من أعظم الْإِيمَان وَأجل خصاله وأشرف أَنْوَاعه // (اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا إِلَه أَلا أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت أَبُوء لَك بنعمتك عَليّ وأبوء بذنبي فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت (خَ) اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت أَبُوء بنعمتك عَليّ وأبوء بذنبي فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت (د. ي)) // الحَدِيث الأول أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنْهُمَا مَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سيد الاسْتِغْفَار اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي الخ وَآخره إِذا قَالَه حِين يُمْسِي فَمَاتَ دخل الْجنَّة أَو كَانَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 أهل الْجنَّة وَإِذا قَالَه حِين يصبح فَمَاتَ من يَوْمه مثله وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ الآخر أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَوْس بن أَوْس وَأخرجه أَيْضا احْمَد فِي مُسْنده وَالْبُخَارِيّ وأوله سيد الاسْتِغْفَار أَن تَقول اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي الخ وَآخره من قَالَهَا من النَّهَار موقنا بهَا فَمَاتَ من يَوْمه قبل أَن يُمْسِي فَهُوَ من أهل الْجنَّة وَمن قَالَهَا من اللَّيْل وَهُوَ موقن بهَا فَمَاتَ قبل أَن يصبح فَهُوَ من أهل الْجنَّة قَالَ الطَّيِّبِيّ لما كَانَ هَذَا الدُّعَاء جَامعا لمعاني التَّوْبَة كلهَا استعير لَهُ اسْم السَّيِّد وَهُوَ فِي الأَصْل الرئيس الَّذِي يقْصد فِي الْحَوَائِج وَيرجع إِلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات قَالَ ابْن أبي حَمْزَة جمع الحَدِيث من بديع الْمعَانِي وَحسن الْأَلْفَاظ مَا يحِق لَهُ أَن يُسمى بِسَيِّد الاسْتِغْفَار فَفِيهِ الْإِقْرَار لله وَحده بالألوهية ولنفسه بالعبودية وَالِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ الْخَالِق وَالْإِقْرَار بالعهد الَّذِي أَخذ عَلَيْهِ والرجاء بِمَا وعد بِهِ والاستعاذة مِمَّا جنى بِهِ على نَفسه وَإِضَافَة النعم إِلَى موجدها وَإِضَافَة الذَّنب إِلَى نَفسه ورغبته فِي الْمَغْفِرَة واعترافه بِأَنَّهُ لَا يقدر على ذَلِك إِلَّا هُوَ (قَوْله وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك) أَي مَا عاهدتك عَلَيْهِ وواعدتك من الْإِيمَان وإخلاص الطَّاعَة لَك وَقيل الْعَهْد مَا أَخذ فِي عَالم الذَّر والوعد مَا جَاءَ على لِسَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه دخل الْجنَّة وَمعنى مَا اسْتَطَعْت مُدَّة دوَام استطاعتي وَفِيه الِاعْتِرَاف بِالْعَجزِ والقصور وَمعنى أَبُوء لَك أعترف وألتزم قَالَ الطَّيِّبِيّ اعْترف أَولا بِأَنَّهُ أنعم عَلَيْهِ وَلم يُقَيِّدهُ ليشْمل كل إنعام ثمَّ اعْترف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 بالتقصير وَأَنه لم يقم بأَدَاء شكرها وعده ذَنبا مُبَالغَة فِي التَّقْصِير وهضم النَّفس // (اللَّهُمَّ أَنْت أَحَق من ذكر وأحق من عبد وانصر من ابْتغِي وأرأف من ملك وأجود من سُئِلَ وأوسع من أعْطى أَنْت الْملك لَا شريك لَك والفرد لَا ند لَك كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهك لن تطاع إِلَّا بإذنك وَلنْ تعصى إِلَّا بعلمك تطاع فتشكر وتعصى فتغفر أقرب شَهِيد وَأدنى حفيظ حلت دون النُّفُوس وَأخذت بالنواصي وكتبت الْآثَار وَنسخت الْآجَال الْقُلُوب لَك مفضية والسر عنْدك عَلَانيَة الْحَلَال مَا أحللت وَالْحرَام مَا حرمت وَالدّين مَا شرعت وَالْأَمر مَا قضيت الْخلق خلقك وَالْعَبْد عَبدك وَأَنت الله الرءوف الرَّحِيم أَسأَلك بِنور وَجهك الَّذِي أشرقت لَهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَبِكُل حق هُوَ لَك وبحق السَّائِلين عَلَيْك أَن تقيلني فِي هَذِه الْغَدَاة وَفِي هَذِه العشية وَأَن تجيرني من النَّار بقدرتك (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى دَعَا بِهَذَا الدُّعَاء اللَّهُمَّ أَنْت أَحَق من ذكر الخ قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه فضَالة بن جُبَير وَهُوَ ضَعِيف مجمع عَليّ ضعفه (قَوْله اللَّهُمَّ أَنْت أَحَق من ذكر) هَذِه ممادح عَظِيمَة استفتح بهَا هَذَا الدُّعَاء وَقَوله وأحق من عبد لَيْسَ أفعل التَّفْضِيل على حَقِيقَتهَا لعدم الِاشْتِرَاك فِي أصل الْفِعْل فَهِيَ كَمَا قَالَ الشَّاعِر (فشر كَمَا لخيركما الْفِدَاء ... ) (قَوْله تطاع فتشكر) الْفِعْل الأول مَبْنِيّ للْمَجْهُول وَالثَّانِي للمعلوم وَكَذَا قَوْله وتعصي فتغفر (قَوْله حلت دون النُّفُوس) هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى {يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} (قَوْله مفضية) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْفَاء وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وَبعدهَا مثناة تحتية أَي منكشفة لله سُبْحَانَهُ يَرَاهَا وَيعلم مَا فِيهَا وَلَيْسَ بَينهَا وَبَينه حجاب وَقيل متسعة مشروحة (قَوْله وبحق السَّائِلين عَلَيْك) حق السَّائِلين على رَبهم أَنهم إِذا لم يشركوا بِهِ شَيْئا أدخلهم الْجنَّة كَمَا فِي الحَدِيث الثَّابِت فِي الصَّحِيح أَنه سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حق الله على الْعباد وَمَا حق الْعباد على الله فَقَالَ إِن حَقه سُبْحَانَهُ على عباده أَن يعبدوه وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وَحقّ الْعباد عَلَيْهِ أَنهم إِذا لم يشركوا بِهِ شَيْئا أدخلهم الْجنَّة وَيُمكن أَن يُرَاد أَن حق السَّائِلين على الله أَن لَا يخيب دعاءهم كَمَا وعدهم بقوله {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} وَبِقَوْلِهِ {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان} (قَوْله وَأَن تقيلني) بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق من الْإِقَالَة يُقَال أقَال عثرته إِذا تجَاوز عَنهُ فَالْمَعْنى أَن تتجاوز عَن ذُنُوبِي فِي هَذِه الْغَدَاة // (حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم سبع مَرَّات (ي)) // الحَدِيث أخرجه ابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة حَدثنِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْجرْمِي حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق الدِّمَشْقِي قَالَ حَدثنِي جدي عبد الرَّزَّاق بن مُسلم الدِّمَشْقِي حَدثنَا مدرك بن سعد قَالَ سَمِعت يُونُس بن ميسرَة بن حَلبس يَقُول سَمِعت أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنْهُمَا فَذكره ومدرك بن سعيد لَا بَأْس بِهِ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن عَسَاكِر وَفِي الحَدِيث زِيَادَة فِي أَوله بِلَفْظ من قَالَ حِين يصبح وَحين يُمْسِي وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 آخِره زِيَادَة أَيْضا بعد قَوْله سبع مَرَّات وَهِي كَفاهُ الله مَا أهمه من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة صَادِقا بهَا أم كَاذِبًا وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد مَوْقُوفا على أبي الدَّرْدَاء وَله حكم الرّفْع // (لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ وَهُوَ فِي أَرض الرّوم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ غدْوَة لَا إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَكَانَ لَهُ قدر عشر رِقَاب وَأَجَارَهُ الله من الشَّيْطَان وَمن قَالَهَا عَشِيَّة مثل ذَلِك هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَصحح الحَدِيث ابْن حبَان وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك غَيره مُقَيّد بِوَقْت وَفِيه بعد قَوْله عشر مَرَّات كَانَ عدل نسمَة وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَلَكنهُمْ أَخْرجُوهُ جَمِيعًا بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث الْبَراء // (سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة (م. و)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يصبح وَحين يُمْسِي سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة لم يَأْتِ أحد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أحد قَالَ مثل مَا قَالَ أَو زَاد عَلَيْهِ وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ الأول الَّذِي ذكره المُصَنّف هُوَ لفظ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ الآخر هُوَ لفظ أبي دَاوُد وَرَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيثه فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَلَفظه من قَالَ إِذا أصبح مائَة مرّة وَإِذا أَمْسَى مائَة مرّة سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيثه ابْن حبَان فِي صَحِيحه مثل لفظ الْحَاكِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 سُبْحَانَ الله مائَة مرّة الْحَمد لله مائَة مرّة لَا إِلَه إِلَّا الله مائَة مرّة الله أكبر مائَة مرّة (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سبح الله مائَة مرّة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة مرّة بالْعَشي كَانَ كمن حج مائَة حجَّة وَمن حمد الله مائَة مرّة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة مرّة بالْعَشي كَانَ كمن حمل على مائَة فرس فِي سَبِيل الله أَو قَالَ غزا مائَة غَزْوَة وَمن هلل الله مائَة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة بالْعَشي كَانَ كمن أعتق مائَة من ولد إِسْمَاعِيل وَمن كبر الله مائَة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة بالْعَشي لم يَأْتِ أحد فِي ذَلِك الْيَوْم بِأَكْثَرَ مِمَّا أَتَى بِهِ إِلَّا من قَالَ مثل مَا قَالَ أَو زَاد على مَا قَالَ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب // (وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر مَرَّات (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى عَليّ حِين يصبح عشرا وَحين يُمْسِي عشرا أَدْرَكته شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة وَقد حسنه السُّيُوطِيّ وَقَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ فِيهِ انْقِطَاع قَالَ الهيثمي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا جيد إِلَّا إِن فِيهِ انْقِطَاعًا لِأَن خَالِدا لم يسمع من أبي الدَّرْدَاء وَقد تقدّمت الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي فضل الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاعْلَم أَن هَذِه الْأَعْدَاد الْوَارِدَة فِي هَذِه الْأَحَادِيث وَفِي جَمِيع هَذَا الْكتاب وَفِي سَائِر كتب الحَدِيث تَقْتَضِي أَن الْأجر الْمَذْكُور لفاعلها يحصل بِفِعْلِهَا فَإِن نقص من ذَلِك من أجره بِقَدرِهِ لِأَن الله سُبْحَانَهُ لَا يضيع عمل عَامل وَإِن زَاد على الْعدَد الْمَذْكُور حصل لَهُ الْأجر بِالْعدَدِ الْمُقدر وَاسْتحق ثَوَاب مَا زَاد وَقد قيل أَنه لَا يسْتَحق الْأجر الْمُرَتّب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 على الْعدَد إِلَّا إِذا اقْتصر عَلَيْهِ من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَلَيْسَ ذَلِك بصواب إِلَّا مَا ورد النَّهْي عَن الزِّيَادَة فِيهِ كزيادة الرَّكْعَات وَزِيَادَة غسلات الْوضُوء وَنَحْو ذَلِك // (وَإِن ابْتُلِيَ بدين أَو هم فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَأَعُوذ بك من الْعَجز والكسل وَأَعُوذ بك من الْجُبْن وَالْبخل وَأَعُوذ بك من غَلَبَة الدّين وقهر الرِّجَال (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بِرَجُل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو أُمَامَة فَقَالَ يَا أَبَا أُمَامَة مَا لي أَرَاك جَالِسا فِي الْمَسْجِد فِي غير وَقت صَلَاة قَالَ هموم لزمتني وديون يَا رَسُول الله قَالَ أَفلا أعلمك كلَاما إِذا قلته أذهب الله همك وَقضى دينك قلت بلَى يَا رَسُول الله قَالَ قل إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَأَعُوذ بك من الْعَجز والكسل وَأَعُوذ بك من الْجُبْن وَالْبخل وَأَعُوذ بك من غَلَبَة الدّين وقهر الرِّجَال قَالَ فَفعلت ذَلِك فَأذْهب الله همي وَقضى ديني وَلَا مطْعن فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَفِي الْبَاب مَا أخرجه أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهم من حَدِيث أنس وَلَفظ البُخَارِيّ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَالْعجز والكسل والجبن وَالْبخل وضلع الدّين وَغَلَبَة الرِّجَال (قَوْله أعوذ بك من الْهم والحزن) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الزَّاي وَهُوَ الْغم على الْفَائِت وبفتحهما ضد السرُور وَقيل وَالْفرق بَين الْهم والحزن أَن الْهم إِنَّمَا يكون لأمر متوقع وَأَن الْحزن يكون من أَمر قد وَقع وَقيل أَن الْفرق بَين الْهم والحزن أَن الْحزن على الْمَاضِي والهم للمستقبل وَقيل الْفرق بَينهمَا بالشدة والضعف فالهم أَشد فِي النَّفس من الْحزن لما يحصل فِيهَا من الْغم بِسَبَبِهِ (قَوْله من الْعَجز) الْعَجز ضد الْقُدْرَة وَأَصله التَّأَخُّر عَن الشَّيْء اسْتعْمل فِي مُقَابلَة الْقُدْرَة (قَوْله والكسل) هُوَ التثاقل عَن الْأُمُور (قَوْله والجبن) هُوَ بِضَم الْجِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وَإِسْكَان الْمُوَحدَة وَبِضَمِّهَا صفة الجبان (قَوْله وَالْبخل) فِيهِ أَربع لُغَات قريء بهَا وَهِي ضم الْبَاء وَالْخَاء وفتحهما وَضم الْبَاء وَفتحهَا مَعَ إسكان الْخَاء (قَوْله وقهر الرِّجَال) هُوَ شدَّة تسلطهم بِغَيْر حق تغلبا وجدلا // (إِلَى هُنَا يُقَال فِي الصَّباح والمساء جَمِيعًا إِلَّا إِنَّه يُقَال فِي الْمسَاء مَوضِع أَمْسَى وَمَوْضِع التَّذْكِير التَّأْنِيث ويبدل النشور بالمصير كَمَا كتب فَوق كل وَيُزَاد فِي الْمسَاء فَقَط أمسينا وَأمسى الْملك لله وَالْحَمْد لله أعوذ بِاللَّه الَّذِي يمسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ من شَرّ مَا خلق وذرأ وبرأ (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ الهيثمي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله ثِقَات وَفِي بَعضهم خلاف وَقد أخرج بعضه فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَمْسَى قَالَ أمسينا وَأمسى الْملك لله وَالْحَمْد لله لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الحَدِيث (قَوْله إِلَّا أَنه يَقُول فِي الْمسَاء مَوضِع أصبح أَمْسَى) هَكَذَا فِي نسخ هَذَا الْكتاب وَإِنَّمَا فعل ذَلِك تَنْبِيها للذاكر وتذكيرا لَهُ قَوْله والتذكير والتأنيث أَي يُقَال فِي الْمسَاء مَوضِع التَّذْكِير التَّأْنِيث (قَوْله ويبدل النشور بالمصير) أَقُول قد قدمنَا الحَدِيث الَّذِي ذَكرْنَاهُ سَابِقًا فَإِنَّهُ صرح فِيهِ بِلَفْظ النشور فِي الصَّباح وَلَفظ الْمصير فِي الْمسَاء (قَوْله وذرأ) أَي خلق قَالَ فِي النِّهَايَة ذَرأ الله الْخلق يذرأ ذَرْءًا أَي خلقهمْ وَكَأن الذرئ يخْتَص بِخلق الذُّرِّيَّة (قَوْله وبرأ) أَي خلق قَالَ فِي النِّهَايَة البارئ هُوَ الَّذِي خلق الْخلق لَا عَن مِثَال ولهذه اللَّفْظَة من الِاخْتِصَاص بِخلق الْحَيَوَان مَا لَيْسَ لغَيْرهَا من الْمَخْلُوقَات وَقل مَا يسْتَعْمل فِي غير الْحَيَوَان فَيُقَال برأَ الله النسم وَخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض // (وَيُزَاد فِي الصَّباح فَقَط أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله والكبرياء وَالْعَظَمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 والخلق وَالْأَمر وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا يضحى فيهمَا لله وَحده اللَّهُمَّ اجْعَل أول هَذَا النَّهَار صلاحا وأوسطه فلاحا وَآخره نجاحا أَسأَلك خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله ابْن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ وَأول الحَدِيث قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصبح قَالَ أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ وَفِي إِسْنَاده فائد أَبُو الورقاء وَهُوَ مَتْرُوك وَأخرجه ابْن السّني أَيْضا من حَدِيثه بِلَفْظ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصبح قَالَ أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله وَالْحَمْد لله والكبرياء وَالْعَظَمَة لله والخلق وَالْأَمر وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا يسكن فيهمَا لله تَعَالَى اللَّهُمَّ اجْعَل أول هَذَا النَّهَار صلاحا وأوسطه فلاحا وَآخره نجاحا يَا أرْحم الرحمين (قَوْله وَمَا يضحى بِفَتْح الْيَاء التَّحْتِيَّة وَإِسْكَان الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة أَي يبرز وَيظْهر وَفِي رِوَايَة ابْن السّني وَمَا يسكن فيهمَا كَمَا ذكرنَا // (لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك ومنك وَإِلَيْك اللَّهُمَّ مَا قلت من قَول أَو حَلَفت من حلف أَو نذرت من نذر فمشيئتك بَين يَدي ذَلِك كُله مَا شِئْت كَانَ وَمَا لم تشأ لم يكن وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك إِنَّك على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ مَا صليت من صَلَاة فعلى من صليت وَمَا لعنت من لعن فعلى من لعنت إِنَّك وليي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة توفني مُسلما والحقني بالصالحين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء وَبرد الْعَيْش بعد الْمَوْت وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك وشوقا إِلَى لقائك من غير ضراء مضرَّة وَلَا فتْنَة مضلة وَأَعُوذ بك أَن أظلم أَو أظلم أَو أعتدي أَو يعتدى عَليّ أَو أكسب خَطِيئَة أَو ذَنبا لَا يغْفر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام فَإِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وأشهدك وَكفى بك شَهِيدا أَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك لَك الْملك وَلَك الْحَمد وَأَنت على كل شَيْء قدير وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك وَأشْهد أَن وَعدك حق ولقاءك حق والساعة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَنَّك تبْعَث من فِي الْقُبُور وَأَنَّك إِن تكليني إِلَى نَفسِي تَكِلنِي إِلَى ضعف وعوزة وذنب وخطيئة وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاغْفِر لي ذُنُوبِي كلهَا إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم (ا. مس. ط)) // الحَدِيث هَذَا بِطُولِهِ أخرجه أَحْمد فِي الْمسند وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ الهيثمي أحد إسنادي الطَّبَرَانِيّ وثقوا وَفِي بَقِيَّة الْأَسَانِيد أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم وَهُوَ ضَعِيف وَقد تكَرر رمز المُصَنّف هَذَا لمن خرج الحَدِيث فِي بعض النّسخ ثَلَاث مَرَّات وَلَا وَجه لذَلِك فَالْحَدِيث وَاحِد والصحابي زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَار على الرَّمْز فِي آخِره كَمَا فعلنَا هَهُنَا وَهُوَ كَذَلِك فِي أَكثر النّسخ وَأخرجه أَيْضا ابْن السّني وَأول الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم زيد بن ثَابت هَذَا الدُّعَاء وَأمره أَن يتَعَاهَد أَهله فِي كل صباح لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك الخ (قَوْله فمشيئتك بَين يَدي ذَلِك كُله) روى بِرَفْع مشيئتك على الِابْتِدَاء وَالْمعْنَى الِاعْتِذَار بسابق الأقدار العائقة عَن الْوَفَاء بِمَا ألزم بِهِ نَفسه وروى بِنصب فمشيئتك على تَقْدِير أقدم مشيئتك فِي ذَلِك وأنوي الِاسْتِثْنَاء فِيهِ طرحا للحنث عني عِنْد وُقُوع الْحلف وَقد جَاءَت الْأَحَادِيث بِأَن تَقْيِيد الْيمن وَنَحْوهمَا بِالْمَشِيئَةِ يَقْتَضِي عدم لُزُومهَا فَهَذَا القَوْل يَقْتَضِي أَن جَمِيع مَا يَقُوله الذاكر بِهَذَا الذّكر من الْأَقْوَال من حلف وَنذر وَغَيرهمَا مُقَيّد بِالْمَشِيئَةِ الربانية (قَوْله اللَّهُمَّ مَا صليت من صَلَاة) بِضَم التَّاء من صليت لِأَنَّهَا تَاء الْمُتَكَلّم (قَوْله فعلى من صليت) بِفَتْح التَّاء لِأَنَّهَا ضمير الْمُخَاطب وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ وَكَذَا قَوْله وَمَا لعنت من لعن فعلى من لعنت (قَوْله اللَّهُمَّ إِنِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 أَسأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء) قيل هَذَا أبلغ من الرِّضَا بِالْقضَاءِ فَإِنَّهُ قد يكون عزما فَإِذا وَقع الْقَضَاء تنْحَل الْعَزِيمَة وَإِذا حصل الرِّضَا بِالْقضَاءِ بعد الْقَضَاء كَانَ حَالا وَلَيْسَ المُرَاد الرِّضَا بِالذنُوبِ الَّتِي قَضَاهَا الله سُبْحَانَهُ بل الرِّضَا بِمَا قضى بِهِ من مصائب الدُّنْيَا أَو مَا يَبْتَلِي العَبْد بِهِ (قَوْله وَبرد الْعَيْش) أَي الرَّاحَة الدائمة بعد الْمَوْت فِي البرزخ وَفِي الْقِيَامَة وأصل الْبرد فِي الْكَلَام السهولة وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ((الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة)) // (فَإِذا طلعت الشَّمْس وَصلى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَأَجر حجَّة وَعمرَة تَامَّة كَمَا تقدم (ت. ط)) // الحَدِيث قد ذكره المُصَنّف فِي الْبَاب الأول بِلَفْظ من صلى الْفجْر فِي جمَاعَة ثمَّ قعد يذكر الله تَعَالَى حَتَّى تطلع الشَّمْس ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ كَانَت لَهُ كَأَجر حجَّة وَعمرَة تَامَّة تَامَّة تَامَّة هَذِه رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَرِوَايَة الطَّبَرَانِيّ انْقَلب بِأَجْر حجَّة وَعمرَة تَامَّة وَقد ذكرنَا هُنَالك الْكَلَام على الحَدِيث وعَلى من رَوَاهُ من الصَّحَابَة فَليرْجع إِلَيْهِ // (وَيَقُول الله تَعَالَى يَا ابْن آدم اركع لي أَربع رَكْعَات أول النَّهَار أكفك آخِره (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى الدَّرْدَاء وَأبي ذَر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَفِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَلكنه إِسْنَاد شَامي وَهُوَ قوي فِي الشاميين وَأخرجه أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء وَحده قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَرُوَاته كلهم ثِقَات وَفِي الْبَاب عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ عِنْد أَحْمد وَأبي يعلى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَن الله يَقُول يَا ابْن آدم اكْفِنِي أول نهارك بِأَرْبَع رَكْعَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 أكفك بِهن آخر يَوْمك قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَرِجَال أَحْمد رجال الصَّحِيح وَعَن أبي مرّة الطَّائِفِي عِنْد أَحْمد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تَعَالَى يَا ابْن آدم صل لي أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار أكفك آخِره قَالَ الْمُنْذِرِيّ رجال إِسْنَاده مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَقد قيل أَن هَذِه الْأَرْبَع الرَّكْعَات هِيَ الْفجْر وسنته وَقيل أَنَّهَا غَيرهَا وَأَن هَذِه بعد طُلُوع الشَّمْس وَيدل على ذَلِك ذكر المُصَنّف لهَذَا الحَدِيث هُنَا // فصل فِيمَا يُقَال فِي اللَّيْل وَالنَّهَار جَمِيعًا (سيد الاسْتِغْفَار اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت أَبُوء لَك بنعمتك على وأبوء بذنبي فَاغْفِر لي فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت من قَالَهَا من النَّهَار موقنا بهَا فَمَاتَ فَهُوَ من أهل الْجنَّة وَمن قَالَهَا من اللَّيْل موقنا بهَا فَمَاتَ فَهُوَ من أهل الْجنَّة (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَوْس ابْن أَوْس وَقد قدم المُصَنّف رَحمَه الله هَذَا الحَدِيث فِي أدعية الصَّباح والمساء ذكره بلفظين ثمَّ أَعَادَهُ هُنَا وَوجه ذَلِك أَنه ورد فِي بعض الرِّوَايَات مُقَيّدا بالصباح والمساء وَورد فِي هَذِه الرِّوَايَة فِي مُطلق اللَّيْل وَمُطلق النَّهَار من غير تَقْيِيد بالصباح والمساء فَجعله من أدعية اللَّيْل وَالنَّهَار وَقد ذكرنَا فِي شَرحه هُنَالك مَا يُغني عَن الْإِعَادَة هُنَا // (من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا إِلَه إِلَّا الله لَا شريك لَهُ لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ الْملك وَله الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فِي يَوْم أَو فِي لَيْلَة أَو فِي شهر ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم أَو فِي تِلْكَ اللَّيْلَة أَو فِي ذَلِك الشَّهْر غفرت لَهُ ذنُوبه (س)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْخَطِيب بِدُونِ قَوْله يعقدهن خمْسا واشتمل الحَدِيث على كلمة الشَّهَادَة خمس مَرَّات مَعَ التَّكْبِير والتحميد وَالْإِقْرَار بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ الْملك وَأَنه لَا شريك لَهُ وَأَنه المتفرد بالألوهية وَختم ذَلِك بقوله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ عقب ذَلِك بِذكر الْفَضِيلَة الْعَظِيمَة والفائدة الجليلة وَهِي أَن من قَالَ ذَلِك فِي يَوْم أَو فِي لَيْلَة أَو فِي نَهَار ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم أَو اللَّيْلَة أَو الشَّهْر غفرت لَهُ ذنُوبه فَإِن هَذَا عمل يسير وَأجر وثواب عَظِيم وَالْفضل بيد الله سُبْحَانَهُ وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيثه بأخصر من هَذَا // (دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُلَيْمَان فَقَالَ إِن نَبِي الله يُرِيد أَن يمنحك بِكَلِمَات من الرَّحْمَن ترغب إِلَيْهِ فِيهِنَّ وَتَدْعُو بِهن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك صِحَة فِي إِيمَان وإيمانا فِي حسن خلق ونجاحا يتبعهُ فلاح وَرَحْمَة مِنْك وعافية ومغفرة مِنْك ورضوانا (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه من حَدِيثه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك قَالَ أَبُو هُرَيْرَة أوصى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلمَان الْخَيْر فَقَالَ أَن نَبِي الله يُرِيد أَن يمنحك كَلِمَات تسْأَل بِهن الرَّحْمَن ترغب إِلَيْهِ فِيهِنَّ وَتَدْعُو بِهن بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار قل اللَّهُمَّ الخ قَالَ الهيثمي رِجَاله ثِقَات (قَوْله صِحَة فِي إِيمَان) أَي صِحَة فِي بدني مَعَ أَيْمَان فِي قلبِي وَيُمكن أَن يكون مَعْنَاهُ أَسأَلك صِحَة فِي إِيمَان بِحَذْف الْيَاء الَّتِي هِيَ ضمير الْمُتَكَلّم تَخْفِيفًا كَمَا يَقع ذَلِك كثيرا فِي الْقُرْآن الْعَظِيم وَفِي كَلَام الْعَرَب (قَوْله وإيمانا فِي حسن خلق) أَي أَسأَلك إِيمَانًا يتبعهُ حسن خلق (قَوْله ونجاحا يتبعهُ فلاح) النجاح حُصُول الْمَطْلُوب والفلاح الْفَوْز بالبغية والرضوان بِكَسْر الرَّاء وَضمّهَا اسْم مُبَالغَة فِي معنى الرِّضَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 فصل فِيمَا يُقَال فِي النَّهَار (لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير مائَة مرّة (خَ. م) أَو مِائَتي مرّة لم يسْبقهُ أحد وَلم يُدْرِكهُ إِلَّا من قَالَ مثل مَا قَالَ أَو زَاد عَلَيْهِ) // الحَدِيث أخرجه بِاللَّفْظِ الأول أَعنِي قَوْله مائَة مرّة البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَلَفظ الحَدِيث من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الخ وَفِي آخِره كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب وكتبت لَهُ مائَة حَسَنَة ومحيت عَنهُ مائَة سَيِّئَة وَكَانَت لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان يَوْمه ذَلِك حَتَّى يُمْسِي وَلم يَأْتِ أحد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أحد عمل أَكثر من ذَلِك وَزَاد مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث وَمن قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْم مائَة مرّة حطت خطاياه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر وَأخرجه بِاللَّفْظِ الآخر أَعنِي قَوْله أَو مِائَتي مرّة الخ أَحْمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير مِائَتي مرّة فِي يَوْم لم يسْبقهُ أحد كَانَ قبله وَلم يُدْرِكهُ أحد بعده إِلَّا من عمل بِأَفْضَل من عمله قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإِسْنَاده جيد وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث أبي الْمُنْذر الْجُهَنِيّ قَالَ قلت يَا نَبِي الله عَلمنِي أفضل الْكَلَام قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذر قل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير مائَة مرّة فِي يَوْم فَإنَّك يَوْمئِذٍ أفضل النَّاس عملا إِلَّا من قَالَ مثل مَا قلت وَفِي إِسْنَاده جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ ضَعِيف جدا // (من قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة حطت خطاياه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر (م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 هَذَا اللَّفْظ هُوَ طرف من لفظ حَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق قبل هَذَا كَمَا قدمنَا وَالتَّسْبِيح التَّنْزِيه وَقيل أَنه لفظ يَقْتَضِي غَايَة التَّعْظِيم وَهَذَا أولى من الأول وَإِن كَانَ الأول هُوَ الشَّائِع لُغَة وَعرفا إِلَّا أَنه أتم معنى وأكمل شرفا // (من استعاذ بِاللَّه فِي الْيَوْم عشر مَرَّات من الشَّيْطَان وكل الله بِهِ ملكا يرد عَنهُ الشَّيَاطِين (ص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَفِي إِسْنَاده لَيْث بن أبي سليم وَيزِيد الرقاشِي وَقد وثقوا على ضعفهما وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح كَذَا فِي مجمع الزَّوَائِد وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن السّني وَإِسْنَاده فِيهِ ضعف من حَدِيث معقل بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يصبح ثَلَاث مَرَّات أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَقَرَأَ ثَلَاث آيَات من سُورَة الْحَشْر وكل الله بِهِ سبعين ملكا يَحْفَظُونَهُ إِلَى أَن يُمْسِي وَإِذا مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم مَاتَ شَهِيدا وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمنزلَة // (أَيعْجزُ أحدكُم أَن يكْسب فِي كل يَوْم ألف حَسَنَة يسبح مائَة تسبيحه فَيكْتب لَهُ ألف حَسَنَة (م. ت. حب) أَو تحط عَنهُ ألف خَطِيئَة (حب)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد ابْن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وَلَفظ مُسلم أَو تحط عَنهُ ألف خَطِيئَة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف رَحمَه الله قَالَ الْحميدِي كَذَا هُوَ فِي جَمِيع الرِّوَايَات أَو تحط أَعنِي جَمِيع رِوَايَات مُسلم وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وتحط بِغَيْر ألف فعلى رِوَايَة مُسلم يكون اجْرِ الْقَائِل بذلك أَن يكْتب لَهُ ألف حسنه أَو تحط عَنهُ ألف خَطِيئَة أَي يحصل إحد الْأَمريْنِ وعَلى رِوَايَة الآخرين انه يجمع لَهُ بَين الْأَمريْنِ فَيكْتب لَهُ ألف حسنه وتحط عَنهُ ألف خَطِيئَة قَالَ الرقاشِي رَوَاهُ شعبه وَأَبُو عوَانَة وَيحيى الْقطَّان وتحط بِغَيْر ألف وَرِوَايَة هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة الْأَئِمَّة الْحفاظ حجَّة على رِوَايَة غَيرهم (وَعند أَذَان الْمغرب اللَّهُمَّ هَذَا إقبال ليلك وإدبار نهارك واصوات دعاتك فَاغْفِر لي (د. مس) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَقُول عِنْد أَذَان الْمغرب اللَّهُمَّ هَذَا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فَاغْفِر لي قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا التِّرْمِذِيّ وَقَالَ غَرِيب إِنَّمَا نعرفه من هَذَا الْوَجْه // فصل فِيمَا يقْرَأ فِي اللَّيْل (من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه (ع)) // الحَدِيث أخرجه الْجَمَاعَة كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ الخ قَوْله الْآيَتَيْنِ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من قَرَأَ بالآيتين كفتاه بِالتَّخْفِيفِ أَي أغنتاه عَن قيام تِلْكَ اللَّيْلَة بِالْقُرْآنِ اَوْ أَجْزَأَتَاهُ عَن قِرَاءَته الْقُرْآن أَو أَجْزَأَتَاهُ فِيمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 يتَعَلَّق بالاعتقاد لما اشْتَمَلت عَلَيْهِ من الْإِيمَان والأعمال إِجْمَالا أَو وقتاه من كل سوء ومكروه أَو كفتاه شَرّ الشَّيَاطِين أَو شَرّ الثقلَيْن أَو شَرّ الْآفَات كلهَا أَو كفتاه بِمَا حصل لَهُ من الثَّوَاب عَن ثَوَاب غَيرهَا وَلَا مَانع من إِرَادَة هَذِه الْأُمُور جَمِيعهَا وَيُؤَيّد ذَلِك مَا تقرر فِي علم الْمعَانِي وَالْبَيَان من أَن حذف الْمُتَعَلّق مشْعر بالتعميم فَكَأَنَّهُ قَالَ كفتاه من كل شَرّ أَو من كل مَا يخَاف وَفضل الله وَاسع // (أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ فِي كل لَيْلَة ثلث الْقُرْآن قل هُوَ الله أحد (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ ثلث الْقُرْآن فِي كل ليله فشق عَلَيْهِم ذَلِك فَقَالُوا أَيّنَا يُطيق ذَلِك يَا رَسُول الله فَقَالَ الله الْوَاحِد الصَّمد ثلث الْقُرْآن وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيثه وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأخرج أَحْمد فِي الْمسند وَالنَّسَائِيّ والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة من حَدِيث أبي بن كَعْب أَو من حَدِيث رجل من الْأَنْصَار عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد ثَلَاث مَرَّات فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن قَالَ الهيثمي وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء عَن رَجَاء الغنوي عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد ثَلَاث مَرَّات فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن أجمع وَفِي إِسْنَاده أَحْمد بن حَارِث الغساني وَهُوَ مَتْرُوك وَلَا يعرف لرجاء صُحْبَة وَلَا رِوَايَة وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد عشر مَرَّات بني الله لَهُ قصرا فِي الْجنَّة قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 الهيثمي فِيهِ مرشد بن سعد وَزِيَاد بن وَكِلَاهُمَا ضَعِيف وَأخرج زَنْجوَيْه عَن خَالِد بن زيد الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد إِحْدَى وَعشْرين مرّة بنى الله لَهُ قصرا فِي الْجنَّة وَأخرج مُحَمَّد بن نصر من حَدِيث أنس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد خمسين مرّة غفرت لَهُ ذنُوب خمسين سنة وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث أنس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد مائَة مرّة غفرت لَهُ خَطِيئَة خمسين عَاما مَا اجْتنب خِصَالًا أَرْبعا الدِّمَاء والفروج وَالْأَمْوَال والأشربة وَفِي إِسْنَاده الْخَلِيل بن مرّة وَهُوَ من الضُّعَفَاء الَّذين يكْتب حَدِيثهمْ وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ كل يَوْم مائَة مرّة قل هُوَ الله أحد محى عَنهُ ذنُوب خمسين سنة إِلَّا أَن يكون دينا قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب من حَدِيث ثَابت عَن أنس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث فَيْرُوز عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد فِي الصَّلَاة أَو فِي غَيرهَا مائَة مرّة كتب الله لَهُ بَرَاءَة من النَّار وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث أنس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد مِائَتي مرّة كتب الله لَهُ ألفا وَخمسين حَسَنَة إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ دين وَفِي إِسْنَاده حَاتِم بن مَيْمُون وَهُوَ يروي مَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حَدِيث لَا يَصح فِيهِ حَاتِم بن مَيْمُون قَالَ ابْن حبَان لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيثه بِهَذَا اللَّفْظ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث أنس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد مِائَتي مرّة غفر الله لَهُ ذنُوب مِائَتي سنة وَفِي إِسْنَاده أَيْضا عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الْأَسدي وَهُوَ ضَعِيف جدا وَفِي إِسْنَاده أَيْضا مُحَمَّد بن أَيُّوب الرَّازِيّ قيل فِيهِ كَذَّاب وَأخرج الخيارجي فِي فَوَائده من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ قل هُوَ الله أحد عَشِيَّة عَرَفَة ألف مرّة أعطَاهُ الله مَا سَأَلَ وَسَيَأْتِي للْمُصَنف رَحمَه الله فِي الْبَاب التَّاسِع أَحَادِيث فِي فَضَائِل هَذِه السُّورَة وسنتكلم عَلَيْهَا هُنَالك إِن شَاءَ الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 (وَمن قَرَأَ مائَة آيَة كتب من القانتين (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَفِي لفظ لَهُ من قَرَأَ مائَة آيَة لم يكْتب من الغافلين وَصَححهُ السُّيُوطِيّ تبعا للْحَاكِم وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث بُرَيْدَة عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ بِمِائَة آيَة كتب لَهُ قنوت لَيْلَة قَالَ الْعِرَاقِيّ إِسْنَاده صَحِيح وَقَالَ الهيثمي فِيهِ سلمَان بن مُوسَى الشَّامي وثقة ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم وَقَالَ البُخَارِيّ عِنْده منا كير وَصَححهُ أَيْضا السُّيُوطِيّ وَعشر آيَات لم يكْتب من الغافلين مس الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ عشر آيَات فِي لَيْلَة لم يكْتب من الغافلين قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ عشر آيَات فِي لَيْلَة لم يكْتب من الغافلين وَمن قَرَأَ مائَة آيَة كتب لَهُ قنوت لَيْلَة وَمن قَرَأَ مِائَتي آيَة كتب من القانتين وَمن قَرَأَ أَرْبَعمِائَة آيَة كتب من العابدين وَمن قَرَأَ خَمْسمِائَة آيَة كتب من المخبتين الحافظين وَمن قَرَأَ سِتّمائَة آيَة كتب من الخاشعين وَمن قَرَأَ ثَمَانمِائَة أَيَّة كتب من المخبتين وَمن قَرَأَ ألف آيَة أصبح لَهُ قِنْطَار وَالْقِنْطَار ألف وَمِائَتَا أُوقِيَّة وَالْأُوقِية خير مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض أَو قَالَ خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وَمن قَرَأَ ألفي آيَة كَانَ من الموجبين // (من قَرَأَ يس ابْتِغَاء وَجه الله غفر لَهُ (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جُنْدُب بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه ابْن السّني وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ يس فِي كل لَيْلَة غفر لَهُ وَفِي إِسْنَاده الْمُبَارك بن فضَالة ضعفه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 زرْعَة يُدَلس وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ سُورَة يس فِي لَيْلَة أصبح مغْفُور لَهُ وَقد حكم ابْن الْجَوْزِيّ بِوَضْعِهِ ورد عَلَيْهِ السُّيُوطِيّ وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَذكرنَا أَنه روى من طرق بَعْضهَا على شَرط الصَّحِيح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ سور يس فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن مرَّتَيْنِ وَفِي إِسْنَاده طالوت بن عباد قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق ضَعِيف ونازعه الذَّهَبِيّ وَفِي إِسْنَاده أَيْضا سُوَيْد أَبُو حَاتِم ضعفه النَّسَائِيّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن معقل بن يسَار عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ يس ابْتِغَاء وَجه الله غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه فاقرءوها عِنْد مَوْتَاكُم وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث عَن معقل بن يسَار أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَلَفظ أبي دَاوُد وَابْن مَاجَه عَن معقل بن يسَار عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اقْرَءُوا يس على مَوْتَاكُم وَلَفظ أَحْمد يس قلب الْقُرْآن وَلَا يقْرؤهَا رجل يُرِيد بهَا الله وَالدَّار الْآخِرَة إِلَّا غفر لَهُ فاقرؤها على مَوْتَاكُم وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَصَححهُ الْحَاكِم وَسَيَأْتِي بَقِيَّة مَا ورد فِي هَذِه السُّورَة فِي الْبَاب التَّاسِع // (من قَرَأَ عشر آيَات أَرْبعا من أول سُورَة الْبَقَرَة إِلَى أُولَئِكَ هم المفلحون وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتين بعْدهَا وخواتيمها لم يدْخل ذَلِك الْبَيْت شَيْطَان حَتَّى يصبح (ط)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ الهيثمي وَرِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا أَن الشّعبِيّ لم يسمع من ابْن مَسْعُود قيل وَهُوَ مَوْقُوف على ابْن مَسْعُود وَلَكِن لَهُ حكم الرّفْع لِأَنَّهُ لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِي مثل هَذَا وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء سناما وَإِن سَنَام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة من قَرَأَهَا فِي بَيته لَيْلًا لم يدْخل الشَّيْطَان بَيته ثَلَاث لَيَال وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث ابْن مَسْعُود قَالَ أقرءوا سُورَة الْبَقَرَة فِي بُيُوتكُمْ فَإِن الشَّيْطَان لَا يدْخل بَيْتا تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد على شَرطهمَا (قَوْله وآيتين بعْدهَا) يَعْنِي إِلَى خَالدُونَ (قَوْله وخواتيمها) أَي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة // (إِذا كَانَ جنح اللَّيْل فكفوا صِبْيَانكُمْ فَإِن الشَّيَاطِين تَنْتَشِر حِينَئِذٍ فَإِذا ذهب سَاعَة من الْعشَاء فخلوهم وأغلق بابك وَاذْكُر اسْم الله وأطفيء مصباحك وَاذْكُر اسْم الله وأوك سقاءك وَاذْكُر اسْم الله وخمر إناءك وَاذْكُر اسْم الله وَلَو أَن تعرض عَلَيْهِ شَيْئا (ع)) // الحَدِيث أخرجه الْجَمَاعَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند (قَوْله جنح اللَّيْل) بِضَم الْجِيم وَكسرهَا قَالَ الطَّيِّبِيّ جنح اللَّيْل طَائِفَة مِنْهُ وَأَرَادَ بِهِ هُنَا الطَّائِفَة الأولى عِنْد امتداد فَحْمَة الْعشَاء (قَوْله فكفوا صِبْيَانكُمْ) أَي امنعوهم من الْخُرُوج قيل وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن النَّجَاسَة الَّتِي يلوذ بهَا الشَّيْطَان مَوْجُودَة مَعَهم وَلِأَن الذّكر الَّذِي يستعصم بِهِ مِنْهُ مَعْدُوم عِنْدهم (قَوْله تَنْتَشِر) أَي حِين فَحْمَة اللَّيْل لِأَن حركتهم لَيْلًا أمكن مِنْهَا نَهَارا إِذْ الظلام أجمع لقوى الشَّيْطَان (قَوْله فخلوهم) وَفِي رِوَايَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ بحاء مُهْملَة أَي حلوهم عَن ذَلِك الْكَفّ الَّذِي كففتموهم وَكَأَنَّهُ شبه الْكَفّ بالرباط وَفِي رِوَايَة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي اتركوهم يدخلُوا ويخرجوا ثمَّ ذكر هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي يَنْبَغِي ذكر اسْم الله سُبْحَانَهُ عِنْد مباشرتها وَهِي إغلاق الْبَاب وإطفاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الْمِصْبَاح وايكاء السقاء وتخمير الْإِنَاء (قَوْله وَلَو أَن تعرض عَلَيْهِ شَيْئا) بِفَتْح التَّاء من تعرض وَضم الرَّاء وَكسرهَا وَفِي رِوَايَة وَلَو أَن تعرضوا (قَوْله شَيْئا) يَعْنِي أَي شَيْء كَانَ من عود أَو غَيره فَإِن ذَلِك يَكْفِي وَأَن لم يستر جَمِيع فَم الْإِنَاء // (وَإِذا رأى لَيْلَة الْقدر قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن علمت لَيْلَة الْقدر مَا أَقُول فِيهَا قَالَ قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني وَقد صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم أَيْضا (قَوْله عَفْو) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَضم الْفَاء وَتَشْديد الْوَاو أَي كثير الْعَفو // فصل فِي النّوم واليقظة (إِذا أَتَى فرَاشه فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ثمَّ ينفضه بِطرف ثَوْبه ثَلَاث مَرَّات ثمَّ ليقل بِاسْمِك رَبِّي وضعت جَنْبي وَبِك أرفعه إِن أَمْسَكت نَفسِي فَاغْفِر لَهَا وَإِن أرسلتها فاحفظها بِمَا تحفظ بِهِ عِبَادك الصَّالِحين وليضطجع على شقَّه الْأَيْمن (ع)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 // الحَدِيث أخرجه الْجَمَاعَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جَاءَ أحدكُم إِلَى فرَاشه الخ (قَوْله ثمَّ ينفضه بِطرف ثَوْبه) وَفِي رِوَايَة فلينفضه بصنفة ثَوْبه وَلَفظ مُسلم فليأخذ دَاخل إزَاره فلينفض بهَا فرَاشه وليسم الله فَإِنَّهُ لَا يعلم مَا خَلفه بعده على فرَاشه فَإِذا أَرَادَ أَن يضطجع فليضطجع على شقَّه الْأَيْمن وَليقل سُبْحَانَكَ رَبِّي وضعت جَنْبي الخ (قَوْله فَاغْفِر لَهَا) فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فارحمها بدل فَاغْفِر لَهَا زَاد التِّرْمِذِيّ فَإِذا اسْتَيْقَظَ فَلْيقل الْحَمد لله الَّذِي عافاني فِي جَسَدِي ورد عَليّ روحي وَأذن لي بِذكرِهِ // (وَيَضَع يَمِينه تَحت خَدّه (د. ت) وَيَقُول اللَّهُمَّ قني عذابك يَوْم تبْعَث عِبَادك (ز. مص)) // الحَدِيث أخرجه بِاللَّفْظِ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وباللفظ الآخر الْبَزَّار وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا وَلكنه باللفظين جَمِيعًا وَفِي سنَن أبي دَاوُد من حَدِيثهَا قَالَت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يرقد رفع يَده الْيُمْنَى تَحت خَدّه ثمَّ يَقُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 اللَّهُمَّ قني عذابك يَوْم تبْعَث عِبَادك ثَلَاث مَرَّات وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث حُذَيْفَة وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْبَزَّار وَلم يذكر فِيهِ ثَلَاث مَرَّات وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد من حَدِيث الْبَراء رَضِي الله عَنهُ إِذا أويت إِلَى فراشك وَأَنت طَاهِر فتوسد يَمِينك وَفِي رِوَايَة للنسائي من حَدِيث الْبَراء أَيْضا إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه توسد يَمِينه ثمَّ قَالَ بِسم الله وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث أنس بِإِسْنَاد حسن // (بِاسْمِك أَمُوت وَأَحْيَا (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه قَالَ بِاسْمِك أَمُوت وَأَحْيَا وَإِذا قَامَ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَانًا بعد مَا أماتنا وَإِلَيْهِ النشور وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأخرجه أَيْضا مُسلم من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ // (الله أكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ سُبْحَانَ الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ الْحَمد لله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ (خَ. م) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا فَقَالَ أَلا أخْبرك بِمَا هُوَ خير لَك مِنْهُ تسبحين الله عِنْد مَنَامك ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتحمدين الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتكبرين الله أَرْبعا وَثَلَاثِينَ ثمَّ قَالَ سُفْيَان وإحداهن أَرْبعا وَثَلَاثِينَ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَن فَاطِمَة شكت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تلقى فِي يَدهَا من الرحا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا فَلم تَجدهُ فَذكرت ذَلِك لعَائِشَة رَضِي الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 عَنْهَا فَلَمَّا جَاءَ أخْبرته فجاءنا وَقد أَخذنَا مضاجعنا فَذَهَبت أقوم فَقَالَ مَكَانك فَجَلَسَ بَيْننَا حَتَّى وجدت برد قَدَمَيْهِ على صَدْرِي فَقَالَ أَلا أدلكما على مَا هُوَ خير لَكمَا من خَادِم إِذا آويتما إِلَى فراشكما وأخذتما مضاجعكما فَكَبرَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وسبحا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَأحمد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهَذَا خير لَكمَا من خَادِم وَعَن شُعْبَة عَن خَالِد عَن ابْن سِيرِين قَالَ التَّسْبِيح أَرْبعا وَثَلَاثِينَ وَفِي بعض طرق النَّسَائِيّ التَّحْمِيد أَرْبعا وَثَلَاثِينَ زَاد أَبُو دَاوُد فِي بعض طرقه قَالَت رضيت عَن الله عز وَجل وَعَن رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (وَيجمع كفيه ثمَّ ينفث فيهمَا فَيقْرَأ قل هُوَ الله أحد والفلق وَالنَّاس ثمَّ يمسح بهما مَا اسْتَطَاعَ من جسده يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه وَمَا أقبل من جسده ثَلَاث مَرَّات (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه وَنَفث فيهمَا وَقَرَأَ قل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس ثمَّ يسمح بهما مَا اسْتَطَاعَ من جسده يبْدَأ بهما على ظهر رَأسه وَوَجهه وَمَا أقبل من جسده يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات (قَوْله ثمَّ ينفث فيهمَا) قَالَ أَبُو عبيد النفث شَبيه النفخ قَالَ الصفاني وَهُوَ أقل من التفل يُقَال نفث ينفث وينفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا قيل وَهَذَا النفث يكون بعد جمع الْكَفَّيْنِ وَيكون قبل الْقِرَاءَة وَفَائِدَته التَّبَرُّك بالهواء وَالنَّفس // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 (وَيقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث الغول الَّذِي جَاءَ يسرق عَلَيْهِ تمر الصَّدَقَة فَأَخذه ثمَّ خلى سَبيله على أَن يُعلمهُ كَلِمَات يَنْفَعهُ الله بِهن فَقَالَ إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ فَإِنَّهُ لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما انه قد صدقك وَهُوَ كذوب وَأخرج نَحوه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ وَحسنه وَأخرج أَيْضا نَحوه ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ // (وَيَقُول الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا وكفانا وآوانا فكم مِمَّن لَا كَافِي لَهُ وَلَا مؤى (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا آوى إِلَى فرَاشه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عوَانَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا أَخذ مضجعه الْحَمد لله الَّذِي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني وَالَّذِي من عَليّ فأفضل وَالَّذِي أَعْطَانِي فأجزل وَالْحَمْد لله على كل حَال اللَّهُمَّ رب كل شَيْء ومليكه وإله كل شَيْء أعوذ بك من النَّار (قَوْله وآوانا) أَي ردنا إِلَى مأوى وَهُوَ الْمنزل وَلم يجعلنا مِمَّن لَا مأوى لَهُ كَسَائِر الْحَيَوَانَات // (اللَّهُمَّ أَنْت خلقت نَفسِي وَأَنت تتوفاها لَك مماتها ومحياها إِن أحييتها فاحفظها وَإِن أمتها فَاغْفِر لَهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَافِيَة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أَمر رجلا إِذا أَخذ مضجعه قَالَ اللَّهُمَّ أَنْت خلقت نَفسِي الخ فَقَالَ لَهُ الرجل أسمعت هَذَا من عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ من خير من عمر من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَفِي الحَدِيث ذكر الْمَوْت والحياة وَالدُّعَاء للنَّفس على تَقْدِير الْحَيَاة بِالْحِفْظِ وعَلى تَقْدِير الْمَوْت بالمغفرة وَذَلِكَ أَن النّوم شَبيه بِالْمَوْتِ لِأَن الله سُبْحَانَهُ يتوفى فِيهِ نفس النَّائِم كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} فَنَاسَبَ ذكر الْمَجِيء بِهَذَا الدُّعَاء على التَّقْدِيرَيْنِ // (أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات من قَالَهَا غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَت كزبد الْبَحْر أَو عدد ورق الشّجر أَو عدد رمل عالج أَو عدد أَيَّام الدُّنْيَا (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يأوي إِلَى فرَاشه أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث عبد الله بن الْوَلِيد الرصافي وَفِي رِوَايَة زِيَادَة بِلَفْظ وَإِن كَانَت عدد النُّجُوم وَفِي الحَدِيث فَضِيلَة عَظِيمَة ومنقبة جليلة فِي مغْفرَة ذنُوب الْقَائِل بِهَذَا الذّكر ثَلَاث مَرَّات وَأَن كَانَت بَالِغَة إِلَى هَذَا الْحَد الَّذِي لَا يُحِيط بِهِ عدد وَفضل الله وَاسع وعطاؤه جم // (وَإِن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 شَيْء قدير لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله أكبر غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يأوي إِلَى فرَاشه الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مَوْقُوفا (قَوْله غفرت ذنُوبه) وَفِي رِوَايَة أَو خطاياه على الشَّك والشاك مسعر أحد رجال السَّنَد // (اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم رَبنَا وَرب كل شَيْء فالق الْحبّ والنوى ومنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفرْقَان أعوذ بك من شَرّ كل شَيْء أَنْت اخذ بناصيته اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء اقْضِ عَنَّا الدّين وأغننا من الْفقر (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سُهَيْل قَالَ كَانَ أَبُو صَالح يَأْمُرنَا إِذا أَرَادَ أَحَدنَا أَن ينَام أَن يضطجع على شقَّه الْأَيْمن ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات الخ قَالَ وَكَانَ يرْوى ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَيْضا أهل السّنَن قَوْله فالق الْحبّ والنوى أَي الَّذِي يشق حب الطَّعَام وَنوى الثَّمر وَنَحْوهمَا لللأنبات (قَوْله أَنْت الأول) أَي أَنْت الْقَدِيم الَّذِي لَا ابْتِدَاء لَهُ وَالْآخر أَي الْبَاقِي بعد فنَاء خلقه لَا انْتِهَاء لَهُ وَلَا انْقِضَاء لوُجُوده الظَّاهِر الَّذِي ظهر فَوق كل شَيْء الْبَاطِن الَّذِي حجب إبصار الْخَلَائق عَن إِدْرَاكه فَلَيْسَ دُونك شَيْء أَي لَا يَحْجُبهُ شَيْء عَن إِدْرَاك مخلوقاته // (اللَّهُمَّ أسلمت وَجْهي إِلَيْك وفوضت أَمْرِي إِلَيْك وألجأت ظَهْري إِلَيْك رَغْبَة وَرَهْبَة إِلَيْك لَا ملْجأ مِنْك إِلَّا إِلَيْك آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت وبنبيك الَّذِي أرْسلت يجعلهن آخر مَا يتَكَلَّم بِهِ (ع)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أتيت مضجعك فَتَوَضَّأ وضوءك للصَّلَاة ثمَّ اضْطجع على شقك الْأَيْمن ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنِّي وجهت وَجْهي إِلَيْك الخ وَفِي لفظ فَإِن مت فِي ليلتك فَأَنت على الْفطْرَة واجعلهن آخر مَا تَتَكَلَّم بِهِ قَالَ فرددتها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغت آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت قلت وَرَسُولك الَّذِي أرْسلت قَالَ لَا وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا آوى إِلَى فرَاشه نَام على شقَّه الْأَيْمن وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أسلمت نَفسِي إِلَيْك ووجهت وَجْهي إِلَيْك وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أويت إِلَى فراشك وَأَنت طَاهِر فتوسد يَمِينك ثمَّ ذكر نَحوه وَفِي رِوَايَة للنسائي كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا آوى إِلَى فرَاشه توسد يَمِينه ثمَّ قَالَ بِسم الله وَذكره بِمَعْنَاهُ (قَوْله أسلمت وَجْهي إِلَيْك) قيل المُرَاد بِالْوَجْهِ هُنَا النَّفس كَمَا رَوَاهُ النَّوَوِيّ عَن الْعلمَاء وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْوَجْه حَقِيقَة وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْقَصْد كَأَنَّهُ يَقُول قصدتك فِي طلب سلامتي وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ معنى الْوَجْه هُنَا الْقَصْد وَالْعَمَل الصَّالح وَمعنى أسلمت وَجْهي سلمت وَجْهي إِلَيْك إِذْ لَا قدرَة لي وَلَا تَدْبِير لجلب نفع وَلَا دفع ضرّ وَمعنى فوضت أَمْرِي إِلَيْك رَددته إِلَيْك فَلَا حول لي وَلَا قُوَّة إِلَّا بك فَاكْفِنِي همه وَأَصْلحهُ بِمَا شِئْت وَمعنى ألجأت ظَهْري إِلَيْك اعتمدت عَلَيْك فِي جَمِيع أموري وأسندتها إِلَيْك كَمَا يعْتَمد الْإِنْسَان بظهره إِلَى مَا يسْتَند إِلَيْهِ وَمعنى قَوْله رَغْبَة ورهبه إِلَيْك الرَّغْبَة فِي ثوابك ومغفرتك والرهبة من عقابك وسخطك (قَوْله لَا ملْجأ مَهْمُوز من ألجأت وَلَا منجا هُوَ غير مَهْمُوز من النجَاة وَالْمرَاد بِالْكتاب الْقُرْآن وَقيل جَمِيع الْكتب الْمنزلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 (وليقرأ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ثمَّ لينم على خاتمتها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك (حب. ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُرْوَة بن نَوْفَل عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ اقْرَأ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ثمَّ نم على خاتمتها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَصَححهُ ابْن حبَان وَنَوْفَل هَذَا هُوَ ابْن الأشجع وَلَيْسَ لَهُ فِي كتب أهل السّنة إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَفِي الْبَاب أَحَادِيث مِنْهَا عَن جبله بن حَارِثَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ بِرِجَال ثِقَات وَعَن خباب عِنْد الْبَزَّار وَفِي إِسْنَاده جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ ضَعِيف جدا وَعَن عباد بن أخصر عِنْد الْبَزَّار وَفِيه جَابر الْمَذْكُور وَيحيى الْحمانِي وهما ضعيفان وَعَن ابْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَفِيه جبارَة بن الْمُغلس وَهُوَ ضَعِيف جدا وَإِنَّمَا كَانَت بَرَاءَة من الشّرك لما فِيهَا من التبري من عبَادَة مَا يعبده الْمُشْركُونَ // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضعت جَنْبك على الْفراش وقرأت فَاتِحَة الْكتاب وَقل هُوَ الله أحد فقد أمنت من كل شَيْء إِلَّا الْمَوْت (ز. حب)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس قَالَ الهيثمي فِيهِ غَسَّان بن عبيد وَهُوَ ضَعِيف وثقة ابْن حبَان وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح قُلْنَا وَمَعَ تَوْثِيق ابْن حبَان لَهُ فقد صَار من قسم الْحسن لَا من قسم الضَّعِيف قَالَ وَلَا بُد أَن تكون قِرَاءَة هَاتين السورتين بِحُضُور تفكر وَجمع همة وصفاء قلب وَقُوَّة يَقِين وَظَاهر الحَدِيث أَن هَذَا الْأمان يحصل بِمُجَرَّد الْقِرَاءَة وَلَا دَلِيل يدل على اعْتِبَار زِيَادَة على ذَلِك // (إِذا أَوَى الرجل إِلَى فرَاشه ابتدره ملك وَشَيْطَان فَيَقُول الْملك اختم بِخَير وَيَقُول الشَّيْطَان اختم بشر فَإِن ذكر الله ثمَّ نَام بَات الْملك يكلؤه وَإِن وَقع عَن سَرِيره فَمَاتَ دخل الْجنَّة (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ وَلَفظ النَّسَائِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَوَى الرجل إِلَى فرَاشه ابتدره ملك وَشَيْطَان فَيَقُول الْملك اختم بِخَير وَيَقُول الشَّيْطَان افْتَحْ بشر فَإِن ذكر الله تَعَالَى ثمَّ نَام بَات الْملك يكلؤه فَإِذا اسْتَيْقَظَ قَالَ لَهُ الْملك افْتَحْ بِخَير وَقَالَ الشَّيْطَان افْتَحْ بشر فَإِن قَالَ الْحَمد لله الَّذِي رد إِلَيّ نَفسِي وَلم يمتها فِي منامها الْحَمد لله الَّذِي يمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده انه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا الْحَمد لله الَّذِي يمسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ إِن الله بِالنَّاسِ لرؤف رَحِيم فَإِن وَقع من على سَرِيره فَمَاتَ دخل الْجنَّة وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَزَاد فِي آخِره الْحَمد لله الَّذِي يحيي الْمَيِّت وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَقَالَ الهيثمي رَوَاهُ أَبُو يعلى وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج الشَّامي وَهُوَ ثِقَة (قَوْله إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه) هُوَ مَقْصُور لِأَنَّهُ فعل لَازم ويمد إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا وَقد جَاءَ اللآزم والمتعدي فِي الْقُرْآن فَمن اللَّازِم قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة} وَقَوله {إِذْ أَوَى الْفتية إِلَى الْكَهْف} وَمن الْمُتَعَدِّي قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين} وَقَوله تَعَالَى {ألم يجدك يَتِيما فآوى} وَحكى القَاضِي غِيَاض اللغتين فِي كل مِنْهُمَا وَهُوَ بعيد (قَوْله يكلؤه) بِالْهَمْزَةِ المضمومة أَي يحفظه ويحرسه // (مَا من رجل يأوي إِلَى فرَاشه فَيقْرَأ سُورَة من كتاب الله عز وَجل إِلَّا بعث الله إِلَيْهِ ملكا يحفظه من كل شَيْء يُؤْذِيه حَتَّى يهب من نَومه مَتى هَب) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يَأْخُذ مضجعه يقْرَأ سُورَة يس قَالَ الهيثمي وَرِجَال أَحْمد رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَحسنه السُّيُوطِيّ ورد عَلَيْهِ بِأَن فِي إِسْنَاده مَجْهُولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وَأَيْضًا قد ضعف النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاده وَأخرجه أَيْضا ابْن السّني (قَوْله يهب من نَومه مَتى هَب) أَي يَسْتَيْقِظ من نَومه مَتى اسْتَيْقَظَ // فصل فِي آدَاب الرُّؤْيَا (إِذا رأى فِي نَومه مَا يحب فليحمد الله عَلَيْهِ وَلَا يحدث بِمَا رأى إِلَّا من يحب (خَ. م) وَإِذا رأى مَا يكره فليتفل ثَلَاثًا (خَ. م) أَو لينفث ثَلَاثًا عَن يسَاره وليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان وَمن شَرها ثَلَاثًا فَإِنَّهَا لَا تضره (ع) وَلَا يذكرهَا لأحد (خَ) وليتحول عَن جنبه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ (م) أَو ليقمْ فَليصل (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله فِي هَذِه الْأَطْرَاف وَهِي من حَدِيث جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَمِنْهَا حَدِيث أَبى سَلمَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا قَالَ لقد كنت أرى الرُّؤْيَا فتمرضني حَتَّى سَمِعت أَبَا قَتَادَة يَقُول وَأَنا كنت لأرى الرُّؤْيَا فتمرضني حَتَّى سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الرُّؤْيَا الْحَسَنَة من الله فَإِذا رأى أحدكُم مَا يحب فَلَا يحدث بِهِ إِلَّا من يحب وَإِذا رأى مَا يكره فليتعوذ بِاللَّه من شَرها وَمن شَرّ الشَّيْطَان وليتفل ثَلَاثًا وَلَا يحدث بهَا أحدا فَإِنَّهَا لن تضره وَمِنْهَا مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن عَن أَبى قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الله والحلم من الشَّيْطَان فَمن رأى شَيْئا يكرههُ لينفث عَن شِمَاله ثَلَاثًا وليتعوذ من الشَّيْطَان فَإِنَّهَا لَا تضره وَإِن الشَّيْطَان لَا يترائى بِي وَفِي رِوَايَة لمُسلم من حَدِيثه فليبصق عَن يسَاره حِين يهب من نَومه ثَلَاث مَرَّات وَمِنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يُحِبهَا فَإِنَّمَا هِيَ من الله فليحمد الله عَلَيْهَا وليحدث بهَا من يحب وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ من الشَّيْطَان فليستعذ بِاللَّه من شَرها وَلَا يذكرهَا لأحد فَإِنَّهَا لَا تضره وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وَفِيه وَمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 رأى شَيْئا يكرههُ فَلَا يقصه على أحد فَليقمْ فَليصل وَهَذَا لفظ البُخَارِيّ وَمِنْهَا حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَابْن مَاجَه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يكرهها فليبصق عَن يسَاره ثَلَاثًا وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثَلَاثًا وليتحول عَن جنبه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ (قَوْله وَلَا يحدث بهَا إِلَّا من يحب) يَنْبَغِي حمل الرِّوَايَة الْمُطلقَة وَهِي قَوْله فِي حَدِيث أبي سعيد فليحمد الله عَلَيْهَا وليحدث بهَا على هَذِه الرِّوَايَة الْمقيدَة فَلَا يحدث بهَا إِلَّا من يحب وَوجه ذَلِك أَنه إِذا قصّ الرُّؤْيَا على من لَا يُحِبهُ فقد يعبر بِمَا يكره (قَوْله فليتفل) فِي الرِّوَايَة الْآخِرَة فلينفث وَفِي حَدِيث جَابر فليبصق وَالظَّاهِر أَنه يحصل الإمتثال بِمَا فعله من تفل أَو بَصق أَو نفث والتفل أخف من البزق والبصق أخف من التفل والنفخ أخف من النفث ذكر معنى ذَلِك الصفاني يُقَال تفل يتفل ويتفل وَمِنْه تفل الراقي قَالَ النَّوَوِيّ وَالظَّاهِر أَن المُرَاد النفث وَهُوَ نفخ لطيف لَا ريق لَهُ وَهَذَا التفل هُوَ زجر للشَّيْطَان الَّذِي أرَاهُ مَا يكره ليحزنه ويضجره مَعَ زَجره بالاستعاذة مِنْهُ وَالْحَاصِل من الْأَحَادِيث أَنه يتَعَوَّذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم إِذا رأى مَا يكره ويتفل وينفث ويتحول عَن جنبه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يذكرهَا لأحد فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك لم تضره وَإِذا أمكنه الْقيام وَالصَّلَاة كَانَ ذَاك أتم وأكمل وَأخرج ابْن السّني عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا رأى أحدكُم رُؤْيا يكرهها فليتفل ثَلَاث مَرَّات ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عمل الشَّيْطَان وسيئات الأحلام فَإِنَّهَا لَا تكون شَيْئا وَأخرج ابْن السّني عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لمن قَالَ لَهُ رَأَيْت رُؤْيا قَالَ خيرا رَأَيْت وَخيرا يكون وَفِي رِوَايَة لَهُ خيرا تَلقاهُ وشرا توقاه خيرا لنا وشرا على أَعْدَائِنَا الْحَمد لله رب الْعَالمين // (فَإِذا فزع أَو وجد وَحْشَة أَو أرقا فَلْيقل أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من غَضَبه وعقابه وَشر عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون وَكَانَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يلقنها من عقل من وَلَده وَمن لم يعقل كتبهَا لَهُ فِي صك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ثمَّ علقها فِي عُنُقه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمه إِيَّاهَا إِذا فزع من النّوم (د. ت) وَلما شكا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلِيد بن الْوَلِيد أَنه يجد وَحْشَة فِي نَومه قَالَ لَهُ قلها فَإِنَّهُ لَا يَضرك) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا فزع أحدكُم فِي النّوم فَلْيقل أعوذ بِكَلِمَات التامات من غَضَبه وعقابه وَشر عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون فَإِنَّهَا لَا تضره قَالَ وَكَانَ عبد الله بن عَمْرو يلقنها من عقل من وَلَده الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي رِوَايَة للنسائي قَالَ كَانَ خَالِد بن الْوَلِيد رجلا يفزع فِي مَنَامه فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اضطجعت فَقل بِسم الله أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة فَذكر مثله وَقَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ بَلغنِي أَن خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنِّي أروع فِي مَنَامِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل فَذكر مثله وَأخرج مثله الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ حدث خَالِد بن الْوَلِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أهاويل يَرَاهَا بِاللَّيْلِ فَذكره وَرَوَاهُ أَحْمد فِي الْمسند عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْوَلِيد بن الْوَلِيد أَنه قَالَ يَا رَسُول الله أَنِّي أجد وَحْشَة قَالَ إِذا أخذت مضجعك فَقل فَذكر مثله قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَمُحَمّد لم يسمع من الْوَلِيد وَقَالَ الهيثمي رجال أَحْمد رجال الصَّحِيح إِلَّا أَن مُحَمَّد بن يحيى لم يسمع من الْوَلِيد (قَوْله أَو أرقا) الأرق السهر (قَوْله وَمن همزات الشَّيَاطِين) أَي خطراتهم الَّتِي تخطر بقلب الْإِنْسَان (قَوْله فِي صك) الصَّك مَا يكْتب فِيهِ وَقد ورد مَا يدل على عدم جَوَاز التمائم فَلَا تقوم بِفعل عبد الله بن عَمْرو حجَّة // (وَلما شكا إِلَيْهِ خَالِد بن الْوَلِيد الْفَزع علمه مَا علمه جِبْرِيل أعوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ فتن اللَّيْل وَفتن النَّهَار وَمن شَرّ طوارق اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ هَكَذَا فِي إِحْدَى رِوَايَات قصَّة خَالِد وَقَالَ الهيثمي فِي إِسْنَاده الْمسيب بن أوضح وَقد وَثَّقَهُ غير وَاحِد وَضَعفه جمَاعَة وَكَذَلِكَ الْحسن بن على الْعمريّ وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا أَحْمد وَأما حَدِيث تَعْلِيم جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد أخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَلكُل مِنْهُمَا إِسْنَاد جيد مُحْتَج بِهِ من حَدِيث خنبش التَّمِيمِي بِفَتْح الْمُعْجَمَة بعْدهَا نون سَاكِنة وباء مُوَحدَة مَفْتُوحَة وشين مُعْجمَة أَن أَبَا التياح قَالَ لَهُ أدْركْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم قَالَ كَيفَ صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة كادته الشَّيَاطِين قَالَ إِن الشَّيَاطِين تحدرت تِلْكَ اللَّيْلَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الأودية والشعوب وَفِيهِمْ شَيْطَان فِي يَده شعلة من نَار يُرِيد أَن يحرق بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فهبط إِلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ يَا مُحَمَّد قل قَالَ وَمَا أَقُول قَالَ قل أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من شَرّ مَا خلق وذرأ وبرأ وَمن شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمن شَرّ مَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن شَرّ كل طَارق إِلَّا طَارِقًا يطْرق علينا بِخَير يَا رَحْمَن قَالَ فطفئت نارهم وَهَزَمَهُمْ الله تَعَالَى وَقد رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن يحيى بن سعيد مُرْسلا وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود بِنَحْوِهِ (قَوْله لَا يجاوزهن) أَي لَا يحيد عَنْهُن وَلَا يمِيل (قَوْله مَا ذَرأ فِي الأَرْض) أَي خلق وَقد تقدم تَفْسِيره (قَوْله طوارق) جمع طَارق وَهُوَ من الطّرق وَقيل أَصله من الدق وَسمي الْآتِي بِاللَّيْلِ طَارِقًا لإحتياجه إِلَى الدق // (وَلما شكا إِلَيْهِ أَيْضا الأرق علمه اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا أظلت وَرب الْأَرْضين وَمَا أقلت وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضلت كن لي جارا من شَرّ خلقك أَجْمَعِينَ أَن يفرط عَليّ أحد مِنْهُم أَو أَن يطغى عز جَارك وتبارك اسْمك فقالهن فَنَامَ (طص. مص)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَهُوَ من حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ أَنه أَصَابَهُ الأرق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أعلمك كَلِمَات إِذا قلتهن نمت قل اللَّهُمَّ الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا أخرجه فِي الْأَوْسَط قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإِسْنَاده جيد إِلَّا أَن عبد الرَّحْمَن بن ساباط لم يسمع من خَالِد وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيث بُرَيْدَة قَالَ شكا خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا أَنَام من الأرق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أويت إِلَى فراشك فَقل اللَّهُمَّ الخ وَضعف إِسْنَاد حَدِيث بُرَيْدَة الْمُنْذِرِيّ وَالنَّوَوِيّ (قَوْله رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا أظلت) من الإظلال أَي وَمَا ارْتَفَعت عَلَيْهِ واستعلت فَوْقه حَتَّى أظلته قَوْله وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضلت من الاضلال أَي صيرته بإغوائها ضَالًّا (قَوْله أَن يفرط) بِفَتْح الْيَاء التَّحْتِيَّة وَضم الرَّاء وَهُوَ الْعدوان ومجاوزة الْحَد // (وَلما شكا إِلَيْهِ ذَلِك زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ قل اللَّهُمَّ غارت النُّجُوم وهدأت الْعُيُون وَأَنت حَيّ قيوم لَا تأخذك سنة وَلَا نوم يَا حَيّ يَا قيوم اهدأ ليلِي وأنم عَيْني فقاله فَأذْهب الله عَنهُ ذَلِك (ي)) // الحَدِيث أخرجه ابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ شَكَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرقا أصادفه فَقَالَ قل اللَّهُمَّ الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ وَقَالَ الهيثمي وَفِيه عَمْرو بن الْحصين الْعقيلِيّ وَهُوَ مَتْرُوك قلت وَهَذَا الرجل قد أخرج حَدِيثه هَذَا ابْن السّني من طَرِيقه قَالَ حَدثنَا أَبُو يعلى حَدثنَا عَمْرو بن الْحصين بن مَرْوَان عَن أَبِيه عَن جده مَرْوَان بن الحكم عَن زيد بن ثَابت فَذكره (قَوْله غارت) أَي غَابَتْ وَمعنى هدأت أَي سكنت بِمَا حصل فِيهَا من النّوم (قَوْله أهد ليلِي من الْهِدَايَة) وَفِي رِوَايَة أهدأ ليلِي بِالْهَمْزَةِ فَيكون من الهدو أَي اجْعَل قلبِي ليلِي سَاكِنا // (وَإِذا انتبه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَانًا بعد مَا أماتنا وَإِلَيْهِ النشور (خَ)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه قَالَ بِاسْمِك أَمُوت وَأَحْيَا وَإِذا قَامَ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَانًا بعد مَا أماتنا وَإِلَيْهِ النشور وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ (قَوْله بعد مَا أماتنا) جعل النّوم موتا لكَونه شَبِيها بِهِ من حَيْثُ عدم الإحساس وفقد الْإِدْرَاك وَقيل أَن المُرَاد بِهِ الْبَعْث يَوْم الْقِيَامَة بعد الْمَوْت الْحَقِيقِيّ // (لَا إِلَه إِلَّا أَنْت لَا شريك لَك سُبْحَانَكَ أستغفرك لذنبي وَأَسْأَلك رحمتك اللَّهُمَّ زِدْنِي علما وَلَا تزغ قلبِي بعد إِذْ هديتني وهب لي من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتَيْقَظَ من اللَّيْل قَالَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ أستغفرك الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَصَححهُ ابْن حبَان // (وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تضور من اللَّيْل قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الْوَاحِد القهار رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الْعَزِيز الْغفار (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثهَا وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَصَححهُ ابْن حبَان (قَوْله تضور) بالضاد الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْوَاو والتضور هُوَ التقلب فِي الْفراش // (وَقَالَ من قَالَ حِين يَتَحَرَّك بِسم الله عشر مَرَّات سُبْحَانَ الله عشر مَرَّات آمَنت بِاللَّه وكفرت بالطاغوت عشرا وقِي كل شَيْء يتخوفه وَلم يَنْبغ لذنب أَن يُدْرِكهُ إِلَى مثلهَا (طس) وَتقدم مَا يَقُول من تعار من اللَّيْل فِي الْبَاب الثَّانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَقد أخرج التَّسْبِيح عشرا أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لما سَأَلَهَا سَائل عَن مَا كَانَ يفْتَتح بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيام اللَّيْل الحَدِيث الْمُتَقَدّم قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب فِي الزّهْد بعد ذكر هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة من فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقل أحدكُم حِين يُرِيد أَن ينَام آمَنت بِاللَّه وكفرت بالطاغوت وعد الله حق وَصدق المُرْسَلُونَ اللَّهُمَّ أعوذ بك من طوارق اللَّيْل إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير قَالَ الهيثمي وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عباد وَهُوَ ضَعِيف وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن فِي هَذَا الذّكر وقاية من كل مخوف وحجاب عَن كل ذَنْب // الْبَاب الرَّابِع فِيمَا يتَعَلَّق بالطهور وَالْمَسْجِد وَالْأَذَان وَالْإِقَامَة وَالصَّلَاة الرَّاتِبَة وصلوات منصوصات فصل الطّهُور (إِذا دخل الْخَلَاء فَلْيقل بِسم الله (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ستر مَا بَين أعين الْجِنّ وعورات بني آدم إِذا دخل الكنيف أَن يَقُول بِسم الله وَأخرجه التِّرْمِذِيّ بِهَذَا اللَّفْظ وَقَالَ إِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقد اعْترض الْحَافِظ مغلطاي على التِّرْمِذِيّ فِي قَوْله إِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ وَلَا أدرى مَا يُوجب ذَلِك لِأَن جَمِيع من فِي سَنَده غير مطعون عَلَيْهِم بِوَجْه من الْوُجُوه بل لَو قَالَ قَائِل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 إِسْنَاده صَحِيح لَكَانَ مصيبا وَقد صَححهُ السُّيُوطِيّ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيثه وَابْن مَاجَه فِي سنَنه وَقد ذكر جمَاعَة من أهل الْعلم أَنه يسْتَحبّ لمن دخل الْخَلَاء أَنه يَقُول أَولا بِسم الله ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث عملا بِهَذَا الحَدِيث وَهُوَ ينتهض للاحتجاج بِهِ وَقد وَردت أَحَادِيث بمشروعية التَّسْمِيَة لكل مَا يَفْعَله الْإِنْسَان // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث (قَوْله الْخَلَاء) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالمد مَحل قَضَاء الْحَاجة وبالقصر اسْم لموضعها وَأَصله من الْخلْوَة لِأَنَّهُ يقْصد لذَلِك (قَوْله من الْخبث) بِضَم الْبَاء وَقيل بسكونها جمع خَبِيث والخبائث جمع خبيثه وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي الْخبث الْكفْر والخبائث الشَّيَاطِين وَقيل الْخَبيث الشَّيْطَان والخبائث والمعاصي // وَإِذا خرج قَالَ غفرانك (ع، حب) (الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج من الْخَلَاء قَالَ غفرانك وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث إِسْرَائِيل عَن يُوسُف بن أبي بردة وَلَا يعرف فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا حَدِيث عَائِشَة وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَصَححهُ أَيْضا النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار وَأخرج ابْن السّني وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج من الْخَلَاء قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أذاقني لذته وَأبقى فِي قوته وأذهب عني أَذَاهُ (قَوْله غفرانك) هُوَ مَنْصُوب بإضمار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 فعل وَهُوَ أَنِّي أَسأَلك غفرانك قيل وَالْحكمَة فِي هَذَا الاسْتِغْفَار أَنه لما ترك ذكر الله تَعَالَى بِلِسَانِهِ مُدَّة قَضَاء الْحَاجة رأى ذَلِك تقصيرا فاستدرك بالاستغفار وَقيل أَن الاسْتِغْفَار لتَقْصِيره فِي شكر النِّعْمَة الَّتِي أنعم الله عَلَيْهِ بهَا من إطْعَام الطَّعَام وهضمه وتسهيل مخرجه // (وَإِذا تَوَضَّأ فليسم الله (د. ت)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ وَلَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيثه وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث سعيد ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي سعيد وَسَهل بن سعد رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ مُحَمَّد بن اسمعيل احسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن يَعْنِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة والْحَدِيث ينتهض للاحتجاج بِهِ لِكَثْرَة طرقه فَهُوَ حِينَئِذٍ أقل أَحْوَاله أَن يكون من قسم الْحسن لغيره وَقد أطلنا الْكَلَام عَلَيْهِ فِي شرحنا للمنتقي // (ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي ووسع لي فِي دَاري وَبَارك لي فِي رِزْقِي (س. ى)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن السّني من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يتَوَضَّأ فَسَمعته وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي ووسع لي فِي دَاري وَبَارك لي فِي رِزْقِي قَالَ قلت يَا رَسُول الله لقد سَمِعتك تَدْعُو بِكَذَا وَكَذَا قَالَ وَهل تراهن تركن من شَيْء وَرِجَال إِسْنَاد النَّسَائِيّ رجال الصَّحِيح إِلَّا عباد بن عباد بن عَلْقَمَة وَقد وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُد وَيحيى بن معِين وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَصحح إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَعْنَاهُ وَلم يذكر الْوضُوء وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه لَا بَأْس بِالدُّعَاءِ فِيمَا يرجع إِلَى مصَالح الدُّنْيَا والتوسعة فِيهَا وَالْبركَة فِي الرزق // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 (وَإِذا فرغ من الْوضُوء قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخل من أَيهَا شَاءَ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عقبَة بن عَامر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ مَا مِنْكُم من أحد يتَوَضَّأ ثمَّ يَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيثه مُخْتَصرا وَزَاد فِي آخِره اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيث أنس بِلَفْظ وَأحسن الْوضُوء ثمَّ قَالَ ثَلَاث مَرَّات فَذكره وَأخرجه بِهَذِهِ الزِّيَادَة أَحْمد وَإِسْنَاده ضَعِيف // (وَمن تَوَضَّأ فَقَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك كتب فِي رق ثمَّ جعل فِي طَابع فَلم يكسر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَوَضَّأ فَقَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ الخ وَأخرج النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيثه عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَوَضَّأ ففرغ من وضوءه ثمَّ قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك طبع عَلَيْهَا بِطَابع ثمَّ دفعت تَحت الْعَرْش فَلم تكسر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ النَّسَائِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا رَفعه خطأ وَالصَّوَاب مَوْقُوف وَضعف النَّوَوِيّ إِسْنَاده وَأخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله فِي رق) الرّقّ هُوَ مَا يكْتب فِيهِ من جلد أَو غَيره والطابع بِفَتْح الْبَاء هُوَ الْخَاتم وَكسر الْبَاء لُغَة وَالْمعْنَى أَنه يخْتم على ذَلِك الْمَكْتُوب فِي الرّقّ فَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ تَغْيِير وَلَا إبِْطَال // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 فصل فِي أذكار الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد (إِذا خرج للصَّلَاة فَلْيقل اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا وَفِي بَصرِي نورا وَفِي سَمْعِي نورا وَعَن يَمِيني نورا وَخَلْفِي نورا وَاجعَل لي نورا وَفِي عصبي نورا وَفِي لحمي نورا وَفِي دمي نورا وَفِي شعري نورا وَفِي بشري نورا وَفِي لساني نورا وَاجعَل فِي نَفسِي وَأعظم لي نورا (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى الصَّلَاة وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلَفظ مُسلم فِي حَدِيثه الطَّوِيل اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا وَفِي لساني نورا وَاجعَل فِي سَمْعِي نورا وَاجعَل فِي بَصرِي نورا وَاجعَل من خَلْفي نورا وَمن أَمَامِي نورا وَاجعَل من فَوقِي نورا وَمن تحتي نورا اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نورا (قَوْله وَاجعَل فِي قلبِي نورا) إِنَّمَا قدم الْقلب لِأَنَّهُ المضغة الَّتِي إِذا صلحت صلح سَائِر الْبدن وَإِذا فَسدتْ فسد سَائِر الْبدن وَلِأَن الْقلب إِذا نور فاض نوره على الْبدن جَمِيعًا وَمن لَازم تنوير هَذِه الْأَعْضَاء حُلُول الْهِدَايَة لِأَن النُّور يقشع ظلمات الذُّنُوب وَيرْفَع سدفات الآثام // (وَإِذا قَالَ عِنْد دُخُول الْمَسْجِد أعوذ بِاللَّه الْعَظِيم وبوجهه الْكَرِيم وبسلطانه الْقَدِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم قَالَ الشَّيْطَان حفظ مني سَائِر الْيَوْم (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا دخل الْمَسْجِد قَالَ أعوذ بِاللَّه الخ وجود النَّوَوِيّ إِسْنَاده // (وَإِذا دخله فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (د. حب) وَيَقُول اللَّهُمَّ افْتَحْ لي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 أَبْوَاب رحمتك (م) وَإِذا خرج مِنْهُ فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَليقل اللَّهُمَّ اعصمني من الشَّيْطَان (حب. ق) الرَّجِيم (ق) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من فضلك (م)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَابْن مَاجَه وَمُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَمن حَدِيث أبي حميد وَأبي أسيد أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَلفظ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلْيقل اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك وَإِذا خرج فليسلم وَليقل اللَّهُمَّ اعصمني من الشَّيْطَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَزَاد ابْن مَاجَه لفظ الرَّجِيم وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَأما حَدِيث أبي حميد وَأبي أسيد فَقَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك وَإِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ الخ وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح بِنَحْوِ رِوَايَة أبي دَاوُد وَزَاد فِيهِ وَإِذا خرج فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَأَبُو عوَانَة من حَدِيث أبي حميد وَحده وَلَفظ أبي عوَانَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا دخل الْمَسْجِد اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك وَسَهل لنا أَبْوَاب رزقك قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار بعد ذكره لحَدِيث أبي حميد وَأبي أسيد رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَغَيرهم بأسانيد صَحِيحَة وَلَيْسَ فِي رِوَايَة مُسلم فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي رِوَايَة البَاقِينَ زَاد ابْن السّني وَإِذا خرج فليسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَليقل اللَّهُمَّ أعذني من الشَّيْطَان الرَّجِيم وروى هَذِه الزِّيَادَة ابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو حَاتِم فِي صَحِيحهمَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْمَسْجِد يَقُول بِسم الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك وَإِذا خرج قَالَ بِسم الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب فضلك وَرَوَاهُ ابْن مردوية فِي كتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الْأَدْعِيَة من حَدِيثهَا وَزَاد بعد قَوْله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى أل مُحَمَّد // (وَلَا يجلس حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وكرره البُخَارِيّ فِي أَكثر من عشرَة أَبْوَاب وهما رَكعَتَا تَحِيَّة الْمَسْجِد وَمَا كَانَ للْمُصَنف أَن يذكرهما هُنَا بل يؤخرهما إِلَى الصَّلَوَات المنصوصات كَمَا سَيَأْتِي وَمِمَّا يَنْبَغِي ذكره هَهُنَا مَا أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل {فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم تَحِيَّة} قَالَ هُوَ الْمَسْجِد إِذا دَخلته فَقل السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين // (وَإِذا سمع من ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَلْيقل لَا ردهَا الله عَلَيْك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سمع رجلا ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَلْيقل لَا ردهَا الله عَلَيْك فَإِن الْمَسَاجِد لم تبن لهَذَا وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه (قَوْله ينشد ضَالَّة) بِفَتْح التَّحْتِيَّة وَضم الشين الْمُعْجَمَة يُقَال نشدت الضَّالة إِذا طلبتها وأنشدتها إِذا عرفتها // (وَإِذا رأى من يَبِيع أَو يبْتَاع فِيهِ فَلْيقل لَا أربح الله تجارتك (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا رَأَيْتُمْ من يَبِيع أَو يبْتَاع فِي الْمَسْجِد فَقولُوا لَا أربح الله تجارتك وَإِذا رَأَيْتُمْ من ينشد ضَالَّة فِيهِ فَقولُوا لَا ردهَا الله عَلَيْك قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَفِي الْبَاب عَن بُرَيْدَة أَن رجلا نَشد فِي الْمَسْجِد فَقَالَ من دَعَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 إِلَى الْجمل الْأَحْمَر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا وجدت إِنَّمَا بنيت الْمَسَاجِد لما بنيت لَهُ وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز الدُّعَاء على من فعل مَا لَا يُطَابق الشَّرِيعَة المطهرة // فصل الْأَذَان (إِذا سمع الْمُؤَذّن فَلْيقل كَمَا يَقُول (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا سَمِعْتُمْ النداء فَقولُوا كَمَا يَقُول الْمُؤَذّن وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه يَقُول مثل مَا يَقُول فِي جَمِيع أَلْفَاظ الْأَذَان الحيعلتين وَغَيرهمَا وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى // (وَبعد الحيعلتين لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه (خَ. م) إِذا قَالَ ذَلِك من قلبه دخل الْجنَّة (م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر الله أكبر فَقَالَ أحدكُم الله أكبر الله أكبر ثمَّ قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ثمَّ قَالَ حَيّ على الصَّلَاة قَالَ لَا حول لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ قَالَ حَيّ على الْفَلاح قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ قَالَ الله أكبر الله أكبر قَالَ الله أكبر الله أكبر ثمَّ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله من قلبه دخل الْجنَّة وَأخرجه من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه يَنْبَغِي فِي الحيعلتين أَن لَا يَقُول مثل مَا يَقُول بل يَقُول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَيَنْبَغِي أَن يَبْنِي الْعَام على الْخَاص فَيَقُول مثل مَا يَقُول إِلَّا فِي الحيعلتين فيحولق وَقد ذهب بعض أهل الْعلم إِلَى أَنه يَنْبَغِي الْجمع بَين الْخَاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وَالْعَام فَيَقُول فِي الحيعلتين مثل مَا يَقُول ويحولق وَقد أوضحنا الْكَلَام على هَذَا فِي شرحنا للمنتقي // (من قَالَ حِين يسمع الْمُؤَذّن أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَبِالْإِسْلَامِ دينا غفر لَهُ ذَنبه (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يسمع الْمُؤَذّن أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده الخ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه // (ثمَّ ليصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يسْأَل الله لَهُ الْوَسِيلَة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول ثمَّ صلوا عَليّ فَإِنَّهُ من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله بهَا عَلَيْهِ عشرا ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي إِلَّا لعبد من عباد الله وأرجوا أَن أكون أَنا هُوَ فَمن سَأَلَ الله لي الْوَسِيلَة حلت لَهُ شَفَاعَتِي وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ // (اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة آتٍ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يسمع النداء اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة الخ وَفِي آخِره حلت لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 الْقِيَامَة (قَوْله الْوَسِيلَة) قد تقدم قَرِيبا أَنَّهَا نزلة فِي الْجنَّة لَا تنبغي إِلَّا لعبد من عباد الله وَهُوَ يدْفع مَا قيل أَنَّهَا الشَّفَاعَة وَقيل الْوَسِيلَة الْقرب من الله تَعَالَى كَمَا يدل على مَعْنَاهَا لُغَة فَإِنَّهَا الوصيلة الَّتِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى الْمَطْلُوب // (مَا من مُسلم يسمع النداء فيكبر وَيكبر وَيَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ أعْط مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة وَاجعَل فِي الأعلين دَرَجَته وَفِي المصطفين محبته وَفِي المقربين ذكره إِلَّا وَجَبت لَهُ الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله موثقون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا سمع الْمُؤَذّن اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة صل على مُحَمَّد وأعطه سؤله يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ يسْمعهَا من حوله وَيُحب أَن يَقُولُوا مثل ذَلِك إِذا سمعُوا الْمُؤَذّن قَالَ وَمن قَالَ مثل ذَلِك إِذا سمع الْمُؤَذّن وَجَبت لَهُ شَفَاعَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْقِيَامَة وَفِي إِسْنَاده صَدَقَة بن السمين وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلوا الله لي الْوَسِيلَة فَإِنَّهُ لم يسْأَلهَا لي عبد فِي الدُّنْيَا إِلَّا كنت لَهُ شَهِيدا أَو شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة وَفِي إِسْنَاده الْوَلِيد بن عبد الْملك الْحَرَّانِي وَفِيه مقَال وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِلَفْظ من سمع النداء فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وبلغه دَرَجَة الْوَسِيلَة عنْدك واجعلنا فِي شَفَاعَته يَوْم الْقِيَامَة وَجَبت لَهُ الشَّفَاعَة وَفِي إِسْنَاده إِسْحَق بن عبد الله بن كيسَان وَهُوَ لين الحَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 (وَالدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة لَا يرد (ت. حب) فَادعوا (ص) واسألوا الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرد الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح وَزَاد فِيهِ عَن يحيى بن يمَان قَالَ فَمَاذَا نقُول يَا رَسُول الله قَالَ سلوا الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَانِ لَا يردان أَو قَالَ مَا يردان الدُّعَاء عِنْد النداء وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا وَقد قدمنَا طرفا من هَذِه الْأَحَادِيث عِنْد كَلَام المُصَنّف رَحمَه الله على أَوْقَات الْإِجَابَة وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي أُمَامَة أَو عَن بعض الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم ظ أَن بِلَالًا أَخذ فِي الْإِقَامَة فَلَمَّا أَن قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَهَا الله وأدامها وَفِي إِسْنَاده شهر بن حَوْشَب وَفِيه مقَال مَعْرُوف وَأخرج أَحْمد من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَالْمرَاد بالتثويب بهَا الْإِقَامَة وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساعتان لَا ترد على دَاع دَعوته حِين تُقَام الصَّلَاة وَفِي الصَّفّ فِي سَبِيل الله // فصل فِيمَا يُقَال فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة (يَقُول بعد التَّكْبِيرَة وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا مُسلما وَمَا أَنا من الْمُشْركين إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا من الْمُسلمين اللَّهُمَّ أَنْت الْملك لَا إِلَه إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 أَنْت أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك ظلمت نَفسِي وَاعْتَرَفت بذنبي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت واهدني لأحسن الْأَخْلَاق لَا يهدي لأحسنها إِلَّا أَنْت واصرف عني سيئها لَا يصرف عني سيئها إِلَّا أَنْت لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر كُله فِي يَديك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك أَنا بك وَإِلَيْك تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ وجهت وَجْهي الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي وَالنَّسَائِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول ذَلِك بعد التَّكْبِيرَة وَزَاد التِّرْمِذِيّ كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيثه وَزَاد فِيهِ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَزَاد بعد قَوْله حَنِيفا لفظ مُسلما وَقد ورد هَذَا الحَدِيث مُقَيّدا بِصَلَاة اللَّيْل كَمَا فِي صَحِيح مُسلم (قَوْله وجهت وَجْهي) قيل مَعْنَاهُ قصدت بعبادتي وَقيل مَعْنَاهُ أَقبلت بوجهي (قَوْله حَنِيفا) الحنيف المائل إِلَى الدّين الْحق وَهُوَ الْإِسْلَام قَالَه الْأَكْثَر (قَوْله وَأَنا من الْمُسلمين) والنسك الْعِبَادَة والمحيا وَالْمَمَات الْحَيَاة وَالْمَوْت (قَوْله لأحسن الْأَخْلَاق) أَي أكملها أفضلهَا وَمعنى سيئها قبيحها (قَوْله وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك) مَعْنَاهُ لَا يتَقرَّب بِهِ إِلَيْك وَقيل مَعْنَاهُ غير ذَلِك وَقد أوضحنا شرح هَذَا الحَدِيث وتكلمنا على فَوَائده فِي شرحنا للمنتقي فَليرْجع إِلَيْهِ ثمَّة // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 (اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب اللَّهُمَّ اغسل خطاياي بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد اللَّهُمَّ نقني من خطاياي كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسكت بَين التَّكْبِيرَة وَالْقِرَاءَة اسكاته قَالَ أَحْسبهُ قَالَ هنيَّة فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله إسكاتتك بَين التَّكْبِيرَة وَالْقِرَاءَة مَا تَقول قَالَ أَقُول اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاياي الخ وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَلَفظ مُسلم اغسلني من خطاياي (قَوْله باعد) قيل المُرَاد بالمباعدة محو مَا حصل من الْخَطَايَا والعصمة عَمَّا سَيَأْتِي مِنْهَا (قَوْله اللَّهُمَّ اغسل) فِي الرِّوَايَات الْكَثِيرَة تَقْدِيم اللَّهُمَّ نقني على قَوْله اللَّهُمَّ اغسل وَجمع بَين المَاء والثلج وَالْبرد تَأْكِيدًا ومبالغة وَخص الثَّوْب الْأَبْيَض بِالذكر لِأَن الدنس يظْهر فِيهِ زِيَادَة على مَا يظْهر فِي سَائِر الألوان وَالْمرَاد أَن هَذِه الْأَلْفَاظ مجَاز عَن محو الذُّنُوب وَرفع أَثَرهَا وَهَذَا الحَدِيث أصح الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي التَّوَجُّه وكل مَا صَحَّ من التوجهات فالتوجه بِهِ مجزئ وَلَا وَجه لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُجزئ إِلَّا وَاحِد مِنْهَا معِين كَمَا يَقُوله بعض أهل الْعلم وَلكنه يَنْبَغِي الْعُدُول إِلَى الْأَصَح وَأَن كَانَ غَيره من الصَّحِيح مجزئا // (الله أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد لله كثيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا (م) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا أَنا أُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ رجل من الْقَوْم الله أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد لله كثيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْقَائِل كلمة كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رجل من الْقَوْم أَنا يَا رَسُول الله قَالَ عجبت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 لَهَا فتحت لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء قَالَ ابْن عمر فَمَا تركتهن مُنْذُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَلِك وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَزَاد لقد ابتدرها اثْنَا عشر ملكا // (الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ (م. د)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ فَدخل الصَّفّ وَقد حفزه النَّفس فَقَالَ الْحَمد لله كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة قَالَ أَيّكُم الْمُتَكَلّم بالكلمات فأرم الْقَوْم فَقَالَ أَيّكُم الْمُتَكَلّم بهَا فَإِنَّهُ لم يقل بَأْسا فَقَالَ رجل جِئْت وَقد حفزني النَّفس فقلتها فَقَالَ لقد رَأَيْت اثْنَي عشر ملكا يبتدرونها أَيهمْ يرفعها وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَلَفظه وَلَفظ أبي دَاوُد فَقَالَ الله أكبر الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ (قَوْله فأرم الْقَوْم) بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم أَي سكتوا // (وَإِذا قَالَ الإِمَام وَلَا الضَّالّين فَلْيقل آمين وَليقل الْمَأْمُوم آمين يُحِبهُ الله (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَفِيه إِذا قَالَ الإِمَام غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين يحبكم الله وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب بِهَذَا اللَّفْظ (قَوْله آمين فِيهِ أَربع لُغَات أفصحهن وأشهرهن آمين بِالْمدِّ وَالتَّخْفِيف وَالثَّانيَِة بِالْقصرِ وَالتَّخْفِيف وَالثَّالِثَة بالإمالة وَالرَّابِعَة بِالْمدِّ وَالتَّشْدِيد ذكر هَذَا النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار وَمعنى آمين استجب كَذَا قَالَ أَكثر أهل الْعلم وَقَالَ فِي الصِّحَاح معنى آمين كَذَلِك فَلْيَكُن // (وَإِذا أَمن الإِمَام فليؤمن الْمَأْمُوم فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه (خَ. م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ووفي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَإِذا قَالَ الإِمَام غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَلمُسلم مَعْنَاهُ وَفِي رِوَايَة أُخْرَى للْبُخَارِيّ إِذا أَمن الْقَارئ فَأمنُوا فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا نقدم من ذَنبه // (وَلما قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمين مد بهَا صَوته وَرَفعه بهَا فيرتج الْمَسْجِد وَقَالَ آمين ثَلَاث مَرَّات وَحين قَالَ وَلَا الضَّالّين قَالَ رب اغْفِر لي آمين (أ. دق. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث وَائِل بن حجر رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين مد بهَا صَوته وَفِي لفظ لأبي دَاوُد رفع بهَا صَوته وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَفِي لفظ من هَذَا الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رب اغْفِر لي آمين وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَفِي إِسْنَاده أَحْمد بن عبد الْجَبَّار العطاردي وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأثْنى عَلَيْهِ أَبُو كريب وَضَعفه جمَاعَة وَقَالَ ابْن عدي لم أر لَهُ حَدِيثا مُنْكرا وَأخرجه أَيْضا الْبَيْهَقِيّ وَفِي لفظ من هَذَا الحَدِيث للطبراني بِإِسْنَاد حسن أَنه قَالَ آمين ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَلا غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين حَتَّى يسمع من يَلِيهِ من الصَّفّ وَلَفظ ابْن مَاجَه حَتَّى يسْمعهَا أهل الصَّفّ الأول ويرتج بهَا الْمَسْجِد وَأخرجه أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ إِسْنَاده حسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح وَأخرج أَحْمد وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على السَّلَام والتأمين وَصَححهُ السُّيُوطِيّ أَيْضا وَأخرج ابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على أَمِين فإكثروا من قَول آمين وَفِي إِسْنَاده طَلْحَة بن عَمْرو وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج ابْن عدي من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْيَهُود قوم حسد حسدوكم على ثَلَاث إفشاء السَّلَام وَإِقَامَة الصَّلَاة وآمين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث معَاذ مثله وَقد ثَبت فِي مَشْرُوعِيَّة التَّأْمِين سَبْعَة عشر حَدِيثا كَمَا أوضحته فِي شرحي للمنتقي وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَلَيْسَ بيد من خَالف فِي ذَلِك شَيْء يصلح للتمسك بِهِ أصلا وَقد أوضحت ذَلِك فِي الشَّرْح الْمشَار إِلَيْهِ // (وَفِي الرُّكُوع سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا (م. ز)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ وَفِيه ثمَّ ركع فَجعل يَقُول سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَقد ثَبت زِيَادَة ثَلَاثًا فِي كتب السّنَن لَا كَمَا يفِيدهُ رمز المُصَنّف أَنه لم يخرج التَّثْلِيث إِلَّا الْبَزَّار بل أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ركع أحدكُم فَقَالَ فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاث مَرَّات فقد تمّ رُكُوعه وَذَلِكَ أدناه وَإِذا سجد فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا فقد تمّ سُجُوده وَذَلِكَ أدناه وَحَدِيث الْبَزَّار الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف أخرجه من حَدِيث عبد الله ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ من السّنة أَن يَقُول الرجل فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَفِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَفِي إِسْنَاده السّري بن اسمعيل وَهُوَ ضَعِيف وَرَوَاهُ الْبَزَّار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 أَيْضا من حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسبح فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَفِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَهُوَ صَالح الحَدِيث // (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر ان يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك الله اغْفِر لي وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي لفظ لمُسلم من حَدِيثهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما نزلت {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْعَلُوهَا فِي ركوعكم فَلَمَّا نزلت سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى قَالَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ وَأخرجه أَيْضا ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ // (سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا (أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَيْضا أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَفِيه شهر بن حَوْشَب وَهُوَ ضَعِيف وَقد رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن السَّعْدِيّ عَن أَبِيه بِدُونِ قَوْله وَبِحَمْدِهِ وَأخرج أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيث أبي حجيفة وَإِسْنَاده ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد من حَدِيث عقبَة بن عَامر وَقَالَ بعد إِخْرَاجه أَنه يخَاف أَن لَا تكون مَحْفُوظَة يَعْنِي قَوْله وَبِحَمْدِهِ وَقد رويت من طَرِيق ابْن مَسْعُود وَفِي إِسْنَاده السّري بن إِسْمَعِيل وَهُوَ ضَعِيف وَمن طَرِيق حُذَيْفَة وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَهُوَ ضَعِيف وَقد أنكر هَذِه الزِّيَادَة ابْن الصّلاح وَغَيره وَسُئِلَ أَحْمد بن حَنْبَل عَنْهَا فَقَالَ أما أَنا فَلَا أَقُول وَبِحَمْدِهِ // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 (سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ (قَوْله سبوح قدوس) بِضَم أَولهمَا وبفتحهما وَالضَّم أَكثر قَالَ ثَعْلَب كل اسْم على فعول فَهُوَ مَفْتُوح إِلَّا السبوح والقدوس فَإِن الضَّم فيهمَا أَكثر قَالَ الْجَوْهَرِي سبوح من صِفَات الله تَعَالَى قَالَ ابْن فَارس والزبيدي وَغَيرهمَا سبوح هُوَ الله عز وَجل وَكَذَلِكَ قدوس وَالْمرَاد المسبح والمقدس وَمعنى سبوح المبرأ من النقائص وَمعنى قدوس المطهر من كل مَا لَا يَلِيق بِهِ وهما خبران لمبتدأ مَحْذُوف (قَوْله رب الْمَلَائِكَة وَالروح) الرّوح ملك عَظِيم يكون إِذا وقف كجميع الْمَلَائِكَة وَقيل هُوَ جِبْرِيل وعَلى هذَيْن التفسيرين هُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام وَقيل إِن الرّوح خلق لَا تراهم الْمَلَائِكَة كنسبة الْمَلَائِكَة إِلَيْنَا // (اللَّهُمَّ لَك ركعت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت خشع لَك سَمْعِي وبصري ومخي وعظمي وعصبي (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَفِيه حَدِيث طَوِيل وَمِنْه قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ركع قَالَ اللَّهُمَّ لَك ركعت الخ وَإِذا سجد قَالَ اللَّهُمَّ لَك سجدت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت مَسْجِد وَجْهي للَّذي خلقه وصوره وشق سَمعه وبصره تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم وصوره فَأحْسن صورته وَفِي رِوَايَة للنسائي من حَدِيث جَابر خشع سَمْعِي وبصري وَدمِي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب الْعَالمين وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا وَزَاد وَمَا اسْتَقَلت بِهِ قدمي لله رب الْعَالمين // (وَإِذا اعتدل قَالَ سمع الله لمن حَمده اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد (خَ. م) حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ (خَ)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَرِفَاعَة بن رَافع الزرقي رَضِي الله عَنهُ أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَأخْرجهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن إِلَّا ابْن مَاجَه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن حَمده فَقولُوا اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَيْضا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده قَالَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد وَأما حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع فَأخْرجهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ كُنَّا يَوْمًا نصلي وَرَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رفع رَأسه من الرَّكْعَة قَالَ سمع الله لمن حَمده فَقَالَ رجل وَرَاءه رَبنَا وَلَك الْحَمد حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ من الْمُتَكَلّم قَالَ أَنا قَالَ رَأَيْت بضعَة وَثَلَاثِينَ ملكا يبتدرونها أَيهمْ يَكْتُبهَا أول وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن حَمده فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد وَفِي الْبَاب أَحَادِيث حاصلها أَنه يَنْبَغِي للْإِمَام وَالْمُنْفَرد والمؤتم أَن يجمعوا بَين قَوْله سمع الله لمن حَمده وَبَين قَوْله رَبنَا وَلَك الْحَمد وَقد أوضحنا ذَلِك فِي شرحنا للمنتقى // (اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد أهل الثَّنَاء وَالْمجد أَحَق مَا قَالَ العَبْد وكلنَا لَك عبد لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطى لما منعت وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد الخ وَأخرجه من حَدِيثه رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات وَالْأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد (قَوْله أهل الثَّنَاء) مَنْصُوب على النداء أَو على الِاخْتِصَاص (قَوْله ذَا الْجد) بِفَتْح الْجِيم أَي الْحَظ والغنى وَالْعَظَمَة أَو الْمَعْنى أَنه لَا يَنْفَعهُ ذَلِك إِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل الصَّالح // (اللَّهُمَّ طهرني بالثلج وَالْبرد وَالْمَاء الْبَارِد اللَّهُمَّ طهرني من الذُّنُوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 والخطايا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء من بعد اللَّهُمَّ طهرني الخ (قَوْله طهرني من الذُّنُوب) وَفِي رِوَايَة لمُسلم من الدَّرن وَفِي أُخْرَى لَهُ كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الْوَسخ وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَابْن مَاجَه كَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع يَقُول فَذكره وَهَذِه التطهرة بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كِنَايَة عَن محو الذُّنُوب وَخص الثَّوْب الْأَبْيَض لِأَن ظُهُور الدنس فِيهِ أظهر من ظُهُوره فِي غَيره كَمَا تقدم // (ويقنت فِي الْفجْر (ز. مس)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس ابْن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يزل يقنت فِي الصُّبْح حَتَّى فَارق الدُّنْيَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه عبد الرَّزَّاق وَالدَّارَقُطْنِيّ وَفِي إِسْنَاده أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ وَفِيه مقَال وَقَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد رجال حَدِيث أنس الْمَذْكُور موثقون قَالَ الْحَاكِم حَدِيث صَحِيح وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن السنى فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من حَدِيث أُسَامَة بن عُمَيْر أَنه صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر وَصلى قَرِيبا مِنْهُ وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ فَسَمعته يَقُول اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَمُحَمّد أعوذ بك من النَّار ثَلَاث مَرَّات وَلكنه زَاد ابْن السّني سمعته يَقُول وَهُوَ جَالس فَلَا يكون دَلِيلا على الْقُنُوت قبل الرُّكُوع وَلَا بعده وَالْحق اخْتِصَاص الْقُنُوت بالنوازل وَحَدِيث أنس هَذَا لَا تقوم بِهِ الْحجَّة لما تقدم وَأَيْضًا فِيهِ اضْطِرَاب يمْنَع من الِاحْتِجَاج بِهِ وَقد أوضحنا هَذَا فِي شرحنا للمنتقى // (وَفِي سَائِر الصَّلَوَات إِن نزلت نازلة إِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده فِي الرَّكْعَة الْأَخِيرَة (أ. د)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وكما قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع فِي الرَّكْعَة الْأَخِيرَة من الْفجْر يَقُول اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا بعد مَا يَقُول سمع الله لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد فَأنْزل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} إِلَى قَوْله {فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} وَأخرجه أَيْضا البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأما الْأَحَادِيث الدَّالَّة على اخْتِصَاص الْقُنُوت بالنوازل فَهِيَ كَثِيرَة فَمِنْهَا حَدِيث أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ قلت لأبي يَا أَبَت إِنَّك قد صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم وَعلي رَضِي الله عَنهُ هَاهُنَا بالكوفه قَرِيبا من خمس سِنِين أكانوا يقنتون قَالَ أَي بني فَحدث الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَمِنْهَا حَدِيث عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت شهرا ثمَّ تَركه أخرجه أَحْمد وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَصَححهُ من حَدِيثه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقنت إِلَّا إِذا دَعَا لقوم أَو دَعَا على قوم وَأخرج مثله ابْن حبَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَفِي صَحِيح مُسلم وَغَيره من حَدِيث أنس قنت شهرا يَدْعُو على أَحيَاء من أَحيَاء الْعَرَب ثمَّ تَركه وَالْأَحَادِيث الَّتِي فِي ذكر الْقُنُوت مصرحة بِأَنَّهُ كَانَ فِي النَّوَازِل كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من غير فرق بَين الْفجْر وَبَين سَائِر الصَّلَوَات إِلَّا الْقُنُوت فِي الْوتر فَإِنَّهُ ورد موردا خَاصّا كَمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى // (ويؤمن من خَلفه (أز. د)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا مُتَتَابِعًا فِي الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَالصُّبْح فِي دبر كل صَلَاة إِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده من الرَّكْعَة الْأَخِيرَة يَدْعُو على حَيّ من بني سليم على رعل وذكوان وَعصيَّة ويؤمن من خَلفه وَفِي إِسْنَاده هِلَال بن خباب وَفِيه مقَال وَلكنه قد وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين وَغَيرهمَا // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 (وَفِي السُّجُود سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى (م) ثَلَاثًا (ز)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أهل السّنَن وَأحمد أَيْضا من حَدِيثه قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يَقُول فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَفِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وتثليث التَّسْبِيح أخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ركع أحدكُم فَقَالَ فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاث مَرَّات فقد تمّ رُكُوعه وَذَلِكَ أدناه وَإِذا سجد فَقَالَ فِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاث مَرَّات فقد تمّ سُجُوده وَذَلِكَ أدناه وَقد قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى مثل هَذَا فِي الرُّكُوع وَذكرنَا أَن الْبَزَّار روى هَذَا الحَدِيث من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَمن حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا // (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَمَا قدمنَا فِي الرُّكُوع أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكثر من أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَأخرجه أهل السّنَن أَيْضا إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَفِي لفظ لمُسلم أَنه كَانَ يَقُول سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عُقُوبَتك وَأَعُوذ بك مِنْك لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت فقدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْفراش فالتمسته فَوَقَعت يَدي على بطن قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد وهما منصوبتان وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 برضاك الخ (قَوْله اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ برضاك من سخطك) استعاذ بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يجْبرهُ بِرِضَاهُ من سخطه وَكَذَلِكَ استعاذ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يجْبرهُ بمعافاته من عُقُوبَته وَالرِّضَا والسخط ضدان لَا يَجْتَمِعَانِ وَكَذَلِكَ المعافاة والعقوبة فَإِذا حصل لَهُ أَحدهَا سلم من الآخر وَلما صَار إِلَى مَا لَا ضد لَهُ قَالَ وَأَعُوذ بك مِنْك وَمَعْنَاهُ الاستعفاء عَن التَّقْصِير فِيمَا يجب عَلَيْهِ من الْعِبَادَة وَالشُّكْر (قَوْله لَا أحصى ثَنَاء عَلَيْك) أَي لَا أُطِيق إحصاءه وَمَعْنَاهُ لَا أحصي الثَّنَاء بنعمتك وإحسانك وَإِن اجتهدت فِي ذَلِك (قَوْله أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك) فِيهِ الِاعْتِرَاف بِالْعَجزِ عَن الْقيام بِوَاجِب الشُّكْر وَالثنَاء وَأَنه لَا يقدر عَلَيْهِ وَإِن بلغ فِيهِ كل مبلغ بل هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا أثنى على نَفسه فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا أَمر لَا تقوم بِهِ القوى البشرية وَلَكِن أَنْت الْقَادِر على الثَّنَاء على نَفسك بِمَا يَلِيق بهَا فَأَنت كَمَا أثنيت على نَفسك // (اللَّهُمَّ لَك سجدت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت سجد وَجْهي للَّذي خلقه وصوره وشق سَمعه وبصره تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث طَوِيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ركع قَالَ اللَّهُمَّ لَك ركعت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت خشع لَك سَمْعِي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وَإِذا سجد قَالَ اللَّهُمَّ لَك سجدت وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ (قَوْله وصوره) وَفِي رِوَايَة لمُسلم وصوره فَأحْسن صوره // (خشع سَمْعِي وبصري وَدمِي ولحمي وعظمي وعصبي وَمَا اسْتَقَلت بِهِ قدمي لله رب الْعَالمين (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيث بِلَفْظ خشع سَمْعِي وبصري وَدمِي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب الْعَالمين وَلم يذكر وَمَا اسْتَقَلت بِهِ قدمي وَلَكِن ذكرهَا ابْن حبَان فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 صَحِيحه وَالْمرَاد بقوله وَمَا اسْتَقَلت بِهِ قدمي جَمِيع بدنه فَهُوَ من عطف الْعَام على الْخَاص // (سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَمَا تقدم فِي الرُّكُوع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده سبوح قدوس الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَقد تقدم شرح هَذَا الحَدِيث فِي أذكار الرُّكُوع // (اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي كُله دقة وجله أَوله وَآخره وعلانيته وسره (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي سُجُوده اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد (قَوْله دقه وجله) بِكَسْر أَولهمَا وَتَشْديد الْقَاف من دقه وَاللَّام من جله وَمعنى دقه قَلِيله وَمعنى جله كَثِيرَة // سُجُود التِّلَاوَة (سجد وَجْهي للَّذي خلقه وصوره وشق سَمعه وبصره بحوله وقوته مرَارًا (د. ت. س. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي سُجُود الْقُرْآن بِاللَّيْلِ وَسجد وَجْهي الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَزَاد أَبُو دَاوُد يَقُول فِي السَّجْدَة مرَارًا وَزَاد الْحَاكِم فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ // (اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي بهَا عنْدك أجرا وضع عني بهَا وزرا وَاجْعَلْهَا لي عنْدك ذخْرا وتقبلها مني كَمَا تقبلتها من عَبدك دَاوُد (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله رَأَيْتنِي اللَّيْلَة وَأَنا نَائِم كَأَنِّي أُصَلِّي خلف شَجَرَة فسجدت فسجدت الشَّجَرَة لسجودي فسمعتها وَهِي تَقول اللَّهُمَّ أكتب لي بهَا عنْدك أجرا وضع عني بهَا وزرا وَاجْعَلْهَا لي عنْدك ذخْرا وتقبلها مني كَمَا تقبلتها من عَبدك دَاوُد قَالَ الْحسن قَالَ لي ابْن جريج قَالَ لي جدك قَالَ ابْن عَبَّاس فَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَجْدَة ثمَّ سجد فَقَالَ ابْن عَبَّاس فَسَمعته وَهُوَ يَقُول مثل مَا أخبرهُ الرجل عَن قَول الشَّجَرَة وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ هُوَ من شَرط الصَّحِيح وَحسن النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاده // (مَا وضع رجل جَبهته لله سَاجِدا فَقَالَ رب اغْفِر لي ثَلَاثًا إِلَّا رفع رَأسه وَقد غفر لَهُ (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَلكنه لَهُ حكم الرّفْع إِذْ لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِي مثله وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من عبد يسْجد فَيَقُول رب اغْفِر لي ثَلَاث مَرَّات إِلَّا غفر لَهُ قبل أَن يرفع رَأسه قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة مُحَمَّد ابْن جَابر عَن أبي مَالك هَذَا وَلم أر من ترجمها وَلَيْسَ هَذَا خَاصّا بسجود التِّلَاوَة كَمَا يُوهِمهُ ذكر المُصَنّف هُنَا بل هُوَ فِي التَّرْغِيب فِي السُّجُود وَقد ورد فِي ذَلِك مَا كَانَ ذكره هَاهُنَا أولى من تَأْوِيل المُصَنّف على هَذَا الْأَثر فَمِنْهَا مَا أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء وَأخرجه مُسلم وَغَيره من حَدِيث معدان بن أبي طَلْحَة قَالَ لقِيت ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت أَخْبرنِي بِعَمَل يدخلني الله بِهِ الْجنَّة أَو قَالَ قلت بِأحب الْأَعْمَال إِلَى الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 فَسكت ثمَّ سَأَلته فَسكت ثمَّ سَأَلته الثَّالِثَة فَقَالَ سَأَلت عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَلَيْك بِكَثْرَة السُّجُود لله فَإنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفعك الله بهَا دَرَجَة وَحط بهَا عَنْك خَطِيئَة وَأخرج ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد يسْجد لله سَجْدَة إِلَّا كتب لَهُ بهَا حَسَنَة ومحا عَنهُ سَيِّئَة وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة فاستكثروا من السُّجُود وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث ربيعَة بن كَعْب وَكَانَ يخْدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كنت ابيت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فآتيه بوضوئه وَحَاجته فَقلت سلني فَقلت أَسأَلك مرافقتك فِي الْجنَّة قَالَ أَو غير ذَلِك قَالَ هُوَ ذَاك قَالَ فأعني على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود وَأخرج أَحْمد وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد جيد عَن أبي فَاطِمَة قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِعَمَل أستقيم عَلَيْهِ وأعمل قَالَ عَلَيْك بِالسُّجُود فَإنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفعك الله بهَا دَرَجَة وَحط بهَا عَنْك خَطِيئَة وَلَفظ أَحْمد أَنه قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا فَاطِمَة إِن أردْت أَن تَلقانِي فَأكْثر السُّجُود وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات من حَدِيث حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من حَالَة يكون العَبْد عَلَيْهَا أحب إِلَى الله من أَن يرَاهُ سَاجِدا يعفر وَجهه بِالتُّرَابِ وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد صَحِيح من حَدِيث أبي ذَر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من سجد لله سَجْدَة كتب الله لَهُ بهَا حَسَنَة وَحط عَنهُ بهَا سيئه وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث // مَا يُقَال بَين السَّجْدَتَيْنِ اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وَعَافنِي واهدني وارزقني واجبرني وارفعني (د، ت، مس) الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بَين السَّجْدَتَيْنِ اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَفِي رِوَايَة اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني أجبرني وارفعني واهدني وارزقني وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيثه قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَقد جمع ابْن مَاجَه بَين لفظ ارْحَمْنِي وأجبرني وَزَاد وارفعني وَلم يقل واهدني وَلَا عَافنِي وَجمع الْحَاكِم بَينهمَا جَمِيعًا إِلَّا أَنه لم يقل عَافنِي وَفِي إِسْنَاده كَامِل بن الْعَلَاء التَّيْمِيّ السَّعْدِيّ الْكُوفِي وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَتكلم فِيهِ غَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاد حسن وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِنَا فَكَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع انتصب قَائِما حَتَّى يَقُول النَّاس قد نسي وَإِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة مكث جَالِسا حَتَّى يَقُول النَّاس قد نسي وَأخرج أهل السّنَن من حَدِيث حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول بَين السَّجْدَتَيْنِ رب اغْفِر لي رب اغْفِر لي // التَّشَهُّد (التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا السَّلَام على جِبْرِيل وَمِيكَائِيل السَّلَام على فلَان وَفُلَان فَالْتَفت إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الله هُوَ السَّلَام فَإِذا صلى أحدكُم فَلْيقل التَّحِيَّات لله الخ ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمُوهَا أَصَابَت كل عبد صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ أَنه قَالَ ابْن مَسْعُود عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكفي بَين كفيه التَّشَهُّد كَمَا يعلمني السُّورَة من الْقُرْآن فَذكره وَفِي رِوَايَة للنسائي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قَالَ التِّرْمِذِيّ وَهَذَا أصح حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّشَهُّد وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن بعدهمْ من التَّابِعين وَقَالَ الْبَزَّار هُوَ أصح حَدِيث فِي التَّشَهُّد وَالْعَمَل عَلَيْهِ قَالَ وروى من نَيف وَعشْرين طَرِيقا قَالَ مُسلم صَاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 الصَّحِيح إِنَّمَا أجمع النَّاس على تشهد ابْن مَسْعُود لِأَن أَصْحَابه لَا يُخَالف بَعضهم بَعْضًا وَغَيره قد اخْتلف أَصْحَابه وَقَالَ الذهلي أَنه أصح حَدِيث رُوِيَ فِي التَّشَهُّد وَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة وَمن مرجحاته أَنهم اتَّفقُوا على لَفظه وَلم يَخْتَلِفُوا فِي حرف مِنْهُ بل نقلوه مَرْفُوعا على صفحة وَاحِدَة (قَوْله التَّحِيَّات) جمع تَحِيَّة مَعْنَاهَا السَّلَام وَقيل الْبَقَاء وَقيل العظمة وَقيل السَّلامَة من الْآفَات وَقيل الْملك (قَوْله والصلوات) قيل المُرَاد الصَّلَوَات الْخمس وَقيل الْعَادَات كلهَا وَقيل الرَّحْمَة (قَوْله والطيبات) قيل هِيَ مَا طَابَ من الْكَلَام وَقيل ذكر الله تَعَالَى وَهُوَ أخص وَقيل الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَهُوَ أَعم // (التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام عَلَيْهَا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله (م) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن فَكَانَ يَقُول التَّحِيَّات الخ وَأخرجه أهل السّنَن وَلَفظ التِّرْمِذِيّ سَلام فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِدُونِ تَعْرِيف وَلَفظ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَكَذَا وَقع فِي بعض النّسخ من كتاب المُصَنّف وَكَذَا وَقع فيتشهد أبي مُوسَى عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد بِلَفْظ أشهد أَن لَا إِلَه أَلا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي مُوسَى بِلَفْظ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَقد رويت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تشهدات كَثِيرَة من طَرِيق جمَاعَة من الصَّحَابَة كَمَا أَشرت إِلَى ذَلِك فِي شرحي للمنتقى وَالْحق أَنه يُجزئ التَّشَهُّد بِكُل وَاحِد مِنْهَا إِذا كَانَ صَحِيحا وَإِن كَانَ اخْتِيَار أَصَحهَا وَهُوَ تشهد ابْن مَسْعُود أولى وَأحسن لَكِن هَذِه الْأَوْلَوِيَّة والأحسنية لَا تنَافِي جَوَاز التَّشَهُّد بِغَيْرِهِ وَلَا تنَافِي كَونه مجزئا // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 صفة الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ (اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَلا أهْدى لَك هَدِيَّة سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بلَى فأهدها إِلَيّ قَالَ سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْكُم أهل الْبَيْت فَإِن الله قد علمنَا كَيفَ نسلم عَلَيْكُم فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد اللَّهُمَّ وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَفِي لفظ لمُسلم وَبَارك على مُحَمَّد وَلم يقل اللَّهُمَّ وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَلَا يخفاك أَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ لفظ النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأُمِّي كَمَا ذكره المُصَنّف وَإِنَّمَا هَذِه الزِّيَادَة فِي حَدِيث أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ وَلَفظه أَن بشير بن سعد قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرنَا الله أَن نصلي عَلَيْك يَا رَسُول الله فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى تمنينا أَنه لم يسْأَله ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد وَزَاد النَّسَائِيّ كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد فَعرفت بِهَذَا أَن لفظ النَّبِي الْأُمِّي لم يُوجد إِلَّا فِي حَدِيث أبي مَسْعُود لَا فِي حَدِيث كَعْب بن عجْرَة فَإِن أَرَادَ المُصَنّف حَدِيث كَعْب بن عجْرَة فَنعم فقد أخرجه الْجَمَاعَة وَلكنه لَيْسَ فِيهِ النَّبِي الْأُمِّي وَإِن أَرَادَ حَدِيث أبي مَسْعُود فَفِيهِ النَّبِي الْأُمِّي كَمَا فِي بعض رواياته الَّتِي ذَكرنَاهَا وَلكنه لم يتَّفق عَلَيْهِ الْجَمَاعَة فَإِنَّهُ لم يكن فِي البُخَارِيّ فَالظَّاهِر أَن المُصَنّف جمع بَين الْحَدِيثين وَلم تجر لَهُ بذلك عَادَة على أَن فِي حَدِيث أَبى مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ زِيَادَة لفظ فِي الْعَالمين وَلم يذكرهُ المُصَنّف وَقد اخْتلف أهل الْعلم هَل الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاجِبَة فِي التَّشَهُّد أم لَا وَقد أوضحنا مَا هُوَ الْحق فِي شرحنا للمنتقي فَليرْجع إِلَيْهِ // (أقبل رجل حَتَّى جلس بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن عِنْده فَقَالَ يَا رَسُول الله أما السَّلَام عَلَيْك فقد عَرفْنَاهُ فَكيف نصلي عَلَيْك إِذا نَحن صلينَا عَلَيْك فِي صَلَاتنَا فَصمت حَتَّى أحببنا أَن الرجل لم يسْأَله ثمَّ قَالَ إِذا صليتم عَليّ فَقولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد (مس. حب)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ أحد رِوَايَات حَدِيث أبي مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ الَّذِي قد قدمنَا ذكره وَالرجل الْمَذْكُور هُوَ بشير بن سعد كَمَا ذَكرْنَاهُ سَابِقًا وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَفِيه تَقْيِيد الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ فَيُفِيد ذَلِك أَن هَذِه الْأَلْفَاظ المروية مُخْتَصَّة بِالصَّلَاةِ وَأما خَارج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الصَّلَاة فَيحصل الِامْتِثَال بِمَا يفِيدهُ فيفيده قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} فَإِذا قَالَ الْقَائِل اللَّهُمَّ صل وَسلم على مُحَمَّد فقد امتثل الْأَمر القرآني وَقد جَاءَت أَحَادِيث فِي تَعْلِيمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصفة الصَّلَاة عَلَيْهِ فيجزي الْمُصَلِّي أَن يَأْتِي بِوَاحِد مِنْهَا إِذا كَانَ صَحِيحا كَمَا قُلْنَاهُ فِي التَّشَهُّد والتوجه وَلكنه يَنْبَغِي أَن يَأْتِي بِمَا هوى أَعلَى صِحَة وَأقوى سندا كَحَدِيث كَعْب وَأبي مَسْعُود الْمَذْكُورين وَمثل ذَلِك حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَمثل ذَلِك حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَيْضا عِنْد البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله هَذَا التَّسْلِيم فَكيف نصلي عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم قَالَ أَبُو صَالح عَن اللَّيْث على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم // (ثمَّ ليتخير من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ فيدعو (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ طرف من حَدِيث ابْن مَسْعُود الْمُتَقَدّم فِي التَّشَهُّد وَأخرجه بِهَذَا اللَّفْظ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَفِيه التَّفْوِيض للْمُصَلِّي الدَّاعِي بِأَن يخْتَار من الدُّعَاء مَا هُوَ أعجبه إِلَيْهِ إِمَّا من كَلَام النُّبُوَّة أَو من كَلَامه وَالْحَاصِل أَنه يَدْعُو بِمَا أحب من مطَالب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ويطيل فِي ذَلِك أَو يقصر وَلَا حرج عَلَيْهِ بِمَا شَاءَ دَعَا مَا لم يكن إِثْم أَو قطيعة رحم كَمَا سبق فِي الدُّعَاء // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 (اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت فَاغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك وارحمني إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلمنِي دُعَاء أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتي قَالَ قل اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي الخ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه (قَوْله ظلمت نَفسِي) أَي بملابسة مَا يُوجب الْعقُوبَة أَو ينقص الْأجر (قَوْله كثيرا) بِالْمُثَلثَةِ وَالْمُوَحَّدَة قَالَ النَّوَوِيّ يَنْبَغِي أَن يجمع بَينهمَا فَيَقُول كثيرا كَبِير (قَوْله وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا انت) فِيهِ اعْتِرَاف بالقصور وَإِقْرَار بِأَن ذَلِك للرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يقدر عَلَيْهِ غَيره وَمثل ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله} وَهَذَا الحَدِيث مُطلق لَيْسَ فِيهِ تعْيين الْموضع الَّذِي يُقَال فِيهِ قَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد رَحْمَة الله وَلَعَلَّ الأولى أَن يكون فِي أحد مَوَاطِن السُّجُود أَو التَّشَهُّد لِأَنَّهُ أَمر فيهمَا بِالدُّعَاءِ وَقد أَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى مَحَله فَأوردهُ فِي بَاب الدُّعَاء قبل السَّلَام // (اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أسرفت وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث طَوِيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ آخر مَا يَقُول بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي حَدِيث الْإِحَاطَة بمغفرة جَمِيع الذُّنُوب متقدمها ومتأخرها وسرها وعلنها وَمَا كَانَ مِنْهَا على جِهَة الْإِسْرَاف وَمَا علم بِهِ الدَّاعِي وَمَا لم يعلم بِهِ // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من المغرم والمأثم (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَفِي آخِره فَقَالَ لَهُ قَائِل مَا أَكثر مَا تستغيث من المغرم قَالَ لِأَن الرجل إِذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث تعْيين مَحل التَّعَوُّذ من هَذِه الْأُمُور لِأَنَّهُ قَالَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة وَلكنه سَيَأْتِي فِي الحَدِيث الْمَذْكُور بعد هَذَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ من آخر مَا يَقُول بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم وَفِي رِوَايَة مِنْهُ إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد (قَوْله فتْنَة الْمحيا) هِيَ مَا يعرض للْإنْسَان مُدَّة حَيَاته من الْفِتَن فِي الدُّنْيَا وشهواتها (وفتنة الْمَمَات) هِيَ الْفِتْنَة عِنْد الْمَوْت بِأَن يذهل عَن التَّخَلُّص مِمَّا عَلَيْهِ وَمن كلمة الشَّهَادَة وَقيل المُرَاد بهَا فتْنَة الْقَبْر كَمَا ورد فِي الحَدِيث أَنهم يفتنون فِي قُبُورهم وَالْمرَاد بفتنة الْمَسِيح الدَّجَّال هِيَ مَا يظْهر على يَده من الْأُمُور الَّتِي يضل بهَا من ضعف إيمَانه كَمَا اشْتَمَلت على ذَلِك الْأَحَادِيث الْمُشْتَملَة على ذكره وَذكر خُرُوجه وَمَا يظْهر للنَّاس من تِلْكَ الْأُمُور (قَوْله من المأثم) أَي مَا يُوجب الْإِثْم وَمن المغرم وَهُوَ الدّين وَقد استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَلَبَة الدّين واستعاذ من ضلع الدّين كَمَا فِي الْأَحَادِيث المصرحة بذلك // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب جَهَنَّم وَمن عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تشهد أحدكُم فليستعذ بِاللَّه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 من أَربع يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب جَهَنَّم الخ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير فليتعوذ بِاللَّه من أَربع وَقد تقدم شرح مَا يحْتَاج إِلَى شَرحه من هَذِه الْأَلْفَاظ // (بعد السَّلَام لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير ثَلَاث مَرَّات أَو مرّة اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي دبر كل صَلَاة إِذا سلم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطى لما منعت وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول هَذَا التهليل وَحده ثَلَاث مَرَّات وَزَاد الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أُخْرَى عَن الْمُغيرَة يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَرُوَاته موثقون وروى مثله الْبَزَّار من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ بِسَنَد صَحِيح لَكِن فِي أدعية الصَّباح والمساء لَا فِي هَذِه الْمَوَاضِع (قَوْله وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد) قد تقدم ضَبطه وَتَفْسِيره // (وَبعد الْمرة لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه لَهُ النِّعْمَة وَله الْفضل وَله الثَّنَاء الْحسن لَا إِلَه إِلَّا الله مُخلصين لَهُ الدّين وَلَو كره الْكَافِرُونَ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول دبر كل صَلَاة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه لَهُ النِّعْمَة الخ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهلل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 بِهن دبر كل صَلَاة وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ (قَوْله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه) فِي بعض نسخ المُصَنّف لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه وَفِي بَعْضهَا حذف التهليل من هَذَا الْموضع وَالصَّوَاب إثْبَاته لِأَنَّهُ ثَابت فِي الْأُصُول // (أسْتَغْفر الله ثَلَاثًا اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا انْصَرف من صلَاته ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام الخ قَالَ الْوَلِيد فَقلت للأوزاعي كَيفَ الاسْتِغْفَار قَالَ يَقُول أسْتَغْفر الله أسْتَغْفر الله وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْمرَاد بالانصراف الْمَذْكُور فِي الحَدِيث السَّلَام (قَوْله أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام) الأول من أَسمَاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالثَّانِي من السَّلامَة (قَوْله تَبَارَكت) تفاعلت من الْبركَة وَهِي الْكَثْرَة وَمَعْنَاهُ تعاظمت إِذا كثرت صِفَات جلالك وكمالك // (سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر ليَكُون مِنْهُنَّ كُلهنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرّة أَو إِحْدَى عشرَة وَإِحْدَى عشرَة فَذَلِك كُله ثَلَاث وَثَلَاثُونَ أَو عشرا عشرا عشرا (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور من الْأَمْوَال بالدرجات العلى وَالنَّعِيم الْمُقِيم يصلونَ كَمَا نصلي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم وَلَهُم فضل من أَمْوَال يحجون بهَا ويعتمرون ويجاهدون وَيَتَصَدَّقُونَ فَقَالَ أَلا أحدثكُم بِشَيْء إِذا أَخَذْتُم بِهِ أدركتم من سبقكم وَلم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أَنْتُم بَين ظهرانيه إِلَّا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فاختلفنا بَيْننَا فَقَالَ بَعْضنَا نُسَبِّح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَنَحْمَد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ونكبر أَرْبعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وَثَلَاثِينَ فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَ تَقولُونَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر حَتَّى يكون مِنْهُنَّ كُلهنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَزَاد مُسلم فَرجع فُقَرَاء الْمُهَاجِرين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا سمع إِخْوَاننَا أهل الْأَمْوَال بِمَا فعلنَا فَفَعَلُوا مثله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَفِي رِوَايَة لمُسلم من هَذَا الحَدِيث تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ إِحْدَى عشرَة وَإِحْدَى عشرَة وَإِحْدَى عشرَة فَذَلِك كُله ثَلَاث وَثَلَاثُونَ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث تسبحون فِي دبر كل صَلَاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا وَأخرج أول هَذَا الحَدِيث النَّسَائِيّ أَيْضا وَأخرج أَحْمد وَأهل السّنَن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالنَّوَوِيّ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خصلتان لَا يحصيهما رجل مُسلم إِلَّا دخل الْجنَّة وهما يسير وَأجر من يعْمل بهما كثير يسبح الله فِي دبر كل صَلَاة عشرا ويكبره عشرا وَيَحْمَدهُ عشرا قَالَ فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعقدها بِيَدِهِ فَتلك خَمْسُونَ وَمِائَة بِاللِّسَانِ وَألف وَخَمْسمِائة فِي الْمِيزَان وَأخرجه أَحْمد من حَدِيث عَليّ بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات وَأخرج عدد الإحدى عشرَة الْمَذْكُور الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر وَفِي إِسْنَاده مُوسَى ابْن عُبَيْدَة الربذى وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج حَدِيث الْعشْر أَيْضا الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَفِي إِسْنَاده عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الوَاسِطِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ عطا بن السَّائِب وَهُوَ ثِقَة وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح // (من سبح دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحمد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكبر الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثمَّ قَالَ تَمام الْمِائَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير غفرت خطاياه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سبح الله دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحمد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكبره ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَتلك تسع وَتسْعُونَ وَقَالَ تَمام الْمِائَة لَا إِلَه إِلَّا الله الخ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي بعض طرق النَّسَائِيّ من حَدِيثه هَذَا من سبح فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة مائَة وَكبر مائَة وَهَلل مائَة وَحمد مائَة غفرت لَهُ ذنُوبه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر // (مُعَقِّبَات لَا يخيب قائلهن أَو فاعلهن دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة ثَلَاث وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَة وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَة وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مُعَقِّبَات الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا التِّرْمِذِيّ النَّسَائِيّ (قَوْله مُعَقِّبَات) هُوَ من التعقيب وَهُوَ الْجُلُوس بعد انْقِضَاء الصَّلَاة للدُّعَاء وَنَحْوه وَيجوز أَن يُرَاد بِهِ الْعود مرّة بعد أُخْرَى // (أَو من كل ذَلِك مَعَ لَا إِلَه إِلَّا الله عشرا يدْرك بِهِ من سبقه وَلَا يسْبقهُ من بعده (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله الْأَغْنِيَاء يصلونَ كَمَا نصلي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم وَلَهُم أَمْوَال يعتقون وَيَتَصَدَّقُونَ فَقَالَ إِذا صليتم فَقولُوا سُبْحَانَ الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَالْحَمْد لله ثَلَاثًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وَثَلَاثِينَ وَالله أكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ مرّة وَلَا إِلَه إِلَّا الله عشر مَرَّات فَإِنَّكُم تدركون بِهِ من سبقكم وَلَا يسبقكم من بعدكم قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه غَرِيب وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ بِمَعْنَاهُ وَعِنْده التَّكْبِير ثَلَاث وَثَلَاثُونَ // (أَو من كل مائَة مَعَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَلَو كَانَت خطاياه مثل زبد الْبَحْر لمحتها (أ)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي كثير مولى بني هَاشم أَنه سمع أَبَا ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كَلِمَات من ذكرهن مائَة مرّة دبر كل صَلَاة الله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ لَو كَانَت خطاياه مثل زبد الْبَحْر لمحتها وَهُوَ مَوْقُوف وَلَكِن لَهُ حكم الرّفْع لِأَن مثل هَذَا لَا يُقَال من قبيل الِاجْتِهَاد قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَأَبُو كثير يَعْنِي الرَّاوِي عَن أبي ذَر لم أعرفهُ وَبَقِيَّة رِجَاله حَدِيثهمْ حسن // (أَو من كل مِنْهَا وَمن التهليل مائَة مائَة غفرت لَهُ ذنُوبه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر (س)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سبح الله فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة مائَة وَكبر مائَة وَهَلل مائَة وَحمد مائَة غفرت لَهُ ذنُوبه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر // (أومن كل خمْسا وَعشْرين مرّة (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ أمروا أَن يسبحوا دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ويحمدوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ويكبروا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَأتى رجل من الْأَنْصَار فِي مَنَامه فَقيل أَمركُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تسبحوا دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وتحمدون ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتكبرون ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ قَالَ نعم قَالَ اجعلوا ذَلِك خمْسا وَعشْرين وَاجْعَلُوا فِيهَا التهليل فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ اجعلوه كَذَلِك وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك // (والمعوذات (س. د) والمعوذتين (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَقرَأ المعوذات دبر كل صَلَاة وَصحح هَذَا الحَدِيث ابْن حبَان وَالْمرَاد بالمعوذات أَو المعوذتين {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَكلهمْ رَوَوْهُ بِلَفْظ المعوذات إِلَّا التِّرْمِذِيّ فَرَوَاهُ بِلَفْظ المعوذتين وَكَذَلِكَ ابْن حبَان // (من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ الخ وَفِي إِسْنَاد النَّسَائِيّ الْحسن بن بشر قَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا بأسانيد قَالَ الْمُنْذِرِيّ أَحدهَا صَحِيح وَقَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد أَحدهمَا جيد وَصَححهُ ابْن حبَان وَزَاد الطَّبَرَانِيّ فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث و {قل هُوَ الله أحد} قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإسْنَاد هَذِه الزِّيَادَة جيد وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث الدمياطي من حَدِيث أبي أُمَامَة وَعلي وَعبد الله بن عَمْرو والمغيرة وَجَابِر وَأنس رَضِي الله عَنْهُم وَقَالَ وَإِذا انضمت هَذِه الْأَحَادِيث بَعْضهَا إِلَى بعض أحدثت قُوَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 (وَفِي لفظ كَانَ فِي ذمَّة الله إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْحسن بن على رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة كَانَ فِي ذمَّة الله إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُبْن وَأَعُوذ بك أَن أرد إِلَى أرذل الْعُمر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يعلم بنيه هَذِه الْكَلِمَات كَمَا يعلم الْمعلم الغلمان الْكِتَابَة وَيَقُول إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَعَوَّذ بِهن دبر الصَّلَاة اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُبْن الخ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَفِي لفظ بِزِيَادَة وَأَعُوذ بك من الْبُخْل (قَوْله من الْجُبْن) بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْبَاء وتضم وَهُوَ المهابة للأشياء والتأخر عَن فعلهَا وَإِنَّمَا تعوذ مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى عدم الْقيام بفريضة الْجِهَاد والصدع بِالْحَقِّ وإنكار الْمُنْكَرَات وَقد قدمنَا ضبط هَذَا اللَّفْظ وَتَفْسِيره قَوْله وَأَن أرد إِلَى أرذل الْعُمر هُوَ الْبلُوغ إِلَى حد فِي الْهَرم يعود مَعَه كالطفل فِي ضعف الْعقل وَقلة الْفَهم وفتنة الدُّنْيَا الاغترار بشهواتها وَقد تقدم الْكَلَام على عَذَاب الْقَبْر // (رب قني عذابك يَوْم تبْعَث عِبَادك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحببنا أَن نَكُون عَن يَمِينه يقبل علينا بِوَجْهِهِ قَالَ فَسَمعته يَقُول رب قني عذابك يَوْم تبْعَث عِبَادك أَو تجمع عِبَادك وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 (وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول دبر كل صَلَاة اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل أعذني من حر النَّار وَعَذَاب الْقَبْر (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الخ وَقد ذكر هَذَا الحَدِيث فِي مجمع الزَّوَائِد من حَدِيثهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَرب إسْرَافيل وَرب مُحَمَّد أعوذ بك من النَّار ثمَّ يخرج إِلَى الصَّلَاة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِي إِسْنَاده عبد الله بن حميد وَهُوَ مَتْرُوك وَقَالَ فِي مَوضِع أخر فِي مجمع الزَّوَائِد قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ نَحوه من غير تَقْيِيد بركعتي الْفجْر ثمَّ قَالَ رَوَاهُ يَعْنِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي سَاق لَفظه أَبُو يعلى عَن شَيْخه سُفْيَان بن وَكِيع وَهُوَ ضَعِيف وَلم يذكر هَذَا الحَدِيث فِي الْأَذْكَار الَّتِي تقال دبر كل صَلَاة وَقد عزاهُ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع بِهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف إِلَى النَّسَائِيّ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَلم يذكر دبر كل صَلَاة وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ قَالَ القَاضِي عِيَاض تخصيصهم بربويته وَهُوَ رب كل شَيْء مُبَالغَة فِي التَّعْظِيم وَدَلِيل على الْقُدْرَة وَالْملك وَأَشْبَاه هَذَا كثير وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ تخصيصهم بِالذكر لانتظام هَذَا الْوُجُود بهم // (اللَّهُمَّ أَعنِي على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ بِيَدِهِ يَوْمًا ثمَّ قَالَ يَا معَاذ إِنِّي لَأحبك قَالَ بِأبي وَأمي أَنْت يَا رَسُول الله وَأَنا وَالله أحبك قَالَ أوصيك يَا معَاذ أَلا تدعن دبر كل صَلَاة أَن تَقول اللَّهُمَّ أَعنِي على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحَيْهِمَا وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَهَذَا الحَدِيث مسلسل بالمحبة كَمَا ذكرته فِي إتحاف الأكابر بِإِسْنَاد الدفاتر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 (اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطاياي وعمدي اللَّهُمَّ اهدني لصالح الْأَعْمَال والأخلاق لَا يهدي لصالحها وَلَا يصرف سيئها إِلَّا أَنْت (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا صليت وَرَاء نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة إِلَّا وَهُوَ بَين ينْصَرف من صلَاته يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطاياي الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده جيد وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر قَالَ مَا صليت وَرَاء نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا سمعته يَقُول حِين ينْصَرف من صلَاته اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطاياي وعمدي الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله وثقوا وَأخرجه من حَدِيث أبي أَيُّوب أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَلَفظه اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطئي وذنوبي كلهَا اللَّهُمَّ أنعشني واجبرني وارزقني واهدني لصالح الْأَعْمَال والأخلاق لَا يهدي لصالحها إِلَّا أَنْت وَلَا يصرف سيئها إِلَّا أَنْت وَأخرجه ابْن السنى من حَدِيث أبي أُمَامَة بِلَفْظ الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَال الصَّحِيح غير الزبير بن خريق وَهُوَ ثِقَة وَقَالَ فِي مَوضِع آخر رِجَاله وثقوا (اللَّهُمَّ أصلح لي ديني ووسع لي فِي ذداري وَبَارك لي فِي رِزْقِي (أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَأحمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وهما روياه من حَدِيث رجل من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَزَاد فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُن يَعْنِي عَن هَذِه الْكَلِمَات فَقَالَ وَهل تركن من شَيْء وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن السّني من حَدِيث أبي مُوسَى قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوضُوء فَتَوَضَّأ فَسَمعته يَدْعُو يَقُول اللَّهُمَّ أصلح لي الخ وَترْجم عَلَيْهِ ابْن السّني بَاب مَا يَقُول بَين ظهراني وضوئِهِ وَترْجم لَهُ النَّسَائِيّ بَاب مَا يَقُول بعد فرَاغ وضوئِهِ قَالَ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاده صَحِيح وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي ووسع لي فِي دَاري وَبَارك لي فِي رِزْقِي وَصَححهُ السُّيُوطِيّ فَالْحَدِيث من أذكار الصَّلَاة وَمن أذكار الْوضُوء بِاعْتِبَار مَجْمُوع الرِّوَايَات // (سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين (ص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن يزِيد ابْن أَرقم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ دبر كل صَلَاة سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ وَزَاد فقد اكتال بالجريب الأوفى من الْأجر قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه عبد الْمُنعم بن بشير وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نَعْرِف انصراف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبيد بن عُمَيْر وَهُوَ مَتْرُوك وَأخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ إِذا سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصَّلَاة قَالَ ثَلَاث مَرَّات سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَحسنه السُّيُوطِيّ // (وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى وَفرغ من صلَاته يمسح بِيَمِينِهِ على رَأسه وَيَقُول بِسم الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ أذهب عني الْهم والحزن (ز. طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى وَفرغ من صلَاته مسح بِيَدِهِ وَقَالَ الخ وَأخرجه ابْن السّني من حَدِيثه أَيْضا بِلَفْظ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قضى صلَاته مسح جَبهته بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثمَّ قَالَ أشهد أَن لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 أَله إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله اللَّهُمَّ أذهب عني الْهم والحزن قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد بعد إِخْرَاج هَذَا الحَدِيث وَفِي إِسْنَاده زيد الْعَمى وَقد وَثَّقَهُ غير وَاحِد وَضَعفه الْجُمْهُور وَبَقِيَّة رجال أحد إسنادي الطَّبَرَانِيّ ثِقَات وَفِي بَعضهم خلاف وَقد تقدم تَفْسِير الْهم والحزن فَلَا نعيده وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْخَطِيب فِي التَّارِيخ بِلَفْظ كَانَ إِذا صلى مسح بِيَدِهِ // (ودبر صَلَاة الصُّبْح من قَالَ وَهُوَ ثَان رجلَيْهِ قبل أَن يتَكَلَّم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات كتب لَهُ عشر حَسَنَات ومحى عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات وَكَانَ يَوْمه فِي حرز من الشَّيْطَان فَإِن قَالَهَا مائَة مرّة كَانَ من أفضل أهل الأَرْض عملا (طس. ت)) // الحَدِيث أخرجه أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ دبر صَلَاة الْفجْر وَهُوَ ثَان رجلَيْهِ قبل أَن يتَكَلَّم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الخ وَفِي آخِره وَكَانَ يَوْمه ذَلِك فِي حرز من كل مَكْرُوه وحرس من الشَّيْطَان وَلم يَنْبغ لذنب أَن يُدْرِكهُ فِي ذَلِك الْيَوْم إِلَّا الشّرك بِاللَّه تَعَالَى هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقد جمع بَين قَوْله قان رجلَيْهِ وَبَين قَوْله قبل أَن يتَكَلَّم قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب صَحِيح وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَزَاد فِيهِ بِيَدِهِ الْخَيْر وَزَاد فِيهِ أَيْضا وَكَانَ لَهُ بِكُل وَاحِدَة قَالَهَا عتق رَقَبَة وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث معَاذ وَلَيْسَ فِيهِ يحيي وَيُمِيت وَقَالَ فِيهِ وَكن لَهُ عدل عشر رِقَاب وَلم يلْحقهُ فِي ذَلِك الْيَوْم ذَنْب وَمن قَالَهَا حِين ينْصَرف من صَلَاة الْعَصْر أعْطى مثل ذَلِك فِي ليلته وَرِوَايَة الْمِائَة مرّة الَّتِي عزاها المُصَنّف إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط أَصْلهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وَهُوَ على كل شَيْء قدير فِي يَوْمه مائَة مرّة كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب وَكتب لَهُ مائَة حَسَنَة ومحى عَنهُ مائَة سَيِّئَة وَكَانَت لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان يَوْمه حَتَّى يُمْسِي وَلم يَأْتِ أحد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رجل عمل أَكثر مِنْهُ // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك رزقا طيبا وعلما نَافِعًا وَعَملا متقبلا (صط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بعد صَلَاة الْفجْر اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله ثِقَات وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن مَاجَه وَابْن السّني وَمن حَدِيثهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الصُّبْح قَالَ الخ // (ودبر الْمغرب وَالصُّبْح جَمِيعًا أَيْضا قبل أَن ينْصَرف ويثنى رجلَيْهِ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات كتب لَهُ عشر حَسَنَات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات ومحى عَنهُ عشر سيئات وَكَانَ يَوْمه فِي حرز من الشَّيْطَان (أ. س. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ إِذا أصبح لَا إِلَه إِلَّا الله الخ وَقَالَ فِي آخِره كن لَهُ عدل عتاقة أَربع رِقَاب وَكن لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان حَتَّى يُمْسِي وَمن قَالَهَا إِذا صلى الْمغرب دبر صلَاته فَمثل ذَلِك حَتَّى يصبح وَأخرجه من حَدِيثه بِهَذَا اللَّفْظ الطَّبَرَانِيّ وَقَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله ثِقَات وَصَححهُ ابْن حبَان وَهُوَ عِنْده بِهَذَا اللَّفْظ كَمَا ذَكرْنَاهُ // (وبعدهما قبل أَن يتَكَلَّم اللَّهُمَّ أجرني من النَّار سبع مَرَّات (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث مُسلم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أسر إِلَيْهِ فَقَالَ إِذا انصرفت من صَلَاة الْمغرب فَقل اللَّهُمَّ أجرني من النَّار سبع مَرَّات فَإنَّك إِذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 قلت ذَلِك ثمَّ مت فِي ليلتك كتب لَك جَوَاز مِنْهَا وَإِذا صليت الصُّبْح فَقلت كَذَلِك فَإنَّك إِن مت من يَوْمك كتب لَك جَوَاز مِنْهَا وَصحح هَذَا الحَدِيث ابْن حبَان // فضل التَّطَوُّع (أفضل الصَّلَاة بعد الْمَكْتُوبَة الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الصَّلَاة أفضل بعد الْمَكْتُوبَة قَالَ الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل قَالَ فَأَي الصّيام أفضل بعد رَمَضَان قَالَ شهر الله الْمحرم وَأخرجه أَيْضا أهل السّنَن وَفِي الْبَاب أَحَادِيث وَقد اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي شرحنا للمنتقى فِي بَاب مَا جَاءَ فِي قيام اللَّيْل فَليرْجع إِلَيْهِ (قَوْله جَوف اللَّيْل) قد ورد مُقَيّدا بِلَفْظ جَوف اللَّيْل الآخر وَهُوَ الثُّلُث الْأَخير وَهُوَ الْخَامِس من أَسْدَاس اللَّيْل // (أفضل الصَّلَاة صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أفضل الصَّلَاة صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيثه وَأخرج ابْن مَاجَه مَعْنَاهُ من حَدِيث عبد الله بن سعد وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَفضَلِيَّة صَلَاة التَّطَوُّع فِي الْبيُوت وَظَاهره أَنَّهَا أفضل من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَفِي مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد ورد التَّصْرِيح بذلك فِي إِحْدَى روايتي أبي دَاوُد لحَدِيث زيد بن ثَابت هَذَا فانه قَالَ فِيهَا صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته أفضل من صلَاته فِي مَسْجِدي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَة قَالَ الْعِرَاقِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح وَالْمرَاد بالمكتوبة هِيَ الصَّلَوَات الْخمس قَالَ النَّوَوِيّ إِنَّمَا حث على النَّافِلَة فِي الْبَيْت لكَونه أخْفى وَأبْعد من الرِّيَاء وأصون من محبطات الْأَعْمَال وليتبرك الْبَيْت بذلك وتنزل فِيهِ الرَّحْمَة وَالْمَلَائِكَة وينفر الشَّيْطَان مِنْهُ كَمَا جَاءَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 الحَدِيث وَفِي الْبَاب احاديث قد اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي شرحنا للمنتقى // (صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ صَلَاة اللَّيْل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى فَإِذا خفت الصُّبْح فأوتر بِوَاحِدَة وَأخرجه من حَدِيثه أهل السّنَن الْأَرْبَع أَيْضا وَأحمد وَزِيَادَة لفظ وَالنَّهَار أخرجهَا أَيْضا أَحْمد وَأهل السّنَن بِلَفْظ صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى وَقد اخْتلف فِي هَذِه الزِّيَادَة وضعفها جمَاعَة لِأَنَّهَا من طَرِيق عَليّ الْبَارِقي الْأَزْدِيّ وَقد ضعفه ابْن معِين وَأَيْضًا قد خَالفه جمَاعَة من أَصْحَاب ابْن عمر فَلم يذكرُوا النَّهَار وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل أَنَّهَا وهم وَقد صَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم قَالَ الْخطابِيّ سَبِيل الزِّيَادَة من الثِّقَة أَن تقبل وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث صَحِيح وَعلي الْبَارِقي احْتج بِهِ مُسلم وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة وَقد ثَبت حَدِيث صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى عَن جمَاعه من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم غير ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ // (وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل يتهجد قَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت قيوم السَّمَوَات الأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت الْحق وَوَعدك الْحق ولقاؤك حق وقولك حق وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق والنبيون حق وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حق والساعة حق اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت وَعَلَيْك توكلت وَإِلَيْك أنبت وَبِك خَاصَمت وَإِلَيْك حاكمت فَاغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت (ع) وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه (خَ. م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل يتهجد قَالَ اللَّهُمَّ الخ (قَوْله يتهجد) التَّهَجُّد أَصله التيقظ والسهر بعد نوم والهجود النّوم وَيُقَال تهجد إِذا سهر وهجد إِذا نَام وَقَالَ الْجَوْهَرِي هجد وتهجد أَي نَام لَيْلًا وهجد وتهجد سهر وهما من أَسمَاء الاضداد وَقَالَ ابْن فَارس المتهجد الْمُصَلِّي لَيْلًا قيل وَحَاصِل مَا قيل فِي التَّهَجُّد ثَلَاثَة أَقْوَال السهر الصَّلَاة الاستيقاظ من النّوم (قَوْله أَنْت قيوم السَّمَوَات وَالْأَرْض) أَي هُوَ الْقَائِم بمخلوقاته قَالَ أَبُو عُبَيْدَة القيوم الْقَائِم على كل شَيْء أَي الْمُدبر أَمر خلقه وَفِيه لُغَات قيوم وَقيام وقيم وَلَفظ الْمُوَطَّأ أَنْت قيام السَّمَوَات وَالْأَرْض (قَوْله وَمن فِيهِنَّ) أَي الْقَائِم بِهن وبمن فِيهِنَّ من الْمَخْلُوقَات (قَوْله أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ) أَي أَنْت منور هَذِه الْأُمُور حَتَّى صَارَت دَالَّة على وجودك وَقيل الْمَعْنى بنورك يَهْتَدِي من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَقيل هُوَ من قَوْله {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة (قَوْله أَنْت الْحق) هُوَ من أَسمَاء الله تَعَالَى أَي أَنْت الثَّابِت حَقًا لَا يتَغَيَّر وَلَا يَزُول وَالْحق ضد الْبَاطِل (قَوْله وَوَعدك الْحق) أَي وَعدك هُوَ الثَّابِت الَّذِي لَا يخلف وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {إِن الله وَعدكُم وعد الْحق} (قَوْله ولقاؤك حق) أَي لقاؤك بعد الْبَعْث حق ثَابت لَا شكّ فِيهِ (قَوْله لَك أسلمت) أَي استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك من قَوْلهم أسلم فلَان لفُلَان إِذا أطاعه وانقاد لَهُ (قَوْله وَبِك آمَنت) أَي صدقت (قَوْله وَعَلَيْك توكلت) أَي تبرأت من الْحول وَالْقُوَّة لي وفوضت الْأَمر إِلَيْك (قَوْله وَإِلَيْك أنبت) أَي رجعت إِلَى طَاعَتك وامتثال أَمرك وَالتَّوْبَة إِلَيْك من ذُنُوبِي (قَوْله وَبِك خَاصَمت) أَي لَا بغيرك (قَوْله وَإِلَيْك حاكمت) أَي لَا إِلَى غَيْرك (قَوْله فَاغْفِر لي مَا قدمت) فِيهِ الْإِحَاطَة بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَى الْمَغْفِرَة من الصادرات مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قديمها وحديثها سرها وعلانيتها (قَوْله أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر) أَي الْمُقدم لما شِئْت تَقْدِيمه والمؤخر لما شِئْت تَأْخِيره (قَوْله وَلَا حول وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 قُوَّة إِلَّا بك) أَي لَا حول وَلَا قُوَّة فِي جَمِيع أموري إِلَّا بك مَا شِئْت كَانَ وَمَا لم تشأ لم يكن // (وَكَانَ يكبر عشرا ويحمد عشرا ويسبح عشرا ويهلل عشرا ويستغفر عشرا (د. حب) اللَّهُمَّ اغْفِر لي واهدني وارزقني وَعَافنِي (د) عشرا (حب. د) ويتعود من ضيق الْمقَام يَوْم الْقِيَامَة عشرا (حب. د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَاصِم ابْن حميد قَالَ سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بِأَيّ شَيْء كَانَ يفْتَتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيام اللَّيْل فَقَالَت لقد سَأَلتنِي عَن شَيْء مَا سَأَلَني عَنهُ أحد غَيْرك كَانَ إِذا قَامَ كبر عشرا وَحمد عشرا واستغفر عشرا وَسبح عشرا وَهَلل عشرا وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لي واهدني وارزقني وَعَافنِي ويتعوذ من ضيق الْمقَام يَوْم الْقِيَامَة عشرا هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا وَفِي لفظ لِابْنِ مَاجَه اللَّهُمَّ اغْفِر لي واهدني وارزقني عشرا ويتعوذ من ضيق الْمقَام يَوْم الْقِيَامَة عشرا وَقد صحّح هَذَا الحَدِيث ابْن حبَان وَلم يثبت فِي اكثر النّسخ من كتب المُصَنّف ذكر التهليل وَفِي بعض النّسخ بعد قَوْله ويسبح عشرا مِمَّا لَفظه ويهلل عشرا وَهَذِه النُّسْخَة هِيَ الصَّوَاب فالتهليل مَذْكُور فِي الحَدِيث كَمَا عرفت // (وَكَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة يُوتر بِخمْس لَا يجلس إِلَّا فِي آخِرهنَّ (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة يُوتر من ذَلِك بِخمْس لَا يجلس فِي شَيْء مِنْهُنَّ إِلَّا فِي آخِرهنَّ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الايتار بِخمْس وَذَلِكَ أحد الصِّفَات الَّتِي صحت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد ثَبت الايتار بِخمْس أَحَادِيث صَحِيحَة غير هَذَا // (وَيُصلي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة ويوتر بِوَاحِدَة (خَ. م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي مَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء إِلَى الْفجْر إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة وَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر وَتبين لَهُ الْفجْر وجاءه الْمُؤَذّن قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقة الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للإقامة وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِيه دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الايتار بِوَاحِدَة وَقد وَردت بذلك أَحَادِيث كَثِيرَة // (ويوتر بِثَلَاث وَسبع وَفِي الثَّلَاث فِي الأولى سبح وَفِي الثَّانِيَة الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَة قل هُوَ الله أحد (د. س. ب. حب) مَعَ المعوذتين (د. أ. حب) ويفضل بَين الشفع وَالْوتر بِتَسْلِيمَة يسْمعهَا وَلَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ (أ. س)) // هَذِه الْأَحَادِيث عزاها المُصَنّف رَحمَه الله إِلَى من أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الرَّمْز والايتار بالسبع ثَابت عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أم سَلمَة وَمن حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عِنْد مُحَمَّد ابْن نصر الْمَقْدِسِي وَعَن ابْن عَبَّاس عِنْد أبي دَاوُد وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت فَلَمَّا أسن وَأَخذه اللَّحْم أوتر بِسبع وَفِي الايتار بِسبع أَحَادِيث فِي الْأُمَّهَات وَغَيرهَا وَالْعجب من المُصَنّف حَيْثُ لم يرمز فِي السَّبع إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ وَرِجَاله ثِقَات وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَأما الايتار بِثَلَاث فَأخْرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنَّا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بِثَلَاث لَا يفصل بَينهُنَّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤثر بِثَلَاث وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن أبي ابْن كَعْب رَضِي الله عَنهُ بِنَحْوِ حَدِيث عَليّ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى نَحوه وَأخرج ابْن مَاجَه عَن ابْن عمر نَحوه أَيْضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود نَحوه أَيْضا وَفِي إِسْنَاده يحيى بن زَكَرِيَّاء بن أبي الحواجب وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس نَحوه أَيْضا وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي أُمَامَة نَحوه أَيْضا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي أَرْبعا فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن ثمَّ يُصَلِّي أَرْبعا فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن ثمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا وَورد مَا يخلف الايتار بِثَلَاث فَأخْرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا توتروا بِثَلَاث أوتروا بِخمْس أَو سبع وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب وَقَالَ رجال إِسْنَاده كلهم ثِقَات وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ قَالَ ابْن حجر وَرِجَاله كلهم ثِقَات وَلَا يضرّهُ وقف من وَقفه وَأخرجه أَيْضا مُحَمَّد بن نصر من حَدِيثه بِلَفْظ لَا توتروا بِثَلَاث تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب وَلَكِن أوتروا بِخمْس أَو سبع أَو تسع أَو بِإِحْدَى عشرَة أَو بِأَكْثَرَ من ذَلِك قَالَ الْعِرَاقِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح وَأخرجه عَنهُ أَيْضا من طَرِيق أُخْرَى صححها الْعِرَاقِيّ أَيْضا وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ الْوتر سبع أَو خمس وَلَا نحب الثَّلَاث بترا وَصحح إِسْنَاده الْعِرَاقِيّ أَيْضا وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت الْوتر سبع أَو خمس وَإِنِّي لأكْره أَن يكون ثَلَاثًا بترا وَصَححهُ الْعِرَاقِيّ قَالَ مُحَمَّد بن نصر لم نجد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَبرا ثَابتا أَنه أوتر بِثَلَاث مَوْصُولَة قَالَ نعم ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أوتر بِثَلَاث لَكِن لم يبين الرَّاوِي هَل هن مَوْصُولَة أَو مفصولة وَقد جمع بَين هَذَا الْأَحَادِيث بِحمْل النَّهْي على الايتار بِثَلَاث على أَنَّهَا بتشهدين فِي وَسطهَا بعد رَكْعَتَيْنِ وَفِي آخرهَا قبل التَّسْلِيم لمشابهتها بذلك لصَلَاة الْمغرب وَحمل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الايتار بِثَلَاث على أَنه لَا تشهد فِيهَا أَوسط بل كَانَت بتشهد فِي وَاحِد فِي آخرهَا وَقيل يجمع بَين الْأَحَادِيث بِحمْل النَّهْي على الْكَرَاهَة وَالْأولَى ترك الايتار بِثَلَاث وَقد جعل الله فِي الْأَمر سَعَة فيوتر بِوَاحِدَة أَو بِخمْس أَو بِسبع أَو بتسع والايتار بِسبع ثَابت فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَسَوَّك وَيتَوَضَّأ وَيُصلي تسع رَكْعَات لَا يجلس فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَة فيذكر الله وَيَحْمَدهُ وَيَدْعُو ثمَّ ينْهض وَلَا يسلم ثمَّ يقوم فَيصَلي التَّاسِعَة ثمَّ يقْعد فيذكر الله وَيَحْمَدهُ وَيَدْعُو ثمَّ يسلم تَسْلِيمًا يسمعنا ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد مَا يسلم وَهُوَ قَاعد فَتلك إِحْدَى عشرَة رَكْعَة (وَأما الْقِرَاءَة فِي الْوتر) فَأخْرج النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات إِلَى عبد الْعَزِيز بن خَالِد وَهُوَ مَقْبُول من حَدِيث أبي بن كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْوتر {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَفِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّالِثَة بقل {قل هُوَ الله أحد} وَلَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا احْمَد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه بِدُونِ قَوْله وليسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِنَحْوِ حَدِيث أبي بن كَعْب وَلم يذكرُوا وَلَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن ابزى نَحْو حَدِيث ابْن عَبَّاس وَقد اخْتلف فِي صحبته وَفِي إِسْنَاده حَدِيثه هَذَا وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس نَحْو حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا وَأخرج الْبَزَّار عَن عبد الله بن أبي أوفى نَحوه أَيْضا وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو نَحوه وَفِي إِسْنَاده سعيد بن سِنَان وَهُوَ ضَعِيف جدا وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود نَحوه أَيْضا وَفِي إِسْنَاده عبد الْملك بن الْوَلِيد بن معدان وَثَّقَهُ ابْن معِين وَضَعفه البُخَارِيّ وَغير وَاحِد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة نَحوه أَيْضا وَفِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل ابْن رزين ذكره الْأَزْدِيّ فِي الضُّعَفَاء وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عمرَان ابْن حُصَيْن نَحوه أَيْضا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ نَحوه أَيْضا وَفِي إِسْنَاده السرى بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ نَحوه بِزِيَادَة المعوذتين فِي الثَّالِثَة وَفِي إِسْنَاده الْمِقْدَام بن دَاوُد وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بِزِيَادَة كل سُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 فِي رَكْعَة وَفِي الْأَخِيرَة {قل هُوَ الله أحد} والمعوذتين وَفِي إِسْنَاده خصيف الْجَزرِي وَفِيه لين وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَتفرد بِهِ يحيى بن أَيُّوب عَنهُ وَفِيه مقَال وَلكنه صَدُوق وَقَالَ الْعقيلِيّ إِسْنَاده صَالح وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَقد أنكر أَحْمد وَيحيى زِيَادَة المعوذتين وروى ابْن السكن فِي صَحِيحه لذَلِك شَاهدا من حَدِيث عبد الله بن سرجس وَإِسْنَاده غَرِيب وروى المعوذتين أَحْمد بن نصر من حَدِيث أبي ضَمرَة عَن أَبِيه عَن جده وَهُوَ حُسَيْن بن عبد الله بن أبي ضَمرَة وَقد ضعفه أَحْمد وَابْن معِين وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَكذبه مَالك وَأَبوهُ لَا يعرف وجده ضميرَة يُقَال أَنه مولى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (وَإِذا كبر للْإِحْرَام الله أكبر كَبِيرا ثَلَاثًا وَالْحَمْد لله كثيرا ثَلَاثًا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا ثَلَاثًا أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم من نفخه ونفثه وهمزه (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة فَقَالَ الله أكبر كَبِيرا الله أكبر كَبِيرا الله أكبر كَبِيرا الْحَمد لله كثيرا الْحَمد لله كثيرا الْحَمد لله كثيرا سُبْحَانَ الله بكرَة وَأَصِيلا ثَلَاثًا أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم من نفخه ونفثه وهمزه قَالَ نفخه الْكبر ونفثه الشّعْر وهمزه الموتة وَفِي رِوَايَة عَن نَافِع بن جُبَير عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي التَّطَوُّع فَذكره وَفِي رِوَايَة عَن بعض رُوَاته وَهُوَ عَمْرو بن مرّة قَالَ لَا أَدْرِي أَي الصَّلَاة هِيَ وَأخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم أَيْضا وَصَححهُ وَكَذَلِكَ صَححهُ ابْن حبَان والمؤتة بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَفتح الْمُثَنَّاة من فَوق هِيَ الْجُنُون قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 الصغاني فِي الْعباب يُسمى الشّعْر نفثا لِأَنَّهُ كالشيء ينفث من الْفَم كالرقية وسمى الْكبر نفخا لما يوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان فِي نَفسه ويعظمها عِنْده ويحقر النَّاس فِي عينه حَتَّى يدْخلهُ الزهو وهمزات الشَّيْطَان همزاتها الَّتِي تحضرها بقلب الْإِنْسَان // (سُبْحَانَ ذِي الْملك والملكوت والعزة والجبروت والكبرياء وَالْعَظَمَة (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة فَتَوَضَّأ وَقَامَ يُصَلِّي فَأَتَيْته فَقُمْت عَن يسَاره فأقامني عَن يَمِينه فَقَالَ سُبْحَانَ ذِي الْملك والملكوت والعزة والجبروت والكبرياء وَالْعَظَمَة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رِجَاله موثوقون // (وَقعد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الثُّلُث الْأَخير من النّوم فَنظر إِلَى السَّمَاء فَقَالَ {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} الْآيَات حَتَّى ختم آل عمرَان ثمَّ قَامَ فَتَوَضَّأ واستن وَصلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة ثمَّ أذن بِلَال فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ خرج فصلى الصُّبْح (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَتحدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَهله سَاعَة ثمَّ رقد فَلَمَّا كَانَ ثلث اللَّيْل الْأَخير قَامَ فَنظر إِلَى السَّمَاء فَقَالَ الخ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ ثمَّ قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من آل عمرَان حَتَّى ختم (قَوْله من النّوم) كَذَا فِي كثير من النّسخ وَفِي بَعْضهَا من اللَّيْل وَالْمرَاد بِالنَّوْمِ هُنَا اللَّيْل لِأَن النّوم يَقع فِيهِ // (والقنوت فِي الْوتر الَّذِي علمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت وَعَافنِي فِيمَن عافيت وتولني فِيمَن توليت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وَبَارك لي فِيمَا أَعْطَيْت وقني شَرّ مَا قضيت إِنَّك تقضي وَلَا يقْضى عَلَيْك إِنَّه لَا يذل من واليت وَلَا يعز من عاديت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت (4. حب. مس. مص) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (س)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَهُوَ من حَدِيث الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلِمَات أقولهن فِي الْوتر وَفِي رِوَايَة فِي قنوت الْوتر اللَّهُمَّ اهدني الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثه أَيْضا وَأحمد وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ حَدِيث الْحسن مُقَيّدا بِصَلَاة الصُّبْح فَقَالَ صَحِيح وَقَالَ ابْن حجر لَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ بل هُوَ ضَعِيف لِأَن فِي إِسْنَاده عبد الله بن سعيد المقبرى وَأخرجه بِنَحْوِهِ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بُرَيْدَة (قَوْله إِنَّك تقضي) فِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي وَالنَّسَائِيّ فَإنَّك تقضي بِزِيَادَة الْفَاء وَزَاد التِّرْمِذِيّ قبل تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت سُبْحَانَكَ (قَوْله وَلَا يعز من عاديت) هَذَا اللَّفْظ أخرجه النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَلم يُخرجهُ الْبَاقُونَ (قَوْله وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَذِه الزِّيَادَة عزاها المُصَنّف إِلَى النَّسَائِيّ وَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ النَّوَوِيّ إِنَّهَا زِيَادَة بِسَنَد صَحِيح أَو حسن وَتعقبه ابْن حجر بِأَنَّهُ مُنْقَطع وَأخرج هَذِه الزِّيَادَة الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَقد طولنا الْمقَال على حَدِيث الْحسن هَذَا فِي شرحنا للمنتقى فَليرْجع إِلَيْهِ وَقد ضعفه بعض الْحفاظ وَصَححهُ آخَرُونَ وَأَقل أَحْوَاله إِذا لم يكن صَحِيحا أَن يكون حسنا وَفِي لفظ للْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك أَن الْحسن قَالَ عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وتري إِذا رفعت رَأْسِي وَلم يبْق لي إِلَّا السُّجُود وَلَفظ ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء // (وَبعد السَّلَام سُبْحَانَ الْملك القدوس ثَلَاث مَرَّات يمد صَوته وَيَرْفَعهُ فِي الثَّالِثَة (د. س. قطّ (رب الْمَلَائِكَة وَالروح (قطّ)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وَهُوَ من حَدِيث أبي ابْن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْوتر {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} فَإِذا سلم قَالَ سُبْحَانَ الْملك القدوس ثَلَاث مَرَّات يمد صَوته فِي الثَّالِثَة وَيَرْفَعهُ وَلَفظه الدَّارَقُطْنِيّ إِذا سلم قَالَ سُبْحَانَ الْملك القدوس ثَلَاث مَرَّات ويمد صَوته وَيَقُول رب الْمَلَائِكَة وَالروح وَأخرج هَذِه الزِّيَادَة أَعنِي سُبْحَانَ الْملك القدوس أَحْمد وصححها الْعِرَاقِيّ وأخرجها أَيْضا أَحْمد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى وَفِي آخِره وَرفع بهَا صَوته فِي الْآخِرَة وصححها الْعِرَاقِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن كَمَا صححها من حَدِيث أبي بن كَعْب وأخرجها أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيث ابْن أبي أوفى وَقَالَ اخطأ فِيهِ هَاشم بن سعيد لِأَن الثِّقَات يَرْوُونَهُ عَن زبيد عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عُقُوبَتك وَأَعُوذ بك مِنْك لَا أحصى ثَنَاء عَلَيْك كَمَا أثنيت على نَفسك (عه)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي آخر وتره اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ مُقَيّدا بِالْقُنُوتِ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الدَّارمِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْجَارُود وَابْن حبَان وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْوتر قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه من هَذَا الْوَجْه إِلَّا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة وَفِي رِوَايَة للنسائي وَكَانَ يَقُول إِذا فرغ من صلواته وتبؤأ مضجعه وَفِي هَذِه الرِّوَايَة للنسائي لَا أحصى ثَنَاء عَلَيْك وَلَو حرصت وَلَكِن أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك وَفِي الْبَاب حَدِيث آخر عَن عَليّ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ بِنَحْوِهِ وَفِيه ثمَّ قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر الْوتر وَفِي إِسْنَاده عَمْرو بن بكر الْجعْفِيّ وَهُوَ كَذَّاب وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الْبَاب أَيْضا عَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر الْوتر وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك وَفِي إِسْنَاده عَمْرو بن بكر الْمَذْكُور وَقد قدمنَا شرح الحَدِيث فِي أدعية السُّجُود فِي الصَّلَوَات الْخمس فصل الصَّلَوَات المنصوصات (رَكعَتَا الْفجْر فِي الأولى قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَة الْإِخْلَاص (م. حب)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأخرج مُسلم وَأحمد وَأهل السّنَن عَن ابْن عمر قَالَ رمقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا فَكَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر قَالَ يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَقل هُوَ الله أحد وَأخرج نَحوه الْبَزَّار من حَدِيث أنس وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات وَأخرج نَحوه ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج نَحوه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عبد الله بن جَعْفَر وَأخرج نَحوه ابْن حبَان أَيْضا فِي صَحِيحه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن على شَيْء من النَّوَافِل أَشد تعاهدا مِنْهُ على رَكْعَتي الْفجْر وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تدعوا رَكْعَتي الْفجْر وَلَو طردتكم الْخَيل وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْمدنِي وَفِيه مقَال وَقد أخرج لَهُ مُسلم وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَثَبت فِي صَحِيح مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ رَكعَتَا الْفجْر خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَفِي الْبَاب أَحَادِيث (أَو فِي الأولى قُولُوا آمنا بِاللَّه وَالْآيَة وَفِي الثَّانِيَة قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا الْآيَة (م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} وَالَّتِي فِي آل عمرَان {يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} الْآيَة وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَفِي الْآخِرَة {آمنا بِاللَّه واشهد بِأَنا مُسلمُونَ} // (وَيَقُول وَهُوَ جَالس اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَمُحَمّد أعوذ بك من النَّار ثَلَاثًا (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أُسَامَة بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر فَسَمعته وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل الخ وأخرجها أَيْضا ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَفِي رِوَايَة ثمَّ سمعته يَقُول وَهُوَ جَالس وَقد صَححهُ الْحَاكِم وَأخرج أَبُو يعلى من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَرب إسْرَافيل وَرب مُحَمَّد أعوذ بك من النَّار ثمَّ يخرج إِلَى صلَاته قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه عبد الله بن أبي حميد وَهُوَ مَتْرُوك وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أُسَامَة ابْن عُمَيْر أَيْضا بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه عباد ابْن سعيد قَالَ الذَّهَبِيّ عباد بن سعيد عَن مُبشر لَا شَيْء قلت ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات انْتهى // (وَبعد صَلَاة الضُّحَى اللَّهُمَّ بك أصاول وَبِك أحاول وَبِك أقَاتل (ي)) // الحَدِيث أخرجه ابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث صُهَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُحَرك شَفَتَيْه بعد صَلَاة الضُّحَى بِشَيْء فَقلت يَا رَسُول مَا هَذَا الَّذِي تَقول قَالَ أَقُول اللَّهُمَّ بك أصاول وَبِك أحاول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وَبِك أقَاتل وَإِسْنَاده فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة لِابْنِ السنى هَكَذَا حَدثنَا أَبُو يعلى حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج الشَّامي حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُحَرك شَفَتَيْه بعد صَلَاة الضُّحَى بِشَيْء الخ وَإِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج ثِقَة يهم قَلِيلا وَبَقِيَّة إِسْنَاده ثِقَات (قَوْله أصاول) أَي أسطو وأقهر (قَوْله وَبِك أَحول) مَأْخُوذ من المحاولة أَي بك أتحرك كَمَا فِي الحَدِيث الآخر بِلَفْظ بك أحاول وَقيل مَعْنَاهُ أحتال وَقيل المحاولة تطلب الشَّيْء بحيلة // (وَقبل صَلَاة الاسْتِسْقَاء إِذا بدا حَاجِب الشَّمْس خرج فَقعدَ على الْمِنْبَر فَكبر وَحمد الله ثمَّ قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين لَا إِلَه إِلَّا الله يفعل مَا يُرِيد اللَّهُمَّ أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أَنْت الْغَنِيّ وَنحن الْفُقَرَاء أنزل علينا الْغَيْث وَاجعَل مَا أنزلت علينا قوتا وبلاغا إِلَى حِين ثمَّ يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُو بَيَاض إبطَيْهِ ثمَّ يحول إِلَى النَّاس ظَهره ويحول رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافع يَدَيْهِ ثمَّ يقبل على النَّاس وَينزل فيصلى رَكْعَتَيْنِ (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت شكا النَّاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قحط الْمَطَر فَأمر بمنبر فَوضع لَهُ فِي الْمصلى ووعد النَّاس يَوْمًا يخرجُون فِيهِ قَالَت عَائِشَة فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بدا حَاجِب الشَّمْس فَكبر ثمَّ حمد الله عز وَجل ثمَّ قَالَ إِنَّكُم شكوتم إِلَى جَدب دِيَاركُمْ واستئخار الْمَطَر عَن إبان زَمَانه عَنْكُم وَقد أَمركُم الله سُبْحَانَهُ أَن تَدعُوهُ ووعدكم أَن يستجيب لكم ثمَّ قَالَ الْحَمد لله الخ ثمَّ قَالَ الرَّاوِي فانشأ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَحَابَة فَرعدَت وأبرقت ثمَّ أمْطرت بِإِذن الله سُبْحَانَهُ فَلم يَأْتِ مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سَالَتْ السُّيُول فَلَمَّا رأى سُرْعَتهمْ إِلَى الْكن ضحك ثمَّ قَالَ أشهد أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَنِّي عبد الله وَرَسُوله وَأخرجه أَبُو عوَانَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ ابْن السكن قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا حَدِيث غَرِيب إِسْنَاده جيد (قَوْله إِذا بدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 حَاجِب الشَّمْس) أَي ضوؤها أَو ناحيتها وَإِنَّمَا سمي الضَّوْء حاجبا لِأَنَّهُ يحجب جرمها عَن الْإِدْرَاك (قَوْله ثمَّ يحول إِلَى النَّاس ظَهره) هَذَا من المُصَنّف على وَجه الْحِكَايَة وَلَفظ الحَدِيث ثمَّ حول إِلَى النَّاس ظَهره وحول رِدَاءَهُ وَفِيه اسْتِحْبَاب اسْتِقْبَال الْقبْلَة من الْخَطِيب عِنْد أَن يحول رِدَاءَهُ وَذَلِكَ لقصد التفاؤل وَهُوَ أَن يتَحَوَّل الجدب بِالْخصْبِ والبلاغ مَا يتبلغ بِهِ ويتوصل بِهِ إِلَى الشَّيْء الْمَطْلُوب صَلَاة الطّواف (إِذا فرغ من الطّواف تقدم إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم فَقَرَأَ وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى وعهدنا الخ وَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت وَصلى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فِي الأولى قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَة قل هُوَ الله أحد ثمَّ يرجع إِلَى الرُّكْن فيستلمه وَيخرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا (م) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ الحَدِيث الطَّوِيل فِي صفة حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما انْتهى إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم قَرَأَ وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى فَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت وَصلى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَقل هُوَ الله أحد ثمَّ عَاد إِلَى الرُّكْن فاستلمه ثمَّ خرج إِلَى الصَّفَا وَأخرجه أَيْضا أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح وَفِي حَدِيث جَابر هَذَا بعد قَوْله ثمَّ خرج إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} ابدءوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقى عَلَيْهِ حَتَّى رأى الْبَيْت فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَوحد الله وَكبره وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله أنْجز وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده (قَوْله وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى) قريء على صِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي وعَلى صِيغَة الْأَمر و (قَوْله ثمَّ يخرج ثمَّ يرجع) هُوَ على إِرَادَة الْحِكَايَة وَلَفظ الحَدِيث ثمَّ رَجَعَ ثمَّ خرج // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 صَلَاة الْكَعْبَة (إِذا دخل الْبَيْت كبر فِي نواحيه (خَ) وَفِي زواياه (د) وَيَدْعُو فِي نواحيه كلهَا فَإِذا خرج ركع من قبل الْبَيْت رَكْعَتَيْنِ (خَ. م. د)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قدم مَكَّة أَبى أَن يدْخل الْبَيْت وَفِيه الْآلهَة فَأمر بهَا فأخرجت وَأخرج صُورَة إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل فِي أَيْدِيهِمَا الأزلام فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتلهم الله لقد علمُوا مَا استقسما بهَا قطّ ثمَّ دخل الْبَيْت فَكبر فِي نواحي الْبَيْت وَخرج وَلم يصل هَذَا لفظ البُخَارِيّ وَأبي دَاوُد وَزَاد أبي دَاوُد وَفِي زواياه وَلَفظ مُسلم من حَدِيثه أَيْضا قَالَ أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه كلهَا وَلم يصل حَتَّى خرج فَلَمَّا خرج ركع فِي قبل الْبَيْت رَكْعَتَيْنِ // (وَلما دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت أَمر بِلَالًا فأجاف الْبَاب وَالْبَيْت إِذْ ذَاك على سِتَّة أعمدة فَمضى حَتَّى إِذا كَانَ بَين الإسطوانتين اللَّتَيْنِ يليان بَاب الْكَعْبَة جلس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ وَاسْتَغْفرهُ ثمَّ قَامَ حَتَّى إِذا مَا اسْتقْبل من دبر الْكَعْبَة فَوضع جَبهته وخده عَلَيْهِ وَحمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ الْمَغْفِرَة ثمَّ انْصَرف إِلَى كل ركن من أَرْكَان الْكَعْبَة فَاسْتَقْبلهُ بِالتَّكْبِيرِ والتهليل وَالتَّسْبِيح وَالثنَاء على الله سُبْحَانَهُ وَالْمَسْأَلَة وَالِاسْتِغْفَار ثمَّ خرج فصلى رَكْعَتَيْنِ مُسْتَقْبلا بهَا وَجه الْكَعْبَة ثمَّ انْصَرف (س)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ طرف من حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمُتَقَدّم وَبعد قَوْله ثمَّ انْصَرف مَا لَفظه فَقَالَ هَذِه الْقبْلَة هَذِه الْقبْلَة وَابْن عَبَّاس رَوَاهُ عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا لِأَنَّهُ لم يحضر إِذْ ذَاك وَأخرجه أَيْضا أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح (قَوْله فأجاف الْبَاب) أَي أغلقه وَفِيه مَشْرُوعِيَّة دُخُول الْبَيْت وَذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَوضع الْوَجْه والخد على الصّفة الْمَذْكُورَة ومشروعية صَلَاة رَكْعَتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 بعد الْخُرُوج وَقد ذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن دُخُول الْكَعْبَة لَيْسَ بنسك وَحكى الْقُرْطُبِيّ عَن بعض الْعلمَاء أَن دُخُولهَا من الْمَنَاسِك وَالْحق مَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور وَقد أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن مَاجَه وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِنِّي دخلت الْبَيْت وودت أَنِّي لم أكن فعلت إِنِّي أَخَاف أَن أكون أَتعبت أمتِي من بعدِي // صَلَاة الإستخارة (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَعَادَة ابْن آدم استخارة الله وَمن شقاوته تَركه استخارة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَعَادَة ابْن آدم الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَحْمد وَأَبُو يعلى وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيثه بِلَفْظ من سَعَادَة ابْن آدم كَثْرَة استخارة الله وَرضَاهُ بِمَا قضى الله لَهُ وَمن شقاوة ابْن آدم تَركه استخارة الله وَسخطه بِمَا قضى الله لَهُ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حميد وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْد أهل الحَدِيث وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيثه بِنَحْوِ لفظ التِّرْمِذِيّ وَأخرجه ابْن حبَان فِي كتاب الثَّوَاب وَكَذَا أخرجه الْبَزَّار // (إِذا هم بِأَمْر فليركع رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر وَتعلم وَلَا أعلم وَأَنت علام الغيوب اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر خير لي فِي ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أَمْرِي أَو عَاجل أَمْرِي وآجله فاقدره لي ويسره لي ثمَّ بَارك لي فِيهِ وَإِن كنت تعلم أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 هَذَا الْأَمر شَرّ لي فِي ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أَمْرِي أَو عَاجل أَمْرِي وآجله فاصرفه عني واصرفني عَنهُ واقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ ثمَّ رضني بِهِ (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا الاستخارة فِي الْأُمُور كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن يَقُول إِذا هم أحدكُم فَلْيقل الخ وَقَالَ بعد قَوْله ثمَّ رضني بِهِ وَيُسمى حَاجته وَأخرجه أَيْضا أهل السّنَن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَمَعَ كَونه صَحِيح البُخَارِيّ فقد ضعفه أَحْمد وَقَالَ إِنَّه مُنكر لكَون فِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن أبي الموال قَالَ ابْن عدي فِي الْكَامِل فِي تَرْجَمَة عبد الرَّحْمَن بن أبي الموال أَنه أنكر عَلَيْهِ حَدِيث الاستخارة قَالَ وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد من الصَّحَابَة وَقد وثق عبد الرَّحْمَن جُمْهُور أهل الْعلم كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيّ وَفِي الْبَاب أَحَادِيث قد ذَكرنَاهَا فِي شرحنا للمنتقى (قَوْله إِنِّي أستخيرك) أَي أطلب مِنْك الْخَيْر أَو الْخيرَة قَالَ فِي الْمُحكم استخار الله طلب مِنْهُ الْخَيْر قَالَ فِي النِّهَايَة خار الله لَك أَي أَعْطَاك مَا هُوَ خير لَك (قَوْله ومعاشي) المعاش الْعَيْش والحياة وَيُقَال المعاش والمعيشة والمعيش مَا يؤنس بِهِ (قَوْله أَو عَاجل امري وآجله) هُوَ شكّ من الرَّاوِي وَالْمرَاد أَنه يَقُول أحد الْأَمريْنِ إِمَّا فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي أَو عَاجل أَمْرِي وآجله وَصَلَاة الاستخارة مَشْرُوعَة بِلَا خلاف // صَلَاة الزواج (ليكتم الْخطْبَة ثمَّ ليتوضأ فَيحسن وضوءه ثمَّ ليصل مَا كتب الله لَهُ ثمَّ يحمد الله ويمجده ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ إِنَّك تقدر وَلَا أقدر وَتعلم وَلَا أعلم وَأَنت علام الغيوب فَإِن رَأَيْت أَن فِي فُلَانَة ويسميها باسمها خير لي فِي ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي وَإِن كَانَ غَيرهَا خيرا لي مِنْهَا فِي ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي (حب)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اكتم الْخطْبَة ثمَّ تَوَضَّأ وَأحسن وضوءك ثمَّ صل مَا كتب الله لَك ثمَّ احْمَد رَبك ومجده ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنَّك تقدر الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَهَذَا الْأَمر دَاخل تَحت قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور قبله إِذا هم بِأَمْر فَإِنَّهُ يتَنَاوَل النِّكَاح وَغَيره وَأخرج هَذَا الحَدِيث من حَدِيث أبي أَيُّوب الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله كلهم ثِقَات اهـ وَصَححهُ ابْن حبَان // صَلَاة التَّوْبَة (مَا من رجل يُذنب ذَنبا ثمَّ يقوم ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله لذَلِك الذَّنب إِلَّا غفر لَهُ (عه 0 حب 0 ى)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان وَابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من رجل يُذنب ذَنبا ثمَّ يقوم فيتطهر ثمَّ يُصَلِّي ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر الله لَهُ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله} الخ الْآيَة وَزَاد ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ أَيْضا لفظ رَكْعَتَيْنِ وَبعد قَوْله ثمَّ يُصَلِّي وَهَذِه زَادهَا ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَقد حسن هَذَا الحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَابْن خُزَيْمَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أذْنب عبد ذَنبا ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ خرج إِلَى برَاز من الأَرْض فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ واستغفر الله من ذَلِك الذَّنب إِلَّا غفر الله لَهُ وَهُوَ مُرْسل // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَيْء يتَكَلَّم بِهِ ابْن آدم مَكْتُوب عَلَيْهِ فَإِذا أَخطَأ خَطِيئَة أَو أذْنب ذَنبا فَأحب أَن يَتُوب إِلَى الله فليمد يَدَيْهِ إِلَى الله عز وَجل ثمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوب إِلَيْك مِنْهَا لَا أرجع إِلَيْهَا أبدا فَإِنَّهُ يغْفر لَهُ مَا لم يرجع فِي عمله ذَلِك (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل شَيْء الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا وَأقرهُ الذَّهَبِيّ فِي تلخيصه للمستدرك لكنه قَالَ فِي التَّهْذِيب أَنه مُنكر وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير (قَوْله مَكْتُوب عَلَيْهِ) أَي يَكْتُبهُ عَلَيْهِ الْملكَانِ الحافظان (قَوْله إِذا اخطأ) يُقَال أَخطَأ إِذا لم يصب الصَّوَاب وَأَخْطَأ إِذا أذْنب وَيَنْبَغِي الْجمع فِي صَلَاة التَّوْبَة بَين الاسْتِغْفَار الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الأول وَبَين التَّوْبَة والعزم على عدم الْعود كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث // (وجاءه رجل فَقَالَ واذنوباه واذنوباه فَقَالَ قل اللَّهُمَّ مغفرتك أوسع من ذُنُوبِي ورحمتك أَرْجَى عِنْدِي من عَمَلي فَقَالَهَا ثمَّ قَالَ عد فَعَاد ثمَّ قَالَ عد فَعَاد فَقَالَ قُم فقد غفر الله لَك (مس) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ واذنوباه الخ وَفِي رِوَايَة بعد قَوْله فَقَالَهَا ثمَّ أمره أَن يَقُولهَا مرّة ثَانِيَة ثمَّ أمره أَن يَقُولهَا مرّة ثَالِثَة فَقَالَهَا فَقَالَ قُم فقد غفر الله لَك وَأخرج أَبُو نعيم والعسكري والديلمي من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لخبيب بن الْحَارِث عَفْو الله أكبر من ذنوبك // صَلَاة الْآبِق والضياع (إِذا ضَاعَ لَهُ شَيْء أَو أبق يتَوَضَّأ وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ ويتشهد وَيَقُول بِسم الله يَا هادي الضلال وراد الضَّالة ارْدُدْ على ضالتي بعزتك وسلطانك فَإِنَّهَا من عطائك وفضلك (مص) اللَّهُمَّ راد الضَّالة وهادي الضَّلَالَة أَنْت تهدي من الضَّلَالَة ارْدُدْ عَليّ ضالتي بقدرتك وسلطانك فَإِنَّهَا من عطائك وفضلك (ط)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ضَاعَ لَهُ شَيْء أَو أبق الخ قَالَ الْحَاكِم رُوَاته موثوقون مدنيون لَا يعرف وَاحِد مِنْهُم بِجرح وَاللَّفْظ الَّذِي أخرجه الطَّبَرَانِيّ هُوَ من حَدِيث ابْن عمر أَيْضا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الضَّالة أَن يَقُول اللَّهُمَّ الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد فِيهِ عبد الرَّحْمَن ابْن يَعْقُوب بن عباد الْمَكِّيّ وَلم أعرفهُ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَهَذِه الصَّلَاة للضياع والإباق دَاخِلَة تَحت صَلَاة الْحَاجة الَّتِي ستأتي لِأَن هَذِه حَاجَة من حوائج الْإِنْسَان وَسَيَأْتِي فِي صَلَاة الْحَاجة فِي بعض ألفاظها من كَانَت لَهُ حَاجَة إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَو إِلَى أحد من بني آدم فَصَلَاة الْآبِق والضياع دَاخله تَحت هَذَا الْعُمُوم // صَلَاة حفظ الْقُرْآن (إِذا كَانَ لَيْلَة الْجُمُعَة فَإِن اسْتَطَاعَ أَن يقوم فِي الثُّلُث الآخر فَإِنَّهَا سَاعَة مَشْهُودَة وَالدُّعَاء فِيهَا مستجاب فَإِن لم يسْتَطع فَفِي أوساطها فَإِن لم يسْتَطع فَفِي أَولهَا فَيصَلي أَربع رَكْعَات يقْرَأ فِي الأولى الْفَاتِحَة وَيس وَفِي الثَّانِيَة الْفَاتِحَة وَالدُّخَان وَفِي الثلثة الْفَاتِحَة والم تَنْزِيل السَّجْدَة وَفِي الرَّابِعَة الْفَاتِحَة وتبارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك فَإِذا فرغ من التَّشَهُّد فليحمد الله وليحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ وَليصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وليحسن وعَلى سَائِر النَّبِيين وليستغفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات ولإخوانه الَّذين سَبَقُوهُ بِالْإِيمَان ثمَّ ليقل فِي آخر ذَلِك اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بترك الْمعاصِي أبدا مَا أبقيتني وارحمني أَن أتكلف مَا لَا يعنيني وارزقني حسن النّظر فِيمَا يرضيك عني اللَّهُمَّ بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام والعزة الَّتِي لَا ترام أَسأَلك يَا الله يَا رَحْمَن بجلالك وَنور وَجهك أَن تلْزم قلبِي حفظ كتابك كَمَا علمتني وارزقني أَن أتلوه على النَّحْو الَّذِي يرضيك عني اللَّهُمَّ بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض ذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 الْجلَال وَالْإِكْرَام والعزة الَّتِي لَا ترام أَسأَلك يَا الله يَا رَحْمَن بجلالك وَنور وَجهك أَن تنور بكتابك بَصرِي وَأَن تطلق بِهِ لساني وَأَن تفرج بِهِ عَن قلبِي وَأَن تشرح بِهِ صَدْرِي وَأَن تغسل بِهِ بدني فَإِنَّهُ لَا يُعِيننِي على الْحق غَيْرك وَلَا يؤتيه إِلَّا أَنْت وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم يفعل ذَلِك ثَلَاث جمع أَو خمْسا أَو سبعا يُجَاب بِإِذن الله تَعَالَى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخطَأ مُؤمن قطّ (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله إِذْ جَاءَهُ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي تفلت هَذَا الْقُرْآن من صَدْرِي فَمَا أجدني أقدر عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا الْحسن أَلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن وينفع بِهن من علمهن وَيثبت مَا فِي صدرك قَالَ أجل يَا رَسُول الله فعلمني فَقَالَ إِذا كَانَ لَيْلَة الْجُمُعَة فَقل الخ وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي سَاقه المُصَنّف رَحمَه الله هُوَ لفظ التِّرْمِذِيّ بعد هَذَا اللَّفْظ الَّذِي سَاقه المُصَنّف قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فوَاللَّه مَا لبث إِلَّا خمْسا أَو سبعا حَتَّى جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله كنت فِيمَا خلالا آخذ إِلَّا أَربع آيَات أَو نحوهن وَإِذا قرأتهن على نَفسِي تفلتن وَأَنا أتعلم الْيَوْم أَرْبَعِينَ آيَة أَو نَحْوهَا فَإِذا قرأتها على نَفسِي فَكَأَنَّمَا كتاب الله بَين عَيْني وَلَقَد كنت أسمع الحَدِيث فَإِذا أردته تفلت وَأَنا الْيَوْم أسمع الْأَحَادِيث فَإِذا تحدثت بهَا لم أخرم مِنْهَا حرفا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك مُؤمن وَرب الْكَعْبَة أَبَا الْحسن قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم وَقَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه فِي الْمُسْتَدْرك هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَأخرجه أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ بِاخْتِصَار وَقَالَ تفرد بِهِ هِشَام بن عمار عَن الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ الْوَلِيد بن مُسلم مُدَلّس تَدْلِيس التَّسْوِيَة وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 أتهم بِهِ إِلَّا النقاش يَعْنِي مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد الْمقري الشَّيْخ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ ابْن حجر هَذَا الْكَلَام تهافت والنقاش بَرِيء من عهدته فَإِن التِّرْمِذِيّ أخرجه فِي جَامعه من طَرِيق الْوَلِيد قَالَ السُّيُوطِيّ فِي اللآلىء الَّتِي ألفها على مَوْضُوعَات ابْن الْجَوْزِيّ وَأخرجه الْحَاكِم عَن أبي النَّضر الْفَقِيه وَأبي الْحسن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن ابْن جريج عَن عَطاء وَعِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم تركن النَّفس إِلَى مثل هَذَا من الْحَاكِم فَالْحَدِيث يقصر عَن الْحسن فضلا عَن الصِّحَّة وَفِي أَلْفَاظه نَكَارَة وَأَنا فِي نَفسِي من تَحْسِين هَذَا الحَدِيث فضلا عَن تَصْحِيحه فَإِنَّهُ مُنكر غير مُطَابق للْكَلَام النَّبَوِيّ والتعليم المصطفوي وَقد أصَاب ابْن الْجَوْزِيّ بِذكرِهِ فِي الموضوعات وَلِهَذَا ذكرته أَنا فِي كتابي الَّذِي سميته الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة (قَوْله وَليصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وليحسن) أَي ليحسن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَوْله وَلَا يؤتيه) أَي يُعْطِيهِ وَفِي نُسْخَة وَلَا يؤتينه (قَوْله مَا أَخطَأ مُؤمن) الْمَعْنى أَنه يُسْتَجَاب بِهِ لكل مُؤمن // صَلَاة الضّر وَالْحَاجة (يتَوَضَّأ وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يَدْعُو اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتي هَذِه لتقضى لي اللَّهُمَّ فشفعه فِي (ت. س. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُثْمَان بن حنيف رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ أعمى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله لي أَن يعافيني قَالَ إِن شِئْت دَعَوْت وَإِن شِئْت صبرت فَهُوَ خير لَك قَالَ فَادعه قَالَ فَأمره أَن يتَوَضَّأ وَيحسن وضوءه وَزَاد النَّسَائِيّ فِي بعض طرقه فَتَوَضَّأ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ذكر فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 التِّرْمِذِيّ مَا ذكره المُصَنّف من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَزَاد فِيهِ فَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاء فَقَامَ وَقد أبْصر وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث أبي جَعْفَر وَهُوَ غير الخطمي وَقَالَ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ بعد ذكر طرقه الَّتِي روى بهَا والْحَدِيث صَحِيح وَصَححهُ أَيْضا ابْن خُزَيْمَة فقد صحّح الحَدِيث هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة وَقد تفرد النَّسَائِيّ بِذكر الصَّلَاة وَوَافَقَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي بعض الطّرق الَّتِي رَوَاهَا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز التوسل برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الله عز وَجل مَعَ اعْتِقَاد أَن الْفَاعِل هُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنه الْمُعْطِي الْمَانِع مَا شَاءَ كَانَ وَمَا يَشَأْ لم يكن // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ حَاجَة إِلَى الله تَعَالَى أَو إِلَى أحد من بنى آدم فَليَتَوَضَّأ وليحسن وضوءه ثمَّ ليصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يثني على الله تَعَالَى وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَليقل لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك والعصمة من كل ذَنْب وَالْغنيمَة من كل بر والسلامة من كل إِثْم لَا تدع لي ذَنبا إِلَّا غفرته وَلَا هما إِلَّا فرجته وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ (ت. س. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقعدَ فَقَالَ من كَانَت لَهُ حَاجَة إِلَى الله الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَزَاد بعد قَوْله يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ ثمَّ يسْأَل من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يقدر وَفِي إِسْنَاده فَايِد بن عبد الرَّحْمَن بن الورقاء وَهُوَ ضَعِيف قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا الحَدِيث حَدِيث غَرِيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وفايد يضعف فِي الحَدِيث وَقَالَ أَحْمد مَتْرُوك وَقَالَ ابْن عدي مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه وَقَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه لهَذَا الحَدِيث أخرجته شَاهدا وفايد مُسْتَقِيم الحَدِيث وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن غير فَايِد قَالَ ابْن حجر فِي أَمَالِيهِ والْحَدِيث لَهُ شَاهد من حَدِيث أنس وَسَنَده ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا الْأَصْبَهَانِيّ من حَدِيث أنس وَلَفظه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا عَليّ أَلا أعلمك دُعَاء إِذا أَصَابَك هم أَو غم تَدْعُو بِهِ رَبك يُسْتَجَاب لَك بِإِذن الله ويفرج عَنْك تَوَضَّأ وصل رَكْعَتَيْنِ وَاحْمَدْ الله تَعَالَى وأثن عَلَيْهِ وصل على نبيك واستغفر لنَفسك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ قل اللَّهُمَّ أَنْت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله الْعلي الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين اللَّهُمَّ كاشف الْغم مفرج الْهم مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين إِذا دعوك رحمان الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمهما فارحمني فِي حَاجَتي هَذِه بقضائها ونجاحها رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَفِي إِسْنَاده أَبُو معمر عباد بن عبد الصَّمد ضَعِيف جدا وَأخرج لهَذَا الحَدِيث فِي مُسْند الفردوس طَرِيقا أُخْرَى من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَفِي إِسْنَاده أَبُو هَاشم واسْمه عبد الرَّحْمَن وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء مُخْتَصرا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من تَوَضَّأ فاسبغ الْوضُوء ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ بِتَمَامِهَا أعطَاهُ الله عز وَجل مَا سَأَلَ معجلا أَو مُؤَخرا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَقد ذكرت هَذَا الحَدِيث وَذكرت مَا قيل فِيهِ بأطول من هَذَا فِي الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة استدركت على من قَالَ إِنَّه مَوْضُوع وَالْحَاصِل أَن جَمِيع طرق أَحَادِيث هَذِه الصَّلَاة لَا تَخْلُو عَن ضعف إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 حَدِيث أبي الدَّرْدَاء كَمَا ذكرنَا وَبعده حَدِيث ابْن أبي أوفى الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله // (وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصلي اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة من ليل أَو نَهَار وَتشهد بَين كل رَكْعَتَيْنِ فَإِذا جَلَست فِي آخر صَلَاتك فأثن على الله تَعَالَى وصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ كبر واسجد واقرأ وَأَنت ساجد فَاتِحَة الْكتاب سبع مَرَّات وَآيَة الْكُرْسِيّ سبع مَرَّات وَقل هُوَ الله أحد سبع مَرَّات وَقل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بمعاقد الْعِزّ من عرشك ومنتهى الرَّحْمَة من كتابك واسمك الْأَعْظَم وَجدك الْأَعْلَى وكلمتك التَّامَّة ثمَّ سل حَاجَتك ثمَّ ارْفَعْ رَأسك فَسلم عَن يمنك وَعَن شمالك وَاتَّقِ السُّفَهَاء أَن يعلموها فيدعوا رَبهم فيستجاب لَهُم قَالَ الْبَيْهَقِيّ إِنَّه قد جرب فَوجدَ سَببا لقَضَاء الْحَاجة قلت وَقد روينَاهُ فِي كتاب الدُّعَاء لِلْوَاحِدِيِّ وَفِي سَنَده غير وَاحِد من أهل الْعلم ذكر أَنه جربه فَوَجَدَهُ كَذَلِك وَأَنا جربته فَوَجَدته كَذَلِك على أَن فِي سَنَده من لَا أعرفهُ قى // الحَدِيث أخرجه الْبَيْهَقِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة يصليهن الخ قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب بعد ذكر هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ قَالَ أَحْمد بن حَرْب قد جربته فَوَجَدته حَقًا وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن عَليّ الديلمي قد جربته فَوَجَدته حَقًا وَقَالَ الْحَاكِم قد جربته فَوَجَدته حَقًا تفرد بِهِ عَامر بن خِدَاش وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون الخ قَالَ فِي التَّرْغِيب والترهيب بعد أَن ذكر هَذَا الْكَلَام قَالَ الْحَافِظ عَامر ابْن خِدَاش هَذَا هُوَ النَّيْسَابُورِي ثمَّ قَالَ قَالَ شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحسن يَعْنِي الْمَقْدِسِي كَانَ صَاحب مَنَاكِير وَقد تفرد بِهِ عَن عمر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 هَارُون الْبَلْخِي وَهُوَ مَتْرُوك مُتَّهم أثنى عَلَيْهِ ابْن مهْدي وَحده فِيمَا أعلمهُ والاعتماد فِي مثل هَذَا على التجربة لَا على الْإِسْنَاد وَالله أعلم وَأَقُول السّنة لَا تثبت بِمُجَرَّد التجربة وَلَا يخرج بهَا الْفَاعِل للشَّيْء مُعْتَقدًا أَنه سنة عَن كَونه مبتدعا وَقبُول الدُّعَاء لَا يدل على أَن سَبَب الْقبُول ثَابت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد يُجيب الله الدُّعَاء من غير توسل بِسنة وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ وَقد تكون الإستجابة استدراجا وَمَعَ هَذَا فَفِي هَذَا الَّذِي يُقَال أَنه حَدِيث مُخَالفَة للسّنة المطهرة فقد ثَبت فِي السّنة ثبوتا صَحِيحا لَا شكّ فِيهِ وَلَا شُبْهَة النَّهْي عَن قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فَهَذَا من أعظم الدَّلَائِل على كَون هَذَا الْمَرْوِيّ مَوْضُوعا وَلَا سِيمَا وَفِي إِسْنَاده عمر بن هَارُون بن يزِيد الثَّقَفِيّ الْبَلْخِي الْمَذْكُور فَإِنَّهُ من المتروكين المتهمين وَإِن كَانَ حَافِظًا وَلَعَلَّ ثَنَاء ابْن مهْدي عَلَيْهِ من جِهَة حفظه وَكَذَا تِلْمِيذه عَامر بن خِدَاش فَلَعَلَّ هَذَا من مَنَاكِيره الَّتِي صَار يَرْوِيهَا وَالْعجب من اعْتِمَاد مثل الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ والواحدي وَمن بعدهمْ على التجريب فِي أَمر يعلمُونَ جَمِيعًا أَنه مُشْتَمل على خلاف السّنة المطهرة وعَلى الْوُقُوع فِي مناهيها (قَوْله بمعاقد) جمع معقد أَي مَحل انْعِقَاده وتمكنه // صَلَاة التَّسْبِيح (علمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمه الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا عماه أَلا أُعْطِيك أَلا أمنحك أَلا أحبوك أَلا أفعل لَك عشر خِصَال إِذا أَنْت فعلت ذَلِك غفر الله لَك ذَنْبك أَوله وَآخره قديمه وَحَدِيثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته عشر خِصَال أَن تصلي أَربع رَكْعَات تقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة فَإِذا فرغت من الْقِرَاءَة فِي أول رَكْعَة قلت وَأَنت قَائِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر خَمْسَة عشر مرّة ثمَّ تركع فتقولها وَأَنت رَاكِع عشرا ثمَّ ترفع رَأسك من الرُّكُوع فتقولها عشرا ثمَّ ترفع رَأسك من السُّجُود فتقولها عشرا فَذَلِك خمس وَسَبْعُونَ مرّة فِي كل رَكْعَة تفعل ذَلِك فِي أَربع رَكْعَات إِن اسْتَطَعْت أَن تصليها فِي كل يَوْم مرّة فافعل فَإِن لم تفعل فَفِي كل جُمُعَة فَإِن لم تفعل فَفِي كل شهر مرّة فَإِن لم تفعل فَفِي كل سنة مرّة فَإِن لم تفعل فَفِي عمرك مرّة (د. حب. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ الخ وَقد ذكر هَذَا الحَدِيث ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَقَالَ إِن صَحَّ هَذَا الْخَبَر فَإِن فِي الْقلب من هَذَا الْإِسْنَاد شَيْئا فَذكره ثمَّ قَالَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن الحكم بن أبان عَن عِكْرِمَة مُرْسلا لم يذكر ابْن عَبَّاس وَإِبْرَاهِيم بن الحكم بن أبان قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ سكتوا عَنهُ قَالَ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَقَالَ فِي آخِره فَلَو كَانَت ذنوبك مثل زبد الْبَحْر أَو رمل عالج غفر الله لَك قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِإِسْنَاد فِيهِ نَافِع بن هُرْمُز وَهُوَ ضَعِيف وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق أُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا غُلَام أَلا أحبوك وَفِي إِسْنَاده عبد القدوس بن حبيب وَهُوَ مَتْرُوك وَرَوَاهُ أَيْضا من طَرِيق أُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لأبي الجوزاء أَلا أحبوك ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من صلى أَربع رَكْعَات فَذكر نَحوه وَفِي إِسْنَاده يحيى بن عقبَة بن أبي الْعيزَار وَهُوَ ضَعِيف قَالَ الْمُنْذِرِيّ قد روى هَذَا الحَدِيث من طرق كَثِيرَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وأمثلها حَدِيث عِكْرِمَة هَذَا يَعْنِي الَّذِي ذكره المُصَنّف قَالَ وَقد صَححهُ جمَاعَة مِنْهُم الْحَافِظ أَبُو بكر الآجرى وَشَيخنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحِيم الْمصْرِيّ وَشَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 الْحسن الْمَقْدِسِي قَالَ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد سَمِعت أبي يَقُول لَيْسَ فِي صَلَاة التَّسْبِيح حَدِيث صَحِيح غير هَذَا وَقَالَ مُسلم صَاحب الصَّحِيح لَا يرْوى فِي هَذَا الحَدِيث إِسْنَاد أحسن من هَذَا يَعْنِي إِسْنَاد عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ الْحَاكِم قد صحت الرِّوَايَة عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم ابْن عَمه هَذِه الصَّلَاة ثمَّ قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد حَدثنَا إِسْحَق بن كَامِل حَدثنَا إِدْرِيس بن يحيى عَن حَيْوَة بن شُرَيْح عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَعْفَر بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَى بِلَاد الْحَبَشَة فَلَمَّا قدم اعتنقه وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ أَلا أهب لَك أسرك أَلا أمنحك فَذكره قَالَ هَذَا إِسْنَاد صَحِيح لَا غُبَار عَلَيْهِ وَاعْترض على هَذَا التَّصْحِيح من وُجُوه بِأَن شيخ الْحَاكِم أَحْمد بن دَاوُد الْمصْرِيّ الْحَرَّانِي تكلم فِيهِ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة وَكذبه الدَّارَقُطْنِيّ وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي رَافع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ الْعَبَّاس يَا عَم أَلا أحبوك فَذكر الحَدِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب من حَدِيث أبي رَافع وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي حَيَّان الْكَلْبِيّ عَن أبي الجوزاء عَن ابْن عمر وَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أحبوك فَذكر الحَدِيث وروى أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق عبد الله ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق أبي رَافع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس الخ قَالَ ابْن حجر رَحمَه الله لَا بَأْس بِإِسْنَاد حَدِيث ابْن عَبَّاس وَهُوَ من شَرط الْحسن فَإِن لَهُ شَوَاهِد تقويه وَقد أَسَاءَ ابْن الْجَوْزِيّ بِذكرِهِ فِي الموضوعات وَقد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَالْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَمْرو قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث أبي رَافع أَنه حَدِيث ضَعِيف لَيْسَ لَهُ أصل فِي الصِّحَّة وَلَا فِي الْحسن وَقَالَ إِنَّمَا ذكره التِّرْمِذِيّ لينبه عَلَيْهِ لِئَلَّا يغتر بِهِ وَقَالَ الْعقيلِيّ لَيْسَ فِي صَلَاة التَّسْبِيح حَدِيث يثبت وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أصح شَيْء فِي فَضَائِل السُّور {قل هُوَ الله أحد} وَأَصَح شَيْء فِي فَضَائِل الصَّلَاة صَلَاة التَّسْبِيح قَالَ النَّوَوِيّ فِي الإذكار وَلَا يلْزم من هَذَا الْعبارَة أَن يكون حَدِيث صَلَاة التَّسْبِيح صَحِيحا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ هَذَا أصح مَا جَاءَ فِي الْبَاب وَإِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 كَانَ ضَعِيفا فمرادهم أرجحه وَأقله ضعفا وَالْحَاصِل أَن صَلَاة التَّسْبِيح وَردت من طَرِيق عبد الله ابْن عَبَّاس وأخيه الْفضل وأبيهما الْعَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَأبي رَافع وَعلي بن أبي طَالب وأخيه جَعْفَر وَأم سَلمَة وَرجل من الْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَقد صحّح هَذَا الحَدِيث أَو حسنه جمَاعَة من الْحفاظ مِنْهُم من تقدم ذكره وَمِنْهُم ابْن مَنْدَه والخطيب وَابْن الصّلاح والسبكي والحافظ العلائي قَالَ السُّبْكِيّ صَلَاة التَّسْبِيح من مهمات مسَائِل الدّين وَلَا تغتر بِمَا فهم من النَّوَوِيّ فِي الاذكار من ردهَا فَإِنَّهُ اقْتصر على رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَرَأى قَول الْعقيلِيّ لَيْسَ فِيهَا حَدِيث يثبت صَحِيح وَلَا حسن وَالظَّن بِهِ لَو استحضر تَرْجِيح أبي دَاوُد لحديثها وَتَصْحِيح ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم لما قَالَ ذَلِك وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام على صَلَاة التَّسْبِيح فِي كتَابنَا فِي الموضوعات الَّذِي سميناه الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَلَا شكّ وَلَا ريب أَن هَذِه الصَّلَاة فِي صفتهَا وهيئتها نَكَارَة شَدِيدَة مُخَالفَة لما جرت عَلَيْهِ التعليمات النَّبَوِيَّة والذوق يشْهد وَالْقلب يصدق وَعِنْدِي أَن ابْن الْجَوْزِيّ قد أصَاب بِذكرِهِ لهَذَا الحَدِيث فِي الموضوعات وَمَا أحسن مَا قَالَ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابه اللآلئ الَّذِي جعله على مَوْضُوعَات ابْن الْجَوْزِيّ بعد ذكره لطرق هَذِه الحَدِيث وَالْحق أَن طرقه كلهَا ضَعِيفَة وَأَن حَدِيث ابْن عَبَّاس يقرب من الْحسن إِلَّا أَنه شَاذ لشدَّة الفردية فِيهِ وَعدم المتابع وَالشَّاهِد من وَجه مُعْتَبر وَمُخَالفَة هيئتها لهيئة بَاقِي الصَّلَوَات صَلَاة الْقدوم من السّفر (وَصَلَاة الْقدوم من السّفر رَكْعَتَانِ فِي الْمَسْجِد مُتَّفق عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ صَلَاة الْفَتْح وَهِي ثَمَان رَكْعَات وَثمّ صلوَات وَردت منصوصات عَلَيْهَا غير أَن أسانيدها ضَعِيفَة النّصْف من شعْبَان وَصَلَاة الْقدر من رَمَضَان فَلَا تصح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وسندها مَوْضُوع بَاطِل وَصَلَاة الْكِفَايَة جربت وَلَا أعلمها وَردت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالسُّجُود بعد الْوتر مَوْضُوع وَلكنه صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُصَلِّي بعده رَكْعَتَيْنِ جَالِسا) // قَوْله وَصَلَاة الْقدوم من السّفر رَكْعَتَانِ فِي الْمَسْجِد مُتَّفق عَلَيْهَا) أَقُول هُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة قَالَ لي ادخل الْمَسْجِد فصل رَكْعَتَيْنِ وَثَبت أَيْضا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قدم من سفر دخل الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس (قَوْله وَكَذَلِكَ صَلَاة الْفَتْح) أَقُول هِيَ مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أم هَانِيء قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل بَيتهَا يَوْم فتح مَكَّة فاغتسل وَصلى ثَمَان رَكْعَات فَلم أر صَلَاة قطّ أخف مِنْهَا غير أَنه يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود (قَوْله كَصَلَاة السّفر) أَقُول أَي الصَّلَاة عِنْد إِرَادَة الْخُرُوج إِلَى السّفر لَا عِنْد الْقدوم مِنْهُ فَالْحَدِيث بذلك ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا كَمَا تقدم وَهَذِه الصَّلَاة عِنْد إِرَادَة السّفر أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أخرج إِلَى الْبَحْرين فِي تِجَارَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُم صل رَكْعَتَيْنِ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله موثقون وَبِهَذَا يعرف أَن حَدِيث صَلَاة السّفر لم يكن إِسْنَاده ضَعِيفا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَيُمكن أَن يُرَاد بِصَلَاة السّفر صَلَاة الْمُسَافِر نَفسه عِنْد قدومه فِي الْبَيْت لَا فِي الْمَسْجِد وَقد أخرج ذَلِك الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث فضَالة بن عبيد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل منزلا فِي سفر أَو دخل بَيته لم يجلس حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَفِي إِسْنَاده الْوَاقِدِيّ وَقد ضعفه الْجُمْهُور وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قدم من سفر صلى رَكْعَتَيْنِ وَفِي إِسْنَاده الْحَارِث الْأَعْوَر وَهُوَ ضَعِيف وَيُمكن أَن يُرِيد المُصَنّف بِمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْمطعم بن الْمِقْدَاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا خلف أحد عِنْد أَهله أفضل من رَكْعَتَيْنِ يركعهما عِنْدهم حِين يُرِيد سفرا وَقد ذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار صفة هَذِه الصَّلَاة بعد ذكره لهَذَا الحَدِيث (قَوْله وَصَلَاة الْغَفْلَة) أَقُول صَلَاة الْغَفْلَة هَذِه لم نجدها مَذْكُورَة فِي الْكتب الْمُدَوَّنَة فِي الموضوعات فلعلها صَلَاة اشتهرت فِي عهد المُصَنّف جَاءَ بهَا بعض الْكَذَّابين من الْعَوام (قَوْله وَأما صَلَاة الرغائب أول خَمِيس فِي رَجَب) أَقُول هَذِه الصَّلَاة مكذوبة مَوْضُوعَة وَقد روى الْوَاضِع لَهَا حَدِيثا طَويلا وَأَنه يُصَلِّي فِي أول خَمِيس من رَجَب فِي اللَّيْلَة الَّتِي بعده وَهِي لَيْلَة الْجُمُعَة بَين العشاءين اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة يقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} ثَلَاثًا و {قل هُوَ الله أحد} اثْنَتَيْ عشرَة مرّة يفصل بَين كل رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَة وَقد سقنا مَا قيل فِي ذَلِك فِي الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَقد اتّفق الْحفاظ أَنَّهَا مَوْضُوعَة كَمَا قَالَ الْمجد صَاحب الْقَامُوس فِي مُخْتَصره الَّذِي أَلفه فِي الموضوعات وَكَذَا قَالَ الْمَقْدِسِي وَهِي أبطل من أَن يتَكَلَّم فِي بُطْلَانهَا وَلَكِن لما وَقع من الْخَطِيب وَابْن الصّلاح كَلَام فِي شَأْنهَا اقْتضى ذَلِك بَيَان بُطْلَانهَا وَقد رد عَلَيْهِمَا من فِي عصرهما كعز الدّين بن عبد السَّلَام رَحمَه الله وَغَيره من الْحفاظ وَجمع ابْن حجر الهيثمي كتابا سَمَّاهُ الْإِيضَاح وَالْبَيَان لما جَاءَ فِي صَلَاة الرغائب وَلَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَقد وقفنا على هَذَا الْكتاب وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء يُفِيد ثُبُوت صَلَاة الرغائب وَلَا ثُبُوت صَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَأما مُجَرّد ثُبُوت وُرُود مَا يدل على فَضِيلَة الْوَقْت فَلَا مُلَازمَة بَينه وَبَين مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة فِيهِ (قَوْله وَصَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان) أَقُول هَذَا حَدِيث مَوْضُوع مَكْذُوب فِيهِ على من صلى مائَة رَكْعَة فِي لَيْلَة النّصْف ن شعْبَان يقْرَأ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب و {قل هُوَ الله أحد} عشر مَرَّات إِلَّا قضى الله لَهُ حَاجَة وَفِي أَلْفَاظه المصرحة بِثَوَاب من يفعل ذَلِك مَا يشْعر أعظم إِشْعَار وَيدل أبلغ دلَالَة على أَنه مَكْذُوب قَالَ الْمجد فِي الْمُخْتَصر حَدِيث صَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان بَاطِل وَهَكَذَا قَالَ غَيره من أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن وَقد أطلنا الْكَلَام فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 كتَابنَا الْمَذْكُور سَابِقًا وَقد روى ابْن مَاجَه فِي سنَنه التَّرْغِيب فِي قِيَامهَا من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَقومُوا لَيْلهَا وصوموا نَهَارهَا فَإِن الله ينزل فِيهَا إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَلا من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ أَلا من مسترزق فأرزقه أَلا من مبتلي فأعافيه أَلا كَذَا أَلا كَذَا حَتَّى يطلع الْفجْر وَهُوَ مَعَ كَونه لَا يدل على مَا هُوَ مَطْلُوب فِيهَا بذلك الْعدَد هُوَ أَيْضا ضَعِيف الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله ليطلع فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر لجَمِيع خلقه وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَهَا أَتَدْرِينَ مَا فِي هَذِه اللَّيْلَة يَعْنِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان قَالَت مَا فِيهَا يَا رَسُول الله قَالَ فِيهَا أَنه يكْتب كل مَوْلُود من بني آدم فِي هَذِه السّنة وفيهَا يكْتب كل هَالك من بني آدم فِي هَذِه السّنة وفيهَا ترفع أَعْمَالهم وفيهَا تنزل أَرْزَاقهم (قَوْله وَصَلَاة الْقدر من رَمَضَان) قلت لَعَلَّه يُرِيد مَا أخرجه ابْن مَاجَه بِلَفْظ من أَحْيَا لَيْلَة الْقدر لم يمت قلبه قَالَ الْمجد فِي الْمُخْتَصر فِيهِ ضعف (قَوْله وَصَلَاة الْكِفَايَة) أَقُول هُوَ حَدِيث مَوْضُوع وصفتها رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة الْفَاتِحَة وَقل هُوَ الله أحد خمس مَرَّات وَالْقدر خمس مَرَّات ثمَّ يَقُول فِي آخِره يَا شَدِيد القوى يَا شَدِيد الْمحَال يَا ذَا الْقُوَّة والجلال يَا ذَا الْعِزَّة وَالسُّلْطَان أذللت جَمِيع مخلوقاتك اكْفِنِي مَا أَخَاف وَأحذر يَقُولهَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم وَهُوَ حَدِيث مَكْذُوب والتجريب لَا يدل على صِحَّته كَمَا قدمنَا (قَوْله وَالسُّجُود بعد الْوتر مَوْضُوع) أَقُول قَالَ النَّسَائِيّ بَاب قدر السَّجْدَة بعد الْوتر ثمَّ ذكر حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة فِيمَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء إِلَى صَلَاة الْفجْر سوى رَكْعَتي الْفجْر وَيسْجد قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة فَهَذَا يدل على أَنَّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 سَجْدَة مُنْفَرِدَة بعد الْوتر كَمَا فهم النَّسَائِيّ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فالعجب من المُصَنّف رَحمَه الله كَيفَ يخفى عَلَيْهِ ذَلِك وَهُوَ فِي هَذَا الْكتاب الَّذِي هُوَ أحد الْأُمَّهَات السِّت الَّتِي هِيَ دواوين الْإِسْلَام (قَوْله وَلكنه صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُصَلِّي بعده رَكْعَتَيْنِ جَالِسا) أَقُول هَذَا صَحِيح وَقد قدمْنَاهُ فَلَا نعيده وَقد ذكرنَا جَمِيع الصَّلَوَات الْمَوْضُوعَة فِي كتَابنَا فِي الموضوعات فَمن أَرَادَ الْوُقُوف على ذَلِك فَليرْجع إِلَيْهِ // الْبَاب الْخَامِس (فِيمَا يتَعَلَّق بِالْأَكْلِ وَالشرب وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالسّفر وَالْحج وَالْجهَاد وَالنِّكَاح // فصل فِي الْأكل وَالشرب وَالصَّوْم إِذا دعِي إِلَى وَلِيمَة فليجب فَإِن كَانَ صَائِما صلى (م) ودعا وبرك (د)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَحَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَهُوَ عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة فليجب فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل وَإِن كَانَ مُفطرا فليطعم وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ فِيهِ وَإِن كَانَ صَائِما دَعَا بِالْبركَةِ وَأما حَدِيث ابْن عمر فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَأَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة عرس فليجب فَإِن كَانَ صَائِما دَعَا وبرك وَإِن كَانَ مُفطرا أكل وأصل حَدِيث ابْن عمر هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظ إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة فليأتها وَفِي لفظ لمُسلم وَأبي دَاوُد مِنْهُ قَالَ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دَعَا أحدكُم أَخَاهُ فليجب عرسا كَانَ أَو نَحوه وَفِي الْبَاب عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب فَإِن شَاءَ طعم وَإِن شَاءَ ترك وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة يدعى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاء وَيتْرك الْمَسَاكِين وَمن لم يَأْتِ الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله وَعَن عبد الله بن عمر عِنْد أبي دَاوُد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دعِي فَلم يجب فقد عصى الله وَرَسُوله وَمن دخل على غير دَعْوَة فقد دخل سَارِقا وَخرج معيرا وَفِي إِسْنَاده درست ابْن زِيَاد عَن شهَاب بن طَارق فَالْأول ضعفه الْجُمْهُور وَالثَّانِي مَجْهُول (قَوْله إِذا دعى إِلَى وَلِيمَة فليجب) فِيهِ دلَالَة على وجوب إِجَابَة الدعْوَة سَوَاء كَانَت عرسا أَو غَيره إِذا صدق عَلَيْهَا مُسَمّى الْوَلِيمَة كَمَا يدل على ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ من الْأَحَادِيث الْمُطلقَة الَّتِي ذَكرنَاهَا مَعَ التَّصْرِيح فِي بَعْضهَا بقوله عرسا كَانَ أَو نَحوه وَلَا يُنَافِي ذَلِك الِاقْتِصَار على وَلِيمَة الْعرس فِي بعض الْأَحَادِيث فَإِن ذَلِك هُوَ من التَّنْصِيص على بعض مدلولات اللَّفْظ فَلَا يكون تَخْصِيصًا على فرض تجرده عَن الْمعَارض كَيفَ وَهُوَ معَارض بِمَا ذكرنَا وَقد أوضحنا الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام فِي شرحنا للمنتقي (قَوْله فَإِن كَانَ صَائِما صلى) قَالَ هِشَام بن حسان أحد رُوَاة هَذَا الحَدِيث إِن المُرَاد بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاء وَيدل على هَذَا قَوْله فِي حَدِيث ابْن عمر فَإِن كَانَ صَائِما دَعَا وبرك (قَوْله ودعا وبرك) أَي دَعَا لصَاحب الدعْوَة بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُور الَّذِي سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وبرك أَن دَعَا لَهُ بِالْبركَةِ // (وَإِذا أفطر قَالَ ذهب الظمأ وابتلت الْعُرُوق وَثَبت الْأجر إِن شَاءَ الله (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَهُوَ من حَدِيث أبن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أفطر قَالَ ذهب الظمأ الخ وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ (قَوْله ذهب الظمأ) هُوَ شدَّة الْعَطش (قَوْله وابتلت الْعُرُوق) يَعْنِي بِمَا وصل إِلَيْهَا من الطَّعَام وَالشرَاب فَيذْهب عَنْهَا مَا كَانَ فِيهَا من الْجَفَاف بانقطاعها بِالصَّوْمِ (قَوْله وَثَبت الْأجر إِن شَاءَ الله) جعل ثُبُوته مُقَيّدا بِمَشِيئَة الله تَعَالَى لِأَن الصَّائِم لَا يدْرِي هَل قبل الله تَعَالَى صِيَامه أَو رده // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 (فَإِن كَانَ عِنْد قوم قَالَ أفطر عنْدكُمْ الصائمون وَأكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة (ق. حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أفطر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد سعد بن معَاذ فَقَالَ أفطر عنْدكُمْ الصائمون الخ وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِهَذَا اللَّفْظ وَلكنه جعل مَكَان سعد بن معَاذ سعد بن عبَادَة وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح من حَدِيث انس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ إِلَى سعد بن عبَادَة رَضِي الله عَنهُ فجَاء بِخبْز وزيت فَأكل ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفطر عنْدكُمْ الصائمون وَأكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة وَقد اشْتَمَل هَذَا الحَدِيث على ثَلَاث دعوات كلهَا مُوجبَة لِلْأجرِ وَالْبركَة فَإِن من أفطر عِنْده الصائمون اسْتحق الْأجر الْمَوْعُود بِهِ فِيمَن فطر صَائِما وَمن أكل طَعَامه الْأَبْرَار كَانَ لَهُ أجر الْإِطْعَام موفرا لكَون الآكلين لَهُ من الْأَبْرَار وَمن صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فقد فَازَ لِأَن دعوتهم لَهُ بِالرَّحْمَةِ مَقْبُولَة وَقد أخرج البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم سليم فَأَتَتْهُ بِتَمْر وَسمن فَقَالَ أعيدوا تمركم فِي وعائه وسمنكم فِي سقائه فَإِنِّي صَائِم ثمَّ قَامَ فِي نَاحيَة الْبَيْت فصلى رَكْعَتَيْنِ غير الْمَكْتُوبَة ودعا لأم سليم وَأَهْلهَا وَأهل بَيتهَا وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو انه كَانَ يَقُول عِنْد فطره اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِرَحْمَتك الَّتِي وسعت كل شَيْء أَن تغْفر لي ذُنُوبِي // (وَإِذا حضر الطَّعَام فليسم الله وليأكل مِمَّا يَلِيهِ بِيَمِينِهِ (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمر أَن ابْن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت غُلَاما فِي حجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت يَدي تطيش فِي الصفحة فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا غُلَام سم الله وكل بيمينك وكل مِمَّا يليك فَقَالَ فَمَا زَالَت تِلْكَ طعمتي بعد وَأخرجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 التِّرْمِذِيّ أَيْضا وَالنَّسَائِيّ من حَدِيثه وَقد اشْتَمَل الحَدِيث على ثَلَاث سنَن التَّسْمِيَة وَالْأكل بِالْيَمِينِ وَالْأكل مِمَّا يَلِي الْآكِل وَظَاهر الْأَمر الْوُجُوب لَا سِيمَا مَعَ مَا سَيَأْتِي من أَن الشَّيْطَان يسْتَحل الطَّعَام الَّذِي لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَمَا ورد أَيْضا من الْأَمر بِالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَقد وَردت أوَامِر فِي أَحَادِيث وَهِي مؤيدة لما ذكرنَا // (إِن الشَّيْطَان يسْتَحل الطَّعَام الَّذِي لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا إِذا حَضَرنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يضع أَحَدنَا يَده حَتَّى يبْدَأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَضَع يَده فَلَمَّا أَن حَضَرنَا مَعَه مرّة على طَعَام فَجَاءَت جَارِيَة كَأَنَّمَا تدفع فَذَهَبت تضع يَدهَا فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهَا ثمَّ جَاءَ أَعْرَابِي كَأَنَّمَا يدْفع فَذهب ليضع يَده فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ وَقَالَ إِن الشَّيْطَان ليستحل الطَّعَام الَّذِي لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأَنه جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَة ليستحل بهَا فَأخذت بِيَدِهَا وَجَاء بِهَذَا الْأَعرَابِي ليستحل بِهِ فَأخذت بِيَدِهِ فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِن يَده لفي يَدي مَعَ أَيْدِيهِمَا وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ زَاد مُسلم ثمَّ ذكر اسْم الله عَلَيْهِ ثمَّ أكل وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الشَّيْطَان يُشَارك من لم يسم على أكل طَعَامه وَذَلِكَ سَبَب انتزاع الْبركَة مِنْهُ وَعدم الِانْتِفَاع بِهِ (قَوْله يسْتَحل) أَي يَجعله حَلَالا لِأَنَّهُ مَمْنُوع مِنْهُ بِفعل الشَّرْع فَإِذا ترك الْأكل الشَّرْعِيّ بِعَدَمِ التَّسْمِيَة جعل الشَّيْطَان ذَلِك ذَرِيعَة لاستحلال طَعَامه // (وَأمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّحَابَة فِي الشَّاة المسمومة الَّتِي أَهْدَتْهَا إِلَيْهِ الْيَهُودِيَّة إِن اذْكروا اسْم الله وكلوا فأكلوها فَلم يصب أحدا مِنْهُم شَيْء (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن يَهُودِيَّة أَهْدَت شَاة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سميطا فَلَمَّا بسطوا الْقَوْم أَيْديهم قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفوا أَيْدِيكُم فَإِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 عضوا من أعضائها يُخْبِرنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة قَالَ فَأرْسل إِلَى صاحبتها أَسممت طَعَامك هَذَا قَالَت نعم أَحْبَبْت إِن كنت كَاذِبًا أُرِيح النَّاس مِنْك وَإِن كنت صَادِقا علمت أَن الله سيطلعك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذْكروا اسْم الله وكلوا فأكلنا فَلم يضر أحدا منا شَيْء قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد وَلكنه قد روى مَا يُخَالف هَذَا وَهُوَ أَن بشر بن الْبَراء بن معْرور كَانَ من جملَة من أكل مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الشَّاة فَمَاتَ مِنْهَا وروى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مازال يجد أثر هَذَا السم حَتَّى مَاتَ وَذكر جمَاعَة من الْعلمَاء أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ شَهِيدا بِهَذَا السَّبَب وَذكر بعض أهل الْعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل هَذِه الْيَهُودِيَّة وقوى ذَلِك الْحَافِظ الدمياطي والسيوطي وَهَذِه الْيَهُودِيَّة هِيَ زَيْنَب بنت الْحَرْث امْرَأَة سَلام بن مشْكم // (وَمن نسي التَّسْمِيَة فَلْيقل بِسم الله أَوله وأوسطه وَآخره (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أكل أحدكُم فليذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَإِذا نسي أَن يذكر اسْم فِي أَوله فَلْيقل بِسم الله أَوله وأوسطه وَآخره وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه إِذا نسى فِي أثْنَاء أكله للطعام وَقَالَ بِسم الله أَوله وَآخره كَانَ ذَلِك استدراكا لما فَاتَهُ من التَّسْمِيَة فِي أَوله وروى النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من نسي أَن يُسَمِّي على طَعَامه فليقرأ {قل هُوَ الله أحد} إِذا فرغ هَكَذَا روى الحَدِيث وَلم يعزه إِلَى كتاب من كتب الحَدِيث وَلَو قَدرنَا ثُبُوته عَن جَابر لم يكن ذَلِك شرعا غَالِبا لِأَنَّهُ قَول صَحَابِيّ وللاجتهاد فِيهِ مدْخل وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل طَعَاما فِي سِتَّة من أَصْحَابه فجَاء أَعْرَابِي فَأَكله بلقمتين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما إِنَّه لَو سمى لكفاكم قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه أَيْضا أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث أُميَّة بن مخشي وَكَانَ صحابيا أَن رجلا كَانَ يَأْكُل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر فَلم يسم الله حَتَّى كَانَ فِي آخر طَعَامه قَالَ بِسم الله أَوله وَآخره فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا زَالَ الشَّيْطَان يَأْكُل مَعَه حَتَّى سمى فَمَا بَقِي فِي بَطْنه شَيْء إِلَّا قاءه قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يسند أُميَّة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير هَذَا الحَدِيث ومخشي بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بعْدهَا شين مُعْجمَة // (وَأَن أكل مَعَ مجذوم أَو ذِي عاهة قَالَ بِسم الله ثِقَة بِاللَّه وتوكلا عَلَيْهِ (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ بيد مجذوم فَأدْخلهَا مَعَه فِي الْقَصعَة ثمَّ قَالَ كل بِسم الله ثِقَة بِاللَّه وتوكلا عَلَيْهِ وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَهَذَا الحَدِيث يُخَالف الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْفِرَار من المجذوم فَيحمل هَذَا على من لم يتأثر بِالْأَكْلِ مَعَ المجذوم وَلَا تداخله الأوهام وَالْكَلَام فِي هَذَا يرجع إِلَى الْكَلَام فِي أَحَادِيث الْعَدْوى والطيرة وَقد أوضحنا الْكَلَام فِيهَا فِي شرحنا للمنتقي وأفردنا هَذَا الْبَحْث برسالة مُطَوَّلَة // (وَإِذا أكل طَعَاما فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وأطعمنا خيرا مِنْهُ فَإِن كَانَ لَبَنًا فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ (د. ت)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ دخلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وخَالِد بن الْوَلِيد على مَيْمُونَة فجائتنا بِإِنَاء من لبن فَشرب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا عَن يَمِينه وخَالِد عَن شِمَاله فَقَالَ لي الشربة لَك فَإِن شِئْت آثرت بهَا خَالِدا فَقلت مَا كنت أوثر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 على سؤرك أحدا ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أطْعمهُ الله طَعَاما فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وأطعمنا خيرا مِنْهُ وَمن سقَاهُ الله لَبَنًا فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء يجزيء من الطَّعَام وَالشرَاب غير اللَّبن قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَأخرج النَّسَائِيّ الْفَصْل الأول مِنْهُ وَفِيه دَلِيل على أَن اللَّبن أرفع حَالا من الطَّعَام وَوجه ذَلِك ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلب أَن يطعمهُ الله مَا هُوَ خير من الطَّعَام وَلم يطْلب ذَلِك فِي اللَّبن وَإِنَّمَا طلب الزِّيَادَة مِنْهُ // (فَإِذا فرغ من الْأكل وَالشرب قَالَ الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ رَبنَا الْحَمد لله الَّذِي كفانا وآوانا وأروانا غير مكفي وَلَا مكفور (خَ. ت. س)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رفع مائدته قَالَ الْحَمد لله الخ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ مِنْهُ أَيْضا كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي كفانا وآوانا وأروانا غير مكفي وَلَا مكفور وَفِي رِوَايَة لَهُ مِنْهُ لَك الْحَمد رَبنَا غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ رَبنَا وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَإِحْدَى رِوَايَات النَّسَائِيّ الْحَمد لله حمدا وَفِي لفظ للنسائي اللَّهُمَّ لَك الْحَمد حمدا كثيرا وعَلى الْجُمْلَة فَالْحَدِيث فِي صَحِيح البُخَارِيّ الْفَصْل الأول مِنْهُ والفصل الآخر لَا كَمَا يُوهِمهُ كَلَام المُصَنّف رَحمَه الله أَنه لم يكن فِي البُخَارِيّ إِلَّا الْفَصْل الْأَخير مِنْهُ (قَوْله غير مكفى) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْكَاف وَتَشْديد الْيَاء قَالَ النَّوَوِيّ هَذِه الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الفصيحة وَرَوَاهُ أَكثر الروَاة بِالْهَمْز وَهُوَ فَاسد من حَيْثُ الْعَرَبيَّة سَوَاء كَانَ من الْكِفَايَة أَو من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 كفأت الْإِنَاء قَالَ فِي مطالع الْأَنْوَار فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث المُرَاد بِهَذَا الْمَذْكُور كُله الطَّعَام وَإِلَيْهِ يعود الضَّمِير فَيكون الْمَعْنى على هَذَا الْكِفَايَة وَقَالَ الْحَرْبِيّ المكفى الْإِنَاء المقلوب للاستغناء عَنهُ كَمَا قَالَ غير مُسْتَغْنى عَنهُ وَقَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أَن الله هُوَ الْمطعم الْكَافِي وَهُوَ غير مطعم وَلَا مكفي فَجعل الضمائر عَائِدَة إِلَى الله عز وَجل (قَوْله وَلَا مُودع) بِفَتْح الدَّال اسْم مفعول وَالْمعْنَى أَنه مُحْتَاج إِلَيْهِ غير مَتْرُوك الطّلب مِنْهُ وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ (قَوْله وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ) هُوَ أَيْضا اسْم مفعول وَالْمعْنَى أَنه مُحْتَاج إِلَيْهِ غير مُسْتَغْنى عَنهُ (قَوْله رَبنَا) مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص والمدح أَو مَنْصُوب على أَنه منادى مُضَاف مَحْذُوف حرف النداء كَأَنَّهُ قَالَ يَا رَبنَا اسْمَع دعاءنا (قَوْله وَلَا مكفور) أَي وَلَا مجحود النعم الَّتِي أنعم بهَا على عباده بل هُوَ مشكور // (فَإِذا غسل يَده قَالَ الْحَمد لله الَّذِي يطعم وَلَا يطعم من علينا فهدانا وأطعمنا وَسَقَانَا وكل بلَاء حسن أبلانا (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ دَعَا رجل من الْأَنْصَار من أهل قبَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلَقْنَا مَعَه فَلَمَّا طعم وَغسل يَده أَو يَدَيْهِ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي يطعم وَلَا يطعم الخ وَبعده الْحَمد لله غير مُودع وَلَا مكافي وَلَا مكفور وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ الْحَمد لله الَّذِي أطْعم من الطَّعَام وَسَقَى من الشَّرَاب وكسى من العرى وَهدى من الضلال وبصر من الْعَمى وَفضل على كثير مِمَّن خلق تَفْضِيلًا هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن أبي الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أكل أَو شرب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطْعم وَسَقَى وسوغه وَجعل لَهُ مخرجا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا وَجَعَلنَا مُسلمين وَلَفظ التِّرْمِذِيّ كَانَ إِذا أكل أَو شرب قَالَ الخ (قَوْله يطعم وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 يطعم) الأول مبْنى للْفَاعِل وَالثَّانِي مبْنى للْمَفْعُول (قَوْله وكل بلَاء حسن أبلانا) الإبلاء الْإِحْسَان والإنعام فَالْمَعْنى وكل إِحْسَان مِنْهُ وإنعام من بِهِ علينا وأنعم علينا بِهِ قَالَ الْعَيْنِيّ يُقَال فِي الْخَيْر بليت بلَاء وَفِي الشَّرّ بلوته أبلوه بلَاء وَفِي النِّهَايَة أَن الِابْتِلَاء يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر مَعًا من غير فرق بَين فعلهمَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة} // (وَيَدْعُو لأهل الطَّعَام اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِيمَا رزقتهم فَاغْفِر لَهُم وارحمهم (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن بسر رَضِي الله عَنهُ قَالَ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي فَقرب إِلَيْهِ طَعَاما ووطبة ثمَّ أَتَى بِتَمْر وَكَانَ يَأْكُلهُ ويلقي النَّوَى بَين أصبعيه وَيجمع السبابَة وَالْوُسْطَى ثمَّ أَتَى بشراب فشربه ثمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَن يَمِينه فَقَالَ أبي وَأخذ بلجام الدَّابَّة ادْع لنا فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِيمَا رزقتهم واغفر لَهُم وارحمهم وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والوطبة بِالْوَاو وَإِسْكَان الطَّاء بعْدهَا مُوَحدَة قيل هِيَ الأقط وَقيل تمر يخرج نَوَاه ويعجن بِلَبن وَقَالَ النَّوَوِيّ هِيَ قربَة لَطِيفَة يكون فِيهَا اللَّبن // (اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْمِقْدَاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَقبلت أَنا وصاحبان لي وَقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الْجهد فأتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ صنع أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما قَالَ فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 أَصْحَابه فَلَمَّا فرغ قَالَ أثيبوا أَخَاكُم قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا إثابته قَالَ إِن الرجل إِذا دخل بَيته فَأكل طَعَامه وَشرب شرابه فَادعوا لَهُ فَذَاك إثابته وَفِي إِسْنَاده رجل لم يسم وَقد تقدم فِي أول هَذَا الْبَاب بعض مَا يدعى بِهِ لأهل الطَّعَام // فصل الزَّكَاة (أَيّمَا رجل لَهُ مَال يكون فِيهِ صَدَقَة فَقَالَ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وعَلى الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُسْلِمين وَالْمُسلمَات فَإِنَّهَا لَهُ زَكَاة أَي نمو (ص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ أَي فِي هَذَا الحَدِيث وَلَكِن إِسْنَاده حسن وَأخرجه أَيْضا ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فهذان إمامان صَحَّحَاهُ وَصَححهُ إِمَام ثَالِث وَهُوَ السُّيُوطِيّ رَحمَه الله وَأما الْمَنَاوِيّ فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير فَقَالَ هُوَ من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة عَن دراج عَن أبي الْهَيْثَم وَقد ضَعَّفُوهُ انْتهى هَكَذَا فِي شَرحه الْكَبِير وَاقْتصر فِي مُخْتَصره على قَوْله وَإِسْنَاده حسن (قَوْله أَيّمَا رجل لَهُ مَال يكون فِيهِ صَدَقَة) هَكَذَا فِي غَالب النّسخ وَفِي بَعْضهَا لَا يكون فِيهِ صَدَقَة وَفِي الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي بِلَفْظ أَيّمَا رجل مُسلم لم تكن لَهُ صَدَقَة قَالَ شَارِحه المناوى يَعْنِي لَا مَال لَهُ يتَصَدَّق مِنْهُ فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الصَّلَاة عَلَيْهِ وعَلى الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُسْلِمين وَالْمُسلمَات قَائِمَة مقَام الصَّدَقَة وعَلى اللَّفْظ الَّذِي حَكَاهُ رَحمَه الله أَن هَذِه الصَّلَاة مَعَ إِخْرَاجه الصَّدَقَة تكون مُوجبَة لنمو المَال أَي زِيَادَته فصل السّفر (يَقُول الْمُقِيم لمن يودعه أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلك (د. س. حب) وأقرأ عَلَيْك السَّلَام (س)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عمر أَنه قَالَ لقزعة الرَّاوِي عَنهُ لما أَرَادَ الِانْصِرَاف قَالَ كَمَا أَنْت حَتَّى أودعك كَمَا وَدعنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بيَدي فصافحني ثمَّ قَالَ أستودعك الله دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلك زَاد النَّسَائِيّ فِي رِوَايَة لَهُ وأقرأ عَلَيْك السَّلَام وَأخرج أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَقُول للرجل إِذا أَرَادَ السّفر ادن منى حَتَّى أودعك كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يودعنا فَيَقُول أستودع الله دينك الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرج أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا شيع جَيْشًا فَبلغ ثنية الْوَدَاع قَالَ أستودع الله دينكُمْ وأمانتكم وخواتيم عَمَلكُمْ وَصحح إِسْنَاده النَّوَوِيّ (قَوْله دينك وأمانتك) قَالَ الْخطابِيّ الْأَمَانَة هُنَا أَهله وَمن يخلفه وَمَاله الَّذِي عِنْد أَمِينه قَالَ وَذكر الدّين هُنَا لِأَن السّفر مظنه الْمَشَقَّة وَرُبمَا كَانَ سَببا لإهمال بعض أُمُور الدّين (قَوْله وخواتيم عَمَلك) هِيَ جمع خَاتم وَهُوَ مَا يخْتم بِهِ الْعَمَل أَي يكون آخِره دَعَا لَهُ بذلك لِأَن الْأَعْمَال بخواتيمها كَمَا تدل عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الَّتِي قدمنَا ذكرهَا // (ويوصيه فَيَقُول عَلَيْك بتقوى الله وَالتَّكْبِير على كل شرف اللَّهُمَّ اطو لَهُ الْبعد وهون عَلَيْهِ السّفر (ت. س)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَنِّي أُرِيد أَن أسافر فأوصني قَالَ عَلَيْك بتقوى الله وَالتَّكْبِير على كل شرف فَلَمَّا أَن ولى الرجل قَالَ اللَّهُمَّ أطو لَهُ الْبعد وهون عَلَيْهِ السّفر قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه والْحَدِيث كَمَا عرفت حَدِيث صَحَابِيّ وَاحِد بِلَفْظ وَاحِد عِنْد المخرجين لَهُ فَلَا وَجه لما وَقع من المُصَنّف من تَكْرِير الرَّمْز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 فِي وَسطه وَآخره (قَوْله على كل شرف) الشّرف بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء هُوَ الْمَكَان العالي فَفِيهِ اسْتِحْبَاب التَّكْبِير عِنْد أَن يصعد الْمُسَافِر إِلَى مَكَان مُرْتَفع (قَوْله وأطو لَهُ الْبعد) أَي قربه لَهُ وسهله عَلَيْهِ حَتَّى يخف تَعبه وتقل مشقته وَفِي الْبَاب مَا أخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى من حَدِيث انس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا علا نشزا من الأَرْض قَالَ اللَّهُمَّ لَك الشّرف على كل شرف وَلَك الْحَمد على كل حَال قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه زِيَاد النميري وَقد وثق على ضعفه وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات // (زودك الله التَّقْوَى وَغفر الله ذَنْبك وَيسر لَك الْخَيْر حَيْثُمَا كنت (ت. س)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد السّفر فزودني فَقَالَ زودك الله التَّقْوَى قَالَ زِدْنِي فَقَالَ وَغفر ذَنْبك قَالَ زِدْنِي بِأبي أَنْت وَأمي فَقَالَ وَيسر لَك الْخَيْر حَيْثُمَا كنت قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَفِي الحَدِيث دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء للْمُسَافِر بِهَذِهِ الدَّعْوَات // (جعل الله التَّقْوَى زادك وَغفر ذَنْبك وَوجه لَك الْخَيْر حَيْثُمَا تَوَجَّهت (ز. ط)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث هِشَام بن قَتَادَة الرهاوي عَن أَبِيه قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما عقد لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم أخذت بِيَدِهِ فودعته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الله التَّقْوَى زادك الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد ورجالها يَعْنِي الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ ثِقَات // (وَيَقُول لَهُ الْمُسَافِر أستودعك الله الَّذِي لَا تخيب (ى) أَو لَا تضيع ودائعه (طب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن السّني وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وَهُوَ من حَدِيث من أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَرَادَ أَن يُسَافر فَلْيقل لمن خلف أستودعك الله الَّذِي لَا يضيع ودائعه هَكَذَا لفظ ابْن السّني وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء الَّذِي لَا تخيب ودائعه ورمز المُصَنّف يُفِيد عكس هَذَا // (اللَّهُمَّ بك أصُول وَبِك أَحول وَبِك أَسِير (أ. ز)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ سفرا قَالَ اللَّهُمَّ الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد بعد أَن عزاهُ إِلَى أَحْمد وَالْبَزَّار ورجالهما ثِقَات (قَوْله بك أصُول) أَي أسطو وأقهر وَهُوَ من المصاولة وَهِي المواثبة (قَوْله وَبِك أحاول) بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي أتحرك وَقيل أحتال وَقيل أدفَع وَأَمْنَع وَقيل أتحول // (وَإِن كَانَ خَائفًا فليقرأ لِإِيلَافِ قُرَيْش فَهِيَ أَمَان من كل سوء مجرب مو) // الحَدِيث ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَلم يعزه إِلَى أحد وَلَا إِلَى كتاب حَتَّى ينظر فِيهِ بل رمز أَنه مَوْقُوف فَلَا نَدْرِي من هُوَ مَوْقُوف عَلَيْهِ من الصَّحَابَة وَلَا من أخرجه عَن الصَّحَابِيّ الَّذِي وَقفه عَلَيْهِ وَهَذَا خلل وَلكنه قد اتكل على مُجَرّد التجريب كَمَا يَقع مِنْهُ فِي بعض الْمَوَاضِع وَقد قدمنَا ذَلِك وَعدم الركون على مثله فَإِن التجريب لَا يَقُول بِهِ قَائِل أَنه يدل على مَا وَقع التجريب لَهُ ثَابت عَن الشَّارِع أَو عَن أهل الشَّرْع قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله فِي بَاب أذكار الْمُسَافِر عِنْد إِرَادَته الْخُرُوج من منزله وَيسْتَحب أَن يقْرَأ {لِإِيلَافِ قُرَيْش} فقد قَالَ الإِمَام السَّيِّد الْجَلِيل أَبُو الْحسن الْقزْوِينِي الشَّافِعِي صَاحب الكرامات الظَّاهِرَة وَالْأَحْوَال الباهرة والمعارف المتظاهرة أَنه أَمَان من كل سوء قَالَ وَقد ذكرت حكايته فِي كتاب الزّهْد الَّذِي جمعته فِي بَاب الكرامات عَن أبي طَاهِر بن حشويه قَالَ أردْت سفرا وَكنت خَائفًا مِنْهُ فَدخلت إِلَى الْقزْوِينِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 أسأله الدُّعَاء لي فَقَالَ لي ابْتِدَاء من قبل نَفسه من أَرَادَ سفرا فَفَزعَ من عَدو أَو وَحش فليقرأ {لِإِيلَافِ قُرَيْش} فَإِنَّهَا أما من كل سوء فقرأتها فَلم يعرض لي عَارض حَتَّى الْآن انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ // (فَإِذا وضع رجله فِي الركاب قَالَ بِسم الله فَإِذا اسْتَوَى على ظهرهَا قَالَ الْحَمد لله سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون الْحَمد لله ثَلَاثًا الله أكبر ثَلَاثًا سُبْحَانَكَ إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن ربيعَة قَالَ شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ أَتَى بِدَابَّة ليرْكبَهَا فَلَمَّا وضع رجله فِي الركاب قَالَ بِسم الله فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهرهَا قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي الخ وَفِي آخِره بعد هَذَا السِّيَاق الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله ثمَّ ضحك فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لأي شَيْء ضحِكت قَالَ إِن رَبك تبَارك وَتَعَالَى يعجب من عَبده إِذا قَالَ اغْفِر لي ذُنُوبِي يعلم أَنه لَا يغْفر الذُّنُوب غَيره هَذَا لفظ أبي دَاوُد قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَكلهمْ وَقَفُوهُ على عَليّ (قَوْله وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين) أَي مطيقين // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فِي سفرنا هَذَا الْبر وَالتَّقوى وَمن الْعَمَل الصَّالح مَا ترْضى اللَّهُمَّ هون علينا سفرنا هَذَا واطو عَنَّا بعده اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر والخليفة فِي الْأَهْل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة المنظر وَسُوء المنقلب فِي المَال والأهل وَالْولد وَإِذا رَجَعَ قالهن وَزَاد فِيهِنَّ آيبون تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى السّفر كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين وَإِنَّا إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 رَبنَا لمنقلبون اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فِي سفرنا هَذَا الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم وكآبة المنقلب وَسُوء المنظر زَاد أَبُو دَاوُد فِي آخِره وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجيوشه إِذا علوا الثنايا كبروا وَإِذا هَبَطُوا سبحوا فَوضعت الصَّلَاة على ذَلِك (قَوْله وعثاء) بِفَتْح الْوَاو وَإِسْكَان الْعين الْمُهْملَة بعْدهَا ثاء مُثَلّثَة ممدودة أَي شدته ومشقته (قَوْله وكآبة المنظر) الكآبة بِالْمدِّ التَّغَيُّر والانكسار من مشقة السّفر وَمَا يحصل على الْمُسَافِر من الاهتمام بأموره (قَوْله سوء المنقلب) أَي سوء الانقلاب إِلَى أَهله من سَفَره وَذَلِكَ بِأَن يرجع منقوصا مهموما بِمَا يسوءه (قَوْله آيبون) بِفَتْح الْهمزَة بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة أَي رَاجِعُون وَمن تكلم بِهِ بِالْيَاءِ بعد الْهمزَة الْمَفْتُوحَة فقد أَخطَأ كَذَا قيل وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن عبد الله بن سرجس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر يَقُول اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر والخليفة فِي الْأَهْل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة المنظر وَمن الْحور بعد الكور وَمن دَعْوَة الْمَظْلُوم وَمن سوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح // (وَإِذا علا ثنية كبر وَإِذا هَبَط سبح (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا إِذا صعدنا كبرنا وَإِذا نزلنَا سبحنا وَأخرجه من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَقد تقدم حَدِيث التَّكْبِير على كل شرف وَتقدم حَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ هُوَ وجيوشه إِذا علوا الثنايا كبروا وَإِذا هَبَطُوا سبحوا // (وَإِذا أشرف على وَاد هلل وَكبر (ع)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكُنَّا إِذا أَشْرَفنَا على وَاد هللنا وَكَبَّرْنَا وَارْتَفَعت أصواتنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس أربعوا على أَنفسكُم فَإِنَّكُم لَا تدعون أَصمّ وَلَا غَائِبا أَنه مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم تبَارك وَتَعَالَى أَنه سميع قريب وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قفل من الْحَج وَالْعمْرَة قَالَ الرَّاوِي لَا أعلمهُ إِلَّا فِي الْغَزْو فَكَانَ كلما أوفى على ثنية أَو فدفد كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير الحَدِيث وَسَيَأْتِي وَقد تقدم تَفْسِير الشّرف وَضَبطه // (وَإِذا عثرت دَابَّته فَلْيقل بِسم الله (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَهُوَ من حَدِيث أبي الْمليح عَن أَبِيه قَالَ كنت رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعثر بعيره فَقلت تعس الشَّيْطَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَقولُوا تعس الشَّيْطَان فَإِنَّهُ يعظم حَتَّى يصير مثل الْبَيْت وَيَقُول صرعته بقوتي وَلَكِن قُولُوا بِسم الله فَإِنَّهُ يصغر حَتَّى يصير مثل الذُّبَاب قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن تَمِيمَة الهُجَيْمِي عَمَّن كَانَ رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كنت رديفه على حمَار فعثر الْحمار فَقلت تعس الشَّيْطَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقل تعس الشَّيْطَان فَإنَّك إِذا قلت تعس الشَّيْطَان تعاظم فِي نَفسه وَقَالَ صرعته بقوتي وَإِذا قلت بِسم الله تصاغر إِلَيْهِ نَفسه حَتَّى يكون أَصْغَر من ذُبَاب وَلَفظ الْحَاكِم وَإِذا قيل بِسم الله خنس حَتَّى يصير مثل الذُّبَاب وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد // (وَإِذا انفلتت فليناد يَا عباد الله احْبِسُوا (ز)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا انفلتت دَابَّة أحدكُم بِأَرْض فلاة فليناد يَا عباد الله احْبِسُوا فَإِن الله حَاضر فِي الأَرْض سيحبسه وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو يعلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه مَعْرُوف بن حسان وَهُوَ ضَعِيف قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار بعد أَن روى هَذَا الحَدِيث عَن كتاب ابْن السّني قلت وَحكى لي بعض شُيُوخنَا الْكِبَار فِي الْعلم أَنَّهَا انفلتت دَابَّته أظنها بغلة وَكَانَ يعرف هَذَا الحَدِيث فقاله فحبسها الله عَلَيْهِ فِي الْحَال وَكنت أَنا مرّة مَعَ جمَاعَة فانفلتت مَعنا بَهِيمَة فعجزوا عَنْهَا فقلته فوقفت فِي الْحَال بِغَيْر سَبَب // (وَإِن أَرَادَ عونا فَلْيقل يَا عباد الله أعينوا يَا عباد الله أعينوا يَا عباد الله أعينوا (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عتبَة بن غَزوَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ضل على أحدكُم شَيْء وَأَرَادَ أحدكُم عونا وَهُوَ بِأَرْض فلاة لَيْسَ بهَا أحد فَلْيقل يَا عباد الله أعينوا يَا عباد الله أعينوا يَا عباد الله أعينوا فَإِن لله عباد لَا يراهم قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله وثقوا على ضعف فِي بَعضهم إِلَّا أَن زيد بن عَليّ لم يدْرك عتبَة وَأخرج الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن لله مَلَائِكَة فِي الأَرْض سوى الْحفظَة يَكْتُبُونَ مَا سقط من ورق الشّجر فَإِذا أصَاب أحدكُم شَيْء بِأَرْض فلاة فليناد أعينوني يَا عباد الله قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رِجَاله ثِقَات وَفِي الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز الِاسْتِعَانَة بِمن لَا يراهم الْإِنْسَان من عباد الله من الْمَلَائِكَة وصالحي الْجِنّ وَلَيْسَ فِي ذَلِك بَأْس كَمَا يجوز للْإنْسَان أَن يَسْتَعِين ببني آدم إِذا عثرت دَابَّته أَو انفلتت // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 (وَإِذا أَمْسَى بِأَرْض رَبِّي وَرَبك الله أعوذ بِاللَّه من شرك وَشر مَا خلق فِيك وَشر مَا يدب عَلَيْك وَأَعُوذ بك من أَسد وأسود وَمن الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَمن شَرّ سَاكن الْبَلَد وَمن وَالِد وَمَا ولد (د. ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر وَأَقْبل اللَّيْل قَالَ يَا أَرض رَبِّي وَرَبك الله أعوذ بِاللَّه الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله وَإِذا أَمْسَى بِأَرْض رَبِّي وَرَبك الله) هَكَذَا فِي غَالب النّسخ وَفِي بَعْضهَا فَلْيقل رَبِّي وَرَبك الله والحذف هُوَ للاختصار لِأَن الْمَعْنى على ذَلِك مُسْتَقِيم وَلَكِن الحَدِيث لَفظه كَمَا ذكرنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سَافر فَأقبل اللَّيْل قَالَ الخ (قَوْله وأسود) هُوَ الْعَظِيم من الْحَيَّات فِيهِ سَواد وخصصه بِالذكر لخبثه (قَوْله وَمن شَرّ سَاكن الْبَلَد) قَالَ الْخطابِيّ هم الْجِنّ الَّذين هم سكان الأَرْض والبلد من الأَرْض مَا يأوى الْحَيَوَان إِلَيْهِ وَإِن لم يكن فِيهِ منَازِل وَبِنَاء (قَوْله ووالد وَمن ولد) قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد إِبْلِيس وَجُنُوده وَالظَّاهِر أَن المُرَاد الِاسْتِعَاذَة من كل صَغِير وكبير من الْحَيَوَان كَائِنا مَا كَانَ // (وَإِذا نزل منزلا أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق فَإِنَّهُ لَا يضرّهُ شَيْء حَتَّى يرتحل (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث خَوْلَة بنت حَكِيم رَضِي الله عَنْهَا قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من نزل منزلا ثمَّ قَالَ أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم يضرّهُ شَيْء حَتَّى يرتحل من منزله ذَلِك وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَقد تقدم تَفْسِير هَذَا الحَدِيث فِي أدعية الصَّباح والمساء // (وَوقت السحر سمع سامع بِحَمْد الله وَحسن بلائه علينا رَبنَا صاحبنا وَأفضل علينا عائذا بِاللَّه من النَّار (م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا كَانَ فِي سفر أَو سحر سمع سامع الخ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَزَاد أَبُو دَاوُد بِحَمْد الله وَنعمته وَزَاد الْحَاكِم يَقُول ذَلِك ثَلَاث مَرَّات وَيرْفَع بهَا صَوته (قَوْله سمع) بتَشْديد الْمِيم الْمَفْتُوحَة كَذَا ضَبطه القَاضِي عِيَاض وَقَالَ مَعْنَاهُ بلغ سامع وَضَبطه الْخطابِيّ سمع بِكَسْر الْمِيم وتخفيفها قَالَ وَمَعْنَاهُ شهد شَاهد فَالْأول خبر بالتبليغ وَالثَّانِي خبر بِمَعْنى الْأَمر أَي يشْهد شَاهد على حمد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحسن نعْمَته علينا وَقد تقدم أَن الْبلَاء مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد يكون بِالنعْمَةِ وَقد يكون بضدها وَالْمرَاد هُنَا النِّعْمَة (قَوْله صاحبنا) بِصِيغَة الْأَمر دَعَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يصاحبه ويتفضل عَلَيْهِ (قَوْله عائذا بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) أَي حَال كَونه عائذا بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من جَمِيع الشرور ومعتصما بِهِ مِمَّا أَخَاف // (وَإِن ركب الْبَحْر فأمانه من الْغَرق أَن يَقُول {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} الْآيَة {مَا قدرُوا الله حق قدره} الْآيَة (ط. ى. ص)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَان أمتِي من الْغَرق إِذا ركبُوا الْبَحْر أَن يَقُولُوا {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا إِن رَبِّي لغَفُور رَحِيم} {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} الْآيَة وَفِي إِسْنَاده جبارَة بن الْمُغلس وَهُوَ ضَعِيف وَفِي الْبَاب مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَان أمتِي من الْغَرق إِذا ركبُوا السفن وَالْبَحْر أَن يَقُولُوا بِسم الله الْملك {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا إِن رَبِّي لغَفُور رَحِيم} وَفِي إِسْنَاده نهشل بن سعيد وَهُوَ مَتْرُوك (إِذا رأى بَلَدا يقصدها قَالَ اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا أظللن وَرب الْأَرْضين السَّبع وَمَا أقللن وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن وَرب الرِّيَاح وَمَا ذرين فَإنَّا نَسْأَلك خير هَذِه الْقرْيَة وَخير أَهلهَا وَخير مَا فِيهَا ونعوذ بك من شَرها وَشر أَهلهَا وَشر مَا فِيهَا (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ير قَرْيَة يُرِيد دُخُولهَا إِلَّا قَالَ حِين يَرَاهَا اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد بعد أَن عزاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير عطء بن مَرْوَان وَابْنه وَكِلَاهُمَا ثِقَة وَفِي الْبَاب مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ دُخُول قَرْيَة لم يدخلهَا حَتَّى يَقُول اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا أظلت وَرب الْأَرْضين السَّبع وَمَا أقلت وَرب الرِّيَاح وَمَا أذرت وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضلت أَنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي مغيث بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أشرف على خَيْبَر قَالَ لأَصْحَابه وَأَنا فيهم قفوا قَالَ ثمَّ ذكر الحَدِيث وَقَالَ فِي آخِره وَكَانَ يَقُولهَا فِي كل قَرْيَة يُرِيد دُخُولهَا قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه راو لم يسم وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وسؤال خير الْقرْيَة والتعوذ من شَرها هُوَ بِاعْتِبَار مَا يحدث فِيهَا من الْخَيْر وَالشَّر وَأما هِيَ نَفسهَا فَلَا خير لَهَا وَلَا شَرّ وَهَذَا مجَاز مَعْرُوف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 (وَعند دُخُولهَا اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهَا ثَلَاثًا اللَّهُمَّ ارزقنا جناها وحببنا إِلَى أَهلهَا وحبب صَالح أَهلهَا إِلَيْنَا (طس)) // الحَدِيث أخرجه االطبراني فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نسافر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا رأى قَرْيَة يُرِيد أَن يدخلهَا قَالَ اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهَا ثَلَاث مَرَّات اللَّهُمَّ ارزقنا جناها الخ قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده جيد (قَوْله جناها) بِفَتْح الْجِيم بعْدهَا نون قَالَ فِي الصِّحَاح الجنى مَا يجتني من الشّجر وَكَأَنَّهُ عبر بالجنى عَن فوائدها الَّتِي ينْتَفع بهَا من جَمِيع الْأَشْيَاء وَيُمكن أَن يُرَاد حَقِيقَة مَا يجتني من الثَّمر لِأَنَّهُ أعظم فَوَائِد الأَرْض // (وَأَن أَرَادَ حسن هَيئته ونمو زَاده فليقرأ الْكَافِرُونَ والنصر وإخلاص والمعوذتين يفْتَتح كل سُورَة بِالتَّسْمِيَةِ وَيخْتم قرَاءَتهَا بهَا قَالَ جُبَير بن مطعم فَكنت أخرج فِي سفر فَأَكُون أبذهم هَيْئَة وَأَقلهمْ زادا فَمَا زلت مُنْذُ علمتهن من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأت بِهن أكون من أحْسنهم هَيْئَة وَأَكْثَرهم زادا حَتَّى أرجع من سَفَرِي (ي. ص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو السنى وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا جُبَير إِذا خرجت فِي سفر أَن تكون من أمثل أَصْحَابك هَيْئَة وَأَكْثَرهم زادا قلت نعم بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ فاقرأ هَذِه السُّور الْخمس قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَإِذا جَاءَ نصر الله وَقل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس وافتتح كل سُورَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَاخْتِمْ قراءتك بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ جُبَير بن مطعم وَكنت غَنِيا كثير المَال فَكنت أخرج فِي سفر فَأَكُون أبزهم هَيْئَة وَأَقلهمْ زادا فَمَا علمتهن زلت مُنْذُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأت بِهن أكون من أحْسنهم هَيْئَة وَأَكْثَرهم زادا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِي إِسْنَاده من لم أعرفهُ (قَوْله أبذهم) بِالْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة والبهاوة سوء الْهَيْئَة وَخلاف تحسينها // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 فَإِذا رَجَعَ من سَفَره يكبر على كل شرف من الأَرْض ثَلَاثًا ثمَّ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير آيبون تائبون عَابِدُونَ ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قفل من الْحَج وَالْعمْرَة كلما أوفى على ثنية أَو فدفد كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الخ (قَوْله يكبر على كل شرف) قد تقدم ضَبطه وَتَفْسِيره أَيْضا والفدفد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث بِفَتْح الفاءين بَينهمَا دَال مُهْملَة سَاكِنة وَآخره دَال مُهْملَة أَيْضا قيل هُوَ الْمُرْتَفع وَقيل الفلاة الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا وَقيل هُوَ الغليظ من الأَرْض ذَات الْحَصَى وَقيل الْجلد من الأَرْض فِي الِارْتفَاع وَالْمُصَنّف رَحمَه الله قَالَ يكبر على كل شرف وَهُوَ معنى قَوْله كلما أوفى على ثنية وَترك ذكر الفدفد وَهُوَ غير الثَّنية كَمَا يفِيدهُ عطفه عَلَيْهَا وكما وَقع فِي تَفْسِيره هُنَا // (وَإِذا أشرف على بَلَده آيبون تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون وَلَا يزَال يَقُولهَا حَتَّى يدخلهَا (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أشرف على الْمَدِينَة قَالَ آيبون تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون فَلم يزل يَقُولهَا حَتَّى دخل الْمَدِينَة وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَقد تقدم تَفْسِير مَا فِي هَذَا الحَدِيث من الْأَلْفَاظ // (فَإِذا دخل على أَهله قَالَ أوبا لربنا توبا لَا يُغَادر علينا حوبا (ز. ص)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَأَبُو يعلى كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ الرُّجُوع قَالَ تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون فَإِذا دخل على أَهله قَالَ الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار ورجالهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 رجال الصَّحِيح إِلَّا بعض أَسَانِيد الطَّبَرَانِيّ (قَوْله أوبا أوبا) أَي رُجُوعا رُجُوعا (قَوْله لربنا توبا) هُوَ مصدر أَي نتوب توبا (قَوْله لَا يُغَادر علينا حوبا) أَي لَا يتْرك علينا حوبا وَالْحوب بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضمّهَا الاثم وَقيل الْفَتْح لُغَة الْحجاز وَالضَّم لُغَة تَمِيم // فصل الْحَج (إِذا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته على الْبَيْدَاء حمد الله وَسبح وَكبر (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن مَعَه بِالْمَدِينَةِ الظّهْر أَرْبعا وَالْعصر بذى الحليفة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ بَات بهَا حَتَّى أصبح ثمَّ ركب حَتَّى اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته على الْبَيْدَاء حمد الله وَكبر ثمَّ أهل بِحَجّ وَعمرَة الحَدِيث وَفِيه مَشْرُوعِيَّة التَّحْمِيد وَالتَّسْبِيح وَالتَّكْبِير للْحَاج // (فَإِذا أحرم لبّى لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد لَك وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِن تَلْبِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك زَاد مُسلم وَأهل السّنَن وَكَانَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يزِيد فِيهَا لبيْك لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر بيديك وَالرغْبَاء إِلَيْك وَالْعَمَل لبيْك (قَوْله لبيْك) مَعْنَاهُ سرعَة الْإِجَابَة وَإِظْهَار الطَّاعَة قَالَ النحويون أَصله مَأْخُوذ من لبب الرجل بِالْمَكَانِ وألب بِهِ إِذا لزمَه قَالُوا والثنية فِيهِ للتوكد كَأَنَّهُ قَالَ إلبابا بعد إلباب ولزوما لطاعتك بعد لُزُوم (قَوْله إِن الْحَمد) روى بِفَتْح الْهمزَة وبكسرها قَالَ ثَعْلَب الِاخْتِيَار الْكسر وَهُوَ أَجود فِي الْمَعْنى من الْفَتْح لِأَن من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 كسر جعل مَعْنَاهُ إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك على كل حَال وَمن فتح قَالَ لبيْك بِهَذَا السَّبَب // (لبيْك إِلَه الْحق لبيْك (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ تَلْبِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبيْك إِلَه الْحق لبيْك وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَالظَّاهِر من الحَدِيث أَن هَذِه تَلْبِيَة مُسْتَقلَّة غير منضمة إِلَى التَّلْبِيَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث السَّابِق وَكَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول تَارَة بِالتَّلْبِيَةِ الْمُتَقَدّمَة وَتارَة بِهَذِهِ // (فَإِذا طَاف كلما أَتَى الرُّكْن كبر (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ طَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبَيْتِ على بعير كلما أَتَى الرُّكْن أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْء عِنْده وَكبر وَفِيه دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة التَّكْبِير فِي الطّواف عِنْد إتْيَان الرُّكْن // (وَبَين الرُّكْنَيْنِ رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار (د. حب) وَكَذَا بَين الرُّكْن وَالْحجر (مص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن السَّائِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا بَين الرُّكْنَيْنِ رَبنَا الخ وَفِيه مَشْرُوعِيَّة هَذَا الذّكر بَين الرُّكْنَيْنِ للطائف وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله وَكَذَا بَين الرُّكْن وَالْحجر) أَي وَكَذَا يَقُول هَذَا الدُّعَاء وَالْمرَاد بالركن الرُّكْن الَّذِي فِيهِ الْحجر الْأسود وَالْحجر بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْجِيم وَهُوَ المحوط الَّذِي هُوَ شمال الْبَيْت وَأخرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 مُسَدّد فِي مُسْنده قَالَ حَدثنِي يحيى عَن سُفْيَان قَالَ حَدثنِي عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن الْمسيب بن رَافع عَن حبيب بن صبهان قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يطوف بِالْبَيْتِ وَهُوَ يَقُول بَين الْبَاب والركن أَو بَين الْمقَام وَالْبَاب رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة الخ // (وَفِي الطّواف اللَّهُمَّ قنعني بِمَا رزقتني وَبَارك لي فِيهِ واخلف عَليّ كل غَائِبَة لي بِخَير (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو اللَّهُمَّ قنعني الخ وَصحح إِسْنَاده وروى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ كَانَ من دُعَاء ابْن عَبَّاس فَذكره مَوْقُوفا عَلَيْهِ (قَوْله واخلف عَليّ كل غَائِبَة لي بخبير) أَي اجْعَل لي عوضا حَاضرا عَمَّا غَابَ عَليّ وَفَاتَ أَولا أتمكن من إِدْرَاكه // (لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير (مص. مو)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ مَوْقُوف على ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا روى ذَلِك عَنهُ نَافِع قَالَ كَانَ ابْن عمر إِذا دخل أدنى الْحرم مِم سَاق حَدِيثا وَقَالَ فِي آخِره إِنَّه كَانَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير وروى نَحوه من طَرِيقه أَحْمد فِي الْمسند وَرِجَاله رجال الصَّحِيح // (فَإِذا فرغ من الطّواف صلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تقدم فَإِذا دنا من الصَّفَا قَرَأَ إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فيرقى على الصَّفَا حَتَّى يرى الْبَيْت فيستقبل الْقبْلَة ويوحد الله ويكبره وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده أنْجز وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ثمَّ يَدْعُو بعد ذَلِك وَيَقُول مثل هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 ثَلَاث مَرَّات ثمَّ ينزل الْمَرْوَة حَتَّى إِذا انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي سعى حَتَّى إِذا صعد مَشى حَتَّى إِذا أَتَى الْمَرْوَة فعل على الْمَرْوَة كَمَا فعل على الصَّفَا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيثه الطَّوِيل فِي صفة حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه (ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْن فاستلمه ثمَّ خرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} أبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقى عَلَيْهِ حَتَّى رأى الْبَيْت فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَوحد الله وَكبره وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله أنْجز وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك فَقَالَ مثل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ نزل إِلَى الْمَرْوَة فَلَمَّا انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي سعى حَتَّى إِذْ صعد مَشى حَتَّى إِذا أَتَى الْمَرْوَة فعل كَمَا فعل على الصَّفَا هَكَذَا فِي صَحِيح مُسلم وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح وَزَاد فِيهِ يحيي وَيُمِيت // (وَبَين الصَّفَا والمروة رب اغْفِر وَارْحَمْ وَأَنت الْأَعَز الأكرم (مص. مو)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا وَهُوَ مَوْقُوف على عمر ابْن عمر وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم وَلم يرد فِي الْمَرْفُوع دُعَاء بَين الصَّفَا والمروة قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار وَيَقُول فِي الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة من أوساط الطّواف اللَّهُمَّ اغْفِر وَارْحَمْ واعف عَمَّا تعلم إِنَّك أَنْت الْأَعَز الأكرم اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار // (وَإِذا سَار إِلَى عَرَفَات لبّى وَكبر (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ غدونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من منى إِلَى عَرَفَات منا الملبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وَمنا المكبر وَفِيه دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة التَّلْبِيَة وَالتَّكْبِير عِنْد الْمسير من منى إِلَى عَرَفَات لِأَن ذَلِك وَقع بِحَضْرَتِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (خير الدُّعَاء دُعَاء يَوْم عَرَفَة وَخير مَا قلت أَنا والنبيون من قبلي وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خير الدُّعَاء دُعَاء يَوْم عَرَفَة وَخير مَا قلته أَنا والنبيون من قبلي لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَفِي إِسْنَاده حَمَّاد بن أبي حميد وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات وَلَفظه كَانَ أَكثر دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَهَذَا اللَّفْظ مُصَرح بِأَن أَكثر دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة هُوَ هَذَا الذّكر وَقد اسْتشْكل بِأَن هَذَا الذّكر لَيْسَ فِيهِ دُعَاء إِنَّمَا هُوَ تَوْحِيد وثناء قيل وَقد سُئِلَ عَن ذَلِك الْحَافِظ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَأجَاب بقول الشَّاعِر (أأذكر حَاجَتي أم قد كفاني ... ثنائي أَن شيمتك الْحيَاء) (إِذا أثنى عَلَيْك الْمَرْء يَوْمًا ... كَفاهُ من تعرضه الثَّنَاء) // (أَكثر دعائي وَدُعَاء الْأَنْبِيَاء قبلي بِعَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا وَفِي سَمْعِي نورا وَفِي بَصرِي نورا اللَّهُمَّ اشرح لي صَدْرِي وَيسر لي أَمْرِي وَأَعُوذ بك من وساوس الصَّدْر وشتات الْأَمر وفتنة الْقَبْر اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 بك من شَرّ مَا يلج فِي اللَّيْل وَشر مَا يلج فِي النَّهَار وَشر مَا تهب بِهِ الرِّيَاح (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَكثر دعائي وَدُعَاء الْأَنْبِيَاء قبلي الخ وَفِي إِسْنَاده قيس بن الرّبيع وَفِيه مقَال وَأخرجه إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده قَالَ أخبرنَا وَكِيع حَدثنَا مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن عبد الله بن عُبَيْدَة عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر دعائي الخ ثمَّ ذكر هَذَا الحَدِيث بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَقَالَ فِي آخِره وَشر بوائق الدَّهْر قَالَ ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة مُوسَى بن عُبَيْدَة ضَعِيف الحَدِيث وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْبَيْهَقِيّ وَفِي إِسْنَاده مُوسَى بن عُبَيْدَة أَيْضا وَهُوَ الربذي وَأَخُوهُ عبد الله لم يدْرك عليا (قَوْله اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا) قد تقدم شرح هَذِه الْأَلْفَاظ (قَوْله وَأَعُوذ بك من وساوس الصَّدْر) وَهِي مَا يلقيه الشَّيْطَان فِي صُدُور الْعباد من الخواطر الَّتِي تجلب الشكوك حَتَّى يكون ذَرِيعَة إِلَى معاصي الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْله وشتات الْأَمر) أَي تفرقه وَعدم انضباطه وَذَلِكَ هُوَ من أعظم أَسبَاب الضَّرَر اللَّاحِق لمن لَا تنضبط لَهُ الْأُمُور (قَوْله يلج فِي اللَّيْل) أَي يدْخل فِيهِ وَكَذَا مَا يلج فِي النَّهَار وَالْمرَاد مَا يتَّصل بِالنَّاسِ من الشَّيَاطِين وَغَيرهم فِي اللَّيْل أَو فِي النَّهَار (قَوْله وَشر مَا تهب بِهِ الرِّيَاح) أَي شرما يتأثر عَنْهَا من الضَّرَر فِي الْأَبدَان أَو الْأَمْوَال // (فَإِذا صلى الْعَصْر ووقف يرفع يَدَيْهِ وَيَقُول الله أكبر وَللَّه الْحَمد الله أكبر وَللَّه الْحَمد الله أكبر وَللَّه الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وَله الْحَمد اللَّهُمَّ اهدني بِالْهدى ونقني بالتقوى واغفر لي فِي الْآخِرَة وَالْأولَى ثمَّ يرد يَدَيْهِ فيسكت قدر مَا يقْرَأ الْإِنْسَان فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ يعود فيرفع يَدَيْهِ ثمَّ يَقُول مثل ذَلِك (مص. مو)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا على ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا من طَرِيق أبي مجلز أَنه كَانَ مَعَ ابْن عمر فَلَمَّا طلعت الشَّمْس أَمر براحلته فرحلت وارتحل من منى فَلَمَّا صلى الْعَصْر وقف بِعَرَفَة فَجعل يرفع يَدَيْهِ أَو قَالَ يمد يَدَيْهِ وَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّه قَالَ دون أُذُنَيْهِ وَجعل يَقُول الله أكبر الخ وَفِي إِسْنَاده فرج بن فضَالة وَهُوَ ضَعِيف وَقد ثَبت الدُّعَاء وَرفع الْيَدَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَحْمد بن منيع فِي مُسْنده حَدثنَا شريج بن النُّعْمَان حَدثنَا جاد بن سَلمَة عَن بشر بن حَرْب عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف بِعَرَفَة فَجعل يَدْعُو هَكَذَا فَجعل ظهر كفيه مِمَّا يَلِي صَدره وَقَالَ أَحْمد بن منبع فِي مُسْنده أَيْضا حَدثنَا أَبُو يُوسُف حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة رَافعا يَدَيْهِ حَتَّى يرى مَا تَحت إبطَيْهِ وَالْحَاصِل أَن الْمَشْرُوع فِي هَذَا الموطن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ودعاؤه رفع الْيَدَيْنِ // (وَإِذا رَجَعَ وأتى الْمشعر الْحَرَام اسْتقْبل الْقبْلَة فَدَعَا الله وَكبره وَهَلله وَوَحدهُ وَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر جدا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب الْقَصْوَاء حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام فاستقل الْقبْلَة الخ وَهُوَ من حَدِيث جَابر الطَّوِيل الَّذِي اشْتَمَل على ذكر حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 (وَلم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْدف الْفضل وَخَبره الْفضل أَنه لم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة وَفِيه اسْتِحْبَاب الِاسْتِمْرَار على التَّلْبِيَة حَتَّى يَرْمِي الْجَمْرَة // (وَإِذا رمى الْجمار فَإِذا أَتَى الْجَمْرَة الدُّنْيَا رَمَاهَا بِسبع حَصَيَات يكبر على أثر كل حَصَاة (خَ) أَو مَعَ (م) كل حَصَاة ثمَّ يتَقَدَّم فيسهل وَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة قيَاما طَويلا فيدعو وَيرْفَع يَدَيْهِ ثمَّ يرْمى الْجَمْرَة الْوُسْطَى كَذَلِك فَيَأْخُذ ذَات الشمَال فيسهل وَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة قيَاما طَويلا فيدعو وَيرْفَع يَدَيْهِ ثمَّ يَرْمِي الْجَمْرَة ذَات الْعقبَة من بطن الْوَادي وَلَا يقف عِنْدهَا (خَ)) // أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث يزِيد بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَة الدُّنْيَا بِسبع حَصَيَات يكبر على أثر كل حَصَاة وَقَالَ فِي آخِره هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل وَأخرجه أَيْضا مُسلم لكنه رَوَاهُ مَعَ كل حَصَاة كَمَا أُشير إِلَيْهِ فِي الرَّمْز وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ (قَوْله الْجَمْرَة الدُّنْيَا) بِضَم الدَّال وبكسرها أَي الْقَرِيبَة إِلَى جِهَة مَسْجِد الْخيف وَهِي أول الجمرات الَّتِي ترمي ثَانِي يَوْم النَّحْر (قَوْله فيسهل) بِضَم التَّحْتِيَّة وَسُكُون الْمُهْملَة أَي يقْصد السهل من الأَرْض وَهُوَ الْمَكَان المستوى الَّذِي لَا ارْتِفَاع فِيهِ (قَوْله وَيرْفَع يَدَيْهِ) قَالَ ابْن الْمُنْذِرِيّ وَلَا أعلم أحد أنكر رفع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء عِنْد الْجَمْرَة إِلَّا مَا حكى عَن مَالك // (حَتَّى إِذا فرغ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجا مبرورا وذنبا مغفورا (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ طرف من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ الْمُتَّفق عَلَيْهِ انْفَرد بِذكر هَذَا اللَّفْظ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند وأصل الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ ومسند أَحْمد بن حَنْبَل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 عَن ابْن مَسْعُود أَنه انْتهى إِلَى الْجَمْرَة الْكُبْرَى فَجعل الْبَيْت عَن يسَاره وَمنى عَن يَمِينه وَقَالَ هَكَذَا رمى الْجمار الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة وَفِي رِوَايَة من هَذَا الحَدِيث أَنه انْتهى إِلَى جَمْرَة الْعقبَة فَرَمَاهَا من بطن الْوَادي بِسبع حَصَاة وَهُوَ رَاكب يكبر مَعَ كل حَصَاة وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجار مبرورا وذنبا مغفورا ثمَّ قَالَ هَا هُنَا كَانَ يقوم الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة وَفِيه دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة هَذَا الدُّعَاء مَعَ التَّكْبِير قَالَ فِي فتح الْبَارِي أَجمعُوا على أَن من لم يكبر لَا شَيْء عَلَيْهِ // (وَإِذا شرب من مَاء زَمْزَم فليستقبل الْقبْلَة وَيذكر الله وليتضلع مِنْهُ وليحمد الله تَعَالَى (ق. مس)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مُحَمَّد بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا كنت جَالِسا عِنْد عبد الله بن عَبَّاس فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ من أَيْن جِئْت قَالَ من زَمْزَم قَالَ فَشَرِبت مِنْهُ كَمَا يَنْبَغِي قَالَ وَكَيف ذَلِك قَالَ إِذا شربت من مَائِهَا فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَاذْكُر اسْم الله وتنفس ثَلَاثًا واشرب من زَمْزَم وتضلع مِنْهَا فَإِذا فرغت فاحمد الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن آيَة مَا بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين أَن لَا يتضلعون من زَمْزَم قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَأخرجه أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ وَفِيه اسْتِحْبَاب الشّرْب من زَمْزَم والاستكثار مِنْهُ وَهُوَ معنى التضلع وَأَصله أَن يشرب حَتَّى يمتلئ جَوْفه ويصل إِلَى أضلاعه // (وَمَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ فَإِن شربته تستشفي شفاك الله وَإِن شربته مستعيذا أَعَاذَك الله وَإِن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وَصَححهُ الْحَاكِم وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَفِي لفظ للْحَاكِم أَن ابْن عَبَّاس كَانَ إِذا شرب من مَاء زَمْزَم قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وشفاء من كل دَاء وَفِي الْبَاب عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ النَّوَوِيّ والدمياطي وَحسنه ابْن حجر وَعَن ابْن عَبَّاس عِنْد ابْن حبَان وَصَححهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير مَاء على وَجه الأَرْض مَاء زَمْزَم فِيهِ طَعَام الطّعْم وشفاء السقم وَعَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ عِنْد الْبَزَّار بِإِسْنَاد صَحِيح قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم طَعَام طعم وشفاء سقم // (فَإِذا ذبح سمى وَكبر وَوضع رجله على عرض خَدّه (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ ضحى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين أملحين أقرنين فرأيته وَاضِعا قدمه على صفاحهما فَسمى وَكبر وذبحهما بِيَدِهِ (قَوْله سمى وَكبر) فِيهِ مَشْرُوعِيَّة التَّكْبِير مَعَ التَّسْمِيَة (قَوْله وَوضع رجله على عرض خَدّه) إِنَّمَا فعل ذَلِك ليَكُون أثبت لَهُ وَلِئَلَّا تضطرب الذَّبِيحَة برأسها فتمنعه من إِكْمَال الذّبْح // (وَيَقُول فِي الْأُضْحِية بِسم الله اللَّهُمَّ تقبل مني وَمن أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بكبش أقرن يطَأ فِي سَواد ويبرك فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 سَواد وَينظر فِي سَواد فَأتى بِهِ ليضحي بِهِ فَقَالَ يَا عَائِشَة هَلُمِّي المدية ثمَّ قَالَ اشحذيها على حجر فَفعلت ثمَّ أَخذهَا وَأخذ الْكَبْش فأضجعه ثمَّ ذبحه ثمَّ قَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ تقبل من مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد وَمن أمة مُحَمَّد ثمَّ ضحى بِهِ وَأخرجه أَيْضا أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَفِيه مَشْرُوعِيَّة شحذ الشَّفْرَة وإضجاع الْكَبْش وَالتَّسْمِيَة وسؤال الله عز وَجل أَن يتَقَبَّل ذَلِك // (وَإِن كَانَت بَدَنَة فليقمها ثمَّ ليقل الله أكبر ثَلَاثًا اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك ثمَّ ليسم ثمَّ لينحر (مو. مس) فَإِن كَانَت عقيقة فكالأضحية (مو. مس) وَيَقُول بِسم الله عقيقة فلَان (مو. مس)) // ذكر المُصَنّف رَحمَه الله هذَيْن الأثرين وَكَانَ لَهُ عَن ذكرهمَا غنى لما تدل عَلَيْهِ مطلقات الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة من الْكتاب وَالسّنة أما الْأَثر الأول فَأخْرجهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن أبي ظبْيَان وَهُوَ حُصَيْن بن جُنْدُب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قلت لَهُ وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله لكم فِيهَا خير فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف قَالَ إِذا أردْت أَن تنحر الْبَدنَة فَأَلْقِهَا ثمَّ قل الله أكبر الله أكبر مِنْك وَلَك الْحَمد ثمَّ سم ثمَّ انحرها قَالَ قلت وَأَقُول ذَلِك فِي الْأُضْحِية قَالَ وَالْأُضْحِيَّة قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا وَفِي البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ صواف قيَاما وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أَتَى على رجل قد أَنَاخَ بدنته يَنْحَرهَا فَقَالَ ابعثها قيَاما مُقَيّدَة سنة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما الْأَثر الثَّانِي فَهُوَ من قَول قَتَادَة قَالَ يُسمى على الْعَقِيقَة كَمَا يُسمى على الْأُضْحِية بِسم الله عقيقة فلَان هَكَذَا عِنْد الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَقَتَادَة تَابِعِيّ وَلَقَد شغل المُصَنّف الْخَبَر بِمَا لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فصل الْجِهَاد (إِذْ أَمر اميرا على جَيش أَو سَرِيَّة أوصاه فِي خاصته بتقوى الله وَمن مَعَه من الْمُسلمين خيرا ثمَّ قَالَ اغزوا بِسم الله وَلَا تغلوا وَلَا تغدروا وَلَا تمثلوا وَلَا تقتلُوا وليدا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بُرَيْدَة الطَّوِيل وَهَذَا طرف مِنْهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَمر أَمِيرا على جَيش الخ (قَوْله أَو سَرِيَّة) هِيَ الْقطعَة من الْجَيْش تنفرد عَنهُ ثمَّ تعود إِلَيْهِ وَقيل هِيَ قِطْعَة من الْخَيل زهاء أَرْبَعمِائَة كَذَا قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَسميت سَرِيَّة لِأَنَّهَا تسري لَيْلًا على خُفْيَة (قَوْله وَلَا تغلوا) بِضَم الْغَيْن وَتَشْديد اللَّام أَي لَا تخونوا فِي الْغَنِيمَة (قَوْله وَلَا تغدروا) بِكَسْر الدَّال وَضمّهَا هُوَ ضد الْوَفَاء (قَوْله وَلَا تمثلوا) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة وَإِسْكَان الْمِيم وَضم الْمُثَلَّثَة وَهِي قطع الْأَطْرَاف أَو الْأنف أَو الْأذن أَو نَحْو ذَلِك (قَوْله وَلَا تقتلُوا وليدا) هُوَ الصَّبِي // (وَيَقُول الْمُجَاهِد فِي طَرِيقه اللَّهُمَّ أَنْت عضدي ونصيري بك أجول وَبِك أصُول وَبِك أقَاتل (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا غزا قَالَ اللَّهُمَّ أَنْت عضدي قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ (قَوْله أجول) قد تقدم تَفْسِير هَذِه الْأَلْفَاظ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه يشرع لَهُ أَن يَدْعُو عِنْد غَزوه بِمثل هَذَا الدُّعَاء // (وَإِذا أَرَادوا لِقَاء عَدو انْتظر الإِمَام فَإِذا مَالَتْ الشَّمْس قَامَ فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس لَا تمنوا لِقَاء الْعَدو واسألوا الله الْعَافِيَة فَإِذا لقيتموهم فَاصْبِرُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وَاعْلَمُوا أَن الْجنَّة تَحت ظلال السيوف اللَّهُمَّ منزل الْكتاب ومجرى السَّحَاب وهازم الْأَحْزَاب اهزمهم وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَيَّامه الَّتِي لَقِي فِيهَا الْعَدو انْتظر حَتَّى مَالَتْ الشَّمْس ثمَّ قَامَ فِي النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس الخ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم اللَّهُمَّ منزل الْكتاب سريع الْحساب اهزم الْأَحْزَاب اللَّهُمَّ اهزمهم وزلزلهم وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الْقِتَال يَنْبَغِي أَن يكون بعد زَوَال الشَّمْس وَأَن الإِمَام يقوم فِي الْمُجَاهدين فيخطبهم ويحضهم على الصَّبْر ويرغبهم فِيمَا عِنْد الله من الْأجر وَيَدْعُو بالنصر وَفِيه أَيْضا أَنه لَا يجوز للمجاهدين أَن يتمنوا لِقَاء الْعَدو لأَنهم لَا يَدْرُونَ لمن تكون الْغَلَبَة وعَلى من تكون الدائرة وَلِهَذَا أرشدهم إِلَى سُؤال الْعَافِيَة // (وَإِذا أشرف على بلدهم قَالَ الله أكبر خربَتْ ويسمي الْبَلَد إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة بِقوم فسَاء صباح الْمُنْذرين (خَ. م) ثَلَاث مَرَّات (م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ فِي صفة خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر فَلَمَّا رَأَوْا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا مُحَمَّد وَالله مُحَمَّد وَالْخَمِيس (وَهُوَ الْجَيْش) فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله أكبر خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه يَنْبَغِي للْإِمَام إِذا أشرف على بِلَاد الْعَدو أَن يَقُول كَذَلِك تفاؤلا فَإِن خراب مسكن الْعَدو لَا يكون إِلَّا بعد النَّصْر عَلَيْهِ والغلب لَهُ // (وَإِذا خَافَ قوما قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلك فِي نحورهم ونعوذ بك من شرورهم (د، حب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خَافَ قوما قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلك الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء عِنْد الْخَوْف من قوم بِهَذَا الدُّعَاء // (فَإِن حصرهم عَدو قَالَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا وَأمن روعاتنا (أ. ز)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قُلْنَا يَوْم الخَنْدَق يَا رَسُول الله هَل من شَيْء نقُول قد بلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر قَالَ نعم اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوارتنا وَأمن روعاتنا قَالَ فَضرب الرب عز وَجل وُجُوه أَعْدَائِنَا بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ الله تَعَالَى قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإسْنَاد الْبَزَّار مُتَّصِل وَرِجَاله ثِقَات وَكَذَلِكَ رجال أَحْمد وَقد تقدم تَفْسِير العورات والروعات // (فَإِذا حصل النَّصْر سوى الإِمَام الْجَيْش صُفُوفا خَلفه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كُله لَا قَابض لما بسطت وَلَا باسط لما قبضت وَلَا هادي لما أضللت وَلَا مضل لمن هديت وَلَا معطي لما منعت وَلَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا مقرب لما باعدت وَلَا مباعد لما قربت اللَّهُمَّ ابْسُطْ علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك النَّعيم الْمُقِيم الَّذِي لَا يحول وَلَا يَزُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْأمان يَوْم الْخَوْف اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذ بك من شَرّ مَا أَعطيتنَا وَمن شَرّ مَا منعتنا اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبنَا وَكره إِلَيْنَا الْكفْر والفسوق والعصيان واجعلنا من الرَّاشِدين اللَّهُمَّ توفنا مُسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا وَلَا مفتونين اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة الَّذين يكذبُون بِيَوْم الدّين ويكذبون برسلك ويصدون عَن سَبِيلك وَاجعَل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 عَلَيْهِم رجزك وعذابك إِلَه الْحق آمين (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم أحد وانكشف الْمُشْركُونَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَووا حَتَّى أثنى على رَبِّي فصاروا خَلفه صُفُوفا ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد الخ وَهَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ (قَوْله الَّذِي لَا يحول) أَي الَّذِي لَا يتَحَوَّل (قَوْله من شَرّ مَا أَعطيتنَا) وَجه ذَلِك أَنه قد تقع الْمعْصِيَة فِي الرزق الَّذِي يعطاه الرجل بترك مَا يجب عَلَيْهِ من الزَّكَاة أَو صلَة الرَّحِم أَو نَحْوهمَا (قَوْله وَمن شَرّ مَا منعتنا) وَجه ذَلِك أَنه قد يحصل الْحَسَد لصَاحبه أَو الْغِبْطَة لَهُ أَو السَّعْي فِي هَلَاكه بغيا وعدوانا (قَوْله غير خزايا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة من الخزي وَهُوَ الْوُقُوع فِي ذل الْمعْصِيَة (قَوْله وَاجعَل عَلَيْهِم رجزك) الرجز الرجس وَإِنَّمَا خصّه بِالذكر مَعَ كَونه دَاخِلا تَحت الْعَذَاب لبَيَان شدته وقوته // فصل النِّكَاح (خطبَته إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا من يهدي الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا} الْآيَة (عه)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ علمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة الصَّلَاة وخطبة الْحَاجة ثمَّ ذكر خطْبَة الصَّلَاة وَهِي التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ قَالَ وخطبة الْحَاجة أَن الْحَمد لله إِلَى قَوْله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ ثمَّ تصل خطبتك بِثَلَاث آيَات {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 ) {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا} {اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما} هَذَا لفظ ابْن مَاجَه قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح وَهُوَ من رِوَايَة أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود وَلم يسمع مِنْهُ وَقد رَوَاهُ الْحَاكِم من طَرِيق أُخْرَى عَن قَتَادَة عَن عبد ربه عَن أبي عِيَاض عَن ابْن مَسْعُود وَلَيْسَ فِيهِ الْآيَات وَرَوَاهُ أَيْضا من طَرِيق إِسْرَائِيل عَن أبي الْأَحْوَص وَأبي عُبَيْدَة أَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ فَذكر نَحوه وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق وَاصل الأحدب عَن شَقِيق عَن ابْن مَسْعُود (قَوْله إِن الْحَمد لله) هَكَذَا فِي بعض الرِّوَايَات بِإِثْبَات ان وَفِي بَعْضهَا بحذفها وَفِي رِوَايَة بحذفها أَو إِثْبَاتهَا على الشَّك ويروي بتَشْديد النُّون وتخفيفها والْحَدِيث مُصَرح بِأَن هَذِه الْخطْبَة هِيَ خطْبَة الْحَاجة فَقَوْل المُصَنّف فصل النِّكَاح خطبَته هُوَ بِاعْتِبَار أَن النِّكَاح من جملَة مَا هُوَ حَاجَة وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي مَكَان خطْبَة الصَّلَاة وخطبة الْحَاجة التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة وَالتَّشَهُّد فِي الْحَاجة // (وَيَقُول لمن تزوج بَارك الله لَك (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أثر صفرَة فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ إِنِّي تزوجت امْرَأَة على وزن نواة من ذهب فَقَالَ بَارك الله لَك أَو لم وَلَو بِشَاة وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي الْبَاب فِي البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ حِين أخبرهُ أَنه تزوج بَارك الله لَك // (وَبَارك عَلَيْك وَجمع بَيْنكُمَا فِي خير (عه. حب)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رفأ الْإِنْسَان إِذا تزوج قَالَ بَارك الله لَك وَبَارك عَلَيْك وَجمع بَيْنكُمَا فِي خير قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله رفأ) بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْفَاء مَهْمُوز وَغير مَهْمُوز مَأْخُوذ من رفا الثَّوْب ورفوته رفوا والرفاء الالتئام والاتفاق فَهُوَ دُعَاء للمتزوج بِأَن يحصل الالتئام والاتفاق بَينهمَا وَأخرجه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن عقيل بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه تزوج امْرَأَة من بني جشم فَقَالُوا بالرفاء والبنين فَقَالَ لَا تَقولُوا هَكَذَا وَلَكِن قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ بَارك لَهُم وَبَارك عَلَيْهِم وَفِي رِوَايَة لَا تَقولُوا ذَلِك فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نَهَانَا عَن ذَلِك قُولُوا بَارك الله فِيك وَبَارك لَك فِيهَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو يعلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة الْحسن عَن عقيل قَالَ فِي فتح الْبَارِي وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن الْحسن لم يسمع من عقيل فِيمَا يُقَال // (وَإِذا دخل بأَهْله فليأخذ بناصيتها ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا جبلتها عَلَيْهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا جبلتها عَلَيْهِ (د. ص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَمْرو ابْن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا تزوج أحدكُم امْرَأَة أَو اشْترى خَادِمًا فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا جبلتها عَلَيْهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا جبلتها عَلَيْهِ وَإِذا اشْترى بَعِيرًا فليأخذ بِذرْوَةِ سنامه وَليقل مثل ذَلِك وَفِي رِوَايَة ثمَّ ليَأْخُذ بناصيتها وليدع بِالْبركَةِ فِي الْمَرْأَة وَالْخَادِم وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَصَححهُ أَيْضا النَّوَوِيّ وَقد تكلم جمَاعَة من أهل الْعلم فِي رِوَايَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده بِمَا هُوَ مَعْرُوف وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة هَذَا الدُّعَاء عِنْد الدُّخُول كَمَا قَالَ المُصَنّف وَلَكِن ظَاهر اللَّفْظ الَّذِي سقناه أَن هَذَا الدُّعَاء يكون عِنْد التَّزَوُّج لقَوْله إِذا تزوج أحدكُم وَهُوَ أوسع من وَقت الدُّخُول // (وَإِذا أَرَادَ الْجِمَاع فَلْيقل بِسم الله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا فَإِن قدر بَينهمَا ولد لم يضرّهُ الشَّيْطَان أبدا (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن أحدكُم إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي أَهله قَالَ بِسم الله الخ وَفِي هَذَا الحَدِيث على دَلِيل مَشْرُوعِيَّة التَّسْمِيَة وَالدُّعَاء بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ عِنْد إِرَادَة الوقاع وَقد اخْتلفُوا فِي تَأْوِيل قَوْله فِي الحَدِيث لم يضرّهُ الشَّيْطَان فقد يحْتَمل أَن يكون دفع ضره بحفظه من إغوائه وإضلاله بالْكفْر وَيحْتَمل أَن يكون بحفظه من الْكَبَائِر وَقيل لَا يضرّهُ عَن توفيقه للتَّوْبَة إِذا عصى وَقيل لَا يضرّهُ بالصرع وَقيل غير ذَلِك // الْبَاب السَّادِس (فِيمَا يتَعَلَّق بالأمور العلوية كسحاب ورعد ومطر وهلال وريح وقمر يَقُول إِذا رأى سحابا مُقبلا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من شَرّ مَا أرسل بِهِ اللَّهُمَّ صيبا نَافِعًا فَإِن كشفه الله وَلم يمطر حمد الله على ذَلِك (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى سحابا مُقبلا من أفق من الْآفَاق ترك مَا هُوَ فِيهِ وَإِن كَانَ فِي صَلَاة حَتَّى يستقبله وَيَقُول اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من شَرّ مَا أرسل بِهِ فَإِن أمطر قَالَ اللَّهُمَّ سيبا نَافِعًا وَإِن كشفه الله وَلم يمطر حمد الله على ذَلِك وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَهَذَا لفظ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 النَّسَائِيّ (قَوْله سيبا) السيب بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَهُوَ الْعَطاء وَقيل معنى سيبا جَارِيا يُقَال سَاب المَاء وانساب إِذا جرى وَكَانَ على المُصَنّف أَن يَقُول بعد قَوْله من شَرّ مَا أرْسلت بِهِ فَإِن أمطر قَالَ اللَّهُمَّ كَمَا فِي الحَدِيث // (وَإِذا قحطوا الْمَطَر فليجثوا على الركب ثمَّ لِيَقُولُوا يَا رب يَا رب (عو)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو عوَانَة كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَامر بن خَارِجَة بن سعد عَن أَبِيه عَن جده إِن قوما شكوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قحط الْمَطَر فَأَمرهمْ أَن يجثوا على الركب فَقَالَ قُولُوا يَا رب يَا رب فَفَعَلُوا فسقوا حَتَّى أَحبُّوا أَن يكْشف الله عَنْهُم وَأخرج هَذَا الحَدِيث الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار عَن عَمْرو بن خَارِجَة بن سعد عَن أَبِيه عَن جده وَعند الطَّبَرَانِيّ عَن عَامر بن خَارِجَة بن سعد عَن أَبِيه عَن جده وَقد ذكر الذَّهَبِيّ هَذَا الحَدِيث فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن خَارِجَة بن سعد وَضَعفه // (وَإِذا رأى الْمَطَر اللَّهُمَّ صيبا نَافِعًا (خَ) اللَّهُمَّ سيبا نَافِعًا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا (مص)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى الْمَطَر قَالَ اللَّهُمَّ صيبا نَافِعًا وَظَاهره أَن يَقُول ذَلِك مرّة وَاحِدَة وَلَكِن مَا ذكر من رِوَايَة ابْن أبي شيبَة أَنه كَانَ يَقُول ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَفَادَ أَنه لَا بُد من التّكْرَار وَيَنْبَغِي أَن يَقُوله ثَلَاثًا عملا بِالْأَكْثَرِ وَأخرج هَذَا اللَّفْظ الَّذِي فِي البُخَارِيّ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ والصيب الْمَطَر قَالَه ابْن عَبَّاس وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَقَالَ بَعضهم الصيب السَّحَاب وَلَعَلَّه أطلق ذَلِك مجَازًا لِأَنَّهُ من صاب الْمَطَر يصوب إِذا نزل فَأصَاب الأَرْض وَقَوله نَافِعًا صفة للصيب ليخرج بذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 الصيب الضار والسيب الْمَذْكُور فِي رِوَايَة ابْن أَبى شيبَة المُرَاد بِهِ الصيب هُنَا وَقد تقدم تَفْسِيره فِي أول الْبَاب // (فَإِذا كثر أَو خشِي الضَّرَر اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا اللَّهُمَّ على الآكام وَالْآجَام والضراب والأودية ومنابت الشّجر (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا دخل الْمَسْجِد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَاسْتقْبل الرجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل فاسأل الله أَن يغيثنا قَالَ فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أغثنا اللَّهُمَّ أغثنا قَالَ أنس وَلَا وَالله مَا نرى فِي السَّمَاء من سَحَابَة وَلَا قزعة وَمَا بَيْننَا وَبَين سلع من بَيت وَلَا دَار فطلعت من وَرَائه سَحَابَة مثل الترس فَلَمَّا توسطت السَّمَاء انتشرت ثمَّ أمْطرت قَالَ فَلَا وَالله مَا رَأينَا الشَّمْس سبتا ثمَّ دخل رجل من ذَلِك الْبَاب فِي الْجُمُعَة الْمُقبلَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم يخْطب فَاسْتَقْبلهُ قَائِما فَقَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل فَادع الله يمْسِكهَا عَنَّا قَالَ فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا الخ (قَوْله الآكام) بِكَسْر الْهمزَة وَقد تفتح جمع أكمة بِفَتْح الْهمزَة قيل هِيَ التُّرَاب الْمُجْتَمع وَقيل هِيَ الْحجر الْوَاحِد وَقيل هِيَ الهضبة الضخمة وَقيل مَا ارْتَفع من الأَرْض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 (قَوْله وَالْآجَام) جمع أجمة وَهِي الشّجر الْمُتْلف الْكثير وَقيل مَا ارْتَفع من الأَرْض (قَوْله والضراب) بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَآخره مُوَحدَة جمع ضرب بِكَسْر الضَّاد وَهُوَ الْجَبَل المنبسط الَّذِي لَيْسَ بالعالي وَقَالَ الْجَوْهَرِي الرابية الصَّغِيرَة // (وَإِذا سمع الرَّعْد وَالصَّوَاعِق اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلنَا بِغَضَبِك وَلَا تُهْلِكنَا بِعَذَابِك وَعَافنَا قبل ذَلِك (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سمع الرَّعْد وَالصَّوَاعِق قَالَ اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلنَا بِغَضَبِك وَلَا تُهْلِكنَا بِعَذَابِك وَعَافنَا قبل ذَلِك وَضعف النَّوَوِيّ إِسْنَاد التِّرْمِذِيّ // (سُبْحَانَ الَّذِي يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته (مو. طا)) هَذَا الْأَثر أخرجه فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوفا على عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا سمع الرَّعْد يتْرك الحَدِيث وَقَالَ سُبْحَانَ الَّذِي يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته وَصحح إِسْنَاده النَّوَوِيّ وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن طَاوُوس أَنه كَانَ يَقُول إِذا سمع الرَّعْد سُبْحَانَ من سبحت لَهُ قَالَ الشَّافِعِي كَأَنَّهُ يذهب إِلَى قَول الله تَعَالَى {ويسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَمِعْتُمْ الرَّعْد فاذكروا الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يُصِيب ذَاكِرًا وَفِي إِسْنَاده يحيى بن أبي كثير أَبُو النَّضر وَهُوَ ضَعِيف (وَإِذا هَاجَتْ الرّيح اسْتَقْبلهَا بِوَجْهِهِ وَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ وَيَديه (طب. ط) وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ (م) اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رياحا وَلَا تجعلها ريحًا اللَّهُمَّ رَحْمَة لَا عذَابا (طب. ط)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء ومعجمه الْكَبِير فَسلم أخرجه من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عصفت الرّيح قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأما الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء الْكَبِير فَأخْرجهُ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اشتدت الرّيح اسْتَقْبلهَا بِوَجْهِهِ وَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ وَمد يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير هَذِه الرّيح وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا أرْسلت بِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَة وَلَا تجعلها عذَابا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رياحا وَلَا تجعلها ريحًا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه حُسَيْن بن قيس الرَّحبِي وَأَبُو عَليّ الوَاسِطِيّ الملقب بحنش وَهُوَ مَتْرُوك وَقد وَثَّقَهُ حُسَيْن بن نمير وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح (قَوْله جثا على رُكْبَتَيْهِ وَيَديه) ظَاهره أَنه جثا على الرُّكْبَتَيْنِ وعَلى الْيَدَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِك بل جثا على رُكْبَتَيْهِ وَمد يَدَيْهِ يَدْعُو فَفِي كَلَام المُصَنّف رَحمَه الله خلل وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يذكر مَا فِي الرِّوَايَة (قَوْله اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رياحا وَلَا تجعلها ريحًا) قيل وَجه هَذَا أَن الْعَرَب تَقول لَا تلقح الشّجر إِلَّا من الرِّيَاح الْمُخْتَلفَة وَلَا تلقح من ريح وَاحِدَة فَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا بِأَن يَجْعَلهَا رياحا تلقح وَلَا يَجْعَلهَا ريحًا لَا تلقح وَقيل إِن الرِّيَاح هِيَ الْمَذْكُورَة فِي آيَات الرَّحْمَة وَالرِّيح هِيَ الْمَذْكُورَة فِي آيَات الْعَذَاب كَقَوْلِه عز وَجل {الرّيح الْعَقِيم} و {ريحًا صَرْصَرًا} وَسَيَأْتِي مَا يُفِيد أَن الرّيح تَأتي بِمَا هُوَ خير وَبِمَا هُوَ شَرّ (قَوْله اللَّهُمَّ رَحْمَة لَا عذَابا) كَانَ على المُصَنّف أَن يَأْتِي بِلَفْظ الرِّوَايَة فَيَقُول اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَة وَلَا تجعلها عذَابا وَلَعَلَّه اكْتفى بِالْفِعْلِ الْمَذْكُور قبل هَذَا وَلكنه اكْتِفَاء غير حسن لِأَن المطلع على هَذَا الْكتاب يظنّ أَن الرِّوَايَة هَكَذَا وَلَيْسَ كَذَلِك وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يذكر كل وَاحِد من الْحَدِيثين على انْفِرَاده كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 جرت بِهِ عَادَته وَهَاهُنَا قد أَدخل أحد الْحَدِيثين بَين طرفِي الآخر كَمَا عرفت // (وَإِن جَاءَ مَعَ الرّيح ظلمَة تعوذ بالمعوذتين (د) وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير هَذِه الرّيح وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أمرت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرّ هَذِه الرّيح وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أمرت بِهِ (ت)) // الحَدِيث الثَّانِي أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقد خلطه المُصَنّف من حديثين حَيْثُ قَالَ بعد الْفَصْل الأول وَقَالَ اللَّهُمَّ فَإِن ذَلِك يُفِيد أَن الحَدِيث وَاحِد وَلَيْسَ كَذَلِك فَالْأول أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عقبَة بن عَامر قَالَ بَينا أَنا أَسِير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الحجفة والأبواء إِذْ غشيتنا ريح وظلمة شَدِيدَة فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ ب {أعوذ بِرَبّ الفلق} و {أعوذ بِرَبّ النَّاس} وَيَقُول يَا عقبَة تعوذ بهَا فَمَا متعوذ بِمِثْلِهَا وَقَالَ سمعته يؤمنا بهما فِي الصَّلَاة والْحَدِيث الثَّانِي أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح من حَدِيث أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا الرّيح فَإِذا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك الخ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ قَالَ التِّرْمِذِيّ صَحِيح وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأبي هُرَيْرَة وَعُثْمَان بن أبي الْعَاصِ وَأنس بن مَالك وَابْن عَبَّاس وَجَابِر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَصَححهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الرّيح من روح الله تَأتي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذا رأيتموها فَلَا تسبوها واسئلوا الله خَيرهَا واستعيذوا بِاللَّه من شَرها وَبِهَذَا يعرف أَن الرّيح قد تَأتي بِالْخَيرِ وَقد تَأتي بِالشَّرِّ فَلَعَلَّ وَجه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رياحا وَلَا تجعلها ريحًا أَن الرِّيَاح لَا تَأتي إِلَّا بِالْخَيرِ وَالرِّيح تَأتي تَارَة بِهَذَا وَتارَة بِهَذَا فَسَأَلَ الله أَن يَجْعَلهَا رياحا لِأَنَّهَا خير مَحْض وَلَا يَجْعَلهَا ريحًا تحْتَمل الْخَيْر وَالشَّر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 (اللَّهُمَّ لقحا لَا عقيما (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ إِذا اشتدت الرّيح قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا لقحا لَا عقيما وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن السّني بِإِسْنَاد صَححهُ النَّوَوِيّ (قَوْله لقحا) بِفَتْح اللَّام مَعَ فتح الْقَاف وسكونها وَهِي الرّيح الحاملة للسحاب الحاملة للْمَاء كاللقاحة من الابل والعقيم الَّتِي لَا مَاء فِيهَا كالعقيم من الْحَيَوَان // (وَإِذا رأى الْكُسُوف فَليدع الله وليكبره وَليصل وليتصدق (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَادعوا الله وَكَبرُوا وصلوا وتصدقوا وَفِي بعض الرِّوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَادعوا الله وَكَبرُوا وتصدقوا وَفِي رِوَايَة فيهمَا إِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فاذكروا الله وَهُوَ مروى فيهمَا من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأبي مُوسَى وَفِي حَدِيثه فافزعوا إِلَى ذكر الله ودعائه واستغفروه وَهُوَ أَيْضا فيهمَا من حَدِيث الْمُغيرَة وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَفِي مُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ وَصَلَاة الْكُسُوف مَشْرُوعَة بِالْإِجْمَاع وَهَكَذَا مَا ذكر مَعهَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث // (وَإِذا رأى الْهلَال قَالَ الله أكبر (مى)) // الحَدِيث أخرجه الدِّرَامِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ وَزَاد فِي أَوله الله أكبر ثمَّ ذكر مثل الحَدِيث الْآتِي بعد هَذَا وَقد أفردناه كَمَا أفرده المُصَنّف لكَون هَذِه الزِّيَادَة لم تثبت فِي الحَدِيث الْآتِي وَإِسْنَاده فِي مُسْنده الدَّارمِيّ هَكَذَا أخبرنَا سعيد بن سُلَيْمَان عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم حَدثنِي أبي عَن أَبِيه وَعَمه عَن ابْن عمر فَذكره وَسَعِيد فِيهِ مقَال وَهُوَ مَقْبُول // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 اللَّهُمَّ أَهله علينا بِالْيمن وَالْإِيمَان والسلامة وَالْإِسْلَام والتوفيق لما تحب وترضى رَبِّي وَرَبك الله (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث طَلْحَة ابْن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى الْهلَال قَالَ اللَّهُمَّ أَهله علينا بِالْيمن وَالْإِيمَان والسلامة وَالْإِسْلَام رَبِّي وَرَبك الله هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد بعد قَوْله وَالْإِسْلَام والتوفيق لما تحب وترضى وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء عِنْد رُؤْيَة الْهلَال لما اشْتَمَل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَقد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى الْهلَال قَالَ اللَّهُمَّ أَهله علينا بِالْيمن وَالْإِيمَان والسلامة والتوفيق لما تحب وترضي رَبنَا وَرَبك الله قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِي إِسْنَاده عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم الْحَاطِبِيُّ وَفِيه ضعف وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات // (هِلَال خير ورشد اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير هَذَا الشَّهْر وَخير الْقدر وَأَعُوذ بك من شَره ثَلَاث مَرَّات (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث رَافع بن خديج رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى الْهلَال قَالَ هِلَال خير ورشد ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير هَذَا الشَّهْر وَأَعُوذ بك من شَره ثَلَاث مَرَّات قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا رأى الْهلَال قَالَ هِلَال خير ورشد آمَنت بِالَّذِي خلقك فعد لَك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه أَحْمد بن عِيسَى اللَّخْمِيّ وَلم أعرفهُ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن هِشَام قَالَ كَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتعلمون هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 الدُّعَاء إِذا دخلت السّنة أَو الشَّهْر اللَّهُمَّ أدخلهُ علينا بالأمن والايمان والسلامة وَالْإِسْلَام ورضوان من الرَّحْمَن وحذار من الشَّيْطَان قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط أَيْضا من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى الْهلَال قَالَ الله أكبر الْحَمد لله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير هَذَا الشَّهْر وَأَعُوذ بك من سوء الْمَحْشَر وَفِي إِسْنَاده راو لم يسم (قَوْله وَخير الْقدر) بِفَتْح الْقَاف وَالدَّال وَهُوَ مَا يقدره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عباده وَهَذَا اللَّفْظ لم يكن فِي حَدِيث رَافع بن خديج الَّذِي ذكره المُصَنّف وَذَكَرْنَاهُ بل هُوَ فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَعند الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء فَلَعَلَّ المُصَنّف أَدخل اللَّفْظ من حَدِيث عبَادَة فِي حَدِيث رَافع وَهَذَا خلل فِي التصنيف لِأَن حَدِيث عبَادَة هُوَ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ لَا بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله فَإِن ذَلِك لفظ حَدِيث رَافع // (وَإِذا نظر إِلَى الْقَمَر فَلْيقل أعوذ بِاللَّه من شَرّ هَذَا الْغَاسِق (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر إِلَى الْقَمَر فَقَالَ يَا عَائِشَة اسْتَعِيذِي بِاللَّه من شَرّ هَذَا الْغَاسِق إِذا وَقب قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ وَكَانَ على المُصَنّف إِن يزِيد لفظ إِذا وَقب فَهُوَ فِي الحَدِيث عِنْد المخرجين لَهُ كَمَا ذكرنَا (قَوْله من شَرّ هَذَا الْغَاسِق يَعْنِي الْقَمَر والغسق الظلمَة يُقَال غسق إِذا أظلم وَدخل فِي المغيب قَالَ ابْن سَيّده وَقب وقوبا دخل فِي الظل الَّذِي يكسفه // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 الْبَاب السَّابِع فِيمَا يتَعَلَّق بالشخص من أُمُور مختلفات بإختلاف الْحَالَات فصل فِي نَفسه (إِذا لبس ثوبا جَدِيدا سَمَّاهُ باسمه ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت كسوتنيه أَسأَلك خَيره وَخير مَا صنع لَهُ وَأَعُوذ بك من شَره وَشر مَا صنع لَهُ (د. حب)) ) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا استجد ثوبا سَمَّاهُ باسمه عِمَامَة أَو قَمِيصًا أَو رِدَاء ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ لَك الْحَمد الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم زَاد أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو نَضرة فَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لبس أحدهم ثوبا جَدِيدا قيل لَهُ تبلى ويخلف الله (قَوْله سَمَّاهُ باسمه) قد بَين هَذَا مَا فِي الرِّوَايَة بِلَفْظ عِمَامَة أَو قَمِيصًا أَو رِدَاء كَمَا ذكرنَا فَيَقُول اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت كسوتني هَذَا الْقَمِيص أَو هَذِه الْعِمَامَة أَو هَذَا الرِّدَاء أَو نَحْو ذَلِك ثمَّ يَقُول أَسأَلك خَيره // (الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لبس عمر بن الْخطاب ثوبا جَدِيدا فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أوارى بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أوارى بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي ثمَّ عمد إِلَى الثَّوْب الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 أخلق فَتصدق بِهِ كَانَ فِي كنف الله وَفِي حفظ الله وَفِي ستر الله حَيا وَمَيتًا هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ قَالَ بعد إِخْرَاجه غَرِيب وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَكلهمْ رَوَوْهُ من طَرِيق أصبغ ابْن زيد عَن أبي العلى عَن أبي أُمَامَة وَأَبُو العلى مَجْهُول وَأصبغ بن زيد هُوَ الْجُهَنِيّ مَوْلَاهُم الوَاسِطِيّ صَدُوق ضعفه ابْن سعد وَقَالَ ابْن حبَان لَا اجوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَالدَّارَقُطْنِيّ // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني هَذَا ورزقنيه من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر (د. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أكل طَعَاما فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَطْعمنِي هَذَا الطَّعَام ورزقنيه من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَمن لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني الخ هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَأخرجه من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَكلهمْ رَوَوْهُ من طَرِيق عبد الرَّحِيم ابْن مَرْحُوم عَن سهل بن معَاذ عَن أَبِيه وَعبد الرَّحِيم هُوَ ابْن مَيْمُون ضعفه يحيى بن معِين وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ وَلكنه قد حسن حَدِيثه عَن سهل عَن أَبِيه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا وَفِي سهل بن معَاذ مقَال وَلَكِن لَا الْتِفَات إِلَى ذَلِك بعد تَصْحِيح هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة لحديثه // (فَإِذا خلعه فَستر مَا بَين أعين الْجِنّ وعورته أَن يَقُول بِسم الله (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 من حَدِيث أنس يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَفْظ ستر مَا بَين أعين الْجِنّ وعورات بني آدم إِذا وضع أحدهم ثَوْبه أَن يَقُول بِسم الله وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَهَذَا لَفظه قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا فِيهِ سعد بن مُسلم الْأمَوِي ضعفه البُخَارِيّ وَغَيره وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَبَقِيَّة رِجَاله موثوقون (قَوْله فَستر) هُوَ بِالْكَسْرِ الْحجاب وبالفتح مصدر سترت الشَّيْء استره إِذا غطيته (قَوْله بِسم الله) ظَاهره أَن هَذَا اللَّفْظ يَكْفِي من دون أَن يزِيد الرَّحْمَن الرَّحِيم وَقد ذكرنَا هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم // (وَإِذا خرج إِلَى سوق أَو دخله يَقُول بِسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير هَذِه السُّوق وَخير مَا فِيهَا وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أُصِيب فِيهَا يَمِينا فاجرة أَو صَفْقَة خاسرة (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل السُّوق قَالَ بِسم الله الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَفِي الْبَاب عَن جَابر وَأبي هُرَيْرَة وَبُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ وَأنس بن مَالك رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَأقر بهَا من شَرَائِط هَذَا الْكتاب أَعنِي الْمُسْتَدْرك حَدِيث بُرَيْدَة وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيثه أَيْضا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج إِلَى السُّوق قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد فِيهِ مُحَمَّد بن أبان الْجعْفِيّ وَهُوَ ضَعِيف (قَوْله أَن أُصِيب فِيهَا يَمِينا فاجرة) إِنَّمَا استعاذ من ذَلِك لِأَن الْأَسْوَاق مَظَنَّة الْإِيمَان الْفَاجِرَة وتنفيق السّلع المعروضة للْبيع ومظنة التغابن والمغبون صفقته خاسرة // (وَمن دخل السُّوق فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير كتب الله لَهُ ألف ألف حَسَنَة ومحا عَنهُ ألف ألف سَيِّئَة وَرفع لَهُ ألف ألف دَرَجَة (ت. مس) وَبنى بَيْتا فِي الْجنَّة (ت)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دخل السُّوق فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الحَدِيث الخ وَقد ذكر الْحَاكِم لهَذَا الحَدِيث فِي الْمُسْتَدْرك عدَّة طرق وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَزَاد وَبنى لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة كَمَا زَاد ذَلِك التِّرْمِذِيّ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث غَرِيب وَقَالَ فِي التَّرْغِيب والترهيب لِلْمُنْذِرِيِّ إِسْنَاده مُتَّصِل حسن وَرُوَاته ثِقَات أثبات وَفِي إِثْبَات أَزْهَر بن سِنَان خلاف قَالَ ابْن عدي أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ قَالَ وَرَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ ابْن مَاجَه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ كلهم من رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار قهرمان آل الزبير عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه عَن جده وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا أَيْضا وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد كَذَا قَالَ وَفِي إِسْنَاده مَسْرُوق بن الْمَرْزُبَان يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ قلت قد ذكر فِي آخر كِتَابه مَسْرُوق بن الْمَرْزُبَان وَقَالَ قَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بالقوى وَوَثَّقَهُ غَيره وَذكر أَيْضا أَزْهَر بن سِنَان وَقَالَ قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ ابْن عدي لَيست أَحَادِيثه بالمنكرة جدا وَقَالَ إِنَّه لَا بَأْس بِهِ قلت والْحَدِيث أقل أَحْوَاله أَن يكون حسنا وَإِن كَانَ فِي ذكر الْعدَد على هَذِه الصّفة نَكَارَة // (يَا معشر التُّجَّار أَيعْجزُ أحدكُم إِذا رَجَعَ من سوقه أَن يقْرَأ عشر آيَات فَيكْتب الله لَهُ بِكُل آيَة حَسَنَة (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر التُّجَّار الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير الرّبيع بن ثَعْلَب وَأبي إِسْمَاعِيل الْمُؤَذّن وَكِلَاهُمَا ثِقَة (قَوْله فَيكْتب الله لَهُ بِكُل آيَة حَسَنَة) قد ثَبت أَن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 (كَفَّارَة الْمجْلس قبل أَن يقوم سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك ثَلَاث مَرَّات (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جلس فِي مجْلِس فَكثر فِيهِ لغطه فَقَالَ فِيهِ قبل أَن يقوم من مَجْلِسه سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك الحَدِيث الخ وَقَالَ فِي آخِره إِلَّا غفر لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسه ذَلِك قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيثه أَيْضا وَصَححهُ وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث رَافع بن خديج وَرِجَاله ثِقَات وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِدُونِ قَوْله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَفِي أسناده عُثْمَان بن مطر وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير من حَدِيث ابْن مَسْعُود مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة يَقُول ذَلِك بعد أَن يقوم من الْمجْلس وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط من حَدِيث الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ وَفِي إِسْنَاده من لَا يعرف وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ وَزَاد يَقُولهَا ثَلَاث مَرَّات فَإِن كَانَ مجْلِس لغط كَانَ كَفَّارَة لَهُ وَأَن كَانَ مجْلِس ذكر كَانَ طابعا عَلَيْهِ وَفِي إِسْنَاده خَالِد بن يزِيد الْعمريّ وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيثه باسناد آخر وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن جَامع الْعَطَّار وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَضَعفه جمَاعَة وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يَمُوت يكثر أَن يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك قَالَ إِنِّي قد أمرت بِهَذِهِ الْكَلِمَات فَقَرَأَ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا فِيهِ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع رَأسه إِلَى سقف الْبَيْت قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك قَالَت عَائِشَة فَسَأَلته عَنْهُن فَقَالَ أمرت بِهن وَفِي إِسْنَاده من لَا يعرف وَأخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث يزِيد بن الْهَاد عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله ابْن جَعْفَر قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من إِنْسَان يكون فِي مجْلِس فَيَقُول حِين يُرِيد أَن يقوم سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك الخ ثمَّ قَالَ فَحدثت هَذَا الحَدِيث يزِيد بن خصيفَة فَقَالَ هَكَذَا حَدثنِي السَّائِب بن يزِيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجالهما رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ من حَدِيث أبي بَرزَة // (عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث رَافع بن خديج قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اجْتمع إِلَيْهِ أَصْحَابه فَأَرَادَ أَن ينْهض قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت قَالَ قلت يَا رَسُول الله هَذِه كَلِمَات أحدثتهن قَالَ أجل جَاءَنِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد هِيَ كَفَّارَة الْمجْلس وَأخرجه من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات // فصل المَال وَالرَّقِيق وَالْولد (إِذا رأى فِي مَاله أَو نَفسه أَو غَيره مَا يُعجبهُ فَليدع بِالْبركَةِ (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَامر بن ربيعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 إِذا رأى أحدكُم من نَفسه أَو مَاله أَو أَخِيه شَيْئا يُعجبهُ فَليدع بِالْبركَةِ فَإِن الْعين حق وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيثه وَأخرجه ابْن السنى من حَدِيث سعيد بن حَلِيم قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خَافَ أَن يُصِيب شَيْئا بِعَيْنِه قَالَ اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ وَلَا تضره وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن حنيف قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى أحدكُم مَا يُعجبهُ فِي نَفسه أَو مَاله فليبرك عَلَيْهِ فَإِن الْعين حق وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عَامر بن ربيعَة بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف وَفِيه مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء بِمَا تضمنته هَذِه الْأَحَادِيث إِذا رأى مَا يُعجبهُ وَخَافَ أَن يُصِيبهُ بِعَيْنِه // (وَإِذا اشْترى دَابَّة أَو رَقِيقا فليأخذ بناصيتها ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا جبلتها عَلَيْهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا جبلتها عَلَيْهِ وليأخذ بِذرْوَةِ سَنَام الْبَعِير (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اشْترى أحدكُم الغلال أَو الْجَارِيَة أَو الدَّابَّة فليأخذ بناصيتها وَليقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيره وَخير مَا جبل عَلَيْهِ وَأَعُوذ بك من شَره وَشر مَا جبل عَلَيْهِ وَإِذا اشْترى بَعِيرًا فليأخذ بِذرْوَةِ سنامه وَليقل مثل ذَلِك وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيثه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي فصل النِّكَاح وَلكنه أوردهُ المُصَنّف هُنَالك بِاعْتِبَار مَا ورد فِي بعض أَلْفَاظه وَهِي قَوْله وَإِذا تزوج أحدكُم امْرَأَة الحَدِيث الخ فَيَنْبَغِي هَذَا الدُّعَاء عِنْد شِرَاء الرَّقِيق وَالدَّابَّة وَعند التَّزَوُّج جمعا بَين الرِّوَايَات (قَوْله مَا جبلتها عَلَيْهِ) أَي مَا خلقتها عَلَيْهِ وطبعتها على فعله وحببته إِلَيْهَا (قَوْله بِذرْوَةِ سنامه) بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَقيل إِنَّه يجوز فِي الذَّال الحركات الثَّلَاث وذروة السنام أَعْلَاهُ // (وَإِذا أُتِي بمولود أذن فِي أُذُنه حِين وِلَادَته (د. س)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بن رَافع مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي أذن الْحسن بن عَليّ حِين وَلدته فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا بِأَذَان الصَّلَاة وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيثه وَقَالَ حسن صَحِيح وَفِيه مَشْرُوعِيَّة التأذين بِالْأَذَانِ الَّذِي يُؤذن بِهِ للصَّلَاة قيل وَسبب ذَلِك تلقينه كلمتي الشَّهَادَة وَقيل التَّبَرُّك بِأَلْفَاظ الْأَذَان وَقيل ليعيش الْمَوْلُود على الْفطْرَة وَلَا تزاحم بَين المقتضيات فقد يكون التأذين لجَمِيع مَا ذكر // (وَوَضعه فِي حجره وحنكه بتمرة ودعا لَهُ وبرك عَلَيْهِ (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ ولد لي غُلَام فَأتيت بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَماهُ إِبْرَاهِيم وحنكه ودعا لَهُ بِالْبركَةِ وَدفعه إِلَيّ وَكَانَ أكبر أَوْلَاد أبي مُوسَى وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة جعل الْمَوْلُود فِي الْحجر أَي حجر من حمل إِلَيْهِ ليدعو لَهُ ويحنكه بِالتَّمْرِ لما فِيهِ من الْحَلَاوَة ولكونه أحسن مَا تزرعه بِلَاد الْعَرَب وَيَدْعُو لَهُ بِمَا أمكن من الدُّعَاء وَمن جملَة ذَلِك الدُّعَاء بِأَن الله تَعَالَى يُبَارك فِيهِ // (وتعويذ الطِّفْل أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة وَمن كل عين لَامة (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن وَيَقُول إِن إِبْرَاهِيم كَانَ يعوذ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَق أعوذ بِكَلِمَات الله الحَدِيث الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَلَفظ أبي دَاوُد أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله (قَوْله وَهَامة) بتَشْديد الْمِيم وَاحِدَة الْهَوَام الَّتِي تدب على الأَرْض وتؤذي النَّاس وَقيل هِيَ ذَات السمُوم وَالله أعلم وَالظَّاهِر أَنَّهَا أَعم من ذَوَات السمُوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 لما ثَبت فِي الحَدِيث من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيُؤْذِيك هُوَ أم رَأسك (قَوْله لَامة) بتَشْديد الْمِيم وَهِي الَّتِي تصيب بِسوء كَمَا فِي الصِّحَاح // (وَإِذا أفْصح فليعلمه لَا إِلَه إِلَّا الله (ى)) // الحَدِيث أخرجه ابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا إِذا أفْصح أَوْلَادكُم فعلموهم لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ لَا تبالوا مَتى مَاتُوا وَإِذا أثغروا فمروهم بِالصَّلَاةِ وَإِسْنَاده فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة لِابْنِ السّني هَكَذَا أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد بن صاعد أخبرنَا حَمْزَة ابْن الْعَبَّاس الْمروزِي حَدثنَا عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق حَدثنَا الْحُسَيْن بن وَاقد حَدثنَا أَبُو أُميَّة يَعْنِي عبد الْكَرِيم عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ وجدت فِي كتاب جدي الَّذِي حَدثهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره وَالْحُسَيْن بن وَاقد هُوَ الْمروزِي القَاضِي ثِقَة لَهُ أَوْهَام والاثغار سُقُوط سنّ الصَّبِي ونباتها وَالْمرَاد هُنَا السُّقُوط كَمَا فِي النِّهَايَة وَوجه تَعْلِيم الصَّبِي إِذا أفْصح كلمة الشَّهَادَة أَنَّهَا مِفْتَاح الْإِسْلَام وَرَأس أَرْكَانه وأساس الْإِيمَان وأوثق أساطينه // فصل الرُّؤْيَة (إِذا رأى مَا يحب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وَإِذا رأى مَا يكره قَالَ الْحَمد لله على كل حَال (ق. مس)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى مَا يحب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وَإِذا رأى مَا يكره قَالَ الْحَمد لله على كل حَال قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ النَّوَوِيّ جيد الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا ابْن السّني وَفِي رِوَايَة للْحَاكِم كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا يمْنَع أحدكُم إِذا عرف الْإِجَابَة من نَفسه فشفى من مرض أَو قدم من سفر أَن يَقُول الْحَمد لله الَّذِي بعزته وجلاله تتمّ الصَّالِحَات وَقد تقدّمت هَذِه الرِّوَايَة فِي آخر الْبَاب الثَّانِي وشرحناها هُنَالك وَذكرنَا من رَوَاهَا // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 (وَإِذا رأى وَجهه فِي الْمرْآة قَالَ اللَّهُمَّ أَنْت حسنت خلقي فَحسن خلقي (حب. مر) وَحرم وَجْهي على النَّار (مر)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نظر وَجهه فِي الْمرْآة قَالَ حَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه أَحْمد وَأَبُو يعلى بِرِجَال ثِقَات وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الدَّعْوَات عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نظر وَجهه فِي الْمرْآة فَذكره وَأخرجه أَيْضا أَحْمد من حَدِيثهَا بِإِسْنَاد رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه فِي كتاب الْأَدْعِيَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَزَاد وَحرم وَجْهي على النَّار وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأول ابْن السّني من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ // (الْحَمد لله الَّذِي سوى خلقي فعدله (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نظر وَجهه فِي الْمرْآة قَالَ الْحَمد لله الَّذِي سوى خلقي فعدله وصور صُورَة خلقي فأحسنها وَجَعَلَنِي من الْمُسلمين قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه هَاشم بن عِيسَى وَلم أعرفهُ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات // (وَأحسن صُورَتي وزان مني مَا شان من غَيْرِي (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نظر فِي الْمرْآة قَالَ الْحَمد لله الَّذِي سوى خلقي وَأحسن صُورَتي وزان مني مَا شان من غَيْرِي قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِي إِسْنَاده دَاوُد بن الْمُجبر وَهُوَ ضَعِيف جدا وَقد وَثَّقَهُ غير وَاحِد وَبَقِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 رِجَاله ثِقَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره بِدُونِ قَوْله وَأحسن صُورَتي وَفِي إِسْنَاده عَمْرو ابْن الْحصين الْعقيلِيّ وَهُوَ مَتْرُوك // (وصور صُورَة وَجْهي فأحسنها وَجَعَلَنِي من الْمُسلمين (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس الْمُتَقَدّم ذكره وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله فِيمَا تقدم وَعزا إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط هما حَدِيث وَاحِد عَن صَحَابِيّ وَاحِد فِي كتاب وَاحِد ففصله عَنهُ وتوسيط الحَدِيث الَّذِي أخرجه الْبَزَّار لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي وَكَانَ على المُصَنّف أَن لَا يفصل بَين لَفْظِي الحَدِيث وَيدخل بَينهمَا فاصلا أَجْنَبِيّا وَقد روى هَذَا الحَدِيث جَامعا بَين طَرفَيْهِ ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة كَمَا جمع بَينهمَا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَهَذِه الْأَحَادِيث تدل على أَنه يسْتَحبّ لمن نظر فِي الْمرْآة أَن يَدْعُو بهما جَمِيعًا فَإِن ذَلِك أتم وَأكْثر ثَوابًا // (وَإِذا رأى باكورة ثَمَرَة قَالَ اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي ثمرنا وَبَارك لنا فِي مدينتنا وَبَارك لنا فِي صاعنا وَبَارك لنا فِي مدنا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّاس إِذا رَأَوْا أول الثَّمر جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا أَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي ثمرنا وَبَارك لنا فِي مدينتنا وَبَارك لنا فِي صاعنا وَبَارك لنا فِي مدنا اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم عَبدك وَنَبِيك وخليلك وَإِنِّي عَبدك وَنَبِيك وَإنَّهُ دَعَا لمَكَّة وَأَنا أَدْعُوك للمدينة بِمثل مَا دَعَا لمَكَّة وَمثله مَعَه ثمَّ يَدْعُو أَصْغَر وليد مَعَه فيعطيه الثَّمر وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي لفظ مُسلم ثمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَر من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 يحضر من الْولدَان وَفِي رِوَايَة لِابْنِ السّني من هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى بباكورة تمر وَضعهَا على يَمِينه ثمَّ على شَفَتَيْه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ كَمَا أريتنا أَوله فأرنا آخِره ثمَّ يُعْطِيهِ من يكون عِنْده من الصّبيان (قَوْله باكورة تمر) هِيَ أول الْفَاكِهَة // (وَإِذا رأى أَخَاهُ الْمُسلم يضْحك قَالَ أضْحك الله سنك (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ اسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَعِنْده نسْوَة من قُرَيْش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صَوته فَلَمَّا اسْتَأْذن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قمن فابتدرن الْحجاب فَأذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عمر وَرَسُول الله يضْحك فَقَالَ لَهُ عمر أضْحك الله سنك يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عجبت من هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كن عِنْدِي فَلَمَّا سمعن صَوْتك قمن فابتدرن الْحجاب فَقَالَ عمر لَهُنَّ يَا عدوات أَنْفسهنَّ أتهبنني وَلَا تهبن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَ نعم أَنْت أفظ وَأَغْلظ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيه يَا ابْن الْخطاب وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا لقيك الشَّيْطَان سالكا فجا قطّ إِلَّا سلك فجا غير فجك وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَوجه الِاسْتِدْلَال بقول عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي حَضْرَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرره فَكَانَ القَوْل بذلك لمن ضحك فِيمَا لَا بَأْس بِهِ سنة // (وَإِذا رأى عَلَيْهِ ثوبا جَدِيدا قَالَ تبلي ويخلف الله (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ الَّذِي قدمنَا ذكره فِيمَا يَقُول الْإِنْسَان إِذا لبس ثوبا جَدِيدا وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد قَالَ أَبُو نَضرة فَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لبس أحدهم ثوبا جَدِيدا قيل لَهُ تبلى ويخلف الله وَقد حسن أصل هَذَا الحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ الْحَاكِم وَابْن حبَان كَمَا تقدم وَفِي الحَدِيث الْجمع بَين الدُّعَاء للابس بِأَن يعِيش حَتَّى يبْلى ذَلِك الثَّوْب وَأَن يخلف الله عَلَيْهِ مَا يلْبسهُ // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 (أبل وأخلق ثمَّ أبل وأخلق ثمَّ أبل وأخلق (خَ. د)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم خَالِد بنت أسيد قَالَت أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أبي وَعلي قَمِيص أصفر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنه سنه وَهِي بالحبشية حَسَنَة قَالَت فَذَهَبت أَلعَب بِخَاتم النُّبُوَّة ويردني أَبى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعها ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبلي واخلقي ثمَّ أبلي واخلقي ثمَّ أبلي واخلقي وَفِي الحَدِيث الدُّعَاء للابس الثَّوْب بِأَن يطول عمره حَتَّى يبلي ذَلِك الثَّوْب الَّذِي لبسه وَيصير خلقا ثمَّ تَأْكِيد بالتكرير وَقد عاشت هَذِه أم خَالِد دهرا كَمَا وَقع فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث بِسَبَب هَذِه الدعْوَة النَّبَوِيَّة // (وَإِذا رأى الْحَرِيق فليطفئه بِالتَّكْبِيرِ (ص. مجرب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي فِي مُسْنده كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطفئوا الْحَرِيق بِالتَّكْبِيرِ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَفِي إِسْنَاد راو لم يسم وَأخرجه أَيْضا ابْن السّني عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَيْتُمْ الْحَرِيق فكبروا فَإِن التَّكْبِير يطفئه وَذكر المُصَنّف رَحمَه الله هَاهُنَا أَن ذَلِك مجرب وأذا قد جرب فبها ونعمت // (وَإِذا رأى مبتلى قَالَ الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني على كثير من خلق تَفْضِيلًا لم يصبهُ ذَلِك الْبلَاء (ت. طس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رأى مبتلى فَقَالَ الْحَمد لله الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط وَالْبَزَّار من حَدِيثه بِنَحْوِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بِلَفْظ حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه زَكَرِيَّا بن يحيى ابْن أَيُّوب الضَّرِير وَلم أعرفهُ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عمر بن الْخطاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من رأى صَاحب الْبلَاء قَالَ الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني على كثير مِمَّن خلق تَفْضِيلًا إِلَّا عوفى من ذَلِك الْبلَاء كَائِنا مَا كَانَ مَا عَاشَ وَقد ضعف التِّرْمِذِيّ إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَقد ذكر أهل الْعلم أَنه يَنْبَغِي أَن يَقُول هَذَا الذّكر سرا بِحَيْثُ لَا يسمعهُ الْمُبْتَلى لِئَلَّا يتألم بذلك // فصل فِي بَيَان مَا يُقَال عِنْد سَماع صياح الديكة وَغَيرهَا (إِذا سمع صياح الديكة فليسأل الله من فَضله (خَ. م) وَإِذا سمع نهيق الْحمار فليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم (خَ. م) وَكَذَلِكَ إِذا سمع نباح الْكلاب (د. س)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَجَابِر رَضِي الله عَنْهُمَا أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَقَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا سَمِعْتُمْ صياح الديكة فاسئلوا الله من فَضله فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا وَإِذا سَمِعْتُمْ نهيق الْحمار فاستعيذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَإِنَّهُ رأى شَيْطَانا وَبِهَذَا تعرف أَنه لَا وَجه لتكرير رمز البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا فعل المُصَنّف فَالْحَدِيث بِلَفْظ وَاحِد عَن صَحَابِيّ وَاحِد فَكَانَ الرَّمْز فِي آخِره يُغني عَن الرَّمْز فِي وَسطه وَأما حَدِيث جَابر فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب ونهيق الْحمير من اللَّيْل فتعوذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَإِنَّهَا ترى مَا لَا ترَوْنَ وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَقَوله فِي الحَدِيث الآخر من اللَّيْل يُفِيد الْمُطلق فَتكون الِاسْتِعَاذَة إِذا سمع النباح لَيْلًا لَا نَهَارا // (وَإِذا كَانَ فِي أَمر وَسمع مَا يكره فَلَا يتطير قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ردته الطَّيرَة عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 حَاجَة فقد أشرك وَكَفَّارَة ذَلِك ان يَقُول اللَّهُمَّ لَا خير إِلَّا خيرك وَلَا طير إِلَّا طيرك وَلَا إِلَه غَيْرك (أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو ابْن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ردته الطَّيرَة عَن حَاجَة فقد أشرك فَقَالُوا يَا رَسُول الله فَمَا كَفَّارَة ذَلِك قَالَ يَقُول أحدهم اللَّهُمَّ لَا خير إِلَّا خيرك وَلَا طير إِلَّا طيرك وَلَا إِلَه غَيْرك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَفِيه ابْن لَهِيعَة وَحَدِيثه حسن وَفِيه ضعف وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث بريده قَالَ ذكرت الطَّيرَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من أَصَابَهُ من ذَلِك شَيْء وَلَا بُد فَكَانَ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا بُد أحب إِلَيْنَا من كَذَا فَلْيقل اللَّهُمَّ لَا طير إِلَّا طيرك وَلَا خير إِلَّا خيرك وَلَا إِلَه غَيْرك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه الْحسن بن جَعْفَر وَهُوَ مَتْرُوك وَقد قيل فِيهِ صَدُوق مُنكر الحَدِيث وَأخرج الْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ لَا طَائِر إِلَّا طائرك ثَلَاث مَرَّات قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه عَمْرو بن أبي سَلمَة وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَغَيره وَضَعفه شُعْبَة وَغَيره وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن من وَقع فِي قلبه شَيْء من الطَّيرَة فَقَالَ هَذَا القَوْل فَإِن ذَلِك كَفَّارَته // (وَإِذا رَأَيْتُمْ من الطَّيرَة مَا تَكْرَهُونَ فَقولُوا اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْت وَلَا يذهب بالسيئات إِلَّا أَنْت وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك (د. مص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وأبن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُرْوَة بن عَامر الْقرشِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ ذكرت الطَّيرَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أحْسنهَا الفأل وَلَا يرد مُسلما فَإِذا رأى أحدكُم مَا يكره فَلْيقل اللَّهُمَّ الحَدِيث الخ وَعُرْوَة هَذَا هُوَ الْجُهَنِيّ وَقيل الْقرشِي قَالَ ابْن عَسَاكِر وَلَا صَحبه لَهُ تصح وَلم يرو لَهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَذكر البُخَارِيّ وَغَيره أَنه سمع من ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فعلى هَذَا يكون حَدِيثه مُرْسلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقه ابْن السّني قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الطَّيرَة فَقَالَ أصدقهَا الفأل وَلَا يرد مُسلما فَإِذا رَأَيْتُمْ من الطَّيرَة شَيْئا تكرهونه فَقولُوا اللَّهُمَّ وَقَالَ فِي آخِره وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَأخرج مُسلم وَغَيره عَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ قلت يَا رَسُول الله منا رجال يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَلِك شَيْء يجدونه فِي صُدُورهمْ فَلَا يصدهم وَقد جَمعنَا فِي ذَلِك رِسَالَة سميناها الرياض النضره فِي الْكَلَام على الْعَدْوى أَو الطَّيرَة وَذكرنَا فِي شرح المنتقي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِك وَكَلَام أهل الْعلم وترجيح مَا هُوَ الرَّاجِح فَليرْجع إِلَيْهِ // (وَإِذا بشر بِمَا يسر فليحمد الله (خَ. م)) الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي حَدِيث الْإِفْك قَالَت فَلَمَّا سرى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ لي يَا عَائِشَة احمدي الله فقد برأك الله وَهُوَ حَدِيث طَوِيل هَذَا طرف مِنْهُ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه // (حمد وَكبر (خَ. م) وَسجد لله شكرا (أ. مس)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة فحمدنا الله وَكَبَّرْنَا ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ثلث أهل الْجنَّة فحمدنا الله وَكَبَّرْنَا ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأطمع أَن تَكُونُوا شطر أهل الْجنَّة إِن مثلكُمْ فِي الْأُمَم كَمثل الشعرة الْبَيْضَاء فِي جلد الثور الْأسود وكالرقمة فِي ذِرَاع الْحمار والْحَدِيث الثَّانِي أخرجه أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتوجه نَحْو صدقته فَدخل فَاسْتقْبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 الْقبْلَة فَخر سَاجِدا فَأطَال السُّجُود حَتَّى ظَنَنْت أَن الله قد قبض نَفسه فِيهَا فدنوت مِنْهُ فَرفع رَأسه فَقَالَ من هَذَا فَقلت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ مَا شَأْنك فَقلت يَا رَسُول الله سجدت سَجْدَة حسبت أَن الله قد قبض نَفسك فِيهَا فَقَالَ إِن جِبْرِيل أَتَانِي فبشرني فَقَالَ إِن الله عز وَجل يَقُول من صلى عَلَيْك صليت عَلَيْهِ وَمن سلم عَلَيْك سلمت عَلَيْهِ فسجدت لله شكرا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رِجَاله ثِقَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ نَحوه فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير من حَدِيث جَابر قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير شيخ الطَّبَرَانِيّ مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن بحير وَلم أجد من ذكره وَفِي الْبَاب أَحَادِيث فِي سُجُود الشُّكْر عِنْد حَادث النِّعْمَة // فصل فِي كَيْفيَّة السَّلَام ورده (إِذا سلم على أحد فَلْيقل السَّلَام عَلَيْكُم (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله آدم على صورته سِتُّونَ ذِرَاعا فَلَمَّا خلقه الله قَالَ اذْهَبْ فَسلم على أُولَئِكَ النَّفر من الْمَلَائِكَة فاستمع مَا يجيبونك فَإِنَّهَا تحيتك وتحية ذريتك فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله فزادوه وَرَحْمَة الله فَكل من يدْخل الْجنَّة على صُورَة آدم فَلم يزل الْخلق ينقص حَتَّى الْآن وَأخرجه من حَدِيثه النَّسَائِيّ وإفشاء السَّلَام من آكِد السّنَن وَقد ورد التَّرْغِيب الْعَظِيم فِيهِ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة بل ورد أَنه من حُقُوق الْمُسلم كَمَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من حق الْمُسلم على الْمُسلم خمس وَفِي رِوَايَة قيل وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ إِذا لَقيته فَسلم عَلَيْهِ وَإِذ دعَاك فأجبه وَإِذا استنصحك فانصحه وَإِذا عطس فشمته وَإِذا مرض فعده وَإِذا مَاتَ فَاتبعهُ // (وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته (د. ت)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم فَرد عَلَيْهِ ثمَّ جلس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرا ثمَّ جَاءَ رجل آخر فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فَرد عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ عشرُون ثمَّ جَاءَ رجل آخر فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَرد عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ ثَلَاثُونَ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَحسنه وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث معَاذ بن أنس بِمَعْنَاهُ وَزَاد فِيهِ ثمَّ أَتَى آخر فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ومغفرته فَقَالَ أَرْبَعُونَ وَهَكَذَا تكون الْفَضَائِل وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحِيم بن مَرْحُوم بن مَيْمُون وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن أبي هُرَيْرَة فَذكر نَحْو حَدِيث عمرَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سهل بن حنيف قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم كتب لَهُ عشر حَسَنَات وَمن قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله كتب لَهُ عشرُون حسنه وَمن قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته كتب لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة وَفِي إِسْنَاده مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث مَالك بن التيهَان وَفِي إِسْنَاده مُوسَى الْمَذْكُور // (فَإِذا رد السَّلَام وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا عَائِشَة هَذَا جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام فَقَالَت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ترى مَالا نرى تَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة أَن يكون الْجَواب هَكَذَا لتقرير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة على هَذَا الْجَواب الْوَاقِع مِنْهَا // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 (وعَلى أهل الْكتاب عَلَيْك (م) وَعَلَيْك (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا سلم عَلَيْكُم الْيَهُود فَإِنَّمَا يَقُول أحدهم السام عَلَيْك فَقل وَعَلَيْك وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فَقل عَلَيْك بِغَيْر وَاو وَقَالَ الْخطابِيّ هَكَذَا يرويهِ عَامَّة الْمُحدثين بِالْوَاو وَكَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة يرويهِ عَلَيْك بِحَذْف الْوَاو وَهُوَ الصَّوَاب وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا حذف الْوَاو صَار قَوْلهم الَّذين قَالُوهُ بِعَيْنِه مردودا عَلَيْهِم وبإدخال الْوَاو يَقع الِاشْتِرَاك مَعَهم وَالدُّخُول فِيمَا قَالُوهُ فَإِن الْوَاو حرف عطف يَقْتَضِي الِاشْتِرَاك والاجتماع بَين الشَّيْئَيْنِ والسام فسروه بِالْمَوْتِ وَقَالَ غَيره أما من فسر السام بِالْمَوْتِ فَلَا يبعد الْوَاو وَمن فسره بالسآمة وَهِي الملالة أَي تسأمون دينكُمْ فإسقاط الْوَاو هُوَ الْوَجْه // (وَإِذا بلغ سَلاما وَعَلَيْك (س)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده خَدِيجَة فَقَالَ إِن الله يقرئ خَدِيجَة السَّلَام فَقَالَت إِن الله هُوَ السَّلَام وعَلى جِبْرِيل السَّلَام وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَأخرج ابْن الْقطَّان فِي سنَنه عَن رجل قَالَ حَدثنِي أبي عَن جدي قَالَ بَعَثَنِي أَبى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبوهُ فاقرئه السَّلَام فَأَتَيْته فَقلت إِن أبي يُقْرِئك السَّلَام فَقَالَ عَلَيْك وعَلى أَبِيك السَّلَام وَفِي إِسْنَاده مَجَاهِيل // (وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته (ع)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْمَذْكُور قَرِيبا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا هَذَا جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام فَقَالَت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَفِي هَذَا الحَدِيث الِاقْتِصَار فِي الرَّد على الَّذِي أرسل بِالسَّلَامِ دون الْمبلغ لَهُ وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 الأول الرَّد عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَيحسن أَن يكون الرَّد بِهَذَا اللَّفْظ الْكَامِل وَيكون عَلَيْهِمَا فَيَقُول عَلَيْك وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته // (وَإِذا قيل لَهُ إِنِّي أحبك قَالَ أحبك الَّذِي أحبتني لَهُ (س. د. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ مر رجل فَقَالَ رجل من الْقَوْم يَا نَبِي الله وَالله إِنِّي لأحب هَذَا الرجل فَقَالَ هَل أعلمته ذَلِك قَالَ لَا قَالَ قُم فَأعلمهُ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا هَذَا وَالله إِنِّي لَأحبك فَقَالَ أحبك الَّذِي أحببتني لَهُ هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَصحح هَذَا الحَدِيث ابْن حبَان وَفِيه مَشْرُوعِيَّة الْإِعْلَام بالحب لِأَن فِي ذَلِك بعثا على الوداد من الْجَانِب الآخر وَبِه يكون التراحم والتعاطف وَيَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب كَمَا تضمنه الحَدِيث وَمن أحبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فقد فَازَ // (وَإِذا قَالَ غفر الله لَك قَالَ وَلَك (س)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَاصِم الْأَحول عَن عبد الله بن سرجس قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأكلت مَعَه خبْزًا وَلَحْمًا أَو قَالَ ثريدا قَالَ فَقلت لَهُ اسْتغْفر لَك يَا رَسُول الله قَالَ نعم وَلَك ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَأخرجه بِهَذَا اللَّفْظ مُسلم وَفِي رِوَايَة للنسائي فَقلت غفر الله لَك يَا رَسُول الله قَالَ وَلَك وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة أَن يَقُول الرجل لمن قَالَ لَهُ غفر الله لَك وَلَك // (وَإِذا قيل كَيفَ أَصبَحت قَالَ أَحْمد الله إِلَيْك (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل كَيفَ أَصبَحت يَا فلَان قَالَ أَحْمد الله إِلَيْك يَا رَسُول الله قَالَ ذَلِك الَّذِي أردْت مِنْك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 الْأَوْسَط من حَدِيثه بِهَذَا اللَّفْظ وَفِي إِسْنَاده رشدين بن سعد وَهُوَ ضَعِيف وَقد قَالَ الطَّبَرَانِيّ لَا يروي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقد عقد البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بَابا فَقَالَ بَاب قَول الرجل كَيفَ أَصبَحت وَذكر فِيهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عليا رَضِي الله عَنهُ خرج من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ فَقيل لَهُ يَا أَبَا الْحسن كَيفَ أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أصبح بِحَمْد الله بارئا وَأخرج أَحْمد فِي الْمسند من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يلقِي الرجل فَيَقُول يَا فلَان كَيفَ أَنْت فَيَقُول بِخَير أَحْمد الله فَيَقُول لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعلك الله بِخَير قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ ثِقَة وَفِيه ضعف وَأخرج أَبُو يعلى من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كَيفَ أَصبَحت فَقَالَ بِخَير من قوم لم يعودوا مَرِيضا وَلم يشْهدُوا جَنَازَة وَإِسْنَاده حسن // (وَإِذا ناداه رد عَلَيْهِ لبيْك (ي)) // الحَدِيث أخرجه ابْن السّني كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة أخبرنَا أَبُو يعلى أخبرنَا هَدِيَّة بن خَالِد حَدثنَا همام عَن قَتَادَة عَن أنس عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بيني وَبَينه إِلَّا مؤخرة الرحل فَقَالَ يَا معَاذ فَقلت لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك الحَدِيث وَهُوَ فِي الصَّحِيح فَمَا كَانَ يَنْبَغِي للْمُصَنف أَن يقتصرعلى الْعزو إِلَى ابْن السّني وَكَانَ يُغني عَن ذَلِك مَا ثَبت فِي غير حَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا أَن الصَّحَابَة كَانُوا إِذا ناداهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 لبيْك يَا رَسُول الله وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث الرّقية لمن بِهِ حرق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجَاب أم جميل بقوله لبيْك وَسَعْديك وَهُوَ حَدِيث صَحِيح كَمَا سَيَأْتِي قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار مَسْأَلَة وَيسْتَحب إِجَابَة من ناداك بلبيك وَسَعْديك أَو لبيْك وَحدهَا وَيسْتَحب أَن يَقُول لمن ورد عَلَيْهِ مرْحَبًا وَأَن يَقُول لمن أحسن إِلَيْهِ أَو رأى مِنْهُ فعلا جميلا حفظك الله أَو جَزَاك الله خيرا أَو مَا أشبه ذَلِك وَدَلَائِل هَذَا من الحَدِيث الصَّحِيح كَثِيرَة مَشْهُورَة // (وَإِذا عرض عَلَيْهِ من أَهله وَمَاله قَالَ لَهُ بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ فآخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين سعد بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ وَعند الْأنْصَارِيّ امْرَأَتَانِ فَعرض عَلَيْهِ أَن يناصفه أَهله وَمَاله فَقَالَ بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِيه دَلِيل على أَنه يسْتَحبّ للمعروض عَلَيْهِ أَن يَدْعُو للمعارض بِالْبركَةِ فِيمَا عرض عَلَيْهِ من أهل أَو مَال // (وَإِذا استوفى دينه قَالَ أوفيتني أوفي الله بك أَو بَارك الله لَك (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ لرجل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنّ من الْإِبِل فجَاء يتقاضاه فَقَالَ أَعْطوهُ فطلبوا سنة فَلم يَجدوا إِلَّا سنا فَوْقهَا فَقَالَ أَعْطوهُ فَقَالَ أوفيتني أوفى الله بك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن خياركم أحسنكم قَضَاء وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أوفاك الله وَكَذَا فِي مُسلم وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء من صَاحب الدّين لمن عَلَيْهِ الدّين بِهَذَا الدُّعَاء عِنْد أَن يُوفيه دينه // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وَمن صنع إِلَيْهِ مَعْرُوفا لصَاحبه جَزَاك الله خيرا فقد أبلغ فِي الثَّنَاء (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صنع إِلَيْهِ مَعْرُوف فَقَالَ لصَاحبه جَزَاك الله خيرا فقد أبلغ فِي الثَّنَاء قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب لَا نعرفه من حَدِيث أُسَامَة ابْن زيد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وصححاه من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من استعاذ بِاللَّه فأعيذوه وَمن سألكم بِاللَّه فَأَعْطوهُ وَمن استجار بِاللَّه فأجيروه وَمن أَتَى إِلَيْكُم مَعْرُوفا فكافئوه فَإِن لم تَجدوا فَادعوا الله حَتَّى تعلمُوا أَن قد كافأتموه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أنس قَالَ قَالَت الْمُهَاجِرُونَ يَا رَسُول الله ذهب الْأَنْصَار بِالْأَجْرِ كُله مَا رَأينَا قوما أحسن بذلا للكثير وَلَا أحسن مواساة للقليل مِنْهُم وَلَقَد كفونا الْمُؤْنَة جزاهم الله خيرا قَالَ أَلَيْسَ تثنون عَلَيْهِم بِهِ وتدعون الله لَهُم قَالُوا بلَى قَالَ فَذَاك فَذَاك // (وَيعلم من اسْلَمْ اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني واهدني وارزقني (عو)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو عوَانَة كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث طَارق بن الأشيم والْحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث طَارق بن الأشيم هَذَا قَالَ كَانَ الرجل إِذا أسلم يُعلمهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة ثمَّ يَأْمُرهُ أَن يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني واهدني وَعَافنِي وارزقني فالعجب من المُصَنّف رَحمَه الله حَيْثُ يتْرك وَعز الحَدِيث إِلَيّ صَحِيح مُسلم ويعزوه إِلَى أبي عوَانَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن أبي أوفى قَالَ قَالَ أَعْرَابِي يَا رَسُول الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 إِنِّي قد عَالَجت الْقُرْآن فَلم استطعه فعلمني شَيْئا يُجزئ من الْقُرْآن قَالَ قل سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَقَالَهَا وأمسكها بأصابعه وَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا لرَبي فَمَا لي قَالَ تَقول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وَعَافنِي وارزقني وَأَحْسبهُ قَالَ واهدني وَمضى الْأَعرَابِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب الْأَعرَابِي وَقد مَلأ يَدَيْهِ خيرا قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإِسْنَاده جيد وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ مُخْتَصرا وَفِي حَدِيث الْبَاب دلَالَة على أَنه يَنْبَغِي عِنْد إِسْلَام من أسلم أَن يعلم هَذَا الدُّعَاء لِأَن فِيهِ الْجمع بَين الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة وَالْهِدَايَة وتيسير الرزق // الْبَاب الثَّامِن فِيمَا يهم من عوارض وآفات فِي الْحَيَاة إِلَى الْمَمَات دُعَاء الكرب والهم وَالْغَم والحزن (لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَوَات وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْكَرِيم (خَ. م) لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَوَات وَرب الأَرْض رب الْعَرْش الْكَرِيم (خَ. م) ثمَّ يَدْعُو بعد ذَلِك (عو)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو عوَانَة كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول عِنْد الكرب لَا إِلَه إِلَّا الله الحَدِيث الخ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَغَيرهم وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم وَزَاد أَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح ثمَّ يَدْعُو بعد ذَلِك وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين ألْقى فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق حِين قَالُوا {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَيْضا كَانَ آخر قَول إِبْرَاهِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 عَلَيْهِ السَّلَام حِين ألْقى فِي النَّار حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل وَفِي رِوَايَة لمُسلم كَانَ إِذا أحزنه أَمر أَي نزل بِهِ أَمر مُهِمّ وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ لمن نزل بِهِ كرب وَبعد فَرَاغه يَدْعُو بِأَن يكْشف الله عَنهُ كربه وَيذْهب مَا أَصَابَهُ وَيدْفَع مَا نزل بِهِ وَلَعَلَّ قَول المُصَنّف دُعَاء الكرب هُوَ بِاعْتِبَار رِوَايَة أبي عوَانَة حَيْثُ قَالَ ثمَّ يَدْعُو بعد ذَلِك لِأَن هَذَا الْمَذْكُور ذكر وَلَيْسَ بِدُعَاء // (لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله وتبارك الله رب الْعَرْش الْعَظِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين (مص 0 س 0 حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل بِي كرب أَن أَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله الحَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَهَذَا الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ ذكر وَلَيْسَ بِدُعَاء وَلَعَلَّ المُرَاد أَنه يستفتح بِهِ الدُّعَاء فيقوله ابْتِدَاء ثمَّ يَدْعُو بعد ذَلِك فَإِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يكْشف كربه // (لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ عِبَادك حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل (خَ) حسبي الله وَنعم الْوَكِيل (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ إِحْدَى رواياته للْحَدِيث السَّابِق وَفِيه أَنه يَنْبَغِي تَقْدِيم هَذَا الذّكر ثمَّ تعقيبه بالاستعاذة من شَرّ عباد الله ثمَّ يخْتم بقوله حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل // (الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا (د 0 س) الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا (حب) الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا ثَلَاث مَرَّات (ط)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء لَهُ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَسمَاء بنت عُمَيْس رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أعلمك كَلِمَات تقولينهن عِنْد الكرب الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا وَزَاد الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء لَهُ ثَلَاث مَرَّات وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع أهل بَيته فَقَالَ إِذا أصَاب أحدكُم غم أَو كرب فَلْيقل الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعضَادَتَيْ الْبَاب وَنحن فِي الْبَيْت فَقَالَ يَا بني عبد الْمطلب إِذا أنزل بكم كرب أَو جهد أَو لأواء فَقولُوا الله الله رَبنَا لَا نشْرك بِهِ شَيْئا وَفِي إِسْنَاده صَالح بن عبد الله أَبُو يحيى وَهُوَ ضَعِيف وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنفر من بني هَاشم هَل مَعكُمْ أحد غَيْركُمْ فَقَالُوا لَا إِلَّا ابْن أُخْتنَا أَو مَوْلَانَا فَقَالَ إِذا أصَاب أحدكُم هم أَو لأواء فَلْيقل الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا // (توكلت على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماكريني أَمر إِلَّا تمثل لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ يَا مُحَمَّد قل توكلت على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد // (اللَّهُمَّ رحمتك أَرْجُو فَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين وَأصْلح لي شأني كُله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دَعْوَة المكروب اللَّهُمَّ رحمتك أَرْجُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 الحَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان (قَوْله شأني) الشَّأْن يُطلق على الْأَمر وَالْحَال والخطب وَجمعه شئون وَالْمرَاد هُنَا إصْلَاح حَاله وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من أمره فِي حَيَاته وَبعد مَوته وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَلِمَات المكروب اللَّهُمَّ رحمتك أَرْجُو الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن // (يَا حَيّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث (مس) ويكرر وَهُوَ ساجد يَا حَيّ يَا قيوم (س. مس)) // الحَدِيث أخرج اللَّفْظ الأول الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَاللَّفْظ الثَّانِي النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف وَالْأول هُوَ من حَدِيث أبن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نزل بِهِ هم أَو غم قَالَ يَا حَيّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث ربيعَة بن عَامر وَاللَّفْظ الآخر هُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قَاتَلت شَيْئا من قتال ثمَّ جِئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنظر مَا صنع فَجئْت وَإِذا هُوَ ساجد يَقُول يَا حَيّ يَا قيوم ثمَّ رجعت إِلَى الْقِتَال ثمَّ جِئْت فَإِذا هُوَ ساجد يَقُول ذَلِك فَفتح الله هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد // (لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين (ت. مس. أ. ص)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَأحمد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْوَة ذِي النُّون إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بطن الْحُوت لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين فَإِنَّهُ لم يدع بهَا رجل مُسلم إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَزَاد فِيهِ من طَرِيق أُخْرَى فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله هَل كَانَت ليونس خَاصَّة أم للْمُؤْمِنين عَامَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا تسمع إِلَى قَول الله عز وَجل ونجيناه من الْغم وَكَذَلِكَ ننجي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 الْمُؤمنِينَ وَقد تقدم الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث وَأَنه اسْم الله الْأَعْظَم على خلاف فِي ذَلِك أوضحناه هُنَالك // (وَمَا قَالَ عبد أَصَابَهُ هم أَو حزن اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك وَابْن أمتك ناصيتي بِيَدِك مَاض فِي حكمك عدل فِي قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو عَلمته أحدا من خلقك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن ربيع قلبِي وَنور بَصرِي وجلاء حزني وَذَهَاب همي وغمي إِلَّا أذهب الله همه وغمه وأبدله مَكَان حزنه فَرحا (حب. أ. ز)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان وَأحمد وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ عبد قطّ إِذا أَصَابَهُ هم أَو حزن اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك الحَدِيث الخ وَفِي آخِره قَالُوا يَا رَسُول الله يَنْبَغِي لنا أَن نتعلم هَذِه الْكَلِمَات قَالَ أجل يَنْبَغِي لمن سمعهن أَن يتعلمهن وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا الْحَاكِم وَصَححهُ وَقَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَرِجَال أَحْمد وَأَبُو يعلى رجال الصَّحِيح غير أبي سَلمَة الْجُهَنِيّ وَقد وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني أَيْضا من حَدِيث أَبى مُوسَى بِهَذَا اللَّفْظ وَقَالَ فِي آخِره قَالَ قَائِل يَا رَسُول الله إِن المغبون من غبن هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات قَالَ أجل فقولوهن وعلموهن فَإِنَّهُ من قالهن وعلمهن النَّاس أذهب الله كربه وَأطَال فرحه قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه من لم أعرفهُ (قَوْله أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك الحَدِيث الخ) أَقُول فِيهِ دَلِيل أَن لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَسمَاء غير التِّسْعَة وَالتسْعين الِاسْم الْمُتَقَدّم ذكرهَا (قَوْله أَو استأثرت بِهِ) الاستئثار الِانْفِرَاد بالشَّيْء أَي انْفَرَدت بِعِلْمِهِ عنْدك لَا يُعلمهُ إِلَّا أَنْت (قَوْله أَن تجْعَل الْقُرْآن ربيع قلبِي) أَي أَسأَلك أَن تجْعَل الْقُرْآن كالربيع الَّذِي يرتبع فِيهِ الْحَيَوَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وَكَذَلِكَ الْقُرْآن ربيع الْقُلُوب أَي يَجْعَل قلبه مرتاحا إِلَى الْقُرْآن مائلا إِلَيْهِ رَاغِبًا فِي تِلَاوَته وتدبره (قَوْله وَنور بَصرِي) سَأَلَهُ أَن يَجعله منور البصيرة والنور مَادَّة الْحَيَاة وَبِه يتم معاش الْعباد وَسَأَلَهُ أَن يَجعله شِفَاء همه وغمه ليَكُون بِمَنْزِلَة الدَّوَاء الَّذِي يستأصل الدَّاء وَيُعِيد الْبدن إِلَى صِحَّته واعتداله وَأَن يَجعله لحزنه كالجلاء الَّذِي يجلو الطبوع والأصدية // (من قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كَانَت لَهُ دَوَاء من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء أيسرها الْهم (مس. ط)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كَانَت لَهُ دَوَاء الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء) ظَاهره أَن هَذَا الذّكر شِفَاء هَذَا الْعدَد الْمَذْكُور وَيُمكن أَن يكون خَارِجا مخرج الْمُبَالغَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا} فَيكون المُرَاد أَنه شِفَاء من جَمِيع الْأَمْرَاض والعلل الَّتِي أيسرها الْهم // (وَمن لزم الاسْتِغْفَار (حب. د) وَمن أَكثر مِنْهُ (س) جعل الله لَهُ من كل ضيق مخرجا وَمن كل هم فرجا ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب (د. حب. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لزم الاسْتِغْفَار الحَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَلَفظ النَّسَائِيّ من اكثر الاسْتِغْفَار وَفِي الحَدِيث فَضِيلَة عَظِيمَة وَهِي أَن الاستكثار من الاسْتِغْفَار فِيهِ الْمخْرج من كل ضيق والفرج من كل هم وَحُصُول الأرزاق لَهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَلَا يكْتَسب فَمن حصل لَهُ ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 عَاشَ فِي نعْمَة سالما من كل نقمة // (من نزل بِهِ كرب أَو شدَّة فليتحين الْمُنَادِي فَإِذا كبر كبر وَإِذا تشهد تشهد وَإِذا قَالَ حَيّ على الصَّلَاة قَالَ حَيّ على الصَّلَاة وَإِذا قَالَ حَيّ على الْفَلاح قَالَ حَيّ على الْفَلاح ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة الصادقة المستجاب لَهَا دَعْوَة الْحق وَكلمَة التَّقْوَى أحينا عَلَيْهَا وأمتنا عَلَيْهَا وابعثنا عَلَيْهَا واجعلنا من خِيَار أَهلهَا أَحيَاء وأمواتا ثمَّ يسْأَل الله حَاجته (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا نَادَى الْمُنَادِي فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء فَمن نزل بِهِ كرب أَو شدَّة الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله فليتحين الْمُنَادِي) أَي يطْلب حِين النداء بِالصَّلَاةِ وَهُوَ الْأَذَان والحين الْوَقْت أَي وَقت الْأَذَان فَيَقُول كَمَا يَقُول الْمُؤَذّن ثمَّ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء ثمَّ يسْأَل الله حَاجته كائنة مَا كَانَت وَقد قدمنَا ذكر هَذَا فِي كَلَام المُصَنّف على أَوْقَات الْإِجَابَة // (وَإِن توقع بلَاء أَو أمرا مهولا قَالَ حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل على الله توكلنا (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَيف أنعم وَصَاحب الْقرن قد الْتَقم الْقرن واستمع الْأذن مَتى يُؤمر بالنفخ فينفخ فَكَأَن ذَلِك ثقل على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم قُولُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل على الله توكلنا قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن (قَوْله بلَاء) يَعْنِي وَإِن كَانَ حَقِيرًا كَمَا يفِيدهُ التنكير (قَوْله أمرا مهولا) هُوَ الْأَمر الَّذِي يهول سامعه لعظمه وشدته كَهَذا الْأَمر الَّذِي قصه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 (وَإِن وَقع لَهُ مَالا يختاره فَلْيقل بِقدر الله وَمَا شَاءَ فعل (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤمن الْقوي خير وَأحب عِنْد الله من الْمُؤمن الضَّعِيف وَفِي كل خير احرص على مَا ينفعك واستعن بِاللَّه وَلَا تعجز وَإِن أَصَابَك شَيْء فَلَا تقل لَو أَنِّي فعلت كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِن قل قدر الله وَمَا شَاءَ فعل فَإِن لَو تفتح عمل الشَّيْطَان وَأخرجه من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة للنسائي وَلَا تضجر فَإِن غلبك أَمر فقد قدر الله وَمَا شَاءَ صنع وَإِيَّاك واللو فَإِن اللو تفتح عمل الشَّيْطَان (قَوْله بِقدر الله) لفظ الحَدِيث كَمَا عرفت قدر الله وَلَعَلَّ مَا ذكره المُصَنّف ثَابت فِي بعض الرِّوَايَات بِهَذَا اللَّفْظ وَالْمعْنَى أَن هَذَا الْأَمر جرى بِقدر الله أَو أَن هَذَا الْأَمر قدر الله وَالْقدر بِفَتْح الدَّال عبارَة عَمَّا قضى الله وَحكم بِهِ على عباده // (وَإِن غَلبه فَلْيقل حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَوْف بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بَين رجلَيْنِ فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ حسبي الله وَنعم الْوَكِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ردوا عَليّ الرجل فَقَالَ مَا قلت قَالَ قلت حسبي الله وَنعم الْوَكِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يلوم على الْعَجز وَلَكِن عَلَيْك بالكيس وَإِن غلبك أَمر فَقل حسبي الله وَنعم الْوَكِيل وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه لَا يُقَال هَذَا الدُّعَاء إِلَّا إِذا غَلبه أَمر وَعجز عَن دَفعه (قَوْله نعم الْوَكِيل) أَي نعم الْكَفِيل بِأُمُور عباده الْعَالم بهَا فَهُوَ المستقل بالأمور وَكلهَا موكولة إِلَيْهِ // (وَإِن أَصَابَته مُصِيبَة قَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ عنْدك أحتسب مصيبتي فأجرني فِيهَا وأبدلني خيرا مِنْهَا (ت. مس)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سَلمَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَصَابَت أحدكُم مُصِيبَة فَلْيقل إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَبعده فَلَمَّا احْتضرَ أَبُو سَلمَة قَالَ اللَّهُمَّ اخلف فِي أَهلِي خيرا مني فَلَمَّا قبض قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون عنْدك الله أحتسب مصيبتي فأجرني فِيهَا قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَأخرجه ابْن مَاجَه وَقد أخرجه مُسلم من حَدِيث أم سَلمَة قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد مُسلم تصيبه مُصِيبَة فَيَقُول إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي واخلف لي خيرا مِنْهَا قَالَت فَلَمَّا توفّي أَبُو سَلمَة قلت مَا أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاخلف لي خيرا مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (وَإِن استصعب عَلَيْهِ شَيْء قَالَ اللَّهُمَّ لَا سهل إِلَّا مَا جعلته سهلا وَأَنت تجْعَل الْحزن إِذا شِئْت سهلا (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ لَا سهل الحَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان (قَوْله الْحزن) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة الساكنة وَالنُّون الْمَكَان الخشن والصعب والوعر وَهُوَ ضد السهل وَيُطلق على كل شَيْء لَا سهولة فِيهِ من عين أَو معنى وَفِي الحَدِيث الدُّعَاء بِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَجْعَل كل صَعب من الْأُمُور سهلا يُمكن الْوُصُول إِلَيْهِ بِلَا صعوبة // (وَإِن أَخذه إعياء من شغل أَو طلب زِيَادَة قوت فليسبح الله عِنْد نَومه كل لَيْلَة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وليحمد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وليكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ (خَ. م) أوفي دبر كل صَلَاة عشرا وَعند النّوم مَا تقدم (أ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا فَأمرهَا أَن تَقول ذَلِك عِنْد منامها وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَنَّهَا شكت مَا تلقى فِي يَدهَا من الرَّحَى وَقد ذكر المُصَنّف رَحمَه الله هَذَا الحَدِيث فِي فصل النّوم واليقظة وَذكرنَا هُنَالك لفظ الحَدِيث وطرقه والْحَدِيث الثَّانِي أخرجه أَحْمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَقد ذكره المُصَنّف فِي الْأَذْكَار الَّتِي تقال بعد الصَّلَاة وَذكره هُنَالك وَذكرنَا الْكَلَام عَلَيْهِ (قَوْله وَإِن أَخذه إعياء من شغل) الإعياء التَّعَب وَالنّصب وَالْعجز يُقَال أعي الرجل وأعي عَلَيْهِ الْأَمر إِذا غَلبه // (وَإِن خَافَ سُلْطَانا أَو ظَالِما قَالَ الله أكبر الله أكبر الله أعز من خلقه جَمِيعًا الله أعز مِمَّا أَخَاف وأحاذر أعوذ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الممسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ من شَرّ عَبدك فلَان وَجُنُوده وَأَتْبَاعه وأشياعه من الْجِنّ وَالْإِنْس اللَّهُمَّ كن لي جارا من شرهم جلّ ثناؤك وَعز جَارك وَلَا إِلَه غَيْرك ثَلَاث مَرَّات اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك أَن يفرط علينا أحد مِنْهُم أَو أَن يطغى (ط. مص. مو)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِذا أتيت سُلْطَان مهيبا تخَاف أَن يَسْطُو عَلَيْك فَقل الله أكبر الله أكبر من خلقه جَمِيعًا الله أعز مِمَّا أَخَاف وَأحذر أعوذ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الممسك السَّمَوَات السَّبع أَن يقعن على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ من شَرّ عَبدك فلَان قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَهُوَ مَوْقُوف على ابْن عَبَّاس كَمَا ترى وَقد عزاهُ المُصَنّف إِلَى الطَّبَرَانِيّ وَلم يُنَبه على انه مَوْقُوف بل جعل الْمَوْقُوف رِوَايَة ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا ترَاهُ وَقد أخرجه ابْن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 شيبَة فِي مُصَنفه بِهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَلم يكن قَوْله ثَلَاث مَرَّات عِنْد الطَّبَرَانِيّ بل هِيَ عِنْد ابْن أبي شيبَة وَالْحَاصِل أَن الحَدِيث مَوْقُوف على ابْن عَبَّاس عِنْد ابْن أبي شيبَة وَعند الطَّبَرَانِيّ وَهَذِه الزِّيَادَة الَّتِي عزاها المُصَنّف إِلَى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه هِيَ فِي الْأَدْعِيَة لِابْنِ مرْدَوَيْه بِلَفْظ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك أَن يفرط علينا أحد مِنْهُم أَو أَن يطغى موقوفه على ابْن عَبَّاس وَأخرج هَذَا الحَدِيث مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس ابْن خُزَيْمَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا تخوف أحدكُم السُّلْطَان فَلْيقل اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم كن لي جارا من شَرّ فلَان بن فلَان الَّذِي يُرِيد وَشر الْجِنّ وَالْإِنْس وأتباعهم أَن يفرط على أحد مِنْهُم عز جَارك وَجل ثناؤك وَلَا إِلَه غَيْرك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه جُنَادَة بن مُسلم وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَضَعفه غَيره وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح // (اللَّهُمَّ إِلَه جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وإله إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق عَافنِي وَلَا تسلطن أحدا من خلقك عَليّ بِشَيْء لَا طَاقَة لي بِهِ (مص. مو)) هَذَا الْأَثر أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا كَمَا قَالَ عَن عَلْقَمَة بن يزِيد قَالَ كَانَ الرجل إِذا كَانَ من خَاصَّة الشّعبِيّ أخبرهُ بِهَذَا الدُّعَاء اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل الحَدِيث الخ وَقَالَ فِي آخِره وَذكر أَن رجلا أَتَى أَمِيرا فَقَالَهَا فَأرْسلهُ وَالشعْبِيّ هُوَ الإِمَام الْكَبِير التَّابِعِيّ عَامر بن شرَاحِيل الَّذِي قَتله الْحجَّاج ظلما (رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ حكما وإماما (مص. مو)) هَذَا الْأَثر أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا قَالَ عَن أبي مجلز واسْمه لَاحق بن حميد قَالَ من خَافَ أَمِيرا أَو ظَالِما فَقَالَ رضيت بِاللَّه رَبًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ حكما وإماما نجاه الله مِنْهُ وَهَذَا الْأَثر وَالَّذِي قبله يُمكن أَن يَكُونَا مرويين عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَيُمكن أَن يكون مُسْتَند هذَيْن الْإِمَامَيْنِ الكبيرين التجريب فَإِنَّهُمَا قد جرباه فوجداه صَحِيحا (وَإِن خَافَ شَيْطَانا أَو غَيره أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم وبكلمات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا خلق وذرأ وبرأ وَمن شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمن شَرّ مَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمن شَرّ مَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن شَرّ طَارق إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن (س. أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَأحمد فِي الْمسند وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن عَبَّاس السّلمِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا وَأخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ بِنَحْوِ هَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَلكنه لم يذكر إِسْنَاده بل قَالَ عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ لما أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى عفريتا يَطْلُبهُ بشعلة من نَار كلما الْتفت إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل أَلا أعلمك كَلِمَات تقولهن إِذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلَى فَقَالَ جِبْرِيل قل أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم وبكلمات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمن شَرّ مَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمن شَرّ مَا يخرج مِنْهَا وَمن فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن طوارق اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن وَقد قدمنَا الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث وفسرنا مِنْهُ مَا يحْتَاج إِلَى تَفْسِير // مَا يُقَال عِنْد الْفَزع (أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من غَضَبه وعقابه وَشر عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون (د. ت)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعلمهُمْ من الْفَزع كَلِمَات أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من غَضَبه وعقابه وَشر عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون الحَدِيث وَقد قدمنَا الْكَلَام عَلَيْهِ وشرحنا مَا يحْتَاج مِنْهُ إِلَى شرح وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب (قَوْله وَمن همزات الشَّيَاطِين) جمع همزَة وَهِي النخس والغمز وكل شَيْء همزته فقد دَفعته (قَوْله وَأَن يحْضرُون) بِكَسْر النُّون وَأَصله يحضرونني فحذفت النُّون الأولى لدُخُول الناصب عَلَيْهِ وحذفت الْيَاء تَخْفِيفًا وَبقيت نون الْوِقَايَة مَكْسُورَة لتدل على الْيَاء المحذوفة // مَا يُقَال لهرب الشَّيَاطِين (أَيَّة الْكُرْسِيّ (ت) وَكَذَا الْأَذَان (م) وَكَذَا إِذا تغولت الغيلان (مص)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ مروى من حَدِيث جَابر وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا وَسعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هُوَ ثَابت فِي صَحِيح مُسلم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الشَّيْطَان إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ ولى لَهُ حصاص أَي ضراط وَقد تقدم حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره فِي أَمر الشَّيْطَان الَّذِي جَاءَ يسرق تمر الصَّدَقَة فأرشده إِلَى قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقَد صدقك وَهُوَ كذوب فكون الشَّيْطَان يهرب من آيَة الْكُرْسِيّ هُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا قدمنَا وَحَدِيث سعد بن أبي وَقاص أخرجه الْبَزَّار قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تغولت لنا الغول أَو إِذا رَأينَا الغول أَن ننادي بِالْأَذَانِ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن الْحسن الْبَصْرِيّ لم يسمع من سعد فِيمَا أَحسب وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تغولت لكم الغول فَنَادوا بِالْأَذَانِ فَإِن الشَّيْطَان إِذا سمع النداء أدبر وَله حصاص وَفِي إِسْنَاده عدي بن الْفضل وَهُوَ مَتْرُوك (قَوْله تغولت الغيلان) هم جنس من الْجِنّ قيل هم سحرتهم وَمعنى تغولت تلونت فِي صور وَالْمرَاد ادفعوا شَرها بِالْأَذَانِ وَقيل الغول بِالضَّمِّ هم السعالى وهم أَخبث الْجِنّ // (وَمن ابتلى بالوسوسة فليستعذ بِاللَّه ولينته (خَ. م)) أَو ليقل آمَنت بِاللَّه وَرُسُله (م) الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد ثمَّ ليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَمن فتنتة (س. د)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي الشَّيْطَان أحدكُم فَلْيقل من خلق كَذَا من خلق كَذَا حَتَّى يَقُول من خلق رَبك فَإِذا بلغ فليستعذ بِاللَّه ولينته وَفِي لفظ لمُسلم من حَدِيثه فَلْيقل آمَنت بِاللَّه وَرُسُله وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيثه أَيْضا فَقولُوا {الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} ثمَّ ليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَفِي لفظ للنسائي ثمَّ ليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا وليستعذ بِاللَّه مِنْهُ وَمن فتنته وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه يجب على من بلغت بِهِ الوسوسة الشيطانيه إِلَى هَذَا الْحَد أَن يَنْتَهِي عَن ذَلِك وَيتْرك ويشتغل بِغَيْرِهِ مِمَّا يلهيه وَيصرف ذهنه عَنهُ وَيَقُول أمنت بِاللَّه وَيَتْلُو {قل هُوَ الله أحد} ويتفل ثَلَاثًا عَن يسَاره دفعا للشَّيْطَان الَّذِي قد أَتَى بِهَذِهِ الوسوسة ويستعيذ بِاللَّه مِنْهُ وَمن فتنته // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 (وَإِن كَانَت الوسوسة فِي الْأَعْمَال فَإِن ذَلِك شَيْطَان يُقَال لَهُ خنزب فليتعوذ بِاللَّه مِنْهُ وليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا (م) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن الشَّيْطَان قد حَال بيني وَبَين صَلَاتي وقراءتي يلبسهَا عَليّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَاك شَيْطَان يُقَال لَهُ خنزب فَإِذا أحسسته فتعوذ بِاللَّه مِنْهُ واتفل عَن يسارك ثَلَاثًا قَالَ فَفعلت ذَلِك فأذهبه الله عني (قَوْله خنزب) بخاء مُعْجمَة مَكْسُورَة ثمَّ نون سَاكِنة ثمَّ زَاي مَفْتُوحَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلف الْعلمَاء فِي ضبط الْخَاء مِنْهُ فَمنهمْ من فتحهَا وَمِنْهُم من كسرهَا وَهَذَانِ مشهوران وَمِنْهُم من ضمهَا حَكَاهُ ابْن الْأَثِير فِي نِهَايَة الْغَرِيب وَالْمَعْرُوف الْفَتْح وَالْكَسْر انْتهى وَأخرج أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد جيد عَن أبي زميل قَالَ قلت لِابْنِ عَبَّاس مَا شَيْء أَجِدهُ فِي صَدْرِي قَالَ مَا هُوَ قلت وَالله لَا أَتكَلّم بِهِ قَالَ لي أَشَيْء من شكّ وَضحك قَالَ مَا نجا مِنْهُ أحد حَتَّى أنزل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك} الْآيَة فَقَالَ إِذا وجدت فِي نَفسك شَيْئا فَقل هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم وَهُوَ فِي الصَّحِيح وَورد فِي بعض الْأَحَادِيث أَن هَذَا الشَّك هُوَ صَرِيح الْإِيمَان وَقد كتبنَا فِي ذَلِك رِسَالَة جَوَابا عَن سُؤال بعض الْأَعْلَام من أهل الديار الْبَعِيدَة فَليرْجع إِلَيْهَا فَإِن فِيهَا مَا يدْفع الشُّبْهَة وَيرْفَع الشَّك مَعَ الْجمع بَين الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الشَّأْن // (وَإِذا عطس فَلْيقل الْحَمد لله على كل حَال (خَ. د)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل الْحَمد لله وَليقل لَهُ أَخُوهُ أَو صَاحبه يَرْحَمك الله فَإِذا قَالَ لَهُ يَرْحَمك الله فَلْيقل يهديكم الله وَيصْلح بالكم وَزَاد أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح على كل حَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 (الْحَمد لله رب الْعَالمين (د 0 حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سَالم بن عبيد أَنه كَانَ فِي سفر فعطس رجل من الْقَوْم فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك فَقَالَ عَلَيْك وعَلى أمك وَكَأن الرجل وجد أَي غضب أَو حزن نَفسه فَقَالَ إِنِّي لم أقل إِلَّا مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عطس رجل عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْك وعَلى أمك إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل الْحَمد لله رب الْعَالمين وَليقل لَهُ من يرد عَلَيْهِ يَرْحَمك الله وَليقل يغْفر الله لي وَلكم وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ هَذَا حَدِيث اخْتلفُوا فِي رِوَايَته عَن مَنْصُور وَقد أدخلُوا بَين هِلَال بن سِنَان وَبَين سَالم رجلا // (الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يحب رَبنَا ويرضى (د 0 ت)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعطست فَقلت الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يحب رَبنَا ويرضى فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْصَرف فَقَالَ من الْمُتَكَلّم فِي الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ رِفَاعَة بن رَافع أَنا يَا رَسُول الله قَالَ لَهُ كَيفَ قلت قَالَ قلت الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يحب رَبنَا ويرضى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد ابتدرها بضعَة وَثَلَاثُونَ ملكا أَيهمْ يصعد بهَا قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن قَالَ كَأَن هَذَا الحَدِيث عِنْد بعض أهل الْعلم فِي التَّطَوُّع لِأَن غير وَاحِد من التَّابِعين قَالُوا إِذا عطس الرجل فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة إِنَّمَا يحمد الله فِي نَفسه وَلم يوسعوا لَهُ بِأَكْثَرَ من ذَلِك // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 (وَليقل لَهُ يَرْحَمك الله (خَ 0 د 0 ت 0 س) وليرد عَلَيْهِ يهديكم الله وَيصْلح بالكم (خَ)) // الحَدِيث هُوَ طرف من حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم قَرِيبا وَقد ذكرنَا لَفظه (قَوْله بالكم) البال الشَّأْن وَالْمعْنَى أصلح الله شَأْنكُمْ وَقد قدمنَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة الثَّابِت فِي الصَّحِيح الْوَارِد فِي التشميت بِلَفْظ حق الْمُسلم على الْمُسلم سِتّ وَمِنْهَا إِذا عطس فشمته وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي التشميت متضمنة الْأَوَامِر كَقَوْلِه فليحمد الله وَليقل الآخر يَرْحَمك الله وَإِذا قَالَ يَرْحَمك الله فَلْيقل يهديكم الله وَيصْلح بالكم وَالْأَمر مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ الْوُجُوب على مَا هُوَ الْحق فَالظَّاهِر وجوب الْحَمد عِنْد أَن يعطس الْعَاطِس ثمَّ وجوب أَن يَقُول لَهُ أَخُوهُ يَرْحَمك الله ثمَّ وجوب أَن يرد عَلَيْهِ بقوله يهديكم الله وَيصْلح بالكم وَالْأَصْل عدم وجود الصَّارِف عَن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ وَقد تَأَكد ذَلِك بِكَوْنِهِ من حق الْمُسلم على الْمُسلم وَقد قَالَ بِالْوُجُوب ابْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي وَابْن أبي زيد كَمَا حكى ذَلِك ابْن الْقيم فِي زَاد الْمعَاد قَالَ وَلَا دَافع لَهُ بِحَدِيث البُخَارِيّ وَأَنه فرض عين // (يغْفر الله لي وَلكم (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث رفاعه بن رَافع الْمُتَقَدّم قَرِيبا وَقد ذكرنَا لَفظه وَالْأولَى الْعَمَل بِمَا فِي الصَّحِيح من قَوْله يهديكم الله وَيصْلح بالكم وَلَا سِيمَا مَعَ الِاخْتِلَاف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث كَمَا قدمنَا عَن التِّرْمِذِيّ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل الْحَمد لله رب الْعَالمين فَإِذا قَالَ ذَلِك فَلْيقل من عِنْده يَرْحَمك الله فَإِذا قَالَ ذَلِك فَلْيقل يغْفر الله لي وَلكم وَفِي إِسْنَاده عَطاء بن السَّائِب وَقد اخْتَلَط // (يَرْحَمنَا الله وَإِيَّاكُم وَيغْفر الله لنا وَلكم (ط)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 // الحَدِيث أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْقُوفا عَلَيْهِ أَنه كَانَ إِذا عطس فَقيل لَهُ يَرْحَمك الله قَالَ يَرْحَمنَا الله وَإِيَّاكُم وَيغْفر الله لنا وَلكم وَوَقع فِي بعض النّسخ فِي كتاب المُصَنّف هُنَا مَكَان رمز الْمُوَطَّأ رمز الطَّبَرَانِيّ وَهُوَ غلط وَقد قدمنَا أَن الأولى التشميت بِمَا ثَبت فِي الصَّحِيح وَهُوَ أَيْضا ثَبت بذلك اللَّفْظ الْمَذْكُور فِي الصَّحِيح من حَدِيث جمَاعَة فِي غير الصَّحِيح وأكثرها أَحَادِيث صَحِيحَة فَمَا يحسن الْعُدُول عَنْهَا إِلَى حَدِيث ضَعِيف أَو إِلَى قَول صَحَابِيّ // (وَإِن كَانَ كتابيا قيل لَهُ يهديكم الله وَيصْلح بالكم (ت. د. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ الْيَهُود يتعاطسون عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرجون أَن يَقُول لَهُم يَرْحَمكُمْ الله فَيَقُول لَهُم يهديكم الله وَيصْلح بالكم فَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ قَالَ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح وَكَذَا صَححهُ الْحَاكِم وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَفِي الحَدِيث تشميت الذِّمِّيّ بِهَذَا اللَّفْظ وَلَا يُقَال لَهُ إِذا عطس يَرْحَمك الله كَمَا يُقَال للْمُسلمِ // (وَمن قَالَ كل عطسة الْحَمد لله رب الْعَالمين على كل حَال مَا كَانَ لم يجد وجع ضرس وَلَا أذن أبدا (مص. مو)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله على عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَيُمكن أَن يكون ذَلِك لشَيْء قد حفظه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُمكن أَن يكون مُسْتَند ذَلِك التجريب وَمِمَّا يُؤَيّد الأول مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عطس الْعَاطِس فشمته وَلَو خلف سَبْعَة أبحر وَمن شمت عاطسا ذهب عَنهُ ذَات الْجنب ووجع الضرس والأذنين وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن مُحصن الْعُكَّاشِي وَهُوَ مَتْرُوك // (وَمن آدَاب العطاس) مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عطس وضع ثَوْبه أَو يَده على فِيهِ وخفض صَوته أَو غض بهَا صَوته شكّ الرَّاوِي أَي اللَّفْظَيْنِ قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَمن ذَلِك مَا أخرجه ابْن السّني عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا عطس أحدكُم فليشمته جليسه فَإِن زَاد على الثَّلَاث فَهُوَ مزكوم وَلَا يشمت بعد الثَّلَاث قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث رجل لم أتحقق حَاله وَبَاقِي إِسْنَاده صَحِيح اهـ وَقد أخرج ابْن السّني بعد هَذَا الحَدِيث حَدِيثا آخر عَن رِفَاعَة بن رَافع وَفِيه تشميت الْعَاطِس ثَلَاثًا فَإِن زَاد فَإِن شَاءَ يشامته وَإِن شَاءَ تَركه // (وَإِذا طَنَّتْ أُذُنه فليذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَليصل عَلَيْهِ وَليقل ذكر الله بِخَير من ذَكرنِي (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا طَنَّتْ أذن أحدكُم فَلْيذكرْنِي وَليصل عَليّ وَليقل ذكر الله بِخَير من ذَكرنِي قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد بعد أَن عزاهُ إِلَى معاجم الطَّبَرَانِيّ الثَّلَاثَة وَإِلَى مُسْند الْبَزَّار إِن إِسْنَاد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير حسن وَفِيه أَنه يحسن عِنْد طنين الْأذن الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول ذكر الله بِخَير من ذَكرنِي وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن سَبَب ذَلِك ذكر بعض من يذكرهُ وَقد ذكر أهل علم الطِّبّ أَن ذَلِك يكون من تصعد الأبخرة وَلَكِن هَذِه الْإِشَارَة من الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم تكن صَرِيحَة فِي السَّبَبِيَّة فَهِيَ أقدم من كَلَام أهل الطِّبّ وَأخرج هَذَا الحَدِيث ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة // مَا يَقُوله من خدرت رجله (وَإِذا خدرت رجله فليذكر أحب النَّاس إِلَيْهِ (ي. مو)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 هَذَا الْأَثر أخرجه ابْن السّني مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس وعَلى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله فَرَوَاهُ عَن ابْن عَبَّاس من طَرِيق جَعْفَر بن عِيسَى أَبُو أَحْمد قَالَ حَدثنَا عبد الله بن روح حَدثنَا سَلام بن سليم حَدثنَا غياث بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن خَيْثَم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس وَرَوَاهُ عَن ابْن عمر من طَرِيق مُحَمَّد بن خَالِد البرذعي حَدثنَا حَاجِب بن سليم حَدثنَا مُحَمَّد بن مُصعب حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن الْهَيْثَم بن حَنش قَالَ كُنَّا عِنْد ابْن عمر فَذكره وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُفِيد أَن لذَلِك حكم الرّفْع فقد يكون مرجع مثل هَذَا التجريب والمحبوب الْأَعْظَم لكل مُسلم هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَنْبَغِي ذكره عِنْد ذَلِك كَمَا ورد مَا يُفِيد ذَلِك فِي كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مثل قَوْله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} وكما فِي حَدِيث لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب أليه من أَهله وَمَاله وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَأما أهل علم الطِّبّ فقد ذكرُوا أَن سَبَب الخدر اختلاطات بلغمية ورياحات غَلِيظَة قَالَ فِي النِّهَايَة وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر أَنَّهَا خدرت رجله فَقيل لَهُ مالرجلك فَقَالَ اجْتمع عصبها قيل اذكر أحب النَّاس إِلَيْك فَقَالَ يَا مُحَمَّد فبسطها انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار بَاب مَا يَقُول إِذا خدرت رجله روينَا فِي كتاب ابْن السّني عَن الْهَيْثَم ابْن الحنش قَالَ كُنَّا عِنْد عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فخدرت رجله فَقَالَ رجل اذكر أحب النَّاس إِلَيْك فَقَالَ يَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَأَنَّمَا نشط من عقال ورويناه عَن مُجَاهِد قَالَ خدرت رجل رجل عِنْد ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس اذكر أحب النَّاس إِلَيْك فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذهب خدره وروينا عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الخزامي أحد شُيُوخ البُخَارِيّ الَّذِي روى عَنْهُم فِي صَحِيحه قَالَ أهل الْمَدِينَة يتعجبون من حسن بَيت أبي الْعَتَاهِيَة (وتخدر فِي بعض الْأَحَايِين رجله ... فَإِن لم يقل يَا عتب لم يذهب الخدر) انْتهى من الْأَذْكَار وَفِيه بَيَان لفظ الرِّوَايَتَيْنِ الموقوفتين // مَا يُقَال عِنْد الْغَضَب (وَمن غضب فَقَالَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم ذهب عَنهُ مَا يجد (خَ. م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سُلَيْمَان بن صرف قَالَ استب رجلَانِ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن جُلُوس عِنْده وَأَحَدهمَا يسب صَاحبه وَهُوَ مغضب قد احْمَرَّتْ عَيناهُ وَوَجهه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا أذهبت عَنهُ مَا يجد لَو قَالَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَقَالُوا للرجل أَلا تسمع مَا يَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لست بمجنون وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لهَؤُلَاء الثَّلَاثَة من حَدِيث معَاذ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الْغَضَب متسبب عَن عمل الشَّيْطَان وَلِهَذَا كَانَت الِاسْتِعَاذَة مذهبَة للغضب فَمن غضب فِي غير حق وَلَا موعظة صدق فَليعلم أَن الشَّيْطَان هُوَ الَّذِي يتلاعب بِهِ وَأَنه مَسّه طائف مِنْهُ وَفِي هَذَا مَا يزْجر عَن الْغَضَب لكل من يود أَن لَا يكون فِي يَد الشَّيْطَان يصرفهُ يَفِ يَشَاء // فصل فِيمَا يَقُوله حد اللِّسَان (وَمن كَانَ حد اللِّسَان فاحشه فليستغفر الله لحَدِيث حُذَيْفَة شَكَوْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذرب لساني فَقَالَ أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار إِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد على شَرط مُسلم وَفِي رِوَايَة للنسائي إِنِّي لاستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مائَة مرّة وَأخرج هَذَا الحَدِيث ابْن السّني من حَدِيثه (قَوْله ذرب لساني) الذرب بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَالرَّاء قَالَ أَبُو زيد وَغَيره من أهل اللُّغَة هُوَ فحش اللِّسَان وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن سَبَب ذرب اللِّسَان هُوَ الذُّنُوب فَإِذا غفرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالاستغفار ذهب ذَلِك عَن صَاحبه وَأما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ مَعْصُوم عَن ذَلِك وَإِنَّمَا قَالَ هَذِه الْمقَالة واستغفر هَذَا الاسْتِغْفَار ليبين لأمته مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 يَفْعَلُونَ إِذا بلَى أحدهم بذلك وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِنَّه ليغان على قلبِي فأستغفر الله فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة سبعين مرّة أَو كَمَا قَالَ // مَا يُقَال إِذا ابْتُلِيَ بِالدّينِ (وَإِذا ابْتُلِيَ بِالدّينِ اللَّهُمَّ اكْفِنِي بحلالك عَن حرامك واغنني بِفَضْلِك عَمَّن سواك (ت. س)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِن مكَاتبا جَاءَهُ فَقَالَ إِنِّي عجزت عَن كتابتي فأعني فَقَالَ أَلا أعلمك كَلِمَات تقولهن علنيمهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كَانَ عَلَيْك مثل جبل صَبر دينا أَدَّاهُ الله عَنْك قَالَ اللَّهُمَّ الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح وجبل صَبر بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَآخره رَاء مُهْملَة جبل بِالْيمن مَشْهُور // (اللَّهُمَّ فارج اللَّهُمَّ كاشف الْغم مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمهما أَنْت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل عَليّ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ هَل سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دُعَاء علميه قَالَت مَا هُوَ قَالَ كَانَ عِيسَى ابْن مَرْيَم يُعلمهُ أَصْحَابه قَالَ لَو كَانَ على أحدكُم جبل ذهب فَدَعَا الله بذلك لقضاه الله عَنهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ فارج الْهم كاشف الْغم مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الحَدِيث الخ قَالَ أَبُو بكر وَكَانَ عَليّ بَقِيَّة من الدّين وَكنت أَدْعُو بذلك فقضاه الله عني قَالَت عَائِشَة كَانَ لأسماء بنت عُمَيْس على دِينَار وَثَلَاثَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 دَرَاهِم فَكَانَت تدخل عَليّ فأستحي أَن أنظر فِي وَجههَا لِأَنِّي لَا أجد مَا أقضيها فَكنت أَدْعُو بذلك فَمَا لَبِثت إِلَّا قَلِيلا حَتَّى رَزَقَنِي الله رزقا مَا هُوَ بِصَدقَة تصدق عَليّ بِهِ وَلَا مِيرَاث ورثته فقضاه الله عني وَقسمت فِي أَهلِي قسما حسنا وحليت ابْنة عبد الرَّحْمَن بِثَلَاث أَوَاقٍ ورق وَفضل لنا فضل حسن قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بعد أَن ذكر هَذَا السِّيَاق أَنه صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيثهَا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه الحكم بن عبد الله الايلي وَهُوَ مَتْرُوك (اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تعطيهما من تشَاء وتمنعهما من تشَاء ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك (صط) علمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَاذًا وَقَالَ لَو كَانَ عَلَيْك مثل أحد ذَهَبا لوفاه الله عَنْك (صط) وَتقدم مَا يَقُول من عَلَيْهِ دين إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى فِي مَكَانَهُ) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ وَأنس رَضِي الله عَنْهُمَا أما حَدِيث معَاذ فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افتقده يَوْم الْجُمُعَة فَلم يجده فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى معَاذًا فَقَالَ يَا معَاذ مَالِي لم أرك فَقَالَ يَا رَسُول الله الْيَهُودِيّ عَليّ أُوقِيَّة من تبر فَخرجت إِلَيْك فحبسني عَنْك فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معَاذ أَلا أعلمك دُعَاء تَدْعُو بِهِ فَلَو كَانَ عَلَيْك من الدّين مثل جبل صَبر أَدَّاهُ الله عَنْك وصبر جبل الْيمن فَادع الله يَا معَاذ قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ وترزق من تشَاء بِغَيْر حِسَاب رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحميمهما تُعْطِي مِنْهُمَا من تشَاء وتمنع مِنْهُمَا من تشَاء ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 سواك وَفِي رِوَايَة لِمعَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ لرجل عَليّ بعض الْحق فخشيته فَلَبثت يَوْمَيْنِ لَا أخرج فَجئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلا أخْبرك بِكَلِمَات لَو كَانَ عَلَيْك مثل الْجبَال قَضَاهُ الله عَنْك قلت بلَى قَالَ قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك فَذكر نَحوه بِاخْتِصَار وَزَاد فِي آخِره اللَّهُمَّ أغنني من الْفقر واقض عني الدّين وتوفني فِي عبادتك وَجِهَاد فِي سَبِيلك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ كُله الطَّبَرَانِيّ وَفِي الرِّوَايَة الأولى نصر ابْن مَرْزُوق وَلم أعرفهُ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن سعيد بن الْمسيب لم يسمع من معَاذ وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة من لَا أعرفهُ وَأما حَدِيث أنس فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ أَلا أعلمك دُعَاء تَدْعُو بِهِ لَو كَانَ عَلَيْك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عَنْك قل يَا معَاذ اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمها تعطيهما من تشَاء وتمنع مِنْهُمَا من تشَاء ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَرُوَاته ثِقَات (قَوْله ونقدم مَا يَقُول من عَلَيْهِ دين) أَقُول تقدم فِي فصل مَا يُقَال فِي النّوم واليقظة وَذكر هُنَالك الحَدِيث الَّذِي أخرجه مُسلم وَفِي آخِره اقْضِ عَنَّا الدّين وأغننا من الْفقر وَقد قدمنَا شَرحه هُنَالك وَكَذَلِكَ تقدم فِي أدعية الصَّباح والمساء حَدِيث اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَأَعُوذ بك من الْعَجز والكسل وَأَعُوذ بك من الْجُبْن وَالْبخل وَأَعُوذ بك من غَلَبَة الدّين وقهر الرِّجَال وشرحناه هُنَالك // مَا يَقُول لمن أُصِيب بِعَين (وَمن أُصِيب بِعَين رقي بقوله بِسم الله اللَّهُمَّ أذهب حرهَا وبردها ووصبها ثمَّ يَقُول قُم بِإِذن الله (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وَهُوَ من حَدِيث عَامر بن ربيعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرجت أَنا وَسَهل بن حنيف رَضِي الله عَنهُ نلتمس الْخمر فأصبنا غديرا خمرًا فَكَانَ أَحَدنَا يستحي أَن يتجرد وَأحد يرَاهُ فاستتر صَاحِبي حَتَّى إِذا رأى أَن قد فعل نزع جُبَّة صوف عَلَيْهِ فَنَظَرت إِلَيْهِ فَأَعْجَبَنِي خلقه فَأَصَبْته بعيني فَأَخَذته قعقعة فدعوته فَلم يجبني فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ قومُوا بِنَا فَرفع عَن ساقية حَتَّى خَاضَ إِلَيْهِ المَاء وَكَأَنِّي أنظر إِلَى وضح ساقي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضرب صَدره ثمَّ قَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ أذهب حرهَا وبردها ووصبها ثمَّ قَالَ قُم بِإِذن الله تَعَالَى فَقَامَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى أحدكُم من نَفسه أَو مَاله أَو أَخِيه شَيْئا يُعجبهُ فَليدع بِالْبركَةِ فَإِن الْعين حق هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَأحمد فِي الْمسند (قَوْله ووصبها) الوصب بِفَتْح الْوَاو وَالصَّاد دوَام الوجع ولزومه كَذَا قيل وَالظَّاهِر أَنه التَّعَب مُطلقًا وَقَوله فِي الحَدِيث الْخمر هُوَ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْمِيم كل مَا يستر من شجر أَو جبل أَو نَحوه والغدير مستنقع المَاء من الْمَطَر والواضح بِفَتْح الْوَاو وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة الْبيَاض وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة الرّقية من الْعين بِمَا ذكر وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعين حق وَلَو كَانَ شَيْء يسابق الْقدر لسبقته الْعين وَإِذا استغسلتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 فَاغْسِلُوا وَثَبت من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عِنْد مُسلم وَغَيره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْعين حق وَفِي الْبَاب أَحَادِيث // (وَإِن كَانَت دَابَّة نفث فِي منخرها الْأَيْمن أَرْبعا وَفِي الْأَيْسَر ثَلَاثًا وَقَالَ لَا بَأْس أذهب الباس رب النَّاس اشف أَنْت الشافي لَا يكْشف الضّر إِلَّا أَنْت (مص. مو)) // هَذَا الْأَثر أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ مَوْقُوف على ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يحْتَمل أَن يكون قَالَ ذَلِك لشَيْء سَمعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن يكون قَالَه اعْتِمَادًا على التجريب وَقع لَهُ أَو لمن فِي عصره من الْعَرَب أَو لمن قبلهم فقد كَانَ للْعَرَب رقي يرقون بهَا مُخْتَلفَة مُتعَدِّدَة وَلَا يخفاك أَن الرّقية الثَّابِتَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعين لَيست بِخَاصَّة فِي بني آدم بل ثَابِتَة لكل من أَصَابَته الْعين من آدَمِيّ أَو غَيره وَسَيَأْتِي مِنْهَا أَحَادِيث وَمِنْهَا الحَدِيث الَّذِي سَيَأْتِي بِلَفْظ أذهب الباس رب النَّاس اشف أَنْت الشافي لَا شافي إِلَّا أَنْت وَهُوَ بِمَعْنى هَذَا الْمَوْقُوف بل بِأَكْثَرَ لَفظه فَكَانَ للْمُصَنف رَحمَه الله فِي الْعُدُول عَن هَذَا الْأَثر الْمَوْقُوف إِلَى مَا قد ذكر هُوَ وَغَيره من الْمَرْفُوع سَعَة وَسَيَأْتِي شرح مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث فِي شرح الحَدِيث الْمَرْفُوع وَالظَّاهِر أَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ رقى هَذِه الدَّابَّة بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ اعْتِمَادًا على الحَدِيث الْآتِي لما ذكرنَا من عدم اخْتِصَاص الْوَارِد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببني آدم // مَا يُقَال للمصاب بلمة من الْجِنّ (وَإِن أُصِيب بلمة من جن وَضعه بَين يَدَيْهِ وعوذه بِالْفَاتِحَةِ وَمن أول الْبَقَرَة إِلَى المفلحون وَمِنْهَا {وإلهكم إِلَه وَاحِد} إِلَى يعْقلُونَ وَآيَة الْكُرْسِيّ {وَللَّه مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} إِلَى آخر الْبَقَرَة وَمن آل عمرَان {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} إِلَى آخر الْآيَات وَإِن ربكُم الله الْآيَة الَّتِي فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 الْأَعْرَاف إِلَى الْمُحْسِنِينَ وفتعالى الله إِلَى آخر الْمُؤمنِينَ وَعشر آيَات من أول الصافات إِلَى لازب وَثَلَاث من آخر سُورَة الْحَشْر وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا الْآيَة من الْجِنّ و {قل هُوَ الله أحد} والمعوذتين (أ. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء أَعْرَابِي فَقَالَ يَا نَبِي الله إِن لي أَخا بِهِ وجع قَالَ وَمَا وَجَعه قَالَ بِهِ لمَم قَالَ فأتني بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَوَضعه بَين يَدَيْهِ فعوذه بِفَاتِحَة الْكتاب الحَدِيث الخ وَقَالَ فِي آخِره فقلم الرجل كَأَن لم يشك شَيْئا قطّ قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك صَحِيح وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق أُخْرَى وَعَزاهُ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد من حَدِيثه إِلَى عبد الله ابْن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَقَالَ فِيهِ أَبُو جناب وَهُوَ ضَعِيف لِكَثْرَة تدليسه وَقد وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَبُو يعلى بِنَحْوِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن رجل عَن أَبِيه وَفِي إِسْنَاده أَبُو جناب الْمَذْكُور (قَوْله بلمة) بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْمِيم وَهِي ضرب من الْجُنُون تلم بالإنسان أَي تقرب مِنْهُ مَأْخُوذ من قَوْلهم ألم بِهِ وَكَذَلِكَ المم الْمَذْكُور فِي الحَدِيث قَالَ الْهَرَوِيّ هُوَ طرف من الْجُنُون يلم بالإنسان وَفِي الحَدِيث دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الرّقية لمن أُصِيب بجنون لما اشْتَمَل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَفِيه دَلِيل أَيْضا على أَن بعض أَنْوَاع الْجُنُون يكون من جِهَة الشَّيْطَان نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ وَبِه ينْدَفع قَول من قَالَ أَنه لَا سَبِيل للشَّيْطَان إِلَى مثل ذَلِك // مَا يُقَال للمعتوه // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث خَارِجَة بن الصَّلْت التَّمِيمِي عَن عَمه أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم ثمَّ أقبل رَاجعا من عِنْده فَمر على قوم عِنْدهم رجل مَجْنُون موثق بالحديد فَقَالَ أَهله إِنَّا حَدثنَا أَن صَاحبكُم قد جَاءَ بِخَير فَهَل عنْدك شَيْء تداويه فرقيته بِالْفَاتِحَةِ فبرئ فأعطوني مائَة شَاة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ هَل إِلَّا هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 فلعمري لمن أكل برقية بَاطِل لقد أكلت برقية حق هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَفِي رِوَايَة لَهُ فرقاه بِأم الْقُرْآن ثَلَاثَة أَيَّام غدْوَة وَعَشِيَّة كلما خَتمهَا جمع بصاقه ثمَّ تفله وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَإسْنَاد أبي دَاوُد إِسْنَاد الصَّحِيح وَأخرج هَذَا الحَدِيث من حَدِيثه أَيْضا ابْن السّني (قَوْله الْمَعْتُوه) هُوَ الْمَجْنُون الْمُصَاب بعقله // مَا يُقَال للديغ (واللديغ بِالْفَاتِحَةِ (ع) سبع مَرَّات (ت)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رهطا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْطَلقُوا فِي سفرة سافروها حَتَّى نزلُوا بحي من أَحيَاء الْعَرَب فاستضافوهم فَأَبَوا أَن يضيفوهم فلدغع سيد ذَلِك الْحَيّ فسعوا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء فَقَالَ بَعضهم لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط الَّذين نزلُوا بكم لَعَلَّه يكون عِنْد بَعضهم شَيْء فَقَالُوا يَا أَيهَا الرَّهْط إِن سيدنَا لدغ فسعينا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء فَهَل عِنْد أحدكُم شَيْء فَقَالَ بَعضهم نعم وَالله إِنِّي لراق وَلَكِن وَالله قد استضفناكم فَلم تضيفونا فَمَا أَنا براق لكم حَتَّى تجْعَلُوا لي جعلا فَصَالَحُوهُ على قطيع من الْغنم فَانْطَلق وَجعل يتفل وَيقْرَأ الْفَاتِحَة الْحَمد لله رب الْعَالمين) سبع مَرَّات فَكَأَنَّمَا نشط من عقال فَانْطَلق يمشي مَا بِهِ قلبه قَالَ فأوفوهم جعلهم الَّذِي صالحوهم فَقَالَ بَعضهم اقسموا فَقَالَ الَّذِي رقي لَا تَفعلُوا حَتَّى نأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوهُ فَذكرُوا لَهُ ذَلِك فَقَالَ وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية أصبْتُم اقسموا واضربوا لي مَعكُمْ وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي فَقَرَأت عَلَيْهِ الْحَمد لله رب الْعَالمين سبع مَرَّات وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَن الَّذِي رقاه هُوَ رَاوِي هَذَا الحَدِيث أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ (قَوْله واللديغ) هُوَ بِفَتْح اللَّام وَكسر الدَّال الْمُهْملَة بعْدهَا مثناة تحتية سَاكِنة وَآخره غين مُعْجمَة وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الَّذِي لدغته الْحَيَّة أَو الأفعى أَو الْعَقْرَب أَو نَحْوهَا أَي أَصَابَته بسمها وَقَوله فِي الحَدِيث وَمَا بِهِ قلبه هُوَ بِفَتْح الْقَاف وَاللَّام وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الوجع وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن فَاتِحَة الْكتاب رقية نافعة وَأَنه يجوز أَن يداوي بِهَذَا الملدوغ على الصّفة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث // (وَيمْسَح لدغة الْعَقْرَب بِمَاء وملح وَيقْرَأ عَلَيْهَا الْكَافِرُونَ والمعوذتين (صط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الصَّغِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لدغت عقرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فرغ قَالَ لعن الله الْعَقْرَب لَا تدع مُصَليا وَلَا غَيره ثمَّ دَعَا بِمَاء وملح فَجعل يمسح عَلَيْهَا وَيقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَإِسْنَاده حسن وَفِي الحَدِيث جَوَاز الرّقية بِهَذِهِ السُّور مَعَ مسح مَوضِع اللدغة بِالْمَاءِ وَالْملح وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا وَفِيه لعن الله الْعَقْرَب مَا تدع نَبيا وَلَا غَيره وَقد اجْتمع فِي هَذَا الحَدِيث العلاج بأمرين الالهي والطبيعي وَتقدم ضبط اللدغة وتفسيرها // (بِسم الله شجة قرنية ملحة بَحر قفطا (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ عرضنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رقية من الْحمة فَأذن لنا فِيهَا وَقَالَ إِنَّمَا هِيَ مواثيق والرقية بِسم الله الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَإِسْنَاده حسن (قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 شجة) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْجِيم (قَوْله قرنية) بِفَتْح الْقَاف وَالرَّاء وبالنون (قَوْله ملحة) بِكَسْر الْمِيم وَإِسْكَان اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وقفطا بِفَتْح الْقَاف وأسكان الْفَاء وبالطاء الْمُهْملَة هَكَذَا ضبطهما المُصَنّف فِي مِفْتَاح الْحصن وَقَالَ هِيَ كَلِمَات لَا يعرف مَعْنَاهَا يرقي بهَا كَمَا ورد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رقية من الْحمة فَقَالَ أعرضوها عَليّ فعرضوها عَلَيْهِ بِسم الله شجية قرنية ملحة بَحر قفطا فَقَالَ هَذِه مواثيق أَخذهَا سُلَيْمَان صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْهَوَام لَا أرى بهَا بَأْسا قَالَ فلدغ رجل وَهُوَ مَعَ عَلْقَمَة فرقاه بهَا فَكَأَنَّمَا نشط من عقال قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده من لم أعرفهُ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنَّهَا تجوز الرّقية بالألفاظ الَّتِي لَا يعرف مَعْنَاهَا إِذا حصل التجريب بنفعها وتأثيرها لَكِن لَا بُد أَن يعرف الراقي أَنَّهَا لَيست من السحر الَّذِي لَا يجوز اسْتِعْمَاله فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخبرنَا أَنَّهَا مواثيق كَمَا فِي الحَدِيث الأول وَأَنَّهَا مواثيق أَخذهَا سُلَيْمَان على الْهَوَام وَبِهَذَا يتَبَيَّن أَنَّهَا لَا تجوز الرّقية إِلَّا بِمَا عرف الراقي مَعْنَاهُ أَو عرف أَنه قد قَرَّرَهُ الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث وَلَا تجوز بِغَيْر ذَلِك لِأَنَّهُ قد قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرّقية إِلَى قسمَيْنِ رقية حق ورقية بَاطِل فرقية الْحق مَا كَانَ بِالْقُرْآنِ أَو بِمَا ورد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْله أَو فعله أَو تَقْرِيره ورقية الْبَاطِل مَا لم تكن كَذَلِك وعَلى الرّقية الْبَاطِل تحمل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَن الرقي وعَلى رقية الْحق تحمل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بِالْإِذْنِ بهَا وَمن ذَلِك مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عَمْرو بن حَيَّة وَكَانَ يرقى من الْحمة فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي نهيت عَن الرقي وَإِنِّي أرقي من الْحمة قَالَ قصها عَليّ فقصصتها عَلَيْهِ فَقَالَ لَا بَأْس بِهَذِهِ هَذِه مواثيق قَالَ وَجَاء رجل من الْأَنْصَار كَانَ يرقي من الْعَقْرَب فَقَالَ من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد هُوَ فِي الصَّحِيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 بِاخْتِصَار وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح خلا قيس بن الرّبيع وَقد وَثَّقَهُ شُعْبَة وَالثَّوْري وَضَعفه جمَاعَة // مَا يُقَال للمحروق (والمحروق أذهب الباس رب النَّاس اشف أَنْت الشافي لَا شافي إِلَّا أَنْت (س. أ)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَأحمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث مُحَمَّد بن حَاطِب قَالَ تناولت قدرا كَانَت لي فاحترقت يَدي فَانْطَلَقت بِي أُمِّي إِلَى رجل جَالس فَقَالَت يَا رَسُول الله قَالَ لبيْك وَسَعْديك ثمَّ أدناني مِنْهُ وَجعل يتفل وَيتَكَلَّم بِكَلَام مَا أَدْرِي مَا هُوَ فَسَأَلت أُمِّي بعد ذَلِك مَا كَانَ يَقُول قَالَت كَانَ يَقُول أذهب الباس رب النَّاس وَرِجَال أَحْمد وَالنَّسَائِيّ رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا أَحْمد من طَرِيق أُخْرَى من حَدِيث مُحَمَّد بن حَاطِب وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ من طرق وَأم مُحَمَّد بن حَاطِب هَذِه هِيَ أم جميل بنت الْمُحَلّل وَاسْمهَا فَاطِمَة وَقيل جوَيْرِية وَهَذَا الحَدِيث وَأَن كَانَ الرّقية بِهِ لمحروق فَإِنَّهُ لَا يدل على أَنه لَا يرقي بهَا إِلَّا المحروق بل يرقي بهَا كل من أُصِيب بِشَيْء كَائِنا مَا كَانَ وَلَا تَخْصِيص بِمُجَرَّد السَّبَب كَمَا هُوَ مَعْرُوف فِي الْأُصُول وَيدل على هَذَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رقي بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ غير من بِهِ حرق كَمَا فِي حَدِيث السَّائِب بن يزِيد عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وكما فِي حَدِيث مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وكما فِي حَدِيث رَافع بن خديج عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح // مَا يَقُول من احْتبسَ بَوْله أَو بِهِ حَصَاة (وَمن احْتبسَ بَوْله أَو بِهِ حَصَاة رَبنَا الله الَّذِي فِي السَّمَاء تقدس اسْمك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 أَمرك فِي السَّمَاء وَالْأَرْض كَمَا رحمتك فِي السَّمَاء فَاجْعَلْ رحمتك فِي الأَرْض واغفر لنا حوبنا وخطايانا أَنْت رب الطيبين فَأنْزل شِفَاء من شفائك وَرَحْمَة من رحمتك على هَذَا الوجع فَيبرأ (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه أَتَاهُ رجل يذكر أَن أَبَاهُ احْتبسَ بَوْله وأصابته حَصَاة الْبَوْل فَعلمه رقية سَمعهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَبنَا أَنْت الَّذِي فِي السَّمَاء تقدس اسْمك أَمرك فِي السَّمَاء وَالْأَرْض الحَدِيث الخ هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَفِيه بعد قَوْله فَيبرأ مَا لَفظه فَأمره أَن يرقيه بهَا فرقاه بهَا فبرئ (قَوْله حوبنا) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضمّهَا وَهُوَ الاثم (قَوْله على هَذَا الوجع) بِكَسْر الْجِيم وَهُوَ من بِهِ وجع (قَوْله أَنْت رب الطيبين) جمع طيب وخصهم بِالذكر لما اتصفوا بِهِ من الطّيب وَمَعْلُوم أَنه رب كل شَيْء بِمَا يَتَّصِف بالطيب والخبيث وَغَيرهمَا // مَا يُقَال لمن بِهِ قرحَة أَو جرح (وَمن بِهِ قرحَة أَو جرح تضع أصبعك السبابَة فِي الأَرْض ثمَّ ترفعها قَائِلا بِسم الله تربة أَرْضنَا بريقه بَعْضنَا يشفى سقيمنا بِإِذن رَبنَا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ إِذا اشْتَكَى الْإِنْسَان الشَّيْء مِنْهُ وَكَانَ بِهِ قرحَة أَو جرح قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا وَوضع سُفْيَان سبابتيه بِالْأَرْضِ ثمَّ رفعهما بِسم الله تربة أَرْضنَا بريقة بَعْضنَا يشفى سقيمنا بِإِذن رَبنَا وَأخرجه أَيْضا البُخَارِيّ وَأهل السّنَن إِلَّا التِّرْمِذِيّ من حَدِيثهَا بِلَفْظ كَانَ يَقُول للْمَرِيض بِسم الله تربة أَرْضنَا بريقة بَعْضنَا يشفي سقيمنا وَإِنَّمَا عزاهُ المُصَنّف رَحمَه الله إِلَى مُسلم وَحده لِأَن اللَّفْظ الَّذِي ذكره مُسلم هُوَ لَفظه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 وَمعنى الحَدِيث أَنه أَخذ من ريق نَفسه على أُصْبُعه السبابَة ووضعها على التُّرَاب يعلق بهَا شَيْء مِنْهُ فَمسح بهَا على الْموضع العليل أَو الْجرْح قَائِلا بِسم الله الخ (قَوْله يشفي سقيمنا) مَبْنِيّ للْمَفْعُول وَرفع سقيمنا على النِّيَابَة وَفِي لفظ ليشفي سقيمنا بِزِيَادَة اللَّام // (ولوجع الْأذن والضرس مَا تقدم فِي العطاس) أَقُول قد قدمنَا الْكَلَام هُنَالك على مَا ذكره المُصَنّف رَحمَه الله حَيْثُ ذكر حَدِيث من قَالَ عِنْد كل عطسة الْحَمد لله رب الْعَالمين على كل حَال مَا كَانَ لم يجد وجع ضرس وَلَا أذن أبدا مَا يَقُول من أَصَابَهُ رمد (وَمن أَصَابَهُ رمد اللَّهُمَّ متعني ببصري واجعله الْوَارِث مني وَأَرِنِي فِي الْعَدو ثَأْرِي وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَصَابَهُ رمد أَو أحدا من أَهله أَو أَصْحَابه دَعَا بهؤلاء الْكَلِمَات اللَّهُمَّ متعني الخ وَفِيه جَوَاز الدُّعَاء على الْعَدو بِأَن يرِيه الله ثَأْره فِيهِ وعَلى الظَّالِم بِأَن ينصره الله عَلَيْهِ وَقد ورد بذلك أَحَادِيث ودلت عَلَيْهِ آيَات قرآنية // مَا يَقُول من حصل لَهُ حمى (وَمن حصل بِهِ حمى يَقُول بِسم الله الْكَبِير (مس. مص) نَعُوذ بِاللَّه الْعَظِيم من شَرّ كل عرق نعار وَمن شَرّ حر النَّار (مس. مص)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعلمهُمْ من الأوجاع أَو لمن بِهِ حمى أَن يَقُول بِسم الله الْكَبِير نَعُوذ بِاللَّه الْعَظِيم من شَرّ كل عرق نعار وَمن شَرّ حر النَّار هَذَا لفظ الْحَاكِم وَصَححهُ (قَوْله نعار) بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْعين الْمُهْملَة وبالراء الْمُهْملَة يُقَال نعر الْعرق بِالدَّمِ إِذا علا وارتفع وجرح نعار ونعور إِذا تصوب دَمه وَفِي الحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَن الْحمى تكون من فوران الدَّم فِي الْبدن وَأَنَّهَا نوع من حر النَّار وَثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أَعْرَابِي يعودهُ فَقَالَ لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله وَكَانَ إِذا دخل على من يعودهُ قَالَ لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله وَقد وَردت أَحَادِيث فِي أَن الْحمى من فيح النَّار وَأَنَّهَا تبرد بِالْمَاءِ // مَا يَقُول من اشْتَكَى ألما أَو شَيْئا فِي جسده (وَإِذا اشْتَكَى ألما أَو شَيْئا فِي جسده فليضع يَده على الْمَكَان الَّذِي يألم مِنْهُ وَليقل بِسم الله ثَلَاث مَرَّات وَليقل سبع مَرَّات أعوذ بِاللَّه وَقدرته من شَرّ مَا أجد وأحاذر (م) أعوذ بعزة الله وَقدره من شَرّ مَا أجد سبعا (طا. مص)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ أَنه شكا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجعا يجده فِي جسده مُنْذُ أسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضع يدك على الَّذِي يألم من جسدك وَقل بِسم الله ثَلَاثًا وَقل سبع مَرَّات أعوذ بِاللَّه وَقدرته من شَرّ مَا أجد وأحاذر هَذَا لفظ مُسلم وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أهل السّنَن الْأَرْبَع وَزَاد النَّسَائِيّ فَأذْهب الله مَا كَانَ بِي فَلم أزل آمُر بِهِ أَهلِي وَغَيرهم وَلَفظ مَالك فِي الْمُوَطَّأ من حَدِيثه أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عُثْمَان وَبِي وجع قد كَاد يهلكني قَالَ فَقَالَ لي امسح بيمينك سبع مَرَّات وَقل أعوذ بعزة الله وَقدرته من شَرّ مَا أجد وأحاذر قَالَ فَقلت ذَلِك فَأذْهب الله مَا كَانَ بِي فَلم أزل آمُر بِهِ أَهلِي وَفِي الحَدِيث أَن من تألم بِشَيْء من جسده وضع عَلَيْهِ يَده قَائِلا بِسم الله الخ هَذَا إِذا كَانَ الْأَلَم فِي مَوضِع وَاحِد من جسده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 فَإِن كَانَ فِي مَوَاضِع مِنْهُ وضع يَده على مَوضِع مَوضِع مِنْهَا وَيَقُول فِي كل مَوضِع بِسم الله الخ وَفِي الْأَعْدَاد الَّتِي ترد فِي مثل هَذَا الحَدِيث سر من أسرار النُّبُوَّة وَلَيْسَ لنا أَن نطلب الْعلَّة وَالسَّبَب الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي أعداد الرَّكْعَات والأنصباء وَالْحُدُود // (أعوذ بعزة الله وَقدرته على كل شَيْء من شَرّ مَا أجد سبعا يضع يَده تَحت ألمه (أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وجد أحدكُم ألما فليضع يَده تَحت ألمه ثمَّ ليقل سبع مَرَّات أعوذ بعزة وَقدرته على كل شَيْء من شَرّ مَا أجد سبعا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَفِيه أَبُو معشر لَا يحْتَج بِهِ وَقد وثق على أَن جمَاعَة كَثِيرَة ضَعَّفُوهُ وتوثيقه لين وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَفِي هَذَا الحَدِيث أَنه يضع يَده تَحت ألمه وَفِي الحَدِيث الأول أَنه يضع يَده على الْمَكَان الَّذِي يألم مِنْهُ وَيُمكن الْجمع بِأَن يضع يَده بِحَيْثُ يكون بَعْضهَا فَوق الْأَلَم وَبَعضهَا تَحْتَهُ وَهَذَا الحَدِيث وَإِن كَانَ فِي إِسْنَاده أَبُو معشر فَالْحَدِيث الأول الثَّابِت فِي الصَّحِيح يشْهد لَهُ أتم شَهَادَة ويشد من عضده أوثق شدّ // (بِسم الله أعوذ بعزة الله وَقدرته من شَرّ مَا أجد من وجعي هَذَا وترا ثمَّ يرفع يَده ثمَّ يُعِيدهَا (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ وَلَفظه فضع يدك حَيْثُ تَشْتَكِي ثمَّ قل بِسم الله أعوذ بعزة الله وَقدرته من شَرّ مَا أجد من وجعي هَذَا ثمَّ ارْفَعْ يدك ثمَّ أعد ذَلِك وترا وَالْمرَاد بقوله وترا ثَلَاث مَرَّات أَو خمْسا أَو سبعا أَو أَكثر من ذَلِك وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه يَقُول بِسم الله الخ وترا وَاضِعا يَده على مَوضِع الْأَلَم ثمَّ يرفعها ثمَّ يُعِيدهَا ثمَّ يَقُول ذَلِك وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا وَبَين مَا تقدم فالجمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 مُمكن بِأَن يضع يَده وَيَقُول ذَلِك سبعا ثمَّ يُعِيدهَا وَيَقُول ذَلِك سبعا فَمن صنع هَكَذَا فقد عمل بِالْحَدِيثِ هَذَا وبالحديثين الْمَذْكُورين قبله وَيزِيد مَا فِيهِ زِيَادَة من الْأَلْفَاظ فيقوله سبعا وَذَلِكَ بَان يَقُول بِسم الله أعوذ بِاللَّه وعزته وَقدرته على كل شَيْء من شَرّ مَا أجد وأحاذر من وجعي هَذَا // (وَيقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشْتَكَى يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعه كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وامسح بِيَدِهِ رَجَاء بركتها وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيثهَا والنفث الْمَذْكُور فِي الحَدِيث قد تقدم تَفْسِيره غير مرّة وَيكون على مَوضِع الْأَلَم إِن كَانَ موضعا مَخْصُوصًا وَإِن كَانَ الْأَلَم فِي جَمِيع الْبدن نفث على مَوَاضِع مِنْهُ أَو على مَا أَرَادَ من بدنه إِن لم يتَمَكَّن من النفث على جَمِيعه وَقد ثَبت فِي رِوَايَة من هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح بِيَدِهِ مَا اسْتَطَاعَ من جسده يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه وَمَا أقبل من جسده يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات هَكَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيثهَا وبهذه الرِّوَايَة تتبين كَيْفيَّة الْمسْح // (وَإِن أَصَابَهُ ضرّ وسئم الْحَيَاة فَلَا يتَمَنَّى الْمَوْت وَليقل اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتَمَنَّى أحدكُم الْمَوْت من ضرّ أَصَابَهُ فَإِن كَانَ لَا بُد فَاعِلا فَلْيقل اللَّهُمَّ أحييني مَا كَانَت الْحَيَاة خير لي الحَدِيث الخ قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء من أَصْحَابنَا وَغَيرهم هَذَا إِذا تمنى لضر أَو نَحوه فَإِن تمنى الْمَوْت خوفًا على دينه لفساد الزَّمَان وَنَحْو ذَاك لم يكره وَهَذَا تَخْصِيص بِمُجَرَّد الِاسْتِحْسَان فَإِن النَّهْي عَام فَلَا يجوز التَّمَنِّي بِحَال من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 الْأَحْوَال لَكِن إِذا نزل بِهِ الضّر وسئم الْحَيَاة قَالَ هَذِه الْمقَالة الَّتِي ارشد إِلَيْهَا الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والخشية على دينه لفساد الزَّمَان هِيَ من جملَة مَا يصدق عَلَيْهِ أَنه ضرّ بل الضّر الْعَائِد إِلَى الدّين أَشد عِنْد الْمُؤمن من الضّر الْعَائِد إِلَى الْبدن أَو الْعَائِد إِلَى الدُّنْيَا فَالْحَاصِل أَنه لَيْسَ لأحد أَن يتَمَنَّى الْمَوْت لشَيْء من الْأَشْيَاء كَائِنا مَا كَانَ بل يعدل عَن ذَلِك إِلَى هَذَا الدُّعَاء الَّذِي جَاءَ عَن الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // مَا يَقُول إِذا عَاد مَرِيضا (وَإِذا عَاد مَرِيضا قَالَ لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله مرَّتَيْنِ بِسم الله تربة أَرْضنَا وريقة بَعْضنَا يشفى سقيمنا (خَ. م) بِإِذن الله (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول للْمَرِيض بِسم الله الخ وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ بِإِذن رَبنَا وَفِي لفظ آخر لَهُ بِإِذن الله وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأما قَوْله لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله مرَّتَيْنِ فَهُوَ ثَابت فِي البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ لَكِن حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أَعْرَابِي يعودهُ فَقَالَ لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله وَكَانَ إِذا دخل على من يعود قَالَ لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد قدمنَا الْكَلَام على قَوْله تربة أَرْضنَا // (وَيمْسَح بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُول اللَّهُمَّ أذهب الباس رب النَّاس اشفه وَأَنت الشافي وَلَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك شِفَاء لَا يُغَادر سقما (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعود بعض أَهله وَيمْسَح بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُول اللَّهُمَّ أذهب الباس الخ وَلَهُمَا فِي رِوَايَة أُخْرَى من حَدِيثهَا أَمسَح الباس رب النَّاس بِيَدِك الشِّفَاء لَا كاشف لَهُ إِلَّا أَنْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيثهَا وَفِي لفظ لَهما من حَدِيثهَا كَانَ إِذا اشْتَكَى الْإِنْسَان الشَّيْء مِنْهُ أَو كَانَت قرحَة أَو جرح قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا وَوضع سُفْيَان بن عُيَيْنَة الرَّاوِي سبابته على الأَرْض ثمَّ رَفعهَا وَقَالَ بِسم الله تربة أَرْضنَا إِلَى آخر مَا فِي الحَدِيث الَّذِي تقدم قبل هَذَا وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ رب النَّاس مَذْهَب الباس اشف أَنْت الشافي شِفَاء إِلَى آخر مَا فِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا (قَوْله شِفَاء) مَنْصُوب على الْمصدر بِفعل مُقَدّر أَي اشف شِفَاء والشافي اسْم فَاعل وَلَيْسَ بِعلم (قَوْله لَا يُغَادر سقما) أَي لَا يتْرك سقما قد تقدم بَيَان هَذَا // (بِسم الله أرقيك من كل شَيْء يُؤْذِيك وَمن شَرّ كل نفس أَو عين حَاسِد الله يشفيك بِسم الله أرقيك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّد اشتكيت قَالَ نعم قَالَ بِسم الله أرقيك الخ وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه (قَوْله أرقيك بِفَتْح الْهمزَة أَي أعوذك من كل شَيْء يُؤْذِيك من أَنْوَاع الْمَرَض (قَوْله وَمن شَرّ كل نفس) النَّفس الْعين والتكرار فِي قَوْله بِسم الله أرقيك للتَّأْكِيد لما سبق (قَوْله يشفيك) يجوز أَن يكون بِفَتْح حرف المضارعة وَيجوز أَن يكون بضمه من أشفاه // (بِسم الله أرقيك وَالله يشفيك من كل دَاء فِيك وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد (مس. مص) ثَلَاث مَرَّات (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلا أرقيك رقية رقاني بهَا جِبْرِيل فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي فَقَالَ بِسم الله الخ وَفِي آخِره فرقى بهَا ثَلَاث مَرَّات وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَصَححهُ السُّيُوطِيّ (قَوْله منشر النفاثات فِي العقد) هن السواحر اللَّاتِي ينفثن فِي عقدهن إِذا سحرن ورقين // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 (اللَّهُمَّ اشف عَبدك ينْكَأ لَك عدوا أَو يمشي لَك إِلَى جَنَازَة (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَ الرجل يعود مَرِيضا فَلْيقل الله اشف عَبدك الخ هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَصَححهُ بن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله ينْكَأ لَك) بِفَتْح حرف المضارعة وَآخره همزَة يُقَال نكأت فِي الْعَدو أنكأ نكاية فَأَنا ناكئ إِذا أكثرت فيهم الجروح وَالْقَتْل فوهنوا لذَلِك وَيُقَال نكأت القرحة أنكؤها إِذا قشرتها (قَوْله أَو يمشي لَك إِلَى جَنَازَة) أَي يطْلب ثوابك ويطيعك بامتثال أَمرك الَّذِي من جملَته الْمَشْي مَعَ الْجِنَازَة والجنازة بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا الْمَيِّت وسريره الَّذِي يحمل عَلَيْهِ وَقيل بِالْكَسْرِ السرير وبالفتح الْمَيِّت وَقيل بِالْعَكْسِ وَهُوَ الْأَشْهر // (اللَّهُمَّ اشفه اللَّهُمَّ عافه (مس. تحب)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت شاكيا فَمر بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أَقُول اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَجلي قد حضر فارحمني وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا فارفعني وَإِن كَانَ بلَاء فصبرني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ قلت قَالَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ فَضَربهُ بِرجلِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اشفه أَو عافه الشاك شُعْبَة قَالَ فَمَا شكيت وجعي بعد هَذَا هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلَفظه اللَّهُمَّ اشفه اللَّهُمَّ عافه وَلَفظ النَّسَائِيّ اللَّهُمَّ اشفه اللَّهُمَّ اعفه وَفِي الحَدِيث معْجزَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا فلَان شفى الله سقمك وَغفر ذَنْبك وعافاك فِي دينك وجسمك إِلَى مُدَّة أَجلك (مس)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ دَعَاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا عليل فَقَالَ يَا سلمَان شفى الله سقمك الخ وَفِي الحَدِيث الدُّعَاء للسقيم بالشفاء لسقمه وغفران ذَنبه ومعافاته فِي دينه وجسمه إِلَى حُضُور أَجله المحتوم // (وَمن عَاد مَرِيضا لم يحضر أَجله فَقَالَ عِنْده سبع مَرَّات أسأَل الله الْعَظِيم رب الْعَرْش الْعَظِيم أَن يشفيك إِلَّا عافاه الله من ذَلِك الْمَرَض (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عَاد مَرِيضا لم يحضر أَجله فَقَالَ عِنْده سبع مَرَّات الخ هَذَا لفظ أبي دَاوُد قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَفِي لفظ للنسائي وَابْن حبَان قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عَاد مَرِيضا جلس عِنْد رَأسه ثمَّ قَالَ فَذكره والْحَدِيث مُقَيّد بِعَدَمِ حُضُور الْأَجَل فَإِذا كَانَ قد حضر فَكَمَا قَالَ الشَّاعِر (وَإِذا الْمنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تَمِيمَة لَا تَنْفَع) وَهَذَا الْعدَد من أسرار النُّبُوَّة فَلَيْسَ لأحد أَن يطْلب الْعلَّة لذَلِك أَو يبْحَث عَن السَّبَب وَهَكَذَا كل عدد يرد عَن الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (وَأَيّمَا مُسلم دَعَا بقوله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين أَرْبَعِينَ مرّة فَمَاتَ من مَرضه ذَلِك أعطي أجر شَهِيد وَإِن برأَ برأَ وَقد غفر لَهُ جَمِيع ذنُوبه (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سعد بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {لَا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) أَيّمَا مُسلم دَعَا بهَا أَرْبَعِينَ مرّة الخ وَفِي الحَدِيث فَائِدَة جليلة ومكرمة نبيلة هِيَ أَن هَذَا الدُّعَاء ينزل الْمَرِيض إِذا مَاتَ من مَرضه ذَلِك منَازِل الشُّهَدَاء وَإِن برأَ غفر الله لَهُ جَمِيع ذنُوبه وَغير مستبعد هَذَا فَإِنَّهُ قد تقدم مَا يُفِيد أَن هَذِه الْآيَة هِيَ الِاسْم الْأَعْظَم وَقد تقرر أَن الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه لَا يذكر إِلَّا مَا هُوَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ أَو أَحدهمَا وَلِهَذَا سَمَّاهُ الْمُسْتَدْرك وَقد تعقب عَلَيْهِ مَا تعقب وَمن جملَة من تعقبه الذَّهَبِيّ فِي بعض مَا فِي الْمُسْتَدْرك وَقرر الْبَعْض مِنْهُ // (وَمن قَالَ فِي مَرضه لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ الْملك وَله الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ مَاتَ لم تطعمه النَّار (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من رِوَايَة الْأَغَر أبي مُسلم قَالَ أشهد على أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا شَهدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر صدقه ربه وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَأَنا أكبر وَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده قَالَ يَقُول الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي وَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ قَالَ الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي وَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ الْملك وَله الْحَمد قَالَ الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا لي الْملك ولي الْحَمد وَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِي وَكَانَ يَقُول من قَالَهَا فِي مَرضه ثمَّ مَاتَ لم تطعمه النَّار وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَحده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف وَزَاد بعد قَوْله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه يعقدهن خمْسا بِأُصْبُعِهِ ثمَّ قَالَ من قالهن فِي يَوْم أَو فِي لَيْلَة أَو فِي شهر ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم أَو فِي تِلْكَ اللَّيْلَة أَو فِي ذَلِك الشَّهْر غفر لَهُ ذَنبه (قَوْله ثمَّ مَاتَ لم تطعمه النَّار) وَجه هَذَا أَن هَذِه الْكَلِمَات قد اشْتَمَلت على التَّوْحِيد خمس مَرَّات وَقد ثَبت فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة أَن من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة وَسَيَأْتِي أَن من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة ووردت بِهَذَا الْمَعْنى أَحَادِيث كَثِيرَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا // مَا يَقُول المحتضر (وَيَقُول المحتضر لَا إِلَه إِلَّا الله إِن للْمَوْت سَكَرَات اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يَمُوت وَهُوَ مُسْند إِلَى ظَهره يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيثهَا (قَوْله بالرفيق الْأَعْلَى) هم الْأَنْبِيَاء وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء والصالحون المذكورون فِي قَوْله تَعَالَى {وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} وكما فِي الحَدِيث الآخر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل يَقُول مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَقيل هم الْمَلَائِكَة المقربون كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يسمعُونَ إِلَى الملإ الْأَعْلَى} يَعْنِي الْمَلَائِكَة وَقَالَ الْجَوْهَرِي الرفيق الْأَعْلَى الْجنَّة وَقيل هُوَ دُعَاء بِأَن يلْحق بِاللَّه عز وَجل كَمَا يُقَال الله رَفِيق بعباده من الرِّفْق والرأفة فَهُوَ فعيل بِمَعْنى فَاعل // (اللَّهُمَّ أعنى على غَمَرَات الْمَوْت وسكرات الْمَوْت (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بَين يَدَيْهِ ركوة أَو علبة شكّ عمر فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء وَيمْسَح بهما وَجهه وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 للْمَوْت سَكَرَات ثمَّ جعل يَقُول فِي الرفيق الْأَعْلَى حَتَّى قبض ومالت يَده هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَلَفظ التِّرْمِذِيّ اللَّهُمَّ أَعنِي على غَمَرَات الْمَوْت وسكرات الْمَوْت (قَوْله اللَّهُمَّ أَعنِي على غَمَرَات الْمَوْت) هِيَ جمع غمرة وَهِي الشدَّة وَالْمعْنَى أَعنِي على شَدَائِد الْمَوْت (ويلقنه من حضر عِنْده لَا إِلَه إِلَّا الله (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَلَفظ أبي دَاوُد لقنوا مَوْتَاكُم قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَقد ورد بِهَذَا الْمَعْنى أَحَادِيث عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة قد ذَكرنَاهَا فِي شرحنا للمنتقي (قَوْله ويلقنه من حضر) لَا إِلَه إِلَّا الله أَي يذكرهُ لَا إِلَه إِلَّا الله ليَكُون آخر كَلَامه وَقد أجمع الْعلمَاء على مَشْرُوعِيَّة هَذَا التَّلْقِين // (من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة (د)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ الخ وَفِي إِسْنَاده صَالح بن أبي عريب قَالَ ابْن الْقطَّان لَا يعرف وَتعقب بِأَنَّهُ قد ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَأخرج هَذَا الحَدِيث من حَدِيثه أَيْضا أَحْمد وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد ووردت أَحَادِيث بِمَعْنَاهُ وَقد ذَكرنَاهَا فِي شرحنا للمنتقي // (من سَأَلَ الله الشَّهَادَة بِصدق بلغه الله منَازِل الشُّهَدَاء وَإِن مَاتَ على فرَاشه (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سهل بن حنيف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سَأَلَ الله الشَّهَادَة الخ وَأخرجه أَبُو دَاوُد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيثه والْحَدِيث يدل على مَشْرُوعِيَّة سُؤال العَبْد ربه أَن يكْتب لَهُ الشَّهَادَة فَإِن كتبهَا لَهُ فِيهَا ونعمت وَإِن لم يَكْتُبهَا لَهُ نَالَ منَازِل الشُّهَدَاء وبلغه الله إِلَيْهَا وَأَعْطَاهُ مثل مَا أَعْطَاهُم // (وَإِذا غمضه دَعَا لنَفسِهِ بِخَير فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَله وأعقبني مِنْهُ عُقبى حَسَنَة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حضرتم الْمَرِيض أَو الْمَيِّت فَقولُوا خيرا فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ قَالَت فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله إِن أَبَا سَلمَة قد مَاتَ قَالَ قولي اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَله أعقبني مِنْهُ عُقبى حَسَنَة قَالَت فَقلت ذَلِك فأعقبني من هُوَ خير لي مِنْهُ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه // (اللَّهُمَّ اغْفِر لفُلَان وارفع دَرَجَته فِي المهديين واخلفه فِي عقبه فِي الغابرين واغفر لنا وَله يَا رب الْعَالمين وافسح لَهُ فِي قَبره وَنور لَهُ فِيهِ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي سَلمَة وَقد شقّ بَصَره فأغمضه فَقَالَ إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر فَضَجَّ نَاس من أَهله فَقَالَ لَا تدعوا على أَنفسكُم إِلَّا بِخَير فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لأبي سَلمَة وارفع دَرَجَته فِي المهديين واخلفه فِي عقبه فِي الغابرين واغفر لنا وَله يَا رب الْعَالمين وافسح لَهُ فِي قَبره وَنور لَهُ فِيهِ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَقد ذكرنَا هَذَا الحَدِيث عِنْد ذكر المُصَنّف لأوقات الْإِجَابَة (قَوْله فِي الغابرين) بالغين الْمُعْجَمَة أَي البَاقِينَ وَقد تأتى بِمَعْنى الماضين فِي غير هَذَا الْموضع // (وليقرأ عَلَيْهِ يس (س. د. ت)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معقل بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قلب الْقُرْآن يس لَا يقْرؤهَا رجل يُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة إِلَّا غفر لَهُ اقرءوها على مَوْتَاكُم وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَأحمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وصححاه وَأعله ابْن الْقطَّان بِالِاضْطِرَابِ وبالوقف وبجهالة حَال الرَّاوِي أبي عُثْمَان وَابْنه الْمَذْكُورين فِي إِسْنَاده وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد مَجْهُول الْمَتْن وَلَا يَصح فِي الْبَاب حَدِيث انْتهى وَالْمرَاد بقوله اقرءوها على مَوْتَاكُم على من حَضَره الْمَوْت كَذَا قَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه ورده الْمُحب الطَّبَرِيّ وَقَالَ هُوَ على ظَاهره وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب وَلَا وَجه لإخراجه عَن مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ // (وَيَقُول صَاحب الْمُصِيبَة إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ اؤجرني فِي مصيبتي واخلفني خيرا مِنْهَا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد تصيبه مُصِيبَة فَيَقُول إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ أوجرني فِي مصيبتي واخلف لي خيرا مِنْهَا إِلَّا آجره الله فِي مصيبته وأخلفه خيرا مِنْهَا قَالَت وَلما توفى أَبُو سَلمَة قلت كَمَا أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخلف الله لي خيرا مِنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ مُفْرد بِهِ مُسلم وَفِيه دَلِيل على أَنه يشرع لمن لَهُ ميت أَن يَقُول هَذَا القَوْل فَإِن ذَلِك يدْفع عَنهُ مَا يجده من ثقل الْمُصِيبَة وَيُوجب لَهُ تَحْصِيل بدل خير مِنْهَا فينتفع بِهَذَا الدُّعَاء عَاجلا وآجلا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هم المهتدون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 مَا يَقُوله من مَاتَ لَهُ ولد (وَإِذا مَاتَ ولد العَبْد قَالَ الله تَعَالَى للْمَلَائكَة قبضتم ولد عَبدِي فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول مَاذَا قَالَ عَبدِي فَيَقُولُونَ حمدك واسترجع فَيَقُول ابنو لعبدي بَيْتا فِي الْجنَّة وسموه بَيت الْحَمد (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا مَاتَ ولد العَبْد قَالَ الله لملائكته قبضتم ولد عَبدِي فَيَقُولُونَ نعم قبضتم ثَمَرَة فُؤَاده فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول مَاذَا قَالَ عَبدِي الخ هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان (قَوْله واسترجع) أَي قَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَأخرج أَحْمد وَابْن مَاجَه من حَدِيث الْحُسَيْن بن على رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ مَا من مُسلم وَلَا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وَإِن قدم عهدها فَيحدث لذَلِك استرجاعا إِلَّا جدد الله لَهُ عِنْد ذَلِك فَأعْطَاهُ مثل أجرهَا يَوْم أُصِيب وَفِي إِسْنَاده هِشَام بن يزِيد وَفِيه ضعف عَن أمه وَهِي لَا تعرف // مَا يُقَال فِي العزاء (وَفِي العزاء يسلم وَيَقُول إِن لله مَا أَخذ وَللَّه مَا أعْطى وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمّى فَلتَصْبِر ولتحتسب (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أرْسلت ابْنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ أَن ابْنا لَهَا فِي الْمَوْت فأتنا فَأرْسل يقرئ السَّلَام وَيَقُول إِن لله مَا أَخذ وَللَّه مَا أعْطى وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمّى فَلتَصْبِر ولتحتسب فَأرْسلت تقسم عَلَيْهِ ليأتينها فَقَامَ وَمَعَهُ سعد بن عبَادَة ومعاذ بن جبل وَأبي بن كَعْب وَزيد بن ثَابت وَرِجَال فَرفع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّبِي وَنَفسه تقَعْقع كَأَنَّهَا شن وفاضت عَيناهُ فَقَالَ سعد يَا رَسُول الله مَا هَذِه قَالَ هَذَا رَحْمَة جعلهَا الله فِي قُلُوب عباده فَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَبُو دَاوُد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي الحَدِيث تذكير أهل الْمُصِيبَة بِأَن ذَلِك الَّذِي توفاه الله هُوَ لله وَمِنْه فَلَيْسَ لَهُم أَن يُرِيدُوا غير مَا يُريدهُ ثمَّ تذكيرهم بِأَن ذَلِك قَضَاهُ الله الَّذِي لَا يدْفع وَقدره الَّذِي هُوَ حتم فِي رِقَاب الْعباد فَلَا مفر مِنْهُ وَلَا مَذْهَب عَنهُ ثمَّ أَمرهم بِالصبرِ والاحتساب فَإِن قَالَ بذلك تحصل لَهُ الْأجر الْعَظِيم وتخف عَنهُ صدمة الْمُصِيبَة وَالله مَعَ الصابرين كَمَا نطق بِهِ كِتَابه الْعَزِيز // (وَكتب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى معَاذ يعزيه فِي ابْنه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى معَاذ بن جبل سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد الله إِلَيْك الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فأعظم الله لَك الْأجر وألهمك الصَّبْر ورزقنا وَإِيَّاك الشُّكْر فَإِن أَنْفُسنَا وَأَمْوَالنَا وأهلينا وَأَوْلَادنَا من مواهب الله عز وَجل الهنية وعواريه المستودعة يمتع بهَا إِلَى أجل مَعْدُود ويقبضها بِوَقْت مَعْلُوم ثمَّ افْترض علينا الشُّكْر إِذا أعْطى وَالصَّبْر إِذا ابتلى وَكَانَ ابْنك من مواهب الله الهنية وعواريه المستودعة متعك بِهِ فِي غِبْطَة وسرور وَقَبضه مِنْك بِأَجْر كثير الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى إِن احتسبت واصبر وَلَا يحبطك جزعك أجرك فتندم وَاعْلَم أَن الْجزع لَا يرد شَيْئا وَلَا يدْفع حزنا وَمَا هُوَ نَازل فَكَأَن قد وَالسَّلَام (مس. مر)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن مرْدَوَيْه وَهُوَ من الحَدِيث الْمَكْتُوب إِلَى معَاذ ابْن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَنه مَاتَ ابْن لَهُ فَكتب إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعزيه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الخ قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه غَرِيب حسن وَزَاد الْحَافِظ أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه فِي كتاب الْأَدْعِيَة فليذهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 أسفك مَا هُوَ نَازل لَك فَكَأَن قد وَالسَّلَام وَأخرج النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة بن أياس عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد بعض أَصْحَابه فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا يَا رَسُول الله بنيه الَّذِي رَأَيْته هلك فَعَزاهُ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا فلَان أَيّمَا كَانَ أحب إِلَيْك أَن تمتّع بِهِ عمرك أَو لَا تَأتي غَدا بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة إِلَّا وجدته قد سَبَقَك إِلَيْهِ يَفْتَحهُ لَك قَالَ يَا رَسُول الله بل يسبقني إِلَى الْجنَّة فيفتحها لي هُوَ أحب إِلَيّ قَالَ فَذَلِك لَك (قَوْله غِبْطَة) بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة هِيَ النِّعْمَة وَالْخَيْر وَحسن الْحَال (قَوْله إِن الْجزع) بِفَتْح الْجِيم وَالزَّاي هُوَ الْحزن وَهُوَ ضد الصَّبْر (قَوْله فَكَأَن قد) أَي فَكَانَ قد وَقع مَا هُوَ نَازل وَقد حصل فَلَا فَائِدَة فِي الْجزع قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار فصل وَأما لفظ التَّعْزِيَة فَلَا حجَّة فِيهِ فَبِأَي لفظ حصلت وَاسْتحبَّ أَصْحَابنَا أَن تَقول فِي تَعْزِيَة الْمُسلم أعظم الله أجرك وَأحسن عزاك وَغفر لميتك وَفِي الْمُسلم بالكافر أعظم الله أجرك وَأحسن عزاءك وَفِي الْكَافِر بِالْمُسلمِ أحسن الله عزاءك وَغفر لميتك وَفِي الْكَافِر بالكافر أخلف الله عَلَيْك وَلَا نقص عددك وَأحسن مَا يعزي بِهِ مَا روينَاهُ فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أُسَامَة بن زيد ثمَّ ذكر حَدِيث أُسَامَة الْمُتَقَدّم فَأصَاب باستحسان التَّعْزِيَة بِمَا ورد عَن الشَّارِع فَإِن هَذَا الَّذِي رَوَاهُ عَن أَصْحَابه إِنَّمَا هُوَ مُجَرّد رَأْي لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيل وَأما مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما توفى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاءَت التَّعْزِيَة سمعُوا قَائِلا يَقُول إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة وخلفا من كل هَالك ودركا من كل فَائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب وَفِي إِسْنَاده الْقَاسِم بن عبد الله بن عمر وَهُوَ مَتْرُوك وَقد كذبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وَقَالَ أَحْمد أَنه كَانَ يضع الحَدِيث وَأخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث جَابر وَصَححهُ وَفِي إِسْنَاده عباد بن عبد الصَّمد وَهُوَ ضَعِيف جدا وَأخرجه أَيْضا فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث أنس وَزَاد الْحَاكِم فِي هَذَا الحَدِيث فَقَالَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا هَذَا الْخضر // (وَفِي رفع سرره وَحمله بِسم الله (مص. مو)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا على ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سمع رجلا يَقُول ارْفَعُوا على اسْم الله تَعَالَى لَا تَقولُوا على اسْم الله فَإِن اسْم الله على كل شَيْء قل ارْفَعُوا بِسم الله وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه أَيْضا وَعَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ إِذا حملت السرير فَقل بِسم الله وَسبح وَيُمكن الِاسْتِدْلَال للتسمية عِنْد الرّفْع بِمَا ورد فِي الْمَرْفُوع من التَّسْمِيَة على كل أَمر ذِي بَال وَذَلِكَ يُغني عَن غَيره كَيْفيَّة الصَّلَاة على الْمَيِّت (وَإِذا صلى عَلَيْهِ كبر ثمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَة ثمَّ صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّه عَبدك وَابْن أمتك يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَيشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك أصبح فَقِيرا إِلَى رحمتك وأصبحت غَنِيا عَن عَذَابه تخلى من الدُّنْيَا وَأَهْلهَا إِن كَانَ زاكيا فزكه وَإِن كَانَ خاطئا فَاغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجره وَلَا تضلنا بعده (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه صلى على جَنَازَة بالأبواء فَكبر فَقَرَأَ الْفَاتِحَة رَافعا صَوته ثمَّ صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِن هَذَا عَبدك وَابْن عَبدك أصبح فَقِيرا إِلَى رحمتك وَأَنت غَنِي عَن عَذَابه إِن كَانَ زكيا فزكه وَإِن كَانَ مخطئا فَاغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجره وَلَا تضلنا بعده ثمَّ كبر ثَلَاث تَكْبِيرَات ثمَّ انْصَرف فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِنِّي لم أَقرَأ يَعْنِي جَهرا إِلَّا لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سنة وَفِي إِسْنَاده شُرَحْبِيل ابْن سعد وَهُوَ مُخْتَلف فِي توثيقه وَأخرجه الْحَاكِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 أَيْضا من حَدِيث يزِيد بن ركَانَة بن عبد الْمطلب قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ للجنازة ليُصَلِّي عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّه عَبدك وَابْن أمتك الخ مَا ذكره المُصَنّف رَحمَه الله وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث ذكر قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَعَلَّ المُصَنّف جمع بَين حَدِيث ابْن عَبَّاس وَحَدِيث يزِيد بن ركَانَة أَنه قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه حَدِيث ابْن عَبَّاس وَحَدِيث يزِيد إسنادهما صَحِيح وَقد ثَبت قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن ابْن عَبَّاس صلى على جَنَازَة فَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا من السّنة وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ فِيهِ فقر أبفاتحة الْكتاب وَسورَة وجهر فَلَمَّا فرغ قَالَ سنة وَحقّ وَأخرج الشَّافِعِي فِي مُسْنده عَن أبي أُمَامَة بن سهل أَنه أخبرهُ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن السّنة فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة أَن يكبر الإِمَام ثمَّ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب بعد التَّكْبِيرَة الأولى سرا فِي نَفسه ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويخلص الدُّعَاء للجنازة فِي التَّكْبِيرَات وَلَا يقْرَأ فِي شَيْء مِنْهُنَّ ثمَّ يسلم سرا فِي نَفسه وَفِي إِسْنَاده مطرف لكنه قد قواه الْبَيْهَقِيّ بِمَا رَوَاهُ لَهُ فِي الْمعرفَة من طَرِيق عبد الله بن زيد الرصافي عَن الزُّهْرِيّ بِمَعْنَاهُ وَأخرج نَحوه الْحَاكِم كَمَا تقدم وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَعبد الرَّزَّاق قَالَ فِي الْفَتْح وَإِسْنَاده صَحِيح وَلَيْسَ فِيهِ قَوْله بعد التَّكْبِيرَة الأولى وَلَيْسَ قَوْله فِيهِ ثمَّ يسلم سرا فِي نَفسه (قَوْله تخلى من الدُّنْيَا) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام أَي فَارق أَهلهَا وَتركهَا (قَوْله زاكيا) أَي طَاهِرا من الذُّنُوب (قَوْله فزكه) أَي فطهره بالمغفرة وَرفع الدَّرَجَات وَفِي الحَدِيث أَنه يشرع فِي الْجِنَازَة أَن يقْرَأ بعد التَّكْبِيرَة الأولى فَاتِحَة الْكتاب وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يَدْعُو للْمَيت بِهَذَا الدُّعَاء // (اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه وعافه واعف عَنهُ وَأكْرم نزله وأوسع مدخله واغسله بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد ونقه من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 الدنس وأبدله دَارا خيرا من دَاره وَأهلا خيرا من أَهله وزوجا خيرا من زوجه وَأدْخلهُ الْجنَّة وأعذه من النَّار (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَوْف بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَنَازَة فَحفِظت من دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ الخ وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه (قَوْله نزله) بِضَم النُّون وَالزَّاي وَهُوَ فِي الأَصْل قرى الضَّيْف وَالْمرَاد هُنَا الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة (قَوْله مدخله) بِضَم الْمِيم يَعْنِي مَوضِع دُخُوله الَّذِي يدْخل فِيهِ وَهُوَ قَبره (قَوْله واغسله بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد الخ) قد تقدم شرح هَذِه الْأَلْفَاظ فِي دُعَاء التَّوَجُّه فِي الصَّلَاة وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث تعين الْموضع الَّذِي يُقَال فِيهِ هَذَا الدُّعَاء فيقوله الْمُصَلِّي على الْجِنَازَة بعد أَي تَكْبِيرَة أَرَادَ وَقد وَردت أدعية غير مَا ذكره المُصَنّف هَاهُنَا فَيَنْبَغِي للْمُصَلِّي على الْجِنَازَة أَن يَأْتِي مِنْهَا بِمَا أمكنه وَإِذا استكثر من ذَلِك فَهُوَ الصَّوَاب فَإِن هَذَا موطن لَا يَنْبَغِي فِيهِ إِلَّا الْمُبَالغَة فِي الترحم وَالدُّعَاء لِأَنَّهُ قد أَتَى بذلك الْمَيِّت إِلَى إخوانه الْمُسلمين ليدعو لَهُ من صلى مِنْهُم عَلَيْهِ وندبهم الشَّارِع إِلَى ذَلِك وشرعه لَهُم // مَا يُقَال إِذا وَضعه فِي الْقَبْر (وَإِذا وَضعه فِي الْقَبْر قَالَ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى بِسم الله وَفِي سَبِيل الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما وضعت أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَبْر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ الخ وَقد ضعف ابْن حجر إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا وضع الْمَيِّت فِي قَبره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 قَالَ بِسم الله وعَلى سنة رَسُول الله قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَصَححهُ ابْن حبَان وَفِي رِوَايَة للنسائي إِذا وضعتم مَوْتَاكُم فِي الْقَبْر فَقولُوا الخ وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيثه وَلَفظه الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره فَلْيقل الَّذين يضعونه بِسم الله وَبِاللَّهِ وعَلى مِلَّة رَسُول الله قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ جَمَاهِير أَصْحَابنَا يسْتَحبّ أَن يَقُول فِي الحثية الأولى مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِي الثَّانِيَة وفيهَا نعيدكم وَفِي الثَّالِثَة وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى // مَا يُقَال إِذا فرغ من الدّفن (وَإِذا فرغ من الدّفن وقف على الْقَبْر فَقَالَ اسْتَغْفرُوا لأخيكم واسألوا لَهُ التثبيت فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل (د. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا فرغ من دفن الْمَيِّت وقف عَلَيْهِ فَقَالَ الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن وَأخرج مُسلم فِي صَحِيحه عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ إِذا دفنتموني فأقيموا حول قَبْرِي قدر مَا ينْحَر جزور وَقسم لَحمهَا حَتَّى أستأنس بكم وَأنْظر مَاذَا أراجع بِهِ رسل رَبِّي وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَة فِي بَقِيع الْغَرْقَد فَأَتَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقعدَ وقعدنا حوله وَمَعَهُ مخصرة فَنَكس وَجعل ينكت بمخصرته فَقَالَ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من النَّار ومقعده من الْجنَّة فَقَالُوا يَا رَسُول الله أَفلا نَتَّكِل فَقَالَ اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ الحَدِيث // (وَيقْرَأ على الْقَبْر بعد الدّفن أول سُورَة الْبَقَرَة وخاتمتها (قى)) // الحَدِيث أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ اسْتحبَّ أَن يقْرَأ على الْقَبْر بعد الدّفن أول سُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 الْبَقَرَة وخاتمتها وَحسن النَّوَوِيّ إِسْنَاده وَهُوَ وَإِن كَانَ من قَوْله فَمثل ذَلِك لَا يُقَال من قبل الرَّأْي وَيُمكن أَنه لما علم بِمَا ورد فِي ذَلِك فضل على الْعُمُوم اسْتحبَّ أَن يقْرَأ على الْقَبْر لكَونه فَاضلا رَجَاء أَن ينْتَفع الْمَيِّت بتلاوته // مَا يُقَال إِذا زار الْقُبُور (وَإِذا زار الْقُبُور فَلْيقل السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم للاحقون نسْأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة (م) أَنْتُم لنا فرط وَنحن لكم تبع (س)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَانِي فَقَالَ إِن رَبك يَأْمُرك أَن تأتى أهل البقيع فَاسْتَغْفر لَهُم قَالَ قلت وَكَيف أَقُول يَا رَسُول الله قَالَ قولي السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُسلمين وَيرْحَم الله الْمُسْتَقْدِمِينَ والمستأخرين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَزَاد فِيهِ أَنْتُم لنا فرط وَإِنَّا بكم لاحقون اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجرهم وَلَا تضلنا بعدهمْ وَأخرجه أَيْضا مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث بُرَيْدَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمهُمْ إِذا خَرجُوا إِلَى الْمَقَابِر فَكَانَ قَائِلهمْ يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم للاحقون نسْأَل الله لناولكم الْعَافِيَة زَاد النَّسَائِيّ أَنْتُم لنا فرط وَنحن لكم تبع وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج من آخر اللَّيْل إِلَى البقيع فَيَقُول السَّلَام عَلَيْكُم أهل دَار قوم مُؤمنين وأتاكم مَا توعدون الحَدِيث وَلَعَلَّ المُصَنّف نقل أَلْفَاظ حَدِيث بُرَيْدَة فَإِنَّهَا كَمَا فِي حَدِيثه الَّذِي ذَكرْنَاهُ قبل وَالتَّقْيِيد بِالْمَشِيئَةِ هُنَا كَقَوْل الْقَائِل إِن أَحْسَنت إِلَيّ شكرتك وَقيل التَّقْيِيد بِالْمَشِيئَةِ عَائِد إِلَى قَوْله (من الْمُؤمنِينَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 وَهُوَ بعيد وَكَثِيرًا مَا يسْتَعْمل التَّقْيِيد بِالْمَشِيئَةِ لقصد تَأْكِيد مَا تقدمه وَأَنه وَاقع على كل حَال وَالْمرَاد إِنَّا بكم لاحقون على كل حَال // الْبَاب التَّاسِع (فِي ذكر ورد فَضله وَلم يخص وقتا من الْأَوْقَات واستغفار يمحو الخطيئات وَفضل الْقُرْآن الْعَظِيم وسور مِنْهُ وآيات فصل الذّكر (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا إِلَه إِلَّا الله أفضل الذّكر وَهِي أفضل الْحَسَنَات (ت. أ)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَأحمد بن حَنْبَل كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَلأَحْمَد لَا إِلَه إِلَّا الله أفضل الذّكر وَهِي أفضل الْحَسَنَات وَهَكَذَا فِي مُسْند الْبَزَّار وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء الْحَمد لله وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَصَححهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَكلهمْ أَخْرجُوهُ من طَرِيق طَلْحَة بن خرَاش عَن جَابر وَهُوَ أبصاري مدنِي صَدُوق وَقَالَ الأيردي لَهُ مَا يُنكر وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَأخرج لَهُ فِي صَحِيحه وَأخرج أَحْمد من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ إِذا عملت سَيِّئَة فأتبعها حَسَنَة تمحوها قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَمن الْحَسَنَات لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ هِيَ أفضل الْحَسَنَات قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن شمر بن عَطِيَّة حدث بِهِ عَن أشياخه عَن أبي ذَر وَلم يسم أحدا مِنْهُم وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 الحَدِيث دَلِيل على أَن كلمة التَّوْحِيد هِيَ أفضل الذّكر وَأفضل الْحَسَنَات وَحقّ لَهَا فَإِنَّهُم مِفْتَاح الْإِسْلَام بل بَابه الَّذِي لَا يدْخل إِلَيْهِ إِلَّا مِنْهُ بل عماده الَّذِي لَا يقوم بِغَيْرِهِ وَهِي أحد أَرْكَان الْإِسْلَام وَهِي الْفرْقَان بَين الْإِسْلَام وَالْكفْر وَبَين الْحق وَالْبَاطِل // (أسعد النَّاس بشفاعتي يَوْم الْقِيَامَة من قَالَهَا خَالِصا من قلبه (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ يَا رَسُول الله من أسعد النَّاس بشفاعتك يَوْم الْقِيَامَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد ظَنَنْت يَا أَبَا هُرَيْرَة أَن لَا يسألني عَن هَذَا الحَدِيث أولى مِنْك لما رَأَيْت من حرصك على الحَدِيث أسعد النَّاس بشفاعتي الخ (قَوْله أسعد النَّاس بشفاعتي) فِيهِ دَلِيل على أَن قَائِل هَذِه الْكَلِمَة هُوَ اِسْعَدْ النَّاس بالشفاعة النَّبَوِيَّة لَكِن مُقَيّدا بِأَن يَقُول ذَلِك خَالِصا لَا إِذا قَالَهَا من دون خلوص وَفِيه أَنه أَرَادَ بالشفاعة بعض انواعها وَأما الشَّفَاعَة الْعُظْمَى فأسعد النَّاس من يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب // (مَا من عبد قَالَهَا ثمَّ مَاتَ على ذَلِك إِلَّا دخل الْجنَّة وَإِن زنى وَإِن سرق وَإِن زنى وَإِن سرق (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَائِم وَعَلِيهِ ثوب أَبيض ثمَّ أَتَيْته فَإِذا هُوَ نَائِم ثمَّ أَتَيْته وَقد اسْتَيْقَظَ فَجَلَست إِلَيْهِ فَقَالَ مَا من عبد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك دخل الْجنَّة قلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق قلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق قلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة على رغم أنف أبي ذَر وَهُوَ يَقُول وَإِن رغم أنف أبي ذَر وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 هَذِه الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ كلمة التَّوْحِيد إِذا مَاتَ العَبْد على قَوْلهَا وَكَانَت خَاتِمَة كَلَامه الَّذِي يتَكَلَّم بِهِ عَاقِلا مُخْتَارًا أوجبت لَهُ الْجنَّة وَلم يضرّهُ مَا تقدم من الْمعاصِي وَإِن كَانَت كَبَائِر كالزنى والسرق وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَمن أَبى هَذِه قُلْنَا لَهُ صَحَّ هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّادِق المصدوق على رغم أَنْفك وَهُوَ لَا يَقُول إِلَّا الْحق لمَكَان الْعِصْمَة لَا سِيمَا فِيمَا طَرِيقه الْبَلَاغ وَقد تكلّف قوم لرد هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَمَا ورد فِي مَعْنَاهُ من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِمَا لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع وَبَعْضهمْ تكلّف بتقييده بِعَدَمِ الْمَانِع وَلَيْسَ على ذَلِك أثارة من علم وَسَيَأْتِي تَمام الْكَلَام على هَذَا فِي حَدِيث البطاقة (جددوا إيمَانكُمْ قيل وَكَيف نجدد إيمَاننَا يَا رَسُول الله قَالَ أَكْثرُوا من قَول لَا إِلَه إِلَّا الله (أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جددوا إيمَانكُمْ الخ قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإسْنَاد أَحْمد حسن وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ رجال أَحْمد ثِقَات وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْكَلِمَة الشَّرِيفَة كَمَا كَانَت محصلة لِلْإِسْلَامِ ابْتِدَاء تكون مجددة لَهُ إِذا قَالَ الْقَائِل من الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ بهَا فَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فقد تجدّد إيمَانه الْحَاصِل من قبل وَمَعْلُوم أَن ذَلِك يَقْتَضِي قُوَّة الْإِيمَان وَزِيَادَة على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل أَن يَقُول هَذِه الْكَلِمَة // (قَوْلهَا لَا يتْرك ذَنبا وَلَا يشبهها عمل (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم هَانِئ بنت أبي طَالب رَضِي الله عَنْهَا وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله هُوَ لفظ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وأصل الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيثهَا قَالَ مر بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقلت لَهُ مرني بِعَمَل أعمله وَأَنا جالسة قَالَ سبحي الله مائَة تَسْبِيحَة فَإِنَّهَا تعدل مائَة رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل واحمدي الله مائَة تحمدية فَإِنَّهَا تعدل مائَة فرس مسرجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 ملجمة تحملين عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وكبري الله مائَة تَكْبِيرَة فَإِنَّهَا تعدل مائَة بدلة مقلدة متقبلة وهللي الله مائَة تَهْلِيلَة قَالَ أَبُو خلف لَا أَحْسبهُ إِلَّا قَالَ تملأ مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهَكَذَا أخرجه الْحَاكِم وَصحح إِسْنَاده إِلَّا أَنه قَالَ (مَكَان تملأ السما وَالْأَرْض) وَقَول لَا إِلَه إِلَّا الله لَا يتْرك ذَنبا وَلَا يشبهها عمل وَفِيه دَلِيل على أَن هَذِه الْكَلِمَة لَا تتْرك ذَنبا لقائلها بل يغفره الله لَهُ وَإِنَّهَا فائقة على غَيرهَا من الْأَعْمَال بِحَيْثُ لَا يشبهها عمل وَلَا يبلغ إِلَى درجتها كَائِنا مَا كَانَ // (لَيْسَ لَهَا دون الله حجاب حَتَّى تخلص إِلَيْهِ (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن التَّسْبِيح نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد يملؤه وَلَا إِلَه إِلَّا الله لَيْسَ لَهَا دون الله حجاب حَتَّى تخلص إِلَيْهِ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب فِيهِ دَلِيل على أَن هَذِه الْكَلِمَة حَسَنَة من الْحَسَنَات الْوَاصِلَة إِلَى الله تَعَالَى على كل حَال وَهَذَا الْوُصُول إِلَيْهِ من دون حجاب هُوَ كِنَايَة عَن قبُولهَا وَحُصُول الثَّوَاب لقائلها وَأَنَّهَا من الْأَعْمَال المقبولة على كل حَال وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة دَالَّة على شرف هَذِه الْكَلِمَة واختصاصها بمزايا عاجلة وآجلة // (لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير من قَالَهَا عشر مَرَّات كَانَ كمن أعتق أَرْبَعَة من ولد إِسْمَاعِيل (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على ان هَذَا الذّكر يَقُول من الْأجر مقَام أَربع رِقَاب من ولد إِسْمَاعِيل وهم أشرف الْعَرَب وَقد ثَبت أَن من أعتق رَقَبَة أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار فعلى هَذَا يعْتق قَائِل هَذَا الْكَلِمَات عشر مَرَّات عتقا متضاعفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 مرّة بعد مرّة حَتَّى يبلغ أَربع مَرَّات وَلَا شكّ أَن عتق النَّفس أَكثر ثَوابًا وَأعظم أجرا // (وَمرَّة كعتق نسمَة (أ. م. مص)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد بن حَنْبَل وَمُسلم وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من منح منيحة ورق أَو منيحة لبن فَهُوَ كعتق نسمَة وَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير فَهُوَ كعتق نسمَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيّ بِاخْتِصَار التهليل وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وفرقه ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي موضِعين فَذكر المنيحة فِي مَوضِع وَذكر التهليل فِي مَوضِع آخر انْتهى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أبي أَيُّوب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير كَانَ كَعدْل مُحَرر أَو محررين قَالَ الْمُنْذِرِيّ رُوَاته ثِقَات مُحْتَج بهم وَقَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد رِجَاله رجال الصَّحِيح وَفِي الحَدِيث أَن قَوْله هَذِه الْكَلِمَة تعدل تَحْرِير رَقَبَة وَفِي الحَدِيث الآخر على الشَّك فِي كَونهَا تعدل رَقَبَة أَو رقبتين وَهَذَا أجر عَظِيم وثواب كَبِير // (هِيَ الَّتِي علمهَا نوح ابْنه فَإِن السَّمَوَات لَو كَانَت فِي كفة لرجحت بهَا وَلَو كَانَت حَلقَة لضمتها (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيثه بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات مُحْتَج بهم إِلَّا ابْن إِسْحَاق وَأخرجه الْحَاكِم من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَيْضا مَرْفُوعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 لَو أَن السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ كَانَت حَلقَة فَوضعت لَا إِلَه إِلَّا الله عَلَيْهَا لقصمتها وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله فِي كفة) بِالْكَسْرِ للكاف يَعْنِي كفة الْمِيزَان لاستدارتها وكل شَيْء مستدير كفة بِالْكَسْرِ كَمَا أَن كل مستطيل كفة بِالضَّمِّ (قَوْله لضمتها) من بِالضَّمِّ وَلَفظ الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ لقصمتها من القصم وَهُوَ الْكسر للشَّيْء وإبانته قيل وَمعنى الضَّم هُنَا لَا يعرف قلت بل المُرَاد أَن السَّمَوَات لَو كَانَت حَلقَة لضمتها هَذِه الْكَلِمَة أَي انضمت عَلَيْهَا حَتَّى صَارَت داخلها كَمَا أَنَّهَا لَو كَانَت فِي كفة لرجحت هَذِه الْكَلِمَات عَلَيْهَا وَالْمرَاد لعظم شَأْن هَذِه الْكَلِمَة وَأما القصم فَمَعْنَاه هَاهُنَا ظَاهر وَاضح أَي لَو كَانَت فِي حَلقَة لقصمتها حَتَّى تخلص إِلَى الله تَعَالَى كَمَا هُوَ لفظ الْبَزَّار فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أوصيك بقول لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهَا لَو وضعت فِي كفة وَوضعت السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي كفة لرجحت بِهن وَلَو كَانَت حَلقَة لقصمتهن حَتَّى تخلص إِلَى الله تَعَالَى وَكَانَ على المُصَنّف أَن يَجْعَل هَذَا الحَدِيث مُتَّصِلا بالأحاديث الْوَارِدَة فِي فضل لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا يوسط بَينه وَبَينهَا مَا وَسطه // (لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر كلمتان إِحْدَاهمَا لَيْسَ لَهَا نِهَايَة دون الْعَرْش وَالْأُخْرَى تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ مَرْوِيّ عَن معَاذ بن عبد الله بن رَافع قَالَ كنت فِي مجْلِس عبد الله بن عمر وَعبد الله بن جَعْفَر وَعبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة قَالَ سَمِعت معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كلمتان إِحْدَاهمَا لَيْسَ لَهَا نِهَايَة دون الْعَرْش وَالْأُخْرَى تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ ابْن عمر لِابْنِ أبي عمْرَة سمعته يَقُول ذَلِك قَالَ نعم فَبكى عبد الله بن عمر حَتَّى اختضبت لحيته بدموعه وَقَالَ هما كلمتان نعلقهما ونألفهما قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد ومعاذ بن عبد الله بن رَافع لم أعرفهُ وَابْن لَهِيعَة حَدِيثه حسن وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات (قَوْله إِحْدَاهمَا لَيْسَ لَهَا نِهَايَة دون الْعَرْش) هِيَ كلمة التَّوْحِيد كَمَا تقدم قَرِيبا أَنه لَيْسَ لَهَا من دون الله حجاب حَتَّى تخلص إِلَى الله وَقَوله نِهَايَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 هَكَذَا فِي نسخ كتب المُصَنّف رَحمَه الله وَفِي غَيره لَيْسَ لَهَا ناهية أَي لَا تنهاها عَن الْوُصُول إِلَى الْعَرْش ناهية (قَوْله وَالْأُخْرَى تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض) هِيَ الله أكبر // (لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم مَا على الأَرْض أحد يَقُولهَا إِلَّا كفرت خطاياه عَنهُ وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر (ت. س)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا على الأَرْض أحد يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه إِلَّا كفرت خطاياه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَأخرجه من حَدِيثه ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَزَاد سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَقَالَ الْحَاكِم وحاتم بن أبي صَغِيرَة ثِقَة وزيادته مَقْبُولَة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن التَّكَلُّم بِهَذَا الذّكر مرّة وَاحِدَة يمحو الذُّنُوب وَأَن كَانَ فِي الْكَثْرَة إِلَى غَايَة تَسَاوِي زبد الْبَحْر وَفضل الله وَاسع وعطاؤه جم وَهُوَ وَاسع الرَّحْمَة // (أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مَا أحد يشْهد بهَا إِلَّا حرمه الله على النَّار (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب ومعاذ ورديفة على الرحل قَالَ يَا معَاذ بن جبل قَالَ لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك ثَلَاثًا قَالَ مَا من أحد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَادِقا من قلبه إِلَّا حرمه الله على النَّار قَالَ يَا رَسُول الله أَفلا أخبر بهَا النَّاس فيستبشروا قَالَ إِذن يتكلوا وَأخْبر بهَا معَاذ عِنْد مَوته تأثما وَأخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ عِنْد مَوته سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْكَلِمَة الْمُشْتَملَة على الشَّهَادَتَيْنِ تَقْتَضِي تَحْرِيم قَائِلهَا على النَّار وَمن حرم على النَّار فَلَا تمسه أبدا وظاهرة أَنَّهَا تكفر جَمِيع الذُّنُوب على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وَللَّه الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَهُوَ الغفور الرَّحِيم // حَدِيث البطاقة (وَحَدِيث البطاقة الَّتِي تثقل بالتسعة وَالتسْعين سجلا كل سجل مد الْبَصَر هِيَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله (ق. مس. حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنَن وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان الله سيخلص رجلا من أمتِي على رُؤُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فينشر عَلَيْهِ تِسْعَة وَتِسْعين سجلا يَوْم الْقِيَامَة كل سجل مثل مد الْبَصَر قَالَ ثمَّ يَقُول الله أتنكر من هَذَا شَيْئا أظلمتك كتبتي الحافظون فَيَقُول لَا يَا رب فَيَقُول أَفَلَك عذر فَيَقُول لَا يَا رب فَيَقُول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بلَى أَن لَك عندنَا حَسَنَة وَأَنه لَا ظلم الْيَوْم عَلَيْك فَيخرج بطاقة فِيهَا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُول الله احضر وزنك فَيَقُول يَا رب مَا هَذِه البطاقة مَعَ هَذِه السجلات قَالَ فَإنَّك لَا تظلم فتوضع السجلات فِي كَفه فطاشت السجلات وثقلت البطاقة وَلَا يثقل مَعَ اسْم الله شَيْء وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ من حَدِيثه وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَأخرجه أَيْضا الْبَيْهَقِيّ من حَدِيثه وَفِي الحَدِيث تَحْقِيق لما ذَكرْنَاهُ قَرِيبا من أَن هَذِه الشَّهَادَة تكفر جَمِيع الذُّنُوب وان مَال إِلَى خلاف ذَلِك قوم وَقَالُوا إِن هَذَا وَنَحْوه كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام حِين كَانَت الدعْوَة إِلَى مُجَرّد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 الْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ فَلَمَّا فرضت الْفَرَائِض وَحدث الْحُدُود نسخ ذَلِك وَمن الْقَائِلين بِهَذَا الضَّحَّاك وَالزهْرِيّ وَالنَّوَوِيّ وَلَا يخفاك أَن هَذَا مُجَرّد رَأْي بحث لم يعضد بِدَلِيل وَلَا يُنَافِي ذَلِك وُرُود الْعُقُوبَات الْمعينَة على ترك فَرِيضَة من فَرَائض الله تَعَالَى فَإِن الْجمع مُمكن من دون إهدار لهَذِهِ الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة المتواترة وَمن شكّ فِي تواترها فَليرْجع إِلَى دواوين الحَدِيث فَإِنَّهُ سيقف على ذَلِك بأيسر بحث فَكيف يَدعِي نسخ مَا هُوَ متواتر بِمُجَرَّد الرَّأْي والاستبعاد فَإِن كَانَ ذَلِك لقصد أَن لَا يتكل النَّاس على هَذِه الْمنح الربانية فَذَلِك مُمكن بِدُونِ تقينط لعباد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومجازفة فِي دَعْوَى النّسخ لشرائعه الَّتِي شرعها على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت طَائِفَة أَنه لَا حَاجَة إِلَى دَعْوَى النّسخ من غير دَلِيل وَزَعَمُوا أَن الْقيام بفرائض الدّين وتجنب منهياته هُوَ من لَوَازِم الْإِقْرَار بِهَذِهِ الشادة وَمن تتماته وَقَالَت طَائِفَة ثَالِثَة إِن التَّلَفُّظ بِهَذِهِ الشَّهَادَة سَبَب لدُخُول الْجنَّة والعصمة من النَّار بِشَرْط أَن يَأْتِي بالفرائض ويتجنب الْمُحرمَات وَإِن عدم الْإِتْيَان بالواجبات وَعدم اجْتِنَاب الْمُحرمَات مَانع لما تَقْتَضِيه هَذِه الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْكَثِيرَة وَهَذِه الْأَقْوَال كَمَا ترى لم ترْبط بِمَا يشد من عضدها وَلم يعبأ بهَا وَيَقْتَضِي قبُولهَا وَلَا بنيت على أساس قوي وَلَا على رَأْي سوي ورد جحد للنعمة وإنكاره كفران لَهَا وَالْهِدَايَة إِلَى الْحق بيد الْوَهَّاب الْعَلِيم وَمِمَّا يدْفع هَذِه التأويلات مَا وَقع فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ الْآتِي بعد هَذَا بِلَفْظ أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ مِنْهُ من عمل وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا (قَوْله وَحَدِيث البطاقة) بِكَسْر الْبَاء وَهِي رقْعَة صَغِيرَة يكْتب فِيهَا مَا يُرَاد كِتَابَته (قَوْله سجلات) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَالْجِيم وَتَشْديد اللَّام جمع سجل وَهُوَ الصَّحِيفَة وَقيل الْكتاب الْكَبِير // (من قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَابْن أمته وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَأَن الْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله من أَي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية شَاءَ (خَ. م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله الحَدِيث الخ وَلَفظ مُسلم من قَالَ اشْهَدْ الخ وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث زِيَادَة لم يذكرهَا المُصَنّف وَهِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا كَانَ مِنْهُ من عمل وَهِي ثَابِتَة فِي الصَّحِيح وَبِهَذَا يدْفع تَأْوِيل المتأولين لهَذِهِ التفضلات الربانية والمنح الإلهية حَسْبَمَا قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى هَذَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَفِي لفظ لمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من هَذَا الحَدِيث من يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَالظَّاهِر أَن تَخْصِيص عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِالذكر فِي هَذِه الشَّهَادَة وَجهه أَنه آخر الرُّسُل قبل الْبعْثَة المحمدية // (وَمن قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مرّة كتب لَهُ عشرا وَمن قَالَهَا عشرا كتب لَهُ مائَة وَمن قَالَهَا مائَة كتب لَهُ ألفا وَمن زَاد زَاده الله (ت. س)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم لأَصْحَابه قُولُوا سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة من قَالَهَا مرّة كتب لَهُ عشرا وَمن قَالَهَا مائَة كتب لَهُ ألفا وَمن زَاد زَاده الله وَمن اسْتغْفر غفر الله لَهُ هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن غَرِيب وَأخرجه الْحَاكِم من حَدِيث اسحق بن عبد الله ابْن أبي طَلْحَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة أَو وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة كتب لَهُ مائَة ألف حَسَنَة وأربعا وَعشْرين ألف حَسَنَة قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة كتب لَهُ مائَة ألف حَسَنَة وَأَرْبع وَعِشْرُونَ ألف حَسَنَة قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي إِسْنَاده نظر (قَوْله وَمن زَاد زَاده الله) فِيهِ دَلِيل على أَن هَذَا التَّضْعِيف غير مُخْتَصّ بِهَذَا الْعدَد الْمَنْصُوص بل هُوَ ثَابت فِي كل عدد وَإِن زَاد كَمَا تدل عَلَيْهِ الْأَدِلَّة القاضية بِأَن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 (هِيَ أحب الْكَلَام إِلَى الله (م. ت) أحب الْكَلَام الَّذِي اصطفاه الله لملائكته (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبرك بِأحب الْكَلَام إِلَى الله تَعَالَى قَالَ قلت بلَى يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِأحب الْكَلَام إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ إِن أحب الْكَلَام إِلَيّ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْكَلَام أفضل قَالَ مَا اصطفاه الله لرسله ولملائكته أَو لِعِبَادِهِ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث مُصعب ابْن سعد قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَيعْجزُ أحدكُم أَن يكْسب كل يَوْم ألف حَسَنَة فَسَأَلَهُ سَائل من جُلَسَائِهِ كَيفَ يكْسب أَحَدنَا ألف حَسَنَة قَالَ يسبح مائَة تَسْبِيحَة فتكتب لَهُ ألف حَسَنَة أَو يحط عَنهُ ألف خَطِيئَة قَالَ الْحميدِي هُوَ فِي كتاب مُسلم فِي جَمِيع الرِّوَايَات أَو يحط قَالَ البرقاني وَرَوَاهُ شُعْبَة وَأَبُو عوَانَة وَيحيى الْقطَّان عَن مُوسَى الَّذِي رَوَاهُ مُسلم من جِهَته فَقَالُوا ويحط بِغَيْر ألف وَقد وَقع فِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان ويحط بِغَيْر ألف قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح // (هِيَ الَّتِي أَمر نوح بهَا ابْنه فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وتسبيح الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو وَقد أخرجه مُسْتَوفى النَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ نوح لِابْنِهِ أَنِّي مُوصِيك بِوَصِيَّة وقاصرها لكَي لَا تنساها أوصيك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ أما اللَّتَان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وَصَالح خلقه وهما يكثران الولوج على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أوصيك بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن السَّمَوَات وَالْأَرْض لَو كَانَتَا حَلقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 قصمتها وَلَو كَانَت فِي كفة وزنتها وأوصيك بسبحان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وتسبيح الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا تفقهون تسببيحهم إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا وَأما اللَّتَان أَنهَاك عَنْهُمَا فيحتجب الله وَصَالح خلقه مِنْهُمَا أَنهَاك عَن الشّرك بِاللَّه وَالْكبر هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَأخرجه الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَكَانَ الأولى للْمُصَنف أَن يَعْزُو الحَدِيث إِلَى هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ يكثر النَّقْل عَنْهُم وَلكنه مَال إِلَى الِاخْتِصَار // (من قَالَهَا غرست لَهُ شَجَرَة فِي الْجنَّة (ز)) // الحَدِيث نسخ المُصَنّف فِي رمز من أخرجه مُخْتَلفَة فَفِي بَعْضهَا رمز الْبَزَّار وَفِي بَعْضهَا رمز التِّرْمِذِيّ وَفِي بَعْضهَا بِلَفْظ غرست لَهُ شَجَرَة فِي الْجنَّة وَفِي بَعْضهَا غرست لَهُ نَخْلَة وَقد أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وصححاه من حَدِيث جَابر وَكلهمْ رَوَوْهُ بِلَفْظ غرست لَهُ نَخْلَة إِلَّا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَإِحْدَى رِوَايَات ابْن حبَان ففيهما بِلَفْظ شَجَرَة بدل نَخْلَة وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بِلَفْظ نَخْلَة كَمَا سَيَأْتِي عِنْد ذكر المُصَنّف لَهُ // (من هاله اللَّيْل ان يكابدهن يُنْفِقهُ أَو جبن عَن الْعَدو أَن يقاتله فليكثر مِنْهَا فَإِنَّهَا أحب إِلَى الله من جبل ذهب يُنْفِقهُ فِي سَبِيل الله (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي امامة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هاله اللَّيْل أَن يكابده أَو بخل بِالْمَالِ أَن يُنْفِقهُ أَو جبن عَن الْعَدو أَن يقاتله فليكثر من قَول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا أحب إِلَى الله من جبل ذهب يُنْفِقهُ فِي سَبِيل الله قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه سُلَيْمَان بن أَحْمد الوَاسِطِيّ وَثَّقَهُ عَبْدَانِ وَضَعفه الْجُمْهُور وَالْغَالِب على بَقِيَّة رِجَاله التوثيق وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب هُوَ حَدِيث غَرِيب وَلَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الْقيام بِهَذِهِ الْأُمُور الْمَذْكُورَة أفضل من هَذَا الذّكر الْمَذْكُور وَلِهَذَا قيد الْعُدُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 إِلَيْهِ بِالْعَجزِ عَنْهَا وَقد قدمنَا شَيْئا من الْبَحْث فِي أول كتاب المُصَنّف رَحمَه الله عِنْد ذكره لفضل الذّكر على الْعُمُوم (قَوْله من هاله) من الهول وَهُوَ الْأَمر الشَّديد وَمعنى المكابدة لَهُ مقاساة شدته // (من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نبت لَهُ غرس فِي الْجنَّة (أ)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نبت لَهُ غرس فِي الْجنَّة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَإِسْنَاده حسن وَهَاهُنَا أطلق الْغَرْس وَكَذَلِكَ فِي الحَدِيث الأول فَيَنْبَغِي أَن يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد بِكَوْنِهَا نَخْلَة // (من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ غرست لَهُ نَخْلَة فِي الْجنَّة (مص. ز. حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ غرست لَهُ نَخْلَة فِي الْجنَّة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الْبَزَّار وَإِسْنَاده جيد وَقد تقدم إِلَى تجويد إِسْنَاده الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَقد تقدم إِنَّه يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد فَيكون المغروس هُنَا فِي الْجنَّة هُوَ النَّخْلَة وَكَانَ يُغني المُصَنّف عَن تعداد هَذِه الْأَحَادِيث وتفريقها والفصل بَينهَا أَن يذكر الْمَتْن فِي مَكَان وَاحِد وَيذكر رمز من قَالَ نَخْلَة وَمن قَالَ شَجَرَة ورمز من قَالَ غرس كَمَا كَانَ يفعل قبل هَذَا فِي كثير من هَذَا الْكتاب // (فَإِنَّهَا عبَادَة الْخلق وَبهَا تقطع أَرْزَاقهم (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا وَقد قدمنَا ذكر من أخرجه عِنْد المُصَنّف لبَعض أَلْفَاظه معزو إِلَى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه ثمَّ عزاهُ إِلَى الْبَزَّار بِاعْتِبَار هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 اللَّفْظ الْمَذْكُور وَمَا كَانَ يحسن مِنْهُ هَذَا الصَّنِيع وَلكنه ذكر ذَلِك فِي فضل كلمة التَّوْحِيد وَهَذَا اللَّفْظ فِي فضل سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَالْحَاصِل أَن حَدِيث عبد الله بن عَمْرو قد اشْتَمَل على اللَّفْظَيْنِ الْمَذْكُورين فَقَالَ أوصيك بِلَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ قَالَ فِيهِ بسبحان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق وَقد قدمنَا ذكر من أخرج الحَدِيث وَصَححهُ قَرِيبا فَلَا نعيده (قَوْله وَبهَا تقطع أَرْزَاقهم) أَي تقسم لَهُم وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا قطعهَا عَنْهُم وَعدم وصولها إِلَيْهِم وَمن ذَلِك قَوْلهم قطعت لَهُ قِطْعَة من المَال // (كلمتان خفيفتان على اللِّسَان ثقيلتان فِي الْمِيزَان حبيبتان إِلَى الرَّحْمَن سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلمتان الخ وَأخرجه من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ (قَوْله كلمتان خفيفتان على اللِّسَان) أَي لَا كلفة فِي النُّطْق بهما على النَّاطِق بهما على النَّاطِق لخفة حروفهما وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ فيهمَا حرف من حُرُوف الاستعلاء وَلَا من حُرُوف الإطباق غير الظَّاء وَلَا من حُرُوف الشدَّة غير الْبَاء وَالدَّال (قَوْله ثقيلتان فِي الْمِيزَان) يَعْنِي أَن أجرهما عَظِيم كثير وَلَهُمَا فِي ميزَان الْحَسَنَات أثر عَظِيم // (من قَالَهَا مَعَ أسْتَغْفر الله الْعَظِيم وَأَتُوب إِلَيْهِ كتب لَهُ كَمَا قَالَهَا ثمَّ علقت بالعرش لَا يمحوها ذَنْب عمله صَاحبهَا حَتَّى تلقى الله يَوْم الْقِيَامَة مختومة كَمَا قَالَهَا (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ من قَالَهَا كتب لَهُ كَمَا قَالَ الخ وَفِي إِسْنَاده يحيى بن عَمْرو بن مَالك النكري بِضَم النُّون الْبَصْرِيّ وَهُوَ ضَعِيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ صُوَيْلِح يعْتَبر بِهِ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات كَذَا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْكَلِمَة تبقى مثبتة لقائلها مَخْتُومًا عَلَيْهَا لَا يحبطها عمل وَلَا يمحوها ذَنْب لموقف الْحساب يَوْم الْقِيَامَة // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجويرية وَقد خرج من عِنْدهَا حِين صلى الصُّبْح وَهِي تسبح ثمَّ رَجَعَ وَهِي جالسة بعد أَن أضحى مَا زلت على الْحَال الَّتِي فارقتك عَلَيْهَا قَالَت نعم قَالَ لقد قلت بعْدك أَربع كَلِمَات ثَلَاث مَرَّات لَو وزنت بِمَا قلت مُنْذُ الْيَوْم لوزنتهن سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عدد خلقه ورضا نَفسه وزنة عَرْشه ومدد كَلِمَاته سُبْحَانَ الله عدد خلقه سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه سُبْحَانَ الله وزنة عَرْشه سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جوَيْرِية رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج من عِنْدهَا بكرَة حِين صلى الصُّبْح وَهِي فِي مَسْجِدهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا الخ وَأخرجه من حَدِيثهَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة لمُسلم سُبْحَانَ الله عدد خلقه سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه سُبْحَانَ الله زنة عَرْشه سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته وَزَاد النَّسَائِيّ فِي آخر الحَدِيث وَالْحَمْد لله كَذَلِك وَفِي رِوَايَة لَهُ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر عدد خلقه ورضا نَفسه وزنة عَرْشه ومداد كَلِمَاته (قَوْله بعد أَن أضحى) دخل فِي الضحوة وَهِي ارْتِفَاع النَّهَار (قَوْله وزنة عَرْشه) أَي مِقْدَار وزن عَرْشه أَي مِقْدَار وزن عَرْشه سُبْحَانَهُ مَعَ عظم قدره وَكَون السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كحلقة فِي فلاة (قَوْله ومداد كَلِمَاته) أَي عَددهَا وَقيل المداد مصدر كالمد وَهُوَ مَا يكثر بِهِ وَيزِيد وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن من قَالَ سُبْحَانَ الله عدد كَذَا وَزنه كَذَا كتب لَهُ ذَلِك الْقدر وَفضل الله يمن بِهِ على من يَشَاء من عباده وَلَا يتَّجه هَاهُنَا أَن يُقَال أَن مشقة من قَالَ هَكَذَا أخف من مشقة من كرر لفظ الذّكر حَتَّى يبلغ إِلَى مثل ذَلِك الْعدَد فَإِن هَذَا بَاب منحه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عَلَيْهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِم وتكثيرا لأجورهم من دون تَعب وَلَا نصب فَالله الْحَمد وَقد ورد مَا يُقَوي هَذَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 كثير من الْأَحَادِيث وَسَيذكر المُصَنّف بَعْضهَا وَمِمَّا يدل على مَا ذَكرْنَاهُ حَدِيث سعد بن أبي وَقاص أَنه دخل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على امْرَأَة وَبَين يَديهَا نوى أَو حصا تسبح بِهِ فَقَالَ لَهَا أَلا أخْبرك بِمَا هُوَ خير لَك وأيسر عَلَيْك من هَذَا وَأفضل فَقَالَ سُبْحَانَ الله عدد مَا خلق فِي السَّمَاء وَسُبْحَان الله عدد مَا هُوَ خَالق وَالله أكبر مثل ذَلِك وَالْحَمْد لله مثل ذَلِك وَلَا إِلَه إِلَّا الله مثل ذَلِك وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه مثل ذَلِك وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه الْحَاكِم وَابْن حبَان وصححاه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن حبَان وصححاه عَن صَفِيَّة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا وَبَين يَديهَا أَرْبَعَة آلَاف نواة تسبح بِهن فَقَالَ يَا بنت حَيّ مَا هَذَا قَالَت أسبح بِهن قَالَ قد سبحت مُنْذُ قُمْت على فراشك أَكثر من هَذَا قَالَت عَلمنِي يَا رَسُول الله قَالَ قولي سُبْحَانَ الله عدد مَا خلق من شَيْء // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي الدَّرْدَاء أَلا أعلمك شَيْئا هُوَ أفضل من ذكر اللَّيْل مَعَ النَّهَار وَالنَّهَار مَعَ اللَّيْل سُبْحَانَ الله عدد مَا خلق وَسُبْحَان الله ملْء مَا خلق وَسُبْحَان الله عدد كل شَيْء وَسُبْحَان الله ملْء كل شَيْء وَسُبْحَان الله عدد مَا أحصى كِتَابه وَسُبْحَان الله ملْء مَا أحصى كِتَابه وَالْحَمْد لله عدد مَا خلق وَالْحَمْد لله ملْء مَا خلق وَالْحَمْد لله عدد كل شَيْء وَالْحَمْد لله ملْء كل شَيْء وَالْحَمْد لله ملْء كل شَيْء وَالْحَمْد لله عدد مَا أحصى كِتَابه وَالْحَمْد لله ملْء مَا أحصى كِتَابه (ز. ط)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ أبصرني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 أحرك شفتي فَقَالَ أَبَا الدَّرْدَاء مَا تَقول قلت أذكر الله قَالَ أَفلا أعلمك مَا هُوَ أفضل من ذكرك اللَّيْل مَعَ النَّهَار وَالنَّهَار مَعَ اللَّيْل قلت بلَى قَالَ سُبْحَانَ الله الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَفِيه لَيْث بن أبي سليم وَهُوَ ثِقَة وَلكنه مُدَلّس وَأَبُو إِسْرَائِيل الْملَائي حسن الحَدِيث وَبَقِيَّة رجالهما رجال الصَّحِيح انْتهى ويشد من عضدها الْأَحَادِيث الَّتِي سيذكرها المُصَنّف بعد هَذَا وَسَيذكر غَيرهَا مِمَّا يُقَوي معنى هَذَا الحَدِيث كَمَا ستقف على ذَلِك وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على مَا قدمنَا من أَنه يكْتب للذاكر إِذا قَالَ عدد كَذَا أَو نَحْو ذَلِك جَمِيع مَا ذكر بعدده أَو نَحوه وَإِن كَانَ يفوت الاحصاء وَلَا يُمكن الْوُقُوف على مِقْدَار من بني آدم فَإِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم ذَلِك ويحيط بِكُل شَيْء علما (قَوْله ملْء مَا خلق) هَذَا يُرَاد بِهِ الدّلَالَة على الْكَثْرَة الْمُجَاوزَة لما تتصوره الْأَذَان وتقدره الْعُقُول وَإِن كَانَ الْكَلَام فِي الأَصْل من الْأَعْرَاض الَّتِي لَا اسْتِقْرَار لَهَا وَلَا تتصف بِأَنَّهُ ملْء كَذَا وَلَا تتصف أَيْضا بكيل وَلَا وزن وَيُمكن أَن يُقَال أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُربي صَدَقَة الْمُتَصَدّق كَمَا يُربي أَحَدنَا فلوه وَمَا ورد فِي معنى ذَلِك (قَوْله عدد مَا أحصى كِتَابه) يُمكن أَن يُرَاد بِهَذَا اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي يَقُول الله سُبْحَانَهُ فِي شَأْنه {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} وَيُمكن أَن يُرَاد بِهِ الْقُرْآن وَيُمكن أَن يُرَاد بِهِ جَمِيع كتبه الْمنزلَة على رسله // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي أُمَامَة أَلا أخْبرك بِأَكْثَرَ وَأفضل من ذكر اللَّيْل مَعَ النَّهَار وَالنَّهَار مَعَ اللَّيْل تَقول سُبْحَانَ الله عدد مَا خلق سُبْحَانَ الله ملْء مَا خلق سُبْحَانَ الله عدد مَا فِي الأَرْض وَالسَّمَاء وَسُبْحَان الله ملْء مَا فِي الأَرْض وَالسَّمَاء وَسُبْحَان الله عدد مَا أحصى كِتَابه وَسُبْحَان الله ملْء مَا أحصى كِتَابه وَسُبْحَان الله عدد كل شَيْء وَسُبْحَان الله ملْء كل شَيْء وَالْحَمْد لله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 كَذَلِك (س. حب) وَكَذَا رَوَاهُ (ط) وَقَالَ فِي مَوضِع سُبْحَانَ الله ثَلَاثًا الْحَمد لله ثمَّ قَالَ وتسبح مثل ذَلِك وتكبر مثل ذَلِك وَكَذَا رَوَاهُ (أ) وَلم يذكر التَّكْبِير) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأحمد بن حَنْبَل كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ وَلَفظ النَّسَائِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِهِ وَهُوَ يُحَرك شَفَتَيْه فَقَالَ مَاذَا تَقول يَا أَبَا أُمَامَة فَقَالَ أذكر رَبِّي فَقَالَ أَلا أخْبرك بِأَكْثَرَ أَو أفضل وَأخرجه من هَذَا الْوَجْه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيثه قَالَ تَقول الْحَمد لله عدد مَا خلق وَالْحَمْد ملْء مَا خلق وَالْحَمْد لله عدد مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض ملْء مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَالْحَمْد لله ملْء مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَالْحَمْد لله عدد مَا أحصى كِتَابه وَالْحَمْد لله ملْء مَا أحصى كِتَابه وَالْحَمْد لله عدد كل شَيْء وَالْحَمْد لله ملْء كل شَيْء وتسبح الله مِثْلهنَّ ثمَّ قَالَ قلهن وعلمهن عقبك من بعْدك وَفِي إِسْنَاده لَيْث بن أبي سليم وَهُوَ ثِقَة مُدَلّس كَمَا تقدم وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيثه من وَجه آخر بِمثل هَذَا اللَّفْظ وَقَالَ فِي آخِره وتسبح مثل ذَلِك وتكبر مثل ذَلِك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من طَرِيقين وَإِسْنَاده أَحدهمَا أحسن وَأخرجه فِي الْكَبِير من حَدِيثه أَيْضا من وَجه ثَالِث بِلَفْظ وَالْحَمْد لله عدد مَا خلق وَالْحَمْد لله عدد مَا أحصى كِتَابه وَالْحَمْد لله عدد كل شَيْء وَالْحَمْد لله ملْء كل شَيْء وَسُبْحَان الله ملْء كل شَيْء وَسُبْحَان الله عدد كل شَيْء وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن خَالِد الوَاسِطِيّ وَقد نسب إِلَى الْكَذِب وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَقَالَ يُخطئ وَيُخَالف وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح كَذَا فِي مجمع الزَّوَائِد وَأما لفظ أَحْمد فَأخْرجهُ من طَرِيق سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أبي أُمَامَة أَنه حَدثهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْحَمد لله عدد مَا خلق وَالْحَمْد لله ملْء مَا خلق وَالْحَمْد لله عدد مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْحَمْد لله ملْء مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْحَمْد لله عدد مَا أحصى كِتَابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وَالْحَمْد لله ملْء مَا أحصى كِتَابه وَالْحَمْد لله عدد كل شَيْء وَالْحَمْد لله ملْء كل شَيْء وَسُبْحَان الله مثل ذَلِك قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح والْحَدِيث يدل على مَا قدمنَا من كتب الْأجر بِعَدَد مَا أضَاف الذاكر الْعدَد إِلَيْهِ أَو الْوَزْن أَو نَحْوهمَا وَهَكَذَا سَائِر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة هُنَا وَقد قدمنَا تَفْسِير مَا يحْتَاج إِلَى تَفْسِيره من الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة هُنَا فِي شرح الحَدِيث الْمَذْكُور قبله وَالْحَاصِل أَنه صحّح حَدِيث أبي أُمَامَة هَذَا بِاعْتِبَار الْبَعْض من طرقه ثَلَاثَة أَئِمَّة ابْن حبَان وَالْحَاكِم كَمَا تقدم وَالثَّالِث ابْن خُزَيْمَة وَحسن الْمُنْذِرِيّ إِسْنَادًا من أَسَانِيد الطَّبَرَانِيّ وَكَذَا الهيثمي كَمَا تقدم وَقَالَ إِن رجال أَحْمد وَرِجَال الصَّحِيح // (سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ أفضل الْكَلَام (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبرك بِأحب الْكَلَام إِلَى الله قلت بلَى يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِأحب الْكَلَام إِلَى الله قَالَ أحب الْكَلَام إِلَى الله سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ هَكَذَا رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي لفظ لمُسلم من حَدِيثه أَيْضا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْكَلَام أفضل قَالَ مَا اصطفاه الله لملائكته أَو لِعِبَادِهِ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَفِي لفظ لِلتِّرْمِذِي سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَقد تقدم ذكر هَذَا الحَدِيث قَرِيبا عِنْد ذكر المُصَنّف حَدِيث أَن هَذِه الْكَلِمَة هِيَ أحب الْكَلَام إِلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى // (سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالْحَمْد لله يملآن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْحَمْد لله يمْلَأ الْمِيزَان (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّهُور شطر الْإِيمَان وَالْحَمْد لله يمْلَأ الْمِيزَان وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله يملآن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالصَّلَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 نور وَالصَّدَََقَة برهَان وَالصَّبْر ضِيَاء وَالْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك كل النَّاس يَغْدُو فبائع نَفسه فمعتقها أَو موبقها وَأخرجه من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن رجل من بني سليم قَالَ عدهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَدي قَالَ التَّسْبِيح نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد لله يملؤه وَالتَّكْبِير يمْلَأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالصَّوْم نصف الصَّبْر وَالطهُور نصف الْإِيمَان قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَأخرج نَحوه أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو (قَوْله يملآن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض) يَعْنِي أجرهما بَالغ فِي الْكَثْرَة إِلَى هَذَا الْحَد أَنه يمْلَأ هَذَا الفضاء الْوَاسِع وَيُمكن أَن يُرَاد نفس هَذَا الذّكر على التَّأْوِيل الْمَذْكُور قَرِيبا وَهَكَذَا الْكَلَام فِي قَوْله وَالْحَمْد لله يمْلَأ الْمِيزَان وَنَحْوه // (أحب الْكَلَام إِلَى الله أَربع سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لَا يَضرك بأيهن بدأت (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب الْكَلَام إِلَى الله أَربع الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه زَاد النَّسَائِيّ وَهن من الْقُرْآن وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْأَرْبَع كَلِمَات أحب إِلَى الله تَعَالَى وَلَا يُنَافِيهِ مَا تقدم من أَن سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ أحب الْكَلَام إِلَى الله لِأَن التَّسْبِيح والتحميد هن من جملَة هَذِه الْأَرْبَع الْمَذْكُور هُنَا وَاعْلَم أَن هَذِه الْوَاو الْوَاقِعَة بَين هَذِه الْكَلِمَات هِيَ وَاقعَة لعطف بَعْضهَا على بعض كَسَائِر الْأُمُور المتعاطفة فَهَل يكون الذّكر بهَا بِغَيْر وَاو فَيَقُول الذاكر سُبْحَانَ الله الْحَمد لله لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أَو يكون الذّكر بهَا مَعَ الْوَاو فَيَقُول الذاكر بهَا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَالظَّاهِر الأول لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرهُم بِأَنَّهُم يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا فالمقول هُوَ الْمَذْكُور من دون حرف الْعَطف كَسَائِر التعليمات الْوَارِدَة عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل تَسْبِيحَة صَدَقَة وكل تَحْمِيدَة صَدَقَة وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة (م)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى ذَر رَضِي الله عَنهُ أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ يصلونَ كَمَا نصلي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُول أَمْوَالهم وَلَا نتصدق قَالَ أَو لَيْسَ قد جعل لكم مَا تتصدقون بِهِ إِن بِكُل تَسْبِيحَة صَدَقَة وكل تَحْمِيدَة صَدَقَة وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة وَأمر بِمَعْرُوف صَدَقَة وَنهي عَن مُنكر صَدَقَة وَفِي بضع أحدكُم صَدَقَة قَالُوا يَا رَسُول الله أَيَأتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَيكون لَهُ فِيهَا أجر قَالَ أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام أَكَانَ عَلَيْهِ وزر كَذَلِك إِذا وَضعهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أجر وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا ابْن مَاجَه وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن كل كلمة من هَذِه الْأَرْبَع تقوم مقَام الصَّدَقَة وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه يصبح على كل سلامي صَدَقَة أَي على كل مفصل من مفاصل الْإِنْسَان وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن كل وَاحِدَة من هَذِه الْأَرْبَع تُجزئ عَن صَدَقَة من هَذِه الصَّدقَات الَّتِي على الْإِنْسَان // (هِيَ أفضل الْكَلَام بعد الْقُرْآن وَهن من الْقُرْآن (أ)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هن أفضل الْكَلَام بعد الْقُرْآن وَهن من الْقُرْآن لَا يَضرك بأيتهن بدأت سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح انْتهى قلت وَقد تقدم لفظ حَدِيث سَمُرَة الثَّابِت فِي الصَّحِيح قَرِيبا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله اخْتَار لكم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 الْكَلَام أَرْبعا وَهن من الْقُرْآن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَفِي إِسْنَاده مُعَاوِيَة بن يحيى الصدقي وَهُوَ ضَعِيف والراوي عَنهُ إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ وَهُوَ أَضْعَف مِنْهُ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْأَرْبَع الْكَلِمَات هن أفضل الْكَلَام بعد الْقُرْآن وَأما قَوْله وَهن من الْقُرْآن فَمَعْنَاه أَن التَّسْبِيح والتحميد وَالتَّكْبِير والتهليل ثَابت فِي الْقُرْآن بِتِلْكَ الصِّيَغ القرآنية وَهَذِه مزية منضمه إِلَى مزية كَونهَا أفضل الْكَلَام بعد الْقُرْآن // (من قَالَهَا كتب لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر كتب لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن أبي الدُّنْيَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَفِي هَذَا الحَدِيث تنصيص على أجر عَظِيم وثواب كَبِير وَهُوَ أَن للذاكر بِهَذَا الذّكر بِكُل حرف من حُرُوفه عشر حَسَنَات وَفضل الله وَاسع وعطاؤه جم // (هِيَ أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن أَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت الشَّمْس وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ وَيَنْبَغِي لكل مُسلم أَن تكون هَذِه الْكَلِمَات أحب إِلَيْهِ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس كَمَا كَانَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب إِلَيْهِ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وَمن لَازم الْمحبَّة إكثار الذّكر بهَا لَا يغيب عَن محبوبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 مَعَ ذكره وَالْمرَاد بِمَا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس الدُّنْيَا بأسرها فَإِن الشَّمْس تطلع عَلَيْهَا وتغيب عَنْهَا // (إِن الْجنَّة طيبَة التربة عذبة المَاء وَإِنَّهَا قيعان وَإِن غراسها هَذِه (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقِيت إِبْرَاهِيم لَيْلَة أسرِي بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّد أَقْْرِئ أمتك السَّلَام وَأخْبرهمْ أَن الْجنَّة طيبَة التربة عذبة المَاء وَأَنَّهَا قيعان وَأَن غرسها سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث ابْن مَسْعُود انْتهى وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن الْقَاسِم عَن أَبِيه عبد الله بن مَسْعُود وَالقَاسِم هَذَا لم يسمع من أَبِيه عبد الله بن مَسْعُود وَعبد الرَّحْمَن ابْن إِسْحَاق هُوَ أَبُو شيبَة الْكُوفِي قَالَ الْمُنْذِرِيّ واه وَأخرجه من حَدِيثه من هَذَا الطَّرِيق الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَزَاد وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَسَيَأْتِي وَأخرجه بِهَذِهِ الزِّيَادَة ابْن حبَان رَضِي الله عَنهُ بِإِسْنَاد واه وَلَفظه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن فِي الْجنَّة قيعانا فَأَكْثرُوا من غراسها قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا غرسها قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِيه الْحُسَيْن بن علوان وَهُوَ ضَعِيف (قَوْله قيعان) جمع قاع وَهُوَ الْمَكَان المستوى الْوَاسِع وَقَالَ ابْن فَارس القاع الأَرْض الملساء وَقيل الأَرْض الخالية من الشّجر // (يغْرس لَك بِكُل وَاحِدَة شَجَرَة فِي الْجنَّة (ق. مس)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِهِ وَهُوَ يغْرس غرسا فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة مَا الَّذِي تغرس قلت غراسا قَالَ أَلا أدلك على غراس خير من هَذَا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر يغْرس لَك بِكُل وَاحِدَة شَجَرَة فِي الْجنَّة قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاد ابْن مَاجَه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر غرس لَهُ بِكُل وَاحِدَة مِنْهُنَّ شَجَرَة فِي الْجنَّة قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَإسْنَاد حسن لَا بَأْس بِهِ فِي المتابعات // (خُذُوا جنتكم من النَّار قولوهن فَإِنَّهُنَّ يَأْتِين يَوْم الْقِيَامَة مجنبات ومقعبات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات (س. مس. طس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خُذُوا جنتكم قَالُوا يَا رَسُول الله من عَدو قد حضر قَالَ لَا وَلَكِن جنتكم من النَّار قُولُوا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ يَأْتِين يَوْم الْقِيَامَة مجنبات مُعَقِّبَات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَزَاد الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيثه وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وجود إِسْنَاده الْمُنْذِرِيّ وَأخرجه من حَدِيثه فِي الصَّغِير قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله فِي الصَّغِير رجال الصَّحِيح وَأخرجه من حَدِيثه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا (قَوْله جنتكم) بِضَم الْجِيم وَتَشْديد النُّون أَي مَا يستركم ويقيكم (قَوْله مجنبات) بِضَم الْمِيم وَفتح الْجِيم ثمَّ نون مُشَدّدَة مَفْتُوحَة وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة أَي مُقَدمَات أمامكم وَقيل هِيَ بِكَسْر النُّون الْمُشَدّدَة جمع مجنبة وَهِي الَّتِي تكون فِي الميمنة والميسرة وَالْأول أولى بِدَلِيل قَوْله فِي الحَدِيث مُعَقِّبَات وَهِي بِضَم الْمِيم وَكسر الْقَاف الْمُشَدّدَة أَي مؤخرات يعقبونكم من وَرَائِكُمْ ومجنبات من أمامكم وَفِي رِوَايَة للْحَاكِم منجيات بِتَقْدِيم النُّون على الْجِيم وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَجمع بَين اللَّفْظَيْنِ فِي الصَّغِير فَقَالَ منجيات ومجنبات // (وَهن مَعَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَهن يحططن الْخَطَايَا كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا وَهن من كنوز الْجنَّة (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل سُبْحَانَ الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَهن يحططن الْخَطَايَا كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا وَهن من كنوز الْجنَّة وَفِي لفظ لَهُ خذهن قبل أَن يُحَال بَيْنك وبينهن وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ فِي أَحدهمَا عَمْرو بن رَاشد اليمامي وَقد وثق على ضعفه وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَقد وَردت أَحَادِيث فِي تَسْمِيَة هَذِه الْكَلِمَات بالباقيات الصَّالِحَات مِنْهَا مَا أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات قيل واما هن يَا رَسُول الله قَالَ التهليل وَالتَّكْبِير وَالتَّسْبِيح وَالْحَمْد وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى بِإِسْنَادَيْنِ حسنين وَمِنْهَا مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَفِي إِسْنَاده كثير بن سلم وَهُوَ ضَعِيف وَقد ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَفِي الضُّعَفَاء وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم قبل هَذَا // (تجزي من الْقُرْآن من لَا يستطيعه (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ أَعْرَابِي يَا رَسُول الله قد عَالَجت الْقُرْآن فَلم استطعه فعلمني شَيْئا يَجْزِي عَن الْقُرْآن فَقَالَ قل سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَقَالَهَا وأمسكها بأصابعه وَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا لرَبي فَمَا لي فَقَالَ تَقول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وَعَافنِي وارزقني وَأَحْسبهُ قَالَ واهدني وَمضى الْأَعرَابِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب الْأَعرَابِي وَقد مَلأ يَدَيْهِ خيرا وَأخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا من رِوَايَة الْحجَّاج بن أَرْطَاة وَهُوَ صَدُوق كثير الْخَطَأ عَن إِبْرَاهِيم السكْسكِي وَهُوَ صَدُوق ضَعِيف الْحِفْظ عَن ابْن أبي أوفى وَأخرج هَذَا الحَدِيث من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَلم يذكرَا وَأَحْسبهُ قَالَ واهدني وَقَالَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 آخِره أما هَذَا فقد مَلأ يَدَيْهِ من الْخَيْر والْحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص لَكِن لَيْسَ فِيهِ لفظ قد عَالَجت الْقُرْآن فَلم أستطعه // (إِن الله اصْطفى من الْكَلَام أَرْبعا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَمن قَالَ سُبْحَانَ الله كتب لَهُ عشرُون حَسَنَة وحطت عَنهُ عشرُون سَيِّئَة وَمن قَالَ الْحَمد لله فَمثل ذَلِك وَمن قَالَ الله أكبر فَمثل ذَلِك وَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَمثل ذَلِك وَمن قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين من قبل نَفسه كتب لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة وحطت عَنهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَة (أ. س. مس)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله اصْطفى من الْكَلَام الخ قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك صَحِيح على شَرط مُسلم وَقَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار ورجالهما رجال الصَّحِيح وأخره أَيْضا من حَدِيثهمَا ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ وَزَاد فِي آخِره وَمن أَكثر ذكر الله فقد برِئ من النِّفَاق وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن هَذِه الْأَرْبَع الْكَلِمَات اصطفاها الله سُبْحَانَهُ على سَائِر الْكَلَام وَمَا اصطفاه الله عز وَجل فَهُوَ حقيق بِأَن يشْتَغل الْعباد بِهِ ويتقربوا إِلَيْهِ بمحبته والاستكثار مِنْهُ وَقد اشْتَمَل من الْأجر على نصيب وافر وثواب عَظِيم فَإِن ثُبُوت عشْرين حَسَنَة وتكفير عشْرين سَيِّئَة فِي كل وَاحِدَة من هَذِه الْأَرْبَع الْكَلِمَات مِمَّا يتنافس الْمُتَنَافسُونَ فِيهِ ويرغب إِلَيْهِ الراغبون (قَوْله وَمن قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين من قبل نَفسه) يَعْنِي من عِنْد نَفسه يَعْنِي زِيَادَة على مَا ذكر أَولا من التَّسْبِيح وَمَا ذكر بعده // (أما يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يعْمل كل يَوْم مثل أحد عملا قَالُوا يَا رَسُول الله وَمن يَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ كلكُمْ يستطيعه قَالُوا يَا رَسُول الله مَاذَا قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 سُبْحَانَ الله أعظم من أحد وَلَا إِلَه إِلَّا الله اعظم من أحد وَالْحَمْد لله أعظم من أحد وَالله أكبر أعظم من أحد (ز. ط)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمرَان بن الْحصين رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يعْمل كل يَوْم مثل أحد عملا الخ وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي الدُّنْيَا من حَدِيثه وَكلهمْ رَوَوْهُ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن وَلم يسمع مِنْهُ وَرِجَاله كلهم ثِقَات إِثْبَات لَوْلَا هَذَا الِانْقِطَاع بَين الْحسن وَعمْرَان وَشَيخ النَّسَائِيّ عَمْرو بن مَنْصُور هُوَ ثِقَة أَيْضا وَفِي الحَدِيث التَّعْرِيف للعباد بِمَا فِي هَذِه الْأَرْبَع الْكَلِمَات من الْأجر الْعَظِيم فَإِن كل وَاحِدَة مِنْهَا إِذا كَانَت أعظم من أحد وَهُوَ أعظم جبال دَار الْهِجْرَة كَانَ فِي ذَلِك من التَّرْغِيب إِلَيْهَا والتشويق إِلَى الاستكثار من قَوْلهَا مَا يهز أعطاف الراغبين ويجذب قُلُوب الصَّالِحين // (سُبْحَانَ الله مائَة تعدل مائَة رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل وَالْحَمْد لله مائَة تعدل مائَة فرس مسرجة ملجمة يحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وَالله أكبر مائَة تعدل مائَة بَدَنَة مقلدة متقبلة (س. مس. ط) تنحر بِمَكَّة (ط) وَلَا إِلَه إِلَّا الله تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض (س. مس)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم هَانِئ بنت أبي طَالب رَضِي الله عَنْهَا قَالَ مر بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقلت مر بِي بِعَمَل أعمله وَأَنا جالسة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 قَالَ سبحي الله مائَة تَسْبِيحَة فَإِنَّهَا تعدل مائَة رَقَبَة من ولد أسماعيل واحمدي الله مائَة تَحْمِيدَة فَإِنَّهَا تعدل مائَة فرس مسرجة ملجمة تحملين عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وكبري الله مائَة تَكْبِيرَة فَإِنَّهَا تعدل مائَة بَدَنَة مقلدة متقبلة وهللي الله مائَة تَهْلِيلَة قَالَ أَبُو خلف رَحمَه الله لَا أَحْسبهُ إِلَّا قَالَ تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض هَذَا لفظ النَّسَائِيّ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ فِي آخِره وَقَول لَا إِلَه إِلَّا الله لَا تتْرك ذَنبا وَلَا يشبهها عمل وَأخرجه أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند بِإِسْنَاد حسن وَقَالَ فِي آخِره قَالَ أَبُو خلف أَحْسبهُ قَالَ تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَلَا يرفع لأحد عمل أفضل مِمَّا يرفع لَك إِلَّا أَن يَأْتِي بِمثل مَا أتيت بِهِ وَأخرجه ابْن مَاجَه بِاخْتِصَار وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ بِتَمَامِهِ وَأخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا فَجعل ثَوَاب الرّقاب فِي التَّحْمِيد وثواب الْمِائَة الْفرس فِي التَّسْبِيح وَقَالَ فِيهِ وهللي مائَة تَهْلِيلَة فَإِنَّهَا لَا تذر ذَنبا وَلَا يسبقها عمل وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَلم يقل أَحْسبهُ الخ وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد حسن إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ قَالَ قلت يَا رَسُول الله قد كَبرت سني ورق عظمي فدلني على عمل يدخلني الْجنَّة فَقَالَ بخ بخ لقد سَأَلت الخ وَقَالَ فِيهِ وَقَوْلِي لَا إِلَه إِلَّا الله مائَة مرّة فَهُوَ خير لَك مِمَّا أطبقت عَلَيْهِ السَّمَاء وَالْأَرْض وَلَا يرفع يَوْمئِذٍ عمل أفضل مِمَّا يرفع لَك إِلَّا من قَالَ مثل مَا قلت أَو زَاد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ كَانَ لَهُ مثل مائَة بَدَنَة إِذا قَالَهَا مائَة مرّة وَمن قَالَ الْحَمد لله مائَة مرّة كَانَ كعتق مائَة فرس مسرجة ملجمة فِي سَبِيل الله وَمن قَالَ الله أكبر مائَة مرّة كَانَ كَعدْل مائَة بَدَنَة تنحر بِمَكَّة قَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاده رُوَاة الصَّحِيح خلا سليم بن عُثْمَان الفوزي لم يكْشف حَاله فَإِنَّهُ لَا يحضرني الْآن فِيهِ جرح وَلَا عَدَالَة قَالَ فِي الْمِيزَان سليم بن عُثْمَان الفوزي لَيْسَ بِثِقَة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 أَن كلمة التَّسْبِيح تعدل مائَة رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل وَكلمَة الْحَمد تعدل مائَة فرس فِي سَبِيل الله وَكلمَة التَّكْبِير تعدل مائَة بَدَنَة مقلدة متقبلة وَهَذَا أجر عَظِيم وثواب كثير وَقد ذكرنَا ثُبُوت كلمة الشَّهَادَة فِي الحَدِيث وَأَن لقائلها ذَلِك الْأجر الْعَظِيم وَفِي جعل أجر التَّسْبِيح كَعدْل عتق مائَة رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل مَا يدل على مزِيد شرفه على التَّكْبِير والتحميد // (بخ بخ لخمس مَا أثقلهن فِي الْمِيزَان لَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وَالْولد الصَّالح يتوفى للمرء فيحتسبه (س. أ. حب. ط)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَأحمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سلمى رَضِي الله عَنهُ راعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بخ بخ الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثه وَرِجَال أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيث ثَوْبَان وَحسن إِسْنَاده قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد إِلَّا أَن شَيْخه الْعَبَّاس بن عبد الْعَظِيم القاساني لم أعرفهُ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن أبي سلمى راعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَرِيقين قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَال أَحدهمَا ثِقَات وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث سفينة وَرِجَاله رجال الصَّحِيح فَهَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طَرِيق ثَوْبَان وَمن طَرِيق أبي سلمى راعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن طَرِيق سفينة وَمن طَرِيق مولى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قيل إِن هَذَا الْمولى هُوَ ثَوْبَان (قَوْله بخ بخ) يرْوى بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْخَاء على أَنه مَبْنِيّ ويروى بِالتَّنْوِينِ فيهمَا ويروى بتنوين الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة ويروى بِالْعَكْسِ وَهِي كلمة تقال عِنْد إِرَادَة الْمُبَالغَة فِي الشَّيْء وَقد تقال عِنْد الرِّضَا بالشَّيْء (قَوْله فيحتسبه) أَي يحْتَسب الْأجر فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 (إِن مِمَّا تذكرُونَ من جلال الله سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله يتعطفن حول الْعَرْش لَهُنَّ دوِي كَدَوِيِّ النَّحْل تذكر بصاحبها أما يحب أحدكُم أَن لَا يزَال مِمَّن يذكر بِهِ (ق. مس)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مِمَّا تذكرُونَ من جلال الله التَّسْبِيح والتحميد والتهليل الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن أبي الدُّنْيَا (قَوْله يتعطفن) أَي يدرن حول الْعَرْش (قَوْله لَهُنَّ دوِي) بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة أَي صَوت لَيْسَ بالعالي بل كصوت النَّحْل وَهَذَا من الْأَدِلَّة الَّتِي تدل على أَن الْأَعْمَال لَيْسَ بالعالي بل كصوت النَّحْل وَهَذَا من الْأَدِلَّة الَّتِي تدل على أَن الْأَعْمَال يصير لَهَا صَوت يدْرك وَقد قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى هَذَا (قَوْله تذكر بصاحبها) بتَشْديد الْكَاف أَي يكون مِنْهَا هَذَا الدوي حول الْعَرْش لأجل التَّذْكِير فِي الْمقَام الْأَعْلَى بقائلها وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر الحَدِيث أما يحب أحدكُم أَن لَا يزَال مِمَّن يذكر بِهِ // (استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات الله أكبر وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات قيل وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ التهليل وَالتَّكْبِير وَالْحَمْد لله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَقد تقدم ذكر الْأَحَادِيث المصرحة بِأَن هَذِه الْكَلِمَات هِيَ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَهَذَا الحَدِيث من جُمْلَتهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي مُوسَى وَغَيره قل لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهَا كنز من كنوز الْجنَّة (ع)) // الحَدِيث أخرجه الْجَمَاعَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ قل لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الخ وَأخرجه ابْن مَاجَه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت أَمْشِي خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي يَا أَبَا ذَر أَلا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة قلت بلَى قَالَ قل لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه (قَوْله كنز من كنوز الْجنَّة) قَالَ الْخطابِيّ معنى الْكَنْز فِي هَذَا الحَدِيث الْأجر الَّذِي يحرزه قَائِله وَالثَّوَاب الَّذِي يدّخر لَهُ فِيهِ (قَوْله لأبي مُوسَى وَغَيره) هَذَا بِاعْتِبَار مَجْمُوع الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الْمَعْنى وَأما بِاعْتِبَار حَدِيث أَبُو مُوسَى هَذَا فَلم يقلهُ إِلَّا لَهُ // (بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة (أ. ط)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ أَلا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ الْمُنْذِرِيّ وإسنادهما صَحِيح إِن شَاءَ الله فَإِن عَطاء بن السَّائِب ثِقَة وَقد حدث عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة قبل اخْتِلَاطه وَقَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ إِلَّا أَنه قَالَ أَلا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة ورجالهما رجال الصَّحِيح على شَرطهمَا من حَدِيث قيس بن سعد بن عبَادَة أَن أَبَاهُ دَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَأتى عَليّ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد صليت رَكْعَتَيْنِ فضربني بِرجلِهِ وَقَالَ إِلَّا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة قلت بلَى قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 (غراس الْجنَّة (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرى بِهِ مر على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ من مَعَك يَا جِبْرِيل فَقَالَ مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم يَا مُحَمَّد مر أمتك فليكثروا من غراس الْجنَّة فَإِن تربَتهَا طيبَة وأرضها وَاسِعَة قَالَ وَمَا غراس الْجنَّة قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَابْن أبي الدُّنْيَا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَرِجَال احْمَد رجال الصَّحِيح غير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب وَهُوَ ثِقَة لم يتَكَلَّم فِيهِ أحد وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَأخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا من غراس الْجنَّة فَإِنَّهَا عذب مَاؤُهَا طيب ترابها فَأَكْثرُوا من غراسها قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا غراسها قَالَ مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَفِي إِسْنَاد الطَّبَرَانِيّ عَليّ بن عقبَة بن عَليّ وَهُوَ ضَعِيف // (دَوَاء من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء أيسرها الْهم (مس. ط)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه دَوَاء من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء أيسرها الْهم قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَفِيه بشر بن رَافع الْحَارِثِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَقد وثقوه وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا أَن النُّسْخَة من الطَّبَرَانِيّ الْأَوْسَط سقط مِنْهَا عجلَان وَالِد مُحَمَّد الَّذِي بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة وَهَكَذَا عزاهُ الْمُنْذِرِيّ إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا عزاهُ صَاحب مجمع الزَّوَائِد فَينْظر فِي رمز المُصَنّف للطبراني فِي الْكَبِير وَقَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك صَحِيح الْإِسْنَاد وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث وَقدمنَا شَرحه // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 (وَهِي مَعَ وَلَا منجا من الله إِلَّا إِلَيْهِ كنز من كنوز الْجنَّة (س. ز)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا من قَول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه لَا منجا من الله إِلَّا إِلَيْهِ كشف الله عَنهُ سبعين بَابا من الضّر أدناهن الْفقر هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ هَذَا حَدِيث إِسْنَاده لَيْسَ بِمُتَّصِل لِأَن مَكْحُولًا لم يسمع من أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار مطولا وَرفع وَلَا منجا من الله إِلَّا إِلَيْهِ قَالَ الْمُنْذِرِيّ رُوَاته ثِقَات مُحْتَج بهم وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح وَلَا عِلّة لَهُ وَلَفظه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أعلمك أَو أَلا أدلك على كلمة من تَحت الْعَرْش من كنز الْجنَّة تَقول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَيَقُول الله أسلم عَبدِي واستسلم وَفِي رِوَايَة لَهُ وصححها قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة أَلا أدلك على كلمة من تَحت الْعَرْش من كنز الْجنَّة قلت بلَى قَالَ تَقول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَلَا ملْجأ وَلَا منجا من الله إِلَّا إِلَيْهِ (قَوْله وَلَا منجا) هُوَ مَا تكون بِهِ النجَاة والملجأ مَا يكون إِلَيْهِ الالتجاء وَيَنْبَغِي الْجمع بَين اللَّفْظَيْنِ كَمَا وَقع فِي رِوَايَة الْحَاكِم // (من قَالَ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَجَبت لَهُ الْجنَّة (س. م)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَإِنَّمَا قدم المُصَنّف هُنَا رمز النَّسَائِيّ على رمز مُسلم لِأَن اللَّفْظ الَّذِي ذكره هُوَ لفظ النَّسَائِيّ وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَجَبت لَهُ الْجنَّة هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَلَفظ مُسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا أَبَا سعيد من رَضِي بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَجَبت لَهُ الْجنَّة فتعجب لَهَا أَبُو سعيد وَقَالَ أعدهَا يَا رَسُول الله فَفعل ثمَّ قَالَ وَأُخْرَى يرفع بهَا العَبْد مائَة دَرَجَة فِي الْجنَّة مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض قَالَ وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن التَّكَلُّم بِهَذَا الذّكر هُوَ من مُوجبَات الْجنَّة وَقد تقدم شَرحه وَذكرنَا الْجمع بَين مَا ورد بِلَفْظ رَسُولا وبلفظ نَبيا // فصل الاسْتِغْفَار (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بِقوم يذنبون فيستغفرون الله فَيغْفر لَهُم (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ الخ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على كَثْرَة وُقُوع الذُّنُوب من بني آدم وَأَن من حاول أَن لَا يَقع مِنْهُ ذَنْب الْبَتَّةَ فقد حاول مَا لَا يكون لِأَن هَذَا أَعنِي وُقُوع الذَّنب من هَذَا النَّوْع الإنساني هُوَ الَّذِي جبلوا عَلَيْهِ وَقد خلقهمْ الله تَعَالَى وَأمرهمْ بِالْخَيرِ والكف عَن الشَّرّ وَلَكِن مَا فِي جبلتهم يَأْبَى أَن لَا يَقع مِنْهُم ذَنْب لِأَن الْعِصْمَة لَا تكون إِلَّا لمن أعطي النُّبُوَّة من بني آدم فَلَو أَرَادوا أَنهم لَا يذنبون أصلا راموا مَا لَيْسَ لَهُم وَقد أَطَالَ شرَّاح الحَدِيث الْكَلَام على مَعْنَاهُ بِمَا هُوَ مَعْرُوف وَفِيه الْإِرْشَاد إِلَى الاسْتِغْفَار وَالتَّرْغِيب فِيهِ وَأَنه رَافع للذنوب دَافع للمأثم وَقد أرشدنا إِلَى ذَلِك الْكتاب الْعَزِيز كَقَوْلِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} وَقَوله تَعَالَى {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله} وَقَوله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} // (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أخطأتم حَتَّى تملأ خطاياكم مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ استغفرتم الله لغفر لكم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو لم تخطئوا لجاء الله بِقوم يخطئون ثمَّ يستغفرن فَيغْفر لَهُم (أ 0 ص)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ أَو وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أخطأتم الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَرِجَاله ثِقَات وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَفَّارَة الذَّنب الندامة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو لم تذنبوا لجاء الله بِقوم يذنبون فيستغفرون فَيغْفر لَهُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو لم تذنبوا لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون ثمَّ يغْفر لَهُم وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار ورجالهم ثِقَات وَأخرج الْبَزَّار من حَدِيث أبن سعيد مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم وَفِي إِسْنَاده يحيى بن كثير صَاحب الْبَصْرِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَمعنى هَذَا الحَدِيث هُوَ معنى الحَدِيث الَّذِي قبله وَيَنْبَغِي حمل الْخَطَأ هُنَا على خلاف الصَّوَاب لَا على خلاف الْعمد فَإِنَّهُ مغْفُور وَقد قَالَ هُنَا يخطئون فيستغفرون فَيغْفر لَهُم فَدلَّ هَذَا على أَنه وَقع عَن عمد من فَاعله // (من أحب أَن تسرهُ صَحِيفَته فليكثر من الاسْتِغْفَار (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الزبير رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله ثِقَات وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَأخرج الْبَزَّار من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من حافظين يرفعان إِلَى الله فِي يَوْم صحيفَة فَيرى تبَارك وَتَعَالَى فِي أول الصَّحِيفَة وَفِي آخرهَا اسْتِغْفَارًا إِلَّا قَالَ تبَارك وَتَعَالَى قد غفرت لعبدي مَا بَين طرفِي الصَّحِيفَة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الْبَزَّار وَفِيه تَمام بن نجيح وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَضَعفه البُخَارِيّ وَغَيره وَبَقِيَّة رِجَاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 رجال الصَّحِيح وَسَيذكر المُصَنّف هَذَا الحَدِيث قَرِيبا (قَوْله من أحب أَن تسرهُ صَحِيفَته) يَعْنِي عِنْد الإطلاع عَلَيْهَا فِي يَوْم الْحساب // (من اسْتغْفر الله غفر لَهُ (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم لأَصْحَابه قُولُوا سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة من قَالَهَا مرّة كتبت لَهُ عشرا وَمن قَالَهَا عشرا كتبت لَهُ مائَة وَمن قَالَهَا مائَة كتبت لَهُ ألفا وَمن زَاد زَاده الله وَمن اسْتغْفر الله غفر لَهُ هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقد نقل المُصَنّف هُنَا اللَّفْظ الْمَذْكُور فِي آخر الحَدِيث كَمَا ترَاهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَقد ذكرنَا هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم // (مَا من مُسلم يعْمل ذَنبا إِلَّا وقف الْملك الْمُوكل بإحصاء ذنُوبه ثَلَاث سَاعَات فَإِن اسْتغْفر الله من ذَنبه ذَلِك فِي شَيْء من تِلْكَ السَّاعَات لم يوقفه عَلَيْهِ وَلم يعذب عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم عصمَة العوصية رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت قد أدْركْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يعْمل ذَنبا إِلَّا وقف الْملك الْمُوكل بإحصاء ذنُوبه ثَلَاث سَاعَات فَإِن اسْتغْفر الله من ذَنبه ذَلِك الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه من حَدِيثهَا أَيْضا الطَّبَرَانِيّ وَفِي إِسْنَاده أَبُو مهْدي سعيد ابْن سِنَان وَهُوَ مَتْرُوك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن صَاحب الشمَال ليرْفَع الْقَلَم سِتّ سَاعَات عَن العَبْد الْمُسلم الْمُخطئ أَو الْمُسِيء فَإِن نَدم واستغفر مِنْهَا أَلْقَاهَا وَإِلَّا كتبت وَاحِدَة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بأسانيد رجال أَحدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وثقوا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيثه من وَجه آخر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاحب الْيَمين أَمِين على صَاحب الشمَال فَإِذا عمل حَسَنَة أثبتها وَإِذا عمل سَيِّئَة قَالَ لَهُ صَاحب الْيَمين امْكُث سِتّ سَاعَات فَإِن اسْتغْفر لم تكْتب عَلَيْهِ وَإِلَّا كتبت عَلَيْهِ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله وثقوا وَأخرجه من وَجه ثَالِث من حَدِيث أبي أُمَامَة بِنَحْوِهِ وَفِي إِسْنَاده جَعْفَر بن الزبير وَهُوَ كَذَّاب (قَوْله لم يوقفه عَلَيْهِ) بِالْقَافِ وَبعدهَا فَاء أَي لم يطلعه عَلَيْهِ هَكَذَا فِي غَالب النّسخ وَوَقع فِي نُسْخَة بِالْعينِ الْمُهْملَة بعد الْقَاف من التوقيع أَي لم يَكْتُبهُ عَلَيْهِ وَهَذَا أقوم معنى لِأَن إيقاف العَبْد عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ كثير معنى هَاهُنَا // (إِن إِبْلِيس قَالَ لرَبه عز وَجل وَعزَّتك وجلالك لَا أَبْرَح أغوي بني آدم مَا دَامَت الْأَرْوَاح فيهم فَقَالَ الله تَعَالَى فبعزتي وَجَلَالِي لَا أَبْرَح أَغفر لَهُم مَا استغفروني (أ. ص)) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن إِبْلِيس قَالَ لرَبه الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى بِنَحْوِهِ وَقَالَ لَا أَبْرَح أغوي عِبَادك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأحد إسنادي أَحْمد رِجَاله رجال الصَّحِيح وَكَذَا أحد إسنادي أبي يعلى وَأخرجه الْحَاكِم من حَدِيثه فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِيه نظر فَإِن فِي إِسْنَاده دَرَّاجًا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الاسْتِغْفَار يدْفع مَا وَقع من الذُّنُوب بإغواء الشَّيْطَان وتزيينه وَأَنَّهَا لَا تزَال الْمَغْفِرَة كائنة لَهُنَّ مَا داموا يَسْتَغْفِرُونَ وَأخرج أَبُو يعلى من حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَإِن إِبْلِيس قَالَ أهلكت النَّاس بِالذنُوبِ فأهلكوني بِلَا إِلَّا إِلَه الله والإستغفار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك مِنْهُم أهلكتهم بالاغواء والأهواء وهم يحسبون أَنهم مهتدون وَفِي إِسْنَاده عُثْمَان ابْن مطر وَهُوَ ضَعِيف // وَتقدم سيد الاسْتِغْفَار فِي الْبَاب الثَّالِث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 أَقُول قد ذكره فِي موضِعين هُنَالك وشرحناه وَهُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وَقد بَينا هُنَالك الْوَجْه فِي تَسْمِيَته سيد الاسْتِغْفَار (مَا من حافظين يرفعان إِلَى الله فِي كل يَوْم صحيفَة فَيرى فِي أول الصَّحِيفَة وَفِي آخرهَا اسْتِغْفَارًا إِلَّا قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى قد غفرت لعبدي مَا بَين طرفِي هَذِه الصَّحِيفَة (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من حافظين يرفعان الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَفِي إِسْنَاده تَمام ابْن نجيح وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَضَعفه البُخَارِيّ وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَكَانَ يحسن من المُصَنّف رَحمَه الله أَن يَجْعَل هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي بعده متصلين بِحَدِيث من أحب أَن تسرهُ صَحِيفَته فليكثر فِيهَا من الاسْتِغْفَار وَلِهَذَا قدمنَا ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَالك وَفِيه دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الْإِكْثَار من الاسْتِغْفَار لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِنْد عرض الْمَلَائِكَة لصحائف أَعمال عباده عَلَيْهِ يغْفر لصَاحب الصَّحِيفَة بِمُجَرَّد وُقُوع كتب الاسْتِغْفَار فِي أَولهَا وَفِي آخرهَا وَيَنْبَغِي أَيْضا أَن يكون الاسْتِغْفَار عنوان الْأَعْمَال الَّتِي يخْشَى العَبْد من عقابها كَمَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي خاتمتها // (طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته اسْتِغْفَارًا كثيرا (ق)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن بشر رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته اسْتِغْفَارًا كثيرا وَإسْنَاد ابْن مَاجَه صَحِيح وَهَكَذَا صَححهُ الْمُنْذِرِيّ وَغَيره (قَوْله اسْتِغْفَارًا كثيرا) هَكَذَا فِي نسخ هَذَا الْكتاب بِنصب اسْتِغْفَارًا على أَنه مفعول بِهِ وَأَن الْفِعْل وَهُوَ وجد مَبْنِيّ للمعلوم وَفِي غير هَذَا الْكتاب بِرَفْع اسْتِغْفَار على أَن الْفِعْل مَبْنِيّ للْمَجْهُول وَهَذَا أقوى وَأولى لِأَن الْمَقْصُود وجود ذَلِك فِي الصَّحِيفَة لأي وَاحِد كَانَ من ملك أَو بشر لَا وجود ذَلِك لصَاحب الصَّحِيفَة نَفسه وَإِن كَانَ لَا بُد أَن يجدهَا يَوْم الْحساب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 من اسْتغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات كتب الله لَهُ بِكُل مُؤمن ومؤمنة حَسَنَة (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من اسْتغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده جيد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ كل يَوْم اللَّهُمَّ أَغفر لي وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ألحق بِهِ من كل مُؤمن حَسَنَة وَفِي إِسْنَاده أَبُو أُميَّة بن يعلى وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يكن عِنْده مَال يتَصَدَّق بِهِ فليستغفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات فَإِنَّهَا صَدَقَة قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد فِيهِ من لم أعرفهُ وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنَّهَا تلْحق بِالْمُؤمنِ فِي استغفاره للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات حَسَنَات بِعَدَد من اسْتغْفر لَهُ فَإِن كَانُوا جمَاعَة مَحْصُورين كَانَت لَهُ حَسَنَات محصورة على عَددهمْ وَمن أَرَادَ الاستكثار من فضل الله من الْحَسَنَات فَلْيقل اللَّهُمَّ اغْفِر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات فَإِنَّهُ يكْتب لَهُ من الْحَسَنَات مَا لَا يُحِيط بِهِ حصر وَلَا يتصوره فكر وَفضل الله وَاسع // (وَتقدم فِي الْبَاب الثَّانِي من اسْتغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات كل يَوْم الحَدِيث الخ) // الحَدِيث قد تقدم كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف وَقد قدمنَا الْكَلَام عَلَيْهِ وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من اسْتغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات كل يَوْم سبعا وَعشْرين مرّة أَو خمْسا وَعشْرين مرّة أحد العددين كَانَ من الَّذين يُسْتَجَاب لَهُم ويرزق بهم أهل الأَرْض قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَفِيه عُثْمَان بن أبي العاتكة وَقَالَ فِيهِ حَدِيث عَن أم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 الدَّرْدَاء وَعُثْمَان هَذَا وَثَّقَهُ غير وَاحِد وَضَعفه الْجُمْهُور وَبَقِيَّة رِجَاله المسمين ثِقَات وَهَذَا الْعدَد الْمَنْصُوص عَلَيْهِ لَيْسَ لنا أَن نكشف عَن الْعلَّة الَّتِي يُعلل بهَا أَو نطلب وَجه الْحِكْمَة فِيهِ فَإِن ذَلِك سر من أسرار النُّبُوَّة لَيْسَ لنا أَن نقدم على تَفْسِيره وَبَيَان وَجهه وحكمته بِدُونِ برهَان // (وَتقدم من لزم الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل ضيق مخرجا الحَدِيث فِي الْبَاب الثَّامِن وَتقدم قبله أَيْضا حَدِيث الَّذِي شكا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذرب لِسَانه فَقَالَ أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار (مس)) // الحديثان تقدما فِي الْبَاب الثَّامِن كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَقد قدمنَا شرحهما حَيْثُ ذكرهمَا وَوَقع فِي النّسخ رمز الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بعد حَدِيث الَّذِي شكا إِلَيْهِ ذرب لِسَانه وَلم يرمز فِي الأول وَقد قدمنَا أَنه أخرج الحَدِيث الأول أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأَنه أخرج الحَدِيث الثَّانِي النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم من حَدِيث حُذَيْفَة وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أنس بِزِيَادَة وَلَفظه أَنه جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي رجل ذرب اللِّسَان وَأكْثر من ذَلِك على أَهلِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار إِنِّي أسْتَغْفر الله فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مائَة مرّة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ وَرِجَال أَحدهمَا رجال الصَّحِيح وَقد رمز المُصَنّف فِي الْبَاب الثَّامِن لحَدِيث ذرب اللِّسَان للنسائي وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ هُنَا أَن يقْتَصر على الرَّمْز للْحَاكِم كَمَا ترَاهُ // (وجاءه رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَحَدنَا يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ قَالَ فَيَعُود فيذنب قَالَ يكْتب عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ وَلَا يمل الله حَتَّى تملوا (طس. ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 وَهُوَ من حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَحَدنَا يُذنب قَالَ الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط بِإِسْنَاد حسن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت جَاءَ خبيب بن الْحَرْث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أَتُوب ثمَّ أَعُود قَالَ كلما أذنبت فتب قَالَ يَا رَسُول الله إِذن تكْثر ذُنُوبِي قَالَ عَفْو الله أَكثر من الذَّنب يَا خبيب بن الْحَرْث وَفِي إِسْنَاده نوح بن ذكْوَان وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج الْبَزَّار من حَدِيث أنس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لأذنب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا إذنبت فَاسْتَغْفر رَبك قَالَ فَإِن أستغفره ثمَّ أَعُود فأذنب قَالَ إِذا أذنبت فعد فَاسْتَغْفر رَبك فَقَالَ إِنِّي لأستغفره ثمَّ أَعُود فأذنب قَالَ إِذا أذنبت فعد فَاسْتَغْفر رَبك فَقَالَهَا فِي الرَّابِعَة فَقَالَ اسْتغْفر رَبك حَتَّى يكون الشَّيْطَان هُوَ المحسور وَفِي إِسْنَاده بشار ابْن الحكم الضَّبِّيّ ضعفه غير وَاحِد وَقيل لَا بَأْس بِهِ وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَهَذِه الْأَحَادِيث فِيهَا دَلِيل على أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقبل اسْتِغْفَار من عَاد إِلَى الذَّنب غير مرّة إِذا عاود الاسْتِغْفَار وَهَذِه بِشَارَة جليلة يَنْبَغِي أَن يفرج بهَا عباد الله ويحمدوا الله عَلَيْهَا على سَعَة رَحمته ولطفه بعباده // (يَقُول الله تَعَالَى يَا ابْن آدم إِنَّك مَا دعوتني ورجوتني غفرت لَك على مَا كَانَ مِنْك وَلَا أُبَالِي يَا ابْن آدم لَو بلغت ذنوبك عنان السَّمَاء ثمَّ استغفرتني غفرت لَك على مَا كَانَ مِنْك وَلَا أُبَالِي (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قَالَ الله يَا ابْن آدم إِنَّك مَا دعوتني ورجوتني الحَدِيث الخ وَزَاد فِي آخِره يَا ابْن آدم إِنَّك لَو أتيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا ثمَّ لقيتني لَا تشرك بِي شَيْئا لأتيتك بقرابها مغْفرَة قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب (قَوْله عنان السَّمَاء) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَهُوَ السَّحَاب وأحدها عنانة وَقيل مَا عَن لَك وَظهر إِذا رفعت رَأسك وَقَوله بقراب بِضَم الْقَاف وَهُوَ مَا يُقَارب ملأها وَفِي الحَدِيث دَلِيل على سَعَة رَحْمَة الله تَعَالَى بعباده وَأَن العَبْد إِذا كَانَ يَدْعُو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويرجوه غفر لَهُ وَأَنه إِذا قَالَ أسْتَغْفر الله تَعَالَى بعد استكثاره من الذُّنُوب وبلوغها إِلَى حد لَا يُمكن حصره وَلَا الْوُقُوف على قدره غفرها لَهُ فَانْظُر إِلَى هَذَا الْكَرم الفائض والجود المتتابع بل ورد مَا يدل على ان العَبْد إِذا أذْنب فَعلم أَن الله تَعَالَى إِن شَاءَ أَن يعذبه عذبه وَإِن شَاءَ أَن يغْفر لَهُ غفر لَهُ على ذَلِك بِمُجَرَّدِهِ مُوجبا للمغفرة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تفضلا مِنْهُ وَرَحْمَة كَمَا فِي حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أذْنب ذَنبا فَعلم أَن الله عز وَجل إِن شَاءَ عذبه وَأَن شَاءَ غفر لَهُ كَانَ حَقًا على الله أَن يغْفر لَهُ وَفِي إِسْنَاده جَابر بن مَرْزُوق الجدي وَهُوَ ضَعِيف بل ورد أَن مُجَرّد علم العَبْد أَن الله قد أطلع على ذَنبه يكون سَببا للمغفرة كَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أذْنب ذَنبا فَعلم أَن الله قد أطلع عَلَيْهِ غفر لَهُ وَإِن لم يسْتَغْفر وَفِي إِسْنَاده بن هراسة وَهُوَ مَتْرُوك وَمثل هَذَا غير مستبعد من الْفضل الرباني والتطول الرحماني فَهُوَ الَّذِي يغْفر وَلَا يُبَالِي وَيُعْطِي بِغَيْر حِسَاب وَلَيْسَ لمن وهب الله لَهُ نَصِيبا من الْعلم وحظا من الْحِكْمَة أَن يقنط عباد الله ويباعدهم من حسن الرَّجَاء وَجَمِيل الظَّن // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 (من قَالَ أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ غفر لَهُ وَإِن كَانَ قد فر من الزَّحْف (د. ت) ثَلَاث مَرَّات (ت. حب) وَخمْس مَرَّات غفر لَهُ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ مثل زبد الْبَحْر (مص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بِلَال بن يسَار بن زيد قَالَ حَدثنِي أبي عَن جدي أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من قَالَ أسْتَغْفر الله الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاده جيد مُتَّصِل فقد ذكر البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْكَبِير أَن بِلَالًا سمع من أَبِيه يسَار وَأَن يسارا سمع من أَبِيه زيد مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد اخْتلف فِي يسَار وَالِد بِلَال هَل هُوَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَو بِالْمُثَنَّاةِ من تَحت وَذكر البُخَارِيّ فِي تَارِيخه أَنه بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ فِيهِ ثَلَاث مَرَّات وَأخرجه الْحَاكِم من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَذكر هَذِه الزِّيَادَة أَعنِي ثَلَاث مَرَّات كَمَا ذكرهَا أَبُو سعيد فِي حَدِيثه وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَزَاد ابْن أبي شيبَة مَا ذكره المُصَنّف من قَوْله خمس مَرَّات وَقَوله وَإِن كَانَ عَلَيْهِ مثل زبد الْبَحْر من حَدِيث أبي سعيد وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث ابْن مَسْعُود بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات قَالَ لَا يَقُول رجل أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ إِلَّا غفر لَهُ وَإِن كَانَ فر من الزَّحْف وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الاسْتِغْفَار يمحو الذُّنُوب سَوَاء كَانَت كَبَائِر أَو صغائر فَإِن الْفِرَار من الزَّحْف من الْكَبَائِر بِلَا خلاف // (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم سبعين مرّة (ط. طس) أَكثر من سبعين مرّة (خَ) مائَة مرّة (مص. طس. ص)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَأَبُو يعلى الْموصِلِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله أما لفظ السّبْعين مرّة فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم سبعين مرّة وَفِي رِوَايَة إِنِّي لأتوب مَكَان اسْتغْفر وَقد حسن الهيثمي إِسْنَاد الطَّبَرَانِيّ وَقَالَ إِن إِسْنَاد أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأما قَوْله أَكثر من سبعين مرّة فأخرجها البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَالله إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم أَكثر من سبعين مرّة وَأخرجه من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأخرجه من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ سبعين مرّة وَفِي رِوَايَة مِنْهُ لَهُ اكثر من سبعين مرّة وَفِي رِوَايَة أُخْرَى مِنْهُ لَهُ مائَة مرّة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهَا كلهَا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وأسانيدها حَسَنَة وَهَذِه الرِّوَايَة الثَّالِثَة هِيَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا المُصَنّف رَحمَه الله وَعَزاهَا إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي شيبَة وَيَنْبَغِي الْأَخْذ بِالْأَكْثَرِ وَهُوَ رِوَايَة الْمِائَة فَيَقُول فِي كل يَوْم أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ مائَة مرّة فَإِن قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أستغفرك فَاغْفِر لي وَأَتُوب إِلَيْك فتب عَليّ فقد أَخذ بطرفي الطّلب وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَافِر الذَّنب قَابل التوب // (إِنَّه ليغان على قلبِي وَإِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْأَغَر الْمُزنِيّ وَكَانَت لَهُ صُحْبَة صُحْبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّه ليغان على قلبِي الحَدِيث الخ وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ (قَوْله ليغان) بالغين الْمُعْجَمَة مُبينًا للْمَجْهُول والغين هم الْغَيْم الَّذِي يكون فِي السَّمَاء كَمَا قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره عَن أَئِمَّة اللُّغَة وَالْمرَاد هُنَا مَا يغشى الْقلب ويغطيه قيل وَالْمرَاد بِهِ هُنَا مَا يعرض من غفلات الْقُلُوب عَن مداومة الذّكر وَقيل هُوَ غشاء رَقِيق دون الْغَيْم والغيم فَوْقه والران الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى {كلا بل ران على قُلُوبهم} هُوَ فَوق الْغَيْن لِأَنَّهُ الطَّبْع والتغطية وَالْحَاصِل أَن المُرَاد هُنَا مَا يعرض من الْغَفْلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 والسهو الَّذِي لَا يَخْلُو مِنْهُ الْبشر وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا صَحَّ عَنهُ إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ أنسى كَمَا تنسون فَإِذا نسيت فذكروني وَإِنَّمَا اسْتغْفر مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم يكن ذَنبا لعلو مرتبته وارتفاع مَنْزِلَته حَتَّى كَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يغْفل عَن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي وَقت من الْأَوْقَات // (إِن كُنَّا لنعد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمجْلس الْوَاحِد رب اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم مائَة مرّة (د. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِن كُنَّا لنعد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح غَرِيب وَلَفظه إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم وَأخرجه من حَدِيثه النَّسَائِيّ أَيْضا وَابْن ماجة بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة للنسائي اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور وَمِمَّا ورد فِي الاسْتِغْفَار الحَدِيث الطَّوِيل الَّذِي أخرجه مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي ذَر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يَقُول الله عز وَجل يَا بني آدم كلكُمْ مذنب إِلَّا من عافيت فاستغفروني أَغفر لكم الحَدِيث وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن العَبْد إِذا أَخطَأ خَطِيئَة نكت فِي قلبه نُكْتَة فَإِن هُوَ نزع عَنْهَا واستغفر صقلت فَإِن عَاد زيد فِيهَا حَتَّى يغلق قلبه فَلذَلِك الران الَّذِي ذكر الله تَعَالَى {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن للقلوب صدأ كصدأ النّحاس وجلاؤها الاسْتِغْفَار وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت رجلا إِذا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا نَفَعَنِي الله بِهِ مَا شَاءَ أَن يَنْفَعنِي بِهِ وَإِذا حَدثنِي أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَحْلَفته فَإِذا حلف لي صدقته قَالَ وحَدثني أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَصدق أَبُو بكر انه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد يُذنب ذَنبا فَيحسن الطّهُور ثمَّ يقوم فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر لَهُ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم} إِلَى آخرهَا وَلَيْسَ عِنْد بَعضهم ذكر الرَّكْعَتَيْنِ وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ واذنوباه قَالَ هَذَا القَوْل مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل اللَّهُمَّ مغفرتك أوسع من ذُنُوبِي ورحمتك أَرْجَى عِنْدِي من عَمَلي فَقَالَهَا ثمَّ قَالَ عد فَعَاد ثمَّ قَالَ عد فَعَاد ثمَّ قَالَ قُم فقد غفر الله لَك وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْكتاب قَالَ الْحَاكِم رُوَاته مدنيون لَا يعرف وَاحِد مِنْهُم بِجرح وَأخرج الْحَاكِم عَن الْبَراء أَنه قَالَ لَهُ رجل يَا أَبَا عمَارَة قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} أهوَ الرجل يلقى الْعَدو فَيُقَاتل حَتَّى يقتل قَالَ لَا وَلَكِن هُوَ الرجل يُذنب الذَّنب فَيَقُول لَا يغفره الله رَوَاهُ الْحَاكِم هَكَذَا مَوْقُوفا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِهَذِهِ الْآيَة {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن وَأخرج الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نمسك عَن الاسْتِغْفَار لأهل الْكَبَائِر حَتَّى سمعنَا نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وَقَالَ أخرت شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر يَوْم الْقِيَامَة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده جيد // فضل الْقُرْآن الْعَظِيم وسور مِنْهُ وآيات (إقرءوا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي امامة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اقْرَءُوا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه اقْرَءُوا الزهراوين الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَإِنَّهُمَا يأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو كَأَنَّهُمَا غيابتان أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف تحاجان عَن أصحابهما اقْرَءُوا سُورَة الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا يستطيعها البطلة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الْقُرْآن الْكَرِيم يشفع لأَصْحَابه وَهُوَ التالون لَهُ وَلِهَذَا أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقرَاءَته فَقَالَ اقْرَءُوا الْقُرْآن وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن من حَدِيث عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَيركُمْ من تعلم الْقُرْآن وَعلمه وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا اجْتمع قوم من بَيت من بيُوت الله يَتلون كتاب الله وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينهم إِلَّا نزلت عَلَيْهِم السكينَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُرْآن شَافِع مُشَفع وَمَاحِل مُصدق من جعله أَمَامه قَادَهُ إِلَى الْجنَّة وَمن جعله خلف ظَهره سَاقه إِلَى النَّار // (من شغله الْقُرْآن عَن ذكري ومسألتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين وَفضل كَلَام الله على سَائِر الْكَلَام كفضل الله على خلقه (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الرب تَعَالَى من شغله الْقُرْآن عَن ذكري الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب وَإِسْنَاده فِي سنَن التِّرْمِذِيّ هَكَذَا حَدثنَا مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل حَدثنَا شهَاب بن عباد حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي يزِيد الْهَمدَانِي عَن عَمْرو بن قيس عَن عَطِيَّة عَن أبي سعيد فَذكره وشهاب بن عباد هُوَ أَبُو عَمْرو الْعَبْدي الْكُوفِي ثِقَة أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا وَشَيْخه مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي يزِيد الحمداني ضَعِيف وَلم يخرج من السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَمْرو بن قيس الْملَائي ثِقَة متقن أخرج لَهُ مُسلم وَغَيره وعطية هُوَ ابْن سعد بن جُنَادَة الْعَوْفِيّ ضعفه هشيم وَابْن عدي وَحسن لَهُ التِّرْمِذِيّ أَحَادِيث هَذَا مِنْهَا قَالَ أَبُو حَاتِم وَابْن سعد هَذَا مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن المشتغل بِالْقُرْآنِ تِلَاوَة وتفكر يجازيه الله أفضل جَزَاء ويثيبه بأعظم إثابة (قَوْله وَفضل كَلَام الله الخ) هَذِه الْكَلِمَة لَعَلَّهَا خَارِجَة مخرج التَّعْلِيل لما تقدمها من انه يعْطى المشتغل بِالْقُرْآنِ أفضل مَا يعْطى الله السَّائِلين وَوجه التَّعْلِيل أَنه لما كَانَ الِاشْتِغَال بِكَلَام الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْفَائِق على كل كَلَام كَانَ أجر المشتغل بِهِ فَوق كل أجر والْحَدِيث لَوْلَا أَن فِيهِ ضعفا لَكَانَ دَلِيلا على أَن الِاشْتِغَال بالتلاوة عَن الذّكر وَعَن الدُّعَاء يكون لصَاحبه هَذَا الْأجر الْعَظِيم وَقد عرف مَا تقد م من ثَوَاب الْأَذْكَار وَعرفت مَا تقدم من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة // (من قَرَأَ الْقُرْآن فَلهُ بِكُل حرف حَسَنَة والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ حرفا من كتاب الله فَلهُ بِهِ حَسَنَة والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا لَا أَقُول آلم حرف وَلَكِن ألف حرف وَلَام حرف وَمِيم حرف قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هُوَ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه سَمِعت قُتَيْبَة بن سعيد يَقُول بَلغنِي أَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ يَعْنِي الرَّاوِي لهَذَا الحَدِيث عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ولد فِي حَيَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويروي هَذَا الحَدِيث من غير هَذَا الْوَجْه من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَص عَن عبد الله بن مَسْعُود والْحَدِيث فِيهِ التَّصْرِيح بِأَن قَارِئ الْقُرْآن لَهُ بِكُل حرف مِنْهُ حَسَنَة والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا وَلما كَانَ الْحَرْف فِيهِ يُطلق على الْكَلِمَة المتركبة من حُرُوف أوضح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان المُرَاد هُنَا الْحَرْف الْبَسِيط الْمُنْفَرد لَا الْكَلِمَة وَهَذَا أجر عَظِيم وثواب كَبِير وَللَّه الْحَمد // (الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَهُوَ ماهر بِهِ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة وَالَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن ويتتعتع فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شاق فَلهُ أَجْرَانِ (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الماهر بِالْقُرْآنِ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة الحَدِيث الخ وَهَذَا لفظ مُسلم وَفِي رِوَايَة وَالَّذِي يشْتَد عَلَيْهِ لَهُ أَجْرَانِ وَأخرجه من حَدِيثه أهل السّنَن (قَوْله ماهر بِهِ) أَي حاذق فِي حفظه وتلاوته لَا يتَوَقَّف وَلَا يتَرَدَّد عِنْد التِّلَاوَة وَلَا يشق عَلَيْهِ قِرَاءَته لجودة حفظه وَحسن أَدَائِهِ (قَوْله مَعَ السفرة الْكِرَام) السفرة جمع سَافر وهم الرُّسُل من الْمَلَائِكَة لأَنهم يسفرون إِلَى النَّاس برسالات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْمعْنَى أَن هَذَا التَّالِي لِلْقُرْآنِ مَعَ مهارته بِهِ قد يكون مَعَ الْمَلَائِكَة الَّذين يرسلهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى عباده وَقيل المُرَاد بالسفرة الكتبة الَّذين يَكْتُبُونَ أَعمال الْعباد من الْمَلَائِكَة والبررة المطيعون من الْبر وَهُوَ الطَّاعَة (قَوْله ويتتعتع) من التتعتع وَهُوَ التَّرَدُّد فِي قِرَاءَته لضعف حفظه أَو لثقل لِسَانه فَهَذَا يُعْطي أَجْرَانِ أَحدهمَا بِالْقِرَاءَةِ وَالْآخر بالمشقة الْحَاصِلَة عَلَيْهِ من التَّرَدُّد فِي الْقِرَاءَة وَأما الماهر فَأَجره عَظِيم صَار بِهِ مَعَ الْمَلَائِكَة المقرين وَذَلِكَ لَا يُشبههُ أجر ورتبة لَا تماثلها رُتْبَة // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 فضل سُورَة الْفَاتِحَة // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي واسمعه رَافع بن أَوْس بن الْمُعَلَّى وَقيل الْحَارِث بن أَوْس بن الْمُعَلَّى قَالَ كنت أُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ فدعاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أجبه قلت يَا رَسُول الله إِنِّي كنت أُصَلِّي قَالَ ألم يقل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} ثمَّ قَالَ إِلَّا أعلمنك سُورَة هِيَ أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قبل أَن تخرج فَأخذ بيَدي فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج قلت يَا رَسُول الله إِنَّك قلت أَلا أعلمنك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيتهُ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أبي بن كَعْب فَقَالَ أَتُحِبُّ أَن أعلمك سُورَة لم ينزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا قَالَ نعم يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله كَيفَ تقْرَأ فِي صَلَاتك قَالَ أَقرَأ بِأم الْقُرْآن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا وَإِنَّهَا سبع من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطيته قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن) هَذَا تَصْرِيح مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهَا أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن فَلَا يَنْبَغِي بعد هَذَا أَن يُقَال سُورَة كَذَا مثل الْفَاتِحَة فِي الْعظم اسْتِدْلَالا بِمَا ورد فِي بعض السُّور من عظم الثَّوَاب لتاليها فَإِن الثَّوَاب شَيْء آخر وَقد يكون هَذَا الْعظم الْمَنْصُوص عَلَيْهِ لهَذِهِ السُّورَة مستلزما لعظم أجرهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 وَأَنه أعظم من الأجور الْمَنْصُوص عَلَيْهَا فِي غَيرهَا من السُّور (قَوْله هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم) هَذَا يدل على أَن المُرَاد فِي الْآيَة هِيَ هَذِه السُّورَة وروى عَن ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير أَن السَّبع المثاني هِيَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعراف وَيُونُس وروى غير ذَلِك من الْأَقْوَال وَقد أوضحنا الْكَلَام فِي هَذِه الْآيَة فِي تفسيرنا فَليرْجع إِلَيْهِ // (أَعْطَيْت فَاتِحَة الْكتاب من تَحت الْعَرْش (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معقل ابْن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْمَلُوا بِالْقُرْآنِ أحلُّوا حَلَاله وحرموا حرَامه وَاقْتَدوا بِهِ وَلَا تكفرُوا بِشَيْء مِنْهُ وَمَا تشابه عَلَيْكُم فَردُّوهُ إِلَى الله وَإِلَى أولي الْعلم من بعدِي كَمَا يُخْبِرُوكُمْ وآمنوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَمَا أُوتى النَّبِيُّونَ من رَبهم وَلْيَسَعْكُمْ الْقُرْآن وَمَا فِيهِ من الْبَيَان فَإِنَّهُ أول شَافِع مُشَفع وَمَاحِل مُصدق وَإِنِّي أَعْطَيْت سُورَة الْبَقَرَة من الذّكر الأول وَأعْطيت طه والطواسين والحواميم من أَلْوَاح مُوسَى وَأعْطيت فَاتِحَة الْكتاب من تَحت الْعَرْش قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي الحَدِيث دَلِيل على شرف هَذِه السُّورَة لكَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطيها من تَحت الْعَرْش وَهَذِه مزية لم تُوجد فِي غَيرهَا وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير فَنزل وَنزل رجل إِلَى جَانِبه قَالَ فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد من حَدِيث جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أخْبركُم بأخير سُورَة فِي الْقُرْآن قلت بلَى يَا رَسُول الله قَالَ اقْرَأ الْحَمد لله رب الْعَالمين وَفِي إِسْنَاده ابْن عقيل وَحَدِيثه حسن وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات // (بَينا جِبْرِيل قَاعِدا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع نقيضا من فَوْقه فَرفع رَأسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 فَقَالَ هَذَا ملك نزل الأَرْض لم ينزل قطّ فَسلم فَقَالَ أبشر بنورين اتيتهما لم يؤتهما نَبِي قبلك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة لن تقْرَأ بِحرف مِنْهُمَا إِلَّا أَعْطيته (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بَينا جِبْرِيل قَاعِدا الحَدِيث الخ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا (قَوْله نقيضا) بالنُّون وَالْقَاف وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ الصَّوْت (قَوْله لم ينزل قطّ) هَذَا يدل على انه نزل بِالْفَاتِحَةِ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة ملك غير جِبْرِيل وَقيل إِن جِبْرِيل نزل قبل هَذَا الْملك معلما ومخبرا بنزول الْملك فَهُوَ مشارك لَهُ فِي إنزالها وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ إِن جِبْرِيل نزل بهَا أَولا بِمَكَّة ثمَّ أنزل هَذَا الْملك ثَانِيًا بثوابها (قَوْله بنورين) قد فسرهما بقوله فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة (قَوْله إِلَّا أَعْطيته) أَي أَعْطَيْت ثَوَابه أَو أعطَاهُ الله ثَوَاب مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الدُّعَاء كَمَا فِي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة فَإِنَّهَا دُعَاء وَهَكَذَا الْفَاتِحَة فَأَنَّهَا ثَنَاء وَدُعَاء كَمَا ثَبت فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ ولعبدي مَا سَأَلَ الحَدِيث // فضل سُورَة الْبَقَرَة (إِن الشَّيْطَان ليفر من الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ مَقَابِر إِن الشَّيْطَان يفر من الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ (قَوْله يفر من الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة) ظَاهره أَنه يفر إِذا سَمعهَا مرّة وَلَا يعود بعد ذَلِك لِأَن بِقِرَاءَتِهَا مرّة فِي الْبَيْت قد صدق على هَذِه الْقِرَاءَة بِهَذِهِ السُّورَة فِي الْبَيْت أَنَّهَا قُرِئت فِيهِ وَلَكِن سَيَأْتِي تَقْيِيد هَذَا الْمَنْع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 بِثَلَاثَة أَيَّام أَو ثَلَاث لَيَال وَأخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا عَلَيْهِ قَالَ اقْرَءُوا سُورَة الْبَقَرَة فَإِن الشَّيْطَان لَا يدْخل بَيْتا تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَحسن إِسْنَاده الْمُنْذِرِيّ وَفِي أول الحَدِيث دَلِيل على أَنه مَا يَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يتْرك الْقِرَاءَة فِي بَيته وَأَنه يَنْبَغِي أَن يَجْعَل فِي بَيته جُزْءا من تِلَاوَته وبعضا من صلَاته الَّتِي يتَنَفَّل بهَا // (اقْرَءُوا الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطيعها البطلة (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اقْرَءُوا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه اقْرَءُوا الزهراوين الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَإِنَّهُمَا يأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو غيابتان أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف تحاجان عَن أصحابهما اقْرَءُوا سُورَة الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطيعها البطلة قَالَ مُعَاوِيَة بن سَلام بَلغنِي أَن البطلة السَّحَرَة (قَوْله والبطلة) بِفَتْح الْبَاء والطاء وَاللَّام يُقَال أبطل إِذا جَاءَهُ بِالْبَاطِلِ وَقيل هم الشجعان من أهل الْبَاطِل // (لكل شَيْء سَنَام وسنام الْقُرْآن الْبَقَرَة (ت. حب. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل شَيْء سَنَام وَإِن سَنَام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة وفيهَا آيَة هِيَ سيدة آي الْقُرْآن آيَة الْكُرْسِيّ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء سناما وَإِن سَنَام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة من قَرَأَهَا فِي بَيته لَيْلًا لم يدْخل الشَّيْطَان بَيته ثَلَاث لَيَال وَمن قَرَأَهَا فِي بَيته نَهَارا لم يدْخل الشَّيْطَان بَيته ثَلَاثَة أَيَّام (قَوْله لكل شَيْء سَنَام) سَنَام الشَّيْء أَعْلَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 فَالْمَعْنى أَن سُورَة الْبَقَرَة أَعلَى الْقُرْآن وأرفعه قيل وَالْمرَاد بِكَوْنِهَا سناما لِلْقُرْآنِ أَنَّهَا جمعت من الْأَحْكَام مَا لم يجمعه غَيرهَا وَقيل لطولها طولا يزِيد على كل سُورَة من سور الْقُرْآن وَالظَّاهِر أَن هَذِه الْفَضِيلَة لَهَا ثَابِتَة من غير نظر إِلَى طولهَا أَو جمعهَا لكثير من الْأَحْكَام وَلِهَذَا كَانَ أَخذهَا بركَة وَكَانَ الشَّيْطَان يفرمن الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ // (من قَرَأَهَا لَيْلًا لم يدْخل الشَّيْطَان بَيته ثَلَاث لَيَال وَمن قَرَأَهَا نَهَارا لم يدْخل الشَّيْطَان بَيته ثَلَاثَة أَيَّام (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء سناما وَإِن سَنَام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة من قَرَأَهَا الحَدِيث الخ وَقد قدمنَا لفظ هَذَا الحَدِيث فِي شرح الحَدِيث الَّذِي قبله وَفِيه دَلِيل أَن قرَاءَتهَا لَيْلًا تمنع الشَّيْطَان من دُخُول الْبَيْت ثَلَاث لَيَال وقراءتها نَهَارا تمنع الشَّيْطَان من دُخُول الْبَيْت ثَلَاثَة أَيَّام فَيكون هَذَا الحَدِيث مُبينًا لحَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم إِن الشَّيْطَان يفر من الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ // (أَعْطَيْت الْبَقَرَة من الذّكر الأول (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معقل بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْمَلُوا بِالْقُرْآنِ أحلُّوا حَلَاله وحرموا حرَامه وَاقْتَدوا بِهِ وَلَا تكفرُوا بِشَيْء مِنْهُ وَمَا تشابه عَلَيْكُم مِنْهُ فَردُّوهُ إِلَى الله وَإِلَى أولى الْعلم من بعدِي كَمَا يُخْبِرُوكُمْ وآمنوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَمَا أُوتى النَّبِيُّونَ من رَبهم وَلْيَسَعْكُمْ الْقُرْآن وَمَا فِيهِ من الْبَيَان فَإِنَّهُ شَافِع مُشَفع وَمَا حل مُصدق وَإِنِّي أَعْطَيْت سُورَة الْبَقَرَة من الذّكر الأول إِلَى آخر الحَدِيث وَقد قدمْنَاهُ فِي فَضَائِل الْفَاتِحَة لِأَن المُصَنّف ذكر طرفا مِنْهُ هُنَالك وطرفا مِنْهُ هُنَا فَذكر هُنَالك قَوْله وَأعْطيت فَاتِحَة الْكتاب من تَحت الْعَرْش وَهَذَا الْفضل هُوَ آخر هَذَا الحَدِيث وَذكر هُنَا قَوْله وَأعْطيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 سُورَة الْبَقَرَة من الذّكر الأول وَالْمرَاد بِالذكر الأول الْكتب الْمنزلَة على الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين // فضل الْبَقَرَة وَآل عمرَان (اقْرَءُوا الزهراوين الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَإِنَّهُمَا يأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو كَأَنَّهُمَا غيايتان أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف يحاجان عَن أصحابهما (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اقْرَءُوا الزهراوين الحَدِيث الخ (قَوْله الزهراوين) سميت الْبَقَرَة وَآل عمرَان زهراوين لنورهما وهدايتهما وَعظم أجرهما وَالْمرَاد بالزهراوين المنيرتان (قَوْله غمامتان) بالغين الْمُعْجَمَة يَعْنِي سحابتين وَإِنَّمَا سمي غماما لِأَنَّهُ يغم السَّمَاء أَي يَسْتُرهَا (قَوْله غيايتان) بالغين الْمُعْجَمَة وتكرير الْيَاء التَّحْتِيَّة ثمَّ مثناه من فَوق قَالَ أَبُو عبيد الغياية كل شَيْء أظل الْإِنْسَان فَوق رَأسه كالسحابة والغاشية (قَوْله فرقان) بِكَسْر الْفَاء وَإِسْكَان الرَّاء تَثْنِيَة فرق وَهُوَ الْقطع أَي قطعتان من طير صواف باسطة أَجْنِحَتهَا حَال طيرانها (قَوْله يحاجان عَن أصحابهما) أَي يقيمان الْحجَّة لَهُ ويجادلان عَنهُ وصاحبهما هُوَ المستكثر من قراءتهما وَظَاهر الحَدِيث أَنَّهُمَا يتجسمان حَتَّى يَكُونَا كَأحد هَذِه الثَّلَاثَة الَّتِي شبهها بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يقدرهما الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على النُّطْق بِالْحجَّةِ وَذَلِكَ غير مستبعد من قدرَة الْقَادِر الْقوي الَّذِي يَقُول للشَّيْء كن فَيكون وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث النواس بن سمْعَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يُؤْتى بِالْقُرْآنِ يَوْم الْقِيَامَة وَأَهله الَّذين كَانُوا يعْملُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا تقدمه سُورَة الْبَقَرَة وَآل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 عمرَان وَضرب لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَمْثَال مَا نسيتهن بعد قَالَ كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو ظلتان سوداوان بَينهمَا شَرق أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير يحاجان عَن صَاحبهمَا // فضل آيَة الْكُرْسِيّ (هِيَ أعظم آيَة فِي كتاب الله (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا الْمُنْذر أَتَدْرِي أَي آيَة من كتاب الله مَعَك أعظم قلت الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم قَالَ فَضرب فِي صَدْرِي وَقَالَ لِيَهنك الْعلم يَا أَبَا الْمُنْذر وَأخرجه من حَدِيثه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي شيبَة وَزَاد وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن لهَذِهِ الْآيَة لِسَانا وشفتين تقدس الْملك عِنْد سَاق الْعَرْش وَهَذِه الزِّيَادَة رَوَاهَا بِإِسْنَاد مُسلم وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن آيَة الْكُرْسِيّ أعظم أَيَّة فِي الْقُرْآن وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه لَا يقرب قَارِئهَا شَيْطَان كَمَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي أَيُّوب وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيح فِي قصَّة الشَّيْطَان الَّذِي جَاءَ يسرق عَلَيْهِمَا التَّمْر // (هِيَ سيدة آي الْقُرْآن (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل شَيْء سَنَام وَإِن سَنَام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة وَإِن فِيهَا آيَة هِيَ سيدة آي الْقُرْآن وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا اللَّفْظ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثه بِلَفْظ سُورَة الْبَقَرَة فِيهَا آيَة سيدة آي الْقُرْآن لَا تقْرَأ فِي بَيت وَفِيه شَيْطَان إِلَّا خرج مِنْهُ آيَة الْكُرْسِيّ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله هِيَ سيدة آي الْقُرْآن) فِيهِ إِثْبَات السِّيَادَة لهَذِهِ الْآيَة على جَمِيع آيَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 الْقُرْآن وَذَلِكَ شرف عَظِيم فَإِن سيد الْقَوْم لَا يكون إِلَّا أَشْرَفهم خِصَالًا وأكملهم حَالا وَأَكْثَرهم جلالا // (لَا تضعها على مَال أَو ولد فيقربك شَيْطَان (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن الغول تَأتي فتأخذ طَعَامه فشكاها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث أَن الغول قَالَت لَهُ أَرْسلنِي وأعلمك آيَة من كتاب الله تَعَالَى لَا تضعها على مَال وَلَا ولد فيقربك شَيْطَان أبدا قلت مَا هِيَ قَالَت لَا أَسْتَطِيع أَن أَتكَلّم بهَا آيَة الْكُرْسِيّ وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَيُؤَيّد معنى هَذَا الحَدِيث مَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه يفر مِنْهَا الشَّيْطَان وَلَا يقرب تَالِيهَا وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَنه قَالَ لَهُ اقرأها فِي بَيْتك فَلَا يقربك شَيْطَان وَلَا غَيره فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقك وَهُوَ كذوب أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ اقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ حَتَّى تختمها فَإِنَّهُ لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ وَلنْ يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صدقك وَهُوَ كذوب // فضل آخر سُورَة الْبَقَرَة (الْآيَتَانِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة آمن الرَّسُول إِلَى آخرهَا لَا يقرآن فِي دَار ثَلَاث لَيَال فيقربها شَيْطَان (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 حَدِيث النُّعْمَان ابْن بشير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله قد كتب كتابا قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بألفي عَام أنزل مِنْهُ آيَتَيْنِ وَختم بهما سُورَة الْبَقَرَة لَا يقرآن فِي دَار ثَلَاث لَيَال فيقربها شَيْطَان هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيثه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَلَفظه لَا يقرآن فِي بَيت فيقربه شَيْطَان ثَلَاث لَيَال // (من قرأهما فِي لَيْلَة كفتاه (ع)) // الحَدِيث أخرجه الْجَمَاعَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ بالآيتين من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه (قَوْله كفتاه) أَي أَجْزَأَتَاهُ عَن قيام اللَّيْل وَقيل كفتاه من كل شَيْطَان فَلَا يقربهُ ليلته وَقيل كفتاه مَا يكون من الْآفَات الَّتِي تكون فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَقيل مَعْنَاهُ حَسبه بهما فضلا وَأَجرا وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي الْأَدْعِيَة الَّتِي تقال فِي اللَّيْل وَقد قدمنَا هُنَالك أَن الأولى حمل قَوْله كفتاه على جَمِيع الْمعَانِي هَذِه لِأَن حذف الْمُتَعَلّق مشْعر بالتعميم كَمَا تقرر فِي علم الْمعَانِي // (إِن الله ختم الْبَقَرَة بآيتين أعطانيهما من كنزه الَّذِي تَحت عَرْشه فتعلموهن وعلموهن نساءكم وأبناءكم فَإِنَّهَا صَلَاة وَقُرْآن وَدُعَاء (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله ختم سُورَة الْبَقَرَة الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَفِي إِسْنَاده مُعَاوِيَة بن صَالح وَقد أخرج لَهُ مُسلم وَأخرج هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن جُبَير بن نفير (قَوْله فَإِنَّهَا صَلَاة وَقُرْآن وَدُعَاء) أَي يقْرَأ بهما الْمُصَلِّي فِي صلَاته وَيَتْلُو بهما التَّالِي فِي تِلَاوَته وَيَدْعُو بهما الدَّاعِي فِي دُعَائِهِ // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 فضل سُورَة الْأَنْعَام (لما نزلت سبح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لقد شيع هَذِه السُّورَة من الْمَلَائِكَة مَا سد الْأُفق (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما نزلت سُورَة الْأَنْعَام سبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالصَّغِير نَحوه عَن ابْن عمر وَفِي إِسْنَاده عَطِيَّة الصفار وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس نَحوه أَيْضا وَفِي إِسْنَاده رجلَانِ مَجْهُولَانِ (قَوْله سبح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي قَالَ سُبْحَانَ الله تَعَجبا من كَثْرَة من نزل من الْمَلَائِكَة مَعَ هَذِه السُّورَة (قَوْله لقد شيع هَذِه السُّورَة) أَي نزل مشيعا لَهَا مَا سد الْأُفق من الْمَلَائِكَة لكثرتهم وَفِيه دَلِيل على أَن هَذِه السُّورَة نزلت جملَة وَاحِدَة // فضل سُورَة الْكَهْف (من قَرَأَهَا يَوْم الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور مَا بَين الجمعتين (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قرا سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور مَا بَين الجمعتين وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله لَيْلَة الْجُمُعَة) هَكَذَا فِي بعض نسخ هَذَا الْكتاب وَفِي بَعْضهَا يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ الصَّوَاب الْمُوَافق لما فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا ذكرنَا ومعنا إضاءة النُّور لَهُ مَا بَين الجمعتين أَنه لَا يزَال عَلَيْهِ أَثَرهَا وثوابها فِي جَمِيع الْأُسْبُوع // (من قَرَأَهَا لَيْلَة الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور فِيمَا بَينه وَبَين الْبَيْت الْعَتِيق (مى. مو)) // الحَدِيث أخرجه الدَّارمِيّ مَوْقُوفا كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهَكَذَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 بعض النّسخ رمز الدَّارمِيّ وَفِي بَعْضهَا رمز ابْن السّني وَهُوَ غلط فَإِن الدَّارمِيّ أخرجه فِي مُسْنده مَوْقُوفا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَلَفظه من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف لَيْلَة الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور فِيمَا بَينه وَبَين الْبَيْت الْعَتِيق وَرِجَاله ثِقَات مُحْتَج بهم إِلَّا أَبَا هَاشم يحيى بن دِينَار الرماني وَقد وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَمعنى إضاءة النُّور لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين الْبَيْت الْعَتِيق الْمُبَالغَة فِي ثَوَاب تلاوتها بِمَا تتعقله الأفهام وتتصوره الْعُقُول // (من قَرَأَهَا كَمَا أنزلت كَانَت لَهُ نورا من مقَامه إِلَى مَكَّة وَمن قَرَأَ بِعشر آيَات من آخرهَا فَخرج الدَّجَّال لم يُسَلط عَلَيْهِ (مس. س)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَمَا أنزلت كَانَت لَهُ نورا من مقَامه إِلَى مَكَّة وَمن قَرَأَ بِعشر آيَات من آخرهَا فَخرج الدَّجَّال لم يُسَلط عَلَيْهِ هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَقَالَ بعد إِخْرَاجه هَذَا رَفعه خطأ وَالصَّوَاب أَنه مَوْقُوف انْتهى يَعْنِي أَن الصَّوَاب الْوَقْف كَمَا ذكره الدَّارمِيّ فِي رِوَايَته الْمُتَقَدّمَة وَقد قدمنَا أَن رواتها ثِقَات مُحْتَج بهم وَالَّذين رووا الْمَوْقُوف هم الَّذين رووا الْمَرْفُوع قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه هَذَا الحَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث معَاذ بن أنس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ أول سُورَة الْكَهْف وَآخِرهَا كَانَت لَهُ نورا من قدمه إِلَى رقبته وَمن قَرَأَهَا كلهَا كَانَت لَهُ نورا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَفِيه مقَال وَحَدِيثه حسن وَمعنى إضاءة النُّور هُوَ مَا قدمْنَاهُ وَالله أعلم // (من حفظ عشر آيَات من أَولهَا عصم من فتْنَة الدَّجَّال (م. د) من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْكَهْف عصم من فتنه الدَّجَّال (ت)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حفظ عشر آيَات من أول سُورَة الْكَهْف عصم من الدَّجَّال هَذَا لفظ مُسلم وَلَفظ أبي دَاوُد عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَلَفظ التِّرْمِذِيّ من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَأبي دَاوُد من هَذَا الحَدِيث من آخر الْكَهْف وَأخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيثه بِلَفْظ من قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من الْكَهْف وَلَا مُنَافَاة بَين رِوَايَة الثَّلَاث الْآيَات وَالْعشر الْآيَات لِأَن الْوَاجِب الْعَمَل بِالزِّيَادَةِ فَيقْرَأ عشر آيَات من أَولهَا وَأما اخْتِلَاف الرِّوَايَات بَين أَن تكون الْعشْر من أَولهَا أَو من آخرهَا فَيَنْبَغِي الْجمع بَينهَا بِقِرَاءَة الْعشْر الْأَوَائِل وَالْعشر الْأَوَاخِر وَمن أَرَادَ أَن يحصل على الْكَمَال وَيتم لَهُ مَا تضمنته هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا فليقرأ سُورَة الْكَهْف كلهَا يَوْم الْجُمُعَة ويقرأها كلهَا لَيْلَة الْجُمُعَة // (من أدْرك الدَّجَّال فليقرأ عَلَيْهِ فواتحها (م. عه) فَإِنَّهَا جواركم من فتنته (د)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث النواس ابْن سمْعَان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ حَدِيث طَوِيل ذكر فِيهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّجَّال وحذر مِنْهُ ثمَّ قَالَ فِي آخِره فَمن أدْركهُ فليقرأ فواتح سُورَة الْكَهْف وَلَفظ أبي دَاوُد فَإِنَّهَا جواركم من فتنته وَيَنْبَغِي أَن تحمل هَذِه الفواتح على الْعشْر الْآيَات من أول الْكَهْف جمعا بَين هَذِه الْأَحَادِيث والْحَدِيث الأول // (أَعْطَيْت طه والطواسين والحواميم من أَلْوَاح مُوسَى (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معقل بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْمَلُوا بِالْقُرْآنِ أحلُّوا حَلَاله وحرموا حرَامه وَاقْتَدوا بِهِ وَلَا تكفرُوا بِشَيْء مِنْهُ وَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 تشابه عَلَيْكُم فَردُّوهُ إِلَى الله وَإِلَى أولي الْعلم من بعدِي كَمَا يُخْبِرُوكُمْ وآمنوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ من رَبهم وَلْيَسَعْكُمْ الْقُرْآن وَمَا فِيهِ من الْبَيَان فَإِنَّهُ شَافِع مُشَفع وَمَا حل مُصدق وَأَنِّي أَعْطَيْت سُورَة الْبَقَرَة من الذّكر الأول وَأعْطيت طه والطواسين والحواميم من أَلْوَاح مُوسَى وَأعْطيت فَاتِحَة الْكتاب من تَحت الْعَرْش قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي فَضَائِل الْفَاتِحَة وَفِي فَضَائِل الْبَقَرَة وَذَكَرْنَاهُ هُنَا لِأَن المُصَنّف فرقه فِي مَوَاضِع هَذَا الْموضع الثَّالِث مِنْهَا // فضل سُورَة يس (قلب الْقُرْآن يس لَا يقْرؤهَا رجل يُرِيد الله وَالدَّار الْآخِرَة إِلَّا غفر لَهُ اقرؤها على مَوْتَاكُم (س. د. ق. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معقل بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قلب الْقُرْآن يس الحَدِيث الخ هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَقد قدمنَا ذكر أَلْفَاظه وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ (قَوْله قلب الْقُرْآن يس) قلب كل شَيْء لبه وخالصه فَهَذِهِ السُّورَة لب الْقُرْآن وخالصه (قَوْله اقرءوها على مَوْتَاكُم) وَجه ذَلِك مَا ذكر فِيهَا من الْآيَات الَّتِي ذكر فِيهَا الْمَوْت والحياة مثل قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى} وَقَوله {وَنفخ فِي الصُّور} وَيحْتَمل ان يكون ذَلِك لخاصية مَوْجُودَة فِيهَا تَقْتَضِي التَّخْفِيف على الْأَمْوَات بِقِرَاءَتِهَا وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء قلبا وقلب الْقُرْآن يس وَمن قَرَأَ يس كتب الله لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَة الْقُرْآن عشر مَرَّات قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث غَرِيب وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن السّني من حَدِيث جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قرا يس فِي لَيْلَة ابْتِغَاء وَجه الله غفر لَهُ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وَفِي إِسْنَاده أغلب بن تَمِيم وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من داوم على قِرَاءَة يس فِي كل لَيْلَة ثمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدا وَفِي إِسْنَاده سعيد بن مُوسَى الْأَزْدِيّ وَهُوَ كَذَّاب // فضل سُورَة الْفَتْح (الْفَتْح احب أَلِي مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد أنزلت عَليّ اللَّيْلَة سُورَة لهي احب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس ثمَّ قَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} وَأخرجه من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَمعنى أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أَن هَذِه السُّورَة أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَفِي ذَلِك فَضِيلَة عَظِيمَة لهَذِهِ السُّورَة // فضل سُورَة الْملك (تبَارك الْملك ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ (حب. عه) تستغفر لصَاحِبهَا حَتَّى يغْفر لَهُ (حب)) // الحَدِيث أخرجه أهل السّنَن الْأَرْبَع وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن سُورَة من الْقُرْآن ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ وَهِي تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك) هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان فِي صَحِيحه تستغفر لصَاحِبهَا حَتَّى يغْفر لَهُ // (وددت أَنَّهَا فِي قلب كل مُؤمن (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ ضرب بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خباءه على قبر وَهُوَ لَا يحْسب أَنه قبر فَإِذا هُوَ قبر إِنْسَان يقْرَأ سُورَة الْملك حَتَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 خَتمهَا بِهِ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ضربت خبائي على قبر وَأَنا لَا أَحسب أَنه قبر فَإِذا هُوَ قبر إِنْسَان يقْرَأ سُورَة الْملك حَتَّى خَتمهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ الْمَانِعَة هِيَ المنجية تنجيه من عَذَاب الْقَبْر وددت أَنَّهَا فِي قلب كل مُؤمن يَعْنِي {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه إِسْنَاده عِنْد اليمانيين صَحِيح وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيثه مُخْتَصرا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وددت أَنَّهَا فِي قلب كل مُؤمن يَعْنِي {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَقَالَ حسن غَرِيب وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ يُؤْتى الرجل فِي قَبره فتؤتى رِجْلَاهُ فَيَقُول لَيْسَ لكم على مَا قبلي سَبِيل كَانَ يقْرَأ سُورَة الْملك ثمَّ يُؤْتى من قبل صَدره أَو قَالَ بَطْنه فَيَقُول لَيْسَ لكم على مَا قبلي سَبِيل كَانَ يقرا سُورَة الْملك ثمَّ يُؤْتى من قبل رَأسه فَيَقُول لَيْسَ لكم على مَا قبلي سَبِيل كَانَ يقْرَأ سُورَة الْملك فَهِيَ الْمَانِعَة تمنع من عَذَاب الْقَبْر وَهِي فِي التَّوْرَاة سُورَة الْملك من قَرَأَهَا فِي لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه النَّسَائِيّ مُخْتَصرا من حَدِيثه بِلَفْظ من قَرَأَ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كل لَيْلَة مَنعه الله عز وَجل بهَا من عَذَاب الْقَبْر وَكُنَّا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسميها الْمَانِعَة لِأَنَّهَا فِي كتاب الله عز وَجل سُورَة الْمَانِعَة من قَرَأَهَا فِي كل لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب // فضل سُورَة الزلزلة (إِذا زلزلت الأَرْض ربع الْقُرْآن (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل من أَصْحَابه هَل تزوجت يَا فلَان قَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله مَا عِنْدِي مَا أَتزوّج بِهِ قَالَ أَلَيْسَ مَعَك قل هُوَ الله أحد قَالَ بلَى قَالَ ثلث الْقُرْآن قَالَ أَلَيْسَ مَعَك إِذا جَاءَ نصر الله قَالَ بلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 قَالَ ربع الْقُرْآن قَالَ أَلَيْسَ مَعَك {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} قَالَ بلَى قَالَ ربع الْقُرْآن قَالَ أَلَيْسَ مَعَك إِذا زلزلت الأَرْض قَالَ بلَى قَالَ ربع الْقُرْآن تزوج تزوج قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن وَقد تكلم فِي هَذَا الحَدِيث مُسلم فِي كتاب التَّمْيِيز وَهُوَ من رِوَايَة سَلمَة بن وردان عَن انس قَالَ ابو حَاتِم لَيْسَ بِقَوي عَامَّة مَا عِنْده عَن انس مُنكر وَقَالَ يحيى بن معِين لَيْسَ حَدِيثه بِذَاكَ // (تعدل نصف الْقُرْآن (مس. ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا زلزلت الأَرْض تعدل نصف الْقُرْآن و {قل هُوَ الله أحد} تعدل ثلث الْقُرْآن و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} تعدل ربع الْقُرْآن قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يمَان بن الْغيرَة انْتهى وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الاسناد قلت يمَان بن الْمُغيرَة الَّذِي هُوَ الْعَنزي قَالَ يحيى ابْن معِين لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَضَعفه أَبُو زرْعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ ابْن عدي لَا أرى بِهِ بَأْسا فالعجب من الْحَاكِم حَيْثُ صحّح حَدِيثه (قَوْله تعدل نصف الْقُرْآن) قيل وَجه ذَلِك أَنَّهَا مُشْتَمِلَة على أَحْوَال الْآخِرَة وَهِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَال الدُّنْيَا نصف وَلكَون فِيهَا قَوْله عز وَجل {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وَالظَّاهِر أَن ذَلِك لسر لَا نعلمهُ وَلَا كلفنا بِعِلْمِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي للْمُصَنف رَحمَه الله أَن يذكر هُنَا سُورَة التكاثر فقد أخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يقْرَأ ألف آيَة فِي كل يَوْم قَالُوا وَمن يَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ أما يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يقْرَأ أَلْهَاكُم التكاثر أخرجه الْحَاكِم عَن عقبَة بن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات إِلَّا أَن عقبَة لَا أعرفهُ // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 فضل سُورَة الْكَافِرُونَ (الْكَافِرُونَ ربع الْقُرْآن (ت) تعدل ربع الْقُرْآن (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَاللَّفْظ الأول من حَدِيث أنس الْمُتَقَدّم بِلَفْظ أَلَيْسَ مَعَك قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ قَالَ بلَى قَالَ ربع الْقُرْآن وَاللَّفْظ الثَّانِي من حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمُتَقَدّم بِلَفْظ وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ تعدل ربع الْقُرْآن وَقد قدمنَا الْكَلَام على الْحَدِيثين فَلَا نعيده // (نعم السورتان يقرآن فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر الْإِخْلَاص والكافرون (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول نعم السورتان يقرآن فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَقل هُوَ الله أحد وَصَححهُ ابْن حبَان (قَوْله الْإِخْلَاص والكافرون) كَذَا فِي بعض نسخ هَذَا الْكتاب وَفِي أَكْثَرهَا تَقْدِيم الْكَافِرُونَ على الْإِخْلَاص وَهُوَ الصَّوَاب لمطابقة متن الحَدِيث كَمَا ذكر لكَون سُورَة الْكَافِرُونَ تقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى وَالْإِخْلَاص فِي الثَّانِيَة وَقد وَردت أَحَادِيث فِي مَشْرُوعِيَّة الْقِرَاءَة فِي هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ بِهَاتَيْنِ السورتين وَقد قدمنَا ذكر بَعْضهَا فِي هَذَا الْكتاب // فضل إِذا جَاءَ نصر الله (إِذا جَاءَ نصر الله ربع الْقُرْآن (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمُتَقَدّم وَفِيه بِلَفْظ أَلَيْسَ مَعَك إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح قَالَ بلَى قَالَ ربع الْقُرْآن وَقد قدمنَا ذكر الحَدِيث وَذكرنَا مَا قيل فِي إِسْنَاده // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 فضل قل هُوَ الله أحد (قل هُوَ الله ثلث الْقُرْآن (م) تعدل ثلث الْقُرْآن (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف وَهُوَ مَرْوِيّ من طَرِيق جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهَا عَن أَبى سعيد عِنْد البُخَارِيّ وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَن رجلا سمع رجلا يقْرَأ قل هُوَ الله أحد يُرَدِّدهَا فَلَمَّا أصبح أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر لَهُ ذَلِك وَكَأن الرجل يتقالها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن وَمِنْهَا عَن أبي الدَّرْدَاء عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ فِي لَيْلَة ثلث الْقُرْآن قَالُوا وَكَيف يقْرَأ ثلث الْقُرْآن فِي لَيْلَة قَالَ قل هُوَ الله أحد تعدل ثلث الْقُرْآن وَمِنْهَا حَدِيث أنس الْمُتَقَدّم فِي حَدِيث الزلزلة وَمِنْهَا حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمُتَقَدّم هُنَالك أَيْضا وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْآتِي وَقد علل كَونهَا تعدل ثلث الْقُرْآن بعلل ضَعِيفَة واهية وَالْأَحْسَن أَن يُقَال ذَلِك لسر لم نطلع عَلَيْهِ وَلَيْسَ لنا الْكَشْف عَن وَجهه وَهَكَذَا سَائِر مَا تقدم // (وَسمع رجلا يقْرؤهَا فَقَالَ وَجَبت لَهُ الْجنَّة (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ أَقبلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمع رجلا يقْرَأ قل هُوَ الله أحد إِلَى آخرهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَبت وَجَبت فَسَأَلته مَاذَا يَا رَسُول الله فَقَالَ الْجنَّة قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَأَرَدْت أَن أذهب إِلَى الرجل أُبَشِّرهُ ثمَّ فرقت أَن يفوتني الْغَدَاء مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذهبت إِلَى الرجل فَوَجَدته قد ذهب قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَقد وَردت فِي هَذِه السُّورَة أَحَادِيث دَالَّة على عظم فَضلهَا وَكَثْرَة أجر تَالِيهَا مِنْهَا مَا تقدم وَمِنْهَا مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رجلا على سَرِيَّة وَكَانَ يقْرَأ لأَصْحَابه فِي صلَاته فيختم بقل هُوَ الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 أحد فَلَمَّا رجعُوا ذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سلوه لأي شَيْء يصنع ذَلِك فَسَأَلُوهُ فَقَالَ إِنَّهَا صفة الرَّحْمَن وَأَنا أحب أَن أَقرَأ بهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ أَن الله سُبْحَانَهُ يُحِبهُ وَأخرج البُخَارِيّ نَحوه من حَدِيث أنس وَفِيه أَن أَصْحَاب الرجل قَالُوا لَهُ أما أَن تقْرَأ بهَا وَإِمَّا أَن تدعها وتقرأ بِأُخْرَى ثمَّ ارتفعوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مَا يحملك على لُزُوم هَذِه السُّورَة فِي كل رَكْعَة فَقَالَ إِنِّي أحبها فَقَالَ حبك أياها أدْخلك الْجنَّة وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد مُسلم وَغَيره إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه احشدوا فَأَنِّي سأقرا عَلَيْكُم ثلث الْقُرْآن ثمَّ خرج فَقَرَأَ قل هُوَ الله أحد وَقد قدمنَا فِي الْأَذْكَار الَّتِي تقال فِي اللَّيْل وَالنَّهَار أَحَادِيث وَذكرنَا أجر من قَرَأَهَا مرّة أَو مَرَّات على اخْتِلَاف الْأَعْدَاد فَليرْجع إِلَى ذَلِك // فضل سورتي الفلق وَالنَّاس (أَلا أعلمك خير سورتين قرئتا (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عقبَة بن عَامر قَالَ كنت أَقُود برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاقَته فِي السّفر فَقَالَ لي يَا عقبَة أَلا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني قل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس فَلم يرني سررت بهما جدا فَلَمَّا نزل لصَلَاة الصُّبْح صلى بهما صَلَاة الصُّبْح للنَّاس فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصَّلَاة الْتفت إِلَيّ فَقَالَ يَا عقبَة كَيفَ رَأَيْت وَفِي رِوَايَة أَنه قَالَ يَا عقبَة تعوذ بهما فَمَا تعوذ متعوذ بمثلهما وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم بِنَحْوِ هَذَا وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وأصل هَذَا الحَدِيث فِي مُسلم عَن عقبَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم تَرَ آيَات أنزلت اللَّيْلَة لم ير مِثْلهنَّ قل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس وَلَفظ الْحَاكِم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عقبَة أَقرَأ قل أعوذ بِرَبّ الفلق فَإنَّك لن تقْرَأ سُورَة أحب إِلَى الله وأبلغ مِنْهَا فَإِن اسْتَطَعْت أَن لَا تفوتك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 فافعل وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقرَأ يَا جَابر فَقلت بِأبي وَأمي وَأَنت وَمَا أَقرَأ قَالَ قل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس فقرأتهما فَقَالَ وَلنْ تقْرَأ بمثلهما وَأخرج أَحْمد بِرِجَال ثِقَات من حَدِيث عقبَة قَالَ لقِيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي يَا عقبَة بن عَامر أَلا أعلمك سورا مَا أنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مِثْلهنَّ لَا تَأتي لَيْلَة إِلَّا قَرَأت بِهن قل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد أنزل عَليّ آيَات لم ينزل عَليّ مِثْلهنَّ المعوذتين (قَوْله خير سورتين قرئتا) فِيهِ دَلِيل على مزِيد فضلهما وَلَا تعَارض بَين هَذَا وَبَين مَا ورد فِيهِ مثل ذَلِك من السُّور والآيات بل يَنْبَغِي أَن يحمل مَا ورد تفضيله على انه فَاضل على مَا عدا مَا قد وَقع تفضيله بِدَلِيل آخر فالتفضيل من هَذِه الْحَيْثِيَّة إضافي لَا حَقِيقِيّ وَهَذَا جمع حسن فَإِن منع مَانع من ذَلِك فالمرجع التَّرْجِيح بَين الْأَدِلَّة القاضية بالتفضيل // (مَا سَأَلَ سَائل وَلَا استعاذ مستعيذ بمثلهما (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعقبة اقْرَأ بهما كلما نمت وَكلما قُمْت مَا سَأَلَ سَائل وَلَا استعاذ مستعيذ بمثلهما وَهَذَا أحد أَلْفَاظ حَدِيث عقبَة الْمُتَقَدّم وَهَكَذَا أخرج هَذِه الرِّوَايَة بِهَذَا اللَّفْظ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ السُّيُوطِيّ // (وَكَانَ يتَعَوَّذ من الجان وَعين الْإِنْسَان حَتَّى نزلتا أَخذ بهما وَترك مَا سواهُمَا (ت. س)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ من الجان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 وَعين الْإِنْسَان حَتَّى نزلت المعوذتان فَلَمَّا نزلتا أَخذ بهما وَترك مَا سواهُمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَأخرجه ابْن ماجة من حَدِيثه أَيْضا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على الِاسْتِعَاذَة بِهَاتَيْنِ السورتين أولى من الِاسْتِعَاذَة بِغَيْرِهِمَا لَكِن لَا فِي مُطلق الِاسْتِعَاذَة بل فِي التَّعَوُّذ من الجان وَعين الْإِنْسَان // (اقرأهما كلما نمت وَكلما قُمْت (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَهُوَ أحد أَلْفَاظ حَدِيث عقبَة بن عَامر الْمُتَقَدّم كَمَا عرفناك وَقد أخرجه بِهَذَا اللَّفْظ احْمَد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ السُّيُوطِيّ وَمِمَّا ورد فِي فضل هَاتين السورتين مَا أخرجه أَحْمد وَرِجَال إِسْنَاده رجال الصَّحِيح عَن يزِيد بن عبد الله بن الشخير قَالَ قَالَ رجل كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَالنَّاس يعتقبون وَفِي الظّهْر قلَّة فحانت نزلة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونزلتي فلحقني من بعدِي فَضرب مَنْكِبي فَقَالَ قل أعوذ بِرَبّ الفلق فَقَرَأَ بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأتها مَعَه وَقَالَ لي قل أعوذ بِرَبّ النَّاس فقرأها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأتها مَعَه ثمَّ قَالَ إِذا أَنْت صليت فاقرأ بهما وَأخرج الْبَزَّار بِإِسْنَاد رِجَاله رجال الصَّحِيح من حَدِيث عبد الله الْأَسْلَمِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَطن واق استقبلتنا ضَبَابَة فأضلتنا الطَّرِيق فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك عدل إِلَى كثيب فَأَنَاخَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ وَقَامَ عَلَيْهِ مَا شَاءَ الله فَمَا زَالَ يُصَلِّي حَتَّى طلع الْفجْر فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم براس نَاقَته ثمَّ مَشى وَعبد الله الْأَسْلَمِيّ إِلَى جنبه فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على صَدْرِي ثمَّ قَالَ قل قلت وَمَا أَقُول قَالَ قل هُوَ الله أحد قَالَ ثمَّ قَالَ قل قلت وَمَا أَقُول قَالَ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق من} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 شَرّ مَا خلق) فَقلت حَتَّى فرغت مِنْهَا ثمَّ قَالَ قل قلت وَمَا أَقُول قَالَ قل أعوذ بِرَبّ النَّاس قلت قل أعوذ بِرَبّ النَّاس حَتَّى فرغت مِنْهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا يتَعَوَّذ فَمَا تعوذ الْعباد بمثلهن قطّ وَأخرج أَحْمد بن منيع فِي مُسْنده قَالَ حَدثنَا يُوسُف بن عَطِيَّة قَالَ حَدثنَا هرون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ المعوذات فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيع مَا أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد كَانَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَا يثبت هَاتين السورتين فِي مصحفه كَمَا روى عبد الله بن أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد يَعْنِي النَّخعِيّ قَالَ كَانَ عبد الله بن مَسْعُود يحك المعوذتين من مصاحفه وَيَقُول إنَّهُمَا ليستا من كتاب الله تَعَالَى وَرِجَال إِسْنَاد عبد الله بن أَحْمد رجال الصَّحِيح وَرِجَال إِسْنَاد الطَّبَرَانِيّ ثِقَات وَهَكَذَا أخرج الْبَزَّار فِي مُسْنده أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يحك المعوذتين من الْمُصحف وَيَقُول إِنَّمَا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَعَوَّذ بهما وَكَانَ عبد الله لَا يقْرَأ بهما وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات وَهَكَذَا أخرج الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات قَالَ الْبَزَّار لم يُتَابع عبد الله بن مَسْعُود أحد من الصحاب وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَرَأَ بهما فِي الصَّلَاة وأثبتتا فِي الْمُصحف انْتهى قلت وَقد تقدم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فيهمَا أَنَّهُمَا خير سورتين قرئتا وَتقدم أمره بِالْقِرَاءَةِ بهما وَهَذِه خاصية من خَواص الْقُرْآن وَتقدم أَيْضا أَن من قرأهما فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيع مَا أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأجْمع على ذَلِك الصَّحَابَة وَجَمِيع أهل الْإِسْلَام طبقَة بعد طبقَة والصحابي بشر وَلَيْسَ قَوْله حجَّة فِي مثل هَذَا على فرض عدم مُخَالفَته لما ثَبت عَن الشَّارِع فَكيف وَقد خَالف هَهُنَا السّنة الثَّابِتَة وَالْإِجْمَاع الْمَعْلُوم // الْبَاب الْعَاشِر فِي أدعية صحت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطلقات غير مقيدات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم والمأثم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب النَّار وفتتنة النَّار وفتنة الْقَبْر وَعَذَاب الْقَبْر وَشر فتْنَة الْغنى وَشر فتْنَة الْفقر وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال اللَّهُمَّ اغسل خطاياي بِمَاء الثَّلج وَالْبرد ونق قلبِي من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس وباعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب (ع)) // الحَدِيث أخرجه الْجَمَاعَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَأهل السّنَن الْأَرْبَع كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل الحَدِيث الخ (قَوْله من الكسل) هُوَ بِفَتْح الْكَاف وَالسِّين فَتْرَة تلْحق الْإِنْسَان بِكَوْن بِسَبَبِهَا تثبيطه عَن الْعَمَل وَإِنَّمَا استعاذ مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما فِيهِ من عدم انبعاث النَّفس على الْخَيْر وَقلة الرَّغْبَة فِيهِ مَعَ إِمْكَانه (قَوْله والهرم) هُوَ الْبلُوغ فِي الْعُمر إِلَى سنّ تضعف فِيهِ الْحَواس والقوى ويضطرب فِيهِ الْفَهم وَالْعقل وَهُوَ أرذل الْعُمر وَأما مُجَرّد طول الْعُمر مَعَ سَلامَة الْحَواس وَصِحَّة الادراك فَذَلِك فَمَا يَنْبَغِي الدُّعَاء بِهِ لِأَن بِهِ مُتَمَتِّعا بحواسه قَائِما بِمَا يجب عَلَيْهِ متجنبا لما لَا يحل لَهُ فِيهِ حُصُول الثَّوَاب وَزِيَادَة الْخَيْر (قَوْله والمغرم) هُوَ أَن يستدين الْإِنْسَان مَا يتعسر أَو يتَعَذَّر عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَقد تقدم تَفْسِيره فِي أدعيه التَّشَهُّد (قَوْله والمأثم) هُوَ مَا يكون سَببا للوقوع فِي الْإِثْم وَقد تقدم تَفْسِيره أَيْضا (قَوْله وفتنة النَّار) أَي الْفِتْنَة الَّتِي تُؤدِّي إِلَى دُخُول النَّار وأصل الْفِتْنَة الامتحان والاختبار (قَوْله وفتنة الْقَبْر) هِيَ مَا ورد أَن الشَّيْطَان يوسوس للْمَيت فِي قَبره ويحاول اغواءه وخذلانه عِنْد سُؤال الْملكَيْنِ لَهُ والاستعاذة من عَذَاب الْقَبْر هِيَ مَشْرُوعَة لثُبُوت عَذَاب الْقَبْر بِالسنةِ المتواترة وَقد تقد م تَفْسِير بَقِيَّة الْأَلْفَاظ فِي أذكار الصَّلَاة فَليرْجع وفتنة الْغنى هِيَ مَا يحصل بِسَبَبِهِ البطر والأشر وَالشح بِمَا يجب إِخْرَاجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 من وَاجِبَات المَال ومندوباته وفتنة الْفقر هِيَ مَا يحصل بِسَبَبِهَا من السخط والقنوط لمن لَا صَبر لَهُ يمنعهُ من ذَلِك وَلَا إِيمَان قوي يَدْفَعهُ عَن ذَلِك // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل والجبن والهرم وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات (خَ. م) اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْقَسْوَة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة وَأَعُوذ بك من الْفقر وَالْكفْر والفسوق والشقاق والسمعة والرياء وَأَعُوذ بك من الصمم والبكم وَالْجُنُون والجذام وسيء الأسقام (حب. صط)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل والجبن والهرم وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات هَكَذَا أخرجه من حَدِيثه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد فِيهِ ابْن حبَان اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْقَسْوَة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة وَأَعُوذ بك من الْفقر وَالْكفْر والفسوق والشقاق والسمعة والرياء وَأَعُوذ بك من الصمم والبكم وَالْجُنُون والجذام وسيء الأسقام وَهَكَذَا أخرج هَذِه الزِّيَادَة الْحَاكِم من حَدِيثه وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وأخرجها الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير من حَدِيثه وَرِجَال إِسْنَاده رجال الصَّحِيح (قَوْله من الْعَجز) إِنَّمَا استعاذ مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ يمْنَع العَبْد من أَدَاء الْحُقُوق الْوَاجِبَة عَلَيْهِ الدِّينِيَّة والمالية كُنَّا تقدم فِي الكسل وَقد ذمّ الله سُبْحَانَهُ الْعَاجِز فِي كِتَابه وَضرب فِيهِ مثلا فَقَالَ سُبْحَانَهُ {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} كَمَا ذمّ الكسالى بقوله تَعَالَى {وَلَا يأْتونَ الصَّلَاة إِلَّا وهم كسَالَى} وَلَا يُنْفقُونَ إِلَّا وهم كَارِهُون وَقَالَ وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى وَقد تقدم بَيَان معنى الْجُبْن والهرم وَعَذَاب الْقَبْر وفتنة الْمحيا وَالْمَمَات (قَوْله من الْقَسْوَة) أَي قسوة الْقلب وَهِي غلظته حَتَّى لَا يقبل الموعظة وَلَا يخَاف الْعقُوبَة وَلَا يرحم من يسْتَحق الرَّحْمَة (قَوْله والغفلة) وَهِي الذهول عَن الْخَيْر وَعدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 التنبه لما يجب التنبه لَهُ مِمَّا يجب على العَبْد وَيحرم عَلَيْهِ قَوْله والعيلة) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّحْتِيَّة وَهِي الْفَاقَة وَالْحَاجة وَعدم الْقُدْرَة على الْقيام بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ هُوَ وَمن يعوله (قَوْله والذلة) هِيَ ضد الْعِزَّة لما يلْحق صَاحبهَا من الهوان وَمِنْه الحَدِيث اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك ضعف قوتي وَقلة حيلتي وهواني على النَّاس (قَوْله والمسكنة) هِيَ الخضوع والذلة لما يعرض من الْحَاجة (قَوْله والفسوق) هُوَ الْخُرُوج عَن الاسْتقَامَة بارتكاب معاصي الله سُبْحَانَهُ والوقوع فِي محرماته (قَوْله والشقاق) بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْخلاف والتنازع والعداوة بِمَا يَقع من الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لذَلِك وَأَصله أَن يصير كل وَاحِد من المتنازعين فِي شقّ مُقَابل للشق الَّذِي فِيهِ صَاحبه (قَوْله والسمعة) بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَهُوَ أَن يفعل الْخَيْر لَا لوجه الله سُبْحَانَهُ بل ليسمع النَّاس ويشتهر بذلك فِيمَا بَينهم قَوْله والرياء هُوَ أَن يفعل الطَّاعَة مراآة للنَّاس وطلبا للمدح وَالثنَاء وَلَا يُرِيد بذلك وَجه الله سُبْحَانَهُ وَمعنى الصمم والبكم وَالْجُنُون والجذام ظَاهر (قَوْله وسيء الأسقام) هُوَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْهَا زِيَادَة فِي الْمَشَقَّة والتعب وَفِي الحَدِيث مَشْرُوعِيَّة التَّعَوُّذ من هَذِه الْأُمُور كلهَا اقْتِدَاء بالصادق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها وزكها أَنْت خير من زكاها أَنْت وَليهَا ومولاها اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وَمن قلب لَا يخشع وَمن نفس لَا تشبع وَمن دَعْوَة لَا يُسْتَجَاب لَهَا (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا أَقُول لكم إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل والجبن وَالْبخل والهرم وَعَذَاب الْقَبْر اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها وزكها أَنْت خير من زكاها أَنْت وَليهَا ومولاها اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وَمن قلب لَا يخشع وَمن نفس لَا تشبع وَمن دَعْوَة لَا يُسْتَجَاب لَهَا وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأحمد فِي مُسْنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وَعبد بن حميد وَقد ورد فِي الِاسْتِعَاذَة من هَذِه الْأَرْبَع أَحَادِيث سَيَأْتِي ذكرهَا قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد اشْتَمَل هَذَا الحَدِيث على الدُّعَاء مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يُعْطي الله سُبْحَانَهُ نَفسه تقواها وَأَن يزكيها أَي يَجْعَلهَا زاكية كَامِلَة فِي الْإِيمَان ثمَّ استعاذ من علم لَا ينفع لِأَنَّهُ يكون وبالا على صَاحبه وَحجَّة عَلَيْهِ واستعاذ أَيْضا من الْقلب الَّذِي لَا يخشع لِأَنَّهُ يكون حِينَئِذٍ قاسيا لَا تُؤثر فِيهِ موعظة وَلَا نصيحة وَلَا يرغب فِي ترغيب وَلَا يرهب من ترهيب واستعاذ من النَّفس الَّتِي لَا تشبع لِأَنَّهَا تكون متكالبة على الحطام متجزئة على المَال الْحَرَام غير قانعة بِمَا يكفيها من الرزق فَلَا تزَال فِي تَعب فِي الدُّنْيَا وعقوبة فِي الْآخِرَة واستعاذ من الدعْوَة الَّتِي لَا تستجاب لَهَا لِأَن الرب سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِع الباسط الْقَابِض الضار النافع فَإِذا توجه العَبْد إِلَيْهِ فِي دُعَائِهِ وَلم يستجب دَعوته فقد خَابَ الدَّاعِي وخسر لِأَنَّهُ طرد من الْبَاب الَّذِي لَا يستجلب الْخَيْر إِلَّا مِنْهُ وَلَا يستدفع الضّر إِلَّا بِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك مِمَّا استعاذ بك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا عملت وَمن شَرّ مَا لم أعمل (م. س. د. ق) اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا علمت وَمن شَرّ مَا لم أعلم (س. مص)) // الحَدِيث أخرجه بِاللَّفْظِ الأول مِنْهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وكلا اللَّفْظَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي دعائة اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا عملت وَمن شَرّ مَا لم أعمل هَكَذَا أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة للنسائي من شَرّ مَا علمت وَمن شَرّ مَا لم أعلم وَهَكَذَا فِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة وكلا اللَّفْظَيْنِ من جَوَامِع الْكَلم الَّتِي تجْرِي كثيرا على اللِّسَان النَّبِي المصطفوي وَقد استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شَرّ أَعماله الَّتِي قد عَملهَا وَمن شَرّ أَعماله الَّتِي سيعملها كَمَا استعاذ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى من شَرّ الْأُمُور الَّتِي يعلمهَا وَمن شَرّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 الْأُمُور الَّتِي لَا يعلمهَا وَهَذَا تَعْلِيم مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته ليقتدوا بِهِ وَإِلَّا فَجَمِيع أَعماله سابقها ولاحقها كلهَا خير لَا شَرّ فِيهَا وَجَمِيع مَا يُعلمهُ سَابِقَة وَلَا حَقه هُوَ ميسر لخيره ومعصوم من شَره // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وَجَمِيع سخطك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ من دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وَجَمِيع سخطك وَأخرجه بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ إِلَّا أَن أَبَا دَاوُد قَالَ وتحويل عافيتك استعاذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من زَوَال نعْمَته لِأَن ذَلِك لَا يكون إِلَّا عِنْد عدم شكرها والمضي على مَا تستحقه وتقتضيه كالبخل بِمَا تَقْتَضِيه النعم على صَاحبهَا من تأدية مَا يجب عَلَيْهِ من الشُّكْر والمواساة وَإِخْرَاج مَا يجب إِخْرَاجه واستعاذ أَيْضا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تحول عافيته سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ قد اختصه الله سُبْحَانَهُ بعافيته فقد ظفر بِخَير الدَّاريْنِ فَإِن تحولت عَنهُ فقد أُصِيب بشر الدَّاريْنِ فَإِن الْعَافِيَة يكون بهَا صَلَاح أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فَجْأَة نقمة الله سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ إِذا انتقم من العَبْد فقد أحل بِهِ من الْبلَاء مَا لَا يقدر على دَفعه وَلَا يستدفع بِسَائِر المخلوقين وَإِن اجْتَمعُوا جَمِيعًا كَمَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح الْقُدسِي أَن الْعباد لَو اجْتَمعُوا جَمِيعًا على أَن ينفعوا أحدا لم يقدروا على نَفعه أَو اجْتَمعُوا جَمِيعًا على أَن يضروا أحدا لم يقدروا على ضره والفجاءة بِضَم الْفَاء وَفتح الْجِيم ممدودة مُشْتَقَّة من فاجأه مفاجأة إِذا جَاءَهُ بَغْتَة من غير أَن يعلم بذلك وَفِي رِوَايَة بِفَتْح الْفَاء وَإِسْكَان الْجِيم من غير مد واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَمِيع سخطه لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِذا سخط على العَبْد فقد هلك وخاب وخسر وَلَو كَانَ السخط فِي أدني شَيْء وبأيسر سَبَب وَلِهَذَا قَالَ الصَّادِق المصدوق وَجَمِيع سخطك وَجَاء بِهَذِهِ الْعبارَة شَامِلَة لكل سخط اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من شَرّ سخطك ونسألك رضاك وَالْجنَّة فَمن رضيت عَنهُ فقد فَازَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 جَمِيع أُمُوره وأفلح فِي كل شؤونه ونعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك يَا رَحْمَن يَا رَحِيم يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام يَا حَيّ يَا قيوم (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهدم وَأَعُوذ بك من التردي وَأَعُوذ بك من الْغَرق والحرق والهرم وَأَعُوذ بك من أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت وَأَعُوذ بك من أَن أَمُوت فِي سَبِيلك مُدبرا وَأَعُوذ بك من أَن أَمُوت لديغا (د، مس)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الْيُسْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ إِنِّي بك من الْهدم والتردي وَالْغَرق والحرق الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْهدم والتردي وَالْغَرق والحرق لِأَن ذَلِك يكون بَغْتَة وَقد يكون الْإِنْسَان فِي ذَلِك الْوَقْت غير مُقَرر أُمُوره بِالْوَصِيَّةِ فِيمَا يكون مُحْتَاج الْوَصِيَّة فِيهِ وبإخراج مَا يجب إِخْرَاجه ركونا مِنْهُ على مَا هُوَ فِيهِ من الصِّحَّة والعافية وَقد لَا يتَمَكَّن عِنْد حُدُوث هَذِه الْأُمُور من أَن يتَكَلَّم بِكَلِمَة الشَّهَادَة لما يفجأه من الْفَزع ويدهمه من الْخَوْف وَالْهدم بِسُكُون الدَّال الْمُهْملَة انهدام الْبناء عَلَيْهِ والتردي بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال هُوَ السُّقُوط من مَكَان عَال إِلَى مَكَان منخفض وَالْغَرق بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُهْملَة وَآخره قَاف هُوَ السُّقُوط فِي المَاء والحرق بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ وَآخره قَاف هُوَ الْوُقُوع فِي النَّار واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَن يتخبطه الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت أَي يفتنه ويغلبه على أمره وَيحسن لَهُ مَا هُوَ قَبِيح ويقبح لَهُ مَا هُوَ حسن ويناله بِشَيْء من الْمس كالصرع وَالْجُنُون وَلما قَيده بالتخبط عِنْد الْمَوْت كَانَ أظهر الْمعَانِي فِيهِ هُوَ أَن يغويه ويوسوس لَهُ ويلهيه عَن التثبت بِالشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 أَن يَمُوت فِي سَبيله مُدبرا لِأَن ذَلِك من الْفِرَار من الزَّحْف وَهُوَ من كَبَائِر الذُّنُوب واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَن يَمُوت لديغا لِأَنَّهُ قد يَمُوت بذلك فَجْأَة فَلَا يقدر على التثبت وَقد يتراخى مَوته فيشتغل بِهَذَا الْأَلَم الشَّديد عَن أَن يتَخَلَّص بِمَا جيب عَلَيْهِ التَّخَلُّص عَنهُ واللديغ هُوَ الَّذِي تلدغه الْحَيَّة أَو الْعَقْرَب أَو غَيرهمَا من ذَوَات السمُوم فَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك مِمَّا استعاذ مِنْهُ رَسُولك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد تقدم بَيَان وَجه الِاسْتِعَاذَة من الْهَرم // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من مُنكرَات الْأَخْلَاق والأعمال والأهواء (ت. حب) والأدواء (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زِيَاد بن علاقَة عَن عَمه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من مُنكرَات الْأَخْلَاق والأعمال الحَدِيث الخ وَزَاد التِّرْمِذِيّ فِي آخِره والأدواء قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن صَحِيح غَرِيب وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مُنكرَات الْأَخْلَاق لِأَن الْأَخْلَاق الْمُنكرَة تكون سَببا لجلب كل شَرّ وَدفع كل خير واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مُنكرَات الْأَعْمَال لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مُنكرَة فَهِيَ ذنُوب واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَهْوَاء لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي توقع فِي الشَّرّ ويتأثر عَنْهَا من معاصي الله سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} وَإِذا كَانَ الْهوى يصير صَاحبه باتباعه كالعابد لَهُ فَكَأَنَّهُ إلهه فَلَا شَيْء فِي الشَّرّ أَزِيد من ذَلِك وَلَا أَكثر مِنْهُ واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الأدواء وَهِي جمع دَاء وَهُوَ السقم الَّذِي عرض لَهُ الْإِنْسَان وَقد يُرَاد بذلك أدواء الدّين وَالدُّنْيَا من جَمِيع مَا يضر بِالْبدنِ وَالدّين // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من غَلَبَة الدّين وَغَلَبَة الْعَدو وشماتة الْعباد (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات اللَّهُمَّ الحَدِيث الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَهُوَ عِنْده بِهَذَا اللَّفْظ وَلكنه قَالَ وشماتة الْأَعْدَاء واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَلَبَة الدّين لِأَن فِي ذَلِك هم الْقلب وَالْخلف فِي الْوَعْد والاشتغال بِالْقضَاءِ عَن أُمُور الدّين فِي غَالب الْأَحْوَال وَإِنَّمَا استعاذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غلبته لِأَن الِاسْتِدَانَة بِدُونِ غَلَبَة قد يحْتَاج إِلَيْهَا كثير من الْعباد وَقد مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدِرْعه مَرْهُونَة فِي أصواع من شعير واستعاذ من غَلَبَة الْعَدو لِأَنَّهُ يتحكم بِمن يعاديه وَينزل بِهِ أَنْوَاع المضار واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شماتة الْعباد لِأَن لذَلِك فِي الْقلب موقعا عَظِيما وتأثرا كَبِيرا وَلَفظ الْعباد يَشْمَل الْعَدو وَالصديق وَمن لَيْسَ بعدو وَلَا صديق فَهُوَ أَعم من رِوَايَة وشماتة الْأَعْدَاء وَقد يتَحَصَّل بتوجع المترحمين مِمَّن يتظهر الصداقة فَوق مَا يجده الْإِنْسَان من شماتة الْأَعْدَاء كَمَا قَالَ الشَّاعِر (لتوجع المترحمين مضاضة ... فِي الْقلب فَوق شماتة الْأَعْدَاء) أعاذنا الله تَعَالَى من ذَلِك وَقد تقدم فِي الْأَدْعِيَة مَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَالْعجز والكسل والجبن وَالْبخل وضلع الدّين وَغَلَبَة الرِّجَال وَفِي لفظ لغير البُخَارِيّ من غَلَبَة الدّين وقهر الرِّجَال كَمَا تقدم فِي مَوْضِعه // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وقلب لَا يخشع وَدُعَاء لَا يسمع وَنَفس لَا تشبع (مص. مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وقلب لَا يخشع وَدُعَاء لَا يسمع وَمن نفس لَا تشبع وَمن الْجُوع فَإِنَّهُ بئس الضجيع وَمن الْخِيَانَة فلبئست البطائة وَمن الكسل والجبن وَالْبخل وَمن الْهَرم وَمن أَن أرد إِلَى أرذل الْعُمر وَمن فتْنَة الدَّجَّال وَعَذَاب الْقَبْر وفتنة الْمحيا وَالْمَمَات اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك قلوبا أواهة مخبئة منيبة فِي سَبِيلك اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك عزائم مغفرتك ومنجيات أَمرك والسلامة من كل إِثْم وَالْغنيمَة من كل بر والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار (قَوْله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك الحَدِيث الخ) قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وَعمل لَا يرفع وقلب لَا يخشع وَدُعَاء لَا يسمع وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث أنس رَضِي الله عَنْهُمَا وَالْآخر رِجَاله رجال الصَّحِيح وَقد اقْتصر المُصَنّف هَهُنَا على بعض الحَدِيث وَقد قدمنَا تَفْسِير جَمِيع مَا ذكره من أَلْفَاظه فِي شرح حَدِيث زيد بن أَرقم الْمُتَقَدّم قَرِيبا وَكَانَ يَنْبَغِي للْمُصَنف أَن يَجْعَل هَذَا الحَدِيث مُتَّصِلا بذلك الحَدِيث لِأَن مَعْنَاهُمَا وَاحِد أَو يَكْتَفِي بِحَدِيث زيد بن أَرقم لكَونه فِي الصَّحِيح أَو يذكر مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث ليَكُون عذرا لَهُ فِي التكرير مَعَ التَّفْرِيق // (اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وخطئ وعمدي (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ وَامْرَأَة من قيس أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَحدهمَا سمعته يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وخطي وعمدي وَقَالَ الآخر سمعته يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أستهديك لأَرْشَد أَمْرِي وَأَعُوذ بك من شَرّ نَفسِي وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَحْمد عَن عَجُوز من بني نمير أَنَّهَا رمقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِالْأَبْطح تجاه الْبَيْت قبل الْهِجْرَة وسمعته يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي وخطئي وجهلي وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 أبي ايوب قَالَ مَا صليت وَرَاء نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا سمعته يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطئي وعمدي كلهَا اللَّهُمَّ أنعشني وأجبرني وارزقني واهدني لصالح الْأَعْمَال والأخلاق لَا يهدي لصالحها وَلَا يصرف سيئها إِلَّا أَنْت وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات وَإِنَّمَا اسْتغْفر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْخَطَأ وان كَانَ عفوا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} وَثَبت فِي الصَّحِيح عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ قد فعلت لِأَن تجنب مَا لَا بَأْس بِهِ يُقَوي صَاحبه على تجنب مَا بِهِ بَأْس وَأَيْضًا الْمقَام النَّبَوِيّ لَا يصدر مِنْهُ مَا هُوَ بِصُورَة الذَّنب وَيُمكن حمل ذَلِك على غير مَا طَريقَة الْبَيَان فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم عَن الْخَطَأ فِيهِ // (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الجذام والبرص وسيء الأسقام (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس وَقد أخرج هَذَا من حَدِيث أنس أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من البرص وَالْجُنُون والجذام وسيء الأسقام وَكَانَ الأولى أَن يعزوه المُصَنّف بهما إِلَيْهِمَا وَالْكَلَام على الحَدِيث هَذَا قد تقدم عِنْد الْكَلَام على الحَدِيث الثَّانِي من أَحَادِيث هَذَا الْبَاب وَجعل هُنَا مَكَان مَكَان الْجُنُون البرص وَلكنه رَوَاهُ المُصَنّف رَحمَه الله فِي الْحصن الْحصين باللفظين جَمِيعًا الْجُنُون والبرص وَإِنَّمَا استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْأُمُور لِأَنَّهَا مِمَّا تنفر عَنهُ الطباع البشرية // (اللَّهُمَّ اغْفِر لي جدي وهزلي وخطى وعمدي وكل ذَلِك عِنْدِي (مص)) // الحَدِيث أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي مُوسَى وَهُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيثه بِلَفْظ اللَّهُمَّ اغْفِر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذَلِك عِنْدِي فالعجب من المُصَنّف رَحمَه الله حَيْثُ عزاهُ إِلَى مُصَنف ابْن أبي شيبَة ترك عزوه إِلَى الصَّحِيحَيْنِ وَهَكَذَا عزاهُ فِي الْحصن الْحصين إِلَى ابْن أبي شيبَة فَقَط وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أعلمك مَا عَلمنِي جِبْرِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 قلت بلَى يَا رَسُول الله قَالَ قل اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطئي وعمدي وهزلي وجدي وَلَا تحرمني بركَة مَا أَعْطَيْتنِي وَلَا تفتني فِيمَا أحرمتني وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير سَلمَة بن أبي حكيمة وَهُوَ ثِقَة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ اغْفِر لنا ذنوبنا وظلمنا وهزلنا وجدنَا وعمدنا وخطأنا وكل ذَلِك عندنَا قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وإسنادهما حسن وَقد تقدم تَوْجِيه الِاسْتِعَاذَة من الْخَطَأ وَكَذَلِكَ يكون تَوْجِيه طلب الْمَغْفِرَة مِنْهُ // (اللَّهُمَّ أصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي وَأصْلح لي دنياي الَّتِي فِيهَا معاشي وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي إِلَيْهَا معادي وَاجعَل الْحَيَاة زِيَادَة لي فِي كل خير وَاجعَل الْمَوْت رَاحَة لي من كل شَرّ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أَبى هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ أصلح لي الحَدِيث الخ هَذَا الحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم لشُمُوله لصلاح الدّين وَالدُّنْيَا وَوصف إصْلَاح الدّين بِأَنَّهُ عصمَة أمره لِأَن صَلَاح الدّين هُوَ رَأس مَال العَبْد وَغَايَة مَا يَطْلُبهُ وَوصف إصْلَاح الدُّنْيَا بِأَنَّهَا مَكَان معاشه الَّذِي لَا بُد مِنْهُ فِي حَيَاته وَسَأَلَهُ إصْلَاح آخرته الَّتِي هِيَ الْمرجع وحولها يدندن الْعباد وَقد استلزمها سُؤال إصْلَاح الدّين لِأَنَّهُ إِذا أصلح الله دين الرجل فقد أصلح لَهُ آخرته الَّتِي هِيَ دَار معاده وَسَأَلَهُ أَن يَجْعَل الْحَيَاة زِيَادَة لَهُ فِي كل خير لِأَن من زَاده الله خيرا فِي حَيَاته كَانَت حَيَاته صلاحا وفلاحا وَسَأَلَهُ أَن يَجْعَل لَهُ الْمَوْت رَاحَة لَهُ من كل شَرّ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْمَوْت دافعا للشرور قَاطعا لَهَا فَفِيهِ الْخَيْر الْكثير للْعَبد وَلكنه يَنْبَغِي أَن يَقُول اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا كَانَ الْمَوْت خير لي كَمَا علمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ يَشْمَل كل أَمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وَمَعْلُوم أَن من لم يكن فِي حَيَاته إِلَّا الْوُقُوع فِي الشرور فالموت خير لَهُ من الْحَيَاة وراحة لَهُ من محنها // (رب أَعنِي وَلَا تعن عَليّ وَانْصُرْنِي وَلَا تنصر عَليّ وامكر لي وَلَا تَمْكُر عَليّ واهدني وَيسر الْهدى لي وَانْصُرْنِي على من بغى عَليّ رب اجْعَلنِي لَك ذكارا لَك شكارا لَك رهابا لَك مطواعا لَك مخبتا إِلَيْك أواها منيبا رب تَوْبَتِي واغسل حوبتي وأجب دَعْوَتِي وَثَبت حجتي واهد قلبِي وسدد لساني واسلل سخيمة صَدْرِي (حب. عه)) // الحَدِيث أخرجه الْأَرْبَعَة أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول رب أَعنِي الحَدِيث الخ وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان وَالْحَاكِم (قَوْله وامكر لي وَلَا تَمْكُر عَليّ) أَي أَعنِي على أعدائي بإيقاع الْمَكْر مِنْك عَلَيْهِم لَا عَليّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ومكروا ومكر الله وَالله خير الماكرين} وَقيل إِنَّمَا ذكر الْمَكْر من الله فِي هَذِه الْآيَة وأمثالها من بَاب المشاكلة وَلَا حَاجَة إِلَى ذَلِك وَالْكَلَام فِي هَذِه طَوِيل وَلَا يَأْتِي بطائل (قَوْله رب اجْعَلنِي لَك ذكارا) أَي كثير الذّكر لَك كَمَا تفيده صِيغَة الْمُبَالغَة وَهَكَذَا قَوْله لَك شكارا أَي كثير الشُّكْر وَهَكَذَا رهابا أَي كثير الرهبة وَكَذَا لَك مطواعا أَي كثير الطَّاعَة لأمرك والانقياد إِلَى قبُول أوامرك ونواهيك وَفِي تَقْدِيم الْجَار وَالْمَجْرُور فِي جَمِيع هَذِه الْأُمُور دلَالَة على الِاخْتِصَاص (قَوْله مخبتا) من الإخبات وَهُوَ الْخُشُوع والتواضع والخضوع وَالْمعْنَى اجْعَلنِي لَك خَاشِعًا خاضعا متواضعا والأواه هُوَ كثير الدُّعَاء والتضرع والبكاء والمندب هُوَ الرَّاجِع إِلَى الله فِي أُمُوره (قَوْله حوبتي) يفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَضمّهَا وَهُوَ الْإِثْم (قَوْله وَثَبت حجتي) أَي قو إيماني بك وثبتني على الصَّوَاب عِنْد السُّؤَال (قَوْله وسدد لساني) السداد الِاعْتِدَال فِي الْأَمر وإيقاعه على الصَّوَاب (قَوْله واسلل سخيمة صَدْرِي) السخيمة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْخَاء الْمُعْجَمَة هِيَ الحقد وَالْمعْنَى أخرج الحقد من صَدْرِي هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 معنى السخيمة هُنَا وَقد ترد بِمَعْنى آخر كَمَا فِي حَدِيث من سل سخية فِي طَرِيق الْمُسلمين فَعَلَيهِ لعنة الله فَإِن المُرَاد بهَا هُنَاكَ الْغَائِط // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الثَّبَات فِي الْأَمر وَأَسْأَلك عَزِيمَة فِي الرشد وَأَسْأَلك شكر نِعْمَتك وَحسن عبادتك وَأَسْأَلك لِسَانا صَادِقا وَقَلْبًا سليما وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا تعلم وَأَسْأَلك من خير مَا تعلم وأستغفرك مِمَّا تعلم إِنَّك أَنْت علام الغيوب (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا أَن نقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الثَّبَات فِي الْأَمر الحَدِيث الخ وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَزَاد وخلقا مُسْتَقِيمًا وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان فَلَا وَجه لما قَالَه الْعِرَاقِيّ أَنه مُنْقَطع وَضَعِيف بعد تَصْحِيح هذَيْن الْإِمَامَيْنِ لَهُ سَأَلَهُ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه الثَّبَات فِي الْأَمر وَهِي صِيغَة عَامَّة ينْدَرج تحتهَا كل أَمر من الْأُمُور وَإِذا وَقع الثَّبَات فِي كل أُمُوره أجرهَا على فَلَا يخْشَى من عَاقبَتهَا وَلَا تعود عَلَيْهِ بِضَرَر وَسَأَلَهُ عَزِيمَة الرشد وَهِي الْجد فِي الْأَمر بِحَيْثُ ينجز كل مَا هُوَ رشد من أُمُوره والرشد بِضَم الرَّاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الشين الْمُعْجَمَة هُوَ الصّلاح والفلاح وَالصَّوَاب ثمَّ سَأَلَهُ شكر نعْمَته وَحسن عِبَادَته لِأَن شكر النِّعْمَة يُوجب مزيدها واستمرارها على العَبْد فَلَا تنْزع مِنْهُ وَحسن الْعِبَادَة يُوجب الْفَوْز بسعادة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَسَأَلَهُ اللِّسَان الصَّادِق لِأَن الصدْق هُوَ ملاك الْخَيْر كُله وَسَأَلَهُ سَلامَة الْقلب لِأَن من كَانَ كَذَلِك يسلم عَن الحقد والغل والغدر والخيانة وَنَحْو ذَلِك وَسَأَلَهُ أَن يعيذه من شَرّ مَا لَا يعلم سُبْحَانَهُ وَسَأَلَهُ من خير مَا يعلم لإحاطة علمه سُبْحَانَهُ بِكُل دقيقة وجليلة بِمَا يُعلمهُ الْبشر وَبِمَا لَا يعلمونه فَلَا يبْقى خير وَلَا شَرّ إِلَّا هُوَ دَاخل فِي ذَلِك واستغفر مِمَّا يعمله سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ يعلم بِكُل ذَنْب مِمَّا يُعلمهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 العَبْد وَمِمَّا لَا يُعلمهُ وَمَا أوقع تتميم هَذَا الدُّعَاء بِهَذِهِ الْجُمْلَة الْوَاقِعَة موقع التَّأْكِيد لما قبلهَا وَهِي قَوْله {إِنَّك أَنْت علام الغيوب} // (اللَّهُمَّ ألهمني رشدي وأعذني من شَرّ نَفسِي (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمرَان بن الْحصين رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ حُصَيْن فَعلمه كَلِمَتَيْنِ يَدْعُو بهما اللَّهُمَّ الهمني رشدي الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن غَرِيب وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وصححاه من حَدِيث حُصَيْن وَالِد عمرَان أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يسلم فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ مَا أَقُول قَالَ قل اللَّهُمَّ قني شَرّ نَفسِي واعزم عَليّ على رشد أَمْرِي وَلَفظ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحصين (اللَّهُمَّ الهني رشدي وأعذني من شَرّ نَفسِي) وَقَالَ هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب وَقد ورد هَذَا الحَدِيث عَن عمرَان بن الْحصين من غير هَذَا الْوَجْه وَهَذَا الحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم النَّبَوِيَّة لِأَن طلب إلهام الرشد يكون بِهِ السَّلامَة من كل ضلال والاستعاذة من شَرّ النَّفس يكون بهَا السَّلامَة من غَالب معاصي الله سُبْحَانَهُ فَإِن أَكْثَرهَا من جِهَة النَّفس الأمارة بالسوء // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَأَن تغْفر لي وترحمني وَإِذا أردْت بِقوم فتْنَة فتوفني غير مفتون وَأَسْأَلك حبك وَحب من يحبك وَحب عمل يقربنِي إِلَى حبك (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ وَقد ذكر لَهُ التِّرْمِذِيّ قصَّة وفيهَا أَن الله عز وَجل قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سل يَا مُحَمَّد قَالَ قلت اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات الحَدِيث الخ وَبعد هَذِه الْكَلِمَات فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا كلمة حق فادرسوها ثمَّ تعلموها قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيث ثَوْبَان وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَذَلِكَ شَامِل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 لكل خير وبفعل الْخَيْر الْفَوْز بِالْأَجْرِ وَسَأَلَهُ ترك الْمُنْكَرَات وَذَلِكَ شَامِل لكل مُنكر وَبِذَلِك السَّلامَة من الْوزر وَسَأَلَهُ حب الْمَسَاكِين لِأَن حبهم دَلِيل كَمَال الْإِيمَان وَشعْبَة من شعب التَّوَاضُع وَلِهَذَا أَمر الله سُبْحَانَهُ رَسُوله الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يصبر نَفسه مَعَهم وَقَالَ سُبْحَانَهُ {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم} الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى {عبس وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} وَسَأَلَهُ الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة لِأَن من غفر الله لَهُ ذنُوبه واختصه برحمته فَلَا يشقى أبدا وَسَأَلَهُ أَن يتوفاه غير مفتون إِذا أَرَادَ بِقوم فتْنَة وَذَلِكَ تَعْلِيم مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته كَيفَ يدعونَ لِأَنَّهُ مَعْصُوم عَن أَن يكون مفتونا أَو أَن يُؤثر فِيهِ ذَلِك ثمَّ سَأَلَهُ سُبْحَانَهُ أَن يرزقه حبه عز وَجل لِأَن من أحب الله عز وَجل أحبه الله سُبْحَانَهُ وَمن أحبه الله سُبْحَانَهُ فقد فَازَ بِمَا لَا يُسَاوِيه شَيْء مَعَ استلزامه حبه عز وَجل لعَبْدِهِ أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَأَن يصرفهُ بِهِ عَن النَّار وَأَن يصلح لَهُ أُمُور دينه ودنياه كلهَا وَقد أرشدنا الله سُبْحَانَهُ إِلَى الشَّيْء الَّذِي يحصل بِهِ من الله الْمحبَّة لنا بقوله تَعَالَى {إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} وَقد ورد فِي السّنة ذكر الْأَسْبَاب الَّتِي يتسبب إِلَى محبَّة الله سُبْحَانَهُ وَسَأَلَهُ حب من يُحِبهُ فَإِنَّهُ لَا يحب الله عز وَجل إِلَّا المخلص من عباده فحبهم طَاعَة من الطَّاعَات وقربة من الْقرب وَسَأَلَهُ أَن يرزقه من الْعَمَل الَّذِي يقربهُ إِلَى محبَّة لِأَنَّهُ من أحب الشَّيْء استكثر مِنْهُ ودوام عَلَيْهِ // (اللَّهُمَّ متعني بسمعي وبصري واجعلهما الْوَارِث مني وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي وَخذ مِنْهُ بثاري (ت. مس. ز)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَزَّار فِي مُسْنده كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو فَيَقُول اللَّهُمَّ متعني بسمعي وبصري الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَأخرجه أَيْضا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيثه بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا أَنه قَالَ وَأَرِنِي فِيهِ ثَأْرِي وَأقر بذلك عَيْني وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيثه قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد بِإِسْنَاد جيد وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار من حَدِيث جَابر وَفِي إِسْنَاده لَيْث بن أبي سليم وَهُوَ مُدَلّس وَبَقِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 رِجَاله رجال الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الله بن الشخير بِدُونِ قَوْله وَانْصُرْنِي الخ وَفِي إِسْنَاده الْحسن ابْن الحكم بن طهْمَان وَفِيه ضعف وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَفِي الحَدِيث سُؤَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمتعه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بسمعه وبصره لِأَن من لَا يسمع وَلَا يبصر لَا يصفو لَهُ عَيْش وَلَا تطيب حَيَاته لَهُ حَيَاة وَمعنى جَعلهمَا الْوَارِثين مِنْهُ أَن يَمُوت وهما صَحِيحَانِ سويان فكأنهما ورثاه وبقيا بعده وَسَأَلَهُ النُّصْرَة على من ظلمه وَالْأَخْذ مِنْهُ بثأره لِأَنَّهُ لَا قدرَة للْعَبد على الانتصاف إِلَّا بأقدار الرب عز وَجل (يَا من لَا ترَاهُ الْعُيُون وَلَا تخالطه الظنون وَلَا يصفه الواصفون وَلَا تغيره الْحَوَادِث وَلَا يخْشَى الدَّوَائِر وَيعلم مَثَاقِيل الْجبَال ومكاييل الْبحار وَعدد قطر الأمطار وَعدد ورق الْأَشْجَار وَعدد مَا أظلم عَلَيْهِ اللَّيْل وأشرق عَلَيْهِ النَّهَار وَلَا تواري مِنْهُ سَمَاء سَمَاء وَلَا أَرض أَرضًا وَلَا بَحر مَا فِي قَعْره وَلَا جبل مَا فِي وعره اجْعَل خير عمري آخِره وَخير عَمَلي خواتمه وَخير أيامي يَوْم أَلْقَاك فِيهِ (طس)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بأعرابي وَهُوَ يَدْعُو فِي صلَاته وَهُوَ يَقُول يَا من لَا ترَاهُ الْعُيُون الحَدِيث الخ ثمَّ قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ بعد هَذَا اللَّفْظ الَّذِي سَاقه المُصَنّف فَوكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالأعرابي رجلا فَقَالَ إِذا صلى فأتني بِهِ فَلَمَّا صلى أَتَاهُ الْأَعرَابِي وَقد كَانَ أهْدى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب من بعض الْمَعَادِن فَلَمَّا أَتَاهُ الْأَعرَابِي وهب لَهُ الذَّهَب وَقَالَ مِمَّن أَنْت يَا أَعْرَابِي قَالَ من بني عَامر بن صعصعة يَا رَسُول الله قَالَ يَا أَعْرَابِي هَل تَدْرِي لم وهبت لَك الذَّهَب قَالَ للرحمة بَيْننَا وَبَيْنك قَالَ إِن للرحمة حَقًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 وَلَكِن وهبت لَك الذَّهَب لحسن ثنائك على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الأذرمي وَهُوَ ثِقَة (قَوْله يَا من لَا ترَاهُ الْعُيُون) أَي فِي الدُّنْيَا وَأما فِي الْآخِرَة فقد صحت السّنة المتواترة بِأَن الْعباد يرَوْنَ رَبهم عز وَجل وَلَا الْتِفَات إِلَى المجادلات الْوَاقِعَة من الْمُعْتَزلَة فَكلهَا خيالات مختلة وَعلل معتلة وَمَا تمسكوا بِهِ من الدَّلِيل القرآني فَهُوَ معَارض بِمثلِهِ من الْقُرْآن وَالرُّجُوع إِلَى السّنة المتواترة وَاجِب على كل مُسلم وَأما مَا تمسكوا بِهِ من الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة فَهُوَ السراب الَّذِي يحسبه الظمآن مَاء حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجده شَيْئا وَلَيْسَ لنا فِي هَذَا إِلَّا مَا جَاءَنَا من طَرِيق رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد جَاءَنَا بِمَا لَا تبقى مَعَه شُبْهَة وَلَا يرفعهُ شكّ وَلَا يدْخلهُ خيال (قَوْله وَلَا تخالطه الظنون) أَي إِن علمه عز وَجل عَن يَقِين فَهُوَ الْعَالم بخفيات الْأُمُور ودقائقها كَمَا يعلم بظواهرها وجلياتها (قَوْله وَلَا يصفه الواصفون) أَي لَا يقدرُونَ على ذَلِك كَمَا قَالَ عز وَجل {وَلَا يحيطون بِهِ علما} فَلَا أحد من عباده يقدر على إحصاء الثَّنَاء عَلَيْهِ وَالْوَصْف لَهُ بل هُوَ كَمَا أثنى على نَفسه قَوْله وَلَا تغيره الْحَوَادِث أَي الْحَوَادِث الكائنة فِي الزَّمَان على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا كَأَنَّهُ إِنَّمَا يتَغَيَّر بتغيرها الْعَالم الْحَادِث لَا الْقَدِيم الْوَاجِب الْوُجُود والبقاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْله وَيعلم مَثَاقِيل الْجبَال) أَي مقادير وَزنهَا (قَوْله ومكاييل الْبحار) أَي مقدارها كَيْلا (قَوْله وَعدد مَا أظلم عَلَيْهِ اللَّيْل) وَهُوَ جَمِيع هَذَا الْعَالم الْكَائِن بِالْأَرْضِ من حَيَوَان وجماد وَهُوَ أَيْضا الَّذِي يظلم عَلَيْهِ اللَّيْل ويشرق عَلَيْهِ النَّهَار وَهُوَ جلّ وَعلا يعلم الْأَشْيَاء كَمَا هِيَ فَلَا يحجبها عَنهُ حَاجِب وَلَا يحول بَينه وَبَينهَا حَائِل وَلَا سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا بَحر وَلَا جبل ثمَّ سَأَلَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يَجْعَل خير عمره آخِره لِأَنَّهُ وَقت الضعْف وَالْعجز عَن الْكسْب وَسَأَلَ الله تَعَالَى أَن يَجْعَل خير عمله خواتمه لِأَنَّهَا تَدور على الخاتمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 دوائر السَّعَادَة والشقاوة كَمَا تدل عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الَّتِي قدمنَا ذكرهَا فِي هَذَا الْكتاب وَسَأَلَ الله أَن يكون خير أَيَّامه يَوْم يلقاه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَن ذَلِك الْوَقْت هُوَ وَقت الظفر بِالرَّحْمَةِ الواسعة والفوز بِمَا لَا خير يُسَاوِيه وَلَا نعْمَة تضاهيه وَكَون ذَلِك الْيَوْم خير أَيَّامه يسْتَلْزم أَن يكون ينَال فِيهِ مَا يرجوه ويظفر بِمَا يَطْلُبهُ لِأَنَّهُ لَو لم يحصل لَهُ ذَلِك لم يكن خير أَيَّامه وَقد سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الدُّعَاء وَقَررهُ فَكَانَ الدُّعَاء بِهِ من السّنة وَقد تقرر أَن السّنة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفعله وَتَقْرِيره (قَوْله يَوْم أَلْقَاك فِيهِ) هَكَذَا وَقع فِي بعض النّسخ بِفَتْح يَوْم من دون تَنْوِين وَذَلِكَ جَائِز كَمَا تقرر فِي علم النَّحْو لِأَن الظّرْف الْمُضَاف إِلَى الْجُمْلَة يجوز بِنَاؤُه على الْفَتْح // (اللَّهُمَّ بَارك لي فِي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي وَفِي آخرتي الَّتِي إِلَيْهَا مصيري وَفِي دنياي الَّتِي فِيهَا بلاغي وَاجعَل الْحَيَاة زِيَادَة لي فِي كل خير وَاجعَل الْمَوْت رَاحَة لي من كل شَرّ (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ بَارك لي فِي ديني الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الْبَزَّار وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير صَالح بن مُحَمَّد جزرة وَهُوَ ثِقَة انْتهى وَقد تقدم حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد مُسلم قَرِيبا وَهُوَ بِمَعْنى هَذَا الحَدِيث وَأكْثر أَلْفَاظه وَقد شرحناه هُنَالك وَكَانَ على المُصَنّف رَحمَه الله أَن يضم هَذَا الحَدِيث إِلَى ذَلِك الحَدِيث إِذْ لم يكتف بِمَا فِي الصَّحِيح وَلَا وَجه لهَذَا التَّفْرِيق الَّذِي جعله بَينهمَا // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك عيشة نقية وميتة سوية ومردا غير مخزي وَلَا فاضح (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 إِنِّي أَسأَلك عيشة نقية الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَاللَّفْظ لَهُ وَإسْنَاد الطَّبَرَانِيّ جيد (قَوْله عَشِيَّة نقية) أَي حَيَاة طيبَة خَالِصَة عَن شوائب الكدر والنقي من كل شَيْء خِيَاره وأطيبه لِأَنَّهُ لم يشب بِمَا يمحقه وَلَا خالطه مَا يقذره (قَوْله وميتة سوية) أَي صَالِحَة معتدلة وَاقعَة على الْوَجْه الَّذِي يرضاه الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَذَلِكَ بِأَن يُثبتهُ الله للتَّوْبَة والتخلص عَمَّا يجب عَلَيْهِ التَّخَلُّص عَنهُ وَيخْتم كَلَامه بِشَهَادَة الْحق (قَوْله ومردا غير مخزي) أَي رُجُوعا إِلَيْك لَيْسَ فِيهِ خزى على وَلَا فضيحة لي وَذَلِكَ بَان يكون المرد إِلَى الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ تَوْبَة وَحسن خَاتِمَة والخزي هُوَ الذل والهوان والفضيحة انكشاف الْمسَاوِي للنَّاس وظهورها عَلَيْهِم // (اللَّهُمَّ اجْعَلنِي صبورا واجعلني شكُورًا واجعلني فِي عَيْني صَغِيرا وَفِي أعين النَّاس كَبِيرا (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ اجْعَلنِي شكُورًا واجعلني صبورا الخ وَفِي إِسْنَاده عقبَة بن عبد الله الْأَصَم وَهُوَ ضَعِيف وَقد حسن الْبَزَّار حَدِيثه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه عز وَجل أَن يرزقه الصَّبْر وَهُوَ من أعظم خِصَال الْخَيْر الْمُوجبَة للسلامة من الذُّنُوب وَمن فتن الدُّنْيَا وَلِهَذَا أخبرنَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنه مَعَ الصابرين فَكفى بِهَذِهِ الْمَعِيَّة شرفا وفضلا وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} وَسَأَلَهُ أَن يرزقه الشُّكْر لِأَن بِهِ يكون تَقْيِيد النعم عَن شرودها والاستزادة مِنْهَا كَمَا قَالَ الله عز وَجل {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَسَأَلَهُ أَن يَجعله فِي عينه صَغِيرا ليَكُون متواضعا غير متكبر وَلَا معجب بِنَفسِهِ فَإِن من كَانَت نَفسه صَغِيرَة لم يَقع مِنْهُ ذَلِك وَسَأَلَهُ أَن يَجعله فِي أعين النَّاس كَبِيرا ليسلم من أذاهم وَالِاسْتِخْفَاف بِهِ مِنْهُم وَعدم الِاعْتِرَاف بِعظم حَقه مِمَّن لَا ينظر إِلَى الْحَقَائِق بل يقصر نظره على الظَّوَاهِر // (رب اغْفِر وَارْحَمْ واهدني السَّبِيل الأقوم (ص)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 // الحَدِيث أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول رب اغْفِر وَارْحَمْ الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي بِإِسْنَادَيْنِ حسنين والْحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم لِأَن من فَازَ بالمغفرة وَالرَّحْمَة وَالْهِدَايَة إِلَى الْحق فقد تحصل على أعظم المطالب وأشرف الرغائب // (تمّ نورك فهديت فلك الْحَمد عظم حلمك فغفرت فلك الْحَمد بسطت يدك فَأعْطيت فلك الْحَمد رَبنَا وَجهك أكْرم الْوُجُوه وجاهك اعظم الجاه وعطيتك أفضل الْعَطِيَّة وأهناها تطاع رَبنَا فتشكر وتعصى فتغفر وتجيب الْمُضْطَر وَتكشف الضّر وتشفي السقيم وَتغْفر الذَّنب وَتقبل التَّوْبَة وَلَا يجْرِي بالائك أحد وَلَا يبلغ مدحتك قَول قَائِل (ص)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْفُرَات بن سُلَيْمَان قَالَ قَالَ لي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَّا يقوم أحدكُم فَيصَلي أَربع رَكْعَات وَيَقُول فِيهِنَّ مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تمّ نورك فهديت الحَدِيث الخ والفرات بن سُلَيْمَان لم يدْرك عليا فَهُوَ مُنْقَطع وَفِي إِسْنَاده الْخَلِيل بن مرّة وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة وَضَعفه الْجُمْهُور وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات حمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه عز وَجل على تَمام نوره وهدايته وعَلى عظم حلمه ومغفرته وعَلى بسط يَدَيْهِ بِالْخَيرِ وعطيته ثمَّ ناجى ربه عز وَجل فَقَالَ وَجهك أكْرم الْوُجُوه وجاهك أكْرم الجاه وعطيتك أفضل الْعَطِيَّة وأهناها وَهَذِه ممادح عَظِيمَة وأستفتاح للدُّعَاء بِمَا تصحبه الْإِجَابَة ثمَّ قَالَ تطاع رَبنَا فتشكر الْفِعْل الأول مَبْنِيّ للْمَجْهُول أَي يطيعك الْمُطِيع وَالْفِعْل الثَّانِي مَبْنِيّ للمعلوم وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ أَي يطيعك الْمُطِيع فتشكره على طَاعَته ويعصيك العَاصِي فتغفر لَهُ مَعْصِيَته وَهَذَا غَايَة الْكَرم وَأعظم الْجُود ثمَّ ذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 مَا ينعم بِهِ الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عباده فَقَالَ وتجيب الْمُضْطَر الخ ثمَّ ذكر عجز الْعباد عَن الْقيام بشكر الله عز وَجل وَالْوَفَاء بِمَا يسْتَحقّهُ من الثَّنَاء فَقَالَ وَلَا يَجْزِي بألائك أَي نعمك أحد كَائِنا من كَانَ وَلَا يبلغ مدحتك قَول قَائِل أَي مَا تستحقه من الْمَدْح ويليق بك من الثَّنَاء لَا يبلغهُ قَول قَائِل وَإِن أَطَالَ وأطاب {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثنائه على ربه لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا وَأَعُوذ بك من علم لَا ينفع (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا الخ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط أَيْضا من حَدِيثه بِهَذَا اللَّفْظ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا وَعَملا متقبلا قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله وثقوا وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيثه بِلَفْظ سلوا الله علما نَافِعًا وَفِي الحَدِيث سُؤال الله عز وَجل أَن يرزقه علما نَافِعًا لِأَن ذَلِك هُوَ ثَمَرَة الْعلم وَفَائِدَته ثمَّ استعاذ من علم لَا ينفع لِأَن ذَلِك وبال على صَاحبه وَحجَّة عَلَيْهِ لَا لَهُ // (اللَّهُمَّ اجْعَل أوسع رزقك على عِنْد كبر سني وَانْقِطَاع عمري (مس. طس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ اجْعَل أوسع رزقك على عِنْد كبر سني وَانْقِطَاع عمري قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه حسن الْإِسْنَاد والمتن ورد عَلَيْهِ بَان فِي إِسْنَاده مُتَّهمًا وَهُوَ عِيسَى بن مَيْمُون وَقد أَدخل هَذَا الحَدِيث ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَلكنه قد وَافق الْحَاكِم فِي التحسين صَاحب مجمع الزَّوَائِد فَإِنَّهُ أخرجه من حَدِيثهَا بِهَذَا اللَّفْظ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط فَقَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإِسْنَاده حسن سَأَلَ النَّبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه عز وَجل أَن يَجْعَل أوسع رزقه عَلَيْهِ عِنْد كبر سنه لِأَن الْكَبِير يضعف عَن السَّعْي ويكسل عَن تَحْصِيل الرزق وَأما قَوْله انْقِطَاع عمري فَلَيْسَ المُرَاد الِانْقِطَاع التَّام وَهُوَ الْمَوْت فَإِنَّهُ لَا رزق للْعَبد عِنْد الْمَوْت بل المُرَاد انْقِطَاع غَالب الْعُمر حَتَّى صَار فِي سنّ الشيخوخة منتظرا للْمَوْت // (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير الْمَسْأَلَة وَخير الدُّعَاء وَخير النجاح وَخير الْعَمَل وَخير الثَّوَاب وَخير الْحَيَاة وَخير الْمَمَات وثبتني وَثقل موازيني وحقق إيماني وارفع درجتي وَتقبل صَلَاتي واغفر خطيئتي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فواتح الْخَيْر وخواتمه وجوامعه وأوله وَآخره وَظَاهره وباطنه والدرجات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير مَا آتِي وَخير مَا أفعل وَخير مَا أعمل وَخير مَا أبطن وَخير مَا أظهر والدرجات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن ترفع ذكري وتضع وزري وَتصْلح أَمْرِي وتطهر قلبِي وتحصن فَرجي وتنور قلبِي وَتغْفر لي ذَنبي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك أَن تبَارك لي فِي سَمْعِي وَفِي بَصرِي وَفِي روحي وَفِي خلقي وَفِي خلقي وَفِي أَهلِي وَفِي محياي وَفِي مماتي وَفِي عَمَلي وَتقبل حسناتي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت هَذَا مَا سَأَلَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير الْمَسْأَلَة الحَدِيث الخ هَكَذَا سَاقه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بِهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذكره المُصَنّف من حَدِيثهَا وَسَاقه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيثهَا بِبَعْض هَذِه الْأَلْفَاظ وبألفاظ أخر قَالَت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 الْكَلِمَات اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَا شَيْء قبلك وَأَنت الآخر فَلَا شَيْء بعْدك أعوذ بك من شَرّ كل دَابَّة ناصيتها بِيَدِك وَأَعُوذ بك من المأثم والمغرم اللَّهُمَّ نقني من خطاياي كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب هَذَا مَا سَأَلَ مُحَمَّد ربه اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير الْمَسْأَلَة وَخير الدُّعَاء وَخير النجاح وَخير الْعَمَل وَخير الثَّوَاب وَخير الْحَيَاة وَخير الْمَمَات وثبتني وَثقل موازيني وارفع درجتي وَتقبل صَلَاتي واغفر خطيئتي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن ترفع ذكري وتضع وزري وَتصْلح أَمْرِي وتطهر قلبِي وَتغْفر ذَنبي وتحصن فَرجي وتنور قلبِي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ نجني من النَّار قَالَ مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير مُحَمَّد بن زنبور وَعَاصِم بن عبيد وهما ثِقَات وَسَاقه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من طَرِيق آخر عَنْهَا قَالَت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات اللَّهُمَّ أَنْت الأول لَا شَيْء قبلك وَأَنت الآخر لَا شَيْء بعْدك اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ كل دَابَّة ناصيتها بِيَدِك وَأَعُوذ بك من المأثم والكسل وَمن عَذَاب النَّار وَمن عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الْغنى وَمن فتْنَة الْفقر وَأَعُوذ بك من المأثم والمغرم اللَّهُمَّ نق قلبِي من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاي كَمَا بَعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب هَذَا مَا سَأَلَ مُحَمَّد ربه اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير الْمَسْأَلَة وَخير الدُّعَاء وَخير النجاح وَخير الْعَمَل وَخير الثَّوَاب وَخير الْحَيَاة وَخير الْمَمَات وثبتني وَثقل موازيني وحقق إيماني وارفع درجاتي وَتقبل صَلَاتي واغفر خطيئتي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ نجني من النَّار ومغفرة بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار والمنزل الصَّالح آمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خلاصا من النَّار سالما وأدخلني الْجنَّة آمين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن تبَارك لي فِي رِزْقِي وَفِي سَمْعِي وَفِي بَصرِي وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 روحي وَفِي خلقي وَفِي أَهلِي وَفِي محياي وَفِي مماتي اللَّهُمَّ تقبل حسناتي وَأَسْأَلك الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة آمين قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَط وَرِجَال الْأَوْسَط ثِقَات استفتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الدُّعَاء بسؤاله عز وَجل خير الْمَسْأَلَة وَخَيرهَا أقواها تَأْثِيرا فِي الْإِجَابَة وأحسنها جمعا للمطلوب الَّذِي العَبْد أحرج إِلَيْهِ من غَيره وَهَكَذَا خير الدُّعَاء وَالْمرَاد أَنه طلب من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يرشده إِلَى خير الْمَسْأَلَة الَّتِي يسْأَل بهَا عز وَجل وَإِلَى خير الدُّعَاء الَّذِي يَدعِي بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَسَأَلَهُ خير النجاح أَي التَّمام والكمال وَخير الْعَمَل الَّذِي يعمله فَإِن خير الْعَمَل هُوَ أَكثر الْأَعْمَال ثَوابًا وَسَأَلَهُ أَن يُثبتهُ خير الثَّوَاب الَّذِي يُثَاب بِهِ الْعباد على أَعْمَالهم وَسَأَلَهُ خير الْحَيَاة وَخَيرهَا أَن يكون فِي طَاعَة الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاجْتنَاب مَعَاصيه وَسَأَلَهُ خير الْمَمَات وَهُوَ أَن يَمُوت مرضيا عَنهُ مغفورا لَهُ مثابا متثبتا مَخْتُومًا لَهُ بالسعادة وبكلمة الشَّهَادَة ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُثبتهُ وَحذف الْمَفْعُول مشْعر بالتعميم فَيشْمَل التثبيت فِي جَمِيع الْأَفْعَال والأقوال وَسَأَلَهُ أَن يثقل مَوَازِينه بِكَثْرَة الْحَسَنَات حَتَّى ترجح حَسَنَاته على سيئاته فَإِنَّهُ يكون بذلك الْفَوْز والسعادة وَسَأَلَهُ أَن يُحَقّق إيمَانه أَي يَجعله ثَابتا قَوِيا فَإِن قُوَّة الْإِيمَان سَبَب للرضا بِالْقضَاءِ وللاذعان لأحكام الْقدر وَذَلِكَ أصل كَبِير يُوجب الْفَوْز بالسعادة وَسَأَلَهُ أَن يرفع دَرَجَته أَي فِي الدَّار الْآخِرَة وَيُمكن أَن يكون الْمَقْصُود رَفعهَا فِي الدَّاريْنِ لِأَن رَفعهَا فِي الدُّنْيَا لمثل الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ يكون سَببا لقبُول قَوْلهم وامتثال مَا يرشدون إِلَيْهِ من الْحق وَسَأَلَهُ أَن يتَقَبَّل صلَاته لِأَن الصَّلَاة هِيَ رَأس الْإِيمَان وأساسه وقبولها يسْتَلْزم قبُول غَيرهَا وَسَأَلَهُ غفران خطيئته لِأَن من غفر الله لَهُ ذنُوبه فقد ظفر بأعظم المطالب وَأَرْفَع الْمَرَاتِب ثمَّ سَأَلَهُ الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة وتمم هَذَا الدُّعَاء بالتأمين فَإِنَّهُ تَأْكِيدًا لما قبله وَقد تقدم مَا ورد فِي التَّأْمِين فَإِنَّهُ تَأْكِيد لما قبله وَقد تقدم مَا ورد فِي التَّأْمِين على الدُّعَاء ثمَّ سَأَلَهُ فواتح الْخَيْر وخواتمه فَجمع بَين طرفِي الْخَيْر ثمَّ سَأَلَهُ بعد ذَلِك جوامعه لِأَن مَا يجمع الْأَمر المتفرق هُوَ أقرب إِلَى ضَبطه وأسهل لتيسره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 وَأقرب لحصوله ثمَّ أكد الطّلب فَقَالَ وأوله وَآخره وَظَاهره وباطنه ثمَّ سَأَلَهُ خير مَا يَأْتِي أَي خير الَّذِي يَأْتِيهِ من جَمِيع الْأُمُور فَيشْمَل الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال كَمَا يدل عَلَيْهِ الْمَوْصُول وَعطف عَلَيْهِ خير مَا يَفْعَله وَخير مَا يعمله وَخير مَا يبطنه وَخير مَا يظهره وَذَلِكَ من عطف الْخَاص على الْعَام والنكتة فِيهِ مَعْرُوفَة ثمَّ سَأَلَهُ أَن يرفع ذكره لِأَنَّهُ يَتَرَتَّب على ذَلِك مصَالح من قبُول الدُّعَاء إِلَى الْحق وامتثال الموعظة الْحَسَنَة وَهَذَا قد سَأَلَهُ خَلِيل الله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا حكى الله سُبْحَانَهُ عَنهُ ذَلِك بقوله {وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين} وَقد امتن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ {ورفعنا لَك ذكرك} ثمَّ سَأَلَهُ وضع وزره أَي غفران ذنُوبه وَالْعَفو عَنْهَا وَسَأَلَهُ إصْلَاح أمره وَهُوَ يَشْمَل كل أُمُوره كَمَا يدل عَلَيْهِ إِضَافَة اسْم الْجِنْس إِلَى الضَّمِير وَسَأَلَهُ تَطْهِير قلبه لِأَنَّهُ إِذا تطهر الْقلب ابصر الْحق فَتَبِعَهُ وَعرف الْبَاطِل فاجتنبه وَسَأَلَهُ تحصين فرجه لِأَنَّهُ يكون بذلك الْعِصْمَة عَن الذُّنُوب الْمُتَعَلّقَة بالفرج وَهِي تنبعث بانبعاث الشَّهْوَة من النّظر الْمحرم وَنَحْوه وَسَأَلَهُ أَن ينور قلبه لِأَن تنوير الْقلب يسْتَلْزم الْهِدَايَة إِلَى الْحق واتباعه وَاجْتنَاب الْبَاطِل والنفور عَنهُ وَسَأَلَهُ غفران ذَنبه لِأَن بمغفرة الذَّنب فوز العَبْد فِي الدَّار الْآخِرَة وَسَأَلَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي سَمعه وبصره لِأَن بِالسَّمْعِ تلقى جَمِيع المسموعات وبالبصر إِدْرَاك جَمِيع المبصرات وَإِذا بورك لَهُ فيهمَا قبل الْحق ورد الْبَاطِل وَهَكَذَا الْمُبَارَكَة فِي الرّوح فَإِنَّهَا إِذا كَانَت الرّوح مباركة كَانَت جَمِيع الْأَعْمَال الصادرة عَنْهَا مباركة جَارِيَة على الصَّوَاب مَاشِيَة على الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَقد يُرَاد بِالروحِ هُنَا نفس الشَّخْص ليَكُون من عطف الْعَام على الْخَاص وَقد يُرَاد حَقِيقَة الرّوح وَهُوَ الْجَوْهَر الْمُجَرّد وَقد تعرض كثير من النَّاس للْكَلَام عَلَيْهِ وَبَيَان ماهيته تناهت الْأَقْوَال فِي ذَلِك إِلَى مَا لَا يَتَّسِع الْمقَام لبسط بعضه فضلا عَن كُله وَقد اخْتصَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْعلمِ بِهِ ثمَّ سَأَلَهُ تَحْسِين خلقه وخلقه وَالْأول بِفَتْح الْخَاء وَهُوَ جمال الصُّورَة وَالثَّانِي بضَمهَا وَهُوَ حسن الْأَخْلَاق الصادرة عَن الشَّخْص وَإِذا بورك فيهمَا كَانَ سَببا لجلب الْخَيْر وَدفع الشَّرّ وَقد ورد فِي حسن الْأَخْلَاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 أَدِلَّة لَيْسَ مَوضِع بسطها ويغني عَن ذَلِك مَا وصف الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} فَإِذا كَانَ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خلق عَظِيم ومدحه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على ذَلِك فَيَنْبَغِي لكل مقتد بِهِ أَن يكون على خلق عَظِيم ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي أَهله لِأَنَّهُ إِذا بَارك الله لَهُ فِي الْأَهْل كَانُوا لَهُ قُرَّة عين ومسرة قلب وَجَرت أُمُوره على الصّلاح والسداد وتمسكوا بهدى صَالح الْعباد وَسَأَلَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي محياه ومماته لِأَنَّهُ من بورك لَهُ فيهمَا فَازَ بخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة سَأَلَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي عمله لِأَن الْعَمَل إِذا بورك فِيهِ تكاثر ثَوَابه وتضاعف أجره وَسَأَلَهُ أَن يتَقَبَّل حَسَنَاته لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مَقْبُولَة كَانَت ذخيرة لصَاحِبهَا يسْتَحق ثَوَابهَا ثمَّ ختم هَذَا الدُّعَاء الْمُبَارك بسؤاله الدَّرَجَات العلى من الْجنَّة لِأَن ذَلِك هُوَ أعظم مَقَاصِد أَنْبيَاء الله وَصَالح عباده // (يَا من أظهر الْجَمِيل وَستر الْقَبِيح يَا من لَا يُؤَاخذ بالجريرة وَلَا يهتك السّتْر يَا حسن التجاوز يَا وَاسع الْمَغْفِرَة يَا باسط الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ يَا صَاحب كل نجوى يَا مُنْتَهى كل شكري يَا كريم الصفح يَا عَظِيم الْمَنّ يَا مبتدئ النعم قبل اسْتِحْقَاقهَا يَا رَبنَا وَيَا سيدنَا وَيَا مَوْلَانَا وَيَا غَايَة رغبتنا أَسأَلك يَا الله أَن لَا تشوي خلقي بالنَّار (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنْهُم قَالَ نزل جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الدُّعَاء من السَّمَاء وَإِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أحسن صُورَة لم ينزل بِمِثْلِهَا قطّ ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد فَقَالَ وَعَلَيْك السَّلَام يَا جِبْرِيل قَالَ إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْك بهدية قَالَ وَمَا تِلْكَ الْهَدِيَّة يَا جِبْرِيل قَالَ هِيَ كَلِمَات من كنوز الْعَرْش أكرمك الله بِهن قَالَ وَمَا هن يَا جِبْرِيل قَالَ جِبْرِيل يَا من أظهر الْجَمِيل الحَدِيث الخ قَالَ الْحَاكِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد فَإِن رُوَاته كلهم مدنيون ثِقَات استفتح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعاءه بالسلامة من النَّار بِهَذِهِ الفواتح الْعَظِيمَة والممادح الجليلة وتوسل بذلك إِلَى إِجَابَة الدعْوَة وَقبُول المسئلة فَقَالَ يَا من أظهر الْجَمِيل أَي أظهر للنَّاس الْجَمِيل من أَقْوَال عباده وأفعالهم وَستر عَنْهُم الْقَبِيح من أَقْوَالهم وأفعالهم وَهَذَا تفضل مِنْهُ عَظِيم وكرم فياض وَتجَاوز حسن وعَلى الْعباد أَن يقتدوا برَبهمْ فيستروا مَا بَلغهُمْ من قَبِيح الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال ويظهروا مَا وصل إِلَيْهِم من جميلها وَلَا يَكُونُوا كَمَا قَالَ الشَّاعِر (أَن يسمعوا سبة طاروا بهَا فَرحا ... مني وَمَا يسمعوا من صَالح دفنُوا) وَلَا كَمَا قَالَ الآخر (أَن يسمعوا الْخَيْر يخفوه وَأَن يسمعوا ... شرا أذاعوا وَإِن لم يسمعوا أفكوا) ثمَّ قَالَ يَا من لَا يُؤَاخذ بالجريرة وَهِي بِفَتْح الْجِيم وَكسر الرَّاء الْمُهْملَة وَبعدهَا مثناة تَحِيَّة سَاكِنة وَبعدهَا مهمله وَهِي الذَّنب الْكَائِن بِسَبَب من الْأَسْبَاب الَّتِي يتسبب بهَا إِلَى الذُّنُوب ثمَّ قَالَ وَلَا يهتك السّتْر أَي لَا يفضح العَبْد بِمَا يجْرِي مِنْهُ من الذُّنُوب بل يستر عَلَيْهِ حَتَّى إِذا أصر واستكبر وتظاهر وتهتك هتك ستره وفضحه على رُؤْس الْخَلَائق وَإِذا لم يَفْعَله بِهِ فِي الدُّنْيَا فعله فِي الْآخِرَة عِنْد اجْتِمَاع الْخَلَائق ثمَّ وصف ربه تبَارك وَتَعَالَى بِأَنَّهُ حسن التجاوز وَاسع الْمَغْفِرَة وَهَذَانِ الوصفان من أبدع الْأَوْصَاف وأعلاها رُتْبَة فَإِن حسن تجاوزه عَن الْمُسِيء وَفتح بَاب الْمَغْفِرَة لَهُ فقد تكرم أبلغ الْكَرم وجاد أبلغ الْجُود ثمَّ قَالَ يَا باسط الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ أَي هُوَ عز وَجل باسط يَدَيْهِ برحمته على عباده فَلَا يمْنَعهَا إِلَّا عَمَّن تعدى حُدُوده وَخَالف رَسُوله كَمَا هُوَ باسط يَدَيْهِ بالعطاء والجود كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {بل يَدَاهُ مبسوطتان} الْآيَة ثمَّ قَالَ يَا صَاحب كل نجوى أَي يَا من إِلَيْهِ كل مُنَاجَاة الْعباد وطلقاتهم فَلَا خير إِلَّا مِنْهُ وَلَا نجوى نافعة إِلَّا إِلَيْهِ وَهَذَا معنى قَوْله يَا مُنْتَهى كل شكوى أَي يَا من إِلَيْهِ مُنْتَهى شكوى عباده من كل مَا يصيبهم فَإِنَّهَا لَا تَنْتَهِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 شكواهم إِلَى غَيره وَإِذا شكا بَعضهم إِلَى بعض فَإِنَّمَا ذَلِك جَعَلُوهُ سَببا وَلَا يشكيهم فِي الْحَقِيقَة وَيدْفَع ضيرهم إِلَّا الله سُبْحَانَهُ ثمَّ قَالَ يَا كريم الصفح يَا عَظِيم الْمَنّ وَصفه عز وَجل بِأَن صفحه عَن المذنبين كريم صفح غير مشاب بِمَا يكدره وَلَا مخلوط بِمَا ينغصه وَوَصفه بِأَن مِنْهُ عَظِيم أَي عطاءه لِعِبَادِهِ وتفضله عَلَيْهِم عَظِيم فخزائن ملكه لَا تنفد وواسع كرمه لَا يضيق ثمَّ وَصفه بِأَنَّهُ يَبْتَدِئ عباده بِالنعَم قبل اسْتِحْقَاقهَا فَإِنَّهُ ينعم عَلَيْهِم وهم لَا يطيعونه بل ينعم عَلَيْهِم وهم يعصونه وينعم عَلَيْهِم قبل أَن يبلغُوا مبالغ من يتعقل الْعِبَادَة وَيحسن فعلهَا بل ينعم عَلَيْهِم فِي بطُون أمهاتهم فسبحان من أعْطى بِلَا حِسَاب وأنعم بِلَا اسْتِحْقَاق وتفضل بِلَا عوض ثمَّ قَالَ يَا رَبنَا وَيَا سيدنَا وَيَا مَوْلَانَا لَا خلاف فِي جَوَاز إِطْلَاق السَّيِّد وَالْمولى على الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز إِطْلَاقه على العَبْد وَقد ورد الحَدِيث السَّيِّد هُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَورد على لِسَان النُّبُوَّة فِي إِطْلَاقه على الْبشر مثل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قومُوا إِلَى سيدكم وَقَوله إِن ابْني هَذَا سيدكم وَقَوله هَذَا سيد الْوَبر وَغير ذَلِك وَورد إِطْلَاق الْمولى على العَبْد مثل من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ وَنَحْوه كثير وَفِي قَوْله غَايَة رغبتنا مَا يثير هَمهمْ الصَّالِحين إِلَى الِاقْتِدَاء بِسَيِّد الْمُرْسلين بِأَن يجْعَلُوا رَبهم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَايَة رغبتهم ومنتهى طلبتهم ثمَّ بعد هَذِه الممادح الْعَظِيمَة الَّتِي استفتح بهَا ذكر مَا هُوَ الْمَقْصُود من هَذِه الْمُنَاجَاة وَالْمَطْلُوب من هَذِه المناداة فَقَالَ أَن لَا تشوي خلقي بالنَّار تشوي بِفَتْح حرف المضارعة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَكسر الْوَاو من شوى يشوي وَخص الْخلق لِأَنَّهُ يَشْمَل جَمِيع ذَات الْإِنْسَان فَالْمُرَاد لَا تشوي ذاتي بالنَّار تفكر هداك الله كَيفَ كَانَ هدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر من سُؤَاله ربه عز وَجل بِأَن لَا يعذبه بالنَّار مَعَ الِاسْتِعَانَة على الْإِجَابَة بِهَذِهِ الممادح الَّتِي لَا يخيب قَائِلهَا وَلَا يرد المتوسل بهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 فَكيف بِمن لَا يعْصم عَن الذَّنب وَلَا أخبرهُ مخبر بغفران ذنُوبه ومحو سيئاته اللَّهُمَّ غفرا غفرا اللَّهُمَّ عفوا عفوا اللَّهُمَّ تجاوزا تجاوزا // (نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال (عو)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار فَقُلْنَا تعوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار فَقَالَ تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن قُلْنَا نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن قَالَ تعوذوا بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال قُلْنَا نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال أَمرهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار لِأَنَّهَا دَار الشقاوة فِي الْآخِرَة فَمن سلم مِنْهَا فقد سلم السَّلامَة الْكُلية ورشد الرشاد الْبَين ثمَّ أَمرهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتعوذوا من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن لِأَنَّهَا فِي الْغَالِب سَبَب هتك الْحرم وَسَفك الدِّمَاء وَنهب الآمال وَمَعَ هَذَا فَهِيَ أعظم الْأَسْبَاب فِي الْإِثْم وَلِهَذَا سَأَلَهُ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه إِذا أَرَادَ بِقوم فتْنَة توفاه غير مفتون وأرشدنا إِلَى أَن نقُول ذَلِك وندعو بِهِ فَفِي ذَلِك دَلِيل على أَن خطبهَا عَظِيم وأثمها وخيم وعقابها جسيم وَفِيه دَلِيل على أَن الْفِتْنَة أعظم من الْمَوْت كَمَا وصفهَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنَّهَا أكبر من الْقَتْل ثمَّ عطف فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال على الْفِتَن الْعَامَّة وَهُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنه فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال أَشد الْفِتَن وَأَعْظَمهَا كَمَا تَقْتَضِيه نُكْتَة هَذَا الْعَطف // (اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من جهد الْبلَاء ودرك الشَّقَاء وَسُوء الْقَضَاء وشماتة الْأَعْدَاء (خَ)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تعوذوا بِاللَّه من جهد الْبلَاء ودرك الشَّقَاء وَسُوء الْقَضَاء وشماتة الْأَعْدَاء وَأخرجه أَيْضا مُسلم وَالنَّسَائِيّ (قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 جهد الْبلَاء) بِفَتْح الْجِيم وَرُوِيَ بضَمهَا وَقيل هُوَ بِالْفَتْح كل مَا أصَاب الْإِنْسَان من شدَّة الْمَشَقَّة وبالضم مَا لَا طَاقَة لَهُ بِحمْلِهِ وَلَا قدرَة لَهُ على دَفعه وَالْبَلَاء مَمْدُود استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جهد الْبلَاء لِأَن ذَلِك مَعَ مَا فِيهِ من الْمَشَقَّة على صَاحبه قد يحصل بِهِ التَّفْرِيط فِي بعض أُمُور الدّين وَقد يضيق صَدره بِحمْلِهِ فَلَا يصبر فَيكون ذَلِك سَببا فِي الْإِثْم (قَوْله ودرك الشَّقَاء) الدَّرك رُوِيَ بِفَتْح الْمُهْملَة وإسكانها فبالفتح الِاسْم وبالإسكان الْمصدر وَهُوَ شدَّة الْمَشَقَّة فِي أُمُور الدُّنْيَا وضيقها عَلَيْهِ وَحُصُول الضَّرَر الْبَالِغ فِي بدنه أَو أَهله أَو مَاله وَقد يكون بِاعْتِبَار الْأُمُور الأخروية وَذَلِكَ بِمَا يحصل عَلَيْهِ من التبعة والعقوبة بِسَبَب مَا اكْتَسبهُ من الْوزر واقترفه من الْإِثْم استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك لِأَنَّهُ النِّهَايَة فِي الْبلَاء والغاية فِي المحنة وَقد لَا يصبر من امتحنه الله بِهِ فَيجمع بَين التَّعَب عَاجلا والعقوبة آجلا (قَوْله وَسُوء الْقَضَاء) هُوَ مَا يسوء الْإِنْسَان ويحزنه من الْأَقْضِيَة الْمقدرَة عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَعم من أَن يكون فِي دينه أَو فِي دُنْيَاهُ أَو فِي نَفسه أَو فِي أَهله أَو فِي مَاله وَفِي الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك مَا يدل على أَنه لَا يُخَالف الرِّضَا بِالْقضَاءِ فَإِن الِاسْتِعَاذَة من سوء الْقَضَاء هِيَ من قَضَاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقدره وَلِهَذَا شرعها لِعِبَادِهِ وَمن هَذَا مَا ورد فِي قنوت الْوتر السَّابِق بِلَفْظ وقني شَرّ مَا قضيت وَالْحَاصِل أَنَّهَا قد وَردت السّنة الصَّحِيحَة بِبَيَان أَن الْقَضَاء بِاعْتِبَار الْعباد يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ خير وَشر فَإِنَّهُ قد شرع لَهُم الدُّعَاء بالوقاية من شَره والاستعاذة مِنْهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيَان معنى الْإِيمَان لمن سَأَلَهُ عَنهُ بقوله أَن نؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْقدر خَيره وشره كَمَا هُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهمَا من طرق فَإِنَّهُ يُمكن أَن يكون الْإِنْسَان مُؤمنا بِمَا قَضَاهُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من خير وَشر مستعيذا بِاللَّه من شَرّ الْقَضَاء عملا بِمَجْمُوع الْأَدِلَّة فَحَدِيث الْإِيمَان بِالْقضَاءِ كَمَا دلّ على أَنه من جملَة مَا يصدق عَلَيْهِ مَفْهُوم مُطلق الْإِيمَان دلّ على أَن الْقَضَاء منقسم إِلَى مَا هُوَ خير وَإِلَى مَا هُوَ شَرّ كَمَا قَالَ وَالْقدر خَيره وشره ثمَّ بَين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا وَقع مِنْهُ من الِاسْتِعَاذَة من شَرّ الْقَضَاء أَن ذَلِك جَائِز للعباد بل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 سنة قويمة وصراط مُسْتَقِيم اللَّهُمَّ إِنَّا نؤمن بِقَضَائِك خَيره وشره ونعوذ بك من شَرّ مَا قضيت فقنا شَره وَأَعْطِنَا خَيره يَا من بِيَدِهِ الْخَيْر وَالشَّر وَالعطَاء وَالْمَنْع وَالْقَبْض والبسط (قَوْله وشماتة الْأَعْدَاء) الشماتة هِيَ فَرح الْأَعْدَاء بِمَا يَقع على الشَّخْص من الْمَكْرُوه وَيحل بِهِ من المحنة قَالَ فِي الصِّحَاح الشماتة الْفَرح ببلية الْعَدو وَيُقَال شمت بِهِ بِالْكَسْرِ يشمت شماتة وَبَات فلَان بليلة الشوامت أَي لَيْلَة تشمت الشوامت انْتهى وَفِي الْقَامُوس شمت كفرح شمتا وشماتة فَرح بلية الْعَدو وَفِي النِّهَايَة شماتة الْأَعْدَاء فَرح الْعَدو ببلية تنزل بِمن يعاديه انْتهى استعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شماتة الْأَعْدَاء لعظم موقعها وَشدَّة تأثيرها فِي الْأَنْفس البشرية ونفور طباع الْعباد عَنْهَا وَقد يتسبب عَن ذَلِك تعاظم الْعَدَاوَة المفضية إِلَى استحلال مَا حرمه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى // (اللَّهُمَّ مصرف الْقُلُوب صرف قُلُوبنَا إِلَى طَاعَتك (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا انه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن قُلُوب بني آدم بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن كقلب وَاحِد يصرفهُ كَيفَ يَشَاء ثمَّ قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ مصرف الْقُلُوب صرف قُلُوبنَا إِلَى طَاعَتك سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعد بَيَانه أَن قُلُوب الْعباد بَين يَدي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمَنْزِلَة قلب وَاحِد يصرفهُ كَيفَ يَشَاء أَن يصرف قلبه إِلَى طَاعَته لِأَن من جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قلبه مصروفا إِلَى طَاعَته لم يكن لَهُ اهتمام بِغَيْر طَاعَة الله تَعَالَى وَالْعَمَل بِمَا يقرب مِنْهُ تَعَالَى إِذْ لَا رَغْبَة لِقَلْبِهِ إِلَى غير طَاعَته وَلَا الْتِفَات إِلَى شَيْء من الْمعْصِيَة وَمثل هَذَا مَا ورد من دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك وَالْحَاصِل أَن تثبيت قلب العَبْد على الدّين وانصرافه إِلَى الْحق من أعظم أَسبَاب النجَاة والفلاح والعصمة عَن كثير من الذُّنُوب الَّتِي يقارفها كثير من الْعباد // (اللَّهُمَّ اغْفِر لنا وارحمنا وَارْضَ عَنَّا وَتقبل منا وأدخلنا الْجنَّة ونجنا من النَّار وَأصْلح لنا شَأْننَا كُله (د. ق)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ متكئ على عصى فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قمنا فَقَالَ لَا تَفعلُوا كَمَا يفعل أهل فَارس بعظمائها قُلْنَا يَا رَسُول الله لَو دَعَوْت لنا قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لنا الحَدِيث الخ قَالَ فكأنا أحببنا أَن يزيدنا قَالَ أَو لَيْسَ قد جمعت لكم مَا فِيهِ الْخَيْر كُله أخرجه من هَذَا اللَّفْظ ابْن مَاجَه وَأخرجه أَبُو دَاوُد مُخْتَصرا وَفِي إسنادهما أَبُو الْعَدَبَّس بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ بعدهمَا مُشَدّدَة وَبعدهَا مُهْملَة كُوفِي مَجْهُول وَفِي أسنادهما أَبُو مَرْزُوق وَهُوَ لين الحَدِيث لَا يعرف أُسَمِّهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث السَّائِب بن يزِيد أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وأدخلني الْجنَّة وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير ابْن لَهِيعَة وَهُوَ من رجال الْحسن سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه الْمَغْفِرَة للذنوب ثمَّ سَأَلَهُ مَا هُوَ أَعم من ذَلِك وَهُوَ الرَّحْمَة ثمَّ سَأَلَهُ مَا هُوَ أكبر من الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة وَهُوَ الرِّضَا كَمَا قَالَ عز وَجل {ورضوان من الله أكبر} ثمَّ سَأَلَهُ مَا هُوَ النتيجة للمغفرة وَالرَّحْمَة والرضوان وَهُوَ أَن يدْخلهُ الْجنَّة وينجيه من النَّار ثمَّ سَأَلَهُ مَا هُوَ أَعم من أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين فَقَالَ وَأصْلح لنا شَأْننَا كُله فَإِنَّهُ لَا يبْقى شَيْء من شؤون الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا وَهُوَ مندرج تَحت هَذَا // (اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تنْقصنَا وَأَكْرمنَا وَلَا تهنا وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمنَا وَآثرنَا وَلَا تُؤثر علينا وَأَرْضنَا وَارْضَ عَنَّا (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي سمع عِنْد وَجهه كَدَوِيِّ النَّحْل فَأنْزل عَلَيْهِ الْوَحْي فَمَكثْنَا سَاعَة فسرى عَنهُ فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْنَا الحَدِيث الخ وَصَححهُ الْحَاكِم وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ (قَوْله اللَّهُمَّ زِدْنَا) أَي من عطائك وفضلك وَفِي هَذَا مَشْرُوعِيَّة طلب الزِّيَادَة من نعم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلما كَانَت الزِّيَادَة رُبمَا تكون فِي شَيْء من أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا وَيلْحق النَّقْص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 بِشَيْء آخر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تنْقصنَا وَهَكَذَا الْإِكْرَام فَإِنَّهُ قد يكون من جِهَة دون أُخْرَى فَقَالَ أكرمنا وَلَا تهنا وَهَكَذَا الْإِعْطَاء فَإِنَّهُ قد يكون بِسَبَب وَالْمَنْع بِسَبَب آخر فَقَالَ وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمنَا وَهَكَذَا قَوْله وَآثرنَا بِالْمدِّ فَإِنَّهُ قد يكون التَّأْثِير للشَّخْص بِشَيْء بِدُونِ شَيْء فَقَالَ وَلَا تُؤثر علينا وَالْمعْنَى اجْعَلْنَا غَالِبين لأعدائنا لَا مغلوبين منصورين لَا مخذولين ظافرين لَا مظفورا بِنَا قَالَ القَاضِي وَالطِّيبِي عطف النواهي على الْأَوَامِر تَأْكِيدًا ومبالغة وتعميما وَحذف ثواني المفعولات فِي بعض الْأَلْفَاظ إِرَادَة إجرائها مجْرى قَوْلك فلَان يُعْطي وَيمْنَع انْتهى وَقد قرر أهل الْمعَانِي مَا يفِيدهُ حذف المتعلقات من التَّعْمِيم بِمَا هُوَ مَعْرُوف ثمَّ سَأَلَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرضيه بِمَا قَضَاهُ الله لَهُ من خير وَشر ومحبوب ومكروه وَلَا يُنَافِي ذَلِك مَا ورد من الِاسْتِعَاذَة من سوء الْقَضَاء كَمَا قدمنَا الْكَلَام على ذَلِك قَرِيبا ثمَّ ختم هَذَا الدُّعَاء الَّذِي هُوَ من جَوَامِع الْكَلم بسؤاله عز وَجل الرِّضَا عَنهُ وَذَلِكَ هُوَ الْأَمر الَّذِي يتنافس فِيهِ الْمُتَنَافسُونَ فَمن حظي بِالرِّضَا فقد فَازَ بِكُل خير وَلَيْسَ بعد الرِّضَا شَيْء وَلَا يُسَاوِيه أَمر اللَّهُمَّ ارْض عَنَّا يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ // (اللَّهُمَّ أعنا على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم أتحبون أَيهَا النَّاس إِن تجتهدوا فِي الدُّعَاء قَالُوا نعم يَا رَسُول الله قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ أعنا على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك وَصَححهُ الْحَاكِم وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند بِهَذَا اللَّفْظ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير مُوسَى بن طَارق وَهُوَ ثِقَة وَأخرجه من حَدِيث ابْن مَسْعُود مُطلقًا غير مُقَيّد بأذكار بعد الصَّلَاة وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير عَمْرو بن عبد الله الأودي وَهُوَ ثِقَة وَقد أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 حَدِيث معَاذ مُقَيّدا بإذكار الصَّلَاة وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فَهَذَا الدُّعَاء بِهَذَا اللَّفْظ ورد مُطلقًا كَمَا هُنَا وَورد مُقَيّدا بإذكار الصَّلَاة وَلِهَذَا ذكره المُصَنّف فِي الْبَابَيْنِ وَفِيه طلب الْإِعَانَة من الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على هَذِه الثَّلَاثَة الْأُمُور وَهِي الذّكر لله عز وَجل وَالشُّكْر لَهُ وَحسن عِبَادَته فَإِنَّهُ لَا يَقُول بهَا إِلَّا الموقنون المعانون من الله عز وَجل لِأَن الذّكر إِذا وَقع مَعَ حُضُور وخشوع وتذلل كَانَ لَهُ موقع غير موقع الدُّعَاء مَعَ الذهول وَعدم الْحُضُور وَعدم الْخُشُوع وَعدم التذلل والمراقبة وَهَكَذَا الشُّكْر فَإِنَّهُ لَا يقوم بِهِ إِلَّا من استحضر نعم الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعرف مقدارها وشكرها عَن خلوص وإقبال وتطابق على الشُّكْر لِسَانه وَقَلبه وأركانه وَهَكَذَا الْعِبَادَة فَإِنَّهُ لَا يَهْتَدِي لحسنها وإحسانها إِلَّا الراغبون فِي الْخَيْر المقبلون على الله عز وَجل الطالبون لما لَدَيْهِ من الثَّوَاب الجزيل وَالعطَاء الْجَلِيل // (اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث بسر بن أَرْطَاة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَإسْنَاد أَحْمد وَأحد إسنادي الطَّبَرَانِيّ ثِقَات انْتهى وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ من كَانَ دعاؤه اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة مَاتَ قبل أَن يُصِيبهُ الْبلَاء وَلِهَذَا ذكره المُصَنّف معزوا إِلَى الطَّبَرَانِيّ بِهَذَا اللَّفْظ فِي الْبَاب الثَّانِي كَمَا تقدم وَقد قدمنَا هُنَالك مَا ورد من الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا ذكر حسن الخاتمة وَهَذَا الدُّعَاء من جَوَامِع الْكَلم لِأَنَّهُ إِذا أحسن الله تَعَالَى عَاقِبَة العَبْد فِي الْأُمُور كلهَا فَازَ فِي جَمِيع أُمُوره وَوَقعت أَعماله مرضية مَقْبُولَة وجنبه مَا لَا يرضيه ووفقه وسدده وثبته حَتَّى تحسن عَاقِبَة أُمُوره ثمَّ قَالَ وأجرنا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 خزي الدُّنْيَا وَهُوَ كل مَا فِيهِ ذل وفضيحة ثمَّ قَالَ وَعَذَاب الْآخِرَة وَهُوَ يَشْمَل جَمِيع أَنْوَاع عَذَابهَا كَمَا يفِيدهُ إِضَافَة اسْم الْجِنْس وَمن سلم من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فقد ظفر بِخَير الدَّاريْنِ وَوُقِيَ من شرهما // (اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك وَمن الْيَقِين مَا تهون بِهِ علينا مصائب الدُّنْيَا وَمَتعْنَا بإسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا أبدا مَا أَحْيَيْتَنَا واجعله الْوَارِث منا وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا وَلَا مبلغ علمنَا وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم من مجْلِس حَتَّى يَدْعُو بِهَذِهِ الدَّعْوَات اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَفِي إِسْنَاده عبد الله بن زحر وَقد ضَعَّفُوهُ بِمَا يَقْتَضِي أَن لَا يكون حَدِيثه صَحِيحا بل غَايَة رُتْبَة هَذَا الحَدِيث أَن يكون حسنا كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ فقد قَالَ أَبُو زرْعَة أَنه صَدُوق وَقَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ (قَوْله اقْسمْ) أَي اجْعَل لنا قسما ونصيبا والخشية الْخَوْف المقترن بالتعظيم وَمعنى مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك تحجب بَيْننَا وَبَينهَا وتجعلها ممتنعة منا وَقد اشْتَمَل هَذَا الحَدِيث الْجَلِيل على مطَالب فَيَنْبَغِي لكل عبد أَن يستكثر من طلبَهَا ويكرر سؤالها فَإِنَّهُ أَولا سَأَلَ ربه عز وَجل أَن يرزقه الخشية وَبِذَلِك تصير الطَّاعَات محبوبة إِلَى العَبْد والمعاصي مبغضة لَدَيْهِ ثمَّ سَأَلَهُ أَن يحول بَينه وَبَين الْمعاصِي وَمن رزق الخشية وعصم من الْمعْصِيَة على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا فقد ظفر بِالْخَيرِ كُله دقة وجله ثمَّ سَأَلَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرزقه من طَاعَته مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 يبلغهُ بِهِ جنته وَلَا شَيْء أَنْفَع من هَذِه الْأُمُور الَّتِي يبلغ بهَا صَاحبهَا إِلَى الْجنَّة فَإِن الْجنَّة هِيَ الْغَايَة القصوى وَالْمطلب الأسمى وَالْمَقْصُود الْأَعْظَم وَلَا بُد مَعَ ذَلِك من الْفضل الرباني والتفضل الرحماني وَلِهَذَا صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ سددوا وقاربوا وَاعْلَمُوا أَنه لن يدْخل أحد الْجنَّة بِعَمَلِهِ قَالُوا وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله قَالَ وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته ثمَّ سَأَلَهُ أَن يرزقه من الْيَقِين مَا يهون بِهِ عَلَيْهِ مصائب الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَن من حصل لَهُ الْيَقِين التَّام وَالْإِيمَان الْخَالِص علم أَن الْأُمُور بِقدر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنه الْمُعْطِي الْمَانِع والضار النافع لَيْسَ لأحد مَعَه حكم وَلَا لَهُ مَعَه تصرف وَعند ذَلِك تهون عَلَيْهِ المصائب الدُّنْيَوِيَّة لِأَن تَقْدِيره عز وَجل لَا يَخْلُو عَن حكم ومصلحة للْعَبد لَو كشف لَهُ الغطاء لوجدها أَنْفَع لَهُ وَمَعَ ذَلِك يَنْبَغِي لَهُ أَلا يعْمل الِاسْتِعَاذَة بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من شَرّ الْقَضَاء وَقد جعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِيمَان بِالْقدرِ خَيره وشره دَاخِلا تَحت مَفْهُوم الْإِيمَان كَمَا تقدم فَإِذا حصل للْعَبد الْإِيمَان الْكَامِل فَهُوَ الْيَقِين الْكَامِل الَّذين تهون بِهِ عَلَيْهِ مصائب الدُّنْيَا وَبِالْجُمْلَةِ فَمن جَاهد نَفسه حَتَّى تصير مُؤمنَة بِقدر الله عز وَجل عَاشَ سعيدا وطاحت عَنهُ الهموم والغموم الَّتِي يجلبها ضعف الْإِيمَان وَعدم كَمَاله اللَّهُمَّ قو إيمَاننَا وارزقنا الْيَقِين الَّذِي لَا يتَعَلَّق بذيله شكّ قلب وَلَا شُبْهَة نفس ثمَّ بعد هَذَا سَأَلَهُ أَن يمتعه بِمَا لَا يتم الْإِتْيَان بِمَا فَرْضه الله عَلَيْهِ إِلَّا بِهِ وَلَا تصفو لَهُ الْحَيَاة بِدُونِهِ فَقَالَ وَمَتعْنَا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا أبدا مَا أَحْيَيْتَنَا أَي أَدَم لنا الِانْتِفَاع بِهَذِهِ الْأُمُور مَا دمنا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَا حَيَاة لمن لم يكن مُتَمَتِّعا بهَا وَلَا عَيْش لمن فقدها ثمَّ أكد مَا أَفَادَهُ هَذَا الْكَلَام بقوله واجعله الْوَارِث منا أَي اجْعَلْهُ بَاقِيا نَافِعًا حَتَّى تتوفانا فَمَعْنَى الوراثة لُزُومهَا لَهُ عِنْد مَوته لُزُوم الْوَارِث لَهُ فَكَأَنَّهَا لما لم تذْهب إِلَّا بذهابه وَلم تفقد إِلَّا بِمَوْتِهِ بَاقِيَة والنفع بهَا مُسْتَمر وَهَذَا الْمَعْنى قد أَفَادَهُ قَوْله مَا أَحْيَيْتَنَا وَلكنه زَاده تَأْكِيدًا وتقريرا وَالضَّمِير فِي قَوْله واجعله يعود إِلَى الْمَذْكُور وَهِي الْأُمُور الثَّلَاثَة أَو إِلَى مصدر متعنَا أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 اجْعَل التَّمَتُّع بِهَذِهِ الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة هُوَ الْوَارِث منا أَو إِلَى مصدر اجْعَل اي اجْعَل هَذَا الْجعل الْوَارِث منا أَو الضَّمِير بِمَعْنى اسْم الْإِشَارَة وَقد وَقع مثل هَذَا فِي الْكتاب الْعَزِيز كثيرا كَمَا أوضحت ذَلِك فِي التَّفْسِير الَّذِي سميته فتح الْقَدِير ثمَّ سَأَلَهُ أَن يَجْعَل ثَأْره على من ظلمه والثأر فِي الأَصْل هُوَ الدَّم الَّذِي يكون عِنْد قوم لقوم وطالب الثأر هُوَ طَالب الدَّم يُقَال ثأرت الْقَتِيل وثأرت بِهِ أَي طلبت بدمه واستوفيته من قَاتله وَإِنَّمَا خص من ظلمه لِأَن الانتصاف من الظَّالِم هُوَ الَّذِي وَردت بِهِ الشَّرِيعَة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلمن انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِك مَا عَلَيْهِم من سَبِيل} وَقَوله تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} وَغير ذَلِك وَأما سُؤَاله للنصر على غير من ظلمه فَذَلِك تعد وشروع فِي ظلم جَدِيد إِلَّا أَن يكون مِمَّن يجوز الِانْتِصَار عَلَيْهِ ابْتِدَاء كالكفار والبغاة وَلَكِن هَذَا يدْخل تَحت قَوْله وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا فَإِن فريق الْكفَّار على اخْتِلَاف أنواعهم أَعدَاء لفريق الْمُسلمين وَهَكَذَا فريق الْبُغَاة أَعدَاء للمبغى عَلَيْهِم بل هم إِذا قد وَقع الاعتداء عَلَيْهِم ظَالِمُونَ فَيدْخل تَحت قَوْله وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا كَمَا يدْخل تَحت قَوْله وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا ثمَّ أَخذ فِي نوع آخر من الدُّعَاء فَقَالَ وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا أَي لَا تبتلنا بالمصائب الدِّينِيَّة فَإِنَّهَا هِيَ المصائب الَّتِي يعود ضررها على الْحَيَاة المستمرة الدائمة بِلَا انْقِطَاع وَأما مصائب الدُّنْيَا فَهِيَ زائلة منقضية بانقضائها وذاهبة بذهاب الْحَيَاة وَبَين الْأَمريْنِ من الْبعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ثمَّ لما كَانَت الدُّنْيَا حقيرة يسيرَة والبقاء فِيهَا ذَاهِب وطويلها كالقصير وباقيها كذاهبها قَالَ وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا فَإِنَّهَا لَيست بِحَقِيقَة بذلك وَإِنَّمَا قَالَ اكبر هَمنَا لِأَن يسير الْهم لَا بُد مِنْهُ فِي دَار الأكدار وَلَو لم يكن إِلَّا بتحصيل مَا تمس إِلَيْهِ الْحَاجة من قوام الْعَيْش وسداد الْفَاقَة ثمَّ لما كَانَ الْعلم بأحوال الدُّنْيَا وصفاتها وتقلباتها بِأَهْلِهَا لَيْسَ من الْعلم النافع وَلَا مِمَّا يحصل بِهِ الثَّوَاب وَالْأَجْر عَلَيْهِ قَالَ وَلَا مبلغ علمنَا يَعْنِي بِحَيْثُ يكون رَأس مَعْلُومَات الْإِنْسَان وَغَايَة مَا يطمح إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 نظره وتتطلبه نَفسه فَإِن الْعلم النافع فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْمُتَعَلّق بِالْحَيَاةِ الدائمة وَهِي الدَّار الْآخِرَة وَإِنَّمَا قَالَ وَلَا مبلغ علمنَا لِأَنَّهُ لَا بُد من الْعلم بأحوال الدُّنْيَا فِي الْجُمْلَة وَلَا يَتَيَسَّر تَحْصِيل مَا تقوم بِهِ الْمَعيشَة إِلَّا بِهِ ثمَّ ختم هَذَا الدُّعَاء الْجَامِع لخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بقوله وَلَا تسلط علينا بذنوبنا من لَا يَرْحَمنَا فَإِن تسليط من لَا يرحم على من لَا يقدر على الدّفع عَن نَفسه من أعظم محن الدُّنْيَا وَأَشد مصائبها وَذَلِكَ تسليط الْكَفَرَة والبغاة والظلمة والفسقة على الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُم إِن ظفروا بهم بالغوا فِي التنكيل بهم إِلَى غَايَة لَيْسَ بعْدهَا غَايَة للعداوة الَّتِي بَين أهل الْخَيْر وَأهل الشَّرّ والمنافاة الَّتِي بَين أهل الطَّاعَة وَأهل الْمعْصِيَة وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا العداء الشريف مُسْتَحقّ للإطالة فِي شَرحه والإطالة فِي بَيَان فَوَائده فلنقتصر على هَذَا الْمِقْدَار // (اللَّهُمَّ إِنَّا سَأَلَك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إِثْم وَالْغنيمَة من كل بر والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار (مس. ط) اللَّهُمَّ لَا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته وَلَا هما إِلَّا فرجته وَلَا دينا إِلَّا قَضيته وَلَا حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ (طب)) // الحَدِيث أخرج الطّرف الأول مِنْهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأخرج الطّرف الثَّانِي مِنْهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء لَهُ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس وَقد جمع الطَّبَرَانِيّ الطَّرفَيْنِ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَهُوَ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك وَالْغنيمَة من كل بر والسلامة من كل إِثْم اللَّهُمَّ لَا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته وَلَا هما إِلَّا فرجته وَلَا دينا إِلَّا قَضيته وَلَا حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا قضيتها بِرَحْمَتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد بعد سِيَاق هَذَا اللَّفْظ أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ صَحِيح على الأول بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم (قَوْله مُوجبَات رحمتك) بِكَسْر الْجِيم جمع مُوجبَة وَهِي مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 أوجبت لقائله الرَّحْمَة من قربَة أَي قربَة كَانَت أَي نَسْأَلك مَا أوجب لنا رحمتك حسب وَعدك الصدْق الَّذِي لَا يجوز الْخلف فِيهِ بِقَوْلِك كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة وَبقول رَسُولك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يحكيه عَنْك تَبَارَكت وَتَعَالَيْت سبقت رَحْمَتي غَضَبي والعزائم جمع عَزِيمَة والعزيمة عقد الْقلب على إِمْضَاء الْأَمر أَي نطلب مِنْهُ أَن ترزقنا العزائم منا على الطَّاعَات الَّتِي نتوصل بهَا إِلَى الْمَغْفِرَة وَهَذَا الدُّعَاء من جَوَامِع الْكَلم النَّبَوِيَّة فَإِنَّهُ سَأَلَهُ أَولا أَن يرزقه مَا يُوجب لَهُ رَحْمَة الله عز وَجل وَمن فعل مَا يُوجب لَهُ الرَّحْمَة فقد دخل بذلك تَحت رَحمته الَّتِي وسعت كل شَيْء واندرج فِي سلك أَهلهَا وَفِي عداد مستحقها ثمَّ سَأَلَهُ أَن يهب لَهُ عزما على الْخَيْر يكون بِهِ مغفورا لَهُ فَإِن من غفر الله لَهُ ذنُوبه وتفضل عَلَيْهِ برحمته فقد ظفر بخيري الدَّاريْنِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَاسْتحق الْعِنَايَة الربانية فِي محياه ومماته وَلِأَنَّهُ قد صفا عَن كدورات الذُّنُوب وأدران الْمعاصِي وشملته الرَّحْمَة الَّتِي توصل إِلَى السعادتين وَتصرف عَنهُ الشقاوتين ثمَّ لما كَانَ الْإِنْسَان بعد مغْفرَة ذنُوبه لَا يَأْمَن من الْوُقُوع فِي معاصي آخِره وَفِي ذنُوب مستأنفة سَأَلَ ربه أَن يرزقه السَّلامَة من كل إِثْم كَائِنا مَا كَانَ كَمَا تدل عَلَيْهِ هَذِه الْكُلية الَّتِي لَا يخرج عَنْهَا فَرد من أفرادها وَقد تفضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على بعض عباده بالسلامة من كل ذَنْب وَإِن لم تكن الْعِصْمَة ثَابِتَة لغير الْأَنْبِيَاء لَكِنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَنْبِيَاء وَاجِبَة وبالنسبة إِلَى غَيرهم جَائِزَة وسؤال الْجَائِز جَائِز وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو من الذَّنب أحد وَلَا يسلم من الْمعْصِيَة فَرد من أَفْرَاد من لم يُوجب الله تَعَالَى لَهُ الْعِصْمَة كَمَا فِي قَوْله فِي حَدِيث لَو لم تذنبوا فتستغفروا لجاء الله بِقوم يذنبون فيستغفرون فَيغْفر لَهُم وَقد تقدم ثمَّ لما كَانَت مغْفرَة الذَّنب والسلامة مِنْهُ لَا تَسْتَلْزِم أَن يفعل العَبْد الطَّاعَات وَيَرْزقهُ الله مِنْهَا مَا يَشَاء قَالَ وَالْغنيمَة من كل بر أَي من كل نوع من أَنْوَاع الْبر كَمَا تدل عَلَيْهِ هَذِه الْكُلية وَالْبر بِكَسْر الْبَاء الطَّاعَة فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْغنيمَة من كل طَاعَة وَمن فتح لَهُ بَاب الاغتنام من جَمِيع أَنْوَاع طاعاته فقد يسر لَهُ من الْخَيْر مَا يفوز بِهِ وَيدْرك عِنْده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 طلبته وَلِهَذَا كمل هَذَا الدُّعَاء بقوله والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار وَهَذَا من بَاب التَّعْلِيم مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته لِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد أخبرهُ بِأَنَّهُ فائز بِالْجنَّةِ نَاجٍ من النَّار لَا يضرّهُ ذَنْب لِأَنَّهُ مغْفُور لَهُ وَلَا تقع مِنْهُ مَعْصِيّة لِأَنَّهُ مَعْصُوم ثمَّ جَاءَ بِمَا يَشْمَل أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا ويعم أَحْوَال المعاش والمعاد فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته وتنكير ذَنْب للتحقير أَي لَا تدع لنا ذَنبا حَقِيرًا يَسِيرا إِلَّا غفرته فضلا عَن ذَنْب أكبر مِنْهُ ثمَّ قَالَ وَلَا هما إِلَّا فرجته لِأَن اشْتِغَال خاطر العَبْد بالهموم يكسر من نشاطه إِلَى الطَّاعَة ويثني من عزمه على الْخَيْر وَيقبض من عنان جواد سَعْيه إِلَى مراضي الله عز وَجل فَإِذا انفرج همه واندفع كربه تراجع لَهُ نشاطه وقوى عزمه وَجرى جَوَاده وَلما كَانَ الدّين هُوَ أعظم مَا يكون بِهِ الاهتمام والتكاسل عَن كثير من إفعال الْخَيْر قَالَ وَلَا دينا إِلَّا قَضيته وَهُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام لمزيد الْعِنَايَة والاحتياج إِلَيْهِ لِأَن اهتمام الدّين هُوَ من جملَة الهموم الدُّنْيَوِيَّة الَّتِي أفادها قَوْله وَلَا هما إِلَّا فرجته وَلما كَانَت أُمُور الدُّنْيَا وحاجاتها مِمَّا لَا بُد للْعَبد مِنْهُ لقوام عيشه واستمرار حَيَاته قَالَ وَلَا حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها وَقيد ذَلِك بِكَوْن الْحَاجة هِيَ لله رضَا لِأَن من الْحَوَائِج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها وَقيد ذَلِك بِكَوْن الْحَاجة هِيَ لله رضَا فَيكون طلبَهَا مَعْصِيّة مُحصنَة فَلَا يستعان بِاللَّه عز وَجل عَلَيْهَا وَهَذِه النكرات الْمَذْكُورَة هُنَا هِيَ نكرات وَاقعَة بعد النَّهْي وَمَا وَقع هَذَا الْموقع مِنْهَا فَهُوَ فِي صِيغ الْعُمُوم كَمَا هُوَ مُقَرر فِي علم الْأُصُول ثمَّ ختم هَذَا الدُّعَاء بقوله يَا أرْحم الرحمين وَفِي هَذَا استحضار العَبْد لرحمة الله عز وَجل فَإِنَّهُ لَا يُجَاب مِنْهُ الدُّعَاء بِدُونِهَا وَهِي مِمَّا يَقْتَضِي أَن يتفضل الله بهَا عَلَيْهِ وَإِذا تفضل عَلَيْهِ بهَا أجَاب دعاءه ولبى نداءه // (اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ أَكثر دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ رَبنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار زَاد مُسلم وَكَانَ أنس رَضِي الله عَنهُ إِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو بدعوة دَعَا بهَا وَإِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو بِدُعَاء دَعَا بهَا فِيهِ وَأخرجه من حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والْحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَحبّ الْجَوَامِع من الدُّعَاء ويدع مَا سوى ذَلِك كَمَا أخرجه ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَقد اخْتلف فِي تَفْسِير الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا والحسنة فِي الْآخِرَة فَروِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا الْمَرْأَة الصَّالِحَة وَفِي الْآخِرَة الْحور وَعَذَاب النَّار امْرَأَة السوء وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا الْعلم وَالْعِبَادَة وَفِي الْآخِرَة الْجنَّة وَمعنى وقنا عَذَاب النَّار احفظنا من كل شَهْوَة وذنب وَقيل الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا الصِّحَّة والكفاف والعفاف والتوفيق للخير والحسنة فِي الْآخِرَة الثَّوَاب وَالرَّحْمَة وَقيل غير ذَلِك مِمَّا يطول ذكره وَالْحَاصِل أَنه لَا عُمُوم لِأَنَّهُ لَا صِيغَة عَامَّة هَاهُنَا لِأَن وُقُوع النكرَة فِي حيّز الْأَثْبَات لَا يُفِيد الْعُمُوم إِلَّا أَن العَبْد يعْطى فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَاحِدَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة والحدة وَمَعْلُوم أَنه لَو كَانَ الْمَطْلُوب حَسَنَة وَاحِدَة لم يكن هَذَا الدُّعَاء من جَوَامِع الْكَلم وَلَا وَقعت مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُوَاظبَة عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ أَكثر دُعَائِهِ فَالظَّاهِر أَن المُرَاد أَنه يكون مَا يعطاه فِي الدُّنْيَا حَسَنَة فَيكون كل خصْلَة من خِصَال الدُّنْيَا حَسَنَة وكل خصْلَة من خِصَال الْآخِرَة حَسَنَة أَو تفسر الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا بفرد من أفرادها يسْتَلْزم سَائِر الْأَفْرَاد وتفسر الْحَسَنَة فِي الْآخِرَة بفرد من أفرادها يسْتَلْزم جَمِيع الْأَفْرَاد وَذَلِكَ بِأَن يُقَال المُرَاد حسن الْمعَاد وَحسن المعاش وَحسن الْحَيَاة وَحسن الْمَمَات فَإِن ذَلِك يسْتَلْزم أَن يكون كل أُمُور دُنْيَاهُ وآخرته حَسَنَة قَالَ النَّوَوِيّ وَأظْهر الْأَقْوَال فِي تَفْسِير الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا أَنَّهَا الصِّحَّة والعافية وَفِي الْآخِرَة التَّوْفِيق للخير وَالْمَغْفِرَة وَلَا يخفاك أَن الصِّحَّة دَاخِلَة فِي الْعَافِيَة والتوفيق للخير يسْتَلْزم عدم وجود الشَّرّ فَلَا ذَنْب حَتَّى يغْفر وَلَو فسر حَسَنَة الدُّنْيَا بِمُجَرَّد الْعَافِيَة وحسنة الْآخِرَة بهَا لَكَانَ ذَلِك أولى وأنسب لما سَيَأْتِي من أَن سُؤال الْعَافِيَة يسْتَلْزم حُصُول المطالب كلهَا للْعَبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 (اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك من خير مَا سَأَلَك مِنْهُ نبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعوذ بك من شَرّ مَا استعاذك مِنْهُ نبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنت الْمُسْتَعَان وَعَلَيْك الْبَلَاغ وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِدُعَاء كثير لم نَحْفَظ مِنْهُ شَيْئا فَقُلْنَا يَا رَسُول الله دَعَوْت بِدُعَاء كثير لم نَحْفَظ مِنْهُ شَيْئا ثمَّ قَالَ أَلا أدلكم على مَا يجمع ذَلِك كُله تَقولُونَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك من خير مَا سَأَلَك مِنْهُ نبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حسن غَرِيب انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ لِأَن فِي إِسْنَاده لَيْث بن أبي سليم وَهُوَ وَإِن كَانَ فِيهِ مقَال فقد أخرج لَهُ مُسلم وَحَدِيثه لَا يقصر عَن رُتْبَة الْحسن وَأخرجه من حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِهَذَا اللَّفْظ وَفِي إِسْنَاده لَيْث بن أبي سليم وَأخرجه فِي الصَّغِير من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا بِدُعَاء لم يسمع النَّاس مثله واستعاذ استعاذه لم يسمع النَّاس مثلهَا فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم كَيفَ لنا يَا رَسُول الله أَن نَدْعُوهُ مثل مَا دَعَوْت وَأَن نستعيذ مثل مَا استعذت فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك بِمَا سَأَلَك مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك ونستعيذ بِمَا استعاذ مِنْهُ مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُجبر وَهُوَ مَتْرُوك وَلَا شَيْء أجمع وَلَا أَنْفَع من هَذَا الدُّعَاء فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صَحَّ عَنهُ من الْأَدْعِيَة الْكثير الطّيب وَصَحَّ عَنهُ من التَّعَوُّذ مِمَّا يَنْبَغِي التَّعَوُّذ مِنْهُ الْكثير الطّيب حَتَّى لم يبْق خير فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا وَقد سَأَلَهُ من ربه وَلم يبْق شَرّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا وَقد استعاذه ربه مِنْهُ فَمن سَأَلَ الله عز وَجل من خير مَا سَأَلَهُ مِنْهُ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستعاذ من شَرّ مَا استعاذ مِنْهُ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد جَاءَ فِي دُعَائِهِ بِمَا لَا يحْتَاج بعد إِلَى غَيره وَسَأَلَهُ الْخَيْر على اخْتِلَاف أَنْوَاعه واستعاذ من الشَّرّ على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 اخْتِلَاف أَنْوَاعه وحظى بِالْعَمَلِ بإرشاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هَذِه القَوْل الْجَامِع وَالدُّعَاء النافع // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلوا الله الْعَفو والعافية فَإِن أحدا لم يُعْط بعد الْيَقِين خيرا من الْعَافِيَة (ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاما أَولا على الْمِنْبَر ثمَّ بَكَى فَقَالَ سلوا الله الْعَفو والعافية فَإِن أحدا لم يُعْط الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن من هَذَا الْوَجْه وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ التِّرْمِذِيّ لِأَن فِي إِسْنَاده عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل وَفِيه مقَال لكنه قد قَالَ التِّرْمِذِيّ أَنه صَدُوق وَحكى عَن البُخَارِيّ أَن أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه والْحميدِي رَحِمهم الله كَانُوا يحتجون بحَديثه (قَوْله الْعَفو) هُوَ التجاوز عَن العَبْد بغفران ذنُوبه وَعدم مؤاخذته بِمَا اقترفه مِنْهَا (قَوْله والعافية) قَالَ فِي الصِّحَاح وَعَافَاهُ الله وأعفاه بِمَعْنى وَاحِد وَالِاسْم الْعَافِيَة وَهِي دفاع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن العَبْد وتوضع مَوضِع الْمصدر فَيُقَال عافاه عَافِيَة فَقَوله دفاع الله عَن العَبْد يُفِيد أَن الْعَافِيَة جَمِيع مَا يَدْفَعهُ الله عَن العَبْد من البلايا كائنة مَا كَانَت وَقَالَ فِي النِّهَايَة والعافية أَن يسلم من الأسقام والبلايا وَهَذَا يُفِيد الْعُمُوم كَمَا أَفَادَهُ كَلَام صَاحب الصِّحَاح وَقَالَ فِي الْقَامُوس والعافية دفاع الله عَن العَبْد عافاه الله من الْمَكْرُوه معافاة وعافية وهب لَهُ الْعَافِيَة من الْعِلَل كأعفاه انْتهى وَهَكَذَا كَلَام ساى أَئِمَّة اللُّغَة وَبِهَذَا تعرف أَن الْعَافِيَة هِيَ دفاع الله عَن العَبْد وَهَذَا الدفاع الْمُضَاف إِلَى الِاسْم الشريف يَشْمَل كل نوع من أَنْوَاع البلايا والمحن فَكل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 مَا دَفعه الله عَن العَبْد مِنْهَا فَهُوَ عَافِيَة وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث فَإِن أحدا لم يُعْط بعد الْيَقِين خيرا من الْعَافِيَة سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يرزقه الْعَفو الَّذِي هُوَ الْعُمْدَة فِي الْفَوْز بدار الْمعَاد ثمَّ سَأَلَهُ أَن يرزقه الْعَافِيَة الَّتِي هِيَ الْعُمْدَة فِي صَلَاح أُمُور الدُّنْيَا والسلامة من شرورها ومحنها فَكَانَ هَذَا الدُّعَاء من الْكَلم الْجَوَامِع والفوائد النوافع فعلى العَبْد أَن يستكثر من الدُّعَاء بالعافية وَقد أغْنى عَن التَّطْوِيل فِي ذكر فوائدها ومنافعها مَا ذكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث فَإِنَّهَا إِذا كَانَت بِحَيْثُ أَنه لم يُعْط أحد بعد الْيَقِين خيرا مِنْهَا فقد فاقت كل الْخِصَال وَارْتَفَعت درجتها على كل خير وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ مَا يدل على أَن الْعَافِيَة تَشْمَل أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَهُوَ الظَّاهِر من كَلَام أهل اللُّغَة لِأَن قَوْلهم دفاع الله عَن العَبْد غير مُقَيّد بدفاعه عَنهُ لأمور الدُّنْيَا فَقَط بل يعم كل دفاع يتَعَلَّق بالدنيا وَالْآخِرَة وَقَالَ فِي النِّهَايَة والمعافاة أَن يعافيك الله من النَّاس ويعافيهم مِنْك أَن يُغْنِيك عَنْهُم ويغنيهم عَنْك وَيصرف أذاهم عَنْك وأذاك عَنْهُم وَقيل هِيَ مفاعلة من الْعَفو وَهِي أَن يعْفُو عَن النَّاس ويعفوا هم عَنْك وَقَالَ فِي الْقَامُوس والمعافاة أَن يعافيك الله من النَّاس ويعافيهم مِنْك // (وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا سَأَلَ الله الْعباد شَيْئا أفضل من أَن يغْفر لَهُم ويعافيهم (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا سَأَلَ الله الْعباد شَيْئا الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الْبَزَّار وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير مُوسَى بن السَّائِب وَهُوَ ثِقَة أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا القَوْل الْعَام وَالْكَلَام الشَّامِل بِأَنَّهُ مَا سَأَلَ الْعباد رَبهم من الْمسَائِل الْمُتَعَلّقَة بِأُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أفضل من أَن يسألوه أَن يغْفر لَهُم ويعافيهم لما قدمنَا من أَن الْعُمْدَة الْكُبْرَى فِي نيل السَّعَادَة الأخروية هِيَ مغْفرَة الذُّنُوب وعفو الله عَنْهَا والعمدة الْعُظْمَى فِي نيل السَّعَادَة الدُّنْيَوِيَّة هِيَ الْعَافِيَة وَهَذِه الْكَلِمَة كَمَا ترى فِيهَا مَا يبْعَث رغبات الراغبين إِلَى إِمَامَة الطّلب من رب الْعَالمين أَن يغْفر ويعافي فَمن رزق الاستكثار من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 هَذَا السُّؤَال وحظي بتكرير هَذَا الدُّعَاء فقد لَاحَ لَهُ عنوان السَّعَادَة وَفتح لَهُ بَاب الْفَوْز وَأخذ بطرفي النجَاة // (وَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقوم مبتلين فَقَالَ أما كَانَ هَؤُلَاءِ يسْأَلُون الله الْعَافِيَة (ز)) // الحَدِيث أخرجه الْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَفِي بعض نسخ هَذَا الْكتاب رمز التِّرْمِذِيّ مَكَان الْبَزَّار وَلَعَلَّه غلط فَإِنَّهُ لم يُوجد هَذَا الحَدِيث فِي التِّرْمِذِيّ بعد مزِيد الْبَحْث عَنهُ وَهُوَ فِي مُسْند الْبَزَّار من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقوم مبتلين فَقَالَ أما كَانَ هَؤُلَاءِ يسْأَلُون الله الْعَافِيَة قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الْبَزَّار وَرِجَاله ثِقَات وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن سُؤال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَافِيَة يدْفع كل بلية وَيرْفَع كل محنة وَلِهَذَا جَاءَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الِاسْتِفْهَام بِمَعْنى الاستنكار فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُم كَيفَ تتركون أَنفسكُم فِي هَذِه المحنة والابتلاء وَأَنْتُم تَجِدُونَ الدَّوَاء الحاسم لَهَا والمرهم الشافي لما أَصَابَكُم مِنْهَا وَهُوَ الدُّعَاء بالعافية واستدفاع هَذِه المحنة النَّازِلَة بكم بِهَذِهِ الدعْوَة الكافية وَفِي هَذَا مَا يزِيد النُّفُوس نشاطا والقلوب بَصِيرَة بِاسْتِعْمَال هَذَا الدَّوَاء عِنْد عرُوض كل دَاء ومساس كل محنة ونزول كل بلية (قَوْله مبتلين) بِفَتْح اللَّام جَمِيع مبتلى كمصطفين جمع مصطفى // (وَقَالَ الْعَبَّاس يَا سَوَّلَ الله عَلمنِي شَيْئا أَدْعُو الله بِهِ فَقَالَ سل رَبك الْعَافِيَة قَالَ فَمَكثت أَيَّامًا ثمَّ جِئْت فَقلت يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا اسأله رَبِّي عز وَجل فَقَالَ يَا عَم سل الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (ط)) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا اسأله الله فَقَالَ سل رَبك الْعَافِيَة الحَدِيث الخ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بأسانيد وَرِجَال بَعْضهَا رجال الصَّحِيح غير يزِيد بن أبي زِيَاد وَهُوَ حسن الحَدِيث وَهَذَا الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه قَالَ حَدثنَا أَحْمد أبن منيع حَدثنَا عُبَيْدَة بن أَحْمد عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الله بن الْحَارِث عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ قلت يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أسأله الله قَالَ سل الله الْعَافِيَة فَمَكثت أَيَّامًا ثمَّ جِئْت فَقلت يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أسأله الله تَعَالَى قَالَ يَا عَبَّاس يَا عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سل الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ قَالَ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث صَحِيح وَعبد الله هُوَ بن الْحَارِث بن نَوْفَل وَقد سمع من الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَكَانَ عزو هَذَا الحَدِيث من المُصَنّف رَحمَه الله إِلَى التِّرْمِذِيّ أولى لَا سِيمَا بعد تَصْحِيحه لَهُ وَفِي أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْعَبَّاس بِالدُّعَاءِ بالعافية بعد تَكْرِير الْعَبَّاس سُؤَاله بِأَنَّهُ يُعلمهُ شَيْئا يسْأَل الله بِهِ دَلِيل جلي بِأَن الدُّعَاء بالعافية لَا يُسَاوِيه شَيْء من الْأَدْعِيَة وَلَا يقوم مقَامه شَيْء من الْكَلَام الَّذِي يَدعِي بِهِ ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام وَقد تقدم تَحْقِيق معنى الْعَافِيَة أَنَّهَا دفاع الله عَن العَبْد فالداعي بهَا قد سَأَلَ ربه دفاعه عَنهُ كل مَا ينوبه وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل عَمه الْعَبَّاس منزلَة أَبِيه وَيرى لَهُ من الْحق مَا يرَاهُ الْوَلَد لوالده فَفِي تَخْصِيصه بِهَذَا الدُّعَاء وقصره على مُجَرّد الدُّعَاء بالعافية تَحْرِيك لهمم الراغبين على ملازمته وَأَن يَجْعَلُوهُ من أعظم مَا يتوسلون بِهِ إِلَى رَبهم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويستدفعون بِهِ فِي كل مَا يهمهم ثمَّ كَلمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله سل الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَكَانَ هَذَا الدُّعَاء من هَذِه الحيثيه قد صَار عدَّة لدفع كل ضرّ ولجلب كل خير اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ آمين // (وَكَانَ يَقُول لَهُ يَا عَم أَكثر الدُّعَاء بالعافية (ط) فَلْينْظر الْعَاقِل مِقْدَار هَذِه الْكَلِمَة الَّتِي أختارها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ من دون الْكَلم وليؤمن بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطي جَوَامِع الْكَلم واختصرت لَهُ الحكم فَإِن من أعطي الْعَافِيَة فَازَ بِمَا يرجوه وَيُحِبهُ قلبا وقالبا ودينا وَدُنْيا وَوُقِيَ مَا يخافه فِي الدَّاريْنِ علما يَقِينا فَلَقَد تَوَاتر عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعاؤه بالعافية وَورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفظا وَمعنى من نَحْو خمسين طَرِيقا هَذَا وَقد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَهُوَ الْمَعْصُوم على الْإِطْلَاق حَقِيقَة فَكيف بِنَا وَنحن عرض لسهام الْقدر وغرض بَين النَّفس والشيطان والهوى كَمَا ورد فِي الْخَبَر اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 وَالْآخِرَة وَليكن ذَلِك آخر مَا نعده من عدَّة الْحصن الْحصين من كَلَام سيد الْمُرْسلين) // الحَدِيث الَّذِي ذكره المُصَنّف رَحمَه الله فِي أول كَلَامه هَذَا وَهُوَ آخر احاديث هَذَا الْكتاب كَمَا أَن مَا يتَكَلَّم بِهِ بعده آخر هَذَا التصنيف وخاتمته أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير كَمَا قَالَ وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاس يَا عَم أَكثر الدُّعَاء بالعافية قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَفِيه هِلَال بن خباب وَهُوَ ثِقَة وَقد ضعفه جمَاعَة وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات وَمِمَّا ورد فِي هَذَا الْمَعْنى مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء أفضل قَالَ سل رَبك الْعَافِيَة والمعافاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْم الثَّانِي فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي أفضل فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْم الثَّالِث فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك قَالَ فَإِذا أَعْطَيْت الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وأعطيتها فِي الْآخِرَة فقد أفلحت قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه هَذَا حَدِيث حسن من هَذَا الْوَجْه وَإِنَّمَا نعرفه من حَدِيث سَلمَة بن وردان فَفِي هَذَا الحَدِيث التَّصْرِيح بِأَن الدُّعَاء بالعافية أفضل الدُّعَاء وَلَا سِيمَا بعد تكريره للسَّائِل فِي ثَلَاثَة أَيَّام حِين أَن يَأْتِيهِ للسؤال عَن افضل الدُّعَاء فَأفَاد هَذَا أَن الدُّعَاء بالعافية أفضل من غَيره من الْأَدْعِيَة مَعَ مَا قدمْنَاهُ من اشتماله على جلب كل نفع وَدفع كل ضرّ ثمَّ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر هَذَا الحَدِيث فَإِذا أَعْطَيْت الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وأعطيتها فِي الْآخِرَة فقد أفلحت دَلِيل ظَاهر وَاضح بِأَن الدُّعَاء بالعافية يَشْمَل أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لِأَنَّهُ قَالَ هَذِه الْمقَالة بعد أَن قَالَ لَهُ سل رَبك الْعَافِيَة ثَلَاث مَرَّات فَكَانَ ذَلِك كالبيان لعُمُوم بركَة هَذِه الدعْوَة بالعافية لمصَالح الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ رتب على ذَلِك الْفَلاح الَّذِي هُوَ الْمَقْصد الْأَسْنَى وَالْمَطْلُوب الْأَكْبَر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 وَمن ذَلِك مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من دَعْوَة احب إِلَى الله أَن يَدْعُو بهَا أحد من أَن يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك المعافاة والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَرِجَاله رجال الصَّحِيح فَهَذَا الحَدِيث قد دلّ على أَن الدُّعَاء بالعافية أحب إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من كل دُعَاء كَائِنا مَا كَانَ كَمَا يفِيدهُ هَذَا الْعُمُوم وتدل عَلَيْهِ هَذِه الْكُلية فَجمع هَذَا الدُّعَاء بِهَذِهِ الْكَلِمَة بَين ثَلَاث مزايا أَولهَا شُمُوله لخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَثَانِيها أَنه أفضل الدُّعَاء على الْإِطْلَاق وَثَالِثهَا أَنه أحب إِلَى الله سُبْحَانَهُ من كل دُعَاء يَدْعُو بِهِ العَبْد على الْإِطْلَاق كَائِنا مَا كَانَ وَمن ذَلِك مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر رَحمَه الله قَالَ كنت مَعَ عبد الله بن جَعْفَر إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ مرني بدعوات يَنْفَعنِي الله بِهن قَالَ نعم سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَأَلَهُ رجل عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ فَقَالَ سل الله الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَفِي إِسْنَاده سُلَيْمَان بن دَاوُد الشَّاذكُونِي وَفِيه ضعف وَمن ذَلِك الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَفو والعافية فِي ديني ودنياي وَأَهلي وَمَالِي الحَدِيث وَفِيه دَلِيل على شُمُول هَذِه الدعْوَة بِهَذِهِ الْكَلِمَة لخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وصححاه من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرد الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قيل مَاذَا نقُول يَا رَسُول الله قَالَ سلوا الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن ذَلِك مَا أخرجه النَّسَائِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ سلوا الله الْعَفو والعافية وَبِالْجُمْلَةِ فالأحاديث فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة جدا مِنْهَا مَا ورد فِي الدُّعَاء بِخُصُوص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 الْعَافِيَة وَمِنْهَا مَا ورد فِي الدُّعَاء بهَا مَعَ غَيرهَا من الْأَدْعِيَة وَاسْتِيفَاء ذَلِك يحْتَاج إِلَى مزِيد بسط وَمن لَهُ خبْرَة بِعلم السّنة المطهرة عرف صدق مَا قَالَه المُصَنّف رَحمَه الله فِي كَلَامه هَذَا الَّذِي ختم بِهِ كِتَابه أَن الدُّعَاء بالعافية ورد من نَحْو خمسين طَرِيقا والتواتر يثبت بِدُونِ هَذَا الْمِقْدَار وَبِه تعرف أَن ثُبُوت الدُّعَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعافية قولا مِنْهُ وتعليما للْغَيْر مَقْطُوع بِهِ مَعْلُوم صدقه وَصِحَّة مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْفَوَائِد الشاملة للدارين وَمِنْهَا حسن الخاتمة الْمشَار إِلَيْهَا فِي علم البديع من أَئِمَّة ذَلِك وَإِلَى هُنَا انْتهى الشَّرْح الْمُفِيد الشَّارِح لصدور أهل التَّقْوَى من كل مُرَاد ومريد وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين حمدا كثير طيبا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يحب رَبنَا ويرضى عدد خلقه ورضا نَفسه وزنة عَرْشه ومداد كَلِمَاته وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم عدد مَا ذكره الذاكرون وغفل عَن ذكره الغافلون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465