الكتاب: يتمة الدهر في محاسن أهل العصر المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) المحقق: د. مفيد محمد قمحية الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت/لبنان الطبعة: الأولى، 1403هـ1983م عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- يتيمة الدهر الثعالبي، أبو منصور الكتاب: يتمة الدهر في محاسن أهل العصر المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) المحقق: د. مفيد محمد قمحية الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت/لبنان الطبعة: الأولى، 1403هـ1983م عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ـ[يتمة الدهر في محاسن أهل العصر]ـ المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) المحقق: د. مفيد محمد قمحية الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت/لبنان الطبعة: الأولى، 1403هـ1983م عدد الأجزاء: 4 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله خير مَا بُدِئَ بِهِ الْكَلَام وَختم وَصلى الله على النَّبِي الْمُصْطَفى وَآله وَسلم أما بعد فَإِن محَاسِن أَصْنَاف الْأَدَب كَثِيرَة ونكتها قَليلَة وأنوار الْأَقَاوِيل مَوْجُودَة وثمارها عزيزة وأجسام النثر وَالنّظم جمة وأرواحهما نزرة وقشورهما معرضة ولبوبهما معوزة وَلما كَانَ الشّعْر عُمْدَة الْأَدَب وَعلم الْعَرَب الَّذِي اخْتصّت بِهِ عَن سَائِر الْأُمَم وبلسانهم جَاءَ كتاب الله الْمنزل على النَّبِي مِنْهُم الْمُرْسل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت أشعار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الإسلاميين أرق من أشعار الجاهليين وأشعار الْمُحدثين ألطف من أشعار الْمُتَقَدِّمين وأشعار المولدين أبدع من أشعار الْمُحدثين وَكَانَت أشعار العصريين أجمع لنوادر المحاسن وأنظم للطائف الْبَدَائِع من أشعار سَائِر الْمَذْكُورين لانتهائها إِلَى أبعد غايات الْحسن وبلوغها أقْصَى نهايات الْجَوْدَة والظرف تكَاد تخرج من بَاب الْإِعْجَاب إِلَى الإعجاز وَمن حد الشّعْر إِلَى السحر فَكَأَن الزَّمَان ادخر لنا من نتائج خواطرهم وثمرات قرائحهم وأبكار أفكارهم أتم الْأَلْفَاظ والمعاني اسْتِيفَاء لأقسام البراعة وأوفرها نَصِيبا من كَمَال الصَّنْعَة ورونق الطلاوة (وكذاك قد سَاد النَّبِي مُحَمَّد ... كل الْأَنَام وَكَانَ آخر مُرْسل) وَقد سبق مؤلفو الْكتب إِلَى تَرْتِيب الْمُتَقَدِّمين من الشُّعَرَاء وَذكر طبقاتهم ودرجاتهم وَتَدْوِين كلماتهم والانتخاب من قصائدهم ومقطوعاتهم فكم من كتاب فاخر عملوه وَعقد باهر نظموه لَا يشينه الْآن إِلَّا نبو الْعين من إخلاق جدته وبلى بردته وَمَج السّمع لمردداته وملالة الْقلب من مكرراته وَبقيت محَاسِن أهل الْعَصْر الَّتِي مَعهَا رواء الحداثة وَلَذَّة الْجدّة وحلاوة قرب الْعَهْد وازدياد الْجَوْدَة على كَثْرَة النَّقْد غير محصورة بِكِتَاب يضم نشرها وينظم شذرها ويشد أزرها وَلَا مَجْمُوعَة فِي مُصَنف يُقيد شواردها ويخلد فوائدها وَقد كنت تصديت لعمل ذَلِك فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلثمائة والعمر فِي إقباله والشباب بمائه فافتتحته باسم بعض الوزراء مجريا إِيَّاه مجْرى مَا يتَقرَّب بِهِ أهل الْأَدَب إِلَى ذَوي الأخطار والرتب وَمُقِيمًا ثمار الْوَرق مقَام نثار الْوَرق وكتبته فِي مُدَّة تقصر عَن إِعْطَاء الْكتاب حَقه وَلَا تتسع لتوفية شَرطه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 فارتفع كعجالة الرَّاكِب وقبسة العجلان وقضيت بِهِ حَاجَة فِي نَفسِي. وَأَنا لَا أَحسب المستعيرين يتعاورونه والمنتسخين يتداولونه حَتَّى يصير من أنفس مَا تشح عَلَيْهِ أنفس أدباء الإخوان وتسير بِهِ الركْبَان إِلَى أقاصي الْبلدَانِ فتواترت الْأَخْبَار وَشهِدت الْآثَار بحرص أهل الْفضل على غدره وعدهم إِيَّاه من فرص الْعُمر وغرره واهتزازهم لزهره واقتفارهم لفقره وَحين أعرته على الْأَيَّام بَصرِي وأعدت فِيهِ نَظَرِي تبينت مصداق مَا قرأته فِي بعض الْكتب أَن أول مَا يَبْدُو من ضعف ابْن آدم أَنه لَا يكْتب كتابا فيبيت عِنْده لَيْلَة إِلَّا أحب فِي غدها أَن يزِيد فِيهِ أَو ينقص مِنْهُ هَذَا فِي لَيْلَة وَاحِدَة فَكيف فِي سِنِين عدَّة ورأيتني أحاضر بأخوات كَثِيرَة لما فِيهِ وَقعت بِأخرَة إِلَى وزيادات جمة عَلَيْهِ حصلت من أَفْوَاه الروَاة لدي فَقلت إِن كَانَ لهَذَا الْكتاب مَحل من نفوس الأدباء وموقع من قُلُوب الْفُضَلَاء كالعادة فِيمَا لم يقرع من قبل آذانهم وَلم يُصَافح أذهانهم فَلم لَا أبلغ بِهِ الْمبلغ الَّذِي يسْتَحق حسن الإحماد ويستوجب من الِاعْتِدَاد أوفر الْأَعْدَاد وَلم لَا أبسط فِيهِ عنان الْكَلَام وأرمي فِي الإشباع والإتمام هدف المرام فَجعلت أبنيه وأنقضة وأزيده وأنقصه وأمحوه وأثبته وأنتسخه ثمَّ أنسخه وَرُبمَا أفتتحه وَلَا أختتمه وأنتصفه فَلَا أستتمه وَالْأَيَّام تحجز وتعد وَلَا تنجز إِلَى أَن أدْركْت عصر السن والحنكة وشارفت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 أَوَان الثَّبَات والمسكة فاختلست لمْعَة من ظلمَة الدَّهْر وانتهزت رقدة من عين الزَّمَان واغتنمت نبوة من أَنْيَاب النوائب وخفة من زحمة الشوائب واستمررت فِي تَقْرِير هَذِه النُّسْخَة الْأَخِيرَة وتحريرها من بَين النّسخ الْكَثِيرَة بعد أَن غيرت ترتيبها وجددت تبويبها وأعدت ترصيفها وأحكمت تأليفها وَصَارَ مثلي فِيهَا كَمثل من يتأنق فِي بِنَاء دَاره الَّتِي هِيَ عشه وفيهَا عيشه فَلَا يزَال ينْقض أَرْكَانهَا وَيُعِيد بنيانها ويستجدها على أنحاء عدَّة وهيئات مُخْتَلفَة ويستضيف إِلَيْهَا مجَالِس كالطواوس ويستحدث فِيهَا كنائس كالعرائس ثمَّ يقورها آخر الْأَمر قوراء توسع الْعين قُرَّة وَالنَّفس مَسَرَّة ويدعها حسناء تخجل مِنْهَا الدّور وتتقاصر عَنْهَا الْقُصُور فَإِن مَاتَ فِيهَا مغفورا لَهُ انْتقل من جنَّة إِلَى أُخْرَى وَورد من جنَّة الدُّنْيَا على جنَّة المأوى فَهَذِهِ النُّسْخَة الْآن تجمع من بَدَائِع أَعْيَان الْفضل ونجوم الأَرْض من أهل الْعَصْر وَمن تقدمهم قَلِيلا وسبقهم يَسِيرا مَا لم تَأْخُذ الْكتب العتيقة غرره وَلم تفتض عذره وَلم ينتقص قدم الْعَهْد وتطاول الْمدَّة زبره وتشتمل من نسج طباعهم وسبك أفهامهم وصوغ أذهانهم على الْحلَل الفاخرة الفائقة والحلى الرائقة الشائقة وتتضمن من طرفهم وملحهم لطائف أمتع من بواكير الرياحين وَالثِّمَار وَأطيب من فوح نسيم الأسحار بروائح الْأَنْوَار والأزهار مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 لم تتضمنه النُّسْخَة السائرة الأولى وَالشّرط فِي هَذِه الْأُخْرَى إِيرَاد لب اللب وحبة الْقلب وناظر الْعين ونكتة الْكَلِمَة وواسطة العقد وَنقش الفص مَعَ كَلَام فِي الْإِشَارَة إِلَى النَّظَائِر والأحاسن والسرقات وَأخذ فِي طَرِيق الِاخْتِصَار ونبذ من أَخْبَار الْمَذْكُورين وغرر من فصوص فُصُول المترسلين يمِيل إِلَى جَانب الِاقْتِصَار فَإِن وَقع فِي خلال مَا أكتبه الْبَيْت والبيتان مِمَّا لَيْسَ من أَبْيَات القصائد ووسائط القلائد فَلِأَن الْكَلَام مَعْقُود بِهِ وَالْمعْنَى لَا يتم دونه وَلِأَن مَا يتقدمه أَو يَلِيهِ مفتقر إِلَيْهِ أَو لِأَنَّهُ شعر ملك أَو أَمِير أَو وَزِير أَو رَئِيس خطير أَو إِمَام من أهل الْأَدَب وَالْعلم كَبِير وَإِنَّمَا ينْفق مثل ذَلِك بالانتساب إِلَى قَائِله لَا بِكَثْرَة طائله (وَخير الشّعْر أكْرمه رجَالًا ... وَشر الشّعْر مَا قَالَ العبيد) وَإِن أخرت مُتَقَدما فعذري فِيهِ أَن الْعَرَب قد تبدأ بِذكر الشَّيْء والمقدم غَيره كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلقكُم فمنكم كَافِر ومنكم مُؤمن} وَقَالَ تَعَالَى {يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك واسجدي واركعي مَعَ الراكعين} وكما قَالَ حسان ابْن ثَابت وَذكر بني هَاشم (بهَا ليل مِنْهُم جَعْفَر وَابْن أمه ... عَليّ وَمِنْهُم أَحْمد المتخير) // من الطَّوِيل // وكما قَالَ الصلتان الْعَبْدي (فملتنا أننا مُسلمُونَ ... على دين صديقنا وَالنَّبِيّ) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وَإِن قدمت مُتَأَخِّرًا فسبيله على مَا قَالَ إِبْرَاهِيم الْموصِلِي لمسرور وَقد تقدمه فِي الْمسير إِن تقدمتك كنت مطرقا لَك وَإِن تَأَخَّرت فلحق الْخدمَة وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الْمُزنِيّ للْملك نوح فِي مثل تِلْكَ الْحَال إِن تقدّمت فحاجب وَإِن تَأَخَّرت فَذَاك وَاجِب ثمَّ إِن هَذَا الْكتاب الْمُقَرّر يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام يشْتَمل كل قسم مِنْهَا على أَبْوَاب وفصول الْقسم الأول فِي محَاسِن أشعار آل حمدَان وشعرائهم وَغَيرهم من أهل الشَّام وَمَا يجاورها ومصر والموصل وَالْمغْرب ولمع من أخبارهم الْقسم الثَّانِي فِي محَاسِن أشعار أهل الْعرَاق وإنشاء الدولة الديلمية من طَبَقَات الأفاضل وَمَا يتَعَلَّق بهَا من أخبارهم ونوادرهم وفصوص من فُصُول المترسلين مِنْهُم الْقسم الثَّالِث فِي محَاسِن أشعار أهل الْجبَال وَفَارِس وجرجان وطبرستان وأصفهان من وزراء الدولة الديلمية وكتابها وقضاتها وشعرائها وَسَائِر فضلائها وَمَا ينضاف إِلَيْهَا من أخبارهم وغرر ألفاظهم الْقسم الرَّابِع فِي محَاسِن أشعار أهل خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر من إنْشَاء الدولة السامانية والغزنية والطارئين على الحضرة ببخارى من الْآفَاق والمتصرفين على أَعْمَالهم وَمَا يستطرف من أخبارهم وخاصة أهل نيسابور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 والغرباء الطارئين عَلَيْهَا والمقيمين بهَا وَفِيمَا لم يَقع إِلَيّ من جنس هَذَا الْكتاب كَثْرَة وَلَعَلَّه يزِيد على مَا حصل لدي وَمن يقدر على حصر الأنفاس وَضبط بَنَات الأفكار وَفِي الزوايا خبايا وَلَا نِهَايَة للخواطر وَلَا مُنْقَطع لمواد المحاسن وَمَا على الْمُؤلف إِلَّا جهده وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الْقسم الأول فِي محَاسِن أشعار آل حمدَان وشعرائهم وَغَيرهم من أهل الشَّام وَمَا يجاورها من مصر والموصل ولمع من أخبارهم وَفِيه عشرَة أَبْوَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الْبَاب الأول من الْقسم الأول فِي فضل شعراء الشَّام على شعراء سَائِر الْبلدَانِ وَذكر السَّبَب فِي ذَلِك لم يزل شعراء عرب الشَّام وَمَا يقاربها أشعر من شعراء عرب الْعرَاق وَمَا يجاورها فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَالْكَلَام يطول فِي ذكر الْمُتَقَدِّمين مِنْهُم فَأَما المحدثون فَخذ إِلَيْك مِنْهُم العتابي ومنصورا النمري والأشجع السّلمِيّ وَمُحَمّد بن زرْعَة الدِّمَشْقِي وَرَبِيعَة الرقي على أَن فِي الطائيين اللَّذين انْتَهَت إِلَيْهِمَا الرِّئَاسَة فِي هَذِه الصِّنَاعَة كِفَايَة وَهَا هما وَمن مولدِي أهل الشَّام المعوج الرقي والمريمي والعباسي المصِّيصِي وَأَبُو الْفَتْح كشاجم والصنوبري وَأَبُو المعتصم الْأَنْطَاكِي وَهَؤُلَاء رياض الشّعْر وَحَدَائِق الظّرْف فَأَما العصريون فَفِيمَا أسوقه من غرر أشعارهم أعدل الشَّهَادَات على تقدم أَقْدَامهم وَالسَّبَب فِي تبريز الْقَوْم قَدِيما وحديثا على من سواهُم فِي الشّعْر قربهم من خطط الْعَرَب وَلَا سِيمَا أهل الْحجاز وبعدهم عَن بِلَاد الْعَجم وسلامة ألسنتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 من الْفساد الْعَارِض لألسنة أهل الْعرَاق لمجاورة الْفرس والنبط ومداخلتهم إيَّاهُم وَلما جمع شعراء الْعَصْر من أهل الشَّام بَين فصاحة البداوة وحلاوة الحضارة ورزقوا ملوكا وأمراء من آل حمدَان وَبني وَرْقَاء هم بَقِيَّة الْعَرَب والمشغوفون بالأدب والمشهورون بالمجد وَالْكَرم وَالْجمع بَين أدوات السَّيْف والقلم وَمَا مِنْهُم إِلَّا أديب جواد يحب الشّعْر وينتقده ويثيب على الْجيد مِنْهُ فيجزل ويفضل انبعثت قرائحهم فِي الإجادة فقادوا محَاسِن الْكَلَام بألين زِمَام وأحسنوا وأبدعوا مَا شَاءُوا وَأَخْبرنِي جمَاعَة من أَصْحَاب الصاحب أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن عباد أَنه كَانَ يعجب بطريقتهم المثلى الَّتِي هِيَ طَريقَة البحتري فِي الجزالة والعذوبة والفصاحة والسلاسة ويحرص على تَحْصِيل الْجَدِيد من أشعارهم ويستملي الطارئين عَلَيْهِ من تِلْكَ الْبِلَاد مَا يَحْفَظُونَهُ من تِلْكَ الْبَدَائِع واللطائف حَتَّى كسر دفترا ضخم الحجم عَلَيْهَا وَكَانَ لَا يُفَارق مَجْلِسه وَلَا يمْلَأ أحد مِنْهُ عينه غَيره وَصَارَ مَا جمعه فِيهِ على طرف لِسَانه وَفِي سنّ قلمه فطورا يحاضر بِهِ فِي مخاطباته ومحاوراته وَتارَة يحله أَو يُورِدهُ كَمَا هُوَ فِي رسائله فَمن ذَلِك قَول الْقَائِل // من الطَّوِيل // (سَلام على تِلْكَ الْمعَاهد إِنَّهَا ... شَرِيعَة وردي أَو مهب شمَالي) (ليَالِي لم نحذر حزون قطيعة ... وَلم نمش إِلَّا فِي سهول وصال) (فقد صرت أرْضى من سواكن أرْضهَا ... بخلب برق أَو بطيف خيال) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وَقَول الآخر // من الوافر // (إِذا دنت الْمنَازل زَاد شوقي ... وَلَا سِيمَا إِذا بَدَت الْخيام) (فلمح الْعين دون الْحَيّ شهر ... وَرجع الطّرف دون السّير عَام) وَقَول الآخر من // الْخَفِيف // (فسقى الله بَلْدَة أَنْت فِيهَا ... كدموعي عِنْد اعْتِرَاض الْفِرَاق) (وأرانيك فالصبا قد ترقت ... يَا بروحي إِلَى أعالي التراقي) وَقَول الآخر // من الطَّوِيل // (وَوَاللَّه لَا فَارَقت عقدَة وده ... وَلَا حلت مَا عمرت عَن حفظ عَهده) (وَلَا بُد أَن الدَّهْر كاشف أَهله ... وَيظْهر للْمولى مُوالَاة عَبده) وَكَانَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ فِي ريعان عمره وعنفوان أمره قد دوخ بِلَاد الشَّام وَحصل من حَضْرَة سيف الدولة بحلب فِي مجمع الروَاة وَالشعرَاء ومطرح الغرباء الْفُضَلَاء فَأَقَامَ مَا أَقَامَ بهَا مَعَ أبي عبد الله بن خالويه وَأبي الْحسن الشمشاطي وَغَيرهمَا من أَئِمَّة الأدباء وَأبي الطّيب المتنبي وَأبي الْعَبَّاس النامي وَغَيرهمَا من فحول الشُّعَرَاء بَين علم يدرسه وأدب يقتبسه ومحاسن أَلْفَاظ يستفيدها وشوارد أشعار يصيدها وانقلب عَنْهَا وَهُوَ أحد أَفْرَاد الدَّهْر وأمراء النّظم والنثر وَكَانَ يَقُول مَا فتق قلبِي وشحذ فهمي وصقل ذهني وأرهف حد لساني وَبلغ هَذَا الْمبلغ بِي إِلَّا تِلْكَ الطوائف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الشامية واللطائف الحلبية الَّتِي علقت بحفظي وامتزجت بأجزاء نَفسِي وغصن الشَّبَاب رطيب ورداء الحداثة قشيب وَمَا كَانَ أَكثر مَا ينشدني ويكتبني مِمَّا يضن بِهِ على غَيْرِي من تِلْكَ الْغرَر الَّتِي تجْرِي مجْرى السحر وَالْملح الَّتِي يقطر مِنْهَا مَاء الظّرْف وَأَنا أَكتبهَا فِي أماكنها من أَبْوَاب هَذَا الْقسم الأول بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وَمِمَّنْ خرجته تِلْكَ الْبِلَاد وأخرجته وَكَلَامه مَقْبُول مَحْبُوب آخذ بِمَجَامِع الْقُلُوب القَاضِي أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ فَإِنَّهُ جنى ثمارها واستصحب أنوارها حَتَّى ارْتقى إِلَى الْمحل الْعلي وتطبع بطبع البحتري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الْبَاب الثَّانِي 1 فِي ذكر سيف الدولة أبي الْحسن عَليّ بن عبد الله بن حمدَان وَسِيَاق قِطْعَة من أخباره وملح من أشعاره كَانَ بَنو حمدَان ملوكا وأمراء أوجههم للصباحة وألسنتهم للفصاحة وأيديهم للسماحة وعقولهم للرجاحة وَسيف الدولة مَشْهُور بسيادتهم وواسطة قلادتهم وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ وأرضاه وَجعل الْجنَّة مَأْوَاه غرَّة الزَّمَان وعماد الْإِسْلَام وَمن بِهِ سداد الثغور وسداد الْأُمُور وَكَانَت وقائعه فِي عصاة الْعَرَب تكف بأسها وتنزع لباسها وتفل أنيابها وتذل صعابها وتكفي الرّعية سوء آدابها وغزواته تدْرك من طاغية الرّوم الثار وتحسم شرهم المثار وتحسن فِي الْإِسْلَام الْآثَار وحضرته مقصد الْوُفُود ومطلع الْجُود وقبلة الآمال ومحط الرّحال وموسم الأدباء وحلبة الشُّعَرَاء وَيُقَال إِنَّه لم يجْتَمع قطّ بِبَاب أحد من الْمُلُوك بعد الْخُلَفَاء مَا اجْتمع بِبَابِهِ من شُيُوخ الشّعْر ونجوم الدَّهْر وَإِنَّمَا السُّلْطَان سوق يجلب إِلَيْهَا مَا ينْفق لَدَيْهَا وَكَانَ أديبا شَاعِرًا محبا لجيد الشّعْر شَدِيد الاهتزاز لما يمدح بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 فَلَو أدْرك ابْن الرُّومِي زَمَانه لما احْتَاجَ إِلَى أَن يَقُول // من الْكَامِل // (ذهب الَّذين تهزهم مداحهم ... هز الكماة عوالي المران) (كَانُوا إِذا امتدحوا رَأَوْا مَا فيهم ... ملأريحية مِنْهُم بمَكَان) وَكَانَ كل من أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الْفَيَّاض الْكَاتِب وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الشمشاطي قد اخْتَار من مدائح الشُّعَرَاء لسيف الدولة عشرَة آلَاف بَيت كَقَوْل أبي الطّيب المتنبي // من الطَّوِيل // (خليلي إِنِّي لَا أرى غير شَاعِر ... فَلم مِنْهُم الدَّعْوَى ومني القصائد) (فَلَا تَعَجبا إِن السيوف كَثِيرَة ... وَلَكِن سيف الدولة الْيَوْم وَاحِد) (لَهُ من كريم الطَّبْع فِي الْحَرْب منتض ... وَمن عَادَة الْإِحْسَان والصفح عَامِد) (وَلما رَأَيْت النَّاس دون مَحَله ... تيقنت أَن الدَّهْر للنَّاس ناقد) وَمن القصيدة المرقومة (فَلم يبْق إِلَّا من حماها من الظبا ... لمى شفتيها والثدي النواهد) (تبْكي عَلَيْهِنَّ الباطريق فِي الدجى ... وَهن لدينا ملقيات كواسد) (بذا قَضَت الْأَيَّام مَا بَين أَهلهَا ... مصائب قوم عِنْد قوم فَوَائِد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 (وَمن شرف الْإِقْدَام أَنَّك فيهم ... على الْقَتْل مرموق كَأَنَّك شاكد) (وَأَن دَمًا أجريته بك فاخر ... وَأَن فؤادا رعته لَك حَامِد) (وكل يرى طرق الشجَاعَة والندى ... وَلَكِن طبع النَّفس للنَّفس قَائِد) (نهبت من الْأَعْمَار مَا لَو حويته ... لهنئت الدُّنْيَا بأنك خَالِد) (فَأَنت حسام الْملك وَالله ضَارب ... وَأَنت لِوَاء الدّين وَالله عَاقد) (أحبك يَا شمس الزَّمَان وبدره ... وَإِن لامني فِيك السهى والفراقد) (وَذَاكَ لِأَن الْفضل عنْدك باهر ... وَلَيْسَ لِأَن الْعَيْش عنْدك بَارِد) وكقول السّري بن أَحْمد الْموصِلِي // من الوافر // (أعزمتك الشهَاب أم النَّهَار ... أراحتك السَّحَاب أم الْبحار) (خلقت منية وَمنى فأضحت ... تمور بك البسيطة أَو تمار) (تحلي الدّين أَو تَحْمِي حماه ... فَأَنت عَلَيْهِ سور أَو سوار) (سيوفك من شكاة الثغر برْء ... وَلَكِن للعدى فِيهَا بوار) (وَكَفاك الْغَمَام الجون يسري ... وَفِي أحشائه مَاء ونار) (يَمِين من سجيتها المنايا ... ويسري من عطيتها الْيَسَار) (حَضَرنَا والملوك لَهُ قيام ... تغض نواظرا فِيهَا انكسار) (وزرنا مِنْهُ لَيْث الغاب طلقا ... وَلم نر قبله ليثا يزار) (فَكَانَ لجوهر الْمجد انتظام ... وَكَانَ لجوهر الْمَدْح انتثار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 (فعشت مُخَيّرا لَك فِي الْأَمَانِي ... وَكَانَ على الْعَدو لَك الْخِيَار) (فضيفك للحيا المنهل ضيف ... وجارك للربيع الطلق جَار) وكقول أبي فراس الْحَارِث بن سعيد // الْبَسِيط // (أشدة مَا أرَاهُ فِيك أم كرم ... تجود بِالنَّفسِ والأرواح تصطلم) (يَا باذل النَّفس وَالْأَمْوَال مُبْتَسِمًا ... أما يهولك لَا موت وَلَا عدم) (لقد ظننتك بَين الجحفلين ترى ... أَن السَّلامَة من وَقع القنا تصم) (نشدتك الله لَا تسمح بِنَفس علا ... حَيَاة صَاحبهَا تحيا بهَا أُمَم) (إِذا لقِيت رقاق الْبيض مُنْفَردا ... تَحت العجاج فَلم تستكثر الخدم) (تفدي بِنَفْسِك أَقْوَامًا صنعتهمو ... وَكَانَ حَقهم أَن يفتدوك هم) (من ذَا يُقَاتل من تلقى الْقِتَال بِهِ ... وَلَيْسَ يفضل عَنْك الْخَيل والبهم) (تضن بالطعن عَنَّا ضن ذِي بخل ... ومنك فِي كل حَال يعرف الْكَرم) (لَا تبخلن على قوم إِذا قتلوا ... أثنى عَلَيْك بَنو الهيجاء دونهم) (ألبست مَا لبسوا أركبت مَا ركبُوا ... عرفت مَا عرفُوا علمت مَا علمُوا) (هم الفوارس فِي أَيْديهم أسل ... فَإِن رأوك فأسد والقنا أجم) وكقول أبي الْعَبَّاس بن مُحَمَّد النامي (خلقت كَمَا أرادتك الْمَعَالِي ... فَأَنت لمن رجاك كَمَا يُرِيد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 (عَجِيب أَن سَيْفك لَيْسَ يرْوى ... وسيفك فِي الوريد لَهُ وُرُود) (وأعجب مِنْهُ رمحك حِين يسقى ... فيصحو وَهُوَ نشوان يميد) // من الوافر // وكقول أبي الْفرج الببغاء (نداك إِذا ضن الْغَمَام غمام ... وعزمك إِن فل الحسام حسام) (فَهَذَا ينيل الرزق وَهُوَ ممنع ... وَذَاكَ يرد الْجَيْش وَهُوَ لهام) (وَمن طلب الْأَعْدَاء بِالْمَالِ والظبا ... وبالسعد لم يبعد عَلَيْهِ مرام) // من الطَّوِيل // وكقول أبي الْفرج الوأواء (من قَاس جدواك بالسحاب فَمَا ... أنصف بالحكم بَين شكلين) (أَنْت إِذا جدت ضَاحِك أبدا ... وَهُوَ إِذا جاد دامع الْعين) // من المنسرح // وكقول أبي نصر بن نباتة وَهُوَ من شعراء الْعرَاق (حاشاك أَن تدعيك الْعَرَب وَاحِدهَا ... يَا من ثرى قَدَمَيْهِ طِينَة الْعَرَب) (فَإِن يكن لَك وَجه مثل أوجههم ... عِنْد العيان فَلَيْسَ الصفر كالذهب) (وَإِن يكن لَك نطق مثل نطقهم ... فَلَيْسَ مثل كَلَام الله فِي الْكتب) // من الْبَسِيط // وَكَانَت غمائم جوده تفيض ومآثر كرمه تستفيض فتؤرخ بهَا أَيَّام الْمجد وتخلد فِي صَحَائِف حسن الذّكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 فصل فِي انفجار ينابيع جوده على الشُّعَرَاء حَدثنِي أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْعلوِي الْحُسَيْنِي الْهَمدَانِي الْوَصِيّ قَالَ كنت وَاقِفًا فِي السماطين بَين يَدي سيف الدولة بحلب وَالشعرَاء ينشدونه فَتقدم إِلَيْهِ أَعْرَابِي رث الْهَيْئَة فَاسْتَأْذن الْحجاب فِي الإنشاد فأذنوا لَهُ فَأَنْشد (أَنْت عَليّ وَهَذِه حلب ... قد نفذ الزَّاد وانْتهى الطّلب) (بِهَذِهِ تَفْخَر الْبِلَاد ... وبالأمير تزهى على الورى الْعَرَب) (وَعَبْدك الدَّهْر قد أضرّ بِنَا ... إِلَيْك من جور عَبدك الْهَرَب) // من المنسرح // فَقَالَ سيف الدولة أَحْسَنت وَللَّه أَنْت وَأمر لَهُ بِمِائَتي دِينَار وَحكى ابْن لَبِيب غُلَام أبي الْفرج الببغاء أَن سيف الدولة كَانَ قد أَمر بِضَرْب دَنَانِير للصلات فِي كل دِينَار مِنْهَا عشرَة مَثَاقِيل وَعَلِيهِ اسْمه وَصورته فَأمر يَوْمًا لأبي الْفرج مِنْهَا بِعشْرَة دَنَانِير فَقَالَ ارتجالا (نَحن بجود الْأَمِير فِي حرم ... نرتع بَين السُّعُود وَالنعَم) (أبدع من هَذِه الدَّنَانِير لم ... يجر قَدِيما فِي خاطر الْكَرم) (فقد غَدَتْ باسمه وَصورته ... فِي دَهْرنَا عوذة من الْعَدَم) // من المنسرح // فزاده عشرَة أُخْرَى وَكَانَ أَبُو فراس يَوْمًا بَين يَدَيْهِ فِي نفر من ندمائه فَقَالَ لَهُم سيف الدولة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 أَيّكُم يُجِيز قولي وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا سَيِّدي يَعْنِي أَبَا فراس (لَك جسمي تعله ... فدمي لم تحله) (لَك من قلبِي الْمَكَان ... فَلم لَا تحله) // من الْخَفِيف // فارتجل أَبُو فراس وَقَالَ (أَنا إِن كنت مَالِكًا ... فلي الْأَمر كُله) فَاسْتَحْسَنَهُ وَأَعْطَاهُ ضَيْعَة بمنبج تغل ألفي دِينَار واستنشد سيف الدولة يَوْمًا أَبَا الطّيب المتنبي قصيدته الَّتِي أَولهَا (على قدر أهل الْعَزْم تَأتي العزائم ... وَتَأْتِي على قدر الْكِرَام المكارم) // من الطَّوِيل // وَكَانَ معجبا بهَا كثير الاستعادة لَهَا فَانْدفع أَبُو الطّيب المتنبي ينشدها فَلَمَّا بلغ قَوْله فِيهَا (وقفت وَمَا فِي الْمَوْت شكّ لواقف ... كَأَنَّك فِي جفن الردى وَهُوَ نَائِم) (تمر بك الْأَبْطَال كلمي هزيمَة ... ووجهك وضاح وثغرك باسم) قَالَ قد انتقدنا عَلَيْك هذَيْن الْبَيْتَيْنِ كَمَا انتقد على امْرِئ الْقَيْس بيتاه (كَأَنِّي لم أركب جوادا للذة ... وَلم أتبطن كاعبا ذَات خلخال) (وَلم أسبأ الزق الروي وَلم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إجفال) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 وبيتاك لَا يلتئم شطراهما كَمَا لَيْسَ يلتئم شطرا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَكَانَ يَنْبَغِي لامرئ الْقَيْس أَن يَقُول (كَأَنِّي لم أركب جوادا وَلم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إجفال) (وَلم أسبأ الزق الروي للذة ... وَلم أتبطن كاعبا ذَات خلخال) وَلَك أَن تَقول (وقفت وَمَا فِي الْمَوْت شكّ لواقف ... ووجهك وضاح وثغرك باسم) (تمر بك الْأَبْطَال كلمي هزيمَة ... كَأَنَّك فِي جفن الردى وَهُوَ نَائِم) فَقَالَ أيد الله مَوْلَانَا إِن صَحَّ أَن الَّذِي استدرك على امْرِئ الْقَيْس هَذَا كَانَ أعلم بالشعر مِنْهُ فقد أَخطَأ امْرُؤ الْقَيْس وأخطأت أَنا ومولانا يعلم أَن الثَّوْب لَا يعرفهُ الْبَزَّاز معرفَة الحائك لِأَن الْبَزَّاز يعرف جملَته والحائك يعرف جميلته وتفاريقه لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أخرجه من الغزلية إِلَى الثوبية وَإِنَّمَا قرن امْرُؤ الْقَيْس لَذَّة النِّسَاء بلذة الرّكُوب للصَّيْد وَقرن السماحة فِي شِرَاء الْخمر للأضياف بالشجاعة فِي منازلة الْأَعْدَاء وَأَنا لما ذكرت الْمَوْت فِي أول الْبَيْت أتبعته بِذكر الردى وَهُوَ الْمَوْت ليجانسه وَلما كَانَ وَجه الجريح المنهزم لَا يَخْلُو من أَن يكون عبوسا وعينه من أَن تكون باكية قلت (ووجهك وضاح وثغرك باسم ... ) لأجمع بَين الأضداد فِي الْمَعْنى وَإِن لم يَتَّسِع اللَّفْظ لجميعها فأعجب سيف الدولة بقوله وَوَصله بِخَمْسِينَ دِينَارا من دَنَانِير الصلات وفيهَا خَمْسمِائَة دِينَار وَكَانَ أَبُو بكر وَأَبُو عُثْمَان الخالديان من خَواص شعراء سيف الدولة فَبعث إِلَيْهِمَا مرّة وصيفة ووصيفا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بدرة وتخت من ثِيَاب مصر فَقَالَ أَحدهمَا من قصيدة طَوِيلَة وَهِي (لم يغد شكرك فِي الْخَلَائق مُطلقًا ... إِلَّا وَمَالك فِي النوال حبيس) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 (خولتنا شمسا وبدرا أشرقت ... بهما لدينا الظلمَة الحنديس) (رشأ أَتَانَا وَهُوَ حسنا يُوسُف ... وغزالة هِيَ بهجة بلقيس) (هَذَا وَلم تقنع بِذَاكَ وَهَذِه ... حَتَّى بعثت المَال وَهُوَ نَفِيس) (أَتَت الوصيفة وَهِي تحمل بدرة ... وأتى على ظهر الوصيف الْكيس) (وبررتنا مِمَّا أجادت حوكه ... مصر وزادت حسنه تنيس) (فغدا لنا من جودك الْمَأْكُول ... والمشروب والمنكوح والملبوس) // من الْكَامِل // فَقَالَ لَهُ سيف الدولة أَحْسَنت إِلَّا فِي لَفْظَة المنكوح فَلَيْسَتْ مِمَّا يُخَاطب بهَا الْمُلُوك وَهَذَا من عَجِيب نَقده حكى أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن هِلَال الصابي قَالَ طلب مني رَسُول سيف الدولة وَكَانَ قد قدم إِلَى الحضرة شَيْئا من شعري وَذكر أَن صَاحبه رسم لَهُ ذَلِك فدافعته أَيَّامًا ثمَّ ألح عَليّ وَقت الْخُرُوج فأعطيته هَذِه الثَّلَاثَة الأبيات وَهِي (إِن كنت خنتك فِي الْأَمَانَة سَاعَة ... فذممت سيف الدولة المحمودا) (وَزَعَمت أَن لَهُ شَرِيكا فِي الْعلَا ... وجحدته فِي فَضله التوحيدا) (قسما لَو أَنِّي حَالف بغموسها ... لغريم دين مَا أَرَادَ مزيدا) // من الْكَامِل // وَقَالَ فَلَمَّا عَاد الرَّسُول إِلَى الحضرة وَدخلت عَلَيْهِ مُسلما أخرج لي كيسا بِخَتْم سيف الدولة مَكْتُوبًا عَلَيْهِ اسْمِي وَفِيه ثَلَاثمِائَة دِينَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 نبذ من ذكر وقائعه وغزواته حدث أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن خالويه قَالَ لما كَانَت الشَّام بيد الإخشيد مُحَمَّد مُحَمَّد بن طغج سَار إِلَيْهَا سيف الدولة فافتتحها وَهزمَ عساكره عَن صفّين فَقَالَ لَهُ المتنبي (يَا سيف دولة ذِي الْجلَال وَمن لَهُ ... خير الخلائف والأنام سمي) (أَو مَا ترى صفّين كَيفَ أتيتها ... فانجاب عَنْهَا الْعَسْكَر الغربي) (فَكَأَنَّهُ جَيش ابْن حَرْب رعته ... حَتَّى كَأَنَّك يَا عَليّ عَليّ) // من الْكَامِل // وَقَالَ أَبُو فراس من قصيدة طَوِيلَة (أَتَى الشَّام لما استذأب البهم واغتدت ... بهَا أذؤب الْبَيْدَاء وَهِي قساور) (فثقف منآد وَأصْلح فَاسد ... وذلل جَبَّار وأذعر ذاعر) // من الطَّوِيل // وَكَانَ ظهر رجل فِي الغرب يعرف بالمبرقع يَدْعُو النَّاس إِلَى نَفسه والتفت عَلَيْهِ الْقَبَائِل وافتتح مَدَائِن من أَطْرَاف الشَّام وَأسر أَبَا وَائِل تغلب بن دَاوُد بن حمدَان وَهُوَ خَليفَة سيف الدولة على حمص وألزمه شِرَاء نَفسه بِعَدَد من الْخَيل وَجُمْلَة من المَال فأسرع سيف الدولة من حلب يغذ السّير حَتَّى لحقه فِي الْيَوْم الثَّالِث بنواحي دمشق فأوقع بِهِ وَقَتله وَوضع السَّيْف فِي أَصْحَابه فَلم ينج إِلَّا من سبق فرسه وَعَاد سيف الدولة إِلَى حلب وَمَعَهُ أَبُو وَائِل وَبَين يَدَيْهِ رَأس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الْخَارِجِي على رمح فَقَالَ أَبُو فراس يذكر ذَلِك (وأنقذ من مس الْحَدِيد وَثقله ... أَبَا وَائِل والدهر أجدع صاغر) (وآب وَرَأس القرمطي أَمَامه ... لَهُ جَسَد من أكعب الرمْح ضامر) // من الطَّوِيل // وَهَذَا من أحسن مَا قيل فِي الرَّأْس المصلوب على الرمْح ولبعضهم فِي مثل ذَلِك (وَعَاد لكنه رَأس بِلَا جَسَد ... يسري وَلَكِن على سَاق بِلَا قدم) // من الْبَسِيط // وَقَالَ أَبُو الطّيب فِي خلاص أبي وَائِل (وَلَو كنت فِي أسر غير الْهوى ... ضمنت ضَمَان أبي وَائِل) (فدى نَفسه بِضَمَان النضار ... وَأعْطى صُدُور القنا الذابل) (ومناهم الْخَيل مجنوبة ... فجئن بِكُل فَتى باسل) (كَأَن خلاص أبي وَائِل ... معاودة الْقَمَر الآفل) (دَعَا فَسمِعت وَكم سَاكِت ... على الْبعد عنْدك كالقائل) (فلبيته بك فِي جحفل ... لَهُ ضَامِن وَبِه كافل) (وعدت إِلَى حلب ظافرا ... كعود الْحلِيّ إِلَى العاطل) // من المتقارب // وَكَانَ سيف الدولة اصْطنع بني كلاب وأدناهم وآمن سربهم فقهروا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 الْعَرَب وعلت كلمتهم إِلَى أَن بدرت مِنْهُم جفوة أحفظته فَأسْرى إِلَيْهِم وأوقع بهم وَملك حرمهم وَأَمْوَالهمْ ثمَّ صفح عَنْهُم وكرم وَجمع الْحرم ووكل بِهن الخدم وَأفضل عَلَيْهِنَّ وَأحسن إلَيْهِنَّ فَقَالَ أَبُو الطّيب من قصيدة (فعدن كَمَا أخذن مكرمات ... عَلَيْهِنَّ القلائد والملاب) (يثبنك بِالَّذِي أوليت شكرا ... وَأَيْنَ من الَّذِي تولي الثَّوَاب) (وَلَيْسَ مصيرهن إِلَيْك شينا ... وَلَا فِي صونهن لديك عَابَ) (وَلَا فِي فقدهن بني كلاب ... إِذا أبصرن غرتك اغتراب) (وَكَيف يتم بأسك فِي أنَاس ... تصيبهم فيؤلمك الْمُصَاب) (ترفق أَيهَا الْمولى عَلَيْهِم ... فَإِن الرِّفْق بالجاني عتاب) // من الوافر // هَذَا كَلَام مَا لحسنه غَايَة (وَعين المخطئين هم وَلَيْسوا ... بِأول معشر خطئوا فتابوا) (وَأَنت حياتهم غضِبت عَلَيْهِم ... وهجر حياتهم لَهُم عِقَاب) (وَمَا جهلت أياديك الْبَوَادِي ... وَلَكِن رُبمَا خَفِي الصَّوَاب) (وَكم ذَنْب مولده دلال ... وَكم بعد مولده اقتراب) (وجرم جَرّه سُفَهَاء قوم ... وَحل بِغَيْر جارمه الْعَذَاب) كَأَنَّمَا اقتبسه من قَول الله سُبْحَانَهُ {أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا} وَنَحْو من هَذَا قَول زِيَاد فِي خطبَته البتراء وَالله لآخذن المحسن بالمسيء (وَلَو غير الْأَمِير غزا كلابا ... ثناه عَن شموسهم ضباب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وَمَا أحسن مَا كني عَن الْحرم بالشموس وَعَن المحاماة دونهم بالضباب (وَلَكِن رَبهم أسرى إِلَيْهِم ... فَمَا نفع الْوُقُوف وَلَا الذّهاب) (كَذَا فليسر من طلب الْمَعَالِي ... وَمثل سراك فَلْيَكُن الطلاب) وَكتب إِلَيْهِ أَبُو فراس فِي تِلْكَ الْحَال يداعبه (وَمَا أنس لَا أنس يَوْم المغار ... محجبة لفظتها الْحجب) (دعَاك ذووها بِسوء الفعال ... لما لَا تشَاء وَمَا لَا تحب) (فوافتك تعثر فِي مرْطهَا ... وَقد رَأَتْ الْمَوْت من عَن كثب) (وَقد خلط الْخَوْف لما طلعت ... دلّ الْجمال بذل الرعب) (تسرع فِي الخطو لَا خفَّة ... وتهتز فِي الْمَشْي لَا من طرب) (فَلَمَّا بَدَت لَك دون الْبيُوت ... بدا لَك مِنْهُنَّ جَيش لجب) (وَمَا زلت مذ كنت تَأتي الْجَمِيل ... وتحمي الْحَرِيم وترعى الْحسب) (وتغضب حَتَّى إِذا مَا ملكت ... أَطَعْت الرِّضَا وعصيت الْغَضَب) (فَكنت حماهن إِذْ لَا حمى ... وَكنت أباهن إِذْ لَيْسَ أَب) (فولين عَنْك يفدينها ... ويرفعن من ذيلها مَا انسحب) (ينادين بَين خلال الْبيُوت ... لَا يقطع الله نسل الْعَرَب) (أمرت وَأَنت المطاع الْكَرِيم ... ببذل الْأمان ورد النهب) (وَقد رحن من مهجات الْقُلُوب ... بأوفر غنم وأغلى نشب) (فَإِن هن يَا بن الْكِرَام السراة ... رددن الْقُلُوب رددنا السَّلب) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وَقَالَ أَيْضا يمدحه وَيذكر نسْوَة بني كلاب (قد ضج جيشك من طول الْقِتَال بِهِ ... وَقد شكتك إِلَيْنَا الْخَيل وَالْإِبِل) (وَقد درى الرّوم مذ جَاوَرت أَرضهم ... أَن لَيْسَ يعصمهم سهل وَلَا جبل) (فِي كل يَوْم تزور الثغر لَا ضجر ... يثنيك عَنهُ وَلَا شغل وَلَا ملل) (فَالنَّفْس جاهدة وَالْعين ساهرة ... والجيش منهمك وَالْمَال مبتذل) (توهمتك كلاب غير قاصدها ... وَقد تكنفك الْأَعْدَاء والشغل) (حَتَّى رأوك أَمَام الْجَيْش تقدمه ... وَقد طلعت عَلَيْهِم دون مَا أملوا) (فاستقبلوك بفرسان أسنتها ... سود البراقع والأكوار والكلل) (فَكنت أكْرم مسئول وأفضله ... إِذا وهبْنَ فَلَا من وَلَا بخل) // من الْبَسِيط // وَيُقَال إِن سيف الدولة غزا الرّوم أَرْبَعِينَ غَزْوَة لَهُ وَعَلِيهِ فَمِنْهَا أَنه أغار على زبطرة وعرقة وملطية ونواحيها فَقتل وأحرق وسبى وانثنى قَافِلًا إِلَى درب موزار فَوجدَ عَلَيْهِ قسطنطين بن فردس الدمستق فأوقع بِهِ وَقتل صَنَادِيد رِجَاله وعقب إِلَى للدانه وَقد تراجع من هرب مِنْهَا فأعظم الْقَتْل وَأكْثر الْغَنَائِم وَقد عبر الْفُرَات إِلَى بلد الرّوم وَلم يَفْعَله أحد قبله حَتَّى أغار على بطن هنزيط فَلَمَّا رأى فردس بعد مغزاه وخلو بِلَاد الشَّام مِنْهُ غزا نواحي انطاكية فَأسْرى سيف الدولة يطوي المراحل لَا ينْتَظر مُتَأَخِّرًا وَلَا يلوي على مُتَقَدم حَتَّى عَارضه بمرعش فأوقع بِهِ وهزمه وَقتل رُؤُوس البطارقة وَأسر قسطنطين بن الدمستق وأصابت الدمستق ضَرْبَة فِي وَجهه وَأكْثر الشُّعَرَاء فِي هَذِه الْوَقْعَة فَقَالَ أَبُو الطّيب (لكل امْرِئ من دهره مَا تعودا ... وعادات سيف الدولة الطعْن فِي العدا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 (وَأَن يكذب الإرجاف عَنهُ بضده ... ويمسي بِمَا تنوي أعاديه أسعدا) (وَرب مُرِيد ضره ضرّ نَفسه ... وهاد إِلَيْهِ الْجَيْش أهْدى وَمَا هدى) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (سريت إِلَى جيحان من أَرض آمد ... ثَلَاثًا لقد أدناك ركض وأبعدا) (فولى وأعطاك ابْنه وجيوشه ... جَمِيعًا وَلم يُعْط الْجَمِيع لتحمدا) (وَمَا طلبت زرق الأسنة غَيره ... وَلَكِن قسطنطين كَانَ لَهُ الفدا) وَقَالَ أَبُو فراس (وآب بقسطنطين وَهُوَ مكبل ... تحف بطاريق بِهِ وزرازر) (وَولى على الرَّسْم الدمستق هَارِبا ... وَفِي وَجهه عذر من السَّيْف عاذر) (فدى نَفسه بِابْن عَلَيْهِ كنفسه ... وللشدة الصماء تقنى الذَّخَائِر) (وَقد يقطع الْعُضْو النفيس لغيره ... وتدفع بِالْأَمر الْكَبِير الْكَبَائِر) وَسَار سيف الدولة لبِنَاء الْحَدث وَهِي قلعة عَظِيمَة الشَّأْن فَاشْتَدَّ ذَلِك على ملك الرّوم فَجمع عُظَمَاء أهل مَمْلَكَته وجهزهم بالصليب الْأَعْظَم وَعَلَيْهِم فردس الدمستق ثائرا بِابْنِهِ قسطنطين فِي عدد لَا يُحْصى حَتَّى أحاطوا بعسكر سيف الدولة والتهبت الْحَرْب وَاشْتَدَّ الْخطب وَسَاءَتْ ظنون الْمُسلمين ثمَّ أنزل الله نَصره فَحمل سيف الدولة يخرق الصُّفُوف طلبا للدمستق فولى هَارِبا وَأسر صهره وَابْن بنته وَقتل خلق كثير من الرّوم وَأكْثر الشُّعَرَاء فِي هَذِه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 الْوَقْعَة فَقَالَ أَبُو الطّيب وَذكر الْحَدث (بناها فأعلى والقنا تقرع القنا ... وموج المنايا حولهَا متلاطم) (وَكَانَ بهَا مثل الْجُنُون فَأَصْبَحت ... وَمن جثث الْقَتْلَى عَلَيْهَا تمائم) (تفيت اللَّيَالِي كل شَيْء أَخَذته ... وَهن لما يَأْخُذن مِنْك غوارم) // من الطَّوِيل // وَذكر ولد الدمستق فَقَالَ (وَقد فجعته بِابْنِهِ وَابْن صهره ... وبالصهر حملات الْأَمِير الغواشم) (مضى يشْكر الْأَصْحَاب فِي فَوته الظبا ... بِمَا شغلتها هامهم والمعاصم) (وَيفهم صَوت المشرفية فيهم ... على أَن أصوات السيوف أعاجم) (يسر بِمَا أَعْطَاك لَا عَن جَهَالَة ... وَلَكِن مغنوما نجا مِنْك غَانِم) وَقَالَ السّري فِي بِنَاء الْحَدث (رفعت بِالْحَدَثِ الْحصن الَّذِي خفضت ... مِنْهُ الْحَوَادِث حَتَّى ذل جَانِبه) (أعدته عدويا فِي مناسبه ... من بعد مَا كَانَ روميا مناسبه) (فقد وَفِي عرضه بالبيد واعترضت ... طولا على منْكب الشعرى مناكبه) (مصغ إِلَى الجو أَعْلَاهُ فَإِن خَفَقت ... زهر الْكَوَاكِب خلناها تخاطبه) (كَأَن أبراجه من كل نَاحيَة ... أبراجها والدجى وحف غياهبه) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَلأبي فراس فِي ذكرهَا (رأى الثغر مثغورا فسد بِسَيْفِهِ ... فَم الدَّهْر عَنهُ وَهُوَ سغبان فاغر) // من الطَّوِيل // ملح شعر سيف الدولة وَمِمَّا أَنْشدني أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الإفْرِيقِي المتيم لسيف الدولة فِي وصف قَوس قزَح وَهُوَ أحسن مَا سَمِعت فِيهِ على كثرته (وسَاق صبيح للصبوح دَعوته ... فَقَامَ وَفِي أجفانه سنة الغمض) (يطوف بكاسات الْعقار كأنجم ... فَمن بَين منقض علينا ومنفض) (وَقد نشرت أَيدي الْجنُوب مطارفا ... على الجو دكنا والحواشي على الأَرْض) (يطرزها قَوس الْغَمَام بأصفر ... على أَحْمَر فِي أَخْضَر تَحت مبيض) (كأذيال خود أَقبلت فِي غلائل ... مصبغة وَالْبَعْض أقصر من بعض) // من الطَّوِيل // وَهَذَا من التشبيهات الملوكية الَّتِي لَا يكَاد يحضر مثلهَا السوقة وَنَظِيره قَول ابْن المعتز فِي وصف الْهلَال (فَانْظُر إِلَيْهِ كزورق من فضَّة ... قد أثقلته حمولة من عنبر) // من الْكَامِل // وَقَول أبي فراس وَهُوَ مِمَّا يعرب عَن استخدامه نفائس الْفرس (وكأنما البرك الملاء تحفها ... ألوان ذَاك الرَّوْض والزهر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 (بسط من الديباج بيض فروزت ... أطرافها بفراوز خضر) // من الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة (وَالْمَاء يفصل بَين زهر الرَّوْض ... فِي الشطين فصلا) (كبساط وشي جردت ... أَيدي القيون عَلَيْهِ نصلا) // من الْكَامِل // وأنشدني أَبُو الْحسن الْعلوِي الْهَمدَانِي قَالَ أَنْشدني سيف الدولة لنَفسِهِ وَأَنا أرَاهُ من قَوْله فِي صباه (أقبله على جزع ... كشرب الطَّائِر الْفَزع) (رأى مَاء فأطعمه ... وَخَافَ عواقب الطمع) (وصادف فرْصَة فَدَنَا ... وَلم يلتذ بالجرع) // من الوافر // ينظر مَعْنَاهَا إِلَى قَول ابْن المعتز (فكم عنَاق لنا وَكم قبل ... مختلسات حذار مرتقب) (نقر العصافير وَهِي خائفة ... من النواطير يَانِع الرطب) // من المنسرح // ويحكى أَنه كَانَت لسيف الدولة جَارِيَة من بَنَات مُلُوك الرّوم لَا يرى الدُّنْيَا إِلَّا بهَا ويشفق من الرّيح الهابة عَلَيْهَا فحسدتها سَائِر حظاياه على لطف محلهَا مِنْهُ وأزمعن إِيقَاع مَكْرُوه بهَا من سم أَو غَيره وَبلغ سيف الدولة ذَلِك فَأمر بنقلها إِلَى بعض الْحُصُون احْتِيَاطًا على روحها وَقَالَ (راقبتني الْعُيُون فِيك فَأَشْفَقت ... وَلم أخل قطّ من إشفاق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 (وَرَأَيْت العذول يحسدني فِيك ... مجدا يَا أنفس الأعلاق) (فتمنيت أَن تَكُونِي بَعيدا ... وَالَّذِي بَيْننَا من الود بَاقٍ) (رب هجر يكون من خوف هجر ... وفراق يكون خوف فِرَاق) // من الْخَفِيف // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ أَنْشدني ابْن خالويه بحلب لسيف الدولة (تجنى عَليّ الذَّنب والذنب ذَنبه ... وعاتبني ظلما وَفِي شقَّه العتب) (وَأعْرض لما صَار قلبِي بكفه ... فَهَلا جفاني حِين كَانَ لي الْقلب) (إِذا برم الْمولى بِخِدْمَة عَبده ... تجنى لَهُ ذَنبا وَإِن لم يكن ذَنْب) // من الطَّوِيل // يشبه هَذَا الْمَعْنى (وَإِذا مَا الْجفَاء جهر جَيْشًا ... سبقته طَلِيعَة من تجني) // من الْخَفِيف // وَأنْشد أَبُو الْحسن أَحْمد بن فَارس قَالَ أَنْشدني شَاعِر يعرف بالمتيم لسيف الدولة (قد جرى فِي دمعه دَمه ... فَإلَى كم أَنْت تظلمه) (رد عَنهُ الطّرف مِنْك فقد ... جرحته مِنْك أسهمه) (كَيفَ يَسْتَطِيع التجلد من ... خطرات الْوَهم تؤلمه) // من المديد // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وأنشدني غير وَاحِد لَهُ فِي أَخِيه نَاصِر الدولة أبي مُحَمَّد عِنْد وَحْشَة جرت بَينهمَا (رضيت إِلَيْك الْعليا وَقد كنت أَهلهَا ... وَقلت لَهُم بيني وَبَين أخي فرق) (وَلم يَك بِي عَنْهَا نُكُول وَإِنَّمَا ... تجافيت عَن حَقي فتم لَك الْحق) (وَلَا بُد لي من أَن أكون مُصَليا ... إِذا كنت أرْضى أَن يكون لَك السَّبق) // من الطَّوِيل // وأنشدت لَهُ أَيْضا فِي وصف نَار الكانون (كَأَنَّمَا النَّار والرماد مَعًا ... وضوءها فِي ظلامه يحجب) (وجنة عذراء مَسهَا خجل ... فاستترت تَحت عنبر أَشهب) // من المنسرح // نظيرهما فِي الْحسن قَول كشاجم (كَأَنَّمَا الْجَمْر والرماد وَقد ... كَاد يواري من ناره النورا) (ورد جني القطاف أَحْمَر قد ... ذرت عَلَيْهِ الأكف كافورا) // من المنسرح // وَقَول أبي طَالب المأموني (مَا ترى النَّار كَيفَ أسقمها القر ... فأصحت تخبو وطورا تسعر) (وَغدا الْجَمْر والرماد عَلَيْهِ ... فِي قَمِيص مَذْهَب ومعنبر) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 الْبَاب الثَّالِث 2 - فِي ذكر أبي فراس الْحَارِث بن سعيد بن حمدَان وأخباره وغرر أخباره وأشعاره هُوَ ابْن عَم سيف الدولة الْمُقدم ذكره وَابْن عَم نَاصِر الدولة كَانَ فَرد دهره وشمس عصره أدبا وفضلا وكرما ونبلا ومجدا وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة وشعره مَشْهُور سَائِر بَين الْحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة والمتانة وَمَعَهُ رواء الطَّبْع وسمة الظّرْف وَعزة الْملك وَلم تَجْتَمِع هَذِه الْخلال قبله إِلَّا فِي شعر عبد الله بن المعتز وَأَبُو فراس يعد أشعر مِنْهُ عِنْد أهل الصَّنْعَة ونقدة الْكَلَام وَكَانَ الصاحب يَقُول بُدِئَ الشّعْر بِملك وَختم بِملك يَعْنِي امْرأ الْقَيْس وَأَبا فراس وَكَانَ المتنبي يشْهد لَهُ بالتقدم والتبريز ويتحامى جَانِبه فَلَا ينبري لمباراته وَلَا يجترئ على مجاراته وَإِنَّمَا لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدَان تهيبا لَهُ وإجلالا لَا إغفالا وإخلالا وَكَانَ سيف الدولة يعجب جدا بمحاسن أبي فراس ويميزه بالإكرام عَن سَائِر قومه ويصطنعه لنَفسِهِ ويصطحبه فِي غَزَوَاته ويستخلفه على أَعماله وَأَبُو فراس ينثر الدّرّ الثمين فِي مكاتباته إِيَّاه ويوفيه حق سؤدده وَيجمع بَين أدبي السَّيْف والقلم فِي خدمته الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 قِطْعَة من أخباره مَعَ سيف الدولة وأشعاره فِيهِ سوى الروميات حكى ابْن خالويه قَالَ كتب أَبُو فراس إِلَى سيف الدولة وَقد شخص من حَضرته إِلَى منزله بمنبج كتابا صَدره كتابي أَطَالَ الله بَقَاء مَوْلَانَا من الْمنزل وَقد وردته وُرُود السَّالِم الغانم مثقل الْبَطن وَالظّهْر وفرا وشكرا فَاسْتحْسن سيف الدولة بلاغته وَوصف براعته وَبلغ أَبَا فراس ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ (هَل للفصاحة والسماحة ... والعلا عني محيد) (إِذْ أَنْت سَيِّدي الَّذِي ... ربيتني وَأبي سعيد) (فِي كل يَوْم أستفيد ... من الْعَلَاء وأستزيد) (وَيزِيد فِي إِذا رَأَيْتُك ... فِي الندى خلق جَدِيد) // من الْكَامِل // وَكَانَ سيف الدولة قَلما ينشط لمجلس الْأنس لاشتغاله عَنهُ بتدبير الجيوش وملابسة الخطوب وممارسة الحروب فوافت حَضرته إِحْدَى المحسنات من قيان بَغْدَاد فتاقت نفس أبي فراس إِلَى سماعهَا وَلم ير أَن يبْدَأ باستدعائها قبل سيف الدولة فَكتب إِلَيْهِ يحثه على استحضارها فَقَالَ (محلك الجوزاء أَو أرفع ... وصدرك الدهناء بل أوسع) (وقلبك الرحب الَّذِي لم يزل ... للْجدّ والهزل بِهِ مَوضِع) (رفه بقرع الْعود سمعا غَدا ... قرع العوالي جلّ مَا يسمع) // من السَّرِيع // فبلغت هَذِه الأبيات المهلبي الْوَزير فَأمر القيان والقوالين بحفظها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وتلحينها وَصَارَ لَا يشرب إِلَّا عَلَيْهَا وَكتب أَبُو فراس إِلَى سيف الدولة (يَا أَيهَا الْملك الَّذِي ... أضحت لَهَا جمل المناقب) (نتج الرّبيع محاسنا ... ألقحنها غرر السحائب) (راقت ورق نسيمها ... فحكت لنا صور الحبائب) (حضر الشَّرَاب فَلم يطب ... شرب الشَّرَاب وَأَنت غَائِب) // من الْكَامِل // وَتَأَخر عَن حَضرته لعِلَّة وجدهَا فَكتب إِلَيْهِ (لقد نافسني الدَّهْر ... بتأخيري عَن الحضره) (فَمَا ألْقى من الْعلَّة ... مَا ألْقى من الحسره) // من الهزج // وَأهْدى النَّاس إِلَى سيف الدولة فِي بعض الأعياد وَأَكْثرُوا فَكتب إِلَيْهِ أَبُو فراس (نَفسِي فداؤك قد بعثت ... تعهدي بيد الرَّسُول) (أهديت نَفسِي إِنَّمَا ... يهدي الْجَلِيل إِلَى الْجَلِيل) (وَجعلت مَا ملكت يَدي ... صلَة المبشر بِالْقبُولِ) (لما رَأَيْتُك فِي الْأَنَام ... بِلَا مِثَال أَو عديل) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَيْهِ يعاتبه (قد كنت عدتي الَّتِي أسطو بهَا ... ويدي إِذا اشْتَدَّ الزَّمَان وساعدي) (فرميت مِنْك بِغَيْر مَا أملته ... والمرء يشرق بالزلال الْبَارِد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 (فَصَبَرت كَالْوَلَدِ التقي لبره ... أغضى على ألم لضرب الْوَالِد) // من الْكَامِل // وعزم سيف الدولة على الْغَزْو واستحلاف أبي فراس على الشَّام فَكتب إِلَيْهِ قصيدة مِنْهَا (قَالُوا الْمسير فهز الرمْح عَامله ... وارتاح فِي جفْنه الصمصامة الخذم) (حَقًا لقد سَاءَنِي أَمر ذكرت لَهُ ... لَوْلَا فراقك لم يُوجد لَهُ ألم) (لَا تشغلن بِأَمْر الشَّام تحرسه ... إِن الشَّام على من حلّه حرم) (وَإِن للثغر سورا من مهابته ... صخوره من أعادي أَهله القمم) (لَا يحرمني سيف الدّين صحبته ... فَهِيَ الْحَيَاة الَّتِي تحيا بهَا النسم) (وَمَا اعترضت عَلَيْهِ فِي أوامره ... لَكِن سَأَلت وَمن عاداته نعم) // من الْبَسِيط // وَقَالَ لَهُ (وَمَا لي لَا أثني عَلَيْك وطالما ... وفيت بعهدي وَالْوَفَاء قَلِيل) (وأوعدتني حَتَّى إِذا مَا ملكتني ... صفحت وصفح المالكين جميل) // من الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ يعزيه (لَا بُد من فقد وَمن فَاقِد ... هَيْهَات مَا فِي النَّاس من خَالِد) (كن المعزي لَا المعزى بِهِ ... إِن كَانَ لَا بُد من الْوَاحِد) // من السَّرِيع // وَكتب إِلَيْهِ (أيا عاتبا لَا أحمل الدَّهْر عَتبه ... عَليّ وَلَا عِنْدِي لأنعمه جحد) (سأسكت إجلالا لعلمك أنني ... إِذا لم تكن خصمي لي الْحجَج اللد) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وَكَانَ لسيف الدولة غُلَام يُقَال لَهُ نجا قد اصطنعه ونوه باسمه وقلده طرسوس وَأخذ يقرع بَاب الْعِصْيَان والكفران وَزَاد تبسطه وَسُوء عشرته لرفقائه فبطش بِهِ ثَلَاثَة نفر مِنْهُم وقتلوه فشق ذَلِك على سيف الدولة وَأمر بقتل فتكته فَكتب إِلَيْهِ أَبُو فراس (مَا زلت تسْعَى بجد ... برغم شانيك مقبل) (ترى لنَفسك أمرا ... وَمَا يرى الله أفضل) // من المجتث // وَكتب إِلَيْهِ يستعطفه (إِن لم تجاف عَن الذُّنُوب ... وَجدتهَا فِينَا كَثِيره) (لَكِن عادتك الجميلة ... أَن تغض على بصيره) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَيْهِ يستعطفه (دع العبرات تنهمر انهمارا ... ونار الشوق تستعر استعارا) (أتطفأ حسرتي وتقر عَيْني ... وَلم أوقد مَعَ الغازين نَارا) (أَقمت على الْأَمِير وَكنت مِمَّن ... تعز عَلَيْهِ فرقته اخْتِيَارا) (إِذا سَار الْأَمِير فَلَا هُدُوا ... لنَفس أَو يؤوب وَلَا قرارا) (ستذكرني إِذا طردت رجال ... دققت الرمْح بَينهم مرَارًا) (وَأَرْض كنت أملؤها رجَالًا ... وجو كنت أرهجه غبارا) (إِذا بَقِي الْأَمِير قرير عين ... فديناه اخْتِيَارا واضطرارا) (يمد على أكابرنا جنَاحا ... ويكفل عِنْد حَاجَتهَا الصغارا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 (أَرَانِي الله طلعته سَرِيعا ... وأصحبه السَّلامَة حَيْثُ سارا) (وبلغه أمانيه جمعيا ... وَكَانَ لَهُ من الْحدثَان جارا) // من الوافر // وَكتب إِلَيْهِ (أَلا من مبلغ سروات قومِي ... إِذا حدثن جمجمن الكلاما) (بِأَنِّي لم أدع فتيات قومِي ... وَسيف الدولة الْملك الهماما) (شريت ثناءهن ببذل نَفسِي ... ونار الْحَرْب تضطرم اضطراما) (وَلما لم أجد إِلَّا فِرَارًا ... أَشد من الْمنية أَو حَماما) (حملت على وُرُود الْمَوْت نَفسِي ... وَقلت لصحبتي موتوا كراما) (وَهل عذر وَسيف الدّين ركني ... إِذا لم أركب الخطط العظاما) (وأقفو فعله فِي كل أَمر ... وَأَجْعَل فضل أبدا إِمَامًا) (وَقد أَصبَحت منتسبا إِلَيْهِ ... وحسبي أَن أكون لَهُ غُلَاما) (أَرَانِي كَيفَ أكتسب الْمَعَالِي ... وَأَعْطَانِي على الدَّهْر الذماما) (ورباني ففقت بِهِ البرايا ... وأنشأني فَسدتْ بِهِ الأناما) (فأحياه الْإِلَه لنا طَويلا ... وَزَاد الله نعْمَته دواما) // من الوافر // مَا أخرج من فخرياته قَالَ من قصيدة يذكر فِيهَا إِيقَاعه ببني كَعْب وَهُوَ على مُقَدّمَة سيف الدولة وَكَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 قد حسن بلاؤه فِي تِلْكَ الْوَقْعَة (ألم ترنا أعز النَّاس جارا ... وأمنعهم وأمرعهم جنابا) (لنا الْجَبَل المطل على نزار ... حللنا النجد مِنْهُ والهضابا) (يفضلنا الْأَنَام وَلَا نحاشي ... ونوصف بالجميل وَلَا نحابى) (وَقد علمت ربيعَة بل نزار ... بِأَنا الرَّأْس وَالنَّاس الذنابي) (وَلما أَن طغت سُفَهَاء كَعْب ... فتحنا بَيْننَا للحرب بَابا) (منحناها الحرائب غير أَنا ... إِذا جارت منحناها الحرابا) (وَلما ثار سيف الدّين ثرنا ... كَمَا هيجت آسادا غضابا) (أسنته إِذا لَاقَى طعانا ... صورامه إِذا لاقي ضرابا) (دَعَانَا والأسنة مشرعات ... فَكُنَّا عِنْد عودته الجوابا) (صنائع فاق صانعها ففاقت ... وغرس طَابَ غارسه فطابا) (وَكُنَّا كالسهام إِذا أَصَابَت ... مراميها فراميها أصابا) // من الوافر // هَذَا أحسن مَا قيل فِي مَعْنَاهُ وَقد أَخذه الْأُسْتَاذ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الضَّبِّيّ فَكتب فِي كتاب فتح تولاه للصاحب بأصبهان وهنأ الله مَوْلَانَا كَافِي الكفاة هَذِه المناجح الَّتِي هِيَ نتائج عَزَائِمه وثمرات صرائمه فَمَا يرى عَبده وصنيعته وَسَائِر من يكنفه ظله وتريشه عنايته نُفُوسهم إِذا وفقوا لمَذْهَب من مَذَاهِب الْخدمَة وهدوا لأَدَاء حق من حُقُوق النِّعْمَة إِلَّا سهاما إِذا أَصَابَت فراميها الْمُصِيب وَمَا لَهَا فِي المحمدة نصيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وَلأبي فراس من قصيدة أَولهَا (أيلحاني على العبرات لاحي ... وَقد يئس العواذل من صلاحي) (تملكني الْهوى بعد التآبي ... وراضني الْهوى بعد الجماح) (أَلا يَا هَذِه هَل من مقيل ... لضيفان الصبابة أَو مراح) (فلولا أَنْت مَا قلقت ركابي ... وَلَا هبت إِلَى نجد رياحي) // من الوافر // وَمِنْهَا (وَمن جراك أوطنت الفيافي ... وفيك غذيت ألبان اللقَاح) (أصَاحب كل خل بالتجافي ... وآسو كل دَاء بالسماح) (إِذا مَا عَن لي أرب بِأَرْض ... ركبت لَهُ ضمينات النجاح) (ولي عِنْد العداة بِكُل أَرض ... دُيُون فِي كفالات الرماح) وَله من قصيدة كتب بهَا إِلَى جَعْفَر بن وَرْقَاء (إِنَّا إِذا اشْتَدَّ الزَّمَان ... وناب خطب وادلهم) (ألفيت حول بُيُوتنَا ... عدد الشجَاعَة وَالْكَرم) (للقا العدا بيض السيوف ... وللندي حمر النعم) (هَذَا وَهَذَا دأبنا ... يودى دم ويراق دم) // من الْكَامِل // وَله من قصيدة أَولهَا (أقلي فأيام الْمُحب قَلَائِل ... وَفِي قلبه شغل عَن اللوم شاغل) // من الطَّوِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 يَقُول فِيهَا (تطالبني الْبيض الصوارم والقنا ... بِمَا وعدت جدي فِي المخايل) (وَوَاللَّه مَا قصرت فِي طلب الْعلَا ... وَلَكِن كَأَن الدَّهْر عني غافل) (مواعيد أَيَّام تطالبني بهَا ... مراءاة أزمان ودهر مخاتل) (وأخلاف أَيَّام مَتى مَا انتجعتها ... حلبت بكيات وَهن حوافل) (تدافعني الْأَيَّام عَمَّا أريغه ... كَمَا دفع الدّين الْغَرِيم المماطل) (خليلي شدا لي عَليّ ناقتيكما ... إِذا مَا بدا شيب من الْفجْر ناصل) (فمثلي من نَالَ الْمَعَالِي بِسَيْفِهِ ... وربتما غالته عَنْهَا الغوائل) (وَمَا كل طلاب من النَّاس بَالغ ... وَلَا كل سيار إِلَى الْمجد وَاصل) (وَإِن مُقيما منجح الْعِزّ خائب ... وَإِن مريعا خائب الْجهد نائل) (وَمَا الْمَرْء إِلَّا حَيْثُ يَجْعَل نَفسه ... وَإِنِّي لَهَا فَوق السماكين جَاعل) (أصاغرنا فِي المكرمات أكَابِر ... وآخرنا فِي المأثرات أَوَائِل) (إِذا صلت صولا لم أجد لي مصاولا ... وَإِن قلت قولا لم أجد من يقاول) وَله من قصيدة أُخْرَى (عذيري من طوالع فِي عِذَارَيْ ... وَمن رد الشَّبَاب الْمُسْتَعَار) (وثوب كنت ألبسهُ أنيق ... أجرر ذيله بَين الْجَوَارِي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 (وَمَا زَادَت عَن الْعشْرين سني ... فَمَا عذر المشيب إِلَى عِذَارَيْ) // من الوافر // أَخذه من قَول أبي نواس (وَإِذا عددت السن كم هِيَ لم أجد ... للشيب عذرا للنزول برأسي) (رَجَعَ وَمَا استمتعت من راعي التصابي ... إِلَى أَن جَاءَنِي دَاعِي الْوَقار) (تلاعب بِي على هوج المطايا ... خلائق لَا تقر على الصغار) (وَنَفس دون مطلبها الثريا ... وكف دونهَا فيض الْبحار) (وَمَا يُغْنِيك من هم طوال ... إِذا قرنت بأحوال قصار) (عَزِيز حَيْثُ حط السّير رحلي ... تداريني الْأَنَام وَلَا أداري) (فأهلي من أنخت إِلَيْهِ عيسي ... وداري حَيْثُ كنت من الديار) // من الْكَامِل // وَله (لنا بَيت على عنق الثريا ... بعيد مَذَاهِب الْأَطْنَاب سامي) (تظلله الفوارس بالعوالي ... وتفرشه الولائد بِالطَّعَامِ) // من الوافر // وَله (لقد علمت سراة الْحَيّ أَنا ... لنا الْجَبَل الممنع جانباه) (يفِيء الراغبون إِلَى ذراه ... ويأوي الخائفون إِلَى حماه) // من الوافر // وَله (لَئِن خلق الْأَنَام لحث كأس ... ومزمار وطنبور وعود) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 (فَلم يخلق بَنو حمدَان إِلَّا ... لمجد أَو لبأس أَو لجود) // من الوافر // وَله (علونا جوشنا بأشد مِنْهُ ... وَأثبت عِنْد مشتجر الرماح) (بِجَيْش جاش بالفرسان حَتَّى ... ظَنَنْت الْبر بحرا من سلَاح) (وألسنة من العذبات حمر ... تخاطبنا بأفواه الرِّيَاح) (وأروع جَيْشه ليل بهيم ... وغرته عَمُود للصباح) (صفوح عِنْد قدرته كريم ... قَلِيل الصفح مَا بَين الصفاح) (وَكَانَ ثباته للقلب قلبا ... وهيبته جنَاحا للجناح) // من الوافر // وَله من قصيدة (قتلت فَتى بني عَمْرو بن عبد ... وأوسعهم على الضيفان ساحا) (وَلست أرى فَسَادًا فِي فَسَاد ... يجر على فريقيه صلاحا) // من الوافر // كَانَ سيف الدولة قد أبعد كلابا وشردها فقصدت أَبَا فراس وَهُوَ ببالس فِي خف من أَصْحَابه وَعَلَيْهِم كثير بن عَوْسَجَة فَهَزَمَهُمْ ثمَّ طرحوا أنفسهم عَلَيْهِ وقدمت وفودهم إِلَيْهِ فَخرج وتوسط فِي أَمرهم مَعَ سيف الدولة وَقَالَ فِي ذَلِك (سَلِي عَنَّا سراة بني كلاب ... ببالس عِنْد مشتجر العوالي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 (لَقِينَاهُمْ بأسياف قصار ... كفين مؤونة الأسل الطوَال) (فولى بِابْن عَوْسَجَة كثير ... وساع الخطو فِي ضنك المجال) (يرى البرغوث إِذْ نجاه منا ... أجل عقيلة وَأحب مَال) (تَدور بِهِ إِمَاء بني قريط ... وتسأله النِّسَاء عَن الرِّجَال) (يقلن لَهُ السَّلامَة خير غنم ... وَإِن الذل فِي ذَاك الْمقَال) (وعادوا سَامِعين لنا فعدنا ... إِلَى الْمَعْهُود من شرف الفعال) (وَنحن مَتى رَضِينَا بعد سخط ... أسونا مَا جرحنا بالنوال) // من الوافر // أَخذه من قَول أبي نواس (وكلت بالدهر عينا غير غافلة ... بجود كفك تأسو كل مَا جرحا) وَله من قصيدة أَولهَا (وقوفك بالديار عَلَيْك عَار ... وَقد رد الشَّبَاب الْمُسْتَعَار) // من الوافر // وَمِنْهَا (وَكم من لَيْلَة لم أرو مِنْهَا ... حننت لَهَا وأرقني ادكار) (عسفت بهَا عواري اللَّيَالِي ... أَحَق الْخَيل بالركض المعار) (فَبت أعل خمرًا من رضاب ... لَهَا سكر وَلَيْسَ لَهَا خمار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 (إِلَى أَن رق ثوب اللَّيْل عَنَّا ... وَنَادَتْ قُم فقد برد السوار) وَمِنْهَا (إِذا مَا الْعِزّ أصبح فِي مَكَان ... سموت لَهُ وَإِن بعد المزار) (مقَامي حَيْثُ لَا أَهْوى قَلِيل ... ونومي عِنْد من أقلى غرار) (أَبَت لي همتي وغرار سَيفي ... وعزمي والمطية والقفار) (وَنَفس لَا تجاورها الدنايا ... وَعرض لَا يرف عَلَيْهِ عَار) (وَقوم مثل من صحبوا كرام ... وخيل مثل من حملت خِيَار) (وَكم بلد شنناهن فِيهِ ... ضحى وَعلا منابره المعار) (وَكم ملك نَزَعْنَا الْملك عَنهُ ... وجبار بِهِ دَمه جَبَّار) وَله من أُخْرَى (وَلَو نيلت الدُّنْيَا بِفضل منحتها ... فَضَائِل تحويها وَتبقى فَضَائِل) (وَلكنهَا الْأَيَّام تجْرِي بِمَا جرت ... فيسفل أَعْلَاهَا وَتَعْلُو الأسافل) (لقد قل أَن تلقى من النَّاس مُجملا ... وأخشى قَرِيبا أَن يقل المجامل) (وَلست بجهم الْوَجْه فِي وَجه صَاحِبي ... وَإِن سَأَلَ الْأَعْمَار مَا هُوَ سَائل) // من الطَّوِيل // وَله (بخلت بنفسي أَن يُقَال مبخل ... وأقدمت جبنا أَن يُقَال جبان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 (وملكي بقايا مَا وهبت مفاضة ... ورمح وَسيف قَاطع وَسنَان) // من الطَّوِيل // وَله (بأطراف المثقفة العوالي ... تفردنا بأوساط الْمَعَالِي) (وَمَا تحلو مجاني الْعِزّ يَوْمًا ... إِذا لم تجنها سمر العوالي) (ممالكنا مكاسبنا إِذا مَا ... توارثها رجال عَن رجال) (إِذا لم تمس لي نَار بِأَرْض ... أَبيت لنار غَيْرِي غير صالي) // من الوافر // وَله (غَيْرِي بِغَيْرِهِ الفعال الجافي ... ويحول عَن شيم الْكَرِيم الوافي) (لَا أرتضي ودا إِذا هُوَ لم يدم ... عِنْد الْجفَاء وَقلة الْإِنْصَاف) (تعس الْحَرِيص وَقل مَا يَأْتِي بِهِ ... عوضا عَن الإلحاح والإلحاف) (إِن الْغَنِيّ هُوَ الْغَنِيّ بِنَفسِهِ ... وَلَو أَنه عاري المناكب حافي) (مَا كل مَا فَوق البسيطة كَافِيا ... وَإِذا قنعت فبعض شَيْء كَافِي) (وتعاف لي طمع الْحَرِيص فتوتي ... ومروءتي وقناعتي وعفافي) (مَا كَثْرَة الْخَيل الْعتاق بزائدي ... شرفا وَلَا عدد السوام الضافي) (خيلي وَإِن قلت كثير نَفعهَا ... بَين الصوارم والقنا الرعاف) (ومكارمي عدد النُّجُوم ومنزلي ... مأوى الْكِرَام ومنزل الأضياف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 (لَا أقتني لصروف دهري عدَّة ... حَتَّى كَأَن خطوبه أحلافي) (شيم عرفت بِهن مذ أَنا يافع ... وَلَقَد عرفت بِمِثْلِهَا أسلافي) // من الْكَامِل // وَله (أتعجب إِن ملكنا الأَرْض قسرا ... وَأَن تمسي وسائدي العراب) (وتربط فِي مجالسنا المذاكي ... وتنزل بَين أرحلنا الركاب) (وَهَذَا الْعِزّ أَوْرَثنَا العوالي ... وَهَذَا الْملك ملكنا الضراب) (فقصرك إِن حَالا ملكتنا ... لحَال لَا تذم وَلَا تعاب) // من الوافر // وَله (وَنحن أنَاس لَا توَسط عندنَا ... لنا الصَّدْر دون الْعَالمين أَو الْقَبْر) (تهون علينا فِي الْمَعَالِي نفوسنا ... وَمن خطب الْحَسْنَاء لم يغله الْمهْر) // من الطَّوِيل // الإخوانيات قَالَ وَكتب بهَا إِلَى أَخِيه أبي الهيجاء (حللت من الْمجد أَعلَى مَكَان ... وبلغك الله أقْصَى الْأَمَانِي) (فَإنَّك لَا عدمتك الْعلَا ... أَخ لَا كإخوة هَذَا الزَّمَان) (كسوت أخوتنا بالصفاء ... كَمَا كُسِيت بالْكلَام الْمعَانِي) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وَقَالَ لصديق لَهُ وَأحسن (لم أؤاخذك بالجفاء لِأَنِّي ... واثق مِنْك بالوداد الصَّرِيح) (فجميل الْعَدو غير جميل ... وقبيح الصّديق غير قَبِيح) // من الْخَفِيف // وَله (مَا كنت تصبر فِي الْقَدِيم ... فَلم صبرت الْآن عَنَّا) (وَلَقَد ظَنَنْت بك الظنون ... لِأَنَّهُ من ضن ظنا) // من الْكَامِل // وَقَالَ (أشفقت من هجري فسلطت ... الظنون على الْيَقِين) (وضننت بِي فَظَنَنْت بِي ... وَالظَّن من شيم الضنين) // من الْكَامِل // وَقَالَ وَكتب بهَا إِلَى أَخِيه (وَلَقَد أَبيت وَجل مَا أَدْعُو بِهِ ... حَتَّى الصَّباح وَقد أقض المضجع) (لَا هم إِن أخي لديك وديعتي ... أبدا وَلَيْسَ يضيع مَا تستودع) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَى أبي العشائر وَهُوَ أَسِير بِأَرْض الرّوم (نفى النّوم عَن عَيْني خيال مُسلم ... تأوب من أَسمَاء والركب نوم) (وخطب من الْأَيَّام أنساني الْهوى ... وَأحلى بفي الْمَوْت وَالْمَوْت علقم) (وَوَاللَّه مَا شببت إِلَّا علالة ... وَمن نَار غير الْحبّ قلبِي يضرم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 (فَمن مبلغ عني الْحُسَيْن ألوكة ... تضمنها در الْكَلَام المنظم) (لذيذ الْكرَى حَتَّى أَرَاك محرم ... ونار الأسى بَين الحشا تتضرم) (وأترك أَن أبْكِي عَلَيْك تطيرا ... وقلبي يبكي والجوانح تلطم) // من الطَّوِيل // لم يسمع أحسن من هَذَا الْبَيْت فِي التفجع بمنكوب (وَأظْهر للأعداء فِيك جلادة ... وأكتم مَا أَلْقَاهُ وَالله يعلم) (وَمَا أغربت فِيك اللَّيَالِي وَإِنَّهَا ... لتصدعنا من كل شعب وتثلم) (طوارق خطب مَا تغب وفودها ... وأحداث أَيَّام تفذ وتتئم) (فَمَا عَرفتنِي غير مَا أَنا عَارِف ... وَلَا علمتني غير مَا كنت أعلم) وَمِنْهَا (أندعو كَرِيمًا من يجود بِمَالِه ... وَمن جاد بِالنَّفسِ النفيسة أكْرم) (إِذا لم يكن يُنجي الْفِرَار من الردى ... على حَالَة فالصبر أَرْجَى وأحزم) (لعمري لقد أعذرت لَو أَن مسعدا ... وأقدمت لَو أَن الْكَتَائِب تقدم) (وَمَا عابك ابْن السَّابِقين إِلَى الْعلَا ... تَأَخّر أَقوام وَأَنت مقدم) (وَمَالك لَا تلقى بمهجتك القنا ... وَأَنت من الْقَوْم الَّذين هم هم) (لعا يَا أخي لَا مسك السوء إِنَّه ... هُوَ الدَّهْر فِي حاليه بؤسى وأنعم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وَكتب إِلَيْهِ قصيدة أُخْرَى مِنْهَا (أأبا العشائر إِن أسرت فطالما ... أسرت لَك الْبيض الْخفاف رجَالًا) (لما أجلت الْمهْر فَوق رؤوسهم ... نسجت لَهُ حمر الشُّعُور عقَالًا) // من الْكَامِل // مَا أحسن مَا اعتذر لَهُ مَعَ إحسانه التَّشْبِيه (يَا من إِذا حمل الحصان على الوجى ... قَالَ اتخذ حبك التريك نعالا) (مَا كنت نهزة آخذ يَوْم الوغى ... لَو كنت أوجدت الْكُمَيْت مجالا) (أخذوك فِي كيد المضايق غيلَة ... مثل النِّسَاء تربب الرئبالا) (زلل من الْأَيَّام فِيك يقيله ... ملك إِذا عثر الزَّمَان أقالا) (بِالْخَيْلِ ضمرا وَالسُّيُوف قواضبا ... والسمر لدنا وَالرِّجَال عجالا) وَقَالَ (مَا كنت مذ كنت إِلَّا طوع خلاني ... لَيست مُؤَاخذَة الإخوان من شاني) (يجني الْخَلِيل فأستحلي جِنَايَته ... حَتَّى أدل على عفوي وإحساني) (إِذا خليلي لم تكْثر إساءته ... فَأَيْنَ موقع إحساني وغفراني) (يجني عَليّ وأحنو صافحا أبدا ... لَا شَيْء أحسن من حَان على جاني) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (مَا صَاحِبي إِلَّا الَّذِي من بشره ... عنوانه فِي وَجهه وَلسَانه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 (كم صَاحب لم أغن عَن إنصافه ... فِي عشرَة وغنيت عَن إحسانه) // من الْكَامِل // وَكتب فِي وصف كتاب ورد عَلَيْهِ من صديق لَهُ (ووارد مورد أنسا يؤكده ... صدوره عَن سليم الْورْد والصدر) (شدت سحائبه مِنْهُ على نزه ... تقسم الْحسن بَين السّمع وَالْبَصَر) (عذوبة صدرت عَن منطق جدد ... كَالْمَاءِ يخرج ينبوعا من الْحجر) (وروضة من رياض الْفِكر دبجها ... صوب القرائح لَا صوب من الْمَطَر) (كَأَنَّمَا نشرت أَيدي الرّبيع بهَا ... بردا من الوشي أَو ثوبا من الحبر) // من الْبَسِيط // وَقَالَ لأبي الْحصين القَاضِي (من بَحر شعرك أغترف ... وبفضل علمك أعترف) (أنشدتني فَكَأَنَّمَا ... شققت عَن در الصدف) (شعرًا إِذا مَا قسته ... بِجَمِيعِ أشعار السّلف) (قصرن دون مداه ... تَقْصِير الْحُرُوف عَن الْألف) // من الْكَامِل // وَقَالَ أَيْضا (إِنِّي عَلَيْك أَبَا حُصَيْن عَاتب ... وَالْحر يحْتَمل الصّديق وَيغْفر) (وَإِذا وجدت على الصّديق شكوته ... سرا إِلَيْهِ وَفِي المحافل أشكر) // من الْكَامِل // هَكَذَا شَرط الصداقة لَا كَمَا حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاق الصابي فِي قَوْله (وَمن الظُّلم أَن يكون الرضى سرا ... ويبدو الْإِنْكَار وسط النادي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 (وَمن الْعدْل أَن يشاع بِهَذَا ... مثل مَا شاع ذَاك فِي الأشهاد) // من الْخَفِيف // الشكوى والعتاب سوى مَا وَقع فِي الروميات قَالَ (أَرَانِي وقومي فرقتنا مَذَاهِب ... وَإِن جمعتنَا فِي الْأُصُول الْمُنَاسب) (فأقصاهم أَقْصَاهُم من مساءتي ... وأقربهم مِمَّا كرهت الْأَقَارِب) (غَرِيب وَأَهلي حَيْثُ مَا كرّ ناظري ... وحيد وحولي من رجالي عصائب) (نسيبك من ناسبت بالود قلبه ... وجارك من صافيته لَا المصاقب) (وَأعظم أَعدَاء الرِّجَال ثقاتها ... وأهون من عاديته من تحارب) (وَمَا الذَّنب إِلَّا الْعَجز يركبه الْفَتى ... وَمَا ذَنبه إِن حاربته المطالب) (وَمن كَانَ غير السَّيْف كافل رزقه ... فللذل مِنْهُ لَا محَالة جَانب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (مَالِي أعاتب مَالِي أَيْن يذهب بِي ... قد صرح الدَّهْر لي بِالْمَنْعِ والياس) (أبغي الْوَفَاء بدهر لَا وَفَاء لَهُ ... كأنني جَاهِل بالدهر وَالنَّاس) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (تمنيتم أَن تفقدوني وَإِنَّمَا ... تمنيتم أَن تفقدوا الْعِزّ أصيدا) (أما أَنا أَعلَى من تَعدونَ همة ... وَإِن كنت أدنى من تَعدونَ مولدا) (إِلَى الله أَشْكُو عصبَة من عشيرتي ... يسيئون فِي القَوْل غيبا ومشهدا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 (وَإِن حَاربُوا كنت الْمِجَن أمامهم ... وَإِن ضاربوا كنت المهند واليدا) (وَإِن نَاب خطب أَو ألمت ملمة ... جعلت لَهُم نَفسِي وَمَا ملكت فدا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أيا قَومنَا لَا تنشبوا الْحَرْب بَيْننَا ... أيا قَومنَا لَا تقطعوا الْيَد بِالْيَدِ) (فيا لَيْت داني الرَّحِم منا ومنكم ... إِذا لم يقرب بَيْننَا لم يبعد) (عَدَاوَة ذِي الْقُرْبَى أَشد مضاضة ... على الْمَرْء من وَقع الحسام المهند) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (ويغتابني من لَو كفاني غيبه ... لَكُنْت لَهُ الْعين البصيرة والأذنا) (وَعِنْدِي من الْأَخْبَار مَا لَو ذكرته ... إِذا قرع المغتاب من نَدم سنا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (إِذا كَانَ فضلي لَا أسوغ نَفعه ... فأفضل مِنْهُ أَن أرى غير فَاضل) (وَمن أضيع الْأَشْيَاء مهجة عَاقل ... يجوز على حوبائها حكم جَاهِل) // من الطَّوِيل // الْغَزل والنسيب قَالَ (تَبَسم إِذْ تَبَسم عَن أقاح ... وأسفر حِين أَسْفر عَن صباح) (وأتحفني براح من رضاب ... وَرَاح من جنى خد وَرَاح) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 (فَمن لألاء غرته صباحي ... وَمن صهباء ريقته اصطباحي) // من الوافر // وَقَالَ (سكرت من لحظه لَا من مدامته ... وَمَال بِالنَّوْمِ عَن عَيْني تمايله) (فَمَا السلاف دهتني بل سوالفه ... وَلَا الشُّمُول ازدهتني بل شمائله) (ألوى بعزمي أصداغ لوين لَهُ ... وغال صبري مَا تحوي غلائله) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (من أَيْن الرشأ الغرير الأحور ... فِي الخد مثل عذاره المتحدر) (قمر كَأَن بعارضيه كليهمَا ... مسكا تساقط فَوق ورد أَحْمَر) // من الْكَامِل // وَقَالَ (قد كَانَ بدر السَّمَاء حسنا ... وَالنَّاس فِي حبه سَوَاء) (فزاده ربه عذارا ... تمّ بِهِ الْحسن والبهاء) (لَا تعجبوا رَبنَا قدير ... يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (وظبي غرير فِي فُؤَادِي كناسه ... إِذا اكتنست عين الفلاة وحورها) (فَمن خلقه أجيادها وعيونها ... وَمن خلقه عصيانها ونفورها) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وَقَالَ (وشادن قَالَ لي لما رأى سقمي ... وَضعف جسمي والدمع الَّذِي انسجما) (أخذت دمعك من خدي وجسمك من ... خصري وسقمك من طرفِي الَّذِي سقما) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (أَسَاءَ فزادته الْإِسَاءَة حظوة ... حبيب على مَا كَانَ مِنْهُ حبيب) (يعد عَليّ الواشيان ذنُوبه ... وَمن أَيْن للْوَجْه الْجَمِيل ذنُوب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أَيهَا الْغَازِي الَّذِي يَغْزُو ... بِجَيْش الْحبّ جسمي) (مَا يقوم الْأجر فِي ... غزوك للروم بإثمي) // من الرمل // وَقَالَ (وَإِذا يئست من الدنو ... رغبت فِي فرط البعاد) (أَرْجُو الشَّهَادَة فِي هَوَاك ... لِأَن روحي فِي جِهَاد) // من الْكَامِل // وَقَالَ (وكنى الرَّسُول عَن الْجَواب تظرفا ... وَلَئِن كنى فَلَقَد علمنَا مَا عَنى) (قل يَا رَسُول وَلَا تحاش فَإِنَّهُ ... لَا بُد مِنْهُ أَسَاءَ بِي أم أحسنا) (الذَّنب لي فِيمَا جناه لأنني ... مكنته من مهجتي فتمكنا) // من الْكَامِل // وَقَالَ (عدتني عَن زيارته عواد ... أقل مخوفها سمر الرماح) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 (وَلَو أَنِّي أَطَعْت رسيس شوقي ... ركبت إِلَيْهِ أَعْنَاق الرِّيَاح) // من الوافر // وَقَالَ (يَا عسوفا بالمستهام الشفيق ... وعنيفا على الرفيق الرفيق) (أسرق الدمع من نديمي بكأس ... فأحلي عقيانها بالعقيق) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (لطيرتي بالصداع نَالَتْ ... فَوق منال الصداع مني) (وجدت فِيهِ اتِّفَاق سوء ... صدعني مثل صد عني) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (يَا لَيْلَة لست أنسى طيبها أبدا ... كَأَن كل سرُور حَاضر فِيهَا) (باتت وَبت وَبَات الزق ثالثنا ... حَتَّى الصَّباح تسقيني وأسقيها) (كَأَن سود عناقيد بلمتها ... أَهْدَت سلافتها خمرًا إِلَى فِيهَا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (مسيء محسن طورا وطورا ... فَمَا أَدْرِي عدوي أم حَبِيبِي) (وَبَعض الظَّالِمين وَإِن تناهى ... شهي الظُّلم مغتفر الذُّنُوب) // من الوافر // وَقَالَ (قمر دون حسنه الأقمار ... وكثيب من النقا مستعار) (وغزال فِيهِ نفار وَمَا يُنكر ... من شِيمَة الظباء النفار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 (لَا أعاصيه فِي اجتراح الْمعاصِي ... فِي هوى مثله تطيب النَّار) (قد حذرت الملاح دهرا وَلَكِن، ... ساقني نَحْو حبه الْمِقْدَار) (كم أردْت السلو فاستعطفتني ... رقية من رقاك يَا عيار) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (من السلوان فِي ... عَيْنَيْك آيَات وآثار) (أَرَاهَا مِنْك بِالْقَلْبِ ... وَفِي الأضلاع أبصار) (إِذا مَا برد الْقلب ... فَمَا تسخنه النَّار) // من الهزج // وَقَالَ (يَا معشر النَّاس هَل لي ... مِمَّا لقِيت مجير) (أصَاب غرَّة قلبِي ... ذَاك الغزال الغرير) (فعمر ليلى طَوِيل ... وَعمر يومي قصير) // من المجتث // وَقَالَ (أجملي يَا أم عَمْرو ... زادك الله جمالا) (لَا تبيعني برخص ... إِن فِي مثلي يغالي) (أَنا إِن جدت بوصل ... أحسن الْعَالم حَالا) // من الرمل // الْأَوْصَاف والتشبيهات قَالَ فِي وصف الجسر (كَأَنَّمَا المَاء عَلَيْهِ الجسر ... درج بَيَاض خطّ فِيهِ سطر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 (كأننا لما تهيا العبر ... أسرة مُوسَى حِين شقّ الْبَحْر) // من الرجز // وَجلسَ يَوْمًا فِي الْبُسْتَان البديع وَالْمَاء يتدرج فِي البرك فَقَالَ فِي وَصفه وكل واصف فَإِنَّمَا يشبه الْمَوْصُوف بِمَا هُوَ من جنس صناعته أَو بِمَا يكثر رُؤْيَته لَهُ (أنظر إِلَى زهر الرّبيع ... وَالْمَاء فِي برك البديع) (وَإِذا الرِّيَاح جرت عَلَيْهِ ... فِي الذّهاب وَفِي الرُّجُوع) (نثرت على بيض الصفائح ... بَيْننَا حلق الدروع) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف النَّار والفحم (لله برد مَا أَشد ... ومنظر مَا كَانَ أعجب) (جَاءَ الْغُلَام بناره ... هوجاء فِي فَحم تلهب) (فَكَأَنَّمَا جمع الْحلِيّ ... فمحرق مِنْهُ وَمذهب) (وَكَأَنَّهَا لما خبت ... مَا بَيْننَا ند معشب) // من الْكَامِل // وَقَالَ (مددنا علينا اللَّيْل وَاللَّيْل راضع ... إِلَى أَن تردى رَأسه بمشيب) (بِحَال ترد الحاسدين بغيظهم ... وتطرف عَنَّا عين كل رَقِيب) (إِلَى أَن بدا ضوء الصَّباح كَأَنَّهُ ... مبادي نصول فِي عذار خضيب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (وجلنار مشرف ... على أعالي شَجَره) (كَأَن فِي رءوسه ... أحمره وأصفره) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 (قراضة من ذهب ... فِي خرق معصفره) // من الرجز // وَقَالَ فِي جَارِيَة مسبية (وخريدة كرمت على آبائها ... زَمنا وَعند سبائها لم تكرم) (خطبت بِحَدّ السَّيْف حَتَّى زوجت ... كرها وَكَانَ صَدَاقهَا للمقسم) (راحت وصاحبها لعرس حَاضر ... بِرِضا الْإِلَه وَأَهْلهَا فِي مأتم) // من الْكَامِل // ينظر معنى الْبَيْت الأول وَالثَّالِث إِلَى قَول المتنبي (تبْكي عَلَيْهِنَّ البطاريق فِي الدجى ... وَهن لدينا ملقيات كواسد) (بذا قَضَت الْأَيَّام مَا بَين أَهلهَا ... مصائب قوم عِنْد قوم فَوَائِد) // من الطَّوِيل // وَلأبي فراس فِي طعنة أَصَابَت خَدّه (لما رَأَتْ أثر السنان بخده ... ظلت تقلبه بِوَجْه عَابس) (خلف السنان بِهِ مواقع لثمها ... بئس الْخلَافَة للمحب البائس) (حسن الثَّنَاء بقبح مَا صنع القنا ... يَوْم الطعان بِصَحْنِ خد الْفَارِس) // من الْكَامِل // الْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة قَالَ (غنى النَّفس لمن يعقل ... خير من غنى المَال) (وَفضل النَّاس فِي الْأَنْفس ... لَيْسَ الْفضل فِي الْحَال) // من الهزج // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 وَقَالَ (الْمَرْء نصب مصائب لَا تَنْقَضِي ... حَتَّى يوارى جِسْمه فِي رمسه) (فمؤجل يلقى الردى فِي أَهله ... ومعجل يلقى الردى فِي نَفسه) // من الْكَامِل // قَالَ (أنْفق من الصَّبْر الْجَمِيل فَإِنَّهُ ... لم يخْش فقرا منفق من صبره) (والمرء لَيْسَ ببالغ فِي أرضه ... كالصقر لَيْسَ بصائد فِي وَكره) // من الْكَامِل // وَقَالَ (خفض عَلَيْك وَلَا تكن قلق الحشا ... مِمَّا يكون وعله وعساه) (والدهر أقصر مُدَّة مِمَّا ترى ... وعساك أَن تَكْفِي الَّذِي تخشاه) // من الْكَامِل // وَقَالَ (عرفت الشَّرّ لَا ... للشر لَكِن لتوقيه) (فَمن لَا يعرف الشَّرّ ... من النَّاس يَقع فِيهِ) // من الهزج // وَقَالَ (لعمرك مَا الْأَبْصَار تَنْفَع أَهلهَا ... إِذا لم يكن للمبصرين بصائر) (وَهل ينفع الخطي غير مثقف ... وَتظهر إِلَّا بالصقال الْجَوَاهِر) (وَكَيف ينَال الْمجد والجسم وادع ... وَكَيف يحاز الْحَمد والوفر وافر) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (إِذا لم يعنك الله فِيمَا تريده ... فَلَيْسَ لمخلوق إِلَيْك سَبِيل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 (وَإِن هُوَ لم يرشدك فِي كل مَسْلَك ... ضللت وَلَو أَن السماك دَلِيل) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (لست بالمستضيم من هُوَ دوني ... اعتداء وَلست بالمستضام) (رب أَمر عففت عَنهُ اخْتِيَارا ... حذرا من أَصَابِع الْأَيْتَام) (أبذل الْحق للخصوم إِذا مَا ... عجزت عَنهُ قدرَة الْحُكَّام) // من الْخَفِيف // الروميات من غرر أبي فراس لما أدْركْت أَبَا فراس حِرْفَة الْأَدَب وأصابته عين الْكَمَال أسرته الرّوم فِي بعض وقائعها وَهُوَ جريح وَقد أَصَابَهُ سهم بَقِي نصله فِي فَخذه وَحصل مثخنا بخرشنة ثمَّ بقسطنطينية وتطاولت مدَّته بهَا لتعذر المفاداة وَقد قيل على كل نجح رَقِيب من الْآفَات وَقد كَانَت تصدر أشعاره فِي الْأسر وَالْمَرَض واستزادة سيف الدولة وفرط الحنين إِلَى أَهله وإخوانه وأحبابه والتبرم بِحَالهِ ومكانه عَن صدر حرج وقلب شج تزداد رقة ولطافة وتبكي سامعها وَتعلق بِالْحِفْظِ لسلاستها فَمِنْهَا قَوْله (مَا للعبيد من الَّذِي ... يقْضِي بِهِ الله امْتنَاع) (ذدت الْأسود عَن الفرائس ... ثمَّ تفرسني الضباع) // من الْكَامِل // وَقَوله (قد عذب الْمَوْت بأفواهنا ... وَالْمَوْت خير من مقَام الذَّلِيل) (إِنَّا إِلَى الله لما نابنا ... وَفِي سَبِيل الله خير السَّبِيل) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وَلما شقَّتْ فَخذه عَن نصل السهْم الَّذِي أَصَابَهُ قَالَ (فَلَا تصفن الْحَرْب عِنْدِي فَإِنَّهَا ... طَعَامي مذ بِعْت الصِّبَا وشرابي) (وَقد عرفت وَقع المسامير مهجتي ... وشقق عَن زرق النصول إهابي) (ولججت فِي حُلْو الزَّمَان ومره ... وأنفقت من عمري بِغَيْر حِسَاب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ بخرشنة (إِن زرت خرشنة أَسِيرًا ... فَلَقَد حللت بهَا مغيرا) (وَلَقَد رَأَيْت النَّار ... تنتهب الْمنَازل والقصورا) (وَلَقَد رَأَيْت السَّبي يجلب ... نحونا حوا وحورا) (من كَانَ مثلي لم يبت ... إِلَّا أَمِيرا أَو أَسِيرًا) (لَيست تحل سراتنا ... إِلَّا الصُّدُور أَو القبورا) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَى سيف الدولة قصيدة مِنْهَا (دعوتك للجفن القريح المسهد ... لدي وللنوم الْقَلِيل المشرد) (وَمَا ذَاك بخلا بِالْحَيَاةِ وَإِنَّهَا ... لأوّل مبذول لأوّل مجتد) (وَلَا زَالَ عني أَن شخصا معرضًا ... لنبل العدا إِن لم يصب فَكَأَن قد) (ولكنني أخْتَار موت بني أبي ... على سروات الْخَيل غير موسد) (وآبى وتأبى أَن أَمُوت موسدا ... بأيدي النَّصَارَى موت أكمد أكبد) (نضوت على الْأَيَّام ثوب جلادتي ... ولكنني لم أنض ثوب التجلد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 (فَمن حسن صَبر بالسلامة وَاعد ... وَمن ريب دهر بالردى متوعدي) (فمثلك من يدعى لكل عَظِيمَة ... ومثلي من يفْدي بِكُل مسود) (تشبث بهَا أكرومة قبل فَوتهَا ... وقم فِي خلاصي صَادِق الْعَزْم واقعد) (فَإِن تفتدوني تفتدوا شرف الْعلَا ... وأسرع عواد إِلَيْكُم معود) (يدافع عَن أعراضكم بِلِسَانِهِ ... وَيضْرب عَنْكُم بالحسام المهند) (مَتى تخلف الْأَيَّام مثلي لكم فَتى ... طَوِيل نجاد السَّيْف رحب الْمُقَلّد) (وَلَا وَأبي مَا ساعدان كساعد ... وَلَا وَأبي مَا سيدان كسيد) (وَإنَّك للْمولى الَّذِي بك أقتدي ... وَإنَّك للنجم الَّذِي بك أهتدي) (وَأَنت الَّذِي عَرفتنِي طرق الْعلَا ... وَأَنت الَّذِي أهديتني كل مقصد) (وَأَنت الَّذِي بلغتني كل غَايَة ... مشيت إِلَيْهَا فَوق أَعْنَاق حسدي) (فيا ملبسي النعمى الَّتِي جلّ قدرهَا ... لقد أخلقت تِلْكَ الثِّيَاب فجدد) (ألم تَرَ أَنِّي فِيك صافحت حَدهَا ... وفيك شربت الْمَوْت غير مصرد) (وفيك لقِيت الْألف زرقا عيونها ... بسبعين فِيهَا كل أشأم أنكد) (يَقُولُونَ جنب عَادَة مَا عرفتها ... شَدِيد على الْإِنْسَان مَا لم يعود) (فَقلت أما وَالله مَا قَالَ قَائِل ... شهِدت لَهُ فِي الْخَيل ألأم مشْهد) (وَلَكِن سألقاها فإمَّا منية ... هِيَ الظَّن أَو بُنيان عز مؤيد) (وَلم أدر أَن الدَّهْر من عدد العدا ... وَأَن المنايا السود يرمين عَن يَد) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وَكتب إِلَى والدته وَقد ثقل من الْجراح الَّتِي بِهِ (مصابي جليل والعزاء جميل ... وظني بِأَن الله سَوف يديل) (جراح تحاماها الأساة مَخَافَة ... وسقمان باد مِنْهُمَا ودخيل) (وَأسر أقاسيه وليل نجومه ... أرى كل شَيْء غَيْرهنَّ يَزُول) (تطول بِي السَّاعَات وَهِي قَصِيرَة ... وَفِي كل دهر لَا يَسُرك طول) (تناساني الْأَصْحَاب إِلَّا عِصَابَة ... ستلحق بِالْأُخْرَى غَدا وتحول) (وَإِن الَّذِي يبْقى على الْعَهْد مِنْهُم ... وَإِن كثرت دَعوَاهُم لقَلِيل) (أقلب طرفِي لَا أرى غير صَاحب ... يمِيل مَعَ النعماء حَيْثُ تميل) (وصرنا نرى أَن المتارك محسن ... وَأَن خَلِيلًا لَا يضر وُصُول) // من الطَّوِيل // كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَول المتنبي (إِنَّا لفي زمن ترك الْقَبِيح بِهِ ... من أَكثر النَّاس إنعام وإفضال) // من الْبَسِيط // رَجَعَ (تصفحت أَحْوَال الزَّمَان فَلم يكن ... إِلَى غير شَاك للزمان وُصُول) (أكل خَلِيل أنكد غير منصف ... وكل زمَان بالكرام بخيل) (نعم دعت الدُّنْيَا إِلَى الْغدر دَعْوَة ... أجَاب إِلَيْهَا عَالم وجهول) (وَفَارق عَمْرو بن الزبير شقيقه ... وخلى أَمِير الْمُؤمنِينَ عقيل) (فيا حسرتي من لي بخل مُوَافق ... أَقُول بشجوي مرّة وَيَقُول) (وَإِن وَرَاء السّتْر أما بكاؤها ... عَليّ وَإِن طَال الزَّمَان طَوِيل) (فيا أمتا لَا تعدمي الصَّبْر إِنَّه ... إِلَى الْخَيْر والنجح الْقَرِيب رَسُول) (فيا أمتا لَا تحبطي الْأجر إِنَّه ... على قدر الصَّبْر الْجَمِيل جزيل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 (تأسي كَفاك الله مَا تجدينه ... فقد غال هَذَا النَّاس قبلك غول) (لقِيت نُجُوم الْأُفق وَهِي صوارم ... وخضت سَواد اللَّيْل وَهُوَ خُيُول) (وَلم أرع للنَّفس الْكَرِيمَة خلة ... عَشِيَّة لم يعْطف عَليّ خَلِيل) (وَلَكِن لقِيت الْمَوْت حَتَّى تركته ... وَفِيه وَفِي حد الحسام فلول) (وَمن لم يُوقَ الله فَهُوَ ممزق ... وَمن لم يعز الله فَهُوَ ذليل) (وَمن لم يردهُ الله فِي الْأَمر كُله ... فَلَيْسَ لمخلوق إِلَيْهِ سَبِيل) وَكتب إِلَى سيف الدولة (هَل تعطفان على العليل ... لَا بالأسير وَلَا الْقَتِيل) (باتت تقلبه الأكف ... سَحَابَة اللَّيْل الطَّوِيل) (فقد الضيوف مَكَانَهُ ... وبكاه أَبنَاء السَّبِيل) (وتعطلت سمر الرماح ... وأغمدت بيض النصول) (يَا فارج الكرب الْعَظِيم ... وَكَاشف الْخطب الْجَلِيل) (كن يَا قوي لذا الضَّعِيف ... وَيَا عَزِيز لذا الذَّلِيل) (قربه من سيف الْهدى ... فِي ظلّ دولته الظليل) (لم أرو مِنْهُ وَلَا شفيت ... بطول خدمته غليلي) (وَلَئِن حننت إِلَى ذراه ... لقد حننت إِلَى وُصُول) (لَا بالقطوب وَلَا الغضوب ... وَلَا الكذوب وَلَا الملول) (يَا عدتي فِي النائبات ... وظلتي عِنْد المقيل) (أَيْن الْمحبَّة والذمام ... وَمَا وعدت من الْجَمِيل) (احْمِلْ على النَّفس الْكَرِيمَة ... فِي وَالْقلب الحمول) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وَكتب إِلَى والدته (لَوْلَا الْعَجُوز بمنبج ... مَا خفت أَسبَاب المنيه) (ولكان لي عَمَّا سَأَلت ... من الفدى نفس أَبِيه) (لَكِن أردْت مرادها ... وَلَو انجذبت إِلَى الدنيه) (أمست بمنبج حرَّة ... بالحزن من بعدِي حريه) (فِيهَا التقى وَالدّين مجموعان ... فِي نفس زكيه) (لَا زَالَ يطْرق منبجا ... فِي كل غادية تحيه) (يَا أمتا لَا تحزني ... وثقي بِفضل الله فِيهِ) (يَا أمتا لَا تيأسي ... لله ألطاف خفيه) (أوصيك بِالصبرِ الْجَمِيل ... فَإِنَّهُ خير الوصيه) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَى غلامين لَهُ (هَل تحسان لي رَفِيقًا رَفِيقًا ... يحفظ الود أَو صديقا صَدُوقًا) (لَا رعى الله يَا خليلي دهرا ... فرقتنا صروفه تفريقا) (كنت مولاكما وَمَا كنت إِلَّا ... والدا محسنا وَعَما شفيقا) (فاذكراني وَكَيف لَا تذكراني ... كلما استخون الصّديق صديقا) (بت أبكيكما وَإِن عجيبا ... أَن يبيت الْأَسير يبكي الطليقا) // من الْخَفِيف // وَكتب إِلَى غُلَامه مَنْصُور (مغرم مؤلم جريح أَسِير ... إِن قلبا يُطيق ذَا لصبور) (وَكثير من الرِّجَال حَدِيد ... وَكثير من الْقُلُوب صخور) (قل لمن حل بالشآم طليقا ... بِأبي قَلْبك الطليق الْأَسير) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 (أَنا أَصبَحت لَا أُطِيق حراكا ... كَيفَ أَصبَحت أَنْت يَا مَنْصُور) // من الْخَفِيف // وَكتب إِلَيْهِ (ارث لصب بك قد زِدْته ... على بلايا أسره أسرا) (قد عدم الدُّنْيَا ولذاتها ... لكنه مَا عدم الصبرا) (فَهُوَ أَسِير الْجِسْم فِي بَلْدَة ... وَهُوَ أَسِير الْقلب فِي أُخْرَى) // من السَّرِيع // وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا (يَا ليل مَا أغفل عَمَّا بِي ... حبائبي فِيك وأحبابي) (يَا ليل نَام النَّاس عَن موجع ... ناء على مضجعه نابي) (هبت لَهُ ريح شآمية ... متت إِلَى الْقلب بِأَسْبَاب) (أدَّت رسالات حبيب بهَا ... فهمتها من بَين أَصْحَابِي) // من السَّرِيع // بَلغنِي أَن الصاحب كَانَ يستظرف هذَيْن الْبَيْتَيْنِ ويستملحهما وَيكثر الْإِعْجَاب بهما وَكتب إِلَيْهِمَا (لأيكم أذكر ... وَفِي أَيّكُم أفكر) (وَكم لي على بلدتي ... بكاء ومستعبر) (فَفِي حلب عدتي ... وعزي والمفخر) (وَفِي منبج من رِضَاهُ ... أنفس مَا أذخر) (وَمن حبها زلفة ... بهَا يكرم الْمَحْشَر) (وأصبيه كالفراخ ... أكبرهم أَصْغَر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 (يخيل لي أَمرهم ... كَأَنَّهُمْ حضر) (وَقوم ألفناهم ... وغصن الصِّبَا أَخْضَر) (فحزني مَا يَنْقَضِي ... ودمعي مَا يفتر) (أيا غفلتا كَيفَ لَا ... أَرْجَى كَمَا أحذر) (وماذا الْقنُوط الَّذِي ... أرَاهُ وأستشعر) (بلَى إِن لي سيدا ... مواهبه أَكثر) (بذنبي أوردتني ... وَمن فضلك الْمصدر) // من المتقارب // وَقَالَ وَقد حَضَره الْعِيد (يَا عيد مَا عدت بمحبوب ... على معنى الْقلب مكروب) (يَا عيد قد عدت إِلَى نَاظر ... عَن كل حسن فِيك مَحْجُوب) (يَا وَحْشَة الدَّار الَّتِي رَبهَا ... أصبح فِي أَثوَاب مربوب) (قد طلع الْعِيد على أَهلهَا ... بِوَجْه لَا حسن وَلَا طيب) (مَا لي وللدهر وأحداثه ... لقد رماني بالأعاجيب) // من السَّرِيع // وَقَالَ وَقد سمع حمامة تنوح بِقُرْبِهِ على شَجَرَة عالية (أَقُول وَقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتي هَل تشعرين بحالي) (معَاذ الْهوى مَا ذقت طارقة الْهوى ... وَلَا خطرت مِنْك الهموم ببال) (أتحمل محزون الْفُؤَاد قوادم ... على غُصْن نائي الْمسَافَة عالي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 (أيا جارتا مَا أنصف الدَّهْر بَيْننَا ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي) (تعالي تري روحا لدي ضَعِيفَة ... تردد فِي جسم يعذب بالي) (أيضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون وَينْدب سالي) (لقد كنت أولى مِنْك بالدمع مقلة ... وَلَكِن دمعي فِي الْحَوَادِث غالي) // من الطَّوِيل // وَكتب إِلَى سيف الدولة (أما لجميل عندكن ثَوَاب ... وَلَا لمسيء عندكن متاب) (إِذا الْخلّ لم يهجرك إِلَّا ملالة ... فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْفِرَاق عتاب) (إِذا لم أجد من خلة مَا أريده ... فعندي لأخرى عَزمَة وركاب) (وَلَيْسَ فِرَاق مَا اسْتَطَعْت فَإِن يكن ... فِرَاق على حَال فَلَيْسَ إياب) // من الطَّوِيل // أَخذه من قَول الْقَائِل وَهُوَ أَوْس بن حجر (إِذا انصرفت نَفسِي عَن الشَّيْء لم تكد ... إِلَيْهِ بِوَجْه آخر الدَّهْر تقبل) // من الطَّوِيل // رَجَعَ (صبور وَلَو لم يبْق مني بَقِيَّة ... قؤول وَلَو أَن السيوف جَوَاب) (وقور وأحداث الزَّمَان تنوشني ... وللموت حَولي جيئة وَذَهَاب) (بِمن يَثِق الْإِنْسَان فِيمَا ينوبه ... وَمن أَيْن للْحرّ الْكَرِيم صِحَاب) (وَقد صَار هَذَا النَّاس إِلَّا أقلهم ... ذئاب على أجسادهن ثِيَاب) (تغابيت عَن قوم فظنوا غباوة ... بمفرق أغبانا حَصى وتراب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 (وَلَو عرفوني بعض معرفتي بهم ... إِذا علمُوا أَنِّي شهِدت وغابوا) (إِلَى الله أَشْكُو أننا بمنازل ... تحكم فِي آسادهن كلاب) (تمر اللَّيَالِي لَيْسَ للنفع مَوضِع ... لدي وَلَا للمعتفين جناب) (وَلَا شدّ لي سرج على متن سابح ... وَلَا ضربت لي بالعراء قباب) (وَلَا برقتْ لي فِي اللِّقَاء قواطع ... وَلَا لمعت لي فِي الحروب حراب) (ستذكر أيامي نمير وعامر ... وَكَعب على علاتها وكلاب) (أَنا الْجَار لَا زادي بطيء عَلَيْهِم ... وَلَا دون مَا لي فِي الْحَوَادِث بَاب) (وَلَا أطلب العوراء مِنْهَا أصيبها ... وَلَا عورتي للطالبين تصاب) (بني عمنَا مَا يفعل السَّيْف فِي الوغى ... إِذا قل مِنْهُ مضرب وذباب) (بني عمنَا نَحن السواعد والظبا ... ويوشك يَوْمًا أَن يكون ضراب) (وَمَا أَدعِي مَا يعلم الله غَيره ... رحاب عَليّ للعفاة رحاب) (وأفعاله للراغبين كَرِيمَة ... وأمواله للطالبين نهاب) (وَلَكِن بِنَا مِنْهُ بكفي صارم ... وأظلم فِي عَيْني مِنْهُ شهَاب) ألم فِيهِ بقول البحتري (سَحَاب عداني جوده وَهُوَ ريق ... وبحر خطاني فيضه وَهُوَ مفعم) (وَبدر أَضَاء الأَرْض شرقا ومغربا ... وَمَوْضِع رحلي مِنْهُ أسود مظلم) // من الطَّوِيل // رَجَعَ وَأَبْطَأ عني والمنايا سريعة ... وللموت ظفر قد أطل وناب) (فَإِن لم يكن ود قريب تعده ... وَلَا نسب بَين الرِّجَال قرَاب) (فأحوط لِلْإِسْلَامِ أَن لَا يضيعني ... ولي عَنهُ فِيهِ حوطة ومناب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 (ولكنني رَاض على كل حَالَة ... لنعلم أَي الخلتين سراب) (وَمَا زلت أرْضى بِالْقَلِيلِ محبَّة ... لَدَيْهِ وَمَا دون الْكثير حجاب) (وأطلب إبْقَاء على الود أرضه ... وذكرى منى فِي غَيرهَا وطلاب) (كَذَاك الوداد الْمَحْض لَا يرتجى لَهُ ... ثَوَاب وَلَا يخْشَى عَلَيْهِ عِقَاب) وَمثله للمتنبي (وَمَا أَنا بالباغي على الْحبّ رشوة ... ضَعِيف هوى يبغى عَلَيْهِ ثَوَاب) // من الطَّوِيل // رَجَعَ (وَقد كنت أخْشَى الهجر والشمل جَامع ... وَفِي كل يَوْم لقية وخطاب) (فَكيف وَفِيمَا بَيْننَا ملك قَيْصر ... وللبحر حَولي زخرة وعباب) (أَمن بعد بذل النَّفس فِيمَا تريده ... أثاب بمر العتب حِين أثاب) (فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترْضى والأنام غضاب) (وليت الَّذِي بيني وَبَيْنك عَامر ... وبيني وَبَين الْعَالمين خراب) (إِذا صَحَّ مِنْك الود فَالْكل هَين ... وكل الَّذِي فَوق التُّرَاب تُرَاب) وَكتب إِلَيْهِ (بالكره مني واختيارك ... أَن لَا أكون حَلِيف دَارك) (يَا تاركي إِنِّي لشكرك ... مَا حييت لغير تَارِك) (كن كَيفَ شِئْت فإنني ... ذَاك المواسي والمشارك) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَيْهِ (أَبى غرب هَذَا الدمع إِلَّا تسرعا ... ومكنون هَذَا الْحبّ إِلَّا تضوعا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 (وَكنت أرى أَنِّي مَعَ الصَّبْر وَاجِد ... وَإِذا شِئْت لي ممضى وَإِن شِئْت مرجعا) (فَلَمَّا اسْتمرّ الْحبّ فِي غلوائه ... رعيت مَعَ المضياعة الغر مَا رعى) (فحزني حزن الهائمين مبرحا ... وسري سر العاشقين مضيعا) (وهبت شَبَابِي والشباب مضنة ... لأبلج من أَبنَاء عمي أروعا) (أَبيت معنى من مَخَافَة عَتبه ... وَأصْبح مَحْزُونا وأمسي مروعا) (فَلَمَّا مضى عصر الشبيبة كُله ... وفارقني شرخ الشَّبَاب فودعا) (تطلبت بَين العتب والهجر فُرْجَة ... فحاولت أمرا لَا يرام ممنعا) (وصرت إِذا مَا رمت فِي الْخَيْر لَذَّة ... تتبعتها بَين الهموم تتبعا) (وَهَا أَنا قد حلى الزَّمَان مفارقي ... وتوجني بالشيب تاجا مرصعا) (فَلَو أنني مكنت مِمَّا أريده ... من الْعَيْش يَوْمًا لم أجد فِي موضعا) (أما لَيْلَة تمْضِي وَلَا بعض لَيْلَة ... أسر بهَا هَذَا الْفُؤَاد المفجعا) (أما صَاحب فَرد يَدُوم وفاؤه ... فيصفى لمن يصفى ويرعى لمن رعى) (أَفِي كل دَار لي صديق أوده ... إِذا مَا تفرقنا حفظت وضيعا) (إِذا خفت من أخوالي الرّوم خطة ... تخوفت من أعمامي الْعَرَب أَرْبعا) (وَإِن أوجعتني من أعادي شِيمَة ... لقِيت من الأحباب أدهى وأوجعا) (وَلَو قد رَجَوْت الله لَا شَيْء غَيره ... رجعت إِلَى آلي وأملت أوسعا) (لقد قنعوا بعدِي من الْقطر بالندى ... وَمن لم يجد إِلَّا القنوع تقنعا) (وَمَا مر إِنْسَان فأخلف مثله ... وَلَكِن يُرْجَى النَّاس أمرا مرقعا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 (تنكر سيف الدّين لما عتبته ... وَعرض بِي تَحت الْكَلَام وقرعا) (فقولا لَهُ من صَادِق الود إِنَّنِي ... جعلتك مِمَّا رَابَنِي مِنْك مفزعا) (وَلَو أنني أكننته فِي جوانحي ... لأورق مَا بَين الضلوع وفرعا) (فَلَا تغترر بِالنَّاسِ مَا كل من ترى ... أَخُوك إِذا أَوضعت فِي الْأَمر أوضعا) (فَللَّه إِحْسَان عَليّ ونعمة ... وَللَّه صنع قد كفاني التصنعا) (أَرَانِي طرق المكرمات كَمَا رأى ... عَليّ وأسعى لي عليا كَمَا سعى) (فَإِن يَك بطء مرّة فلطالما ... تعجل بِي نَحْو الْجَمِيل فأسرعا) (وَإِن يجِف فِي بعض الْأُمُور فإنني ... لأشكره النعمى الَّتِي كَانَ أودعا) (وَإِن يستجد النَّاس بعدِي فَلم يزل ... بِذَاكَ البديل المستجد ممتعا) // من الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ أَبُو فراس مفاداتي إِن تَعَذَّرَتْ عَلَيْك فَأذن لي فِي مُكَاتبَة أهل خُرَاسَان ومراسلتهم ليفادوني وينوبوا عَنْك فِي أَمْرِي فَأَجَابَهُ سيف الدولة بِكَلَام حسن وَقَالَ لَهُ وَمن يعرفك بخراسان فَكتب إِلَيْهِ أَبُو فراس (أسيف الْهدى وقريع الْعَرَب ... إلام الْجفَاء وفيم الْغَضَب) (وَمَا بَال كتبك قد أَصبَحت ... تنكبني مَعَ هذي النكب) (وَأَنت الْكَرِيم وَأَنت الْحَلِيم ... وَأَنت العطوف وَأَنت الحدب) (وَمَا زلت تسعفني بالجميل ... وتنزلني بِالْمَكَانِ الخصب) (وَإنَّك للجبل المشمخر ... لي بل لقَوْمك بل للْعَرَب) (علا يُسْتَفَاد وعاف يفاد ... وَعز يشاد ونعمى ترب) (وَمَا غض مني هَذَا الإسار ... وَلَكِن خلصت خلوص الذَّهَب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 (فَفِيمَ يقرعني بالخمول ... مولى بِهِ نلْت أَعلَى الرتب) (وَكَانَ عتيدا لدي الْجَواب ... وَلَكِن لهيبته لم أجب) (أتنكر أَنِّي شَكَوْت الزَّمَان ... وَأَنِّي عتبتك فِيمَن عتب) (فألا رجعت فأعتبتني ... وصيرت لي ولقومي الغلب) (فَلَا تنسبن إِلَيّ الخمول ... عَلَيْك أَقمت فَلم أغترب) (وأصبحت مِنْك فَإِن كَانَ فضل ... وَإِن كَانَ نقص فَأَنت السَّبَب) (وَإِن خُرَاسَان إِن أنْكرت ... علاي فقد عرفتها حلب) (وَمن أَيْن ينكرني الأبعدون ... أَمن نقص جد أَمن نقص أَب) (أَلَسْت وَإِيَّاك من أسرة ... وبيني وَبَيْنك عرق النّسَب) (وداد تناسب فِيهِ الْكِرَام ... وتربية وَمحل أشب) (وَنَفس تكبر إِلَّا عَلَيْك ... وترغب إلاك عَمَّن رغب) (فَلَا تعدلن فدَاك ابْن عمك ... لَا بل غلامك عَمَّا يجب) (وأنصف فتاك فإنصافه ... من الْفضل وَالنّسب المكتسب) (فَكنت الحبيب وَكنت الْقَرِيب ... ليَالِي أَدْعُوك من عَن كثب) (فَلَمَّا بَعدت بَدَت جفوة ... ولاح من الْأَمر مَا لَا أحب) (فَلَو لم أكن بك ذَا خبْرَة ... لَقلت صديقك من لم يغب) // من المتقارب // وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا (زماني كُله غضب وعتب ... وَأَنت عَليّ وَالْأَيَّام ألب) (وعيش الْعين لديك سهل ... وعيشي وَحده بفناك صَعب) (فَكيف وَأَنت دَافع كل خطب ... مَعَ الْخطب الملم عَليّ خطب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 (فَلَا تحمل على قلب جريح ... بِهِ لحوادث الْأَيَّام ندب) (أمثلي تقبل الْأَقْوَال فِيهِ ... وَمثلك يسْتَمر عَلَيْهِ كذب) (جناني مَا علمت ولي لِسَان ... يقد الدرْع وَالْإِنْسَان عضب) (وزندي وَهُوَ زندك لَيْسَ يكبو ... وناري وَهِي نارك لَيْسَ تخبو) (وفرعي فرعك السَّامِي المعلي ... وأصلي أصلك الزاكي وَحسب) (وفضلي تعجز الْفُضَلَاء عَنهُ ... لِأَنَّك أَصله وَالْمجد ترب) (فدت نَفسِي الْأَمِير وَكَانَ حظي ... وقربي عِنْده مَا دَامَ قرب) (فَلَمَّا حَالَتْ الْأَعْدَاء دوني ... وَأصْبح بَيْننَا بَحر ودرب) (ظللت تبدل الْأَقْوَال بعدِي ... ويبلغني اغتيابك مَا يغب) (فَقل مَا شِئْت فِي فلي لِسَان ... مَلِيء بالثناء عَلَيْك رطب) (وقابلني بإنصاف وظلم ... تجدني فِي الْجَمِيع كَمَا تحب) // من الوافر // وَبلغ أَبَا فراس أَن والدته قصدت حَضْرَة سيف الدولة من منبج تكَلمه فِي المفاداة وتتضرع إِلَيْهِ فَلم يكن عِنْده مَا رجت من حسن الْإِيجَاب وَوَافَقَ ذَلِك عنفا من الدمستق بِأبي فراس وَمن مَعَه من الأسرى وَزِيَادَة فِي إرهاقهم فَكتب إِلَى سيف الدولة (يَا حسرة مَا أكاد أحملها ... آخرهَا مزعج وأولها) (عليلة بالشآم مُفْردَة ... بَات بأيدي العدى معللها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 (إِذا اطمأنت وَأَيْنَ أَو هدأت ... عنت لَهَا ذكرة تقلقلها) (تسْأَل عَنَّا الركْبَان جاهدة ... بأدمع مَا تكَاد تمهلها) (يَا من رأى لي بحصن خرشنة ... أَسد شرى فِي الْقُيُود أرجلها) (يَا من رأى فِي الدروب شامخة ... دون لِقَاء الحبيب أطولها) (يَا أَيهَا الراكبان هَل لَكمَا ... فِي حمل نجوى يخف محملها) (يَا أمتا هَذِه مَنَازلنَا ... نتركها تَارَة وننزلها) // من المنسرح // وَمِنْهَا (يَا سيدا مَا تعد مكرمَة ... إِلَّا وَفِي راحتيك أكملها) (لَيست تنَال الْقُيُود من قدمي ... وَفِي اتباعي رضاك أحملها) (لَا تتيمم وَالْمَاء تُدْرِكهُ ... غَيْرك يرضى الصُّغْرَى ويقبلها) (أَنْت سَمَاء وَنحن أنجمها ... أَنْت بِلَاد وَنحن أجبلها) (أَنْت سَحَاب وَنحن وابله ... أَنْت يَمِين وَنحن أشملها) (بِأَيّ عذر رددت والهة ... عَلَيْك دون الورى معولها) (جاءتك تمتاح رد وَاحِدهَا ... ينْتَظر النَّاس كَيفَ تقفلها) (تِلْكَ الْعُقُود الَّتِي عقدت لنا ... كَيفَ وَقد أحكمت تحللها) (أرحامنا مِنْك لم تقطعها ... وَلم تزل دائبا توصلها) (سمحت مني بمهجة كرمت ... أَنْت على يأسها مؤملها) (إِن كنت لم تبذل الْفِدَاء لَهَا ... فَلم أزل فِي هَوَاك أبذلها) (تِلْكَ المودات كَيفَ تهملها ... تِلْكَ المواعيد كَيفَ تغفلها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 (أَيْن الْمَعَالِي الَّتِي عرفت بهَا ... تَقُولهَا دائبا وتفعلها) (يَا وَاسع الدَّار كَيفَ توسعها ... وَنحن فِي صَخْرَة نزلزلها) (يَا ناعم الثَّوْب كَيفَ تبدله ... ثيابنا الصُّوف مَا نبدلها) (يَا رَاكب الْخَيل لَو بصرت بِنَا ... نحمل أقيادنا وننقلها) (رَأَيْت فِي الضّر أوجها كرمت ... فَارق فِيك الْجمال أجملها) (قد أثر الدَّهْر فِي محاسنها ... تعرفها تَارَة وتجهلها) (لَا يفتح النَّاس بَاب مكرمَة ... صَاحبهَا المستغاث يقفلها) (أينبري دُونك الْكِرَام لَهَا ... وَأَنت قمقامها وأجملها) (وَأَنت إِن عز حَادث جلل ... قَلبهَا المرتجى وحولها) (مِنْك تردى بِالْفَضْلِ أفضلهَا ... مِنْك أَفَادَ النوال أنولها) (فَإِن سَأَلنَا سواك عارفة ... فَبعد قطع الرَّجَاء نسألها) (لم يبْق فِي النَّاس أمة عرفت ... إِلَّا وَفضل الْأَمِير يشملها) (نَحن أَحَق الورى برأفته ... فَأَيْنَ عَنَّا وَكَيف معدلها) (يَا منفق المَال لَا يُرِيد بِهِ ... إِلَّا الْمَعَالِي الَّتِي يؤثلها) (أَصبَحت تشري مكارما فضلا ... فداؤنا مَا علمت أفضلهَا) (لَا يقبل الله قبل فرضك ذَا ... نَافِلَة عِنْده تنفلها) وَكتب إِلَى أبي الْمَعَالِي وَأبي المكارم ابْني سيف الدولة (يَا سَيِّدي أراكما ... لَا تذكران أخاكما) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 (أوجدتما بَدَلا بِهِ ... يَبْنِي سَمَاء علاكما) (أوجدتما بَدَلا بِهِ ... يفري نحور عداكما) (من ذَا يعاب بِمَا لقِيت ... من الورى إلاكما) (لَا تقعدا بِي بعْدهَا ... وسلا الْأَمِير أَبَاكُمَا) (وخذا فداي جعلت من ... ريب الْمنون فداكما) // من الْكَامِل // وَقَالَ لما طَال أسره يسب الشامتين ويتشوق مَحَله بمنبج (قف فِي رسوم المستجاب ... وناد أكناف الْمصلى) (تِلْكَ الْمنَازل والملاعب ... لَا أَرَاهَا الله محلا) (أوطنتها زمن الصِّبَا ... وَجعلت منبج لي محلا) (حَيْثُ الْتفت رَأَيْت مَاء ... سائحا وسكنت ظلا) (وَالْمَاء يفصل بَين زهر ... الرَّوْض فِي الشطين فصلا) (كبساط وشي جردت ... أَيدي القيون عَلَيْهِ نصلا) (من كَانَ سر بِمَا عراني ... فليمت ضرا وهزلا) (مَا غض مني حَادث ... وَالْقَرْمُ قرم حَيْثُ حلا) (أَنِّي حللت فَإِنَّمَا ... يدعونني السَّيْف الْمحلى) (وَلَئِن خلصت فإنني ... شَرق العدا طفْلا وكهلا) (مَا كنت إِلَّا السَّيْف زَاد ... على صروف الدَّهْر صقلا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 (وَلَئِن قتلت فَإِنَّمَا ... موت الْكِرَام الصَّيْد قَتْلَى) (يغتر بالدنيا الجهول ... وَلَيْسَ بالدنيا مملى) // من الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة (أَرَاك عصي الدمع شيمتك الصَّبْر ... أما للهوى نهي عَلَيْك وَلَا أَمر) (بلَى أَنا مشتاق وَعِنْدِي لوعة ... وَلَكِن مثلي لَا يذاع لَهُ سر) (إِذا اللَّيْل أضوى بِي بسطت يَد الرجا ... وأذللت دمعا من خلائقه الْكبر) (تكَاد تضيء النَّار بَين جوانحي ... إِذا هِيَ أذكتها الصبابة والفكر) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَإِنِّي لجرار لكل كَتِيبَة ... معودة أَن لَا يخل بهَا النَّصْر) (وأصدأ حَتَّى ترتوي الْبيض والقنا ... وأسغب حَتَّى يشْبع الذِّئْب والنسر) وَمِنْهَا (أسرت وَمَا صحبي بعزل لَدَى الوغى ... وَلَا فرسي مهر وَلَا ربه غمر) (وَلَكِن إِذا حم الْقَضَاء على امْرِئ ... فَلَيْسَ لَهُ بر يَقِيه وَلَا بَحر) (وَقَالَ أصيحابي الْفِرَار أَو الردى ... فَقلت هما أَمْرَانِ أحلاهما مر) (ولكنني أمضي لما لَا يعيبني ... وحسبك من أَمريْن خيرهما الْأسر) (وَلَا خير فِي دفع الردى بمذلة ... كَمَا ردهَا يَوْمًا بسوأته عَمْرو) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وَكتب إِلَى سيف الدولة قصيدة مِنْهَا (مَا لي جزعت من الخطوب وَإِنَّمَا ... أَخذ الْإِلَه لبَعض مَا أَعْطَانِي) (إِن لم تكن طَالَتْ سني فَإِن لي ... رَأْي الكهول ونجدة الشبَّان) (قمن بِمَا سر الأعادي موقفي ... والدهر برز لي مَعَ الأقران) (يَا دهر خُنْت مَعَ الأصادق خلتي ... وغدرت بِي فِي جملَة الإخوان) (لَكِن سيف الدولة الْمولى الَّذِي ... لم أنسه وَأرَاهُ لَا ينساني) (أيضيعني من لم يزل لي حَافِظًا ... كرما ويخفضني الَّذِي أعلاني) (إِنِّي أغار على مَكَاني أَن أرى ... فِيهِ رجَالًا لَا تسد مَكَاني) // من الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة (يعز على الْأَحِبَّة بالشآم ... حبيب بَات مَمْنُوع الْمَنَام) (وَإِنِّي للصبور على الرزايا ... وَلَكِن الْكَلَام على الْكَلَام) (جروح مَا يزلن يردن مني ... على جرح قريب الْعَهْد دَامَ) (تأملني الدمستق إِذْ رَآنِي ... فأبصر صِيغَة اللَّيْث الْهمام) (أتنكرني كَأَنَّك لست تَدْرِي ... بِأَنِّي ذَلِك البطل المحامي) (فَلَا هنئتها نعمى بأخذي ... وَلَا وصلت سعودك بالتمام) (أما من أعجب الْأَشْيَاء علج ... يعرفنِي الْحَلَال من الْحَرَام) (وتكنفه بطارقة تيوس ... تباري بالعثانين الضخام) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 (لَهُم خلق الْحمير فلست تلقى ... فَتى مِنْهُم يسير بِلَا حزَام) (يريغون الْعُيُوب وأعجزتهم ... وَأي الْعَيْب يُوجد فِي الحسام) (ثَنَاء طيب لَا خلف فِيهِ ... وآثار كآثار الْغَمَام) (ألاز على التَّعَرُّض للمنايا ... ولي سمع أَصمّ عَن الملام) (بَنو الدُّنْيَا إِذا مَاتُوا سَوَاء ... وَلَو عمر المعمر ألف عَام) (أَلا يَا صَاحِبي تذكراني ... إِذا مَا شمتما الْبَرْق الشآمي) (إِذا مَا لَاحَ لي لمعان برق ... بعثت إِلَى الْأَحِبَّة بِالسَّلَامِ) // من الوافر // وَكتب إِلَيْهِ ابْن الأسمر يوصيه بِالصبرِ فَأَجَابَهُ (ندبت لحسن الصَّبْر قلب نجيب ... وناديت بِالتَّسْلِيمِ خير مُجيب) (وَلم يبْق مني غير قلب مشيع ... وعود على نَاب الزَّمَان صَلِيب) (وَقد علمت أُمِّي بِأَن منيتي ... بِحَدّ حسام أَو بِحَدّ قضيب) (كَمَا علمت من قبل أَن يغرق ابْنهَا ... بمهلكه فِي المَاء أم شبيب) // من الطَّوِيل // كَانَت أم شبيب رَأَتْ فِي منامها وَهِي حُبْلَى كَأَن نَار أخرجت من بَطنهَا فاشتعلت الْآفَاق ثمَّ وَقعت فِي المَاء فانطفأت فَلَمَّا كَانَ من أمره مَا كَانَ ونعى إِلَيْهَا لم تصدق حَتَّى قيل إِنَّه قد غرق فِي المَاء فأقامت المناحة (تجشمت خوف الْعَار أعظم خطة ... وأملت نصرا كَانَ غير قريب) (وللعار خلى رب غَسَّان ملكه ... وَفَارق دين الله غير مُصِيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 (وَلم يرتغب فِي الْعَيْش عِيسَى بن مُصعب ... وَلَا خف خوف بالحزون خبيب) وأحفظ أَبُو فراس الدمستق فِي مناظرة جرت بَينهمَا فَقَالَ لَهُ الدمستق إِنَّمَا أَنْتُم كتاب وَلَا تعرفُون الْحَرْب فَقَالَ لَهُ أَبُو فراس نَحن نَطَأ أَرْضك مُنْذُ سِتِّينَ سنة بِالسُّيُوفِ أم بالأقلام ثمَّ قَالَ (أتزعم يَا ضخم اللغاديد أننا ... وَنحن أسود الْحَرْب لَا نَعْرِف الحربا) (فويلك من للحرب إِن لم نَكُنْ لَهَا ... وَمن ذَا الَّذِي يُضحي ويمسي لَهَا تربا) (وَمن ذَا يكف الْجَيْش من جنباته ... وَمن ذَا يَقُود الْعين أَو يصدم القلبا) (وويلك من أردى أَخَاك بمرعش ... وجلل ضربا وَجه والدك العضبا) (وويلك من خلى ابْن أختك موثقًا ... وخلاك باللقان تبتدر الشعبا) (أتوعدنا بِالْحَرْبِ حَتَّى كأننا ... وَإِيَّاك لم يعصب بهَا قلبنا عصبا) (لقد جمعتنَا الْحَرْب من قبل هَذِه ... فَكُنَّا بهَا أسدا وَكنت بهَا كَلْبا) (وسل برد سل عَنَّا أَبَاك وصهره ... وسل أهل برداليس أعظمهم خطبا) (وسل قرقاشا والشمقمق صهره ... وسل سبطه البطريق أثبتهم قلبا) (وسل صيدكم آل الملابين إننا ... نهبنا ببيض الْهِنْد عرضهمْ نهبا) (وسل أهل بيرام وَأهل بلنطس ... وسل آل شنوان الخناجرة الغلبا) (وسل بالبطرصيس العساكر كلهَا ... وسل بالمسيطر ناطس الرّوم والعربا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 (ألم تكفهم قتلا ونهبا سُيُوفنَا ... وَأسد الشرى الملأى وَإِن جمدت رعْبًا) (بأقلامنا أجحرت أم بسيوفنا ... وَأسد الشرى قدنا إِلَيْك أم الكتبا) (تفاخرنا بِالضَّرْبِ والطعن والقنا ... لقد أوسعتك النَّفس يَا ابْن استها كذبا) (رعى الله أوفانا إِذا قَالَ ذمَّة ... وأنفذنا طَعنا وأثبتنا ضربا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة (خليلي مَا أعددتما لمتيم ... أَسِير لَدَى الْأَعْدَاء جافى المراقد) (فريد عَن الأحباب لَكِن دُمُوعه ... مثان على الْخَدين غير فرائد) (جمعت سيوف الْهِنْد من كل وجهة ... وأعددت للأعداء كل مجَالد) (إِذا كَانَ غير الله للمرء عدَّة ... أَتَتْهُ الرزايا من وُجُوه الْفَوَائِد) (فقد جرت الحنفاء حتف حُذَيْفَة ... وَكَانَ يَرَاهَا عدَّة للشدائد) (وَجَرت منايا مَالك بن نُوَيْرَة ... عقيلته الْحَسْنَاء أَيَّام خَالِد) (وأردى ذؤابا فِي بيُوت عتيبة ... بنوه وأهلوه بشدو القصائد) // من الطَّوِيل // وَلما خفف عَن أبي فراس ورفه ونوظر فِي أَمر الْهُدْنَة وَالْأسَارَى وَأجِيب إِلَى ملتمسه بعد أَن أكْرم وبجل قَالَ (وَللَّه عِنْدِي فِي الإسار وَغَيره ... مواهب لم يخصص بهَا أحد قبلي) (حللت عقودا أعجز النَّاس حلهَا ... وَمَا زلت لَا عقدي يذم وَلَا حلي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 (إِذا عاينتني الرّوم قد ذل صيدها ... كَأَنَّهُمْ أسرى يَدي بِلَا كبل) (وأوسع أَيَّامًا حللت كَرَامَة ... كَأَنِّي من أَهلِي نقلت إِلَى أَهلِي) (فأبلغ بني عمي وأبلغ بني أبي ... بِأَنِّي فِي نعماء يشكرها مثلي) (وَمَا شَاءَ رَبِّي غير نشر محاسني ... وَأَن يعرفوا مَا قد عَرَفْتُمْ من الْفضل) // من الطَّوِيل // مَا أخرج من مزدوجته الطردية (مَا الْعُمر مَا طَالَتْ بِهِ الدهور ... الْعُمر مَا تمّ بِهِ السرُور) (أَيَّام عزي ونفاذ أَمْرِي ... هِيَ الَّتِي أحسبها من عمري) (مَا أجور الدَّهْر على بنيه ... وأغدر الدَّهْر بِمن يصفيه) (لَو شِئْت مِمَّا قد قللن جدا ... عددت أَيَّام السرُور عدا) (أَنعَت يَوْمًا مر لي بِالشَّام ... ألذ مَا مر من الْأَيَّام) (دَعَوْت بالصقار ذَات يَوْم ... عِنْد انتباهي سحرًا من نومي) (قلت لَهُ اختر سَبْعَة كبارًا ... كل نجيب يرد الغبارا) (يكون للأرنب مِنْهَا اثْنَان ... وَخَمْسَة تفرد للغزلان) (وَاجعَل كلاب الصَّيْد نوبتين ... يُرْسل مِنْهَا اثْنَان بعد اثْنَيْنِ) (ثمَّ تقدّمت إِلَى الفهاد ... والبازيارين بالاستعداد) (وَقلت إِن خَمْسَة لتقنع ... والزرقان الفرخ والملمع) (وَأَنت يَا طباخ لَا تباطا ... عجل لنا اللفات والأوساطا) (وَيَا شرابي البلقسيات ... تكون للراح ميسرات) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 (بِاللَّه لَا تستصحبوا ثقيلا ... وَاجْتَنبُوا الْكَثْرَة والفضولا) (ردوا فلَانا وخذوا فلَانا ... وضمنوني صيدكم ضمانا) (فاخترت لما وقفُوا طَويلا ... عشْرين أَو فويقها قَلِيلا) (عِصَابَة أكْرم بهَا عصابه ... مَعْرُوفَة بِالْفَضْلِ والنجابه) (ثمَّ قصدنا صيد عين باصر ... مَظَنَّة الصَّيْد لكل خابر) (جئناه وَالشَّمْس قبيل الْمغرب ... تختال فِي ثوب الْأَصِيل الْمَذْهَب) (وَأخذ الدراج فِي الصياح ... مكتنفا من سَائِر النواحي) (فِي غَفلَة عَنَّا وَفِي ضلال ... وَنحن قد زرناه بالآجال) (يطرب للصبح وَلَيْسَ يدْرِي ... أَن المنايا فِي طُلُوع الْفجْر) (نَحن نصلي والبزاة تخرج ... مجردات والخيول تسرج) (وَقلت للفهاد إمض وَانْفَرَدَ ... وَصَحَّ بِنَا إِن عَن ظَبْي واجتهد) (فَلم يزل غير بعيد عَنَّا ... إِلَيْهِ يمْضِي مَا يفر منا) (وسرت فِي صف من الرِّجَال ... كَأَنَّمَا نزحف لِلْقِتَالِ) (فَمَا استوينا كلنا حَتَّى وقف ... غليم كَانَ قَرِيبا من شرف) (ثمَّ أَتَانِي عجلا قَالَ السَّبق ... فَقلت إِن كَانَ العيان قد صدق) (سرت إِلَيْهِ فَأرَانِي جاثمه ... ظننتها يقظى وَكَانَت نائمه) (ثمَّ أخذت نبلة كَانَت معي ... وَدرت دورين وَلم أوسع) (حَتَّى تمكنت فَلم أخط الطّلب ... لكل حتف سَبَب من السَّبَب) وَمِنْهَا (ثمَّ دَعَوْت الْقَوْم هَذَا بازي ... فَأَيكُمْ ينشط للبراز) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 (فَقَالَ مِنْهُم رشأ أَنا أَنا ... وَلَو درى مَا بيَدي لأذعنا) وَمِنْهَا (جِئْت بباز حسن وهبرج ... دون الْعقَاب وفويق الزمج) (زين لرائيه وَفَوق الزين ... ينظر من نارين فِي غارين) (كَأَن فَوق صَدره وَالْهَادِي ... آثَار مشي الذَّر فِي الرماد) (ذِي منسر فخم وَعين غائره ... وأفخذ مثل الْجبَال وافره) (ضخم قريب الدستبان جدا ... يلقى الَّذِي يحمل مِنْهُ كدا) (وراحة تحمل كفي سبطة ... زَادَت على قدر البزاة بَسطه) (سر وَقَالَ هَات قلت مهلا ... احْلِف على الرَّد فَقَالَ كلا) (أما يَمِيني فَهِيَ عِنْدِي غاليه ... وكلمتي مثل يَمِيني وافيه) (فَقلت خُذْهُ هبة بقبله ... فصد عني وعلته خجله) (ثمَّ نَدِمت غَايَة الندامة ... ولمت نَفسِي أَكثر الملامه) (على مزاحي وَالرِّجَال حضر ... وَهُوَ يزِيد خجلا ويحصر) (فَلم أزل أمسحه حَتَّى انبسط ... وهش للصَّيْد قَلِيلا ونشط) وَمِنْهَا فِي وصف الْبَازِي واستيلائه على الكركي (حَتَّى إِذا جندله كالعندل ... أيقنت أَن الْعظم غير الْفضل) (صحت إِلَى الطباخ مَاذَا تنْتَظر ... انْزِلْ عَن الْمهْر وهات مَا حضر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 (جَاءَ بأوساط وجردباج ... من حجل الطير وَمن دراج) (فَمَا تنازلنا عَن الْخُيُول ... يمنعنا الْحِرْص من النُّزُول) (وَجِيء بالكأس وبالشراب ... فَقلت وفرها على أَصْحَابِي) (أشبعني الْيَوْم ورواني الْفَرح ... فقد كفاني بعض وسط وقدح) وَمِنْهَا (ثمَّ انصرفنا وَالْبِغَال موقره ... فِي لَيْلَة مثل الصَّباح مسفره) (حَتَّى أَتَيْنَا رحلنا بلَيْل ... وَقد سبقنَا بجياد الْخَيل) (ثمَّ نزلنَا فطرحنا الصيدا ... لما عددنا مائَة وزيدا) (فَلم نزل نشوي ونقلي وَنصب ... حَتَّى طلبنا صَاحِيًا فَلم نصب) (شربا كَمَا عَن من الزقاق ... بِغَيْر تَرْتِيب وَغير سَاق) (وَلم نزل سبع لَيَال عددا ... أسعد من رَاح وأحظى من غَدا) وَحكى بديع الزَّمَان أَبُو الْفضل الهمذاني قَالَ قَالَ الصاحب أَبُو الْقَاسِم يَوْمًا لجلسائه وَأَنا فيهم وَقد جرى ذكر أبي فراس لَا يقدر أحد أَن يزور على أبي فراس شعرًا فَقلت وَمن يقدر على ذَلِك وَهُوَ الَّذِي يَقُول (رويدك لَا تصل يَدهَا بباعك ... وَلَا تغز السبَاع إِلَى رباعك) (وَلَا تعن الْعَدو عَليّ إِنِّي ... يَمِين إِن قطعت فَمن ذراعك) // من الوافر // فَقَالَ الصاحب صدقت قلت أيد الله مَوْلَانَا قد فعلت ولعمري إِنَّه قد حسن وَلَكِن لم يشق غُبَار أبي فراس وَكتب على ظهر الْجُزْء الْمُشْتَمل على مزدوجته الَّتِي أَولهَا (مَا الْعُمر مَا طَالَتْ بِهِ الدهور ... الْعُمر مَا تمّ بِهِ السرُور) // من الرجز // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 هَذِه الأبيات (أروح الْقلب بِبَعْض الْهزْل ... تجاهلا مني بِغَيْر جهل) (أمزح فِيهِ مزح أهل الْفضل ... والمزح أَحْيَانًا جلاء الْعقل) // من الرجز // فصل قد أطلت عنان الِاخْتِيَار من محَاسِن شعر أبي فراس وَمَا محَاسِن شَيْء كُله حسن وَذَلِكَ لتناسبها وعذوبة مشارعها وَلَا سِيمَا الروميات الَّتِي رمى بهَا هدف الْإِحْسَان وَأصَاب شاكلة الصَّوَاب ولعمري إِنَّهَا كَمَا قرأته لبَعض البلغاء لَو سمعته الْوَحْش أنست أَو خوطبت بِهِ الخرس نطقت أَو استدعي بِهِ الطيرنزلت وَلما خرج قمر الْفضل من سراره وَأطلق أَسد الْحَرْب عَن إساره لم تطل أَيَّام فرحته وَلم تسمح النوائب بالتجافي عَن مهجته ودلت قصيدة قرأتها لأبي إِسْحَاق الصابي فِي مرثيته على أَنه قتل فِي وقعه كَانَت بَينه وَبَين بعض موَالِي أسرته وَمَا أحسن وأصدق قَول المتنبي (فَلَا تنلك اللَّيَالِي إِن أيديها ... إِذا ضربن كسرن النبع بالغرب) (وَلَا يعن عدوا أَنْت قاهره ... فَإِنَّهُنَّ يصدن الصَّقْر بالخرب) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وَذكر ابْن خالويه أَن آخر شعر لأبي فراس قَوْله عِنْد مَوته رَحمَه الله تَعَالَى (أبنيتي لَا تجزعي ... كل الْأَنَام إِلَى ذهَاب) (نوحي عَليّ بحسرة ... من خلف سترك والحجاب) (قولي إِذا كَلَّمتنِي ... فعييت عَن رد الْجَواب) (زين الشَّبَاب أَبُو فراس ... لم يمتع بالشباب) // من الْكَامِل // اللَّهُمَّ ارْحَمْ تِلْكَ الرّوح الشَّرِيفَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الْبَاب الرَّابِع فِي ملح شعر آل حمدَان وَغَيرهم من أُمَرَاء الشَّام وقضاتها وكتابها أَخْبرنِي جمَاعَة من أهل الْأَدَب أَن المتنبي لما عوتب فِي آخر أَيَّامه على تراجع شعره قَالَ قد تجوزت فِي قولي وأعفيت طبعي واغتنمت الرَّاحَة مُنْذُ فَارَقت آل حمدَان وَفِيهِمْ من يَقُول (وَقد علمت بِمَا لاقته منا ... قبائل يعرب وَبَنُو نزار) (لَقِينَاهُمْ بأرماح طوال ... تبشرهم بأعمار قصار) // من الوافر // يَعْنِي أَبَا زُهَيْر مهلهل بن نصر بن حمدَان وَمِنْهُم من يَقُول يَعْنِي أَبَا العشائر (أأخا الفوارس لَو رَأَيْت مواقفي ... وَالْخَيْل من تَحت الفوارس تنحط) (لقرأت مِنْهَا مَا تخط يَد الوغى ... وَالْبيض تشكل والأسنة تنقط) // من الْكَامِل // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ لبَعْضهِم (أغمام مَا يدْريك مَا أفعالنا ... وَالْخَيْل تَحت النَّقْع كالأشباح) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 (تطفو وترسب فِي الدِّمَاء كَأَنَّهَا ... صور الفوارس فِي كؤوس الراح) // من الْكَامِل // وأنشدت لأبي العشائر (سَطَا علينا وَمن حَاز الْجمال سَطَا ... ظَبْي من الْجنَّة الفردوس قد هبطا) (لَهُ عذران قد خطا بوجنته ... فاستوقفا فَوق خديه وَمَا انبسطا) (وظل يخطو فَكل قَالَ من شغف ... يَا ليته فِي سَواد الناظرين خطا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ بعض الروَاة دخلت على أبي العشائر أعوده من عِلّة هجمت عَلَيْهِ فَقلت لَهُ مَا يجد الْأَمِير فَأَشَارَ إِلَى غُلَام قَائِم بَين يَدَيْهِ اسْمه نسطوس كَأَن رضوَان غفل عَنهُ فأبق من الْجنَّة وَأنْشد (أسقم هَذَا الْغُلَام جسمي ... بِمَا بِعَيْنيهِ من سقام) (فتور عَيْنَيْهِ من دلال ... أهْدى فتورا إِلَى عِظَامِي) (وامتزجت روحه بروحي ... تمازج المَاء بالمدام) // من مخلع الْبَسِيط // وَكَانَ أَبُو الْحسن الماسرجي ينشد فِي تدريسه مَسْأَلَة الْحر لَا يقتل بِالْعَبدِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما لبَعض آل حمدَان (خُذُوا بدمي هَذَا الغزال فَإِنَّهُ ... رماني بسهمي مقلتيه على عمد) (وَلَا تقتلوه إِنَّنِي أَنا عَبده ... وَلم أر حرا قطّ يقتل بِالْعَبدِ) // من الطَّوِيل // وأنشدت لبَعْضهِم وَهُوَ أحسن مَا سَمِعت فِي مَعْنَاهُ (للْعَبد مَسْأَلَة لديك جوابها ... إِن كنت تذكره فَهَذَا وقته) (مَا بَال ريقك لَيْسَ ملحا طعمه ... ويزيدني عطشا إِذا مَا ذقته) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وَوجدت بِخَط أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ هَذِه الأبيات منسوبة إِلَى أبي وَائِل تغلب ابْن دَاوُد بن حمدَان وَرويت لغيره (لَا وَالَّذِي جعل الموَالِي ... فِي الْهوى خدم العبيد) (وأصار فِي أَيدي الظباء ... قياد أَعْنَاق الْأسود) (وَأقَام ألوية الْمنية ... بَين أفنية الصدود) (مَا الْورْد أحسن منْظرًا ... من حسن توريد الخدود) // من الْكَامِل // وَوجدت بِخَطِّهِ لحمدان الْموصِلِي (يَا رَسُول الحبيب وَيحك قد ألْقى ... عَلَيْك الحبيب حسنا وطيبا) (وتعلمت حسن أَلْفَاظه تِلْكَ ... فظرفت بادئا ومجيبا) (وَلَقَد كدت أَن أضمك لَوْلَا ... أَن يسيء الظنون أَو يستريبا) (خيفة أَن يكون ذَاك كَمَا قيل ... قَدِيما صَار الرَّسُول حبيبا) // من الْخَفِيف // وَلأبي وَائِل الحمداني لما أسره المبرقع (يَا خليلي أسعداني فقد عيل ... اصْطِبَارِي على احْتِمَال البليه) (غربَة قارظية وغرام ... عامري ومحنة علوِيَّة) // من الْخَفِيف // وَلأبي زُهَيْر وَهُوَ مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ (وَزَعَمت أَنِّي ظَالِم فهجرتني ... ورميت فِي قلبِي بِسَهْم نَافِذ) (فَنعم ظلمتك فاغتفر لي زلتي ... هَذَا مقَام المستجير العائذ) // من الْكَامِل // وأنشدني الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي هَذِه الأبيات وَلم يسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 قَائِلا ثمَّ وَجدتهَا فِي بعض التعليقات منسوبة إِلَى بعض آل حمدَان (أجل عَيْنَيْك فِي عَيْني تجدها ... مشربَة ندى ورد الخدود) (وصافحني تَجِد عبقا بكفي ... يضوع إِلَيْك من ردع النهود) (وَخذ سَمْعِي إِلَيْك فَإِن فِيهِ ... بقايا من حَدِيث كالعقود) // من الوافر // وأنشدني أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الْكَرْخِي قَالَ أَنْشدني القَاضِي أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن المحسن بن القَاضِي أبي الْقَاسِم التنوخي قَالَ أَنْشدني أَبُو المطاع ذُو القرنين بن نَاصِر الدولة أبي مُحَمَّد لنَفسِهِ تغمدهم الله تَعَالَى برحمته وأسكنهم بحبوحة جنته (إِنِّي لأحسد لَا فِي أسطر الصُّحُف ... إِذا رَأَيْت اعتناق اللَّام للألف) (وَمَا أظنهما طَال اجْتِمَاعهمَا ... إِلَّا لما لقيا من شدَّة الشغف) // من الْبَسِيط // قَالَ وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (أفدى الَّذِي زرته بِالسَّيْفِ مُشْتَمِلًا ... ولحظ عَيْنَيْهِ أمضى من مضاربه) (فَمَا خلعت نجادي فِي العناق لَهُ ... حَتَّى لبست نجادا من ذوائبه) (فَكَانَ أنعمنا عَيْشًا بِصَاحِبِهِ ... من كَانَ فِي الْحبّ أشقانا بِصَاحِبِهِ) // من الْبَسِيط // قَالَ وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (قَالَت لطيف خيال زارها وَمضى ... بِاللَّه صفه وَلَا تنقص وَلَا تزد) (فَقَالَ خلفته لَو مَاتَ من ظمأ ... وَقلت قف عَن وُرُود المَاء لم يرد) (قَالَت صدقت الوفا فِي الْحبّ عَادَته ... يَا برد ذَاك الَّذِي قَالَت على كَبِدِي) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي جَارِيَة كَانَت معاجرها تبلى بِسُرْعَة (أرى الثِّيَاب من الْكَتَّان يلمحها ... ضوء من الْبَدْر أَحْيَانًا فيبليها) (وَكَيف تنكر أَن تبلى معاجرها ... والبدر فِي كل حِين طالع فِيهَا) // من الْبَسِيط // وَقد أحسن غَايَة الْإِحْسَان وَالْعرب تزْعم أَن الْبَدْر يبلي الثِّيَاب الحلوة وَقَوله (أيا من صبرت على فَقده ... وَإِن كَانَ لي مؤلما موجعا) (لقد نَالَ كل الَّذِي يَشْتَهِي ... حسود علينا ببين دَعَا) // من المتقارب // وأنشدني أَيْضا للحسين بن نَاصِر الدولة (لَو كنت أملك طرفِي مَا نظرت بِهِ ... من بعد فرقتكم يَوْمًا إِلَى أحد) (وَلست أعتده من بعدكم نظرا ... لِأَنَّهُ نظر من مقلتي رمد) // من الْبَسِيط // 3 - مَنْصُور وَأحمد ابْنا كيغلغ أديبان شاعران من أَوْلَاد أُمَرَاء الشَّام فَمن مَشْهُور ملح مَنْصُور قَوْله (خُنْت الَّذِي أَهْوى من النَّاس ... ونمت عَن جودي وَعَن باسي) (يَوْم أرى الدجن فَلَا أرتوي ... من ريق إلفي وَمن الكاس) // من السَّرِيع // الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وَقَوله (كَأَنَّهَا والقرط فِي أذنها ... بدر الدجى قرط بالمشتري) (قد كتب الْحسن على وَجههَا ... يَا أعين النَّاس قفي وانظري) // من السَّرِيع // وَقَوله من أَبْيَات (يُدِير فِي كَفه مداما ... ألذ من غَفلَة الرَّقِيب) (كَأَنَّهَا إِذا صفت ورقت ... شكوى محب إِلَى حبيب) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (عَاد الزَّمَان بِمن هويت فأعتبا ... يَا صَاحِبي فسقياني واشربا) (كم لَيْلَة سامرت فِيهَا بدرها ... من فَوق دجلة قبل أَن يتغيبا) (قَامَ الْغُلَام يديرها فِي كَفه ... فحسبت بدر التم يحمل كوكبا) (والبدر يجنح للغروب كَأَنَّهُ ... قد سل فَوق المَاء سَيْفا مذهبا) // من الْكَامِل // وَقد أَكْثرُوا فِي وصف الْقَمَر على المَاء وَبَيت مَنْصُور هَذَا من غرر ذَلِك وَأحسن مَا سَمِعت فِيهِ على كثرته قَول القَاضِي التنوخي (أحسن بدجلة والدجى متصوب ... والبدر فِي أفق السَّمَاء مغرب) (فَكَأَنَّهَا فِيهِ بِسَاط أَزْرَق ... وَكَأَنَّهُ فِيهَا طراز مَذْهَب) // من الْكَامِل // وَقَول أبي الْفَتْح كشاجم (مَا زلت أسقاها على ... وَجه غزال مونق) (بقمر منتقب ... بِخَاتم منتطق) (والبدر فَوق دجلة ... وَالصُّبْح لما يشرق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 (كحلية من ذهب ... على رِدَاء أَزْرَق) // من مجزوء الرجز // وَمن ملح مَنْصُور قَوْله (كتبت إِلَيْك بِمَاء الجفون ... وقلبي بِمَاء الْهوى مشرب) (فكفي تخط وقلبي يمل ... وعيني تمحو الَّذِي تكْتب) // من المتقارب // وَقَوله (ألبسني ذلة العبيد ... من قلبه صِيغ من حَدِيد) (ونم طرفِي بِمَا أُلَاقِي ... من كمد دَائِم الْمَزِيد) (وَكَيف يخفي الْهوى عميد ... وَدَمه صَاحب الْبَرِيد) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (قَالُوا عَلَيْك سَبِيل الصَّبْر قلت لَهُم ... هَيْهَات إِن سَبِيل الصَّبْر قد ضاقا) (مَا يرجع الطّرف عَنهُ حِين يبصره ... حَتَّى يعود إِلَيْهِ الْقلب مشتاقا) // من الْبَسِيط // وَلأَحْمَد (لَا يكن للكأس فِي كفك ... يَوْم الْغَيْث لبث) (أَو مَا تعلم أَن الْغَيْث ... سَاق مستحث) // من الرمل // وَله (وَلَوْلَا أَن برذون الْهوى ... يعتلف الرطبه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 (ركبناه إِلَى الصَّيْد ... وَأَرْسَلْنَا لَهُ كَلْبه) (فصدنا ثَعْلَب الهجران ... تِلْكَ الخبة الضبه) (وصيرنا لزيت الْوَصْل ... من جلد استها ربه) // من الهزج // وَله ويروي لديك الْجِنّ (قلت لَهُ والجفون قرحى ... قد أقرح الدمع مَا يَليهَا) (مَا لي فِي لوعتي شَبيه ... قَالَ وأبصرت لي شَبِيها) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (بَدَت من خلل الْحجب ... كَمثل اللُّؤْلُؤ الرطب) (فأدمى خدها لحظي ... وأدمى لحظها قلبِي) // من الهزج // وَله (واعطشي إِلَى فَم ... يمج خمرًا من برد) (إِن قسم النَّاس فحسبي ... بك من كل أحد) // من الرجز // 4 - أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر وَأَبُو أَحْمد عبد الله ابْنا وَرْقَاء الشَّيْبَانِيّ من رُؤَسَاء عرب الشَّام وقوادها والمختصين بِسيف الدولة وَمَا مِنْهُمَا إِلَّا أديب شَاعِر جواد ممدح وَبَينهمَا وَبَين أبي فراس مجاوبات وإليهما أرسل أَبُو فراس يَقُول من قصيدة (أَتَانِي عَن بني وَرْقَاء قَول ... ألذ جنى من المَاء القراح) الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 (وَأطيب من نسيم الرَّوْض حفت ... بِهِ اللَّذَّات من روح وَرَاح) (وَلَو أَنِّي اقترحت على زماني ... لكنتم يَا بني وَرقا اقتراحي) // من الوافر // وَلأبي أَحْمد فِي جوابها من قصيدة أَولهَا (أصاح قلبه أم غير صَاح ... وَقد عنت لَهُ عفر البطاح) (ظباء الْوَحْش تحكي ماثلات ... ظباء الْإِنْس بالصور الملاح) // من الوافر // وَمِنْهَا (يدرن مراض أجفان صِحَاح ... فيا عجبي من المرضى الصِّحَاح) (وَمَا زَالَت عُيُون الْعين فِينَا ... تُؤثر فَوق تَأْثِير السِّلَاح) وَمِنْهَا (أمطلعة الْهلَال على قضيب ... ومسدلة الظلام على الصَّباح) (عدتني عَن زيارتك العوادي ... ودهر للأكارم ذُو اطراح) وَمِنْهَا (أمدره تغلب لسنا وعلما ... ومصقع نطقها عِنْد التلاحي) (لقد أُوتيت علما واضطلاعا ... بآداب وألفاظ فصاح) (لمقولك المضاء إِذا انتضاه ... القصيد على المهندة الصفاح) وَله من قصيدة (أَلا لَيْت شعري والحوادث جمة ... وَمَا كنت فِي دهري إِلَى النَّاس شاكيا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 (أمخترمي ريب الْمنون بحسرة ... تبلغ نَفسِي من شَجَّاهَا التراقيا) (إِلَى الله أَشْكُو أَن فِي الصَّدْر حَاجَة ... تمر بهَا الْأَيَّام وَهِي كَمَا هيا) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي ذكر بني كَعْب وإيحاشهم سيف الدولة حَتَّى أضربهم (وَإِنَّهُم لما استهاجوا صياله ... وَمَا كَانَ عَن مستوجب الْبَطْش وانيا) (كمن شب نَارا فِي شعار ثِيَابه ... وهيج ليثا للفريسة ضاريا) وطه من قصيدة أجَاب بهَا عَن قصيدة أبي فراس الَّتِي أَولهَا (لَعَلَّ خيال العامرية زائر ... ) (عمرن بِعَمَّار من الْإِنْس بُرْهَة ... فهاهن صفر لَيْسَ فِيهِنَّ صافر) (أخلت بمغناها دمى وخرائد ... وحلت بأقصاها مها وجآذر) (أهن عُيُون باللحاظ دوائر ... على عاشقيها أم سيوف بواتر) (ضعائف يقهرن الْأَشِدَّاء قدرَة ... عَلَيْهِم وسلطان الصبابة قاهر) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (أَلا يَا ابْن عَم يستزيد ابْن عَمه ... رويدك إِنِّي لانبساطك شَاكر) (تصفحت مَا أنفذته فَوَجَدته ... كَمَا اسْتوْدعت نظم الْعُقُود الْجَوَاهِر) (وذكرني روضا بكته سماؤه ... فضاحكه مستأسد وَهُوَ زَاهِر) (عرائس تجلوها عَلَيْك خدورها ... ولكنما تِلْكَ الْخُدُور دفاتر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 (فعدلا فَإِن الْعدْل فِي الحكم سيرة ... بهَا سَار فِي النَّاس الْمُلُوك الأساور) وَلما قَالَ أَبُو فراس (إِنَّا إِذا اشْتَدَّ الزَّمَان ... وناب خطب وادلهم) // من الْكَامِل // من أَبْيَات قد مرت أَجَابَهُ أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد بن وَرْقَاء بقوله من أَبْيَات (أَنْتُم كَمَا قد قلت بل ... أَعلَى وأشرف يَا ابْن عَم) (وَلكم سوابق كل فَخر ... واللواحق من أُمَم) (أَحْسَنت وَالله الْعَظِيم ... نظام بَيْتك حِين تمّ) (فِيمَا ذكرت من السيوف ... وَمَا ذكرت من النعم) (حَتَّى كَأَن بنظمه ... لِلْحسنِ درا مُنْتَظم) // من الْكَامِل // وَكتب أَبُو مُحَمَّد عِنْد حُصُوله بِبَغْدَاد بعد وَفَاة سيف الدولة إِلَى أبي إِسْحَاق الصابي وَكَانَت بَينهمَا مَوَدَّة وتزاور فَانْقَطع عَنهُ أَبُو إِسْحَاق لبَعض الْعَوَائِق (يَا ذَا الَّذِي جعل القطيعة دأبه ... إِن القطيعة مَوضِع للريب) (إِن كَانَ ودك فِي الطوية كامنا ... فاطلب صديقا عَالما بِالْغَيْبِ) // من الْكَامِل // فَأَجَابَهُ أَبُو إِسْحَاق بِهَذِهِ الأبيات (قد يهجر الْخلّ السَّلِيم الْغَيْب ... للشغل وَهُوَ مبرا من ريب) (ويواصل الرجل الْمُنَافِق مبديا ... لَك ظَاهرا مستبطنا للعيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 (لَا تفرحن من الصّديق بِشَاهِد ... حَتَّى يكون مُوَافقا للغيب) (وَتَأمل المسود من شعر الْفَتى ... أهوَ الشبيبة أم خضاب الشيب) (وَإِذا ظَفرت بِذِي وداد خَالص ... فَاغْفِر لَهُ مَا دون غش الجيب) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق قصيدة طَوِيلَة فَأَجَابَهُ بقصيدة مِنْهَا (ومشمولة صرف صرفت بشربها ... وُجُوه لحاتي قاطبات الحواجب) (إِذا جال فِيهَا المزج خلت حبابها ... عُيُون الأفاعي أَو قُرُون الجنادب) (وعاذلة فِي بذل مَا ملكت يَدي ... رددت لَهَا الْمَسْعَى بصفقة خائب) (فَإِن زئير الْأسد من كل جَانب ... ليشغل سَمْعِي عَن صياح الثعالب) (أَفِي الْحق أَن قايست غير مُحَقّق ... فظاظة جندي إِلَى ظرف كَاتب) (وَلَا سِيمَا أَنْت الَّذِي نشرت لَهُ ... محَاسِن كالأعلام فَوق المراقب) (وَمَا زلت بَين النَّاس صدر محافل ... وَعين مقامات وقلب مواكب) // من الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ أَبُو أَحْمد قصيدة مِنْهَا (يَا هلالا يدعى أَبوهُ هلالا ... جلّ باريك فِي الورى وَتَعَالَى) (أَنْت بدر حسنا وشمس علوا ... وحسام عزما وبحر نوالا) // من الْخَفِيف // 5 - أَبُو حُصَيْن عَليّ بن عبد الْملك الرقي القَاضِي بحلب هُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ السّري الْموصِلِي من قصيدة (لقد أضحت خلال أبي حُصَيْن ... حصونا فِي الملمات الصعاب) الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 (كساني ظلّ وابله وآوى ... غرائب منطقي بعد اغتراب) (وَكنت كروضة سقيت سحابا ... فأثنت بالنسيم على السَّحَاب) // من الوافر // وَكتب إِلَيْهِ أَبُو فراس وَقد عزم على الْمسير إِلَى الرقة قصيدة افتتاحها (يَا طول شوقي إِن كَانَ الرحيل غَدا ... لَا فرق الله فِيمَا بَيْننَا أبدا) // من الْبَسِيط // فَأَجَابَهُ القَاضِي بقصيدة أَولهَا (الْحَمد لله حمدا دَائِما أبدا ... أَعْطَانِي الدَّهْر مَا لم يُعْطه أحدا) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (إِن كَانَ مَا قيل من سير الركاب غَدا ... حَقًا فَإِنِّي أرى وَشك الْحمام غَدا) وَمِنْهَا فِي ذكر سيف الدولة (لَوْلَا الْأَمِير وَأَن الْفضل مبدؤه ... مِنْهُ لَقلت بِأَن الْفضل مِنْك بدا) (دَامَ الْبَقَاء لَهُ مَا شَاءَ مقتدرا ... تمْضِي أوامره إِن حل أَو عقدا) (يذل أعداءه عزا وَيرْفَع من ... وَالَاهُ فضلا وَيبقى للعلا أبدا) وَكتب أَبُو حُصَيْن إِلَى أبي فراس من قصيدة جَوَابا (من واثب الدَّهْر كَانَ الدَّهْر قاهره ... وَمن شكا ظلمه قلت نواصره) (إِن كَانَ سَار فَإِن الرّوح تذكره ... وَالْعين تبصره وَالْقلب حاضره) (يَا من أخالصه ودي وأمحضه ... نصحي وتأتيه من وصفي جواهره) (أَتَى كتابك والأنفاس خافته ... والجسم مستسلم والسقم قاهره) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 (والطرف منكسر والشوق طارقه ... والوجد بَاطِنه وَالصَّبْر ظَاهره) (فانتاشني وَأعَاد الرّوح فِي بدني ... وَشد صدعا وكسرا أَنْت جابره) (مَا زلت فِي نزهة مِنْهُ وَفِي زهر ... وَأحسن الرَّوْض مَا دَامَت زواهره) (حسبي بسيدنا فخرا أصُول بِهِ ... هُوَ الفخور وَمَا خلق يفاخره) (من ذَا يطاوله أم من يماجده ... أم من يساجله أم من يكاسره) (أم من يفاقهه أم من يشاعره ... أم من يجادله أم من يناظره) (أم من يُقَارِبه فِي كل مكرمَة ... أم من يناضله أم من يساوره) (أم من يبارزه أم من يواقفه ... فِي كل معترك أم من يصابره) (الْحَرْب نزهته والبأس همته ... وَالسيف عزمته وَالله ناصره) (والجود لذته وَالشُّكْر بغيته ... وَالْعَفو وَالْعرْف وَالتَّقوى ذخائره) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (هَذَا جَوَاب عليل لَا حراك بِهِ ... قد خانه فهمه بل مَاتَ خاطره) (يشكو إِلَيْك بعادا عَنْك أتْلفه ... وَطول شوق ونيرانا تخامره) (إِن كَانَ قصر فِيمَا قَالَ مُجْتَهدا ... فَأَنت بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان عاذره) وَقَالَ أَيْضا فِيهِ آلَيْت إِنِّي مَا بقيت ... رهين شكر الْحَارِث) (فَإِذا الْمنية شارفت ... ورثت ذَلِك وارثي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 (رقي لَهُ من بعد سيدنَا ... وَلَيْسَ لثالث) (قسما على صدق الضَّمِير ... وَلست فِيهِ بحانث) // من الْكَامِل // 6 - أَبُو الْفرج سَلامَة بن بَحر أحد قُضَاة سيف الدولة يَقُول شعرًا يكَاد يمتزج بأجزاء الْهَوَاء رقة وخفة وَيجْرِي مَعَ المَاء لطافة وسلاسة كَقَوْلِه (من سره الْعِيد فَمَا سرني ... بل زَاد همي وأشجاني) (لِأَنَّهُ ذَكرنِي مَا مضى ... من عهد أحبابي وإخواني) // من السَّرِيع // ونظيرهما لغيره (من سره الْعِيد الْجَدِيد ... فَمَا لقِيت بِهِ سُرُورًا) (كَانَ السرُور يتم لي ... لَو كَانَ أحبابي حضورا) // من الْكَامِل // وَلأبي الْفرج ويروى للْقَاضِي أبي النُّعْمَان الْبَصْرِيّ (نوح حمام بِيَثْرِب غرد ... هيج شوقي وَزَاد فِي كمدي) (واكبدي من عذابكم وَكَذَا ... من ذاق مَا ذقت صَاح واكبدي) (فَارَقت إلفي فَصَارَ فِي بلد ... بالرغم مني وصرت فِي بلد) // من المنسرح // وأنشدني أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ أَنْشدني القَاضِي أَبُو الْفرج ببيروت لنَفسِهِ (مولَايَ مَا لي مِنْك بخت ... قد ذبت من كمد ومت) الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 (تصفو بك الدُّنْيَا وَلَا ... يصفو لعبدك مِنْك وَقت) (مولَايَ مَا ذَنبي إِلَيْك ... فَلَو عرفت الذَّنب تبت) (لَا أنني أنسيتكم ... أَو أنني للْعهد خُنْت) (إِن كَانَ ذَاك فَلَا بقيت ... وَإِن بقيت فَلَا سلمت) // من الْكَامِل 7 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَمْرو بن مُحَمَّد الْفَيَّاض كَاتب سيف الدولة ونديمه مَعْرُوف ببعد المدى فِي مضمار الْأَدَب وحلبة الْكِتَابَة أَخذ بطرفي النّظم والنثر وَكَانَ سيف الدولة لَا يُؤثر عَلَيْهِ فِي السفارة إِلَى الحضرة أحدا لحسن عِبَارَته وَقُوَّة بَيَانه ونفاذه فِي استغراق الْأَغْرَاض وَتَحْصِيل المُرَاد وَقد ذكره أَبُو إِسْحَاق الصابي فِي الْكتاب التاجي ومدحه السّري بقصائد مِنْهَا قَوْله من قصيدة (محت رسم الْكرَى عَن مقلتيه ... رواسم لَا تمل من الرسيم) (تروم وَقد فرعن بِنَا فروعا ... من الْفَيَّاض طيبَة الأروم) (إِذا طافت بِعَبْد الله لاقت ... سمات الْمجد فِي الْوَجْه الوسيم) (لَك الْقَلَم الَّذِي يُضحي ويمسي ... بِهِ الإقليم محمي الْحَرِيم) (هُوَ الصل الَّذِي لَو عض صلا ... لأسلمه إِلَى ليل السَّلِيم) (أَخُو حكم إِذا بدأت وعادت ... حكمن بعجز لُقْمَان الْحَكِيم) (ملكت خطامها فعلوت قسا ... برونقها وَقيس بن الخطيم) الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 (نُجُوم لَا تعوز فَمن درار ... يسَار بضوئهن وَمن رجوم) (كحلي الخود مؤتلف النواحي ... ووشي الرَّوْض مُخْتَلف الرقوم) // من الوافر // وَكَانَ يعجن مداده بالمسك وَلَا تلاق دواته إِلَّا بِمَاء الْورْد تفاديا من قَول الْقَائِل (دعِي فِي الْكِتَابَة لَا رُوِيَ ... لَهُ فِيهَا يعد وَلَا بديه) (كَأَن دواته من ريق فِيهِ ... تلاق فريحها أبدا كريه) // من الوافر // وإيثار لما قَالَ الآخر (فِي كَفه مثل سِنَان الصعده ... أرقش بز الأفعوان جلده) (كَأَنَّمَا النقش إِذا استمده ... غَالِيَة مدوفة بنده) // من الرجز // وَمن ملح شعره قَوْله وَلم أسمع فِي مَعْنَاهُ أحسن مِنْهُ (قُم فاسقني بَين خَفق الناي وَالْعود ... وَلَا تبع طيب مَوْجُود بمفقود) (كأسا إِذا أَبْصرت فِي الْقَوْم محتشما ... قَالَ السرُور لَهُ قُم غير مطرود) (نَحن الشُّهُود وخفق الْعود خاطبنا ... نزوج ابْن سَحَاب بنت عنقود) // من الْبَسِيط // وأنشدني أَبُو عَليّ مُحَمَّد عمر الزَّاهِر قَالَ أَنْشدني ابْن الْفَيَّاض لنَفسِهِ بحلب فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 غُلَام لَهُ أثير لَدَيْهِ استوحش مِنْهُ لميله إِلَى غُلَام آخر يُقَال لَهُ إقبال (أنْكرت إقبالي على إقبال ... وخشيت أَن تتساويا فِي الْحَال) (هَيْهَات لَا تجزع فَكل طريفة ... ربح يهون وَأَنت رَأس المَال) // من الْكَامِل // قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي ذَلِك الْغُلَام (الْآن تهجرني وَأَنت المذنب ... وظننت أَنَّك عَاتب لَا تعتب) (وَأمنت من قلبِي التقلب واثقا ... بوفائه لَك والقلوب تقلب) // من الْكَامِل // وَقَالَ (وَمَا بقيت من اللَّذَّات إِلَّا ... محادثة الْكِرَام على الشَّرَاب) (ولثمك وجنتي قمر مُنِير ... يجول بخده مَاء الشَّبَاب) // من الوافر // 8 - أَبُو الْقَاسِم الشيظمي قَالَ يصف نمرقة رَآهَا بِجنب سيف الدولة (نمرقة مِنْهَا اسْتعَار ... الرَّوْض أَصْنَاف الْملح) (فِيهَا لمن يبصر من ... ريش الطواويس ملح) (كَأَنَّمَا دارت على ... سمائها قَوس قزَح) // من مجزوء الرجز // 9 - أَبُو ذَر أستاذ سيف الدولة قَالَ (نَفسِي الْفِدَاء لمن عصيت عواذلي ... فِي حبه لم أخش من رقبائه) الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 (الشَّمْس تطلع فِي أسرة وَجهه ... والبدر يطلع من خلال قبائه) // من الْكَامِل // وَله أَيْضا (مروع مِنْك كل يَوْم ... مُحْتَمل فِيك كل لوم) (إِن كنت أنْكرت ملك رقي ... غصبا صراحا بِغَيْر سوم) (فَقل لجنبي أَيْن قلبِي ... وَقل لعَيْنِي أَيْن نومي) // من مخلع الْبَسِيط // 10 - أَبُو الْفَتْح البكتمري يعرف بِابْن الْكَاتِب الشَّامي لَهُ شعر يتَغَنَّى بأكثره ملاحة ولطافة أَنْشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ أَنْشدني ابْن الْكَاتِب لنَفسِهِ بِالشَّام (وروضة راضية عَن الديم ... وطأتها بناظري دون الْقدَم) (وصنتها صوني بالشكر النعم ... ) // من الرجز // قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ (قَالُوا بَكَيْت دَمًا فَقلت ... مسحت من خدي خلوقا) (أَبْصرت لُؤْلُؤ ثغره ... فَنثرَتْ من جفني عقيقا) (لَوْلَا التَّمَسُّك بالهوى ... لحملت فِي دمعي غريقا) // من الْكَامِل // وأنشدني غَيره لَهُ (قمر كَأَن قوامه ... من قد غُصْن مسترق) الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 (وكأنما اصطبح الرّبيع ... بوجنتيه واغتبق) (وكأنما قلم الزمرد ... فَوق عَارضه مشق) // من الْكَامِل // وَله من أَبْيَات (سقاني بِعَيْنيهِ كأس الْهوى ... وثنى وَثلث بالحاجب) (كَأَن العذار على خَدّه ... فذالك من مشقة الْكَاتِب) // من المتقارب // وَوجدت على ظهر دفتر عراقي الْخط هذَيْن الْبَيْتَيْنِ منسوبين إِلَيْهِ (ردوا الهدو كَمَا عهِدت إِلَى الحشا ... والمقلتين إِلَى الْكرَى ثمَّ اهجروا) (من بعد ملكي رمتم أَن تغدروا ... مَا بعد فرقة بيعين تخير) // من الْكَامِل // وَله زعم فِي الميضأة (أَحَق بَيت من بيُوت الورى ... بصونه قدما وإيثاره) (بَيت إِذا مَا زَارَهُ زائر ... فقد قضى أعظم أوطاره) (يدْخلهُ الْمولى بخز كَمَا ... يدْخلهُ العَبْد بأطماره) (وَهُوَ إِذا مَا كَانَ مستنظفا ... مُرُوءَة الْإِنْسَان فِي دَاره) // من السَّرِيع // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ أَنْشدني بَعضهم لنَفسِهِ فِي أبي الْفَتْح ابْن الْكَاتِب وَلم ينصف فَضله (إِن أَبَا الْفَتْح فَتى كَاتب ... وَالشعر من آلَته فضل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 (أنشدنا شعرًا فَقُلْنَا لَهُ ... ذَا غزل وَيحك أم غزل) (وملت عَنهُ نَحْو أَصْحَابنَا ... أسألهم هَل عنْدكُمْ نعل) // من السَّرِيع // 11 - أَبُو الْفرج الْعجلِيّ الْكَاتِب أَنْشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ لَهُ أبياتا تعجب من سلاستها وسهولة مأخذها وعذوبة ألفاظها وَذكر أَنه من أَفْرَاد مطبوعي تِلْكَ الْبِلَاد فَمِنْهَا قَوْله (أَقُول لَهُ يَا مذيقي الْهوى ... وَلم أك فِيمَا مضى ذقته) (سَأَلتك بِاللَّه لَا تدنني ... إِلَى أجل مَا دنا وقته) (ملكت فُؤَادِي فعذبته ... وَلَو أَنه فِي يَدي صنته) // من المتقارب // وَمِنْهَا قَوْله (أرْسلت نظرة وامق لَك خَائِف ... من عين واش لحظه مَا يفتر) (وَجعلت أوهم أَن قلبِي مُضْمر ... شَيْئا سوى نَظَرِي وَأَنت الْمُضمر) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا قَوْله (وأريه أَنِّي سلوت وَإِنِّي ... لمشوق وَالله صب إِلَيْهِ) (وهواه يدب فِي كل قلب ... كدبيب السوَاد فِي عارضيه) // من الْخَفِيف // وَمِنْهَا قَوْله وأنشدنيه غَيره (عذار كالطراز على الطّراز ... وَبدر فِي الْحَقِيقَة لَا الْمجَاز) الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 (وَلَو جَازَ السُّجُود لَهُ سجدنا ... وَلَكِن لَيْسَ ذَاك بمستجاز) // من الوافر // 12 - أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن خالويه أَصله من همذان وَلَكِن استوطن حلب وَصَارَ بهَا أحد أَفْرَاد الدَّهْر فِي كل قسم من أَقسَام الْأَدَب وَالْعلم وَكَانَت إِلَيْهِ الرحلة من الْآفَاق وَآل حمدَان يكرمونه ويدرسون عَلَيْهِ ويقتبسون مِنْهُ وَله شعر لم يحضرني مِنْهُ الْآن إِلَّا قَوْله فِي وصف برد همذان (إِذا همذان اعتارها القر وانقضى ... برغمك أيلول وَأَنت مُقيم) (فعينك عمشاء وأنفك سَائل ... ووجهك مسود الْبيَاض بهيم) (وَأَنت أَسِير الْبرد تمشي بعلة ... على السَّيْف تحبو مرّة وَتقوم) (بِلَاد إِذا مَا الصَّيف أقبل جنَّة ... وَلكنهَا عِنْد الشتَاء جحيم) // من الطَّوِيل // ولبعضهم فِي برد همذان (همذان متلفة النُّفُوس ببردها ... والزمهرير وحرها مَأْمُون) (غلب الشتَاء مصيفها وخريفها ... فَكَأَنَّمَا تموزها كانون) // من الْكَامِل // وَلأبي عَليّ كَاتب بكر (يَا بَلْدَة أسلمني بردهَا ... وَبرد من يسكنهَا للقلق) (لَا يسلم الشاتي بِهِ من أَذَى ... من لثق أَو دمق أَو زلق) // من السَّرِيع // الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وَلأبي الرّبيع الْبَلْخِي فِي الشاش (الشاش فِي الصَّيف جنَّة ... وَمن أَذَى الْحر جنه) (لكنني تعتريني ... بهَا لَدَى الْبرد جنه) // من المجتث // وَفِي مثل هَذِه الصَّنْعَة وَإِن كَانَ فِي غير الْمَعْنى لغيره (يَا شادنا مت قبله ... قد صَار فِي الْحسن قبله) (اُمْنُنْ عَليّ بقبلة ... تشفي فؤادا موله) // من المجتث // وَلابْن خالويه أَيْضا (إِذا لم يكن صدر الْمجَالِس سيدا ... فَلَا خير فِيمَن صدرته الْمجَالِس) (وَكم قَائِل مَا لي رَأَيْتُك رَاجِلا ... فَقلت لَهُ من أجل أَنَّك فَارس) // من الطَّوِيل // 13 - أَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن جني النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ هُوَ القطب فِي لِسَان الْعَرَب وَإِلَيْهِ انْتَهَت الرياسة فِي الْأَدَب وَصَحب أَبَا الطّيب دهرا طَويلا وَشرح شعره وَنبهَ على مَعَانِيه وَإِعْرَابه وَكَانَ الشّعْر أقل خلاله لعظم قدره وارتفاع حَاله فَمن ذَلِك قَوْله فِي الْغَزل (غزال غير وَحشِي ... حكى الوحشي مقلته) (رَآهُ الْورْد يجني الْورْد ... فاستكساه حلته) الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 (وشم بِأَنْفِهِ الريحان ... فاستهداه زهرته) (وذاقت رِيقه الصَّهْبَاء ... فاختلسته نكهته) // من مجزوء الوافر // وَله (أيا دَارهم مَا أَنْت أَنْت مذ انتووا ... وَلَا أَنا مذ سَار الركاب أَنا أَنا) (وجود المنى أَن لَا يكاثر بالمنى ... ونيل الْغنى أَن لَا يكاثر بالغنى) (وَمن كَانَ فِي الدُّنْيَا أَشد تصورا ... تَجدهُ عَن الدُّنْيَا أَشد تصونا) // من الطَّوِيل // 14 - الشمشاطي هُوَ أَبُو الْفَتْح الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد لم يَقع إِلَى من شعره إِلَّا قَوْله فِي البنفسج (إشرب على زهر البنفسج ... قبل تأنيب الحسود) (فَكَأَنَّمَا أوراقه ... آثَار قرص فِي الخدود) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي الجلنار (وبدا الجلنار مثل خدود ... قد كساها الْحيَاء ثوب عقار) (صبغة الله كالعقيق ترَاهُ ... أحمرا ناصعا لَدَى الاخضرار) // من الْخَفِيف // وَمِمَّنْ يَلِيق ذكره بِهَذَا الْمَكَان من أَعْيَان الشَّام وَلَيْسَ يحضرني شعر أَبُو الْقَاسِم الْآدَمِيّ وَإِذا حصلت عَلَيْهِ ألحقته بِهِ وَهَذَا آخر الْبَاب الرَّابِع الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الْبَاب الْخَامِس 15 - فِي ذكر أبي الطّيب المتنبي وَمَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ هُوَ وَإِن كَانَ كُوفِي المولد شَامي المنشأ وَبهَا تخرج وَمِنْهَا خرج نادرة الْفلك وواسطة عقد الدَّهْر فِي صناعَة الشّعْر ثمَّ هُوَ شَاعِر سيف الدولة الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْمَشْهُور بِهِ إِذْ هُوَ الَّذِي جذب بضبعه وَرفع من قدره ونفق سعر شعره وَألقى عَلَيْهِ شُعَاع سعادته حَتَّى سَار ذكره مسير الشَّمْس وَالْقَمَر وسافر كَلَامه فِي البدو والحضر وكادت اللَّيَالِي تنشده وَالْأَيَّام تحفظه كَمَا قَالَ وَأحسن مَا شَاءَ (وَمَا الدَّهْر إِلَّا من رُوَاة قصائدي ... إِذا قلت شعرًا أصبح الدَّهْر منشدا) (فَسَار بِهِ من لَا يسير مشمرا ... وغنى بِهِ من لَا يُغني مغردا) // من الطَّوِيل // وكما قَالَ (ولي فِيك مَا لم يقل قَائِل ... وَمَا لم يسر قمر حَيْثُ سارا) (وَعِنْدِي لَك الشرد السائرات ... لَا يختصصن من الأَرْض دَارا) (إِذا سرن من مقول مرّة ... وثبن الْجبَال وخضن البحارا) // من المتقارب // الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 هَذَا من أحسن مَا قيل فِي وصف الشّعْر السائر وأبلغ مِنْهُ قَول عَليّ بن الجهم حَيْثُ قَالَ (وَلَكِن إِحْسَان الْخَلِيفَة جَعْفَر ... دَعَاني إِلَى مَا قلت فِيهِ من الشّعْر) (فَسَار مسير الشَّمْس فِي كل بَلْدَة ... وهب هبوب الرّيح فِي الْبر وَالْبَحْر) // من الطَّوِيل // فَلَيْسَ الْيَوْم مجَالِس الدَّرْس أعمر بِشعر أبي الطّيب من مجَالِس الْأنس وَلَا أَقْلَام كتاب الرسائل أجْرى بِهِ من ألسن الخطباء فِي المحافل وَلَا لحون المغنين والقوالين أشغل بِهِ من كتب المؤلفين والمصنفين وَقد ألفت الْكتب فِي تَفْسِيره وَحل مشكله وعويصه وَكَثُرت الدفاتر على ذكر جيده ورديئه وَتكلم الأفاضل فِي الوساطة بَينه وَبَين خصومه والإفصاح عَن أبكار كَلَامه وعونه وَتَفَرَّقُوا فرقا فِي مدحه والقدح فِيهِ والنضح عَنهُ والتعصب لَهُ وَعَلِيهِ وَذَلِكَ أول دَلِيل دلّ على وفور فَضله وَتقدم قدمه وتفرده عَن أهل زَمَانه بِملك رِقَاب القوافي ورق الْمعَانِي فالكامل من عدت سقطاته والسعيد من حسبت هفواته وَمَا زَالَت الْأَمْلَاك تهجي وتمدح وَأَنا مورد فِي هَذَا الْبَاب ذكر محاسنه ومقابحه وَمَا يرتضى وَمَا يستهجن من مذاهبه فِي الشّعْر وطرائقه وتفصيل الْكَلَام فِي نقد شعره والتنبيه على عيونه وعيوبه وَالْإِشَارَة إِلَى غرره وعرره وترتيب الْمُخْتَار من قلائده وبدائعه بعد الْأَخْذ بِطرف من طرق أخباره ومتصرفات أَحْوَاله وَمَا تكْثر فَوَائده وتحلو ثَمَرَته ويتميز هَذَا الْبَاب بِهِ عَن سَائِر أَبْوَاب الْكتاب كتميزه عَن أَصْحَابهَا بعلو الشَّأْن فِي شعر الزَّمَان وَالْقَبُول التَّام عِنْد أَكثر الْخَاص وَالْعَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ذكر ابْتِدَاء أمره ذكرت الروَاة أَنه ولد بِالْكُوفَةِ فِي كِنْدَة سنة ثَلَاث وثلاثمائة وَأَن أَبَاهُ سَافر إِلَى بِلَاد الشَّام فَلم يزل يَنْقُلهُ من باديتها إِلَى حضرها وَمن مدرها إِلَى وبرها ويسلمه فِي الْمكَاتب ويردده فِي الْقَبَائِل ومخايله نواطق الْحسنى عَنهُ وضوامن النجح فِيهِ حَتَّى توفّي أَبوهُ وَقد ترعرع أَبُو الطّيب وَشعر وبرع وَبلغ من كبر نَفسه وَبعد همته أَن دَعَا إِلَى بيعَته قوما من رائشي نبله على الحداثة من سنه والغضاضة من عوده وَحين كَاد يتم لَهُ أَمر دَعوته تأدى خَبره إِلَى وَالِي الْبَلدة وَرفع إِلَيْهِ مَا هم بِهِ من الْخُرُوج فَأمر بحبسه وتقييده وَهُوَ الْقَائِل فِي الْحَبْس قصيدته الَّتِي أَولهَا (أيا خدد الله ورد الخدود ... وَقد قدود الحسان القدود) // من المتقارب // وَمِنْهَا استعطافه ذَلِك الْأَمِير والتنصل مِمَّا قذف بِهِ (أمالك رقي وَمن شَأْنه ... هبات اللجين وَعتق العبيد) (دعوتك عِنْد انْقِطَاع الرَّجَاء ... وَالْمَوْت مني كحبل الوريد) (دعوتك لما براني البلى ... وأوهن رجْلي ثقل الْحَدِيد) وَمِنْهَا (وَقد كَانَ مشيهما فِي النِّعَال ... فقد صَار مشيهما فِي الْقُيُود) (وَكنت من النَّاس فِي محفل ... فها أَنا فِي محفل من قرود) (تعجل فِي وجوب الْحُدُود ... وحدي قبل وجوب السُّجُود) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 أَي إِنَّمَا تجب الْحُدُود على الْبَالِغ وَأَنا صبي لم تجب عَليّ الصَّلَاة بعد وَيجوز أَن يكون قد صغر سنه وَأمر نَفسه عِنْد الْوَالِي لِأَن من كَانَ صَبيا لم يظنّ بِهِ اجْتِمَاع النَّاس إِلَيْهِ للشقاق وَالْخلاف وَمن شعره فِي الْحَبْس مَا كتب بِهِ إِلَى صديق لَهُ قد كَانَ أنفذ إِلَيْهِ مبرة (أَهْون بطول الثواء والتلف ... والسجن والقيد يَا أَبَا دلف) (غير اخْتِيَار قبلت برك بِي ... والجوع يُرْضِي الْأسود بالجيف) // من المنسرح // يشبه قَول أبي عُيَيْنَة (مَا أَنْت إِلَّا كلحم ميت ... دَعَا لي إِلَى أكله اضطرار) // من مخلع الْبَسِيط // رَجَعَ (كن أَيهَا السجْن كَيفَ شِئْت فقد ... وطنت للْمَوْت نفس معترف) (لَو كَانَ سكناي فِيك منقصة ... لم يكن الدّرّ سَاكن الصدف) ويحكى أَنه تنبأ فِي صباه وَفتن شرذمة بِقُوَّة أدبه وَحسن كَلَامه وَحكى أَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن جني قَالَ سَمِعت أَبَا الطّيب يَقُول إِنَّمَا لقبت بالمتنبي لقولي (أَنا ترب الندى وَرب القوافي ... وسمام العدا وغيظ الحسود) (أَنا فِي أمة تداركها الله ... غَرِيب كصالح فِي ثَمُود) // من الْخَفِيف // وَفِي هَذِه القصيدة يَقُول (مَا مقَامي بِأَرْض نَخْلَة إِلَّا ... كمقام الْمَسِيح بَين الْيَهُود) وَمَا زَالَ فِي برد صباه إِلَى أَن أخلق برد شبابه وتضاعفت عُقُود عمره يَدُور حب الْولَايَة والرياسة فِي رَأسه وَيظْهر مَا يضمر من كامن وسواسه فِي الْخُرُوج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 على السُّلْطَان والاستظهار بالشجعان والاستيلاء على بعض الْأَطْرَاف ويستكثر من التَّصْرِيح بذلك فِي مثل قَوْله (لقد تصبرت حَتَّى لات مصطبر ... فَالْآن أقحم حَتَّى لات مقتحم) (لأتركن وُجُوه الْخَيل ساهمة ... وَالْحَرب أقوم من سَاق على قدم) (والطعن يحرقها والزجر يقلقها ... حَتَّى كَأَن بهَا ضربا من اللمم) (قد كلمتها العوالي فَهِيَ كالحة ... كَأَنَّمَا الصاب مذرور على اللجم) (بِكُل منصلت مَا زَالَ منتظري ... حَتَّى أدلت لَهُ من دولة الخدم) (شيخ يرى الصَّلَوَات الْخمس نَافِلَة ... ويستحل دم الْحجَّاج فِي الْحرم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (سأطلب حَقي بالقنا ومشايخ ... كَأَنَّهُمْ من طول مَا التثموا مرد) (ثقال إِذا لاقوا خفاف إِذا دعوا ... كثير إِذا شدوا قَلِيل إِذا عدوا) (وَطعن كَأَن الطعْن لَا طعن بعده ... وَضرب كَأَن النَّار من حره برد) (إِذا شِئْت حفت بِي على كل سابح ... رجال كَأَن الْمَوْت فِي فمها شهد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَلَا تحسبن الْمجد زقا وقينة ... فَمَا الْمجد إِلَّا السَّيْف والفتكة الْبكر) (وتضريب أَعْنَاق الْمُلُوك وَأَن ترى ... لَك الهبوات السود والعسكر المجر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 (وتركك فِي الدُّنْيَا دويا كَأَنَّمَا ... تداول سمع الْمَرْء أنمله الْعشْر) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَإِن عمرت جعلت الْحَرْب وَالِدَة ... والسمهري أَخا والمشرفي أَبَا) (بِكُل أَشْعَث يلقى الْمَوْت مُبْتَسِمًا ... حَتَّى كَأَن لَهُ فِي قَتله أربا) (قح يكَاد صَهِيل الْخَيل يقذفه ... من سَرْجه مرحا للعز أَو طَربا) (الْمَوْت أعذر لي وَالصَّبْر أجمل بِي ... وَالْبر أوسع وَالدُّنْيَا لمن غلبا) // من الْبَسِيط // وَكَانَ كثيرا مَا يتجشم أسفارا بعيدَة أبعد من آماله وَيَمْشي فِي مناكب الأَرْض ويطوي المناهل والمراحل وَلَا زَاد إِلَّا من ضرب الحراب على صفحة الْمِحْرَاب وَلَا مَطِيَّة إِلَّا الْخُف أَو النَّعْل كَمَا قَالَ (لَا نَاقَتي تقبل الرديف وَلَا ... بِالسَّوْطِ يَوْم الرِّهَان أجهدها) (شراكها كورها ومشفرها ... زمامها والشسوع مقودها) // من المنسرح // وَإِنَّمَا ألم فِي هَذَا الْمَعْنى بِأبي نواس فِي قَوْله (إِلَيْك أَبَا الْعَبَّاس من بَين من مَشى ... عَلَيْهَا امتطينا الْحَضْرَمِيّ الملسنا) (قَلَائِص لم تعرف حنينا على طلا ... وَلم تدر مَا قرع الفنيق وَلَا الهنا) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وكما قَالَ فِي شكوى الدَّهْر وَوصف الْخُف (أظمتني الدُّنْيَا فَلَمَّا جِئْتهَا ... مستسقيا مطرَت عَليّ مصائبا) (وحبيت من خوص الركاب بأسود ... من دارش فَغَدَوْت أَمْشِي رَاكِبًا) // من الْكَامِل // وكما قَالَ فِي الِاعْتِدَاد بالرحلة وَالْقُدْرَة على الرجلة (ومهمه جبته على قدمي ... تعجز عَنهُ العرامس الذلل) (بصارمي مُرْتَد بمخبرتي ... مجتزئ بالظلام معتمل) (إِذا صديق نكرت جَانِبه ... لم تعيني فِي فِرَاقه الْحِيَل) (فِي سَعَة الْخَافِقين مُضْطَرب ... وَفِي بِلَاد من أُخْتهَا بدل) // من المنسرح // وشتان مَا بَين حَاله هَذِه وَالْحَال الَّتِي قَالَ فِيهَا (وعرفاهم بِأَنِّي من مكارمه ... أقلب الطّرف بَين الْخَيل والخول) // من الْبَسِيط // وَكَانَ قبل اتِّصَاله بِسيف الدولة يمدح الْقَرِيب والغريب ويصطاد مَا بَين الكركي والعندليب ويحكى أَن عَليّ بن مَنْصُور الْحَاجِب لم يُعْطه على قصيدته فِيهِ الَّتِي أَولهَا (بِأبي الشموس الجانحات غواربا ... اللابسات من الْحَرِير جلاببا) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وَمِنْهَا (حَال مَتى علم ابْن مَنْصُور بهَا ... جَاءَ الزَّمَان إِلَيّ مِنْهَا تَائِبًا) إِلَّا دِينَارا وَاحِدًا فسميت الدينارية وَلما انخرط فِي سلك سيف الدولة وَدرت لَهُ أخلاف الدُّنْيَا على يَده كَانَ من قَوْله فِيهِ (تركت السرى خَلْفي لمن قل مَاله ... وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا) (وقيدت نَفسِي فِي هَوَاك محبَّة ... وَمن وجد الْإِحْسَان قيدا تقيدا) // من الطَّوِيل // وَهَذَا الْبَيْت من قلائده وَإِنَّمَا ألم فِيهِ بقول أبي تَمام (هممي معلقَة عَلَيْك رقابها ... مغلولة إِن الْوَفَاء إسار) // من الْكَامِل // وَلكنه أَخذ عباءة وردهَا ديباجا وأرسلها مثلا سائرا وَكرر هَذَا الْمَعْنى فَزَاد فِيهِ حَتَّى كَاد يفْسد فِي قَوْله (يَا من يقتل من أَرَادَ بِسَيْفِهِ ... أَصبَحت من قتلاك بِالْإِحْسَانِ) // من الْكَامِل // نبذ من أخباره لما أنْشد سيف الدولة قصيدته الَّتِي أَولهَا (أجَاب دمعي وَمَا الدَّاعِي سوى طلل ... دَعَا فلباه قبل الركب وَالْإِبِل) // من الْبَسِيط // وناوله نسختها وَخرج فَنظر فِيهَا سيف الدولة فَلَمَّا انْتهى إِلَى قَوْله (يَا أَيهَا المحسن المشكور من جهتي ... وَالشُّكْر من جِهَة الْإِحْسَان لَا قبلي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 (مَا كَانَ نومي إِلَّا فَوق معرفتي ... بِأَن رَأْيك لَا يُؤْتى من الزلل) (أقل أنل أقطع احْمِلْ عل سل أعد ... زد هش بش تفضل أدن سر صل) وَقع تَحت أقل قد أقلناك وَتَحْت أنل يحمل إِلَيْهِ من الدَّرَاهِم كَذَا وَتَحْت أقطع قد أقطعناك الضَّيْعَة الْفُلَانِيَّة ضَيْعَة بِبِلَاد حلب وَتَحْت احْمِلْ يُقَاد إِلَيْهِ الْفرس الْفُلَانِيّ وَتَحْت عل قد فعلنَا وَتَحْت سل قد فعلنَا فاسل وَتَحْت أعد أعدناك إِلَى حالك من حسن رَأينَا وَتَحْت زد يُزَاد كَذَا وَتَحْت تفضل قد فعلنَا وَتَحْت أدن قد أدنيناك وَتَحْت سر قد سررناك وَتَحْت صل قد فعلنَا قَالَ ابْن جني فبلغني عَن المتنبي أَنه قَالَ إِنَّمَا أردْت سر من السّريَّة فَأمر لَهُ بِجَارِيَة قَالَ وَحكى لي بعض إِخْوَاننَا أَن المعقلي وَهُوَ شيخ كَانَ بِحَضْرَتِهِ ظريف قَالَ لَهُ وحسد المتنبي على مَا أَمر بِهِ يَا مولَايَ قد فعلت بِهِ كل شَيْء سألكه فَهَلا قلت لَهُ لما قَالَ لَك هش بش هه هه هه يَحْكِي الضحك فَضَحِك سيف الدولة فَقَالَ لَهُ وَلَك أَيْضا مَا تحب وَأمر لَهُ بصلَة وَذكر القَاضِي أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي كتاب الوساطة أَن أَبَا الطّيب نسج على منوال ديك الْجِنّ فَقَالَ (احل وامرر وضر وانفع وَلنْ واخشن ... ورش وابر وانتدب للمعالي) // من الْخَفِيف // وَحكى ابْن جني قَالَ حَدثنِي أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن أَحْمد الصنوبري قَالَ خرجت من حلب أُرِيد سيف الدولة فَلَمَّا برزت من السُّور إِذا أَنا بِفَارِس متلثم قد أَهْوى نحوي بِرُمْح طَوِيل وسدده إِلَى صَدْرِي فكدت أطرح نَفسِي عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 الدَّابَّة فرقا فَلَمَّا قرب مني ثنى السنان وحسر لثامه فَإِذا المتنبي وأنشدني (نثرنا رُءُوسًا بالأحيدب مِنْهُم ... كَمَا نثرت فَوق الْعَرُوس الدَّرَاهِم) // من الطَّوِيل // ثمَّ قَالَ كَيفَ ترى هَذَا القَوْل أحسن هُوَ فَقلت لَهُ وَيحك قد قتلتني يَا رجل قَالَ ابْن جني فحكيت أَنا هَذِه الْحِكَايَة بِمَدِينَة السَّلَام لأبي الطّيب فعرفها وَضحك لَهَا وَذكر أَبَا عَليّ من التقريظ وَالثنَاء بِمَا يُقَال فِي مثله قَالَ وأنشدت أَبَا عَليّ لَيْلًا قصيدة أبي الطّيب الَّتِي أَولهَا (واحر قلباه مِمَّن قلبه شبم ... ) // من الْبَسِيط // فَلَمَّا وصلت إِلَى قَوْله فِيهَا (وَشر مَا قنصته راحتي قنص ... شهب البزاة سَوَاء فِيهِ والرخم) أعجب جدا بِهِ وَلم يزل يستعيده حَتَّى حفظه وَمَعْنَاهُ إِذا تساويت وَمن لَا قدر لَهُ فِي أَخذ عطاياك فَأَي فضل لي عَلَيْهِ وَمَا كَانَ من الْفَائِدَة كَذَا لم أفرح بِهِ وَإِنَّمَا أفرح بِأخذ مَا تخْتَص بِهِ الأفاضل قَالَ وحَدثني المتنبي قَالَ حَدثنِي فلَان الْهَاشِمِي من أهل حران بِمصْر قَالَ أحَدثك بطريفة كتبت إِلَى امْرَأَتي وَهِي بحران كتابا تمثلت فِيهِ ببيتك (بِمَ التعلل لَا أهل وَلَا وَطن ... وَلَا نديم وَلَا كأس وَلَا سكن) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 فأجابتني عَن الْكتاب وَقَالَت مَا أَنْت وَالله كَمَا ذكرته فِي هَذَا الْبَيْت بل أَنْت كَمَا قَالَ الشَّاعِر فِي هَذِه القصيدة (سهرت بعد رحيلي وَحْشَة لكم ... ثمَّ اسْتمرّ مريري وارعوى الوسن) قَالَ وَلما سمع سيف الدولة الْبَيْت الَّذِي يتلوه وَهُوَ قَوْله (وَإِن بليت بود مثل ودكم ... فإنني بِفِرَاق مثله قمن) قَالَ سَار وَحقّ أبي قَالَ وَلما سمع قَوْله لفنا خسرو (وَقد رَأَيْت الْمُلُوك قاطبة ... وسرت حَتَّى رَأَيْت مَوْلَاهَا) // من المنسرح // قَالَ ترى هَل نَحن فِي الْجُمْلَة سَمِعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول كَانَ أَبُو الطّيب المتنبي قَاعِدا تَحت قَول الشَّاعِر (وَإِن أَحَق النَّاس باللوم شَاعِر ... يلوم على الْبُخْل الرِّجَال وَيبْخَل) // من الطَّوِيل // وَإِنَّمَا أعرب عَن عَادَته وطريقته فِي قَوْله (بليت بلَى الأطلال إِن لم أَقف بهَا ... وقُوف شحيح ضَاعَ فِي الترب خَاتمه) // من الطَّوِيل // فَحَضَرت عِنْده يَوْمًا بحلب وَقد أحضر مَالا من صلات سيف الدولة فصب بَين يَدَيْهِ على حَصِير قد افترشه وَوزن وأعيد فِي كيس وَإِذا بِقِطْعَة كأصغر مَا يكون من ذَلِك المَال قد تخللت خلل الْحَصِير فأكب عَلَيْهَا بمجامعه ينقرها ويعالج استنقاذها مِنْهُ ويشتغل بذلك عَن جُلَسَائِهِ حَتَّى توصل إِلَى إِظْهَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 بَعْضهَا فتمثل بِبَيْت قيس بن الخطيم (تبدت لنا كَالشَّمْسِ بَين غمامة ... بدا حَاجِب مِنْهَا وضنت بحاجب) // من الطَّوِيل // ثمَّ استخرجها وَأمر بإعادتها إِلَى مَكَانهَا من الْكيس وَقَالَ إِنَّهَا تحضر الْمَائِدَة وسمعته يَقُول لما أنْشد المتنبي عضد الدولة قصيدته فِيهِ الَّتِي أَولهَا (مغاني الشّعب طيبا فِي المغاني ... ) // من الوافر // وانْتهى إِلَى قَوْله فِيهَا (وَألقى الشرق مِنْهَا فِي ثِيَابِي ... دنانيرا تَفِر من البنان) قَالَ لَهُ عضد الدولة لأقرنها فِي يَديك ثمَّ فعل قَالَ وَلما قدم أَبُو الطّيب من مصر بَغْدَاد وترفع عَن مدح المهلبي الْوَزير ذَهَابًا بِنَفسِهِ عَن مدح غير الْمُلُوك شقّ ذَلِك على المهلبي فأغرى بِهِ شعراء بَغْدَاد حَتَّى نالوا من عرضه وتباروا فِي هجائه وَفِيهِمْ ابْن الْحجَّاج وَابْن سكرة مُحَمَّد بن عبد الله الزَّاهِد الْهَاشِمِي والحاتمي وأسمعوه مَا يكره وتماجنوا بِهِ وتنادروا عَلَيْهِ فَلم يجبهم وَلم يفكر فيهم وَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِنِّي فرغت من إجابتهم بِقَوْلِي لمن هم أرفع طبقَة مِنْهُم فِي الشُّعَرَاء (أرى المتشاعرين غروا بذمي ... وَمن ذَا يحمل الدَّاء العضالا) (وَمن يَك ذَا فَم مر مَرِيض ... يجد مرا بِهِ المَاء الزلالا) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وَقَوْلِي (أَفِي كل يَوْم تَحت ضبني شويعر ... ضَعِيف يقاويني قصير يطاول) (لساني بنطقي صَامت عَنهُ عَادل ... وقلبي بصمتي ضَاحِك مِنْهُ هازل) (وأتعب من ناداك من لَا تجيبه ... وأغيظ من عاداك من لَا تشاكل) (وَمَا التيه طبي فيهم غير أنني ... بغيض إِلَيّ الْجَاهِل المتعاقل) // من الطَّوِيل // وَقَوْلِي (وَإِذا أتتك مذمتي من نَاقص ... فَهِيَ الشَّهَادَة لي بِأَنِّي فَاضل) // من الْكَامِل // قَالَ وَبلغ أَبَا الْحُسَيْن بن لنكك بِالْبَصْرَةِ مَا جرى على المتنبي من وقيعة شعراء بَغْدَاد فِيهِ واستحقارهم لَهُ وَكَانَ حَاسِدًا لَهُ طاعنا عَلَيْهِ هاجيا إِيَّاه زاعما أَن أَبَاهُ كَانَ سقاء بِالْكُوفَةِ فشمت بِهِ وَقَالَ (قولا لأهل زمَان لَا خلاق لَهُم ... ضلوا عَن الرشد من جهل بهم وعموا) (أعطيتم المتنبي فَوق منيته ... فَزَوجُوهُ برغم أُمَّهَاتكُم) (لَكِن بَغْدَاد جاد الْغَيْث ساكنها ... نعَالهمْ فِي قفا السقاء تزدحم) // من الْبَسِيط // قَالَ وَمن قَوْله فِيهِ (متنبيكم ابْن سقاء كوفان ... ويوحى من الكنيف إِلَيْهِ) (كَانَ من فِيهِ يسلح الشّعْر حَتَّى ... سلحت فقحة الزَّمَان عَلَيْهِ) // من الْخَفِيف // وَمن قَوْله أَيْضا فِيهِ (مَا أوقح المتنبي ... فِيمَا حكى وادعاه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 (أُبِيح مَالا عَظِيما ... حَتَّى أَبَاحَ قَفاهُ) (يَا سائلي عَن غناهُ ... من ذَاك كَانَ غناهُ) (إِن كَانَ ذَاك نَبيا ... فالجاثليق إِلَه) // من المجتث // ثمَّ إِن أَبَا الطّيب المتنبي اتخذ اللَّيْل جملا وَفَارق بَغْدَاد مُتَوَجها إِلَى حَضْرَة أبي الْفضل بن العميد مراغما للمهلبي الْوَزير فورد أرجان وَأحمد مورده فيحكى أَن الصاحب أَبَا الْقَاسِم طمع فِي زِيَارَة المتنبي إِيَّاه بأصبهان وإجرائه مجْرى مقصوديه من رُؤَسَاء الزَّمَان وَهُوَ إِذْ ذَاك شَاب وحاله حويلة وَلم يكن استوزر بعد وَكتب إِلَيْهِ يلاطفه فِي استدعائه وتضمن لَهُ مشاطرته جَمِيع مَاله فَلم يقم لَهُ المتنبي وزنا وَلم يجبهُ عَن كِتَابه وَلَا إِلَى مُرَاده وَقصد حَضْرَة عضد الدولة بشيراز فأسفرت سفرته عَن بُلُوغ الأمنية وورود مشرع الْمنية واتخذه الصاحب غَرضا يرشقه بسهام الوقيعة ويتتبع عَلَيْهِ سقطاته فِي شعره وهفواته وينعي عَلَيْهِ سيئاته وَهُوَ أعرف النَّاس بحسناته وأحفظهم لَهَا وَأَكْثَرهم اسْتِعْمَالا إِيَّاهَا وتمثلا بهَا فِي محاضراته ومكاتباته وَكَانَ مثله مَعَه كَمَا قَالَ الشَّاعِر (شتمت من يَشْتمنِي مغالطا ... لأصرف العاذل عَن لجاجته) فَقَالَ لما وَقع الْبَزَّاز فِي الثَّوْب ... علمنَا أَنه من حَاجته) // من الرجز وكما قَالَ الآخر (وذموا لنا الدُّنْيَا وهم يرضعونها ... وَلم أر كالدنيا تذم وتحلب) // من الطَّوِيل // وكما قَالَ الآخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 (نبئت أَنِّي إِذا مَا غبت تَشْتمنِي ... قل مَا بدا لَك فالمحبوب مسبوب) // من الْبَسِيط // قِطْعَة من حل الصاحب وَغَيره نظم المتنبي واستعانتهم بألفاظه ومعانيه فِي الترسل فصل لَهُ من رِسَالَة فِي وصف قلعة افتتحها عضد الدولة وَأما قلعة كَذَا فقد كَانَت بَقِيَّة الدَّهْر المديد والأمد الْبعيد تعطس بأنف شامخ من المنعة وتنبو بعطف جَامع على الْخطْبَة وَترى أَن الْأَيَّام قد صالحتها على الإعفاء من القوارع وعاهدتها على التَّسْلِيم من الْحَوَادِث فَلَمَّا أتاح الله للدنيا ابْن بجدتها وَأَبا بأسها ونجدتها جهلوا بون مَا بَين البحور والأنهار وظنوا الأقدار تأتيهم على مِقْدَار فَمَا لَبِثُوا أَن رَأَوْا معقلهم الْحصين ومثواهم الْقَدِيم نهزة الْحَوَادِث وفرصة البوائق ومجر العوالي ومجرى السوابق وَإِنَّمَا ألم بِأَلْفَاظ بَيْتَيْنِ لأبي الطّيب أَحدهمَا (حَتَّى أَتَى الدُّنْيَا ابْن بجدتها ... فَشَكا إِلَيْهِ السهل والجبل) // من الْكَامِل // وَالْآخر (تذكرت مَا بَين العذيب وبارق ... مجر عوالينا ومجرى السوابق) // من الطَّوِيل // وَفصل لَهُ لَئِن كَانَ الْفَتْح جليل الْخطر عَظِيم الْأَثر فَإِن سَعَادَة مَوْلَانَا لتبشر بشوافع لَهُ يعلم مَعهَا أَن لله أسرارا فِي علاهُ لَا يزَال يبديها ويصل أوائلها بتواليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وَهُوَ من قَول أبي الطّيب (وَللَّه سر فِي علاك وَإِنَّمَا ... كَلَام العدى ضرب من الهذيان) // من الطَّوِيل // فصل وَلَو كَانَ مَا أحْسنه شظية فِي قلم كَاتب لما غيرت خطه أَو قذى فِي عين نَائِم لما انتبه جفْنه وَهُوَ من قَول أبي الطّيب (وَلَو قلم ألقيت فِي شقّ رَأسه ... من السقم مَا غيرت من خطّ كَاتب) // من الطَّوِيل // وَقَول نصر (ضنيت حَتَّى صرت لَو زج بِي ... فِي نَاظر النَّائِم لم ينتبه) // من السَّرِيع // وَمِنْه أَخذ ابْن العميد قَوْله (فَلَو أَن مَا أبقيت فِي جَسَدِي قذى ... فِي الْعين لم يمْنَع من الإغفاء) // من الْكَامِل // فصل للصاحب فِي التَّعْزِيَة إِذا كَانَ الشَّيْخ الْقدْوَة فِي الْعلم وَمَا يَقْتَضِيهِ والأسوة فِي الدّين وَمَا يجب فِيهِ لزم أَن يتأدب فِي حالات الصَّبْر وَالشُّكْر بأدبه وَيُؤْخَذ فِي ثَارَاتِ الأسى والأسى بمذهبه فَكيف لنا بتعزيته عِنْد حَادث رزيته إِلَّا إِذا روينَا لَهُ بعض مَا أخذناه عَنهُ وأعدنا إِلَيْهِ طَائِفَة مِمَّا استفدناه مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ حل من قَول أبي الطّيب (أَنْت يَا فَوق أَن يعزى عَن الأحباب ... فَوق الَّذِي يعزيك عقلا) (وبألفاظك اهْتَدَى فَإِذا عزاك ... قَالَ الَّذِي لَهُ قلت قبلا) // من الْخَفِيف // وَفصل لَهُ وَقد أثنى عَلَيْهِ ثَنَاء لِسَان الزهر على رَاحَة الْمَطَر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وَهُوَ من قَول أبي الطّيب (وذكي رَائِحَة الرياض كَلَامهَا ... تبغي الثَّنَاء على الحيا فيفوح) // من الْكَامِل // وَالْأَصْل فِيهِ قَول ابْن الرُّومِي (شكرت نعْمَة الْوَلِيّ على الوسمي ... ثمَّ العهاد بعد العهاد) (فَهِيَ تثني على السَّمَاء ثَنَاء ... طيب النشر شَائِعا فِي الْبِلَاد) (من نسيم كَأَن مسراه فِي الآرواح ... مسرى الْأَرْوَاح فِي الأجساد) // من الْخَفِيف // وَمِمَّا أوردهُ من أَبْيَات أبي الطّيب كَمَا هِيَ قَوْله فِي كتاب أجَاب بِهِ ابْن العميد عَن كِتَابه الصَّادِر إِلَيْهِ عَن شاطئ الْبَحْر فِي وصف مراكبه وعجائبه وَقد علمت أَن سيدنَا كتب وَمَا أخطر بفكره سَعَة صَدره وَلَو فعل ذَلِك لرَأى الْبَحْر وشلا لَا يفضل عَن التبرض وثمدا لَا يكثر عَن الترشف (وَكم من جبال جبت تشهد أنني الْجبَال ... وبحر شَاهد أنني الْبَحْر) // من الطَّوِيل // وَله من رِسَالَة فِي التهنئة ببنت أَولهَا أَهلا بعقيلة النِّسَاء وكريمة الْآبَاء وَأم الْأَبْنَاء وجالبة الأصهار وَالْأَوْلَاد الْأَطْهَار ثمَّ يَقُول فِيهَا (وَلَو كَانَ النِّسَاء كَمثل هذي ... لفضلت النِّسَاء على الرِّجَال) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 (وَمَا التَّأْنِيث لاسم الشَّمْس عيب ... وَلَا التَّذْكِير فَخر للهلال) // من الوافر // وهما لأبي الطّيب من قصيدة فِي مرثية وَالِدَة سيف الدولة إِلَّا أَنه يَقُول (وَلَو كَانَ النِّسَاء كمن فَقدنَا ... ) وللصاحب من كتاب تَعْزِيَة وَقُلْنَا قد أَخذ الزَّمَان من أَخذ وَترك من ترك فَهُوَ لَا شكّ يعْفُو عَن الْقَمَر وَقد أسلم الشَّمْس للطفل وَلَا يصل الصروف بالصروف وَلَا يجمع الْكُسُوف إِلَى الخسوف فأبي حكم الملوين وَقد غبنك إِذْ قاسمك الْأَخَوَيْنِ إِلَّا أَن يعود فَيلْحق الْبَاقِي بالفاني والغابر بالماضي (وَعَاد فِي طلب الْمَتْرُوك تَاركه ... إِنَّا لنفعل وَالْأَيَّام فِي الطّلب) (مَا كَانَ أقصر وقتا كَانَ بَينهمَا ... كَأَنَّهُ الْوَقْت بَين الْورْد والقرب) // من الْبَسِيط // أَقُول هَذَا كعادة المصدور فِي النفث وشكوى الْحزن والبث وَإِلَّا فَمَا يعجب السّفر من تقدم بعض وكل بَين الرَّاحِلَة والرحل لَا يتْرك الْمَوْت ساعيا على وَجه الأَرْض حَتَّى يَنْقُلهُ إِلَى بطن الترب (نَحن بَنو الْمَوْتَى فَمَا بالنا ... نعاف مَا لَا بُد من شربه) (تبخل أَيْدِينَا بأرواحنا ... على زمَان هن من كَسبه) (فَهَذِهِ الْأَرْوَاح من جوه ... وَهَذِه الْأَجْسَام من تربه) // من السَّرِيع // وَهَذَا غيض من فيض مَا اغترفه الصاحب من بَحر المتنبي وتمثل بِهِ من شعره وَلَو ذكرت نَظَائِره لامتد نفس هَذَا الْبَاب وَلَيْسَ هُوَ بأوحد فِي الاقتباس من كَلَامه هَذَا أَبُو إِسْحَاق الصابي رسيله فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 ذَلِك وزميله وَقد قَرَأت لَهُ غير فصل فِيمَا أَشرت إِلَيْهِ ونبهت عَلَيْهِ فَمِنْهُ مَا كتب فِي تقريظ شَاب مقتبل الشبيبة مكتهل الْفَضِيلَة وَلَقَد آتَاهُ الله فِي اقتبال الْعُمر جَوَامِع الْفضل وسوغه فِي عنفوان الشَّبَاب محامد الاستكمال فَلَا تَجِد الكهولة خلة تتلافاها بتطاول الْمدَّة وثلمة تسدها بمزايا الحنكة وَإِنَّمَا هُوَ حل نظم أبي الطّيب وَإِن كَانَ فِي معنى آخر (لَا تَجِد الْخمر فِي مكارمه ... إِذا انتشى خلة تلافاها) // من المنسرح // وَأخذ من قَول البحتري (تكرمت من قبل الكؤوس عَلَيْهِم ... فَمَا اسطعن أَن يحدثن فِيك تكرما) // من الطَّوِيل // وَمِنْه مَا كتب إِلَى ابْن مَعْرُوف تهنئة بِقَضَاء الْقُضَاة منزلَة قَاضِي الْقُضَاة تجل عَن التهنئة لِأَن مَا تكتسبه الْوُلَاة بهَا من الصيت وَالذكر ويدرعونه فِيهَا من الْجمال وَالْفَخْر سَابق لَهَا عِنْده وَحَاصِل قبلهَا لَهُ وَإِذا مد أحدهم إِلَيْهَا يدا تجذبها إِلَى سفال جذبتها يَده إِلَى الْمحل العالي فَكَأَن أَبَا الطّيب المتنبي عناه أَو حَكَاهُ بقوله (فَوق السَّمَاء وَفَوق مَا طلبُوا ... فَإِذا أَرَادوا غَايَة نزلُوا) // من الْكَامِل // وَمِنْه مَا كتب وَعَاد مَوْلَانَا إِلَى مُسْتَقر عزه عود الْحلِيّ إِلَى العاطل والغيث إِلَى الرَّوْض الماحل وَإِنَّمَا من قَول أبي الطّيب (وعدت إِلَى حلب ظافرا ... كعود الْحلِيّ إِلَى العاطل) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وَإِذا كَانَ هَذَانِ الصدران المقدمان على بلغاء الزَّمَان يقتبسان من أبي الطّيب فِي رسائلهما فَمَا الظَّن بِغَيْرِهِمَا وَمَا أحسن قَول الشَّاعِر (أَلا إِن حل الشّعْر زِينَة كَاتب ... وَلَكِن مِنْهُم من يحل فيعقد) // من الطَّوِيل // وَمِمَّنْ يحذو حذوهما الْأُسْتَاذ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الضَّبِّيّ وَمَا أظرف مَا قَرَأت لَهُ فِي كِتَابه إِلَى أبي سعيد الشبيبي وَقد أَتَانِي كتاب شيخ الدولتين فَكَانَ فِي الْحسن رَوْضَة حزن بل جنَّة عدن وَفِي شرح النَّفس وَبسط الْأنس برد الأكباد والقلوب وقميص يُوسُف فِي أجفان يَعْقُوب وَهُوَ من بَيت أبي الطّيب (كَأَن كل سُؤال فِي مسامعه ... قَمِيص يُوسُف فِي أجفان يَعْقُوب) // من الْبَسِيط // وَفصل لأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَكَيف أمدح الْأَمِير بِخلق ضن بِهِ الْهَوَاء وامتلأت من ذكره الأَرْض وَالسَّمَاء وأبصره الْأَعْمَى بِلَا عين وسَمعه الْأَصَم بِلَا أذن وَهُوَ حل نظم أبي الطّيب (تنشد أثوابنا مدائحه ... بألسن مَا لَهُنَّ أَفْوَاه) (إِذا مَرَرْنَا على الْأَصَم بهَا ... أغنته عَن مسمعيه عَيناهُ) // من المنسرح // وَلأبي بكر من رِسَالَة وَلَقَد تَسَاوَت الألسن حَتَّى حسد الأبكم وأفسد الشّعْر حَتَّى أَحْمد الصمم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وَهُوَ قَول أبي الطّيب (وَلَا تبال بِشعر بعد شاعره ... قد أفسد القَوْل حَتَّى أَحْمد الصمم) // من الْبَسِيط // وَهَذَا ميدان عريض وشوط بطين وَفِيمَا ذكرته كِفَايَة ولاستراقات الشُّعَرَاء من أبي الطّيب بَاب هَذَا مَكَانَهُ أنموذج لسرقات الشُّعَرَاء مِنْهُ 1 - قَالَ المتنبي (وَقد أَخذ التَّمام الْبَدْر فيهم ... وَأَعْطَانِي من السقم المحاقا) // من الوافر // أَخذه أَبُو الْفرج الببغاء فلطفه وَقَالَ (أوليس من إِحْدَى الْعَجَائِب أنني ... فارقته وحييت بعد فِرَاقه) (يَا من يحاكي الْبَدْر عِنْد تَمَامه ... ارْحَمْ فَتى يحكيه عِنْد محاقه) // من الْكَامِل // 2 - وَقَالَ أَبُو الطّيب (قد علم الْبَين منا الْبَين أجفانا ... تدمى وَألف ذَا الْقلب أحزانا) // من الْبَسِيط // أَخذه المهلبي الْوَزير وَقَالَ (تصارمت الأجفان مُنْذُ صرمتني ... فَمَا تلتقي إِلَّا على عِبْرَة تجْرِي) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 3 - وَقَالَ أَبُو الطّيب وَهُوَ من قلائده (وَكنت إِذا يممت أَرضًا بعيدَة ... سريت فَكنت السِّرّ وَاللَّيْل كاتمه) // من الطَّوِيل // أَخذه الصاحب وَقَالَ (تجشمتها وَاللَّيْل وحف جنَاحه ... كَأَنِّي سر والظلام ضمير) // من الطَّوِيل // 4 - وَقَالَ أَبُو الطّيب وَهُوَ أَيْضا من قلائده (لبسن الوشي لَا متجملات ... وَلَكِن كي يصن بِهِ الجمالا) // من الوافر // أغار عَلَيْهِ الصاحب لفظا وَمعنى فَقَالَ (لبسن برود الوشي لَا لتجمل ... وَلَكِن لصون الْحسن بَين برود) // من الطَّوِيل // وَإِنَّمَا فعل ببيتيه مَا فعل أَبُو الطّيب بِبَيْت الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف (والنجم فِي كبد السَّمَاء كَأَنَّهُ ... أعمى تحير مَا لَدَيْهِ قَائِد) // من الْكَامِل // فَقَالَ (مَا بَال هذي النُّجُوم حائرة ... كَأَنَّهَا الْعَمى مَا لَهَا قَائِد) // من المنسرح // وَهَذِه مصالتة لَا سَرقَة وَهِي مذمومة جدا عِنْد النقدة 5 - وَقَالَ أَبُو الطّيب وَهُوَ من فرائده (سقاك وحيانا بك الله إِنَّمَا ... على العيس نور والخدور كمائمه) // من الطَّوِيل // أَخذه السّري بن أَحْمد قَالَ ابْن جني أَنْشدني لنَفسِهِ من قصيدة يمدح بهَا أَبَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الفوارس سَلامَة بن فَهد وَهِي قَوْله (حَيا بِهِ الله عاشقيه فقد ... أصبح رَيْحَانَة لمن عشقا) // من المنسرح // وَلم أجد أَنا هَذِه القصيدة فِي ديوَان شعره وَالْبَيْت نِهَايَة فِي العذوبة وخفة الرّوح 6 - وَالسري كثير الْأَخْذ من أبي الطّيب فِي مثل قَوْله (وخرق طَال فِيهِ السّير حَتَّى ... حسبناه يسير مَعَ الركاب) // من الوافر // وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول أبي الطّيب (يخدن بِنَا فِي جوزه وكأننا ... على كرة أَو أرضه مَعنا سفر) // من الطَّوِيل // 7 - وَقَالَ السّري (وأحلها من قلب عاشقها الْهوى ... بَيْتا بِلَا عمد وَلَا أطناب) // من الْكَامِل // وَهُوَ من قَول أبي الطّيب (هام الْفُؤَاد بأعرابية سكنت ... بَيْتا من الْقلب لم تضرب بِهِ طنبا) // من الْبَسِيط // 8 - وَقَالَ السّري (وَأَنا الْفِدَاء لمن مخيلة برقه ... عِنْدِي وَعند سواي من أنوائه) // من الْكَامِل // وَإِنَّمَا ألم فِيهِ بقول أبي الطّيب (لَيْت الْغَمَام الَّذِي عِنْدِي صواعقه ... يزيلهن إِلَى من عِنْده الديم) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 9 - وَقَالَ أَبُو الطّيب وَهُوَ من قلائده (فَإِن تفق الْأَنَام وَأَنت مِنْهُم ... فَإِن الْمسك بعض دم الغزال) // من الوافر // وَقَالَ أَيْضا (وَمَا أَنا مِنْهُم بالعيش فيهم ... وَلَكِن مَعْدن الذَّهَب الرغام) // من الوافر // أَخذ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ معنى الْبَيْتَيْنِ وهما قريب من قريب فَقَالَ (فديتك مَا بدا لي قصد حر ... سواك من الورى إِلَّا بدالي) (وَأَنَّك مِنْهُم وكذاك أَيْضا ... من المَاء الفرائد واللآلي) (وتسكن دَارهم وكذاك سُكْنى الْحِجَارَة ... والزمرد فِي الْجبَال) // من الوافر // وَهَذَا معنى قد اخترعه المتنبي وكرره فِي تَفْضِيل الْبَعْض على الْكل فَأحْسن غَايَة الْإِحْسَان حَيْثُ قَالَ (فَإِن يَك سيار بن مكرم إنقضى ... فَإنَّك مَاء الْورْد إِن ذهب الْورْد) // من الطَّوِيل // 10 - وَقَالَ (وَإِن تكن تغلب الغلباء عنصرها ... فَإِن فِي الْخمر معنى لَيْسَ فِي الْعِنَب) // من الْبَسِيط // ألم بِهِ أَبُو الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد البستي الْكَاتِب فَقَالَ (أَبوك حوى الْعليا وَأَنت مبرز ... عَلَيْهِ إِذا نازعته قصب الْمجد) (وللخمر معنى لَيْسَ فِي الْكَرم مثله ... وَفِي النَّار نور لَيْسَ يُوجد فِي الزند) (وَخير من القَوْل الْمُقدم فاعترف ... نتيجته والنحل يكرم للشهد) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وَقَالَ أَيْضا (أَبوك كريم غير أَنَّك سَابق ... مداه بِلَا ضيم عَلَيْهِ وَلَا ذيم) (فَلَا يعجبن النَّاس مِمَّا أقوله ... وأقضي بِهِ فالغيث أندى من الْغَيْم) // من الطَّوِيل // 11 - وَقَالَ أَبُو الطّيب (وصرت أَشك فِيمَن أصطفيه ... لعلمي أَنه بعض الْأَنَام) // من الوافر // أَخذه أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ فَقَالَ (قد ظَلَمْنَاك بِحسن الظَّن ... يَا بعض الْأَنَام) // من الرمل // 12 - وَقَالَ أَبُو الطّيب (أَتَى الزَّمَان بنوه فِي شبيبته ... فسرهم وأتيناه على الْهَرم) // من الْبَسِيط // أَخذه أَبُو الْفَتْح وَحسنه فَقَالَ (لَا غرو إِن لم تَجِد فِي الدَّهْر مخترفا ... فقد أتيناه بعد الشيب والخرف) // من الْبَسِيط // 13 - وَقَالَ أَبُو الطّيب (هما الْغَرَض الْأَقْصَى ورؤيتك المنى ... ومنزلك الدُّنْيَا وَأَنت الْخَلَائق) // من الطَّوِيل // امتثله أَبُو الْحسن السلَامِي فَقَالَ (وبشرت آمالي بِملك هُوَ الورى ... وَدَار هِيَ الدُّنْيَا وَيَوْم هُوَ الدَّهْر) // من الطَّوِيل // 14 - وَقَالَ أَبُو الطّيب (لم تزل تسمع المديح وَلَكِن ... صَهِيل الْجِيَاد غير النهاق) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 أَخذه أَبُو الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي ولطفه جدا فَقَالَ (وتغنيك فِي النداء طيور ... أَنا وحدي مَا بَينهُنَّ الهزار) // من الْخَفِيف // وَإِذ قد ذكرت أنموذجا من سرقات الشُّعَرَاء مِنْهُ فَلَا بَأْس أَن أذكر سرقاته من الشُّعَرَاء سوى مَا أوردهُ القَاضِي أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي كتاب الوساطة فشفى وَكفى وَبَالغ فأوفى وَسوى مَا مر ويمر مِنْهَا فِي أماكنها من فُصُول هَذَا الْكتاب صدر من سرقاته 1 - قَالَ مخلد الْموصِلِي (يَا منزلا ضن بِالسَّلَامِ ... سقيت ريا من الْغَمَام) (مَا ترك الدَّهْر مِنْك إِلَّا ... مَا ترك الشوق من عِظَامِي) // من مخلع الْبَسِيط // أَخذه أَبُو الطّيب فجوده حَيْثُ قَالَ (مَا زَالَ كل هزيم الودق ينحلها ... والشوق ينحلني حَتَّى حكت جَسَدِي) // من الْبَسِيط // 2 - وَقَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم (فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وإبنا بالملوك مصفدينا) // من الوافر // أَخذه أَبُو تَمام فَأحْسن إِذْ قَالَ (إِن الْأسود أسود الغاب همتها ... يَوْم الكريهة فِي المسلوب لَا السَّلب) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وَأَخذه أَبُو الطّيب فَلم يحسن فِي تَكْرِير لفظ النهب وَذكر القماش إِذْ هُوَ من أَلْفَاظ الْعَامَّة (وَنهب نفوس أهل النهب أولى ... بِأَهْل الْمجد من نهب القماش) // من الوافر // 3 - وَقَالَ بشار بن برد (كَأَن مثار النَّقْع فَوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه) // من الطَّوِيل // أَخذه أَبُو الطّيب وَذكر الرماح مَكَان الأسياف فَقَالَ (وكأنما كسي النَّهَار بهَا دجى ... ليل وأطلعت الرماح كواكبا) // من الْكَامِل // 4 - وَقَالَ مُسلم بن الْوَلِيد (أَرَادوا ليخفوا قَبره من عدوه ... فطيب تُرَاب الْقَبْر دلّ على الْقَبْر) // من الطَّوِيل // ألم بِهِ أَبُو الطّيب فَقَالَ (وَمَا ريح الرياض لَهَا وَلَكِن ... كساها دفنهم فِي الترب طيبا) // من الوافر // 5 - وَقَالَ الفرزدق (وَكنت فيهم كممطور ببلدته ... يسر أَن جمع الأوطان والمطرا) // من الْبَسِيط // أَخذه أَبُو الطّيب فَقَالَ (وَلَيْسَ الَّذِي يتبع الوبل رائدا ... كمن جَاءَهُ فِي دَاره رائد الوبل) // من الطَّوِيل // 6 - وَفِي قَوْله فِي هَذِه القصيدة (وخيل إِذا مرت بوحش وروضة ... أَبَت رعيها إِلَّا ومرجلنا يغلي) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 رَائِحَة من قَول امْرِئ الْقَيْس (إِذا مَا ركبنَا قَالَ ولدان أهلنا ... تَعَالَوْا إِلَى أَن يَأْتِي الصَّيْد نخطب) // من الطَّوِيل // 7 - وَقَالَ أَبُو نواس وَيُقَال إِنَّه أمدح بَيت للمحدثين (وكلت بالدهر عينا غير غافلة ... بجود كفيك تأسو كل مَا جرحا) // من الْبَسِيط // أَخذه أَبُو الطّيب وَزَاد فِيهِ حسن التَّشْبِيه فَقَالَ (تتبع آثَار الرزايا بجوده ... تتبع آثَار الأسنة بِالْقَتْلِ) // من الطَّوِيل // 8 - وَقَالَ أَبُو نواس وَهُوَ من قلائده فِي وصف الْخمر (إِذا مَا أَتَت دون اللهاة من الْفَتى ... دَعَا همه من صَدره برحيل) // من الطَّوِيل // أَخذه أَبُو الطّيب وَنَقله إِلَى معنى آخر فَقَالَ (وَمَا هِيَ إِلَّا لَحْظَة بعد لَحْظَة ... إِذا نزلت فِي قلبه رَحل الْعقل) // من الطَّوِيل // 9 - وَقَالَ ابْن أبي عُيَيْنَة ويروي للخليل (زر وَادي الْقصر نعم الْقصر والوادي ... فِي منزل حَاضر إِن شِئْت أَو بَادِي) (ترقى بِهِ السفن والظلمان حَاضِرَة ... والضب وَالنُّون والملاح وَالْحَادِي) // من الْبَسِيط // وَهَذَا أحسن مَا قيل فِي وصف مَكَان يجمع بَين أَوْصَاف الْبر وَالْبَحْر والحاضرة والبادية ألم بِهِ أَبُو الطّيب فِي وصف متصيد عضد الدولة بِنَاحِيَة سهلية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 جبلية تجمع الأضداد (سقيا لدشت الأرزن الطوَال ... بَين المروج الفيح والأغيال) (مجاور الْخِنْزِير والرئبال ... داني الخنانيص من الأشبال) (مستشرف الدب على الغزال ... مُجْتَمع الأضداد والأشكال) // من الرجز // 10 - وَقَالَ بعض الْعَرَب وَهُوَ من الْأَمْثَال السائرة (إِذا بل من دَاء بِهِ ظن أَنه ... نجا وَبِه الدَّاء الَّذِي هُوَ قَاتله) // من الطَّوِيل // أَخذه أَبُو الطّيب فَقَالَ وَأحسن (وَإِن أسلم فَمَا أبقى وَلَكِن ... سلمت من الْحمام إِلَى الْحمام) // من الوافر // 11 - وَقَالَ بعض الرجاز (هَل يغلبني وَاحِد أقاتله ... ريم على لباته سلاسله) (سلاحه يَوْم الوغى مكاحله ... ) // من الرجز // أَخذه أَبُو الطّيب فأكمل الْوَصْف وَأظْهر الْغَرَض حَيْثُ قَالَ (من طاعني ثغر الرِّجَال جآذر ... وَمن الرماح دمالج وخلاخل) (وَلذَا اسْم أغطية الْعُيُون جفونها ... من أَنَّهَا عمل السيوف عوامل) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 12 - وَقَالَ أَبُو تَمام (غربت خلائقه وَأغْرب شَاعِر ... فِيهِ فأبدع مغرب فِي مغرب) // من الْكَامِل // أَخذه أَبُو الطّيب فَقَالَ (شَاعِر الْمجد خدنه شَاعِر اللَّفْظ ... كِلَانَا رب الْمعَانِي الدقاق) // من الْخَفِيف // 13 - وَقَالَ أَبُو تَمام (يمدون بالبيض القواطع أيديا ... فهن سَوَاء وَالسُّيُوف قواطع) // من الطَّوِيل // أَخذه أَبُو الطّيب فأوقع التَّشْبِيه على الْجُمْلَة حَيْثُ قَالَ (همام إِذْ مَا فَارق الغمد سَيْفه ... وعاينته لم تدر أَيهمَا النصل) // من الطَّوِيل // 14 - وَقَالَ ابْن الرُّومِي (لَا قدست نعمى تسربلتها ... كم حجَّة فِيهَا لزنديق) // من السَّرِيع // أَخذه أَبُو الطّيب فَقَالَ (فَإِنَّهُ حجَّة يُؤْذِي الْقُلُوب بهَا ... من دينه الدَّهْر والتعطيل والقدم) // من الْبَسِيط // 15 - وَلابْن الرُّومِي وأجاد (وَأحسن من عقد العقيلة جيدها ... وَأحسن من سربالها المتجرد) // من الطَّوِيل // أَخذه أَبُو الطّيب فَقَالَ (وَرب قبح وحلي ثقال ... أحسن مِنْهَا الْحسن فِي المعطال) // من الرجز // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 16 - وَقَالَ عبيد الله بن طَاهِر (وجربت حَتَّى لَا أرى الدَّهْر مغربا ... عَليّ بِشَيْء لم يكن فِي تجاربي) // من الطَّوِيل // أَخذه أَبُو الطّيب فَقَالَ (قد بلوت الخطوب حلوا وَمَرا ... وسلكت الْأَيَّام حزنا وسهلا) (وَقتلت الزَّمَان علما فَمَا يغرب ... قولا وَلَا يجدد فعلا) // من الْخَفِيف // وَكرر هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ (عرفت اللَّيَالِي قبل مَا صنعت بِنَا ... فَلَمَّا دهتنا لم تزدني بهَا علما) // من الطَّوِيل // 17 - وَكتب ابْن المعتز إِلَى عبيد الله بن سُلَيْمَان يعزيه عَن ابْنه أبي مُحَمَّد ويسليه بِبَقَاء أبي الْحُسَيْن الْقَاسِم أبياتا مِنْهَا (وَلَقَد غبنت الدَّهْر إِذْ شاطرته ... بِأبي الْحُسَيْن وَقد ربحت عَلَيْهِ) (وَأَبُو مُحَمَّد الْجَلِيل مصابه ... لَكِن يمني الْمَرْء خير يَدَيْهِ) // من الْكَامِل // فَأخذ أَبُو الطّيب هَذَا الْمَعْنى وَقَالَ لسيف الدولة من قصيدة يعزيه بهَا عَن أُخْته الصُّغْرَى ويسليه بِبَقَاء الْكُبْرَى حَيْثُ قَالَ (قاسمتك الْمنون شَخْصَيْنِ جورا ... جعل الْقسم نَفسه فِيك عدلا) (فَإِذا قست مَا أخذن بِمَا غادرن ... سرى من الْفُؤَاد وسلى) (وتيقنت أَن حظك أوفى ... وتبينت أَن جدك أَعلَى) // من الْخَفِيف // 18 - وَكَانَ أَبُو الطّيب كثير الْأَخْذ من ابْن المعتز على تَركه الْإِقْرَار بِالنّظرِ فِي شعر الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 الْمُحدثين فمما أَخذه مِنْهُ قَوْله (وتكسب الشَّمْس مِنْك النُّور طالعة ... كَمَا تكسب مِنْهَا نورها الْقَمَر) // من الْبَسِيط // وَهُوَ معنى قَول ابْن المعتز (الْبَدْر من شمس الضُّحَى نوره ... وَالشَّمْس من نورك تستملي) // من السَّرِيع // 19 - وَأخذ قَوْله وَهُوَ من قلائده وَلَعَلَّه أَمِير شعره (أزورهم وَسَوَاد اللَّيْل يشفع لي ... وأنثني وَبَيَاض الصُّبْح يغري بِي) // من الْبَسِيط // من مصراع لِابْنِ المعتز ذكر ابْن جني قَالَ حَدثنِي المتنبي وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ قَالَ لي حنزابة وَزِير كافور أحضرت كتبي كلهَا وَجَمَاعَة من الأدباء يطْلبُونَ لي من أَيْن أخذت هَذَا الْمَعْنى فَلم يظفروا بذلك وَكَانَ أَكثر من رَأَيْت كتبا قَالَ ابْن جني ثمَّ إِنِّي عثرت بالموضع الَّذِي أَخذه مِنْهُ إِذْ وجدت لِابْنِ المعتز مصراعا بِلَفْظ لين صَغِير جدا فِيهِ معنى بَيت المتنبي كُله على جلالة لَفظه وَحسن تقسيمه وَهُوَ قَوْله (فالشمس نمامة وَاللَّيْل قواد ... ) // من الْبَسِيط // وَلنْ يَخْلُو المتنبي من إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَن يكون ألم بِهَذَا المصراع فحسنه وزينه وَصَارَ أولى بِهِ وَإِمَّا أَن يكون قد عثر بالموضع الَّذِي عثر بِهِ ابْن المعتز فأربى عَلَيْهِ فِي جودة الْأَخْذ وَإِمَّا أَن يكون قد اخترع الْمَعْنى وابتدعه وَتفرد بِهِ فَللَّه دره وناهيك بشرف لَفظه وبراعة نسجه وَمَا أحسن مَا جمع فِيهِ أَربع مطابقات فِي بَيت وَاحِد وَمَا أرَاهُ سبق إِلَى الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 مثلهَا وَمَا زَالَ النَّاس يعْجبُونَ من جمع البحتري ثَلَاث مطابقات فِي قَوْله (وَأمة كَانَ قبح الْجور يسخطها ... دهرا فَأصْبح حسن الْعدْل يرضيها) // من الْبَسِيط // حَتَّى جَاءَ أَبُو الطّيب فَزَاد عَلَيْهِ مَعَ عذوبة اللَّفْظ ورشاقة الصَّنْعَة ولبعض أهل الْعَصْر بَيت يجمع خمس مطابقات وَلكنه لَا يسْتَقلّ إِلَّا بإنشاد بَيْتَيْنِ قبله وَهِي (عذيري من الْأَيَّام مدت صروفها ... إِلَى وَجه من أَهْوى يَد النّسخ والمحو) (وأبدت بوجهي طالعات أرى بهَا ... سِهَام أبي يحيى مسددة نحوي) (فَذَاك سَواد الْحَظ ينْهَى عَن الْهوى ... وَهَذَا بَيَاض الوخط يَأْمر بالصحو) // من الطَّوِيل // 20 - وَقَالَ ابْن الرُّومِي (أرى فضل مَال الْمَرْء دَاء لعرضه ... كَمَا أَن فضل الزَّاد دَاء لجسمه) (فَلَيْسَ لداء الْعرض شَيْء كبذله ... وَلَيْسَ لداء الْجِسْم شَيْء كحسمه) // من الطَّوِيل // ألم بِهِ أَبُو الطّيب فَقَالَ (يتداوى من كَثْرَة المَال بالإقلال ... جودا كَأَن مَالا سقام) // من الْخَفِيف // بعض مَا تكَرر فِي شعره من مَعَانِيه 1 - قَالَ فِي سيف الدولة (وَأَنت الْمَرْء تمرضه الحشايا ... لهمته وتشفيه الحروب) // من الوافر // الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَقَالَ يذكر الْحمى الَّتِي كَانَت تغشاه بِمصْر (وَمَا فِي طبه أَنِّي جواد ... أضرّ بجسمه طول الجمام) // من الوافر // 2 - وَقَالَ يمدح بدر بن عمار (لَيْت الحبيب الهاجري هجر الْكرَى ... من غير جرم واصلي صلَة الضنا) // من الْكَامِل // وَقَالَ يمدح طَاهِر بن الْحُسَيْن (فيا لَيْت مَا بيني وَبَين أحبتي ... من الْبعد مَا بيني وَبَين المصائب) // من الطَّوِيل // 3 - وَقَالَ يمدح المغيث بن بشر الْعجلِيّ (إِذا بدا حجبت عَيْنَيْك هيبته ... وَلَيْسَ يَحْجُبهُ ستر إِذا احتجبا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ وَقد حجبه بدر عمار (أَصبَحت تَأمر بالحجاب لخلوة ... هَيْهَات لست على الْحجاب بِقَادِر) (من كَانَ ضوء جَبينه ونواله ... لم يحجبا لم يحتجب عَن نَاظر) (فَإِذا احْتَجَبت فَأَنت غير محجب ... وَإِذا بطنت فَأَنت عين الظَّاهِر) // من الْكَامِل // 4 - وَقَالَ من قصيدة يمدحه بهَا (أَمِير أَمِير عَلَيْهِ الندى ... جواد بخيل بِأَن لَا يجودا) // من المتقارب // وَقَالَ (إِلَّا أَن الندى أضحى أَمِيرا ... على مَال الْأَمِير أبي الْحُسَيْن) // من الوافر // 5 - وَقَالَ يمدح بدر بن عمار (وَمَال وهبت بِلَا موعد ... وَقرن سبقت إِلَيْهِ الوعيدا) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وَقَالَ من القصيدة الَّتِي كتبهَا إِلَى السُّلْطَان من حَبسه (لقد حَال بِالسَّيْفِ دون الْوَعيد ... وحالت عطاياه دون الوعود) // من المتقارب // 6 - وَقَالَ من قصيدة يمدح بهَا كافوارا (وَمَا رغبتي فِي عسجد أستفيده ... وَلكنهَا فِي مفخر أستجده) // من الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة يمدح بهَا أَبَا العشائر (فسرت إِلَيْك فِي طلب الْمَعَالِي ... وَسَار سواي فِي طلب المعاش) // من الوافر // 7 - وَقَالَ يمدح سعيد بن عبد الله (قد علم الْبَين منا الْبَين أجفانا ... تدمي وَألف فِي ذَا الْقلب أحزانا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ فِي خلاص أبي وَائِل (كَأَن الجفون على مقلتي ... ثِيَاب شققْنَ على ثاكل) // من المتقارب // 8 - وَقَالَ يمدح بدر بن عمار (كَأَنَّك بالفقر تبغي الْغنى ... وبالموت فِي الْحَرْب تبغي الخلودا) // من المتقارب // وَقَالَ فِي الْحُسَيْن بن إِسْحَاق التنوخي (كَأَنَّك فِي الْإِعْطَاء لِلْمَالِ مبغض ... وَفِي كل حَرْب للمنية عاشق) // من الطَّوِيل // 9 - وَقَالَ (الَّذِي زلت عَنهُ شرقا وغربا ... ونداه مقابلي مَا يَزُول) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي سيف الدولة (وَمن فر من إحسانه حسدا لَهُ ... تَلقاهُ مِنْهُ حَيْثُ مَا سَار نائل) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 10 - وَقَالَ يمدح أَبَا أَيُّوب أَحْمد بن عمرَان (فَكَأَنَّمَا نتجت قيَاما تَحْتهم ... وكأنما ولدُوا على صهواتها) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي الْحسن بن عبيد الله بن طغج (وَطعن غطاريف كَأَن أكفهم ... عرفن الردينيات قبل المعاصم) // من الطَّوِيل // 11 - وَقَالَ يشكو الْحمى بِمصْر (جرحت مجرحا لم يبْق مِنْهُ ... مَكَان للسيوف وللسهام) // من الوافر // وَقَالَ فِي مرثية وَالِدَة سيف الدولة (رماني الدَّهْر بالأرزاء حَتَّى ... فُؤَادِي فِي غشاء من نبال) (فصرت إِذا أصابتني سِهَام ... تَكَسَّرَتْ النصال على النصال) // من الوافر // 12 - وَقَالَ يمدح أَبَا عَليّ هَارُون بن عبد الله الْكَاتِب (وشكيتي فقد السِّهَام لِأَنَّهُ ... قد كَانَ لما كَانَ لي أَعْضَاء) // من الْكَامِل // وَقَالَ قبيل مسيره من مصر يهجو كافورا (لم يتْرك الدَّهْر من قلبِي وَمن كَبِدِي ... شَيْئا تتيمه عين وَلَا جيد) // من الْبَسِيط // 13 - وَقَالَ يصف مَدِينَة مرعش (تصد الرِّيَاح الهوج عَنْهَا مَخَافَة ... وتفزع فِيهَا الطير أَن تلقط الحبا) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وَقَالَ من قصيدة فِي مدح كافور (إِذا أتتها الرِّيَاح النكب فِي بلد ... فَمَا تهب بهَا إِلَّا بترتيب) // من الْبَسِيط // 14 - وَقَالَ يمدح الْحسن بن عبيد الله بن طغج (إِذا ضوؤها لَاقَى من الطير فُرْجَة ... تَدور فَوق الْبيض مثل الدَّرَاهِم) // من الطَّوِيل // وَقَالَ من كلمة يمدح فِيهَا عضد الدولة (وَألقى الشرق مِنْهَا فِي ثِيَابِي ... دنانيرا تَفِر من البنان) // من الوافر // وَقَالَ يمدح أَبَا شُجَاع مُحَمَّد بن أَوْس (وَلَقَد بَكَيْت على الشَّبَاب ولمتي ... مسودة ولماء وَجْهي رونق) (حذرا عَلَيْهِ قبل يَوْم فِرَاقه ... حَتَّى لكدت بِمَاء جفني أشرق) // من الْكَامِل // 15 - وَقَالَ وَقد أهداه عبيد الله بن خُرَاسَان هَدِيَّة (هَدِيَّة مَا رَأَيْت مهديها ... إِلَّا رَأَيْت الْعباد فِي رجل) // من المنسرح // وَقَالَ يمدح بدر بن عمار (أحلما نرى أم زَمَانا جَدِيدا ... أم الْخلق فِي شخص حَيّ أعيدا) // من المتقارب // وَمثله فِي الْحُسَيْن بن إِسْحَاق التنوخي (هِيَ الْغَرَض الْأَقْصَى ورؤيتك المنى ... ومنزلك الدُّنْيَا وَأَنت الْخَلَائق) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 ثمَّ كَرَّرَه وَزَاد فِيهِ فَقَالَ من كلمة يمدح فِيهَا ابْن العميد (وَلَقِيت كل الفاضلين كَأَنَّمَا ... رد الْإِلَه نُفُوسهم والأعصرا) (نسقوا لنا نسق الْحساب مقدما ... وأتى فَذَلِك إِذْ أتيت مُؤَخرا) // من الْكَامِل // وَالْأَصْل فِيهِ قَول أبي نواس (لَيْسَ على الله بمستنكر ... أَن يجمع الْعَالم فِي وَاحِد) // من السَّرِيع // وَقَالَ (مَتى تخطي إِلَيْهِ الرجل سَالِمَة ... تستجمع الْخلق فِي تِمْثَال إِنْسَان) // من الْبَسِيط // 16 - وَقَالَ فِي سيف الدولة (هُوَ الشجاع يعد الْبُخْل من جبن ... وَهُوَ الْجواد يعد الْجُبْن من بخل) // من الْبَسِيط // وَقَالَ وَقد ضرب أَبُو العساكر خيمة على الطَّرِيق فَكثر سُؤَاله وغاشيته (فَقلت إِن الْفَتى شجاعته ... تريه فِي الشُّح صُورَة الْفرق) // من المنسرح // وَالْأَصْل فِيهِ قَول أبي تَمام (أيقنت أَن من السماح شجاعة ... تدمى وَأَن من الشجَاعَة جودا) // من الْكَامِل // 17 - وَقَالَ يمدح أَبَا شُجَاع عضد الدولة (وَمن أعتاض مِنْك إِذا افترقنا ... وكل النَّاس زور مَا خلاكا) // من الوافر // وَقَالَ فِي مثله فتبرد وَبَالغ (إِنَّمَا النَّاس أَنْت وَمَا النَّاس ... بناس فِي مَوضِع مِنْك خَال) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 18 - وَقَالَ فِي سيف الدولة (إِذا اعتل سيف الدولة اعتلت الأَرْض ... وَمن فَوْقهَا والبأس وَالْكَرم الْمَحْض) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (وَمَا أخصك فِي برْء بتهنئة ... إِذا سلمت فَكل النَّاس قد سلمُوا) // من الْبَسِيط // 19 - وَقَالَ يمدح كافورا وَلم يلقه بعد (تجَاوز قدر الْمَدْح حَتَّى كَأَنَّهُ ... بِأَحْسَن مَا يثنى عَلَيْهِ يعاب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي عبد الله بن يحيى البحتري (وَعظم قدرك فِي الْآفَاق أوهمني ... أَنِّي بقلة مَا أثنيت أهجوكا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ يعزي عضد الدولة وَقد مَاتَت عمته (وَكَانَ من عدد إحسانه ... كَأَنَّهُ أسرف فِي سبه) // من السَّرِيع // وَالْأَصْل فِي هَذَا قَول البحتري (جلّ عَن مَذْهَب المديح فقد كَاد ... يكون المديح فِيهِ هجاء) // من الْخَفِيف // 20 - وَقَالَ وَهُوَ مِمَّا سبق إِلَيْهِ (نَالَ الَّذِي نلْت مِنْهُ مني ... لله مَا تصنع الْخُمُور) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (أفيكم فَتى حَيّ فيخبر ناعبا ... بِمَا شربت مشروبة الراح من ذهني) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 21 - وَقَالَ يمدح سيف الدولة (عليم بأسرار الديانَات واللغى ... لَهُ خطرات تفضح النَّاس والكتبا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي أبي العشائر عَليّ بن الْحُسَيْن (كَأَنَّك نَاظر فِي كل قلب ... فَمَا يخفى عَلَيْك مَحل غاش) // من الوافر // وَقَالَ (ووكل الظَّن بالأسرار فَانْكَشَفَتْ ... لَهُ سرائر أهل السهل والجبل) // من الْبَسِيط // 22 - وَقَالَ لبدر بن عمار يمدحه (فَاغْفِر فدى لَك واحبني من بعْدهَا ... لتخصني بعطية مِنْهَا أَنا) // من الْكَامِل // وَقَالَ (لَهُ أياد إِلَيّ سالفة ... أعد مِنْهَا وَلَا أعددها) // من المنسرح // 23 - وَقَالَ وَهُوَ من قلائده (خير أعضائنا الرؤس وَلَكِن ... فضلتها بقصدك الْأَقْدَام) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (وَإِن الْقيام الألى حوله ... لتحسد أرجلها الأرؤس) // من المتقارب // 34 - وَقَالَ من قصيدة فِي مدح سيف الدولة (وَمَا الْحسن فِي وَجه الْفَتى شرف لَهُ ... إِذا لم يكن فِي فعله وَالْخَلَائِق) // من الطَّوِيل // الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وَقَالَ فِي وصف الْخَيل (إِذا لم تشاهد غير حسن شياتها ... وأعضائها فالحسن عَنْك مغيب) // من الطَّوِيل // وَقَرِيب مِنْهُ قَوْله (يحب العاقلون على التصافي ... وَحب الْجَاهِلين على الوسام) // من الوافر // 25 - وَقَالَ فِي معنى قد تصرفت فِيهِ الشُّعَرَاء (ذل من يغبط الذَّلِيل بعيش ... رب عَيْش أخف مِنْهُ الْحمام) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي صباه (عش عَزِيزًا أَو مت وَأَنت كريم ... بَين طعن القنا وخفق البنود) // من الْخَفِيف // 26 - وَقَالَ لعَلي بن إِبْرَاهِيم التنوخي يمدحه (إِذا مَا لم تسر جَيْشًا إِلَيْهِم ... أسرت إِلَى قُلُوبهم الهلوعا) // من الوافر // وَقَالَ (بعثوا الرعب فِي قُلُوب الأعادي ... فَكَأَن الْقِتَال قبل التلاقي) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (قد نَاب عَنْك شَدِيد الْخَوْف واصطنعت ... لَك المهابة مَا لَا يصنع البهم) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (أبصروا الطعْن فِي الْقُلُوب دراكا ... قبل أَن يبصروا الرماح خيالا) // من الْخَفِيف // الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وَقَالَ (صِيَام بِأَبْوَاب القباب جيادهم ... وأشخاصهم فِي قلب خائفهم تعدو) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (تغير عَنهُ على الغارات هيبته ... وَمَاله بأقاصي الْبر أهمال) // من الْبَسِيط // وَالْأَصْل فِيهِ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نصرت بِالرُّعْبِ) ثمَّ أَكثر النَّاس مِنْهُ وَمن أوجز مَا قَالُوا قَول عَليّ بن جبلة العكوك (غَدا مُجْتَمع الْعَزْم ... لَهُ جند من الرعب) // من الهزج // 27 - وَقَالَ أَبُو الطّيب (وأتعب خلق الله من زَاد همه ... وَقصر عَمَّا تشْتَهي النَّفس وجده) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (لحى الله ذِي الدُّنْيَا منَاخًا لراكب ... فَكل بعيد الْهم فِيهَا معذب) // من الطَّوِيل // 28 - وَقَالَ (ومعال إِذا ادَّعَاهَا سواهُم ... لَزِمته خِيَانَة السراق) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (مسكية النفحات إِلَّا أَنَّهَا ... وحشية بسواهم لَا تعبق) // من الْكَامِل // الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 والآن حِين أذكر مَا ينعى على أبي الطّيب من معائب شعره ومقابحه (وَمن ذَا الَّذِي ترضي سجاياه كلهَا ... كفى الْمَرْء فضلا أَن تعد معائبه) ثمَّ أقفى على آثارها بمحاسنه وَسِيَاق بدائعه وفرائده (فَحسن دراري الْكَوَاكِب أَن ترى ... طوالع فِي داج من اللَّيْل غيهب) 1 - فَمِنْهَا قبح الْمطَالع وَحقه الْحسن والعذوبة لفظا والبارعة والجودة معنى لِأَنَّهُ أول مَا يقرع الْأذن ويصافح الذِّهْن فَإِذا كَانَت حَاله على الضِّدّ مجه السّمع وزجه الْقلب وَنبت عَنهُ النَّفس وَجرى أَوله على مَا تَقوله الْعَامَّة أول الدن دردى وَلأبي الطّيب ابتداءات لَيست لعمري من أَحْرَار الْكَلَام وغرره بل هِيَ كَمَا نعاها عَلَيْهِ العائبون مستشنعة لَا يرفع السّمع لَهَا حجابه وَلَا يفتح الْقلب لَهَا بَابه كَقَوْلِه (هذي برزت لنا فهجت رسيسا ... ثمَّ انصرفت وَمَا شفيت نسيسا) // من الْكَامِل // فَإِنَّهُ لم يرض بِحَذْف عَلامَة النداء من هذي وَهُوَ غير جَائِز عِنْد النَّحْوِيين حَتَّى ذكر الرسيس والنسيس فَأخذ بطرفي الثّقل وَالْبرد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وَكَقَوْلِه (أوه بديل من قولتي واها ... ) // من المنسرح // وَهُوَ برقية الْعَقْرَب أشبه مِنْهُ بافتتاح كَلَام فِي مُخَاطبَة ملك وَكَقَوْلِه وَهُوَ مِمَّا تكلّف لَهُ اللَّفْظ المتعقد وَالتَّرْتِيب المتعسف لغير معنى بديع يَفِي شرفه وغرابته بالتعب فِي استخراجه وَلَا تقوم فَائِدَة الِانْتِفَاع بِهِ بِإِزَاءِ التأذي باستماعه (وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه ... بِأَن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه فِي استفتاح قصيدة فِي مدح ملك يُرِيد أَن يلقاه بهَا أول لقية (كفى بك دَاء أَن ترى الْمَوْت شافيا ... وَحسب المنايا أَن يكن أمانيا) // من الطَّوِيل // وَفِي الِابْتِدَاء بِذكر الدَّاء وَالْمَوْت والمنايا مَا فِيهِ من الطَّيرَة الَّتِي تنفر مِنْهَا السوقة فضلا عَن الْمُلُوك حكى الصاحب قَالَ ذكر الْأُسْتَاذ الرئيس يَوْمًا الشّعْر فَقَالَ وَإِن أول مَا يحْتَاج فِيهِ إِلَيْهِ حسن المطلع فَإِن ابْن أبي الشَّبَاب أَنْشدني فِي يَوْم نيروز قصيدة ابْتِدَاؤُهَا (أقبر وَمَا طلت ثراك يَد الطل ... ) // من الطَّوِيل // فتطيرت من افتتاحه بالقبر وتنغصت بِالْيَوْمِ وَالشعر فَقلت كَذَاك كَانَت حَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 ابْن مقَاتل لما مدح الدَّاعِي بقوله (لَا تقل بشرى وَلَكِن بشريان ... غرَّة الدَّاعِي وَيَوْم المهرجان) // من الرمل // فَإِنَّهُ نفر من قَوْله لَا تقل بشرى أَشد نفار وَقَالَ أعمى وتبتدئ بِهَذَا فِي يَوْم مهرجان قَالَ الصاحب وَمن عنوان قصائده الَّتِي تحير الأفهام وتفوت الأوهام وَتجمع من الْحساب مَا لَا يدْرك بالأرتيماطيقي وبالأعداد الْمَوْضُوعَة للموسيقى (أحاد أم سداس فِي أحاد ... لييلتنا المنوطة بالتنادي) // من الوافر وَهَذَا كَلَام الحكل ورطانة الزط وَمَا ظَنك بممدوح قد تشمر للسماع من مادحه فصك سَمعه بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ الملفوظة والمعاني المنبوذة فَأَي هزة تبقى هُنَاكَ وَأي أريحية تثبت هُنَا وَقد خطأه فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى كثير من أهل اللُّغَة وَأَصْحَاب الْمعَانِي حَتَّى احْتِيجَ فِي الِاعْتِذَار لَهُ والنضح عَنهُ إِلَى كَلَام لَا يستأهله هَذَا الْبَيْت وَلَا يَتَّسِع لَهُ هَذَا الْبَاب وَمن ابتداءاته البشعة الَّتِي تنكرهَا بديهة السماع قَوْله (ملث الْقطر أعطشها ربوعا ... وَإِلَّا فاسقها السم النجيعا) // من الوافر // وَقَوله (أثلث فَإنَّا أَيهَا الطلل ... نبكي وترزم تحتنا الْإِبِل) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وَقَوله (بقائي شَاءَ لَيْسَ هم ارتحالا ... وَحسن الصَّبْر زموا لَا الرحالا) // من الوافر // قَالَ الصاحب وَمن افتتاحاته العجيبة قَوْله لسيف الدولة فِي التسلية عِنْد الْمُصِيبَة (لَا يحزن الله الْأَمِير فإنني ... لآخذ من حالاته بِنَصِيب) // من الطَّوِيل // قَالَ الصاحب لَا أَدْرِي لم لَا يحزن سيف الدولة إِذا أَخذ المتنبي بِنَصِيب من القلق 2 - وَمِنْهَا إتباع الْفَقْرَة الغراء بِالْكَلِمَةِ العوراء والإفصاح بذلك فِي شعره عَن كَثْرَة التَّفَاوُت وَقلة التناسب وتنافر الْأَطْرَاف وتخالف الأبيات وَمَا أَكثر مَا يحوم حول هَذِه الطَّرِيقَة وَيعود لهَذِهِ الْعَادة السَّيئَة وَيجمع بَين البديع النَّادِر والضعيف السَّاقِط فَبينا هُوَ يصوغ أَفْخَر حلي وينظم أحسن عقد وينسج أنفس وشي ويختال فِي حديقة ورد إِذا بِهِ وَقد رمى بِالْبَيْتِ والبيتين فِي إبعاد الِاسْتِعَارَة أَو تعويص اللَّفْظ أَو تعقيد الْمَعْنى إِلَى الْمُبَالغَة فِي التَّكَلُّف وَالزِّيَادَة فِي التعمق وَالْخُرُوج إِلَى الإفراط والإحالة والسفسفة والركاكة والتبرد والتوحش بِاسْتِعْمَال الْكَلِمَات الشاذة فمحا تِلْكَ المحاسن وكدر صفاءها وأعقب حلاوتها مرَارَة لَا مساغ لَهَا واستهدف لسهام العائبين وتحكك بألسنة الطاعنين فَمن متمثل بقول الشَّاعِر (أَنْت الْعَرُوس لَهَا جمال رائق ... لَكِنَّهَا فِي كل يَوْم تصرع) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 وَمن مشبه إِيَّاه بِمن يقدم مائدة تشْتَمل على غرائب المأكولات وبدائع الطَّيِّبَات ثمَّ يتبعهَا بِطَعَام وضر وشراب عكر أَو من يتبخر بالند المعشب المثلث الْمركب من الْعود الْهِنْدِيّ والمسك الأصهب والعنبر الْأَشْهب ثمَّ يرفقه بإرسال الرّيح الخبيثة ويفسده بالرائحة الردية أَو بِالْوَاحِدِ من عقلاء المجانين ينْطق بنوادر الْكَلم وطرائف الحكم ثمَّ يَعْتَرِيه سكرة الْجُنُون فَيكون أصلح أَحْوَاله وأمثل أَقْوَاله أَن يَقُول اعذروني فَإِن الْعذرَة متعذرة فمما نشر أَبُو الطّيب من هَذَا النمط قَوْله (أتراها لِكَثْرَة العشاق ... تحسب الدمع خلقَة فِي المآقي) // من الْخَفِيف // وَهُوَ ابْتِدَاء مَا سمع بِمثلِهِ وَمعنى تفرد بابتداعه ثمَّ شفعه بِمَا لَا يُبَالِي الْعَاقِل أَن يسْقطهُ من شعره فَقَالَ (كَيفَ ترثي الَّتِي ترى كل جفن ... راءها غير جفنها غير راقي) وَقَوله (ليَالِي بعد الظاعنين شكول ... طوال وليل العاشقين طَوِيل) (يبن لي الْبَدْر الَّذِي لَا أريده ... ويخفين بَدْرًا مَا إِلَيْهِ وُصُول) (وَمَا عِشْت من بعد الْأَحِبَّة سلوة ... ولكنني للنائبات حمول) (وَمَا شَرْقي بِالْمَاءِ إِلَّا تذكرا ... لماء بِهِ أهل الخليط نزُول) (يحرمه لمع الأسنة فَوْقه ... فَلَيْسَ لظمآن إِلَيْهِ سَبِيل) // من الطَّوِيل // من قصيدة اخترع أَكثر مَعَانِيهَا وتسهل فِي ألفاظها فَجَاءَت مصنوعة ثمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 اعترضته تِلْكَ الْعَادة المذمومة فَقَالَ (أغركم طول الجيوش وعرضها ... عَليّ شروب للجيوش أكول) (إِذا لم تكن لليث إِلَّا فريسة ... غذاه وَلم ينفعك أَنَّك فيل) ثمَّ أَتَى بِمَا هُوَ أَطَم مِنْهُ فَقَالَ وَذكر الصاحب أَنه من أوابده الَّتِي لَا يسمع طول الْأَبَد بِمِثْلِهَا (إِذا كَانَ بعض النَّاس سَيْفا لدولة ... فَفِي النَّاس بوقات لَهَا وطبول) (فَإِن تكن الدولات قسما فَإِنَّهَا ... لمن ورد الْمَوْت الزؤام تدول) قَالَ الصاحب قَوْله الدولات وتدول من الْأَلْفَاظ الَّتِي لَو رزق فضل السُّكُوت عَنْهَا لَكَانَ سعيدا وَقَالَ من قصيدة جمع فِيهَا الشذرة والبعرة والدرة والآجرة (لَك يَا منَازِل فِي الْفُؤَاد منَازِل ... أقفرت أَنْت وَهن مِنْك أواهل) // من الْكَامِل // وَهَذَا ابْتِدَاء حسن وَمعنى لطيف ثمَّ قَالَ (وَأَنا الَّذِي اجتلب الْمنية طرفه ... فَمن المطالب والقتيل الْقَاتِل) وَهُوَ وَإِن كَانَ مأخوذا من قَول دعبل (لَا تطلبا بظلامتي أحدا ... طرفِي وقلبي فِي دمي اشْتَركَا) // من الْكَامِل // فَإِنَّهُ آخذ بأطراف الرشاقة والملاحة ثمَّ اسْتمرّ فِي قصيدته فجَاء بالمتوسط المقارب والبديع النَّادِر والرديء النافر حَيْثُ قَالَ (وَلذَا اسْم أغطية الْعُيُون جفونها ... من أَنَّهَا عمل السيوف عوامل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وَهَذَا معنى فِي نِهَايَة الْحسن واللطف لَو ساعده اللَّفْظ ثمَّ قَالَ (كم وَقْفَة سجرتك شوقا بَعْدَمَا ... غري الرَّقِيب بِنَا ولج العاذل) فَلم يحسن موقع قَوْله سجرتك أَي ملأتك هَكَذَا الرِّوَايَة بِالْجِيم وَلَو كَانَت بِالْحَاء من السحر لم يكن بَأْس ثمَّ قَالَ وملح (دون التعانق ناحلين كشكلتي ... نصب أدفهما وَضم الشاكل) أَي قريب بَعْضنَا من بعض وَلم نتعانق خوف الرَّقِيب ثمَّ قَالَ فَأحْسن غَايَة الْإِحْسَان (للهو آونة تمر كَأَنَّهَا ... قبل يزودها حبيب راحل) (جمع الزَّمَان فَمَا لذيذ خَالص ... مِمَّا يشوب وَلَا سرُور كَامِل) (حَتَّى أَبُو الْفضل بن عبد الله رُؤْيَته ... المنى وَهُوَ الْمقَام الهائل) قَالَ ابْن جني وَهَذَا خُرُوج غَرِيب ظريف حسن مَا أعرفهُ لغيره يَقُول إِن المنى رُؤْيَته إِلَّا أَن هيبته تهول ثمَّ قَالَ فَجمع أوصافا فِي بَيت وَاحِد (للشمس فِيهِ وللرياح وللسحاب ... وللبحار وللأسود شمائل) ثمَّ قَالَ وتحذق وتبرد (ولديه ملعقيان وَالْأَدب المفاد ... وملحياة وملمات مناهل) وَإِنَّمَا ألم فِي صدر هَذَا الْبَيْت بقول أبي تَمام (نَأْخُذ من مَاله وَمن أدبه ... ) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 ثمَّ قَالَ (عَلامَة الْعلمَاء واللج الَّذِي ... لَا يَنْتَهِي وَلكُل لج سَاحل) ثمَّ قَالَ فأحال (لَو طَابَ مولد كل حَيّ مثله ... ولد النِّسَاء وَمَا لَهُنَّ قوابل) قَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن إِن طيب المولد لَا يسْتَغْنى بِهِ عَن الْقَابِلَة وَإِن اسْتغنى عَنْهَا كَانَ مَاذَا وَأي فَخر فِيهِ وَأي شرف ينَال بِهِ ثمَّ توَسط وقارب فَقَالَ (ليزد بَنو الْحسن الشراف تواضعا ... هَيْهَات تكْتم فِي الظلام مشاعل) (ستروا الندى ستر الْغُرَاب سفاده ... فَبَدَا وَهل يخفي الربَاب الهاطل) ثمَّ قَالَ وتوحش وَتبْغض مَا شَاءَ الْحَاسِد (جفخت وهم لَا يجفخون بهَا بهم ... شيم على الْحسب الْأَغَر دَلَائِل) يُرِيد بالجفخ الْفَخر والبذخ ثمَّ قَالَ (يَا افخر فَإِن النَّاس فِيك ثَلَاثَة ... مستعظم أَو حَاسِد أَو جَاهِل) أَي يَا هَذَا افخر فَحذف المنادى وتباغض وتبادى ثمَّ قَالَ (لَا تجسر الفصحاء تنشد هَهُنَا ... شعرًا وَلَكِنِّي الهزبر الباسل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 ثمَّ قَالَ وأرسله مثلا سائرا وَأحسن جدا (وَإِذا أتتك مذمتي من نَاقص ... فَهِيَ الشَّهَادَة لي بِأَنِّي كَامِل) (مَا نَالَ أهل الْجَاهِلِيَّة كلهم ... شعري وَلَا سَمِعت بسحري بابل) ثمَّ قَالَ وتعسف فِي اللَّفْظ (أما وحقك وَهُوَ غَايَة مقسم ... للحق أَنْت وَمَا سواك الْبَاطِل) (الطّيب أَنْت إِذا أَصَابَك طيبه ... وَالْمَاء أَنْت إِذا اغْتَسَلت الْغَاسِل) وَتَقْدِير الْكَلَام الطّيب أَنْت طيبه إِذا أَصَابَك وَالْمَاء أَنْت غاسله إِذا اغْتَسَلت بِهِ وَإِنَّمَا ألم فِيهِ بقول الْقَائِل (وتزيدين طيب الطّيب طيبا ... إِن تمسيه أَيْن مثلك أَيّنَا) // من الْخَفِيف // وَقَالَ من قصيدة كهذه الَّتِي تقدّمت (قد علم الْبَين منا الْبَين أجفانا ... تدمى وَألف فِي ذَا الْقلب أحزانا) (أملت سَاعَة سَارُوا كشف معصمها ... ليلبث الْحَيّ دون السّير حيرانا) (بالواخدات وحاديها وَبِي قمر ... يظل من وخدها فِي الخدر حشيانا) // من الْبَسِيط // وحشيان بِالْحَاء الْمُهْملَة من الْغَرِيب الوحشي الَّذِي لَا يأنس بِهِ السّمع وَلَا يقبله الْقلب يُقَال حشى الرجل حشيا فَهُوَ حشيان إِذا أَخذه البهر يَقُول إِذا وخدت الْإِبِل تَحت هَذَا الْقَمَر أَخذه البهر لترفه وَمن المؤدبين من يروي خشيانا بِالْخَاءِ مُعْجمَة من الخشية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ثمَّ قَالَ وَأحسن ولطف وظرف (قد كنت أشْفق من دمعي على بَصرِي ... فاليوم كل عَزِيز بعدكم هانا) ثمَّ أَرَادَ أَن يزِيد على الشُّعَرَاء فِي وصف المطايا فَأتى كَمَا قَالَ الصاحب بأخزى الخزايا فَقَالَ (لَو اسْتَطَعْت ركبت النَّاس كلهم ... إِلَى سعيد بن عبد الله بعرانا) قَالَ الصاحب وَمن النَّاس أمه فَهَل ينشط لركوبها والممدوح لَعَلَّ لَهُ عصبَة لَا يُرِيد أَن يركبُوا إِلَيْهِ فَهَل فِي الأَرْض أفحش من هَذَا السخف وأوضع من هَذَا التبسط ثمَّ أَرَادَ أَن يسْتَدرك هَذِه الطامة بقوله (فالعيس أَعقل من قوم رَأَيْتهمْ ... عَمَّا يرَاهُ من الْإِحْسَان عميانا) وَقَالَ ثمَّ قَالَ وأجاد فِي مدح الممدوح (إِن كوتبوا أَو لقوا أَو حوربوا وجدوا ... فِي الْخط وَاللَّفْظ والهيجاء فُرْسَانًا) (كَأَن ألسنهم فِي النُّطْق قد جعلت ... على رماحهم فِي الطعْن خرصانا) (كَأَنَّهُمْ يردون الْمَوْت من ظمأ ... أَو ينشقون من الخطي ريحانا) ثمَّ قَالَ (خلائق لَو حواها الزنج لانقلبوا ... ظمي الشفاه جعاد الشّعْر غرانا) والزنجي لَا يُوجد إِلَّا جعد الشّعْر فَكيف يَنْقَلِبُون عَن الجعودة إِلَى الجعودة وَقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 احْتج عَنهُ أَصْحَاب الْمعَانِي بِمَا يطول ذكره وَالْعجب كل الْعجب من خاطر يقْدَح بِمثل قَوْله فِي قصيدة (وملمومة زرد ثوبها ... وَلكنه بالقنا مخمل) (يفاجئ جَيْشًا بهَا حِينه ... وينذر جَيْشًا بهَا القسطل) // من المتقارب // ثمَّ يتَصَوَّر فِي هَذَا الْكَلَام الغث الرث فيتبعه بِهِ حَيْثُ يَقُول (جعلتك فِي الْقلب لي عدَّة ... لِأَنَّك بِالْيَدِ لَا تجْعَل) وَلَو قَالَه بعض صبيان الْمكَاتب لاستحيا لَهُ مِنْهُ 3 - وَمِنْهَا استكراه اللَّفْظ وتعقيد الْمَعْنى وَهُوَ أحد مراكبه الخشنة الَّتِي يتسمنها وَيَأْخُذ عَلَيْهَا فِي الطّرق الوعرة فيضل ويضل ويتعب ويتعب وَلَا ينجح إِذْ يَقُول فِي وصف النَّاقة (فتبيت تسئد مسئدا فِي نيها ... إسئادها فِي المهمه الأنضاء) // من الْكَامِل // وَتَقْدِيره فتبيت تسئد مسئد الأنضاء فِي نيها إسآدها فِي المهمه أَي كلما قطعت الأَرْض قطعت الأَرْض شحمها على احتذاء وَمِثَال هَذَا بِهَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وَيَقُول فِي الْمَدْح (أَنى يكون أَبَا البرايا آدم ... وَأَبُوك والثقلان أَنْت مُحَمَّد) // من الْكَامِل // وَتَقْدِيره أَنى يكون آدم أَبَا البرايا وَأَبُوك مُحَمَّد وَأَنت الثَّقَلَان وَقَالَ من نسيب قصيدة (إِذا عذلوا فِيهَا أجبْت بأنة ... حبيبتا قلبِي فُؤَادِي هيا جمل) // من الطَّوِيل // أَرَادَ يَا حبيبتي ثمَّ أبدل الْيَاء من حبيبتي ألفا تَخْفِيفًا وقلبي مَنْصُوب لِأَنَّهُ بدل من حبيبتا وفؤادي بدل من قلبِي وَهَذَا كَقَوْلِك أخي سَيِّدي مولَايَ نِدَاء بعد نِدَاء وَيُقَال فِي النداء يَا زيد وأيا زيد وهيا زيد وَأَشْبَاه هَذِه الأبيات كَثِيرَة فِي شعره كَقَوْلِه (لساني وعيني والفؤاد وهمتي ... أود اللواتي إِذا اسْمهَا مِنْك والشطر) // من الطَّوِيل // وَقَوله (فَتى ألف جُزْء رَأْيه فِي زَمَانه ... أقل جزي بعضه الرَّأْي أجمع) // من الطَّوِيل وَقَوله (لَو لم تكن من ذَا الورى اللذ مِنْك هُوَ ... عقمت بمولد نسلها حَوَّاء) // من الْكَامِل // وَهُوَ مِمَّا اعتل لَفظه وَلم يَصح مَعْنَاهُ فَإِذا قرع السّمع لم يصل إِلَى الْقلب إِلَّا بعد إتعاب الْفِكر وكد الخاطر وَالْحمل على القريحة ثمَّ إِن ظفر بعد العناء وَالْمَشَقَّة فقلما يحصل على طائل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 4 - وَمِنْهَا عسف اللُّغَة وَالْإِعْرَاب وَهُوَ مِمَّا سبق إِلَى الْقُلُوب إِنْكَاره وَإِن كَانَ عِنْد المحتجين عَنهُ الِاعْتِذَار لَهُ والمناضلة دونه كَقَوْلِه (فدى من على الغبراء أَوَّلهمْ أَنا ... لهَذَا الأبي الْمَاجِد الجائد القرم) // من الطَّوِيل // وَلم يحك عَن الْعَرَب الجائد وَإِنَّمَا المحكى رجل جواد وَفرس جواد ومطر جواد وَكَقَوْلِه (فأرحام شعر تتصلن لَدنه ... وأرحام مَال لَا تني تتقطع) // من الطَّوِيل // وَتَشْديد النُّون من لدن غير مَعْرُوف فِي لُغَة الْعَرَب وَكَقَوْلِه (شَدِيد الْبعد من شرب الشُّمُول ... ترنج الْهِنْد أَو طلع النخيل) // من الوافر // وَالْمَعْرُوف عِنْد الْعَرَب الأترج والترنج مِمَّا يغلط فِيهِ الْعَامَّة قَالَ الصاحب لَا أَدْرِي الاستهلال أحسن أم الْمَعْنى أبدع أَو قَوْله ترنج أفْصح وَكَقَوْلِه (بَيْضَاء يمْنَعهَا تكلم دلها ... تيها ويمنعها الْحيَاء تميسا) // من الْكَامِل // فنصب تميس مَعَ حذف أَن وَهُوَ ضَعِيف عَن أَكثر النَّحْوِيين وَكَقَوْلِه (وتكرمت ركباتها عَن مبرك ... تقعان فِيهِ لَيْسَ مسكا أذفرا) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 فَجمع الركبات ثمَّ انْتقل إِلَى التَّثْنِيَة فَقَالَ تقعان وَهُوَ ضَعِيف وَغير سديد فِي صناعَة الْإِعْرَاب وَكَقَوْلِه (لَيْسَ إلاك يَا عَليّ همام ... سَيْفه دون عرضه مسلول) // من الْخَفِيف // وَكَقَوْلِه (لم تَرَ من نادمت إِلَّا كَا ... لَا لسوى ودك لي ذَا كَا) // من السَّرِيع // فوصل الضَّمِير بإلا وَحقه أَن ينْفَصل عَنهُ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {ضل من تدعون إِلَّا إِيَّاه} وَكَقَوْلِه (لأَنْت أسود فِي عَيْني من الظُّلم ... ) // من الْبَسِيط // وَألف التَّعَجُّب لَا تدخل على أفعل وَإِنَّمَا يُقَال أَشد سوادا وَحُمرَة وخضرة وَكَقَوْلِه (جللا كَمَا بِي فليك التبريح ... ) // من الْكَامِل // وَحذف النُّون من يكن إِذا اسْتَقْبلهَا الْألف وَاللَّام خطأ عِنْد النَّحْوِيين لِأَنَّهَا تتحرك إِلَى الْكسر وَإِنَّمَا تحذف اسْتِخْفَافًا إِذا سكنت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وَكَقَوْلِه (أمط عَنْك تشبيهي بِمَا وَكَأَنَّهُ ... ) // من الطَّوِيل // والتشبيه بِمَا محَال وَكَقَوْلِه (لعظمت حَتَّى لَو تكون أَمَانَة ... مَا كَانَ مؤتمنا بهَا جبرين) // من الْكَامِل // قَالَ الصاحب وقلب هَذِه اللَّام إِلَى النُّون أبْغض من وَجه الْمنون وَلَا أَحسب جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام يرضى مِنْهُ بِهَذَا الْمجَاز هَذَا على مَا فِي الْبَيْت من الْفساد والقبح وَكَقَوْلِه (حملت إِلَيْهِ من ثنائي حديقة ... سَقَاهَا الحجا سقِِي الرياض السحائب) // من الطَّوِيل // أَي سقِِي السحائب الرياض 5 - وَمِنْهَا الْخُرُوج عَن الْوَزْن كَقَوْلِه (تفكره علم ومنطقه حكم ... وباطنه دين وَظَاهره ظرف) // من الطَّوِيل // وَقد خرج فِيهِ عَن الْوَزْن لِأَنَّهُ لم يَجِيء عَن الْعَرَب مفاعيلن فِي عرُوض الطَّوِيل غير مصرع وَإِنَّمَا جَاءَ مفاعلن قَالَ الصاحب وَنحن نحاكمه إِلَى كل شعر للقدماء والمحدثين على بَحر الطَّوِيل فَمَا نجد لَهُ على خطئه مساعدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 قَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن وَقد عيب أَيْضا بقوله (إِنَّمَا بدر بن عمار سَحَاب ... هطل فِيهِ ثَوَاب وعقاب) // من الرمل // لِأَنَّهُ أخرج الرمل على فاعلاتن وأجرى جَمِيع القصيدة على ذَلِك فِي الأبيات غير المصرعة وَإِنَّمَا جَاءَ الشّعْر على فاعلن وَإِن كَانَ أَصله فِي الدائرة فاعلاتن 6 - وَمِنْهَا اسْتِعْمَال الْغَرِيب الوحشي وَإِذا كَانَ المتنبي من الْمُحدثين بل من العصريين وَجرى على رسومهم فِي اخْتِيَار الْأَلْفَاظ الْمُعْتَادَة المألوفة بَينهم بل رُبمَا انحط عَنْهُم بالركاكة والسفسفة ثمَّ تعاطى الْغَرِيب الوحشي والشاذ البدوي بل رُبمَا زَاد فِي ذَلِك على أقحاح الْمُتَقَدِّمين حصل كَلَامه بَين طرفِي نقيض وَتعرض لاعتراض الطاعنين فَمن ذَلِك الْفَنّ الَّذِي يُنَادي على نَفسه ويقلق موقعه فِي شعره وَشعر غَيره من أَبنَاء عصره قَوْله (وَمَا أرْضى لمقلته بحلم ... إِذا انْتَبَهت توهمه ابتشاكا) // من الوافر // والابتشاك الْكَذِب وَلم أسمع فِيهِ شعرًا قَدِيما وَلَا مُحدثا سوى هَذَا الْبَيْت وَقَوله فِي وصف الْغَيْث (لساحيه على الأجداث حفش ... كأيدي الْخَيل أَبْصرت المخالي) // من الوافر // الساحي القاشر وَمِنْه سميت المسحاة لِأَنَّهَا تقشر وَجه الأَرْض والحفش مصدر حفش السَّيْل حفشا إِذا جمع المَاء من كل جَانب إِلَى مستنقع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وَقَوله فِي وصف السَّيْف (ودقيق قدي الهباء أنيق ... متوال فِي مستو هزهاز) // من الْخَفِيف // قدي بِمَعْنى مِقْدَار يُقَال بَينهمَا قيد رمح وقدي رمح وَقَوله (تطس الخدود كَمَا تطسن اليرمعا ... ) // من الْكَامِل // تطسن أَي تدق واليرمع الْحِجَارَة الرخوة وَقَوله (وَإِلَى حَصى أَرض أَقَامَ بهَا ... بِالنَّاسِ من تقبيلها يلل) // من الْكَامِل // اليلل إقبال الْأَسْنَان وانعطافها على بَاطِن الْفَم وَلم أسمعهُ فِي غير شعره وَقَوله (الشَّمْس تشرق والسحاب كنهورا ... ) // من الْكَامِل // الكهنور الْقطع من السَّحَاب الْعَظِيمَة وَقَوله (وَكَيف أستر مَا أوليت من حسن ... وَقد غمرت نوالا أَيهَا النال) // من الْبَسِيط // والنال الْمُعْطِي وَقَوله (أسائلها عَن المتديريها ... ) // من الوافر // قَالَ الصاحب لَفْظَة المتديريها لَو وَقعت فِي بَحر صَاف لكدرته وَلَو ألْقى ثقلهَا على جبل سَام لهده وَلَيْسَ للمقت فِيهَا نِهَايَة وَلَا للبرد مَعهَا غَايَة المتديروها المتخذوها دَارا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 قَالَ الصاحب وَمن أَطَم مَا يتعاطاه التفاصح بالألفاظ النافرة والكلمات الشاذة حَتَّى كَأَنَّهُ وليد خباء وغذي لبن لم يطَأ الْحَضَر وَلم يعرف الْمدر فَمن ذَلِك قَوْله (أيفطمه التوراب قبل فطامه ... ويأكله قبل الْبلُوغ إِلَى الْأكل) // من الطَّوِيل // وَلَيْسَ ذَلِك سائغا لمثله وَهُوَ وليد قَرْيَة ومعلم صبية وَمن الجموع الغريبة الَّتِي يوردها قَوْله فِي جمع الأَرْض (أروض النَّاس من ترب وَخَوف ... وَأَرْض أبي شُجَاع من أَمَان) // من الوافر // وَقَوله فِي جمع اللُّغَة (عليم بأسرار الديانَات واللغى ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي جمع الدُّنْيَا (أعز مَكَان فِي الدنى سرج سابح ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي جمع الْأَخ (كل آخائه كرام بني الدُّنْيَا ... ) // من الْخَفِيف // قَالَ الصاحب لَو وَقع الآخاء فِي رائية الشماخ لاستثقل فَكيف مَعَ أَبْيَات مِنْهَا (قد سمعنَا مَا قلت فِي الأحلام ... وأنلناك بدرة فِي الْمَنَام) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وَالْكَلَام إِذا لم يتناسب زيفته جهابذته وبهرجته نقاده 7 - وَمِنْهَا الركاكة والسفسفة بِأَلْفَاظ الْعَامَّة والسوقة ومعانيهم كَقَوْلِه (رماني خساس النَّاس من صائب استه ... وَآخر قطن من يَدَيْهِ الجنادل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَإِن مَا ريتني فاركب حصانا ... وَمثله تَخِر لَهُ صَرِيعًا) // من الوافر // وَقَوله (إِن كَانَ لَا يدعى الْفَتى إِلَّا كَذَا ... رجلا فسم النَّاس طرا إصبعا) // من الْكَامِل // وَقَوله (قسا فالأسد تفزع من يَدَيْهِ ... ورق فَنحْن نفزع أَن يذوبا) // من الوافر // وَقَوله (تألم درزه والدرز لين ... كَمَا يتألم العضب الصنيعا) // من الوافر // وعَلى ذكر الدرز فقد حكى الصاحب فِي كتاب الروزنامجة من حَدِيث لَحْظَة الطولونية الْمُغنيَة مَا يشبه معنى هَذَا الْبَيْت وَهُوَ أَنه قَالَ سَمعتهَا تَقول يَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 جَارِيَة عَليّ بالقميص الْمَعْمُول فِي النسج فقد آذَانِي نقل الدروز وَقَوله (لسرى لِبَاسه خشن الْقطن ... ومروي مرو لبس القرود) // من الْخَفِيف // وَقَوله (مَا أنصف الْقَوْم ضبه ... وَأمه الطرطبه) (رموا بِرَأْس أَبِيه ... وباكوا الْأُم غَلبه) // من المجتث // وَقَوله (بَيَاض وَجه يُرِيك الشَّمْس طالعة ... ودر لفظ يُرِيك الدّرّ مخشلبا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِن كَانَ مثلك كَانَ أَو هُوَ كَائِن ... فبرئت حِينَئِذٍ من الْإِسْلَام) // من الْكَامِل // قَالَ الصاحب حِينَئِذٍ هَهُنَا من عير منفلت قَالَ وَمن رَكِيك صنعه فِي وصف شعره والزراية على غَيره قَوْله (إِن بَعْضًا من القريض هراء ... لَيْسَ شَيْئا وَبَعضه أَحْكَام) (مِنْهُ مَا يجلب البراعة والذهن ... وَمِنْه مَا يجلب البرسام) // من الْخَفِيف // وَقَالَ وَهَهُنَا بَيت نرضى باتباعه فِيهِ وَمَا ظَنك بمحكم مناويه ثِقَة بِظُهُور حَقه وإيراء زنده وَلَو لم يكن التَّحْكِيم بعد أبي مُوسَى من مُوجب الْعَزْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وَمُقْتَضى الحزم وَهُوَ (أطعناك طوع الدَّهْر يَا بن ابْن يُوسُف ... بشهوتنا والحاسدو لَك بالرغم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (تقضم الْجَمْر وَالْحَدِيد الأعادي ... دونه قضم سكر الأهواز) // من الْخَفِيف // وَقَوله (فَكَأَنَّمَا حسب الأسنة حلوة ... أَو ظَنّهَا البرني والآزاذا) // من الْكَامِل // قَالَ الصاحب إِذا جمع السكر إِلَى البرني والأزاذ تمّ الْأَمر قَالَ وَكَانَت الشُّعَرَاء تصف المآزر تَنْزِيها لألفاظها عَمَّا يستشنع ذكره حَتَّى تخطى هَذَا الشَّاعِر المطبوع إِلَى التَّصْرِيح الَّذِي لم يهتد لَهُ غَيره فَقَالَ (إِنِّي على شغفي بِمَا فِي خمرها ... لأعف عَمَّا فِي سراويلاتها) // من الْكَامِل // وَكثير من العهر أحسن من هَذَا العفاف قَالَ القَاضِي وَمن أَمْثَاله العامية قَوْله (وكل مَكَان أَتَاهُ الْفَتى ... على قدر الرجل فِيهِ الخطى) // من المتقارب // وَمِنْهَا إبعاد الِاسْتِعَارَة وَالْخُرُوج بهَا عَن حَدهَا كَقَوْلِه (مَسَرَّة فِي قُلُوب الطّيب مفرقها ... وحسرة فِي قُلُوب الْبيض واليلب) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وَقَوله (تجمعت فِي فؤادهم همم ... ملْء فؤاد الزَّمَان إِحْدَاهَا) // من المنسرح // وَقَوله (لم يحك نائلك السَّحَاب وَإِنَّمَا ... حمت بِهِ فصبيبها الرحضاء) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِلَّا يشب فَلَقَد شابت لَهُ كبد ... شيبا إِذا خضبته سلوة نصلا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَقد ذقت حلواء الْبَنِينَ على الصِّبَا ... فَلَا تحسبني قلت مَا قلت عَن جهل) // من الطَّوِيل // فَجعل للطيب وَالْبيض واليلب قلوبا وللسحاب حمى وللزمان فؤادا وللكبد شيبا وَهَذِه استعارات لم تجر على شبه قريب وَلَا بعيد وَإِنَّمَا تصح الِاسْتِعَارَة وتحسن على وَجه من الْوُجُوه الْمُنَاسبَة وطرق من الشّبَه والمقاربة قَالَ الصاحب وَمَا زلنا نتعجب من قَول أبي تَمام (لَا تَسْقِنِي مَاء الملام فإنني ... صب قد استعذبت مَاء بُكَائِي) // من الْكَامِل // فخف علينا بحلواء الْبَنِينَ وَمِنْهَا الاستكثار من قَول ذَا قَالَ القَاضِي وَهِي ضَعِيفَة فِي صَنْعَة الشّعْر دَالَّة على التَّكَلُّف وَرُبمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وَافَقت موضعا تلِيق بِهِ فاكتست قبولا فَأَما فِي مثل قَوْله (قد بلغت الَّذِي أردْت من الْبر ... وَمن حق ذَا الشريف عليكا) (وَإِذا لم تسر إِلَى الدَّار فِي وقتك ... ذَا خفت أَن تسير إليكا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (لَو لم تكن من ذَا الورى اللذمنك هُوَ ... عقمت بمولد نسلها حَوَّاء) // من الْكَامِل // وَقَوله (عَن ذَا الَّذِي حرم الليوث كَمَاله ... تنسى الفريسة خَوفه لجماله) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَإِن بكينا لَهُ فَلَا عجب ... ذَا الجزر فِي الْبَحْر غير مَعْهُود) // من المنسرح // وَقَوله (أَفِي كل يَوْم ذَا الدمستق مقدم ... قَفاهُ على الْإِقْدَام للْوَجْه لائم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أَبَا الْمسك ذَا الْوَجْه الَّذِي كنت تائقا ... إِلَيْهِ وَذَا الْوَقْت الَّذِي كنت راجيا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وأعجب من ذَا الهجر والوصل أعجب ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أُرِيد من زمني ذَا أَن يبلغنِي ... مَا لَيْسَ يبلغهُ فِي نَفسه الزَّمن) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وَقَوله (يضاحك فِي ذَا الْيَوْم كل حَبِيبَة ... ) // من الطَّوِيل // فَهُوَ كَمَا ترَاهُ سخافة وَضعف وَلَو تصفحت شعره لوجدت فِيهِ أَضْعَاف مَا ذَكرْنَاهُ من هَذِه الْإِشَارَة وَأَنت لَا تَجِد فِي عدَّة دواوين جَاهِلِيَّة حرفا والمحدثون أَكثر استعانة بهَا لَكِن فِي الفرط والندرة أَو على سَبِيل الْغَلَط والفلتة وَمِنْهَا الإفراط فِي الْمُبَالغَة وَالْخُرُوج فِيهِ إِلَى الإحالة كَقَوْلِه (ونالوا مَا اشتهوا بالحزم هونا ... وصاد الْوَحْش نملهم دبيبا) // من الوافر // وَقَوله (وَضَاقَتْ الأَرْض حَتَّى صَار هاربهم ... إِذا رأى غير شَيْء ظَنّه رجلا) (فبعده وَإِلَى ذَا الْيَوْم لَو ركضت ... بِالْخَيْلِ فِي لَهَوَات الطِّفْل مَا سعلا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وأعجب مِنْك كَيفَ قدرت تنشا ... وَقد أَعْطَيْت فِي المهد الكمالا) (وَأقسم لَو صلحت يَمِين شَيْء ... لما صلح الْعباد لَهُ شمالا) // من الوافر // وَقَوله (بِمن أضْرب الْأَمْثَال أم من أقيسه ... إِلَيْك وَأهل الدَّهْر دُونك والدهر) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وَقَوله (وَلَو قلم ألقيت فِي شقّ رَأسه ... من السقم مَا غيرت من خطّ كَاتب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (من بعد مَا كَانَ ليلِي لَا صباح لَهُ ... كَأَن أول يَوْم الْحَشْر آخِره) // من الْبَسِيط // فَهُوَ هما يستهجن فِي صَنْعَة الشّعْر على أَن كثيرا من النقدة لَا يرتضون هَذَا الإفراط كُله وَمِنْهَا تَكْرِير اللَّفْظ فِي الْبَيْت الْوَاحِد من غير تَحْسِين كَقَوْلِه (وَمن جَاهِل بِي وَهُوَ يجهل جَهله ... ويجهل علمي أَنه بِي جَاهِل) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي هَذِه القصيدة (فقلقلت بالهم الَّذِي قلقل الحشا ... قلاقل عيس كُلهنَّ قلاقل) قَالَ الصاحب وَمَا زَالَ النَّاس يستبشعون قَول مُسلم (سلت وسلت ثمَّ سل سليلها ... فَأتى سليل سليلها مسلولا) // من الْكَامِل // حَتَّى جَاءَ هَذَا الْمُبْدع فَقَالَ (وأفجع من فَقدنَا من وجدنَا ... قبيل الْفَقْد مَفْقُود الْمِثَال) // من الوافر // وأظن الْمُصِيبَة فِي الراثي أعظم مِنْهَا فِي المرثي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وَقَوله (عظمت فَلَمَّا لم تكلم مهابة ... تواضعت وَهُوَ الْعظم عظما من الْعظم) // من الطَّوِيل // قَالَ الصاحب وَمَا أحسن مَا قَالَ الْأَصْمَعِي لمن أنْشدهُ (فَمَا للنوى جد النَّوَى قطع النَّوَى ... كَذَاك النَّوَى قطاعة لوصال) // من الطَّوِيل // لَو سلط الله تَعَالَى على هَذَا الْبَيْت شَاة فَأكلت هَذَا النَّوَى كُله وَقَوله (وَلَا الضعْف حَتَّى يتبع الضعْف ضعفه ... وَلَا ضعف ضعف الضعْف بل مثله ألف) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَلم أر مثل جيراني ومثلي ... لمثلي عِنْد مثلهم مقَام) // من الوافر // وَقَوله (الْعَارِض الهتن ابْن الْعَارِض الهتن ابْن ... الْعَارِض الهتن ابْن الْعَارِض الهتن) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَإِنِّي وَإِن كَانَ الدفين حَبِيبه ... حبيب إِلَى قلبِي حبيب حَبِيبِي) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَك الْخَيْر غَيْرِي رام من غَيْرك الْغنى ... وغيري بِغَيْر اللاذقية لَاحق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (ملولة مَا تدوم لَيْسَ لَهَا ... من ملل دَائِم بهَا ملل) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 وَقَوله (قبيل أَنْت أَنْت وَأَنت مِنْهُم ... وَجدك بشر الْملك الْهمام) // من الوافر // وَقَوله (وكلكم أَتَى مأتى أَبِيه ... فَكل فعال كلكُمْ عُجاب) // من الوافر // وَقَوله (وَمَا أَنا وحدي قلت ذَا الشّعْر كُله ... وَلَكِن شعري فِيك من نَفسه شعر) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِنَّمَا النَّاس حَيْثُ أَنْت وَمَا النَّاس ... بناس فِي مَوضِع مِنْك خَالِي) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وَلَوْلَا تولى نَفسه حمل حمله ... عَن الأَرْض لانهدت وناء بهَا الْحمل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَنهب نفوس أهل النهب أولى ... بِأَهْل النهب من نهب القماش) // من الوافر // وَقَوله (وَطعن كَأَن الطعْن لَا طعن عِنْده ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أرَاهُ صَغِيرا قدرهَا عظم قدره ... فَمَا لعَظيم قدره عِنْده قدر) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وَقَوله (جَوَاب مسائلي أَله نَظِير ... وَلَا لَك فِي سؤالك لَا ألالا) // من الوافر // قَالَ الصاحب مَا قدرت أَن مثل هَذَا الْبَيْت يلج سمعا وَقد سَمِعت الفأفاء وَلم أسمع باللألاء حَتَّى رَأَيْت هَذَا الْمُتَكَلف المتعسف الَّذِي لَا يقف حَيْثُ يعرف وَمِنْهَا إساءة الْأَدَب بالأدب كَقَوْلِه (فغدا أَسِيرًا قد بللت ثِيَابه ... بِدَم وبل ببوله الأفخاذا) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَمَا بَين كاذتي المستغير ... كَمَا بَين كاذتي البائل) // من المتقارب // وَقَوله (خف الله واستر ذَا الْجمال ببرقع ... فَإِن لحت حَاضَت فِي الْخُدُور الْعَوَائِق) // من الطَّوِيل // وَيُقَال لما أنْكرت عَلَيْهِ حَاضَت غَيره فَجعله ذَابَتْ وَذكر الْبَوْل وَالْحيض مِمَّا لَا يحسن وُقُوعه فِي مُخَاطبَة الْمُلُوك والرؤساء وأقبح موقعا من ذَلِك قَوْله فِي قصيدة يرثي بهَا أُخْت سيف الدولة ويعزيه عَنْهَا حَيْثُ يَقُول (وَهل سَمِعت سَلاما لي ألم بهَا ... فقد أطلت وَمَا سلمت عَن كثب) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 وَمَا باله يسلم على حرم الْمُلُوك وَيذكر مِنْهُنَّ مَا يذكرهُ المتغزل فِي قَوْله (يعلمن حِين تحي حسن مبسمها ... وَلَيْسَ يعلم إِلَّا الله بالشنب) // من الْبَسِيط // وَكَانَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول لَو عزاني إِنْسَان عَن حُرْمَة لي بِمثل هَذَا لألحقته بهَا وَضربت عُنُقه على قبرها قَالَ الصاحب وَلَقَد مَرَرْت على مرثية لَهُ فِي أم سيف الدولة تدل على فَسَاد الْحس على سوء أدب النَّفس وَمَا ظَنك بِمن يُخَاطب ملكا فِي أمه بقوله (بعيشك هَل سلوت فَإِن قلبِي ... وَإِن جانبت أَرْضك غير سالي) // من الوافر // فيتشوق إِلَيْهَا ويخطئ خطأ لم يسْبق إِلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقُول مثل ذَلِك من يرثي بعض أَهله فَأَما اسْتِعْمَاله إِيَّاه فِي هَذَا الْموضع فدال على ضعف الْبَصَر بمواقع الْكَلَام وَفِي هَذِه القصيدة (رواق الْعِزّ فَوْقك مسبطر ... وَملك عَليّ ابْنك فِي كَمَال) وَلَعَلَّ لَفْظَة الاسبطرار فِي مراثي النِّسَاء من الخذلان الرَّقِيق الصفيق المتبر قَالَ وَلما أبدع فِي هَذِه القصيدة واخترع قَالَ (صَلَاة الله خالقنا حنوط ... على الْوَجْه المكفن بالجمال) فَلَا أَدْرِي هَذِه الِاسْتِعَارَة أحسن أم وَصفه وَجه وَالِدَة ملك يرثيها بالجمال أم قَوْله فِي وصف قرابتها وجواريها (أتتهن المصائب غافلات ... فدمع الْحزن فِي دمع الدَّلال) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 وَمِنْهَا الْإِيضَاح عَن ضعف العقيدة ورقة الدّين على أَن الدّيانَة لَيست عيارا على الشُّعَرَاء وَلَا سوء الِاعْتِقَاد سَببا لتأخر الشَّاعِر وَلَكِن لِلْإِسْلَامِ حَقه من الإجلال الَّذِي لَا يسوغ الْإِخْلَال بِهِ قولا وفعلا ونظما ونثرا وَمن استهان بأَمْره وَلم يضع ذكره وَذكر مَا يتَعَلَّق بِهِ فِي مَوضِع اسْتِحْقَاقه فقد بَاء بغضب من الله تَعَالَى وَتعرض لمقته فِي وقته وَكَثِيرًا مَا قرع المتنبي هَذَا الْبَاب بِمثل قَوْله (يترشفن من فمي رشفات ... هن فِيهِ أحلى من التَّوْحِيد) // من الْخَفِيف // وَقَوله (ونصفي الَّذِي يكنى أَبَا الْحسن الْهوى ... وَنرْضى الَّذِي يُسمى الْإِلَه وَلَا يكنى) // من الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة مدح بهَا الْعلوِي (وأبهر آيَات التهامي أَنه ... أبوكم وَإِحْدَى مالكم من مَنَاقِب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (تتقاصر الأفهام عَن إِدْرَاكه ... مثل الَّذِي الأفلاك فِيهِ والدنا) // من الْكَامِل // وَقد أفرط جدا لِأَن الَّذِي الأفلاك فِيهِ والدنا هُوَ علم الله عز وَجل وَقَوله (النَّاس كالعابدين آلِهَة ... وَعَبده كالموحد اللاها) // من المنسرح // وَقَوله (لَو كَانَ علمك بالإله مقسمًا ... فِي النَّاس مَا بعث الْإِلَه رَسُولا) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 (أَو كَانَ لفظك فيهم مَا أنزل التَّوْرَاة ... وَالْفرْقَان والإنجيلا) // من الْكَامِل // وَقَوله (لَو كَانَ ذُو القرنين أعمل رَأْيه ... لما أَتَى الظُّلُمَات صرن شموسا) (أَو كَانَ صَادف رَأس عازر سَيْفه ... فِي يَوْم معركة لأعيا عِيسَى) // من الْكَامِل // عازر اسْم الرجل الَّذِي أَحْيَاهُ الْمَسِيح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِإِذن الله عز وَجل (أَو كَانَ لج الْبَحْر مثل يَمِينه ... مَا انْشَقَّ حَتَّى جَازَ فِيهِ مُوسَى) وَكَأن الْمعَانِي أعيته حَتَّى التجأ إِلَى استصغار أُمُور الْأَنْبِيَاء وَفِي هَذِه القصيدة (يَا من نلوذ من الزَّمَان بظله ... أبدا ونطرد باسمه إبليسا) وَقَوله وَقد جَازَ حد الْإِسَاءَة (أَي مَحل أرتقي ... أَي عَظِيم أتقي) (وكل مَا قد حلق الله ... وَمَا لم يخلق) (محتقر فِي همتي ... كشعرة فِي مفرقي) // من مجزوء الرجز // وقبيح بِمن أَوله نُطْفَة مذرة وَآخره جيفة قذرة وَهُوَ فِيمَا بَينهمَا حَامِل بَوْل وعذرة أَن يَقُول مثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي لَا تسعه معذرة وَمِنْهَا الْغَلَط بِوَضْع الْكَلَام فِي غير مَوْضِعه كَقَوْلِه (أغار من الزجاجة وَهِي تجْرِي ... على شفة الْأَمِير أبي الْحُسَيْن) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وَهَذِه الْغيرَة إِنَّمَا تكون بَين الْمُحب ومحبوبه كَمَا قَالَ أَبُو الْفَتْح كشاجم وَأحسن (أغار إِذا دنت من فِيهِ كأس ... على در يقبله الزّجاج) // من الوافر // فَأَما الْأُمَرَاء والملوك فَلَا معنى للغيرة على شفاهها وَكَقَوْلِه (وغر الدمستق قَول الوشاة ... إِن عليا ثقيل وصب) // من المتقارب // فَجعل الْأُمَرَاء يوشى بهم وَإِنَّمَا الوشاية السّعَايَة وَنَحْوهَا من الرّعية وَمن شَأْن الممدوح أَن يفضل على عدوه وَيجْرِي الْعَدو مجْرى بعض أَصْحَابه وَلَيْسَ فِي اللُّغَة أَن يُقَال وشى فلَان بالسلطان إِلَى بعض رَعيته وَكَقَوْلِه فِي وصف الْحمى المعرقة (إِذا مَا فارقتني غسلتني ... كأنا عاكفان على حرَام) // من الوافر // وَلَيْسَ الْحَرَام أخص بالاغتسال مِنْهُ من الْحَلَال وَكَقَوْلِه فِي وصف مهره (وَزَاد فِي الْأذن على الخرانق ... ) // من الرجز // وَأذن الْفرس يسْتَحبّ فِيهَا الدقة والانتصاب وتشبه بِطرف الْقَلَم وَأذن الأرنب على الضِّدّ من هَذَا الْوَصْف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وَمِنْهَا امْتِثَال أَلْفَاظ المتصوفة وَاسْتِعْمَال كلماتهم المعقدة ومعانيهم المغلقة فِي مثل قَوْله فِي وصف فرس (وتسعدني فِي غمرة بعد غمرة ... سبوح لَهَا مِنْهَا عَلَيْهَا شَوَاهِد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِذا مَا الكأس أرعشت الْيَدَيْنِ ... صحوت فَلم تحل بيني وبيني) // من الوافر // وَقَوله (أفيكم فَتى حَيّ يُخْبِرنِي عني ... بِمَا شربت مشروبة الراح من ذهني) // من الطَّوِيل // وَقَوله (نَالَ الَّذِي نلْت مِنْهُ مني ... لله مَا تصنع الْخُمُور) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (كبر العيان عَليّ حَتَّى إِنَّه ... صَار الْيَقِين من العيان توهما) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَبِه يضن على الْبَريَّة لَا بهَا ... وَعَلِيهِ مِنْهَا لَا عَلَيْهَا يوسي) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَلَوْلَا أنني فِي غير نوم ... لَكُنْت أظنني مني خيالا) // من الوافر // قَالَ الصاحب وَلَو وَقع قَوْله (نَحن من ضايق الزَّمَان لَهُ فِيك ... وخانته قربك الْأَيَّام) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 فِي عِبَارَات الْجُنَيْد والشبلى لتنازعته المتصوفة دهرا بَعيدا وَمن أَشد مَا قَالَه فِي هَذَا الْمَعْنى قَوْله (وَلَكِنَّك الدُّنْيَا إِلَيّ حَبِيبَة ... فَمَا عَنْك لي إِلَّا إِلَيْك ذهَاب) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا الْخُرُوج عَن طَرِيق الشّعْر إِلَى طَرِيق الفلسفة كَقَوْلِه (ولجدت حَتَّى كدت تبخل حَائِلا ... للمنتهى وَمن السرُور بكاء) // من الْكَامِل // وَقَوله (والأسى قبل فرقة الرّوح عجز ... والأسى لَا يكون قبل الْفِرَاق) // من الْخَفِيف // وَقَوله (إلْف هَذَا الْهَوَاء أوقع فِي الْأَنْفس ... أَن الْحمام مر المذاق) // من الْخَفِيف // وَقَوله (تخَالف النَّاس حَتَّى لَا اتِّفَاق لَهُم ... إِلَّا على شجب وَالْخلف فِي الشجب) (فَقيل تخلص نفس الْمَرْء سَالِمَة ... وَقيل تشرك جسم الْمَرْء فِي العطب) // من الْبَسِيط // وَقَوله (خلفت صفاتك فِي الْعُيُون كَلَامه ... كالخط يمْلَأ مسمعي من أبصرا) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 وَقَوله (تمتّع من سهاد أَو رقاد ... وَلَا تَأمل كرى تَحت الرجام) (فَإِن لثالث الْحَالين معنى ... سوى معنى انتباهك والمنام) // من الوافر // قَالَ ابْن جني أَرْجُو أَن لَا يكون أَرَادَ بذلك أَن نومَة الْقَبْر لَا انتباه لَهَا وَمِنْهَا استكراه التَّخَلُّص قَالَ القَاضِي لَعَلَّك لَا تَجِد فِي شعره تخلصا مستكرها إِلَّا قَوْله (أحبك أَو يَقُولُوا جر نمل ... ثبيرا وَابْن إِبْرَاهِيم ريعا) // من الوافر // فَأَما قَوْله (فأفنى وَمَا أفنته نَفسِي كَأَنَّمَا ... أَبُو الْفرج القَاضِي لَهُ دونهَا كَهْف) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَو اسْتَطَعْت ركبت النَّاس كلهم ... إِلَى سعيد بن عبد الله بعرانا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أعز مَكَان فِي الدنا سرج سابح ... وَخير جليس فِي الزَّمَان كتاب) (وبحر أَبُو الْمسك الخضم الَّذِي لَهُ ... على كل بَحر زخرة وعباب) // من الطَّوِيل // فَهِيَ وَإِن لم تكن مستحسنة مختارة فَلَيْسَتْ بالمستهجن السَّاقِط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وَمِنْهَا قبح المقاطع كَقَوْلِه بعد أَبْيَات أحسن فِيهَا غَايَة الْإِحْسَان وترقى الدرجَة الْعَالِيَة وَهِي (وَللَّه سر فِي علاك وَإِنَّمَا ... كَلَام العدا ضرب من الهذيان) (أتلتمس الْأَعْدَاء بعد الَّذِي رَأَتْ ... قيام دَلِيل أَو وضوح بَيَان) (رَأَتْ كل من يَنْوِي لَك الْغدر يَبْتَلِي ... بغدر حَيَاة أَو بغدر زمَان) (قضى الله يَا كافور أَنَّك وَاحِد ... وَلَيْسَ بقاض أَن يرى لَك ثَانِي) (فَمَا لَك تخْتَار القسي والقسي وَإِنَّمَا ... عَن السعد ترمي دُونك الثَّقَلَان) (وَمَا لَك تَعْنِي بالأسنة والقنا ... وَجدك طعان بِغَيْر سِنَان) (وَلم تحمل السَّيْف الطَّوِيل نجاده ... وَأَنت غَنِي عَنهُ بالحدثان) (أرد لي جميلا جدت أَو لم تَجِد بِهِ ... فَإنَّك مَا أَحْبَبْت فِي أَتَانِي) // من الطَّوِيل // هَذَا الْبَيْت الَّذِي هُوَ عوذتها (لَو الْفلك الدوار أبغضت سَعْيه ... لعوقه شَيْء عَن الدوران) وَقَوله فِي قصيدة مِنْهَا (فِي خطه من كل قلب شَهْوَة ... حَتَّى كَأَن مداده الْأَهْوَاء) (وَلكُل عين قُرَّة فِي قربه ... حَتَّى كَأَن مغيبه الأقذاء) // من الْكَامِل // هَذَا الْبَيْت الَّذِي جعله المقطع (لَو لم تكن من ذَا الورى اللذ مِنْك هُوَ ... عقمت بمولد نسلها حَوَّاء) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وَكَقَوْلِه فِي آخر القصيدة (خلت الْبِلَاد من الغزالة لَيْلهَا ... فأعاضهاك الله كي لَا تحزنا) // من الْكَامِل // هَذَا آخر المقابح والمعائب وَأول المحاسن والروائع والبدائع والقلائد والفرائد الَّتِي زَاد فِيهَا على من تقدم وَسبق جَمِيع من تَأَخّر فَمِنْهَا حسن الْمطَالع كَقَوْلِه (فَدَيْنَاك من ربع وَإِن زدتنا كربا ... فَإنَّك كنت الشرق للشمس والغربا) (نزلنَا عَن الأكوار نمشي كَرَامَة ... لمن بَان عَنهُ أَن نلم بِهِ ركبا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (الرَّأْي قبل شجاعة الشجعان ... هُوَ أول وَهِي الْمحل الثَّانِي) (فَإِذا هما اجْتمعَا لنَفس مرّة ... بلغت من العلياء كل مَكَان) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِذا كَانَ مدح فالنسيب الْمُقدم ... أكل فصيح قَالَ شعرًا متيم) (لحب ابْن عبد الله أولى فَإِنَّهُ ... بِهِ يبْدَأ الذّكر الْجَمِيل وَيخْتم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أَعلَى الممالك مَا يبْنى على الأسل ... والطعن عِنْد محبيهن كالقبل) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وَقَوله (فؤاد مَا تسليه المدام ... وَعمر مثل مَا يهب اللئام) // من الوافر // وَقَوله (أفاضل النَّاس أغراض لذا الزَّمن ... يَخْلُو من الْهم أخلاهم من الفطن) // من الْبَسِيط // وَقَوله (الْيَوْم عهدكم فَأَيْنَ الْموعد ... هَيْهَات لَيْسَ ليَوْم عهدكم غَد) (الْمَوْت أقرب مخلبا من بَيْنكُم ... والعيش أبعد مِنْكُم لَا تبعدوا) // من الْكَامِل // وَقَوله (الْمجد عوفي إِذْ عوفيت وَالْكَرم ... وَزَالَ عَنْك إِلَى أعدائك الْأَلَم) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا حسن الْخُرُوج والتخلص كَقَوْلِه (مرت بِنَا بَين تربيها فَقلت لَهَا ... من أَيْن جانس هَذَا الشادن العربا) (فاستضحكت ثمَّ قَالَت كالمغيث يرى ... لَيْث الشرى وَهُوَ من عجل إِذا انتسبا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وغيث ظننا تَحْتَهُ أَن عَامِرًا ... علا لم يمت أوفى السَّحَاب لَهُ قبر) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَإِلَّا فخانتني القوافي وعاقني ... عَن ابْن عبيد الله ضعف العزائم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 (إِذا صلت لم أترك مصالا لصائل ... وَإِن قلت لم أترك مقَالا لعالم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (نودعهم والبين فِينَا كَأَنَّهُ ... قِنَا ابْن أبي الهيجاء فِي قلب فيلق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (نودعهم والبين فِينَا كَأَنَّهُ ... قِنَا ابْن أبي الهيجاء فِي قلب فيلق) وَقَوله (ومقانب بمقانب غادرتها ... أقوات وَحش كن من أقواتها) (أقبلتها غرر الْبِلَاد كَأَنَّمَا ... أَيدي بني عمرَان فِي جبهاتها) // من الْكَامِل // وَقَوله (حدق يذم من القواتل غَيرهَا ... بدر بن عمار بن إسماعيلا) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَلَو كنت فِي أسر غير الْهوى ... ضمنت ضَمَان أبي وَائِل) (فدى نَفسه بِضَمَان النضار ... وَأعْطى صُدُور القنا الذابل) // من المتقارب // وَمِنْهَا النسيب بالأعرابيات كَقَوْلِه (من الجآذر فِي زِيّ الأعاريب ... حمر الحلى والمطايا والجلابيب) (إِن كنت تسْأَل شكا فِي معارفها ... فَمن بلاك بتسهيد وتعذيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 (سوائر رُبمَا سَارَتْ هوادجها ... منيعة بَين مطعون ومضروب) // من الْبَسِيط // أَي لِكَثْرَة الرَّغْبَة فِيهِنَّ وَشدَّة الذب عَنْهُن والمحاربة دونهن (وَرُبمَا وخدت أَيدي الْمطِي بهَا ... على نجيع من الفرسان مصبوب) (كم زروة لي فِي الْأَعْرَاب خافية ... أدهى وَقد رقدوا من زورة الذيب) (أزورهم وَسَوَاد اللَّيْل يشفع لي ... وأنثني وَبَيَاض الصُّبْح يغري بِي) قد وَقع التَّنْبِيه على حسن هَذَا الْبَيْت فِي شرف لَفظه وَمَعْنَاهُ وجودة تقسيمه وَكَونه أَمِير شعره (قد وافقوا الْوَحْش فِي سُكْنى مراتعها ... وخالفوها بتقويض وتطنيب) (فؤاد كل محب فِي بُيُوتهم ... وَمَال كل أخيذ المَال محروب) (مَا أوجه الْحَضَر المستحسنات بِهِ ... كأوجه البدويات الرعابيب) (حسن الحضارة مجلوب بتطرية ... وَفِي البداوة حسن غير مجلوب) (أفدي ظباء فلاة مَا عرفن بهَا ... مضغ الْكَلَام وَلَا صبغ الحواجيب) (وَلَا برزن من الْحمام مائلة ... أوراكهن صقيلات العراقيب) (وَمن هوى كل من لَيست مموهة ... تركت لون مشيبي غير مخضوب) (وَمن هوى الصدْق فِي قولي وعادته ... رغبت عَن شعر فِي الْوَجْه مَكْذُوب) وناهيك بِهَذِهِ الأبيات جزالة وحلاوة وَحسن معادن وَله طريفة ظريفة فِي وصف البدويات قد تفرد بحسنها وأجاد مَا شَاءَ فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 فَمِنْهَا قَوْله (هام الْفُؤَاد بأعرابية سكنت ... بَيْتا من الْقلب لم تضرب بهَا طنبا) (مظلومة الْقد فِي تشبيهه غصنا ... مظلومة الرِّيق فِي تشبيهه ضربا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِن الَّذين أَقمت وَاحْتَملُوا ... أيامهم لديارهم دوَل) (الْحسن يرحل كلما رحلوا ... مَعَهم وَينزل حَيْثُمَا نزلُوا) (فِي مقلتي رشأ تديرهما ... بدوية فتنت بهَا الْحلَل) (تَشْكُو المطاعم طول هجرتهَا ... وصدودها وَمن الَّذِي تصل) // من الْكَامِل // وصفهَا بقلة الطّعْم وَهِي محمودة فِي نسَاء الْعَرَب (مَا أسأرت فِي الْقَعْب من لبن ... تركته وَهُوَ الْمسك وَالْعَسَل) (قَالَت أَلا تصحو فَقلت لَهَا ... أعلمتني أَن الْهوى ثمل) وَقَوله (ديار اللواتي دارهن عزيزة ... بطول القنا يحفظن لَا بالتمائم) (حسان التثني ينقش الوشي مثله ... إِذا مسن فِي أجسادهن النواعم) (ويبسمن عَن در تقلدن مثله ... كَأَن التراقي وشحت بالمباسم) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَمِنْهَا حسن التَّصَرُّف فِي سَائِر الْغَزل كَقَوْلِه (قد كَانَ يَمْنعنِي الْحيَاء من البكا ... فَالْآن يمنعهُ البكا أَن يمنعا) (حَتَّى كَأَن لكل عظم رنة ... فِي جلده وَلكُل عرق مدمعا) (سفرت وبرقعها الْحيَاء بصفرة ... سترت محاسنها وَلم تَكُ برقعا) (فَكَأَنَّهَا والدمع يقطر فَوْقهَا ... ذهب بسمطي لُؤْلُؤ قد رصعا) (كشفت ثَلَاث ذوائب من شعرهَا ... فِي لَيْلَة فأرت ليَالِي أَرْبعا) (واستقبلت قمر السَّمَاء بوجهها ... فأرتني القمرين فِي وَقت مَعًا) // من الْكَامِل // وَهِي مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ لرشاقتها وبلوغها كل مبلغ من حسن اللَّفْظ وجودة الْمَعْنى واستحكام الصَّنْعَة وَكَقَوْلِه (أيدري الرّبع أَي دم أراقا ... وَأي قُلُوب هَذَا الركب شاقا) (لنا ولأهله أبدا قُلُوب ... تلاقي فِي جسوم مَا تلاقى) // من الوافر // مَعْنَاهُ ينظر إِلَى قَول ابْن المعتز (إِنَّا على البعاد والتفرق ... لنلتقي بِالذكر إِن لم نَلْتَقِي) // من الرجز // وَمِنْهَا (فليت هوى الْأَحِبَّة كَانَ عدلا ... فَحمل كل قلب مَا أطاقا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وَمِنْهَا (وَقد أَخذ التَّمام الْبَدْر فيهم ... وَأَعْطَانِي من السقم المحاقا) (وَبَين الْفَرْع والقدمين نور ... يَقُود بِلَا أزمتها النياقا) (وطرف إِن سقى العشاق كأسا ... بهَا نقص سقانيها دهاقا) (وخصر تثبت الأحداق فِيهِ ... كَأَن عَلَيْهِ من حدق نطاقا) وَقَوله (كَأَنَّمَا قدها إِذا انفتلت ... سَكرَان من خمر طرفها ثمل) (يجذبها تَحت خصرها عجز ... كَأَنَّهُ من فراقها وَجل) // من المنسرح // وَقَوله (مثلت عَيْنك فِي حشاي جِرَاحَة ... فتشابها كلتاهما نجلاء) (نفذت عَليّ السابري وَرُبمَا ... تندق فِيهِ الصعدة السمراء) // من الْكَامِل // وَكَقَوْلِه (كَأَن العيس كَانَت فَوق جفني ... مناخات فَلَمَّا ثرن سالا) (لبسن الوشي لَا متجملات ... وَلَكِن كي يصن بِهِ الجمالا) (وضفرن الغدائر لَا لحسن ... وَلَكِن خفن فِي الشّعْر الضلالا) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وَمِنْهَا حسن التَّشْبِيه بِغَيْر أَدَاة التَّشْبِيه كَقَوْلِه (بَدَت قمرا ومالت غُصْن بَان ... وفاحت عنبرا ورنت غزالا) // من الوافر // وَقَوله (ترنو إِلَيّ بِعَين الظبي مجهشة ... وتمسح الطل فَوق الْورْد بالعنم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (قمرا ترى وسحابتين بِموضع ... من وَجهه وَيَمِينه وشماله) // من الْكَامِل // وَقَوله (أعارني سقم عَيْنَيْهِ وحملني ... من الْهوى ثقل مَا تحوي مآزره) // من الْبَسِيط // وَقَوله (عرفت نَوَائِب الْحدثَان حَتَّى ... لَو انتسبت لَكُنْت لَهَا نَقِيبًا) // من الوافر // وَقَوله (فَأتيت معتزما وَلَا أَسد ... ومضيت مُنْهَزِمًا وَلَا وعل) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي وصف الْخَيل (خرجنَا من النَّقْع فِي عَارض ... وَمن عرق الركض فِي وابل) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وَقَوله (وجياد يدخلن فِي الْحَرْب أعراء ... ويخرجن من دم فِي جلال) (واستعار الْحَدِيد لونا وَألقى ... لَونه فِي ذوائب الْأَطْفَال) // من الْخَفِيف // وَمِنْهَا الإبداع فِي سَائِر التشبيهات والتمثيلات كَقَوْلِه (وَإِن نهاري لَيْلَة مدلهمة ... على مقلة من فقدكم فِي غياهب) (بعيدَة مَا بَين الجفون كَأَنَّمَا ... عقدتم أعالي كل هدب بحاجب) // من الطَّوِيل // ذكر ابْن جني أَنه مثل قَول بشار (جَفتْ عَيْني عَن التغميض حَتَّى ... كَأَن جفونها عَنْهَا قصار) // من الوافر // وَذكر القَاضِي أَنه مَأْخُوذ من قَول الطرمي فِي رطاناته (ورأسي مَرْفُوع إِلَى النَّجْم كَأَنَّمَا ... قفاي إِلَى صلبي بخيط مخيط) // من الطَّوِيل // وَقَوله (كَأَن رقيبا مِنْك سد مسامعي ... عَن العذل حَتَّى لَيْسَ يدخلهَا العذل) (كَأَن سهاد الْعين يعشق مقلتي ... فبينهما فِي كل هجر لنا وصل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (رَأَيْت الحميا فِي الزّجاج بكفه ... فشبهتها بالشمس فِي الْبَدْر فِي الْبَحْر) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَقَوله فِي الْحمى (وزائرتي كَأَن بهَا حَيَاء ... فَلَيْسَ تزور إِلَّا بالظلام) (بذلت لَهَا المطارف والحشايا ... فعافتها وباتت فِي عِظَامِي) // من الوافر // وَقَوله فِي وصف الظبي (أغناه حسن الْجيد عَن لبس الحلى ... وَعَادَة العري عَن التفضل) (كَأَنَّهُ مضمخ بصندل ... ) // من الرجز // وَقَوله فِي سرعَة الأوبة وتقليل اللّّبْث (وَمَا أَنا غير سهم فِي هَوَاء ... يعود وَلم يجد فِيهِ امتساكا) // من الوافر // قَالَ ابْن جنى قد اخْتلف أهل النّظر فِي هَذَا الْموضع فَقَالَ قوم إِن السهْم وَالْحجر وَنَحْوهمَا إِذا رمي بِهِ صعدا فتناهى صُعُوده كَانَت لَهُ فِي آخر ذَلِك لبثة مَا ثمَّ يتصوب منحدرا وَقَالَ آخَرُونَ لَا لبثة لَهُ هُنَاكَ وَإِنَّمَا أول وَقت انحداره وَقت صُعُوده وَقَوله وَهُوَ أحسن مَا قيل فِي وصف محنة نهكت صَاحبهَا واشتدت بِهِ ثمَّ عَاد إِلَى حَال السَّلامَة وَقد هذبته تِلْكَ الْحَال وزادته صفاء وسهولة (وربتما شفيت غليل صَدْرِي ... بسير أَو مقَام أَو حسام) (وَضَاقَتْ خطة فَخرجت مِنْهَا ... خُرُوج الْخمر من نسج الْفِدَام) // من الوافر // وَقَوله وَهُوَ مِمَّا لم يسْبق إِلَيْهِ (كريم نفضت النَّاس لما لَقيته ... كَأَنَّهُمْ مَا جف من زَاد قادم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 (وَكَاد سروري لَا يَفِي بندامتي ... على تَركه فِي عمري المتقادم) // من الطَّوِيل // وَقَوله وَهُوَ من بدائعه (رَضوا بك كالرضا بالشيب قسرا ... وَقد وَخط النواصي والفروعا) // من الوافر // وَقَوله فِي وصف الشّعْر (إِذا خلعت على عرض لَهُ حللا ... وَجدتهَا مِنْهُ فِي أبهى من الْحلَل) (بِذِي الغباوة من إنشادها ضَرَر ... كَمَا تضر ريَاح الْورْد بالجعل) // من الْبَسِيط // وَذَلِكَ أَن الْجعل إِذا طرح عَلَيْهِ الْورْد غشى عَلَيْهِ وَمِنْهَا التَّمْثِيل بِمَا هُوَ من جنس صناعته كَقَوْلِه (وَإِنَّمَا نَحن فِي جيل سواسية ... شَرّ على الْحر من سقم على الْبدن) (حَولي بِكُل مَكَان مِنْهُم خلق ... تخطي إِذا جِئْت فِي استفهامها بِمن) // من الْبَسِيط // من إِنَّمَا يستفهم بهَا عَمَّن يعقل يَقُول هَؤُلَاءِ كَالْبَهَائِمِ فقولك لَهُم من أَنْتُم خطأ إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال لَهُم مَا أَنْتُم لِأَن مَوضِع مَا لما لَا يعقل ويحكى أَن جَرِيرًا لما قَالَ (يَا حبذا جبل الريان من جبل ... وحبذا سَاكن الريان من كَانَا) // من الْبَسِيط // قَالَ الفرزدق وَلَو كَانَ ساكنه قرودا فَقَالَ لَهُ جرير لَو أردْت هَذَا لَقلت مَا كَانَا وَلم أقل من كَانَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وَكَقَوْلِه (نتاج رَأْيك فِي وَقت على عجل ... كَلَفْظِ حرف وعاه سامع فهم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (من اقْتضى بسوى الْهِنْدِيّ حَاجته ... أجَاب كل سُؤال عَن هَل بلم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أمضى إِرَادَته فَسَوف لَهُ قد ... واستقرب الْأَقْصَى فثم لَهُ هُنَا) // من الْكَامِل // سَوف للاستقبال وَقد مَوْضُوعه للمضي ومقاربة الْحَال يَقُول إِذا نوى أمرا فَكَأَنَّمَا يسابق نِيَّته وَقَوله (دون التعانق ناحلين كشكلتي ... نصب أدقهما وَضم الشاكل) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَلَوْلَا كونكم فِي النَّاس كَانُوا ... هراء كَالْكَلَامِ بِلَا معَان) // من الوافر // وَقَوله (قُشَيْر وبلعجان فِيهَا خُفْيَة ... كراءين فِي أَلْفَاظ ألثغ نَاطِق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِذا كَانَ مَا تنويه فعلا مضارعا ... مضى قبل أَن تلقى عَلَيْهِ الجوازم) // من الطَّوِيل // الْمُضَارع مَا كَانَ فِي أَوله إِحْدَى الزَّوَائِد الْأَرْبَع مثل أقوم ونقوم وَتقوم وَيقوم يَقُول إِذا نَوَيْت فعلا أوقعته قبل فَوته وَقبل أَن يُقَال لم يفعل وَأَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 يفعل وَقَوله (وَكَانَ ابْنا عَدو كاثراه ... لَهُ يآءي حُرُوف أنيسيان) // من الوافر // أنيسيان تَصْغِير إِنْسَان وتحقيره وإنسان عدد حُرُوفه خَمْسَة وَهُوَ اسْم مكبر فَإِذا صغرته زِدْت عَلَيْهِ ياءين فزادت حُرُوفه وَنقص مَعْنَاهُ فكذاك إِذا كَانَ لعَدوه ابْنَانِ فكاثره بهما فيكونان زائدين فِي عدده وَلَكِن ناقصين لسقوطهما وتخلفهما وَمِنْهَا الْمَدْح الموجه كَالثَّوْبِ لَهُ وَجْهَان مَا مِنْهُمَا إِلَّا حسن كَقَوْلِه (نهبت من الْأَعْمَار مَا لَو حويته ... لهنئت الدُّنْيَا بأنك خَالِد) // من الطَّوِيل // قَالَ ابْن جني لَو لم يمدح أَبُو الطّيب سيف الدولة إِلَّا بِهَذَا الْبَيْت وَحده لَكَانَ قد بَقِي فِيهِ مَا لَا يخلقه الزَّمَان وَهَذَا هُوَ الْمَدْح الموجه لِأَنَّهُ بنى الْبَيْت على ذكر كَثْرَة مَا استباحه من أَعمار أعدائه ثمَّ تَلقاهُ من آخر الْبَيْت بِذكر سرُور الدُّنْيَا بِبَقَائِهِ واتصال أَيَّامه وَكَقَوْلِه (عمر الْعَدو إِذا لاقاه فِي رهج ... أقل من عمر مَا يحوي إِذا وهبا) (مَال كَأَن غراب الْبَين يرقبه ... فَكلما قيل هَذَا مجتد نعبا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (تشرق تيجانه بغرته ... إشراق أَلْفَاظه بمعناها) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وَقَوله (تشرق أعراضهم وأوجهم ... كَأَنَّمَا فِي نُفُوسهم شيم) // من المنسرح // وَقَوله (إِلَى كم ترد الرُّسُل فِيمَا أَتَوا لَهُ ... كَأَنَّهُمْ فِيمَا وهبت ملام) // من الطَّوِيل // وَقَوله (يخيل لي أَن الْبِلَاد مسامعي ... وَأَنِّي فِيهَا مَا تَقول العواذل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (كَأَن ألسنهم فِي النُّطْق قد جعلت ... على رماحهم فِي الطعْن خرصانا) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا حسن التَّصَرُّف فِي مدح سيف الدولة بِجِنْس السيفية كَقَوْلِه (لقد رفع الله من دولة ... لَهَا مِنْك يَا سيفها منصل) // من المتقارب // وَقَوله (لَوْلَا سمي سيوفه ومضاؤه ... لما سللن لَكِن كالأجفان) // من الْكَامِل // وَقَوله (عزاءك سيف الدولة المقتدى بِهِ ... فَإنَّك نصل والشدائد للنصل) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وَقَوله (يُسمى الحسام وَلَيْسَت من مشابهة ... وَكَيف يشْتَبه المخدوم والخدم) (كل السيوف إِذا طَال الضراب بهَا ... يَمَسهَا غير سيف الدولة السأم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (تهاب سيوف الْهِنْد وَهِي حدائد ... فَكيف إِذا كَانَت نزارية عربا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (تحير فِي سيف ربيعَة أَصله ... وطابعه الرَّحْمَن وَالْمجد صاقل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (قلد الله دولة سيفها أَنْت ... حساما بالمكرمات محلى) (فَإِذا اهتز للندى كَانَ بحرا ... وَإِذا اهتز للعدا كَانَ نصلا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وَأَنت حسام الْملك وَالله ضَارب ... وَأَنت لِوَاء الدّين وَالله عَاقد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لقد سل سيف الدولة الْمجد معلما ... فَلَا الْمجد مخفيه وَلَا الضَّرْب ثالمه) (على عاتق الْملك الْأَغَر نجاده ... وَفِي يَد جَبَّار السَّمَوَات قائمه) (وَإِن الَّذِي سمى عليا لمنصف ... وَإِن الَّذِي سَمَّاهُ سَيْفا لظالمه) (وَمَا كل سيف يقطع الْهَام حَده ... وتقطع لزبات الزَّمَان مكارمه) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وَقَوله (إِن الْخَلِيفَة لم يسمك سَيْفه ... حَتَّى بلاك فَكنت عين الصارم) (وَإِذا تتوج كنت درة تاجه ... وَإِذا تختم كنت فص الْخَاتم) // من الْكَامِل // وَقَوله (من للسيوف بِأَن تكون سميها ... فِي أَصله وفرنده ووفائه) (طبع الْحَدِيد فَكَانَ من أجناسه ... وَعلي المطبوع من آبَائِهِ) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا الإبداع فِي سَائِر مدائحه كَقَوْلِه (ملك سِنَان قناته وبنانه ... يتباريان دَمًا وَعرفا ساكبا) (يستصغر الْخطر الْكَبِير لوفده ... ويظن دجلة لَيْسَ تَكْفِي شاربا) (كالبدر من حَيْثُ الْتفت رَأَيْته ... يهدي إِلَى عَيْنَيْك نورا ثاقبا) (كَالشَّمْسِ فِي كبد السَّمَاء وضوؤها ... يغشى الْبِلَاد مشارقا ومغاربا) (كالبحر يقذف للقريب جواهرا ... جودا وَيبْعَث للبعيد سحائبا) // من الْكَامِل // وَقَوله (لَيْسَ التَّعَجُّب من مواهب مَاله ... بل من سلامتها إِلَى أَوْقَاتهَا) (عجبا لَهُ حفظ الْعَنَان بأنمل ... مَا حفظهَا الْأَشْيَاء من عاداتها) (لَو مر يرْكض فِي سطور كِتَابه ... أحصى بحافر مهره ميماتها) (كرم تبين فِي كلامك ماثلا ... وَيبين عتق الْخَيل فِي أصواتها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 (أعيا زوالك عَن مَحل نلته ... لَا تخرج الأقمار من هالاتها) // من الْكَامِل // فِيهِ مدح وَمثل مَضْرُوب وتشبيه نَادِر (ذكر الْأَنَام لنا فَكَانَ قصيدة ... أَنْت البديع الْفَرد من أبياتها) وَهَذَا البديع الْفَرد من أَبْيَات هَذِه القصيدة وَكَقَوْلِه (وَمَا زلت حَتَّى قادني الشوق نَحوه ... يسايرني فِي كل ركب لَهُ ذكر) (وأستكبر الْأَخْبَار قبل لِقَائِه ... فَلَمَّا الْتَقَيْنَا صغر الْخَبَر الْخَبَر) // من الطَّوِيل // هَذَا ضد قَوْلهم تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ (أزالت بك الْأَيَّام عتبي كَأَنَّمَا ... بنوها لَهَا ذَنْب وَأَنت لَهَا عذر) وَكَقَوْلِه (أَلا أَيهَا المَال الَّذِي قد أباده ... تعز فَهَذَا فعله بِالْكَتَائِبِ) (لَعَلَّك فِي وَقت شغلت فُؤَاده ... عَن الْجُود أَو أكثرت جَيش محَارب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (بعثوا الرعب فِي قُلُوب الأعادي ... فَكَأَن الْقِتَال قبل التلاقي) (وتكاد الظبا لما عودوها ... تنتضي نَفسهَا إِلَى الْأَعْنَاق) (كل ذمر يزِيد فِي الْمَوْت حسنا ... كبدور تَمامهَا فِي المحاق) (كرم خشن الجوانب مِنْهُم ... فَهُوَ كَالْمَاءِ فِي الشفار الرقَاق) (ومعال إِذا ادَّعَاهَا سواهُم ... لَزِمته جِنَايَة السراق) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وَكَقَوْلِه (خير أعضائنا الرُّءُوس وَلَكِن ... فضلتها بقصدك الْأَقْدَام) // من الْخَفِيف // وَكَقَوْلِه (قوم بُلُوغ الْغُلَام عِنْدهم ... طعن نحور الكماة لَا الْحلم) (كَأَنَّمَا يُولد الندى مَعَهم ... لَا صغر عاذر وَلَا هرم) (إِذا توَلّوا عَدَاوَة كشفوا ... وَإِن توَلّوا صَنِيعَة كتموا) (تظن من فقدك اعتدادهم ... بِأَنَّهُم أنعموا وَمَا علمُوا) (إِن برقوا فالحتوف حَاضِرَة ... أَو نطقوا فَالصَّوَاب وَالْحكم) (أَو شهدُوا الْحَرْب لاقحا أخذُوا ... من مهج الدارعين مَا احتكموا) (أَو حلفوا بالغموس واجتهدوا ... فَقَوْلهم خَابَ سائلي الْقسم) (أَو ركبُوا الْخَيل غير مسرجة ... فَإِن أَفْخَاذهم لَهَا حزم) (تشرق أعراضهم وأوجههم ... كَأَنَّهَا فِي نُفُوسهم شيم) (أعيذكم من صروف دهركم ... فَإِنَّهُ فِي الْكِرَام مُتَّهم) // من المنسرح // وَكَقَوْلِه (النَّاس مَا لم يروك أشباه ... والدهر لفظ وَأَنت مَعْنَاهُ) (والجود عين وَأَنت ناظره ... والبأس بَاعَ وَأَنت يمناه) (يَا راحلا كل من يودعه ... مُودع دينه ودنياه) (إِن كَانَ فِيمَا ترَاهُ من كرم ... فِيك مزِيد فزادك الله) // من المنسرح // وَكَقَوْلِه (تمشي الْكِرَام على آثَار غَيرهم ... وَأَنت تخلق مَا تَأتي وتبتدع) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 (من كَانَ فَوق مَحل الشَّمْس مَوْضِعه ... فَلَيْسَ يرفعهُ شَيْء وَلَا يضع) // من الْبَسِيط // وَكَقَوْلِه (فَلَمَّا رَأَوْهُ وَحده دون جَيْشه ... دروا أَن كل الْعَالمين فضول) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه (وأوردهم صدر الحصان وسيفه ... فَتى بأسه مثل الْعَطاء جزيل) (جواد على العلات بِالْمَالِ كُله ... وَلكنه بالدارعين بخيل) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه (أرى كل ذِي ملك إِلَيْك مصيره ... كَأَنَّك بَحر والملوك جداول) (إِذا أمْطرت مِنْهُم ومنك سَحَابَة ... فوابلهم طل وطلك وابل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (ودانت لَهُ الدُّنْيَا فَأصْبح جَالِسا ... وأيامه فِيمَا يُرِيد قيام) (وكل أنَاس يتبعُون إمَامهمْ ... وَأَنت لأهل المكرمات إِمَام) (وَرب جَوَاب عَن كتاب بعثته ... وعنوانه للناظرين قتام) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه (هم المحسنون الْكر فِي حومة الوغى ... وَأحسن مِنْهُم كرهم فِي المكارم) (وَلَوْلَا احتقار الْأسد شبهتها بهم ... وَلكنهَا مَعْدُودَة فِي البهايم) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وَكَقَوْلِه (أغر أعداؤه إِذا سلمُوا ... بالهرب استكثروا الَّذِي فعلوا) (إِنَّك من معشر إِذا وهبوا ... مَا دون أعمارهم فقد بخلوا) (كَتِيبَة لست رَبهَا نفل ... وبلدة لست حليها عطل) // من المنسرح // وَكَقَوْلِه (لَو كفر الْعَالمُونَ نعْمَته ... لما عدت نَفسه سجاياها) (كَالشَّمْسِ لَا تبتغي بِمَا صنعت ... مَنْفَعَة عِنْدهم وَلَا جاها) // من المنسرح // وَكَقَوْلِه (فَجَاءَت بِنَا إِنْسَان عين زَمَانه ... وخلت بَيَاضًا خلفهَا ومآقيا) // من الطَّوِيل // وَهَذَا أحسن مَا يمدح بِهِ ملك أسود وَلَا نِهَايَة لحسنه وَشرف مَعْنَاهُ وجودة تشبيهه وتمثيله (ترفع عَن عون المكارم فعله ... فَمَا يفعل الفعلات إِلَّا عذاريا) (أَبَا كل طيب لَا أَبَا الْمسك وَحده ... وكل سَحَاب لَا أخص الغواديا) (يدل بِمَعْنى وَاحِد كل فاخر ... وَقد جمع الرَّحْمَن فِيك المعانيا) ألم فِيهِ يَقُول أبي نواس (كَأَنَّمَا أَنْت شَيْء ... حوى جَمِيع الْمعَانِي) // من المجتث // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وَمِنْهَا مُخَاطبَة الممدوح من الْمُلُوك بِمثل مُخَاطبَة المحبوب وَالصديق مَعَ الْإِحْسَان والإبداع وَهُوَ مَذْهَب لَهُ تفرد بِهِ واستكثر من سلوكه اقتدارا مِنْهُ وتبحرا فِي الْأَلْفَاظ والمعاني ورفعا لنَفسِهِ عَن دَرَجَة الشُّعَرَاء وتدريجا لَهَا إِلَى مماثلة الْمُلُوك فِي مثل قَوْله لكافور (وَمَا أَنا بالباغي على الْحبّ رشوة ... ضَعِيف هوى يَبْغِي عَلَيْهِ ثَوَاب) (وَمَا شِئْت إِلَّا أَن أدل عواذلي ... على أَن رَأْيِي فِي هَوَاك صَوَاب) (وَأعلم قوما خالفوني فشرقوا ... وغربت أَنِّي قد ظَفرت وخابوا) (إِذا نلْت مِنْك الود فَالْمَال هَين ... وكل الَّذِي فَوق التُّرَاب تُرَاب) // من الطَّوِيل // وَقَوله لَهُ وَقد أهداه مهْرا أسود (فَلَو لم تكن فِي مصر مَا سرت نَحْوهَا ... بقلب المشوق المستهام المتيم) // من الطَّوِيل // وَقَوله لِابْنِ العميد يودعه (تفضلت الْأَيَّام بِالْجمعِ بَيْننَا ... فَلَمَّا حمدنا لم تدمنا على الْحَمد) (فجد لي بقلب إِن رحلت فإنني ... مخلف قلبِي عِنْد من فَضله عِنْدِي) // من الطَّوِيل // وَقَوله لعضد الدولة (أروح وَقد ختمت على فُؤَادِي ... بحبك أَن يحل بِهِ سواكا) (فَلَو أَنِّي اسْتَطَعْت حفظت طرفِي ... فَلم أبْصر بِهِ حَتَّى أراكا) // من الوافر // من قصيدة تشْتَمل على أَبْيَات من هَذَا الطّراز سأكتبها فِي آخر الْبَاب وَكَقَوْلِه لسيف الدولة (مَا لي أكتم حبا قد بَرى جَسَدِي ... وتدعي حب سيف الدولة الْأُمَم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 (إِن كَانَ يجمعنا حب لغرته ... فليت أَنا بِقدر الْحبّ نقتسم) (يَا أعدل النَّاس إِلَّا فِي معاملتي ... فِيك الْخِصَام وَأَنت الْخصم وَالْحكم) (إِذا رَأَيْت نيوب اللَّيْث بارزة ... فَلَا تَظنن إِن اللَّيْث يبتسم) (أُعِيذهَا نظرات مِنْك صَادِقَة ... أَن تحسب الشَّحْم فِيمَن شحمه ورم) (وَمَا انْتِفَاع أخي الدُّنْيَا بناظره ... إِذا اسْتَوَت عِنْده الْأَنْوَار وَالظُّلم) (يَا من يعز علينا أَن نفارقهم ... وأجداننا كل شَيْء بعدكم عدم) (مَا كَانَ أخلقنا مِنْكُم بتكرمة ... لَو أَن أَمركُم من أمرنَا أُمَم) (إِن كَانَ سركم مَا قَالَ حاسدنا ... فَمَا لجرح إِذا أرضاكم ألم) (وبيننا لَو رعيتم ذَاك معرفَة ... إِن المعارف فِي أهل النهى ذمم) (كم تطلبون لنا عَيْبا فيعجزكم ... وَيكرهُ الله مَا تأتون وَالْكَرم) (مَا أبعد الْعَيْب وَالنُّقْصَان من شرفي ... أَنا الثريا وذان الشيب والهرم) (لَيْت الْغَمَام الَّذِي عِنْدِي صواعقه ... يزيلهن إِلَى من عِنْده الديم) (أرى النَّوَى تقتضيني كل مرحلة ... لَا تستقل بهَا الوخادة الرَّسْم) (لَئِن تركنَا ضميرا عَن ميامننا ... ليحدثن لمن ودعتهم نَدم) (إِذا ترحلت عَن قوم وَقد قدرُوا ... أَلا تفارقهم فالراحلون هم) (شَرّ الْبِلَاد بِلَاد لَا صديق بهَا ... وَشر مَا يكْسب الْإِنْسَان مَا يصم) (وَشر مَا قنصته راحتي قنص ... شهب البزاة سَوَاء فِيهِ والرخم) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وَهِي على براعتها واستقلال أَكثر أبياتها بأنفسها تكَاد تدخل فِي بَاب إساءة الْأَدَب بالأدب وَقد تقدم ذكره وَمِنْهَا اسْتِعْمَال أَلْفَاظ الْغَزل والنسيب فِي أَوْصَاف الْحَرْب وَالْجد وَهُوَ أَيْضا مِمَّا لم يسْبق إِلَيْهِ وَتفرد بِهِ وَأظْهر فِيهِ الحذق بِحسن النَّقْل وأعرب عَن جودة التَّصَرُّف والتلعب بالْكلَام كَقَوْلِه (أَعلَى الممالك مَا يَبْنِي على الأسل ... والطعن عِنْد محبيهن كالقبل) // من الْبَسِيط // وَقَوله وَهُوَ من فرائده (شُجَاع كَأَن الْحَرْب عاشقة لَهُ ... إِذا زارها فدته بِالْخَيْلِ وَالرجل) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه (وَكم رجال بِلَا أَرض لكثرتهم ... تركت جمعهم أَرضًا بِلَا رجل) (مَا زَالَ طرفك يجْرِي فِي دِمَائِهِمْ ... حَتَّى مَشى بك مشي الشَّارِب الثمل) // من الْبَسِيط // وَكَقَوْلِه (والطعن شزر وَالْأَرْض واجفة ... كَأَنَّمَا فِي فؤادها وَهل) (قد صبغت خدها الدِّمَاء كَمَا ... يصْبغ خد الخريدة الخجل) (وَالْخَيْل تبْكي جلودها عرقا ... بأدمع مَا تسحها مقل) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وَكَقَوْلِه (تعود أَن لَا تقضم الْحبّ خيله ... إِذا الْهَام لم ترفع جنوب العلائق) (وَلَا ترد الغدران إِلَّا وماؤها ... من الدَّم كالريحان تَحت الشقائق) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه (فأتتك دامية الأظل كَأَنَّمَا ... حذيت قَوَائِمهَا العقيق الأحمرا) (وَإِذا الحمائل مَا يخدن بنفنف ... إِلَّا شققْنَ عَلَيْهِ بردا أخضرا) // من الْكَامِل // وَكَقَوْلِه (قد سودت شجر الْجبَال شُعُورهمْ ... فَكَأَن فِيهِ مسفة الْغرْبَان) (وَجرى على الْوَرق النجيع القاني ... فَكَأَنَّهُ النارنج فِي الأغصان) // من الْكَامِل // وَكَقَوْلِه (حمى أَطْرَاف فَارس شمري ... يحض على التباقي فِي التفاني) (بِضَرْب هاج أطراب المنايا ... سوى ضرب المثالث والمثاني) (كَأَن دم الجماجم فِي العناصي ... كسا الْبلدَانِ ريش الحيقطان) (فَلَو طرحت قُلُوب الْعِشْق فِيهَا ... لما خَافت من الحدق الحسان) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 وَكَقَوْلِه (كرعن بسبت فِي إِنَاء من الْورْد ... ) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا حسن التَّقْسِيم حكى أَبُو الْقَاسِم الْآمِدِيّ فِي كتاب الموازنة بَين شعري الطائيين قَالَ سمع بعض الشُّيُوخ من نقدة الشّعْر قَول الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف (وصالكم هجر وحبكم قلى ... وعطفكم صد وسلمكم حَرْب) (وَأَنْتُم بِحَمْد الله فِيكُم فظاظة ... وكل ذَلُول من مراكبكم صَعب) // من الطَّوِيل // فَقَالَ وَالله هَذَا أحسن من تقسيمات إقليدس وَقَول أبي الطّيب المتنبي فِي هَذَا الْفَنّ أولى بِهَذَا الْوَصْف (ضَاقَ الزَّمَان وَوجه الأَرْض عَن ملك ... ملْء الزَّمَان وملء السهل والجبل) (فَنحْن فِي جذل وَالروم فِي وَجل ... وَالْبر فِي شغل وَالْبَحْر فِي خجل) // من الْبَسِيط // وَكَقَوْلِه (الدَّهْر معتذر وَالسيف منتظر ... وأرضهم لَك مصطاف ومرتبع) (للسبي مَا نكحوا وَالْقَتْل مَا ولدُوا ... والنهب مَا جمعُوا وَالنَّار مَا زرعوا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (فَلم يخل من نصر لَهُ من لَهُ يَد ... وَلم يخل من شكر لَهُ من لَهُ فَم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 (وَلم يخل من أَسْمَائِهِ عود مِنْبَر ... وَلم يخل دِينَار وَلم يخل دِرْهَم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (قَلِيل عائدي سقم فُؤَادِي ... كثير حاسدي صَعب مرامي) (عليل الْجِسْم مُمْتَنع الْقيام ... شَدِيد السكر من غير المدام) // من الوافر // وَقَوله (بِمصْر مُلُوك لَهُم مَا لَهُ ... وَلَكنهُمْ مَا لَهُم همه) (فأجود من جودهم بخله ... وَأحمد من حمدهم ذمه) (وأشرف من عيشهم مَوته ... وأنفع من وجدهم عَدمه) // من المتقارب // وَقَوله (لم نفتقد بك من مزن سوى لثق ... وَلَا من الْبَحْر غير الرّيح والسفن) (وَلَا من اللَّيْث إِلَّا قبح منظره ... وَمن سواهُ سوى مَا لَيْسَ بالْحسنِ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (يجل عَن التَّشْبِيه لَا الْكَفّ لجة ... وَلَا هُوَ ضرغام وَلَا الرَّأْي مخذم) (وَلَا جرحه يؤسى وَلَا غوره يرى ... وَلَا حَده ينبو وَلَا يتثلم) (محلك مَقْصُود وشانيك مفحم ... وَمثلك مَفْقُود ونيلك خضرم) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وَقَوله (أَذمّ إِلَى هَذَا الزَّمَان أهيله ... فأعلمهم فدم وأحزمهم وغد) (وَأكْرمهمْ كلب وأبصرهم عَم ... وأسهدهم فَهد وأشجعهم قرد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وغناك مَسْأَلَة وطيشك نفحة ... ورضاك فيشلة وَرَبك دِرْهَم) // من الْكَامِل // وَقَوله (عَرَبِيّ لِسَانه فلسفي ... رَأْيه فارسية أعياده) // من الْخَفِيف // وَقَوله (سقتني بهَا القطربلي مليحة ... على كَاذِب من وعدها ضوء صَادِق) (سهاد لأجفان وشمس لناظر ... وسقم لأبدان ومسك لناشق) (وأغيد يهوى نَفسه كل عَاقل ... عفيف ويهوى جِسْمه كل فَاسق) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا حسن سِيَاقَة الْأَعْدَاد كَقَوْلِه (على ذَا مضى النَّاس اجْتِمَاع وَفرْقَة ... وميت ومولود وَقَالَ ووامق) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وَقَوله (أَلا أَيهَا السَّيْف الَّذِي لَيْسَ مغمدا ... وَلَا فِيهِ مرتاب وَلَا مِنْهُ عَاصِم) (هَنِيئًا لضرب الْهَام وَالْمجد والعلا ... وراجيك وَالْإِسْلَام أَنَّك سَالم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَا يستحي أحد يُقَال لَهُ ... فضلوك آل بويه أَو فضلوا) (قدرُوا عفوا وعدوا وفوا سئلوا ... أغنوا علوا اعلوا ولوا عدلوا) // من الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة يمدح بهَا سيف الدولة (وَرب جَوَاب عَن كتاب بعثته ... وعنوانه للناظرين قتام) (حُرُوف هجاء النَّاس فِيهِ ثَلَاثَة ... جواد ورمح ذابل وحسام) // من الطَّوِيل // لما سمى الْجَيْش جَوَابا جعل حُرُوفه جوادا ورمحا وحساما اقتدارا واتساعا فِي الصَّنْعَة وَقَوله (ومرهف سرت بَين الجحفلين بِهِ ... حَتَّى ضربت وموج الْمَوْت يلتطم) (فالخيل وَاللَّيْل والبيداء تعرفنِي ... وَالسيف وَالرمْح والقرطاس والقلم) // من الْبَسِيط // قَالَ ابْن جني قد سبق النَّاس إِلَى ذكر مَا جمعه فِي هَذَا الْبَيْت وَلَكِن لم يجْتَمع مثله فِي بَيت مَا علمت وَقد قَالَ البحتري (اطلبا ثَالِثا سواي فَإِنِّي ... رَابِع العيس والدجى والبيد) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وَهَذَا اللَّفْظ عذب وَلَكِن لَيْسَ فِيهِ جَمِيع مَا فِي بَيت المتنبي وَقَوله (أَنْت الْجواد بِلَا من وَلَا كدر ... وَلَا مطال وَلَا وعد وَلَا مذل) // من الْبَسِيط // وَقَوله (بِي حر شوق إِلَى ترشفها ... ينْفَصل الصَّبْر حِين يتَّصل) (فالثغر وَالْفَجْر والمخلخل والمعصم ... دائي والفاحم الرجل) // من المنسرح // وَقَوله (وَلَكِن بالفسطاط بحرا أزرته ... حَياتِي ونصحي والهوى والقوافيا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أَمينا وإخلافا وعذرا وخسة ... وجبنا أشخصا لحت لي أم مخازيا) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا إرْسَال الْمثل فِي أَنْصَاف الأبيات كَقَوْلِه (مصائب قوم عِنْد قوم فَوَائِد ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَمن قصد الْبَحْر اسْتَقل السواقيا ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَخير جليس فِي الزَّمَان كتاب) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وَقَوله (إِن المعارف فِي أهل النهى ذمم ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَرُبمَا صحت الْأَجْسَام بالعلل ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَفِي الْمَاضِي لمن بَقِي اعْتِبَار ... ) // من الوافر // وَقَوله (وتأبى الطباع على النَّاقِل ... ) // من المتقارب // وَقَوله (وَمَنْفَعَة الْغَوْث قبل العطب ... ) // من المتقارب // وَقَوله (هَيْهَات تكْتم فِي الظلام مشاعل ... ) // من الْكَامِل // وَقَوله (ومخطئ من رميه الْقَمَر ... ) // من المنسرح // وَقَوله (وَمَا خير الْحَيَاة بِلَا سرُور ... ) // من الوافر // وَقَوله (بجبهة العير يفدى حافر الْفرس ... ) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وَقَوله (وَلَا رَأْي فِي الْحبّ للعاقل ... ) // من المتقارب // وَقَوله (وَلَكِن طبع النَّفس للنَّفس قَائِد ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَلَيْسَ يَأْكُل إِلَّا الْمَيِّت الضبع ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (كل مَا يمنح الشريف الشريف ... ) // من الْخَفِيف // وَقَوله (والجوع يُرْضِي الْأسود بالجيف ... ) // من المنسرح // وَقَوله (وَمن فَرح النَّفس مَا يقتل ... ) // من المتقارب // وَقَوله (ويستصحب الْإِنْسَان من لَا يلائمه ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِن النفيس غَرِيب حَيْثُمَا كَانَا ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (فَمن الرديف وَقد ركبت غضنفرا ... ) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وَقَوله (إِذا عظم الْمَطْلُوب قل المساعد ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَمن يسد طَرِيق الْعَارِض الهطل ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَأدنى الشّرك فِي نسب جوَار ... ) // من الوافر // وَقَوله (وَفِي عنق الْحَسْنَاء يستحسن العقد ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَا تخرج الأقمار من هالاتها ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِن النُّفُوس عدد الْآجَال ... ) // من الرجز // وَقَوله (وَلَكِن صدم الشَّرّ بِالشَّرِّ أحزم ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أَنا الغريق فَمَا خوفي من البلل ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أَشد من السقم الَّذِي أذهب السقما ... ) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وَقَوله (فَإِن الرِّفْق بالجاني عتاب ... ) // من الوافر // وَقَوله (إِن الْقَلِيل من الحبيب كثير ... ) // من الْكَامِل // وَقَوله (بغيض إِلَيّ الْجَاهِل المتعاقل ... ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَلَيْسَ كل ذَوَات المخلب السَّبع ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وللسيوف كَمَا للنَّاس آجال ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (فِي طلعة الشَّمْس مَا يُغْنِيك عَن زحل ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (فَأول قرح الْخَيل المهار ... ) // من الوافر // وَقَوله (وَالْبر أوسع وَالدُّنْيَا لمن غلبا ... ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (لَيْسَ التكحل فِي الْعَينَيْنِ كالكحل ... ) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وَقَوله (وَيبين عتق الْخَيل فِي أصواتها ... ) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا إرْسَال المثالين فِي مصراعي الْبَيْت الْوَاحِد كَقَوْلِه (وكل امْرِئ يولي الْجَمِيل محبب ... وكل مَكَان ينْبت الْعِزّ طيب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (فِي سَعَة الْخَافِقين مُضْطَرب ... وَفِي بِلَاد من أُخْتهَا بدل) // من المنسرح // وَقَوله (الْحبّ مَا منع الْكَلَام الألسنا ... وألذ شكوى عاشق مَا أعلنا) // من الْكَامِل // وَقَوله (ذل من يغبط الذَّلِيل بعيش ... رب عَيْش أخف مِنْهُ الْحمام) (من يهن يسهل الهوان عَلَيْهِ ... مَا لجرح بميت إيلام) // من الْخَفِيف // وَقَوله (كفى بك دَاء أَن ترى الْمَوْت شافيا ... وَحسب المنايا أَن يكن أمانيا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أفاضل النَّاس أغراض لذا الزَّمن ... يَخْلُو من الْهم أخلاهم من الفطن) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وَقَوله (وأتعب من ناداك من لَا تجيبه ... وأغيظ من عاداك من لَا تشاكل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَا تشتر العَبْد إِلَّا والعصا مَعَه ... إِن العبيد لأنجاس مناكيد) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِذْ أَنْت أكرمت الْكَرِيم ملكته ... وَإِن أَنْت أكرمت اللَّئِيم تمردا) (وَوضع الندى فِي مَوضِع السَّيْف بالعلا ... مُضر كوضع السَّيْف فِي مَوضِع الندى) (وَمَا قتل الْأَحْرَار كالعفو عَنْهُم ... وَمن لَك بِالْحرِّ الَّذِي يحفظ اليدا) (وقيدت نَفسِي فِي ذراك محبَّة ... وَمن وجد الْإِحْسَان قيدا تقيدا) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا إرْسَال الْمثل والاستملاء وَالْمَوْعِظَة وشكوى الدَّهْر وَالدُّنْيَا وَالنَّاس وَمَا يجرى مجْراهَا كَقَوْلِه (وَمَا الْجمع بَين المَاء وَالنَّار فِي يَدي ... بأصعب من أَن أجمع الْجد والفهما) // من الطَّوِيل // وَقَوله (يخفي الْعَدَاوَة وَهِي غير خُفْيَة ... نظر الْعَدو بِمَا أسر يبوح) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَالْأَمر لله رب مُجْتَهد ... مَا خَابَ إِلَّا لِأَنَّهُ جَاهد) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وَقَوله (إِلَيْك فَإِنِّي لست مِمَّن إِذا اتَّقى ... عضاض الأفاعي نَام فَوق العقارب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (خير الطُّيُور على الْقُصُور وشرها ... يأوي الخراب ويسكن الناووسا) // من الْكَامِل // وَقَوله (لَيْسَ الْجمال لوجه صَحَّ مارنه ... أنف الْعَزِيز بِقطع الْعِزّ يجتدع) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَلَيْسَ يَصح فِي الأفهام شَيْء ... إِذا احْتَاجَ النَّهَار إِلَى دَلِيل) // من الوافر // قَالَ ابْن جني هَذَا كَمَا يَقُول أهل الجدل من شكّ فِي المشاهدات فَلَيْسَ بكامل الْعقل وَقَوله (وَقد يتزيا بالهوى غير أَهله ... ويستصحب الْإِنْسَان من لَا يلائمه) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَمَا تَنْفَع الْخَيل الْكِرَام وَلَا القنا ... إِذا لم يكن فَوق الْكِرَام كرام) // من الطَّوِيل // وَقَوله (مَا كل مَا يتَمَنَّى الْمَرْء يُدْرِكهُ ... تجْرِي الرِّيَاح بِمَا لَا تشْتَهي السفن) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَقَوله (وَأحب أَنِّي لَو هويت فراقكم ... فارقته والدهر أَخبث صَاحب) // من الْكَامِل // وَقَوله (من خص بالذم الْفِرَاق فإنني ... من لَا يرى فِي الدَّهْر شَيْئا يحمد) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَمن نكد الدُّنْيَا على الْحر أَن يرى ... عدوا لَهُ مَا من صداقته بُد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَإِذا كَانَت النُّفُوس كبارًا ... تعبت فِي مرادها الْأَجْسَام) // من الْخَفِيف // وَقَوله (تلف الَّذِي اتخذ الشجَاعَة جنَّة ... وعظ الَّذِي اتخذ الْفِرَار خَلِيلًا) // من الْكَامِل // وَقَوله (فَإِن يكن الْفِعْل الَّذِي سَاءَ وَاحِدًا ... فأفعاله اللَّاتِي سررن أُلُوف) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَإِذا خفيت على الغبي فعاذر ... أَن لَا تراني مقلة عمياء) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِن كنت ترْضى بِأَن يُعْطوا الجزي بذلوا ... مِنْهَا رضاك وَمن للعور بالحول) // من الْبَسِيط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وَقَوله (فآجرك الْإِلَه على مَرِيض ... بعثت بِهِ إِلَى عِيسَى طَبِيبا) // من الوافر // وَقَوله (إِذا أَتَت الْإِسَاءَة من لئيم ... وَلم ألم الْمُسِيء فَمن ألوم) // من الوافر // وَقَوله (وَإِذا أتتك مذمتي من نَاقص ... فَهِيَ الشَّهَادَة لي بِأَنِّي فَاضل) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِذا مَا قدرت على نطقة ... فَإِنِّي على تَركهَا أقدر) // من المتقارب // وَقَوله (وَاحْتِمَال الْأَذَى ورؤية جانيه ... غذَاء تضوى بِهِ الْأَجْسَام) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وتوهموا اللّعب الوغى والطعن فِي الهيجاء ... غير الطعْن فِي الميدان) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَإِذا مَا خلا الجبان بِأَرْض ... طلب الطعْن وَحده والنزالا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وَمن الْخَيْر بطء سيبك عني ... أسْرع السحب فِي الْمسير الجهام) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 وَقَوله (وَلَيْسَ الَّذِي يتبع الوبل رائدا ... كمن جَاءَهُ فِي دَاره رائد الوبل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أبلغ مَا يطْلب النجاح بِهِ الطَّبْع ... وَعند التعمق الزلل) // من المنسرح // وَقَوله (كم مخلص وَعلا فِي خوض مهلكة ... وقتلة قرنت بالذم فِي الْجُبْن) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَمَا قلت للبدر أَنْت اللجين ... وَلَا قلت للشمس أَنْت الذَّهَب) (وَمن ركب الثور بعد الْجواد ... أنكر أظلافه والغبب) // من المتقارب // وَقَوله (فقر الجهول بِلَا قلب إِلَى أدب ... فقر الْحمار بِلَا رَأس إِلَى رسن) (لَا يعجبن مضيما حسن بزته ... وَهل يروق دَفِينا جودة الْكَفَن) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِذا مَا النَّاس جربهم لَبِيب ... فَإِنِّي قد أكلتهم وذاقا) (فَلم أر ودهم إِلَّا خداعا ... وَلم أر دينهم إِلَّا نفَاقًا) // من الوافر // وَقَوله (ذَرِينِي أنل مَا لَا ينَال من الْعلَا ... فصعب العلافي الصعب والسهل فِي السهل) (تريدين لقيان الْمَعَالِي رخيصة ... وَلَا بُد دون الشهد من إبر النَّحْل) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وَقَوله (تمن يلذ المستهام بِمثلِهِ ... وَإِن كَانَ لَا يُغني فتيلا وَلَا يجدي) (وغيظ على الْأَيَّام كالنار فِي الحشا ... وَلكنه غيظ الْأَسير على الْقد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (ومكائد السُّفَهَاء وَاقعَة بهم ... وعداوة الشُّعَرَاء بئس المقتني) (لعنت مقاربة اللَّئِيم فَإِنَّهَا ... ضيف يجر من الندامة ضيفنا) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَمَا الْخَيل إِلَّا كالصديق قَليلَة ... وَإِن كثرت فِي عين من لَا يجرب) (إِذا لم تشاهد غير حسن شياتها ... وأعضائها فالحسن عَنْك مغيب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (تصفو الْحَيَاة لجَاهِل أَو غافل ... عَمَّا مضى مِنْهَا وَمَا يتَوَقَّع) (وَلمن يغالط فِي الْحَقَائِق نَفسه ... ويسومها طلب الْمحَال فتطمع) // من الْكَامِل // كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَول لبيد (أكذب النَّفس إِذا حدثتها ... إِن صدق النَّفس يزري بالأمل) // من الرمل // وَكَقَوْلِه (وأتعب خلق الله من زَاد همه ... وَقصر عَمَّا تشْتَهي النَّفس وجده) (فَلَا ينحلل فِي الْمجد مَالك كُله ... فينحل مجد كَانَ بِالْمَالِ عقده) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 (وَدبره تَدْبِير الَّذِي الْمجد كَفه ... إِذا حَارب الْأَعْدَاء وَالْمَال زنده) (فَلَا مجد فِي الدُّنْيَا لمن قل مَاله ... وَلَا مَال فِي الدُّنْيَا لمن قل مجده) (إِذا كنت فِي شكّ من السَّيْف فابله ... فإمَّا تنفيه وَإِمَّا تعده) (وَمَا الصارم الْهِنْدِيّ إِلَّا كَغَيْرِهِ ... إِذا لم يُفَارِقهُ النجاد وغمده) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِنَّمَا تنجح الْمقَالة فِي الْمَرْء ... إِذا وَافَقت هوى فِي الْفُؤَاد) (وَإِذا الْحلم لم يكن فِي طباع ... لم يحلم تقادم الميلاد) (إِنَّمَا أَنْت وَالِد وَالْأَب الْقَاطِع ... أحنى من وَاصل الْأَوْلَاد) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وَمَا الْحسن فِي وَجه الْفَتى شرفا لَهُ ... إِذا لم يكن فِي فعله وَالْخَلَائِق) (وَمَا بلد الْإِنْسَان غير الْمُوَافق ... وَلَا أَهله الأدنون غير الأصادق) (وجائزة دَعْوَى الْمحبَّة والهوى ... وَإِن كَانَ لَا يخفى كَلَام الْمُنَافِق) (وَمَا يوجع الحرمان من كف حارم ... كَمَا يوجع الحرمان من كف رَازِق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِنَّمَا أنفس الأنيس سِبَاع ... يتفارسن جهرة واغتيالا) (من أطَاق التمَاس شَيْء غلابا ... واقتسارا لم يلتمسه سؤالا) (كل غاد لحَاجَة يتَمَنَّى ... أَن يكون الغضنفر الرئبالا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (لَوْلَا الْمَشَقَّة سَاد النَّاس كلهم ... الْجُود يفقر والإقدام قتال) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 (وقلما يبلغ الْإِنْسَان غَايَته ... مَا كل مَاشِيَة بِالرجلِ شملال) (إِنَّا لفي زمن ترك الْقَبِيح بِهِ ... من أَكثر النَّاس إِحْسَان وإجمال) (ذكر الْفَتى عمره الثَّانِي وَحَاجته ... مَا قاته وفضول الْعَيْش أشغال) // من الْبَسِيط // وَقَوله (يرى الْجُبَنَاء أَن الْعَجز حزم ... وَتلك خديعة الطَّبْع اللَّئِيم) (وكل شجاعة فِي الْمَرْء تغني ... وَلَا مثل الشجَاعَة فِي الْحَكِيم) // من الوافر // قيل لَهُ أَنى يكون الشجاع حكيما فَقَالَ هَذَا عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه (وَكم من عائب قولا صَحِيحا ... وآفته من الْفَهم السقيم) (وَلَكِن تَأْخُذ الأذهان مِنْهُ ... على قدر القرائح والعلوم) وَقَوله (وَلَقَد رَأَيْت الحادثات فَلَا أرى ... يققا يُمِيت وَلَا سوادا يعْصم) (والهم يخترم الجسيم نحافة ... ويشيب نَاصِيَة الصَّبِي ويهرم) (ذُو الْعقل يشقى فِي النَّعيم بعقله ... وأخو الْجَهَالَة فِي الشقاوة ينعم) (لَا يخدعنك من عَدو دمعه ... وَارْحَمْ شبابك من عَدو يرحم) (لَا يسلم الشّرف الرفيع من الْأَذَى ... حَتَّى يراق على جوانبه الدَّم) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 قَالَ ابْن جني أشهد بِاللَّه لَو لم يقل غير هَذَا الْبَيْت لتقدم بِهِ أَكثر الْمُحدثين وَهَذِه الأبيات كلهَا غرر وفرائد لَا يصدر مثلهَا إِلَّا عَن فضل باهر وقدرة على الإبداع ظَاهِرَة (وَالظُّلم من شيم النُّفُوس فَإِن تَجِد ... ذَا عفة فلعلة لَا يظلم) (وَمن البلية عذل من لَا يرعوي ... عَن جَهله وخطاب من لَا يفهم) (وَمن الْعَدَاوَة مَا ينالك نَفعه ... وَمن الصداقة مَا يضر ويؤلم) وَقَوله (أرى كلنا يَبْغِي الْحَيَاة لنَفسِهِ ... حَرِيصًا عَلَيْهَا مستهاما بهَا صبا) (فحب الجبان النَّفس أوردهُ التقى ... وَحب الشجاع النَّفس أوردهُ الحربا) (وَيخْتَلف الرزقان وَالْفِعْل وَاحِد ... إِلَى أَن ترى إِحْسَان هَذَا لذا ذَنبا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وفيك إِذا جنى الْجَانِي أَنَاة ... تظن كَرَامَة وَهِي احتقار) (بَنو كَعْب وَمَا أثرت فيهم ... يَد لم يدمها إِلَّا السوار) (بهَا من قطعه ألم وَنقص ... وفيهَا من جلالته افتخار) (لَهُم حق بشركك فِي نزار ... وَأدنى الشّرك فِي نسب جوَار) (لَعَلَّ بنيهم لبنيك جند ... فَأول قرح الْخَيل المهار) (وَمَا فِي سطوة الأرباب عيب ... وَلَا فِي ذلة العبدان عَار) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 وَقَوله (من اقْتضى بسوي الْهِنْدِيّ حَاجته ... أجَاب كل سُؤال عَن هَل بلم) (وَلم تزل قلَّة الْإِنْصَاف قَاطِعَة ... بَين الرِّجَال وَإِن كَانُوا ذَوي رحم) (هون على بصر مَا شقّ منظره ... فَإِنَّمَا يقظات الْعين كَالْحلمِ) (لَا تشكون إِلَى خلق فتشمته ... شكوى الجريح إِلَى الْغرْبَان والرخم) (وَكن على حذر للنَّاس تستره ... وَلَا يغرنك مِنْهُم ثغر مبتسم) (وَقت يضيع وَعمر أَنْت مدَّته ... فِي غير أمته من سَائِر الْأُمَم) (أَتَى الزَّمَان بنوه فِي شبيبته ... فسرهم وأتيناه على الْهَرم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (الرَّأْي قبل شجاعة الشجعان ... هُوَ أول وَهِي الْمحل الثَّانِي) (فَإِذا هما اجْتمعَا لنَفس مرّة ... بلغت من العلياء كل مَكَان) (ولربما طعن الْفَتى أقرانه ... بِالرَّأْيِ قبل تطاعن الأقران) (لَوْلَا الْعُقُول لَكَانَ أدنى ضيغم ... أدنى إِلَى شرف من الْإِنْسَان) // من الْكَامِل // وَقَوله يمدح كافورا (لحا الله ذِي الدُّنْيَا منَاخًا لراكب ... فَكل بعيد الْهم فِيهَا معذب) (أَلا لَيْت شعري هَل أَقُول قصيدة ... وَلَا أشتكي فِيهَا وَلَا أتعتب) (وَبِي مَا يذود الشّعْر عني أَقَله ... وَلَكِن قلبِي يَا ابْنة الْقَوْم قلب) (أما تغلط الْأَيَّام فِي بِأَن أرى ... بغيضا تنائي أَو حبيبا تقرب) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وَقَوله يمدحه أَيْضا (أبي خلق الدُّنْيَا حبيبا تديمه ... فَمَا طلبي مِنْهَا حبيبا ترده) (وأسرع مفعول فعلت تغيرا ... تكلّف شَيْء فِي طباعك ضِدّه) // من الطَّوِيل // وَقَوله يمدحه أَيْضا (إِذا سَاءَ فعل الْمَرْء ساءت ظنونه ... وَصدق مَا يعتاده من توهم) (وعادي محبيه يَقُول عداته ... وَأصْبح فِي ليل من الشَّك مظلم) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَمَا كل هاو للجميل بفاعل ... وَلَا كل فعال لَهُ بمتمم) وَمِنْهَا (فَأحْسن وَجه فِي الورى وَجه محسن ... وأيمن كف فيهم كف منعم) (وأشرفهم من كَانَ أشرف همه ... وَأكْثر إقداما على كل مُعظم) (لمن تطلب الدُّنْيَا إِذا لم ترد بهَا ... سرُور محب أَو مساءة مجرم) وَقَوله يمدح المغيث بن عَليّ الْعجلِيّ (فؤاد مَا تسليه المدام ... وَعمر مثل مَا يهب اللئام) (ودهر ناسه نَاس صغَار ... وَإِن كَانَت لَهُم جثث ضخام) (وَمَا أَنا مِنْهُم بالعيش فيهم ... وَلَكِن مَعْدن الذَّهَب الرغام) (وَشبه الشَّيْء منجذب إِلَيْهِ ... وأشبهنا بدنيانا الطغام) (وَلَو لم يعل إِلَّا ذُو مَحل ... تَعَالَى الْجَيْش وانحط القتام) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 (وَلَو حيّز الْحفاظ بِغَيْر عقل ... تجنب عنق صيقله الحسام) // من الوافر // وَقَوله (أبدا تسترد مَا تهب الدُّنْيَا ... فيا لَيْت جودها كَانَ بخلا) (فكفت كَون فرحة تورث الْغم ... وخل يُغَادر الوجد خلا) (وَهِي معشوقة على الْغدر لَا تحفظ ... عهدا وَلَا تتمم وصلا) (كل دمع يسيل مِنْهَا عَلَيْهَا ... وبفك الْيَدَيْنِ عَنْهَا تخلى) // من الْخَفِيف // أَي كل من أبكته الدُّنْيَا فَإِنَّمَا يبكي لفوت شَيْء مِنْهَا وَلَا يخليها الْإِنْسَان إِلَّا قسرا بفك يَدَيْهِ وَفِي هَذِه القصيدة (شيم الغانيات فِيهَا فَلَا أَدْرِي ... لذا أنث اسْمهَا النَّاس أم لَا) (ولذيذ الْحَيَاة أنفس فِي النَّفس ... وأشهى من أَن يمل وَأحلى) (وَإِذا الشَّيْخ قَالَ أُفٍّ فَمَا مل ... حَيَاة وَإِنَّمَا الضعْف ملا) (آلَة الْعَيْش صِحَة وشباب ... فَإِذا وليا عَن الْمَرْء ولى) وَمِنْهَا افتضاضه أبكار الْمعَانِي فِي المراثي والتعازي كَقَوْلِه (سَالم أهل الوداد بعدهمْ ... يسلم للحزن لَا لتخليد) // من المنسرح // أَي إِذا مَاتَ الصّديق يسلم صديقه للحزن لَا للخلود لِأَن كلا ميت (فَمَا ترجى الخلود من زمن ... أَحْمد حاليه غير مَحْمُود) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 أَي أَحْمد حاليك أَن تبقى مَعَ صديقك وَهُوَ مَعَ ذَلِك غير مَحْمُود لتعجيل الْحزن وانتظار الْأَجَل وَقَوله (الْمجد أخسر والمكارم صَفْقَة ... من أَن يعِيش بهَا الْكَرِيم الأروع) (وَالنَّاس أنزل فِي زَمَانك منزلا ... من أَن تعايشهم وقدرك أرفع) (قبحا لوجهك يَا زمَان فَإِنَّهُ ... وَجه لَهُ من كل قبح برقع) (أيموت مثل أبي شُجَاع فاتك ... ويعيش حاسده الْخصي الأوكع) // من الْكَامِل // وَقَوله (عدمته وَكَأَنِّي سرت أطلبه ... فَمَا تزيدني الدُّنْيَا على الْعَدَم) (من لَا يشابهه الْأَحْيَاء فِي شيم ... أَمْسَى يشابهه الْأَمْوَات فِي الرمم) // من الْبَسِيط // أحسن وَالله أبدع مَا شَاءَ وَقَوله (وَقد فَارق النَّاس الْأَحِبَّة قبلنَا ... وأعيا دَوَاء الْمَوْت كل طَبِيب) (سبقنَا إِلَى الدُّنْيَا فَلَو عَاشَ أَهلهَا ... منعنَا بهَا من جيئة وذهوب) (تَملكهَا الْآتِي تملك سالب ... وفارقها الْمَاضِي فِرَاق سليب) // من الطَّوِيل // هَذَا كَقَوْل بَعضهم فِي الموعظة وَإِن مَا فِي أَيْدِيكُم أسلاب الهالكين ويستخلفها الْبَاقُونَ كَمَا تَركهَا الماضون (علينا لَك الإسعاد إِن كَانَ نَافِعًا ... بشق قُلُوب لَا بشق جُيُوب) (فَرب كئيب لَيْسَ تندى جفونه ... وَرب كثير الدمع غير كئيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 (وللواجد المكروب من زفراته ... سُكُون عزاء أَو سُكُون لغوب) وَقَوله (مَا كنت أَحسب قبل دفنك فِي الثرى ... أَن الْكَوَاكِب فِي التُّرَاب تغور) (مَا كنت آمل قبل نَعشك أَن أرى ... رضوى على أَيدي الرِّجَال تسير) (خَرجُوا بِهِ وَلكُل باك خَلفه ... صعقات مُوسَى يَوْم دك الطّور) (حَتَّى أَتَوا جدثا كَأَن ضريحه ... فِي كل قلب موحد محفور) (كفل الثَّنَاء لَهُ برد حَيَاته ... لما انطوى فَكَأَنَّهُ منشور) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي تَعْزِيَة سيف الدولة عَن أُخْته (ولعمري لقد شغلت المنايا ... بالأعادي فَكيف يطلبن شغلا) (وَكم انتشت بِالسُّيُوفِ من الدَّهْر ... أَسِيرًا وبالنوال مقلا) (خطْبَة للحمام لَيْسَ لَهَا رد ... وَإِن كَانَت الْمُسَمَّاة ثكلا) (وَإِذا لم تَجِد من النَّاس كفوا ... ذَات خدر أَرَادَت الْمَوْت بعلا) // من الْخَفِيف // هَذَا أحسن مَا قيل فِي مرثية حرم الْمُلُوك وَقَوله فِي مرثية طِفْل لسيف الدولة وتعزيته عَنهُ (فَإِن تَكُ فِي قبر فَإنَّك فِي الحشا ... وَإِن تَكُ طفْلا فالأسى لَيْسَ بالطفل) (وَمثلك لَا يبكي على قدر سنه ... وَلَكِن على قدر المخيلة وَالْفضل) (عزاءك سيف الدولة المقتدى بِهِ ... فَإنَّك نصل والشدائد للنصل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 (وَلم أر أعصى فِيك للحزن عِبْرَة ... وَأثبت عقلا والقلوب بِلَا عقل) (تخون المنايا عَهده فِي سليله ... وتنصره بَين الفوارس وَالرجل) (وَيبقى على مر الْحَوَادِث صبره ... ويبدو كَمَا يَبْدُو الفرند على الصقل) (وَمَا الْمَوْت إِلَّا سَارِق رق شخصه ... يصول بِلَا كف وَيسْعَى بِلَا رجل) (يرد أَبُو الشبل الْخَمِيس عَن ابْنه ... ويسلمه عِنْد الْولادَة للنمل) (إِذا مَا تَأَمَّلت الزَّمَان وَصَرفه ... تيقنت أَن الْمَوْت ضرب من الْقَتْل) (وَمَا الدَّهْر أهل أَن يؤمل عِنْده ... حَيَاة وَأَن يشتاق فِيهِ إِلَى النَّسْل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (نَحن بَنو الدُّنْيَا فَمَا بالنا ... نعاف مَا لَا بُد من شربه) (تبخل أَيْدِينَا بأرواحنا ... على زمَان هن من كَسبه) (فَهَذِهِ الْأَرْوَاح من جوه ... وَهَذِه الْأَجْسَام من تربه) (لَو فكر العاشق فِي مُنْتَهى ... حسن الَّذِي يسبيه لم يسبه) (لم ير قرن الشَّمْس فِي شرقه ... فشكت الْأَنْفس فِي غربه) (يَمُوت راعي الضَّأْن فِي جَهله ... موتَة جالينوس فِي طبه) (وَرُبمَا زَاد على عمره ... وازداد فِي الْأَمْن على سربه) (وَغَايَة المفرط فِي سلمه ... كغاية المفرط فِي حربه) (فَلَا قضى حَاجته طَالب ... فُؤَاده يخْفق من رعبه) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وَمِنْهَا الايجاع فِي الهجاء كَقَوْلِه (إِن أوحشتك الْمَعَالِي ... فَإِنَّهَا دَار غربه) (أَو آنستك المخازي ... فَإِنَّهَا لَك نسبه) // من المجتث // وَقَوله (إِنِّي نزلت بكذابين ضيفهم ... عَن الْقرى وَعَن الترحال مَحْدُود) (جود الرِّجَال من الْأَيْدِي وجودهم ... من اللِّسَان فَلَا كَانُوا وَلَا الْجُود) (مَا يقبض الْمَوْت نفسا من نُفُوسهم ... إِلَّا وَفِي يَده من نتنها عود) // من الْبَسِيط // يَعْنِي الْعود الَّذِي يتَنَاوَلهُ المعالج للشَّيْء القذر ليَكُون وَاسِطَة بَينه وَبَين يَده وَقَوله (العَبْد لَيْسَ لحر صَالح بِأَخ ... لَو أَنه فِي ثِيَاب الْحر مَوْلُود) (لَا تشتر العَبْد إِلَّا والعصا مَعَه ... إِن العبيد لأنجاس مناكيد) (من علم الْأسود المخصي مكرمَة ... أقومه الْبيض أم آباؤه الصَّيْد) (أم أُذُنه فِي يَد النخاس دامية ... أم قدره وَهُوَ بالفلسين مَرْدُود) (وَذَاكَ أَن الفحول الْبيض عاجزة ... عَن الْجَمِيل فَكيف الخصية السود) // من الْبَسِيط // كَأَنَّهُ من قَول أبي عَليّ الْبَصِير (عجز الرَّاكِب الْبَصِير وَأولى ... مِنْهُ بِالْعَجزِ راجل مكفوف) // من الْخَفِيف // وَقَوله (فَلَا ترج الْخَيْر عِنْد امْرِئ ... مرت يَد النخاس فِي رَأسه) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وَقَوله (أخذت بمدحه فَرَأَيْت لهوا ... مقالي للأحيمق يَا حَكِيم) (وَلما أَن هجوت رَأَيْت عيا ... مقالي لِابْنِ آوى يَا حَلِيم) (فَهَل من غادر فِي ذَا وَهَذَا ... فمدفوع إِلَى السقم السقيم) // من الوافر // وَقَوله (لقد كنت أَحسب قبل الْخصي ... بِأَن الرُّءُوس مقرّ النهى) (فَلَمَّا نظرت إِلَى عقله ... رَأَيْت النهى كلهَا فِي الخصى) // من المتقارب // وَقَوله يهجو إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن كيغلغ (يمشي بأَرْبعَة على أعقابه ... تَحت العلوج وَمن وَرَاء يلجم) (وجفونه مَا تَسْتَقِر كَأَنَّهَا ... كطروفة أَو فت فِيهَا حصرم) (وتراه أَصْغَر مَا ترَاهُ ناطقا ... وَيكون أكذب مَا يكون وَيقسم) (وَإِذا أَشَارَ مكلما فَكَأَنَّهُ ... قرد يقهقه أَو عَجُوز تلطم) (يقلي مُفَارقَة الأكف قذاله ... حَتَّى يكَاد على يَد يتعمم) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا إبراز الْمعَانِي اللطيفة فِي معَارض الْأَلْفَاظ الرشيقة الشَّرِيفَة وَالرَّمْز بالطرف وَالْملح كَقَوْلِه فِي الْجمع بَين مدح سيف الدولة وَقد فَارقه وَبَين مدح كافور وَقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 قَصده فِي بَيت وَاحِد (فِرَاق وَمن فَارَقت غير مذمم ... وَأم وَمن يممت حير ميمم) // من الطَّوِيل // ثمَّ قَالَ معرضًا بِسيف الدولة (وَمَا منزل اللَّذَّات عِنْدِي بمنزل ... إِذا لم أبجل عِنْده وَأكْرم) (رحلت فكم باك بأجفان شادن ... عَليّ وَكم باك بأجفان ضيغم) المصراع الثَّانِي تَصْدِيق لقَوْله (ليحدثن لمن ودعتهم نَدم ... ) (وَمَا ربة القرط الْمليح مَكَانَهُ ... بأجزع من رب الحسام المصمم) (فَلَو كَانَ مَا بِي من حبيب مقنع ... عذرت وَلَكِن من حبيب معمم) وَهَذَا أَيْضا مِمَّا نبهت عَلَيْهِ من إجرائه الممدوح من الْمُلُوك مجْرى المحبوب فِي كثير من شعره (رمى وَاتَّقَى رمي وَمن دون مَا اتَّقى ... هوى كاسر كفي وقوسي وأسهمي) وَكَقَوْلِه فِي مدح كافور والتعريض بالقدح فِي سيف الدولة (قَالُوا هجرت إِلَيْهِ الْغَيْث قلت لَهُم ... إِلَى غيوث يَدَيْهِ والشآبيب) (إِلَى الَّذِي تهب الدولات رَاحَته ... وَلَا يمن على آثَار موهوب) (وَلَا يروع بمغرور بِهِ أحدا ... وَلَا يفزع موفورا بمنكوب) (يَا أَيهَا الْملك الغاني بِتَسْمِيَة ... فِي الشرق والغرب عَن نعت وتلقيب) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 يَعْنِي أَنا مستغن بشهرته عَن لقب كلقب سيف الدولة (أَنْت الحبيب وَلَكِنِّي أعوذ بِهِ ... من أَن أكون محبا غير مَحْبُوب) وَهَذَا أَيْضا من ذَاك وَقَوله من قصيدة لسيف الدولة بعد مَا فَارق حَضرته يعرض باستزادة يَوْمه وشكر أمسه وَهُوَ من فرائده (وَإِن فارقتني أمطاره ... فَأكْثر غدرانها مَا نضب) (وَإِنِّي لَأَتبع تذكاره ... صَلَاة الْإِلَه وَسقي السحب) // من المتقارب // وَمِنْهَا فِي التَّعْرِيض بكافور (وَمن ركب الثور بعد الْجواد ... أنكر أظلافه والغبب) وَقَوله فِي هز كافور والتعريض باستزادته (أَبَا الْمسك هَل فِي الكأس فضل أناله ... فَإِنِّي أُغني مُنْذُ حِين وتشرب) // من الطَّوِيل // يَقُول مديحي إياك يطربك كَمَا يطرب الْغناء الشَّارِب فقد حَان أَن تسقيني من فضل كأسك (وهبت على مِقْدَار كفي زَمَاننَا ... وَنَفْسِي على مِقْدَار كفيك تطلب) وَقَوله أَيْضا فِي التَّعْرِيض بالاستزادة (أرى لي بقربي مِنْك عينا قريرة ... وَإِن كَانَ قربا بالبعاد يشاب) (وَهل نافعي أَن ترفع الْحجب بَيْننَا ... وَدون الَّذِي أملت مِنْك حجاب) (أقل سلامي حب مَا خف عَنْكُم ... وأسكت كَيْمَا لَا يكون جَوَاب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 (وَفِي النَّفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بَيَان عِنْدهَا وخطاب) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه فِي وصف الْفرس (وَيَوْم كليل العاشقين كمنته ... أراقب فِيهِ الشَّمْس أَيَّانَ تغرب) (وعيني إِلَى أُذُنِي أغر كَأَنَّهُ ... من اللَّيْل بَاقٍ بَين عَيْنَيْهِ كَوْكَب) // من الطَّوِيل // أَي كَأَنَّهُ قِطْعَة من اللَّيْل وَكَأن الْغرَّة فِي وَجهه كَوْكَب وعينه إِلَى أُذُنه لِأَنَّهُ كامن لَا يرى شَيْئا فَهُوَ ينظر إِلَى أُذُنِي فرسه فَإِن رَآهُ قد توجس بهما تأهب فِي أمره وَأخذ لنَفسِهِ وَذَلِكَ أَن أذن الْفرس تقوم مقَام عَيْنَيْهِ وَتقول الْعَرَب أذن الوحشي أصدق من عَيْنَيْهِ (لَهُ فضلَة عَن جِسْمه فِي إهابه ... تَجِيء على صدر رحيب وَتذهب) (شققت بِهِ الظلماء أدنى عنانه ... فيطغى وأرخيه مرَارًا فيلعب) أَي إِذا جذبت عنانه طَغى بِرَأْسِهِ لطماحه وَعزة نَفسه وَإِذا أرخيت عنانه لعب بِرَأْسِهِ (وأصرع أَي الْوَحْش قفيته بِهِ ... وَأنزل عَنهُ مثله حِين أركب) وَكَقَوْلِه فِي التوديع (وَإِنِّي عَنْك بعد غَد لغاد ... وقلبي فِي فنائك غير غاد) (محبك حَيْثُ مَا اتجهت ركابي ... وضيفك حَيْثُ كنت من الْبِلَاد) // من الوافر // وَكَقَوْلِه (سر حَيْثُ شِئْت يحله النوار ... وَأَرَادَ فِيك مرادك الْمِقْدَار) (وَإِذا ارتحلت فشيعتك سَلامَة ... حَيْثُ اتجهت وديمة مدرار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 (وأراك دهرك مَا تحاول فِي العدا ... حَتَّى كَأَن صروفه أنصار) (أَنْت الَّذِي بجح الزَّمَان بِذكرِهِ ... وتزينت بحَديثه الأسمار) // من الْكَامِل // وَكَقَوْلِه فِي اللطف بِالصديقِ والعنف بالعدو (إِنِّي لأجبن عَن فِرَاق أحبتي ... وتحس نَفسِي بالحمام فأشجع) (ويزيدني غضب العداة جَرَاءَة ... ويلم بِي عتب الصّديق فأجزع) // من الْكَامِل // وَكَقَوْلِه فِي حسن الْكِنَايَة (تَشْتَكِي مَا اشتكيت من ألم الشوق ... إِلَيْنَا والشوق حَيْثُ النحول) // من الْخَفِيف // وَإِنَّمَا كنى عَن تكذيبها وَلم يُصَرح بِهِ أَي أَنا أشتكي الشوق ونحولي يدل على ذَلِك وَهِي غير ناحلة فَلَيْسَتْ مشتاقة وَكَقَوْلِه (أَبيض مَا فِي تاجه ميمونه ... عفيف مَا فِي ثَوْبه مأمونه) // من الرجز // أَي عفيف الْفرج فكنى بِهِ وَكَقَوْلِه فِي حسن الحشو (صلى عَلَيْك الله غير مُودع ... وَسَقَى ثرى أَبَوَيْك صوب غمام) // من الْكَامِل // غير مُودع حَشْو وَلكنه حسن وَكَقَوْلِه (ويحتقر الدُّنْيَا احتقار مجرب ... يرى كل مَا فِيهَا وحاشاك فانيا) // من الطَّوِيل // سُبْحَانَ الله مَا أحسن الحشو بقوله وحاشاك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وَكَقَوْلِه (إِذا خلت مِنْك حمص لَا خلت أبدا ... فَلَا سَقَاهَا من الوسمي باكره) // من الْبَسِيط // وَكَقَوْلِه فِي العيادة (لَا نعذل الْمَرَض الَّذِي بك شائق ... أَنْت الرِّجَال وشائق علاتها) (ومنازل الْحمى الجسوم فَقل لنا ... مَا عذرها فِي تَركهَا خيراتها) // من الْكَامِل // أَي لَا عذر للحمى فِي تَركهَا جسمك إِذْ هُوَ أفضل الجسوم وَكَقَوْلِه (قصدت من شرقها وَمَغْرِبهَا ... حَتَّى اشتكتك الْبِلَاد والسبل) (لم تبْق إِلَّا قَلِيل عَافِيَة ... قد وفدت تجتديكها الْعِلَل) // من المنسرح // وَقَوله (تجشمك الزَّمَان هوى وودا ... وَقد يُؤْذى من المقت الحبيب) (وَكَيف تعلك الدُّنْيَا بِشَيْء ... وَأَنت لعِلَّة الدُّنْيَا طَبِيب) (وَكَيف تنوبك الشكوى بداء ... وَأَنت المستجار لما يَنُوب) // من الوافر // وَكَقَوْلِه فِي التهنئة وَهِي تهنئة سيف الدولة (الْمجد عوفي إِذْ عوفيت وَالْكَرم ... وَزَالَ عَنْك إِلَى أعدائك الْأَلَم) (وَمَا أخصك فِي برْء بتهنئة ... إِذا سلمت فَكل النَّاس قد سلمُوا) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وَكَقَوْلِه (إِنَّمَا التهنئات للأكفاء ... وَلمن يدني من الْبعدَاء) (وَأَنا مِنْك لَا يهنئ عُضْو ... بالمسرات سَائِر الْأَعْضَاء) // من الْخَفِيف // وَكَقَوْلِه (الصَّوْم وَالْفطر والأعياد وَالْعصر ... منيرة بك حَتَّى الشَّمْس وَالْقَمَر) (مَا الدَّهْر عنْدك إِلَّا رَوْضَة أنف ... يَا من شمائله فِي دهره زهر) (مَا يَنْتَهِي لَك فِي أَيَّامه كرم ... فَلَا انتهي لَك فِي أعوامه عمر) (فَإِن حظك من تكرارها شرف ... وحظ غَيْرك مِنْهَا النّوم والسهر) // من الْبَسِيط // وَكَقَوْلِه (تغير حللي والليالي بِحَالِهَا ... وشبت وَمَا شَاب الزَّمَان الغرانق) // من الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه (تسود الشَّمْس منا بيض أوجهنا ... وَلَا تسود بيض الْعذر واللمم) (وَكَانَ حَالهمَا فِي الحكم وَاحِدَة ... لَو احتكمنا من الدُّنْيَا إِلَى حكم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (مشب الَّذِي يبكي الشَّبَاب مشيبه ... فيكف توقيه وبانيه هادمه) (وَمَا خضب النَّاس الْبيَاض لِأَنَّهُ ... قَبِيح وَلَكِن أحسن الشّعْر فاحمه) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وَمِنْهَا حسن المقطع كَقَوْلِه (قد شرف الله أَرضًا أَنْت ساكنها ... وَشرف النَّاس إِذْ سواك إنْسَانا) // من الْبَسِيط // قَالَ ابْن جني لَا يُعجبنِي قَوْله سواك إنْسَانا لِأَنَّهُ لَا يَلِيق بشرف أَلْفَاظه وَلَو قَالَ أنشاك أَو نَحْو ذَلِك لَكَانَ أليق بِالْحَال قلت أَنا وَلَو قَالَ غير مَا قَالَه لم يكن فصيحا شريفا لِأَن فِي الْقُرْآن {ثمَّ سواك رجلا} وَلَا أفْصح وَلَا أشرف مِمَّا ينْطق بِهِ كتاب الله عز ذكره وَكَقَوْلِه (سما بك همي فَوق الهموم ... فلست أعد يسارا يسارا) (وَمن كنت بحرا لَهُ يَا عَليّ ... لم يقبل الدّرّ إِلَّا كبارًا) // من المتقارب // وَكَقَوْلِه يمدح سيف الدولة (أنلت عِبَادك مَا أملوا ... أنالك رَبك مَا تَأمل) // من المتقارب // وَكَقَوْلِه فِي المغيث بن عَليّ الْعجلِيّ (وَأعْطيت الَّذِي لم يُعْط خلق ... عَلَيْك صَلَاة رَبك وَالسَّلَام) // من الوافر // ذكر آخر شعره وَأمره لما أنجحت سفرته وربحت تِجَارَته بِحَضْرَة عضد الدولة وَوصل إِلَيْهِ من صلَاته أَكثر من مِائَتي دِرْهَم استأذنه فِي الْمسير عَنْهَا ليقضي حوائج فِي نَفسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 ثمَّ يعود إِلَيْهَا فَأذن لَهُ وَأمر بِأَن تخلع عَلَيْهِ الْخلْع الْخَاصَّة ويقاد إِلَيْهِ الحملان الْخَاص وتعاد صلته بِالْمَالِ الْكثير فامتثل ذَلِك وأنشده أَبُو الطّيب الكافية الَّتِي هِيَ آخر شعره وَفِي أضعافها كَلَام جرى على لِسَانه كَأَنَّهُ ينعي فِيهِ نَفسه وَإِن لم يقْصد ذَلِك فَمِنْهُ قَوْله (فَلَو أَنِّي اسْتَطَعْت خفضت طرفِي ... فَلم أبْصر بِهِ حَتَّى أراكا) // من الوافر // وَهَذِه لَفْظَة يتطير مِنْهَا وَمِنْه (إِذا التوديع أعرض قَالَ قلبِي ... عَلَيْك الصمت لَا صاحبت فاكا) (وَلَوْلَا أَن أَكثر مَا تمنى ... معاودة لَقلت وَلَا مناكا) أَي لَو أَن أَكثر مَا تمنى قلبِي أَن يعاودك لقله لَهُ وَلَا بلغت أَنْت أَيْضا منتك وَهَذَا أَيْضا من ذَاك وَمِنْه (قد استشفيت من دَاء بداء ... وأقتل مَا أعلك مَا شفاكا) أَي قد أضمرت يَا قلب شوقا إِلَى أهلك وَكَانَ ذَلِك دَاء لَك فاستشفيت مِنْهُ بِأَن فَارَقت عضد الدولة ومفارقته دَاء لَك أَيْضا أعظم من دَاء شوقك إِلَى أهلك وَهَذَا شبه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كفى بالسلامة دَاء) وَقَول حميد بن ثَوْر (وحسبك دَاء أَن تصح وتسلما ... ) // من الطَّوِيل // وأقتل مَا أعلك مَا شفاكا من أَلْفَاظ الطَّيرَة أَيْضا وَمِنْه (وَكم دون الثوية من حَزِين ... يَقُول لَهُ قدومي ذَا بذاكا) الثوية من الْكُوفَة يَقُول لَهُ قدومي ذَا بِذَاكَ أَي هَذَا الْقدوم بِتِلْكَ الْغَيْبَة وَهَذَا السرُور بذلك الْحزن لم يقل إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمِنْه (وَمن عذب الرضاب إِذا انخنا ... يقبل رَحل تروك والوراكا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 تروك اسْم نَاقَة لم ير مثلهَا لعضد الدولة أَمر لَهُ بهَا والوراك شَيْء يَتَّخِذهُ الرَّاكِب كالمخدة تَحت وركه (يحرم أَن يمس الطّيب بعدِي ... وَقد عبق العبير بِهِ وصاكا) وَهَذَا أَيْضا من تِلْكَ الْأَلْفَاظ وَمِنْه (وَفِي الأحباب مُخْتَصّ بوجد ... وَآخر يَدعِي مَعَه اشتراكا) (إِذا اشتبهت دموع فِي خدود ... تبين من بَكَى مِمَّن تباكى) وَهَذَا أَيْضا من ذَاك وَمِنْه (فزل بعد عَن أَيدي ركاب ... لَهَا وَقع الأسنة فِي حشاكا) هَذِه اسْتِعَارَة حَسَنَة لِأَنَّهُ خَاطب الْبعد وَجعل لَهُ حَشا وَمِنْه (وأيا شِئْت يَا طرقي فكوني ... أذاة أَو نجاة أَو هَلَاكًا) جعل قافية الْبَيْت الْهَلَاك فَهَلَك وَذَلِكَ أَنه ارتحل عَن شيراز بِحسن حَال ووفور مَال فَلَمَّا فَارق أَعمال فَارس حسب أَن السَّلامَة تستمر بِهِ كاستمرارها فِي مملكة عضد الدولة وَلم يقبل مَا أُشير بِهِ عَلَيْهِ من الِاحْتِيَاط باستصحاب الخفراء والمبذرقين فَجرى مَا هُوَ مَشْهُور من خُرُوج سَرِيَّة من الْأَعْرَاب عَلَيْهِ ومحاربتهم إِيَّاه وَتكشف الْوَقْعَة عَن قَتله وَابْنه محسد وَنَفر من غلمانه وفاز الْأَعْرَاب بأمواله وَذَلِكَ فِي سنة أَربع وَخمسين وثلثمائة أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم المظفر بن عَليّ الطبسي الْكَاتِب لنَفسِهِ فِي مرثية المتنبي (لَا رعى الله سرب هَذَا الزَّمَان ... إِذْ دهانا فِي مثل ذَاك اللِّسَان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 (مَا رأى النَّاس ثَانِي المتنبي ... أَي ثَان يرى لبكر الزَّمَان) (كَانَ من نَفسه الْكَبِيرَة فِي جَيش ... وَفِي كبرياء ذِي سُلْطَان) (كَانَ فِي لَفْظَة نَبيا وَلَكِن ... ظَهرت معجزاته فِي الْمعَانِي) // من الْخَفِيف // فصل وَقد جمح بِي الْقَلَم فِي إشباع هَذَا الْبَاب وتذييله وتصييره كتابا بِرَأْسِهِ فِي أَخْبَار أبي الطّيب وَالِاخْتِيَار من أشعاره والتنبيه على محاسنه ومساويه وَقد كَانَ بعض الأصدقاء سَأَلَني عمل ذَلِك وَله الْآن فِيهِ كِفَايَة وَبِه غنية فَإِن أحب إِفْرَاده عَن الْأَبْوَاب كَانَ كتابا على حِدة وَإِن نشط لانتساخ الْجَمِيع تضاعفت الْفَوَائِد لَدَيْهِ وانثالت القلائد عَلَيْهِ بِمَشِيئَة الله وإرادته وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 الْبَاب السَّادِس 16 - فِي ذكر النامي والناشي والزاهي وَإِخْرَاج غرر أشعارهم أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد النامي شَارِع من فحولة شعراء الْعَصْر وخواص شعراء سيف الدولة وَكَانَ عِنْده تلو المتنبي فِي الْمنزلَة والرتبة وَقد أخرجت من ديوانه مَا هُوَ شَرط الْكتاب من عقائل شعره وفرائد عقده فَمن ذَلِك قَوْله من قصيدة (لَهُ من هَواهَا مَا لصب متيم ... وَذمَّة حب عَهده لم يذمم) (أُفَارِق نَفسِي شُعْبَة بعد شُعْبَة ... فريقين باتا منجدا بعد مُتَّهم) (فقد كثرت فِي كل أَرض دِيَارهمْ ... ككثرة عذالي عَليّ ولومي) (وَلم أر يَوْمًا كَانَ أثلم للحشا ... من الْيَوْم بَين الْجزع والمتثلم) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (لكم يَا بني الْعَبَّاس سيف على العدا ... حسام مَتى يعرض لَهُ الدَّاء يحسم) (أخف إِلَى يَوْم الوغى من حمامة ... وَأثبت من شوق بقلب متيم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وَقَوله من أُخْرَى (أَمِير الْعلَا إِن العوالي كواسب ... علاءك فِي الدُّنْيَا وَفِي جنَّة الْخلد) (يمر عَلَيْك الْحول سَيْفك فِي الطلا ... وطرفك مَا بَين الشكيمة واللبد) (ويمضي عَلَيْك الدَّهْر فعلك للعلا ... وقولك للتقوى وكفك للرفد) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي وصف أشعاره (ريايحن أذهان سماحك غارس ... لَهَا فاجنها بِالْعرْفِ من رَوْضَة الْحَمد) (من المذهبات الدارميات شرد ... تدق مَعَانِيهَا على الْملك الْكِنْدِيّ) وَقَوله من أُخْرَى (أحقا أَن قالتي زرود ... وَأَن عهودها تِلْكَ العهود) (وقفت وَقد فقدت الصَّبْر حَتَّى ... تبين موقفي أَنِّي الفقيد) (وَشَكتْ فِي عذالي فَقَالُوا ... لرسم الدَّار أيكما العميد) // من الوافر // وَمثل هَذَا النمط من التَّشْبِيه قَول السّري (إِذا مَا الراح والأترج لاحا ... لعينك قلت أَيهمَا الشَّرَاب) // من الوافر // وَقَول بعض أهل الْعَصْر (لي سيد فاتن يعلمني ... بحسنه كَيفَ يعبد الصَّنَم) (لما رَآنِي وَفِي يَدي قلم ... لم يدر مولَايَ أَيّنَا الْقَلَم) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وَمِنْهَا (إِلَيْك صدعن أَفْئِدَة اللَّيَالِي ... وفيهن السخائم والحقود) (فعيدان الْأَرَاك لَهَا عِظَام ... وأسقية السنان لَهَا جُلُود) وَمِنْهَا (وَشعر لَو عبيد الشّعْر أصغى ... إِلَيْهِ لظل لي عبدا عبيد) (كَأَن لفكرة نشر ابْن حجر ... وَنُودِيَ من حفيرته لبيد) وَقَوله من أُخْرَى (إلمامة بمغاني دَاره لمَم ... إِذْ لَا أُمَامَة فِي دَار لَهَا أُمَم) (بِأَيّ حكم لأيام الْفِرَاق نأت ... بناعب كاعب والبين يحتكم) (عقلت عيسا كَأَنِّي كنت حاسدها ... بدار سلمى وترب الدَّار مستلم) (إِحْدَى الحسان أساءت بِي وَقد صرمت ... يَوْم الْحمى وهواها لَيْسَ ينصرم) // من الْبَسِيط // أَخذه من قَول ابْن الرُّومِي (يَا رب حسانه مِنْهُنَّ قد فعلت ... سوءا وَقد يفعل الأسواء حسان) // من الْبَسِيط // رَجَعَ (كَأَن قلبِي معار للنوى جزعا ... من قلب قرن عَليّ وَهُوَ مُنْهَزِم) (ناط الحمائل فِي لَيْث وَفِي قمر ... وَفِي الحمائل قد نيطت بِهِ الهمم) (كَأَنَّهُ أجل أَو طرفه وَجل ... أَو سَيْفه قدر فِي الرّوح يحتكم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 (يَا مظمئ الْخَيل أَو تروى ذوابله ... وَالْخَيْل تشرب من أشداقها اللجم) (إِذا مَلَائِكَة النَّصْر اخْتلطت بهَا ... تشابه الْعَالم النوري وَالنَّسَمُ) (لم تدع يَا علم الْمجد المقابلنا ... إِلَّا وَسبح إجلالا لَك الْعلم) (لَا يكتم النَّصْر يَوْمًا أَنْت شَاهده ... وَالْيَوْم من نقعه قد كَاد ينكتم) (النَّصْر أسرجها والعز ألجمها ... والحزم أمسك بالأسراج لَا الحزم) (قَالَ النَّهَار لَهُ وَالشَّمْس مغمدة ... وللمنايا شموس غمدها القمم) (هَذَا عجاج فَأَيْنَ الْأُفق وَهُوَ قِنَا ... وَتلك خيل فَأَيْنَ الأَرْض وَهِي دم) (بِحَدّ سَيْفك سيف الدولة انحطمت ... قَوَاعِد الشّرك والأرواح تنحطم) (يحدث الذِّئْب ذِئْب وَهُوَ مبتهج ... ويخبر النسْر نسر وَهُوَ مبتسم) (قد أَرْضَعتك ثدي الأَرْض درتها ... ورمحك ابْن رضَاع لَيْسَ ينفطم) (من آل حمدَان حَيْثُ الْملك مقتبل ... وَالْمَال مقتسم وَالْحَمْد مغتنم) (قوم إِذا حكمُوا يَوْمًا لأَنْفُسِهِمْ ... جَار السماح عَلَيْهِم فِي الَّذِي حكمُوا) (أَمن علا أم ندى أَدْعُوك أم بهما ... فَأَنت ذَا والحيا والصارم الخذم) (إِن يعجل الرَّأْي تلْحقهُ بغايته ... كَذَا الْجواد من الْإِعْجَاب يحتدم) (وَإِن تأنيت عزما لم يفتك عدا ... إِن الْأسود تمطى ثمَّ تعتزم) (إِن لم أقِم أمما للمدح من فكري ... فَشك فِيك يقيني أَنَّك الْأُمَم) (إِذا طلبتك لم ألحقك فِي أمد ... مَا حيلتي قد تناهى دُونك الْكَلم) (وَمَا عَليّ إِذا مَا كنت ناظمها ... فعطلت كل مَا قَالُوا وَمَا نطموا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 وَقَوله من أُخْرَى (أمرن هوانا أَن يَصح لنسقما ... فأدمى قلوبا صاديات إِلَى الدمى) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (أرتنا جنى الْعنَّاب للورد ظَالِما ... وَمن أقحوان مرمض متظلما) مَا أحسن هَذَا الْبَيْت وأظرفه وَفِيه كِنَايَة عَن حك الْوَجْه بالبنان المخضب وعض الْيَد بالثغر الأشنب (طوى الْبَين ديباج الخدود ونشرت ... يَد الْبَين وشيا للخدود منمنما) (تقسمت الْأَهْوَاء قلبِي كَمَا غَدا ... نوال عَليّ فِي الْعلَا متقسما) (وَيَوْم كأجياد العذارى حليه ... فريد ندى فِي جيده قد تنظما) (جلونا بِهِ وَجْهي عروس وكاعب ... على طِفْل زهر قد بَكَى وتبسما) (وأخرس يصبينا بِخَمْسَة ألسن ... إِلَى أَيهَا مد السنان تكلما) (لدن غدْوَة حَتَّى إِذا الشَّمْس ودعت ... مغاربها واستأذنتها التصرما) (ثوينا كأنا بعض أَبنَاء قَيْصر ... غَدا فيهم سيف الْأَمِير محكما) (أَطَعْت الْعلَا حَتَّى كَأَنَّك عَبدهَا ... وَإِن كنت مَوْلَاهَا وَكنت لَهَا ابنما) (مَكَارِم لَا تنفك تتعب حَاسِدًا ... يُؤَخِّرهُ سعي لَهَا قد تقدما) (زكتْ فكري فِيهَا وأينع هاجسي ... فظلت على أهل القريض مقدما) (وَولد شعري فِيك شعرًا لمعشر ... فَكنت عَلَيْهِم مثل نعماك منعما) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وَقَوله من أُخْرَى (سلاها لم اسود الْهوى فِي ابيضاضه ... وَإِلَّا سلاني كَيفَ بيض مسودي) (كَأَن برأسي عسكرين تحاربا ... فقد كثر استئمان جند إِلَى جند) (وليل لَهُ نجم كليل عَن السّري ... تحير لَا يهدى لقصد وَلَا يهدي) (كَأَنِّي وَابْن الغمد والطرف أنجم ... على قَصدهَا والنجم لَيْسَ على قصد) (إِلَى أَن رَأَيْت الْفجْر والنسر خاضب ... جناحيه ورسا عل بالعنبر الوردي) (وحلت يَد الجوزاء عقد وشاحها ... إزاء الثريا وَهِي مَقْطُوعَة العقد) (فَقلت أخيل التغلبي مُغيرَة ... أم الْفجْر يَرْمِي اللَّيْل سدا على سد) (فَتى قسم الْأَيَّام بَين سيوفه ... وَبَين طريفات المكارم والتلد) (فسود يَوْمًا بالعجاج وبالردى ... وبيض يَوْمًا بالفضائل وَالْمجد) (ألم تَرَ فرعونا ومُوسَى تجاريا ... فغودرت العقبى لذِي الْحق لَا الحشد) (جهدت فَلم أبلغ مداك بمدحة ... وَلَيْسَ مَعَ التَّقْصِير عِنْدِي سوى جهدي) (يزِيد على شأوي زِيَاد وجرول ... وَقد غودر ابْن العَبْد فِي نظمها عَبدِي) // من الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى (لَهُ سُورَة فِي الْبشر تقْرَأ فِي الْعلَا ... وَتثبت فِي صحف الْعَطاء وتكتب) (إِذا مَا عَليّ أمطرتك سماؤه ... رَأَيْت الْعلَا أنواؤها تتحلب) (يُرْجَى ويخشى ضره وَهُوَ نَافِع ... كَذَا الْبَحْر فِي أزاته متهيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 (يروع ويبدو الْأنس مِنْهُ كَأَنَّهُ الْهوى ... لذعه بَين الجوانح يعذب) (وأزهر يبيض الندى مِنْهُ فِي الرضى ... وتحمر أَطْرَاف القنا حِين يغْضب) (أَمِير الندى مَا للندى عَنْك مَذْهَب ... وَلَا عَنْك يَوْمًا للرغائب مرغب) (إِذا فاخرت بالمكرمات قَبيلَة ... فتغلب أَبنَاء الْعلَا بك تغلب) (قناة من العلياء أَنْت سنانها ... وَتلك أنابيب عَلَيْهَا وأكعب) (وخيل كأمثال القنا فِي لبودها ... فَإِن صهلت فَهِيَ اليراع المثقب) (وَضرب يُرِيك الْخَيل مج نجيعه ... وأشبهها من لون أشقر يخضب) // من الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى (سَأَلت بالفراق صبا وَمَا ينبئها ... بالفراق مثل خَبِير) (هُوَ بَين الحشا صدوع وَفِي الْأَعْين ... مَاء وجمرة فِي الصُّدُور) (نَحن أَبنَاء ذَا الْهوى تسكن الْأَنْفس ... منا إِلَى الضنا والزفير) (نَالَ منا يَوْم الْفِرَاق كَمَا نَالَ ... من النَّاكِثِينَ سيف الْأَمِير) (فِي خَمِيس للنصر فِيهِ لِوَاء ... عقده من لوائه الْمَنْصُور) (رجله كالدبا وفرسانه كالأسد ... بَأْسا وخيله كالصقور) (وسجاياك يَا أَبَا الْحسن الغر ... وإتعابهن شكر الشكُور) (لَو غَدا الدَّهْر صافحا لي عَن الْحَظ ... وَأَعْلَى من جد حَال عثور) (لتعطرت من غُبَار مذاكيك ... رواحي وَكَانَ عطري بكوري) (ثمَّ صيرت من دِمَاء أعاديك ... خلوقي وَكَانَ مِنْهُ طهوري) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 (وَلَقِيت الْمنون تَحت عواليك ... معدا ذخْرا ليَوْم نشوري) (سر على السعد تستظل من الْأَيَّام ... ظِلِّي سَلامَة وحبور) (بَين فرضين من جِهَاد وَشهر ... أَنْت فِي النَّاس مثله فِي الشُّهُور) (سمع النَّصْر فِيهِ أَمرك لما ... خاطبته الأقدار بالتأمير) (أَنْتُم دارة الْعلَا يَا بني حمدَان ... سكان بَيتهَا الْمَعْمُور) (وتسيرون فِي القنا فترى الْآجَال ... مرتابة بِذَاكَ الْمسير) (فِي شموس من الْحَدِيد عَلَيْهَا ... أنجم يفترون فَوق بدور) (وعجاج كَأَنَّهُ من دُخان الند ... يلقى الْهَوَاء بالتعطير) (عبق من علاكم فَكَأَن الأَرْض ... مسك والجو من كافور) (فتحبو بمدحتي فَهِيَ رَيْحَانَة ... حمد تبقى بَقَاء الدهور) // من الْخَفِيف // وَقَوله من أُخْرَى (ومنازلين إِذا بدوا فِي شارق ... شبوا ضِيَاء وقوده بوقود) (ردوا على دَاوُد صَنْعَة سرده ... لغناهم بِالصبرِ عَن دَاوُد) (لَا يُصْبِحُونَ إِذا انتضوا بيض الظبا ... وشبا القنا غير المنايا السود) // من الْكَامِل // وَقَوله من أُخْرَى (ألم تَرَ أَعدَاء الْأَمِير كوفره ... يظل لتوفير الْعلَا غير وافر) (وحساده مِمَّا تذوب كخيله ... بلغن مدى أنفاسهن الزوافر) // من الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى (وصارم مثل لحظ الْبَرْق أسلك فِي ... مِثَال جدول مَاء فِيهِ منسكب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 (تنأى بِهِ الْهَام عَن أجسامهن كَمَا ... تنأى الخواتيم عَن مقروءة الْكتب) // من الْبَسِيط // وَقَوله من أُخْرَى (فِي نَاظر الشَّمْس إِن عنت لَهُ رمد ... ومسمع الرَّعْد إِن أصغى لَهُ صمم) (يردهَا ونظام الْملك متسق ... وَالْمَوْت فِي خرز الْأَعْنَاق يَنْتَظِم) (أسعد بعيد إِذا كارمته حكمت ... لَك الْمعَانِي وأمضى حكمهَا الْكَرم) (عيد وَفتح وَملك والأمير لَهُ ... دَامَت سَلَامَته مَا أَوْرَق السّلم) (الله أَعْطَاك أَقسَام الفخار فَمَا ... خلق يساميك مذ حيزت لَك الْقسم) (لَو كَانَ يرضى لَك الدُّنْيَا لما فنيت ... ونلت فِيهَا خلودا أَنْت وَالنعَم) // من الْبَسِيط // وَقَوله فِي صفة مَنَارَة (سامية فِي الجو مثل الفرقد ... قَاعِدَة فِيهِ وَإِن لم تقعد) (يكَاد عاليها وَإِن لم يبعد ... يغْرف من حَوْض الْغَمَام بِالْيَدِ) // من الرجز // وَقَوله (خليلي هَل للمزن مقلة عاشق ... أم النَّار فِي أحشائها وَهِي لَا تَدْرِي) (أشارت إِلَى أَرض الْعرَاق فَأَصْبَحت ... وكاللؤلؤ المبتول أدمعها تجْرِي) (تسربل وشيا من خروز تطرزت ... مطارفها طرزا من الْبَرْق كالتبر) (سَحَاب حكت ثَكْلَى أُصِيبَت بِوَاحِد ... فعاجت لَهُ نَحْو الرياض على قبر) (فوشي بِلَا رقم وَنقش بِلَا يَد ... ودمع بِلَا عين وَضحك بِلَا ثغر) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وَدخل على نَاصِر الدولة وَيَده وجعة قد لطخت بلطوخ فَقَالَ لَهُ هَل قلت شَيْئا قَالَ مَا علمت قَالَ فَقل فَقَالَ ارتجالا (يَد فِي برئها برْء الأيادي ... ووعك للطريف وللتلاد) (يَد الْحسن الَّتِي خلقت سَمَاء ... موكلة بأرزاق الْعباد) // من الوافر // 17 - أَبُو الْحُسَيْن النَّاشِئ الْأَصْغَر أَنْشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحُسَيْن النَّاشِئ بحلب لنَفسِهِ (إِذا أَنا عاتبت الْمُلُوك فَإِنَّمَا ... أخط بأقلامي على المَاء أحرفا) (وهبه ارعوى بعد العتاب ألم يكن ... تودده طبعا فَصَارَ تكلفا) // من الطَّوِيل // قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ (لَيْسَ الْحجاب من آلَة الْأَشْرَاف ... إِن الْحجاب مُجَانب الْإِنْصَاف) (ولقل من يَأْتِي فيحجب مرّة ... فَيَعُود ثَانِيَة بقلب صافي) // من الْكَامِل // وَله فِي سيف الدولة يودعه (أودع لَا أَنِّي أودع طَائِعا ... وَأعْطِي بكرهي الدَّهْر مَا كنت مَانِعا) (وأرجع لَا ألْقى سوى الوجد صاحبا ... لنَفْسي إِن القيت بِالنَّفسِ رَاجعا) (تحملت عَنَّا بالصنائع والعلا ... فنستودع الله الْعلَا والصنائعا) (رعاك الَّذِي يرْعَى بسيفك دينه ... ولقاك روض الْعَيْش أَخْضَر يانعا) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وَله (إِذا لم تنَلْ همم الأكرمين ... وسعيهم وادعا فاغترب) (فكم دعة أَتعبت أَهلهَا ... وَكم رَاحَة نتجت من تَعب) // من المتقارب // وَله أَيْضا (يَا خليلي وصاحبي ... من لؤَي بن غَالب) (حَاكم الْحبّ جَائِر ... مُوجب غير وَاجِب) (لَك صدغ كَأَنَّمَا ... نونه نون كَاتب) (يلذع النَّاس إِذا تعقرب ... لذع العقارب) // من مجزوء الْخَفِيف // 18 - أَبُو الْقَاسِم الزاهي وصاف محسن كثير الْملح والظرف وَلم يَقع إِلَيّ شعره مجموعا وَإِنَّمَا تطرفته من أَفْوَاه الروَاة واستفدته من التعليقات أَنْشدني أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان فِيمَا أنشدنيه من النتف الَّتِي استفادها بِبَغْدَاد وأتحفني بِهِ من اللطائف الَّتِي استصحبها مِنْهَا للزاهي (سفرن بدورا وانتقبن أهلة ... ومسن غصونا والتفتن جآذرا) (وأطلعن فِي الأجياد بالدر أنجما ... جعلن لحبات الْقُلُوب ضرائرا) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 وَإِنَّمَا احتذى فِي الْبَيْت الأول مِثَال المتنبي فِي قَوْله (بَدَت قمرا ومالت غُصْن بَان ... وفاحت عنبرا ورنت غزالا) // من الوافر // وَمِمَّنْ نسج على هَذَا المنوال أَبُو عَامر إِسْمَعِيل بن أَحْمد الشَّاشِي فَإِنَّهُ قَالَ من قصيدة (رَأَيْت على أكوارنا كل ماجد ... يرى كل مَا يبْقى من المَال مغرما) (ندوم أسيافا ونعلو قواضبا ... وننقض عقبانا ونطلع أنجما) // من الطَّوِيل // وَقَالَ أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي فِي الْخمر إِلَّا أَنه قلب التَّشْبِيه (يَقُولُونَ بَغْدَاد الَّتِي اشْتقت بُرْهَة ... دساكرها والعكبري المقيرا) (إِذا فض عَنهُ الْخَتْم فاح بنفسجا ... وأشرق مصباحا وَنور عصفرا) // من الطَّوِيل // ولبعض أهل الْعَصْر فِي غُلَام مغن (فديتك يَا أتم النَّاس ظرفا ... وأصلحهم لمتخذ حبيبا) (فوجهك نزهة الْأَبْصَار حسنا ... وصوتك مُتْعَة الأسماع طيبا) (وسائلة تسائل عَنْك قُلْنَا ... لَهَا فِي وصفك الْعجب العجيبا) (رنا ظَبْيًا وغنى عندليبا ... ولاح شقائقا وَمَشى قَضِيبًا) // من الوافر // وللزاهي (أرى اللَّيْل يمْضِي والنجوم كَأَنَّهَا ... عُيُون الندامى حِين مَالَتْ إِلَى الغمض) (وَقد لَاحَ فجر يغمر الجو نوره ... كَمَا انفجرت بِالْمَاءِ عين على الأَرْض) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وأنشدني أَبُو سعد نصر بن يَعْقُوب فِي كِتَابه كتاب روائع التوجيهات من بَدَائِع التشبيهات للزاهي (الرّيح تعصف والأغصان تعتنق ... والمزن باكية والزهر معتبق) (كَأَنَّمَا اللَّيْل جفن والبروق لَهُ ... عين من الشَّمْس تبدو ثمَّ تنطبق) // من الْبَسِيط // وَمن مَشْهُور شعر الزاهي قَوْله (لَوْلَا عذارك مَا خلعت عِذَارَيْ ... ولكنت فِي وزر من الأوزار) (مَا كنت أَحسب أَن أعاين أَو أرى ... تخطيط ليل فِي بَيَاض نَهَار) (حَتَّى نظرت إِلَى عذارك فاغتدى ... سقم الْقُلُوب ونزهة الْأَبْصَار) (فَتركت قولي فِي الْوَعيد لأَجله ... وعزمت فِيك على دُخُول النَّار) // من الْكَامِل // وَوجدت فِي كتاب أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عَبْدَانِ فِي مَجْمُوعَة المترجم بحاطب اللَّيْل قصيدة للزاهي أَولهَا (اللَّيْل من فكري يصير ضِيَاء ... وَالسيف من نَظَرِي يذوب حَيَاء) (وَالْخَيْل لَو حملتها علمي بهَا ... لتركتها تَحت العجاج هباء) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا (أحصي على دهري الذُّنُوب بمقلة ... لدموعها لَا أملك الإحصاء) سَرقه من قَول ديك الْجِنّ (أَنا أحصي فِيك النُّجُوم وَلَكِن ... لذنوب الزَّمَان لست بمحص) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 رَجَعَ (عجبا لصرف الدَّهْر كَيفَ يخون من ... غمر الْبَريَّة نجدة ووفاء) (عدم الصَّباح فناب عَنهُ بفكره ... وعلت يَدَاهُ فطاول الجوزاء) وأنشدت لَهُ بَيت معمى وَمَا أرَاهُ قَالَه (من كَانَ آدم جملا فِي سنه ... هجرته حَوَّاء السنين من الدمى) // من الْكَامِل // آدم فِي حِسَاب الْجمل خمس وَأَرْبَعُونَ وحواء خَمْسَة عشر وَله فِي وصف الأترج (وَذَات جسم من الكافور فِي ذهب ... دارت عَلَيْهِ حَوَاشِيه بِمِقْدَار) (كَأَنَّهَا وَهِي قدامي ممثلة ... فِي رَأس دوحتها تَاج من النَّار) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 الْبَاب السَّابِع 19 - فِي ذكر أبي الْفرج عبد الْوَاحِد الببغاء وغرر نثره ونظمه هُوَ أَبُو الْفرج عبد الْوَاحِد بن نصر المَخْزُومِي من أهل نَصِيبين نجم الْآفَاق وشمامة الشَّام وَالْعراق وظرف الظّرْف وينبوع اللطف وَاحِد أَفْرَاد الدَّهْر فِي النّظم والنثر لَهُ كَلَام بل مدام بل نظام من الْيَاقُوت بل حب الْغَمَام فنثره مستوف أَقسَام العذوبة وشروط الْحَلَاوَة والسهولة ونظمه كَأَنَّهُ رَوْضَة منورة تجمع طيبا ومنظرا حسنا وَقد أخرجت من شعره مَا يشْهد بِالَّذِي أجريت من ذكره وَإِنَّمَا لقب بالببغاء للثغة فِيهِ سيجري وصفهَا فِي ذكر مَا دَار بَينه وَبَين أبي إِسْحَاق الصابي من طرف المكاتبات وملح المجاوبات وَكَانَ فِي عنفوان أمره وريعان شبابه مُتَّصِلا بِسيف الدولة مُقيما فِي جملَته ثمَّ تنقلت بِهِ بعد وَفَاة صَاحبه الْأَحْوَال فِي وُرُوده الْموصل وبغداد ومنادمته بهما الْمُلُوك والرؤساء وإخفاقه مرّة وإنجاحه أُخْرَى وَآخر مَا بَلغنِي من خَبره مَا سَمِعت الْأَمِير أَبَا الْفضل عبد الله بن أَحْمد الميكالي يُورِدهُ من ذكر التقائه مَعَه عِنْد صَدره من الْحَج وحصوله بِبَغْدَاد فِي سنة تسعين وثلاثمائة ورؤيته بهَا شَيخا عالي السن متطاول الأمد نظيف اللبسة بهي الرّكْبَة مليح اللثغة ظريف الْجُمْلَة قد أخذت الْأَيَّام من جِسْمه وقوته وَلم تَأْخُذ من طرفه وأدبه وَأَنه مدح أَبَاهُ الْأَمِير أَبَا نصر بقصيدة فريدة أجزل عَلَيْهَا صلته ثمَّ السلَامِي وَغَيره من شعراء الْعرَاق ثمَّ عرض على القَاضِي أَبُو بشر الْفضل بن مُحَمَّد بجرجان سنة إِحْدَى وَتِسْعين كتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 أبي الْفرج الْوَارِد عَلَيْهِ من بَغْدَاد مُشْتَمِلًا من النّظم والنثر على مَا أثرت فِيهِ حَال من بلغ سَاحل الْحَيَاة ووقف إِلَى ثنية الْوَدَاع وَلست أَدْرِي مَا فعل الدَّهْر بِهِ وأغلب ظَنِّي أَنه إِلَى الْآن قد لحق باللطيف الْخَبِير وَأَنا أبدأ بسياق قصَّة لَهُ من عِبَارَته وحكايته لم أسمع أظرف مِنْهَا فِي فنها وَلَا ألطف وَلَا أعذب وَلَا أخف وَإِن كَانَ فِيهَا بعض الطول والبديع غير مملول قَالَ أَبُو الْفرج تَأَخَّرت بِدِمَشْق عَن سيف الدولة رَحمَه الله مكْرها وَقد سَار عَنْهَا فِي بعض وقائعه وَكَانَ الْخطر شَدِيدا على من أَرَادَ اللحاق بِهِ من أَصْحَابه حَتَّى إِن ذَلِك كَانَ مُؤديا إِلَى النهب وَطول الاعتقال واضطررت إِلَى إِعْمَال الْحِيلَة فِي التَّخَلُّص والسلامة بِخِدْمَة من بهَا من رُؤَسَاء الدولة الإخشيدية وَكَانَ سني فِي ذَلِك الْوَقْت عشْرين سنة وَكَانَ انقطاعي مِنْهُم إِلَى أبي بكر عَليّ بن صَالح الروزباري لتقدمه فِي الرياسة ومكانه من الْفَصْل والصناعة فَأحْسن تقبلي وَبَالغ فِي الْإِحْسَان بِي وحصلت تَحت الضَّرُورَة فِي الْمقَام فتوفرت على قصد الْبِقَاع الْحَسَنَة والمتنزهات المطرفة تسليا وتعللا فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام عملت على قصد دير مران وَهَذَا الدَّيْر مَشْهُور الْموقع فِي الْجَلالَة وَحسن المنظر فاستصحبت بعض من كنت آنس بِهِ وَتَقَدَّمت لحمل مَا يُصْلِحنَا وتوجهنا نَحوه فَلَمَّا نزلنَا أَخذنَا فِي شَأْننَا وَقد كنت اخْتَرْت من رهبانه لعشرتنا من توسمت فِيهِ رقة الطَّبْع وسجاحة الْخلق حَسْبَمَا جرى بِهِ الرَّسْم فِي غشيان الْأَعْمَار وطروق الديرة وَمن التطرف بِعشْرَة أَهلهَا والأنسة بسكانها وَلم تزل الأقداح دَائِرَة بَين مطرب الْغناء وزاهر المذاكرة إِلَى أَن فض اللَّهْو ختامه ولوح السكر لصحبي أَعْلَامه وحانت مني نظرة إِلَى بعض الرهبان فَوَجَدته إِلَى خطابي متوثبا ولنظري إِلَيْهِ مترقبا فَلَمَّا أَخَذته عَيْني أكب يزعجني بخفي الغمز ووحي الْإِيمَاء فاستوحشت لذَلِك وأنكرته ونهضت عجلَان واستحضرته فَأخْرج إِلَيّ رقْعَة مختومة وَقَالَ لي قد لزمم فرض الْأَمَانَة فِيمَا تضمنته هَذِه الرقعة وونى وَسقط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 ذمام كاتبها فِي سترهَا بك عني ففضضتها فَإِذا فِيهَا بِأَحْسَن خطّ وأملحه وأقرئه وأوضحه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لم أزل فِيمَا تُؤَدِّيه هَذِه المخاطبة يَا مولَايَ بَين حزم يحث على الانقباض عَنْك وَحسن ظن يحض على التسامح بنفيس الْحَظ مِنْك إِلَى أَن استنزلتني الرَّغْبَة فِيك على حكم الثِّقَة بك من غير خبْرَة وَرفعت بيني وَبَيْنك سجف الحشمة فأطعت بالانبساط أوَامِر الأنسة وانتهزت فِي التَّوَصُّل إِلَى مودتك فَائت الفرصة والمستماح مِنْك جعلني الله فدَاك زورة أرتجع بهَا اغتصبتنيه الْأَيَّام من المسرة مهنأة بالانفراد إِلَّا من غلامك الَّذِي هُوَ مَادَّة مسرتك وَمَا ذَاك عَن خلق يضيق بطارق وَلَكِن لأخذي بِالِاحْتِيَاطِ على حَالي فَإِن صَادف مَا خطبَته مِنْك أيدك الله قبولا ولديك نفَاقًا فمنية غفل الدَّهْر عَنْهَا أَو فَارق مذْهبه فِيمَا أهداه إِلَيّ مِنْهَا وَإِن جرى على رسمه فِي المضايقة فِيمَا أوثره وأهواه وأترقبه من قربك وأتمناه فذمام الْمُرُوءَة يلزمك رد هَذِه الْوَقْعَة وسترها وتناسيها واطراح ذكرهَا وَإِذا بِأَبْيَات تتلو الْخطاب وَهِي (يَا عَامر الْعُمر بالفتوة والقصف ... وحث الكؤوس والطرب) (هَل لَك فِي صَاحب تناسب فِي ... الغربة أخلاقه وبالأدب) (أوحشه الدَّهْر فاستراح إِلَى ... قربك مستنصرا على النوب) (فَإِن تقبلت مَا أَتَاك بِهِ ... لم تَشِنْ الظَّن فِيهِ بِالْكَذِبِ) (وَإِن أَتَى الزّهْد دون رغبتنا ... فَكُن كمن لم يقل وَلم يجب) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 قَالَ أَبُو الْفرج فورد عَليّ مَا حيرني واسترد مَا كَانَ الشَّرَاب حازه من تميزي وَحصل لي فِي الْجُمْلَة أَن أغلب الْأَوْصَاف على صَاحبهَا الْكِتَابَة خطا وترسلا ونظما فشاهدته بالفراسة من أَلْفَاظه وحمدت أخلاقه قبل الاختبار من رقعته وَقلت للراهب وَيحك من هَذَا وَكَيف السَّبِيل إِلَى لِقَائِه فَقَالَ أما ذكر حَاله فإليه إِذا اجْتَمَعنَا وَأما السَّبِيل إِلَى لِقَائِه فمتسهل إِن شِئْت قلت دلَّنِي قَالَ تظهر فتورا وتنصب عذرا تفارق بِهِ أَصْحَابك منصرفا وَإِذا حصلت بِبَاب الدَّيْر عدلت بك إِلَى بَاب خَفِي تدخل مِنْهُ فَرددت الرقعة عَلَيْهِ وَقلت ارفعها إِلَيْهِ ليتأكد أنسه بِي وسكونه إِلَيّ وعرفه أَن التوفر على إِعْمَال الْحِيلَة فِي الْمُبَادرَة إِلَى حَضرته على مَا آثره من التفرد أولى من التشاغل بإصدار جَوَاب وَقطع وَقت بمكاتبته وَمضى الراهب وعدت إِلَى أَصْحَابِي بِغَيْر النشاط الَّذِي نهضت بِهِ فأنكروا ذَلِك فاعتذرت إِلَيْهِم بِشَيْء عرض لي واستدعيت مَا أركبه وَتَقَدَّمت إِلَى من كَانَ معي مِمَّن يخْدم بالتوفر على خدمتهم وَقد كُنَّا عَملنَا على الْمبيت فَأَجْمعُوا على تعجل السكر والانصراف وَخرجت من بَاب الدَّيْر وَمَعِي صبي كنت آنس بِهِ وبخدمته وَتَقَدَّمت إِلَى الشاكري برد الدَّابَّة وَستر خبري ومباكرتي وتلقاني الراهب وَعدل بِي إِلَى طَرِيق فِي مضيق وأدخلني إِلَى الدَّيْر من بَاب غامض وَصَارَ بِي إِلَى بَاب قلاية متميز عَمَّا يجاوره من الْأَبْوَاب نظافة وحسنا فقرعه بحركات مُخْتَلفَة كالعلامة فابتدرنا مِنْهُ غُلَام كَأَن الْبَدْر ركب على أزراره مهفهف الكشح مخطفه معتدل القوام أهيفه تخال الشَّمْس برقعت غرته وَاللَّيْل ناسب أصداغه وطرته فِي غلالة تنم على مَا تستره وتجفو مَعَ رقتها عَمَّا تظهره وعَلى رَأسه مجلسية مصمت فبهر عَقْلِي واستوقف نَظَرِي ثمَّ أجفل كالظبي المذعور وتلوته والراهب إِلَى صحن القلاية فَإِذا أَنا بِبَيْت فضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 الْحِيطَان رخامي الْأَركان يضم طارقة خيش مفروشة بحصير مُسْتَعْمل فَوَثَبَ إِلَيْنَا مِنْهُ مقتبل الشبيبة حسن الصُّورَة ظَاهر النبل والهيئة متزي من اللبَاس بزِي غُلَامه فلقيني حافيا يعثر بسراويله واعتنقني ثمَّ قَالَ إِنَّمَا استخدمت هَذَا الْغُلَام فِي تلقيك يَا سَيِّدي لأجعل مَا لَعَلَّك استحسنته من وَجهه مصانعا عَمَّا ترد عَلَيْهِ من مشاهدتي فاستحسنت اختصاره الطَّرِيق إِلَى بسطي وارتجاله النادرة على نَفسه حرصا فِي تأنيسي وأفاض فِي شكري على المسارعة إِلَى أمره وَأَنا أواصل فِي خلال سكناته الْمُبَالغَة فِي الِاعْتِدَاد بِهِ ثمَّ قَالَ يَا سَيِّدي أَنْت مكدود بِمن كَانَ مَعَك والاستمتاع بمحادثتك لَا يتم إِلَّا بالتوصل إِلَى راحتك وَقد كَانَ الْأَمر على مَا ذكر فاستلقيت يَسِيرا ثمَّ نهضت فخدمت فِي حالتي النّوم واليقظة الْخدمَة الَّتِي ألفتها فِي دور أكَابِر الْمُلُوك وأجلة الرؤساء وأحضرنا خَادِم لَهُ لم أر أحسن مِنْهُ وَجها وَلَا سوادا طبقًا يضم مَا يتَّخذ للعشاء مِمَّا خف ولطف فَقَالَ الْأكل مني يَا سَيِّدي للْحَاجة ومنك للممالحة والمساعدة فنلنا شَيْئا وَأَقْبل اللَّيْل فطلع الْقَمَر ففتحت مناظر ذَلِك الْبَيْت إِلَى فضاء أدّى إِلَيْنَا محَاسِن الغوطة وحبانا بذخائر رياضها من المنظر الجناني والنسيم العطري وجاءنا الراهب من الْأَشْرِبَة بِمَا وَقع اتفاقنا على الْمُخْتَار مِنْهُ ثمَّ اقتعدنا غارب اللَّذَّة وجرينا فِي ميدان الْمُفَاوضَة فَلم يزل يناهبني نَوَادِر الْأَخْبَار وملح الْأَشْعَار ونخلط ذَلِك من المزح بأظرفه وَمن التودد بألطفه إِلَى أَن توسطنا الشَّرَاب فَالْتَفت إِلَى غُلَامه وَقَالَ لَهُ يَا مترف إِن مَوْلَاك مَا ادخر عَنَّا السرُور بِحُضُورِهِ وَمَا يجب أَن ندخر مُمكنا فِي مسرته فامتقع وَجه الْغُلَام حَيَاء وخفرا فأقسم عَلَيْهِ بحياته وَأَنا لَا أعلم مَا يُرِيد وَمضى فَعَاد يحمل طنبورا وَجلسَ فَقَالَ لي يَا سَيِّدي تَأذن لي فِي خدمتك فهممت بتقبيل يَده لما تداخلني من عظم المسرة بذلك فَأصْلح الْغُلَام الطنبور وَضرب وغنى (يَا مالكي وَهُوَ ملكي ... وسالبي ثوب نسكي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 (نزه يَقِين الْهوى فِيك ... عَن تعرض شكّ) (لولاك مَا كنت أبْكِي ... إِلَى الصَّباح وأبكي) // من المجتث // فَنظر إِلَى الْغُلَام وَتَبَسم فَعلمت أَن الشّعْر لَهُ فكدت وَالله أطير طَربا وفرحا بملاحة خلقه وجودة ضربه وعذوبة أَلْفَاظه وتكامل حسنه فاستدعيت كيزانا فأحضرنا الْخَادِم عدَّة قطع من فاخر البلور وجيد الْمُحكم فَشَرِبت سُرُورًا بِوَجْهِهِ وَشرب بِمثل مَا شربت ثمَّ قَالَ لي أَنا وَالله يَا سَيِّدي أحب ترفيهك وَأَن لَا أقطعك عَمَّا أَنْت متوفر عَلَيْهِ وَلَكِن إِذا عرفت الِاسْم وَالنّسب والصناعة واللقب فَلَا بُد أَن تشي ليلتنا بِشَيْء يكون لَهَا طرازا ولذكرها معلما فجذبت الدواة وكتبت ارتجالا وَقد أَخذ الشَّرَاب مني (وَلَيْلَة أوسعتني ... حسنا ولهوا وأنسا) (مَا زلت ألثم بَدْرًا ... بهَا وأشرب شمسا) (إِذا أطلع الدَّيْر سَعْدا ... لم يبْق مذ بَان نحسا) (فَصَارَ للروح مني ... روحا وللنفس نفسا) // من المجتث // فطرب على قولي ألثم بَدْرًا وأشرب شمسا وجذب غُلَامه فَقبله وَقَالَ مَا جهلت مَا يجب لَك يَا سَيِّدي من التوقير وَإِنَّمَا اعتمدت تصديقك فِيمَا ذكرته فبحياتي إِلَّا فعلت مثل ذَلِك بغلامك فاتبعت آثاره خوفًا من احتشامه وَأخذ الأبيات وَجعل يُرَدِّدهَا ثمَّ أَخذ الدواة وَكتب إجَازَة لَهَا (وَلم أكن لغريمي ... وَالله أبذل فلسًا) (لَو ارتضى لي خصمي ... بدير مران حبسا) // من المجتث // فَقلت إِذا وَالله مَا كَانَ أحد يُؤَدِّي حَقًا وَلَا بَاطِلا وداعبته فِي هَذَا الْمَعْنى بِمَا حضر وَعرفت فِي الْجُمْلَة أَنه مستتر من دين قد رَكبه وَقَالَ لي قد خرج لَك أَكثر الحَدِيث فَإِن عذرت وَإِلَّا ذكرت لَك الْحَال لتعرفها على صورتهَا فتبينت مَا يؤثره من كتمان أمره فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي كل مَا لَا يتعرف بك نكرَة وَقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 أغنت الْمُشَاهدَة عَن الِاعْتِذَار ونابت الْخِبْرَة عَن الاستخبار وَجعل يشرب وينخب عَليّ من غير إِكْرَاه وَلَا حث وَلَا استبطاء إِلَى أَن رَأَيْت الشَّرَاب قد دب فِيهِ وأكب على مجاذبة غُلَامه والفطنة تثنيه فِي الْوَقْت بعد الْوَقْت فأظهرت السكر وحاولت النّوم وَجَاء الْغُلَام ببرذعة ففرشها لي بِإِزَاءِ برذعته فَنَهَضت إِلَيْهَا وَقَامَ يتفقد أَمْرِي بِنَفسِهِ فَقلت لَهُ إِن لي مذهبا فِي تقريب غلامي مني واعتمدت بذلك تسهيل مَا يختاره من هَذِه الْحَال فِي غُلَامه فَتَبَسَّمَ وَقَالَ لي بسكره جمع الله لَك شَمل المسرة كَمَا جمعه لي بك وأظهرت النّوم وَعَاد يجاذب غُلَامه بأعذب لفظ وَأحلى معاتبة ويخلط ذَلِك بمواعيد تدل على سَعَة وانبساط يَد وَغُلَامه تَارَة يقبل يَده وَتارَة فَمه وغلبتني عَيْنَايَ إِلَى أَن أيقظنى هَوَاء السحر فانتبهت وهما متعانقان بِمَا كَانَ عَلَيْهِمَا من اللبَاس فَأَرَدْت توديعه وحاذرت إنباهه وإزعاجه فَخرجت ولقيني الْخَادِم يُرِيد إيقاظه وتعريفه انصرافي فأقسمت عَلَيْهِ أَن لَا يفعل وَوجدت غلامي قد بكر بِمَا أركبه كَمَا كنت أَمرته فركبت منصرفا وعاملا على الْعود إِلَيْهِ والتوفر على مواصلته وَأخذ الْحَظ من معاشرته ومتوهما أَن مَا كنت فِيهِ مَنَام لطيبه وَقرب أَوله من آخِره واعترضتني أَسبَاب أدَّت إِلَى اللحاق بِسيف الدولة فسرت على أتم حسرة لما فَاتَنِي من معاودة لِقَائِه وَقلت فِي ذَلِك (وَيَوْم كَأَن الدَّهْر سامحني بِهِ ... فَصَارَ اسْمه مَا بَيْننَا هبة الدَّهْر) (جرت فِيهِ أَفْرَاس الصِّبَا بارتياحنا ... إِلَى دير مران الْمُعظم والعمر) (بِحَيْثُ هَوَاء الغوطتين معطر النسيم ... بِأَنْفَاسِ الرياحين والزهر) (فَمن رَوْضَة بالْحسنِ ترفد رَوْضَة ... وَمن نهر بالفيض يجْرِي إِلَى نهر) (وَفِي الهيكل الْمَعْمُور مِنْهُ افترعتها ... وصحبي حَلَالا بعد تَوْفِيَة الْمهْر) (ونزهت عَن غير الدَّنَانِير قدرهَا ... فَمَا زلت مِنْهَا أشْرب التبر بالتبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 (وَحل لنا مَا كَانَ مِنْهَا محرما ... وَهل يحظر الْمَحْظُور فِي بلد الْكفْر) (فَأَهْدَتْ لي الْأَيَّام فِيهِ مَوَدَّة ... دعتني فِي ستر فلبيت فِي ستر) (أَتَى من شرِيف الطَّبْع أصدق رَغْبَة ... تخاطبني عَن مَعْدن النّظم والنثر) (وَكَانَ جوابي طَاعَة لَا مقَالَة ... وَمن ذَا الَّذِي لَا يستجيب إِلَى الْيُسْر) (فلاقيت ملْء الْعين نبْلًا وهمة ... محلى السجايا بالطلاقة والبشر) (وأحشمني بِالْبرِّ حَتَّى ظننته ... يُرِيد اختداعي عَن جناني وَلَا أَدْرِي) (ونزه عَن غير الصفاء اجتماعنا ... فَكنت وإياه كقلبين فِي صدر) (وَشاء السرُور أَن يلينا بثالث ... فلاطفنا بالبدر أَو بأخي الْبَدْر) (بمعطي عُيُون مَا اشتهت من جماله ... ومضني قُلُوب بالتجنب والهجر) (جَنِينا جني الْورْد فِي غير وقته ... وزهر الرِّبَا من روض خديه والثغر) (وقابلنا من وَجهه وَشَرَابه ... بشمسين فِي جنحي دجى اللَّيْل وَالشعر) (وغنى فَصَارَ السّمع كالطرف آخِذا ... بأوفر حَظّ من محاسنه الزهر) (وأمتعنا من وجنيته بِمثل مَا ... تمزج كَفاهُ من المَاء وَالْخمر) (سرُور شكرنا منَّة الصحو إِذا دَعَا ... إِلَيْهِ وَلم نشكر بِهِ منَّة السكر) (كَأَن اللَّيَالِي نمن عَنهُ فعندما ... تنبهن نكبن الْوَفَاء إِلَى الْغدر) (مضى وَكَأَنِّي كنت فِيهِ مهوما ... يحدث عَن طيف الخيال الَّذِي يسري) (وَهل يحصل الْإِنْسَان من كل مَا بِهِ ... تسامحه الْأَيَّام إِلَّا على الذّكر) // من الطَّوِيل // وَلم أزل على أتم قلق وَأعظم حسرة وَأَشد تأسف على مَا سلبته من فِرَاق الْفَتى لَا سِيمَا وَلم أحصل مِنْهُ على حَقِيقَة علم وَلَا يَقِين خبر يؤديانني إِلَى الطمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 فِي لِقَائِه إِلَى أَن عَاد سيف الدولة إِلَى دمشق وَأَنا فِي جملَته فَمَا بدأت بِشَيْء قبل الْمصير إِلَى الراهب وَقد كنت حفظت اسْمه فَخرج إِلَيّ مَرْعُوبًا وَهُوَ لَا يعرف السَّبَب فَلَمَّا رَآنِي استطار فَرحا وَأقسم أَلا يخاطبني إِلَّا بعد النُّزُول وَالْمقَام عِنْده يومي ذَلِك فَفعلت فَلَمَّا جلسنا للمحادثة قَالَ مَا لي لَا أَرَاك تسْأَل عَن صديقك قلت وَالله مَا لي فكر ينْصَرف عَنهُ وَلَا أَسف يتَجَاوَز مَا حرمته مِنْهُ وَلَا سررت بعودي إِلَى هَذِه الْبَلدة إِلَّا من أَجله وَلذَلِك بدأت بقصدك فاذكر لي خَبره فَقَالَ لي أما الْآن فَنعم هَذَا فَتى من المادرانيين جليل الْقدر عَظِيم النِّعْمَة كَانَ ضمن من سُلْطَانه بِمصْر ضيَاعًا بِمَال كثير فخاس بِهِ ضَمَانه لقعود السّعر وأشرف على الْخُرُوج من نعْمَته فاستتر وَلما اشْتَدَّ الْبَحْث عَنهُ خرج متخفيا إِلَى أَن ورد دمشق بزِي تَاجر فَكَانَ استتاره عِنْد بعض إخوانه مِمَّن أخدمه فَإِنِّي عِنْده يَوْمًا إِذْ ظهر لي وَقَالَ لصديقه إِنِّي أُرِيد الِانْتِقَال إِلَى هَذَا الراهب إِن كَانَ عَليّ مَأْمُونا فَذكر لَهُ صديقه مذهبي وأظهرت السرُور بِمَا رغب فِيهِ من الْأنس بِي وَأَنا لَا أعرفهُ غير أَن صديقي قد أَمرنِي بخدمته وَحصل فِي قلايتي فواصل الصَّوْم فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام جَاءَنَا الرَّسُول من عِنْد صديقنا وَمَعَهُ الْغُلَام وَالْخَادِم وَقد لَحقا بِهِ ومعهما سفاتج وَعَلَيْهِمَا ثِيَاب رثَّة فَلَمَّا نظر إِلَى الْغُلَام قَالَ يَا رَاهِب قد حل الْفطر وَجَاء الْعِيد ووثب إِلَيْهِ فاعتنقه وَجعل يقبل عَيْنَيْهِ ويبكي ووقف على السفاتج فأنفذها مَعَ درج رقْعَة مِنْهُ إِلَى صديقه فَلَمَّا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ حمل إِلَيْهِ ألفي دِينَار وَقَالَ لَهُ ابتع لنا مَا نستخدمه فِي هَذِه الضَّيْعَة فَابْتَاعَ آلَة وفرشا وَلم يزل مكبا على مَا رَأَيْت إِلَى أَن ورد عَلَيْهِ بالبغال والآلات الْحَسَنَة وَكتب أَهله باجتماعهم إِلَى صَاحب مصر وتعريفهم إِيَّاه الْحَال فِي بعده عَن وَطنه لضيق ذَات يَده عَمَّا يُطَالب بِهِ والتوقيع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 بحطيطة المَال عَنهُ مقترنا بالكتب فَلَمَّا عمل على الْمسير قَالَ لغلامه سلم جَمِيع مَا بَقِي مَعَك من نفقتنا إِلَى الراهب ليصرفه فِي مصَالح الدَّيْر إِلَى أَن نواصل تفقده من مستقرنا وَسَار وَمَا لَهُ حسرة غَيْرك وَلَا أَسف إِلَّا عَلَيْك يقطع الْأَوْقَات بذكرك وَلَا يشرب إِلَّا على مَا يُغْنِيه الْغُلَام من شعرك وَهُوَ الْآن بِمصْر على أفضل الْأَحْوَال وأجلها مَا يبخل بتفقدي وَلَا يغب بري فتعجلت بعض السلوة بِمَا عرفت من حَقِيقَة خَبره وَأَتْمَمْت يومي عِنْد الراهب وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ انْتهى كَلَامه فِي بَيَان غرر من رسائله الموصولة بمحاسن شعره كتب إِلَى سيف الدولة يذكر مُنْصَرفه من بعض الْغَزَوَات ظافرا إِلَى الثغر ومقامه على ابْن الزيات صَاحبه وَقد عصي وَأَخذه إِيَّاه وانكفاءه بعد ذَلِك إِلَى حلب الرياسة أيد الله سيدنَا حلَّة موموقة ومرتبة مرموقة يتفاضل النَّاس فِيهَا بِقدر الهمم وينالونها بِحَسب مراتبها من الْكَرم فَمَا تدْرك إِلَّا بالسماح وَلَا تملك إِلَّا بأطراف الرماح وَلَا تتقمص إِلَّا بِالْحَمْد وَلَا تخْطب إِلَّا بِلِسَان الْمجد فَكل من أدْركهَا طلبا واستحقها بأفعاله لقبا من غير الدُّخُول لسيدنا تَحت شرف التَّعَبُّد ورق الْإِخْلَاص لَا التودد فقد حرم نيل الْكَمَال وَعدل عَن الْحَقِيقَة إِلَى الْمحَال (لِأَنَّهُ الْغَايَة القصوى الَّتِي عجزت ... عَن أَن تؤمل إدراكا لَهَا الهمم) (مَا تسْتَحقّ مُلُوك الدَّهْر مرتبَة ... فِي الْفضل إِلَّا لَهُ من فَوْقهَا قدم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 (ذكاؤه إِن دجا ليل الشكوك ضحى ... وظله إِن خطا صرف الردى حرم) (فَلَو عدا الْكَرم الْمَوْصُوف رَاحَته ... عَن أَن يجاوزها لم يكرم الْكَرم) // من الْبَسِيط // الشجَاعَة أقل أدواته والبلاغة أَصْغَر صِفَاته يطْرق الدَّهْر إِذا نطق وينطق الْمجد إِذا افتخر فالآمال مَوْقُوفَة عَلَيْهِ وَالثنَاء أجمع مَصْرُوف إِلَيْهِ نَهَضَ بِمَا قعدت همم الْمُلُوك عَن ثقله وَضعف الدَّهْر عَن معاناة مثله بهمم سيفية وعزائم علوِيَّة فَرد شَمل الدّين جَدِيدا وذميم الْأَيَّام حميدا بِحَق أوضحه وخلل أصلحه وَهدى أَعَادَهُ وضلال أباده (فَلَا انتزع الله الْهدى عز بأسه ... وَلَا انتزع الله الوغى عزنصره) (وَأحسن عَن حفظ النَّبِي وَآله ... ورعي سوام الدّين توفير شكره) (فَمَا تدْرك المداح أدنى حُقُوقه ... بإغراق منظوم الْكَلَام ونثره) // من الطَّوِيل // لِأَن أدنى نعْمَة تستغرق جماع الشُّكْر وأيسر منَّة تفوت الْمُبَالغَة فِي جميل الذّكر فَأَما هَذَا الْفَتْح الشريف خطره الحميد أَثَره الْمَشْهُور بلاؤه الْوَاجِب ثَنَاؤُهُ الباسق فَرعه الْعَام نَفعه فَأَشْرَف من أَن يحد بِالصِّفَاتِ أَو يعد بأفصح الْعبارَات لإجراء الله تَعَالَى سيدنَا فِيهِ من نيل الْإِرَادَة على مشكور الْعرف وَالْعَادَة فِيمَا ابتسم بِهِ من ثغر الدّين وَشَمل صَلَاحه كَافَّة الْمُسلمين (كَأَنَّمَا ادخر الرَّحْمَن معظمة ... دون الْمُلُوك لسيف الدولة البطل) (رَآهُ أكْرمهم فِي الْخَيْر إِن ذكرُوا ... وَصفا وأفضلهم فِي القَوْل وَالْعَمَل) (فهزه وظبا الأسياف مغمدة ... واستله غير مَنْسُوب إِلَى الفلل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 (حَتَّى غَدا الدّين من بعد العبوس بِهِ ... جذلان يرفل من نعماه فِي حلل) (فَلَو تكلم فِي حَال وَقيل لَهُ ... من خير هَذَا الورى لم يسم غير عَليّ) // من الْبَسِيط // وَله من رِسَالَة أُخْرَى شهَاب ذكاء وطود وَفَاء وكعبة فضل وغمامة بذل وحسام حق ولسان صدق فالليالي بأفعاله مشرقة والأقدار لخوفه مطرقة تحمده أولياؤه وَتشهد لَهُ بِالْفَضْلِ أعداؤه (يقابلنا الْبَدْر من برده ... ويشملنا السعد من سعده) (وَلَو فَخر الْمجد لم تلقه ... فخورا شَيْء سوى مجده) // من المتقارب // وَله من رِسَالَة أُخْرَى ثمَّ إِن شكري نعْمَة الله تَعَالَى بِمَا جددت من مُلَاحظَة سيدنَا حَالي وتداركه بطول التطول مرض آمالي مَا لَا أُؤَمِّل مَعَ الْمُبَالغَة والإغراق فِيهِ فك نَفسِي بِحَال من رق أياديه غير أَنِّي أحسن لَهَا النّظر وأجمل عِنْدهَا الأحدوثة وَالْخَبَر بِالدُّخُولِ فِي جملَة الشَّاكِرِينَ والاتسام بفضيلة المخلصين إِذْ كَانَ أدام الله عزه قد نصر نباهتي على الخمول واستنقذني من التعهد للتأميل (فصرت أمسك عَن أَوْصَاف نعْمَته ... عَجزا وينطق عَن آثارها حَالي) (لما تحصنت من دهري بمعقله ... سمت بحملانه ألحاظ إقبالي) (وواصلتني صلات مِنْهُ رحت بهَا ... أختال مَا بَين عز الجاه وَالْمَال) (فَلْينْظر الدَّهْر عَقبي مَا صبرت لَهُ ... إِذْ كَانَ من بعض حسادي وعذالي) (ألم أكده بِحسن الِانْتِظَار إِلَى ... أَن صنت حظي عَن حل وترحال) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 (بلغت مَا لَا يجوز السؤل نائله ... وَلَا يدافع عَن فضل وإفضال) (يَا عارضا لم أَشمّ مذ كنت بارقه ... إِلَّا رويت بغيث مِنْهُ هطال) (رويد جودك قد ضَاقَتْ بِهِ هممي ... ورد عني برغم الدَّهْر إقلالي) (لم يبْق لي أمل أَرْجُو نداك بِهِ ... دهري لِأَنَّك قد أفنيت آمالي) // من الْبَسِيط // وَالله ينهضني من شكر طوله والنهوض بِحُقُوق فَضله لما يبلغنِي رُتْبَة الزِّيَادَة ونيل السؤل والإرادة بمنه وَكَرمه وَله من رِسَالَة إِلَيْهِ يلْتَمس رسمه من الْكسْوَة وَالْعَادَة جَارِيَة بإعانتي على مَا أوثره من التجمل فِي الْخدمَة بمتابعة النّظر ومواصلة التفقد (فَإِن رأى لَا رأى سوءا وَلَا برح الإقبال ... مُشْتَمِلًا أَيَّام دولته) (أَن يَقْتَضِي لي من إنعامه خلعا ... تنوب عَن منطقي فِي شكر نعْمَته) (إِذا تأملها الحساد لائحة ... تيقنوا أَنَّهَا عنوان نِيَّته) // من الْبَسِيط // فعل إِن شَاءَ الله وَله من رِسَالَة إِلَى المهلبي الْوَزير وَلما كَانَت مَنَاقِب سيدنَا من المعجز الَّذِي لَا يتعاطى استطاعة الْوَصْف مطالوته وَلَا إِمْكَان البلاغة مساجلته عدلت إِلَى شكر الله تَعَالَى على مَا ألهمنيه من تأميل سيدنَا والتجمل بِحمْل منته واكتساب الشّرف بسمة ذكره متحققا أَنِّي على الْبعد مِنْهُ حَاضر بالإخلاص لَا حق بذوي الحظوة والاختصاص إِذْ كَانَت خدمَة مثلي إِنَّمَا هِيَ بلبه لَا بِقُرْبِهِ وبفهمه لَا بجسمه (وَفِي الْحَقِيقَة لَوْلَا أَن معتقلي ... عَن السرى جود سيف الدولة الْملك) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 (لما اقتصرت على غير الْمسير إِلَى ... من حَظه فِي الْمَعَالِي غير مُشْتَرك) (لكنه فلك الْفضل الْمُحِيط وَمَا ... من عَادَة الشَّمْس أَن تنأى عَن الْفلك) // من الْبَسِيط // وَفِي هَذِه الرسَالَة (وَإِن رأى المتناهي من سيادته ... إِلَى الْمحل الَّذِي لم يرقه أحد) (أَن يَقْتَضِي لي حظا من مكارمه ... يغري على العدى من أَجله الْحَسَد) (فالشمس تَدْنُو ضِيَاء وَهِي نازحة ... والسحب تروي وَمن أوطانها الْبعد) // من الْبَسِيط // وَله من رِسَالَة إِلَى أبي مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد بن وَرْقَاء وَقد كنت أوثر أَن لَا يصدر كتابي هَذَا إِلَّا بقصيدة فِي الْأَمِير غير أَن الْوَقْت لم يَتَّسِع لما أوثره فأنفذت هَذِه الأبيات وَأَرْجُو أَن يكون موقعها باسطا لي إِلَى مَا أوثره من المواصلة بأمثالها وَلَا وَالله مَا حسبت فِيهَا وَلَا فِيمَا تقدمها من المنثور عنان الْقَلَم وَهِي (جاد ربعا حللته يَا همام ... من ندى كفك الْعَزِيز رهام) (فقبيح إِن استزدت لَهُ صوب ... غمام وَأَنت فِيهِ غمام) (مَا بِأَرْض لم تبد فِيهَا صباح ... مَا بدار حللت فِيهَا ظلام) (وَإِذا مَا حللت فِي بلد فَهُوَ ... جَمِيع الدُّنْيَا وَأَنت الْأَنَام) (سؤدد عِنْده التفاخر ذل ... وندى عِنْده الْكِرَام لئام) (وسجايا كَأَنَّهَا الرَّوْض إِلَّا ... أَنَّهَا لِلْعَدو موت زؤام) (أَنْتُم أنفس الْعلَا يَا بني وَرْقَاء ... وَالنَّاس كلهم أجسام) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 (سخط المَال من أكفكم مَا ... حمدته السيوف والأقلام) // من الْخَفِيف // وَله من رِسَالَة كتبهَا بعد وَفَاة سيف الدولة إِلَى عدَّة الدولة أبي تغلب بن نَاصِر الدولة يذكر رغبته فِي قَصده وإيثاره الِانْقِطَاع إِلَيْهِ وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان وَخمسين وثلثمائة وَمن أبرز لسيدنا صفحة رجائه ووفق للانقطاع إِلَى سَعَة نعمائه فقد استظهر لما بَقِي من عمره وَحكم لنَفسِهِ بالفوز على دهره (فَمَا يقْدَح الْفقر فِي حَاله ... وَلَا يطْمع الدَّهْر فِي قَصده) (وَكَيف وَقد صَار ضيف الْغَمَام ... وَهُوَ قريب على بعده) (وَمن علقت بِأبي تغلب ... يَدَاهُ احتذى الْبَدْر من سعده) (همام قضى الله من عَرْشه ... لَهُ بالإمارة فِي مهده) (فطود السِّيَادَة فِي دسته ... وشمس الرياسة فِي برده) // من المتقارب // وَلما ورد الْجَواب عَن مكتوبه مَقْرُونا بإزاحة الْعلَّة فِي جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي سَفَره والتوقيع بالمبادرة فِي الْمسير إِلَى الْموصل وردهَا وَلَقي أَبَا تغلب برسالة طَوِيلَة مِنْهَا أفْصح دَلَائِل الإقبال وأصدق براهين السَّعَادَة أَطَالَ الله بَقَاء سيدنَا مَا شهِدت الْعُقُول بِصِحَّتِهِ ونطقت البصائر بحقيقته ونعمة الله تَعَالَى على الدّين وَالدُّنْيَا بِمَا أولاهما من اخْتِيَار سيدنَا لحراستهما بناظر فَضله وسترهما بِظِل عدله مفصحة بتكامل الإقبال مبشرة بِتَصْدِيق الآمال (محروسة ضمن الشُّكْر الوفي لَهَا ... عَن الزِّيَادَة نيل السؤل فِي الدَّرك) (تحقق الدَّهْر أَن الْملك مُنْذُ نشا ... لَهُ أَبُو تغلب اسْم غير مُشْتَرك) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 (واستخلف الْفلك الدوار همته ... فَلَو ونى أغنت الدُّنْيَا عَن الْفلك) // من الْبَسِيط // موفر الْحَسَنَات مَأْمُون الهفوات متناصر الصِّفَات ربعي النفاسات حمداني السياسة ناصري الرياسة عطاردي الذكاء موفق الآراء شمسي التَّأْثِير فلكي التَّدْبِير قمري التَّصْوِير للصدق كَلَامه وَالْعدْل أَحْكَامه وللوفاء ذمامه وللحسام عناؤه وللقدر مضاؤه وللسحاب عطاؤه (دَعوته فأجابتني مكارمه ... وَلَو دَعَوْت سوى نعماه لم تجب) (وجدته الْغَيْث مشغوفا بعادته ... وَالرَّوْض يجني بِمَا فِي عَادَة السحب) (لَو فَاتَهُ النّسَب الوضاح كَانَ لَهُ ... من فَضله نسب يُغني عَن النّسَب) (إِذا دَعَتْهُ مُلُوك الأَرْض سَيِّدهَا ... طرا دَعَتْهُ الْمَعَالِي سيد الْعَرَب) // من الْبَسِيط // فأجمل بره وتقبله مُدَّة مقَامه بِحَضْرَتِهِ إِلَى أَن سَار عَنْهَا إِلَى مَدِينَة السَّلَام سنة تِسْعَة وَخمسين وثلاثمائة وَجعل يعاود الْموصل مرّة ومدينة السَّلَام أُخْرَى وَله من رِسَالَة شكر وَكَأَنِّي أرى عواقب اشتمالك عَليّ وتفقدك المتواصل إِلَيّ من مرْآة الْعقل وبصيرة الذكاء وَالْفضل إِذْ كَانَت أَمَارَات الإقبال على حَالي بك لائحة وشواهد السَّعَادَة لدي بعنايتك وَاضِحَة (فَمن نظر يُسَارع فِي صلاحي ... وَمن وصف يحث على نفاقي) (فإنعام أسر من التداني ... على عدم أفظ من الْفِرَاق) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 وَله فِي مثلهَا من كَانَ جميل رَأْي سيدنَا عدته أَمن من الدَّهْر شدته وَمن فزع إِلَى إحسانه استظهر على زَمَانه وَمن توجه برغبته إِلَيْهِ لم تقدم الْأَيَّام عَلَيْهِ (وَأَنا الَّذِي علمت من طلب الْغنى ... كَيفَ الطَّرِيق إِلَى الْغنى برجائه) (فظللت مَخْصُوصًا بِحَمْد عفاته ... وغدوت ممدوحا بشكر عطائه) (وأفدت قدما معجزات فضائلي ... من نور فطنته ونار ذكائه) (فَإِذا نطقت نطقت من أَلْفَاظه ... وَإِذا وهبت وهبت من نعمائه) // من الْكَامِل // ذكر مَا دَار بَينه وَبَين أبي إِسْحَاق الصابي كَانَ كل مِنْهُمَا يتَمَنَّى لِقَاء صَاحبه ويكاتبه ويراسله فاتفق أَن أَبَا الْفرج قدم مرّة بَغْدَاد وَأَبُو إِسْحَاق معتقل مُنْذُ مُدَّة بعيدَة فَلم يصبر عَنهُ فزاره فِي محبسه ثمَّ انْصَرف عَنهُ وَلم يعاوده فَكتب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق (أَبَا الْفرج اسْلَمْ وابق وانعم وَلَا تزل ... يزيدك صرف الدَّهْر حظا إِذا نقص) (مضى زمن تستام وَصلي غاليا ... فأرخصته وَالْبيع غال ومرتخص) (وآنستني فِي محبسي بزيارة ... شفت كمدا من صَاحب لَك قد خلص) (وَلكنهَا كَانَت كحسوة طَائِر ... فواقا كَمَا يستفرص السَّارِق الفرص) (وأحسبك استوحشت من ضيق محبسي ... وأوجست خوفًا من تذكرك القفص) (كَذَا الكرز اللماح ينجو بِنَفسِهِ ... إِذا عاين الأشراك تنصب للقنص) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 (فحوشيت يَا قس الطُّيُور فصاحة ... إِذا أنْشد المنظوم أَو درس الْقَصَص) (من المنسر الأشغى وَمن حزة المدى ... وَمن بندق الرَّامِي وَمن قصَّة المقص) (وَمن صعدة فِيهَا من الدبق لهذم ... لفرسانكم عِنْد الطعان بهَا قعص) (فهذي دواهي الطير وقيت شَرها ... إِذا الدَّهْر من أحداثه جرع الْغصَص) // من الطَّوِيل // فَأَجَابَهُ أَبُو الْفرج فِي الْحَال مَعَ رَسُوله (أيا ماجدا مذ يمم الْمجد مَا نكص ... وَبدر تَمام مذ تَكَامل مَا نقص) (ستخلص من هَذَا السرَار وَأَيّمَا ... هِلَال توارى بالسرار فَمَا خلص) (برأفة تَاج الْملَّة الْملك الَّذِي ... لسؤدده فِي خطة المُشْتَرِي خصص) (تقنصت بالألطاف شكري وَلم أكن ... علمت بِأَن الْحر بِالْبرِّ يقتنص) (وصادفت أدنى فرْصَة فانتهزتها ... بلقياك إِذْ بالحزم تنتهز الفرص) (أَتَتْنِي القوافي الباهرات تحمل الْبَدَائِع ... من مستحسن الْجد والرخص) (فقابلت زهر الرَّوْض مِنْهَا وَلم أرع ... وأحرزت در الْبَحْر مِنْهَا وَلم أغص) (فَإِن كنت بالببغاء قدما ملقبا ... فكم لقب بالجور لَا الْعدْل مخترص) (وَبعد فَمَا أخْشَى تقنص جارح ... وقلبك لي وكر ورأيك لي قفص) فَانْتهى الِابْتِدَاء وَالْجَوَاب إِلَى عضد الدولة فأعجب بهما واستظرفهما وَكَانَ ذَلِك أحد أَسبَاب إِطْلَاق أبي إِسْحَاق من اعتقاله ثمَّ اتَّصَلت بَينهمَا الْمُكَاتبَة والمودة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وَكتب أَبُو إِسْحَاق إِلَى أبي الْفرج أبياتا فِي صفة القبج والخطاطيف ثمَّ كتب إِلَيْهِ هَذِه الأرجوزة فِي صفة الببغاء (أنعتها صَبِيحَة مليحة ... ناطقة باللغة الفصيحة) (غَدَتْ من الأطيار وَاللِّسَان ... يوهمني بِأَنَّهَا إِنْسَان) (تنهي إِلَى صَاحبهَا الأخبارا ... وَتكشف الْأَسْرَار والأستارا) (سكاء إِلَّا أَنَّهَا سميعه ... تعيد مَا تسمعه طبيعه) (وَرُبمَا لقنت العضيهه ... فتغتدي بذيئة سفيهه) (زارتك من بلادها البعيده ... واستوطنت عنْدك كالقعيده) (ضيف قراه الْجَوْز والأرز ... والضيف فِي أَبْيَاتنَا يعز) (ترَاهُ فِي منقارها الخلوقي ... كلؤلؤ يلقط بالعقيق) (تنظر من عينين كالفصين ... فِي النُّور والظلمة بصاصين) (تميس فِي حلتها الخضراء ... مثل الفتاة الغادة الْعَذْرَاء) (خريدة خدورها الأقفاص ... لَيْسَ لَهَا من حَبسهَا خلاص) (تحبسها وَمَا لَهَا من ذَنْب ... وَإِنَّمَا تحبسها للحب) (تِلْكَ الَّتِي قلبِي بهَا مشغوف ... كنيت عَنْهَا وَاسْمهَا مَعْرُوف) (نشْرك فِيهَا شَاعِر الزَّمَان ... وَالْكَاتِب الْمَعْرُوف بِالْبَيَانِ) (وَذَاكَ عبد الْوَاحِد بن نصر ... تقيه نَفسِي عاديات الدَّهْر) فَأَجَابَهُ أَبُو الْفرج بِهَذِهِ الأرجوزة (من منصفي من حكم الْكتاب ... شمس الْعُلُوم قمر الْآدَاب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 (أضحى لأوصاف الْكَلَام محرزا ... وسام أَن يلْحق لما برزا) (وَهل يجاري السَّابِق المقصر ... أم هَل يُسَاوِي الْمدْرك المعذر) (مَا زَالَ بِي عَن غَرَض معرضًا ... ولي بِمَا يصدره مستنهضا) (فَتَارَة يعْتَمد الخطافا ... ببدع تستغرق الأوصافا) (وَتارَة يَعْنِي بنعت القبج ... من منطق لفضله مُحْتَج) (يحوم حول غَرَض مَعْلُوم ... ومقصد فِي شعره مَفْهُوم) (حَتَّى تجلت رغوة الصَّرِيح ... وَسلم التَّلْوِيح للتصريح) (وَصَحَّ أَن الببغاء مقْصده ... بِكُل مَا كَانَ قَدِيما يُورِدهُ) (فَلم يدع لقَائِل مقَالا ... فِيهَا وَلَا لخاطر مجالا) (أهْدى لَهَا من كل نعت أحْسنه ... وصاغ من حلي الْمعَانِي أزينه) (أحَال بالريش الأشيب الْأَخْضَر ... وباحمرار طوقها والمنسر) (على اخْتِلَاط الرَّوْض بالشقيق ... وأخضر الميناء بالعقيق) (تزهى بدواج من الزمرد ... ومقلة كسبج فِي عسجد) (وَحسن منقار أَشمّ قاني ... كَأَنَّمَا صِيغ من المرجان) (صيرها انفرادها فِي الْحَبْس ... بنطقها من فصحاء الْإِنْس) (تميزت فِي الطير بِالْبَيَانِ ... عَن كل مَخْلُوق سوى الْإِنْسَان) (تحكي الَّذِي تسمعه بِلَا كذب ... من غير تَغْيِير لجد أَو لعب) (غذاؤها أزكى طَعَام رغدا ... لَا تشرب المَاء وَلَا تخشى الصدا) (ذَات شغى تحسبه ياقوتا ... لَا تَرْتَضِي غير الْأرز قوتا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 (كَأَنَّمَا الْحبَّة فِي منقارها ... حبابة تطفو على عقارها) (إقدامها ببأسها الشَّديد ... أسكنها فِي قفص الْحَدِيد) (فَهِيَ كخود فِي لِبَاس أَخْضَر ... تأوي إِلَى خركاهة لم تستر) (ووصفها المعجز مَا لَا يدْرك ... وَمثله فِي غَيرهَا لَا يملك) (لَو لم تكن لي لقبا لم أختصر ... لَكِن خشيت أَن يُقَال منتصر) (وَإِنَّمَا تنْعَت بِاسْتِحْقَاق ... لوصفها حذق أبي إِسْحَاق) (شرفها وَزَاد فِي تشريفها ... بِحكم أبدع فِي تفويفها) (فَكيف أجزي بالثناء الْمُنْتَخب ... من صرف الْمَدْح إِلَى اسْمِي واللقب) وَكتب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق بِأَحْسَن مَا قيل فِي مدح الألثغ (أَبَا الْفرج استحققت نعتا لأَجله ... تسميت من بَين الْخَلَائق ببغا) (بَيَانا منيرا كاللجين مضمنا ... نضارا من الْمَعْنى أديبا وأفرغا) (فَلَو لامرئ الْقَيْس انتدبت مجاريا ... كبا أَو لقس فِي فَصَاحَته صغا) (مَتى مَا يرم ذَا الِاسْم غَيْرك رائم ... ليبلغ من غايات فضلك مبلغا) (فَإِنِّي أُسَمِّيهِ بِهِ ثمَّ أنثني ... فأسلبه بَاء من الِاسْم إِذْ بغى) (إِذا أَنا سلمت البلاغة طَائِعا ... إِلَيْك فَأَي النَّاس خالفني طَغى) (كفتك على رغم الحسود شهادتي ... بِأَن كنت مِنْهُ ثمَّ مني أبلغا) (وَمَا هجنت مِنْك المحاسن لثغة ... وَلَيْسَ سوى الْإِنْسَان تَلقاهُ ألثغا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 (أتعرفها فِيمَا تقدم خَالِيا ... لعير إِذا مَا صَاح أَو جمل رغا) (فيا لَك حرفا زِدْت فضلا بنقصه ... فَأَصْبَحت مِنْهُ بالكمال مسوغا) (بقيت وَلَا تعدم بَقَاء مرفها ... وعشت وَلَا تعدم معاشا مرفغا) // من الطَّوِيل // وَلما نقل عز الدولة بِاخْتِيَار ابْنَته الْمُزَوجَة بعدة الدولة أبي تغلب إِلَيْهِ بالموصل كتب عَنهُ أَبُو إِسْحَاق فِي مَعْنَاهَا فصلا من كتاب استحسنه النَّاس وتحفظوه وَأقر لَهُ بالبراعة والبلاغة كل بليغ وَهُوَ قد توجه أَبُو النَّجْم بدر الحرمي وَهُوَ الْأمين على مَا يلحظه الوفي بِمَا يحفظه نَحْوك يَا سَيِّدي ومولاي أدام الله عزك بالوديعة وَإِنَّمَا نقلت من وَطن إِلَى سكن وَمن مغرس إِلَى معرس وَمن مأوى بر وانعطاف إِلَى مثوى كَرَامَة وإلطاف وَمن منبت درت لَهَا نعماؤه إِلَى منشأ تجود عَلَيْهَا سماؤه وَهِي بضعَة مني انفصلت إِلَيْك وَثَمَرَة من جنى قلبِي حصلت لديك وَمَا بَان عني من وصلت حبله بحبلك وتخيرت لَهُ بارع فضلك وبوأته الْمنزل الرحب من جميل خلائقك وأسكنته الكنف الفسيح من كرم شيمك وطرائقك وَلَا ضيَاع على مَا تضمه أمانتك ويشتمل عَلَيْهِ حفظك ورعايتك وَأَرْجُو أَن يقرن الله موردها بالطائر السعيد وَالْأَمر الرشيد والعز الزَّائِد وَالْمجد الصاعد والنماء فِي الائتلاف والعصمة من الْفرْقَة بِالْخِلَافِ حَتَّى تكون عوائد الْبركَة بأحوالها منوطة وَمن عوادي الْأَيَّام وَغَيرهَا محوطة وَإِنَّمَا ألم أَبُو إِسْحَاق فِي تَسْمِيَته لَهَا بالوديعة بِالْفَصْلِ الَّذِي كتبه جَعْفَر ابْن مُحَمَّد بن ثوابة عَن المعتضد إِلَى ابْن طولون فِي ذكر ابْنَته قطر الندى المنقولة إِلَيْهِ وَهُوَ وَأما الْوَدِيعَة أعزّك الله فَهِيَ بِمَنْزِلَة مَا انْتقل من شمالك إِلَى يَمِينك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 عناية بهَا وحياطة لَهَا ورعاية لموالاتك فِيهَا فَلَمَّا عرضه على الْوَزير عبد الله بن سُلَيْمَان ارْتَضَاهُ جدا وَاسْتَحْسنهُ وَقَالَ لَهُ تسميتك إِيَّاه بالوديعة نصف البلاغة وَوَقع لَهُ بِالزِّيَادَةِ فِي إقطاعه ومشاهرته وَلما قرئَ الْفَصْل من إنْشَاء الصابي بِحَضْرَة أبي تغلب اعْتمد فِي الْجَواب عَنهُ على أبي الْفرج الببغاء وَكتب كتابا يشْتَمل على هَذَا الْفَصْل الَّذِي هُوَ الْجَواب عَن الْفَصْل الْمَذْكُور وَهُوَ وَأما أَبُو النَّجْم بدر الحرمي أيده الله المستوجب للارتضاء والإحماد الموفى بمناصحته على كل مُرَاد فقد أدّى الْأَمَانَة إِلَى متحملها وَسلم الذَّخِيرَة الجليلة إِلَى متقبلها فَحلت من مَحل الْعِزّ فِي وطنها وأوت من حمى السؤدد إِلَى مستقرها وسكنها متنقلة من عطن الْفضل والكمال إِلَى كنف السَّعَادَة والإقبال وصادرة عَن أنبل ولادَة وَنسب إِلَى أشرف اتِّصَال وأنبه سَبَب وَفِي الْيَسِير من لَوَازِم فروضها وواجبات حُقُوقهَا مَا صان رعايتي عَن الوصاة بهَا ونزه وفائي عَن الاستزادة لَهَا وَكَيف يُوصي النَّاظر بنوره أم كَيفَ يحض الْقلب على حفظ سروره وَإِن سَببا قرن بإحماد أَمِير الْمُؤمنِينَ أَطَالَ الله بَقَاءَهُ ذكراى وَوصل بِحَبل السَّيِّد الْعم ركن الدولة أدام الله تأييده حبلي ومنح عز الدولة أيده الله مَكْنُون ودي واختص الْأُخوة من ولد أَبِيه السعيد رَضِي الله عَنهُ وأيدهم بوثيق عهدي إِلَى أَن صرت بِفضل الْجَمَاعَة قَائِلا ودونها بِالنِّيَّةِ وَالْفِعْل مناضلا وبمحاسنها الْمَجْمُوعَة إِلَى ناطقا وبمالي عِنْدهَا من المساهمة والمشاركة واثقا لحقيق بالتناهي فِي الإعظام وخليق بالمبالغة فِي الْإِيجَاب وَالْإِكْرَام وَالله يعين على مَا اعتقده من ذَلِك وأخفيه ويوفقني لما يُوفي على الْمحبَّة والبغية فِيهِ بمنه وَقدرته وَحَوله وقوته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 هَذَا مَا أخرج من شعر أبي الْفرج الَّذِي يتَغَنَّى بِهِ فَمِنْهُ قَوْله (لقد عز العزاء عَليّ لما ... تصدى لي لتقتلني الصدود) (إِذا بعد الحبيب فَكل شَيْء ... من الدُّنْيَا ولذتها بعيد) // من الوافر // وَقَوله (يَا سادتي هَذِه نَفسِي تودعكم ... إِذْ كَانَ لَا الصَّبْر يسليها وَلَا الْجزع) (قد كنت أطمع فِي روح الْحَيَاة لَهَا ... فَالْآن إِذْ بنتم لم يبْق لي طمع) (لَا عذب الله روحي بِالْبَقَاءِ فَمَا ... أظنني بعدكم بالعيش أنتفع) // من الْبَسِيط // وَقَوله (حصلت من الْهوى بك فِي مَحل ... يُسَاوِي بَين قربك والفراق) (فَلَو واصلت مَا نقص اشتياقي ... كَمَا لَو بنت مَا زَاد اشتياقي) // من الوافر // وَقَوله (يَا مسقمي بجفون سقمها سَبَب ... إِلَى مُوَاصلَة الْأَقْسَام فِي جَسَدِي) (وَحقّ جفنيك لَا استعفيت من كمدي ... دهري وَلَو مت من هم وَمن كمد) (عذرت من ظلّ فِي حبيك يحسدني ... لِأَنَّهُ فِيك مَعْذُور على حسدي) // من الْبَسِيط // وَقَوله (يَا من تشابه مِنْهُ الْخلق والخلق ... فَمَا تُسَافِر إِلَّا نَحوه الحدق) (توريد دمعي من خديك مختلس ... وسقم جسمي من جفنيك مسترق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 (لم يبْق لي رَمق أَشْكُو هَوَاك بِهِ ... وَإِنَّمَا يتشكى من بِهِ رَمق) // من الْبَسِيط // وَقَوله (ومهفهف لما اكتست وجناته ... حلل الملاحة طرزت بعذاره) (لما انتصرت على عَظِيم جفائه ... بالثلب كَانَ الْقلب من أنصاره) (كملت محَاسِن وَجهه فَكَأَنَّمَا اقتبس ... الْهلَال النُّور من أنواره) (وَإِذا ألح الْقلب فِي هجرانه ... قَالَ الْهوى لَا بُد مِنْهُ فداره) // من الْكَامِل // وَقَوله (مَا ضرّ من بعد السرُور ببعده ... لَو كَانَ يجمل فِي صِيَانة عَبده) (يَبْدُو فَأَطْرَقَ هَيْبَة ومخافة ... من أَن يُؤثر ناظري فِي خَدّه) (قد صرت أعجب أَن عِلّة طرفه ... لَيست تُؤثر عِلّة فِي وده) // من الْكَامِل // وَقَوله (يَا طيف من أَنا عَبده من أَيْن لي ... شكر يقوم بِبَعْض مَا توليه) (ينأى فتدنيه إِلَيّ على النَّوَى ... فَأرَاهُ كالتحقيق فِي التَّشْبِيه) (مَا كَانَ أحسن حالتي لَو أَن مَا ... أُوتيت من كرم وَعطف فِيهِ) // من الْكَامِل // وَقَوله (علمت طيفك اسعافي فَمَا هجعت ... عَيْنَايَ إِلَّا وطيف مِنْك يطرفني) (فَكيف أشكر من إِن نمت واصلني ... بالطيف مِنْهُ وَإِن لم أغف قاطعني) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وَقَوله (خيالك مِنْك أعرف بالغرام ... وأرأف بالمحب المستهام) (فَلَو يَسْتَطِيع حِين حظرت نومي ... عَليّ لزار فِي غير الْمَنَام) // من الوافر // وَقَوله (قد كَانَ أحسن شَيْء بعد بعدهمْ ... بِروح مثلك أَن تنأى عَن الْجَسَد) (هم بالوصال أعادوها إِلَيْك فَلم ... ذخرتها بعدهمْ للصبر وَالْجَلد) (وعدت بالدمع تعليلا كَأَنَّك قد ... أظهرت مَا لَيْسَ مَوْجُودا لَدَى أحد) // من الْبَسِيط // وَقَوله (يَا من إِذا خفت فِيهِ العذل آمنني ... جميل إنصافه من عذل عذالي) (مَا يسْتَحق زماني وَهُوَ سامحني ... بِمثل ودك أَن أشكوه فِي حَال) (رآك غَايَة آمالي فَمَا بَرحت ... تسْعَى لياليه حَتَّى نلْت آمالي) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أَو لَيْسَ من إِحْدَى الْعَجَائِب أنني ... فارقته فحييت بعد فِرَاقه) (يَا من يحاكي الْبَدْر عِنْد تَمَامه ... ارْحَمْ فَتى يحكيه عِنْد محاقه) // من الْكَامِل // وَقَوله (جَاوَرت بالحب قلبا لم تذر فكري ... للحب مستمتعا فِيهِ وَلم تدع) (مفرقا بَين هم غير مفترق ... عَنهُ وَبَين سلو غير مُجْتَمع) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وَهَذِه غرر من شعره فِي الْغَزل وَالْخمر أنشدت لَهُ فِي رمد المحبوب وَهُوَ أحسن مَا سَمِعت فِي مَعْنَاهُ (بنفسي مَا يشكوه من رَاح طرفه ... ونرجسه مِمَّا دهى حسنه ورد) (أراقت دمي ظلما محَاسِن وَجهه ... فأضحى وَفِي عَيْنَيْهِ آثاره تبدو) (غَدَتْ عينه كالخد حَتَّى كَأَنَّمَا ... سقى عينه من مَاء توريده الخد) (لَئِن أَصبَحت رمداء مقلة مالكي ... لقد طالما استشفت بهَا مقل رمد) // من الطَّوِيل // وَله فِي الفصد (بِأبي الْغَائِب الَّذِي لم يغب عني ... فأشكو إِلَيْهِ هم المغيب) (باشرته كف الطَّبِيب فَلَو نلْت ... الْأَمَانِي قبلت كف الطَّبِيب) (فعلت فِي ذراعه ظبة المبضع ... أَفعَال لحظه بالقلوب) (فأسالت دَمًا كَأَن جفوني ... عصفرته بدمعها المسكوب) (طَابَ جدا فَلَو بِهِ سمح الدَّهْر ... لأمسي عطري وَأصْبح طيبي) // من الْخَفِيف // وَله فِي غُلَام خرج غازيا (يَا غازيا أَتَت الأحزان غَازِيَة ... إِلَى فُؤَادِي والأحشاء حِين غزا) (إِن بارزتك كماة الرّوم فَارْمِهِمْ ... بِسَهْم عَيْنَيْك تقتل كل من برزا) // من الْبَسِيط // وَله فِي وصف معصرة (ومعصرة أنخت بهَا ... وَقرن الشَّمْس لم يغب) (فخلت قزازها بِالرَّاحِ ... بعض معادن الذَّهَب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 (وَقد ذرفت لفقد الْكَرم ... فِيهَا أعين الْعِنَب) (وجاش عباب واديها ... بمنهل ومنسكب) (وَيَاقُوت الْعصير بهَا ... يلاعب لُؤْلُؤ الحبب) (فيا عجبا لعاصرها ... وَمَا يُغني بِهِ عجبي) (وَكَيف يعِيش وَهُوَ يَخُوض ... فِي بَحر من اللهب) // من مجزوء الوافر // قَوْله فِي الْخمر والقدح (بالقفص للقصف منزل كثب ... مَا للتصابي فِي غَيره أرب) (جَادَتْ بِهِ دِيمَة السرُور وَحل ... اللَّهْو فِيهِ وعرس الطَّرب) (دارت نُجُوم السرُور فِي فلك ... مِنْهُ لَهُ من فتوتي قطب) (من كل جسم كَأَنَّهُ عرض ... يكَاد لطفا باللحظ ينتهب) (نور وَإِن يغب وَوهم وَإِن ... صَحَّ وَمَاء لَو كَانَ ينسكب) (لَا عيب فِيهِ سوى إذاعته السِّرّ ... الَّذِي فِي حشاه يحتجب) (كَأَنَّمَا صاغه النِّفَاق فَمَا ... يخلص صدق مِنْهُ وَلَا كذب) (فَهُوَ إِلَى لون مَا يجاوره ... على اخْتِلَاف الطباع ينتسب) (إِذا ادَّعَاهُ اللجين أكذبه ... بِالرَّاحِ فِي صبغ جِسْمه الذَّهَب) (جلت عروس المدام حَالية ... فِيهِ علينا الأوتار والنخب) (فالراح بدر والجام هالته ... والأفق كفي والأنجم الحبب) (حَال بِهِ المَاء عَن طَبِيعَته ... بالمزج حَتَّى خلناه يلتهب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 (وَنحن فِي مجْلِس تدير بِهِ الْخمر ... علينا الأقداح لَا العلب) (ينسى بأوطانه الحنين إِلَى الأوطان ... من بالسرور ويغترب) (لَوْلَا حفاظي الْمَشْهُور مَا أمنت ... من بعد بَغْدَاد سلوتي حلب) // من المنسرح // وَله (ومدام كَأَنَّهَا فِي حَشا الدن ... صباح مُقَارن لمساء) (فَهِيَ نفس لَهَا من الطين جسم ... لم تمتّع فِيهِ بطول الْبَقَاء) (مَا توهمت قبلهَا أَن فِي الْعَالم ... نَارا تذكي بقرع المَاء) (بزلت وَالضُّحَى عَن اللَّيْل مَحْجُوب ... فلاحت كَالشَّمْسِ فِي الظلماء) (وتلاه الْفجْر الْمُنِير فعناه ... لأَنا عَن نوره فِي غناء) (مازجت جَوْهَر الزّجاج فَجَاءَت ... كشعاع ممازج لهواء) (وتحلت من الْحباب بدر ... يتلاشى باللحظ والإيماء) (بَيْنَمَا تسكتسي بِهِ زرد البلور ... حَتَّى ترفض مثل الهباء) (فكأنا بَين الكؤوس بدور ... تتهادى كواكب الجوازاء) (وَكَأن المدير فِي الْحلَّة الْبَيْضَاء ... مِنْهَا فِي حلَّة صفراء) (حبذا الْعَيْش حَيْثُ تسري الْأَمَانِي ... بَين جد الْغِنَا وهزل الْغناء) (حَيْثُ سكر الشَّبَاب أقضى على قلبِي ... وأمضى من نشوة الصَّهْبَاء) // من الْخَفِيف // وَله وَهُوَ من أبلغ مَا قيل فِي عتق الْخمر (وعريقة الْأَنْسَاب والشيم ... مَوْجُودَة والخلق فِي الْعَدَم) (قدمت فَلَا تعزى إِلَى حدث ... إِلَّا إِذا عزيت إِلَى الْهَرم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 (هِيَ آدم الْكَرم المولد فِي الدُّنْيَا ... وحوا الْخمر فِي الْقدَم) (كملت فضائلها وَقصر عَن ... أوصافها الإغراق فِي الْكَلم) (ظَهرت وَنور الشَّمْس فِي فلك ... من قبل خلق الصُّبْح وَالظُّلم) (فانهل جوهرها بمنسكب ... لم يعتصر بيد وَلَا قدم) (واشتق معنى اسْم السلاف لَهَا ... من كَونهَا فِي سالف الْأُمَم) (فَكَأَنَّهَا فِي صفوها خلقي ... وَكَأَنَّهَا فِي عتقهَا كرمي) // من الْكَامِل // وَله (غادني بالصبوح قبل الصَّباح ... واجر فِي حلبة الصِّبَا والمراح) (واغتنم زائر الغرام فقد بشر ... بالغيث من نسيم الرِّيَاح) (عاطنيها كالجلنار إِذا مَا ... كللت من حبابها بالأقاح) (فِي اخْتِصَاص التفاح بالطيب والخمرة ... لَا فِي كَثَافَة التفاح) (غير نكر أَن تستمد شُعَاع الشَّمْس ... مِنْهَا كواكب الأقداح) (فَهِيَ أصل الْأَنْوَار لطفا كَمَا كاساتها ... عنصر الزلَال القراح) (خدمتها الْأَجْسَام بالطبع لما ... شاهدت قربهَا من الْأَرْوَاح) (فتدارك بهَا حشاشة أفراحي ... وحرك بهَا سُكُون ارتياحي) (بَين وردين من بنان وخد ... وشرابين من رضاب وَرَاح) (ونشيد مستنبط من حَدِيث ... وغناء يُغني عَن الأقتراح) (فألذ الْحَيَاة مَا خلط الْعَاقِل ... فِيهِ فَسَاده بصلاح) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وَله فِي وصف شراب فِي قدح أَزْرَق فِيهِ صور (كم منَّة للظلام فِي عنقِي ... بِجمع شَمل وَضم معتنق) (وَكم صباح للراح أسلمني ... من قلق سَاطِع إِلَى فلق) (فعاطنيها بكرا مشعشعة ... كَأَنَّهَا فِي صفائها خلقي) (فِي أَزْرَق كالهواء يخرقه اللحظ ... وَإِن كَانَ غير منخرق) (كَأَن أجزاءه مركبة ... حسنا ولطفا من زرقة الحدق) (مَا زلت مِنْهُ منادما لعبا ... مذ أسكرتها السقاة لم تفق) (تختال قبل المزاج فِي أَزْرَق الْفجْر ... وَبعد المزاج فِي الشَّفق) (تغرق فِي أبحر المدام فيستنقذها ... شربنا من الْغَرق) (فَلَو ترى راحتي وزرقته ... من صبغها فِي معصفر شَرق) (لخلت أَن الْهَوَاء لاطفني ... بالشمس فِي قِطْعَة من الْأُفق) // من المنسرح // وَله من قصيدة (كم للصبابة وَالصبَا من منزل ... مَا بَين كلوا ذَا إِلَى قطربل) (جادته من ديم المدام سحائب ... أغنته عَن صَوت الحيا المتهلل) (غيث إِذا مَا الراح أَو مض برقه ... فرعوده حث الثقيل الأول) (لطفت مواقع صَوبه فسجاله ... تهمي على كرب النُّفُوس فتنجلي) (راضعت فِيهِ الكأس أهيف ينثني ... نحوي بجيد رشا وعيني مغزل) (فَأتى وَقد نقش الشعاع ثِيَابه ... بممزح من نسجها ومثقل) (وكسا البنان بهَا خضابا ياله ... لَو أَنه من وقته لم ينصل) (قدح البزال زنادها من دونهَا ... فتهافتت مثل الشَّرَاب الْمُرْسل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 (وطغت لعجز المَاء عَن إطفائها ... حَتَّى ظَنَنْت الكأس جذوة مصطلي) (فوردت أروي مورد وشربت أحلى ... مشرب ونهلت أعذب منهل) (ونزعت لَا فِي السكر خُنْت تصوني ... بخنا وَلَا فِي الصحو شنت تجملي) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي الْورْد (زمن الْورْد أظرف الْأَزْمَان ... وَأَوَان الرّبيع خير أَوَان) (أدْرك النرجس الجني وفزنا ... مِنْهُمَا بالخدود والأجفان) (أشرف الزهر زار فِي أشرف الدَّهْر ... فصل فِيهِ أشرف الإخوان) (وَأجل شمس الْعقار فِي يَد بدر الْحسن ... يخدمك مِنْهُمَا النيرَان) (وأدرها عذراء وانتهز الْإِمْكَان ... من قبل عائق الْإِمْكَان) (فِي كؤوس كَأَنَّهَا زهر الخشخاش ... ضمت شقائق النُّعْمَان) (واختدعها عِنْد البزال بِأَلْفَاظ ... المثاني ومطربات الأغاني) (فَهِيَ أولى من العرائس إِن زفت ... بعزف النايات والعيدان) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي النرجس (ونرجس لم يعد مبيضه الكأس ... وَلَا أصفره الراحا) (تخال أقحاف لجين حوت ... من أصفر العسجد أقداحا) (كَأَنَّمَا تهدي التحايا بِهِ ... لطفا إِلَى الْأَرْوَاح أرواحا) (يلهي عَن الْورْد إِذا مارنا ... ويخلف الْمسك إِذا فاحا) (أحبب بِهِ من زائر راحل ... عوض بالأحزان أفراحا) (فانتهز الفرصة فِي قربه ... وَكن إِلَى اللَّذَّات مرتاحا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 (وهاتها عذراء لم تفترع ... فِي اللَّيْل إِلَّا عَاد إصباحا) (كَأَنَّمَا كل بنان حوت ... كاساتها تحمل مصباحا) (واجن بألحاظك من وجنتي ... مديرها وردا وتفاحا) // من السَّرِيع // غرر شعره فِي سَائِر الْفُنُون وَله من قصيدة (صَحِبت الدَّهْر فِي سهل وحزن ... وجربت الْأُمُور وجربتني) (فَلم أر مذ عرفت مَحل نَفسِي ... بُلُوغ غنى يُسَاوِي حمل من) (وَلم تَتَضَمَّن الدُّنْيَا لحظي ... منال مَسَرَّة إِلَّا بحزن) (حملت على السوابق ثقل همي ... وشاهدت العواقب صفو ذهني) (وشمت بوارق الآمال دهرا ... فَلم أظفر على ظمأ بمزن) (وَلم أر كالجياد أصح ودا ... إِذا عدل الْوَدُود إِلَى التضني) (نكلفها عزائمنا فتكفي ... ونستدني الحظوظ بهَا فتدني) (وهبت لمثل قطع اللَّيْل مِنْهَا ... أغر كَمثل ضوء الصُّبْح مني) (وَكنت بِحَيْثُ ظن من اعتزام ... وَكَانَ من المضاء بِحَيْثُ ظَنِّي) (وثالثنا ابْن جد لَا يرى أَن ... يصاحب فِي تصرفه ابْن وَهن) (حجبت لجفنه الْأَبْصَار عَنهُ ... وَمن لي أَن يكون الجفن جفني) (سقيت نداي مَا أَسْنَى محلى ... وَأَرْفَع همتي وأعز ركني) (رسا فِي تربة العلياء أُصَلِّي ... وأينع فِي بروج الْعِزّ غصني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 (وَلَيْسَ عَليّ بِغَيْر الْجد فِيمَا ... سعيت لَهُ لأستغنى وَأغْنِي) (فَإِن أحرم فَلم أحرم لعجز ... وَإِن أبلغ فنفسي بلغتني) // من الوافر // وَله من أُخْرَى (مَا الذل إِلَّا تحمل المنن ... فَكُن عَزِيزًا إِن شِئْت أوفهن) (إِذا اقتصرنا على الْيَسِير فَمَا الْعلَّة ... فِي عتبنا على الزَّمن) // من المنسرح // وَله من أُخْرَى (جزيت أفضل مَا يجزاه ذُو كرم ... أحلافه فِي دياجي دهره شعل) (حماه وَهُوَ غُلَام غير مكتهل ... عَن المطامع فضل فِيهِ مكتهل) // من الْبَسِيط // وَله من أُخْرَى (أكل وميض بارقة كذوب ... أما فِي الدَّهْر شَيْء لَا يريب) (أَبى لي أَن أَقُول الهجر قدر ... بعيد أَن تجاور الْعُيُوب) // من الوافر // وَله من أُخْرَى فِي سعد الدولة بن سيف الدولة (لَا غيث نعماه فِي الورى خلب الْبَرْق ... وَلَا ورد جوده وشل) (جاد إِلَى أَن لم يبْق نائله ... مَالا وَلم يبْق للورى أمل) // من المنسرح // وَله (وَالْيَوْم من غسق الْعَجَاجَة لَيْلَة ... وَالْكر يخرق سجفها الممدودا) (وعَلى الصفاح من الكفاح وَصدقه ... روع أحَال بياضها توريدا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 (والطعن يغتصب الْجِيَاد شياتها ... وَالضَّرْب يقْدَح فِي التريك وقودا) (وعَلى النُّفُوس من الْحمام طلائع ... وَالْخَوْف ينشد صبرها المفقودا) (وَقد اسْتَحَالَ الْبر بحرا وَالضُّحَى ... لَيْلًا ومنخرق الفضاء حديدا) (وَأجل مَا عِنْد الفوارس حثها ... فِي طَاعَة الْهَرَب الْجِيَاد القودا) (حَتَّى إِذا مَا فَارق الرَّأْي الْهوى ... وَغدا الْيَقِين على الظنون شَهِيدا) (لم يغن غير أَبى شُجَاع والعلا ... عَنهُ تناجي النَّصْر والتأييدا) // من الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (من كل متسع الْأَخْلَاق مبتسم ... للخطب إِن ضَاقَتْ الْأَخْلَاق والحيل) (يسْعَى بِهِ الْبَرْق إِلَّا أَنه فرس ... فِي صُورَة الْمَوْت إِلَّا أَنه رجل) (يلقى الرماح بصدر مِنْهُ لَيْسَ لَهُ ... ظهر وهادى جواد مَا لَهُ كفل) // من الْبَسِيط // وَله من أُخْرَى (فِي سالب للشمس ثوب ضيائها ... بعجاجة ملْء الفضاء لهام) (كالليل إِلَّا أَن ثوب ظلامه ... من عثير ونجومه من لَام) (يلقى الدجى من بيضه بضحى كَمَا ... يلقى الضُّحَى من نقعه بظلام) // من الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (قاد الْجِيَاد إِلَى الْجِيَاد عوابسا ... شعثا وَلَوْلَا بأسه لم تنقد) (فِي جحفل كالسيل أَو كالليل أَو ... كالقطر صَافح موج بَحر مُزْبِد) (متوقد الجنبات يعتنق القنا ... فِيهِ اعتناق تواصل وتودد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 (مثعنجر بظبا الصوارم مبرق ... تَحت الْغُبَار وبالصواهل مرعد) (رد الظلام على الضُّحَى فَاسْتَرْجع الإظلام ... من ليل العجاج الأربد) (وكأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلة فِي الجلمد) (وَكَأن طرف الشَّمْس مطروف وَقد ... جعل الْغُبَار لَهُ مَكَان الإثمد) // من الْكَامِل // مَا أحسن هَذَا التَّشْبِيه وأوقعه وكل هَذِه الْأَوْصَاف مَالا مزِيد عَلَيْهِ حسنا وبراعة وَله من أُخْرَى (من كل مختالة تنقب بالعثير ... وَجه الضُّحَى من الخجل) (تضم أحشاءها على أَسد ... تزأر فِي غابة من الأسل) // من المنسرح // وَله من أُخْرَى (فِي خَمِيس كَأَنَّمَا السمر والأبطال ... غيل حمته أسود) (سلب الشَّمْس ضوءها بشموس ... طالعات أفلاكهن حَدِيد) (عَارض كلما جلته بروق الْبيض ... حثته بالصهيل الرعود) // من الْخَفِيف // وَله من أُخْرَى (وموشية بالبيص والزغف والقنا ... محبرة الأعصاب بالضمر القب) (بعيدَة مَا بَين الجناحين فِي السرى ... قريبَة مَا بَين الكميين بِالضَّرْبِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 (من السالبات الشَّمْس ثوب ضيائها ... بِثَوْب تولى نسجه عثير الترب) (يُعَاتب نشوان القنا صادح الظبا ... إِذا التقيا فِيهَا على قلَّة الشّرْب) (أعادت علينا اللَّيْل بالنقع فِي الضُّحَى ... وَردت إِلَيْنَا الصُّبْح فِي اللَّيْل بِالشُّهُبِ) (تبلج عَن شمسي نزار ويعرب ... وتفتر عَن طودي علا تغلب الغلب) (موقرة يقتاد ثني زمامها ... بَصِير بأدواء الكريهة وَالْحَرب) (أصح اعتزاما من خؤون على فَلَا ... وأنفذ حكما من غرام على صب) // من الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى (وَيَوْم أغص اتساع الفضاء ... جَيش لمن أمه مهول) (يخيل أَن مَا لَهُ آخر ... إِذا مَا ترَاءى لَهُ أول) (ويغصب شمس الضُّحَى نورها ... من الْخَيل مَا تبْعَث الأرجل) (دجى أَنْت بدر بِهِ والنجوم ... زرقك والظلمة القسطل) // من المتقارب // وَله من أُخْرَى (فِي عَارض ضَاقَتْ الأَرْض الفسيحة ... عَن سراه إِذْ سَالَ فِيهَا سيله العرم) (كَأَنَّهُ اللَّيْل لَا قرب وَلَا بعد ... يخفى عَلَيْهِ وَلَا فج وَلَا علم) (يهدي الْغُبَار إِلَيْهِ الشَّمْس كاسفة ... كَأَنَّهَا فِيهِ سر لَيْسَ ينكتم) (شقّ الغضنفر آجام الرماح بِهِ ... وَالْمَوْت يسفر أَحْيَانًا ويلتثم) (فراسل الدَّهْر فِي الْأَعْدَاء عزمته ... وَكَاتب النَّصْر عَنهُ السَّيْف لَا الْقَلَم) (وَمَا سمعنَا بليث قبل رُؤْيَته ... إِذا سرى صاحبته فِي السرى الأجم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 (الْبَاذِل الْعرف والأنواء باخلة ... وَالْمَانِع الْجَار والأعمار تخترم) (حَيْثُ الدجى النَّقْع وَالْفَجْر الصوارم ... والأسد الفوارس والخطية الأجم) // من الْبَسِيط // وَله من أُخْرَى (وكل بعيد قرب الْحِين نَحوه ... سلاهبك الجرد الْخفاف قريب) (تباشر أقطار الْبِلَاد كَأَنَّهَا ... ريَاح لَهَا فِي الْخَافِقين هبوب) (تماشي بفتيان كَأَن جسومهم ... لخفتها فَوق السُّرُوج قُلُوب) // من الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى (أَتَاهُم بألحاظ الْجِيَاد وَلم تكن ... لينأى عَلَيْهَا الْمنزل المتباعد) (من اللاء يهجرن الْمِيَاه لَدَى السرى ... ويعتضن شم الجو والجو راكد) (مرن على لدغ القنا فَكَأَنَّمَا ... عَلَيْهِنَّ من صبغ الدِّمَاء مجاسد) (نسجن ملاء النَّقْع ثمَّ حرقنه ... بكر لَهَا مِنْهُ إِلَى النَّصْر قَائِد) (عَلَيْهِنَّ من نسج الْغُبَار غلائل ... رقاق وَمن نضح الدِّمَاء قلائد) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة فِي وصف فرس (إِن لَاحَ قلت أدمية أم هيكل ... أَو عَن قلت أسابح أم أجدل) (تتخاذل الألحاظ فِي إِدْرَاكه ... ويحار فِيهِ النَّاظر المتأمل) (فَكَأَنَّهُ فِي اللطف فهم ثاقب ... وَكَأَنَّهُ فِي الْحسن حَظّ مقبل) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 وَله من قصيدة يشْكر بهَا بعض إخوانه وَقد أهْدى إِلَيْهِ بغلة (قد جَاءَت البغلة السفواء يجنب مِنْهَا ... الْبرد غيث ندى ينهل ماطره) (عريقة ناسبت أخوالها فلهَا ... بِالْعِتْقِ من كرم الجنسين فاخره) (ملْء الحزام وملء اللبد مجفرة ... يُرِيك غائبها فِي الْحسن حاضره) (أهْدى لَهَا الرَّوْض من أَوْصَافه شية ... خضراء ناضرة إِذْ حَال ناضره) (لَيست بِأول حملان شريت بِهِ ... حمدي وَلَا هِيَ يَاذَا الْمجد آخِره) (كم قد تقدمها من سابح بيَدي ... عنانه وعَلى الجوزاء حَافره) // من الْبَسِيط // وَله فِي وصف بركَة (وقوراء كالفلك المستدير ... تروق الْعُيُون بلألائها) (حبتها الْبحار بأمواجها ... وسحب السَّمَاء بأنوائها) (كَأَن تدفق تيارها ... يداك تفيض بنعمائها) (وجودك أغزر من جريها ... وخلقك أعذب من مَائِهَا) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 الْبَاب الثَّامِن 2 - 3 4 5 6 7 8 9 الشَّمْس مشمولة ... على غرَّة الْقَمَر الْأَزْهَر) (إِذا المَاء خالطها جنحت ... أكاليل در على جَوْهَر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 (كَأَن على الشّرْب من لَوْنهَا ... ثيابًا من الذَّهَب الْأَحْمَر) // من المتقارب // وَقَوله لسيف الدولة (أَنا شَاعِر أَنا شَاكر أَنا ناشر ... أَنا راجل أَنا جَائِع أَنا عاري) (هِيَ سِتَّة فَكُن الضمين لنصفها ... أكن الضمين لنصفها بعيار) (وَالنَّار عِنْدِي كالسؤال فَهَل ترى ... أَن لَا تكلفني دُخُول النَّار) // من الْكَامِل // وأنشدني غَيره للخليع وَأَنا أَشك فِيهِ (لَو لم تحل مَا سميت حَالا ... وكل مَا حَال فقد زَالا) (انْظُر إِلَى الظل إِذا مَا انْتهى ... يَأْخُذ فِي النَّقْص إِذا طالا) // من السَّرِيع // 21 - أَبُو الْفرج مُحَمَّد بن أَحْمد الغساني الدِّمَشْقِي الملقب بالوأواء من حَسَنَات الشَّام وصاغة الْكَلَام وَمن عَجِيب شَأْنه مَا أَخْبرنِي بِهِ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ كَانَ الوأواء مناديا فِي دَار الْبِطِّيخ بِدِمَشْق يُنَادي على الفوكه وَمَا زَالَ يشْعر حَتَّى جاد شعره وَسَار كَلَامه وَوَقع فِيهِ مَا يروق ويشوق ويفوق حَتَّى يَعْلُو العيوق ثمَّ أَخْبرنِي أَبُو الْحسن المصِّيصِي بِمَا يصدقهُ وأنشدني لمعا يسيرَة من شعره وَذكر أَنه سَمعهَا من إنشاده وَأول من حمل ديوانه إِلَى نيسابور أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان فَإِنَّهُ استصحبه من بَغْدَاد فِي جملَة مَا حصله من اللطائف والبدائع الَّتِي عَنى بهَا وَأنْفق الرغائب عَلَيْهَا وأتحفني بذلك فِي دفتر صَغِير الجرم خَفِيف الحجم ثمَّ ألحق بِهِ مَا استملاه من القوال الْمَعْرُوف بِعَين الزَّمَان وَهُوَ غير ثِقَة فِي الرِّوَايَة والحكاية وَكنت تأنقت فِي إِخْرَاج مَا يفْتَقر الأديب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 إِلَى فقره وَلَا يسْتَغْنى الشَّاعِر عَن غرره من شعر الوأواء فِي النُّسْخَة الأولى من هَذَا الْكتاب وَلم أَزْد فِي هَذِه المقررة كثير زِيَادَة وقرأت فِي بعض الْكتب عَن ابْن حمدون قَالَ كَانَ الْفَتْح بن خاقَان يأنس بِي ويطلعني على الْخَاص من سره فَقَالَ لي مرّة أشعرت يَا أَبَا عبد الله أَنِّي انصرفت البارحة من مجْلِس أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا دخلت منزلي استقبلتني فُلَانَة يَعْنِي جَارِيَة لَهُ فَلم أتمالك أَن قبلتها فَوجدت فِيمَا بَين شفتيها هَوَاء لَو رقد المخمور فِيهِ لصحا فَكَانَ هَذَا مَا يستحسن ويستظرف من كَلَام الْفَتْح وَكَأن الوأواء قد سمع ذَلِك فألم بِهِ ونظمه فِي قَوْله (سقى الله لَيْلًا طَابَ إِذْ زار طيفه ... فأفنيته حَتَّى الصَّباح عنَاقًا) (بِطيب نسيم مِنْهُ يستجلب الكرا ... وَلَو رقد المخمور فِيهِ أفاقا) (تملكني لما تملكت مهجتي ... وفارقني لما أمنت فراقا) // من الطَّوِيل // وَمِمَّا أنشدنيه كل من الْخَوَارِزْمِيّ والمصيصي لَهُ وَوَجَدته فِي ديوَان شعره وَالْبَيْت الرَّابِع مِنْهُ نِهَايَة فِي الملاحة (أَتَانِي زَائِرًا من كَانَ يُبْدِي ... لي الهجر الطَّوِيل وَلَا يزور) (فَقَالَ النَّاس لما أبصروه ... لِيَهنك زارك الْبَدْر الْمُنِير) (فَقلت لَهُم ودمع الْعين يجْرِي ... على خدي لَهُ در نثير) (مَتى أرعى بروض الْحسن مِنْهُ ... وعيني قد تضمنها غَدِير) (وَلَو نصبت رحى بِإِزَاءِ دمعي ... لكَانَتْ من تحدره تَدور) // من الوافر // وأقدر أَنه ألم فِي الْبَيْت الرَّابِع بقول ابْن المعتز (وَإِن تَكُ فِي خديك لِلْحسنِ رَوْضَة ... فَإِن على خدي غديرا من الدمع) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وَمن ملح قَوْله فِي وصف الدمع (كل دمع فبالتكلف يجْرِي ... غير دمع الْمُحب والمهجور) (ورد الْبَين وَمَعَ عَيْني فأضحى ... كعقيق أذيب فِي بلور) // من الْخَفِيف // وَمن ملحه فِي الْخمر (عذبتها بالمزاج فابتسمت ... عَن برد نابت على لَهب) (كَأَن أَيدي المزاج قد سبكت ... فِي كأسها فضَّة على ذهب) // من المنسرح // وَقَوله (فامزج بمائك نَار كأسك واسقني ... فَلَقَد مزجت مدامعي بدمائي) (واشرب عغى زهر الرياض مدامة ... تَنْفِي الهموم بعاجل السَّرَّاء) (لطفت فَصَارَت من لطيف محلهَا ... تجْرِي كمجرى الرّوح فِي الْأَعْضَاء) (وَكَأن مخنقة عَلَيْهَا جَوْهَر ... مَا بَين نَار أذكيت وهواء) (وَكَأَنَّهَا وَكَأن حَامِل كأسها ... إِذْ قَامَ يجلوها على الندماء) (شمس الضُّحَى رقصت فنقط وَجههَا ... بدر الدجى بكواكب الجوزاء) // من الْكَامِل // وَقَوله (يطوف براح رِيحهَا ومذاقها ... نسيم الصِّبَا والعيش فِي زمن الصِّبَا) // من الطَّوِيل // وَمن ملحه فِي الْخط (وشمس بأعلاه وليلين أسبلا ... بخديه إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَ تغرب) (وَلما حوى نصف الدجى نصف خَدّه ... تحير حَتَّى مَا درى أَيْن يذهب) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وَقَوله (زار بلَيْل على صباح ... على قضيب على كثيب) (حَتَّى أَتَت ألسن اللَّيَالِي ... معتذرات من الذُّنُوب) (فيا لَهَا زورة أَخذنَا ... بهَا أَمَانًا من الخطوب) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (بدر تقنع بالظلام ... على قضيب فِي كثيب) (تَدْعُو محاسنه الْقُلُوب ... _ إِلَى مشافهة الذُّنُوب) (فعلت بِهِ ريح الصِّبَا ... مَا لَيْسَ تفعل بالقضيب) (عقلت ركائب حسنه ... بعقولنا عِنْد المغيب) (وتلطمت وجناتنا ... بيد الدُّمُوع من النحيب) (وكأنما تشويشنا ... تشويش أَلْفَاظ الْمُرِيب) (يَا بدر بالبدر الَّذِي ... أطلعت من فلك الْجُيُوب) (وبعقرب الصدغ الَّذِي ... زرفنت من حسن وَطيب) (ترعى وَمَا استرعيتها ... ثَمَر الْقُلُوب بِلَا دَبِيب) (هَب لي مزارك فِي الكرا ... كَيْمَا أَرَاك بِلَا رَقِيب) // من الْكَامِل // وَمن بَدَائِع تشبيهاته قَوْله (قَالَت وَقد فتكت فِينَا لواحظها ... كم ذَا أما لقتيل الْحبّ من قَود) (وأسبلت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضت على الْعنَّاب بالبرد) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 هَذَا الْبَيْت مِمَّا أحسن فِيهِ وَضَمنَهُ خمس تشبيهات بِغَيْر أَدَاة التَّشْبِيه (إنسانة لَو بَدَت للشمس مَا طلعت ... من بعد رؤيتها يَوْمًا على أحد) (كَأَنَّمَا بَين غابات الجفون لَهَا ... أَسد الْحمام على طرق الْهوى رصدي) وَقَوله (قد سترت وَجههَا عَن النّظر ... بساعد حل عقد مصطبري) (كَأَنَّهُ والعيون ترمقه ... عَمُود نور فِي دارة الْقَمَر) // من المنسرح // وَقَوله (جعلت تَشْتَكِي الْفِرَاق وَفِي أجفانها ... عقد لُؤْلُؤ منثور) (فَكَأَن الْكحل السحيق مَعَ الدمع ... على خدها بقايا سطور) // من الْخَفِيف // وَقَوله فِي قَوس قزَح مَعَ البروق وَالشَّمْس (سقيا ليَوْم ترى قَوس السَّمَاء بِهِ ... وَالشَّمْس مسفرة والبرق خلاس) (كَأَنَّهَا قَوس رام والبروق لَهُ ... رشق السِّهَام وَعين الشَّمْس برجاس) // من الْبَسِيط // وَقَوله وَهُوَ مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ (لَا تنكري مَا بِي فَلَيْسَ بمنكر ... عِنْد التَّفَرُّق دهشة المتحير) (يَا هَذِه روحي إِلَيْك هَدِيَّة ... فتجملي فِي أَخذهَا لي واعذري) (وتأملي غير الزَّمَان فَإِنَّهَا ... تحكي تغير عَهْدك الْمُتَغَيّر) (ولرب ليل ضل عَنهُ صباحه ... وَكَأَنَّهُ بك خطرة المتذكر) (والبدر أول مَا بدا متلثما ... يُبْدِي الضياء لنا بخد مُسْفِر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 (فَكَأَنَّمَا هُوَ خوذة من فضَّة ... قد ركبت فِي هَامة من عنبر) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي غُلَام عليل (إبيض واصفر لاعتلال ... فَصَارَ كالنرجس المضعف) (كَأَن نسرين وجنتيه ... بِشعر أصداغه مغلف) (يرشح مِنْهُ الجبين مَاء ... كَأَنَّهُ لُؤْلُؤ مُصَنف) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (لَيْت ليلِي أمد من نفس العاشق ... طولا إِذْ زار فِيهِ الْخَلِيل) (مَا اعتنقنا حَتَّى افترقنا وخفان ... الدجى عَن قَمِيصه محلول) (وَكَأن الْهلَال تَحت الثريا ... ملك فَوق رَأسه إكليل) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وغداف الظلام فِي شرك الْفجْر ... شَرِيكي فِي قَبْضَة الارتهان) (وَكَأن النُّجُوم أحداق روم ... ركبت فِي محاجر السودَان) // من الْخَفِيف // وَقَوله من أَبْيَات (كم حث شربي بكأسه قمر ... بقد غُصْن وخصر زنبور) // من المنسرح // وَقَوله من قصيدة (يقمن لنا برق الثغور أَدِلَّة ... إِذا مَا ضللنا فِي ظلام الذوائب) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وَمِمَّا يتَغَنَّى بِهِ من شعره (يَا من سقام جفونه ... لسقام عاشقه طَبِيب) (حزت الْمَوَدَّة فَاسْتَوَى ... عِنْدِي حضورك والمغيب) (كن كَيفَ شِئْت من البعاد ... فَأَنت من قلبِي قريب) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (أستودع الله فِي بَغْدَاد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه) (ودعته وبودي أَن تودعني ... روح الْحَيَاة وَأَنِّي لَا أودعهُ) (وَكم تشبث بِي يَوْم الرحيل ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه) (وَكم تشفع فِي أَن لَا أفارقه ... وللضرورة حَال لَا تشفعه) // من الْبَسِيط // وَقَوله (بِاللَّه رَبكُمَا عوجا على سكني ... وعاتباه لَعَلَّ العتب يعطفه) (وعرضا بِي وقولا فِي كلامكما ... مَا بَال عَبدك بالهجران تتلفه) (فَإِن تَبَسم قولا عَن ملاطفة ... مَا ضرّ لَو بوصال مِنْك تسعفه) (وَإِن بدا لَكمَا من سَيِّدي غضب ... فغالطاه وقولا لَيْسَ نعرفه) // من الْبَسِيط // وَقَوله (زمَان الرياض زمَان أنيق ... وعيش الخلاعة عَيْش رَقِيق) (وَقد جمع الْوَقْت حاليهما ... فَمن ذَا يفِيق وَمن يستفيق) (فيا من هُوَ الْفَوْز لي والمنى ... وَمن هُوَ بالود مني حقيق) (أدر لحظ عَيْنَيْك وامرجه فِي ... مروج الرياض تجدها تشوق) (ترى مزوج الْحسن فِي مُفْرد ... جليل المحاسن فِيهِ دَقِيق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 (إِذا ضَاحِك الزهر زهر الْوُجُوه ... فَكيف الْخَلَاص وَأَيْنَ الطَّرِيق) (بهار بهير بِهِ غيرَة ... على نرجس وشقيق شَقِيق) (فَذا عاشق وَجل خَائِف ... وَذَا خجل وكذاك العشيق) (مداهن يحملن طل الندى ... فهاتيك تبر وهذي عقيق) (تنظم أوراقها درها ... وتنثر مِنْهَا الَّتِي لَا تطِيق) (يمِيل النسيم بأغصانها ... فبعض نشاوى وَبَعض مُفِيق) (وَيَوْم ستارته غيمة ... وَقد طرزت رفرفيها البروق) (جعلنَا البخور دخانا لَهُ ... وَمن شرر الراح فِيهِ حريق) (تظل بِهِ الشَّمْس محجوبة ... كَأَن اصطباحك فِيهِ غبوق) (على شجرات رافعات الذيول ... لماء الجداول مِنْهَا شهيق) (سجدنا لصلبان منثورها ... وَقد نصرتنا عَلَيْهَا الرَّحِيق) (وَقُلْنَا بهَا ولضوء الصَّباح ... على عنبر الْفجْر مِنْهَا خلوق) (أدر يَا غُلَام كؤوس المدام ... وَإِلَّا فيكفيك لحظ وريق) (أيا من هُوَ الْفَوْز لي بالمنى ... وَمن هُوَ بالود مني حقيق) (تغنم بِنَا غَفلَة الحادثات ... فَوجه الْحَوَادِث وَجه مُفِيق) (وحث الصبوح لضوء الصَّباح ... فمتسع الْهم فِيهِ يضيق) // من المتقارب // وَقَوله (وزائر رَاع قلب النَّاس منظره ... أحلى من الْأَمْن عِنْد الْخَائِف الوجل) (ألْقى على اللَّيْل لَيْلًا من ذوائبه ... فهابه الصُّبْح أَن يَبْدُو من الخجل) (أَرَادَ بالهجر قَتْلِي فاستجرت بِهِ ... فاستل بالوصل روحي من يَدي أَجلي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 (وصرت فِيهِ أَمِير العاشقين فقد ... صَارَت إِمَارَة أهل الْعِشْق من قبلي) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَمَا أبقى الْهوى والشوق مني ... سوى روح تردد فِي خيال) (خفيت عَن النوائب أَن تراني ... كَأَن الرّوح مني فِي محَال) // من الوافر // وَقَوله (مَا حكم الْبَين إِلَّا جَار محتكما ... وَلَا انتضى سَيْفه إِلَّا أراق دَمًا) (يَا دَارهم خبرينا مَا الَّذِي فعلوا ... فَرُبمَا جهل المشتاق مَا علما) (الله يعلم أَنِّي يَوْم بَينهم ... نَدِمت إِذا لم أمت فِي إثرهم ندما) (قد سرني أَنهم قد سرهم سقمي ... فازددت كَيْمَا يسروا بالضنا سقما) // من الْبَسِيط // وَقَوله (رَمَاه ريم فَأصَاب ... ب الْقلب مِنْهُ إذرمي) (وَاحْتج فِي قتلته ... بِأَنَّهُ مَا علما) (يَا معشر النَّاس أما ... ينصفني من ظلما) (علم سقم طرفه ... جسمي مِنْهُ سقما) (فسقم جسمي فِي الْهوى ... من طرفه تعلما) (لَو قيل لي مَا تشْتَهي ... مُخَيّرا محكما) (لَقلت أَن ألثمه ... نحرا ووجها وفما) // من مجزوء الرجز // وَقَوله (لَهُ مضحك برقه خاطف ... عقول الرِّجَال إِذا مَا ابتسم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 (أَقُول لَهُ إِذْ بدا دره ... شَهِدنَا لصانعه بالحكم) (أرى الدّرّ يثقبه الناظمون ... وَمَا ثقبوا ذَا فَكيف انتظم) // من المتقارب // وَقَوله (تملكت يَا مهجتي مهجتي ... وأسهرت يَا ناظري ناظري) (وفيك تعلمت نظم الْكَلَام ... فلقبني النَّاس بالشاعر) (وَمَا كَانَ ذَا أملي يَا ظلوم ... وَلَا خطر الهجر فِي خاطري) // من المتقاب // وَقَوله (وَحَدِيث كَأَنَّهُ ... أوبة من مُسَافر) (كَانَ أحلى من الرقاد ... لَدَى طرف ساهر) (بت ألهو بطيبه ... فِي رياض زواهر) (بَين سَاق وسامر ... ومغن وزامر) // من مجزوء الْخَفِيف // حَدثنِي أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ حضرت مَعَ الشَّيْخ أبي الْحسن النمري دَعْوَة القَاضِي أبي بكر الْحِمْيَرِي فغنى بعض القوالين بِهَذِهِ الأبيات (قُم يَا غُلَام إِلَى المدام ... قُم داوني مِنْهَا بجام) (قُم فاسقني برق الثغور ... فقد مضى برق الْغَمَام) (بَادر إِلَى صرف الحميا ... سَابِقًا صرف الْحمام) (وتغنم الغفلات من ... دهر يجور على الْكِرَام) // من الْكَامِل // فاستملحها أَبُو الْحسن وسألني عَن قَائِلهَا فَأَخْبَرته أَنَّهَا لأبي الْفرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 الوأواء فاقترح عَليّ معارضتها فارتجلت أبياتا ثمَّ أتممتها قصيدة مِنْهَا (لما بَدَت روح الضياء ... تدب فِي جسم الظلام) (وغدت نُجُوم اللَّيْل وَهِي ... تَفِر من حدق الْأَنَام) (والديك يَتْلُو دَائِما ... هجو النيام على الْقيام) (ناقضت مَا قَالَ الْمُؤَذّن ... بالفعال وبالكلام) (هُوَ قَالَ حَيّ على الصَّلَاة ... وَقلت حَيّ على المدام) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا (لما رَأَيْت الْهم يطْرق ... من أَتَاهُ بِلَا سَلام) (ضيف يزور فَلَيْسَ يَأْكُل ... عير لحمي أَو عِظَامِي) (والدهر قد حمل السِّلَاح ... على الْكِرَام عَن اللئام) (داويته بِالرَّاحِ إِن ... الراح ترياق الْكِرَام) وَمن ملح الوأواء وطرفه قَوْله فِي جرب معشوقه (يَا صروف الدَّهْر حسبي ... أَي ذَنْب كَانَ ذَنبي) (طرقتني نائبات الدَّهْر ... فِي إعلال حبي) (عِلّة عَمت وخصت ... فِي حبيب ومحب) (دب فِي كفيه مَا من ... حبه دب بقلبي) (فَهُوَ يشكو حر حب ... واشتكائي حر حب) // من مجزوء الرمل // وَقَوله فِي زرقة عين محبوبه (يَا من هُوَ المَاء فِي تكوين خلقته ... وَمن هُوَ الْخمر فِي أَفعَال مقلته) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 (وَمن بزرقة سيف اللحظ طل دمي ... وَالسيف مَا فخره إِلَّا بزرقته) (علمت إِنْسَان عَيْني أَن يعوم فقد ... جَادَتْ سباحته فِي بَحر دمعته) // من الْبَسِيط // وللسري الْموصِلِي فِي مثله (وَقَالُوا بمقلته زرقة ... تشين فظل لَهَا مطرقا) (وَهل يقطع السَّيْف يَوْم الوغى ... إِذا لم يكن مَتنه أزرقا) // من المتقارب // وَمن ملح الوأواء (يَا ذَا الَّذِي ورد خديه إِذا أخذت ... مِنْهُ اللواحظ شَيْئا رده الخجل) (مَاذَا يَضرك أَن تجني وَقد ضمنت ... أَضْعَاف مَا تجتني من لحظها الْمقل) (هَذَا لعمرك ماعون بخلت بِهِ ... على الْعُيُون وَبئسَ الْخلَّة الْبُخْل) // من الْبَسِيط // وَله (رثى لَهُ مِمَّا بِهِ نابه ... صب غَدا صبا بأوصابه) (ميت يرى حَيا وَلكنه ... تربته مَا بَين أثوابه) (أَي حَيَاة لامرئ قد بلَى ... بِالْقربِ من فرقة أحبابه) // من السَّرِيع // وَقَوله من قصيدة (قد أطلت الصَّلَاة فِي قبْلَة الكأس ... بتسبيح ألسن العيدان) (كم صَلَاة على فَتى مَاتَ سكرا ... قد أُقِيمَت فِينَا بِغَيْر أَذَان) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 22 - أَبُو طَالب الرقي لم أجد ذكره إِلَّا عِنْد أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وسمعته يَقُول إِنَّه أحد المقلين الْمُحْسِنِينَ الَّذين يطبقون الْمفصل فِي أغراضهم وينظمون الدّرّ الْمفصل فِي معانيهم وَأَلْفَاظهمْ ثمَّ أَنْشدني لَهُ قَوْله (وَلَقَد ذكرتك فِي الظلام كَأَنَّهُ ... يَوْم النَّوَى وفؤاد من لم يعشق) (وَكَأن أجرام النُّجُوم لوامعا ... دُرَر نثرن على زجاج أَزْرَق) (وَالْفَجْر فِيهِ كَأَنَّهُ قطر الندى ... ينهل من سح الْغَمَام المغدق) // من الْكَامِل // وَقَوله (ومعير وَجه الْبَدْر مَا فِي وَجهه ... والغصن مَا فِي قده المتأود) (رمدت جفوني من تورد خَدّه ... فكحلتها من عارضيه بإثمد) // من الْكَامِل // وَقَوله (ديباج خدك بالعذار مطرز ... وشبيه وَجهك فِي البرايا معوز) (وكأنما إِنْسَان عَيْنك شاهر ... سيف اللحاظ يَصِيح من ذَا يبرز) (يَا من أعز بذلتي فِي حبه ... مثلي رَأَيْت بذلة يتعزز) // من الْكَامِل // وَقَوله (ومشتمل ثوبي عفاف وفتنة ... يرى قتل من يهوى إِلَى النّسك مسلكا) (إِذا طَاف بالأركان طَاف بِهِ الورى ... فَيَقْضِي وَلَا يقضون لِلْحَجِّ منسكا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 (جنى اللحظ من خديه وردا موردا ... وَمن عارضيه ياسمينا ممسكا) (فيا رائحا مِنْهُ بأوفر فتْنَة ... تجهز لعام بعد هَذَا لعلكا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (مصفرة الظَّاهِر بَيْضَاء الحشا ... أبدع فِي صنعتها رب السما) (كَأَنَّهَا كف محب دنف ... مبعد يحْسب أَيَّام الجفا) // من الرجز // وَقَوله (ووردة فِي بنان معطار ... جِئْت بهَا فِي لطيف أسرار) (كَأَنَّهَا وجنة الحبيب وَقد ... نقطها عاشق بِدِينَار) // من المنسرح // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 الْبَاب التَّاسِع فِي ملح أهل الشَّام ومصر وَالْمغْرب وطرف أشعارهم ونوادرهم هَذَا بَاب كثرته على غرر تلقفتها من أَفْوَاه الروَاة وتطرفتها من أثْنَاء التعليقات وَلم أجد لأصحابها أشعارا مَجْمُوعَة يتفسح فِي طَرِيق الِاخْتِيَار مِنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ تفاريق تلتقي أطرافها وتجتمع حواشيها وَلنْ تعدم القلائد فِيهَا بِحَمْد الله ومشيئته أَنْشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ للتلعفري وَلم يسمه وَلم يكنه (مَا أصعب الْعَيْش على بائس ... معاشه فِي حلب النَّحْو) (لَيْسَ لَهُ فِي بردهَا جُبَّة ... وَلَا قَمِيص لَا وَلَا فرو) // من السَّرِيع // ثمَّ أَنْشدني لَهُ مرّة هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَمرَّة لبَعْضهِم وَزعم أَنَّهُمَا مِمَّا يتَغَنَّى بهما (يَا رَاكب العيس قف وعرج ... واقرأ سلامي على بني طي) (وَقل لَهُم ظبيكم جفاني ... لما رَآنِي وَمَا معي شي) // من مخلع الْبَسِيط // وَوجدت للسري والسلامي هجاء فِي التلعفري يدل على أَنه من مذكوري الشُّعَرَاء بِتِلْكَ الْبِلَاد ثمَّ أَنْشدني مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 التلعفري بنصيبين لنَفسِهِ من قصيدة أَولهَا (من ذَا يدل على الرقاد جفوني ... قد ضَاعَ صبابتي وشجوني) (أما النُّجُوم فقد ألفن رعايتي ... والعائدات فقد مللن أنيني) // من الْكَامِل // قَالَ وأنشدني أَيْضا عَليّ بن مُحَمَّد الشَّاشِي بميا فارقين قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي غُلَام نَصْرَانِيّ (غَرِيب الْحسن من سماك بَدْرًا ... وَبدر التم فِي خديك خَال) (كتمت هَوَاك إِذْ قلبِي سليم ... فذاب الْقلب وانحل العقال) (وَكنت كمودع الحلفاء نَارا ... وكتم النَّار فِي قصب محَال) // من الوافر // وأنشدني أَيْضا (رب ليل سهرت حَتَّى تجلى ... مغرما فِي ظلامه أتقلى) (والثريا كَأَنَّهَا رَأس طرف ... أدهم زين باللجام الْمحلى) // من الْخَفِيف // وَقَوله (ومتيم أبدى إِلَيّ غرامه ... فعذلته والعذل فعل الْجَاهِل) (حَتَّى إِذا أَبْصرت مَالك رقّه ... كَادَت لواحظه تصيب مقاتلي) (إِن عدت أعذل عَاشِقًا من بعده ... فَأَصَابَنِي رَبِّي بحتف عَاجل) // من الْكَامِل // وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني أَبُو نصر بن أبي الْفَتْح بن كشاجم بصيداء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 الشَّام لنَفسِهِ فِي وصف الْكتاب من أَبْيَات (وَصَاحب مؤنس إِذا حضرا ... جالسني بالملوك والكبرا) (جسم موَات تحيا النُّفُوس بِهِ ... يجل معنى وَإِن دنا خطرا) (ملكت مِنْهُ كنزا غنيت بِهِ ... فَمَا أُبَالِي مَا قل أَو كثرا) (أظل مِنْهُ فِي مجْلِس حفل ... بِالنَّاسِ طرا وَلَا أرى بشرا) (وَإِن أطفل بِهِ فيا لَك من ... مستحسن منْظرًا ومختبرا) (أعجب بِهِ جَامعا وَلَو جعلت ... عَلَيْهِ كف الجليس لاستترا) // من المنسرح // وَله فِي شمعة (بركَة صفر عمودها شمع ... تفيض نَارا من مَوضِع المَاء) (تبْكي إِذا مَا المقص خمشها ... فرط حَيَاء من الأخلاء) (كَأَنَّهَا عاشق مخايله ... فِيهِ بواد لمقلة الرَّائِي) (صفرَة لون وذوب معتبة ... ودمع حزن ونار أحشاء) // من المنسرح // قلت شبه أَرْبَعَة بِغَيْر حرف تَشْبِيه وَقَالَ فِي بخيل (صديق لنا من أبدع النَّاس فِي الْبُخْل ... وأفضلهم فِيهِ وَلَيْسَ بِذِي فضل) (دَعَاني كَمَا يَدْعُو الصّديق صديقه ... فَجئْت كَمَا يَأْتِي إِلَى مثله مثلي) (فَلَمَّا جلسنا للطعام رَأَيْته ... يرى أَنه من بعض أَعْضَائِهِ أكلي) (ويغتاظ أَحْيَانًا ويشتم عَبده ... وَأعلم أَن الغيظ والشتم من أَجلي) (فَأَقْبَلت استل الْغذَاء مَخَافَة ... وألحاظ عَيْنَيْهِ رَقِيب على فعلي) (أمد يَدي سرا لأسرق لقْمَة ... فيلحظني شزرا فأعبث بالبقل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 (إِلَى أَن جنت كفي لحتفي جِنَايَة ... وَذَلِكَ أَن الْجُوع أعدمني عَقْلِي) (فجرت يَدي للحين رجل دجَاجَة ... فجرت كَمَا جرت يَدي رجلهَا رجْلي) (وَقدم من بعد الطَّعَام حلاوة ... فَلم أستطع فِيهَا أَمر وَلَا أحلي) (وَقمت لَو أَنِّي كنت بَيت نِيَّة ... ربحت ثَوَاب الصَّوْم مَعَ عدم الْأكل) // من الطَّوِيل // وَكتب على تفاحة حَمْرَاء بِالذَّهَب إِلَى الْوَزير أبي الْفضل جَعْفَر بن الْفضل ابْن الْفُرَات وأنفذها إِلَيْهِ وَقد خرج إِلَى متنزهه بالمقس (إِذا الْوَزير تجلى ... للنيل فِي الْأَوْقَات) (فقد أَتَاهُ سمياه ... جَعْفَر بن الْفُرَات) // من المجتث // وَله فِي طَبِيب (عِيسَى الطَّبِيب ترفق ... فَأَنت طوفان نوح) (يَأْبَى علاجك إِلَّا ... فِرَاق جسم لروح) (شتان مَا بَين عِيسَى ... وَبَين عِيسَى الْمَسِيح) (فَذَاك مُحي موَات ... وَذَا مميت صَحِيح) // من المجتث // وَقَالَ فِي فصد إِسْحَاق بن كيغلغ (يَا فاصدا شقّ عرق إِسْحَاق ... أَي دم لَو علمت مهراق) (سفكته من يَد معودة ... لنيل مَال وَضرب أَعْنَاق) (لَو يَوْم حَرْب أصبت من دَمه ... إِذا أَقَامَ الدُّنْيَا على سَاق) // من المنسرح // وأنشدني لَهُ يصف جونة الطَّعَام من قصيدة مزدوجة (وجونة مَوْصُوفَة من الجون ... قد جمع الطباخ فِيهَا كل فن) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 (من كل سخن منضج وبارد ... مَا بَين ألوان إِلَى بوارد) (فَمن رقاق ناعم رقاق ... يحمد فِي المنظر والمذاق) (وأرغف تشف للصفاء ... كَمَا تشف أوجه الْمرَائِي) (وَمن مصوص من مخاليف الحجل ... كَأَنَّمَا كَانَت ترف فِي الْجَبَل) (وَمن فراريج بِمَاء الحصرم ... تصلح للمخمور أَو للمحتمي) (قد شوشت أكبادها ببيض ... فَهِيَ كَمثل نرجس فِي روض) (وجاءنا فِيهَا ببيض أَحْمَر ... كَأَنَّهُ العقيق مَا لم يقشر) (حَتَّى إِذا قدمه مقشرا ... أبرز من تَحت عقيق دررا) (حَتَّى إِذا مَا قطع الْبيض فلق ... رَأَيْت مِنْهُ ذَهَبا تَحت ورق) (يخال أَن الشّطْر مِنْهُ من لمح ... أَعَارَهُ تلونيه قَوس قزَح) (مَا بَين أوساط لطاف الْقد ... مقدودة كَمثل قد الند) (من صدر دراج وَصدر حجله ... بملحها وبقلها متبله) (فِيهَا جبن صَادِق الحرافه ... مقطع باللطف والنظافه) (قد ألبست قضبان طلع غضه ... كَأَنَّهَا سلاسل من فضه) (وجاءنا فِيهَا بباذنجان ... مثل قدود أكر الميدان) (قد قَارن الهليون بالممازجة ... تقارن الكرات بالصوالجه) (ثمَّ أَتَت سكارج الكوامخ ... كَمثل أنوار من اللخالخ) (مَا بَين طرخون وَبَين صعتر ... وفيجن غض وَبَين كزبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 (وَبَين بن عدَّة المشطور ... كَأَنَّهُ تعلية النحور) (ثمَّ أَتَى براضع لم يعتلف ... كَأَن فِي جَنْبَيْهِ قطنا قد ندف) (وَحمل مبزر مشبر ... كَأَنَّهُ مضمخ بعنبر) (يتلوه جدي قارس بخل ... كَأَنَّهُ بالزعفران مَطْلِي) (تخاله فِي خله المزعفر ... مركبا تَحت عقيق أَحْمَر) (وَقد عملت أَطْرَافه سلاقه ... عَجِيبَة الصَّنْعَة والمذاقه) (زيدت من الْخَرْدَل والصباغ ... وكشف القحف عَن الدِّمَاغ) (وصف فِيهِ فلق الرُّمَّان ... مثل رصيع خرز المرجان) (ثمَّ أَتَى بناطف هياج ... يحر طبع الْبَارِد المزاج) (كَأَنَّهُ فِي الْعين وَالْقِيَاس ... سبائك جَاءَت من الروباس) (ثمَّ أَتَانَا بعده لوزينج ... كَأَنَّهُ فِي الأتحمي مدرج) (تنشله من دهنه العميق ... كَمَا أخذت بيد الغريق) (وجاءنا الغلمة بالمدام ... وَنحن لم ننهض من الطَّعَام) (بِغَيْر تَرْتِيب وَلَا صواني ... وَغير أنقال وَلَا ريحَان) (لِأَن فِي الجونة أَنْوَاع الأرب ... وعوضا من كل شَيْء يطْلب) (هَذَا هُوَ النَّوْع الَّذِي أختاره ... لَيْسَ الَّذِي عذبنا انْتِظَاره) // من الرجز // وأنشدني عبد الصَّمد بن وهب الْمصْرِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو نصر بن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 الْفَتْح كشاجم لنَفسِهِ (غبط النَّاس بِالْكِتَابَةِ قوما ... حرمُوا حظهم بِحسن الكتابه) (وَإِذا أَخطَأ الْكِتَابَة حَظّ ... سَقَطت تاؤها فَصَارَت كآبه) // من الْخَفِيف // وأنشدني الْخَوَارِزْمِيّ لعبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر النَّحْوِيّ الرقي (قل لمن تَابَ وَلم يقْض ... من اللَّذَّات نحبه) (تَوْبَة الحشوي لَا تعدل ... عِنْد الله حبه) (أم من تسبقه أَنْت ... إِلَى الْجنَّة قحبه) // من مجزوء الرمل // وأنشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن مَأْمُون المصِّيصِي قَالَ أَنْشدني أَبُو العميد هَاشم بن مُحَمَّد المتيم الأطرابلسي لنَفسِهِ (مَضَت للهو أَوْقَات ... وللأوقات لذات) (إلهيا أَنا مشتاق ... وَقد فَاتَت بِمن فاتوا) (وَمَا لي عوض عَنْهُم ... وَأَحْيَا النَّاس أموات) (مضى أهل المروءات ... فَلم تبْق المروءات) // من الهزج // وقرأت فِي كتاب التحف والظرف لِابْنِ لَبِيب غُلَام أبي الْفرج الببغاء لأبي عمَارَة الصُّوفِي فِي ثقيل خَفِيف على الْقلب (وثقيل لَو كَانَ فِي حسناتي ... وَجَمِيع الْأَنَام فِي سيئاتي) (لاستخف الذُّنُوب بل كسر الْمِيزَان ... من ثقله على الكفات) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وَله فِي ثقيل (ثقيل براه الله أثقل من بَرى ... فَفِي كل قلب بغضة مِنْهُ كامنه) (مَشى فَدَعَا من ثقله الْحُوت ربه ... فَقَالَ إلهي زِدْت فِي الأَرْض ثامنه) // من الطَّوِيل // وأنشدنا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الإفْرِيقِي المتيم فِي كتاب أشعار الندماء لأبي الْحسن الممشوق الشَّامي وَلست أتحقق اسْمه فِي المشمش (أما ترى المشمش يَا خل الْأَدَب ... مشطبا أكْرم بهاتيك الشطب) (مثقب الهامات من غير ثقب ... كَأَنَّهُ بَنَادِق من الذَّهَب) (قد صاغها صائغها بِلَا تَعب ... ) // من الرجز // وَله فِي جَام فالوذج (إِنِّي اتَّخذت أَبَا عَليّ ذَا الْعلَا ... معقودة لَك ذَات طعم طيب) (فقد اغتدت فِي جامها وَكَأَنَّهَا ... شمس على بدر أَوَان الْمغرب) (وتخال فِيهَا اللوز وَهُوَ منصف ... أَنْصَاف در فَوق صحن مَذْهَب) (فتعال نخمش وَجههَا بأكفنا ... غضِبت علينا أَو غَدَتْ لم تغْضب) // من الْكَامِل // وأنشدني غَيره للممشوق (فُؤَادِي كفيك إِذا مَا نطقت ... وصبري كخصرك فِي دقته) (وَمَا آس عارضك المستنير ... كالقلب مني فِي حرقته) (وبالجسم مني الَّذِي يشتكيه ... طرفك من غير مَا علته) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 (أشبه وَعدك إِمَّا وعدت ... بعقرب صدغك فِي عطفته) (وأزداد فِي كل يَوْم هوى ... وحبيك يزْدَاد فِي فتنته) // من المتقارب // وأنشدني مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن الممشوق صَاحب المتنبي لنَفسِهِ (لَيْلَة بتها بقرتم أَسْقِي ... عاتقا عتقت مداها الدهور) (وَكَأن السَّمَاء والبدر والأنجم ... روض ونرجس وغدير) // من الْخَفِيف // وأنشدني أَيْضا مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْأَنْطَاكِي (لما تَأمل جودك الْقطر ... وسما ليدرك صدرك الْبَحْر) (خجلا جَمِيعًا مثل مَا خجلا ... إِذْ قابلاك الشَّمْس والبدر) (يَا صَالح الْخيرَات مَا صلحا ... إِلَّا لَك التأييد وَالْأَمر) // من الْكَامِل // وأنشدني أَيْضا لِلْحسنِ بن عبد الرَّحِيم الزلالي صَاحب كتاب الأسجاع على معنى الحمدوني فِي طيلسان ابْن حَرْب (طيلسان كَانَ رسما ... ثمَّ قد أصبح وهما) (لَا ترَاهُ الْعين إِلَّا ... بعد أَن يهجع حلما) (تتعب المقلة كي تدْرك ... مِنْهُ أثرا مَا) (تَعب الفكرة فِي إخْرَاجهَا ... الْبَيْت المعمى) // من مجزوء الرمل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 وَقَوله (نظرة كَانَت لحتفي سَببا ... جلب الْحِين لَهَا مَا جلبا) (ضحِكت أَسمَاء من ذِي لمة ... ضَاحِك الأشيب فِيهِ الأشيبا) (إِنَّمَا يعرف أَيَّام الصِّبَا ... من صبا فِي غير أَيَّام الصِّبَا) // من الرمل // وللأنطاكي فِي وصف عود (وبربط صحب الترنام نغمته ... أحلى من الْيُسْر وافى بعد إعسار) (يملي القريض عَلَيْهِ لفظ محسنه ... فينبري مخبرا عَنْهَا بإجهار) (مَا حث أوتاره فِي وَجه نائبة ... إِلَّا اسْتَفَادَ بتارات وأوتار) (تحنو عَلَيْهِ أم تخاطبه ... سرا فيخبر بالنجوى بِإِظْهَار) (وَإِن هفا عركت آذانه شفقا ... عَلَيْهِ من وصمة النُّقْصَان والعار) // من الْبَسِيط // وأنشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن مَأْمُون المصِّيصِي وَغَيره لتميم بن معد أبي تَمِيم صَاحب مصر وَهِي مَشْهُورَة (مَا بَان عُذْري فِيهِ حَتَّى عذرا ... وَمَشى الدجى فِي خَدّه فتحيرا) (هَمت تقبله عقارب صُدْغه ... فاستل ناظره عَلَيْهَا خنجرا) (وَالله لَوْلَا أَن يُقَال تغيرا ... وصبا وَإِن كَانَ التصابي أجدرا) (لأعدت تفاح الخدود بنفسجا ... لثما وكافور الترائب عنبرا) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 وأنشدني أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان قَالَ أنشدت بِمَدِينَة السَّلَام لمعد ابْن تَمِيم ويروي للوأواء (لَا تظلموا النَّاس وَلَا تَطْلُبُوا ... بِثَأْرِي الْيَوْم أَذَى مُسلم) (وَيَا لقومي دونكم شادنا ... معتدل الْقَامَة والمبسم) (وَإِن أَبى إِلَّا جحُودًا لَهُ ... واكتتم الْأَمر فَلم يعلم) (قُولُوا لَهُ يكْشف عَن وَجهه ... فَإِن فِيهِ نقطة من دمي) // من السَّرِيع // وأنشدني المصِّيصِي لَهُ (وجنة من شفني هَوَاهُ وَمن ... أفنيت فِيهِ دموع آماقي) (كَأَنَّمَا الصَّيْرَفِي دنر مَا ... نجم مِنْهَا وَدِرْهَم الْبَاقِي) // من المنسرح // وَوجدت لَهُ من قصيدة (وَمَا بلد الْإِنْسَان إِلَّا الَّذِي بِهِ ... لَهُ سكن يشتاقه وحبِيب) (إِلَى الله أَشْكُو وَشك بَين وَفرْقَة ... لَهَا بَين أحشاء الْمُحب ندوب) (ترى عِنْدهم علم وَإِن شطت النَّوَى ... بِأَن لَهُم قلبِي عَليّ رَقِيب) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو حَفْص عمر بن عَليّ الْفَقِيه لأبي مَنْصُور نزار بن معد أبي تَمِيم وَقد وَافق بعض الأعياد وَفَاة ابْنه وَعقد المأتم عَلَيْهِ (نَحن بَنو الْمُصْطَفى ذَوُو محن ... يجرعها فِي الْحَيَاة كاظمنا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 (عَجِيبَة فِي الْأَنَام محنتنا ... أولنا مبتلى وآخرنا) (يفرح هَذَا الورى بعيدهم ... طرا وأفراحنا مآتمنا) // من المنسرح // وأنشدني المصِّيصِي للأمير تَمِيم (شربنا على نوح المطوقة الْوَرق ... وأردية الرَّوْض المفوفة البلق) (مُعتقة أفنى الزَّمَان وجودهَا ... فَجَاءَت كفوت اللحظ أَو رقة الْعِشْق) (كَأَن السَّحَاب الغر أصبحن أكؤسا ... لنا وَكَأن الراح فِيهَا سنا الْبَرْق) (فبتنا نحث الكأس فِينَا وإننا ... لنشربها بالحث صرفا ونستسقي) (إِلَى أَن رَأَيْت النَّجْم وَهُوَ مغرب ... وأقبلن رايات الصَّباح من الشرق) (كَأَن سَواد اللَّيْل وَالْفَجْر طالع ... بَقِيَّة لطخ الْكحل فِي الْأَعْين الزرق) // من الطَّوِيل // أحسن فِي هَذَا الْبَيْت مَا شَاءَ وأنشدت للمرواني فِي الْهلَال وأجاد (والبدر فِي جو السَّمَاء قد انطوت ... طرفاه حَتَّى عَاد مثل الزورق) (وتراه من تَحت المحاق كَأَنَّمَا ... غرق الْكثير وَبَعضه لم يغرق) // من الْكَامِل // وَهُوَ من قَول ابْن المعتز (قد أثقلته حمولة من عنبر ... ) // من الْكَامِل // قَالَ وَسمعت الشَّيْخ الإِمَام أَبَا الطّيب يَحْكِي أَن المرواني صَاحب الأندلس كتب إِلَيْهِ صَاحب مصر كتابا يسبه ويهجوه فِيهِ فَكتب إِلَيْهِ أما بعد فَإنَّك عرفتنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 فهجوتنا وَلَو عرفناك لأجبناك وَالسَّلَام وأنشدني أَبُو سعيد بن دوست قَالَ أَنْشدني الْوَلِيد بن بكر الأندلسي الْفَقِيه الْمَالِكِي لأميرهم مُحَمَّد بن أبي مَرْوَان بن أخي الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الْمَدْعُو الْخَلِيفَة بالأندلس وَهُوَ الحكم بن عبد الرَّحْمَن المرواني من قصيدة كتب بهَا إِلَى صَاحب مصر يفتخر (أَلسنا بني مَرْوَان كَيفَ تبدلت ... بِنَا الْحَال أَو دارت علينا الدَّوَائِر) (إِذا ولد الْمَوْلُود منا تهللت ... لَهُ الأَرْض واهتزت إِلَيْهِ المنابر) // من الطَّوِيل // وَذكر أَن الْمُسْتَنْصر وَهُوَ أَبُو الْحسن قتل ابْن أَخِيه خوفًا مِنْهُ على المملكة قَالَ وأنشدني لوزير الْمُسْتَنْصر وَهُوَ أَبُو الْحسن جَعْفَر بن عُثْمَان المصحفي (يَا من أَرَانِي بألحاظ يصرفهَا ... عني الصِّبَا والهوى رشدي وتوفيقي) (جمعت فِيك غليل العاشقين كَمَا ... جمعت مَا تشْتَهي من كل معشوق) // من الْبَسِيط // وَله أَيْضا (لعينيك فِي قلبِي عَليّ عُيُون ... وَبَين ضلوعي للشجون شجون) (لَئِن كَانَ جسمي مخلقا فِي يَد الْهوى ... فحبك غض فِي الْفُؤَاد مصون) (نَصِيبي من الدُّنْيَا هَوَاك وَإنَّهُ ... عَذَابي وَلَكِنِّي عَلَيْهِ ضنين) // من الطَّوِيل // وَله أَيْضا فِي الْخمر (صفراء تطرق فِي الزّجاج فَإِن سرت ... فِي الْجِسْم دبت مثل أيم لاذع) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 لم يحسن فِي تَشْبِيه دَبِيب الْخمر فِي جسم شاربها بدبيب الْحَيَّة اللاذعة وَقد أحسن فِي الْبَيْت الَّذِي يَلِيهِ جدا (خفيت على شرابها فكأنهم ... يَجدونَ ريا من إِنَاء فارغ) قَالَ وأنشدني لعيسى بن وطيس كَاتب الْمُسْتَنْصر (يَا سيدا أفرطت بِالْعَبدِ سطوته ... مَا كل مَالك رق مغضب حنق) (أعتق وَإِلَّا فبع كم ذَا تعذبني ... إِن العبيد إِذا مَا عذبُوا أَبقوا) (وثقت مني بِأَن الْحبّ قيدني ... أجل وحقك إِنِّي فَوق مَا تثق) // من الْبَسِيط // وَمعنى بَيته الثَّانِي مِمَّا يزيفه نقدة الشّعْر المتغزلون وَلَا يرضونه وَإِنَّمَا يميلون إِلَى مثل مَا قَالَ أهل الْعَصْر (لي مولى أقسى الْبَريَّة قد قاسيت ... فِيهِ الهموم والأشواقا) (قلت إِذْ لج فِي جفائي وَاحْتج ... عَلَيْهِ فساق نحوي السياقا) (أيهذا المليك رَأْيك فِي سوء ... امتلاكي فَلَنْ أروم الفراقا) // من الْخَفِيف // قَالَ وأنشدني حبيب بن أَحْمد الأندلسي لنَفسِهِ (ثَلَاثُونَ من عمري مضين فَمَا الَّذِي ... أُؤَمِّل من بعد الثَّلَاثِينَ من عمري) (أطايب أيامي مضين حميدة ... سرَاعًا وَلم أشعر بِهن وَلم أدر) (كَأَن شَبَابِي والمشيب يروعه ... دجى لَيْلَة قد راعها وضح الْفجْر) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 وأنشدت لِأَحْمَد بن عبد الرَّحْمَن المتيم النَّحْوِيّ (إِذا مَا نلْت من دنياك حظا ... فَأحْسن للغني وللفقير) (وَلَا تمسك يَديك على قَلِيل ... فَإِن الله يَأْتِي بالكثير) // من الوافر // 23 - عبد المحسن بن مُحَمَّد الصُّورِي أحد الْمُحْسِنِينَ الْفُضَلَاء المجيدين الأدباء وشعره بديع الْأَلْفَاظ حسن الْمعَانِي رائق الْكَلَام مليح النظام من محَاسِن أهل الشَّام فَمن شعره قَوْله (أَتَرَى بثأر أم بدين ... علقت محاسنها بعيني) (فِي خصرها وقوامها ... ولحاظها مَا فِي الرديني) (وبوجهها مَاء الشَّبَاب ... خليط نَار الوجنتين) (بكرت عَليّ وَقَالَت اختر ... خصْلَة من خَصْلَتَيْنِ) (إِمَّا الصدود أَو الْفِرَاق ... فَلَيْسَ عِنْدِي غير ذين) (فأجبتها ومدامعي ... منهلة كالمرزمين) (يَا هَذِه لَا تعجلِي ... إِن حَان بَيْنك حَان حيني) (فَكَأَنَّمَا قلت اذهبي ... فمضت مسارعة لبيني) // من الْكَامِل // قَالَ وَأَعْطَاهُ بعض الْأُمَرَاء عِمَامَة حَسَنَة فلبسها أَيَّامًا ثمَّ بَاعهَا وَلبس عِمَامَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 لَطِيفَة وَمَشى فَقَالَ بعض من رَآهُ ثقلت عَلَيْهِ الْعِمَامَة فَبَاعَهَا فَقَالَ ارتجالا (قَالُوا عَسى ثقلت عَلَيْهِ ... فَبَاعَهَا من غير عدم) (وَالله مَا ثقلت عَليّ ... عمامتي بل خف كمي) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَكم آمُر بِالصبرِ لم ير لوعتي ... وَمَا صنعت نَار الأسى بَين أحشائي) (وَمن أَيْن لي صَبر وَفِي كل سَاعَة ... أرى حسناتي فِي مَوَازِين أعدائي) // من الطَّوِيل // وَقَوله (ومعتذر العذار إِلَى فُؤَادِي ... لجرم سَابق من مقلتيه) (وَكم أَعرَضت عَنهُ فَأَعْرَضت بِي ... عَن الْإِعْرَاض خضرَة عارضيه) (وَلما قلت إِن الشّعْر يسْعَى ... لقلبي فِي الْخَلَاص سعى عَلَيْهِ) // من الوافر // وَقَوله (لحظات تترامى ... بِي إِلَى المرمى القصي) (طرحتني من عَليّ ... بَين ألحاظ عَليّ) (فَادّعى رقي وَمَا رقى ... بِدَعْوَى الْمُدَّعِي) (أَنا عبد المحسن الصُّورِي ... لَا عبد المسي) // من مجزوء الرمل // وَقَوله (جنى مَا جنى وَانْصَرف ... وَأنكر ثمَّ اعْترف) (وَظن بِأَن الْقصاص ... يمْنَع مِنْهُ الترف) (سلوا صُدْغه لم جرى ... وَلما جرى لم وقف) (وَكَانَ على أَنه ... يجوز المدى فانعطف) // من مجزوء المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وَقَوله (بِالَّذِي ألهم تعذيبي ... ثناياك العذابا) (وَالَّذِي ألبس خديك ... من الْورْد نقابا) (وَالَّذِي صير حظي ... مِنْك هجرا واجتنابا) (يَا غزالا صَاد باللحظ ... فُؤَادِي فأصابا) (مَا الَّذِي قالته عَيْنَاك ... لقلبي فأجابا) // من مجزوء الرمل // وَقَوله (تعلمت وجنته رقية ... لعقرب الصدغ فَمَا تلسع) (صمت عَن العاذل فِي حبه ... أُذُنِي فَمَا لي مسمع يسمع) // من السَّرِيع // وَقَوله فِي صبي اسْمه عمر (نادمني من وَجهه رَوْضَة ... مشرقة يمرح فِيهَا النّظر) (فَانْظُر معي تنظر إِلَى معجز ... سيف عَليّ بَين جفني عمر) // من السَّرِيع // وَقَوله (زففت إِلَى نَبهَان من عَفْو فكرتي ... عروسا غَدا بطن الْكتاب لَهَا خدرا) (فقبلها عشرا وهام بذكرها ... فَلَمَّا ذكرت الْمهْر طَلقهَا عشرا) // من الطَّوِيل // وأنشدني لَهُ وَقد مر بِقَبْر صديق لَهُ (عجبا لي وَقد مَرَرْت بآثارك ... أَنِّي اهتديت قصد الطَّرِيق) (أَترَانِي نسيت عَهْدك يَوْمًا ... صدقُوا مَا لمَيت من صديق) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وَقَوله (أمنون بَدَت لنا أم جفون ... حركات للسقم فِيهَا سُكُون) (بعتها مَا حييت طول هجوعي ... بدموعي فأينا المغبون) // من الْخَفِيف // وَقَوله (تعلقته سَكرَان من خمرة الصبابة ... غَفلَة عَن لوعتي ولهيبي) (وشاركني فِي حبه كل أغيد ... يشاركني فِي مهجتي بِنَصِيب) (فَلَا تلزموني غيرَة مَا عرفتها ... فَإِن حَبِيبِي من أحب حَبِيبِي) // من الطَّوِيل // وَقَوله (قلت وَقد أوردني حبه ... مواردا لَيْسَ لَهَا مصدر) (أفسدت دنياي وَلَا دين لي ... تفسده فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر) // من السَّرِيع // وَقَوله (أتابعت أهل الْبيعَة الْيَوْم فِي دمي ... غلبت فَخذ أخطارهم وَتقدم) (وَلَا تورثن عَيْنَيْك سقمي فَإِنَّهُ ... حرَام على الذِّمِّيّ مِيرَاث مُسلم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (رَأَيْت مَا لم يره رائي ... مَاء غَدا يسبح فِي مَاء) (أَوْمَأت باللحظ إِلَى جِسْمه ... فكاد أَن يدميه إيمائي) // من السَّرِيع // وَقَوله (ظَبْي أَقَامَ قيامتي ... من قبل أَن تَأتي القيامه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 (عطب الْقُلُوب جفونه ... فعلام سموهُ سَلَامه) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (وَلَئِن كنت قد رحلت بقلبي ... فاعلمي أَن سر حبك فِيهِ) (لَا تقولي ضيعته بعد بَين ... ضيعيه إِن شِئْت أَو فاحفظيه) // من الْخَفِيف // وَقَوله (رقت فَكَادَتْ لَا ترى ... فِي كأسها إِلَّا التماسا) (لَوْلَا الْحباب لخالها ... شرابها فِي الكأس كاسا) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (لما تبينت أَن حبكم ... يحسن عِنْدِي وَلَيْسَ يحسن بِي) (بشرت طرفِي بِحسن عاقبتي ... فِيكُم وقلبي بِسوء منقلبي) // من المنسرح // وَقَوله (يَا مُطِيع العذول فِي عصياني ... ومذيقي حرارة الهجران) (اتَّقِ الله لَا ترعني بالصد ... وَجَاز الْإِحْسَان بِالْإِحْسَانِ) (كَيفَ أبقى على الزَّمَان وهجرانك ... مِمَّا جنت صروف الزَّمَان) (صرت أجفوك مكْرها وعَلى الْحبّ ... دَلِيل من ناظري ولساني) (فَإِذا عدت بالتجلد عَنْكُم ... كذبتني نواظر الأجفان) (كَيفَ تجني وَلَا تخَاف عقَابا ... وفؤادي معاقب غير جاني) (خل مَا بَين مقلتيك وقلبي ... فعلينا يَد من السُّلْطَان) (لَا تكونن ثَالِثا لقويين ... فَلَو كَانَ وَاحِد لكفاني) (لَك وَالله فِي صميم فُؤَادِي ... لَذَّة المَاء فِي فَم العطشان) // من الْخَفِيف // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وَقَالَ يهجو بعض من أَضَافَهُ (وَأَخ مَسّه نزولي بقرح ... مثل مَا مسني من الْجُوع قرح) (قيل لي إِنَّه جواد كريم ... والفتى يَعْتَرِيه بخل وشح) (بت ضيفا لَهُ كَمَا حكم الدَّهْر ... وَفِي حكمه على الْحر قبح) (قَالَ لي إِذْ نزلت وَهُوَ فِي السكرة ... والهم طافح لَيْسَ يصحو) (لم تغربت قلت قَالَ رَسُول الله ... وَالْقَوْل مِنْهُ نصح ونجح) (سافروا تغنموا فَقَالَ وَقد قَالَ ... تَمام الحَدِيث صُومُوا تصحوا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (بدر تمّ يثنيه دعص وخوط ... عُذْري فِي عذاره مَبْسُوط) (أَي در للثقب أَي كتاب ... لَو تأتت بصفحتيه الخطوط) (وَإِذا اغْترَّ قلت ظَبْي غرير ... وَإِذا افتر قلت در سقيط) // من الْخَفِيف // وَقَوله (يسْتَوْجب الْعَفو الْفَتى إِذا اعْترف ... وَتَابَ مِمَّا قد جناه واقترف) (لقَوْله قل للَّذين كفرُوا ... إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف) // من الرجز // وَقَوله (طرة مسك وشارب أَخْضَر ... وثغر در ومقلتا جؤذر) (ريم إِذا رمت أَن ُأكَلِّمهُ ... كلمني من جفونه خنجر) (وَإِن تعوضت من عوارضه ... لثما تجنى عَليّ واستكبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 (كَأَن خيلانه ووجنته ... سَمَاء حسن نجومها تزهر) (سُبْحَانَ من صاغه على قدر ... فَذَلِك الله خير من قدر) // من المنسرح // وَقَوله (يَا حَار إِن الركب قد حاروا ... فَاذْهَبْ تجسس لمن النَّار) (تبدو وتخبو إِن خبت وقفُوا ... وَإِن أَضَاءَت لَهُم سَارُوا) (قَامَ عَلَيْهَا موقد مرشد ... لَهُ بِفضل الزَّاد إِيثَار) (فَلَا تلوموني إِذا مسكم ... أَو مَسهَا من قربكم عَار) (وَسَائِل يسْأَل عَن حالتي ... قلت كَمَا تهوى وتختار) (وَأَيْنَ مَا أسررت فِي لحظه ... مِمَّا أسر الطين والقار) (مَا نظرة إِلَّا لَهَا سكرة ... كَأَنَّمَا طرفك خمار) (هَذَا هوى يصدر عَنهُ جوى ... تتلوه لوعات وأفكار) (وَهَذِه أفعالها هَذِه ... مَا بعد رَأْي الْعين إِخْبَار) (وَلست أَعْتَد عَلَيْك الضنا ... أَلَسْت من جفنيك أمتار) // من السَّرِيع // وَقَوله (هواي الَّذِي أبدى وأضمره يحيى ... وسؤلي فِي دَار الخلود وَفِي الدُّنْيَا) (وعيني الَّتِي أرعى بهَا من يودني ... وكفي الَّتِي أرمي الأعادي بهَا رميا) (أأصبر عَن يحيى وأطوي وصاله ... إِذا فطواني عَنهُ صرف الردى طيا) (كتمت الْهوى جهدي ونفيت طاقتي ... وَقد زَاد حَتَّى مَا أُطِيق لَهُ نفيا) (يود أنَاس لَو عميت عَن الصِّبَا ... إِذا فَأرَانِي الله أَعينهم عميا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 (فَمَا بالهم لَا قدس الله بالهم ... وَلَا حاط مَيتا مِنْهُم لَا وَلَا حَيا) (يلومون فِي يحيى وَلَو أَن لائما ... رأى وَجهه لاستقبح اللوم واستحيا) (فيا منيتي كم فِيك عاصيت عاذلا ... أرى غيهم رشدا ورشدهم غيا) (وَكم جَاءَنِي مَا قَالَه فِيك كاشح ... فزدتك حبا كلما زادني نعيا) (أأسمع فِيك العذل مِمَّن يلومني ... فَلَا سَمِعت أُذُنِي إِذا بعدهمْ شيا) (فَمَا أحسن الدُّنْيَا إِذا كنت جَانِبي ... وَإِن غبت عَن عَيْني فَمَا أقبح الدُّنْيَا) // من الطَّوِيل // وَله يهجو (حَدِيثه كالحدث ... يرْفث كل الرَّفَث) (يود من يسمعهُ ... لَو أَنه فِي جدث) // من مجزوء الرجز // وَله يرثي (قَالُوا ألم تحضر عليا بعد مَا ... دفنوه قلت هُنَاكَ بئس الْمحْضر) (لَا أَسْتَطِيع أرى الْمَعَالِي بَيْنكُم ... مَحْمُولَة وَأرى المكارم تقبر) (لم يمض قبلك من أرَاهُ أُسْوَة ... فَأَقُول هَذَا مثل ذَاك فأصبر) (قد كنت جُزْءا والأكارم كلهم ... جُزْء وَلَكِن الْأَقَل الْأَكْثَر) (مَا كَانَ أَكْثَرهم وَأَنت جليسهم ... وَأَقلهمْ إِذْ شيعوك وَكَبرُوا) // من الْكَامِل // وَمِمَّا يتَغَنَّى بِهِ من شعره قَوْله (مَا عَلَيْهَا سهرت أم بت نَائِم ... بعد أَن لَا يلم بِي طيف حالم) (تسْأَل النَّاس كَيفَ حَالي وَمن أعلم مِنْهَا ... وفاعل الشَّيْء عَالم) (وغزال أغن أغيد ساجي الطّرف ... مستحسن الْخَلَائق ناعم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 (لم يصلني وَلم يعدني وَقَالَ اكتم ... فَمَاذَا أسر حَتَّى أكاتم) // من الْخَفِيف // وَقَوله (قبلتها أشتفي بقبلتها ... فزادني ذَلِك اللمى ألما) (وساءلتني عَن مبتدا سقمي ... مسقم جفنيك مسقمي بهما) // من المنسرح // وَقَوله (يَا عِلّة الأجفان كفي كفي ... مَا حملت مِنْك وَمَا استوثقت) (وساعدينا واعلمي أَنَّهَا ... قد نذرت قَتْلِي وَمَا أعتقت) // من السَّرِيع // وَقَوله (أرى اللَّيَالِي إِذا عاتبتها جعلت ... تمن أَن جَعَلتني من ذَوي الْأَدَب) (وَلَيْسَ عِنْد اللَّيَالِي أَن أقبح مَا ... صنعن بِي أَن جعلن الشّعْر مكتسبي) (إِن كَانَ لَا بُد من مدح فها أَنا ذَا ... بِحَيْثُ آمن فِي قولي من الْكَذِب) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِذا كسدت سوق الثَّنَاء فجوده ... طلوب لأسباب الثَّنَاء كسوب) (تضيق بِمَا تحوي يَدَاهُ وصدره ... بتفريق مَا تحوي يَدَاهُ رحيب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وغزال مثل الغزالة يحكيها ... كمالا إِلَّا بقلب وود) (رق جسما فرق دمعي عَلَيْهِ ... فَجرى مثل خَدّه فَوق خدي) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وَالله مَا عورضت فِي مهجتي ... إِلَّا لِأَن أرفع عَنْهَا يَدي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 (الأهيف الأغيد وَالنَّفس مَا ... آلفها للأهيف الأغيد) (يعجبها أَن ترتدي حسنه ... وَالْحسن قد يردى بِهِ المرتدي) (طوفان نوح طبق الأَرْض لَا ... يبرح مِنْهَا آخر الْمسند) (طَاف علينا فاستوينا على الجودي ... من جود أبي أَحْمد) (أبوالعلا إِذْ ذكرت وَابْنهَا ... يَا ذَا المكانين من السؤدد) (غير من حَالي وَمن نيتي ... فِي غَيره كم مصلح مُفسد) (لَو كَانَ من أحببته بعض مَا ... فِي يَده زارت بِلَا موعد) // من السَّرِيع // وَقَوله من قصيدة (فَتى كلما قَالُوا تناهى صُعُوده ... إِلَى كل مجد خَالف القَوْل صاعدا) (ترى كل ملقى المقاليد فِي الوغى ... إِلَيْهِ إِذا لاقاه ألْقى المقالدا) (وَلست ترى بَيْتا من الْمجد أَو ترى ... من الْجُود أركانا لَهُ وقواعدا) (لقد شرفت أَبْيَات عَوْف وطهرت ... من الرجس حَتَّى خلتهن معابدا) (وكل يعاف الْورْد من بعد ربه ... وأرماح عَوْف لَا تعاف المواردا) (ترى مِنْهُم يَوْم الوغى كل ناشر ... من النَّقْع فَوق الدَّار عين مطاردا) (ينالون مَا أَمْسَى بَعيدا مناله ... كَأَنَّهُمْ طالوا الرماح سواعدا) (وقلبت الهيجاء أَعْيَان خلقهمْ ... فقد وَثبُوا أسدا ودبوا أساودا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 (على أَن من لاقيت مِنْهُم مسالما ... لقِيت بِهِ نوء السماك مجاودا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَقد حسدت على مَا بِي فواعجبي ... حَتَّى على الْمَوْت لَا أَخْلو من الْحَسَد) (مَا بعتكم مهجتي إِلَّا بوصلكم ... وَلَا أسلمها إِلَّا يدا بيد) // من الْبَسِيط // وَمن قصيدة يَقُول فِي مدحها (طالما جاد لي وَظن بِأَن الْجُود ... يبلي فِي كل يَوْم مُجَدد) (بِيَمِين طَالَتْ فكم تضرب الْأَيَّام ... عني بهَا وَكم تتجلد) (أحسن الْفِعْل بِي فأحسنت قولا ... فاشتبهنا فَقيل جاد وجود) // من الْخَفِيف // وَقَوله (وغريرة مغرورة بجمالها ... وتظن أَن الْمُنْتَهى كالمبتدي) (ظلت تناكرني الْهوى من بعد مَا اعْترفت ... بِهِ زَمنا فَقلت تقلدي) (ليكن عقابك لي بِقدر تجلدي ... لَا بالنوى فضعيفة عَنْهَا يَدي) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي أبي الْجَيْش حَامِد بن سلهم (مَا زَالَ ينحلني أَبُو الْجَيْش اسْمه ... فِيمَا يجد وكل يَوْم جودا) (حَتَّى غَدَوْت أَنا الْمُسَمّى حامدا ... وَغدا يُسمى حامدا مَحْمُودًا) // من الْكَامِل // وَقَوله (نَام الخليون من حَولي فَقلت لَهُم ... مَا كل عين لَهَا عين تسهدها) (لَا تنكروا عقلتي عَاميْنِ فِي يَده ... فَإِن صيداء مَعْرُوف تصيدها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 (كَأَنَّمَا أَهلهَا أهل الْمُقِيم بهَا ... فَذَلِك الزّهْد فِي الأوطان يبعدها) // من الْبَسِيط // وَقَالَ يهجو أَخَاهُ عبد الصَّمد (قَالَ لي أَنْت أَخُو الْكَلْب وَفِي ... ظَنّه أَن قد تناهى واجتهد) (أَحْمد الله كثيرا أَنه ... مَا درى أَنِّي أَخُو عبد الصَّمد) // من الرمل // وَقَوله من قصيدة أَولهَا (لَا بتماديك على هجري ... وَلَا بإكثارك من ذكري) (عهدتكم من حَيْثُ عاهدتكم ... لم تعرفوا شَيْئا سوى الْغدر) (فَمَا لكم لما نذرتم دمي ... صرتم من الْمُوفينَ بِالنذرِ) (جَاءَت عطاياك موفرة ... فَلم يكن عِنْدِي سوى النشر) (مقرونة بالعذر إِنِّي لفي التَّقْصِير ... أولى مِنْك بالعذر) // من السَّرِيع // وَقَوله من قصيدة أَولهَا (حَتَّى مَتى كل مشتك زاجر ... واللوم مثل الْهوى بِلَا آخر) (كم عاذل عاشق وَكنت أرى ... أَن الَّذِي جرب الْهوى عاذر) (يَا نافرا نفرة الغزال وَكَانَ ... الحزم لَو أنني أَنا النافر) (يبيت مَا تستعد مقلته ... من خمرها فَوق ثغره قاطر) (فطرفه عاصر وَلَيْسَ بِهِ ... خمر وفوه خمر بِلَا عاصر) (وشادن طائف على نفر ... شخص الْكرَى من يَمِينه دائر) (صرعهم حوله وأوجسهم ... بِمَا اشْتَكَى نَائِب لَهُ ساهر) (فحثني سَاعَة فَلم ترني ... فِي أثر الْقَوْم بعدهمْ سَائِر) (فَقَالَ أوصيك بِي وأسلمه الصَّبْر ... على رغمه إِلَى الصابر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 (فَبت فِي روضه ألف على الغادة ... طرفِي وأمرح النَّاظر) // من المنسرح // يَقُول فِي مدحه بِالْكِتَابَةِ وأجاد (لَا يخْطر الْفِكر فِي كِتَابَته ... كَأَن أقلامه لَهَا خاطر) (القَوْل وَالْفضل يجريان مَعًا ... لَا أول فيهمَا وَلَا آخر) وَقَوله (وأغن أغيد وده ... مستأنس بِي وَهُوَ نافر) (إِن قلت زرني قَالَ نم ... فالطيف لَيْسَ يزور ساهر) (وَيَقُول لي فِيمَا يَقُول ... نعم وَمَا لِلْقَوْلِ آخر) (حَتَّى أشاور قلت لكني ... هويت وَلم أشاور) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (سهلت عِنْده المسالك حَتَّى ... أوصلته إِلَى الْعلَا وَهِي وعره) (ثمَّ هامت بِهِ الْمَعَالِي فَصَارَت ... تتقي صده وتحذر هجره) // من الْخَفِيف // وَقَوله من قصيدة يَقُول فِيهَا (هلموا اسألوا عَن سلو يُبَاع ... أَو استخبروا عَن كرى يكترى) (هَل النَّاس مثلي وَإِلَّا فَمَا ... أَشد الْقُلُوب وَمَا أصبرا) (وصفراء تنفذ من كأسها ... فَتتْرك مَا حولهَا أصفرا) (بِمد إِذا شعشعت كالهباء ... لمن كَانَ قدامها أَو ورا) (وَفِي الْقَوْم من لم يكن عِنْده ... إِذا سكر الْقَوْم أَن يسكرا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 (سقاني وَشد معي مئزرا ... فَمَا شدّ من بعْدهَا مئزرا) // من المتقارب // وَقَوله (عِنْدِي حدائق شكر غرس جودكم ... قد مَسهَا عَطش فليسق من غرسا) (تداركوها وَفِي أَغْصَانهَا رَمق ... فَلَنْ يعود أَخْضَر الْعود إِن يبسا) // من الْبَسِيط // وَقَوله من قصيدة يَقُول فِي مدحها (بئس السياسة والرياسة منزل ... أَصبَحت وَحدك فِي ذراه مُقيما) (وَجعلت تفعل مثل مَا فعل الألى ... فِيهِ وتتخذ الخطوب خصوما) (وَلَو اختصرت على الْقَدِيم كفى الْعلَا ... إِن الْقَدِيم ليوجب التقديما) (للحادثات معي حَدِيث مُبْهَم ... أضحى النَّهَار عَليّ مِنْهُ بهيما) (وصناعتي عَرَبِيَّة وكأنني ... ألْقى بِأَكْثَرَ مَا حفظت الروما) (فَلِمَنْ أَقُول وَمَا أَقُول فَأَيْنَ بِي ... فأسير أَولا ايْنَ بِي فأقيما) (وَإِذا اشتكيت إِلَى امْرِئ مَا حل بِي ... فَأَقُول يرحمني أرَاهُ حَلِيمًا) // من الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة يَقُول فِيهَا (يروح إِلَى كسب الثَّنَاء وَيَغْتَدِي ... إِذا كَانَ هم النَّاس كسب الدَّرَاهِم) (وَإِن جلس الأقوام عَن وَاجِب الندى ... وَحقّ العطايا كَانَ أول قَائِم) (يزِيد ابتهاجا كلما جَاءَ قَاصد ... كَأَن بِهِ شوقا إِلَى كل قادم) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِن لَهَا من لوعة شانا ... أضرمت الأحشاء نيرانا) (وحالفت دمعي فَلم يطفها ... وَقد جرى سَحا وتهتانا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 (وَآل مَا زَالَ عدوا لَهَا ... مذ كَانَت النَّار ومذ كَانَا) (لَكِن فِي حيني وَفِي شقوتي ... مَا يَجْعَل الْأَعْدَاء خلانا) (وغادة قُمْت لتوديعها ... أسعى إِلَى التَّفْرِيق عجلانا) (فغاض دمعي وَجرى دمعها ... زورا على الْحبّ وبهتانا) (ثمَّ انْثَنَتْ قائلة مَا لَهُ ... لم يبكه الْبَين وأبكانا) (فَقلت جَار الدمع فِي حكمه ... فَفَاضَ من أجفان أجفانا) // من السَّرِيع // وَقَوله (مَا زَالَ يَبْنِي كعبة للعلا ... وَيجْعَل الْجُود لَهَا ركنا) (حَتَّى أَتَى النَّاس فطافوا بهَا ... وقبلوا رَاحَته الْيُمْنَى) // من السَّرِيع // وَقَوله فِي أبي الْجَيْش حَامِد بن سلهم (أَبَا الْجَيْش حسب الشّعْر مَا أَنْت صانع ... فقد عجزت عَن وصف ذَاك القصائد) (أما انصلحت لِلْمَالِ مِنْك طوية ... فتصلحه حَتَّى مَتى أَنْت حاقد) (سبقت بني الدُّنْيَا فَمَا هَب قَائِم ... سواك إِلَى جود وَلَا قَامَ قَاعد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَمن بني القواد من بغته ... عَن سَيْفه سيوف أجفانه) (سُلْطَان عَيْنَيْهِ لَهُ سطوة ... أَشد من سطوة سُلْطَانه) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 وَقَوله (يَا ذَا الَّذِي فِي خَدّه ... جيشان من زنج وروم) (هَذَا يُغير على الْقُلُوب ... وَذَا يُغير على الجسوم) (إِنِّي وقفت من الْهوى ... فِي موقف ضنك عَظِيم) (كوقوف عارضك الَّذِي ... قد حَار فِي مَاء النَّعيم) // من الْكَامِل // وَقَوله (غنني يَا أعز ذَا الْخلق عِنْدِي ... حَيّ نجدا وَمن بِأَكْنَافِ نجد) (واسقني مَا يصير ذُو الْبُخْل مِنْهُ ... حاتما والجبان عَمْرو بن معدي) (لي وَمَا فَوق وجنتيك من الْورْد ... مدام كالمسك فِي لون ورد) (فاسقينها ملأى فقد فَضَح اللَّيْل ... هِلَال كَأَنَّهُ فتر رند) (والثريا خفاقة بجناح الغرب ... تهوي كَأَنَّهَا رَأس فَهد) (فِي أَوَان الشَّبَاب عاجلني الشيب ... فَهَذَا من أول الدن دردي) // من الْخَفِيف // وَقَوله (إِن خيالا زارنا وَهنا ... من عنْدكُمْ هاج لنا حزنا) (أحبابنا لَا بلغت مِنْكُم ... أَيدي النَّوَى مَا بلغت منا) (فَلم يغب عَنْكُم على بعدكم ... مَا فعلت غيبتكم عَنَّا) (أيسر مَا فِي عهدكم أننا ... لما حفظنا عهدكم ضعنا) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 24 - أَحْمد بن سُلَيْمَان الفجري شَاعِر ماهر كتب إِلَى عبد المحسن الصُّورِي هَذِه الأبيات (أعبد المحسن الصُّورِي لم قد ... جثمت جثوم منهاض كسير) (فَإِن قلت العبالة أقعدتني ... على مضض وعاقت عَن مسيري) (فَهَذَا الْبَحْر يحمل هضب رضوى ... ويستثني بِرُكْن من ثبير) (وَإِن حاولت سير الْبر يَوْمًا ... فلست بمثقل ظهر الْبَعِير) (إِذا استحلى أَخُوك قلاك يَوْمًا ... فَمثل أَخِيك مَوْجُود النظير) (تحرّك عل أَن تلقى كَرِيمًا ... تَزُول بِقُرْبِهِ إحن الصُّدُور) (فَمَا كل الْبَريَّة من ترَاهُ ... وَلَا كل الْبِلَاد بِلَاد صور) // من الوافر // فَأَجَابَهُ عبد المحسن (جَزَاك الله عَن ذَا النصح خيرا ... وَلَكِن جَاءَ فِي الزَّمن الْأَخير) (وَقد حدث لي السبعون حدا ... نهى عَمَّا أمرت من الْمسير) (ومذ صَارَت نفوس النَّاس حَولي ... قصارا عدت بالأمل الْقصير) // من الوافر // 25 - أَبُو حَامِد أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَنْطَاكِي الْمَعْرُوف بِأبي الرقعمق نادرة الزَّمَان وَجُمْلَة الْإِحْسَان وَمِمَّنْ تصرف بالشعر الجزل فِي أَنْوَاع الْجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 والهزل وأحرز قصب الْفضل وَهُوَ أحد المداح المجيدين والفضلاء الْمُحْسِنِينَ وَهُوَ بِالشَّام كَابْن حجاج بالعراق فَمن غرر محاسنه قَوْله يمدح من قصيدة أَولهَا (قد سمعنَا مقاله واعتذاره ... وأقلناه ذَنبه وعثاره) (والمعاني لمن عنيت وَلَكِن ... بك عرضت فاسمعي يَا جَاره) (من مراديه أَنه أَبَد الدَّهْر ... ترَاهُ محللا أزراره) (عَالم أَنه عَذَاب من الله ... مُبَاح لأعين النظاره) (هتك الله ستره فلكم هتك ... من ذِي تستر أستاره) (سحرتني ألحاظه وَكَذَا كل ... مليح لحاظه سحاره) (مَا على مُؤثر التباعد والإعراض ... لَو آثر الرضى والزياره) (وعَلى أنني وَإِن كَانَ قد عذب ... بالهجر مُؤثر إيثاره) (لم أزل لَا عدمته من حبيب ... أشتهي قربه وآبى نفاره) // من الْخَفِيف // يَقُول فِي مدحها (لم يدع للعزيز فِي سَائِر الأَرْض ... عدوا إِلَّا وأخمد ناره) (فَلهَذَا اجتباه دون سواهُ ... واصطفاه لنَفسِهِ وَاخْتَارَهُ) (لم تشيد لَهُ الوزارة مجدا ... لَا وَلَا قيل رفعت مِقْدَاره) (بل كساها وَقد تخرمها الدَّهْر ... جلالا وبهجة ونضارة) (كل يَوْم لَهُ على نوب الدَّهْر ... وكر الخطوب بالبذل غاره) (ذُو يَد شَأْنهَا الْفِرَار من الْبُخْل ... وَفِي حومة الوغى كراره) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 (هِيَ فَلت عَن الْعَزِيز عداهُ ... بالعطايا وَكَثُرت أنصاره) (هَكَذَا كل فَاضل يَده تمسي ... وتضحي نفاعة ضراره) (فاستجره فَلَيْسَ يَأْمَن إِلَّا ... من تفيا بظله واستجاره) (فَإِذا مَا رَأَيْته مطرقا يعْمل ... فِيمَا يُريدهُ أفكاره) (لم يدع بالذكاء والذهن شَيْئا ... فِي ضمير الغيوب إِلَّا أناره) (لَا وَلَا موضعا من الأَرْض إِلَّا ... كَانَ بِالرَّأْيِ مدْركا أقطاره) (زَاده الله بسطة وَكَفاهُ ... خَوفه من زَمَانه وحذاره) وَقَوله من أُخْرَى أَولهَا (إِن ربعا عَرفته مألوفا ... كَانَ للبيض مربعًا ومصيفا) (غيرت آيَة صروف اللَّيَالِي ... وَغدا عَنهُ حسنه مصروفا) (مَا مَرَرْنَا عَلَيْهِ إِلَّا وقفنا ... وأطلنا شوقا إِلَيْهِ الوقوفا) (آلفا فِيهِ للبكاء كَأَنِّي ... لم أكن فِيهِ للغواني ألوفا) (حَاسِدًا للجفون لما أزالت ... فِي مغانيه دمعها المذروفا) (إِن يَعْقُوب قد أَفَادَ وأقنى ... وَأعَاد الندى وأغنى الضعيفا) (سل سَيْفا من البصيرة والرأي ... فأغناه أَن يسل السيوفا) (باذلا للعزيز دون حماه ... مهجة حرَّة ورأيا حصيفا) (لم تزل دونه تخوض المنايا ... وَترد الردى وتلقى الصفوفا) (ناصحا مشفقا محبا ودودا ... قَائِما فِي رِضَاهُ صعبا عسوفا) (لَيْسَ يخْشَى فَسَاد أَمر تولاه ... وأضحى بِرَأْيهِ مكنوفا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 (مَا رَأَيْنَاهُ قطّ إِلَّا رَأينَا ... خلقا طَاهِرا وفعلا شريفا) (ورأينا قرما كَبِيرا هماما ... منعما مفضلا رحِيما رؤوفا) (لذ طعم الْعَطاء وَهُوَ إِذا جاد ... وَأعْطى يرى الْكثير طفيفا) (خلق مِنْهُ مُنْذُ كَانَ كريم ... يستلذ الندى ويقري الضيوفا) (ويريش الْفَقِير بالذل والجود ... وَيُعْطِي ويسعف الملهوفا) (فأرانا الْإِلَه صرف اللَّيَالِي ... أبدا عَن فنائه مصروفا) // من الْخَفِيف // وَقَوله من أُخْرَى (حَيّ الْخيام فَإِنِّي ... مغرى بِأَهْل الْخيام) (بالراميات فُؤَادِي ... بصائبات السِّهَام) (أسقمتني وتألين ... لأشفين سقامي) (أَيَّام وَصلي حرَام ... والهجر غير حرَام) (لَا عذب الله قلبِي ... إِلَّا بطول الغرام) (سقيا لدهر تولى ... بشرتي وغرامي) (كَأَنَّمَا ذَلِك الْعَيْش ... كَانَ فِي الأحلام) (لم يبْق من نرتجيه ... لحادث الْأَيَّام) (إِلَّا ابْن أَحْمد ذُو الطول ... والأيادي الجسام) (كَفاهُ أغدق جودا ... من واكفات الْغَمَام) (يلقى العفاة بِوَجْه ... مُسْتَبْشِرٍ بسام) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 (مُعظما ترتجيه ... للنائبات الْعِظَام) (يَرْمِي الخطوب بِرَأْي ... أمضى من الصمصام) (قرم لَهُ عَزمَات ... تفل حد الحسام) // من المجتث // وَله من أُخْرَى (توهمت أمرا فَلم أنبس ... بِحرف وناديت بالأكؤس) (حميا كَأَن سنا نورها ... سنا بارق لَاحَ فِي الحندس) (يعاطيكها رشأ طرفه ... سريع إِلَى تلف الْأَنْفس) (بخد يروقك توريده ... وَعين تنوب عَن النرجس) // من المتقارب // يَقُول فِي مدحها (لَهُ قلم أبدا نَاطِق ... بِأَسْعَد قوم وبالأنحس) (إِذا مَا انتضاه لأمر رمى ... بِهِ الدَّهْر عَن صائبات القسي) (رَآهُ الْوَزير على غَايَة ... من الْفضل تعلو على الخنس) وَمن أُخْرَى (أَظن ودادها من غير نِيَّة ... وَهل هِيَ فِيهِ إِلَّا مدعية) (فتاة لَا تمل عَذَاب قلبِي ... وَلَا تخليه وقتا من أذيه) (وَلَا ذَنْب لَهُ إِلَّا التوافي ... لمن فِي الْحبّ لَيست بالوفيه) (ويعجبني التمنع والتشاجي ... من الخود الممنعة الشجيه) (فوا أسفا على حر يعزي ... أَخا رزء على عظم الرزيه) // من الوافر // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وَمِنْهَا (وَذَلِكَ أَن إيري فِيهِ رَطْل ... وَمَا فِي حرهَا إِلَّا وقيه) (وَمن بعث المدام فَلَيْسَ بُد ... ولاتك غير بكر بابليه) (فثم هُنَاكَ حر شَافِعِيّ ... عَظِيم الشَّأْن واست مالكيه) (وَنَفْسِي غير مائلة إِلَيْهَا ... لأحوال مقبحة بذيه) (أحب دنوها وتحب قربي ... وَهَذَا لَا يكون بِلَا بليه) (وَمَا لاقيتها إِلَّا تلاقى ... مبالانا بِإِسْقَاط التقيه) (وَهَذَا الرَّأْي لَا رَأْي سواهُ ... فَلَا تحفل بأقوال الرعيه) (وَلَا عَيْش سوى تقليب بظر ... وثقب من صبي أَو صَبِيه) (على أَنِّي أَقُول بِكُل شَيْء ... سوى نيك الْعَجُوز القذمليه) (وَلَا ألوي على أحد يراني ... بِعَين النَّقْص وَالْحَال الدنيه) (وَمن نَالَ الْعَلَاء حجا ومجدا ... وأفعالا مهذبة سنيه) (تشابه خلقه والخلق حسنا ... وحسبك بالنفاسة والسجيه) (تشاهد مِنْهُ طودا مشمخرا ... وأفعال الْمُلُوك الكسرويه) (لَهُ الأقلام كَيفَ يَشَاء تجْرِي ... بتأييد الْقَضَاء بالمشية) (كَأَن اللَّفْظ فِي القرطاس زهر ... تفتح عَن معَان معنويه) وَمن أُخْرَى (كفي ملامك يَا ذَات الملامات ... فَمَا أُرِيد بديلا بالرقاعات) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 (كأنني وجنود الصفح تتبعني ... وَقد تولت مَزَامِير الرطانات) (قسيس دير تَلا مزماره سحرًا ... على القسوس بترجيع ورنات) (وَقد مجنت وَعلمت المجون فَمَا ... أَدعِي بِشَيْء سوى رب المجانات) (وَذَاكَ أَنِّي رَأَيْت الْعقل مطرحا ... فَجئْت أهل زماني بالحماقات) (إِنِّي سأدخل عذالي على عذل ... فِي الْحبّ أَن عذلوني فِي الحرامات) (أفدي الَّذِي نأوا وَالدَّار دانية ... وشتتوا بالجفا شَمل المودات) (كم قد نتفت سبالي فِي صدودهم ... والصد أصعب من نتف السبالات) (سقيا ورعيا لأيام لنا سلفت ... بالقفص قصرهَا طيب اللذاذات) (إِذا لَا أروح وَلَا أغدو إِلَى وَطن ... إِلَّا إِلَى ربع خمار وحانات) (أَيَّام أسحب أذيال الْهوى مرحا ... مصرعا بَين سَكَرَات ونشوات) (عوضت مِنْهُم أحزانا تؤرقني ... بعد السرُور وفرحات بترحات) (لَوْلَا عذار تَعَالَى كَيفَ صوره ... رب الْعباد لتعذيبي وحسراتي) (كَأَنَّهُ مشقة من خد من شقيت ... روحي بهجرانه أَو عطف نونات) (لما حللت بدار مَالهَا أحد ... إِلَّا أنَاس تواصوا بالخساسات) (لَو كنت بَين كرام مَا تهضمني ... دهر أَنَاخَ على أهل المروءات) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (لَو نيل بالمجد فِي العلياء منزلَة ... لنال بالمجد أعنان السَّمَوَات) (يَرْمِي الخطوب بِرَأْي يستضاء بِهِ ... إِذا دجا الرَّأْي من أهل البصيرات) (فَلَيْسَ تَلقاهُ إِلَّا عِنْد عارفة ... أَو وَاقِفًا فِي صُدُور السمهريات) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 (يَا من غَدَتْ أوجه الْأَيَّام مشرقة ... بجوده مستهلات منيرات) (مَالِي بِلَا سَبَب غودرت مطرحا ... وَقد حرمت عطاياك الجزيلات) (ولي مدائح قدما فِيك سائرة ... مستطرفات بِأَلْفَاظ طريفات) وَمن أُخْرَى (كل بشعري مفتون ومشغوف ... وجيد الشّعْر منعوت وموصوف) (كلفت من أَمرهم مَا لَا أقوم بِهِ ... وَمن يقوم بِأَمْر فِيهِ تَكْلِيف) (لأنتفن سبالي طَاعَة لَهُم ... والذقن إِن دَامَ ذَا الْإِعْرَاض منتوف) (أمسي وَأصْبح مجفوا ومطرحا ... هَذَا ورأسي وَمَا وَالَاهُ مَكْشُوف) (وَبِي وَعِنْدِي وَفِي ملكي وَلَا رزقوا ... رِزْقِي قذال أَصمّ السّمع مكفوف) (من تِلْكَ أقفية الْقَوْم الكشاخنة الفدم ... الَّذين لَهُم مِنْهَا مجاديف) (مفوقات بتنفيش وأطبعها ... لَا شكّ مَا فِيهِ تنقيش وتفويف) (معطوفة وبنفسي يَا ابْن أم قفا ... على الأخادع مثني ومعطوف) (كم قَاتل ويداه فِي أطايبه ... وَطيب الشَّيْء مجني ومقطوف) (فَإِن يكن ذَا فَلَا غرو وَلَا حرج ... فلليالي وللأيام تصريف) (هَذَا الَّذِي من رَآهُ دون ملمسه ... لم يَأْكُل اللَّحْم إِلَّا وَهُوَ معلوف) (وَلم يمد إِلَى رَأس على طرب ... يَدَيْهِ إِلَّا وَفِي الْيُمْنَى تطاريف) (بَينا يرى الثَّوْب منشورا بِلَا سَبَب ... حَتَّى يرى وَهُوَ بعد النشر ملفوف) (فكم ألام وَكم ألحى وَهل حمقي ... إِلَّا نتيجة رَأس فِيهِ تَخْفيف) (ألفته حسب مَالِي من محبته ... دون الْبَريَّة والمحبوب مألوف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 (إلْف المكارم والجدوى فَتى أَسد ... مُحَمَّد خير من ناداه ملهوف) (حر إِذا ذكر الْأَحْرَار مُشْتَمل ... على السماح ببذل الْعرف مَعْرُوف) (بِمثلِهِ يدْفع الْخطب الْجَلِيل إِذا ... تصرفت ببني الدُّنْيَا تصاريف) (ندب نماه كرام سادة نجب ... شم الأنوف بهَا ليل غطاريف) (تحصى النُّجُوم وَلَا تحصى فضائله ... وَلَا يُحِيط بهَا وصف وتكييف) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (لمن أمدح بالشعر ... لمن أقصد لَا أَدْرِي) (إِلَى من إِن دجا خطب ... ونابت نوب الدَّهْر) (فقد وَالشَّفْع وَالْوتر ... وَمن أقسم بِالْفَجْرِ) (تحيرت فَمَا أَدْرِي الَّذِي ... أصنع فِي أَمْرِي) (على أَنِّي بالدهر ... وبالأيام ذُو خبر) (وَلَكِنِّي للحيرة ... سَكرَان بِلَا سكر) (كَأَنِّي لست مخلوقا ... لغير الْجهد والضر) (ومذ كنت فمدفوع ... إِلَى الْفَاقَة والفقر) (فَمَا أصنع فِي مصر ... إِذا لم أحظ فِي مصر) (وَفِي الْآفَاق أَقوام ... يميلون إِلَى شعري) (ونبئت بِأَن الْقَوْم ... لَا يخلون من ذكري) (فَفِيمَ التّرْك للسير ... وَهل فِي ذَاك من عذر) (وَقد قدمت أثقالي ... وسيري غرَّة الشَّهْر) (فَأَما أَكثر الْحمق ... فقد سيرت فِي الْبَحْر) (وَبَاقِيه معي يذهب ... فِي الْبر على ظَهْري) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 (وَلَا أترك فِي مصر ... لذكر الْحمق من أثر) (فَمن بعدِي ليطبيه ... فِي النّظم وَفِي النثر) (وَمن يلْعَب فِي الرَّأْس ... من الْعَصْر إِلَى الْعَصْر) (وَمن من شدَّة الصفع ... لَهُ رَأس بِلَا شعر) (وَمن هامته أقوى ... على الصفع من الصخر) (وَمن يضرط فِي الذقن ... بِلَا كيل وَلَا حزر) (وَمن ينتف بالدبق ... سبالات بني البظر) (وَلَكِنِّي لَا كنت ... لما فِي من الْكبر) (إِذا أمراني الصفع ... تجشأت من الدبر) (وهيهات ترى صفعا ... لغيري أبدا يمري) // من الهزج // وَمِنْهَا (أَلا يَا مُنْتَهى الْجُود ... وَيَا ذَا الْمجد وَالْفَخْر) (وَيَا ابْن السَّادة الغر ... وَيَا ابْن الأنجم الزهر) (وَيَا أبهى من الشَّمْس ... ضِيَاء وَمن الْبَدْر) (لماذا أَنْت لَا تعدِي ... على الْأَيَّام والدهر) (همام طَاهِر الذيل ... سليل السَّادة الغر) (كريم الأَصْل والخيم ... رحيب الباع والصدر) (جواد غير مَدْفُوع ... عَن الإفضال وَالْبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 (وَمَا زَالَ إِلَى كل ... لَهُ عارفة تسري) (لقد عَمت أياديه ... جَمِيع البدو والحضر) وَمن أُخْرَى (عجب مَا مثله عجب ... فعلوا بِي غير مَا يجب) (قرقرت بَطْني فواحزني ... ذقن من بالسلح يختضب) (هربا من شَرها هربا ... فَعَسَى أَن ينفع الْهَرَب) (ذهب النَّاس فَمَا أحد ... يَشْتَهِي أَن تنفخ الْقرب) (حزني أَنِّي مذ زمن ... مَا لعبناه وَلَا لعبوا) (وَلكم بتنا على طرب ... ورؤوس الْقَوْم تستلب) (وكؤوس الصفع دَائِرَة ... ملؤُهَا اللَّذَّات والطرب) (وانتخبناها وهاههم ... وأكف الْقَوْم تصطخب) (وَكَأن الصفع بَينهم ... شعل النيرَان تلتهب) (والعمى مِنْهُم وَإِن شغلوا ... عَنهُ باللذات مقترب) (سَوف يَدْرُونَ أَيّمَا رجل ... ضيعوا مني إِذا طربوا) (بسيوف شركها أَدَم ... مرهفات للعمى سَبَب) (وَعَجِيب وَالْحُسَيْن لَهُ ... رَاحَة بالجود تنسكب) (أَن شربي عِنْده رنق ... ولديه مربعي جَدب) (وَله الْورْد المعاذ بِهِ ... والجناب الممرع الخصب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 (وَهُوَ الْغَيْث الملث إِذا ... أعوزتنا درها السحب) (وَإِلَى الرسي ملجؤنا ... من صروف الدَّهْر والهرب) (سيد شادت علاهُ لَهُ ... فِي الْعلَا آباؤه النجب) (وَله بَيت تمد لَهُ ... فَوق مجْرى الأنجم الطنب) (حَسبه بالمصطفى شرفا ... وَعلي حِين ينتسب) (رُتْبَة فِي الْعِزّ شامخة ... قصرت عَن نيلها الرتب) (ذَاك فَخر لَيْسَ تنكره ... لكم عجم وَلَا عرب) (وَلَأَنْتُمْ من بفضلهم ... جَاءَت الْأَخْبَار والكتب) (وإليكم كل منقبة ... فِي الورى تعزي وتنتسب) (وبكم فِي كل معركة ... تَفْخَر الْهِنْدِيَّة القضب) (وبكم فِي كل عارفة ... ترفع الأستار والحجب) (وَإِذا سمر القنا اشتجرت ... فبكم تستكشف الكرب) // من المديد // وَقَوله من قصيدة فِي الرسي أَولهَا (باح وجدا بهواه ... حِين لم يُعْط مناه) (مغرم أغرى بِهِ السقم ... فَمَا يُرْجَى شفَاه) (كَاد يخفيه نحول الْجِسْم ... حَتَّى لَا ترَاهُ) (لَو ضنا يخفى عَن الْعين ... لأخفاه ضناه) // من مجزوء الرمل // وَمِنْهَا (حبذا الرسي مولى ... رَضِي النَّاس ولاه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 (جعل الله أعاديه ... من السوء فدَاه) (فَلَقَد أَيقَن بالثروة ... من حل ذراه) (من رقى حَتَّى تناهى ... فِي الْمَعَالِي مرتقاه) (فَاتَ أَن يبلغ فِي السؤدد ... وَالْمجد مداه) (ملك مذ كَانَ بالسطوة ... مَمْنُوع حماه) (بَحر جود لَيْسَ يدرى ... أَيْن مِنْهُ منتهاه) (لم يضع من كَانَ إِبْرَاهِيم ... فِي النَّاس رجاه) (لَا وَلَا يفرق من صرف ... زمَان إِن عراه) (من بِهِ استكفى أَذَى الْأَيَّام ... والدهر كَفاهُ) (كَيفَ لَا أمدح من لم ... يخل خلق من نداه) وَقَوله من أُخْرَى يَقُول فِيهَا (لَو برجلي مَا برأسي ... لم أَبَت إِلَّا بِنَجْد) (خفَّة لَيست لغيري ... لَا أَرَانِي الله فقدي) (ومحال أَن يرى مثلي ... أَو يبصر بعدِي) (رجل لَا يضرط الضرطة ... إِلَّا بعد جهد) (فَلِذَا الْأَمر ترَاهُ ... يَأْكُل التَّمْر بزبد) (غير أَنِّي قيل عني ... إِنَّنِي مغرى بدعد) (وبليلي وبسلمي ... وبسعدى وبهند) (ثمَّ لَا أملك شَيْئا ... غير سنور وخلد) (وحماقات وعمري ... إِن لي رَأْسا مرندي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 (أَصْبِر الأرؤس فِي صفع ... بِلَا حزر وعد) // من مجزوء الرمل // وَمِنْهَا (خلقت كَفاهُ من جود ... لراجيه ورفد) (مورد يُورد راجيه ... إِلَى أعذب ورد) (لَا خلا من منَّة مِنْهُ ... إِلَى الْأَحْرَار يسدي) (فَهُوَ الْقَائِم بِالْحَقِّ ... وموفي كل عهد) وَمن أُخْرَى (قلبِي لَك الْخَيْر بالأفراح معمور ... مُسْتَبْشِرٍ جذل بِالْفَتْح مسرور) // من الْبَسِيط // يَقُول فِيهَا (خُذ فِي هناتك مِمَّا قد عرفت بِهِ ... مِمَّا بِهِ أَنْت مَعْرُوف ومشهور) (واحك العصافير صي صي صي ... صصي صصصي) (إِذا تجاوبن ... فِي الصُّبْح العصافير) (ففيك مَا شِئْت من حمق وَمن هوس ... قَلِيله لكثير الْحمق إكسير) (كم رام إِدْرَاكه قوم فَأَعْجَزَهُمْ ... وَكَيف يدْرك مَا فِيهِ قناطير) (لَا تنكرن حماقاتي لِأَن بهَا ... لِوَاء حمقي فِي الْآفَاق منشور) (وَلست أبغي بهَا خلا وَلَا بَدَلا ... هَيْهَات غَيْرِي بترك الْحمق مَعْذُور) (لَا عيب فِي سوى أَنِّي إِذا طربوا ... وَقد حضرت يرى فِي الرَّأْس تفجير) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 (والأخدعان فَمَا زَالا يرى بهما ... لِكَثْرَة المزح توريم وتحمير) (وَذَا الفعال مَعَ الْإِعْرَاض مطرد ... صفع ونقع وتيسير وتعسير) (فَذا وَذَاكَ وَهَذَا ثمَّ ذَاك وَذَا ... كَذَا اللَّيَالِي لَهَا صفو وتكدير) (أسْتَغْفر الله مِمَّا قلته عَبَثا ... لغير شَيْء وَمَا فِي الصُّحُف مسطور) (أَقُول للنَّفس لما استشعرت جزعا ... وَبَات يردعها خوف وتحذير) (إِن الإِمَام نزارا مدحه فثقي ... ذخر لمثلك عِنْد الله مذخور) (هُوَ الَّذِي لَيْسَ بعد الله من أحد ... سواهُ فِي النَّاس مَحْمُود ومشكور) (مشمر فِي الْمَعَالِي ذيل مُجْتَهد ... وَمَاله فِي سوى العلياء تشمير) وَمن أُخْرَى (أترضى بالتخلف والتواني ... على ضرب اللجاجة والحران) (وَمَا أَنا وَالْأَحَادِيث اللواتي ... تزهد فِي المثالث والمثاني) (أَلا طربت إِلَى النشوات نَفسِي ... وتقت إِلَى مُعتقة الدنان) (كَمَا طربت أَبَارِيق الندامى ... إِلَى أصوات قهقهة القناني) (ويومك إِذْ تَطوف بِهِ فتاة ... على الْخَدين مِنْهَا وردتان) (مهفهقة القوام إِذا تثنت ... تثنت كالقضيب الخيزران) (وَلم أر قبلهَا شمسا تبدت ... وَلَا قمرا بِأَعْلَى غُصْن بَان) (لحاه الله من شيخ ضروط ... ضجيج ظراطه بالنهروان) (وَلَكِن رَأسه جلد جليد ... صبور عِنْد مُخْتَلف الطعان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 (وَلم أر قبله رَأْسا سواهُ ... غَدا وَقفا على حَرْب عوان) (وَلَا سِيمَا إِذا الْأَيْدِي توالت ... عَلَيْهِ والتقت حلق البطان) // من الوافر // وَمِنْهَا (إِلَى من راحتهاه ندى وجود ... علينا بالمواهب ثرتان) (كريم لَا يدافع عَن سماح ... جواد مَاله فِي الْجُود ثَان) (تناهت عِنْده الآمال لما ... غَدا أقْصَى النِّهَايَة فِي الْأَمَانِي) وَمن أُخْرَى (كل يَوْم أَنا من إيري ... فِي أَمر عُجاب) (لَيْسَ يخليني من هم ... وحزن واكتئاب) (لم يدع لي ذَهَبا إِلَّا ... رَمَاه بالذهاب) (وابتدى المشؤوم أَن يعْمل ... فِي أَمر التباب) (هَل مجير لي مِنْهُ ... أهل ودي وصحابي) (أَو وَإِلَّا ثَبت والرحمن ... من لعب الكعاب) (أَنا مبلي من بلاياه ... بِنصب وَعَذَاب) (أَنا لولاه لألفيت ... قَلِيل الِاضْطِرَاب) (وتجزيت بنزر ... من طَعَام وشراب) (وَلما طَال انتزاحي ... عَن بلادي واغترابي) (لعنة الله عَلَيْهِ ... وبراغيث الْكلاب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 (فلكم أوقفني موقف ... خزي واكتئاب) (وَلكم أغلقت بَابا ... من هَوَاهُ دون بَاب) (رب قد أبليتني مِنْهُ ... بمعتوه مصاب) (عينه فِي كل من دب ... على وَجه التُّرَاب) (ثمَّ لَا يرضيه مِنْهُ ... غير دبر مستطاب) // من مجزوء الرمل // وَمِنْهَا (وبإحسان تَمِيم ... عذت من عظم مصابي) (بالأمير السَّيِّد الْمَاجِد ... وَالْقَرْمُ اللّبَاب) (والهمام الْمُنعم الْمفضل ... وَالْبَحْر الْعباب) (وَالَّذِي لَا فرق مَا بَين ... جداه والسحاب) (تنثني مِنْهُ إِلَى ذِي ... كرم رحب الجناب) (رَافع دون بني الآمال ... أَسْتَار الْحجاب) (لم أزره قطّ إِلَّا ... بت مَحْمُود الإياب) (ذكره أعذب فِي الْأَنْفس ... من ذكر الشَّبَاب) (وَلَقَد رق عَن المَاء ... وَعَن طبع الشَّرَاب) (أَكْثَم فِي الرَّأْي وَالْفضل ... وَقس فِي الْخطاب) وَقَوله (كتب الْحَصِير إِلَى السرير ... أَن الفصيل ابْن الْبَعِير) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 (فلمثلها طرب الْأَمِير ... إِلَى طباهجة بقير) (فلأمنعن حمارتي ... سنتَيْن من علف الشّعير) (لَا هم إِلَّا أَن تطير ... من الهزال مَعَ الطُّيُور) (فلأخبرنك قصتي ... فَلَقَد وَقعت على الْخَبِير) (إِن الَّذين تصافعوا ... بالقرع فِي زمن القشور) (أسفوا عَليّ لأَنهم ... حَضَرُوا وَلم أك فِي الْحُضُور) (لَو كنت ثمَّ لقيل هَل ... من آخذ بيد الضَّرِير) (وَلَقَد دخلت على الصّديق ... الْبَيْت فِي الْيَوْم المطير) (متشمرا متبخترا ... للصفع بالدلو الْكَبِير) (فأدرت حِين تبَادرُوا ... دلوي فَكَانَ عمي المدير) (يَا للرِّجَال تصافعوا ... فالصفع مِفْتَاح السرُور) (لَا تغفلوه فَإِنَّهُ ... يستل أحقاد الصُّدُور) (هُوَ فِي الْمجَالِس كالبخور ... فَلَا تملوا من بخور) (ولأذكرن إِذا ذكرت ... أحبتي وَقت السّحُور) (ولأحزنن لأَنهم ... لما دنا نضج الْقُدُور) (رحلوا وَقد خبزوا الفطير ... ففاتهم أكل الفطير) (لَا وَالَّذِي نطق النَّبِي ... بفضله يَوْم الغدير) (مَا للْإِمَام أبي عَليّ ... فِي الْبَريَّة من نَظِير) // من الْكَامِل // وَله من أُخْرَى أَولهَا (سَلام على الرّبع ربع الجدا ... سَلام على تمره واللبا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 (سَلام عَلَيْهِ سَلام امْرِئ ... معنى بتذكار مَا قد مضى) (سَلام عَلَيْهِ فكم موقف ... وقفناه فِيهِ ندير الدلا) (لعهدي فِيهِ شُيُوخ لنا ... غِلَاظ الرّقاب عراض اللحى) (إِذا مَا قبضت على لحية ... وناديت بَطْني أجَاب الخرا) (وَكُنَّا من الظّرْف لَو أننا ... أَقَمْنَا نصافع شهرا وَلَا) (نعيب الْوَفَاء ولهفي على ... أخادع من لَا يعيب الوفا) (وَلَا عذر إِلَّا أدير اللطام ... إِذا الصفع دَار وكلي قفا) (وَقد كنت تبت ولكنني ... إِذا الصفع دَار أَتَانِي الجشا) (فَلَا تتْرك الصفع جهلا بِهِ ... فَمَا أطيب الصفع لَوْلَا الْعَمى) (وَمَالِي أكاتمكم قصتي ... وأضرب بالطبل تَحت الكسا) (إِذا كَانَ فِي الصَّيف لي جنَّة ... لأية حَال أَذمّ الفرا) (وَلم أكسب الْحمق لكنني ... خلقت رقيعا كَمَا قد ترى) (لقد فقت فِيهِ كَمَا الْفَارِسِي ... فِي الرَّمْي فاق جَمِيع الورى) (كَأَن البنادق طوع لَهُ ... فهن يصبن لَهُ مَا اشْتهى) (إِذا مَا رمى طائرا حطه ... وَلَو أَنه بمَكَان السها) (فيالك من موقف مبهج ... عَجِيب وَمن منظر مشتهى) (فعيد الطُّيُور بِهِ مأتم ... وأضيافه عِنْده فِي الْقرى) // من المتقارب // وَمن أُخْرَى (عاذل كم فِيهِ تعذليني ... وَكم إِلَى كم تؤنبيني) (لَو بك مَا بِي من التصابي ... لَكُنْت لَا شكّ تعذريني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 (إِن الَّذِي قد أذاب جسمي ... بالثغر والجيد والجفون) (بدر تَمام على قضيب ... ركب من نَغمَة ولين) (مَا شِئْت من نرجس جني ... غض وَورد وياسمين) (عَيناهُ تسطو على فُؤَادِي ... وَالْمَوْت فِي سطوة الْعُيُون) // من مخلع الْبَسِيط // وَمِنْهَا (فأطيب الْعَيْش كَانَ عِنْدِي ... أَيَّام للفسق قلدوني) (وَكنت طِبًّا بِهِ بَصيرًا ... وأقود النَّاس فِي سُكُون) (فكم غزال أخذت قسرا ... وَكم مليح حوت يَمِيني) (وَالنَّاس يسعون نَحْو دَاري ... من كل أَرض ويقصدوني) (فَذا يوافي بِثَوْب خَز ... وَذَا يوافي بِثَوْب توني) (وَذَا يفْدي وَذَاكَ يهدي ... وَذَاكَ يمْضِي وَذَا يجيني) (وكل علق إِلَى مراحي ... أهْدى من الطير للوكون) (وَكَانَ خلقي لَهُم رَضِيا ... أصفعهم ثمَّ يصفعوني) (قد أجمع النَّاس أَن حمقي ... أحسن من عفتي وديني) (قد عِشْت دهرا أعول عَقْلِي ... وَالنَّاس إِذْ ذَاك يبعدوني) (فمذ تحامقت قد كساني ... حمقي وَقد عالني جنوني) (وَمن بلائي أَبُو عُمَيْر ... معرض لي إِلَى الْمنون) (منتصب مَا ينَام وقتا ... وَلَيْسَ يهدى من الرنين) (من كَانَ ذَا زَوْجَة فَإِنِّي ... لشقوتي زَوْجَتي يَمِيني) (عميرَة قد جلدت حَتَّى ... خشيت وَالله يجلدوني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 (فراقبوا الله فِي أموري ... فطلقوها وزوجوني) وَمن أُخْرَى (يَا أهل ذَا الْمنزل هَل حِيلَة ... تنجي فَمن ظبيكم معطبي) (عقرب صدغيه فقلبي إِذا ... هم توقى لدغة الْعَقْرَب) (وَكلما لاحظني طرفه ... لاحظني عَن مقلة الربرب) (يبسم إِن ناولني ثغره ... عَن ذِي غرُوب وَاضح أشنب) (أنجبت فِي الْحمق وَهل فَاضل ... كناقص فِي الْحمق لم ينجب) (لَو علمُوا مَالِي من لَذَّة ... لم ألح فِي الْحمق وَلم أَعتب) (أعتبني الدَّهْر وَلَوْلَا الَّذِي ... عَم الورى بالبذل لم يعتب) (لما رأى الآمال مصروفة ... إِلَى السديد ابْن أبي الطّيب) (فارقني من شَره صَاحب ... كَانَ لعمري شَرّ مستصحب) (هُنَاكَ لَو تبصرني تائها ... على بني الدَّهْر تعلّقت بِي) (تطلب مني نائلا بعد أَن ... كنت أرى الرزق مَعَ الْكَوْكَب) (كَذَاك من صَاحب من لم يزل ... رب جناب ممرع مخصب) (أكْرم من جاد فَمَا بعده ... لطالبي جدواه من مطلب) (أول من يثني بِهِ خنصر ... وأصفح النَّفس عَن المذنب) (مهذب الآراء محمودها ... مفضل فِي الشرق وَالْمغْرب) (لَا فرق عِنْدِي بَين أقلامه ... وَبَين فعل الصارم المقضب) (مَا استلها إِلَّا أذلت لَهُ ... من الأعادي كل مستصعب) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وَمن أُخْرَى (إِنِّي ليرتاح قلبِي ... إِلَى اصطحاب المثاني) (بِحَيْثُ تَنْفِي همومي ... معتقات الدنان) (مَعَ شادن ذِي دلال ... مهفهف فتان) (يرنو إِلَيّ بِطرف ... وناظر وَسنَان) (أعَار حسن التثني ... تثني الأغصان) (إِذا تَبَسم تيها ... يفتر عَن أقحوان) (لأسخطن عذولي ... فِيهِ بخلع الْعَنَان) (فَقُمْ رفيقي فاحثث ... كؤوسنا غير واني) (وهاتها كسنا الْبَرْق ... لَاحَ من نعْمَان) (صفراء مِمَّا اقتناها ... كسْرَى أنو شرْوَان) (صفت ورقت ففاتت ... إِدْرَاكهَا بالعيان) (فَلَيْسَ تدْرك بالحس ... لَا وَلَا الأذهان) (روح من الراح لَكِنَّهَا ... بِلَا جثمان) (فالريح للمسك مِنْهَا ... واللون للزعفران) // من المجتث // يَقُول فِي مدحها (من قَالَ من غير خبر ... بِأَن فِي النَّاس ثَانِي) (لسؤدد ابْني عَليّ ... قد جَاءَ بالبهتان) (يداهما بالعطايا ... وبالندى ثرتان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وَمن أُخْرَى (رب يَوْم قد قطعناه ... حَدِيثا وعتابا) (وجمعنا بَين خمرين ... مداما ورضابا) (وشفينا غلَّة النَّفس ... دنوا واقترابا) (وترشفت على شوق ... ثناياه العذابا) (وَسَأَلنَا ذَلِك الشَّيْء ... جهارا فأجابا) // من مجزوء الرمل // يَقُول فِي مدحها (ورحلنا نطلب السَّيِّد ... وَالْقَرْمُ اللبابا) (فَرَأَيْنَا الْعِزّ والثروة ... وَالْبَحْر والعبابا) (ورأينا أفضل النَّاس ... وأحلامهم خطابا) (يقظا يدْرك بالفطنة ... مَا فَاتَ وغابا) (هذبته فطنة الْعلم ... فَمَا يخْشَى معابا) (عرف اللَّذَّة للبذل ... فَأعْطى وأثابا) (وَإِذا مَا كرم الأَصْل ... زكا الْفَرْع وطابا) وَمن أُخْرَى يَقُول فِيهَا (كَأَنَّمَا عذاره ... سطرا سَواد فِي يقق) (كَأَنَّمَا رضابه ... خمر بمسك قد فتق) // من مجزوء الرجز // وَمِنْهَا (إِن نكته فاستمعن ... نصحك من خل شفق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 (كن حذرا كن حذرا ... كن حذرا من الْغَرق) (لِأَنَّهُ من سَعَة ... يصلح للبحر طبق) (إِن قلت إِنِّي حسن ... وَالْحسن مني مسترق) (قُلْنَا مقَالا بَينا ... لَا كذبا وَلَا خرق) (كل امرء صوره ... خالقه كَمَا اتّفق) (كن غصنا كن قمرا ... كن شمس دجن فِي الْأُفق) (كن يُوسُف الْحسن الَّذِي ... من طِينَة الْحسن خلق) (هَل أَنْت إِلَّا خلق ... زِدْت على كل خلق) (يَا أَيهَا العلق الَّذِي ... فَتحته بِلَا غلق) (خانك فِي الود الَّذِي ... بوده كنت تثق) وَمن أُخْرَى (خليلي من عَامر اسعدا ... على الشوق خلا بِلَا مسعد) (قفا وَقْفَة بربوع الْحمى ... فلولا الوفا لهوى الخرد) (لما عجت بالركب مستنجدا ... دموعي على الطل الملبد) (معاهد لَهو كَأَن الْهوى ... بهَا بعد زَيْنَب لم يعْهَد) (فسبحان من جعل المكرمات ... جَمِيعًا بكف أبي أَحْمد) (وَقَالَ لَهُ كن كَمَا تشْتَهي ... فَكَانَ النِّهَايَة فِي السؤدد) (وَهل غَيره أحد يرتجى ... ويعدى على الزَّمن المعتدي) // من المتقارب // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 وَمن أُخْرَى (عد عَن قَالَ وَقيل ... وصعود ونزول) (حصحص الْحق فَمَاذَا ... شِئْت من قَول فَقولِي) (غير أَنِّي أقبل النَّاس ... لشَيْء مُسْتَحِيل) (فاسمعن مني وَدعنِي ... من كثير وَقَلِيل) (وصغير وكبير ... ودقيق وجليل) (قد ربحنا بالحماقات ... على أهل الْعُقُول) (فرعى الله وَيبقى ... كل ذِي عقل قَلِيل) (مَا لَهُ فِي الْحمق والخفة ... مثلي من عديل) (فَمَتَى أذكر قَالُوا ... شَيخنَا طبل الطبول) (شَيخنَا شيخ وَلَكِن ... لَيْسَ بالشيخ النَّبِيل) (طالما نَادَى نداماه ... إِلَى شرب الشُّمُول) (قَائِلا بالشادن الأغيد ... ذِي الطّرف الكحيل) (أطرب النَّاس إِذا غنى ... على ثَانِي الثقيل) (قف على الْمنزل بالنحتين ... فالرسم الْمُحِيل) (وَقْفَة الواله للتسآل ... مَا بَين الطلول) (أهملن دمعك فالراحة ... فِي الدمع المهمول) (عد عَمَّا أَنْت فِيهِ من ... محَال وفضول) (واصرف الْمَدْح إِلَى ذِي الطول ... وَالْفِعْل الْجَمِيل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 (الَّذِي ذكرَاهُ فِي كل ... مَحل وقبيل) (ذِي يَد بالجود أندى ... من ندى الْغَيْث الهطول) (لم يكن قطّ لراجيه ... سوى سمح منيل) (أسمح الْأمة بِالْمَالِ ... وبالنيل الجزيل) (وَإِذا مَا سيل الفي ... بالندى غير بخيل) (لم يزل يذخر للحادث ... والخطب الْجَلِيل) (ناهض إِذْ عجز الأقوام ... بالعبء الثقيل) (لَيْسَ يصغي فِي المقالات ... إِلَى عذل العذول) (وَإِذا مَا قَالَ قولا ... لم يكن غير فعول) (وَلَقَد عزت بِهِ الْآدَاب ... من بعد الخمول) // من مجزوء الرمل // وَمن أُخْرَى فِي الرثاء (لعمرك إِنَّه رزء عَظِيم ... وخطب أمره جلل جسيم) (رزئنا من صَلَاة الله تترى ... عَلَيْهِ مَا دجا ليل بهيم) (وَمَا أطت إِلَى الْبَيْت المطايا ... وَمَا طلعت على الأَرْض النُّجُوم) (لعمرك مَا الْمُصَاب بِهِ خُصُوص ... وَلَكِن الْمُصَاب بِهِ عُمُوم) (سقى جدثا بِهِ حَمَّاد أضحى ... من الوسمي هطال سجوم) (فَفِيهِ الْمجد أَمْسَى والمعالي ... وَفِيه الْعِزّ وَالْفَخْر الْقَدِيم) (أبعد وَفَاته يدعى همام ... لخطب أَو يُقَال بَقِي كريم) (كأنا يَوْم منعاه إِلَيْنَا ... وَقد فتكت بِأَنْفُسِنَا الهموم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 (ثواكل حزنهن على اللَّيَالِي ... وَإِن قدم المدى حزن مُقيم) (وَكَانَ ربيعنا فِي كل مَحل ... إِذا ضنت بوابلها الغيوم) (جميل الْفِعْل مَحْمُود السجايا ... يزين فعاله كرم وخيم) // من الوافر // وَمن أُخْرَى (هَل من سَبِيل إِلَى بَيْتِي وجاريتي ... أَنى وَكَيف وَمَا دَاري بدانية) (أم هَل سَبِيل إِلَى الْبَيْت الَّذِي سكنت ... فِيهِ الَّتِي بفراقي غير راضية) (لَا أَحْمد الْبعد عَنْهَا بعد معرفتي ... بِأَنَّهَا لبعادي غير حامدة) (أَشْكُو إِلَى الله دهرا غير متئد ... من قبح مَا لج فِيهِ من معاندتي) (مَا زِدْت فِيهِ اجْتِهَادًا فِي معاتبة ... إِلَّا وَزَاد اجْتِهَادًا فِي مغايظتي) (أَقُول والدهر لَا يألو مراغمة ... وَلَيْسَ يثنيه شَيْء عَن مراغمتي) (يَا وَاحِدًا لَيْسَ إِلَّا من يؤمله ... ويرتجى عَفوه جد لي بِوَاحِدَة) (وامنن عَليّ على أَنِّي وَإِن نزحت ... عني فَمَا هِيَ عَن قلبِي بنازحة) (ناشدتك الله فِيمَا أَشرت بِهِ ... إِلَّا قبلت وَلَا تهمل مناشدتي) (وَاسْتعْمل السخف واترك مَا سواهُ فَمَا ... لذاذة الْعَيْش إِلَّا فِي المساخفة) (والصفع إياك مِنْهُ فالعمى أبدا ... بِغَيْر شكّ مَنُوط بالمصافعة) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (لَكِن مدحت حميدا فامتدحت فَتى ... وَقفا على منَّة تسدى وعارفة) (رَأَيْته فَرَأَيْت الْبَدْر فِي أفق ... وَالشَّمْس طالعة من كل شارقة) (وَالْبَحْر مُعْتَرضًا والغيث منبجسا ... برائح لمرجيه وغادية) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 (سَاس الْأُمُور بآراء مهذبة ... صوادر بَين أفكار وبادرة) (مستحسن اللَّفْظ فِي القرطاس موجزه ... موفق الرَّأْي مَحْمُود المخاطبة) (ذُو أنمل مَا انتضت فِي حَادث قَلما ... إِلَّا وفل شباه كل حَادِثَة) (فِي كل يَوْم لَهُ نعمى مجددة ... لَيست إِذا طلعت عَنَّا بآفله) (مَا زَالَ يتبع مَعْرُوفا بعارفة ... جودا ويجهد نفسا فِي معاونتي) (حَتَّى رَأَيْت صروف الدَّهْر عائذة ... من بعد ضربي وحربي بالمسالمة) وَمن أُخْرَى (نشدتك أَن تحول عَن الوداد ... وَعَن حَال الصّلاح إِلَى الْفساد) (وَلَو عَايَنت مَا لَك فِي ضميري ... وَلَو شاهدت مَا لَك فِي فُؤَادِي) (إِذا لعَلِمت أَنَّك مِنْهُ تمسي ... وتصبح دون غَيْرك فِي السوَاد) (فَمَا آلوك نصحا فِي وداد ... وَلَا آلوك جهدا فِي اجْتِهَاد) (وَلَيْسَ سوى الْمَوَدَّة والتصافي ... أَبَا عبد الْإِلَه لَك اعتقادي) (وَلَو فِي ذَاك حاولت ازديادا ... إِذا مَا اسطعت فِيهِ على ازدياد) (وَلم أعهدك فِي طلب الْمَعَالِي ... وَكسب الْحَمد غير فَتى جواد) (وَمن ألف المكارم والعطايا ... كإلفك جاد عَن غير اعْتِدَاد) (ويوشك أَن يجود بِمَا حواه ... وَأَن يهب الطريف مَعَ التلاد) (وَوَعدك فِي الْحَيَاة لَهُ مرادي ... وَلست أريده يَوْم التناد) // من الوافر // وَمِنْهَا (فكم منن قرنت بِهن شكرا ... كشكر الرَّوْض منهل الغوادي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 (وَكم لَك يَا مُحَمَّد من أياد ... لدي وَمن جميل وافتقاد) وَمن أُخْرَى (ليلِي بتنيس ليل الْخَائِف العاني ... تفنى اللَّيَالِي وليلي لَيْسَ بالفاني) (أَقُول إِذْ لج ليلِي فِي تطاوله ... يَا ليل أَنْت وَطول الدَّهْر سيان) (لم يكف أَنِّي فِي تنيس مطرح ... مخيم بَين أشجان وأحزان) (حَتَّى بليت بفقدان الْمَنَام فَمَا ... للنوم إِذْ بعدوا عهد بأجفاني) (مَا صاعد الْبَرْق من تِلْقَاء أَرضهم ... إِلَّا تذكرت أيامي بنعمان) (وَلَا حننت إِلَى نَجْرَان من طرب ... إِلَّا تكنفني شوق لنجران) (لَا تكذبن فَمَا مصر وَإِن بَعدت ... إِلَّا مَوَاطِن أطرابي وأشجاني) (ليَالِي النّيل لَا أنساك مَا هَتَفت ... ورق الْحمام على دوح وأغصان) (أصبو إِلَى هنوات فِيك لي سلفت ... قطعتهن وَعين الدَّهْر ترعاني) (مَعَ سادة نجب غر غطارفة ... فِي ذرْوَة الْمجد من ذهل بن شَيبَان) (وَذي دلال إِذا مَا شِئْت أَنْشدني ... وَأَن أردْت غناء مِنْهُ غناني) (سقيته وسقاني فضل ريقته ... وجاد لي طرفه عفوا ومناني) (مَا زلت أجني بلحظي ورد وجنته ... وأستغير على تفاح لبنان) (مَا زَالَ يَأْخُذهَا صفراء صَافِيَة ... حَتَّى توسد يسراه وخلاني) (الله يعلم مَا بِي من صبابته ... وَمَا عَليّ جناه طرفه الْجَانِي) (كم بالجزيرة من يَوْم نعمت بِهِ ... على تصاخب نايات وعيدان) (سقيا لليلتنا بالدير بَين رَبًّا ... باتت تجود عَلَيْهَا سحب نيسان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 (والطل منحدر وَالرَّوْض مبتسم ... عَن أصفر فَاقِع أَو أَحْمَر قان) (والنرجس الغض منهل مدامعه ... كَأَن أجفانه أجفان وَسنَان) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (أسْتَغْفر الله من عقل نطفت بِهِ ... مَالِي وللعقل لَيْسَ الْعقل من شاني) (لَا وَالَّذِي دون هَذَا الْخلق صيرني ... أحدوثة وبحب الْحمق أغراني) (مَا للشذائي من مثل يُقَاس بِهِ ... وَلَا لَهُ فِي اصطناع الْعرف من ثَان) (مهذب الرَّأْي مَحْمُود خلائقه ... رحب المكارم سمح غير منان) (من كَانَ فِي الْجُود والإفضال لذته ... لم يخله الْجُود من فضل وإحسان) (وَجُمْلَة الْأَمر فِيهِ أَنه رجل ... يراقب الله فِي سر وإعلان) (إِن كنت قلت سوى مَا فِيهِ أعرفهُ ... إِذا كفرت بمعبودي ودياني) (إِذا جرت يَده فِي الطرس كاتبة ... تبلج الطرس عَن در وعقيان) (وَإِن تكلم جَاءَتْهُ براعته ... بِكُل مَا شَاءَ من فهم وتبيان) 26 - أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن بن واسانة بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالواساني أعجوبة الزَّمَان ونادرتة وفريد عصره وباقعته وَهُوَ أحد الْفُضَلَاء المجيدين فِي الهجاء وَكَانَ فِي زَمَانه كَابْن الرُّومِي فِي أَوَانه فَمن شعره قَوْله يهجو ابْن أبي أُسَامَة (يَا سَاكِني حلب العواصم ... جادها صوب الغمامه) (أَنا فِي مدينتكم غَرِيب ... لست من أهل الإقامه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 (والخان يحدث للغريب ... إِذا أبن بِهِ سآمه) (فقرضت من طول الْمقَام ... بهَا وأعوزت المدامه) (وَخرجت فِي بعض اللَّيَالِي ... قَاصِدا بَاب السَّلامَة) (وشربت من بِئْر بهَا ... من يأتها ينقع أوامه) (ورتعت فِي فلواته ... وعلوت مرتقيا أكامه) (فلمحت فِي بعض الوهاد ... وَقد قعدت سَواد هامه) (فسعيت أحسبها غرابا ... أَو حداة أَو حمامه) (وَإِذا بأسود كالفنيق ... يقل إيرا كالدعامه) (وَإِذا بشيخ تَحْتَهُ ... حسن الوسامة والقسامه) (وَالشَّيْخ يعصر تَحْتَهُ ... قد بل من عرق حزامه) (فزجرت نايكه فَقَالَ ... لَهُ أَلَسْت ترى مقَامه) (انهض فديتك علنا ... نقضي بنهضتنا ذمامه) (ونعود بعد عزوبه ... عَنَّا وتربحنا خصامه) (فسطا عَلَيْهِ وَقَالَ نك ... لَا كَانَ ذَاك وَلَا كرامه) (هَذَا الرقيع بِعَيْنِه ... لي فِي رقاعته علامه) (لَوْلَا فضول فِيهِ لم ... يصرف إِلَى دبري اهتمامه) (وَبكى وَقَالَ لي امْضِ ... وَيحك واسأل الله السلامه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 (واشكره لما صَار سرمك ... لَا يُرِيد لَهُ صمامه) (وَاعْلَم بِأَنِّي كنت من ... أهل الرياسة والزعامه) (يومي إِلَيّ إِذا عبرت ... يُقَال ذَا ابْن أبي أسَامَه) (حَتَّى ابْتليت بمبعري ... فحصلت بَين النَّاس شامه) (فعجبت من تِلْكَ الفصاحة ... وَهُوَ يعفج والعرامه) (شيخ لَهُ سمة تخاطبني ... بِأَلْفَاظ مقَامه) (والأير يغرق فِي استه ... قد غَابَ فِي مفساه قامه) (فتضاحك الحبشي مِنْهُ ... وَقَالَ لَا تسمع كَلَامه) (هَذَا وعيشك دأبه ... من قبل مبلغه احتلامه) (أبدا يباري باسته ... بَين الورى صوب الغمامه) (واستله من دبره ... وَكَأَنَّهُ عنق النعامه) // من الْكَامِل // وَقَالَ يهجو منشا بن إِبْرَاهِيم الْقَزاز (قَالَ منشا يَوْمًا لسعدانه ... وَهِي سحور الْعَينَيْنِ فتانه) (من بعد أَن غلف الْعَوَارِض بالطيب ... وغلا بالمسك أَسْنَانه) (وامتص من خمرة مُعتقة ... تحول بَين الدنان فِي الحانه) (وَكَانَ خشف قد باسها بِفَم ... وَهِي من البوس بعد شبعانه) (هَل لَك فِي قبْلَة وهاك خذي ... خمسين حمرا وَحل هِمْيَانه) (قَالَت لَهُ هَاتِهَا ودونك فاسطعني ... بجعص وَعجل الآنه) (فباسها ثمَّ قَالَ قد بقيت ... أُخْرَى فَقَالَت وعظمت شانه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 (مَا هِيَ قل لي ألم أبس شرجا ... جمشت أعفاجه ومصرانه) (ألم أقدم فَمَا أَظن بِهِ ... إِلَى كنيف أطرت ذبانه) (فَقَالَ أَن تدخلي لسَانك فِي ... فِي فَردَّتْ مرد حردانه) (يَا ألف كشخان وَابْن زَانِيَة ... نعم وَيَا زوج ألف كشخانه) (لم ترض أَنِّي قبلت مقعدة ... تَحت سبال كَأَنَّهَا عانه) (حَتَّى تناهيت فِي الهوان فشبهت ... لساني ببنت وردانه) // من المنسرح // وَقَوله فِيهِ (إِن منشا قد زَاد فِي التيه ... وَزَاد فِي شامنا تعديه) (فَلَا ابْن هِنْد وَلَا ابْن ذِي يزن ... وَلَا ابْن مَاء السما يدانيه) (وَهُوَ مغيظ عَليّ الْوَصِيّ وَمن ... يعزى إِلَيْهِ من يواليه) (يذكر أَيَّام خَيْبَر بهم ... وهم قذى جال فِي أماقيه) (وَقد حكى أَن فَاه أطيب من ... سرمي وَأَنِّي مِمَّن يعاديه) (وَمن يَقُول الْقَبِيح فِيهِ وَمن ... أصبح بالمعضلات يرميه) (فسوكوه بِكُل طيبَة الرّيح ... تعفي على مساويه) (ومضمضوه بالخل واجتهدوا ... مَعًا بِكُل اجتهادكم فِيهِ) (وأطعموه من الجوارش مَا ... يعْمل بالمسك والأفاويه) (واسقوه من خمرة مُعتقة ... قد صانها القس فِي خوابيه) (واستفقحوني واستنكهوه فَإِن ... كَانَ لسرمي فضل على فِيهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 (فحملوا الْكَلْب وَالْحمار على ... عِيَاله واصفعوا محبيه) // من المنسرح // وَقَوله فِيهِ (يَا رَاكِبًا يقطع عرض الفلا ... على أمون جسرة حرف) (أبلغ أَبَا سهل إِذا جِئْته ... رِسَالَة عَن عَبده الْمَنْفِيّ) (وَقل لَهُ عرنين ذَاك الْفَتى ... فِي حَالَة جلت عَن الْوَصْف) (قد ذاب مذ لَيْلَة ساررته ... وَصَارَ للسقم على النّصْف) (يبكي فَمَا ترقا لَهُ عِبْرَة ... ويسهر اللَّيْل فَمَا يغفي) (حزنا على أرنبة غودرت ... تقطر قطرا من دم صرف) (فَهُوَ بسرم الْكَلْب يَا سَيِّدي ... من دَاء أنفاسك يستشفي) (من عاذري من رجل زرته ... للحين والإدبار والحرف) (فَقَالَ عِنْدِي لَك أحدوثة ... مليحة تكْتب فِي الصُّحُف) (فادن لكَي تسمعها واحتفظ ... بالسر فِي مَكْنُون مَا تخفي) (فَقُمْت للغفلة مستعجلا ... أَمْشِي برجلي إِلَى حتفي) (ففاه عَن أنتن من جعسه ... يعد بَين البخر بِالْألف) (وشارب فِيهِ دم فارث ... ولثه تشخب كالخلف) (تحوم ذبان الخلا حوله ... مثل حمام طَار من كف) (كشعر زق الدبس أَو شَعْرَة الْحَائِض ... أَو مكنسة الكنف) (وَشك خيشومي بنشابة ... من يَد حر طامش وجف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 (تصمى العرانين وَلَو أَنَّهَا ... فِي الدلص الموضونة الزغف) (وتدرك الهارب مِنْهَا وَلَا ... ينجو وَلَو كَانَ على طرف) (فانغمرت روحي وناديته ... يَا أَيهَا الثعبان بالكهف) (بِحَق من كلم مُوسَى على الطّور ... فدك الطّور بالرجف) (هَب لي مَا أبقيت مني فقد ... أشفى على مثل شفا الجرف) (وَلم أزل أدفعه جاهدا ... وَقد تَقَاعَسَتْ إِلَى خلف) (فانقد بعض الثَّوْب فِي كَفه ... وَقَالَ أفلت فيالهفي) (وَكَانَ للحين على مَوضِع ... مستشرف مُرْتَفع السّقف) (فَانْكَسَرت ساقي وهيضت يَدي ... واندق صَدْرِي ووهى كَتِفي) (وَقمت أجري بعْدهَا هَارِبا ... أسعى على رجْلي كالخشف) (يَا معشر النَّاس اسمعوا مَا أَنا ... قَائِله واسمعوا وصفي) (إِذا أردتم سرم أستاذنا ... فلتكن الآناف فِي غلف) (ثمَّ اغسلوا شعر اللحى بعْدهَا ... غسل الدرابيك أَو القطف) (وبخروها بعد تطييبها ... بِكُل شَيْء طيب الْعرف) (وَمَا أرى سَائِر مَا قلته ... يُغني وَلَا أَحْسبهُ يَكْفِي) (أَو فانتفوها واستريحوا فَمَا ... ينجيكم شَيْء سوى النتف) (وسوكوه بخروا أمه ... فِي رَأس كرناف من الرعف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 (فَإِن جالينوس مَا عالج البخرة ... إِلَّا بخرا القلف) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي الْغَزل ويعرض بِابْن بسطَام فِي الهجاء وَيذكر أَنَّهَا لميسر (ومهفهف يزهو عَليّ بجيده ... وبخصره وبردفه وبساقه) (وافى إِلَيّ وَقَلبه متخوف ... كتخوف المعشوق من عشاقه) (حَتَّى إِذا مددته وحللت عَن ... كفل مُبَاح الْحل بعد وثَاقه) (وافت إِلَيّ أصنة من دبره ... بِخِلَاف مَا قد فاح من أطواقه) (فأجبته مَاذَا فَقَالَ بحرقة ... ودموعه تنهل من آماقه) (هَذَا ابْن بسطَام أَتَانِي طَارِقًا ... بلطيف حيلته وَحسن نفَاقه) (وَعلا على كفلي وبلغم مثقبي ... برياله المنهل من أشداقه) (فبقى صنان رضابه فِي مثقبي ... زَمنا لحاه الله بعد فِرَاقه) (فَالله يحرمه معيشته كَمَا ... قد سد مكسب مثقبي ببصاقه) // من الْكَامِل // وَقَالَ يصف مَا جرى عَلَيْهِ فِي الدعْوَة الَّتِي عَملهَا فِي قَرْيَة حرايا من أَعمال دمشق (من لعين تجود بالهملان ... ولقلب مدله حيران) (يَا خليلي أقصرا عَن ملامي ... وارثيا لي من نكبتي وارحماني) (وَمَتى مَا ذكرت دَعْوَة أَوْلَاد ... البغايا والعاهرات الزواني) (فانتفا لحيتي وجزا سبالي ... وبنعل الكنيف فاستقبلاني) (مَا الَّذِي ساقني لحيني إِلَى حتفي ... وَمَا غالني وماذا دهاني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 (من عذيري من دَعْوَة أوهنت عظمي ... وهدت بهولها أركاني) (كنت فِي منظر ومستمتع عَنْهَا ... وَمن ذَا يغتر بالحدثان) (فنزت بطنتي وهاجت على نَفسِي ... بلَاء مَا كَانَ فِي حسباني) (كَانَ عيشي صَاف فكدره أهل ... صفائي بَنو أبي صَفْوَان) (فارثوا لي يَا معاشر النَّاس من ضري ... وَمن طول عطلتي وامتحاني) (ضرب البوق فِي دمشق وَنَادَوْا ... لشقائي فِي سَائِر الْبلدَانِ) (النفير النفير بِالْخَيْلِ وَالرجل ... إِلَى فقر ذَا الْفَتى الواساني) (جمعُوا لي الجموع من خيل جيلان ... وفرغانة إِلَى ديلمان) (وَمن الرّوم والصقالب وَالتّرْك ... وخلقا من بلغر واللان) (وَمن الْهِنْد والطماطم والبربر ... والكيلجوح والبيلقان) (لم يبقوا مِمَّن عددت من الْآفَاق ... من مُسلم وَلَا نَصْرَانِيّ) (والبوادي من الْحجاز إِلَى نجد ... معديها مَعَ القحطاني) (كل ضرب فَمن طوال وَمن حدب ... قصار والحول والعوران) (وشيوخ مثل الْفِرَاخ وشبان ... رحاب الأشداق والمصران) (معد جوعت ثَلَاثِينَ يَوْمًا ... بسلاح شَاك من الْأَسْنَان) (من مرند وَمن تكين وطرخان ... وكسرى وخرد وطعان) (وخمار وزيرك وَعَجِيب ... وبديع وَفَارِس وجوان) (وجريح ونار قسطا ويونان ... وبرحفثيا يوحنان) (وطراد وجهيل وَزِيَاد ... وشهاب وعامر وَسنَان) (قمس جمعُوا بِغَيْر عقول ... ردعتهم عني وَلَا أَدْيَان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 (هَل سَمِعْتُمْ بمعشر جمعُوا الْخَيل ... وَسَارُوا فِي الرجل والفرسان) (رحلوا من بُيُوتهم لَيْلَة المرفع ... من أجل أَكلَة مجان) (يركضون الْبَرِيد تِسْعَة أَمْيَال ... بِنَصّ الوجيف والذملان) (شَره بَارِد وحرص على الْأكل ... بِأَنا قوم من المجان) (مَا شعرنَا وَنحن من آمن الْعَالم ... إِلَّا بصرخة الديدبان) (أدركوني فَهَذِهِ غرر الْخَيل ... وَسمر يعسلن كالأشطان) (لست أنسى مصيبتي وَيَوْم جَاءُونِي ... وَقد غص مِنْهُم الواديان) (وردوا لَيْلَة الْخَمِيس علينا ... فِي خَمِيس ملْء الرِّبَا والمحاني) (متلئب كالسيل لَا يلتقي مِنْهُ ... لفرط انتشاره الطرفان) (شزروني بأعين تقدح النيرَان ... خوص إِلَى الْعَدو زواني) (أشرفوا لي على زروع وأحطاب ... وَبَيت من خَيره ملآن) (لبن قارس وخبز كثير ... وقدور تغلي على الدادكان) (وشواء من الجداء ومعلوف ... دَجَاج وفائق الحملان) (وشراب ألذ من زورة المعشوق ... بعد الصدود والهجران) (يخجل الْورْد فِي الروائح والطعم ... ويحكي شقائق النُّعْمَان) (أذكرتني جيوشهم يَوْم جَاءُونِي ... جيوش الْعَدو فِي رغبان) (بقدم الْقَوْم هاشمي هريت الشدق ... رحب المعي طَوِيل اللِّسَان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 (هُوَ نمس الدَّجَاج والبط والأوز ... وذئب النعاج والخرفان) (والشريفان أشرفا فِي خلال الْخَيل ... فِي موكب من الحبشان) (وَسَوَاد من عظمه طبق الأَرْض ... وخيل تهوين كالظلمان) (وَأَبُو الْقَاسِم الْكَبِير على طرف ... كميت أقب كالسرحان) (وَأَخُوهُ الصَّغِير يعْتَرض الْخَيل ... على قارح عريض اللبان) (وهما يهويان بِالسَّوْطِ وَالرجل ... إِلَى مَا يسوءني مسرعان) (أَي قلب يُطيق شتم بني خير ... البرايا وَأكْرم النسوان) (غير أَنِّي يَوْم الْقِيَامَة أشكوهم ... إِلَى الْحرَّة الحصان الرزان) (وأنادي يَا بنت خير النَّبِيين ... وَيَا أم أكْرم الفتيان) (أَي شَيْء صنعت بابنيك حَتَّى ... غزواني فِي الزنج والسودان) (وَالسري الَّذِي سرى فِي جيوش ... أضعفتني وَقصرت من عناني) (بِفَم أشوه وشدق رحيب ... وبكف يجول كالصولجان) (وَأَخُوهُ الْفضل الَّذِي بَان للْعَالم ... من فضل أكله نقصاني) (والشمولي خلقه خلق تراس ... عريض الأكتاف عبل الحران) (لست أنساه جاثيا جاحظ الْعين ... عبوسا فِي صُورَة الغضبان) (كالعقاب الغرثان يقتنص اللَّحْم ... ويهوي إِلَى طيور الخوان) (والأديب الَّذِي بِهِ كنت أَعْتَد ... غزاني للحين فِيمَن غزاني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 (وَكَذَا الْكَاتِب الَّذِي كَانَ جاري ... وصديقي ومشتكى أحزاني) (غيرته الْأَيَّام حَتَّى أَتَانِي ... جائعا للشقاء مذ سنتَانِ) (وصديق الْأَشْرَاف أخنى على خمري ... وأفنى بالكرع مَا فِي دناني) (كلما شقق الفراريج شققت ... لغيظي من فعله قمصاني) (وَهُوَ فِي أمره مجد رخي البال ... لم يعنه الَّذِي قد عناني) (مجرهد كالسوس فِي الصُّوف فِي الصَّيف ... بقلب خَال من الْإِيمَان) (قلت قل يَا ابْن المبشر مَا شَأْنك ... من بَين من غزاني وشاني) (لَيْسَ هَذَا من شَهْوَة الْأكل هَذَا ... من طَرِيق الْبغضَاء والشنآن) (قلت للفيلسوف لما غَدا فِي الْأكل ... أَعنِي فَتى أبي عدنان) (واستحث الكؤوس صرفا بِلَا مزج ... مكبا كالهائم العطشان) (لَيْت شعري أَمن رسائل بقراط ... تعلمت ذَا وَسمع الكيان) (أَنْت تزداد يَا خليلي بِهَذَا الْفِعْل ... علما بالعالم الروحاني) (ثمَّ لَا تنس مَا لقِيت وَمَا مر ... لشؤمي من عَسْكَر الفرغاني) (أعجمي اللِّسَان أفْصح من قس ... إِذا مَا نشا وَمن سحبان) (قَالَ قُم فأتنا بِخبْز وَلحم ... ونبيذ فِي حمرَة الأرجوان) (وَغُلَام مقين حسن الْوَجْه ... يحاكي بقده غُصْن بَان) (لم توكل فرغان إِلَّا بتفريغ ... دناني وصبها فِي الجفان) (إِن من أعظم المصائب يَا قوم ... بلائي بذلك الطرمذان) (رجل كالفنيق فدم بِلَا لب ... طَوِيل فِي صُورَة الشَّيْطَان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 (يققا كالعمود يستعذب الصفع ... وَرَأس أَصمّ كالسندان) (زَائِد الْخلق نَاقص الْعقل وَالدّين ... غليظ القذال كالقلتان) (يبلع الطَّيِّبَات بلعا بِلَا مضغ ... ويحسو النَّبِيذ كالثعبان) (لَا تمتني حَتَّى أرَاهُ وَقد قصر ... من فضل طوله شبران) (وأتوني بزامر زمره يَحْكِي ... ضراط العبيد والرعيان) (ومغن غناؤه يُطلق الْبَطن ... وَيَأْتِي بالقيء والغثيان) (قصدت هَذِه الطوائف حمرا ... يَا لهتكي وذلتي وامتحاني) (قلت مَا شَأْنكُمْ قَالُوا أغثنا ... مَا طعمنا الطَّعَام مُنْذُ ثَمَان) (وأناخوا بِنَا فيا لَك من يَوْم ... عبوس عصبصب أرونان) (نزلُوا حُجْرَتي وأطلقت الأفراس ... بَين الرطبان والقصلان) (لم يكن مربعًا سوى سَاعَة حَتَّى ... رَأَيْت الزروع كالفلحان) (أفقروني وغادروني بِلَا دَار ... وَلَا ضَيْعَة وَلَا بُسْتَان) (حيروني ودلهوني فقد صرت ... بليدا كالذاهل السَّكْرَان) (أسمع اللَّفْظ كالطنين لسهوي ... وَهُوَ لفظ يجْرِي لغير مَعَاني) (تركوني يَا قوم أفقر من فرخ ... وأعرى ظهرا من الأفعوان) (أكلُوا لي من الجرادق أَلفَيْنِ ... ببن تشتاقه العارضان) (أكلُوا لي أضعافها غير مسطور ... ومالوا إِلَى سميد الفران) (أكلُوا لي من الجداء ثَلَاثِينَ ... قريصا بالخل والزعفران) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 (أكلُوا ضعفها شواء وضعفيها ... طبيخا من سَائِر الألوان) (أكلُوا لي تبَالَة تبلت عَقْلِي ... بِعشر من الدَّجَاج السمان) (أكلُوا لي مضيرة ضاعفت ضري ... بروس الجداء والعصبان) (أكلُوا لي كشكية قرحت قلبِي ... وهاجت لفقدها أشجاني) (أكلُوا لي سبعين حوتا من النَّهر ... طريا من أعظم الْحيتَان) (أكلُوا لي عدلا من المالح المشوي ... ملقى فِي الْخلّ والأنجدان) (أكلُوا لي من القريشاء والبرني ... والمعقلي والصرفان) (ألف عدل سوى المصقر والبردي ... واللؤلؤي والصيحاني) (أكلُوا لي من الكوامخ والجوز ... مَعًا والخلاط والأجبان) (وَمن الْبيض والمخلل مَا تعجز ... عَن جمعه قرى حوران) (فتتوا لي من السفرجل والتفاح ... والرازقي وَالرُّمَّان) (والرياحين مَا رهنت عَلَيْهِ ... جبتي عِنْد أَحْمد الْفَاكِهَانِيّ) (درسوا لي من البنفسج والنرجس ... مَا لَيْسَ مثله فِي الْجنان) (ذَبَحُوا لي بالرغم يَا معشر النَّاس ... ثَمَانِينَ من معِين وضان) (مَا كفاهم مَا مر من غنم الْقرْيَة ... حَتَّى أخنوا على الثيران) (ذبحوها والدمع يجْرِي على خدي ... انسيابا مثل انسياب الجمان) (أكلُوا كل مَا حوته يَمِيني ... وشمالي وَمَا حوى جيراني) (ثمَّ قَالُوا هَلُمَّ شَيْئا فناديت ... غلامي قُم وَيحك فاخبأ حصاني) (لم تدع لي بطونكم يَا بني البظر ... سواهُ وَذَا شطوب يماني) (فتمالوا عَليّ شتما ولعنا ... واستباحوا عرضي بِكُل لِسَان) (من لَهُ قدرَة على الشّعْر يهجوني ... وَمن كَانَ مفحما يلحاني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 (وَكَأَنِّي أَنا الَّذِي عثت فِي الْخَيْر ... وغيرت صُورَة الْحَيَوَان) (ثمَّ جَاءَ المعقبون من الساسة ... والشاكري والعبدان) (فَرَأَيْت النخاغ واللطم وَالدَّفْع ... وكدم الأنوف والآذان) (وتفانوا صفعا وفاح من الْقَوْم ... غُبَار من الفسا والصنان) (ثمَّ لما أَتَوا على كل شَيْء ... ختموا محنتي بِكَسْر الْأَوَانِي) (ثمَّ قَامُوا إِلَى الجلاهق والباشق ... والمحدقات والزربطان) (فَرَأَيْت الْحمام بَعْضًا على بعض ... وبعضا ملقى على الأغصان) (وَرَأَيْت الدَّجَاج فِي وسط الْقرْيَة ... ملقى مكسر السيقان) (أكلُوا مَا ذكرت واستعملوا لي ... يَا ثقاتي كرا من الأشنان) (وَمن المحلب المطيب بالبان ... وَمَاء الكافور سبع براني) (شربوا لي عشْرين ظرفا من الراح ... لذيذ المذاق أَحْمَر قان) (فأقاموا سواسهم والمكارين ... إِلَى أَن سَمِعت صَوت الْأَذَان) (ينقلون الأحطاب من حَيْثُ وافوها ... فبالطير مر لي غيضتان) (جوزة كَانَ حملهَا أحسن الْحمل ... وَكَانَت ظليلة الأفنان) (كَانَ لي فِي فنائها منزل رحب ... أنيق يحفه نهران) (ورياض مثل البرود علاها الطل ... بَين البهار والأقحوان) (وطيور مَا بَينهَا تتغنى ... بِجَمِيعِ اللُّغَات والألحان) (هِيَ كهفي ومستظلي من الْحر ... وذخري لنائبات الزَّمَان) (أحرقوها يَا قوم فِي سَاعَة القفز ... وَضرب الأحطاب بالنيران) (كسروا السكر فاختلطت فَقَالُوا ... كَيفَ تبقى بِغَيْر شاذروان) (قطعُوا اللوز والسفرجل أحطابا ... ومالوا بهَا على غلماني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 (والنواطير مددوا وعلوهم ... حنقا بِالْعِصِيِّ والقضبان) (طالبوني بالنيك فِي آخر اللَّيْل ... وَجمع النِّسَاء والمردان) (قُم فأسرع فبعضنا يطْلب المرد ... وَبَعض مستهتر بالغواني) (فتوهمته مزاحا فجدوا ... قلت هَذَا ضرب من الهذيان) (لَيْسَ يبقي على أرامل حمرا ... يَا سوى بذلهن للضيفان) (لَو سَمِعْتُمْ يَا قوم فِي غسق اللَّيْل ... بكاء النِّسَاء والولدان) (يتنادون بالعويل وَالْوَيْل ... وَرَاء الْأَبْوَاب والجدران) (وَيَقُولُونَ ويلنا من أبي الْقَاسِم ... هَذَا المطرمذ المخرقاني) (قصدته الْأَعْدَاء فاستملكونا ... فحصلنا أسرى بِغَيْر أَمَان) (أوجروني النَّبِيذ بالرطل حَتَّى ... صرت أَمْشِي كمشية الفرزان) (فجعوني لما سكرت بهمياني ... وشقوا عصائب الطيلسان) (كَانَ فِي أول النَّهَار على رَأْسِي ... فأمسى على رُءُوس القيان) (ثمَّ راحوا بعد الهدوء إِلَى دَاري ... فَلم يتْركُوا سوى الْحِيطَان) (كَانَ لي مفرش وكل مليح ... فَوْقه مطرح من الميساني) (وبساط من أحسن الْبسط مذخور ... لعرس أَو دَعْوَة أَو ختان) (غرقوه بالزيت وَالْبَوْل والقيء ... فأضحى وَقدره بعرتان) (أوقدوا زيتنا جزَافا بِلَا كيل ... يكيلونه وَلَا ميزَان) (خلت دَاري يَا إخوتي الْمَسْجِد الْجَامِع ... لَيْلًا لِلنِّصْفِ من رَمَضَان) (سرقوا جبتي وسيفي وسكيني ... وخفي وجوربي وراني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 (ثمَّ لما انْتَهَت بهم شدَّة الكظة ... خروا صرعى على الأذقان) (هوموا سَاعَة كتهويمة الْخَائِف ... فِي غير أرضه الفزعان) (ثمَّ قَامُوا لَيْلًا وَقد جنح النسْر ... وَمَال السماك والفرقدان) (يصرخون الصبوح يَا صَاحب الْبَيْت ... فأبكوا عَيْني وراعوا جناني) (سحبوني من جَوف بَيْتِي على وَجْهي ... كَأَنِّي أدعى إِلَى السُّلْطَان) (بقلوب أَشد حرا من الْجَمْر ... وأقسى من الصَّفَا الصوان) (قلت رقوا لذَلِك الطِّفْل مَيْمُون ... وَلَا تؤتموه يَا إخْوَانِي) (مَا تفي أَكلَة بقتل غَرِيب ... ذِي عِيَال ناء عَن الأوطان) (علقوني بفرد رجل إِلَى السّقف ... وعذبت لَيْلَتي بالدخان) (لَو رَآنِي أبي وَأمي على رَأْسِي ... ورجلاي بالعصا تنقران) (بكيا لي من ذَاك واشترياني ... من يديهم بِكُل مَا يملكَانِ) (وَقع الضَّرْب يَا خليلي على جسم ... من السَّوْط والعصا قرحان) (قلت للفضل وَالسري غثاني ... ومماتي قد حل بِي خلصاني) (واذكرا عشرتي وودي وإخلاصي ... وحنا عَليّ واستبقياني) (أَنْتُمَا إِن قتلتماني وَحقّ الله ... من أجل أَكلَة تندمان) (أَي شَيْء تركتماه لضعفي ... قد مضى لي بالْأَمْس مَا قد كفاني) (أحلفاني أَن لَيْسَ عِنْدِي مشروب ... وَلَا فِي خزانتي لقمتان) (فاستشاطا عَليّ غيظا وَقَالَ الْفضل ... قل لي بِأَيّ عين تراني) (نَحن من أَجْهَل الْبَريَّة طرا ... إِن حصلنا مِنْكُم على الْأَيْمَان) (قطعُوا الْحَبل فَانْقَلَبت على رَأْسِي ... وظهري فاندق لي ضلعان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 (ثمَّ لما تمكن الْيَأْس خلوني ... ومالوا حَشْوًا على الأتبان) (وأجيري مسخر ينْقل الأتبان ... بالذل عَارِيا والهوان) (وَهُوَ يبكي فَقلت وَيحك مَا تصنع ... بالتبن بعد موتَة الفدان) (سرقوا السرج والقناديل وَالزَّيْت ... وأقداحنا وكل القناني) (والنبيذ استقوه واغتنموه ... آخر اللَّيْل كاستقاء السواني) (زودوه سواسهم والمكارين ... مَعًا بالجرار والكيزان) (لَو ترى الْفضل وَهُوَ يحمل فِي السرج ... قَمِيصًا مخيط الأردان) (قد حشاه لَحْمًا وطيرا وَسبعين ... رغيفا من أعظم الرغفان) (سرقوا الراح فِي الزقاق وراحوا ... بِطَعَام منضد فِي الصواني) (ميزوا خيلهم بِكُل كسير ... وعقير مُدبر جربان) (خلفوه يرْعَى بَقِيَّة زرعي ... رعي لَا خَائِف وَلَا متوان) (مَا رثى لي سوى الْمُبَارك من ضري ... وَذَاكَ الْقصير الدحدحاني) (رفهاني وخففا الثّقل عني ... فهما من ملامتي سالمان) (وَالسري السرى حَقًا كَمَا سمى ... أَيْضا من بَطْنه أعفاني) (هَل سَمِعْتُمْ فِيمَا سَمِعْتُمْ بِإِنْسَان ... عراه فِي دَعْوَة مَا عراني) (أسعدوني يَا إخوتي وثقاتي ... بدموع تجْرِي من الأجفان) (إخوتي من لواكف الدمع محزون ... كئيب مدله حيران) (هائم الْفِكر ساهر اللَّيْل باكي الْعين ... واهي القوى ضَعِيف الْجنان) (لم يكن ذَا الْقرَان إِلَّا على شؤمي ... فويلي من نحس ذَاك الْقرَان) // من الْخَفِيف // قد أحسن فِي هَذِه القصيدة غَايَة الْإِحْسَان وَأَبَان فِيهَا عَن مغزاه أحسن بَيَان وَتصرف فِيهَا وَأطَال وَأمكنهُ القَوْل فَقَالَ وَإِذا تخلص الشَّاعِر عِنْد الإطالة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 وَالْوَصْف هَذَا التَّخَلُّص وَسلم مِمَّا يُؤَدِّيه إِلَى التَّكَلُّف والتلصص فَهُوَ الَّذِي لَا يدْرك غوره وَلَا يخاض بحره وَقَالَ أَيْضا يهجو أَبَا الْفضل يُوسُف بن عَليّ ويعرض فِيهَا بمنشأ بن إِبْرَاهِيم ابْن الْقَزاز وَيُقَال إِن هَذِه القصيدة كَانَت سَبَب عَزله من عمله وَقد تصرف فِيهَا كل التَّصَرُّف وَهِي سَالِمَة عَن التَّكَلُّف وَلم يقل فِي مَعْنَاهَا مثلهَا وَهِي (يَا أهل جيرون هَل لسامركم ... إِذا اسْتَقَلت كواكب الْحمل) (فِي ملح كالرياض باكرها ... نوء الثريا بِعَارِض هطل) (أَو مثل نظم الْعُقُود بالشذر والدر ... ووشي البرود والكلل) (يلذ للسامع الْغناء بهَا ... على خَفِيف الثقيل والرمل) (كنت على بَاب منزلي سحرًا ... أنْتَظر الشاكري يسرج لي) (وَطَالَ ليلِي لحَاجَة عرضت ... باكرتها والنجوم لم تمل) (فَمر بِي فِي الظلام أسود كالفيل ... عريض الأكتاف ذُو عضل) (أشغى لَهُ منخر ككوة تنور ... وَعين سجراء كالشعل) (ومشفر مُسبل كخب رحى ... على نيوب مثل المدى عصل) (مشقق الكعب أفدع الْيَد وَالرجل ... طَوِيل السَّاقَيْن فِي سمل) (فَأَهْدَتْ الرّيح مِنْهُ لي أرجا ... مثل جني الرَّوْض فِي الندى الخضل) (مسكا وقفصية مُعتقة ... شيبا ببان وَعَنْبَر شَمل) (فَقلت مَا هَكَذَا يكون إِذا ... رَاح الندامى رَوَائِح السّفل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 (أسود غاد من الأتون لَهُ ... عرف أَمِير نشوان فِي فضل) (هَذَا وَرب السَّمَاء أعجب من ... حمَار وَحش فِي الْبر منتعل) (أردده يَا نصر كي أسائله ... فَشَأْنه عضلة من العضل) (فَقَالَ يخْشَى فَوَات حاجتنا ... وَلَيْسَ هَذَا من أكبر الشّغل) (فَقلت ترك الفضول يَا نَاقص الهمة ... عين الإدبار والكسل) (بادره من قبل أَن يفوتك فِي ... سلوكه بَين هَذِه السبل) (فصد عني تغافلا وَمضى ... يعجب من عقله وَمن خللي) (وَصَاح من خَلفه رويدك يَا ... أسود مَالِي بالعدو من قبل) (ارْجع إِلَى ذَلِك الرقيع وَإِن ... أَطَالَ فِي خطبه فَلَا تطل) (أجب إِذا مَا سُئِلت مقتصدا ... فِي اللَّفْظ واسكت إِن أَنْت لم تسل) (وَهُوَ بترك الفضول أَجْدَر لَو ... يسلم من خفَّة وَمن خطل) (فكر نحوي عجلَان يعثر فِي ... مرط كسَاء مبرغث قمل) (وَقد مذى والمذي يقطر من ... غرموله فِي الذيول كالوشل) (وَظن أَنِّي صيد فأبرز لي ... فيشلة مثل ركبة الْجمل) (سَوْدَاء قد طوقت بطوق خرا ... أصفر تزهى بِهِ على الحجل) (وَقَالَ لج داركم لأولجها ... فِيك وَإِن كنت لم تبل فَبل) (فطالما أسهلت طبيعة من ... لَيْسَ لأمثالها بمحتمل) (هَذَا على أَنَّهَا مؤدبة ... من الفياشي المروضة الذلل) (وَطَالَ وَالله مَا خدمت بهَا الْمُلُوك ... خلف الستور والكلل) (وَكنت أغشاهم على فرش الْخَزّ ... بِلَا سقطة وَلَا زلل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 (لِأَنَّهَا صنعتي وصنعة آبَائِي ... قَدِيما فِي الأعصر الأول) (وَزَاد فِي دولة الْيَهُود بهَا ... شرطي على مَا مضى من الدول) (حَتَّى لقد فتقت فروشهم ... وطريت بِالْغُدُوِّ وَالْأَصْل) (فَانْظُر إِلَيْهَا فَإِن رَأَيْت لَهَا ... شبها فَلَا تدعني أَبَا الْجعل) (وَخذ عمودا أغلافه شرج ... لم يمتهن سَاعَة وَلم يذل) (قلت لَهُ لَا عدمت برك قد ... بذلت مَا لم يكن بمبتذل) (وجدت عفوا من غير مَسْأَلَة ... بدرة لَا تبَاع بالجمل) (لكنني وَالَّذِي يمد لَك الْعُمر ... ويعطيك غَايَة الأمل) (مَا شقّ دبري مذ قطّ فيشلة ... وَلَا انتخاب الأيور من عَمَلي) (وَلَا لهَذَا دعيت فاطلب لميلوخك ... من يستلذه بدلي) (وهات قل لي بِاللَّه من أَيْن أَقبلت ... وَدعنِي من هَذِه الْعِلَل) (فَقَالَ لي بت عِنْد عاملكم ... هَذَا أبي الْفضل يُوسُف بن عَليّ) (فصاك بِي طيبه وصاك بِهِ ... مني صنان فِي حِدة البصل) (تركته بِالنَّهَارِ أخفش لَا ... ينظر فِي خدمَة وَلَا عمل) (قلت تزيدت وادعيت على ... شيخ نبيل ينمى إِلَى نبل) (أَبوهُ سمح وجده ملك ... يدعى حنينا وَعَمه الصملي) (لَعَلَّ ذَا غَيره فصفه فَمَا ... يخدع مثلي بِهَذِهِ الْحِيَل) (فَإِن تكن صَادِقا نجوت وأنحيت ... عَلَيْهِ باللوم والعذل) (وَإِن تكن كَاذِبًا صفعتك بالنعل ... فَإِن كنت قَائِلا فَقل) (فَقَالَ يَا سَيِّدي عجلت بمكر ... وَهِي وَكَانَ الْإِنْسَان من عجل) (هَذَا الَّذِي بت عِنْده نصف ... دون مسن وَفَوق مكتهل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 (فِي فِيهِ نَتن وَتَحْت عصعصه ... عين تمج الصديد فِي دغل) (آدر رخو العجان منخرق المبعر ... ألحى مهيج السّفل) (حَيْضَة باسوره إِذا اخْتلطت ... بالسلح كالسمن شيب بالعسل) (لَهُ إِذا مَا علوته نفس ... أمضى من السَّيْف فِي يَد البطل) (يصرع طير السَّمَاء فِي الْأُفق الْأَعْلَى ... ويوهي مخارم القلل) (أنتن من كل مَا يُقَال إِذا ... بَالغ فِي الْوَصْف ضَارب الْمثل) (وَهُوَ على ذَاك مولع أبدا ... لشؤم بخْتِي بالعض والقبل) (نعم وَفِي بَاب سرمه وضح ... أَبيت ليلِي مِنْهُ على وَجل) (أَخَاف يعدى أيري ببرصته ... فأغتدى مثلَة من الْمثل) (أسود كالليل بَين أكرعه ... عَمُود صبح ينجاب عَن طِفْل) (فَقلت هذى صِفَاته وَلَقَد ... شغلت قلبِي بذلك الرجل) (فَقَالَ أما إِذْ اهتممت بِهِ ... فَإِنَّهُ فِي نِهَايَة الجذل) (قد طَابَ عَيْشًا وَقد أصَاب من اللَّذَّة ... مَا لم يصب وَلم ينل) (يكون مثل الْعَرُوس مفترشا ... طورا وطورا كالفحر فِي الْإِبِل) (فَيجمع اللذتين مغتبطا ... ذِي دبره تَارَة وَفِي قبل) (وَهُوَ عوان لم يخْش من ألم الْحمل ... عقيم لم يخْش من حَبل) (وَأَنت يَا ابْن الخراء محتفل ... بأَمْره وَهُوَ غير محتفل) (فَقلت قل لي من أَيْن تعرفه ... فَقَالَ ذَرْنِي من هَذِه الْعقل) (كنت أَجِيرا بيد معصرة ... بصور كَانَت لكاتب البجل) (وَكنت أضحى النَّهَار فِي ظَاهر الْيَد ... إِذا مَا انصرفت من شغلي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 (فَنمت يَوْمًا وَكنت من سهر اللَّيْل ... وقيذا كالشارب الثمل) (وهبت الرّيح فَانْكَشَفَتْ وَلم ... أشعر وطار الشراع عَن قبلي) (واجتاز للحين وَالْقَضَاء الَّذِي ... حم منشا فِي موكب زجل) (حف بصفر البنود وَالْخَيْل وَالرجل ... وبيض الصفيح والأسل) (على كميت أقب كالصخرة الصماء ... قدت من قنة الْجَبَل) (لَيْسَ بأشغى وَلَا أجش وَلَا ... أهضم طاوي الحشى وَلَا شغل) (وَهُوَ أَمَام الصُّفُوف تقدمه ... جرد الهوادي شوازب الْمقل) (مجنبات كأنهن سرا ... حِين قطاء أَو كالقنا الذبل) (وحان مِنْهُ التفاتة فَرَأى ... ذيل قَمِيصِي قد قد من قبل) (فَاشْتَدَّ تحديقه إِلَيّ كَمَا ... حدق ذِئْب طاو إِلَى حمل) (وَلم أَبَت لَيْلَتي وعيشك يَا ... مولَايَ حَتَّى دعيت بالرسل) (فَجِئْته خَائفًا كَمَا يلج العصفور ... مستكرها على الورل) (فارتعت لما رَأَيْت لحيته ... وكدت أُخْرَى من شدَّة الوهل) (وَظن أَنِّي استحييته فغدا ... يبسطني بالمزاح والغزل) (وَقَالَ هَذَا الْحيَاء يَا بِأبي ... أَنْت بريد النّكُول والفشل) (فاطرح الهيبة الْمضرَّة بِي ... وَاعْتَزل الْخَوْف أَي معتزل) (إِن كنت أكرمتني لترفع من ... قدري فبعض الهوان أَنْفَع لي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 (انتف سبالي واصفع قفاي وَلَا ... تنظر إِلَى قدرتي وَلَا خولي) (وَلَا عَبِيدِي وَلَا فروشي وَلَا ... طيبي وَلَا حليتي وَلَا حللي) (إِن يشق أعلاي باللطام فقد ... يسْعد بالرهز بعده سفلي) (وَلَيْسَ بعد المزاح يَا بِأبي ... فِي الرَّأْس من حشمة وَلَا خجل) (وَلم يزل دائبا يشمرخ شا ... قولي ويختال لي على مهل) (فحين أدليت كالحمار بدا ... يرفع أجلاله عَن الكفل) (وخر للْوَجْه والجبين وَقد ... رطب حول خصييه بالبلل) (طعنته طعنة بِصدق الأنابيب ... أَصمّ الكعوب معتدل) (فَقَالَ أوجعت جَوف مقعدتي ... وظل يَدْعُو بِالْوَيْلِ والهبل) (وقرقرت بَطْنه وربتما ... حذرت من مثلهَا وَلم أبل) (ثمَّ رماني بسلحة خطمت ... أنفي فزاولتها على ميل) (فَقلت يَا سَيِّدي وَيَا أملي ... أَظن ذَا السرم من بني ثعل) (فَقَالَ أَخْطَأت إِذْ أسلت دمي ... فَقلت كلا وَالله لم يسل) (أَيْن النجيع القاني فديتك من ... لطخ رجيع كالورس منسحل) (أَلا تبرزت لَا أبالك أَو ... شددت من بَاب سرمك النغل) (فَقَالَ لما أنشأت تعفجني ... فِي استى بِرُمْح لم يعتصم سفلي) (ألم تكن عَالما بِأَن سلَاح ... استي سلاحي فِي كل منتضل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 (خُذ آبنوسا حليته ذَهَبا ... فالحلى أولى بِهِ من العطل) (وَلَا تلمني فيكف أصنع فِي ... سرم شَدِيد الحكاك مؤتكل) (تَمنعهُ اللَّذَّة الْحيَاء فتسترخي ... حَوَاشِي مثقف نغل) (نعم وعاجلتني بجانفة ... أصمت وَمَرَّتْ فِي مَوضِع الْعِلَل) (عاجلت قلبِي عَن التحفظ فِي ... أَمْرِي برهز كالبرق مشتعل) (وخاض جعسي أير بِهِ هوج ... يجوز حد الْجُنُون والخبل) (يَا سَيِّدي مَا اسْمه فَقلت أَبُو الْأسود ... يكنى وَلَيْسَ بالدؤلي) (فَقَالَ يَا حبذا أَبُو الْأسود الزَّاهِد ... فِينَا بسلحة قبلي) (هَل رابه غَيرهَا وَقد جعل المَاء ... طهُورا لكل مغتسل) (فَامْضِ وعد بعْدهَا لترويني ... من بعد نومي علا على نهل) (وَلَا تخف بعْدهَا وَصَاح بفراش ... قصير السربال معتمل) (فَقَالَ ذَاك الْفراش مَالك قدمت ... كَذَا فاغتسل وَلَا تبل) (فَهَذِهِ عَادَة لسيدنا ... موروثة عَن أَبِيه لم تزل) (وَلم أزل فِي خزانَة الْفرش أَيَّامًا ... مخلى فِي زِيّ معتقل) (حَتَّى انْثَنَتْ صعدتي وَبَان لَهُ ... فِي أَنَاة الفتور والكسل) (ثمَّ تغني والأير فِي يَده ... قد خف بعد العتو والثقل) (يَا دَار هِنْد بالخيف من ملل ... حييت من دمنة وَمن طلل) (وَقَالَ لي ويك فِي دمشق أَخ ... للْوَقْف والخرج والضياع بلَى) (وَهُوَ بحب السودَان أعرفهُ ... وَلَيْسَ عَن رَأْيه بمنتقل) (فَخذ كتابي وسر إِلَيْهِ وَلَا ... تتْرك مقَالا مذ قطّ لم يقل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 (وَقل سرت بِي فِي اللَّيْل ذعلبة ... تهدي صُدُور المهرية البزل) (تمطو جماحا إِذا الْمطِي ونت ... حَتَّى ترَاخى لَهَا من الجذل) (أَهْوى بطُون الأقطار فِي غسق اللميل ... وآوي مناهل الوعل) (وَلَيْسَ لي شَافِع إِلَيْك سوى ... فيشلة أسهلت أَبَا سهل) (فَإِنَّهُ سَوف يلتقيها ويحبوها ... إِذا أَقبلت بحيهل) (وتغتدي عِنْده أعز من الأهلين ... والأقربين والخول) (فَجِئْته واثقا بقول أبي ... سهل وَمن يسمع المنى يخل) (فَمَا حصلنا إِلَّا على سهر ... يعمي ورهز يوهي القوى نكل) (وَكَانَ هَذَا ابْتِدَاء معرفتي ... بِهِ فحسبي فاقطع وَلَا تصل) (وَقد مضى يَوْمنَا بِلَا عمل ... ترجى لَهُ أُجْرَة وَلَا أمل) (ظَنَنْت للنيك قد دعيت وَلم ... أَدْرِي بِأَنِّي دعيت للجدل) // من المنسرح // صرف عَنهُ بعض الأدباء وَهُوَ ابْن خيران العَبْد لِأَنَّهُ أصال وَلم يصرفهُ صرف عِنْد بعض الأدباء وَهُوَ ابْن خيران العَبْد لِأَنَّهُ أَطَالَ وَلم يصرفهُ بعد منثور يتَقَدَّم ذَلِك (قلت لَهُ اذْهَبْ مصاحبا فَلَقَد ... حدثت عَنهُ بحادث جلل) (فَمر يسْعَى كَأَنَّهُ ثمل ... من سهر كده وَمن ملل) (يَقُول فِي سيره وَقد وضح الصُّبْح ... أَلا رب واثق خجل) (كَانَ نِكَاح إِبْلِيس زوره ... بِلَا شُهُود وَلَا حُضُور ولي) (لَا بَارك الله فيهمَا فَلَقَد ... جَاءَا بِمَا لَا يجوز فِي الْملَل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 (وعدت بِاللَّه أستعيذ من السوء ... وَمن كل موقف رذل) (وَالْحَمْد للْوَاهِب السَّلامَة من ... جرح يداوي بِهَذِهِ الفتل) وَإِن اتّفق وجود المنثور ألحقته بعون الله وَقدرته 27 - أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّائِي الدِّمَشْقِي قَالَ (قد غدونا إِلَى صَلَاة الْغَدَاة ... ثمَّ ملنا مِنْهَا إِلَى الحانات) (فشربنا مدامة كَدم الخشف ... عقارا تضيء فِي الكاسات) (فَإِذا شجها السقاة بِمَاء ... أبرزت مثل ألسن الْحَيَّات) (وَكَأن الأنامل اعتصرتها ... من شَقِيق الخدود والوجنات) // من الْخَفِيف // 28 - أَبُو مُحَمَّد الْموصِلِي قَالَ يرثي أم الْأَمِير أبي الْحسن عَليّ بن عبد الله بن حمدَان وَقد رثاها النَّاس على طبقاتهم (يَا أَمِيرا علا على النَّجْم همه ... مثل مَا قد زرى على الْخلق عزمه) (أَكثر النَّاس فِي التعازي وَقَالُوا ... كل معنى ينسي أَخا الْهم همه) (فاختصرت العزاء فِي نصف بَيت ... كل خطب إِذا تعداك نعمه) // من الْخَفِيف // الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 29 - أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ بن وَكِيع التنيسِي شَاعِر بارع وعالم جَامع قد برع فِي إبانه على أهل زَمَانه فَلم يتقدمه أحد فِي أَوَانه وَله كل بديعة تسحر الأوهام وتستعبد الأفهام فَمن ملح شعره وغرائبه قَوْله من قصيدة مربعة (رِسَالَة من كلف عميد ... حَيَاته فِي قَبْضَة الصدود) (بلغه الشوق مدى المجهود ... مَا فَوق مَا يلقاه من مزِيد) (جَار عَلَيْهِ حَاكم الغرام ... فدق أَن يدْرك بالأوهام) (فَلَو أَتَاهُ طَارق الْحمام ... لم يردهُ من شدَّة السقام) (لَهُ اهتزاز وارتياح وطرب ... لوجه من أورثه طول الكرب) (فَهَل سَمِعْتُمْ فِي أَحَادِيث الْعجب ... بِمن مناه قرب من مِنْهُ العطب) (مَا غَابَ عَنهُ الحزم فِي الْأُمُور ... لَكِن مِقْدَار الْهوى ضَرُورِيّ) (صَاحبه يخبط فِي ديجور ... منفسد التَّقْدِير بالمقدور) (إِذا التقى فِي مسمعيه العذل ... وَقيل من دون المُرَاد الْقَتْل) (قَالَ لَهُم لوم الْمُحب جهل ... إِن الْهوى يغلب فِيهِ الْعقل) (مَا الْعذر فِي السلوة فِي غزال ... مُنْقَطع الأقران والأشكال) الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 (تسْتَخْلف الشَّمْس لَدَى الزَّوَال ... ضِيَاء خديه على اللَّيَالِي) (بخفة الرّوح احتوى صلاحي ... فصرت لَا أَرغب فِي الْفَلاح) (والشكل والخفة فِي الْأَرْوَاح ... أَمْلَح مَا يعشق فِي الملاح) (من عشق الفدم وَإِن دق الْبَصَر ... فليقصد الْبيعَة وليهو الصُّور) (من كَانَ يهوي منْظرًا بِلَا خبر ... فَمَا لَهُ أوفق من عشق الْقَمَر) (ظَبْي سلوي عَنهُ مثل جوده ... خياله أكذب من موعوده) (أجفانه أسقم من عهوده ... أردافه أثقل من صدوده) (يَا وَصله صل مثل وصل صده ... يَا حكمه كن فِي اعْتِدَال قده) (يَا قلبه كن رقة كخده ... يَا خصره كن مثل ضعف عَهده) (أما وخصر ضعفه كصبري ... لَهُ وَوجه حسنه كشعري) (لَهُ عذار قَامَ لي بعذري ... لَا تبت من شوقي إِلَيْهِ دهري) (أضحى لإبليس بِهِ استقدار ... على بني آدم واستبشار) (وَقَالَ فِي ذَا تستطاب النَّار ... مَا لَهُم عَن مثل ذَا اصطبار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 (تمت لي الْحِيلَة فِي الْعباد ... أدْركْت من صَالحهمْ مرادي) (بِمثل ذَا أمكنني إفسادي ... لأنفس الْعباد والزهاد) (والهفتي من خَدّه الأسيل ... إِذا انجلى عَن صفحتي صقيل) (واحربي من طرفه الكحيل ... من منصفي مِنْهُ وَمن مديلي) (من مقلة كالصارم البتار ... ألحاظها أمضى من الْمِقْدَار) (تحكم فِي لبي وَفِي اصْطِبَارِي ... نَظِير حكم الدَّهْر فِي الْأَحْرَار) (حل قواي العقد من زناره ... ألهب قلبِي خَدّه بناره) (عذر صبري مُبْتَدأ عذاره ... حيرني بالطرف واحوراره) (جَاءَ بِوَجْه حسنه مَحْبُوب ... تطيب فِي أَمْثَاله الذُّنُوب) (وقامة ذل لَهَا الْقَضِيب ... وَالْقد تنقد بِهِ الْقُلُوب) (هفا بقلبي مِنْهُ إفراط الهيف ... فَقلت لما أَن تثنى وانعطف) (يَا سَيِّدي من دون ذَا الْميل التّلف ... وَشرط من كَانَ ظريفا فِي القطف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 (مَا قصر الْقَامَة مثل الطول ... وَلَا البدين الْجِسْم كالمهزول) (عشق الرشيق الأهيف المجدول ... شَأْن ذَوي الأفهام والعقول) (لَا يعشق الضخم الغليظ الْجِسْم ... غير غليظ الطَّبْع جَاف فدم) (مكدر الْحس ركود الْفَهم ... يَقُول فِي الْحسن بِغَيْر علم) (قد صحت لما خفت مِنْهُ القتلا ... وكدت من فرط السقام أبلى) (يَا حَاكما جَانب فِي العدلا ... مهلا بِمن يهواك مهلا مهلا) (يَا ظَالِما يقتلني مجاهره ... قد منع الوجد من المساتره) (هَلُمَّ إِن شِئْت إِلَى المناظرة ... وَاسْتعْمل الْإِنْصَاف لَا المكابره) (فِي أَي دين حل قتل الرّوح ... وَهل كَمَا تفعل من مُبِيح) (إِن قلت ذَا جَاءَ عَن الْمَسِيح ... فَلَيْسَ مَا تزْعم بِالصَّحِيحِ) (مرقص مَا أخبرنَا بذا الْخَبَر ... عَنهُ وَلَا لوقا حَكَاهُ فِي الْأَثر) (وَقد نهى عَن ذَا يوحنا وزجر ... وَلَا ارتضى مَتى بِهِ وَلَا أَمر) (أَرْبَعَة لَيْسَ لَهُم عديل ... وَلَا لَهُم فِي أَمرهم كَفِيل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 (مَا فيهم من قَالَ مَا تَقول ... فَهَل سوى إنجيلهم إنجيل) (فَإِن زعمت أَن ذَا مَوْجُود ... فِي زبر جَاءَ بهَا دَاوُد) (فَمَا الزبُور بَيْننَا مَفْقُود ... فَكيف لم تعلم بِهِ الْيَهُود) (وَلم يخبر أحد سواكا ... من النَّصَارَى كلهم بذاكا) (لَا تتقول غير مَا أتاكا ... وَغلب الْحق على هواكا) (سفك دمي يحظر فِي الْأَدْيَان ... فدع حجاجا ظَاهر الْبطلَان) (لَا تجمع الْإِثْم مَعَ الْبُهْتَان ... وَكن على خوف من الْعدوان) (وَاعْلَم بِأَنِّي إِن تَمَادى بِي الْهوى ... وَخفت أَن أتلف من فرط الضنى) (ودمت فِي هجرك لي كَمَا أرى ... وَلم أجد مِنْك لما بِي مشتكى) (شَكَوْت مَا تَلقاهُ نَفسِي البائسة ... من خطرات للهموم هاجسه) (عفت رسوم الصَّبْر فَهِيَ دارسه ... إِلَى جَمِيع عصبَة الشمامسة) (فَإِن هم لم يرحموا أنيني ... وخيبوا فِي قصدهم ظنوني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 (وَلم أجد فِي الْقَوْم من معِين ... ينصفني مِنْك وَلَا يعديني) (شَكَوْت مَا يلقى من الأحزان ... قلبِي إِلَى مشيخة الرهبان) (عساك تَسْتَحي من الشَّيْخَانِ ... وَإِن تهاونت بهم فِي شاني) (فَلَا أَرَاك مغضبا عبوسا ... إِذا أتيت أسأَل القسيسا) (مَعُونَة أَرْجُو لَهَا التنفيسا ... عَن مهجة قاربت النسيسا) (وَاعْلَم بِأَنِّي إِن رددت شَافِعِيّ ... هَذَا وَلم يرجع بِأَمْر نَافِع) (فَلَيْسَ ذَا بحاسم مطامعي ... كم طَالب جد بجد مَانع) (لَو كنت مبذولا لنا لم تطلب ... وَإِنَّمَا نرغب إِذْ لم ترغب) (وكلت النَّفس بترك الْأَقْرَب ... وَشدَّة الْحِرْص على المستصعب) وَإِن تماديت على جفائكا ... ودمت بالقلة من حبائكا) (فِي هجرنا على قَبِيح رأيكا ... واستيأس الرهبان من إصفائكا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 (فَلَا تلمني إِن قصدت الأسقفا ... من برح السقم بِهِ رام الشفا) (فَلَا تقل أبديت مَكْنُون الخفا ... أَنْت الَّذِي أحوجتني أَن أكشفا) (سَوف إِلَى المطران أنهِي قصتي ... إِن دَامَ مَا تؤثره من هجرتي) (فَإِن رثى لي طَالبا معونتي ... وَلم تشفعه بكشف كربتي) (شَكَوْت مَا يلقاه من فرط السقم ... قلبِي إِلَى البطرك والحبر الْعلم) (عساك إِن حالفته فِيمَا حكم ... يدْخلك الْحرم فويل من حرم) (هُنَاكَ تَأتي مستقيلا ظلمي ... تَسْأَلنِي عطف الرضى بالرغم) (ترْضى بِمَا ينفذ فِيك حكمي ... إِذا بك اشْتَدَّ عَذَاب الْحرم) (دع ذَا فَهَذَا كُله تهديد ... أَرْجُو بِهِ قربك يَا بعيد) (هَيْهَات سري أبدا جحود ... فِيك وَقَوْلِي كلما تُرِيدُ) (مولَايَ قد ضَاقَتْ بِي الْأُمُور ... فَقلت مَا قلت وَقَوْلِي زور) (قلبِي إِلَّا فِي الْهوى جسور ... فَلَا تلم أَن ينفث المصدور) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 (مولَايَ بالرحمن أَحَي مغرما ... يخَاف أَن تغْضب إِن تظلما) (إِلَيْك أَشْكُو فَعَسَى أَن تنعما ... مهلا قَلِيلا قد قتلت المسلما) (يَا جرجس ارْفُقْ بفؤاد هائم ... يَا سَيِّدي خف سوء عَقبي الظَّالِم) (وَقد رَضِينَا بك فِي التحاكم ... والجور لَا يشبه فعل الْحَاكِم) (أقْصَى رجائي مِنْك نيل الود ... وقبلة تشفي غليل الوجد) (يَا جائرا أفرط فِي التَّعَدِّي ... مِنْك إِلَيْك فِي الْهوى أستعدي) // من الرجز // وَقَالَ فِي أزمنة السّنة مزدوجة (يَا سائلي عَن أطيب الدهور ... وَقعت فِي ذَاك على الْخَبِير) (سَأَلتنِي أَي الزَّمَان أحلى ... وأيه بالقصف عِنْدِي أولى) (عِنْدِي فِي وصف الْفُصُول الْأَرْبَعَة ... مقَالَة تغني اللبيب مقنعه) فصل الصَّيف (أما المصيف فاستمع مَا فِيهِ ... من فطن يفهم سامعيه) (فصل من الدَّهْر إِذا قيل حضر ... أذكرنا بحره نَار سقر) (تبصر فِيهِ النبت مقشعرا ... وَالْأَرْض تَشْكُو حره المضرا) (نَهَاره مقسم بَين قسم ... جَمِيعهَا يعاب عِنْدِي ويذم) (أَوله فِيهِ ندى مبغض ... كَأَنَّهُ على الْقُلُوب يقبض) (يلصق مِنْهُ الْجِسْم بالثياب ... وَتعلق الأذيال بِالتُّرَابِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 (حَتَّى ترَاهَا مثل منديل الْغمر ... فِيهِنَّ تخطيط كتخطيط الحبر) (حَتَّى إِذا مَا طردته الشَّمْس ... وفرحت بِأَن يَزُول النَّفس) (فتحت النَّار لَهُ أَبْوَابهَا ... وشب فِيهَا مَالك شهابها) (حر يحِيل الْأَوْجه الغرانا ... حَتَّى ترى الرّوم بهَا حبشانا) (يَعْلُو بِهِ الكرب ويشتد القلق ... وتنضج الْأَبدَان مِنْهُ بالعرق) (تبصره فَوق الْقَمِيص قد علا ... حَتَّى ترى مبيضه مصندلا) (إِن كَانَ رثا زَاد فِي تمزيقه ... أَو مستجدا حل حَبل زيقه) (ثمَّ يُعِيد المَاء نَارا حامية ... تزيد فِي كرب قُلُوب الضاويه) (شَاربه يكرع فِي حميم ... كَأَنَّهُ من سَاكِني الْجَحِيم) (ينسيه مَا يلقى من التهابه ... أَن يحمد الله على شرابه) (حَتَّى إِذا عَنَّا انْقَضى نَهَاره ... وأرخيت من ليله أستاره) (تحركت فِي جنحه دواهي ... سَارِيَة وَأَنت عَنْهَا ساهي) (من عقرب يسْعَى كسعي اللص ... سرحها فِي إبر كالشص) (وحية تنفث سما قَاتلا ... تزَود الملدوغ حتفا عَاجلا) (تبصر مَا فِي جلدهَا من الرقش ... كوجنة مصفرة فِيهَا نمش) (لَو نهشت بالناب مِنْهَا الخضرا ... لبترت مِنْهُ الْحَيَاة بترا) (فَإِن أردْت الشّرْب فِي إبانه ... على الَّذِي وَصفته من شانه) (أبشر بِمَا شِئْت من الصراع ... فضلا عَن التهويس والصداع) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 (وَعلل تعجز إحصاء الْعدَد ... من جرب وَمن دوار ورمد) (وَبعد حمى الكبد لَا تنساه ... لِأَنَّهُ أول مَا تَلقاهُ) (وَلَا تقل إِن جَاءَ يَوْمًا أَهلا ... فلعنة الله عَلَيْهِ فصلا) فصل الخريف (حَتَّى إِذا زَالَ أَتَى الخريف ... فصل بِكُل سوءة مَعْرُوف) (أهوية تسرع فِي كل الْجَسَد ... وَهُوَ كطبع الْمَوْت يبسا وَبرد) (يخْشَى على الْأَجْسَام من آفاته ... فأرضه قرعاء من نَبَاته) (لَا يُمكن النَّاس اتقاء شَره ... من اخْتِلَاف برده وحره) (تبصره مثل الصَّبِي الأرعن ... فِي كَثْرَة التَّغْيِير والتلون) (فَإِن أردْت الشّرْب للعقار ... فِي حِينه بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار) (فَأَنت مِنْهُ خَائِف على حذر ... لِأَنَّهُ يمزج بالصفو الكدر) (أحسن مَا يهدي لَك النسيما ... يقلبه فِي سَاعَة سموما) (وَهُوَ على الْمَعْدُود من ذنُوبه ... خير من الصَّيف على عيوبه) فصل الشتَاء (حَتَّى إِذا مَا أقبل الشتَاء ... جاءتك مِنْهُ غمَّة غماء) (أقبل مِنْهُ أَسد مزير ... لَهُ وَعِيد وَله تحذير) (لَو أَنه روح لَكَانَ فدما ... أَو أَنه شخص لَكَانَ جهما) (يَأْتِيك فِي إبانه ريَاح ... لَيْسَ على لاعنها جنَاح) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 (حراكها لَيْسَ إِلَى سُكُون ... تضر بالأسماع والعيون) (يحدث من أفعالها الزُّكَام ... هَذَا إِذا مَا فاتك الصدام) (ثمَّ يَليهَا مطر مداوم ... كَأَنَّهُ خصم لنا ملازم) (يقطعنا بغضا عَن الطَّرِيق ... وَعَن قَضَاء الْحق للصديق) (وَرُبمَا خر عَلَيْك السّقف ... وَإِن عَفا عَنْك أَتَاك الوكف) (هَذَا وَكم فِيهِ من المغارم ... وَكَثْرَة الْإِنْفَاق للدراهم) (فِي ملبس يدْفع شَرّ برده ... يكف عَنَّا مِنْهُ غرب حَده) (ملابس تعيي الجليد حملا ... كَأَنَّمَا يحمل مِنْهَا ثقلا) (يَحْكِي بهَا المنحوف أَصْحَاب السّمن ... لَكِن ترَاهُ سمنا غير حسن) (فَإِن أردْت بِالنَّهَارِ الشربا ... فِيهِ فقد قاسيت خطبا صعبا) (واحتجت أَن توقد فِيهِ النارا ... تطير نَحْو الحدق الشرارا) (تتْرك مبيض الثِّيَاب أرقطا ... تحكي السعيدي لَك المنقطا) (وَبعد ذَا تسدد الثقابا ... من خَوفه وتغلق الأبوابا) (نعم وترخي نَحوه الستورا ... حَتَّى ترى صَاحبه ديجورا) (فَحسن لون الراح فِيهِ لَا يرى ... لِأَنَّهُ صَار سَوَاء والدجى) (تشرب فِيهِ إِن شربت الخمرا ... لَيْسَ لِأَن تلهو أَو تسرا) (لَكِن لتحمي خضر الْأَعْضَاء ... فَشربهَا ضرب من الدَّوَاء) (وَإِن أردْت الشّرْب فِي الظلام ... عاقك عَن تنَاول المدام) (حَسبك أَن تندس فِي اللحاف ... وخشية الْبرد على الْأَطْرَاف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 (ورعدة تشغل عَن كل عمل ... وتؤثر النّوم وتستحلي الكسل) (حَتَّى إِذا ملت إِلَى الرقاد ... نمت على فرش من القتاد) (إِن البراغيث عَذَاب مزعج ... لكل مَا قلب وَجلد تنضج) (لَا يستلذ جنبه المضاجعا ... كَأَنَّمَا أَفرَشته مباضعا) (قبح فصلا فَوق مَا ذممته ... لَو أَنه يظْهر لي قتلته) (حَتَّى إِذا مَا هُوَ عَنَّا بانا ... وَزَالَ عَنَّا بعضه لَا كَانَا) فصل الرّبيع (جَاءَ إِلَيْنَا زمن الرّبيع ... فجَاء فصل حسن الْجَمِيع) (لبرده وحره مِقْدَار ... لم يكتنف حدهما الْإِكْثَار) (عدل فِي أوزانه حَتَّى اعتدل ... وَحمد التَّفْصِيل مِنْهُ والجمل) (نَهَاره من أحسن النَّهَار ... فِي غَايَة الْإِشْرَاق والإسفار) (تضحك فِيهِ الشَّمْس من غير حجب ... كَأَنَّهَا فِي الْأُفق جَام من ذهب) (وليله مستلطف النسيم ... مقوم فِي أحسن التَّقْوِيم) (لبدره فضل على البدور ... فِي حسن إشراق وفرط نور) (كجامة البلور فِي صفائها ... أَو غرَّة الْحَسْنَاء فِي نقابها) (كَأَنَّهَا إِذا دنت من نَحره ... جوزاؤه قبل طُلُوع فجره) (رُومِية حلتها زرقاء ... فِي الْجيد مِنْهَا درة بَيْضَاء) (هَذَا وَكم يجمع من أُمُور ... إِسْرَاف مطريها من التَّقْصِير) (فِيهِ تظل الطير فِي ترنم ... حاذقة باللحن لم تعلم) (غنَاؤُهَا ذُو عجمة لَا يفهمهُ ... سامعه وَهُوَ على ذَا يقرمه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 (من كل دبسي لَهُ رنين ... وكل قمري لَهُ حنين) (فِي قرطق أعجل أَن يوردا ... خاط لَهُ الْخياط طوقا أسودا) (هَذَا وَفِيه للرياض منظر ... يفشي الثرى من سرها مَا يضمر) (سر نَبَات حسنه إعلانه ... إِذا سواهُ زانه كِتْمَانه) (فِيهِ ضروب للنبات الغض ... يَحْكِي لِبَاس الْجند يَوْم الْعرض) (من نرجس أَبيض كالثغور ... كَأَنَّهُ مخانق الكافور) (وروضة تزهر من بنفسج ... كَأَنَّهَا أَرض من الفيروزج) (قد لبست غلالة زرقاء ... فكايدت بلونها السَّمَاء) (تبصرها كثاكل أَوْلَادهَا ... قد لبست من حزن حدادها) (يضْحك فِيهَا زهر الشَّقِيق ... كَأَنَّهُ مداهن العقيق) (مضمنات قطعا من السبج ... فَأَشْرَفت بَين احمرار ودعج) (كَأَنَّمَا المحمر فِي المسود ... مِنْهُ إِذا لَاحَ عُيُون الرمد) (أما ترى أترجه مَا أحْسنه ... يختال فِي غلائل مبينه) (وَانْظُر إِلَى الخشخاش إِن نظرتا ... يَحْكِي كرات ظوهرت كيمختا) (وارم بِعَيْنَيْك إِلَى البهار ... فَإِنَّهُ من أحسن الْأَنْوَار) (كَأَنَّهُ مداهن من عسجد ... قد سمرت فِي قضب الزبرجد) (فانهض إِلَى اللَّهْو وَلَا تخلف ... فلست فِي ذَلِك بالمعنف) (واشرب عقارا طَال فِينَا كَونهَا ... يصفر من خوف المزاج لَوْنهَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 (من كف طبي من بني النَّصَارَى ... ألبابنا فِي حسنه حيارى) (إِذا بدا جماله لذِي النّظر ... قَالَ تَعَالَى الله مَا هَذَا بشر) (يُبْدِي جمالا جلّ عَن أَن يوصفا ... لَو أَنه رزق حَرِيص لاكتفى) (تزينه أحشاء كشح طاويه ... وسرة محشوة بالغاليه) (لَا سِيمَا مَعَ مسمع وزامر ... قد سلما من وَحْشَة التنافر) (دُونك هَذِه صفة الزَّمَان ... مشروحة فِي أحسن التِّبْيَان) (فأصغ نَحْو شرحها كي تسمعا ... وَلَا تكن لحقها مضيعا) (وَارْضَ بتقليدي فِيمَا قلته ... فإنني أدرى بِمَا وَصفته) (وَلَا تعارضني فِي هَذَا الْعَمَل ... فإنني شيخ الملاهي والغزل) // من الرجز // وَقَالَ أَيْضا (باعثا لدعوتي غُلَامه ... وعاتبا من تركنَا إلمامه) (إِذا أردْت أَن تزار فِي غَد ... فَلَا تغال فِي الطَّعَام واقصد) (واعمد إِلَى مَا أَنا مِنْهُ واصف ... فإنني بالطيبات عَارِف) (ابْعَثْ فَخذ عشرا من الرقَاق ... تلذها نواظر الأحداق) (تكَاد مِمَّا رق من حرسائها ... تشف للأعين من صفائها) (أرقها الصَّانِع حَتَّى خفت ... ولطفت أجسامها ومدت) (تكَاد لَوْلَا حذقه فِي صَنعته ... تطيرها أنفاسه من رَاحَته) (حَتَّى أَتَت فِي صُورَة البدور ... أَو مثل جامات من البلور) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 (حَتَّى إِذا فرغت مِنْهَا متقنا ... وَلم ير العائب فِيهَا مطعنا) (فاعمد إِلَى مدور من البصل ... فَإِنَّهُ أكبر أعوان الْعَمَل) (يَحْكِي لعينيك اخضرار قشره ... إِذا رَمَاه نَاظر بفكره) (غلائلا خضرًا على جسوم ... بيض رطاب من بَنَات الرّوم) (حَتَّى إِذا أحكمته تقطيعا ... وَقلت قد جودته صنيعا) (خلطته بِاللَّحْمِ خلطا جيدا ... وَلم تزل تخلطه مرددا) (حَتَّى إِذا أَنْت أَجدت فعله ... ثمَّ جمعت فِي الرقَاق شَمله) (صيرته يَا ذَا الْعلَا السنيه ... شابورة لَيست لَهَا سميه) (ثمت أغل الشبرق المقشرا ... من فَوْقه حَتَّى ترَاهُ أحمرا) (مكتسيا حلته الخمريه ... من بَعْدَمَا عهدتها فضيه) (ثمَّ أدر كأس الشُّمُول منعما ... أكْرم بِهَذَا مشربا ومطعما) (فلست فِي فعلك ذَا مبذرا ... كلا وَلَا فِي حَقنا مقصرا) // من الرجز // وَله فِي الرَّوْض (أَسْفر عَن بهجته الدَّهْر الْأَغَر ... وابتسم الرَّوْض لنا عَن الزهر) (أبدى لنا فصل الرّبيع منْظرًا ... بِمثلِهِ تفتن ألباب الْبشر) (وشيا وَلَكِن حاكه صانعه ... لَا لابتذال اللّبْس لَكِن للنَّظَر) (عاينه طرف السَّمَاء فانثنى ... عشقا لَهُ يبكي بأجفان الْمَطَر) (فالأرض فِي زِيّ عروس فَوْقهَا ... من أدمع الْقطر نثار من دُرَر) (وشي طواه فِي الثرى صوانه ... حَتَّى إِذا مل من الطي نشر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 (أما ترى الْورْد كخدي كاعب ... راودها فامتنعت مِنْهُ ذكر) (كَأَنَّمَا الْخمر عَلَيْهِ نفضت ... صباغها أَو هِيَ مِنْهُ تعتصر) (أخجله النرجس إِذْ جاد لَهُ ... فاحمر من فرط حَيَاء وخفر) (قَالَ لَهُ الْعين وَمَا الخد لَهَا ... موازنا فِي عظم قدر وخطر) (مَاذَا الَّذِي يُرْجَى لخد بهج ... مستحسن صَاحبه أعمى الْبَصَر) (فاحمر من حجَّته إِذْ ظَهرت ... وَالْحق لَا يدْفع يَوْمًا إِن ظهر) (وَانْظُر إِلَى النارنج فِي بهجته ... يلوح فِي أفنان هاتيك الشّجر) (مثل دَنَانِير نضار أَحْمَر ... أَو كعقيق خرطت مِنْهُ أكر) (وانطر إِلَى المنثور فِي ميدانه ... يرنو إِلَى النَّاظر من حَيْثُ نظر) (كجوهر مُخْتَلف ألوانه ... أسلمه سلك نظام فانتثر) (كَأَن نور الباقلا إِذا بدا ... لناظريه أعين فِيهَا حور) (كَمثل ألحاظ اليعافير إِذا ... روعها من قانص فرط الحذر) (كَأَنَّهُ مداهن من فضَّة ... أوساطها بهَا من الْمسك أثر) (كَأَنَّهَا سوالف من خرد ... قد زينت بياضها سود الطرر) (وَانْظُر إِلَى الأطيار فِي أرجائه ... إِذا دَعَا الثاكل مِنْهَا وصفر) (كَأَنَّهَا تصفر فِي رياضها ... سرب قيان فَوق بسط من حبر) (فانهض إِلَى اللَّهْو ولذات الصِّبَا ... لامك من يعذل فِيهَا أَو عذر) (فقلما يُغْنِيك من يعذل فِيمَا ... تشْتَهي حَتَّى تواريك الْحفر) (فَكيف هجران اللذاذات وَلم ... يبد نَهَار الشيب فِي ليل الشّعْر) (والنسك فِي عصر الصِّبَا كَأَنَّهُ ... من قبحه خلع عذار فِي الْكبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 (يَا لائما يعذلني فِي طربي ... حَسبك قد أكثرت من هَذَا الهذر) (أعرف فضل الْعقل إِلَّا أَنه ... لعيش من آثره عين الكدر) (الْجَهْل ينبوع مسرات الْفَتى ... وَالْعقل ينبوع الهموم والفكر) (فاجسر على مَا تشْتَهي جَهَالَة ... مَا فَازَ باللذات إِلَّا من جسر) (واشرب عقارا لَو أَصَابَت حجرا ... لطار من خفته ذَاك الْحجر) (عدوة الْحزن الَّذِي مَا ظَفرت ... قطّ بِهِ إِلَّا أساءت فِي الظفر) (لَو رام أَن يجيره من كيدها ... صرف الزَّمَان الحتم يَوْمًا مَا قدر) (أرقها الدَّهْر إِلَى أَن شاكلت ... من رقة شعر جميل وَعمر) (خُفْيَة الْحِيلَة فِي جسم الْفَتى ... تحدث فِي الْجِسْم دبيبا وخدر) (كَأَنَّمَا الأوطار فِيهَا جمعت ... فَلَيْسَ فِي الْعَيْش لجافيها وطر) (لَا سِيمَا من كف ظَبْي لم يَشن ... بفرط طول لَا وَلَا فرط قصر) (لَهُ سِهَام من لحاظ صيب ... كَأَنَّمَا يرمين عَن قَوس الْقدر) (مزنر شككني فِي دينه ... حَتَّى أحلّت الْكفْر فِيمَن قد كفر) (لِأَنَّهُ كالحور فِي تَصْوِيره ... والحور لَا يسكنهَا الله سقر) (لَو لم يكن زناره فِي وَسطه ... يمسك ضعف الخصر مِنْهُ لانبتر) (وَبَان مِنْهُ نصفه عَن نصفه ... لكنه جَاءَ لَهُ على قدر) (إِن قلت يَحْكِي قمرا عنفني ... عقل لَهُ أعدمه عِنْد الْقَمَر) (أَنى يوازيه وَهَذَا نَاطِق ... وَذَاكَ إِن خُوطِبَ لم ينْطق حصر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 (يَا لَك مِنْهُ منْظرًا أشهى إِلَى ... قلبِي من جنَّة عدن أَو أسر) (يَا طيب ذِي الدُّنْيَا لنا منزلَة ... لَو لم نَكُنْ نزعج مِنْهَا بسفر) // من الرجز // وَقَالَ أَيْضا (علل فُؤَادك وَالدُّنْيَا أعاليل ... لَا يشغلنك عَن اللَّهْو الأباطيل) (وَلَا يصدنك عَن أَمر هَمَمْت بِهِ ... من العواذل لَا قَالَ وَلَا قيل) (فَخير يوميك يَوْم أَنْت فِيهِ إِذا ... ميزت فِي النَّاس مَحْمُود ومعذول) (وَإِن أتوك فَقَالُوا كن خليفتنا ... فَقل لَهُم إِنَّنِي عَن ذَاك مَشْغُول) (فَإِن ذَلِك أَمر مَعَ نفاسته ... ونبله بِفنَاء الْعُمر مَوْصُول) (وَارْضَ الخمول فَلَا يحظى بلذته ... إِلَّا امْرُؤ خامل فِي النَّاس مَجْهُول) (وَلَا تبع عَاجل الدُّنْيَا بآجل مَا ... ترجو فَذَلِك أَمر شَأْنه الطول) (واسفك دم القهوة الصَّهْبَاء تحي بِهِ ... روحي فَإِن دم الصَّهْبَاء مطلول) (يَا خَائِف الْإِثْم فِيهَا حِين تشربها ... لَا تقنطن فعفو الله مأمول) (قُم فاسقني النض مِمَّا حرمُوهُ وَلَا ... تعرض لما كثرت فِيهِ الْأَقَاوِيل) (من قهوة عتقت فِي دنها حقبا ... كَأَنَّهَا فِي سَواد اللَّيْل قنديل) (عروس كرم أَتَت تختال فِي حلل ... صفر على رَأسهَا للمزح إكليل) (كَأَنَّهَا بأكف الْقَوْم إِذْ جليت ... ذوب من الذَّهَب الإبريز محلول) (فِي فتية جعلُوا للهو طاعتهم ... فَمَا لَهُم عَن طَرِيق اللَّهْو معدول) (جليسهم لَيْسَ يرْوى من حَدِيثهمْ ... يَوْمًا وَبَعض حَدِيث الْقَوْم مملول) (لَا كَالَّذِين إِذا مَا كنت حاضرهم ... فَفِي سكوتهم المأمول والسول) (ترى مجَالِسهمْ مَمْلُوءَة لجبا ... وكل ذَاك فضول عَنْك مَعْزُول) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 وَقَالَ أَيْضا (اشرب فقد طابت الْعقار ... وابتسم الْورْد والبهار) (من قهوة مَا انبرت لَهُم ... إِلَّا وَولى لَهُ انشمار) (لَهَا جيوش من الملاهي ... للهم قدامها الْفِرَار) (لألاؤها فِي الدجى نَهَار ... يظلم من نوره النَّهَار) (إِذا اسْتَقَرَّتْ حَشا لَبِيب ... رَأَيْته مَا لَهُ قَرَار) (لم يرهَا نَاظر حَدِيد ... إِلَّا ثنى لحظه انكسار) (خيالها جِسْمه لجين ... وجسمها شخصه نضار) (كَأَنَّهَا تَحْتَهُ كميت ... عَلَيْهِ من فضَّة عذار) (لَهَا لَدَى حزن شاربيها ... ثأر وَعند الحلوم ثار) (فالحزن عَن أَهلهَا مطار ... والحلم فِي إثره مطار) (فَلَا انتصار لذا عَلَيْهَا ... وَلَا عَلَيْهَا لذا انتصار) (يسْعَى بهَا جؤذر غرير ... فِي لحظ أجفانه احورار) (يحسن مني الْوَقار إِلَّا ... فِيهِ فَمَا يحسن الْوَقار) (أغار مني عَلَيْهِ حَتَّى ... عَلَيْهِ من نَفسه أغار) (كل جمال ترى فَمِنْهُ ... إِذا تَأَمَّلت مستعار) (كَأَن صدغا لَهُ ترَاهُ ... وَهُوَ على خَدّه مدَار) (ميدان آس بدا جنيا ... ألهب فِي جانبيه نَار) (بَيت من الْحسن لي إِلَيْهِ ... حج مدى الدَّهْر واعتمار) (زِيَارَة الْبَيْت كل عَام ... ودهر ذَا كُله يزار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 (قلت لَهُ إِذْ بدا وقلبي ... من لاعج الشوق مستطار) (يَا جَامع الْحسن كل حسن ... للنَّاس من شرطك اخْتِصَار) (مَا فضل الغانيات عِنْدِي ... عَلَيْك إِلَّا امْرُؤ حمَار) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله أَيْضا (اشرب فقد طابت المدام ... وافتر عَن ثغره الْغَمَام) (من قهوة حرمت علينا ... وَالصَّبْر عَن مثلهَا حرَام) (جلت عَن الْوَصْف فَهِيَ شَيْء ... يدق شَأْنهَا الْكَلَام) (إِذا استذم الأسى إِلَيْهَا ... فَمَا لَهُ عِنْدهَا ذمام) (طوقها المَاء سمط در ... لَيْسَ لمنثوره نظام) (كَأَنَّهَا تَحْتَهُ كميت ... عَلَيْهِ من فضَّة لجام) (إِذا بَدَت للهموم ظلت ... وَهِي لإعظامها قيام) (تلوذ مِنْهَا فَلَا لواذ ... ينفع مِنْهَا وَلَا اعتصام) (فِي فتية كلهم كريم ... وَخير من يصحب الْكِرَام) (يكسد سوق الفتاة فيهم ... ظرفا وَلَا يكسد الْغُلَام) (أَئِمَّة كلهم عليم ... بِكُل مَا فعله أثام) (لكنني فيهم على مَا ... وصفت من فَضلهمْ إِمَام) (وَعِنْدنَا شادن غرير ... فِي لحظ أجفانه سقام) (لِلْحسنِ قدامه جيوش ... للصبر قدامها انهزام) (يخف فِي حبه التصابي ... كَمثل مَا يثقل الملام) (ذَا الْعَيْش فافطن لَهُ وبادر ... من قبل أَن يفْطن الْحمام) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 (وانعم فعام السرُور عِنْدِي ... يَوْم وَيَوْم الهموم عَام) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ أَيْضا (جانبت بعْدك عفتي ووقاري ... وخلعت فِي طرق المجون عِذَارَيْ) (وَرَأَيْت إِيثَار الصبابة فِي الَّذِي ... تهوى النُّفُوس ممحق الْأَعْمَار) (لَا تَأْمُرنِي بالتستر فِي الْهوى ... فالعيش أجمع فِي ركُوب الْعَار) (إِن التوقر للحياة مكدر ... والعيش فَهُوَ تهتك الأستار) (من تابعت أَمر الْمُرُوءَة نَفسه ... فنيت من الحسرات والأفكار) (لَا تكثرن عَليّ إِن أَخا الحجا ... برم بِقرب الصاحب المهذار) (خوفتني بالنَّار جهدك دائبا ... ولججت فِي الإرهاب والإنذار) (خوفي كخوفك غير أَنِّي واثق ... بجميل عَفْو الْوَاحِد القهار) (أَقرَرت أَنِّي مذنب ومحرم ... تَعْذِيب ذِي جرم على الْإِقْرَار) (انْظُر إِلَى زهر الرّبيع وَمَا جلت ... فِيهِ عَلَيْك طرائف الْأَنْوَار) (أبدت لنا الأمطار فِيهِ بدائعا ... شهِدت بحكمة منزل الأمطار) (مَا شِئْت للأزهار فِي صحرائه ... من دِرْهَم بهج وَمن دِينَار) (وجواهر لَوْلَا تغير حسنها ... جلت عَن الْأَثْمَان والأخطار) (من أَبيض يقق وأصفر فَاقِع ... مثل الشموس قرن بالأقمار) (ناحت لنا الأطيار فِيهِ فأرهجت ... عرس السرُور ومأتم الأطيار) (دَار لَهُ اتَّصل الْبَقَاء لأَهْلهَا ... لم يحفلوا بنعيم تِلْكَ الدَّار) (فانهض بِنَا نَحْو السرُور فَإِنَّهُ ... مَا زَالَ يسكن حانة الْخمار) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 (فَاشْرَبْ مُعتقة كَأَن نسيمها ... مسك تضوعه يَد الْعَطَّار) (أخْفى دبيبا فِي مفاصل شربهَا ... وأدق ألطافا من الْمِقْدَار) (أَحْكَامهَا فِي الْعقل إِن هِيَ حكمت ... أَحْكَام صرف الدَّهْر فِي الْأَحْرَار) (يرضى على الأقدار شاربها الَّذِي ... مَا زَالَ ذَا سخط على الأقدار) (وَكَأَنَّهَا والكأس ساطعة بهَا ... ذوب تحلل فِي عقيق جاري) (لَا سِيمَا من أغيد شادن ... يسبي الْعُقُول بطرفه السحار) (فضل الغصون لِأَنَّهَا من غرسنا ... عِنْد التَّأَمُّل وَهُوَ غرس الْبَارِي) (قد غيب الزنار دقة خصره ... حَتَّى ظنناه بِلَا زنار) (منتصر قويت على إسْلَامنَا ... بالْحسنِ مِنْهُ حجَّة الْكفَّار) (قَالُوا أيصنع مثل هَذَا ربكُم ... وَيرى فَسَاد صَنِيعه بالنَّار) (مَعَ مسمع حَلَفت لَهُ أوتاره ... أَن لَا تنافر رنة المزمار) (فطن يُحَرك كل عُضْو سَاكن ... تحريكه لسواكن الأوتار) (شدو إِذا الحلماء زار حلومهم ... باعوا بِطيب السخف كل وقار) (والشدو أحْسنه الَّذِي لم يستمع ... إِلَّا أطار الْعقل كل مطار) (ذَا الْعَيْش لَا نعت المهامه والفلا ... وسؤال رسم الدَّار والأحجار) (لَا فرج الرَّحْمَن كربَة جَاهِل ... يبكي على الأطلال والْآثَار) // من الْكَامِل // وَقَالَ أَيْضا (قد رَضِينَا من الغزال الكحيل ... بغرور العدات وَالتَّعْلِيل) (وهجرنا سواهُ وَهُوَ منيل ... وهويناه وَهُوَ غير منيل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 (فكثير البغيض غير كثير ... وَقَلِيل الحبيب غير قَلِيل) (يَا عذولي زعمت صبري صَوَابا ... وَطَرِيق الصَّوَاب غير محيل) (هلك الْعَزْم بَين شوق صَحِيح ... أَنا فِيهِ وَبَين صَبر عليل) (لَا تَعب من هويت بالبخل إِنِّي ... لَا أحب الحبيب غير بخيل) (يجمل الْبُخْل بالملاح وَإِن كَانَ ... بِغَيْر الملاح غير جميل) (كل من سره حبيب جواد ... فلتطب نَفسه بقرن طَوِيل) // من الْخَفِيف // وَقَالَ أَيْضا (أَلَسْت ترى وشي الرّبيع المنمنما ... وَمَا رصع الربعِي فِيهِ ونظما) (فقد حكت الأَرْض السَّمَاء بنورها ... فَلم أدر فِي التَّشْبِيه أَيهمَا السما) (فخضرتها كالجو فِي حسن لَونه ... وأنوارها تحكي لعينيك أنجما) (فَمن نرجس لما رأى حسن نَفسه ... تداخله عجب بهَا فتبسما) (وَأبْدى على الْورْد الجني تطاولا ... فأظهر غيظ الْورْد فِي خَدّه دَمًا) (وزهر شَقِيق نَازع الْورْد فَضله ... فَزَاد عَلَيْهِ الْورْد فضلا وقدما) (وظل لفرط الْحزن يلطم خَدّه ... فأظهر فِيهِ اللَّطْم جمرا مضرما) (وَمن سوسن لما رأى الصَّبْغ كُله ... على كل أنوار الرياض تقسما) (تجلب من زرق اليواقيت حلَّة ... فأغرب فِي الملبوس مِنْهُ وأعلما) (وألوان منثور تخَالف شكلها ... فظل بهَا شكل الرّبيع متمما) (جَوَاهِر لَو قد طَال فِينَا بَقَاؤُهَا ... رَأَيْت بهَا كل الْمُلُوك مختما) (فَقُمْ فاسقني مَا حرمُوهُ فَمَا أرى ... من الْعَيْش حلوا غير مَا قيل حرما) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 وَقَالَ أَيْضا (قَالُوا عشقت كثير الْبُخْل مُمْتَنعا ... فَقلت هَيْهَات عَنْكُم غَابَ أطيبه) (لَو جاد هان وَقيل الْجُود عَادَته ... وَإِنَّمَا عز لما عز مطلبه) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (أرجي دنو الْوَصْل من بعد بعده ... كَمَا قد ترجى فِي الجدوب السحائب) (وَأكْثر فِي الهجر العتباب كأنني ... لدهري من ظلم الْكِرَام أعاتب) (وأهوى مواعيد المنى عَنْك بالرضى ... وَقد تمنع الآمال وَهِي كواذب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (حبذا زور أَتَانِي ... طَارِقًا بعد اجتنابه) (شقّ جنح اللَّيْل بدر ... لَاحَ من ثني نقابه) (طربت نَفسِي إِلَيْهِ ... وَإِلَى طيب اقترابه) (طرب الشَّيْخ إِذا ذكر ... أَيَّام شبابه) // من الرمل // وَقَالَ (خلعت فِي حبه عِذَارَيْ ... وطاب لي الْعَيْش باشتهاري) (وذقت طعم الْجُنُون فِيهِ ... فَكَانَ أحلى من الْعقار) (إِن أَبَد فِي حبه خضوعا ... فَلَيْسَ ذل الْهوى بِعَارٍ) (لَو كَانَ فِي الْحبّ لي اخْتِيَار ... لَكَانَ تركي لَهُ اخْتِيَاري) (من روحه فِي يَدي سواهُ ... فَهُوَ حقيق بِأَن يُدَارِي) (لَا تحمدوني على احتمالي ... هوانه واحمدوا اصْطِبَارِي) // من مخلع الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 وَقَالَ (مَتى وعدتك فِي ترك الْهوى عدَّة ... فاشهد على عدتي بالزور وَالْكذب) (أما ترى اللَّيْل قد ولت عساكره ... وَأَقْبل الصُّبْح فِي جَيش لَهُ لجب) (وجد فِي أثر الجوزاء يطْلبهَا ... فِي الجو ركض هِلَال دَائِم الطّلب) (كصولجان لجين فِي يَدي ملك ... أدناه من كرة صيغت من الذَّهَب) (فَم بِنَا نصطبح صفراء صَافِيَة ... كالنار لَكِنَّهَا نَار بِلَا لَهب) (عروس كرم أَتَت تختال فِي حلل ... صفر على رَأسهَا تَاج من الحبب) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (قُم فاسقني والخليج مُضْطَرب ... وَالرِّيح تثنى ذوائب القضب) (كَأَنَّهَا والرياح تعطفها ... صف قِنَا سندسية العذب) (والجو فِي حلَّة ممسكة ... قد طرزتها البروق بِالذَّهَب) // من المنسرح // وَقَالَ (وسحاب إِذا همى المَاء فِيهِ ... أَلْقَت الرَّعْد فِي حشاه البروقا) (مثل مَاء الْعُيُون لم تجر إِلَّا ... ظلّ يذكي على الْقُلُوب حريقا) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (جوهري الْأَوْصَاف يقصر عَنهُ ... كل وصف لكل ذهن دَقِيق) (شَارِب من زبرجد وثنايا ... لُؤْلُؤ فَوْقهَا فَم من عقيق) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (صوره خالقه جَامعا ... لكل شَيْء حسن بارع) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 (وكل حسن من جَمِيع الورى ... مُخْتَصر من ذَلِك الْجَامِع) // من السَّرِيع // وَقَالَ (عشقت من لَا ألام فِيهِ وَمَا ... يَخْلُو من اللوم كل من عشقا) (رَأْي الورى فِي سواهُ مُخْتَلف ... وَأَنت تَلقاهُ فِيهِ مُتَّفقا) (وكل قلب إِلَيْهِ منصرف ... كَأَنَّهُ من جَمِيعهَا خلقا) // من المنسرح // ألم فِيهِ بقول إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي خلق من كل قلب فَهُوَ يُغني كلا مَا يشتهيه وَقَالَ (زارني فِي دجا الظلام البهيم ... قمر بَات مؤنسي ونديمي) (بِحَدِيث كَأَنَّهُ عودة الصِّحَّة ... فِي الْجِسْم بعد يأس السقيم) (تتلقى الْقُلُوب مِنْهُ قبولا ... كتلقي المخمور برد النسيم) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (ظَفرت بقبلة مِنْهُ اختلاسا ... وَكنت من الرَّقِيب على حذار) (ألذ من الصبوح على غمام ... وَمن برد النسيم على خمار) // من الوافر // وَقَالَ (لَا تلفين مُقَارنًا ... من لَا يزين من الصحاب) (فالثوب ينفذ صبغه ... فِيمَا يَلِيهِ من الثِّيَاب) // من الْكَامِل // وَقَالَ (ريق إِذا مَا ازددت من شربه ... ريا ثناني الرّيّ ظمآنا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 (كَالْخمرِ أروى مَا يكون الْفَتى ... من شربهَا أعطش مَا كَانَا) // من السَّرِيع // وَقَالَ (حملت كأسه إِلَى شَفَتَيْه ... كَفه والظلام مرخي الْإِزَار) (فَالتقى لؤلؤا حباب وثغر ... وعقيقان من فَم وعقار) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (وصفرا من مَاء الكروم كَأَنَّهَا ... فِرَاق عَدو أَو لِقَاء صديق) (كَأَن الْحباب المستدير بطوقها ... كواكب در فِي سَمَاء عقيق) (صببت عَلَيْهَا المَاء حَتَّى تعوضت ... قَمِيص بهار من قَمِيص شَقِيق) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (سلا عَن حبك الْقلب المشوق ... فَمَا يصبو إِلَيْك وَلَا يتوق) (جفاؤك كَانَ عَنْك لنا عزاء ... وَقد يسلى عَن الْوَلَد العقوق) // من الوافر // وَقَالَ (كَأَن أوراق زهر ... للباقلاء بهيه) (خَوَاتِم من لجين ... فصوصها حبشيه) // من المجتث // وَقَالَ (أَسْنَى الْأَمَانِي كلهَا ... وَأجل مِنْهَا مَا ينَال) (كأس ومسمعة وإخوان ... تحادثهم وَمَال) // من الْكَامِل // وَقَالَ (أبصره عاذلي عَلَيْهِ ... وَلم يكن قبل ذَا رَآهُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 (فَقَالَ لي لَو هويت هَذَا ... مَا لامك النَّاس فِي هَوَاهُ) (قل لي إِلَى إِلَى من عدلت عَنهُ ... فَلَيْسَ أهل الْهوى سواهُ) (فظل من حَيْثُ لَيْسَ يدْرِي ... يَأْمر بالحب من نَهَاهُ) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِي ثقيل (مَا السقم فِي سفر وَالدّين مَعَ عدم ... يَوْمًا بأثقل مِنْهُ حِين يلقاني) (مَالِي عَلَيْهِ معِين حِين أبصره ... غير الصدود وتغميضي لأجفاني) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (إِن كَانَ قد بعد اللِّقَاء فودنا ... دَان وَنحن على النَّوَى أحباب) (كم قَاطع للوصل يُؤمن وده ... ومواصل بوداده يرتاب) // من الْكَامِل // وَقَالَ (لَا ووعد الْوَصْل باللحظ ... على رغم الرَّقِيب) (واختلاس الْقبْلَة الحلوة ... من خد الحبيب) (وَسَمَاع مستطاب ... جَاءَ فِي لفظ مُصِيب) (مَا سوى الراح لداء الْهم ... عندى من طَبِيب) // من الرمل // وَقَالَ (يَا من إِذا لاحت محَاسِن وَجهه ... غفرت بدائعها جَمِيع ذنُوبه) (النَّجْم يعلم أَن عَيْني فِي الدجا ... معقودة بطلوعه وغروبه) (إِن كَانَ فِي تَعْذِيب قلبِي رَاحَة ... لَك فاجتهد بِاللَّه فِي تعذيبه) (لَو كَانَ سفك دمي إِلَيْك محببا ... لرأيتني متضرجا بصبيبه) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 قَالَ (ازهد إِذا الدُّنْيَا أنالتك المنى ... فهناك زهدك من شُرُوط الدّين) (فالزهد فِي الدُّنْيَا إِذا مَا رمتها ... فَأَبت عَلَيْك كعفة الْعنين) // من الْكَامِل // وَقَالَ (لَا تحسدن صديقا ... على تزايد نعمه) (فَإِن ذَلِك عِنْدِي ... سُقُوط نفس وهمه) // من المجتث // وَقَالَ (وجلنار بهي ... ضرامه يتوقد) (بدا لنا فِي غصون ... خضر من الرّيّ ميد) (يحْكى فصوص عقيق ... فِي قبَّة من زبرجد) // من المجتث // وَقَالَ (أقبل والعذال يلحونني ... فكلهم قَالَ من الْبَدْر) (فَقلت ذَا من طَال فِي حبه ... مِنْكُم لي التعنيف والزجر) (قَالُوا جهلنا فاغتفر جهلنا ... فَلَيْسَ عَن ذَا لامرئ صَبر) (عذرك فِي الْحبّ لَهُ وَاضح ... وَمَا لنا فِي لومنا عذر) // من السَّرِيع // وَقَالَ (بِمَا بِعَيْنَيْك من فتون ... وَمن فتور بهَا وسحر) (وبالعذار الَّذِي تولى ... خلع عِذَارَيْ وَبسط عُذْري) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 (ومضحك مِنْك لؤلؤي ... ممتزج مسكه بِخَمْر) (جد لي بالصفح عَن ذُنُوبِي ... أَولا فعاقب بِغَيْر هجر) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (عدت إِلَى الغي بعد نسكي ... ولذ لي فِيك طعم محكي) (أضْحك للكاشحين جَهرا ... ولي ضمير عَلَيْك يبكي) (تمنعني أَن أبوح نفس ... تأنف من ذلة التشكي) (عَيْني الَّتِي أوقعت فُؤَادِي ... يَا عين مَاذَا لقِيت مِنْك) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (واحربي من جفون ظَبْي ... أَقَامَ عُذْري بِهِ عذاره) (أسقم جسمي بسقم طرف ... حيرني فِي الْهوى احوراره) (عجبت من جمر وجنتيه ... يحرقني دونه استعاره) (هَذَا اخْتِيَاري فأبصروه ... شَاهد عقل الْفَتى اخْتِيَاره) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (لَا تقبلن من الرشيد كَلَامه ... وَإِذا دعَاك أَخُو الغواية فاقبل) (ودع التزمت والتجمل للورى ... فالعيش لَيْسَ يطيب بالمتجمل) (واشرب مزعفرة الْقَمِيص سلافة ... من صبغة البردان أَو قطربل) (كأس إِذا رمت الهموم بسهمها ... لم يخط نافذه سَوَاء المقتل) (تحلو وتعذب فِي النُّفُوس كَأَنَّهَا ... كبت الْعَدو وَرَغمَ أنف العذل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 (حَمْرَاء يرحب كل صدر ضيق ... مَعهَا وَيفتح كل بَاب مقفل) (تحكى ضرام النَّار إِلَّا أَنَّهَا ... نَار لعمرك لَيْسَ تؤذي المصطلي) (لَا سِيمَا من كف طاوية الحشا ... ترنو بناظرتي خذول مطفل) // من الْكَامِل // وَقَالَ (كتبت وفرط شوقي قد عناني ... وَقد بعد اللِّقَاء على التداني) (وَمَا فِي الْبَيْت لي ثَان فَكُن لي ... جعلت فدَاك يَا مولَايَ ثَانِي) (فعندى مَا يُجَاوز كل وصف ... وَمَا يرضى الْخَلِيل إِذا أَتَانِي) (خروف أظهر الشواء فِيهِ ... تأنقه فَلَيْسَ لَهُ مداني) (غلالة بَاطِن مِنْهُ لجين ... وَظَاهره غلالة زعفران) (وكأس مثل عين الديك صرف ... لَهَا حبب كمنظوم الجمان) (لَهَا فِي كف شاربها شُعَاع ... تطرف مِنْهُ مبيض البنان) (يطوف بشمسها قمر مُنِير ... تمكن طالعا فِي غُصْن بَان) (وَإِن أَحْبَبْت مسمعة أتتنا ... محذقة بأصناف الأغاني) (تطلق هم سامعها ثَلَاثًا ... بتحريك المثالث والمثاني) (فَهَذَا عندنَا ولدون هَذَا ... لعمرك مَا كَفاك وَمَا كفاني) (فزرنا لاعدمتك من صديق ... تتمّ لنا بزورته الْأَمَانِي) // من الوافر // وَقَالَ (فَحم شبه الْغُلَام وأدلى ... فِي كوانينه حَيَاة النُّفُوس) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 (كَانَ كالآبنوس غير محلى ... فغدا وَهُوَ مَذْهَب الآبنوس) (لَقِي النَّار فِي ثِيَاب حداد ... فكسته مصبغات عروس) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (بت ضيفا لسَيِّد يمني ... فقراني والجود قدما يماني) (وَأَتَتْ عرسه تغازل إيري ... قلت لَا تفعلي فلست بزاني) (وَلَو أَنِّي فعلت مَا كنت مِمَّن ... يتَصَدَّى لنسوة الإخوان) (فَأَتَانِي وَقَالَ نكها بعيشي ... فَهِيَ مَوْقُوفَة على الضيفان) (قلت قد زِدْت فِي الضِّيَافَة معنى ... مَا عَرفْنَاهُ فِي قديم الزَّمَان) (قَالَ من أجل ذَاك طَار لي اسْم ... وألح الضيوف فِي غشياني) (فَمَتَى يدعى مَعَ اسْمِي ضيوف ... قيل مرعى وَلَيْسَ كالسعدان) // من الْخَفِيف // 30 - القَاضِي أَبُو الْحسن عَليّ بن النُّعْمَان أَنْشدني لَهُ ابْن وهب (ولي صديق مَا مسني عدم ... مذ وَقعت عينه على عدمي) (أغْنى وأقنى فَمَا يكلفني ... تَقْبِيل كف لَهُ وَلَا قدم) (قَامَ بأَمْري لما قعدت بِهِ ... ونمت عَن حَاجَتي وَلم ينم) // من المنسرح // وأنشدني لَهُ أَيْضا (صديق لي لَهُ أدب ... صداقة مثله نسب) (رعى لي فَوق مَا يرْعَى ... وَأوجب فَوق مَا يجب) الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 (فَلَو نقدت خلائقه ... لبهرج عِنْدهَا الذَّهَب) // من مجزوء الوافر // 31 - إِسْحَاق بن أَحْمد بن المارديني أَنْشدني لَهُ ابْن وهب يصف الثريا (أرقني الشوق فَلم أكتحل ... بلذة الغمض إِلَى الْفجْر) (تسري همومي فأراعي بهَا ... كواكبا دائبة تسري) (حَتَّى كَأَن الْبَدْر إِذْ أشرقت ... على الثريا غرَّة الْبَدْر) (صفحة مرْآة وَقد أذهبت ... بمقبض رصع بالدر) // من السَّرِيع // وَله فِي اللَّيْل والنجوم (كم مجهل بسواد اللَّيْل ملتبس ... باتت تقمه العيس الْمَرَاسِيل) (ليل قد اخْتلفت أشكال أنجمه ... كأنهن عُيُون للدجى حول) (تبدو الثريا ككف للدُّعَاء بهَا ... قد مدها الصُّبْح والجوزاء إكليل) (تلوى رِقَاب المطايا من تطاوله ... وينهض الْفجْر فِيهِ وَهُوَ مشكول) // من الْبَسِيط // 32 - القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن النُّعْمَان أَنْشدني لَهُ عبد الصَّمد بن وهب هَذِه الأبيات وَهِي مِمَّا يتَغَنَّى بهَا (رب ليل لم أذق فِيهِ الْكرَى ... حَظّ عَيْني فِيهِ دمع وسهر) (طَال حَتَّى خلته لَا يَنْقَضِي ... ونأى الصُّبْح فَمَا مِنْهُ أثر) الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 (غَابَ عني قمر أحببته ... فتعللت بأنوار الْقَمَر) (كلما هيج شوقي حزني ... صحت يَا ليلِي أما فِيك سحر) // من الرمل // وَقَالَ (رب خود عرفت فِي عَرَفَات ... سلبتني فِي حسنها حسناتي) (حرمت يَوْم أَحرمت نوم عَيْني ... واستباحت حماي باللحظات) (وأفاضت مَعَ الحجيج فَفَاضَتْ ... من جنوبي سواكب العبرات) (وَلَقَد أضرمت بقلبي جمرا ... حِين راحت للرمي بالجمرات) (لم أنل من منى منى النَّفس حَتَّى ... خفت بالخيف أَن تكون وفاتي) // من الْخَفِيف // وَقَالَ يصف الْهلَال (انْظُر إِلَى حسن ذَا الْهلَال وَقد ... بدا لست مضين من عمره) (وَقد أطافت بِهِ كواكبه ... حسنا فبينته لمعتبره) (مثل زناد قد صِيغ من ذهب ... يقْدَح نَارا وَهن من شرره) (ثمَّ تولى يُرِيد مغربه ... فِي شفق الشَّمْس وَهِي فِي أَثَره) (فخلته غائصا ببحر دم ... يقذف بالرائعات من درره) (فَلم أزل لَيْلَتي أراجعه ... لحظي وأبكي للْوَقْت من قصره) (حَتَّى تبدى الصَّباح منتبها ... قبل انتباه المخمور من سكره) // من المنسرح // وَقَوله فِي مليح بعمامة حَرِير حَمْرَاء (يَا من يمر وَلَا تمر بِهِ ... الْقُلُوب من الحرق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 (بعمامة من خَدّه ... أَو خَدّه مِنْهَا سرق) (فَكَأَنَّهَا وَكَأَنَّهُ ... قمر أحَاط بِهِ شفق) (فَإِذا مَشى وَإِذا انثنى ... وَإِذا رنا وَإِذا نطق) (شغل الْجَوَارِح والخواطر ... والمسامع والحدق) // من الْكَامِل // 33 - صَالح بن مؤنس أَنْشدني لَهُ ابْن وهب فِي ابْن رشدين صَالح (يفديك بالمهجة يَا صَالح ... من كل مَا يكرههُ صَالح) (فَأَنت غُصْن صِيغ من دره ... على ذراه قمر لائح) // من السَّرِيع // وَله فِيهِ بديها (شربنا مثل مَاء الْورْد ... فِي الطّيب على الْورْد) (ونادمت ابْن رشدين ... فَمَا حدت عَن الرشد) (فَتى كالبدر فِي الرّفْعَة ... وَالْإِشْرَاق والسعد) (كَأَنِّي مِنْهُ فِي الْجنَّة ... لَو أظفر بالخلد) // من الهزج // وَله فِيهِ (بك يَا صَالح أرْضى ... عَن زماني حِين أَسخط) (فأدم لي الْوَصْل إِنِّي ... بك فِي الْعَالم أغبط) (أَنْت والرحمن مذ كنت ... على قلبِي مسلط) (ومصيب أَنا فِي الْحبّ ... وَمن بعدِي يغلط) (يَا جوادا فِي لهاه ... بنداه أتبسط) الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 (أسقط الحشمة فِي الْعشْرَة ... فالحشمة تسْقط) // من مجزوء الرمل // وَله جَارِيَة اسْمهَا خمرة وأضمره (مَا اسْم إِذا صحفته وعكسته ... ونقصت حرفا مِنْهُ كَانَ سِلَاحا) (وَإِذا قَامَ وَلم يحل عَن حَاله ... عادى الْعُقُول وَصَالح الأرواحا) // من الْكَامِل // وَله فِي بعض آل الْفُرَات (قد مر عيد وَعِيد ... مَا اخضر لي فِيهِ عود) (وَكَيف يخضر عودي ... وَالْمَاء مِنْهُ بعيد) (يَا من لَهُ عدد الْمجد ... كلهَا والعديد) (آل الْفُرَات نداهم ... على الْفُرَات يزِيد) (وَأَنت فضلك فيهم ... عَلَيْك مِنْهُ شُهُود) (وكل يَوْم لغيري ... من راحتيك مدود) (هَل لي إِلَى الرزق ذَنْب ... إِن كَانَ مِنْهُ صدود) (مَا النَّاس إِلَّا شقي ... فِي دَهْرنَا وَسَعِيد) // من المجتث // وَقَالَ فِي صفة جدي (جد لي بجدي نَعته من اسْمه ... لم يلج التَّنور مثل جِسْمه) (كَأَن بَين جلده ولحمه ... لفات قطن بسطت من شحمه) (يُؤْكَل من نعْمَته بعظمه ... ) // من الرجز // وَله يصف رُءُوسًا (قد غدونا على رُءُوس سمان ... ناعمات من أرؤس الخرفان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 (وارمات الخدود من غير سوء ... شحمات الْعُيُون والآذان) (تتداعى بالوهم من قبل أَن تلمسها ... كف آكل ببنان) (ولأصل اللِّسَان طيب ينسيك ... من الطّيب مص طرف اللِّسَان) (ورقاق ذِي نعْمَة وَبَيَاض ... كوجوه المخدرات الحسان) (وَبقول تغنيك عَن زهرَة الرَّوْض ... وتنسيك خضرَة الْبُسْتَان) (وَأَتَتْ راحنا الَّتِي هِيَ فِي الْأَرْوَاح ... مثل الْأَرْوَاح فِي الْأَبدَان) (ثمَّ وافى بنفسج فِي حداد ... فَرَأَيْنَا السرُور فِي الأحزان) (عِنْد حر يستنفد الْوَصْف مدحا ... وَهُوَ عبد لسَائِر الإخوان) (أحكمتك الْأَيَّام يَا ابْن حَكِيم ... فَأريت الزَّمَان حكم الزَّمَان) // من الْخَفِيف // وَقَالَ أَيْضا (سأدمن شرب الراح مَا دمت بَاقِيا ... وأمدح من شرابها كل مدمن) (فَمَا تكمل الْأَوْقَات إِلَّا بقهوة ... وَلَا تحسن الْأَيَّام إِلَّا لمحسن) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (إِذا هجا الشَّاعِر فِي خُفْيَة ... وخفض الصَّوْت عَن الرّفْع) (ولاذ بالجحد لما قَالَه ... فَإِنَّمَا خَافَ من الصفع) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي يَوْم شَدِيد الْبرد (هَذَا لعمرك يَوْم يستطير لَهُ ... من قُرَّة شعر الهامات بالرعد) (لَو شِئْت لَا خَائفًا لذعا وَلَا ألما ... قبضت فِيهِ على جمر الغضا بيَدي) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 وَله فِي غُلَام صوفي (عشقت صوفيا لَهُ شَاهد ... يُقيم عُذْري عِنْد عذالي) (قد قصد الله بأحواله ... فليته يقْصد فِي حَالي) // من السَّرِيع // وَقَالَ يهجو عبيد الله بن أبي الْجُوع من قصيدة أَولهَا (هاجيك فِيمَا قَالَه مادح ... فَأَنت فِي صفقتك الرابح) (وَمَا يقوت الْفِيل من بقة ... أَمْثَالهَا فِي فَمه طائح) (وَرب من ترفعه خزية ... ميسمها فِي وَجهه لائح) (ففخر عبد الله فِي النَّاس أَن ... يَقُول قد ناقضني صَالح) (يَا ابْن أبي الْجُوع قدحت امْرَءًا ... من فكره يَحْتَرِق القادح) (لقد تعرضت على غرَّة ... قريحة صَاحبهَا قارح) (فاركب ذَلُول الْأَمر أَو صعبه ... فِي فقد جد بك المازح) (وعق من أهلك من شئته ... فَإِنَّمَا أَنْت لَهُ فاضح) (واغد بِمَا تهوى وروح إِنَّنِي ... غاد بِمَا تكرههُ رائح) (يَا أَيهَا الصعو الَّذِي لم يزل ... يرقص حَتَّى دقه الْجَارِح) // من السَّرِيع // وَمِنْهَا (إِن زأر اللَّيْث على مَا أرى ... وهاج يَوْمًا ضرط النابح) (وود أَن يفلت من بَعْدَمَا ... انحى على أوداجه الذَّابِح) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 (إِن الَّذِي تطمع فِي قربه ... نجم لمن يرمقه لائح) (يَا شاربا فِي يَده حتفه ... لم تدر مَا خَاضَ لَك الْجَارِح) (أَرَاك قد لججت فِي غمرة ... يغرق فِي تيارها السابح) (فقد تمرست بِمن شعره ... كالبحر لَا ينزفه الماتح) (كم جامح قبلك ألجمته ... بالذل حَتَّى سكن الجامح) وَقَوله فِيهِ (يَا ذَا الَّذِي عَن رشده قد عمي ... لَو كنت جلدا حدت عَن أسهمي) (لَو كنت شهما حازما ضابطا ... لما تقلبت على الشيهم) (مَا أَنْت فِي فعلك إِلَّا كمن ... تطعم الرِّيق من الأرقم) (كَيفَ يَخُوض الْبَحْر من مثله ... يغرق فِي دَائِرَة الدِّرْهَم) (فَاثْبتْ أَو أجزع كل ذَا وَاحِد ... لَا عَاصِم الْيَوْم لمستعصم) (استقدر الله على كل مَا ... ألصق مِنْك الْأنف بالمرغم) (تجاسر الْجُوع على صَالح ... تجاسر الْكَلْب على الضيغم) (وفاه باسمي مفصحا بَعْدَمَا ... تركته أسكت من أبكم) (وَقَالَ قوم قد غَدا شَاعِرًا ... وَالشعر لَا يعرف للمفحم) (فَقلت لَا لوم على مثله ... من أَخذ الصفع قَفاهُ حمي) (أَنا الَّذِي ألبسته حسرة ... بِمَا جرى من ذكره فِي فمي) (وَالله لَا يجهل من بعْدهَا ... وَفِي قَفاهُ للردى ميسمي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 (أبين بِهِ من ميسم وَاضح ... يضيء كالغرة فِي الأدهم) (فليت شعري كَيفَ رام الْعلَا ... وهم أَن يرقى بِلَا سلم) // من السَّرِيع // وَمِنْهَا (ثمَّ أَتَت بالصعو مُسْتَبْشِرًا ... يروم أَن يلْحق بالقشعم) (فِي الثَّمر المر دَلِيل على ... رداءة الأَصْل لمستطعم) وَله فِيهِ (لَا تعجبي لسكوتي بعد أشجاني ... فالعذر عَن كل مَا أهواه أسلاني) (قد أرقأ الله دمعي بعد جريته ... وأنقذ الْقلب من هم وأحزان) (فَمَا أرى أحدا يصفي الْهوى أحدا ... وجود هَذَا رعاك الله أعياني) (لم يبْق بَين الورى إِلَّا مكاشرة ... تبدو لنا عَن صُدُور ذَات أضغان) (أَقُول لِابْنِ أبي الْجُوع الْمُنَافِق إِذْ ... لم يَنْهَهُ الْحلم عني وَهُوَ ينهاني) (أَرَاك تقرعني سرا وتعجمني ... فَهَل وجدت صفاتي غير صوان) (ترد فِي جبهة النقار معوله ... إِذا تضعضع عَنْهَا كل كدان) (الْعِزّ دَاري وَظهر الْعَزْم رَاحِلَتي ... والوحش أنسي وجن الأَرْض إخْوَانِي) // من الْبَسِيط // وَله فِي العناق وَأحسن مَا شَاءَ (لي سيد مَا مثله سيد ... تصدت الْحمى لَهُ فاشتكى) (عانقته عِنْد موافاتها ... والأفق بِاللَّيْلِ قد احلولكا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 (فَجَاءَت الْحمى كعاداتها ... فَلم تَجِد مَا بَيْننَا مسلكا) // من السَّرِيع // وَقَوله يصف برادة على حَامِل نُحَاس (أم الْحَيَاة على سَرِير نُحَاس ... عُرْيَانَة أبدا بِغَيْر لِبَاس) (هِيَ فِي الْموَات لَدَى الورى مَعْدُودَة ... لَكِنَّهَا ضمنت حَيَاة النَّاس) // من الْكَامِل // وَقَوله (بِعَين الله أَنْت فَإِن عَيْني ... إِذا مَا غبت دامية الجفون) (كَأَنَّك مهجتي فَإِذا تدانى ... فراقك حم لي ريب الْمنون) // من الوافر // وَقَالَ يصف البنفسج والورد (بنفسج جَاءَ فِي حداد ... ووردنا فِي معصفرات) (فَاشْرَبْ على مأتم وعرس ... جلا جَمِيعًا عَن الصِّفَات) // من مخلع الْبَسِيط // وَسَأَلَهُ ابْن رشدين الْمسير مَعَه إِلَى القاش فَقَالَ مرتجلا (يَا آمري بِالْمَسِيرِ فِي لجج النّيل ... كَأَن سخرت لي الرّيح) (مَا جمد المَاء لي فأركبه ... كلا وَلَا صَامت التماسيح) // من المنسرح // 34 - مُحَمَّد بن الْحسن اليمني أنشدت لَهُ فِي صَالح (يَا قاطعي بعد وصل ... تسوم مَا لَا أسومك) الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 (يَا لَيْت أَنِّي يَوْمًا ... من الزَّمَان نديمك) (فالشوق عِنْدِي غَرِيم ... كَمَا السلو غريمك) // من المجتث // وَقَوله (فاضح الْغُصْن النَّضِير ... كاسف الْبَدْر الْمُنِير) (أَنْت عُذْري فِي حَياتِي ... ومماتي ونشوري) (مَا سرُور غَابَ عَنهُ ... صَالح لي بسرور) // من مجزوء الرمل // 35 - مُحَمَّد بن هرون بن الأكتمي أنشدت لَهُ فِي بعض الوزراء يهجوه (يَا وزيرا إِلَى المكاييل ... وَالْبيع ينْسب) (من يرم حبك يتعب ... وأمانيه تكذب) (وَإِذا مَا رجوته ... قلت مَا مَاتَ أشعب) (يَا وضيعا ترجل الْمجد ... مذ صَار يركب) // من مجزوء الْخَفِيف // وَله يهجو ابْني كشاجم أَبَا النَّصْر وَأَبا الْفرج (يَا ابْني كشاجم أَنْتُمَا ... مستعملان مجربان) (مَاتَ المشوم أبوكما ... فخلفتماه على الْمَكَان) (وقرنتما فِي عصرنا ... ففعلتما فعل الْقرَان) (لغلاء أسعار الطَّعَام ... وميتة الْملك الهجان) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي عزاء (بقاؤكما يُعِيد الْمَيِّت حَيا ... وَإِن غطاه دونكما التُّرَاب) الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 (فَلَا تستشعرا حزنا عَلَيْهِ ... فَيذْهب لاعدمتكما الثَّوَاب) // من الوافر // وَله فِي غُلَامه رَاشد (يَا قمر اللَّيْل كن شهيدي ... فَأَنت من أعدل الشُّهُود) (هَل نمت أَو ذقت طعم غمض ... مذ هجعت أعين الرقود) (وَكَيف يلتذ باغتماض ... من لج مَوْلَاهُ فِي الصدود) (فَكُن شفيعي إِلَى حبيب ... قد زَاد فِي كَثْرَة الْجُحُود) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ رَحمَه الله (كَأَن الأباريق مَمْلُوءَة ... ظباء وقُوف على سَاحل) (رَمَاهَا بأسهمه قانص ... فخضبها بِالدَّمِ السَّائِل) // من المتقارب // وَقَوله فِي شمعة (باكية ضاحكة ... خدامها جلاسها) (مظهرة أنوارها ... إِن جز مِنْهَا رَأسهَا) (كَأَنَّهَا عاشقة ... تذيبها أنفاسها) // من مجزوء الرجز // وَقَالَ (لَو أنصفت عطفت أَو رقت ... مَا أضنت الْجِسْم وَلَا سلت) (أفدي الَّتِي إِن أَقبلت أَقبلت ... دنياي أَو غنت لنا أغنت) // من السَّرِيع // وَقَالَ (يَا أَيهَا ذَا أستمع مقالي ... فَلَيْسَ فِي قصتي ضلال) (ثَلَاثَة مَالهَا مِثَال ... السجْن والجوع والعيال) (إِن دَامَ هَذَا عَليّ مِنْهُم ... صححت مَا شنعوا وَقَالُوا) (أَلَيْسَ إِن مت مَاتَ شعري ... أفنى وَمَا قلته يُقَال) // من مخلع الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 وَقَوله (أَكثر العذال لومي ... يَا ابْن رشدين وَزَادُوا) (وبقلبي مِنْك وجد ... مَاله الدَّهْر نفاد) (قد تجافى عَن جفوني ... مذ تجافيت الرقاد) (فِيك يَا صَالح للقلب ... صَلَاح وَفَسَاد) (أَنا من حبك مولَايَ ... عليل لَا أعَاد) // من مجزوء الرمل // وَقَوله (دافعت أيامي بأيامي ... حَتَّى مضى أَكثر أعوامي) (وَإِنَّمَا عمر الْفَتى كُله ... كَأَنَّهُ طَارق أَحْلَام) (يَا وَيْح من أَمْسَى على غرَّة ... وَأَنْفه من حتفه دامي) (يرْمى بِسَهْم للردى صائب ... من حَيْثُ لَا يشْعر بالرامي) // من السَّرِيع // 36 - عبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْجُوع أحد رَوَاهُ المتنبي الأدباء وَأَصْحَابه الْعلمَاء وَمِمَّنْ تمهر فِي لُغَات الْعَرَب وأجاد أَنْوَاع الْأَدَب فَمن شعره قَوْله رَحمَه الله تَعَالَى (أَظُنك يَا سَيِّدي إِذْ جفوت ... توهمت بِي نبوة الغادر) (وخلت بِأَنِّي ملالا سلوت ... وَلست بسال وَلَا صابر) (وَقد علم الله أَنِّي عَلَيْك ... أشْفق مني على ناظري) // من المتقارب // الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 وَقَالَ (صَالح يَا مشبه بدر الدجى ... بالْحسنِ وَالْإِشْرَاق والرفعة) (وَجهك فِي اللَّيْل كشمس الضُّحَى ... نورا فَمَا تصنع بالشمعة) // من السَّرِيع // وَقَالَ (يَا أطيب النَّاس ريحًا ... وَأطيب النَّاس رَاحا) (وَمَا بِهِ أتصدى ... الأطراب والأفراحا) (هَات اسْقِنِي أَو تراني ... لَا أعرف الأقداحا) (واحفظ عَليّ فُؤَادِي ... من أَن يطير ارتياحا) (لَو كنت كاسمك يَا صَالح ... اعتمدت الصلاحا) (لَكِن أَبى الله إِلَّا ... أَن تفْسد الأرواحا) // من المجتث // قَالَ وَكتب إِلَى بعض إخوانه يستدعيه بِهَذِهِ الأبيات (شعْبَان قد صَار نضوا ... وَلم نفد فِيهِ لهوا) (وَلَيْسَ ذَلِك منا ... جهلا وَلَا كَانَ سَهوا) (فبالمودة إِلَّا ... بكرت للقصف عدوا) (حَتَّى نقوم فنرفوا ... مَا خرق الدَّهْر رفوا) (من بعد تَقْدِيم جدي ... مسمن ظلّ يشوى) (لَهُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ... يحبو إِلَى الضَّرع حبوا) (وأوفر الزُّور فِي الْخلّ ... قد تبوا مثوى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 (لما انتزعت حشاه ... عوضته البقل حَشْوًا) (وَقد عنيت بجام ... ملأته لَك حلوى) (وقهوة بنت كرم ... صفت من الذَّم صفوا) (مَا شعشعت قطّ إِلَّا ... سطت على الْهم سطوا) (جنبتها كل وغد ... يمحو المحاسن محوا) (إِلَّا إِذا مَا اقتنصنا ... عذب الْخَلَائق حلوا) (وشادن ذِي دلال ... يشدو فيلهيك شدوا) (إِمَّا غناء وَإِمَّا ... عجائبا عَنهُ تروى) (حَتَّى تظل بِمَا فِيهِ ... من وقارك خلوا) (وَعِنْدنَا لَك ورد ... يَحْدُو المسرة حدوا) (ريحانه لَا يوازي ... لونا وعطرا وسروا) (فَمَا اعتذارك فِي أَن ... تفني زَمَانك صحوا) (وَأَنت بعد قَلِيل ... بِالصَّوْمِ وَالله تطوى) (أَبَا عَليّ أَلا اسْمَع ... نصيحة لَيْسَ تزوى) (فَإِنَّمَا نَحن سفر ... على محجة بلوى) (وَلَا تعرج ذَمِيمًا ... على معاهد حزوى) // من المجتث // وَله فِي أبخر (لَا تنفس فِي مجْلِس أَنا فِيهِ ... وتنفس سرا وَرَاء الْبَاب) (ثمَّ لَا تعترض لسر صديق ... إِن ذَاك السَّرَّاء سَوط عَذَاب) (إِنَّمَا فوك فقحة كل وَقت ... تتصدى الأنوف كالنشاب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 (تصرع الطَّائِر المحلق فِي الجو ... وَلَو غَابَ فِي سَوَاء السَّحَاب) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أرى اللَّذَّات تعبر بِي يَمِينا ... على رغمي وتعبر بِي شمالا) (فأجرع دونهَا غصصا لِأَنِّي ... أشاهدها وَمَا اعطيت مَالا) // من الوافر // وَقَوله (وعذار مجعد ... فَوق خد مورد) (كلما رمت فرْصَة ... لسعت عقرب يَدي) // من مجزوء الْخَفِيف // 37 - الْحسن بن مُحَمَّد الشهواجي كتب إِلَى صَالح بن رشدين يستهديه مشوربا فِي يَوْم نيروز (الْيَوْم يَا صَالح مَا تبصر ... وصحو مثلي فِيهِ مستنكر) (وَقد مضى الْوَعْد وحصلته ... وصفوه من مطله يكدر) (فهات مَا يحضر إِنِّي امْرُؤ ... يقنعه مِنْك الَّذِي يحضر) // من السَّرِيع // وَله (قولي مَاض على الْعباد فَمَا ... يرد فِي جده وَلَا لعبه) (ولي لِسَان كَأَنَّهُ ظبة السَّيْف ... طَوِيل أكاد أعثر بِهِ) // من المنسرح // وَقَوله (وقهوة كشعاع الشَّمْس صَافِيَة ... شربتها مَعَ شرب سادة كرما) الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 (إِذا ثنوا أرؤس الفرسان فِي رهج ... حازو الفخار وأجروا بِالسُّيُوفِ دَمًا) (إِذا رَأَيْتهمْ أيقنت أَنهم ... نُجُوم كل فخار لَا نُجُوم سما) // من الْبَسِيط // وَقَوله (تضيق بِي الدُّنْيَا إِذا كنت غَائِبا ... وأسرع فِي أقطارها حِين تقرب) (وَأَنت جناحي كلما طرت للعلا ... وسيفي الَّذِي أسطو بِهِ حِين أضْرب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وقهوة فِي كأسها ... ترمي الندامى بالشرر) (قد جمعت نشر الرِّبَا ... وَبرد أنفاس السحر) (أطيب مَا شربتها ... على غناء ووتر) (طُوبَى لمن حج إِلَى ... كعبتها ثمَّ اعْتَمر) // من الرجز // وَقَوله (وعلو قدرك وَهُوَ أبعد غَايَة ... فِي كل حَال من علو الْكَوْكَب) (لأسيرن مديحك الْحسن الَّذِي ... ألبسته ثوب الثَّنَاء الطّيب) (حَتَّى يحدث من بِأَرْض الْمشرق الْأَقْصَى ... حَدِيثك من بِأَرْض الْمغرب) // من الْكَامِل // وَقَوله (ومهفهف سَاق أغن سقيته ... قبل الصبوح سلافة عذراء) (مَا صَاح ديك الصُّبْح إِلَّا صَيْحَة ... حَتَّى توسد كَفه اغفاء) (جعلته قبل رقاده كاسلته ... لما اسْتَقل لِسَانه فأفاء) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 38 - أَبُو عَليّ صَالح بن رشدين الْكَاتِب أحد أَئِمَّة الْكتاب المهرة فِي سَائِر الْآدَاب صحب المتنبي وروى شعره وَكَانَ جيد الْمعَانِي أَنْشدني لَهُ مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر (قل لمولاي منعما ... لم صرمت المتيما) (أَنْت أعطشتني إِلَيْك ... وأبكيتني دَمًا) (فَإِذا شِئْت أَن ترى ... عَاشِقًا مَيتا ظما) (فأدر فِي ناظريك ... تجدني توهما) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أجنة نَحن فِيهَا ... أم نَحن فِي المرزجوش) (مَا بَين آس وَمَاء ... ينساب بَين العروش) (وقهوة ذَات حسن ... وطاجن ذِي نشيش) (وَسيد رَشَّتْ مِنْهُ ... لما تطاير ريشي) // من المجتث // وزاره ابْن أبي الزلازل فِي منزله فَلم يره فَطرح لَهُ رقْعَة من طاق فِي الْمنزل وَكتب اسْمه على الْبَاب فَلَمَّا أَتَى صَالح وَرَأى اسْمه على الْبَاب وَوجد الرقعة فقرأها فَوَجَدَهُ يعتبه فِيهَا على انْقِطَاعه عَنهُ فَذهب صَالح فِي الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 الْوَقْت إِلَى منزل ابْن أبي الزلازل فَلم يجده فَكتب اسْمه على بَابه وَترك رقْعَة فِيهَا (قد وَمن خصني بودك أذكى ... طول شوقي إِلَيْك فِي الْقلب نَارا) (سرت فِيهِ تِلْقَاء دَاري قصدا ... فَإِذا النُّور قد تغشى الديارا) (فتعجبت أَن أرى الْأُفق لَيْلًا ... مدلهما وجوف دَاري نَهَارا) (وَإِذا خطك البديع على الْبَاب ... يبت الضياء والأنوارا) (فتمنيت أَن خدي نعلا ... أخمصيك اللَّذين نحوي سارا) (غير مستنكر لمثلك أَن يسْبق ... فضلا وَأَن يفوت فخارا) (ثمَّ أَصبَحت أشتكي عثر السكر ... وعزمي زيارتيك ابتكارا) (فَإِذا رقْعَة تمر بهَا الرّيح ... يَمِينا طورا وطورا يسارا) (فتأملتها وَكَانَت من اللائي ... تروق الْقُلُوب والأبصارا) (مَا توهمت أنني قبلهَا أَقرَأ ... خطا يزِيل عني الخمارا) (قابلتني مِنْهَا سِهَام عتاب ... جعلت دِرْعِي الْحصين اعتذارا) (وأحاشيك أَن تكون خَلِيلًا ... مذق الود للصديق معارا) // من الْخَفِيف // فَلَمَّا رأى ابْن أبي الزلازل الرقعة كتب إِلَيْهِ بِهَذِهِ الأبيات (بِأبي أَنْت سَابق لَا يجارى ... قَادَهُ نحوي اشتياق فزارا) (عاقني الْحَظ أَن أرَاهُ وَأَن نقضي ... عِنْد اجتماعنا الأوطارا) (يَا ابْن رشدين قد أفدت بك الرشد ... وبدلت بعد عسر يسارا) (كنت بالْأَمْس عِنْد إخْوَان صدق ... أدباء ندير كأسا عقارا) (قد جعلنَا مَحْمُود ذكرك نقلا ... وشربنا من قبله تذكارا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 (ثمَّ إِنِّي انصرفت سَكرَان أعتس ... طريقي تمايلا وعثارا) (والدجى كالهموم فِي قلب من فَارق ... عشقا وغربة وادكارا) (أخبط اللَّيْل مُفردا إِذْ ترَاءى ... لي نور أَضَاء ثمَّ استطارا) (فهنيئا إِنِّي أودك ودا ... ترتضيه مغيبا وجهارا) (ثمَّ أَخْبَرتنِي بشكواك فِيهَا ... فوقاني الْإِلَه فِيك الحذارا) (لم أزل دائبا أكرر قولي ... كَانَ لي فِيك حَافظ الْجَار جارا) // من الْخَفِيف // 40 - أَحْمد بن مُحَمَّد الْعَوْفِيّ أَنْشدني لَهُ مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَوْله (يَا حسرة فِي نفوس ... وَيَا شجى فِي حلوق) (يَا فضَّة بَين ثنيي ... غلالة من عقيق) (عَليّ لَا زلت همي ... فِي صبحتي وغبوقي) (وَدون سلوة وجدي ... وجدان بيض الأنوق) // من المجتث // وأنشدني أَيْضا (يَا موقظا ظرف همي ... من بعد مَا كَانَ أغفى) (تظن مَا بت أخفيه ... من جوى بك يخفي) (ولي لِسَان دموع ... مَا يكتم النَّاس حرفا) (إِذا تظلم طرفِي ... وَقعت بالطرف تكفى) // من المجتث // الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 وأنشدني لَهُ (قد عابني برقادي ... خياله حِين زارا) (وَلَا وحبيه مَا إِن ... فعلت ذَاك اخْتِيَارا) (طمعت فِي أَن أرَاهُ ... طَوْعًا فَنمت اضطرارا) (فَتلك عِلّة نومي ... يَا ملزمي فِيهِ عارا) // من المجتث // 41 - الْقَائِد أَبُو تَمِيم سُلَيْمَان بن جَعْفَر كتب إِلَى صَالح بن رشدين رِسَالَة يستدعيه فِيهَا إِلَى الشَّرَاب فَامْتنعَ عَلَيْهِ وَكتب لَهُ هَذِه الأبيات (يَا أَيهَا الْقَائِد الْجَلِيل وَمن ... أصبح بالمكرمات يفتخر) (آلَيْت لَا أشْرب المدام وَإِن ... كَانَت ذنُوب المدام تغتفر) (يَكْفِي أَخا الْعقل أَن سورتها ... تجني على عقله وَيعْتَذر) // من المنسرح // فَكتب إِلَيْهِ الْقَائِد أَبُو تَمِيم (أَبَا عَليّ حاشاك يَا أملي ... من أَن أَرَاك الْغَدَاة تعتذر) (قلبِي إِذا غبت سَاعَة قلق ... يكَاد شوقا إِلَيْك يستعر) (فسر إِلَيْنَا فوقتنا حسن ... ساعد فِيهِ السَّحَاب والمطر) // من المنسرح // قَالَ ابْن رشدين حضرت عِنْد الْقَائِد أبي تَمِيم فِي ضَيْعَة لَهُ فَلَمَّا عمل فِينَا الشَّرَاب نظرت إِلَى جَارِيَة لَهُ تسمى عَبدة ذَاهِبَة وجائية فَحَمَلَنِي الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 النَّبِيذ أَن أخذت رقْعَة وكتبت فِيهَا إِلَيْهِ (صَالح لَا يزَال يطْلب عَبده ... من كريم يصفي الأخلاء وده) (قد بثثت الْغَدَاة وجدي وحبي ... من ولي يولي لمَوْلَاهُ مجده) (فَإِذا شِئْت أَن أرى لَك عبدا ... فتفضل أَبَا تَمِيم بِعَبْدِهِ) // من الْخَفِيف // فقرأها وَأمْسك فارتعت وَخِفته وتماديت فِي الشّرْب مَعَه ثمَّ نهضت إِلَى منزل أنزلني فِيهِ بِقُرْبِهِ فَلَمَّا اسْتَقر بِي أنفذ لي الْجَارِيَة وَمَعَهَا درج فِيهِ طيب كثير وَعَلَيْهَا ثِيَاب رفيعة حَسَنَة ورقعة فِيهَا شعر (قد بعثنَا أَبَا عَليّ بِعَبْدِهِ ... وقضينا بِذَاكَ حق الموده) (وحمدناك إِذْ خطبت إِلَيْنَا ... أسأَل الله أَن يهنيك حَمده) (فخذنها فَأَنت أكْرم كُفْء ... وَهِي مَا عِشْت كاسمها لَك عَبده) // من الْخَفِيف // وَقَالَ الْخَادِم الَّذِي جَاءَ بهَا يَقُول لَك مولَايَ لَا تخرج غَدا من مَنْزِلك أَو يَأْتِيك رَسُولي فَلَمَّا أَصبَحت جَاءَنِي الْقَائِد أَبُو تَمِيم بجواريه الْمُغَنِّيَات وطباخه مَعَه طَعَام كثير قد أعده وشراب فَمَا زلنا نَأْكُل وَنَشْرَب إِلَى اللَّيْل وَانْصَرف فَرحا مَسْرُورا 42 - أَبُو هُرَيْرَة أَحْمد بن عبد الله بن أبي العصام أَنْشدني لَهُ ابْن وهب (لَئِن ذهبت أَيَّام لذتنا الأولى ... بِذِي الأسل مَا وجدي عَلَيْهَا بذاهب) (أَلا لَيْت أَيَّامًا مَضَت لم تكن مَضَت ... ففقدي لَهَا يَا صَاح إِحْدَى المصائب) (رعى الله أَيَّام السرُور فَإِنَّهَا ... تمر سريعات كمر السحائب) // من الطَّوِيل // الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 وَقَوله فِي رثاء صَالح (قد أفسد الْمَوْت على صَالح ... كل الَّذِي أصلحه صَالح) (وَانْصَرف البواب عَن بَابه ... وَصَاح فِي مَجْلِسه الصائح) (خلوه فِي دَار البلى مُفردا ... وناح فِي أوطانه النائح) (يَا لَيْت شعري مَا الَّذِي قَالَه ... إِذْ رَاح فِي حفرته الرَّائِح) (يَا أَيهَا النَّاس أَلا فَاسْمَعُوا ... قولي فَإِنِّي مُشفق نَاصح) (لَا تؤثروا الدُّنْيَا على غَيرهَا ... فَفرق مَا بَينهمَا وَاضح) (فَالْحَمْد لله وشكر لَهُ ... كل امْرِئ عَن أَهله نازح) // من السَّرِيع // وَقَوله (من رَسُولي إِلَيْك أَو من شفيعي ... يَا شَبيه الْهلَال عِنْد الطُّلُوع) (أَنْت فِي الْقلب شَاهد لَيْسَ يَخْلُو ... من ضميري وَأَنت بَين ضلوعي) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أما ترى الْغَيْم كالباكي بأَرْبعَة ... وَالْأَرْض تضحك كالجذلان من فَرح) (فَقُمْ فديتك نشكو مَا نكابده ... من الزَّمَان وَمَا نلقى إِلَى الْقدح) // من الْبَسِيط // وَقَوله (كم لي بدير الْقصير من قصف ... مَعَ كل ذِي نشوة وَذي ظرف) (لهوت فِيهِ بشادن غنج ... تقصر عَنهُ بَدَائِع الْوَصْف) // من المنسرح // وَقَوله (أذكرتني يَا دير من قد مضى ... من أهل ودي ومصافاتي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 (كم كَانَ لي فِيك وَفِيهِمْ مَعًا ... من طيب أَيَّام وليلات) (أَشْكُو إِلَى الله مصاباتهم ... وفقدنا أهل المروءات) // من السَّرِيع // وَقَوله (كتمت حبك فِي قلبِي فَمَا وَسعه ... هَذَا وَلَيْسَ لَهُ شغل سواهُ مَعَه) (يَا من إِذا مَا بَدَت للنَّاس صورته ... رَأَيْت فِيهَا فنون الْحسن مجتمعه) (وَالله مَا حلت عَمَّا قد عهِدت وَلَا ... أصغيت أذنا إِلَى العذال مستمعه) (رفقا بِمن لَو تسلى عَنْك يَا أملي ... بِكُل شَيْء على الدُّنْيَا لما نَفعه) // من الْبَسِيط // 43 - أَبُو الْقَاسِم بن عَليّ بن بشر الْكَاتِب أَنْشدني لَهُ مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر يصف العذار (من عذيري إِلَى العذار الْجَدِيد ... من رَسُولي إِلَى الْقَرِيب الْبعيد) (دب فِي خَدّه العذار فحاكى ... ظلمَة النحس فِي بَيَاض السُّعُود) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أما ترى لي نَاظرا شَاهدا ... بالحب والأعين رسل الْقُلُوب) (وَدون إلحاح جفوني بِهِ ... تخبر عَمَّا فِي فُؤَادِي الكئيب) (وَأَنت لَا شكّ بِهِ عَالم ... لِأَن عِنْد المرد علم الغيوب) // من السَّرِيع // وَقَوله (ضممته ضم مفرط الضَّم ... لَا كأب مُشفق وَلَا أم) (وَلم نزل والظلام حارسنا ... جسمين مستودعين فِي جسم) الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 (ألثمه فِي الدجا وبرق ثناياه ... يريني مواقع اللثم) (ثمَّ افترقنا عِنْد الصَّباح وَقد ... أثرت فِيهِ كَهَيئَةِ الْخَتْم) // من المنسرح // وَقَوله (إِذا ذكرت أياديك الَّتِي سلفت ... مَعَ قبح فعلي وزلاتي ومجترمي) (أكاد أقتل نَفسِي ثمَّ يدركني ... علم بأنك مجبول على الْكَرم) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أَنْت مني بِحَيْثُ مأوى الغرام ... وبحيث افتقاد طيب الْمَنَام) (فِي فُؤَادِي وناظري وهما مِنْك ... قرينا صبَابَة وانسجام) // من الْخَفِيف // وَقَوله (لحى الله امْرَءًا يوعيك سرا ... لتكتمه وفض الله فَاه) (فَإنَّك بِالَّذِي اسْتوْدعت مِنْهُ ... أنم من الزّجاج بِمَا حواه) // من الوافر // وَقَوله (بَيْضَاء جنح جبينها ... فِي ليل طرتها البهيم) (ضدان مَا اجْتمعَا لغير ... تشَتت الصَّبْر الْمُقِيم) (ولذكرها أندى على الأكباد ... من برد النسيم) (ووصفت نعْمَة حسنها ... فنعمت فِي صفة النَّعيم) // من الْكَامِل // وَقَوله (ديوَان المكارم لَا تقتضى ... كَمَا تقتضى وَاجِبَات الدُّيُون) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 (وَلكنهَا فِي قُلُوب الْكِرَام ... تجول مجَال القذى فِي الْعُيُون) // من المتقارب // وَقَوله (طرفِي على مَا عهِدت فِي أرقه ... فِيك وقلبي يزْدَاد من حرقه) (ولي حبيب أَقَامَ معتنقي ... كَمَا أَقَامَ الشهَاب فِي غسقه) (وَجُمْلَة الْأَمر أنني رجل ... قدمت قبل الْفِرَاق من فرقه) (هَذَا حَدِيثي والشمل مُجْتَمع ... فَمَا حَدِيثي فِي عقب مفترقه) // من المنسرح // قَالَ لي الزَّاهِر أَخْبرنِي ابْن بشر أَنه كَانَ لَهُ جد لأم يعرف بكولان وَكَانَ هُوَ من أهل الْأَدَب وَالْكِتَابَة وَحسن الشّعْر والخطابة قَالَ لي حججْت سنة من السنين وجاورت بِمَكَّة حرسها الله فاعتللت عِلّة تطاولت بِي وضاق مَعهَا خلقي ثمَّ صلحت مِنْهَا بعض الصّلاح ففكرت فِي أنني عملت فِي أهل الْبَيْت تسعا وَأَرْبَعين قصيدة مدحا فَقلت أكملها خمسين ثمَّ ابتدأت فَقلت (بني أَحْمد يَا بني أَحْمد ... ) ثمَّ ارتج عَلَيْهِ فَلم أقدر على زِيَادَة فَعظم ذَلِك عَليّ وَاجْتَهَدت فِي أَن أكمل الْبَيْت فَلم أقدر فَحدث لي من الْغم بِهَذِهِ الْحَالة مَا زَاد على غمي بإضاقتي وعلتي فَنمت اهتماما بِالْحَال فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجئْت إِلَيْهِ فشكوت إِلَيْهِ مَا أَنا فِيهِ من الْإِضَافَة وَمَا أَجِدهُ من الْعلَّة وَأُخْرَى من الْقلَّة فَقَالَ لي تصدق يُوسع عَلَيْك وصم يَصح جسمك فَقلت لَهُ يَا رَسُول الله وَأعظم مِمَّا شكوته إِلَيْك أنني رجل شَاعِر أتشيع وأخص بالمحبة ولدك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 الْحُسَيْن وتداخلني لَهُ رَحْمَة لما جرى عَلَيْهِ من الْقَتْل وَكنت قد عملت فِي أهل بَيْتك تسعا وَأَرْبَعين قصيدة فَلَمَّا خلوت بنفسي فِي هَذَا الْموضع حاولت أَن أكملها خمسين فَبَدَأت قصيدة قلت فِيهَا مصراعا وأرتج عَليّ إِجَازَته وَنَفر عني كل مَا كنت أعرفهُ فَمَا أقدر على قَول حرف قَالَ فَقَالَ لي قولا نحا فِيهِ إِلَى أَنه لَيْسَ هَذَا إِلَيّ لقَوْل الله تَعَالَى {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} ثمَّ قَالَ لي اذْهَبْ إِلَى صَاحبك وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَة إِلَى نَاحيَة من نواحي الْمَسْجِد وَأمر رَسُولا أَن يمْضِي بِي إِلَى حَيْثُ أَوْمَأ فَمضى بِي الرَّسُول على نَاس مَعَهم عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ الرَّسُول أَخُوك وَجه إِلَيْك بِهَذَا الرجل فاسمع مَا يَقُوله قَالَ فَسلمت عَلَيْهِ وقصصت عَلَيْهِ قصتي كَمَا قصصت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي فَمَا المصراع قلت (بني أَحْمد يَا بني أَحْمد ... ) // من المتقارب // فَقَالَ للْوَقْت قل ( ... بَكت لكم عمد الْمَسْجِد) (بِيَثْرِب واهتز قبر النَّبِي ... أبي الْقَاسِم السَّيِّد الأصيد) (وأظلمت الْأُفق أفق الْبِلَاد ... وذر على الأَرْض كالإثمد) (وَمَكَّة مادت ببطحائها ... لإعظام فعل بني الْأَعْبد) (وَمَال الْحطيم بأركانه ... وَمَا بالبنية من جلمد) (وَكَانَ وَلِيكُم خاذلا ... وَلَو شَاءَ كَانَ طَوِيل الْيَد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 قَالَ ورددها عَليّ ثَلَاث مَرَّات فانتبهت وَقد حَفظتهَا 44 - الْحسن بن خَلاد رَحمَه الله تَعَالَى أَنْشدني الزَّاهِر لَهُ (ومنهتك لَهُ نظر ... يصون مواقع النّظر) (هِلَال لَو بدا للسَّفر ... ألهاهم عَن السّفر) (فوا ويلاه من قمر ... يُرِيك مساوي الْقَمَر) (لقد أَصبَحت من كلفي ... بغرته على غرر) // من مجزوء الوافر // وَقَوله (يَا مرِيدا مني الْوَصْل ... ووصلي فِي يَدَيْهِ) (أَنا لَا أعرف من لَا ... يعرف الْحق عَلَيْهِ) // من مجزوء الرمل // وَقَوله من أَبْيَات (نختال فِي حلل الصِّبَا ... كالبدر فِي حلل الغيوم) (وَإِذا تثنت جال فِي ... أعطافها مَاء النَّعيم) (ينسيك طيب نسميها ... بعد الْكرَى برد النسيم) // من مجزوء الْكَامِل // وَله أول قصيدة (هُوَ السَّيْف لَا يكسوك مَا لم يجرد ... فجرده واسترفد بغربيه ترفد) // من الطَّوِيل // الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 45 - أَبُو الْحسن اللطيم أَنْشدني ابْن وهب قَوْله (لَا تنكري سرعَة اختلاسي ... لذات أيامي الْقصار) (فَإِن علمي بغدر دهري ... صيرني خَالع العذار) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (أهديت لي تذكرة خَاتمًا ... اسْمك منقوش على فصه) (فَمَا اعترتني زفرات الْهوى ... إِلَّا تروحت إِلَى مصه) // من السَّرِيع // 46 - سُلَيْمَان بن حسان النصبي رَحمَه الله أَنْشدني ابْن وهب لَهُ (وهتوف وَرْقَاء أرقت الْعين ... وزادت خبل الْفُؤَاد خبالا) (ذَات طوق من الزبرجد يَحْكِي ... صفو عَيْش عني تولى وزالا) (أيقظتني وَالصُّبْح قد خالط اللَّيْل ... كَمَا خالط الصدود الوصالا) (وتراها كَأَنَّمَا بدموعي ... خضبوها أَو خاضت الجريالا) // من الْخَفِيف // وَقَوله يصف الراي المقلي وَهُوَ ضرب من السّمك (مَا رَأينَا مثل هَذَا الراي ... حسنا مَا رَأينَا) (صَار تبرا بعد أَن كَانَ ... عقيقا ولجينا) // من مجزوء الرمل // وَقَوله فِي شمعة (ومجدولة مثل صدر الْقَنَاة ... تعرت وباطنها مكتسي) الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 (لَهَا مقلة هِيَ روح لَهَا ... وتاج على الراس كالبرنس) (إِذا رنقت لنعاس عرا ... وقطت من الرَّأْس لم تنعس) (وَإِن غازلتها الصِّبَا حركت ... لِسَانا من الذَّهَب الأملس) (وتنتج فِي وَقت تلقيحها ... ضِيَاء يجلي دجا الجندس) (فَنحْن من النُّور فِي أسعد ... وَتلك من النَّار فِي أنحس) (وَقد نَاب وَجهك عَن ضوئها ... وَعَن ذَا البنفسج والنرجس) (وَلكنهَا آلَة للندام ... وَنجم تألق فِي الْمجْلس) (توقدها نزهة للعيون ... ورؤيتها منية الْأَنْفس) (تكيد الظلام كَمَا كادها ... فتفنى وتفنيه فِي مجْلِس) (فيا ربة الْعود حثي الْغناء ... وَيَا حَامِل الكأس لَا تحبس) (وَيَا صَالح أنعم وعش سالما ... على الدَّهْر فِي عزك الأقعس) // من المتقارب // وَله يصف رَوْضَة (وروضة ذَات غَدِير متئق ... وزهر مثل عشور المهرق) (ونرجس مثل الْعُيُون الرمق ... أجفانها من لُؤْلُؤ مفلق) (باهتة قد فتحت لم تطبق ... وسوسن غض النَّبَات مونق) (يشف فِيهِ كالزجاج الْأَزْرَق ... وَقد حَكَاهُ فِي ضِيَاء الرونق) (بنفسج مثل اللجين المحرق ... يَا حسنها من رَوْضَة لم تطرق) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 (كَأَنَّهَا سافرة عَن خلقي ... أَو حسن مَا ألفته عَن منطقي) (باكرتها مثل انفلاق الفلق ... وشهبه حائرة فِي الْأُفق) (فِي عصبَة غر كرام سبق ... يخطرن فِيهَا بقسي البندق) (كل فَتى فِي قَصده موفق ... كَأَنَّهُ من نَفسه فِي فيلق) (مقرطس فِي رميه مؤنق ... وَهُوَ يراعيها بِطرف شيق) (خوفًا عَلَيْهَا وَهُوَ عين المحنق ... فصاد مَا شَاءَ بِلَا تعوق) (وَرَاح من نجيعه فِي يلمق ... ) // من الرجز // وَقَوله فِي الْحمام (أَنْت فِي الْحمام مَوْقُوف ... على قلبِي وسمعي) (فتأملها تجدها ... كونت من بعض طبعي) (جرها من حر أنفاسي ... وفيض المَاء دمعي) // من مجزوء الرمل // وَله يصف ناعورة (كم نعرت بالحي ناعورة ... حنينها كالبربط الناعر) (فَتَارَة تحسبها قينة ... تردد الزمر على الزامر) (وَتارَة ثَكْلَى جرى دمعها ... فِي مستهل واكف ماطر) (كَأَنَّمَا كيزانها أنجم ... دَائِرَة فِي فلك دائر) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 47 - الْحسن بن عَليّ الْأَسدي كَاتب السِّرّ كتب إِلَيْهِ أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الرسي يطْلب مِنْهُ الْكتاب الَّذِي عمله الْمَعْرُوف بالأنيس فأنفذ إِلَيْهِ الْجُزْء الأول مِنْهُ وَكتب إِلَيْهِ (قد بعثنَا بمؤنس لَك فِي الوحشة ... خل يدعى كتاب الأنيس) (فِيهِ مَا يَشْتَهِي الأديب من الْعلم ... وَفِيه جلاء هم النُّفُوس) (فِيهِ مَا شِئْت من بدور معَان ... ضاحكات إِلَى وُجُوه شموس) (والنفيس الْبَهِي مَا زَالَ يهدى ... كل حِين إِلَى الْبَهِي النفيس) // من الْخَفِيف // فَلَمَّا قَرَأَ رقعته كتب على ظهرهَا ارتجالا (قد قَرَأت الْكتاب يَا خل نَفسِي ... فَهُوَ لي مؤنس وَأَنت الأنيس) (فَهُوَ تأليف ذى ذكاء وَفهم ... وَهُوَ وقف على الْعُلُوم حبيس) // من الْخَفِيف // وَحكى عَنهُ أَنه قَالَ قد كَانَ أَبُو الْحُسَيْن جَنْبك الأخشيدي من كرماء النَّاس وَكَانَت بيني وَبَينه مَوَدَّة فَكنت أغشاه كثيرا للحوائج الَّتِي تعرض إِلَيْهِ فاستخدم بوابا فحجبني غير مرّة فَكتبت إِلَيْهِ (يَا علم المكرمات والسؤدد ... إِلَيْك أَشْكُو بوابك الْأسود) (يبعدني كلما دَنَوْت وَمَا ... حق كريم الوداد أَن يبعد) (فِي كل يَوْم ألْقى بطلعته ... طالع نحس يسوءني أنكد) (وَجه شتيم بِكُل فَاحِشَة ... عَلَيْهِ من كل مشْهد يشْهد) (كلب يهر الضيوف إِن طرقوا ... فناءك الرحب كالح اعقد) (أبعده وانف الخبيت عَنْك كَمَا ... يَنْفِي القذى عَنهُ خَالص العسجد) (أَولا فَلَنْ تستيطع تنظم مَا ... عَنْك من المكرمات قد بدد) الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 (وَمَا انْتِفَاع الورى ببحر ندى ... تذاد عَنهُ العطاش لَا تورد) // من المنسرح // فَمَا شَعرت حَتَّى جَاءَنِي خَادِم لَهُ يُقَال لَهُ بشرى وَكَانَ يُحِبهُ والبواب الْأسود مَعَه وَقَالَ لي إِن مولَايَ يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك قد غمني مَا جرى من البواب وَقد قرئَ عَليّ الشّعْر وَلَو كنت أحسن قَوْله لأجبتك وَلَكِنِّي قد أنفذته إِلَيْك وَأمرت بشرى أَن يضْربهُ بَين يَديك ثَلَاثِينَ مقرعة ونحبسه فَشَكَرت لَهُ وَقلت لبشرى قل لَهُ يَا سَيِّدي مَا أحب أَن تبلغ بِهِ إِلَى هَذَا كُله وَسَأَلت بشرى أَن لَا يضْربهُ فَقَالَ وَالله مَالِي إِلَى تَركه من سَبِيل وَقد قَالَ لي سَيَقُولُ لَك لَا تضربه وَعلي لَئِن رَددته إِلَيّ بِلَا ضرب لأضربنه بَين يَدي مائَة مقرعة قلت فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَاضْرِبْهُ ضربا خَفِيفا وَلَا تحنثه فَضَربهُ بحضرتي ضربا خَفِيفا وَانْصَرف بِهِ وَلَا وَالله مَا رَأَيْته فِي دَاره بعْدهَا 48 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن طَبَاطَبَا الحسني الرسي أَنْشدني لَهُ ابْن وهب قَوْله (يَا بدر بَادر إِلَيّ بالكاس ... فَرب خير أَتَى على ياس) (وَلَا تقبل يَدي فَإِن فمي ... أولى بهَا من يَدي وَمن رَأْسِي) (لَا عَاشَ فِي النَّاس من يلوم على ... حبي وعشقي لأحسن النَّاس) // من المنسرح // وَقَوله (قل للَّذي حسنت مِنْهُ خلائقه ... باكر صبوحك واسبق من تسابقه) الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 (أما ترى الْغَيْم مجموعا ومفترقا ... يسير هَذَا إِلَى هَذَا يعانقه) (كعاشق زار معشوقا يودعه ... قبل الْفِرَاق فآلى لَا يُفَارِقهُ) // من الْبَسِيط // وَقَوله (قَالَت أَرَاك خضبت الشيب قلت لَهَا ... سترته عَنْك يَا سَمْعِي وَيَا بَصرِي) (فاستضحكت ثمَّ قَالَت من تعجبها ... تكاثر الْغِشّ حَتَّى صَار فِي الشّعْر) // من الْبَسِيط // وَقَوله (عيرتني بِالنَّوْمِ جورا وظلما ... قلت زِدْت الْفُؤَاد هما وغما) (اسمعي حجتي وَإِن كنت أَدْرِي ... أَن عُذْري يكون عنْدك جرما) (لم أنم لَذَّة وَلَا نمت إِلَّا ... طَمَعا فِي خيالك أَن يلما) // من الْخَفِيف // وَقَوله (خليلي إِنِّي للثريا لحاسد ... وَإِنِّي على صرف الزَّمَان لواجدا) (أيبقى جَمِيعًا وَهِي سَبْعَة ... وأفقد من أحببته وَهُوَ وَاحِد) (كَذَلِك من لم تخترمه منية ... يرى عجبا فِيمَا يرى ويشاهد) // من الطَّوِيل // وَقَوله وَقَوله وَهُوَ مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ (قَالَت لطيف خيال زارني وَمضى ... صف لي هَوَاهُ وَلَا تنقص وَلَا تزد) (فَقَالَ أبصرته لَو مَاتَ من ظمأ ... وَقلت قف عَن وُرُود المَاء لم يرد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 (قَالَت صدقت الوفا فِي الْحبّ عَادَته ... يَا برد ذَاك الَّذِي قَالَت على كَبِدِي) // من الْبَسِيط // وَقَوله (سأعتبها حق مَا استعتبت ... وَإِن لم تكن أبدا معتبه) (وسوف أجربها بالصدود ... وَمن يشرب السم للتجربه) // من المتقارب // 49 - وَلَده أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن أَحْمد الرسي أَنْشدني لَهُ ابْن وهب (إِذا الكروان صَاح على الرمال ... وَحل الْبَدْر فِي برج الْكَمَال) (وجعد وَجه بركتنا هبوب ... تمر بِهِ الْجنُوب مَعَ الشمَال) (وحركت الغصون فشابهتها ... قدود سقاتنا فِي كل حَال) (فهات الكأس مترعة وَدعنِي ... أبادر لذتي قبل ارتحالي) (فَكل جمَاعَة لَا شكّ يَوْمًا ... يفرق بَينهم صرف اللَّيَالِي) // من الوافر // وَقَوله (إِذا التحف الجو بالأدكن ... وغنى الحمائم بالأعن) (وهب نسيم الصِّبَا سحرة ... برِيح البنفسج والسوسن) (وحن إِلَى القصف ألافه ... فبادر إِلَى شيخك المنحني) (فَنَفْس من الحنق أوداجه ... وسق الندامى وَلَا تنسني) // من المتقارب // الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 وَقَوله بهجو ابْن كلس المتطبب (توق معز الدّين شُؤْم ابْن كلس ... وَلَا تقبلن مِنْهُ مقَال مُدَلّس) (فَإنَّا أردناه لكافور شربة ... فَزَاد على تقديرنا ألف مجْلِس) // من الطَّوِيل // 50 - أَخُوهُ أَبُو إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الرسي أنشدت لَهُ (عرفت الديار على مَا بهَا ... وأوقفت ركبي على بَابهَا) (وناديت فِيهَا بِأَعْلَى النداء ... مرَارًا بأسماء أَرْبَابهَا) (فَلم أر فِيهَا سوى بومها ... تصيح جهارا بأترابها) (فَأَعْلمنِي ذَاك أَن الزَّمَان ... أخنى عَلَيْهَا وأودى بهَا) // من المتقارب // 51 - وَلَده أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم ابْن أَحْمد رحمهمَا الله تَعَالَى أَنْشدني لَهُ الزَّاهِر (شم النسيم لذيذا ... من قبل أَن لَا تشمه) (واصرف عَن الْقلب مَا اسطعت ... بالمسرة همه) (وغالط الدَّهْر إِن كنت ... لست تملك حكمه) (وَقد نَصَحْتُك جهدي ... فَلَا تصم وتكمه) // من المجتث // الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 وَقَوله (صدقت عَنَّا نوار ... وَلَقَد كَانَت تزور) (ثمَّ قَالَت كَيفَ أودى ... ذَلِك الْغُصْن النَّضِير) (وشباب يتلالا ... فِيهِ للنَّاظِر نور) (قلت إِن أنصفت هَذَا ... لِابْنِ خمسين كثير) // من مجزوء الرمل // 52 - أَبُو الْحسن الْعقيلِيّ رَحمَه الله أَنْشدني الزَّاهِر قَوْله (لنا أَخ يحسن أَن يحسنا ... جناه للجانين عذب الجنى) (قد عرفت رَوْضَة معروفه ... بِأَنَّهَا تنْبت زهر الْغنى) (إِذا تبدى وَجه إحسانه ... تنزهت فِيهِ عُيُون المنى) // من السَّرِيع // وَقَوله (الصُّبْح ينشر فَوق مسك ... اللَّيْل كافور الضياء) (والبرق يذهب مَا تفضضه ... الغيوم من السَّمَاء) (فَاشْرَبْ على ديباج نبت ... قد أحَاط بِشرب مَاء) (فالعيش فِي زمن الرّبيع ... رَقِيق حَاشِيَة الرِّدَاء) // من الْكَامِل // وَقَوله (وَرَاح تتيه بأنفاسها ... على مَا يفوح من العنبر) الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 (كَأَن زجاجاتها درة ... تشف عَن الذَّهَب الْأَحْمَر) // من المتقارب // وَقَوله (تاه الرّبيع بآذريونه وزها ... لما بدا مِنْهُ نشر فِي الرِّبَا أرج) (كَأَن أغصانه فيروزج بهج ... من فَوْقه ذهب فِي وَسطه سبج) // من الْبَسِيط // وَقَوله (اشرب على زهر البنفسج قهوة ... تَنْفِي الأسى عَن كل صب مكمد) (فَكَأَنَّهُ قرص بخد غريرة ... أَو أعين زرق كحلن بأثمد) // من الْكَامِل // وَقَوله (ونارنجة بَين الرياض نظرتها ... على غُصْن رطب كقامة أغيد) (إِذا ميلتها الرّيح مَالَتْ كأكرة ... بَدَت ذَهَبا فِي صولجان زمرد) // من الطَّوِيل // وَقَوله (ومدامة يَبْدُو إِلَيْك جَنِينهَا ... وَعَلِيهِ تَاج لم يصغه صائغ) (تخفى لفرط صفاتها فَكَأَنَّمَا ... إبريقنا الملآن مِنْهَا فارغ) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِن كنت تعلم أَن لي ... علما بأسرار السرُور) (فاعمل بِحَسب وصيتي ... لَك فِي مُلَازمَة البكور) (ودع الصَّغِير مَكَانَهُ ... واعدل إِلَى جِهَة الْكَبِير) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 (مَا بَين ورد كالخدود ... وأقحوان كالثغور) (وَعَلَيْك بِالذَّهَب الَّذِي ... أجراه روباس الْعصير) (مَا زَالَ يسبك بِالَّذِي ... قد شب من نَار الهجير) (حَتَّى صفا فَكَأَنَّهُ ... دمع الطليق على الْأَسير) // من الْكَامِل // وَقَوله (نَحن أنَاس نوالنا خضل ... يرتع فِينَا الرَّجَاء والأمل) (كل فَتى لَيْسَ فِي مودته ... مذق وَلَا فِي خلاله خلل) (لَو أبْصر الْبَحْر فيض أنملنا ... فاض على وَجه فيضه الخجل) (تسبق أَمْوَالنَا مؤملنا ... لَا يعترينا مطل وَلَا بخل) (تسمح قبل السُّؤَال أَنْفُسنَا ... بخلا على مَاء وَجه من يسل) // من المنسرح // 53 - أَبُو الْقَاسِم بن أبي العفير الْأنْصَارِيّ رَحمَه الله أنشدت لَهُ (وَروض كحسن الْعرف يسري وبهجة ... من الزهر فِيهَا شاكلت بهجة الْحَمد) (يُرِيك عنَاق العاشقين عناقه ... بثغر على ثغر وخد على خد) الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 وعارضه المتنبي بِحَضْرَة كافور فِي قصيدته الميمية الَّتِي أَولهَا (نظر الْمُحب إِلَى الحبيب غرام ... ) // من الْكَامِل // فَقَالَ لَهُ الْعَرَب لَا تَقول إِلَيْهِ غرام وَإِنَّمَا تَقول لَهُ فَقَالَ لَهُ الْأنْصَارِيّ تَقول إِلَيْهِ ولديه وَله وحروف الْخَفْض يَنُوب بَعْضهَا عَن بعض والوزير أَبُو بكر بن صَالح الروزباري حَاضر والوزير أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْفُرَات حَاضر فَقَالَ الْأنْصَارِيّ (أما الثَّنَاء فصادر بك وَارِد ... باد بِمَا تسدي إِلَيّ وعائد) (لَك يَا أَبَا بكر إِلَيّ صنائع ... أيقظن أحوالي وجدي رَاقِد) (أوليتني نعما مَتى أنكرتها ... شهِدت عَليّ مواهب وفوائد) (نعم أقرّ بهَا وَكم من نعْمَة ... يخفى الْمقر بهَا ويحظى الجاحد) (ولرب ليل قد هجرت رقادة ... لَك والردى مغف وطرفي ساهد) (أتحلل الْكَلم الْعوَان تحللا ... فأغافص الْمَعْنى كَأَنِّي صائد) (وقصائد لي فِيك لَوْلَا أَنَّهَا ... كلم شهِدت بأنهن مشَاهد) (ولهن فِي عين الْوَلِيّ شَوَاهِد ... تترى وَفِي عين الْعَدو جلامد) (لما رعيت مودتي وخلطتني ... ببني أَبِيك ظَنَنْت أَنَّك وَالِد) (وَلَقَد علمت وَأَنت خير معلم ... أَن الثَّنَاء على اللَّيَالِي خَالِد) (لما تعرض لي بمقت حاسدي ... أبدى الملام وَكَيف يرضى الْحَاسِد) (مَا زَالَ ينشد قَائِما حَتَّى إِذا ... أنشدت عارضني لِأَنِّي قَاعد) (فِي مجْلِس أما الْوَزير فمنكب ... فِيهِ يُؤَيّدهُ وَأَنت الساعد) (ولى وَلَا أَنا شَاكر لسؤاله ... فِيهِ وَلَا هُوَ للإجابة حَامِد) // من الْكَامِل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 54 - أَحْمد بن مُحَمَّد الكحال أَنْشدني لَهُ الزَّاهِر وَقد كتب إِلَى بعض إخوانه يستهديه جرة نَبِيذ (لَو قد سَأَلتك حسب قدرك ... مَا رضيت بِأَلف جَرّه) (ولقل ذَاك لقدر من ... لَا تحصر الْأَوْصَاف قدره) (فَابْعَثْ إِلَيّ بجرة ... وكفاف مَا أبغيه جَرّه) (وتوخها كبر الجرار ... فَرب وافية كزكره) (من رسم بسطَام الَّذِي ... أَحْيَا بِحسن الرَّسْم ذكره) (لَا بوطسا يُؤْذِي النديم ... وَلَا مذاقته بمره) (وَاعْلَم بِأَن محلهَا ... عِنْد الضَّرُورَة مثل صره) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَيّ بعض إخوانه يستدعيه (لَا تتركن لغد مَالا وَلَا سبدا ... فلست تقتل علما هَل تعيش غَدا) (خُذ من زَمَانك مَا جاد الزَّمَان بِهِ ... فَمن جنى بعض مَا يهوى فقد سَعْدا) (أَنْت ابْن وقتك فاحذر أَن تضيعه ... فَلَيْسَ يرجع وَقت فَائت أبدا) (وَعند عَبدك شَيْء إِن نشطت لَهُ ... وزرت زِدْت أياديك الْكِرَام يدا) (راي طري كقاب الفتر تحسبه ... ذوبا من الْفضة الْبَيْضَاء أَو بردا) (كَأَن كفا عَلَيْهِ جرشت قطعا ... من اللجين صغَار النّظم أَو زردا) الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 (كَأَن قاليه بالقلي ألبسهُ ... من الشقائق أثوابا لَهُ جددا) (كَأَنَّهُ فِي سعير القلي منقليا ... صب تقلبه كف الْهوى كمدا) (كَأَن ياقوتة حَمْرَاء هللها ... صواغها ذَهَبا لِلْحسنِ متحدا) (كَأَنَّهُ كَانَ فِي نهر الْحَيَاة فَمَا ... يكَاد يسلم مِنْهُ روحه الجسدا) (وقهوة تذكر الأفلاك سَاكِنة ... مشمولة أفنت الْأَيَّام والممدا) (يديرها قمر فِي كَفه قمر ... من الرَّحِيق يزِيل الْهم والكمدا) (فَلَا تضيع سُرُورًا جَاءَ عَن كثب ... عَجزا فتكتسب التوبيخ والفندا) // من الْبَسِيط // 55 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْوَزير الْحَافِظ كتب إِلَى صديق يستدعيه الاتجالا (لسنا مسمعة حلوه ... ولون يفتق الشهوه) (فالبارع من مجدك ... إِن لم تجب الدعوه) // من الهزج // وَأهْدى إِلَى بعض إخوانه مقطا وَكتب إِلَيْهِ (إِنِّي بعثت مقطا غير محتشم ... وَلم أجل فِي الْغنى فكري وَلَا الْعَدَم) (وَلَو بعثت سوَادِي ناظري لما ... كَانَا كفاء لما تولي من النعم) (فاقبله واجعله مِمَّا يستعان بِهِ ... فَإِنَّهُ خَادِم السكين والقلم) // من الْبَسِيط // وَقَوله يصف النرجس (خَوَاتِم من لجين ... فصوصها كارباء) (وَلَيْسَ تضحك إِلَّا ... إِذا بكتها السَّمَاء) // من المجتث // الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 وَقَوله (مُنْذُ حل السوَاد زَاد الْبيَاض ... واعتداءاته طوال عراض) (وَإِذا مَا طَغى المشيب فَلَا المنقاش ... يقوى بِهِ وَلَا المقراض) (وَكَثِيرًا أرى جِسَامًا صحاحا ... لِأُنَاس فِيهَا قُلُوب مراض) // من الْخَفِيف // وَأهْدى إِلَى الإخشيد خَاتمًا وَكتب مَعَه (وَذي عنق لم يطلّ ... عَلَيْهِ وَلم يقصر) (ومتنين قد حصرا ... على قدر الْخِنْصر) (وَقد زَاد فِي ضمره ... على الْفرس الْمُضمر) (وأسفله فضَّة ... وَأَعلاهُ من جَوْهَر) (بعثت بِهِ مُعسرا ... إِلَى ملك مُوسر) (وَلَا غرو أَن يهدي الْمقل ... إِلَى المكثر) // من مجزوء المتقارب // وَقَوله (قد قلت إِذْ سَار السفين بهم ... والسوق ينهب مهجتي نهبا) (لَو أَن لي عزا أصُول بِهِ ... لأخذت كل سفينة غصبا) // من الْكَامِل // 56 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الْيَتِيم النَّحْوِيّ أنشدت قَوْله (إِذا مَا نلْت من دنياك حظا ... فَأحْسن للغني وللفقير) الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 (وَلَا تمسك يَديك على قَلِيل ... فَإِن الله يَأْتِي بالكثير) // من الوافر // وَقَوله (خاطبت شمس النَّهَار إِذْ بَدَت ... وَقلت مَا أَنْت لي بمنصفة) (إِن الَّتِي أشبهتك مائلة ... من بعد ذَاك الْوِصَال قد جَفتْ) (فعاتبيها فَلَيْسَ يقنعني ... يَا شمس من شبهك الَّذِي أَتَت) (لما رأتني على الْوَفَاء لَهَا ... صدت وَمَا أنصفت وَلَا وفت) // من المنسرح // 57 - أَبُو مُحَمَّد بن أبي عَمْرو الطرازي أنشدت لَهُ من (نَار جرت فِي غَايَة ... ترمى الْعلَا بِالشُّهُبِ) (كَأَنَّهَا جَيش وغى ... فرسانه من ذهب) // مجزوء الرجز // وَقَوله يصف الفستق (وفستق رَأَيْت مِنْهُ ... طرفا من الطّرف) (كَأَنَّهُ لما بدا ... والراح فِينَا تخْتَلف) (زمرد ضمنه ... من خَالص العاج الصدف) // من مجزوء الرجز // 58 - أَبُو الْحسن عَليّ بن لُؤْلُؤ الْكَاتِب أنشدت لَهُ (رب صبح كطلعة الْوَصْل جلى ... جنح ليل كطلعة الهجران) الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 (زار فِي حلَّة البزاة فولى اللَّيْل ... عَنهُ فِي حلَّة الْغرْبَان) // من الْخَفِيف // وَقَوله (يَوْم كَأَن الرَّوْض خاط لضوئه ... قراطق من وشي غلائلها الْغدر) (كَأَن صفاء الجو نَاظر أَزْرَق ... لَهُ الْغَيْم جفن هدب أجفانه الْقطر) (كَأَن أعالى السرو بَين رياضه ... مطارف لفت فِي مواكبها خضر) // من الطَّوِيل // 59 - أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بن فضَالة الصفار قَالَ يصف الْورْد (لَا تصْحَب الدُّنْيَا كئيبا مكمدا ... من ذَا رَأَيْت من الْبَريَّة خَالِدا) (قُم فاغتنم طيب الرّبيع وَحسنه ... فَلَقَد حباك بِهِ الْغَمَام وأسعدا) (ورد كَأَن أُصُوله وفروعه ... سقيت دَمًا حَتَّى ارتوى فتوردا) (وشقائق شقّ الْقُلُوب كَأَنَّهُ ... خد مليح ضم صدغا أسودا) (وَالْمَاء يجْرِي فِي الرياض كَأَنَّهُ ... سيف صقيل من قرَاب جردا) (فَاشْرَبْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ وَقت إِذا ... ولى تفَاوت أَن ينَال فيوجدا) // من الْكَامِل // وَله (فَلَو زين الْحسن فِي وَجهه ... بهجر الصدود وَوصل الْوِصَال) (لتم وَإِن كنت مَا إِن أرى ... بديع الْجمال جميل الفعال) // من المتقارب // الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 60 - ابْن الزيعي قَالَ يصف دير الْقصير من قصيدة يَقُول فِيهَا (يَا حسرة فِي الْقلب مَا أقتلها ... كَأَنَّهَا فِي الْقلب أَطْرَاف الأسل) (فكم وَكم من لَيْلَة طيبَة ... أحييتها فِي الدَّيْر فِي خير مَحل) (دير الْقصير الْفَرد فِي صفائه ... يَا من رأى الْجنَّة من غير عمل) (أشربها رَاحا شمولا قرقفا ... تدب فِي الْجِسْم فَمَا تبقي علل) (يديرها ذُو غنج بطرفه ... يحيي إِذا شَاءَ وَإِن شَاءَ قتل) (كَأَنَّهُ غُصْن من البان وَقد ... زَاد عَلَيْهِ بالقوام المعتدل) (ألثغ حتف النَّفس فِي لثغته ... تاه بهَا على الورى تيه مدل) (إِن قَالَ نَار قَالَ ناغ أَو يقل ... نور يقل نوغ بدل وغزل) (فاحثث كؤوس الراح يَا ساقينا ... واغتنم الدَّهْر فللدهر دوَل) (من قبل أَن يطرقنا بَين فَلَا ... ينفع عِنْد الْبَين لَيست وَلَعَلَّ) // من الرجز // 61 - مُحَمَّد بن عَبَّاس الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بِصَاحِب الراقوية قَالَ (لَا تعذلوني فَمَا مثلي بمعذول ... جسمي سقيم وأمري غير مَجْهُول) (إِن مل مولَايَ وَصلي بعد ألفته ... فَإِن مولَايَ عِنْدِي غير مملول) (ملكت قلبِي وَلم تعطف على دنف ... مَا كل ذَاك على قلبِي بمعزول) // من الْبَسِيط // الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 وَقَوله (يَا حَامِل الكأس أدرها واسقني ... قد ذعر الشوق فُؤَادِي فانذعر) (أما ترى الْبركَة مَا أحْسنهَا ... إِذا تداعى الطير فِيهَا وصفر) (أما ترى نوارها أما ترى ... حسن مسير مَائِهَا إِذا انحدر) (كَأَنَّمَا الْجَوْهَر فِي ألوانه ... نثر فِي تِلْكَ النواحي فانتثر) // من الرجز // وَقَوله (أما طغان فقد طَغى ... والطرف مِنْهُ قد بغى) (شهر السِّلَاح بطرفه ... فتكا وَمَا شهد الوغى) (لَوْلَا مَخَافَة عقرب ... فِي صُدْغه أَن يلدغا) (للثمت مِنْهُ ممسكا ... ومصندلا ومصبغا) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (أَتَانِي فِي قَمِيص اللاذ يسْعَى ... عَدو لي يلقب بالحبيب) (فَقلت لَهُ لم استحليت هَذَا ... فقد أَصبَحت فِي زِيّ عَجِيب) (فَقَالَ الشَّمْس أَهْدَت لي قَمِيصًا ... غَرِيب اللَّوْن فِي شفق المغيب) (فصوبي والمدام ولون خدي ... قريب من قريب من قريب) // من الوافر // وَقَوله (وشمعة ظلت أناجيها ... تبيت تبْكي وأبكيها) (كَأَنَّمَا صفرتها صفرتي ... ومدمعي دمع مآقيها) (أعارها قلبِي من ناره ... فَمثل مَا فِيهِ كَذَا فِيهَا) // من السَّرِيع // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 62 - أَبُو عبد الله الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بالجمل لَهُ فِي طَبِيب (إِذا سقام عرَاك نازله ... فاندب أَبَا جَعْفَر لنازله) (يعرف مَا يشتكيه صَاحبه ... كَأَنَّمَا جال فِي مفاصله) // من المنسرح // 63 - أَبُو عبد الله بن العرمرم قدم لَهُ صديق سمكًا فِي يَوْم شَدِيد الْبرد فَقَالَ ارتجالا (شيخ وَبرد وسمك ... لكل مَا يخْشَى شرك) (فهاتها صَافِيَة ... وَضمن الكأس الدَّرك) (وَلَا تبال بعْدهَا ... من لَام فِيهَا وَترك) // من مجزوء وَالرجز وَقَوله (وليتم أَمر الْخراج مُحَمَّدًا ... فغدا الْخراج بِغَيْر جِيم يكْتب) (إِن كَانَ من عدم الرِّجَال دهيتم ... فالكلب فِيكُم عَن قَلِيل يخْطب) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي أبخر (أردْت لقاءه فَلَقِيت مِنْهُ ... كَمَا يلقى الْخَلَاء من الفقاح) (وجالسني فَلم أشعر بِأَنِّي ... وَلم أبعد جليس المستراح) // من الوافر // الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 64 - أَحْمد بن صَدَقَة الْكَاتِب كتب إِلَى ابْن رشيد يستدعيه (بِاللَّه يَا صَالح قُم مسرعا ... إِلَى عقار أدْركْت تبعا) (وساعد اللَّيْلَة فِي شربهَا ... وَخذ من السكر بهَا مصرعا) (وَقد بذلنا لَك أَرْوَاحنَا ... لما رَأَيْنَاك لَهَا موضعا) // من السَّرِيع // 65 - أَبُو الْحسن بن أبي يَاسر قَالَ يصف شمعة (وهيفاء من ندماء الْمُلُوك ... تزيد فينقص من قدرهَا) (إِذا ضحِكت جنح داجى الظلام ... بَكت فَجرى الدمع من نحرها) (فَإِن نَعَست للكرى نعسة ... فإيقاظها القص من شعرهَا) // من المتقارب // 66 - مُحَمَّد بن عَاصِم الموقفي أَنْشدني لَهُ الزَّاهِر فِي الفصادة (أَلا قل لعلوان كَيفَ أجترأت ... على الْأسد الباسل الخادر) (وَكَيف أرقت دَمًا دونه ... يراق دم الجحفل الثائر) (ترفق قَلِيلا على مرفق ... بِهِ مرفق البدو والحاضر) (فَلَيْسَ الْحَدِيد على ساعد ... وَلَكِن من الدَّهْر فِي النَّاظر) // من المتقارب // الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 وَقَوله (أسكر الْخمر خمر ريقك حَتَّى ... باتت الْخمر من رضابك سكرا) (فَلهَذَا أَرَاك تزداد صحوا ... وأراها عَلَيْك لَا تتجرا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أشْرب على الجيزة والمقس ... من قهوة صفراء كالورس) (وروح النَّفس بهَا إِنَّمَا ... عَيْش الْفَتى فِي رَاحَة النَّفس) (وَأنس بِإِخْوَان الصَّفَا إِنَّهُم ... من أكبر النزهة والأنس) (فلست تَدْرِي أَيّمَا سَاعَة ... تبيت تَحت اللَّحْد والرمس) (والمرء لَا يعرف فِي يَوْمه ... يصبح فِي دُنْيَاهُ أَو يُمْسِي) // من السَّرِيع // وَقَوله (أَقُول وَاللَّيْل دجى مُسبل ... والأنجم الزهر بِهِ ميل) (يَا طول ليل مَاله آخر ... فِيك وصبح مَاله أول) // من السَّرِيع // وَقَوله (اشرب ستنسى ويك مَعَ من نسي ... من قهوة قوصية المغرس) (فِي قمر للربع من شهره ... كشقة من دِرْهَم أطلس) // من السَّرِيع // وَقَوله (يَا حادي اللَّذَّات عرس بِنَا ... وَيَا مدير الكأس قُم فاسقنا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 (أما ترى شمس ضحى يَوْمنَا ... قد لبست مطرفها الأدكنا) (وَالرَّوْض للوسمي فِي حلَّة ... أذهبها من بعد مَا لونا) // من السَّرِيع // وَقَوله (اشرب شمولا على ريح الشمَال فقد ... هبت شمالا ولاح الصُّبْح فاتضحا) (كَأَنَّهَا جنَّة فِي الْكَفّ مائلة ... تبدو فيخفي ضيا أنوارها القدحا) (كَأَن حاملها من خمر ريقته ... وافى بهَا أَولهَا من خَدّه اقتدحا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وظبي زارني من غير وعد ... نعمت بِقُرْبِهِ بأتم سعد) (سقاني ثمَّ نقلني بلثم ... على عجل وحياني بورد) (وشمر ساعدا فِيهِ وشوم ... بقلبي مثلهَا من أجل صد) (فَكَانَ كفضة سكت عمودا ... عَلَيْهَا أسطر باللازورد) // من الوافر // وَقَوله فِي دير الْقصير من قصيدة أَولهَا (إِن دير الْقصير هاج ادكاري ... لَهو أيامي الحسان الْقصار) (وزمانا مضى حميدا سَرِيعا ... وشبابا مثل الرِّدَاء المعار) (عَرفتنِي ربوعه بعد نكر ... فَعرفت الربوع بالإنكار) (وَلَو أَن الديار تَشْكُو اشتياقا ... لشكت جفوتي وَبعد مزاري) (ولكادت نحوي تسير لما قد ... كنت فِيهَا سيرت من أشعاري) (وَكَأَنِّي إِذْ زرته بعد هجر ... لم يكن من منازلي ودياري) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 (إِذْ صعودي على الْجِيَاد إِلَيْهِ ... وانحداري فِي المعقبات الْجَوَارِي) (بصقور إِلَى الدِّمَاء سوار ... وكلاب على الوحوش ضواري) (منزلا لست محصيا مَا لقلبي ... ولنفسي فِيهِ من الأوطار) (منزلا فِي علوه كسماء ... والمصابيح حوله كالدراري) // من الْخَفِيف // وَمِنْهَا (غردت بَينهَا الطُّيُور فطارت ... بفؤاد المتيم المستطار) (كم خلعت العذار فِيهِ وَلم أرع ... مشيبا بمفرقي وعذاري) (كم شربنا على التصاوير فِيهِ ... بصغار محثوثة وكبار) (صُورَة من مُصَور فِيهِ ظلت ... فتْنَة للقلوب والأبصار) (أطربتنا من غير شدو فأغنت ... عَن سَماع العيدان والمزمار) (لَا وَحسن الْعَينَيْنِ والشفة اللمياء ... مِنْهَا وخدها الجلناري) (لَا تخلفت عَن مزاري ديرا ... هِيَ فِيهِ وَلَو نأى بِي مزاري) (فسقى الله أَرض حلوان فالنخل ... فدير الْقصير صوب العشار) (كم تنبهت من لذاذة نومي ... بنعير الرهبان فِي الأسحار) (والنواقيس صائحات تنادي ... حَيّ يَا نَائِما على الابتكار) (قبل أَن يبلي الْجَدِيد الجديدان ... بلَيْل معاقب ونهار) (إِنَّمَا هَذِه الْحَيَاة عوار ... وعَلى الْمُسْتَعِير رد العواري) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 وَقَوله (أأيامي بشاطى البركتين ... سقاك الله نوء المرزميني) (لقد أذكرتني طربي ولهوي ... ووكلت الْفُؤَاد بلوعتين) (ترى أيامنا فِيك المواضي ... يعود وصالها من بعد بَين) (سقى الله الْبِقَاع ملث قطر ... وأعطش منزلا بالجلهتين) (وَدَار على الْمدَار رهام مزن ... تسير إِلَى جنان السروتين) (فكم من بيعَة عقدت لقصف ... وعزف فِي رياض البيعتين) (وَكم من مدنف قد حَاز وصلا ... ونال مناه وسط المنيتين) // من الوافر // وَقَوله (إشرب بطموة من صفراء صَافِيَة ... تزرى بِخَمْر قراهيت وغايات) (على رياض من النوار زاهرة ... تجْرِي الجداول فِيهَا بَين جنَّات) (منازلا كنت مفتونا بهَا يفعا ... وَكن قدما مواخيري وحاناتي) (كَأَنَّمَا النّيل فِي مر النسيم بهَا ... مسيلم فِي دروع سامريات) // من الْبَسِيط // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 (حَتَّى دَخَلنَا بَيتهَا ... فحصلت فِي الْبَيْت الْحَرَام) (فَجعلت أفتح ميمها ... لما جثوت لَهَا بلامي) (وكأنني إِذْ ذَاك أولجت ... الضياء على الظلام) (ضدان لم يجمعهما ... إِلَّا الْمحبَّة لِلْحَرَامِ) (كَأَنْت لعمري عاهة ... جمعت غرابا مَعَ حمام) // من الْكَامِل // 68 - أَبُو سهل بن أَسْبَاط الْكَاتِب قَالَ (إِن كنت يَا قلب عزمت الْهوى ... فاستخر الله إِذا قبلا) (وَلَا تكن يَا قلب مثل الَّذِي ... قدم رجلا وثنى رجلا) (حَتَّى تلاقي فِي الْهوى أَهله ... وقلما تلقى لَهُ أَهلا) (لَا توردني موردا كلما ... قطعت وحلا ألتقى وحلا) // من السَّرِيع // 69 - عبد الله الصفري قَالَ يصف الشيب (بُد الشيب فِي رَأْسِي فَقَالَت تَعَجبا ... لقد شبت من هجري وَأَنت صَغِير) (فَقلت لَهَا لَا غرو إِن وصالكم ... يرد شباب الْمَرْء وَهُوَ كَبِير) // من الطَّوِيل // 70 - أَبُو الْعَبَّاس الْكِنْدِيّ قَالَ يصف الندى على الْبَحْر (كَأَنِّي الندى فِي الْبَحْر بحران مَائِع ... على مَائِع هَذَا على ذَاك مطبق) (فَهَذَا لجين سابح مترقرق ... وَذَاكَ لجين فِي السَّمَاء مُعَلّق) الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 (إِذا أبصرته الشَّمْس بعد احتجابها ... لَهُ سَاعَة أبصرته يتمزق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (عذارك الْمُنْقَطع المسبل ... يقطع عُذْري عِنْد من يعذل) (ووجهك الْمقبل إقبال من ... أَنْت على طلعته مقبل) (لَا عِشْت أَن أعدمه فَالَّذِي ... يعدمه يعْدم مَا يأمل) // من المتقارب // وَقَوله يصف السَّحَاب (سَارِيَة فِي غسق الظلام ... دانية من قلل الآكام) (جَاءَت مَجِيء الجحفل اللهام ... فافترقت كَالْإِبِلِ السوامي) (كَأَنَّهَا والبرق ذَا ابتسام ... كَتِيبَة مذهبَة الْأَعْلَام) (دنت من الأَرْض بِلَا احتشام ... ثمَّ بَكت بكاء مستهام) (وانتشرت بسائغ الإنعام ... وثورة تحكم فِي الإعدام) // من الرجز // 71 - أَحْمد بن بدر الْمَعْرُوف بالبلاط قَالَ فِي وَلَده وَقد حم (أعزز عَليّ بني مَا تلقى ... سدت عَليّ شكاتك الطرقا) (قد كنت بالحمى أَحَق فليتني ... ألْقى من الْحمى الَّذِي تلقى) // من الْكَامِل // 72 - أَبُو الْعَبَّاس الزوفي أنشدت لَهُ فِي الشيب (قد رَابَنِي من شبيبتي ريب ... وفل من غرب صبوتي الشيب) الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 (وَكَانَ ثوب الشَّبَاب أحسن ملبوسا ... بهاء فأخلق الثَّوْب) (من عابني بالمشيب قلت لَهُ ... صدقت فالشيب كُله عيب) (طلائع الشيب كلما طلعت ... شقّ على ميت الصِّبَا جيب) // من المنسرح // عبد الْوَهَّاب بن جَعْفَر الْحَاجِب أنشدت لَهُ (هاتر هتور بِكَثْرَة الْفَرح ... واقدح زناد اللَّهْو بالقدح) (وصل الغبوق إِذا وصلت إِلَى المسى ... وَإِن أَصبَحت فاصطبح) (أبرد إِلَى الندمان رسلك مَا ... برد النسيم وغن واقترح) (أصلح فَسَاد الْعَيْش مُجْتَهدا ... ففساد عمرك غير منصلح) // من الْكَامِل // 74 - أَبُو بكر الموسوس الْمَعْرُوف بسيبويه أَبُو بكر هَذَا من الْبَصْرَة وَكَانَ يشبه فِي حُضُور جَوَابه وَبَيَان خطابه وَحسن عِبَارَته وَكَثْرَة درايته بِأبي العيناء وَكَانَ قد تنَاول البلاذر فعرضت لَهُ مِنْهُ لوثة وَكَانَ النَّاس يتبعونه ويكتبون عَنهُ مَا يَقُول فَقَالَ يَوْمًا للمصريين يَا أهل مصر أَصْحَابنَا البغداديون أحزم مِنْكُم لَا يَقُولُونَ باتخاذ الْوَلَد حَتَّى يقتنوا لَهُ العقد وَالْعدَد فهم أبدا يعزبون وَلَا يَقُولُونَ باتخاذ الْعقار خوفًا أَن يملكهم شَرّ الْجَار فهم أبدا يكنزون وَلَا يَقُولُونَ بِإِظْهَار الْغنى فِي مَوضِع عرفُوا فِيهِ بالفقر فهم أبدا يسافرون ووقف يَوْمًا بالجامع وَقد أخذت الْحلق مأخذها فَقَالَ يَا أهل مصر الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 حيطان الْمَقَابِر أَنْفَع مِنْكُم يسْتَند إِلَيْهَا ويستدرى بهَا من الرّيح ويستظل بهَا من الشَّمْس والبهائم خير مِنْكُم تمتطى ظُهُورهَا وتؤكل لحومها وتحتذى جلودها وَكَانَ ابْن خزابة الْوَزير رُبمَا رفع أَنفه تيها فَقَالَ لَهُ سِيبَوَيْهٍ وَقد رَآهُ فعل ذَلِك أيشم الْوَزير رَائِحَة كريهة فيشمر أَنفه فَأَطْرَقَ وَاسْتعْمل النهوض فَخرج سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ لَهُ رجل من أَيْن أَقبلت فَقَالَ من عِنْد هَذَا الزاهي بِنَفسِهِ المدل بعرسه المستطيل على أَبنَاء جنسه وَكَانَت زَوجته ابْنة الإخشيد وأخلى الْحمام لمفلح فجَاء سِيبَوَيْهٍ ليدْخل فَمنع وَقيل لَهُ الْأَمِير مُفْلِح دَاخل فَقَالَ لَا أنقي الله مغسوله وَلَا بلغه رَسُوله وَلَا وَقَاه من الْعَذَاب مهوله وَجلسَ حَتَّى خرج من الْحمام فَقَالَ لَهُ إِن الْحمام لَا يخلى إِلَّا لأحد ثَلَاث مبتلي فِي قبله أَو مبتلي فِي دبره أَو سُلْطَان يخَاف من شَره فَأَي الثَّلَاثَة أَنْت وَمن شعره (اعذر أَخَاك على رداءة خطه ... واغفر رداءته لجودة ضَبطه) (فالخط لَيْسَ يُرَاد من تحسينه ... وَبَيَانه إِلَّا إبانة سمطه) (فَإِذا أبان عَن الْمعَانِي سمطه ... كَانَت ملاحته زِيَادَة شَرطه) // من الْكَامِل // أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن يُونُس المنجم أنشدت لَهُ (غنت فأخفت صَوتهَا فِي عودهَا ... فَكَأَنَّمَا الصوتان صَوت الْعود) (غيداء تَأمر عودهَا فيطيعها ... أبدا ويتبعها اتِّبَاع ودود) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 (أندى من النوار صبحا صَوتهَا ... وأرق من نشر الثنا الْمَعْهُود) (فَكَأَنَّمَا الصوتان حِين تمازجا ... مَاء الغمامة وَابْنَة العنقود) // من الْكَامِل // وَقَوله (سقى الله أَحيَاء اللوى كلما سقى ... بِضَرْب من المزن الكتهور هامل) (إِذا نثرت ريح جمان سَحَابَة ... غَدا وَهُوَ حلي للرياض العواطل) (بِهِ خَفق برق لَيْسَ بَين جوانح ... ووسواس رعد لَيْسَ بَين مفاصل) (إِذا كَاد در الْبَرْق يلمس نبته ... فلقاه در النُّور بَين الخمائل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (يجْرِي النسيم على غلالة خَدّه ... وأرق مِنْهُ مَا يمر عَلَيْهِ) (ناولته الْمرْآة ينظر وَجهه ... فعكست فتْنَة ناظريه إِلَيْهِ) // من الْكَامِل // وَقَوله (صديق قد نَدِمت على اختباري ... لَهُ لما تَأمله اختباري) (ينم بسر مستوعيه سرا ... كَمَا نم الظلام بسر نَار) (أنم من النصول على مشيب ... وَمن صافى الزّجاج على عقار) // من الوافر // وَقَوله (وَذي حرص ترَاهُ يلم وفرا ... لوَارِثه وَيدْفَع عَن حماه) (ككلب الصَّيْد يمسك وَهُوَ طاو ... فريسته ليأكلها سواهُ) // من الوافر // وَقَوله (لكل شَيْء فِي الورى آفَة ... وَآفَة الْمَرْء من الْكبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 (يحْسب أَن الْكبر فَخر لَهُ ... وَلَيْسَ غير الْعلم من فَخر) // من السَّرِيع // 76 - أَبُو الْقَاسِم عبد الْغفار الْمصْرِيّ أنشدت لَهُ (إِنَّمَا الْفضل غرَّة ... فِي وُجُوه المدائح) (أريحي رياحه ... عبقات الروائح) (كعبة الْجُود كَفه ... بَين غاد ورائح) (إِنَّمَا تصلح الْأُمُور ... بِرَأْي ابْن صَالح) // من مجزوء الْخَفِيف // 77 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مَرْوَان بن حَمَّاد النَّحْوِيّ أَنْشدني ابْن وهب لَهُ (لم يطلّ ليلى وَلَكِن ... سهري كَانَ طَويلا) (وَكَذَا لَيْسَ يلذ النّوم ... من كَانَ عليلا) (يَا غزالا لم أجد عَنهُ ... إِلَى الصَّبْر سَبِيلا) (هَب لعين سهرت فِيك ... من الغمض قَلِيلا) // من مجزوء الرمل // 78 - مُحَمَّد بن جَعْفَر الْأنْصَارِيّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالقصير من شعره (قد طَال مِنْك المطل فِي الْوَعْد لي ... وَأَنت فِي مطلك لَا تخطي) الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 (لَو كنت تُعْطِي مَال مصر وَمَا ... حوت من الدّور على الشط) (وَمَا لدار الضَّرْب عَن عسجد ... لَكَانَ كفرا بِالَّذِي تُعْطِي) // من السَّرِيع // 79 - أَبُو عَليّ تَمِيم بن معد صَاحب مصر أَنْشدني لَهُ عَليّ بن مَأْمُون المصِّيصِي (يَا دهر مَا أقساك من متلون ... فِي حالتيك وَمَا أقلك منصفا) (أتروح للنكس الجهول ممهدا ... وعَلى اللبيب الْحر سَيْفا مرهفا) (فَإِذا صفوت كدرت شِيمَة باخل ... وَإِذا وفيت نقضت أَسبَاب الوفا) (لَا أرتضيك وَإِن صفوت لأنني ... أَدْرِي بأنك لَا تدوم على الصَّفَا) (زمن إِذا أعْطى اسْتردَّ عطاءه ... وَإِذا استقام بدا لَهُ فتحرفا) (مَا قَامَ خيرك يَا زمَان بشره ... أولى بِنَا مَا قل مِنْك وَمَا كفى) // من الْكَامِل // وَقَوله (أيا دير مرخنا سقتك رعود ... من الْغَيْم تهمي مزنها وتجود) (فكم واصلتنا من رباك أَو انس ... يطفن علينا بالمدامة غيد) (وَكم نَاب عَن نور الضُّحَى فِيك مبسم ... وناب عَن الْورْد الجني خدود) (وماست على الكثبان قضبان فضَّة ... فأثقلها من حَملهنَّ نهود) (ليَالِي أغدو بَين ثوبي صبَابَة ... وَلَهو وَأَيَّام الزَّمَان هجود) (وَإِذ لمتي لم يوقظ الشيب لَيْلهَا ... وَإِذ أثري فِي الغانيات حميد) // من الطَّوِيل // الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 وَقَوله (يَا مُنْتَهى أملي لَا تدن لي أَجلي ... وَلَا تعذب ظنوني فِيك بِالظَّنِّ) (إِن كَانَ وَجهك وَجها صِيغ من قمر ... فَإِن قدك قد قد من غُصْن) // من الْبَسِيط // وأنشدني لَهُ من قصيدة أَولهَا (سرى الْبَرْق فارتاع الْفُؤَاد المعذب ... ) // من الطَّوِيل // يَقُول فِيهَا (وَبَات ضجيعي مِنْهُ أهيف ناعم ... وأدعج نشوان وألعس أشنب) (كَأَن الدجى فِي لون صدغيه طالع ... وشمس الضُّحَى فِي صحن خديه تغرب) (وَإِنِّي لألقي كل خطب بمهجة ... يهون عَلَيْهَا مِنْهُ مَا يتصعب) (وأستصحب الْأَهْوَال فِي كل موطن ... ويمزج لي السم الذعاف فأشرب) (فَمَا الْحر إِلَّا من تدرع عزمه ... وَلم يَك إِلَّا بالقنا يتنكب) (وَمَا لي أَخَاف الحادثات كأنني ... جهول بِأَن الْمَوْت مَا مِنْهُ مهرب) (خليلي مَا فِي أكؤس الراح راحتي ... وَلَا فِي المثاني لذتي حِين تضرب) (ولكنني للمدح أرتاح والعلا ... وللجود والإعطاء أصبو وأطرب) (وَمن بَين جَنْبَيْهِ كنفسي وهمتي ... يروح لَهُ فَوق الْكَوَاكِب موكب) وَقَوله (إِذا حَان من شمس النَّهَار غرُوب ... تذكر مشتاق وحن حبيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 (ترى عِنْدهم علم وَإِن شطت النَّوَى ... بِأَن لَهُم قلبِي عَليّ رَقِيب) (لَهُم كَبِدِي دوني وقلبي ومهجتي ... وَنَفْسِي الَّتِي أدعى بهَا وَأجِيب) (فآية حزني لوعة وصبابة ... وعنوان شيني زفرَة ونحيب) (وَمَا بلد الْإِنْسَان إِلَّا الَّذِي لَهُ ... بِهِ سكن يشتاقه وحبِيب) (إِلَى الله أَشْكُو وَشك بَين وَفرْقَة ... لَهَا بَين أحشاء الْمُحب دَبِيب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أما وَالَّذِي لَا يملك الْأَمر غَيره ... وَمن هُوَ بالسر المكتم أعلم) (لَئِن كَانَ كتمان المصائب مؤلما ... لإعلانها عِنْدِي أَشد وآلم) (وَبِي كل مَا تَشْكُو الْعُيُون أَقَله ... وَإِن كنت مِنْهُ دَائِما أتبسم) // من الطَّوِيل // وَقَوله وَهُوَ مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ (قَالَت وَقد نالها للبين أوجعهُ ... والبين صَعب على الأحباب موقعه) (اجْعَل يَديك على قلبِي فقد ضعفت ... قواه عَن حمل مَا فِيهِ وأضلعه) (واعطف عَليّ المطايا سَاعَة فَعَسَى ... من شت شَمل الْهوى بالبين يجمعه) (كأنني يَوْم ولت حسرة وأسى ... غريق بَحر يرى الشاطي ويمنعه) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وغضبي من الإدلال والتيه والهوى ... بِلَا غضب سكرى الجفون بِلَا سكر) (كَأَن على لباتها رونق الضُّحَى ... وَفِي حَيْثُ يهوى القرط مِنْهَا سنا الْفجْر) (ترى الْبَدْر مثل الْبَدْر فِي صحن خدها ... وتفتر عَن مثل الجمان من الثغر) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أما ترى الرَّعْد بَكَى فاشتكى ... والبرق قد أومض فاستضحكا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 (فَاشْرَبْ على غيم كصبغ الدجا ... أضْحك وَجه الأَرْض لما بَكَى) (وَانْظُر لماء النّيل فِي مده ... كَأَنَّهُ صندل أَو مسكا) // من السَّرِيع // وَقَوله (وَلَيْلَة بتها على طرب ... آخرهَا مشبه لأولاها) (أقبل الْبَرْق من ترائبها ... وألثم الشَّمْس من محياها) (سقتني الراح وَهِي خداها ... بأكؤس السكر وَهِي عَيناهَا) (إِذا أَرَادَت مزاحها جعلت ... بآخر اللحظ فِي فمي فاها) (فيا لَهَا قهوة مُعتقة ... وَلَيْسَ إِلَّا الخدود مأواها) (حبابها الثغر حِين يمزج لي ... ونقلها اللثم حِين أسقاها) (لله أيامنا الَّتِي سلفت ... بدار حزوى مَا كَانَ أحلاها) (فالقصر من حيرة الْمُلُوك إِلَى ... أَعلَى رباها إِلَى مصلاها) (إِذْ نجتني اللَّهْو من أصائلها ... والعز من فجرها ومغداها) (إِن عرضت لَذَّة ملكناها ... أَو صعبت خطة حَوَيْنَاهَا) // من المنسرح // وَقَوله (وصفراء لم تطبخ بِنَار شربتها ... على وَجه معشوق السجا يَا مقرطق) (كَأَن حباب الكأس من نظم ثغره ... وإشراقها من خَدّه المتألق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَو صورت خلقهَا إرادتها ... مَا قدرته كَمثل مَا قدرا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 (كامسك نشرا والبرق مُبْتَسِمًا ... والغصن قدا والحقف مؤتزرا) // من المنسرح // وَقَوله (شبهتها بالبدر فاستضحكت ... وقابلت قولي بالنكر) (وسفهت قولي وَقَالَت مَتى ... سمجت حَتَّى صرت كالبدر) (والبدر لَا يرنو بِعَين كَمَا ... أرنو وَلَا يبسم عَن ثغر) (وَلَا يميط المرط عَن ناهد ... وَلَا يشد العقد فِي نحر) (من قَاس بالبدر صفاتي فَلَا ... زَالَ أَسِيرًا فِي يَدي هجري) // من السَّرِيع // وَقَوله (ناولتها شبه خديها مشعشعة ... صرفا كَأَن سناها ضوء مقباس) فَقَبلتهَا وَقَالَت وَهِي ضاحكة ... وَكَيف تسقى خدود النَّاس للنَّاس) (أَلَيْسَ خداي ذابا إِذْ لمستهما ... فاستنبطا قهوة حَمْرَاء فِي الكاس) (قلت اشربي إِنَّهَا دمعي وحمرتها ... دمي وطابخها فِي الكأس أنفاسي) (قَالَت إِذا كنت من حبي بَكَيْت دَمًا ... فسقنيها على الْعَينَيْنِ والراس) (يَا لَيْلَة بَات فِيهَا الْبَدْر معتنقي ... وباتت الشَّمْس فِيهَا بعض جلاسي) (وَبت مستغنيا بالثغر عَن قدحي ... وبالخدود عَن التفاح والآس) // من الْبَسِيط // وَقَوله (وَمَا أم خشف ظلّ يَوْمًا وَلَيْلَة ... ببلقعة بيداء ظمآن صاديا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 (تهيم فَلَا تَدْرِي إِلَى أَيْن تَنْتَهِي ... مولهة حيرى تجوب الفيافيا) (أضرّ بهَا حر الهجير فَلم تَجِد ... لغلتها من بَارِد المَاء شافيا) (إِذا بَعدت عَن خشفها انعطفت لَهُ ... فألفته ملهوفا إِلَى الْجُوع ظاميا) (بأوجع مني يَوْم شدوا رحالهم ... ونادى مُنَادِي الْحَيّ أَن لَا تلاقيا) // من الطَّوِيل // وَقَوله مفتخرا (ألْقى الكمي فَلَا أَخَاف لقاءه ... ويفل إقدامي شبا الْحدثَان) (وأكر فِي صدر الْخَمِيس معانقا ... للْمَوْت حِين يفر كل جبان) (ويزيدني كل الخطوب تَعَظُّمًا ... وتسلط الْأَيَّام عز مَكَان) (وَعلمت أَخْلَاق الزَّمَان فَلم أضق ... ذرعا بأيامي وغر زماني) (وكما يمل الدَّهْر من إِعْطَائِهِ ... فَكَذَا ملالته من الحرمان) (وكما يكر لمعشر بسعادة ... فَكَذَا يكر لمعشر بهوان) (فَإِذا رماك بِشدَّة فاصبر لَهَا ... فلسوف يَأْتِي بعْدهَا بليان) (وسل اللَّيَالِي عَن نَفاذ عزيمتي ... وسل الْحَوَادِث عَن ثبات جناني) (يُخْبِرك عني أنني لم ألقها ... بَين العزائم واهن الْأَركان) (أَصبَحت لَا أشتاق إِلَّا للندى ... إلفا وَلَا أَهْوى سوى الْإِحْسَان) (وَإِذا السيوف قطعن كل ضريبة ... قطع السيوف القاطعات لساني) // من الْكَامِل // وَقَوله (اسقياني فلست أصغى لعذل ... لَيْسَ إِلَّا تعلة النَّفس شغلي) (أأطيع العذول فِي ضد مَا أَهْوى ... كَأَنِّي اتهمت رَأْيِي وعقلي) (عللاني بهَا فقد أقبل اللَّيْل ... كلون الصدود من بعد وصل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 (وانجلى الْغَيْم بَعْدَمَا أضْحك الرَّوْض ... بكاء السَّحَاب فِيهِ بوبل) (عَن هِلَال كصولجان نضار ... فِي سَمَاء كَأَنَّهَا جَام ذبل) // من الْخَفِيف // أحسن فِي هَذَا التَّشْبِيه مَا شَاءَ وَقَوله (إِذا هَب سُلْطَان المريسي نافحا ... سحيرا وَحل القر كل نقاب) (وَمد على الْأُفق الْغَمَام ثِيَابه ... فَقُمْ فالقه فِي عدَّة وحراب) (بكن وكانون وكأس مدامة ... وكيس وكس وافر وكباب) // من الطَّوِيل // وَقَوله (ورد الخدود أرق من ... ورد الرياض وأنعم) (هَذَا تنشقه الأنوف ... وَذَا يقبله الْفَم) (فَإِذا علت فأفضل الوردين ... ورد يلثم) (هَذَا يشم وَلَا يضم ... وَذَا يضم ويشم) // من الْكَامِل // وأنشدني المصِّيصِي لَهُ (وجنة من شفني هَوَاهُ وَمن ... أفنيت فِيهِ دموع آماقي) (كَأَنَّمَا الصَّيْرَفِي دنر مَا ... يحمر مِنْهَا وَدِرْهَم الْبَاقِي) // من المنسرح // وأنشدني لَهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن مَأْمُون المصِّيصِي من قصيدة مخمسة أَولهَا (دم العشاق مطلول ... وَدين الْحبّ ممطول) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 (وَسيف اللحظ مسلول ... ومبدا الْحبّ مَعْزُول) (وَإِن لم يصغ للآثم ... ) (إِذا لم يظْهر الْحبّ ... وَلم ينهتك الصب) (ويفشي سره الْقلب ... فجملة مَا ادّعى كذب) (فبح يَا أَيهَا الكاتم ... ) (وأحور ساهر الطّرف ... يفوق جَوَامِع الْوَصْف) (مليح الدل والظرف ... جنت ألحاظه حتفي) (فَمن يعدي على الظَّالِم ... ) (أطَاع جفونه السحر ... وذل لوجهه الْبَدْر) (وماد بردفه الخصر ... وأشبه ثغره الدّرّ) (فَقلب محبه هائم ... ) (يعنفني على حبي ... ويهجرني بِلَا ذَنْب) (كَأَنِّي لست بالصب ... لقهوة رِيقه العذب) (أما فِي الْحبّ من رَاحِم ... ) (غزال لحظه شركه ... وَبدر ثَوْبه فلكه) (لَو أَنِّي كنت أمتلكه ... فأنهب مَا حوت تككه) (نهاب الظافر الغانم ... ) (خُذُوا بدمي قِنَا الْقد ... وَحسن تورد الخد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 (وليل الشّعْر الْجَعْد ... وَثقل الكفل النهد) (وسقم الْأَعْين الدَّائِم ... ) (مَتى يظفر بالوصل ... وينفي الْجور بِالْعَدْلِ) (محب دَائِم الخبل ... سليب الصَّبْر وَالْعقل) (كئيب مدنف هائم ... ) (بِحسن الْأَعْين النجل ... وعض الْوَقْف والحجل) (وَذَاكَ الْقصب الجدل ... وريق كجنا النَّحْل) (وثغر يطْمع الشائم ... ) (سلوا الشَّمْس الَّتِي طلعت ... علينا ثمَّ مَا أفلت) (عَسى ترثي لمن قتلت ... بعينيها وَمَا علمت) (فقد يستعطف الْعَالم ... ) (أما والخرد الصفر ... شبيهات سنا الْبَدْر) (وألوان صفا الْخمر ... لقد أضرّ من فِي صَدْرِي) (غراما لَيْسَ بالنائم ... ) (وَرَاح تبْعَث الطربا ... وتحيي الظّرْف والأدبا) (يثير مزاجها حببا ... تخال بِهِ عُيُون دبى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 (ودرا صفه النَّاظِم ... ) (أما والجمرة الْكُبْرَى ... وزمزم والصفا وَمنى) (وَمن لبّى بهَا ودعا ... وَطَاف الْبَيْت ثمَّ سعى) (خميصا مخبتا صَائِم ... ) (لقد أضحى لنا خلفا ... نزار وابتنى شرفا) (وَأصْبح خَامِس الخلفا ... وَأَحْيَا سَعْيه السلفا) (وأضحى بِالْهدى قَائِم ... ) (نمى فِي الْمجد عنصره ... وَطَالَ النَّجْم مفخره) (وفَاق الْبَدْر منظره ... فصرف الدَّهْر يحذرهُ) (أبي لين صارم ... ) // من الهزج // وَقَوله فِي الراي (كَأَن الراي حِين أَتَى طريا ... بأذناب كمجمرة العقيق) (بإسقيات بلور لطاف ... بأسفلها بقايا من رحيق) // من الوافر // 80 - مُحَمَّد بن أبي مَرْوَان بن أخي الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الْمَدْعُو الْخَلِيفَة بالأندلس وَهُوَ الحكم بن عبد الرَّحْمَن المرواني من شعره (وَمَا كَانَ من عطف عَليّ حَدِيثهَا ... وَلَكِن لتعذيب الْفُؤَاد المعذب) (حَدِيث لَو استسقت بِهِ الصخر جادها ... بأعذب من صوب الْغَمَام وَأطيب) // من الطَّوِيل // الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 وَقَوله (رَاجعه شوقه فحنا ... وشفه شجوه فَأَنا) (وسال من دمعه مصون ... أظهر مَا كَانَ مستكنا) (فَعَاد فِيهِ الْهوى يَقِينا ... وَكَانَ عِنْد الرَّقِيب ظنا) (لَو كَانَ يلقى الَّذِي تلاقي ... أوسعه رَحْمَة وَمنا) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (بَين أجفانها وَبَين ضلوعي ... نازعتني الْحَيَاة أَيدي الْمنون) (لست أَدْرِي أعن مدى طرفها الفاتن ... موتِي أم طرفِي الْمفْتُون) // من الْخَفِيف // وَقَوله (قد رضيت الْهوى لنَفْسي خلا ... وَرَأَيْت الْمَمَات فِي الْحبّ سهلا) (وتذللت للحبيب وَعز الصب ... فِي سنة الْهوى أَن يذلا) (بِأبي من أحل قَتْلِي عمدا ... وهنيئا لسيدى مَا استحلا) (سَوف أجزي الحبيب بالصدود ودا ... مستجدا وبالقطيعة وصلا) (وَإِذا مَا اسْتَزَادَ تيها وعجبا ... زِدْت نَفسِي لَهُ خضوعا وذلا) // من الْخَفِيف // وَقَوله (غير مستنكر همول دموعي ... فِي التصابي وَغير بدع خشوعي) (لَيْسَ عزي إِلَّا فنَاء عزائي ... وسنائي إِلَّا بَقَاء خضوعي) (وبحسبي أَنِّي أُلَاقِي عذولي ... باصطبار عَاص ودمع مُطِيع) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أعد نظرا واستوقف الطّرف منعما ... تَجِد كلفا صبا بحبك مغرما) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 (سرى الْحبّ فِي أخلاقه فأرقها ... وَعلمه أَحْكَامه فتعلما) (وَلست ترَاهُ سَائِلًا مِنْك عطفة ... حذارا من التَّقْبِيل إِلَّا توهما) (فَإِن جدت لاقته الْحَيَاة كَرِيمَة ... وَإِن لم تَجِد لَاقَى الْحمام مقدها) // من الطَّوِيل // وَقَوله (لَئِن وَعَدتنِي وَصلهَا وعد عَاتب ... يجاحدني وعدي وينكرني حَقي) (فأفضل ثوب الْغَيْث فِي الأَرْض دافق ... وأبلغه مَا جَاءَ بالرعد والبرق) (فَإِن مَا نعتني فضل إنجاز موعد ... فَإِن الحيا الْمَمْنُوع أشهى إِلَى الْخلق) (فَلَا كَانَ لي فِي الأَرْض رزق أناله ... إِذا لم يكن فِي نيل موعدها رِزْقِي) // من الطَّوِيل // وَقَوله (يَا ربيعي مَا كَانَ ضرك لوجدت ... علينا كَمَا يجود الرّبيع) (ورده ذَاهِب ووردك بَاقٍ ... وَهُوَ سهل بِهِ وَأَنت منوع) (كن شفيعي إِلَيْك يَا جنَّة الْخلد ... فَمَالِي غير الخضوع شَفِيع) // من الْخَفِيف // وَقَوله (كم تصاب أردفته بتصاب ... واصطباح وصلته باغتباق) (وكؤوس عاطيتها بدر تمّ ... جلّ أَن يَعْتَرِيه نقص المحاق) (وغصون جنيت مِنْهَا ثمارا ... لم يشنها تساقط الأوراق) (زمن بكيته حسب وجدي ... كنت أبكيه من دم الأحداق) // من الْخَفِيف // وَقَوله (ومختطف للعين بت أشيمه ... مجالسة وَاللَّيْل حيران مطرق) (سرى يخبط الظلماء حَتَّى كَأَنَّهُ ... بوجدي يسرى أَو بقلبي يخْفق) // من الطَّوِيل // الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 وَقَوله (تبدت بِأَكْنَافِ الْحجاز ديارها ... فَأوقد نَار الوجد فِي الْقلب نارها) (كَأَن بأنفاسي استمد ضرامها ... وَعَن كَبِدِي الحرى تلظي استعارها) (يحن إِلَيْهَا الْقلب حَتَّى كَأَنَّمَا ... إِلَيْهِ تناهيها وَمِنْه انتشارها) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَلما حمى الشوق المبرح ناظري ... كراه حذارا أَن يريني مِثَاله) (شربت عقارا أذكرتني بريقه ... وأهدت كرى أهْدى إِلَيّ خياله) (فَهَل هِيَ إِلَّا نعْمَة مسترقة ... أنالت يَدي مَا لم أُؤَمِّل نواله) // من الطَّوِيل // 81 - حبيب بن أَحْمد الأندلسي قَالَ (ودعتني بِزَفْرَةٍ واعتناق ... ثمَّ نادت مَتى يكون التلاقي) (وتصدت فأشرق الصُّبْح مِنْهَا ... بَين تِلْكَ الْجُيُوب والأطواق) (يَا سقيم الجفون من غير سقم ... بَين عَيْنَيْك مصرع العشاق) (إِن يَوْم الْفِرَاق أفظع يَوْم ... لَيْتَني مت قبل يَوْم الْفِرَاق) // من الْخَفِيف // وَله (هيج الْبَين دواعي سقمي ... وكسا جسمي ثوب الْأَلَم) (أَيهَا الْبَين أَقلنِي مرّة ... فَإِذا عدت فقد حل دمي) (يَا خلي الروع نم فِي غِبْطَة ... إِن من فارقته لم ينم) الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 (وَلَقَد هاج لقلبي سقما ... حب من لَو شَاءَ داوى سقمي) // من الرمل // وَقَوله (وجنة كالربيع جاد عَلَيْهَا ... من حَيَاء لَا من حَيا وَسمي) (ووجوه قلبتها كالدنانير ... ومثلي لمثلهَا صيرفي) (تتهادى الرِّيَاح مِنْهَا نسيما ... شابه عنبر ومسك ذكي) // من الْخَفِيف // وَقَوله (أَلا بِأبي من قلبه غير مُشفق ... عَليّ ولي قلب عَلَيْهِ شفيق) (وَإِنِّي لأبدي للوشاة تبسما ... وإنسان عَيْني فِي الدُّمُوع غريق) (وَكم شافهتني للصبا أريحية ... ومازج ريقي للأحبة ريق) // من الطَّوِيل // تمّ بِحَمْد الله تَعَالَى وَحسن توفيقه مُرَاجعَة الْجُزْء الأول من كتاب يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن أهل الْعَصْر لأبي مَنْصُور الثعالبي ويليه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْجُزْء الثَّانِي مفتتحا بترجمة الْوَزير أبي مَرْوَان عبد الْملك بن جهور نسْأَل الله المعونة والتوفيق إِلَى إكماله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - الْوَزير أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن جهور أنشدت لَهُ من الْبَسِيط (أسقمت قلبِي فَكُن أَنْت الدَّوَاء لَهُ ... وَلَا تَدعه بأيدي الشوق مخترما) (عَيْنَايَ أورثتاه سقمه نظرا ... رضيت دمعي من عَيْني منتقما) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْكَامِل (ألحاظه منهوكة النّظر ... ضعفت نواظرها من الخفر) (وَحَدِيثه اشهى لسامعه ... من نَغمَة الشادي على الْوتر) (ورضابه أشهى على كَبِدِي ... من ري عذب بَارِد خصر) (وَكَأن قلبِي حِين يفقده ... مَا بَين ذِي نَاب وَذي ظفر) // الْكَامِل // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا أحسن النَّاس فِي عَيْني مُبْتَسِمًا ... وأعذب الْخلق عِنْدِي منطقا وفما) (حلت بقلبي من عَيْنَيْك نازلة ... من الْهوى صيرتني فِي الورى علما) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 (لم تبْق جارحة مني أقلبها ... إِلَّا بعثت عَلَيْهَا بالهوى سقما) (فَارْحَمْ مقَام محب مَا شكا وَبكى ... تبرما بِالَّذِي يلقى وَلَا ندما) // الْبَسِيط // وَقَوله من السَّرِيع (أَمْلَح مَا تنظر عَيْنَاك ... شَاك شكا الْحبّ إِلَى شاكي) (يقصر من ذكرك ليلِي على ... أَنِّي فِيهِ ساهر باكي) (ولي فؤاد يستجير من الشوق إِلَى برد ثناياك ... ) (سيدتي لَو كنت أَبْصرت مَا ... يصنع بِي حبك أبكاك) // السَّرِيع // وَقَوله من الْبَسِيط (أنار لي وَجهه لَيْلًا فخلت بِهِ ... بَدْرًا تَمامًا على الافاق يطلع) (وَمر يمشي دَقِيق الخصر يجذبه ... ردف فَقلت ادركوه قبل يَنْقَطِع) // الْبَسِيط // وَقَوله من الوافر (أَجلك أَن تحل بك الاماني ... فَكيف بِأَن أَرَاك وَأَن تراني) (وأكره أَن يمثلك التَّمَنِّي ... حذارا أَن يبوح بِهِ لساني) (وَلَو أَنِّي ستطعت لفرط شجوي ... عَلَيْك لما رآك الحافظان) (وَمَا أَشْكُو إِلَيْك بِغَيْر دمعي ... بَيَان الدمع أعرب من بياني) // الوافر // وَقَوله من الْبَسِيط (الْيَوْم منقبض والدمع منبسط ... وَحب من شفني بِالروحِ مختلط) (حملت قلبِي أَن يسلو تذكره ... فَقَالَ إِن الَّذِي حَملتنِي شطط) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 (تسومني الصَّبْر عَن روحي وتمنعني ... عَن ذكره إِن ذَا من رَأْيك الْغَلَط) // الْبَسِيط // وَقَوله من الوافر (ترى العشاق لاقوا مَا أُلَاقِي ... فقد بلغت بِي النَّفس التراقي) (خصصت من الْهوى بِأَمْر شَيْء ... وَكنت ارى الْهوى عذب المذاق) (أَنا العَبْد الَّذِي لَا عتق يَرْجُو ... وَلَا يجد السَّبِيل إِلَى الاباق) // الوافر // وَقَوله من الطَّوِيل (وَمَا سرني أَن الْهوى غير صَاحِبي ... وَأَن خراج العبشميين فِي ملكي) (وَلَا كنت أرْضى أَن أرى متخليا ... من الْحبّ لَو أعْطى بِهِ خَاتم الْملك) (نسيم الْهوى أذكى وَإِن جَار واعتدى ... على أنف العشاق من نفحة الْمسك) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (وَمن يحمد الصَّبْر الْجَمِيل على الْهوى ... فَإِن خلاف الصَّبْر عِنْدِي احْمَد) (إِذا كَانَ قلب الْمَرْء لَا يألم النَّوَى ... ويشكو لظى نيرانها فَهُوَ جلمد) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْكَامِل (احوى النواظر ألعس الشفتين عذب الرِّيق آلمى ... ) (مخضر شَاربه علا ... درا يُرِيك الدّرّ نظما) (لَو زارني طيف لَهُ ... عِنْد الهجوع وَلَو ألما) (لاعاد روحا أَو لفرج ... من هموم النَّفس هما) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 2 - احْمَد بن عبد ربه الاندلسي رَحمَه الله تَعَالَى انشدت لَهُ من الْكَامِل (بكرت عَليّ عواذلي تلحينني ... وعَلى الَّذِي لم يعد بِي اعدينني) (إيها عَلَيْك فقد كَبرت عَن الصِّبَا ... وَنهى المشيب عَن الَّذِي تنهينني) (إنى وَكَيف وَقد رأين تغيري ... عَن عهدهن إِذا الْعُيُون رأينني) (وعَلى مُفَارقَة الشَّبَاب شمتن بِي ... وعَلى معاداة الصِّبَا عادينني) (أدنينني حَتَّى إِذا التهب الجوى ... أقصينني اضعاف مَا أدنينني) (وفتنني بلواحظ تَشْكُو الضنى ... دائب بِهن وَرُبمَا داوينني) (يذكين فِي قلبِي وَبَين جوانحي ... حرقا بِنَار جحيمها اصلينني) // الْكَامِل // وَمِنْهَا ايضا (يَا ابْن الخلائف إِن ايام الْغنى ... ايامك الغر الَّتِي أغنينني) (بنوالها وسجالها وثمالها ... اسقينني حَتَّى لقد أروينني) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (وصحائح مرضى الْعُيُون شحائح ... بيض الْوُجُوه نواعم الابشار) (اضنينني بلواحظ تَشْكُو الضنى ... وكسونني مَا هن مِنْهُ عواري) (بجوى حوته مهجتي عَن مقلتي ... وَالْجَار قد يشقى بذنب الْجَار) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 وَله فِي العذار من الْكَامِل (يَا ذَا الَّذِي خطّ الْجمال بخده ... خطين هاجا لوعة وبلابلا) (مَا صَحَّ عِنْدِي أَن لحظك صارم ... حَتَّى لبست بعارضيك حمائلا) // الْكَامِل // وَفِي مثله من الْكَامِل (ومعذر نقش الْجمال بمسكه ... خدا لَهُ بِدَم الْقُلُوب مضرجا) (لما تَيَقّن أَن سيف جفونه ... من نرجس جعل النجاد بنفسجا) // الْكَامِل // وَقَوله من الوافر (تعللنا أُمَامَة بالاماني ... ولج بِنَا البعاد من التداني) (إِذا مَا قلت ايْنَ الْوَصْل قَالَت ... طلبت الْعِزّ فِي دَار الهوان) // الوافر // وَقَوله من الْخَفِيف (بذمام الْهوى امت إِلَيْهِ ... وبحكم الْعقار اقضي عَلَيْهِ) (بَابي من زها عَليّ بِوَجْه ... كَاد يدمي لما نظرت إِلَيْهِ) (كلما علني من الراح صرفا ... علني بالرضاب من شَفَتَيْه) (ناول الكأس واستمال بلحظ ... فسقتني عَيناهُ قبل يَدَيْهِ) // الْخَفِيف // وَقَوله من الرمل المجزوء (أَيهَا الْبَدْر الَّذِي ضن علينا بالطلوع ... ) (ابغ لي عنْدك قلبا ... طَار من بَين ضلوعي) (يَا بديع الْحسن كم لي ... فِيك من وجد بديع) // الرمل المجزوء // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 وَقَوله من الطَّوِيل (وساحبة فضل الذيول كَأَنَّهَا ... قضيب من الريحان فَوق كثيب) (إِذا مَا بَدَت من خدرها قَالَ صَاحِبي ... أطعني وَخذ من وَصلهَا بِنَصِيب) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْكَامِل (ينبيك أَنَّك لم تَجِد وجدي ... مَا خدت العبرات من خدي) (نَام الخلي عَن الشجي بِهِ ... وجفا الملول ولج فِي الصد) (كنت الشِّفَاء فصرت لي سقما ... أبدا تتوق إِلَيّ هوى مردي) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (سقوني حمامي يَوْم ساقوا حمولهم ... فرحت وراحوا بَين سَاق وسائق) (وأخرس لَفْظِي وَهُوَ لَيْسَ بأخرس ... وأنطق دمعي وَهُوَ لَيْسَ بناطق) (فيا بِأبي تِلْكَ الدُّمُوع الَّتِي هَمت ... فدلت على مَكْنُون تِلْكَ العلائق) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْكَامِل (أزف الرحيل فودعتني مقلة ... أوحت إِلَيّ جفونها بِسَلام) (وتطلعت بَين الحدوج كَأَنَّهَا ... شمس تطلع من خلال غمام) (وَشَكتْ بتاريخ الصبابة والهوى ... بمدامع نطقت بِغَيْر كَلَام) (كمهاة رمل قد تربعت الْحمى ... بَين الظباء العفر والآرام) (حَتَّى إِذا ضرب المصيف رواقه ... صافت بِظِل أراكة وبشام) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وَقَوله من الطَّوِيل (أَلا إِنَّمَا الدُّنْيَا غضارة أيكة ... إِذا اخضر مِنْهَا جَانب جف جَانب) (هِيَ الدَّار مَا الآمال إِلَّا فجائع ... عَلَيْهَا وَلَا اللَّذَّات إِلَّا مصائب) (فكم سخنت بالْأَمْس عين قريرة ... وقرت عُيُون دمعها الْيَوْم ساكب) (فَلَا تكتحل عَيْنَاك مِنْهَا بعبرة ... على ذَاهِب مِنْهَا فَإنَّك ذَاهِب) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (صَحا الْقلب إِلَّا نظرة تبْعَث الأسى ... لَهَا زفرَة مَوْصُولَة بحنين) (بلَى رُبمَا حلت عرى عزماته ... سوالف آرام وأعين عين) (لواقط حبات الْقُلُوب إِذا رنت ... بِسحر عُيُون وانكسار جفون) (وريط من الموشي أينع تَحْتَهُ ... ثمار صُدُور لَا ثمار غصون) (برود كأنوار الرّبيع لبسنها ... ثِيَاب خضاب لَا ثِيَاب مجون) (قرين نُجُوم ديم عَن نور أوجه ... تجن بهَا الْأَلْبَاب أَي جُنُون) (وُجُوه جرى فِيهَا النَّعيم فكللت ... بورد خدود يجتني بعيون) (سألبس للأحزان ثوب تصبر ... وَإِن لم يكن عِنْد اللقا بحصين) (وَكَيف ولى قلب إِذا هبت الصِّبَا ... أهاب بشوق فِي الْفُؤَاد كمين) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْبَسِيط (ونائح فِي غصون السدر أرقني ... وَمَا عنيت بِشَيْء ظلّ يعنيه) (مطوق بعقود مَا تزايله ... حَتَّى تزايله إِحْدَى تراقيه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 (قد بَات يبكي لشجو مَا دَريت بِهِ ... وَبت ابكي لشجو لَيْسَ يدريه) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْخَفِيف (وقضيب يميس فَوق كثيب ... طيب المجتنى لذيذ العناق) (قد تغنى كَمَا اسْتهلّ يُغني ... سَاق حر مغرد فَوق سَاق) (ينثر الدّرّ فِي المسامع نثرا ... بَين در منظم مستاق) (وافتضضنا من الْعَوَاتِق بكرا ... نكحت امها بِغَيْر صدَاق) (ثمَّ بَانَتْ وَلم تطلق ثَلَاثًا ... لم تبن حرَّة بِغَيْر طَلَاق) (ديننَا فِي السماع دين مديني وَفِي شربنا الشَّرَاب عراقي ... ) // الْخَفِيف // وَقَوله من الوافر (سرى طيف الحبيب على البعاد ... ليصلح بَين عَيْني والرقاد) (فَبَاتَ إِلَى الصَّباح يَدي وساد ... لوجنته كَمَا يَده وِسَادِي) (بنفسي من أعَاد إِلَيّ نَفسِي ... ورد إِلَى جوانحه فُؤَادِي) (خيال زارني لما رَآنِي ... عدتني عَن زيارته عوادي) (يواصلني على الهجران مِنْهُ ... ويدنيني على طول البعاد) // الوافر // وَقَوله من الطَّوِيل (وريان من مَاء الشَّبَاب تهاتفت ... بِهِ نشوات من صبا ودلال) (كَمَا اهتز بَان من أكاليل رَوْضَة ... تلاعبه ريحًا صبا وشمال) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 (تعلم مِنْهُ الهجر طيف خياله ... هُدُوا فَمَا يلقاه طيف خيال) (وَأعْرض حَتَّى عَاد يعرض فِي المنى ... وَيمْنَع ذكرَاهُ الخطور ببالي) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْكَامِل (بِأبي غزال صد بعد وصاله ... وزها عَليّ بحسنه وجماله) (سلب الْكرَى عَيْني والبسها الْكرَى ... وَحمى خيالي من لِقَاء خياله) // الْكَامِل // وَقَوله من الْبَسِيط (مستوحشا من جَمِيع النَّاس كلهم ... كَأَنَّمَا النَّاس اقذاء على بَصرِي) // الْبَسِيط // وَقَوله من الطَّوِيل (أما وَالَّذِي سوى السَّمَاء مَكَانهَا ... وَمن مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ) (وَمن قَامَ فِي الاوهام من غير رُؤْيَة ... بأثبت من إِدْرَاك كل عيان) (لما خلقت كَفاك إِلَّا لأَرْبَع ... عقائل لم يخلق لَهُنَّ يدان) (لتقبيل أَفْوَاه وَإِعْطَاء نائل ... وتقليب هندي وَحبس عنان) // الطَّوِيل // 3 - عبد الْملك بن سعيد الْمرَادِي أنشدت لَهُ من المديد (قد بلوت الْحبّ مختبرا ... فَأَنا الْمَسْئُول عَن خَبره) (هُوَ عذب عز مورده ... غير أَن الْمَوْت فِي صَدره) (نَظَرِي أذكى جوى كَبِدِي ... وهلاك الصب فِي نظره) // المديد // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 وَقَوله من الْكَامِل (قمر بسبي ذَوي الْعُقُول أنيقا ... ورشا بتقطيع الْقُلُوب رَفِيقًا) (مَا إِن رَأَيْت وَلَا سَمِعت بِمثلِهِ ... درا يصير من الْحيَاء عقيقا) (وَإِذا نظرت إِلَى محَاسِن وَجهه ... ابصرت وَجهك فِي سناه غريقا) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (برح الخفاء فأعتبي اَوْ عاتبي ... فهواك سد عَليّ رحب مذاهبي) (لَو كنت أعلم لي سوى فرط الْهوى ... ذَنبا إِلَيْك لَكُنْت أول تائب) (يَا ظَالِما لَا يَسْتَفِيد بظلمه ... متعتبا فِي الْحبّ غير معاتب) (هلا عطفت عَليّ عطفة رَاحِم ... لما ذللت إِلَيْك ذلة رَاغِب) // الْكَامِل // 4 - الْوَزير ابو عُثْمَان عبد الله بن يحيى بن إِدْرِيس انشدت لَهُ من الطَّوِيل (أسحرا سقت عَيْني جفونك أم خمرًا ... فقد رحت ملآن الجفون بِهِ سكرا) (وشعرا أَرَانِي صبح وَجهك أم دجا ... ووجها جلا إظلام شعرك أم فجرا) (وجسم تثنى بَين ثوبيك ناعم ... أم الْغُصْن اللدن اكتسى وَرقا خضرًا) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْخَفِيف (رب خمر شربتها من جفون ... ورياض جنيتها من خدود) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 (إِذْ يشج اللثام ريقا بريق ... ويلف العناق جيدا بجيد) (تَحت ظلّ من النَّعيم ظَلِيل ... وبفيء من السرُور مديد) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (إِن بَين الضلوع نيران شوق ... وغليلا يذوب مِنْهُ الغليل) (وحنينا إِلَيْهِ فِي طول ليل ... مَا إِلَى الصُّبْح من دجاه وُصُول) (غَابَ صبري الْجَمِيل إِذْ غَابَ فِيهِ ... وَجهه عني الْمليح الْجَمِيل) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (إِن بَين الضلوع شوقا دَفِينا ... ترك الْقلب والها مستكينا) (يَا غزالا يصبي الْقُلُوب هَوَاهُ ... وهلالا يعشي سناه العيونا) (أَنْت علمتني الصبابة وَالْبخل فصرت الْبَخِيل فِيك الضنينا ... ) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْبَسِيط (لأنزعن وَإِن لم أقض من وطري ... إِلَّا لبانة أشواق ومدكر) (أكف كفي وأثني من تقلبه ... قلبِي وأقصر من سَمْعِي وَمن بَصرِي) // الْبَسِيط // 5 - يُوسُف بن هرون البطليوسي أنشدت لَهُ من الْكَامِل (هُوَ ظالمي لَكِن أرق عَلَيْهِ ... من أَن أجيل اللحظ فِي خديه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 (أعفيت رقة وجنتيه من أَذَى ... عَيْني وَمَا أعفيت من عَيْنَيْهِ) (وَكَأن در الخد يكسي حمرَة الْيَاقُوت من نظر الْعُيُون إِلَيْهِ ... ) // الْكَامِل // وَقَوله من الوافر (أتضرب بَين عَيْني واغتماضي ... بواش من لواحظك المراض) (وتخلفني بوعد قد تقضى ... مدى عمري وَلَيْسَ لَهُ تقاضي) (وَلم أَسأَلك إِلَّا النزر إِنِّي ... بِذَاكَ النزر مغتبط وراض) (أبح تفاحتيك للحظ عَيْني ... وَأُعْطِيك الْأمان من العضاض) // الوافر // 6 - عبد الله بن إِسْمَعِيل بن بدر قَالَ من الْبَسِيط (اشكو إِلَى الله من سَمْعِي وَمن بَصرِي ... مَا يجلبان إِلَى قلبِي من الْفِكر) (قد كنت أسمع عَمَّن لست أذكرهُ ... خوفًا عَلَيْهِ من التَّصْرِيح بِالذكر) (سَمِعت حَتَّى إِذا أَبْصرت قلت لَهُ ... يَا حاش لله مَا هَذَا من الْبشر) // الْبَسِيط // 7 - سعيد بن مُحَمَّد بن فرج انشدني لَهُ من الْبَسِيط (سَمْعِي فَلَا كَانَ أعمي بالبكا بَصرِي ... وقاد قلبِي إِلَى الاحزان والفكر) (فَإِن بَكت مقلة من فقد من عرفت ... فقد بَكَيْت بِمن لم أدر بِالنّظرِ) (يَا واصفية رويدا إِن وصفكم ... لم يبْق من جلدي شَيْئا وَلم يذر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 (قَالُوا بدا فغلطنا بالسرار لَهُ ... لما تبلج مِنْهُ اللَّيْل بالقمر) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْكَامِل (سقم الْأَحِبَّة للقلوب سقام ... وَإِذا الْقُلُوب سقمن فَهُوَ حمام) (لله بدر قد تنقص نوره ... بِالسقمِ وَهُوَ بِمَا سواهُ تَمام) // الْكَامِل // وَقَوله من المتقارب (بَكَيْت ومثلي بَكَى للوداع ... وعاصي العزاء بشوق مُطَاع) (وَلم أَحْمد الصَّبْر يَوْم النَّوَى ... وَلَا كَانَ من قبله فِي طباعي) (وَلَو كنت لم أبك من بَينهم ... بَكَيْت على عهد حب مضاع) // المتقارب // وأنشدني لبَعْضهِم شعرًا من الوافر (كلامك مثل ريقك ذَا بِهَذَا ... مزاج سلافة حُلْو بعذب) (فَلَو أَنِّي إِذا اسمعت هَذَا ... شربت بِذَاكَ ضَاعَ عَليّ لبي) (فَإِن أبصرتني مِنْهُ صَرِيعًا ... فغالط فِي هواي وشَاة صحبي) (وَقل هُوَ نشوة من خمر حب ... فَإِن الدن قد يدعى بحب) // الوافر // يحيى بن عبد الْملك بن هُذَيْل رَحمَه الله تَعَالَى أَنْشدني لَهُ من الْخَفِيف (لَا تلم هائما قد اسْتحْسنَ الوجد وكل أمره إِلَى استحسانه ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 (فَأَنا الطائع المشوق لمن صَار ... يريني الهوان فِي عصيانه) (مر بِي خاطرا يكَاد من الْعجب بِهِ ان يراع فِي ريعانه ... ) (فِي ملاء كَأَنَّهُ وَهُوَ فِيهَا ... ورد خديه فِي جنى سوسانه) (يشتكي بالفتور من كسل الْمَشْي وَلَا يشتكيه من أجفانه ... ) (وَلَقَد شفني واسهر طرفِي ... لمع برق يزف فِي لمعانه) (شمته والظلام يفتر عَنهُ ... كافترار الزنْجِي عَن أَسْنَانه) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (أَلا عودة من طيفه فَيرى حَالي ... أَلا ياد ادكاري للكرى لي أَتَى تالي) (يكَاد يضيق الجو من عظم زفرتي ... وتهفو نُجُوم اللَّيْل من فرط إعوالي) (ابي غير تعذيبي وَلَو امْر الردى ... أطَاع وَلَكِن فعله هُوَ أنكى لي) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْخَفِيف (والثريا دنت من الْبَدْر حَتَّى ... خلتها دارعا يُدِير مجنا) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْكَامِل (ومزنة والبرق ينسج فَوْقهَا ... بردين من نوء وطل باكي) (مَالَتْ على طي الْجنَاح وَإِنَّمَا ... جعلت أريكتها قضيب أَرَاك) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 وَقَوله فِي الخضاب من الْكَامِل (لما رَأَتْ شعري تغير لَونه ... ورأته محتجبا وَرَاء حجاب) (قَالَت خضبت فَقلت شيبي إِنَّمَا ... لبس الْحداد على ذهَاب شَبَابِي) // الْكَامِل // 9 - قَاسم بن عبد الرَّحْمَن الْعجلِيّ انشدني لَهُ من السَّرِيع (استحيت الاغصان من قده ... وحار مَاء الْحسن فِي خَدّه) (إِنِّي لمشتاق إِلَى رِيقه ... طُوبَى لمن يرشف من برده) // السَّرِيع // 10 - مُحَمَّد بن هِشَام بن سعد الْخَيْر انشدني لَهُ من الْخَفِيف (يَا سقيم الجفون من غير سقم ... حاش لله أَن تبوء بإثمي) (أَنْت أذكيت من الحشا نَار شوقي ... وَجعلت السقام يلهو بجسمي) (مَا أُبَالِي بِمن لحاني إِذا قَامَ ... خَطِيبًا من سحر عَيْنَيْك خضمي) // الْخَفِيف // 11 - عبد الله بن حَارِث قَالَ من الطَّوِيل (عزائم وجد مَا يحل لَهَا عقد ... وجرية دمع لَيْسَ يبْقى لَهَا خد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 (ومقلة مَمْنُوع الرقاد كَأَنَّمَا ... جرى بَين عَيْنَيْهِ وَبَين الْكرَى حقد) (وبادية الْإِعْرَاض لَا عَن ملالة ... وَلَكِن إعْرَاضًا يولده الود) (منعمة تزهو بخد مورد ... كَأَن شُعَاع الشَّمْس من خدها يَبْدُو) (وَقد وثقت مني بعزم صبَابَة ... لَهَا دون عقد الصَّبْر من مهجتي عقد) (وَمَا الصد إِلَّا كالوصال إِذا غَدا ... لغير ملال أَو قلى ذَلِك الصد) // الطَّوِيل // 12 - عَبَّاس بن قرماس انشدني لَهُ من الطَّوِيل (وأحور مَا يُعْفَى الْعُيُون من الْعِشْق ... لَهُ كذب فِي الْجد أحلى من الصدْق) (وللحسن فِي خديه شمس مُقِيمَة ... وَبدر كَمَال لَا يحور إِلَى محق) (وَمَا الْعَيْش إِلَّا ميتَة الهجر والنوى ... بأحور مَا يبْقى هَوَاهُ وَلَا يبقي) // الطَّوِيل // 13 - احْمَد بن مُحَمَّد بن فرج قَالَ من الوافر (بنفسي من يصد بِغَيْر ذَنْب ... سوى إدلاله ثِقَة بحبي) (عجبت لِقَلْبِهِ قَاس كجسمي ... ويحكى جمسه فِي اللين قلبِي) (فَهَلا بالتشاكل كَانَ قَاس ... لقاس واغتدى رطب لرطب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 (وَإِن لم يَنْعَطِف باللين فظ ... فَقولِي بالقساوة قلب صب) // الوافر // وَقَوله من الوافر (بِأَيِّهِمَا أَنا فِي الْحبّ بَادِي ... بشكر الطيف أم شكر الرقاد) (سرى وأرادني أملي وَلَكِن ... عففت فَلم انل مِنْهُ مرادي) (وَمَا فِي النّوم من حرج وَلَكِن ... جريت من العفاف على اعتقادي) // الوافر // وَقَوله من الوافر (وَمَا زَالَ الْهوى سكنا لقلبي ... أفر إِلَيْهِ من نوب الخطوب) (وألتذ الغرام الْمَحْض مِنْهُ ... وأستحلي بِهِ حَتَّى كروبي) (كَذَاك الْحبّ ضيف لَيْسَ يَأْتِي ... إِلَى غير الْكِرَام من الْقُلُوب) // الوافر // وَقَوله من الطَّوِيل (بمهلكة يستهلك الْجهد عفوها ... فَتتْرك شَمل الْعَزْم وَهُوَ مبدد) (يرى عاصف الْأَرْوَاح فِيهَا كَأَنَّهُ ... من الأين يمشي ظالع ومقيد) // الطَّوِيل // 14 - أَبُو الصخر عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ من الْخَفِيف (حبذا الْعَيْش بَين يَوْم وصال ... مستجد وَبَين يَوْم صدود) (وَحَدِيث موشح بعتاب ... فيهمَا نزهة الْفُؤَاد العميد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 (من غزال فِي مقلتيه سِهَام ... هن أمضى من مرهفات الْحَدِيد) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (وَكم لَيْلَة قد نادمتني نجومها ... اديم صَبُوحًا عِنْدهَا وغبوقا) (يعاطينني كأسا ألذ من المنى ... وأعذب من ريق الاحبة ريقا) // الطَّوِيل // وأنشدني لبَعض شعرائهم من الطَّوِيل (أيا شمس دنياي الَّتِي كلما غَدَتْ ... لَهَا عزة الْمولى فلي ذلة العَبْد) (أعالج دَاء الدَّهْر مِنْك بذلتي ... وَقد قيل قدما عالجوا الضِّدّ بالضد) // الطَّوِيل // 15 - زَكَرِيَّا بن يحيى الْمَعْرُوف بِابْن الطنجية انشدني لَهُ من الْكَامِل (صبرا على هجر الحبيب وصده ... لَا يؤيسنك هجره من وده) (وَلَا تقنطن من الصدود فَإِنَّمَا ... لين الزَّمَان معرض بأشده) (وانا الْفِدَاء لشادن علقته ... حبيه صيرني تَحِلَّة عَبده) (مَاء الشَّبَاب يجول فِي وجناته ... وحسام رونقه يجول بخده) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (قف بالمطي على الْمنَازل ... بالسفح من حصن فعاقل) (دمن أَنَاخَ بهَا الرّبيع وَحل أثقال الرَّوَاحِل ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 (لعبت بهَا هوج البوارح ... بِالْغُدُوِّ وبالأصائل) (تستن فِي عرصاتها ... وتجر أذيال القساطل) (حَتَّى كَأَن رسومها ... إخلاق أجفان المناصل) (أوأسطر من عهد ذِي القرنين ... فِي الصُّحُف الْأَوَائِل) // الْكَامِل // 16 - فاتك الشهواجي قَالَ فِي غُلَام يهواه من الرجز (رِسَالَة من كلف الْفُؤَاد ... معذب بالصد والبعاد) (اجفانه وقف على السهاد ... يبكي بدمع رائح وغادي) (إِلَى الَّذِي مِمَّا لقِيت خَالِي ... منعم الْعَيْش رخي البال) (يُرِيد هجري وَيرى مطالي ... لَئِن سلاني لست عَنهُ سالي) (يَا غُصْن بَان مخجل الاغصان ... وَيَا رخيم الدل والمعاني) (يَا قمرا مَا إِن لَهُ مداني ... يَا ذَا الَّذِي بطرفه سباني) (بلغت أعداي الَّذِي أَحبُّوا ... صرت عَليّ وَالزَّمَان الب) (هَذَا جزا من بصبي يصبو ... عثرت والطرف الْجواد يكبو) (يَا عبد مَا تعرف مَا أُلَاقِي ... يَا عبد مَا شوقك كاشتياقي) (نفس بِحَق الود عَن خناقي ... مَا شدد الهجران من وثاقي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 (يَا ذَا الَّذِي يملكني بطرفه ... يَا من يجل الْوَصْف عِنْد وَصفه) (يَا قاتلي بوعده وَخَلفه ... ارْحَمْ محبا قد دنا من حتفه) (ارْحَمْ عَزِيزًا فِي هَوَاك ذلا ... ألبسته ثوبا فَمَا تملى) (قطعه العذال فِيك عذلا ... يَا بدر تمّ فِي السما تجلى) (إِرْث لقلب دَائِم الْجراح ... ارع انتهاكي فِيك وافتضاحي) (لَا تقبلن فِي قَول لاحي ... يَا ذَا الَّذِي بكفه سراحي) (فقد عَفا الرَّحْمَن عَمَّا قد سلف ... فعد عَن زور التصابي والصلف) (واحن على الصب بوصل وانعطف ... إِن لم ينله مِنْك وإحسان تلف) (بِحَق مَا فِي فِيك من رضاب ... يَا من غذته نعْمَة الشَّبَاب) (لَا تقطعن الدَّهْر فِي عتاب ... فقد تقضى زمن التصابي) (بِحَق من انْزِلْ صحفا وَكتب ... إجعل إِلَى الْقلب طَرِيقا وَسبب) (يَا لعبة وافت على كل اللّعب ... قد مسني بعْدك بؤس وَنصب) (لم يرض بالذلة غير نذل ... وَلست ارضى بقبيح الْفِعْل) (إِنِّي ارى من دون هَذَا قَتْلِي ... فاقطع وصالي أَو فجد بِالْفَضْلِ) // الرجز // وَهِي طَوِيلَة جدا 17 - أَبُو بكر إِسْمَاعِيل بن بدر انشدت لَهُ من الطَّوِيل (غزال جَنِينا الْورْد من وجناته ... على أَنه منا الْقُلُوب بهَا يجني) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 (إِذا مَا بدا وَاللَّيْل منسدل الدجا ... رَأَيْت سناه كَيفَ يفعل بالدجن) (أخبرهُ بالطرف أَنِّي أحبه ... فتخبرني عَيناهُ أَن قد وعى مني) // الطَّوِيل // وَقَوله من السَّرِيع (كَيفَ ترى شوقي وتعذيبي ... يَا غَايَة فِي الْحسن وَالطّيب) (إِن الَّذِي قَالَ عَليّ العدى ... إفْك كَمَا قيل على الذيب) (يَا يُوسُف الْحسن أما رَحْمَة ... تكشف عني ضرّ ايوب) // السَّرِيع // 18 - مُؤمن بن سعيد بن إِبْرَاهِيم أنشدت لَهُ من مجزوء الرمل (قل لمن لست أسمي ... بِأبي أَنْت وَأمي) (مَا على بعض ظباء الْإِنْس ... لَو فرج همي) (سَيِّدي وَجهك شمس ... أشرقت أم بدر تمّ) // مجزوء الرمل // وَقَوله من الْكَامِل (أودى الْفِرَاق بِقَلْبِه فَكَأَنَّهُ ... بعد الظعائن ميت لم يلْحد) (يَا ظَاعِنًا ولى بقلبي إِذْ غَدا ... مَا الصَّبْر من جزعي عَلَيْك بِأَحْمَد) (أفنيت فِيك دموع عَيْني بعد مَا ... أفنيت فِيك تصبري وتجلدي) (الله يعلم أَن نَار صبابتي ... من يَوْم بنت جحيمها لم يبرد) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 وَقَوله من الْكَامِل (ذكر الرصافة قلبه فاشتاقا ... واذاع مَاء جفونه مهراقا) (كم بالرصافة من أَخ لي مسعد ... لَوْلَا النَّوَى مَا جئنهم مشتاقا) (يَا حبذا ارْض الرصافة منزلا ... لَقِي الْفُؤَاد بِذكرِهِ مَا لَاقَى) (لَا تنكروا شوقي إِلَى بلد بِهِ ... أَهلِي فَحكم الْبَين أَن أشتاقا) // الْكَامِل // وَقَوله من الرمل (إِنَّمَا أزري بقدري أنني ... لست من بابة أهل الْبَلَد) (لَيْسَ مِنْهُم غير ذِي مقلية ... لِذَوي الالباب أَو ذِي حسد) (يتحامون لقائي مِثْلَمَا ... يتحامون لِقَاء الاسد) (طلعتي اثقل فِي أَعينهم ... وعَلى انفسهم من اُحْدُ) (لَو رأوني قَعْر بَحر لم يكن ... اُحْدُ يَأْخُذ مِنْهُم بيَدي) // الرمل // 19 - الْوَزير أَبُو وهب عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ من الرمل المجزوء (قتلت عَيْنَاك عَبدك ... قبل أَن تقضيه وَعدك) (حلت عَن عهد محب ... لم يزل يحفظ عَهْدك) // الرمل المجزوء // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 20 - عبد مُحَمَّد بن حُسَيْن بن طَلْحَة الْعَبْسِي قَالَ من الْخَفِيف (كَيفَ صبري واملح الثقلَيْن ... مخلف موعدي ولاو بديني) (كلما رمت وَصلهَا وصلتني ... بصدود وذنبتني ببين) (هِيَ وسنى الجفون لَكِن بنوم ... مذ أرتنيه أذهبت نوم عَيْني) // الْخَفِيف // 21 - الْوَزير ابو عُثْمَان عبيد الله بن مُحَمَّد بن ابي عُبَيْدَة أنشدت لَهُ من المتقارب (أمولاي حَتَّى مَتى أضرع ... وأشكو إِلَيْك فَمَا تسمع) (نبا بِي الوساد وَطول البعاد ... وطار الرقاد فَمَا أهجع) (أود بِأَن المنايا أَتَت ... وَأَيْنَ يرى اللَّحْد لي مَضْجَع) (يقطع قلبِي صدودك عني ... فَمَا لي فِي عيشة مطمع) // المتقارب // وَقَوله من الوافر (صدود لَيْسَ يبلغهُ عِقَاب ... وعتب لَيْسَ يثنيه عتاب) (وإبعاد بِلَا ذَنْب طَوِيل ... وإعراض وَصد وَاجْتنَاب) (فَلَا سهر يطيب وَلَا رقاد ... وَلَا أكل يسوغ وَلَا شراب) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 22 - مُحَمَّد بن مطرق بن شخيص انشدت لَهُ من الطَّوِيل (يَقُولُونَ كم تَدْعُو إِلَى غير رَاحِم ... وَمَا كل من يشكو إِلَى النَّاس يرحم) (وددت بِأَن يرضى فَإِن جاد بِالرِّضَا ... تفكر فِي ذَنْب الْمُحب فيندم) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْخَفِيف (كَانَ فِي كَثْرَة العتاب دَلِيل ... لي على أَن من هويت ملول) (من نوى جفوة تَقول فِي الْحبّ ... على من يُحِبهُ مَا يَقُول) (فاقطعي الْوَصْل أَو صلي فبقائي ... مَعَ طول العتاب مِنْك قَلِيل) (واسلكي بِي سَبِيل عُرْوَة إِن لم ... يتَّجه لي إِلَيّ رضاك سَبِيل) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (وَلم أدر إِذْ زموا الهوادج بالضحى ... أطرفي أعمى أم نهاري مظلم) (فيا جفن عَيْني كَيفَ تطمع فِي الْهوى ... بنوم ونوم العاشقين محرم) // الطَّوِيل // 23 - عَليّ بن حتفان بن أُخْت النظام أنشدت لَهُ من الْكَامِل (وَذكرت مَا يلقى الْمُحب مخلفا ... بعد الْأَحِبَّة من جوى وسهاد) (بِاللَّه لَا تنس الوداد فإنني ... بَاقٍ على عهدي ومحض ودادي) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 24 - مُحَمَّد بن عبديس الجناني رَحمَه الله انشدت لَهُ من المتقارب (إِلَيْك أمد بشجوي يدا ... فقد بلغ الْحبّ مني المدى) (فريد المحاسن أَنْت الَّذِي ... قد اثبتني فِي الاسى مُفردا) (ترفق فَلَو كنت بعض العدى ... وفعلك فعلك مَا بِي عدا) (ارحني فقد بت مِمَّا لقِيت ... وأروح مَا أرتجيه الردى) // المتقارب // 25 - احْمَد بن ابي صَفْوَان بن الْعَبَّاس ابْن عبد الله بن عمر بن مَرْوَان قَالَ من الْبَسِيط (فَلَو تراني نشوانا أميل على ... هَذَا وَذَاكَ بِلَا خوف الرقيبين) (والكأس يسْعَى ونقر الْعود يخفرها ... وَنقل كأسي من ريق الغزالين) (رَأَيْت أحسن مرئي وأبهجه ... لَيْث العرين صَرِيعًا بَين ريمين) // الْبَسِيط // 26 - أغلب بن شُعَيْب أنشدت لَهُ من الْخَفِيف (رب ليل أَحييت فِيهِ سنا الصُّبْح ... بِوَجْه يعشي الْوُجُوه سناه) (بَات والراح فِي غلائلها الْبيض ... تعاطيكها بِهِ راحتاه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 (فأعار الكؤوس توريد خديه ... وَطيب النسيم من رياه) (وَكَأن المدام قد علمتها ... كَيفَ تسبي ألبابنا مقلتاه) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (قد توقعت حَادث الْبَين إشفاقا ... عَلَيْهِ من قبل حِين وُقُوعه) (فَرَأَيْت الْفِرَاق دلّ على أَن ... فِرَاق الْحَيَاة فِي توديعه) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (من مجير المشوق من اشواقه ... ويكف الدُّمُوع من آماقه) (بَان عني من غادر الْقلب مني ... فرقا من تأسفي لفراقه) // الْخَفِيف // وأنشدني لبَعض أدبائهم من الطَّوِيل (وَلَيْلَة انس كَاد يسبقها الْفجْر ... وتسفر فِي عَيْني بهَا الظُّلم الكدر) (لقيتك مِنْهَا بالاماني ذَاكِرًا ... فيا طيب ليلى من لِقَاء هُوَ الذّكر) (أقمتك فِي نَفسِي لنَفْسي تذكرا ... ففزت بوصل مَا يغالبه الهجر) (السِّت نَظِير الْبَدْر حسنا وبهجة ... فمالك لَا تسري كَمَا يفعل الْبَدْر) // الطَّوِيل // 27 - مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الفاني الاكبر قَالَ من المنسرح (أمثل شوقي إِلَيْك ينفرج ... وَهُوَ بروحي والجسم ممتزج) (ايْنَ لقلبي من الْهوى وزر ... ولوعة الشوق فِيهِ تعتلج) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 (وابأبي من يذيب نَفسِي بالتكريه مِنْهُ الدَّلال والغنج ... ) (علم طرفِي السهاد من طرفه السَّاحر ذَاك الفتور والدعج ... ) // المنسرح // 28 - حسن بن مُحَمَّد بن ربيع الفاني قَالَ من الْبَسِيط (لَوْلَا جفونك مَا استولى بِي الكمد ... وَلَا تحكم فِي أجفاني السهد) (الهجر يذكي جوى قوم فيا عجبا ... للوصل يذكي جوى قوم فيتقد) (كَأَنَّهُ لَيْسَ يبْقى فِي جوانحه ... إِلَّا ليشقى بِمَا يلقى وَمَا يجد) (هَذَا مقَام فُؤَادِي فِي تشوقه ... فَلَا تسل بعد ذَا ان كَانَ لي كبد) // الْبَسِيط // 29 - عبد الله بن بكر رَحمَه الله تَعَالَى أنشدت لَهُ من الْخَفِيف (حسدت نَفسِي الطَّبِيب وَقَالَت ... لَيْت كفي مَكَان كف الطَّبِيب) (عجبا كَيفَ ساعدته يَدَاهُ ... فصد ذَاك الْمطرف المخضوب) (لَيْت وَجه الحبيب كَانَ من الدُّنْيَا وَمن جنَّة الخلود نَصِيبي ... ) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَقَوله من الْكَامِل (لما رَأَيْت شُعَاع وَجهك قد بدا ... متهللا كتهلل الْبَرْق) (سبحت من عجب وَقلت مَتى ... للشمس مطلع سوى الشرق) (مَا كنت أَحسب مثل صورتهَا ... متكونا ابدا من الْخلق) // الْكَامِل // وأنشدني للكلبي الوافر (بنفسي من هَوَاك لهيب شوق ... وَمَا يخبو كَمَا يخبو اللهيب) (هُوَ الدَّاء لم يشف مِنْهُ ... لِقَاء يلتقيه وَلَا مغيب) (وتروي بالعناق قُلُوب قوم ... وتظمأ لَو تعانقت الْقُلُوب) (على أَنِّي إِذا مَا غبت عني ... وان أَصبَحت فِي أَهلِي غَرِيب) // الوافر // قَالَ وعتب الحكم ولي الْعَهْد على الْكَلْبِيّ فِي بعض الامر فأقصاه وأبعده فَكتب إِلَيْهِ كتابا متنصلا وَجعل عنوانه عَبده الْكَلْب إِلَّا أَن يمنحه مَوْلَاهُ يَاء نسبته فاستظرف الحكم كِتَابَة وَضحك مِنْهُ وَدعَاهُ فأعتبه وَوَصله 30 - مُحَمَّد بن حَفْص بن فَرح قَالَ من الْبَسِيط (يَا من غَدَتْ نَفسه نَفسِي فَإِن سلمت ... سلمت أَو ألمت قاسمتها الألما) (مَا إِن علمت الَّذِي تشكوه من سقم ... حَتَّى وجدت بنفسي ذَلِك السقما) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وَله من الْخَفِيف (فِي المنى رَاحَة لكل عميد ... شفه الْحبّ بالنوى والصدود) (إِن تناءى الحبيب أدنته مِنْهُ ... فغدا فِي الْعباد غير بعيد) (أَو جفاه فَإِنَّهُ لمناه ... وَاصل حبله برغم الحسود) // الْخَفِيف // 31 - عبد الله بن مُحَمَّد بن فَرح الاندلسي قَالَ من الطَّوِيل (شكا السقم من أَهْوى وجد بِهِ الصِّبَا ... وَلَا مثل مَا جد الصِّبَا بِي فِي الْحبّ) (وَمَا عدته إِلَّا وسقمي وَاحِد ... وأبت ولي سقمان بالحب وَالْكرب) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْخَفِيف (مَا لهَذَا الصدود من غير معنى ... يَا حَبِيبِي إِلَى مَتى تتجنى) (أَنْت غُصْن فَكيف تقسو لجان ... مد كفا وَأَنت تهتز لدنا) (إِن تكن قد مللت قربي تَبَاعَدت ... قَلِيلا لعلني سَوف أدنى) (أَيهَا الباخل الممانع جد لي ... من حَياتِي بِبَعْض مَا أَتَمَنَّى) (أَو أرحني بِالْمَوْتِ فالموت عِنْدِي ... هُوَ خير من أَن أعيش معنى) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (رحلت وقلبي عَنْك لَيْسَ براحل ... وزلت وصبري عَنْك أول زائل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 (وجدت بِنَا العيس الْعتاق وَإِنَّمَا ... رحيلي من الدُّنْيَا بِتِلْكَ الرَّوَاحِل) (وَمن عجب اخْتَار فِيك منيتي ... وَمَا فِي الدُّنْيَا من خِيَار لعاقل) // الطَّوِيل // وَقَوله من المتقارب (نظرت إِلَى عقدات الْكَثِيب ... يعيني مشوق إِلَيْهَا كئيب) (وَكم نظرة مَلَأت ناظري ... إِلَيْهَا دَمًا مستهل الْغُرُوب) (رعى الله أهل كثيب اللوى ... كرعيك مِنْهُم عهود الحبيب) (وشقق فيهم جُيُوب السَّمَاء ... كَمَا شقق الْبَين رتق الْجُيُوب) // المتقارب // وَقَوله من الطَّوِيل (أرى نَار ليلِي بالعقيق تلوح ... فتدنو النَّوَى بالشوق وَهِي تروح) (نظرت إِلَيْهَا وَهِي تسبح فِي الدجى ... وإنسان عَيْني فِي الدُّمُوع سبوح) (فسلني بوجد لَو تقسم فِي الورى ... لما بَات بَين الْخَافِقين صَحِيح) (فيا لَك نَارا تصطليها جوانحي ... وَدون الصلا مِنْهَا مهامه فيح) // الطَّوِيل // 32 - مُحَمَّد بن احْمَد بن قادم قَالَ من الْخَفِيف (لم أبح باسمه لاني ضنين ... باسمه أَن تذيله الأفواه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 (أَنا من خاطري أغار عَلَيْهِ ... عِنْد ذكري لَهُ فَكيف سواهُ) (سَاءَ ظَنِّي لفرط غيرَة قلبِي ... مَعَ علمي عفاف من أهواه) (وَإِذا مَا سَمِعت من يتشكى ... حرقة خلت انها شكواه) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْبَسِيط (إِنِّي زعيم لمن أَسهرت مقلته ... أَن لَا يطِيف بِهِ طيف من الوسن) (سُبْحَانَ رب الورى مَا كَانَ أغفلني ... حَتَّى رمتني اللَّيَالِي فِيك بالمحن) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْخَفِيف (قف بِربع البلى وَربع الهموم ... واسفح الدمع فِيهِ سفح الغيوم) (غيرت آيه صروف اللَّيَالِي ... ومحاها الْغَمَام محو الرقيم) (سَاءَ مَا اعتاض بالسحائب من نبت ... الْمَعَالِي بمنبت القيصوم) (فالأسى حِين يعْدم الشَّيْء مَحْمُول ... على قدر جَوْهَر الْمَعْلُوم) // الْخَفِيف // وَقَوله من الوافر (أما وَالْبَيْت والشهر الْحَرَام ... وزمزم والمشاعر وَالْمقَام) (لقد حنت ركاب الركب حَتَّى ... شجت قلب الخلي من الغرام) (إِذا شاق الحنين فؤاد خلو ... فَكيف نرى فؤاد المستهام) (تحن إِلَى حنين العيس نَفسِي ... وَيبْعَث شجوها نوح الْحمام) (وَإِن حَيَاة نفس كل شَيْء ... يشوقها لموشكة الْحمام) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 وَقَوله من الْكَامِل (مَا كَانَ تركي للعيادة عَن قلى ... منى وَلَا لتبدل وَتغَير) (لَكِن علمت إِذا سَمِعتك تَشْتَكِي ... أَن لَا يقوم بِهِ جميل تصبري) // الْكَامِل // 33 - مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العتيبي قَالَ من الْكَامِل (فاسأل بِهن ربوعهن وَمَا الَّذِي ... يجدي عَلَيْك سُؤال ربع داثر) (عفت معالمه اللَّيَالِي مثل مَا ... عفى سَواد الشّعْر بهجة عَامر) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (حوراء خود تستعير إِذا مشت ... لين الْقَضِيب الناعم المياس) (لانت أناملها وَلَكِن قَلبهَا ... فِي قسوة الْحجر الصلود القاسي) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (أَلا فِي سَبِيل الله قلب متيم ... اصيبت ببين الظاعنين مقاتله) (هوى صبره بالبين من ذرْوَة الْهوى ... وغالته إِذْ بَان الخليط غوائله) (وَبَين الحمول المستقلة شادن ... أغن غليظ الْقلب رخص أنامله) (تيقنت أَن الصَّبْر عني زائل ... عَشِيَّة زمت للرحيل رواحله) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 34 - مُحَمَّد بن مَرْوَان بن حَرْب قَالَ من مخلع الْبَسِيط (من فرط شحي عَلَيْك أَنِّي ... رَسُول نَفسِي إِلَيْك عني) (فَلَو سَأَلت الرَّسُول مِمَّن ... أَتَى لقَالَ الرَّسُول مني) // مخلع الْبَسِيط // 35 - المكفوف مُحَمَّد بن مَحْمُود بن ايوب الغنوي قَالَ من الْبَسِيط (لَا يبعد الله أَيَّامًا نعمت بهَا ... بَين الغواني وَشَمل الْحَيّ ملتئم) (بِكُل ناعمة الاطراف مشرقة ... تكَاد تسفر من إشراقها الظُّلم) (كَأَنَّهَا دمية بل كَوْكَب شَرق ... بل رَوْضَة أنف زهراء بل صنم) (فَمَا لمثلي لَا يبكي لفرقتها ... والعهد مِنْهَا وَلَو أَن الْبكاء دم) // الْبَسِيط // 36 - مَازِن بن عَمْرو بن مَرْوَان بن مُحَمَّد بن عَاصِم قَالَ من السَّرِيع (كم لي بِمن أهواه من وجد ... بَين إِلَى هجر إِلَى صد) (وعبرة لَو أَنَّهَا جَمْرَة ... مَا أطفئت من شدَّة الوقد) (إِن حَالَتْ الرّيح إِلَى غَيرهَا ... أَقُول قد حَال عَن الْعَهْد) (وَإِن دنا دَان توهمته ... دنا ليثنيك عَن الود) (كَأَن سوء الظَّن مستجمع ... من بَين هَذَا الْخلق لي وحدي) // السَّرِيع // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 وَقَوله من الْكَامِل (ومنعم لِلْحسنِ فِي وجناته ... فجر ينم صباحه ونهاره) (قد تاه قرطقه بنهدي صَدره ... وزها بلعبة خصره زناره) (أَمْسَى يعللني المدام وَعِنْده ... عود ترن بشجوه أوتاره) (فيهيج مني لوعة لَو أَنَّهَا ... بصفا الْمُقَرّر ضعضعت أحجاره) (والدن مَقْطُوع الوتين ترى لَهُ ... علقا يجود بصوبه مدراره) (طفئت مصابحنا فَكَانَ سراجنا ... مصباحه حَتَّى الصَّباح وناره) // الْكَامِل // 37 - احْمَد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز ابْن أُميَّة بن الامام الحكم قَالَ من الطَّوِيل (لَئِن منعُوا من نَاظر نور ناظري ... فَمَا منعُوا مَا بَيْننَا فِي الضمائر) (نموت وَلَا نشكو الْهوى غير أننا ... إِذا مَا الْتَقَيْنَا نشتكي بالمحاجر) // الطَّوِيل // وَقَوله من السَّرِيع (وَدعنِي إِذْ ودعوا صبري ... وجمعوا الْبَين إِلَى الهجر) (واستخلفوا فِي كَبِدِي لوعة ... لاعجها أذكى من الْجَمْر) (لَوْلَا دموع الْعين يَوْم النَّوَى ... لأحرقت من حرهَا صَدْرِي) (وَكَيف صبري فِي هوى شادن ... مكتحل الاجفان بِالسحرِ) // السَّرِيع // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 38 - مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْوَاحِد الْمَعْرُوف بعرجون قَالَ من الْخَفِيف (يَا رَسُولي ابلغ إِلَيْهَا شكاتي ... واسألنها وَلَو بَقَاء حَياتِي) (قل لَهَا قد قضى هَوَاك عَلَيْهِ ... فَهُوَ ميت أَو مُؤذن بالممات) (فالحظيه تَرين إِن شِئْت مَيتا ... كَانَ يحيا بأيسر اللحظات) (واعجبي أَن تكون لَحْظَة عين ... مِنْك تهدي الْحَيَاة للاموات) // الْخَفِيف // 39 - عِيسَى بن ابي جرثومة قَالَ من الْبَسِيط (يَا من سقتني كأس الْحبّ عَيناهُ ... صرفا وثنى بِأُخْرَى طيب رياه) (وَزَادَنِي وردتي خديه ثَالِثَة ... فأسكرتني عَيناهُ وخداه) (يَا من كَسَاه ضِيَاء الْحسن خالقه ... فبالملاحة حَيَّاهُ ورداه) (حَيّ يرجي سَلاما فِي مُلَاحظَة ... تشفي بِهِ سقم قلب طَال بلواه) // الْبَسِيط // 40 - احْمَد بن عبد الْملك بن مَرْوَان قَالَ من الْكَامِل (وَلَقَد نفست على الاراك وَحقّ لي ... لما اجتني بالذوق طيب جناك) (وَبِي الصدى لَا بالأراك فَمَا لَهُ ... رشف اللمى وَحرمت رشف لماك) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 (اشعرت لَو أَنِّي حللت مَحَله ... لم امتهنك بِأَن اقبل فَاك) // الْكَامِل // وَقَالَ من الطَّوِيل (على صدع شملي مِنْك قلبِي تصدعا ... فَعَن أَي حَال مِنْك ابدي التوجعا) (على النأي مِنْكُم أم على قرب داركم ... بهجر يزِيل الصَّبْر عني أجمعا) (بلَى إِن فِي قرب الديار لراحة ... وَإِن لم يدع فِيك هجرك مطمعا) (كَمَا أَن ايام النَّوَى تبْعَث الاسى ... وَيَدْعُو التصابي للمحب إِذا دَعَا) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْبَسِيط (هبت لنا الرّيح من تِلْقَاء كاظمة ... وَهنا فكم رد نفح الرّيح من روح) (وَمَا عرفت نسيم الرّيح من بلدي ... إِلَّا بعرف حبيب هَب فِي الرّيح) // الْبَسِيط // 41 - عِيسَى بن جوشن قَالَ من الْبَسِيط (أذاع سافح دمع الْعين حِين همى ... من الجوانح سرا كَانَ مكتتما) (لَا تحسبي انه سر بذلت بِهِ ... وَلَا فتحت بِهِ للكاشحين فَمَا) (لَوْلَا عواصي دموع لَا تطاوعني ... مَا ذاع سرك عِنْدِي لَا وَلَا علما) (لؤم بِذِي الْحبّ ان يُبْدِي سرائر مَا ... يهوى وَمن صانها حفظا فقد كرما) (سجيتي انني ارعى ودائعكم ... واحفظ الْعَهْد مِنْكُم كلما قدما) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 (وانني امنح الواشي بكم اذنا ... معارة فِيكُم عَن قَوْله صمما) // الْبَسِيط // 42 - عبد الله بن سعيد الْكَاتِب الْمَعْرُوف بأبن الاخرس قَالَ من الْخَفِيف (مَا لعذري يزِيد فِي قدر ذَنبي ... وعتابي يغريك فِي بعتب) (ولماذا اشْتريت ودي وَقد اعطيتك الود من لساني وقلبي ... ) (حسبي الله من اعاد وحساد ... وبالصدق فِي ترضيك حسبي) (انت شربي وَلَيْسَ فِي الْعَيْش حَظّ ... لي يصفو اذا تكدر شربي) // الْخَفِيف // 43 - عبد الله بن حُسَيْن بن عَاصِم بن طَاهِر قَالَ من المجتث (ابدى الصدود حبيب ... قد خَان عهدي وملا) (ولي فَمن لي بروحي ... يردهَا اذ تولى) (لَا آخذ الله مِنْهُ ... من بالجفاء تحلى) // المجتث // وَقَوله من الْبَسِيط (اغري بِي الشوق فكر مَا يسالمني ... اقام بَين ضلوعي حَرْب صفينا) (هَذَا وَمَا خَان احبابي الاولى ظلمُوا ... وانهم لعهود الْحبّ راعونا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 (يَا اهل ودي عدا بِي عَن زيارتكم ... هوى يلح بإبعادي احايينا) (مَا لي على الْحبّ من عون يوازرني ... فِيهِ سوى ادمع تجْرِي افانينا) // الْبَسِيط // 44 - الْوَزير ابو الحزم جهور بن عبد الله قَالَ من الْكَامِل (يَا عائبا لي بالصدود ... اذا ذكرت قَبِيح عذرك) (اخليت من قلبِي مَكَانا ... كَانَ معمورا بذكرك) (وانا احبك لَو وثقت واستديم بَقَاء عمرك ... ) // الْكَامِل // 45 - عِيسَى بن عبد الْملك بن قزمان قَالَ من السَّرِيع (كم من حبيب كَانَ لي قُرَّة ... مقترب الود لطيف الْمَكَان) (يرى على الاعداء فِيمَا يرى ... كالصارم الْهِنْدِيّ اَوْ كالسنان) (حَتَّى اذا الدَّهْر نبا نبوة ... حَال فحلنا بانقلاب الزَّمَان) (كَانَ صديق الْغَيْب فِيمَا يرى ... وانما كَانَ صديق العيان) // السَّرِيع // وَقَوله من المتقارب (تَقول بَعدت فأنسيتنا ... وَلم يَك حبك بالدائم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 (فَقلت لَهَا لَو علمت الْهوى ... لما جرت فِيهِ على الْعَالم) (لَان الْهوى وانتزاح النَّوَى ... يزيدان فِي لوعة الهائم) (كَفعل الرَّحِيق وسكر الْكرَى ... اذا مَا استعانا على النَّائِم) // المتقارب // 46 - مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار النظام قَالَ من الْخَفِيف (ان جهلا بِالْمَرْءِ ذِي الحزم والراي ... رُجُوع فِي الغي بعد نزاع) (ومحالا بِأَن يُطِيع هَوَاهُ ... والهوى مَا علمت شَرّ مُطَاع) // الْخَفِيف // وَله من الْخَفِيف (اودعت مهجتي غَدَاة الْوَدَاع ... حرقات تجنها اضلاعي) (طفلة تستبي الْعُقُول بدل ... آخذ للقلوب والاسماع) (كشف الْبَين مَا كتمت وَمَا كنت قَدِيما اصونه فِي قناعي) // الْخَفِيف // 47 - الْوَزير ابو عَامر احْمَد بن عبد الْملك بن شَهِيد انشدني لَهُ ابو سعيد بن دوست قَالَ انشدني الْوَلِيد بن بكر الْفَقِيه الاندلسي قَوْله من قصيدة يمدح فِيهَا من الطَّوِيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 (واخرى اعتلقنا دونهن ودونها ... قُصُور وحجاب ووال ومعشر) (يزينها مَاء النَّعيم وحفها ... من الْعَيْش فينان الاراكة اخضر) (اذا رامها ذُو حَاجَة صد وَجهه ... ظبا الباترات والوشيج المكسر) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَمن قبَّة لَا يدْرك الطّرف رَأسهَا ... تزل بهَا ريح الصِّبَا فتحدر) (اذا زاحمت فِيهَا المخارم صوبت ... هبوبا على بعد المدى وَهِي تجأر) (تكلفتها وَاللَّيْل قد جاش بحره ... وَقد جعلت امواجه تتكسر) (وَمن تَحت حضني ابيض ذُو شقاشق ... وَفِي الْكَفّ من عسالة الْخط اسمر) (الى بَيت ليلى وَهُوَ فَرد بِذِي الغضا ... يضيء كعين المستهام ويزهر) (هما صَاحِبَايَ من لدن كنت يافعا ... مقيلان من جد الْفَتى حِين يعثر) (فَذا جدول فِي الْكَفّ تشفي بِهِ المنى ... وَذَا غُصْن فِي الْكَفّ يجني ويثمر) (فبتنا على ضم اشتياقنا ... تكَاد لَهُ اكبادنا تتفطر) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (ودوية من فتْنَة مدلهمة ... دريس الصوى معروفها متنكر) (اذا جابها الخريت فِي طرقاتها ... يظل بهَا اعمى وان كَانَ يبصر) (ترى ثابتات الحكم عِنْد اعتسافها ... ترك على ادفافها فتهور) (وان سلكت اضواجها عييت بهَا ... غوارب من ذِي مطريات تزجر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 (وسرنا نجوز النهج حَتَّى بدا لنا ... بغرة يحيى سَاطِع اللَّوْن ازهر) // الطَّوِيل // وَله من اخرى اولها من الطَّوِيل (امن رسم دَار بالعقيق محيل ... ) (وَلما هبطنا الْغَيْث يذعر وحشه ... على كل خوار الْعَنَان أسيل) (مسومة نعتدها من جيادنا ... لطرد قنيص أَو لطرد رعيل) (إِذا مَا تغنى فَوق متونها ... ضحيا أجانب تَحْتهم بصهيل) (تدوس بِنَا أوكار نوء كَأَنَّهُ ... رِدَاء عروس أوذنت برحيل) (رمينَا بهَا عرض الصوار فأقعصت ... أغن قَتَلْنَاهُ بِغَيْر قَتِيل) (وبادر أَصْحَابِي النُّزُول فَأَقْبَلت ... كراديس من غض الشواء نشيل) (فَقلت لساقيها أدرها سلافة ... شمولا وَمن عَيْنَيْك صرف شُمُول) (فَقَامَ بكأسيه مُطيعًا لامرتي ... يمِيل بِهِ الإدلال كل ميل) (وشعشع راحيه فَمَا زَالَ مائلا ... بِرَأْس كريم مِنْهُم ونبيل) // الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى من الطَّوِيل (مَنَازِلهمْ تبْكي إِلَيْك عفاءها ... سقتها الثريا بالعري نحاءها) (ألثت عَلَيْهَا المعصرات بقطرها ... وَجَرت بهَا هوج الرِّيَاح ملاءها) (حبست بهَا عدوا زِمَام مطيتي ... فَحلت بهَا عَيْني على وكاءها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 (رَأَتْ شدن الآرام فِي زمن الْهوى ... وَلم تَرَ ليلِي فَهِيَ تسفح ماءها) (خليلي عوجا بَارك الله فيكما ... بدارتها الأولى نحي فناءها) (وَلَا تمنعاني أَن أَجود بأدمع ... حواها الجوى لما نظرت جواءها) (فأقسم مَا شمت الْغَدَاة وقودها ... وَقد شمت مَا راب الْحمى وأساءها) (ميادين أَفْرَاس الصِّبَا ومراتع ... رتعت بهَا حَتَّى ألفت ظباءها) (وَلم أر أسرابا كأسرابها الدمى ... وَلَا ذِئْب مثلي قد رعى ثمَّ شاءها) (وَلَا كضلال كَانَ اهدى لصبوتي ... ليَالِي يهديني الغرام خباءها) (وَمَا هاج هَذَا الشوق إِلَّا حمائم ... بَكَيْت لَهَا لما سَمِعت بكاءها) (تغن فَلَا يبعد بِذِي الأيك عاشق ... بَكَى بَين ليلى فاستحث بكاءها) (أَنا الْبَحْر لَا يستوهن الْخطب طاقتي ... وتأبى الحسان أَن أُطِيق لقاءها) (تيَمّم قصدي النائبات فَردهَا ... فَتى لم يشجع حِين حَان رياءها) (إِذا طرقته الحادثات أعارها ... شبا فكرات قد أَطَالَ مضاءها) (أما وَأبي الاعداء مَا دفعتهم ... يَد سبقتهم يَتَّقُونَ عداءها) (جزاهم بِمَا حازوا من الْجَهْل حلمه ... كريم إِذا رَأْي المكارم جاءها) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَكم لَك من يَوْم وقفت بظله ... وَقد نازلتنا الحادثان إزاءها) (وَمن موقف ضنك زحمت بِهِ العدى ... وَقد نفضت فِيهِ الْعقَاب رداءها) (وَكم أمة أنجدتها وَكَأَنَّهَا ... يرابيع سدت خيفة قصعاءها) (وَمن خطْبَة فِي كبة الصَّك فيصل ... حسمت بهَا اهواءها ومراءها) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 وَمن أُخْرَى أَولهَا من الْكَامِل (انكيت إِذْ ظعن الْفَرِيق فراقها ... ) يَقُول فِيهَا (إِنِّي امْرُؤ لعب الزَّمَان بهمتي ... وسقيت من خمر الخطوب دهاقها) (فَإِذا ارتمت نحوي المنى لأنالها ... وقف الزَّمَان لَهَا هُنَاكَ فعاقها) (فَإِذا أَبُو يحيى تَأَخّر سَعْيه ... فَمَتَى أُؤَمِّل فِي الدنا إلحاقها) (الملبسي ذهبية من فَضله ... ثنت الْعُيُون فَلم تطق رقراقها) (والمانعي من صرف دهري بَعْدَمَا ... قلبت إِلَيّ الحادثات حداقها) (حتام لَا تزوي جيادك للوغى ... وتشيم من بيض السيوف رقاقها) (وتسد طرق الارض مِنْك بجحفل ... يذر الْمُلُوك مديمة إطراقها) (بَحر إِذا خَفَقت عِقَاب لوائه ... بتخوم ارْض لم تخف إخفاقها) // الْكَامِل // وَمِنْهَا (بَطل إِذا خطب النُّفُوس إِلَى الوغى ... جعل الظبا تَحت العجاج صَدَاقهَا) (لَو عارضت هوج الرِّيَاح بنانه ... يَوْمًا لسد بِبَعْضِهَا آفاقها) (وَإِذا الْمُلُوك جرت جيادا فِي الوغى ... والجود قطع غفوة أعناقها) (وَلَو أَن أَفْوَاه الضراغم منهل ... للورد أورد خيله أشداقها) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (أَفِي كل عَام مصرع لعَظيم ... اصاب المنايا حادثي وقديمي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 (فَكيف لقائي الحادثات إِذا سطت ... وَقد فل سَيفي مِنْهُم وعزيمي) (مضى السّلف الوضاح إِلَّا بَقِيَّة ... كغرة مسود الْقَمِيص بهيم) (وَكَيف اهتدائي فِي الخطوب إِذا دجت ... وَقد فقدت عَيْنَايَ ضوء نجومي) (أما وابي الايام لَوْلَا اعتداؤها ... لظاهرت فِي ساداتها بقروم) (وقارعت من يَبْغِي قراعي مِنْهُم ... بأحلام بَطش أَو بطيش حلوم) (أحلُّوا ملامي لَا أَبَا لأبيهم ... وَإِنِّي وَرب الْمجد غير ملوم) (فَلَا تعذلوني إِن ولهت فَإِنَّهَا ... علاقَة حبر لَا علاقَة ريم) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْخَفِيف (قد تركنَا الصِّبَا لكل غوي ... وانسلخنا من كل ذام وَعَابَ) (وانقطعنا لواعظات مشيب ... آذنتنا حَيَاتهَا بذهاب) (وَإِذا مَا الصِّبَا تحمل عَنَّا ... فقبيح بِمَا ارْتَضَاهُ التصابي) (وفتو سروا وَقد عكف اللَّيْل وأقعي مغدودن الاطناب ... ) (وَكَأن النُّجُوم لما هدتهم ... اشرقت للعيون من آدابي) (وَكَأن الصَّباح قانص طير ... قبضت كَفه بِرَجُل غراب) (وَكَأن البروق إِذْ طالعتهم ... أوقدت فِي سمائها من شهابي) (يتقرون جوز كل فلاة ... جنح ليل جوزاؤه من ركابي) (عَن ذكري لمدلجيهم فتاهوا ... من حَدِيثي فِي عرض أَمر عُجاب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 (همة فِي السَّمَاء تسحب ذيلا ... من ذيول الْعلَا وجد كابي) (وفتى أرهفت ظباه الْمَعَالِي ... فثنته بالباتر القرضاب) (نيبته أَيَّامه ولياليه بظفر من الخطوب وناب ... ) (حول لَو رَآهُ صرف اللَّيَالِي ... لتوارى من خَوفه فِي حجاب) (ذاق ايامه فَكَانَ سَوَاء ... عِنْده طعم شَهِدَهَا والصاب) (وَلَو أَن الدُّنْيَا كَرِيمَة نجر ... لم تكن طعمة لفرس الْكلاب) (وَإِذا مَا نظرت مَا حَاز غَيْرِي ... قل عَمَّا حَملته فِي ثِيَابِي) // الْخَفِيف // وَقَوله من الرمل (اصفيح شيم أم برق بدا ... أم سنا المحبوب أورى أزندا) (هَب من مرقده منكسرا ... مسبلا للكم مرخ للردا) (يمسح النعسة من عَيْني رشأ ... صائد فِي كل يَوْم أسدا) (كَاد أَن يرجع من لثمي لَهُ ... وارتشافي الثغر مِنْهُ أدردا) (قَالَ لي يلْعَب صد لي طائرا ... فتراني الدَّهْر أجري بالكدا) (فَإِذا استنجرت يَوْمًا وعده ... قَالَ لي يمطل ذَكرنِي غَدا) (شربت اعضاؤه خمر الصِّبَا ... وسقاه الْحسن حَتَّى عربدا) (وَأَنا الْمَجْرُوح من عضته ... لَا شفاني الله مِنْهَا ابدا) (وَمَكَان عَازِب من جيرة ... اصدقاء وهم عين العدا) (ذِي نَبَات بلبلت اعرافه ... كعذار الشّعْر فِي الخد بدا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 (قلت إِذْ خيمت فِيهِ قاطنا ... وتلاقتني الاماني سجدا) (وَرَأَيْت الدَّهْر خوفي سَاكِنا ... وَبنى الاحرار حَولي أعبدا) (جاد من أَصبَحت فِي ايامه ... والردى يحذر من خوفي الردى) (ملك يحْسب عدلا ملكا ... وَإِمَام أم فِينَا فهدى) (خلته وَالرمْح فِي رَاحَته ... قمرا يحمل مِنْهُ فرقدا) (نعم مَا اخْتَرْت لنَفْسي فاعلموا ... إِن زمَان جَار اَوْ صرف عدا) (لَيْسَ من يعشو إِلَى نَار الْقرى ... مثل من يعشو إِلَى نَار الْهدى) // الرمل // وَمن شعره من الطَّوِيل (ابرق بدا ام لمع ابيض قاصل ... وَرجع شدا ام رَجَعَ اشقر صاهل) (أَلا إِنَّهَا حَرْب جنيت بلحظة ... إِلَى عرب يَوْم الْكَثِيب عقائل) (هوى تغلبي غَالب الْقلب فانطوى ... على كمد من لوعة الْقلب دَاخل) (ردى تعلمي بِالْخَيْلِ مَا قرب النَّوَى ... جيادك بالثرثار يَا ابْنة وَائِل) (جزينا بِيَوْم المرج آخر مثله ... وغصن سقينا نَاب اسمر عاسل) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (سهرت لَهَا ارعى النُّجُوم وأنجما ... طوالع للراعين غير أوافل) (وَقد فغرت فاها بهَا كل زهرَة ... إِلَى كل ضرع للغمامة حافل) (كَأَن الدجى همي ودمعي نجومه ... تحدر إشفاقا لدهر مماحل) (وَمَا بِي إِلَّا همة اشجعية ... وَنَفس ابت لي من طلاب الرذائل) (وَكَيف ارتضائي دارة الْجَهْل منزلا ... إِذا كَانَت الجوزاء بعض منازلي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 (وصبري على مَحْض الاذى من اسافل ... ومجدي حسامى والسيادة ذابلي) (وَمَا طمى بَحر الْبَيَان بفكرتي ... واغرق قرن الشَّمْس بعض جداولي) (زففت إِلَى خير الورى كل حرَّة ... من الْمَدْح لم تخمل برعي الخمائل) (وَمَا رمتها حَتَّى حططت رِحَالهَا ... على ملك مِنْهُم أغر حلاحل) // الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة أَولهَا من الْكَامِل (هاتيك دَارهم فقف بمغانها ... ) يَقُول فِيهَا (ودعتهم وزناد قدح فِي الحشا ... دون الضلوع يشب من نيرانها) (يَا صَاحِبي إِذا ونى حاديكما ... فتنشقا النفحات من ظيانها) (وخذا بمرتبع الحسان فَرُبمَا ... شفع الشَّبَاب فصرت من أخدانها) (وكأنما الشعرى عقيلة معشر ... نزلت بِأَعْلَى النسْر من ولدانها) (وكأنما طرق المجرة مَنْهَج ... للعامرية ضَامِن فينانها) (المعجلين عداتهم برماحهم ... والجاعلين الْهَام من تيجانها) (أَنا طودها الراسي إِذا مَا زلزلت ... ايدي الْحَوَادِث من فؤاد جبانها) (وَعلي للصبر الْجَمِيل مفاضة ... زغف أفل بهَا شباة سنانها) (وكأنني لما كرمت وَقد شكت ... ارضى الْحَوَادِث غبت من حدثانها) (وقضت بعز النَّفس مني دوحة ... من عَامر أَصبَحت من أَغْصَانهَا) (أسرِي لَهُم بِالْخَيْلِ حَتَّى خيلوا ... أَن الْجبَال رَمَتْهُمْ برعانها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 (وَرمى العدى بكتائب ملْء الفضا ... اعمدن نصل الصُّبْح فِي رهجانها) (من كل سلهبة تطير بِأَرْبَع ... ينسيك مؤخرها التماح لبانها) (نشأوا بزاهرة الْمُلُوك ومائها ... وَكَأَنَّهُم نشأوا على غسانها) (وأرتهم الْعَرَب الْكِرَام مصاعها ... فتعلموا من ضربهَا وطعانها) // الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة اخرى من الطَّوِيل (خليلي مَا آنفك الاسى مُنْذُ بَينهم ... حَبِيبِي حَتَّى حل بِالْقَلْبِ فاختطا) (اريد دنوا من خليلي وَقد نأى ... وأهوى اقترابا من مَزَار وَقد شطا) (وَإِنِّي لتعروني الهموم لذكركم ... هُدُوا فَلَا استطيع قبضا وَلَا بسطا) (وَإِن هبوط الواديين إِلَى النقا ... بِحَيْثُ التقى الْجَمْعَانِ واستقبل السقطا) (لمسرح سرب مَا تقرى نعاجه ... بريرا وَلَا تقرو جآذره خمطا) (ومرتجز القى بِذِي الاثل كلكلا ... وَحط بجرعاء الابارق مَا حطا) (سعى فِي قياد الرّيح يسمح للصبا ... فَأَلْقَت على غير التلاع بِهِ مِرْطًا) (وَمَا زَالَ يروي الترب حَتَّى كسا الربى ... درانك والغيطان من نسجه بسطا) (وعنت لَهُ ريح فأسقط قطره ... كَمَا نثرت حسناء من جيدها سمطا) (وَلم ار درا بددته يَد الصِّبَا ... سواهُ فَبَاتَ الزهر يجمعه لقطا) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 وَقَوله يصف الذِّئْب وَأحسن من الطَّوِيل (أَزَال كسا جثمانه مستترا ... طيالس سُودًا كالدجى وَهُوَ أطلس) (فَدلَّ عَلَيْهِ لحظ خب مخادع ... ترى ناره من مَاء عَيْنَيْهِ تقبس) // الطَّوِيل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (وأغر قد لبس الدجى ... بردا فراقك وَهُوَ فَاحم) (يحْكى بغرته هِلَال ... الْفطر لَاحَ لعين صَائِم) (ارمي بِهِ بقر الْحمى ... وأصد عَن عصم العواصم) (وتجانبي فتق النُّفُوس ... من المهاريت الدلاقم) (حَتَّى إِذا علم الصَّباح ... اشار من تِلْكَ المعالم) (وتمايلت ايدي الثريا وَهِي مذهبَة الْخَوَاتِم ... ) (ورنت ذكاء بناظر ... رمد من الاقذاء سَالم) // مجزوء الْكَامِل // قلت وَمن رسائله العجيبة قَوْله يصف الْبرد وَالنَّار والحطب أَطَالَ الله بَقَاء مولَايَ الَّذِي اهتدي بمصباحه واعشو إِلَى غرره وأوضاحه صبحتنا الْيَوْم خيل الْبرد مُغيرَة فانقبضت إِلَى اخريات الايوان وَقد كدسني بصارم وَسنَان فَجعلت مجني حطبا دلّ على نَفسه وتشظى من يبسه فسلطت عَلَيْهِ صَاحب الشرر ورميته مِنْهَا ببنات الْحَدِيد وَالْحجر فواقعه قَلِيلا وعاركه طَويلا فَكَانَ لَهَا عجيج وَله من حرهَا ضجيج ثمَّ خلا لَهَا صَرِيعًا واستولت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 عَلَيْهِ صعبا منيعا فبددت شَمله والفت شملها واستحالت حَيَّة لَا يستلذ قَتلهَا ترمي بألوان وتتهدد بِلِسَان فلذعت الْبرد لذعة ونكرته على فُؤَاده نكزة خر لَهَا على جَبينه وَمَات بهَا من حِينه وغشينا من فائض حمتها حركان لنا حَيَاة وَلذَلِك وَفَاة فَالْحَمْد لله على نعْمَته وَمَا أرانا من غَرِيب قدرته ودلنا بِهِ من لطيف صَنعته وَلما اسْتَحَالَ جمرها رَمَادا وَقد مهد لنا من الدفء مهادا ولمحته الْعين كالورد وذر عَلَيْهِ كافور الْهِنْد انبسطت نفس شاكرك فَتذكر لما كلفته من الزِّيَادَة فِي الْمَعْنى الَّذِي اعتمدته محرما لَهُ لَا مقتديا بِهِ ومستثنيا فِيهِ لَا آخِذا مِنْهُ وَله من أُخْرَى يصف فِيهَا الْبرد وَالْحمام لما تلقى الْيَوْم الْبرد شاكرك بِنَوْع وَمَشى إِلَيْهِ بروع وَكَانَ بالامس بردا أجحف فابتنى من سَحَابَة أَو طف قصد بَيت النَّار ومورد الْأَبْرَار والفجار فَلَمَّا رأى النَّاس أخلاطا تذكر جَهَنَّم ولفحها المتضرم وَقَوله تَعَالَى {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} واستعاذ بِاللَّه من لهبها وَسَأَلَهُ أَن لَا يكون من حطبها وَإِذا بِأَهْلِهَا يتساقون أكواب الْحر ويتعاورون أَثوَاب القر فَلَمَّا أخذت مِنْهُم حمياه تهللت الشفاه وَانْطَلَقت الافواه فَأخذُوا من تجالدهم وَأَكْثرُوا من عوائدهم وكشفت الابشار وهتكت الاستار وَجعلُوا يتجالدون دلكا ويتضاربون حكا حَتَّى إِذا خَرجُوا بجماهرهم وانحفلوا بحذافرهم صب على جِسْمه من عريض وامتد على وضاح ذِي وميض قاربه الْحر حَتَّى احتواه وباعده القر حَتَّى اشتهاه فَحِينَئِذٍ اخذ فِي طهره وَقضى من أمره وَقد لطف حسه وتراجعت إِلَيْهِ نَفسه فَذكر مَا خاطبك بِهِ أمس فِي الْمَعْنى الَّذِي كلفته على الِاخْتِيَار الَّذِي قصدته فَإِذا بذلك الْكَلَام لَا يدل على سواهُ وَلَا يَقْتَضِي لغير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 مَعْنَاهُ فأثبتت فقرا مخترعة أرهفت جوانبها فسالت غرائبها وَهِي حلَّة ملبسها المشكور فَإِن كَانَ ذَلِك من كريم كَانَ ذَلِك طرازا على كمها ورقما على حاشيتها فَإِن زَاد أَن يكون عَن كريم فَإِن ذَلِك تَمِيمَة لوشيها وَذهب يرف على أرْضهَا فالشكر حلوبة مسخرة للمشكور دريها أمل وملحها عسل فَإِن كَانَت من كريم كَانَ روضها وردا وحوضها شَهدا وَإِن زَاد أَن يكون عَن كريم كَانَت نَاقَة صَالح صرها ثَوَاب وحفظها عِقَاب وَالشُّكْر طَائِر يتَغَنَّى باسم المشكور فَإِن كَانَ من كريم كَانَ شخصه محبوبا ورجعه تطريبا وَإِن زَاد أَن يكون عَن كريم كَانَ حمامة نوح يغرد بنغم وَيَقَع ببشرى وَالشُّكْر درع حَصِينَة يلبسهَا المشكور فَإِن كَانَ من كريم كَانَ ظلها بردا ونفحها ندا وَإِن زَاد أَن يكون عَن كريم كَانَ ثَمَرهَا عَجْوَة وجناها شَهْوَة وَالشُّكْر وَاد يسْقِي أَرض المشكور فَإِن كَانَ من كريم اسْتَحَالَ اتيا وَإِن زَاد أَن يكون عَن كريم عمر عمر العجاج وأترع الاضواج وَالشُّكْر نسيم يهب على المشكور فَإِن كَانَ من كريم كَانَ نشره فوحا ونفحه روحا وَإِن زَاد أَن يكون عَن كريم صاك مِنْهُ عنبر وتنفس مِنْهُ مسك أذفر وَقَوله فِي صفة برغوث أسود زنجي وَأَهلي وَحشِي لَيْسَ بوان وَلَا زميل وَكَأَنَّهُ جُزْء لَا يتَجَزَّأ من ليل أَو شونيزة أَو بنتهَا عزيزة أَو نقطة مدد أَو سويداء قلب فؤاد شربه عب ومشيه وثب يكمن نَهَاره ويسير ليله يدارك بطعن مؤلم ويستحل دم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 كل كَافِر وَمُسلم مساور للأساورة وَمُجَرَّد لَهُ على الْجَبَابِرَة يتكفن بأرفع الثِّيَاب ويهتك كل حجاب وَلَا يحفل ببواب يرد مناهل الْعَيْش العذبة ويصل إِلَى الاحراج الرّطبَة وَلَا يمْنَع مِنْهُ أَمِير وَلَا ينفع فِيهِ غيرَة غيور وَهُوَ أَحْقَر حقير شَره مبثوث وَعَهده منكوث وَكَذَلِكَ كل برغوث كفى بِهَذَا نُقْصَانا للْإنْسَان وَدلَالَة على قدرَة الرَّحْمَن وَقَوله فِي صفة بعوضة مالكة لَا حس لَهَا سواهَا تحقرها عين من رَآهَا تمشي إِلَى الْملك بندبها وتضرب بحبوحة دَاره بطلبها تؤذيه بإقبالها وتعرفه بإراقة مَالهَا فتعجز كَفه وترغم أَنفه وتضرج خَدّه وتفري لَحْمه وَجلده زجرتها تَسْلِيمهَا ورمحها خرطومها تذلل صعبك إِن كنت ذَا قُوَّة وعزم وتسفك دمك وَإِن كنت ذَا حلفة وعسكر ضخم تنقض العزائم وَهِي منقوضة وتعجز القوى وَهِي بعوضة ليرينا الله عجائب قدرته وضعفنا عَن أَضْعَف خليقته وَله يصف ثعلبا أدهى من عَمْرو وأفتك من قَاتل حُذَيْفَة بن بدر كثير الوقائع فِي الْمُسلمين مُغْرِي بِإِقَامَة ذمّ الْمُؤمنِينَ إِذا رأى الفرصة انتهزها وَإِن طلبته الكماة أعجزها وَهُوَ مَعَ ذَلِك بقراط فِي إدامه وجالينوس فِي اعْتِدَال طَعَامه غذاؤه حمام ودراج وعشاؤه بذرح ودجاج وَله يصف مَاء كَأَنَّهُ عصير صباح أَو ذوب قمر لياح لَهُ من إنائه انصباب الْكَوْكَب الدُّرِّي من سمائه الْعين كانونه وَالْقَمَر عفريته كَأَنَّهُ خيط من غزل قلق أَو مخصرة ضربت من ورق يترفع عَنْك فتردى ويصدع بِهِ قَلْبك فتحيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 وَقَوله من رِسَالَة يصف فِيهَا الْحَلْوَى وَمَا أرقني إِلَّا لَيْلَة أضحيانة دخلت فِيهَا الْجَامِع ووقفت موقف الساجد والراكع حَتَّى إِذا قضيت من حق الله أمرا وأتبعت الشفع وترا جلت فِي أكنافه وانعطفت فِي أعطافه فَإِذا أرضه تباهي السَّمَاء وغبراؤه تضاهي الخضراء زجاجة نورية كَأَنَّهَا الْكَوَاكِب الدرية ورعد قراء لله تَعَالَى وَخيرته كالرعد يسبح بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته فَصحت واويلاه واحر قلباه أَيْن مِنْك المفر وَأَيْنَ دُونك الْمقر لَاها الله لَا يتركك كريم وَلَا يقلاك إِلَّا لئيم بركا كبرك الْجمال وثباتا كثبات الْجبَال ثمَّ خرجت فِي تَتِمَّة من الاصحاب وثبة من الاتراب وَفِيهِمْ فَقِيه كَانَ ذَا لقم وَلم أشعر بِهِ فَلَمَّا طالعتنا الْحَلْوَى صَاح هَذَا وأبيكم الرَّوْض فناديته اسْكُتْ فضحتنا لَا أبالك فَقَالَ لَا وَأَبِيك قلت مَالك وَمَا تُرِيدُ قَالَ ذَلِك الشَّهِيد العتيد واضطرب بِهِ الالم واستخفه الشره فدار فِي ثِيَابه وأسال من لعابه وازور جَانِبه وخفق شَاربه ثمَّ نَهَضَ فِي كرّ وَصدر بَحر وَنظر إِلَى الفالوذج فصاح هَذَا اللص كَأَنَّهُ ثألى مجاجة الزنابير حدثت على شوابير وخالطها لباب الْحبَّة فَجَاءَت أطيب من ريق الاحبة ثمَّ نظر إِلَى الخبيص فصاح بِأبي الغالي الرخيص انْظُر فِيهِ ذَا التماع اكرم بِهِ من شُعَاع هَذَا جليد سَمَاء الرَّحْمَة تمخضت بِهِ فأبرزت مِنْهُ زبد النِّعْمَة تجرحه اللحظة وتدميه اللَّفْظَة بِمَاء أَبيض قَالُوا بِمَاء الْبيض البض فَقَالَ غض من غض انظروه لَهُ إشراق هَذَا وأبيكم بَقِيَّة العشاق مَا أطيب خلْوَة الحبيب لَوْلَا حَضْرَة الرَّقِيب ثمَّ نظر إِلَى الزلابية فصاح ويل لأمه الزَّانِيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 أبأحشاء نسجت أم صفاق قلبِي ألفت بِأبي أجد مَكَانك من نَفسِي مكينا وجبل هَوَاك على كَبِدِي متينا من أَيْن خلصك كف طابخك إِلَى باطني فأقطعك مني دواجني والعزيز الْغفار لأطلبن بالثأر وتلمظ لَهُ لِسَان الْمِيزَان فَجعل يَصِيح الثعبان الثعبان فَلَمَّا عاينته قد ألبس وَهُوَ ينظر نظر الْمُفلس حنت لَهُ ضلوعي وَعلمت أَن الله فِيهِ غير مضيعي وَقد تحل الصَّدَقَة على ذِي الوفر وَفِي كل كبد رطبَة أجر فَأمرت الْغُلَام بابتياع أَرْطَال تجمع أَنْوَاعهَا الَّتِي انطقته وتحتوي على ضروبها الَّتِي أخرعته فجَاء بهَا فوضعها بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا عاينها انحنى عَلَيْهَا بليانه والقى عَلَيْهَا بجرانه وَجعل يركل برجليه ويجاحش بفخذيه ممانعا ومدافعا عَنْهَا فَصحت بِهِ لَا عَلَيْك حكمهَا فَجعل يقطع ويبلع ويوجر فَاه وَيدْفَع وَعَيناهُ تبضان كَأَنَّهُمَا جمرتان وَقد برزتا عَن وَجهه كَأَنَّهُمَا خصيتا وَأَنا أَقُول على رسلك يَا فلَان البطنة تذْهب الفطنة وَهُوَ يَقُول {أكلهَا دَائِم وظلها} حَتَّى التهم جماهرها وَألْحق أَولهَا بآخرها وهبت مِنْهُ ريح عقيم أهبا لنا بِالْعَذَابِ الاليم وفرقتنا شذر مذر وسربتنا فِي كل شعب شغر بغر فانتحينا مِنْهُ الطرفان وَصدق الْخَبَر فِيهِ العيان نفخ ذَلِك فبدد النعام ونفح هَذَا فبدد الانام فَلم نَجْتَمِع بعد هَذَا وَالسَّلَام وَله يصف جَارِيَة أُخْت نعْمَة وربيبة نعْمَة كَأَن شعرهَا على غرتها الغراء غراب يسفد حمامة بَيْضَاء وَكَأن خدهاعلى جيدها الْمشرق تفاحة قدم بهَا إبريق من راووق تكلمك بألحاظها وتأسوك بألفاظها تقابلك من خدها بوردة وَمن عينهَا بنرجسة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 كَأَنَّمَا ثغرها من جَوْهَر وشفتها خيط حَرِير أَحْمَر وَتقبل إِلَيْك بقضيب بَان ثَمَرَته رمانتان وتنفتل عَلَيْك بكفل مائج كَأَنَّهُ كثيب عالج تنطوي بقبطية وَتقوم على انبوب بردية أَن استقبلتها بركان تضحك لَك عَن فلقَة رمان أَو يطحنك جبهة أَسد غرير فَيقبض روحك قبض أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ ويتوفاك بكد كالفقيه المشرف على الْمذَاهب ركبت فِيهِ اخلاق كَاتب فَإِن كنت شافعيا سددتك وَإِن كنت مالكيا قلدتك المنظر غُلَام والمخبر فتاة إِن علوتها تدفعت إِلَيْك أَو علتك تداركت عَلَيْك وَإِن أعطشك فراشها سقتك من شراب إِن شِئْت قلت خمرة أَو رضاب أَو أجاعك عراكها أطعمتك من لسانها يصل إِلَيْك وُصُول الايمان فنثره فِي غَايَة الملاحة ونظمه فِي غَايَة الفصاحة وَمن شعره مَا أنشدنيه الشَّيْخ ابو سعيد بن دوست عَن الْفَقِيه الْوَلِيد ابي بكر الاندلسي قَوْله من الْخَفِيف (قل لمن زَاد إِذْ تبَاعد بعدا ... وتناسى عهدي وَلم أنس عهدا) (لَا يغرنك مَا ترى من ودادي ... فلعلي إِن شِئْت غيرت ودا) (لَا وَحقّ الْهوى وَحقّ لياليه ... وَمن صاغ حسن وَجهك فَردا) (مَا أُطِيق الَّذِي ادعيت وَلَو ملكته لم أكن لغيرك عبدا ... ) // الْخَفِيف // وَله من الْكَامِل (مَا أطربت فَوق الغصون حمامة ... أَلا رَأَيْت دموع عَيْني تسكب) (وَإِذا الرِّيَاح تناوحت ألفيتني ... بَين الصبابة والأسى أتقلب) (يَا عاذلي فِي الْحبّ مهلا بالأذى ... لَو كنت تعشق مَا ظللت تؤنب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 (كم حاولت نَفسِي السلو فطالبت ... أَسبَابه جهدا فعز الْمطلب) // الْكَامِل // 48 - غَسَّان بن سعيد قَالَ من الْبَسِيط (من خانه حسب فليطلب الادبا ... فَفِيهِ منيته إِن حل أَو ذَهَبا) (فاطلب لنَفسك آدابا تعز بهَا ... كَيْمَا تسود بهَا من يملك الذهبا) // الْبَسِيط // 49 - مُحَمَّد بن يحيى النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بقلفاط قَالَ من الوافر (طوى عني مودته غزال ... طوى قلبِي على الاحزان طيا) (إِذا مَا قلت يسلاه فُؤَادِي ... تجدّد حبه فازددت غيا) (أحييه وأفديه بنفسي ... وَذَاكَ الْوَجْه اهل أَن يحيا) // الوافر // وَقَوله من الوافر (أيا طيفا سما وَهنا إليا ... لقد جددت لوعاتي عليا) (الم مواصلا كَأَخِي غرام ... سَيذكرُ وَصله مَا دَامَ حَيا) (غزال لَو رأى غيلَان يَوْمًا ... محاسنه إِذا انساه ميا) // الوافر // 50 - شَهِيد بن الْمفضل عَفا الله عَنهُ قَالَ من الْكَامِل (كم ذَا ترد عنان شوقك صَابِرًا ... وأخو الصبابة لَا يكون صبورا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 (فاخلع عذارك فِي هَوَاهُ فَرُبمَا ... كَانَ الْمُحب على الْهوى مَعْذُورًا) (مَا الْعِزّ إِلَّا أَن تذل مَعَ الْهوى ... شحا عَلَيْهِ وَإِن ظللت أَسِيرًا) // الْكَامِل // 51 - مَنْصُور بن ابي الهول قَالَ من مجزوء الرمل (كم إِلَى كم أَتَسَلَّى ... لَيْسَ لي صَبر أجل لَا) (بِأبي أَنْت وَأمي ... أَتَرَى قَتْلِي حلا) (حاش لله بِأَن اسلو عَن الْحبّ وكلا ... ) // مجزوء الرمل // وأنشدني لبَعض شعرائهم من المتقارب (إسار الْهوى لَا إسار العدا ... هُوَ التارك الْحر مستعبدا) (عبودية تؤيس الآملين ... لَهُ أَن يُبَاع وَأَن يفتدى) (فَلَيْسَ لَهُ فرج يرتجيه ... من الاسر غير تمني الردى) (فيا غُصْن بَان إِذا مَا مَشى ... وَيَا بدر تمّ إِذا مَا بدا) (وَيَا عارضا كلما أطمعت ... بوارقه زَاد قلبِي صدى) (أسرت فَهَلا بِحكم الْكتاب ... قضيت بالمن أَو بالفدى) (وَلَكِن أَبيت سوى قسوة ... يفوت بهَا قَلْبك الجلمدا) // المتقارب // 52 - غَرِيب بن سعيد أَنْشدني لَهُ من مجزوء الْكَامِل (وجد دخيل واكتئاب ... وفراق شَمل واقتراب) (مَا بَين قلبِي إِذْ نأيت وَبَين إخْوَانِي حجاب ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 (فَإِذا خلا ولجت عَلَيْهِ همومه من كل بَاب ... ) (يَا عاذلي لما رأى ... دمع الْعُيُون لَهُ انسكاب) (مَا لي على برح النَّوَى ... جلد فأقصر فِي العتاب) // مجزوء الْكَامِل // وَله من المنسرح (ألان يَوْم الْفِرَاق قسوته ... حَتَّى جرى دمعه وَمَا شعرًا) (فخلت مَا سَالَ من مدامعه ... درا على وجنتيه منتثرا) (لم يبك شوقا لَكِن بَكَى حزنا ... لهول يَوْم الْفِرَاق إِذْ حضرا) (فِي مشْهد لَو أطَاق شَاهده ... فِيهِ استتارا لوجده استترا) (أَبى أساه وفيض أدمعه ... إِلَّا اشتهارا فِي الْحبّ فاشتهرا) // المنسرح // وَقَوله من الطَّوِيل (استودع الرّيح الْجنُوب تَحِيَّة ... إِلَيْكُم تُؤدِّي من سلامي وَمن شكري) (وَكم بلغت ريح الشمَال نسيمكم ... فَأَهْدَتْ إِلَيْنَا مِنْكُم أطيب النشر) (رعى الله أحبابا تألف شملهم ... بقرطبة بَين الرصافة وَالْقصر) (تعوضت من انسى بهم وَحْشَة النَّوَى ... وَمن قربهم قرب المهامة والقفر) // الطَّوِيل // 53 - إِدْرِيس بن الْهَيْثَم بن براق الكلَاعِي قَالَ من الطَّوِيل (وَلم أُنْسُهَا يَوْم الْوَدَاع ومسحها ... بَوَادِر دمع الْعين وَالْعين تذرف) (أفانين تجْرِي من دموع وَمن دم ... على الخد مِنْهَا تستهل وترعف) (وتكرارنا نجوى الْهوى ذَات بَيْننَا ... وكل إِلَى كل يلين ويعطف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 (جعلنَا هُنَاكَ الهجر منا بِجَانِب ... وللبين دَاع بالترحل يَهْتِف) (وَلَوْلَا النَّوَى لم نشك ضعفا عَن الاسى ... وَمن يحمل الاشجان بالبين يضعف) (فَقلت كِلَانَا مشتك من صبَابَة ... ولكنني عَن حملهَا مِنْك أَضْعَف) // الطَّوِيل // قَالَ وَحدثت أَن إِدْرِيس بن الهيم غنى بِأَبْيَات أَولهَا من الطَّوِيل (أَلا إِنَّمَا أنسى إِذا مَا نأيتم ... بأقرب من لاقيته بكم عهدا) (إِذا حصلت روحي إِلَيْكُم وَقد أَتَت ... على أَرْضكُم أَلْقَت على كَبِدِي بردا) (ويوحشني قرب الْجَمِيع وَإِنَّهَا ... لتأنس نَفسِي إِن ذكرتكم فَردا) (وَمَا كَانَ قلبِي إِذْ تبديت صَخْرَة ... فينبو الْهوى عَنهُ وَلَا حجرا صَلدًا) (فقد آن فقداني لنَفْسي فَلَو أَتَى ... عَلَيْهَا حمام مَا وجدت لَهَا فقدا) // الطَّوِيل // 54 - مُحَمَّد بن سعيد بن مُخَارق الاسدي أَنْشدني من أَبْيَات من الوافر (يظل الدمع من جزع عَلَيْهِم ... وَقد بانوا يسح ويستهل) (سأتبع إثرهم شوقا إِلَيْهِم ... وأقتص المناهل حَيْثُ حلوا) (فَمَا لي أشتكي بالبين مِنْهُم ... كَأَنِّي لَيْسَ لي زَاد ورحل) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 55 - قَاضِي الْجَمَاعَة مُحَمَّد بن يحيى بن يحيى قَالَ من الرمل (نازح الدَّار بِنَا بِي واغترب ... ورماه الدَّهْر رشقا من كثب) (بَعدت عَن دَار ليلى دَاره ... وَهُوَ فِي حَبل هَواهَا مُضْطَرب) (فرجت نَفسِي أَن تشفى بكم ... فرحة فِي الْحبّ شيبت بكرب) (كنت لي بَدْرًا فِي سجفه ... طلع الْبَين عَلَيْهِ فغرب) // الرمل // 56 - احْمَد بن نعيم قَالَ من الْخَفِيف (لَيْت أَن الرِّيَاح إِن نفد الصَّبْر وشطت عَن ارضها اوطاني ... ) (بلغتهَا تحيتي وسلامي ... وَسَلام الْإِلَه كل أَوَان) // الْخَفِيف // 57 - سعيد بن مُحَمَّد بن الْعَاصِ المرواني قَالَ يصف الْهلَال وأجاد من الْكَامِل (والبدر فِي جو السَّمَاء قد انطوى ... طرفاه حَتَّى عَاد مثل الزورق) (فتراه من تَحت المحاق كَأَنَّهُ ... غرق الْكثير وَبَعضه لم يغرق) // الْكَامِل // وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن المعتز من الْكَامِل (انْظُر إِلَيْهِ كزورق من فضَّة ... قد أثقلته حمولة من عنبر) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 وأنشدت لَهُ من الْكَامِل (رفعوا الهوادج للرحيل وأعتموا ... فغدت لبينهم المدامع تسجم) (وسروا وأروقة الظلام تكنهم ... فكأنهم من تَحت ذَلِك أنجم) (واستكتموا بمسيرهم تحتى الدجى ... فَأبى نسيم الْمسك أَن يستكتموا) (وَمن الْعَجَائِب انني مُتَأَخّر ... عَنْهُم وقلبي عِنْدهم مُتَقَدم) (وَهِي النَّوَى لم يبْق لي من بعْدهَا ... غير الْهَوَاء بنفحه اتنسم) (وَإِذا الصِّبَا اسرت اقول لَعَلَّهَا ... تلقاهم بتحيتي فيسلموا) // الْكَامِل // 58 - عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن حسان انشدت لَهُ من الطَّوِيل (لقد هاجني للشوق نوح حمائم ... مطوقة من مشرقات الحمائم) (وناحت وَمَا أذرت دموعا قد رَأَتْ ... عيوني تجْرِي بالدموع السواجم) (إِذا مَا تراجعن الحنين حسبتها ... نوادب رجعن الصدى فِي المآتم) // الطَّوِيل // 59 - سعيد بن عَبَّاس أنشدت لَهُ من الوافر (بنفسي من يجرعني منوني ... ويرجمني بأحجار الظنون) (ويصرمني وَلَا يرثي لما بِي ... وينفي النّوم ظلما عَن جفوني) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 60 - عمر بن يُوسُف الحنطي انشدت لَهُ من الْكَامِل (أَو ميض برق أم سيوف تبرق ... فِي عَارض أكنافه تتألق) (ديم إِذا ارْتَدَّت إِلَيْك وجوهها ... أضحت وُجُوه الارض مِنْهَا تشرق) (ترمي بأجفان الوميض كَمَا انْثَنَتْ ... أجفان عاشقة إِلَى من يعشق) // الْكَامِل // 61 - يحيى بن عباد البسري قَالَ من الطَّوِيل (إِذا بارق هاج الْفُؤَاد المعذبا ... فطرب قلبا هائما فتطربا) (بنفسي بِلَاد رحت من نَحْو ارضها ... بعيني مشوق مَا ألذ وأطيبا) (بِلَاد بهَا قلبِي رهين معذب ... وَإِن جلت فِي الافاق شرقا ومغربا) // الطَّوِيل // 62 - الغزال بن الحكم انشدت لَهُ من الْخَفِيف (ريع قلبِي لما ذكرت الديارا ... وتنورت بالنخيلات نَارا) (وازدهتني ذَات السنا ببروق ... من لظاها فَمَا أُطِيق اصطبارا) (والقريح الْفُؤَاد يزْدَاد للنار ... وميض السعير مِنْهَا استعارا) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 63 - يحيى بن زَكَرِيَّا بن شماس قَالَ من الْكَامِل (نعب الْغُرَاب ببينهم فَتَحملُوا ... ونأى الْمحل بهَا فَكيف تزار) (بَكرُوا وَفِي الاظعان يَوْم تحملوهن ... الْقُصُور تكنها الاستار) (صفر النحور من العبير روادع ... بيض الثغور كواعب أبكار) // الْكَامِل // 64 - الْوَزير ابو المظفر عبد الرَّحْمَن بن بدر قَالَ من المديد (اي طيف فِي الْكرَى طرقا ... سَام عَيْني الدمع والارقا) (انا افدي من بجنح دجى ... جاب فِي ظلمائه الطرقا) (لي حَظّ فِي زيارته ... لي لَو ان الْكرَى صدقا) // المديد // 65 - الديك النيري مطرق بن مَحْمُود قَالَ من الْكَامِل (طرق الخيال فمرحبا بالطارق ... قرت بِهِ فِي النّوم عين العاشق) (طرق الخيال خيال ليلى موهنا ... رحلي فَبَاتَ مضاجعي ومعانقي) (وَمنى المشوق أخي الصبابة أَن يرى ... وَسنَان أَو يقظان وَجه العاشق) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 66 - احْمَد بن ابراهيم بن قلزم انشدت لَهُ من الْكَامِل (هَل تعتب الايام مِنْك بنظرة ... تَغْدُو بسراء على ضراء) (لَوْلَا مُحَابَاة الخيال برقدة ... من طيفها لطوى الردى حوبائي) (يَا لَيْت ايام النَّوَى عَادَتْ كرى ... فأنال من طيف الحبيب شفائي) // الْكَامِل // 67 - يَرْبُوع بن اسد المالقي أنشدت لَهُ من السَّرِيع (يَا بِأبي طيف سرى موهنا ... ودونه جوب الفلا والقفار) (أكْرم بِهِ من راحل ذَاهِب ... يرْعَى نوى الدَّار وشحط المزار) (لَو أَنه شايع إلمامه ... بطول مكث دَائِم أَو قَرَار) (لكنه هيج نَار الاسى ... ثمَّ تولى بفؤاد مطار) // السَّرِيع // 68 - الْوَزير ابو مُحَمَّد غَنَائِم المالقي قَالَ وأجاد من الْبَسِيط (صير فُؤَادك للمحبوب منزلَة ... سم الْخياط مجَال للمحبين) (وَلَا تسَامح بغيضا فِي مُعَاملَة ... فقلما تسع الدُّنْيَا بغيضين) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 69 - غَالب بن عبد الله بن عَطِيَّة أنشدت لَهُ من الْكَامِل (كَيفَ الْحَيَاة ولي حبيب هَاجر ... قاسي الْفُؤَاد يسومني تعذيبا) (لما درى أَن الخيال مواصلي ... جعل السهاد على الجفون رقيبا) // الْكَامِل // وَله فِي عَطش الْبَحْر من السَّرِيع (إِنَّا إِلَى الله لقد نالنا ... هم يذيب الْقلب إحراقه) (يَا عجبا مِمَّا دهينا بِهِ ... نسكن فِي المَاء ونشتاقه) // السَّرِيع // 70 - مُحَمَّد بن ابي الْحسن الْعَرُوضِي قَالَ من الْبَسِيط (لما تطلع بدر التم أذكرني ... بَدْرًا تطلع وَهنا من بني قطن) (بدر تطلع والافاق مظْلمَة ... فانجاب إظلامها عَن وَجهه الْحسن) (كم مهجة أرهفت ألحاظ مقلته ... ومقلة منعتها لَذَّة الوسن) // الْبَسِيط // 71 - اسماعيل بن اسحاق الْمُنَادِي قَالَ من الطَّوِيل (سَلام على خل ادين بحبه ... وأصفيه من حُلْو الوداد وعذبه) (سَلام امْرِئ اودى الْفِرَاق بصبره ... ولج فأودى بالفؤاد ولبه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 (لَعَلَّ الَّذِي شت الْجَمِيع بنأيه ... سيجمعنا بعد الشتات بِقُرْبِهِ) (وَمَا الاخ بالاخ الشَّقِيق وَإِنَّمَا ... أَخُوك الَّذِي يعطيك حَبَّة قلبه) // الطَّوِيل // 72 - مُحَمَّد بن وَافد انشدت لَهُ من الوافر (كتابك هاج لي شوقا عجيبا ... وأورثني الصبابة والنحيبا) (تغرب عَن أحبته محب ... فَأصْبح صبره عَنهُ غَرِيبا) (فَكيف بصبره وَالْقلب مِنْهُ ... يكَاد من الصبابة أَن يذوبا) // الوافر // 73 - خلف بن أَيُّوب انشدت لَهُ من السَّرِيع (وَالله لَوْلَا خطرات المنى ... مَا طَال يَوْمًا عمر أهل الْهوى) (وابأبي من ظلت من هجره ... مستشعرا ثوب الاسى والجوى) // السَّرِيع // 74 - عَليّ بن احْمَد الاندلسي قَالَ من الْكَامِل (بيض كبيض الْهِنْد فِي افعالها ... فلذاك قيل ظبا وَقيل ظباء) (وَترى محاسنها تروق كَأَنَّمَا ... نشرت عَلَيْهَا وشيها صنعاء) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 75 - يحيى بن الْفضل قَالَ من الطَّوِيل (وسفن تثير الرّيح مِنْهَا عجاجة ... تظل مياه الارض وَهِي صعيدها) (تلوح كأمثال الشواهين حلقت ... على دهم خيل قد اثيرت صيودها) (فللطير مَا قد نشرته قلوعها ... وللخيل مَا قد أظهرته قدودها) // الطَّوِيل // وَقَوله ايضا من مجزوء الْكَامِل (لَا تيأسن بوفاة من ... لم تنْتَفع بحياته) (وليجر عنْدك مَيتا ... مجْرَاه قبل مماته) (فوفاته كحياته ... وحياته كوفاته) // مجزوء الْكَامِل // 76 - ابو بطال انشدت لَهُ فِي العذار من الطَّوِيل (وعارض كافور ترَاهُ كَأَنَّمَا ... يدب بِهِ من خَالص الْمسك عقرب) (تنزه عَن لسب الْجُلُود وَإِنَّمَا ... يغوص على حب الْقُلُوب فيلسب) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْبَسِيط (جمعت مَالا ففكر هَل جمعت لَهُ ... يَا جَامع المَال أبوابا تفرقه) (المَال عنْدك مخزون لوَارِثه ... مَا المَال مَالك إِلَّا يَوْم تنفقه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 (إِن القناعة من يحلل بساحتها ... لم يلق فِي ظلها هما يؤرقه) // الْبَسِيط // وأنشدت لبَعض شعرائهم فِي العذار من الْكَامِل (ومعذر نقش العذار بمسكه ... خدا لَهُ بِدَم الْقُلُوب مضرجا) (لما تَيَقّن ان سيف جفونه ... من نرجس جعل النجاد بنفسجا) // الْكَامِل // 77 - الْقرشِي الْمَعْرُوف بالفرح أنشدت لَهُ من الرمل (رب كأس قد كست جنح الدجا ... ثوب برد من سناها يققا) (قلت أسقيها رشا فِي جفْنه ... سنة تورث عَيْني أرقا) (أشرقت فِي ناصع من كَفه ... كشعاع الشَّمْس وافى الفلقا) (خفيت للعين حَتَّى خلتها ... تتقي من لَحْظَة مَا يتقى) (اصبحت شمسا وفوه مغربا ... وَيَد الساقي المحيي مشرقا) (فَإِذا مَا غربت فِي فَمه ... تركت فِي الخد مِنْهُ شفقا) (خلع الْبَرْق على ارجائه ... ثوب وشي مِنْهُ لما برقا) // الرمل // 78 - إِدْرِيس بن عبد الله بن عباد الليزي انشدت لَهُ من الطَّوِيل (غَرِيب بِأَرْض الغرب مُنْقَطع الذّكر ... بعيد من الأهلين فِي بلد قفر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 (تذكر فِي اهل الجزيرة أَهله ... فهيجه طول التشوق والفكر) (فصوت حمام فِي الغصون كَأَنَّمَا ... ندبن قَتِيلا أَو روين من الْخمر) (لَئِن كن مَا تجْرِي لَهُنَّ مدامع ... فَكل غَرِيب الدَّار أدمعه تجْرِي) // الطَّوِيل // 79 - عُثْمَان بن ابراهيم بن النَّضر انشدت لَهُ من الطَّوِيل (الا يَا حمام الايك مَالك باكيا ... وغصنك نصر والجنات مريع) (تغن وَلَا تنشج فإلفك حَاضر ... قريب وإلفي غَائِب وشسوع) (بَكَيْت بِلَا دمع وترفض مقلتي ... شآبيب مِنْهَا فِي المصيف ربيع) (وقلبك خلو من تباريح لوعتي ... وقلبي بلوعات الْفِرَاق صريع) // الطَّوِيل // 80 - الْمَنْصُور بن ابي عَامر انشدت لَهُ من الطَّوِيل (ألم ترني بِعْت المقامة بالسرى ... ولين الحشايا بالخيول الضوامر) (وبدلت بعد الزَّعْفَرَان وطيبه ... صدا الدرْع من مستحكمات المسامر) (فَلَا تحسبوا أَنِّي شغلت بلذة ... وَلَكِن أَطَعْت الله فِي كل كَافِر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 81 - الْوَلِيد بن الحكم انشدت لَهُ من الطَّوِيل (إِلَى رَجَب اَوْ غرَّة الشَّهْر بعده ... توافيكم بيض المنايا وسودها) (ثَمَانُون الْفَا دين عُثْمَان دينهَا ... بشرذمة جِبْرِيل فِيهَا يَقُودهَا) // الطَّوِيل // 82 - القَاضِي مُحَمَّد بن عبد الله بن ايوب بن ابي عِيسَى انشدت لَهُ قَوْله من ابيات اولها من الْخَفِيف (لَا تلمني على البكا والعويل ... ) (فعلت زفرتي وَطَالَ انتحابي ... وبدت لوعتي وهاج غليلي) (ولنعم الْبِلَاد للنازح الأوطان ... دمع جرى برغم العذول) (وقبيح صَبر الْخَلِيل أخي الوجد عَن الدمع عِنْد ذكر الْخَلِيل ... ) (وبنفسي نائي الْمحل قريب ... من فؤاد صب وجسم نحيل) (كَانَ بيني وَبَينه الْبَحْر والقفر ووخد السرى وَطول الذميل ... ) (يَا قَلِيل الْإِنْصَاف فِي الهجر مهلا ... إِن وجدي عَلَيْك غير قَلِيل) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْبَسِيط (بل مَا ادكارك من ورق مغردة ... على قضيب بِذَات الهضب مياس) (هجن الصبابة لَوْلَا همة شرفت ... فصيرت قلبه كالجندل القاسي) // الْبَسِيط // الحديث: 82 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 83 - مُحَمَّد بن فطيس قَالَ من الْكَامِل (ثكلتك امك هَل سَمِعت مخلدا ... ام هَل رَأَيْت مصححا لم يسقم) (ام هَل رَأَيْت من الْبَريَّة ناشئا ... نَالَ الَّذِي فِي مُدَّة لم يهرم) (فدع الاماني إِنَّهَا مكذوبة ... وَاجعَل دعاءك للسبيل الاقوم) (اي امْرِئ يَرْجُو الْبَقَاء وَقد رأى ... آثَار عَاد فِي الْبِلَاد وجرهم) // الْكَامِل // 84 - احْمَد بن عبد الله بن احْمَد اللؤْلُؤِي قَالَ من الطَّوِيل (لَئِن غَابَ عَن عَيْني وأعجز ناظري ... لما غَابَ وهمي وَلَا زَالَ عَن فكري) (وتالله لَو استطيع مَحْض مَوَدَّة ... لأحللته قلبِي وأسكنته صَدْرِي) (أَتَتْنِي بصفو الود مِنْهُ صحيفَة ... تخبر عَن ود وتنطق عَن بر) (تضمنها من جَوْهَر الشّعْر حِكْمَة ... بهَا سحرت من كَاد ينفث بِالسحرِ) (يطول لَهَا لفظ الذكي بلاغة ... وَيقصر بالراوي لَهَا طائل الْعُمر) // الطَّوِيل // وَقَوله من الرجز (أقبل فَإِن الْيَوْم يَوْم دجن ... إِلَى مَحل كالضمير المكني) (ساكنه كطائر فِي وَكن ... لَعَلَّنَا نعلم أدنى وفن) الحديث: 83 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 (فِي مجْلِس مزخرف ذِي كن ... فَأَنت فِي سنك دون سني) // الرجز // 85 - ابو عُثْمَان سعيد بن احْمَد بن عبد ربه انشدت لَهُ من الْكَامِل (لما عدمت مواسيا وجليسا ... جالست بقراطا وجالينوسا) (وَجعلت كتبهما شِفَاء تفرجي ... وهما الشِّفَاء لكل جرح يوسى) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (أَمن بعد غوصي فِي عُلُوم الْحَقَائِق ... وَطول انبساطي فِي مواهب خالقي) (وَمن بعد إشرافي على ملكوته ... أرى طَالبا شَيْئا إِلَى غير رازقي) (وَقد آذَنت نَفسِي بتقويض رَحلهَا ... واعنف فِي سوقي إِلَى الْمَوْت سائقي) (وَإِنِّي وَإِن أيقنت أَو زِغْت هَارِبا ... عَن الْمَوْت فِي الْآفَاق فالموت لاحقي) // الطَّوِيل // 86 - الْحسن بن مُحَمَّد بن بابل قَالَ من الطَّوِيل (أَلا مَا لجسمي قد علاهُ شحوب ... وَمَا بَال قلبِي ضامرته كروب) (وَمَا بَال احشائي توقد لوعة ... وَمَا بَال رَأْسِي قد علاهُ مشيب) (وَمَا ذَاك إِلَّا أَن رمتني يَد النَّوَى ... وَأَنِّي فِي أرجاء مصر غَرِيب) (أراعي نُجُوم اللَّيْل لَا آنف الْكرَى ... كَأَنِّي على رعي النُّجُوم رَقِيب) (إِذا مَا دَعَوْت الدمع يَوْمًا أجابني ... وَإِن رمت دَعْوَى الصَّبْر لَيْسَ يُجيب) الحديث: 85 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 (وَإِن رمت كتمان الَّذِي بِي من الاسى ... جرى هاطل من مقلتي سكوب) (أَلا لَيْت شعري هَل أرى الدَّهْر منزلا ... تبواه بعد الْفِرَاق حبيب) (وَهل أردن يَوْمًا مياه رصافة ... وَهل يصفونَ لي عيشها ويطيب) // الطَّوِيل // 87 - عبد النَّصْر بن احْمَد انشدت لَهُ مَا كتب بِهِ الى بعض الرؤساء بديهة فِي عيد الاضحى وَكَانَ عوده أَن ينفذ إِلَيْهِ كَبْشًا لاضحيته فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ من المديد (يَا سليل الاكرمين وَمن ... فَضله فرض فَمَا مِنْهُ بُد) (أزف الْعِيد وعودتم الْكَبْش دَاري وَالْحَبل معد ... ) (وَلَقَد ابرزت مديتنا ... فَهِيَ من قبل الصَّباح تحد) (خيمك الْفضل وَقد حكمُوا ... انك الْفَرد وَمَا لَك ند) // المديد // فانفذ إِلَيْهِ ثَلَاثَة أكبش وصلَة وَاسِعَة 88 - مُحَمَّد بن احْمَد الْعَطَّار انشدت لَهُ من قصيدة يَقُول فِيهَا من مدح الْمَنْصُور بن ابي عَامر الْحَاجِب من الْبَسِيط (يَا حَاجِب الْملك الاعلى الَّذِي طفقت ... بِهِ الْخلَافَة والايام تبتسم) الحديث: 87 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 (وَمن بِهِ أَمن الرَّحْمَن بَلْدَتنَا ... من بعد أَن فَارَقت ملكا لَهَا الْعَجم) (وخامر الْمُسلمين الذعر وانحسرت ... عَنْهُم عوائد صنع الله وَالنعَم) (حَتَّى إِذا قنط الاسلام وانبسطت ... اعداؤه واستبيحت مِنْهُم الْحرم) (هبت بِهِ ريح نصر الله عَن كثب ... للدّين واستيقظت من نومها الهمم) (وجرد السَّيْف فانحازت لسلته ... من الجسوم طلى الاعناق والقمم) (إِذا تَبَسم فالاموال عابسة ... أَو صال مَاتَت لَهُ الابطال والبهم) (فَأَي بَلْدَة شرك أمهَا قدما ... وَلم يحل بهَا فِي عقرهَا النقم) (بقيت للدّين وَالدُّنْيَا تسوسهما ... مَا حنت النيب أَو مَا أَوْرَق السّلم) // الْبَسِيط // 89 - مُوسَى بن احْمَد الْمَعْرُوف بالوتد انشد لَهُ يُعَارض الْعَطَّار فِي قصيدته الميمية وَيرد عَلَيْهَا فِيهَا من الْبَسِيط (يَا ايها المنتمى للعطر قدك فقد ... قدحت نيران بغي سَوف تضطرم) (زعمت انك مَحْسُود على نعم ... اوليتها ومحال انها نعم) (فَرب ذِي نقم يعتدها نعما ... بجهله وَهِي إِمَّا حصلت نقم) (قذفت أَعْرَاض قوم جَاهِلا بهم ... يَا ظَالِما وهم أَعْلَام عصرهم) (وَقلت إِنَّك قد فَارَقْتهمْ وهم ... فِي حَيْثُ قدرك إِمَّا حصلوا رخم) (فَمَا حماك اغتياب الْقَوْم فَضلهمْ ... وَلَا تحرجت فِيمَن عرضه حرم) (مدحت نَفسك فاستنقصتهم سفها ... وَمَا استزلك إِلَّا فرط حلمهم) (اقسمت بِاللَّه مَا يرضى بفعلك من ... فِيهِ حشاشة إِيمَان وَلَا كرم) الحديث: 89 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 (مَا حصحص الْحق فِيمَا قد أتيت بِهِ ... لَكِنَّهَا ظلمات فَوْقهَا ظلم) (وَعَن قريب ستجني غب مَا غرست ... يداك فالبغي غرس طعمه وخم) // الْبَسِيط // 90 - حبيب بن احْمَد الشَّاعِر انشدت لَهُ من قصيدة يَقُول فِيهَا فِي ابْن ابي عَامر من الْبَسِيط (لَا ضيع لله للمنصور مالكنا ... حوط الْهدى وَصَلَاح الدّين بِالنّظرِ) (فِي كل يَوْم لَهُ فِي الْمُسلمين يَد ... غراء تخبر عَن أَفعاله الْغرَر) (فيا لَهَا فُرْجَة عَمت طوالعها ... كَمَا يعم ضِيَاء الشَّمْس وَالْقَمَر) (لَا زَالَت الارض وَالدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ ... معمورتين إِلَى أقْصَى مدى الْعُمر) // الْبَسِيط // 91 - أَبُو عَليّ بن حسان الاسنجي انشدت لَهُ من الْكَامِل (ثقلت نَفسك بِالذنُوبِ ودونها ... جسر لعمرك مَا تحير ثقيلا) (يَا باني الغرف الَّتِي قد عطلت ... لَو كنت تعقل دينهَا تعطيلا) (فاقصده إِنَّك ميت ومشاهد ... يَوْمًا عَلَيْك من الْحساب طَويلا) (تبني مصانعها وَأَنت مُسَافر ... فَلِمَنْ بناؤك إِن أردْت رحيلا) // الْكَامِل // الحديث: 90 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 92 - ابو مُحَمَّد الْبَاجِيّ رَحمَه الله تَعَالَى انشدت لَهُ من الطَّوِيل (إِذا كنت لَا أعفو عَن الذَّنب من أَخ ... وَقلت أكافيه فَأَيْنَ التَّفَاضُل) (ولكنني أغضي جفوني على القذى ... وأصفح عَمَّا رَابَنِي وأجامل) (مَتى أقطع الاخوان فِي كل عَثْرَة ... بقيت وحيدا لَيْسَ لي من أواصل) (وَلَكِن أداريه فَإِن صَحَّ سرني ... وَإِن هُوَ أعيا كَانَ عَنهُ التجامل) // الطَّوِيل // 93 - عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الحجري انشدت لَهُ من الْكَامِل (لما قدمت وَقَالَ بعض صَحَابَتِي ... قد جَاءَ من علقت يَمِينك حبله) (قَالَت قعيدة بَيتهَا يمم أَبَا ... إِسْحَق سيدنَا وَقبل نَعله) (نَفسِي تعاود نيله الْغمر الَّذِي ... هُوَ أَهله وَعَسَى بِهِ وَلَعَلَّه) // الْكَامِل // 94 - عبد الْملك بن خُزَيْمَة قَالَ من الْبَسِيط (ابرز إِلَى النَّاس إِن النَّاس فِي اسف ... إِذْ لَيْسَ بعْدك للاسلام من خلف) (وَقد مَضَت لَك ايام ثَمَانِيَة ... اشفى لَهَا النَّاس من وجد على التّلف) (خوفًا لعِلَّة حبر لَيْسَ يُشبههُ ... من الْبَريَّة إِلَّا خيرة السّلف) الحديث: 92 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 (أضحى الضلال بإبراهيم متضعا ... وَصَارَ بالمشرفي الدّين ذَا شرف) // الْبَسِيط // 95 - ابو الْعَبَّاس المرداوي انشدت لَهُ من المجتث (إِنِّي رايت لَك الْيَوْم ... يَا كَرِيمًا أَجله) (طفْلا عَلَيْهِ حَيَاء ... وَفِي الحيا الْخَيْر كُله) (سقيته الْحلم لدنا ... وَالْفرع يسْقِيه أَصله) (لَا زلت أثني عَلَيْهِ ... دهري بِمَا هُوَ أَهله) (فَبَارك الله فِيهِ ... وَفِي مَحل يحله) // المجتث // 96 - مُحَمَّد بن وهيب البدسمي أنشدت لَهُ وَقد حضر مجْلِس بعض الْفُقَهَاء وَهُوَ محتفل بسراة النَّاس وَقد حَضَرُوا لعقد نِكَاح فَقَالَ الْفَقِيه لِابْنِ وهيب لَو أمكنا عقد هَذَا النِّكَاح لشاركتنا فِي الْحَسَنَة فَقَالَ نعم وكرامة وَكَيف تُرِيدُ ذَلِك منثورا أَو منظوما فَقَالَ لَهُ الْفَقِيه سُبْحَانَ الله وَيُمكن نظم هَذَا والاتيان على فصوله قَالَ لي إِي وَالله وَإنَّهُ لايسر على من نثره وَإِن أردْت نظمته الان بَين يَديك من أَوله إِلَى آخِره وَلَا أخليه من الْبَسْمَلَة فِي افتتاحه فَقَالَ إِذا أتيت بِهَذَا أتيت بطامة فَقَالَ لَهُ هَات كَاتبا أمل عَلَيْهِ فَأحْضرهُ كَاتبا فأمل عَلَيْهِ فِي نسق نظما لم يتَرَدَّد فِيهِ وَلَا أَبْطَأَ كَأَنَّهُ يتلوه من كتاب حفظه وَذكر الشُّرُوط والتاريخ على نَصهَا فِي الحديث: 95 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 الصداقات قَدِيما كل ذَلِك بِحَضْرَة من شهد الْمجْلس فبهت الْقَوْم لما رَأَوْهُ وشاهدوه وأقروا أَنه نَسِيج وَحده وفريد دهره واستكثروا من الثَّنَاء عَلَيْهِ والمباهاة بِهِ وَقَالَ لَهُ الْفَقِيه أَمرك وَالله عَجِيب كَاد لَوْلَا الْمُشَاهدَة لم أصدقه وَركب إِلَى الْمَنْصُور بن أبي عَامر فَأخْبرهُ بِالْمَجْلِسِ وَأرَاهُ الشّعْر فَعجب من ذَلِك وَأمر بصلَة جزيلة حملت إِلَيْهِ وَكَانَ عدَّة مَا ارتجله ثَلَاثِينَ بَيْتا وَقد كتبت بَعْضهَا وَإِن لم تكن من نَادِر الشّعْر وبديعه وَهِي من الطَّوِيل (لأصدق عبد الله نجل مُحَمَّد ... فَتى أموي زوجه الْبكر مريما) (وَأَمْهَرهَا عشْرين عجل نصفهَا ... دَنَانِير يحويها ابوها مُسلما) (وأنكحها مِنْهُ أَبوهَا مُحَمَّد ... سلالة ابراهيم من حَيّ خثعما) (وَبَاقِي صدَاق الْبكر بَاقٍ إِلَى مدى ... ثَلَاثَة اعوام زَمَانا متمما) (مؤخرة عَنهُ يُؤَدِّي جَمِيعهَا ... إِذا لم يكن عِنْد التطلب معدما) (وَمن شَرطهَا أَن لَا يكون مرحلا ... لَهَا أبدا عَن دارها ايْنَ يمما) (وَأَن لَا يرى حتما بِشَيْء يَضرهَا ... يصرف فِيهِ الدَّهْر كفا وَلَا فَمَا) // الطَّوِيل // وَكَانَ ابْن وهيب هَذَا اُحْدُ أَفْرَاد زَمَانه وَكَانَ إِذا جلس ابْن ابي عَامر فِي الاعياد للشعراء وَأذن لَهُم فِي الانشاد على مرابتهم جلس ابْن وهيب وَبَدَأَ بِمَا يصنعه بديهة فَلَا تَأتيه نوبَته حَتَّى يفرغ من قصيدته وَيقوم وينشده وَإِن مداده لم يجِف وَهَذِه مَادَّة عَظِيمَة 97 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن الزبيدِيّ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ أحفظ أهل زَمَانه للإعراب وَالْفِقْه واللغة والمعاني والنوادر وَله كتب مؤلفة الحديث: 97 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 مِنْهَا اخْتِصَار كتاب الْعين وَكتاب طَبَقَات النَّحْوِيين واللغويين فِي الاندلس والمشرق من زمن ابي الاسود الدؤَلِي إِلَى زمن عبد الله الريَاحي النَّحْوِيّ معلم الزبيدِيّ وَله كتاب الابنية فِي النَّحْو لَيْسَ لَاحَدَّ مثله وَكَانَ الشّعْر أقل أدواته فَمَا أنشدت لَهُ فِي تَكْذِيب منجم من المتقارب (يَقُول المنجم لي لَا تسر ... فَإنَّك إِن سرت لاقيت ضرا) (فَإِن كَانَ يعلم أَنِّي جسير ... فقد جَاءَ بِالنَّهْي لَغوا وهجرا) (وَإِن كَانَ يجهل سيري فَكيف ... يراني إِذا سرت لاقيت شرا) // المتقارب // وَله فِي رثائه لشيخه عَليّ بن إِسْمَعِيل بن الْقَاسِم القالي الْبَغْدَادِيّ اللّغَوِيّ قصيدة جزلة الْأَلْفَاظ كَثِيرَة الْغَرِيب صاغها صوغ فحول الْعَرَب وضمنها قِطْعَة من غَرِيب كَلَامهم وَهِي قصيدة طَوِيلَة أَولهَا من السَّرِيع (تالله لَا يبْقى لصرف النَّوَى ... ذُو جَسَد فِي رَأس نيق منيف) // السَّرِيع // وَقَوله فِي الزّهْد من السَّرِيع (لَو لم تكن نَار وَلَا جنَّة ... للمرء إِلَّا أَنه يقبر) (لَكَانَ فِيهِ واعظ زاجر ... ناه لمن يسمع أَو يبصر) // السَّرِيع // وَقَوله من السَّرِيع (الْفقر فِي أوطاننا غربَة ... وَالْمَال فِي الغربة أوطان) (وَالْأَرْض شَيْء كلهَا وَاحِد ... وَالنَّاس جيران وَأَخَوَانِ) // السَّرِيع // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 98 - مُحَمَّد بن يحيى بن يَعْقُوب انشدت لَهُ قَوْله فِي الزّهْد من الوافر (لقد فَازَ الْمُوفق للصَّوَاب ... وعاتب نَفسه قبل العتاب) (وَمن شغل الْفُؤَاد بحب مولى ... يجازى بالجزيل من الثَّوَاب) (فَذَاك ينَال عزا لَا كعز ... من الدُّنْيَا يصير إِلَى الذّهاب) (تفكر فِي الْمَمَات فَعَن قريب ... يُنَادى بالرحيل إِلَى الْحساب) (وَقدم مَا ترجي النَّفْع مِنْهُ ... لدار الْخلد واعمل بِالْكتاب) (وَلَا تغتر بالدنيا فعما ... قريب سَوف يُؤذن بالخراب) // الوافر // 99 - الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله بن ابي ريمين أنشدت لَهُ قَوْله فِي الزّهْد من الْخَفِيف (أَيهَا الْمَرْء إِن دنياك بَحر ... طافح موجه فَلَا تأمننها) (وسبيل النجَاة فِيهَا مهين ... وَهُوَ أَخذ الكفاف والقوت مِنْهَا) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (خليلي إِن الَّذِي تعلمانه ... زمَان التصابي وانطلاق عنانه) (شَدِيد الاسى حر الجوى محرق الحشى ... فَهَل من مجير مخبر بأمانه) (رأى مجير غير من قد عصيته ... فيا اسفى أَن لم يعد بحنانه) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (وَذي حرق زَادَت بِهِ زفراته ... إِذا مَا سطت فِي قلبه خطراته) الحديث: 98 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 (لَهُ فِي دجى الاظلام خلْوَة مخلص ... تذكره فِيهَا الْجَحِيم هناته) (ويدفعه ذكر الْوَعيد إِلَى الاسى ... فتنهل من لوعاته عبراته) (إِذا مَا تَلا التَّنْزِيل وانكشفت لَهُ ... عجائبه زَادَت لَهُ عزماته) (وَإِن لحظت عين الْيَقِين معاده ... سقت خَوفه من مَائه لحظاته) (بنفسي ولي أَنه بمليكه ... وَفِي ذكره إصباحه وبياته) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْخَفِيف (أَيهَا الْمَرْء لم تسرك دنيا ... انت مِنْهَا مرحل عَن قريب) (وَإِذا الْمَرْء لم يقصر خطاه ... فِي أمانيه فَهُوَ غير لَبِيب) // الْخَفِيف // 100 - احْمَد بن مُحَمَّد بن عفيف انشدت لَهُ قَوْله من قصيدة يمدح فِيهَا امير المرية خيران أَولهَا من الْكَامِل (قف بالمطي على مغاني الدَّار ... لَيْسَ الْوُقُوف على الرسوم بِعَارٍ) // الْكَامِل // يَقُوله فِيهَا (انت الَّذِي انقذتنا من بَعْدَمَا ... كُنَّا جَمِيعًا تَحت جرف هار) (ونهضت نَحْو المارقين بجحفل ... جم أولي عزم وَذي استبصار) (باعوا النُّفُوس لنصر دين مُحَمَّد ... فكأنهم فِي الْحَرْب اسد الزار) // الْكَامِل // وفيهَا يصف اعداءهم (كَانُوا رياحا للردى حَتَّى رموا ... من جيشك الْمَنْصُور بالاعصار) الحديث: 100 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 (الله أركسهم وَفرق شملهم ... حَتَّى أحلّهُم بدار بوار) // الْكَامِل // 101 - مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز الْمَعْرُوف بِابْن الْقُوطِيَّة من أعلم أهل زَمَانه باللغة والعربية وأرواهم للاشعار والاخبار وَكَانَ مَعَ ذَلِك حَافِظًا للفقه والْحَدِيث من أهل النّسك والزهادة وَله كتاب فِي الافعال لم يسْبقهُ أحد إِلَى مثله وَكَانَ ابو عَليّ الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بالقالي يفضله ويعظمه وَيعرف حَقه ويقدمه أَخْبرنِي ابو سعيد بن دوست قَالَ اخبرني الْوَلِيد بن بكر الْفَقِيه أَن يحيى بن هُذَيْل الشَّاعِر زار يَوْمًا ابْن الْقُوطِيَّة فِي ضَيْعَة لَهُ فألفاه خَارِجا مِنْهَا فَاسْتَبْشَرَ بلقائه وابتدأه بِبَيْت حَضَره على البديهة فَقَالَ من الْبَسِيط (من أَيْن أَقبلت يَا من لَا شَبيه لَهُ ... وَمن هُوَ الشَّمْس وَالدُّنْيَا لَهُ فلك) // الْبَسِيط // فَأَجَابَهُ مسرعا من الْبَسِيط (من منزل يعجب النساك خلوته ... وَفِيه ستر على الفتاك إِن فتكوا) // الْبَسِيط // قَالَ ابْن هُذَيْل فَمَا تمالكت أَن قبلت يَده إِذا كَانَ شَيْخي وأستاذي وَكَانَ الشّعْر اقل صناعته لِكَثْرَة غَرَائِبه فَمن بديعه قَوْله من الْبَسِيط (ضحى اناخوا بوادي الطلح عيرهم ... فأوردوها عشَاء أَي إِيرَاد) (أكْرم بِهِ ودايا حل الحبيب بِهِ ... مَا بَين رند وصفصاف وفرصاد) الحديث: 101 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 (يَا وَاديا سَار عَنهُ الركب مرتحلا ... بِاللَّه قل أَيْن سَار الركب يَا وَادي) (أبالحمى نزلُوا أم باللوى عدلوا ... ام عَنْك قد رحلوا خلفا لميعادي) (بانوا وَقد اورثوا جسمي لبينهم ... سقما وَقد قطعُوا بالبين أكبادي) // الْبَسِيط // 102 - احْمَد بن مُحَمَّد بن عبد ربه اُحْدُ محَاسِن الاندلس علما وفضلا وأدبا ونبلا وشعره فِي نِهَايَة الجزالة والحلاوة وَعَلِيهِ رونق البلاغة والطلاوة انشدني لَهُ ابو سعيد بن دوست قَالَ انشدني الْوَلِيد بن بكر قَوْله من الْكَامِل (يَا من يجرد من بصيرته ... تَحت الْحَوَادِث صارم الْعَزْم) (رعت الْعَدو فَمَا مثلت لَهُ ... إِلَّا تفزع مِنْك فِي الْحلم) (اضحى لَك التَّدْبِير مطردا ... مثل أطراد الْفِعْل للاسم) (رفع الْعَدو إِلَيْك ناظره ... فرآك مطلعا مَعَ النَّجْم) // الْكَامِل // وَقَوله من الوافر (ومعترك تهز لَهُ المنايا ... ذُكُور الْهِنْد فِي ايدي ذُكُور) (لوامع يبصر الاعمى سناها ... ويعمى دونهَا طرف الْبَصِير) (وخافقه الذوائب قد أَقَامَت ... على حَمْرَاء ذَات شبا طرير) (نُجُوم تحتهَا عقبان موت ... تخطفت الْقُلُوب من الصُّدُور) (بِيَوْم رَاح فِي سربال ليل ... كَمَا عرف الاصيل من البكور) الحديث: 102 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 (وَعين الشَّمْس تَدْنُو فِي قتام ... دنو الإنف مَا بَين الستور) (فكم قصرت من عمر طَوِيل ... بِهِ وأطلت من عمر قصير) // الوافر // وَقَوله من الْبَسِيط (كم ألحم السَّيْف من أَبنَاء ملحمة ... مَا مِنْهُم فَوق ظهر الارض ديار) (فأورد النَّار من أَرْوَاح بارقة ... كَادَت تميز من غيظ بهَا النَّار) (كَأَنَّمَا صال فِي ثني مفاضته ... مستأسد حنق الاحشاء هرار) (لما رأى الْفِتْنَة العمياء قد دخنت ... مِنْهَا على النَّاس آفَاق وأقطار) (وأطبقت ظلم من فَوْقهَا ظلم ... مَا يستضاء بهَا نور وَلَا نَار) (قاد الْجِيَاد إِلَى الاعداء سَارِيَة ... قبا طواها كطي العصب إِضْمَار) (ملمومة تتبارى فِي ململمة ... كَأَنَّهَا لاعتدال الْخلق اقمار) (تفوت بالثأر أَقْوَامًا وتدركه ... من آخَرين إِذا لم يدْرك الثار) (فانصاع نَاصِر دين الله يقدمهم ... وَحَوله من جنود الله انصار) (كتائب تتبارى حول رايته ... وجحفل كسواد اللَّيْل جرار) // الْبَسِيط // وَقَوله يصف الْحَرْب من الطَّوِيل (ومعترك ضنك تساقت كماته ... كؤوس المنايا من كلى ومفاصل) (يديرونها رَاحا من الراح بَينهم ... ببيض رقاق أَو بسمر ذوابل) (وتسمعهم أم الْمنية وَسطهَا ... غناء صَهِيل الْبيض تَحت المناصل) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 وَقَوله من الطَّوِيل (بِكُل رديني كَأَن سنانه ... شهَاب بدا فِي ظلمَة اللَّيْل سَاطِع) (تقاصرت الْآجَال فِي طول مَتنه ... وعادت بِهِ الآمال وَهِي فجائع) (وَسَاءَتْ ظنون الْحَرْب فِي حسن ظَنّه ... فهن ظبات للقلوب قوارع) (وَذي شطب تقضي المنايا بِحكمِهِ ... وَلَيْسَ لما تقضي الْمنية دَافع) (فرند إِذا مَا اعتن للعين راكد ... وبرق إِذا مَا اهتز بالكف لامع) (يسلل ارواح الكماة انسلاله ... ويرتاع مِنْهُ الْمَوْت وَالْمَوْت رائع) // الطَّوِيل // وَقَوله من السَّرِيع (بِكُل منثور على مَتنه ... مثل مدب النَّمْل بالقاع) (يرْتَد طرف الْعين عَن حَده ... عَن كَوْكَب للْمَوْت لماع) // السَّرِيع // وَقَوله من الطَّوِيل (كريم على العلات جزل عطاؤه ... منيل وَإِن لم يعْتَمد لنوال) (وَمَا الْجُود من يُعْطي إِذا مَا سَأَلته ... وَلَكِن من يُعْطي بِغَيْر سُؤال) // الطَّوِيل // وَقَوله من السَّرِيع (من يرتجى بعْدك أَو يَتَّقِي ... وَفِي يَديك الْجُود والباس) (إِن عِشْت عَاشَ النَّاس فِي نعْمَة ... وَإِن تمت مَاتَ بك النَّاس) // السَّرِيع // وَقَوله فِي الشيب من الوافر (شباب الْمَرْء تنفده اللَّيَالِي ... وَإِن كَانَت تصير إِلَى نفاد) (فأسوده يصير إِلَى بَيَاض ... وأبيضه يعود إِلَى سَواد) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 وَقَوله من الْبَسِيط (قَالُوا شبابك قد ولى فَقلت لَهُم ... هَل من جَدِيد على كرّ الجديدين) (صل من هويت وَإِن أبدى معاتبة ... فأطيب الْعَيْش وصل بَين إلفين) (واقطع حبائل خل لَا تلائمه ... فَرُبمَا ضَاقَتْ الدُّنْيَا على اثْنَيْنِ) // الْبَسِيط // وَقَوله يرثي وَلَده من الْكَامِل (بليت عظامك والاسى يَتَجَدَّد ... وَالصَّبْر ينْفد والبكا لَا ينْفد) (يَا غَائِبا لَا يرتجى لإيابه ... ولقائه حَتَّى الْقِيَامَة موعد) (مَا كَانَ أحسن ملحدا ضمنته ... لَو كَانَ ضم أَبَاك ثمَّ الملحد) (باليأس أسلو عَنْك لَا بتجلدي ... هَيْهَات ايْنَ من الحزين تجلد) // الْكَامِل // وَقَوله يرثيه من المنسرح (واكبدا قد تقطعت كَبِدِي ... وأحرقته لواعج الكمد) (مَا مَاتَ حَيّ لمَيت أسفا ... أعذر من وَالِد على ولد) (يَا رَحْمَة الله جاوري جدثا ... دفنت فِيهِ حشاشتي بيَدي) (ونورى ظلمَة الْقُبُور على ... من لم يصل ظلمه إِلَى أحد) (أَي حسام اخذت رونقه ... وَأي روح نزعت من جَسَدِي) (يَا قمرا اجحف الخسوف بِهِ ... قبل طُلُوع السوَاء فِي الْعدَد) (اي حشى لم يذب لَهُ اسفا ... وَأي عين عَلَيْهِ لم تَجِد) (لَا صَبر لي بعده وَلَا جلد ... فجعت بِالصبرِ فِيهِ وَالْجَلد) (يَا لوعة لَا يزَال لاعجها ... يقْدَح نَار الاسى على كَبِدِي) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 وَقَوله من الْبَسِيط (لَا بَيت يسكن إِلَّا فَارق السكنا ... وَلَا امتلا فَرحا إِلَّا امتلا حزنا) (لهفا على ميت مَاتَ السرُور بِهِ ... لَو كَانَ حَيا لاحيا الدّين والسننا) (واها عَلَيْك ابا بكر مرددة ... لَو سكنت والها أَو فترت شجنا) (إِذا ذكرتك يَوْمًا قلت واحزانا ... وَمَا يرد عَلَيْك القَوْل واحزنا) (يَا سَيِّدي ومزاج الرّوح فِي بدني ... هلا دنا الْمَوْت مني حَيْثُ مِنْك دنا) (يَا أطيب النَّاس روحا ضمه بدن ... استودع الله ذَاك الرّوح والبدنا) (لَو كنت اعطى بِهِ الدُّنْيَا مُعَاوضَة ... مِنْهُ لما كَانَت الدُّنْيَا لَهُ ثمنا) // الْبَسِيط // وَقَوله فِي التحبب إِلَى النَّاس من الْكَامِل (وَجه عَلَيْهِ من الْحيَاء سكينَة ... ومحبة تجْرِي مَعَ الانفاس) (وَإِذا احب الله يَوْمًا عَبده ... القى عَلَيْهِ محبَّة للنَّاس) // الْكَامِل // وَقَوله من الْبَسِيط (لَا غرو إِن نَالَ مِنْك السقم مَا سَأَلَا ... قد يكسف الْبَدْر أَحْيَانًا إِذا كملا) (مَا تَشْتَكِي عِلّة فِي الدَّهْر وَاحِدَة ... إِلَّا اشْتَكَى الْجُود من وجد بهَا عللا) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (قَالُوا نأيت عَن الاخوان قلت لَهُم ... مَا لي أَخ غير مَا تحوي عَلَيْهِ يَدي) (دَعْنِي أصن حر وَجْهي عَن إذالته ... وَإِن تغربت عَن أَهلِي وَعَن وَلَدي) // الْبَسِيط // وَقَوله من الطَّوِيل (وأعذر من أدْمى الجفون من البكا ... كريم رأى الدُّنْيَا بكف لئيم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 (أرى كل فدم قد تبجح فِي الْغنى ... وَذُو الظّرْف لَا تَلقاهُ غير عديم) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي الشيب من الوافر (بدا وضح المشيب على عِذَارَيْ ... وَهل ليل يكون بِلَا نَهَار) (وألبسني النهى ثوبا جَدِيدا ... وجردني من الثَّوْب المعار) (شريت سَواد ذَا ببياض هَذَا ... فبدلت الْعِمَامَة بالخمار) (وَمَا بِعْت الصِّبَا بيعا بِشَرْط ... وَلَا استثنيت فِيهِ بِالْخِيَارِ) // الوافر // وَقَوله فِي الشَّبَاب من الْكَامِل (ولى الشَّبَاب وَكنت تسكن ظله ... فَانْظُر نَفسك أَي ظلّ تسكن) (وانه المشيب عَن الصِّبَا لَو أَنه ... يُدْلِي بحجته إِلَى من يعلن) // الْكَامِل // وَقَوله فِيهِ من المنسرح (كنت أليف الصِّبَا فودعني ... وداع من بَان غير منصرف) (أَيَّام لهوي كظل اسجلة ... وَإِذ شَبَابِي كروضة أنف) // المنسرح // وَقَوله فِيهِ من الوافر (شَبَابِي كَيفَ صرت إِلَى نفاد ... وبدلت الْبيَاض من السوَاد) (وَمَا أبقى الْحَوَادِث مِنْك إِلَّا ... كَمَا أبقت من الْقَمَر الدادي) (فراقك عرف الاحزان قلبِي ... وَفرق بَين عَيْني والرقاد) (كَأَنِّي مِنْك لم ارْبَعْ بِربع ... وَلم أرتد بِهِ أحلى مُرَاد) (سقى ذَاك الرِّبَا وبل الثريا ... وغادى نبته صوب الغوادى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 (زمَان كَانَ فِيهِ الرشد غيا ... وَكَانَ الغي فِيهِ من رشادي) (فكم لي من غليل فِيك خَافَ ... وَكم لي من عويل فِيك بَادِي) // الوافر // وَقَوله من الْبَسِيط (فَكرت فِيك ابحر انت أم قمر ... فقد تحير فكري بَين هذَيْن) (إِن قلت بَحر وجدت الْبَحْر منحسرا ... وبحر جودك ممتد العنانين) (أَو قلت بدر رَأَيْت الْبَدْر منتقصا ... فَقلت شتان مَا بَين اليزيدين) // الْبَسِيط // وَقَوله فِي الزّهْد من السَّرِيع (يَا ويلتا من موقف مَا بِهِ ... أخوف من أَن يعدل الْحَاكِم) (أبارز الله بعصيانه ... وَلَيْسَ لي من دونه رَاحِم) (يَا رب عفوا مِنْك عَن مذنب ... أسرف إِلَّا أَنه نادم) // السَّرِيع // وَقَوله من الوافر (أتلهو بَين باطيه وَزِير ... وَأَنت من الْهَلَاك على شَفير) (فيا من غره أمل طَوِيل ... بِهِ يردى إِلَى أجل قصير) (اتفرح والمنية كل يَوْم ... تريك مَكَان قبرك فِي الْقُبُور) (هِيَ الدُّنْيَا وَإِن سرتك يَوْمًا ... فَإِن الْحزن عَاقِبَة السرُور) (ستسلب كل مَا جمعت فِيهَا ... بعارية ترد إِلَى معير) (وتعتاض الْيَقِين من التظني ... وَدَار الْحق من دَار الْغرُور) // الوافر // وَقَوله من السَّرِيع (مدامع قد خددت فِي الخدود ... وأعين مكحولة بالهجود) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 (ومعشر اوعدهم رَبهم ... فبادروا خشيَة ذَاك الْوَعيد) (فهم عكوف فِي محاريبهم ... يَبْكُونَ من خوف عِقَاب الْمجِيد) (قد كَاد أَن يعشب من دمعهم ... مَا قابلت أَعينهم فِي السُّجُود) // السَّرِيع // وَقَوله فِي الْغَزل من الطَّوِيل (أتقتلني ظلما وتجحدني قَتْلِي ... وَقد قَامَ عَن عَيْنَيْك لي شَاهدا عدل) (أطلاب ذحلي لَيْسَ بِي غير شادن ... بِعَيْنيهِ سحر فَاطْلُبُوا عِنْده ذحلي) (أغار على قلبِي بِعَيْنيهِ شادن ... أطالبه فِيهِ أغار على عَقْلِي) (بنفسي الَّتِي ضنت عَليّ بوصلها ... وَلَو سَأَلت قَتْلِي وهبت لَهَا قَتْلِي) (إِذا جِئْتهَا صدت حَيَاء بوجهها ... فَيُعْجِبنِي هجر ألذ من الْوَصْل) (كتمت الْهوى جهدي فحرره الاسى ... بِمَاء البلا هَذَا يخط وَذَا يملي) (وَإِن حكمت جارت عَليّ بحكمها ... وَلَكِن ذَاك الْجور أحلى من الْعدْل) (وأحببت فِيهَا العذل حبا لذكرها ... فَلَا شَيْء أشفى فِي فُؤَادِي من العذل) (أَقُول لقلبي كلما ضامه الاسى ... إِذا مَا أَبيت الْعِزّ فاصبر على الذل) (بِرَأْيِك لَا رَأْيِي تعرضت للهوى ... وأمرك لَا أَمْرِي وفعلك لَا فعلي) (وجدت الْهوى نصلا لموتي مغمدا ... فجردته ثمَّ اتكيت على النصل) (فَإِن كنت مقتولا على غير رِيبَة ... فَأَنت الَّذِي عرضت نَفسك للْقَتْل) // الطَّوِيل // وَقَوله وَهُوَ من دَقِيق التَّشْبِيه وَحسن النسيب من الْكَامِل (حوراء راعتها النَّوَى فِي حور ... حكمت لواحظها على الْمَقْدُور) (نظرت إِلَيْك بمقلتي أدمانه ... وتلفتت بسوالف اليعفور) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 (وكأنما غاص الاسى بجفونها ... حَتَّى أَتَاك بلؤلؤ منثور) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (أَدْعُو إِلَيْك فَلَا دُعَاء يسمع ... يَا من يضر بناظريه وينفع) (للورد حِين لَيْسَ يطلع دونه ... والورد عنْدك كل حِين يطلع) (من لي بأحور مَا يبين لِسَانه ... خجلا وَسيف جفونه لَا يقطع) (منع الْكَلَام سوى إِشَارَة مقلة ... مِنْهَا يكلمني وعنها يسمع) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (جمال يفوت الْوَهم فِي غَايَة الْفِكر ... وطرف إِذا مَا فَاه ينْطق بِالسحرِ) (وَوجه اعار الْبَدْر ذلة حَاسِد ... فَمِنْهُ الَّذِي يسود فِي صفحة الْبَدْر) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي النحول من الْكَامِل (لم يبْق من جثمانه ... إِلَّا حشاشة مبتئس) (قد رق حَتَّى مَا يرى ... بل ذاب حَتَّى مَا يحس) // الْكَامِل // وَقَوله فِي الْبَين من الوافر (فَرَرْت من اللِّقَاء إِلَى الْفِرَاق ... فحسبي مَا لقِيت وَمَا أُلَاقِي) (سقاني الْبَين كأس الْمَوْت صرفا ... وَمَا ظَنِّي أَمُوت بكف ساقي) (فيا برد اللِّقَاء على فُؤَادِي ... أجرني الْيَوْم من حر الْفِرَاق) // الوافر // وَقَوله فِي نوح الْحمام من الطَّوِيل (ويهتاج قلبِي كلما كَانَ سَاكِنا ... دُعَاء حمام لم يبت بوكون) (وَإِن ارتياحي من بكاء حمامة ... كذي شجن داويته بشجون) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 (كَأَن حمام الأيك لما تجاوبت ... حَزِين بَكَى من رَحْمَة لحزين) // الطَّوِيل // وَقَوله فِيهِ من الطَّوِيل (اناحت حمامات اللوى ام تغنت ... فأبدت دواعي قلبه مَا أجنت) (فديت الَّتِي كَانَت وَلَا شَيْء غَيرهَا ... مني النَّفس اَوْ يقْضِي لَهَا مَا تمنت) // الطَّوِيل // وَقَوله فِيهِ من الطَّوِيل (لقد سجعت فِي جنح ليل حمامة ... فَأَي أسى هَاجَتْ على الهائم الصب) (لَك الويل بل هيجت شجوي بِلَا جوى ... وشكوى بِلَا شكوى وكربا بِلَا كرب) (وأسكبت دمعا من جفون مسهد ... وَمَا رقرقت مِنْك المدامع بالسكب) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي الرياض من الطَّوِيل (وَمَا رَوْضَة بالحزن حاك لَهَا الندى ... برودا من الموشي حمر الشقائق) (يُقيم الدجى اعناقها ويميلها ... شُعَاع الضُّحَى المستن فِي كل شارق) (إِذا ضاحكتها الشَّمْس تبْكي بأعين ... مكللة الاجفان صفر الحمالق) (حكت أرْضهَا لون السَّمَاء وزانها ... نُجُوم كأمثال النُّجُوم الخوافق) (بأطيب نشرا من خلائقك الَّتِي ... لَهَا خضعت فِي الْحسن زهر الْخَلَائق) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي التَّضْمِين من الطَّوِيل (وروضة ورد حف بالسوسن الغض ... تحلت بلون السام وَالذَّهَب الْمَحْض) (رَأَيْت بهَا بَدْرًا على الارض مَاشِيا ... وَلم أر بَدْرًا قطّ يمشي على الارض) (إِلَى مثله تصبو إِذا كنت صابيا ... فقد كَاد مِنْهُ الْبَعْض يصبو إِلَى الْبَعْض) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 (وَقل للَّذي يفني الْفُؤَاد بحبه ... على انه يَجْزِي الْمحبَّة بالبغض) (أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا ... حنانيك بعض الشراهون من بعض) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (وحاملة رَاحا على رَاحَة الْيَد ... موردة تسْعَى بلون مورد) (مَتى مَا ترى الإبريق للكأس رَاكِعا ... تصل لَهُ من غير طهر وتسجد) (على ياسمين كاللجين ونرجس ... كأقراط در فِي قضيب زبرجد) (بِتِلْكَ وهذي فاله يَوْمك كُله ... وعنها فسل لَا تسْأَل النَّاس عَن غَد) (ستبدي لَك الايام مَا كنت جَاهِلا ... ويأتيك بالاخبار من لم تزَود) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (أيقتلني دائي وانت طبيبي ... قريب وَهل من لَا يرى بقريب) (لَئِن خُنْت عهدي إِنَّنِي خير خائن ... وَأي محب خَان عهد حبيب) (وساحبة فضل الذيول كَأَنَّهَا ... قضيب من الريحان فَوق كثيب) (إِذا برزت من خدرها قَالَ صَاحِبي ... أطعني وَخذ من حظها بِنَصِيب) (فَمَا كل ذِي لب بمؤتيك نصحه ... وَمَا كل مؤت نصحه بلبيب) // الطَّوِيل // وَقَوله من المديد (يَا طَوِيل الهجر لَا تنس وَصلي ... واشتغالي بك عَن كل شغل) (يَا هلالا فَوق جيد غزال ... وقضيبا فَوق دَعصَة رمل) // المديد // وَقَوله من المديد (يَا وميض الْبَرْق بَين الْغَمَام ... لَا عَلَيْهَا بل عَلَيْك السَّلَام) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 (إِن فِي الاحداج مَقْصُورَة ... وَجههَا يهتك ستر الظلام) (تحسب الهجر حَلَالا لَهَا ... وَترى الْوَصْل عَلَيْهَا حرَام) (مَا تأسيك لدار خلت ... ولشعب شت بعد التئام) (إِنَّمَا ذكرك مَا قد مضى ... ضلة مثل حَدِيث الْمَنَام) // المديد // وَقَوله من المديد (يَا عاتبا صرت لَهُ عاتبا ... رب مَطْلُوب غَدا طَالبا) (من يتب عَن حب معشوقه ... لست عَن حبي لَهُ تَائِبًا) (فالهوى لي قدر غَالب ... كَيفَ أعصي الْقدر الغالبا) (سَاكن الْقلب وَمن حلّه ... اصبح الْقلب بِهِ ذَاهِبًا) // المديد // وَقَوله من المديد (اي تفاح ورمان ... نجتني من خوط ريحَان) (اي ورد فَوق خد بدا ... مستنيرا فَوق سوسان) (وثن يعبد فِي خلْوَة ... صِيغ من در ومرجان) (من رأى الذلفاء فِي خلْوَة ... لم ير الْحَد على الزَّانِي) (إِنَّمَا الذلفاء ياقوتة ... أخرجت من كيس دهقان) // المديد // وَقَوله من المديد (من محب شفه سقمه ... وتلاشى لَحْمه وَدَمه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 (كَاتب حنت صَحِيفَته ... وَبكى من رَحْمَة قلمه) (يرفع الشكوى إِلَى قمر ... تنجلي عَن وَجهه ظلمه) (خل عَقْلِي يَا مسفهه ... إِن عَقْلِي لست أَتَّهِمهُ) (للفتى عقل يعِيش بِهِ ... حَيْثُ تهدي سَاقه قدمه) // المديد // وَقَوله من المديد (زادني لومك إصرارا ... إِن لي فِي الْحبّ انصارا) (طَار قلبِي من هوى رشأ ... لَو رثى للقلب مَا طارا) (خُذ بكفي لَا أمت غرقا ... إِن بَحر الْحبّ قد فَارًّا) (انضجت نَار الْهوى كَبِدِي ... ودموعي تُطْفِئ النارا) (رب نَار بت أرمقها ... تقضم الْهِنْدِيّ والغارا) // المديد // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا لَيْلَة كَانَ فِي ظلمائها نور ... إِلَّا وُجُوهًا تضاهيها الدَّنَانِير) (حور سقتني كأس الْمَوْت أعينها ... مَاذَا سقتني تِلْكَ الاعين الْحور) (إِذا ابتسمن فدر الثغر مُنْتَظم ... وَإِن نطقن فدر اللَّفْظ منثور) (خل الصِّبَا عَنْك وَاخْتِمْ بالنهى عملا ... فَإِن خَاتِمَة الاعمال تَكْفِير) (فالخير وَالشَّر مقرونان فِي قرن ... فالخير مُمْتَنع وَالشَّر مَحْذُور) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا طَالبا فِي الْحبّ مَا لَا ينَال ... وسائلا لم يعف ذل السُّؤَال) (ولت ليَالِي الصِّبَا محمودة ... لَو أَنَّهَا ترجع تِلْكَ اللَّيَالِي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 (وأعقبتك الَّتِي أوصلتها ... بالهجر لما رَأَتْ شيب القذال) (لَا تلتمس وصلَة من مخلف ... وَلَا تكن طَالبا مَا لَا ينَال) (يَا صَاح قد أخلفت اسماء مَا ... كَانَت تمنيك من حسن وصال) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (ظالمتي فِي الْحبّ لَا تظلمي ... فتصرمي حَبل من لم يصرم) (أهكذا بَاطِلا عاقبتني ... لَا يرحم الله من لم يرحم) (قتلت نفسا بِلَا نفس وَمَا ... ذَنْب بأعظم من سفك الدَّم) (لمثل هَذَا بَكت عَيْني لَا ... للمنزل القفر وَلَا للرسم) (مَاذَا وُقُوفِي على رسم عَفا ... مخلولق دارس مستعجم) // الْبَسِيط // وَقَوله من مخلع الْبَسِيط (مَا اقْربْ الْيَأْس من رجائي ... وَأبْعد الصَّبْر من بُكَائِي) (يَا مذكي النَّار فِي جوائي ... انت دوائي وَأَنت دائي) (من لي بمخلفة وعدها ... تخلط لي الْيَأْس بالرجاء) (سَأَلتهَا حَاجَة فَلم تفه ... لي بنعم لَا وَلَا بلَاء) (قلت استجيبي فَلَمَّا لم تجب ... فاضت دموعي على رِدَائي) (كآبة الذل فِي كتابي ... ونخوة الْعِزّ فِي الجواء) // مخلع الْبَسِيط // وَله فِيهِ من مخلع الْبَسِيط (قتلت نفسا بِغَيْر نفس ... فَكيف تنجو من الْعَذَاب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 (خلقت من بهجة وَطيب ... إِذْ خلق النَّاس من تُرَاب) (ولت حميا الشَّبَاب عني ... فلهف نَفسِي على الشَّبَاب) (أَصبَحت والشيب قد علاني ... يَدْعُو حثيثا إِلَى الخضاب) // مخلع الْبَسِيط // وَقَوله من الوافر (تجافى النّوم بعْدك عَن جفوني ... وَلَكِن لَيْسَ تجفوها الدُّمُوع) (يطير إِلَيْك من شوق فُؤَادِي ... وَلَكِن لَيْسَ تتركه الضلوع) (كَأَن الشَّمْس لما غبت غَابَتْ ... فَلَيْسَ لَهَا على الدُّنْيَا طُلُوع) (يذكرنِي تبسمك الاقاحي ... ويحكي لي توردك الرّبيع) (فَمَا لي من تذكرك امْتنَاع ... وَدون لقائك الْحصن المنيع) (إِذا لم تستطع شَيْئا فَدَعْهُ ... وجاوزه إِلَى مَا تَسْتَطِيع) // الوافر // وَقَوله من الْكَامِل (حَال الزَّمَان لَهُ فبدل حَالا ... وكسا المشيب مفارقا وقذالا) (غَابَتْ غواني الْحَيّ عَنْك وَرُبمَا ... طلعت إِلَيْك أكله وحجالا) (اضحى عَلَيْك حلالهن محرما ... وَلَقَد يكون حرامهن حَلَالا) (إِن الكواعب إِن رأينك طاويا ... وصل الشَّبَاب طوين عَنْك وصالا) (وَإِذا دعونك عمهن فَإِنَّهُ ... نسب يزيدك عِنْدهن خبالا) // الْكَامِل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (هتك الْحجاب عَن الضمائر ... طرف بِهِ تبلى السرائر) (يرنو فيمتحن الْقُلُوب ... كَأَنَّهُ فِي الْقلب نَاظر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 (يَا ساحرا مَا كنت اعرف قبله فِي النَّاس سَاحر ... ) (اقصيتني من بعد مَا ... أدنيتني فالقلب طَائِر) (وغررتني وَزَعَمت انك لِابْنِ فِي الصَّيف تامر ... ) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (يَا مقلة الرشأ الغرير وشقة الْقَمَر الْمُنِير ... ) (مَا رنقت عَيْنَاك لي ... بَين الاكلمة والستور) (إِلَّا وضعت يَدي على ... كَبِدِي مَخَافَة أَن تطير) (هبني كبعض حمام مَكَّة واستمع قَول النذير ... ) (ابْني لَا تظلم بِمَكَّة لَا الصَّغِير وَلَا الْكَبِير ... ) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (قل مَا بدا لَك وَافْعل ... واقطع حبالك اوصل) (هَذَا الرّبيع فحيه ... وَانْزِلْ بأكرم منزل) (وصل الَّذِي هُوَ وَاصل ... وَإِذا كرهت تبدل) (وَإِذا نبا بك منزل ... أَو مسكن فتحول) (وَإِذ افْتَقَرت فَلَا تكن ... متخشعا وَتحمل) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (يَا دهر مَا لَك ضنك ... وانت غير مواتي) (جرعتني غصصا بهَا ... كدرت عَليّ حَياتِي) (ايْنَ الَّذين تسابقوا ... فِي الْمجد للغايات) (قوم بهم روح الْحَيَاة ... ترد فِي الاموات) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 (وَإِذا همو ذكرُوا الاساءة ... أَكْثرُوا الْحَسَنَات) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله فِيهِ من الهزج (مَتى اشفي غليلي ... بنيل من بخيل) (غزال لَيْسَ لي مِنْهُ ... سوى الْحزن الطَّوِيل) (حملت الضيم فِيهِ من ... حسود اَوْ عذول) (جميل الْوَجْه اخلاني ... من الصَّبْر الْجَمِيل) (وَمَا ظَهْري لباغي الضيم بِالظّهْرِ الذلول ... ) // الهزج // وَقَوله من الرجز (لم ادر جني سباني ام بشر ... ام شمس ظهر أشرقت لي أم قمر) (ام نَاظر يهدي المنايا طرفه ... حَتَّى كَأَن الْمَوْت فِيهِ فِي النّظر) (ويحي قَتِيلا مَا لَهُ من قَاتل ... إِلَّا سِهَام الطّرف ريشت بالحور) (مَا بَال رسم الْوَصْل أضحى دارسا ... حَتَّى لقد أذكرني مَا قد دثر) (دَار لسلمى إِذْ سليمى جَارة ... قفر ترى آياتها مثل الزبر) // الرجز // وَقَوله من الرجز (قلب بلوعات الْهوى معمود ... حَيّ كميت حَاضر مَفْقُود) (مَا ذقت طعم الْمَوْت فِي كأس الرجا ... حَتَّى سقتنيه الظباء الغيد) (من ذَا يداوي الْقلب من دَاء الْهوى ... إِذْ لَا دَوَاء للضنى مَوْجُود) (أم كَيفَ اسلو غادة مَا حبها ... إِلَّا قَضَاء مَا لَهُ مَرْدُود) (الْقلب مِنْهَا مستريح سَالم ... وَالْقلب مني جَاهد مجهود) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وَقَوله من الرجز (يَا أَيهَا المشعوف بالحب التَّعَب ... كم أَنْت فِي تقريب مَا لَا يقترب) (دع ود من لَا يرعوي إِذا غضب ... وَمن إِذا عاتبته يَوْمًا عتب) (إِنَّك لَا تجني من الشوك الْعِنَب ... ) // الرجز // وَقَوله من الرمل (أَنا فِي اللَّذَّات مَمْنُوع العذار ... هائم فِي حب ظَبْي ذِي احورار) (صفرَة فِي حمرَة فِي خَدّه ... جمعت رَوْضَة ورد وبهار) (بِأبي طَاقَة آس اقبلت ... تنثني بَين حجل وسوار) (قادني قلبِي وطرفي للهوى ... كَيفَ من قلبِي وَمن طرفِي حذَارِي) (لَو بِغَيْر المَاء حلقي شَرق ... كنت كالغصان بِالْمَاءِ اعتصاري) // الرمل // وَقَوله من الرمل (يَا مدير الصدغ بالخد الاسيل ... ومجيل السحر بالطرف الكحيل) (هَب لمحزون كئيب نظرة ... مِنْك يشفي بردهَا حر الغليل) (وَقَلِيل ذَاك إِلَّا أَنه ... لَيْسَ من مثلك عِنْدِي بِالْقَلِيلِ) (بِأبي أحور غنى موهنا ... بغناء قصر اللَّيْل الطَّوِيل) (يَا بني الصيداء ردوا فرسي ... إِنَّمَا يفعل هَذَا بالذليل) // الرمل // وَله من الرمل (شادن يسحب اذيال الطَّرب ... ينثني مَا بَين لَهو وَلعب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 (بجبين مفرغ من فضَّة ... فَوق خد مشرب لون الذَّهَب) (كتب الدمع بخدي عَهده ... للهوى والشوق يملي مَا كتب) (يَا لجهلي مَا اراه ذَاهِبًا ... وَسَوَاد الرَّأْس مني قد ذهب) (قَالَت الخنساء لما جِئْتهَا ... شَاب بعدِي رَأس هَذَا واشتهب) // الرمل // وَقَوله من الرمل (يَا هلالا فِي تجليه ... وقضيبا فِي تثنيه) (وَالَّذِي لست اسميه وَلَكِنِّي أكنيه ... ) (شادن مَا تقدر الْعين ترَاهُ من تلاليه ... ) (كلما قابلها شخص رأى صورته فِيهِ ... ) (لَان حَتَّى لَو مَشى الذَّر عَلَيْهِ كَاد يدميه ... ) // الرمل // وَقَوله من الرمل (يَا هلالا قد تجلى ... فِي سَحَاب من حَرِير) (وأميرا بهواه ... قاهرا كل امير) (مَا لخديك استعارا ... حمرَة الْورْد الْمُنِير) (ورسوم الْوَصْل قد البسها ثوب الدُّثُور ... ) // الرمل // وَقَوله من السَّرِيع (أَنْت بِمَا فِي نَفسه أعلم ... فاحكم بِمَا شِئْت بِهِ تحكم) (ألحاظه فِي الْحبّ قد هتكت ... مكتومة وَالْحب لَا يكتم) (يَا مقلتي وحشية قتلت ... نفسا بِلَا نفس وَلَا تظلم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 (قَالَت تسليت فَقُلْنَا لَهَا ... مَا قَالَ قبلي عاشق مغرم) (يَا أَيهَا الزاري على عمر ... قد قلت فِيهِ غير مَا تعلم) // السَّرِيع // وَقَوله من السَّرِيع (ويحي قَتِيلا مَا لَهُ من عقل ... من شادن يَهْتَز مثل النصل) (مكحل مَا مَسّه من كحل ... لَا تعذلاني إِنَّنِي فِي شغل) (يَا صَاحِبي رحلي أقلا عذلي ... ) // السَّرِيع // وَقَوله فِيهِ من المنسرح (بَيْضَاء مَضْمُومَة مقرطقة ... تنقد عَن نهدها قراطقها) (كَأَنَّمَا بَات نَاعِمًا جذلا ... فِي جنَّة الْخلد من يعانقها) (واي شَيْء ألذ من أمل ... نالته معشوقة وعاشقها) (دَعْنِي أمت فِي هوى مخدرة ... يعلق نَفسِي بهَا علائقها) (من لم يمت عبطة يمت هرما ... الْمَوْت كأس والمرء ذائقها) // المنسرح // وَقَوله من الْخَفِيف (أَنْت دائي وَفِي يَديك شفائي ... يَا دوائي من الْهوى وشفائي) (إِن قلبِي يحب من لَا اسْمِي ... فِي عناء أعظم بِهِ من عناء) (كَيفَ لَا كَيفَ أَن ألذ بعيش ... مَاتَ صبري بِهِ وَمَات عزائي) (أَيهَا اللائمون مَاذَا عَلَيْكُم ... أَن تعيشوا وَأَن أَمُوت بدائي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 (لَيْسَ من مَاتَ فاستراح بميت ... إِنَّمَا الْمَيِّت ميت الْأَحْيَاء) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (ذَات دلّ وشاحها قلق ... من ضمور وحجلها شَرق) (برت الشَّمْس نورها وحباها ... لحظ عَيْنَيْهِ شادن حدق) (ذهب خدها يذوب حَيَاء ... وَسوى ذَاك كُله ورق) (إِن أمت ميتَة المحبين يَوْمًا ... وفؤادي من الْهوى حرق) (فالمنايا مَا بَين غاد وَسَار ... كل حَيّ برهنها علق) // الْخَفِيف // وَقَوله من مجزوء الْخَفِيف (اشرقت لي بدور ... فِي ظلام تنير) (طَار قلبِي لحسنها ... من لقلب يطير) (يَا بدور انا بهَا الدَّهْر عان أَسِير ... ) (إِن رَضِيتُمْ بِأَن أَمُوت ... فموتي حقير) (كل خطب مَا لم تَكُونُوا ... غضبتم يسير) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَوله من المقتضب (يَا مليحة الدعج ... هَل لديك من فرج) (أم أَرَاك قاتلي ... بالدلال والغنج) (من لحسن وَجهك من ... سوء فعلك السمج) (عاذلي ويحكما ... قد غرقت فِي لجج) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 (هَل عَليّ ويحكما ... إِن لهوت من حرج) // المقتضب // وَقَوله من المتقارب (أأحرم مِنْك الرضى ... وتذكر مَا قد مضى) (وَتعرض عَن هائم ... ابى عَنْك أَن يعرضا) (قضى الله بالحب لي ... فصبرا على مَا قضى) (رميت فُؤَادِي فَمَا ... تركت بِهِ منهضا) (وقوسك شريانة ... ونبلك جمر الغضا) // المتقارب // وَقَوله من الطَّوِيل (وأزهر كالعيوق يسْعَى بأزهر ... لنا مِنْهُ دَاء وَهُوَ برْء من الدَّاء) (أَلا بِأبي صدغ حكى الْعين فتله ... وشارب مسك قد حكى عطفة الرَّاء) (فَمَا السحر مَا يعزى إِلَى ارْض بابل ... وَلَكِن فتور اللحظ من طرف حوراء) (وَكَيف أدارت مَذْهَب اللَّوْن اصفرا ... بمذهبة فِي رَاحَة الْكَفّ صفراء) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (معذبتي رفقا بقلب معذب ... وَإِن كَانَ يرضيك الْعَذَاب فعذبي) (لعمري لقد باعدت غير مباعد ... كَمَا أنني قربت غير مقرب) (بنفسي بدر أخمد الْبَدْر نوره ... وشمس مَتى تطلع إِلَى الشَّمْس تغرب) (لَو أَن أمرأ الْقَيْس بن حجر بَدَت لَهُ ... لما قَالَ مرا بِي على ام جُنْدُب) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 (محب طوى كشحا عل الزفرات ... وإنسان عين خَاضَ فِي العبرات) (فيا من بِعَيْنيهِ سقامي وصحتي ... وَمن فِي يَدَيْهِ ميتتي وحياتي) (بحبك عاشرت الهموم صبَابَة ... كَأَنِّي لَهَا ترب وَهن لداتي) (فَخذي ارْض للهموم ومقلتي ... سَمَاء لَهَا تنهل بالعبرات) // الطَّوِيل // وَقَوله من المديد (طلق اللَّهْو فُؤَادِي ثَلَاثًا ... لَا ارتجاع لي بعد الثَّلَاث) (وَبَيَاض فِي سَواد عِذَارَيْ ... بدل التشبيب لي بالمراثي) (غير أَنِّي لَا أُطِيق اصطبارا ... واراني صائرا لانتكاثي) (بإناث فِي صِفَات ذُكُور ... وذكور فِي صِفَات إناث) // المديد // وَقَوله من المديد (صدعت قلبِي صدع الزّجاج ... مَا لَهُ من حِيلَة اَوْ علاج) (مزجت روحي ألحاظها ... فالهوى مني لروحي مزاج) (يَا قَضِيبًا فَوق دعص النقا ... وكثيبا تَحت تِمْثَال عاج) (انت نوري فِي سَواد الدجا ... وسراجى عِنْد فقد السراج) // المديد // وَقَوله من المديد (مستهام دمعه سافح ... بَين جفنيه هوى قَادِح) (كلما ام سَبِيل الْهوى ... قَادَهُ السافح والنازح) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 (حل فِيمَا بَين اعدائه ... وَهُوَ عَن احبابه نازح) (ايها القادح نَار الْهوى ... اصلها يَا ايها القادح) // المديد // وَقَوله من المديد (عَاد مِنْهَا كل مطبوخ ... غير داذي ومفضوح) (فَاعْتقد من ود اهل الحجى ... كل ود غير مشدوخ) (وانتشق رياك من ملتقى ... شَارِب بالمسك ملطوخ) (إِن فِي الْعلم وآثاره ... نَاسِخا من بعد مَنْسُوخ) // المديد // وَقَوله من المديد (يَا مجَال الرّوح من جَسَدِي ... وَالَّذِي يفتر عَن برد) (وفريد الْحسن وَاحِدَة ... منتهاه مُنْتَهى الْعدَد) (خُذ بكفي إِنَّنِي غرق ... فِي بحار جمة المدد) (ورياح الهجر قد هدمت ... مَا اقام الصَّبْر من أودي) // المديد // وَقَوله من المديد (أذكرت من طيرناباذ ... فقري الكرخ فبغداذ) (قهوة لَيست ببارقة ... لَا بتع وَلَا داذي) (مرّة يهذي الْحَلِيم بهَا ... بِأبي ذَلِك من هاذي) (فَهِيَ استاذ الشَّرَاب مَعًا ... والمعاني دأب واستاذ) // المديد // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 وَقَوله من الْبَسِيط (نور تولد من شمس وَمن قمر ... فِي طرفه سقم أمضى من الْقدر) (أُصَلِّي فُؤَادِي بِلَا ذَنْب جوى حرق ... لم يبْق من مهجتي شَيْئا وَلم يذر) (لَا والرحيق الْمُصَفّى من مراشفه ... وَمَا بخديه من خَال وَمن طرر) (مَا أنصف الْحبّ قلبِي فِي حكومته ... وَلَا عَفا الشوق عني غير مقتدر) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (خرجت أجتاز قفرا غير مجتاز ... فصادني أسهل الْعَينَيْنِ كالباز) (صفر على أَنه صفر لوالبه ... ذَا فَوق نعل وَهَذَا فَوق قفاز) (كم موعد لي من ألحاظ مَقْتَله ... لَو أَنه موعد يقْضى بإنجاز) (أبْكِي ويضحك مني طرفه هزؤا ... نَفسِي الْفِدَاء لذاك الضاحك الهازي) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا غصنا مائسا بَين الرِّبَاط ... مَا لي من بعد بالعيش اغتباط) (يَا من إِذا مَا ابتدى مَاشِيا ... وددت أَن لَهُ خدي بِسَاط) (تتْرك عَيناهُ من يبصره ... مختلط اللبسة كل اخْتِلَاط) (قلت مَتى نَلْتَقِي يَا سَيِّدي ... قَالَ غَدا نَلْتَقِي عِنْد الصِّرَاط) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا ساحرا طرفه إِذْ يلحظ ... وفاتنا لَفظه إِذْ يلفظ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 (يَا غصنا ينثني من لينه ... وَجهك من كل عين يحفظ) (أيقظني إِذْ جَاءَنِي من نَفسه ... من طرفه ناعس مستيقظ) (ظَبْي لَهُ وجنة من رقة ... تجرحها مقلة من يلحظ) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا من دمي دونه مسفوك ... وكل حر لَهُ مَمْلُوك) (كَأَنَّهُ فضَّة مسبوكة ... أَو ذهب خَالص مسبوك) (مَا أطيب الْعَيْش لَوْلَا أَنه ... عَن عَاجل كُله مَتْرُوك) (وَالْخَيْر مسدودة أبوابه ... وَلَا طَرِيق لَهُ مسلوك) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (إِلَيْك يَا غرَّة الْهلَال ... وبدعة الْحسن وَالْجمال) (مددت كفا بهَا انقباض ... وَأَيْنَ كفي من الْهلَال) (شَكَوْت مَا بِي إِلَيْك وجدا ... فَلم ترقي وَلم تبال) (أعاضك الله من قريب ... حَالا من السقم مثل حَالي) // الْبَسِيط // وَقَوله من الوافر (بنفسي من مراشفه مدام ... وَمن لحظات مقلته سِهَام) (وَمن هُوَ إِن بدا والبدر تمّ ... صبا من حسنه الْبَدْر التَّمام) (أَقُول لَهُ وَقد أبدى صدودا ... فَلَا لفظ إِلَيّ وَلَا ابتسام) (تكلم لَيْسَ يوجعك الْكَلَام ... وَلَا يمحو محاسنك السَّلَام) // الوافر // وَقَوله من الوافر (سلبت الرّوح من بدني ... وَصمت الْقلب بالحزن) (فلي بدن بِلَا روح ... ولي روح بِلَا بدن) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 (قرنت مَعَ الردى نَفسِي ... فنفسي وَهُوَ فِي قرن) (فليت السحر من عَيْنَيْك لم أره وَلم يرني ... ) // الوافر // وَقَوله من الوافر (غزال من بني الْعَاصِ ... أحس بِصَوْت قناص) (فأتلع جيده حذرا ... وأشخص أَي إشخاص) (أيا من أخلصت نَفسِي ... هَوَاهُ كل إخلاص) (أطاعك من ضمير الْقلب عفواكل معتاص ... ) // الوافر // وَقَوله من الْكَامِل (فِي الكلة الصَّفْرَاء ريم أَبيض ... يشفي الْقُلُوب بمقلتيه ويمرض) (لما غَدا بَين الحمول مقوضا ... كَاد الْفُؤَاد عَن الْحَيَاة يقوض) (صد الْكرَى عَن جفن عَيْنك معرضًا ... لما رَآهُ يصد عَنْك ويعرض) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (أوحت إِلَيْك جفونها بوادع ... خود بَدَت لَك من وَرَاء قناع) (بَيْضَاء مَا باهى النَّعيم بصفرة ... فَكَأَنَّهَا شمس بِغَيْر شُعَاع) (أما الشَّبَاب فودعت أَيَّامه ... ووداعهن مُوكل بوادعي) (لله أَيَّام الصِّبَا لَو أَنَّهَا ... كرت عَليّ بلذة وَسَمَاع) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (أصغى إِلَيْك بكأسه مصغي ... صلت الجبين معقرب الصدغ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 (كأس تولد بالمحبة بَيْننَا ... طورا وتنزع أَيّمَا نزع) (فِي رَوْضَة درجت بزهرتها الصِّبَا ... وَالشَّمْس فِي درج من الْفَزع) (واشرب بكف أغن عقرب صُدْغه ... للقلب مِنْك مميتة اللدغ) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (يَا دمية لَيست بمعتكف ... بل ظَبْيَة أوفت على شرف) (بل درة زهراء مَا سكنت ... بحرا وَلَا درا من الصدف) (أسرفت فِي قَتْلِي بِلَا ترة ... وَسمعت قَول الله فِي السَّرف) (إِنِّي أَتُوب إِلَيْك معترفا ... إِن كنت تقبل قَول معترف) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (يَا فتْنَة بعثت على الْخلق ... مَا بَينهَا وَالْمَوْت من فرق) (شمس بَدَت لَك فِي مغاربها ... يفتر مبسمها عَن الْبَرْق) (مَا كنت أَدْرِي قبل رؤيتها ... لشمس مطلعا سوى الشرق) (يَا من يضن بِفضل نائلة ... لَو فِي يَديك مفاتح الرزق) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (طلعت لَهُ وَاللَّيْل دامس ... شمس تجلت فِي حنادس) (تختال فِي صفر المجاسد ... بَين حارسه وحارس) (يَا من لبهجة وَجهه ... يستأسر البطل الممارس) (لم بيق من قلبِي سوى ... رسم تغير فَهُوَ دارس) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 وَقَوله من الْكَامِل (دع قَول واشية وواشي ... واجعلهما كَلْبِي هراش) (واشرب مُعتقة تسلسل ... فِي الْعِظَام وَفِي المحاشي) (حَتَّى ترى الْعود المسن ... بهَا أرق من الخشاش) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (ألحاظ عين تَنْتَهِي ... فِي روض ورد تزدهي) (رتعت بهَا وتنزهت ... مِنْهَا بِأَيّ تنزه) (يَا أَيهَا الخنث الجفون ... بنخوة وَتكره) (والمكتفي عجبا أما ... ترثي لأشعث أمره) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (أطفت شرارة لهوى ... ولوت بشرة عدوي) (شعل علون مفارقي ... وَمَضَت ببهجة سروي) (لما شَككت عروضها ... ذهب الزحاف بحزوي) (يَا أَيهَا الشادي صه ... لَيست بساعة شدو) // الْكَامِل // وَقَوله من الهزج (أَلا يَا زين قلبِي للشباب ... العفر إِذْ ولى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 (جعلت الغي سربالي ... وَكَانَ الرشد بِي أولى) (بنفسي جَائِر فِي الحكم ... يلفي جوره عدلا) (وَلَيْسَ الشهد فِي فِيهِ ... بأحلى عِنْده من لَا) // الهزج // وَقَوله من الهزج (هُنَا تفنى قوافي الشّعْر ... فِي هَذَا الروي) (قواف ألبست حليا ... من الحلى الروي) (تعالت عَن جرير بل ... زُهَيْر بل عدي) // الهزج // 103 - ابو عَمْرو يُوسُف بن هرون الْمَعْرُوف بِأبي سبيح وأنشدت لأبي عَمْرو يُوسُف بن هرون الاندلسي الْمَعْرُوف بِأبي سبيح يمدح أَبَا عَليّ إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ القالي من قصيدة أَولهَا من الْكَامِل (من حَاكم بيني وَبَين عذولي ... الشجو شجوي والعويل عويلي) (فِي أَي جارحة اصون معذبي ... سلمت من التعذيب والتنكيل) (إِن قلت فِي بَصرِي فثم مدامعي ... اَوْ قلت فِي كَبِدِي فثم غليلي) (وَثَلَاث شيبات نَزَلْنَ بمفرقي ... فَعلمت أَن نزولهن رحيلي) (طلعت ثَلَاث فِي نزُول ثَلَاثَة ... واش وَوجه مراقب ومقيل) (فعذلنني عَن صبوتي متذللا ... وَلَقَد سَمِعت بذلة المعذول) // الْكَامِل // وَمِنْهَا (حَتَّى إِذا صدت الوحوش فَلم تدع ... مِنْهُنَّ غير معالم وطلول) الحديث: 103 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 (ونهت مُحَافظَة الحسان فَلم تصل ... كفي إِلَى ظَبْي أغن كحيل) (ومكبل لم يجترم جرما وَلَا ... دَامَت صحابته بِغَيْر كبول) (متلفت كتلفت المرتاع يقسم ... لحظه فِي الْحول بعد الْحول) (حَتَّى إِذا مَا السرب عَن للحظه ... أومى بقادمتيه خل سبيلي) (ولت جماعتها وَشد وَرَاءَهَا ... وَكَأَنَّهُ بَطل وَرَاء رعيل) (عجلت وأدركها ردى فِي إثْرهَا ... إِن الردى قيد لكل عجول) (وَلَقَد غَدَوْت بأهرت متضائل ... سر النُّفُوس إِلَيْهِ غير ضئيل) (ولربما اشتم الصَّعِيد بِأَنْفِهِ ... حينا فَقَامَ لَهُ مقَام دَلِيل) (متتبع لظلاله فَكَأَنَّهُ ... فِي القيظ يطْلب ظله لمقيل) (فَنزلت فِي فرش الرياض وَلم يكن ... ليحوزها مثلي بِغَيْر نزُول) (روض تعاهده السَّحَاب كَأَنَّهُ ... متعاهد من علم إِسْمَعِيل) (قسه إِلَى الاعراب تعلم أَنه ... أولى من الاعراب بالتفضيل) (حازت قبائلهم لُغَات جمعت ... فيهم وَحَازَ لُغَات كل قبيل) (فالشرق خَال بعده فَكَأَنَّمَا ... نزل الخراب بربعه المأهول) (جمعُوا بغيبته وَمَوْت شُيُوخه ... عَنْهُم وَلما يظفروا ببديل) (مذ جَاءَهُم وهم بلَيْل همومهم ... مِنْهُ فصاروا فِي دجى مَوْصُول) (فَكَأَنَّهُ شمس بَدَت فِي غربنا ... وتغربت فِي شرقهم بأفول) (يَا سَيِّدي هَذَا ثنائي لم اقل ... زورا وَلَا عرضت بالتنويل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 (من كَانَ يأمل نائلا فَأَنا امْرُؤ ... لم ارج غير الْقرب فِي تأميلي) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (وَإِنِّي لاغضي الطّرف عَنْك جلالة ... وخوفا على خديك من لحظاتي) (وَلَو أنني أهملت عَيْني بِأَن ترى ... سناك لحالت دونهَا عبراتي) (رَأَيْت وشَاة الكاشحين أباعدا ... وَلَكِن دمعي من عديد وشاتي) (زعمت بِأَنِّي حلت عَنْك وَلم أكن ... أعنيك فِي بثي وَفِي حسراتي) (وَهل أَنا إِلَّا طَالب لمنيتي ... إِذا حلت عَمَّن فِي يَدَيْهِ وفاتي) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (عزمت على قَتْلِي بِغَيْر تحرج ... شجى بك حَتَّى تقتل الهائم الشجي) (وَلم يبد سري فِيك رَأْيِي وَإِنَّمَا ... تبدى فِرَارًا من حشى متوهج) (نحولي ودمعي دبجا وجنتي بِمَا ... رَأَتْ مقلتي من خدك المتدبج) (بهارا ودرا هبت الرّيح فَوْقه ... بقرو فغطت ورده بالبنفسج) // الطَّوِيل // وَقَالَ يرثي الْبَلَدِي الخباز من الرمل (أَنا إِن رمت سلوا ... عَنْك يَا قُرَّة عَيْني) (كنت فِي الْإِثْم كمن شَارك ... فِي قتل الْحُسَيْن) (لَك صولات على قلبِي ... دليلات لحيني) (مثل صولات عَليّ ... يَوْم بدر وحنين) // الرمل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 وَمن شعره قَوْله من الطَّوِيل (هبوا أَن سجني مَانع لوصاله ... فَمَا الْعذر ايضا فِي امْتنَاع خياله) (بلَى لم تنم عَيْني فيطرق طيفها ... زَوَال مَنَامِي عِلّة لزواله) 104 - عبد الْملك بن إِدْرِيس الْمَعْرُوف بالخريري لَهُ من قصيدة كتب بهَا إِلَى ابْنه عبد الرَّحْمَن من محبسه اولها من الْكَامِل (ألوي بعزم تجلدي وتصبري ... نأي الْأَحِبَّة واعتياد تذكري) (شحط المزار فَلَا قَرَار ونافرت ... عَيْني الهجوع فَلَا خيال يعتري) (أزرى بصبري وَهُوَ مشدود القوى ... وألان عودي وَهُوَ صلب المكسر) (وطوى سروري كُله وتلذذي ... بالعيش طي صحيفَة لم تنشر) (هلا بِمَا ألْقى الحبيب توهما ... بضمير تذكاري وَعين تفكري) (وَإِذا الْفَتى فقد الشَّبَاب سما لَهُ ... حب الْبَنِينَ وَلَا كحب الاصغر) (عجبا لقلبي يَوْم راعتنا النَّوَى ... ودنا وداعك كَيفَ لم يتفطر) (مَا خلتني ابقى خِلافك سَاعَة ... لَوْلَا السّكُون إِلَى اخيك الاكبر) (إِنْسَان عَيْني إِن نظرت وساعدي ... مهما بطشت وصاحبي المستوزر) (فَإِذا شَكَوْت إِلَيْهِ شكوى رَاحَة ... ذكرته فَشَكا إِلَيّ بِأَكْثَرَ) (أربى عَليّ فحظه مِمَّا بِنَا ... حَظّ الْمُعَلَّى من قداح الميسر) // الْكَامِل // وَمِنْهَا (وَاعْلَم بِأَن الْعلم أرفع رُتْبَة ... وَأجل مكتسب وأسنى مفخر) الحديث: 104 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 (وبضمر الاقلام يبلغ أَهلهَا ... مَا لَيْسَ يبلغ بالجياد الضمر) (وَالْعلم لَيْسَ بِنَافِع اربابه ... مَا لم يفد عملا وَحسن تبصر) (فَإِذا دفعت إِلَى قرين فابله ... قبل التقارض والتشارك وَاخْبَرْ) (لَا يستفزك منظر حسن بدا ... حَتَّى تقابله بِحسن الْمخبر) (كم من أَخ يلقاك مِنْهُ ظَاهر ... باد سَلَامَته وباطنه وري) (واشرح لكل ملمة صَدرا وَخذ ... بالحزم فِي كل الامور وشمر) (واستنصح الْبر التقي وشاور الفطن ... الذكي تكن ربيح المتجر) (واخزن لسَانك واحترس من نطقه ... وَاحْذَرْ بَوَادِر غيه ثمَّ احذر) (وَاصْفَحْ عَن العوراء إِن قيلت وعد ... بالحلم مِنْك على السَّفِيه المعور) (وكل الْمُسِيء إِلَى إساءته وَلَا ... تنعقب الْبَاغِي ببغي تنصر) (فكفاك من شَرّ سماعك خَبره ... وَكَفاك من خبر قبُول الْمخبر) (وَإِذا سُئِلت فجد وَإِن قل الجدى ... جهد الْمقل إزاء جهد المكثر) (واشكر لمن أولاك برا إِنَّه ... حق عَلَيْك وَلَا تكن بالممتري) (لَيْسَ الْحَرِيص بزائد فِي حرصه ... بأتم حيلته هشيمة إذخر) (أَو مَا رَأَيْت غبي قوم مُوسِرًا ... ولبيبهم يشقى بِحَال الْمُعسر) (قد أوعب التكوين كل مكون ... مذ أحكم التَّقْدِير كل مُقَدّر) (فَلَو ابْتَغَيْت بِكُل جهد نيل مَا ... سبق الْقَضَاء بِمَنْعه لم تقدر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 105 - ابو عمر احْمَد بن مُحَمَّد بن دراج الاندلسي الْمَعْرُوف بالقسطلي كَانَ بصقع الاندلس كالمتنبي بصقع الشَّام وَهُوَ أحد الفحول وَكَانَ يجيد مَا ينظم وَيَقُول فَمن ذَلِك قَوْله من قصيدة يمدح بهَا مُحَمَّد بن أبي عَامر من الْبَسِيط (مَا كفر نعماك من شأني فيثنيني ... عَمَّن توالى لنصر الْملك وَالدّين) (وَلَا ثنائي وشكري بِالْوَفَاءِ بِمَا ... أوليتني دون بذل النَّفس يَكْفِينِي) (حق على النَّفس أَن تبلى وَلَو فنيت ... فِي شكر ايسر مَا أضحيت توليني) (هَا إِنَّهَا نعْمَة مَا زَالَ كوكبها ... إِلَيْك فِي ظلمات الْخطب يهديني) (تنأى بجوهر ود غير مبتذل ... عِنْدِي وجوهر حمد غير مَكْنُون) (وحبذا النأي عَن أَهلِي وَعَن وطني ... فِي كل بر وبحر مِنْك يدنيني) (وموقف للنوى أغليت متئدي ... فِيهِ وأرخصت دمع الاعين الْعين) (من كل نافرة ذلت لقود يَدي ... فِي ثني مَا يدك العلياء تحبوني) (والخدر يخْفق فِي احشاء والهة ... تردد الشجو فِي احشاء محزون) (اجاهد الصَّبْر عَنْهَا وَهِي غافلة ... عَن لوعة فِي الحشى مِنْهَا تناجيني) (يَا هَذِه كَيفَ اعطي الشوق طَاعَته ... وَهَذِه طَاعَة الْمَنْصُور تَدعُونِي) (شدي عَليّ نجاد السَّيْف اجْعَلْهُ ... ضجيع جنب نبا عَن مَضْجَع الْهون) (رضيت مِنْهَا وشيك الشوق لي عوضا ... وَقلت فِيهَا للوعات الاسى بيني) (فَإِن تشج تباريح الْهوى كَبِدِي ... فقد تعوضت قربا مِنْك يأسوني) الحديث: 105 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 (وَإِن يمت موقف التوديع مصطبري ... فاحر لي بدنو مِنْك يحييني) (اَوْ افرط الْحَظ من نعماك مُنْقَلب ... من الْوَفَاء بحظ فِيك مغبون) (وخازن عَنْك نَفسِي فِي هواجرها ... وَلَيْسَ جودك عَن كفي بمخزون) (وَأي ظلّ سوى نعماك يلحقني ... أَو ورد مَاء سوى جدواك يرويني) (وحاش للخيل ان تزهى عَليّ بهَا ... وَالْبيض والسمر أَن تحظى بهَا دوني) (وَرُبمَا كنت امْضِي فِي مكارهها ... قدما وَأثبت فِي أهوالها الجون) (من كل ابيض ماضي الغرب ذِي شطب ... وكل لدن طرير الْحَد مسنون) (كَذَاك شأوي مفدى فِي رضاك إِذا ... سعيت فِيهِ فَلَا ساع يباريني) (لَكِن سِهَام من الاقدار مَا بَرحت ... على مراصد ذَاك المَاء ترميني) (يحملن للروع أسدا فِي فرائسها ... تمد لِلطَّعْنِ أَمْثَال الثعابين) (وَالْبيض تَحت ظلال النَّقْع لامعة ... تغلغل المَاء فِي ظلّ الرياحين) (حَتَّى يحوزوا لَك الارض الَّتِي اعْترفت ... بِملك آبَائِك الشم العرانين) (حَيْثُ استبوا فَارِسًا وَالروم واعتوروا ... رق الاساور مِنْهُم والدهاقين) // الْبَسِيط // وَقَوله من قصيدة أَولهَا من الْبَسِيط (لَوْلَا التحرج لم يحجب محياك ... ) (وحشية اللَّفْظ هَل يودي قتيلكم ... دمي مضاع وجاني ذَاك عَيْنَاك) (إِنِّي أَرَاك بقتل النَّفس حاذقة ... قولي فديتك من بِالْقَتْلِ اوصاك) (مَا لي وللبرق استسقيه من ظمأ ... هَيْهَات لَا رى إِلَّا من ثناياك) (لَوْلَا الضلوع لظل الْقلب نحوكم ... ضعي بعيشك فَوق الْقلب يمناك) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 (اصليتني لوعة الهجران ظالمة ... رحماك من لوعة الهجران رحماك) (أَظن عزمك أَن أُخْفِي لاسلوكم ... حلي غريمي إِنِّي لست أسلاك) (حاشاك أَن تجمعي حسن الصِّفَات إِلَى ... قبح الصَّنِيع بِمن يهواك حاشاك) (إِن كَانَ واديك مَمْنُوعًا فموعدنا ... وَادي الْكرَى فلعلي فِيهِ أَلْقَاك) (ظَبْي وقلب فَمن لي أَن أصيدهما ... ضَاعَ الْفُؤَاد وقلب الظبي أشراكي) // الْبَسِيط // وَقَوله من الوافر (أصخ نحوي لدَعْوَة مستقيل ... يُنَادي من غيابات الخمول) (رهينة كل هم مستكن ... ونهزة كل خطب مستطيل) (ومأمون على ظلم الاعادي ... ونوام على ثوب الذحول) (تراني مِنْك فِي همم صِحَاح ... نكصن على دجى خطب عليل) (وَلَكِن رب دهر ساورتني ... غوائله على نهج السَّبِيل) (مظَاهر لامتي بغي ومكر ... ومصلت صارمي قَالَ وَقيل) (ورام عَن قسي الغل نبْلًا ... اصبن مقَاتل الادب النَّبِيل) (ابا وبنين عَن عرض منيع ... لقد اجلين عَن امل قَتِيل) (فَكَانَ كَأَنَّهُ جفن سخين ... أسَال دَمًا على خد أسيل) (ومضطرم الحشى دَاء دويا ... تنفس مِنْهُ عَن سيف صقيل) (فَتلك معالمي علم الرزايا ... وَتلك وسائلي درج السُّيُول) (وَتلك مَرَاتِب الاخطار مني ... حمائم تنتحبن على هديل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 (لَعَلَّ رضاك يَا مَنْصُور يَوْمًا ... يحل بساحتي عَمَّا قَلِيل) (ويقرع مِنْك اسماع الْمَعَالِي ... لنا بعثار عبد مستقيل) (إِلَيْك جلوت ابكار الْمعَانِي ... معاذيرا بلألاء الْقبُول) (سوار فِي الظلام بِلَا نُجُوم ... هواد فِي الفلاة بِلَا دَلِيل) // الوافر // وَقَوله من اخرى من الطَّوِيل (إِلَيْك شحنا الْفلك تهوي كَأَنَّهَا ... وَقد ذعرت عَن مغرب الشَّمْس غربان) (على لجج خضر إِذا هبت الصِّبَا ... ترامي بِنَا فِيهَا ثبير وثهلان) (وَإِن سكنت عَنَّا الرِّيَاح جرى بِنَا ... زفير إِلَى ذكر الاحبة حنان) (يقلن وموج الْبَحْر والهم والدجا ... تموج بِنَا فِيهَا عُيُون وآذان) (أَلا هَل إِلَى الدُّنْيَا معاد وَهل لنا ... سوى الْبَحْر قبر أَو سوى المَاء أكفان) (وهبنا رَأينَا معلم الارض هَل لنا ... من الارض مأوى أَو من الانس عرفان) (هوت أمّهم مَاذَا هوت برجالهم ... إِلَى نازح الافاق سفن وأظعان) (كواكب إِلَّا أَن أفلاك سَيرهَا ... زِمَام ورحل أَو شراع وسكان) (فَإِن غربت ارْض المغارب موئلي ... وانكرني فِيهَا خليط وخلان) (فكم رَحبَتْ ارْض الْعرَاق بمقدمي ... وأجزلت الْبُشْرَى على خُرَاسَان) (وَإِن بلادا اخرجتني لعاطل ... وَإِن زَمَانا خَان عهدي لخوان) (سَلام على الاخوان تَسْلِيم آيس ... وسقيا لدهر كَانَ لي فِيهِ إخْوَان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 (فَلَا مؤنس إِلَّا شهيق وزفرة ... وَلَا مسعد إِلَّا دموع وأجفان) (وَمَا كَانَ ذَاك الْبَين بَين أحبة ... وَلَكِن قُلُوب فارقتهن ابدان) (فيا عجبا للصبر منا كأننا ... لَهُم غير من كُنَّا وهم غير من كَانُوا) (مضى عيشهم بعدِي وعيشي بعدهمْ ... كَأَنِّي قد خُنْت الْوَفَاء وَقد خانوا) (وأفجع من آوى صفيح وجلمد ... ووازت رمال بالفلاة وكثبان) (وُجُوه تناءت فِي الْبِلَاد قبورها ... وَإِنَّهُم فِي الْقلب مني لسكان) (وَمَا بليت فِي الترب إِلَّا تَجَدَّدَتْ ... عَلَيْهَا من الْقلب المفجع أحزان) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وأوردتها يَوْم اللِّقَاء فراته ... كَمَا انصرفت يَوْم الهباءة ذبيان) (بِكُل كمي عامري يَسُوقهُ ... لحر الوغى قلب على الدّين حران) (حليهم بيض الصوارم والقنا ... لَهَا وحلاها سابغات وأبدان) (فيا ذل أَعْلَام الْهدى يَوْم عزهم ... وَيَا عز أَعْلَام الْهدى بك إِذْ هانوا) (حفرت لَهُم فِي يَوْم ثبرة بالقنا ... قبورا هَوَاء الارض مِنْهُنَّ ملان) (يطير بهم باز ونسر وناعب ... وَيَغْدُو بهم ذِئْب رُمَيْح وسرحان) (فَلَو نشر الاملاك يَوْمك فيهم ... لألقى إِلَيْك التَّاج كسْرَى وخاقان) (وَلَو رد فِي الْمَنْصُور روح حَيَاته ... غَدَاة لقِيت الْمَوْت وَالْمَوْت غرثان) (وناديت فِي الهيجاء ابناء ملكة ... فلباك آساد عبيد وفتيان) (جبال إِذا أرسيتها حومة الوغى ... وَإِن تدعها يَوْمًا إِلَيْك فعقبان) (يقودهم دَاع الى الْحق مجلب ... على الْبَغي يرضى ربه وَهُوَ غَضْبَان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 (واسمر يسري فِي بحار من الندى ... بكفك لَكِن يغتدي وَهُوَ ظمآن) (تلألأ نورا من سناك سنانه ... وَقد دعت الفرسان للحرب فرسَان) (فحياك من أَحييت مِنْهُ شمائلا ... يَمُوت بهَا فِي الارض ظلم وعدوان) (وناداك إسرارا وناداك مُعْلنا ... وَحسب الْمَعَالِي مِنْهُ سر وإعلان) (الا هَكَذَا فَلْيحْفَظ الْعَهْد حَافظ ... الا هَكَذَا فليخلف الْملك سُلْطَان) (فَللَّه مَاذَا انجبت مِنْك عَامر ... وَللَّه مَاذَا ناسبت مِنْك قحطان) (وَللَّه منا اهل بَيت رَمَتْهُمْ ... إِلَى يدك الْعليا بحور وبلدان) (فَمَا قصرت بِي عَن علاك شَفَاعَة ... وَلَا بك عَن مثلي جَزَاء وإحسان) // الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى من الْخَفِيف (بشر الْخَيل يَوْم كرّ الطراد ... وظبا الْهِنْد عِنْد حر الجلاد) (وسماء الْعلَا بِنَجْم المساعي ... ورياض المنى بصوب الغوادي) (ثمَّ واف الْقُصُور من ملك بصرى ... بالمشيدات من ذرى شَدَّاد) (ثمَّ نَاد الأذواء عَن ذِي الرياسات ... نِدَاء يصغي لَهُ كل نَاد) (وصلتكم أَرْحَام ملك نمتكم ... من كرام الاملاك والاجواد) (وهناكم مَنْصُور كم من نجيب ... فِي مساع جلت عَن الانداد) (بلغت مجدكم نُجُوم الثريا ... ومساعيكم أقاصي الْبِلَاد) (ونما مِنْكُم إِلَى الْملك سيف ... نَافِذ الحكم فِي رِقَاب الاعادي) (بسمات اهدت لكم هدى هود ... وبحلم أعَاد احلام عَاد) (وأنارت بِهِ نُجُوم الْمَعَالِي ... وأنار الدُّنْيَا ببيض الايادي) (وَهُوَ فِي المنجبين اعلى وأزكى ... وَالِد أَنْت اكرم الاولاد) (قمر فِي مطالع الْملك أوفى ... طالعا والمنى على ميعاد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 (وتلاقت زهر النُّجُوم عَلَيْهِ ... بسعود الجدود والاجداد) (وسما للاسلام باسم ابيه ... وانتحى باسم جده للاعادي) (هُوَ للبين بِالْحَيَاةِ بشير ... وَهُوَ للشرك مُنْذر بالبواد) (سَابق الشأو لم يُؤَخر مداه ... عَن مداكم تَأَخّر الميلاد) (وَلدته الحروب مِنْكُم تَمامًا ... فَارس الْخَيل فَارس الاساد) (فاكتسى الدّين مِنْهُ ثوب سرُور ... وصليب الضلال ثوب حداد) (فهنيئا للتاج أَي جبين ... عِنْده أَي عاتق للنجاد) (وهنيئا لنا وللدين وَالدُّنْيَا ... وللبيض والقنا والجياد) (وغريب تهوي بِهِ كل ارْض ... وشريد ينبو بِهِ كل وَادي) (وهنيئا لطيء ولهمدان ... ولخم وَكِنْدَة وإياد) // الْخَفِيف // وَله من اخرى يرثي بهَا ام هِشَام الْمُؤَيد بِاللَّه من المتقارب (بَقَاء الْخَلَائق رهن الفناء ... وَقصر التداني وشيك التنائي) (لقد حل من يَوْمه لاقتراب ... وَقد حَان من عمره لانْتِهَاء) (هَل الْملك يملك ريب الْمنون ... أم الْعِزّ يصرف صرف الْقَضَاء) (ارى الْمَوْت يصدع شَمل الْجَمِيع ... ويكسو الربوع ثِيَاب العفاء) (يبيد الْحَيَاة يبطش شَدِيد ... ويلقي النُّفُوس بداء عياء) (ألم تَرَ كَيفَ استباحت يَدَاهُ ... حَرِيم الْمُلُوك وعلق النِّسَاء) (هُوَ الرزء أودى بعزم الْمُلُوك ... مصابا وأودى بِحسن العزاء) (فَمَا فِي العويل لَهُ من كفاء ... وَلَا فِي الدُّمُوع لَهُ من شِفَاء) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 (فهيهات فَهِيَ غناء الزَّفِير ... وهيهات فِيهِ انتصار الْبكاء) (وأنى يدافع سقم بسقم ... وَكَيف يعالج دَاء بداء) (فَتلك مآقي جفون رواء ... مفجرة من قُلُوب ظماء) (فَلَا صدر إِلَّا حريق بِنَار ... وَلَا جفن إِلَّا غريق بِمَاء) (فقد كَاد يصدع صم السَّلَام ... ويضرم نَار الاسى فِي الْهَوَاء) (وجيب الْقُلُوب وشق الْجُيُوب ... وشجو النحيب ولهف النداء) (فَمن مقلة شَرقَتْ بالدموع ... وَمن وجنة غرقت بالدماء) (وسافرة من قناع الْحيَاء ... ونابذة صبرها بالعراء) (وبيض صبغن بلون الْحداد ... حمر البرود وبيض الملاء) (أنجما هوى من سَمَاء الْمَعَالِي ... لتبك عَلَيْك نُجُوم السَّمَاء) (وحاشا لرزئك أَن يَقْتَضِيهِ ... عويل الرِّجَال ولدم النِّسَاء) (لبيض اياديك فِي الصَّالِحَات ... تمسك وَجه الضُّحَى بالضياء) (فَقل لفقيدك أَن يحتبي ... عَلَيْك الصَّباح بِثَوْب الْمسَاء) // المتقارب // وَمِنْهَا (لَئِن حجبت تَحت ردم اللحود ... وَمن قبل فِي شرفات الْعَلَاء) (فَتلك مآثرها فِي التقى ... وبذل اللهى مَا بهَا من خَفَاء) (جَزَاك بأعمالك الزاكيات ... خير المجازين خير الْجَزَاء) (وَلَقِيت من ضنك ذَاك الضريح ... نسيم النَّعيم وَطيب الثواء) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وَقَوله أَيْضا من الطَّوِيل (لَك الله بالنصر الْعَزِيز كَفِيل ... أجد مقَام أم أجد رحيل) (هُوَ الْفَتْح أما يَوْمه فمعجل ... إِلَيْك وَأما صنعه فجزيل) (وآيات نصر مَا تزَال وَلم تزل ... بِهن عمايات الضلال تَزُول) (سيوف تنير الْحق أَنِّي أنتضيتها ... وخيل يجول النَّصْر حَيْثُ تجول) (أَلا فِي سَبِيل الله غزوك من غوى ... وضل بِهِ فِي النَّاكِثِينَ سَبِيل) (لَئِن صدئت ألباب قوم بمكرهم ... فسيف الْهدى فِي راحتيك صقيل) (فَإِن يحى فيهم مكر جالوت جدهم ... فأحجار دَاوُد لديك مثول) (خَفِيف على ظهر الْجواد إِذا عدا ... وَلَكِن على صدر الكمي ثقيل) (وجرداء لم تبخل يداها بغاية ... وَلَا كرها نَحْو الطعان بخيل) (لَهَا من خوافي لقُوَّة الجو ارْبَعْ ... وكشحان من ظَبْي الفلا وتليل) (وبيض تركن الشّرك فِي كل منتأى ... فلولا وَمَا أزري بِهن فلول) (تمور دِمَاء الْكفْر فِي شفراتها ... وَيرجع عَنْهَا الطّرف وَهُوَ كليل) (وأسمر ظمآن الكعوب كَأَنَّمَا ... بِهن إِلَى شرب الدِّمَاء غليل) (إِذا مَا هوى لِلطَّعْنِ أيقنت انه ... لصرف الردى نَحْو النُّفُوس رَسُول) (وحنانة الاوتار فِي كل مهجة ... تعاصيك أوتار لَهَا وذحول) (إِذا نبعها عَنْهَا ارن فَإِنَّمَا ... صداه نحيب فِي العدى وعويل) (كتائب عز النَّصْر فِي جنباتها ... وكل عَزِيز يممته ذليل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 (يسير بهَا فِي الْبر وَالْبَحْر قَائِد ... يسير عَلَيْهِ الْخطب وَهُوَ جليل) (جواد لَهُ من بهجة الْعِزّ غرَّة ... وَمن شيم الْفضل الْمُبين حجول) (بِهِ امن الاسلام شرقا ومغربا ... وغالت غوايات الضَّلَالَة غول) (حسام لداء الْمَكْر والغدر حاسم ... وظل على الدّين الحنيف ظَلِيل) (إِذا انْشَقَّ ليل الْحَرْب عَن صبح وَجهه ... فقد حَان من يَوْم الضلال أفول) (كريم التأني فِي عِقَاب جناته ... وَلَكِن إِلَى صَوت الصَّرِيخ عجول) (وايقن بَاغ حتفه أَن امهِ ... وقدامه اللَّيْث الهصور هبول) // الطَّوِيل // وَله ايضا من الْكَامِل (الْيَوْم ابهجت المنى أبهاجها ... وتوسطت شمس الضُّحَى ابراجها) (مَا للوزارة لَا تضيء لنا وَقد ... اضحى سراج الْعَالمين سراجها) (شمس تبدت فِي ذوائب يعرب ... ركبت إِلَى الرتب الْعلَا معراجها) (لم تنْتَقل قدما لاول منزل ... للمجد حَتَّى اسْتقْبلت منهاجها) (انجبته ذخر الْخلَافَة إِن شكت ... الما تضمن برءها وعلاجها) (وسللته سَيْفا لكل ملمة ... يفري بِأول ضَرْبَة أوداجها) (فنظمت فِي جيد الوزارة عقدهَا ... وعقدت فِي رَأس الرياسة تاجها) (وَالْخَيْل جانحة إِلَيْهِ كلما ... رفع اللِّوَاء وأوجفت أسراجها) (يَا قبْلَة للاملين وكعبة ... تَدْعُو بحي على الندى حجاجها) (انت الَّذِي فرجت عني كربَة ... لله قد شدت عَليّ رتاجها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 (وجلوت عَن قلق المنى من لَيْلَة ... طاولت فِي ظلم الاسى إدلاجها) (وسقيتني من جود كفك منعما ... كأسا وجدت من الْحَيَاة مزاجها) (فلألبسن الدَّهْر فِيك ملابسا ... للحمد احكم منطقي ديباجها) (مَا عاقب اللَّيْل النَّهَار وَرجعت ... ورق الحمائم بالضحى اهزاجها) // الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة اخرى من المتقارب (دعيت فأصغ لداعي الطَّرب ... وطاب لَك الدَّهْر فَاشْرَبْ وطب) (فَهَذَا بشير الرّبيع الْجَدِيد ... يبشرنا انه قد قرب) (بهار يروق بمسك ذكي ... وصبغ بديع وَخلق عجب) (غصون الزبرجد قد أورقت ... لنا فضَّة نورت بِالذَّهَب) (فَمن حَقّهَا ان ترى الشاربين ... وَقد نفقت سوقهم بالنخب) (وَأَن تسالوا الله طول الْبَقَاء ... لعبد المليك مليك الْعَرَب) (فلولا محاسنه لم ترق ... وَلَوْلَا شمائله لم تطب) // المتقارب // وَقَوله من الطَّوِيل (الم تعلمي ان الثواء هُوَ النَّوَى ... وَأَن بيُوت العاجزين قُبُور) (وَلم تزجري طير السرى بحروفها ... فتنبيك إِن يمن فَهُوَ سرُور) (يخوفني طول السفار وَإنَّهُ ... لتقبيل كف العامري سفير) (ذَرِينِي أرد مَاء المفاوز آجنا ... إِلَى حَيْثُ مَاء المكرمات نمير) (وأختلس الايام خلسة فاتك ... إِلَى حَيْثُ لي من عدوهن خفير) (فَإِن خطيرات المهالك ضمن ... لراكبها أَن الْجَزَاء خطير) (وَلما تدانت للوداع وَقد هفا ... بصبري مِنْهَا أَنه وزفير) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 (تناشدني عهد الْمَوَدَّة والهوى ... وَفِي المهد مبغوم النداء صَغِير) (عيي بمرجوع الْخطاب وَلَفظه ... بِموضع أهواء النُّفُوس خَبِير) (تبوأ مَمْنُوع الْقُلُوب ومهدت ... لَهُ أَذْرع محفوفة ونحور) (عصيت شَفِيع النَّفس فِيهِ وقادني ... رواح لتدآب السرى وبكور) (وطار جنَاح الْبَين بِي وهفت بهَا ... جوانح من ذعر الْفِرَاق تطير) (لَئِن ودعت مني غيورا فإنني ... على عزمتي من شجوها لغيور) (وَمَا شاهدتني والضواحك تلتظى ... عَليّ ورقراق السراب يمور) (أسلط حر الهاجرات إِذا سَطَا ... على حر وَجْهي والاصيل هجير) (وأستنشق النكباء وَهِي نوازح ... واستمطئ الرمضاء وَهِي تَفُور) (وللموت فِي عين الجبان تلون ... وللذعر فِي سمع الجريء صفير) (وَلَو شاهدتني والسرى جلّ عزمتي ... وجرسي لحنان الفلاة سمير) (وأعتسف الموماة فِي غسق الدجا ... وللأسد فِي غيل الغياض زئير) (امير على غول التنائف مَا لَهُ ... إِذا ريع إِلَّا المشرفي وَزِير) (وَقد خليت طرق المجرة انها ... على مفرق اللَّيْل البهيم قتير) (ودارت نُجُوم القطب حَتَّى كَأَنَّهَا ... كؤوس طلا والى بِهن مدير) (لقد ايقنت أَن المنى طوع همتي ... وأنى بعطف العامري جدير) (وأنى بذكراه لهمي زاجر ... وأنى مِنْهُ للخطوب نَذِير) (تلاقت عَلَيْهِ من تَمِيم ويعرب ... شموس تلالا فِي الْعلَا وبدور) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 (من الحميريين الَّذين أكفهم ... سحائب تهمى بالندى وبحور) (هم صدقُوا بِالْوَحْي حِين اتاهم ... وَمَا النَّاس إِلَّا عَابِد وكفور) (مَنَاقِب يعيا الْوَصْف عَن كنه قدرهَا ... وَيرجع عَنْهَا الْوَهم وَهُوَ حسير) (الا كل مدح عَن نداك مقصر ... وكل رَجَاء فِي سواك غرور) (وَلما تراءوا للسلام وَرفعت ... عَن الشَّمْس فِي افق الشروق ستور) (وَقد قَامَ من زرق الاسنة دونه ... صُفُوف وَمن بيض السيوف سطور) (رَأَوْا طَاعَة الرَّحْمَن كَيفَ اعتزازها ... وآيات صنع الله كَيفَ تنير) (وَكَيف اسْتَوَى بالبدر وَالْبَحْر مجْلِس ... وَقَامَ بعبء الراسيات سَرِير) (يَقُولُونَ والاوجال تخرس أَلسنا ... وحارت عُيُون مِنْهُم وصدور) (لقد حاط أَعْلَام الْهدى بك حَائِط ... وَقدر فِيك المكرمات قدير) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (أثرني لخطب الدَّهْر والدهر معضل ... وكلني لليث الغاب وَهُوَ هصور) (وَقد تخْفض الاسماء وَهِي سواكن ... وَيعْمل فِي الْفِعْل الصَّحِيح ضمير) (وتنبو الردينيات والطول وافر ... وَيبعد وَقع السهْم وَهُوَ قصير) // الطَّوِيل // وَقَوله من اخرى من الْكَامِل (اوجعت خيلي فِي الْهوى وركابي ... وقذفت نبلي فِي الصِّبَا وحرابي) (وسللت فِي سبل الغواية صَارِمًا ... عضبا ترقرق فِيهِ مَاء شَبَابِي) (وَرفعت للشوق المبرح راية ... خفاقة بهزائج الأطراب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 (ولبست للوام لأمة خَالع ... مسرودة بصبابة وتصابي) (وبرزت للشكوى بشكة معلم ... نكص الملام بهَا على الاعقاب) (فاسأل كمي الوجد كَيفَ أثرته ... بغروب دمع صائب التكساب) (واسأل جنود العذل كَيفَ لقيتها ... فِي جحفل البرحاء والاوصاب) (وَلَقَد كررت على الملام بِزَفْرَةٍ ... ذهل العتاب بهَا عَن الاعتاب) (حَتَّى تركت العاذلين لما بهم ... شغفا بحب التاركي لما بِي) (من كل مَمْنُوع اللِّقَاء اغتاله ... صرف النَّوَى فنأى بِهِ ودنا بِي) (حَتَّى افتتحت على الاحبة معقلا ... وعر المسالك مقفل الابواب) (ووقفت موقف عاشق حلت لَهُ ... فِيهِ غنيمَة كاعب وكعاب) (بحدائق الحدق الَّتِي أفنينني ... بِأحد من سَيفي وَمن نشابي) (فِي رَوْضَة جاد النَّعيم نباتها ... فتفتحت بكواعب اتراب) (من كل مغنوم لقلبي غَانِم ... عشقا ومسبي لعقلي سابي) (فِي جنح ليل كالغراب أطار لي ... عَن ملتقى الاحباب كل غراب) (وجلا لعَيْنِي كل بدر طالع ... قمن بهتك حجابه وحجابي) (جاب الظلام فَلم يدع من دجنه ... إِلَّا غدائر شعره المنجاب) (فظللت بَين صبَابَة وظلامة ... مُغْرِي الجفون بطرفه المغري بِي) (فَإِذا كتبت بناظري فِي قلبه ... أخْفى فَخط بناظريه جوابي) (وَإِذا سقاني من عقار جفونه ... ابقى عَليّ فشجها برضاب) (وسلافة الاعناب توقد نارها ... تهدي إِلَيّ بيانع الْعنَّاب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 (فسكرت والايام تسلب جدتي ... والدهر ينسج لي ثِيَاب سلابي) (سكرين من خمر كَأَن خمارها ... فقد الشَّبَاب وَفرْقَة الاحباب) (لمدى تناهى فِي الغواية فَانْتهى ... فِينَا إِلَى أجل لَهُ وَكتاب) // الْكَامِل // وَمِنْهَا (وشملتني بشمائل أذكرنني ... فِي طيبها طُوبَى وَحسن مآب) (ورضاك رد لي الرِّضَا فِي أوجه ... من جور أَيَّام عَليّ غضاب) (وهداك أشرق لي وليلي مظلم ... وسناك ابرق لي وزندي كابي) (فحللت مِنْهُ خير دَار مقامة ... وثويت مِنْهُ فِي أعز رحاب) (واسمت فِي أزكى الْبِقَاع صوافني ... وَضربت فِي أَعلَى الْبِقَاع قبابي) (وشويت للاضياف لحم ركائبي ... فِي نَار أحلاسي وَفِي اقتابي) (وَلَقَد كسوت برغم دهر ضامني ... مَا أخلقت عصراه من أثوابي) // الْكَامِل // وَقَوله يصف الْهلَال من الرجز (ومحق الشَّهْر كَمَال الْبَدْر ... فلاح فِي أولى الصَّباح النَّضر) (كَأَنَّهُ قرط بأذن الْفجْر ... ) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 الْبَاب الْعَاشِر فِي ذكر شعراء الْموصل وغرر أشعارهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 106 - فَمنهمْ السّري بن احْمَد الْكِنْدِيّ الْمَعْرُوف بالرفاء السّري وَمَا أَدْرَاك من السّري صَاحب سر الشّعْر الْجَامِع بَين نظم عُقُود الدّرّ والنفث فِي عقد السحر وَللَّه دره مَا أعذب بحره واصفى قطره وأعجب أمره وَقد أخرجت من شعره مَا يكْتب على جبهة الدَّهْر ويعلق فِي كعبة الْفِكر فَكتبت مِنْهُ محَاسِن وملحا وبدائع وطرفا كَأَنَّهَا أطواق الْحمام وصدور البزاة الْبيض واجنحة الطواويس وسوالف الغزلان ونهود العذارى الحسان وغمزات الحدق الملاح وبدأت بصدر من أخباره وبطرف لأشعاره بَلغنِي أَنه أسلم صَبيا فِي الرفائين بالموصل فَكَانَ يرفو ويطرز إِلَى أَن قضى باكورة الشَّبَاب وتكسب بالشعر وَمِمَّا يدل على ذَلِك مَا قرأته بِخَطِّهِ وَذكر ان صديقا لَهُ كتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن خَبره وَهُوَ بالموصل فِي سوق البزازين يطرز فَكتب إِلَيْهِ من السَّرِيع (يَكْفِيك من جملَة اخباري ... يسري من الْحبّ وإعساري) (فِي سوقة أفضلهم مُرْتَد ... نقصا ففضلي بَينهم عاري) الحديث: 106 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 (وَكَانَت الابرة فِيمَا مضى ... صائنة وَجْهي واشعاري) (فَأصْبح الرزق بهَا ضيقا ... كَأَنَّهُ من ثقبها جاري) // السَّرِيع // وَهَذِه الابيات لَيست فِي ديوَان شعره الَّذِي فِي ايدي النَّاس وَإِنَّمَا هِيَ فِي مجلدة بِخَط السّري استصحبها أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان من بَغْدَاد وَهِي عِنْده الان وكل خبر عندنَا من عِنْده وَلما جد السّري فِي خدمَة الادب وانتقل عَن تطريز الثِّيَاب إِلَى تطريز الْكتاب فشعر بجودة شعره ونابذ الخالديين الموصليين وناصبهما الْعَدَاوَة وَادّعى عَلَيْهِمَا سَرقَة شعره وَشعر غَيره وَجعل يورق وينسخ ديوَان شعر ابي الْفَتْح كشاجم وَهُوَ إِذْ ذَاك ريحَان أهل الادب بِتِلْكَ الْبِلَاد وَالسري فِي طَرِيقه يذهب وعَلى قالبه يضْرب وَكَانَ يدس فِيمَا يَكْتُبهُ من شعره أحسن شعر الخالديين ليزِيد فِي حجم مَا ينسخه وَينْفق سوقه ويغلي سعره ويشنع بذلك على الخالديين ويغض مِنْهُمَا وَيظْهر مصداق قَوْله فِي سرقتهما فَمن هَذِه الْجَبْهَة وَقعت فِي بعض النّسخ من ديوَان كشاجم زيادات لَيست فِي الاصول الْمَشْهُورَة مِنْهَا وَقد وَجدتهَا كلهَا للخالديين بِخَط أَحدهمَا وَهُوَ ابو عُثْمَان سعيد ابْن هَاشم فِي مجلدة اتحف بهَا الْوراق الْمَعْرُوف بالطرسوسي بِبَغْدَاد أَبَا نصر سهل بن الْمَرْزُبَان وأنفذها الى نيسابور فِي جملَة مَا حصل عَلَيْهِ من طرائف الْكتب باسمه وَمِنْهَا وجدت الضَّالة المنشودة من شعر الخالدي الْمَذْكُور وأخيه ابي بكر مُحَمَّد بن هَاشم وَرَأَيْت فِيهَا أبياتا كتبهَا أَبُو عُثْمَان لنَفسِهِ وَأُخْرَى كتبهَا لاخيه وَهِي بِأَعْيَانِهَا للسري بِخَطِّهِ فِي المجلدة الْمَذْكُورَة لابي نصر فَمِنْهَا أَبْيَات فِي وصف الثَّلج واستهداء النَّبِيذ من الْبَسِيط (يَا من أنامله كالعارض الساري ... وَفعله أبدا عَار من الْعَار) (أما ترى الثَّلج قد خاطت أنامله ... ثوبا يزر على الدُّنْيَا بأزرار) (نَار وَلكنهَا لَيست بمبدية ... نورا وَمَاء وَلَكِن لَيْسَ بالجاري) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 (والراح قد أعوزتنا فِي صبيحتنا ... بيعا وَلَو وزن دِينَار بِدِينَار) (فَامْنُنْ بِمَا شِئْت من رَاح يكون لنا ... نَارا فَإنَّا بِلَا رَاح وَلَا نَار) // الْبَسِيط // وَمن قَوْله ايضا من الوافر (ألذ الْعَيْش إتْيَان الصبيح ... وعصيان النَّصِيحَة والنصيح) (وإصغاء الى وتر وناي ... إِذا ناحا على زق جريح) (غَدَاة دجنة وطفاء تبْكي ... إِلَى ضحك من الزهر الْمليح) (وَقد حديت قلائصها الحياري ... بحاد من رواعدها فصيح) (وبرق مثل حاشيتي رِدَاء ... جَدِيد مَذْهَب فِي يَوْم ريح) // الوافر // هَكَذَا بِخَط السّري وَالَّذِي بِخَط الخالدي حاشيتي لِوَاء وَلست ادري أأنسب هَذِه الْحَال إِلَى التوارد أم إِلَى المصالتة وَكَيف جرى الامر فبينهم مُنَاسبَة عَجِيبَة ومماثلة قريبَة فِي تصريف أَعِنَّة القوافي وصياغة حلى الْمعَانِي وانا أجعَل فصلا لشعر السّري فِي ذكر سرقتهما مِنْهُ وغارتهما عَلَيْهِ ثمَّ اسوق غرر الخالديين مَعَ نبذ من أخبارهما إِذا فرغت من قَضَاء حق السّري بِإِذن الله تَعَالَى ومشيئته وَلم يزل السّري فِي ضنك من الْعَيْش الى أَن خرج إِلَى حلب واتصل بِسيف الدولة واستكثر من الْمَدْح لَهُ فطلع سعده بعد الافول وَبعد صيته بعد الخمول وَحسن موقع شعره عِنْد الامراء من بني حمدَان ورؤساء الشَّام وَالْعراق وَلما توفّي سيف الدولة ورد السّري بَغْدَاد ومدح المهلبي الْوَزير وَغَيره من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 الصُّدُور فارتفق بهم وارتزق مَعَهم وَحسنت حَاله وَسَار شعره فِي الافاق ونظم حاشيتي الشَّام وَالْعراق وسافر كَلَامه إِلَى خُرَاسَان وَسَائِر الْبلدَانِ وَكنت احسب انني استغرقت شعره لجمعي فِيهِ بَين لمع انشدنيها وانسخنيها ابو بكر الْخَوَارِزْمِيّ أَولا وَبَين ديوَان شعره المجلوب من بَغْدَاد وَهُوَ أول مَا رَأَيْته مِمَّا أنفذه ابو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الْخَوَارِزْمِيّ من بَغْدَاد إِلَى ابي بكر وَبَين المجلدة بِخَط السّري الَّتِي وَقعت إِلَيّ من جِهَة ابي نصر وفيهَا زيادات كَثِيرَة على مَا فِي الدِّيوَان فَقَرَأت فِي كتاب الوساطة للْقَاضِي ابي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ ابياتا انشدها للسري فِي جملَة مَا انشده لاكابر الشُّعَرَاء مِمَّا يتَضَمَّن الِاسْتِعَارَة الْحَسَنَة مَعَ إحكام الصَّنْعَة وعذوبة اللَّفْظ وَهِي من الطَّوِيل (اقول لحنان الْعشَاء المغرد ... يهز صفيح البارق المتوقد) (تَبَسم عَن ري الْبِلَاد صبيبه ... وَلم يبتسم إِلَّا لإنجاز موعد) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا من الطَّوِيل (وَيَا ديرها الشَّرْقِي لَا زَالَ رائح ... يحل عُقُود المزن فِيك ومغتدى) (عليلة انفاس الرِّيَاح كَأَنَّمَا ... يعل بِمَاء الْورْد نرجسها الندى) (يشق جُيُوب الْورْد فِي شجراتها ... نسيم مَتى ينظر إِلَى المَاء يبرد) // الطَّوِيل // فأعجبت جدا بهَا وتعجبت مِنْهَا وتأسفت على مَا فَاتَنِي من أخواتها من هَذِه القصيدة وَغَيرهَا ثمَّ قَرَأت فِي كتاب تَفْسِير ابْن جني لشعر المتنبي بَيْتا وَاحِدًا أنْشدهُ السّري من قصيدة وَذكر أَنه اخذه من قَول المتنبي من الطَّوِيل (سقاك وحيانا بك الله إِنَّمَا ... على العيس نور والخدود كمائمه) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 وَهُوَ من المنسرح (حَيا بك الله عاشقيك فقد ... اصبحت رَيْحَانَة لمن عشقا) // المنسرح // فكدت أَقْْضِي بِأَنِّي لم اسْمَع فِي مَعْنَاهُ أظرف مِنْهُ وَلَا ألطف وَلَا أعذب وَلَا أخف وَطلبت القصيدتين فعزتا وأعوزتا وَعلمت أَن الَّذِي حصلت من شعره غيض من فيض مَا لم يَقع إِلَيّ وَلما وجدت السّري أَخذ جَدِيد الْقَمِيص فِي حسن السّرقَة وجودة الاخذ من الشّعْر كسرت هَذَا الْفَصْل على ذكر سرقاته قَالَ السّري من قصيدة فِي سيف الدولة وَذكر بعض غَزَوَاته من الوافر (طلعت على الديار وهم نَبَات ... وأغمدت السيوف وهم حصيد) (فَمَا ابقيت إِلَّا مخطفات ... حماها الخصر مِنْهَا والنهود) // الوافر // وَكرر هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ من الْكَامِل (أفنت ظباك الرّوم حَتَّى إِنَّهَا ... لم تبْق إِلَّا ظَبْيَة أَو ريما) // الْكَامِل // وَإِنَّمَا سَرقه من قَول المتنبي من الطَّوِيل (فَلم يبْق إِلَّا من حماها من الظبا ... لمى شفتيها والثدي النواهد) // الطَّوِيل // وَقَالَ السّري من قصيدة من الْكَامِل (حييت من طلل اجاب دثوره ... يَوْم العقيق سُؤال دمع سالل) (يخفي وَينزل وَهُوَ أعظم حُرْمَة ... من ان يذال بِرَاكِب أَو فَاعل) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 وَهُوَ من قَول المتنبي من الطَّوِيل (نزلنَا على الاكوار نمشي كَرَامَة ... لمن بَان عَنهُ ان نلم بِهِ ركبا) // الطَّوِيل // وَفِي قصيدة السّري من الْكَامِل (فالدهر يمسح مِنْهُ غرَّة سَابق ... لاقاه اول سابقين اوائل) // الْكَامِل // وَهُوَ من قَول مَرْوَان بن ابي حَفْصَة من الْكَامِل (مسحت معد وَجه معن سَابِقًا ... لما جرى وَجرى ذَوُو الاحساب) // الْكَامِل // وَقَالَ السّري من قصيدة وَذكر الخيال من الْكَامِل (وافى يُحَقّق لي الْوَفَاء وَلم يزل ... خدن الصبابة بِالْوَفَاءِ حَقِيقا) (وَمضى وَقد منع الجفون خفوقها ... قلب لذكرك لَا يقر خفوقا) // الْكَامِل // فالتجنيس اخذه من قَول التنوخي من مجزوء الْكَامِل (يفديك قلب خافق ... أبدا وطرف مَا خَفق) // مجزوء الْكَامِل // وَاللَّفْظ من قَول ابْن المعتز من الْكَامِل (مَا بَال قَلْبك لَا يقر خفوقا ... ) // الْكَامِل // وَقَالَ السّري من قصيدة من الْكَامِل (نضت البراقع عَن محَاسِن رَوْضَة ... ريضت بمحتفل الحيا أنوارها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 (فَمن الثغور المشرفات لجينها ... وَمن الخدود المذهبات نضارها) (أَغْصَان بَان اغربت فِي حملهَا ... فغرائب الْورْد الجني ثمارها) // الْكَامِل // وَهُوَ من قَول ابْن الرُّومِي من الْبَسِيط (غصون بَان عَلَيْهَا الدَّهْر فَاكِهَة ... وَمَا الفواكة مِمَّا يحمل البان) // الْبَسِيط // وَقَالَ السّري من الْكَامِل (تِلْكَ المكارم لَا أرى مُتَأَخِّرًا ... أولى بهَا مِنْهُ وَلَا مُتَقَدما) (عَفْو أظل ذَوي الجرائم كلهم ... حَتَّى لقد حسد الْمُطِيع المجرما) // الْكَامِل // وَهُوَ من قَول ابي تَمام من الْكَامِل (وتكفل الايتام عَن آبَائِهِم ... حَتَّى وَدِدْنَا أننا أَيْتَام) // الْكَامِل // والاصل فِيهِ قَول ابي دهبل الجُمَحِي من المنسرح (مَا زلت فِي الْعَفو للذنوب وَإِطْلَاق ... لعان بجرمه غلق) (حَتَّى تمنى الْبَراء أَنهم ... عنْدك أضحوا فِي الْقد وَالْحلق) // المنسرح // وَقَالَ السّري من قصيدة من الوافر (إِذا ذكر العقيق لنا نثرنا ... عقيق الدمع سَحا وانهمالا) (طلول كلما حاولن سقيا ... سقتها الْعين أدمعها سجالا) (تحن جمالنا هونا إِلَيْهَا ... فأحسبها ترى مِنْهَا جمالا) (ونسأل من معالمها محيلا ... فنطلب من إجابتها محالا) // الوافر // وَهُوَ من قَول ديك الْجِنّ من الْكَامِل (قَالُوا السَّلَام عَلَيْك يَا أطلال ... قلت السَّلَام على الْمُحِيل محَال) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وَقَالَ السّري من قصيدة يتشوق بهَا بني فَهد من الطويا (تناءوا وَلما ينصرم عزهم ... وحاشا لذاك الْحَبل أَن يتصرما) (فشرق مِنْهُم سيد ذُو حفيظة ... وَغرب مِنْهُم سيد فتشأما) (كَأَن نواحي الجو تنثر مِنْهُم ... على كل فج قاتم اللَّوْن أنجما) // الطويا // وَهُوَ من قَول الشَّاعِر من الطَّوِيل (رمى القفر بالفتيان حَتَّى كَأَنَّهُمْ ... بأقطار آفَاق الْبِلَاد نُجُوم) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة من الوافر (تناهى فاطمأن إِلَى العتاب ... وَأحسن للعواذل فِي الْخطاب) (وَصَارَ جنيب غُصْن غير رطب ... وَكَانَ جنيب أَغْصَان رطاب) (خلت مِنْهُ ميادين التصابي ... وعرى مِنْهُ أَفْرَاس الشَّبَاب) (وزهده خضاب الله لما ... تولى عَنهُ فِي زور الخضاب) // الوافر // وَإِنَّمَا اخذ مصراع الْبَيْت الثَّالِث من قَول زُهَيْر من الطَّوِيل (وعزي افراس الصِّبَا ورواحله ... ) // الطَّوِيل // وَذكر خضاب الله فِي الْبَيْت الرَّابِع وَهُوَ من قَول ابي تَمام من الْكَامِل (وَرَأَتْ خضاب الله وَهُوَ خضابي ... ) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 وَفِي قصيدة السّري من الوافر (وَكنت كروضة سقيت سحابا ... فأثنت بالنسيم على السَّحَاب) // الوافر // وَهُوَ من قَول المتنبي من الْكَامِل (وذكي رَائِحَة الرياض كَلَامهَا ... تبغي الثَّنَاء على الحيا فيفوح) // الْكَامِل // والاصل فِيهِ قَول ابْن الرُّومِي من الْخَفِيف (شكرت نعْمَة الْوَلِيّ على الوسمي ... ثمَّ العهاد بعد العهاد) (فَهِيَ تثني على السَّمَاء ثَنَاء ... طيب النشر شَائِعا فِي الْبِلَاد) // الْخَفِيف // وَقَالَ السّري من قصيدة من الوافر (ليالينا بأحياء الغميم ... سقيت ذهَاب مذهبَة الغيوم) (مَضَت بك رآفة الايام فِينَا ... وغفلة ذَلِك الزَّمن الْحَلِيم) (فَكُنَّا مِنْك فِي جنَّات عَيْش ... وفت حسنا بجنات النَّعيم) (رياض محَاسِن وسنا شموس ... وظل دساكر وجنى كروم) (وأجفان إِذا لحظت جسوما ... جعلن سقامهن على الجسوم) // الوافر // وَإِنَّمَا اخذ هَذَا الْمِثَال من قَول ابي تَمام من الوافر (فيا حسن الرسوم وَمَا تمشى ... إِلَيْهَا الدَّهْر فِي صور البعاد) (وَإِذ طير الْحَوَادِث فِي رباها ... سواكن وَهِي غناء المُرَاد) (مذاكي حلبة وشروب دجن ... وسامر قينة وقدور صَاد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 (وأعين ربرب كحلت بِسحر ... وأجساد تضمخ بالجساد) // الوافر // وَمِمَّنْ أَخذ هَذَا الْمِثَال مَعَ ركُوب هَذِه القافية القَاضِي ابو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ حَيْثُ قَالَ من قصيدة من الوافر (وأجفان تروي كل شَيْء ... سوى قلب إِلَى الاحباب صادي) (بِذَاكَ جزيت إِذْ فَارَقت قوما ... لبست لبينهم ثوبي حداد) (معادن حِكْمَة وغيوث جَدب ... وأنجم حيرة وصدور نَادِي) // الوافر // وَقَالَ السّري من قصيدة من المنسرح (ترتع حَولي الظباء آنسة ... نظائرا فِي الْجمال أشباها) (رقت عَن الوشى نعْمَة فَإِذا ... صَافح مِنْهَا الجسوم وشاها) // المنسرح // وَهُوَ من قَول المتنبي من الطَّوِيل (حسان التثني ينقش الوشى مثله ... إِذا مسن فِي أجسامهن النواعم) // الطَّوِيل // وَقَالَ من ابيات من الطَّوِيل (وأغيد مهتز على صحن خَدّه ... غلائل من صبغ الْحيَاء رقاق) (أحاطت عُيُون العاشقين بخصره ... فهن لَهُ دون النطاق نطاق) // الطَّوِيل // وَهُوَ أَيْضا من قَول المتنبي من الوافر (وخصر تثبت الاحداق فِيهِ ... كَأَن عَلَيْهِ من حدق نطاقا) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وَكتب إِلَى صديق لَهُ قد اتهمه بِغُلَام إِلَيْهِ فِي حَاجَة من الوافر (أَبَا بكر أَسَأْت الظَّن فِيمَن ... سجيته التمنع وَالْخلاف) (وَخفت عَلَيْهِ فِي الخلوات مني ... وَلم تَكُ بَيْننَا حَال تخَاف) (جفوت من الصِّبَا مَا لَيْسَ يجفى ... وعفت من الْهوى مَا لَا يعاف) (فَلَو أَنِّي هَمَمْت بقبح فعل ... لَدَى الإغفاء أيقظني العفاف) // الوافر // وَإِنَّمَا أَخذه من قَول ابي الْحسن بن طَبَاطَبَا من الْكَامِل (مَاذَا يعيب النَّاس من رجل ... خلص العفاف من الانام لَهُ) (يقظاته ومنامه شرع ... كل بِكُل مِنْهُ مشبته) (إِن هم فِي حلم بِفَاحِشَة ... زجرته عفته فينتبه) // الْكَامِل // وَقَالَ السّري من أَبْيَات لصديق لَهُ أهْدى إِلَيْهِ مَاء ورد فَارسي فِي قَارُورَة بَيْضَاء مزينة بقراطيس مذهبَة من الطَّوِيل (بعثت بهَا عذراء حَالية النَّحْر ... مشهرة الجلباب حورية النجر) (مضمنة مَاء صفا مثل صفوها ... فَجَاءَت كذوب التبر فِي جامد الدّرّ) (يَنُوب بكفي عَن أَبِيه وَقد مضى ... كَمَا نبت عَن آبَائِك السَّادة الغر) // الطَّوِيل // وَإِنَّمَا هُوَ عكس قَول المتنبي من الطَّوِيل (فَإِن يَك سيار بن مكرم انْقَضى ... فَإنَّك مَاء الْورْد إِن ذهب الْورْد) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة فِي سيف الدولة من الْبَسِيط (لما ترَاءى لَك الْجمع الَّذِي نزحت ... أقطاره ونأت بعدا جوانبه) (تَركتهم بَين مصبوغ ترائبه ... من الدِّمَاء ومخضوب ذوائبه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 (فحائر وشهاب الرمْح لاحقه ... وهارب وذباب السَّيْف طَالبه) (يهوي إِلَيْهِ بِمثل النَّجْم طاعنه ... وينتحيه بِمثل الْبَرْق ضاربه) (يكسوه من دَمه ثوبا ويسلبه ... ثِيَابه فَهُوَ كاسيه وسالبه) // الْبَسِيط // وَهُوَ من قَول البحتري من الْكَامِل (سلبوا وأشرقت الدِّمَاء عَلَيْهِم ... محمرة فكأنهم لم يسلبوا) // الْكَامِل // وَقَالَ السّري من قصيدة فِي سيف الدولة وَذكر الْعَدو من الْبَسِيط (تروع أحشاءه بالكتب وهولها ... خوف الردى ورجاء السّلم مستلم) (لَا يشرب المَاء إِلَّا غص من حذر ... وَلَا يهوم إِلَّا راعه الْحلم) // الْبَسِيط // وَهُوَ من قَول أَشْجَع السّلمِيّ من الْكَامِل (فَإِذا تنبه رعته وَإِذا غفا ... سلت عَلَيْهِ سيوفك الاحلام) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة من الوافر (وقفنا نحمد العبرات لما ... رَأينَا الْبَين مَذْمُوم السجايا) (كَأَن خدودهن إِذا اسْتَقَلت ... شَقِيق فِيهِ من طل بقايا) // الوافر // وَهُوَ من قَول النَّاشِئ الاوسط من المتقارب (كَأَن الدُّمُوع على خدها ... بَقِيَّة طل على جلنار) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة فِي مرثية ام ابي تغلب من الطَّوِيل (تذال مصونات الدُّمُوع إزاءها ... ونمشي حُفَاة حولهَا الرجل والركب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 (تَسَاوَت قُلُوب النَّاس فِي الْحزن إِذْ ثوت ... كَأَن قُلُوب النَّاس فِي مَوتهَا قلب) // الطَّوِيل // ومصراع الْبَيْت الاول من قَول المتنبي من الوافر (مَشى الامراء حوليها حُفَاة ... ) // الوافر // وَالْبَيْت الثَّانِي من قَول ابْن الرُّومِي من الطَّوِيل (سلالة نور لَيْسَ يُدْرِكهَا اللَّمْس ... إِذا مَا بدا أغضى لَهُ الْبَدْر وَالشَّمْس) (بِهِ اضحت الاهواء بجمعها هوى ... كَأَن نفوس النَّاس فِي حبه نفس) // الطَّوِيل // ولابي بكر الخالدي فِي الاخذ مِنْهُ من الطَّوِيل (وَبدر دجى يمشي بِهِ غُصْن رطب ... دنا نوره لَكِن تنَاوله صَعب) (إِذا مَا بدا أغرى بِهِ كل نَاظر ... كَأَن قُلُوب النَّاس فِي حبه قلب) // الطَّوِيل // وَقَالَ السّري من قصيدة من الْبَسِيط (أَيَّام لي فِي الْهوى العذري مأربة ... وَلَيْسَ لي فِي هوى العذال من ارب) (سقى الْغَمَام رباها دمع مبتسم ... وَكم سَقَاهَا التصابي دمع مكتئب) // الْبَسِيط // وردد هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ من الطَّوِيل (وَلما اعتنقنا خلت أَن قُلُوبنَا ... تناجي بِأَفْعَال الْهوى وَهِي تخفق) (هِيَ الدَّار لم يخل الْغَمَام وَلَا الْهوى ... معالمها من عِبْرَة تترقرق) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 وَهُوَ من قَول ابي تَمام من الْخَفِيف (دمن طالما الْتَقت ادمع المزن ... عَلَيْهَا وأدمع العشاق) // الْخَفِيف // وَفِي قصيدة السّري من الطَّوِيل (وطوقت قوما فِي الرّقاب صنائعا ... كَأَنَّهُمْ مِنْهَا الْحمام المطوق) // الطَّوِيل // وَهُوَ من قَول المتنبي من الوافر (أَقَامَت فِي الرّقاب لَهُ اياد ... هِيَ الاطواق وَالنَّاس الْحمام) // الوافر // وللسري من قصيدة فِي سيف الدولة من الطَّوِيل (تَبَسم برق الْغَيْم فاختال لامعا ... وَحل عُقُود الْغَيْث فَارْفض هاملا) (فَقلت عَليّ مِنْك أَعلَى صنائعا ... إِذا مَا رجوناه وأرجى مخايلا) // الطَّوِيل // وَإِنَّمَا نسج فِيهِ على منوال البحتري فَقَالَ من الْكَامِل (قد قلت للغيم الركام ولج فِي ... إبراقه وألح فِي إرعاده) (لَا تعرضن لجَعْفَر متشبها ... بندى يَدَيْهِ فلست من أنداده) // الْكَامِل // وَقَالَ السّري من قصيدة من الْكَامِل (قَامَت تميل للعناق مُقَومًا ... كالخوط ابدع فِي الثِّمَار وأغربا) (حملت ذاره الاقحوان مفضضا ... يسْقِي المدامة والشقيق مذهبا) (وأبت وَقد أَخذ النقاب جمَالهَا ... حركات غُصْن البان أَن تتنقبا) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وَهُوَ من قَول ابي تَمام من الْبَسِيط (ارخت خمارا على الفرعين وانتقبت ... للناظرين بقد لَيْسَ ينتقب) // الْبَسِيط // وَقَالَ السّري فِي وصف شعره من الْكَامِل (وغريبة تجْرِي عَلَيْك رياحها ... أرجا إِذا لفحت عَدوك نارها) (مِمَّن لَهُ غرر الْكَلَام تفتحت ... أَبْوَابهَا وترفعت أستارها) (تجْرِي وتطلبه عصائب قصرت ... عَن شأوها فقصارها إقصارها) (فتعيش بعد مماته أشعاره ... وَتَمُوت قبل مماتها أشعارها) // الْكَامِل // وَهُوَ من قَول دعبل من الطَّوِيل (يَمُوت رَدِيء الشّعْر من قبل أَهله ... وجيده يبْقى وَإِن مَاتَ قَائِله) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة من الرمل (صَادِق الْبشر يرى مَاء الندى ... يرتقي فِي وَجهه اَوْ ينحدر) (قلت إِذْ برز سبقا فِي الْعلَا ... أإلى الْمجد طَرِيق مُخْتَصر) // الرمل // وَهُوَ من قَول البحتري من الْبَسِيط (مَا زَالَ يسْبق حَتَّى قَالَ حاسده ... لَهُ طَرِيق إِلَى العلياء مُخْتَصر) // الْبَسِيط // وَفِي قصيدة السّري من الرمل (قد تقضى الصَّوْم مَحْمُودًا فعد ... لهوى يحمد اَوْ راج يسر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 (أَنْت والعيد الَّذِي عاودته ... غرتا هَذَا الزَّمَان المعتكر) (لذ فِيك الْمَدْح حَتَّى خلته ... سمرا لم اشق فِيهِ بسهر) // الرمل // وَهُوَ من قَول ابْن الرُّومِي من المنسرح (يَا مسرعا كَانَ لي بِلَا كدر ... يَا سمرا كَانَ لي بِلَا سهر) // المنسرح // وَقَالَ من قصيدة ذكر فِيهَا جراحا نالته فِي بعض اسفاره من الْخَفِيف (نوب لَو علت شماريخ رضوى ... أوشكت أَن تَخِر مِنْهُنَّ هدا) (عرضتني على الحسام فأضحى ... كل عُضْو مني لحديه غمدا) (وكست مفرقي عِمَامَة ضرب ... أرجوانية الذوائب تندى) // الْخَفِيف // وَهُوَ من قَول ابْن المعتز من الطَّوِيل (أَلا رب يَوْم قد كسوكم عمائما ... من الضَّرْب فِي الهامات حمر الذوائب) // الطَّوِيل // وَقَالَ السّري من قصيدة فِي المهلبي الْوَزير من الْكَامِل (وَأرى الْعَدو نقيصة فِي عمره ... وَأرى الصّديق زِيَادَة فِي حَاله) (بوقائع للبأس فِي أعدائه ... ووقائع للجود فِي أَمْوَاله) (عذلوه فِي الجدوى وَمن يثني الحيا ... ام من يسد عَلَيْهِ طرق سجاله) // الْكَامِل // وَهُوَ من قَول المتنبي من الْبَسِيط (وَمَا ثناك كَلَام النَّاس عَن كرم ... وَمن يسد طَرِيق الْعَارِض الهطل) // الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة فِي وصف طير المَاء من الطَّوِيل (وآمنة لَا الْوَحْش يذعر سربها ... وَلَا الطير مِنْهَا داميات المخالب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 (هِيَ الرَّوْض لم تنش الخمائل زهره ... وَلَا اخضل عَن دمع من المزن ساكب) (إِذا انبعثت بَين الملاعب خلتها ... زرابي كسْرَى بثها فِي الملاعب) // الطَّوِيل // وَهُوَ من قَول ابْن الرُّومِي من الطَّوِيل (زرابي كسْرَى بثها فِي صحونه ... ليحضر وَفْدًا أَو ليجمع مجمعا) // الطَّوِيل // وَفِي قصيدة السّري من الطَّوِيل (وَإِن آنست شخصا من النَّاس صرصرت ... كَمَا صرصرت فِي الطرس اقلام كَاتب) // الطَّوِيل // وَهُوَ من قَول ابي نواس من الرجز (كَأَنَّمَا يصفرن عَن ملاعق ... صرصرة الاقلام فِي المهارق) // الرجز // وَقَالَ فِي وصف رقاص من الوافر (إِذا اختلجت مناكبه لرقص ... نزت طير الْقُلُوب إِلَيْهِ نَزْوًا) (أفارس انت أحسن من تثني ... على صنج وأملح من تلوى) // الوافر // وَهُوَ من قَول الصنوبري من المتقارب (فَمن متلو على نايه ... وَمن متثن على صنجه) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة فِي سيف الدولة من الْبَسِيط (بكاهل الْملك سيف الدولة أطأدت ... قَوَاعِد الدّين واشتدت كواهله) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 (من الرماح وَإِن طَالَتْ مخاصره ... كَمَا الدروع وَإِن أوهت غلائله) // الْبَسِيط // وَهُوَ من قَول البحتري من الطَّوِيل (مُلُوك يعدون الرماح مخاصرا ... إِذا زعزعوها والدروع غلائلا) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي وصف السَّحَاب والبرق من قصيدة من الرجز (وعارض أكلأ فِيهِ بارقا ... كالنار شبت فِي ذرى طود أَشمّ) (كَأَنَّهُ نشوان جر ذيله ... فَكلما ريع انتضى عضبا خذم) // الرجز // وَهُوَ من قَول ابْن المعتز من الطَّوِيل (كَأَن الربَاب الجون دون سحابه ... خليع من الفتيان يسحب مئزرا) (إِذا أَدْرَكته روعة من وَرَائه ... تلفت واستل الحسام المذكرا) // الطَّوِيل // وَفِي قصيدة السّري من الرجز (وَرب يَوْم تكتسي الْبيض بِهِ ... لونا فتكسو لَوْنهَا سود اللمم) // الرجز // وَهُوَ من قَول المتنبي من الْخَفِيف (واستعار الْحَدِيد لونا وَألقى ... لَونه فِي ذوائب الاطفال) // الْخَفِيف // وَقَالَ من قصيدة من الْكَامِل (وَأَنا الْفِدَاء لمرغم فِي العدى ... إِذْ زارني وَهنا على عدوائه) (قمر إِذا مَا الوشي صين أذاله ... كَيْمَا يصون بهاءه ببهائه) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 وَهُوَ من قَول المتنبي من الوافر (لبسن الوشى لَا متجملات ... وَلَكِن كي يصن بِهِ الجمالا) // الوافر // وَفِي قصيدة السّري من الْكَامِل (ضعفت معاقد خصره وعهوده ... فَكَأَن عقد الخصر عهد وفائه) // الْكَامِل // وَاللَّفْظ من قَول ابْن المعتز من الرجز (وشادن ضَعِيف عقد الخصر ... ) // الرجز // وَقَالَ السّري من قصيدة من الْبَسِيط (حلية وثناياه وعنبره ... كل ينم عَلَيْهِ أَو يراقبه) (فلست أَدْرِي إِذا مَا سَار فِي أفق ... شمائل الافق اذكى أم جنائبه) (سرى من الْخيف يخفي الْبَدْر منتقبا ... والبدر يأنف أَن تخفي مناقبه) // الْبَسِيط // وَإِنَّمَا ألم فِيهِ بقول كشاجم من الْكَامِل (بِأبي وَأمي زائر متقنع ... لم يخف ضوء الْبَدْر تَحت قناعه) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف الْقَلَم من قصيدة فِي ابي اسحاق الصابي من الْكَامِل (وفتى إِذا هز اليراع حسبته ... لمضاء عزمته يهز مناصلا) (من كل ضافي الْبرد ينْطق رَاكِبًا ... بِلِسَان حامله ويصمت رَاجِلا) // الْكَامِل // وَهُوَ من قَول ابي تَمام من الطَّوِيل (فصيح إِذا استنطقته وَهُوَ رَاكب ... وأعجم إِن خاطبته وَهُوَ راجل) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 وَقَالَ السّري من قصيدة من المنسرح (الْغَيْث وَاللَّيْث والهلال إِذا ... أقمر بَأْسا وبهجة وندى) (نَاس من الْجُود مَا يجود بِهِ ... وذاكر مِنْهُ كل مَا وَعدا) // المنسرح // وَهُوَ من قَول الشَّاعِر من الْبَسِيط (رَأَيْت يحيى أدام الله بهجته ... يَأْتِي من الْجُود مَا لم يَأْته أحد) (ينسى الَّذِي كَانَ من معروفه أبدا ... إِلَى الرِّجَال وَلَا ينسى الَّذِي يعد) // الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة من المتقارب (بعيد إِذا رمت إِدْرَاكه ... وَإِن كَانَ فِي الْجُود سهلا قَرِيبا) (ضَرَائِب ابدعتها فِي السماح ... فلسنا نرى لَك فِيهَا ضريبا) // المتقارب // وَهُوَ من قَول البحتري من المتقارب (بلونا ضَرَائِب من قد نرى ... فَمَا إِن رَأينَا لفتح ضريبا) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة من الطَّوِيل (فَتى شرع الْمجد المؤثل فالعلا ... مآربه والمكرمات شرائعه) (إِذا وعد السَّرَّاء أنْجز وعده ... وَإِن أوعد الضراء فالعفو مانعه) // الطَّوِيل // وَهُوَ من بَيت تشْتَمل عَلَيْهِ قصَّة حَكَاهَا الْمبرد عَن ابي عُثْمَان الْمَازِني قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن مسعر قَالَ جَمعنَا بَين ابي عَمْرو بن الْعَلَاء وَعَمْرو بن عبيد فِي مَسْجِدنَا فَقَالَ لَهُ ابو عَمْرو مَا الَّذِي يبلغنِي عَنْك فِي الْوَعيد فَقَالَ إِن الله وعد وَعدا وأوعد إيعادا فَهُوَ منجز وعده ووعيده فَقَالَ لَهُ ابو عَمْرو إِنَّك اعجمي وَلَا أَعنِي لسَانك وَلَكِن فهمك إِن الْعَرَب لَا تعد ترك الايعاد ذما وتعده مدحا ثمَّ انشد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 (وَمَا يرهب ابْن الْعم مَا عِشْت صولتي ... وَمَا أختشي من صولة المتوعد) (وَإِنِّي إِذا أوعدته أَو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي) فَقَالَ لَهُ عَمْرو أفليس يُسمى تَارِك الابعاد مخلفا قَالَ بلَى قَالَ أفتسمي الله مخلفا إِذا لم يفعل مَا أوعد قَالَ فقد أبطلت شاهدك وَقَالَ السّري من أَبْيَات من الْخَفِيف (لحظت عزمتي الْعرَاق فسلت ... همتي للرحيل سيف اعتزامي) (فسلام على جنابك والمنهل ... والظل والايادي الجسام) // الْخَفِيف // وَهُوَ من قَول البحتري من الْخَفِيف (فسلام على جنابك والمنهل ... فِيهِ وربعك المأنوس) (حَيْثُ فعل الايام لَيْسَ بمذموم ... وَوجه الزَّمَان غير عبوس) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي وصف اشعاره من الْخَفِيف (خلع غضة النسيم غذاها ... صفو مَاء الْعُلُوم والاداب) (فَهِيَ كالخرد الأوانس يخلطن ... شماس الصِّبَا بأنس التصابي) (رقة فَوق رقة الْحَضَر تبدي ... فطنة فَوق فطنة الاعراب) // الْخَفِيف // وَهُوَ من قَول الطَّائِي من الْكَامِل (لَا رقة الْحَضَر اللَّطِيف عدتهمْ ... وتباعدوا عَن فطنة الاعراب) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 وَقَالَ السّري من قصيدة من الْكَامِل (ألبستني النعمى الَّتِي غيرن لي ... ود الصّديق فَعَاد مِنْهَا حَاسِدًا) (فلتلبسن بهَا الثَّنَاء مسيرًا ... ومخلدا مَا دَامَ يذبل خَالِدا) // الْكَامِل // وَالْبَيْت الاول من قَول البحتري من الطَّوِيل (وألبستني النعمى الَّتِي غيرت أخي ... عَليّ فأمسى نازح الود أجنبا) // الطَّوِيل // وَقد أخذت بِطرف من ذكر سرقاته وَلَا بَأْس أَن أورد بعض مَا كَرَّرَه من مَعَانِيه فَمَا مِنْهَا إِلَّا بارع رائع وَإِنَّمَا كررها إعجابا بهَا واستحسانا لما اخترعه مِنْهَا ذكر مَا تكَرر من مَعَانِيه قَالَ من ابيات فِي الاستزارة من الطَّوِيل (أَلَسْت ترى ركب الْغَمَام يساق ... وأدمعه بَين الرياضي تراق) (ورقت جلابيب النسيم على الثرى ... وَلَكِن جلابيب الغيوم صفاق) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل (رَاح الْغَمَام بِهِ صفيقا شربه ... وَغدا بِهِ ثوب النسيم رَقِيقا) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي قريب مِنْهُ من مجزوء الْكَامِل (فهواؤه سكب الرِّدَاء ... وغيمه جافي الازار) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 وَقَالَ من تِلْكَ الابيات من الطَّوِيل (وَذُو أدب جلت صنائع كَفه ... وَلَكِن مَعَاني الشّعْر مِنْهُ دقاق) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل (أعلي كم نعم منحت جليلة ... منحتك معنى فِي الثَّنَاء دَقِيقًا) (يلقى الندى برقيق وَجه مُسْفِر ... فَإِذا التقى الْجَمْعَانِ عَاد صفيقا) (رحب الْمنَازل مَا أَقَامَ فَإِن سرى ... فِي جحفل ترك الفضاء مضيقا) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الطَّوِيل (فطورا لكم فِي الْعَيْش رحب منَازِل ... وطورا لكم بَين السيوف زحام) // الطَّوِيل // وَقَالَ يمدح من الْكَامِل (فلتشكرنك دولة جددتها ... فتجددت أعلامها ومنارها) (حليتها وحميت بَيْضَة ملكهَا ... فغرار سَيْفك سورها وسوارها) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الوافر (تحلى الدّين أَو تَحْمِي حماه ... فَأَنت عَلَيْهِ سور أَو سوار) // الوافر // وَقَالَ من الْكَامِل (نشر الثَّنَاء فَكَانَ من إعلانه ... وطوى الوداد فَكَانَ من أسراره) (كالنخل يُبْدِي الطّلع من أثماره ... حينا ويخفي الغض من جماره) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْبَسِيط (أَصبَحت أظهر شكرا عَن صنائعه ... واضمر الود فِيهِ أَي إِضْمَار) (كيانع النّخل يُبْدِي للعيون ضحى ... طلعا نضيدا ويخفي غض جمار) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي وصف الشمع من الرجز (أَعدَدْت لِليْل إِذا اللَّيْل غسق ... وَقيد الالحاظ من دون الطّرق) (قضبان تبر عريت عَن الْوَرق ... شفاؤها إِن مَرضت ضرب الْعُنُق) // الرجز // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل (فرجتها بصحائح إِن تعتلل ... فَلَهُنَّ من ضرب الرّقاب شِفَاء) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من مجزوء الْكَامِل (وَإِذا عرتها مرضة ... فشفاؤها ضرب الرّقاب) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من السَّرِيع (سيافها يضْرب أعناقها ... وَهُوَ بِذَاكَ الْفِعْل يُحْيِيهَا) // السَّرِيع // وَقَالَ من الرجز (قد أغتدي نشوان من خمر الْكرَى ... أجر بردي على برد الثرى) (وَالصُّبْح حمل بَين احشاء الدجى ... ) // الرجز // وَقَالَ فِي مثله من الْكَامِل (وَالصُّبْح حمل فِي حشى الظلماء ... ) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف الْخمر من المتقارب (أَلا غادها مخطئا أَو مصيبا ... وسر نَحْوهَا دَاعيا أَو مجيبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 (وَخذ لهبا حره فِي غَد ... إِذا الْحر قَارن يَوْمًا لهيبا) // المتقارب // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْبَسِيط (هَات الَّتِي هِيَ يَوْم الْحَشْر أوزار ... كالنار فِي الْحسن عُقبى شربهَا النَّار) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْخَفِيف (هَاتِهَا لم تباشر النَّار وَاعْلَم ... أَنَّهَا فِي الْمعَاد للشُّرْب نَار) // الْخَفِيف // وَقَالَ من أَبْيَات من المنسرح (أنظر إِلَى اللَّيْل كَيفَ تصدعه ... راية صبح مبيضة العذب) (كراهب حن للهوى طَربا ... فشق جلبابه من الطَّرب) // المنسرح // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من السَّرِيع (وَالْفَجْر كالراهب قد مزقت ... من طرب عَنهُ الجلابيب) // السَّرِيع // وَقَالَ يمدح من الْخَفِيف (يخضب الْكَفّ بالمدام وطورا ... يخضب السَّيْف من دم مهراق) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من المتقارب (وتخضب بِالرَّاحِ أَيْمَاننَا ... ونخضب بِالدَّمِ ارماحنا) // المتقارب // وَقَالَ فِي الْغَزل وَهُوَ من غرره من الوافر (بنفسي من اجود لَهُ بنفسي ... وَيبْخَل بالتحية وَالسَّلَام) (وحتفي كامن فِي مقلتيه ... كمون الْمَوْت فِي حد الحسام) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وَقَالَ وَنقل مَعْنَاهُ الى الْخمر من الْكَامِل (ويريه اعلى الرَّأْي حزم كامن ... فِيهِ كمون الْمَوْت فِي حد القضب) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من المتقارب (أما للمحبين من حَاكم ... فينصفني الْيَوْم من ظالمي) (حمامي فِي طرفه كامن ... كمون الْمنية فِي الصارم) // المتقارب // وَقَالَ فِي معنى آخر من الْبَسِيط (وفتية زهر الْآدَاب بَينهم ... أبهى وانضر من زهر الرياحين) (مَشوا إِلَى الراح مشي الرخ وَانْصَرفُوا ... والراح تمشي بهم مشي الفرازين) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من السَّرِيع (حَتَّى إِذا الشَّمْس بهَا آذَنت ... خيامها الصفر بقلع الاواخي) (راحوا عَن الراح وَقد ابدلوا ... مشي الفرازين بمشي الرخاخ) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي قلب مَعْنَاهُ وَوصف الشطرنج من الْكَامِل (يُبْدِي لعينك كلما عاينته ... قرنين جالا مقدما ومخاتلا) (فَكَأَن ذَا صَاح يسير مُقَومًا ... وَكَأن ذَا نشوان يخْطر مائلا) // الْكَامِل // وَقَالَ يصف كانون نَار من المتقارب (وَذُو أَربع لَا يُطيق النهوض ... وَلَا يألف السّير فِيمَن سرى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 (نحمله سبجا اسودا ... فَيَجْعَلهُ ذَهَبا أحمرا) // المتقارب // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من مجزوء الوافر (واحدقنا بأزهر خافقات ... حوله العذب) (فَمَا يَنْفَكّ من سبج ... يعود كَأَنَّهُ ذهب) // محزوء الوافر // وَقَالَ يمدح من الوافر (وَكم خرق الْحجاب الى مقَام ... توارى الشَّمْس فِيهِ بالحجاب) (كَأَن سيوفه بَين العوالي ... جداول يطردن خلال غَابَ) // الوافر // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الطَّوِيل (كَأَن سيوف الْهِنْد بَين رماحه ... جداول فِي غَابَ سما فتأشبا) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل (أَسد لَهَا من بيضها وسمرها ... جداول مطردات وأجم) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف شعره من الوافر (إِلَيْك زففتها عذراء تأوي ... حجاب الْقلب لَا حجب القباب) (أذبت لصوغها ذهب القوافي ... فأدت رونق الذَّهَب الْمُذَاب) // الوافر // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الوافر (وخذها كالتهاب الحلى تغني ... عَن الْمِصْبَاح فِي اللَّيْل التهابا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 (مشعشعة كَأَن الطَّبْع أجْرى ... على صفحاتها الذَّهَب المذابا) // الوافر // وعَلى ذكر الشّعْر فَإِنِّي كاسر عَلَيْهِ فصلا لفرط استحساني جودة وَصفه لَهُ وموافقته الْمَوْصُوف قَالَ فِي وصف شعره من قصيدة من الوافر (وَمَا زَالَت ريَاح الشّعْر شَتَّى ... فَمن ريا الهبوب وَمن سموم) (تحيي الصاحب الطلق الْمحيا ... وتعلن شتم ذِي الْوَجْه الشتيم) (منحتك من محاسنها ربيعا ... مُقيم الزهر سيار النسيم) // الوافر // وَقَالَ من اخرى من الْكَامِل (قل لِلْعَدو إِلَيْك عَن ذِي عدَّة ... مَا ثار إِلَّا نَالَ ابعد ثَأْره) (صل القريض إِذا ارتوت أنيابه ... من سمه قطرت على أشعاره) (لَو أَنه جارى عتيقي طَيء ... فِي الحلبتين تبرقعا بغباره) // الْكَامِل // وَقَالَ من اخرى من الْكَامِل (شغلتك عَن حسن السماع مدائح ... حسنت فَمَا تنفك تطرب سَامِعًا) (طلعت عَلَيْك ابا الفوارس أنجم ... مِنْهُنَّ يخجلن النُّجُوم طوالعا) (زهر إِذا صافحن سمع معاند ... خفض الْكَلَام وغض طرفا خَاشِعًا) (جاءتك مثل بَدَائِع الوشي الَّذِي ... مَا زَالَ فِي صنعاء يتعب صانعا) (أَو كالربيع يُرِيك أَخْضَر ناضرا ... وموردا شرقا وأصفر فاقعا) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 وَقَالَ من اخرى من الطَّوِيل (وَكم مِدْحَة غب النوال تبسمت ... كَمَا ابتسم النوار غب حَيا أروى) (وَمَا ضرّ عقدا من ثَنَاء نظمته ... وفصلته أَن لَا يعِيش لَهُ الاعشى) // الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى من الْبَسِيط (جاءتك كالعقد لَا تزري بناظمها ... حسنا وتزري بِمَا قَالُوا وَمَا نظموا) (وَالشعر كالروض ذَا ظام وَذَا خضل ... وكالصوارم ذَا نَاب وَذَا خذم) (أَو كالعرانين هَذَا حَظه خنس ... مزر عَلَيْهِ وَهَذَا حَظه شمم) // الْبَسِيط // وَقَالَ من المتقارب (وفكر خواطره ألبست ... علاك من الْحَمد ثوبا خطيرا) (محَاسِن لَو علقت بالقتير ... لحسن عِنْد الحسان القتيرا) (إِذا مَا جَفتْ خلع المادحين ... عَلَيْهِنَّ رقت فَكَانَت حَرِيرًا) // المتقارب // وَقَالَ من المنسرح (وخلعة من ثناي دبجها الْفِكر ففاقت بحسها البدعا ... ) (وَقرب الحذق لَفظهَا فغدا ... من قربهَا مطمعا وممتنعا) // المنسرح // وَقَالَ من الْبَسِيط (سأبعث الْحَمد موشيا سبائبه ... إِلَى الامير صَرِيحًا غير مؤتشب) (إِن المدائح لَا تهدى لناقدها ... أَلا وألفاظها أصفى من الذَّهَب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 (كم رضت بالفكر فِيهَا رَوْضَة انفا ... تفتح الزهر عَن جنى الادب) (لفظ يروح لَهُ الريحان مطرحا ... إِذا جَعَلْنَاهُ ريحانا على النجب) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الطَّوِيل (أتتك يجول مَاء الطَّبْع فِيهَا ... مجَال المَاء فِي السَّيْف الصَّقِيل) (قواف إِن ثنت للمرء عطفا ... ثنى الاعطاف فِي برد جميل) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الطَّوِيل (شَرقَتْ بِمَاء الطَّبْع حَتَّى خلتها ... شَرقَتْ لرونقها بتبر ذائب) (وَيَقُول سامعها إِذا مَا أنشدت ... أعقود حمد أم عُقُود كواكب) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الْكَامِل (والبس غرائب مِدْحَة دبجتها ... فَكَأَنَّمَا دبجت مِنْهَا مطرفا) (من كل بَيت لَو تجسم لَفظه ... لرأيته وشيا عَلَيْك مفوفا) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (أَلْفَاظه كالدر فِي أصدافه ... لَا بل يزِيد عَلَيْهِ فِي لالائه) (من كل رائقة الْجمال كَأَنَّهَا ... جاد الشَّبَاب لَهَا بريقه مَائه) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (وَالشعر بَحر نلْت انفس دره ... وتنافس الشُّعَرَاء فِي حصبائه) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 وَقَالَ من الْكَامِل (وغرائب مثل السيوف إضاءة ... وجدت من الْفِكر الدقاق صياقلا) (فَلَو اسْتعَار الشيب بعض جمَالهَا ... اضحى الى الْبيض الحسان وسائلا) (جاءتك بَين رصينه ودقيقه ... تهدي إِلَيْك مطارفا وغلائلا) // الْكَامِل // مَا أخرج من غرره فِي الخالديين وَغَيرهمَا مِمَّن ادّعى شعره قَالَ يتظلم من الخالديين والتلعفري الى سَلامَة بن فَهد من الطَّوِيل (هَل الصَّبْر مجد حِين أدرع الصبرا ... وَهل نَاصِر للشعر يوسعه نصرا) (تحيف شعري يَا ابْن فَهد مصالت ... عَلَيْهِ فقد اعدمت مِنْهُ وَقد اثرى) (وَفِي كل يَوْم للغبيين غَارة ... تروع الفاظي المحجلة الغرا) (إِذا عَن لي معنى يضاحك لَفظه ... كَمَا ضَاحِك النوار فِي روضه الغدرا) (غَرِيب كشطر الْبَرْق لما تبسمت ... مخائله للفكر أودعته سطرا) (فَوجه من الفتيان يمسح وَجهه ... وَصدر من الاقوام يسكنهُ الصدرا) (تنَاوله مثر من الْجَهْل معدم ... من الْحلم مَعْذُور مَتى خلع العذرا) (فَبعد مَا قربت مِنْهُ غباوة ... وأوزر مَا سهلت من لَفظه وعرا) (فمهلا أَبَا عُثْمَان مهلا فَإِنَّمَا ... يغار على الاشعار من عشق الشعرا) (لأطفأتما تِلْكَ النُّجُوم بأسرها ... ودنستما تِلْكَ المطارف والازرا) (فويحكما هلا بِشَطْر قنعتما ... وأبقيتما لي من محاسنه شطرا) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وَقَالَ من قصيدة مدح بهَا ابا البركات لطف الله بن نَاصِر الدولة يتظلم إِلَيْهِ من الخالديين وَقد ادّعَيَا شعره وَشعر غَيره ومدحا بِهِ المهلبي وَغَيره من الْبَسِيط (يَا أكْرم النَّاس إِلَّا أَن يعد أَبَا ... فَاتَ الْكِرَام بآباء وآثار) (أَشْكُو إِلَيْك حليفي غَارة شهرا ... سيف الشقاق على ديباج أفكاري) (ذئبين لَو ظفرا بالشعر فِي حرم ... لمزقاه بأنياب وأظفار) (سلا عَلَيْهِ سيوف الْبَغي مصلتة ... فِي جحفل من صَنِيع الظُّلم جرار) (وارخصاه فَقل فِي الْعطر ممتهنا ... لديهما يَشْتَرِي من غير عطار) (لطائم الْمسك والكافور فائحة ... مِنْهُ وَمُنْتَخب الْهِنْدِيّ والغار) (وكل مسفرة الالفاظ تحسبها ... صفيحة بَين إشراق وإسفار) (أرقت مَاء شَبَابِي فِي محاسنها ... حَتَّى ترقرق فِيهَا مَاؤُهَا الْجَارِي) (كَأَنَّهَا نفس الريحان يمزجه ... صبا الاصائل من انفاس نوار) (إِن قلداك بدر فَهُوَ من لججي ... أَو ختماك بياقوت فأحجاري) (باعا عرائس شعري بالعراق فَلَا ... تبعد سباياه من عون وأبكار) (مَجْهُولَة الْقدر مظلوم عقائلها ... مقسومة بَين جهال وأغمار) (مَا كَانَ ضرهما والدر ذُو خطر ... لَو حلياه ملوكا ذَات أخطار) (وَمَا رأى النَّاس سبيا مثل سبيهما ... بِيعَتْ نفيسته ظلما بِدِينَار) (وَالله مَا مدحا حَيا وَلَا رثيا ... مَيتا وَلَا افتخرا إِلَّا بأشعاري) (هَذَا وَعِنْدِي من لفظ اشعشعه ... سلافة ذَات اضواء وأنوار) (كَرِيمَة لَيْسَ من كرم وَلَا التثمت ... عروسها بخمار عِنْد خمار) (تنشا خلال شغَاف الْقلب إِن نشأت ... ذَات الْحباب خلال الطين والقار) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 (لم يبْق لي من قريض كَانَ لي وزرا ... على الشدائد إِلَّا ثقل أوزاري) (اراه قد هتكت استار حرمته ... وَسَائِر الشّعْر مَسْتُور بِأَسْتَارِ) (كَأَنَّهُ جنَّة راحت حدائقها ... من الغبيين فِي نَار وإعصار) (عَار من النّسَب الوضاح منتسب ... فِي الخالديين بَين العر والعار) // الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة فِي ابي تغلب ذكر فِيهَا اُحْدُ الخالديين من الطَّوِيل (وَلَا بُد أَن اشكو إِلَيْك ظلامة ... وغارة مغوار سجيته الْغَصْب) (يخيل شعري انه قوم صَالح ... هَلَاكًا وَأَن الخالدي لَهُ سقب) (رعى بَين اعطان لَهُ ومسارح ... فَلم ترع فِيهِنَّ العشار وَلَا النجب) (وَكَانَ رياضا غضة فتكدرت ... مواردها واصفر فِي تربها العشب) (يساق إِلَى الهجن المقارف حليه ... وتسلبه الغر المحجلة القب) (غصبت على ديباجه وعقوده ... فديباحه غصب كَمَا روع السرب) (وَكنت إِذا مَا قلت شعرًا حدت بِهِ ... حداة المطايا أَو تغني بِهِ الشّرْب) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي الخالدي الاصغر وَقد ادّعى كثيرا من شعره من السَّرِيع (لَا بُد من نفثة مصدور ... فحاذروا صولة مخدور) (قد انسبت الْعَالم غاراته ... فِي الشّعْر غارات المغاوير) (أثكلني غيد قواف غَدَتْ ... أبهى من الغيد المعاطير) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 (أطيب ريحًا من نسيم الصِّبَا ... جَاءَت بريا الْورْد من جور) (من بعد مَا فتحت انوارها ... فابتسمت مثل الازاهير) (وَبَات فكري تعبا بَينهَا ... ينقشها نقش الدَّنَانِير) (يَا وَارِث الاغفال مَا حبروا ... من القوافي والمشاهير) (اعط قفا نبك أَمَانًا فقد ... راحت بقلب مِنْك مذعور) // السَّرِيع // وَقَالَ من قصيدة خَاطب فِيهَا أَبَا الْخطاب الْمفضل بن ثَابت الضَّبِّيّ وَقد سمع ان الخالديين يُريدَان الرُّجُوع إِلَى بَغْدَاد وَذَلِكَ فِي ايام المهلبي الْوَزير من الْكَامِل (بكرت عَلَيْك مُغيرَة الاعراب ... فاحفظ ثِيَابك يَا ابا الْخطاب) (ورد الْعرَاق ربيعَة بن مكدم ... وعتيبة بن الْحَارِث بن شهَاب) (أفعندنا شكّ بِأَنَّهُمَا هما ... فِي الفتك لَا فِي صِحَة الانساب) (جلبا إِلَيْك الشّعْر من اوطانه ... جلب التُّجَّار طرائف الاجلاب) (فبدائع الشُّعَرَاء فِيمَا جهزا ... مقرونة بِغَرَائِب الْكتاب) (شنا على الاداب اقبح غَارة ... جرحت قُلُوب محَاسِن الاداب) (فحذار من حركات صلي قفرة ... وحذار من حركات ليثي غَابَ) (لَا يسلبان اخا الثراء وَإِنَّمَا ... يتناهبان نتائج الالباب) (إِن عز مَوْجُود الْكَلَام عَلَيْهِمَا ... فَأَنا الَّذِي وقف الْكَلَام ببابي) (أَو يهبطا من ذلة فَأَنا الَّذِي ... ضربت على الشّرف المطل قبابي) (كم حاولا أمدي فطال عَلَيْهِمَا ... أَن يدركا إِلَّا مثار ترابي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 (عَجزا وَلنْ تقف العبيد إِذا جرت ... يَوْم الرِّهَان مَوَاقِف الأرباب) (وَلَقَد حميت الشّعْر وَهُوَ لمعشر ... ذمّ سوى الاسماء والالقاب) (وَضربت عَنهُ المدعين وَإِنَّمَا ... عَن حوزة الاداب كَانَ ضرابي) (فغدت نبيط الخالدية تَدعِي ... شعري وترفل فِي حبير ثِيَابِي) (قوم إِذا قصدُوا الْمُلُوك لمطلب ... نقضت عمائمهم على الابواب) (من كل كهل تستطير سباله ... لونين بَين انامل البواب) (مغض على ذل الْحجاب يردهُ ... دامي الجبين تجهم الْحجاب) (ومفوهين تعرضا لحرابتي ... فتعرضت لَهما صُدُور حرابي) (نظرا إِلَى شعر يروق فتربا ... مِنْهُ خدود كواعب اتراب) (شرباه فاعترفا لَهُ بعذوبة ... ولرب عذب عَاد سَوط عَذَاب) (فِي غَارة لم تنثلم فِيهَا الظبا ... ضربا وَلم تند القنا بخضاب) (تركت غرائب منطقي فِي غربَة ... مسبية لَا تهتدي لاياب) (جرحي وَمَا ضربت بِحَدّ مهند ... اسرى وَمَا حملت على الاقتاب) (لفظ صقلت متونه فَكَأَنَّهُ ... فِي مشرقات النّظم در سَحَاب) (وكأنما أجريت فِي صفحاته ... حر اللجين وخالص الزرياب) (أغربت فِي تحبيره فرواته ... فِي نزهة مِنْهُ وَفِي استغراب) (وَقطعت فِيهِ شبيبة لم تشتغل ... عَن حسنه بصبا وَلَا بتصابي) (وَإِذا ترقرق فِي الصَّحِيفَة مَاؤُهُ ... عبق النسيم فَذَاك مَاء شَبَابِي) (يصغي اللبيب لَهُ فَيقسم لبه ... بَين التَّعَجُّب مِنْهُ والاعجاب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 (جد يطير شراره وفكاهة ... تستعطف الأحباب للآحباب) (اعزر عَليّ بِأَن ارى اشلاءه ... تدمي بظفر لِلْعَدو وناب) (افن رَمَاه بغارة مأفونة ... باعت ظباء الرّوم فِي الاعراب) (إِنِّي احذر من يَقُول قصيدة ... غراء خدني غَارة ونهاب) (إِنِّي نبذت على السوَاد إلَيْكُمَا ... فتأهبا للقادح المنتاب) (وَإِذا نبذت إِلَى امْرِئ ميثاقه ... فليستعد لسطوتي وعقابي) // الْكَامِل // وَهِي طَوِيلَة متناسبة فِي الْحسن والعذوبة وَقَالَ من قصيدة فِي ابي إِسْحَاق الصابي وَقد ورد عَلَيْهِ كتاب الخالديين بِأَنَّهُمَا منحدران إِلَى بَغْدَاد فِي سرعَة من الْخَفِيف (قد أظلتك يَا ابا إِسْحَاق ... غَارة اللَّفْظ والمعاني الدقاق) (فَاتخذ معقلا لشعرك تحميه مروق الْخَوَارِج المراق ... ) (قبل رقراقه الْحَدِيد تريق السم فِي صفو مَائه الرقراق ... ) (كَانَ شن الغارات فِي الْبَلَد القفر ... فأضحى على سَرِير الْعرَاق) (غَارة لم تكن بسمر العوالي ... حِين شنت وَلَا السيوف الرقَاق) (جال فرسانها عَليّ جُلُوسًا ... لَا أقلتهم ظُهُور الْعتاق) (فَجمعت انفس الْمُلُوك ابا الهيجاء حَربًا بأنفس الاعلاق ... ) // الْخَفِيف // يَعْنِي ابا الهيجاء حَرْب بن سعيد أَخا ابي فراس الحمداني (بقواف مثل الرياض تمشت ... بَين أنوارها جِيَاد السواقي) (بدع كالسيوف ارهفن حسنا ... وسقاهن رونق الطَّبْع ساقي) (مشرقات تريك لفظا وَمعنى ... حمرَة الْحلِيّ فِي بَيَاض التراقي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 (يَا لَهَا غَارة تفرق فِي الحومة ... بَين الْحمام والاطواق) (تسم الْفَارِس السميدع بالعار ... وَبَعض الاقدام عَار بَاقِي) (لَو رَأَيْت القريض يرعد مِنْهَا ... بَين ذَاك الارعاد والابراق) (وَقُلُوب الْكَلَام تخفق رعْبًا ... تَحت ثني لوائها الخفاق) (وسيوف الظلام تفتك فِيهَا ... بعذارى الطروس والاوراق) (وَالْوُجُوه الرقَاق دامية الاباشار ... فِي معرك الْوُجُوه الصفاق) (لتنفست رَحْمَة للخدود السمر ... مِنْهُنَّ والقدود الرشاق) (والرياض الَّتِي ألح عَلَيْهَا ... كَاذِب الودق صَادِق الاحراق) (والنجوم الَّتِي تظل نُجُوم الارض ... حسادها على الاشراق) (بَعْدَمَا لحن فِي سَمَاء الْمَعَالِي ... طلعا وانتثرن فِي الافاق) (وتخيرت حليهن فَلم تعد ... خِيَار النحور والاعناق) (وَقطعت الشَّبَاب فِيهِ إِلَى أَن ... هم برد الشَّبَاب بالاخلاق) (فَهُوَ مثل المدام بَين صفاء ... وبهاء ونفحة ومذاق) (منطق يخجل الرّبيع إِذا حل عَلَيْهِ السَّحَاب عقد النطاق ... ) (يَا هِلَال الاداب يَا ابْن هِلَال ... صرف الله عَنْك صرف المحاق) (سَوف اهدي إِلَيْك من خدم الْمجد إِمَاء تعاف قبح الاباق ... ) (كل مطبوعة على اسْمك باد ... وسمها فِي الجباه والاماق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 غرر من أهاجيه للشعراء قَالَ من قصيدة هجا بهَا ابا الْعَبَّاس النامي ويحكي أَنه كَانَ جزارا بِالْمَدِينَةِ من الوافر (أرى الجزار هيجني وَولى ... فكاشفني واسرع فِي انكشافي) (ورقع شعره بعيون شعري ... فشاب الشهد بالسم الذعاف) (لقد شقيت بمديتك الاضاحي ... كَمَا شقيت بغارتك القوافي) (توعر نهجها بك وَهُوَ سهل ... وكدر وردهَا بك وَهُوَ صافي) (فتكت بهَا مثقفة النواحي ... على فكر اشد من الثقاف) (لَهَا أرج السوالف حِين تجلى ... على الاسماع اَوْ ارج السلاف) (جمعن الحسنيين فَمن ريَاح ... معنبرة وأرواح خفاف) (وَمَا عدمت مغيرا مِنْك يَرْمِي ... رَقِيق طباعها بطباع جافي) (معَان تستعار من الدياجي ... والفاظ تقد من الاثافي) (كَأَنَّك قاطف مِنْهَا ثمارا ... سبقت إِلَيْهِ إبان القطاف) (وَشر الشّعْر مَا اداه فكر ... تعثر بَين كد واعتساف) (سأشفي الشّعْر مِنْك بنظم شعر ... تبيت لَهُ على مثل الاثافي) (وَأبْعد بالمودة عَنْك جهدي ... فقف لي بالمودة خلف قَاف) // الوافر // وَقَالَ يعرض بالتلعفري الْمُؤَدب من الطَّوِيل (ينافسني فِي الشّعْر وَالشعر كاسد ... حسود كبا عَن غايتي ومعاند) (وكل غبي لَو يُبَاشر برده ... لظى النَّار أضحى حرهَا وَهُوَ بَارِد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 (افيقوا فَلَنْ يعْطى القريض معلم ... وَهل يتَوَلَّى الاغبياء عُطَارِد) (وَلَا تمنحوا مِنْهُ الْكِرَام قلائدا ... فَلَيْسَ من الْحَصْبَاء تهدي القلائد) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة فِي ابي الْحسن الشمشاطي من الْكَامِل (قد كَانَت الدُّنْيَا عَلَيْك فسيحة ... فاليوم أضحت وَهِي سم خياط) (استخطتني وجناة عيشك حلوة ... فجنيت مر الْعَيْش من إسخاطي) (وَعلمت إِذْ كلفت نَفسك غايتي ... أَن الرِّيَاح بعيدَة الاشواط) (أترومني وعَلى السماك محلتي ... شرفا وَبَين الفرقدين صِرَاطِي) (من بعد مَا رفع الاكابر مجلسي ... فَجَلَست بَين مُؤَمل وسماط) (وغدت صوارم منطقي مَشْهُورَة ... بَين الْعرَاق تهز والفسطاط) (وَقد امتحنت دعاويا لَك بيّنت ... عَن بَحر تمويه بعيد الشاطي) (فَرَأَيْت علمك من خرا وخراطة ... وَوجدت شعرك من فسا وضراط) // الْكَامِل // وَقَالَ من ارجوزة فِي الخالدي من الرجز (بؤسا لعرس الخالدي بوسا ... أكل يَوْم تغتدي عروسا) (خلته واعتاضت فَتى نفيسا ... وَفَارَقت من نَتنه ناووسا) (فصادفت ربع هوى مأنوسا ... وبدلت من رخم طاوسا) (وَكَيف تهوى وَجهه العبوسا ... وَهِي ترى الاقمار والشموسا) // الرجز // هَذِه ملح مِمَّا قَالَه فِي ابْن العصب الملحي الشَّاعِر وَكَانَ شَيخا يتصابب ويتعصب للخالديين على السّري وَكَانَ السّري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 يهجوه جادا وهازلا وينسبه الى القيادة وَيذكر كثيرا مُشَاهدَة اهل الريب فِي منزله وَلَا يبْقى وَلَا يذر فِي التولع بِهِ فَمن ملحه فِيهِ قَوْله من قصيدة من الطَّوِيل (وَمن عجب ان الغبيين ابرقا ... مغيرين فِي اقطار شعري وأرعدا) (فقد نَقَلَاه عَن بَيَاض مناسبي ... إِلَى نسب فِي الخالدية اسودا) (وَإِن عليا بَائِع الْملح بالنوى ... تجرد لي بالسب فِيمَن تجردا) (وَعِنْدِي لَهُ لَو كَانَ كفوا قوارصي ... قوارص ينثرن الدلاص المسردا) (ومغموسة فِي الشري والاري هَذِه ... ليردي بهَا بَاغ وَتلك لترتدي) (لَك الويل إِن أطلعت بيض سيوفها ... وأطلقتها خزر النواظر شردا) (وَلست لجد القَوْل اهلا وَإِنَّمَا ... اطير سِهَام الْهزْل مثنى وموحدا) (نصبت لفتيان البطالة قبَّة ... ليدخلها الفتيان كهلا وأمردا) (وَكَانَ طَرِيق القصف وعرا عَلَيْهِم ... فسهلته حَتَّى رَأَوْهُ معبدًا) (وَكم لَذَّة لَا من فِيهَا وَلَا أَذَى ... هديت لَهَا خدن الضَّلَالَة فاهتدى) (قصدتهم وزنا فساويت بَينهم ... وَلم تَأْخُذ السهْم الْحَدِيد ليقصدا) (وجئتهم قبل ارتداد جفونهم ... بمائدة تكسي الشرائح والمدى) (ومبيضة مِمَّا قراه مُحَمَّد ... ابوك لكَي تبيض عرضا وتحمدا) (نثرت عَلَيْهَا البقل غضا كَأَنَّمَا ... نثرت على حر اللجين الزبرجدا) (ومصبوغة بالزعفران عريضة ... كَأَن على أعطافها مِنْهُ مجسدا) (تريك وَقد غطت بَيَاضًا بصفرة ... مِثَالا من الكافور ألبس عسجدا) (فحف بهَا مِنْهُم كهول وفتية ... كَأَنَّهُمْ عقد يحف مُقَلدًا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 (فَلَا نظر الدَّاعِي إِلَى الزَّاد كفهم ... وَلَا خجلة الْمَدْعُو ردَّتْ لَهُم يدا) (وملت بهم من غير فضل عَلَيْهِم ... إِلَى الْورْد غضا وَالشرَاب موردا) (مناهدة إِن فَاتَ مثلك طيبها ... تنفس مَجْرُوح الحشا أَو تنهدا) (معدا لَهُم فِي كل يَوْم مُجَدد ... من الراح وَالريحَان عَيْشًا مجددا) (إِذا وصلوا اضحى الخوان مدبجا ... وَإِن هجروا أضحى سليبا مُجَردا) (وَإِن شرعوا فِي لَذَّة كنت بيعَة ... وَإِن طمعوا فِي مرفق كنت مَسْجِدا) (لَك الْقبَّة العلياء أوضحت نهجها ... وأطلعت مِنْهَا للفتوة فرقدا) (يُصَادف مِنْهَا الزُّور عَيْشًا مبردا ... وباطية ملأى وظبيا مغردا) (وَقد فضلت شم القباب لانني ... نصبت عَلَيْهَا بالقصائد مطردا) // الطَّوِيل // وَقَوله فِيهِ من الطَّوِيل (طوى وده الملحي عني فانطوى ... وَقد كَانَ لي خلافًا فَأَعْرض والتوى) (دَعَاني فغاداني بإنشاد شعره ... وَلَوْلَا انصرافي عَنهُ مت من الطوى) (وَقَالَ أَتَاك الْحلِيّ قلت ممازحا ... أَتَاك النَّوَى يَا بَائِع الْملح بالنوى) (وناولني مسودة لَو قرنتها ... إِلَى القار كَانَا فِي سوادهما سوا) (وَقَالَ ارى هَذَا الشَّرَاب لصفوه ... ورقته كالنجم قلت إِذا هوى) (وَفضل فِي الشّعْر امْرأ غير فَاضل ... فَقلت لَهُ امسك نطقت عَن الْهوى) (وَلَو أنني أحمي الثقاف لمثله ... وأعمل فِيهِ الغمز لانصان واستوى) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 وَقَوله فِيهِ من الوافر (سل الملحي كَيفَ رأى عقابي ... وَكَيف وَقد أثاب رَأْي ثوابي) (سقاني الْهَاشِمِي فسل ضغني ... وأغمد عَنهُ تأنيبي ونابي) // الوافر // اراه عني ابْن سكرة الْهَاشِمِي فَإِنَّهُ كَانَ صديق الملحي وَلِهَذَا قَالَ (سقاني الْهَاشِمِي فسل ضغني ... ) الخ (وَقَالَ أَخُو الْمَوَدَّة والتصافي ... وَعون أخي الصبابة والتصابي) (وَشَيخ طَابَ أَخْلَاقًا فأضحى ... أحب إِلَيّ الشَّبَاب من الشَّبَاب) (لَهُ قفص إِذا استخفيت فِيهِ ... أمنت فَلم تنلك يَد الطلاب) (طرقناه وقنديل الثريا ... يحط وَفَارِس الظلماء كابي) (فَرَحَّبَ واستمال وَقَالَ حطت ... ركابكم بأفنية رحاب) (وحض على المناهدة الندامى ... بِأَلْفَاظ مهذبة عَذَاب) (وَقَالَ تيمموا الابواب مِنْهَا ... فَكل جَاءَ من تِلْقَاء بَاب) (فَهَذَا قَالَ قدر من طَعَام ... وَهَذَا قَالَ دن من شراب) (وَهَذَا قَالَ ريحَان وَنقل ... وثلج مثل رقراق السراب) (وسمح الْقَوْم من سمحت يَدَاهُ ... بخدر غريرة بكر كعاب) (فتم لَهُم بذلك لَهو يَوْم ... غَرِيب الْحسن عذب مستطاب) (إِذا العبء الثقيل توزعته ... أكف الْقَوْم خف على الرّقاب) وَقَوله فِيهِ من الرجز (اقررت يَا ابْن العصب العيونا ... ورحت حبلا للخنا متينا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 (علمت قوما كَيفَ يقصفونا ... فاطرحوا الحشمة مسرعينا) (ودخلوا الْقبَّة آمنينا ... فَأَكَلُوا يومهم سمينا) (وَلم يكن سرورهم ممنونا ... يَا من يرى نزف الدنان دينا) (وَمن يُدَارِي الْعَيْش كي يلينا ... مَا الْعَيْش إِلَّا للمناهدينا) (مؤونة قَضَت على عشرينا ... وَلَو تفردنا بهَا خرينا) // الرجز // وَقَوله فِيهِ من قصيدة من الْبَسِيط (ملنا إِلَى غرفَة الملحي إِن بهَا ... ظَبْيًا من الانس مبذول الخلاخيل) (نزوره وبقايا اللَّيْل تسترنا ... فنهتدي لخليع مِنْهُ ضليل) (يرضى النديم ويرضى عَن مروءته ... إِذا اتاه بمشروب ومأكول) (وَإِن رَآهُ رَقِيق الْوَجْه قَالَ ارق ... كأس الْحيَاء بِضَم اَوْ بتقبيل) (فزدت إِذْ زرته قنديل بيعَته ... فالزيت ينشر اضواء الْقَنَادِيل) // الْبَسِيط // وَقَوله من اخرى من مجزوء الرمل (قد وَهِي ستر رَقِيق ... وَمضى ود عليل) (قصرت أيامنا الْبيض ... وَفِي يَوْمك طول) (دَعْوَة ينتسب الْقَحْط ... إِلَيْهَا والمحول) (لَيْسَ إِلَّا الْعَطش الْقَاتِل ... وَالْمَاء الثقيل) (مجْلِس فِيهِ لارباب ... الْخَنَا قَالَ وَقيل) (وضراط مثل مَا انْشَقَّ ... الدبيقي الصَّقِيل) (فَإِذا اختالت خلال الشّرْب ... عذراء شُمُول) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 (لعبت ايد لَهَا أقفية ... الْقَوْم طبول) (لست من شكلك وَالنَّاس ... ضروب وشكول) (أَنْت للْحَاجة حَتَّى ... يصدر الْورْد خَلِيل) (فاقطع الرُّسُل فقد ازرى ... بِنَا مِنْك الرَّسُول) // مجزوء الرمل // وَقَوله فِيهِ من المنسرح (شيخ لنا من شُيُوخ بَغْدَاد ... أغذ فِي القصف أَي إغذاذ) (رق طباعا ومنطقا فغدا ... وَرَاح فِي المستشف كاللاذ) (تظن تَحت الاكف هامته ... إِذا علتها طنين فولاذ) (قواد إخوانه فَإِن ظمئوا ... سفاهم الراح سقِِي نباذ) (لَهُ على الشط غرفَة جمعت ... كل خليع نشا بِبَغْدَاد) (أعد فِيهَا ابْنة الشباك لَهُم ... ممكورة الْجنب فِي ابْنة الداذي) (وَلَذَّة من صباح قطربل ... وجؤذرا من ملاح كلواذ) (يَقُول للزائر الملم بِهِ ... أوصل هَذَا الذ ام هذي) (وشاعر جَوْهَر الْكَلَام لَهُ ... ملك فَمن تَارِك وأخاذ) (وَخير مَا فِيهِ انه رجل ... يخرمني الدَّهْر وَهُوَ استاذي) (إِذا انتشى أَقبلت انامله ... تَنْتَشِر مَيتا خلال أفخاذي) // المنسرح // وَقَوله فِيهِ وَكَانَ دَعَاهُ فِي يَوْم حَار الى غرفَة لَهُ حارة على الشط فأطمعه هريسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 وسقاه نَبِيذ الدبس وَمَاء بِئْر يعرف بكرخايا من الطَّوِيل (ارى الشَّاعِر الملحي رَاح بِنَا صبا ... نباغضه عمدا ويوسعنا حبا) (دَعَانَا ليستوفي الثَّنَاء فأظلمت ... خلائق يَسْتَوْفِي لصَاحِبهَا السبا) (تيَمّم كرخايا فجاد قليبها ... عَلَيْهِ وَمَا شرب القليب لنا شربا) (وأحضرنا محبوسة طول لَيْلهَا ... معذبة بالنَّار مسعرة كربا) (تخير من رطب الذؤابة لَحمهَا ... وَمن يَابِس الْحبّ النقي لَهَا حبا) (وساهرها لَيْلًا يضيق سجنها ... فَلَمَّا أَضَاء الصُّبْح أوسعها ضربا) (وَإِذا مسحتها الرّيح راحت كَأَنَّهَا ... تمسح موتِي كشفت عَنْهُم التربا) (وداذية تنهي الصَّباح إِذا بدا ... وتفسد انفاس النسيم إِذا هبا) (شراب يغض الظّرْف عَنهُ وعمره ... ثَلَاثَة أَيَّام وَقد شب لَا شبا) (يحد بأطراف النَّهَار وَمَا افترى ... وَلَا كَانَ خدنا للجناة وَلَا تربا) (فَلَمَّا تراءت للْجَمِيع إزاءنا ... عجبت لمضروبين مَا جنيا ذَنبا) // الطَّوِيل // وَقَوله فِيهِ من الْخَفِيف (اربعاء حسامه مَشْهُور ... حِين يَأْتِي وشره مَحْذُور) (نتوقاه اول الشَّهْر إِن دَار ... ونخشاه آخرا لَا يَدُور) (فاغد سرا بِنَا إِلَى قفص الملحي ... فالعيش فِيهِ غض نضير) (نتوارى من الْحَوَادِث والدهر ... خَبِير بِمن توارى بَصِير) (مجْلِس فِي فنَاء دجلة يرتاح ... إِلَيْهِ الخليع والمستور) (طَائِر فِي الْهَوَاء فالبرق يسري ... دون اعلاه وَالْحمام يطير) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 (وَإِذا الْغَيْم سَار اسبل مِنْهُ ... كلل دون خدره وستور) (وَإِذا غارت الْكَوَاكِب صبحا ... فَهُوَ الْكَوْكَب الَّذِي لَا يغور) (لَيْسَ فِيهِ إِلَّا خمار وخمر ... وممات من نشوة ونشور) (وَحَدِيث كَأَنَّهُ زهر المنثور ... حسنا أَو لُؤْلُؤ منثور) (وجريح من الدنان تسل الراح ... من جرحه وَقدر تَفُور) (وَلَك الظبية الغريرة إِن شِئْت ... وَإِن عفتها فظبي غربر) (فتمتع بِمَا تشَاء نَهَارا ... ثمَّ بت معرسا وَأَنت أَمِير) (كل هَذَا بِدِرْهَمَيْنِ فَإِن زِدْت ... فَأَنت المبجل المحبور) // الْخَفِيف // وَقَوله فِيهِ من قصيدة من الطَّوِيل (شققت قذال الخالدي بمنطق ... يشق من الاعداء كل قذال) (وناضلني الملحي عَنهُ فَأَصْبَحت ... جوارحه مجروحة بِنِبَالٍ) (وَقد كَانَ يخلي بَيته لمآربي ... إِذا زار إلْف اَوْ حبا بوصال) (على أَنه يكريه يَوْمًا بِخَمْسَة ... موجهة بيض الْوُجُوه ثقال) (تحلت بِذكر الله من كل جَانب ... فهن بِذكر الله خير حوالي) (يُبِيح بهَا الملحي طورا قذاله ... وطورا حريمي منزل وعيال) (فَإِن شِئْت أَن تحظى بوصل غزالة ... مهفهفة الكشحين أَو بغزال) (فَقدم لَهُ الجدي الرَّضِيع وثنه ... بعذراء من مَاء الكروم زلال) (وَلَا تلقه إِلَّا بِخَير وَسِيلَة ... يلوح على وجهيه خير مقَال) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 (بباز إِذا أَرْسلتهُ صَاد كل مَا ... تروم بِهِ أَو نَالَ كل منال) // الطَّوِيل // وَقَوله فِيهِ من اخرى وَوصف دَعْوَة دَعَاهُ فِيهَا من الهزج (على ابْن العصب الملحي يثني الْيَوْم من أثنى ... ) (على الْجلد وَإِن صَادف ... فِي عظمه وَهنا) (ضحينا عِنْده يَوْمًا ... شَدِيد الْحر فالتحنا) (وَلم يحو بِهِ الاجر ... وَلم نعدم بِهِ المنا) (جياعا نصف الزَّيْتُون ... لَو أمكن والجبنا) (ونطري السّمك البني والجردق والبنا ... ) (وَكُنَّا ننثر الدّرّ ... من اللَّفْظ فخلطنا) (فَلَو طارت بِنَا ضعفا ... صبا لاعبة طرنا) (وَلَو أَنا دَعونَا الله ... فِي دَعوته فزنا) (إِلَى أَن كبر الْعَصْر ... وهللنا فكبرنا) (ونش السّمك المقلو بِالْقربِ فسبحنا ... ) (وَقُلْنَا هَذِه الرَّحْمَة جَاءَت فأظلتنا ... ) (وظلنا إِذا رَأينَا الْخبز ندنو قبل نستدني ... ) (إِلَى مائدة حفت ... بهَا ارغفة متنى) (عَلَيْهَا البقل لَا نلحقه بالخل أَو يفنى ... ) (ومنسوب إِلَى دجلة مَا زَالَ لَهَا خدنا ... ) (جرى فِي مَائِهَا قبل ... يجاري مَاؤُهَا السفنا) (فأضحى لامتداد الْعُمر أَعلَى صيدها سنا ... ) (طوى اقرانه الدَّهْر ... فَلم تبْق لَهُ قرنا) (فَلَمَّا اكتحلت عَيْني ... بِهِ أوسعته لعنا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 (حللنا عقد الشواء ... عَن جسم لَهُ مضنى) (ومزقنا لَهُ درعا ... يواري اعظما حجنا) (نرد الْيَد بالخيبة عَن اقربها مجنى ... ) (فَمَا تمّ لنا الْإِفْطَار ... بالقوت وصمنا) (وَطَاف الشَّيْخ بالدن ... إِلَى ان نزف الدنا) (فأدنى كدر الْعَيْش ... بهَا لَا كَانَ مَا ادنى) (مدام تجلب الْهم ... وَلَا تطرده عَنَّا) (فَلَا النَّفس بهَا سرت ... وَلَا الْقلب لَهَا حنا) (كَأَن شرابه مطبوخ ... على رَاحَته الْيُمْنَى) (وفاح البخر الْقَاتِل ... مِنْهُ فتبخرنا) (وَقَالَ اغتنمو وصل ... فتاة برعت حسنا) (فَجَاءَت تخجل الْبَدْر ... وغصن البانة اللدنا) (وتصطاد قُلُوب الشّرْب ... أجفان لَهَا وسنى) (فكدنا وابى الله ... لنا والشيم الْحسنى) (وقمنا نعطف الازر ... على الْعِفَّة إِذْ قمنا) (وَقُلْنَا يَا لحاك االله ... نزني بعد مَا شبنا) (فأبدى الانس للْقَوْم ... وأخفى الحقد والضغنا) (هُوَ الشن وَمَا وَافق منا طبق شنا ... ) // الهزج // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 وَقَوله فِيهِ من مجزوء الرمل (لَك يَا ابْن العصب الملحي عرض مستباح ... ) (وَقفا فِيهِ لايدي الشّرْب جد ومزاح ... ) (هُوَ للصفع قريح ... وَهُوَ للرحب قراح) (وقريض مِثْلَمَا تنطق بِاللَّغْوِ الفقاح ... ) (لست أَدْرِي اسلاح ... لَك مِنْهُ أم سلَاح) // مجزوء الرمل // غرر من الْغَزل والنسيب وَمَا يتَغَنَّى بِهِ من شعر السّري وَمَا أَرَانِي أروي أحسن وَلَا اشرف وَلَا اعذب وَلَا ألطف من قَوْله من الْبَسِيط (قسمت قلبِي بَين الْهم والكمد ... ومقلتي بَين فيض الدمع والسهد) (ورحت فِي الْحسن اشكالا مقسمة ... بَين الْهلَال وَبَين الْغُصْن وَالْعقد) (أريتني مَطَرا ينهل ساكنه ... من الجفون وبرقا لَاحَ من برد) (ووجنة لَا يرْوى مَاؤُهَا ظمئي ... بخلا وَقد لذعت نيرانها كَبِدِي) (فَكيف ابقى على مَاء الشئون وَمَا ... أبقى الغرام على صبري وَلَا جلدي) // الْبَسِيط // وَمِمَّا يَأْخُذ بِمَجَامِع الْقُلُوب قَوْله من الوافر (بلاني الْحبّ مِنْك بِمَا بلاني ... فشأني أَن تفيض غرُوب شاني) (أَبيت اللَّيْل مرتفقا أُنَاجِي ... بِصدق الْوَجْه كَاذِبَة الاماني) (فَتشهد لي على الارق الثريا ... وَيعلم مَا أجن الفرقدان) (إِذا دنت الْخيام بِهِ فأهلا ... بِذَاكَ الخيم والخيم الدواني) (فَبين سجوفها أقمار تمّ ... وَبَين عمادها أَغْصَان بَان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 (ومذهبة الخدود بجلنار ... مفضضة الثغور بأقحوان) (سقانا الله من رياك ريا ... وحيانا بأوجهك الحسان) (ستصرف طَاعَتي عَمَّن نهاني ... دموع فِيك تلحي من لحاني) (وَلم أَجْهَل نصيحته وَلَكِن ... جُنُون الْحبّ أحلى فِي جناني) (فيا ولع العواذل خل عني ... وَيَا كف الغرام خذي عناني) // الوافر // وَقَالَ من قصيدة من الْبَسِيط (وَمن وَرَاء سجوف الرقم شمس ضحى ... تجول فِي جنح ليل مظلم داجي) (مقدودة خرطت ايدي الشَّبَاب لَهَا ... حقين دون مجَال العقد من عاج) // الْبَسِيط // عهدي بِأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ يحن على هَذَا الْوَصْف وَقَالَ من اخرى من الْخَفِيف (لطمت خدها بحمر لطاف ... نَالَ مِنْهَا عَذَاب بيض عَذَاب) (فتشكى الْعنَّاب نور الاقاحي ... واشتكى الْورْد ناضر الْعنَّاب) // الْخَفِيف // وَقَالَ من مجزوء الْكَامِل (قَامَت وخوط البانة المياس ... فِي اثوابها) (ويهزها سَكرَان سكر شرابها وشبابها ... ) (تسْعَى بصهباوين من ... ألحاظها وشرابها) (فَكَأَن كأس مدامها ... لما ارْتَدَّت بحبابها) (توريد وجنتها إِذا ... مَا لَاحَ تَحت نقابها) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَقَالَ من الْكَامِل (لبست مصندلة الثِّيَاب فَمن رأى ... صنما تسربل قبلهَا اثوابا) (وحكت من الظبي الغرير ثَلَاثَة ... جيدا وطرفا فاترا وإهابا) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة طَوِيلَة من الطَّوِيل (إِذا برزت كَانَ العفاف حجابها ... وَإِن سفرت كَانَ الْحيَاء نقابها) (حمتنا اللَّيَالِي بعد ساكنه الْحمى ... مشارب يهوى كل ظام شرابها) (ألاحظها لحظ الطريد مَحَله ... وأذكرها ذكر الشُّيُوخ شابها) // الطَّوِيل // تذكر ايام الصِّبَا ومواطن الْهوى مَا أحسن وأظرف قَوْله من قصيدة من الْكَامِل (أسلاسل الْبَرْق الَّذِي لحظ الثرى ... وَهنا فوشح روضه بسلاسل) (أذكرتنا النشوات فِي ظلّ الصِّبَا ... والعيش فِي سنة الزَّمَان الغافل) (أَيَّام اسْتُرْ صبوتي من كاشح ... عمدا واسرق لذتي من عاذل) // الْكَامِل // وَقَوله من أُخْرَى من الوافر (تثنى الْبَرْق يذكرنِي الثنايا ... على اثناء دجلة والشعابا) (وأياما عهِدت بهَا التصابي ... وأوطانا صَحِبت بهَا الشبابا) // الوافر // وَقَوله من اخرى من الْكَامِل (مَا كَانَ ذَاك الْعَيْش إِلَّا سكرة ... رحلت لذاذتها وَحل خمارها) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الطَّوِيل (وَكم لَيْلَة شمرت للراح رائحا ... وَبت لغزلان الصريم مغازلا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 (وحليت كأسي وَالسَّمَاء بحليها ... فَمَا عطلت حَتَّى بدا الافق عاطلا) // الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة يتشوق بهَا الْموصل ونواحيها وَهُوَ بحلب من الْكَامِل (امحل صبوتنا دُعَاء مشوق ... يرتاح مِنْك إِلَى الْهوى الموموق) (هَل أطرقن الْعُمر بَين عِصَابَة ... سلكوا إِلَى اللَّذَّات كل طَرِيق) (ام هَل أرى الْقصر المنيف معمما ... برداء غيم كالرداء رَقِيق) (وقلا لي الدَّيْر الَّتِي لَوْلَا النَّوَى ... لم ارمها بقلى وَلَا بعقوق) (محمرة الجدران ينفح طيبها ... فَكَأَنَّهَا مَبْنِيَّة بخلوق) (وَمحل خاشعة الْقُلُوب تغردوا ... بِالذكر بَين فروقه وفروقي) (أغشاه بَين مُنَافِق متجمل ... ومناضل عَن كفره زنديق) (وأغن تحسب جيده إبريقه ... مَا دَامَ يسفح عِبْرَة الابريق) (يتنازعون على الرَّحِيق غرائبا ... يَحسبن زاهره كؤوس رحيق) (صدرت عَن الافكار وَهِي كَأَنَّهَا ... رقراق صادرة عَن الراووق) (دهر ترفق بِي فواقا صرفه ... وسطا عَليّ فَكَانَ غير رَفِيق) (فَمَتَى أَزور قباب مشرقة الذرى ... فأورد بَين النسْر والعيوق) (وَأرى الصوامع فِي غوارب أكمها ... مثل الهوادج فِي غوارب نُوق) // الْكَامِل // مَا نظرت الى الصوامع بقرية بِوَزْن من نيسابور إِلَّا تذكرت هَذَا الْبَيْت واستأنفت التَّعَجُّب من حسن هَذَا التَّشْبِيه وبراعته وفصاحته (حمرا تلوح خلالها بيض كَمَا ... فصلت بالكافور سمط عقيق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 (كلف تذكر قبل ناهية النهى ... ظلين ظلّ هوى وظل حديق) (فتفرقت عبراته فِي خَدّه ... إِذْ لَا مجير لَهُ من التَّفْرِيق) // الْكَامِل // حسن الْخُرُوج والتخلص فَمِنْهُ قَوْله من قصيدة فِي الْوَزير المهلبي من الْكَامِل (عصر مزجت شمائلي بشموله ... وظلاله ممزوجة بِشمَالِهِ) (حَتَّى حسبت الْورْد من أشجاره ... يجني أَو الريحان من آصاله) (وكأنني لما ارتديت ظلاله ... جَار الْوَزير المرتدي بظلاله) // الْكَامِل // وَقَالَ من اخرى من الْكَامِل (أكني عَن الْبَلَد الْبعيد بِغَيْرِهِ ... وأرد عَنهُ عنان قلب مائل) (وأود لَو فعل الحيا بسهوله ... وحزونه فعل الامير بآمل) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الْكَامِل (وركائب يخْرجن من غلس الدجى ... مثل السِّهَام مرقن مِنْهُ مروقا) (وَالْفَجْر مصقول الرِّدَاء كَأَنَّهُ ... جِلْبَاب خود اشربته خلوقا) (أغمامة بِالشَّام شمن بروقها ... أم شمن من شيم الامير بروقا) // الْكَامِل // وَمن اخرى من المتقارب (وَبكر إِذا جنبتها الْجنُوب ... حسبت العشار تؤم العشارا) (ترى الْبَرْق يبسم سرا بهَا ... إِذا انتحب الرَّعْد فِيهَا جهارا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 (إِذا مَا تنمر وسميها ... تعصفر بارقها فاستطارا) (يعارضها فِي الْهَوَاء النسيم ... فينشر فِي الارض درا صغَارًا) (فطورا يشق جُيُوب الحيا ... وطورا يسح الدُّمُوع الغزارا) (كَأَن الامير أعَار الرِّبَا ... شمائله فاشتملن المعارا) // المتقارب // ملح من الْمَدْح قَالَ من قصيدة من الْكَامِل (ظلم التليد وَلَيْسَ من أعدائه ... وحبا الحسود وَلَيْسَ من أحبابه) (فالغيث يخجل ان يلم بأرضه ... وَاللَّيْث يفرق أَن يطِيف بغابه) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الْبَسِيط (اقول للمبتغي إِدْرَاك سؤدده ... خفض عَلَيْك أَلَيْسَ النَّجْم مَطْلُوبا) (إِن تطلب السّلم تسلم من صوارمه ... أَو تُؤثر الْحَرْب ترجع عَنهُ محروبا) (كم من جبين ازار السَّيْف صفحته ... لعاد طرسا بِحَدّ السَّيْف مَكْتُوبًا) (وَكم لَهُ فِي الوغى من طعنه نظمت ... عداهُ اَوْ نثرت رمحا أنابيبا) // الْبَسِيط // وَمن اخرى من الْكَامِل (كالغيث يحيى إِن همى والسيل يردي ... إِن طما والدهر يصمي إِن رمى) (شَتَّى الْخلال يروح إِمَّا سالبا ... نعم العدى قسرا وَإِمَّا منعما) (مثل الشهَاب اصاب فجأ معشبا ... بحريقه وأضاء فجا مظلما) (أَو كالغمام الجون إِن بعث الحيا ... أَحْيَا وَإِن بعث الصَّوَاعِق ضرما) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 (أَو كالحسام إِذا تَبَسم مَتنه ... عبس الردى فِي حَده فتجهما) (كلف بدر الْحَمد يبرم سلكه ... حَتَّى ترى عقدا عَلَيْهِ منظما) (ويلم من شعث الْعلَا بشمائل ... أحلى من اللعس الممنع واللمى) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الْكَامِل (خلق سهول المكرمات سهوله ... وتوعر الايام من اوعاره) (إِن لَاحَ فَهُوَ الصُّبْح فِي انواره ... اَوْ فاح فَهُوَ الرَّوْض فِي نواره) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الوافر (لقد شرفت بسؤددك القوافي ... وفاز بمجدك الشّرف التليد) (فَيوم الْحَرْب تطربك المذاكي ... وَيَوْم السّلم يطربك النشيد) // الوافر // وَمن اخرى من المتقارب (ومقتبل السن سنّ الندى ... فَأعْطى الفتوة حق الفتاء) (بكف ترقرق مَاء الْحَيَاة ... وَوجه يرقرق مَاء الْحيَاء) // المتقارب // وَمن اخرى من الْكَامِل (أما السماح فقد تَبَسم نوره ... بعد الذبول وَعَاد نور ذباله) (أطلقت من اغلاله وشفيت من ... أعلاله وَفتحت من أقفاله) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الْكَامِل (نسب اضاء عموده فِي رفْعَة ... كالصبح فِيهِ ترفع وضياء) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 (وشمائل شهد العداة بفضلها ... وَالْفضل مَا شهِدت بِهِ الاعداء) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الْبَسِيط (يُرِيك من رقة الالفاظ مَنْطِقه ... در الْعُقُود غَدَتْ محلولة العقد) (جعلته جنَّة من كل نائبة ... ورحت من جودة فِي جنَّة الْخلد) // الْبَسِيط // الْمَدْح بالبأس وَوصف الْجَيْش وَالسِّلَاح وَالْحَرب قَالَ من قصيدة من الْبَسِيط (ناديك من مطر الاحسان مَمْطُور ... ومرتجيك بغمر الْجُود مغمور) (وَالْبيض ظلّ عَلَيْك الدَّهْر منتشر ... وَالنَّقْع جيب عَلَيْك الدَّهْر مزرور) (والشرك قد هتكت استار بيضته ... بِحَدّ سَيْفك والاسلام منشور) (كم وقْعَة لَك شبت فِي الضلال بهَا ... نَار فأشرق مِنْهَا فِي الْهدى نور) (ونهضة خر فسطاط الكفور لَهَا ... خوفًا وأذعن بالفسطاط كافور) // الْبَسِيط // وَمن اخرى من الْبَسِيط (لله سيف تمنى السَّيْف شيمته ... ودولة حسدتها فخرها الدول) (وعاشق خُيَلَاء الْخَيل مبتذل ... نفسا تصان الْمَعَالِي حِين تبتذل) (اشم تبدي الْحُصُون الشم طَاعَته ... خوفًا وَيسلم من فِيهَا ويرتحل) (تشوقه ورماح الْخط مشرعة ... نجل الْجراح بهَا لَا الاعين النجل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 (كَأَنَّهُ وهجير الروع يلفحه ... نشوان مد عَلَيْهِ ظله الاسل) (فالصافنات حشاياه وَإِن قلقت ... والسابغات وَإِن اوهت لَهُ حلل) (لما تمزقت الاغماد عَن شغل ... تمزقت عَن سنا أقمارها الكلل) (أكْرم بسيفك فِيهَا صائلا غزلا ... يفري الشؤون وَتثني غربه الْمقل) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى من الْكَامِل (ولرب يَوْم لَا تزَال جياده ... تطَأ الوشيج مخضبا ومحطما) (معقودة غرر الْجِيَاد بنقعه ... وحجولها مِمَّا تخوض من الدما) (يلقاك من وضح الْحَدِيد موضحا ... طورا وَمن رهج السنابك أدهما) (اقدمت تفترس الفوارس جرْأَة ... فِيهِ وَقد هاب الردى أَن يقدما) (وَالنَّدْب من لَقِي الاسنة سافرا ... وثنى الاعنة بالعجاج ملثما) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الوافر (وأغلب عَامه فِي السّلم يَوْم ... وَلَكِن يَوْمه فِي الْحَرْب عَام) (يهجر والرماح عَلَيْهِ ظلّ ... ويسفر والعجاج لَهُ لثام) // الوافر // وَمن اخرى من الْكَامِل (جَيش إِذا لَاقَى الْعَدو صدوره ... لم يلق للاعجاز مِنْهُ لُحُوقا) (حجبت لَهُ شمس النَّهَار وأشرقت ... شمس الْحَدِيد بجانبيه شروقا) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وَمن اخرى من الْكَامِل (كم معرك عَرك القنا ابطاله ... فسقاهم فِي النَّقْع سما ناقعا) (هبت رياحك فِي ذراه سمائما ... وغدت سماؤك تستهل فجائعا) (فَتركت من حر الْحَدِيد مصائفا ... فِيهِ وَمن فيض الدِّمَاء مرابعا) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الرمل (وَالضُّحَى أدهم بالنقع فَإِن ... ضحِكت فِيهِ الظبا كَانَ اغر) (موقف لَو لم يكن نَارا إِذن ... لم تكن رزق عواليه شرر) (ينظم الطعْن كلى أعدائه ... وعقود الْهَام فَهِيَ تنتثر) // الرمل // العتاب قَالَ من قصيدة من المتقارب (إِلَى كم أحبر فِيك المديح ... ويلقى سواي لديك الحبورا) (لهمت عرائسه أَن تصد ... وهمت كواكبه أَن تغورا) (أيسلمني بعد أَن رحت لي ... على نوب الدَّهْر جارا مجيرا) (وأسفر حظي لما راك ... بيني وَبَين اللَّيَالِي سفيرا) (سأهدي إِلَيْك نسيم العتاب ... وأضمر من حر عتب سعيرا) // المتقارب // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ من الوافر (أَبَا الهيجاء اصبحت القوافي ... تخب إِلَيْك حجا واعتمارا) (عتابا كالنسيم جرى لعتب ... يضرم فِي الحشى مني استعارا) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 وَقَالَ يُعَاتب صديقا افشى لَهُ سرا من الطَّوِيل (رَأَيْتُك تبري للصديق نوافذا ... عَدوك من امثالها الدَّهْر امن) (وَتكشف اسرار الاخلاء مازحا ... وَيَا رب مزح رَاح وَهُوَ ضغائن) (ساحفظ مَا بيني وَبَيْنك صائنا ... عهودك إِن الْحر للْعهد صائن) (والقاك بالبشر الْجَمِيل مداهنا ... فلي مِنْك خل مَا عرفت مداهن) (أنم بِمَا استودعته من زجاجة ... ترى الشَّيْء فِيهَا ظَاهرا وَهُوَ بَاطِن) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك من الوافر (ثنتني عَنْك فاستشعرت هجرا ... خلال فِيك لست لَهَا براض) (وانك كلما اسْتوْدعت سرا ... أنم من النسيم على الرياض) // الوافر // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك من الْبَسِيط (لسَانك السَّيْف لَا يخفى لَهُ اثر ... وانت كالصل لَا تبقي وَلَا تذر) (سري لديك كأسرار الزجاجة لَا ... يخفى على الْعين مِنْهَا الصفو والكدر) (فاحذر من الشّعْر كسرا لَا انجبار لَهُ ... فللزجاجة كسر لَيْسَ ينجبر) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك من الْبَسِيط (اروم مِنْك ثمارا لست أجنيها ... وأرتجي الْحَال قد حلت أواخيها) (استودع الله خلا مِنْك أوسعه ... ودا ويوسعني غشا وتمويها) (كَأَن سري فِي أحشائه لَهب ... فَمَا تطِيق لَهُ طيا حواشيها) (قد كَانَ صدرك للأسرار جندلة ... ضنينة بِالَّذِي تخفي نَوَاحِيهَا) (فَصَارَ من بعد مَا اسْتوْدعت جَوْهَرَة ... رقيقَة تستشف الْعين مَا فِيهَا) // الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة من الْكَامِل (لَا تأنفن من العتاب وقرصه ... فالمسك يسحق كي يزِيد فضائلا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 (مَا أحرق الْعود الَّذِي اشممته ... خطأ وَلَا غم البنفسج بَاطِلا) // الْكَامِل // هَذَا مِمَّا أخرج لَهُ فِي الرّبيع واثاره وأنواره وأزهاره فَمِنْهُ قَوْله من قصيدة من الْبَسِيط (أما ترى الجو يجلي فِي ممسكة ... والارض تختال فِي ابرادها القشب) (إِذا ألح حسام الْبَرْق مؤتلقا ... فِي الومض جد خطيب الرَّعْد فِي الْخطب) (وَالرِّيح وسنى خلال الرَّوْض وانية ... فَمَا يراع لَهَا مستيقظ الترب) // الْبَسِيط // وَقَالَ من اخرى من الرمل (شاقني مستشرف الدَّيْر وَقد ... رَاح صوب المزن فِيهِ وَبكر) (أهواء رق فِي أرجائه ... أم هوى راق فَمَا فِيهِ كدر) (أم خدود سفرت عَن وردهَا ... أم ربيع عَن جنى الْورْد سفر) (مجْلِس ينْصَرف الشّرْب وَمَا ... طويت من بَسطه تِلْكَ الحبر) (وَكَأن الشَّمْس فِيهِ نثرت ... وَرقا مَا بَين أوراق الشّجر) (بَين غدر تقع الطير بهَا ... فتراهن رياضا فِي غدر) (ونسيم وَكره الرَّوْض فَإِن ... طَار فِي الصُّبْح ارتديناه عطر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 (وثرى يشْهد بالطيب لَهُ ... عبق خَالف اطراف الارز) (وغيوم نشرت اعلامها ... فلهَا ظلّ علينا منتشر) // الرمل // وَمن اخرى من الْكَامِل (وَحَدَائِق يسبيك وشي برودها ... حَتَّى تشبهها سبائب عبقر) (يجْرِي النسيم خلالها وكأنما ... غمست فضول رِدَائه فِي العنبر) (باتت قُلُوب الْمحل تخفق بَينهَا ... بخفوق رايات السَّحَاب الممطر) (من كل نائي الحجرتين مولع ... بالبرق داني الظلتين مشهر) (تحدي بألسنة الرعود عشاره ... فيسير بَين مغرد ومزمجر) (طارت عقيقة برقه فَكَأَنَّمَا ... صدعت مُمْسك غيمه بمعصفر) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي روض وغدير فِيهِ طير المَاء من أرجوزة من الرجز (وضاحك الرَّوْض محلى الْمنزل ... سبط هبوب الرّيح جعد المنهل) (موشح بِالنورِ أَو مكلل ... مفروجة حلته عَن جدول) (اقبل قد غص بِمد مقبل ... وَالطير ينْقض عَلَيْهِ من عل) (تساقط الوشي على المصندل ... ) // الرجز // وَقَالَ فِي الْورْد من السَّرِيع (لَو رَحبَتْ كأس بِذِي زورة ... لرحبت بالورد إِذْ زارها) (جَاءَ فخلناه خدودا بَدَت ... مضرمة من خجل نارها) (وعطر الدُّنْيَا فطابه بِهِ ... لَا عدمت دُنْيَاهُ عطارها) // السَّرِيع // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 وَقَالَ فِي وصف الرَّوْض وقوس قزَح من مجزوء الرجز (إِن عَن لَهو أَو سنح ... فاغد إِلَى الراح ورح) (رضيت أَن أحظى بعز ... الكأس والحظ منح) (وَصَاحب يقْدَح لي ... نَار السرُور بالقدح) (فِي رَوْضَة قد لبست ... من لُؤْلُؤ الطل سبح) (يألفني حمامها ... مغتبقا ومصطبح) (أوقظه بالعزف أَو ... يوقظني إِذا صدح) (والجو فِي مُمْسك ... طرازه قَوس قزَح) (يبكي بِلَا حزن كَمَا ... يضْحك من غير فَرح) // مجزوء الرجز // وَقَالَ من المتقارب (هفا طَربا فِي أَوَان الطَّرب ... فأنخب أقداحه كالنخب) (وغنى ارتياحا الى عَارض ... يُغني وعبرته تنسكب) (غيوم تمسك افق السَّمَاء ... وبرق يَكْتُبهُ بِالذَّهَب) (وخضراء ينثر فِيهَا الندى ... فريد ندى مَا لَهُ من ثقب) (فأنوارها مثل نظم الحلى ... وأنهارها مثل بيض القضب) (حللت بهَا مَعَ ندامى سلوا ... عَن الْجد واشتهروا باللعب) (واغنتهم عَن بديع السماع ... بَدَائِع مَا ضمنته الْكتب) (وَأحسن شَيْء ربيع الحيا ... أضيف اليه ربيع الادب) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 وَقَالَ فِي وصف الْبرد من الْكَامِل (يَوْم خلعت بِهِ عِذَارَيْ ... فعريت من حلل الْوَقار) (وضحكت فِيهِ إِلَى الصِّبَا ... والشيب يضْحك فِي عِذَارَيْ) (متلون يُبْدِي لنا ... طرفا بأطراف النَّهَار) (فهواؤه سكب الرِّدَاء ... وغيمه جافى الْإِزَار) (يبكي فيجمد دمعه ... والبرق يكحله بِنَار) // الْكَامِل // الشَّرَاب وَمَا يتَّصل بِهِ قَالَ يصف بَاقِي زجاجة الكأس من اعلاها إِذا كَانَت نَاقِصَة من الشَّرَاب من الطَّوِيل (أعاذل إِن النائبات بِمَرْصَد ... وَإِن سرُور الْمَرْء غير مخلد) (إِذا مَا مضى يَوْم من الْعَيْش صَالح ... فَصله بِيَوْم صَالح الْعَيْش من غَد) (وحالية من حسنها وجمالها ... وَإِن برزت عطل الشوى والمقلد) (تعاطيك كأسا غير ملأى كَأَنَّمَا ... فواقعها أحداق درع مزرد) (كَأَن أعاليها بَيَاض سوالف ... يلوح على توريد جيب مورد) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك من الطَّوِيل (وصفراء من مَاء الكروم شربتها ... على وَجه صفراء الغلائل غضة) (تبدت وَفضل الكأس يلمع فَوْقهَا ... كأترجة زينت بإكليل فضَّة) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 وَقَالَ فِي مثل ذَلِك من المتقارب (دَعَانَا الى اللَّهْو دَاعِي السرُور ... فبتنا نبوح بِمَا فِي الصُّدُور) (وطافت علينا بشمس الدنان ... فِي غسق اللَّيْل شمس الْخُدُور) (كَأَن الكؤوس وَقد كللت ... بفضلاتهن أكاليل نور) (جُيُوب من الوشي مزرورة ... يلوح عَلَيْهَا بَيَاض النحور) // المتقارب // وَقَالَ من المنسرح (وفتية دارت السُّعُود لَهُم ... فدار للراح بَينهم فلك) (بتنا وضوء الكؤوس يهتك بالإشراق ... ستر الدجى فينتهك) (ترى الثريا والبدر فِي قرن ... كَمَا يحيا بنرجس ملك) // المنسرح // وَقَالَ وَقد شرب لَيْلَة فِي زورق من الطَّوِيل (ومعتدل يسْعَى إِلَيّ بكأسه ... وَقد كَاد ضوء الصُّبْح بِاللَّيْلِ يفتك) (وَقد حجب الْغَيْم السَّمَاء كَأَنَّمَا ... يزر عَلَيْهَا مِنْهُ ثوب مُمْسك) (ظللنا نبث الوجد والكأس دائر ... ونهتك استار الْهوى فتهتك) (ومجلسنا فِي المَاء يهوي ويرتقي ... وإبريقنا فِي الكأس يبكي ويضحك) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة من المتقارب (وسَاق يُقَابل إبريقه ... كَمَا قَابل الظبي ظَبْيًا ربيبا) (يطوف علينا بشمسية ... نروع بهَا الشَّمْس حَتَّى تغيبا) // المتقارب // وَقَالَ من اخرى من المتقارب (وملان من عبرات الكروم ... كَأَن على فَمه عصفرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 (إِذا قربته أكف السقاة ... من الكأس قهقه واستعبرا) (تروحه عذبات الْفِدَام ... بريا النسيم إِذا مَا جرى) (وريم إِذا رام حث الكؤوس ... قطب للتيه واستكبرا) (وجرد من طرفه خنجرا ... وَمن نون طرته خنجرا) (ترى ورد وجنته احمرا ... وَرَيْحَان شَاربه أخضرا) // المتقارب // وَقَالَ من مجزوء الرجز (اشرب فقد شرد ضوء ... الصُّبْح عَنَّا الظلما) (وانبسط النُّور على ... وَجه الثرى فابتسما) (كَأَنَّمَا اطلع مَاء ... المزن فِيهِ أنجما) (وَصوب الإبريق فِي الكأس ... مداما عِنْدَمَا) (كَأَنَّهُ إِذْ مجها ... مقهقه يبكي دَمًا) // مجزوء الرجز // وَقَالَ يذكر لَيْلَة سكر فِيهَا بقطربل ويصف الشمع من المتقارب (كستك الشبيبة ريعانها ... وأهدت لَك الراح ريحانها) (فدم للنديم على عَهده ... وغاد المدام وندمانها) (فقد خلع الافق ثوب الدجى ... كَمَا نضت الْبيض أجفانها) (وسَاق يواجهني وَجهه ... فتجعله الْعين بستانها) (يتوج بالكأس كف النديم ... إِذا نظم المَاء تيجانها) (فطورا يوشح ياقوتها ... وطورا يرصع عقيانها) (رميت بأفراسها حلبة ... من اللَّهْو ترهج ميدانها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 (وديرا شغفت بغزلانه ... فكدت اقبل صلبانها) (فَلَمَّا دجى اللَّيْل فرجته ... بِروح تحيف جثمانها) (بشمع اعير قدود الرماح ... وسرج ذراها وألوانها) (غصون من التبر قد أزهرت ... لهيبا يزين أفنانها) (فيا حسن ارواحها فِي الدجى ... وَقد أكلت فِيهِ ابدانها) (سكرت بقطربل لَيْلَة ... لهوت فغازلت غزلانها) (وَأي ليَالِي الْهوى أَحْسَنت ... إِلَيّ فأنكرت إحسانها) // المتقارب // وَقَالَ من الْبَسِيط (قُم فانتصف من صروف الدَّهْر والنوب ... واجمع بكأسك شَمل اللَّهْو والطرب) (أما ترى الصُّبْح قد قَامَت عساكره ... فِي الشرق ينشر أعلاما من الذَّهَب) (والجو يختال فِي حجب ممسكة ... كَأَنَّمَا الْبَرْق فِيهَا قلب ذِي رعب) (وجانبتك صروف الدَّهْر فَانْصَرَفت ... وقابلتك سعود الْعَيْش عَن كثب) (فاخلع عذارك واشرب قهوة مزجت ... بِقُوَّة الفلج المعشوق والشنب) (فالعيش فِي ظلّ ايام الصِّبَا فَإِذا ... ودعت طيب الشَّبَاب الغض لم يطب) (جريت فِي حلبة الاهواء مُجْتَهدا ... وَكَيف اقصر والايام فِي طلبي) (توج بكأسك قبل الحادثات يَدي ... فالكأس تَاج يَد المثري من الادب) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الْبَسِيط (خُذُوا من الْعَيْش فالايام فانية ... والدهر منصرف والعيش منقرض) (فِي حَامِل الكأس من بدر الدجى خلف ... وَفِي المدامة من شمس الضُّحَى عوض) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 (كَأَن نجم الثريا كف ذِي كرم ... مبسوطة بالعطايا لَيْسَ تنقبض) (دارت علينا كؤوس الراح مترعة ... وللدجى عَارض فِي الجو معترض) (حَتَّى رَأَيْت نُجُوم اللَّيْل غائرة ... كأنهن عُيُون حشوها مرض) // الْبَسِيط // وَقَالَ يصف ظلّ كرم من الطَّوِيل (ادرها ففقد اللوم إِحْدَى الْغَنَائِم ... وَلَا تخشى إِثْمًا لست فِيهَا بآثم) (وَلَا عَيْش إِلَّا فِي اعتصام بقهوة ... يروح الْفَتى مِنْهَا خضيب المعاصم) (وَلَا ظلّ إِلَّا ظلّ كرم معرش ... يُغْنِيك فِي قطريه ورق الحمائم) (سَمَاء غصون تحجب الشَّمْس أَن ترى ... على الارض إِلَّا مثل نثر الدَّرَاهِم) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الْبَسِيط (الْيَوْم يعذب ورد فِيهِ تكدير ... ويستفيد من الهجران مهجور) (حث الكؤوس فَذا يَوْم بِهِ قصر ... وَمَا بِهِ عَن تَمام الْحسن تَقْصِير) (صحو وغيم يروق الْعين حسنهما ... فالصحو فيروزج والغيم سمور) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الطَّوِيل (وَبكر شربناها على الْورْد بكرَة ... فَكَانَت لنا وردا إِلَى ضحوة الْغَد) (إِذا قَامَ مبيض اللبَاس يديرها ... توهمته يسْعَى بكم مورد) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 استهداء الشَّرَاب كتب الى ابي الْحسن الشمشاطي من المتقارب (ابا حسن إِن وَجه الرّبيع ... جميل يزان بِحسن الْعقار) (فَإِن الرّبيع نَهَار السرُور ... والراح شمس لذاك النَّهَار) (وَإنَّك مشرقها إِن اردت ... وَإِن لم ترد غربت فِي استتار) (فأجر إِلَيّ بحار الْعقار ... فَمن فيض كفيك فيض الْبحار) (وَقد عبأ الْهم لي جَيْشه ... وَلَيْسَ لَهُ غير جَيش الْخمار) // المتقارب // وَكتب فِي يَوْم فصده إِلَى ابي اسحاق الصابي من مجزوء الوافر (ابا اسحق يَا جبلي ... الوذ بِهِ ومعتصمي) (وَيَا سَيفي اصول بِهِ ... وَيَا حلي وَيَا حرمي) (ارقت دمي وأعوزني ... سليل الْكَرم وَالْكَرم) (وَبَين يَدي مخجلة ... سَواد القار وَالظُّلم) (ترى اللهوات تحجبها ... إِذا وَقعت حِيَال فمي) (وَلست اسيغها إِلَّا ... كلون الْورْد والعنم) (فَشَيْئًا من دم العنقود ... أجعله مَكَان دمي) // مجزوء الوافر // وَكتب إِلَى ابي الهيجاء الحمداني من الطَّوِيل (تجنبني حسن المدام وطيبها ... فقد ظمئت نَفسِي وَطَالَ شحوبها) (وَعِنْدِي ظروف لَو تظرف دهرها ... لما بَات مغرى بالكآبة كوبها) (وشعث دنان خاويات كَأَنَّهَا ... صُدُور رجال فارقتها قلوبها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 (فسقياك لَا سقيا السَّحَاب فَإِنَّمَا ... بِي الْعلَّة الْكُبْرَى وَأَنت طبيبها) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَى صديق لَهُ من الْبَسِيط (ابا الْحُسَيْن دعت نَفسِي أمانيها ... إِلَى يَد مِنْك مشكور أياديها) (تصرم الصَّوْم عَنَّا بعد مَا ظمئت ... لَهُ النُّفُوس وفقد الراح يظميها) (فجد بعذراء مثل الشَّمْس تعذرها ... إِن أظهرت صلفا لِلْحسنِ أوتيها) (وَاعْلَم بِأَن ظروف الراح إِن كَبرت ... عِنْد الْهَدِيَّة ابدت ظرف مهديها) // الْبَسِيط // وَكتب إِلَى صديق لَهُ فِي وَقت كثير الثَّلج شَدِيد الْبرد من ابيات من الطَّوِيل (طرقتك ممتاحا وَلَيْسَ لطارق ... يرومك من وَقع الضريب طَرِيق) (جنوب تحث المزن حثا وشمأل ... تعبس مِنْهُ الْوَجْه وَهُوَ طليق) (وضوء حريق البس الارض ثَوْبه ... يخَاف على الاقدام مِنْهُ حريق) (تثير الصِّبَا فِي الجو مِنْهُ عجاجة ... كَمَا انْتَشَر الكافور وَهُوَ سحيق) (وَمَا انفل حد القر وَلَا بقهوة ... ترقرق فِي كاساتها فتروق) (إِذا لبست أثوابها فعقيقة ... وَإِن نشرت أنفاسها فخلوق) (تَدور علينا كأسها فِي غلائل ... رقاق ترد الْعَيْش وَهُوَ رَقِيق) (فألبس مِنْهَا جُبَّة حِين أنتشي ... وأخلعها بالكره حِين افيق) (وَإِنِّي خليق من نداك بِمِثْلِهَا ... وَأَنت بِمَا أملت مِنْك خليق) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 هَذَا مَا أخرج لَهُ فِي الاستزارة وَوصف آلاتها قَالَ يَدْعُو صديقا لَهُ ويصف غرفَة لَهُ بالموصل مشرفة على الربض الاسفل وَالنّهر ويصف مَا عِنْده من قدر وكانون ونار وشراب من المتقارب (لنا غرفَة حسنت منْظرًا ... وَطَابَتْ لساكنها مخبرا) (ترى الْعين من تحتهَا رَوْضَة ... وَمن فَوْقهَا عارضا ممطرا) (وينساب قدامها جدول ... كَمَا ذعر الايم أَو نَفرا) (وَرَاح كَأَن نسيم الصِّبَا ... يحمل من نشرها العنبرا) (وَعِنْدِي علق قَلِيل المكاس ... وندمان صدق قَلِيل المرا) (ودهماء تهد هدر الفنيق ... إِذا مَا امتطت لهبا مسعرا) (تجيش بأوصال وحشية ... رعت زهرات الرِّبَا أشهرا) (كَأَن على النَّار زنجية ... تفرج ثوبا لَهَا اصفرا) (وَذُو ارْبَعْ لَا يُطيق النهوض ... وَلَا يألف السّير فِيمَن سرى) (نحمله سبجا أسودا ... فَيَجْعَلهُ ذَهَبا أحمرا) (وَقد بكر العَبْد من عندنَا ... يزف لَك الطّرف والممطرا) (فشمر إِلَى رَوْضَة تَرْتَضِي ... فَإِن أَخا الْجد من شمرا) // المتقارب // وَقَوله من المنسرح (لم ألق رَيْحَانَة وَلَا رَاحا ... إِلَّا ثنتني إِلَيْك مرتاحا) (وَعِنْدنَا ظَبْيَة مهفهفة ... ترأم ريما يحن صداحا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 (تفْسد قلبِي إِن اصلحته وَلَا ... أرى لما افسدته إصلاحا) (وفتية إِن تَذَاكَرُوا ذكرُوا ... من الْكَلَام الْمليح ارواحا) (وَقد أَضَاءَت نُجُوم مَجْلِسنَا ... حَتَّى اكتسى غرَّة وأوضاحا) (إِن جمدت راحنا غَدَتْ ذَهَبا ... أَو ذاب تفاحنا غَدا رَاحا) (عِصَابَة إِن شهِدت مجلسهم ... كنت شهابا لَهُ ومصباحا) (أغلق بَاب السرُور دونهم ... فَكُن لباب السرُور مفتاحا) // المنسرح // وَقَالَ يصف كانون نَار وَيَدْعُو صديقا من المنسرح (يَوْم رذاذ مُمْسك الْحجب ... يضْحك فِيهِ السرُور عَن كثب) (ومجلس أسبلت ستائره ... على شموس الْبَهَاء والحسب) (وَقد جرت خيل راحنا خببا ... فِي جريها أَو هممن بالخبب) (والتهبت نازنا فمنظرها ... يُغْنِيك عَن كل منظر عجب) (إِذا ارتمت بالشرار واطردت ... على ذراها مطارد اللهب) (رَأَيْت ياقوتة مشبكة ... تطير عَنْهَا قراضة الذَّهَب) (فصر إِلَى الْمجْلس الَّذِي ابتسمت ... فِيهِ رياض الْجمال والادب) // المنسرح // وَقَالَ من الْكَامِل (نَفسِي فداؤك كَيفَ تصبر طَائِعا ... عَن فتية مثل البدور صباح) (حنت نُفُوسهم إِلَيْك فأعلنوا ... نفسا بغل مسالك الارواح) (وغدوا لراحهم وذكرك بَينهم ... أذكى وَأطيب من نسيم الراح) (فَإِذا جرت خببا على ايديهم ... جَعَلُوهُ ريحانا على الاقداح) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 وَقَالَ من الطَّوِيل (لنا رَوْضَة فِي الدَّار صِيغ لزهرها ... قلائد من حمل الندى وشنوف) (يطوف بِنَا مِنْهَا إِذا مَا تبسمت ... نسيم كعقل الخالدي ضَعِيف) (وندمان صدق نثره ونظامه ... ربيع إِذا قارضته وخريف) (وَقد رق ثوب الْغَيْم حَتَّى كَأَنَّمَا ... تنشر دون الافق مِنْهُ شفوف) (فزر مَجْلِسا قد شرف الله أَهله ... وفضلهم إِن الاديب شرِيف) (وَلَا تعد افعال الظريف فَإِنَّهُ ... زمَان رَقِيق الحلبتين ظريف) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الوافر (هَوَاء كالهوى حسنا وظرفا ... وخيش لَيْسَ يتْرك أَن يجفا) (وفتيان كرام باكروه ... وَنجم صباحهم يَبْدُو وَيخْفى) (فَإِن بادرتهم جعلوك بَدْرًا ... وَإِن خالفتهم جعلوك خلفا) // الوافر // اوصاف شَتَّى قَالَ فِي وصف الْهلَال من الوافر (أَلا عدلي بباطية وكاس ... ورع همي بإبريق وطاس) (وذاكرني بِشعر ابي فراس ... على روض كشعر ابي نواس) (وغيم مرهفات الْبَرْق فِيهِ ... عوار والرياض بِهِ كواسي) (وَقد سلت جيوش الْفطر فِيهِ ... على شهر الصّيام سيوف باس) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 (ولاح لنا الْهلَال كشطر طوق ... على لبات زرقاء اللبَاس) // الوافر // وَقَالَ من المنسرح (جَاءَك شهر السرُور شَوَّال ... وغال شهر الصّيام مغتال) (أما رَأَيْت الْهلَال يرمقه ... قوم لَهُم إِن رَأَوْهُ إهلال) (كَأَنَّهُ قيد فضَّة حرج ... فض عَن الصائمين فاختالوا) // المنسرح // قَالَ فِي وصف الريحان من الْكَامِل (وبساط ريحَان كَمَاء زبرجد ... عبثت بصفحته الْجنُوب فأرعدا) (يشتاقه الشّرْب الْكِرَام فَكلما ... مرض النسيم سعوا إِلَيْهِ عودا) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف طبل العزف من الْكَامِل (ومقيد الطَّرفَيْنِ يطرب عِنْد تضييق الْقُيُود ... ) (وَلَقَد يلطم خَدّه فِي حَال ترفيه الخدود ... ) (وكأنما زأراته ... يَحسبن زأرات الاسود) (انْظُر إِلَيْهِ مَعَ المدام ... ترى بروقا مَعَ رعود) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف البراغيث من الرجز (وَلَيْلَة من نقمات الدَّهْر ... قطعتها نزر الْكرَى وَالصَّبْر) (مُكَلم الظّهْر جريح الصَّدْر ... مقسمًا بَين أعَاد خزر) (كمت إِذا عاينتها وشقر ... كَأَنَّهَا آثارها فِي الارز) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 وصف المروحة من الطَّوِيل (ومبثوثة فِي كل شَرق ومغرب ... لَهَا امهات بالعراق قواطن) (يُحَرك انفاس الرِّيَاح حراكها ... كَأَن نسيم الرّيح فِيهِنَّ كامن) // الطَّوِيل // وصف منثور من الْكَامِل (وَمُجَرَّد كالسيف أسلم نَفسه ... لمُجَرّد يكسوه مَا لَا ينسج) (ثوب تمزقه الانامل رقة ... ويصيبه المَاء القراح فيبهج) (فَكَأَنَّهُ لما اسْتَوَى فِي خصره ... نِصْفَانِ ذَا عاج وَذَا فيروزج) // الْكَامِل // وصف الديك من الْكَامِل (كشف الصَّباح قناعه فتألقا ... وسطا على اللَّيْل البهيم فأطرقا) (وَعلا فلاح على الْجِدَار موشحا ... بالوشي توج بالعقيق وطوقا) (مرخ فضول التَّاج فِي لباته ... ومشمر وشيا عَلَيْهِ منمقا) // الْكَامِل // وصف كلاب الصَّيْد من الطَّوِيل (غَدَوْت بهَا مَجْنُونَة فِي اغتدائها ... تلاقي الوحوش الْحِين عِنْد لقائها) (لَهُنَّ شيات كالزوامج اصبحت ... مولعة ظلماؤها بضيائها) (وايد إِذا سلت صوالج فضَّة ... على الْوَحْش يَوْمًا ذهبت بدمائها) // الطَّوِيل // وَفِي مثله من الطَّوِيل (إِذا مَا دَعونَا لاحقا ومعانقا ... وَقيد لدينا واثب ومخالس) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 (فَذَلِك يَوْم جَانب السعد سربه ... وقوبل بالنحس الظباء الكوانس) (كَأَن جُلُود الْوَحْش بَين كلابها ... وَقد دميت اجيادها والمعاطس) (مصندلة القمصان شقَّتْ جيوبها ... ورقرق فِيهِنَّ العبير العرائس) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي وصف قدر من مخلع الْبَسِيط (سَوْدَاء لم تنتسب لحام ... وَلم ترم ساحة الْكِرَام) (كَأَنَّمَا تحتهَا ثلاق ... مقترنات من الْحمام) (يلْعَب فِي جسمها لهيب ... لعب سنا الْبَرْق فِي الظلام) (لَهَا كَلَام إِذا تناهت ... غير فصيح من الْكَلَام) (وَهِي وَإِن لم تذق طَعَاما ... مَمْلُوءَة الْجِسْم من طَعَام) (لم يخل من رفدها نديمي ... يَوْم خمار وَلَا مدام) (ولى إِذا الضَّيْف عَاد اخرى ... مصرع حولهَا سوامي) (عَظِيمَة إِن غلت أذابت ... بغليها لابس الْعِظَام) (كَأَنَّمَا الْجِنّ ركبتها ... على ثَلَاث من الاكام) (لَهَا دُخان تضل فِيهِ ... عجاجة الجحفل اللهام) (كَأَنَّمَا النَّار البستها ... معصفرات من الضرام) (وَلم يزل مالنا مُبَاحا ... من غير ذل وَلَا اهتضام) (نَأْخُذ للقوت مِنْهُ سَهْما ... وللندى سَائِر السِّهَام) // مخلع الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 وصف حمل مشوى من الرجز (أنعته معصفر البردين ... أَبيض صافي حمرَة الجنبين) (خلف شَهْرَيْن على الخلفين ... ثمَّ رعى بعدهمَا شَهْرَيْن) (فجسمه شبران فِي شبرين ... يَا حسنه وَهُوَ صريع الْحِين) (بَين ذراعين مفصلين ... كسارق حد من الْيَدَيْنِ) (وطرف يستوقف الطَّرفَيْنِ ... كَمثل مرْآة من اللجين) (مذهبَة المقبض والوجهين ... تعرفه مرهفة الحدين) (بكف طاه عطر الْكَفَّيْنِ ... شقّ حشاه عَن شقيقتين) (أُخْتَيْنِ فِي الْقد شبيهتين ... كَمَا قرنت بَين كمأتين) (أَو كرتي مسك لطيفتين ... ) // الرجز // وَقَالَ يصف جَام فالوذج ويعبث بِأبي بكر الخالدي وَيُشِير إِلَى انه يمِيل إِلَى البرطيل من الطَّوِيل (إِذا شِئْت أَن تجتاح حَقًا بباطل ... وتغرق خصما كَانَ غير غريق) (فسائل ابا بكر تَجِد مِنْهُ سالكا ... إِلَى ظلمات الظُّلم كل طَرِيق) (ولاطفه بالشهد المخلق وَجهه ... وَإِن كَانَ بالالطاف غير حقيق) (بأحمر مبيض الزّجاج كَأَنَّهُ ... رِدَاء عروس مشرب بخلوق) (لَهُ فِي الحشا برد الْوِصَال وطيبه ... وَإِن كَانَ يلقاه بلون حريق) (كَأَن بَيَاض اللوز فِي جنباته ... كواكب لاحت فِي سَمَاء عقيق) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 وصف الفقاع من المنسرح (لست بناف خمار مخمور ... إِلَّا بصافي الشَّرَاب مقرور) (يطير عَن رَأسه الفقاع إِذا ... نفست عَنهُ خناق مزرور) (رام بِسَهْم كَأَنَّهُ خصر ... وَطيب نشر نسيم كافور) (يمِيل اعلاه وَهُوَ منتصب ... كَأَنَّهُ صولجان بلور) // المنسرح // وصف طَبِيب بارع من السَّرِيع (برز ابراهيم فِي علمه ... فراح يدعى وَارِث الْعلم) (اوضح نهج الطِّبّ فِي معشر ... مَا زَالَ فيهم دارس الرَّسْم) (كَأَنَّهُ من لطف أفكاره ... يجول بَين الدَّم وَاللَّحم) (إِن غضِبت روح على جسمها ... أصلح بَين الرّوح والجسم) // السَّرِيع // وَفِي مثل ذَلِك من الْكَامِل (هَل للعليل سوى ابْن قُرَّة شافي ... بعد الاله وَهل لَهُ من كَافِي) (احيا لنا رسم الفلاسفة الَّذِي ... أودى وأوضح رسم طب عافي) (فَكَأَنَّهُ عِيسَى ابْن مَرْيَم ناطقا ... يهب الْحَيَاة بأيسر الاوصاف) (مثلت لَهُ قارورتي فَرَأى بهَا ... مَا اكتن بَين جوانحي وشغافي) (يَبْدُو لَهُ الدَّاء الْخَفي كَمَا بدا ... للعين رَضْرَاض الغدير الصافي) // الْكَامِل // وصف مزين حاذق من المتقارب (هَل الحذق إِلَّا لعبد الْكَرِيم ... حوى فَضله حَادِثا عَن قديم) (إِذا لمع الْبَرْق فِي كَفه ... أَفَاضَ على الرَّأْس مَاء النَّعيم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 (جهول الحسام وَلكنه ... يروح وَيَغْدُو بكفي حَلِيم) (لَهُ رَاحَة سَيرهَا رَاحَة ... تمر على الرَّأْس مر النسيم) (نعمنا بخدمته مذ نشا ... فَنحْن بِهِ فِي نعيم مُقيم) // المتقارب // 107 - أَبُو بكر مُحَمَّد وَأَبُو عُثْمَان سعيد ابْنا هَاشم الخالديان إِن هَذَانِ لساحران يغربان بِمَا يجلبان ويبدعان فِيمَا يصنعان وَكَانَ مَا يجمعهما من أخوة الادب مثل مَا ينظمهما من أخوة النّسَب فهما فِي الْمُوَافقَة والمساعدة يحييان بِروح وَاحِدَة ويشتركان فِي قرض الشّعْر وينفردان وَلَا يكادان فِي الْحَضَر وَالسّفر يفترقان وَكَانَا فِي التَّسَاوِي والتشابك والتشاكل والتشارك كَمَا قَالَ ابو تَمام فِي المتقارب (رضيعي لبان شَرِيكي عنان ... عتيقي رهان حليفي صفاء) // المتقارب // بل كَمَا قَالَ البحتري من الْكَامِل (كالفرقدين إِذا تَأمل نَاظر ... لم يعل مَوضِع فرقد عَن فرقد) // الْكَامِل // بل كَمَا قَالَ ابو إِسْحَاق الصابي فيهمَا من الطَّوِيل (أرى الشاعريين الخالديين سيرا ... قصائد يفني الدَّهْر وَهِي تخلد) (جَوَاهِر من أبكار لفظ وعونه ... يقصر عَنْهَا راجز ومقصد) (تنَازع قوم فيهمَا وتناقضوا ... وَمر جِدَال بَينهم يتَرَدَّد) (فطائفة قَالَت سعيد مقدم ... وَطَائِفَة قَالَت لَهُم بل مُحَمَّد) (وصاروا إِلَى حكمي فأصلحت بَينهم ... وَمَا قلت إِلَّا بِالَّتِي هِيَ ارشد) (هما فِي اجْتِمَاع الْفضل زوج مؤلف ... ومعناهما من حَيْثُ يثبت مُفْرد) (كَذَا فرقدا الظلماء لما تشاكلا ... علا أشكلا هَل ذَاك أم ذَاك أمجد) الحديث: 107 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 (فزوجهما مَا مثله فِي اتفاقه ... وفردهما بَين الْكَوَاكِب أوحد) (فَقَامُوا على صلح وَقَالَ جَمِيعهم ... رَضِينَا وساوى فرقد الارض فرقد) // الطَّوِيل // وَمَا أعدل هَذِه الْحُكُومَة من ابي اسحاق فَمَا مِنْهُمَا إِلَّا محسن ينظم فِي سلك الابداع مَا فاق وراق ويكاثر بمحاسنه وبدائعه الافراد من شعراء الشَّام وَالْعراق وَقد ذكرت مَا شجر بَينهمَا وَبَين السّري فِي شَأْن المصالتة والمسارقة وَمَا اقدم عَلَيْهِ السّري من دس أحسن اشعارهما فِي شعر كشاجم وَكَانَ افاضل الشَّام وَالْعراق إِذْ ذَاك فرْقَتَيْن إِحْدَاهمَا وَهِي فِي شقّ الرجحان تتعصب عَلَيْهِ لَهما لفضل مَا رزقاه من قُلُوب الْمُلُوك والاكابر والاخرى تتعصب لَهُ عَلَيْهِمَا وَقد بدأت بملح شعر ابي بكر لِأَنَّهُ اكبر الْأَخَوَيْنِ هَذِه نبذ مِمَّا اتّفق لَهُ فِيهِ التوارد مَعَ السّري أَو التسارق قَالَ ابو بكر من مجزوء الرمل (قَامَ مثل الْغُصْن المياد فِي غض الشَّبَاب ... ) (يمزج الْخمر لنا بالصفو من مَاء الشَّرَاب ... ) (فَكَأَن الكأس لما ... ضحِكت تَحت الْحباب) (وجنة حَمْرَاء لاحت ... لَك من تَحت النقاب) // مجزوء الرمل // وَقَالَ السّري من الْكَامِل (وَكَأن كأس مدامها ... لما ارْتَدَّت بحبابها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 (توريد وجنتها إِذا ... مَا لَاحَ تَحت نقابها) // الْكَامِل // وَقَالَ ابو بكر من الطَّوِيل (أَلا فاسقني وَاللَّيْل قد غَابَ نوره ... لغيبة بدر فِي الْغَمَام غريق) (وَقد فَضَح الظلماء برق كَأَنَّهُ ... فؤاد مشوق مولع بخفوق) // الطَّوِيل // وَإِنَّمَا سَرقه من قَول ابْن المعتز من الطَّوِيل (أمنك سرى يَا سر طيف كَأَنَّهُ ... فؤاد مشوق مولع بخفوق) // الطَّوِيل // رَجَعَ (مداما كَأَن الْكَفّ من طيب نشرها ... وصفرتها قد خلقت بخلوق) (نعاينها نورا جلاه تجسد ... ونشربها نَارا بِغَيْر حريق) (كَأَن حباب الكأس فِي جنباتها ... كواكب در فِي سَمَاء عقيق) // الطَّوِيل // وَقد مر للسري فِي وصف الفالوذج وَقَالَ ابو بكر من المنسرح (مطرب الصُّبْح هيج الطربا ... لما قضى اللَّيْل نحبه انتحبا) (مغرد تَابع الصَّباح فَمَا ... نَدْرِي رضَا كَانَ ذَاك أم غَضبا) (مَا تنكر الطير انه ملك ... لَهَا فبالتاج رَاح معتصبا) (طوى الظلام البنود منصرفا ... حِين رأى الْفجْر ينشر العذبا) (وَاللَّيْل من فتكة الصَّباح بِهِ ... كراهب شقّ جيبه طَربا) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 وللسري فِي مثله من المنسرح (كراهب حن للهوى طَربا ... فشق جلبابه من الطَّرب) // المنسرح // قَالَ ابو بكر من المنسرح (فباكر الْخمْرَة الَّتِي تركت ... بنان كف الْمُدبر مختضبا) (كَأَنَّمَا صب فِي الزجاجة من ... لطف وَمن رقة نسيم صبا) (وَلَيْسَ نَار الهموم خامدة ... إِلَّا بِنور الكؤوس ملتهبا) (يظل زق المدام ممتهنا ... سحبا وذيل المجون منسحبا) // المنسرح // وَمِنْهَا فِي وصف كانون نَار (ومقعد لَا حراك ينهضه ... وَهُوَ على ارْبَعْ قد انتصبا) (مصفر محرق تنفسه ... تخاله الْعين عَاشِقًا وصبا) (إِذا نظمنا فِي جيده سبحا ... صيره بعد سَاعَة ذَهَبا) // المنسرح // وَمثله للسري من المتقارب (وَذُو ارْبَعْ لَا يُطيق النهوض ... وَلَا يألف السّير فِيمَن سرى) (نحمله سبجا أسودا ... فَيَجْعَلهُ ذَهَبا أحمرا) // المتقارب // رَجَعَ (فَمَا خبت نارنا وَلَا وقفت ... خُيُول لَهو جرت بِنَا خببا) (وساحر الطّرف لَا نقاب لَهُ ... إِذْ كَانَ بالجلنار منتقبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 (تقطف من ثغره ووجنته ... أنامل الطّرف زهرَة عجبا) (شقائقا مذهبا يرى خجلا ... وأقحوانا مفضضا شنبا) وَمثله للسري من الطَّوِيل (سفرن فلاح الاقحوان مفضضا ... على الْقرب منا والشقيق مذهبا) // الطَّوِيل // رَجَعَ (حَتَّى إِذا مَا انتشا ونشوته ... قد سهلت مِنْهُ كل مَا صعبا) (غلبت صحبي عَلَيْهِ مُنْفَردا ... بِهِ وَهل فَازَ غير من غلبا) (أرشف ريقا عذب اللمى خصرا ... كَأَن فِيهِ الضريب والضربا) مَا اخْرُج من شعره الَّذِي ينْسب فِي بعض النّسخ إِلَى كشاجم غير مَا تقدم ذكره من ذَلِك قَالَ من المنسرح (قامر بِالنَّفسِ فِي هوى قمر ... ونال وصل البدور بالبدر) (وافتض ابكار لهوه طَربا ... إِلَى عشايا المدام وَالْبكْر) (مَسَرَّة كيلها بِلَا حشف ... وَلَذَّة صفوها بِلَا كدر) (قد ضربت خيمة الْغَمَام لنا ... ورش خيش النسيم بالمطر) (وَعِنْدنَا عاتقان حَمْرَاء كَالشَّمْسِ وَأُخْرَى صفراء كَالْقَمَرِ ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 (مدامة كَانَ من تقادمها ... عاصرها آدم أَبُو الْبشر) (وَبنت خدر تريك صورتهَا ... بدر الدجى فِي ردائها الْعطر) (حنت على عودهَا وَقد تركت ... مدامنا جَمْرَة بِلَا شرر) (يسْعَى علينا بهَا الوصائف قلدن مجونا قلائد الزهر ... ) (يَا تَارِكًا طيب يَوْمه لغد ... تبيع عين السرُور بالاثر) (إِن وترت قَلْبك الهموم فَمَا ... مثل انتصار بالناي وَالْوتر) // المنسرح // وَقَوله من الْخَفِيف (رق ثوب الدجى وطاب الْهَوَاء ... وتدلت للمغرب الجوزاء) (والصباح الْمُنِير قد نشرت مِنْهُ على الارض ريطة بَيْضَاء ... ) (فاسقنيها حَتَّى ترى الشَّمْس فِي الغرب ... عَلَيْهَا غلالة صفراء) (قهوة بابلية كَدم الشادن ... بكرا لَكِنَّهَا شَمْطَاء) (قد كستها الدهور اردية الرقة حَتَّى جَفا لَدَيْهَا الْهَوَاء ... ) (فَهِيَ فِي خد كأسها صفرَة التبر وَفِي الخد وردة حَمْرَاء ... ) (عجبا مَا رَأَيْت من أعجب الاشياء تَقْدِير من لَهُ الاشياء ... ) (سبج يَسْتَحِيل مِنْهُ عقيق ... وظلام ينسل مِنْهُ ضِيَاء) // الْخَفِيف // وَقَوله وَهُوَ مِمَّا ينْسب ايضا الى المهلبي الْوَزير من الطَّوِيل (خليلي إِنِّي للثريا لحاسد ... وَإِنِّي على ريب الزَّمَان لواجد) (أيبقى جَمِيعًا شملها وَهِي سَبْعَة ... وأفقد من أحببته وَهُوَ وَاحِد) // الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة فِي مرثية الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من المنسرح (إِذا تفكرت فِي مصابهم ... أتعب زند الهموم قادحه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 (بَعضهم قربت مصارعه ... وَبَعْضهمْ بَعدت مطارحه) (أظلم فِي كربلاء يومهم ... ثمَّ تجلى وهم ذبائحه) (لَا برح الْغَيْث كل شارقه ... تهمي غواديه أَو روائحه) (على ثرى حلّه ابْن بنت رَسُول ... الله مجروحة جوارحه) (ذل حماه وَقل ناصره ... ونال اقصى مناه كاشحه) (عفرتم بالثرى جبين فَتى ... جِبْرِيل بعد النَّبِي ماسحه) (يظل مَا بَيْنكُم دم ابْن رَسُول ... الله وَابْن السفاح سافحه) (سيان عِنْد الانام كلهم ... خاذله مِنْكُم وذابحه) // المنسرح // وَقَوله من الْبَسِيط (محَاسِن الدَّيْر تسبيحي ومسباحي ... وخمره فِي الدجى صبحي ومصباحي) (أَقمت فِيهِ إِلَى أَن صَار هيكله ... بَيْتِي ومفتاحه لِلْحسنِ مفتاحي) (منادما فِي قلاليه رهابنة ... راحت خلائفهم اصفى من الراح) (قد عدلوا ثقل اديان وَمَعْرِفَة ... فيهم بخفة ابدان وارواح) (ووشحوا غرر الاداب فلسفة ... وَحِكْمَة بعلوم ذَات إِيضَاح) (فِي طب بقراط لحن الْموصِلِي وَفِي ... نَحْو الْمبرد اشعار الطرماح) (ومنشد حِين يبديه المزاج لنا ... ألمع برق سرى ام ضوء مِصْبَاح) (وَكم حننت الى حاناته وَغدا ... شوقي يكاثر أصواتا بأقداح) (حَتَّى تخمر خماري بمعرفتي ... وحيرت ملحي فِي السكر ملاحي) (يَا دير مران لَا تعدم ضحى ودجى ... سِجَال غيث ملث الودق سحاح) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 (إِن تفن كأسك أكياسي فَإِن بهَا ... يفل جَيش همومي جَيش افراحي) (وَإِن أقِم سوق أطرابي فَلَا عجب ... هَذَا بِذَاكَ إِذا مَا قَامَ نواحي) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا نفس موتِي فقد جد الاسى موتِي ... مَا كنت أول صب غير مبخوت) (بَكَى إِلَيّ غَدَاة الْبَين حِين رأى ... دمعي يفِيض وحالي حَال مبهوت) (فدمعتي ذوب ياقوت على ذهب ... ودمعه ذوب در فَوق ياقوت) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (أنباك شَاهد امري عَن مغيبة ... وجد جد الْهوى بِي فِي تلعبه) (يَا نازحا نزحت دمعي قطيعته ... هَب لي من الدمع مَا ابكي عَلَيْك بِهِ) // الْبَسِيط // وَقَوله من قصيدة من الْبَسِيط (لَا تطنبن بكاء النوء والطنب ... وَلَا تحيي كثيب الْحَيّ من كثب) (وَلَا تَجِد بغمام للغميم وَلَا ... تسمح لسرب المها بالواكف السرب) (ربع تعفى فأعفى من جوى وأسى ... قلبِي وَكَانَ إِلَى اللَّذَّات منقلبي) (سيان بَان خليط أَو أَقَامَ بِهِ ... فَإِنَّمَا عَامر الْبَيْدَاء كالخرب) (ابهى وأجمل من وصف الْجمال وَمن ... إدمان ذكر هوى يهوى على قتب) (مد البنان إِلَى كأس على سكر ... وَرفع صَوت بتطريب على طرب) (حَمْرَاء حِين جلتها الكأس نقطها ... مزاجها بِدَنَانِير من الحبب) (كَانَت لَهَا ارجل الاعلاج واترة ... بالدوس فانتصفت من أرؤس الْعَرَب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 (يسقكيها من بني الْكفَّار بدر دجى ... ألحاظه للمعاصي أوكد السَّبَب) (يومي إِلَيْك بأطراف مطرفة ... بهَا خضابان للعناب وَالْعِنَب) // الْبَسِيط // هَذَا مَا أخرج من سَائِر ملحه وغرره قَالَ من قصيدة مطْلعهَا من الْبَسِيط (مَا زَارَهُ الطيف بعد الْبَين مُعْتَمدًا ... إِلَّا ليدني لَهُ الشوق الَّذِي بعدا) // الْبَسِيط // وَمِنْهَا (كَأَنَّمَا من ثناياها وريقتها ... ايدي الْغَمَام سرقن الْبرد والبردا) // الْبَسِيط // وَقَالَ وَهُوَ فِي نِهَايَة الْحسن من الْكَامِل (لَو اشرقت لَك شمس ذَاك الهودج ... لارتك سالفتي غزال ادعج) // الْكَامِل // وَمِنْهَا (أرعى النُّجُوم كَأَنَّمَا فِي أفقها ... زهر الاقاحي فِي رياض بنفسج) (وَالْمُشْتَرِي وسط السَّمَاء تخاله ... وسناه مثل الزئبق المترجرج) (مِسْمَار تبر اصفر ركبته ... فِي فص خَاتم فضَّة فيروزج) (وتمايل الجوزاء يَحْكِي فِي الدجى ... ميلان شَارِب قهوة لم تمزج) (وتنقبت بخفيف غيم ابيض ... هِيَ فِيهِ بَين تخفر وتبرج) (كتنفس الْحَسْنَاء فِي الْمرْآة إِذْ ... كملت محاسنها وَلم تتَزَوَّج) // الْكَامِل // وَهَذَا تَشْبِيه لم يسْبق إِلَيْهِ وَقَالَ من الْخَفِيف (وسحاب يجر فِي الارض ذيلي ... مطرف زره على الارض زرا) (برقه لمحة وَلَكِن لَهُ رعد بطيء يكسو المسامع وقرا ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 (كخلي مُنَافِق للَّذي يهواه يبكي جَهرا ويضحك سرا ... ) // الْخَفِيف // وَقَالَ من الوافر (أَلَسْت ترى الظلام وَقد تولى ... وعنقود الثريا قد تدلى) (فدونك قهوة لم يبْق مِنْهَا ... تقادم عهدها إِلَّا الاقلا) (بزلنا دنها وَاللَّيْل داج ... فصيرت الدجى شمسا وظلا) // الوافر // وَقَالَ من الْخَفِيف (يَا معبري بالصد ثوب السقام ... أَنْت همي فِي يقظتي ومنامي) (أَنْت أمنيتي فَإِن رمت غمضا ... سلمتك المنى الى الاحلام) // الْخَفِيف // وَقَالَ من الْكَامِل (حور شغلن قُلُوبنَا بفراغ ... لرسائل قصرت عَن الابلاغ) (ومنعن ورد خدودهن فَلم نطق ... قطفا لَهُ لعقارب الاصداغ) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (روحي الْفِدَاء لظاعنين رحيلهم ... أنكى وأفسد فِي الْقُلُوب وعاثا) (فليقض عدته السرُور فإنني ... طلقت بعدهمْ السرُور ثَلَاثًا) // الْكَامِل // اخذه من قَول ابي تَمام وَزَاد فِيهِ ذكر الْعدة وَهُوَ قَوْله من الْكَامِل (بلد خلعت اللَّهْو خلعي خَاتمِي ... فِيهِ وَطلقت السرُور ثَلَاثًا) // الْكَامِل // وَقَالَ من المنسرح (فِي كنف الله ظاعن ظعنا ... أودع قلبِي وداعه حزنا) (لَا ابصرت مقلتي محاسنه ... إِن كنت ابصرت بعده حسنا) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وَقَالَ من الْبَسِيط (أَهلا بشمس مدام من يَدي قمر ... تَكَامل الْحسن فِيهِ فَهُوَ تياه) (كَأَن خمرته إِذْ قَامَ يمزجها ... من خَدّه اعتصرت أَو من ثناياه) (إِذا سقتك من الممزوج رَاحَته ... كأسا سقتك كؤوس الصّرْف عَيناهُ) (فِي وَجهه كل ريحَان تراح لَهُ ... منا قُلُوب وابصار وتهواه) (النرجس الغض عَيناهُ وطرته ... بنفسج وجني الْورْد خداه) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الْخَفِيف (قلت لما بدا الْهلَال لعين ... منعتها من الْكرَى عيناكا) (يَا هِلَال السَّمَاء لَوْلَا هِلَال الارض ... مَا بت ساهرا أرعاكا) // الْخَفِيف // وَقَالَ من الطَّوِيل (وَبدر دجى يمشي بِهِ غُصْن رطب ... دنا نوره لَكِن تنَاوله صَعب) (إِذا مَا بدا أغرى بِهِ كل نَاظر ... كَأَن قُلُوب النَّاس فِي حبه قلب) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الْبَسِيط (لَا تحسبوا انني بَاغ بكم بَدَلا ... وَلَو تمكنت من صبري وَمن جلدي) (قلبِي رَقِيب على قلبِي لكم أبدا ... وَالْعين عين عَلَيْهِ آخر الابد) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الْبَسِيط (فديت من زرعت فِي الْقلب لحظته ... صبَابَة وَسَقَى بالدمع مَا زرعا) (لَو ان قلبِي وفاه محبته ... أحبه بقلوب الْعَالمين مَعًا) // الْبَسِيط // وَقَالَ من المنسرح (كَأَنَّمَا انجم الثريا لمن ... يرمقها والظلام منطبق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 (مَال بخيل يظل يجمعه ... من كل وَجه وَلَيْسَ يفْتَرق) // المنسرح // وَقَالَ من الْخَفِيف (يَا خليلي من عذيري من الدُّنْيَا وَمن جورها عَليّ وصبري ... ) (عجبا انني أنافس فِي عمرَان ايامها وتخرب عمري ... ) // الْخَفِيف // وَقَالَ من المتقارب (هُوَ الْفجْر قابلنا بابتسام ... لتصرف عَنَّا عبوس الظلام) (ولاح فَحل كأس الشُّمُول ... صرفا وَحرم كأس الْمَنَام) (ظللنا على شم ورد الخدود ... ومسك النحور وَنقل اللثام) (نعين الصَّباح على كشفه ... قناع الظلام بضوء المدام) // المتقارب // وَقَالَ من السَّرِيع (إِن خانك الدَّهْر فَكُن عائذا ... بالبيض والظلمات والعيس) (وَلَا تكن عبد المنى فالمنى ... رُؤُوس أَمْوَال المفاليس) // السَّرِيع // وَقَالَ من الْكَامِل (حور جعلن وَقد رحلن وداعنا ... بمدامع نطقت وَهن سكُوت) (فعيونها سبج ونثر دموعها ... در وَحُمرَة خدها ياقوت) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (مَا عذرنا فِي حبسنا الاكوابا ... سقط الندى وَصفا الْهَوَاء وطابا) (ودعا بحي على الصبوح مغردا ... ديك الصَّباح فهيج الاطرابا) (وكأنما الصُّبْح الْمُنِير وَقد بدا ... باز اطار من الظلام غرابا) (فأدم لذاذة عيشنا بمدامة ... زَادَت على هرم الزَّمَان شبَابًا) (سفرت فغار حبابها من لحظنا ... فعلا محاسنها وَصَارَ نقابا) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وَقَالَ من قصيدة من الْكَامِل (فلأشكرن لدير قِنَا لَيْلَة ... أشرقت ظلمتها ببدر مشرق) (بتنا نوفي اللَّهْو فِيهَا حَقه ... بِالرَّاحِ وَالْوتر الفصيح الْمنطق) (والجو يسحب من عليل هوائه ... ثوبا يرش بطله المترقرق) (حَتَّى رَأينَا اللَّيْل قَوس ظَهره ... هرما وَأثر فِيهِ شيب المفرق) (وَكَأن ضوء الْفجْر فِي بَاقِي الدجى ... سيف حلاه من اللجين المحرق) (يَا طيبها من لَيْلَة لَو لم تكن ... قصرت فريع تجمع بتفرق) // الْكَامِل // وَقَالَ وَهُوَ من إحسانه الْمَشْهُور من مجزوء الرمل (يَا شَبيه الْبَدْر حسنا ... وضياء ومثالا) (وشبيه الْغُصْن لينًا ... وقواما واعتدالا) (انت مثل الْورْد لونا ... ونسيما وملالا) (زارنا حَتَّى إِذا مَا ... سرنا بِالْقربِ زَالا) // مجزوء الرمل // وَقَالَ من الْخَفِيف (رب ليل فضحته بضياء الراح ... حَتَّى تركته كالنهار) (ذِي سَمَاء كخرم ونجوم ... مشرقات كنرجس وبهار) (وهلال يلوح فِي ساعد الغرب ... كدملوج فضَّة اَوْ سوار) (بت اجلو فِيهِ شموس وُجُوه ... حملت فِي الدجا شموس عقار) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وَقَالَ وَقد امْر الامير بِجمع الْمُتَكَلِّمين ليتناظروا بِحَضْرَتِهِ فِي يَوْم دجن من مجزوء الْخَفِيف (هُوَ يَوْم كَمَا ترَاهُ ... مليح الشَّمَائِل) (هاج نوح الْحمام فِيهِ ... غناء البلابل) (ولركب السَّحَاب فِي الجو حق كباطل ... ) (مِثْلَمَا فَاه فِي المهند بعض الصياقل ... ) (جليت شمسه لرقته فِي غلائل ... ) (وعمود الزَّمَان معتدل غير مائل ... ) (حِين سَاوَى حر الهوا ... جر برد الاصائل) (وَغدا الرَّوْض فِي قلائده ... والخلاخل) (فَمن الْعَجز أَن ترى ... فِيهِ طوع العواذل) (يَا لهَذَا ابي الْهُذيْل وتوصيل وَاصل ... ) (وملاحاة عَاقل ... ومقاساة جَاهِل) (وخصوم يكابرون ... وضوح الدَّلَائِل) (أنف كيد الْجِدَال عَنْك بصيد الاجادل ... ) (كل صلب الْعِظَام وَاللَّحم رطب المفاصل ... ) (وَهُوَ أهْدى من الردى ... فِي طَرِيق الْمقَاتل) (كم غدونا بِهِ لطير التلاع السوابل ... ) (فانبرى أخرس الْجنَاح ... صخوب الجلاجل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 (وتعامى عَن الشوى ... واهتدى للشواكل) (بسكاكينه الَّتِي ... ثبتَتْ فِي الانامل) (عقفت ثمَّ ارهفت ... فَهِيَ مثل المناجل) (صاعد خلف صاعد ... نَازل خلف نَازل) (فتردى رِدَاء لَهو إِلَى اللَّيْل شَامِل ... ) (ثمَّ انثنى جذلان بَين القنا والقنابل ... ) (نَحْو ربع من المكارم ... وَالْمجد آهل) (فترى الانس فِي عبيدك عذب المناهل ... ) (من عقول قد بلبلتهن صفراء بابل ... ) (فَإِذا اللَّيْل كف كل رَقِيب وعاذل ... ) (صرت الْفرش تَحت قوم ... صرير المحامل) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ من الطَّوِيل (وأغيد روته المدامة فانثنى ... كَمَا ينثني من ريه الْغُصْن الغض) (دَعَوْت إِلَيْهَا وَهُوَ فِي دَعْوَة الْكرَى ... وَقد اخذت فِي خلع أسودها الارض) (فَقَامَ وَفِي أعطافه فضل سكرة ... وَفِي عينه من ورد وجنته بعض) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الْكَامِل (ومدامة صفراء فِي قَارُورَة ... زرقاء تحملهَا يَد بَيْضَاء) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 (فالراح شمس والحباب كواكب ... والكف قطب والاناء سَمَاء) // الْكَامِل // وَقَالَ من المجتث (رَاح كضوء الشهَاب ... سلافة الاعناب) (والمزج مَاء غَدِير ... صَاف كَمَاء الشَّبَاب) (لَو لم يكن مَاء مزن ... لَكَانَ لمع سراب) (كَأَنَّهُ جسم در ... عَلَيْهِ درع حباب) (يجْرِي خلال حَصى ابيض كقطر السَّحَاب ... ) (كَأَنَّهُ الرِّيق يجْرِي ... على الثنايا الْعَذَاب) // المجتث // وَقَالَ فِي مخدة من الْكَامِل (بِأبي الَّتِي كتمت محاسنها ... خوف الْعُيُون وَلَيْسَ تنكتم) (لبست سوادا كي تعاب بِهِ ... والبدر لَيْسَ يشينه الظُّلم) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة فِي المهلبي الْوَزير استهلاها من المتقارب (مهاة توهمها ام غزالا ... وشمسا تشبهها أم هلالا) (منعمة أطلقت لحظها ... فَكَانَ لعقل الْمَعْنى عقَالًا) (وشمس ترجل فِي مجْلِس ... لندمانها وتغني ارتجالا) (وَلَا تعرف اللّحن ألحانها ... إِذا مَا الْخفاف تبعن الثقالا) (شدت رملا فِي مديح الْوَزير ... فظلنا من السكر نحكي الرمالا) (وَهل ثمل مفكر بعد أَن ... تكون لَهُ راحتاه ثمالا) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 وَمِنْهَا فِي التهنئة بعيد الْفطر (هَنِيئًا مريئا بِأَجْر اقام ... وَصَوْم ترحل عَنْك ارتحالا) (وَفطر تواصل إقباله ... لَان لَهُ بالسعود اتِّصَالًا) (رأى الْعِيد فعلك عيدا لَهُ ... وَإِن كَانَ زَاد عَلَيْهِ جمالا) (وَكبر حِين رآك الْهلَال ... كفعلك حِين رايت الهلالا) (رأى مِنْك مَا مِنْهُ أبصرته ... هلالا اضاء ووجها تلالا) (تولاك فِيهِ إِلَه السَّمَاء ... بعز تَعَالَى ويمن توالى) (وَلَقِيت سَعْدا إِذا الْعِيد عَاد ... وَلَقِيت رشدا إِذا الْحول حَالا) (وَإِن رَمَضَان اطاح الكؤوس ... فشوال يَأْذَن فِي ان تشالا) (فواصل بيمن كؤوس الشُّمُول ... يَمِينا مقبلة أَو شمالا) (وَلَا زلت عَن رتب نلتها ... وَمن ذَا رأى جبلا قطّ زَالا) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة فِيهِ أَيْضا من الْكَامِل (أيدت ملك معز دولة هَاشم ... فزمانه عرس من الاعراس) (وتيقن الشُّعَرَاء أَن رجاءهم ... فِي مأمن بك من وُقُوع الباس) (مَا صَحَّ علم الكيمياء لغَيرهم ... فِيمَن عرفنَا من جَمِيع النَّاس) (تعطيهم الاموال فِي بدر إِذا ... حملُوا الْكَلَام إِلَيْك فِي قرطاس) // الْكَامِل // وَقد ألم فِي هَذَا الْمَعْنى بقول بكر بن النطاح لابي دلف من الْكَامِل (يَا طَالبا للكيمياء ونفعه ... مدح ابْن عِيسَى الكيمياء الاعظم) (لَو لم يكن فِي الارض إِلَّا دِرْهَم ... ومدحته لاتاك ذَاك الدِّرْهَم) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 وَلكنه لطفه وَزَاد فِيهِ وَقَالَ من الْكَامِل (وَأَخ جَفا ظلما ومل وطالما ... فقنا الانام مَوَدَّة ونداما) (فسلوت عَنهُ وَقلت لَيْسَ بمنكر ... للدهر أَن جعل الْكِرَام لِئَامًا) (فالخمر وَهِي الراح ربتما غَدَتْ ... خلا وَكَانَت قبل ذَاك مداما) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ ايضا من الطَّوِيل (وَكم من عَدو صَار بعد عَدَاوَة ... صديقا مجلا فِي الْمجَالِس مُعظما) (وَلَا غرو فالعنقود فِي عود كرمه ... يرى عنبا من بعد مَا كَانَ حصرما) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي استهداء نَبِيذ وَقد عزم على أَخذ دَوَاء من الْبَسِيط (يَا سيدا بالعلا وَالْمجد مُنْفَردا ... وَوَاحِد الارض لَا مستثنيا أحدا) (لهاك أوجدت الامال مَا فقدت ... وَقربت لمنى الراجين مَا بعدا) (هَذَا زمَان علاج يَتَّقِي ضَرَر الاخلاط ... فِيهِ لَان الْفَصْل قد وَفْدًا) (فلست تبصر إِلَّا شاربا قدحا ... مرا وَإِلَّا نزيف الْجِسْم مفتصدا) (وَقد عصيت الْهوى مذ امس محتميا ... لما عزمت على إصْلَاح مَا فسدا) (وروقوا لي رطلا لست أذكرهُ ... إِلَّا عدمت لَدَيْهِ الصَّبْر وَالْجَلد) (مناكر لطباعي غير أَن لَهُ ... عُقبى تمازج محموداتها الجسدا) (وَلَيْسَ لي قهوة أطفى بجمرتها ... عَن مهجتي شَره المَاء الَّذِي بردا) (فَامْنُنْ بدستيجة المشروب يَوْمك ذَا ... فقد عزمت على شرب الدَّوَاء غَدا) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 وَقَالَ فِي العتاب من الْكَامِل (وَأَخ رخصت عَلَيْهِ حَتَّى ملني ... وَالشَّيْء مملول إِذا مَا يرخص) (يَا ليته إِذْ بَاعَ ودي بَاعه ... فِيمَن يزِيد عَلَيْهِ لَا من ينقص) (مَا فِي زَمَانك مَا يعز وجوده ... إِن رمته إِلَّا صديق مخلص) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (يَا من جَفا فِي الْقرب ثمَّ نأى ... فَشَكا الْهوى بالكتب وَالرسل) (مهلا فَإنَّك فِي فعالك ذِي ... مثل الَّذِي قد قيل فِي الْمثل) (ترك الزِّيَارَة وَهِي مُمكنَة ... وأتاك من مصر على جمل) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف سيف من الْكَامِل (متوقد مترقرق عجبا لَهُ ... نَار وَمَاء كَيفَ يَجْتَمِعَانِ) (وكأنما ابواه صرفا دَهْرنَا ... أَو كَانَ يرضع درة الْحدثَان) (تجْرِي مضاربه دَمًا يَوْم الوغى ... فَكَأَنَّمَا حداه مفتصدان) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي هجاء شَاعِر من المنسرح (لما تبدى الْكُوفِي ينشدنا ... قُلْنَا لَهُ طعنة وطاعونا) (تجمع يَا أَحمَق الْعباد لنا ... شعرك فِي برده وكانونا) // المنسرح // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك من الْبَسِيط (لَو ان فِي فَمه جمرا وأنشدنا ... شعرًا لما ضره من برد إنشاده) // الْبَسِيط // مَا أخرج من شعر ابي عُثْمَان سعيد بن هَاشم الخالدي وَهُوَ مَنْسُوب فِي بعض النّسخ إِلَى كشاجم للسبب الَّذِي تقدم ذكره وَمَا وَقع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 لابي عُثْمَان فِيهِ التوارد مَعَ السّري اَوْ التسارق قَالَ ابو عُثْمَان من المنسرح (ادن من الدن بِي فدَاك ابي ... واشرب وسق الْكَبِير وأنتخب) (أما ترى الطل كَيفَ يلمع فِي ... عُيُون نور تَدْعُو إِلَى الطَّرب) (فِي كل عين للطل لؤلؤة ... كدمعة فِي جفون منتحب) (وَالصُّبْح قد جردت صوارمه ... وَاللَّيْل قد هم مِنْهُ بالهرب) (والجو فِي حلَّة ممسكة ... قد كتبتها البروق بِالذَّهَب) // المنسرح // وللسري فِي مثله من المنسرح (غيوم تمسك أفق السَّمَاء ... وبرق يَكْتُبهَا بِالذَّهَب) (فهاتها كالعروس محمرة الْخَدين ... فِي معجز من الحبب) (كَادَت تكون الْهَوَاء فِي ارج العنبر ... لَو لم تكن من الْعِنَب) (من كف رَاض عَن الصدود وَقد ... غضِبت فِي حبه على الْغَضَب) (فَلَو ترى الكأس حِين يمزجها ... رَأَيْت شَيْئا من أعجب الْعجب) (نَار حواها الزّجاج يلهبها المَاء ... ودر يَدُور فِي اللهب) // المنسرح // وَقَالَ من قصيدة من المنسرح (وَلَيْسَ للقر غير صَافِيَة ... تدفع مَا لَيْسَ يدْفع الدلق) (درياق أَفْعَى الشتَاء وَهُوَ إِذا ... سل علينا سيوفه درق) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 وَقَالَ يَدْعُو صديقا لَهُ فِي يَوْم شكّ من الْكَامِل (هُوَ يَوْم شكّ يَا عَليّ وشره مذ كَانَ يحذر ... ) (والجو حلته ممسكة ومطرفه معنبر ... ) (وَالْمَاء عودي الْقَمِيص وطيلسان الارض اخضر ... ) (وَلنَا فضيلات تكون ... ليومنا قوتا مُقَدّر) (ومدامة صفراء أدْرك ... عمرها كسْرَى وَقَيْصَر) (وحديثنا مَا قد علمت وشعرنا مَا انت ابصر ... ) (فانشط لنا لنحث من ... كاساتنا مَا كَانَ اكبر) (أَو لَا فَإنَّك جَاهِل ... إِن قلت إِنَّك سَوف تعذر) // الْكَامِل // وَقَالَ وَهُوَ مِمَّا ينْسب الى الْوَزير المهلبي من المتقارب (فديتك مَا شبت من كبرة ... وهذي سني وَهَذَا الْحساب) (وَلَكِن هجرت فَحل المشيب ... وَلَو قد وصلت لعاد الشَّبَاب) // المتقارب // وَقَالَ من مجزوء الوافر (بليت بِأَحْسَن الثقلَيْن إقبالا ومنصرفا ... ) (فَمثل الخشف ملتفتا ... وَمثل الْغُصْن منعطفا) (يسوفني بنائله ... وَقد أهْدى لي الاسفا) (وآخذ وَصله عدَّة ... وَيَأْخُذ مهجتي سلفا) // مجزوء الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 وَقَالَ وَهُوَ مِمَّا ينْسب ايضا الى المهلبي الْوَزير من الوافر (دموعي فِيك انواء غزار ... وقلبي مَا يقر لَهُ قَرَار) (وكل فَتى علاهُ ثوب سقم ... فَذَاك الثَّوْب مني مستعار) // الوافر // وَقَالَ من الْخَفِيف (وقفتني مَا بَين هم وبوس ... وثنت بعد ضحكة بعبوس) (ورأتني مشطت عاجا بعاج ... وَهِي الابنوس بالابنوس) // الْخَفِيف // وللسري فِي مَعْنَاهُ من الوافر (رَأَتْ شيبا يضاحكها فصدت ... وَكَانَ جَزَاؤُهُ مِنْهَا العبوسا) (وَقَالَت إِذْ رَأَتْ للمشط فِيهِ ... سوادا لَا يشاكله نفيسا) (تلق العاج مِنْك بِمشْط عاج ... ودع للابنوس الابنوسا) // الوافر // وانشدني ابو سعيد بن دوست للصاحب فِي مثل ذَلِك من الْخَفِيف (هَات مشطا إِلَى وليك عاجا ... فَهُوَ أدنى إِلَى مشيب الرُّءُوس) (وَإِذا مَا مشطت عاجا بعاج ... فامشط الابنوس بالابنوس) // الْخَفِيف // مَا أخرج من سَائِر غرر ابي عُثْمَان وملحه فَمِنْهَا قَوْله من المتقارب (كَأَن الرعود خلال البروق ... وَالرِّيح يكثر تحريضها) (زنوج إِذا خَفَقت بَينهَا ... دبادبها جردت بيضها) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 وَقَوله من الْكَامِل (صدت مجانبة نوار ... ونأى بجانبها أزورار) (وَرَأَتْ ثِيَابِي قد غَدَتْ ... وَكَأَنَّهَا دمن قفار) (يَا هَذِه إِن رحت فِي ... خلق فَمَا فِي ذَاك عَار) (هذي المدام هِيَ الْحَيَاة ... قميصها خزف وقار) // الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (شعر عبد السَّلَام فِيهِ رَدِيء ... ومحال وساقط وبديع) (فَهُوَ مثل الزَّمَان فِيهِ مصيف ... وخريف وشتوة وربيع) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْبَسِيط (أما ترى الْغَيْم يَا من قلبه قاسي ... كَأَنَّهُ انا مقياسا بمقياس) (قطر كدمعي وبرق مثل نَار جوى ... فِي الْقلب مني وريح مثل أنفاسي) // الْبَسِيط // وَقَوله من مجزوء الرمل (يَا نديمي أطلق الْفجْر فَمَا للكأس حبس ... ) (قهوة تعطيكها قبل طُلُوع الشَّمْس شمس ... ) (وَهِي كالمريخ لَكِن ... هِيَ سعد وَهُوَ نحس) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (يَا قَضِيبًا يميس تَحت هِلَال ... وهلالا يرنو بعيني غزال) (مِنْك يَا شمسنا تعلمت الشَّمْس دنو السنا وَبعد المنال ... ) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 سَرقه من قَول ابْن الرُّومِي من مجزوء الرمل (يَا شَبيه الْبَدْر فِي الْحسن ... وَفِي بعد المنال) // مجزوء الرمل // وَقَوله فِي جَارِيَة سَوْدَاء يُقَال شغف من المنسرح (إِذا تغنت بعودها شغف ... جَاءَ سرُور يفوق كل منى) (وَاحِدَة الحذق لَا نَظِير لَهَا ... كالمسك لونا وبهجة وغنا) // المنسرح // وَقَوله فِيهَا من الْخَفِيف (تركتنا بطيبها إِذْ تغنت ... شغف بَين أنة ونحيب) (طبة بِالْغنَاءِ فَهِيَ لاسقام ... الندامى لطافة كالطبيب) (ألفتها الْقُلُوب لما رأتها ... صاغها الله من سَواد الْقُلُوب) // الْخَفِيف // وَإِنَّمَا سَرقه من قَول ابْن الرُّومِي من المنسرح (أكسبها الْحبّ أَنَّهَا صبغت ... صبغة حب الْقُلُوب والحدق) // المنسرح // وَنقص ابو عُثْمَان من الْمَعْنى إِذْ ترك ذكر الحدق وَقَالَ من الْبَسِيط (يَا رَاقِدًا عَارِيا من ثوب اسقامي ... هَب الرقاد لعين جفنها دامي) (لَا خلص الله قلبِي من يَدي رشأ ... رُؤْيا رجائي لَهُ أضغاث أَحْلَام) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا حسننا نَحن فِي لَهو وليلتنا ... بزهر أنجمها ترمي العفاريت) (وَقد تضايق فِي السكر العناق بِنَا ... كَمَا تضايق فِي النّظم اليواقيت) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 وَقَوله من الْكَامِل (متبرم بعتابه ... مستعذب لعذابه) (هجر العميد تعمدا ... فغدا وَرَاح لما بِهِ) (وكساه ثوب مشيبه ... فِي عنفوان شبابه) (فتراه يُؤذن فِي أَوَان ... مَجِيئه بذهابه) // الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (هتف الصُّبْح بالدجى فاسقنيها ... قهوة تتْرك الْحَلِيم سقيها) (لست تَدْرِي لرقة وصفاء ... هِيَ فِي كأسها أم الكأس فِيهَا) // الْخَفِيف // وَقَوله من مجزوء الْخَفِيف (ظَالِم لي وليته الدَّهْر يبْقى وَيظْلم ... ) (وَصله جنَّة وَلَكِن جفاه جَهَنَّم ... ) (وَرضَاهُ وَسخطه الدَّهْر ... عرس ومأتم) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (إِن شهر الصّيام إِذْ جَاءَ فِي فصل ربيع أودى بِحسن وَطيب ... ) (فَكَأَن الْورْد المضعف فِي الصَّوْم ... حبيب يمشي بِجنب رَقِيب) // الْخَفِيف // وَقَوله من مجزوء الرجز (وَلَيْلَة ليلاء فِي اللَّوْن كلون المفرق ... ) (كَأَنَّمَا نجومها ... فِي مغرب ومشرق) (دَرَاهِم منثورة ... على بِسَاط أَزْرَق) // مجزوء الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 وَقَوله فِي معنى متداول من الطَّوِيل (بنفسي حبيب بَان صبري لبينه ... وأودعني الاحزان سَاعَة ودعا) (وأنحلني بالهجر حَتَّى لَو أنني ... قذى بَين جفني أرمد مَا توجعا) // الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة من المتقارب (صَغِير صرفت إِلَيْهِ الْهوى ... وَهل خَاتم فِي سوى خنصر) (فَإِن شِئْت فاعذر وَلَا تلحني ... وَإِن شِئْت فالح وَلَا تعذر) // المتقارب // وَقَوله من السَّرِيع (همته خمر وماخور ... وهمه عود وطنبور) (وَلَيْسَ دُنْيَاهُ وَلَا دينه ... إِلَّا مهى مثل الدمى حور) (ذيل الصِّبَا فِي الغي مجرور ... والعمر باللذات معمور) (وَلَيْلَة الهيكل كم انفدت ... فِيهَا دنان ودنانير) (أقبلن كالروض تغشاه من ... در وَيَاقُوت أزاهير) (على خصور ارهفت دقة ... فَفِي الزنانير زنابير) (فَمَا درينا اوجوه الدمى ... أحسن ام تِلْكَ التصاوير) (وَعِنْدنَا صفراء من قامرت ... بالسكر منا فَهُوَ مقمور) (سلاف أعناب فعنقودها ... من قبل ان يعصر معصور) (زَاد على الْمِصْبَاح إشراقها ... فَهُوَ ظلام وَهِي النُّور) (حَتَّى إِذا مَا انحل جيب الدجى ... فِينَا وجيب الصُّبْح مزرور) (جرت هناة لي اجملتها ... فَهَل لَهَا عنْدك تَفْسِير) // السَّرِيع // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وَقَوله من ابيات من السَّرِيع (ريقته خمر وأنفاسه ... مسك وَذَاكَ الثغر كافور) (أخرجه رضوَان من دَاره ... مَخَافَة تفتتن الْحور) (يلومه النَّاس على تيهه ... والبدر إِن تاه فمعذور) // السَّرِيع // وَقَوله من مجزوء الرجز (مكحل بالدعج ... منقب بالغنج) (معصفر التفاح فِي ... خد مليح الضرج) (خمشه الشّعْر وَمَا ... ذَاك لطول الْحجَج) (وَإِنَّمَا عَارضه ... شنفه بالسبج) // مجزوء الرجز // وَقَوله من الْبَسِيط (يَا حسن دير سعيد إِذْ حللت بِهِ ... والارض وَالرَّوْض فِي وشي وديباج) (فَمَا ترى غصنا الا وزهرته ... تجلوه فِي جُبَّة مِنْهَا ودواج) (وللحمائم الحان تذكرنا ... احبابنا بَين ارمال واهزاج) (وللنسيم على الغدران رفرفة ... يزورها فَتَلقاهُ بأمواج) (وَالْخمر تجلى على خطابها فترى ... عرائس الْكَرم قد زفت لازواج) (وكلنَا من اكاليل البهار على ... رءوسنا كأنو شرْوَان فِي التَّاج) (وَنحن فِي فلك اللَّهْو الْمُحِيط بِنَا ... كأننا فِي سَمَاء ذَات ابراج) (وَلست أنسى ندامى وسط هيكله ... حَتَّى الصَّباح غزالا طرفه ساجي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 (اهز عطفي قضيب البان معتنقا ... مِنْهُ وألثم عَيْني لعبة العاج) (وقولتي والتفاتي عِنْد متصرفي ... والشوق يزعج قلبِي أَي ازعاج) (يَا دير يَا لَيْت دَاري فِي فنائك اَوْ ... يَا لَيْت انك لي فِي درب دراج) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْكَامِل (قمر بدير الْموصل الاعلى ... انا عَبده وهواه لي مولى) (لئم الصَّلِيب فَقلت من حسد ... قبل الحبيب فمي بهَا اولى) (جد لي بإحداهن كي يحيا بهَا ... قلبِي فحبته على المقلى) (فاحمر من خجل وَكم قطفت ... عَيْني شقائق وجنة خجلى) (وثكلت صبري عِنْد فرقته ... فَعرفت كَيفَ تحرق الثكلى) // الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة فِي المهلبي الْوَزير وَقد عزم على الرُّجُوع الى وَطنه من الْبَسِيط (انا لنرحل والاهواء اجمعها ... لديك مستوطنات لَيْسَ ترتحل) (لَهُنَّ من خلقك الرَّوْض الاريض وَمن ... نداك يغمرهن الْعَارِض الهطل) (لَكِن كل فَقير يَسْتَفِيد غنى ... دَعَاهُ شوق الى اوطانه عجل) (وكل غاز اذا جلت غنيمته ... فَإِن اثر شَيْء عِنْده القفل) // الْبَسِيط // وَقَوله من الطَّوِيل (وَكنت ارى فِي النّوم هجرك سَاعَة ... فأجفو لذيذ النّوم حولا تطيرا) (وتأمرني بِالصبرِ وَالْقلب كلما ... تقاضيته صبرا تقاضيت مُعسرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 (فَلَمَّا رَأَيْت الْغدر من شَأْنك اغتدى ... غَدِير التصافي بَيْننَا متكدرا) (فوَاللَّه مَا اهواك الا تكلفا ... وَلَا اشتكي الهجران الا تخمرا) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي انسان قصير ضئيل تزوج طَوِيلَة ضخمة من الْكَامِل (يَا من احل بِهِ الرزيه ... واعاد نعْمَته بليه) (حظي الردي بك اذ غَدَتْ ... لَك بنت عمار حظيه) (قل لي وَكَيف تنيكها ... مَعَ دلّ قامتك القميه) (انت الْبَعُوضَة قلَّة ... وَكَأَنَّهَا جمل الضحيه) (نبئتها قَالَت وَقد ... بصرت بأيرك كالشظيه) (من لَيْسَ تشبعه الهريسة ... كَيفَ تشبعه القليه) (فَلَو اطَّلَعت عَلَيْهِمَا ... عِنْد ارتكابهما البليه) (لذكرت فِي شخصيهما العنقاء ... قد خطفت صَبِيه) // الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (قل لمن يَشْتَهِي المديح وَلَكِن ... دون معروفه مطال ولي) (سَوف اهجوك بعد مدح وتحريك ... وعتب وَآخر الدَّاء كي) // الْخَفِيف // وَقَوله من المنسرح (بَغْدَاد قد صَار خَيرهَا شرا ... صيرها الله مثل سامرا) (اطلب وفتش واحرص فلست ترى ... فِي اهلها حرَّة وَلَا حرا) // المنسرح // وَقَوله من قصيدة من الْبَسِيط (نيل المطالب بالهندية البتر ... لَا بالاماني والتأميل للقدر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 (فَإِن عَفا طلل اَوْ باد ساكنه ... فَلَا تقف فِيهِ بَين البث والفكر) (فِي شمك الْمسك شغل عَن مذاقته ... وَفِي سنا الشَّمْس مَا يُغني عَن الْقَمَر) (لَو لم اكن مشبها للنَّاس فِي خلقي ... لَقلت اني من جيل سوى الْبشر) (اَوْ لم يكن مَاء علمي قاهرا فكري ... لاحرفتني فِي نيرانها فكري) (تزيدني قسوة الايام طيب ثَنَا ... كأنني الْمسك بَين الفهر وَالْحجر) (الفت من حادثات الدَّهْر اكبرها ... فَمَا اعوج على اطفالها الاخر) (لَا شَيْء أعجب عِنْدِي فِي تباينه ... اذا تأملته من هَذِه الصُّور) (ارى ثيابًا وَفِي اثنائها بقر ... بِلَا قُرُون وَذَا عيب على الْبَقر) (قَالَت رقدت فَقلت الْهم ارقدني ... والهم يمْنَع احيانا من السهر) (كم قد وَقعت وُقُوع الطير فِي شرك ... فضعضعت منتي مِنْهُ قوى المرر) (اصفو واكدر احيانا لمختبري ... وَلَيْسَ مستحسنا صفو بِلَا كدر) (اني لاسير فِي الْآفَاق من مثل ... فَرد واملا للآفاق من قمر) (اذا تشككت فِيمَا انت مبصره ... فَلَا تقل انني فِي النَّاس ذُو بصر) (وَكَيف يفرح إِنْسَان بمقلته ... اذا نضاها فَلم تصدقه فِي النّظر) (لقد فرحت بِمَا عَايَنت من عدم ... خوف القبيحين من كبر وَمن بطر) (وَرُبمَا ابتهج الاعمى بحالته ... لانه قد نجا من طيرة العور) (وَلست ابكي لشيب قد منيت بِهِ ... يبكي على الشيب من يأسي على الْعُمر) (كن من صديقك لَا من غَيره حذرا ... ان كَانَ ينجيك مِنْهُ شدَّة الحذر) (مَا اطمئن الى خلق فَأخْبرهُ ... الا تكشف لي عَن لؤم مختبر) (وَقد نظرت الى الدُّنْيَا بمقلتها ... فاستصغرتها جفوني غَايَة الصغر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 (وَمَا شكرت زماني وَهُوَ يصعدني ... فَكيف أشكره فِي حَال منحدر) (لَا عَار يلحقني اني بِلَا نشب ... واي عَار على عين بِلَا حور) (فَإِن بلغت الَّذِي اهوى فَعَن قدر ... وان حرمت الَّذِي أَهْوى فَعَن عذر) // الْبَسِيط // 108 - ابو بكر مُحَمَّد بن احْمَد بن حمدَان الْمَعْرُوف بالخباز الْبَلَدِي هُوَ من بَلْدَة يُقَال لَهَا بلد من بِلَاد الجزيرة الَّتِي فِيهَا الْموصل وابو بكر من حسناتها وَمن عَجِيب شَأْنه انه كَانَ اميا وشعره كُله ملح وتحف وغرر وطرف وَلَا تَخْلُو مَقْطُوعَة لَهُ من معنى حسن اَوْ مثل سَائِر وَهُوَ الْقَائِل من السَّرِيع (بالغت فِي شتمي وَفِي ذمِّي ... وَمَا خشيت الشَّاعِر الامي) (جربت فِي نَفسك سما فَمَا ... احمدت تجريبك للسم) // السَّرِيع // وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ مقتبسا مِنْهُ فِي شعره كَقَوْلِه من الطَّوِيل (الا ان اخواني الَّذين عهدتهم ... افاعي رمال لَا تقصر فِي لسعي) (ظَنَنْت بهم خيرا فَلَمَّا بلوتهم ... نزلت بواد مِنْهُم غير ذِي زرع) // الطَّوِيل // وَقَوله من الطَّوِيل (كَأَن يَمِيني حِين حاولت بسطها ... لتوديع الفي والهوى يذرف الدمعا) (وقائلة هَل تملك الصَّبْر بعدهمْ ... فَقلت لَهَا لَا وَالَّذِي اخْرُج المرعى) (يَمِين ابْن عمرَان وَقد حاول الْعَصَا ... وَقد جعلت تِلْكَ الْعَصَا حَيَّة تسْعَى) // الطَّوِيل // الحديث: 108 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 وَقَوله من الْخَفِيف (اترى الجيرة الَّذين تداعوا ... بكرَة للرحيل قبل الزَّوَال) (علمُوا انني مُقيم وقلبي ... راحل فيهم امام الْجمال) (مثل صَاع الْعَزِيز فِي ارحل الْقَوْم ... وَلَا يعلمُونَ مَا فِي الرّحال) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْكَامِل (سَار الحبيب وَخلف القلبا ... يُبْدِي العزاء ويضمر الكربا) (قد قلت اذ سَار السفين بهم ... والشوق ينهب مهجتي نهبا) (لَو ان لي عزا اصول بِهِ ... لأخذت كل سفينة غصبا) // الْكَامِل // وَكَانَ يتشيع ويتمثل فِي شعره بِمَا يدل على مذْهبه كَقَوْلِه من الْكَامِل (وحمائم نبهنني ... وَاللَّيْل داجي المشرقين) (شبهتهن وَقد بكين ... وَمَا ذرفن دموع عين) (بنساء آل مُحَمَّد ... لما بكين على الْحُسَيْن) // الْكَامِل // وَكَقَوْلِه من الوافر (جحدت وَلَاء مَوْلَانَا عَليّ ... وقدمت الدعي على الْوَصِيّ) (مَتى مَا قلت ان السَّيْف امضى ... من اللحظات فِي قلب الشجي) (لقد فعلت جفونك فِي البرايا ... كَفعل يزِيد فِي آل النَّبِي) // الوافر // وَكَقَوْلِه من مجزوء الرمل (انا ان رمت سلوا ... عَنْك يَا قُرَّة عَيْني) (كنت فِي الاثم كمن شَارك ... فِي قتل الْحُسَيْن) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 (لَك صولات على قلبِي بقد كالرديني ... ) (مثل صولات عَليّ ... يَوْم بدر وحنين) // مجزوء الرمل // وَكَقَوْلِه من الْخَفِيف (انا فِي قَبْضَة الغرام رهين ... بَين سيفين ارهفا ورديني) (فَكَأَن الْهوى فَتى علوي ... ظن اني وليت قتل الْحُسَيْن) (وَكَأَنِّي يزِيد بَين يَدَيْهِ ... فَهُوَ يخْتَار اوجع القتلتين) // الْخَفِيف // وَكَقَوْلِه من الْبَسِيط (انْظُر الي بِعَين الصفح عَن زللي ... لَا تتركني من ذَنبي على وَجل) (موتِي وهجرك مقرونان فِي قرن ... فَكيف اهجر من فِي هجره اجلي) (وَلَيْسَ لي امل الا وصالكم ... فَكيف اقْطَعْ من فِي وَصله املي) (هَذَا فُؤَادِي لم يملكهُ غَيْركُمْ ... الا الْوَصِيّ امير الْمُؤمنِينَ عَليّ) // الْبَسِيط // وَكَقَوْلِه من الوافر (تظن بأنني اهوى حبيبا ... سواك على القطيعة والبعاد) (جحدت اذن موالاتي عليا ... وَقلت بأنني مولى زِيَاد) // الوافر // مَا اخْرُج من سَائِر ملحه فَمِنْهَا قَوْله من الوافر (اذا استثقلت اَوْ ابغضت خلقا ... وسرك بعده حَتَّى التنادي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 (فشرده بقرض دريهمات ... فَإِن الْقَرْض دَاعِيَة البعاد) // الوافر // وَقَوله من الوافر (اقول لليلة فِيهَا اتاني ... حبيب فِي مصارمتي لجوج) (ايا ليلِي الَّذِي مَا كنت تفنى ... قصرت وَكنت قدما مَا تروج) (ايأجوج اذا نَحن الْتَقَيْنَا ... وايام التهاجر انت عوج) // الوافر // وَقَوله من الطَّوِيل (ذري شجر للطير فِيهِ تشاجر ... كَأَن صنوف النُّور فِيهِ جَوَاهِر) (كَأَن نسيم الرَّوْض فِي جنباته ... لخالخ فِيمَا بَيْننَا وزرائر) (كَأَن القمارى والبلابل حولهَا ... قيان واوراق الغصون ستائر) (شربنا على ذَاك الترنم قهوة ... كَأَن على حافاتها الدّرّ دائر) // الطَّوِيل // وَقَوله وَهُوَ مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ من الْبَسِيط (وروضة بَات طل الْغَيْث ينسجها ... حَتَّى اذا نجمت اضحى يدبجها) (يبكي عَلَيْهَا بكاء الصب فَارقه ... الف فيضحكها طورا ويبهجها) (اذا تنفس فِيهَا ريح نرجسها ... ناغى جني خزاماها بنفسجها) (اقول فِيهَا لساقينا وَفِي يَده ... كأس كشعلة نَار اذ يؤججها) (لَا تمزجنها بِغَيْر الرِّيق مِنْك وان ... تبخل بِذَاكَ فدمعي سَوف يمزجها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 (اقل مَا بِي من حبيك ان يَدي ... اذا دنت من فُؤَادِي كَاد ينضجها) // الْبَسِيط // وَقَوله من مجزوء الرمل (ومدام كست الكأس ... من النُّور وشاحا) (ظَهرت فِي جنح ليل ... فَكَأَن الْفجْر لاحا) (لم يكن وَقت صباح ... فحسبناه صباحا) // مجزوء الرمل // وَقَوله من مجزوء الرمل (قلت وَاللَّيْل لَهُ الويل ... مُقيم غير ساري) (اعظم الْخَالِق اجْرِ الْخلق ... فِي شمس النَّهَار) (فَلَقَد مَاتَت كَمَا مَاتَ ... عزائي واصطباري) // مجزوء الرمل // وَقَوله من الْخَفِيف (انا اخفي من ان يحس بجسمي ... اُحْدُ حَيْثُ كنت لَوْلَا الانين) (فَكَأَنِّي الْهلَال فِي لَيْلَة الشَّك نحولا فَمَا تراني الْعُيُون ... ) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (صدني عَن حلاوة التشييع ... اجتنابي مرَارَة التوديع) (لم يقم انس ذَا بوحشة هَذَا ... فَرَأَيْت الصَّوَاب ترك الْجَمِيع) // الْخَفِيف // وَقَوله من السَّرِيع (يَا ذَا الَّذِي اصبح لَا وَالِد ... لَهُ على الارض وَلَا وَالِده) (قد مَاتَ من قبلهمَا آدم ... فَأَي نفس بعده خالده) (ان جِئْت ارضا اهلها كلهم ... عور فغمض عَيْنك الواحده) // السَّرِيع // وَقَوله من السَّرِيع (نكبت فِي شعري وثغري وَمَا ... نَفسِي فِي صبري بمنكوبه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 (اذا دنت بَيْضَاء مَكْرُوهَة ... مني نأت بَيْضَاء محبوبه) // السَّرِيع // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (قَالُوا تكهل من هويت ... فَقلت رسم قد دثر) (عَايَنت من طلابه ... زمرا مُوَاصلَة زمر) (وكذاك اصحاب الحَدِيث ... نفاقهم عِنْد الْكبر) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من المتقارب (بَكَيْت بدمع يفوق السَّحَاب ... الى ان جرى المَاء حَولي وساحا) (وَلَو لم اكن رجلا سابحا ... غرقت والزمت نَفسِي الجناحا) // المتقارب // وَقَوله من الْبَسِيط (ليل المحبين مطوي جوانبه ... مشمر الذيل مَنْسُوب الى الْقصر) (مَا ذَاك الا لَان الصُّبْح نم بِنَا ... فَأطلع الشَّمْس من غيظ على الْقَمَر) // الْبَسِيط // وَقَوله من مجزوء الوافر (بَدَائِع خَدّه ورد ... صوالج صُدْغه سبج) (اذا اتَّصَلت محاسنه ... نقطع بَينهَا المهج) // مجزوء الوافر // وَقَوله وَهُوَ مِمَّا يسْتَغْفر مِنْهُ من الْبَسِيط (يَا قَاسم الرزق لم خانتني الْقسم ... مَا انت مُتَّهم قل لي من اتهمَ) (ان كَانَ نجمي نحسا انت خالقه ... فَأَنت فِي الْحَالَتَيْنِ الْخصم وَالْحكم) // الْبَسِيط // وَقَوله فِي امرد التحى من السَّرِيع (انْظُر الى ميت وَلكنه ... خلو من الاكفان والغاسل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 (قد كتب الدَّهْر على خَدّه ... بالشعر هَذَا آخر الْبَاطِل) // السَّرِيع // وَقَوله من الطَّوِيل (اهزك لَا اني عرفتك نَاسِيا ... لوعد وَلَا اني اردت تقاضيا) (وَلَكِن رَأَيْت السَّيْف من بعد سَله ... الى الهز مُحْتَاجا وان كَانَ مَاضِيا) // الطَّوِيل // احسن وابلغ مِنْهُ فِي مَعْنَاهُ قَول مُحَمَّد بن ابي زرْعَة الدِّمَشْقِي من الْخَفِيف (لَا ملوم مستقصر انت فِي الْبر وَلَكِن مستعطف مستزاد ... ) (قد يهز الْهِنْدِيّ وَهُوَ حسام ... وَبحث الْجواد وَهُوَ جواد) // الْخَفِيف // 109 - عبيد الله بن احْمَد الْبَلَدِي النَّحْوِيّ لم اسْمَع ذكره وشعره الا من ابي الْحسن المصِّيصِي الشَّاعِر وَكَانَ قد عاشره واستكثر مِنْهُ فَحكى لي أَنه كَانَ أَعور فاعتلت عينه الصَّحِيحَة حَتَّى اشرف على الْعَمى فَقَالَ واستغفر الله من كتبه من مخلع الْبَسِيط (ان قلت جورا فَلَا تلمني ... بِأَن رب الورى الْمَسِيح) (اراك تعمى وَذَاكَ يبري ... فهوى اذا عِنْدِي الصَّحِيح) // مخلع الْبَسِيط // قَالَ وانشدني عبيد الله لنَفسِهِ من مخلع الْبَسِيط (لِلْحسنِ فِي وَجهه شُهُود ... تشهد انا لَهُ عبيد) (كَأَنَّمَا خَدّه وصال ... وصدغه فَوْقه صدود) (يَا من جفاني بِغَيْر جرم ... اقصر فقد نلْت مَا تُرِيدُ) الحديث: 109 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 (ان كَانَ قد رق ثوب صبري ... عَنْك فثوب الْهوى جَدِيد) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ انشدني لنَفسِهِ ايضا من مجزوء الْكَامِل (يَا ذَا الَّذِي فِي خَدّه ... جيشان من زنج وروم) (هَذَا يُغير على الْقُلُوب ... وَذَا يُغير على الجسوم) (اني وقفت من الْهوى ... فِي موقف صَعب عَظِيم) (كوقوف عارضك الَّذِي ... قد حَار فِي مَاء النَّعيم) // مجزوء الْكَامِل // قَالَ وانشدني ايضا لنَفسِهِ من مجزوء الْكَامِل (هَات المدامة يَا شقيقي ... نشرب على روض الشَّقِيق) (كأس العقيق نديرها ... مَا بَين اكناف العقيق) // مجزوء الْكَامِل // آخر الْقسم الاول من كتاب يتيمة الدَّهْر حسب تَقْسِيم الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى ويتلوه الْقسم الثَّانِي وَهُوَ فِي اخبار دولة آل بويه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 الْقسم الثَّانِي من يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن اهل الْعَصْر وَهُوَ فِي اخبار دولة آل بويه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أبدأ بعد حمد الله تَعَالَى وَالصَّلَاة على مُحَمَّد الْمُصْطَفى وَآله بِبَاب مَقْصُور على مُلُوك آل بويه الَّذِي شعروا وَرويت أشعارهم لما تقدم ذكره من الانتساب إِلَى قَائِلهَا لَا لِكَثْرَة طائلها وَالله الْمُوفق للصَّوَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 الْبَاب الاول فِي ذكرهم وَمَا اخْرُج من ملحهم واشعارهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 110 - عضد الدولة ابو شُجَاع فَنًّا خسرو بن ركن الدولة كَانَ على مَا مكن لَهُ فِي الارض وَجعل اليه من ازمة الْبسط وَالْقَبْض وَخص بِهِ من رفْعَة الشان واوتي من سَعَة السُّلْطَان يتفرغ للادب ويتشاغل بالكتب ويؤثر مجالسة الادباء على منادمة الامراء وَيَقُول شعرًا كثيرا يخرج مِنْهُ مَا هُوَ من شَرط هَذَا الْكتاب من الْملح والنكت وَمَا ادري كم فصل بارع وَوصف رائع قراته للصاحب فِي وصف عضا الدولة فَمن ذَلِك واما قصيدة مَوْلَانَا فقد جَاءَت وَمَعَهَا عزة الْملك وَعَلَيْهَا رواء الصدْق وفيهَا سِيمَا الْعلم وَعِنْدهَا لِسَان الْمجد وَلها صيال الْحق وَمِنْه لَا غرو إِذا فاض بَحر الْعلم على لِسَان الشّعْر ان ينْتج مَالا عين وَقعت على مثله وَلَا اذن سَمِعت بشبهه وَمِنْه لَو اسْتحق شعر ان يعبد لعذوبة مناهله وجلالة قَائِله لكَانَتْ قصيدته هِيَ الا اني اتخذتها عِنْد امْتنَاع ذَلِك قبْلَة اوجه اليها صلوَات التَّعْظِيم وَاقِف عَلَيْهَا طواف الاجلال والتكريم وَمِنْه شعر قد حبس خدمته على فكره ووقف كَيفَ شَاءَ على امْرَهْ فَهُوَ يكْتب فِي غرَّة الدَّهْر ويشدخ جبهتي الشَّمْس والبدر الحديث: 110 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 ثمَّ من اراد ان ينظر فِي اخبار عضد الدولة وَيقف على محَاسِن آثاره فَلْيتَأَمَّل الْكتاب التاجي من تأليف ابي اسحاق الصابي لتجتمع لَهُ مَعَ الاحاطة بهَا بلاغة من قد تسهل لَهُ حزونها وَلَا ينْتَه متونها واطاعته عيونها حَدثنِي ابو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ كَانَ ينادم عضد الدولة بعض الادباء الظرفاء ويحاضر بالاوصاف والتشبيهات وَلَا يحضر شَيْء من الطَّعَام وَالشرَاب وآلاتهما وَغَيرهَا الا وانشد فِيهِ لنَفسِهِ اَوْ لغيره شعرًا حسنا فَبينا هُوَ ذَات يَوْم مَعَه على الْمَائِدَة ينشد كعادته اذ قدمت بهطة فَنظر عضد الدولة كالآمر اياه بِأَن يصفها فأرتج عَلَيْهِ وغلبه سكُوت مَعَه خجل فارتجل عضد الدولة وَقَالَ من السَّرِيع (بهطة تعجز عَن وصفهَا ... يَا مدعي الاوصاف بالزور) (كَأَنَّهَا فِي الْجَام مجلوة ... لالىء فِي مَاء كافور) // السَّرِيع // وانشدني مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ انشدني ابو الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن يُوسُف قَالَ انشدني عضد الدولة لنَفسِهِ فِي ابي تغلب عِنْد اعتذاره اليه من معاودة بختيار عَلَيْهِ والتماسه كتاب الامان مِنْهُ من الْكَامِل (أأفاق حِين وطِئت ضيق خناقه ... يَبْغِي الامان وَكَانَ يَبْغِي صَارِمًا) (فلأركبن عَزِيمَة عضدية ... تاجية تدع الانوف رواغما) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 وَمِمَّا ينْسب اليه وانا اشك فِيهِ ابيات يتداولها القوالون وَهِي من الوافر (طربت الى الصبوح مَعَ الصَّباح ... وَشرب الراح وَالْغرر الملاح) (وَكَانَ الثَّلج كالكافور نثرا ... ونار عِنْد نارنج وَرَاح) (فمشموم ومسروب ونار ... وصبح والصبوح مَعَ الصَّباح) (لهيب فِي لهيب فِي لهيب ... صباح فِي صباح فِي صباح) // الوافر // وانشدني ابو سعيد نصر بن يَعْقُوب ابياتا لعضد الدولة اخْتَرْت مِنْهَا قَوْله فِي الخيري من الْبَسِيط (يَا طيب رَائِحَة من نفحة الخيري ... اذا تمزق جِلْبَاب الدياجير) (كَأَنَّمَا رش بالماورد اَوْ عبقت ... فِيهِ دواخن ند عِنْد تبخير) (كَأَن اوراقه فِي الْقد اجنحة ... صفر وحمر وبيض من دَنَانِير) // الْبَسِيط // واخترت من قصيدته الَّتِي فِيهَا الْبَيْت الَّذِي لم يفلح بعده ابدا قَوْله من الرمل (لَيْسَ شرب الكأس الا فِي الْمَطَر ... وغناء من جوَار فِي السحر) (غانيات سالبات للنهى ... ناغمات فِي تضاعيف الْوتر) (مبرزات الكأس من مطْلعهَا ... ساقيات الراح من فاق الْبشر) (عضد الدولة وَابْن ركنها ... ملك الاملاك غلاب الْقدر) (سهل الله لَهُ بغيته ... فِي مُلُوك الارض مَا دَار الْقَمَر) (واراه الْخَيْر فِي اولاده ... ليساس الْملك مِنْهُ بالغرر) // الرمل // فيحكي انه لما احْتضرَ لم ينْطق لِسَانه الا بِتِلَاوَة قَوْله تَعَالَى {مَا أغْنى عني ماليه هلك عني سلطانيه} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 111 - عز الدولة ابو مَنْصُور بختيار بن معز الدولة لم اسْمَع لَهُ شعرًا حَتَّى ورد نيسابور هرون بن احْمَد الصَّيْمَرِيّ ورأيته مُتَّصِلا بالامير ابي الْفضل عبيد الله بن احْمَد الميكالي فَعرض على كِتَابه المترجم بحديقة الحدق وَفِيه انشدني بعض اخوالي قَالَ انشدني القَاضِي ابو بكر بن قريعة قَالَ انشدني عَن الدولة لنَفسِهِ من المتقارب (فبا حبذا روضتنا نرجس ... تحيي الندامى بريحانها) (شربنا عَلَيْهَا كأحداقنا ... عقارا بكأس كأجفانها) (ومسنا من السكر مَا بَيْننَا ... نجرر ريطا كقضبانها) // المتقارب // وَبِهَذَا الاسناد لَهُ من الْكَامِل (اشرب على قطر السَّمَاء القاطر ... فِي صحن دجلة واعص زجر الزاجر) (مشمولة ابدى المزاج بكأسها ... درا نثيرا بَين نظم جَوَاهِر) (من كف اغيد يستبيك اذا مَشى ... بدلال معشوق ونخوة شاطر) (وَالْمَاء مَا بَين الغصون مُصَفِّق ... مثل القيان رقصن حول الزامر) // الْكَامِل // وانشدني ابو سعيد قَالَ أَنْشدني ابو جَعْفَر الطَّبَرِيّ طَبِيب آل بويه قَالَ انشدني بختيار لنَفسِهِ من الوافر (وفاؤك لَازم مَكْنُون سري ... وحبك غايتي والشوق زادي) (وخالك فِي عذارك فِي اللَّيَالِي ... سَواد فِي سَواد فِي سَواد) // الوافر // الحديث: 111 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 112 - تَاج الدولة ابو الْحُسَيْن احْمَد بن عضد الدولة هُوَ آدب آل بويه واشعرهم واكرمهم وَكَانَ يَلِي الاهواز فَأَدْرَكته حِرْفَة الادب وتصرفت بِهِ احوال ادت الى النكبة وَالْحَبْس من جِهَة اخيه ابي الفوارس فلست ادري مَا فعل بِهِ الدَّهْر الْآن انشدني ابو سعيد بن دوست قَالَ انشدني ابو الْحسن مُحَمَّد بن المظفر الْعلوِي النَّيْسَابُورِي قَالَ انشدني ابو الْعَبَّاس الملحي القوال بسوق الاهواز قَالَ انشدني تَاج الدولة ابو الْحُسَيْن بن عضد الدولة لنَفسِهِ من الطَّوِيل (سَلام على طيف الم فسلما ... وابدى شُعَاع الشَّمْس لما تكلما) (بدا فيدا من وَجهه الْبَدْر طالعا ... لَدَى الرَّوْض يستعلي قَضِيبًا منعما) (وَقد ارسلت ايدي العذارى بخده ... عذارا من الكافور والمسك اسحما) (واحسب هاروتا اطاف بطرفه ... فَعلمه من سحره فتعلما) (الم بِنَا فِي دامس اللَّيْل فانجلى ... فَلَمَّا انثنى عَنَّا وودع اظلما) // الطَّوِيل // وانشدني بديع الزَّمَان لَهُ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ من الطَّوِيل (هَب الدَّهْر ارضاني واعتب صرفه ... واعقب بِالْحُسْنَى من الْحَبْس والاسر) (فَمن لي بأيام الشَّبَاب الَّتِي مَضَت ... وَمن لي بِمَا انفقت فِي الْحَبْس من عمري) // الطَّوِيل // وَوجدت مجموعا من شعر تَاج الدولة ابي الْحُسَيْن بِخَط ابي الْحسن عَليّ بن احْمَد بن عَبْدَانِ فاخترت مِنْهُ قَوْله رَحمَه الله تَعَالَى فِي ارجوزة من مجزوء الرجز (الا شفيت علتي ... من العداة بِالَّتِي) الحديث: 112 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 (وصارم مهند ... مَاض رَقِيق الشَّفْرَة) (وَلَيْلَة احييتها ... منوطة بليلة) (كَأَنَّمَا نجم الثريا فِي الدجى ومقلتي ... ) (جوهرتا عقد على ... نحر فتاة طفلة) (افكر فِي بني ابي ... وَفعل بعض اخوتي) (تظن اني احْمِلْ الضيم فَأَيْنَ همتي ... ) (تقنع بالاهواز لي ... وواسط وَالْبَصْرَة) (لست بتاج الدولة ... سليل تَاج الْملَّة) (ان لم تزر بَغْدَاد بِي ... عَمَّا قَلِيل كبتي) (وعسكر عَرَمْرَم ... يملك كل بَلْدَة) (حَشْو الْجبَال والفلا ... مواكب من غلمتي) (نصرتهم مني وَمن ... رب السَّمَاء نصرتي) // مجزوء الرجز // وَقَوله من قصيدة من الرجز (انا ابْن تَاج الْملَّة الْمَنْصُور تَاج ... الدولة الْمَوْجُود ذُو المناقب) (اسماؤنا فِي وَجه كل دِرْهَم ... وَفَوق كل مِنْبَر لخاطب) // الرجز // وَقَوله من قصيدة من الوافر (انا التَّاج المرصع فِي جبين الممالك سالك سبل الصّلاح ... ) (كتائبنا يلوح النَّصْر فِيهَا ... برايات تطرق بالنجاح) (تكَاد ممالك الْآفَاق شرقا ... تسير الي من كل النواحي) (الا لله عرض لي مصون ... مقَام الْمجد بِالْمَاءِ الْمُبَاح) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وَقَوله من طردية الرجز (صرنا مَعَ الصَّباح بالفهود ... مردفة فَوق متون الْقود) (قد وطِئت تَوْطِئَة المهود ... بالقطف والجلال واللبود) (فَهِيَ كقوم فَوْقهَا قعُود ... قد البست وشيا على الْجُلُود) (يخالها النَّاظر كالاسود ... تبْكي لشبل ضائع فقيد) (بأدمع على الخدود سود ... فقابلت مرادها فِي البيد) (وَقطعت حبائل المسود ... تفوت لحظ النَّاظر الْحَدِيد) (ركضا الى اقتناص كل رَود ... فكم بهَا من هَالك شَهِيد) (منعفر الخد على الصَّعِيد ... بنحسها نظل فِي السُّعُود) (جدنا بهَا والجود بالموجود ... فكثرت ولائم الْجنُود) (وشبت النيرَان بالوقود ... ) // الرجز // واخترت مِنْهُ قَوْله فِي الْغَزل سامحه الله تَعَالَى وَعَفا عَنهُ من الهزج (سقاني سحرًا خمرة ... وَقد لاحت لي النثره) (غزال فاتن الطّرف ... مليح الْوَجْه والطره) (انا ملك وَقد ملكت ... قلبِي صَاحب الوفره) (وَقد زرفن صدغيه ... على ابهى من الزهره) (فَمن اسود فِي ابيض ... فِي احمر فِي صفره) (اذا حاول ان يجهل ... اَوْ تبدو لَهُ نفره) (اعان الشَّيْخ ابليس ... عَلَيْهِ فَأتى مكره) // الهزج // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 وَله فِي النكبة من الْبَسِيط (حَتَّى مَتى نكبات الدَّهْر تقصدني ... لَا أستريح من الأحزان والفكر) (إِذا أَقُول مضى مَا كنت أحذره ... من الزَّمَان رماني الدَّهْر بِالْغَيْر) (فحسبي الله فِي كل الْأُمُور فقد ... بدلت بعد صفاء الْعَيْش بالكدر) // الْبَسِيط // 113 - أَبُو الْعَبَّاس خسرو بن فَيْرُوز بن ركن الدولة رَحِمهم الله تَعَالَى أنشدت لَهُ أبياتا تدل على فضل مستكثر من مثله وَلم يحضرني إِلَّا هَذِه من مجزوء الرمل (أدر الكأس علينا ... أَيهَا الساقي لنطرب) (من شُمُول مثل شمس ... فِي فَم الندمان تغرب) (فحكت حِين تجلت ... قمرا يلثم كَوْكَب) (ورد خدية جنى ... لَكِن الناطور عقرب) (فَإِذا مَا لدغت فالريق درياق مجرب) // مجزوء الرمل // الحديث: 113 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 الْبَاب الثَّانِي 114 - فِي ذكر المهلبي الْوَزير وملح أخباره ونصوص فصوله وأشعاره هُوَ ابو مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد من ولد قبيصَة بن الْمُهلب بن ابي صفرَة كَانَ من ارْتِفَاع الْقدر واتساع الصَّدْر ونبل الهمة وفيض الْكَفّ وكرم الشيمة على مَا هُوَ مَذْكُور مَشْهُور وأيامه مَعْرُوفَة فِي وزارته لمعز الدولة وتدبيره أُمُور الْعرَاق وانبساط يَده فِي الاموال مَعَ كَونه غَايَة فِي الادب والمحبة لاهله وَكَانَ يترسل ترسلا مليحا وَيَقُول الشّعْر قولا لطيفا يضْرب بحسنة الْمثل وَلَا يستحلي مَعَه الْعَسَل يغذي الرّوح ويجلب الرّوح كماقال بعض اهل الْعَصْر من الْخَفِيف (بِأبي من إِذا أَرَادَ سراري ... عبرت لي أنفاسه عَن عبير) (وسباني تغر كدر نظيم ... تَحْتَهُ منطق كدر نثير) (وَله طلعة كنيل الاماني ... أَو كشعر المهلبي الْوَزير) // الْخَفِيف // حَدثنِي ابو بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَأَبُو نصر بن سهل بن الْمَرْزُبَان وَأَبُو الْحسن المصِّيصِي فَدخل حَدِيث بَعضهم فِي بعض فَزَاد وَنقص قَالُوا كَانَت حَالَة المهلبي الْوَزير قبل الِاتِّصَال بالسلطان حَال ضعف وَقلة وَكَانَ يقاسي مِنْهَا قذى الحديث: 114 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 عينه وشجى صَدره فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم فِي بعض أَسْفَاره مَعَ رَفِيق لَهُ من أَصْحَاب الجراب والمحراب إِلَّا أَنه من أهل الاداب إِذْ لَقِي فِي سَفَره نصبا واشتهى اللَّحْم فَلم يقدر على ثمنه فَقَالَ ارتجالا من الوافر (أَلا موت يُبَاع فأشتريه ... فَهَذَا الْعَيْش مَا لَا خير فِيهِ) (أَلا موت لذيذ الطّعْم يَأْتِي ... يخلصني من الْعَيْش الكريه) (إِذا أَبْصرت قبرا من بعيد ... وددت لَو أنني مِمَّا يَلِيهِ) (أَلا رحم الْمُهَيْمِن نفس حر ... تصدق بالوفاة على أَخِيه) // الوافر // فَاشْترى لَهُ رَفِيقه بدرهم وَاحِد لَحْمًا فأسكن بِهِ قرمه وَتحفظ الابيات وتفارقا وَضرب الدَّهْر ضرباته حَتَّى ترقت حَالَة المهلبي الى اعظم دَرَجَة من الوزارة فَقَالَ من مجزوء الْكَامِل (رق الزَّمَان لفاقتي ... ورثى لطول تحرقي) (وأنالني مَا أرتجي ... وأجار مِمَّا أتقي) (فلأصفحن عَمَّا أَتَاهُ ... من الذُّنُوب السَّبق) (حَتَّى جِنَايَته بِمَا ... فعل المشيب بمفرقي) // مجزوء الْكَامِل // وَحصل الرفيق تَحت كلكل من كلاكل الدَّهْر ثقل عَلَيْهِ بركه وهاضه عركه فقصد حَضرته وتوصل الى ايصال رقْعَة تَتَضَمَّن ابياتا مِنْهَا من الوافر (أَلا قل للوزير فدته نَفسِي ... مقَال مُذَكّر مَا قد نَسيَه) (أَتَذكر إِذْ تَقول لضنك عَيْش ... أَلا موت يُبَاع فأشتريه) // الوافر // فَلَمَّا نظر فِيهَا تذكره وهزته أريحيه الْكَرم للحنين إِلَيْهِ ورعاية حق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 الصُّحْبَة فِيهِ والجري على حكم من قَالَ من الْبَسِيط (إِن الْكِرَام إِذا مَا أسهلوا ذكرُوا ... من كَانَ يألفهم فِي الْمنزل الخشن) // الْبَسِيط // وَأمر لَهُ فِي عَاجل الْحَال بسبعمائة دِرْهَم وَوَقع فِي رقعته {مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حَبَّة أنبتت سبع سنابل فِي كل سنبلة مائَة حَبَّة وَالله يُضَاعف لمن يَشَاء} ثمَّ دَعَا بِهِ وخلع عَلَيْهِ وقلده عملا يرتفق بِهِ ويرتزق مِنْهُ وَنَظِير الْبَيْتَيْنِ قَول بَعضهم من الْبَسِيط (قل للوزير أدام الله دولته ... أذكرتنا أدمنا وَالْخبْز خشكار) (إِذْ لَيْسَ فِي الْبَاب بواب لدولتكم ... وَلَا حمَار وَلَا فِي الشط طيار) // الْبَسِيط // وَحكى ابو اسحاق الصابي فِي الْكتاب التاجي قَالَ كَانَ لمعز الدولة ابي الْحُسَيْن غُلَام تركي يدعى تكين الجامدار امرد وضيء الْوَجْه منهمك فِي الشّرْب لَا يعرف الصحو وَلَا يُفَارق اللّعب وَاللَّهْو ولفرط ميل معز الدولة إِلَيْهِ وَشدَّة إعجابه بِهِ جعله رَئِيس سَرِيَّة جردها لِحَرْب بعض بني حمدَان وَكَانَ المهلبي يستظرفه ويستحسن صورته وَيرى أَنه من عدد الْهوى لَا من عدد الوغى فَمن قَوْله فِيهِ من مجزوء الْكَامِل (ظَبْي يرق المَاء فِي ... وجناته ويرق عوده) (ويكاد من شبه العذارى ... فِيهِ أَن تبدو نهوده) (ناطوا بمعقد خصره ... سَيْفا ومنطقة تؤوده) (جَعَلُوهُ قَائِد عَسْكَر ... ضَاعَ الرعيل وَمن يَقُودهُ) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 فَمَا كَانَ بأسرع من أَن كَانَت الدائرة على هَذَا الْقَائِد وَخرج الامر على مَا اشار بِهِ المهلبي وَمِمَّا يستحسن فِي هَذَا الْمَعْنى قَول ابْن المعتز فِي وصف خَادِم من الطَّوِيل (عجبت لتأمير الرِّجَال مقرطقا ... ينوء بخصر فِي القباء هضيم) (يذكر عزاب الجيوش إِذا بدا ... بخد كعاب أَو بمقلة ريم) // الطَّوِيل // وَذكر الصابي أَن أَبَا عُيَيْنَة المهلبي الَّذِي استفرغ نسيبه فِي صاحبته دنيا من عمومة الْوَزير وَكَانَ المهلبي يحفظ أَكثر أشعاره ويتأسف على مَا فَاتَهُ من زَمَانه فَمن قَوْله من الْكَامِل (إِنِّي وصلت مفاخري بأب ... حَاز الفخار وطاول الْعليا) (وَأجَاب داعيه وخلفني ... وَحَدِيثه فَكَأَنَّمَا يحيا) (وتلوت عمي فِي تغزله ... وشربت ريا من هوى ريا) (فكأنني هُوَ فِي صبابته ... وَكَأَنَّهُ فِي حسنها دنيا) // الْكَامِل // وَقَوله لما تقلد الوزارة من الطَّوِيل (لقد ظَفرت وَالْحَمْد لله منيتي ... بِمَا كنت أَهْوى فِي الجهارة والنجوى) (وشارفت مجْرى الشَّمْس فِيمَا ملكته ... من الارض واستقررت فِي الرُّتْبَة الْعليا) (وعاينت من شعر العييني حلَّة ... تعاون فِيهَا الطَّبْع والمهجة الحرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 (فحركني عرق الوشيجة والهوى ... لِعَمِّي وأطت بِي إِلَى الرَّحِم الْقُرْبَى) (فيا حسرتي أَن فَاتَ وقتي وقته ... وَيَا حسرة تمْضِي وتتبعها أُخْرَى) (وَيَا فوز نَفسِي لَو بلغت زَمَانه ... وبغيته دنيا وَفِي يَدي الدُّنْيَا) (فمكنته من أهل دنيا وأرضها ... ففاز بِمَا يهوى وَفَوق الَّذِي يهوى) // الطَّوِيل // مَا أخرج من كتاب الروزنامجة للصاحب إِلَى ابْن العميد مِمَّا يتَعَلَّق بملح أَخْبَار المهلبي فصل وَردت أدام الله عز مَوْلَانَا الْعرَاق فَكَانَ أول مَا اتّفق لي استدعاء مولَايَ الاستاذ ابي مُحَمَّد ايده الله وَجمعه بَين ندمائه من اهل الْفضل وبيني وَكَانَ الَّذِي كلمني مِنْهُم شيخ ظريف خَفِيف الرّوح اديب متقعر فِي كَلَامه لطيف يعرف بِالْقَاضِي ابْن فريعة فَإِنَّهُ جاراني فِي مسَائِل خفتها تمنع من ذكرهَا وافتضاضها إِلَّا أَنِّي استظرفت قَوْله فِي حَشْو كَلَامه هَذَا الَّذِي أوردته الصافة عَن الصافة والكافة عَن الكافة والحافة عَن الحافة وَله نَوَادِر غَرِيبَة وملح عَجِيبَة وَمِنْهَا أَن كهلا تطايب بِحَضْرَة الاستاذ ابي مُحَمَّد ايده الله سَأَلَهُ عَن حد الْقَفَا مرِيدا تخجيله فَقَالَ هُوَ مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ جربانك ومازحك فِيهِ إخوانك وباسطك فِيهِ غلمانك وأدبك عَلَيْهِ سلطانك فَهَذِهِ حُدُود اربعة فَانْصَرَفت وَقد ورد الْخَبَر بِمُضِيِّ ابي الْفضل صَاحب الْبَرِيد رَضِي الله عَنهُ ورحمه وأنسأ أجل مَوْلَانَا وَمد فِيهِ فساعدت الْقَوْم على الْجُلُوس للتعزية عَنهُ لما كَانَ من الْحَال يعرف بيني وَبَينه من الْكَامِل (صلَة غَدَتْ فِي النَّاس وَهِي قطيعة ... عجبا وبر رَاح وَهُوَ جفَاء) // الْكَامِل // فَمَا تمكنت أَن جَاءَنِي رَسُول الله الاستاذ ابي مُحَمَّد ايده الله يستدعيني فعرفته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 عُذْري وحسبته يعفيني فعاودني بِمن استحضرني فَدخلت عَلَيْهِ وَقد قعد للشُّرْب فأكرهني عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أتعرف أحسن صنيعا مني بك وَقد نقلتك عَن واحرباه الى واطرباه وَسمعت عِنْده خادمه الْمُسَمّى سلافا وَهُوَ يضْرب بالطنبور ويجيد ويغني وَيحسن وَفِيه يَقُول وَقد شربنا عِنْده سلافا من الْخَفِيف (قد سمعنَا وَقد شربنا سلافا ... وجمعنا بِلُطْفِهِ أوصافا) // الْخَفِيف // وشاهدت من حسن مَجْلِسه وخفة روح أدبه وإنشاده للصنوبري وطبقته مَا طَابَ بِهِ الْوَقْت وهشت لَهُ النَّفس وشاكل رقة ذَلِك الْهوى وعذوبة ذَلِك اللمى وَكَانَ فِيمَا انشدني لنَفسِهِ وَقد عمله فِي بعض غلمانه من الْكَامِل (خطط مقومة ومفرق طرة ... فَكَأَن سنة وَجهه محراب) (وريت فِي كشف الَّذِي القى بِهِ ... فتعطل النمام والمغتاب) // الْكَامِل // فَانْصَرَفت عَنهُ وَجعلت أَلْقَاهُ فِي دَار الامارة وَهُوَ على جملَة من الْبر والتكرمة حَتَّى عرفت خُرُوجه الى بُسْتَان بالياسرية لم يرأ حسن مِنْهُ وَلَا أطيب من يَوْمه فِيهِ لَا اني حَضرته وَلَكِنِّي حدثت بِمَا ارى لَهُ فَكتبت إِلَيْهِ شعرًا م من الْكَامِل (قل للوزير ابي مُحَمَّد الَّذِي ... من دون محتده السهى والفرقد) (من إِن سما هَبَط الزَّمَان وريبه ... أَو قَامَ فالدهر المغالب يقْعد) (سقيتني مشمولة ذهبية ... كالنار فِي نور الزجاجة توقد) (لما تخون صرف دهر عَارض ... صبري وقلبي مستهام مكمد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 (وفطمتني من بعْدهَا عَنْهَا فقد ... أَصبَحت ذَا حزن يُقيم وَيقْعد) (من ايْنَ لي مهما أردْت الشّرْب عنْدك ... يَا أَخا العلياء صَبر يُوجد) // الْكَامِل // فاستطاب هَذَا الشّعْر وأعجب بِهِ واستدعاني من غده فَحَضَرت وَأَبْنَاء المنجم فِي مَجْلِسه وَقد أعدا قصيدتين فِي مدحه فمنعهما من النشيد لاحضره فأنشدا وجودا وَتَمام هَذِه الْقِصَّة فِي ذكر بني المنجم فصل من كتاب الروزنامجة أَيْضا قد حَضَرنَا حجرَة تعرف بحجرة الريحان فِيهَا حَوْض مستدير ينصب اليه المَاء من دجلة بالدواليب وَقد مدت الستارة وفيهَا حسن العكبراوية فغنت من الوافر (سَلام ايها الْملك الْيَمَانِيّ ... لقد غلب البعاد على التداني) // الوافر // فطرب الاستاذ ابو مُحَمَّد ايده الله تَعَالَى بغنائها واستعادها الصَّوْت مرَارًا وأتبعته ابياتا وَهِي من الْكَامِل (تطوي الْمنَازل عَن حَبِيبك دَائِما ... وتظل تبكيه بدمع ساجم) (هلا أَقمت وَلَو على جمر الغضا ... قلبت اَوْ حد الحسام الصارم) // الْكَامِل // وتبعتها جَارِيَة ابْن مقلة وَلَا غناء أطيب وأطرب وَأحسن من غنائها فغنت بَيْتَيْنِ للاستاذ وهما من مجزوء الْكَامِل (يَا من لَهُ رتب مُمكنَة ... الْقَوَاعِد فِي الْفُؤَاد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 (ايحل اخذ المَاء من ... متلهب الاحشاء صادي) // مجزوء الْكَامِل // ففتنت الْجَمِيع ثمَّ انبسطنا فِي الشّرْب واشتغل فِي الشدو وارتفع الامر عَن الضَّبْط والاصوات عَن الْحِفْظ واتفقت فِي اثناء ذَلِك مذكرات ومناشدات ومجاوبات وافترقنا فصل مِنْهُ أَيْضا وعَلى ذكر عكبرا حَضَرنَا مَعَ الاستاذ ابي مُحَمَّد ايده الله تَعَالَى بهَا فاستدعى دنا للْوَقْت وخمارا من الدَّيْر وريحانا من الحانة واقترح غناء من الماخور وأخذنا فِي فن من الانخلاع عَجِيب بطرِيق من الاسترسال رحيب ورسم ان يَقُول من حضر شَيْئا فِي الْيَوْم فاستنظروا وَركبت فرسي فاتفقت أَبْيَات لم تكن عِنْدِي مُسْتَحقَّة لَان تكْتب أَو تسمع لَكِن رِضَاء الْقَوْم جمل لدي صورتهَا وَلَوْلَا حذري من توبيخ مَوْلَانَا لطويتها وَهِي من الطَّوِيل (تركت لسافي الرّيح بانة عرعرا ... وزرت لصافي الراح حانة عكبرا) (وَقلت لعلج يعبد الْخمر زفها ... مشعشعة قد شاهدت عصر قيصرا) (فناولنيها لَو تفرق نورها ... على الدَّهْر نَالَ اللَّيْل مِنْهَا تحيرا) (وأوسعني آسا ووردا ونرجسا ... وأحضرني نايا وطبلا ومزهرا) (هُنَالك اعطيت البطالة حَقّهَا ... وألقيت هتك السّتْر مجدا ومفخرا) (كَأَنِّي الصِّبَا جَريا إِلَى حومة الصِّبَا ... أناغي صَبيا من جلندا مزنرا) (فعانقته والراح قد عقرت بِنَا ... فكررت تقبيلا وَقد أقبل الْكرَى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 (وَصد عَن الْمَعْنى النعاس وصادني ... إِلَى أَن تصدى الصُّبْح يلمع مُسْفِرًا) (وهبت شمال نظمت شَمل بغيتي ... فطارت بهَا عني الشُّمُول تطيرا) (فَكَانَ الَّذِي لَوْلَا الْحيَاء أذعته ... وَلَا خير فِي عَيْش الْفَتى إِن تسترا) // الطَّوِيل // فصل أَيْضا مِنْهُ وَحَضَرت الاستاذ أَبَا مُحَمَّد أيده الله تَعَالَى فِي منظرة لَهُ على دجلة تنفتح مِنْهَا أَبْوَاب إِلَى بساتين فَعمل بَيْتَيْنِ صنعا فِي الْوَقْت وغنى بهما وهما من المجتث (لَئِن عرفت جَرِيرًا ... أَو اعتمدت قطيعا) (فَلَا ظَفرت بعاص ... وَلَا أَطَعْت المطيعا) // المجتث // وَالْبَيْت الاول يحْتَاج الى تَفْسِير فَالْمُرَاد بِالْجَرِيرِ جريرة وبالقطيع قطيعة وأنفذ الاستاذ أَبُو مُحَمَّد أيده الله لَيْلَة وَقد مضى الثُّلُث مِنْهَا فاستدعاني وقاد دَابَّة نوبَته كي لَا أتأخر انتظارا لدابتي فمضيت وألفيته قد انْتهى من بستانه الْكَبِير إِلَى مصبها من دجلة على ميادين ريحَان نَضرة فَاسْتحْسن الْموضع وَقعد فِيهِ يشرب مَعَ خدمه ابي الكأس وسلاف وَأبي المدام وشراب وخندريس وشمول وَرَاح وَأمر فَنصبت نَحْو مائَة شمعة فِي أصُول تِلْكَ الميادين صَغِيرَة وَقَعَدت فغنى سلاف من الرمل (يَا شَقِيق النَّفس من حكم ... نمت عَن ليلِي وَلم انم) // الرمل // فَقَالَ الاستاذ بل غن من الرمل (يَا شَقِيق النَّفس من خدمي ... لم ينم ليلِي وَلم انم) (غنني من شعر ذِي حكم ... يَا شَقِيق النَّفس من حكم) // الرمل // وَلم نزل نشرب الراح الى ان باح الصُّبْح بسره وَقَامَ كل منا يتعثر فِي سكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 مَا أخرج من شعره فِي وصف كتب ابْن العميد فَمن ذَلِك قَوْله من الْكَامِل (ورد الْكتاب مبشرا ... قلبِي بأضعاف السرُور) (ففضضته فَوَجَدته ... لَيْلًا على صفحات نور) (مثل السوالف والخدود ... الْبيض زينت بالشعور) (بنظام لفظ كالثغور ... وكالعقود على النحور) (أنزلته فِي الْقلب منزلَة الْقُلُوب من الصُّدُور ... ) // الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (طلع الْفجْر من كتابك عِنْدِي ... فَمَتَى للقاء يَبْدُو الصَّباح) (ذَاك إِن تمّ لي فقد عذب الْعَيْش ... ونيل المنى وَرِيش الْجنَاح) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْكَامِل (وصل الْكتاب طَلِيعَة الْوَصْل ... بِغَرَائِب الإفضال وَالْفضل) (فشكرته شكر الْفَقِير إِذا ... أغناه رب الْمجد بالبذل) (وحفظته حفظ الاسير وَقد ... ورد الامان لَهُ من الْقَتْل) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (ورد الْكتاب فديته من وَارِد ... فَلهُ قلبِي من حَياتِي مورد) (فَرَأَيْت درا عقده مُنْتَظم ... فِي كل فصل مِنْهُ فصل مُفْرد) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 مَا أخرج من فصوله المردفة بِأَبْيَات الشّعْر فصل رَأَيْته فصيح الاشارة لطيف الْعبارَة من الطَّوِيل (إِذا اختصر الْمَعْنى فشربة حائم ... وَإِن رام إسهابا أَتَى الْفَيْض بِالْمدِّ) // الطَّوِيل // فصل قد نظرته فرأيته جسما معتدلا وفهما مشتعلا من المتقارب (ونفسا تفيض كفيض الْغَمَام ... وظرفا يُنَاسب صفو المدام) // المتقارب // فصل قد عمهم بنعمه وغمرهم بشيمه من الْكَامِل (وغزاهم بسوابغ من فَضله ... جعلت جماجمهم بطائن نَعله) // الْكَامِل // فصل كَأَن قلبه عين وَكَأن جِسْمه سمع من الْكَامِل (وَكَأن فطنته شهَاب ثاقب ... وَكَأن نقد الحدس مِنْهُ يَقِين) // الْكَامِل // فصل قد لاقت مناهجه وراقت مباهجه من الطَّوِيل (وَقصر يَوْم الصَّيف عِنْدِي وَلَيْلَة الشتَاء ... سرُور مِنْهُ رَفْرَف طَائِره) // الطَّوِيل // فصل قد اغتيل كمينه واحتيح عرينه من المتقارب (ودارت عَلَيْهِ رحى وقْعَة ... تظل الْحِجَارَة فِيهَا طحينا) // المتقارب // فصل قد أدبته بزجرك وهذبته بهجرك من الطَّوِيل (وَإِن لمست مِنْهُ بعاد معاده ... وعصر جفاه الشّرْب ان يتعهدا) // الطَّوِيل // فصل قد ضيعه الْجُمْلَة وَمنعه المهلة من المتقارب (وأصلاه حر جحيم الْحَدِيد ... تَحت دُخان من القسطل) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 فصل مُضْطَرب اللِّسَان منتقض الْبَيَان من الطَّوِيل (قَلِيل مجَال الرَّأْي فِيمَا ينوبه ... نزُول على حكم النَّوَى والتودع) // الطَّوِيل // فصل من تعرض للمصاعب فليتثبت للمصائب من الطَّوِيل (وَمن خَافَ أَن الْهم يملك نَفسه ... فَأولى بِهِ ترك الْعلَا والجسائم) // الطَّوِيل // فصل وصلَة متينة وَقَاعِدَة مكينة من الطَّوِيل (وارحام ود دونهَا الرَّحِم الَّتِي ... تدانت وجلت ان يطول بهَا الظَّن) // الطَّوِيل // فصل إِنَّه جريح سَيْفك وطريح حيفك من الطَّوِيل (وَمن إِن تلافاه رضاك أعاشه ... وَمن مَوته إِن دَامَ سخطك حائن) // الطَّوِيل // فصل قد كثرت فتوقه واتسعت خروقه من الطَّوِيل (وَفَاتَ مداواة التلافي فَسَاده ... وأعيت دلالات الْخَبِير بكاهله) // الطَّوِيل // فصل قد خبا قبسه وكبا فرسه من الْكَامِل (وصبا ذووه إِلَى جناب عدوه ... وتقطعت أقرانه وعلائقه) // الْكَامِل // فصل رُبمَا وَفِي ضنين وهفا أَمِين من الطَّوِيل (فللرجل الوافي جميل جَزَائِهِ ... وللناصح الهافي جميل التجاوز) // الطَّوِيل // فصل قد حل بِربع مأنوس وَملك محروس من المتقارب (يدبره ملك ماهر ... بهضم الْقوي وجبر الضَّعِيف) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 فصل لَئِن فَخر بعز لم يحضرهُ وَبَيت لم يعمره من المتقارب (فَإِن عصير الثِّمَار الثجير ... وَإِن نفي الْحَدِيد الْخبث) // المتقارب // فصل قتل الانسان ظلم وَقتل قَاتله حكم من السَّرِيع (وَالسيف يُبْدِي الْجور فِي حَالَة ... ويبذل الانصاف فِي اخرى) // السَّرِيع // فصل اسْتَقر بِسَاحَة خضرَة واستبد بعيشة نَضرة من الْكَامِل (وَغدا ابْن دأية عِنْدهم كمها ... وابتز سوق صياحه خرس) // الْكَامِل // فصل عَادل الْمِكْيَال وازن المثقال من الطَّوِيل (يجير على سُلْطَانه حكم دينه ... وَيبعد فِي حق الْبعيد أَقَاربه) // الطَّوِيل // فصل فاتهم بِشدَّة تجهمهم وَسُرْعَة تهجمهم من الْكَامِل (تركُوا المكيدة والكمين لجهرهم ... والنبل والارماح للاسياف) // الْكَامِل // فصل قد علقت مِنْهُ بِحَبل منهوك وَستر مهتوك من الطَّوِيل (وقلب شَدِيد لَا يلين لخلة ... وَلَا يتلافاه الرقى والتلطف) // الطَّوِيل // فصل أوحشت عني إبعادا لَك وانعطافا عَنْك من الْبَسِيط (وَهل يباعد عذب المَاء ذُو غصص ... أَو ينثني عَن لذيذ الزَّاد منهوم) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 مَا اخْرُج من فصوله الْمُجَرَّدَة من ابيات الشّعْر وانخرط بعضه فِي سلك كتابي المترجم بِسحر البلاغة الْقلب لَا يملك بالمخاتلة وَلَا يدْرك المجادلة لَهُ انعام كَثِيرَة الشُّهُود وأفضال غزيرة المدود لم يعلم فِي أَي حتف تورط واي شَرّ تأبط محامد أقرّ بهَا الراضي والغضبان واوضحها الدَّلِيل والبرهان كيس البيع رابح الشِّرَاء حسن الاخذ وَالعطَاء يُؤْذِي صَدره ويمنعه من النفث ويجرح خاطره ويعوقه عَن الْعَبَث لما أجَاب أطاب وتفسح فِي رحاب الصَّوَاب قد ألنت عَرِيكَة الدَّهْر لَهُ وكففت غرب الزَّمَان عَنهُ يفور غيظا ويتميز حقدا ويتلظى غَضبا وَيزِيد حنقا قد قَامَ بيني وَبَين وصلك حاجز من فعلك قد ابتذلت جَدِيد وده واستحللت حرَام صده من حنث فِي ايمانه واخل بأمانته فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه حلف يَمِين برشهد بهَا تصديقي واستيقنتها نَفسِي قد ترامت بِهِ الْبلدَانِ والاسفار وَنبت عَنهُ الاوطان والاوطار وَضَاقَتْ بِهِ الاعطان والاقطار تركت قلبه طافحا بوجده ودمعه سافحا على خَدّه لَو سالمه الاسد رام ظلمه أَو خاشنه الضّر طلب سلمه قد أَمرته أَن يَجْعَل رَأْيك سراجه ورسمك منهاجه قد شربت وشلا من وده ولبست سملا من عَهده لاكشفنه لكل ليل بَارِد ونهار وَاقد اكفف عَن لحم يكسبك بشما وَفعل يعقبك ندما مستثقل من كراه ثمل من عناه طرقني ثَنَاء مَا تتتلقى شفتاي بِذكرِهِ وَلَا يثبت بالي لخطره لست غفلا عَن الدَّهْر فتنكر نوائبه وَلَا مطيقا لَهُ فتدفع مصائبه قد تناسخت الايام قواه وشذبت الْحَوَادِث هَوَاهُ تبدى وَجه المطابق والمرافق وتخفي نظر المسارق وَالْمُنَافِق لَو أَن الْبَرْق فطنته وَالرِّيح جنبته والسد سوره لتغشاه حسبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 واستخرجه طلبي وَلم خذلته أنصاره وقطعته أرحامه وَقَعَدت عَنهُ أشياعه أوليته من حمايتي عضدا وَمن عنايتي مدَدا وجدته أمد يدا من بَاعه وأبسط قعُودا من قِيَامه مكن مَوضِع رجلك قبل مشيك وَتَأمل عَاقِبَة فعلك قبل سعيك عصارة لؤم فِي قرارة خبث غُصْن مهصور بِالْمَوْتِ معصور بِالتُّرَابِ قد خففت همه بالشكوى وَحل حزنه بالبكاء كَمَا حذيت النَّعْل بالنعل وَقد الشرَاك على الْمثل يعدل عَن النَّص إِلَى الْخرص وَعَن الْحس إِلَى الهجس فِي حكمه صارم فصل وَفِي يَده خَاتم عدل سديد الْمذَاهب سعيد المناقب نجيح المطالب دلاه فِي خطر وأسلمه إِلَى غرر وَلَا زلت فِي إِقَامَة ممهدة الحشايا وحركة وطيئة المطايا دَفعه الى شَفير وأطلعه على حقير استدعى حضوري خَالِيا واستدني مجلسي مكرما وَاسْتوْفى مقالي مصغيا وَأَعْطَانِي معروفه مسمحا وَنزل على مَسْأَلَتي مسهلا وَقضى حَاجَتي مُجملا وصرفني بالنجاح عجلا طيب المغرس زاكي المنبت نضير المنشأ رفيع الْفَرْع لذيذ الثَّمر متقلب بَين اسْتِقْبَال شباب واستقلال حَال وشرخ قصف وفتاء ظرف وجدت فِيهِ مصطنعا وَبِه مستمتعا قد وفر همه على مطعم يجوده ومرقد يمهده أَنا أتذمم من استئصال مثلك وَأهب جرمك لفضلك من ضاف الاسد قراه أَظْفَاره وَمن حرك الدَّهْر اراه اقتداره وجدت فِيهِ مَعَ علو سنه وَأخذ الايام من جِسْمه بَقِيَّة حَسَنَة ومتعة حلوة التَّصَرُّف أَسْنَى وَأَعْلَى والتسيم أعفى وأصفى وَمهما اخْتَرْت من الامرين أمرا فعنايتي تحرسك فِيهِ ونظري يمكنك مِنْهُ لَو لم يكن فِي تهجين الرَّأْي الْمُفْرد وتبيين عجز التَّدْبِير الاوحد إِلَّا أَن الاستلقاح وَهُوَ أصل كل شَيْء لَا يكون إِلَّا بَين اثْنَيْنِ وَأكْثر الطَّيِّبَات اقسام تجمع وأوصاف تؤلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 مَا أخرج من شعره فِي جَارِيَته تجني من ذَلِك قَوْله من المنسرح (مرت فَلم تثن طرفها تيها ... يحسدها الْغُصْن فِي تثنيها) (تِلْكَ تجنبي الَّتِي جننت بهَا ... أعاذني الله من تجنيها) // المنسرح // وَقَوله من الْخَفِيف (رب ليل لبست فِيهِ التصابي ... وخلعت العذار والعذل عني) (فِي مَحل يحله لَذَّة الْعَيْش ... ويجني سروره من تجني) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (لي صديق فِي وده لي صَدُوق ... وبرعي الْحُقُوق مني حقيق) (يَا تجني كتمت ثمَّ بدا لي ... أَنْت ذَاك الصّديق لي والرفيق) (كلما سرت من فراقك ميلًا ... مَال من مهجتي إِلَيْك فريق) (فحياتي مصروفة فِي طَرِيق ... للمنايا عَليّ فِيهَا طروق) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (منية سابقت وُرُود البشير ... ومواف أوفى على التَّقْدِير) (يَا عروسا زفت إِلَيّ فأهديت ... إِلَيْهَا رقى مَكَان المهور) (بالتملي وبالرجا وَالسُّرُور ... يَا حَياتِي والمنزل الْمَعْمُور) (قد لعمري وفيت لي وسأجزيك ... وَفَاء بِالشّرطِ بعد النذور) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (لقد واظبت نَفسِي على الْحبّ فِي الْهوى ... بإنسانة ترعى الْهوى وتواظب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 (صفا لي الْعَيْش والشيب شَامِل ... كَمَا كَانَ يصفو والشباب مصاحب) // الطَّوِيل // مَا اخْرُج من شعره فِي الْغَزل وَغَيره فَمن ذَلِك قَوْله من الوافر (أَرَانِي الله وَجهك كل يَوْم ... صباحا للتيمن وَالسُّرُور) (وأمتع ناظري بصحيفتيه ... لأقرا الْحسن من تِلْكَ السطور) // الوافر // وَقَوله من مجزوء الرمل (يَا منى نَفسِي وَيَا حسبي ... من حسن وَطيب) (سابقي بالوصل موتِي ... أَو مشيبي ومغيبي) (فَهُوَ للفتيان فِي الدُّنْيَا ... بمرصاد قريب) // مجزوء الرمل // وَله فِي غُلَام اسْمه غَرِيب من الوافر (رعى الرَّحْمَن قوما ملكوني ... رشا قصر بلغت بِهِ المرادا) (وسموه مَعَ الْقُرْبَى غَرِيبا ... كنور الْعين سموهُ سوادا) // الوافر // وَقَوله من الْخَفِيف (رب ليل قطعت فِيهِ خماري ... بغزال كَأَنَّهُ مخمور) (ومصاد سرحت فِيهِ وَنصر ... بازيازي مظفر مَنْصُور) (بصقور مثل النُّجُوم إِذا انْقَضتْ وعصف كأنهن صقور ... ) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 وَقَوله من الْكَامِل (الْورْد بَين مضمخ ومضرج ... والزهر بَين مكلل ومتوج) (والثلج يهْبط كالنثار فَقُمْ بِنَا ... نلتذ بابنة كرمة لم تمزج) (طلع النَّهَار ولاح نور شقائق ... وبدت سطور الْورْد تلو بنفسج) (فَكَأَن يَوْمك فِي غلالة فضَّة ... والنبت من ذهب على فيروزج) // الْكَامِل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (يَوْم كَأَن سماءه ... شبه الحصان الابرش) (وَكَأن زهرَة روضه ... فرشت بِأَحْسَن مفرش) (فسماؤه دكن الخزوز ... وأرضه خضر الوشي) // مجزوء الْكَامِل // كَأَنَّهُ أَخذه من قَول ابْن الرُّومِي من الْخَفِيف (يَوْمنَا للنديم يَوْم سرُور ... والتذاذ ونعمة وابتهاج) (ذُو سَمَاء كأدكن الْخَزّ قد غيمت ... وَأَرْض كأخضر الديباج) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (يَا هلالا يَبْدُو فَيَزْدَاد شوقي ... وهزارا يرنو فَيَزْدَاد عشقي) (زعم النَّاس أَن رقك ملكي ... كذب النَّاس أَنْت مَالك رقي) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (أَلا يَا منى نَفسِي وَإِن كنت حتفها ... ومعناي فِي سري ومغزاي فِي جهري) (تصارمت الاجفان مُنْذُ صرمتني ... فَمَا تلتقي إِلَّا على عِبْرَة تجْرِي) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 وَقَوله من السَّرِيع (يَا شادنا جدد حبي لَهُ ... من بعد حب سالف ساجي) (بلحية قد أوصلت جمة ... مثل اتِّصَال الطوق بالتاج) // السَّرِيع // وَله فِي غُلَام ناقه من علته من مجزوء الْكَامِل (نَهَضَ العليل فَقلت حِين بدا كغصن مائل ... ) (طلع الْهلَال لليلة ... بضياء بدر كَامِل) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (قَالَ لي من أحب والبين قد بدد ... دمعي مواصلا للشهيق) (مَا الَّذِي فِي الطَّرِيق تصنع بعدِي ... قلت أبْكِي عَلَيْك طول الطَّرِيق) // الْخَفِيف // وَقَوله من مخلع الْبَسِيط (لَوْلَا تسلي بارتكاضي ... فِي الْبعد والقرب والتلاقي) (ودفعي الْهم بالاماني ... فَارَقت روحي مَعَ الْفِرَاق) // مخلع الْبَسِيط // وَقَوله من السَّرِيع (ينأى فأشتط وأنوي لَهُ ... تنقص الداني على النائي) (حَتَّى إِذا أبصرته ذبت فِي ... يَدَيْهِ ذوب الْملح فِي المَاء) // السَّرِيع // وَقَوله من المنسرح (ولي حبيب ألوذ فِيهِ بأوصاف ... وفحواه فَوق مَا اصف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 (كالبدر يَعْلُو وَالشَّمْس تشرق والغزال ... يعطو والغصن يَنْعَطِف) // المنسرح // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (إِن كنت أزمعت الرحيل ... فَإِن عزمي فِي الرحيل) (أَو كنت قاطنة أَقمت ... وَإِن منعت لذيذ سولي) (كالنجم يصحب فِي الْمسير وَلَا يَزُول لَدَى النُّزُول ... ) // مجزوء الْكَامِل // أَخذه من قَول أبي تَمام من الْكَامِل (كالنجم إِن سَافَرت كَانَ مواكبا ... وَإِذا حططت الرحل كَانَ جَلِيسا) // الْكَامِل // وَقَوله من الْكَامِل (عزمي وعزم عِصَابَة ركاضة ... مَوْصُولَة الالجام بالاسراج) (كالنبل عامدة الى أهدافها ... وَالطير قاصدة الى الابراج) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (وَذي حسد وَلَو حل بِي مَا يُريدهُ ... لاصبح مفجوعا بفيض بناني) (وَلم أعْطه جهلا وَلَكِن سحائبي ... تعم ذَوي الاخلاص والشنان) // الطَّوِيل // وَقَوله لابي إِسْحَاق الصابي من الْبَسِيط (برد مصيفك وأفرشه بميثرة ... فإنني لمقام الْخلّ أرتحل) (الذاكري وَإِن أضحي ويعجبني ... أَن تستريح وَأَن تكتنك الظل) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 وَقَوله من الطَّوِيل (أوفي كلا وقتي قسط تأله ... وقسط هوى لَا يسْتَمر لمحرم) (وَلَذَّة وجدي من لذاذة مطربي ... أسر إِلَى نَفسِي وأعذب فِي فمي) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْكَامِل (يَا عَارِفًا بالداء مطرح السُّؤَال عَن الدَّوَاء ... ) (الْعلم عِنْدِي كالغذاء ... فَهَل تعيش بِلَا غذَاء) // الْكَامِل // وَقَوله من الرمل (لَو توسطت إِذا لم تتْرك ... وكففت الْقلب عَن بعض الارب) (كَانَ أَرْجَى لَك فِي العقبى من أَن ... تملا الدَّلْو إِلَى عقد الكرب) // الرمل // وَقَوله من المتقارب (هَب الْبَعْث لم يأتنا نَذره ... وجماحة النَّار لم تضرم) (أَلَيْسَ بكاف لذِي فكرة ... حَيَاء الْمُسِيء من الْمُنعم) // المتقارب // وَقَوله من الْكَامِل (يَا من يسر بلذة الدُّنْيَا ... ويظنها خلقت لما يهوى) (لَا تكذبن فَإِنَّهَا خلقت ... لينال زاهدها بهَا الاخرى) // الْكَامِل // وَقَوله من الطَّوِيل (بعثت الى رب البرايا رِسَالَة ... توسل لي مِنْهَا دُعَاء مناصح) (فجَاء جوابي بالاجابة وانجلت ... بهَا كرب ضَاقَتْ بِهن الجوانح) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 الْبَاب الثَّالِث 115 - فِي ذكر ابي اسحاق الصابي ومحاسن كَلَامه هُوَ ابراهيم بن هِلَال بن هرون الصابي الْحَرَّانِي أوحد الْعرَاق فِي البلاغة وَمن بِهِ تثنى الخناصر فِي الْكِتَابَة وتتفق الشَّهَادَات لَهُ ببلوغ الْغَايَة من البارعة والصناعة وَكَانَ قد خنق التسعين فِي خدمَة الْخُلَفَاء وَخِلَافَة الوزراء وتقلد الاعمال الجلائل مَعَ ديوَان الرسائل وحلب الدَّهْر أشطره وذاق حلوه ومره ولابس خَيره ومارس شَره ورئس وَرَأس وخدم وخدم ومدحه شعراء الْعرَاق فِي جملَة الرؤساء وَسَار ذكره فِي الافاق وَدون لَهُ من الْكَلَام الْبَهِي النقي مَا تتناثر درره وتتكاثر غرره وَفِيه يَقُول بعض أهل الْعَصْر من الْكَامِل (أَصبَحت مشتاقا حَلِيف صبَابَة ... برسائل الصابي أبي إِسْحَاق) (صوب البلاغة والحلاوة والحجى ... ذوب البراعة سلوة العشاق) (طورا كَمَا رق النسيم وَتارَة ... يَحْكِي لنا الاطواق فِي الاعناق) (لَا يبلغ البلغاء شأو مبرز ... كتبت بدائعه على الاحداق) // الْكَامِل // الحديث: 115 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 وَيَقُول بعض أهل الْعَصْر فِيهِ أَيْضا من الْكَامِل (يَا بؤس من يمنى بدمع ساجم ... يهمي على حجب الْفُؤَاد الواجم) (لَوْلَا تعلله بكأس مدامة ... ورسائل الصابي وَشعر كشاجم) // الْكَامِل // ويحكى أَن الْخُلَفَاء والملوك والوزراء أرادوه كثيرا على الاسلام وأداروه بِكُل حِيلَة وتمنية جليلة حَتَّى إِن عز الدولة بختيار عرض عَلَيْهِ الوزارة إِن اسْلَمْ فمل يهده الله تَعَالَى للاسلام كَمَا هداه لمحاسن الْكَلَام وَكَانَ يعاشر الْمُسلمين أحسن عشرَة ويخدم الاكابر أرفع خدمَة ويساعدهم على صِيَام شهر رَمَضَان ويحفظ الْقرَان حفظا يَدُور على طرف لِسَانه وَسن قلمه وبرهان ذَلِك مَا أوردته فِي كتاب الاقتباس من فصوله الَّتِي أحسن فِيهَا كل الاحسان وحلاها بآي من الْقرَان سَمِعت أَبَا مَنْصُور سعيد بن احْمَد البريدي ببخارى يَقُول إِن أَبَا إِسْحَاق الصابي كَانَ من نساك أهل دينه والمتشددين فِي ديانته وَفِي محاماته على مذْهبه وتصونه عَمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الْهوى يَقُول من الوافر (حمتني لذتي رتب الْمَعَالِي ... وضني بالمروءة وَالْوَقار) (وَدين ضَاقَ فِيهِ مجَال فتكي ... لخوف عُقُوبَة وحذار نَار) (فوا شوقا إِلَى خلع العذار ... وفعلي مَا أُرِيد بِلَا اعتذار) (وَيَا لهفي على حل الازار ... صَرِيعًا بَين سكر أَو خمار) // الوافر // وحَدثني أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان قَالَ بَلغنِي أَن الصابي حضر يَوْمًا مائدة المهلبي فَامْتنعَ عَن الاكل لباقلاء كَانَت عَلَيْهَا لانه محرم على الصابئة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 كَيْفَمَا كَانَ من السّمك وَلحم الْخِنْزِير وَلحم الْجمل وفراخ الْحمام وَالْجَرَاد فَقَالَ لَهُ المهلبي لَا تبرد وكل مَعنا من هَذِه الباقلاء فَقَالَ أَيهَا الْوَزير لَا أُرِيد أَن أعصي الله فِي مَأْكُول فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ وَكَانَ ابو إِسْحَاق فِي أَيَّام شبابه واقتباله أحسن حَالا وارخى بَالا مِنْهُ فِي أَيَّام استكماله وزمن اكتهاله وأورى زندا وأسعد جدا مِنْهُ حِين مَسّه الْكبر واخذ مِنْهُ الْهَرم وَفِي ذَلِك يَقُول من الْكَامِل (عجبا لحظي إِذْ أرَاهُ مصالحي ... عصر الشَّبَاب وَفِي المشيب مغاضبي) (أَمن الغواني كَانَ حَتَّى ملني ... شَيخا وَكَانَ على صباي مصاحبي) (أمع التضعضع ملني متجنبا ... وَمَعَ الترعرع كَانَ غير مجانبي) (يَا لَيْت صبوته الي تَأَخَّرت ... حَتَّى تكون ذخيرة لعواقبي) // الْكَامِل // من قصيدة فِي فنها فريدة كتب بهَا الى الصاحب يشكو فِيهَا بثه وحزنه ويستمطر سحابه بعد أَن كَانَ يخاطبه بِالْكَاف وَلَا يرفعهُ عَن رُتْبَة الاكفاء وَكَانَ المهلبي لَا يرى إِلَّا بِهِ الدُّنْيَا ويحن الى براعته وَتقدم قدمه ويصطنعه لنَفسِهِ ويستدعيه فِي أَوْقَات انسه فَلَمَّا توفّي المهلبي وَأَبُو إِسْحَاق يَلِي ديوَان الرسائل والخلافة مَعَ ديوَان الوزارة اعتقل فِي جملَة عُمَّال المهلبي فَمن قَوْله فِي ذَلِك الاعتقال من قصيدة من الْكَامِل (يَا أَيهَا الرؤساء دَعْوَة خَادِم ... أوفت رسائله على التعديد) (أَيجوزُ فِي حكم الْمُرُوءَة عنْدكُمْ ... حسبي وَطول تهددي ووعيدي) (قلدت ديوَان الرسائل فانظروا ... أعدلت فِي لَفْظِي عَن التسديد) (أعلي رفع حسام مَا أنشأته ... فأقيم فِيهِ أدلتي وشهودي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 (أنسيتم كتبا شحنت فصولها ... بفصول در عنْدكُمْ منضود) (ورسائلا نفذت إِلَى أطرافكم ... عبد الحميد بِهن غير حميد) (يَهْتَز سامعهن من طرب كَمَا ... هز النديم سَماع ضرب الْعود) (أَنا بَين إخْوَان لنا قد أوثقُوا ... بسلاسل وجوامع وقيود) (وموكلين بِنَا نذل لعزهم ... فكأننا لَهُم عبيد عبيد) (وَالله مَا سمع الانام وَلَا رَأَوْا ... نَقْدا توكل قبلهم بأسود) (من كل حر ماجد صنديد ... فِي كل وغد عَاجز رعديد) (قصرت خطاه خلاخل من قَيده ... فتراه فِيهَا كالفتاة الرود) (يمشي الهوينا ذلة لَا عزة ... مشي النزيف الْخَائِف المزءود) (فتفضلوا وتعطفوا وهبوا لنا ... عفوا قديم حفائظ وحقود) (وتعلموا أَن الْولَايَة عنْدكُمْ ... عَارِية لَيست بِذَات خُلُود) // الْكَامِل // وسأجعل لاخوات هَذِه الابيات مِمَّا قَالَه فِي هَذَا الاعتقال وَغَيره فصلا فِي جملَة الْفُصُول من غرر شعره وَلما خلى عَنهُ وأعيد الى عمله لم يزل يطير وَيَقَع وينخفض ويرتفع الى أَن دفع فِي أَيَّام عضد الدولة الى النكبة الْعُظْمَى والطامة الْكُبْرَى إِذْ كَانَت فِي صَدره حزازة كَبِيرَة من إنشاءات لَهُ عَن الْخَلِيفَة الطائع فِي شَأْن عز الدولة بختيار نقمها مِنْهُ واحتقدها عَلَيْهِ حَدثنِي ابو مَنْصُور سعيد بن احْمَد البريدي وَأَبُو طَاهِر مُحَمَّد بن عبد الصَّمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 الْكَاتِب قَالَا كَانَ من اقوى اسباب تغير عضد الدولة لابي إِسْحَاق بعد ميله إِلَيْهِ وضنه بِهِ فصل لَهُ من كتاب أنشأه عَن الْخَلِيفَة فِي شَأْن بختيار وَهُوَ وَقد جدد لَهُ امير الْمُؤمنِينَ مَعَ هَذِه المساعي السوابق والمعالي السوامق الَّتِي تلْزم كل دَان وَقاص وعام وخاص أَن يعرف لَهُ حق مَا كرم بِهِ مِنْهَا ويتزحزح عَن رُتْبَة الْمُمَاثلَة فِيهَا فَإِنَّهُ انكر عَلَيْهِ هَذِه اللَّفْظَة اشد إِنْكَار وَلم يشك فِي التَّعْرِيض بِهِ واسرها فِي نَفسه الى ان ملك بَغْدَاد وَسَائِر بِلَاد الْعرَاق وَأمر أَبَا اسحاق بتأليف كتاب فِي اخبار الدولة الديلمية يشْتَمل على ذكر قديمه وَحَدِيثه وَشرح سيره وحروبه وفتوحه فامتثل امْرَهْ وافتتح كِتَابه المترجم بالتاجي الَّذِي تقدم ذكره فاشتغل فِي منزلَة بِهِ واخذ يتأنق فِي تصنيفه وترصيفه وَينْفق من روحه على تقريظه وتشنيفه فَرفع الى عضد الدولة ان صديقا للصابي دخل عَلَيْهِ يَوْمًا فَرَآهُ فِي شغل شاغل من التَّعْلِيق والتسويد والتبديل والتبيض فَسَأَلَهُ عَمَّا يعمله من ذَلِك فَقَالَ أباطيل انمقها وأكاذيب الفقها فانضاف تَأْثِير هَذِه الْكَلِمَة فِي قلب عضد الدولة إِلَى مَا كَانَ فِي قلبه من ابي اسحاق وحرك من ضغنه السَّاكِن وأثار من سخطه الكامن فَأمر بِأَن يلقِي تَحت أرجل الفيلة فأكب نصر بن هرون ومطهر بن عبد الله وَعبد الْعَزِيز بن يُوسُف على الارض يقلبونها بَين يَدَيْهِ ويستشفون إِلَيْهِ فِي امْرَهْ ويتلطفون فِي استيهاب دَمه الى أَن امْر باستحيائه مَعَ الْقَبْض عَلَيْهِ وعَلى اشيائه واستئصال امواله فَبَقيَ فِي ذَلِك الاعتقال بضع سِنِين الى أَن تخلص فِي آخر ايام عضد الدولة وَقد رزحت حَاله وتهتك ستره وَكَانَ الصاحب يُحِبهُ اشد حب ويتعصب لَهُ ويتعهده على بعد الدَّار بالمنح وَأَبُو إِسْحَاق يخْدم حَضرته بالمدح وقرأت لَهُ فصلا من كتاب فِي ذكر صلَة وصلت مِنْهُ إِلَيْهِ استظرفته جدا وَهُوَ ورد اطال الله تَعَالَى بَقَاء سيدنَا ومولانا ابو الْعَبَّاس احْمَد بن الْحُسَيْن وابو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 مُحَمَّد جَعْفَر بن شُعَيْب حاجين فعرجا الى ملمين وعاجا على مُسلمين فحين عرفتهما وَقبل أَن ارد السَّلَام عَلَيْهِمَا مددت الْيَد إِلَيْهِمَا كَمَا مدها حسان بن ثَابت الى رَسُول جبلة بن الايهم ثِقَة مني بصلته وتشوقا الى تكرمته واعتيادا لاحسانه وإلفا لموارد إنعامه وتيقنا أَن خطوري بِبَالِهِ مقرون بالنصيب من مَاله وَأَن ذكرَاهُ لي مشفوعة بجدواه وَقمت عِنْد ذَلِك قَائِما وَقبلت الارض سَاجِدا وكررت الدُّعَاء وَالثنَاء مُجْتَهدا وَسَأَلت الله تَعَالَى ان يُطِيل لَهُ الْبَقَاء كطول يَده بالعطاء ويمد لَهُ فِي الْعُمر كامتداد ظله على الْحر وَأَن يحرس هَذَا البدد الْقَلِيل الْعدَد من مشيخة الْكتاب ومنتحلي الاداب مَا كنفهم بِهِ من ذراه وافاء عَلَيْهِم من نداه واسامهم فِيهِ من مراتعه وأعذبه لَهُم من شرائعه الَّتِي هم محلئون إِلَّا عَنْهَا ومحرومون إِلَّا مِنْهَا وَله رسائل وقصائد كَثِيرَة إِلَيْهِ وَقد أودعت هَذَا الْكتاب شرطة مِنْهَا وَبَلغنِي ان الصاحب كَانَ يتَمَنَّى انحيازه إِلَى جنبته وقدومه إِلَى حَضرته وَيضمن لَهُ الرغائب على ذَلِك إِمَّا تشوقا أَو تفوقا وَكَانَ ابو اسحاق يحْتَمل ثقل الْخلَّة وَسُوء اثر العطلة وَلَا يتواضع للاتصال بجملة الصاحب بعد كَونه من نظرائه وتحليه بالرياسة فِي ايامه وَأَخْبرنِي ثِقَات مِنْهُم ابو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الْكَرْخِي وَكَانَ شَدِيد الِاخْتِصَاص بالصاحب انه كثيرا مَا كَانَ يَقُول كتاب الدُّنْيَا وبلغاء الْعَصْر اربعة الاستاذ ابْن العميد وَأَبُو الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن يُوسُف وابو اسحاق الصابي وَلَو شِئْت لذكرت الرَّابِع يَعْنِي نَفسه وَأما التَّرْجِيح بَين هذَيْن الصدرين اعني الصاحب والصابي فِي الْكِتَابَة فقد خَاضَ فِيهِ الخائضون وأخب فِيهِ المخبون وَمن أشفي مَا سمعته فِي ذَلِك ان الصاحب كَانَ يكْتب كَمَا يُرِيد وَأَبُو اسحاق كَانَ يكْتب كَمَا يُؤمر وَبَين الْحَالين بون بعيد وَكَيف جرى الامر فهما هما وَقد وقف فلك البلاغة بعدهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 وَأَنا كَاتب انموذجا من فصوص فُصُول الصابي وفرائد قلائده ومقف على اثره بِمَا فصلته من غرر اشعاره الْمُشْتَملَة على بَدَائِع مَعَانِيه بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وإذنه فصل لَهُ من كتاب الى عضد فِي الدولة فِي التهنئة بتحويل سنة اسْأَل الله تَعَالَى مبتهلا لَدَيْهِ مَادًّا يَدي إِلَيْهِ أَن يحِيل على مَوْلَانَا هَذِه السّنة وَمَا يتلوها من أخواتها بالصالحات الْبَاقِيَات وبالزائدات الغامرات ليَكُون كل دهر يستقبله وأمد يستأنفه موفيا على الْمُتَقَدّم لَهُ قاصرا عَن المتاخر ويوفيه من الْعُمر اطوله وابعده وَمن الْعَيْش اعذبه وارغده عَزِيزًا منصورا موفورا باسطا يَده فَلَا يقبضهَا إِلَّا على نواصي اعداء وحساد ساميا طرفه فَلَا يغضه إِلَّا على لَذَّة غمض ورقاد مستريحة ركابه فَلَا يعملها إِلَّا لاستضافة عز وَملك فائزة قداحه فَلَا بجيلها إِلَّا لحيازة مَال وَملك حَتَّى ينَال اقصى مَا تتَوَجَّه إِلَيْهِ أمْنِيته جَامعا وتسمو لَهُ همته طامحا فصل من كتاب عَن بختيار الى مؤيد الدولة لما قبض على ابي الْفَتْح بن العميد ذِي الكفايتين فِي الشَّفَاعَة لَهُ وَهَذَا غُلَام افسدته سجية ركن الدولة الشَّرِيفَة فِي شدَّة الِاحْتِمَال وَالصَّبْر على الادلال وَاجْتمعَ لَهُ الى ذَلِك التقلب فِي نعْمَة حازها حِيَازَة وَارِث لَهَا لم يكدح فِي تأثيلها وَلَا مَسّه النصب فِي تثميرها وَلَا اهْتَدَى الى طَرِيق استيفائها وَلَا تحزن من طرق دواعي انتقالها وَمن ألزم اللوازم فِي حكم الرِّعَايَة أَن نَحْفَظهُ من سكر نعْمَة نَحن سقيناه بكأسها وَأَن نعذره عِنْد هفوة قد شاركناه فِي إِيجَاد اسبابها وان تكون نَفسه محروسة والبقية من حَاله يعد اخذ فَضلهَا الْمُفْسد لَهُ متروكة وَأَن يتحدث النَّاس بِأَن سَيِّدي الامير اصاب غَرَض الحزم بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ ثمَّ طبق مفصل الْكَرم فِي التجاوز عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 فصل عَنهُ إِلَى ابي تغلب فِي الشَّفَاعَة لاخ لَهُ وَقد يكون لعمري من ذَوي الارحام الشابكة والقرابات الدانية من يتمادى فِي العقوق وَيذْهب عَن حفظ الْحُقُوق وَلَا يسع ترك تألفه حَتَّى يرجع واستصلاحه حَتَّى ينْزع فَإِن تجشم الاعراض عَنهُ لرياضة تقصد أَو عَاقِبَة نفع تحمد لم يبلغ بِهِ إِلَى قطع الْمَعيشَة وَمنع الْمَادَّة لَان قباحة ذَلِك بِمن يَسْتَعْمِلهُ اكثر من مضرته بِمن يعْمل مَعَه وَقد قيل إِن الْمُلُوك تؤدب بالهجران وَلَا تعاقب بالحرمان هَذَا فِي الِاتِّبَاع والاصحاب فَكيف فِي الاقران والاتراب فصل عَن نَفسه الى عبد الْعَزِيز بن يُوسُف كتب الِاتِّبَاع محتاجة عِنْد الْمُلُوك الى قَائِد يطْرق ويمهد لَهَا وسائق يشيع ويحدو بهَا وناصح يعضدها فِي متضمناتها ويشفع لَهَا فِي ملتمساتها ويعتمد بعرضها فِي أَوْقَات الْفَرَاغ والنشاط وأحيان الْخلْوَة والانبساط فصل عَن بختيار الى ابي تغلب فِي ذكر فرس أهداه إِلَيْهِ أما الْفرس الَّذِي سَالَتْ إيثارك بِهِ فقد تقدمنا بقوده إِلَيْك وَالله تَعَالَى يُبَارك لَك فِيهِ وَيجْعَل الْخَيْر معقد ناصيته والإقبال غرَّة وَجهه وَإِدْرَاك المطالب تحجيل قوائمه ونيل الاماني طلق شده وَفتح الْفتُوح غَايَة شأوه وسلامة العواقب مثنى عنانه فصل عَن نَفسه الى صدق لَهُ منجم يسْأَله الحكم عَن تَحْويل سنته مَا أحْوج من حَالي حَاله إِلَى تفضل مِنْك عَائِد بعد باد وتال بعد مَاض وبالحكم على السّنة الْمُسْتَقْبلَة الَّتِي تصل زايرجتها درج هَذَا الْكتاب مستقصيا لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 ومدققا فِيهِ ومتوفرا عَلَيْهِ ومتوصلا الى استنباء دفينه واستثارة كمينه والافصاح بكلياته وجزئياته غير مغرق فِي تفخيم مَا يلوح من السَّعَادَة سهلها الله تَعَالَى كَيْلا اتوقع مِنْهَا اكثر من حَدهَا وَلَا مُقْتَصرا فِي الانذار بالمنحسة صرفهَا الله تَعَالَى لِئَلَّا اكون كالغافل الذاهل عَنْهَا فان ثَمَرَة هَذِه الصِّنَاعَة هِيَ تقدمة الْمعرفَة بِمَا يكون والاستعداد لَهُ بِمَا يُمكن وَلَا اقول ان ذَلِك يُؤَدِّي الى دفع مَقْدُور نَازل وَلَا مُعَارضَة محتوم حَاصِل وَلَكِنِّي اقول رُبمَا كَانَ من سَعَادَة السعيد أَن يعلم هَذَا الامر فيتصدى لحيازة مَا يجب ويتوقى حُلُول مَا يكره وَرُبمَا كَانَ من منحسة المنحوس ان يجهله فَيكون كالمسلوب بَصَره وسَمعه الَّذِي لَا يرى فيتحفظ وَلَا يسمع فيتيقظ وكلا الامرين لسابق قَضَاء الله تَعَالَى مُوَافق ولمتقدم علمه مُطَابق وَإِنَّمَا ذكرت ذَلِك استظهارا لنَفْسي ان تعداك كتابي الى غَيْرك مِمَّن لَا يَهْتَدِي للْجمع بَين الامرين والتعلق مِنْهُمَا بالعروتين فيظن ان المراعي لاحدهما مخل بالاخر وَعِنْدِي ان الْفَاصِل بَينهمَا لَا يَخْلُو من ان يكون نَاقص الحظوظ فِي ادبه أَو نَاقص الْيَقِين فِي دينه وَأَنت ولي مَا تفضل بِهِ فِي ذَلِك مُعْتَمد تَقْدِيمه وَترك تَأْخِيره إِذْ للنَّفس رَاحَة فِي تيسير المنتظرات وَعَلَيْهَا كلفة فِي أَن تتمادى بهَا الاوقات على أَن ظَنِّي بك الايثار لما اثرت والتحرز مِمَّا حاذرت فصل من رِسَالَة عَن صديق فِي الْخطْبَة وَلَو لم يكن للخاطب الى المخطوب إِلَيْهِ سَبَب غير ابْتِدَائه إِيَّاه بالثقة والتماس المشابكة وَرضَاهُ بِهِ شَرِيكا مفوضا فِي الْوَلَد واللحمة وَالْحَال وَالنعْمَة لكفاه واجزاه واغناه عَن كل مَا سواهُ حَتَّى إِنَّه لَو خطب الى زاهد لوَجَبَ عَلَيْهِ أَن يرغب اَوْ الى معتاص للزمه أَن ينقاد لَان هَذَا الْمطلب إِذا صدر عَن الاحرار الى الاحرار استهجن الرَّد عَنهُ والمقابلة لَهُ بضده فَكيف وَقد انتظمت بَيْننَا دواعي الاجابة وَارْتَفَعت عَن المدافعة وَبِاللَّهِ جهد الْمقسم أَن وَالِدي ايدهما الله تَعَالَى يسومانني التاهل مُنْذُ سِنِين كَثِيرَة فأحمل نَفسِي على التقاعس عَمَّا آثره مَعَ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 افْترض على من طاعتهما اشتطاطا مني فِي شَرَائِط أَحْبَبْت ان تَجْتَمِع لي فِي الخبيثة الَّتِي أواصلها وقلما تتكامل إِلَّا فِيمَن طهر الله أَصله وجمل أمره وَأظْهر فَضله وَقد دَعَاني بِالدُّعَاءِ الى ذَلِك كثير من الرؤساء الاكابر وَذَوي الاخطار والافاضل بِفَارِس وَالْبَصْرَة وبغداد فامتنعت من اجل شذوذ بعض شرائطي عَلَيْهِم حَتَّى اذا أوجدنيها الله فِي جهتك الجليلة وَجَمعهَا لي فِي منازلك المصونة بعثتني البواعث وحفزتني الحوافز الى ان يتألف بَيْننَا الشمل ويتصل بِنَا الْحَبل فَكتبت إِلَيْك هَذِه الرقعة خاطبا إِلَيْك كريمتك فُلَانَة على أَن أكون لَهَا كالجفن الواقي لمقلته والصدر الْحَاوِي لمهجته وَلَك كَالْوَلَدِ الْمُطِيع لابيه ولاخيها كالاخ المعاضد لاخيه فَإِن رَأَيْت يَا سَيِّدي أَن تتأمل مَا كتبت بِهِ من هَذِه الْجُمْلَة وَتسمع من موصلها مَا تجمله عني من تفصيلها وتتوخى بإجابتي الى مَا سَأَلت تَحْقِيق ظَنِّي وتصديق أملي فعلت إِن شَاءَ الله فصل من عهد للخليفة الى قَاض وامره ان يجلس للخصوم وَقد نَالَ من الْمطعم وَالْمشْرَب طرفا يقف بِهِ عِنْد أول حد من الْكِفَايَة وَلَا يبلغ مِنْهُ إِلَى آخر النِّهَايَة وَأَن يعرض نَفسه على اسباب الْحَاجة كلهَا وعوارض البشرية بأسرها لِئَلَّا يلم بِهِ من ذَلِك ملم ويطيف بِهِ طائف فيحيلانه عَن رشده ويحولان بَينه وَبَين سداده فصل فِي ذكر تَقْلِيد الْمُطِيع ابْنه الطائع مَا كَانَ إِلَيْهِ من الْخلَافَة وَلما صَار فِي السن الْعليا وَالْعلَّة الْعُظْمَى بِحَيْثُ يحرج ان تقيم مَعَه على إِمَامَة قد كل عَن تحمل كلهَا وَضعف عَن النهوض بعبئها وَحملهَا خلع ذَلِك السربال على امير الْمُؤمنِينَ الطائع لله خلع الناض اليه وَالْمُسلم عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 فصل عَن بختيار الى عضد الدولة فِي التَّأْلِيف وَإِن من أعظم محن هَذَا الْبَيْت أَن تَزُول منابت فروعه عَن منابت اصوله وَأَن تُؤْتى مراسي أوتاده من ذوائب عروشه وَأَن تدب بَينهم عقارب المشاحنة وتسري إِلَيْهِم أراقم المناقشة وتنبث الدَّوَاهِي فيهم من ذاتهم وَقد كَانَت محسومة من أضدادهم وعداتهم فصل الى صديق لَهُ فِي الشكوى والاستماحة وَلما صَارَت صروف الدَّهْر تنوء على بعد التطريف وتجحف بِي بعد التحييف وصادف مَا يجدد عَليّ فِي هَذَا الْوَقْت مِنْهَا اشلاء مني منهوكة وأعظما مبرية وحشاشة مشفية وَبَقِيَّة مودية جعلت اختبار الْجِهَات واغتنام الجنبات لانحو مِنْهَا مَا لَا يعاب سائله إِذا سَأَلَ وَلَا يخيب أمله إِذا أمل وَكَانَ سَيِّدي أَولهَا إِذا عددت وأولاها اذا اعتمدت وكتبت كتابي هَذَا بيد يكَاد وَجْهي يتظلم مِنْهَا إِذا تخطه إشفاقا على مَائه مِمَّا يريقه لَوْلَا الثِّقَة انه يحقن مياه الْوُجُوه ويحميها ويجمها وَلَا يقذيها فصل فِي مثله وَلما اناخت النكبة من حَالي على طلل قفر وبلقع صفر وَعون المغارم أثقل وَطْأَة من أبكارها وابغ تَأْثِيرا فِي ثلمها وإضرارها فقد اضطرني الى تجشم مَا كنت اجمه من نداه والتعرض لما كنت ادخره من جدواه وَإِنَّمَا تخرج الكرائم وتبذل النفائس من تزايد الضغطة وتضايق الخطة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 فصل فِي ذكر الاقدار لله تَعَالَى أقدار ترد فِي اوقاتها وقضايا تجْرِي الى غاياتها لَا يرد شَيْء مِنْهَا عَن شأوه ومداه وَلَا يصد دون مبلغه ومنحاه فَهِيَ كالسهام الَّتِي لَا تثبت فِي الاغراض وَلَا ترجع بالاعتراض وَالنَّاس فِيهَا بَين غِبْطَة يجب الشُّكْر عَلَيْهَا ورزية يوثق بِالْعِوَضِ عَنْهَا فصل فِي ذكر الشُّكْر وَالْكفْر للنعم شُرُوط من الشُّكْر لَا تريم مَا وجد وَلَا تقيم مَا قعد وَكَثِيرًا مَا تسكر الواردين حياضها وتغشى عُيُون المقتبسين إيماضها فيذهلون عَن الامتراء لدرتها ويعمهون عَن الِاسْتِمْتَاع بنضرتها وَيَكُونُونَ كمن أطار طائرها لما وَقع وَنَفر وحشيها لما انس فَلَا يلبثُونَ ان يتعروا من جلبابها وينسلخوا من إهابها ويتعوضوا مِنْهَا الْحَسْرَة والغليل والاسف الطَّوِيل فصل عَن بختيار الى سبكتكين الغزني لَيْت شعري بِأَيّ قدم تواقفنا وراياتنا خافقة على رَأسك ومماليكنا عَن يَمِينك وشمالك وخيلنا موسومة باسمائنا تَحْتك وثيابنا المنسوجة فِي طرزنا على جسدك وَسِلَاحنَا المشحوذ لاعدائنا فِي يدك فصل لَهُ إِلَيْهِ ايضا لم يدر فِي خلده ان مثل إحسانه اليك يكفر وَمثل متجره فِيك يخسر وَقد جذب بضبعك من مطارح الارقاء العبيد الى مَرَاتِب الاحرار الصَّيْد فصل إِلَيْهِ ايضا تناولتك الالسن العاذلة وتناقلت حَدِيثك الاندية الحافلة وقلدت نَفسك عارا لَا يرحضه الِاعْتِذَار وَلَا يعفيه اللَّيْل وَالنَّهَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 فصل فِي ذكره هُوَ ارق دينا وامانة واخفض قدرا ومكانة وَأتم ذلا ومهانة وَأظْهر عَجزا وزمانة من أَن تستقل بِهِ قدم مطاولتنا أَو تطمئِن لَهُ ضلوع على منابذتنا وَهُوَ فِي نشوزه عَنَّا وطلبنا إِيَّاه كالضالة المنشودة وَفِيمَا نرجوه من الظفر بِهِ كالظلامة الْمَرْدُودَة فصل فِي مثله ايضا وَلما بعد صيته بعد الخمول وطلع سعده بعد الافول وجمعت عِنْده الاموال ووطئت عقبه الرِّجَال وتضرمت بحسده جوانح الاكفاء وتقطعت لمنافسته انفاس النظراء نزت بِهِ بطنته فَأَدْرَكته شقوته ونزغ بِهِ شَيْطَانه وامتدت فِي الغي اشطانه فصل عَن بختيار فِي ذكر عضد الدولة وَمَا جرى بَينهمَا وَالله عَالم اني مَعَ مَا عودنيه الله من الاظهار وأوجدنيه من الِاسْتِظْهَار ومنحنيه من شرف الْمَكَان وظل السُّلْطَان وَكَثْرَة الاعوان لاجزع فِي مناضلة عضد الدولة من أَن اصيب الْغَرَض مِنْهُ كَمَا اجزع من ان يُصِيب الْغَرَض مني وأكره أَن أظفر بِهِ كَمَا أكره ان يظفر بِي وأشفق من أَن أطرف عَيْني بيَدي واعض لحمي بنابي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 فصل فِي ذكره ايضا إِن انتثار النظام إِذا بدا وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى لم يقف عِنْد الْحَد الَّذِي يقدر فلَان ان يقف عِنْده وَلم يخصص الْجَانِب الَّذِي يظنّ أَنه يلْحقهُ وَحده بل يدب دَبِيب النَّار فِي الهشيم ويسري كَمَا يسري النغل فِي الاديم وَكَثِيرًا مَا تعدى الصِّحَاح مبارك الجرب ويتخطى الاذى الى المرتقى الصعب فصل فِي ذكره ايضا قد لَحِقَنِي من مَوْلَانَا مَا يلْحق الرجل تذوي يَمِينه وَهُوَ بَين ان يقطعهَا ليسلم لَهُ مَا بعْدهَا وَيَا لَهَا من خطة مَا أصعبها وأشقها وورطة مَا أحرجها واضيقها وَبَين أَن يغضي عَلَيْهَا فَيَرْمِي الى مَا هُوَ أعظم من قطعهَا وأمض من فقدها فصل فِي ذكر القواد عَادوا الى الحضرة عود الانياب الى أفواهها والاظفار الى براثنها والنصال الى أجفانها والسهام الى كنائنها فصل عَن الْخَلِيفَة فِي رِعَايَة حُقُوق الاباء فِي الابناء واصطناع اولاد الاولياء وأمير الْمُؤمنِينَ يذهب على آثَار الائمة المهديين والولاة الْمُجْتَهدين فِي إِقْرَار ودائعهم عِنْد المترشحين لحفظها والمضطلعين بحملها من أَوْلَاد أَوْلِيَائِهِمْ وذرية نصائحهم إِذْ كَانَ لَا بُد للاسلاف أَن تمْضِي وللاخلاف أَن تنمو كالشجر الَّذِي يغْرس لدنا فَيصير عَظِيما والنبات الَّذِي ينجم رطبا فَيَعُود دهشما فالمصيب من تخير الْغَرْس من حَيْثُ استنجب الشّجر واستحلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 الثَّمر وتعهد بِالْعرْفِ من طَابَ عَنهُ الْخَبَر وَحسن مِنْهُ الاثر فصل من رِسَالَة فِي وصف المتصيد وَالصَّيْد وخيلنا كالامواج المتدفقة والاطواد الموثقة متشوقة عاطية مستبقة جَارِيَة تشتاق الصَّيْد وَهِي لَا تطعمه وتحن إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قضيم تقضمه وعَلى ايدينا جوارح موللة المخالب والمناسر مدربة النصال والخناجر طامحة الالحاظ والمناظر بعيدَة المرامي والمطارح زكية الْقُلُوب والنفوس قَليلَة القطوب والعبوس سَابِقَة الاذناب كَرِيمَة الانساب صلبة الاعواد قَوِيَّة الاوصال تزيد إِذا طمعت شَرها وقرما وتتضاعف إِذا شبعت كَلْبا ونهما فَبينا نَحن سائرون وَفِي الطّلب ممعنون إِذْ وردنا مَاء زرقا جمامه طامية أرجاؤه يبوح بأسراره صفاؤه ويلوح فِي قراره حصباؤه وأفانين الطير بِهِ محدقة وغرائبه عَلَيْهِ وَاقعَة مُتَغَايِرَة الالوان وَالصِّفَات مُخْتَلفَة اللُّغَات والاصوات فَمن صَرِيح خلص وتهذب نَوعه وَمن مشوب تهجن عرقه فَلَمَّا أوفينا عَلَيْهَا ارسلنا الْجَوَارِح إِلَيْهَا كَأَنَّهَا رسل المنايا أَو سِهَام القضايا فَلم نسْمع إِلَّا مسميا وَلم نر إِلَّا مذكيا وعدنا لشأننا دفعات وأطلقناها مَرَّات فصل مِنْهَا ثمَّ عدلنا من مطارح الْخيام الى مسارح الارام نستقري ملاعبها ونؤم مجامعها حَتَّى افضينا الى أسراب لاهية بأطلائها راتعة فِي أكلائها ومعنا فهود أخطف من البروق وألقف من الليوث وأمكر من الثعالب وأدب من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 العقارب وَانْزِلْ من الجنادب خمص الخصور قب الْبُطُون رقش الْمُتُون حمر الاماق خزر الاحداق هرت الاشداق عراض الجباه غلب الرّقاب كاشرة عَن انياب كالحراب فصل مِنْهَا وَكم من قبر اطلقنا عَلَيْهِ بازيا فعرج الى السَّمَاء عروجا ولجج فِي اثره تلجيجا فَكَأَن ذَلِك يعتصم مِنْهُ بالخالق وَكَانَ هَذَا يستطعمه من خَالق حَتَّى غابا عَن النظار واحتجبا عَن الابصار وصارا كالغيب المرجم وَالظَّن المتوهم ثمَّ خطفه وَوَقع بِهِ وهما كَهَيئَةِ الطَّائِر الْوَاحِد فأعجبنا أَمرهمَا وأطربنا منظرهما فصل من رِسَالَة فِي وصف الرَّمْي عَن قسي البندق مآرب النَّاس منزلَة بِحَسب قربهَا من هزل أَو جد ومرتبة على قدر اسْتِحْقَاقهَا من ذمّ أَو حمد وَإِذا وَقع التَّأَمُّل عَلَيْهَا والتدبر لَهَا وجد أولاها بِأَن تعده الْخَاصَّة نزهة وملعبا والعامة حِرْفَة ومكتسبا الصَّيْد الَّذِي فاتحته طلاب لَذَّة وَنظر وخاتمته حُصُول مغنم وظفر وَقد اشتركت الْمُلُوك والسوقا فِي استجماله واتفقت الشَّرَائِع الْمُخْتَلفَة على استحلاله ونطقت الْكتب الْمنزلَة بِالرُّخْصَةِ فِيهِ وَبعثت المروءات على مزاولته وتعاطيه وَهُوَ رائض الابدان وجامع شَمل الاخوان وداع الى اتِّصَال الْعشْرَة مِنْهُم والصحبة وَمُوجب لاستحكام الالفة بَينهم والمحبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 فصل الى بعض الوزراء فِي اهداء دَوَاة ومرفع قد خدمت مجْلِس سيدنَا حرسه الله تَعَالَى وآنسه بِدَوَاةٍ تداوي مرض عفاته وتدوي قُلُوب عداته على مرفع يُؤذن بدوام رفعته وارتفاع النوائب عَن ساحته فصل من كتاب لَهُ الى الصاحب كتبت اطال الله بَقَاء الصاحب هَذَا الْكتاب وَأَنا أود ان سَواد عَيْني مدادة وبياضها طرسة شوقا إِلَّا لألاء غرته وقرما الى تَقْبِيل أنامله وظمأ الى ارتشاف بساطه فصل من هَذَا الْكتاب وَمَا عَسَيْت أَن أبلغ فِي شكر سيدنَا وحمده على مَا أهلني لَهُ من بره ورفده وجهدي يقصر عَن عَفوه وإسهابي يعجز عَن وَصفه وَهل انا فِي ذَلِك لَو فعلته إِلَّا كمن جارى الحصان بالاتان وواحه الغزالة بالذبالة وقارع الحسام بالعصا وبارى الدّرّ بالحصى مَا اخْرُج من شعره فِي الْغَزل فَمن ذَلِك قَوْله من الطَّوِيل (تورد دمعي إِذْ جرى ومدامتي ... فَمن مثل مَا فِي الكأس عَيْني تسكب) (فوَاللَّه مَا أَدْرِي ابا بِالْخمرِ أسبلت ... جفوني ام من عبرتي كنت اشرب) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل (جرت الجفون دَمًا وكأسي فِي يَدي ... شوقا الى من لج فِي هجراني) (فتخالف الفعلان شَارِب قهوة ... يبكي دَمًا وتشاكل اللونان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 (فَكَأَن مَا فِي الجفن من كأسي جرى ... وَكَأن مَا فِي الكأس من أجفاني) // الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (لست اشكو هَوَاك يَا من هَوَاهُ ... كل يَوْم يروعني مِنْهُ خطب) (مر مَا مر بِي من أَجلك حُلْو ... وعذابي فِي مثل حبك عذب) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْخَفِيف (ايها اللائم الْمضيق صَدْرِي ... لَا تلمني فكثرة اللوم تغري) (قد أَقَامَ القوام حجَّة عشقي ... وابان العذار فِي الْحبّ عُذْري) // الْخَفِيف // وَقَوله من الْكَامِل (حذرت قلبِي ان يعود الى الْهوى ... لما تبدل بالنزاع نزوعا) (فَأَجَابَنِي لَا تخش مني بعد مَا ... افلت من شرك الغرام وقوعا) (حَتَّى إِذا دَاع دَعَاهُ الى الْهوى ... أصغى إِلَيْهِ سَامِعًا ومطيعا) (كذبالة أخمدتها فَكَمَا دنا ... مِنْهَا الضرام تعلقته سَرِيعا) // الْكَامِل // وَقَوله من الوافر (مَرضت من الْهوى حَتَّى إِذا مَا ... بدا مَا بِي لاخواني الْحُضُور) (تكنفني ذَوُو الاشفاق مِنْهُم ... ولاذوا بِالدُّعَاءِ وبالنذور) (وَقَالُوا للطبيب اشر فَإنَّا ... نعدك للمهم من الامور) (فَقَالَ شفاؤه الرُّمَّان مِمَّا ... تضمنه حشاه من السعير) (فَقلت لَهُم اصاب بِغَيْر عمد ... وَلَكِن ذَاك رمان الصُّدُور) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وَقَوله من الطَّوِيل (إِلَى الله أَشْكُو مَا لقِيت من الْهوى ... بِجَارِيَة امسى بهَا الْقلب يلهج) (إِذا امتزجت انفاسنا بالتزامنا ... توهمت ان الرّوح بِالروحِ تمزح) (كَأَنِّي وَقد قبلتها بعد هجعة ... ووجدي مَا بَين الجوانح يلعج) (أضفت الى النَّفس الَّتِي بَين اضلعي ... بأنفاسها نفسا الى الصَّدْر تولج) (فَإِن قيل لي اختر أَيّمَا شِئْت مِنْهُمَا ... فَإِنِّي الى النَّفس الجديدة احوج) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْكَامِل (أحشمتها بالعتب عِنْد لقائها ... فتلثمت من شدَّة استحيائها) (واستكملت صفة البدور بطلعة ... وبحلة صبغت بلون سمائها) (فبهت انْظُر من لجين جبينها ... متخفرا فِي لازورد ردائها) // الْكَامِل // وَقَوله من المجتث (هيفاء تحكي قَضِيبًا ... قد جمشته الرِّيَاح) (تفتر عَن سمط در ... عَلَيْهِ مسك وَرَاح) (جردتها واعتنقنا ... كل لكل وشاح) (باتت وكل مصون ... لي من حماها مُبَاح) (فِي لَيْلَة لم يعبها ... فِي الدَّهْر إِلَّا الصَّباح) // المجتث // وَقَوله من المنسرح (هيفاء كالغصن فِي رشاقته ... لفاء كالدعص فِي كثافته) (تبخترت والعثان يكنفها ... فَكَانَت الْبَدْر وسط هالته) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 وَقَوله من الطَّوِيل (أَقُول وَقد جردتها من ثِيَابهَا ... وعانقتها كالبدر فِي لَيْلَة التم) (لَئِن آلمت صَدْرِي لشدَّة ضمهَا ... لقد جبرت قلبِي وَإِن أوهنت عظمي) // الطَّوِيل // وَقَوله من الْبَسِيط (إِن نَحن قسناك بالغصن الرطيب فقد ... خفنا عَلَيْك إِذا ظلما وعدوانا) (الْغُصْن أحسن مَا نَلْقَاهُ مكتسيا ... وَأَنت أحسن مَا نلقاك عُريَانا) // الْبَسِيط // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (يَا من بَدَت عُرْيَانَة ... فَرَأَيْت كل الْحسن مِنْهَا) (كَانَت ثِيَابك عَورَة ... فسترت بالتجريد عَنْهَا) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من السَّرِيع (يَا قمرا كالخشف فِي نظرته ... وكالقضيب اللدن فِي خطرته) (خلتك صيدا صَار فِي قبضتي ... فصرت من صيدي فِي قَبضته) (فديت من لاحظني طرفها ... من خيفة النَّاس بتسليمته) (لما رَأَتْ بدر الدجا تائها ... وغاظها ذَلِك من شيمته) (أزاحت البرقع عَن وَجههَا ... فَردَّتْ الْبَدْر الى قِيمَته) // السَّرِيع // وَقَوله من المنسرح (مَا أنس لَا انس لَيْلَة الاحد ... والبدر ضَيْفِي وَأمره بيَدي) (قبلت مِنْهُ فَمَا مجاجته ... تجمع بَين المدام والشهد) (كَأَن مجْرى سواكه برد ... وريقه ذوب ذَلِك الْبرد) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 وَقَوله من مجزوء الرمل (طيب عيشي فِي عناقك ... ووفاتي فِي فراقك) (أَنْت لي بدر فَلَا عِشْت الى يَوْم محاقك ... ) (فاسقني الصَّهْبَاء صرفا ... أَو بمزج من رياقك) (لَا اريد المَاء إِلَّا ... عِنْد غسْلي من عناقك) // مجزوء الرمل // وَقَوله من الْكَامِل (كل الورى من مُسلم ومعاهد ... للدّين مِنْهُ فِيك اعْدِلْ شَاهد) (فَإِذا رآك الْمُسلمُونَ تيقنوا ... حور الْجنان لَدَى النَّعيم الخالد) (وَإِذا رأى مِنْك النَّصَارَى ظَبْيَة ... تعطو ببدر فَوق غُصْن مائد) (أثنوا على تثليثهم واستشهدوا ... بك إِذْ جمعت ثَلَاثَة فِي وَاحِد) (وَإِذا الْيَهُود رَأَوْا جبينك لامعا ... قَالُوا لدافع دينهم والجاحد) (هَذَا سنا الرَّحْمَن حِين ابانه ... لكليمه مُوسَى النَّبِي العابد) (وَترى الْمَجُوس ضِيَاء وَجهك فَوْقه ... مسود فرع كالظلام الراكد) (فتقوم بَين ظلام ذَاك وَنور ذَا ... حجج أعدوها لكل معاند) (أَصبَحت شمسهم فكم لَك فيهم ... من رَاكِع عِنْد الظلام وَسَاجِد) (والصابئون يرَوْنَ أَنَّك مُفْرد ... فِي الْحسن إِقْرَارا لفرد ماجد) (كالزهرة الزهراء انت لديهم ... مسعودة بالمشتري وَعُطَارِد) (فعلى يَديك جَمِيعهم مستبصر ... فِي الدّين من غاوى السَّبِيل وَرَاشِد) (اصلحتهم وفتنتني وتركتني ... من بَينهم اسعى بدين فَاسد) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 مَا أخرج من شعره فِي الْخمر وَمَا يُضَاف إِلَيْهِ فَمن ذَلِك قَوْله من مجزوء الرمل (كَوْكَب الاصباح لاحا ... طالعا والديك صاحا) (فاسقنيها قهوة تأسو ... من الْهم جراحا) (ذَات نشر كنسيم الرَّوْض غب الْقطر فاحا ... ) (يَا غلامي مَا أرى فِيهَا وَلَا فِيك جنَاحا ... ) (حرم المَاء وابعده ... وَإِن كَانَ مُبَاحا) (أفراح أَنا حَتَّى ... أشْرب المَاء القراحا) // مجزوء الرمل // وَقَوله فِي نَبِيذ تمر كدر يَدُور بِهِ سَاق يُشبههُ بالعروس الَّتِي تجلى وتبرز أمامها سَوْدَاء قبيحة لتَكون كالعوذة لَهَا وَتَكون محَاسِن الْعَرُوس أظهر بِإِزَاءِ مقابحها من الوافر (بنفسي مُقبلا يهدي فنونا ... الى الشّرْب الْكِرَام بِحسن قده) (وَفِي يَده من التمري كأس ... كسوداء الْعَرُوس أَمَام خَدّه) // الوافر // وَقَوله من المنسرح (صفراء كالتبر جامها يقق ... شعاعها كالذبال يأتلق) (كَأَن فِي كف من اتاك بهَا ... ضحى نَهَار فِي وَسطه شفق) // المنسرح // وَقَوله من قصيدة شبه لَهُ فِيهَا مجْلِس الانس بالمعركة من المتقارب (أُلَاقِي همومي فِي جحفل ... لَهَا من مقَامي فِيهِ قَرَار) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 (دبادبة من طوال القيان ... والناي بوق لَهُ مستعار) (ومجلسنا حومة أرهجت ... لزحف الندامى إِلَيْهَا بدار) (كَأَن فكاهاتهم إِذْ علت ... غماغم للحرب فِيهَا شعار) (كَأَن الكؤوس بأيدي السقاة ... سيوف لَهَا بالدماء أحمرار) (كَأَن مناديل أكتافهم ... حمائلها إِذْ عَلَيْهِم تدار) (كَأَن رجوم تحاياهم ... سِهَام على الْجَيْش مِنْهَا نثار) (كَأَن المجامر خيل جرت ... وَقد ثار للند مِنْهَا غُبَار) (كَأَن السكارى رجال الوغى ... وَقد عقرتهم هُنَاكَ الْعقار) (وَقد جدلتهم جروح بهم ... وجرح المدامة فِيهَا جَبَّار) (كَأَن تسكابها فِي الزّجاج ... حريق لَهُ من حباب شرار) (فيا لَك من مأقط لي بِهِ ... بلَاء وَقَول إِلَيْهِ يشار) (وَلما برزت الى الْهم فِيهِ ... ولى بالسرور عَلَيْهِ اقتدار) (جرى الضَّرْب مُخْتَلفا بَيْننَا ... فَمَاتَ وعشت وَقد نيل ثار) // المتقارب // وَقَوله من قصيدة من الْخَفِيف (رب عذراء راوحتني من الراح ... بعذراء تطرد الْهم طردا) (خندريس إِذا المزاج علاها ... نظمت بالحباب للكأس عقدا) (تتْرك البال نَاعِمًا وأخا الشجو خليا وطائر اللَّهْو سغدا ... ) (عبقتني بكأسها ذَات دلّ ... دلّ قلبِي الى الْهوى فتعدى) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 وَكتب الى صديق لَهُ يستدعيه ويصف مَا عِنْده من رُءُوس الحملان وَالشرَاب والفستق للنَّقْل والمطرب الممتع فَقَالَ من مخلع الْبَسِيط (طباخنا صانع رُءُوسًا ... يسْقط فِي طيبها الْخلاف) (مبيضة كاللجين لونا ... شهية كلهَا نظاف) (وَأَخذهَا فِي الرقَاق يَحْكِي ... صريع حمى لَهُ لِحَاف) (من بَين عجل الى خروف ... تزهى بتنضيدها الصحاف) (مختلفات القدود لَكِن ... لَهَا بأسنانها ائتلاف) (وَكلهَا راضع صَغِير ... لَهُ على ضرْعهَا اعْتِكَاف) (قد اسمنتهن امهات ... من طول ارضاعها عجاف) (نسقي على ذَاك روح دن ... ارق اسمائها السلاف) (عروس دن صفت وَطَابَتْ ... لونا وطعما فَمَا تعاف) (كَأَن ابريقها لدينا ... ناكس رَأس بِهِ رُعَاف) (وَالنَّقْل من فستق جني ... رطب حَدِيث بِهِ القطاف) (لي فِيهِ تَشْبِيه فيلسوف ... أَلْفَاظه عذبة خفاف) (زمرد زانه حَرِير ... فِي حق عاج لَهُ غلاف) (ومسمع مطرب مليح ... يحرم عَن مثله العفاف) (يظلمني صَاحِيًا وَلَكِن ... فِي سكره مَا بِهِ انتصاف) (فصر الينا غَدا بلَيْل ... أفديك من كل مَا يخَاف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 (فَأَنت أصل السرُور عِنْدِي ... وكل مَا بعده مُضَاف) // مخلع الْبَسِيط // مَا اخْرُج من شعره فِي الاوصاف والتشبيهات من ذَلِك قَوْله فِي الْورْد من الوافر (وزائرة لنا فِي كل حول ... لَهَا حظان من حسن وَطيب) (تنَال النَّفس حِين تشم مِنْهَا ... منال الْعين من وَجه الحبيب) (كَأَن زمانها نعتاض فِيهِ ... إِذا طلعت شبَابًا من مشيب) // الوافر // وَقَالَ من قصيدة من الْبَسِيط (أما ترى الْورْد قد حياك زَائِره ... بنفحة فرجت عَن كل مصدور) (كَأَن انفاسه انفاس غانية ... معشوقة خالطت انفاس مخمور) (تفتحت وجنات فِي جوانبه ... كَأَنَّمَا انتزعت من أوجه الْحور) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي النرجس من الْخَفِيف (رب يَوْم نقعت فِيهِ غليلي ... وهمومي بَين الضلوع كمون) (بِوُجُوه مَمْلُوءَة بعيون ... وعيون تخشى عَلَيْهَا الْعُيُون) (تِلْكَ من نرجس نضير وهذي ... من غوان وجدي بِهن جُنُون) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي وصف شمامة كافور من مجزوء الرجز (كافورة جَعلتهَا ... لاسود الْعين غَرَض) (حَتَّى وددت أَنَّهَا ... من أَبيض الْعين عوض) // مجزوء الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وَقَالَ فِيهَا من الطَّوِيل (وشمامة كالبدر عِنْد اعتراضه ... وكالكوكب الدُّرِّي عِنْد انقضاضه) (يود سَواد الْعين من شغف ... بهَا لَو اعتاضها مستبدلا من بياضه) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي النافجة من مجزوء الْكَامِل (وشميمة من نسل بطن لم تكن من ظهر فَحل ... ) (أَهْدَت إِلَيْك جَنِينهَا ... من غير تطريق بِحمْل) (بل باقتناص حبائل ... بثت لَهَا وبرشق نبل) (فغدت بضَاعَة تَاجر ... لَا تشترى إِلَّا ببذل) (فِيهَا لنَفس قوتها ... لَكِن بشم لَا بِأَكْل) (حلت محلا لَا ترى ... إِلَّا لذِي الْخطر الاجل) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي عتيدة الطّيب من الْكَامِل (وعتيدة للطيب إِن تستدعها ... تبْعَث إِلَيْك أمامها ببشيرها) (يلقاك قبل عيانها أرج لَهَا ... فَكَأَنَّهُ مستأذن لحضورها) (نفحاتها لم تدر من كافورها ... تَأْتِيك أم من مسكها وعبيرها) (مزجت بِبَعْض بَعْضهَا فتوحدت ... عَن ان تقاس بشكلها ونظيرها) (لَا عيب فِيهَا غير أَن نسيمها ... مثل اللِّسَان يشيع سر ضميرها) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مدخنه من الطَّوِيل (ومكروبة الاحشاء يَعْلُو زفيرها ... وتعصف ريح الطّيب بَين فروجها) (إِذا روحت عَن نَفسهَا بخروجها ... فللنفس مني رَاحَة فِي ولوجها) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 وَقَالَ فِيهَا من الطَّوِيل (ومحرورة الاحشاء تحسب أَنَّهَا ... متيمة تَشْكُو من الْحبّ تبريحا) (نناجيك نجوى يسمع الانف وحيها ... وتجهله الاذن السميعة إِذْ يُوحى) (إِذا اسْتوْدعت سرا من الطّيب مُجملا ... اشاعته تَفْصِيلًا وأفشته مشروحا) (وَإِن حاولت إخفاءه فِي ضميرها ... أَبى عرفهَا إِلَّا اعترافا وَتَصْرِيحًا) (يحرق فِيهَا الْعود عودا وبدأة ... فتأخذه جسما وتبعثه روحا) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِيهَا من مجزوء الرجز (ومجلس سماؤه ... من النُّجُوم عائمه) (فِي جوه سَحَابَة ... لَهَا الانوف شائمه) (تنتابه مدخنة ... لحاصريه خادمه) (داخلها مجمرة ... مثل القطاة الجاثمه) (كَأَنَّهَا طارمة ... فِيهَا فتاة نائمه) (تهدي لنا روائحا ... من الْجنان قادمه) (لنا عَلَيْهَا خلع ... من الذبول دائمه) (لَكِنَّهَا عَارِية ... تخرج مِنْهَا راغمه) // مجزوء الرجز // وَقَالَ عَن لِسَان مدخنة محلاة وَأمر بنقشها فِيهَا من مخلع الْبَسِيط (جمعت من حليتي وعرفي ... مَا بَين حسن وَبَين طيب) (أَدخل فِي الذيل من محب ... طورا وَفِي الْكمّ من حبيب) (فكم ترددت بَين هَذَا ... وَذَا برغم من الرَّقِيب) // مخلع الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 وَقَالَ فِي الغالية من مخلع الْبَسِيط (غَالِيَة تنتمي لحام ... قد استعارت لِبَاس قار) (فِي قدح ينتمي لسام ... من سنة الْبَدْر مستعار) (جَامع مَا بَين ذَا وَهَذَا ... قد أولج اللَّيْل فِي النَّهَار) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهَا من السَّرِيع (غَالِيَة صرح عطارها ... فِي عجنها عَن خَالص النِّيَّة) (تعزى الى تبت من مسكها ... وَهِي من العنبر شحريه) (منشورة الطّيب على انها ... فِي قدح البلور مطويه) (كَأَنَّهَا فِيهِ وَقد حازها ... رُومِية حُبْلَى بزنجيه) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي غُلَام لَهُ اسود شهر برشد من الْكَامِل (ابصرت فِي رشد وَقد أحببته ... رشدي وَلم أحفل بِمن قد يُنكر) (يَا لائمي أَعلَى السوَاد تلومني ... من لَونه وَبِه عَلَيْك المفخر) (دع لي السوَاد وَخذ بياضك إِنَّنِي ... أَدْرِي بِمَا آتِي وَمَا أتخير) (مثوي البصيرة فِي الْفُؤَاد سوَاده ... وَالْعين بالمسود مِنْهَا تبصر) (وَالدّين أَنْت مناظر فِيهِ بذا ... وكذاك فِي الدُّنْيَا بهذي تنظر) (بسواد ذَيْنك تستضيء ولوهما آبيضا تغشاك الظلام الاكدر ... ) (فغدا بياضك وَهُوَ ليل دامس ... وَغدا سوَادِي وَهُوَ فجر انور) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ من الْكَامِل (قد قَالَ رشد وَهُوَ أسود للَّذي ... ببياضه استعلى علو مباين) (مَا فَخر خدك بالبياض وَهل ترى ... أَن قد أفدت بِهِ مزِيد محَاسِن) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 (وَلَو أَن مني فِيهِ خالا زانه ... وَلَو ان مِنْهُ فِي خالا شاقني) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ يخاطبه من الْخَفِيف (لَك وَجه كَأَن يمناك خطته بِلَفْظ تمله آمالي ... ) (فِيهِ معنى من البدور وَلَكِن ... نفضت صبغها عَلَيْهِ اللَّيَالِي) (لم يشنك السوَاد بل زِدْت حسنا ... إِنَّمَا يلبسن السوَاد الموَالِي) (فبمالي افديك إِن لم تكن لي ... وبروحي افديك إِن كنت مَالِي) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي الشمعة من الْبَسِيط (وَلَيْلَة من محاق الشَّهْر مدجنة ... لَا النَّجْم يهدي السرى فِيهَا وَلَا الْقَمَر) (كلفت نَفسِي بهَا الادلاج ممتطيا ... عزما هُوَ الصارم الصمصامة الذّكر) (الى حبيب لَهُ فِي الْقلب منزلَة ... مَا حلهَا قبله سمع وَلَا بصر) (وَلَا دَلِيل سوى هيفاء مخطفة ... تهدي الركاب وجنح اللَّيْل معتكر) (غُصْن من الذَّهَب الابريز أثمر فِي ... أَعْلَاهُ ياقوتة صفراء تستعر) (تَأْتِيك لَيْلًا كَمَا يَأْتِي الْمُرِيب فَإِن ... لَاحَ الصَّباح طواها دُونك الحذر) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي وصف القبجة وأرسلها الى ابي الْفرج الببغاء من الرجز (أَنعَت طارونية الثِّيَاب ... لابسة خَزًّا على الاهاب) (تصبغت تصبغ التصابي ... وأبرزت وَجها بِلَا نقاب) (رَيَّان من محَاسِن الشَّبَاب ... مكحولة الْعَينَيْنِ كالكعاب) (مغموسة الْحَاجِب بالخضاب ... منقارها أَحْمَر كالعناب) (كَأَنَّمَا تسقى دم الرّقاب ... مَحْذُورَة محمية الجناب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 (لَهَا على الارجل والاعقاب ... حملات لَيْث من لُيُوث غَابَ) (أقفاصها كمحبس الْحجاب ... مدورات الشكل كالقباب) (تسمعنا مِنْهَا وَرَاء الْبَاب ... تمتمة بِالْقَافِ فِي الْخطاب) (كَأَنَّمَا تقْرَأ من كتاب ... مكروزة زَادَت على الْحساب) (قهقهة الابريق بِالشرابِ ... ملان منكبا على الاكواب) (أَهلا بصياد لَهَا جلاب ... جَاءَ بهَا كَرِيمَة النّصاب) (ربيبة الْجبَال والهضاب ... كَرِيمَة الاعراق والانساب) (لم تدر مَا بادية الاعراب ... غَرِيبَة صَارَت من الاحباب) (دُونك يَا ذَا المفخر اللّبَاب ... أرجوزة من صَنْعَة الْكتاب) (باكورة من ثَمَر الالباب ... وتحفة من تحف الاداب) (هَدِيَّة الاتراب للاتراب ... قل مَا ترى فِيهَا وَلَا تحابى) (هَل خلصت من هجنة وَعَابَ ... وسلمت من عَيْبَة العياب) (أم خلتها اشبه بِالصَّوَابِ ... فهات مَا عنْدك من جَوَاب) // الرجز // وَقَالَ فِي الخطاطيف من الطَّوِيل (وهندية الاوطان زنجية الْخلق ... مسودة الاثواب محمرة الحدق) (كَأَن بهَا حزنا وَقد لبست لَهُ ... حدادا وأذرت من مدامعها العلق) (إِذا صرصرت صرت بآخر صَوتهَا ... كَمَا صر ملوى الْعود بالوتر الحرق) (تصيف لدينا ثمَّ تشتو بأرضها ... فَفِي كل عَام نَلْتَقِي ثمَّ نفرق) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي البق والبراغيث وَالْبَيْت الاخير أَمْلَح مَا سَمِعت فِي مَعْنَاهُ من الْبَسِيط (وَلَيْلَة لم اذق من حرهَا وسنا ... كَأَن من جوها النيرَان تشتعل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 (أحَاط بِي عَسْكَر للبق ذُو لجب ... مَا فِيهِ إِلَّا شُجَاع فاتك بَطل) (من كل سَائِلَة الخرطوم طاعنة ... لَا تحجب السجف مسراها وَلَا الكلل) (طافوا علينا وحر الصَّيف يطبخنا ... حَتَّى إِذا طبخت أجسامنا أكلُوا) // الْبَسِيط // مَا اخْرُج مِمَّا قَالَه فِي الْبَصْرَة وَكَانَ خرج إِلَيْهَا فِي صباه ليستوفي مَالا على ضامنها من ذَلِك قَوْله من الْخَفِيف (لَيْسَ يُغْنِيك فِي الطَّهَارَة بِالْبَصْرَةِ ... إِن حانت الصَّلَاة اجْتِهَاد) (إِن تطهرت فالمياه سلَاح ... أَو تيممت فالصعيد سماد) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِيهَا من الْخَفِيف (لهف نَفسِي على الْمقَام بِبَغْدَاد ... وشربي من مَاء كوز بثلج) (نَحن بِالْبَصْرَةِ الدميمة نسقي ... شَرّ سقيا من مَائِهَا الاترجي) (اصفر مُنكر ثقيل غليظ ... خاثر مثل حقنة القولنج) (كَيفَ نرضى بشربه وبخير ... مِنْهُ فِي كنف ارضنا نستنجي) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي قصر روح بهَا من الْكَامِل (أحبب إِلَيّ بقصر روح منزلا ... شهِدت بنيته بِفضل الْبَانِي) (سور علا وتمنعت شرفاته ... وَكَأن إِحْدَاهُنَّ هضب أبان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 (وكأنما يشكو الى زواره ... بَين الخليط وَفرْقَة الْجِيرَان) (وكأنما يَبْدُو لَهُم من نَفسه ... إطراق محزون الحشى حران) // الْكَامِل // وَقَالَ عِنْد رحيله عَنْهَا من الطَّوِيل (توليت عَن ارْض البصيرة راحلا ... وأفئدة الفتيان حَشْو حقائب) (منَازِل تقري ضيفها كل لَيْلَة ... بأمثال غزلان الصريم الربائب) (أَقمت بهَا سوق الصِّبَا والندى مَعًا ... لعاشقة حرى وحيران لاعب) (فَمَا تظهر الاشواق إِلَّا صنائعي ... وَلَا تستر الجدران إِلَّا حبائبي) // الطَّوِيل // مَا أخرج من شعره فِي والدته وَأَوْلَاده قَالَ من الْخَفِيف (أسرة الْمَرْء والداه وَفِيمَا ... بَين حضنيهما الْحَيَاة تطيب) (فَإِذا مَا طواهما الْمَوْت عَنهُ ... فَهُوَ فِي النَّاس أَجْنَبِي غَرِيب) // الْخَفِيف // وَقَالَ وَقد عتب على بعض وَلَده من الْبَسِيط (أرْضى على ابْني إِذا مَا عقني حذرا ... عَلَيْهِ أَن يغْضب الرَّحْمَن من غَضَبي) (وَلست أَدْرِي بِمَ استحققت من وَلَدي ... إقذاء عَيْني وَقد أَقرَرت عين ابي) (وَله من رقْعَة يلْتَمس فِيهَا من بعض ... الرؤساء إِجْرَاء الرزق لبَعض وَلَده) // الْبَسِيط // من الطَّوِيل (وَمَا أَنا إِلَّا دوحة قد غرستها ... وسقيتها حَتَّى ترَاخى بهَا المدى) (فَلَمَّا اقشعر الْجلد مِنْهَا وصوحت ... أتتك بأغصان لَهَا تطلب الندى) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 وَكتب إِلَيّ بعض الرؤساء قصيدة فِي إِنْفَاذه ابْنه إِلَيْهِ ليستخدمه فَمِنْهَا من الطَّوِيل (بعثت إِلَيْك أبني وَبِاللَّهِ إِنَّه ... لأحلى من النَّفس المقيمة فِي جَنْبي) (وَهل انا إِلَّا نُسْخَة هِيَ أَصله ... وَهل هُوَ إِلَّا كالمحرر فِي الْكتب) (وَفِي النُّسْخَة السَّوْدَاء مَا أَنْت عَارِف ... من المحور الاصلاح والحلك وَالضَّرْب) // الطَّوِيل // أَخذ الْمَعْنى من قَول ابْن الرُّومِي من الْبَسِيط (فَقَالَ لَا تلحينا فِي تفاوتنا ... فإننا كتب آبَاؤُنَا نسخ) // الْبَسِيط // رَجَعَ (وَهَذَا الَّذِي يرضك مرأى ومخبرا ... ويمضي مضاء السهْم والصارم العضب) (وشتان بَين الْعود أيبس وانحنى ... وَبَين النَّبَات الغض والغضن الرطب) (فدونك فاقبله وثق مِنْهُ بِالَّذِي ... يُرَاد من العَبْد المناصح للرب) (وجرده من غمد التقبض باسطا ... وَجَربه فالتجريب عَن رشده ينبي) وَقَالَ وَقد رأى ولدا لوَلَده مترعرعا ناشئا من المنسرح (ابو عَليّ محسن كَبِدِي ... وَقد نَشأ من فتاه لي خلب) (كَأَن هَذَا وَذَاكَ إِذْ نسبا ... مني سَواد يضمه قلب) (لَا زلت ألقِي الخطوب دونهمَا ... حَتَّى كَأَنِّي عَلَيْهِمَا حجب) // المنسرح // وَقَالَ يرثي أَبَا سعيد سِنَانًا ابْنه من الْخَفِيف (أسعداني بالدمعة الْحَمْرَاء ... جلّ مَا حل بِي عَن الْبَيْضَاء) (يؤلم الْقلب كل فقد وَلَا مثل افتقاد الاباء للابناء ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 (هد ركني مثوى سِنَان وَقد كَانَ ... يهد الاركان من أعدائي) (عكست فِيك دَعْوَتِي إِذْ أفديك برغمي فصرت انت فدائي ... ) (إِنَّمَا كنت فلذة من فُؤَادِي ... خطفتها الْمنون من أحشائي) (كنت مني وَكنت مِنْك اتِّفَاقًا ... والتئاما مثل الْعَصَا واللحاء) (كنت فِي الْيُتْم فِي أجمل مني ... فِيك للثكل فِي أَوَان فنائي) (وَلَئِن كَانَ فِي أَخِيك وأولا ... دكما مَا يغض من برحائي) (فلعمري لربما هيجوا الشوق ... فزادوا فِي لوعتي وبكائي) // الْخَفِيف // ألم فِيهِ بقول ابْن الرُّومِي وَلم يحسن بعض إحسانه من الطَّوِيل (وَإِنِّي وَإِن متعت بِابْني بعده ... لذاكره مَا حنت النيب فِي نجد) (وَأَوْلَادنَا مثل الْجَوَارِح أَيّمَا ... فقدناه كَانَ الفاجع الْبَين الْفَقْد) (لكل مَكَان لَا يسد اختلاله ... مَكَان اخيه من جزوع وَمن جلد) (هَل الْعين بعد السّمع تَكْفِي مَكَانَهُ ... أم السّمع بعد الْعين يهدي كَمَا تهدي) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ وَلَده ابو عَليّ المحسن يسليه فِي إِحْدَى نكباته من الْبَسِيط (لَا تأس لِلْمَالِ إِن غالته غائلة ... فَفِي حياتك من فقد اللهي عوض) (إِذْ أَنْت جوهرنا الاعلى وَمَا جمعت ... يداك من تالد أَو طارف عرض) // الْبَسِيط // فَأَجَابَهُ بِهَذِهِ الابيات من الْبَسِيط (يَا درة أَنا من دون الردى صدف ... لَهَا أقيها المنايا حِين تعترض) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 (قد قلت للدهر قولا كَانَ مصدره ... عَن نِيَّة لم يشب إخلاصها مرض) (دع المحسن يحيا فَهُوَ جَوْهَرَة ... جَوَاهِر الارض طرا عِنْدهَا عرض) (فَالنَّفْس لي عوض عَمَّا اصيب بِهِ ... وَإِن اصبت بنفسي فَهُوَ لي عوض) (اتركه لي وأخاه ثمَّ خُذ سَلبِي ... ومهجتي فهما مغزاي وَالْغَرَض) // الْبَسِيط // مَا أخرج من شعره فِي الْفَخر قَالَ من السَّرِيع (أيسر جودى انني كلما ... اسرفت فِي السكر وَلَا أَدْرِي) (نَدِمت فِي صحوي على كل مَا ... ابقيت من مَالِي فِي سكري) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي صباه من المتقارب (لقد علمت خيل هذي الْخيام ... ونسوانها القاصرات الغواني) (بِأَنِّي شِفَاء صُدُور الْجَمِيع ... وَأكْرم من ضمه الخافقان) (أسر الْقَرِينَة ليل العناق ... وأفتك بالقران يَوْم الطعان) (فبطن الحصان وَظهر الحصان ... عَليّ بِمَا قلته يَشْهَدَانِ) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة من الطَّوِيل (وَقد علم السُّلْطَان أَنِّي لِسَانه ... وكاتبه الْكَافِي السديد الْمُوفق) (أوازره فِيمَا عرى وأمده ... بِرَأْي يرِيه الشَّمْس وَاللَّيْل أغسق) (يجدد بِي نهج الْهدى وَهُوَ دارس ... وَيفتح بِي بَاب النهى وَهُوَ مغلق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 (فيمناي يمناه ولفظي لَفظه ... وعيني لَهُ عين بهَا الدَّهْر يرمق) (ولي فقر تضحي الْمُلُوك فقيرة ... إِلَيْهَا لَدَى احداثها حِين تطرق) (أرد بهَا رَأس الجموح فينثني ... وأجعلها سَوط الحرون فيعنق) (فَإِن حاولت لطفا فماء مروق ... وَإِن حاولت عنفا فَنَار تألق) (يسلم لي قس وسحبان وَائِل ... ويرضى جرير مذهبي والفرزدق) (فيغضي لنثري خَاطب وَهُوَ مصقع ... ويعنو لنظمي شَاعِر وَهُوَ مفلق) (معال لَو الاعشى رآهن لم يقل ... وَبَات على النَّار الندى والمخلق) // الطَّوِيل // وَله من قصيدة قَالَهَا فِي الْحَبْس من الطَّوِيل (يعيرني بِالْحَبْسِ من لَو يحله ... حلولي لطالت واشمخرت مراكبه) (وَرب طليق أطلق الذل رقّه ... ومعتقل عان وَقد عز جَانِبه) (وَإِنِّي لقرن الدَّهْر يَوْمًا تنوبني ... سطاه وَيَوْما تنجلي بِي نوائبه) (وَمن مد نَحْو النَّجْم كَيْمَا يَنَالهُ ... يدا كيدي لاقته أيد تجاذبه) (وَلَا بُد للساعي إِلَى نيل غَايَة ... من الْمجد من ساع تدب عقاربه) (وَإِنِّي وَإِن أودت بِمَالي نكبة ... نظيري فِيهَا كل قرم أناسبه) (فَمَا كنت كالقسطار يثري بكيسه ... ويملق إِن أنحى على الْكيس سالبه) (وَلَكِن كليث الغاب إِن رام ثروة ... حوتها لَهُ انيابه ومخالبه) (يبيت خميصا طاويا ثمَّ يغتدى ... مُبَاحا لَهُ من كل طعم اطايبه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 (كَذَلِك مثلي نَفسه رَأس مَاله ... بهَا يدْرك الرِّبْح الَّذِي هُوَ طَالبه) (وللمال آفَات يهنأ ربه ... بهَا إِن تخطته إِلَيْهِ مصائبه) (وَمن يكن السُّلْطَان فِيهِ خصيمه ... فَلَا عَار فِي الْغَضَب الَّذِي هُوَ غاضبه) (وَمَا ضرني إِن غاض مَا ملكت يَدي ... وَفِي فضل جاهي أَن تفيض مذاهبه) (إِذا كَانَ مَالِي من طريف وتالد ... قَتِيل يَدي فضلي فمفنيه جالبه) (ولي بَين اقلامي ولبي ومنطقي ... غنى قَلما يشكو الْخَصَاصَة صَاحبه) // الطَّوِيل // مَا أخرج من شعره فِي المديح قَالَ فِي المهلبي الْوَزير من الْكَامِل (قل للوزير ابي مُحَمَّد الَّذِي ... قد أعجزت كل الورى أَوْصَافه) (لَك فِي المحافل منطق يشفي الجوى ... ويسوغ فِي أذن الاديب سلافه) (فَكَأَن لفظك لُؤْلُؤ متنخل ... وكأنما آنذاننا أصدافه) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ من قصيدة من الطَّوِيل (وَكم من يَد بَيْضَاء حازت جمَالهَا ... يَد لَك لَا تسود إِلَّا من النقس) (إِذا رقشت بيض الصحائف خلتها ... تطرز بالظلماء أردية الشَّمْس) // الطَّوِيل // وَله من قصيد فِيهِ من الْخَفِيف (وتعلقت بالرئيس الَّذِي صرت ... رَئِيسا مذ عدني فِي العبيد) (والوزير الَّذِي غَدا وزراء الْملك ... ركنا لعزه الموطود) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 (اريحي مهلبي سعيد الْجد ... صافي الجدوى كريم الجدود) (وَإِذا استنطق الانامل جَادَتْ ... بِبَيَان كالجوهر المنضود) (فِي سطور كَأَنَّمَا نشرت يمناه ... مِنْهَا عصائبا من برود) (فقر لم يزل فَقِيرا إِلَيْهَا ... كل مبدي بلاغة ومعيد) (يغتدي البارع الْمُفِيد لَدَيْهَا ... لاحقا بالمقصد المستفيد) (بِبَيَان شاف وَلَفظ مُصِيب ... واختصار كَاف وَمعنى سديد) // الْخَفِيف // وَكتب إِلَيْهِ وَهُوَ بدجلة الْبَصْرَة مُتَوَجها الى عمان من الطَّوِيل (لقد كنفت مِنْك السُّعُود موفقا ... مصادره محمودة والموارد) (كَأَنِّي بالبحر الَّذِي خيف هوله ... وَقد خَافَ حَتَّى مَاؤُهُ فِيهِ جامد) (يرى مِنْك بحرا زاخرا فَوق مَتنه ... قيصبح جاري موجه وَهُوَ راكد) (كَأَن عَصا مُوسَى بكفك فَوْقه ... وَقد خر إعظاما لَهَا وَهُوَ ساجد) (ستعنو لما تبغي ظُهُور صفائه ... وتبلغ مَا تهوى وَجدك صاعد) (فَلَا تخش من صرف النوائب نبوة ... فَنَصرك محتوم عَلَيْهِ شَوَاهِد) (إِذا عَادَة الله الَّتِي انت عَارِف ... تذكرتها هَانَتْ عَلَيْك الشدائد) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي فاصد من غير عِلّة من الطَّوِيل (تنبع جود لَا دم من يَمِينه ... فأضحى لكَي يُعْطي الاطباء فاصدا) (وَلَيْسَ بِهِ أَن يفصد الْعرق حَاجَة ... وَلكنه ينحو المحامد قَاصِدا) (يسبب أَسبَاب الندى لعفاته ... ويرقبها مستفرصا ومراصدا) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وَقَوله فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل (لهجت يَمِينك بالندى فبنانها ... ابدا يفِيض على العفاة عَطاء) (حَتَّى فصدت وَمَا بجمسك حَاجَة ... كَمَا تسبب للطيب حباء) (وَلَقَد أرقت دَمًا زكيا من يَد ... حقنت بتدبير الامور دِمَاء) (تجْرِي العلافي عرقة جري الندى ... فِي عوده فَهُوَ اللّبَاب صفاء) (لَو يقدر الاحرار حِين ارقته ... جعلُوا لَهُ حب الْقُلُوب وعَاء) (فانعم وعش فِي صِحَة وسلامة ... تحيي الْوَلِيّ وتكبت الاعداء) // الْكَامِل // وَكتب الى عضد الدولة عِنْد مقدمه من الزِّيَارَة بِالْكُوفَةِ قصيدة مِنْهَا من الْكَامِل (أَهلا بأشرف اوبة وأجلها ... لاجل ذِي قدم يلاذ بنعلها) (فرشت لَك الترب الَّتِي باشرتها ... بشفاهها من كهلها أَو طفلها) (لم تخط فِيهَا خطْوَة إِلَّا وَقد ... وضعت لرجلك قبْلَة من قبلهَا) (واذا تذلك الرّقاب تقربا ... مِنْهَا إِلَيْك فعزها فِي ذلها) // الْكَامِل // وَله من قصيدة من الْكَامِل (لَا تحسب الْملك الَّذِي أُوتِيتهُ ... يُفْضِي وَإِن طَال الزَّمَان إِلَى مدى) (كالدوح فِي افق السَّمَاء فروعه ... وعروقه متولجات فِي الندى) (فِي كل عَام تستجد شبيبة ... فَيَعُود مَا الْعود فِيهِ كَمَا بدا) (حَتَّى كَأَنَّك دائر فِي حَلقَة ... فلكية فِي مُنْتَهَاهَا المبتدا) // الْكَامِل // وَكتب الى الْوَزير ابي عبد الله بن سَعْدَان من الطَّوِيل (ثنائي لَو طولته لَك قَاصِر ... وطولك لَو قصرته لي باهر) (فَكيف نهوضي حِين لَا أبلغ المدى ... بجهدي وعفو الْجُود لي مِنْك غامر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 (وَمَا زلت من قبل الوزارة جابري ... فَكُن رائشي اذ انت ناه وآمر) (أمنت بك الْمَحْذُور إِذْ كنت شافعا ... فبلغني المأمول إِذْ انت قَادر) (لعمري لقد نلْت المنى بك كلهَا ... وطرفي الى نيل المنى بك نَاظر) // الطَّوِيل // كَأَنَّهُ عكس قَول مُحَمَّد بن ابي يزِيد المهلبي من الطَّوِيل (بلغت الَّذِي قد كنت آمله بكم ... وَإِن كنت لم أبلغ لكم مَا أُؤَمِّل) // الطَّوِيل // وَكتب الى الصاحب من مجزوء الْكَامِل (لما وضعت صحيفتي ... فِي بطن كف رسولها) (قبلتها لتمسها ... يمناك عِنْد وصولها) (وتود عَيْني انها ... قرنت بِبَعْض فصولها) (حَتَّى ترى من وجهلك الميمون ... غَايَة سولها) // مجزوء الْكَامِل // وَله من قصيدة من الْخَفِيف (نعم الله كالوحوش وماتألف ... إِلَّا الاخاير النساكا) (نفرتها آثَار قوم وصيرت ... لَهَا الْبر والتقى أشراكا) // الْخَفِيف // وَله فِي عبد الْعَزِيز بن يُوسُف من الطَّوِيل (ابو قَاسم الْعَزِيز بن يُوسُف ... عَلَيْهِ من العياء عين تراقبه) (روى ورعى لما روى قَول قَائِل ... وشبع الْفَتى لؤم إِذا جَاع صَاحبه) // الطَّوِيل // وَقَالَ لبَعض الوزراء من الْبَسِيط (انت الْوَزير الَّذِي الدُّنْيَا تناط بِهِ ... وَأَهْلهَا تبع من دونه خول) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 (تظل بالعز ملْء الارض أجمعها ... كَأَنَّك النصل وَالدُّنْيَا لَك الْحلَل) // الْبَسِيط // مَا أخرج من شعره فِي التهاني والتهادي كتب إِلَى عضد الدولة قصيدة يهنيه بِالْفطرِ مِنْهَا من الْخَفِيف (لم أطول فِي دَعْوَتِي لمليك ... طول الله فِي السَّلامَة عمره) (بل تلطفت بِاخْتِصَار مُحِيط ... بالمعاني لمن تَأمل أمره) (فَهِيَ مثل الْحُرُوف من عدد الْهِنْد قَلِيل قد انطوت فِيهِ كثره ... ) (جمع الله كل دَعْوَة دَاع ... مستجاب دعاؤه فِيك صبره) (وَأعَاد الْعِيد الَّذِي زَارَهُ الْعَام ... بِأَمْر يحوزه مسره) (وَأرَاهُ الامال فِيهِ ولقاه ... سعادته ووفاه أجره) // الْخَفِيف // وَله من قصيدة يهنيه بِالْفطرِ مِنْهَا من الْبَسِيط (يَا ماجدا يَده بالجود مفطرة ... وفوه من كل هجر صَائِم أبدا) (اِسْعَدْ بصومك إِذْ قضيت واجبه ... نسكا ووفيته من شهره العددا) (واسحب بذا الْعِيد اذيالا مجددة ... واستقبل الْعَيْش فِي إفطاره رغدا) (وانعم بيومك من مَاض قررت بِهِ ... عينا ومنتظر يُفْضِي إِلَيْك غَدا) (وفز بعمرك ممدودا وَملك موطودا ... ونل مِنْهُمَا الْحَد الَّذِي بعدا) (حَتَّى ترى كرة الارض البسيطة فِي ... يمناك مَمْلُوءَة أرجاؤها رشدا) (وحولك الْفلك الدوار مُتبعا ... اوطار نَفسك لَا يألوك مُجْتَهدا) // الْبَسِيط // وَله فِي الْوَزير المهلبي قصيدة عيدية من الطَّوِيل (اسيدنا هنئت نعماك بِالْفطرِ ... ووقيت مَا تخشاه من نوب الدَّهْر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 (مضى الصَّوْم قد وفيته حق نُسكه ... ووفاك مَكْتُوب المثوبة والاجر) (كلفت بِذكر الله فِيهِ فَلَا تزل ... من الله فِيمَا ترتجيه على ذكر) (هجرت هجود اللَّيْل فِيهِ تهجدا ... وصبرا على طول الْقِرَاءَة للفجر) (فَلَو نطقت ايامنا باعتقادها ... لناجتك لفظا بِالدُّعَاءِ وبالشكر) (وللفطر رسم للسرور وَسنة ... وَمثلك من احيا لنا سنة الْفطر) (وَلَا بُد فِيهِ من سَماع وقهوة ... نقضي بهَا الاوطار من لَذَّة السكر) (نواصل قصفا بَين يَوْم وَلَيْلَة ... دراكا فنستوفي الَّذِي فَاتَ فِي الشَّهْر) (فَمر بِالَّذِي نبغي وَكن عِنْد ظننا ... فَلَا زلت فِينَا نَافِذ النَّهْي والامر) (وَعَاد إِلَيْك الْعِيد حَتَّى تمله ... بأقصر يَوْم طَابَ فِي أطيب الْعُمر) // الطَّوِيل // أَخذه من قَول ابْن الرُّومِي من مجزوء الرمل (وليطل عمرك مَسْرُورا ... بأيام قصار) // مجزوء الرمل // وَله فِي بعض الوزراء من الطَّوِيل (يَصُوم الْوَزير الدَّهْر عَن كل مُنكر ... وَلَيْسَ لهَذَا الصَّوْم عيد وَلَا فطر) (وَيفْطر بِالْمَعْرُوفِ والجود والندى ... وَلَيْسَ لهَذَا الْفطر صَوْم وَلَا حظر) (فَأكْرم بِهِ من صَائِم مفطر مَعًا ... توافى لَدَيْهِ الاجر وَالْحَمْد وَالشُّكْر) // الطَّوِيل // وَله من الْبَسِيط (إِذا دَعَا النَّاس فِي ذَا الْعِيد بَعضهم ... لبَعْضهِم وَتَمَادَى القَوْل واتسعا) (فصير الله مَا من فَضله سَأَلُوا ... فِيهِ لسيدنا الاستاذ مجتمعا) (حَتَّى يكون دعائي قد احاط لَهُ ... بِكُل ذَلِك مَرْفُوعا ومستمعا) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 وَله فِي المطهر بن عبد الله من الْكَامِل (عيد إِلَيْك بِمَا تحب يعود ... بطوالع أوقاتهن سعود) (متباركات كل طالع سَاعَة ... يُوفي على مَا قبله وَيزِيد) (يَأْتِيك من ثَمَر المنى بِغَرَائِب ... معدومها لَك حَاصِل مَوْجُود) (قضيت شهر الصَّوْم بالنسك الَّذِي ... هُوَ مِنْك مَعْرُوف لَهُ مَعْهُود) (أكثرت فِيهِ من تهجد خاشع ... مَا يطمئن بمقلتيه هجود) (فَاشْرَبْ وسق عِصَابَة قد مَسهَا ... عَطش وَجهد فِي الصّيام جهيد) (أرويتها جودا فرو مشاشها ... رَاحا فمنك الْجُود والناجود) (وتمل عيشك فِي سرُور دَائِم ... سرباله ابدا عَلَيْك جَدِيد) // الْكَامِل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (يَا سيدا أضحى الزَّمَان ... بأسره مِنْهُ ربيعا) (أَيَّام دهرك لم تزل ... للنَّاس اعيادا جَمِيعًا) (حَتَّى لاوشك بَينهَا ... عِنْد الْحَقِيقَة أَن يضيعا) (فَاسْلَمْ لنا مَا أشرقت ... شمس على افق طلوعا) (واسعد بعيد مَا يزَال ... إِلَيْك مُعْتَقدًا رُجُوعا) // مجزوء الْكَامِل // وَله من قصيدة فِي عضد الدولة من الْكَامِل (إسلم وَدم للرتبة العلياء ... وتمل ملكك فِي أمد بَقَاء) (واستقبل الْعِيد الْجَدِيد بغبطة ... ومسرة وَزِيَادَة ونماء) (وَكَفاك من نحر الاضاحي فِيهِ مَا ... نحرت يَمِينك من طلا الاعداء) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 (بهم تعفر كَالْبَهَائِمِ جعجعت ... أشلاؤها فِي حومة الهيجاء) (حرمت مأكلها علينا واغتدت ... حلا لوحش القفر والبيداء) (هذي مناسكك الَّتِي قضيتها ... بِالسَّيْفِ أَو بالصعدة السمراء) (ووراء ذَلِك للعفاة منائح ... هطلت هطول الديمة الوطفاء) (ومواهب ومناقب ومفاخر ... ومآثر أوفت على الإحصاء) // الْكَامِل // وَقَوله من اخرى من الْخَفِيف (صل يَاذَا الْعلَا لِرَبِّك وانحر ... كل ضد وشانئ لَك ابتر) (أَنْت أَعلَى من أَن تكون أضاحيك قروما فِي الْجمال تعفر ... ) (بل قروما من الْمُلُوك ذَوي السؤدد ... تيجانها أمامك تنثر) (كلما خر سَاجِدا لَك رَأس ... مِنْهُم قَالَ سَيْفك الله أكبر) // الْخَفِيف // وَكتب الى الشريف الموسوي فِي الاضحى من الهزج (مرجيك وصابيك ... بذا الاضحى يهنيكا) (وَيَدْعُو لَك وَالله ... مُجيب مَا دَعَا فيكا) (وَقد أوجز إِذْ قَالَ ... مقَالا وَهُوَ يكفيكا) (أَرَانِي الله اعداءك ... فِي حَال أضاحيكا) // الهزج // وَكتب الى صمصام الدولة يهنئه بالاضحى من مخلع الْبَسِيط (يَا سنة الْبَدْر فِي الدياجي ... وغرة الشَّمْس فِي الصَّباح) (صمصام حَرْب وغيث سلم ... ناهيك فِي الْبَأْس والسماح) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 (اِسْعَدْ بفطر مضى واضحى ... وافاك بِالْيمن والنجاح) (وانحر أعادي بني بويه ... يالسيف فِي جملَة الاضاحي) (فَالْكل مِنْهُم ذَوُو قُرُون ... يصلح للذبح والنطاح) // مخلع الْبَسِيط // وَكتب فِي يَوْم مهرجان مَعَ اصطرلاب اهداه الى عضد الدولة من الْبَسِيط (أهدي إِلَيْك بَنو الامال واحتفلوا ... فِي مهرجان جَدِيد انت مبليه) (لَكِن عَبدك ابراهيم حِين رأى ... علو قدرك عَن شَيْء يدانيه) (لم يرض بالارض مهداة إِلَيْك فقد ... أهدي لَك الْفلك الْأَعْلَى بِمَا فِيهِ) // الْبَسِيط // وَكتب اليه مَعَ زيج اهداه من الْبَسِيط (اهديت محتفلا زيجا جداوله ... مثل المكاييل يَسْتَوْفِي بهَا الْعُمر) (فقس بِهِ الْفلك الدوار واجركما ... يجْرِي بِلَا أجل يخْشَى وينتظر) // الْبَسِيط // وَكتب إِلَيْهِ فِي يَوْم نيروز مَعَ رِسَالَة هندسية من استخراجه من الطَّوِيل (ايا ملك الارض الَّذِي لَيْسَ بَينه ... وَبَين مليك الْعرض مثل يقارنه) (رَأَيْت ذَوي الامال اهدوا لَك الَّذِي ... تروق الْعُيُون الناظرات محاسنه) (وحولك خزان يحوزونه وَمَا ... لَهُ مِنْك إِلَّا لحظ طرف يعاينه) (ولكنني أهديت علما مهذبا ... يروق الْعُقُول الباحثات بواطنه) (وَخير هدايانا الَّذِي إِن قبلته ... فَلَيْسَ سوى تامور قَلْبك خازنه) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ من الْحَبْس وَقد أهْدى إِلَيْهِ دِرْهَمَيْنِ خسروانيين وَكتاب المسالك والممالك فِي دفترين من مجزوء الْكَامِل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 (أهدي إِلَيْك بِحَسب حَالي ... فِي الْخَصَاصَة دِرْهَمَيْنِ) (وبحسب قدرك دفترين هما جَمِيع الْخَافِقين ... ) (فَإِذا فتحتهما رَأَيْت بَيَان ذَاك بلحظ عين ... ) // مجزوء الْكَامِل // وَكتب إِلَيْهِ من الْحَبْس مهرجانية مَعَ دِرْهَم خسرواني وجزء من كتاب من الطَّوِيل (تصبح بعز واعتلاء جدود ... وأبشر بِخَير واطراد سعود) (وَقل مرْحَبًا بالمهرجان وحيه ... بطلعة بسام اغر مجيد) (لَهُ زورة فِي الْعَام مَا زَالَ يَوْمهَا ... كَفِيلا بحظي سيد ومسود) (فيحظى بفخر من علاك مُجَدد ... وتحظى بعمر فِي مداه جَدِيد) (ترَاهُ إِذا مَا جَاءَ طامح مقلة ... إِلَيْك وَإِن ولى فثانى جيد) (أتتك الْهَدَايَا فِيهِ بَين موفر ... على قدر المهدى وَبَين زهيد) (فَبَان على يمناك حِين مددتها ... تكلّف فياض الْيَدَيْنِ مُفِيد) (تقاعس عَن بسط الْقبُول وَلم تكن ... لَهَا عَادَة إِلَّا ببسطة جود) (وَلَكِن إِذا اهدى لَك الله نعْمَة ... مددت لَهَا كفيك مد رشيد) (وَقد نزلت مِنْهُ إِلَيْك هَدِيَّة ... بجرجان مَا محصولها بِبَعِيد) (وَمَا بَيْننَا إِلَّا الْمسَافَة فانتظر ... وُرُود بشير فَوق ظهر بريد) (وَلما رَأَيْت الله يهدي وخلقه ... تجاسرت واستفرغت جهد جهيد) (فَكَانَ احتفالي فِي الْهَدِيَّة درهما ... يطير من الانفاس يَوْم ركود) (وجزءا لطيفا ذرعه ذرع محبسي ... وتقييده بالشكل مثل قيودي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 (ألاطف مَوْلَانَا وكالماء طبعه ... تسلسل من عذب النطاق برود) (زلالا على المستعطفين وجلمدا ... على كل عريض أَلد مُرِيد) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ فِي يَوْم نيروز من الطَّوِيل (تهن بِهَذَا الْيَوْم واحظ بخيره ... وَكن أبدا بِالْعودِ مِنْهُ على وعد) (ارى النَّاس يهْدُونَ الْهَدَايَا نفيسة ... إِلَيْك وَلم يتْرك لي الدَّهْر مَا أهدي) (سوى سكر يحلو لَك الْعَيْش مثله ... وآس أخي عمر كعمرك ممتد) (وَبَينهمَا من ضرب قَوْمك دِرْهَم ... وابيات شعر من ثنائي وَمن حمدي) (فَإِن كنت ترْضى مابه انبسطت يَدي ... وتقبله مني فَهَذَا الَّذِي عِنْدِي) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ من الطَّوِيل (تعذر ديناري على ودرهمي ... فلاطفت مَوْلَانَا ببيتين من شعري) (وَكم بَيت شعر زَاد بالشكر قدره ... على بَيت مَال منلجين وَمن تبر) // الطَّوِيل // وَكتب الى صمصام الدولة من السَّرِيع (دَامَت لمولانا سعادته ... مَوْصُولَة دائمة تترى) (ونال مَا امل من ربه ... فِي هَذِه الدَّار وَفِي الاخرى) (وزاده النيروز فِي ملكه ... عزا وَفِي دولته نصرا) (لما رايت النَّاس لم يتْركُوا ... فِيمَا ادعوا نظما وَلَا نثرا) (أعملت فكري فِي دُعَاء لَهُ ... يجمع مَا جَاءُوا بِهِ طرا) (فَقلت بَيْتا وَاحِدًا كَافِيا ... لم يعد فِي مِقْدَاره سطرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 (لَا زَالَت الدُّنْيَا لَهُ منزلا ... يأويه والدهر لَهُ عمرا) // السَّرِيع // وَكتب إِلَيْهِ مَعَ اصطرلاب أهداه من الوافر (يعز عَليّ أَن اهدي نُحَاسا ... الى من فيض رَاحَته نضار) (وَلَكِن الزَّمَان اجتاح حَالي ... وَأَنت عَلَيْهِ لي إِذْ جَار جَار) // الوافر // تب الى بَعضهم مَعَ فنجان صفر من الْبَسِيط (نهدي النّحاس الى مولى أنامله ... تهدى النضار الى العافين منتهبا) (وَكَانَ يلْزمنَا لَوْلَا التَّعَذُّر أَن ... يكون إهداؤنا من عين مَا وهبا) (لَكِن بعدِي عَن جدواه اصفرني ... من كل خير فَصَارَ الصفر لي نشبا) (وسوف اظفر من اخلاط نائله ... بالكيمياء فيضحي صُفُونا ذَهَبا) (فليبسط الان عذرا لست أسأله ... فِي قَابل إِن أنل من خدمَة سَببا) (فقد جرى المَاء فِي عودي بدولته ... وَكَانَ من قبله مستيبسا حطبا) (واقبلت نحوي الآمال آتِيَة ... من بَعْدَمَا أزمعت من ساحتي هربا) // الْبَسِيط // وَكتب فِي يَوْم نيروز وَقد أهْدى بطيخة كافور من الْكَامِل (اِسْعَدْ وَزِير الْملك بالنيروز مَا ... سجعت مطوقة على أعوادها) (وافى فأنجز وعد عَام اول ... بميامن ستكر من ميعادها) (تهدي إِلَيْك بِهِ هَدَايَا كلهَا ... من راحتيك حَقِيقَة استمدادها) (فتمد كفا نَحْوهَا نشأت على ... إرفاد ايدي النَّاس لَا استرفادها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 (عاداتها إِعْطَاء مَا قد اعطيت ... أكْرم بعادتها وبالمعتادها) (وَلَقَد طلبت فَلم أجد شَيْئا سوى ... كافورة لم آل فِي إعدادها) (وبديع أَبْيَات إِذا هِيَ أنشدت ... نفقت بضاعتها على نقادها) (فالصبح من تِلْكَ ابيضاض اديمها ... وَاللَّيْل من هذي اعتكار مدادها) (وَلَو انني مكنت من عَيْني الَّتِي ... هِيَ بعض حَقك يَا معيد رقادها) (لسكبت كافوري بشحم بياضها ... وكتبت أبياتي بذوب سوادها) // الْكَامِل // وَكتب الى المطهر بن عبد الله يهنئه بِالْيَوْمِ الاجود من السَّرِيع (نل المنى فِي يَوْمك الاجود ... مستنجحا بالطالع الاسعد) (وارق كمرقى زحل صاعدا ... الى الْمَعَالِي اشرف المصعد) (وفض كفيض المُشْتَرِي بالندى ... إِذا اعتلى فِي برجه الابعد) (وزد على المريخ سطوا بِمن ... عاداك من ذِي نخوة اصيد) (واطلع كَمَا تطلع شمس الضُّحَى ... كاسفة للحندس الاسود) (وَخذ من الزهرة افعالها ... فِي عيشك المقتبل الارغد) (وضاه بالاقلام فِي جريها ... عُطَارِد الْكَاتِب ذَا السؤدد) (وباه بالمنظر بدر الدجى ... وأفضله فِي بهجته وازدد) (واسلم على الدَّهْر وَلَا تخش من ... مكروهه الرَّائِح والمعتدي) (ذَا مهجة آمِنَة لللادي ... مَا أمنته مهجة الفرقد) // السَّرِيع // وَكتب الى بعض الرؤساء يهنئه بخلعة سلطانية من الْكَامِل (قرم علته ملابس العلياء ... فعلا على النظراء والاكفاء) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 (أَهْدَت إِلَيّ سرورها مثل الَّذِي ... اهدي مساءتها الى الاعداء) (وَمن الْعَجَائِب أنني هنأته ... وَأَنا المهنأ فِيهِ بالنعماء) (لَا زَالَ يفترع الْمَرَاتِب صاعدا ... حَتَّى يجوز محلّة الجوزاء) // الْكَامِل // وَكتب الى الْوَزير ابي نصر سَابُور بن أردشير يهنئه بِالْخرُوجِ من الاستتار من الْخَفِيف (صَحَّ أَن الْوَزير بدر مُنِير ... إِذْ توارى كَمَا توارى البدور) (غَابَ لَا غَابَ ثمَّ عَاد كَمَا كَانَ ... على الْأُفق طالعا يَسْتَنِير) (لَا تسلني عَن الْوَزير فقد نبئت ... بِالْوَصْفِ أَنه سَابُور) (لَا خلا مِنْهُ صدر دست إِذا مَا ... قر فِيهِ تقر مِنْهُ الصُّدُور) // الْخَفِيف // وَكتب إِلَيْهِ وَقد أُعِيد إِلَى الوزارة بعد أَن صرف عَنْهَا من الْكَامِل (قد كنت طلقت الوزارة بعد مَا ... زلت بهَا قدم وساء صنيعها) (فغدت لغيرك تستحيل ضَرُورَة ... كَيْمَا يحل إِلَى ذراك رُجُوعهَا) (فَالْآن آلت ثمَّ الت حلفة ... أَن لَا يبيت سواك وَهُوَ ضجيعها) // الْكَامِل // مَا أخرج من شعره فِي الهجاء قَالَ من المجتث (يَا جَامعا لخلال ... قبيحة لَيْسَ تحصى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 (نقصت من كل فضل ... فقد تكاملت نقصا) (لَو أَن للْجَهْل شخصا ... لَكُنْت للْجَهْل شخصا) // المجتث // وَقَالَ من الْخَفِيف (أَيهَا النابح الَّذِي يتَصَدَّى ... بقبيح يَقُوله لجوابي) (لَا تؤمل أَنِّي أَقُول لَك اخْسَأْ ... لست اسخو بهَا لكل الْكلاب) // الْخَفِيف // وَقَالَ من السَّرِيع (يَاذَا الَّذِي صَامَ عَن الطّعْم ... ليتك قد صمت عَن الظُّلم) (هَل ينفع الصَّوْم امْرأ ظَالِما ... أحشاؤه ملأى من الْإِثْم) // السَّرِيع // وَقَالَ من الهزج (أَبُو الْفضل إِذا يحصل فِيمَا بَينا فضل ... ) (وَمَا نؤثر أَن يدْخل فِي شطرنجنا بغل) // الهزج // وَقَالَ فِي إِنْسَان سَاقِط لبس عِمَامَة سَرِيَّة من الْكَامِل (يَا من تعمم فَوق رَأس فارغ ... بعمامة مروية بَيْضَاء) (حسنت وقبح كل شَيْء تحتهَا ... فَكَأَنَّمَا نور على ظلماء) (لما بدا فِيهَا أطلت تعجبي ... من شَرّ شَيْء فِي أجل إِنَاء) (لَو أنني مكنت مِمَّا أشتهي ... وَأرى من الشَّهَوَات والأراء) (لجعلت موضعهَا الثرى وجعلتها ... فِي رَأس حر من ذَوي العلياء) // الْكَامِل // وَقَالَ من الطَّوِيل (أَلا قل لأهل الدولة النذلة الَّتِي ... ثوى داؤها فِينَا وأعيا دواؤها) (لقد كبت الدُّنْيَا على أم وَجههَا ... فَنحْن لَهَا أَرض وَأَنْتُم سماؤها) (فَلَا تفرحوا بالحظ مِنْهَا فَإِنَّهُ ... قَلِيل على هَذَا الْمحَال بَقَاؤُهَا) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 وَقَالَ من المجتث (وراكب فَوق طرف ... كَأَنَّهُ فَوق طرفِي) (لَهُ فذال عريض ... يجل عَن كل وصف) (يذوب شوقا إِلَيْهِ ... نَعْلي وخفي وكفي) // المجتث // وَقَالَ من مخلع الْبَسِيط (قرن ابْن هَارُون قد تَمَادى ... علوه فالغيور غَيره) (فكاشفته البظراء جَهرا ... بفسقها حِين قل خَيره) (خلت بِهِ للنِّكَاح يَوْمًا ... فَقَامَ حرهَا ونام أيره) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ من الْكَامِل (يُبْدِي اللواط مغالطا وعجانه ... أبدا لاعراد الورى مستهدف) (فَكَأَنَّهُ ثعبان مُوسَى إِذْ غَدا ... لحبالهم وعصيهم يتلقف) // الْكَامِل // وَقَالَ من الرجز المشطور (يَا رب علج أعلج ... مثل الْبَعِير أهوج) (ذِي فيشة عَظِيمَة ... إِن دخلت لم تخرج) (رَأَيْته مطلعا ... من خلف بَاب مرتج) (وَتَحْته دنية ... تذْهب طورا وتجي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 (فَقلت فاضي ايدج ... فَقَالَ قَاضِي ايدج) // الرجز المشطور // وَقَالَ فِي رَئِيس امرد من الطَّوِيل (وارعن من سكر الحداثة مَا صَحا ... دفعنَا الى تَعْظِيمه وَهُوَ مَا التحى) (لَهُ همة لَكِنَّهَا فِي حتاره ... فَمَا يطْلب العلياء إِلَّا لينكحا) (فَلَو أَن مَا قاسى من الاير دبره ... يقاسيه من سير الْمعلم افلحا) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي انسان شرِيف الاصل وضيع النَّفس من مجزوء الْكَامِل (قل للشريف المنتهي ... للغر من سرواته) (آبَائِهِ وجدوده ... والزهر من اماته) (وَهُوَ الوضيع بِنَفسِهِ ... وعيوبه وهناته) (وَالظَّاهِر السوءات فِي ... أخلافه وَصِفَاته) (لَا تجرين من الفخار ... الى مدى لم تاته) (شاد الالى لَك منصبا ... قوضت من شرفاته) (وَأَبُوك مُتَّصِل بِهِ ... فعققتهم ببتاته) (إِن الشريف النَّفس لَيست ... تِلْكَ من فعلاته) (وَالْعود لَيْسَ بِأَصْلِهِ ... لكنه بنباته) (وَالْمَاء يفْسد إِن خلطت ... اجاجه بفراته) (وأحق من نكسته ... بالصفع من درجاته) (من مجده من غَيره ... وسفاله من ذَاته) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 وَقَالَ فِي هجاء أبخر من الْبَسِيط (إِنِّي بليت بقرنان يساررني ... سيان عِنْدِي مجشاه ومفساه) (الْقَبْر نكهته والسم ريقته ... وَالْمَوْت عشرته والبخر نَجوَاهُ) // الْبَسِيط // وَفِي الْمَعْنى من مجزوء الرمل (فِي ابي الْفضل من النَّقْص ضروب وصنوف ... ) (رجل فِي وعده خلف وَفِي فِيهِ خلوف ... ) (فَإِذا قاوضك القَوْل ... فقد فاض كنيف) // مجزوء الرمل // وَقَالَ من مجزوء الْخَفِيف (لم تَرَ الْعين أبخرا ... كَابْن نصر وَلَا ترى) (مدْخل الْخبز مِنْهُ اخبث من مخرج الخرى ... ) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ من الْكَامِل (قد أَبْصرت عَيْني الْعَجَائِب كلهَا ... مَا ابصرت مثل ابْن نصر ابخر) (مَا شم نكهته امْرُؤ متعطر ... إِلَّا اسْتَحَالَ مخاطه مِنْهَا خرى) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (نطق ابْن نصر فاستطارت جيفة ... فِي الْخَافِقين لنتن فِيهِ الْفَاسِد) (فَكَأَن أهل الارض كلهم فسوا ... متواطئين على اتِّفَاق وَاحِد) // الْكَامِل // وَقَوله من الْخَفِيف (يَا ابْن نصرته كَيفَ مَا شِئْت بالبخرة ... إِذْ بلغتك حَالا شريفه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 (لَك فِي النَّاس مثل معْجزَة الْخضر وَإِن كنت مِنْهُ بئس الْخَلِيفَة ... ) (لَا يشمون حِين تجتاز طيبا ... ويشمون حِين تجتاز جيفة) // الْخَفِيف // وَقَالَ من مجزوء الرجز (مامر بِي فِي عمري ... مثل سرار القنطرى) (مكنته من أُذُنِي ... فَبَال فِيهَا وخرى) // مجزوء الرجز // وَقَالَ من قصيدة لابي الْفضل الشِّيرَازِيّ يوصيه بغلمانه ويعلمه بحالهم ويحذره من شخص عرض بِهِ من مجزوء الرمل (نب هَذَا التيس نبا ... وعَلى الغلمان هبا) (كلما نَادَى غزالا ... مِنْهُم للنيك لبّى) (مَا رَأينَا قبل هَذَا ... رشأ طاوع كَلْبا) (لَيْسَ فيهم صَغِير ... وكبير يتأبى) (وغدت دَار ابي الْفضل ... لهَذَا التيس زربا) (وَهُوَ يزْدَاد على ذَاك ... بِهِ ضنا وعجبا) (يَا ابا الْفضل اسْتمع نصح ... امْرِئ يصفيك حبا) (سرح غلمانك للسرحان ... قد اصبح نهبا) // مجزوء الرمل // مَا اخْرُج من شعره فِي الشّعْر قَالَ من الوافر (احب الشّعْر يبتدع ابتداعا ... وأكره مِنْهُ مبتذلا مشَاعا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 (ولي رَأْي غيور فِي الْمعَانِي ... فَمَا اتي بهَا إِلَّا افتراعا) (وقدما كَانَت الابكار أحظى ... من العون الَّتِي انتهبت شعاعا) // الوافر // وَقَالَ من الْخَفِيف (رب شعر اطاله طول مَعْنَاهُ ... وَإِن قل لَفظه حِين يروي) (وطويل فِيهِ الْكَلَام كثير ... فَإِذا مَا استعدته كَانَ لَغوا) (عرض الْبَحْر وَهُوَ مَاء اجاج ... وَقَلِيل الْمِيَاه تَلقاهُ حلوا) // الْخَفِيف // وَقَالَ من الطَّوِيل (لقد شان شَأْن الشّعْر قوم كَلَامهم ... إِذا نظموا شعرًا من الثَّلج ابرد) (فيا رب إِن لم تهدهم لصوابه ... فأضللهم عَن وزن مَا لم يجودوا) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة فِي الصاحب من الْخَفِيف (لَو تراخيت عَن مديحك لاستجررت من كل نعْمَة لَك هجوا ... ) (فَتَأمل وَانْظُر إِلَيْهِ إِذا مَا ... طبق الْخَافِقين حضرا وبدوا) (كَيفَ تحدو بِهِ عفاتك حدوا ... ثمَّ تشدو بِهِ قيانك شدوا) // الْخَفِيف // مَا أخرج من شعره فِي العتاب قَالَ من قصيدة من الوافر (وَأَيَّام تعد عَليّ عدا ... وحظي من رغائبها يفوت) (يظنّ النَّاس لي فِيهَا ثراء ... وحسبي من ظنون النَّاس قوت) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 (كَأَنِّي من تخاصمهم مكين ... وحالي من خصاصتها تَمُوت) (وَلم آل اجْتِهَادًا واحتفالا ... وَلَكِن أعيت الْحِيَل البخوت) (إِذا رام الْكَرِيم شكاة بَث ... فغايته التَّحَمُّل وَالسُّكُوت) // الوافر // وَقَالَ من قصيدة فِي عبد الْعَزِيز بن يُوسُف من الطَّوِيل (كفاني عَلَاء حِين افخر انني ... أضَاف الى عبد الْعَزِيز وأنسب) (حنته عَليّ الحانيات فصرت فِي ... كفَالَته كالابن وَهُوَ لَهُ أَب) (فها أَنا كالاولاد وَالْفرع اشمط ... وَهَا هُوَ كالاباء وَالْفرع غيهب) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (عممتم جَمِيع النَّاس حسنا لمحسن ... وعفوا لذِي جرم فغيشوا واخصبوا) (فَمَا بَال ابراهيم اذ لَيْسَ قبله ... ولي عراقي غَدا وَهُوَ مجدب) (مجليهم فِي حلبة أرْسلُوا ... وسكيتهم فِي رُتْبَة حِين رتبوا) (وَمَالك يَا عَيْني البصيرة غمضت ... جفونك عني حِين أبْكِي وأندب) (وَكَيف استطبت الْعَيْش فِي ظلّ نعْمَة ... غلامك عَنْهَا بالعراء يعذب) (اتضرب صفحا وادع الجأش سَاكِنا ... وجنبي على رمضائه يتضرب) (مَتى لم يكن ترياق جاهك ضَامِنا ... نجاتي إِذا دبت الى الْحَال عقرب) (وَمَا لي إِذا لم اسْقِ ريا من الحيا ... وَلم ترو مني غلَّة الرّوح اخصب) (وَلكنه التَّقْوِيم إِن كَانَ طعمه ... أَمر فعقباه الحميدة تعذب) (وَمن ذَا الَّذِي أهلتموه لنكبة ... تقومه إِلَّا العذيق المرجب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 (إِذا منصل بالغتم فِي صقاله ... فَمَا هُوَ إِلَّا المشرفي المجرب) (وَلم تشحذوا حديه حيفا وَإِنَّمَا ... تُرِيدُونَ أَن تسطوا بِهِ وَهُوَ مقضب) (تجرعت هَذَا الشري كالاري عَالما ... بَان سَوف يحلو لي جنى فِيهِ طبب) (وَيَا سوء حَالي لَو جريت لديكم ... بمجرى الَّذِي لَا يصطفى فيهذب) (فصبرا على بؤسي قَلِيل بقاءها ... لنعمى لنا فِيهَا مُرَاد ومرحب) (لَئِن غمني التأنيب فِيكُم وساءني ... لقد سرني أَن كنت مِمَّن يؤنب) (وَعلمِي باستحكام حَقي لديكم ... يُحَقّق ظَنِّي أَن جُرْمِي سيوهب) (وَإنَّك للْحرّ الَّذِي لي عِنْده ... وَدِيعَة ود خَيرهَا مترقب) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الطَّوِيل (صديق لكم يشكو إِلَيْكُم جفاكم ... وَفِي قلبه دَاء من الشوق قَاتل) (تناسيتموه وَهُوَ للْعهد ذَاكر ... وللغيب مَأْمُون وللحبل وَاصل) (يَقُول لكم والوجد بَين ضلوعه ... مُقيم وَقد جمت عَلَيْهِ البلابل) (أكابرنا عطفا علينا فإننا ... بِنَا ظمأ برح وَأَنْتُم مناهل) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الْخَفِيف (وَمن الظُّلم ان يكون الرِّضَا سرا ويبدو الانكار وسط النادي ... ) (وَمن الْعدْل أَن يشاع بِهَذَا ... مثل مَا شاع ذَاك فِي الاشهاد) (كي يسر الصّديق بِالْعَفو عني ... مثل مَا سر بالنكير الاعادي) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 مَا أخرج من شعره فِي الشكوى وَالْحَبْس قَالَ من الْبَسِيط (قد كنت أعجب من مَالِي وكثرته ... وَكَيف تغفل عَنهُ حِرْفَة الادب) (حَتَّى انْثَنَتْ وَهِي كالغضبى تلاحظني ... شزرا فَلم تبْق لي شَيْئا من النشب) (فاستيقنت انها كَانَت على غلط ... فاستدركته وافضت بِي الى الْحَرْب) (الضَّب وَالنُّون قد يُرْجَى التقاؤهما ... وَلَيْسَ يُرْجَى التقاء اللب وَالذَّهَب) // الْبَسِيط // وَقَالَ ايضا من الوافر (كَأَن الدَّهْر من صبري مغيظ ... فَلَيْسَ تغبني مِنْهُ الخطوب) (يحاول أَن تلين لَهُ قناتي ... ويأبى ذَلِك الْعود الصَّلِيب) (أُلَاقِي كل معضلة نَاد ... بِوَجْه لَا يُغَيِّرهُ القطوب) (وأعتنق الْعَظِيمَة إِن عرتنى ... كَأَن قد زارني مِنْهَا حبيب) (وَبَين جوارحي قلب كريم ... تعجب من تماسكه الْقُلُوب) (تلوح نواجذي والكأس شربي ... وأشربها كَأَنِّي مستطيب) (ففوق السِّرّ لي جهر ضحوك ... وَتَحْت الْجَهْر لي سر كئيب) (سأثبت إِن يصادمني زماني ... بركنيه كَمَا ثَبت النجيب) (وأرقب مَا تَجِيء بِهِ اللَّيَالِي ... فَفِي أَثْنَائِهِ الْفرج الْقَرِيب) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 وَقَالَ من مجزوء الْكَامِل (قاسيت من دهري سَفِيها ... مَا إِن رَأَيْت لَهُ شَبِيها) (ثبتَتْ نصال سهامه ... فِي تغرة لي تنتحيها) (فكأنني استقبلته ... بمقاتلي إِذا اتقيها) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ من الطَّوِيل (إِذا لم يكن بُد من الْمَوْت للفتى ... فأروحه الاوحى الَّذِي هُوَ اسرع) (وَمَا طَال عمر قطّ إِلَّا تطاولت ... بِصَاحِبِهِ روعات مَا يتَوَقَّع) (فَكُن عرضا بالعيش لَا تغتبط بِهِ ... فمحصوله خوف وعقباه مصرع) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الطَّوِيل (إِذا جمعت بَين أمرأين صناعَة ... وأحببت ان تَدْرِي الَّذِي هُوَ أحذق) (فَلَا تتفقد مِنْهُمَا غير مَا جرت ... بِهِ لَهما الارزاق حِين تفرق) (فَحَيْثُ يكون النَّقْص فالرزق وَاسع ... وَحَيْثُ يكون الْفضل فالرزق ضيق) // الطَّوِيل // وَقَالَ من المنسرح (عهدي بشعري وَكله غزل ... يضْحك عَنهُ السرُور والجذل) (ايام همي بِحَبَّة بهم الْقلب عَن النائبات مشتغل ... ) (فالان شعري فِي كل داهية ... نيرانها فِي الضلوع تشتعل) (اخْرُج من نكبة وَأدْخل فِي ... أُخْرَى فنحسي بِهن مُتَّصِل) (كَأَنَّهَا سنة مُؤَكدَة ... لَا بُد من ان تقيمها الدول) (فالعيش مر كَأَنَّهُ صَبر ... وَالْمَوْت حُلْو كَأَنَّهُ عسل) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 وَقَالَ فِي الاستتار من قصيدة من الْخَفِيف (لَيْسَ لي منجد على مَا أقاسي ... من كروبي سوى الْعَلِيم السَّمِيع) (دفتري مؤنسسي وفكري سميري ... ويدي خادمي وحملي ضجيعي) (ولساني سَيفي وبطني فريضي ... ودواتي عَيْني ودرجي ربيعي) (اتعاطى شجاعة أدعيها ... فِي القوافي لقلبي المصدوع) (بمقال أعز من لَيْث غَابَ ... وفعال أذلّ من يَرْبُوع) (كلما هر فِي جواري هر ... كَاد يقْضِي الى فُؤَادِي المروع) (وَإِذا اجتاز فِي السطوح فَمن قبل قبوع الجرذان مِنْهُ قبوعي ... ) // الْخَفِيف // وَكتب من الْحَبْس قصيدة مِنْهَا من الطَّوِيل (كتبت أقيك السوء من محبس ضنك ... وَعين عدوي رَحْمَة مِنْهُ لي تبْكي) (وَقد ملكتني كف فط مسلط ... قَلِيل التقي ضار على الفتك والافك) (صليت بِنَار الْهم فازددت صفوة ... كَذَا الذَّهَب الابريز يصفو على السبك) // الطَّوِيل // وَكتب الى صديق لَهُ وَهُوَ مَحْبُوس من الْكَامِل (نَفسِي فداؤك غير مُعْتَد بهَا ... إِذْ قد مللت حَيَاتهَا وبقاءها) (وَلَو أَن لي مَالا سواهَا لم اكن ... ارضى لنَفسك ان تكون ازاءها) (لَكِن صفرت فَلم أجد إِلَّا الَّتِي ... قد ان لي ان استطيل ذماءها) (فَإِذا شكرت لمن فدَاك فإنني ... لَك شَاكر أَن قد قبلت فداءها) (وكأنني المفدي حِين أرحتني ... من نائبات مَا أُطِيق لقاءها) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 وَكتب وَهُوَ فِي الْحَبْس الى ابي الْعَلَاء صاعد بن ثَابت من مجزوء الرمل (ايها السَّيِّد قد كنت إِلَى الْوَصْل تسارع ... ) (وتراعينا ببر ... موَالٍ متتابع) (فلماذا قد تسربلت لنا سربال قَاطع ... ) (نَحن كالنسرين فِي الصُّحْبَة ... لكني وَاقع) (وعَلى الطَّائِر أَن يغشى ... اخاه ويطالع) // مجزوء الرمل // وَكتب الى قَاضِي الْقُضَاة ابي مُحَمَّد بن مَعْرُوف وَقد كَانَ زَارَهُ فِي معتقله رقْعَة هَذِه نسختها لقد قوي دُخُول سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة الى نَفسِي وجدد انسي وأعزب نحسي ووسع حبسي فدعوت الله تَعَالَى بِمَا قد ارْتَفع إِلَيْهِ وسَمعه لَهُ فَإِن لم أكن أَهلا لِأَن يُسْتَجَاب مني فَهُوَ أيده الله أهل لَان يُسْتَجَاب فِيهِ وَأَقُول مَعَ ذَلِك من الْبَسِيط (دخلت حَاكم حكام الزَّمَان على ... صَنِيعَة لَك رهن الْحَبْس ممتحن) (أخنت عَلَيْهِ خطوب جَار جائرها ... حَتَّى توفاه طول الْهم والحزن) (فَعَاشَ من كَلِمَات مِنْك كن لَهُ ... كالروح عَائِدَة مِنْهُ إِلَى الْبدن) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي مستخرمال كَانَ يرفق بِهِ حَال مصادرته ويتشكر مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَال من الْكَامِل (لله در أبي مُحَمَّد الَّذِي ... ضمنت إساءته بِنَا إحسانا) (طويت جوانحه على خيرية ... مكتومة تبدو لنا أَحْيَانًا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 (حر تكلّف غير مَا فِي طبعه ... من قسوة تكسو الْعَزِيز هوانا) (عكس النِّفَاق لنا فأخفى بَاطِنا ... حسنا وَأظْهر ضِدّه إعلانا) (وَله خلال العسف رفق رُبمَا ... سغشى الضَّعِيف الرازح الحيرانا) (مستخرج لِلْمَالِ مُضْطَر الى اسْتِعْمَال مَا يُرْضِي بِهِ السلطانا ... ) (متلطف فِي فقرنا وَلَو أَنه ... وجد السَّبِيل الى الْغنى اغنانا) (يتَطَرَّق الاستار لَا عَن نِيَّة ... وَلَو اسْتَطَاعَ لَهَا الصيانة صانا) (متوعر الجنبات فِي استخراجه ... وَإِذا تعطف للفتوة لانا) (فتراه فِي ديوانه مستأسدا ... ليثا وَفِي خلواته إنْسَانا) (رجل يؤدبنا وَنحن مَشَايِخ ... مثل الْمعلم يضْرب الصبيانا) (عدنا وَقد شبنا الى حَال الصِّبَا ... فِي مكتب يستشهد الولدانا) (نهواه علما أَنه خير لنا ... من غَيره أَن قلد الديوانا) (عجبا لَهُ إِذْ هَذِه آثاره ... فِينَا وَهَذَا شكرنا وثنانا) (فَالله يحفظه علينا رَاضِيا ... ويعيدنا من بأسه غضبانا) // الْكَامِل // وَقَالَ ايضا فِي الْحَبْس من الطَّوِيل (إِذا لم يكن للمرء بُد من الردى ... فأسهله مَا جَاءَ والعيش أنكد) (وأصعبه مَا جَاءَهُ وَهُوَ رائع ... تطيف بِهِ اللَّذَّات والحظ مسعد) (فَإِن أك شَرّ العيشتين أعيشها ... فَإِنِّي إِلَى خير المماتين اقصد) (وسيان يَوْمًا شقوة وسعادة ... إِذا كَانَ غبا وَاحِدًا لَهما الْغَد) // الطَّوِيل // وَكتب الى عضد الدولة وَقد خرج الى الزِّيَارَة بِالْكُوفَةِ من الطَّوِيل (تَوَجَّهت نَحْو المشهد الْعلم الْفَرد ... على الْيمن والتوفيق والطائر السعد) (نزور امير الْمُؤمنِينَ فياله ... ويالك من مجد مسيخ على مجد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 (فمل ير فَوق الارض مثلك زَائِرًا ... وَلَا تحتهَا مثل المزور الى اللَّحْد) (مددت الى كوفان عَارض نعْمَة ... بِصَوْت بِلَا يرق يروع بِلَا رعد) (وتابعت اهليها ندى بمثوبة ... فرحت الى فوز وراحوا الى رفد) (أمولاي مَوْلَاك الَّذِي انت ربه ... إِلَيْك على جور النوائب تستعدى) (وهذي يَدي مدت إِلَيْك بِقصَّة ... أُعِيذك فِيهَا من إباء وَمن رد) (أَتَانِي شتاء لَيْسَ عِنْدِي دثاره ... سوى لوعة فِي الصَّدْر مشبوبة الوقد) (فَلَو أَن برد الْجلد عَاد الى الحشا ... وفار الحشا الحران مني على الْجلد) (أزيحت لنَفْسي علتاها فَأَعْرَضت ... عَن البث والشكوى الى الشُّكْر وَالْحَمْد) (وداويت داءي النقضين ذَا بذا ... اعْدِلْ إفراطا من الضِّدّ بالضد) (وَلَكِنِّي استبطن الْحر كربَة ... وَاسْتظْهر الضّر الشَّديد من الْبرد) (وَكم تثبت الحوباء فِي شبح بِهِ ... جروح دوَام من مناحسة النكد) (أليمات وَقع لَو تكون بيذبل ... تضعضع ركناه تضعضع منهد) (فلولا رَجَاء ملْء أرجاء أضلعي ... وَعلم يَقِين بالرعاية والعهد) (وَأَن نسيم الانعطاف تهب لي ... هبوب نسيم النرجس الغض والورد) (قضيت بإحداهن نحبي حسرة ... وَلَو كَانَ لي قلب من الْحجر الصلد) (وهبني قد حملتها فأطقتها ... إطاقة صلب الْعود مصطبر جلد) (فَمن لي بصبر عَن جبينك لامعا ... إِذا شيم مَا بَين السماطين من بعد) (براني بري الْقدح شوق مبرح ... إِلَيْهِ وَوجد جلّ عَن صفة الوجد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 (إِذا أَبْصرت عَيْنَايَ خدا معفرا ... لديك نقلت الترب مِنْهُ الى خدي) (وَإِن سَمِعت أذناي عَنْك مُحدثا ... لهجت بتكرير الحَدِيث الَّذِي يُبْدِي) (فذكراك جهري حِين يطْرق زائري ... ونجواك سري حِين اخلو بهَا وحدي) (فَلَا تبعدني عَنْك من أجل عَثْرَة ... فَإِن جِيَاد الْخَيل تعثر إِذْ تخدي) (وَلَو كنت تَنْفِي كل من جَاءَ مخطئا ... إِذا لعممت النَّاس بِالنَّفْيِ والطرد) (وَمن زل يَوْمًا زلَّة فاستقالها ... فَذَاك حقيق بالهداية والرشد) (ولي عِنْد مَوْلَانَا وَدِيعَة حُرْمَة ... وشكر أياديه وديعته عِنْدِي) (فَإِن عِشْت كَانَت عدتي وذخيرتي ... وَإِن لم أعش فَهِيَ التراث لمن بعدِي) (توالت سني أَربع ومدامعي ... لَهَا أَربع كالسلك سل من العقد) (أحوم الى رُؤْيَاك كَيْمَا أنالها ... حيام العطاش الناظرات الى الْورْد) (فيا ايها الْمولى الَّذِي اشتاق عَبده ... إِلَيْهِ أما تشتاق يَوْمًا الى العَبْد) (فَإِن كَانَ لم يبلغ الى رُتْبَة الرِّضَا ... فَبَلغهُ فِيمَا قبلهَا رُتْبَة الْوَعْد) (وَمر امرك العالي بتغيير حَاله ... وَتَخْفِيف مَا يلقى من الْبُؤْس والجهد) (لَعَلَّك ترْضى عودة بعد بدأة ... فيغدو بِوَجْه ابيض بعد مسود) (فقد يجْبر الْعظم الكسير وَرُبمَا ... تزايد بعد الْجَبْر شدَّة مشتد) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الطَّوِيل (هرت دواتي بعد تصريف حلهَا ... وواصلت كالوراق قَارُورَة الحبر) (وعاشرت من دون الاخلاء دفترا ... يحدث عَمَّا مر فِي سالف الدَّهْر) (فطورا يسليني التعلل بالمنى ... وطورا يكون الْمَوْت مني على ذكر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 مَا أخرج من شعره فِي الْحِكْمَة قَالَ من مجزوء الرمل (جملَة الانسان جيفه ... وهيولاه سخيفه) (فلماذا لَيْت شعري ... قيل للنَّفس شريفه) (إِنَّمَا ذَلِك فِيهِ ... صَنْعَة الله اللطيفه) // مجزوء الرمل // وَقَالَ ايضا من مجزوء الْكَامِل (أتهاب فِي العزمات ظلما رُبمَا وقيت عَنهُ ... ) (وأمامك الْمَوْت الَّذِي ... ايقنت ان لَا بُد مِنْهُ) (هذي سَبِيل الخائب الكابي الزِّنَاد فَلَا تكنه ... ) (الدَّهْر خوان وَلَكِن كم سعيد لم يخته ... ) (وشقي جد قد تحرز ... بالتصوف لم يصنه) (فاحذر مرَارًا أَن يخون ... وَمرَّة لَك فأتمنه) (واستبر لحظك بالتقلب فِي المطالب وامتحنه ... ) (وابسط رَجَاء قد قبضت وثق بِرَبِّك واستعنه ... ) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ ايضا من الطَّوِيل (الا ايها الانسان لانك آيسا ... من الدَّهْر ان تصفو عَلَيْك مشاربه) (فَإِن لَهُ حتما من الشَّرّ وَاجِبا ... وحتما من الْخَيْر الهني عواقبه) (وَإِن تلق من حتميه مَا كنت تبتغي ... فَأولى بك الحتم الَّذِي انت طَالبه) (ستكسب مَا ترجو وَلَو كنت كَارِهًا ... ككسبك مَا تخشى وَأَنت مجانبه) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 وَقَالَ من الْخَفِيف (قد تحابى الْجواد نائبة الدَّهْر وفيهَا على الْبَخِيل وقاحة ... ) (كم رَأينَا من نعْمَة قادها الْبُخْل واخرى تذود عَنْهَا السماحة ... ) (رُبمَا ضرها التشدد والضبط فأضحت من أَصْلهَا مجتاحه ... ) (فَهِيَ محمية إِذا نيل مِنْهَا ... وَإِذا عز نيلها مستباحه) (وخصوم الشحيح يسعون فِيمَا ... غضن من طرفه وهاض جنَاحه) (وَبَنَات الْقُلُوب تضغي الى من ... كَانَ اسخى نفسا واطلق راحه) // الْخَفِيف // مَا أخرج من شعره فِي الشيب وَالْكبر وَذكر آخر أمره قَالَ من الوافر (يَقُول النَّاس لي فِي الشيب عَن ... يزِيد بِهِ جلال الْمَرْء ضعفا) (وَلَوْلَا انه ذل وهون ... لما احتكم المزين فِيهِ نتفا) // الوافر // أَخذه من قَول الاول من الْبَسِيط (كَفاك من ذلتي للشيب حِين بدا ... أَنِّي توليت نتفي لحيتي بيَدي) // الْبَسِيط // وَقَالَ من المتقارب (لقد أخلقت جدتي الحادثات ... وَمن عَاشَ فِي ريبها يخلق) (وبدلنني صلعا شَامِلًا ... من الشّعْر الفاحم الاغسق) (وَقد كنت اصلع من عارضي ... فقد صرت اصلع من مفرقي) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 وَقَالَ من المنسرح (لما دهتني السنون بالصلع ... وَقل مَالِي وضاق متسعي) (حاسبت عَن لمتي مزينها ... حِسَاب شيخ للحزم مُتبع) (قلت لَهُ اقنع عَن قسط نابتها ... بِالربعِ مِمَّا بِهِ عملت معي) (واعمل على انها مُزَارعَة ... شَكَوْت فِيهَا شكاة متضع) (فاحطط خراج الَّذِي اصبت بِهِ ... وَاسْتَوْفِ مني خراج مزدرع) // المنسرح // وَقَالَ من مجزوء الْكَامِل (وجع المفاصل وَهُوَ ايسر مَا لقِيت من الاذى ... ) (جعل الَّذِي استحسنته ... واليأس من حظي كَذَا) (والعمر مثل الكأس يرسب ... فِي أواخره القذى) // مجزوء الْكَامِل // وَكتب الى ابي الْحسن النَّقِيب الموسوي من الْخَفِيف (أقعدتنا زمانة وزمان ... عائق من قَضَاء حق الشريف) (فاقتصرنا فِيمَا نُؤَدِّي من الْفَرْض ... على الْكتب وَالرَّسُول الحصيف) (والفتى ذُو الشَّبَاب يبسط فِي التَّقْصِير عذر الشَّيْخ العليل الضَّعِيف ... ) // الْخَفِيف // وَكتب إِلَيْهِ يمدحه ويشكو إِلَيْهِ زمانته وَسُوء اثر السن عَلَيْهِ وَحَاجته الى الْجُلُوس فِي المحفة إِذا اراد التَّصَرُّف فِي حَوَائِجه وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة من الطَّوِيل (إِذا مَا تعدت بِي وسارت محفة ... لَهَا ارجل يسْعَى بهَا رجلَانِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 (وَمَا كنت من فرسانها غير انها ... وفت لي لما خانت القدمان) (نزلت إِلَيْهَا عَن سراة حصان ... بِحكم مشيي اَوْ فرَاش حصان) (فقد حملت مني ابْن تسعين سالكا ... سَبِيلا عَلَيْهَا يسْلك الثَّقَلَان) (كَمَا حمل المهد الصَّبِي وَقبلهَا ... ذعرت لُيُوث الغيل بالنزوان) (ولي بعْدهَا أُخْرَى تسمى جَنَازَة ... جنيبة يَوْم للمنية داني) (تسير على اقدام اربعة الى ... ديار البلى معدودهن ثَمَانِي) (وَإِنِّي على غيث الردى فِي جوانبي ... وَمَا كف من خطوي وبطش بناني) (وَإِن لم يدع إِلَّا فؤادا مروعا ... بِهِ غير بَاقٍ من اذى الخفقان) (تلوم تَحت الْحجب ينفث حِكْمَة ... الى اذن تصغي لنطق لِسَان) (لاعلم أَنِّي ميت عَاق دَفنه ... ذماء قَلِيل فِي غَد هُوَ فَانِي) (وَإِن فَمَا للارض غرثان حائما ... يراصد من أكلي حُضُور أَوَان) (بِهِ شَره عَم الورى بفجائع ... تركن فلَانا ثاكلا لفُلَان) (غَدا فاغرا يشكو الطوى وَهُوَ راتع ... فَمَا تلتقي يَوْمًا لَهُ الشفتان) (فَكيف وحد الْقُوت مِنْهُ فناؤنا ... وَمَا دون ذَاك الْحَد رد عنان) (إِذا عاضنا بالنسل مِمَّن يعوله ... تَلا أَولا مِنْهُ بمهلك ثَانِي) (الى ذَات يَوْم لَا ترى الارض وَارِثا ... سوى الله من إنس يرَاهُ وجان) (أَلا أبلغا فرعا نمته عروقه ... الى كل سَام للمفاخر باني) (مُحَمَّدًا الْمَحْمُود من آل احْمَد ... أَبَا كل بكر فِي الْعلَا وعوان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 (ابا حسن قطعت أحشاء حَاسِد ... طواها على الْبغضَاء والشنآن) (يراك بِحَيْثُ النَّجْم تصدع قلبه ... بِحَدّ لِسَان أَو بِحَدّ سِنَان) (جرى جاهدا وَالْعَفو مِنْك يفوتهُ ... فَكَانَ هجينا طَالبا لهجان) (وَأَنت سَمَاء فِي الذؤابة صاعدا ... وَذَاكَ حضيض فِي القرارة عاني) (أقيك الرَّد إِنِّي تنبهت من كرى ... وسهو على طول المدى اعتوراني) (فَأثْبت شخصا دانيا كَانَ خافيا ... على الْبعد حَتَّى صَار نصب عياني) (هُوَ الاجل المحتوم لي جد جده ... وَكَانَ يريني غَفلَة المتواني) (لَهُ نذر قد آذنتني بهجمة ... لَهُ لست مِنْهَا آخِذا بِأَمَان) (وَلَا بُد مِنْهُ ممهلا اَوْ معاجلا ... سَيَأْتِي فَلَا يثنيه عني ثَانِي) (هُنَالك فاحفظ فِي بني أذمتي ... وذد عَنْهُم روعات كل زمَان) (فَإِنِّي أَعْتَد الْمَوَدَّة مِنْك لي ... حساما بِهِ يقضون فِي الْحدثَان) (ذخرت لَهُم مِنْك السجايا وَإِنَّهَا ... لانفع مِمَّا يذخر الابوان) (وَفَاء ومدا للجناح عَلَيْهِم ... وضنا بهم عَن مس كل هوان) (وَحُرْمَة اسلاف كرام حُقُوقهَا ... دُيُون على الخلين يصطحبان) (وحظك مِنْهَا حسب شَأْنك إِنَّه ... تعاظم قدرا أَن يُقَاس بشان) (وَقد ضمن الله الْجَزَاء المحسن ... وحسبك من واف وفى بِضَمَان) (وَهَذَا قريضي وَهُوَ هم بعثته ... الى همة عذراء ذَات بَيَان) (فَكنت كمن جارى جوادا بمفرق ... قوائمه مشكولة بحران) (فَإِن لثمتني بالغبار سوابقا ... قوافيه من لفظ وَحسن مَعَاني) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 (فَلَا عَار إِن قصرت دون مبرز ... شَأْن النَّاس قبلي سَعْيه وشأني) (وعذري إِلَيْهِ خاطر كل بَعْدَمَا ... ثوري وَهُوَ ماضي الشفرتين يماني) (كَذَا الدَّهْر إِمَّا عَاد ينْقض مَا بنى ... وَإِمَّا بنى مَا ينْقض الملوان) (وَإِن اخرتني الْيَوْم سنّ تقدّمت ... فقد اسلفتني حوز كل رهان) (ليَالِي طارت بِي عقارب بلاغتي ... وبذت بغاثا مَا اسْتَطَاعَ يراني) (ابابيل جابت دون إِدْرَاك غايتي ... على انها لم تأل فِي الطيران) // الطَّوِيل // فَأَجَابَهُ أَبُو الْحسن بقصيدة مِنْهَا من الطَّوِيل (ظماني الى من لَو اراد سقاني ... وديني على من لَو يَشَاء قضاني) (وَلَو كَانَ عِنْدِي مُعسرا لعذرته ... وَلكنه وَهُوَ الملي لواني) (رمى مقلتي واسترجع السهْم داميا ... غزال بنجلاوين تنتضلان) (أأرجو شفائي مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي جنى ... على بدني دَاء الضنى وشجاني) (أَبيت فَلم أستق من كَانَ غلتي ... وَلم استرش من كَانَ قبل براني) (فَإِن أسر فالعلياء همي وَإِن أقِم ... فَإِنِّي على بكر المكارم باني) (وَإِن أمض أترك كل حَيّ من العدى ... يَقُول أَلا لله نفس فلَان) (أكرر فِي الاخوان عينا صَحِيحَة ... على أعين مرضى من الشنآن) (فلولا أَبُو إِسْحَاق قل تشبثي ... بخل وضربي عِنْده بجران) (هُوَ اللافتي عَن ذَا الزَّمَان وَأَهله ... بشيمة لَا وان وَلَا متواني) (إخاء تَسَاوِي فِيهِ ودا وألفة ... رديع صفاء لَا رَضِيع لبان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 (تمازج قلبانا تمازج إخْوَة ... وكل طلوبي غَايَة أَخَوان) (وَرب قريب بالعداوة ساخط ... وَرب بعيد بالمودة داني) (وَغَيْرك ينبو عَنهُ طرفِي مجانبا ... وَإِن كَانَ مني الاقرب المتداني) (لَئِن رام قبضا سنّ بناتك حَادث ... لقد عاضنا مِنْك انبساط جنان) (وَإِن بز من ذَاك الْجنَاح مطاره ... قرب مقَال مِنْك ذِي طيران) (وَإِن أقعدتك النائبات فطالما ... سرى موقرا من مجدك الملوان) (وَإِن هدمت مِنْك الخطوب بمرها ... فثم لِسَان للمناقب باني) (مآثر تبقى مَا رأى الشَّمْس نَاظر ... وَمَا سَمِعت من سامع أذنان) (وموسومة مَقْطُوعَة الْعقل لم تزل ... شوارد قد بالغن فِي الجولان) (وَمَا زل مِنْك الرَّأْي والحزم والحجى ... فتأسى إِذا مَا زلت القدمان) (وَلَو أَن لي يَوْمًا على الدَّهْر إمرة ... وَكَانَت لي الْعَدْوى على الْحدثَان) (خلعت على عطفيك برد شبيبتي ... جوادا بعمري واقتبال زماني) (وحملت ثقل الشيب عَنْك مفارقي ... وَإِن فل من غربي وغض عناني) (وناب طَويلا عَنْك فِي كل عَارض ... وَخط بخطو أخمصي وبناني) (على أَنه مَا انفل من كَانَ دونه ... حميم يرامي عَن يَد ولسان) (وَمَا كل من لم يُعْط نهضا بعاجز ... وَلَا كل لَيْث خادر بجبان) (وَإنَّك مَا استرعيت مني سوى فَتى ... صبور على رعي الْمَوَدَّة حاني) (حفي إِذا مَا ضيع الْمَرْء قَوْله ... وَفِي إِذا مَا خون العضدان) (من الله استهدي بقاك وَأَن ترى ... محلا لايام الْعلَا بمَكَان) (وأسأله أَن لَا تزَال مخلدا ... بملقى سَماع بَيْننَا وعيان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 (إِذا مَا رعاك الله يَوْمًا فقد قضى ... مآرب قلبِي كلهَا ورعاني) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ ابو اسحاق ايضا وَكَانَ بَين إِنْفَاذه اليه هَذِه القصيدة وَبَين مَوته اثْنَا عشر يَوْمًا ولعلها اخر شعره من الطَّوِيل (ابا كل شَيْء قيل فِي وَصفه حسن ... إِلَى ذَاك ينحو من كناك ابا الْحسن) (فوحدها للاختصار إِشَارَة ... إِلَيّ جملَة تفصيلها لَك مُرْتَهن) (تخولتها فِي خلقَة وخليقة ... وَإِن لم تكن أَنْت الخليق بهَا فَمن) (وَمَا هِيَ إِلَّا كنية لَك إرثها ... وَإِن مَسهَا من غير أَرْبَابهَا الدَّرن) (وَلَو ان فِي تَحْرِيمهَا لي قدرَة ... لما اصبحت فِي غير بَيْتك تمتهن) (أَلَسْت لَهَا بعد الْمُوصي وَآله ... وَأَنْتُم اناس فِيكُم الْمجد قد قطن) (وَلَكِن هَذَا الدَّهْر جَار عَلَيْكُم ... وَبَالغ حَتَّى فِي الكنى لكم محن) (يجاذبكم علياءكم كل حَاسِد ... بِهِ مرض بَين الحيازم قد كمن) (فَيجْرِي الى غاياتكم طَالبا لَهَا ... على غير منهاج وَأَنْتُم على السّنَن) (مناقبكم حق بَدَت بيناته ... ودعواه أضغاث يراهن فِي الوسن) (لكم فِي الثريا خطة وَهُوَ فِي الثرى ... فيا بعْدهَا من أَن يلزهما قرن) (وَقد تستوي الاشخاص فِي عين من رأى ... وتفترق الاعيان فِي فهم من فطن) (وَبَين وسيمات الْوُجُوه تشابه ... فَكُن فاصلا بَين التهيج وَالسمن) (وَإِن جلدَة الْوَجْه الوسيم تغضنت ... فَلَا تحسبن تِلْكَ الغضون بهَا عُكَن) (توقلتم فِي كل هضبة سؤدد ... فأوفيت واستعليت مِنْهَا على القنن) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 (تقسم هَذَا الْفضل بَين طوائف ... وأقسامه مَجْمُوعَة فِيك تختزن) (غدوا لَك كالابعاض إِذْ انت كلهم ... كمالا عجيبا مثله قطّ لم يكن) (تراهم إِذا غَابُوا عَن الْمنزل الَّذِي ... تحل بِهِ كَانُوا حضورا لَهُ إِذن) (وَإِن غبت عَنْهُم ظَاعِنًا بَان فَقرهمْ ... الى الْوَاحِد الْفَذ الَّذِي عَنْهُم ظعن) (وَإِمَّا يباريك المباري بهيئة ... وزي وملبوس على جِسْمه حسن) (فَفِي درعك الانسان تمت صِفَاته ... وجمت معاليه وَفِي درعه الوثن) (كتبت الى ابْن الموسوي رِسَالَة ... بِلَا دخل يدنو إِلَيْهَا وَلَا دخن) (بِأَنِّي مذ بايعتني الود جَاعل ... سوَادِي من قلب وَعين لَهُ ثمن) (فَإِن رمته من صَادِق غير ماذق ... فدونك صَدْرِي مسكنا تَحْتَهُ شجن) (إِذا اغتربت مِنْك الْمُوَالَاة عِنْد من ... ينافق فِيهَا فَهِيَ عِنْدِي فِي الوطن) (صفت مثل مَا تصفو المدام من القذى ... وَطَابَتْ كَمَا طابت من الغبر الدخن) (وَلم لَا وَأَنت الْمَاجِد السَّيِّد الَّذِي ... لَهُ منن لم تستطع حملهَا المنن) (أقيك الردى لَيْسَ القلا عَنْك مقعدي ... وَلَكِن دهاني بالزمانة ذَا الزَّمن) (وغادرني حلف الْمضَاجِع راهنا ... على خلة فِي الْحَال وَالنَّفس وَالْبدن) (فَإِن تنأمك الدَّار فالذكر مَا نأى ... وَإِن بَان مني الشَّخْص فالفكر لم يبن) (وَإِن طَال عهد الالتقاء فدونه ... عهود عَلَيْهَا من رعايتنا جنن) (وأيسر حد يلْزم النازح الْفَتى ... من الْحق بسط الْعذر للدالف اليفن) // الطَّوِيل // وَقَالَ الشريف يجِيبه عَن هَذِه القصيدة وَجعل الْجَواب على رويها دون وَزنهَا لَان ذَلِك الْوَزْن الْمُقَيد لَا يَجِيء الْكَلَام فِيهِ إِلَّا متقلقلا وَلَا النّظم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 بِزَعْمِهِ إِلَّا مختلا من الْبَسِيط (دع من دموعك بعد الْبَين للدمن ... غَدا لدارهم وَالْيَوْم للظعن) (هَل وَقْفَة بلوى خبت مؤلفة ... بَين الخليطين من شام وَمن يمن) (عَجنا على الرّبع انضاء مُحرمَة ... اثقالها الشوق من باد ومكتمن) (موسومة بالهوى تَدْرِي برؤيتها ... أَن المطايا مطايا مضمري شجن) (ثمَّ انثنينا على بَأْس وَقد شَرقَتْ ... نواظر بمجاري دمعها الهتن) (من ملبغ لي ابا إِسْحَاق مألكة ... عَن حنو قلب سليم السِّرّ والعلن) (جرى الوداد لَهُ مني وَإِن بَعدت ... منا العلائق مجْرى المَاء فِي الْغُصْن) (لقد توامق قلبانا كَأَنَّهُمَا ... تراضعا بِدَم الاحشاء لَا اللَّبن) (مسود قضب الاقلام نَالَ بهَا ... نيل المحمر أَطْرَاف القنا اللدن) (إِن لم تكن تورد الارماح موردها ... فَمَا عدلت الى الاقلام عَن جبن) (والطاعن الطعنة النجلاء عَن جلد ... كالقائل القولة الغراء عَن لسن) (مَا قدر فضلك مَا اصبحت ترزقه ... لَيْسَ الحظوظ على الاقدار والمهن) (قد كنت قبلك من دهري على حنق ... فَزَاد مابك فِي غيظي على الزَّمن) (انت الْكرَى مؤنسا عَيْني وَبَعْضهمْ ... مثل القذى مَانِعا عَيْني من الوسن) (قد جَاءَت النفثة الغراء ضامنة ... مَا يوثق النَّفس فِي سر وَفِي علن) (انطت من حسنها مَاء بِلَا نضب ... وحزت من نظمها درا بِلَا ثمن) (فاقتد إِلَيْك ابا اسحاق قافية ... قَود الْجواد بِلَا حَبل وَلَا رسن) (انشدتها فحدا سَمْعِي غرابتها ... الى الضَّمِير حداء الركب بِالْبدنِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 (كَانَت تقاعس لَو مَا كنت قائدها ... تقاعس البازل المحبوب فِي شطن) (تستوقف الركب إِن مرت مُعَارضَة ... يهدي عقيلتها الْعَذْرَاء من لمن) // الْبَسِيط // ذكر وَفَاة ابي اسحاق وَمَا رثاه بِهِ الموسوي توفّي يَوْم الْخَمِيس لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة من شَوَّال سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَكَانَت سنوه أحدى وَتِسْعين سنة قمرية فرثاه ابو الْحسن بِهَذِهِ القصيدة الفريدة الَّتِي أفْصح بهَا عَن بعد شأوه فِي الشّعْر وعلو مَحَله فِي كرم الْعَهْد وَقد كتبتها كلهَا لحسن ديباجتها وَكَثْرَة رونقها وجودة ألفاظها ومعانيها واستهلالها من الْكَامِل (أعلمت من حملُوا على الاعواد ... أَرَأَيْت كَيفَ خبا ضِيَاء النادي) (جبل هوى لَو خر فِي الْبَحْر اغتدى ... من وقعه متتابع الازباد) (مَا كنت أعلم قبل دفنك فِي الثرى ... أَن الثرى يَعْلُو على الاطواد) (بعدا ليومك فِي الزَّمَان فَإِنَّهُ ... اقذى الْعُيُون وفت فِي الاعضاد) (لَا ينْفد الدمع الَّذِي يبكي بِهِ ... إِن الْقُلُوب لَهُ من الامداد) (كَيفَ انمحي ذَاك الجناب وعطلت ... تِلْكَ الفجاج وضل ذَاك الْهَادِي) (طاحت بِتِلْكَ المكرمات طوائح ... وعدت على ذَاك الْجلَال عوادي) (قَالُوا أطَاع وقيدفي شطن الردى ... ايدي الْمنون ملكت أَي قياد) (من مُصعب لَو لم يقده إلهه ... لقضائه مَا كَانَ بالمنقاد) (هَذَا أَبُو إِسْحَاق يغلق رَهنه ... هَل ذائد أَو مَانع أَو فادي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 (لَو كَانَت تفدي لافتدتك فوارس ... مُطِرُوا بِعَارِض كل يَوْم طراد) (وَإِذا تالق بارق لوقيعة ... وَالْخَيْل تفحص بِالرِّجَالِ بداد) (سلوا الدروع من العياب واقبلوا ... يتحدثون على القنا المياد) (لَكِن رماك مجبن الشجعان عَن ... إقدامهم ومضعضع الانجاد) (كالليث يهون بِالتُّرَابِ ويمتلي ... غيظا على الاضغان والاحقاد) (والدهر تدخل نافذات سهامه ... مأوى الصلال ومربض الاساد) (ألقِي الجران على عنطنط حمير ... فَمضى وَمد يدا لاحمر عَاد) (أعزز عَليّ بِأَن اراك وَقد خلت ... من جانبيك مجَالِس العواد) (اعزز عَليّ بِأَن أَرَاك بمنزل ... متشابه الامجاد والاوغاد) (اعزز عَليّ بِأَن يُفَارق ناظري ... لمعان ذَاك الْكَوْكَب الْوَقَّاد) (فِي عصبَة جَنبُوا الى آجالهم ... والدهر يعجلهم عَن الارواد) (ضربوا بمدرجة الفناء قبابهم ... من غير اطناب وَلَا اعماد) (ركب أناخوا لَا يُرْجَى مِنْهُم ... قصد لاتهام وَلَا إنجاد) (كَرهُوا النُّزُول فأنزلتهم وقْعَة ... للدهر نازلة بِكُل مقاد) (فتهافتوا عَن رجل كل مذلل ... وتطارحوا عَن سرج كل جواد) (بادون فِي صور الْجَمِيع وَإِنَّهُم ... متفردون تفرد الاحاد) (مِمَّا يُطِيل الْهم أَن أمامنا ... طول الطَّرِيق وَقلة الازواد) (عمري لقد اغمدت مِنْك مهندا ... فِي الترب كَانَ ممزق الاغماد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 (قد كنت اهوى ان اشاطرك الردى ... لَكِن اراد الله غير مرادي) (وَلَقَد كبا طرف الرقاد بناظري ... مُنْذُ افتقدت فلالعا لرقادي) (ثكلتك ارْض لم تَلد لَك ثَانِيًا ... اني وَمثلك معوز الميلاد) (من للبلاغة والفصاحة أَن همى ... ذَاك الْغَمَام وعب ذَاك الْوَادي) (من للملوك يحز فِي أعناقها ... بظبا من القَوْل البليغ حداد) (من للممالك لَا تزَال تلمها ... سداد ثغر ضائع وسداد) (من للمحافل يستزل رماحها ... وَيرد رعلتها بِغَيْر جلاد) (من للممارق تسْتَرق قلوبها ... بزلازل الابراق والارعاد) (وصحائف فِيهَا الاراقم كمن ... مرهوبة الاصدار والايراد) (تدمي طوابعها إِذا استعرضتها ... من شدَّة التحذير والابعاد) (حمر على نظر الْعَدو كَأَنَّهَا ... بِدَم تخط بِهن لَا بمداد) (يقدمن إقدام الجيوش وباطل ... أَن يهزمن هزائم الاجناد) (فقر بهَا تمسي الْمُلُوك فقيرة ... ابدا الى مبدا لَهَا ومعاد) (وَتَكون سَوْطًا للحرون إِذا ونى ... وعناق عنق الجامح المتمادي) (نزقي وتلدغ فِي الْقُلُوب وَإِن تشا ... حط النُّجُوم بهَا من الابعاد) (أما الدُّمُوع عَلَيْك غير بخيلة ... وَالْقلب بالسلوان غير جواد) (سودت مَا بَين الفضاء وناظري ... وغسلت من عَيْني كل سَواد) (ري الخدود من المدامع شَاهد ... أَن الْقُلُوب من الغليل صوادي) (مَا كنت أخْشَى أَن تضن بِلَفْظَة ... لتقوم بعْدك لى مقَام الزَّاد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 (مَاذَا الَّذِي منع الفنيق هديره ... من بعد صولته على الاذواد) (مَاذَا الَّذِي حبس الْجواد عَن المدى ... من بعد سبقته الى الاماد) (مَاذَا الَّذِي منع الْهمام بوثبة ... وَعدا على دَمه وَكَانَ العادي) (قل للنوائب عددي ايامه ... لغنى عَن التعديد بالتعداد) (حمال ألويه الْعَلَاء بنجدة ... كالسيف يُغني عَن منَاط نجاد) (قلصت أظلة كل فضل بعده ... وَأمر مشربها على الوراد) (فقضي لسَانك إِذْ ذوت ثمراته ... أَن لَا دوَام لنضرة الاعواد) (وَقضى جنانك مذ خبت وقداته ... أَن لَا بَقَاء لقدح كل زناد) (بقيت اعيجان يضل تبيعها ... وَمَضَت هواد للرِّجَال هوادي) (يَا لَيْت اني مَا اقتنيتك صاحبا ... كم قنية جلبت اسى لفؤادي) (من لم يسف الى التناسل نَفسه ... كفي الاسى بتفاقد الاولاد) (برد الْقُلُوب بِمن تحب بَقَاءَهُ ... مِمَّا يجر حرارة الاكباد) (لَيْسَ الفجائع بالذخائر مثلهَا ... يَا ماجد الاعيان والافراد) (وَيَقُول من لم يدر كنهك إِنَّهُم ... نَقَصُوا بِهِ عددا من الاعداد) (هَيْهَات ادرج بَين برديك الردى ... رجل الرِّجَال وأوحد الاحاد) (لَا تطلبي يَا نفس خلا بعده ... فلمثله اعيا على المقتاد) (فقدت ملاءمة الشكول لفقده ... وَبقيت بَين تبَاين الاضداد) (مَا مطعم الدُّنْيَا بحلو بعده ... ابدا وَلَا مَاء الحيا ببراد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 (الْفضل ناسب بَيْننَا إِذْ لم يكن ... شرفي مُنَاسبَة وَلَا ميلادي) (إِن لَا تكن من اسرتي وعشيرتي ... فلأنت اعلقهم يدا بودادي) (أَو لَا تكن عالي الاصول فقد وفى ... عظم الجدود بسؤدد الاجداد) (لادر دري إِن مطلتك ذمَّة ... فِي بَاطِن متغيب اَوْ بَادِي) (إِن الْوَفَاء كَمَا اقترحت فَلَو تكن ... حَيا إِذا مَا كنت بالمزداد) (لَيْسَ التنافس بَيْننَا بمعاود ... أبدا وَلَيْسَ زَمَاننَا بمعاد) (ضَاقَتْ عَليّ الارض بعْدك كلهَا ... وَتركت اضيقها عَليّ بلادي) (لَك فِي الحشا قبر وَإِن لم تاوه ... وَمن الدُّمُوع رَوَائِح وغوادي) (سلوا من الابراد جسمك فانثنى ... جسمي يسل عَلَيْك فِي الابراد) (كم من طَوِيل الْعُمر بعد وَفَاته ... بِالذكر يصحب حَاضرا اَوْ بَادِي) (مَا مَاتَ من جعل الزَّمَان لِسَانه ... يَتْلُو مَنَاقِب عود وبوادي) (فَاذْهَبْ كَمَا ذهب الرّبيع وإثره ... بَاقٍ بِكُل مهابط ونجاد) (لَا تبعدن واين قربك بعْدهَا ... إِن المنايا غَايَة الابعاد) (صفح الثرى عَن حر وَجهك إِنَّه ... مغرى بطى محَاسِن الامجاد) (وتماسكت تِلْكَ البنان فطالما ... عَبث الردي بأنامل الاجواد) (وسقاك فضلك إِنَّه أروى حَيا ... من رائح متعرض اَوْ غادي) (جدث على أَن لَا نَبَات بأرضه ... وقفت عَلَيْهِ مطَالب الرواد) // الْكَامِل // وَمر يَوْمًا بقبره وَهُوَ بالجنينة من ارْض كرخايا فَقَالَ من الطَّوِيل (ايعلم قبر بالجنينة اننا ... اقمنا بِهِ نبغي الندى والمعاليا) (عطفنا فحيينا مساعيه إِنَّهَا ... عِظَام المساعي لَا الْعِظَام البواليا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 (مَرَرْنَا بِهِ فاستوقفتنا رسومه ... كَمَا استوقف الرَّوْض الظباء الجوازيا) (وَمَا لَاحَ ذَاك الترب حَتَّى تَخَيَّلت ... من الدمع أوشال ملأن المآفيا) (نزلنَا إِلَيْهِ عَن ظُهُور جيادنا نكفكف بالايدي الدُّمُوع الجواريا ... ) (وَلما تجاهشنا الْبكاء وَلم نطق ... عَن الوجد إقلاعا عذرنا البواكيا) (اقول لركب رائحين تعرجوا ... اريكم بِهِ فرعا من الْمجد ذاويا) (الموا عَلَيْهِ عاقرين فإننا ... إِذا لم نجد عقرا عقرنا القوافيا) (وحطوا بِهِ رَحل المكارم والعلا ... وكبوا الجفان عِنْده والمقاريا) (فَلَو انصفوا شَقوا عَلَيْهِ ضمائرا ... وجزوا رقابا بالظبا لَا نواصيا) (وقفنا فأرخصنا الدُّمُوع وَرُبمَا ... تكون على سوم الغرام غواليا) (أَلا ايها الْقَبْر الَّذِي ضم لحده ... قَضِيبًا على هام النوائب مَاضِيا) (هَل ابْن هِلَال مُنْذُ اودى كعهدنا ... هلالا على ضوء المطامع بَاقِيا) (وَتلك البنان المورقات من الندى ... نواضب مَاء أم بواق كَمَا هيا) (فَإِن نيل من ذَاك اللِّسَان مضاؤه ... فَإِن بِهِ عضوا من الْمجد بَالِيًا) (مُجيب الدَّوَاعِي حائدا اَوْ مدافعا ... هُنَاكَ مرم لَا يُجيب الداعيا) (وَمَا كنت ابى طول لبث بقبره ... لَو أَنِّي إِذا استعديته كَانَ عاديا) (صَفَائِح تستسقي الدُّمُوع روائحا ... على جانبيها والغمام غواديا) (ترى الْكَلم الغران من بعد مَوته ... نوافر مِمَّن رامهن نوائيا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 (هُوَ الخاضب الاقلام نَالَ بهَا علا ... تقاصر عَنْهَا الخاضبون العواليا) (معيد ضراب بِاللِّسَانِ لوانه ... بِيَوْم وغى فل الجراز اليمانيا) (مرير القوى نَالَ الْمَعَالِي واثبا ... إِذا غَيره نَالَ الْمَعَالِي حابيا) (مضى لم يمانع عَنهُ قلب مشيع ... إِذا هم لم يرجع عَن الْهم نَائِيا) (وَلَا المسندوه بالاكف الى الحشى ... على جزع والمفرشوه التراقيا) (وَلَا رد فِي صدر الْمنون براحة ... يرد بهَا سمر القنا والمواضيا) (خلا بعْدك الْوَادي الَّذِي كنت أنسه ... وَأصْبح تعروه النوائب وَاديا) (أرحت علينا ثلة الوجد ترتعى ... ضمائرنا أَيَّامهَا واللياليا) (ولولاك كَانَ الصَّبْر من سجية ... تراثا ورثناه الجدود الاواليا) (رضيت بِحكم الدَّهْر فِيك ضَرُورَة ... وَمن ذَا الَّذِي يغذو بِمَا سَاءَ رَاضِيا) (وطاوعت من رام انتزاعك من يَدي ... وَلَو أجد الاعوان أَصبَحت عَاصِيا) (تطامنت كَيْمَا يعبر الْخطب جَانِبي ... فألقي على ظَهْري وجر زماميا) (مَلَأت بمحياك الْبِلَاد مساعيا ... ويملأ مثواك الْبِلَاد مناعيا) (كَمَا عَم عالي ذكرك الْخلق كُله ... كَذَاك أَقمت الْعَالمين نواعيا) (رثيتك كي أسلوك فازددت لوعة ... لَان المراثي لَا تسد المرازيا) (وَأعلم أَن لَيْسَ الْبكاء بِنَافِع ... عَلَيْك وَلَكِنِّي امني الامانيا) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 الْبَاب الرَّابِع فِي ذكر ثَلَاثَة من كتاب آل بويه يجرونَ مجْرى الوزراء 116 - أَوَّلهمْ ابو الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن يُوسُف أحد صُدُور الْمشرق وفرسان الْمنطق وأفراد الْكَرم الْكِبَار الحسان الاثار والاخبار وأعيان الممدحين المقدمين فِي الاداب وَالْكِتَابَة والبراعة والكفاية وَجَمِيع أدوات الرياسة وَكَانَ مَعَ تقلده ديوَان الرسائل لعضد الدولة طول أَيَّامه معدودا فِي وزرائه وخواص ندمائه وتقلد الوزارة بعده دفعات لاولاده وَأَنا أورد من غرر نثره الَّتِي تعرب عَن ادب فضفاض وخاطر بالاجادة والاحسان فياض وَمن لمع شعره الَّتِي هِيَ احسن من زهر الرياض وأسلس من المَاء على الرضراض مَا هُوَ من شَرط هَذَا الْكتاب الْمُشْتَمل على ملح الاداب مَا أخرج من سلطانياته فصل من كتاب عَن الطائع لله الى ركن الدولة لما ورد عضد الدولة الْعرَاق فَأَنت وعضد الدولة كلأكما الله يدا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا يَأْخُذ ويذر وناظراه الحديث: 116 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 فميا يقرب وَيبعد بكما افترش مهاد الْملك بعد إقضاضه وَرفع منار الدّين بعد انخفاضه فأبشرا من الله تَعَالَى بِالْحُسْنَى إِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ وَمن كتاب عَنهُ الى عضد الدولة وراع الشّرف الَّذِي افرعك امير الْمُؤمنِينَ ذروته وَعقد بك ذؤابته وتوقل فِي فلك الْفَخر كَيفَ اردت وَمَسّ فِي حلل الْمجد اني شِئْت واستدم النِّعْمَة عَلَيْك بالتقوى لله تَعَالَى وَبِحسن الطَّاعَة لامير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُمَا جنتاك وعدتاك وذريعتاك المشفعتان عِنْد الله تَعَالَى فِي أولاك وأخراك وَأحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك وَمن كتاب عَنهُ إِلَى أهل الشَّام قد علمْتُم بِشَهَادَة الاثار وتظاهر الاخبار مَا أعد الله لامير الْمُؤمنِينَ بِطَاعَتِهِ وليه الْمَنْصُور وَصفيه المبرور وعضد الدولة ايده الله تَعَالَى من حام حَقِيقَته سَاد خلته رَاع سدته ورعيته لَا يثنيه عَن غاياته عَارض الشَّام وَلَا يلهيه عَن هماته رَاحَة الْحمام من الطَّوِيل (مضاميره أعيت على من يرومها ... وكل مدى عَن غايتيه قصير) (فَهُوَ عين أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذا نظر ... وَلسَانه إِذا نطق وَيَده إِذا لمس) // الطَّوِيل // فَهُوَ عين امير الْمُؤمنِينَ إِذا نظر وَلسَانه إِذا نطق وَيَده إِذا لمس ألانت أم أمضت ووطأت أَن أقضت وَمن كتاب الى عضد الدولة فِي فتح كرمان وَتَآمَرُوا على الْوُقُوع الى نَاحيَة الجروم واجنهم اللَّيْل فادرعوه مقتادين بخزائم أنوافهم الى مصَارِع حتوفهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 وَمن كتاب عَنهُ فِي عود الطائع الى بَغْدَاد والتقائه مَعَه وَلما ورد امير الْمُؤمنِينَ النهروان انْعمْ بالاذن لنا فِي تلقية على المَاء فامتثلناه وتقبلناه وتلقانا من عوائد كرمه ونفحات شيمه والمخائل الواعدة بجميل آرائه وعواطف إنحائه ورعاية مَا كنفنا يمنه وشايعنا عزه الى أَن وصلنا الى حَضرته البهية شرفها الله تَعَالَى فِي الجديرية الَّتِي اسْتقْبلت مِنْهُ بسليل النُّبُوَّة وقعيد الْخلَافَة وَسيد الانام والمستنزل بِوَجْهِهِ دُرَر الْغَمَام فتكفأت علينا ظلال نوره وبشره وغمرتنا جِهَات تفضله وفضله وَقرب علينا سنَن خدمته وأنالنا شرف الْقعُود بَين يَدَيْهِ على كرْسِي أَمر بنصبه لنا عَن يَمِينه وأمام دسته وأوسعنا من جميل لقيَاهُ وكريم نَجوَاهُ مَا يسم بالعز اغفال النعم وَيضمن الشّرف فِي النَّفس والعقب ويكفل من الْفَوْز فِي الدّين وَالدُّنْيَا بغايات الامل وَكَانَت لنا فِي الْوُصُول إِلَيْهِ وَالْقعُود بَين يَدَيْهِ فِي مواقع ألحاظه وموارد أَلْفَاظه مَرَاتِب لم يُعْطهَا اُحْدُ فِيهَا سلف وَلم تَجِد الايام بِمِثْلِهَا لمن تقدم وسرنا فِي خدمته على الْهَيْئَة الَّتِي ألْقى شرفها علينا وَحصل جمَالهَا مدى الدَّهْر لدينا الى ان سَار الى سدة دَار الْخلَافَة والسعود تشايعه والميامن تواكبه وطلائع الامال تشرف عَلَيْهِ وثغر الاسلام يبتسم اليه فعزم علينا بالانقلاب مَعَه على ضروب من التشريف لَا مورد بعْدهَا فِي جلال وَلَا موقف وَرَاءَهَا لمَذْهَب فِي جمال واجتلت الاعين من محَاسِن ذَلِك المنظر وتهادت الالسن من مَنَاقِب ذَلِك المشهد مَا بهر بصر النَّاظر وَعَاد شَمل الاسلام مجموعا ورواق الْعِزّ ممدودا وَصَلَاح الدهماء مأمولا وَنور الدّين وَالدُّنْيَا مرقوبا وَمن كتاب عَنهُ إِلَى اخيه مؤيد الدولة لما فتح جرجان وصل كتاب مولَايَ بِذكر الْفَتْح الَّذِي ألبسهُ الله جماله والنجح الَّذِي قرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 الله عَلَيْهِ مناله وَالنعْمَة الَّتِي نبت عَن متعاطيها فانتقلت إِلَيْهِ والمملكة الَّتِي اضْطَرَبَتْ بمالكيها فقرت لَدَيْهِ وَمن كتاب عَنهُ الى اخيه مؤيد الدولة ايضا فِي ذكر عِلّة نابته من الْحمى ورد على الْخَبَر بِعَارِض من الْحَرَارَة وعك لَهُ سَيِّدي مؤيد الدولة ايده الله تَعَالَى بعقب دَوَاء تنَاوله واتصال ذَلِك بمليلة أزعجته وَحمى نابته فتصرفت فِي الافكار وملكني الاشفاق وخلص الى قلبِي من ألم مَا عراه والى نَفسِي من وَجل مَا شكاه مَا كَاد يوحش جناب الانس ويخل بشيمه الصَّبْر لَوْلَا أَن الْمَعْهُود فِي مثل هَذَا الْعَارِض يعقب الاستفراغ اكثر الامر ثمَّ تُفْضِي عقباه الى اسْتِقْبَال الصِّحَّة والابلال وَالْقُوَّة حرس الله ساحته وَحمى مهجته وَأحسن الدفاع عَنهُ وَمن كتاب عَنهُ فِي ذكر وَفَاة ركن الدولة وَقد كَانَت الْمُصِيبَة نفرت سرب النعم ورنقت شرب الامل وأوحشت رباع الْمجد وَالْكَرم لَوْلَا مَا عصم الله بِهِ وَهدى لَهُ من تذكر النِّعْمَة فِي ثروة الْعدَد والبقية الْحسنى فِي الاخوة الْوَلَد ثمَّ فِي الْعِزَّة وَالْقُدْرَة وَالسُّلْطَان والبسطة وَفِيمَا شدّ بِهِ الاعضاد فِي إخْوَان الصفاء الَّذين سَيِّدي ايده الله تَعَالَى ناظم شَمل محاسنهم وفائت سبق افاضلهم وَمن كتاب فِي ذكر ابي تغلب وَقد كَانَ الغضنفر بن حمدَان حِين تفضته الْمذَاهب ولفظته المهارب وأقلقته عَن مجاثمة المكايد والكتائب وتطوح الى بِلَاد الشَّام يتنقل بَين مصَارِع يحسبها مراتع ومجاهل يعدها معالم يروم انتعاشا وَالْجد خاذله ويبغي انتعاشا وَالْبَغي طَالبه وَمن كتاب الى الامير خلف بن حمدَان وَأما مَا صحب فلَانا من الطاف واتحاف فقد وصل وَكَانَ الْبَعْض مِنْهُ كَافِيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 فِي الْبر وافيا بِالْحَقِّ إِلَّا أَن سَيِّدي يَأْبَى إِلَّا الاغراق فِي اللطف قَائِلا وفاعلا لَا اعدمه الله شمية الْفضل وَلَا أخلاني فِيهِ من كَلَام الْعَهْد وَمِمَّا اقف فِيهِ موقف الْعذر فِي مُخَاطبَة سَيِّدي أَن فلَانا ورد عَليّ وَقد ضَاقَ الْوَقْت عَن توفيته وَاجِب حَقه لاستمرار العزائم فِي قصد نواحي الْعرَاق لاعادة مَا نضب بهَا من مَاء السياسة وَمَا فِي جنباتها من رواق الامر وَالنَّهْي بِضعْف المنن وانتكاث المرر وكتبت كتابي هَذَا وَقد اسْتَقل بِي الْمسير مقدما بعون الله كتائب الرعب مستصحبا مفاتح النَّصْر وَمن كتاب فِي فتح ميا فارقين فَأمرنَا أَبَا الْوَفَاء أَن يلين مَسّه لاهل الْبَلَد إبْقَاء على ذَلِك الثغر من أَن تصاب لَهُ ثغرة واتقاء لاراقة دم فِيهِ شُبْهَة وَمن كتاب آخر وَلما ضَاقَ عَن هَذَا المخذول حلمنا باتساع غوايته ووعر الطَّرِيق الى استبقائه استخرنا الله تَعَالَى فِي استرجاع مَا ألبسناه من النعم وَمن كتاب عَن نَفسه الى مؤيد الدولة وصل كتاب مَوْلَانَا جَوَابا عَمَّا خدمت بِهِ حَضرته المحروسة مهنئا فحسبتني وَقد تَأَمَّلت عنوانه مغلوطا بِي أَو معنيا بِهِ غَيْرِي إعظاما لتِلْك الايادي الغر وَالنعَم الزهر الَّتِي اعددتها فِي الشّرف مُنَاسِب والى الايام والليالي ذرائع وَمن كتاب عَن عضد الدولة وَزيد الان عَادَة الالطاف بدواب تستكرم مناسبتها وتحمد نجابتها وَيعرف عتقهَا فِي المنظر وسرها فِي الْمخبر نرضاها لركابنا ونعتمدها باختيارنا عَائِدَة بإحمادنا واعتدادنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 مَا اخْرُج من إخوانياته كتب الى الصاحب كتابي أدام الله عز مَوْلَانَا وحالي فِيمَا أعاينه من تَمْثِيل حَضرته وتذكر خدمته والمواقف الَّتِي سعدت فِيهَا بِرُؤْيَتِهِ وأفدت من مشاهدته حظها ومقابلة نعم الله عَلَيْهِ وعَلى الادب وَحزبه وَالْكَرم وَأَهله فِيهِ حَال امْرِئ هَب وَقد أوردته الاحلام مناهل أمله فَهُوَ يتلهف تذكرا وتلذذ تحيرا ويناجي النَّفس تمثلا ويراقب المنى تعللا وَاحْمَدْ الله تَعَالَى على الاحوال كلهَا وأسأله قرب الادالة والعقبى السارة وَأَقُول من الطَّوِيل (أَقُول وقلبي فِي ذراك مخيم ... وجسمي جنيب للصبا والجنائب) (يجاذب نَحْو الصاحب الشوق مقودي ... وَقد جاذبتني عَنهُ أَيدي الشواذب) (سقِِي الله ذَاك الْعَهْد عهدا من الحيا ... وَتلك السجايا الغرغر السحائب) (تذكرت ايامي بقربك والمنى ... يقابلني بالعز من كل جَانب) (وَفِي ربعك الدُّنْيَا تزف محاسنا ... وتفتر مِنْك عَن ثنايا مَنَاقِب) (وَقد لحظت عَيْنَايَ من شخصك الْعلَا ... وَمن فرعك الفينان اعلى الْمُنَاسب) (وَمن لفظك الدّرّ المصون وَمن حَيا ... محياك مَا لم تجره كف خَاطب) (وأخلاقك الغر الَّتِي لَو تجسمت ... لكَانَتْ نجوما للنجوم الثواقب) (فَفَاضَتْ على خذي سوابق عِبْرَة ... كَمَا اسلمت عقدا انامل كاعب) (سَلام على تِلْكَ المكارم والعلا ... تَحِيَّة خل عَن جنابك غَائِب) (يكابد مَا لَو كَانَ بِالسَّيْفِ مَا مضى ... وبالمزن لم تبلل لهاة لشارب) (وَإِنِّي وَإِن روعت بالبين شائم ... طوالع عتبي من طلاع العواقب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 (وَمَا أَنا بِالنَّاسِ صنائعك الَّتِي ... كتبن عَليّ الرّقّ ضَرْبَة لازب) // الطَّوِيل // ابتدأت أَطَالَ الله بَقَاء مولَايَ الصاحب بكتابي هَذَا وَفِي نَفسِي إِتْمَامه نثرا فَمَال طبعي الى النّظم وأملى خاطري على يَدي مِنْهُ مَا كتبت وَنعم المعرب عَن الضَّمِير مضمار القريض وَقد اقتصرت عَلَيْهِ من الْكتاب ناطقا عني واثقا بِمَا عِنْده لي وَأَنا استرعيه غيبه واستغطيه عَيبه وَكنت كتبت الى حَضرته من أول منزل أَو ثَانِيَة بِذكر مَا أودعهُ حر الْفِرَاق قلبِي وأزالته أَيدي الاشواق من عزائم صبري وتوقعت الْجَواب عَنهُ فَأَبْطَأَ وَورد هَذَا الركابي خَالِيا من كِتَابه وَكَانَت عَادَة كرمه جَارِيَة عِنْدِي بِخِلَافِهِ وَلَوْلَا الثِّقَة بِهِ وَبِمَا استفدته من اللِّقَاء والخدمة وَحُرْمَة الْوِفَادَة وَالْهجْرَة من أذمة عَهده لابديت مَا أخفيت من قلق وانزعاج لاخْتِلَاف الْعَادة على ومولادي ولي صوني عَن موقف الظَّن وَالرَّجم بِالْغَيْبِ فَإِنِّي مهتم فِي خدمته على حسب الضن بهَا ومنافسة كل اُحْدُ عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمن كتاب لَهُ إِلَيْهِ قد كَانَ ورد لمولانا الصاحب أدام الله عزه من الطَّوِيل (كتاب لَو أَن اللَّيْل يَرْمِي بِمثلِهِ ... لالقت يدا فِي حجرتيه ذكاء) (تهادى بأبكار الْمعَانِي وعونها ... وأعيان لفظ مَا لَهُنَّ كفاء) (شوارد لَوْلَا انهن أوالف ... ضرائر إِلَّا أَنَّهُنَّ سَوَاء) (لبسنا بهَا نعمى وألبست الرِّبَا ... خمائل روض جادهن سَمَاء) (بنان ابْن عبَادَة تعلين نوءه ... وَمَا صَوبه إِلَّا حَيا وحياء) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 وَثَلَاث كتب تناظرت فِي الْحسن والاحسان وتقابلت فِي الْبر والانعام لَا زَالَت اياديه قلائد الاعناق ومرامية مضامير السباق وَلَا انفكت عين الله حامية لَهُ وكافلة بِهِ وَمن كتاب لَهُ إِلَيْهِ وقف مَوْلَانَا على مَا كتبت بِهِ معرضًا بخدمته ومجليا عَن نِيَّته فَصدقهُ وحققه وَقَالَ ادام الله سُلْطَانه إِن لِسَان اثره فِي الفصاحة كلسان قلمه يتجاريان كفرسي رهان وناهيك بالاول اشتهارا ووضوحا وَبِالثَّانِي غررا وحجولا وَكُنَّا لمثل هَذِه الْحَال نعده ونعتمده وننتجز عدات الْفضل عَنهُ وحسبنا مَا أفادتناه التجارب فِيهِ كافلا بالسعادة ودرك الاراردة وَمَا زَالَت مخائله وليدا وناشئا وشمائله صَغِيرا ويافعا نواطق بِالْحُسْنَى عَنهُ وضوامن النجح فِيهِ فقد اصبح الظَّن ايقانا وَالضَّمان عيَانًا وَالتَّقْدِير بَيَانا وَالِاسْتِدْلَال برهانا وَنَرْجُو أَن الله بِحسن الامتاع بِهِ والدفاع عَنهُ كَمَا أحسن الظَّن بِهِ وحقق الاماني فِيهِ وَمن كتاب وقفت على الابيات الَّتِي أتحفني بهَا سَيِّدي وتكلفت لجوابها على ظلع فِي خاطري لطول السفار واتصال حَالي بِالْحلِّ والترحال ومولاي يَأْخُذ الْعَفو ويرضى بالميسور ويعذر مستأنفا على التَّقْصِير فِي جَوَاب مَا يأتيني من أَمْثَاله مَا دمنا فِي ملكة الهواجر وتعب الْبكر والاصائل وَمن كتاب لَهُ الى الصاحب فِي فتح عمان وإبادة الزنوج بهَا وَمَا وصل إِلَى عضد الدولة من الْغَنَائِم وَكَانَت لاولئك الْكَفَرَة عَادَة اشتهرت مِنْهُم فِي اسْتِبَاحَة النَّاس وَأكل لحومهم وَبلغ من كلبهم على ذَلِك انهم كَانُوا يتنقلون بَينهم إِذا شربوا بأكف النَّاس وَسَأَلَ مولَايَ عَن هَذَا النَّقْل الْغَرِيب فَحكى لَهُ عَنْهُم أَنه لَا شَيْء فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 الانسان ألذ من كَفه وبنانه وَكَانَ فِي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي شَارف فِيهِ طلائع الْعَسْكَر الْمَنْصُور بَاب عمان ثار من بعض المكامن طوائف من أُولَئِكَ الْكلاب فكبا بِبَعْض الغلمان دَابَّته فاختلسوه واقتسموه بَينهم وأكلوه فِي الْوَقْت وتعجب النَّاس من ضراوتهم وقساوتهم وَقد ابادهم الله تَعَالَى جده وطهر الْبر وَالْبَحْر من عبثهم ومعرتهم فانقاد أهل جبال عمان باخعين بِالطَّاعَةِ معتصمين بِذِمَّة الْجَمَاعَة وتمت نعْمَة الله على مَوْلَانَا فِي هَذَا الْفَتْح وكملت لَهُ مَغَانِم الاجر وَوصل امس غَنَائِم تِلْكَ النَّاحِيَة وفيهَا فيل صغيره بِقدر الْفرس مَا عهد ألطف وَلَا أظرف مِنْهُ وَفِي الْغَنَائِم كل مَا تشْتَهي الانفس وتلذ الاعين وَالله تَعَالَى يجني مَوْلَانَا ثمار الارض برا وبحرا سهلا ووعرا بمنه وَكَرمه آمين وَمن كتاب لَهُ الى ذِي الكفايتين ابي الْفَتْح فَأَما استبطاؤه لعَبْدِهِ فِي تراخي مَا كَانَ مستشرفا من جِهَته لعلمه من أَخْبَار حَضْرَة مَوْلَانَا الْملك وَمَا عَلَيْهِ حَاله فِي مساورة الاشفاق ومسامرة الافكار الى أَن يعرف خبر الْخَيل المنصورة المصاحبة ركاب مَوْلَانَا فِي سلامتها من وقدة تِلْكَ الهواجر ووعورة تِلْكَ المسالك وَمَا تولى الله تَعَالَى مَوْلَانَا بِهِ من كِفَايَته وَأفَاد عَلَيْهِ من ظلّ حفظه وحراسته فقد وقفت عَلَيْهِ وَكنت طالعت حَضرته بكتب جمة تقر بهَا الْعُيُون ويفاد بِمِثْلِهَا السّكُون وانتظرت بالشرخ حَال الِاسْتِقْرَار واستجماع الدَّار ليَكُون مَا أطالع بِهِ ناهضا بِمَا أنحوه ومغنيا عَمَّا يتلوه من غير فكر فِي عوادي الاسفار وعواقب الْحل والترحال إِلَى مَا اعتمدته من التَّخْفِيف لتكافؤ الاحوال بِنَا وَبِه فِي الْمسير ومناصبة الهجير وَأَنا الان اعود لعادتي فِي خدمته واستعمار عهدي من رَأْيه بمواصلة حَضرته وَمن كتاب لَهُ الى ابي اسحاق الصابي علمت كَيفَ تنتظم فرق البلاغة وتلتقي طرق الخطابة وتتراءى اشخاص الْبَيَان وتتمايل اعطاف الْحسن والاحسان وقرأت لفظا جليا حوى معنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 خفِيا وكلاما قَرِيبا رمى غَرضا بَعيدا وفصولا متباينة كساها الائتلاف صور المشاكلة ومنحها الامتزاج صِيغَة المضارعة ولحمة الْمُوَافقَة فَصَارَت لدلَالَة الاول مِنْهَا على الثَّانِي وَتعلق الْعَجز بالهادي فِيهَا أَوْلَاد أَرْحَام مبرورة وَذَوَات قربى مَوْصُولَة تتعاطف عيونها وتتناصف ابكارها وعونها وَمن كتاب لَهُ إِلَيْهِ وصل كتاب سَيِّدي بِكَلَام شرف فِي نَفسه وكرم فِي جنسه فَهُوَ جَوْهَر الْفضل والالفاظ اعراض وعنصر الادب والمعاني اغراض وفهمته فهم من قعدت بِهِ الاستطالة عَن موقف الشُّكْر فاستسلم وأكتنفه الْعَجز فَسلم وَسلم وأعيته الْعبارَة عَن مُوجب الْبر فلاذ بِأَكْنَافِ الْعَجز واعتزف بالقصور عَن مفترض الْحق وَمن كتاب لَهُ اليه وصل كتاب مولَايَ بِمَا قرب الى جناه وَبعد على مداه من محَاسِن لَفظه ونظمه ومباره الَّتِي مَا زَالَ يؤثرني فِيهَا بالرغائب ويصفيني مِنْهَا بالعقائل فوقفت مِنْهُ بَين اعْتِبَار واقتباس واعتذار واغتباط واستبصار فِي مَوضِع الْفَضِيلَة وشكر لما جمع الله لي فِي وده من الْمنح الجزيلة وَوجدت خطابه مفتتحا بشكوى الايام فِي انحرافها ومكاره أحداثها فاستوحشت مِنْهَا لاستيحاشه واستعديت عَلَيْهَا لاستعدائه وشايعت المهجنين لاثارها والزارين على أَحْكَامهَا لاعراضها دون آماله وقدحها فِي أَحْوَاله وَلم يستبق الْجمال لنَفسِهِ وَالْفضل لاهله دهر اناخ على مولَايَ بصرفه واختزله دون وَاجِب حَقه وَقد أجبْت عَن القصيدة وَإِن كنت اعملت فِيهَا خاطرا قَدمته السّفر وكده الْحل والرحل وعَلى مولَايَ الْمعول فِي ضم نشره وتسديد مختله وَحفظ غيبي فِيهِ من الطَّوِيل (وقيت أَبَا إِسْحَاق من حَافظ عهدا ... وراع لمن يمنى بفرقته ودا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 (ومنفرد بالمكرمات تألفت ... عَلَيْهِ الْمَعَالِي فاستقل بهَا مجدا) (بلوت أخلاء الزَّمَان وَكلهمْ ... سَوَاء فَلَا ذما منحت وَلَا حمدا) (وَمن يبغ صفو الود من كل صَاحب ... يكن صبحه لَيْلًا ومسعاته كدا) (سواك أَبَا إِسْحَاق إِنَّك والندى ... لاوفاهم عهدا وأصفاهم عقدا) (وأبعدهم فِي كل مكرمَة مدى ... وأنظمهم فِي جيد مأثرة عقدا) (تلاقت بِنَا الاداب فِي خير منسب ... عَلَيْهِ تساقينا على ظمأ بردا) (وألفن ارواح الصِّنَاعَة بَيْننَا ... فَنحْن مَعًا وَالدَّار نازحة جدا) (ضلالا لدهر انت من حَسَنَاته ... وَلما تكن فِي نيل إحسانه الفردا) (لعا إِنَّه الدَّهْر العثور وَإنَّهُ ... لسيان من أجدى عَلَيْهِ وَمن أكدى) (يمِيل على ذِي الْفضل للْجَهْل ضلة ... يجرعه سما ويبدي لَهُ شَهدا) (على انه سلم لمن حل بالحمى ... حمى الْملك الْمَدْعُو للدولة العضدا) // الطَّوِيل // مَا أخرج من شعره فِي عضد الدولة قَالَ من قصيدة اولها من الْبَسِيط (مَا للنوى وقفت دمعي على الطلل ... واستودعتني مطايا الْحل والرحل) (ترمي بطرفك فِي أطرافها فترى ... مَا فِي الضمائر من غش وَمن دغل) (أريتنا النَّقْص فِي رَأْي الاولى وضعُوا ... كرمان من خول عَنْهَا وَمن فشل) (بِمَائِهَا الوشل مَعَ تمرها الدقل ... ولصها البطل وَأَهْلهَا الهمل) (وَكم تركت بهَا للنَّاس من مثل ... وَكم نصبت على الانصاب من مثل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 (يفْدي مقامك فِيهِ الْخلق قاطبة ... وَنحن نفديك بالارواح والمقل) (وَلَيْسَ يثبت فِي فرع الْعلَا قدم ... إِلَّا إِذا ثبتَتْ فِي مَوضِع الزلل) (خلائق هذبتهين الْعلَا فغدت ... بَين الْخَلَائق كالاسلام فِي الْملَل) (اِسْعَدْ بوافد نيروز تقابله ... بِالْيمن والعز والتأييد والجذل) (واستأنف الْعَيْش مَسْرُورا بجدته ... فِي ظلّ عز مدى الايام مُتَّصِل) // الْبسط // وَمن قصيدة قَالَ فِي آخرهَا من الوافر (وهاك تهز عطفيها اختيالا ... وتعجب كل مستمع ثناكا) (تسير بهَا الروَاة بِكُل ارْض ... وتطرب من أحبك أَو قلاكا) (نظيرة تربها لفظا وَمعنى ... فدى لَك من يقصر عَن مداكا) (وكل الشّعْر زور مَا خلاه ... وكل النَّاس زور مَا خلاكا) // الوافر // وَمن اخرى فِيهِ من الْبَسِيط (الله اكبر والاسلام قد سلما ... وَعَاد شَمل الْعلَا وَالْمجد ملتئما) (وظل ملك بني الْعَبَّاس معتليا ... لما غَدا ببغاة الْحق مدعما) (بآل بويه أَعلَى الله رايته ... وَشد من عقده مَا كَانَ منفصما) (سادوا الْمُلُوك وشادوا الْمجد وابتدروا ... الى ذرى امد نَالَ السهى شمما) (هم قلادة عز انت وَاسِطَة ... فِيهَا وكل بِمَا قد قلته علما) // الْبَسِيط // وَمِنْهَا فِي وصف السيوف من الْبَسِيط (بيض تصافح بالايدي مقابضها ... وَحدهَا صَافح الاعناق والقمما) (ضحكن من خلل الاغماد مصلتة ... حَتَّى إِذا اخْتلفت ضربا بكين دَمًا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 (حنت خُرَاسَان شوقا إِذْ حننت لَهَا ... حَتَّى كأنكما نازعتما رحما) (واهتز منبرها يهفو اليك وَلَو ... اطاق لاخترق القيعان والاكما) (رفعت راياتك اللَّاتِي خفقن على ... اسد نقلن على أكنافها أجما) (لَا تنتحي بَلَدا إِلَّا أفضت بِهِ ... عدلا وأجليت عَنهُ الظُّلم والظلما) (سامتك أَبنَاء سامان فَمَا بلغُوا ... مدى من الْعِزّ لم ترفع لَهُ علما) (وناضلوك عَن الْعليا فَكنت بهَا ... أولى وَأثبت مِنْهُم فِي الْعلَا قدما) (وصاولوك فَكَانُوا فِي الوغى نَقْدا ... يَأْبَى الصال وَكنت البازل القطما) // الْبَسِيط // وَمن عضدية فِي وصف مجْلِس من الطَّوِيل (فيا مَجْلِسا عز الْخلَافَة محدق ... بأقطاره والند والنور وَالْخمر) (وَقد أرجت أرجاؤه وتعطرت ... بساطع نشر مَا يُقَاس بِهِ نشر) (وَفتح فِيهِ النرجس الغض أعينا ... محاجرها بيض وأحداقها صفر) (كَأَن الشموع المشعلات خلاله ... ثواكل عبري مَا ينهنهها الزّجر) (إِذا قطعت مِنْهَا الرؤوس تضاحكت ... وَكَانَ على قطع الرؤوس لَهَا بشر) (أَلا يَا أَمِير المشرقين وَمن بِهِ ... تفاخرت الدُّنْيَا وَكَانَ لَهُ الْفَخر) (وَلم تخلق الدُّنْيَا لغيرك فانتظر ... فَهَذَا هُوَ الفأل الْمُحَقق لَا الزّجر) // الطَّوِيل // وَقَالَ من سذقية من المنسرح (مَا لي لما بِي من الْهوى رَمق ... كَأَنَّمَا سد دوني الطّرق) (كَأَن نَار الامير ساطعة ... من نَار قلبِي استعارها السذق) (فِي لَيْلَة باتت النُّجُوم بهَا ... حائرة تنمحي وتنمحق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 (ونخرط اللَّيْل فِي النَّهَار فَمَا ... يؤنس إِلَّا الصَّباح والشفق) (بِكُل منشورة ذوائبها ... محمرة من شواظها الافق) // المنسرح // وَقَالَ فِي السكر الْمَبْنِيّ بشيراز ويروي لغيره من الهزج (شربنا ذَهَبا يجْرِي ... بشاطئ فضَّة تجْرِي) (وَمَا زلنا على السكر ... نداوي السكر بالسكر) (درينا كَيفَ اصبحنا ... وأمسينا وَمَا نَدْرِي) (وفاض المَاء فيض الْبَحْر منصبا الى بَحر ... ) (كجدوي عضد الدولة ... فِي نائله الْغمر) // الهزج // 117 - ابو احْمَد عبد الرَّحْمَن بن الْفضل الشِّيرَازِيّ رَوْضَة مجد وَشرف وحديقة فضل وأدب وَكَانَ اُحْدُ أَرْكَان الدولة الديلمية يكْتب لمعز الدولة ابي الْحُسَيْن برسم الْمُطِيع لله ويتصرف بالعراق فِي جلائل الاعمال ويلاحظ بِعَين الاعظام والاجلال وَكَانَ آخِذا بطرفي النّظم والنثر فَمن مَشْهُور شعره وجيده مَا كتبه الى القَاضِي التنوخي من الْكَامِل (شوقي الى القَاضِي المنيف بمجده ... شوق يفوت الْوَصْف ايسر حَده) (وبحسب فرط الانس كَانَ بِقُرْبِهِ ... قلقي لما قد سَاءَنِي من بعده) (وَلَو أنني مِمَّا احب مُمكن ... لم اعد إغذاذا اسير لقصده) (ووصلت آصال السرى بغدوها ... وقرنت إرقال الْمطِي بوخده) الحديث: 117 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 (وَلَئِن عدمت سعادتي بلقائه ... فَلَقَد أَقمت على رِعَايَة عَهده) (وشكرت سالف بره وأشعت مُحكم وده وقضيت وَاجِب حَمده ... ) (وَعلمت اني إِن طلبت مشاكلا ... لعلاه لم تظفر يداي بنده) (فقصرت إخلاصي عَلَيْهِ ممسكا ... بإخائه محظى بمطلع سعده) (من ذَا يُقَاس إِلَيْهِ فِي آدابه ... أَو علمه أَو هزله أَو جده) (والمكرمات بأسرها فِي حزبه ... والصالحات جَمِيعهَا من عِنْده) (بجميل شَاهده سَالم غيبه ... وكريم صحبته وخالص وده) (أفديه من حر حَلِيف مَنَاقِب ... لَوْلَا تَكَامل فَضله لم افده) (لم تجر امجاد الرِّجَال الى مدى ... للسبق إِلَّا حَاز نيل أمده) (وَكَأن اضواء المحاسن كلهَا ... مقدوحة نيرانها من زنده) (فَالله يبقيه ويرغد عيشه ... ويعزه ويعيذنا من فَقده) // الْكَامِل // فَأَجَابَهُ القَاضِي بقصيدته وَهِي قَوْله من الْكَامِل (روحي فداؤك والورى من بعده ... جردت سيف صبابتي من غمده) (عين الامام وكفه اليمني وحد حسامه الْمَاضِي ووسطى عقده ... ) (كلف ببذل المَال يحْسب غنمه ... فِي عزمه ونموه فِي حصده) (وَجه يجول الْبشر فِيهِ برونق ... مَاء السماح يفِيض من إفرنده) (متنقب بحيائه فَكَأَنَّمَا ... شقّ الرّبيع شقيقه فِي خَدّه) (وَمُقَابل من فَارس فِي دوحه ... أوفت على قحطانه ومعده) (هُوَ شدّ من ازر المكارم والعلا ... حَدثا وَلم يبلغ أَوَان اشده) (يفْدِيه من نوب الزَّمَان معاشر ... أحرارهم لَا يلحقون بِعَبْدِهِ) (ابدت مقابحهم محَاسِن فعله ... والضد يظْهر حسنه فِي ضِدّه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 (مَا كنت أعرف قدر مَا خولته ... حَتَّى بليت بِقُرْبِهِ من بعهده) (جَاءَت ألوكته إِلَيّ كَأَنَّهَا ... وصل الحبيب اعتضته من صده) (ففتحت حِين فتحتها عَن رَوْضَة ... متفتح حوذانها فِي ورده) (فقرأتها عودا على بَدْء كَمَا ... عَاد الْمولي فِي قِرَاءَة عَهده) (يَا جنَّة الْخلد الَّتِي أَنا نَازل ... مَا بَين كوثرها وطوبى خلده) (لَو استطيع ركبت متن الرّيح أَو ... اسريت نَحْو ذراك مسرى وفده) (وَهُوَ الزَّمَان فَإِن يساعد صرفه ... فبجده يسْعَى الْفَتى لَا كده) // الْكَامِل // وَلأبي احْمَد الْمَذْكُور فِي وصف سَحَابَة أَدْرَكته فاكتسى بكساء حَتَّى أقلعت من المنسرح (خرجت من عنْدكُمْ فأدركني ... سَحَابَة ذَات منظر صلف) (غمامة كالعمامة انتلفت ... فَوق رُؤُوس المشاة فِي السدف) (تنالها كف من يزوالها ... تَقول للمرء ويك لَا تقف) (يختطف الارض وَقع صيبها ... مثل اختطاف المخالب العقف) (فوقعه والكساء يَدْفَعهُ ... وَقع سِهَام الاتراك فِي الهدف) (كَأَنَّمَا كل قَطْرَة وَقعت ... عَلَيْهِ در بدا من الصدف) (لَو أَن مَا ذاب مِنْهُ يجمد لم ... يصلح لغير الْعُقُود والشنف) (فِيهَا من الرَّعْد كالدبادب والصنع إِذا مَا ضربن فِي شرف ... ) (واشتعل الْبَرْق فِي جوانبها ... مثل السيوف انتضين من غلف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 (قد جمعت حالتين فِي طلق ... صَوت عذول ودمع ذِي لهف) (لَو كَانَ كلي لِسَان ذِي نصر ... بوصفه واحتشدت لم اصف) // المنسرح // وَكتب الى الصاحب يشكو اليه عِلّة النقرش وعلو السن فَقَالَ من المتقارب (الى الله اشكو ضنى شفني ... وَكم قبْلَة من ضنى قد شفاني) (وسقما ألح فَمَا لي بِمَا ... أحَاط برجلي مِنْهُ يدان) (تراني وَقد كنت ثَبت الْجنان ... إِذا اللَّيْل جن سليب الْجنان) (اقْطَعْ آناءه بالانين ... وأرقب للصبح وَقت الاذان) (أنقل فِي مَوضِع مَوضِع ... فَحَيْثُ حللت نبا بِي مَكَاني) (أُؤَمِّل روحا فَيَأْتِي النَّهَار ... بأضعاف مَا بت فِيهِ أعاني) (أَقُول اقيل فَلَا استطيع من الم ملحف غير واني ... ) (فَمن لَيْلَة أرونانية ... وَيَوْم بِمَا سَاءَنِي أروناني) (أرجي تقضي مَا اشتكيه ... من مرض بتقضي الزَّمَان) (وَإِنِّي قد جزت حد الكهول ... وناهزت مَا عمر الْوَالِدَان) (وجرمت سِتِّينَ شمسية ... فَسدتْ عَليّ طَرِيق الاماني) (وأوهت عراي وهدت قواي ... وَلَيْسَ لما يهدم الدَّهْر باني) (وَإِن كَانَ لَا يهتدى صرفه ... إِلَى أجل منسإ غير داني) (وَكنت على ثِقَة أَنه ... إِذا شَاءَ ابراني من براني) (فيا من لَهُ الْخلق والامر من ... بعافية مِنْك تشفي ضماني) (وجد لي نأي أجل أَو دنا ... بِعَفْو وسعت بِهِ كل جاني) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 (وهبني لاحمد والمصطفين ... من آله اهل بَيت الْجنان) (هم عدتي وبهم اتقِي الْعقَاب ... وَأَرْجُو خُلُود الْجنان) // المتقارب // فَكتب إِلَيْهِ الصاحب مجيبا من المتقارب (عناني من الْهم مَا قد عناني ... فَأعْطيت صرف اللَّيَالِي عناني) (ألفت الدُّمُوع وعفت الهجوع ... فعيناي عينان نضاختان) (لسقم ألح على سيد ... بُد قد غفرت ذنُوب الزَّمَان) (أحَاط برجليه جورا عَلَيْهِ ... وَأَنِّي ونعلاهما الفرقدان) (وَكَيف سَطَا بهما واستطال ... وَأَرْض بساطهما النيرَان) (وهلا تجاوزه قَاصِدا ... الى عصبه عصبت بالهوان) (إِذا مَا سعى لطلاب الْعلَا ... فَكل أَوَان هم فِي توان) (وسوف توافيه كف الشِّفَاء ... بِمَا أنشأت باسمه من أَمَان) (وتفقأ فِيهِ عُيُون الزَّمَان ... عَزِيز الْمحل رفيع الْمَكَان) (وَيبقى جمالا لاقرانه ... وَقد قصروا عَنهُ الفي قرَان) (أَتَتْنِي بالامس ابياته ... تعلل روحي بِروح الْجنان) (كبرد الشَّبَاب وَبرد الشَّرَاب ... وظل الامان ونيل الاماني) (وعهد الصبى ونسيم الصِّبَا ... وصفو الدنان وَرجع القيان) (فَلَو أَن الفاظها جسمت ... لكَانَتْ عُقُود نحور الغواني) (فيا لَيْت عمري فِي عمره ... يُزَاد وَلَو أَنه حقبتان) (فيا مهجة قدمت دونه ... بغانية عِنْد ذكر الغواني) (اجيب عَن الشّعْر مسترسلا ... بطبع شُجَاع وقلب جبان) (فلولا سكوني الى فَضله ... قبضت بناني بقبضي لساني) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 118 - أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْقَاسِم القاشاني بَقِيَّة مشيخة الْكتاب الْمُتَقَدِّمين فِي البراعة المالكين لأزمه البلاغة المتوقلين فِي هضاب الْمجد المترقلين فِي دَرَجَات الْفضل وَقد أخرجت من نظمه ونثره مَا هُوَ ثَمَرَة الْعقل وَعين القَوْل الْفَصْل فصل كتابي اطال الله بَقَاء مولَايَ وَأَنا مُتَرَدّد بَين جذل لتجدد بره فِي خطابه وَبَين خجل من قوارع زَجره وعتابه فَإِذا خليت عنان انسى فِي رياض مباره فرتعت جاذبيته لاعج الاشفاق فَلَو كَانَ سوء ظَنّه بِي صَادِقا لَا اعْترفت ولعدت مِنْهُ بحقوي كريم لَا يبهظه اغتفار الجرائم وَلَا يتعاظمه الصفح عَن الجرائر فصل علقت هَذِه المخاطبة والاشغال تكنفني وكد الخاطر بِأَسْبَاب شَتَّى تقتسمني ووراء ذَلِك كلال الذِّهْن بارتقاء السن ونقصان الخواطر بِزِيَادَة الشواغل واستمرار البلادة لمفارقة الْعَادة وَهُوَ وَالله يعيذه من السوء مقتبل الشَّبَاب زَائِد الاسباب مؤتنف المخايل الى علم لَا يدْرك مضماره وَلَا يشق غباره فَإِذا حملي على مساجلته فقد عرضني للتكشف وَإِن عرضني على محنة التتبع فقد سلبني ثوب التجمل فصل أظلني من مولَايَ عَارض غيث أخلف ودقه وشامني مِنْهُ لائح غوث كذب برقه فَقل فِي حران ممحل أخطأه النوء وحيران مظلم خذله الضَّوْء فصل وصل كتاب مولَايَ من الطَّوِيل (فكم فرحة أدّى وَكم وَلم غلَّة جلا ... وَكم بهجة أولى وَكم غمَّة سلى) // الطَّوِيل // وَسَأَلت الله واهب خِصَال الْفضل لَهُ وجامع خلال النبل فِيهِ وحائز جمال الْمُرُوءَة للزمان بِبَقَائِهِ ومانح كَمَال المزية للاخوان بمكانه أَن يتَوَلَّى حفظ النعم النفسية ويديم حياطة المهج الخطيرة بصيانة تِلْكَ الشيم الْعلية حَتَّى تستوفي الحديث: 118 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 المكارم أَعلَى حظها فِي أَيَّامه وتحوز الْفَضَائِل أقْصَى غايتها فِي مضماره من الطَّوِيل (فينجح ذُو فضل ويكمد نَاقص ... ويبهج ذُو ود ويكمد حَاسِد) // الطَّوِيل // فصل وَمَا أرتضى نَفسِي لمخاطبة مولَايَ إِذا كنت منفي الشواغل فارغ الخواطر مخلى الْجَوَارِح مُطلق الاسار سليم الافكار فَكيف بِي مَعَ كلال الْجد وانغلاق الْفَهم واستبهام القريحة واستعجام الطبيعة والمعول على النِّيَّة وَهِي لمولاي بِظهْر الْغَيْب مكشوفة والمرجع الى العقيدة وَهِي بِالْوَلَاءِ المجض مَعْرُوفَة فَلَا مجَال للعتب بَين هَذِه الاحوال كَمَا لَا مجَال للْعُذْر وَرَاء هَذَا الْخلال فصل مراتع أهل الْفضل موبئة ووجوده مطَالب النزاع مظْلمَة غير مضيئة إِلَّا فِي مَحل الشَّيْخ الخصيب وفنائه المألف الرحيب لَا جرم أَن الامال عَلَيْهِ مَوْقُوفَة وأعنة الوراد إِلَيْهِ معطوفة وداره مَقْصُودَة وحاله مكدودة والمنهل العذب كثير الزحام فصل إِن كَانَ أوداؤه فِي فَضله مستهمين وأولياؤه فِي إحسانه فوضى مشتركين فلي بِحَمْد الله عَفْو صنائعه وصفو شرائعه لَا اسبق الى جماحها وَلَا أنازع ثني زمامها فعلى حسب ذَلِك تصرفي وتجملي من أَقسَام مَا يحدث عِنْده ويعرض لَهُ هَذَا وَقد بَلغنِي من تشريف الامير الْمُؤَيد إِيَّاه بالعيادة وإطالته عِنْده الاقامة وَمَعَهُ الْمُفَاوضَة مَا أمكن فِي نَفسِي وقوى ثقتي وأنسى فَإِنَّهُ لم يكن إِلَّا سَببا لتجدد هَذِه النِّعْمَة وذريعة الى لِبَاس هَذِه الرُّتْبَة فَالله الَّذِي قرن لمولاي تيسير مَا قد قاسى عَظِيم الْمجد الَّذِي لَا يوازي وعميم الْفَخر الَّذِي لَا يسامي وَدلّ بِقَلِيل مَا مَسّه على كثير مَا وعدت تباشير السَّعَادَة من مزِيد الْكَرَامَة فصل قد كَانَ منزله مألف الاضياف ومأنس الاشراف ومنتجع الركب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 ومقصد الْوَفْد فاستبدل بالانس وَحْشَة وبالنضارة غبرة وبالضياء ظلمَة واعتاض من تزاحم المواكب تلازم المآتم وَمن ضجيج النداء والصهيل عجيج الْبكاء والعويل وَله من كتاب الى الصاحب أَوله هَذِه الابيات من المنسرح (إِذا الغيوم ارجفن باسقها ... وحف ارجاءها بوارقها) (وغيبت للثرى كتائبها ... وانتضيت وَسطهَا عقائقها) (وجلجل الرَّعْد بَينهَا فَحكى ... خَفق طبول ألح خافقها) (وابتسمت فرحة لوامعها ... وَاخْتلفت عِبْرَة حمالقها) (وَقيل طُوبَى لبلدة نتجت ... بِحَق اكنافها فوارقها) (أَيَّة نعماء لَا تجل بهَا ... وَأي بأساء لَا تفارقها) (فليسق غيث الندى أَبَا الْقَاسِم القرم وَزِير الايام وادقها ... ) (تحكي سجاياه هزة وندى ... واين من خلقه خلائقها) (ولتهد ريح الصِّبَا محملة ... انفاس طيب امست تعانقها) (فِي رَوْضَة لَا النَّعيم سابقها ... وَلَا نسيم الرياض لاحقها) (جاور حواذنها بنفسجها ... وزان ريحانها شقائقها) (هبت رخاء مَرِيضَة فشفت ... مرضِي وشاق النُّفُوس شائقها) (لم تبْق مِنْهُ النَّوَى سوى كبد ... تدمي وَعين تجْرِي سوابقها) (إِنِّي وَإِن غَالب الْهوى جلدي ... صبرا لصادي الاحشاء خافقها) (ذكري لايامنا الَّتِي غفلت ... عَنْهَا العوادي ونام رامقها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 (إِذْ النَّوَى لَا تروعنا وَإِذ الايام ... مَأْمُونَة بوائقها) (وَالله لَو ان مَا أكابده ... بهضب رضوى خرت شواهقها) // المنسرح // هَذِه اطال الله بَقَاء مولَايَ نتائج اريحية أثارها مخاطبات مولَايَ الَّتِي هِيَ أنقع لغلتي من برد الشَّرَاب وأعذب إِلَيّ من برد الشَّبَاب فَجَاشَ الصَّدْر بِمَا أَبْرَأ إِلَيْهِ من عهدته وَأَسْكَنَهُ ظلّ أَمَانه وذمته ليسبل عَلَيْهِ ستر مودته ويتأمل بِعَين محبته نعم وَقد محا الزَّمَان آثَار إساءته إِلَيّ بِمَا أسعفني بِهِ من إقبال مولَايَ عَليّ وتتابع بره فِي مخاطباته لدي فَكل ذَنْب لهَذِهِ النِّعْمَة مغْفُور وكل جِنَايَة بِهَذَا الْإِحْسَان معمور فَأجَاب الصاحب بِكِتَاب صَدره هَذِه الابيات من المنسرح (بَدَت عذارى مدت سرادقها ... وَأقسم الْحسن لَا يفارقها) (كواعب اخرست دمالجها ... عَنَّا وَقد أنطقت مناطقها) (خراعب حَقّهَا وصائفها ... تشي بأبدانها قراطقها) (صينت عَن الْعطر أَن يطيبها ... إِلَّا الَّذِي حملت مخانقها) (أم رَوْضَة ابرزت محاسنها ... ومايني قطرها يعانقها) (فاورد الْورْد غصنها بدعا ... وشق عَن ارضها شقائقها) (وأعشت الناظرين حليتها ... وشاق أحداقهم حدائقها) (أم اشرقت فقرة بدائعها ... حديقة زانها طرائقها) (أَتَى بهَا بالكمال ناسجها ... وزانها بالجمال ناسقها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 (لله حلف الْعلَا ابو حسن ... وَقد جرت للعلا سوابقها) (فحاز خصل الرِّهَان عَن كثب ... وفرجت عِنْده مضايقها) (لله تِلْكَ الالفاظ حاملة ... غر معَان تعي دقائقها) (يكَاد إعجازها يشككها ... فِي سور انها توافقها) (أهدي سَلاما حكى السَّلامَة من ... أسقام سوء يخَاف طارقها) (كَأَنَّهُ دَارنَا وَلم يرهَا ... ناعبها للنوى وناعقها) (كَأَنَّهَا غَفلَة الرَّقِيب وَقد ... مكنت من نظرة أسارقها) (أهديت مِنْهُ مَا لَو تحمله الايام ... لم يسْتَقلّ عاتقها) (تحدو بِهِ صبوة ركائبها ... راتكة لَا يمِيل سائقها) (خُذْهَا وَقد احصدت وثائقها ... والحقت بالسهى سواهقها) (ناشدتك الله حِين تنشدها ... وخلة لَا يخيل صادقها) (إِلَّا تَعَمّدت رفع رايتها ... ليملأ الْخَافِقين خافقها) (نعم وعش فِي النَّعيم مَا طلعت ... شمس نَهَار وَذُو شارقها) // المنسرح // هَذِه أَطَالَ الله بَقَاء مولَايَ أَبْيَات علقتها والروية لم تعتلقها واعتنقت فِيهَا والفكرة لم تعتنقها لَا ثِقَة بِالنَّفسِ ووفائها وسكونا الى القريحة وصفائها بل علما بِأَنِّي وَإِن أَعْطَيْت الْجهد عنانه وفسحت لكد ميدانه لم أدان مَا ورد من أَلْفَاظ أيسر مَا أصفها بِهِ الِامْتِنَاع عَن الْوَصْف أَن يتقصاها والبعد عَن الاطناب أَن يبلغ مداها وَلَقَد قرع سَمْعِي مِنْهَا مَا أَرَانِي الْعَجز يخْطر بَين أفكاري والقصور يتبختر بَين اقبالي وإدباري الى أَن فَكرت أَن فَضِيلَة الْمولى يشْتَمل عَبده ويخيم وَإِن تصرفت عِنْده فَثَابَ الى خاطر نظمت بِهِ مَا إِن طالعه صفحا وجودا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 رَجَوْت ان يحظى بطائل الْقبُول وَأَن يتبعهُ نَقْدا تراجع على اعقاب الخمول هَذَا وَلَا عَار على من سبقه سباق الزَّمَان المستولي على قصب الرِّهَان وَمن مَشْهُور شعر عَليّ بن الْقَاسِم وجيدة قَوْله من الطَّوِيل (وَإِنِّي وَإِن قصرت عَن غير بغضة ... لراع لأسباب الْمَوَدَّة حَافظ) (وَمَا زَالَ يدعوني إِلَى الصد مَا أرى ... وَأبي فتثنيني إِلَيْك الحفائظ) (وأنتظر العقبى وأغضي على القذى ... ألاين طورا فِي الْهوى وأغالظ) (وأستمطر الاقبال بالود مِنْكُم ... وأصبر حَتَّى أوجعتني المغايظ) (وجربت مَا يسلي الْمُحب عَن الْهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعظ) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 الْبَاب الْخَامِس فِي ذكر شعراء الْبَصْرَة ومحاسن كَلَامهم 119 - القَاضِي التنوخي ابو الْقَاسِم عَليّ ابْن مُحَمَّد بن دَاوُد بن فهم من أَعْيَان اهل الْعلم والادب وأفراد الْكَرم وَحسن الشيم وَكَانَ كَمَا قرأته فِي فصل للصاحب إِن أردْت فَإِنِّي سبْحَة ناسك أَو أَحْبَبْت فَإِنِّي تفاحة فاتك أَو اقترحت فَإِنِّي مدرعة رَاهِب أَو آثرت فَإِنِّي نخبة شَارِب وَكَانَ يتقلد قَضَاء الْبَصْرَة والاهواز بضع سِنِين وَحين صرف عَنهُ ورد حَضْرَة سيف الدولة زَائِرًا ومادحا فَأكْرم مثواه وَأحسن قراه وَكتب فِي مَعْنَاهُ الى الحضرة بِبَغْدَاد حَتَّى اعيد إِلَى عمله وَزيد فِي رزقه ورتبته وَكَانَ المهلبي الْوَزير وَغَيره من وزراء الْعرَاق يميلون اليه جدا ويتعصبون لَهُ ويعدونه رَيْحَانَة الندماء وتاريخ الظرفاء ويعاشرون مِنْهُ من تطيب عشرته وتلين قشرته وتكرم أخلاقه وتحسن اخباره وتسير اشعاره ناظمة حاشيتي الْبر وَالْبَحْر وناحيتي الشرق والغرب وَبَلغنِي انه كَانَ لَهُ غُلَام يُسمى نسيما فِي نِهَايَة الملاحة واللباقة وَكَانَ يؤثره على سَائِر غلمانه ويختصه بتقريبه واستخدامه فَكتب اليه بعض من يأنس بِهِ يَقُول من الرمل (هَل على من لامه مدغم ... لاضطرار الشّعْر فِي مِيم نسيم) // الرمل // الحديث: 119 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 فَوَقع تَحْتَهُ نعم وَلم لَا ويحكى أَنه كَانَ فِي جملَة الْقُضَاة الَّذين ينادمون الْوَزير المهلبي ويجتمعون عِنْده فِي الاسبوع لَيْلَتَيْنِ على اطراح الحشمة والتبسط فِي القصف والخلاعة وهم ابْن قريعة وَابْن مَعْرُوف وَالْقَاضِي التنوخي وَغَيرهم وَمَا مِنْهُم إِلَّا أَبيض اللِّحْيَة طويلها وَكَذَلِكَ كَانَ الْوَزير المهلبي فَإِذا تَكَامل الانس وطاب الْمجْلس ولذ السماع وَأخذ الطَّرب مِنْهُم مأخذه وهبوا ثوب الْوَقار وتقلبوا فِي أعطاف الْعَيْش بَين الخفة والطيش وَوضع فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُم كأس ذهب من الف مِثْقَال الى دونهَا مَمْلُوء شرابًا قطربليا أَو عكبريا فيغمس لحيته فِيهِ بل ينقعها حَتَّى تتشرب اكثره ويرش بهَا بَعضهم على بعض ويرقصون أجمعهم وَعَلَيْهِم المصبغات ومخانق الْبرم والمنثور وَيَقُولُونَ كلما يكثر شربهم هرهر وإياهم عَنى السّري بقوله من المنسرح (مجَالِس ترقص الْقُضَاة بهَا ... إِذا انتشوا فِي مخانق الْبرم) (وَصَاحب يخلط المجون لنا ... بشيمة حلوة من الشيم) (تخضب بِالرَّاحِ شيبَة عَبَثا ... أنامل مثل حمرَة العنم) (حَتَّى تخال الْعُيُون شيبته ... شيبَة فعلان ضرجت بِدَم) // المنسرح // فَإِذا اصبحوا عَادوا لعادتهم فِي التزمت والتوفر والتحفظ بأبهة الْقُضَاة وحشمة الْمَشَايِخ الكبراء وَقد أخرجت من غرر شعر التنوخي مَا هُوَ من شَرط الْكتاب فَمن ذَلِك وصف اللَّيْل والنجوم بقوله من الْخَفِيف (رب ليل قطعته بصدود ... وفراق مَا كَانَ فِيهِ وداع) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 (موحش كالثقيل تقذى بِهِ الْعين وتأبى حَدِيثه الاسماع ... ) (وَكَأن النُّجُوم بَين دجاه ... سنَن لَاحَ بَينهُنَّ ابتداع) (مشرقات كأنهن حجاج ... تقطع الْخصم والظلام انْقِطَاع) (وَكَأن السَّمَاء خيمة وشي ... وَكَأن الجوزاء فِيهَا شراع) (كَانَ لَيْلًا فصيرته نَهَارا ... كتب تكبت العدى ورقاع) // الْخَفِيف // وَقَوله من السَّرِيع (كَأَنَّمَا المريخ وَالْمُشْتَرِي ... قدامه فِي شامخ الرّفْعَة) (منصرف بِاللَّيْلِ عَن دَعْوَة ... قد اسرجوا قدامه شمعه) // السَّرِيع // وَقَوله وعهدي بَابي بكر الْخَوَارِزْمِيّ يستظرفه من الرجز (وَجَاء لاجاء الدجى كَأَنَّهُ ... من طلعة الواشي وَوجه المرتقب) (وَفعل الظلام بالضياء مَا ... يَفْعَله الْحَرْف بابناء الادب) // الرجز // وَقَوله من الطَّوِيل (كَأَن النُّجُوم الزهر فِي غلس الدجى ... سنا أوجه العافين فِي سنة الرَّد) (وَقد أَبْطَأت خيل الصَّباح كَأَنَّهَا ... بخيل تباطا حِين سيل عَن الرفد) // الطَّوِيل // وَقَوله ايضا من الطَّوِيل (وَلَيْلَة مشتاق كَأَن نجومها ... قد اغتصبت عين الْكرَى وَهِي نوم) (كَأَن عُيُون الساهرين لطولها ... إِذا شخصت للانجم الزهر انجم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 (كَأَن سَواد اللَّيْل وَالْفَجْر ضَاحِك ... يلوح ويخفي اسود يتبسم) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي غور الْكَوَاكِب عِنْد الصَّباح من الْبَسِيط (عهدي بهَا وضياء الصُّبْح يطفئها ... كالسرج تطفأ أَو كالاعين العور) (اعْجَبْ بِهِ حِين وافى وَهِي نيرة ... فظل يطمس مِنْهَا النُّور بِالنورِ) // الْبَسِيط // وَقَالَ من سَائِر الاوصاف والتشبيهات من مجزوء الرمل (بَات يسقيني وَيشْرب ... ذَهَبا للهم مَذْهَب) (شادن يحمل مَاء ... فِيهِ نَار تتلهب) (وردة ضاحكة عَن ... اقحوان حِين يقطب) (لَو أدرناها على ميت لَكَانَ الْمَيِّت يطرب ... ) (لَيْت شعري اسرورا ... أم مداما بت أشْرب) (صب فِي الكاسات مِنْهَا ... كالشهاب المتصوب) (فَرَأَيْت الراح شرقا ... وَرَأَيْت الْهم مغرب) (غُصْن فَوق كثيب ... ونهار تَحت غيهب) (لَك مِنْهُ مطرب يرضيك إِن شِئْت ومضرب ... ) (جنَّة عذبت فِيهَا ... بتجن وتجنب) (هَل رَأَيْتُمْ أحدا قبلي بِالْجنَّةِ عذب ... ) (بِأبي أَنْت وَأمي ... من بعيد حِين تقرب) (لي قلب كَيفَ مَا قلبه الله يقلب ... ) (وجفون يغْضب الغمض عَلَيْهَا حِين يغْضب ... ) (رب ليل كتجنيك مُقيم لَيْسَ يذهب ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 (قد قطعناه بعزم ... كالحريق المتلهب) (وَكَأن الْبَرْق لما ... لَاحَ فِيهِ يتنصب) (كَاتب من فَوق فرع الْغَيْم بالعقيان يكْتب ... ) (وَكَأن الرَّعْد حاد ... أَو مُنَاد أَو مثوب) (ونجوم اللَّيْل وقف ... كلال لم تثقب) (وبد الْبَدْر كسيف ... فِي يَد الجوزاء مَذْهَب) // مجزوء الرمل // وَقَالَ وَهُوَ من قلائده من المتقارب (وَرَاح من الشَّمْس مخلوقة ... بَدَت لَك فِي قدح من نَهَار) (هَوَاء وَلكنه سَاكن ... وَمَاء وَلكنه غير جاري) (إِذا مَا تأملتها وَهِي فِيهِ ... تَأَمَّلت نورا محيطا بِنَار) (وَمَا كَانَ فِي الْحق أَن يجمعا ... لبعد التداني وفرط النفار) (وَلَكِن تجانس مَعْنَاهُمَا البسيطان فاتفقا فِي الْجوَار ... ) (كَأَن المدير لَهَا بِالْيَمِينِ ... إِذا مَال للسقي أَو باليسار) (تدرع ثوبا من الياسمين ... لَهُ فَرد كم من الجلنار) // المتقارب // وَقَالَ فِي وصف دجلة وَالْقَمَر من الْكَامِل (لم أنس دجلة والدجى متصوب ... والبدر فِي افق السَّمَاء مُعرب) (فَكَأَنَّهَا فِيهِ بِسَاط أَزْرَق ... وَكَأَنَّهُ فِيهَا طراز مَذْهَب) // الْكَامِل // وَقَالَ ايضا فِي الرَّوْض من الْخَفِيف (ورياض حاكت لَهُنَّ الثريا ... حللا كَانَ غزلها للرعود) (نثر الْغَيْث در دمع عَلَيْهَا ... فتحلت بِمثل در الْعُقُود) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 (أقحوان معانق لشقيق ... كثغور تعص ورد الخدود) (وعيون من نرجس تتراءى ... كعيون مَوْصُولَة التسهيد) (وَكَأن الشَّقِيق حِين تبدي ... ظلمَة الصدع فِي خدود الغيد) (وَكَأن الندى عَلَيْهَا دموع ... فِي جفون مفجوعة بفقيد) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي الْبرد من الْبَسِيط (وَلَيْلَة ترك الْبرد الْبِلَاد بهَا ... كالقلب اشعر بَأْسا وَهُوَ مثلوج) (فَإِن بسطت يدا لم تنبسط خصرا ... وَإِن تقل فَقل لي فِيهِ تثليج) (فَنحْن مِنْهُ وَلم نخرس ذَوُو خرس ... وَنحن مِنْهُ وَلم نفلج مفاليج) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْبَسِيط (أما ترى الْبرد قد وافت عساكره ... وعسكر الْحر كَيفَ انصاع مُنْطَلقًا) (والارض تَحت ضريب الثَّلج تحسبها ... قد ألبست حبكا أَو غثيت وَرقا) (فانهض بِنَار الى فَحم كَأَنَّهُمَا ... فِي الْعين ظلم وإنصاف قد اتفقَا) (جَاءَت وَنحن كقلب الصب حِين سلا ... بردا فصرنا كقلب الصب إِذْ عشقا) // الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة كَثِيرَة الْعُيُون وَكَانَ الصاحب يفضلها على سَائِر شعره وَيرى أَنَّهَا من امهات قلائده من الْكَامِل (أحبب إِلَيّ بنهر معقل الَّذِي ... فِيهِ لقلبي من همومي معقل) (عذب إِذا مَا عب فِيهِ ناهل ... فَكَأَنَّهُ فِي ريق حب ينهل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 (متسلسل وَكَأَنَّهُ لصفائه ... دمع بخدي كاعب يتسلسل) (وَإِذا الرِّيَاح جرين فَوق متونه ... فَكَأَنَّهُ درع جلاها صيقل) (وَكَأن دجلة إِذْ يغطمط موجها ... ملل يعظم خيفة ويبجل) (وَكَأَنَّهَا ياقوته أَو أعين ... زرق تلائم بَينهَا وتوصل) (عذبت فَمَا تَدْرِي أماء مَاؤُهَا ... عِنْد المذاقة أم رحيق سلسل) (وَلها بِمد بعد جزر ذَاهِب ... جيشان يدبر ذَا وَهَذَا يقبل) (وَإِذا نظرت الى الابلة خلتها ... من جنَّة الفردوس حِين تخيل) (كم منزل فِي نهرها الى وَالسُّرُور ... بِأَنَّهُ فِي غَيره لَا ينزل) (وكأنما تِلْكَ الْقُصُور عرائس ... وَالرَّوْض فِيهِ حلي خود ترفل) (غنت قيان الطير فِي أرجائها ... هزجا يقل لَهُ الثقيل الاول) (وتعانقت تِلْكَ الغصون فأذكرت ... يَوْم الْوَدَاع وَغَيرهم يترحل) (ربع الرّبيع بِهِ فحاكت كَفه ... حللا بهَا عقد الهموم تحلل) (فمدبج وموشح ومدنر ... ومعمد ومحبر ومهلهل) (فتخال ذَا عينا وَذَا ثغرا وَذَا ... خدا يعضض مرّة وَيقبل) // الْكَامِل // وَكتب الى الْوَزير المهلبي وَقد مَنعه الْمَطَر من خدمته من الطَّوِيل (سَحَاب اتى كالامن بعد تخوف ... لَهُ فِي الثرى فعل الشِّفَاء بمدنف) (أكب على الافاق إكباب مطرق ... يفكر اَوْ كالنادم المتلهف) (وَمد جناحيه على الارض جانحا ... فراح عَلَيْهَا كالغراب المرفوف) (غَدا الْبر بحرا زاخرا وانثنى الضُّحَى ... بظلمته فِي ثوب ليل مسجف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 (يعبس عَن برق بِهِ متبسم ... عبوس نحيل فِي تَبَسم معنف) (تحاول مِنْهُ الشَّمْس فِي الجو مخرجا ... كَمَا حاول المغلوب تَجْرِيد مرهف) // الطَّوِيل // ايْنَ هَذَا من قَول ابْن المعتز من الوافر (تحاول فتق غيم وَهُوَ يَأْبَى ... كعنين يُرِيد نِكَاح بكر) // الوافر // رَجَعَ (فاترع مَاء وَارِد حَوْضه ... أسلسال مَاء أم سلافة قرقف) (أَتَى رَحْمَة للنَّاس غَيْرِي فَإِنَّهُ ... عَليّ عَذَاب مَاله من تكشف) (سَحَاب عداني عَن سَحَاب وعارض ... منعت بِهِ من عَارض متكفكف) أَخذه من قَول الْحسن بن وهب لمُحَمد بن عبد الْملك وَهُوَ من الْخَفِيف (لست ادري مَاذَا أَذمّ واشكو ... من سَمَاء تعوقني عَن سَمَاء) (غير اني ادعو على تيك بالثكل وَادعوا لهَذِهِ بِالْبَقَاءِ ... ) // الْخَفِيف // الْجَواب من الْوَزير الْمَذْكُور من الطَّوِيل (أَتَت رقْعَة القَاضِي الْجَلِيل فَكشفت ... وساوس محزون الْفُؤَاد ملهف) (فَأَهْدَتْ نظاما من قريض كَأَنَّهُ ... نظام لال اَوْ كوشي مفوف) (تَكَامل فِيهِ الظّرْف والشكل مِثْلَمَا ... تَكَامل فِي مهديه كل التظرف) (حوى مُنْتَهى الْحسنى بِأول خاطر ... يكلفه فِي الشّعْر ترك التَّكَلُّف) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 قَالَ فِي وصف قصيدة من مجزوء الْكَامِل (وقصيدة ألفاظها ... فِي النّظم كالدر النثير) (جَاءَت إِلَيّ كَأَنَّهَا التَّوْفِيق فِي كل الامور ... ) (بأرق من شكوى وَأحسن من حَيَاة فِي سرُور ... ) (لَو قابلت أعمى لاضحى وَهُوَ ذُو طرف بَصِير ... ) (فَكَأَنَّهَا أمل تحقق بعد يأس فِي الصُّدُور ... ) (أَو كالفقيد إِذا اتت ... بقدومه بشرى البشير) (أَو كالمنام لساهر ... لَو كالامان لمستجير) (أَو كالشفاء لمدنف ... أَو كالغني عِنْد الْفَقِير) (وكأنما هِيَ من وصال ... أَو شباب أَو نشور) (لفظ كأسر معاند ... أَو مثل إِطْلَاق الاسير) (وَكَأَنَّهُ إِذْ لَاحَ من ... فَوق المهارق والسطور) (ورد الخدود إِذا انْتَقَلت بِهِ على در الثغور ... ) (غرر غَدَتْ وَكَأَنَّهَا ... من طلعة الظبي الغرير) (من كل معنى كالسلامة ... أَو كتيسير العسير) (كتبت بحبر كالنوى ... أَو كفر نعمى من كفور) (فِي مثل ايام التواصل ... أَو كاعتاب الدهور) (أَهْدَيْتهَا ياخير من ... يخْتَار فِي كرم وَخير) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي ثوف كتاب من مجزوء الْكَامِل (وافى كتابك مِثْلَمَا ... وافى لمفقود بشير) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 (وَكَأَنَّهُ الإقبال جَاءَ ... أَو الشِّفَاء أَو النشور) (كَأَنَّهُ شرخ الشَّبَاب ... وعيشة الغض النَّضِير) (وافى وعير اللَّيْل واقفة ... الركائب لَا تسير) (فأضاء لي من كل فج مِنْهُ فجر مستنير ... ) (وارتد طرف الدَّهْر عني ... وَهُوَ مطروف حسير) (وَرَأَيْت افلاك السرُور ... بِكُل مَا أَهْوى تَدور) (وفضضته فَكَأَنَّهُ ... أَثوَاب وشي أَو حبير) (خطّ وَقِرْطَاس كَأَنَّهُمَا السوالف والثغور ... ) (وَكَأَنَّهُ ليل يلوح ... خلاله صبح مُنِير) (مَا بَين خطّ كالحياة ... إِذا استتب لَهَا السرُور) (وبدائع تدع الْقُلُوب ... تكَاد من طرب تطير) (فِي كل معنى للغني ... يحويه مُحْتَاج فَقير) (أَو كالفكاك يَنَالهُ ... من بعد مَا يأس أَسِير) (أَو كالسعادة أَو كَمَا ... يَتَيَسَّر الامر العسير) (فَاسْلَمْ وَدم مَا دَامَ ذُو ... سلم وَمَا ارسى ثبير) // مجزوء الْكَامِل // وَكتب الى ابي احْمَد بن وَرْقَاء قصيدة أَولهَا مستحسن جدا وَهُوَ من الطَّوِيل (أَسِير وقلبي فِي هَوَاك اسير ... وحادي ركابي لوعة وزفير) (ولي ادمع غزر تفيض كَأَنَّهَا ... جدا فاض فِي العافين مِنْك غزير) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 (وطرف طريف بالسهاد كَأَنَّهُ ... لهاك وجيش الْجُود فِيهِ مغير) (رياضكم خضر يرف نباتها ... ونوءكم رطب السَّحَاب مطير) (وُجُوه كأكباد المحبين رقة ... وَلكنهَا يَوْم الْهياج صخور) // الطَّوِيل // وَكتب الى بعض اصدقائه قصيدة مِنْهَا من الطَّوِيل (كتبت وليلي بالسهاد نَهَار ... وصدري لوراد الهموم صدار) (ولي ادمع غزر تفيض كَأَنَّهَا ... سحائب فاضت من يَديك غزار) (وَلم ار مثل الدمع مَاء إِذا جرى ... تلهب مِنْهُ فِي المدامع نَار) (رحلت وزادي لوعة ومطيتي ... جوانح من حر الْفِرَاق حرار) (مسير دَعَاهُ النَّاس سيرا توسعا ... وَمعنى اسْمه إِن حققوه إسار) (إِذا رمت ان انسى الاسى ذكرت بِهِ ... ديار لَهَا بَين الضلوع ديار) (لَك الْخَيْر عَن غير اخْتِيَاري ترحلي ... وَهل لي على صرف الزَّمَان خِيَار) (وَهَذَا كتابي والجفون كَأَنَّمَا ... تحكم فِي اشفارهن شفار) // الطَّوِيل // الْغَزل فِي شعره قَالَ من الْكَامِل (حور بِعَيْنيهِ أَطَالَ تحيري ... ترك الدُّمُوع كخده المتعصفر) (غُصْن تأود فَوق دعص من نقا ... ليل تبلج عَن نَهَار مُسْفِر) (كَالشَّمْسِ إِلَّا أَنه متنفس ... عَن مسكة متبسم عَن جَوْهَر) (وَأطَال من ليلِي وَقصر ليله ... أَنِّي سهرت وَأَنه لم يسهر) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 وَقَالَ أَيْضا من مجزوء الرمل (بِأبي وَجهك لَو اشبهه مِنْك الضيع ... ) (أَنْت بدر مَا لَهُ فِي ... فلك الْوَصْل طُلُوع) // مجزوء الرمل // وَقَالَ ايضا من الطَّوِيل (رضاك شباب لَا يَلِيهِ مشيب ... وسخطك دَاء لَيْسَ مِنْهُ طَبِيب) (كَأَنَّك من كل النُّفُوس مركب ... فَأَنت الى كل النُّفُوس حبيب) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي امرد جسيم من الْبَسِيط (قَالُوا عشقت عَظِيم الْجِسْم قلت لَهُم ... الشَّمْس اعظم جرم حازه الْفلك) (من ايْنَ اسْتُرْ وجدي وَهُوَ منهتك ... مَا للمتيم فِي فتك الْهوى دَرك) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ من الوافر (لبست نحافة الْغُصْن النحيف ... وذبت سوى ذماء فِي ضَعِيف) (يحوري المحاسن والمعاني ... وإنسي المخايل والاليف) (لَهُ فِي كل عُضْو دعص رمل ... ثقيل الْجِسْم ذُو روح خَفِيف) (أأعشق لَا عشقت أَخا نحول ... سوى اني أَخُو الْخلق الظريف) (إِذا لمسته كفى لم تلامس ... سوى جلد على عظم نحيف) // الوافر // وَمِمَّا أنشدت لَهُ وَلم اجده فِي ديوانه من السَّرِيع (قلت لاصحابي وَقد مر بِي ... منتقبا بعد الضيا بالظلم) (بِاللَّه يَا أهل ودادي قفوا ... كي تبصروا كَيفَ تَزُول النعم) // السَّرِيع // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 120 - ابْنه ابو عَليّ المحسن ابْن القَاضِي التنوخي هِلَال ذَلِك الْقَمَر وغصن هاتيك الشّجر وَالشَّاهِد الْعدْل لمجد أَبِيه وفضله وَالْفرع المثيل لاصله والنائب عَنهُ فِي حَيَاته والقائم مقَامه بعد وَفَاته وَفِيه يَقُول ابو عبد الله بن الْحجَّاج من الوافر (إِذا ذكر الْقُضَاة وهم شُيُوخ ... تخيرت الشَّبَاب على الشُّيُوخ) (وَمن لم يرض لم أصفعه إِلَّا ... بِحَضْرَة سَيِّدي القَاضِي التنوخي) // الوافر // وَله كتاب الْفرج بعد الشدَّة وناهيك بحسنه وإمتاع فنه وَمَا جرى من الفأل بيمنه لَا جرم أَنه اسير من الامثال واسرى من الخيال أَخْبرنِي ابو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان انه رأى ديوَان شعره بِبَغْدَاد أكبر حجما من ديوَان شعر ابيه وان بعض الْعَوَائِق حَال بَينه وَبَين تَحْصِيله حَتَّى فَاتَهُ وَاشْتَدَّ الاسف عَلَيْهِ وَلَو تقدر لَهُ استصحابه كَسَائِر الدَّوَاوِين البديعة لَكُنْت اتفسح فِي الانتخاب مِنْهُ وَلَكِنِّي الان مقل من شعره وسيقع لي مَا أتكثر بِهِ وَألْحق الْمُخْتَار مِنْهُ بمكانه من هَذَا الْبَاب بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وعونه وَمِمَّا علق بِحِفْظ ابي نصر الْمَذْكُور وأنشدنيه للْقَاضِي ابي عَليّ قَوْله وَهُوَ معنى ظريف مَا أرَاهُ سبق إِلَيْهِ وَهُوَ من الطَّوِيل (خرجنَا لنستسقي بَين دُعَائِهِ ... وَقد كَاد هدب الْغَيْم أَن يبلغ الارضا) (فَلَمَّا ابتدا يَدْعُو تقشعت السما ... فَمَا تمّ إِلَّا والغمام قد أنفضا) // الطَّوِيل // الحديث: 120 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 وأنشدني غَيره لَهُ وَأَنا مرتاب بِهِ لفرط جودته وارتفاعه عَن طبقته من الطَّوِيل (أَقُول لَهَا والحي قد فطنوا بِنَا ... وَمَا لي على ايدي الْمنون براح) (لما سَاءَنِي أَن وحشتني سيوفهم ... وَأَنَّك لي دون الوشاح وشاح) // الطَّوِيل // وَمِمَّا انشده لنَفسِهِ فِي كتاب الْفرج بعد الشدَّة من الطَّوِيل (لَئِن اشمت الاعداء صرفي ورحلتي ... فَمَا صرفُوا فضلي وَلَا ارتحل الْمجد) (مقَام وترحال وَقبض وبسطة ... كَذَا عَادَة الدُّنْيَا وأخلاقها النكد) // الطَّوِيل // كَأَنَّهُ نسج على منوال المتنبي حَيْثُ قَالَ من الطَّوِيل (على ذَا مُضِيّ النَّاس اجْتِمَاع وَفرْقَة ... وميت ومولود وَقَالَ ووامق) // الطَّوِيل // وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ قَوْله لبَعض الرؤساء فِي التهيئة بِشَهْر رَمَضَان من الْخَفِيف (نلْت فِي ذَا الصّيام مَا ترتجيه ... ووقاك الاله مَا تتقيه) (أَنْت فِي النَّاس مثل شهرك فِي الاشهر بل مثل لَيْلَة الْقدر فِيهِ ... ) // الْخَفِيف // وأنشدني لَهُ غير ثِقَة وَهُوَ متنازع من الْكَامِل (قل للمليحة فِي الْخمار الْمَذْهَب ... أفسدت نسك أخي التقي المترهب) (نور الْخمار وَنور وَجهك تَحْتَهُ ... عجبا لوجهك كَيفَ لم يتلهب) (وجمعت بَين المذهبين فَلم يكن ... لِلْحسنِ عَن ذهبيهما من مَذْهَب) (فَإِذا بَدَت عين لتسرق نظرة ... قَالَ الشعاع لَهَا اذهبي لَا تذهبي) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 وَأما ابْنه ابو الْقَاسِم عَليّ فَلم يبلغنِي بعد شعره وَقد بَلغنِي ذكره على لِسَان ابي الْحسن عَليّ بن مُوسَى الْكَرْخِي وَقد أوردت مَا أنشدنيه عَنهُ لابي المطاع ذِي القرنين ابْن نَاصِر الدولة ابي مُحَمَّد فِي بَاب الامراء من بني حمدَان فَليُرَاجع 121 - ابْن لنكك الْبَصْرِيّ ابو الْحسن مُحَمَّد بن مُحَمَّد فَرد الْبَصْرَة وَصدر ادبائها وَبدر ظرفائها فِي زَمَانه والمروع اليه فِي لطائف الادب وظرائفه طول ايامه وَكَانَت حِرْفَة الادب تمسه وتجشمه ومحنة الْفضل تُدْرِكهُ فتخدشه وَنَفسه ترفعه ودهره يَضَعهُ وَاتفقَ فِي ايامه هبوب الرّيح للمتنبي وعلو رتبته وَبعد صيته وارتفاع مِقْدَار ابي رياش اليمامي وسمو نجمه ونفاق سوقه وفوزهما بالمراتب والحظوظ دونه وسعادتهما من الادب بِمَا شقي بِهِ وَحصل ابو الْحسن على ثلبهما والتشفي بذمهما والعقود تَحت الْمثل السائر أوسعتهم ذما وأودوا بالابل واكثر شعره ملح وظرف خَفِيفَة الارواح تَأْخُذ من الْقُلُوب بمجامعها وَتَقَع من النُّفُوس أحسن مواقعها وجلها فِي شكوى الزَّمَان وَأَهله وهجاء شعراء أهل عصره وَمَا أشبه شعره فِي الملاحة وَقلة مُجَاوزَة الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَة إِلَّا بِشعر كنية أبي الْحسن بِي فَارس وأقدر أَنه فِي الْجبَال كَهُوَ فِي الْعرَاق وَكَانَ يُقَال فِي مَنْصُور الْفَقِيه إِذا رمى بِزَوْجَتِهِ قتل وَكَذَلِكَ ابْن لنكك إِذا قَالَ الْبَيْت والبيتين وَالثَّلَاثَة اغرب بِمَا جلب وابدع فِيمَا صنع فَأَما إِذا قصد القصيد فقلما يفلح وينجح وَبَلغنِي ان الصاحب كتب على ظهر جُزْء من شعر ابْن لنكك من المجتث (شعر الظريف ابْن لنكك ... مهذب ومحكك) الحديث: 121 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 (مَذْهَب وممسك ... بِمثلِهِ يتَمَسَّك) // المجتث // مَا أخرج من شعره فِي الشكوى وذم الزَّمَان وَأَهله قَالَ من مجزوء الرمل (يَا زَمَانا ألبس الاحرار ذلا ومهانه ... ) (لست عِنْدِي بِزَمَان ... إِنَّمَا انت زَمَانه) (كَيفَ نرجو مِنْك خيرا ... والعلا فِيك مهانه) (أجنون مَا نرَاهُ ... مِنْك يَبْدُو أم مجانه) // مجزوء الرمل // وَقَالَ ايضا من الطَّوِيل (زمَان رَأينَا فِيهِ كل الْعَجَائِب ... وأصبحت الاذناب فَوق الذوائب) (لَو أَن على الافكلاك مَا فِي نفوسنا ... تهافتت الافلاك من كل جَانب) // الطَّوِيل // وَقَالَ ايضا من الوافر (عجائب فِي زَمَانك شاهدات ... علب خرف من الْفلك الْمُحِيط) (يرى متيقظا مَا لَا يرَاهُ ... إِذا مَا نَام آكل قنبيط) // الوافر // لَان لَهُ خاصية فِي توليد السَّوْدَاء وَيرى احلاما ردية وَقَالَ من المنسرح (عجبت للدهر فِي تصرفه ... وكل افعال دَهْرنَا عجب) (يعاند الدَّهْر كل ذِي أدب ... كَأَنَّمَا ناك امهِ الادب) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 وَقَالَ ايضا من الطَّوِيل (يَقُولُونَ لي اصبحت فِي الْعلم وَاحِدًا ... وَفِي الشّعْر والاداب مَالك ثَانِي) (فَقلت صَدقْتُمْ ايها النَّاس إِنَّنِي ... كَذَاك وَلَكِن فِي حر ام زماني) // الطَّوِيل // وَقَالَ ايضا من الوافر (مضى الاحرار وانقرضوا وبادوا ... وخلفني الزَّمَان على علوج) (وَقَالُوا قد لَزِمت الْبَيْت جدا ... فَقلت لفقد فَائِدَة الْخُرُوج) (لمن القى إِذا ابصرت فيهم ... قرودا راكبين على السُّرُوج) (زمَان عز فِيهِ الْجُود حَتَّى ... تَعَالَى الْجُود فِي اعلى البروج) // الوافر // وَقَالَ فِي الْمَعْنى من الْبَسِيط (جَار الزَّمَان علينا فِي تصرفه ... وَأي دهر على الاحرار لم يجر) (عِنْدِي من الدَّهْر مَا لَو أَن ايسره ... يلقِي على الْفلك الدوار لم يدر) // الْبَسِيط // وَقَالَ ايضا من الْخَفِيف (نَحن وَالله فِي زمَان غشوم ... لَو رايناه فِي الْمَنَام فزغنا) (يصبح النَّاس فِيهِ من سوء حَال ... حق من مَاتَ مِنْهُم ايْنَ يهنا) // الْخَفِيف // وَقَالَ ايضا من الْبَسِيط (لَا مكث الله دُنْيَانَا فقيمتها ... لَيست تفي عِنْد ذِي عقل بقيراط) (دنيا تأبت على الاحرار عاصية ... وطاوعت كل صفعان وضراط) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 وَقَالَ من الوافر (زمَان قد تفرغ للفضول ... يسود كل ذِي حمق جهول) (فَإِن أَحْبَبْتُم فِيهِ ارتياحا ... فكونوا جاهلين بِلَا عقول) // الوافر // وَقَالَ ايضا من الْبَسِيط (إِن اصبحت هممي فِي الافق عالية ... فَإِن حظي بِبَطن الارض ملتصق) (كم يفعل الدَّهْر بِي مَا لَا اسر بِهِ ... وَكم يسيء زمَان جَائِر حنق) (كم نفخة لي على الايام من ضجر ... تكَاد من حرهَا الايام تحترق) // الْبَسِيط // وَقَالَ ايضا من المنسرح (نَحن من الدَّهْر فِي اعاجيب ... فنسأل الله صَبر ايوب) (أقفرت الارض من محاسنها ... فابك عَلَيْهَا بكاء يَعْقُوب) // المنسرح // وَقَالَ ايضا من الْكَامِل (ذهب الَّذين يعاش فِي اكنافهم ... وَبقيت فِي خلف بِلَا اكناف) (بطيالس وقلانس محشوة ... يتعاشرون بقلة الانصاف) (مَا شِئْت من حلل وفره مراكب ... ابواب دُورهمْ بِلَا اجواف) // الْكَامِل // وَقَالَ ايضا من المنسرح (لَا تخدعنك اللحى وَلَا الصُّور ... تِسْعَة اعشار من ترى بقر) (تراهم كالسحاب منتشرا ... وَلَيْسَ فِيهِ لطَالب مطر) (فِي شجر السرو مِنْهُم مثل ... لَهُ رواء وَمَاله ثَمَر) // المنسرح // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 كَأَنَّهُ اخذه من قَول ابْن الرُّومِي من الْخَفِيف (فغدا كالخلاف يورق للعين ويأبى الاثمار كل الاباء ... ) // الْخَفِيف // وَقَالَ ايضا من الْكَامِل (يَا طَالبا بِالْعلمِ حظا مسعدا ... فِي ذَا الزَّمَان رايت رَأْي مخرنق) (إِنْفَاق علم فِي زمَان جَهَالَة ... ترجو ودهر عمى وسخف مطبق) (كن ساعيا ومصافعا ومضارطا ... تنَلْ الرغائب فِي الزَّمَان وتنفق) (أَو مَا رَأَيْت مُلُوك عصرك اصبحوا ... يتجملون بِكُل قاص احمق) (لَا تلق اشباه الْحمير بحكمة ... موه عَلَيْهِم مَا قدرت ومخرق) // الْكَامِل // وَقَالَ ايضا من المنسرح (لم يبْق حر اليه يخْتَلف ... بل كل ندل عَلَيْهِ مُخْتَلف) (يَا فلكا دَار بالنذالة وَالْجهل الى كم تَدور يَا خرف ... ) (فعاقل مَا يبل انملة ... وجاهل باليدين يغترف) // المنسرح // وَقَالَ ايضا من الطَّوِيل (لعنتم جَمِيعًا من جوه لبلدة ... تكنفهم جهل ولؤم فأفرطا) (وَإِن زَمَانا انتم رؤساؤه ... لأهل لِأَن يخرى عَلَيْهِ ويضرطا) (أَرَاكُم تعينون اللئام وإنني ... أَرَاكُم بطرق اللؤم اهدى من القطا) // الطَّوِيل // وَقَالَ ايضا (عدنا فِي زَمَاننَا ... عَن طَرِيق المكارم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 (من كفى النَّاس شَره ... فَهُوَ فِي جود حَاتِم) مَا اخْرُج من شعره فِي الهجاء لابي رياش كَانَ ابو رياش باقعة فِي حفظ ايام الْعَرَب وأنسابها واشعارها غَايَة بل آيَة فِي هَذ دواوينها وَسدر أَخْبَارهَا مَعَ فصاحة وَبَيَان وإعراب وإتقان وَلكنه كَانَ عديم الْمُرُوءَة وسخ اللبسة كثير التقشف قَلِيل التنظف وَفِيه يَقُول ابو عُثْمَان الخالدي من الرجز (كَأَنَّمَا قمل ابي رياش ... مَا بَين صئبان قَفاهُ الفاشي) (وَذَا وَذَا قد لج فِي انتفاش ... شهدانج بدد فِي حشحاش) // الرجز // وَكَانَ مَعَ ذَلِك شَرها على الطَّعَام رجيم شَيْطَان الْمعدة حوتي الالتقام وثعبان الالتهام سيء فِي المواكلة دعاة ابو يُوسُف اليزيدي وَالِي الْبَصْرَة الى الْقَصعَة فَكَانَ بعد ذَلِك إِذا حضر مائدته امْر بِأَن يهيأ لَهُ طبق ليَأْكُل عَلَيْهِ وَحده وَدعَاهُ يَوْمًا الْوَزير المهلبي الى طَعَامه فَبينا هُوَ يَأْكُل مَعَه إِذْ امتخط فِي منديل الْغمر وبزق فِيهِ ثمَّ اخذ زيتونة من قعصة فغمزها بعنف حت طفرت نواتها فأصابت وَجه الْوَزير فتعجب من سوء شرهه واحتمله لفرط أدبه وَفِي شَره ابي رياش يَقُول ابْن لنكك مَا هُوَ فِي نِهَايَة الملاحة وَحسن التَّعْرِيض من الوافر (يطير الى الطَّعَام ابو رياش ... مبادرة وَلَو واراه قبر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 (اصابعه من الْحَلْوَاء صفر ... وَلَكِن الاخادع مِنْهُ حمر) // الوافر // وأنشدني ابو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ انشدني الصاحب لِابْنِ لنكك فِي أبي رياش وَكَانَ يطعن على ابي نواس وابي تَمام من الطَّوِيل (يَقُول ابْن هاني افسد الشّعْر ضلة ... وَشعر ابي تمامكم هُوَ اضيع) (ابا الريش يَا صفعان صفعات وَاجِب ... وَلَكِن مضى من كَانَ فِي الله يصفع) // الطَّوِيل // وَقَالَ ايضا من الْبَسِيط (أَبُو رياش بغى وَالْبَغي مهلكة ... فشددوا الْعين ترموه بآبدته) (عبد ذليل هجا للحين سَيّده ... تَصْحِيف كنيته فِي صدغ والدته) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ ايضا من الْكَامِل (أأبا رياش يَا قَبِيح المنظر ... يَا مُنْكرا ينمى الى مستنكر) (تَصْحِيف كنيتك الَّتِي كنيتها ... فِي است الَّتِي حَملتك تِسْعَة أشهر) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ ايضا من الْكَامِل (نبئت أَن ابا رياش قد حوى ... علم اللُّغَات وفَاق فِيمَا يَدعِي) (من مخبري عَنهُ فَإِنِّي سَائل ... من كَانَ حنكه بأير الاصمعي) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ ايضا من الوافر (على الْقبْح الفظيع ابو رياش ... يعاشرنا بأخلاق ملاح) (يُبِيح اكْفِنَا أبدا قَفاهُ ... فنصفعه على جِهَة المزاح) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 وَقَالَ فِيهِ وَقد ولي عملا بِالْبَصْرَةِ من الْكَامِل (قل للوضيع ابي رياش لَا تبل ... ته كل تيهك بِالْولَايَةِ وَالْعَمَل) (مَا ازددت حِين وليت إِلَّا خسة ... كَالْكَلْبِ انجس مَا يكون إِذا اغْتسل) // الْكَامِل // مَا أخرج من هجائه لجَماعَة من الادباء وَالشعرَاء أما هجاؤه للمتنبي فقد اوردته فِي اخباره وَلَا وَجه لإعادته وَقد كَانَ ورد الْبَصْرَة من ديار ربيعَة شَاعِر يكنى أَبَا الهيذام كلاب بن حَمْزَة وَكَانَ ابْن لنكك يتولع بِهِ ويبدع فِي هجائه كَقَوْلِه فِيهِ من الْبَسِيط (نَفسِي تقيك ابا الهيذام كل اذى ... إِنِّي بِكُل الَّذِي ترضاه لي راضي) (مَا بَال جعسك مركوبا على ذكري ... يَا أكْرم النَّاس من بَاقٍ وَمن ماضي) (مَا كَانَ ايري فَقِيها إِذْ ظَفرت بِهِ ... فَكيف ألبسته دنية ألقاضي) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ ايضا من الوافر (حوي يَوْمًا ابو الهيذام ايري ... وَذَاكَ بِمثلِهِ ابدا حري) (فبرنس رَأسه بالجعس حَتَّى ... تنكر مِنْهُ لي خلق وزي) (فَقلت هديت لم برنست ايري ... فَقَالَ لَان ايرك قرمطي) // الوافر // وَقَالَ ايضا من الْبَسِيط (أَنْت ابْن كل البرايا لَكِن اقتصروا ... على اسْم حَمْزَة وَصفا غير تشميخ) (كدار بطيخ تحوي كل فَاكِهَة ... وَمَا اسْمهَا الدَّهْر إِلَّا دَار بطيخ) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 وَقَالَ ايضا من الْكَامِل (يَا من تطيب وَهُوَ من حرق استه ... قلق يكابد كل دَاء معضل) (فشل الصيال وَمَا عهدنا دبره ... مذ كَانَ يفشل عَن صيال الفيشل) (وَأرَاهُ فِي الْكتب الجليلة زاهدا ... لَا يستجيد سوى كتاب الْمدْخل) (قبلته ولثمت فَاه مُسلما ... لثم الصّديق فَم الصّديق الْمُجْمل) (فَدَنَا الي على الْمَكَان وَقَالَ لي ... أفديك من متشوق متغزل) (إِن كنت تلثمني بِحَق فاسقني ... بِلِسَان بَطْنك فِي فمي من اسفل) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي الرَّمْلِيّ الشَّاعِر من الوافر (لأم الشَّاعِر الرَّمْلِيّ صدغ ... صبور مَا علمت على الدّباغ) (فرغت وَلم تكن فرغت فرامت ... إدامة نيكها حَتَّى الْفَرَاغ) (فَقلت لَهَا فديتك لَا تجوري ... فَلَيْسَ على الرَّسُول سوى الْبَلَاغ) // الوافر // وَقَالَ فِيهِ ايضا من الرجز (إِن الرميلي بليد خاطره ... يشْعر مَا دَامَت لَهُ دفاتره) (فالشعراء كلهم خواطره ... ) // الرجز // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من مجزوء الرمل (حلف الرَّمْلِيّ فِيمَا اقْتصّ عني وَحَكَاهُ ... ) (يَدعِي يَوْم اصطلحنا انني قبلت فَاه ... ) (لم اقبل فَاه لَكِن ... قبلت نَعْلي قَفاهُ) // مجزوء الرمل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 وَقَالَ فِي المبرمان النَّحْوِيّ من الوافر (صداع من كلامك يعترينا ... وَمَا فِيهِ لمستمع بَيَان) (مُكَابَرَة ومخرقة وبهت ... لقد ابرمتنا يَا مبرمان) // الوافر // مَا اخْرُج من شعره فِي الْغَزل وَالشرَاب قَالَ من الوافر (حبيب جفوتي فرض عَلَيْهِ ... مفري فِي الْهوى مِنْهُ إِلَيْهِ) (إِذا لحظاته قتللت محبا ... تشحط مِنْهُ فِي دم وجنتيه) // الوافر // وَقَالَ ايضا من الوافر (اتطمع ان تحب وَلَا جفون ... مؤرقة وَلَا قلب جريح) (فَأَيْنَ هوى تذوب بِهِ وتبلى ... أَرَاك تظن أَن الزمر ريح) // الوافر // وَقَالَ ايضا من الوافر (وَروض عبقري الوشى غض ... يشاكل حِين زخرف بالشقيق) (سَمَاء زبرجد خضراء فِيهَا ... نُجُوم طالعات من عقيق) (خليلي اسقياني الراح صرفا ... إِذا وحريق قلبِي بالرحيق) (ذراني قبل ان القى حمامي ... اشوب بريق من اهواه ريقي) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 وَقَالَ ايضا من الْخَفِيف (قد شربنا عل شقائق روض ... شربت عِبْرَة السَّحَاب السكوب) (صبغت من دم الْقُلُوب فَمَا تبصر إِلَّا تعلّقت بالقلوب ... ) // الْخَفِيف // وَقَالَ ايضا من المنسرح (امْر غَد انت مِنْهُ فِي لبس ... وأمس قد فَاتَ فاله عَن امس) (وَإِنَّمَا الْعَيْش عَيْش وقتك ذَا ... فبادر الشَّمْس بابنة الشَّمْس) // المنسرح // وَقَالَ ايضا من الوافر (اقول لصاحبي والراح روح ... لجسم الكأس فِي كف النديم) (وَقد حبس الدجى عَنَّا بواك ... تسيل نفوسها فَوق الجسوم) (وَنحن من المسرة فِي سَمَاء ... فَمن سارى الضياء وَمن مُقيم) (شموعك والكؤوس مَعَ الندامى ... نُجُوم فِي نُجُوم فِي نُجُوم) // الوافر // وَقَالَ فِي قلَّة شربه وَسُرْعَة سكره من الوافر (فديتك لَو علمت بِبَعْض مَا بِي ... لما جرعتني إِلَّا بمسعط) (فحسبك أَن كرما فِي جواري ... أَمر بِبَابِهِ فأكاد أسقط) // الوافر // وَله فِي مثل ذَلِك من المجتث (لَو انني مسعي ... شربت مَا شِئْت حينا) (لكنني عهدي ... فاعرف حَدِيثي يَقِينا) (قَرَأت عُهْدَة كرم ... فَكَانَ سكري سنينا) // المجتث // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 وَقَالَ ايضا من مجزوء الرمل (ايها الشَّيْخ الَّذِي برز ... قدما فِي السياده) (وَالَّذِي اعطاه اهل الارض ... فِي السَّبق المقاده) (وَأقر الْكل مِنْهُم ... أَنه عين القلاده) (أَنا يَكْفِينِي من المشروب ... مَا يَكْفِي جراده) (وحديثي طَال فِيهِ ... مثل تَفْسِير قتاده) (وَهُوَ ابرام وَنقض ... فَاكْفِنِي فِيهِ الاعاده) // مجزوء الرمل // مَا اخْرُج من ملحه فِي سَائِر الْفُنُون قَالَ من الطَّوِيل (تولى شباب كنت فِيهِ منعما ... تروح وتغدو دَائِم الفرحات) (فلست تلاقيه وَلَو سرت خَلفه ... كَمَا سَار ذُو القرنين فِي الظُّلُمَات) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الطَّوِيل (فِرَاق أخلائي الَّذين عهدتهم ... يُوكل قلبِي بالهموم اللوازم) (وماذا ارجبي من حَيَاة تكدرت ... وَلَو قد صفت كَانَت كأضغاث حالم) // الطَّوِيل // وَقَالَ ايضا من الْكَامِل (نكرت نحولي وَهُوَ من فرط الاسى ... لفراق إخْوَان عَليّ كرام) (وتعجبت للشيب لَا تتعجبي ... هَذَا غُبَار وقائع الايام) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن المعتز من الْكَامِل (قَالَت كَبرت وشبت قلت لَهَا ... هَذَا غُبَار وقائع الدَّهْر) // الْكَامِل // وَقَالَ ايضا من الوافر (إِذا خَفق اللِّوَاء عَليّ يَوْمًا ... وَقد حمل امْرُؤ الْقَيْس اللِّوَاء) (رَجَوْت الله لَا أَرْجُو سواهُ ... لَعَلَّ الله يرحم من اساء) // الوافر // وَقَالَ ايضا من الْبَسِيط (إِذا أَخُو الْحسن اضحى فعله سمجا ... رَأَيْت صورته من اقبح الصُّور) (وهبك كَالشَّمْسِ فِي حسن ألم ترنا ... نفر مِنْهَا إِذا مَالَتْ الى الضَّرَر) // الْبَسِيط // أَخذه الصاحب فَقَالَ من المتقارب (يُقَال تركت الَّذِي حسنه ... يكَاد يخجل شمس الضُّحَى) (فَقلت وشمس الضُّحَى تحتمي ... إِذا بسطت فِي المصيف الاذى) // المتقارب // وَقَالَ ايضا من مجزوء الرمل (نَحن بِالْبَصْرَةِ فِي لون ... من الْعَيْش ظريف) (نَحن مَا هبت شمال ... بَين جنَّات وريف) (فَإِذا هبت جنوب ... فكأنا فِي كنيف) // مجزوء الرمل // وَقَالَ ايضا من مجزوء الرمل (لَيْسَ فِي الْبَصْرَة حر ... لَا وَلَا فِيهَا حواذ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 (إِنَّمَا الْبَصْرَة انشاب ... ونخل وسماد) // مجزوء الرمل // 122 - ابْنه أَبُو اسحاق ابراهيم شَاعِر مجيد لم يتَّصل بِي من شعره غير مَا انشدته لَهُ مُعَارضا قَول ابيه من السَّرِيع (وعصبة لما توسطتهم ... صَارَت عَليّ الارض كالخاتم) (كانهم من سوء افهامهم ... لم يخرجُوا بعد الى الْعَالم) (يضْحك إِبْلِيس إِذا زارهم ... لانهم عَار على آدم) // السَّرِيع // بقوله من السَّرِيع (لَا تصلح الارض وَلَا تستوي ... إِلَّا بكم يَا بقر الْعَالم) (من قَالَ للحرث خلقْتُمْ فَلم ... يكذب عَلَيْكُم لَا وَلم يَأْثَم) (مَا أَنْتُم عَار على ادم ... لانكم غير بني ادم) // السَّرِيع // وَقَالَ ايضا من السَّرِيع (وَلَيْلَة ارقني طولهَا ... فبتها فِي حيرة الذاهل) (كَأَنَّمَا اشْتقت لإفراطها ... فِي طولهَا من أمل الْجَاهِل) // السَّرِيع // وَقَالَ ايضا من المنسرح (يَا سفلا أوقظوا بخستهم ... لَكِن عَن الْجُود والندى نَامُوا) (لَا تكذبوا صَحَّ أَنكُمْ نعم ... عنْدكُمْ للزمان انعام) // المنسرح // الحديث: 122 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 123 - ابو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ النمري صَاحب ابي رياش وَابْن لنكك وَكَانَ من صُدُور الْبَصْرَة فِي الادب وَالشعر وَقد جمع الْحِفْظ الْكثير الغزير وَالْعلم الْقوي القويم وَالنّظم الظريف الْمليح فمما سَار من ذَلِك قَوْله من قصيدة فِي ذِي الكفايتين ابي الْفَتْح وَكَانَ ورد عَلَيْهِ الرّيّ فَأحْسن اليه وَوَصله بصلَة حَسَنَة فِيهَا دَرَاهِم فِي كل دِرْهَم مِنْهَا خَمْسَة دَرَاهِم وفيهَا ايضا دَنَانِير كل دِينَار مِنْهَا بِخَمْسَة دَنَانِير واستهلالها من الْكَامِل (واها لأيام الصبابة واها ... بل آه من تذكارهن وآها) (فالى الحرينة فالجنينة فالربى ... مغنى الاحبة حبذا مغناها) (روض كلفت بنوره وبنوره ... وربى الفت هواءها وهواها) (اصبو الى اترابها وترابها ... ومهاة عيشي فِي ظلال مهاها) (فِيهِنَّ شمس لَا تروم عيوننا ... حذر الْعُيُون سناءها وسناها) (نمرية من دونهَا متنمر ... أخْشَى شباه تَارَة وشباها) (مَاذَا على النمر الْكِرَام عشيرتي ... لَو ضم بَين فتاتها وفتاها) (فتيَان صدق كالشموس تعودت ... قنص النُّفُوس ظباؤها وظباها) (يَا من لنَفس شطرها فِي بَلْدَة ... بذرى الْعرَاق وشطرها بسواها) (ظمئي الى حو الشفاه وَإِنَّمَا ... حو الشفاه سقامها وشفاها) (ظمأ الْهمام الى المكارم والعلا ... وَقد ارتوى مِنْهَا كَمَا ارواها) الحديث: 123 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 (وَجَلَست فِي النادي الَّذِي حَاز الندى ... من جنَّة دَان إِلَيّ جناها) (دَار عرفت معانقة الْكرَى ... وَأخذت حظي لهوها ولهاها) (عاتبت مكرمَة الزَّمَان فأعتبت ... فِيهَا وناجيت السرُور شفاها) (ملك أغر وبركة لجية ... فِي رَوْضَة تُعْطِي الْعُيُون رِضَاهَا) (يحبوك ذَا المَال الجزيل وَهَذِه المَاء الْمعِين وَهَذِه رياها ... ) (روض إِذا جرت الرِّيَاح مَرِيضَة ... فِي زهرَة استشفت بِهِ مرضاها) (وَإِذا تقابلت الندامى وَسطه ... سكر الصحاة كَمَا صَحا سكراها) (يتسلسل المَاء الزلَال خلاله ... فتخاله الْحَيَّات خف سراها) (وَأخذت من اقماره وشموسه ... من تبره ولجينه أشباها) (من ابيض يقق وأصفر فَاقِع ... لَو معن كن سلافة ومياها) (قد ضوعفت زنة فزادت زِينَة ... يجلو القذى عَنَّا جلاء قذاها) (خيفت عَلَيْهِنَّ الْعُيُون فعوذت ... باسم الاله وباسم شاهنشاها) (يَا ابْن العميد عميد دولته الَّذِي ... بِلِسَانِهِ وسنانه سناها) (مَا انت إِلَّا صِحَة ملكوءة ... تتقاصر الافهام دون مداها) (فَإِذا مَرضت وَلَا مَرضت فَإِنَّهُ ... مرض الرِّيَاح يطيب فِيهِ ثناها) (لم تنسك الامراض ذكر صنائع ... تولي وشكر صنائع تولاها) (فَاسْلَمْ لدولتك الَّتِي وطدتها ... ورعيت أولاها على أحراها) // الْكَامِل // وَله من قصيدة كتب بهَا إِلَيّ وبأختها الَّتِي تقدمتها ابو سعيد بن دوست كعادته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 المشكورة فِي مهاداتي بطرائف الاداب الَّتِي تصلح لهَذَا الْكتاب من مجزوء الْكَامِل (سرت النجائب بالنجائب ... ترمي الْكَوَاكِب بالكواكب) (ترمي تجاهات الْمَشَارِق ... من تجاهات المغارب) (رغبا الى ملك تحكم فِي رغائبه الرغائب ... ) (ملك تبوأ من علاهُ ... فِي النواصي والذوائب) (حَيْثُ السوابغ والسوابق ... والنجائب والجنائب) (يهب المنعمة الكواعب ... والمطهمة السلاهب) // مجزوء الْكَامِل // وَمِنْهَا (زرناك من ارْض البصيرة شاحبين على شواحب ... ) (نرد المناهل كالمجاهل ... والسباسب كالسبائب) (لاري دون الرّيّ وَالْبَحْر الغطامط ذِي الغوارب ... ) (بَحر جواهره طواف ... فِي سواحله رواسب) (لَا دونهَا اللجج الكوارب ... لَا وَلَا الجج الكواذب) (كم من ظباء بالبصيرة فِي المقاصر والسباسب ... ) (إنس ووحش يشتبهن سوى الذوائب والحقائب ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 (ادم يقاسمن الاراك ... جناك والقضب الرطائب) (فلإنسها اغصانه ... تجلو بِهِ برد السحائب) (ولوحشها غض الجنى ... عَبث المعازف والملاعب) (نصطاد وحشياتها ... وتصيدنا الانس الخراعب) (يَا رب يَوْم لي كظلك اَوْ كظنك اَوْ يُقَارب ... ) (رقت حَوَاشِيه وغضت عين واشيه المراقب ... ) (قصرت لنا اطرافه ... قصر القناع عَن الذوائب) (وتبرجت لذاته ... للخاطبين وللخواطب) (نزلت بِهِ حاجاتنا ... بَين المحاجر والحواجب) (وكسونني حللا صقلن خواطري صقل القواضب ... ) (حللا قديباج الخدود ... مطرزات بالشوارب) (فلتشكرن رياضنا ... جدوى سحائبك الصوائب) (ولتنظمن لَك القصائد ... كالقائد للكواعب) 124 - المفجع الْبَصْرِيّ هُوَ ابو عبد الله الْكَاتِب لَهُ مصنفات كَثِيرَة وَهُوَ صَاحب ابْن دُرَيْد والقائم مقَامه بِالْبَصْرَةِ فِي التَّأْلِيف والاملاء وَفِيه قيل من مجزوء الْكَامِل (إِن المفجع ويله ... شَرّ الاوائل والاواخر) الحديث: 124 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 (وَمن النَّوَادِر انه ... يملي على النَّاس النَّوَادِر) // مجزوء الْكَامِل // كَأَنَّهُ من قَول ابي تَمام من الوافر (وَمَالك بالغريب يَد وَلَكِن ... تعاطيك الْغَرِيب من الْغَرِيب) // الوافر // أَو من قَول الاخر من مجزوء الْكَامِل (وَمن الْمَظَالِم أَن قعدت ... على الْمَظَالِم يَا فزاره) // مجزوء الْكَامِل // واما شعره فقليل كثير الْحَلَاوَة يكَاد يقطر مِنْهُ مَاء الظّرْف حكى ابو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ قَالَ لي اللحام انشدني المفجع لنَفسِهِ من الْخَفِيف (لي اير أراحني الله مِنْهُ ... صَار همي بِهِ عريضا طَويلا) (نَام إِذْ زارني الحبيب عنادا ... ولعهدي بِهِ ينيك الرسولا) (حسبت زورة عَليّ لحيني ... فافترقنا وَمَا شفينا غليلا) // الْخَفِيف // فَقلت فِيهِ من الْكَامِل (إِن المفجع فالعنوه مؤنث ... نغل يدين ببغض اهل الْبَيْت) (يهوى الْعلُوق وَإِنَّمَا يلقاهم ... بمؤخر حَيّ وَقبل ميت) // الْكَامِل // وانشدني ابو الْحُسَيْن الشهرزوري الْحَنْظَلِي قَالَ انشدني المفجع لنَفسِهِ فِي غُلَام لَهُ يكنى أَبَا سعد من الْخَفِيف (زفرات تعتادني عِنْد ذكراك ... وذكراك مَا يريم فُؤَادِي) (وسروري قد غَابَ عني مذغبت فَهَل كنتما على ميعاد ... ) (حاربتني الْأَيَّام فِيك أَبَا سعد بِسيف الْهوى وَسَهْم البعاد ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 (لَيْسَ لي مفزع سوى عبرات ... من جفون مكحولة بالسهاد) (فِي سهادي لطول انسي بذكراك ... اعتيض عَن الْكرَى والرقاد) (وبحسبي من المصائب اني ... فِي بِلَاد وَأَنْتُم فِي بِلَاد) // الْخَفِيف // وأنشدني ابو نصر الروذباذي الطوسي للمفجع من الهزج (أَلا يَا جَامع الْبَصْرَة ... لاخربك الله) (وَسَقَى صحنك المزن ... من الْغَيْث فَرَوَاهُ) (فكم من عاشق فِيك ... يرى مَا يتمناه) (وَكم ظَبْي من الانس ... مليح فِيك مرعاه) (نصبنا الفخ بِالْعلمِ ... لَهُ فِيك فصدناه) (بقرآن قرأناه ... وَتَفْسِير روينَاهُ) (وَكم من طَالب للشعر بالشعر طلبناه ... ) (فَمَا زَالَت يَد الايام ... حَتَّى لَان مثناه) (وَحَتَّى ثَبت السرج ... عَلَيْهِ فركبناه) (أَلا يَا طَالب الامرد ... كذب مَا ذَكرْنَاهُ) (فَلَا يغررك مَا قُلْنَا ... فَمَا بالجد قُلْنَاهُ) (وَلَو كَانَ من الْبَعْض ... بريا حِين نَلْقَاهُ) (فَرح بالدرهم الضَّرْب ... إِلَيْهِ تتلاقاه) (فبالدرهم يسْتَنْزل ... مَا فِي الجو مَأْوَاه) // الهزج // وَمن ملحة الْمَشْهُورَة قَوْله لانسان اهدى إِلَيْهِ طبقًا فِيهِ قصب السكر وأترج ونارنج واراه ابا سعد غُلَامه فَقَالَ من مجزوء الرمل (إِن شَيْطَانك فِي الظّرْف ... لشيطان مُرِيد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 (فَلهَذَا انت فِيهِ ... تبتدي ثمَّ تعيد) (قد أتتنا تحفة مِنْك على الْحسن تزيد ... ) (طبق فِيهِ قدود ... وخدود ونهود) // مجزوء الرمل // وَقَوله فِي غُلَام مغن جدر فازداد حسنا من السَّرِيع (يَا قمرا جدر حِين اسْتَوَى ... فزاده حسنا وزادت هموم) (كَأَنَّمَا غنى لشمس الضُّحَى ... فنقطته طَربا بالنجوم) // السَّرِيع // وَقَوله ايضا من الْخَفِيف (سَيِّدي انت إِن عَبدك امسى ... خافقا قلبه خفوق الْجنَاح) (فاغتنم غَفلَة الرَّقِيب وزره ... فِي رِدَاء من الدجى ووشاح) // الْخَفِيف // وَقَالَ ويروي لِابْنِ لنكك من السَّرِيع (لنا سراج نوره ظلمَة ... لَيْسَ لَهُ ظلّ على الارض) (كَأَنَّهُ شخص الامام الَّذِي ... تبغي الْهدى مِنْهُ أولو الرَّفْض) // السَّرِيع // وَمن ظريف قَوْله فِي الهجاء من السَّرِيع (فسا على قوم فَقَالُوا لَهُ ... إِن لم تقم من بَيْننَا قمنا) (فَقَالَ لَا عدت فَقَالُوا لَهُ ... من نَتن فِيهِ ذَا كَمَا كُنَّا) // السَّرِيع // وَوجدت بِخَط ابي الْحُسَيْن عَليّ بن احْمَد بن عَبْدَانِ فِي مَجْمُوعَة الْمُسَمّى حَاطِب ليل للمفجع الْبَصْرِيّ يَقُول من الوافر (أداروها ولليل اعتكار ... فخلت اللَّيْل فاجأه النَّهَار) (فَقلت لصاحبي وَاللَّيْل داج ... ألاح الصُّبْح أم بَدَت الْعقار) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 (فَقَالَ هِيَ الْعقار تداولوها ... مشعشعة يطير لَهَا شرار) (فلولا انني أمتاح مِنْهَا ... حَلَفت بِأَنَّهَا فِي الكأس نَار) // الوافر // 125 - نصر بن احْمَد الْخبز ارزي كنت على طي شعره وَذكره إِمَّا لتقدم زَمَانه اَوْ سفسفة كَلَامه ثمَّ تذكرت قرب عَهده وتكلف ابْن لنكك جمع ديوَان شعره فسنح لي ان اضمن هَذَا الْكتاب لمعاقد علقت بحفظي مِنْهُ والاعراض عَن التصفح لباقي شعره وَترك الفحص عَمَّا يصلح للالحاق بهَا من ملحه وعَلى ذكره فقد بَلغنِي من غير جِهَة أَنه كَانَ أُمِّيا لَا يكْتب وَلَا يتهجى وَكَانَت حرفته خبز الارز فِي دكانه بمربد الْبَصْرَة فَكَانَ يخبز وينشد أشعاره الْمَقْصُورَة على الْغَزل وَالنَّاس يزدحمون عَلَيْهِ ويتطرفون باستماع شعره ويتعجبون من حَاله وَأمره وأحداث الْبَصْرَة يتنافسون فِي ميله إِلَيْهِم وَذكره لَهُم ويحفظون كَلَامه لقرب مأخذه وسهولته وَكَانَ ابْن لنكك على ارْتِفَاع مِقْدَاره ينتاب دكانه وَيسمع شعره فحضره يَوْمًا وَعَلِيهِ ثِيَاب بيض فاخرة فتأذى بالدخان وساء أَثَره على ثِيَابه فَانْصَرف وَكتب إِلَيْهِ من الوافر (لنصر فِي فُؤَادِي فرط حب ... ينيف بِهِ على كل الصحاب) (أتيناه فبخرنا بخورا ... من السعف المدخن بالتهاب) (فَقُمْت مبادرا وحسبت نصرا ... يُرِيد بِذَاكَ طردي أَو ذهابي) (فَقَالَ مَتى أَرَاك ابا حُسَيْن ... فَقلت لَهُ إِذا اتسخت ثِيَابِي) // الوافر // فَلَمَّا قُرِئت عَلَيْهِ الرقعة الَّتِي فِيهَا هَذِه الابيات املى على من كتب لَهُ فِي الحديث: 125 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 ظهرهَا هَذِه الابيات من الوافر (منحت ابا الْحُسَيْن صميم ودي ... فداعبني بِأَلْفَاظ عَذَاب) (أَتَى وثيابه كالشيب لونا ... فعدن لَهُ كريعان الشَّبَاب) (وبغض للشيب اعد عِنْدِي ... سوادا لَونه لون الخضاب) (فَإِن يكن التفزز فِيهِ فخرا ... فَلم يكنى الْوَصِيّ أَبَا تُرَاب) // الوافر // ويحكى أَنه مَا كشف قناع الغربة قطّ لقُصُور همته على الْمُذكر دون الْمُؤَنَّث وشعره شَاهد بذلك فَمن النَّوَادِر أَن شَاعِرًا يكنى بِزَعْمِهِ ابا طَاهِر انْتَمَى اليه وَورد نيسابور بأشعار تناسب دَعوته وَانْتَحَلَ كثيرا من محَاسِن السّري والخالديين وَغَيرهم من الْمُحْسِنِينَ الَّذين لم تقع اشعارهم بعد الى خُرَاسَان حَتَّى تقشر فلسه وَظهر عواره وخزيه وَجرى امْرَهْ على مَا قَالَه احْمَد بن طَاهِر من الْبَسِيط (اظن دَعوته فِي الشّعْر جَائِزَة ... لَهُ عَليّ كَمَا جَازَت على النّسَب) // الْبَسِيط // وَفِيه يَقُول ابو بكر الْخَوَارِزْمِيّ من المنسرح (يَقُول تصر أبي فَقلت لَهُم ... عِنْدِي بِهَذَا شَهَادَة حسنه) (نعم وَلَكِن أمه حملت ... من بعد مَا مَاتَ شَيْخه بسنه) // المنسرح // فَمن ملح نصر قَوْله من الطَّوِيل (خليلي هَل ابصرتما وسمعتما ... بأكرام من مولى تمشى الى عبد) (أَتَى زَائِرًا من غير وعد وَقَالَ لي ... أصونك عَن تَعْلِيق قَلْبك بالوعد) (فَمَا زَالَ نجم الكأس بيني وَبَينه ... يَدُور بأفلاك السَّعَادَة والسعد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 (فطورا على تَقْبِيل نرجس نَاظر ... وطورا على تعضيض تفاحة الخد) // الطَّوِيل // وَقَوله من مجزوء الرمل (من يكن يهواه لِلْخلقِ فَإِنِّي عبد خلقه ... ) (إِن حسن الْخلق أبهى ... للفتى من حسن خلقه) // مجزوء الرمل // وَقَوله من الْبَسِيط (قَالُوا عشقت صَغِيرا قلت أرتع فِي ... روض المحاسن حَتَّى يدْرك الثَّمر) (ربيع حسن دَعَاني لافتتاح هوى ... لما تفتح مِنْهُ النُّور والزهر) // الْبَسِيط // وَقَوله من المنسرح (وددت اني بكفه قلم ... أَو انني مُدَّة على قلمه) (يأخذني مرّة ويلثمني ... إِن علقت مِنْهُ شَعْرَة بفمه) // المنسرح // وَقَوله من الْبَسِيط (قد قلت إِذْ خَان صبري من كلفت بِهِ ... وَلم يكن عَنهُ لي صَبر وَلَا جلد) (إِن كَانَ شاركني فِي حبه وقح ... فالنهر يشرب مِنْهُ الْكَلْب والاسد) // الْبَسِيط // وَقَوله من الْكَامِل (لَا تعشقن ابْن الرّبيع فَإِنَّهُ ... عِنْد التجرد آيَة الايات) (وَجه كعبادان لَيْسَ وَرَاءه ... لمحبه شَيْء سوى الخشبات) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 وَقَوله من الْخَفِيف (تتجنى عَليّ ذَنبا وتعتل ... بِأَن قد رَأَيْت مني ذله) (لعن الله قربَة لَيْسَ فِيهَا ... لفتى يطْلب التعلة عله) // الْخَفِيف // وَقَوله من الطَّوِيل (ألم يكفني مَا نالني فِي هواكم ... إِلَى أَن طفقتم بَين لاه وضاحك) (شماتتكم بِي فَوق مَا قد اصابني ... وَمَا بِي دُخُول النَّار بل طنز مَالك) // الطَّوِيل // وأنشدني ابو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن حبيب الْمَذْكُور قَالَ انشدني عبد السَّمِيع بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي قَالَ انشدني نصر بن احْمَد الْخبز أرزي لنَفسِهِ من الْخَفِيف (شاقني الاهل لم تشقني الديار ... والهوى صائر الى حَيْثُ صَارُوا) (جيرة فرقتهم غربَة الْبَين وَبَين الْقُلُوب ذَاك الْجوَار ... ) (كم أنَاس رعوا لنا حِين غَابُوا ... وأناس جفوا وهم حضار) (عرضوا ثمَّ اعرضوا واستمالوا ... ثمَّ مالوا وانصفوا ثمَّ جاروا) (لَا تلمهم على التجني فَلَو لم ... يتجنوا لم يحسن الِاعْتِذَار) // الْخَفِيف // وأنشدني ابو حَفْص عمر بن عَليّ الْفَقِيه لَهُ من قصيدة من الْبَسِيط (ورد الخدود ورمان النهود وأغصان القدود تصيد السَّادة الصيدا ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 (شرطي إِذا مَا رَأَيْت الخصر مُخْتَصرا ... والردف مرتدفا وَالْقد مقدودا) // الْبَسِيط // 126 - ابو عَاصِم الْبَصْرِيّ أَنْشدني ابو سعيد نصر بن يَعْقُوب لابي عَاصِم فِي اقتران الْهلَال والثريا والزهرة من المتقارب (رَأَيْت الْهلَال وَقد أحدقته ... نُجُوم الثريا لكَي تسبقه) (فشبهته وَهُوَ فِي إثْرهَا ... وَبَينهمَا الزهرة المشرقه) (بقوس لرام رمى طائرا ... فأتبع فِي إثره بندقه) // المتقارب // وَله فِي اقتران الْهلَال والزهرة من الْخَفِيف (قَارن الزهرة الْهلَال وَكَانَا ... فِي افْتِرَاق مَا بَين صد وهجره) (فَإِذا مَا تقارنا قلت طوق ... من لجين قد علقت فِيهِ دره) // الْخَفِيف // وَله فِي الْغَزل من الرمل (يَا بنفسي من إِذا جمشته ... نثر الْورْد عَلَيْهِ ورقه) (وَإِذا مدت يَدي طرته ... أفلتت مني وعادت حلقه) // الرمل // 127 - ابو الْحُسَيْن الظَّاهِر الْبَصْرِيّ انشدني ابو عَليّ مُحَمَّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ انشدني ابو الْحُسَيْن الظَّاهِر الْبَصْرِيّ لنَفسِهِ قَوْله من الْبَسِيط (نَفسِي الْفِدَاء لمن جَاءَت تودعني ... يَوْم الْفِرَاق بقلب خَائِف وَجل) الحديث: 126 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 (قد كنت فَارَقت روحي خوف فرقتها ... لَكِن حييت بِطيب الضَّم والقبل) // الْبَسِيط // وَله من قصيدة فِي مفصود من الْبَسِيط (كَأَنَّمَا دَمه فِي الطست حِين جرى ... صرف من الراح فِي قَعْب من الذَّهَب) (حَتَّى إِذا رجعت فِي كمه يَده ... كَالشَّمْسِ غَابَتْ عَن الابصار فِي الْحجب) (كَانَت كَمَا قَالَ فِي الْقرَان خالقنا ... واضمم جناحك يَا مُوسَى من الرهب) // الْبَسِيط // وَله فِي وصف حَيَّة قَتلهَا فِي بعض اسفاره من الرجز (عرفت فِي الاسفار مَا لم اعرف ... من كل مَوْصُوف وَمَا لم يُوصف) (آلَيْت لَا أنصف من لم ينصف ... وَلَا أَفِي دهري لخل لَا يَفِي) (سرت وصحبي وسط قاع صفصف ... إِذْ اشرفت من فَوق طود مشرف) (رقشاء ترنو من قليب اجوف ... تومي بِرَأْس مثل رَأس المجدف) (فِي ذَنْب مندمج معقف ... حَتَّى إِذا أبصرتها لَا تنكفي) (علوتها بِحَدّ سيف مرهف ... فظل يجْرِي دَمهَا كالقرقف) (اتلفتها لما أَرَادَت تلفي ... ) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 الْبَاب السَّادِس فِي ذكر نفر من شعراء الْعرَاق ونواحيها سوى بَغْدَاد وَسِيَاق ملحهم ولطائفهم 128 - ابْن التمار الوَاسِطِيّ شعره يتَغَنَّى بأكثره ملاحة ورشاقة وَإِنَّمَا كَانَ يَقُوله تطربا لَا تكسبا وَقد بَلغنِي بِهِ أَبْيَات قَلَائِل إِلَّا أَنَّهَا قلائد كَقَوْلِه من الْبَسِيط (أما ترى الْيَوْم فِي أثوابه الجدد ... يحكيك يَا غرَّة الايام والابد) (فَاشْرَبْ وسق الندامى من مشعشعة ... كلون خدك لم تنقص وَلم تزد) (على غَدِير إِذا هَب النسيم بِهِ ... ابصرته من حبيك الرّيح كالزرد) // الْبَسِيط // وَله من الْكَامِل (الْخمر شمس فِي غلالة لَاذَ ... تجْرِي ومطلعها من الخرداذي) (فَاشْرَبْ على طيب الزَّمَان فيومنا ... يَوْم التذاذ قد أَتَى برذاذ) (وَانْظُر الى لمع البروق كانها ... يَوْم الضراب صَفَائِح الفولاذ) // الْكَامِل // وَقَوله عَفا الله عَنهُ من الْبَسِيط (قُم فانتصف من صروف الدَّهْر والنوب ... واجمع بكأسك شَمل اللَّهْو والطرب) الحديث: 128 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 (أما ترى اللَّيْل قد ولت عساكره ... مهزومة وجيوش الصُّبْح فِي الطّلب) (والبدر فِي الْجَانِب الغربي تحسبه ... قد مد جِسْرًا على الشطين من ذهب) // الْبَسِيط // 129 - ابو طَاهِر الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بسيدوك شعره يرْوى حِين يروي ويحفظ حِين يلحظ وَمَا لظرفه نِهَايَة وَلَا للطفه غَايَة وَلَا عيب فِيهِ غير أَن الَّذِي وَقع إِلَيّ مِنْهُ قَلِيل يلتقي طرفاه وتجتمع حاشيتاه وديوان شعره ضالتي المنشودة ودرتي المفقودة وَلَا بَأْس من حُصُوله أَنْشدني كل من ابي طَاهِر مَيْمُون بن سهل الوَاسِطِيّ الْفَقِيه وَأبي الْحسن المصِّيصِي وَمُحَمّد بن عمر الزَّاهِر قَالَ انشدني سيدوك لنَفسِهِ وَهُوَ أحسن وأبلغ مَا سمعته فِي طول اللَّيْل من الْبَسِيط (عهدي بِنَا ورداء الشمل يجمعنا ... وَاللَّيْل أطوله كاللمح بالبصر) (فالان ليلِي مذ غَابُوا فديتهم ... ليل الضَّرِير فصبحي غير منتظر) // الْبَسِيط // وأنشدني ابو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان لَهُ من الوافر (أراح الله نَفسِي من فؤاد ... أَقَامَ على اللجاجة وَالْخلاف) (وَمن مَمْلُوكَة ملكت رقاها ... ذَوي الالباب بالخدع اللطاف) (كَأَن جوانحي شوقا إِلَيْهَا ... بَنَات المَاء ترقص فِي حقاف) // الوافر // وأنشدني مَيْمُون الوَاسِطِيّ قَالَ انشدني سيدوك لنَفسِهِ من الوافر (أَظن بلية دهمت فُؤَادِي ... وأحسبها غزال بني سليم) (وَإِلَّا لم يغب فتعتريني ... مذلة ضيمة من غير ضيم) الحديث: 129 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 (ولي عين إِذا فقدته صَارَت ... كعين الشَّمْس ملبسة بغيم) // الوافر // وأنشدني لَهُ ايضا من مخلع الْبَسِيط (أَنْت من الْقلب فِي السوَاد ... وَمَوْضِع السِّرّ من فُؤَادِي) (يَا سَاكِنا فِي سَواد عَيْني ... وَبَين جفني والرقاد) (لم تنأ لما نأيت عني ... وَلَا تَبَاعَدت بالبعاد) // مخلع الْبَسِيط // وأنشدني ايضا لَهُ من الطَّوِيل (جنت صبحة الاضحى عَليّ فأذهبت ... فُؤَادِي فَلَا ضري ملكت وَلَا نفعي) (فيا يَوْم عيد النَّحْر مَا لَك مهديا ... لنحري سهم النَّحْر نبت عَن الشَّرْع) // الطَّوِيل // وَله من أَبْيَات من مجزوء الْكَامِل (حذري عَلَيْك اشد من ... حذري على بَصرِي وسمعي) (إِن كنت تنكر مَا أَقُول ... فهاك سل سهري ودمعي) // مجزوء الْكَامِل // وَوجدت مَنْسُوبا إِلَيْهِ فِي بعض التعليقات من المتقارب (جعلت فداءك قد زارني ... أخلاء اعظم اقدارهم) (وعزمي أكون لَهُم ساقيا ... فَكُن بِأبي أَنْت خمارهم) // المتقارب // 130 - أَبُو عبد الله الحامدي حامدة من أَعمال وَاسِط وَلم يبلغنِي ذكر هَذَا الرجل إِلَّا مِمَّا أنشدنيه مَيْمُون الوَاسِطِيّ قَالَ أَنْشدني ابو عبد الله لنَفسِهِ بالحامدة من الْبَسِيط (مشتاقة طرقت فِي النّوم مشتاقا ... أَهلا بِمن لم يخن فِي الْعَهْد ميثاقا) الحديث: 130 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 (أَهلا بِمن سَاق لي طيف الاحبة من ... أَرض الاحبة بل أَهلا بِمن شاقا) (يَا زَائِرًا زار من قرب على بعد ... آنست مستوحشا لَا ذقت مَا ذاقا) (الله يعلم لَو أَنِّي اسْتَطَعْت لقد ... افرشت ممشاك احداقا وآماقا) (يَا ليل عرج على إلفين قد جعلا ... عقد السواعد للاعناق أطواقا) (ضَاقَ العناق وَضم الشوق بَينهمَا ... ضم القرينين اعناقا فأعناقا) // الْبَسِيط // وأنشدني لَهُ ايضا من الْكَامِل (قل للمليحة فِي الْخمار المشمشي ... كم ذَا الدَّلال عدمت كل محرش) (يَا من غَدا قلبِي كنرجس طرفها ... فِي الْحبّ لَا صَاح وَلَا هُوَ منتشي) (هَذَا الرّبيع بِصَحْنِ خدك قد بدا ... لمقبل ومعضض ومخمش) (فَمَتَى ابيت معانقا لبهاره ... ولورده المستأنس المستوحش) // الْكَامِل // وأنشدني لَهُ ايضا من الطَّوِيل (سقاني وحياني وَبَات معانقي ... فيا عطف معشوق على ذل عاشق) (وَيَا لَيْلَة باتت سواعدنا بهَا ... تَدور على الاعناق دور المخانق) (نبث من الشكوى حَدِيثا كَأَنَّهُ ... قلائد در فِي نحور الْعَوَاتِق) // الطَّوِيل // وأنشدني لَهُ من الْكَامِل (يَا راحلا ترك الْبكاء مُبَاحا ... مَا رحت انت بل اصْطِبَارِي رَاحا) (إِن اخلفتني فِيك اسباب المنى ... وغدوت لي سقما وَكنت صلاحا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 (فَلَقَد عهدتك مسعدا لي فِي الْهوى ... وعهدت وَجهك فِي الظلام صباحا) // الْكَامِل // وأنشدني لَهُ من الْكَامِل (مَا الرَّأْي عنْدك ايها الْبَدْر ... فِي عاشق لَك خانه الصَّبْر) (وَقع برايك فَوق قصَّته ... يَا من إِلَيْهِ النَّهْي والامر) (لَو أَن حسنا زَاد فِي عمر ... لازددت عمرا بعده عمر) // الْكَامِل // 131 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن ابي مُحَمَّد الْقَاسِم الْمَعْرُوف بالانباري بَلغنِي لَهُ قصيدة فريدة تدل على أَن صَاحبهَا من أَفْرَاد الشُّعَرَاء وَهِي فِي ابْن بَقِيَّة لما قتل وصلب وَقد أثبتها كَمَا هِيَ من الوافر (علو فِي الْحَيَاة وَفِي الْمَمَات ... لحق انت إِحْدَى المعجزات) (كَأَن النَّاس حولك حِين قَامُوا ... وُفُود نداك أَيَّام الصلات) // الوافر // وَأَخذه من قَول ابْن المعتز من الطَّوِيل (وصلوا عَلَيْهِ خاشعين كَأَنَّهُمْ ... وُفُود وقُوف للسلام عَلَيْهِ) // الطَّوِيل // رَجَعَ (كَأَنَّك قَائِم فيهم خَطِيبًا ... وَكلهمْ قيام للصَّلَاة) (مددت يَديك نحوهم احتفالا ... كمدهما إِلَيْهِم بالهبات) (وَلما ضَاقَ بطن الارض عَن أَن ... يضم علاك من بعد الْمَمَات) (أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عَن الاكفان ثوب السافيات) الحديث: 131 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 (لعظمك فِي النُّفُوس تبيت ترعى ... بحراس وحفاظ ثِقَات) (وتشعل عنْدك النيرَان لَيْلًا ... كَذَلِك كنت أَيَّام الْحَيَاة) (ركبت مَطِيَّة من قبل زيد ... علاها فِي السنين الماضيات) (وَتلك قَضِيَّة فِيهَا تأس ... تبَاعد عَنْك تعيير العداة) (وَلم أر قبل جذعك قطّ جذعا ... تمكن من عنَاق المكرمات) (أَسَأْت إِلَى النوائب فاستثارت ... فَأَنت قَتِيل ثأر النائبات) (وَكنت تجير من صرف اللَّيَالِي ... فَعَاد مطالبا لَك بالترات) (وصير دهرك الاحسان فِيهِ ... إِلَيْنَا من عَظِيم السَّيِّئَات) (وَكنت لمعشر سَعْدا فَلَمَّا ... مضيت تفَرقُوا بالمنحسات) (غليل بَاطِن لَك فِي فُؤَادِي ... حقيق بالدموع الْجَارِيَات) أَخذه من قَول ابْن الرُّومِي من مخلع الْبَسِيط (لم يظلم الدَّهْر أَن توالى ... فِيكُم مصيباته دراكا) (كُنْتُم تجيرون من يعادي ... مِنْهُ فعاداكم لذاكا) // مخلع الْبَسِيط // عَاد (وَلَو اني قدرت على قيامي ... بفرضك والحقوق الْوَاجِبَات) (مَلَأت الارض من نظم القوافي ... ونحت بهَا خلاف النائحات) (وَلَكِنِّي أَصْبِر عَنْك نَفسِي ... مَخَافَة أَن أعد من الجناة) (وَمَالك تربة فَأَقُول تَسْقِي ... لانك نصب هطل الهلاطلات) (عَلَيْك تَحِيَّة الرَّحْمَن تترى ... برحمات غواد رائحات) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 132 - أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عمر الثغري الْكَاتِب أحد المقلين الْمُحْسِنِينَ وَلم أسمع لَهُ إِلَّا ملحا نادرة كَقَوْلِه فِي خطّ العذار وَهُوَ أحسن مَا سَمِعت فِيهِ على كثرته من الْخَفِيف (لي حبيب يزهى بِحسن عَجِيب ... وبقد مثل الْقَضِيب الرطيب) (أحرقت بِالسَّوَادِ فضَّة خديه فقد أحرقت سَواد الْقُلُوب ... ) // الْخَفِيف // وَقَوله فِي وصف التَّمْر من المجتث (أما ترى التَّمْر يَحْكِي ... فِي الْحسن للنظار) (مخازنا من عقيق ... قد قمعت بنضار) (كَأَنَّمَا زعفران ... فِيهِ مَعَ الشهد جاري) (يشف مثل كؤوس ... مَمْلُوءَة من عقار) // المجتث // وَقَوله فِي الباقلاء الرطب من الوافر (فصوص زبرجد فِي غلف در ... بأقماع حكت تقليم ظفر) (وَقد صاغ الاله ثيابًا ... لَهَا لونان من بيض وخضر) (ربيع للقلوب بِكُل أَرض ... وَنقل مَا يمل لشرب خمر) // الوافر // وَله فِي الرُّمَّان من الوافر (ورمان رَقِيق القشر يَحْكِي ... ثدي الغيد فِي أَثوَاب لَاذَ) (إِذا قشرته طلعت علينا ... فصوص من عقيق أَو بخاذ) // الوافر // الحديث: 132 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 133 - ابو مُحَمَّد بن زُرَيْق الْكُوفِي الْكَاتِب رَحمَه الله تَعَالَى أَنْشدني ابو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان قَالَ انشدني ابو سُلَيْمَان المنطقي بِبَغْدَاد قَالَ انشدني ابْن زُرَيْق لنَفسِهِ من الْبَسِيط (سَافَرت إبغي لبغداد وساكنها ... مثلا فحاولت شَيْئا دونه الياس) (هَيْهَات بَغْدَاد الدُّنْيَا بأجمعها ... عِنْدِي وسكان بَغْدَاد هم النَّاس) // الْبَسِيط // وأنشدني لَهُ غَيره فِي شعر الصولي من السَّرِيع (دَاري بِلَا خيش ولكنني ... عقدت من خيشي طاقين) (دَار إِذا مَا اشْتَدَّ حر بهَا ... أنشدت للصولي بَيْتَيْنِ) // السَّرِيع // وَله ايضا فِي العيادة من مجزوء الْخَفِيف (يَا مَرِيضا بسقمه ... مرض الْحلم والوفا) (لم يكن تركي العيادة ... هجرا وَلَا جَفا) (لم أطلق أَن أَرَاك يَا ... أكْرم النَّاس مدنفا) (طَال خوفي عَلَيْك فَالْحَمْد ... لله إِذا كفى) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ فِي قينة تسمى دبسية حَسَنَة الْمخبر قبيحة المنظر من المجتث (أَبَا سعيد أصخ لي ... يَا سَيِّدي ونديمي) (منيت امس بِأَمْر ... من الامور عَظِيم) (حصلت عِنْد صديق ... حر ظريف كريم) الحديث: 133 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 (أَسْقِي على شدودبسية ... فتنفي همومي) (فَكنت حِين تغني ... لدي جنان النَّعيم) (وَإِن نظرت إِلَيْهَا ... فَفِي الْعَذَاب الاليم) (وَإِن شربت بِصَوْت ... فالراح بالتسنيم) (وَإِن شربت بلحظ ... فالمهل بالزقوم) (فَكَانَ سَمْعِي بِخَير ... ومقلتي فِي الْجَحِيم) // المجتث // وأنشدني ابو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان لابي مُحَمَّد بن زُرَيْق يُخَاطب بِهِ أَبَا عبد الله الْكُوفِي لما قلد مَكَان ابي جَعْفَر بن شيرزاد وَحصل فِي الدَّار الَّتِي كَانَ ابو جَعْفَر يناظر النَّاس فِيهَا وعَلى دسته وَفِي مثل حَاله وَقد كَانَ حَضَره قبل ذَلِك فحجب من الْبَسِيط (إِنَّا رَأينَا حِجَابا مِنْك قد عرضا ... فَلَا يكن ذلنا فِيهِ لَك الغرضا) (اسْمَع لنصحي وَلَا تغْضب عَليّ فَمَا ... أبغي بِقَوْلِي لَا مَالا وَلَا عرضا) (الشُّكْر يبْقى ويفنى ماسواه وَكم ... سواك قد نَالَ ملكا فانقضى وَمضى) (فِي هَذِه الدَّار فِي هَذَا الرواق على ... هَذَا السرير رَأينَا الْملك فانقرضا) // الْبَسِيط // قَالَ فَاعْتَذر إِلَيْهِ الْكُوفِي وَقَالَ لَهُ حَسبنَا وَقضى حَوَائِجه 134 - ابو الْورْد بَلغنِي أَنه كَانَ من عجائب الدُّنْيَا فِي المطايبة والمحاكاة وَكَانَ يخْدم الحديث: 134 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 مجْلِس المهلبي الْوَزير ويحكي شمائل النَّاس وألسنتهم فيؤديها كَمَا هِيَ فيعجب النَّاظر والمسامع ويضحك الثكلان وَكَانَ ابو اسحاق الصابي قد بلي بِهِ حَتَّى قَالَ فِيهِ من الطَّوِيل (وَمن عجب الايام ان صروفها ... تسوء امرا مثلي بِمثل ابي الْورْد) (فياليتها اخْتَارَتْ نظيرا وَأَنَّهَا ... رمتني بشنعاء الدَّوَاهِي على عمد) (فكم بَين معقور الْكلاب وَإِن نجا ... ذليلا ومقتول الضراغمة الاسد) // الطَّوِيل // وَفِيه يَقُول السّري حَيْثُ يذكر صفعه للملحي الشَّاعِر من الطَّوِيل (وَمَا خلت صفعان الْعرَاق يسومني ... لامثاله ذما يَسِيرا وَلَا حمدا) (إِذا مَا ابو الْورْد انتحاه بكفه ... حسبت قَفاهُ رَوْضَة تنْبت الوردا) // الطَّوِيل // وَلأبي الْورْد شعر لَهو فِي الاضحاك مثل قَوْله من مجزوء الرمل (أَنا فِي كل سحير ... فِي مداراة لَا يرى) (دائبا يطْلب وَجها ... حسنا من بَيت غَيْرِي) (قلت نك يَا اير من يرتع ... فِي خيري وميري) (قَالَ لَا اسطيع نيكا ... لكسير وعوير) // مجزوء الرمل // وَقَوله من الوافر (طفيلي يؤم الْخبز اني ... رَآهُ وَلَو رَآهُ على يفاع) (وَلَا يروي من الاخبار إِلَّا ... أجبْت وَلَو دعيت الى كرَاع) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 وَقَوله من مجزوء الرمل (وصديق جَاءَنِي يسألني مَاذَا لديك ... ) (قلت عِنْدِي بَحر خمر ... حوله آجام نيك) // مجزوء الرمل // وَقَوله من الطَّوِيل (ولي صَاحب افسى الْبَريَّة كلهَا ... يشككني فِيهِ إِذا مَا تنفسا) (تحولت الانفاس مِنْهُ الى استه ... فَمَا اُحْدُ يدْرِي تنفس ام فسا) // الطَّوِيل // وَقَوله من مجزوء الْكَامِل (لَيْسَ اشتقاق ابي المظفر ... من أَن يرى ظفرا فيظفر) (لَكِن تطاول ظفره ... فلذاك قيل ابو المظفر) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 الْبَاب السَّابِع فِي ذكر قوم من شعراء بَغْدَاد ومحاسن أشعارهم 135 - ابْن نباتة السَّعْدِيّ ابو نصر عبد الْعَزِيز ابْن مُحَمَّد بن نباتة من فحول شعراء الْعَصْر وآحادهم وصدور مجيديهم وأفرادهم الَّذين أخذُوا برقاب القوافي وملكوا رق الْمعَانِي وشعره مَعَ قرب لَفظه بعيد المرام مُسْتَمر النظام يشْتَمل على غرر من حر الْكَلَام كَقطع الرَّوْض غب الْقطر وفقر كالغنى بعد الْفقر وبدائع أحسن من مطالع الانوار وعهد الشَّبَاب وأرق من نسيم الاسحار وشكوى الاحباب وَأول مَا وَقع شعره الى خُرَاسَان إِنَّمَا وَقع على يَد ابي نصر سهل بن الْمَرْزُبَان فَإِنَّهُ استصحبه من بَغْدَاد فِي جملَة مَا حصله بهَا من ظرائف الدفاتر ولطائفها وذخائرها وأخايرها وأتخفني بِهِ وَهُوَ بغبار السّفر وَجَعَلَنِي فِيهِ ابا عذرة النّظر فحسبته والطرف مَعْقُود بِهِ شخص المحبوب بدا لعين محبه وباكورة الاشعار ارْفَعْ من باكورة الثِّمَار فكم مرتع انس فِيهِ رعيت وَكم فص مُخْتَصّ مِنْهُ وعيت وَأَنا كَاتب من عيونه مَا يمتع الخواطر وبجلو النواظر وَيصدق قَوْله وَقد احسن فِيهِ كل الاحسان من الوافر (وَكم لِليْل عِنْدِي من نُجُوم ... جمعت النثر مِنْهَا فِي نظامي) (عتابا اَوْ نسيبا أَو مديحا ... لخل أَو حبيب أَو همام) الحديث: 135 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 (تفِيد بهَا الْعُقُول نهى وصحوا ... وَقد فعلت بهَا فعل المدام) (لَهَا فِي حلبة الاداب ركض ... الى حب الْقُلُوب بِلَا احتشام) // الوافر // وَقَوله من الْبَسِيط (خُذْهَا إِذا انشدت فِي الْقَوْم من طرب صدورها علمت فِيهَا قوافيها ... ) (ينسى لَهَا الرَّاكِب العجلان حَاجته ... وَيُصْبِح الْحَاسِد الغضبان يطريها) // الْبَسِيط // وَقَوله ايضا من الْخَفِيف (فَاتَ عبد الْعَزِيز سَابِقَة القَوْل ... وَإِنِّي لوصفه فِي لحاق) (طلعت فِي الْقُلُوب ألفاظي الغر طُلُوع النُّجُوم فِي الافاق ... ) // الْخَفِيف // وَقَوله من المنسرح (هَذَا الْكَلَام الَّذِي خصصت بِهِ ... أخص فِي الخالدات من أحد) (قَول هُوَ المَاء لذ مطعمه ... فَكل قَول سواهُ كالزبد) // المنسرح // مَا أخرج من غرره فِي الْغَزل والنسيب قَالَ من قصيدة من الطَّوِيل (وَبدر تَمام بت ألثم رجله ... وأكبره عَن أَن أقبل خَدّه) (تعشقت فِيهِ كل شَيْء يوده ... من الْجور حَتَّى كدت اعشق صده) // الطَّوِيل // الْبَيْت الاول كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَول ابْن طَبَاطَبَا من الرجز (وشادن روحي فِي يَدَيْهِ ... تبيت تهمي قبلي عَلَيْهِ) (يؤثرن رجلَيْهِ على خديه ... ) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 وَالْبَيْت الثَّانِي فِيهِ رَائِحَة من قَول مَنْصُور الْفَقِيه من المتقارب (سررت بهجرك لما علمت ... بِأَن لقلبك فِيهِ سُرُورًا) (وَلَوْلَا سرورك مَا سرني ... وَمَا كنت يَوْمًا عَلَيْهِ صبورا) (ولاني ارى كل مَا سَاءَنِي ... إِذا كَانَ يرضيك سهلا يَسِيرا) // المتقارب // وَقَالَ من أُخْرَى من الطَّوِيل (عجبت لَهُ يخفي سراه وَوَجهه ... بِهِ تشرق الدُّنْيَا وبالشمس بعده) (وَلَا بُد لي من جهلة فِي وصاله ... فَمن لي بخل أودع الْحلم عِنْده) // الطَّوِيل // وَمن اخرى من الْبَسِيط (يَا من أضرّ بِحسن الشَّمْس وَالْقَمَر ... فَلم يدع فيهمَا للنَّاس من وطر) (نَفسِي فداؤك من بدر على غُصْن ... تكَاد تَأْكُله عَيْنَايَ بِالنّظرِ) (إِذا تفكرت فِيهِ عِنْد رُؤْيَته ... صدقت قَول الحلوليين فِي الصُّور) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى من الطَّوِيل (سقى الله ارضا لَا أبوح بذكرها ... فتعرف اشجاني بهَا حِين تذكر) (سوى انها مسكية الترب رِيحهَا ... ترف وتندي والهواجر تزفر) (نعمت بهَا يجلو عَليّ كؤوسه ... أغر الثنايا وَاضح الْبشر أحور) (فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَكَانَت مدامة ... من الْبَدْر تجني أم من الشَّمْس تعصر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 (إِذا صبها جنح الظلام وعبها ... رَأَيْت رِدَاء اللَّيْل يطوي وينشر) // الطَّوِيل // وَمن اخرى من الْكَامِل (دعهم وقلبي لَا أُرِيد رُجُوعه ... أبدا فقلبي كَانَ أصل فسادي) (لَو يعلمُونَ صَلَاح حَالي بعدهمْ ... مَا فرقوا بيني وَبَين فُؤَادِي) // الْكَامِل // وَمن أُخْرَى من الْبَسِيط (إِن كنت تمنع سعدي من مطالبها ... فلست تمنع سعدي من تمنيها) (لله نَغمَة أوتار ومسمعة ... باتت تدل على شوقي أغانيها) (وقهوة كشعاع الشَّمْس طالعة ... أفنيت بالمزج فِيهَا ريق سَاقيهَا) (يَا لَذَّة بِيَمِين الدَّهْر أدفعها ... فِي صَدره وَهُوَ من أحشاي يدنيها) (لَو كَانَ يعلم أَنِّي عَنْك اخدعه ... ثنى انامله لي حِين أثنيها) // الْبَسِيط // الشكوى وذم الزَّمَان قَالَ من الْبَسِيط (فِي كل يَوْم لنا فِي الدَّهْر معركة ... هام الْحَوَادِث فِي أرجائها فلق) (حظي من الْعَيْش أكل كُله غصص ... مر المذاق وَشرب كُله شَرق) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الطَّوِيل (وَكم من خَلِيل قد تمنيت قربه ... فجربته حَتَّى تمنيت بعده) (وَمَا للفتى فِي حَادث الدَّهْر حِيلَة ... إِذا نحسه فِي الامر قَابل سعده) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 (أرى همم الْمَرْء اكتئابا وحسرة ... عَلَيْهِ إِذا لم يسْعد الله جده) // الطَّوِيل // كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَول المتنبي من الطَّوِيل (واتعب خلق الله من زَاد همه ... وَقصر عَمَّا تشْتَهي النَّفس وجده) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة من الْكَامِل (مَا بَال طعم الْعَيْش عِنْد معاشر ... حُلْو وَعند معاشر كالعلقم) (من لي بعيش الاغبياء فَإِنَّهُ ... لَا عَيْش إِلَّا عَيْش من لم يعلم) // الْكَامِل // هَذَا معنى متداول وَمن احسن مَا قيل فِيهِ قَول ابْن المعتز من الْكَامِل (وحلاوة الدُّنْيَا لجاهلها ... ومرارة الدُّنْيَا لمن عقلا) // الْكَامِل // وَقَالَ من اخرى من الْكَامِل (يَأْبَى مقَامي فِي مَكَان وَاحِد ... دهر بتفريق الاحبة مولع) (كفكف قسيك يَا فِرَاق فَإِنَّهُ ... لم يبْق فِي قلبِي لسهمك مَوضِع) // الْكَامِل // كَأَنَّهُ من قَول المتنبي من الوافر (رماني الدَّهْر بالارزاء حَتَّى ... فُؤَادِي فِي غشاء من نبال) (فصرت إِذا أصابتني سِهَام ... تَكَسَّرَتْ النصال على النصال) // الوافر // وَقَالَ من الوافر (برمت من الْحَيَاة وَأي عَيْش ... يكون لمن مطاعمه الخبال) (وَلَو أَنِّي أعد ذنُوب دهري ... لضاع الْقطر فِيهَا والرمال) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 وَقَالَ من الوافر (سقام مَا يصاب لَهُ طَبِيب ... وَأَيَّام محاسنها عُيُوب) (ودهر لَيْسَ يقبل من أديب ... كَمَا لَا يقبل التَّأْدِيب ذيب) (يحب على المصائب والرزايا ... فَلَا كَانَ الْمُحب وَلَا الحبيب) // الوافر // وَقَالَ من الوافر (مَتى ارجو مسالمة الهموم ... وآمل صِحَة الْجِسْم السقيم) (وكر الحادثات عَليّ تجني ... جنايات القروف على الكلوم) // الوافر // وَقَالَ من الطَّوِيل (طلاب الْمَعَالِي للمنون صديق ... وَطول الاماني للنفوس عشيق) (تسربل ثِيَاب الْمَوْت أَو حلل الْغنى ... تعش ماجدا أَو تعتلقك علوق) (وَمَا الْفقر إِلَّا للمذلة صَاحب ... وَمَا النَّاس إِلَّا للغني صديق) (وأصغر عيب فِي زَمَانك أَنه ... بِهِ الْعلم جهل والعفاف فسوق) (وَكَيف يسر الْحر فِيهِ بمطلب ... وَمَا فِيهِ شَيْء بالسرور حقيق) (إِذا لم تكن هذي الْحَيَاة عزيزة ... فَمَاذَا الى طول الْحَيَاة تتوق) (أَلا إِن خوف الْمَوْت مر كطعمه ... وَخَوف الْفَتى سيف عَلَيْهِ ذلوق) (وانك لَو تستشعر الْعَيْش فِي الردى ... تحليت طعم الْمَوْت حِين تذوق) // الطَّوِيل // وَقَالَ من مجزوء الْكَامِل (كَيفَ السَّبِيل الى الْغنى ... وَالْبخل عِنْد النَّاس فطنه) (خُذ من زَمَانك كل شَيْء ... لَا يجر عَلَيْك مِنْهُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 (وَنبت بِنَا ارْض الْعرَاق ... فَمَا محناها بمحنه) (غير الرحيل كفى الْبِلَاد ... بنقلة الْفُضَلَاء هجنه) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ رَحمَه الله من الوافر (وَتَأْخُذ من جوانبنا اللَّيَالِي ... كَمَا أَخذ الْمسَاء من الصَّباح) (أما فِي أَهلهَا رجل لَبِيب ... يحس فيشتكي ألم الْجراح) (أرى التشمير فِيهِ كالتواني ... وحرمان الْعَطِيَّة كالنجاح) (وَمن لبس التُّرَاب كمن علاهُ ... فَلَا تخضعك انفاس الرِّيَاح) (وَكَيف يكد مهجته حَرِيص ... يرى الارزاق فِي ضرب القداح) // الوافر // وَقَالَ سامحه الله من الْبَسِيط (أراحني الله من قلب منيت بِهِ ... يهوى الْقعُود ويهوى أشرف الرتب) (أطلب لصدرك هما بالمنى كلفا ... وخل صَدْرِي فَمَا لي فِيهِ من أرب) (وَالْمجد يطْلب بالافات طَالبه ... لم يحظ بالمجد من لم يحظ بالنكب) (مَا للزمان سوى اولاده درن ... إِن لم يَكُونُوا بنيه فالزمان ابي) // الْبَسِيط // الْفَخر والحماسة قَالَ من الطَّوِيل (خليلي قد لج الزَّمَان ولج بِي ... مُرَاد وأحداث الزَّمَان تعوق) (وَأي فَتى غنيتما وسقيتما ... فَتى فِيهِ نفث السحر لَيْسَ يَحِيق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 (فَتى تطرب الالحان من شرف بِهِ ... ويسكر مِنْهُ الْخمر وَهُوَ مُفِيق) // الطَّوِيل // كَأَنَّهُ نسجه على منوال قَول الْقَائِل من المنسرح (ريحَان ريحانه إِذا ورد الرَّوْض وَمِنْه تأدب الادب ... ) (تشربه الكأس لَيْسَ يشْربهَا ... يطرب من حسن وَجهه الطَّرب) // المنسرح // وَبعد قَوْله فَتى تطرب الالحان قَوْله (وَلَو شِئْت علمت المكارم شيمتي ... ولكنني بالمكرمات رَفِيق) (أَخَاف عَلَيْهَا أَن تجود بِنَفسِهَا ... إِذا مَا أَتَاهَا فِي الزَّمَان مضيق) // المنسرح // وَقَالَ أَيْضا من الوافر (ومغرور يحاول نيل عرضي ... فَقلت لَهُ الْكَوَاكِب لَا تنَال) (يعاين فِي المكارم فيض كفي ... وَيَزْعُم انه ذهب النوال) (ويعجب أَن حويت الْفضل طفْلا ... أَلا لله ثمَّ لي الْكَمَال) (احْمِلْ ضعف جسمي ثقل نَفسِي ... وَنَفْسِي لَيْسَ تحملهَا الْجبَال) (وأسمع كل قَول غير قولي ... فَأعْلم أَنه خطل محَال) // الوافر // وَقَالَ من قصيدة من الطَّوِيل (رَضِينَا وَمَا ترْضى السيوف القواضب ... نجاذبها عَن هامكم وتجاذب) (فإياكم أَن تكشفوا عَن رؤوسكم ... أَلا إِن مغناطيسهن الذوائب) (أَقُول لسعد والركاب مناخة ... أَأَنْت لاسباب الْمنية هائب) (وَهل خلق الله السرُور فَقَالَ لَا ... فَقلت أَثَرهَا أَنْت لي الْيَوْم صَاحب) (وخل فضول الطيلسان فَإِنَّمَا ... لباسك هَذَا للعلا لَا يُنَاسب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 (عمائم طلاب الْمَعَالِي صوارم ... وأثواب طلاب الْمَعَالِي ثعالب) (ولي عِنْد أَعْنَاق الْمُلُوك مآرب ... تَقول سيوفي هن لي والكواثب) (خلقنَا باطراف القنا لظهورهم ... عيُونا لَهَا وَقع السيوف حواجب) (أُؤَمِّل مأمولا يُغير صدورها ... فواخجلتا إِنِّي الى الْمجد تائب) // الطَّوِيل // وَله من قصيدة فِي صباه من الْبَسِيط (تضاءل الدَّهْر حَتَّى ضَاعَ فِي هممي ... واستفحل الْمجد حَتَّى صَار من شيمي) (فَلَو يكون سَواد الشّعْر فِي ذممي ... مَا كَانَ للشيب سُلْطَان على اللمم) (فالعيش من نعمي وَالْمَوْت من نقمي ... وَحِكْمَة الْفلك الدوار من حكمي) (والحزم والعزم فِي الاقوام من خلقي ... كَمَا الفصاحة فِي الاقوال من كلمي) (لَو يعلم النَّاس قدري فِي زمانهم ... صلوا لوجهي واشتاقوا ثرى قدمي) (مَا زلت اعطف أيامي وتمنحني ... نيلا ادق من الْمَعْدُوم فِي الْعَدَم) (حَتَّى تخوف صرف الدَّهْر بادرتي ... فَرد كفي وأوما أَن يسد فمي) (أَذمّ كل خَلِيل بَات يحمدني ... انا الَّذِي مَا لَهُ خل سوى النَّدَم) (وَلَيْسَ سؤلي يَا قلبِي سوى رهج ... تجوده من دم الفرسان بالديم) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الطَّوِيل (وعنفني فِي موكب الْمَوْت معشر ... وَقَالُوا أيهوى الجدب من هُوَ فِي الخصب) (وَإِنِّي لادري أَن فِي الْعَجز رَاحَة ... وَأعلم أَن السهل أوطا من الصعب) (وَلَو طلب النَّاس المكارم كلهم ... لَكَانَ الْغنى كالفقر وَالْعَبْد كالرب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 (وَلَكِن اشخاص الْمَعَالِي خُفْيَة ... على كل عين لَيْسَ تنظر باللب) (لقد زادني حَرْب الزَّمَان تجاربا ... فَلَا عِشْت فِي يَوْم يمر بِلَا حَرْب) (وَمن يَك يعْتَاد الكروب فُؤَاده ... فَإنَّك يَا قلبِي خلقت من الكرب) // الطَّوِيل // وَقَالَ من الْكَامِل (وَأَنا الْبَصِير بِكُل علم غامض ... وَإِذا رَأَيْت مذلة فَأَنا الْعمي) (والذل أثقل من جبال تهَامَة ... عِنْدِي وأعذب مِنْهُ سم الارقم) // الْكَامِل // وَقَالَ من المتقارب (إِذا استروح الْغمر من همه ... هربت الى الْهم مستروحا) (وَإِنِّي على شغفي بالمديح لست اسر بِأَن أمدحا ... ) (وَمَا ينقم الدَّهْر شَيْئا عَليّ ... سوى انفي مِنْهُ أَن أفرحا) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة من الطَّوِيل (وَإِنِّي لاغضي الطّرف عَن كل منظر ... يصب إِلَيْهِ الناسك المتماسك) (وَمَا ذَاك من جهل بِهِ غير أنني ... عيوف لاخلاق الاراذل تَارِك) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة من الطَّوِيل (وآخذ عَفْو الْعَيْش لَا أستكده ... لحى الله غنما يُسْتَفَاد مَعَ الْغرم) (فَإِن كنت أرْضى بالبشاشة مِنْكُم ... وَيسْتر عدمي شيمتي وتكرمي) (فَرب جواد قيد الْفقر جوده ... ومبتسم تعبيسه فِي التبسم) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 وَله من أُخْرَى من الطَّوِيل (وَهل ينفع الفتيان حسن جسومهم ... إِذا كَانَت الاعراض غير حسان) (فَلَا تجْعَل الْحسن الدَّلِيل على الْفَتى ... فَمَا كل مصقول الْحَدِيد يماني) // الطَّوِيل // وَله من اخرى من الْبَسِيط (حَتَّى م نقدم والايام تغلبنا ... وغيرنا يغلب الايام بالفشل) (يَا أهل بابل عزمي قبله فكري ... فِي النائبات وسيفي بعده عذلي) (وعندكم نعم عِنْدِي مصائبها ... لكم وصال الغواني والصبابة لي) (قَالُوا حنيفَة شجعان فَقلت لَهُم ... كل الشجَاعَة والاقدام فِي الدول) (مَا لي أغير على دهري فأسلبه ... ويحجمون وَفِي ايديهم نفلي) (إِن لم تسلني المواضي عَن جماجمهم ... إِذا تطايرن فالتقصير من قبلي) // الْبَسِيط // غرر فِي الْمَدْح وَمَا يتَّصل بِهِ قَالَ من قصيدة فِي سيف الدولة من الْبَسِيط (يَا أَيهَا الدَّهْر أَن العي كالخطل ... مَا دَهْرنَا غير سيف الدولة البطل) (نواله جعل الارزاق من قبلي ... وعزه صير الايام من خولي) (وَمَا تمهل يَوْمًا فِي ندى وردى ... إِلَّا قضيت للمح الْبَرْق بِالْكَسَلِ) // الْبَسِيط // وَمِنْهَا فِي ذمّ الرّوم والاسرى مِنْهُم (قد كنت تأسرهم بِالسَّيْفِ منصلتا ... فصرت تأسرهم بالخوف والوهل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 (من يزرع الضَّرْب يحصد طَاعَة عجبا ... وَمن يُربي الْعلَا يَأْمَن من الثكل) (كَانَت سحابك فيهم كل بارقة ... حَمْرَاء تهطل بالايدي على القلل) (فاليوم سحبك فيهم كل بارقة ... غراء تهطل بالاموال وَالْحلَل) (حَتَّى تمنى مليك الرّوم حظهم ... وَأَنه مَعَهم فِي الاسر لم يزل) كَأَنَّهُ أَخذه من قَول ابي دهبل الجُمَحِي فِي قَوْله من المنسرح (مَا زلت فِي الْعَفو للذنوب وَإِطْلَاق لعان بجرمه غلق ... ) (حَتَّى تمنى الْبَراء انهم ... عنْدك أَمْسوا فِي الْقد وَالْحلق) // المنسرح // وَمِنْهَا فِي شكر صنائعه (وَمَا اريد عَطاء غير ودكم ... وبشركم ينجلي من جودكم بجلي) (قد جدت لي باللهى حَتَّى ضجرت بهَا ... وكدت من ضجر أثني على الْبُخْل) (وَإِن كنت ترغب فِي بذل النوال لنا ... فاخلق لنا رَغْبَة أَولا فَلَا تنَلْ) (لم يبْق جودك لي شَيْئا أؤمله ... تَرَكتنِي أصحب الدُّنْيَا بِلَا أمل) وَله ايضا فِيهِ من الطَّوِيل (سيوفك امضى فِي النُّفُوس من الردى ... وخوفك امضى من سيوفك فِي العدى) (فَتى يتحامى لَذَّة النّوم جفْنه ... كَأَن لذيذ النّوم فِي جفْنه قذي) (أطرفك شَاك أم سهادك عاشق ... يغار على عَيْنَيْك من سنة الْكرَى) (وَمن سهرت فِي المكرمات جفونه ... رعى طرفه فِي جوها انجم الْعلَا) (فَلَيْسَ ينَام الْقلب والجفن ساهر ... وَلَا تغمد العينان وَالْقلب منتضي) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 وَمن قصيدة فِي المهلبي الْوَزير من الْكَامِل (لَا تأمنوا آراءه وظنونه ... إِن الْعُيُون لَهَا من الامداد) (وتعوذوا بِاللَّه من أقلامه ... إِن السيوف لَهَا من الحساد) // الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِي عَليّ بن دوست بن الْمَرْزُبَان من الطَّوِيل (أما لَو تخيرت المنى لمنحته ... كَمَال عَليّ أَو سلوت عَن الْحبّ) (ترى الشَّمْس أما وَالْكَوَاكِب إخْوَة ... وَتنظر من بدر السَّمَاء الى ترب) (غنيت عَن الامال حِين رَأَيْته ... فَأصْبح من بَين الورى كلهم حسبي) (فَلم اطلب الْمَعْرُوف من غير كَفه ... وَهل تطلب الامطار إِلَّا من السحب) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى من الوافر (فدتك بَدَائِع الالفاظ طرا ... وأبكار القوافي والمعاني) (نزلت من المكارم والمعالي ... بِمَنْزِلَة الشَّبَاب من الغواني) (فَلَا زَالَت لياليك الْبَوَاقِي ... مُوَاصلَة بأيام التهاني) // الوافر // وَله من أُخْرَى فِي المهلبي الْوَزير من الطَّوِيل (وتطرق اقفال الغيوب بصارم ... من الرَّأْي يخْشَى الْغَيْب مِنْهُ ويرهب) (وتطعن فِي صدر الْكَتَائِب معلما ... كَأَنَّك فِي صدر الدَّوَاوِين تكْتب) (وَلست أرى كسب الدَّرَاهِم نافعي ... إِذا لم يكن لي فِي المكارم مكسب) (ولي همة لَا تطلب المَال للغنى ... وَلكنهَا مِنْك الْمَوَدَّة تطلب) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 وَقَالَ لأبي الْعَلَاء صاعد بن ثَابت يمدحه ويستهدي مِنْهُ شرابًا من الْخَفِيف (اي يَوْم من صاعد لم ارح فِيهِ بخيل كَثِيرَة الاسلاب ... ) (من نوال يسري بِغَيْر سُؤال ... وَعَطَاء يهمى بِغَيْر طلاب) (جِئْته زَائِرًا وَقد ركب الأفلاك والنجم تَحْتَهُ فِي التُّرَاب ... ) (بمعان سرقتها من علاهُ ... فَكَأَنِّي قرأتها من كتاب) (وأشارت ألحاظه بدنوي ... فَكَأَنِّي سَمِعت فصل الْخطاب) (ثمَّ قبلت ظَاهر الْكَفّ مِنْهُ ... فَكَأَنِّي قبلت وَجه السَّحَاب) (يَا جوادا أَرْوَاحنَا من عطاياه ... وأفهامنا مَعَ الالباب) (إِن هذي الهموم تقدح فِينَا ... قدح كفيك فِي السَّلَام الصلاب) (فاسقنا صيب المدام سقاك الله ... صوب الامال والاراب) (خندريسا كَأَنَّهَا تتقي المزج ... بدرع مسرودة من حباب) (خجلت من جلالكم فأتتنا ... فِي رِدَاء مؤزر ونقاب) (تهب المَال للْفَقِير وتغزو ... شربهَا فِي عَسَاكِر الاطراب) (سرقت حسن خلقهَا من سجاياك ... وأخلاقك الْكِرَام الرغاب) (إِنَّهَا فِي السَّحَاب وبل وَفِي الرّيح ... نسيم ونشوة فِي الشَّرَاب) (خلق الله صاعدا يَوْم خلق النَّاس للكأس والندى والضراب ... ) (مَا سُؤال الدُّنْيَا لَهُ وَهِي فِي عَيْنَيْهِ ادنى من ودها الْكذَّاب ... ) (قد ظلمناه فِي السُّؤَال لأَنا ... مَا سألناه رد شرخ الشَّبَاب) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 وَقَالَ من قصيدة لعضد الدولة من المنسرح (يَا عضد الدولة الَّذِي قمعت ... دولته الدَّهْر وَهُوَ جَبَّار) (أَنْت نَهَار والعالمون دجى ... وَأَنت طرف وَالنَّاس أعيار) (لَيْسَ لنا فِي المديح محمدة ... فعلك غيث وَالْقَوْل نوار) // المنسرح // وَله من اخرى فِيهِ من المتقارب (سلمت على عثرات الزَّمَان ... يَا عضد الدولة الْمُنْتَخب) (وَلَا زلت ترفع من دولة ... تواضعت فِيهَا بِهَذَا اللقب) (قسمت زَمَانك بَين الهموم ... تنعم فِيهَا وَبَين الدأب) (فيوما تمير عفاة النسور ... ويوماص تمير عفاة الادب) // المتقارب // وَقَالَ من قصيدة فِي عضد الدولة يصف فِيهَا نَار السذق من الطَّوِيل (لعمري لقد أذكى الْهمام بأرضه ... مشهرة ينتابها الْفجْر صاليا) (تغيب النُّجُوم الزهر عِنْد طُلُوعهَا ... وتحسد أَيَّام الشُّهُور اللياليا) (هِيَ اللَّيْلَة الغراء فِي كل شتوة ... تغادر جيد الدَّهْر أتلع حاليا) // الطَّوِيل // وَقَالَ وَقد كثر الارجاف بعلة عضد الدولة رَحمَه الله تَعَالَى من الْبَسِيط (إِذا سَمِعت حَدِيثا عَنْك أَحْسبهُ ... يرتاع قلبِي وَمَا ألفي بمرتاع) (تجلد الْحر لَا ينسى حفيظته ... وَلَو رأى دَمه يستن بالقاع) (أرجوك اقْربْ مَا قَالُوا بِهِ رَمق ... وَحين يؤيس مِنْك المؤيس الناعي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 (وأسأل الركب هَل أحسستم فَزعًا ... لَو كَانَ مَيتا لضاعت ثلة الرَّاعِي) (أرْضى وأقنع بالاطماع كَاذِبَة ... فَمَا يَضرك لَو ابقيت أطماعي) (قد كَاد يعرف وَجه الذل فِي نَظَرِي ... وَيظْهر الْعَجز وَالتَّقْصِير فِي باعي) // الْبَسِيط // غرر الاوصاف قَالَ فِي وصف فرس ادهم اغر محجل حمله عَلَيْهِ سيف الدولة ابوالحسن من الْكَامِل (يَا أَيهَا الْملك الَّذِي أخلاقه ... من خلقه ورواؤه من رائه) (قد جَاءَنِي الطّرف الَّذِي أهديته ... هاديه يعْقد ارضه بسمائه) (أولاية وليتنا فبعثته ... رمحا سبيب الْعرف عقد لوائه) (يختال مِنْهُ على أغر محجل ... مَاء الدياج قطره من مَائه) (وكأنما لطم الصَّباح حبينه ... فاقتص مِنْهُ فَخَاضَ فِي أحشائه) (متمهلا والبرق من اسمائه ... متبرقعا والبدر من اكفائه) (مَا كَانَت النيرَان يكمن حرهَا ... لَو كَانَ للنيران بعض ذكائه) (لَا تعلق الالحاظ فِي أعطافه ... إِلَّا إِذا كفكفت من غلوائه) (لَا يكمل الطّرف المحاسن كلهَا ... حَتَّى يكون الطّرف من أسرائه) // الْكَامِل // وَقَالَ ايضا فِي وصف هَذَا الْفرس من الوافر (وأدهم يستمد اللَّيْل مِنْهُ ... وتطلع بَين عَيْنَيْهِ الثريا) (سرى خلف الصَّباح يطير مشيا ... ويطوي خَلفه الافلاك طيا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 (فَلَمَّا خَافَ وَشك الْفَوْت مِنْهُ ... تشبث بالقوائم والمحيا) // الوافر // وَله فِي وصف سكين من السَّرِيع (مرهفة تعجز وصف اللِّسَان ... للسيف معنى وَلها مَعْنيانِ) (تخلفه فِي حَده تَارَة ... وَتارَة تخلف حد السنان) (مَا ابصر الراءون من قبلهَا ... مَاء وَنَارًا جمعا فِي مَكَان) // السَّرِيع // فقر وملح وأمثال وَحكم قَالَ فِي ذمّ الْعرَاق من الوافر (بِلَاد انفس الاحرار فِيهَا ... كضب القاع تروى بالنسيم) (يجوز بهَا وَينْفق كل شَيْء ... سوى الاداب طرا والعلوم) // الوافر // وَقَالَ يصف كماة الْحَرْب من الوافر (نسوا أحلامهم تَحت العوالي ... وَلَا أَحْلَام للْقَوْم الغضاب) (إِذا كَانَت نحورهم دروعا ... فَمَا معنى السوابغ فِي العياب) // الوافر // وَقَالَ يصف طيب الْهَوَاء من الوافر (أَلا يَا حبذا طيب الغبوق ... وملبوس من الْعَيْش الرَّقِيق) (إِذا مَا الصُّبْح اسفر نبهتني ... جنوب مَسهَا مس الشفيق) // الوافر // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 الم فِيهِ بقول ابْن المعتز من الْبَسِيط (وَالرِّيح تجذب اطراف الرِّدَاء كَمَا ... أفْضى الشَّقِيق الى تَنْبِيه وَسنَان) // الْبَسِيط // رَجَعَ (وفيتان تهمهم هموم ... حَدِيثهمْ ألذ من الرَّحِيق) وَقَالَ من الطَّوِيل (وَكنت إِذا مَا حَاجَة حَال دونهَا ... نَهَار وليل لَيْسَ يعتذران) (حملت على حكم الْقَضَاء ملامها ... وَلم ألزم الاخوان ذَنْب زماني) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة فِي سيف الدولة من الطَّوِيل (وأفلت نفقور يرقع جلده ... وَفِيه لاثار السِّلَاح خروق) (يجر العوالي والسهام بجسمه ... كمحتطب للْحَمْل لَيْسَ يُطيق) // الطَّوِيل // سَرقه من قَول عنترة من المتقارب (وغادرن نَضْلَة فِي معرك ... يجر الاسنة كالمحتطب) // المتقارب // وَقَالَ من الطَّوِيل (أَلا فاخش مَا يُرْجَى وَجدك هابط ... وَلَا تخش مَا يخْشَى وَجدك رَافع) (فَلَا نَافِع إِلَّا مَعَ النحس ضائر ... وَلَا ضائر إِلَّا مَعَ السعد نَافِع) // الطَّوِيل // سَرقه من قَول يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي من الْكَامِل (وَإِذا جددت فَكل شَيْء نَافِع ... وَإِذا حدت فَكل شَيْء ضائر) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 وَقَالَ من الْبَسِيط (سعى رجال فنالوا قدر سَعْيهمْ ... لم يَأْتِ رزق بِلَا سعي وَلَا طلب) (حسن التأتي مَفَاتِيح الْغنى وعَلى ... قدر المطالب تلفى شدَّة التَّعَب) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي نظم مثل من كتاب كليلة ودمنة من المنسرح (أحسد قوما عَلَيْك قد غلبوا ... وكل من بَادر المنى غلبا) (وَكنت كالكرم فِي تكرمه ... تلتف أواراقه بِمَا قربا) // المنسرح // وَقَالَ من الوافر (وَإِنِّي لَا ازال ألوم نَفسِي ... على طول التجنب والبعاد) (وَمَا اعتاض بالاقوام مِنْكُم ... وَهل يعتاض صدر من فؤاد) // الوافر // وَقَالَ من الوافر (وَمَا اسْتَبْطَأَتْ كفك فِي نوال ... على عدواء نأي واقتراب) (وَلَو كَانَ الْحجاب لغير نفع ... لما احْتَاجَ الْفُؤَاد الى حجاب) // الوافر // هَذَا أحسن مَا قيل فِي الْحجاب وَأَحْسبهُ بعد قَول ابي تَمام من الْبَسِيط (لَيْسَ الْحجاب بمقص عَنْك لي أملا ... إِن السَّمَاء لترجي حِين تحتجب) // الْبَسِيط // وَقَالَ من الْكَامِل (مثل خلعت على الزَّمَان رواءه ... عوز الدَّرَاهِم آفَة الاجواد) // الْكَامِل // وَقَالَ من الْكَامِل (من لم يذقْ غصص التَّفَرُّق لم يمت ... الْمَوْت رمح والفراق سنانه) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 وَقَالَ من الْكَامِل (يهوي الثَّنَاء مبرز ومقصر ... حب الثَّنَاء طبيعة الانسان) // الْكَامِل // وَقَالَ من الوافر (نعلل بالدواء إِذا مرضنا ... وَهل يشفي من الْمَوْت الدَّوَاء) (ونختار الطَّبِيب وَهل طَبِيب ... يُؤَخر مَا يقدمهُ الْقَضَاء) (وَمَا أنفاسنا إِلَّا حِسَاب ... وَمَا حركاتنا إِلَّا فنَاء) // الوافر // وَقَالَ وَهُوَ من قلائده البديعة لشرف الدولة ابي الفوارس من المتقارب (اسر إِلَيْك مقَال النصيح ... وَلست إِلَى النصح بالمفتقر) (عَلَيْك إِذا ضاغنتك الرِّجَال ... بِضَرْب الرؤوس وَطعن الثغر) (وَلَا تحقرن عدوا رماك ... وَإِن كَانَ فِي ساعديه قصر) (فَإِن الحسام يحز الرّقاب ... ويعجز عَمَّا تنَال الابر) (وينفع فِي الروع كيد الجبان ... كَمَا لَا يضر الشجاع الحذر) (شب الرعب بالرهب وامزج لَهُم ... كَمَا يفعل الدَّهْر حلوا بمر) // المتقارب // 136 - ابو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله السلَامِي من أشعر أهل الْعرَاق قولا بالاطلاق وَشَهَادَة بِالِاسْتِحْقَاقِ وعَلى مَا أجريته من ذكره شَاهد عدل من شعره وَالَّذِي كتبت من محاسنه نزه الْعُيُون ورقى الْقُلُوب وَمنى النُّفُوس الحديث: 136 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 وَمن خَبره انه ولد فِي كرخ بَغْدَاد اخر نَهَار يَوْم الْجُمُعَة لست خلون من رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة ونسبته فِي بني مَخْزُوم بن يقظة بن مرّة بن كَعْب ابْن لؤَي بن غَالب وَأمه شاعرة وَقَالَ الشّعْر وَهُوَ ابْن عشر سِنِين فَمن أول شعر قَالَه فِي الْمكتب قَوْله من المنسرح (بَدَائِع الْحسن فِيهِ مفترقة ... وأعين النَّاس فِيهِ متفقه) (سِهَام ألحاظه مفوقة ... فَكل من رام لحظه رشقه) (قد كتب الْحسن فَوق عَارضه ... هَذَا مليح وَحقّ من خلقه) // المنسرح // وَركب فِي صباه سمارية وَلم يكن رأى دجلة قبل ذَلِك فَقَالَ من الوافر (وميدان تجول بِهِ خُيُول ... تقود الدارعين وَلَا تقاد) (ركبت بِهِ الى اللَّذَّات طرفا ... لَهُ جسم وَلَيْسَ لَهُ فؤاد) (جرى فَظَنَنْت أَن الارض وَجه ... ودجلة نَاظر وَهُوَ السوَاد) // الوافر // وَرَأى فِي يَد غُلَام يمِيل إِلَيْهِ مرْآة فَقَالَ من المنسرح (رَأَيْته والمرآة فِي يَده ... كَأَنَّهَا شمسة على ملك) (فَقلت للصورة الَّتِي احْتَجَبت ... من غير زهد فِينَا وَلَا نسك) (يَا أشبه النَّاس بالحبيب أَلا ... تخبرنا عَنْك غير مؤتفك) (قَالَ انا الْبَدْر زرت بدركم ... وَهَذِه قِطْعَة من الْفلك) (قلت فَإِنِّي أرى بهَا صدأ ... فَقَالَ هَذَا بَقِيَّة الحبك) // المنسرح // وَخرج من مَدِينَة السَّلَام وَورد الْموصل وَهُوَ صبي حِين راهق فَوجدَ بهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 ابا عُثْمَان الخالدي وَأَبا الْفرج الببغاء وَأَبا الْحُسَيْن التلعفري وشيوخ الشُّعَرَاء فَلَمَّا رَأَوْهُ عجبوا مِنْهُ واتهموه بِأَن الشّعْر لَيْسَ لَهُ فَقَالَ الخالدي أَنا أكفيكم أمره وأتخذ دَعْوَة جمع الشُّعَرَاء فِيهَا وَحصل السلَامِي مَعَهم فَلَمَّا توسطوا الشّرْب أخذُوا فِي ملاحاته والتفتيش على قدر بضاعته فَلم يَلْبَثُوا أَن جَاءَ مطر شَدِيد وَبرد ستر الارض فَألْقى أَبُو عُثْمَان نارنجا كَانَ بَين ايديهم على ذَلِك الْبرد وَقَالَ يَا أَصْحَابنَا هَل لكم فِي أَن نصف هَذَا فَقَالَ السلَامِي ارتجالا من مجزوء الْكَامِل (لله در الخالدي ... الاوحد النّدب الخطير) (اهدى لماء المزن عِنْد جموده نَار السعير ... ) (حَتَّى إِذا صدر العتاب ... إِلَيْهِ عَن حنق الصُّدُور) (بعثت إِلَيْهِ بِعُذْرِهِ ... من خاطري ايدي السرُور) (لَا تعذلوه فَإِنَّهُ ... أهْدى الخدود الى الثغور) // مجزوء الْكَامِل // فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك أمسكو عَنهُ وَكَانُوا يصفونه بِالْفَضْلِ ويعترفون لَهُ بالحذق إِلَّا التلعفري فَإِنَّهُ أَقَامَ على قَوْله الاول حَتَّى قَالَ فِيهِ السلَامِي من الْكَامِل (يَا شَاعِرًا بسقوطه لم يشْعر ... مَا كنت أول طامع لم يظفر) (لَو كنت تعرف والدا تسمو بِهِ ... لم تنتسب ضعة الى تلعفر) (تاه ابْن بائعة الفسوق على الورى ... بقذال صفعان ونكهة أبخر) (وبلادة فِي الشّعْر تشهد أَنه ... تَيْس وَلَو نصرت بطبع البحتري) (يحلو بأفواه الانامل صفعه ... حَتَّى كَأَن قذله من سكر) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الوافر (سما التلعفري الى وصالي ... وَنَفس الْكَلْب تكبر عَن وصاله) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 (يُنَافِي خلقه خلقي فتأبى ... فعالي أَن تُضَاف إِلَى فعاله) (فصنعتي النفيسة فِي لساني ... وصنعته الخسيسة فِي قذاله) (فان أشعر فَمَا هُوَ من رجالي ... وَإِن يصفع فَمَا انا من رِجَاله) // الوافر // وَدخل يَوْمًا الى ابي تغلب وَبَين يَدَيْهِ درع فَقَالَ صفها فارتجل من الْكَامِل (يَا رب سابغة حبتني نعْمَة ... كافأتها بالسوء غير مُفند) (أضحت تصون عَن المنايا مهجتي ... وظللت أبذلها لكل مهند) // الْكَامِل // وَورد حَضْرَة الصاحب بأصبهان واستمطر مِنْهُ بِنَوْء غزير وسرى فِي ضوء قمر مُنِير ولقيه بقصيدة مِنْهَا من الوافر (رقى العذال ام خدع الرَّقِيب ... سقت ورد الخدود من الْقُلُوب) (وآباه الصبابة أم بنوها ... يروضون الشبيبة للمشيب) (وقفنا موقف التوديع نوطي ... نُجُوم الدمع افاق الْغُرُوب) (تعجب من عنَاق جر دمعا ... وتقبيل يشيع بالنحيب) (وَقد ضَاقَ العناق فَلَو فطنا ... دَخَلنَا فِي المخانق والجيوب) (وَنحن أولاك نطلب من بعيد ... لعزتنا وندرك من قريب) (تبسطنا على الاثام لما ... رَأينَا الْعَفو من ثَمَر الذُّنُوب) // الوافر // هَذَا الْبَيْت من إحسانه الْمَشْهُور وَلَعَلَّه امير شعره (وَلَوْلَا الصاحب اخترع القوافي ... لما سهل الْخَلَاص من النسيب) (وَمن يثني الى لَيْث هصور ... لواحظه عَن الرشاء الربيب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 (وَكَيف يمس حد السَّيْف طَوْعًا ... قريب الْكَفّ من غُصْن رطيب) (وشبهنا فَكنت أَبَا نواس ... وَلَكِن جلّ عَن قدر الخصيب) (وَمن يَك مثل عباد ابوه ... يَعش بَين الانام بِلَا ضريب) (أحرز الْخَائِف الْجَانِي وكنز الْمقل المعتفى وأخا الْغَرِيب ... ) (أما لَك غير بأسك من عتاد ... وَلَا غير العظائم من ركُوب) (تروض مصاعب الايام قهرا ... وتحملها على عود صَلِيب) (وتبذل دون تَاج الْملك نفسا ... متيمة بتنفيس الكروب) (وجربت الْمُلُوك فِيمَا أَصَابَت ... لداء الْملك غَيْرك من طيب) (فَمن غصب الامارة إِذْ حواها ... فَمَا تحوي الوزارة بالغصوب) (توارثها الكفاة وتقتضيها ... مُنَاسِب معرق فِيهَا نسيب) (تمائمكم مناطقكم إِذا مَا ... جَفتْ بِحُضُور شُبَّان وشيب) (دعيتم فِي المهود بهَا وعدت ... لكم قبل التصدر وَالرُّكُوب) (وَلَو صدقتك جن اللَّيْل عني ... شغف بفن انسي عَجِيب) (مَعَ القرنين من قلم وطرس ... أَو الْعَبْدَيْنِ من طاس وكوب) (اشق الْفِكر عَن لفظ بديع ... فَيقدم بِي على معنى غَرِيب) وَلَقي مؤيد الدولة بقصيدة اولها من الْكَامِل (وصل الخيال ومنك رمت وصالا ... هذي الزِّيَارَة لَا تعد نوالا) (زار الخيال فَلَا تزرني فِي الْكرَى ... حاشا لحسنك ان يكون خيالا) (قد كنت فِيك شَككت يَا بدر الدجى ... حَتَّى رَأَيْتُك فِي اللثام هلالا) (وهواك عَلمنِي القريض فَزَاد فِي ... حبيك اني مِنْهُ اكسب مَالا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 (هُوَ منهضي نَحْو الامير وهمة ... حملت إِلَيْهِ صلَاته أمالا) (ووتيرة الشُّعَرَاء فِي مدح وَفِي ... منح فتجمع مفخرا ونوالا) (ضربوا لَك الامثال فِي أشعارهم ... لكنني بك اضْرِب الامثال) // الْكَامِل // وَلَقي الصاحب بأرجوزة حَسَنَة مِنْهَا من الرجز (يَا رَاقِدًا لَوْلَا الخيال مَا رقد ... هَل لَك فِي عَارِية لَا تسترد) (موشي اثواب الْجمال بالغيد ... وفر حَظّ جيده من الْجيد) (لَو لم يفض مَاء الشَّبَاب لاتقد ... قد اسْتَدَارَ صُدْغه حَتَّى انْعَقَد) (وصين ورد خَدّه عَمَّن ورد ... إِن ابا الْقَاسِم كالسيف الفرند) (ذُو بدهات لم تخلد فِي خلد ... أغر مَيْمُون بِهِ الْملك اعتضد) (فَمَا تحل الوزراء مَا عقد ... بجهدهم مَا قَالَه وَمَا اجْتهد) (شتان مَا بَين الاسود والنقد ... هَل يستوى الْبَحْر الخضم والثمد) (امنيتي من كل خير مستعد ... أَن يسلم الصاحب لي طول الابد) (حَتَّى يقا لم يطلّ عرم لبد ... فَمَا ابو الف رَئِيس مُعْتَمد) (كل غُلَام مِنْهُم رب بلد ... يَا سعده من وَالِد بِمَا ولد) (وشم بروق سَيْفه إِذا وَقد ... وانساب مَاء المزن فِيهِ وَأطْرد) (كالروح لَا تكمن إِلَّا فِي جَسَد ... يحملهُ عبل الشوى عبل الكبد) (ينجده وَهُوَ عريق فِي النجد ... وَإِن جرى كَانَت لَهُ الرّيح مدد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 (خَاضَ الدِّمَاء وتحلى بالزبد ... كَأَنَّهُ انسان عين فِي رمد) (يَا مجري الْفِكر الى اقصى امد ... اسْمَع فقد انجز حر مَا وعد) (عذارء لم يقرع بهَا سمع أحد ... لَو عرضت على أبي النَّجْم سجد) (وخل من عاندني وَمَا اعْتقد ... فَلَيْسَ للحاسد إِلَّا مَا حسد) // الرجز // وَكتب من اصفهان الى ذِي الكفايتين ابي الْفَتْح بن العميد وَهُوَ بِالريِّ قصيدة مِنْهَا من الْكَامِل (عبر الْجواد بِي الْفُرَات ودجلة ... وَأتي نداك فَلَيْسَ يعرف معبرا) (فالان يرجع يَا عَليّ الْقَهْقَرِي ... لم يسْتَطع مُتَقَدما فتأخرا) (وأعيذها من أَن يُعَارض مثلهَا ... باد هَوَاك صبرت ام لم تصبرا) (قَالَت وَقد بعث الْمُلُوك بمهرها ... مهري سواك فَكُن لغيري جوهرا) (مَا ضرها إِلَّا تواطؤ طَيء ... فِيهَا على نحت الْمعَانِي بحترا) (جمل غَدا عَنْهَا جميل مفحما ... وكثرن فِي تفصيلهن كثيرا) // الْكَامِل // وَكَانَ بِحَضْرَة الصاحب شيخ يكنى بِأبي دلف مسعر بن مهلهل الينبوعي يشْعر ويتطبب ويتنجم ويحسد السلَامِي على مَنْزِلَته فتيعرض لَهُ ويولع بِهِ حَتَّى ألقمه السلَامِي الْحجر بِأَن قَالَ لَهُ يَوْمًا من الْخَفِيف (قَالَ يَوْمًا لنا أَبُو دلف ابرد من تطرق الهموم فُؤَاده ... ) (لي شعر كَالْمَاءِ قلت أصَاب الشَّيْخ لَكِن لَفظه براده ... ) (أَنْت شيخ المنجمين وَلَكِن ... لست فِي حكمهم تنَال السعاده) (وطبيب مجرب مَاله بالنجح فِي كل مَا يجرب عَاده ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 (مر يَوْمًا الى عليل فَقُلْنَا ... قر عينا فقد رزقت الشهاده) // الْخَفِيف // وَلم يزل السلَامِي بِحَضْرَة الصاحب بَين خير مستفيض وجاه عريض وَنعم بيض الى أَن اثر قصد حَضْرَة عضد الدولة بشيراز فجهزه الصاحب إِلَيْهَا وزوده كتابا بِخَطِّهِ الى ابي الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن يُوسُف نسخته قد علم مولَايَ أَطَالَ الله بقاه أَن باعة الشّعْر أَكثر من عدد الشّعْر وَمن يوثق بَان حليه الَّتِي يهديها من صوغ طبعه وحلله الَّتِي يُؤَدِّيهَا من نسج فكره اقل من ذَلِك وَمِمَّنْ خبرته بالامتحان فأحمدته وقررته بِالِاخْتِيَارِ فاخترته أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله المَخْزُومِي السلَامِي ايده الله تَعَالَى وَله بديهة قَوِيَّة توفّي على الروية وَمذهب فِي الاجادة يهش السّمع لوعيه كَمَا يرتاح الطّرف لرعيه وَقد امتطى امله وَخير لَهُ الى الحضرة الجليلة رَجَاء أَن يحصل فِي سَواد أَمْثَاله وَيظْهر مَعَهم بَيَاض حَاله فجهزت مِنْهُ أَمِير الشّعْر فِي موكبه وحليت فرس البلاغة بمركبه وكتابي هَذَا رائده الى الْقطر بل مشرعه الى الْبَحْر فَإِن رأى مولَايَ أَن يُرَاعِي كَلَامي فِي بَابه وَيجْعَل ذَلِك ذرائع إِيجَابه فعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَلَمَّا وردهَا تكفل بِهِ ابو الْقَاسِم وافضل عَلَيْهِ وأوصله الى عضد الدولة حَتَّى أنْشدهُ قصيدته الَّتِي مِنْهَا من الطَّوِيل (إِلَيْك طوى عرض البسيطة جَاعل ... قصارى المطايا أَن يلوح لَهَا الْقصر) (فَكنت وعزمي فِي الظلام وصارمي ... ثَلَاثَة اشباه كَمَا اجْتمع النسْر) (فبشرت آمالي بِملك هُوَ الورى ... وَدَار هِيَ الدُّنْيَا وَيَوْم هُوَ الدَّهْر) // الطَّوِيل // فَاشْتَمَلَ عَلَيْهِ جنَاح الْقبُول وَدفع إِلَيْهِ مِفْتَاح المأمول واختص بِخِدْمَة عضد الدولة فِي مقَامه وظعنه الى الْعرَاق وتوفر حَظه من صلَاته وخلعه واللهى تفتح اللهى وسير فِيهِ قصائد كتبت عُيُون غررها وَكَانَ عضد الدولة يَقُول إِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 رَأَيْت السلَامِي فِي مجْلِس ظَنَنْت أَن عطاردا نزل من الْفلك الي ووقف بَين يَدي وَلما توفّي عضد الدولة تراجع طبع السلَامِي ورقت حَاله ثمَّ مَا زَالَت تتماسك مرّة وتتداعى اخرى حَتَّى انْتقل الى جوَار ربه فِي سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وثلاثمائة مَا اخْرُج من غرره فِي النسيب والغزل قَالَ من الوافر (منيت بِمن إِذا منيت افضت ... مناي الى بنفسج عارضيه) (وفاضت رَحْمَة لي حِين ولى ... مدامع كاتبي وكاتبيه) // الوافر // وَقَالَ ايضا من المتقارب (ومختصر الخصر من بعده ... هربت فألقيت فِي صده) (وقابلني وَجهه مُقبلا ... بِحَدّ الحسام وإفرنده) (فَمَا زلت اعصر من خَدّه ... واقطف من مجتنى ورده) (اشم بنفسج اصداغه ... وزهرا تعصفر فِي خَدّه) (وأظما فأرشف من رِيقه ... فيا حر صَدْرِي من برده) (وَمَا للحاظ سوى وَجهه ... وَمَا للعناق سوى قده) // المتقارب // وَقَالَ ايضا سامحه الله تَعَالَى من الطَّوِيل (وفيهن سكرى للحظ سكرى من الصِّبَا ... تعاتب حُلْو اللَّفْظ حُلْو الشَّمَائِل) (أدارت علينا من سلاف حَدِيثهَا ... كؤوسا وغنتنا بِصَوْت الخلاخل) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة شَبَّبَ فِيهَا بِغُلَام بدوي كَانَ مَعَه من المتقارب (تعلقته بدوي اللِّسَان ... وَالْوَجْه والزي ثَبت الْجنان) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 (أعانق من قده صعدة ... ترى اللحظ مِنْهَا مَكَان السنان) (أدَار اللثام على ثغره ... فاهدى الشَّقِيق الى الاقحوان) (ومسك ذوائبه سَائل ... على اس ديباجه الخسرواني) (يذوب اشتياقا لنبح الْكلاب ... إِذا هاجنا طرب الغطرفان) (أحييه بالورد والياسمين ... فيصبو الى الشيح والايهقان) (ويشتاق فِينَا عواء الذئاب ... إِذا هاجنا طرب العترفان) (فيا بدوي سِهَام الجفون ... صر عَن ضيوفك حول الجفان) (فَإِن كَانَ دينك رعي الذمام ... فَقل انت من ذِمَّتِي فِي أَمَان) // المتقارب // وَمن قصيدة شَبَّبَ فِيهَا بِغُلَام عيار من الشطار من المنسرح (يَا مرهفا فِي لحاظة مرهف ... ومخطف الْقد سَهْمه مخطف) (من أودع الْورْد وجنتيك وَمن ... نقش طرز العذار اَوْ غلف) (وَمَا لهَذَا الصدغ المشوش قد ... عَارض طرق التَّقْبِيل واستهدف) (أطلع افق العجاج لي قمرا ... بَين نُجُوم تجول اَوْ تزحف) (يقطر مَاء الْجمال مِنْهُ ويرتج ... إِذا ارتج ردفه المردف) (ومسرف الْحسن لَا يلام إِذا ... جَار على عاشقيه أَو أسرف) (عقف كلابه وأرهفه ... فَقلت يَكْفِيك صدغك الاعقف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 (تغنيك عَن سهمك اللحاظ وَعَن ... صارمك العضب قدك الاهيف) (وَمَال كفي على سوالفه ... وَالْمَوْت من دون لمسها يسلف) (فَمر مر السَّحَاب يسحب فضل الْكمّ عجبا وفاضل الْمطرف ... ) (وَقَالَ والورد قد تعصفر فِي ... خديه غيظا وآن أَن يقطف) (مثلك يلقِي يدا عَليّ أما ... يخَاف من ناظري أَن يتْلف) (لَو مر بِي اللَّيْث مَاتَ خوفًا وَلَو ... ابصر طيفي فِي النّوم لم يطرف) (أَنا الْعَذَاب الْمُذَاب والاسد الاسود ... بَأْسا والمقرب المقرف) (اشطر مني فَتى إِذا وَقعت ... عَلَيْهِ عَيْني فِي الْوَقْت لم يتْلف) (إِذا شربنا بنت الكروم فبالبيض نحيا وبالقنا نتحف ... ) (لَوْلَا توقي أَو مراقبتي ... أَنِّي عَزِيز وَأَنت مستضعف) (نحرت حَتَّى السَّمَاء وَاقعَة ... فَوقِي والارض تحتنا تخسف) (فَقلت مهلا فلست اول من ... أَخطَأ جهلا من قبل أَن يعرف) (الْبَدْر لَا ينْسَخ الظلام على ... ديباجتيه وَالْبَحْر لَا ينزف) (عزمت ان ادعِي عَلَيْك فَلَا ... تصغ إِلَى من لحا وَمن عنف) (وَلَا تَكِلنِي إِلَى الْيَمين فَلَو ... شِئْت اكلت الزبُور والمصحف) (فافتر عَن لُؤْلُؤ واسفر عَن ... ورد وقبلته فَمَا استنكف) (وَقَالَ مَا تشْتَهي فَقلت لَهُ ... نقصف حسادنا بِأَن نقصف) (فَمَال بِي والظلام شملته ... وفجره فِي يَمِينه مرهف) (الى رياض يغازل الْقطر مَا ... دبج من زهرها وَمَا فوف) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 (مَا بَين فتيَان لَذَّة عرفُوا الْعَيْش فنالوا نعيمة الالطف ... ) (هَذَا يحيى وَذَا يغار وَذَا ... يلثم كرها وَذَاكَ يستعطف) (برد الثرى بردنا وَقد زرر الْبَدْر علينا دواجه المحصف ... ) (وبيننا خمرتان من ريقة الْكَرم وريق اشهى من القرقف ... ) (ولطف الله لي بمدرجة ... أَمْثَالهَا عِنْد مثلي تلطف) (أنشدته شعر مكشف فَأتى ... يلثم تِلْكَ السطور والاحرف) (وَمَات سكرا فمت من فَرح ... وَكَاد ستر الغرام أَن يكْشف) // المنسرح // وَله فِي غُلَام عباسي التحى فازداد حسنا من المنسرح (لما التحى اصبحت عمَامَته السَّوْدَاء تجلي مخضرة الحبك ... ) (وَصَارَ يختال أَن يلين بِخلق الْخَزّ عَن ردفه أَو الفتك ... ) (فِي كل يَوْم ترَاهُ مؤتزرا ... بالروض بَين الْحِيَاض والبرك) (وَمَا علمنَا بِأَنَّهُ قمر ... حَتَّى اكتسى قِطْعَة من الْفلك) // المنسرح // وَقَالَ من أرجوزة من الرجز (وَلَيْلَة كَأَنَّهَا على حذر ... ممرها اسرع من لمح الْبَصَر) (من قبلهَا لم ار لَيْلًا مُخْتَصر ... وَلَا زَمَانا لم يبن من الْقصر) (وَاللَّيْل لَا يكرب إِلَّا فِي غرر ... إِذا وفى أحبابنا فِيهِ غدر) (زار وَمَا اسود الدجى وَلَا اعتكر ... ابيض الا المقلتين وَالشعر) (اغر اوقاتي إِذا زار غرر ... فَلم يكن إِلَّا السَّلَام وَالنَّظَر) (أَو قبْلَة خالستها على خطر ... حَتَّى انتضى الصُّبْح حساما مشتهر) (وانفل من أهواه فِي جَيش الْبكر ... فَبت مَحْزُونا كَأَنِّي لم أزر) (وأحسرتا لليلنا كَيفَ انحسر ... ) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 وَقَالَ من المتقارب (عذارك جَادَتْ عَلَيْهِ الرياض ... بأجفانها وبآماقها) (وَطَالَ غرام الغواني بِهِ ... فقد طرزته بأحداقها) // المتقارب // وَقَالَ من الْخَفِيف (فاض مَاء الْجمال فِي الاقطار ... كل بدر مطرز بعذار) (قد ارانا عقارب الشّعْر من خديه ... تأوي مكامن الجلنار) // الْخَفِيف // وَقَالَ من قصيدة من المتقارب (يفض الغزال جفون الْغَزل ... وَقد فَضَح فِيهَا الْكحل) (وَلَا وجني الْورْد فِي وجنتيه مَا أوجب اللثم ذَاك الخجل ... ) // المتقارب // وَقَالَ من اخرى من الْكَامِل (مَا تسرع الالحاظ تخطف وردة ... من خَدّه إِلَّا عثرن بخاله) (مذ نقبوه وزرفنوا أصداغه ... ختموا بغالية على أقفاله) // الْكَامِل // وَقَالَ من الرجز (تعرض الشّعْر لعارضيه ... وَأطلق العشاق من يَدَيْهِ) (كَأَن الصِّبَا يَهْتَز فِي عطفيه ... وَالْحسن تجْرِي خيله إِلَيْهِ) (حَتَّى إِذا ابصر وجنتيه ... حجبتا بِمثل حاجبيه) (جاد عذاريه بعبرتيه ... كَأَنَّمَا يغسل من خديه) (صحيفَة قد كتبت عَلَيْهِ ... ) // الرجز // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 وَقَالَ من قصيدة شَبَّبَ فِيهَا بِغُلَام تركي من الْكَامِل (علقت مفترس الضراغم فَارِسًا ... رحب المدى والصدر والميدان) (قمر من الاتراك تشهد انه الخود الحصان على أقب حصان ... ) (الْبَدْر فِي ظلّ الغمامة والنقا ... فِي سَرْجه والغصن فِي الخفتان) (الفت طرته وغرته وَمَا ... كَانَ الدجى وَالصُّبْح يأتلفان) (وَرمى بلحظيه الْقُلُوب وسهمه ... فعجبت كَيفَ تشابه السهْمَان) (بَطل حمائله كعارضه وحاجبه ... الازج كقوسه المرنان) (حييته فَدَنَا وأمطر راحتي ... قبلا فليت فمي مَكَان بناني) (وخدعته بالكأس حَتَّى ارتاض لي ... ودرأت عني الْحَد بِالْكِتْمَانِ) (والمرء مَا شغلته فرْصَة لَذَّة ... نَاس العواقب آمن الْحدثَان) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة من الْبَسِيط (واعرضت إِذْ رَأَتْ فِي عارضي دررا ... منظومة مَعهَا الاحزان تنتظم) (وللصبابة قوم لَا يسرهم ... أَن يلبسوا الوشي إِلَّا تَحْتَهُ سقم) (أشتاق اهلي لظبي بَين ارحلهم ... وَالْحب يُوصل إِذْ لَا توصل الرَّحِم) // الْبَسِيط // وَمن اخرى من الْبَسِيط (مَا ضن عَنْك بموجود وَلَا بخلا ... اعز مَا عِنْده النَّفس الَّتِي بذلا) (يَحْكِي المطايا حنينا والهجير جوى ... والمزن دمعا وأطلال الديار بلَى) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 وَمن أُخْرَى من الْبَسِيط (الْحبّ كالدهر يُعْطِينَا ويرتجع ... لَا الْيَأْس يصدقنا عَنهُ وَلَا الطمع) (صحبته وَالصبَا يغري الصبابة بِي ... والوصل طِفْل غرير والهوى يفع) (أَيَّام لَا النّوم فِي أجفاننا خلس ... وَلَا الزِّيَارَة من أحبابنا لمع) (وَلَيْلَة لَا ينَال الْفِكر أَخّرهَا ... كَأَنَّمَا طرفاها الصَّبْر والجزع) (إِذْ الشبيبة سَيفي والهوى فرسي ... ورايتي اللَّهْو وَاللَّذَّات لي شيع) (أحييتها ونديمي فِي الدحا أمل ... رحب الذرى وسميري خاطر صنع) (حَتَّى تَبَسم إعجابا بزينته ... لفظ بديع وَمعنى فِيك مخترع) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى من الطَّوِيل (رَسُولي إِذا لم يغشهن رَسُول ... صبا وَقبُول بل صبا وَقبُول) (وقلب سوى قلب الكتيبة باسل ... وحد سوى حد الحسام صقيل) (وَمَا حسن صَبر مَا تَرين وَلَا رضَا ... بنأي وَلَكِن الْمُحب حمول) // الطَّوِيل // كَأَنَّهُ ألم فِيهِ بقول المتنبي من الطَّوِيل (وَمَا عِشْت من بعد الاحبة سلوة ... ولكنني للنائبات حمول) // الطَّوِيل // وَمن اخرى من الْخَفِيف (أنوار وَأَيْنَ دَار نوار ... أظلم النَّاس فِي اشط الديار) (ذَات صدغ من البنفسج قد مَال ... على وجنة من الجلنار) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 وَمن اخرى من الوافر (ويغريني بِذكر الرّبع غيد ... بِهِ صيد وحور فِيهِ عين) (سللن من الحداق السود بيضًا ... فَمَا نَدْرِي قيان ام قيون) // الوافر // الخمريات وَمَا تيعلق بهَا من سَائِر الاوصاف والتشبيهات كتب الى صديق لَهُ يصف النارنج من الوافر (أتنشط للصبوح ابا عَليّ ... على حكم المنى ورضا الصّديق) (بنهر للرياح عَلَيْهِ درع ... تذْهب بالغروب وبالشروق) (إِذا اصْفَرَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْس صبَّتْ ... على امواجه مَاء الخلوق) (وقفت بِهِ فكم خد رَقِيق ... يغازلني على قد رَشِيق) (وجمر شب فِي الاغصان حَتَّى ... اضاع المَاء فِي وهج الْحَرِيق) (فدهم الْخَيل فِي ميدان تبر ... يصاغ لَهَا كرات من عقيق) (فَهَل لَك فِي ختام الْمسك فضت ... نوافجه ومختوم الرَّحِيق) // الوافر // وَكتب إِلَيْهِ فِي وصف الجلنار من الوافر (أحسن إِلَى لِقَاء ابي عَليّ ... ويأبى أَن يحن الى جواري) (وَقد جلبت علينا الراح حَتَّى ... مللنا جلوة الْبيض العذاري) (وصفر أوجه العذال يَوْم ... وُجُوه شموسة تحكي اصفر ارى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 (ونهر تمرح الامواج فِيهِ ... مراح الْخَيل فِي رهج الْغُبَار) (إِذا اصْفَرَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْس خلنا ... نمير المَاء يمزج بالعقار) (كَأَن المَاء ارْض من لجين ... مغشاة صَفَائِح من نضار) (واشجار محملة كؤوسا ... تضاحك فِي احمرار واخضرار) (إِذا ابصرن فِي نهر سَمَاء ... وهبْنَ لَهُ نُجُوم الجلنار) (فزرنا إِن نَار الراح تَكْفِي الندامى خيفتي عَار ونار ... ) // الوافر // وَقَالَ فِي الدَّيْر الَّذِي بقنطرة النوبندجان وَقد شربوا هُنَاكَ ولبسوا أكاليل الزهر ورموا البنادق من الطَّوِيل (أقنطرة النوبندجان وديرها ... وحور مهى لَا تألف الْحور غَيرهَا) (شربنا بهَا وَالرَّوْض يخلع زهره ... على الشّرْب والاشجار تنثر طيرها) // الطَّوِيل // كتب يستهدي الشَّرَاب من الْبَسِيط (أرْسلت اشكو إِلَيْكُم غدْوَة ظمئي ... وَمَا شَككت بِأَنِّي سَوف أغتبق) (فقد كتبت الى أَن خانني قلمي ... وَقد ترددت حَتَّى ملني الطّرق) (أَنْت امْرُؤ جوده غمر ونائله ... همر ووبل نداه مُسبل غدق) (فَابْعَثْ إِلَيّ بصفو الراح يُشبههُ ... مني قريض ومنك الْعرف والخلق) // الْبَسِيط // وَكتب الى ابي الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن يُوسُف من الوافر (أَظن الْيَوْم يهطل بالمدام ... فَإِن الافق محمر الْغَمَام) (وَمَا عودت حمل الكأس إِلَّا ... على سكر الكروم أَو الْكِرَام) (وعهد سَمَاء جودك بالعطايا ... كعهد دم الاعادي بالحسام) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 (إِذا طلعت شموس الراح فِينَا ... وهبنا كل مسرجة اللجام) (أبحر الْجُود فِي بَحر الاماني ... وَبدر الْملك فِي بدر التَّمام) (وَمن عبد ابْن يُوسُف صير اسْمِي ... وصيره الندى مولى السلَامِي) (إِذا ركبت أناملنا كميتا ... من الحبب المفضض فِي لجام) (تحيينا بذكرك وانتقلنا ... بمدحك دون سَادَات الانام) (طربت فَمَا أُبَالِي مَا ورائي ... ونار الراح مشعلة امامي) (جفون المزن مذ عدمت بواك ... لرحمتنا وخد الْورْد دامي) (فأحي بهَا فَتى أحلى مناه ... تقدم من فدَاك الى الْحمام) // الوافر // وَكتب الى صديق يستدعيه ابياتا مِنْهَا من الْكَامِل (يَوْمًا لبست بِهِ الخلاعة حلَّة ... وسجتها فسجت خير لِبَاس) (فِي مجْلِس زجل الْغناء متوج الكاسات فِيهِ مهذب الْجلاس ... ) (وَالطير قد طربت بِحسن غنائها ... لَو أَنَّهَا فطنت لشرب الكاس) (وَالشَّمْس من حسد تَغْيِير لَوْنهَا ... أَن لَا تكون كغرة الْعَبَّاس) (أَنا لَا ابالي من فقدت من الورى ... إِمَّا حضرت فَأَنت كل النَّاس) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة من الْبَسِيط (وظبية من بَنَات الانس فِي يَدهَا ... ووجهها للصبا وَالْحسن خاتام) (قد حللت لُؤْلُؤ الازرار عَن دُرَر ... لَهُنَّ فِي ثغرها الفضي أتوام) (وزارت الرَّوْض مِنْهَا مقلتان لَهَا ... وحشيتان وعذب الرِّيق بسام) (والكأس للمسكر التبري صائغة ... وَالْمَاء للحبب الدُّرِّي نظام) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 (بتنا نكفكف بالكاسات ادمعنا ... كأننا فِي حجور الرَّوْض أَيْتَام) // الْبَسِيط // هَذَا الْبَيْت من إحسانه الْمَشْهُور فِي ابتداع الِاسْتِعَارَة وَقَالَ من اخرى من المتقارب (نفرغ أكياسنا فِي الكؤوس ... نبيع الْعقار ونشري العقارا) (حمدنا الْهوى ونسينا الْفِرَاق ... وَمن يشرب الْخمر ينس الخمارا) // المتقارب // وَمن أُخْرَى من الْخَفِيف (اشربا واسقيا فَتى يصحب الايام ... نفسا كَثِيرَة الاوطار) (والنفوس الْكِبَار تأنف للسادة ... أَن يشْربُوا بِغَيْر الْكِبَار) (فِي جوَار الصِّبَا نحل بُيُوتًا ... عمرت بالغصون والاقمار) (وَنُصَلِّي على أَذَان الطنابير ... ونصغي لنغمة الاوتار) (بَين قوم إمَامهمْ ساجد للكأس أَو رَاكِع على المزمار ... ) // الْخَفِيف // وَمن اخرى من الْكَامِل (نسب الرياض الى الْغَمَام شرِيف ... ومحلها عِنْد النسيم لطيف) (فَاشْرَبْ وَثقل وزن جامك إِنَّه ... يَوْم على قلب الزَّمَان خَفِيف) (أَو مَا ترى طرز البروق وتوسطت ... أفقا كَأَن المزن فِيهِ شفوف) (وَالْيَوْم من خجل الشَّقِيق مضرج ... خجل وَمن مرض النسيم ضَعِيف) (والارض طرس والرياض سطوره ... والزهر شكل بَينهَا وحروف) (وكأنما الدولاب ضل طَرِيقه ... فتراه لَيْسَ يَزُول وَهُوَ يطوف) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 وَمن اخرى من الطَّوِيل (ولباسة حلى الشَّبَاب لعوبة ... بطرق الْهوى عقادة للزمائم) (غزال صريم فِي رجوم صوارم ... وَبدر تَمام فِي نُجُوم تمائم) (وَكَانَ رقادي بَين كأس وروضة ... فَصَارَ سهادي بَين طرف وصارم) (وَلَوْلَا نسيب مطرب من قصائدي ... لما احتال طيف فِي زِيَارَة نَائِم) // الطَّوِيل // وَمن اخرى من الْكَامِل (أنسيم هَل للصلح عنْدك مَوضِع ... فيزور طيف أَو تهب نسيم) (والشيب دُونك وَهُوَ موت مُضْمر ... والهجر وَهُوَ تفرق مَكْتُوم) (بيني وَبَين الراح مثل حبابها ... دمع على وجناتها منظوم) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الطَّوِيل (وَقد خالط الْفجْر الظلام كَمَا التقى ... على رَوْضَة خضراء ورد وأدهم) (وعهدي بهَا وَاللَّيْل سَاق ووصلنا ... عقار وفوها الكأس أَو كأسها فَم) (الى أَن بدرنا بالنجوم وغربها ... يفض عُقُود الدّرّ والشرق ينظم) (ونبهت فتيَان الصبوح للذة ... فلبوا وَمَا فيهم سوى اللَّيْل محرم) (وَفِي كل كأس للندامى بَقِيَّة ... تلوح كدينا يغطيه دِرْهَم) // الطَّوِيل // سَائِر الاوصاف نزل عضد الدولة شعب بوان والسلامي مَعَه مُتَوَجها الى الْعرَاق فَقَالَ لَهُ قل فِي الشّعب فقد سَمِعت مَا قَالَ المتنبي فَعَاد الى خيمته وَكتب من الْبَسِيط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 (اشرب على الشّعب واحلل رَوْضَة انفا ... قد زَاد فِي حسنه فازدد بِهِ شغفا) (إِذْ البس الهيف من اغصانه حللا ... ولقن الْعَجم من اطياره نتفا) (واثمرت حسن الاغصان مثمرة ... من نَازع قرطا أَو لابس شنفا) (وَالْمَاء يثني عل أعطافه أزرا ... وَالرِّيح تعقد فِي أطرافها شرفا) (وَالشَّمْس تخرق من أشجارها طرفا ... بنورها فترينا تحتهَا طرفا) (من قَائِل نسجت درعا مفضضة ... وَقَائِل ذهبت أَو فضضت صحفا) (ظلت تزف لَهُ الدُّنْيَا محاسنها ... وتستعد لَهُ الالطاف والتحفا) (من عَارض وكفا أَو طَائِر هتفا ... اَوْ بارق خطفا اَوْ سَائِر وَقفا) // الْبَسِيط // هَذَا مِمَّا قَالَه بديها وَلَيْسَ بمستحسن فِي الْوَزْن إِلَّا أَن أَبَا تَمام قَالَ من الطَّوِيل (يَقُول فَيسمع وَيَمْشي فيسرع ... وَيضْرب فِي ذَات الاله فيوجع) // الطَّوِيل // رَجَعَ (وَلست احصي حَصى الْيَاقُوت فَهِيَ وَلَا ... درا أصادفه فِي مَائه صدفا) (يظنّ من وقفت فَهِيَ الشجون بِهِ ... أَن الصبابة شابت والهوى خرفا) (تعسف الشوق فِيهِ كل ذِي شجن ... والشوق الطفه مَا كَانَ معتسفا) (فاحلل عرى الْهم واشربها مشعشعة ... رق النسيم مباراة لَهَا وَصفا) (مَاذَا يَقُول لَك المداح قد نفدت ... فِيك الْمعَانِي وبحر اللَّفْظ قد نزفا) (لم يبْق لي حِيلَة إِلَّا الدُّعَاء فَإِن ... يسمع ظللت عَلَيْهِ الدَّهْر معتكفا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 وَقَالَ من قصيدة سذقية فِي ابي الفوارس وابي دلف من الْبَسِيط (مَا زلت اشتاق نَارا أوقدت لَهما ... حَتَّى ظَنَنْت عَذَاب النَّار قد عذبا) (يَعْلُو الدُّخان بسود من ذوائبها ... قد عط فِيهَا قناع التبر واستلبا) (قد كللت عنبرا بالمسك ممتزجا ... وطوقت جلنارا واكتسست ذَهَبا) (فالنور يعلب فِي أطرافها مرحا ... وَالْخمر يرعد فِي اكنافها رهبا) (وطار عَنْهَا شرار لَو جرى مَعَه ... برق دنا اَوْ تلقى كوكبا لكبا) (لَو كَانَ وَقت نثار خلته دررا ... أَو كَانَ وَقت انتصار خلته شهبا) (وَاللَّيْل عُرْيَان فِيهِ من ملابسه ... نشوان قد شقّ اثواب الدجى طَربا) (أَقْسَمت بالطرف لَو أشرفت حِين خبت ... جعلت انفس أعضائي لَهَا حطبا) // الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة اخرى من الْخَفِيف (فسمونا وَالْفَجْر يضْحك فِي الشرق ... إِلَيْنَا مبشرا بالصباح) (والثريا كراية أَو كجام ... أَو بنان أَو طَائِر أَو وشاح) (وَكَأن النُّجُوم فِي يَد سَاق ... تتهاوى تتهاوي الاقداح) (وجمعنا بَين اللواحظ والراح ... وَبَين الخدود والتفاح) (وشممنا بنفسج الصدغ حَتَّى ... طالعتنا من الثغور الاقاح) (زمن فَاتَ بَين بهو وَشرب ... وغناء وراحة وارتياح) (معقلي نهر معقل فَإِن ارتحت الى منزل فدير نجاح ... ) (وحياتي بِمَا حوته الى الْخمار ... مصروفة اَوْ الملاح) (مركبي مثل لمتي ادهم جون ... ويحكيهما نديمي وراحي) // الْخَفِيف // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 مركبة السَّفِينَة والزورق وهما اسودان ولمته سَوْدَاء لانه شَاب ونديمه اسود لانه عَرَبِيّ ونبيذه نَبِيذ التَّمْر وَهُوَ اسود وَقَالَ وَكتب بهَا الى الشريف الرضي وَكَانَ خرج من دَاره فِي الْمَطَر فَأعْطَاهُ كسَاء استتر بِهِ من الْكَامِل (مَا زَالَ بِي مهر الشبيبة جامحا ... حَتَّى حملت على المشيب الكابي) (فَسمِعت اقبح مَا سَمِعت نداءها ... مَا بَال هَذَا الاشيب المتصابي) (إِنِّي حَلَفت بِرَبّ اشرف كعبة ... فِي مشْهد النشوات والاطراب) (وَبِكُل مخلوع العذار مجرر ... فضل الازار مسحب سَحَاب) (وبمصرع الدن الجريح وَحُرْمَة الْوتر الفصيح وَذمَّة المضراب ... ) (وَمَتى حَلَفت بِمِثْلِهَا متأولا ... فصدقت بالازلام والانصاب) (وَأَنا دعِي فِي البلاغة ملصحق ... فِي الشّعْر منسلخ عَن الاداب) (وَيُبَاع فِي الاكراد شعري إِنَّه ... يغلو إِذا مَا بيع فِي الاعراب) (لقد ارتقت تبغي ابا الْحسن الْعلي ... يطمحن مِنْهُ الى الابي الابي) (الموسوي الناصري ابوة ... وخؤولة علوِيَّة الانساب) (فِي حَيْثُ ارثت النُّبُوَّة نارها ... فخبا لنُور الْحق كل شهَاب) (لَا أَدعِي لَك إِنَّمَا بك أَدعِي ... أَنِّي وصلت الى اعز جناب) (زَاد الاله بكم قُريْشًا رفْعَة ... واقر عين قصيها بن كلاب) (متناسلين وَأَنت كنت مُرَادهم ... مترددين إِلَيْك فِي الاصلاب) (حَتَّى ولدت فأغفلوا انسابهم ... وَغدا وجودك اشرف الانساب) (السان هَاشم الَّذِي بغروبه ... تفري وناظر غَالب الغلاب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 (أَشْكُو إِلَيْك عَشِيَّة لم نفترق ... فِيهَا على ملل وَلَا استعتاب) (مَا كنت إِلَّا جنَّة فارقتها ... كرها فصب عَليّ سَوط عَذَاب) (ودعت دَارك وَالسَّمَاء تجودني ... بيد الْغَمَام فَلَا أرى بك مَا بِي) (مَا زلت أركض فِي الوحول مباريا ... فِيهَا الْخُيُول لواحق الاقراب) (فجريت والعكاز اخصر شكتي ... قصرا وَلَكِنِّي اعز ركابي) (وَرَأَيْت غَالِيَة الطَّرِيق ومسكه ... طينا معدا لي على الاثواب) (وَحمى كساؤك لَا عدمت معيره ... دراعتي وعمامتي وجبابي) (فوليت يَا بَحر السماحة كسوتي ... وَولي أَخُوك الْغَيْث بل ثِيَابِي) (غيثان هَذَا ابْن الَّذِي من أَجله ... خلق السَّحَاب وَذَا سليل سَحَاب) (فوصلت أَشْكُو ذَا وأشكر ذَا وبالغيثين مَا بهما من التسكاب ... ) (وخريدة عذراء رحت أزفها ... مَا بَين الفاظ شرفن عَذَاب) (جاءتك يحملهَا الْجمال وَرُبمَا ... وقف الجباء بهَا دوين الْبَاب) (أَهْدَيْتهَا خجلا الى متغلغل الافكار ... محصد مرّة الاداب) (لابي القريض ابْن الْمعَانِي بل اخي الاعراب ... حِين بفوه والاغراب) (ضمن الْحُسَيْن لَهُ ومُوسَى رُتْبَة ... فِي الْفضل نافرة عَن الْخطاب) (انْظُر بِعَين رضَا الى مَا صغته ... وأعره سمع مسامح وهاب) (وَتجَاوز الْخَطَأ الشنيع وأخفه ... عَن نَاظر المتفيهق المغتاب) (واجهر إِذا انشدتها فِي محفل ... فَعَثَرَتْ بَين عيوبها بصواب) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة عضدية فِي يَوْم صب المَاء من مجزوء الْكَامِل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 (عدل الحبيب فَمن يجور ... ودنا فَأَيْنَ بِنَا يسير) (عوضت من عيس تَدور ... بِي الفلا كأسا تَدور) (وشربت مَا وسع الصَّغِير وزدت مَا حمل الْكَبِير ... ) (نبهت نَدْمَانِي وَقد ... عبرت بِنَا الشعري العبور) (والبدر فِي افق السَّمَاء ... كروضة فِيهَا غَدِير) (هببوا فقد عيي الرَّقِيب ونام وانتبه السرُور ... ) (واشار إِبْلِيس فَقُلْنَا ... كلنا نعم المشير) (صرعى بمعركة تعف الْوَحْش عَنْهَا والنسور ... ) (نوار روضتنا خدود ... والغصون بهَا خصور) (والعيش اسْتُرْ مَا يكون ... إِذا تهتكت الستور) (هبوا الى شرب المدام ... فَإِنَّمَا الدُّنْيَا غرور) (طَاف السقاة بهَا كَمَا ... اهدت لَك الصَّيْد الصقور) (عذراء يكتمها المزاح ... كَأَنَّهَا فِيهِ ضمير) (وتظن تَحت حبابها ... خدا تقبله ثغور) (حَتَّى سجدنا والامام ... أمامنا مثنى وَزِير) (وَإِذا صحونا فاللسان ... للعذب والفكر الغزير) (نفتض معنى اَوْ يُولد ... بَيْننَا مثل يسير) (أَو يمدح الْملك الْجَلِيل السَّيِّد الْفَرد الخطير ... ) (مَا عزه شَيْء بغاه ... فَكيف اعوزه النظير) // مجزوء الْكَامِل // وَمِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 (وغداة أنس بشرتك بهَا المعازف وَالْخُمُور ... ) (إِذا مَاء غيثنا ... والارض تربَتهَا عبير) (تغري بصب المَاء يَا ... ملكا أنامله بحور) (وَيَقُول سيبك هَكَذَا ... صبَّتْ على الْعَافِي البدور) (وَيَقُول سَيْفك هَكَذَا ... تجْرِي إِذا غضب النحور) (هَيْهَات تبتسم الثغور ... وَلم تسد بك الثغور) (قد أذعنت ارْض الْعَدو ... وَجَاء بالنصر البشير) (هذي الاماني لي عبيد ... وَالسُّرُور معي أجِير) (لَا قيته فغضضت طرفِي ... إِذا بدا الْقَمَر الْمُنِير) (وجررت أذيالي بمجلسة وَقلت فَمن جرير ... ) (وَكَأن عَاما عشته ... فِي ظله يَوْم قصير) وَقَالَ يصف الفقاعة وَأَلْقَاهَا على طَرِيق الالغاز من الوافر (شغفت بداية لي اشتهيها ... وَمَا فِيهَا عَن الْوَصْل امْتنَاع) (بباردة المجس وَمَا اقشعرت ... معصبة وَلَيْسَ بهَا صداع) (تمنع أَو تحل ذؤابتاها ... ويحسر عَن مفارقها القناع) // الوافر // وَقَالَ يصف سَوْدَاء من الْبَسِيط (يَا رب غانية بَيْضَاء تصحبني ... من العتاب كؤوسا لَيْسَ تنساغ) (اشتاق طرتها أم صدغها وَمَعِي ... من كلهَا طرر سود وأصداغ) (كأننا لَا أتاح الله فرقتنا ... يَا لعبة الْمسك باز تَحْتَهُ زاغ) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 وَأمره عضدة الدولة أَن يعْمل اربعة ابيات تكْتب على خَوَاتِيم النِّسَاء فَكتب من الْكَامِل (مرقومة الجنبات بالبدع الَّتِي ... لم يهدها قطّ الرّبيع لروضة) (كتمت روائحها فَلَمَّا عذبت ... بالنَّار فاح نسيمها فأقرت) (وكأنما الْملك الاجل السَّيِّد الْمَنْصُور عضد الْملك تَاج الدولة ... ) (أذكي مجامرها بِنَار ذكائه ... وَغدا الدُّخان على علو الهمة) // الْكَامِل // وَقَالَ من قصيدة عضدية سذقية من الطَّوِيل (أَلَسْت ترى الاوضاح فِي دهمة الدجى ... ومنشؤها بالناظرين رَفِيق) (دخانا سخامي الصِّفَات شراره ... بروق وَعقد الرّيح فِيهِ وثيق) (وليلا كَيَوْم الْوَصْل أما رياضه ... فزهر وَأما مسكه ففتيق) (ويغداد بَحر ساحلاه جَوَاهِر ... ودجلة روض طرتاه شَقِيق) (وَقد صَار ياقوتا حصاها وعنبرا ... ثراها وَأمسى المَاء وَهُوَ رحيق) // الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى من المتقارب (وَلم نر بحرا جرى بالعقار ... وَلَا ذَهَبا صِيغ مِنْهُ جبل) (الى ان جرت دجلة فِي الشعاع ... وطنب بِالنورِ أَعلَى القلل) (سَحَاب الدُّخان وبرق الشرار ... ورعد الملاهي وغيث الجدل) (وَمَا زَالَ يَعْلُو عجاج الدُّخان ... حَتَّى تلون مِنْهُ زحل) (فَكُنَّا نرى الموج من فضَّة ... فذهبه النُّور حَتَّى اشتعل) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 وَقَالَ من اخرى يستهدي مهْرا ويصفه من الطَّوِيل (إِلَيْك بعثناها شوارد ضمنت ... مَعَاني لولاها لما شرف الشّعْر) (عروسا وَلَكِن زوجت بنت لَيْلَة ... مخدرة لَكِن فكري لَهَا خدر) (إِذا قَالَ جسمي تستحل بحلة ... تَقول لَهُ رجلاي بل مهرهَا مهر) (فَمن لي بِهِ لَا الدهم فازت بلونه ... وَلَا البرش خازت بردتيه وَلَا الصفر) (كميت تذال الشهب والبلق إِن بدا ... وتسمو بِمَا نالته من شبهه الشقر) (يَخُوض إِذا لَاقَى دَمًا لَونه ... وَلَا مَاء إِلَّا مَاء رونقه الْغمر) (فغرته مبيضة وحجوله ... وَلَكِن اريقت فَوق سائره الْخمر) (واسبق من عاف إِلَيْك وشاعر ... قوافيه أَفْرَاد محجلة غر) (فَلَو شامه فِي ارْض فَارس فَارس ... لما امسيا إِلَّا ومصر لَهُ مصر) (نتاج فَتى فِي الْحَرْب تنْتج خيله ... وبالدم تسقى والنزال لَهَا ضمر) // الطَّوِيل // وَقَالَ من اخرى فِي وصف السكر الْمَبْنِيّ بشيراز من الطَّوِيل (على نهر سل فِي دجى اللَّيْل من رأى ... كواكبه زهرا تَأمل أم زهرا) (إِذا طلعت فِيهِ النُّجُوم فَمَا ترى ... بِهِ الْعين إِلَّا الثَّلج مستودعا جمرا) (ثري قد اعاد اللَّيْل مسكا عبيره ... وَمَاء اعاد الْبَدْر فضته تَبرأ) // الطَّوِيل // وَمن ابيات يصف فِيهَا ارتطامه فِي الوحل وتلوث ثِيَابه من المنسرح (جملَة امري اني ركبت الى ... دَارك لما اتيتها الخطرا) (لبست دراعتي وعمتي الْخَزّ فصارا كَمَا ترى حبرًا ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 (اصبحت فِي الطين عقعقا بلقا ... وَإِن تعريت خلتني نمرا) // المنسرح // وَمن اخرى فِي وصف عِمَامَة من الْبَسِيط (حسناء صَافِيَة بَيْضَاء ضافية ... كَأَن رونقها فِي صارم ذكر) (يزين أطرافها طرز كَمَا رقمت ... على المجرة طرز الانجم الزهر) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي وصف زنبور من الطَّوِيل (ولابس لونن وَاحِد وَهُوَ طَائِر ... ملونة أبراده وَهُوَ وَاقع) (أغر محشي الطيلسان مدبج ... وسود المنايا فِي حشاه ودائع) (إِذا حك اعلى رَأسه فَكَأَنَّمَا ... بسالفتيه من يَدَيْهِ جَوَامِع) (يخَاف إِذا ولى ويؤمن مُقبلا ... ويخفي على الاقران مَا هُوَ صانع) (بدا فَارسي الزي يعْقد خصره ... عَلَيْهِ فباء زينته الوشائع) (فمعجرة الوردي أَحْمَر ناصع ... ومئزره التبري أصفر فَاقِع) (يرجع الحان الْغَرِيض ومعبد ... ويسقي كؤوسا ملؤُهَا السم ناقع) // الطَّوِيل // غرر من محدائحه العضدية وَمَا يتَّصل بهَا قَالَ من قصيدة من الْبَسِيط (يزور نائلك الْعَافِي وصارمك العَاصِي فتحويهما ايد وأعناق ... ) (فِي كل يَوْم لبيت الْمجد مِنْك غنى ... وثروة ولبيت المَال إملاق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 (كم خضت فِي لجة كالبحر زاخرة ... مَاء الْمنون بهَا حاشاك ذفاق) (فِي فتية من لُيُوث الْحَرْب قد حفظت ... بالمرهفات لَهُم فِي الروع أرماق) (من كل بعل حَيَاة لَا يعاقدها ... إِلَّا على انه فِي الْحَرْب مطلاق) (إِمَام كل خَمِيس كل يَوْم وغى ... كَأَنَّهُ فِي صُدُور الْخَيل ألحاق) (رم ايْنَ شِئْت من الدُّنْيَا تنله فَمَا ... للجو عرض وَلَا للبحر اعماق) (من شكّ انك مَخْلُوق لتملكه ... كَمثل من شكّ أَن الله خلاق) (فللسماء سَمَاء من علاك وللآفاق من ذكرك الْمَحْمُود آفَاق ... ) // الْبَسِيط // وَمن اخرى من الْبَسِيط (يَا اهل لست بمشتاق الى وطني ... حَتَّى ارى خيل فناخسر بَيْنكُم) (أضحي يهنأ فِي الاضحى بِمَنْزِلَة ... لَا الْعَرَب نَالَتْ مراقيها وَلَا الْعَجم) (اصغر بأضحية فِي غير يَوْم وغى ... فَمَا اضاحيك إِلَّا الْخَيل والبهم) (وَإِنَّمَا انت لطف الله جِسْمه ... لنا وَفِي يدك الارزاق وَالْقسم) (عدلت حَتَّى هممنا أَن نجور وَكم ... من شَاكر نعما فِي ضمنهَا نقم) (إِن الْمَسِيح وَقد بَانَتْ دلَالَته ... لَوْلَا هداه لما ضلت بِهِ الامم) (فِي كل نَاحيَة م ترعها أُمَم ... الْهَدْي مِنْهَا بيعد والاذى أُمَم) (إِن الْبِلَاد وَمن فِيهَا مروعة ... بهَا إِلَيْك وَإِن مَا طلتها قرم) (وَمَا نبالي إِذا مَا كنت شَاهدهَا ... إِن غَابَ معتضد عَنْهَا ومعتصم) (عدهَا بنصرك أَو قل سَوف أدْركهَا ... فَإِن قَوْلك فِي أَمْثَالهَا قسم) // الْبَسِيط // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 وَمن أُخْرَى من الطَّوِيل (يُشبههُ المداح فِي الْبَأْس والندى ... لمن لَو رَآهُ كَانَ اصغر خَادِم) (فَفِي جَيْشه خَمْسُونَ الْفَا كعنتر ... وأمضي وَفِي خزانَة ألف حَاتِم) // الطَّوِيل // وَمن اخرى من الْبَسِيط (ومدح غَيْرك ذَنْب لَا يُقَال وَمَا ... نصوغه فِيك تهليل وتحميد) (فعش اعش فِي ذري رحب وَدم تدم الْخيرَات لي وابق يبْق الْمجد والجود ... ) // الْبَسِيط // وَقَالَ من اخرى يصف بهَا قصرا بني على دجلة ونقشت فِي حيطانه اشعاره من الْكَامِل (فالروض عقفت الصِّبَا اصداغه ... والموج صفقت الشمَال طراره) (وأظن دجلة اسلمت أَو مَا رَأَيْت الجسر يقطع وَسطهَا زناره ... ) (وَحكى بِنَاء الْمجد فِيهَا غارس ... غرس الصَّنَائِع حولهَا اشجاره) (قد صور الْفلك الْمدَار كَأَنَّهُ ... أنشاه قبل كيانه وأداره) (وَبنى على شرف الثريا قصره ... وطحا على فلك النعائم دَاره) (فالشيد يصقل صانعوه لجينه ... والساج ينقش مخلصوه نضاره) (شغلت خواطرنا ولحظ عيوننا ... مذ صَار يَجْعَل طرزه أشعاره) (أوسع مِثَالا إِن خطرت بِبَالِهِ ... ونل السَّمَاء إِذا بلغت دياره) (ينسى العمالق واصف أخباره ... ويهين مصر معدد امصاره) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 وَمن اخرى فِي وصف الْحَرْب وَهُوَ احسن مَا قيل فِيهَا من الْكَامِل (يَا سيف دين الله مَا ارضى العدى ... لَو أَن سَيْفك مثل عدلك يعدل) (مَا إِن سننت لَهُم سِنَانًا فِي الوغى ... إِلَّا أطل عَلَيْهِ مِنْهُم أيطل) (فالروض من زهر النُّجُوم مضرج ... وَالْمَاء من مَاء الترائب اشكل) (وَالنَّقْع ثوب بالنسور مطير ... والارض فرش بالجياد مخيل) (يهفو الْعقَاب على الْعقَاب ويلتقي ... بَين الفوارس اجدل ومجدل) (وسطور خيلك إِنَّمَا ألفاتها ... سمر تنقط بالدماء وتشكل) // الْكَامِل // وَمن اخرى فِي وصف يَوْم الفصح وَإِقَامَة رسمه من الْكَامِل (لَوْلَا اشتياق المَاء كفك لم يكن ... قلب الندى وَحشِي السحائب تنزل) (وَلَقَد نثرت على الهوا أَمْثَاله ... ذَا سَجْسَج صَاف وَهَذَا سلسل) (وكأنما ذهبي زرافاتنا ... ترمي بأسهم فضَّة تتسلسل) (من فَوق كل ذؤابتين سحهابة ... أَو بَين كل اثْنَيْنِ منا جدول) (فأرقت حَتَّى مَاء وَجْهي إِنَّه ... مَعَ غير مَاء الْورْد لَا يتبدل) (فاترك لنا مَاء الشَّبَاب وَلَا ترق ... مَاء الصوارم فَهُوَ فِيهَا أجمل) // الْكَامِل // وَمن اخرى وَقد دخل عضد الدولة إصبهان والتقى مَعَ ابيه ركن الدولة وأخويه من الْبَسِيط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 (لم يدر حَيّ وَقد جَاءَ البشير بِهِ ... إِن الزَّمَان لما نرجوه متسع) (فزارها لَيْث غَابَ فرس ... وَبدر تمّ عَلَيْهِ التَّاج وَالْخلْع) (لما تطلع والرايات تكتمه ... فِي ظلها وشعاع الشَّمْس مُرْتَفع) (اعدى بإقباله من اهلها نَفرا ... لم يعلمُوا ان در السعد يرتضع) (فليهنها مِنْهُ روض زهره دُرَر ... فتن الْعُقُود ومزن قطره دفع) (لاحظ أَبَاك فهذي مصر معرضة ... وَأَنت يُوسُف والاسباط قد جمعُوا) (لكِنهمْ مَا نووا غدرا وَلَا نقضوا ... عهدا وَلَا اضمروا غلا وَلَا ابتدعوا) (أيا أَخا الْجُود وَابْن الْمجد لَا بلد ... إِلَّا بذكرك أَو بِالسَّيْفِ يفترع) (فدى لجودك آمالي وسابقها ... ومطمع من بحار الشّعْر مُمْتَنع) (فالقائلون بطاء عَن مداي وَإِن ... ابدعت معنى فهم فِي أَخذه سرع) (هم إِذا خلطوا شعري بِشَعْرِهِمْ ... كالطير يهذون أَو يحكون مَا سمعُوا) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى يذكر فِيهَا التقاه بالطائع لله بعد أَن رده الى مَدِينَة السَّلَام وَكَانَ فَارقهَا وَهُوَ شَاب وَعَاد وَهُوَ أشيب من الْكَامِل (واشتاق طلعتك الْخَلِيفَة مظْهرا ... لَك شوقه المطوي فِي أسراره) (ودعا الْمُلُوك فَلم يلب دعاءه ... إِلَّا أحقهم بدار قراره) (عظمت امْر الله فِي تَعْظِيمه ... وأقمت دين الله فِي استحضاره) (وافاك فِي برد النَّبِي مُحَمَّد ... بِهَدي النَّبِي وسمته ووقاره) (يشكو الى الاسلام وَخط مشيبه ... مَا كلفته التّرْك من أَسْفَاره) (حَتَّى بدا عضد الْهدى وكأنما ... كَانَ الخضاب أحَال شيب عذاره) (حَتَّى إِذا ابدى الامام امامه ... ملكا كبدر التم فِي انواره) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 (خلنا على الْكُرْسِيّ ليثا غابه ... سمر القنا نَبتَت بفيض بحاره) (وغداة ظلت مساير الاقبال فِي ... خلع الامام وطوقه وسواره) (متسورا بأهلة متطوقا ... بالشمس أَو بالبدر اَوْ بإطاره) (فِي خلعة صبغ الشَّبَاب بلونها ... فالخلق قد جبلوا على إيثاره) // الْكَامِل // هَذَا من أَمْلَح مَا مدح بِهِ اللبَاس الاسود وَقد سبق الى ذَلِك غرر من سَائِر مدحه وَمَا يتَّصل بهَا قَالَ من قصيدة فِي ابي الْوَفَاء طَاهِر بن مُحَمَّد من الوافر (ركُوب الهول أركبك المذاكي ... وَلبس الدرْع البسك الغلائل) (ويومك ضَامِن لغد علوا ... وعامك مُلْحق البشري بقابل) // الوافر // وَله فِي عبد الْعَزِيز بن يُوسُف يذكر قدومه على الْخَلِيفَة الطائع لله رَسُولا من عضد الدولة وبلاغته فِيمَا تحمله من المتقارب (وَلما وقفت امام الاملم ... تَأَخّر خلصانه والشيع) (دَنَوْت الى تاجه والسرير ... فَهَذَا تَعَالَى وَذَاكَ اتَّسع) (وضاحك برد النَّبِي الْقَضِيب انسا بخوضك فِيمَا شرع ... ) (سفرت فتيمه مَا رأى ... وَقلت فأطربه مَا سمع) (وأثنت فضائلك الباهرات ... على ملك الدَّهْر فِيمَا اصْطنع) (طلعت فَكنت كنجم الصَّباح ... دلّ على الشَّمْس لما طلع) (وَمن كلف الدَّهْر امثالكم ... فقد كلف الدَّهْر مالم يسع) // المتقارب // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 مَا احسنها فِي دلَالَة الرَّسُول على الْمُرْسل وَمن اخرى لَهُ فِيهِ من الوافر (كرمت وسدت فالجدوى انتهاب ... إِذا زرناك والمدح اقتضاب) (أخزان وَمَا ابقيت مَالا ... وابواب وَقد رفع الْحجاب) // الوافر // وَمن عيدية من الْخَفِيف (وَإِذا هنئ الْمُلُوك فصبحت من الْعِيد اِسْعَدْ التهنئات ... ) (وفداك الْمحل فالنحر فِي أَرض ... منى والمهل فِي عَرَفَات) (وتعجلت اجْرِ من خلع الاحرام عَنهُ الاطمار فِي الْمِيقَات ... ) (وَأجَاب الاله فِيك دعائي ... غَافِر الذَّنب سامع الاصوات) (زرته والغنى مني ويدي قد ... أتعب النَّاس عهدها بالصلات) (فَكَأَنِّي ملكت نَاصِيَة الدَّهْر ... فصرفتها على شهواتي) // الْخَفِيف // وَفِي قصيدة اخرى من الْكَامِل (إِن كَانَ بِالْكَرمِ الخلود فَمَا ارى ... فِي الْعَالمين سوى سعيد يسلم) (وَله من الْحسن البديع برافع ... وَعَلِيهِ من بشر السماحة ميسم) (عبق بِهِ مسك الثَّنَاء تكَاد فِي النادي نوافج ذكره تَتَكَلَّم ... ) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الْكَامِل (قد قلت حِين افاض احْمَد سيبه ... يَا شقوة المتشبهين بِأَحْمَد) (يشرون مثل جياده وعبيده ... أفيقدرون على ابتياع السؤدد) // الْكَامِل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 وَمن اخرى من الْخَفِيف (هُوَ بَحر من مائَة ذائب التبر وَأدنى أحجاره الْيَاقُوت ... ) (لي طَعَام من دَاره وشراب ... ومقيل فِي ظله ومبيت) // الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى من الْبَسِيط (اقبل عَليّ وَقل ضَيْفِي ومتبعي ... وشاعري قاصدي راجي ممتاري) (انت الامام فَمن ادعو وحضرتك الدُّنْيَا فَأَيْنَ اقضي بعض أوطاري ... ) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى من المتقارب (افارق بَغْدَاد لَا عَن قلى ... وأسري الى الْبَين لَا عَن كرم) (اروح وأغدو ولي قائدان ... عز الاباء وذل الْعَدَم) (وارجو فَتى مكرم للندى ... كَا رجت الارض صوب الديم) // المتقارب // وَمن اخرى من الْبَسِيط (لَيْسَ الوزراة إِلَّا عنْدكُمْ وَلكم ... وَلَا مغارسها إِلَّا بدوركم) (لَو انصفت كل ارْض فِي منابتها ... لَكَانَ فِي ارْض قُم ينْبت الْكَرم) // الْبَسِيط // الشكوى والعتاب قَالَ من الْكَامِل (افلا أجَاز ولي ثَلَاثَة اشهر ... لَا تعلمُونَ بِمَا اقيم تجملي) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 (قد بِعْت حَتَّى بِعْت طرفا قَائِما ... تَحت الْقُدُور عل ثَلَاثَة أرجل) (ورهنت حَتَّى قد رهنت منادمي ... ومناشدي ومذكري ومعللي) (فَرَأَيْت حَالَة حاسديك كحالتي ... وَرَأَيْت منزل حاسيدي كمنزلي) // الْكَامِل // وَمن اخرى من الوافر (لبست الْعَدَم حَتَّى صَار ذيلي ... يضيق تقلبي فِيهِ كزيقي) (وكادحت المطالب بعد ضرّ ... ودارأت الْمَعيشَة بعد ضيق) (فقد أوقدت صندوقي ثِيَابِي ... وصب المَاء فِي حب الدَّقِيق) (فَهَل فِي النَّاس يَا للنَّاس حر ... يبيض وَجه ممتحن مضيق) (اريد اخي إِذا ماثل عَرْشِي ... وصرت الى الْمَعيشَة فِي مضيق) (فَأَما حِين يصلح بعض حَالي ... فَإِن النَّاس كلهم صديقي) // الوافر // وَمن اخرى من الوافر (قطعتكم برغم الْمجد شهرا ... أَشد عَليّ من شهر الصّيام) (وَكَيف ازوركم والمزن تبْكي ... على دَاري بأَرْبعَة سجام) (وَكَانَت منزلا طلق الْمحيا ... فَصَارَت وَاديا صَعب المرام) (وبحرا من عجائبه خلوصي ... إِلَيْكُم ظامئا وَالْبَحْر طامي) (بَنَاتِي كالضفادع فِي ثراها ... وَأَهلي فِي الروازن كالحمام) (أنادي كلما ارْتَفَعت سَحَاب ... فابكتنا البوارق بابتسام) (حوالينا بِذَاكَ وَلَا علينا ... كفانا الله شرك من غمام) (تهافت ركع الجدران فِيهَا ... سجودا للرعود بِلَا إِمَام) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 (كَأَن مصون مَا احرزت فِيهَا ... على ابواب مشرعة الْخيام) (فَلَا بَاب يرد وَلَا جِدَار ... يرد الطّرف عَن وَجه حرَام) (وَكَانَت جنَّة الفردوس عَادَتْ ... ملاعب جنَّة ووكور هام) // الوافر // وَمن أُخْرَى من الْخَفِيف (زرت حَتَّى حجبت وانتقب النَّاس ... نقابين طرزا باحتشام) (إِن بوابك الْقصير طَوِيل الباع فِي سوء عشرتي واهتضامي ... ) (هُوَ تعويذ ملكك البارع الْحسن وَشَيْطَان عَبدك المستظام ... ) (سمج الْوَجْه لَو غَدا حَاجِب الْبَيْت كفرنا بِالْحَجِّ والاحرام ... ) // الْخَفِيف // وَمن اخرى فِي سَابُور الْوَزير يشكو حَاله وسقطه فِي سكره من الطَّوِيل (محَاسِن غضت ناظري من تعتبا ... وَفضل نهاني وَصفه أَن أشببا) (ترى كبرياء الْملك فَوق جَبينه ... فتقرأ سطرا بالمهانة معربا) (وَلَيْسَ الَّذِي آباؤه وجدوده الْمُلُوك كمصنوع إِذا مَا تنسبا ... ) (فيا نَاظر الاسلام هَل انت نَاظر ... الى خَادِم أثنى عَلَيْك وأطنبا) (الى شَاعِر نَادَى وَقد فغر الردى ... لَهُ فَاه سَابُور معي فتهيبا) (ألم يخبر الشّرْب النشاوي بقصتي ... وَلم يَتَغَنَّ الركب بِي حِين اهدبا) (وَلم تَتَحَدَّث فِي الْخُدُور بسقطتي ... عِذَارَيْ يقلبن البنان المخضبا) (فدى الشُّعَرَاء الشامتون بقصتي ... فَتى فِي سَمَاء الشّعْر يطلع كوكبا) (فَتى لم يسر إِلَّا الَّذِي صاغ أَو روى ... وَإِن قعقع الْمَغْرُور مِنْهُم وأجلبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 (أظنوا بِأَنِّي إِن سَقَطت تَكَسَّرَتْ ... فوافي أَو عاودت فكري وَقد ابى) (توهن جسمي فاشمتوا أَو تجملوا ... وَلَكِن عضبا بَين فكي مَا نبا) (وَكم سَار شعر قَاعد عَنهُ ربه ... وَدون قَول من سطيح وصوبا) (سلوا الموث عني كَيفَ فللت غربه ... ونازعته نَفسِي وَقد كرّ مغضبا) (شربنا وَكَانَ الشّرْب بعد سفورنا ... على نرجس قبل الشبيبة شيبا) (ودجلة تجلو فِي المصندل شاطئا ... يرق وطيارا يحف وربربا) (وَكَانَت لنا فِي جبهة الدَّهْر لَيْلَة ... كهمك لَان الْعَيْش فِيهَا وأخصبا) (عَفا الدَّهْر عَنْهَا بَعْدَمَا كَانَ ساخطا ... وَأحسن فِيهَا بَعْدَمَا كَانَ مذنبا) (فيا فرحتا لَو كنت اصبحت سالما ... وَيَا سوءتا إِن مركبي زل أَو كبا) (إِذا لم أعربد فِي أَوَاخِر نشوتي ... فَلَا عَار ان خطب عَليّ توثبا) (وصبرا على خير الْخمار وشره ... بِمَا قلت اهلا للكؤوس ومرحبا) (اروح وصبغ الراح يخضب راحتي ... وأغدو بعضو من دمي قد تخضبا) (فَلَو بصرت عين الْوَزير بشاعر ... على مركب قد شانه الله مركبا) (رأى اللَّهْو مَيتا والمجون ممددا ... صَرِيعًا وجثمان السرُور معذبا) (وباكرني اشياخ قومِي فَأَكْثرُوا الفضول لعمري والاذى والتعجبا ... ) (يَقُولُونَ لي تب لَا تعود لمثلهَا ... وهيهات ضَاعَ الْوَعْظ عِنْدِي وخيبا) (وَكم قبلهَا قد مت بالسكر مرّة ... وعدت فَكَانَ الْعود احلى وأطيبا) (كَذَا أبدا إِمَّا تراني مجررا ... ذيولي سكرا أَو كسيرا مشعبا) (وَلَكِن على الاحرار حمل مؤونتي ... إِذا ذهبت بِي نبوة الدَّهْر مذهبا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 (وَلما جفانا من الفنا وصاله ... وأخلف عَام كَانَ يُرْجَى وأجدبا) (رهنا وصرفنا وبعنا منادلا ... وحليا ومذخورا إِلَيْنَا محببا) (رايت ابْنَتي قد احرزت بعض حليها ... فأنشدت تعريضا لَهَا وتشببا) (تجول خلاخيل النِّسَاء وَلَا ارى ... لرملة خلخالا فَقَالَت هيا أَبَا) (سلبت الْجَوَارِي حليهن فَلم تدع ... سوارا وَلَا طوقا على النَّحْر مذهبا) (فَقلت لَهَا ظلّ الْوَزير يبيحنا ... جنابا إِذا رضنا بِهِ الدَّهْر أعتبا) (إِذا كَانَ بدر الْملك سَابُور طالعا ... فلست ابالي بعده من تغيبا) // الطَّوِيل // مَا أخرج فِي وصف شعره قَالَ من قصيدة فِي ابي الريان من الْخَفِيف (لي فِيك الَّتِي ترى البحتري امتار فِي نظمها ابا تَمام ... ) (فَهِيَ لفظ سهل وَمعنى بديع ... غرَّة الْفِكر درة فِي النظام) (كلما انشدت شهِدت بِأَن الشَّهْر أَمر مُسلم للسلامي ... ) // الْخَفِيف // وَمن اخرى من الْكَامِل (وأزور دَارك وَهِي آنس جنَّة ... فيفيض حَولي من نداك الْكَوْثَر) (واقول فِيك فَلَا تفاخر طَيء ... إِلَّا وتسجد لي وتركع بحتر) // الْكَامِل // وَمن أُخْرَى من الطَّوِيل (وهنيته وَحيا من الشّعْر لم يلق ... بِأَلْفَاظ غَيْرِي عِنْد غَيْرك درسه) (صَحِيفَته قلبِي إِذا مَا كتبته ... وأقلامه الافكار والطبع نقسه) // الطَّوِيل // الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 وَمن اخرى من المتقارب (وقافية مِنْك أوضاحها ... وَلَكِن لَفْظِي فِيهَا لمع) (عراقية اللَّفْظ شامية المحاسن علوِيَّة المصطنع ... ) (فيا وَاحِد الْمجد صنها فَمن ... سوى وَاحِد الشّعْر مَا تستمع) (مدحتك حَتَّى بلغت المشيب ... وَكنت ببابك دون اليفع) // المتقارب // وَقَالَ من اخرى من الطَّوِيل (وَأعْطيت طبع البحتري وشعره ... فَمن بالي بِمَال البحتري وعمره) // الطَّوِيل // وَقَالَ من اخرى من المتقارب (ومضمومة تَحت حضن الدجى ... مقبلة بشفاه الاماني) (تروق زهيرا أزاهيرها ... ويعشو الى ضوئها الاعشيان) // المتقارب // وَمن اخرى من الوافر (وَقد زعمت رَوَاهُ الشّعْر أَنِّي ... ملكت عنان أبلقه العقوق) // الوافر // قد تمت بحول الله تَعَالَى وتيسيره مُرَاجعَة الْجُزْء الثَّانِي من كتاب يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن اهل الْعَصْر لابي مَنْصُور عبد الْملك بن مُحَمَّد بن اسماعيل الثعالبي النَّيْسَابُورِي ويليه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْجُزْء الثَّالِث مفتتحا بترجمة ابْن سكرة الْهَاشِمِي نسْأَل الله جلت قدرته أَن يعين على إكماله بمنه وفضله آمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - ابْن سكرة الْهَاشِمِي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد شَاعِر متسع الباع فِي أَنْوَاع الإبداع فائق فِي قَول الْملح والظرف أحد الفحول الْأَفْرَاد جَار فِي ميدان المجون والسخف مَا أَرَادَ وَكَانَ يُقَال بِبَغْدَاد إِن زَمَانا جاد بِابْن سكرة وَابْن الْحجَّاج لسخي جدا وَمَا أشبههما إِلَّا بجرير والفرزدق فِي عصريهما فَيُقَال إِن ديوَان ابْن سكرة يربى على خمسين ألف بَيت مِنْهَا فِي قينة سَوْدَاء يُقَال لَهَا خمرة أَكثر من عشرَة آلَاف بَيت وَكَانَت عرضة نوادره وملحه كطيلسان بن حَرْب وَهن أبي حكيمة وحمار طباب وضرطة وهب وَحكى أَبُو طَاهِر مَيْمُون بن سهل الوَاسِطِيّ أَن ابْن سكرة حلف بِطَلَاق امْرَأَته وَهِي ابْنة عَمه أَنه لَا يخلى بَيَاض يَوْم من سَواد شعره فِي هجاء خمرة وَلما شَعرت امْرَأَته بالقصة كَانَت كل يَوْم إِذا انْفَتَلَ زَوجهَا من صَلَاة الصُّبْح تجيئه بالدواة والقرطاس وَتلْزم مُصَلَّاهُ لُزُوم الْغَرِيم غير الْكَرِيم فَلَا تُفَارِقهُ مَا لم يقْرض وَلَو بَيْتا فِي ذكرهَا وهجائها وَقد أخرجت من عُيُون ملحه مَا يجمع الحجول وَالْغرر ويمتع السّمع وَالْبَصَر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 الْغَزل والنسيب قَالَ فِي غُلَام بِيَدِهِ غُصْن لوز قد نور (غُصْن بَان بدا وَفِي الْيَد مِنْهُ ... غُصْن فِيهِ لُؤْلُؤ منظوم) (فتحيرت بَين غُصْنَيْنِ فِي ذَا ... قمر طالع وَفِي ذَا نُجُوم) وَقَالَ من // الْخَفِيف // (وغزال لَوْلَا تَمِيمَة شعر ... ذكرته لَقلت بعض الْجَوَارِي) شعر ... شَارِب أشْرب الصبابة قلبِي ... وعذار خلعت فِيهِ عِذَارَيْ) // الْخَفِيف // (وَيَوْم لَا يُقَاس إِلَيْهِ يَوْم ... يلوح ضياؤه من غير نَار) (أَقَمْنَا فِيهِ للذات سوقا ... نبيع الْعقل فِيهَا بالعقار) // الوافر // (من عذيري من شادن لَا يراني ... وَهُوَ روحي أَهلا لرد السَّلَام) (أَنا من خَدّه وَعَيْنَيْهِ والثغر ... وَمن رِيقه الْبعيد المرام) بَين ورد ونرجس وتلالي ... أقحوان وبابلي مدام) // الْخَفِيف // وَقَالَ (الْغُصْن مَنْسُوب إِلَى قده ... والورد منثور على خَدّه) (بدر يود الْبَدْر فِي حسنه ... بِأَنَّهُ يعزى إِلَى عَبده) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 (سَأَلته فِي صحوة قبْلَة ... فردني وَالْمَوْت فِي رده) (حَتَّى إِذا السكر لوى رَأسه ... قبلته ألفا بِلَا حَمده) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي غُلَام يهواه وَهُوَ سميه (إِذا باسمي دعيت حننت شوقا ... وذكرني بِهِ الدَّاعِي حَبِيبِي) (فليت كَمَا اتفقنا بالأسامي ... وألفتها اتفقنا بالقلوب) // الوافر // وَقَالَ (اللَّيَالِي تسوء ثمَّ تسر ... وصروف الزَّمَان مَا تَسْتَقِر) (غير أَنِّي عَن الْحَوَادِث رَاض ... بعد سخط والعيش حُلْو وَمر) (كنت صبا بِوَاحِد ثمَّ ثنيت ... فلي بِالْجَمِيعِ وصل وهجر) (من كمثلي وَعَن يَمِيني شمس ... تتجلى وَعَن شمَالي بدر) (ذَا على خَدّه من الْمسك سطر ... وعَلى طرف ذَا من الغنج سطر) (بت يجْرِي عَليّ من ريق هذَيْن ... وكأسي شهد ومسك وخمر) (لي من ريق ذَا ومقلة هَذَا ... مَعَ كأسي سكر وسكر وسكر) // الْخَفِيف // وَقَالَ (حذار من وصل من بليت بِهِ ... فقد لقِيت الردى بجفوته) (دَنَوْت مِنْهُ كَيْمَا أقبله ... فَلم تدعني نيران وجنته) // المنسرح // وَقَالَ (قَالُوا التحى وستسلو عَنهُ قلت لَهُم ... هَل يحسن الرَّوْض مَا لم يطلع الزهر) (هَل لتحى طرفه السَّاجِي فأهجره ... أم هَل تزحزح عَن ألحاظه الْحور) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَقَالَ (يَا ضحاكا يستهل مضحكه ... عَن برد وَاضح وَعَن شنب) (أَعْطَيْتنِي قبْلَة رشفت بهَا الشهد ... مشوبا بعبرة الْعِنَب) (كأنني إِذْ لثمت فَاك بهَا ... لثمت تفاحة من الذَّهَب) // المنسرح // وَقَالَ (فديت من النَّاس من لحظه ... بِلَا خنجر كَاد أَن يجرحا) (كتمت هَوَاهُ زمَان الصِّبَا ... وصرحت بالحب لما التحى) (وَقيل محا الشّعْر لما بدا ... محاسنه مِنْهُ واستقبحا) (فَقلت لَهُم مَا محا حسنه ... وَلَكِن صبري عَنهُ محا) (بنفسي عذار بُد طالعا ... على ناضر الْورْد مَا أملحا) (فصير فِي رزة أُصْبُعِي ... وأوثق كفي تَحت الرَّحَى) // المتقارب // وَقَالَ (أشبهه وحاشية لَدَيْهِ ... ثقالا كلهم رخم وبوم) (ببدر التم إشراقا وحسنا ... وَقد سترت محاسنه الغيوم) (عهِدت الْبَدْر تكنفه نُجُوم ... وَذَا بدر تطيف بِهِ رجوم) // الوافر // وَقَالَ (عابوا وَقَالُوا تسل عَنهُ ... فَقلت هَذَا أَوَان حبي) (إِن الَّذِي عبتموه مِنْهُ ... هُوَ الَّذِي يشتهيه قلبِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 (وَكلما عبتموه عِنْدِي ... زَاد جنوني بِهِ وعجبي) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (أَحْبَبْت بَدْرًا مَا لَهُ مشبه ... فِي الْحسن لَوْلَا أَنه جافي) (أحور فِي مقلته حجَّة ... للعين والشين مَعَ الْقَاف) (وَفِي ارتجاج الردف دَاع إِلَى ... نون وياء قبل مَا كَاف) (سَأَلته الْوَصْل فَلم يحتشم ... وَقَالَ قدم نقدك الوافي) // السَّرِيع // وَقَالَ (يَا سَيِّدي ومؤملي ... قد شفني شوقي إليكا) (دمعي عَلَيْك مورد ... فَكَأَنَّهُ من وجنتيكا) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي غُلَام أعرج (قَالُوا بليت بأعرج فأجبتهم ... الْعَيْب يحدث فِي غصون البان) (مَاذَا عَليّ إِذا استجدت شمائلا ... وروادفا تغني عَن الكثبان) (إِنِّي أحب جُلُوسه وأريده ... للنوم لَا للجري فِي الميدان) (فِي كل عُضْو مِنْهُ حسن كَامِل ... مَا ضرني أَن زلت القدمان) // الْكَامِل // (لَيْسَ شرب المدام للمستهام ... مذهبا مَا بِهِ من الأسقام) (كلما دبت المدامة فِي الْأَعْضَاء ... دب اشتياقه فِي الْعِظَام) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي غُلَام رش عَلَيْهِ مَاء الْورْد (لَيْت شعري عَن مَاء وردك هَذَا ... هُوَ من وجنتيك أم شفتيكا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 (رق حسنا وطاب عرفا فقد ... دلّ بأوصافه الظراف عليكا) // الْخَفِيف // وَقَالَ (بَات سَكرَان لَا يحير جَوَابا ... عَن كَلَامي وَبت ألثم فَاه) (وأتاني إِبْلِيس يَأْمر بالسوء ... فَمَا كَانَ ذَاك لَا وهواه) (شِيمَة الظّرْف أَن أصون حَبِيبِي ... عَن قَبِيح يرَاهُ أَو لَا يرَاهُ) (أَي فرق بَين الحبيب إِذا نيك ... وَلم يحتشم وَبَين سواهُ) // الْخَفِيف // وَقَالَ (فِي وَجه إنسانة كفلت بهَا ... أَرْبَعَة مَا من اجْتَمعْنَ فِي أحد) (الخد ورد والصدغ غَالِيَة ... والريق خمر والثغر من برد) (لكل جُزْء من حسنها بدع ... تودع قلبِي بَدَائِع الكمد) // المنسرح // وَقَالَ (يَا نَظِير الْبَدْر فِي صورته ... وشبيه الْغُصْن فِي قامته) (وَالَّذِي ينتسب الْورْد إِلَى ... رَوْضَة تضحك فِي وجنته) (مَا ترى فِي عاشق مكتئب ... دمعه وقف على مقلته) (وَاقِف بِالْبَابِ يشكو مَا بِهِ ... فَمَتَى تنظر فِي قصَّته) // الرمل // وَقَالَ (بِأبي الأسمر الَّذِي فزت مِنْهُ ... بِهِلَال يبين للناظرينا) (قد سقانا فَمَا شفانا مداما ... وشربنا من رِيقه فروينا) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ (غزال فُؤَادِي إِلَيْهِ صبا ... وهش ولولاه لم يهشش) (أجل نظرا فِي نقا خَدّه ... وَفِي خدي الْأَصْفَر الأنمش) (تَجِد صحن خديه تفاحة ... وخدي من أَجله مشمشي) // المتقارب // وَقَالَ (خُذ من الدَّهْر مَا صفا لَك مِنْهُ ... ودع الْفِكر فِي بَنَات الطَّرِيق) (أَي شَيْء يكون أطيب من كأس ... رحيق شيبت بريق عشيق) // الْخَفِيف // وَقَالَ (تظن أَنِّي أسلو ... كلا وَرب البنيه) (الْآن تيم قلبِي ... باللحية السجيه) (الخد خمرة فضل ... على الخدود النقيه) (فِيهِ بَقِيَّة حسن ... لم تبْق مني بقيه) // المجتث // وَله (أَنا وَالله تَالِف ... آيس من سلامتي) (أَو أرى الْقَامَة الَّتِي ... قد أَقَامَت قيامتي) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ (وشادن مَا رَأَيْت غرته الغراء ... إِلَّا شَككت فِي الْقَمَر) (قد قلت لما رَأَيْت صورته ... تبَارك الله خَالق الصُّور) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وَقَالَ فِي غُلَام زطي زامر (ظَبْي من الزط تعلقته ... فَصَارَ معشوقي ومولاي) (أحسن وَالْإِحْسَان لم يجمعا ... فِي حسن إِلَّا لبلواي) (إِذا نأت روحي عَن جسمها ... رد لي النأي بالناي) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي غُلَام يعرف بإبن برغوث من مشاهير الملاح (بليت وَلَا أَقُول بِمن لِأَنِّي ... مَتى مَا قلت من هُوَ يعشقوه) (حبيب قد نفا عني رقادي ... فَإِن غمضت أيقظني أَبوهُ) // الوافر // وَقَالَ (مستهام ضَاقَ مذْهبه ... فِي هوى من عز مطلبه) (كل أَمْرِي فِي الْهوى عجب ... وخلاصي مِنْهُ أعجبه) (لي حبيب كُله حسن ... فعيون النَّاس تنهبه) (صِيغ من مَاء ولي نظر ... لَيْسَ يرْوى حِين يشربه) (ضَاعَ من عَيْني فمقلتها ... فِي بحار الدمع تطلبه) (منعتني من مقبله ... حِين أدنو مِنْهُ عقربه) (واستدارت فَهِيَ تحرسه ... من فمي بخلا وترقبه) // المديد // وَقَالَ (أَهلا وسهلا بِمن زارت بِلَا عدَّة ... تَحت الظلام وَلم تحذر من الحرس) (تسترت بالدجى عمدا فَمَا استترت ... وناب إشراقها لَيْلًا عَن القبس) (وَلَو طواها الدجى عَنَّا لأظهرها ... برق الثنايا وعطر النَّحْر وَالنَّفس) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 المجون وَمَا يجْرِي مجْرَاه قَالَ (قد قلت لما مر بِي معرضًا ... كالبدر تَحت الغسق الداجي) (يَهْتَز فِي حشيته متعبا ... من كفل كالموج رجراج) (ويلي على حل سراويله ... فَإِنَّهُ شدّ على عاج) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي غُلَام تركي شرب مَعَه (أَيهَا التركي مَا عنْدك ... للصب النحيل) (هَل إِلَى مَا يستر القرطق ... عني من سَبِيل) (أشتهي ذَاك وأخشى ... صولة اللَّيْث الثقيل) // مجزوء الرمل // وَقَالَ (يَا لَيْلَة لَيْسَ فِيهَا ... إِلَى الفقاح سَبِيل) (طَالَتْ على ذِي اهتياج ... لَهُ قمد طَوِيل) (مسكرج تتوالى ... دُمُوعه وتسيل) (رقاده فِي الدياجي ... حَتَّى ينيك قَلِيل) (موتر مُسْتَقِيم ... عَلَيْهِ رَأس ثقيل) (أنزلته خَان سوء ... عَنهُ يطيب الرحيل) // المجتث // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 وَقَالَ (قل للكويتب عني ... بِأَيّ أير تنيك) (والأير مِنْك صَغِير ... نضو ضَعِيف رَكِيك) (شَارك بأيرك أيري ... ونك فَنعم الشَّرِيك) // المجتث // وَقَالَ (إِنِّي بليت بشادن غنج ... حسن الشَّمَائِل وافر الكفل) (يبغى الدَّرَاهِم وَهِي معوزة ... عِنْدِي فحبلي غير مُتَّصِل) (مستعجم الْأَلْفَاظ أَجْهَل مَا ... يُبْدِي ويجهل فهمه غزلي) (وَإِذا مدحت فَلَيْسَ يفهمهُ ... والفارسية لَيْسَ من عَمَلي) (فَبِحَق مَا بيني وَبَيْنك من ... ود بِلَا زيغ وَلَا ميل) (اُمْنُنْ عَليّ بِقُرْبِهِ فَعَسَى ... أَحْيَا بزورته ويسمح لي) (الْجُود مِنْك سجية أبدا ... والمدح والتقريظ من قبلي) // الْكَامِل // وَقَالَ (إِذا لم يكن للأير بخت تَعَذَّرَتْ ... عَلَيْهِ جِهَات النيك من كل ناحيه) (حرمت الغزال الوَاسِطِيّ لشقوتي ... فدمعة أيري فَوق خصييه جاريه) (وفاز بِهِ كل البرايا وَرُبمَا ... غَدَتْ عقدي فِي خدعة المرد واهيه) (أَقُول لأيري وَهُوَ يرقب فتكة ... بِهِ خبت يَا أيري وغالتك داهيه) (عزاء فقد خاس الرِّجَال بسيدي ... عَليّ ولاذوا بالدعي مُعَاوِيه) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 وَقَالَ (لما رَأَتْ كلفي بهَا وصبابتي ... وتأملت شُمْطًا يلوح بعارضي) (قَالَت أكلت جناك ثمَّ أَتَيْتنَا ... بمدود من تمر عمرك حامض) (أفحين نَام الأير مِنْك وصلتنا ... تبغي النِّكَاح بِغَيْر أير ناهض) (لَا تعرضن لمهرة إِن لم ترض ... كل الرضى كسرت ضلوع الرائض) // الْكَامِل // وَقَالَ (وجاهلة هبت سفاها تلومني ... وَمَا عِنْدهَا من لَذَّة القصف مَا عِنْدِي) (توبخني بالشيب والشيب مرشد ... لعمري وَلَكِن لست أنشط للرشد) (فَقلت لَهَا كفي ملامك إِنَّنِي ... بطيء عَن العذال فِي زمن الْورْد) // الطَّوِيل // وَقَالَ (وَبَات فِي السَّطْح معي وَاحِد ... من أكْرم النَّاس ذَوي الْفضل) (أفسو فيفسو وَهُوَ لي مسعد ... كَأَنَّمَا أملي لَهُ ويستملي) // السَّرِيع // وَقَالَ (عشقت للحين قينة عطفت ... قلبِي بالْحسنِ كل منعطف) (ورمت نيكا لَهَا فَكيف بِهِ ... لَوْلَا سفاهي والبدع من حرفي) (قلت ارفقي بالشريف فابتسمت ... عَن لُؤْلُؤ مَا اعتزى إِلَى صدف) (عجبا وأبدت كالقعب عض لَهُ ... أيري على بيضه من الأسف) (وصفقت فَوْقه تحسرني ... وَهُوَ كثيف المجس كالهدف) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 (حَتَّى إِذا مَا رنا لَهُ ذكري ... وَطَالَ حَتَّى علا على كَتِفي) (قَالَت بحقي عَلَيْك تطمع أَن ... تولج فِي ذَا بالشعر والشرف) (تالله لَا نكتني بقافية ... وَلَا بفخر فانسل أَو ففف) (وأسبلت ثوبها عَلَيْهِ فَلم ... أملك سلوا ولج بِي كلفي) (فعجت عَنْهَا والأير ينشدني ... بَيْتا ويبكي بأدمع ذرف) (قَالَ لي الشوق قف لتلثمه ... فَمن حذار الرَّقِيب لم أَقف) // المنسرح // وَقَالَ (أيا من كُله قمر ... وكل لحاظه حور) (لقد طَالَتْ عداتك لي ... وأيامي بهَا قصر) (مَتى فِي البرج تحصل كي ... تزيف ويهدر الذّكر) (وتنشر بَيْننَا قبل ... يطير لنارها شرر) // مجزوء الوافر // وَقَالَ (وسوداء بورك فِي بضعهَا ... وَلَا نَالَ بؤسا فَمَا أضيقا) (نزوت عَلَيْهَا وَلَا علم لي ... بِأَن لَهَا كعثنا محرقا) (وكدت من الْحر أَن أشتوي ... وَمن شدَّة الضّيق أَن أخنقا) (وألفيت من جسدينا مَعًا ... لمبصرنا شبحا أبلقا) (فَإِن أخدشت قرطست بالمنى ... وَإِن تممت ولدت عقعقا) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 وَقَالَ (لخمرة عِنْدِي حَدِيث يطول ... رأتني أبول فَكَادَتْ تبول) (فَلَمَّا نهضت أَتَانِي الْكتاب ... وَجَاء الْهَدَايَا ووافى الرَّسُول) (وَقَالَت تَقول بِنَا يَا فَتى ... فَقلت وأنعظت لم لَا أَقُول) // المتقارب // وَقَالَ (وَأجر غلماني فِي وَاسِط ... جوع وَكَانُوا لَا يرامونا) (جادوا بِمَا كنت ضنينا بِهِ ... فاتسعوا مِمَّا يناكونا) (لَو أَن رِزْقِي مثل أدبارهم ... كنت من الإثراء قارونا) // السَّرِيع // ملح من أهاجيه لخمرة قَالَ (غشت خميرة يَوْم الْعرس حاجبها ... بريقها وأتتني وَهِي مختضبه) (فَقلت للزَّوْج لَا تغررك حمرتها) (فَإِنَّهَا القفل مَوْضُوع على خربه) // الْبَسِيط // وَقَالَ (يَا سائلي عَن لَيْلَة لي مَضَت ... وطيبها عِنْد أبي الْجَيْش) (وَكَيف غنت خمرة لَا تسل ... غنت فأغنتنا عَن الخيش) (كف على الطبل لإيقاعها ... وكفها الآخرى على الفيش) (وَرُبمَا مرت لَهَا فسوة ... من فمها عفت على الْعَيْش) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 وَقَالَ (رب عَجُوز مستعينيه ... سلقية اللَّوْن سلوقيه) (عاجية الشّعْر إِذا استضحكت ... أبدت ثنايا آبنوسيه) (ذَات حر عنبله بارز ... كمرقب فِي وسط بريه) (وشعرة بالقمل منظومة ... كالودع فِي عقصة كرديه) (يفتر ذَاك الصدغ عَن بظرها ... كقنفذ عض على ريه) (مُسِنَّة تصبو إِلَى أَمْرَد ... فَهِيَ على العاهة لوطيه) // السَّرِيع // وَقَالَ (عجبت لخمرة البخراء أَنِّي ... أَقَامَت مَعَ مؤاجرها زَمَانا) (وَلَيْسَ لأيره طول وَلَكِن ... ينيك بِهِ فيردفه لِسَانا) (لحاه الله كَيفَ يدس فِيهَا ... لِسَانا رُبمَا درس القرانا) // الوافر // وَقَالَ (هَل لَك يَا خمرة فِي تجرة ... مربحة مَا مثلهَا تجره) (صيري إِلَى الْبَصْرَة واسترزقي ... رَبك بالنكهة فِي البصره) (فَلَو عرضت الرِّيق فِي سوقها ... لابتيعت التفلة بالبدره) (تزكو بهَا النّخل وتحمر فِي ... غير أَوَان الْحمرَة البسره) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 وَقَالَ (لاتسمعوا خمرة فقد هرمت ... وانكسرت تلكم الْقَوَارِير) (رث غناها ورث كعثنها ... والخلق المسترث مهجور) (وكل باز يمسهُ هرم ... تخرى على رَأسه العصافير) // المنسرح // وَقَالَ (وَقد كنت قبل الشيب أعشق خمرة ... وتفرط فِي عشقي وتضرط من حبي) (إِلَى أَن عَفا حرهَا ودبب منعظي ... وَصَارَت قفا نبك وصرت أَلا هبي) // الطَّوِيل // وَقَالَ (حسبي سواك وبسي من وصالك لي ... شغلت عَنْك بِمن أهواه فاشتغلي) (لَا تعذليني على مَا كَانَ من ملل ... من ذَا يراك فَلَا يصبو إِلَى الْملَل) (هرمت حَتَّى تناسيت اللحون مَعًا ... وصرت مفرغة الألحاظ والمقل) (إِن كنت أَبْصرت أسى مِنْك فِي بَصرِي ... فَلَا بلغت الَّذِي أهواه من أملي) (الْبَحْر أَنْت وأيري لَيْسَ من سمك ... وَلَيْسَ بيني وَبَين الْبَحْر من عمل) // الْبَسِيط // وَحصل مَعهَا فِي دَعْوَة فغنت. فَقَالَ ابْن سكرة (ذَنبي عَظِيم مَا أرى يغْفر ... فِي وصل من نكهتها مبعر) (فَالْحَمْد لله على حكمه ... هَذَا دَلِيل أنني مُدبر) (قد قلت لما لَاحَ لي ثغرها ... ولاح مِنْهُ الخزف الأخصر) (وانتثر السوسن من صدغها ... وثار مِنْهَا نفس أبخر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 (وشف قلبِي نَتن آباطها ... يَا معشر النَّاس قفوا فانظروا) // السَّرِيع // مَا أخرج من سَائِر أهاجيه قَالَ (تهت علينا وَلست فِينَا ... ولي عهد وَلَا خليفه) (فته وزد مَا عَليّ جَار ... يقطع عني وَلَا وظيفه) (وَلَا تقل لَيْسَ فِي عيب ... قد تقذف الْحرَّة العفيفه) (الشّعْر نَار بِلَا دُخان وللقوافي رقى لطيفه) (كم من ثقيل الْمحل سَام ... هوت بِهِ أحرف خفيفه) (لَو هجى الْمسك وَهُوَ أهل ... لكل مدح لصار جيفه) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (أما الصّيام فشيء لست أعدمه ... مدى الزَّمَان وَإِن بَيت إفطارا) (أغشى أُنَاسًا فأغشى فِي مَنَازِلهمْ ... جوعا عَليّ وَلَا أغشى لَهُم نَارا) (قد ألجموا الْقمل أَن ترزأ دِمَاءَهُمْ ... وألجموا فِي الكوى الجرذان والفارا) // الْبَسِيط // قَالَ (وهنوا بالصيام فَقلت مهلا ... فَإِنِّي طول دهري فِي صِيَام) (وَهل فطر لمن يُمْسِي ويضحي ... يؤمل فضل أقوات اللئام) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 وَقَالَ (أكره أَن أدنو إِلَى داركم ... لأنني أخْشَى على نَفسِي) (ضرسي طحون وعَلى خبزكم ... من أكل مثلي آيَة الْكُرْسِيّ) (وَهُوَ الَّذِي أقعدني عَنْكُم ... فَكيف آتِي وَمَعِي ضرسي) // السَّرِيع // وَقَالَ (عليل لَا يُعَاد من الخساسة ... لَهُ نفس تحيد عَن النفاسه) (دخلت أعوده فازور عني ... كَأَنِّي جِئْته لأدق راسه) // الوافر // وَقَالَ (قَامَ إِلَى كلب لَهُ مثله ... فَلم يزل يعلوه بِالسَّيْفِ) (فَقلت مَا ذَنْب أَخِيك الَّذِي ... يقنع من زادك بالطيف) (فَقَالَ لي لأغفو عَن ذَنبه ... حاف علينا أَيّمَا حيف) (صانعه الضَّيْف بِعظم لَهُ ... فَنحْن فِي ريب من الضَّيْف) // السَّرِيع // وَقَالَ (كل الْعَجَائِب قد سَمِعت وَمَا أرى ... أَنِّي سَمِعت لشاعر قرنان) (قرن يحك بِهِ السَّمَاء وَمثله ... ذَنْب يزور الْحُوت فِي الْأَزْمَان) (وَإِذا تحدث أحدثت لهواته ... فترى الأنوف تلوذ بالأردان) (وَترى أخادعه تعط كأرنب ... عكفت عَلَيْهِ مناسر العقبان) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 وَقَالَ (لَا قدست أَرض أَقَمْنَا بهَا ... قريبَة من طبرستان) (لَيست خُرَاسَان وَلكنهَا ... تقرب من أَرض خُرَاسَان) (لَا سقيت جرجان من وابل ... قطرا وَلَا سَاكن جرجان) (قوم إِذا حل غَرِيب بهم ... مَاتَ من الشوق إِلَى البان) // السَّرِيع // وَقَالَ (لَا وصل الرّوح إِلَى تربة ... تَضَمَّنت روح أبي روح) (والضرط والفسو على قَبره ... أولى من التأبين وَالنوح) // السَّرِيع // وَقَالَ (يَا جو أَمْرَد يَا حَلِيف البلاده ... لَك فِي الْفسق عَادَة أَي عَاده) (أَنْت لَا تعرف الصَّلَاة فَقل لي ... لم تأنقت فِي شرا سجاده) // الْخَفِيف // وَقَالَ (يَا شَاعِرًا جمت مصائب دبره ... وتكاثفت لوداقه أوجاعه) (طلب التطبع فِي القريض بِجهْدِهِ ... فجرت طَبِيعَته وَقَامَ طباعه) // الْكَامِل // وَقَالَ (عَلامَة النحس والخذلان والشوم ... إغراض وَجهك عَن صقر إِلَى بوم) (كراغب فِي بَنَات الزنج من أفن ... وزاهد فِي بَنَات التّرْك وَالروم) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 وَقَالَ (تجشأت فِي وَجه بوابه ... ليعرف شبعي فَلَا أمنع) (وَقلت لَهُ إِن بِي تخمة ... فَهَل من دَوَاء لَهَا ينفع) (فَقَالَ لقد غرني معشر ... بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي أسمع) (فَلَمَّا نذرت بهم صَاحِبي ... ولاحت موائده أوجعوا) (فراحوا بطانا ذَوي كظة ... وَأَقْبَلت من أَجلهم أصفع) // المتقارب // وَقَالَ (يُطِيل الْمكْث فِي الإصطبل حَتَّى ... يرى أير الْحمار إِذا اسبطرا) (فيمرسه وَيكثر قَول طُوبَى ... لغمد ضم هَذَا النصل شهرا) // الوافر // وَقَالَ (لنا شيخ يُصَلِّي من قعُود ... وينكح حِين ينْكح من قيام) (صموت فَم أَخُو عي وَلَكِن ... لَهُ دبر يطفل بالْكلَام) // الوافر // وَقَالَ لكاتب وعده كاغدا فَلم ينجز (كددتني أَن سَأَلتك الورقا ... فَكيف حَالي إِن قاسمتك الورقا) (يَا كَاتبا برزت كِتَابَته ... فَصَارَ فِيهَا مقدما لبقا) (أسلم فِي مكتب الْمُرُوءَة والظرف ... وَكسب الْعلَا فَمَا حذقا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 (حَتَّى إِذا أسلموه فِي مكتب اللؤم ... جرى كَيفَ شَاءَ وانطلقا) // من المنسرح // مَا أخرج من خمرياته وَمَا يتَّصل بهَا من الْأَوْصَاف قَالَ (إشرب فلليوم فضل لَو علمت بِهِ ... بادرت باللهو واستعجلت بالطرب) (ورد الخدود وَورد الرَّوْض قد جمعا ... والغيم مبتسم وَالشَّمْس فِي الْحجب) (لَا تحبس الكأس واشربها مشعشعة ... حَتَّى تَمُوت بهَا موتا بِلَا سَبَب) // الْبَسِيط // وَقَالَ وَقد شرب فِي الْغمر بواسط (لَيْلَتي فِي الْغمر دهري ... أَو يقْضِي الْعُمر عمري) (مر لي فِي الْعُمر يَوْم ... لَا أُجَازِيهِ بشكر) (بَين غزلان النَّصَارَى ... أمزج الرِّيق بِخَمْر) // مجزوء الرمل // وَقَالَ وَقد شرب عِنْد الْأَمِير أَحْمد بن وَرْقَاء (للأمير الْجَلِيل لَا ... حط من نبل قدره) (قهوة أشبهت سجاياه ... فِي كل أمره) (ذَات صفو كوده ... ونسيم كنشره) (قد حصلنا بِمَجْلِس ... فِيهِ ريحَان ذكره) (فشربنا بِحَمْدِهِ ... وانتقلنا بشكره) (وَسَمعنَا غرائبا ... من أفانين شعره) (فكأنا فِي الْخلد نرتع ... فِي طيب زهره) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ (قُم يَا غزال من الْكرَى ... روحي فداؤك من غزال) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 (هَذَا الصبوح وَأَنت ... أَنْت وَهَذِه بكر الحجال) (لَا تخدعن عَن الشُّمُول ... يشوبها مَاء الشمَال) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ سامحه الله تَعَالَى (قد بدا الصُّبْح مُؤذنًا بسفور ... وفرى الْفجْر حلَّة الديجور) (فاسقني قهوة تترجم الرقة ... عَن دمع عاشق مهجور) // الْخَفِيف // وَقَالَ (يَا ساهر الطّرف قد بدا السحر ... وجمشتنا بنشرها الزهر) (ورق جِلْبَاب ليلنا ودعا ... إِلَى الصبوح الصَّباح وَالْقَمَر) (فَمَا ترى فِي اصطباح صَافِيَة ... بكر حناها فِي الحانة الْكبر) (رقت فراقت وَفَاتَ ملمسها ... وَلم يفتنا النسيم وَالنَّظَر) (فَهِيَ لمن شم رِيحهَا أثر ... وَهِي لمن رام لمسها خبر) (ترى الثريا والغرب يجذبها ... والبدر يهوى وَالْفَجْر ينفجر) (كف عروس لاحت خواتمها ... أَو عقد در فِي الجو ينتثر) (فِي رَوْضَة راضها الرّبيع وَمَا ... قصر فِي وشي بردهَا الْمَطَر) (حَيْثُ نأى الناي بالعقول وَقد ... أبلغ فِي نيل وتره الْوتر) // المنسرح // وَقَالَ وَكتب بهَا إِلَى يحيى بن فهيد يستهديه نبيذا (رِسَالَة من مكد ... وشاعر وشريف) (إِلَى فَتى مستبد ... بِكُل فعل ظريف) (إِلَيْك يحيى اشتكائي ... صحوي بِيَوْم طريف) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 (وَلست مُضْمر نسك ... كلا وَلَا بعفيف) (وَلَو أسام بديني ... لبعته برغيف) (موت الْوَزير دَعَاني ... إِلَى التمَاس طفيف) (وَلم أزل وَهُوَ حَيّ ... فِي كل خصب وريف) (وَأَنت مِنْهُ اعتياضي ... يَا ذَا الْمحل المنيف) (أجل وكهفي وغوثي ... على الزَّمَان العنيف) (وَفِي النَّبِيذ سلو ... عَن الغرام المطيف) (فَامْنُنْ عَليّ بضخم ... من الدنان كثيف) (مستودع ذَات لون ... ومطعم حريف) (كَأَنَّهَا وهم حس ... أَتَى بحدس لطيف) (فقد تبدد شملي ... وَأَنت للتأليف) // من المجتث // وَقَالَ (يَا من ثناه وَذكره ... بَين الورى مسك وَعَنْبَر) (إِنِّي كتبت وزائري ... ظَبْي مليح الدل أحور) (متمنع فِي الصحو يسمح ... بالبضاعة حِين يسكر) (وَأرى تعذر أمره ... فِي الْكَفّ إِن سكر تعذر) (فَامْنُنْ عَليّ بقهوة ... أنف الحبيب بهَا يعفر) (فأنال مِنْهُ أَنا المنى ... وتحوز أَنْت ثَنَا وتؤجر) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (إِن كنت تنشط للمديح ... وللثناء عَلَيْك مني) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 (فَابْعَثْ إِلَيّ مَعَ الرَّسُول ... إِذا أَتَاك بملء دن) (وَمَتى رضيت بِأَن أقطع ... أَو أهجن أَو أزني) (فاصرف رَسُولي خائبا ... وادفع بقبحك حسن ظَنِّي) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (يَا فَتى الْجَصَّاص قد أعدمتني ... الْإِحْسَان دَفعه) (ولزمت الشُّح بِالرَّاحِ ... فَمَا تسخو بجرعه) (قد أَتَى الْعِيد وصحوي ... فِيهِ يَا مولَايَ بدعه) (أملي فِيك قريب ... لَيْسَ فِيهِ لي مَنعه) (شربة من خمرك الصافي ... فِي وَمن ندك قطعه) (ينْبذ الْحبّ فيستنفده ... الشّعْر برقعه) // مجزوء الرمل // وَقَالَ (لنا على النَّار قدر ... بِخَاتم النَّار بكر) (وَعِنْدنَا من بقايا ... صَبِيحَة الْعِيد خمر) (وَقد دَعونَا غُلَاما ... كالغصن أَعْلَاهُ بدر) (فَاطلع علينا وساعد ... أَو لَا فَمَا لَك عذر) // المجتث // وَقَالَ (على الأثافي لنا قدرو ... سَاكِنة النبض لَا تَفُور) (قَامَت على سوقها لأكل ... وَنحن من حولهَا ندور) (وَعِنْدنَا من شراب عَمْرو ... دن رحيب الحشى كَبِير) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 (لما فضضناه فاح مِنْهُ ... نسيم مسك ولاح نور) (فَكُن لنا مسعدا وبادر ... يكمل بك الْحسن وَالسُّرُور) (واعنم من الدَّهْر صفو يَوْم ... فَهُوَ بتكديره جدير) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ يستهدي نبيذا فِي ذكره (وزنجية لم تعرف الزنج طفلة ... خميصة بطن مَسهَا عنْدك الْعَطش) (فجاءتك تستسقي من الْخمر ريها ... فترجع كالحبلى من النسْوَة الْحَبَش) (فكم من هزيل مثلهَا فِي ضمورها ... عنيت بِهِ حَتَّى تضلع وانتعش) // الطَّوِيل // وَقَالَ (للورد عِنْدِي مَحل ... لِأَنَّهُ لَا يمل) (كل الرياحين جند ... وَهُوَ الْأَمِير الْأَجَل) (إِن غَابَ عزوا وباهوا ... حَتَّى إِذا عَاد ذلوا) // المجتث // وَقَالَ من قصيدة (وَيَوْم لَا يُقَاس إِلَيْهِ يَوْم ... يلوح ضياؤه من غير نَار) (أَقَمْنَا فِيهِ للذات سوقا ... نبيع الْعقل فِيهِ بالعقار) // الوافر // الشكوى والتفجع وَقَالَ (أرى حللا وديباجا حسانا ... فألحظها بِطرف المستريب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 (وَأعرف قصتي وأرد طرفِي ... وَفِي قلبِي أحر من اللهيب) (جنى نسبي عَليّ وَصد رِزْقِي ... وأثكلني من الدُّنْيَا نَصِيبي) (فوا أسفا على كستيج قس ... وَيَا لهفا على قَوس الصَّلِيب) // الوافر // وَقَالَ (قد أَتَى الْعِيد لَا أَتَى ... فَلَقَد أنهج المهج) (لَيْسَ فِيهِ لهاشمي ... سرُور وَلَا فرج) (إِنَّه عيد أهل قُم ... وقاشان والكرج) (يتلاقى بياضهم ... بقلوب من السبج) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ يتأسف على أَيَّام المهلبي الْوَزير (يَا صَاحِبي قفا أبثكما ... مَا قد منيت بِهِ من النوب) (وافى الرّبيع وَقد ألفت بِهِ ... دُرَر السقاة بدائر النخب) (فِي رَوْضَة صبغ الرّبيع بهَا ... ورد الخدود بعصفر الْعِنَب) (وَإِذا الْغُلَام أدَار فِي يَده ... صفراء بعد المزج كالذهب) (حَمْرَاء يضْحك فَوق مفرقها ... ثغر الْحباب كثغر ذِي شنب) (أسجدت فَوق الخد مِنْهُ فمي ... شكرا لما أوليت من طرب) (هَذَا حَدِيث كَانَ لي وَمضى ... كالأمس ولى ثمَّ لم يثب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 (أَيَّام كنت من المهالب فِي ... ربع أغن ومرتع خصب) (فبمن أعوذ الْيَوْم من كمد ... لَا أستقل بِهِ من الكرب) (والورد قد وافى بنضرته ... وَالنَّفس تطلب غَايَة الطّلب) (طلقت لذاتي الثَّلَاث فَمَا ... بيني وَبَين اللَّهْو من سَبَب) (فَإِذا بصرت بوردة قنعت ... نَفسِي بهَا وقضت مدى أربي) (فعلى السرُور وكل فَائِدَة ... بعد الْوَزير سَلام محتسب) // الْكَامِل // وَقَالَ (مضى ملك عَم الْبَريَّة جوده ... رءوف وَإِن رَاع الْأسود شفيق) (سكرت بنعماه وجود وزيره ... فَقَالَت لي الْأَيَّام سَوف تفيق) // الطَّوِيل // وَقَالَ (لَا عذب الله مَيتا كَانَ ينعشني ... فقد لقِيت بضري مثل مَا لَاقَى) (طواه موت طوى مني مكارمه ... فذقت من بعده بِالْمَوْتِ مَا ذاقا) // الْبَسِيط // وَقَالَ لبضع الوزراء (يَا سَيِّدي أَنْت إِن لي خَبرا ... أجْرى لساني وصلب الحدقه) (هاك حَدِيثي فَإِن نشطت لَهُ ... فاسمع وَإِلَّا فخرق الورقه) (مستأنس زارني وحسبك ... بالببغاء ضيفا ذَا فقحة شبقه) (باكرني جائعا فهتكني ... ومص مني دمي وَلَا علقه) (وَهُوَ على البخت نَاقَة فَمَتَى ... قدمت ثورا بفرثه شرقه) (لم يبْق فِي روح برمتي رمقا ... أَتَى على اللَّحْم واحتسى المرقه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 (وعاث فِي سفرتي كمشبلة ... غرثى بِتِلْكَ الأنامل اللبقه) (قلعا وبلعا بِلَا مراقبة ... لله فِي عيلتي وَلَا شفقه) (قل للرئيس الَّذِي أنامله ... مبسوطة بالنوال منخرقه) (حلت لي الْميتَة الَّتِي حرمت ... فَكيف تنبو نَفسِي عَن الصدقه) // المنسرح // وَقَالَ (يَا سيدا ظلّ فَردا فِي سيادته ... يخْشَى ويرجى لدفع الْحَادِث الجلل) (الشوق ينهضني والعدم يقعدني ... فَمن شناك بِهِ مَا بِي من الْخلَل) // الْبَسِيط // وَقَالَ (جملَة أَمْرِي أنني مُفلس ... وَلَيْسَ للْمُفلس إخْوَان) (وكل ذِي عَيْش بِلَا دِرْهَم ... فعيشه ظلم وعدوان) // السَّرِيع // وَقَالَ (قيل مَا أَعدَدْت للبرد ... فقد جَاءَ بشده) (قلت دراعة عري ... تحتهَا جُبَّة رعده) // مجزوء الرمل // وَقَالَ (وجاهل قَالَ لي لَا بُد من فرج ... فَقلت للغيظ لم لَا بُد من فرج) (فَقَالَ من بعد حِين قلت يَا عجبا ... من يضمن الْعُمر لي يَا بَارِد الْحجَج) (وَلَو كَانَ مَا قلت حَقًا لم أكن رجلا ... مقسم الْعُمر فِي الروحات والدلج) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 (أسعى لأدرك حظا لَو حظيت بِهِ ... مَا كنت أول محظوظ من الهمج) (ذَنبي إِلَى الدَّهْر أَنِّي أبطحي أَب ... وَلست أعزى إِلَى قُم وَلَا كرج) وَقَالَ من // الْبَسِيط // وَقَالَ (أَمْسَى يسائل عَن حَالي ليخبرها ... وَكَيف أمسيت فِي أَهلِي وَفِي بلدي) (فَقلت حَالي بِحَال من رثاثتها ... وَعلة الْحَال تنسي عِلّة الْجَسَد) // الْبَسِيط // المدائح وَمَا يقْتَرن بهَا قَالَ من قصيدة فِي الْفرج (وَقَائِل لم غبت عَن لحظه ... وَأَنت من أَصْغَر غلمانه) (فَقلت مَا أَجْهَل فخري بِمن ... تسمو بِهِ سَادَات أزمانه) (هيبته تمنع من قربه ... وحبه يغري بغشيانه) (وَقد تبلدت فَهَل حِيلَة ... تبسط أنسي عِنْد لقيانه) // السَّرِيع // وَقَالَ لإبن لوزة وَقد أهْدى إِلَيْهِ دَوَاة (أَخ مزجت بروحي روحه جرى ... مني كمجرى دمي فِي الْجِسْم أفديه) (ثمَّ اتفقنا على ألقاب سالفنا ... فصرت فِي كل حَال مَا أضاهيه) (أهْدى إِلَيّ دَوَاة لَو كتبت بهَا ... دهري أياديه لم تنفد أياديه) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي أبي الْحسن مُحَمَّد بن عمر بن يحيى (لقد أَمْسَكت من عمر بن يحيى ... بِحَبل لَا أَخَاف لَهُ انبتاتا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 (حباني فِي الْحَيَاة ورم حَالي ... وَأوصى بِي أَبَا حسن وَمَاتَا) (فَكنت مجاورا للبحر مِنْهُ ... فَلَمَّا مَاتَ جَاوَرت الفراتا) // الوافر // وَقَالَ يهني بالعيد (عماد الدّين قابلك السُّعُود ... وعشت كَمَا تُرِيدُ لمن تُرِيدُ) (وَأَظْهَرَك الْإِلَه على الأعادي ... وَمَات بدائه فِيك الحسود) (أَتَاك الْعِيد مقتبلا جَدِيدا ... وَجدك فِيهِ مقتبل سعيد) (يهني النَّاس بالأعياد فِينَا ... وَأَنت لنا برغم الْعِيد عيد) // الوافر // وَقَالَ (ولعمر الْإِلَه لَوْلَا أياديك ... لماتت خواطر الشُّعَرَاء) (عِشْت تطوي الأعياد طي الأعادي ... فِي سرُور ونعمة ورخاء) // الْخَفِيف // سَائِر الْملح والنوادر قَالَ (أقرّ الله عَيْنك يَا جفوني ... فقد أعتقت من رق السهاد) (وَيَا عَيْني لَك الْبُشْرَى فنامي ... وتهنيك السَّلامَة يَا فُؤَادِي) (نزعت عَن الْهوى وبرئت مِنْهُ ... إِلَيْك وَكنت دهري فِي جِهَاد) // الوافر // وَقَالَ (يَا شَاعِرًا نمتار من ... أفكاره الْفقر الدقاقا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 (شعر لَو أَن الشهد ... قيس بِهِ وَجَدْنَاهُ زعاقا) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ يصف رمكة شقراء (شقراء إِلَّا حجول مؤخرها ... فَهِيَ مدام ورسغها الزّبد) (تعطيك مجهودها فراهتها ... فِي السّير فالحضر عِنْدهَا وتد) // المنسرح // وَقَالَ (قلت للنزلة حلي ... وانزلي غير لهاتي) (واتركي حلقي بحقي ... فَهُوَ دهليز حَياتِي) // مجزوء الرمل // وَقَالَ فِي غُلَام لَهُ كبر فَأخْرجهُ (مَا تَرَكْنَاهُ وَفِيه ... لمحب من طباخ) (هدر الطير وَمن ... عاداتنا أكل الْفِرَاخ) // مجزوء الرمل // وَقَالَ (وَهَامة نيطت بهَا لحية ... يظلم من قد قاسها باللحى) (قد نصل الخضب إِلَى نصفهَا ... فَهِيَ كَمثل النَّمْل إِذْ أجنحا) // السَّرِيع // وَقَالَ (فَإِن كنت من هَاشم فِي الذرى ... فقد ينْبت الشوك وسط الأقاحي) // المتقارب // وَقَالَ (هُوَ الْبَحْر إِلَّا أَنه عذب مورد ... وَمن عجب أَن العذوبة فِي الْبَحْر) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وَقَالَ (الْجُوع يطرد بالرغيف الْيَابِس ... فعلام تكْثر حسرتي ووساوسي) (وَالْمَوْت أنصف حِين عدل قسْمَة ... بَين الْخَلِيفَة وَالْفَقِير البائس) // الْكَامِل // وَقَالَ (كنت فَقِيرا ثمَّ أغنيتني ... وعدت فِي الْفقر من الراس) (كَمثل من بخره أَهله ... وَهُوَ على مجمره فاسي) // السَّرِيع // وَله (أما ترى الرَّوْضَة قد نورت ... وَظَاهر الرَّوْضَة قد أعشبا) (كَأَنَّمَا الأَرْض سَمَاء لنا ... نقطف مِنْهَا كوكبا كوكبا) // السَّرِيع // وَقَالَ (أَطْعمنِي فِي خروفكم خرفي ... فَجئْت مستعجلا وَلم أَقف) (غَدَوْت أَرْجُو طرافه فغدت ... فِي طرف والسماك فِي طرف) // المنسرح // وَقَالَ (لقد بَان الشَّبَاب وَكَانَ غضا ... لَهُ ثَمَر وأوراق تظلك) (وَكَانَ الْبَعْض مِنْك فَمَاتَ فَاعْلَم ... مَتى مَا مَاتَ بعضك مَاتَ كلك) // الوافر // أَخذه من قَول الخريمي (إِذا مَا مَاتَ بعضك فابك بَعْضًا ... فبعض الشَّيْء من بعض قريب) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 وَقَالَ فِي الزّهْد يُخَاطب نَفسه (مُحَمَّد مَا أَعدَدْت للقبر والبلى ... وللملكين الواقفين على الْقَبْر) (وَأَنت مصر لَا تراجع تَوْبَة ... وَلَا ترعوي عَمَّا يذم من الْأَمر) (تبيت على خمر تعاقر دنها ... وتصبح مخمورا مَرِيضا من الْخمر) (سيأتيك يَوْم لَا تحاول دَفعه ... فَقدم لَهُ زادا إِلَى الْبَعْث والحشر) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 الْبَاب السَّابِع 2 - نذْكر فِيهِ محَاسِن أبي عبد الله الْحسن بن أَحْمد بن الْحجَّاج وغرائبه هُوَ وَإِن كَانَ فِي أَكثر شعره لَا يسْتَتر من الْعقل بسجف وَلَا يَبْنِي رجل قَوْله إِلَّا على سخف فَإِنَّهُ من سحرة الشّعْر وعجائب الْعَصْر وَقد اتّفق من رَأَيْته وَسمعت بِهِ من أهل البصيرة فِي الْأَدَب وَحسن الْمعرفَة على أَنه فَرد زَمَانه فِي فنه الَّذِي شهر بِهِ وَأَنه لم يسْبق إِلَى طَرِيقَته وَلم يلْحق شأوه فِي نمطه وَلم ير كاقتداره على مَا يردهُ من الْمعَانِي الَّتِي تقع فِي طرزه مَعَ سلاسة الْأَلْفَاظ وعذوبتها وانتظامها فِي سلك الملاحة والبلاغة وَإِن كَانَت مفصحة عَن السخافة مشوبة بلغات الخلديين والمكدين وَأهل الشطارة وَلَوْلَا أَن جد الْأَدَب جد وهزله هزل كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي لصنت كتابي هَذَا عَن كثير من كَلَام من يمد يَد المجون فيعرك بهَا أذن الْحرم وَيفتح جراب السخف فيصفع بهَا قفا الْعقل وَلكنه على علاته تتفكه الْفُضَلَاء بثمار شعره وتستملح الكبراء ببنات طبعه وتستخف الأدباء أَرْوَاح نظمه وَيحْتَمل المحتشمون فرط رفثه وقذعه وَمِنْهُم من يغلو فِي الْميل إِلَى مَا يضْحك ويمتع من نوادره وَلَقَد مدح الْمُلُوك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 والأمراء والوزراء والرؤساء فَلم يخل قصيدة فيهم من سفاتج هزله ونتائج فحشه وَهُوَ عِنْدهم مَقْبُول الْجُمْلَة غالى مهر الْكَلَام موفور الْحَظ من الْإِكْرَام والإنعام مجاب إِلَى مقترجه من الصلات الجسام والأعمال المجدية الَّتِي يَنْقَلِب مِنْهَا إِلَى خير حَال وَكَانَ طول عمره يتحكم على وزراء الْوَقْت ورؤساء الْعَصْر تحكم الصَّبِي على أَهله ويعيش فِي أَكْنَافهم عيشة راضية ويستثمر نعْمَة صَافِيَة ضافية وديوان شعره أَسِير فِي الْآفَاق من الْأَمْثَال وَأسرى من الخيال وَقد أخرجت أخرجت من ملحه الخالية من الْفُحْش المفرط الحالية بِأَحْسَن المقرط ونوادره الَّتِي تسر النَّفس وتعيد الْأنس مَا يسْتَغْرق وصف ابْن الرُّومِي (شرك الْعُقُول ونزهة مَا مثلهَا ... للمطمئن وعقله المستوفز) (إِن طَال لم يملل وَإِن هِيَ أوجزت ... ود الْمُحدث أَنَّهَا لم توجز) // الْكَامِل // فَمن ذَلِك وَصفه لشعره ولسخفه كَقَوْلِه (فَإِن شعري ظريف ... من بابة الظرفاء) (ألذ معنى وأشهى ... من اسْتِمَاع الْغناء) // المجتث // وَقَوله (قرم إِذا أنشدته ... شعري البديع تهللا) (فحسبت أَن أَبَا ... عبَادَة يمدح المتوكلا) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 وَقَوله (إِن عَابَ ثَعْلَب شعري ... أَو عَابَ خفَّة روحي) (خريت فِي بَاب أفعلت ... من كتاب الفصيح) // المجتث // وَقَالَ (يَا سَيِّدي هذي القوافي الَّتِي ... وجودهَا مثل الدَّنَانِير) (خَفِيفَة من نضجها هشة ... كَأَنَّهَا خبز الأبازير) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى يصف فِيهَا نَفسه (حدث السن لم يزل يتلهى ... علمه بالمشايخ الكبراء) (خاطر يصفع الفرزدق فِي الشّعْر ... وَنَحْو ينيك أم الْكسَائي) (غير أَنِّي أَصبَحت أضيع فِي الْقَوْم ... من الْبَدْر فِي ليَالِي الشتَاء) // الْخَفِيف // وَمن جُمْلَتهَا (رجل يَدعِي النُّبُوَّة فِي السخف ... وَمن ذَا يشك فِي الْأَنْبِيَاء) (جَاءَ بالمعجزات يَدْعُو إِلَيْهَا ... فأجيبوا يَا معشر السخفاء) وَقَالَ (بِاللَّه يَا أَحْمد بن عَمْرو ... تعرف النَّاس مثل شعري) (شعر يفِيض الكنيف مِنْهُ ... من جَانِبي خاطري وَنَحْرِي) (نُسَمِّيه منتن الْمعَانِي ... كَأَنَّهُ فتلة بجحر) (لَو جد شعري رَأَيْت فِيهِ ... كواكب اللَّيْل كَيفَ تسري) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 (وَإِنَّمَا هزله مجون ... يمشي بِهِ فِي المعاش أَمْرِي) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ من قصيدة (أَلَسْت تعلم أَنِّي ... فِي غيبتي وحضوري) (مَا زلت فِيك بمدحي ... أنيك أم جرير) // المجتث // وَمن أُخْرَى (وَيَد تخرج العرائس فِي مدحك ... بَين الأقلام والأدراج) (فاستمعها مني ألذ وأشهى ... من سَماع الأرمال والأهزاج) (بمعان بخورها لَك طيب ... وفساها فِي لحية الزّجاج) (حلقت فِي الطوَال ذقن جرير ... والأراجيز لحية العجاج) // الْخَفِيف // وَكتب إِلَيْهِ بعض الرؤساء (يَا أَبَا عبد الْإِلَه ... بك أَصبَحت أباهي) (غير أَن السخف فِي شعرك ... قد جَازَ التناهي) (وَلَقَد أَعْطَيْت من ذَاك ... ملاحات الملاهي) (أقدم الْآن على القَوْل ... وَلَا تصغ لناهي) // مجزوء الرمل // فَأَجَابَهُ (سَيِّدي شكرك عِنْدِي ... مثل شكري لإلهي) (سَيِّدي سخفي الَّذِي قد ... صَار يَأْتِي بالدواهي) (أَنْت تَدْرِي أَنه يدْفع ... عَن مَالِي وجاهي) (لَيْت من عاداك عِنْدِي ... وَهُوَ ساهي الذقن لاهي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 (فترى لحيته فِي استي ... إِلَى الصدغ كَمَا هِيَ) // مجزوء الرمل // وَقَالَ من الوافر (وشعري سخفه لَا بُد مِنْهُ ... فقد طبنا وَزَالَ الإحتشام) (وَهل دَار تكون بِلَا كنيف ... فَيمكن عَاقِلا فِيهَا الْمقَام) // الوافر // وَقَالَ (تراني سَاكِنا حَانُوت عطر ... فَإِن أنشدت ثار لَك الكنيف) // الوافر // وَقَالَ (شعري الَّذِي أَصبَحت فِيهِ ... فضيحة بَين الملا) (لَا يستجيب لخاطري ... إِلَّا إِذا دخل الخلا) // مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (أَلا أَيهَا الْأُسْتَاذ دَعْوَة شَاعِر ... طَرِيقَته فِي الشّعْر لَا تتبهرج) (إِذا أَنْت وظفت القوافي فَخَيرهَا ... وَإِن قل مَا يَرْجُو وَمَا يتروج) (وَمن كَانَ يحوي الْعطر دكان شعره ... فَإِنِّي كناس وشعري لَهُ مخرج) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة فِي بعض الوزراء خَالِيَة من السخف (وهذي القصيدة مثل الْعَرُوس ... موشحة بالمعاني الملاح) (بِلَا نفحة من فسا عَارض ... وَلَا وزن خردلة من سلَاح) (فَلَو أَنَّهَا جعلت خطْبَة ... لكَانَتْ تحل عُقُود النِّكَاح) (بعثت بهَا عنبرا فِي الشتَاء ... وَفِي الصَّيف كافور خرط رياحي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 (فَمَا مسحت خفشلنج الْخصي ... وَلَا حنكت بلعوق الفقاح) (وشعري لَا بُد من سخفه ... وَلَا بُد للدَّار من مستراح) // المتقارب // وَلما غلب على شعره هَذَا الْفَنّ من ذكر المقاذر وَمَا ينضاف إِلَيْهَا وَسُئِلَ يَوْمًا ابْن سكرة عَن قيمَة ديوَان شعره فَقَالَ قِيمَته بربخ أَي لِكَثْرَة مَا يشْتَمل عَلَيْهِ مِمَّا يَقع فِيهِ وَبَلغنِي أَن كثيرا مَا بيع ديوَان شعره بِخَمْسِينَ دِينَارا إِلَى سبعين وَأَنا كاسر فصلا على ذكر مَا أَشرت إِلَيْهِ والْحَدِيث شجون قِطْعَة من نوادره فِي ذَلِك كتب إِلَى أبي أَحْمد بن ثوابة وَقد شرب دَوَاء مسهلا (يَا أَبَا أَحْمد بنفسي أفديك ... وَأَهلي من سَائِر الأسواء) (كَيفَ كَانَ انحطاط جعسك فِي طَاعَة ... شرب الدَّوَاء يَوْم الدَّوَاء) (كَيفَ أَمْسَى سبال مبعرك النذل ... عريقا فِي الْمرة الصَّفْرَاء) (يَا أَبَا أَحْمد ونصحك عِنْدِي ... وَاجِب فِي الإخاء فاحفظ إخائي) (رب ريح يَوْم الدَّوَاء دبور ... شوشت فِي عصاعص الأغبياء) (قدروها فسا وَقد كمن الجعس ... لَهُم فِي مهب ذَاك الفساء) (فَإِذا الْفرش فِي خليج سلَاح ... ذائب فِي قوام جسم المَاء) (فَاتق الله أَن تغرك ريح ... عصفت فِي جَوَانِب الأحشاء) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 (لَا تنفس خناق سرمك عَنهُ ... أَو تخلي سَبيله فِي الْخَلَاء) (والغذاء الْغذَاء فاحذر بِأَن تفسو ... فَوق الْفراش بعد الْغذَاء) (احترس إِنَّهَا نصيحة شيخ ... حنكته تجارب الآراء) // الْخَفِيف // وَأهْدى إِلَيْهِ صديق لَهُ نبيذا وَكتب لَهُ (مدامة تمرية صافيه ... تلبس من يشْربهَا العافيه) (زففتها طَوْعًا إِلَى شَاعِر ... مَا وقفت قطّ لَهُ قافيه) // السَّرِيع // فصادف وُصُول النَّبِيذ خلفة عرضت لَهُ فَكتب إِلَيْهِ (مولَايَ قد أحسست لما أَتَى ... شعرك بالعافية الشافيه) (لكنني فِي صُورَة للخرا ... جُمْلَتهَا مقنعة كافيه) (قد كتبت سطرا على عصعصي ... هَذَا لسلطان الخرا ضافيه) // السَّرِيع // وَقَالَ يهجو (وَلَقَد عهدتك تشْتَهي ... قربي وتستدعي حضوري) (وَأرى الجفا بعد الوفا ... مثل الفسا بعد البخور) (يَا خرية العدس الصَّحِيح ... النيء وَالْخبْز الفطير) (فِي جَوف منحل الطبيعة ... والقوى شيخ كَبِير) (يخرى فَيخرج سرمه ... شبرين من وجع الزحير) (يَا فسوة بعد العشا ... بالبيض وَاللَّبن الْكثير) (وفطائر عجنت بِلَا الْملح ... الجريش وَلَا الخمير) (يَا ضرطة الشَّيْخ المبجل ... بَين حساد حُضُور) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 (يَا ريح سرقين البغال ... يداف فِي بَوْل الْحمير) (يَا نَتن رَائِحَة الطبيخ ... إِذا تغير فِي الْقُدُور) (يَا عش بيض الْقمل فرخ ... فِي السوالف والشعور) (يَا بَوْل صبيان الْفِطَام ... وَيَا خراهم فِي الحجور) (يَا بغض تدخين الجشام ... فِي الصَّوْم من تخم السّحُور) (يَا حر قولنج الْبُطُون ... وَبرد أعصاب الظُّهُور) (يَا ذلة الْمَظْلُوم أصبح ... وَهُوَ مَعْدُوم النصير) (يَا سوء عَاقِبَة التعقد ... عِنْد تمشية الْأُمُور) (يَا كل شَيْء مُتْعب ... متعقد صَعب عسير) (يَا حيرة الشَّيْخ الْأَصَم ... وحسرة الْحَدث الضَّرِير) (يَا قعدة فِي دجلة ... وَالرِّيح تلعب بالجسور) (يَا قرحَة السل الَّتِي ... هدت شراسيف الصدرو) (يَا أربعاء لَا تَدور ... بِهِ محاقات الشُّهُور) (يَا هدة الْحِيطَان تنقض ... بالمعاول والمرور) (يَا قرحَة فِي نَاظر ... غلطوا عَلَيْهَا بالذرور) (فتسلخت مَعَ مَا يَليهَا ... فِي الجفون من البثور) (يَا خيبة الأمل الَّذِي ... أَمْسَى يُعلل بالغرور) (يَا غلمة المتخدرات ... وَرَاء أَبْوَاب الْقُصُور) (يَا ملتقى سعف الأيور ... على عراجين البظور) (يَا وَحْشَة الْمَوْتَى إِذا ... صَارُوا إِلَى ظلم الْقُبُور) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 (يَا ضجرة المحموم بالغدوات ... من مَاء الشّعير) (يَا شُؤْم إقبال الشتَاء ... أضرّ بالشيخ الْفَقِير) (يَا دولة الْحزن الَّتِي ... خسفت بأيام السرُور) (يَا ضجة الصخب المصدع ... ذِي التَّنَازُع والشرور) (يَا عَثْرَة الْقَلَم المرشش ... بَين أثْنَاء السطور) (يَا لَيْلَة الْعُرْيَان غب ... عَشِيَّة الْيَوْم المطير) (يَا نومَة فِي شمس آب ... على التُّرَاب بِلَا حَصِير) (يَا فَجْأَة الْمَكْرُوه فِي الْيَوْم ... العبوس القمطرير) (يَا نهشة الْكَلْب العقولر ... ونكهة اللَّيْث الهصور) (يَا عَيْش عان موثق ... فِي الْقَيْد مغلول أَسِير) (يَا حِدة الرمد الَّذِي ... لَا يستفيق من القطور) (يَا حيرة العطشان وَقت الظّهْر فِي وسط الهجير) (من لي بِأَن تلقاك خيل ... بني كلاب بِلَا خفير) (وَأرى بعيني لحمك الْمَطْبُوخ ... فِي نَار السعير) (فِي الأَرْض مَا بَين السبَاع ... وَفِي السما بَين النسور) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي المهلبي الْوَزير (قيل إِن الْوَزير قد قَالَ شعرًا ... يجمع الْجَهْل شَمله ويعمه) (ثمَّ أخفاه فَهُوَ كالهر يخرا ... فِي زَوَايَا الْبيُوت ثمَّ يطمه) (لَيْتَني كنت حَاضرا حِين يرويهِ ... فأفسو فِي راحتي وأشمه) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 وَقَالَ (وَذي همة فِي حضيض الكنيف ... وقرنين فِي فلك المُشْتَرِي) (دخلت عَلَيْهِ انتصاف النَّهَار ... على غَفلَة حِين لم يشْعر) (وَبَين يَدَيْهِ رغيفان مَعَ ... سكرجة كَانَ فِيهَا مري) (فَلَمَّا قعدت فسا فسوة ... فَلم تخط عصفتها منخري) (وَأَقْبل يضرط فِي إثْرهَا ... فَقلت أقوم وَإِلَّا خري) // المتقارب // وَقَالَ فِي شيخ بني بِعَجُوزٍ (أفْصح وَدعنِي من الرموز ... قد دخل الشَّيْخ بالعجوز) (من لي بهَا حِين ضاجعته ... فِي ذَلِك الْموضع الحريز) (فَكنت أخرا على زليخا ... وَهِي إِلَى جَانب الْعَزِيز) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ وَقد ركب إِلَى قوم فَوجدَ بَعضهم نَائِما وَبَعْضهمْ شَارِب دَوَاء (قد أَصْبحُوا كَمَا ترى ... مَا بَين نوم وخرا) (قوم بَرِئت مِنْهُم ... لأَنهم مني برا) (مَا إِن أرى مثلا لَهُم ... وَلَا أرى أَنِّي أرى) // مجزوء الرجز // وَقَالَ وَقد عَاتب إنْسَانا على زلَّة فجَاء بأكبر مِنْهَا (لي صديق جنى عَليّ ... مرَارًا فأكثرا) (ثمَّ لما عتبته ... غسل الْبَوْل بالخرا) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ (فقدت بخْتِي إِنَّه ... مَا زَالَ بختا قذرا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 (لَو كَانَ شَيْئا ناطقا ... لَكَانَ شَيخا أبخرا) (من حَيْثُ مَا درت بِهِ ... لطخ وَجْهي بالخرا) // مجزوء الرجز // وَقَالَ (يَقُول قولم أبصروني وَقد ... تلفت مَا بَينهم سكرا) (قُم بِالْحَقِّ الظّهْر وَلَو رَكْعَة ... فَالنَّاس قد صلوا بِنَا العصرا) (فَقلت مَا أحسن مَا قُلْتُمْ ... أقوم حَتَّى ألحق الظهرا) (أقوم والركعة من عِنْد من ... نعم وَإِن قُمْت فَمن يقرا) (قَالُوا فَلَا تسكر فلسنا نرى ... لعاقل فِي سكره عذرا) (وَالله لَوْلَا السكر يَا سادتي ... مَا ذقت مطبوخا وَلَا خمرًا) (قَالُوا فَهَذَا السكر مَا حَده ... فَقلت حد السكر أَن أخرا) // السَّرِيع // وَقَالَ (قومِي تنحي فلست من شاني ... قومِي اذهبي لَا يراك شيطاني) (لَا كَانَ دهر عَلَيْك حصلني ... وَلَا زمَان إِلَيْك ألجاني) (قعدت تفسين فَوق طنفستي ... مَا بَين راحي وَبَين ريحاني) (فَمَا عدمنا من الكنيف إِذا ... حضرت إِلَّا بَنَات وردان) // المنسرح // سَمِعت مَيْمُون بن سهل الوَاسِطِيّ يَقُول حضرت مجْلِس الصاحب لَيْلَة بجرجان فِي جمَاعَة من الْفُقَهَاء والمتكلمين كالعادة كَانَت عِنْده فِي أَكثر ليَالِي الْأُسْبُوع فَلَمَّا امْتَدَّ الْمجْلس وخالط النعاس بعض الْأَعْين وجد الصاحب رَائِحَة تأذى بهَا وتأفف مِنْهَا فَأَنْشد هَذِه الأبيات الْمُتَقَدّمَة (قومِي تنحي فلست من شاني ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 وَجَاء الفراشون بالند فتلافوا تِلْكَ الفرطة وتقوض الْمجْلس وَقَالَ فِي شهر رَمَضَان وَقد جَاءَ فِي آب (شهر أرَاهُ يلج مَعَ من ... يغتاظ من طوله ويدرد) (فالبول قد جف من حماه ... فِي الْجوف والجعس قد تقدد) // مخلع الْبَسِيط // وَكَانَ ضمن فَرَائض الصَّدقَات بسقي الْفُرَات واستخلف على نواحي فَم النّيل خَليفَة فَكتب إِلَيْهِ (الْحَمد لله وشكرا لَهُ ... وَالله أهل الْحَمد وَالشُّكْر) (يَا أَيهَا الذِّئْب الَّذِي اخترته ... خَليفَة ينظر فِي أَمْرِي) (أوصيك بالأغنام شرا وَهل ... يُوصي أَبُو جعدة بِالشَّرِّ) (امش إِلَيْهَا مشْيَة اللَّيْث أَو ... فاحمل عَلَيْهَا حَملَة الْبر) (وَلَا تدع فِي النّيل من إثْرهَا ... إِلَّا بقايا الصُّوف والبعر) (أنظر إِلَى السكباج من شمها ... أَو مر مجتازا على الْقدر) (فاقبض على لحيته وَاحْترز ... من حِيلَة فِي أمرهَا تجْرِي) (أُرِيد أَن تحصي طاقاتها ... وكل مَا فِيهَا من الشّعْر) (اعْمَلْ بهَا لي عملا جَامعا ... مستظهرا فِيهِ كَمَا تَدْرِي) (وَاحْذَرْ إِذا وفيتها فِي غَد ... أَن ينقص الْكَيْل عَن الحزر) (حَتَّى إِذا جئْتُك سلمتها ... بذلك الإحصا إِلَى جحري) (أوصيك فِي الْقَوْم بِهَذَا الَّذِي ... عقدته فِي السِّرّ والجهر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 (وَكَيف لَا أوصِي بِهَذَا وَقد ... بليت مِنْهُم ببني البظر) (واضطرني جور زماني إِلَى ... معيشة تزري على الْحر) (والدهر قد صَارَت بِهِ هيضة ... فَنحْن غرقى فِي خرا الدَّهْر) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي ابْن سكرة (سلحة بعد قرقره ... من سلَاح المزوره) (باتت اللَّيْل كُله ... جَوف بَطْني مخمره) (ثمَّ رامت تخلصا ... فاغتدت ذَات طرطره) (ثمَّ سَارَتْ كأسهم ... عَن قسي موتره) (فأصابت بوثبة ... جَوف ذقن ابْن سكره) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ لأبي الْفضل الشِّيرَازِيّ لما تقلد الوزارة وَعرض بِأبي الْفرج بن فسابخس (سعدك للحاسدين نحس ... وهم ظلام وَأَنت شمس) (ارْفُقْ عَلَيْهِم فَلَنْ يعودوا ... إِلَيْك حَتَّى يعود أمس) (فَأَنت تَحت الظلام تسْعَى ... وَذَاكَ تَحت اللحاف يفسو) // مخلع الْبَسِيط // وَكَانَ يَوْمًا جَالِسا بِجنب الدست فِي دَار أبي الْفرج فسابخس فعرضت لَهُ حَاجَة إِلَى الْخَلَاء فبادر وَرجع فَسئلَ عَن مبادرته فَقَالَ (يَا سائلي عَن خبري ... زاحم جوفي قذري) (فكدت أَن أُخْرَى على ... دست الرئيس الطَّبَرِيّ) (فَقُمْت أعدو حافيا ... وَقد تغشى بَصرِي) (حَتَّى خريت خرية ... مثل الخبيص الْجَزرِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 (كَأَنَّهَا من عظمها ... رَوْثَة كرش بقري) // مجزوء الرجز // وَقَالَ (أَبَا الْحُسَيْن بن نصر ... أبشر بعز وَنصر) (فَأَنت فِي الصَّدْر أحلى ... من المنى جَوف صَدْرِي) (وليت لحية من لَا ... يهواك فِي جَوف حجري) (من أَيْن مثلي حر ... أَو سفلَة غير حر) (خراي عِنْد القوافي ... وذقن غَيْرِي بشعري) (وَمن تكلّف فِي الشّعْر ... نظم سبْحَة در) (نظمت من مثل طبعي الخسيس ... سبْحَة بعر) (وَجُمْلَة القَوْل أَنِّي ... إِحْدَى عجائب دهري) (قد در ضرعي على مَا ... ترى فَللَّه دري) // المجتث // وَقَالَ فِي إِنْسَان طبري مَاتَ بالقولنج (يَا غُصَّة الْمَوْت افغري ... فَاك لروح الطَّبَرِيّ) (حَتَّى تمجيها على ... علاتها فِي سقر) (يَا أَيهَا الثاوي الَّذِي ... أَفْلح لَو كَانَ خري) (لمثل ذَا الْيَوْم يُقَال ... من خري فقد بري) // مجزوء الرجز // وَقَالَ يستميح شرابًا (أَلا يَا إخوتي وَذَوي ودادي ... دُعَاء فَتى إجَابَته مناه) (زِيَادَة دجلة والورد غض ... قد استولى على قلبِي هَوَاهُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 (فهذي لَيْسَ يفتنني سواهَا ... وَهَذَا لَيْسَ يسبيني سواهُ) (أما فِيكُم فَتى يرثي لصحوي ... فيسقيني المشوم وَلَو خراه) // الوافر // وَقَالَ (يَا عَيْني السُّفْلى لحى سادتي ... قد شهِدت بالزور فاستعبري) (أبْكِي عَلَيْهَا كلما سرحت ... فِي استي بدمع سَلس أصفر) // السَّرِيع // وَاتخذ دَعْوَة كَبِيرَة فِي أَيَّام عز الدولة ودعا إِلَيْهَا أَقْوَامًا شَتَّى من رجال الدولة وَقَالَ (قل للأمير المرتجى ... من جَاءَنِي فقد نجا) (وَمن أَبى فذقنه ... فِي عصعصي قد لججا) (يسبح فِي بَحر خرا ... إِذا جرى تموجا) (وَهَا هُنَا حكم إِذا ... كوى لحاهم أنضجا) (من لم يجىء فذقنه ... فِي است الَّذِي استدعي فجا) (فَقل لمن لجج فِي ... جَوَابه أَو مجمجا) (سبالك المحفوف قد ... حرك مني مخرجا) (مؤزرا بالجعس فِي ... حَافَّاته مصهرجا) (فِيهِ خرا مُعتق ... كالبن حِين كرجا) (تَدْفَعهُ مقعدتي ... بعد العشا ملهوجا) (من قبل أَن تطبخه ... طبيعتي فينضجا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 (من كل من سرمي إِلَى ... لحيته قد التجا) (عاشرت باستي ذقنه ... فامتزجا وازدوجا) (وصعدا وَنزلا ... ودخلا وخرجا) (وَلنْ ترى أحسن من ... ذقن تواخي شرجا) // مجزوء الرجز // وَقَالَ من أُخْرَى (أنظر لهرون وَقد جَاءَنِي ... يطْمع أَن يبتزني ضيعتي) (جذبت قَوس استي فِي وَجهه ... فقرطست لحيته ضرطتي) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى فِي قَائِد من الأتراك أرَاهُ أَخذ دَاره (إِن أطفالي الَّذين تراهم ... حول نَارِي فِي اللَّيْل مثل الْفراش) (أَتَرَى مَا شممت ريح فساهم ... حِين باكرتني وهم فِي الْفراش) (وجعيساتهم خلال الزوايا ... مثل ذرق الْفِرَاخ فِي الأعشاش) (لَا ترمهم وَاقْبَلْ نصيحة رَأْيِي ... لَك وَاحْذَرْ مغبة الغشاش) // الْخَفِيف // وَقَالَ من أَبْيَات وَقد دخل على رجل اسْمه عَمْرو والمزين يحفى شَاربه (قد لعمري فارت طبيعة حجري ... مُنْذُ أحفى المقراض شَارِب عمر) (كلما قصّ شَعْرَة صر مِنْهَا ... عصعصي النذل أَو تفرقع ظَهْري) // الْخَفِيف // وَقَالَ من قصيدة فِي الْوَزير وَقد أَرَادَهُ على الْخُرُوج مَعَه لقِتَال أهل البطيحة (يَا سائلي عَن بكاي حِين رأى ... دموع عَيْني تسابق المطرا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 (سَاعَة قيل الْوَزير منحدر ... أسْرع دمعي وفاض منحدرا) (وَقلت يَا نفس تصبرين وَهل ... يعِيش بعد الْفِرَاق من صبرا) (شاورته والهوى يفتته ... والرأي رَأْي الصَّوَاب قد حضرا) (أَهْوى إنحداري والحزم يكرههُ ... وتارك الحزم يركب الغررا) (لأنني عَاقل ويعجبني ... لُزُوم بَيْتِي وأكره السفرا) (الخيش نصف النَّهَار يُعجبنِي ... وَالْمَاء بالثلج بَارِدًا خصرا) (وَالشرب فِي روشني أَقُول بِهِ ... كَمَا أرى المَاء مِنْهُ والقمرا) (وَلَا أَقُود الْخَيل الْعتاق بلَى ... أسوق بَين الْأَزِقَّة البقرا) (من كل جاموسة لعنبلها ... رَأس بقرنيه يفلق الحجرا) (قد نفخ الشَّحْم جوفها فغدا ... كَأَنَّهُ بطن نَاقَة عشرا) (لما أَتَتْنِي بِاللَّيْلِ مقبلة ... وثوبها بالخرا قد ائتزرا) (تركض مثل الحصان نافرة ... وَمن يرد الحصان إِن نَفرا) (مد ذراعي فِي سرمها لببا ... وسد أيري فِي سرمها شعرًا) (أحسن فِي الْحَرْب من صفوفكم ... غَدا قعودي أصفف الطررا) (وأنتف الشّعْر من جبين حر ... لطفت فِي نتفه وَمَا شعرًا) (أَو مبعر جعسه يطالعني ... من كوَّة الْبَاب كلما زحرا) (هَيْهَات أَن أحضر الْقِتَال وَأَن ... ترى بِعَيْنَيْك فِيهِ لي أثرا) (بل الَّذِي لَا يزَال يُعجبنِي الدبيب ... بِاللَّيْلِ خَائفًا حذرا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 (أَنا إِلَى تِلْكَ وَهِي نَائِمَة ... وَذَا إِلَى ذَاك بعد مَا سكرا) (وضجة النيك كلما ضرطت ... وَاحِدَة تَحت وَاحِد نخرا) (وَقَول بعض المميزين وَقد ... شم فسانا بِأَنْفِهِ سحرًا) (فِي جعس هَذَا فطورة وَأرى ... أَن خرا تِلْكَ بعد مَا اختمرا) (الدُّف يَوْم الصبوح دبدبتي ... وبوقي الناي كلما زمرا) (وخريتي كلما رميت بهَا ... مقتل ذقن خضبتها بخرا) (هَذَا اعتقادي وَهَكَذَا أبدا ... أرى لنَفْسي فَأَنت كَيفَ ترى) // المنسرح // وَقَالَ (إِذا تغنى سليم ... عَاق المسرة عني) (وافى بذقن سخيف الْمُغنِي ... وَجئْت ببطني) (فلحية التيس مِنْهُ ... وسلحة الْفِيل سني) // المجتث // ملح مِمَّا يتَمَثَّل بِهِ من أَحْوَال السّلف قَالَ من قصيدة فِي أبي الْفضل الشِّيرَازِيّ (النَّاس يفدونك اضطرارا ... مِنْهُم وأفديك باختياري) (وَبَعْضهمْ فِي جوَار بعض ... وَأَنت حَتَّى أَمُوت جاري) (فعش لخبزي وعش لمائي ... وعش لداري وَأهل دَاري) (يَا من بإحسانه بلغت السَّمَاء ... فِي الْعِزّ واليسار) (فاليوم قَارون فِي غناهُ ... عَبدِي وكسرى ركاب دَاري) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (يَا من يَدي من خَيره فارغه ... مليت لبس النِّعْمَة السابغة) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 (قد هشمت رَأْسِي بأحجارها ... ألفاظك الهاشمة الدامغه) (فيا أَبَا قَابُوس فِي ملكه ... رفقا أَبيت اللَّعْن بالنابغه) // السَّرِيع // وَقَالَ (إِنَّك إِنْسَان لَهُ موقع ... من ناظري فِي جَوف إنسانه) (فَكيف تخشى هجو من مدحه ... فِيك يرى أول ديوانه) (وَمن لَهُ فِي شعره مَذْهَب ... ذكرك فِيهِ نور بستانه) (تمْضِي لياليه وأيامه ... وسره فِيك كإعلانه) (وَلست مِمَّن يخلط الْكفْر فِي ... شكر أياديك بإيمانه) (قل للَّذي جهز فِي السَّعْي بِي ... بضَاعَة عَادَتْ بخسرانه) (لَا تغترر أَنَّك من فَارس ... فِي مَعْدن الْملك وأوطانه) (لَو حدثت كسْرَى بذا نَفسه ... صفعته فِي وسط إيوانه) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي بختيار (فديت وَجه الْأَمِير من قمر ... يجلو القذى نوره عَن الْبَصَر) (فديت من وَجهه يشككني ... فِي أَنه من سلالة الْبشر) (إِن زليخا لَو أبصرتك لما ... ملت إِلَى الْحَشْر لَذَّة النّظر) (وَلم تقس يوسفا إِلَيْك كَمَا ... نجم السهى لَا يُقَاس بالقمر) (وَكَانَ يَا سَيِّدي قباك إِذا ... هربت مِنْهَا ينْقد من دبر) (بل وحياتي لَو كنت يوسفها ... لم تَكُ من تُهْمَة الْعَزِيز بري) (لأنني عَالم بأنك لَو ... شممت ريا نسيمها الْعطر) (سبقتها وانزبقت تتبعها ... مَا بَين تِلْكَ الْبيُوت وَالْحجر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 (وَلم تزل بالكدين تقصرها ... من قبل وَقت العشا إِلَى السحر) (وَقد علمنَا بِأَن سيدنَا الْأَمِير ... مِمَّن يَقُول بالبظر) (وَلم تكن تِلْكَ تَشْتَكِي أبدا ... مَا كَانَ من يُوسُف من الحذر) (طبعك كَالْمَاءِ فِي سهولته ... لَكِن أَبُو الزبْرِقَان من حجر) (إِن الْمُلُوك الشَّبَاب مَا خلقُوا ... إِلَّا صلاب الفياش والكمر) // المنسرح // وَقَالَ (إِن بني برمك لَو شاهدوا ... فعلك بالغائب وَالشَّاهِد) (مَا اعْترف الْفضل بِيَحْيَى أَبَا ... وَلَا انْتَمَى يحيى إِلَى خَالِد) // السَّرِيع // وَقَالَ من المسرح (وَكَاتب بارع بلاغته ... تجلو علينا كَلَام سحبان) (وخطه وَالْكتاب فِي يَده ... ينثر درا أَمَام مرجان) (لَو كَانَ عِنْد الْمَأْمُون جوهره ... أهداه أَو بعضه لبوران) // المنسرح // وَقَالَ فِي رجل سَقَطت امْرَأَته من السَّطْح فَمَاتَتْ (عَفا الله عَنْهَا إِنَّهَا يَوْم ودعت ... أجل فقيد فِي التُّرَاب مغيب) (وَلَو أَنَّهَا اعتلت لَكَانَ مصابها ... أخف على قلب الحزين المعذب) (وَلَكِن رَأَتْ فِي الأَرْض أَفْعَى مجدلا ... على قدر غرمول الْحمار المشغب) (فظنته أيرا والظنون كواذب ... إِذا أخْبرت عَن عَام مَا فِي المغيب) (وأهوت إِلَيْهِ من يفاع ودونه ... ثَمَانُون باعا فِي علو مصوب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 (فَصَارَت حَدِيثا شاع بَين مُصدق ... تحَققه علما وَبَين مكذب) (سعى الطمع المردي إِلَيْهَا بحتفها ... وَمن يمتثل أَمر المطامع يعطب) (فأعظم يَا هَذَا لَك الله رَبهَا ... وَرَبك أجر الثكل فِي شَاة أشعب) // الطَّوِيل // قيل لأشعب هَل رَأَيْت أطمع مِنْك قَالَ نعم شَاة كَانَت لي على سطح فَنَظَرت إِلَى قَوس قزَح فظنته حَبل قت فأهوت إِلَيْهِ واثبة فَسَقَطت من السَّطْح فاندقت عُنُقهَا وَسَأَلَ الهنكري مُغنِي سيف الدولة ابْن حجاج أَن يصنع شعرًا يُغني بِهِ بَين يَدي صَاحبه فَقَالَ (أَمِيري يَا من ندى كَفه ... يزِيد على الْعَارِض الممطر) (أرى يَوْمنَا يَوْم كأس تَدور ... من يَد ذِي دعجٌ أحور) (وأبيض يحدوك سكر الغرام ... على لثم شَاربه الْأَخْضَر) (بحمرة وجنته تستدل ... على أَنه من بني الْأَصْفَر) (وَأَنَّك من دونه قد ضربت ... هَامة ذِي لبدة قسور) (وَشعر ابْن حجاج يَا سَيِّدي ... يُغني بِهِ عَبدك الهنكري) (غناء وَشعر لنا يجمعان ... مَا بَين زلزل والبحتري) // المتقارب // وَقَالَ (غَدا أرَاهُ على عبل الشوى مرح ... وَالْخَيْل من حوله مثل الْحَصَى عددا) (فِي خلعة لَو رَآهَا يَوْم يلبسهَا ... نمْرُود قبل وَجه الأَرْض أَو سجدا) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 وَقَالَ (يَا من إِذا مَا اختللت أيدني ... وَمن إِذا ضعفت قواني) (ابق لي الْيَوْم ضعف مَا بقيت ... أمس نسور الْحَكِيم لُقْمَان) // المنسرح // وَقَالَ (يَا درة الْملك وَيَا غرَّة ... فِي وَجه هَذَا الزَّمن الأدهم) (تُرَاب نعليك على ناظري ... أعز من عِيسَى على مَرْيَم) // السَّرِيع // وَقَالَ (فَتى لَهُ عزم إِذا كلت السيوف ... مثل المرهف الصارم) (وراحة لَو صفعت حاتما ... تعلم الْجُود قفا حَاتِم) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى (هَذَا حَدِيثي تنمي عجائبه ... بِكَثْرَة القال فِيهِ والقيل) (أعجزني دَفنه فشاع كَمَا ... أعجز قابيل دفن هابيل) // المنسرح // وَمن أُخْرَى (وأبرص من بني الزواني ... ملمع أبلق الْيَدَيْنِ) (قلت وَقد لج بِي أَذَاهُ ... وَزَاد مَا بَينه وبيني) (يَا معشر الشِّيعَة الحقوني ... قد ظفر الشمر بالحسين) // مخلع الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (كل خَفِيف الرجلَيْن ثقل ... خفَّة رجلَيْهِ بالحديد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 (أذقه من غب مَا جناه ... مَا ذاق يحيى من الرشيد) // مخلع الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (وَاسْتَوْفِ عمر الدَّهْر فِي نعْمَة ... دون مداها موقف الْحَشْر) (مُصِيبَة الْحَاسِد فِي مكثها ... مُصِيبَة الخنساء فِي صَخْر) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى (يَا من يعادي الْهوى جهلا بموقعه ... وَلَا يزَال يعادي الْمَرْء مَا جهلا) (أما رَأَيْت الْهوى استولى بفتنته ... على النَّبِيين واستغوى بهَا الرسلا) (فَإِن شَككت فسل زيدا بِقِصَّتِهِ ... وأورياء يَقُولَا الْحق إِن سئلا) (لم بت هَذَا طَلَاقا حَبل زَوجته ... وَذَاكَ فِي رقْعَة التابوت لم قتلا) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (مولَايَ يَا من كل شَيْء سوى ... نَظِيره فِي الْحسن مَوْجُود) (إِن كنت أذننبت بجهلي فقد ... أذْنب واستغفر دَاوُد) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى (ملك لَو لم يكن من ملكه ... غير دَار وشحت بِالنعَم) (لَو رمى شَدَّاد فِيهَا طرفه ... زهدته بعْدهَا فِي إرم) // الرمل // وَله وَقد خرج هَارِبا من غُرَمَائه (هربت من موطني إِلَى بلد ... قد صفر الْجُوع فِيهِ منقاري) (يَقُول قوم فر الخسيس وَلَو ... كَانَ فَتى كَانَ غير فرار) (لَا عيب لَا عيب فِي الْفِرَار فقد ... فر نَبِي الْهدى إِلَى الْغَار) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 ملح من سَائِر أَمْثَاله فِي الْجد والهزل الْوَاقِعَة فِي فنون ونوادره قَالَ (جَمِيع مَا لي صدقه ... لأكسرن فستقه) (فبس كم تهذين يَا ... سندية مطلقه) (لَا بُد للسندان أَن ... يصبر تَحت المطرقه) (وفيشتي لَا بُد أَن ... أسبكها فِي البوتقه) (لَا بُد أَن أطعن ... بالمردي صميم الدرقه) (وَأَن أَمر الْميل فِي ... جَوف سَواد الحدقه) (تُرِيدُ مني أترك اللَّحْم ... وأحسو المرقه) (لَيْسَ الثَّرِيد بابتي ... بسي من الملبقه) (أُرِيد من لحم است من ... أعشقها مدققه) (أح ب أَن لَا تشفقي ... عدمت هذي الشفقه) (وكل شَاة فِي غَد ... برجلها معلقه) (لَا بُد من أَن يَقع ... الزرفين جَوف الحلقه) // مجزوء الرجز // وَقَالَ (أخْشَى على حسبتي الْعَدو وَفِي النَّاس ... لمثلي أصادق وعدي) (هر يراني وَفِي فمي غدد ... والهر بالطبع يألف الغددا) (وَإِن تغافلت عَنهُ غافصني ... واستلب الكرش من يَدي وَغدا) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ (قد وَقع الصُّلْح على غلتي ... فاقتسموها كارة كَارِه) (لَا يدبر الْبَقَّال إِلَّا إِذا ... تصالح السنور والفاره) // السَّرِيع // وَقَالَ وَقد سَأَلَ صديق عَن حَاله والعمال يصادرونه (أَيهَا السَّائِل عَن حَالي ... أَنا الْمَضْرُوب زيد) (وَأَنا الْمَحْبُوس لَكِن ... لَيْسَ فِي رجْلي قيد) // الرمل // وَقَالَ (وَقَائِل هُوَ رَأس الْعمَّال ... بَين النَّاس) (وَالرَّأْس يصلح إِن لم ... ينفعك للرواس) (هَذَا هُوَ الْحق وَالْحق ... مَا بِهِ من باس) // المجتث // وَقَالَ (فقر وذل وخمول مَعًا ... أَحْسَنت يَا جَامع سُفْيَان) // السَّرِيع // وَقَالَ (الْحَمد لله إِن لي أملا ... أَنا إِلَى الخص مِنْهُ أستند) // المنسرح // وَقَالَ (إِن كنت تحتقر العتاب تكبرا ... فالفيل يعْمل فِيهِ قرص البرغش) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 وَقَالَ (وَمَا الشَّيْء للمرء يحتاله ... وَلكنه للفتى يرزقه) // المتقارب // وَقَالَ (دَعَوْت نداك من ظمئي إِلَيْهِ ... فعناني بقيعتك السراب) (سراب لَاحَ يلمع فِي سباخ ... فَلَا مَاء لَدَيْهِ وَلَا شراب) (وَلَيْسَ اللَّيْث من جوع بغاد ... على جيف تحيط بهَا كلاب) // الوافر // وَقَالَ (مُسْتَحِيل الْمَعْنى يصلى إِلَى الْحَشْر ... ويخرى فِي جَانب الْمِحْرَاب) // الْخَفِيف // أَنْصَاف أَبْيَات لَهُ وأبيات فِي الْأَمْثَال قَالَ (وَرب كَلَام تستثار بِهِ الْحَرْب ... ) // الطَّوِيل // قَالَ (حَتَّى مَتى ترقص فِي زورقي ... ) // السَّرِيع // وَقَالَ (خود تزف إِلَى ضَرِير مقْعد ... ) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 وَقَالَ (أَصبَحت أخلق مِنْك بالزبد ... ) // الْكَامِل // وَقَالَ (تَفُور من نصف خوصَة قدري ... ) // المنسرح // وَقَالَ (فَقلت من يفسو على الكنيف) // الرجز // وَقَالَ (عجبت من الزَّمَان وَأي شَيْء ... عَجِيب لَا أرَاهُ من الزَّمَان) (أتأخذ قوت جرذان عجاف ... فتجعله لأوعال سمان) // الوافر // وَقَالَ (وَقد غمزوا مَعَ العيدان عودي ... ليختبروا الصَّحِيح من الْمُرِيب) (فلَان الخروع الخوار منا ... وَبَان تكرم النبع الصَّلِيب) // الوافر // وَقَالَ فِي بواب أَعور حجبه عَن رَئِيس (سَمِعت فِيمَن مَاتَ أَو من بَقِي ... بمقبل بوابه أَعور) (واللوزة الْمرة يَا سَيِّدي ... يفْسد فِي الطّعْم بهَا السكر) // السَّرِيع // وَقَالَ (ولي شَفِيع إِلَيْك شرفني ... إِيجَابه لي وَزَاد فِي قدري) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 (نبهت مِنْهُ لحاجتي عمرا ... وَلم أعول فِيهَا على عَمْرو) // المنسرح // يُرِيد قَول بشار (إِذا أيقظتك حروب العدا ... فنبه لَهَا عمرا ثمَّ نم) // المتقارب // وَللْآخر (المستجير بِعَمْرو عِنْد كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنَّار) // الْبَسِيط // وَقَالَ (عذرت الْأسد أَن صليت بناري ... مخاطرة فَمَا بَال الْكلاب) (وَأَزْوَاج الْحَرَائِر لم يجابوا ... لدي فَكيف أَزوَاج القحاب) // الوافر // وَقَالَ وَقد قَالَ لَهُ بعض الرؤساء مَا أشبهك فِي الإبرام إِلَّا بِابْن أبي رَافع (ضربت فِي الإبرام يَا سَيِّدي ... لي مثلا بِابْن أبي رَافع) (فَقلت فِي ذَلِك لَا تعجبوا ... من متخم يفسو على جَائِع) // السَّرِيع // وَقَالَ (إِنِّي بليت بِأَقْوَام مواعدهم ... تزيدني فَوق مَا أَلْقَاهُ من محن) (وَمن يذقْ لسعة الأفعى وَإِن سلمت ... مِنْهَا حشاشته يفزع من الرسن) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 الشكوى وَوصف سوء الْحَال قَالَ فِي ابْن العميد (فداؤك نفس عبد أَنْت مولى ... لَهُ يرجوك يَا خير الموَالِي) (حَدِيثي مُنْذُ عَهْدك بِي طَوِيل ... فَهَل لَك فِي الْأَحَادِيث الطوَال) (وَجُمْلَة مَا يعبره مقالي ... حُصُول استي على حر المقالي) (وَأَنِّي بَين قوم لَيْسَ فيهم ... فَتى ينْهَى إِلَى الْملك اختلالي) (فلحمي لَيْسَ تطبخه قدوري ... وحوتي لَيْسَ تقليه المقالي) (ومائي قد خلت مِنْهُ جبابي ... وخبزي قد خلت مِنْهُ سلالي) (وكيسي الفارغ الْمَطْرُوح خَلْفي ... بعيد الْعَهْد بِالْقطعِ الْحَلَال) (أفكر فِي مقَامي وَهُوَ صَعب ... أصعب مِنْهُ عَن وطني ارتحالي) (فَبِي مرضان مُخْتَلِفَانِ حَالي العليلة ... مِنْهُمَا تمسي بِحَال) (إِذا عَالَجت هَذَا جف كَبِدِي ... وَإِن عَالَجت ذَاك رَبًّا طحالي) // الوافر // وَكَانَ يكْتب فِي حداثته لرئيس فَتَأَخر عَنهُ فَكتب يسْأَله عَن حَاله فِي تَأَخره فَكتب إِلَيْهِ (سَأَلت يَا مولَايَ عَن قصتي ... وَمَا اقْتضى بالرسم إخلالي) (لَيست بجسمي عِلّة تَشْتَكِي ... وَإِنَّمَا الْعلَّة فِي حَالي) (وَذَاكَ دَاء لم تزل ضَامِنا ... من سقمه برئي وإبلالي) // السَّرِيع // وَقَالَ (خليلي قد اتسعت محنتي ... عَليّ وَضَاقَتْ بهَا حيلتي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 (عذرت عِذَارَيْ فِي شَيْبه ... وَمَا لمت أَن شمطت لمتي) (إِلَى كم يخاسسني دَائِما ... زماني المقبح فِي عشرتي) (تحيفني ظَالِما غاشما ... وكدر بعد الصَّفَا عيشتي) (وَكنت تماسكت فِيمَا مضى ... فقد خانني الدَّهْر فِي مسكتي) (إِلَى منزل لَا يواري إِذا ... تحصلت فِيهِ سوى سوأتي) (مُقيما أروح إِلَى منزل ... كقبري وَمَا حضرت ميتتي) (إِذا مَا ألم صديقي بِهِ ... على رَغْبَة مِنْهُ فِي زورتي) (فرشت لَهُ فِيهِ بسط الحَدِيث ... من بَاب بَيْتِي إِلَى صِفَتي) (ومعدته فِي خلال الْكَلَام ... تَشْكُو خواها إِلَى معدتي) (وَقد فت فِي عضدي مَا بِهِ ... وَلَكِن عَلَيْهِ غلبت علتي) (وأغدو غدوا مَلِيًّا بِأَن ... يزِيد بِهِ الله فِي شقوتي) (فأية دَار تيممتها ... تيَمّم بوابها حجتي) (وَإِن أَنا زاحمت حَتَّى أَمُوت ... دخلت وَقد خرجت مهجتي) (فيرفعني النَّاس عِنْد الْوُصُول ... إِلَيْهِم وَقد سَقَطت عَمَّتي) (وَإِن نهضوا بعد للإنصراف ... أسرعت فِي إثرهم نهضتي) (وَإِن قدمُوا خيلهم للرُّكُوب ... خرجت فَقدمت لي ركبتي) (وَفِي جمل النَّاس غلمانهم ... وَلَيْسَ سوائي فِي جملتي) (وَلَا لي غُلَام فأدعو بِهِ ... سوى من أَبوهُ أَخُو عَمَّتي) (ركنت مليحا أروق الْعُيُون ... أَيْضا فقد قبحت خلقتي) (يعرق خدي جفاف الهزال ... وحاف الشناج على وجنتي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 (وقوسني الْهم حَتَّى انطويت ... فصرت كَأَنِّي أَبُو جدتي) (وَكَانَ المزين فِيمَا مضى ... تكسر أمشاطه طرتي) (وَكنت بِرَأْس كلون الغداف ... فقد صرت أصلع من فيشتي) (وَيَا رب بَيْضَاء رَود الشَّبَاب ... كَانَت تحن إِلَى وصلتي) (فَصَارَت تصد إِذا أَبْصرت ... مشيبي وتغضب من صلعتي) (على أنني قلت يَوْمًا لَهَا ... وَقد أمضت الْعَزْم فِي هجرتي) (دعِي عَنْك مَا فَوْقه عَمَّتي ... فَإِن جمالي ورا تكتي) (هُنَالك أير يسر الْعُيُون ... طَوِيل عريض على دقتي) وَمِنْهَا (سوى أَن قلبِي قد صرفته ... فِي شغله بالأسى عطلتي) (وَكَانَت بتكريت لي غلَّة ... فغلت بأجمعها غلتي) (أَغَارُوا على سمسمي غَارة ... تعدت فأنضت إِلَى حنطتي) (فَلَا أَزَال فِي نقمة كل من ... أَزَال بحيلته نعمتي) // المتقارب // وَقَالَ (قد قنعنا فهات خبْزًا بِلَحْم ... أَنا من شدَّة الخوى فِي السِّيَاق) (فَرجي أَن أَشمّ رَائِحَة اللَّحْم ... وَلَو كَانَ من فسا مراق) // الْخَفِيف // وَقَالَ (مَا حَال من يأوي إِلَى منزل ... أرْفق مِنْهُ الْمَسْجِد الْجَامِع) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 (لَا يرتوى العطشان فِيهِ وَلَا ... يلْحق مَا يقتاته الجائع) (وسوقه كاسدة بَيْنكُم ... لَا مُشْتَر فِيهَا وَلَا بَائِع) // السَّرِيع // وَقَالَ (أتعشى بِغَيْر خبز وَهَذَا ... خبري مُنْذُ مُدَّة فِي غدائي) (فَأَنا الْيَوْم من مَلَائِكَة الدولة ... وحدي أَحْيَا بِغَيْر غذَاء) (آيَة لم تكن لمُوسَى بن عمرَان ... وَلَا غَيره من الْأَنْبِيَاء) // الْخَفِيف // نبذ من لطائف نوادره فِي أَنْوَاع الكدية قَالَ (هَذَا وَأَيَّام أكلي ... عِنْد الْمُلُوك الْكِبَار) (مَا كنت أفطر إِلَّا ... على كبود القماري) (مشوية وقلايا ... فاليوم سنور دَاري) (إِذا أَرَادَت تعشى ... تنغصت لي بفار) // المجتث // وَقَالَ بواسط وَقد بَاعَ ثِيَابه (يَا سادتي قَول ميت ... فِي مثل صُورَة حَيّ) (لم يبْق فِي الخرج شَيْء ... أتأذنون بِشَيْء) // المجتث // وَقَالَ وَقد تولى أقطاعا وَخرج إِلَيْهَا فَوَجَدَهَا خربة (سَيِّدي عَبدك فِي الزَّيْت ... فر من الْمَوْت إِلَى الْمَوْت) (حَالي وأقطاعي خراب فقد ... فَرَرْت من بَيْتِي إِلَى بَيْتِي) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 وَقَالَ (مَا لي أرى بَيت مَا لي حلّه زحل ... وحسبه من بعيد أَن يرى زحلا) (فَمَا ترى لَا رَأَيْت السوء فِي رجل ... قد شب تَحت خطوب الدَّهْر واكتهلا) // الْبَسِيط // وَقَالَ وَقد رأى كلاب عز الدولة بختيار تطعم لُحُوم الجدا (رَأَيْت كلاب مَوْلَانَا وقوفا ... ورابضة على ظهر الطَّرِيق) (فَمن ورد لَهُ ذَنْب طَوِيل ... يعقفه وملهوب خلوقي) (تغذى بالجدا فوددت أَنِّي ... وَحقّ الله خركوش سلوقي) (فيا مولَايَ رافقني بكلب ... لآكل كل يَوْم مَعَ رفيقي) (أرى القصاب قد أضحى عدوي ... لشؤم البخت والملحي صديقي) (فَلَو أَنِّي افتصدت لما وجدْتُم ... سوى الحلتيت دَاخل باسليقي) (جفاني اللَّحْم وَهُوَ شَقِيق روحي ... فَمن يعدي على ذَاك الشَّقِيق) (كَأَن اللَّحْم فِي صَوْم النَّصَارَى ... توهمني ابْن عَم الجاثليق) (وَأحسن مَا رَآهُ النَّاس لحم ... جرايته تُضَاف إِلَى الدَّقِيق) // الوافر // وَله فِي مثل ذَلِك (يَا سيد النَّاس عِشْت فِي نعم ... تأوي إِلَيْهَا ممالك الْعَجم) (بديهتي فِي الْخِصَام حاضرها ... أشهر فِي الفيلقين من علم) (والخط خطي كَمَا ترَاهُ وَلَا ... الزهرة بَين القرطاس والقلم) (هَذَا وخبزي حاف بِلَا مرق ... فَكيف لَو ذقت ثردة الدسم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 (مَا لي وللحم إِن شَهْوَته ... قد تَرَكتنِي لَحْمًا على وَضم) (وَمَا لحلقي وَالْخبْز يجرحه ... بالملح يشكو حزونة اللقم) // المنسرح // وَله فِي مثل ذَلِك (يَا من رأى الْبَدْر حسن صورته ... فَبَان فِي الْبَدْر مَوضِع الْحَسَد) (نَحن سنانير أهل دولتكم ... فأنصفونا من صَاحب الغدد) (وَالله لولاك لم تبت مرق اللَّحْم ... تروي شحومه ثردي) (وَلم يجوزر لي الدَّقِيق وَلَا ... كَانَت يحوز المسلقات يَدي) // المنسرح // وَكتب لبَعض الوزراء وَقد أَرَادَ عمَارَة مسناة دَاره (خَفِي فَمَا أَنْت بمعذوره ... وَلَا على نصحك مشكوره) (أذاك كم يصدع قلبِي بِهِ ... وَإِنَّمَا قلبِي قاروره) (فِي كل شَيْء أَنْت يَا هَذِه ... مغمومة بِي غير مسروره) (حَتَّى مسناتي الَّتِي أَصبَحت ... وَهِي خراب غير معموره) (أيتها الْمَرْأَة لَا تقلقي ... من قبل أَن تستعملي الصوره) (لي سيد أضحت عناياته ... على مسناتي موفوره) (ناهدته فِيهَا على أَنَّهَا ... تجْعَل بالصاروج كافوره) (مني أَنا لَا شَيْء وَمن سَيِّدي ... الْآجر والصناع والنوره) // السَّرِيع // وَكتب إِلَى بعض الرؤساء يلْتَمس مِنْهُ عِمَامَة (يَا من لَهُ معجزات جود ... توجب عِنْدِي لَهُ الإمامه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 (مَا لي إِذا مَا الشمَال هبت ... قَامَت على رَأْسِي القيامه) (ودميت فِي الْقَفَا عُيُون ... بالطول فِي مَوضِع الحجامه) (أَظن هَذَا من أجل أَنِّي ... فِي الْبرد أَمْشِي بِلَا عمامه) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ لبختيار حِين عاود الحضرة بعد هزيمَة الأتراك وَالْحجاج مَعَه (الْحَمد لله جَاءَت النعم ... وانصرفت مَعَ مجيئها النقم) (واطلع الْبَدْر بعد غيبته ... فَانْكَشَفَتْ عَن وُجُوهنَا الظُّلم) (فَأَي شَيْء تُرِيدُ تعْمل بِي ... فإنني مِنْك لست أحتشم) (أُرِيد مِمَّا افتتحته عملا ... يثرد فِي دغباجه اللقم) // المنسرح // وَقَالَ لسهل بن بشر يعرض بِطَلَب مركوب (يَا ابْن بشر يَا سَيِّدي يَا ابْن بشر ... يَا معيني على ملمات دهري) (حلق الله ذقن من يتشناك ... وألقاه فِي غيابة حجر) (أَي شَيْء تُرِيدُ تعْمل بِي الْيَوْم ... فَهَذَا أَنا وَأَنت وشعري) (أَنا فِي وَاسِط أروح وأغدو ... بَين مد من الظنون وجزر) (تَارَة يسنح الْغنى ليل فأرجوه ... وطورا أرى دَلَائِل فقري) (رَاجِلا أعزبا فرجلي وأيري ... بَين بطن قد أعوزاني وَظهر) (غير أَنِّي أرى عميرَة بِاللَّيْلِ ... يمشي بجلدها بعض أَمْرِي) (وكعابي الَّتِي يرضضها الْمَشْي ... على من أحيلها لَيْت شعري) (أَنْت تَدْرِي وَحسب عَبدك فِيمَا ... يرتجي مِنْك قَوْله أَنْت تَدْرِي) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 وَكتب إِلَى ابْن قُرَّة يقتضى مركوبا وعد بِهِ وَهُوَ على جنَاح السّفر (يَا سَيِّدي دَعْوَة ذِي رحْلَة ... مقصر فِي الجري مَسْبُوق) (وَالْقَوْم قد صَحَّ بهم عزمهم 5 وضربوا بالطبل والبوق) (وضمروا للسير أفراسهم ... وفرسي الْأَشْهب فِي زيقي) (بل لي كميت مَا رئي مثله ... يَا سَيِّدي قطّ لمخلوق) (كأنني فِي مَتنه رَاكب ... دالية فِي رَأس زرنوق) (مَا فِي فضل لَا وَلَا فِيهِ لي ... لأنني وَهُوَ على الرِّيق) // السَّرِيع // وَقَالَ يتنجز رِدَاء شرب (وَيحك اسْكُتْ فضحتني يَا راسي ... أَنْت بالضد من رُءُوس النَّاس) (أَنْت وَالله فارغ القحف إِلَّا ... من كنوز الخباط والإفلاس) (بسك اقْطَعْ فَفِي ضماني الرِّدَاء ... الشّرْب الأميري عَن أبي الْعَبَّاس) (أَبيض الْغَزل فِيهِ خطّ سَواد ... مثل خطّ الرئيس فِي القرطاس) // الْخَفِيف // وَقَالَ يتنجز دَرَاهِم (يَا قمرا فِي تَمَامه طلعا ... هَذَا رَسُولي إِلَيْك قد رجعا) (فِي غَايَة الْحسن والدماثة ... وَالنعْمَة والظرف وَالْجمال مَعًا) (عَن طيب مَعْنَاهُ فِي لطافته ... كَأَنَّهُ فِي الكنيف قد وَقعا) (وَهُوَ يحب الصرار يفتقها ... ويشتهي أَن يجمش القطعا) (فاحسم بِخَتْم القرطاس مقطعه ... وامنع يَدَيْهِ عَلَيْهِ أَن تقعا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 (واردده من همة بختمكه ... كَأَنَّهُ بالفلوس قد صفعا) // المنسرح // وَقَالَ يتنجز شَعِيرًا لدابته (كميتي اصهل واضرط فَقَالَ نعم ... بِالسَّمْعِ يَا سَيِّدي وبالطاعه) (نعم وَلَكِن أَيْن الشّعير ترى ... فَقلت هُوَ ذَا يجيهم الساعه) (قَالَ فَمِمَّنْ فَقلت من رجل ... قد صَار فِي الْجُود حَاتِم الباعه) // المنسرح // وَقَالَ وَقد بَعثه إِلَيْهِ (كال لي ابْن الْمعدل ... بالقفيز الْمعدل) (من شعير بِلَا تُرَاب ... نقي مغربل) (مَا أرى مثله فلَان ... قضيما لدلدل) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ يطْلب خيشا (يَا أحرص النَّاس على مبعر ... يدق مستنجاه بالفيش) (حَتَّى مَتى تتركني فِي لظى ... حر حزيران بِلَا خيش) // السَّرِيع // وَقَالَ يَسْتَعِين بِأبي قُرَّة على تَطْهِير ابْنه (يَا سَيِّدي دَعْوَة من لم تزل ... تعديه بالجود على دهره) (إِن لي ابْنا أمس خلفته ... فِي منزلي كالفرخ فِي وَكره) (يبكي إِذا مَا عَن ذكري لَهُ ... وَفِي فُؤَادِي النَّار من ذكره) (والعزم بِي قد جد يَا سَيِّدي ... فِي شهرنا الْأَدْنَى على طهره) (فقوني إِنِّي ضَعِيف القوى ... على الَّذِي أنويه فِي أمره) (فَأَنت ستر الله فِي وَجه من ... أصبح ذَاك الطِّفْل فِي ستره) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 وَقَالَ لبَعض بني حمدَان (فَتى يُغير الْمَدْح فِي دَاره ... على صناديق وأكياس) (ذقت ندى رَاحَته مرّة ... فطعمه فِي جَوف أضراسي) // السَّرِيع // وَقَالَ لرجل دَعَاهُ إِلَى عرس ثمَّ بداله (يَا وقح الْوَجْه جيد الحدقه ... خست بوعدي وَكنت غير ثقه) (أَيْن نَصِيبي من الطَّعَام وَمَا ... طمعت فِي لعقة من المرقه) (أشفقت مني وَكَانَ يقنعني ... عنْدك مَا لَيْسَ يُوجب الشفقه) (قِطْعَة لحم فِي وزن خردلة ... على رغيف كَأَنَّهُ ورقه) // المنسرح // وَقَالَ يطْلب مشروبا (يَا سَيِّدي عِشْت لي وبعدي ... وَأَرْض نعليك صحن خدي) (عنْدك يَا سَيِّدي نَبِيذ ... وَلَيْسَ لي مِنْهُ رَطْل دردي) (تروى وأظمأ وَذَاكَ بَين ... الْأَحْرَار ضرب من التَّعَدِّي) (وَقد تناهى أَمْرِي إِلَى أَن ... بكرت من منزلي أكدي) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك (أَبَا الْحُسَيْن الزَّمَان ذُو دوَل ... أَسبَابهَا عِنْد عِلّة الْعِلَل) (والعيش كالصاب فِي مرارته ... طورا وطورا أحلى من الْعَسَل) (وَدَار هذي الْحَيَاة مذ بنيت ... لم تخل من سَاكن منتقل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 (وَالنَّاس فِي طيبهم ونتنهم ... ضدان مثل التفاح والبصل) (وهم مليح وَآخر وَحش ... مَا بَين رامشة إِلَى جعل) (فَوجه هَذَا للسيف وحشته ... وَوجه ذَاك الْمليح للقبل) (وَلَيْسَ هَذَا وَقت الْخطاب على جراية تَقْتَضِي وَلَا عمل) (الْوَقْت وَقت الأرطال تعملها ... مَا بَين ثَانِي الثقيل والرمل) (وقحبة تبلع الْقَضِيب وَلَا ... يعجبها غَيره من الْحمل) (فَابْعَثْ بقفصية تحدثنا ... عَن حَرْب صفّين أَو عَن الْجمل) (غزيرة الْورْد إِن بِي ظمأ ... لَا يرتوي من صبَابَة الوشل) (وَلَا تجَادل أَخَاك معتذرا ... فلست مِمَّن يَقُول بالجدل) // المنسرح // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك (يَا نديمي قد خلوت بَحر ... لَيْسَ مِنْهُ ثقل على ملكيه) (اسقنيها وحدي سُرُورًا ببدر ... يعلم الله كَيفَ شوقي إِلَيْهِ) (يَا ابْن يحيى الَّذِي أَمُوت وَأَحْيَا ... فِي موالاته وَبَين يَدَيْهِ) (مِنْك هَذَا النَّبِيذ وَالْخبْز وَاللَّحم ... الَّذِي يشرب النَّبِيذ عَلَيْهِ) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك (اسْتمع شرح قصَّة أَنا مِنْهَا ... بَين وصل مِمَّن أحب وهجر) (لي وعد على غزال غرير ... ينجز الْوَعْد كل غرَّة شهر) (ومغن يُحِيط بِالْحَال علما ... فَهُوَ يَأْتِي وَلَا يَقُول بحذر) (وَعَلَيْك انْتِهَاء سكرهما الْيَوْم ... إِلَى غَايَة المُرَاد وسكري) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 (فأرحني من الهموم براح ... تصدر الْهم عَن موارد صَدْرِي) (وابق حَيا يُضَاف قسط إِلَى عمرك ... طول الْحَيَاة من كل عمر) // الْخَفِيف // مَا أخرج من خمرياته وَمَا ينضاف إِلَيْهَا قَالَ (وَلَيْسَ الْعَيْش إِلَّا شرب رَاح ... إِلَيّ بشربها الساقي يُشِير) (وكأس يعدل الساقون فِيهَا ... وَلَكِن حكم سورتها يجوز) (وشدو صَغِيرَة كالخشف يحدي ... بِصَوْت غنائها الرطل الْكَبِير) // الوافر // وَمن أُخْرَى (آسقني بالكبار إِمَّا بطاس ... أَو بكأس محرورة أَو بجام) (لَا تَكِلنِي إِلَى الصغار الَّتِي تحكي ... قَوَارِير جونة الْحجام) (وتقلد ديوَان عشرتي الْيَوْم ... بِلَا مشرف وَغير زِمَام) // الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى (الشّرْب لَا الْحَرْب عادتي وَمَعِي ... سِتَّة رَهْط جند صَنَادِيد) (الدن والرطل والمشمة وَالنَّقْل ... وطبل التكريع وَالْعود) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 وَمن أُخْرَى (سَيِّدي مَا أَظُنهُ ... بعد يدْرِي بِمَا جرى) (مَا درى أَن عَبده ... فلسه قد تقشرا) (عِنْد قوم معروفهم ... فِي قد صَار مُنْكرا) (كنت كالمسك مرّة ... بِالدَّنَانِيرِ أَشْتَرِي) (فَأَنا الْيَوْم بعد مَا ... صرت شَيخا كَمَا ترى) (عبد من عِنْده نَبِيذ ... إِذا كَانَ أحمرا) (خمرة دنها يضمن ... مسكا وعنبرا) (كم فَم ذاقها فطاب ... وَقد كَانَ أبخرا) (وَغُلَام بكأسها ... رَاح يسْعَى وبكرا) (هُوَ فِينَا بريحها ... عبق قد تعطرا) (ظلّ يفسو وَعِنْدنَا ... أَنه قد تبخرا) // مجزوء الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى (أيلول والعيد واعتدال الْهَوَاء فِي اللَّيْل وَالنَّهَار ... ) (وَشهر شَوَّال فِي تكافي ... سَاعَات أَيَّامه الْقصار) (أَرْبَعَة تقتضيك دين ... السماع وَاللَّهْو وَالْعَقار) (فَاشْرَبْ لَهَا بالكبير ... إِن الْكَبِير للسادة الْكِبَار) // مخلع الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (والكأس تسلبني عَقْلِي وأهون مَا ... لهوت عَن ذكره عَقْلِي إِذا سلبا) (حَمْرَاء يُمْسِي بناني وَهُوَ فَوق يَدي ... مِنْهَا بِمثل شُعَاع الشَّمْس مختضبا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 (ابتعتها غير مغبون وَلَو طلب الْخمار ... روحي بهَا أَعْطَيْت مَا طلبا ... ) (وأربح النَّاس عِنْدِي فِي تِجَارَته ... مُحَصل يَشْتَرِي بِالْفِضَّةِ الذهبا) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (يَا صَاحِبي استيقظا من رقدة ... تزري عقل اللبيب الأكيس) (هَذِه المجرة والنجوم كَأَنَّهَا ... نهر تدفق فِي حديقة نرجس) (وَأرى الصِّبَا قد غسلت بنسيمها ... فعلام شربي الراح غير مغلس) (قوما اسقياني قهوة رُومِية ... مذ عهد قَيْصر دنها لم يمس) (صرفا تضيف إِذا تسلط حكمهَا ... موت الْعُقُول إِلَى حَيَاة الْأَنْفس) // الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (من شُرُوط الصبوح فِي المهرجان ... خفَّة الشّغل من خلو الْمَكَان) (وَحُضُور الطَّعَام قبل طُلُوع الشَّمْس ... مذ أمس بَارِد الألوان) (والعروس الَّتِي تزف إِلَى ... الأرطال فِي ثوب صبغها الأرجواني) (رسموا طين دنها وَهُوَ رطب ... باسم كسْرَى كسْرَى أنو شرْوَان) (وَترى سوسن الكؤوس عَلَيْهَا ... كسْوَة من شقائق النُّعْمَان) (ثمَّ خَفق الطبول بَين الأغاني ... واصطكاك الأوتار فِي العيدان) (وَالسَّمَاع الَّذِي يمل على الأسماع مَا تشْتَهي بِلَا ترجمان ... ) (كل صَوت من اقتراحات إِسْحَاق ... الَّتِي زينت كتاب الأغاني) (لَا أعد الصبوح إِلَّا غبوقا ... إِن جعلت الصبوح بعد الْأَذَان) (يَا خليلي قد عطشت وَفِي ... الْخمْرَة ري للحائم العطشان) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 (فاسقياني مَحْض الَّتِي نطق ... الْوَحْي بتحريمها من الْقُرْآن) (وَالَّتِي لَيْسَ للتأول فِيهَا ... مَذْهَب غير طَاعَة الشَّيْطَان) (واعدلا بِي عَن الَّتِي هدت النَّار ... قواها وحنقت بالدخان) (إِنَّنِي خشيَة من النَّار أخْشَى ... كل شَيْء يمس بالنيران) (لَا تخافا عَليّ دقة كشحي ... لَا تكال الرِّجَال بالقفزان) (فاسقياني بَين الدنان إِلَى أَن ... ترياني كبعض تِلْكَ الدنان) (مقْعدا بعد خفتي فِي نهوضي ... أخرسا بعد كَثْرَة الهذيان) (سكرة بعد سكرة تثبت اسْمِي ... فِي المفاليج أَو مَعَ العميان) (اسقياني فِي المهرجان وَلَو كَانَ ... لخمس بَقينَ من رَمَضَان) (اسقياني فقد رَأَيْت بعيني ... فِي قَرَار الْجَحِيم أَيْن مَكَاني) (أَنا حودابة وذهني صديد ... تَحت خصي فِرْعَوْن أَو هامان) (كل شَيْء قَدمته لي فِيهِ ... رَأس مَال يأوي إِلَى الخسران) (غير حبي أهل الحواميم ... والحشر وطه وَسورَة الرَّحْمَن) // الْخَفِيف // خَمْسَة حبهم إِذا اشْتَدَّ خوفي ... ثقتي عِنْد خالقي وأماني) (قد تيقنت أَنهم ينقلوني ... من يَدي مَالك إِلَى رضوَان) (بهم قد أمنت خوف معادي ... وَبِهَذَا الْوَزير خوف زماني) (يَا أَبَا طَاهِر ولولاك مَا كَانَ ... لبدر السَّمَاء فِي الأَرْض ثَانِي) (لَك يَا سَيِّدي دَعَا الْفطر والأضحى ... وَيَوْم النيروز والمهرجان) وَمن أُخْرَى فِي بختيار يهنئه بالأضحى (قد صخب البم مَعَ الزير ... فَقُمْ قَلِيلا غير مَأْمُور) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 (قُم هَاتِهَا أصفى إِذا رقرقت ... فِي الكاس من دمعة مهجور) (من يَد عذراء لَهَا وجنة ... تحار فِيهَا أعين الْحور) (تحدثت فانتثر الدّرّ من ... مشمة النرجس والخيري) (وعنبرت أنفاسها نكهة ... تَبَسم عَن نفحة كافور) (اللَّيْل وَالْعشر يَقُولَانِ لي ... مذ أمس قولا غير مَسْتُور) (أمسلم قلت نعم ظاهري ... وباطني فِي الْخمر نسطوري) (من أجل هَذَا أَنا مذ جئتما ... مَا بَين سَكرَان ومخمور) (فاسعد بِيَوْم الْعِيد واجلس لَهُ ... فِي خلْوَة جلْسَة مسرور) (وضح فِيهِ بالدنان الَّتِي ... تَخِر بَين البم والزير) (من كل دن دم أوداجه ... أحل من لحم الْخَنَازِير) (واستحضر الْعود وَوجه بِهِ ... حَتَّى نصلي بالطنابير) (الرَّكْعَة الأولى سريجية ... وركعة التَّسْلِيم ماخوري) (وَهِي صَلَاة الْعِيد لَا يَسْتَوِي ... تجوزي فِيهَا وتقصيري) (وَالله لَو كنت لَهَا حَاضرا ... لحير الْعَالم تكبيري) (فَاشْرَبْ على ملك تمليته ... موشح بالعز مَنْصُور) (فِي قدح أَزْرَق أَو ساذج ... أَبيض مثل الثَّلج بلور) (واستجل مَعَ ذَاك وَذَا أوجها ... صَبِيحَة مثل الدَّنَانِير) (كَأَنَّمَا عَيْنك مَا بَينهم ... تَدور فِي زهرَة منثور) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى فِي أبي الْفَتْح بن العميد وَكَانَ قد هجر النَّبِيذ بعد الْقَبْض على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 بختيار وَكَانَ ابْن بَقِيَّة الْوَزير قد شرب وَابْن الْحجَّاج إِذْ ذَاك يتَوَلَّى الْحِسْبَة بِبَغْدَاد (حَقي على الْأُسْتَاذ قد وجبا ... فإليه قد أَصبَحت منتسبا) (مولَايَ ترك الشّرْب يُنكره ... من كَانَ فِي بَغْدَاد محتسبا) (إِن كَانَ من غم الْأَمِير فَلم ... وزيره بالْأَمْس قد شربا) (إِن الْمُلُوك إِذا هم اقْتَتَلُوا ... أَصبَحت فيهم كلب من غلبا) (فلذاك أسكر غير مكترث ... وَألف مَعَ خيشومي الذنبا) (يَا سادتي قد جَاءَنَا رَجَب ... فتفضلوا واستقبلوا رجبا) (بمدامة لَوْلَا أبوتها ... مَا كنت قطّ أشرف العنبا) (حَمْرَاء مثل النَّار موقدة ... لم تلق لَا نَارا وَلَا حطبا) (من قَالَ إِن الْمسك يشبهها ... ريحًا فَلَا وَالله مَا كذبا) // الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِي بعض الوزراء (فديت بِي يَا سَيِّدي وحدي ... وعشت ألفي سنة بعدِي) (قد رَحل النرجس فَاشْرَبْ على ... محَاسِن المنثور والورد) (من لي بهَا عنْدك مشمولة ... قد أَصبَحت مَعْدُومَة عِنْدِي) (يمزجها لي رشأ أغيد ... بريقة أحلى من الشهد) (نِهَايَة الْحر مجس استه ... وريقه فِي غَايَة الْبرد) (جنى من الْبُسْتَان لي وردة ... أحسن من إنجازه وعدي) (وَقَالَ والوردة فِي كَفه ... مَعَ قدح أذكى من الند) (اشرب هَنِيئًا لَك يَا عاشقي ... ريقي من كفي على خدي) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 وَمن أُخْرَى (يَا من حُقُوق النيروز تلْزمهُ ... رسمك يَوْم النيروز مَشْهُور) (فاسكر من اللَّيْل واصطبح سحرًا ... غَدا تراني وَأَنت مخمور) (واستنطق الزير إِنَّنِي رجل ... يُعجبنِي مَا يَقُوله الزير) // المنسرح // وَمن أُخْرَى (قُم فاسقني الراح أَو تراني ... مبلبل الْعقل وَاللِّسَان) (إِذا تَكَلَّمت لم يُفَسر ... قولي إِلَّا بترجمان) // مخلع الْبَسِيط // وَله يهنىء نَصْرَانِيّا بفصحه (أوجع دماغ القرع بالسلق ... الْيَوْم يَوْم الْقطع والبلق) (الْيَوْم يَوْم الراح يَا سَيِّدي ... فَاشْرَبْ من الراح كَمَا تَسْقِي) (كل سَيِّدي واشرب ونك إِنَّمَا ... الْحَيَاة بَين الشّرْب وَالْفِسْق) (وافطر من الصَّوْم على فقحة ... زبدتها فِي طرف الزق) (وابق سليما ودع الْمَوْت لَا ... يجنو على الْخلق وَلَا يبقي) // السَّرِيع // مَا أخرج من خرافاته فِي مجونه ومفاحشاته قَالَ (سرى متعرضا طيف الخيال ... فَسَوف لَا محَالة بالمحال) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 (وَلَكِنِّي انْتَبَهت فَكَانَ حزني ... على مَا فَاتَنِي أَسْوَأ لحالي) (وَمَا خلق النِّسَاء بالبظر إِلَّا ... وبالا حَيْثُ كن على الرِّجَال) (عذيري فِي الزِّنَا من كل تَيْس ... عَتيق قد تمرد فِي الضلال) (يحسن لي الْحَلَال فَنحْن طول ... النَّهَار إِذا اجْتَمَعنَا فِي جِدَال) (وَلَيْسَ سوى الزِّنَا همي ورأيي ... فيكار الخصى نيك الْعِيَال) (وَفِي النيك الْحَرَام خزعبلات ... قَلِيلا مَا ترَاهَا فِي الْحَلَال) (وسرم مر مجتازا بأيري ... كَمَا صلى العشا والدرب خَالِي) (فَقَالَ لَهُ إِلَى كم تزدريني ... وَتكشف بالقبيح إِلَيّ بالي) (وَلم تخْتَار وصل الْحر دوني ... وتكرهني وَتعرض عَن وصالي) (ألم تَرَ أَن شكل الْبَدْر شكلي ... وَأَن الْحر معكوس الْهلَال) (تَأمل تكتي فَوقِي وَأَنِّي ... الوهاد من الروابي والتلال) (فَنَكس رَأسه أيري طَويلا ... وفكر فِي الْجَواب عَن السُّؤَال) (وفكر ثمَّ قَالَ لَهُ إِذا لم ... توفق للصَّوَاب فَمَا احتيالي) (أَبَا الدراق مَا للْحرّ ذَنْب ... إِذا فَكرت فِي عُذْري ولالي) (وَلَكِنِّي رايت الْحر فِينَا ... يسام الْخَسْف حَالا بعد حَال) (فَيقطع أَنفه طفْلا وينشو ... كَبِيرا وَهُوَ منتوف السبال) (وَيْلكُمْ شدقه فِي كل وَقت ... بِغَيْر خُصُومَة وَبلا قتال) (وَأَنت فسيء الْأَخْلَاق جدا ... كَمَا تَدْرِي قَلِيل الإحتمال) (بِأول خاطر من غير فكر ... تشرس من لقِيت وَلَا تبالي) (ومدخلة لَهَا ردف سمين ... وخصر كالهلال من الهزال) (يُؤذن فِي استها أيري أَذَان ... الضُّحَى وَيُقِيم فِي وَقت الزَّوَال) (وتعصف ريح عصعصها شمالا ... وَهل ريح أرق من الشمالي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 (وَقد بادلتها فمبالها لي ... بمشورة استها وَلها قذالي) (كَمَا لإبن العميد جَمِيع شكري ... وَدُنْيا ابْن العميد جَمِيعهَا لي) // الوافر // وَمن أُخْرَى (فحمية السرم وَلكنهَا ... البظراء شيرازية المفرق) (قَالَت لأيري بعد مَا صب فِي ... دواتها أَكثر من دورق) (أوحشت عش استي فَقل لي مَتى ... تؤنسه يَا عنق اللقلق) (فَقَالَ هَيْهَات وَهل يرجع ... اللص إِذا فر من المطبق) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى فِي حسبته (يَا معشر النَّاس اسمعوا دَعْوَة ... دخالة بالنصح خراجه) (من مِنْكُم طَار على حسبتي ... قطعت بالدره أوداجه) (لِأَنَّهُ أقرن لَيست لَهُ ... بعدِي فِي زَوجته حاجه) (كَأَن أيري فِي آستها زمج ... يطْلب بَين الشوك دراجه) // السَّرِيع // وَمن أُخْرَى (جَارِيَة أَرض نَبَات استها ... رقيقَة التربة خواره) (تسيح فِي جَانب مفساتها ... عين خرا بِالْعرضِ خراره) (كَأَن لي مِنْهَا على عَاتِقي ... كرَاع شَاة فَوق قناره) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 وَمن أُخْرَى (وقينة كل من يعاشرها ... مغتبط بِالسَّمَاعِ مسرور) (مبرودة الرِّيق بعد هجعتها ... وجوفها فِي الْفراش محرور) (كَأَن تنورها الشَّديد حمى ... بِقرب عهد الشَّبَاب مسجور) (تشم ريح استها الزناة كَمَا ... تشم ريح اللَّحْم السنانير) (فجوفها قربَة وَفِي حرهَا ... خَنْدَق بَوْل وبظرها سور) // المنسرح // وَمن أُخْرَى (وَلم أزل وَهِي إِلَى جَانِبي ... كظبية عفراء وحشيه) (أنب مثل التيس فَوق استها ... وَهِي بِحَال النيك تيسيه) // السَّرِيع // (صمدت لَهَا وجنح اللَّيْل داج ... بأخطف للطريدة من عِقَاب) (وأولع بالمباعر من قراد ... وأوقع فِي المقاذر من ذُبَاب) وَمن أُخْرَى (فتاة مَا عرفنَا قطّ مِنْهَا ... بِحَمْد الله إِلَّا كل خير) (فَمَا تهوى سوى أيار شهرا ... وَلَيْسَ إمامها غير الزبير) // الوافر // وَمن أُخْرَى (قَالُوا رَأَيْنَاك بِمَا فِيك من ... هشاشة الفطنة والكيس) (تحبو إِلَى بَاب استها مثل مَا ... يحبو ابْن عَاميْنِ إِلَى الديس) (فَأَي شَيْء كَانَ قلت الَّذِي ... يكون بَين العنز والتيس) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 وَقَالَ (يَا سادتي مَا اسْترق ديني ... شَيْء كَمثل الْحر السمين) (لما أرَاهُ يَزُول عَقْلِي ... عني ويعتادني جنوني) (وأشتهي أَن أغوص فِيهِ ... من مشط رجْلي إِلَى جبيني) (وَكلما شلت مِنْهُ رَأْسِي ... رزقت قوما يغوصوني) (أغيب شهرا فَلَا تراني ... الْعُيُون وَالنَّاس يطلبوني) (حَتَّى إِذا كَانَ بعد شهر ... دلّ على موضعي أنيني) (فديته كالعروس يجلى ... فِي دست ورد وياسمين) (جَبينه الصَّلْت من حَدِيد ... وشدقه الرخو من عجين) (وَخير مَا يقتنيه أيري ... صلابة بطنت بلين) // مخلع الْبَسِيط // وَله (يَا صَاح فَاشْرَبْ واسقني ... من الشَّرَاب العكبري) (مَعَ أَمْرَد عصعصه ... يجيد بلع الكمر) (أَو قينة طنبورها ... المحفوف صلب الْوتر) (حورية قد شربت ... بالرطل مَاء الْكَوْثَر) (من الْجنان وَجههَا ... وسرمها من سقر) (لَهَا حر كَأَنَّهُ ... وَجه غُلَام خزري) (ذُو شَعْرَة أطرافها ... شبه رُءُوس الإبر) (أصيح فِي نيكي لَهَا ... تقدمي تأخري) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 (أَحْسَنت لي هم هَكَذَا ... مدي وشدي واعصري) (الْعَيْش مَا أطيب ذَا ... يَا مهجتي يَا بَصرِي) (لمثل ذَا الْوَقْت انتفي ... أَو احلقي أَو نوري) // مجزوء الرجز // وَمن أُخْرَى (صبية بظرها بجنبي ... يبيت مثل الصَّبِي المخضب) (مفعول بَاب استها بأيري ... الْفَاعِل فَوق الْفراش ينصب) (وسرمها كَانَ أمس غرا ... لم يتفقه وَلَا تأدب) (فاليوم قد صَار مُنْذُ قاسى ... أُمُور أهل الزِّنَا وجرب) (إِذا رأى الأير من بعيد ... بوق فِي وَجهه ودبدب) // مخلع الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (تبول من شدق مهزول بِهِ عجف ... وَقد تفقا عَلَيْهِ بظرها سمنا) (ترغي وتزبد شدقاه إِذا اخْتلفَا ... كَأَنَّهُ شدق مفلوج حسى لَبَنًا) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (ذَات حم يسْقِي الفراغات صرفا ... من عصير الْخصي بِغَيْر مزاج) (بَات دكشاب فيشتي فِي خراها ... يخلط الدوغباج بالزيرباج) // الْخَفِيف // وَقَالَ (لَو أَن سرما كَانَ فِي ... يَدَيْهِ ملك الْيمن) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 (لَكَانَ أولى مِنْهُ بِي ... قِطْعَة بظر عفن) // مجزوء الرجز // وَقَالَ (عمرك الله يَا ابْن عَمْرو ... عمر ثَلَاثِينَ ألف نسر) (وَجهك عِنْد الصَّباح شمسي ... وَأَنت عِنْد الْمسَاء بَدْرِي) (مولَايَ ذَا الْيَوْم يَوْم سعد ... أشرف عِنْدِي من ألف شهر) (نذرت فِيهِ إِذا الْتَقَيْنَا ... سكرا إِلَى اللَّيْل بعد سكر) (مَعَ قينة لَا تُرِيدُ غَيْرِي ... فَهِيَ تجيني بِغَيْر حذر) (أيري على أَنه طَوِيل ... أقصر من بظرها بشبر) (لصوف شعر استها مداد ... يعجنه بولها بحبر) (فَأَي شَيْء تَقول هُوَ ذَا ... أقوم حَتَّى أَفِي بنذري) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (ضرطت وَنحن بعكبرا ... فتشوشت سفن الْغُرُوب) (وفست على ريح الشمَال ... فَأَلْحَقْتهَا بالجنوب) (ومسحت مبقلة استها ... فَوَجَدتهَا ألفي جريب) (جَاءَت إِلَيّ وجوفها ... يغلي وَلَا قدر الزَّبِيب) (فسلقت بيضي فِي استها ... وشويت فِي حرهَا عسيبي) // مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (وَكم حَدِيث كَأَنَّهُ سمر ... قد مر لي فِي الزِّنَا مَعَ السمر) (وافرة الردف فَهُوَ يثقلها ... لَطِيفَة الكشح نضوة الخصر) (طعم خراها مَعَ طعم فيشلتي ... يشبه طعم اللبا مَعَ التَّمْر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 (لَو لم أشبب بِشعر عانتها ... مَا طَابَ للنَّاس كلهم شعري) (قيل لأيري وَقد رَأَوْهُ وَلَا ... الهارب بعد الْحُصُول فِي الْأسر) (يشْتَد بعد العشا إِلَى حرهَا ... عدوا بِلَا حشمة وَلَا فكر) (مَا لَك هوذا تطير قَالَ لَهُم ... أطير مستعجلا إِلَى وَكري) (ولي خصى لَو خرجت أعرضه اشْتَرَاهُ ... مني بِرُوحِهِ دري) (ايري عَلَيْهِ كَأَنَّهُ وتد ... قد علقت فِيهِ دبة البزر) // المنسرح // وَمن أُخْرَى (يَا وَيحكم وَاللَّحم يعرض ... والبزاة على الكنادر) (قومُوا بِنَا نحشو البظور ... بفيشنا حَشْو الْمسَاوِر) (نبدا بكراعاتهم ... ونعود نعثر بالزوامر) (ثمَّ الحوافظ إنَّهُنَّ ... عَجَائِز شمط عواهر) (أحراحهم بيض العنافق ... واللحى سود المباعر) (كشيوخ أَصْحَاب الحديثة إِذا تَمْشُوا بالمحابر) // مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (أَنا ابْن حجاج إِلَيْهِ أبي ... ينمي وقلبي من بني عذره) (لم يخل جسمي فِي الْهوى من ضنى ... قطّ وَلَا عَيْني من عبره) (حبائب مثل حَصى عكبرا ... والرقبا مثل نوى البصره) (حامضة الْبَوْل وَلَكِن لَهَا ... مستنعظ أحلى من التمره) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 (لَهَا حر درته درة جرة ... ومبعر روثته صخره) (فَمَا تلاحظنا سوى مرّة ... حَتَّى أَتَى الشَّيْخ أَبُو مرّة) // السَّرِيع // نبذ من ملحه الْقصار من أخباره كَانَ قد دَعَا مغنية فَلَمَّا دارت الكؤوس تساكرت عَلَيْهِ وتناومت وَهُوَ جَالس فَقَالَ (غطت البظراء لما ... عَايَنت مِفْتَاح ديري) (ورجت مني خيرا ... قلت لَا ترجين خيري) (اقعدي عِنْدِي وَهَذَا ... فافعليه عِنْد غَيْرِي) (أَنْت فِي دَعْوَة أُذُنِي ... لست فِي دَعْوَة أيري) // مجزوء الرمل // وحصلت عِنْده مغنية كَانَ يتعاشق لَهَا ونام ابْن حجاج فتفرقع ظَهره فَغضِبت وانصرفت فَقَالَ (قد غضِبت ستي وَقد أنْكرت ... قرقعة تظهر فِي ظَهْري) (وَلَيْسَ لي ذَنْب ولكنني ... أضرط بِاللَّيْلِ وَلَا أَدْرِي) (فليت شعري وَهِي غضبانة ... من حجرها أضرط أم حجري) // السَّرِيع // وَأَنا أستظرف كنايته بالفرقعة عَن الضراط ودعا مغنية فَخَلا بهَا فهجمت عَلَيْهِ صديقه لَهُ فتضاربتا وتجارحتا وَطَالَ بَينهمَا الشَّرّ فَقَالَ (رحم الله من أَتَانِي بمُوسَى ... فتقصى بحده جب أيري) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 (كل يَوْم أغضي لَهُ عَن جنايات ... كَأَن الحَدِيث فِيهَا لغيري) (ولعمري كم من صباح بشر ... كَانَ لولاه قد جرى لي بِخَير) // الْخَفِيف // ووردت عَلَيْهِ رقْعَة صديقين لَهُ يدعوانه للشُّرْب وَابْنه قد جدر وملح فَكتب إِلَيْهِمَا من (يَا سَيِّدي النَّبِيذ مَوْجُود ... وَبَاب شرب النَّبِيذ مسدود) (قد ملح ابْني فَكيف يشرب من ... أَمْسَى وَلحم ابْنه تمكسود) // المنسرح // وَعرض لَهُ صداع فَانْفَرد إخوانه بالشرب مَعَ مغنية كَانَ قد اشترطها فَكتب إِلَيْهِم (حصلت أَنا الشقي على الصداع ... وَأَنْتُم بالتمتع وَالسَّمَاع) (خلوتم بِالَّتِي قلبِي إِلَيْهَا ... شَدِيد الشوق مَشْهُور النزاع) (فتاة أصبح الْإِجْمَاع فِيهَا ... يقر بِأَنَّهَا شَرط الْجِمَاع) // الوافر // وَحصل مَعَ رجل يكنى أَبَا الْحُسَيْن فِي دَار رجل بخيل فالتمس أَبُو الْحُسَيْن الْعشَاء بعد الْغَدَاء فَقَالَ ابْن حجاج (يَا سَيِّدي يَا أَبَا الْحُسَيْن ... أَنْت رفيع بنقطتين) (يَا كلب الضرس مَا يداوي ... ضرسك إِلَّا بكلبتين) (وَيلك قل لي جننت حَتَّى ... نلتمس الْخبز مرَّتَيْنِ) (فِي دَار من خبزه عَلَيْهِ ... ألف رَقِيب بِأَلف عين) // مخلع الْبَسِيط // وَحضر فِي دَعْوَة وَأخر الطَّعَام فَقَالَ (يَا صَاحب الْبَيْت الَّذِي ... أضيافه مَاتُوا جَمِيعًا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 (حصلتنا حَتَّى نموت ... بدائنا عطشا وجوعا) (مَا لي أرى فلك الرَّغِيف ... لديك مشترفا رفيعا) (كالبدر لَا نرجو إِلَى ... وَقت الْمسَاء لَهُ طلوعا) // الْكَامِل // وَنظر إِلَيْهِ يذهب وَيَجِيء فِي دَاره فَقَالَ (يَا ذَاهِبًا فِي دَاره جائيا ... بِغَيْر معنى وَبلا فائده) (قد جن أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عَلَيْهِم سُورَة المائده) // السَّرِيع // وَكَانَ بعض أَصْحَاب الدَّوَاوِين يُطَالِبهُ بِحِسَاب نَاحيَة وَليهَا فَكتب إِلَيْهِ (ايا من وَجهه قمر مُنِير ... يضيء لنا وراحته السَّحَاب) (إِذا حضر الْحساب أعدت ذكري ... وتنساني إِذا حضر الشَّرَاب) (أجبني بالقناني والمثاني ... ووجهك إِنَّه نعم الْجَواب) (وكلني فِي الْحساب إِلَى إِلَه ... يسامحني إِذا وضع الْحساب) // الوافر // وَركب إِلَى بعض الرؤساء يهنئه بعيد النَّحْر فَلم يصادفه فَكتب إِلَيْهِ (أيا من وَجهه كَالشَّمْسِ توفّي ... فيمحق نوره بدر التَّمام) (لعيد النَّحْر أَيَّام قصار ... تلم بِنَا اجتيازا كل عَام) (أمرنَا كلنا بالنيك فِيهَا ... وَأكل الطَّيِّبَات وبالمدام) (فَقيل لنا أشربوا وكلوا ونيكوا ... حَلَالا أَو على وَجه الْحَرَام) (وَمَا قيل اقطعوها بالتهاني ... وتكرار التحايا وَالسَّلَام) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 (فيا طُوبَى لمن صلوا قعُودا ... وناكوا فِي الكواشل من قيام) (وَقد بكرت أمس على كميت ... يقصر خطوه طول الْمقَام) (جريح الْجنب من ضغط الحزام ... قريح الفك من مضغ اللجام) (فَإِن أَنا لم أعد فَالله أولى ... بعذري ثمَّ أَنْت بِلَا كَلَام) // الوافر // ووردت رقْعَة رجل على بعض الرؤساء وَهُوَ جَالس يعرض عَلَيْهِ جَارِيَة رباها ويصف حسنها فَأمره بالإجابة فَقَالَ (يَا ذَا الَّذِي جَاءَ بَحر لَهُ ... فِي السِّرّ يهديه إِلَى أيري) (عَليّ شغل بالمهم الَّذِي ... ترَاهُ فاطلب نايكا غَيْرِي) // السَّرِيع // وَكَانَ لَهُ صديق وَلذَلِك الصّديق ابْن يكنى أَبَا جَعْفَر وَكَانَ مستهترا بالقحاب فَسَأَلَهُ أَن يعاتبه وَيُشِير عَلَيْهِ بالتزوج فَقَالَ (إياك والعفة إياكا ... إياك أَن تفْسد معناكا) (أَنْت بِخَير يَا أَبَا جَعْفَر ... مَا دمت صلب الأير نياكا) (فنك وَلَو أمك واصفع وَلَو ... أَبَاك إِن لامك فِي ذاكا) // السَّرِيع // وَكَانَ الْوَزير أَبُو الْفضل والوزير أَبُو الْفرج قد خلوا فِي الدِّيوَان لعقوبة أَصْحَاب المهلبي عقب مَوته وأمرا أَن تلوث ثِيَاب النَّاس بالنفط إِن قربوا من الْبَاب وَقد كَانَ المهلبي فعل مثل هَذَا فَحَضَرَ ابْن الْحجَّاج فحجب وَخَافَ النفط فَانْصَرف فَقَالَ (الصفح بالنفط فِي الثِّيَاب ... مَا لم يكن قطّ فِي حسابي) (لَيْسَ يقوم الْوُصُول عِنْدِي ... مقَام خيطين من ثِيَابِي) (يَا رب من كَانَ سنّ هَذَا ... فزده ضعفا من الْعَذَاب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 (فِي قَعْر حَمْرَاء لَيْسَ فِيهَا ... غير بني البظر والقحاب) (تفعل فِي لَحْمه الْمهرِي ... مَا يفعل الْجَمْر بالكباب) (فالقرد عِنْدِي يجل عَمَّن ... يسن هَذَا على الْكلاب) // مخلع الْبَسِيط // ووردت عَلَيْهِ رقْعَة خصم لَهُ بِمَا يسوءه فَكتب على ظهرهَا أبياتا مِنْهَا (إِنِّي جعلت إجَابَتِي فِي ظهرهَا ... عمدا ليمكن فضها فِي الْمجْلس) (كَانَت كنيفا فائضا فزرعت فِي ... ظهر الكنيف حديقة من نرجس) // الْكَامِل // وَكَانَ ابْن شيراز قد صارع السَّبع فَقتله ثمَّ عَاد لمثله فَكتب إِلَيْهِ ابْن حجاج (يَا من إِلَى مجده انقطاعي ... وَمن بِهِ أخصبت رباعي) (قد زَاد خوفي عَلَيْك جدا ... وَعظم الْأَمر فِي ارتياعي) (فِي كل يَوْم سبع جَدِيد ... ينفر من ذكره استماعي) (تَغْدُو إِلَيْهِ بِلَا احتشام ... وَلَا انقباض وَلَا امْتنَاع) (وَلَيْسَ قتل السبَاع مِمَّا ... يدْرك بالختل وَالْخداع) (فَلَا تطر بعْدهَا لسبع ... مراسه غير مستطاع) (إِن صراع السبَاع عِنْدِي ... حاشاك ضرب من الصراع) (اعْدِلْ إِلَى الكأس والندامى ... وَالْأكل وَالشرب وَالسَّمَاع) (وأمرد جَامع لشرط العناق والبوس وَالْجِمَاع ... ) (بلَى أجع لي السبَاع واطرح ... خصمي فِي بركَة السبَاع) (فَإِن عيشي فِي أَن أرَاهُ ... بَين سِبَاع الربى الجياع) // مخلع الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 وَكَانَ سَأَلَ بعض الرؤساء أَن يتَكَلَّم فِي أَمر كَانَ لَهُ فوعده ثمَّ أمسك وَسكت فَقَالَ (يَا صنما يعبده شعري ... بِلَا ثَوَاب وَبلا أجر) (إِن لم تكن دبا فخاطبهم ... بِلَفْظَة تسمع فِي أَمْرِي) (انطق بِنَفس قبل أَن يحسبوا ... أَنَّك من طين وآجر) // السَّرِيع // وَقَالَ وَقد عرضت لَهُ عِلّة صعبة ثمَّ صلح بعد الْيَأْس فَكتب إِلَى بختيار (يَا سَيِّدي عِشْت فِي نعيم ... حُلْو الجنى دَائِم المسره) (عَبدك يشكو إِلَيْك حمى ... قد سبكته الصَّفْرَاء نقره) (حمى لتنورها وقود ... يزِيد فِي الْيَوْم ألف سجره) (قد حفرت تربة لصيدي ... فكتدت مِنْهَا أصير صبره) (عِلّة سوء كَانَت تريني ... نَفسِي فَوق الْفراش حسره) (طالعني الْمَوْت من زَوَايَا ... برسامها ألف ألف مره) (قد نصب الفخ لي وَلَكِن ... أفلت من فخه بِشعرِهِ) // مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (يَا سَيِّدي دَعْوَة من قلبه ... من خوف مَا مر بِهِ يخْفق) (قد نصب الفخ لصيدي أَبُو ... يحيى وَلَكِن أفلت العقعق) // السَّرِيع // وقلده الْوَزير نَاحيَة فَخرج إِلَيْهَا يَوْم الْخَمِيس وَتَبعهُ كتاب الصّرْف يَوْم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 الْأَحَد فَقَالَ (يَا من إِذا نظر الْهلَال ... إِلَى محاسنه سجد) (وَإِذا رَأَتْهُ الشَّمْس كَادَت ... أَن تَمُوت من الْحَسَد) (يَوْم الْخَمِيس بعثتني ... وصرفتني يَوْم الْأَحَد) (وَالنَّاس قد غنوا عَليّ ... كَمَا رجعت إِلَى الْبَلَد) (مَا قَامَ عَمْرو فِي الْولَايَة ... سَاعَة حَتَّى قعد) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي مثل ذَلِك (يَا مَالك الصَّدْر مَا خلوت من ... الْإِيرَاد مَا عِشْت فِيهِ والصدر) (قلدتني لَيْلَة وباكرني ... كتاب صرفي المشوم فِي السحر) (فقد بخْتِي فَكيف درت بِهِ ... دور لي جَانب استه وخري) // المنسرح // وَقَالَ وَقد حجبه بواب لبَعض الرؤساء مَرَّات فَكتب إِلَيْهِ (قولا لمن إحسانه لم يزل ... شِفَاء علاتي وأوصابي) (بِي عِلّة تقطع أَسبَابهَا ... من رَاحَة الصِّحَّة أسبابي) (أخفيت مَا بِي الْيَوْم مِنْهَا فَمَا ... تطلع النَّاس على مَا بِي) (وَلَيْسَ يشفيني سوى نهشة ... من قِطْعَة من كبد بواب) (تبيت فِيهَا وَهِي مشبوبة ... بالنَّار أضراسي وأنيابي) (فَامْنُنْ بِأَن تذبح لي وَاحِدًا ... بالنعل فِي دوارة الْبَاب) (فنقطة من دم أوداجه ... أَنْفَع لي من رَطْل جلاب) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 ملح من نوادره فِي ذكر الصفع قَالَ (يَا سخن الْعين الَّتِي لم تزل ... تعيش فِي النَّاس بِلَا عقل) (إِن لم تزن نَفسك مستأنفا ... وَالْخَوْف بَين القَوْل وَالْفِعْل) (حل بيافوخك مني الَّذِي ... يحل يَوْم الْعِيد بالطبل) (لَا تجْهَل الْيَوْم على من لَهُ ... معرفَة وبالعقل وَالْجهل) (فَتى وَإِن زلت بِهِ نَعله ... أصفع خلق الله بالنعل) // السَّرِيع // وَقَالَ (هارب مني وَقد خَافَ الْعَمى ... بقفا للنعل بَادِي المقتل) (وبكفي شمشك منتعل ... والقفا حبر الشمشك المنعل) // الرمل // وَقَالَ (فِي الْبَيْت لي درة يحدث عَن ... أفعالها الموغلون فِي الشَّارِع) (تَأْكُل لحم الْقَفَا السمين كَمَا ... يَأْكُل رز البهطة الجائع) // المنسرح // وَقَالَ (رب مستصفع نسخت بنعلي ... بَين أجفانه شُرُوط القوافي) (كل نهب الطلى مُبَاح حمى الرَّأْس ... حريب الآذان والأكتاف) (فَاتق الله فِي غطاريف أذنيك وأعصاب أخدعيك الضِّعَاف) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 وَقَالَ (قل لإبن حسنون وَمَا زَالَ من ... تعجرف يصغو ويستعفي) (أما ترى رخ يَدي جائلا ... وشاه أذنيك على الْكَشْف) // السَّرِيع // وَقَالَ (قد وَقع الْمَنْع والحجاب مَعًا ... فَكل من رام بَابَكُمْ صفعا) (وافيته طامعا لأدخله ... وَلم أكن قطّ أَحْمد الطمعا) (فواثبوني جهلا بمرتبتي ... فِي حَيْثُ أَشْكُو الصداع والصلعا) (لَا تَطْلُبُوا بعْدهَا مواصلتي ... فَإِن حَبل الْوِصَال قد قطعا) // المنسرح // وَقَالَ وَقد صرف عَن عمل كَانَ إِلَيْهِ (قَالَ وأجفان مقلتيه تكف ... وجسمه ظَاهر السقام دنف) (أَعمالنَا هَذِه الَّتِي كثر ... الإرجاف فِيهَا بِنَا فَلَيْسَ تقف) (قد صرفونا عَنْهَا فَقلت لَهُم ... نعم وصادف عين وَاو نون ألف) // المنسرح // وَقَالَ (قلت وَقد جَاءَ حر شاذا ... لأي معنى قد جَاءَ هَذَا) (قَالُوا لصفع الْعباد حَتَّى ... يَجْعَل أقفاءهم جذاذا) (فَقُمْت وابناي يتبعاني ... ننسل من بَينهم لِوَاذًا) // مخلع الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 نبذ من ذكر سرقاته من ذَلِك قَوْله (شيخ فَتى والشباب أَكْثَرهم ... قد علم الله غير فتيَان) // المنسرح // من قَول كثير (يَا عز هَل لَك فِي شيخ فَتى أبدا ... وَقد يكون شباب غير فتيَان) // الْبَسِيط // وَقَوله (وَأَوْلَاد الْحَرَائِر لم يجابوا ... لدي فَكيف أَوْلَاد القحاب) // الوافر // من قَول دعبل (إِنِّي لأهجو من يجود بِمَالِه ... أتظنني أدع اللَّئِيم الواضعا) (على أَنِّي أَظُنك سَوف تنجو ... بعرضك من يَدي منجى الذئاب) // الْكَامِل // من قَول أبي الزيات (نجا بك لؤمك منجى الذئاب ... حمته مقاذره أَن ينالا) // المتقارب // وَقَوله (وَأحسن مَا رَأينَا قطّ رَاحا ... إِذا كَانَت مَطِيَّة كأس رَاح) // الوافر // من قَول أبي تَمام (رَاح إِذا الراح كن مطيها ... كَانَت مطايا الشوق فِي الأحشاء) // الْكَامِل // وَقَوله (سترت بظله من ريب دهري ... فعز على النوائب أَن تراني) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 من قَول أبي نواس (تسترت من دهري بِظِل جنَاحه ... فعيني ترى دهري وَلَيْسَ يراني) // الطَّوِيل // وَقَوله (أَمْشِي بقلبي لَا برجلي إِنَّمَا ... تمشي بِحَسب هوى الْقُلُوب الأرجل) // الْكَامِل // من قَول اللَّجْلَاج (وَمَا زرتكم عمدا وَلَكِن ذَا الْهوى ... إِلَى حَيْثُ يهوى الْقلب تهوي بِهِ الرجل) // الطَّوِيل // وَقَوله (وخمار أعد الكأس ظِئْرًا ... لطارقه فَلم يرضعه غيلا) (أوفيه خلاص التبر وزنا ... فيسبكه ويعطينيه كَيْلا) // الوافر // من قَول ابْن المعتز (وخمارة من بَنَات الْمَجُوس ... ترى الزق فِي بَيتهَا شائلا) (وزنا لَهَا ذَهَبا جَامِدا ... فكالت لنا ذَهَبا سَائِلًا) // المتقارب // وَقَوله (فتاة كالمهاة تروق عَيْني ... مشاهدها وتفتن من رَآهَا) (تكَاد ترد للمحجوب أيرا ... وتحدث للفتى الْعنين باها) // الوافر // من قَول جحظة (لَو مر بالأعمى لَأبْصر ... أَو بعنين لأنعظ) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 نبذ مِمَّا تكَرر من مَعَانِيه قَالَ (وَفِي فمي سكرة حلوة ... قد نغصتها لوزة مرّة) // السَّرِيع // وَله (واللوزو الْمرة يَا سَيِّدي ... يفْسد فِي الطّعْم بهَا السكر) // السَّرِيع // وَله (كَأَنَّهُ وَهُوَ إِلَى جنبها ... سكرة مَعَ لوزة مره) // السَّرِيع // وَله (نبهت مِنْهُ لحاجتي عمرا ... وَلم أعول مِنْهُ على عَمْرو) // المنسرح // وَله (فَمَا استجارت بِعَمْرو مظْلمَة ... بل حِين جاءتك أَنْت يَا عمر) (فالشعر قد صَار فِيهَا وأتى ... مَعَ ذَا بتفصيل ذَلِك الْخَبَر) // المنسرح // وَله فِي عكس الْمَعْنى (وَلم تنبه عمرا حَاجَتي ... بل وَقعت مِنْك على عَمْرو) // السَّرِيع // وَله (خير الستور الَّتِي نعلقها ... ستر خصى مُسبل على حجر) (وَالْقدر إِن لم يكن لَهَا طبق ... لم يتهر العصيب فِي الْقدر) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وَله (وَلم تَرَ الْعين قطّ أحسن من ... ستر خصى مُسبل على حجر) // المنسرح // وَله (كتبت رقْعَة إِلَيّ وَقد عبت ... بسطر مقرمط خلف سطر) (يَا فَتى ستر بَاب سرمي خصاه ... هَات قل لي مَتى تعلق بستري) // الْخَفِيف // وَله (أحن إِذا رَأَيْت الْحر لَيْلًا ... بجنبي وَهُوَ منتوف نظيف) (وَلَا آباه إِن هُوَ جَاءَ يَوْمًا ... وَفِي رَأس الكلاجق مِنْهُ لِيف) // الوافر // وَله (فاستأذنيه غَدا وعودي ... إِلَيّ منتوفة نظيفه) (فقد تبينت فَوق رَأس الْحر ذِي الزوزك ليفه) // مخلع الْبَسِيط // وَله (بَيْضَاء وهج استها يفور حمى ... وريقها العذب بَارِد خصر) // المنسرح // وَله (بريقة كالثلج مبرودة ... ومبعر كالنار محروو) // السَّرِيع // وَله (نِهَايَة الْحر مجس استها ... وريقها فِي غَايَة الْبرد) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 وَله (للبرد فِي رِيقه كزاز ... وللحمى فِي استه حريق) // مخلع الْبَسِيط // وَله (يَا زوج من رِيقهَا حميم ... وريق مفسائها صقيع) // مخلع الْبَسِيط // وَله (وَغُلَام شظى بكرفس مفساه ... قَدِيما أسنة الأقلام) // الْخَفِيف // وَله (لَا ترى كرفسا على بَاب مفساه ... يشظي بصوفه الأقلاما) // الْخَفِيف // وَله (ودواة استها بصوف وَلَا الليف ... يشظي أسنة الأقلام) // الْخَفِيف // وَله (كلما استمددت من سرمها ... شعب ستي قلمي الكرفس) // الرمل // وَله (فديت من لقبني مِثْلَمَا ... لقبته وَالْحق لَا يغْضب) (إِن قلت يَا عرقوب أطمعتني ... قَالَ فَلم نَفسك يَا أشعب) // السَّرِيع // وَله (وَعَدتنِي وَعدا وحاشاك أَن ... تروغ مِنْهُ روغة الذيب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 (مَا كنت إِذْ أطمعتني أشعبا ... فِيهِ وَلَا أَنْت بعرقوب) // السَّرِيع // مَا جَاءَ لَهُ فِي التَّضْمِين قَالَ وَقد كَانَ غَابَ عَن الحضرة مَعَ الْوَزير ثمَّ عَاد فَلَمَّا قرب توقف عَن الدُّخُول (أيا مولَايَ دَعْوَة مستغيث ... قد التهبت جوانحه بِنَار) (أغثنا بالرحيل غَدا فَإنَّا ... من الشوق المبرح فِي حِصَار) (وأبرح مَا يكون الشوق يَوْمًا ... إِذا دنت الديار من الديار) // الوافر // وَقَالَ (قد قلت لما غَدا مدحي فَمَا شكروا ... وَرَاح ذمِّي فَمَا بالوا وَلَا شعروا) (عَليّ تَحت القوافي من معادنها ... وَمَا عَليّ إِذا لم تفهم الْبَقر) // الْبَسِيط // وَقَالَ (وَلم أطرب إِلَى عذراء رَود ... بهَا عَن وصل عاشقها نفار) (وَلَا غرثى الوشاح كَأَن ورد الْحيَاء بوجنتيها الجلنار) (بنفسي كل مهضوم حشاها ... إِذا ظلمت فَلَيْسَ لَهَا انتصار) (وَلَكِنِّي طربت إِلَى خَلِيل ... سمحت ببذله ولي الْخِيَار) (فَلَمَّا أَن مضى فِي حفظ من لَا ... يضيعه وشط بِهِ المزار) (نَدِمت ندامة الكسعي لما ... غَدَتْ مِنْهُ مُطلقَة نوار) (فعيني مَا تَجف لَهَا دموع ... وقلبي مَا يقر لَهُ قَرَار) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 وَقَالَ (سَيِّدي إِن أَقمت بعْدك ... بالصعد فقلبي عَليّ غير مُقيم) (غير أَنِّي أَقُول بالرغم مني ... ف أكف بَأْس همومي) (من يكن يكره الْفِرَاق فَإِنِّي ... أشتهيه لوقفه التَّسْلِيم) // الْخَفِيف // وَله يُخَاطب ابْن بَقِيَّة وَقد حجب عَنهُ وَهُوَ على الشَّرَاب (بِحَق رَأس الْأَمِير مثلي ... يظمأ فِي دولة الْأَمِير) (فَمَا لكم تشربون دوني ... وَلست فِي جملَة الْحُضُور) (قد قلت لما حجبتموني ... فَاشْتَدَّ من بَابَكُمْ نفوري) (إِن دَامَ هجرانكم على ذَا ... طويت من بَيْنكُم حصيري) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (صَاح أيري وَرمحه فَوق خصييه ... وَلَا رمح ضَمرَة بن هِلَال) (قربا مربط النعماة مني ... لقحت حَرْب وَائِل عَن حِيَال) (ثمَّ أَهْوى بطعنة بَات مِنْهَا ... سرم ستي ذَاك الشقي بِحَال) (فَتَوَلّى يَقُول وَهُوَ طعين ... دَمه مَعَ خراه مثل البزال) لم أكن من جناتها علم الله وَإِنِّي بحرها الْيَوْم صالي // الْخَفِيف // وَقَالَ (أَسْفر الصُّبْح فاسقياني وَقد كَانَ ... من اللَّيْل وَجهه فِي نقاب) (وَانْظُر الْيَوْم كَيفَ قد ضحك الزهر إِلَى الرَّوْض من بكاء السَّحَاب ... ) (إِن صحوي وَمَاء دجلة يجْرِي ... تَحت غيم يصوب غير صَوَاب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 (اتركاني وَمن يعير بالشيب ... وينعي إِلَيّ عهد الشَّبَاب) (فبياض الْبَازِي أصدق حسنا ... إِن تَأَمَّلت من سَواد الْغُرَاب) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي ابْن العميد يودعه ويصف الْفرس ويذمه (أَيهَا السَّيِّد الَّذِي طَابَ فِي ... الْمجد فروعا كَرِيمَة وأصولا) (لَو مَشى بِي الشَّيْخ الْفرق لسابقتك سيرا إِلَى الْوَدَاع ذميلا ... ) (فتجاوزت خانقين وخلفت ... ورائي على الطَّرِيق جلولا) (لَكِن الشَّيْخ كَانَ جذعا من الْخَيل ... طَرِيقا فَصَارَ جذعا طَويلا) (كلما سَار سَالَ دمع مآقيه وَمن حق دمعه أَن يسيلا ... ) (مستغيثا يَصِيح تحتي ضراطا ... مزوجا فِي طَرِيقه وصهيلا) (أبْصر القت وَهُوَ يجْرِي فغنى ... بعد مَا كَاد عقله أَن يزولا) (أزْجر الْعين أَن تبْكي الطلولا ... إِن فِي الْقلب من كُلَيْب غليلا) // الْخَفِيف // وَقَالَ يصف ضعف فرسه (يسومني الْمَشْي مُضْطَرّا وَلَيْسَ ... لَهُ الْمِسْكِين بِالْمَشْيِ شبْرًا وَاحِدًا جلد) (مَا كلف الله نفسا فَوق طاقتها ... وَلَا تجود يَد إِلَّا بِمَا تَجِد) // الْبَسِيط // وَقَالَ وَقد حجب مَعَ جمَاعَة من الْكتاب (قد قلت لما أَن رجعت موليا ... وَمَعِي مدابير من الْكتاب) (نَحن الَّذين لَهُم يُقَال وكلنَا ... فل الْعَصَا وطريدة الْحجاب) (قوم إِذا قصدُوا الْمُلُوك لمطلب ... نتفت شواربهم على الْأَبْوَاب) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 4 - وَقَالَ (يَا ربرب اعبر بِنَا إِلَى ملك ... توجه الله بالمهابات) (يَقُول للريح كلما عصفت ... هَل لَك يَا ريح فِي مباراتي) // المنسرح // وَقَالَ (قَالَت وَقد كشف الْوَدَاع ... قناع حزن قد علن) (وأذل بالجزع الْفِرَاق ... قوى عزاء ممتهن) (يَا من محنت بفقده ... حوشيت فِيك من المحن) (خلفتني والحزن بعْدك ... يَا قريني فِي قرن) (فَإِذا صبرت ضَرُورَة ... صَبر الوقيذ على الوسن) (فترى يُطيق الصَّبْر عَنْك ... أَو السلو أَبُو الْحسن) (طِفْل نشا وفؤاده ... بك يَا أَبَاهُ مُرْتَهن) (كالفرخ يضعف قلبه ... عَن أَن يودع بالحزن) (فأجبتها وَهِي ... الَّتِي استولت عَليّ بِلَا ثمن) (طلب المعاش مفرق ... بَين الْأَحِبَّة والوطن) (يَا رب فازدد سالما ... سكنا يحن إِلَى سكن) // مجزوء الْكَامِل // وَكتب إِلَى رَئِيس يستهديه مشروبا وَهُوَ مَعَ بعض أصدقائه وَعِنْدهم مغنية فَلم يفعل (يَا سَيِّدي جودك الْمَشْهُور مَا فعلا ... أبيع بالرخص يَا هَذَا أم ابتذلا) (واسوأتا من أنَاس ظلت أطمعهم ... أَن الَّذِي التمسوه مِنْك قد حصلا) (حَتَّى ذَا عَاد من أَرْسلتهُ بيد ... صفر وَمَا كَانَ عِنْدِي أَنه وصلا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 (قَالُوا لقينتهم غَنِي عَلَيْهِ لنا ... صَوتا ضربنا لَهُ فِي شعره مثلا) (مَا زلت أسمع كم من واثق خجل ... حَتَّى بليت فَكنت الواثق الخجلا) // الْبَسِيط // مَا أخرج لَهُ فِي التَّخَلُّص قَالَ فِي أبي تغلب وَقد توجه من الْموصل إِلَى بَغْدَاد (افضض الدن واسقني يَا نديمي ... اسْقِنِي من رحيقه الْمَخْتُوم) (اسْقِنِي الْخمْرَة الَّتِي نزلت فِيهَا ... على الْقَوْم آيَة التَّحْرِيم) (اسقنيها فإنني أَنا والقس جَمِيعًا نبولها فِي الْجَحِيم) (اسقنيها وَلَا تَكِلنِي إِلَى النَّقْل ... عَلَيْهَا وَلَا إِلَى المشموم) (بَادر الصُّبْح بالصبيحة وَجها ... فابنة الْكَرم شَرط كل كريم) (ثمَّ قل للشمال من أَيْن يَا ريح تحملت روح هَذَا النسيم ... ) (أَتَرَى الْخضر مر لي فِيك أم جزت ... برضوان فِي جنان النَّعيم) (أم تقدّمت والأمير أَبُو تغلب ... قد صَحَّ عزمه فِي الْقدوم) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي فتح قلعة أردمشت من قصيدة (سقاني كأسه سحرًا بِوَقْت ... وَكَانَ صَبُوحًا فِي يَوْم سبت) (غُلَام أعجمي فِيهِ ظرف ... وحذق بالتلطف والتأتي) (سقاني دو وسا وازددت مِنْهَا ... على سكري وصبحني بهفت) (فَلَمَّا نمت قَامَ وَقَالَ بروا ... لمن حَولي خوى خاني بجفت) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 (وَفِي بَاب استه زغب لطاف ... ملاح مثل ورد الزَّاد رخت) (وَلَكِن كَانَ لَا يقوى لشؤمي ... وخذلاني بِهِ سُودًا بخْتِي) (فشدقت الصَّبِي فدته نَفسِي ... بدوديكي وتيمردم درست) (وَكَانَ من استه كالبنت بكرا ... مخدرة الخرا ففتحت بِنْتي) (كَمَا فتحت وحد السَّيْف يدمي ... من الْأَعْنَاق قلعة اردمشت) // الوافر // وَقَالَ فِي مدح صاعد (ومهاة غريرة ... غضة الْحسن ناهد) (فتنتني بمعصم ... وبكف وساعد) (وبثغر منضد ... شنب الرِّيق بَارِد) (ونسيم كَأَنَّهُ اشتق من نشر صاعد ... ) (فَهُوَ طيبا كذكره ... فِي الثنا والمحامد) (همة فِي الْعلَا اقتدت ... بالسهى والفراقد) (وندى بخلت بِهِ ... كف يحيى بن خَالِد) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ (كَأَنَّمَا بَاب استها ... شكْلَة كَاف مطلقه) (بَين سطور كَاتب ... حُرُوفه محققه) (يصك لي بَين يَدي ... سيدنَا فِي ورقه) (بِاللَّحْمِ وَالْخبْز الَّذِي ... روحي بِهِ معلقه) (يَا من بِهِ قد فتحت ... أَبْوَاب رِزْقِي المغلقه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 (وَقع لمن علمه ... جودك حذق العقعقه) // مجزوء الرجز // هَذِه نبذ من ملح ملحه الرائقة وَمَا يتَّصل بهَا قَالَ (حَلَفت لقد بلغت مدى الْمَعَالِي ... وَأَنت على تجاوزه قدير) (فبحرك در لجته ثمين ... وغيثك مَاء مزنته طهُور) // الوافر // وَقَالَ لبَعض الرؤساء فِي يَوْم كَانَ الْمَطَر يَجِيء فِيهِ سَاعَة ثمَّ ينجلي الْغَيْم وتطلع الشَّمْس ثمَّ يعود (يَا سَيِّدي تفديك مهجة خَادِم ... لَك يسْتَقلّ لَك الْفِدَاء بِنَفسِهِ) (يفديك من جليت أول كربَة ... عَنهُ وَمن أدْركْت آخر نَفسه) (انْظُر إِلَى الْيَوْم الَّذِي أشبهته ... لَو كَانَ جنسك ناشئا من جنسه) (يَحْكِي نداك بغيثه فَإِذا انجلى ... فَكَأَن وَجهك مَا انجلى من شمسه) (لَكِن فضلت عَلَيْهِ أَنَّك دَائِما ... تبقى وَهَذَا الْيَوْم تَابع أمسه) // الْكَامِل // وَقَالَ (هُوَ الشَّيْخ لما صفا جَوْهَر ... الْفَضَائِل مِنْهُ وَلم يكدر) (أضَاف الزَّمَان إِلَيْهِ ابْنه ... كَمَا اقْترن الْبَدْر بالمشتري) // المتقارب // وَقَالَ لرئيس اخْتلف ابْنه إِلَى الْكتاب (يَا عارضا يروي الثرى غيثه ... ومنهلا يشفي الصدى مورده) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 (أقعدت فِي الْكتاب من لم يكن ... يضرّهُ أَنَّك لَا تقعده) (أَنْت أَبوهُ فَهُوَ ينمي إِلَيّ ... كِتَابَة يُوجِبهَا محتده) (إِن شِئْت علمه وَإِن شِئْت لَا ... لَا بُد أَن تحكي أَبَاهُ يَده) // السَّرِيع // وَقَالَ (لَا زلت يَا عمر أبي عَمْرو ... أبقى على الدَّهْر من الدَّهْر) (فَتى إِذا مَا جَاءَ لي بحره ... أمرت من يخرى على الْبَحْر) (وَإِن بدا لي وَجهه طالعا ... صفعت بالشمس قفا الْبَدْر) // السَّرِيع // وَله (فديت عز الدولة المرتجى ... بمهجتي إِن قبلت مهجتي) (وَمن أَنا فِي عيلة إحسانه ... وفقر أَهلِي فِي عيلتي) (ثِيَابه فِي سفطي بَيتهَا ... وخبزه مَأْوَاه فِي ملتي) (جراية أَصبَحت فِي رزقها ... فِي كل يَوْم أجتبي غلتي) (وَكَانَ جوفي بالخوى مأتما ... فاليوم بَيت الْعرس فِي معدتي) // السَّرِيع // وَقَالَ (سَيِّدي وَالَّذِي يقيك من السوء ... يَمِينا من أوكد الْأَيْمَان) (لَا جحدت النعمى لأكفر إسحانك ... عِنْدِي يَا دَائِم الْإِحْسَان) (أَنا فِي نزهة من الْعَيْش فِي ... ظلك طول الْحَيَاة كالبستان) (ذَات زهر فِيهِ البنفسج والنرجس ... مَعَه شقائق النُّعْمَان) (جَالس من تبظرم ترك الْحَاسِد ... يقلى بعر استه بوراني) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 وَله فِي شَارِب دَوَاء (يَا من بِهِ تتباهى ... مجَالِس الْخُلَفَاء) (وَمن تقصر عَنهُ ... مدائح الشُّعَرَاء) (يَا سَيِّدي كَيفَ أصحبت بعد شرب الدَّوَاء ... ) (خرجت مِنْهُ تضاهي ... فِي الْحسن بدر السَّمَاء) (فِي ثوب صِحَة جسم ... مطرز بالشفاء) // المجتث // وَقَالَ من أَبْيَات فِي الصاحب (يَا أَيهَا السَّيِّد الْجَلِيل ... المرجو للحادث الْجَلِيل) (كل مديح أجملت فِيهِ ... يقصر عَن فعلك الْجَمِيل) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِي ابْن بَقِيَّة (يَا بدر يَا بدر التَّمام ... بك أشرقت خلع الإِمَام) (يَا من لَهُ الأسما الْعِظَام ... بِحرْمَة الأسما الْعِظَام) (هَب لي بقا ابْن بَقِيَّة ... هبة تجدّد كل عَام) (أَنْت الْكَرِيم فَهَب لنا ... هَذَا الْكَرِيم من الْكِرَام) (فَلَقَد علمت بدعوتي ... أَنِّي على خبزي أحامي) // مجزوء الْكَامِل // قِطْعَة من ملحه فِي نوادره فِي سَائِر الْفُنُون وَقَالَ (أعصر شبيبتي قف لي قَلِيلا ... أناشدك الْمَوَدَّة أَن تحولا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 (فديتك يَا شَبَابِي أَنْت مَالِي ... أَرَاك مكلكلا نضوا عليلا) (تولى حسنك الْمَفْقُود عني ... وحول رَحْله إِلَّا قَلِيلا) (وَقَالُوا الشيب يكسبه جلالا ... معَاذ الله بل خطبا جَلِيلًا) // الوافر // وَقَالَ (بَيَاض الشيب تكرههُ الغواني ... ويعجبها سَواد فِي الشَّبَاب) (وشيب لحى الزناة فدتك نَفسِي ... ضراط فِي اللحى عِنْد القحاب) // الوافر // وَقَالَ (طَاقَة آس جنيت مِنْهَا ... بلحظتي نرجسا ووردا) (أرضاه مولى وَلَيْسَ يرضى ... مولَايَ بِي فِي هَوَاهُ عبدا) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (فديت إنْسَانا على هجره ... وَوَصله تحسدني النَّاس) (لما احتوى الْورْد على خَدّه ... ودب فِي عَارضه الآس) (مزجت كأسي من جنى رِيقه ... بِمثل مَا دارت بِهِ الكأس) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي أرمد (أَنا الْفِدَاء لعين بعض أسهمها ... مشكوكة بَين أحشائي وَفِي كَبِدِي) (فِيهَا سقام فتور لَا خَفَاء بِهِ ... تجدّد السقم فِي قلبِي وَفِي جَسَدِي) (كَانَت تعل فُؤَادِي وَهِي سَالِمَة ... فَكيف بِي وَهُوَ يشكو عِلّة الرمد) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 وَقَالَ (فديت من مر فِي الرصافة بِي ... فَقلت يَا سَيِّدي فَلم يجب) (واصفر غيظا عَليّ وامتزجت ... صفرَة ذَاك اللجين بِالذَّهَب) // المنسرح // وَقَالَ فِي أبي تغلب يستهديه فرسا (اسْمَع الْمَدْح الَّذِي لَو قيل فِي ... أحد غَيْرك قَالُوا سرقا) (جَاءَ يستهديك مهْرا أدهما ... يركب الْفَارِس مِنْهُ غسقا) (كالدجى تبصر من غرته ... فَوق أطباق دجاه فلقا) (جلّ أَن يلْحق مَطْلُوبا وَمن ... طلب الرّيح عَلَيْهِ لَحقا) (فتراه وَاقِفًا فِي سَرْجه ... يتلظى من ذكاه قلقا) (فَإِذا طَار بِهِ الْمَشْي مضى ... وَهُوَ كَالرِّيحِ يشق الطرقا) (كالسحاب الجون إِلَّا أَنه ... لَيْسَ يسْقِي الأَرْض إِلَّا عرقا) (جمع الْأَمريْنِ يعدو المرطى ... فِي مدى السَّبق وَيَمْشي العنقا) // الرمل // وَقَالَ يصف الْفرس الَّذِي أهداه لَهُ أَبُو تغلب (الْيَوْم يَوْم سروري ... بالموصلي الذُّنُوب) (من عِنْد قرم كريم ... جزل الْعَطاء لَبِيب) (آدابه جعلته ... يعْنى بِكُل أديب) (ركبت فِيهِ القوافي ... فجاد بالمركوب) (ذُو غرَّة يتلالا ... فِي حالك غربيب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 (لون الشَّبَاب عَلَيْهِ ... مَعَ غرَّة كالمشيب) (صهيله جَوف إذني ... وَلَا غناء غَرِيب) (وروثه الْمسك طيبا ... بَين اللحى والجيوب) (لَوْلَا اضطراري إِلَيْهِ ... نزهته عَن ركوبي) // المجتث // وَقَالَ فِي خصم لَهُ أعمى (سَمِعْتُمْ قطّ أعجب من ضَرِير ... يقدر أَن يجوز على بَصِير) (وَلَو شَاءَ الْوَزير وَلم يزل لي ... صلاحي فِي مشيئات الْوَزير) (لألزمه الْعَصَا يمشي عَلَيْهَا ... وعلمزه الْقرَان على الْقُبُور) // الوافر // وَفِيه (إِن كَانَ هَذَا الضَّرِير يعنتني ... بِحجَّة مثل عينه غلقه) (فَوَقع السوس فِي عَصَاهُ وَلَا ... بورك فِي قسطه من الصَّدَقَة) // المنسرح // وَقَالَ (لَا يحسن الإشراف من مقْعد ... كَأَنَّهُ زرقة فروج) (أقصر من يَأْجُوج فِي قده ... وقرنه أطول من عوج) // السَّرِيع // وَقَالَ (أزْجر الْعين أَن ترى ... أَزْرَق الْعين أشقرا) (مَا أرى البوم وَجهه ... قطّ إِلَّا تطيرا) // مجزوء الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 وَقَالَ (سَيِّدي حشمتي عَلَيْك حرَام ... وبحكم الْكَرِيم تقضي الْكِرَام) (وَأرى مذ ملكتني أَن مثلي ... أبدا لَا تفيدك الْأَيَّام) (خَادِم نَاصح وَعبد محب ... وصديق وَصَاحب وَغُلَام) (خَمْسَة قد جمعتهم لَك وحدي ... لمعاني اختصاصهم وَالسَّلَام) // الْخَفِيف // وَقَالَ يتشوق رَئِيسا ويصف رواقه (لَا وَالَّذِي يَا سَيِّدي ... يفني الْأَنَام وَأَنت بَاقِي) (مَا للخليفة مثل صحنك ... والتدلي والرواق) (دَار غَدَتْ شرفاتها ... توفّي على السَّبع الطباق) (فقبابها وكواكب الجوزاء ... تسمو بِاتِّفَاق) (وَلها حصون تَشْتَكِي ... حيطانها بعد الْفِرَاق) (ويضيع فِيهَا الْخضر وَهُوَ ... يسير فِي ظهر الْبراق) (لما دخلت أطوفها ... ومشيت فِي طول الرواق) (دَار بهَا يَا سَيِّدي ... مَا بِي إِلَيْك من اشتياق) // الْكَامِل // وَقَالَ يُنَاقض ابْن المعتز فِي قَوْله (لَا تدعني لصبوح ... إِن الغبوق جيبي) (اللَّيْل لون شَبَابِي ... وَالصُّبْح لون مشيبي) // المجتث // وَقَالَ (الصُّبْح مثل الْبَصِير نورا ... وَاللَّيْل فِي صُورَة الضَّرِير) (فليت شعري بِأَيّ رَأْي ... يخْتَار أعمى على بَصِير) // مخلع الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 وَقَالَ (كم من صديق يروق عَيْني ... بالشكل وَالْحسن واللباقه) (لَيْسَ لَهُ فِي الْجَمِيل راي ... وَلَا بِفعل الْقَبِيح طاقه) (كَأَنَّهُ فِي الْقَمِيص يمشي ... فالوذج السُّوق فِي رقاقه) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ يصف بغلة (تعرف لي أحسن من بغلة ... جددت فِي الْبر بهَا عهدي) (تنساب كَالْمَاءِ على حافر ... كَأَنَّهُ من حجر صلد) (نابت عَن الْأَشْهب لما مضى ... نِيَابَة الْكَلْب عَن الفهد) // السَّرِيع // حَاشِيَة من قصيدة لإبن حجاج (فأقسم لَا بيسين وطه ... وَلَا بالذاريات وَلَا الْحَدِيد) (وَلَكِن بالوجوه الْبيض مثل ... الْأَهِلّة تَحت أَغْصَان القدود) (وَشرب الرّيّ من خمر الثنايا ... وشم الْمسك من ورد الخدود) (وتطفيتي حرار الْوَجْه يَوْم الْفِرَاق بمص رمان النهود ... ) (وبالخمر الَّتِي كَانَت لعاد ... وَلَكِن بعد محنتهم بهود) (مدام فِي قديم الدَّهْر كَانَت ... تعد لكل جَبَّار عنيد) (مدام لَيْسَ لي فِيهَا إِمَام ... أُصَلِّي خَلفه غير الْوَلِيد) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 فصل ملح ابْن حجاج لَا تَنْتَهِي حَتَّى يَنْتَهِي عَنْهَا وَفِيمَا أوردته مِنْهَا كِفَايَة على أَنَّهَا غيض من فيضها وقراضة من تبرها وَلَكِن الْكتاب لَا يَتَّسِع لأكْثر من ذَلِك وَالله أسأَل الْعَفو وَالْمَغْفِرَة أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن جلبات أحد أَفْرَاد الدَّهْر فِي الشّعْر وَكنت أنشدت لَهُ لمعا أوردتها فِي النُّسْخَة الأولى ثمَّ وَجدتهَا منسوبة إِلَى غَيره كَقَوْلِه (برزت لنا تَحت القناع الْأَزْرَق ... لَيْلًا فَعَاد لنا كصبح مشرق) (الْوَجْه بدر والقناع سماؤه ... وَالشعر بَينهمَا كليل مطبق) // الْكَامِل // ثمَّ وَقع إِلَيّ من شعره الصَّحِيح قصائد فِي الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه والوزير أبي النَّصْر سَابُور بن أردشير فأخرجت غررها وَهِي سوى مَا يَقع من شعره فِي مَجْمُوع أشعار أهل الْعرَاق فِي الْوَزير سَابُور وَإِذا سقت ذَلِك أكرر ذكر ابْن جلبات فِي جُمْلَتهمْ قَالَ أَبُو الْقَاسِم من قصيدة فِي الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه (وَفِي الدَّهْر عَن مطل بِمَا هُوَ وَاعد ... فساخطه رَاض وشاكيه حَامِد) (وَأدْركت الرّيّ الْخلَافَة بَعْدَمَا ... تجهمها عَن موقف الْحق ذائد) (رَأَتْ قَادِرًا بِاللَّه لم يعد قدره ... مدى الْعَفو عَمَّا رام بَاغ وحاسد) (رَأينَا بِهِ الْعَبَّاس معنى وَصُورَة ... فَمَا عد عَنَّا غَائِبا فَهُوَ شَاهد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 (تقبله فضلا أشاد بِذكرِهِ ... لَهُ قبله جد كريم ووالد) (كَذَلِك الْأُصُول الزاكيات ذواهب ... إِلَى مَا رأتها بالزكاء المحاتد) (وَمن يَك لله الْمُهَيْمِن سَعْيه ... ينل ساعيا فِي ظله وَهُوَ قَاعد) وَمِنْهَا (فَللَّه مَا تَأتي وَللَّه مَا ترى ... وَمَا أَنْت فِيهِ صادر الْأَمر وَارِد) (ومليت من رب السَّمَاء فوائدا ... عَدوك مِنْهَا قبل سَيْفك فائد) (فوَاللَّه مَا نَدْرِي أليث ضبارم ... مفيت الأعادي أَنْت أم أَنْت عَائِد) (كَذَا الْخُلَفَاء الراشدون الأولى مضوا ... وَأَنت عَلَيْهِم بالبقية زَائِد) (فَلَا عولت إِلَّا على مجدك الْعلَا ... وَلَا انتسبت إِلَّا إِلَيْك المحامد) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي الْوَزير سَابُور بن أردشير (رويدك قد تعاليت اطلاعا ... على العلياء هما وارتفاعا) (ونفسك لَا ترى ببلوغ مجد ... وَإِن أوفى على النَّجْم اقتناعا) (إِذا مَا خطة ضَاقَتْ عَلَيْهِ ... أَشرت لَهَا فأمعنت اتساعا) (براي مَا رَأَتْهُ الشَّمْس إِلَّا ... تمنت أَن تكون لَهُ شعاعا) (وأذل بعزه صرف اللَّيَالِي ... ورام عصيتها حَتَّى أطاعا) (ندى وبسالة علما يَقِينا ... بِأَنَّهُمَا بِهِ فِي الْخلق ذاعا) (تكفل ذَا نداك وَمَا رَأينَا ... جوادا كَامِلا إِلَّا شجاعا) (ودونك كل بكر لم تملك ... سواك لَهَا من الْأنف افتراعا) (رَأَتْ حسن اختراعك للمعالي ... فبارتها مَعَانِيهَا اختراعا) (وَهَا أَنا ذَا أرى لَك كل وَقت ... ببدع من مكارمك ابتداعا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 (تراعي أَمر ذَا وتريش هَذَا ... فَمَا لي لَا أراش وَلَا أراعي) (فَلَا زَالَت لَك الدُّنْيَا فنَاء ... وَلَا حل الفناء لَهَا رباعا) (فقد أضحى افْتِرَاق الْمجد فِيمَن ... حوته من الورى فِيك اجتماعا) // الوافر // وَله من أُخْرَى فِيهِ (فدم يَا وَزِير الْعلَا والنهى ... تنَال المنى وتوقى الحذارا) (وراع اختلالي سرا وَلَا ... تراع رباء اختلالي جهارا) (وَلَا تستمع خَبرا طارئا ... عَن الْمَرْء أَو تبتليه اختبارا) (وَلَا تحسبن كل عود يُرِيك ... مَا أَنْت مور من الْقدح نَارا) (فَمَا كل وَحش يرى ضيغما ... وَلَا كل عود يُسمى غفارًا) // المتقارب // وَقَالَ فِيهِ (أَبَا نصر وَأَنت الْبَحْر طام ... على العافين جياش الْعباب) (يُقيم مقَام جَيش من لُيُوث ... بِفضل نَهَاهُ سطرا من كتاب) وَمِنْهَا (رآك لقصده أَهلا وَأَنِّي ... يُرْجَى الْغَيْث من غير السَّحَاب) (وَقد أظمأه ورد سواك إِلَّا ... الْأَقَل وَأي ورد من سراب) // الوافر // وَقَالَ من أُخْرَى (ويستبشر الْإِسْلَام أَنَّك سَالم ... وَأَن بَقَاء الْملك بِاسْمِك دَائِم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 (وَأَن الْمَعَالِي مَا بنى لَك ذُو الْعلَا ... وَلَيْسَ لما تبني يَد الله هَادِم) (أَنا الشَّمْس إِن لم تستبن عين نَاظر ... ضيائي فَإِن الذَّنب للعين لَازم) (وَمَا دمت بعد الله لي عَنهُ رازقا ... فَمَا أتظني أَنه لي حارم) // الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى (وَأَنت فرع زكاء الأَصْل مِنْهُ وَلَا ... يطيب إِلَّا بِطيب المنبت الثَّمر) (وَأَنت بَحر النهى مَا للعقول إِلَى ... سواهُ مورد صفو مَا لَهُ كدر) (وَأَنت بَيت الندى طافت بكعبته ... حجاجه ونداك الرُّكْن وَالْحجر) (وَقد عرفت وَلم تحدد بِمَنْزِلَة ... وَالشَّيْء يجهل علما وَهُوَ مشتهر) (كَالشَّمْسِ تدركها الْأَبْصَار ظَاهِرَة ... وحد منزلهَا بِالْغَيْبِ مستتر) (وَالْملك من بعد طول الكد فِي دعة ... كَالْعَيْنِ أغفت وَقد أعيا بهَا السهر) (إِلَيْك جاب الفلا عزم تمثل فِي ... تَحْقِيقه مِنْك قبل المورد الصَّدْر) (فِي كل طامية بالآل ظامية ... تصدى بهَا النَّفس مَا يرْوى بِهِ النّظر) (إِذا الركائب من أشباهها لعبت ... بعد المقيل تولى حثها الأشر) (أبثها فِيك آمالي فَمَا انتظرت ... لفرط مَا طويت مَا كنت أنْتَظر) (حَتَّى إِذا هِيَ حلت من ذراك حمى ... قَالَت إِلَى مُنْتَهى الْمجد انْتهى السّفر) (أَلَسْت لي يَا أَبَا نصر مدى أملي ... وأنني بك فِي اللأواء منتصر) (فَمر زماني لَا ينتابني بأذى ... فَإِنَّهُ لَك فِيمَا شِئْت مؤتمر) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 3 - مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْحَاتِمِي حسن التَّصَرُّف فِي الشّعْر موف على كثير من شعراء الْعَصْر وَأَبوهُ أَبُو عَليّ شَاعِر كَاتب يجمع بَين البلاغة فِي النثر والبراعة فِي النّظم وَله الرسَالَة الْمَعْرُوفَة فِي وقْعَة الأدهم وَلَيْسَ يحضرني من شعره إِلَّا بيتان هما عنوان محاسنه وهما (لي حبيب لَو قيل لي مَا تمنى ... مَا تعديته وَلَو بالمنون) (أشتهي أَن أحل فِي كل جسم ... فَأرَاهُ بلحظ كل الْعُيُون) // الْخَفِيف // وَمِمَّا اخترته لإبنه قَوْله من قصيدة فِي الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ استهلالها (حَيّ رسم الغميم تحيى الغميما ... إِن فقدت الْهوى فحي الرسوما) (واستمح مقلة الْغَمَام على أطلاله دِيمَة أَبَت أَن تدوما ... ) (نثرت عقد دمعها فغدا النُّور ... بأعطاف روضها منظوما) (هُوَ مأوى الظباء إنسا ووحشا ... وَمحل الْأسود خلقا وخيما) (كل ريم يعطو فيصطاد ليثا ... عِنْد لَيْث يَسْطُو فيصطاد ريما) (كم رعينا من البطاح وكأس الراح وَالْأَوْجه الملاح نجوما ... ) (حِين رضنا من التصابي جموحا ... وبعثنا من الْوِصَال رميما) (ودعتنا المنى إِلَى مرح الفتك ... ولكننا أجبنا الحلوما) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 (حِين صرف الزَّمَان كَانَ اعتذارا ... ورياح الخطوب كَانَت نسيما) (قد وقفنا على الطلول طلولا ... ومثلنا على الرسوم رسوما) (وخلعنا على الْبكاء عيُونا ... ونزفنا من الدُّمُوع جموما) (وَمَتى يجشم الظليم مدها ... فِي سراها فقد ظلمنَا الظليما) (وَهِي تبدي مِنْهَا نجارا وَمن سير الدجى مخلفا ومني كَرِيمًا ... ) (وَإِلَى الْقَادِر الإِمَام قريت البيد حرفا أنضى بهَا الديموما) (الإِمَام الْمَاضِي العزيم الَّذِي رَاح ... وأضحى على الْمَعَالِي زعيما) (وَهُوَ من أسرة هم رسموا ... الدَّهْر ذرى الْمجد والمعالي قَدِيما) (وهم كالبحار جودا وكالأنجم ... هَديا وكالسيوف عزيما) وَمِنْهَا (أَنْت أيدت بالخلافة ركن ... الشَّرْع فَارْتَد نهجه مُسْتَقِيمًا) (وذببت الْعَدو عَنهُ ولولاك ... بِلَا مرية لعط أديما) (أَنْت أنكحتني الرَّجَاء فقد ... أضحى ولودا وَكَانَ قبل عقيما) (دم تدم دولة المفاخر وَالْمجد وَحسن الزَّمَان فِي أَن تدوما ... ) (والبس المهرجان مَا ابتسم الْفجْر وَأهْدى من الرياض نسيما ... ) // الْخَفِيف // وَقَالَ (مَنَازِلهمْ لَا شافهتك النَّوَازِل ... وأطلالهم حياك طل ووابل) (كَأَن الرِّبَا لم تلبس الأَرْض حاليا ... وَلَا أخملت بِالنورِ تِلْكَ الخمائل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 (تعرفتها واستنكر الطّرف أَنَّهَا ... كَمَا استنكرت سقم الْمُحب العواذل) (وَكم قطع ليل بعد ليل قطعته ... وسرح الْكرَى عَن جفن عَيْني هامل) (وَقد مَالَتْ الجوزاء حَتَّى كَأَنَّمَا ... بهَا راقص من سُورَة الكأس مائل) (وخلت الثريا كف عذراء طفلة ... مختمة بالدر مِنْهَا الأنامل) (تخيلتها فِي الْأُفق طرة جعبة ... ملوكية لم تعتلقها حمائل) (كَأَن نبالا سِتَّة من لآلىء ... يوافى بهَا فِي قبَّة الْأُفق نائل) (وعيش كنوار الرياض استرقته ... خلاسا وأحداث اللَّيَالِي غوافل) (لماما وأغصان الشبيبة رطبَة ... وَمَاء الصِّبَا فِي ورد خدي جائل) (وَيَوْم كحلي الغانيات سلبته ... حلي الرِّبَا حَتَّى انثنى وَهُوَ عاطل) (سبقت إِلَيْهِ الصُّبْح وَالشَّمْس غضة ... وصبغ الدجى عَن مفرق الْفجْر ناصل) (ونشوان من خمر الدَّلال سقيته ... شمولا فَنمت عَن هَوَاهُ الشَّمَائِل) (شكا ظمأ مِنْهُ الموشح وارتوت ... بِمَاء الصِّبَا أردافه والخلاخل) (إِذْ الْعَيْش مخضر الأصائل ناعم ... وَإِذ زبرج الدُّنْيَا خَلِيل مواصل) (وليل موشى بالنجوم صدعته ... بأبيض وشى صفحتيه الصياقل) (إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ ارتمت بِنَا ... بَنَات الفلا والمقربات الصواهل) (إِلَى من لَهُ فِي جبهة الدَّهْر ميسم ... وَمن سَيْفه فِي مفرق الدَّهْر سَائل) (تشيم الحيا من كَفه وَهِي لجة ... تشق جُيُوب الْقطر فِيهَا الأنامل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 (وَمن عودته المكرمات شمائلا ... فَلَيْسَ لَهُ عَنْهَا وَلَو شَاءَ ناقل) (وَإِن راسل الْأَعْدَاء فالجرد رسله ... إِلَيْهِم وأطراف العوالي الرسائل) (بِيَوْم عقيم يلقح الْبيض بأسه ... ولود المنايا وَهُوَ أشمط ثاكل) (إِذا مَا أسر النَّقْع أنوار شمسه ... أذاعت بأسرار الْحمام المناصل) (فيا بدر لَا تغرب وَيَا بَحر لَا تفض ... وَيَا نوء لَا تخلف حَيا مِنْك هاطل) (عظمت فَهَذَا الدَّهْر دُونك همة ... وجدت فَهَذَا الْقطر عنْدك باخل) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي الْأَمِير شمس الْمَعَالِي (كم قُلُوب تحملت بالحمول ... ودموع طلت بِتِلْكَ الطلول) (واصطبار أضيع مَا بَين إيضَاع ... المطايا وَفِي الْمحل الْمُحِيل) وَمِنْهَا (وبنفسي بدر يعود ضِيَاء الْبَدْر ... من نور وَجهه بالأفول) (أثمرت وجنتاه روضا جنى ... الْورْد يفتر عَن غَدِير شُمُول) (وَإِلَى مسرح المكارم قَابُوس ... أراح الندى سوام الْعُقُول) (فَارس الْكتب والكتائب والمنبر ... وَالْخَيْل واليراع النحيل) (تَعب الْبيض والسلاهب والأرماح ... والوفر والندى والعذول) (وكهول أوهت كواهلها السمر ... تهادى إِلَى إبتغاء الدُّخُول) (يتعاطون بالصورم كاسات ... المنايا على غناء الصهيل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 (كم يَد للخطوب طَالَتْ على ... الْأَحْرَار قصرتها بباع طَوِيل) (فابق مَا استعبر الْغَمَام وَمَا علل صبا نسيم روض عليل) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 الْبَاب الثَّامِن فِي تفاريق قطع من ملح المقلين من أهل بَغْدَاد ونواحيها والطارئين عَلَيْهَا من الْآفَاق والمقيمين بهَا 4 - القَاضِي ابْن مَعْرُوف هُوَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن مَعْرُوف وَكَانَ كَمَا قرأته فِي فصل للصاحب شَجَرَة فضل عودهَا أدب وَأَغْصَانهَا علم وثمرتها عقل وعروقها شرف تسقيها سَمَاء الْحُرِّيَّة وتغذيها أَرض الْمُرُوءَة وَقد تقدم بعض ذكره فِي منادمة المهلبي وَغَيره من الوزراء وَجمعه بَين جد الْعلم وهزل الظّرْف وخشونة الحكم ولين قشرة الْعشْرَة وَكَانَ على تقلده قَضَاء الْقُضَاة دفعات بالحضرة واشتغاله بحلائل الْأَعْمَال من أُمُور المملكة يَقُول شعرًا لطيفا فِي الْغَزل يتعاوره القوالون والقيان ملحنا وقرأت لأبي إِسْحَاق الصابي فصلا من كتاب عَن الْوَزير ابْن بَقِيَّة إِلَى ابْن مَعْرُوف وَاسْتَحْسنهُ جدا فِي وصف نظمه ونثره وَهُوَ وصل كتاب قَاض الْقُضَاة بالألفاظ الَّتِي لَو مازجت الْبَحْر لأعذبته والمعاني الَّتِي لَو واجهت دجى اللَّيْل لأزاحته وأذهبته وَلم أدر بِأَيّ مذاهبه فِيهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 أعجب وَلَا من أَيهَا أتعجب أَمن قريض عقوده منظومة أم من أَلْفَاظ لآلئها منثورة أم من ولوجها الأسماع سَائِغَة أم من شفائها الْعلَّة نافعة وَأما الأبيات الَّتِي رسم التَّقَدُّم بتلحينها وَقَالَ بِمذهب أهل الْحجاز فِيهَا فَمَا أعرف كُفؤًا لمثلهَا ملحنا وَلَو كَانَ إِسْحَاق الْموصِلِي وَلَا مجيبا وَلَو كَانَ امْرأ الْقَيْس الْكِنْدِيّ وَلَا أرْضى لَهَا مهْرا إِلَّا حبات الْقُلُوب وَلَا مجالا إِلَّا أرجاء الصُّدُور وَقد جعل الله فِيهَا من الْفضل مَا يشغلنا حفظه عَن تعَاطِي الْإِجَابَة عَنهُ وَقرن بهَا من الأطراب مَا يكفينا تَأمله عَن صياغة الألحان لَهُ وَلأبي إِسْحَاق شعر كثير فِيهِ فَمن ذَلِك قَوْله فِي افْتِتَاح قصيدة (أَقْسَمت بِاللَّه مَا يُرْجَى لمعروف ... فِي الحادثات سوى القَاضِي ابْن مَعْرُوف) // الْبَسِيط // ولإبن حجاج فِي بعض من كَانَ يناوىء ابْن مَعْرُوف من الْحُكَّام (يَا أَيهَا الْحَاكِم الرقيع ... ذقنك فِي سلحتي نَقِيع) (إِن ابْن مَعْرُوف فِي مَحل ... مرامه مُتْعب منيع) (فَضله الله واجتباه ... لِلْأَمْرِ وَاخْتَارَهُ الْمُطِيع) (هَذَا لَهُ وَحده فَقل لي ... من أَنْت فِي النَّاس يَا وضيع) // مخلع الْبَسِيط // وَقد أوردت مَا حضرت بِهِ من مَشْهُور مَا هُوَ من شَرط الْكتاب من غرره فَمِنْهَا قَوْله من قصيدة (وَلم تسلني الْأَيَّام عَنْك بمرها ... بلَى زادني بعد اللِّقَاء تتيما) (وَقد كنت لَا أرْضى من النّيل بِالرِّضَا ... وآخذ مَا فَوق الرِّضَا متلوما) (فَلَمَّا تفرقنا وشطت بِنَا النَّوَى ... رضيت بطيف مِنْك يَأْتِي مُسلما) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 وَقَالَ (لَو كنت تَدْرِي مَا الَّذِي صنع الْهوى ... والشوق بالجسد النحيل الْبَالِي) (لهجرت هجري واجتنبت تجنبي ... ووصلت من بعد الصدود وصالي) // الْكَامِل // وَقَالَ (وَمَا سر قلبِي مُنْذُ شطت بك النَّوَى ... نعيم وَلَا كأس وَلَا متصرف) (وَمَا ذقت طعم المَاء إِلَّا وجدته ... سوى ذَلِك المَاء الَّذِي كنت أعرف) (وَلم أشهد اللَّذَّات إِلَّا تكلفا ... وَأي نعيم يَقْتَضِيهِ التَّكَلُّف) // الطَّوِيل // وَقَالَ (احذر عَدوك مرّة ... وَاحْذَرْ صديقك ألف مره) (فلربما انْقَلب الصّديق ... فَكَانَ أعرف بالمضره) // مجزوء الْكَامِل // 5 - أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ عَليّ بن الْحُسَيْن الْأمَوِي الْأَصْبَهَانِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ المنشأ وَكَانَ من أَعْيَان أدبائها وأفراد مصنفيها وَله شعر يجمع إتقان الْعلمَاء وإحسان ظرفاء الشُّعَرَاء وَالَّذِي رَأَيْته من كتبه كتاب القيان وَكتاب الأغاني وَكتاب الْإِمَاء الشواعر وَكتاب الديارات وَكتاب دَعْوَة النجار وَكتاب مُجَرّد الأغاني وَكتاب أَخْبَار جحظلة الْبَرْمَكِي وَمَا أَشك فِي أَن لَهُ غَيرهَا وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى المهلبي الْوَزير وَكثير الْمَدْح مُخْتَصًّا بِهِ فَمن ذَلِك قَوْله فِيهِ من قصيدة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 (وَلما انتجعنا لائذين بظله ... أعَان وَمَا عَنى وَمن وَمَا منا) (وردنا عَلَيْهِ مقترين فراشنا ... وردنا نداه مجدبين فأخصبنا) // الطَّوِيل // وَله من قصيدة يهنئه بمولود من سَرِيَّة رُومِية (اِسْعَدْ بمولود أَتَاك مُبَارَكًا ... كالبدر أشرق جنح ليل مقمر) (سعد لوقت سَعَادَة جَاءَت بِهِ ... أم حصان من بَنَات الْأَصْفَر) (متبجح فِي ذروتي شرف الذرى ... بَين الْمُهلب منتماه وَقَيْصَر) (شمس الضُّحَى قرنت إِلَى بدر الدجى ... حَتَّى إِذا اجْتمعَا أَتَت بالمشتري) // الْكَامِل // أَخذه من مصراع ابْن الرُّومِي (شمس وَبدر ولدا كوكبا ... ) // السَّرِيع // وَقَالَ من قصيدة فِيهِ عيدية (إِذا مَا علا فِي الصَّدْر للنَّهْي وَالْأَمر ... وبثهما فِي النَّفْع مِنْهُ وَفِي الضّر) (وأجرى ظبى أقلامه وتدفقت ... بديهته كالمستمد من الْبَحْر) (رَأَيْت نظام الدّرّ فِي نظم قَوْله ... ومنثوره الرقراق فِي ذَلِك النثر) (ويقتضب الْمَعْنى الْكثير بِلَفْظِهِ ... وَيَأْتِي بِمَا تحوي الطوامير فِي سطر) (أيا غرَّة الدَّهْر ائتنف غرَّة الشَّهْر ... وقابل هِلَال الْفطر فِي لَيْلَة الْفطر) (بأيمن إقبال وأسعد طَائِر ... وَأفضل مَا ترجوه فِي أفسح الْعُمر) (مضى عَنْك شهر الصَّوْم يشْهد صَادِقا ... بطهرك فِيهِ واجتنابك للوزر) (فَأكْرم بِمَا خطّ الحفيظان مِنْهُمَا ... وَأثْنى بِهِ المثني وأطرى بِهِ المطري) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 (وزكتك أوراق الْمَصَاحِف وانْتهى ... إِلَى الله مِنْهَا طول درسك وَالذكر) (وقبضك كف الْبَطْش عَن كل مجرم ... وبسطكها بِالْعرْفِ فِي الْخَيْر وَالْبر) (وَقد جَاءَ شَوَّال فشالت نعمامة الصّيام ... وأبدلنا النَّعيم من الضّر) (وضجت حبيس الدن من طول حَبسهَا ... ولامت على طول التجنب والهجر) (وأبرزها من قَعْر أسود مظلم ... كإشراق بدر مشرق اللَّوْن كالبدر) (إِذا ضمهَا والورد فوه وكفه ... فَلَا فرق بَين اللَّوْن والطعم والنشر) (وتحسبه إِذا سلسل الكأس ناظما ... على الْكَوْكَب الدُّرِّي سمطا من الدّرّ) // الطَّوِيل // وَقَالَ يهنئه بالعافية (أَبَا مُحَمَّد الْمَحْمُود يَا حسن ... الْإِحْسَان والجود يَا بَحر الندى الطامي) (حاشاك من عود عواد إِلَيْك وَمن ... دَوَاء دَاء وَمن إِلْمَام آلام) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ (تأوب عَيْني طيف ألم ... لظالمة طرقت فِي الظُّلم) (تخيل مِنْهَا خيال سرى ... فيسلب حلمي بِذَاكَ الْحلم) (فَمَا أنس لَا أنس إقبالها ... تميس بِغُصْن سقته الديم) (وَقد بدرت مثل بدر الدجى ... سما فِي السَّمَاء علوا وَتمّ) (على رَأسهَا معجر أَزْرَق ... وَفِي جيدها سبْحَة من برم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 (وَلم ترتقب لطلوع الرَّقِيب ... وَلم تحتشم لطلوع الحشم) (لقد سؤتني يَا نظام السرُور ... وأسقمتني يَا شِفَاء السقم) (أَهَذا المزار أم الازورار ... وإلمامكم ألم أم لمَم) (وَيَوْم كَمثل رِدَاء الْعَرُوس ... حسنا وطيبا إِذا مَا يشم) (خلعت عِذَارَيْ وَلم أعْتَذر ... وَلم أحتشم فِيهِ من يحتشم) (وقابلت فِيهِ صفاء الشمَال ... بصفو الشُّمُول وشجو النغم) (فداؤك نَفسِي هَذَا الشتَاء ... علينا بسلطانه قد هجم) (وَلم يبْق من نشبي دِرْهَم ... وَلَا من ثِيَابِي إِلَّا رمم) (يُؤثر فِيهَا نسيم الْهَوَاء ... وتخرقها خافيات الْوَهم) (وَأَنت الْعِمَاد وَنحن العفاة ... وَأَنت الرئيس وَنحن الخدم) // المتقارب // وَله فِيهِ (فداؤك نَفسِي من الحادثات ... وريب الردى وحلول الحذر) (فعالك تكبر عَن موعد ... وَوَعدك يسْبق أَن ينْتَظر) (وكفك تهمي على المعتفين ... بفيض عَفا وَصفا من كدر) (إِذا عاقك الشّغل عني وَلم ... أذكرك نَفسِي خوف الضجر) (تسكعت فِي حيرة لَا أجوز ... مِنْهَا إِلَى عضد أَو وزر) (رهنت ثِيَابِي وَحَال الْقَضَاء ... دون الْقَضَاء وَصد الْقدر) (وَهَذَا الشتَاء عسوف عَليّ ... كَمَا قد ترَاهُ قَبِيح الْأَثر) (يغادي بصر من العاصفات ... أَو دمق مثل وخز الإبر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 (وسكان دَاري مِمَّن أعول ... يلقين من برده كل شَرّ) (فهذي تحن وهذي تَئِنُّ ... وأدمع هاتيك تجْرِي دُرَر) (إِذا مَا تململن تَحت الظلام ... تعللن مِنْك بِحسن النّظر) (ولاحظن ربعك كالممحلين ... شاموا البروق رَجَاء الْمَطَر) (يؤملن عودي بِمَا ينتظرن ... كَمَا يرتجي آيب من سفر) (فأنعم بإنجاز مَا قد وعدت ... فَمَا غَيْرك الْيَوْم من ينْتَظر) (وعش لي وبعدي فَأَنت الْحَيَاة ... والسمع من جَسَدِي وَالْبَصَر) // المتقارب // وَقَالَ من أُخْرَى فِيهِ (يَا فُرْجَة الْهم بعد الْيَأْس والوجل ... يَا فرحة الْأَمْن بعد الروع والوهل) (اسْلَمْ وَدم وابق واملك وأنم وَاسم وزد ... واعط وامنع وضر وانفع وصل وصل) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي وصف الْخمر من قصيدة (وسلاف كالتبر أذكى من الْمسك وأصفى صبغا من الزَّعْفَرَان) (وَكَأن الْيَد الَّتِي تحتويها ... من صبيب العقيان فِي دستبان) // الْخَفِيف // وَقَرِيب مِنْهُ قَوْله (وَبكر شربناها على الْورْد بكرَة ... فَكَانَت لنا وردا إِلَى ضحوة الْغَد) (إِذا قَامَ مبيض اللبَاس يديرها ... توهمته يسْعَى بكم مورد) // الطَّوِيل // وَالْأَصْل فِيهِ قَول أبي الشيص (سقاني بهَا وَاللَّيْل قد شَاب رَأسه ... غزال بحناء الغزالة مختضب) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 وَقَالَ فِي أبي سعيد السيرافي (لست صَدرا وَلَا قَرَأت على صدر ... وَلَا علمك البكي بكافي) (لعن الله كل شعر وَنَحْو ... وعروض يَجِيء من سيراف) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي القَاضِي الأيذجي وَكَانَ التمس مِنْهُ عكازة فَلم يُعْطه إِيَّاهَا (اسْمَع حَدِيثي تسمع قصَّة عجبا ... لَا شَيْء أعجب مِنْهَا تبهر القصصا) (طلبت عكازة للوحل تحملنِي ... ورمزتها عِنْد من يخبي الْعَصَا فعصى) (وَكنت أَحْسبهُ يهوي عَصا عصب ... وَلم أخل أَنه صب بِكُل عَصا) // الْبَسِيط // وَكتب إِلَى القَاضِي التنوخي يلْتَمس مِنْهُ خَبرا (يَا أَيهَا القَاضِي السّني الذّكر ... وَمن علا على قُضَاة الْعَصْر) (قد اجْتَمَعنَا فِي مَحل وعر ... ومنزل ضنك ومثوى قفر) (خَال من الْخَيْر كثير الشَّرّ ... نلقى زماني ألم وضر) (من ليل بق ونهار حر ... فقد فقدت جلدي وصبري) (وَلَيْسَ لي عِنْد مَجِيء فكري ... سوى تشكي فادحات أَمْرِي) (بقلم يخطها فِي سطر ... إِلَى فَتى ذِي أدب وَقدر) (فاسمع لشكواي وجد بِعُذْر ... قد صفرت محبرتي من حبر) (وَلم أَجِدهُ مشترى فأشري ... فجد حباك الله طول الْعُمر) (بِمِثْلِهَا حبرًا وفز بشكري ... من بَين نظم حسن ونثر) (وَرب مجد باسق وفخر ... نالهما الْحر ببذل النزر) // الرجز // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 6 - أَبُو الْحسن بن مقلة من أَبنَاء الوزراء وَبَقِيَّة بني مقلة يَقُول (لست ذَا ذلة إِذا عضني الدَّهْر ... وَلَا شامخا إِذا واتاني) (أَنا نَار فِي مرتقى نفس الْحَاسِد ... مَاء جَار مَعَ الإخوان) // الْخَفِيف // وَقَالَ من قصيدة (وَإِذا رَأَيْت فَتى بِأَعْلَى رُتْبَة ... فِي شامخ من عزه المترفع) (قَالَت لي النَّفس العروف بفضلها ... مَا كَانَ أولاني بِهَذَا الْموضع) // الْكَامِل // وَقَالَ (الدَّهْر يلْعَب بالفتى فيهيضه ... طورا وَيجْبر عظمه فيراش) (وَكَذَا رَأينَا الدَّهْر فِي إعراضه ... ينحى وَفِي إقباله ينتاش) // الْكَامِل // وَقَالَ (أدل فيا حبذا من مدل ... وَمن ظَالِم لدمي مستحل) (إِذا مَا تعزز قابلته ... بذل وَذَلِكَ جهد الْمقل) // المتقارب // وَقَالَ (أَنْت يَا ذَا الْخَال فِي الوجنة ... مِمَّا بِي خَال) (لَا تبالي بِي وَلَا تخطرني ... مِنْك ببال) (لَا وَلَا تفكر فِي حَالي ... وَقد تعرف حَالي) (أَنا فِي النَّاس إمامي ... وَفِي حبك غالي) // الرمل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 7 - أَبُو الْحسن عَليّ بن هرون بن المنجم ذُو نسب عريق فِي ظرفاء الأدباء وندماء الْخُلَفَاء والوزراء وَفِي أسرته يَقُول الصاحب (لبني المنجم فطنة لهبيه ... ومحاسن عجمية عربيه) (مَا زلت أمدحهم وأنشر فَضلهمْ ... حَتَّى عرفت بِشدَّة العصبيه) // الْكَامِل // ولذكرهم فِي الْقسم الثَّالِث من هَذَا الْكتاب مَكَان فِي أَصْحَاب الصاحب وشعرائه فَأَما أَبُو الْحسن الَّذِي هُوَ كَبِيرهمْ فقد اقتصرت من ذكره واقتصاص أمره على نبذ حَكَاهَا الصاحب فِي كِتَابه الْمَعْرُوف بالروزنامجه مِمَّا اتّفق لَهُ مَعَ أبي مُحَمَّد الْوَزير المهلبي حِين ورد الصاحب بَغْدَاد وَقد أرسل يحكيها لأستاذه ابْن العميد ثمَّ أوردت مَا علق بحفظي من ملحه فصل أستدعاني الْأُسْتَاذ أَبُو مُحَمَّد فَحَضَرت وَأَبْنَاء المنجم فِي مَجْلِسه وَقد أعدا قصيدتين فِي مدحه فمنعهما من النشيد لأحضره فأنشدا قعُودا وجودا بعد تشبيب طَوِيل وَحَدِيث كثير فَإِن لأبي الْحسن رسما أخْشَى تَكْذِيب سيدنَا إِن شرحته وعتابه إِن طويته وَلِأَن أحصل عِنْده فِي صُورَة متزيد أحب إِلَى من أَن أحصل عِنْده فِي رُتْبَة مقصر يبتدىء فَيَقُول ببحة عَجِيبَة بعد إرْسَال دُمُوعه وَتردد الزفرات فِي حلقه واستدعائه من جؤذر غُلَامه منديل عبراته وَالله وَالله وَالله وَإِلَّا فأيمان الْبيعَة تلْزمهُ بحلها وحرامها وطلاقها وعتاقها وَمَا يَنْقَلِب إِلَيْهِ حرَام وعبيده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 أَحْرَار لوجه الله تَعَالَى إِن كَانَ هَذَا الشّعْر فِي استطاعة أحد مثله أَو اتّفق من عهد أبي دؤاد الْإِيَادِي إِلَى زمَان ابْن الرُّومِي لأحد شكله بل عَيبه أَن محاسنه تَتَابَعَت وبدائعه ترادفت فقد كَانَ فِي الْحق أَن يكون كل بَيت مِنْهُ فِي ديوَان يجلمه ويسود بِهِ شاعره ثمَّ ينشد فَإِذا بلغ بَيْتا يعجب ويتعجب من نَفسه فِيهِ قَالَ أَيهَا الْوَزير من يَسْتَطِيع هَذَا إِلَّا عَبدك عَليّ بن هرون بن عَليّ بن يحيى بن أبي مَنْصُور المنجم جليس الْخُلَفَاء وأنيس الوزراء ثمَّ ينشد الإبن وَالْأَب يعوذه ويهتز لَهُ وَيَقُول أَبُو عبد الله استودعه الله ولي عهدي وخليفتي من بعدِي وَلَو اشتجر اثْنَان من مصر وخراسان لما رضيت ل فصل مَا بَينهمَا سواهُ أمتعنا الله بِهِ ورعاه وَحَدِيثه عجب وَإِن اسْتَوْفَيْته ضَاعَ الْغَرَض الَّذِي قصدته على أَنه أيد الله مَوْلَانَا من سَعَة النَّفس والخلق ووفور الْأَدَب وَالْفضل وَتَمام الْمُرُوءَة والظرف بِحَال أعجز عَن وصفهَا وأدل على جُمْلَتهَا أَنه مَعَ كَثْرَة عِيَاله واختلال أَحْوَاله طلب سيف الدولة جَارِيَته الْمُغنيَة بِعشْرين ألف دِرْهَم أحضرها صَاحبه فَامْتنعَ من بيعهَا وأعتقها وَتزَوج بهَا فصل وَسمعت عِنْده أَبَا الْحسن بن طرخان وَقد نمى إِلَى سيدنَا خبر ابْنه وحذفه والفتى يبرز عَلَيْهِ مَعَ التَّمَسُّك بمذهبه وَلَيْسَ بالعراق وَلَا شَيْء من الْآفَاق طنبوري يشاكله أَو يُقَارِبه وَمِمَّا يغنى بِهِ من شعر أبي الْحسن وَيحلف على الرَّسْم أَن لَا مداني لَهُ فِيهِ (بيني وَبَين الدَّهْر فِيك عتاب ... سيطول إِن لم يمحه الإعتاب) (يَا غَائِبا بوصاله وَكتابه ... هَل يرتجى من غيبتيك إياب) (وَإِذا بَعدت فَلَيْسَ لي متعلل ... إِلَّا رَسُول بِالرِّضَا وعتاب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 (وَإِذا دَعَوْت مساعدا فَهُوَ المنى ... سعد الْمُحب وساعد الأحباب) (لَوْلَا التعلل بالرجاء تقطعت ... نفس عَلَيْك شعارها الأوصاب) (لَا يأس من روح الْإِلَه فَرُبمَا ... يصل القطوع وتحضر الغياب) // الْكَامِل // إِلَى هَهُنَا من كتاب الروزنامجه وقرأت للصابي فصلا يشْتَمل على ذكره وبيتين من شعره وَهُوَ قد شغل قلبِي أيد الله سيدنَا مَا بَلغنِي من تألمه من قدمه وأضر بِي وبالأحرار انْقِطَاعه بذلك عَن مساعي كرمه وَأَقُول لَهُ مَا أنشدنيه عَليّ بن هرون بن المنجم لنَفسِهِ من قصيدة كتب بهَا إِلَى أبي الْحوَاري وَقد وَثَبت رجله من عَثْرَة لحقته (كَيفَ نَالَ العثار من لم يزل مِنْهُ ... مقيلا من كل خطب جسيم) (أَو ترقى الْأَذَى إِلَى قدم لم ... تخط إِلَّا إِلَى مقَام كريم) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي قدح أصفر (وقدح مورس السربال ... من نقشه قبل المدام حَال) (تحسبه ملآن وَهُوَ خَال ... ) // الرجز // أَخذ معنى قَوْله من (نقشه قبل المدام ... حَالي قَرِيبه ... ) أَبُو مُحَمَّد بن المنجم فَقَالَ من قصيدة فِي وصف دَار الصاحب (وأبوابها أثوابها من نقوشها ... فَلَا ظلم إِلَّا حِين ترخي ستورها) // الطَّوِيل // وَلَقَد أحسن السّرقَة وجود اللَّفْظ وَزَاد فِي الْمَعْنى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 8 - الْأَحْنَف العكبري أَبُو الْحسن عقيل بن مُحَمَّد العكبري شَاعِر المكديين وظريفهم ومليح الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل مِنْهُم وقرأت للصاحب فصلا فِي ذكره فأوردته وَهُوَ لَو أنشدتك مَا أنشدنيه الْأَحْنَف العكبري لنَفسِهِ وَهُوَ فَرد بني ساسان الْيَوْم بِمَدِينَة السَّلَام وَحسن الطَّرِيقَة فِي الشّعْر لأمتلأت عجبا من ظرفه وإعجابا بنظمه وَلَا أقل من إِيرَاد مَوضِع افتخاره فَإِنَّهُ يَقُول (على أَنِّي بِحَمْد الله فِي بَيت من الْمجد ... ) (بإخواني بني ساسان ... أهل الْجد وَالْحَد) (لَهُم أَرض خُرَاسَان ... فقاشان إِلَى الْهِنْد) (إِلَى الرّوم إِلَى الزنج ... إِلَى البلغار والسند) (إِذا مَا أعوز الطّرق ... على الطراق والجند) (حذارا من أعاديهم ... من الْأَعْرَاب والكرد) (قَطعنَا ذَلِك النهج ... بِلَا سيف وَلَا غمد) (وَمن خَافَ أعاديه ... بِنَا فِي الروع يَسْتَعْدِي) // الهزج // وَلِهَذَا الْبَيْت الْأَخير معنى بديع وَتَفْسِيره يُرِيد أَن ذَوي الثورة وَأهل الْفضل والمروءة إِذا وَقع أحدهم فِي أَيدي قطاع الطَّرِيق وَأحب التَّخَلُّص قَالَ أَنا مكدي فَانْظُر كَيفَ غاص وأبرز هَذَا الْمَعْنى المعتاص إِلَى هَهُنَا كَلَام الصاحب وَفِي هَذِه القصيدة (وَقَالُوا قد سلا عَنْك ... وَقد حَال عَن الْعَهْد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 (وَلَا وَالله مَا أسلو ... وَلَكِن قل مَا عِنْدِي) وأنشدني عَليّ بن مَأْمُون المصِّيصِي قَالَ أَنْشدني الْأَحْنَف لنَفس (عِشْت فِي ذلة وَقلة مَال ... واغتراب فِي معشر أندال) (بالأماني أَقُول لَا بالمعاني ... فغذائي حلاوة الآمال) (لي رزق يَقُول بِالْوَقْفِ فِي الرَّأْي ... وَرجل تَقول بالإعتزال) // الْخَفِيف // وَقَالَ (رَأَيْت فِي النّوم دُنْيَانَا مزخرفة ... مثل الْعَرُوس تراءت فِي المقاصير) (فَقلت جودي فَقَالَت لي على عجل ... إِذا تخلصت من أَيدي الْخَنَازِير) // الْبَسِيط // وَقَالَ (العنكبوت بنت بَيْتا على وَهن ... تأوي إِلَيْهِ وَمَا لي مثله وَطن) (والخنفساء لَهَا من جِنْسهَا سكن ... وَلَيْسَ لي مثلهَا إلْف وَلَا سكن) // الْبَسِيط // وَقَالَ (قد قسم الله رِزْقِي فِي الْبِلَاد فَمَا ... يكَاد يدْرك إِلَّا بالتفاريق) (وَلست مكتسبا رزقا بفلسفة ... وَلَا بِشعر وَلَكِن بالمخاريق) (وَالنَّاس قد عمِلُوا أَنِّي أَخُو حيل ... فلست أنْفق إِلَّا فِي الرساتيق) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 وَقَالَ (قَالَ رُؤْيا الْمَنَام عنْدك حق ... قلت هَيْهَات كل ذَاك بخار) (لَيْت يقظانهم يَصح لَهُ الْأَمر ... فَكيف المغط والنخار) // الْخَفِيف // وَقَالَ (سَرِير بت بماخور ... على دف وطنبور) (وَصَوت الطبل كردم طع ... وَصَوت الناي طلير) (فصرنا من حمى الْبَيْت ... كأنا وسط تنور) (وصرنا من أَذَى الصفع ... كَمثل الْعَمى والعور) (لقد أَصبَحت مخمورا ... وَلَكِن أَي مخمور) // الهزج // وَقَالَ من قصيدة (ترى العقيان كالذهب الْمُصَفّى ... تركب فَوق أثفار الدَّوَابّ) (وكيسي مِنْهُ خلو مثل كفي ... أما هَذَا من الْعجب العجاب) // الوافر // وَقَالَ (قَامَ للشقوة أيري ... وَجرى بالنحس طيري) (وَولى حل سراويلك ... يَا مولَايَ غَيْرِي) (وتقرأت علينا ... كسعيد بن جُبَير) (أَتَرَى قد عقر النَّاقة ... يَا مولَايَ أيري) (لَيْسَ لي مِنْك سوى صبحك ... الله بِخَير) // مجزوء الرمل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 9 - ابْن العصب الملحي قد أجريت ذكره عِنْد ذكر السّري الرفاء وَكَانَ يتطايب فِي المداخلة والمعاشرة وَيَقُول شعرًا خَفِيف الرّوح كتب إِلَيْهِ ابْن سكرة (يَا صديقا أفادنيه زمَان ... فِيهِ ضن بالأصدقاء وشح) (بَين شخصي وَبَين شخصك بعد ... غير أَن الخيال بالوصل سمح) (إِنَّمَا يمْنَع التآلف منا ... أنني سكر وَأَنَّك ملح) // الْخَفِيف // فَأَجَابَهُ من أَبْيَات مِنْهَا (هَل يَقُول الإخوان يَوْمًا لخل ... شَاب مِنْهُ مَحْض الْمَوَدَّة قدح) (بَيْننَا سكر فَلَا تفسدنه ... أَو يَقُولُونَ بَيْننَا ويك ملح) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي قَاض (لنا قَاض لَهُ وَجه ... على أَخذ الرشا عَابس) (وَلَكِن لهأيرا يدق الرطب واليابس ... ) // الهزج // وَقَالَ (ذرفت عين الْغَمَام ... فاستهلت بسجام) (وَبكى الإبريق فِي ... الكأس بدمع من مدام) (فاسقني دمعا بدمع ... من مدام وغمام) (واعص من لامك فِيهِ ... لَيْسَ ذَا وَقت الملام) // مجزوء الرمل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 10 - أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ الخالع شَاعِر مفلق من شعراء الْوَزير أبي نصر سَابُور بن أردشير ولذكره مَوضِع آخر فِي الْبَاب التَّاسِع وَمن ملح شعره قَوْله من أَبْيَات (اسقنا من شرابك الصّرْف نمزجه ... بِمَاء من الثنايا زلال) (بنت كرم كَأَنَّهَا خجلة الخد ... تبدت فِي حلَّة من دلال) // الْخَفِيف // وَقَالَ (هُوَ معلم لهواك فَاعْلَم ... وَهِي الرسوم كَمَا ترسم) (قف مُطلق العبرات ... محتبس الصبابة يَا متيم) (حَتَّى ترى ديباج خدك ... من دموعك فِيهِ معلم) (وَاذْكُر زمَان خلاعة ... لَك فِي مغانيه تقدم) (إِذْ أَنْت فِي مَجْمُوع شَمل الغانيات بِهِ مقسم ... ) (يثني عناقك من سعاد ... ساعدا عبلا ومعصم) (وَتصير من نعم إِلَيْك ... معاطف الْغُصْن الْمُنعم) (أرعيت ألحاظي بموشي ... الربى خضل موشم) (متضوع الأرجاء من ... نفس الشمَال إِذا تنسم) (أَلْقَت بِكُل قرارة ... فِيهِ يَد الأنواء دِرْهَم) (والأقحوان الغض من ... خجل الشقائق قد تَبَسم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 (فَكَأَنَّمَا رياه أَخْلَاق ... الْوَزير وَقد تكرم) (يَا من إِلَيْهِ مقالد ... العلياء عَن حق تسلم) (مَاتَ السماح فَكنت فِي ... إحيائه عِيسَى ابْن مَرْيَم) // مجزوء الْكَامِل // 11 - الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد النامي الْخَوَارِزْمِيّ أَنا أختم هَذَا الْبَاب بِذكر من هُوَ للْعلم مجمع وللأدب مفزع وَإِلَيْهِ الرحلة الْيَوْم بِبَغْدَاد فِي تدريس كتب الشَّافِعِي رَحمَه الله مَعَ الشَّيْخ أبي حَامِد الإسفرائيني أيده الله وَله لِسَان يَسْتَوْفِي أَقسَام الفصاحة وَيجمع بَين العذوبة وَحسن الْعبارَة والبراعة وَشعر يشرف بِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذ من الْقلب بمجامعه كَقَوْلِه (أيا زائر الْبَيْت الْعَتِيق وتاركي ... قَتِيل الْهوى لَو زرتني كَانَ أجدرا) (تحج احتسابا ثمَّ تقتل عَاشِقًا ... فديتك لَا تحجج وَلَا تقتل الورى) // الطَّوِيل // وَكَقَوْلِه وَكتب بِهِ إِلَى أبي سعيد بن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ (حاش لله أَن أزول عَن الْعَهْد وَإِن زَاد سَيِّدي فِي الْجفَاء ... ) (أَنا ذَاك الَّذِي عرفت قَدِيما ... لابس للصديق ثوب الْوَفَاء) // الْخَفِيف // وأنشدني أَبُو الْحسن الْكَرْخِي قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد لنَفسِهِ (يَا عين مِنْك شكايتي وبلائي ... أَنْت الَّتِي أسلمتني لشقائي) (لما نظرت إِلَى محَاسِن وَجهه ... أشعلت نَار الشوق فِي أحشائي) (ثمَّ اعْتبرت لتخدعيني بالبكا ... فَكشفت ذَاك السِّرّ للأعداء) (فتأملي مَاذَا جنيت وأمسكي ... بِاللَّه عَنَّا معشر الغرباء) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 وَقَالَ أَنْشدني أَيْضا لنَفسِهِ (عجبت من معجب بصورته ... وَكَانَ من قبل نُطْفَة مذره) (وَفِي غَد بعد حسن صورته ... يصير فِي الأَرْض جيفة قذره) (وَهُوَ على عجبه ونخوته ... مَا بَين ثوبيه يحمل العذره) // المنسرح // وَقَالَ أَنْشدني أَبُو مُحَمَّد الحامدي لَهُ بَيْتَيْنِ فِي سَابُور استملحتهما جدا وهما (سَابُور وَيحك مَا أخسك ... بل أخصك بالعيوب) (وَجه قَبِيح فِي التبسم ... كَيفَ يحسن فِي القطوب) // مجزوء الْكَامِل // وأنشدني أَبُو حَفْص عمر بن عَليّ الْفَقِيه قَالَ أَنْشدني أَبُو يعلى الوَاسِطِيّ قَالَ أَنْشدني النامي لنَفسِهِ (قَالَت لَهُ وَرَأى فِي وَجههَا أثرا ... فازور عَنهُ كئيب الْقلب مدهوشا) (مَا حسن ديباجة الخد الْمليح إِذا ... لم يحك فِي حسنه الديباج مَنْقُوشًا) // الْبَسِيط // قَالَ وأنشدني أَبُو عَليّ الْكِنْدِيّ قَالَ أَنْشدني النامي لنَفسِهِ وَقد أهْدى هَدِيَّة مهرجانية إِلَى بعض الرؤساء (هَدِيَّة المهرجان وَاجِبَة ... على السلاطين لَا على الفقها) (وَإِن جرى عبدكم على سنَن ... من التهادي فَمَا أَتَى سفها) (حمل على أنني لكم قلم ... قطّ برأسين يكْشف الشبها) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 الْبَاب التَّاسِع فِيمَا أخرج من مَجْمُوع أشعار أهل الْعرَاق وَغَيرهم 12 - فِي الْوَزير أبي نصر سَابُور بن أردشير مِنْهُم من تقدم ذكره وَمِنْهُم من تَأَخّر وَمِنْهُم من لَا يجْرِي لَهُ ذكر فِيمَا سواهُ قَالَ السلَامِي من قصيدة فِيهِ وَقد أُعِيد إِلَى الوزارة وخلع عَلَيْهِ (الْيَوْم طبق أفق الدولة النُّور ... وأوضحت فلق الْملك التباشير) (فَكل عين إِلَيْك الْيَوْم طامحة ... وكل قلب بِمَا خولت مسرور) (أَقبلت فِي خلع السُّلْطَان زينها ... ذيل على أنجم الجوزاء مجرور) (كَأَنَّمَا نسجتها فِي الرياض يدا ... غيث فرونقها بالْحسنِ مغمور) (ورحت فَوق جواد كالعقاب جرى ... والجود فِي سَرْجه وَالْمجد وَالْخَيْر) // الْبَسِيط // مُحَمَّد بن أَحْمد الحمدوني من قصيدة لَهُ فِيهِ (وَفِي الظعائن مهضوم الحشى غنج ... يخطو بأعطاف نشوان الخطا ثمل) (ظَبْي مَشى الْورْد من لحظي بوجنته ... مشي اللواحظ من عَيْنَيْهِ فِي أَجلي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 (ومترف الترب مجاج الندى عطر ... مفوف النُّور مَوْسُوم الثرى خضل) (قد شام جدوله فِيهَا مهندة ... فاهتز مثل اهتزاز الْخَائِف الوجل) (إِذا نسيم الصِّبَا باحت سرائره ... أصغى إلَيْهِنَّ سمع الْغُصْن بالميل) (وَالرَّوْض تسحب فِيهِ السحب أردية ... مظاهرات عَلَيْهَا أظهر الْحلَل) (يَا مؤنس الْملك وَالْأَيَّام موحشة ... ورابط الجأش والآجال فِي وَجل) (مَا لي وللأرض لم أوطن بهَا وطنا ... كأنني بكر معنى سَار فِي الْمثل) (لَو أنصف الدَّهْر أَو لأَنْت معاطفه ... أَصبَحت عنْدك ذَا خيل وَذَا خول) (لله لُؤْلُؤ أَلْفَاظ أساقطها ... لَو كن للغيد مَا استأنسن بالعطل) (وَمن عُيُون معَان لَو كحلت بهَا ... نجل الْعُيُون لأغناها عَن الْكحل) (سحر من الْفِكر لَو دارت سلافته ... على الزَّمَان تمشى مشْيَة الثمل) // الْبَسِيط // أَبُو الْفرج الببغاء (لمت الزَّمَان على تَأْخِير مطلبي ... فَقَالَ مَا وَجه لومي وَهُوَ مَحْظُور) (فَقلت لَو شِئْت مَا فَاتَ الْغنى أملي ... فَقَالَ أَخْطَأت بل لَو شَاءَ سَابُور) (عذ بالوزير أبي نصر وسل شططا ... أسرف فَإنَّك فِي الْإِسْرَاف مَعْذُور) (وَقد تقبلت هَذَا النصح من زمني ... والنصح حَتَّى من الْأَعْدَاء مشكور) (وَمَا لطرف رحائي عَنْك منصرف ... وَهل يُفَارق جرم المُشْتَرِي النُّور) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 ابْن بابك من قصيدة (شمت برق الْوَزير فانهل حَتَّى ... لم أجد مهربا إِلَى الإعدام) (وَكَأَنِّي وَقد تقاصر باعي ... خائض فِي عباب أَخْضَر طامي) (مستفيض الندى كريم السجايا ... عَاجل الْعَفو آجل الإنتقام) (كذب الزاعمون أَن الْمَعَالِي ... فِي صُدُور المثقفات الدوامي) (إِنَّمَا الْمجد والندى والمساعي ... والردى فِي أسنة الأقلام) // الْخَفِيف // ابْن لُؤْلُؤ من قصيدة (خِصَال الْعلَا كلهَا من خصالي ... وَصوب الحيا قَطْرَة من شمَالي) (خلقت كَمَا شَاءَت المكرمات ... بعيد النظير فقيد الْمِثَال) (تنزهني عَن دنايا الْأُمُور ... نَفسِي وتندبني للمعالي) (فللبأس طول يَدي والحسام ... وللمجد وَالْحَمْد جاهي وَمَالِي) (وحرف تعرس فِيهَا الرِّيَاح ... إِذا مَا صغت للوني والكلال) (أجرت تعوج مثل القسي يحملن ركبا كَمثل النبال) (ومجنوبة فِي حَوَاشِي الْمطِي ... ينفضن أعرافها كالسعالي) (طلبن الْوَزير فَتى أردشير ... صنو الندى وحليف الْمَعَالِي) (بعيد مدى الْجُود لَا يتقى ... مؤمله بكريه المطال) (أغر يرى لَك مَا لَا ترَاهُ ... لَدَيْهِ ويعطيك قبل السُّؤَال) (ويهتز من طرب للسماح ... هز الصِّبَا للرماح الطوَال) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 الخليع النامي من قصيدة (فِي أَي منزل صبوة لم أنزل ... وَبِأَيِّ منطق عَادل لم أعذل) (مَا حق هَذَا الرّبع إِذْ فِيهِ الْهوى ... أَن يستضام بوقفة المستعجل) (كل إِن حضرت إِلَى الدُّمُوع سُؤَاله ... فالدمع أفْصح من سُؤال الْمنزل) (يَا هَذِه إِن لم يكن لَك نائل ... فَعدى وَإِن لم تجملي فتجملي) (جودي فَإِن لم تحسني فتعلمي ... الْإِحْسَان من هَذَا الْوَزير الْمفضل) (أعدى الزَّمَان ندا أبي نصر فَلَو ... سمناه أَن يهب الصِّبَا لم يبخل) (أرْضى الدّيانَة والصيانة حكمه ... بكفايتي قلم وقائم منصل) (يَا مؤئل الراجي وَهل للحائم الصادي ... سوى قطر الحيا من موئل) (أسعد بإقبال وَعِيد قَابلا ... بك شخص سعد لَيْسَ بالمترحل) (وتمل فضلك فَهُوَ أَفْخَر ملبس ... وتبو عزك فَهُوَ أمنع معقل) (وَاخْبَرْ مَتى مَا شِئْت إخلاصي تبن ... لَك نِيَّة المصفي من المتجمل) (مَا قلت قطّ لمنعم هَب لي وَفِي ... تَحْصِيل رَأْيك قد رغبت فهبه لي) (فَالْآن قد أوفى النجاح على المنى ... بسعادتي فِي الأَصْل لَا بتوصلي) (وَعلمت أَنِّي مقبل وعلامة ... الإقبال أَنِّي عذب مِنْك بمقبل) // الْكَامِل // الْحَاتِمِي من أرجوزة (أولى بِعَفْو من قدر ... لَا عَفْو عَن جَان أصر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 (رَأيا كمحتوم الْقدر ... فانصاع كالنجم انكدر) (يحمد إِن ذمّ الْمَطَر ... تهفو الرواسِي إِن زفر) (فِي كَفه نفع وضر ... ولحظه خير وَشر) (والدهر طوع مَا أَمر ... يجْرِي بِمَا سَاءَ وسر) (ذُو خلق سهل يسر ... كَمثل نوار الزهر) (وَشبه أنواء الْمَطَر ... يحيي أفانين الثَّمر) (من بَالغ ومنتظر ... كالأمن من بعد الحذر) (وَالْخَيْر فِي أعقاب شَرّ ... وكالكرى غب السهر) (عمرت مَا شَاءَ الوطر ... فَأَنت للْملك وزر) (دُونك عذراء الْفقر ... تتلى كَمَا تتلى السُّور) // مجزوء الرجز // الخالع من قصيدة (أَفِي غلائلها غُصْن من البان ... يَهْتَز فِي نعْمَة أم قد إِنْسَان) (هيفاء مرهفة الأعطاف إِن خطرت ... أَهْدَت نشاط الْهوى من خطو كسلان) (تبسمت فظننا أَن مبسمها ... فِيهِ من اللُّؤْلُؤ المجلو سمطان) (وأومأت بِيَمِين لَو دنت لفمي ... لأفسدت صَالحا من نسك إيماني) (مقسم الْعَيْش فِي تَحْصِيل مأثرة ... سيارة يتقاضاها لباسان) (فللدروع عَلَيْهِ يَوْم ملحمة ... وللدرائع مِنْهُ يَوْم ديوَان) (طرز الطلاقة فِي ديباج غرته ... للبشر فِيهَا إشارات بألوان) (كَأَن مَاء الْحيَاء الْغمر منسكبا ... فِيهَا يفِيض على نوار بُسْتَان) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 مُحَمَّد بن بلبل من قصيدة (أضحى الرَّجَاء لبرق جودك شاتما ... وارتد روض الْحَمد وحفا نَاعِمًا) (سميت نَفسِي إِذْ رجوتك واثقا ... ودوعتها لَك مذ مدحتك خَادِمًا) (فَمَتَى أقوم بشكر نِعْمَتك الَّتِي ... عقدت عَليّ من الخطوب تمائما) (لَا زَالَ جدك لِلْعَدو مزاحما ... يَعْلُو وآنف حاسديك رواغما) (واسعد بعيد قد حبتك سعوده ... عزا يكون مَعَ السَّعَادَة قادما) // الْكَامِل // أَحْمد بن عَليّ المنجم من قصيدة (أيهذا الْوَزير محصت بِالْإِحْسَانِ ... جور الدُّنْيَا ووزر الزَّمَان) (فَاشْرَبْ الراح رَاحَة الْقلب أُخْت الرّوح ... روح المكرب أنس الْأَمَانِي) (وابق مَا شِئْت فِي نعيم ترَاهُ ... لَك انموذجا لعيش الْجنان) // الْخَفِيف // السفياني من قصيدة (روض المنى بك عَاد غضا مونقا ... واهتز غُصْن الْمجد فِيهِ وأورقا) (وابيض وَجه الدَّهْر بعد سخومه ... وارتد بعد ظلامه فتألقا) (فت الْأَنَام فَمَا يجاريك امْرُؤ ... فِي حلبة الْفَخر المنيع المرتقى) (وَلَو اغتدى ظهر المجرة رَاكِبًا ... وَغدا بأذيال السهى مُتَعَلقا) (أجْرى فَكَانَ مسبقا وَصفا فَكَانَ ... مروقا وسطا فَكَانَ محققا) (وشأى فَكَانَ محدقا وخمي فَكَانَ ... مطبقا وَعَفا فَكَانَ موفقا) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 أَحْمد بن الْمُغلس من قصيدة (أبروق تلألأت أم ثغور ... وليال دجت لنا أم شُعُور) (وغصون تأودت أم قدود ... حاملات رمانهن الصُّدُور) (طالعات من السجوف على الركب ... بدور أبرزتهن الْخُدُور) (مثقلات أردافهن وَلَكِن ... موهفات من فوقهن الخصور) (مطمعات فِي وصلهن وَدون ... الْوَصْل إِن رمته دِمَاء تمور) (عز مِنْهُنَّ مَا يرام كَمَا عز جناب يحتل فِيهِ الْوَزير ... ) (نصر الْمجد حَافِظًا حُرْمَة الْمجد ... أَبُو نصر الرِّضَا سَابُور) (مُفْرد فِي الزَّمَان لَيْسَ يدانيه ... من النَّاس مشبه أَو نَظِير) (إِن يواجه فطود حلم ركين ... أَو يفاوض فبحر علم غزير) (أَو يجد واهبا فغيث مطير ... أَو يصل واثبا فليث هصور) // الْخَفِيف // سعد بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ من قصيدة (أأجفو الْهوى فِي ربعه لَا أخاطبه ... وأمضي وَلم تعلب بدمعي ملاعبه) وَمِنْهَا فِي وصف السَّحَاب (وأقمر منشور الْجنَاح مرفرف ... تحلى بعقيان البروق ترائبه) (وَخلف غمام الخدر بدر مضمخ ... بِحسن بديع والحلي كواكبه) (أَرْجَى أَبَا نصر لعصر كَأَنَّمَا ... من النَّار عَيناهُ فَمن ذَا يغاضبه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 (على عيلة لَو حمل الدَّهْر ثقلهَا ... لزلت بِهِ رِجْلَاهُ وانقض غاربه) (إِذا مَا رَآهُ النَّاس قَالُوا تَعَجبا ... تبَارك مُخْتَار الْكَمَال وواهبه) // الطَّوِيل // الْحسن بن مُحَمَّد العضدي (يلقاك إِن لاقاك دهرك كالحا ... مُتَبَسِّمًا كالعارض المتبسم) (وَإِذا سما نَحْو الْعلَا لم يتَّخذ ... غير الْمَوَاهِب والعلا من سلم) (سيان عزمك والحسام المنتضى ... وندى يَديك وَصوب نوء المرزم) (كم منَّة لَك كم يكدر صفوها ... من وَكم نعمي شفعت بأنعم) (أتراك تحرمني لطيف عناية ... وَبِك الْغَدَاة من الزَّمَان تحرمي) (وَأَنا ابْن أنعمك الْقَدِيمَة فَليصل ... مِنْك السماح مُؤَخرا بِمقدم) // الْكَامِل // عون بن عَليّ الْعَنْبَري (لست على العتب بالمنيب ... وَلَا للوم بمستجيب) (جلّ غرامي وَزَاد سقمي ... وذبت شوقا إِلَى مذيبي) (غير عَجِيب نحول جسمي ... شوقا إِلَى حسنه العجيب) (تلهب الوجنتين مِنْهُ ... غادر قلبِي على لهيب) (يَا دهر أغربت فِي التَّعَدِّي ... والجور ظلما على الْغَرِيب) (شوبك لي فرقة بشوق ... أطلع من لمتي مشيبي) (حسبي أَبُو نصر المرجى ... عونا على الدَّهْر والخطوب) (إِن ضَاقَ دهر بِنَا أوينا ... مِنْهُ إِلَى صَدره الرحيب) // مخلع الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 الْبَاب الْعَاشِر 13 - فِي ذكر الشريف أبي الْحسن الرضي الموسوي النَّقِيب وغرر شعره هُوَ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِم السَّلَام ومولده بِبَغْدَاد سنة تسع وَخمسين وثلاثمائة وابتدأ يَقُول الشّعْر بعد أَن جَاوز الْعشْر سِنِين بِقَلِيل وَهُوَ الْيَوْم أبدع أَبنَاء الزَّمَان وأنجب سادة الْعرَاق يتحلى مَعَ محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظَاهر وَفضل باهر وحظ من جَمِيع المحاسن وافر ثمَّ هُوَ أشعر الطالبيين من مضى مِنْهُم وَمن غبر على كَثْرَة شعرائهم المفلقين كالجماني وَابْن طَبَاطَبَا وَابْن النَّاصِر وَغَيرهم وَلَو قلت إِنَّه أشعر قُرَيْش لم أبعد عَن الصدْق وسيشهد بِمَا أجريه من ذكره شَاهد عدل من شعره العالي الْقدح الْمُمْتَنع عَن الْقدح الَّذِي يجمع إِلَى السلاسة متانة وَإِلَى السهولة رصانة ويشتمل على معَان يقرب جناها وَيبعد مدها فَأَما أَبوهُ أَبُو أَحْمد فمنظور علوِيَّة الْعرَاق مَعَ أبي الْحسن مُحَمَّد بن عمر بن يحيى وَكَانَ قَدِيما يتَوَلَّى نقابة الطالبيين وَالْحكم فيهم أَجْمَعِينَ وَالنَّظَر فِي الْمَظَالِم وَالْحج بِالنَّاسِ ثمَّ ردَّتْ هَذِه الْأَعْمَال كلهَا إِلَى وَلَده أبي الْحسن هَذَا وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة فَقَالَ أَبُو الْحسن قصيدة يهنىء بهَا أَبَاهُ ويشكره على تفويضه أَكثر هَذِه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 الْأَعْمَال إِلَيْهِ (انْظُر إِلَى الْأَيَّام كَيفَ تعود ... وَإِلَى الْمَعَالِي الغر كَيفَ تزيد) (وَإِلَى الزَّمَان نبا وعاود عطفه ... فارتاح ظمآن وأورق عود) (قد عاود الْأَيَّام مَاء شبابها ... فالعيش غض والليالي عيد) (إقبال عز كالأسنة مقبل ... يمْضِي وجد فِي الْعَلَاء جَدِيد) (وَعلا لأبلج من ذؤابة هَاشم ... يثني عَلَيْهِ السؤدد الْمَعْقُود) (قد فَاتَ مَطْلُوبا وَأدْركَ طَالبا ... ومقارعوه على الْأُمُور قعُود) (مَا السؤدد الْمَطْلُوب إِلَّا دون مَا ... يَرْمِي إِلَيْهِ السؤدد الْمَوْلُود) (فَإِذا هما اتفقَا تَكَسَّرَتْ القنا ... إِن غَالِبا وتضعضع الجلمود) // الْكَامِل // وَله من قصيدة فِي أَبِيه وَيذكر حجه بِالنَّاسِ (دعيني أطلب الدُّنْيَا فَإِنِّي ... أرى المسعود من رزق الطلابا) (وَمن أبقى لآجله حَدِيثا ... وَمن عانى لعاجله اكتسابا) (وَمَا المغبون إِلَّا من دهته ... فَلَا مجدا وَلَا جدة أصابا) (ونصل السَّيْف تسلم شفرتاه ... وتخلق كل أَيَّام قرابا) (وَأَيَّام تجوز عَلَيْك بيض ... وَقد فتحت من الإقبال بَابا) (وَكم يَوْم كيومك قدت فِيهِ ... على الْغرَر المقانب والركابا) (إِلَى الْبَلَد الْأمين مقومات ... تماطلها التعجل والإيابا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 (بِحَيْثُ تفرغ الكوم المطايا ... حقائبها وتحتقب الثوابا) (معالم إِن أجال الطّرف فِيهَا ... مسيء الْقَوْم أقلع أَو أنابا) // الوافر // وَقَالَ فِي الطائع لله أَمِير الْمُؤمنِينَ من قصيدة (لله ثمَّ لَك الْمحل الْأَعْظَم ... وَإِلَيْك ينتسب الْعَلَاء الأقدم) (وَلَك التراث من النَّبِي مُحَمَّد ... وَالْبَيْت وَالْحجر الْعَظِيم وزمزم) (تمْضِي الْمُلُوك وَأَنت طود ثَابت ... ينجاب عَنْك متوج ومعمم) (لله أَي مقَام دين قمته ... وَالْأَمر من دون الْقَضِيَّة مُبْهَم) (فَكَأَنَّمَا كنت النَّبِي مناجزا ... بالْقَوْل أَو بِلِسَانِهِ تَتَكَلَّم) (أَيَّام طَلقهَا الْمُطِيع وأوحشت ... مذ زَالَ عَن ذَا الغاب ذَاك الضيغم) (فَمضى وأعقب بعده مستيقظا ... سجلاه بؤسي فِي الرِّجَال وأنعم) (كالغيث يخلفه الرّبيع وَبَعْضهمْ ... كالنار يخلفه الرماد المظلم) // الْكَامِل // ينظر معنى المصراع الأول إِلَى بَيت المتنبي وَهُوَ أحسن مَا قيل فِيهِ وَهُوَ قَوْله (فَإنَّك مَاء الْورْد إِن ذهب الْورْد ... ) // الطَّوِيل // وَمعنى المصراع الثَّانِي من قَول الشَّاعِر (وَبَعْضهمْ يكون أَبوهُ مِنْهُ ... مَكَان النَّار يخلفها الرماد) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 وَمِنْهَا فِي وصف النوق (هن القسي من النحول فَإِن سما ... طلب فهن من النَّجَاء الأسهم) وَمَا أحسن مَا جمع بَين القسي والأسهم فِي هذَيْن الوصفين وَمَا أرَاهُ سبق إِلَيْهِ على هَذَا التَّرْتِيب وَمِنْهَا (وعظمت قدرا أَن يروقك مغنم ... أَو أَن يصل على بنانك دِرْهَم) (هِيَ رَاحَة مَا تستفيق من الندى ... أَبَد الزَّمَان وبدرة لَا تختم) (مَا كَانَ يومي دون مدحك أنني ... صب بِغَيْر جلال وَجهك مغرم) (أَنْت الْعلَا فلقصدها مَا أقتني ... من جَوْهَر ولمدحها مَا أنظم) (مَا حق مثلي أَن يضاع وَقَوله ... بَاقِي الْعِمَاد على الزَّمَان مخيم) (وَأَنا الْقَرِيب قرَابَة مَعْلُومَة ... والعرق يضْرب والقرائب تلحم) (إِنِّي لأرجو مِنْك أَن سَيكون لي ... يَوْم أَغيظ بِهِ الأعادي أيوم) (وأنال عنْدك رُتْبَة مصقولة ... إِن عاين الْأَعْدَاء رونقها عموا) (إِنِّي وَإِن ضرب الْحجاب بطوده ... أَو حَال دُونك يذبل ويلملم) (لأرَاك فِي مرْآة جودك مثل مَا ... يلقى العيان النَّاظر المتوسم) (يَا دهر دُونك قد تماثل مدنف ... واقتص مهتضم وأورق معدم) (إِنِّي عَلَيْك إِذا امْتَلَأت حمية ... بندى أَمِير الْمُؤمنِينَ محرم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 (ومذ ادرعت فناءه وعطاءه ... أرمي ويرميني الزَّمَان فَأسلم) وَقَالَ من قصيدة لما خلع الطائع يذكر فِيهَا أَيَّامه ويرثيها ويتوجع مِمَّا لحقه وَذَلِكَ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة (إِن كَانَ ذَاك الطود خر ... فبعدما استعلى طَويلا) (موف على القلل الذواهب ... فِي الْعلَا عرضا وطولا) (قرم يسدد لحظه ... فَيرى القورم لَا مثولا) (وَيرى عَزِيزًا حَيْثُ حل ... وَلَا يرى إِلَّا ذليلا) (كالليت إِلَّا أَنه ... اتخذ الْعلَا والعز غيلا) (وَعلا على الأقران لَا ... مثلا يعد وَلَا عديلا) (من معشر ركبُوا الْعلَا ... فَأَبَوا عَن الْكَرم النزولا) (كرموا فروعا بعد مَا ... طابوا وَقد عجموا أصولا) (نسب غَدا رواده ... يستنخبون لَهُ الفحولا) (يَا نَاصِر الدّين الَّذِي ... رَجَعَ الزَّمَان بِهِ كليلا) (يَا صارم الْمجد الَّذِي ... ملئت مضاربه فلولا) (يَا كَوْكَب الْإِحْسَان ... أعجلك الدجى عَنَّا أفولا) (يَا مُصعب العلياء قادتك ... العدى نقضا ذلولا) (لهفي على مَاض قضى ... أَن لَا يرى مِنْهُ بديلا) (وَزَوَال ملك لم يكن ... يَوْمًا يقدر أَن يزولا) (ومنازل سطر الزَّمَان ... على مغانيها الحؤولا) (من يزْجر الدَّهْر الغشوم ... ويكشف الْخطب الجليلا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 (وتراه يمْنَع دُوننَا ... وَادي النوائب أَن يسيلا) (عقاد ألوية الْمُلُوك ... على العدى جيلا فجيلا) (صانعت يَوْم فِرَاقه ... قلبا قد اعتنق الغليلا) (ظعن الْغنى عني وحول ... رَحْله إِلَّا قَلِيلا) (إِن عَاد يَوْمًا عَاد ... وَجه الدَّهْر مقتبلا جميلا) (وَلَئِن غَدا طوع الْمنون ... ميمما تِلْكَ السبيلا) (فَلَقَد يخلف مجده ... عبئا على الدُّنْيَا ثقيلا) (واستذرت الْأَيَّام من ... نفحاته ظلا ظليلا) // مجزوء الْكَامِل // وَله من قصيدة يذكر فِيهَا الْحَال يَوْم الْقَبْض على الطائع لله ويصف خُرُوجه من الدَّار سليما وَقد سلبت ثِيَاب أَكثر الْأَشْرَاف والقضاة وانتهبوا وامتحنوا فَأخذ هُوَ بالحزم سَاعَة ووقف على الصُّورَة وبادر إِلَى نزُول دجلة وَكَانَ أول خَارج من الدَّار وتلوم من تلوم حَتَّى جرى عَلَيْهِ مَا جرى وَيذكر غَرضا آخر فِي نَفسه ويشكو الزَّمَان ويذم عمل السُّلْطَان (لواعج الشوق تخطيهم وتصميني ... واللوم فِي الْحبّ ينهاهم ويغريني) (سلا عَن الوجد إِنِّي كل شارقة ... تريشني الشيب وَالْأَيَّام تبريني) (من لي ببلغة عَيْش غير فاضلة ... تكفني عَن أَذَى الدُّنْيَا وتكفيني) (أخي من بَاعَ دُنْيَاهُ وزخرفها ... بصونه كَانَ عِنْدِي غير مغبون) (قَالُوا أتقنع بالدون الخسيس وَمَا ... قنعت بالدون بل قنعت بالدون) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 (إِذا ظننا وقدرنا جرى قدر ... بنازل غير موهوم ومظنون) (أعجب بمسكة نَفسِي بعد مَا رميت ... من النوائب بالأبكار والعون) (وَمن نجاتي يَوْم الدَّار حِين هوى ... غَيْرِي وَلم أخل من جزم ينجيني) (مرقت فِيهَا مروق النَّجْم منكدرا ... وَقد تلاقت مصاريع الردى دوني) (وَكنت أول طلاع ثنيتها ... وَمن ورائي شَرّ غير مَأْمُون) (من بعد مَا كَانَ رب الْملك مُبْتَسِمًا ... إِلَيّ أدنيه فِي النَّجْوَى ويدنيني) (أمسيت أرْحم من قد كنت أغبطه ... لقد تقَارب بَين الْعِزّ الْهون) (ومنظر كَانَ بالسراء يضحكني ... يَا قرب مَا عَاد بالضراء يبكيني) (هَيْهَات أغتر بالسلطان ثَانِيَة ... قد ضل ولاج أَبْوَاب السلاطين) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي الْقَادِر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن إِسْحَاق بن المقتدر عِنْد استقراره فِي دَار الْخلَافَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة (شرف الْخلَافَة يَا بني الْعَبَّاس ... الْيَوْم جدده أَبُو الْعَبَّاس) (وافى لحفظ فروعها وكنيه ... كَانَ المثير مَوَاضِع الأغراس) (هَذَا الَّذِي رفعت يَدَاهُ بناءها العالي وَذَاكَ موطد الآساس ... ) // الْكَامِل // كَأَنَّهُ ألم فِيهِ بقول ابْن الرُّومِي فِي المعتضد بِاللَّه (كَمَا بِأبي الْعَبَّاس أنشىء ملككم ... كَذَا بِأبي الْعَبَّاس مِنْكُم يجدد) رَجَعَ (ذَا الطود بقاه الزَّمَان ذخيرة ... من ذَلِك الْجَبَل الْعَظِيم الراسي) (فَالْآن قر الْعِزّ فِي سكناته ... ثلج الضمائر بَارِد الأنفاس) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 (وقفت أخامص طالبيه ورفهت ... أيد نقضن معاقد الأحلاس) (واحتل غاربه ولي خلَافَة ... مَا كَانَ يلبسهَا على اللبَاس) (سبق الرِّجَال إِلَى ذراها ناجيا ... من نَاب كل مجاذب نهاس) (يقظان يجرح فِي الخطوب وينثني ... ولهاه للكلم الرغيب أواسي) (ويرق أَحْيَانًا وَبَين ضلوعه ... قلب على المَال المثمر قاسي) (تَغْدُو ظَبْي الْبيض الرقَاق بِقَلْبِه ... أحلى وأعذب من ظباء كناس) (فَكَأَن حمل السَّيْف يقطر غربه ... أنسى يَمِين يَدَيْهِ حمل الكاس) (أحسود ذِي الْغرَر الشوادخ إِنَّهَا ... حرم على الأعيار لَا الأفراس) (لَا تحسدن قوما إِذا فاضلتهم ... فضلوك فِي الْأَخْلَاق والأجناس) (مجد أَمِير الْمُؤمنِينَ أعدته ... غضا كنوز المورق المياس) (وَبعثت فِي قلب الْخلَافَة فرحة ... دخلت على الْخُلَفَاء فِي الأرماس) (أَوْرَق أَمِين الله عودي إِنَّمَا ... أغراث مثلك فِي الْعلَا أغراسي) (واملك على من كَانَ قبلك سلوة ... فِي فرط تقريبي وَفِي إيناسي) // الطَّوِيل // وَله فِيهِ من أُخْرَى يصف فِيهَا جلْسَة جلسها فأوصل إِلَى حَضرته الحجيج وَغَيرهم وَحضر الشريف ذَلِك الْمجْلس وَعَلِيهِ السوَاد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة مِنْهَا (لمن الحدوج تهزهن الأنيق ... والركب يطفو فِي السراب ويغرق) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 (أَنِّي اهتديت فَلَا اهتديت وبيننا ... سور عَليّ من الظلام وَخَنْدَق) (ومطلحون لَهُم بِكُل ثنية ... ملقى وسادته الثرى والمرفق) (أبغاة هَذَا الْمجد إِن مرامه ... دحض يزل بطالبيه ويزلق) (لَا تحرجوا هذي الْبحار فَرُبمَا ... كَانَ الَّذِي يروي المعاطش يغرق) (ودعوا مجاذبة الْخلَافَة إِنَّهَا ... أرج بِغَيْر ثِيَابهمْ لَا يعبق) (وأبوكم الْعَبَّاس مَا استسقى بِهِ ... بعد الْقنُوط قبائل إِلَّا سقوا) (بعج الْغَمَام بدعوة مسموعة ... فَأَجَابَهُ شَرق البوارق مغرق) (لله يَوْم أطلعتك بِهِ الْعلَا ... علما يزاول بالعيون ويرشق) (لما سمت بك غرَّة مرموقة ... كَالشَّمْسِ تبهر بالضياء وترمق) (وبرزت فِي برد النَّبِي وللهدى ... نور على أسرار وَجهك مشرق) (وعَلى السَّحَاب الجون لَيْث مُعظما ... ذَاك الرِّدَاء وزر ذَاك اليلمق) (وَكَأن دَارك جنَّة حصباؤها الجادي أَو أنماطها الإستبرق ... ) (فِي موقف تغضي الْعُيُون جلالة ... فِيهِ ويعثر بالْكلَام الْمنطق) (وَالنَّاس إِمَّا شاخص متعجب ... مِمَّا يرى أَو نَاظر متشوق) (مالوا إِلَيْك محبَّة فتجمعوا ... وَرَأَوا عَلَيْك مهابة فَتَفَرَّقُوا) (وطعنت فِي غرر الْكَلَام بفيصل ... لَا يسْتَقلّ بِهِ السنان الْأَزْرَق) (وَأَنا الْقَرِيب إِلَيْك فِيهِ ودونه ... لندى عَدوك طود عز أعبق) (عطفا أَمِير الْمُؤمنِينَ فإننا ... فِي دوحة العلياء لَا نتفرق) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 (مَا بَيْننَا يَوْم الفخار تفَاوت ... أبدا كِلَانَا فِي الْمَعَالِي معرق) (إِلَّا الْخلَافَة ميزتك فإنني ... أَنا عاطل مِنْهَا وَأَنت مطوق) // الْكَامِل // هَذِه طَريقَة لم يسْبق إِلَيْهَا وَمَا أحْسنهَا فِي جمع أَطْرَاف الإستعطاف والمدح وَله من أُخْرَى يذم الزَّمَان ويفتخر (توقعي أَن يُقَال قد ظعنا ... مَا أَنْت لي منزلا وَلَا وطنا) (يَا دَار قل الصّديق فِيك فَمَا ... أحس ودا وَلَا أرى سكنا) (كَيفَ يخَاف الزَّمَان منصلت ... مذ خَافَ غدر الزَّمَان مَا أمنا) (لم يلبس الثَّوْب من توقعه ... لِلْأَمْرِ إِلَّا وظنه كفنا) (لي مهجة لَا أرى لَهَا عوضا ... غير بُلُوغ الْعلَا وَلَا ثمنا) (مَا ضرنا لأأننا بِلَا جدة ... وَالْبَيْت والركن وَالْمقَام لنا) (سَوف ترى أَن نيل آخِرنَا ... من الْعلَا فَوق نيل أولنا) (وَأَن مَا بز من مقادمنا ... يخلفه الله فِي أواخرنا) // المنسرح // ورد عَلَيْهِ أَمر أهمه وأقلقه فَرَأى شيبا فِي رَأسه وسنه ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة فَقَالَ (عجلت يَا شيب على مفرقي ... وَأي عذر لَك أَن تعجلا) (فَكيف أقدمت على عَارض ... مَا استغرق الشّعْر وَلَا استكملا) (كنت أرى الْعشْرين لي جنَّة ... من طارقات الشيب إِن أَقبلَا) (فَالْآن سيان ابْن أم الصِّبَا ... وَمن تسدى الْعُمر الأطولا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 (يَا زَائِرًا مَا جَاءَ حَتَّى مضى ... وعارضا مَا جاد حَتَّى انجلى) (وَمَا رأى الراؤون من قبلنَا ... زرعا ذَوي من قبل أَن يسبلا) (لَيْت بَيَاضًا جَاءَنِي آخرا ... فدى بَيَاض كَانَ لي أَولا) (وليت صبحا سَاءَنِي ضوؤه ... زَالَ وَأبقى ليله الأليلا) (يَا ذابلا صوح فينانه ... قد آن للذابل أَن يخْتَلى) (خطّ برأسي يققا أبيضا ... كَأَنَّمَا خطّ بِهِ منصلا) (هَذَا وَلم أعد مجَال الصِّبَا ... فَكيف من جَاوز أَو من علا) (من خَوفه كنت أهاب السرى ... شحا على وَجْهي أَن يبذلا) (فليتني كنت تسربلته ... فِي طلب الْعِزّ ونيل الْعلَا) (قَالُوا دع الْقَاعِد يزري بِهِ ... من قطع اللَّيْل وجاب الفلا) (قل لعذولي الْيَوْم عد صامتا ... فقد كفاني الشيب أَن أعذلا) (طبت بِهِ نفسا وَمن لم يجد ... إِلَّا الردى أذعن واستقتلا) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي الْوَزير أبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد يستصوب رَأْيه فِي الإستتار لأمر أوجبه (تأبى اللَّيَالِي أَن تديما ... بؤسا بِخلق أَو نعيما) (والمرء بالإقبال يبلغ ... وداعا خطرا عَظِيما) (وينال بغيته وَمَا ... أنضى الذميل وَلَا الرسيما) (فَإِذا انْقَضى إقباله ... رَجَعَ الشَّفِيع لَهُ خصيما) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 (وَهُوَ الزَّمَان إِذا نبا ... سلب الَّذِي أعْطى قَدِيما) (كَالرِّيحِ ترجع عاصفا ... من بعد مَا بدأت نسيما) (ذَاك الْوَزير وَكَانَ لي ... وزرا أحزبه الخصوما) (فَالْآن أغدو للعدى ... ونبالها غَرضا رجيما) (سدي الْعلَا وأنار لَا ... فض اللِّقَاء وَلَا ملوما) (حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا ... أَن يلام وَأَن يليما) (طرح العناء على اللئام ... مجانبا وَمضى كَرِيمًا) (لم يعتلقه الْحَبْس ممتهنا ... وَلم يعْزل ذَمِيمًا) (أفنى العدى وَقضى المنى ... وَبنى الْعلَا وَنَجَا سليما) (وَجه كَأَن الْبَدْر شاطره ... الضياء أَو النجوما) (لَو قَابل اللَّيْل البهيم لمزق اللَّيْل البهيما ... ) (يجلو الهموم وَرب وَجه إِن بدا جلب الهموما ... ) (كَانَ الْعَظِيم وَغير بدع ... مِنْهُ أَن ركب العظيما) (وَالْحر من حذر الهوان ... وحاول الْأَمر الجسيما) (بعثوا سواك لَهَا وَكَانَ ... مبلدا عَنْهَا مليما) (وَالْعَاجِز المأفون أقعد مَا يكون إِذا أقيما ... ) (فسقى بلادك حَيْثُ كنت ... المزن منبعقا هزيما) (فَلَقَد سقى خدي ذكرك ... دمع عَيْني السجوما) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (عذيري من الْعشْرين يغمزن صعدتي ... وَمن نوب الْأَيَّام يقرعن مروتي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 (أَلا لَا أعد الْعَيْش عَيْشًا مَعَ الْأَذَى ... لِأَن رَفِيق الذل حَيّ كميت) (تخوفني بِالْمَوْتِ وَالْمَوْت رَاحَة ... لمن سل عزمي قلبه مثل همتي) (وَكم بَين ذِي أنف حمى وحامل ... موران قد عودن حمل الأحشة) // الطَّوِيل // وَقَالَ (أكابرنا وَالسَّابِقُونَ إِلَى الْعلَا ... أَلا تِلْكَ آساد وَنحن شبولها) (وَإِن أسودا كنت شبلا لبعضها ... لمحقوقة أَن لَا يذل قبيلها) // الطَّوِيل // وَقَالَ (حذفت فضول الْعَيْش حَتَّى رَددتهَا ... إِلَى دون مَا يرضى بِهِ الْمُتَعَفِّف) (وأملت أَن أجري خَفِيفا إِلَى الْعلَا ... إِذا شِئْتُم أَن تلحقوا فتخففوا) (حَلَفت بِرَبّ الْبدن تدمى نحورها ... وبالنفر الأطوار لبوا وَعرفُوا) (لأبتذلن النَّفس حَتَّى أصونها ... وغيري فِي قيد من الذل يرسف) (فقد طالما ضيعت فِي الْعَيْش فرْصَة ... وَهل ينفع الملهوف مَا يتلهف) (وَإِن قوافي الشّعْر مَا لم أكن لَهَا ... مسفسفة فِيهَا عَتيق ومقرف) (أَنا الْفَارِس الوثاب فِي صهواتها ... وكل مجيد جَاءَ بعدِي مردف) // الطَّوِيل // وَقَالَ (بَنو هَاشم عين وَنَحْو سوادها ... على رغم من يَأْبَى وَأَنْتُم قذاتها) (وأعجب مَا يَأْتِي بِهِ الدَّهْر أَنكُمْ ... طلبتم علا مَا فِيكُم أدواتها) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 (وأملتم أَن تدركوها طوالعا ... دَعُوهَا سيسعى للمعالي سعاتها) (غرست غروسا كنت أَرْجُو لقاحها ... وآمل يَوْمًا أَن تطيب جناتها) (فَإِن أثمرت لي غير مَا كنت آملا ... فَلَا ذَنْب لي إِن حنظلت نخلاتها) // الطَّوِيل // وَقَالَ يرثي أَبَا مَنْصُور أَحْمد بن عبيد الله بن الْمَرْزُبَان الْكَاتِب الشِّيرَازِيّ (أَي دموع عَلَيْك لم تصب ... وَأي قلب عَلَيْك لم يجب) (مَا لي وَمَا للزمان يسلبني ... فِي كل يَوْم غرائب السَّلب) (أما فَتى ناضر الصِّبَا كَأَخِي ... عِنْدِي أَو زَائِد المدى كَأبي) (وإنني للشتاء أحسبني ... أَلعَب بالدهر وَهُوَ يلْعَب بِي) (مَا نمت عَنهُ إِلَّا وأيقظني ... من الرزايا بفيلق لجب) (فِي كل دَار تَغْدُو الْمنون وَمن ... كل الثنايا مطالع النوب) (يفوز بالراحة الفقيد وللفاقد طول العناء والتعب ... ) (أَحْمد كم لي عَلَيْك من كمد ... بَاقٍ وَمن جود أدمع سرب) (ولوعة تحطم الضلوع إِذا ... ذكرت قرب اللِّقَاء عَن كثب) (إِن قطع الْمَوْت حبلنا فَلَقَد ... عِشْنَا وَمَا حبلنا بمنقضب) (كم مجْلِس صبحته ألسننا ... نفضن فِيهِ لطائم الْأَدَب) (من أثر يونق الْفَتى حسن ... أَو خبر يبسط المنى عجب) (أَو عرض أَصبَحت خواطرنا ... تساقط الدّرّ مِنْهُ فِي الْكتب) (كالبادر العذب روقته صبا الْفجْر ... أَو الظُّلم زين بالشنب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 (غاض غَدِير الْكَلَام مَا بَقِي الدَّهْر وقرت شقائق الْخطب ... ) (يَا علم الْمجد لم هويت وَقد ... كنت أَمِين الْعِمَاد والطنب) (يَا مقول الدَّهْر لم صمت وَقد ... كنت زَمَانا أمضى من الشهب) (يَا نَاظر الْفضل لم غضضت وَمَا ... كنت قَدِيما تغضي على الريب) (كنت قريني وَلست لي لِدَة ... كنت نسيبي وَلست من نسبي) (مِمَّا يُقَوي العزاء عَنْك وَإِن ... شرد قلبِي العزاء بالكرب) (أَنَّك أحرزتها وَإِن رغم الدَّهْر ثَمَانِينَ طَلْقَة الحقب ... ) (فَإِن دموعي جرين نهنهها ... علمي أَن قد ظَفرت بالأرب) (فليت عشْرين بت أحسبها ... باعدن بَين الْوُرُود والقرب) (إِنِّي أظمأ إِلَى المشيب وَمن ... ينج قَلِيلا من الردى يشب) (إِن سرني طالع الْبيَاض أقل ... يَا لَيْت ليل الشَّبَاب لم يغب) (مر على ذَلِك التُّرَاب من المزن ... خفوق الْأَعْلَام والعذب) (فثم بشر أصفى من الغدق ... العذب وجود أندى من السحب) (لَا تحسبن الخلود بعْدك لي ... إِن المنايا أعدى من الجرب) (إِن أَنْج مِنْهَا وَقد شربت بهَا ... فَإِن خيل الْمنون فِي طلبي) // المنسرح // وَلست أَدْرِي فِي شعراء الْعَصْر أحسن تَصرفا فِي المراثي مِنْهُ وَلما رثى أَبَا مَنْصُور الشِّيرَازِيّ بِهَذِهِ القصيدة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ رثى أَبَا إِسْحَاق الصابي فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ بالقصيدة الَّتِي أوردتها فِي بَابه ثمَّ لما حَال الْحول وَتُوفِّي الصاحب فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وتعجب النَّاس من إنقراض بلغاء الْعَصْر الثَّلَاثَة على نسق فِي ثَلَاث سِنِين رثاه أَيْضا بقصيدة سأورد غررها فِي مراثي الصاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 وَله من قصيدة رثى بهَا أَبَا مُحَمَّد بن أبي سعيد السيرافي وَكَانَ من الْأَعْيَان الْأَعْلَام فِي الْعَرَبيَّة وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَتُوفِّي بعيد الصاحب (لم ينسنا كَافِي الكفاة مصابه ... حَتَّى دهانا فِيك خطب مضلع) (قرح على قرح تقَارب عَهده ... إِن القروح على القروح لأوجع) (وتلاحق الْفُضَلَاء أعدل شَاهد ... أَن الْحمام بِكُل علق مولع) // الْكَامِل // وَقَالَ من أُخْرَى من // الْبَسِيط // (يَا مصعبا بخست أَيدي الْمنون بِهِ ... فقيد قَود ذليل الظّهْر مطواع) (يسْقِي أسنته حَتَّى تفيض دَمًا ... ويهدم العيس من شدّ وأيضاع) وَقَالَ (هَيْهَات أصبح سَمعه وعبانه ... فِي الترب قد حجبتهما أقذاؤه) (يُمْسِي ولين مهاده حصباؤه ... فِيهِ ومؤنس ليله ظلماؤه) (قد قلبت أعيانه وتنكرت ... أَعْلَامه وتكسفت أضواؤه) (مغف وَلَيْسَ للذة إغفاؤه ... مغض وَلَيْسَ لفكرة إغضاؤه) (وَجه كَلمعِ الْبَرْق غاض وميضه ... قلب كصدر العضب قل مضاؤه) (حكم البلى فِيهِ فَلَو يلقى بِهِ ... أعداءه لرثى لَهُ أعداؤه) (إِن الَّذِي كَانَ النَّعيم ظلاله ... أَمْسَى يطنب بالعراء خباؤه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 (قد خف عَن ذَاك الرواق حُضُوره ... أبدا وَعَن ذَاك الْحمى ضوضاؤه) (كَانَت سوابقه طراز فنائه ... يجلو جمال روائهن رواؤه) (ورماحه سفراؤه وسيوفه ... خفراؤه وجياده ندماؤه) (مَا زَالَ يعدو والركاب حذاءه ... بَين الصوارم والعجاج رِدَاؤُهُ) (لاتعجبن فَمَا العجيب فناؤه ... بيد الْمنون بل العجيب بَقَاؤُهُ) (من طاح فِي سبل الردى آباؤه ... فليسلكن طريقهم أبناؤه) // الْكَامِل // وَمن قصيدة رثى بهَا والدته (أبكيك لَو نقع الغليل بُكَائِي ... وَأَقُول لَو ذهب الْمقَال بدائي) (وَأَعُوذ بِالصبرِ الْجَمِيل تعزيا ... لَو كَانَ فِي الصَّبْر الْجَمِيل عزائي) (طورا تكاثرني الدُّمُوع وَتارَة ... آوي إِلَى أكرومتي وحيائي) (كم عِبْرَة موهتها بأناملي ... وسترتها متجملا بردائي) (أبدى التجلد لِلْعَدو وَلَو درى ... بتململي لقد اشتفى أعدائي) (فَارَقت فِيك تمسكي وتجملي ... ونسيت فِيك تعززي وإبائي) (كم زفرَة ضعفت فَصَارَت أنة ... أتممتها بتنفس الصعداء) (لهفان أنزو فِي حبائل كربَة ... ملكت عَليّ جلادتي وعنائي) (قد كنت أَرْجُو أَن أكون لَك الفدا ... مِمَّا ألم فَكنت أَنْت فدائي) (وَجرى الزَّمَان على عوائد كَيده ... فِي قلب آمالي وَعكس رجائي) (وتفرق الْبعدَاء بعد مَوَدَّة ... صَعب فَكيف تفرق الْقُرَبَاء) (وتداول الْأَيَّام يبلينا كَمَا ... يبْلى الرشاء تطاوح الأرجاء) (كَيفَ السلو وكل موقع لَحْظَة ... أثر لفظلك خَالِد بإزائي) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 وَقَالَ (قل لليالي قد ملكت فأسجحي ... ولغيرك الْخلق الْكَرِيم الأسجح) (إِن سَاءَ فعلك فِي فِرَاق أحبتي ... فلسوء فعلك فِي عِذَارَيْ أقبح) (ضوء تشعشع فِي سَواد ذؤابتي ... لَا أستضيء بِهِ وَلَا أستصبح) وَمِنْهَا (والذل بَين الْأَقْرَبين مضاضة ... والذل مَا بَين الأباعد أروح) (وَإِذا رمتك من الرِّجَال قوارص ... فسهام ذِي الْقُرْبَى أَشد وأجرح) (لَو لم يكن لي فِي الْقُلُوب مهابة ... لم يطعن الْأَعْدَاء فِي ويقدحوا) // الْكَامِل // وَقَالَ (أَنا ابْن الأناجب من هَاشم ... إِذا لم تكن نجب من نجب) (تلاث برودهم بِالرِّمَاحِ ... وتلوى عمائمهم بِالشُّهُبِ) (عتاق الْوُجُوه وَعتق الْجِيَاد ... فِي الضمر تعرفه والقبب) (يشف الوضاء خلال الشحوب ... مِنْهَا وَخلف الدُّخان اللهب) // المتقارب // وَقَالَ (الراح والراحة ذل الْفَتى ... والعز فِي شرب ضريب اللقَاح) (مَا أطيب الْأَمر وَلَو أَنه ... على رزايا نعم فِي المراح) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 وَقَالَ وأجاد (ستعلمون مَا يكون مني ... إِن مد من ضبعي طول سني) (أأدع الدُّنْيَا وَلم تدعني ... وسعت أيامي وَلم تسعني) (أفضل عَنْهَا وتضيق عني ... ) // الرجز // وَقَالَ من أُخْرَى (تجاذبني يَد الْأَيَّام نَفسِي ... ويوشك أَن يكون لَهَا الغلاب) (نهضت وَقد قعدن بِي اللَّيَالِي ... فَلَا خيل أعز وَلَا ركاب) (وَمَا ذَنبي إِذا اتّفقت خطوب ... مغاضبة وَأَيَّام غضاب) (وَبَعض الْعَدَم مأثرة وفخر ... وَبَعض المَال منقصة وَعَابَ) (بناني والعنان إِذا نبت بِي ... رَبِّي أَرض ورجلي والركاب) (سَوَاء من أقل الترب منا ... وَمن وارى معالمه التُّرَاب) // الوافر // كَأَنَّهُ من قَول ابْن نباتة (وَمن لبس التُّرَاب كمن علاهُ ... ) رَجَعَ (وَإِن مزايل الْعَيْش اختصارا ... مساوي للَّذين بقوا فشابوا) (وأولنا العناء إِذا طلعنا ... إِلَى الدُّنْيَا وآخرنا الذّهاب) (وَإِن مقَام مثلي فِي الأعادي ... مقَام الْبَدْر تنبحه الْكلاب) (رموني بالعيوب ملفقات ... وَقد علمُوا بِأَنِّي لَا أعاب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 (وَأَنِّي لَا تدنسني المخازي ... وَأَنِّي لَا تروعني السباب) (وَلما لم يلاقو فِي عَيْبا ... كسوني من عيوبهم وعابوا) // الوافر // وَقَالَ (سأبذل دون الْعِزّ أكْرم مهجة ... إِذا قَامَت الْحَرْب الْعوَان على رجل) (وَمَا ذَاك أَن النَّفس غير نفيسة ... وَلَكِن رايت الْجُبْن ضربا من الْبُخْل) (وَمَا المكرهون السمهرية فِي الطلى ... بأشجع مِمَّن يكره المَال بالبذل) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي ذمّ بعض النَّاس (الله يعلم ميلي عَن جنابكم ... وَلَو تناهيت لي فِي الْبر واللطف) (فَكيف بِي وعَلى عَيْنَيْك تَرْجَمَة ... من الحقود وعنوان من السَّرف) // الْبَسِيط // أَخذه من قَول البحتري (وَفِي عَيْنَيْك تَرْجَمَة أَرَاهَا ... تدل على الضغائن والحقود) رَجَعَ (أَطُوف مِنْك بِوَجْه غير ملتفت ... إِلَى المناجي وَعطف غير منعطف) (فَمَا أغبك من عذر وَلَا شغل ... وَلَا أزورك من وجد وَلَا شغف) (لَا قدس الله نفسا مِنْك جَامِعَة ... كيد البغال وحقد الْخلد والسرف) (وَلَا سقى الْغَيْث دَارا أَنْت ساكنها ... إِلَّا بأغبر نَارِي الذري قصف) // الوافر // وَقَالَ (زللت من موقفي على طلل ... بَال فَمن عاذري من الطلل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 (لما تَأَمَّلت قبح صورته ... رجعت أبْكِي دَمًا على أملي) (وَجه كَظهر الْمِجَن مسترق الْحسن ... وأنف كغارب الْجمل) // المنسرح // وَقَالَ فِي الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه (تخطينا الصُّفُوف إِلَى رواق ... تحجب بالصوارم والرماح) (وحبينا عَظِيما من قُرَيْش ... كَأَن جَبينه فلق الصَّباح) (عَلَيْهِ سيمياء الْمجد يَبْدُو ... وعنوان الشجَاعَة والسماح) // الوافر // وَقَالَ فِي أبي الْحسن النصيح وَقد لامه فِي تَأَخره عَنهُ (أكافينا النصيح بقيت ... فِينَا دَائِما أبدا) (تحث إِلَى الْعلَا قدما ... وتبسط بالنوال يدا) (لَئِن حرقتني عذلا ... لقد نوهت بِي صعدا) (عَليّ طروق داركم ... وَلَيْسَ عَليّ أَن أردا) // مجزوء الوافر // أَخذه من قَول مَنْصُور (عَليّ أَن أزوركم ... وَلَيْسَ عَليّ أَن أصلا) وَقَالَ (أبيعك بيع الْأَدِيم النغل ... وأطوي ودادك طي السّجل) (وأنفض ثقلك عَن عَاتِقي ... فقد طالما آذيتني يَا جبل) (قوارص لفظ كحز المدى ... وشزرات لحظ كوقع الأسل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 (وَإِن أذلّ الأذلين ... من يروم ببضع النِّسَاء الدول) // المتقارب // وَقَالَ (يَا لَيْلَة كرم الزَّمَان ... بهَا لَو أَن اللَّيْل بَاقِي) (كَانَ اتِّفَاقًا بَيْننَا ... جَار على غير اتِّفَاق) (فاستروح المشتاق من ... زفرات هم واشتياق) (واقتص للحقب المواضي ... بل تسلف للبواقي) (حَتَّى إِذا نسمت ريَاح ... الصُّبْح تؤذن بالفراق) (برد السوار لَهَا فأحميت القلادة بالعناق ... ) // مجزوء الْكَامِل // وَله فِي وَزِير بذل مَالا كثيرا حَتَّى يُقَلّد الوزارة فاستصوب رَأْيه فِي ذَلِك (اشْتَرِ الْعِزّ بِمَا بيع فَمَا الْعِزّ بغال ... ) (بالقصار الصفر ... إِن شِئْت وبالسمر الطوَال) (لَيْسَ بالمغبون حظا ... مُشْتَر عزا بِمَال) (إِنَّمَا يدّخر المَال ... لحاجات الرِّجَال) (والفتى من جعل ... الْأَمْوَال أَثمَان الْمَعَالِي) // مجزوء الرمل // وَقَالَ (يَا عذبة المبسم بلي الجوى ... بنهلة من ريقك الْبَارِد) (أرى غديرا شبما مَاؤُهُ ... باد فَهَل للْمَاء من وَارِد) (من لي بِذَاكَ الْعَسَل الذائب الْجَارِي ... خلال الْبرد الجامد) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 وَقَالَ (وسالمت لما طَالَتْ الْحَرْب بَيْننَا ... إِذا لم تظفر فِي الحروب فسالم) // الطَّوِيل // وَقَالَ (لنا الدوحة الْعليا الَّتِي نزعت لَهَا ... إِلَى الْمجد أَغْصَان الجدود الأطايب) (إِذا كَانَ فِي جو السَّمَاء عروقها ... فَأَيْنَ عواليها وَأَيْنَ الذوائب) // الطَّوِيل // وَله فِي غُلَام أعجمي (حَبِيبِي مَا أزرى بحبك فِي الحشا ... وَلَا غض عِنْدِي مِنْك أَنَّك أعجم) (بنفسي من يستدرج اللَّفْظ عجمة ... كَمَا يمضغ الظبي الْأَرَاك ويبغم) // الطَّوِيل // وَقَالَ (كَمَا الْمقَام على جيل سواسية ... ترجو الندى من إِنَاء قطّ مَا رشحا) (تشاغل النَّاس باستدفاع شرهم ... عَن أَن تسومهم الْإِعْطَاء والمنحا) // الْبَسِيط // وَقَالَ (واها على عهد الشَّبَاب وطيبه ... والغض من ورق الشَّبَاب الناضر) (واها لَهُ مَا كَانَ غير دجنة ... قلصت صبابتها كظل الطَّائِر) (وَأرى المنايا إِن رَأَتْ بك شيبَة ... جعلتك مرمى نبلها الْمُتَوَاتر) (لَو يفتدي ذَاك السوَاد فديته ... بسواد عَيْني بل سَواد ضمائري) (أبياض رَأس واسوداد مطَالب ... صبرا على حكم الزَّمَان الجائر) // الْكَامِل // وَكَانَ عمل قصيدة فِي بهاء الدولة وأنفذها إِلَيْهِ فنسبه بعض الحساد إِلَى الترفع عَن إنشادها فَقَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 (جناني شُجَاع إِن مدحت وَإِنَّمَا ... لساني إِن نسيم النشيد جبان) (وَمَا ضرّ قوالا أطَاع جنانه ... إِذا خانه عِنْد الْمُلُوك لِسَان) (وَرب حييّ فِي السَّلَام وَقَلبه ... وقاح إِذا لف الْجِيَاد طعان) (وَرب وقاح الْوَجْه تحمل كَفه ... أنامل لم يعرق بِهن عنان) (وفخر الْفَتى بالْقَوْل لَا بنشيده ... ويروي فلَان مرّة وَفُلَان) // الطَّوِيل // وَورد عَلَيْهِ أَمر أشغل قلبه فَقَالَ (إِن أنشب الْخطب فَلَا روعة ... أَو عظم الْأَمر فَصَبر جميل) (فليهون الْمَرْء بأيامه ... أَن مقَام الْمَرْء فِيهَا قَلِيل) (إِنَّا إِلَى الله وَإِنَّا لَهُ ... وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل) // السَّرِيع // بعونه تَعَالَى قد تمّ طبع الْقسم الثَّانِي من يتيمة الدَّهْر حسب تَقْسِيم الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى ويتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْقسم الثَّالِث ويشتمل على ملح أشعار أهل الْجبَال وَفَارِس وجرجان وطبرستان نسْأَل الَّذِي بِيَدِهِ الْحول والطول أَن يعين على إكماله بمنه وفضله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 الْقسم الثَّالِث من يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن أهل الْعَصْر وَهُوَ يشْتَمل على ملح أشعار أهل الْجبَال وَفَارِس وجرجان وطبرستان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَحْمد الله على آلائه وأسأله شكر نعمائه وأصلي على مُحَمَّد الْمُصْطَفى الْمُخْتَار وَآله وَصَحبه الْأَطْهَار وَبعد فَلَمَّا تمّ الْقسم الثَّانِي من يتمية الدَّهْر أتبعته بالقسم الثَّالِث مِنْهَا وَهُوَ يشْتَمل على ملح أشعار أهل الْجبَال وَفَارِس وجرجان وطبرستان من وزراء الدولة الديلمية وكتابها وقضاتها وشعرائها وَسَائِر فضلائها وغربائها وَمَا ينضاف إِلَيْهَا من أخبارهم وغرر ألفاظهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 الْبَاب الأول 14 - فِي ذكر ابْن العميد وإيراد لمع من أَوْصَافه وأخباره وغرره من نثره ونظمه هُوَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن الْحُسَيْن عين الْمشرق ولسان الْجَبَل وعماد الْملك آل بويه وَصدر وزرائهم وأوجد الْعَصْر فِي الْكِتَابَة وَجَمِيع أدوات الرياسة وآلات الوزارة والضارب فِي الْآدَاب بِالسِّهَامِ الفائزة والآخذ من الْعُلُوم بالأطراف القوية يدعى الجاحظ الْأَخير والأستاذ والرئيس يضْرب بِهِ الْمثل فِي البلاغة وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ فِي الْإِشَارَة بالفصاحة والبراعة مَعَ حسن الترسل وجزالة الْأَلْفَاظ وسلاستها إِلَى براعة الْمعَانِي ونفاستها وَمَا أحسن وأصدق مَا قَالَ لَهُ الصاحب وَقد سَأَلَهُ عَن بَغْدَاد عِنْد مُنْصَرفه عَنْهَا بَغْدَاد فِي الْبِلَاد كالأستاذ فِي الْعباد وَكَانَ يُقَال بدئت الْكِتَابَة بِعَبْد الحميد وختمت بِابْن العميد وَقد أجْرى ذكرهمَا مَعًا مثلا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد الخازن الْأَصْبَهَانِيّ فِي قصيدة فريدة مدح بهَا الصاحب فَلَمَّا انْتهى إِلَى وصف بلاغته قَالَ وَأحسن مَا شَاءَ (دعوا الأقاصيص والأنباء نَاحيَة ... فَمَا على ظهرهَا غير ابْن عباد) (وَالِي بَيَان مَتى يُطلق أعنته ... يدع لِسَان إياد رهن أقياد) (ومورد كَلِمَات عطلت زهرا ... على رياض ودرا فَوق أجياد) (وتارك أَولا عبد الحميد بهَا ... وَابْن العميد أخيرا فِي أبي جاد) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 وَلم يَرث ابْن العميد الْكِتَابَة عَن كَلَالَة بل كَانَ كَمَا قَالَ ذُو الرمة فِي وصف صياد حاذق (ألفى أَبَاهُ بِذَاكَ الْكسْب يكْتَسب ... ) // الْبَسِيط // لِأَن أَبَاهُ أَبَا عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بكلة فِي الرُّتْبَة الْكُبْرَى من الْكِتَابَة ورسائله مدونة بخراسان وَذكر أَبُو إِسْحَاق الصابي فِي الْكتاب التاجي أَن رسائل أبي عبد الله لَا تقصر فِي البلاغة عَن رسائل ابْنه أبي الْفضل وَعِنْدِي أَن هَذَا الحكم من أبي إِسْحَاق فِيهِ حيف شَدِيد على ابْن العميد والقاص لَا يحب الْقَاص وَمن خبر أبي عبد الله أَن أَصله من قُم وَكَانَ يكْتب لما كَانَ بن كَاكِيّ فَلَمَّا قتل مَا كَانَ فِي المعركة واستبيح عسكره وَحمل قواده وخواصه مُقرنين فِي الأصفاد إِلَى الحضرة ببخارى وَفِي جُمْلَتهمْ أَبُو عبد الله نفعته شَفَاعَة فَضله ونبله فَأطلق عَنهُ وَأكْرم ورتب فِي الدَّار السُّلْطَانِيَّة وَلما تقلد ديوَان الرسائل للْملك نوح بن نصر ولقب الشَّيْخ كالعادة فِيمَن يَلِي ذَلِك الدِّيوَان حسده أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن الْوَزير فَقَالَ فِيهِ (تظلم ديوَان الرسائل كُله ... إِلَى الْملك القرم الْهمام وَحقّ لَهُ) // الطَّوِيل // من أَبْيَات أنسانيها تطاول الْمدَّة بهَا واستعجم عَليّ مَكَانهَا وَكَانَ إِذا ذَاك أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي الإسكافي يكْتب فِي ديوانه وَيرى نَفسه أَحَق برتبته ومكانه ويتمنى زَوَال أمره ليقوم مقَامه وَيقْعد مَقْعَده وَله فِيهِ أَبْيَات تستظرف وتستملح فَمِنْهَا قَوْله (وَقَائِل مَاذَا الَّذِي ... من كلة تطلبه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 (قلت لَهُ أطلب أَن ... يقلب مِنْهُ لقبه) // مجزوء الرجز // وَقَوله فِيهِ وَكَانَ يحضر الدِّيوَان فِي محفة لسوء أثر النقرس على قدمه (يَا ذَا الَّذِي ركب المحفة جَامعا فِيهَا جهازه ... ) (أَتَرَى الْإِلَه يعيشني ... حَتَّى يرينيها جَنَازَة) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله فِيهِ وَقد استوزر والديوان برسمه (أَقُول وَقد سرنا وَرَاء محفة ... وفيهَا أَبُو عبد الْإِلَه كسيرا) (شقاؤك من شكواك ثمَّ شقاؤنا ... من أَيَّام سوء قدمتك وزيرا) (ترقيك من هذي المحفة حَيَّة ... إِلَى النعش مَحْمُولا تصر صَرِيرًا) // الطَّوِيل // وَلم تطل الْأَيَّام حَتَّى أَتَت على أبي عبد الله منيته ووافت أَبَا الْقَاسِم أمْنِيته وَتَوَلَّى ديوَان الرسائل فَسبق من قبله وأتعب من بعده وَلم يزل أَبُو الْفضل فِي حَيَاة أَبِيه وَبعد وَفَاته بِالريِّ وكور الْجَبَل وَفَارِس يتدرج إِلَى الْمَعَالِي ويزداد على الْأَيَّام فضلا وبراعة حَتَّى بلغ مَا بلغ وَاسْتقر فِي الذورة الْعليا من وزارة ركن الدولة ورياسة الْجَبَل وخدمه الكبراء وانتجعه الشُّعَرَاء وَورد عَلَيْهِ أَبُو الطّيب المتنبي عِنْد صدوره من حَضْرَة كافور الإخشيدي فمدحه بِتِلْكَ القصائد الْمَشْهُورَة السائرة الَّتِي مِنْهَا (من مبلغ الْأَعْرَاب أَنِّي بعدهمْ ... شاهدت رسطاليس والإسكندرا) (وَسمعت بطليموس دارس كتبه ... متملكا متبديا متحضرا) (وَلَقِيت كل الفاضلين كَأَنَّمَا ... رد الْإِلَه نُفُوسهم والأعصرا) (نسقوا لنا نسق الْحساب مقدما ... وأتى فَذَلِك إِذْ أتيت مُؤَخرا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 (بِأبي وَأمي نَاطِق فِي لَفظه ... ثمن تبَاع بِهِ الْقُلُوب وتشتري) (قطف الرِّجَال القَوْل وَقت نَبَاته ... وقطفت أَنْت القَوْل لما نورا) // الْكَامِل // ومدحه الصاحب بمدح كَثِيرَة استفرغ فِيهَا جهده وَألقى حميته فَمن عُيُون شعره فِيهِ قَوْله من قصيدة (من لقلب يهيم فِي كل وَاد ... وقتيل للحب من غير وَاد) (إِنَّمَا أذكر الغواني والمقصد ... سعدي مكثرا للسواد) (وَإِذا مَا صدقت فَهِيَ مرامي ... ومنائي وروضتي ومرادي) (وندى ابْن العميد إِنِّي عميد ... من هَواهَا ألية الأمجاد) (لَو درى الدَّهْر أَنه من بنيه ... لازدرى قدر سَائِر الْأَوْلَاد) (أَو رأى النَّاس كَيفَ يَهْتَز للجود ... لما عددوه فِي الأطواد) (أَيهَا الآملون حطوا سَرِيعا ... برفيع الْعِمَاد واري الزِّنَاد) (فَهُوَ إِن جاد ضن حَاتِم طي ... وَهُوَ إِن قَالَ قل قس إياد) (وَإِذا مَا ارتأى فَأَيْنَ زِيَاد ... من علاهُ وَأَيْنَ آل زِيَاد) (أقبل الْعِيد يستعير حلاه ... من علاهُ العزيزة الأنداد) (سيضحي فِيهِ لمن لَا يواليه ... وَيبقى بَقِيَّة الأعياد) (ومديحي إِن لم يكن طَال أبياتا ... فقد طَال فِي مجالي الْجِيَاد) (إِن خير المداح من مدحته ... شعراء الْبِلَاد فِي كل نَاد) // الْخَفِيف // مَا أحسن مَا أدمج الإفتخار فِي أثْنَاء الْمَدْح وَإِنَّمَا ألم فِيهِ بقول يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي لإبن الْمُدبر (إِن أكن مهديا لَك الشّعْر إِنِّي ... لإبن بَيت تهدى لَهُ الْأَشْعَار) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 وَمن مُخْتَار شعر الصاحب قَوْله فِيهِ وَقد قدم إصبهان (قدم الرئيس مقدما فِي سبقه ... وكأنما الدُّنْيَا جرت فِي طرقه) (فجبالها من حلمه وبحارها ... من جوده ورياضها من خلقه) (وكأنما الأفلاك طوع يَمِينه ... كَالْعَبْدِ منقادا لمَالِك رقّه) (قد قاسمته نجومها فنحوسها ... لعَدوه وسعدوها فِي أفقه) (مَا زلت مشتاقا لنُور جَبينه ... شوق الرياض إِلَى السَّحَاب وودقه) (حَتَّى بدا من فَوق أجرد سابح ... إِن قَالَ فت الرّيح فَاه بصدقه) (يَحْكِي السَّحَاب طلوعه فصهيله ... من رعده ومسيره من برقه) (فنظمت مدحا لَا وَفَاء بِمثلِهِ ... وسجدت شكرا لَا نهوض بِحقِّهِ) // الْكَامِل // وَقَوله (قَالُوا ربيعك قد قدم ... فلك الْبشَارَة بِالنعَم) (قلت الرّبيع أَخُو الشتَاء ... أم الرّبيع أَخُو الْكَرم) (قَالُوا الَّذِي بنواله ... يُغني الْمقل عَن الْعَدَم) (قلت الرئيس ابْن العميد ... إِذا فَقَالُوا لي نعم) // مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (أما ترى الْيَوْم كَيفَ جادلنا ... بمستهل الشؤبوب منسجمه) (يحْكى أَبَا الْفضل فِي تفضله ... هَيْهَات أَن يعتزى إِلَى شيمه) (كم حَاسِد لي وَكنت أحسده ... يَقُول من غيظه وَمن ألمه) (نَالَ ابْن عباد المنى كملا ... إِذْ عده ابْن العميد من خدمه) // المنسرح // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 وَقَوله فِي توديعه (أودع حضرتك الْعَالِيَة ... وَنَفْسِي لَا دمعتي هاميه) (وَمن ذَا يودع هَذَا الجناب ... فتهنؤه بعده العافيه) (جناب رعيت بِهِ جنَّة ... قطوف مكارمها دانيه) (رَأَيْت بِهِ فائضات الْعلَا ... وَعلمت مَا للهمم العاليه) (كَأَنِّي بَغْدَاد فِي شوقها ... إِلَيْك وأدمعها الجاريه) (وَأَنت المرجى لإظفارها ... بآمالها وبآماليه) (وَلَو كنت تَأذن لي فِي الْمسير ... إِذا سرت فِي جملَة الحاشيه) (سبقت جوادك مد الطَّرِيق ... وسرت وَفِي يَدي الغاشيه) // المتقارب // ولإبن خَلاد القَاضِي فِيهِ مدح تشوبها ملح كَقَوْلِه (بِأَسْعَد طالع عيدت يَا من ... بطلعته سَعَادَة كل عيد) (فعش مَا شِئْت كَيفَ تشَاء والبس ... جَدِيد الْعُمر فِي زمن جَدِيد) (فقد شهِدت عقول الْخلق طرا ... وحسبك بالبصائر من شُهُود) (بِأَن محَاسِن الدُّنْيَا جَمِيعًا ... بأفنية الرئيس ابْن العميد) // الوافر // وَلأبي الْحسن البديهي فِيهِ من قصيدة (إِذا اعتمدتني خطوب الزَّمَان ... وَكَانَ اعتمادي على ابْن العميد) (تذكرت قربي من قلبه ... فيممته من مَكَان بعيد) (تجَاوز فِي الْجُود حد الْمَزِيد ... وَجل نداه عَن المستزيد) (وَفَاتَ الْأَنَام وفَاق الْكِرَام ... بِرَأْي سديد وبأس شَدِيد) // المتقارب // وَمِمَّا يستبدع فِيهِ ويستحسن مَعْنَاهُ قَول أبي عَليّ بن مسكويه لَهُ عِنْد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 انْتِقَاله إِلَى قصر جَدِيد بناه (لَا يعجبنك حسن الْقصر تنزله ... فَضِيلَة الشَّمْس لَيست فِي منازلها) (لَو زيدت الشَّمْس فِي أبراجها مائَة ... مَا زَاد ذَلِك شَيْئا فِي فضائلها) // الْبَسِيط // وأنشده ابْن أبي الشَّبَاب فِي يَوْم مهرجان قصيدة فِي مدحه أَولهَا (اقبر لنا طلب ثراك يَد الطل ... وَحيا الحيا المسكوب ذَلِك من ثل) // الطَّوِيل // فتطير من الإفتتاح بِذكر الْقَبْر وتنغص بِالْيَوْمِ وَالشعر وَفِي هَذِه القصيدة (نعيم فقدناه فَمَا نرتجي لَهُ ... معاودة إِلَّا بِفضل أبي الْفضل) وَدخل أَبُو بشر الْفَارِسِي الْحَافِظ وَكَانَ مُتَقَدما فِي علم الْعَرَبيَّة مُتَأَخِّرًا فِي قَول الشّعْر عَلَيْهِ يَوْمًا وَقد هاج بِهِ النقرس فأنشده (شكى النقرس نقريس ... أَخُو علم ونطيس) (فَمَا دَامَ لكم قَوس ... فنفسي لكم جوس) // الهزج // فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بشر هَذِه رقية النقرس وَلَا غنى لهَذَا الشّعْر عَن التَّفْسِير النقريس الداهية والحاذق من الإدلاء والنطيس الفطن بالأمور الْعَالم بهَا وَأنْشد (وَقد أكون مرّة نطيسا ... طِبًّا بأدواء النسا نقريسا) // الرجز // والقوس صومعة الراهب والجوس جمع جايس والجوسان التَّرَدُّد وَفِي الْقُرْآن {فجاسوا خلال الديار} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وَمن أمثل شعر أبي بشر قَوْله (وَأَنِّي لَا أكره من شيمتي ... زِيَارَة حَيّ بِلَا منفعه) (وَلَا أَحْمد القَوْل من قَائِل ... إِذا لم يكن مِنْهُ فعل مَعَه) (وَمن ضَاقَ ذرعا بإكرامنا ... فلسنا نضيق بِأَن نقطعه) // المتقارب // وَكَانَ كل من أبي الْعَلَاء السروي وَأبي الْحسن الْعلوِي العباسي وَابْن خَلاد القَاضِي وَابْن سَمَكَة القمي وَأبي الْحُسَيْن بن فَارس وَأبي مُحَمَّد بن هندو يخْتَص بِهِ ويداخله وينادمه حَاضرا ويكاتبه ويجاويه ويهاديه نثرا ونظما وَيُقَال إِن أحسن رسائله الإخوانيات وَمَا كَاتب بِهِ أَبَا الْعَلَاء لصدوره عَن صدر مائل إِلَيْهِ محب لَهُ مُنَاسِب بالأدب إِيَّاه فصل من رِسَالَة لَهُ إِلَيْهِ فِي شهر رَمَضَان وَهُوَ مِمَّا لم يسْبق إِلَيْهِ كتابي جعلني الله فدَاك وَأَنا فِي كد وتعب مُنْذُ فَارَقت شعْبَان وَفِي جهد وَنصب من شهر رَمَضَان وَفِي الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر من ألم الْجُوع وَوَقع الصَّوْم ومرتهن بتضاعف حرور لَو أَن اللَّحْم يصلى بِبَعْضِهَا غريضا أَتَى أَصْحَابه وَهُوَ منضج وممتحن بهواجر يكَاد أوارها يذيب دماغ الضَّب وَيصرف وَجه الحرباء عَن التحنق ويزويه عَن التبصر يقبض يَده عَن إمْسَاك سَاق وإرسال سَاق (وَيتْرك الجاب فِي شغل عَن الحقب ... ويقدح النَّار بَين الْجلد والعصب) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 ويغادر الْوَحْش وَقد مَالَتْ هواديها (سجودا لَدَى الأرطى كَأَن رؤوسها ... علاها صداع أَو فوَاق يصورها) // الطَّوِيل // وكما قَالَ الفرزدق (ليَوْم أَتَت دون الظلال شموسه ... تظل المها صورا جماجمها تغلي) // الطَّوِيل // وكما قَالَ مِسْكين الدَّارمِيّ (وهاجرة ظلت كَأَن ظباءها ... إِذا مَا اتقتها بالقرون سُجُود) (تلوذ بشؤبوب من الشَّمْس فَوْقهَا ... كَا لَاذَ من وخز السنان طريد) // الطَّوِيل // وممنو بأيام تحاكي ظلّ الرمْح طولا وليال كإبهام القطاة قصرا ونوم كلا وَلَا قلَّة وكسحو الطَّائِر من مَاء الثماد دقة وكتصفيقة الطَّائِر المستحر خفَّة (كَمَا أبرقت قوما عطاشا غمامة ... فَلَمَّا رجوها أقشعت وتجلت) (وكنقر العصافير وَهِي خائفة ... من النواطير يَانِع الرطب) // الطَّوِيل // وَأحمد الله على كل حَال وأسجله أَن يعرفنِي فضل بركته ويلقيني الْخَيْر فِي بَاقِي أَيَّامه وخاتمته وأرغب إِلَيْهِ فِي أَن يقرب على الْقَمَر دوره وَيقصر سيره ويخفف حركته ويعجل نهضته وينقض مَسَافَة فلكه ودائرته ويزيل بركَة الطول من ساعاته وَيرد على غرَّة شَوَّال فَهِيَ أسر الْغرَر عِنْدِي وأقرها لعَيْنِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 ويسمعني النعرة فِي قفا شهر رَمَضَان ويعرض على هلاله أخْفى من السِّرّ وأظلم من الْكفْر وأنحف من مَجْنُون بني عَامر وأضنى من قيس بن ذريح وأبلى من أَسِير الهجر ويسلط عَلَيْهِ الْحور بعد الكور وَيُرْسل على رقاقته الَّتِي يغشى الْعُيُون ضوءها ويحط من الْأَجْسَام نوءها كلفا يغمرها وكسوفا يَسْتُرهَا ويرينيه مغمور النُّور مقمور الظُّهُور قد جمعه وَالشَّمْس برج وَاحِد ودرجة مُشْتَركَة وَينْقص من أَطْرَافه كَمَا تنقص النيرات من طرف الزند وَيبْعَث عَلَيْهِ الأرضة وَيهْدِي إِلَيْهِ السوس ويغري بِهِ الدُّود ويبليه بالفار ويخترمه بالجراد ويبيده بالنمل ويجتحفه بالذر ويجعله من نُجُوم الرَّجْم وَيَرْمِي بِهِ مسترق السّمع ويخلصنا من معاودته ويريحنا من دورته ويعذبه كَمَا عذب عباده وخلقه وَيفْعل بِهِ فعله الْكتاب ويصنع بِهِ صنعه بالألوان ويقابله بِمَا تَقْتَضِيه دَعْوَة السَّارِق إِذا افتضح بضوئه وتهتك بطلوعه وَيرْحَم الله عبدا قَالَ آمينا وَأَسْتَغْفِر الله جلّ وَجهه مِمَّا قلته إِن كرهه وأستعفيه من توفيقي لما يذمه وأسأله صفحا يفيضه وعفوا يسيغه وحالي بعد مَا شكوته صَالِحَة وعَلى مَا تحب وتهوى جَارِيَة وَللَّه الْحَمد تقدست أسماؤه وَالشُّكْر وَقد أجمع أهل البصيرة فِي الترسل على أَن رسَالَته الَّتِي كتبهَا إِلَى ابْن بلكا ونداد خورشيد عَن استعصائه على ركن الدولة غرَّة كَلَامه وواسطة عقده وَمَا ظَنك بأجود كَلَام لأبلغ إِمَام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 فصل من أَولهَا كتابي وَأَنا مترجح بَين طمع فِيك ويأس مِنْك وإقبال عَلَيْك وإعراض عَنْك فَإنَّك تدل بسابق حُرْمَة وتمت بسالف خدمَة أيسرهما يُوجب رِعَايَة وَيَقْتَضِي مُحَافظَة وعناية ثمَّ تشفعهما بحادث غلُول وخيانة وتتبعهما بآنف خلاف ومعصية وَأدنى ذَلِك يحبط أعمالك ويمحق كل مَا يرْعَى لَك لَا جرم أَنِّي وقفت بَين ميل إِلَيْك وميل عَلَيْك أقدم رجلا لصدمك وأؤخر أُخْرَى عَن قصدك وأبسط يدا لإصطلامك وإجتياحك وأنثي ثَانِيَة لإستبقائك واستصلاحك وأتوقف عَن امْتِثَال بعض الْمَأْمُور فِيك ضنا بِالنعْمَةِ عنْدك ومنافسة فِي الصنيعة لديك وتأميلا لفيئتك وإنصرافك ورجاء لمراجعتك وإنعطافك فقد يغرب الْعقل ثمَّ يؤوب ويعزب اللب ثمَّ يثوب وَيذْهب الحزم ثمَّ يعود وَيفْسد الْعَزْم ثمَّ يصلح ويضاع الرَّأْي ثمَّ يسْتَدرك ويسكر الْمَرْء ثمَّ يصحو ويكدر المَاء ثمَّ يصفو وكل ضيقَة إِلَى رخاء وكل غمرة فَإلَى انجلاء وكما أَنَّك أتيت من إساءتك بِمَا لم تحتسبه أولياؤك فَلَا بدع أَن تَأتي من إحسانك بِمَا لَا ترتقبه أعداؤك وَكم استمرت بك الْغَفْلَة حَتَّى ركبت مَا ركبت واخترت مَا اخْتَرْت فَلَا عجب أَن تنتبه انتباهة تبصر فِيهَا قبح مَا صنعت وَسُوء مَا آثرت وسأقيم على رسمي فِي الْإِبْقَاء والمماطلة مَا صلح وعَلى الإستيناء والمطاولة مَا أمكن طَمَعا فِي إنابتك وتحكميا لحسن الظَّن بك فلست أعدم فِيمَا أظاهره من أعذار وأرادفه من إنذار احتجاجا عَلَيْك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 واستدراجا لَك فَإِن يَشَأْ الله يرشدك وَيَأْخُذ بك إِلَى حظك ويسددك فَإِنَّهُ على كل شَيْء قدير وبالإجابة جدير فصل مِنْهَا وَزَعَمت أَنَّك فِي طرف من الطَّاعَة بعد أَن كنت متوسطها وَإِذا كنت كَذَلِك فقد عرفت حاليها وحلبت شطريها فنشدتك الله لما صدقت عَمَّا سَأَلتك كَيفَ وجدت مَا زلت عَنهُ وَكَيف تَجِد مَا صرت إِلَيْهِ ألم تكن من الأول فِي ظلّ ظَلِيل ونسيم عليل وريح بلَيْل وهواء عذى وَمَاء رُوِيَ ومهاد وطي وَكن كنين وَمَكَان مكين وحصن حُصَيْن يقيك المتالف ويؤمنك المخاوف ويكنفك من نَوَائِب الزَّمَان ويخفظك من طوارق الْحدثَان عززت بِهِ بعد الذلة وَكَثُرت بعد الْقلَّة وَارْتَفَعت بعد الضعة وايسرت بعد الْعسرَة وأثريت بعد المتربة وأتسعت بعد الضيقة وظفرت بالولايات وخفقت فَوْقك الرَّايَات ووطىء عقبك الرِّجَال وتعلقت بك الآمال وصرت تكاثر ويكاثر بك وتشير ويشار إِلَيْك وَيذكر على المنابر اسْمك وَفِي المحاضر ذكرك فَفِيمَ الْآن أَنْت من الْأَمر وَمَا الْعِوَض عَمَّا عددت وَالْخلف مِمَّا وصفت وَمَا اسْتَفَدْت حِين أخرجت من الطَّاعَة نَفسك ونفضت مِنْهَا كفك وغمست فِي خلَافهَا يدك وَمَا الَّذِي أظلك بعد انحسار ظلها عَنْك أظل ذُو ثَلَاث شعب لَا ظَلِيل وَلَا يُغني من اللهب قل نعم كَذَلِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 فَهُوَ وَالله أكثف ظلالك فِي العاجلة وأروحها فِي الآجلة إِن أَقمت على المحايدة والعنود ووقفت على المشاقة والجحود وَمِنْهَا تَأمل حالك وَقد بلغت هَذَا الْفَصْل من كتابي فستنكرها والمس جسدك وَانْظُر هَل يحس واجسس عرقك هَل ينبض وفتش مَا حنا عَلَيْك هَل تَجِد فِي عرضهَا قَلْبك وَهل حلى بصدرك أَن تظفر بفوت سريح أَو موت مريح ثمَّ قس غَائِب أَمرك بشاهده وَآخر شَأْنك بأوله قَالَ مؤلف هَذَا الْكتاب بَلغنِي عَن بلكا وَكَانَ آدب أَمْثَاله أَنه كَانَ يَقُول وَالله مَا كَانَت لي حَال عِنْد قِرَاءَة هَذَا الْفَصْل إِلَّا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْأُسْتَاذ الرئيس وَلَقَد نَاب كِتَابه عَن الْكَتَائِب فِي عَرك أديمي وأستصلاحي وردى إِلَى طَاعَة صَاحبه أَقْرَأَنِي أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَارِسِي النَّحْوِيّ وَقد اجْتَمَعنَا بإسفرائين عِنْد زعيمها أبي الْعَبَّاس الْفضل بن عَليّ فصلا من كتاب لإبن العميد إِلَى عضد الدولة وَكنت مَرَرْت عَلَيْهِ وَأَنا عَنهُ غافل فنبهني على شرفه فِي جنسه وحرك مني سَاكِنا معجبا بحسنه مُتَعَجِّبا من نفاسة مَعْنَاهُ وبراعة لَفظه وَهُوَ قد يعد أهل التَّحْصِيل فِي أَسبَاب انْقِرَاض الْعُلُوم وانقباض مددها وانتقاض مررها وَالْأَحْوَال الداعية إِلَى ارْتِفَاع جلّ الْمَوْجُود مِنْهَا وَعدم الزِّيَادَة فِيهَا الطوفان بالنَّار وَالْمَاء والموتان الْعَارِض من عُمُوم الأوباء وتسلط الْمُخَالفين فِي الْمذَاهب والآراء فَإِن كل ذَلِك يخترم الْعُلُوم اختراما وينتهكها انتهاكا ويجتث أُصُولهَا اجتثاثا وَلَيْسَ عِنْدِي الْخطب فِي جَمِيع ذَلِك يُقَارب مَا يولده تسلط ملك جَاهِل تطول مدَّته وتتسع قدرته فَإِن الْبلَاء بِهِ لَا يعدله بلَاء وبحسب عظم المحنة بِمن هَذِه صفته والبلوى بِمن هَذِه صورته تعظم النِّعْمَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 فِي تملك سُلْطَان عَالم عَادل كالأمير الْجَلِيل الَّذِي أحله الله من الْفَضَائِل بملتقى طرقها ومجتمع فرقها وَهِي نور نوافر مِمَّن لاقت حَتَّى تصير إِلَيْهِ وشرد نوازع حَيْثُ حلت حَتَّى تقع عَلَيْهِ تتلفت إِلَيْهِ تلفت الوامق وتتشوف نَحوه تشوف الصب العاشق قد ملكتها وَحْشَة المضاع وحيرة المرتاع (فَإِن تغش قوما بعده أَو تزورهم ... فكالوحش يدنيها من الْأنس الْمحل) وَهَذِه فُصُول قصار لَهُ تجْرِي مجْرى الْأَمْثَال وَقد أخرجتها مِمَّا أخرجه الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي من غرره وَفَقره وكفاني شغلا شاغلا وقادني مِنْهُ شكره وَلَيْسَت تنكر أياديه عِنْدِي فَمِنْهَا من أسر داءه وَستر ظمأه بعد عَلَيْهِ أَن يبل من غلله ويبل من علله مَتى خلصت للدهر حَال من اعتوار أَذَى وَصفا فِيهِ شرب من اعْتِرَاض قذى خير القَوْل مَا أَغْنَاك جده وألهاك هزله الرتب لَا تبلغ إِلَّا بتدرج وتدرب وَلَا تدْرك إِلَّا بتجشم كلفة وتصعب الْمَرْء أشبه شَيْء بِزَمَانِهِ وَصفَة كل زمَان منتسخة من سجايا سُلْطَانه قد يبْذل الْمَرْء مَاله فِي إصْلَاح أعدائه فَكيف يذهل الْعَاقِل عَن حفظ أوليائه هَل السَّيِّد إِلَّا من تهابه إِذا حضر وتغتابه إِذا أدبر اجْتنب سُلْطَان الْهوى وَشَيْطَان الْميل وَغَلَبَة الْإِرَادَة المزح والهزل بَابَانِ إِذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 فتحا لم يغلقا إِلَّا بعد الْعسر وفحلان إِذا ألقحا لم ينتجا غير الشَّرّ مَا أخرج من المكاتبات بالشعر الَّتِي دارت بَينه وَبَين ابْن جلاد القَاضِي أهْدى ابْن خَلاد إِلَى ابْن العميد شَيْئا من الْأَطْعِمَة وَكتب إِلَيْهِ فِي وصفهَا وَابْن العميد إِذا ذَاك فِي عقب مرض عرض لَهُ فَكتب إِلَى ابْن خَلاد قصيدة أَولهَا (قل لإبن خَلاد المفضى إِلَى أمد ... فِي الْفضل برز فِيهِ أَي تبريز) (يعدى اهتزازك للعلياء كل فَتى ... مُؤخر عَن مدى الغايات محجوز) (مَاذَا أردْت إِلَى منهوض نائبة ... مدفع عَن حمى اللَّذَّات ملهوز) (هززت بِالْوَصْفِ فِي أحشائه قرما ... مَا زَالَ يَهْتَز فِيهَا غير مهزوز) (لم يتْرك فِيهِ فحوى مَا وصفت لَهُ ... من الأطايب عضوا غير محفوز) (أهديت نبرمة أَهْدَت لآكلها ... كرب المطامير فِي آب وتموز) // الْبَسِيط // نبرمة هَكَذَا فِي النُّسْخَة وَلست أعرفهَا وأظن أَنَّهَا شَيْء يجمع من الْحُبُوب ويدق ويعجن بحلاوة (مَا كنت لَوْلَا فَسَاد الْحسن تَأمل فِي ... جنس من السّمن فِي دوشاب شهريز) (هَل غير شَتَّى حبوب قد تعاورها ... جَيش المهاريس أَو نخز المناخيز) (رمت الْحَلَاوَة فِيهَا ثمَّ جِئْت بهَا ... تحذى اللِّسَان بطعم جد ممزوز) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 (لَو ساعدتك بَنو حَوَّاء قاطبة ... عَلَيْهِ مَا كَانَ فيهم غير ملموز) (أوقعت للشعر فِي أوصافها شغلا ... بَين القصائد تروى والأراجيز) (لَا أَحْمد الْمَرْء أقْصَى مَا يجود بِهِ ... إِذا عصرناه أَصْنَاف الشواريز) (مَا مُتْعَة الْعين من خد تورده ... يزهى عَلَيْك بخال فِيهِ مركوز) (مستغرب الْحسن فِي توشيع وجنته ... بَدَائِع بَين تسهيم وتطريز) (يُوفى على الْقَمَر الموفى إِذا اتَّصَلت ... يسراه بالكأس أَو يمناه بالكوز) (أشهى إِلَيْك من الشيراز قد وضحت ... فِي صحن وجنتها خيلان شونيز) (وَقد جرى الزَّيْت فِي مثنى أسرتها ... فضارعت فضَّة تغلى بأبريز) (ماذ السماح بتقريظ وتزكية ... وَقد بخلت بمذخور ومكنوز) وَمِنْهَا (لَا غرو إِن لم ترح للجود رَاحَته ... فالبخل مستحسن فِي شِيمَة الخوزى) هَكَذَا فِي النُّسْخَة وأظن أَنه (لم ترح للجود رَائِحَة ... ) فَأَجَابَهُ ابْن خَلاد بقصيدة مِنْهَا (يَا أَيهَا السَّيِّد السَّامِي بدوحته ... تَاج الأكاسر من كسْرَى وفيروز) (أَتَى قريضك يزهى فِي محاسنه ... زهو الربى باشرت أنفاس نيروز) (يَا حسنه لَو كفينا حِين يبهجنا ... خطب النبارم فِيهِ والشواريز) (أَقرَرت بِالْعَجزِ والألباب قد حكمت ... بِهِ عَليّ فقدك الْيَوْم تعجيزي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 (جوز قريضي فِي بَحر القريض فكم ... من قَائِل عد قوالا بتجويز) (إِن عدت فِي حلبة تجْرِي بهَا طَمَعا ... إِنِّي لأشجع من عَمْرو بن جرموز) (إِنَّا لمن معشر حطوا رحالهم ... لما استبيروا على أسطمة الخوز) (لَا نَعْرِف الكسم والطرذين يَوْم قرى ... وَلَا الغبوق على لحم وخاميز) // الْبَسِيط // وَأهْدى ابْن خَلاد إِلَيْهِ كتابا فِي الْأَطْعِمَة وَابْن العميد ناقه من عِلّة كَانَت بِهِ فَكتب إِلَى ابْن خَلاد قصيدة مِنْهَا (فهمت كتابك فِي الْأَطْعِمَة ... وَمَا كَانَ نولي أَن أفهمهُ) (فكم هاج من قرم سَاكن ... وأوضح من شهرة مبهمه) (وأرث فِي كَبِدِي غلَّة ... من الْجُوع نيرانها مضرمه) (فَكيف عَمَدت بِهِ ناقها ... جوانحه للطوى مسلمه) (خفوق الحشى إِن تصخ تستمع ... من الْجُوع فِي صَدره همهمه) (تتيح لَهُ شَرها موجعا ... وتغري بِهِ نهمة مؤلمه) (فَأَيْنَ الإخاء وَمَا يَقْتَضِيهِ ... مِنْك بأسبابنا المبرمه) (وَأَيْنَ تكرمك المستفيض ... فِينَا إِذا غاضت المكرمه) (وهلا أضفت إِلَى مَا وصفت شَيْئا نهش لِأَن نطعمه ... ) (يمد الصّديق إِلَيْهِ يدا ... إِذا مَا رَآهُ ويشجى فَمه) (وَأَيْنَ شواريزك المرتضاة ... إِذا مَا تفاضلت الْأَطْعِمَة) (وَأَيْنَ كواميخك المجتباة ... دون الأطايب بالتكرمه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 (وَهل أَنْت رَاض بِقَوْلِي ذَا ... ذكرت دَعوه فَمَا ألأمه) (إِذا الْمَرْء أكْرم شيرازه ... فَلَا أكْرم الله من أكْرمه) (وَكَيف ارتقابي بقيا امرىء ... إِذا ليم أَعتب بالنبرمه) (فَإِن كَانَ يجذبك نعت الطَّعَام ... إِذا الْجُوع نَاب أَذَاهُ فَمه) (إِذا جعت فاعمد لمسوطة ... بجوذابة الموز مستفرمه) (مَتى قستها بالمنى جاءتا ... سَوَاء كَمَا جَاءَت الأبلمه) (وبز السرابيل عَن أفرخ ... تخال بهَا فلذ الأسنمه) (تهب النُّفُوس إِلَى نيئها ... كَأَن النُّفُوس بهَا مغرمه) (فَلَا الْفَم إِن ذاقه مجه ... وَلَا الطَّبْع إِن زَارَهُ استوخمه) (ودونك وسطا أَجَاد الصناع ... تلفيق شطريه بالهندمه) (وعالي على دفه هيدبا ... كثيفا كَمَا تحمل المقرمه) (سدى من نتائف نيرت بِهن ... فأضحت نسائجها ملحمه) (فَمن صدر فائقة قد ثوت ... وَمن عجز ناهضة ملقمه) (ودنر بالجوز أجوازه ... وَدِرْهَم باللوز مَا درهمه) (وقاني بزيتونها والجبن ... صَفَائِح من بَيْضَة مدعمه) (فَمن أسطر فِيهِ مشكولة ... وَمن أسطر كتبت مُعْجَمه) (وفوف بالبقل أعطافه ... فَوَافى كحاشية معلمه) (موشى تخال بِهِ مطرفا ... بديع التفاويف والنمنمه) (إِذا ضاحكتك تباشيره ... أَضَاءَت لَهُ الْمعدة المظلمه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 (وهاك خبيصا إِذا مَا اقترحت ... على العَبْد إنعامه أنعمه) (إِذا سَار فِي ثغرة سدها ... أَو انساب فِي خلل لأمه) (فَإِن شِئْت فَادْخُلْ بِهِ مُفردا ... وَإِن شِئْت فَادع إِلَيْهِ لمه) (وَإِيَّاك تهدم مَا قد بناه ... هدما وتنقض مَا أبرمه) (فَإِن لم تَجِد ذَاك يجدي عَلَيْك ... إِذا مَا سغبت فَقل لي لمه) (تعد من الْجُود وصف الطَّعَام ... وَلست تَقول بِأَن تطعمه) (وتحظر مَا قد أحل الْإِلَه ... ضِرَارًا وَتطلق مَا حرمه) (فَهَل نزلت فِي الَّذِي قد شرعت ... على أحد آيَة محكمه) (وَهل سنة فِيهِ مأثورة ... رَوَاهَا لأشياخكم علقمه) (وَقلت تواصوا بصبر جميل ... فَأَيْنَ ذهبت عَن المرحمه) (وَمن عجب حَاكم ظَالِم ... يُرْجَى ليحكم فِي مظلمه) // المتقارب // فَأَجَابَهُ ابْن خَلاد بقصيدة مِنْهَا (هَلُمَّ الصَّحِيفَة والمقلمه ... وأدن المحيبرة المفعمه) (لأكتب مَا جاش فِي خاطري ... فقد عظم الْخَوْض فِي النبرمه) (وَعجل عَليّ بهذي وَذي ... فَإِنِّي من الْخَوْض فِي ملحمه) (أَلا حبذا ثمَّ يَا حبذا ... كتابي المُصَنّف فِي الأطمعه) (كفانا بِهِ الله مَا رَاعنا ... بعلة سيدنَا المؤلمه) (أطاب الحَدِيث لَهُ فِي الطَّعَام ... ففتق شَهْوَته المبهمه) (وَعَاد بأوصافه للغذاء ... وطاب لنا شكر من سلمه) (وَمن يشْكر الله يُعْط الْمَزِيد ... كَمَا قَالَ الْأَعْمَش عَن خيثمه) (أيا ذَا الندى والحجى والعلا ... وَمن أوجب الدّين أَن نعظمه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 (لَئِن كَانَ نبرمتي أفسدت ... وَلم تأت صنعتها محكمه) (فَسَوف يزورك شيرازنا ... فنقسم بِاللَّه أَن تكرمه) (يميس بشونيزه كالعروس ... يخْطر فِي الْحلَّة المسهمه) (وَيبْطل وسط مسموطة ... وجوذابة عِنْدهَا محكمه) (ويزهى الخوان بتقديمه ... عَلَيْهِ ويحمد من قدمه) (ويرمز إِخْوَاننَا دونه ... كَأَن تحاورهم زمزمه) // المتقارب // مَا أخرج من إخوانياته وَكتب إِلَى أبي الْحسن العباسي هَذِه الأبيات وَهِي من مَشْهُور شعره وجيده (أَشْكُو إِلَيْك زَمَانا ظلّ يعركني ... عَرك الْأَدِيم وَمن يعدى على الزَّمن) (وصاحبا كنت مغبوطا بِصُحْبَتِهِ ... دهرا فغادرني فَردا بِلَا سكن) (هبت لَهُ ريح إقبال فطار بهَا ... نَحْو السرُور وألجاني إِلَى الْحزن) (نأى بجانبه عني وصيرني ... من الأسى ودواعي الشوق فِي قرن) (وَبَاعَ صفو وداد كنت أقصره ... عَلَيْهِ مُجْتَهدا فِي السِّرّ والعلن) (وَكَانَ غالى بِهِ حينا فأرخصه ... يَا من رأى صفو ود بيع بِالْغبنِ) (كَأَنَّهُ كَانَ مطويا على إحن ... وَلم يكن فِي ضروب الشّعْر أَنْشدني) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 (إِن الْكِرَام إِذا مَا أسهلوا ذكرُوا ... من كَانَ يألفهم فِي الْمنزل الخشن) // الْبَسِيط // وَكتب إِلَى بعض إخوانه هَذِه القصيدة ليعرضها على أبي الْحسن العباسي وَهِي سائرة فِي الْآفَاق وَكَأَنَّهُ قد جمع فِيهَا أَكثر إحسانه فَقَالَ (قد ذبت غير حشاشة وذماء ... مَا بَين حر هوى وحر هَوَاء) (لَا أستفيق من الغرام وَلَا أرى ... خلوا من الأشجان والبرحاء) (وصروف أَيَّام أقمن قيامتي ... بنوى الخليط وَفرْقَة القرناء) (ومثير هيج لَا يشق غباره ... فِيمَا خباه مهيج الهيجاء) (وجفاء خل كنت أَحسب أَنه ... عوني على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء) (ثَبت الْعَزِيمَة فِي العقوق ووده ... متنقل كتنقل الأفياء) (ذِي مِلَّة يَأْتِيك أثبت عَهده ... كالخط يرقم فِي بسيط المَاء) (أبْكِي ويضحكه الْفِرَاق وَلنْ ترى ... عجبا كحاضر ضحكه وبكائي) (نَفسِي فداؤك يَا مُحَمَّد من فَتى ... نشوان من أكرومة وحياء) (كأس من الشيم الَّتِي فِي ضمنهَا ... دَرك الْعلَا عَار من العوراء) (عذب الْخَلَائق قد أحطت بِخَبَرِهِ ... وبلوته فِي شدَّة ورخاء) (وبلوت حاليه مَعًا فَوَجَدته ... فِي الْعود أكْرم مِنْهُ فِي الإبداء) (أبلغ رسالتي الشريف وَقل لَهُ ... قدك اتئب أربيت فِي الغلواء) (أَنْت الَّذِي شتت شَمل مسرتي ... وقدحت نَار الشوق فِي أحشائي) (وجمعت بَين مساءتي ومسرتي ... وقرنت بَين مبرتي وجفائي) (ونبذت حَقي عشرتي ومودتي ... وهرقت مائي خلتي وإخائي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 (وثنيت آمالي على أدراجها ... ورددت خائبة وُفُود رجائي) (فَرَجَعت عَنْك بِمَا يؤوب بِمثلِهِ ... راجي السراب بقفرة بيداء) (وَعرضت ودي بالحقير وَلم أكن ... مِمَّن يُبَاع وداده بلقاء) (ورضيت بِالثّمن الْيَسِير معوضة ... مني فَهَلا بعتني بغلاء) (وَزَعَمت أَنَّك لست تفكر بَعْدَمَا ... علقت يداك بِذِمَّة الْأُمَرَاء) (هَيْهَات لم تصدقك فكرتك الَّتِي ... قد أوهمتك غنى عَن الوزراء) (لم تغن عَن أحد سَمَاء لم تَجِد ... أَرضًا وَلَا أَرض بِغَيْر سَمَاء) (وَسَأَلْتُك العتبى فَلم ترني لَهَا ... أَهلا وَجئْت بغدرة الشوهاء) (وَردت مموهة وَلم يرفع لَهَا ... طرف وَلم ترزق من الإصغاء) (وأعار منطقها التذمم سكتة ... فتراجعت تمشي على استحياء) (لم تشف من كمد وَلم تبرد ... على كبد وَلم تمنح جَوَانِب دَاء) (من يشف من دَاء بآخر مثله ... أثرت جوانحه من الأدواء) (داوت جوى بجوى وَلَيْسَ بحازم ... من يَسْتَكِف النَّار بالحلفاء) (لَا تغتنم إغضاءتي فلعلها ... كَالْعَيْنِ تغضيها على الأقذاء) (واستبق بعض حشاشتي فلعلني ... يَوْمًا أقيك بهَا من الأسواء) (فَلَو ان مَا أبقيت من جسمي قذى ... فِي الْعين لم يمْنَع من الإعفاء) // الْكَامِل // نَظِيره قَول المتنبي (وَلَو قلم ألقيت فِي شقّ رَأسه ... من السقم مَا غيرت من خطّ كَاتب) (رَجَعَ (فلئن أرحت إِلَيّ غارب سلوتي ... وَوجدت فِي نَفسِي نسيم عزاء) (لأجهزن إِلَيْك قبح تشكر ... ولأنثرن عَلَيْك سوء ثَنَاء) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 (ولأكسونك كل يَوْم حلَّة ... متروعة من حَيَّة رقشاء) (ولأعضلن مودتي من بعْدهَا ... حَتَّى أزوجها من الْأَكفاء) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَى الْعلوِي (يَا من تخلى وَولى ... وَصد عني وملا) (وأوسع الْعَهْد نَكثا ... وأتبع العقد حلا) (مَا كَانَ عَهْدك إِلَّا ... عهد الشبيبة ولى) (أَو طَائِفًا من خيال ... ألم ثمَّ تولى) (أَو عارضا لَاحَ حَتَّى ... إِذا دنى فَتَدَلَّى) (ألوت بِهِ نسمات ... من الصِّبَا فتجلى) (أَهلا بِمَا ترتضيه ... فِي كل حَال وسهلا) (ليجزينك ودي ... بِمثل فعلك فعلا) (إِن شِئْت هجرا فهجرا ... أَو شِئْت وصلا فوصلا) (صبرت عني فَانْظُر ... ظَفرت بِالصبرِ أم لَا) (إِنِّي إِذا الْخلّ ولى ... وليته مَا تولى) // المجتث // وَكتب إِلَى أبي مُحَمَّد بن هندو وَقد أهْدى لَهُ مدادا ارْتَضَاهُ (يَا سَيِّدي وعمادي ... أمددتني بمداد) (كمسكنيك جَمِيعًا ... من ناظري وفؤادي) (أَو كالليالي اللواتي ... رميننا بالبعاد) // المجتث // وَكتب إِلَى أَخِيه أبي الْحسن بن هندو صَبِيحَة عرسه (أنعم أَبَا حسن صباحا ... وازدد بزوجتك ارتياحا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 (قد رضت طرفك خَالِيا ... فَهَل استلنت لَهُ جماحا) (وقدحت زندك جاهدا ... فَهَل استبنت لَهُ انقداحا) (وطرقت منغلقا فَهَل ... سنى الْإِلَه لَهُ انفتاحا) (قد كنت أرْسلت الْعُيُون ... صباح يَوْمك والرواحا) (وَبعثت مصغية تبيت لديك ترتقب النجاحا ... ) (فغدت عَليّ بجملة ... لم تولني إِلَّا افتضاحا) (وَشَكتْ إِلَيّ خلاخلا ... خرسا وأوشحة فصاحا) (منعت وساوسها المسا ... مَعَ أَن تحس لكم صياحا) // مجزوء الْكَامِل // وَهَذِه الأبيات بديعة فِي فنها وَلم أسمع أَمْلَح مِنْهَا فِي مَعْنَاهَا إِلَّا قَول الصاحب وَهُوَ أقرب من التَّصْرِيح وأظرف وأبيات ابْن العميد أجزل وأخفى وَأدْخل فِي بَاب الْكِنَايَة والتعريض (قلبِي على الْجَمْرَة يَا أَبَا الْعلَا ... فَهَل فتحت الْموضع المقفلا) (وَهل فَككت الْخَتْم عَن كيسه ... وَهل كحلت النَّاظر الأكحلا) (إِنَّك إِن قلت نعم صَادِقا ... أبْعث نثارا يمْلَأ المنزلا) (وَإِن تجبني من حَيَاء بِلَا ... أبْعث إِلَيْك الْقطن والمغزلا) // السَّرِيع // هَذَا مَا أخرج من مقارضاته اجْتمع عِنْده يَوْمًا أَبُو مُحَمَّد بن هندو وَأَبُو الْقَاسِم بن أبي الْحُسَيْن بن سعد وَأَبُو الْحُسَيْن بن فَارس وَأَبُو عبد الله الطَّبَرِيّ وَأَبُو الْحسن البديهي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 فحياه بعض الزائرين بأترجة حَسَنَة فَقَالَ لَهُم تَعَالَوْا نتجاذب أهداب وصفهَا فَقَالُوا إِن رأى سيدنَا أَن يبتدىء فعل فابتدأ وَقَالَ (وأترجة فِيهَا طبائع أَربع ... ) // الطَّوِيل // فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد (وفيهَا فنون اللَّهْو للشُّرْب أجمع ... ) // الطَّوِيل // فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم (يشبهها الرَّائِي سبيكة عسجد ... ) // الطَّوِيل // فَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس (على أَنَّهَا من فَأْرَة الْمسك أضوع ... ) // الطَّوِيل // فَقَالَ أَبُو عبد الله الطَّبَرِيّ (وَمَا اصفر مِنْهَا اللَّوْن للعشق والهوى ... ) // الطَّوِيل // فَقَالَ أَبُو الْحسن البديهي (وَلَكِن أَرَاهَا للمحبين تجمع ... ) // الطَّوِيل // وَسُئِلَ بعض حاضري مَجْلِسه عَن قصَّة لَهُ فَقَالَ وَلم يقْصد وزنا (أَي جهد لَقيته ... وشقاء شقيته) // مجزوء الْخَفِيف // فَقَالَ الْأُسْتَاذ قُولُوا على هَذَا الْوَزْن شعرًا وَفِي الْمجْلس أَبُو الْحسن العباسي وَابْن خَلاد القَاضِي فَقَالَ أَبُو الْحسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 (بِي غزال مقرطق ... شفني إِذْ هويته) (أحرز السحر طرفه ... وحوى الغنج ليته) (زَاد فِي الْكبر عَامِدًا ... إِذْ رَآنِي وليته) (حسبي الله والرئيس ... لما قد دهيته) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ ابْن خَلاد (يَا خليلي ساعداني ... على مَا دهيته) (انظرا أَي معذل ... بِقَضَاء أَتَيْته) (سامني السَّيِّد الرئيس ... محالا شنيته) (ظلّ مستعديا على ... رشأ قد هويته) (عجبا أَن يكون لي ... واليا من وليته) (مَا خشيت فِيهِ وَلَكِن الحروب فِيهِ وَلَكِن خَشيته ... ) (فَازَ روحي لَو أنني ... فِي مَنَامِي أريته) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ الْأُسْتَاذ (أَي جهد لَقيته ... وشقاء شقيته) (من نصيح أود من ... نصحه لي سُكُوته) (قَالَ صبرا وَمَا درى ... أَن صبري رزيته) (قتل عَنْك الملام مَا ... باختياري هويته) (لم أكن أجشم الْبلَاء ... لَو أَنِّي كفيته) (رب ثوب من المذلة ... فِيهِ كسيته) (ضل عِنْدِي تجلدي ... فَكَأَنِّي نَسِيته) (فِي فُؤَادِي هوى ... يحرقني لَو طويته) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 (يَا ابْن خَلاد الَّذِي ... شاع فِي النَّاس صيته) (أنصف الهائم الَّذِي ... يتجافى مبيته) (قل لمن أشبه المها ... مقلتاه وليته) (ثغره قد أشت شَمل اصْطِبَارِي شتيته) (لَيْسَ يحيى المتيم الصب إِلَّا مميته ... ) (أَنْت قوتي وَمَا بَقَاء ... امرىء بَان قوته) (أَي ذَنْب سوى المذلة فِي الْحبّ جيته ... ) (مَا أسيغ السلو عَنْك ... لَو أَنِّي سقيته) (كَيفَ يَرْجُو الْبَقَاء إِن ... باين المَاء حوته) (مَا أَشَاء السلو عَنْك ... فَإِن شِئْت شيته) (كل شَيْء رضيته ... من غرامي رضيته) // مجزوء الْخَفِيف // مَا أخرج من شعره فِي الْغَزل قَالَ من قصيدة (هَل البث إِلَّا مَا تحملنيه ... أم البرح إِلَّا مَا تكلفينه) (مَتى علقت نَفسِي حبيبا تعلّقت ... بِهِ غير الْأَيَّام تسلبنيه) (شفيعي إِذا استشفعت غير مُشَفع ... ووجهي إِذا وجهت غير وجيه) // الطَّوِيل // وَقَالَ (ظلت تظللني من الشَّمْس ... نفس أعز عَليّ من نَفسِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 (فَأَقُول وَاعجَبا وَمن عجب ... شمس تظللني من الشَّمْس) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي الفصد لمعشوقه (وَيْح الطَّبِيب الَّذِي جست يَدَاهُ يدك ... مَا كَانَ أجهله فِيمَا قد اعتمدك) (بِأَيّ شَيْء ترَاهُ كَانَ معتذرا ... من مَسّه بحديد مؤلم جسدك) (لَو أَن ألحاظه كَانَت مباضعه ... ثمَّ انتحاك بهَا من رقة فصدك) // الْبَسِيط // مَا أخرج من شعره فِي سَائِر الْفُنُون قَالَ من قصيدته الهرية عَارض فِيهَا ابْن العلاف (يَا هر فارقتنا مُفَارقَة ... عَمت جَمِيع النُّفُوس بالثكل) (لَو كَانَ بالحادثات لي قبل ... إِذا أَتَاك الصَّرِيخ من قبلي) (يَا مثلا سائرا إِذا ذكر الْحسن ... تركت الحسان كالمثل) (وَقيل هَل تفتديه إِن قبل الدَّهْر ... فدَاء فَقلت حيهل) (أفديه بالصفوة الْكِرَام من ... الإخوان دون الأخدان والخلل) (بل بِمحل الْكرَى ومعتلج الْفِكر وَحب الْقُلُوب والمقل ... ) (بل بِسُكُون الوجيب يجلبه ... الْأَمْن إِلَى قلب خَائِف وَجل) (بل بحلول الشِّفَاء يجنبه الصِّحَّة بعد الأوصاب والعلل ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 (بل ببلوغ الْمَنِيّ وقاصية البغية ... عفوا وَنُهْبَة الأمل) // المنسرح // وَقَالَ فِي الْمُغنِي الْقرشِي (إِذا غناني الْقرشِي يَوْمًا ... وعناني بِرُؤْيَتِهِ وضربه) (وددت لَو أَن أُذُنِي مثل عَيْني ... هُنَاكَ وَأَن عَيْني مثل قلبه) // الوافر // وللمهلبي فِي هَذَا الْمَعْنى (إِذا غناني الْقرشِي ... دَعَوْت الله بالطرش) (وَإِن أَبْصرت طلعته ... فوا لهفي على العمش) // مجزوء الوافر // وَقَالَ مِنْهُ أَيْضا (إِذا غنى لنا أمما ... حشوت مسامعي صمما) (وَإِن أَبْصرت طلعته ... كحلت نواظري بعمى) // مجزوء الوافر // وَقَالَ (آخ الرِّجَال من الأباعد ... والأقارب لَا تقَارب) (إِن الْأَقَارِب كالعقارب ... بل أضرّ من العقارب) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (وللرأي زلات يظل بهَا الْفَتى ... مركبة فَوق الثنايا أنامله) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 هَذَا مَا أخرج من شعره فِي المعمي قَالَ فِي السفرجل (يَقُولُونَ خطب من الْبَين جلا ... وَلم أر سير الخليط استقلا) (وَقد لقبوه نوى غربَة ... وَلم أر أقرب مِنْهُ محلا) (وبزت سرابيله عنْوَة ... فألفى لما تعرى تحلى) (وأفرد من بَين أترابه ... فَمَا غض من حسنه أَن تخلى) (وَزَل فَقُلْنَا لعا ناعشا ... لعال إِذا مَا تعلى تدلى) (تزيد مكاسره لَذَّة ... إِذا مَا الْغَمَام عَلَيْهِ استهلا) (إِذا نَالَ مِنْهُ السَّلِيم اسْتَقل ... وَإِن نَالَ مِنْهُ السقيم استبلا) (إِذا مَا امْرُؤ مل روح الْحَيَاة ... فحاشا لذَلِك من أَن يملا) // المتقارب // وَقَالَ فِي مَاء الْورْد (قل للأديب أبي الْحُسَيْن ... أتتك صماء الْغَيْر) (نكراء فِي حالاتها ... لِذَوي البصائر مُعْتَبر) (دهياء يعْتَرف الضَّمِير بهَا وينكرها الْبَصَر) (مَاذَا ترى فِي دِرْهَم ... قد مَسّه قد الإبر) (وتحفة من بعده ... تباشرا طرفا وزر) (أزرى بِهِ وسط الردى ... وَهُوَ الْحَيَاة المشتهر) (فاكشف لنا عَن سره ... بلطيف حدسك وَالنَّظَر) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي الشَّمْس (مَاذَا ترى يَا أَبَا الْعَبَّاس فِي عجب ... تشابهت مِنْهُ أولاه وأخراه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 (ترى مقمه شروى مؤخره ... حسنا ويمناه فِي تِمْثَال يسراه) (من حَيْثُ واجهته أرضاك منظره ... وَكَيف قابلته أَغْنَاك مغناه) (يهوى المباعد مِنْهُ قرب منزله ... حَتَّى إِذا مَا تغشاه تحاماه) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 الْبَاب الثَّانِي 15 - فِي ذكر ابْنه أبي الْفَتْح ذِي الكفايتين وَالْأَخْذ بِطرف من طرف أخباره وملح بَنَات أفكاره هُوَ عَليّ بن مُحَمَّد ثَمَرَة تِلْكَ الشَّجَرَة وشبل ذَلِك القسورة وَحقّ على ابْن الصَّقْر أَن يشبه الصقرا وَمَا أصدق مَا قَالَ الشَّاعِر (إِن السّري إِذا سرى فبنفسه ... وَابْن السّري إِذا سرى أسراهما) // الْكَامِل // وَكَانَ نجيبا ذكيا لطيفا سخيا رفيع الهمة كَامِل الْمُرُوءَة ظريف التَّفْصِيل وَالْجُمْلَة قد تأنق أَبوهُ فِي تأديبه وتهذيبه وجالس بِهِ أدباء عصره وفضلاء وقته حَتَّى تخرج وَخرج حسن الترسل مُتَقَدم الْقدَم فِي النّظم آخِذا من محَاسِن الْآدَاب بأوفر الْحَظ وَلما قَامَ مقَام أَبِيه قبل الإستكمال وعَلى مدى بعيد من الإكتهال وَجمع تَدْبِير السَّيْف والقلم لركن الدولة لقب بِذِي الكفايتين وَعلا شَأْنه وارتفع قدره وَبعد صيته وطاب ذكره وَجرى أمره أحسن مجْرى إِلَى أَن توفّي ركن الدولة وأفضت حَال أبي الْفَتْح إِلَى مَا سَيَأْتِي ذكره آخر الْبَاب بِمَشِيئَة الله وعونه وَمن طرف أخباره مَا حَدَّثَنِيهِ أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب وَكَانَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَدعُوهُ القمغدي لكَونه قمي المولد بغدادي المنشأ وَكَانَ أَبُو جَعْفَر هَذَا من حَاشِيَة أبي الْفَتْح فترامت بِهِ بعده الْحَوَادِث إِلَى نيسابور قَالَ كَانَ الْأُسْتَاذ الرئيس قد قبض جمَاعَة من ثقاته فِي السِّرّ يشرفون على الْأُسْتَاذ أبي الْفَتْح فِي منزله ومكتبه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 ويشاهدون أَحْوَاله ويعدون أنفاسه وَينْهَوْنَ إِلَيْهِ جَمِيع مَا يَأْتِيهِ ويذره ويقوله ويفعله فَرفع إِلَيْهِ بَعضهم أَن أَبَا الْفَتْح اشْتغل لَيْلَة بِمَا يشْتَغل بِهِ الْأَحْدَاث المترفون من عقد مجْلِس الْأنس وإتخاذ الندماء وتعاطي مَا يجمع شَمل اللَّهْو فِي خُفْيَة شَدِيدَة وإحتياط تَامّ وَأَنه كتب فِي تِلْكَ الْحَالة رقْعَة إِلَى من سَمَّاهُ لي أَبُو جَعْفَر ونسيت اسْمه فِي استهداء الشَّرَاب فَحمل إِلَيْهِ مَا يصلحهم من المشموم والمشروب وَالنَّقْل فَدس الْأُسْتَاذ الرئيس إِلَى ذَلِك الْإِنْسَان من أَتَاهُ برقعة أبي الْفَتْح الصادرة إِلَيْهِ فَإِذا فِيهَا بِخَطِّهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قد اغتنمت اللَّيْلَة أَطَالَ الله بقاك يَا سَيِّدي وملاي رقدة من عين الدَّهْر وانتهزت فِيهَا فرْصَة من فرص الْعُمر وانتظمت مَعَ أَصْحَابِي فِي سمط الثريا فَإِن لم تحفظ علينا النظام بإهدام المدام عدنا كبنات نعش وَالسَّلَام فاستطير الْأُسْتَاذ فَرحا وإعجابا بِهَذِهِ الرقعة البديعة وَقَالَ الْآن ظهر لي أثر براعته ووثقت بجريه فِي طريقي ونيابته منابي وَوَقع لَهُ بألفي دِينَار وَحكى أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس قَالَ كنت عِنْد الْأُسْتَاذ أبي الْفَتْح فِي يَوْم شَدِيد الْحر فرمت الشَّمْس بجمرات الهاجرة فَقَالَ لي مَا قَول الشَّيْخ فِي قلبه فَلم أحر جَوَابا لِأَنِّي لم أفطن لما أَرَادَ فَلَمَّا كَانَ بعد هنيَّة أقبل رَسُول وَالِده الْأُسْتَاذ الرئيس يستدعيني إِلَى مَجْلِسه فَقُمْت إِلَيْهِ فَلَمَّا مثلت بَين يَدَيْهِ تَبَسم ضَاحِكا إِلَيّ وَقَالَ مَا قَول الشَّيْخ فِي قلبه فبهت وَسكت وَمَا زلت أفكر حَتَّى تنبهت على أَنَّهُمَا أَرَادَا الخيش فَكَأَن من كَانَ يشرف على أبي الْفَتْح من جِهَة أَبِيه الْأُسْتَاذ أَتَاهُ بِتِلْكَ اللَّفْظَة فِي تِلْكَ السَّاعَة ولفرط اهتزازه لَهَا أَرَادَ مجاراتي وقرأت صحيفَة السرُور من وَجهه إعجابا بهَا ثمَّ أخذت أتحفه بنكث نثره وملح نظمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 وَكَانَ مِمَّا أعجب بِهِ وتعجب مِنْهُ واستضحك لَهُ حكايتي رقْعَة لَهُ وَردت عَليّ وصدرها رقْعَة الشَّيْخ أَصْغَر من عنفقة بقة وأقصر من أُنْمُلَة نملة قَالَ أَبُو الْحُسَيْن وَجرى فِي بعض أيامنا ذكر أَبْيَات اسْتحْسنَ الْأُسْتَاذ الرئيس وَزنهَا واستحلى رونقها وَأنْشد جمَاعَة مِمَّن حضر مَا حضرهم على ذَلِك الروى وَهُوَ قَول الْقَائِل (لَئِن كَفَفْت وَإِلَّا ... شققت مِنْك ثِيَابِي) فأصغى إِلَيْنَا الْأُسْتَاذ أَبُو الْفَتْح ثمَّ أَنْشدني فِي الْوَقْت (يَا مُولَعا بعذابي ... أما رحمت شَبَابِي) (تركت قلبِي قريحا ... نهب الأسى والتصابي) (إِن كنت تنكر مَا بِي ... من ذلتي واكتئابي) (فارفع قَلِيلا قَلِيلا ... عَن الْعِظَام ثِيَابِي) من الجتث قَالَ فَتَأمل هَذِه الطَّرِيقَة وَانْظُر إِلَى هَذَا الطَّبْع فَإِنَّهُ أَتَى بِمثل مَا أنْشدهُ فِي رشاقته وَخِفته وَلم يعد الْجِنْس وَلم يقصر دونه وَبِذَلِك تعرف قدرَة الْقَادِر على الخطابة والبلاغة قَالَ وَمن شعره وَهُوَ فِي الْمكتب قَوْله من قصيدة فِي أَبِيه أَولهَا (أليل هُوَ أم شعر ... وبرق هُوَ أم ثغر) (وحر الصَّدْر مَا ضمنت الأحشاء أم جمر ... ) (ويهماء كَمثل الْبَحْر ... يرتاع لَهَا السّفر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 (تعسفت على هول ... وتحتي بازل جسر) (إِلَى من وَجهه بدر ... وَمن رَاحَته بَحر) (وَمن جدواه مد للورى ... لَيْسَ لَهُ جزر) (هُوَ الْغَيْث هُوَ اللَّيْث ... هُوَ الْفَخر هُوَ الذخر) (لأمر مظلم يخْشَى ... وخطب فادح يعرو) // الهزج // وَقَوله من نيروزية فِيهِ (أبشر بنيروز أَتَاك مبشرا ... بسعادة وَزِيَادَة ودوام) (واشرب فقد حل الرّبيع نقابه ... عَن منظر متهلل بسام) (وهديتي شعر عَجِيب نظمه ... ومديحه يبْقى على الْأَيَّام) (فاقبله وَاقْبَلْ عذر من لم يسْتَطع ... إهداء غير نتيجة الأفهام) // الْكَامِل // وَمن إحساناته الْمَشْهُورَة قَوْله من قصيدة (عودي وَمَاء شبيبتي فِي عودي ... لَا تعمدي لمقاتل المعمود) (وصليه مَا دَامَت أصايل عيشه ... تؤويه فِي فَيْء لَهَا مَمْدُود) (مَا دَامَ من ليل الصِّبَا فِي فَاحم ... رجل الذرى قينان كالعنقود) (قبل المشيب فطارقات جُنُوده ... يبدلنه يققا بسحم سود) // الْكَامِل // وَقَوله لما تقلد الوزارة بعد أَبِيه (دَعَوْت الْغنى ودعوت المنى ... فَلَمَّا أجابا دَعَوْت الْقدح) (إِذا بلغ الْمَرْء آماله ... فَلَيْسَ لَهُ بعْدهَا مقترح) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وَقَالَ (إِذا أَنا بلغت الَّذِي كنت أشتهي ... وأضعافه ألفا فكلني إِلَى الْخمر) (وَقل لنديمي قُم إِلَى الدَّهْر فاقترح ... عَلَيْهِ الَّذِي تهوي وَدعنِي مَعَ الدَّهْر) // الطَّوِيل // وَله (أَيْن لي من يَفِي بشكر اللَّيَالِي ... إِذْ أضافت خيالها وخيالي) (لم يكن لي على الزَّمَان اقتراح ... غَيرهَا منية فجاد بهَا لي) // الْخَفِيف // وَقَوله فِي أترجة أهداها إِلَى وَالِده الْأُسْتَاذ الرئيس (أتتك صفراء تحكي لون ذِي مقة ... وريح رَاح حشاها شادن خنث) (زففتها حِين زفت لي على أمل ... إِنِّي غلامك لَا مين وَلَا عَبث) // الْبَسِيط // وَقَوله من قصيدة أُخْرَى فِي عضد الدولة أَولهَا (عتبت على الْأَيَّام لَو عرفت عتبا ... وعاتبتها لَو أعقبت ذنبها عتبى) (قَضَت بَيْننَا أَحْكَامهَا الْبَين كلما ... طلعن بِنَا شرقا غربن بهَا غربا) (تحجب عني الشَّمْس من نور وَجههَا ... وتمنح رياها الركائب والركبا) وَمِنْهَا (وَكنت أَظن الْحبّ قبل خلابة ... فها هُوَ ذَا يغري بمخلبه الخلبا) (تَدور السقاة بالأباريق بَيْننَا ... فنحسبها سربا يزجي لنا سربا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 وَمِنْهَا (وَقد نظمت فِي شَمل الْعِصَابَة رَوْضَة ... منورة النوار تحسبها عصبا وَمِنْهَا فِي وصف النجائب (مَتى لم أنل أقْصَى المنى بنجابها ... فَلَا نهضت نجبا تسير بِنَا نجبا) (وَلَا رحلت نَحْو العفاة رِحَالهَا ... وَلَا كَانَ لي مَا بَين آمالها نهبا) (وَلَا كنت عبدا للَّذي الدَّهْر عَبده ... أعد النُّجُوم بعد صحبته حَصْبًا) // الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة أُخْرَى فِيهِ أَولهَا (أفضت عُقُود أم أفيضت مدامع ... وهذى دموع أم نفوس هوامع) (على الْملك قوام وللدين حَافظ ... وللمال وهاب وللجار مَانع) (أسود وَلَكِن الحراب عرينها ... شموس وَلَكِن الصُّفُوف مطالع) (أشاحوا وَمَا شحوا ونابوا وَمَا نبوا ... وَكَانَ لَهُم تَحت المنايا مناقع) وَمِنْهَا فِي ذل الْأَعْدَاء (أذالهم ذل الْهَزِيمَة فانحنت ... قناة الظُّهُور واستقام الأخادع) (وَكَانَ لَهُم لبس المعصفر عَادَة ... فخاطت لَهُم مِنْهُ السيوف القواطع) وَمِنْهَا (بطرتم فطرتم والعصا زجر من عصى ... وتقويم عبد الْهون بالهون نَافِع) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 وَمِنْهَا (تبسمت وَالْخَيْل الْعتاق عوابس ... وأقدمت وَالْبيض الرقَاق هوالع) (صدعت بصبح النَّصْر ليل جموعهم ... وَكَيف بَقَاء اللَّيْل وَالصُّبْح صادع) (فَمَا الصُّبْح مُنَاد وَلَا اللَّيْل خاذل ... وَلَا النصل خوان وَلَا السهْم طالع) وَمِنْهَا فِي وصف الشّعْر (ومقترحات فِي القوافي بداءة ... بَدَائِع للإحسان فِيهَا ودائع) (كَلَام شكور أطلقت من عنانه ... صنائع تخجلن النَّهَار نواصع) (خدمت بِقَوْلِي ذَا وَمن قبل قَوْله ... خدمت وغى وَالْقَوْل للْفِعْل شَافِع) // الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى وَقد ذكر الشّعْر (فَإِن كَانَ مسخوطا فَقل شعر كَاتب ... وَإِن كَانَ مرضيا فَقل شعر كاتبي) // الطَّوِيل // ذكر آخر أمره حَدثنِي أَبُو مَنْصُور سعيد بن أَحْمد البريدي قَالَ لما توفّي ركن الدولة وَقَامَ مقَامه مؤيد الدولة خَليفَة لِأَخِيهِ عضد الدولة أقبل من أَصْبَهَان إِلَى الرّيّ وَمَعَهُ الصاحب أَبُو الْقَاسِم وخلع على أبي الْفَتْح خلعة الوزارة وَألقى إِلَيْهِ مقاليد المملكة والصاحب على جملَته فِي الْكِتَابَة لمؤيد الدولة والإختصاص بِهِ وَشدَّة الحظوة لَدَيْهِ فكره أَبُو الْفَتْح مَكَانَهُ وأساء الظَّن بِهِ فَبعث الْجند على أَن يشغبوا عَلَيْهِ وهموا بِمَا لم ينالوا مِنْهُ فَأمره مؤيد الدولة بمعاودة أَصْبَهَان وَأسر فِي نَفسه الموجدة على أبي الْفَتْح لهَذَا الشَّأْن وَغَيره وانضاف ذَلِك إِلَى تغير عضد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 الدولة واحتقاده عَلَيْهِ لِأَشْيَاء كَثِيرَة فِي أَيَّام أَبِيه وَبعدهَا مِنْهَا مِمَّا يلته بختيار وَمِنْهَا ميل القواد إِلَيْهِ بل غلوهم فِي موالاته ومحبته وَمِنْهَا ترفعه عَن التَّوَاضُع لَهُ فِي مكاتباته وَاجْتمعت آراء الْأَخَوَيْنِ على إعتقاله وَأخذ أَمْوَاله وَلما اعتقل فِي بعض القلاع بدرت مِنْهُ كَلِمَات نمت إِلَى عضد الدولة فزادت فِي استيحاشه مِنْهُ وأنهض من حَضرته من طَالبه بالأموال وعذبه وَمثل بِهِ وَيُقَال إِنَّه سمل إِحْدَى عَيْنَيْهِ قطع أَنفه وجز لحيته فَفِي تِلْكَ الْحَال يَقُول أَبُو الْفَتْح وَقد يئس من نَفسه وأستأذن فِي صَلَاة رَكْعَتَيْنِ فصلاهما ودعا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وَكتب (بدل من صُورَتي المنظر ... لكنه مَا غير الْمخبر) (وَلست ذَا حزن على فَائت ... لَكِن على من لي يستعبر) (وواله الْقلب لما مسني ... مستخبر عني وَلَا يخبر) (فَقل لمن سر بِمَا ساءنا ... لَا بُد أَن يسْلك ذَا الْمعبر) // السَّرِيع // وَأَخْبرنِي أَبُو جَعْفَر الَّذِي قدمت ذكره وَكَانَ مُخْتَصًّا بِهِ قَالَ كَانَ أَبُو الْفَتْح قبيل النكبة الَّتِي أَتَت على نَفسه قد أغرى بإنشاد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لَا يجِف لِسَانه من ترديدهما فِي أَكثر أوقاته وأحواله وَلست أَدْرِي أهماله أم لغيره (دخل الدُّنْيَا أنَاس قبلنَا ... رحلوا عَنْهَا وخلوها لنا) (فنزلناها كَمَا قد نزلُوا ... ونخليها لقوم بَعدنَا) // الرمل // فَلَمَّا حصل فِي الإعتقال واستيقن أَن الْقَوْم يُرِيدُونَ دَمه لَا محَالة وَأَنه لَا ينجو مِنْهُم وَإِن بذل مَاله مد يَده إِلَى جيب جُبَّة عَلَيْهِ ففتقه عَن رقْعَة فِيهَا ثَبت مَا لَا يُحْصى من ودائعه وكنوز أَبِيه وذخائره فألقاها فِي كانون نَار بَين يَدَيْهِ وَقَالَ للقائد الْمُوكل بِهِ الْمَأْمُور بقتْله بعد مُطَالبَته اصْنَع مَا أَنْت صانع فوَاللَّه لَا يصل من أَمْوَالِي المستورة إِلَى صَاحبك دِينَار وَاحِد فَمَا زَالَ يعرضه على الْعَذَاب ويمثل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 بِهِ حَتَّى تلف رَحمَه الله تَعَالَى وَفِيه يَقُول بعض أَصْحَابه (آل العميد وَآل برمك مَا لكم ... قل الْمعِين لكم وذل النَّاصِر) (كَانَ الزَّمَان يحبكم فَبَدَا لَهُ ... إِن الزَّمَان هُوَ الْمُحب الغادر) // الْكَامِل // وَلأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ فِي مرثيته من قصيدة (يَا دهر إِنَّك بِالرِّجَالِ بَصِير ... فلذاك مَا تجتاحهم وتبير) // الْكَامِل // وَهِي تذكر فِي موضعهَا من شعره إِن شَاءَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 الْبَاب الثَّالِث 16 - فِي ذكر الصاحب أبي الْقَاسِم إِسْمَعِيل بن عباد وإيراد لمع من أخباره وغرر نظمه ونثره لَيست تحضرني عبارَة أرضاها للإفصاح عَن علو مَحَله فِي الْعلم وَالْأَدب وجلالة شَأْنه فِي الْجُود وَالْكَرم وتفرده بغايات المحسان وَجمعه أشتات المفاخر لِأَن همة قولي تنخفض عَن بُلُوغ أدنى فضائله ومعاليه وَجهد وصفي يقصر عَن أيسر فواضله ومساعيه وَلَكِنِّي أَقُول هُوَ صدر الْمشرق وتاريخ الْمجد وغرة الزَّمَان وينبوع الْعدْل والأحسان وَمن لَا حرج فِي مدحه بِكُل مَا يمدح بِهِ مَخْلُوق ولولاه مَا قَامَت للفضل فِي دَهْرنَا سوق وَكَانَت أَيَّامه للعلوية وَالْعُلَمَاء والأدباء وَالشعرَاء وحضرته محط رحالهم وموسم فضلائهم ومترع آمالهم وأمواله مصروفة إِلَيْهِم وصنائعه مَقْصُورَة عَلَيْهِم وهمته فِي مجد يشيده وإنعام يحدده وفاضل يصطنعه وَكَلَام حسن يصنعه أَو يسمعهُ وَلما كَانَ نادرة عُطَارِد فِي البلاغة وواسطة عقد الدَّهْر فِي السماحة جلب إِلَيْهِ من الْآفَاق وأقاصي الْبِلَاد كل خطاب جزل وَقَول فصل وَصَارَت حَضرته مشرعا لروائع الْكَلَام وبدائع الأفهام وثمار الخواطر ومجلسه مجمعا لصوب الْعُقُول وذوب الْعُلُوم ودرر القرائح فَبلغ من البلاغة مَا يعد فِي السحر ويكاد يدْخل فِي الإعجاز وَسَار كَلَامه مسير الشَّمْس ونظم ناحيتي الشرق والغرب واحتف بِهِ من نُجُوم الأَرْض وأفراد الْعَصْر وَأَبْنَاء الْفضل وفرسان الشّعْر من يربى عدهم على شعراء الرشيد وَلَا يقصرون عَنْهُم فِي الْأَخْذ برقاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 القوافي وَملك رق الْمعَانِي فَإِنَّهُ لم يجْتَمع بِبَاب أحد من الْخُلَفَاء والملوك مثل مَا اجْتمع بِبَاب الرشيد من فحولة الشُّعَرَاء الْمَذْكُورين كَأبي نواس وَأبي الْعَتَاهِيَة والعتابي والنمري وَمُسلم بن الْوَلِيد وَأبي الشيص ومروان بن أبي حَفْصَة وَمُحَمّد بن مناذر وجمعت حَضْرَة الصاحب بأصبهان والري وجرجان مثل أبي الْحُسَيْن السلَامِي وَأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَأبي طَالب المأموني وَأبي الْحسن البديهي وَأبي سعد الرستمي وَأبي الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي وَأبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ وَأبي الْحسن بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ وَأبي الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء وَأبي مُحَمَّد الخازن وَأبي هَاشم الْعلوِي وَأبي الْحسن الْجَوْهَرِي وَبني المنجم وَابْن بابك وَابْن القاشاني وَأبي الْفضل الهمذاني وإسمعيل الشَّاشِي وَأبي الْعَلَاء الْأَسدي وَأبي الْحسن الغويري وَأبي دلف الخزرجي وَأبي حَفْص الشهزوري وَأبي معمر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي الْفَيَّاض الطَّبَرِيّ وَغَيرهم مِمَّن لم يبلغنِي ذكرهم أَو ذهب عني اسْمه ومدحه مُكَاتبَة الشريف الموسوي الرضى وَأَبُو إِسْحَاق الصابي وَابْن حجاج وَابْن سكرة وَابْن نباتة وَلذكر كل من هَؤُلَاءِ مَكَان من هَذَا الْكتاب إِمَّا مُتَقَدم أَو مُتَأَخّر وَمَا أحسن وأصدق قَول الصاحب (إِن خير المداح من مدحته ... شعراء الْبلَاء فِي كل نَادِي) // الْخَفِيف // لمع من أَخْبَار محاسنه وملح من نَوَادِر توقيعاته سَمِعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول إِن مَوْلَانَا الصاحب نَشأ من الوزارة فِي حجرها ودب ودرج فِي وَكرها ورضع أفاويق درها وورثها من أَبِيه كَمَا قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 أَبُو سعيد الرستمي (ورث الوزارة كَابِرًا عَن كَابر ... مَوْصُولَة الْإِسْنَاد بِالْإِسْنَادِ) (يروي عَن الْعَبَّاس عباد وزراته ... وَإِسْمَاعِيل عَن عباد) // الْكَامِل // قَالَ وَلما ملك فَخر الدولة واستعفى الصاحب من الوزارة قَالَ لَهُ لَك فِي هَذِه الدولة من إِرْث الوزارة مَا لنا فِيهَا من إِرْث الْإِمَارَة فسبيل كل منا أَن يحْتَفظ بِحقِّهِ وحَدثني عون بن الْحُسَيْن الْهَمدَانِي التَّمِيمِي قَالَ كنت يَوْمًا فِي خزانَة الْخلْع للصاحب فَرَأَيْت فِي ثَبت حسبانات كاتبها وَكَانَ صديق مبلغ عمائم الخزالتي صَارَت تِلْكَ الشتوة فِي خلع الخدم والحاشية ثَمَانمِائَة وَعشْرين قَالَ وَكَانَ يُعجبهُ الْخَزّ وَيَأْمُر الإستكثار مِنْهُ فِي دَاره فَنظر أَبُو الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي يَوْمًا إِلَى جَمِيع من فِيهَا من الخدم والحاشية عَلَيْهِم الخزوز الفاخرة الملونة فاعتزل نَاحيَة وَأخذ يكْتب شَيْئا فَسَأَلَ الصاحب عَنهُ فَقيل إِنَّه فِي مجْلِس كَذَا يكْتب فَقَالَ عَليّ بِهِ فاستمهل الزَّعْفَرَانِي ريثما يكمل مكتوبه فأعجله الصاحب وَأمر بِأَن يُؤْخَذ مَا فِي يَده من الدرج فَقَامَ الزَّعْفَرَانِي إِلَيْهِ وَقَالَ أيد الله الصاحب (اسْمَعْهُ مِمَّن قَالَه تَزْدَدْ بِهِ ... عجبا فَحسن الْورْد فِي أغصانه) // الْكَامِل // قَالَ هَات يَا أَبَا الْقَاسِم فأنشده أبياتا مِنْهَا (سواك يعد الْغنى مَا اقتنى ... ويأمره الْحِرْص أَن يخزنا) (وَأَنت ابْن عباد المرتجى ... تعد نوالك نيل المنى) (وخيرك من باسط كَفه ... وَمِمَّنْ ثناها قريب الجنى) (غمرت الورى بصنوف الندى ... فأصغر مَا ملكوه الْغنى) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 (وغادرت أشعرهم مفحما ... وأشكرهم عَاجِزا ألكنا) (أيا من عطاياه تهدى الْغنى ... إِلَى راحتي من نأى أَو دنا) (كسوت المقيمين والزائرين ... كسى لم يخل مثلهَا مُمكنا) (وحاشية الدَّار يَمْشُونَ فِي ... ضروت من الْخَزّ إِلَّا أَنا) (وَلست أذكر لي جَارِيا ... على الْعَهْد يحسن أَن يحسنا) // المتقارب // فَقَالَ الصاحب قَرَأت فِي أَخْبَار معن بن زَائِدَة أَن رجلا قَالَ لَهُ احملني أَيهَا الْأَمِير فَأمر لَهُ بِنَاقَة وَفرس وَبغلة وحمار وَجَارِيَة ثمَّ قَالَ لَهُ لَو علمت أَن الله تَعَالَى خلق مركوبا غير هَذِه لحملتك عَلَيْهِ وَقد أمرنَا لَك من الْخَزّ بجبة وقميص ودراعة وَسَرَاويل وعمامة ومنديل ومطرف ورداء وجورب وَلَو علمنَا لباسا آخر يتَّخذ من الْخَزّ لأعطيناكه ثمَّ أَمر بإدخاله الخزانة وصب تِلْكَ الْخلْع عَلَيْهِ وَتَسْلِيم مَا فضل عَن لبسه فِي الْوَقْت إِلَى غُلَامه وحَدثني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الحامدي قَالَ عهدي بِأبي مُحَمَّد الخازن ماثلا بَين يَدي الصاحب ينشده قصيدة لَهُ فِيهِ أَولهَا (هَذَا فُؤَادك نهبى بَين أهواء ... وَذَاكَ رَأْيك شُورَى بَين آراء) (هَوَاك بَين الْعُيُون النجل مقتسم ... دَاء لعمرك مَا أبلاه من دَاء) (لاتستقر بِأَرْض أَو تسير إِلَى ... أُخْرَى بشخص قريب عزمه نائي) (يَوْمًا بحزوى وَيَوْما بالعقيق وبالعذيب يَوْمًا وَيَوْما بالخليصاء) (وَتارَة تنتحي نجدا وآونة ... شعب العقيق وطورا قصر تيماء) // الْبَسِيط // قَالَ فَرَأَيْت الصاحب مُقبلا عَلَيْهِ بمجامعه حسن الإصغاء إِلَى إنشاده مستعيدا أَكثر أبياته مظْهرا من الْإِعْجَاب بِهِ والإهتزاز لَهُ مَا يعجب الْحَاضِرين فَلَمَّا بلغ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 (أدعى بأسماء نبزا فِي قبائلها ... كَأَن أَسمَاء أضحت بعض أسمائي) (أطلعت شعري وَأَلْقَتْ شعرهَا طَربا ... فألفا بَين إصباح وإمساء) زحف عَن دسته طَربا فَلَمَّا بلغ قَوْله فِي الْمَدْح (لَو أَن سحبان باراه لأسحبه ... على خطابته أذيال فأفاء) (أرى الأقاليم قد أَلْقَت مقالدها ... إِلَيْهِ مستبقات أَي إِلْقَاء) (فساس سبعتها مِنْهُ بأَرْبعَة ... أَمر وَنهي وتثبيت وإمضاء) (كَذَاك توحيده ألوى بأَرْبعَة ... كفر وجبر وتشبيه وإرجاء) جعل يُحَرك رَأس مستحسن فَلَمَّا أنْشد (نعم تجنب لَا يَوْم الْعَطاء كَمَا ... تجنب ابْن عَطاء لثغة الرَّاء) استعاده وصفق بيدَيْهِ وَلما خَتمهَا بِهَذِهِ الأبيات (أطرى وأطرب بالأشعار أنشدها ... أحسن ببهجة إطرابي وإطرائي) (وَمن منائح مَوْلَانَا مدائحه ... لِأَن من زنده قدحي وإيرائي) (فَخذ إِلَيْك ابْن عباد محبرة ... لَا البحتري يدانيها وَلَا الطَّائِي) قَالَ أَحْسَنت أَحْسَنت وَللَّه أَنْت وَتَنَاول النُّسْخَة وتشاغل بإعارتها نظره ثمَّ أَمر لَهُ بخلعة وحملان وصلَة وَسمعت أَبَا عبد الله أَيْضا يَقُول أهدي إِلَى الصاحب هَدِيَّة أهْدى مِنْهَا إِلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 شيخ الدولتين أبي سعيد الشبيبي وَكتب مَعهَا رقْعَة مصدرة بِهَذَا الْبَيْت (رويت فِي السّنة الْمَشْهُورَة البركه ... أَن الْهَدِيَّة فِي الإخوان مشتركه) // الْبَسِيط // وحَدثني أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَارِسِي النَّحْوِيّ قَالَ سَمِعت الصاحب يَقُول أنفذ إِلَى أَبُو الْعَبَّاس تاش الْحَاجِب رقْعَة فِي السِّرّ بِخَط صَاحبه نوح بن مَنْصُور ملك خُرَاسَان يُرِيدنِي فِيهَا على الإنحياز إِلَى حَضرته ليلقى إِلَى مقاليد مَمْلَكَته ويعتمدني لوزارته ويحكمني فِي ثَمَرَات بِلَاده فَكَانَ فِيمَا اعتذرت بِهِ من تركي امْتِثَال أمره والصدر عَن رَأْيه ذكر طول ذيلي وَكَثْرَة حاشيتي وضمنتي وحاجتي لنقل كتب خَاصَّة إِلَى أَرْبَعمِائَة جمل فَمَا الظَّن بِمَا يَلِيق بهَا من تحمل مثلي وحَدثني أَيْضا قَالَ سَمِعت الصاحب يَقُول حضرت مجْلِس ابْن العميد عَشِيَّة من عشايا شهر رَمَضَان وَقد حَضَره الْفُقَهَاء والمتكلمون للمناظرة وَأَنا إِذْ ذَاك فِي ريعان شَبَابِي فَلَمَّا تقوض الْمجْلس وَانْصَرف الْقَوْم وَقد حل الْإِفْطَار نكرت ذَلِك فِيمَا بيني وَبَين نَفسِي واستقبحت إغفالة الْأَمر بتفطير الْحَاضِرين مَعَ وفور رياسته واتساع حَاله واعتقدت أَلا أخل بِمَا أخل بِهِ إِذا قُمْت يَوْمًا مقَامه قَالَ فَكَانَ الصاحب لَا يدْخل عَلَيْهِ فِي شهر رَمَضَان بعد الْعَصْر أحد كَائِنا من كَانَ فَيخرج من دَاره إِلَّا بعد الْإِفْطَار عِنْده وَكَانَت دَاره لَا تَخْلُو فِي كل لَيْلَة من ليَالِي شهر رَمَضَان من ألف نفس مفطرة فِيهَا وَكَانَت صلَاته وصدقاته وقرباته فِي هَذَا الشَّهْر تبلغ مبلغ مَا يُطلق مِنْهَا فِي جَمِيع شهور السّنة وحَدثني بديع الزَّمَان أَبُو الْفضل الهمذاني قَالَ لما أدخلني وَالِدي إِلَى الصاحب ووصلت إِلَى مَجْلِسه واصلت الْخدمَة بتقبيل الأَرْض فَقَالَ لي يَا بني اقعد كم تسْجد كَأَنَّك هدهد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 قَالَ وَقد قَالَ يَوْمًا لبَعض من تَأَخّر عَن مَجْلِسه لعِلَّة وجدهَا مَا الَّذِي كنت تشتكيه قَالَ الحما قَالَ قه يَعْنِي الحماقة فَقَالَ وه يَعْنِي القهوة قَالَ وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ الْحَاجِب يَوْمًا لإِنْسَان طرسوسي فَقَالَ الطر فِي لحيته والسوس فِي حنطته وَسمعت الْأَمِير أَبَا الْفضل الميكالي يَقُول سَمِعت بعض ندماء الصاحب يَقُول كنت يَوْمًا بَين يَدي الصاحب فَقدم الْبِطِّيخ فَقلت لَا مترك فَقَالَ بالعجلة لمترك وَكنت أُرِيد أَن أَقُول لَا مترك للبطيخ فَسَبَقَنِي إِلَى التنادر بِهَذَا التَّجْنِيس حَدثنِي أَبُو مَنْصُور البيع قَالَ دخلت يَوْمًا على الصاحب فطاولته الحَدِيث فَلَمَّا أردْت الْقيام قلت لعَلي طولت فَقَالَ لَا بل تطولت وحَدثني أَبُو مَنْصُور اللجيمي الدينَوَرِي قَالَ أهدي العميري قَاضِي قزوين إِلَى الصاحب كتبا وَكتب مَعهَا (العميري عبد كَافِي الكفاة ... وَمن اعْتد فِي وُجُوه الْقُضَاة) (خدم الْمجْلس الرفيع بكتب ... مفعمات من حسنها مترعات) // الْخَفِيف // فَوَقع تحتهَا (قد قبلنَا من الْجَمِيع كتابا ... ورددنا لوَقْتهَا الْبَاقِيَات) (لست أستغنم الْكثير فطبعي ... قَول خُذ لَيْسَ مذهبي قَول هَات) // الْخَفِيف // قَالَ وَكتب إِلَيْهِ بعض العلوية يخبر بِأَنَّهُ رزق مولودا ويسأله أَن يُسَمِّيه ويكنيه فَوَقع فِي رقعته أسعدك الله بالفارس الْجَدِيد والطالع السعيد فقد وَالله مَلأ الْعين قُرَّة وَالنَّفس مَسَرَّة مُسْتَقِرَّة والإسم عَليّ ليعلي الله ذكره والكنية أَبُو الْحسن ليحسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 الله أمره فَإِنِّي أَرْجُو فضل جده وسعادة جده وَقد بعثت لتعويذه دِينَارا من مائَة مِثْقَال قصدت بِهِ مقصد الفال رَجَاء أَن يعِيش مائَة عَام ويخلص خلاص الذَّهَب الإبريز من نوب الْأَيَّام وَالسَّلَام قَالَ وَكتب إِلَيْهِ أَبُو مَنْصُور الْجِرْجَانِيّ (قل للوزير المرتجى ... كَافِي الكفاة الملتجى) (إِنِّي رزقت ولدا ... كالصبح إِذْ تبلجا) (لَا زَالَ فِي ظلك ظلّ ... المكرمات والحجى) (فسمه وكنه ... مشرفا متوجا) // مجزوء الرجز // فَوَقع تحتهَا (هنئته هنئته ... شمس الضُّحَى بدر الدجى) (فسمه محسنا ... وكنه أَبَا الرجا) // مجزوء الرجز // وَعرض على بعض الإصبهانيين رقْعَة لأبي حَفْص الْوراق الإصبهاني قد أَخذ مِنْهَا البلى وفيهَا توقيع الصاحب وَهَذِه نُسْخَة الرقعة لَوْلَا أَن الذكرى أَطَالَ الله بَقَاء مَوْلَانَا الصاحب الْجَلِيل تَنْفَع الْمُؤمنِينَ وهزة الصمصام تعين المصلتين لما ذكرت ذَاكِرًا وَلَا هززت مَاضِيا وَلَكِن ذَا الْحَاجة لضرورته يستعجل النجح ويكد الْجواد السَّمْح وَحَال عبد مَوْلَانَا أدام الله تأييده فِي الْحِنْطَة مُخْتَلفه وجرذان دَاره عَنْهَا مُنْصَرفه فَإِن رأى أَن يخلط عَبده بِمن أخصب رَحْله وَلم يشد رَحْله فعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذِه نُسْخَة التوقيع أَحْسَنت أَبَا حَفْص قولا وسنحسن فعلا فبشر جرذان دَارك بِالْخصْبِ وأمنها من الجدب فالحنطة تَأْتِيك فِي الْأُسْبُوع وَلست عَن غَيرهَا من النَّفَقَة بمنوع إِن شَاءَ الله تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 وَسمعت أَبَا النَّصْر مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْعُتْبِي يَقُول كتب بعض أَصْحَاب الصاحب رقْعَة إِلَيْهِ فِي حَاجَة فَوَقع فِيهَا وَلما ردَّتْ إِلَيْهِ لم ير فِيهَا توقيعا وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار بِوُقُوع التوقيع فِيهَا فعرضها على أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ فَمَا زَالَ يتصفحها حَتَّى عثر بالتوقيع وَهُوَ الف وَاحِدَة وَكَانَ فِي الرقعة فَإِن رأى مَوْلَانَا أَن ينعم بِكَذَا فعل فَأثْبت الصاحب أَمَام فعل ألفأ يَعْنِي أفعل وَسمعت الْأَمِير با الْفضل الميكالي يَقُول كتب بعض الْعمَّال رقْعَة إِلَى الصاحب فِي التمَاس شغل وَفِي الرقعة إِن رأى مَوْلَانَا أَن يَأْمر بإشغالي بِبَعْض أشغاله فَوَقع تحتهَا من كتب إشغالي لَا يصلح لأشغالي وحَدثني أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْحِمْيَرِي قَالَ رفع الضرابون من دَار الضَّرْب قصَّة إِلَى الصاحب فِي ظلامة لَهُم مترجمة بالضرابين فَوَقع تحتهَا فِي حَدِيد بَارِد وحَدثني أَبُو سعد نصر بن يَعْقُوب قَالَ كَانَ الصاحب يَقُول بالليالي لجلسائه إِذا أَرَادَ أَن يبسطهم ويؤنسهم نَحن بِالنَّهَارِ سُلْطَان وبالليل إخْوَان وحَدثني أَيْضا قَالَ قَالَ الصاحب مَا أفحمني أحد كالبديهي فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدِي يَوْمًا وأتينا بفاكهة ومشمش فأمعن فِيهِ فاتفق أَنِّي قلت إِن المشمش يلطخ الْمعدة فَقَالَ لَا يُعجبنِي الميزبان إِذا تطبب وَسمعت أَبَا نصر سهل بن الْمَرْزُبَان يَقُول كَانَ الصاحب إِذا شرب مَاء بثلج أنْشد على أَثَره (قعقعة الثَّلج بِمَاء عذب ... تستخرج الْحَمد من اقصى الْقلب) // الرجز // ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ جد اللَّعْن على يزِيد وحَدثني أَبُو الْحسن الدلفي المصِّيصِي قَالَ انتحل فلَان يَعْنِي أحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 المتشاعرين بِحَضْرَة الصاحب شعرًا لَهُ وبلغه ذَلِك فَقَالَ أبلغوه عني (سرقت شعري وغيري ... يضام فِيهِ ويخدع) (فَسَوف أجزيك صفعا ... يكد رَأْسا وأخدع) (فسارق المَال يقطع ... وسارق الشّعْر يصفع) // المجتث // قَالَ فَاتخذ اللَّيْل جملا وهرب من الرّيّ وحَدثني غَيره قَالَ كتب إِنْسَان إِلَى الصاحب رقْعَة وَقد أغار فِيهَا على رسائله وسرق جملَة من أَلْفَاظه فَوَقع فِيهَا هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا وَوَقع فِي رقْعَة استحسنها أفسحر هَذَا أم أَنْتُم لَا تبصرون وَوَقع فِي كتاب بعض مخالفيه فويل لَهُم مِمَّا كتبت أَيْديهم وويل لَهُم مِمَّا يَكْسِبُونَ وَوَقع فِي رقْعَة أبي مُحَمَّد الخازن وَكَانَ ذهب مغاضبا ثمَّ كتب إِلَيْهِ يَسْتَأْذِنهُ فِي معاودة حَضرته ألم نربك فِينَا وليدا وَلَبِثت فِينَا من عمرك سِنِين وَفعلت فعلتك الَّتِي فعلت وَعرض على أَبُو الْحسن الشقيقي الْبَلْخِي توقيع الصاحب إِلَيْهِ فِي رقْعَة من نظر لدينِهِ نَظرنَا لدنياه فَإِن آثرت الْعدْل والتوحيد بسطنا لَك الْفضل والتمهيد وَإِن أَقمت على الْجَبْر فَلَيْسَ لكسرك من جبر وَوَقع فِي رقْعَة بعض خطاب الْأَعْمَال التَّصَرُّف لَا يلْتَمس بالتكفف إِن احتجنا إِلَيْك صرفناك وَإِلَّا صرفناك وَرفع إِلَيْهِ بعض مَنْهِيّ الْأَخْبَار أَن رجلا مِمَّن ينطوي لَهُ على غير الْجَمِيل يدْخل دَاره فِي النَّاس ثمَّ يتلوم على استراق السّمع فَوَقع دَارنَا هَذِه خَان يدخلهَا من وفى وَمن خَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 وحَدثني أَبُو الْحُسَيْن النَّحْوِيّ قَالَ كَانَ مكي المنشد قد انتاب الصاحب بجرجان وَكَانَ قديم الْخدمَة لَهُ فأساء أدبه غير مرّة فَأمر الصاحب بحبسه فحبس فِي دَار الضَّرْب وَهِي بجواره بجرجان فاتفق أَنه صعد يَوْمًا سطح دَاره لحَاجَة فِي نَفسه وأشرف على دَار الضَّرْب فَلَمَّا رَآهُ مكي نَادَى بِأَعْلَى صَوته فَاطلع فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيم فَضَحِك الصاحب وَقَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون ثمَّ أَمر بِإِطْلَاقِهِ وحَدثني أَبُو النَّصْر الْعُتْبِي قَالَ سَمِعت أَبَا جَعْفَر دهقان بن ذِي القرنين يَقُول قدمت إِلَى الصاحب هَدِيَّة أصحبنيها الْأَمِير أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد برسمه واعتذرت إِلَيْهِ بِأَن قلت إِنَّهَا إِذا نقلت إِلَى حَضرته من خُرَاسَان كَانَت كالتمر ينْقل إِلَى كرمان فَقَالَ قد ينْقل التَّمْر من الْمَدِينَة إِلَى الْبَصْرَة على جِهَة التَّبَرُّك وَهَذِه سَبِيل مَا يصحبك وحَدثني الْهَمدَانِي قَالَ كَانَ وَاحِدًا من الْفُقَهَاء يعرب بِابْن الخضيري يحضر مجْلِس النّظر للصاحب بالليالي فغلبته عَيناهُ مرّة وَخرج مِنْهُ ريح لَهَا صَوت فَخَجِلَ وَانْقطع عَن الْمجْلس فَقَالَ الصاحب أبلغوه عني (يَا ابْن الخضيري لَا تذْهب على خجل ... لحادث مِنْك مثل الناي وَالْعود) (فَإِنَّهَا الرّيح لَا تَسْتَطِيع تحبسها ... إِذْ أَنْت لست سُلَيْمَان بن دَاوُد) // الْبَسِيط // وَحكي أَن مثل هَذَا الْأَمر وَقع للهمذاني فِي مجْلِس الصاحب فَخَجِلَ وَقَالَ صرير التخت فَقَالَ الصاحب أخْشَى أَن يكون صرير التحت فَيُقَال إِن هَذِه الخجلة كَانَت سَبَب مُفَارقَته لتِلْك الحضرة وَخُرُوجه إِلَى خُرَاسَان وحَدثني أَبُو نصر النمري بجرجان قَالَ سَمِعت القَاضِي أَبَا الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز يَقُول انصرفت يَوْمًا من دَار الصاحب وَذَلِكَ قبيل الْعِيد فَجَاءَنِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 رَسُول بعطر الْفطر وَمَعَهُ رقْعَة بِخَطِّهِ فِيهَا هَذَانِ البيتان (يَا أَيهَا القَاضِي الَّذِي نَفسِي لَهُ ... مَعَ قرب عهد لِقَائِه مشتاقه) (أهديت عطرا مثل طيب ثنائه ... فَكَأَنَّمَا أهْدى لَهُ أخلاقه) // الْكَامِل // وَقَالَ وسمعته يَقُول إِن الصاحب يقسم لي من إقباله وإكرامه بجرجان أَكثر مِمَّا يتلقاني بِهِ فِي سَائِر الْبِلَاد وَقد استعفيت يَوْمًا من فرط تحفيه بِي أَو توضعه لي فأنشدني (أكْرم أَخَاك بِأَرْض مولده ... وأمده من فعلك الْحسن) (فالعز مَطْلُوب وملتمس ... وأعزه مَا نيل فِي الوطن) // الْكَامِل // ثمَّ قَالَ لي قد فرغت من هَذَا الْمَعْنى فِي العينية فَقلت لَعَلَّ مَوْلَانَا يُرِيد قولي (وشيدت مجدي بَين قومِي فَلم أقل ... أَلا لَيْت قومِي يعلمُونَ صنيعي) // الطَّوِيل // فَقَالَ مَا أردْت غَيره وَالْأَصْل فِيهِ قَول الله تَعَالَى {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين} وحَدثني أَبُو حنيفَة الدهشتاني قَالَ كتب الصاحب إِلَى أبي هَاشم الْعلوِي وَقد أهْدى إِلَيْهِ فِي طبق فضَّة عطرا (العَبْد زارك نازلا برواقكا ... يستنبط الْإِشْرَاق من إشراقكا) (فاقبل من الطّيب الَّذِي أهديته ... مَا يسرق الْعَطَّار من أخلاقكا) (والظرف يُوجب أَخذه مَعَ ظرفه ... فأضف بِهِ طبقًا إِلَى أطباقكا) // الْكَامِل // وحَدثني عون بن الْحُسَيْن الهمذاني قَالَ سَمِعت أَبَا عِيسَى بن المنجم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 يَقُول سَمِعت الصاحب يَقُول مَا اسْتَأْذن لي على فَخر الدولة وَهُوَ فِي مجْلِس الْأنس إِلَّا انْتقل إِلَى مجْلِس الحشمة فَيَأْذَن لي فِيهِ وَمَا أذكر أَنه تبذل بَين يَدي ومازحني قطّ إِلَّا مرّة وَاحِدَة فَإِنَّهُ قَالَ لي فِي شجون الحَدِيث بَلغنِي أَنَّك تَقول الْمَذْهَب مَذْهَب الإعتزال والنيك نيك الرِّجَال فأظهرت الْكَرَاهَة لإنبساطه وَقلت بِنَا من الْجد مَالا نفرغ مَعَه للهزل ونهضت كالمغاضب فَمَا زَالَ يعْتَذر إِلَى مراسله حَتَّى عاودت مَجْلِسه وَلم يعد بعْدهَا لما يجْرِي مجْرى الْهزْل والمدح وَسمعت أَبَا الْحسن الْعلوِي الْهَمدَانِي الْوَصِيّ قَالَ لما تَوَجَّهت تِلْقَاء الرّيّ فِي سفارتي إِلَيْهَا من جِهَة السُّلْطَان فَكرت فِي كَلَام ألْقى بِهِ الصاحب فَلم يحضرني مَا أرضاه وَحين استقبلني فِي الْعَسْكَر وأفضى عناني إِلَى عنانه جرى على لساني مَا هَذَا بشرا إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم فَقَالَ إِنِّي لأجد ريح يُوسُف لَوْلَا أَن تفندون ثمَّ قَالَ مرْحَبًا بالرسول ابْن الرَّسُول الْوَصِيّ ابْن الْوَصِيّ وحَدثني أَبُو الْحُسَيْن النَّحْوِيّ قَالَ كَانَ الصاحب منحرفا عَن أبي الْحُسَيْن ابْن فَارس لإنتسابه إِلَى خدمَة ابْن العميد وتعصبه لَهُ فأنفذ إِلَيْهِ من هَمدَان كتاب الْحجر من تأليفه فَقَالَ الصاحب رد الْحجر من حَيْثُ جَاءَك ثمَّ لم تطب نَفسه بِتَرْكِهِ فَنظر فِيهِ وَأمر لَهُ بصلَة وَسمعت أَبَا الْقَاسِم الْكَرْخِي يَقُول دخل أَبُو سعيد الرستمي يَوْمًا دَار الصاحب فَنظر إِلَى الْخلْع والأحبية السُّلْطَانِيَّة المحمولة برسم الصاحب وَالنَّاس يُقِيمُونَ رسم النثار لَهَا فارتجل قصدية أَولهَا (ميلوا إِلَى هَذِه النعمى نحييها ... وَدَار ليلى فخلوها لأهليها) // الْبَسِيط // وَسمعت أَبَا جَعْفَر الطَّبَرِيّ الطَّبِيب الْمَعْرُوف بالبلاذري يَقُول إِن للصاحب رِسَالَة فِي الطِّبّ لَو علمهَا ابْن قُرَّة وَابْن زَكَرِيَّاء لما زادا عَلَيْهَا فَسَأَلَهُ أَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 يعيرنيها إِن كَانَت عِنْده فَذكر أَنَّهَا فِي جملَة مَا غَابَ عَنهُ فِي كتبه فاستغربت واستبعدت مَا حَكَاهُ من تطبب الصاحب ونسبته فِي نَفسِي إِلَى التزيد والتكثر إِلَى أَن ظَفرت فِي نُسْخَة الرسائل الْمُؤَلّفَة المبوبة للصاحب برالة قدرتها تِلْكَ الَّتِي ذكرهَا أَبُو جَعْفَر ووجدتها تجمع إِلَى ملاحة البلاغة ورشاقة الْعبارَة حسن التَّصَرُّف فِي لطائف الطِّبّ وخصائصه وتدل على التبحر فِي علمه وَقُوَّة الْمعرفَة بدقائقه وَهَذِه نسختها وَأكْثر ظَنِّي أَنه قد كتبهَا إِلَيّ أَبُو الْعَبَّاس الضَّبِّيّ قد عرفت مَا شَرحه مولَايَ من أمره وأنبأ عَنهُ من أَحْوَال جِسْمه فدلتي جملَته على بقايا فِي الْبدن يحْتَاج مَعهَا إِلَى الصَّبْر على التنقية والرفق بالتصفية فَأَما الَّذِي يشكوه من ضعف معدته وَقلة شَهْوَته فلأمرين أَحدهمَا أَن الْجِسْم كَمَا قلت آنِفا لم ينق فتنفتق الشَّهْوَة الصادقة وَترجع الْعَادة السَّابِقَة وَالْآخر أَن الْمعدة إِذا دَامَت عَلَيْهَا المطفئنات ولزت بهَا المبردات قلت الشَّهْوَة وَضعف الهضم وَمَعَ ذَلِك فَلَا بُد مِمَّا يطفي ويغذي ثمَّ يُمكن من بعد أَن يتدارك ضعف الْمدَّة بِمَا يقوى مِنْهَا ويزيل الْعَارِض المكتسب عَنْهَا كَمَا يَقُول الْفَاضِل جالينوس قدم علاج الأهم ثمَّ عد وَأصْلح مَا أفسدت والأقراص فِي آخر الحميات خير مَا نقيت بِهِ الْمعدة وأصلحت بِهِ الْعُرُوق وَقَوي بِهِ الطحال ليتَمَكَّن من جذب العكر لَا سِيمَا وَالَّذِي وجده مولَايَ لَيْسَ الذَّنب فِيهِ للحميات الَّتِي وجدهَا والبلدة الَّتِي وردهَا فَلَو صَادف الْهَوَاء الْمُتَغَيّر جسدا نقيا من الفضول لما أثر هَذَا التَّأْثِير وَلَا طول هَذَا التَّطْوِيل وَإِنَّمَا اغْترَّ مولَايَ بأيام السَّلامَة فَكَانَ ينبسط فِي أَنْوَاع الطَّعَام ويسرف فِي تنَاول الشَّرَاب فَامْتَلَأَ الْجِسْم من تقكل الكيموسات الرَّديئَة وَورد بَلَدا شَدِيد التَّحْلِيل مُضْطَرب الأهوية فَوجدت النَّفس عونا على حل مَا انْعَقَد وَنقض مَا اجْتمع وسيتفضل الله بالسلامة فتطول صحبتهَا وتتصل مدَّتهَا لِأَن الْجَسَد يخلص خلاص الإبريز إِذا زَالَ عَنهُ الْخبث وسبك ففارقه الدَّرن وَأما الرعشة الَّتِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 يتألم مولَايَ مِنْهَا ويضيق صَدرا بهَا فَلَيْسَتْ وَالْحَمْد لله مَحْذُورَة الْعَاقِبَة وَإِنَّهَا لتزول بإقبال الْعَافِيَة فالرعشة الَّتِي تتخوف هِيَ الَّتِي تعرض من ضعف الْقُوَّة الحيوانية كَمَا تعرض للمشايخ وتؤذي لمشاركتها الدِّمَاغ كثير من الْعِظَام فَأَما هَذِه الَّتِي تعتاد عقيب الْحمى فَهِيَ على مَا قَالَ جالينوس من أَن حدوثها يكون إِذا شاركت الْعُرُوق الَّتِي تحدث فِيهَا عِلّة العصب وتزول عَنهُ بِزَوَال الْفضل وَعجب مولَايَ من تكرههُ شم الْفَوَاكِه وَلَا غرو إِذا عرف السَّبَب فَإِن العفونة الَّتِي فِي الْعُرُوق قد طبقت روائحها آلَات الشم فَمَا يصل إِلَيْهَا من الروائح الزكية يرد على النَّفس مغمورا بِتِلْكَ الروائح الخبيثة فتكرهها وَلَا تقبلهَا وتأباها وَلَا تؤثرها أَلا يرى مولَايَ أَن الْأَشْيَاء الحلوة تُوجد فِي فَم ذِي الصَّفْرَاء بطعم الْأَشْيَاء الْمرة لإمتلاء المرارة المضادة للحلاوة على آلَات الذَّوْق والمضغ والإدارة وَهَذَا رَاجع إِلَى مثل مَا حكمنَا بِهِ أَولا من أَن هُنَاكَ فضلا لَا يُمكن الهجوم على تَحْلِيله لما يخْشَى من سُقُوط الْقُوَّة وَإِن كَانَ مِمَّا لم يخرج لم يوثق بوفور الصِّحَّة وَأَنا أَحْمد الله إِذْ لَيست شَهْوَة سَيِّدي متزايدة فالشهوة الْغَالِبَة مَعَ الأخلاط الْفَاسِدَة تغري صَاحبهَا الْأكل الزَّائِد وَتعرض للمزاج الْفَاسِد إِلَّا أَن التغذي لَا يجوز إهماله دفْعَة والتبرم بِهِ ضَرْبَة فَإِن الْبدن إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَجب للعليل أَن يتَنَاوَلهُ تنَاول الدَّوَاء الَّذِي يصبر عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَن فِي دقة الحمية وَترك الرُّجُوع أول فَأول إِلَى عَادَة الصِّحَّة إماتة للشهوة وخيانة للقوة وجالينوس يشرط فِي العلاجات أجمع استحفاظ القوى لِأَن الَّذِي يَفْعَله الضعْف لَا يتداركه أَمر إِلَّا أَن ذَلِك بِإِزَاءِ مَا قَالَ الْحَكِيم الأول بقراط فِي الْبدن السقيم إِنَّكُم مَتى مَا زِدْته غذَاء زِدْته شرا وَهُوَ فِي نَفسه يَقُول إِن الحمية الَّتِي فِي غَايَة الدقة لَيست بمحمودة فالطرفان من الْإِسْرَاف والإجحاف مذمومان والواسطة أسلم أغْنى الله مولَايَ عَن الطِّبّ والأطباء بالسلامة والشفاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 وَسمعت عونا الْهَمدَانِي يَقُول أَتَى الصاحب بِغُلَام مثاقف فلعب بَين يَدَيْهِ فاسحسن صورته وأعجب بمثاقفته فَقَالَ لأَصْحَابه قُولُوا فِي وَصفه فَلم يصنعوا شَيْئا فَقَالَ الصاحب (مثاقف فِي غَايَة الحذق ... فاق حسان الغرب والشرق) (شبهته وَالسيف فِي كَفه ... بالبدر إِذْ يلْعَب بالبرق) // السَّرِيع // وأنشدني أَبُو سعيد بن دوست الْفَقِيه قَالَ أَنْشدني أَبُو عَليّ الْعِرَاقِيّ العوامي الرَّازِيّ قَالَ أَنْشدني الصاحب لنَفسِهِ (كم نعْمَة عنْدك موفورة ... لله فاشكر يَا ابْن عباد) (قُم فالتمس زادك وَهُوَ التقى ... لن تسلك الطّرق بِلَا زَاد) // السَّرِيع // جرى الشُّعَرَاء بِحَضْرَة الصاحب فِي ميدان اقتراحه الديارات أَقْرَأَنِي أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ كتابا لأبي مُحَمَّد الخازن ورد عَلَيْهِ فِي ذكر الدَّار الَّتِي بناها الصاحب بإصبهان وانتقل إِلَيْهَا واقترح على أَصْحَابه وصفهَا وَهَذِه نسخته بعد الصَّدْر نعم الله عِنْد مَوْلَانَا الصاحب أدام الله تأييده مترادفة وأياديه لَدَيْهِ متضاعفة وَأرى أَوْلِيَاء النعم كبت الله أعداءهم تتظاهر كل يَوْم حسنا فِي إعظامه وبصائرهم تترامى قُوَّة فِي إكرامه والوفود على بَابه الْمَعْمُور كَرجل الْجَرَاد وانتقل إِلَى الْبناء الْمَعْمُور بالفأل المسعود فَرَأَيْنَا يَوْمًا مشهودا وعيدا يجنب عيدا وَاجْتمعَ المادحون وَقَالَ الْقَائِلُونَ وَلَو حضرتني القصائد لأنفذتها إِلَى أَنِّي علقت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 من كل وَاحِدَة مَا علق بحفظي وَالشَّيْخ مولَايَ يعرف ملك النسْيَان لرقي فقصيدة الْأُسْتَاذ أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ أَولهَا (دَار الوزارة مَمْدُود سرادقها ... وَلَا حق بذرى الجوزاء لاحقها) (وَالْأَرْض قد واصلت غيظ السَّمَاء بهَا ... فقطرها أدمع تجْرِي سوابقها) (بودها أَنَّهَا من أَرض عرصتها ... وَأَن أنجمها فِيهَا طوابقها) (فَمن مجَالِس يخلفن الطواوس قد ... أبرزن فِي حلل شاقت شقائقها) (وَمن كنائس يحكين العرائس قد ... ألبسن مجسدة راقت طرائقها) (تفرعت شرفات فِي مناكبها ... يرْتَد عَنْهَا كليل الْعين رامقها) (مثل العذارى وَقد شدت مناطقها ... وتوجت بأكاليل مفارقها) (كل امْرِئ سوغته الْحجب رؤيتها ... وأشرقت فِي محياه مشارقها) (مخلف قلبه فِيهَا وناظره ... إِذا تجلت لعينيه حقائقها) (والدهر حاجبها يحمي مواردها ... عَن الخطوب إِذا صالت طوارقها) (موارد كلما هم العفاة بهَا ... عَادَتْ مفاتح للنعمى مغالقها) (دَار الْأَمِير الَّتِي هذي وزارتها ... أَهْدَت لَهَا وشحا راقت نمارقها) (هذي الْمَعَالِي الَّتِي اغتص الزَّمَان بهَا ... وافتك منسوقة وَالله ناسقها) (إِن الْغَنَائِم قد آلت معاهدة ... لَا زايلتها وَلَا زَالَت تعانقها) (لأرضها كلما جَادَتْ مواهبها ... وَفِي ديار معاديها صواعقها) // الْبَسِيط // وَمن قصيدة الشَّيْخ أبي الْحسن صَاحب الْبَرِيد وَهُوَ ابْن عمَّة الصاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 (دَار على الْعِزّ والتأييد مبناها ... وللمكارم والعلياء مغناها) (دَار تباهى بهَا الدُّنْيَا وساكنها ... طرا وَكم كَانَت الدُّنْيَا تمناها) (فاليمن أصبح مَقْرُونا بيمناها ... واليسر أصبح مَقْرُونا بيسراها) (من فَوْقهَا شرفات طَال أدناها ... يَد الثريا فَقل لي كَيفَ أقصاها) (كَأَنَّهَا غلمة مصطفة لبست ... بيض الغلائل أَمْثَالًا وأشباها) (انْظُر إِلَى الْقبَّة الخضراء مذهبَة ... كَأَنَّمَا الشَّمْس أعطتها محياها) (تِلْكَ الْكَنَائِس قد أصبحن رائقة ... مثل الأوانس تلقانا وتلقاها) (فالربع بالمجد لَا بالصحن متسع ... والبهو لَا بالحلى بل بالعلا باهى) (لما بنى النَّاس فِي دنياك دُورهمْ ... بنيت فِي دَارك الغراء دنياها) (فَلَو رضيت مَكَان الْبسط أَعيننَا ... لم تبْق عين لنا إِلَّا فرشناها) (وَهَذِه وزراء الْملك قاطبة ... بيادق لم تزل مَا بَيْننَا شاها) (فَأَنت أرفعها مجدا وأسعدها ... جدا وأجودها كفا وأكفاها) (وَأَنت آدبها بل أَنْت أَكتبهَا ... وَأَنت سَيِّدهَا بل أَنْت مَوْلَاهَا) (كسوتني من لِبَاس الْعِزّ أشرفه ... المَال والعز وَالسُّلْطَان والجاها) (وَلست أقرب إِلَّا بِالْوَلَاءِ وَإِن ... كَانَت لنَفْسي من علياك قرباها) // الْبَسِيط // وَمن قصيدة مولَايَ أبي الطّيب الْكَاتِب (وَدَار ترى الدُّنْيَا عَلَيْهَا مدارها ... تحوز السَّمَاء أرْضهَا وديارها) (بناها ابْن عباد ليعرض همة ... على همم إسرافهن اقتصارها) (يرد على الدُّنْيَا بهَا كل غدرة ... إِذا مَا تبارت دَاره وديارها) (وَإِن قيل بهتا قد حكت تِلْكَ هَذِه ... فقد يتَوَارَى لَيْلهَا ونهارها) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 (فَإِن لم يكن فِي صحن دَارك بعض مَا ... أصدر فالدنيا يَصح اعتذارها) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي سعيد الرستمي (نصبن لحبات الْقُلُوب حبائلا ... عَشِيَّة حل الحاجبات حبائلا) (نشدن عقولا يَوْم برقة منشد ... ضللن فطالبنا بِهن العقائلا) (عقائل من أَحيَاء بكر وَوَائِل ... يحببن للعشاق بكرا ووائلا) (عُيُون ثكلن الْحسن مُنْذُ فقدنها ... وَمن ذَا رأى قبلي عيُونا ثواكلا) (جعلت ضنى جسمي لَدَيْهَا ذرائعا ... وَسَائِل دمعي عِنْدهن وسائلا) (وَركب سروا حَتَّى حسبت بِأَنَّهُم ... لسرعتهم عدوا إِلَيْك المراحلا) (إِذا نزلُوا أَرضًا رأوني نازلا ... وَإِن رحلوا عَنْهَا رأوني راحلا) (وَإِن أخذُوا فِي جَانب ملت آخِذا ... وَإِن عدلوا عَن جَانب ملت عادلا) (وَإِن وردوا مَاء وَردت وَإِن طَوَوْا ... طويت وَإِن قَالُوا تحولت قَائِلا) (وَإِن نصبوا للْحرّ حر وُجُوههم ... تمثلت حرباء على الجذل مائلا) (وإ، عرفُوا أَعْلَام أَرض عرفتها ... وَإِن أَنْكَرُوا أنْكرت مِنْهَا المجاهلا) (وَإِن عزموا سيرا شددت رحالهم ... وَإِن عزموا حلا حللت الرحائلا) (وَإِن وردوا مَاء حملت سقاءهم ... أَو انتجعوا غيثا حدوت الزواملا) (أَو استنفدت خوص الركائب منهلا ... أعدت لَهُم من فيض دمعي مناهلا) (يظنون أَنِّي سَائل فضل زادهم ... وَلَوْلَا الْهوى مَا ظنني الركب سَائِلًا) (وَأَقْسَمت بِالْبَيْتِ الْجَدِيد بِنَاؤُه ... يحيى وَمن يحفي إِلَيْهِ المراقلا) (هِيَ الدَّار أَبنَاء الندى من حجيجها ... نَوَازِل فِي ساحاتها وقوافلا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 (يزرنك بالآمال مثنى وموحدا ... ويصدرن بالأموال دثرا وجاملا) (قَوَاعِد إِسْمَعِيل يرفع سمكها ... لنا كَيفَ لَا نعتدهن معاقلا) (فكم أنفس تأوي إِلَيْهَا مغذة ... وأفئدة تهوي إِلَيْهَا حوافلا) (وسامية الْأَعْلَام تلحظ دونهَا ... سنا النَّجْم فِي آفاقها متضائلا) (نسخت بهَا إيوَان كسْرَى بن هُرْمُز ... فَأصْبح فِي أَرض الْمَدَائِن عاطلا) (فَلَو أَبْصرت دَار الْعِمَاد عمادها ... لأمست أعاليها حَيَاء أسافلا) (وَلَو لحظت جنَّات تدمر حسنها ... درت كَيفَ تبنى بعدهن المجادلا) (يناطح قرن الشَّمْس من شرفاتها ... صُفُوف ظباء فوقهن مواثلا) (وعول بأطراف الْجبَال تقابلت ... ومدت قرونا للنطاح موائلا) (كأشكال طير المَاء مدت جناحها ... وأشخصن أعناقا لَهَا وحواصلا) (وَردت شُعَاع الشَّمْس فَارْتَد رَاجعا ... وسدت هبوب الرّيح فَارْتَد ناكلا) (إِذا مَا ابْن عباد مَشى فَوق أرْضهَا ... مَشى الزهو فِي أكنافها متمايلا) (كنائس ناطت بالنجوم كواهلا ... وعادت فَأَلْقَت بالنجوم كلاكلا) (وفيحاء لَو مرت صبا الرّيح بَينهَا ... لضلت فظلت تستنير الدلائلا) (مَتى تَرَهَا خلت السَّمَاء سرادقا ... عَلَيْهَا وأعلام النُّجُوم تماثلا) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي وصف المَاء الْجَارِي وَهُوَ أحسن مَا سَمِعت فِيهِ على كثرته (هَوَاء كأيام الْهوى فرط رقة ... وَقد فقد العشاق فِيهَا العواذلا) (وَمَاء على الرضراض يجْرِي كَأَنَّهُ ... صَفَائِح تبر قد سبكن جداولا) (كَأَن بهَا من شدَّة الجري جنَّة ... فقد ألبستهن الرِّيَاح سلاسلا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 (وَلَو أَصبَحت دَارا لَك الأَرْض كلهَا ... لضاقت بِمن ينتاب دَارك آملا) (وَلَو كنت تبنيها على قدر همة ... سَمِعت بك واستسرت إِلَيْك إِلَيْك المراسلا) (عقدت على الدُّنْيَا جدارا فحزتها ... جَمِيعًا وَلم تتْرك لغيرك طائلا) (وأغنى الورى عَن منزل من بنت لَهُ ... معاليه فَوق الشعريين منازلا) (وَلَا غرو أَن يستحدث اللَّيْث بالسرى ... عرينا وَأَن يستطرف الْبَحْر ساحلا) (وَلم يعْتَمد دَارا سوى حومة الوغى ... وَلَا خدما إِلَّا القنا والقنابلا) (وَلَا حاجبا إِلَّا حساما مهندا ... وَلَا عَاملا إِلَّا سِنَانًا وعاملا) (وَوَاللَّه مَا أرْضى لَك الدَّهْر خَادِمًا ... وَلَا الْبَدْر منتابا وَلَا الْبَحْر نائلا) (وَلَا الْفلك الدوار دَارا وَلَا الورى ... عبيدا وَلَا زهر النُّجُوم قبائلا) (أخذت بضبع الأَرْض حَتَّى رفعتها ... إِلَى غَايَة أَمْسَى بهَا النَّجْم جَاهِلا) (فَإِن الَّذِي يبنيه مثلك خَالِد ... وَسَائِر مَا يبْنى الْأَنَام إِلَى بلَى) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي الْحسن الْجِرْجَانِيّ (لِيهن ويسعد من بِهِ سعد الْفضل ... بدار هِيَ الدُّنْيَا وسائرها فضل) (تولى لَهُ تقديرها رحب صَدره ... على قدره والشكل يُعجبهُ الشكل) (بنية مجد تشهد الأَرْض أَنَّهَا ... ستطوى وَمَا حَاذَى السَّمَاء لَهَا مثل) (تكلّف أحداق الْعُيُون تخاوصا ... إِلَيْهِ كَأَن النَّاس كلهم قبل) (منار لأبصار الروَاة وربها ... منار لآمال العفاة إِذا ضلوا) (سَحَاب علا فَوق السَّحَاب مصاعدا ... وَأَحْرَى بِأَن يَعْلُو وَأَنت لَهُ وبل) (وَقد أسبل الخيري كمي مفاخر ... بِصَحْنِ بِهِ للْملك يجْتَمع الشمل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 (كَمَا طلع النسْر الْمُنِير مصفقا ... جناحيه لَوْلَا أَن مطلعه عقل) (بنيت على هام العداة بنية ... تمكن مِنْهَا فِي قُلُوبهم الغل) (وَلَو كنت ترْضى هامهم شرفا لَهَا ... أتوك بهَا جهد الْمقل وَلم يألوا) (وَلَكِن أَرَاهَا لَو هَمَمْت برفعها ... أَبى الله أَن تغلو عَلَيْك فَلم تعلو) (تحج لَهَا الآمال من كل وجهة ... وينحر فِي حافاتها الْبُخْل وَالْمحل) (وَمَا ضرها أَلا تقَابل دجلة ... وَفِي حافتيها يلتقي الْفَيْض والهطل) (تجلى لأطراف الْعرَاق سعودها ... فَعَاد إِلَيْهَا الْملك والأمن وَالْعدْل) (كَذَا السعد قد ألْقى عَلَيْهَا شعاعه ... فَلَيْسَ لنحس فِي مطارحها فعل) (وَقَالُوا تعدى خلقه فِي بنائها ... وَكَانَ وَمَا غير النوال بِهِ شغل) (فَقلت إِذا لم يلهه ذَاك عَن ندى ... فَمَاذَا على العلياء إِن كَانَ لَا يَخْلُو) (إِذا النصل لم يذمم نجارا وشيمة ... تأنق فِي غمد يصان بِهِ النصل) (تمل على رغم الحواسد والعدى ... علاك وعش للجود مَا قبح الْبُخْل) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي (سرك الله بِالْبِنَاءِ الْجَدِيد ... تِلْكَ حَال الشكُور لَا المستزيد) (هَذِه الدَّار جنَّة الْخلد فِي الدُّنْيَا ... فصلها وَأُخْتهَا بالخلود) (أمة زينت لسَيِّدهَا الْمَالِك ... لَا زِينَة الفتاة الرود) (حليها حسنها فقد غنيت عَن ... كل مستطرف بِلبْس التليد) (إرم الْمُسلمين لَا ذكر شَدَّاد ... بن عَاد فِيهَا وَلَا اسْم شَدِيد) (مَا تشككت أَن رضوَان قد خَان ... وَإِلَّا لم مثلهَا فِي الصَّعِيد) (كل مستخدم فدَاء وَزِير ... خدمته الرِّجَال بعد الْأسود) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 (ألزم الْإِنْس كل جَاف شَدِيد ... عمل الْجِنّ كل جَاف مُرِيد) (فابتنوا مَا لَو أَن هامان يدنو ... مِنْهُ لم يرض صرحه للصعود) (قد تولى الإقبال خدمته فِيهِ ... على رسمه كبعض الْجنُود) (ودرى أَنه يزِيد معينا ... مثله فاستعان بالتسميد) (قَالَ للجص كن رصاصا وللآجر ... لما علاهُ كن من حَدِيد) (فتناهى الْبُنيان وارتفع الإيوان حَتَّى أناف بِالتَّشْدِيدِ ... ) (وتبدت من فَوْقه شرفات ... كنساء أشرفن فِي يَوْم عيد) (قسما لَا مدحت بعد ابْن عباد ... منيل الشَّبَاب وَالتَّخْلِيد) (لَا لقِيت الزَّمَان إِلَّا بِوَجْه ... مَاؤُهُ لَا يجوز فِي جلمود) (وَيَد مَا حسرت ردني عَنْهَا ... فَهِيَ سيف يصان عَن تَجْرِيد) (أجمع النَّاس أَنه أفضل النَّاس ... اضطرارا أغْنى عَن التَّقْلِيد) (فَلهَذَا أعد قربي مِنْهُ ... نعْمَة لَيْسَ فَوْقهَا من مزِيد) (لَا ذكرت الْعرَاق مَا عِشْت إِلَّا ... أَن أرَاهُ يؤمه فِي الْجنُود) // الْخَفِيف // وَمن قصيدة أبي الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء (دَار تمكنت المناهج فِيهَا ... نطقت سعود الْعَالمين بفيها) // الْكَامِل // وَمن قصيدة أبي الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء // من الْكَامِل // (دَار تمكنت امناهج فِيهَا ... نطقت سفود العلمين بفيها) وَمن قصيدة أبي مُحَمَّد بن المنجم (هجرت وَلم أنو الصدود وَلَا الهجرا ... وَلَا أضمرت نَفسِي الصروف والغدرا) (وَكَيف وَفِي الأحشاء نَار صبَابَة ... تشبب لي فِي كل جارحة جمرا) (تَقول لي الأفكار لما دعوتها ... لتنظم فِي معمور بُنْيَانه شعرًا) (بنى مسكنا باني المفاخر أم فخرا ... وجنتنا الأولى بَدَت أم هِيَ الْأُخْرَى) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 (أم الدَّار قد أجْرى الْوَزير سعودها ... فَلم تجر دَار فِي الثرى ذَلِك المجرى) (وتبدو صحون كالظنون فسيحة ... تقدرها حلما فتنعتها حزرا) (وَفِي الْقبَّة العلياء زهر كواكب ... من الضَّرْب الْمَضْرُوب وَالذَّهَب المجرى) (إِذا مَا سما الطّرف المحلق نَحْوهَا ... رَآهَا سَمَاء صحف أنجمها تقرا) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي عِيسَى بن المنجم (هِيَ الْجَار قد عَم الأقاليم نورها ... وَلَو قدرت بَغْدَاد كَانَت تزورها) (وَلَو خبرت دَار الْخلَافَة بادرت ... إِلَيْهَا وفيهَا تاجها وسريرها) (وَلَو قد تبقت سر من را بِحَالِهَا ... لسار إِلَيْهَا دورها وقصورها) (لتسعد فِيهَا يَوْم حَان حُضُورهَا ... وَتشهد دنيا لَا يخَاف غرورها) (فَمَا حلمت عين الزَّمَان بِمِثْلِهَا ... وحاشا لَهَا من أَن يحس نظيرها) (يَقُول الأولى قد فوجئوا بِدُخُولِهَا ... وحيرهم تحبيرها وحبيرها) (أَفِي كل قطر غادة وحليها ... وَفِي كل بَيت رَوْضَة وغديرها) (وأبوابها أثوابها من نفوسها ... فَلَا ظلم إِلَّا حِين ترخي ستورها) (معظمة إِلَّا إِذا قيس سمكها ... بهمة بانيها فَتلك نظيرها) (هِيَ الهمة الطُّولى أجالت بفكرها ... مباني تكسوها الْعلَا ويعيرها) (فجَاء بدار دَار بالسعد نجمها ... وجنبت الْمَحْذُور لَيْسَ يطورها) (وَقَالَ لَهَا الله الوفي ضَمَانه ... سأحميك مَا ضم اللَّيَالِي كرورها) (أهنيك بالعمران والعمر دَائِم ... لبانيك مَا أفنى الدهور مرورها) (وَقد أسجل الإقبال عُهْدَة ملكهَا ... وخطب بأقلام السُّعُود سطورها) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 (ودارت لَهَا الأفلاك كَيفَ أدرتها ... ودانت إِلَى أَن قيل أَنْت مديرها) (وهاك ابْنة الْفِكر الَّتِي قد خطبتها ... وَقدم من قبل الزفاف مهورها) (فَإِن كَانَ للدَّار الَّتِي قد بنيتها ... نَظِير فَفِي عرض القريض نظيرها) (وَإِلَّا جررت الذيل فِي ساحة الْعلَا ... وَقلت القوافي قد أُعِيد جريرها) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي الْقَاسِم عبيد الله بن مُحَمَّد بن الْمُعَلَّى أَبوهُ يكْتب لأبي دلف سهلان بن مُسَافر وَقد ورد الْبَاب مُنْذُ أشهر وَهُوَ مِمَّن يفهم ويدري وَله بديهة وَمَعْرِفَة حَسَنَة (بِي من هَواهَا وَإِن أظهرت لي جلدا ... وجد يذيب وشوق يصدع الكبدا) (رمت بأسهم هجر لَا تقوم لَهَا ... خيل العزاء وَإِن ألبستها زردا) (من مبلغ عني الماهات مألكة ... تحيي الصّديق وتردي كل من حسدا) (أَنِّي ترحلت عَن قومِي بهَا قنصا ... فَإِن رجعت إِلَيْهِم أبصروا أسدا) (قل للوزير أبن عباد بنيت علا ... أم منزلا أم كلا هذَيْن أم بَلَدا) (فَمن رأى دَار مَوْلَانَا وَزينتهَا ... رأى بهَا كوكبا فِي أفقه فَردا) // الْبَسِيط // رأى الرّبيع رأى الرَّوْض المريع رأى الطود المنيع رأى ثهلان قد ركد وَمن قصيدة أبي الْعَلَاء الْأَسدي (أسعد بدارك إِنَّهَا الْخلد ... والعيش فِيهَا ناعم رغد) (دَار وَلَكِن أرْضهَا شرف ... ربع وَلَكِن سقفه مجد) (قد أثمرته همة صعد ... هِيَ قبل وَالدُّنْيَا لَهَا بعد) (هِيَ للعفاة وللندى قبل ... صلى إِلَيْهَا الشُّكْر وَالْحَمْد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 (إيوَان كسْرَى فِي مدائنه ... مُنْذُ ابتنيت دُمُوعه سرد) (ولمارد هم يعانقه ... وكذاك يشجي الأبلق الْفَرد) (والجعفرية لأقوام لَهَا ... وَصفا البديع وولول القرد) (أَحييت عبادا وأسرته ... فضلا وَلم يشقق لَهُم لحد) (والحي من حييت مناقبه ... بِابْن يؤرخ باسمه الْمجد) (هذي العقيلة من بني أَسد ... تجلى وتحذر صولها الْأسد) (بكر فَلم يعرض لَهَا بشر ... قبلي وَلم يقْدَح لَهَا زند) (زفت إِلَيْك وحليها أدب ... وزكت لديك ومهرها نقد) // الْكَامِل // وَمن قصيدة أبي الْحسن الغويري (دَار غَدَتْ للفضل دَاره ... أفلاك أسعده مَدَاره) (مِنْهَا المحامد مستقاة ... والمحاسن مستعاره) (شرفاتها هيف الخصور ... لَهَا تحاسين وشاره) (فَلِكُل طرف نَحْوهَا ... وَلكُل جارحة إشاره) (وعَلى جَمِيع الدرو فِي ... الدُّنْيَا تقلدت الإماره) (فترابها مسك سحيق ... شقّ برد اللَّيْل فاره) (لَا تهتدي لنعوت أدناها ... الفحول بَنو عماره) // مجزوء الْكَامِل // وَمن قصيدة لبَعض الشبَّان من أهل الْبَلَد (هِيَ دنيا بنيتها أم دَار ... فَجَمِيع الأفلاك فِيهَا تدار) // الْخَفِيف // ولبعض الشُّعَرَاء من الغرباء من قصيدة أَولهَا (رَأينَا طلعة الدَّار ... شموسا مَعَ أقمار) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 (ولي مَسْأَلَة بعد ... فعاجلني بأخبار) (بنيت الدَّار فِي دنياك ... أم دنياك فِي الدَّار) // الهزج // أَخذ هَذَا الْمَعْنى من حَيْثُ أَخذه أَبُو الْحسن بن أبي الْحسن البريدي (لما بنى النَّاس فِي دنياك دُورهمْ ... ) // الْبَسِيط // وهما أخذاه من قَول أبي العيناء حِين قَالَ لَهُ المتَوَكل كَيفَ ترى دَارنَا هَذِه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عهدي بِالنَّاسِ يبنون الدّور فِي هَذِه الدُّنْيَا وَأَنت بنيت الدُّنْيَا فِي دَارك هَذِه ولبعضهم قصيدة أَولهَا (إِن الْوَزير قد بنى دَارا ... والسعد فِي أكنافها دَارا) // السَّرِيع // وَمن قصيدة أُخْرَى (هنئت جنتك الَّتِي تبنيها ... وَبقيت غضا ناضرا تبليها) // الْكَامِل // وَمن قصيدة هزلية لإبن عَطِيَّة الشَّاعِر (الْملك ملك والأمير أَمِير ... وَالدَّار دَار والوزير وَزِير) وَمِنْهَا وَقد جد (تزهى الْمُلُوك بدورها ولأنت من ... تزهى بِهِ الدُّنْيَا فَكيف الدّور) (لَا يعْدم الْأُمَرَاء مِنْك سياسة ... لَوْلَا سعادتها وَهِي التَّدْبِير) // الْكَامِل // وَكَانَ فِي جملَة الطارئين شيخ أنطاكي فِي زِيّ الْكتاب حسن الْبَيَان ظريف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 اللهجة قد أنافت سنوه على الثَّمَانِينَ وخنقت التسعني فَقَالَ قصيدة أَولهَا (مَا أنصف الدَّار وَاقِف فِيهَا ... يثني على غَيرهَا ويطريها) (فقف بهَا ناشرا محاسنا ... وانح بِهِ مَا حوت نَوَاحِيهَا) (ووفها النَّعْت غير مُخْتَصر ... فَلَيْسَ نزر الثَّنَاء يكفيها) (يكَاد يجْرِي السفين سافلها ... يكَاد يَعْلُو النُّجُوم عاليها) (لم يبْق فِي النَّاس من إِذا ذكرت ... بوحدة الْكَوْن لم يقل إيها) (فعج بهَا الصحب واقض واجبها ... وقف بهَا وَقْفَة المهنيها) (إِن أغد ذَا نعْمَة فواهبها ... أَنْت فَذَاك الورى ومنشيها) (وَمَا ترَاهُ عَليّ من حلل ... فَأَنت كاس بهَا ومعطيها) (وكل مَا ضم منزلي ويدي ... من نعْمَة لي فَأَنت موليها) (لَا نسي الله حسن فعلك بل ... أسأله فِي الْحَيَاة ينسيها) // المنسرح // قَالَ مؤلف الْكتاب وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ لنَفسِهِ قصيدة فِي دَار الصاحب عرض بهَا قصيدة الرستمي فِي الْوَزْن والقافية إِذْ هِيَ أَجود القصائد فَمِنْهَا (أكل بِنَاء أَنْت بانيه معجز ... بنيت الْمَعَالِي أم بنيت المنازلا) (فَلَا الْإِنْس تبني مِثْلهنَّ معالما ... وَلَا الْجِنّ تبني مِثْلهنَّ معاقلا) (كنائس أضحت للغمام عمائما ... علوا وأمست فِي الظلام قنادلا) (رحاب كَأَن قد شاكلت صدر رَبهَا ... وبيض كَأَن قد نازعته الشمائلا) (وبهو تباهي الأَرْض مِنْهُ سماءها ... بأوسع مِنْهَا آخرا وأوائلا) (وصحن يسير الطّرف فِيهِ وَلم يكن ... ليقطعه بالسير إِلَّا مراحلا) (تلوح نقوش الجص فِي جدرانه ... كَمَا زين الوشم الدَّقِيق الأناملا) (وَمَاء إِذا أَبْصرت مِنْهُ صفاءه ... حسبت نُجُوم اللَّيْل ذَابَتْ سوائلا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 (رَأَيْت سيوفا قد سللن على الثرى ... وَصَارَت لَهَا أَيدي الرِّيَاح صياقلا) (وَروض كعيش السائليك نضارة ... ووجهك بشرا حِين تلحظ آملا) (أصائله للنور أضحت هواجرا ... هواجره للطيب أضحت أصائلا) (هِيَ الدَّار أمست مطرح الْعلم فاغتدى ... لَهَا ناهل الآمال رَيَّان ناهلا) (إِذا مَا انتحاها اركب لم يتطلبوا ... إِلَيْهَا دَلِيلا غير من كَانَ قَافِلًا) (وَأَنت امْرُؤ أَعْطَيْت مَا لَو سَأَلته ... إلهك قَالَ النَّاس أسرفت سَائِلًا) (وَإِنِّي وإلزاميك بالشعر بَعْدَمَا ... تعلمته مِنْك الندى والفواضلا) (كملزم رب الدَّار أُجْرَة دَاره ... وَمثلك أعْطى من طَرِيقين نائلا) // الطَّوِيل // وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ فِيهَا (بنيت الدَّار عالية ... كَمثل بنائك الشرفا) (فَلَا زَالَت رُءُوس عداك ... فِي حيطانها شرفا) // مجزوء الوافر // ذكر البرذونيات لما نفق برذون أبي عِيسَى بن المنجم بأصبهان وَكَانَ أصدا قد حمله الصاحب عَلَيْهِ وطالت عَلَيْهِ وطالت صحبته لَهُ أوعز الصاحب إِلَى الندماء المقيمين فِي جملَته أَن يَغْزُو أَبَا عِيسَى ويرثوا أصداه فَقَالَ كل مِنْهُم قصيدة فريدة فَمن قصيدة أبي الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي (كن مدى الدَّهْر فِي حمى النعماء ... مستهينا بحادث الأرزاء) (ينثني الْخطب حِين يلقاك عَن طود ... شَدِيد الثَّبَات للنكباء) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 (بك يَا أَحْمد بن مُوسَى التسلي ... والتعزي عَن سَائِر الْأَشْيَاء) (ومعزيك لَا يزيدك خَبرا ... بِالَّذِي قد عَرفته بالعزاء) (قد سخا طرفك المفارق ... بِالنَّفسِ وطرفي من بعده بِالْمَاءِ) (يَا لَهُ جَمْرَة ونجما وشؤبوبا ... وبرقا وطائرا فِي الرواء) (رَاكب اللَّيْل خائض السَّيْل عين الْخَيل عانته أعين الْأَعْدَاء ... ) (فقد الْوَحْش مِنْهُ أول قطاع ... إِلَيْهَا المدى أَمَام الضراء) (واستراحت من نقعه مقلة الشَّمْس ... وَمن لطمه خدود الفضاء) (مَا بدا والصباح قد لَاحَ إِلَّا ... جَاءَنَا من قتامه بالمساء) (وَترى الطود حِين يمثل مجموعا ... على ضمر القنا فِي الْهَوَاء) (كم ركبت الْبراق مِنْهُ أَبَا عِيسَى ... وَإِن لم تكن من الْأَنْبِيَاء) (فرس لَو علاهُ ذُو الزّهْد عَمْرو بن ... عبيد لتاه فِي الْخُيَلَاء) (عدَّة الْفَارِس الَّذِي خانه الصَّبْر ... فرامى بصدره فِي اللِّقَاء) (قد تمليته وَإِن كنت مَا شاهدت ... فِي ظَهره وغى الهيجاء) (فترى مَا يرَاهُ غَيْرك فِي الْحَرْب ... وتقلى طَريقَة الندماء) (كل بؤسي أتتك من قبل الله فَسلم فِيهَا لجاري الْقَضَاء ... ) (سَوف تعتاض من خصيك فحلا ... لم يشنه بيطاره بالخصاء) (من لهى سيد سخي سري ... يَشْتَرِي بالغلاء كل الْعَلَاء) (أَي رزء وَأي وزر على من ... يتقوى بأنهض الوزراء) (أَيهَا الصاحب الْجَلِيل أتم الله نعماك عندنَا بالنماء ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 (كم كرعنا من بَحر عرفك فِي كفك ... أصفى مَاء بأوفى إِنَاء) (سنة سنّهَا فَتى لَا يُرِيد ... الْوَصْل بَين الْبَيْضَاء والصفراء) (جمع الله شَمل معتصم مِنْك ... بحبلي مَوَدَّة وَوَلَاء) // الْخَفِيف // وَمن قصيدة أبي الْحسن بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ (جلّ وَالله مَا دهاك وَعزا ... فعزاء إِن الْكَرِيم معزى) (والحصيف الْكَرِيم من إِن أَصَابَت ... نكبة بعد مَا يعز يعزى) (هِيَ مَا قد علمت أَحْدَاث دهر ... لم تدع عدَّة تصان وكنزا) (قصدت دولة الْخلَافَة جَهرا ... فأبادت عمادها والمعزا) (وقديما أفنت جديسا وطمسا ... حفزتهم إِلَى الْمَقَابِر حفزا) (أصغ والحظ دِيَارهمْ هَل ترى من ... أحد مِنْهُم وَتسمع ركزا) (ذهب الطّرف فاحتسب وتصبر ... للرزايا فالحر من يتعزى) (فعلى مثله استطير فؤاد الحازم ... النّدب حسرة واستفزا) (لم يكن يسمع القياد على الْهون ... وَلَا كَانَ نافرا مشمئزا) (رب يَوْم رَأَيْته بَين جرد ... تتقفاه وَهُوَ يجمز جمزا) (وَكَأن الْأَبْصَار تعلق مِنْهُ ... بحسام يهز فِي الشَّمْس هزا) (وتراه يلاعب الْعين حَتَّى ... تحسب الْعين أَنه يتهزا) (وَسَوَاء عَلَيْهِ هجر أَو أسرى ... أَو انحط أَو تُسنم نشزا) (وَكَأن الْمِضْمَار يبرز مِنْهُ ... متن حسي ينز بِالْمَاءِ نزا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 (استراحت مِنْهُ الوحوش وَقد كَانَ ... يَرَاهَا فَلَا ترى مِنْهُ حرْزا) (كم غزال أنحى عَلَيْهِ وعير ... نَالَ مِنْهُ وَكم تصيد فزا) (وصروف الزَّمَان تقصد فِيمَا ... يَسْتَفِيد الْفَتى الْأَعَز الأعزا) (فَإِذا مَا وجدت من جزع النكبة ... فِي الْقلب والجوانح وخزا) (فَتذكر سوابقا كَانَ ذَا الطّرف ... إلَيْهِنَّ حِين يمدح يعزى) (أَيْن شقّ وداحس وصبيب ... غمزتها حوادث الدَّهْر غمزا) (غلن ذَا اللمة الْجواد ولزت ... طَربا واللزاز وَالسَّلب لزا) (وَلَقَد بزت الْوَجِيه ومكتوما ... بني أعصر وأعوج بزا) (وتصدت للاحق فرمته ... وغراب وزهدم فاستفزا) (فاحمد الله إِن أَهْون مَا ترزأ ... مَا كنت أَنْت فِيهِ المعزى) (قد رثينا وَلم نقصر وبالغنا وَفِي الْبَعْض مَا كَفاهُ وأجزى ... ) (وَمن الْعدْل أَن نثاب أَبَا عِيسَى ... على قدر مَا فعلنَا ونجزى) // الْخَفِيف // وَمن قصدية أبي الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء (عزاء وَإِن كَانَ الْمُصَاب جَلِيلًا ... وصبرا وَإِن لم يغن عَنْك فتيلا) (وخفض أَبَا عِيسَى عَلَيْك وَلَا تفض ... دموعا وَإِن كَانَ الْبكاء جميلا) (وراجع حجاك الثبت لَا يغلب الأسى ... أساك وَإِن حملت مِنْهُ ثقيلا) (وَلَا تستفزنك الهموم وبرحها ... فحملك قبل الْيَوْم كَانَ أصيلا) (أقب يروق الْعين حسنا ومنظرا ... ويرجعها يَوْم الحضار كليلا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 (إِذا مَا بدا أبدى لعطفك هزة ... ونفسك إعجابا بِهِ وقبولا) (كَلمعِ الشهَاب خفَّة وتوقدا ... وجذع الحضار هاديا ودليلا) (إِذا قلت قف أبصرته المَاء جَامِدا ... وَإِن قلت سر مَاء أصَاب مسيلا) (خلت قصبات السَّبق مِنْهُ وأيقنت ... ريَاح الصِّبَا أَن لَا يجدن رسيلان) (بكته جلال الْخَزّ وانتحبت لَهُ ... مخالي حَرِير رحن مِنْهُ عطولا) (أَقَامَ عَلَيْهِ آل أَعْوَج مأتما ... وَأَعْلَى لَهُ آل الْوَجِيه عويلا) (فَفِي كل إصطبل أَنِين وزفرة ... تردد فِيهِ بكرَة وَأَصِيلا) (وَلَو وفت الجرد الْجِيَاد حُقُوقه ... لما رجعت حَتَّى الْمَمَات صهيلا) (وَقد أنصفته الْخَيل مَا ذقن بعده ... شَعِيرًا وَلَا تبنا وَمتْن غليلا) (فقدت أَبَا عِيسَى بطرفك مركبا ... جليلاوخلا مَا علمت نبيلا) (عتادك فِي الجلى وكهفك فِي الوغى ... وعونك يَوْمًا إِن أردْت رحيلا) (تفرقتما لَا عَن تقال وكنتما ... لفرط التصافي مَالِكًا وعقيلا) (وهبت لعقبان الفلاة لحومه ... وَكنت بهَا لَوْلَا الْقَضَاء بَخِيلًا) (ووزعتها بَين النسور غنيمَة ... صفايا ومرباعا لَهَا وفضولا) (وأعززته دهرا فَلَمَّا سَطَا بِهِ الردى ... لم تَجِد بدا فصرت مذيلا ... ) (على أَنَّهَا الْأَيَّام شَتَّى صروفها ... تذل عَزِيزًا أَو تعز ذليلا) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وَمن قصيدة أبي الْحسن السلَامِي (فدى لَك بعد رزئك من ينَام ... وَمن يصبو إِذا سجع الْحمام) (وَنَفْسِي بِالْفِدَاءِ عنيت لَا من ... ينَام عَن الْحُقُوق وَلَا يلام) (أَلا نفق الْجواد فَلَا عجاج ... تقوم بِهِ الحروب وَلَا ضرام) (وَكَانَ إِذا طغت حَرْب عوان ... جرى ورسليه الْمَوْت الزؤام) (إِذا رميت بِهِ الغابات صلت ... صُفُوف الْخَيل وَهُوَ لَهَا إِمَام) (تمهر فِي الوقائع وَهُوَ مهر ... وَلَا سرج عَلَيْهِ وَلَا لجام) (فَلَمَّا لم يدع فِي الأَرْض قرنا ... تخونه فعاجله الْحمام) (وعود عافيات الطير طعما) (وَشرب دم إِذا حرم المدام) (فَلَمَّا لم يطق نهضا أَتَتْهُ ... فَقَالَ لَهَا أَنا ذَاك الطَّعَام) (وجاد بِنَفسِهِ إِذا لم يجد مَا ... يجود بِهِ كَذَا الْخَيل الْكِرَام) (وَكنت الْبَدْر عَارضه كسوف ... بنحس حِين تمّ لَهُ التَّمام) (فَلَا تبعد وَإِن أبعدت عَنَّا ... فَهَذَا الْعَيْش لَيْسَ لَهُ انتظام) (إِذا لم تكشف الأصدا همومي ... فليت الْخَيل أصداه وهام) (طوى الْحدثَان طرفك يَا ابْن يحيى ... فطرفي مَا يعاوده الْمَنَام) (وَلم أحضرهُ يَوْم قضى فيشكو ... تحمحمه الَّذِي صنع السقام) (وَلَا خبرت لَيْلَة جر جسم ... زكتْ عِنْدِي لَهُ نعم جسام) (ألم أقسم عَلَيْك لتخبرني ... أمحمول على النعش الْهمام) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 (مضوا يتناقلون بِهِ خفافا ... عَلَيْهِ من الضباع لَهُ قيام) (فبزوه وَمَا عروه درعا ... نبت عَنهُ الصوارم والسهام) (أَيَقْتُلُهُ الْحمام أَشد قرن) (وأكرمه وتسلبه اللئام) (أَبَا عِيسَى تعز فدتك نَفسِي ... فَإِن الْمَوْت قرن لَا يضام) (أقِم فِي ظلّ إِسْمَاعِيل تضمن ... لَك الدَّرك السَّلامَة والدوام) (إِذا بَقِي الْوَزير لنا وَفينَا ... فَقل للدهر يهْلك والأنام) (وعظت بهَا أَخا ورثيت مَالا ... وَأديت الْأَمَانَة وَالسَّلَام) // الوافر // وَمن قصيدة أبي مُحَمَّد الخازن (لَو سامح الدَّهْر أعصما صدعا ... أَو كاسرا فَوق مربأ وَقعا) (أَو صاحبا سَاقه نواهضه ... أَو سبعا فِي عرينه شبعا) (ابقى لنا ذَلِك الْجواد وَلم ... يَغْدُو لصفو الهبات منتزعا) (لست أقيل الزَّمَان عثرته ... فَلَيْسَ يدْرِي الزَّمَان مَا صنعا) (آه على ذَلِك الْجواد فقد ... جرع قلبِي من كأسه جرعا) (آه عَلَيْهِ من أصدأ جزع ... طاوع دهرا أودى بِهِ جزعا) (آه عَلَيْهِ وَقد سرى لمعا ... فراح غيضا كبارق لمعا) (لم يكب فِي جريه إِذا كنت ... الْخَيل وَلَا قَالَ راكبوه لعا) (صفا أديما وحافرا وقحا ... وَالْعين والساعدين والسفعا) (عريض زور وبلدة وصلا ... رحيب صدر ومنخر ومعا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 (إِذا هوى فالعقاب منخفضا ... وَإِن رقى فالسحاب مرتفعا) (كَأَنَّهُ بالسماك منتعل ... فَلَيْسَ يشكو فِي وقعه وَقعا) (أوجعك الله يَا زمَان فقد ... رحت حَزينًا بفقده وجعا) (قد لَان للْمَوْت أخدعاه وَمن ... خادعه الدَّهْر عَاد منخدعا) (كم قلت للنَّفس وَهِي مزعجة ... أيتها النَّفس أجملي جزعا) (قد شرع الْقَائِلُونَ بَابا إِلَى ... الصَّبْر عَلَيْهِ فَأَصْبحُوا شرعا) (لَا تصْحَب الْهم فِي الْجواد أَبَا ... عِيسَى ودعه وَلَا تكن جزعا) (فنائل الصاحب الْجَلِيل أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل الحيا همعا) (وَانْظُر إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قمر ... أَزْهَر من ثني دسته طلعا) (وَلَا تضق بِالَّذِي فقدت يدا ... إِن لنا فِي نداه متسعا) (فاسمع قريضا من موجع جزع ... وَيرْحَم الله صاحبا سمعا) // المنسرح // وَمن قصيدة أبي سعيد الرستمي (لَو أَعتب الدَّهْر من يعاتبه ... ولان للعاذلين جَانِبه) (أَو كَانَ يصغي إِلَى شكاة شج ... صبَّتْ على قلبه مصائبه) (أَحْسَنت عَنْك المناب فِي حرق ... تشعلها فِي الحشى نوائبه) (وَلم أزل عَن شكاته أبدا ... وَلم أزل دائبا أعاتبه) (لهفي على ذَلِك الْجواد وَهل ... يفك رهن الْمنون نادبه) (لَو كَانَ غير الْمَمَات حالوه ... لفللت دونه مخالبه) (أَو كَانَ غير الْمنون يخطبه ... رمل أنف أبداه خاطبه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 (أَو حَارب الدَّهْر مشفقث حدب ... لقمت فِي وَجهه أحاربه) (من لجوى حل بِي عساكره ... وَحط بَين الحشى مضاربه) (فلست أَرْجُو انقلاعه أبدا ... أَو يجلب الصَّبْر لي جوالبه) (يرْتَد بَين الضلوع لي نفس ... من ذكره ضَاقَ بِي مساربه) (لهفي على ذَلِك الْجواد مضى ... فِي سفر لَا يؤوب غائبه) (لَو عرف الْخَيل من نعيت لَهَا ... ضَاقَتْ بهَا فِي السرى مذاهبه) (أَو علم القفر من نعيت لَهُ ... لانسد للسالكين لاحبه) (تباشر الْوَحْش فِي الفلاة لَهُ ... فقد صفت بعده مشاربه) (فَنَامَ ملْء الجفون شارده ... وسام ملْء الْبُطُون ساربه) (تبْكي لتقريبه الرِّيَاح مَعًا ... فهن فِي جريها أَقَاربه) (عهدي بِهِ والجنوب تجنبه ... إِذا جرى وَالصبَا تجانبه) (والهوج فِي حَضَره تحاذره ... والنكب فِي سيره تناكبه) ( يَا حسنه والعيون ترمقه ... وَأَنت يَوْم الرِّهَان رَاكِبه) (ترخى عَلَيْهِ الْعَنَان فِي عنق ... حَتَّى إِذا مَا التوى تجاذبه) (إِن سَار فِي السهل هاج ساكنه ... أَو سَار فِي الْحزن صَاح صَاحبه) (يوسعه إِن رَآهُ حاسده ... مدحا ويثني عَلَيْهِ جاذبه) // المنسرح // أَخذه من قَول أبي تَمام (عوذه الْحَاسِد بخلا بِهِ ... ) رَجَعَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 (أصدأ يَحْكِي الظلام غرته ... الْبَدْر وتحجيله كواكبه) (أَعَارَهُ الرَّوْض وشي زهرته ... فَعَاد فِي لَونه يُنَاسِبه) (وطالب لَا يفوز هاربه ... وهارب لَا ينَال طَالبه) (كم موكب سَار فِي جوانبه ... فاهتز زهوا بِهِ كتائبه) (وعسكر زانه تحمحمه ... فارتج من صَوته مواكبه) (ومجهل رَاح وَهُوَ جائبه ... لولاه لم تطوه نجائبه) (صبرا جميلا وَإِن سلبت أَبَا ... عِيسَى جَلِيلًا فالموت سالبه) (وَالْمَوْت وَإِن جَار فِي الْحُكُومَة أَو ... أنصف فالمرء لَا يغالبه) (فِي الصاحب المرتجى لنا خلف ... من كل مَاض خفت ركائبه) (إِن نفق الطّرف أَو أصبت بِهِ ... مَا نفقت عندنَا مواهبه) (لم يود طرف وَإِن فقدت بِهِ ... علقا نفيسا مَا عَاشَ واهبه) (دَامَ لنا فِي النَّعيم مَا طلعت ... شمس وجلى الظلام ثاقبه) // المنسرح // وَمن قصيدة أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ (دَعَا ناظري لذيذ اغتماضه ... وقلبي يستسعر أَلِيم ارتماضه) (فقد جاد سباق الْجِيَاد بِنَفسِهِ ... فَلَا ظهر مِنْهَا لم يمل لإنهياضه) (أبيد فَمَا للبيد طرف وطرفه ... صَحِيح وَلم يقرحه حرا ارفضاضه) (نفوس عتاق الْخَيل فيضي لفقده ... وأعينها فيضي لوشك انقراضه) (وأظهرها حطي السُّرُوج تفجعا ... لَهُ وردي مَاء الردى من حياضه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 (لقد كَانَ وفْق الجو عِنْد ارتقاعه ... نشاطا وملء الأَرْض عِنْد انخفاضه) (لَو أَن خدود الْورْد أَرض لأرضه ... لما مَسهَا مِنْهُ أَذَى بارتكاضه) (يُرِيك نحول السهْم عِنْد اقتباله ... ويبدي مثول الطود عِنْد اعتراضه) (وقور إِذا خليته وطباعه ... وَإِن هزهز الْأَرْضين فرط انتفاضه) (وَيخْفى اصطفاق الرَّعْد رَجَعَ صهيله ... ويخفت صَوت اللَّيْث بَين عياضه) (تعز أَبَا عِيسَى وليك ثَابت ... وَجل التسلي لم يرع بانتقاضه) (وَمن عرف الدُّنْيَا استهان بخطبها ... وَلَا سِيمَا من طَال عهد ارتياضه) (وَلَو قبل الدَّهْر الخؤون ذخائري ... لقدمتها عَنهُ رضى باعتياضه) (وَلكنه يبْقى الَّذِي لَا نوده ... ويردي الَّذِي نهوى بِصَرْف غضاضه) (وَهَذَا الَّذِي بِي لَو غَدا زَاد مرضع ... لشيب فوديه اشتعال بياضه) (سقا الأصدأ الكدري مَا نقع الصدا ... غمام حداه الرَّعْد عِنْد ائتماضه) (وَفِي بعض حملان الْوَزير معوضة ... وسلوان قلب مُسلم لإنقضاضه) (فسر كَيْفَمَا آثرت فَوق جياده ... وَمَسّ كَيْفَمَا أَحْبَبْت بَين رياضه) // الطَّوِيل // وَمن أرجوزة أبي دلف الخزرجي (دهر على أبنائه وثاب ... تعجمهم أنيابه الصلاب) (فَمَا لَهُم من كَيده حجاب ... يَا لَك دهرا كُله عِقَاب) (أصبح لَا يردعه العتاب ... إِن المنايا وَلها أَسبَاب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 (تصيدنا وَالصَّيْد مستطاب ... واها لناء مَا لَهُ إياب) (لكل قلب بعده اكتئاب ... مُسَوَّم تعنو لَهُ الأسراب) (أصدأ بَادِي الْحسن لَا يعاب ... قد كملت فِي طبعه الْآدَاب) (وهذبت أخلاقه الْعَذَاب ... أقب مِمَّا ولد الْأَعْرَاب) (ذُو نسب تحسده الْأَنْسَاب ... وميعة ينزو بهَا الشَّبَاب) (كَأَنَّمَا غرته شهَاب ... كَأَنَّمَا لباته محراب) (كَأَنَّمَا حجوله سراب ... كَأَنَّمَا حَافره مجواب) (للصخر عِنْد وقعه التهاب ... إِذا تدانى فَهُوَ الْحباب) (إِن القرارات لَهُ أنصباب ... وَإِن علا فالصقر وَالْعِقَاب) (للريح فِي مذْهبه ذهَاب ... فالوحش مَا يلقاه والهراب) (دماؤها لنحره خضاب ... يَا غَائِبا طَال بِهِ الإياب) (لَا خبر مِنْك وَلَا كتاب ... مَا كنت إِلَّا رَوْضَة تنتاب) (مستأنسا تألفك الرحاب ... تعشقك الْعُيُون والألباب) (ترتج كالموج لَهُ عباب ... تناوبتك للردى أَنْيَاب) (تجزع من أَمْثَالهَا الأحباب ... وَكنت لَو طَالَتْ بك الأوصاب) (يخف فِي مصرعك الْمُصَاب ... مَا طَابَ عَن أضرابك الإضراب) (وَلَا صَحا من حبك الْأَصْحَاب ... وَأَنت فَرد مَا لَهُ أتراب) (يَا حزنا إِذْ ضمك الخراب ... وأغلقت من دُونك الْأَبْوَاب) (كصارم أسلمه القراب ... وَقد جرى من فمك اللعاب) (وامتار مِنْهُ النَّحْل والذباب ... واعتورتك الفئة الغضاب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 (وفيك أَطْرَاف المدى تنساب ... حَتَّى نضى عَن جسمك الإهاب) (هَل هُوَ إِلَّا هَكَذَا الْعَذَاب ... وَقد غَدا الإصطبل والجناب) (يبكيك والسائس والبواب ... والسرج واللجمام والركاب) (قل لأبي عِيسَى وَمَا الإسهاب ... بِنَافِع تمّ لَك الثَّوَاب) (والرأي فِي دفع الردى صَوَاب ... فاسكن فَهَذَا الصاحب الْوَهَّاب) (شيمته السخاء والإيجاب ... فِي جوده وفضله مناب) (آلاؤه لَيْسَ بهَا ارتياب ... يضل فِي إحصائها الْحساب) (لَا زَالَ وَالدُّعَاء يُسْتَجَاب ... يبْقى لنا مَا بَقِي التُّرَاب) // الْكَامِل // وَمن قصيدة أبي مُحَمَّد مَحْمُود (بكاء على الطّرف الَّذِي يسْبق الطرفا ... على ذَلِك الإلف الَّذِي فَارق الإلفا) (وقف مدد الأحزان وَقفا مُؤَبَّدًا ... عَلَيْهِ وخل الدمع يجْرِي لَهُ وكفا) (على أصدأ زَان الْحلِيّ إِذا اغتدت ... عَلَيْهِ وزان الْبيض وَالْبيض والزغفا) (على أصدأ جاراه ألف مشهر ... عَتيق فوافانا وَقد سبق الألفا) (على فرس جارى الرِّيَاح على حفا ... فغادرها حسرى وَخَلفهَا ضعفى) (جَوَاب الَّذِي ينعى إِلَيْهِ أيا لهفا ... على ذَلِك الأصدا وَقل لَهُ لهفي) (أَقَامَ بمثواه الْجِيَاد مناحة ... كَمَا عقدت وَحش الفلاة بِهِ قصفا) (وَآل الْغُرَاب والوجيه ولاحق ... أدامت عويلا لَا أُطِيق لَهُ وَصفا) (فكم أقرحت خدا وَكم ألهبت حَشا ... وَكم أوجعت قلبا وَكم أدمعت طرفا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 (وَلَو عرفت حسناء دَاوُد حَقه ... لما ضفرت شعرًا وَلَا خضبت كفا) (فكم قد حماها يَوْم حَرْب وغارة ... وَكم نزعت من خوفها الْقلب والشنفا) (يطير على وَجه الصَّعِيد إِذا جرى ... فَمَا إِن يمس الأَرْض من أرضه حرفا) (ويعطيك عفوا من أفانين ركضه ... إِذا سمته التَّقْرِيب أَو سمته القطفا) (لَهُ ذَنْب ضاف يجر على الثرى ... طَوِيل كأذيال العرائس بل أضفى) (لَهُ غرَّة مثل السراج ضياؤها ... وَأي سراج بالنوائب لَا يطفا) (سقى الْغَيْث رهوا مشبها ذَلِك الكتفا ... وطودا منيفا حاكيا ذَلِك الردفا) (يواجه وَجه الْوَحْش إِن سَار خلفهَا ... فيجعلها من حَيْثُ لم يحْتَسب خطفا) (وَيرجع مخضوب النبان كَأَنَّهُ ... عروس وَقد زفت إِلَى خدرها زفا) (وَإِن خَافَ من عين النواظر أَهله ... عَلَيْهِ فمدوا دون مربطه سجفا) (إِذا مَا غزا الْغَازِي عَلَيْهِ قَبيلَة ... فَلَا حافرا أبقى عَلَيْهِ وَلَا خفا) (يرَاهُ كميت وَهُوَ لهفان واله ... لميتته يطوي الظلام وَمَا أغفى) (وَلَو أَنه قد كَانَ حقق مَوته ... لجز عَلَيْهِ للأسى الشّعْر الوحفا) (وَمَا أَنا مِمَّن يظْهر الشجو آمنا ... وَإِن عظيمات المصائب لَا تخفى) (وَلَوْلَا وَفَاء فِيهِ كنت أقوده ... إِلَيْك بِلَا من وَلكنه استعفى) (كَرَاهِيَة من أَن يقوم مقَامه ... حفاظا وَبَعض الْخَيل يسْتَعْمل الظرفا) (وأعفيته أَن الْوَزير معوض ... وَمن ذَا الَّذِي يَرْجُو نداه وَلَا يكفى) (فعول أَبَا عِيسَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ... سيكفيك خطب الدَّهْر وَهُوَ بِهِ أكفى) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 (وَلَو لم يرد تعويضه لَك عَاجلا ... لقَالَ لَهُ رفقا وَقَالَ لَهُ وَقفا) (فَإِن صروف الدَّهْر تَحت يَمِينه ... فَإِن شاءها بعثا وَإِن شاءها صرفا) (هُوَ الْبَحْر يُغني النَّاس من كل جَانب ... فغرقا من الْبَحْر الَّذِي زرته غرقا) (هُوَ الْغَيْث يُعْطي كل غاد ورائح ... عَطاء جزيلا لَا بكيئا وَلَا نشفا) (كيرم إِذا مَا جَاءَهُ ابْن حظية ... ألان لَهُ عطفا وَأبْدى لَهُ عطفا) (أَقَامَ منار للندى وَالْهدى مَعًا ... فَعَاد لنا كهفا وَصَارَ لنا لطفا) (تعز أَبَا عِيسَى وَإِن أعوز الأسى ... وعاود هديت اللَّهْو وَالطّيب والعرفا) (وهاك كأمثال الرياض سوابقا ... تسير قوافي الشّعْر من خلفهَا خلفا) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي عِيسَى (لقد عظمت عِنْدِي الْمُصِيبَة فِي الأصدا ... وأبدت لي اللَّذَّات من بعده صدا) (وأهدي إِلَى قلبِي الْمُصَاب بفقده ... من الْحزن مَا لَو نَالَ يذبل لَا نهدا) (وأصبحت مَشْغُول المدامع بالبكا ... ولي مهجة تستشعر الْحزن والوجدا) (وَلَو كَانَ يغنيني الْفِدَاء فديته ... بنفسي وَأَهلي فَهُوَ أهل لِأَن يفدى) (وَلكنه لبّى الْمنون مبادرا ... وَيَا ليته لما دَعَاهُ الردى ردا) (مضى الطّرف وَاسْتولى على الطّرف دمعه ... وألهب فِي الأحشاء من حرق وقدا) (مضى الْفرس السباق فِي حلبة الوغى ... فَعَادَت عُيُون الْخَيل من بعده رمدا) (يبيد الرِّيَاح كلهَا فِي حضاره ... فتتركه كرها وَقد بدلت جهدا) (مواقفه عِنْد الطراد شهيرة ... تجَاوز فِي أعجازها الْوَصْف والحدا) (نسيم الصِّبَا يحيكه فِي هزل سيره ... وترهبه ريح الشمَال إِذا جدا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 (فقد صَار نَهْبي بَين وَحش وطائر ... غَدا سيدا فِيهَا وَرَاح لَهَا عبدا) (تسل أَبَا عِيسَى وَلَا تقرب الأسى ... وَكن حازما شهما وَكن بازلا جلدا) (فقد كمد الأخوان من فرط حزنهمْ ... وَقد شمت الحساد مذ فقد الأصدا) (وَأصْبح أَبنَاء الشجَاعَة حسرا ... فَمن قارع سنا وَمن لاطم خدا) (وَقد هاج لي حزنا عَلَيْهِ تحسري ... فهيمني وجدا وذكرني نجدا) (جواد عَزِيز أَن يجود بِمثلِهِ ... جواد وَمن يعدى عَلَيْهِ إِذا استعدى) (سوى الصاحب المأمول للجود والندى ... وَمن كَفه من صيب حضل أندى) (أتاح لنا الْإِحْسَان من كل جَانب ... فَحصل منا الشُّكْر والنشر والحمدا) (لَهُ همة فَوق السَّمَاء مُقِيمَة ... تعلم من يرجوه أَن يطْلب الرفدا) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة لبَعض أهل نيسابور قَالَهَا على لِسَان أحد الندماء (كل نعيم إِلَى نفاد ... كل قريب إِلَى بعاد) (كل هبوب إِلَى ركود ... كل نفاق إِلَى كساد) (وكل ملك إِلَى زَوَال ... وكل كَون إِلَى فَسَاد) (وصادق من يَقُول فاسمع ... والسمع بَاب إِلَى الْفُؤَاد) (قد بلغ الزَّرْع منتهاه ... لَا بُد للزَّرْع من حصاد) (لهفي على أصدأ جواد ... من هبة الصَّالح الْجواد) (مُنْقَطع الْمثل فِي الْبِلَاد ... وغرة الطّرف والتلاد) (لهفي على أصدأ مسيح ... قد كَانَ مَاء وَأَنت صادي) (وَكَانَ نَارا وكل نَار ... فمنتهاها إِلَى الرماد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 (كَانَ من الْعين والفؤاد ... فِي الْعين من مَرْكَز السوَاد) (لَو شرب الصافنات رَاحا ... لَكَانَ رَيْحَانَة الْجِيَاد) (عهدي بِهِ شاهقا منيفا ... يمر مرا إِلَى صعاد) (أسْرع من لَحْظَة وَأحلى ... فِي الْعين من طَارق الرقاد) (أجرأ من ضيغم وأجرى ... من سيل ليل بقعر وَادي) (سليل ريح أَخُو شهَاب ... طود جمال هِلَال نَادِي) (عدَّة سَار عتاد غاد ... قعدة قار عماد بَادِي) (أَسِير مِمَّا يُقَال فِيهِ ... وَالشعر جوابة الْبِلَاد) (كَأَنَّمَا خلقه سداد ... قد صب فِي قالب السداد) (كَأَنَّهُ سَاحر عليم ... من رَاكب الطّرف بالمراد) (عين أَصَابَته لَا رَأَتْ من ... تهوي لقاه إِلَى التنادي) (نفذت يَا دهر شَرّ سهم ... أَتَى على خير مُسْتَفَاد) (لَو كَانَ يغنى الدفاع عَنهُ ... جعلت ترسا لَهُ فُؤَادِي) (فاصبر لحكم الْإِلَه وانقد ... للحق يَا فَاقِد الْجواد) (هون عَلَيْك الملم يَا أَبَا ... عِيسَى وَكن ثَابت الْعِمَاد) (أَنْت من الصاحب المرجى ... مَا عِشْت فِي نائل معاد) // مخلع الْبَسِيط // ذكر الفيليات لما حصل الصاحب فِي رقْعَة جرجان على الْفِيل الَّذِي كَانَ فِي عَسْكَر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 خُرَاسَان أَمر من بِحَضْرَتِهِ من الشُّعَرَاء أَن يصفوه فِي تشبيب قصيدة على وزن قافية قَول عَمْرو بن معدي كرب (أَعدَدْت للحدثان سابغة ... وعداء علندي) // مجزوء الْكَامِل // فَمن قصيدة أبي الْقَاسِم عبد الصَّمد بن بابك (قسما لقد نشر الحيا ... بمناكب العلمين بردا) (وتنفست يمنية ... تستضحك الزهر المندى) (وجريحة اللبات تنشر ... من سقيط الدمع عقدا) (نازعتها حلب الشئون ... وقلما استعبرت وجدا) (ومساجل لي قد ... شققت لدائه فِي فِي لحدا) (لَا ترم بِي فَأَنا الَّذِي ... صيرت حر الشّعْر عبدا) (بشوارد شمس القياد ... يزدن عِنْد الْقرب بعدا) (وممسك البردين فِي ... شبه النقا شية وقدا) (فَكَأَنَّمَا نسجت عَلَيْهِ ... يَد الْغَمَام الجون جلدا) (وَإِذا لوتك صفاتك ... أَعْطَاك مس الروع فقدا) (فَكَأَن معصم غادة ... فِي ماضغيه إِذا تصدى) (وَكَأن عودا عاطلا ... فِي صفحتيه إِذا تبدى) (يَحْدُو قَوَائِم أَرْبعا ... يتركن بالتلعات وهدا) (جاب الْمطرف قد تفرد ... بالفراهة واستبدا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 (وَإِذا تخَلّل هضبة ... فَكَأَن ظلّ اللَّيْل مدا) (وَإِذا هوى فَكَأَن ... ركنا من عماية قد تردى) (وَإِذا اسْتَقل رَأَيْت فِي ... أعطافه هزلا وجدا) (متقرط أذنا تعي ... زجر العسوف إِذا تعدى) (خرقاء لَا يجد السرَار ... إِذا تولجها مردا) (أوطأته مرعى نسيبي ... واجتنبت وصال سعدي) (ملك رأى الْإِحْسَان من ... عدد العواقب فاستعدا) (كَافِي الكفاة إِذا انْثَنَتْ ... مقل القنا الخطي رمدا) (تكسوه نشر الْعرف كف ... من جفون الطل أندى) (لَا زلت يَا أمل العفاة ... لفارط الآمال وردا) (والق اللَّيَالِي لابسا ... عَيْشًا برود الظل رغدا) // مجزوء الْكَامِل // وَمن قصيدة أبي الْحسن الْجَوْهَرِي (قل للوزير وَقد تبدى ... يستعرض الْكَرم المعدا) (أفنيت أَسبَاب الْعلَا ... حَتَّى أَبَت أَن تستجدا) (لَو مس راحتك السَّحَاب ... لأمطرت كرما ومجدا) (لم ترض بِالْخَيْلِ الَّتِي ... شدت إِلَى العلياء شدا) (وصرائم الرَّأْي الَّتِي ... كَانَت على الْأَعْدَاء جندا) (حَتَّى دَعَوْت إِلَى العدى ... من لَا يلام إِذا تعدى) (متقصيا تيه العلوج ... وفطنة أعيت معدا) (فيلا كرضوى حِين يلبس ... من رقاق الْغَيْم بردا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 (مثل الغمامة ملئت ... أكنافها برقا ورعدا) (رَأس كقلة شَاهِق ... كُسِيت من الْخُيَلَاء جلدا) (فتراه من فرط الدَّلال ... مصعرا للنَّاس خدا) (يزهى بخرطوم كَمثل ... الصولجان يرد ردا) (متمرد كالأفعوان ... تمده الرمضاء مدا) (أَو كم راقصة تُشِير بِهِ إِلَى الندمان وجدا ... ) (وَكَأَنَّهُ بوق تحركه ... لتنفخ فِيهِ جدا) (يَسْطُو بساريتي لجين ... يحطمان الصخر هدا) (أذنَاهُ مروحتان أسندتا ... إِلَى الفودين عقدا) (عَيناهُ غائرتان ضيقتا ... لجمع الضَّوْء عمدا) (قاسوه باسطرلاب يجمع ... ثقبه مَا لن يحدا) (تَلقاهُ من بعد فتحسبه ... غماما قد تبدى) (متْنا كبنيان الخورنق ... مَا يلاقي الدَّهْر كدا) (ردفا كدكة عنبر ... متمايل الْأَوْرَاك نهدا) (ذَنبا كَمثل السَّوْط يضْرب ... حوله ساقا وزندا) (يخطو على أَمْثَال أعمدة ... الخباء إذاتصدى) (أَو مثل أَمْيَال نضدن ... من الصخور الصم نضدا) (متورد حَوْض الْمنية ... حَيْثُ لَا يشتاق وردا) (متلفعا بالكبرياء ... كَأَنَّهُ ملك مفدى) (أدنى إِلَى الشَّيْء الْبعيد ... يُرَاد من وهم وَأهْدى) (أذكى من الْإِنْسَان حَتَّى لَو رأى خللا لسدا ... ) (لَو أَنه ذُو لهجة ... وَفِي كتاب الله سردا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 (قل للوزير عبدت حَتَّى ... قد أَتَاك الْفِيل عبدا) (سُبْحَانَ من جمع المحاسن ... عِنْده قرنا وبعدا) (لَو مس أعطاف النُّجُوم ... جرين فِي التربيع سَعْدا) (أَو سَار فِي أفق السَّمَاء ... لأنبتت زهرا ووردا) // مجزوء الْكَامِل // وَمن قصيدة أبي مُحَمَّد الخازن (حازوا سعود ديار سعدى ... ورعوا جناب الْعَيْش رغدا) (وقضوا مآرب للصبا ... مذ أبدلوا بالغور نجدا) (سكنوا محلا بالدمى ... أضحى محلا مستجدا) (عطفت عَليّ ظباؤه ... مَا شِئْت سالفة وقدا) (وشفيت حر الوجد من ... برد سقى الأكباد بردا) (عجبا أَشْيَم لثغرها ... برقا وَلست أحس رعدا) (وغدوت أجني من غصون ... البان تفاحا ووردا) (وبنفسي الْقَمَر الَّذِي ... لمعا تصدى ثمَّ صدا) (يَا هَذِه أهدي الْوِصَال ... تكرما إِن كَانَ يهدى) (وتذكري عهد الصِّبَا ... فِي بَيت عَاتِكَة المفدى) (لَا تنكري شيبا ألم ... بفوده وَفْدًا فوفدا) (وتعلمي أَن الشَّبَاب ... وَإِن وفى قرض يُؤدى) (وَإِذا أعير فَإِنَّهُ ... لَا بُد من أَن يستردا) (كم لَيْلَة ساورتها ... وقضيتها حسنا وجدا) (وَأرى النُّجُوم لآلئا ... فِي الجو تجلو اللازوردا) (حَتَّى تحول أدهم ... الظلماء فِي الأفقين وردا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 (وبدا الصَّباح يحل من ... جيب الدجى مَا كَانَ شدا) (وقريت همي أعنسا ... تذر الربى بالوخد وهدا) (فوردن أفنية الْعلَا ... معمورة فحمدن وردا) (حَيْثُ الْفَضَائِل والفواضل ... فتن إحصاء وَعدا) (حَيْثُ الوغى مشبوبة ... نيرانها وهجا ووقدا) (ومهابة كَادَت لَهَا ... صم الْجبَال تَخِر هدا) (أفياله يقدحن فِي ... ظلم الوغى زندا فزندا) (تسري كسحم سحائب ... بِجَانِب تزجى وتحدى) (ولبسن دكن ملابس ... غبرا معاطفهن ربدا) (ورمقن عَن أجفان مضمرة ... على الْأَعْدَاء حقدا) (وفغرن أفواها كأفواه ... المزاد تروغ دردا) (وكشرن عَن أنيابها ... مثل الحراب شبا وحدا) (من كل جهم خلته ... يَوْم الوغى غولا تصدى) (كبنية من عنبر ... دعمت سواري الساج نضدا) (وَعَلِيهِ طارونية ... يزهى بهَا حرا وبردا) (لَوْلَا إنقلاب لِسَانه ... لرأيته خصما ألدا) (مُتَوَلِّيًا أمرا ... ونهيا مَالِكًا حلا وعقدا) (وكأنما خرطومه ... راووق خمر مد مدا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 (أَو مثل كم مُسبل ... أرخته للتوديع سعدى) (وَإِذا التوى فَكَأَنَّهُ الثعبان ... من جبل تردى) (وكأنما انقلبت عَصا ... مُوسَى غَدَاة بهَا تحدى) (متعطفا كالصولجان ... بِسَاحَة الميدان يحدى) (يكسى الْحداد وَتارَة ... يكسى نَسِيج الدرْع سردا) (وكأنما هُوَ خاضب ... بالإثمد الْجَارِي جلدا) (لون حكى إظلامه ... لون الشمبه لَيْسَ يهدى) (مستيقظ أبدا وَيكبر أَن يعير الْعين رقدا ... ) (كفل تموج الْكَثِيب ... تهيله صوبا وصعدا) (قد سَاد كل بَهِيمَة ... كيسا وَمَعْرِفَة وجدا) (فَكَأَنَّهُ يَوْم الوغى ... يكسى من الْخُيَلَاء بردا) (وَإِذا انثنى من حربه ... يسْعَى فيرقص دستبندا) (أودى بِمن عادى الْوَزير وعمهم حصرا وحصدا ... ) (من عزمه كالغصب قد ... وَعلمه كالبحر مدا) (مستوحش بالسلم لم ... تألف ظباه قطّ غمدا) (كالغيث يهطل سائحا ... وَاللَّيْث يبرز مستبدا) (وزر الْمُلُوك ونابها ... الْأَعْلَى وساعدها الأشدا) (أَي اسْم فَخر لم يحزه ... وَأي مجد لم يعدا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 (أم أَي ثغر لم يفته ... وَلم يشده وَلم يسدا) (كَافِي الكفاة المرتجى ... وَالسَّيِّد الْهَادِي المفدى) (مَا الْحر إِلَّا من غَدا ... للصاحب المأمول عبدا) (وَلَئِن أَجدت مديحه ... فلطالما أغْنى وأجدى) (وَقربت مِنْهُ فَالْتَفت إِلَى الزَّمَان وَقلت بعدا ... ) (واعتضت غير مخيب ... من مُسْتَمر النحس سَعْدا) (وكفيت ثمدا ناضبا ... وسقيت مَاء الْعَيْش رغدا) (ومنحت إنصافا بعون ... الله من دهر تعدى) (خُذْهَا إِلَيْك شواهدا ... فِي السن الراوين شَهدا) (هذبتها وجلوتها ... فِي الْحسن خَاتِمَة ومبدا) (قد كَانَ يكدي خاطري ... لَكِن بمدحك قد أمدا) (أَعدَدْت للحدثان جودك ... دون عداء علندى) (وَعلمت أَنَّك وَاحِد ... فِي الْعَالمين خلقت فَردا) (تذر الْوَعيد نَسِيئَة ... كرما وتحبو الْوَعْد مقد) (ويفوح خلقك عَن عبير ... حوله زهر مندى) (أَنا غرسك الزاكي ... بكفك مثمر أدبا وودا) (فسأملأ الدُّنْيَا بِمَا استمليت من جدواك حمدا) (هِيَ طَاعَتي حَتَّى أرى ... متبوئا فِي الترب لحدا) (تفديك نَفسِي من عوادي ... كل مَكْرُوه ومردى) // مجزوء الْكَامِل // وَلم يحضرني الْآن من الفيليات أَكثر من هَذِه الثَّلَاث وَإِذا وجدت من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 أخواتها مَا يصلح للإلحاق بهَا ألحقته بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وإذنه وَالْحَمْد لله أَولا وآخرا وظاهرا وَبَاطنا خبر سبطه الشريف أبي الْحسن عباد بن عَليّ الحسني لما أَتَت الصاحب الْبشَارَة بسبطه أبي الْحسن عباد أنشأ يَقُول (أَحْمد الله لبشرى ... أَقبلت عِنْد الْعشي) (إِذْ حباني الله سبطا ... هُوَ سبط للنَّبِي) (مرْحَبًا ثمَّة أَهلا ... بِغُلَام هاشمي) (نبوي علوي ... حنسي صَاحِبي) // مجزوء الرمل // ثمَّ قَالَ (الْحَمد لله حمدا دَائِما أبدا ... إِذْ صَار سبط رَسُول الله لي ولدا) // الْبَسِيط // فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الخازن على وَزنه ورويه قصيدة أَولهَا (بشرى فقد أنجر الإقبال مَا وَعدا ... وكوكب الْمجد فِي أفق الْعلَا صعدا) (وَقد تفرع فِي أَرض الوزارة عَن ... دوح الرسَالَة غُصْن مُورق رشدا) (لله آيَة شمس للعلا ولدت ... نجما وغابة عز أطلعت أسدا) (وعنصر من رَسُول الله واشجة ... كريم عنصر إِسْمَاعِيل فاتحدا) (وَبضْعَة من أَمِير الْمُؤمنِينَ زكتْ ... أصلا وفرعا وَصحت لحْمَة وسدى) (وَمثل هذي السعادات القوية لَا ... يحوزها غَيره دَامَت لَهُ أبدا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 (يَا دهره حق أَن تزهى بمولده ... فَمثله مُنْذُ كَانَ الدَّهْر مَا ولدا) (تعجبوا من هِلَال الْعِيد يطلع فِي ... شعْبَان أَمر عَجِيب قطّ مَا عهدا) (فَمن موَالٍ يوالي الْحَمد مبتهلا ... ومخلص يستديم الشُّكْر مُجْتَهدا) (وكادت الغادة الهيفاء من طرب ... تُعْطِي مبشرها الإرهاف والغيدا) (فَلَا رعى الله نفسا لم تسر بِهِ ... وَلَا وقاها وغشاها رِدَاء ردى) (وَذي ضغائن طارت روحه شفقا ... مِنْهُ وطاحت شظايا نَفسه قددا) (علما بِأَن الحسام الصاحبي غَدا ... مُجَردا والشهاب الفاطمي بدا) (وَأَنه انسد شعب كَانَ منصدعا ... بِهِ وأمرع شعب كَانَ محتصدا) (فأرفع الْمجد أعيانا وأسمقه ... مجد يُنَاسب فِيهِ الْوَالِد والولدا) (فليهنأ الصاحب الْمَوْلُود ولترد ... السُّعُود تجلو عَلَيْهِ الْفَارِس النجدا ... ) (لم يتَّخذ ولدا إِلَّا مُبَالغَة ... فِي صدق تَوْحِيد من لم يتَّخذ ولدا) // الْبَسِيط // مَا أشرف معنى هَذَا الْبَيْت وأبدعه وأبرعه وَمِنْهَا وَخذ إِلَيْك عروسا بنت لَيْلَتهَا ... من خَادِم مخلص ودا ومعتقدا) (أَهْدَيْتهَا عَفْو طبعي وانتحيت بهَا ... سحرًا وَإِن كنت لم أنفث لَهُ عقدا) (وازنت مَا قلته شكرا لِرَبِّك إِذْ ... جَاءَ المبشر بَيْتا سَار واطردا) (الْحَمد لله شكرا دَائِما أبدا ... إِذا صَار سبط رَسُول الله لي ولدا) // الْبَسِيط // وَقَالَ أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي فِي التهنئة قصيدته الَّتِي مِنْهَا (كَافِي الكفاة بِقصد من صرائمه ... حامي الحماة بحصد من مناصله) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 (مَا زَالَ يخْطب مِنْهُ الدّين مُجْتَهدا ... قربى توطد من عليا وسائله) (وَكَانَ بعد رَسُول الله كافله ... فَصَارَ جد بنيه بعد كافله) (هَلُمَّ للْخَبَر الْمَأْثُور مُسْنده ... فِي الطالقان فقرت عين ناقله) (فَذَلِك الْكَنْز عباد وَقد وضحت ... عَنهُ الْإِمَامَة فِي أولى مخايله) // الْبَسِيط // لما وَردت الشِّيعَة أَن بالطالقان كنزا من ولد فَاطِمَة يمْلَأ الله بِهِ الأَرْض عدلا كَمَا ملئت جورا والصاحب من قَرْيَة الطالقان من قرى أَصْبَهَان ورزق سبطا فاطميا تأولوا لَهُ هَذَا الْخَبَر وَأَنا بَرِيء من عهدته (الصاحبي نجارا فِي مطالعه ... والطالبي غرارا فِي مقاتله) (يهني الْوَزير ظبا فِي وَجه صارمه ... من صارم وشبا فِي حد عَامله) وَقَالَ عبد الصَّمد بن بابك قصيدة مِنْهَا (كساك الصَّوْم أَعمار اللَّيَالِي ... وأعقبك الْغَنِيمَة فِي المآب) (فَلَا زَالَت سعودك فِي خُلُود ... تبارى بالمدى يَوْم الْحساب) (أَتَاك الْعِزّ يسحب بردتيه ... على ميثاء حَالية التُّرَاب) (ببدر من بني الزهراء سَار ... تعرى عَنهُ جِلْبَاب السَّحَاب) (تفرع فِي النُّبُوَّة ثمَّ ألْقى ... بضبعيه إِلَى خير الصحاب) (تلاقت لإبن عباد فروع النُّبُوَّة والوزارة فِي نِصَاب ... ) (فَلَا تغرر برقدته اللَّيَالِي ... وَلَا تشحذ لَهُ الهمم النوابي) (فَمن خضعت لَهُ الْأسد الضواري ... ترفع عَن مراوغة الذئاب) // الوافر // وَكَانَ الصاحب إِذا ذكر عبادا أنْشد وَقَالَ (يَا رب لَا تخلني من صنعك الْحسن ... يَا رب حطني فِي عباد الحسني) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 وَلما فطم قَالَ (فطمت أَبَا عباد يَا ابْن الفواطم ... فَقَالَ لَك السادات من آل هَاشم) (لَئِن فطموه عَن رضَاع لبانه ... لما فطموه عَن رضَاع المكارم) // الطَّوِيل // وَلما أملك عباد بكريمة بعض أقرباء فَخر الدولة أبي الْحسن قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الشَّاشِي قصيدة مِنْهَا (الْمجد مَا حرست أولاه أخراه ... وَالْفَخْر مَا ألتف أقصاه بأدناه) (وَالسَّعْي أجلبه للحمد أصعبه ... وَالذكر أَعْلَاهُ فِي الأسماع أغلاه) (وَالْفرع أذهبه فِي الجو أنضره ... وَالْأَصْل أرسخه فِي الأَرْض أنقاه) (الْيَوْم أنجزت الآمال مَا وعدت ... وَأدْركَ الْمجد أقْصَى مَا تمناه) (الْيَوْم أَسْفر وَجه الْملك مُبْتَسِمًا ... وَأَقْبَلت ببريد السعد بشراه) (الْيَوْم ردَّتْ على الدُّنْيَا بشاشتها ... وأرضي الْملك وَالْإِسْلَام وَالله) (وَالْملك شدت عراه بِالنُّبُوَّةِ فار ... تزت دعائمه وَاشْتَدَّ ركناه) (وَصَارَ يعزى بَنو ساسان فِي مُضر ... صنعا من الله أسداه فأسناه) (قد زف من جده كَافِي الكفاة إِلَى ... من خَاله ملك الدُّنْيَا شهنشاه) (سبطان سدى رَسُول الله سلكهما ... فألحم الله مَا قد كَانَ سداه) (أَوْلَاد أَحْمد ريحَان الزَّمَان ومولانا ... الْوَزير من الريحان رياه) (أَوْلَاد أَحْمد مِنْهُ لَا يميزهم ... عَنهُ وَلَاء وَلَا مَال وَلَا جاه) (مَتى ابتنى وَاحِد مِنْهُم بِوَاحِدَة ... فَإِنَّمَا صافحت يمناه يسراه) // الْبَسِيط // قَالَ مؤلف الْكتاب كنت عزمت على إِيرَاد غرر مِمَّا مدح بِهِ الصاحب فِي هَذَا الْمَكَان فاقتصرت على مَا سيمر مِنْهَا عِنْد ذكر شعرائه وسياقة الْبَدَائِع من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 محاسنهم والوسائط من قلائدهم بِإِذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومشيئته وإرادته وَهَذِه غرر من فقر أَلْفَاظ الصاحب تجْرِي مجْرى الْأَمْثَال وَقد جمعت فِيهَا بَين مَا أخرجه الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد مِنْهَا فِي كِتَابه ملح الخواطر وَسبح الْجَوَاهِر وَبَين مَا أخرجته أَنا سالكا سَبيله ومحتذيا تمثيله من استماح الْبَحْر العذب استخرج اللُّؤْلُؤ الرطب من طَالَتْ يَده بالمواهب امتدت إِلَيْهِ أَلْسِنَة المطالب من كفر النِّعْمَة اسْتوْجبَ النقمَة من نبت لَحْمه على الْحَرَام لم يحصده غير الحسام من غرته أَيَّام السَّلَام حدثته ألسن الندامة من لم يهزه يسير الْإِشَارَة لم يَنْفَعهُ كثير الْعبارَة رب لطائف أَقْوَال تنوب عَن وظائف أَمْوَال الصَّدْر يطفح بِمَا جمعه وكل إِنَاء مؤد مَا أودعهُ اللبيب تكفيه اللمحة وتغنيه اللحظة عَن اللَّفْظَة الشَّمْس قد تغيب ثمَّ تشرق وَالرَّوْض قد يذبل ثمَّ يورق والبدر يأفل ثمَّ يطلع وَالسيف ينبو ثمَّ يقطع الْعلم بالتذاكر وَالْجهل بالتناكر إِذا تكَرر الْكَلَام على السّمع تقرر فِي الْقلب الضمائر الصِّحَاح أبلغ من الْأَلْسِنَة الفصاح الشَّيْء يحسن فِي إبانه كَمَا أَن الثَّمر يستطاب فِي أَوَانه الآمال ممدودة والعواري مَرْدُودَة الذكرى ناجعة وكما قَالَ الله تَعَالَى نافعة متن السَّيْف لين وَلَكِن حَده خشن وَمتْن الْحَيَّة أَلين ونابها أخشن عقد المنن فِي الرّقاب لَا يبلغ إِلَّا بركوب الصعاب بعض الْحلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 مذلة وَبَعض الإستقامة مزلة كتاب الْمَرْء عنوان عقله بل عيار قدره ولسان فَضله بل ميزَان علمه إنجاز الْوَعْد من دَلَائِل الْمجد وَاعْتِرَاض المطل من إمارات البخر وَتَأْخِير الْإِسْعَاف من قَرَائِن الإخلاف خير الْبر مَا صفا وضفا وشره مَا تَأَخّر وتكدر فراسة الْكَرِيم لَا تبطي وقيافة الشَّرّ لَا تخطي قد ينبح الْكَلْب الْقَمَر فليلقم النابح الْحجر كم متورط فِي عثار رَجَاء أَن يدْرك بثار بعض الْوَعْد كنقع الشَّرَاب وَبَعضه كَلمعِ السراب قد يبلغ الْكَلَام حَيْثُ تقصر السِّهَام رُبمَا كَانَ الْإِقْرَار بالقصور أنطق من لِسَان الشكُور رُبمَا كَانَ الْإِمْسَاك عَن الإطالة أوضح من الْإِبَانَة وَالدّلَالَة لكل امرىء أمل وَلكُل وَقت عمل إِن نفع القَوْل الْجَمِيل وَإِلَّا نفع السَّيْف الصَّقِيل شجاعة وَلَا كعمرو ومندوب وَلَا كصخر لَا يذْهبن عَلَيْك تفَاوت مَا بَين الشُّيُوخ والأحداث والنسور والبغاث كفران النعم عنوان النقم جحد الصَّنَائِع دَاعِيَة القوارع تلقى الْإِحْسَان بالجحود تَعْرِيض النعم للشرود قد يقوى الضَّعِيف ويصحو النزيف ويستقيم المائد وَيَسْتَيْقِظ الهاجد للصدر نفثة إِذا أحرج وللمرء بثة إِذا أحْوج مَا كل امرىء يستجيب للمراد ويطيع يَد الإرتياد قد يصلى البرىء بالسقيم وَيُؤْخَذ الْبر بالأثيم مَا كل طَالب حق يعطاه وَلَا كل شاتم مزن يسقاه إِن الْأَحْدَاث لَا رياضة لَهُم بتدبير الْحَوَادِث إِن السنين تغير السّنَن من ثقلت عَلَيْهِ النِّعْمَة خف وَزنه وَمن استمرت بِهِ الْغرَّة طَال حزنه أطع سُلْطَان النَّهْي دون شَيْطَان الْهوى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 فُصُول لَهُ ورقاع فِي الملاطفة والمداعبة فصل من كتاب لَهُ إِلَى أبي الْعَلَاء الْأَسدي ذكرت أَن أدهمك قطع الدَّهْر رباطه أَو قطع الْمَوْت نياطه ووصفت الْحمار الَّذِي استعضته فَلَا أَدْرِي أقرطته أم عضدته وَقد كتبت بابتياع مركوب لَك يعبوب أَو يعسوب أَو مرجوب بل رمست أَن يُقَاد إِلَيْك فِي كيس أعجر فَإِن شِئْت فَاتْرُكْهُ عنْدك أَشهب وَإِلَّا فابتع بِهِ أدهم أَو أشقر والتوقيع درج كتابي فليوصل والنقد عِنْد الْحَافِر وَبِه يملك الْخُف والحافر ويجنب الْأَعَز السَّائِل والأقرح النَّادِر فصل من كتاب فِي الغضائري الغضائري وَمَا أَدْرَاك مَا الغضائري اسْتَزَادَ إِلَى الْجمال جمالا وَعَاد بَدْرًا وَكَانَ هلالا فَإِن شِئْت فالغصن ميالا وَإِن شِئْت فالدعص منهالا (كَأَن جَمِيع النَّاس يلقون وَجهه ... بناظرك الْمفْتُون وَالْحب شَامِل) (رويدك إِن أَحْبَبْت فالغصن مائل ... وَإِن تصب بعد الدعص فالدعص هائل) // الطَّوِيل // وَهُوَ يهدي إِلَيْك سَلاما كرقة خَدّه ونسيم عرفه وغزارة دمعك من بعده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 ) سَلاما كَمَا رق النسيم على الصِّبَا ... وَجَاء رَسُول الْورْد فِي زمن الْورْد) // الطَّوِيل // تأبى أَيهَا العَبْد الصَّالح إِلَّا أَن تغمسنا مَعَك فِي مزح المازح (أَلا رب ذِي مزح يُحَرك حبله ... وحبل التقى من قلبه محصد شزر) // الطَّوِيل // فصل وَمَا الشَّأْن إِلَّا فِي أَنَّك تنْتَقل فِي الْهوى تنقل الأفياء وتتميل فِي الْحبّ كشارب الصَّهْبَاء فَمرَّة الغضائري حَتَّى إِذا حسبناك قد صرت لَهُ وَصَارَ لَك وعلق بك أمله وأملك بِعْت قَدِيما بِحَدِيث وتليدا بطريف واستهوتك حبائل القمى فَقُمْت تفتل فِي حبله وتحرص على وَصله ثمَّ تطمع أَن تضم ضدا إِلَى ضد وَتجمع سيفين فِي غمد وهيهات إِن الغضائري قد أبلغه ذَلِك فازور وتنمر وغار وتنكر وَقد كَانَ لَهُ عزم فِي الْمسير إِلَى أَصْبَهَان ففتر بفتور صبوتك وخف بِظُهُور نبوتك (نقل فُؤَادك حَيْثُ شِئْت من الْهوى ... مَا الْحبّ إِلَّا للحبيب الأول) // الْكَامِل // وَقد جعله بعض الشُّعَرَاء للحبيب الآخر وَأما نَحن فننشد لكثير (إِذا مَا أَرَادَت خلة أَن تزيلنا ... أَبينَا وَقُلْنَا الحاجبية أول) // الطَّوِيل // وَالله يسْقِي عَهْدك العهاد ويعيدنا وَإِيَّاك على البعاد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 رقْعَة استزارة هَذَا الْيَوْم يَا سَيِّدي طاروني يُعجبنِي نوؤه الفاختي وَإِذ قد غَابَتْ شمس السَّمَاء عَنَّا فَلَا بُد أَن تَدْنُو شمس الأَرْض منا فَإِن نشطت للحضور شاركتنا فِي السرُور وَإِلَّا فَلَا إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار وَلَك مَتى شِئْت الإختيار وَفِي مثلهَا غَدا يَا سَيِّدي ينحسر الصّيام وتطيب المدام فَلَا بُد من أَن نُقِيم أسواق الْأنس نافقة وننشر أَعْلَام السرُور خافقة فبالفتوة فَإِنَّهَا قسم للظراف يفْرض حسن الْإِسْعَاف لما بادرتها وَلَو على جنَاح الرّيح إِن شَاءَ الله تَعَالَى أُخْرَى نَحن يَا سَيِّدي فِي مجْلِس غَنِي إِلَّا عَنْك شَاكر إِلَّا مِنْك قد تفتحت فِيهِ عُيُون النرجس وتوردت فِيهِ خدود البنفسج وفاحت مجامر الأترج وفتقت فارات النارنج وأنطقت أَلْسِنَة العيدان وَقَامَ خطباء الأوتار وهبت ريَاح الأقداح ونفقت سوق الْأنس وَقَامَ مُنَادِي الطَّرب وطلعت كواكب الندماء وامتدت سَمَاء الند فبحياتي لما حضرت لنحصل بك فِي جنَّة الْخلد وتتصل الْوَاسِطَة بِالْعقدِ فِي مثلهَا نَحن وحياتك فِي مجْلِس راحه ياقوت ونوره در ونارنجه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 ذهب ونرجسه دِينَار وَدِرْهَم ويحملها زبرجد وألسنة العيدان تخاطب الظراف بهلم إِلَى الأقداح لَكنا بغيبتك كعقد غيبت واسطته وشباب أخذت جدته فَأحب أَن تكون إِلَيْنَا أسْرع من المَاء فِي إنحداره وَالْقَمَر فِي مَدَاره فِي مثلهَا مَجْلِسنَا يَا سَيِّدي مفتقر إِلَيْك معول فِي إغنائه عَلَيْك وَقد أَبَت رَاحَة أَن تصفو إِلَّا أَن تتناولها يمناك وَأقسم غناؤه لَا طَابَ أَو تعيه أذناك فَأَما خدود نارنجه فقد احْمَرَّتْ خجلا إبطائك وعيون نرجسه فقد حذفت تأميلا للقائك فبحياتي عَلَيْك لما تعجلت لِئَلَّا يخْبث من يومي مَا طَابَ وَيعود من همي مَا طَار فِي مثلهَا صرنا أيد الله مَوْلَانَا فِي بُسْتَان كَأَنَّهُ من خلقه خلق وَمن خلقه سرق فَرَأَيْنَا أشجارا تميل فَتذكر تبريح الأحباب وَقد تداولتهم أَيدي الشَّرَاب وأنهارا كَأَنَّهَا من يَد مَوْلَانَا تسيل أَو من رَاحَته تفيض وحضرنا فلَان فعلا نجمنا وَحمد أمرنَا وتسهل طَرِيق الْخَيْر لنا فَلَمَّا دبت الكؤوس فيهم دَبِيب الْبُرْء فِي السقم وَالنَّار فِي الفحم رأى أَن نجْعَل أنسنا غَدا عِنْده فَقلت سمعا وَلم أستجز لأَمره دفعا وَالْتمس أَن أخلفه فِي تجشيم مولَايَ إِلَى الْمجمع ليقرب علينا متناول الْبَدْر بمشاهدته ولمس الشَّمْس بمطالعته فَإِن رأى أَن يشفعني أسعفني إِن شَاءَ الله تَعَالَى فصل أَنا على طرف بُسْتَان أذكرني ورده المتفتح بخلقك وجدوله السابح بطبعك وزهره الجني بقربك فصل من كتاب آخر علقت هَذِه الأحرف وَأَنا على حافة حَوْض ذِي مَاء أَزْرَق كصفاء ودي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 لَك ورقة قولي فِي عتابك وَلَو رَأَيْته لأنسيت أحواض مأرب ومشارب أم غَالب وَقد قابلتني شقائق كالزنوج تجارحت فسالت دماؤها وضعفت فَبَقيَ ذماؤها وسامتني أَشجَار كَأَن الْحور أعارتها أثوابها وكستها أبرادها وحضرتني نارنجات ككرات من سفن ذهبت أَو ثدي أبكار خلقت وَقد تبرم بِي الْحَاضِرُونَ لطول الْكتاب فوقفت وكففت وصدفت عَن كثير مِمَّا لَهُ تشوفت وَمن رقْعَة مضيت وشاهدت أحسن منظر فالأرض زمردة وَالْأَشْجَار وَشَيْء وَالْمَاء سيوف وَالطير قيان رقْعَة فِي الإعتذار من هفوة الكأس سَيِّدي أعرف بِأَحْكَام الْمُرُوءَة من أَن يهدى إِلَيْهَا وأحرص على عمَارَة سبل الفتوة من أَن يحض عَلَيْهَا وقديما حملت أوزار السكر على ظُهُور الْخمر وطوي بِسَاط الشَّرَاب على مَا فِيهِ من خطأ وصواب وَكنت البارحة بعقب شكاة أضعفتني ونقلتني عَن عادتي واستعفيت السقاة غير دفْعَة فابوا إِلَّا إلحاحا عَليّ وإتراعا إِلَيّ وكرهت الإمتناع خشيَة أَن أوقع الكساد فِي سوق الْأنس وتفاديا من أَن يقْعد على خنصر الثقيل فَلَمَّا بلغت الْحَد الَّذِي يُوجب الْحَد بدر مني مَا يبدر مِمَّن لَا يَصْحَبهُ لبه وَلَا يساعده عقله وَقَلبه وَلَا غرو فموالاة الأرطال تدع الشُّيُوخ كالأطفال فَإِن رأى أَن يقبل عُذْري فِيمَا جناه سكري ويهب جُرْمِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 لمعرفته نيتي فِي صحوي وَإِن أَبى إِلَّا معاقبتي جعلهَا قسمَيْنِ بَين المدام وبيني فعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تنوير باكورة خلاف قد نور لتنوير الْخلاف فَضَائِل لَا تحصى ومحاسن تطول أَن تستقصى مِنْهَا أَنه أول ثغر يبسم عَنهُ الرّبيع ويضحك ودر يعْقد على القضبان ويسبك ولتمايله ادكار بقدود الأحباب وتهييج لسواكن الأطراب وَحمل إِلَى قضيب مِنْهُ ورداته متعادلة ولذاته متقابلة فأنفذته مَعَ رقعتي هَذِه إِلَيْك وَسَأَلت الله أَن يُعِيدهُ ألف حول عَلَيْك وَقلت (وقضيب من الْخلاف بديع ... مستخص بِأَحْسَن الترصيع) (قد نعى شدَّة الشتَاء علينا ... وسعى فِي جلاء وَجه الرّبيع) (وَحكى من أحب عرفا وظرفا ... واهتزازا يثير مَاء ضلوعي) (رقة مَا نظمت نَحْو بديع الْمجد ... حاكى الرّبيع حسن صنيعي) // الْخَفِيف // فِي إهداء أترجة مَا زلت يَا سَيِّدي أفكر فِي تحفة تجمع أَوْصَاف معشوق وعاشق وتنظم نعوت مشوق وشائق حَتَّى ظَفرت بأترجة كَأَن لونا لوني وَقد منيت ببعدك وبليت بصدك وَكَأن عرفهَا مستعار من عرفك وظرفها مُشْتَقّ من ظرفك فَكَأَنَّهَا بعض من لَا أُسَمِّيهِ وَأَنا أفديه فأنفذتها وَقلت (مولَايَ قد جاءتك أترجة ... من بعض أخلاقك مخلوقه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 (ألبسها صانعها حلَّة ... من سرق أصفر مسروقه) // السَّرِيع // فِي إهداء اقلام قد خدمت دَوَاة مولَايَ بأقلام تتخفف بأنامله وتتحمل نفحات فواضله وتأنقت فِي بريها فَأَتَت كمناقير الْحمام واعتدال السِّهَام خَمْسَة مِنْهَا مصرية مقومة عَلَيْهَا حلل مسهمة وَعشرَة مِنْهَا بيض كأياديه وَأَيَّام مؤمليه وَالله يديم لَهُ مواد نعْمَته ويوفقني لشرائط خدمته تهنئة ببنت أَهلا وسهلا بعقيلة النِّسَاء وَأم الْأَبْنَاء وجالبة الأصهار وَالْأَوْلَاد الْأَطْهَار والمبشرة بإخوة يتناسقون نجباء يتلاحقون (فَلَو كَانَ النِّسَاء كَمثل هذي ... لفضلت النِّسَاء على الرِّجَال) (وَمَا التَّأْنِيث لإسم الشَّمْس عيب ... وَلَا التَّذْكِير فَخر للهلال) // الوافر // فادرع يَا سَيِّدي اغتباطا واستأنف نشاطا فالدنيا مُؤَنّثَة وَالرِّجَال يخدمونها والذكور يعبدونها وَالْأَرْض مُؤَنّثَة وَمِنْهَا خلقت الْبَريَّة وفيهَا كثرت الذُّرِّيَّة وَالسَّمَاء مُؤَنّثَة وَقد زينت بالكواكب وحليت بِالنَّجْمِ الثاقب وَالنَّفس مُؤَنّثَة وَبهَا قوام الْبدن وملاك الْحَيَوَان والحياة مُؤَنّثَة ولولاها لم تتصرف الْأَجْسَام وَلَا عرف الْأَنَام وَالْجنَّة مُؤَنّثَة وَبهَا وعد المتقون وَلها بعث المُرْسَلُونَ فهنيئا هَنِيئًا مَا أوليت وأوزعك الله شكر مَا أَعْطَيْت وَأطَال بَقَاءَك مَا عرف النَّسْل وَالْولد وَمَا بَقِي الأمد وكما عمر لبد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 رقْعَة مداعبة خبر سَيِّدي عِنْدِي وَإِن كتمه عني واستأثر بِهِ دوني وَقد عرفت خَبره البارحة فِي شربه وأنسه وغناء الضَّيْف الطارق وعرسه وَكَانَ مَا كَانَ مِمَّا لست أذكرهُ وَجرى مَا جرى مِمَّا لست أنشره وَأَقُول إِن مولَايَ امتطى الْأَشْهب فَكيف وجد ظَهره وَركب الطيار فَكيف شَاهد جريه وَهل سلم على حزونة الطَّرِيق وَكَيف تصرف أَفِي سَعَة أم ضيق وَهل أفرد الْحَج أم تمتّع بِالْعُمْرَةِ وَقَالَ فِي الحملة بالكرة ليتفضل بتعريفي الْخَبَر فَمَا يَنْفَعهُ الْإِنْكَار وَلَا يُغني عَنهُ إِلَّا الْإِقْرَار وَأَرْجُو أَن يساعدنا الشَّيْخ أَبُو مرّة كَمَا ساعده مره فنصلي للْقبْلَة الَّتِي صلى إِلَيْهَا ونتمكن من الدرجَة الَّتِي خطب عَلَيْهَا هَذَا وَله فضل السَّبق إِلَى ذَلِك الميدان لكثير الفرسان وَمن أُخْرَى انْفَرَدت يَا سَيِّدي بِتِلْكَ انْفِرَاد من يحْسب مطلع الشَّمْس من وَجههَا ومنبت الدّرّ من فمها وملقط الْورْد من خَدّه ومنبع السحر من طرفها وحقاق العاج من ثديها ومبادئ اللَّيْل من شعرهَا ومغرس الْغُصْن فِي قدها ومهيل الرمل فِي ردفها وكلا فَإِنَّهَا شوهاء ورهاء خرقاء خلقاء كَأَنَّمَا محياها أَيَّام المصائب وليالي النوائب وكأنما قربهَا فقد الحبائب وَسُوء العواقب وكأنما وَصلهَا عدم الْحَيَاة وَمَوْت الْفجأَة وكأنما هجرها قُوَّة الْمِنَّة وكأنما فقدها ريح الْجنَّة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 وَمن كتاب مداعبة الله الله فِي أَخِيك لَا تظهر كِتَابَة فَيحكم عَلَيْهِ بالماليخوليا وبالتخاييل الْفَاسِدَة فقد ذكر جالينوس أَن قوما يبلغ بهم سوء التخيل أَن يقدروا أجسامهم زجاجا فيجتنبوا ملامسة الْحِيطَان خشيَة أَن يتكسروا وَحكى أَن قوما يظنون أنفسهم طيورا فَلَا يغتذون إِلَّا القرطم والحظ كتابي دفْعَة ثمَّ مزقه فَلَا طائل فِيهِ وَلَا عَائِد لَهُ وَلَا فرج عِنْده وعَلى ذكر الْفرج فقد كَانَت بهمذان شاعرة مجيدة تعرف بالحنظلية وخطبها أَبُو عَليّ كَاتب بكر فَمَا ألح عَلَيْهَا وألحفت كتبت إِلَيْهِ (أيرك أير مَا لَهُ ... عِنْد حري هَذَا فرج) (فاصرفه عَن بَاب حري ... وادخله فِي حَيْثُ خرج) // مجزوء الرجز // هَذِه وَالله فِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ أشعر من كَبْشَة أم عَمْرو والخنساء أُخْت صَخْر وَمن كعوب الهذلية وليلى الأخيلية وَمن فقر رسائله من سَائِر الْفُنُون رِسَالَة كتبهَا إِلَى أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد فِي شَأْن أبي عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد وَسمعت الْأَمِير أَبَا الْفضل عبيد الله بن أَحْمد يسردها فزادني جريها على لِسَانه وصدروها عَن فَمه إعجابا بهَا وَهِي كتابي هَذَا وَقد أرْخى اللَّيْل سدوله وسحب الظلام ذيوله وَنحن على الرحيل غَدا إِن شَاءَ الله إِذا مد الصَّباح غرره قبل أَن يسبغ حجوله وَلَوْلَا ذَاك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 لأطلته كوقوف الحجيج على المشاعر وَلم أقتصر مِنْهُ على زَاد الْمُسَافِر فَإِن المتحمل لَهُ وسيع الْحُقُوق لدي حقيق أَن أتعب لَهُ خاطري ويدي وَهُوَ أَبُو عبد الله المحامدي أعزه الله تَعَالَى كَانَ وافانا مَعَ ذَلِك الشَّيْخ الشَّهِيد أبي سعيد الشبيبي السعيد رفع الله مَنَازِله وَقتل قَاتله يكْتب لَهُ فآنسنا بفضله وأنسنا الْخَيْر من عقله فَلَمَّا فجع بِتِلْكَ الصُّحْبَة وَبِمَا كَانَ لَهُ فِيهَا من الْقرْبَة لم يرض غير بَابي مشرعا وَغير جنابي مرتعا وَقطع إِلَيّ الطَّرِيق الشاق مؤكدا حَقًا لَا يشق غباره وَلَا ينسى على الزَّمَان ذماره وَكنت على جنَاح النهضة الَّتِي لم يسْتَقرّ نَوَاهَا وَلم تبن حصباها وَلم تلق عصاها فأمرج الْحر الْمُبْتَدَأ الْأَمر الْقَرِيب الْعَهْد بوطأة الدَّهْر حَامِل عَلَيْهِ بالمركب الوعر فرددته إِلَيْك يَا سَيِّدي لتسهل عَلَيْهِ حجابك وتمهد لَهُ جنابك وتترصد لَهُ عملا خَفِيف الثّقل ندى الظل فَإِذا اتّفق عرضته عَلَيْهِ ثمَّ فوضته إِلَيْهِ وَهُوَ إِلَى أَن يتَّفق ذَاك ضَيْفِي وَعَلَيْك قراه وعندك مربعه ومشتاه وَيُرِيد اشتغالا بِالْعلمِ ليزيده فِي الإستقلال إِلَى أَن يَأْتِيهِ إِن شَاءَ الله خبرنَا فِي الإستقرار ثمَّ لَهُ الْخِيَار إِن شَاءَ أَقَامَ على مَا وليته وَإِن شَاءَ لحق بِنَا ناشرا مَا أوليته وَقد وَقعت لَهُ إِلَى فلَان مَا يُعينهُ على بعض الإنتظار إِلَى أَن تخْتَار لَهُ أيدك الله كل الإختيار فأوعز إِلَيّ بتعجيله واكفني شغل الْقلب بِهَذَا الْحر الَّذِي أفردني بتأميله إِن شَاءَ الله تَعَالَى رقْعَة لَهُ إِلَى القَاضِي أبي بشر الْفضل بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ عِنْد وُرُوده بَاب الرّيّ وافدا عَلَيْهِ (تحدثت الركاب بسير أروى ... إِلَى بلد حططت بِهِ خيامي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 (فكدت أطير من شوقي إِلَيْهَا ... بقادمة كقادمة الْحمام) أفحق مَا قيل أَمر القادم أم ظن كأماني الحالم لَا وَالله بل هُوَ دَرك العيان وَإنَّهُ ونيل المنى سيان فمرحبا أَيهَا القَاضِي براحلتك ورحلك بل أَهلا بك وبكافة أهلك وَيَا سرعَة مَا فاح نسيم مسراك وَوجدنَا ريح يُوسُف من رياك فَحَث المطى تزل غلتي بسقياك وتزح علتي بلقياك وَنَصّ على يَوْم الْوُصُول لنجعله عيدا مشرفا ونتخذه موسما ومعرفا ورد الْغُلَام أسْرع من رَجَعَ الْكَلَام فقد أَمرته أَن يطير على جنَاح نسر وَأَن يتْرك الصِّبَا فِي عقال وَأسر (سقى الله دارات مَرَرْت بأرضها ... فأدتك نحوي يَا زِيَاد بن عَامر) (أصائل قرب أرتجي أَن أنالها ... بلقياك قد زحزحن حر الهواجر) رقْعَة فِي ذكر مصحف أهدي إِلَيْهِ الْبر أدام الله الشَّيْخ أَنْوَاع تطول بِهِ أبواع وتقصر عَنهُ أبواع فَإِن يكن فِيهَا مَا هُوَ أكْرم منصبا وأشرف منسبا فتحفة الشَّيْخ إِذا أهدي مَا لَا تشاكله النعم وَلَا تعادله الْقيم كتاب الله وَبَيَانه وَكَلَامه وفرقانه ووحيه وتنزيله وهداه وسبيله ومعجز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدَلِيله طبع دون معارضته على الشفاه وَختم على الخواطر والأفواه فقصر عَنهُ الثَّقَلَان وَبَقِي مَا بَقِي الملوان لَا ئح سراجه وَاضح منهاجه مُنِير دَلِيله عميق تَأْوِيله يقصم كل شَيْطَان مُرِيد ويذل كل جَبَّار عنيد وفضائل الْقُرْآن لَا تحصى فِي ألف قرَان فأصف الْخط الَّذِي بهر الطّرف وفَاق الْوَصْف وَجمع صِحَة الْأَقْسَام وَزَاد فِي نخوة الأقلام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 بل أصفه بترك الْوَصْف فأخباره آثاره وعينه فراره وَحقا أَقُول إِنِّي لَا أَحسب أحدا مَا خلا الْمُلُوك جمع من الْمَصَاحِف مَا جمعت وابتدع فِي استكتابها مَا ابتدعت وَإِن هَذَا الْمُصحف لزائد على جَمِيعهَا زِيَادَة الْقرعَة على الْغرَّة بل زِيَادَة الْحَج على الْعمرَة (لقد أهديته علقا نفيسا ... وَمَا يهدي النفيس سوى النفيس) فصل من كتاب لَهُ إِلَى ابْن العميد صدر جَوَابا عَن كِتَابه إِلَيْهِ فِي وصف الْبَحْر وَكَانَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ يحفظه وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ ويعجب السامعون من فَصَاحَته وَلم أره يحفظ من الرسائل غَيره وصل كتاب الْأُسْتَاذ الرئيس صادرا عَن شط الْبَحْر بِوَصْف مَا شَاهد من عجائبه وعاين من مراكبه وَرَآهُ من طَاعَة آلاته للرياح كَيفَ أرادتها واستجابة أدواتها لَهَا مَتى نادتها وركوب النَّاس أشباحها وَالْخَوْف بمرأى ومسمع والمنون بمرقب ومطلع والدهر بَين أَخذ وَترك والأرواح بَين نجاة وَهلك إِذا أفكروا فِي المكاسب الخطيرة هان عَلَيْهِم الْخطر وَإِذا لاحت لَهُم غرر المطالب الْكَثِيرَة حبب إِلَيْهِ الْغرَر وَعرفت مَا قَالَه من تمنيه كوني عِنْد ذَلِك بِحَضْرَتِهِ وحصولي على مساعدته وَمن رأى بَحر الْأُسْتَاذ لأحواله واستعظامه لأهواله كَمَا لَا شَيْء أبلغ فِي مفاخره وأنفس فِي جواهره من وصف الْأُسْتَاذ لَهُ فَإِنِّي قَرَأت مِنْهُ المَاء السلسال لَا الزلَال وَالسحر الْحَرَام لَا الْحَلَال وَقد علم أَنه كتب وَلما أخطر بفكره سَعَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 صَدره فَلَو فعل ذَلِك لرَأى الْبَحْر وشلالا يفضل عَن التبرض وثمدا لَا يكثر عَن الترشف (وَكم من جبال جبت تشهد أَنَّك الْجبَال ... وبحر شَاهد أَنَّك الْبَحْر) ومحاسن فقر الصاحب تستغرق الدفاتر وتستنزف فِي الإنتخاب مِنْهَا الخواطر وَلَيْسَ يَتَّسِع هَذَا الْكتاب لغيض من فيضها وقطرة من سيحها هَذَا مَا اخترته من ملح شعره فِي الْغَزل وَمَا يتَعَلَّق بِهِ قَالَ (تسحب مَا أردْت على الصَّباح ... فهم ليل وَأَنت أَخُو الصَّباح) (لقد أولاك رَبك كل حسن ... وَقد ولاك مملكة الملاح) (وَبعد فَلَيْسَ يحضرني شراب ... فأنعم من رضابك لي براح) (وَلَيْسَ لدي نقل فارتهني ... بِنَقْل من ثناياك الوضاح) // الوافر // قَالَ (لَا ترجو إصْلَاح قلبِي بلوم ... حلف الجفن لَا أستقل بنوم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 (وهواه لَئِن تَأَخّر عني ... طول يومي إِنِّي سيحضر يومي) // الْخَفِيف // وَقَالَ (عَليّ كالغزال وكالغزالة ... رَأَيْت بِهِ هلالا فِي غلاله) (كَأَن بَيَاض غرته رشاد ... كَأَن سَواد طرته ضلاله) (كَأَن الله أرْسلهُ نَبيا ... وصير حسنه أقوى دلاله) (إِذا مَا زِدْت وصلا زِدْت خبلا ... كَأَن حبال وصلك لي خباله) // الوافر // وَقَالَ (هَذَا عَليّ عَليّ فِي محاسنه ... كَأَنَّمَا وَصفه أَن يبلغ الأملا) (وَكم أَقُول وَقد أَبْصرت طلعته ... هَذَا الَّذِي فِي طراز الله قد عملا) // الْبَسِيط // وَقَالَ (وشادن أصبح فَوق الصفه ... قد ظلم الصب وَمَا أنصفه) (كم قلت إِذْ قبل كفي وَقد ... تيمني يَا لَيْت كفي شفه) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ (أَبَا شُجَاع يَا شُجَاع الورى ... وَمن غَدا فِي حسنه قبله) (قبل فمي إِن كنت لي مؤثرا ... فاليد لَا تعرف الْقبْلَة) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ (وشادن جماله ... تقصر عَنهُ صِفَتي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 (أَهْوى لتقبيل يَدي ... فَقلت لَا بل شفتي) // مجزوء الرجز // وَقَالَ (قل لأبي الْقَاسِم إِن جِئْته ... هنيت مَا أَعْطَيْت هنيته) (كل جمال فائق رائق ... أَنْت برغم الْبَدْر أُوتِيتهُ) // السَّرِيع // وَقَالَ (قل لأبي الْقَاسِم الْحُسَيْنِي ... يَا نَار قلبِي وَنور عَيْني) (الْبَدْر زين السَّمَاء حسنا ... وَأَنت زين لكل زين) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ من بَاب الإقتباس من الحَدِيث (ومهفهف يُغني عَن الْقَمَر ... قمر الْفُؤَاد بفاتن النّظر) (خالسته تفاح وجنته ... من غير إبْقَاء وَلَا حذر) (فأخافني قوم فَقلت لَهُم ... لَا قطع فِي ثَمَر وَلَا كثر) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مثله (قَالَ لي إِن رقبي ... سيء الْخلق فداره) (قلت دَعْنِي وَجهك ... الْجنَّة حفت بالمكاره) // مجزوء الرمل // وَقَالَ فِي مثله (أَقُول وَقد رَأَيْت لَهُ سحابا ... من الهجران مقبلة إِلَيْنَا) (وَقد سحت غزالتها بهطل ... حوالينا الصدود وَلَا علينا) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 وَقَالَ (الْحبّ سكر خماره التّلف ... يحسن فِيهِ الذبول والدنف) (عابوه إِذْ لج فِي تصلفه ... وَالْحسن ثوب طرازه الصلف) // المنسرح // وَقَالَ (وشادن يكثر من قَول لَا ... أوقع قلبِي فِي ضروب البلا) (قلت وَقد تيمني طرفه ... هَذَا هُوَ السحر وَإِلَّا فَلَا) // السَّرِيع // وَقَالَ رَحمَه الله (وشادن ذِي غنج ... طاوي الحشى معتدل) (أنشدته شعرًا بديعا ... حسنا من عَمَلي) (فَقَالَ فِيمَن وَلمن ... فَقلت هَذَا فِيك لي) (فطار فِي وجنته ... شُعَاع نَار الخجل) // مجزوء الرجز // وَقَالَ (قد قلت لما مر يخْطر مَاشِيا ... وَالنَّاس بَين معوذ أَو عاشق) (لم يكف مَا صنعت شقائق خَدّه ... حَتَّى تلبس حلَّة بشقائق) // الْكَامِل // وَقَالَ (دعتني عَيْنَاك نَحْو الصِّبَا ... دُعَاء يُكَرر فِي كل ساعه) (وَلَوْلَا تقادم عهد الصِّبَا ... لَقلت لعينيك سمعا وطاعه) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 وَقَالَ (شتمت من تيمني مغالطا ... لأصرف العاذل عَن لجاجته) (فَقَالَ لما وَقع الْبَزَّاز فِي ... الثَّوْب علمنَا أَنه من حَاجته) // الرجز // وَقَالَ (أَتَانِي الْبَدْر باكيا خجلا ... فَقلت مَاذَا دهاك يَا قمر) (قَالَ غزال أَتَى ليعزلني ... بحسنه فالفؤاد منفطر) (فَقلت قبل ترابه عجلا ... واسجد لَهُ قَالَ كل ذَا غرر) (قد بَايَعت أنجم السَّمَاء لَهُ ... فَلَيْسَ لي مفزع وَلَا وزر) // المنسرح // وَقَالَ (يَا قمرا عارضني على وَجل ... وصاله يشبه تَأْخِير الْأَجَل) (وَقَالَ تبغي قبْلَة على عجل ... قلت أجل ثمَّ أجل ثمَّ أجل) // الراجز // وَقَالَ (وشادن فِي الْحسن كالطاووس ... أخلاقه كليلة الْعَرُوس) (قد نَالَ باللحظ من النُّفُوس ... مَا لم تنله الرّوم من طرسوس) // الرجز // وَقَالَ (بدا لنا كالبدر فِي شروقه ... يشكو غزالا لج فِي عقوقه) (يَا عجبا والدهر فِي طروقه ... من عاشق أحسن من معشوقه) // الرجز // سَمِعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول أَنْشدني الصاحب هَذِه القوافي لَيْلَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 وَقَالَ هَل تعرفُون نظيرا لمعناها فِي شعر الْمُحدثين فَقلت لَا أعرف إِلَّا قَول البحتري (وَمن عجب الدَّهْر أَن ... الْأَمِير أصبح أكتب من كَاتبه) // المتقارب // فَقَالَ جودت وأحسنت وَهَكَذَا فَلْيَكُن الْحِفْظ وَقَالَ (عزمت على الفصد يَا سَيِّدي ... لفضل دم كظني مؤلم) (فَلَمَّا تَأَخَّرت عَن مجلسي ... أرقت لغير افتصاد دمي) // المتقارب // وَقَالَ (ومهفهف شكل المجون ... أضنى فُؤَادِي بالفتون) (فنسيمه ملْء الأنوف ... وَحسنه ملْء الْعُيُون) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (فَمن كَانَ يقطف ورد الْجنان ... فقطفي مذ كنت ورد الخدود) (وهمي مذ كنت در الثغور ... إِذا اهتم غَيْرِي بدر الْعُقُود) // المتقارب // وَقَالَ (كُنَّا وَأَسْبَاب الْهوى متفقه ... نبتا من الْورْد مَعًا فِي ورقه) (فَالْآن إِذْ أَسبَابه مفترقه ... قد صَارَت الأَرْض علينا حلقه) // الرجز // وَقَالَ (يَا خاطرا يخْطر فِي تيهه ... ذكرك مَوْقُوف على خاطري) (إِن لم تكن آثر من ناظري ... عِنْدِي فَلَا متعت بالناظر) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 وَقَالَ (تَأَخَّرت عني والغرام غَرِيم ... وَمَا مل قرب الأكرمين كريم) (وأوهمتني سقما وَأَنت مصحح ... بلَى لَك عهد كَيفَ شِئْت سقيم) (وَلَو شِئْت لم تخلط وصالا بِهِجْرَة ... كَمَا شيب بِالْمَاءِ الزلَال حميم) (فَفِي الدَّهْر كَاف أَن يفرق إِنَّه ... وَصِيّ ظلوم والكريم يَتِيم) // الطَّوِيل // وَقَالَ ويروي لغيره (رشأ غَدا وجدي عَلَيْهِ كردفه ... وَغدا اصْطِبَارِي فِي هَوَاهُ كخصره) (وَكَأن يَوْم وصاله من وَجهه ... وَكَأن لَيْلَة هجره من شعره) (إِن ذقت خمرًا خلتها من رِيقه ... أَو رمت مسكا نلته من نشره) (وَإِذا تكبر واستطال بحسنه ... فعذار عَارضه يقوم بِعُذْرِهِ) // الْكَامِل // ملح من شعره فِي الصدغ والخط والعذار قَالَ (يَا شادنا فِي صُدْغه عقرب ... مَا يستحيب الدَّهْر للراقي) (يسلم خداه على لدغها ... ولدغها فِي كَبِدِي بَاقِي) // السَّرِيع // وَقَالَ (وعهدي بالعقارب حِين تشتو ... تخفف لدغها وتقل ضرا) (فَمَا بَال الشتَاء أُتِي وهذي ... عقارب صُدْغه تزداد شرا) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 وَقَالَ (رَأَيْت عليا فِي لِبَاس جماله ... فشاهدت مِنْهُ الرَّوْض ثَانِي مزنه) (وَلما تبدى لي امتداد عذاره ... رايت طراز الله فِي ثوب حسنه) // الطَّوِيل // وَقَالَ (إِن كنت تنكره فالشمس تعرفه ... أَو كنت تظلمه فالحسن ينصفه) (مَا جَاءَهُ الشّعْر كي يمحو محاسنه ... وَإِنَّمَا جَاءَهُ عمدا يغلفه) // الْبَسِيط // وَقَالَ (لما بدا الْعَارِض فِي الخد ... زَاد الَّذِي ألْقى من الوجد) (وَقلت للعذال يَا من رأى ... بنفسجا يطلع من ورد) // السَّرِيع // وَقَالَ (دب العذار على ميدان وجنته ... حَتَّى إِذا كَاد أَن يسْعَى بِهِ وَقفا) (كَأَنَّهُ كَاتب عز المداد لَهُ ... أَرَادَ يكْتب لاما فابتدا ألفا) // الْبَسِيط // وَقَالَ (عذار كالطراز على الطّراز ... وشمس فِي الْحَقِيقَة لَا الْمجَاز) (تبدى عارضاه فعارضاني ... وَقَالا لَا تمر بِلَا جَوَاز) (فَقلت الْقلب عنْدكُمْ مُقيم ... وَمَا حسن الثِّيَاب بِلَا طراز) // الوافر // وَقَالَ (أنظر إِلَيْهِ كَأَنَّهُ ... شمس وَبدر حِين أشرف) (والحظ محَاسِن خَدّه ... تعذر دموعي حِين تذرف) (فَكَأَنَّهَا الواوات حِين يخطها قلم محرف ... ) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 وَقَالَ (أَبُو نصر بن بكران ... مليح الْحَظ والخط) (فَهَذَا النَّمْل فِي العاج ... وَذَاكَ الدّرّ فِي السمط) // الهزج // وَقَالَ (إِن لبس السوَاد أقوى دَلِيل ... لأمير يَلِي أُمُور الْعباد) (وأمير الملاح يَأْتِيهِ عزل ... حِين تَلقاهُ لابسا للسواد) // الْخَفِيف // وَقَالَ (وَخط كَأَن الله قَالَ لحسنه ... تشبه بِمن قد خطك الْيَوْم فأتمر) (وهيهات أَيْن الْخط من حسن وَجهه ... وَأَيْنَ ظلام اللَّيْل من صفحة الْقَمَر) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي صباح الْحَاجِب (خداه ورد وصدغه سبج ... ومقلتاه الْغناء والراح) (إِن هز أَطْرَافه على نغم ... شقَّتْ جُيُوب وطاح أَرْوَاح) (وَجُمْلَة القَوْل فِي محاسنه ... أَن أَمِير الصَّباح صباح) // المنسرح // وَقَالَ (رق الزّجاج ورقت الْخمر ... فتشابها فتشاكل الْأَمر) (فَكَأَنَّمَا خمر وَلَا قدح ... وكأنما قدح وَلَا خمر) // الْكَامِل // وَقَالَ (وقهوة قد حضرت بختمها ... فَقلت للندمان عِنْد شمها) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 (لَا تقبضن بِالْمَاءِ روح جسمها ... فحسبها مَا شربت من كرمها) // الرجز // وَقَالَ (متغايرات قد جمعن وَكلهَا ... متشاكل أشباحها أَرْوَاح) (وَإِذا أردْت مُصَرحًا تَفْسِيرهَا ... فالراح والمصباح والتفاح) (لَو يعلم الساقي وَقد جمعن لي ... من أَي هذي تملأ الأقداح) // المتكامل // وَقَالَ (وَلما بدا التفاح أَحْمَر مشرقا ... دَعَوْت بكأسي وَهِي ملأى من الشَّفق) (وَقلت لساقيها أدرها فَإِنَّهَا ... خدود عذارى قد جعلن على طبق) // الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة (وكأس تَقول الْعين عِنْد جلائها ... أهل لخدود الغانيات عصير) (تحاميتها إِلَّا تعلل واصف ... وَقد يطرب الْإِنْسَان وَهُوَ كَبِير) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة (وصفراء أَو حَمْرَاء فَهِيَ نحيلة ... لرقتها إِلَّا على المتوهم) (تشككنا فِي الْكَرم أَن انتماءه ... إِلَى الْكَرم أم هاتا إِلَى الْكَرم ينتمي) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا (تمتّع ندمان بهَا وأحبة ... وحظي مِنْهَا أَن أَقُول أَلا انعمي) (لَك الْوَصْف دون القصف مني فخيمي ... بِغَيْر يَدي وارضي بِمَا قَالَه فمي) // الطَّوِيل // أَرَادَ أَنه جلس مَعَ الشّرْب من غير شرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 وَقَالَ (وشادن قلت لَهُ مَا اسمكا ... فَقَالَ لي بالغنج عباث) (فصرت من لثغته ألثغا ... فَقلت أَيْن الكاث والطاث) // السَّرِيع // ملح فِي الْأَوْصَاف والتشبيهات قَالَ (أقبل الثَّلج فانبسط للسرور ... ولشرب الْكَبِير بعد الصَّغِير) (أقبل الجو فِي غلائل نور ... وتهادى بلؤلؤ منثور) (فَكَأَن السَّمَاء صاهرت الأَرْض ... فَصَارَ النثار من كافور) // الْخَفِيف // أَخذه من قَول ابْن المعتز (وَكَأن الرّبيع يجلو عرسا ... وكأنا من قطره فِي نثار) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِيهِ (هَات المدامة يَا غُلَام معجلا ... فَالنَّفْس فِي قيد الْهوى مأسوره) (أَو مَا ترى كانون ينثر ورده ... وكأنما الدُّنْيَا بِهِ كافوره) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ (هَات المدامة يَا غُلَام مصيرا ... نقلي عَلَيْهَا قبْلَة أَو عضه) (أَو ماترى كانون ينثر ورده ... وكأنما الدُّنْيَا سبيكة فضه) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 سَمِعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول عِنْد إنشاد هَذِه الثلجيات كل هَذِه الثلجيات عِيَال على قَول الصنوبري (ذهب كؤوسك يَا غُلَام ... فَإِنَّهُ يَوْم مفضض) // مجزوء الْكَامِل // فَقلت قد أَخذه مِنْهُ من لم يزدْ على مَعْنَاهُ فَقَالَ (جاد الْغَمَام بدمع كاللجين جرى ... فجد لنا بِالَّتِي فِي اللَّوْن كالذهب) // الْبَسِيط // وَقَالَ الصاحب فِي النارنج (بعثنَا من النارنج مَا طَابَ عرفه ... فَقيل على الأغصان مِنْهُ نوافج) (كرات من العقيان أحكم خرطها ... وأيدي الندامى حَوْلهنَّ صوالج) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي الند (ند لفخر الدولة اسْتِعْمَاله ... قد زَاد عرفا من نسيم يَدَيْهِ) (فَكَأَنَّمَا عجنوه من أخلاقه ... وَكَأَنَّهُ طيب الثَّنَاء عَلَيْهِ) من // الْكَامِل // وَقَالَ فِي حَبَّة عِنَب (وحبة من عِنَب ... من المنى متخذه) (كَأَنَّهَا لؤلؤة ... فِي وَسطهَا زمرذه) // مجزوء الرجز // وَقَالَ فِيهِ (وحبة من عِنَب قطفتها ... تحسدها الْعُقُود فِي الترائب) (كَأَنَّهَا من بعد تمييزي لَهَا ... لؤلؤة قد ثقبت من جَانب) // الرجز // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 وَقَالَ فِي الشمع (ورائق الْقد مُسْتَحبّ ... يجمع أَوْصَاف كل صب) (صفرَة لون وسكب دمع ... وذوب جسم وحر قلب) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِي التِّين (تين يزين رواؤه مخبوره ... متخير فِي وَصفه يتحير) (عسل اللعاب لَدَيْهِ مِمَّا يجتوي ... وجنى النحيل لَدَيْهِ مر ممقر) (وكأنما هُوَ فِي ذرى أغصانه ... قطع النضار أدارهن مدور) (وَيَقُول ذائقه لطيب مذاقه ... الله أكبر والخليفة جَعْفَر) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي الْخط وَاللَّفْظ (بِاللَّه قل لي أقرطاس تخط بِهِ ... من حلَّة هُوَ أم ألبسته حللا) (بِاللَّه لفظك هَذَا سَالَ من عسل ... أم قد صببت على أفواهنا عسلا) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي الوحل (إِنِّي ركبت وكف الأَرْض كاتبة ... على ثِيَابِي سطورا لَيْسَ تنكتم) (وَالْأَرْض محبرة والحبر من لثق ... والطرس ثوبي ويمني الْأَشْهب الْقَلَم) // الْبَسِيط // من ملح إخوانياته كتب إِلَى أبي الْفضل بن شُعَيْب (يَا أَبَا الْفضل لم تَأَخَّرت عَنَّا ... فأسأنا بِحسن عَهْدك ظنا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 (كم تمنت نَفسِي صديقا صَدُوقًا ... فَإِذا أَنْت ذَلِك المتمنى) (فبغصن الشَّبَاب لما تثنى ... وبعهد الصِّبَا وَإِن بَان منا) (كن جوابي إِذا قَرَأت كتابي ... لَا تقل للرسول كَانَ وَكُنَّا) // الْخَفِيف // وَكتب إِلَى أبي الْحُسَيْن الطَّبِيب (إِنَّا دعوناك على انبساط ... والجوع قد أثر فِي الأخلاط) (فَإِن عَسى ملت إِلَى التباطي ... صفعت بالنعل قفا بقراط) // الرجز // وَكتب إِلَى أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ (أسعدك الله بِيَوْم الفصح ... وعشت مَا شِئْت بِيَوْم سمح) (يَا رَأس مَالِي فِي الورى وربحي ... وظفري ونصرتي ونجحي) (شربا وَلَا تصغ أهل النصح ... فالحزم أَن تسكر قبل تصحي) (سكر النَّصَارَى فِي غَدَاة الفصح ... ) // الرجز // وَكتب إِلَى أبي الْقَاسِم القاشاني (يَا أَبَا الْقَاسِم قل لي ... قل لماذا لَا تزور) (كنت قد قدمت وَعدا ... فَإِذا وَعدك زور) (وبذرت الْورْد بالْقَوْل ... فَلم تزك البذور) (ونحرت الود بالهجر كَمَا يهدى الْجَزُور ... ) (إِن أم الصدْق فِي الود ... لمقلاة نزور) // مجزوء الرمل // وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا (مولَايَ لم لم تدع عَبدك ... عِنْد إِحْضَار المدام) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 (أعرفته من بَينهم ... متبسطا وَقت الطَّعَام) (أم قيل عربد ذَات يَوْم ... حِين صَار إِلَى المدام) (أم لم يساعد حِين ملت إِلَى الغلامة والغلام ... ) (إِن كنت تبخل بِالطَّعَامِ ... فَكيف تبخل بالْكلَام) (لسنا نحاول دَعْوَة ... فاسمح علينا بِالسَّلَامِ) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ رَحمَه الله (لَو فتشوا قلبِي رَأَوْا وَسطه ... سطرين قد خطا بِلَا كَاتب) (حب عَليّ بن أبي طَالب ... وَحب مولَايَ أبي طَالب) // السَّرِيع // وَقَالَ (يَا ابْن يَعْقُوب يَا نقيب البدور ... كن شفيعي إِلَى فَتى مسرور) (قل لَهُ إِن للجمال زَكَاة ... فَتصدق بهَا على المهجور) // الْخَفِيف // وَكتب إِلَى أبي الْعَلَاء الْأَسدي (أَبَا الْعلَا يَا هِلَال الْهزْل وَالْجد ... كَيفَ النُّجُوم الَّتِي تطلعن فِي الْجلد) (وباطن الْجِسْم غر مثل ظَاهره ... وَأَنت تعلم مِمَّا قلت قصدي) // الْبَسِيط // سَمِعت أَبَا الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد البستي يَقُول لم أسمع فِي إِنْفَاذ الْحَلْوَاء إِلَى الأصدقاء أحسن من قَول الصاحب (حلاوة حبك يَا سَيِّدي ... تسوغ بعثي إِلَيْك الْحَلَاوَة) // المتقارب // فَقلت لَهُ وَأَنا لم أسمع فِي النثار للرؤساء أحسن من قَوْلك (وَلَو كنت أنثر مَا تسْتَحقّ ... نثرت عَلَيْك سعود الْفلك) // المتقارب // ثمَّ تَذَاكرنَا فِي أحسن مَا نَحْفَظهُ فِي كل بَاب فجرت نكت كَثِيرَة فَسَأَلَنِي أَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 أؤلف كتابا فِي الأحاسن وَأورد فِيهِ أحسن مَا سمعته فِي كل فن فأجبته إِلَى ذَلِك وَحين ابتدأته عرضت مَوَانِع وقواطع عَن استتمامه أقواها غيبته عَن خُرَاسَان ثمَّ وَفَاته رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ الصاحب (قُولُوا لإِخْوَانِنَا جَمِيعًا ... من كلهم سيد مرزا) (من لم يعدنا إِذا مرضنا ... إِن مَاتَ لم نشْهد المعزى) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ لمحمود التَّاجِر (طويت مَحْمُودًا على جفوته ... مخلصا نَفسِي من خلته) (قدرته يقلق من علتي ... مثل انزعاجي كَانَ من علته) (لم يطر مَا بِي لَا وَلَا مر بِي ... كَأَن سقمي كَانَ من شَهْوَته) (من لم يطالعني على عِلّة ... إِن مَاتَ لم أمض إِلَى تربته) // السَّرِيع // وَقَالَ للْقَاضِي أبي بشر الْجِرْجَانِيّ (يصد الْفضل عَنَّا أَي صد ... وَقَالَ تأخري عَن ضعف معده) (فَقلت لَهُ جعلت الْعين واوا ... فَإِن الضعْف أجمع فِي الموده) // الوافر // وَقَالَ (بَعدت فَطَعِمَ الْعَيْش عِنْدِي علقم ... وَوجه حَياتِي مذ تغيبت أَرقم) (فَمَا لَك قد أدغمت قربك فِي النَّوَى ... وودك فِي غير النداء مرخم) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 ملح من مدائحه قَالَ من قصيدة فِي عضد الدولة (همام رأى الدُّنْيَا سواما فحاطها ... ليَالِي فِي غير الزَّمَان وقور) (وَلم يخْطب الدُّنْيَا احتفالا بِقَدرِهَا ... فموقعها من راحتيه يسير) (وَلَكِن لَهُ طبع إِلَى الْخَيْر سَابق ... ورأي بأبناء الرِّجَال بَصِير) (وَإِن لم يلاحظهم بِعَين حمية ... فَتلك أُمُور لَا تزَال تمور) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (سعود يحار المُشْتَرِي فِي طريقها ... وَلَا تتأتى فِي حِسَاب المنجم) (وَكم عَالم أَحييت من بعد عَالم ... على حِين صَارُوا كالهشيم المحطم) (فوَاللَّه لَوْلَا الله قَالَ لَك الورى ... مقَال النَّصَارَى فِي الْمَسِيح ابْن مَرْيَم) (محامد لَو فضت فَفَاضَتْ على الورى ... لما أَبْصرت عَيْنَاك وَجه مذمم) (وكلا وَلَكِن لَو حظوا بزكاتها ... لما سَمِعت أذناك ذكر ملوم) (وَلَو قلت إِن الله لم يخلق الورى ... لغيرك لم أحرج وَلم أتأثم) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (ياأيها الْملك الَّذِي كل الورى ... قِسْمَانِ بَين رجائه وحذاره) (فمناصح قد فَازَ سهم طلابه ... ومداهن قد جال قدح بواره) (هَذِه بُخَارى تَشْتَكِي ألم الصدى ... وَتقول قولا نبت فِي أخباره) (مَاذَا عَلَيْهِ لَو يهم بعرصتي ... فَأَكُون بعض بِلَاده ودياره) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 وَمن عميدية ذكر فِيهَا نقرسا نَالَ يمناه (أَبُو الْفضل من أجْرى إِلَى الْفضل يافعا ... فظل بِهِ يدعى وَصَارَ بِهِ يكنى) (سَلَامَته شمس الْمَعَالِي وسقمه ... كسوف الْمَعَالِي لاكسفن وَلَا بِنَا) (وَلم يَأْته ورد السقام لغير مَا ... عرفنَا فَخذ معنى تألمه منا) (وَمَا راده إِلَّا ليشغل عَن ندى ... وَإِلَّا فَلم قد خص بالألم الْيُمْنَى) (وَمَا يحجز الْبَحْر الخضم عَن الندى ... وَلَا السَّيِّد الْأُسْتَاذ عَن جوده يثنى) // الطَّوِيل // وَكتب إِلَى مؤيد الدولة أبي مَنْصُور (سَعَادَة مَا نالها قطّ أحد ... يحوزها الْمولى الْهمام الْمُعْتَمد) (مؤيد الدولة وَابْن ركنها ... وَابْن أخي معزها أَخُو الْعَضُد) // الرجز // وَقَالَ فِي فَخر الدولة وَقد افتصد (يَا أَيهَا الشَّمْس إِلَّا أَن طلعتها ... فَوق السَّمَاء وَهَذَا حِين يقتصد) (لما افتصدت قضينا للعلا عجبا ... وَمَا حسبت ذارع الشَّمْس يفتصد) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ لما بنى قصره بجرجان ( يَا بانيا للقصر بل للعلا ... همك والفرقد سيان) (لم تبن هَذَا الْقصير بل صغته ... تاجا مفرق على مفرق جرجان) (وقصرك الْمَبْنِيّ من قبله ... ملكك وَالله هُوَ الْبَانِي) (فاقبل نثار العَبْد بل نظمه ... فَإِنَّهُ والدر مثلان) (واسمع مقَالا لم يقل مثله ... مذ كَانَت الدُّنْيَا لإِنْسَان) (لَو كَانَ لِلْخلقِ إلهان ... لَكَانَ فَخر الدولة الثَّانِي) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 ملح من شعره فِي الهجاء والمجون قَالَ فِي ابْن متويه (يَا فَتى متوي رفقا ... لست من يُنكر أَصله) (إِنَّمَا يُنكر مِنْهُ ... من جُنُون فِيهِ ثقله) (أَنْت نذل من كرام ... أَنْت فِي الطاووس رجله) // مجزوء الرمل // كَأَنَّهُ مقلوب بَيت المتنبي (فَإِن تفق الْأَنَام وَأَنت مِنْهُم ... فَإِن الْمسك بعض دم الغزال) // الوافر // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ (أَبوك أَبُو عَليّ ذُو عَلَاء ... إِذا عد الْكِرَام وَأَنت نجله) (وَإِن أَبَاك إِذْ تغزى إِلَيْهِ ... لكالطاووس يقبح من رجله) // الوافر // وَقَالَ فِيهِ (أَحْمد هَذَا سبط متويه ... فِي مَوته بعد غَد تهنيه) (والشأن فِي أَنِّي على بغضه ... أحتاج أَن أقعد للتعزيه) // السَّرِيع // وَقَالَ فِيهِ (قَالَ ابْن متويه لأَصْحَابه ... وَقد حشوه بأيور العبيد) (لَئِن شكرتم لأزيدنكم ... وَإِن كَفرْتُمْ فعذابي شَدِيد) // السَّرِيع // وَقَالَ فِيهِ (أَبْصرت فِي كف ابْن متوي عَصا ... فَسَأَلته عَنْهَا ليوضح عذرا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 (فَأَجَابَنِي إِنِّي بهَا متشايخ ... هَذَا ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى) // الْكَامِل // وَقَالَ فِيهِ (سبط متوي إِن دَارك دَار ... قد عرفت الإدبار إِذْ تبنيها) (لَا تكْثر تزويقها وترفق ... عَن قَلِيل يكون قبرك فِيهَا) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِيهِ (كلما زِدْت عتابا ... زِدْت فِي هجوك بَيْتا) (أَو ترى طبعي غيضا ... أَو أرى جسمك مَيتا) // مجزوء الرمل // وَقَالَ فِيهِ (سبط متوي رقيع سفله ... أبدا يبْذل فِينَا أَسْفَله) (اعْتَزَلنَا نيكه فِي دبره ... فَلهَذَا يلعن المعتزله) // الرمل // وَقَالَ فِيهِ (رام ابْن متوي أيري ... وبرجه فِيهِ طير) (فَقلت تطلب أيري ... هَذَا وَفِي استك أير) (فَقَالَ لي لَا تحمق ... زِيَادَة الْخَيْر خير) // المجتث // وَقَالَ فِيهِ (عِنْدِي سر لإبن متويه ... وعزمي السَّاعَة أَن أفشي) (أَخْبرنِي بَعْضِي عَن بعضه ... بِأَنَّهُ أوسع من يمشي) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي الغويري (إِن الغويري لَهُ نكهة ... نتنتها أربت على الكنف) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 (يَا ليته كَانَ بِلَا نكهة ... أَو لَيْتَني كنت بِلَا أنف) // السَّرِيع // قَالَ فِي رجل يتعصب للعجم على الْعَرَب ويعيب الْعَرَب بِأَكْل الْحَيَّات (يَا عائب الْأَعْرَاب من جَهله ... لأكلها الْحَيَّات فِي الطّعْم) (فالعجم طول اللَّيْل حياتهم ... تنساب فِي الْأُخْت وَفِي الْأُم) // السَّرِيع // وَقَالَ فِيمَن زوج أمه (زوجت أمك يَا فَتى ... وكسوتني ثوب القلق) (وَالْحر لَا يهدي الْحَرَام ... إِلَى الرِّجَال على طبق) // مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (لم أر مثل جَعْفَر مخلوقا ... يشبه طبلا وَيُحب بوقا) // الرجز // وَقَالَ (يَا بركَة ملأى من الشبوط ... قفاك بغاء وكفي لوطي) // الرجز // وَقَالَ (لنا قَاض لَهُ رَأس ... من الخفة مَمْلُوء) (وَفِي أَسْفَله دَاء ... بعيد مِنْكُم السوء) // الهزج // وَقَالَ (إِن قاضينا لأعمى ... أم على عمد تعامى) (سرق العَبْد كَأَن ... العَبْد من مَال الْيَتَامَى) // مجزوء الرمل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 وَقَالَ (يَا قَاضِيا بَات أعمى ... عَن الْهلَال السعيد) (أفطرت فِي رَمَضَان ... وَصمت فِي يَوْم عيد) // المجتث // وَقَالَ (إِذا مَا لَاحَ للعين ... أَبُو بكر فَتى القَاضِي) (وَقد زَاد من التيه ... على القاهر والراضي) (فواجهه بإمضاض ... وقابله بإغضاض) (وَقَالُوا فِي حر أمك ... قمد الْحَاكِم الْمَاضِي) // الهزج // وَقَالَ (رايت لبَعض النَّاس فضلا إِذا انْتَمَى ... يقصر عَنهُ فضل عِيسَى ابْن مَرْيَم) (عزوه إِلَى تسع وَتِسْعين والدا ... وَلَيْسَ لعيسى وَالِد حِين ينتمي) // الطَّوِيل // وَقَالَ (سيأتيك برق من هجائي خلب ... إِذا كنت ذَا برق من الود خلب) (وَأنْشد إِذْ أَصبَحت تغلب قدرتي ... بعجزك لم يَغْلِبك مثل مغلب) // الطَّوِيل // وَقَالَ (مطفل أطفل من أشعب ... مَا زَالَ محروما ومذموما) (لَو أَنه جَاءَ إِلَى مَالك ... لقَالَ أَطْعمنِي زقوما) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 وَقَالَ (انْظُر إِلَى وَجه أبي زيد ... أوحش من حبس وَمن قيد) (وحوشه ترتع فِي ثَوْبه ... وظفره يركب للصَّيْد) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي رجل كثير الشّرْب بطيء السكر (يُقَال لماذا لَيْسَ يسكر بَعْدَمَا ... توالت عَلَيْهِ من نداماه قرقف) (فَقلت سَبِيل الْخمر أَن تنقص الحجى ... فَإِن لم تَجِد عقلا فَمَاذَا تحيف) // الطَّوِيل // وَقَالَ (هَذَا ابْن متوي لَهُ آيَة ... يبتلع الأير وأقصى الخصى) (يكفر بالرسل جَمِيعًا سوى ... مُوسَى بن عمرَان لأجل الْعَصَا) // السَّرِيع // وَقَالَ (أَنْت تَيْس لَا كالتيوس لِأَن التيس ينزو وَأَنت ينزى عليكا ... ) // الْخَفِيف // وَقَالَ (أَبُو الْعَبَّاس تحضره جموع ... من الْفُقَهَاء لجوا فِي العواء) (كَأَنَّهُمْ إِذا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ ... ذُبَاب يجتمعن على جراء) // الوافر // وَقَالَ (أَبُو الْعَبَّاس قد أضحى فَقِيها ... يتيه بفقهه فِي النَّاس تيها) (وَذَلِكَ أَن لحيته أَتَتْنِي ... تناظر فقحتي فخريت فِيهَا) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 وَقَالَ (أَبُو الْعَبَّاس فِي الأير ... ينساب انسياب الأيم) (فَتى يَأْذَن بالفقحة ... للأسياف بالشيم) // الهزج // وَقَالَ (هَذَا الأديب الَّذِي وافى يفاخرنا ... أضحى إِلَى كمر السودَان مشتاقا) (فَمَا يُفَارق طومارا يعالجه ... إِلَّا بآخر يمْضِي فِيهِ إعناقا) (كَأَنَّمَا هُوَ حرباء ببيضته ... لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكا ساقا) // الْبَسِيط // وأنشدني لَهُ الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي (نيئت أَنَّك منشد مَا قلته ... فِي سبّ عرضك لَا تخَاف وعيدي) (وَالْكَلب لَا يخزى إِذا أخسأته ... والقار لَا يخْشَى من التسويد) // الْكَامِل // وأنشدني لَهُ أَيْضا (شَرط الشُّرُوطِي فتي أير ... وَمَا سواهُ غير مَشْرُوط) (أبغى من الإبرة لكنه ... يُوهم قوما أَنه لوطي) // السَّرِيع // وأنشدني لَهُ غَيره (تزلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا ... فَقَالُوا بأجمعهم مَالهَا) (مَشى ذَا الثقيل على ظهرهَا ... فأخرجت الأَرْض أثقالها) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 وَقَالَ (قد طَال قرنك يَا أخي ... فَكَأَنَّهُ شعر الْكُمَيْت) // مجزوء الْكَامِل // مَا أخرج لَهُ رَحمَه الله فِي سَائِر الْفُنُون قَالَ (تصد أُمَيْمَة لما رَأَتْ ... مشيبا على عارضي قد فرش) (فَقلت لَهَا الشيب نقش الشَّبَاب ... فَقَالَت أَلا ليته مَا نقش) // المتقارب // وَقَالَ (وَلما تناءت بالأحبة دَارهم ... وصرنا جَمِيعًا من عيان إِلَى وهم) (تمكن مني الشوق غير مسامح ... كمعتزلي قد تمكن من خصم) // الطَّوِيل // وَقَالَ (كنت دهرا أَقُول بالإستطاعه ... وَأرى الْجَبْر ضلة وشناعة) (ففقدت استطاعتي فِي هوى ظَبْي ... فسمعا للمجبرين وطاعه) // الْخَفِيف // وَقَالَ (لقد قلت لما أَتَوا بالطبيب ... وصادفني فِي أحر اللهيب) (وداوي فَلم أنتفع بالدواء ... دعوين فَإِن طبيبي حَبِيبِي) (وَلست أُرِيد طَبِيب الجسوم ... وَلَكِن أُرِيد طَبِيب الْقُلُوب) (وَلَيْسَ يزِيل سقامي سوى ... حُضُور الحبيب وَبعد الرَّقِيب) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 وَقَالَ (ناصب قَالَ لي مُعَاوِيه خَالك ... خير الْأَعْمَام والأخوال) (فَهُوَ خَال للْمُؤْمِنين جَمِيعًا ... قلت خَالِي لَكِن من الْخَيْر خَال) // الْخَفِيف // وَقَالَ (حب عَليّ بن أبي طَالب ... هُوَ الَّذِي يهدي إِلَى الجنه) (إِن كَانَ تفضيلي لَهُ بِدعَة ... فلعنة الله على السنه) // السَّرِيع // وَقَالَ فِي شهر رَمَضَان (قد تعدوا على الصّيام وَقَالُوا ... حرم الصب فِيهِ حسن العوائد) (كذبُوا فِي الصّيام للمرء مهما ... كَانَ مستيقظا أتم الْفَوَائِد) (موقف بِالنَّهَارِ غير مريب ... واجتماع بِاللَّيْلِ عِنْد الْمَسَاجِد) // الْخَفِيف // وَقَالَ (راسلت من أهواه أطلب زورة ... فَأَجَابَنِي أَو لست فِي رَمَضَان) (فأجبته وَالْقلب يخْفق صبوة ... أتصوم عَن بر وَعَن إِحْسَان) (صم إِن أردْت تحرجا وَتَعَفُّفًا ... عَن أَن تكد الصب بالهجران) (أَولا فزرني والظلام مجلل ... واحسبه يَوْمًا مر فِي شعْبَان) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي مرض علوي (يَا سيدا أفديه عِنْد شكاته ... بِالنَّفسِ وَالْولد الْأَعَز وبالأب) (لم لَا أَبيت على الْفراش مسهدا ... وَقد اشْتَكَى عُضْو من أَعْضَاء النَّبِي) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 وَقَالَ يرثي أَبَا الْحسن السّلمِيّ (إِذا مَا نعى الناعون أهل مودتي ... بَكَيْت عَلَيْهِم بل بَكَيْت على نَفسِي) (نعوا مهجة السّلمِيّ وَهِي سَلامَة ... غلبت عَلَيْهَا فالسلام على الْأنس) // الطَّوِيل // وَقَالَ يرثي أَبَا مَنْصُور كثير بن أَحْمد (يَقُولُونَ لي أودي كثير بن أَحْمد ... وَذَلِكَ رزء فِي الْأَنَام جليل) (فَقلت دَعونِي والعلا نبكه مَعًا ... فَمثل كثير فِي الرِّجَال قَلِيل) // الطَّوِيل // وَقَالَ (يَا أهل سَارِيَة السَّلَام عَلَيْكُم ... قد قل فِي أَرْضكُم الخطباء) (حَتَّى غَدا الفأفاء يخْطب فِيكُم ... وَمن الْعَجَائِب خَاطب فأفاء) // الْكَامِل // وَقَالَ فِي أَخَوَيْنِ صبيح وقبيح (يحيا حكى الْمحيا وَلَكِن لَهُ ... أَخ حكى وَجه أبي يحيى) // السَّرِيع // وَقَالَ (لقد صدقُوا والراقصات إِلَى منى ... بِأَن مودات العدى لَيْسَ تَنْفَع) (وَلَو أنني داريت عمري حَيَّة ... إِذا مكنت يَوْمًا من اللسع تلسع) // الطَّوِيل // وَقَالَ (إِذا أدناك سُلْطَان فزده ... من التَّعْظِيم واحذره وراقب) (فَمَا السُّلْطَان إِلَّا الْبَحْر عظما ... وَقرب الْبَحْر مَحْذُور العواقب) // الوافر // وَقَالَ (وقائلة لم عرتك الهموم ... وأمرك ممتثل فِي الْأُمَم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 (فَقلت دعيني على غصتي ... فَإِن الهموم بِقدر الهمم) // المتقارب // نبذ من ذكر سرقاته سَمِعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول قَالَ بعض ندماء الصاحب لَهُ يَوْمًا أرى مَوْلَانَا قد أغار فِي قَوْله (لبسن برود الوشي لَا لتجمل ... وَلَكِن لصون الْحسن بَين برود) // الطَّوِيل // على قَول المتنبي (لبسن الوشى لَا متجملات ... وَلَكِن كي يصن بِهِ الجمالا) // الوافر // فَقَالَ كَمَا أغار هُوَ بقوله (مَا بَال هذي النُّجُوم حائرة ... كَأَنَّهَا الْعَمى مَا لَهَا قَائِد) // المنسرح // على الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف فِي قَوْله (والنجم فِي كبد السَّمَاء كَأَنَّهُ ... أعمى تحير مَا لَدَيْهِ قَائِد) // الْكَامِل // وَسمعت أَيْضا أَبَا بكر يَقُول أَنْشدني الصاحب نتفة لَهُ مِنْهَا هَذَا الْبَيْت (لَئِن هُوَ لم يكفف عقارب صُدْغه ... فَقولُوا لَهُ يسمح بترياق رِيقه) // الطَّوِيل // فاستحسنته جدا حَتَّى حممت من حسدي لَهُ عَلَيْهِ ووددت لَو أَنه لي بِأَلف بَيت من شعري قَالَ مؤلف الْكتاب فأنشدت الْأَمِير أَبَا الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي هَذَا الْبَيْت وحكيت لَهُ هَذِه الْحِكَايَة فِي المذاكرة فَقَالَ لي أتعرف من أَيْن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 سرق الصاحب معنى هَذَا الْبَيْت فَقلت لَا وَالله قَالَ إِنَّمَا سَرقه من قَول الْقَائِل وَنقل ذكر الْعين إِلَى ذكر الصدغ (لدغت عَيْنك قلبِي ... إِنَّمَا عَيْنك عقرب) (لَكِن المصة من ... ريقك ترياق مجرب) // مجزوء الرمل // فَقلت لله در مَوْلَانَا الْأَمِير فقد أُوتِيَ حظا كثيرا من التخصص بِمَعْرِِفَة التلصص قلت وَمعنى قَول الصاحب فِي الثَّلج (وَكَأن السَّمَاء صاهرت الأَرْض ... فَكَانَ النثار من كافور) // الْخَفِيف // ينظر إِلَى قَول ابْن المعتز (وَكَأن الرّبيع يجلو عروسا ... وكأنا من قطره فِي نثار) // الْخَفِيف // وَقَول الصاحب (يَقُولُونَ لي كم عهد عَيْنك بالكرى ... فَقلت لَهُم مذ غَابَ بدر دجاها) (وَلَو تلتقي عين على غير دمعة ... لصارمتها حَتَّى يُقَال نفاها) // الطَّوِيل // مَأْخُوذ لفظ الْبَيْت الثَّانِي من قَول المهلبي الْوَزير (تصارمت الأجفان مُنْذُ صرمتني ... فَمَا تلتقي إِلَّا على عِبْرَة تجْرِي) // الطَّوِيل // وَقَول الصاحب (هَات مشطا إِلَى وليك عاجا ... فَهُوَ أدنى إِلَى مشيب الرُّءُوس) (وَإِذا مَا مشطت عاجا بعاج ... فامشط الآبنوس بالأبنوس) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 مَأْخُوذ من قَول أبي عُثْمَان الخالدي (ورأتني مشطت عاجا بعاج ... فامشط الآبنوس بالآبنوس) // الْخَفِيف // وَأخذ قَوْله (فَم الغويري إِذا ... فتشته أنتن فَم) (كم قلت إِذْ كلمني ... واأسفى على الخشم) // مجزوء الرجز // من قَول المهلبي الْوَزير (وَإِن أَبْصرت طلعته ... فوالهفي على العمش) // مجزوء الوافر // وَأخذ قَوْله فِي ابْن العميد (إِلَى سيد لولاه كَانَ زَمَاننَا ... وأبناؤه لفظا عريا عَن الْمَعْنى) // الطَّوِيل // من قَول المتنبي (والدهر لفظ وَأَنت مَعْنَاهُ ... ) // المنسرح // وَقَوله فِي القافية الْأَخِيرَة (وناصح أسرف فِي النكير ... يَقُول لي سدت بِلَا نَظِير) (فَكيف صغت الهجو فِي حقير ... مِقْدَاره أقل من نقير) (فَقلت لَا تنكر وَكن عذيري ... كم صارم جرب فِي خِنْزِير) // الرجز // من قَول الحمدوني (هبوني أمرأ جربت سَيفي على كلب ... ) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 وَقَوله فِي الْبَيْت الْأَخير من هَذِه الأبيات (ومهفهف حسن الشَّمَائِل أهيف ... تردى النُّفُوس بفترتي عَيْنَيْهِ) (مَا زَالَ يبعدني ويؤثر هجرتي ... فجذبت قلبِي من إسار يَدَيْهِ) (قَالُوا تراجعه فَقلت بديهة ... قولا أقيم مَعَ الروي عَلَيْهِ) (وَالله لَا راجعته وَلَو أَنه ... كَالشَّمْسِ أَو كالبدر أَو كبويه) // الْكَامِل // مَأْخُوذ من قَول ابْن المعتز (وَالله لَا كَلمته وَلَو أَنه ... كَالشَّمْسِ أَو كالبدر أَو كالمكتفي) // الْكَامِل // نبذ مِمَّا هجي بِهِ الصاحب (مازالت الْأَمْلَاك تهجى وتمدح ... ) قَالَ أَبُو الْعَلَاء الْأَسدي (إِذا رَأَيْت مسجى فِي مرقعة ... يأوي المساجدا حرا ضره بَادِي) (فَاعْلَم بِأَن الْفَتى الْمِسْكِين قد قذفت ... بِهِ الخطوب إِلَى لؤم ابْن عباد) // الْبَسِيط // وَقَالَ أَبُو الْحسن الغويري (إِن كَانَ إِسْمَاعِيل لم يدعني ... لِأَن أكل الْخبز صَعب لَدَيْهِ) (فإنني آكل فِي منزلي ... إِذا دَعَاني ثمَّ أمضي إِلَيْهِ) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 وَقَالَ السلَامِي (يَا ابْن عباد بن عَبَّاس ... بن عبد الله حرهَا) (تنكر الْخَيْر وأخرجت إِلَى الْعَالم كرها ... ) // مجزوء الرمل // وَقَالَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ (صاحبنا أَحْوَاله عاليه ... لكنما غرفته خاليه) (وَإِن عرفت السِّرّ من دائه ... لم تسْأَل الله سوى العافيه) // السَّرِيع // ذكر آخر أمره لما بلغت سنوه السِّتين اعترته آفَة الْكَمَال وانتابته أمراض الْكبر جعل ينشد قَوْله (أَنَاخَ الشيب ضيفا لم أرده ... وَلَكِن لَا أُطِيق لَهُ مردا) (رِدَاء للردى فِيهِ دَلِيل ... تردى من بِهِ يَوْمًا تردى) // الوافر // وَلما كنى المنجمون عَمَّا يعرض لَهُ فِي سنة مَوته قَالَ (يَا مَالك الْأَرْوَاح والأجسام ... وخالق النُّجُوم وَالْأَحْكَام) (مُدبر الضياء والظلام ... لَا المُشْتَرِي أرجوه للإنعام) (وَلَا أَخَاف الضّر من بهْرَام ... وَإِنَّمَا النُّجُوم كالأعلام) (وَالْعلم عِنْد الْملك العلام ... يَا رب فاحفظني من الأسقام) (ووقني حوادث الْأَيَّام ... وهجنة الأوزار والآثام) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 (هبني لحب الْمُصْطَفى المعتام ... وصنوه وَآله الْكِرَام) // الرجز // وَكتب بِخَطِّهِ على تَحْويل السّنة الَّتِي دلّت على انْقِضَاء عمره (أرى سنتي قد ضمنت بعجائب ... وربي يَكْفِينِي جَمِيع النوائب) (وَيدْفَع عني مَا أَخَاف بمنه ... ويؤمن مَا قد خوفوا من عواقب) (إِذا كَانَ من أجْرى الكواب أمره ... معيني فَمَا أخْشَى صروف الْكَوَاكِب) (عَلَيْك أيا رب السَّمَاء توكلي ... فحطني 5 6 7 8 9 10 11 12 (إِنِّي وَحقّ خالقي ... على جنَاح السّفر) // مجزوء الرجز // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 ثمَّ لما كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة الرَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلثمائة انْتقل إِلَى جوَار ربه وَمحل عَفوه وكرامته وَمضى من الدُّنْيَا بمضيه رونق حسنها وتاريخ فَضلهَا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وأرضاه وَجعل الْجنَّة مَأْوَاه بمنه وَكَرمه أنموذج من مراثيه من قصيدة أبي الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء الإصبهاني تغمده الله برحمته وَأَسْكَنَهُ بحبوحة جنته (يَا كَافِي الْملك مَا وفيت حظك من ... وصف وَإِن طَال تمجيد وتأبين) (فت الصِّفَات فَمَا يرثيك من أحد ... إِلَّا وتزيينه إياك تهجين) (مَا مت وَحدك لَك مَاتَ من ولدت ... حَوَّاء طرا بل الدُّنْيَا بل الدّين) (هذي نواعي الْعلَا مذ مت نادبة ... من بعد مَا ندبتك الخرد الْعين) (تبْكي عَلَيْك العطايا والصلات كَمَا ... تبْكي عَلَيْك الرعايا والسلاطين) (قَامَ السعاة وَكَانَ الْخَوْف أقعدهم ... فاستيقظوا بعد مَا مت الملاعين) (لَا يعجب النَّاس مِنْهُم إِن هم انتشروا ... مضى سُلَيْمَان وانحل الشَّيَاطِين) // الْبَسِيط // مَا أحسن هَذَا الْمثل وَأمكن موقعه وَمن قصيدة أبي الْفرج بن ميسرَة (وَلَو قبل الْفِدَاء لَكَانَ يفدى ... وَإِن جلّ الْمُصَاب على التفادي) (وَلَكِن الْمنون لَهَا عُيُون ... تكد لحاظها فِي الإنتقاد) (فَقل للدهر أَنْت أصبت فالبس ... برغمك دُوننَا ثوبي حداد) (إِذا قدمت خَاتِمَة الرزايا ... فقد عرضت سوقك للكساد) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 وَمن قصيدة أبي سعيد الرستمي (أبعد ابْن عَبَّاس يهش إِلَى السرى ... أَخُو أمل أَو يستماح جواد) (أَبى الله إِلَّا أَن يموتا بِمَوْتِهِ ... فَمَا لَهما حَتَّى الْمعَاد معاد) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة أبي الْفَيَّاض سعيد بن أَحْمد الطَّبَرِيّ (خليلي كَيفَ يقبلك المقيل ... ودهرك لَا يقيل وَلَا يقيل) (يُنَادي كل يَوْم فِي بنيه ... أَلا هبوا فقد جد الرحيل) (وهم رجلَانِ منتظر غفول ... ومبتدر إِذا يدعى عجول) (كَأَن مِثَال من يفنى وَيبقى ... رعيل سَوف يتلوه رعيل) (فهم ركب وَلَيْسَ لَهُم ركاب ... وهم سفر وَلَيْسَ لَهُم قفول) (تَدور عَلَيْهِم كأس المنايا ... كَمَا دارت على الشّرْب الشُّمُول) (ويحدوهم إِلَى الميعاد حاد ... وَلَكِن لَيْسَ يقدمهم دَلِيل) (ألم تَرَ من مضى من أولينا ... وغالتهم من الْأَيَّام غول) (قد احْتَالُوا فَمَا دفع الحويل ... وأعولنا فَمَا نفع العويل) (كَذَاك الدَّهْر أَعمار تَزُول ... وأحوال تحول وَلَا تؤول) (لنا مِنْهُ وَإِن عفنا وخفنا ... رَسُول لَا يصاب لَدَيْهِ سَوَّلَ) (وَقد وضح السَّبِيل فَمَا لخلق ... إِلَى تبديله أبدا سَبِيل) (لعمرك إِنَّه أمد قصير ... وَلَكِن دونه أمد طَوِيل) (أرى الْإِسْلَام أسلمه بنوه ... وأسلمهم إِلَى وَله يهول) (أرى شمس النَّهَار تكَاد تخبو ... كَأَن شعاعها طرف كليل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 (أرى الْقَمَر الْمُنِير بدا ضئيلا ... بِلَا نور فأضناه النحول) (أرى زهر النُّجُوم محدقات ... كَأَن سراتها عور وحول) (أرى وَجه الزَّمَان وكل وَجه ... بِهِ مِمَّا يكابده فلول) (أرى شم الْجبَال لَهَا وجيب ... تكَاد تذوب مِنْهُ أَو تَزُول) (وَهَذَا الجو أكلف مُقْشَعِر ... كَأَن الجو من كمد عليل) (وهذي الرّيح أطيبها سموم ... إِذا هبت وأعذبها بلَيْل) (وللسحب الغزار بِكُل فج ... دموع لَا يذاد بهَا المحول) (نعى الناعي إِلَى الدُّنْيَا فتاها ... أَمِين الله فالدنيا ثكول) (نعى كَافِي الكفاة فَكل حر ... عَزِيز بعد مصرعه ذليل) (نعي كَهْف العفاة فَكل عين ... بِمَا تقذى الْعُيُون بِهِ كحيل) (كَأَن نسيم تربته سحيرا ... نسيم الرَّوْض تقبله الْقبُول) (إِذا وافى أنوف الركب قَالُوا ... سحيق الْمسك أم ترب مهيل) (أيا قمر المكارم والمعالي ... أبن لي كَيفَ عاجلك الأفول) (أبن لي كَيفَ هَالك مَا يهول ... وغالك بعد عزك مَا يغول) (وَيَا من سَاس أشتات البرايا ... وألجم من يَقُول وَمن يصول) (أدلت على اللَّيَالِي من شكاها ... وَقد جارت عَلَيْك فَمن يديل) (بكاك الدّين وَالدُّنْيَا جَمِيعًا ... وأهلهما كَمَا يبكى الحمول) (بكتك الْبيض والسمر المواضي ... وَكنت تعولها فِيمَن تعول) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 (بكتك الْخَيل معولة وَلَكِن ... بكاها حِين تندبك الصهيل) (قُلُوب الْعَالمين عَلَيْك قلب ... وحظك من بكائهم قَلِيل) (ولي قلب لصَاحبه وَفِي ... يسيل وَتَحْته روح تسيل) (إِذا نظمت يَدي فِي الطرس بَيْتا ... مجاه مِنْهُ مُنْتَظم هطول) (فَإِن يَك رك شعري من ذهولي ... فَذَلِك بعض مَا يجني الذهول) (كتبت بِمَا بَكَيْت لِأَن دمعي ... عَلَيْك الدَّهْر فياض همول) (وَكنت أعد من روحي فدَاء ... لروحك إِن أُرِيد لَهَا بديل) (أأحيا بعده وَأقر عينا ... حَياتِي بعده هدر غلُول) (حَياتِي بعده موت وَحي ... وعيشي بعده سم قتول) (عَلَيْك صَلَاة رَبك كل حِين ... تهب بهَا من الْخلد الْقبُول) // الوافر // وَمن قصيدة الشريف أبي الْحسن الرضي الموسوي النَّقِيب (أكذا الْمنون يقطر الأبطالا ... أكذا الزَّمَان يضعضع الأجبالا) (أكذا تصاب الْأسد وَهِي مدلة ... تَحْمِي الشبول وتمنع الأغيالا) (أكذا تُقَام عَن الفرائس بَعْدَمَا ... مَلَأت هماهمها الورى أوجالا) (أكذا تحط الزاهرات عَن الْعلَا ... من بعد مَا شاق الْعُيُون منالا) (أكذا تكب البزل وَهِي مصاعب ... تطوي الْبعيد وَتحمل الأثقالا) (أكذا تغاض الزاخرات وَقد طغت ... لججا وأوردت الظماء زلالا) (يَا طَالب الْمَعْرُوف حلق نجمه ... حط الحمول وعطل الأجمالا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 (وأقم على يأس فقد ذهب الَّذِي ... كَانَ الْأَنَام على نداه عيالا) (من كَانَ يقري الْجَهْل علما ثاقبا ... وَالنَّقْص فضلا والرجاء نوالا) (ويجبن الشجعان دون لِقَائِه ... يَوْم الوغى ويشجع السؤالا) (خلع الردى ذَاك الرِّدَاء نفاسة ... عَنَّا وقلص ذَلِك السربالا) (خبر تمخض بالأجنة ذكره ... قبل الْيَقِين وأسلف البلبالا) (حَتَّى إِذا جلى الظنون يقينه ... صدع الْقُلُوب واسقط الأحمالا) (الشَّك أبرد للحشى فِي مثله ... يَا لَيْت شكي فِيهِ دَامَ وطالا) (جبل تسمنت الْبِلَاد هضابه ... حَتَّى إِذا مَلأ الأقالم زَالا) (يَا طود كَيفَ وَأَنت عادي الذرى ... القى بجانبك الردى زلزالا) (مَا كنت أول كَوْكَب ترك الدنا ... وسما إِلَى نظرائه فتعالى) (أنفًا من الدُّنْيَا تبت حبالها ... ونزعت عَنْك قميصها الأسمالا) (لَا رزء أعظم من مصابك إِنَّه ... وصل الدُّمُوع وَقطع الأوصالا) (إِن قطع الآمال مِنْك فَإِنَّهُ ... من بعد يَوْمك قطع الآمالا) (يَا آمُر الأقدار كَيفَ أطعتها ... أَو مَا وقاك جلالك الآجالا) (هلا أقالتك اللَّيَالِي عَثْرَة ... يَا من إِذا عثر الزَّمَان أقالا) (وَأرى اللَّيَالِي طارحات حبالها ... تستوهق الْأَعْيَان والأرذالا) (يبرين عود النبع غير فوارق ... بَين النَّبَات كَمَا برين الضالا) (لَا تأمن الدُّنْيَا عَلَيْك فَإِنَّهَا ... ذَات البعول تبدل الأبدالا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 (كم حجَّة فِي الدّين خضت غمارها ... هدر الفنيق تخمطا وصيالا) (بسنان رمحك أَو لسَانك موسعا ... طَعنا يشق على العدى وجدالا) (إِن نكس الْإِسْلَام بعْدك رَأسه ... فَلَقَد رزى بك موئلا ومآلا) (واها على الأقلام بعْدك إِنَّهَا ... لم ترض بعد بنان كفك آلا) (أفقدن مِنْك شُجَاع كل بلاغة ... إِن قَالَ جلى فِي الْمقَال وجالا) (من لَو يشا طعن العدى برءوسها ... وأثار من جريانها قسطالا) (سُلْطَان ملك كنت أَنْت تعزه ... ولرب لسطان أعز رجَالًا) (إِن المشمر ذيله لَك خيفة ... أرْخى وجرر بعْدك الأذيالا) (طلبو التراث فَلم يرَوا من بعده ... إِلَّا علا وفضائلا وجلالا) (هَيْهَات فاتهم تراث مخاطر ... جمع الثَّنَاء وضيع الأموالا) (قد كَانَ أعرف بِالزَّمَانِ وَصَرفه ... من أَن يُثمر أَو يجمع مَالا) (مِفْتَاح كل ندى وَرب معاشر ... كَانُوا على أَمْوَالهم أقفالا) (كَانَ الغريبة فِي الزَّمَان فَأَصْبحُوا ... من بعد غارب نجمه أَمْثَالًا) (من فَاعل من بعده كفعاله ... أَو قَائِل من بعده مَا قَالَا) (سمع يرفع للسؤال سجوفه ... ويحجب الأهزاج والأرمالا) (يَا طَالبا من ذَا الزَّمَان شبيهه ... هَيْهَات كلفت الزَّمَان محالا) (إِن الزما أضن بعد وَفَاته ... من أَن يُعِيد لمثله أشكالا) (وَأرى الْكَمَال جنى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ... غَرَض النوائب من أعير كمالا) (صلى الْإِلَه عَلَيْك من مُتَوَسِّد ... بعد المهاد جنادلا ورمالا) (كسف البلى ذَاك الْهلَال المجتلى ... وَأجر ذَاك الموقل الجوالا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 (وَرَأَيْت كل مَطِيَّة قد بدلت ... من بعد يَوْمك بالزمام عقَالًا) (لمن الضوامر عريت أمطاؤها ... حول الْخيام تنَازع الأطوالا) (بدلن من لبس الشكيم مقاودا ... مربوطة من السُّرُوج جلالا) (فجعت بمنصلت يعرض للقنا ... أعناقها ويحصن الأكفالا) (طرح الرِّجَال لَك العمائم حسرة ... لما رأوك تسير أَو إجلالا) (قَالُوا وَقد فجئوا بنعشك سائرا ... من ميل الْجَبَل الْعَظِيم فمالا) (وتبادروا عط الْجُيُوب وعاجلوا ... عض الأنامل يمنة وَشمَالًا) (مَا شققوا إِلَّا كساك وآلموا ... إِلَّا أنامل نلن مِنْك سجالا) (من ذَا يكون معوضا مَا مزقوا ... ومعولا لمؤمل وثمالا) (فرغت أكف من نوالك بعْدهَا ... وَأطَال عظم مصابك الأشغالا) (أعزز عَليّ بِأَن يُبدل زائر ... بعد التهلل عنْدك استهلالا) (أَو أَن يناديك الصَّرِيخ لكربة ... حشدت عَلَيْهِ فَلَا تحير مقَالا) (قد كنت آمل أَن أَرَاك فأجتني ... فضلا إِذا غَيْرِي جنى أفضالا) (وأفيد سَمعك منطقي وفضائلي ... وتفيدني أيامك الإقبالا) (وَأعد مِنْك لريب دهري جنَّة ... تثني جنود خطوبه فلالا) (فطواك دهرك طي غير صِيَانة ... وَأعَاد أَعْلَام الْعلَا أغفالا) (قبر بِأَعْلَى الرّيّ شقّ ضريحه ... لأغر حفزه الردى إعجالا) (فرعاه من أرعى الْبَريَّة سيبه ... وسقاه من أسْقى بِهِ الآمالا) (إِن يمس موعظة الْأَنَام فطالما ... أَمْسَى مهابا للورى ومهالا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 (لنسلي الدُّنْيَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا ... نزعت بِهِ الْإِحْسَان والإجمالا) // الْكَامِل // وَلأبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ وَقد مر بِبَاب الصاحب (أَيهَا الْبَاب لم علاك اكتئاب ... أَيْن ذَاك الْحجاب والحجاب) (أَيْن من كَانَ يفزع الدَّهْر مِنْهُ ... فَهُوَ الْيَوْم فِي التُّرَاب تُرَاب) // الْخَفِيف // ولبعض بني المنجم لما استوزر أَبُو الْعَبَّاس الضَّبِّيّ ولقب بالرئيس وَضم إِلَيْهِ أَبُو عَليّ ولقب بالجليل بعد موت الصاحب تغمده الله برحمته آمين (وَالله وَالله لَا أفلحتم أبدا ... بعد الْوَزير ابْن عباد بن عَبَّاس) (إِن جَاءَ مِنْكُم جليل فاجلبوا أَجلي ... أَو جَاءَ مِنْكُم رَئِيس فَاقْطَعُوا راسي) // الْبَسِيط // وأنشدني أَبُو الْعَبَّاس الْعلوِي الهمذاني الْوَصِيّ لنَفسِهِ فِي مرثية الصاحب (مَاتَ الموَالِي والمحب لأهل ... بَيت أبي تُرَاب) (قد كَانَ كالجبل المنيع ... لَهُم فَصَارَ مَعَ التُّرَاب) // مجزوء الْكَامِل // وأنشدني أَيْضا فِيهِ لنَفسِهِ (نوم الْعُيُون على الجفون حرَام ... ودموعهن مَعَ الدِّمَاء سجام) (تبْكي الْوَزير سليل عباد الْعلَا ... وَالدّين وَالْقُرْآن وَالْإِسْلَام) (تبكيه مَكَّة والمشاعر كلهَا ... وحجيجها والنسك وَالْإِحْرَام) (تبكيه طيبَة وَالرَّسُول وَمن بهَا ... وعقيقها والسهل والأعلام) كَافِي الكفاة قضى حميدا نحبه ... ذَاك الإِمَام السَّيِّد الضرغام) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 (مَاتَ الْمَعَالِي والعلوم بِمَوْتِهِ ... فعلى الْمَعَالِي والعلوم سَلام) // الْكَامِل // ولبعض أهل نيسابور من قصيدة (أَلا يَا غرَّة الْعليا ... أَلا يَا نكبة الدُّنْيَا) (وشمس الأَرْض فَرد الدَّهْر ... عين السؤدد الْيُمْنَى) (أما استحيا أَبُو يحيى ... لفض المهجة الْكُبْرَى) (لَئِن ختمت بك الدُّنْيَا ... لقد فتحت بك الْأُخْرَى) // الهزج // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 الْبَاب الرَّابِع 17 - فِي ذكر أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الضَّبِّيّ وملح من نثره ونظمه هُوَ جذوة من نَار الصاحب أبي الْقَاسِم ونهر من بحره وخليفته النَّائِب مَنَابه فِي حَيَاته الْقَائِم مقَامه بعد ونفاته وَكَانَ الصاحب استصحبه مُنْذُ الصِّبَا وَاجْتمعَ لَهُ الرَّأْي والهوى فاصطنعه لنَفسِهِ وأدبه بآدابه وَقدمه بِفضل الإختصاص على سَائِر صنائعه وندمائه وَخرج بِهِ صَدرا يمْلَأ الصُّدُور كمالا وَيجْرِي فِي طَرِيقه ترسما وترسلا وَفِي ذرى المعالا توقلا وَتحقّق قَول أبي مُحَمَّد الخازن فِيهِ من قصيدة (تزهى بأترابها كَمَا زهيت ... ضبة بالماجدين ماجدها) (سماؤها شمسها غمامتها ... هلالها بدرها عطاردها) (يرْوى كتاب الفخار أجمع عَن ... كَافِي كفاة الورى وواحدها) // المنسرح // وَقَوله فِيهِ من أُخْرَى (نماه ضبة فِي أزكى مناصبه ... فخرا وأوطاه الشعرى وأمطاه) (يُعْطي ويخفي وَلَا يَبْغِي الثَّنَاء بِهِ ... حَتَّى كَأَن الَّذِي أعطَاهُ غطاه) (يسير يَوْم الوغى والدهر يقدمهُ ... كَأَنَّمَا الدَّهْر أَيْضا من سراياه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 (وَإِن بدا أحيت الآمال طلعته ... حَتَّى تقدر محياها محياه) (وَمن يوالي ابْن عباد مخالصة ... يحز سَعَادَة دُنْيَاهُ وأخراه) (فَمَا الصَّنَائِع إِلَّا مَا تخيره ... وَمَا الودائع إِلَّا مَا تولاه) (فَاسْلَمْ وَدم أَيهَا الْأُسْتَاذ مبتهجا ... وَخذ من الْعَيْش أصفاه وأضفاه) (فقد تقيلت فِي الجدوى معالمه ... كَمَا توخيت فِي الجلى قضاياه) // الْبَسِيط // وَقد كَانَت بلاغة الْعَصْر بعد الصاحب والصابي بقيت متماسكة بِأبي الْعَبَّاس وأشرفت على التهافت بِمَوْتِهِ وكادت تشيب بعده لمَم الأقلام وتجف غدر محَاسِن الْكَلَام لَوْلَا أَن الله تَعَالَى سد بِبَقَاء الْأَمِير أبي الْفضل عبيد الله بن أَحْمد ثلم الْأَدَب وَالْكِتَابَة وداوى بالدفاع عَن نَفسه كلم البلاغة والبراعة وَجعله فَرد الزَّمَان ولسان خُرَاسَان وكافل يتم الْفضل ومنفق سوق النثر وَالنّظم وسيمر بك فِي الْقسم الرَّابِع من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله من نثره الَّذِي هُوَ نثر الْورْد ونظمه الَّذِي هُوَ نظم العقد مَا ينير بِهِ اللَّيْل المظلم وينصف بِهِ الدَّهْر الظَّالِم لمع من نثر أبي الْعَبَّاس فصل من كتاب لَهُ فِي الصاحب فِي ذكر أَحْمد بن عضد الدولة وَكنت أستحضر كَاتبه بل كاذبه وأحذره سرا وأبصره جَهرا وَهُوَ يروغ روغان الثعالب ويتفادى تفادي الموارب وَقد كنت منعت المستأمنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 والمنهزمة أول مورد من تَكْثِير عدده علما بِأَنَّهُم مُؤَن بِلَا منن وعناء بِلَا غنى فصل لَهُ من كتاب إِلَى أبي سعيد الشيبي وَقد أَتَانِي كتاب شيخ الدولتين فَكَانَ فِي الْحسن رَوْضَة حزن بل جنَّة عدن فِي شرح النَّفس وَبسط الْأنس برد الأكباد والقلوب وقميص يُوسُف فِي أجفان يَعْقُوب وَبعد فَإِن المنازعين للأمير حسام الدولة نسور قد اقتنصتها العصور ودولته حرسها الله فِي إبان شبابها واعتدالها وريعان إقبالها وأقتبالها قد أسست على صَلَاح وسداد وَعمارَة دنيا ومعاد فَهِيَ مؤذنة بالدوام فِي ظلّ أساورة الْإِسْلَام وَمِنْهَا فَبينا نَحن فِي تجهيز الْخُيُول ليوصل إِلَى إيثاره وَيُؤْخَذ لَهُ بثاره إِذْ جن فَقلب لنا الْمِجَن ثمَّ لم يقنعه الْعِصْيَان والكفران حَتَّى أَرَادَ الإستيلاء على الْبَلَد وَالْجِنَايَة على النُّفُوس والأهل وَالْولد وَنظر إِلَيّ فَقَالَ كَاتب لَا مُنَازع ومحارب نعم وَقَالَ من يشجع من الديلم لهز الزانة فِي صَدْرِي وَتَجْرِيد السَّيْف فِي وَجْهي وَلم يدر أَن دولة مَوْلَانَا لَو أنْكرت الْفلك لكفته عَن مجْرَاه وَأَن تَدْبِير الصاحب لَو رصد النَّجْم لصده عَن مسراه وَأَنه مصطنعي فَلم يعتمدني لأعظم الْأُمُور وأهم الثغور إِلَّا وَقد زرع فِي أَرض تريع ووكل السَّرْح إِلَى من لَا يضيع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 (وَإِن بدا أحيت الآمال طلعته ... حَتَّى تقدر محياها محياه) (وَمن يوالي ابْن عباد مخالصة ... يحز سَعَادَة دُنْيَاهُ وأخراه) (فَمَا الصَّنَائِع إِلَّا مَا تخيره ... وَمَا الودائع إِلَّا مَا تولاه) (فَاسْلَمْ وَدم أَيهَا الْأُسْتَاذ مبتهجا ... وَخذ من الْعَيْش أصفاه وأضفاه) (فقد تقيلت فِي الجدوى معالمه ... كَمَا توخيت فِي الجلى قضاياه) // الْبَسِيط // وَقد كَانَت بلاغة الْعَصْر بعد الصاحب والصابي بقيت متماسكة بِأبي الْعَبَّاس وأشرفت على التهافت بِمَوْتِهِ وكادت تشيب بعده لمَم الأقلام وتجف غدر محَاسِن الْكَلَام لَوْلَا أَن الله تَعَالَى سد بِبَقَاء الْأَمِير أبي الْفضل عبيد الله بن أَحْمد ثلم الْأَدَب وَالْكِتَابَة وداوى بالدفاع عَن نَفسه كلم البلاغة والبراعة وَجعله فَرد الزَّمَان ولسان خُرَاسَان وكافل يتم الْفضل ومنفق سوق النثر وَالنّظم وسيمر بك فِي الْقسم الرَّابِع من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله من نثره الَّذِي هُوَ نثر الْورْد ونظمه الَّذِي هُوَ نظم العقد مَا ينير بِهِ اللَّيْل المظلم وينصف بِهِ الدَّهْر الظَّالِم لمع من نثر أبي الْعَبَّاس فصل من كتاب لَهُ فِي الصاحب فِي ذكر أَحْمد بن عضد الدولة وَكنت أستحضر كَاتبه بل كاذبه وأحذره سرا وأبصره جَهرا وَهُوَ يروغ روغان الثعالب ويتفادى تفادي الموارب وَقد كنت منعت المستأمنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 حبال الأمل فِيهَا بِأَسْبَاب الْأَجَل يفطم أَمَام تَكَامل الرَّضَاع وَيفرق قبل الإمتاع بِحسن الإجتماع فَمن اعْتصمَ بِتَوْفِيق الله عز اسْمه وَرَضي بِمَا نفذ بِهِ حكمه لبس فِي وُجُوه الْحَوَادِث جنَّة لَا تنضوها الشدائد وأكد فِي مصابرة النوائب منَّة لَا تنقضها الخطوب الأوابد وَأخذ فِي الصدمة الأولى بالحزم وذخيرة الْعَزْم ففاز بالغنم الْأَكْبَر والحظ الْأَشْرَف الأوفر وَمن اتبع هَوَاهُ وأرتع دينه لدنياه فتهالك فِي القلق المذموم وتقاعس عَن الرضى بِالْقدرِ المحتوم ظهر فِي شعار المستكبرين على الله والمنكرين التأدب بأدب الله فَعظم مصابه وَعدم ثَوَابه وَكَانَ إِلَى الصَّبْر بعد اقتران الْوزر مآله ومآبه لأريت الْمُحَقِّقين برعاية الْمَعْهُود وتأبين الحبيب الْمَفْقُود كَيفَ تتحمل الأرزاء وَيحرم العزاء ويطاع دَاعِي الوله ويراع جَانب الْقلب المرفه وَمِنْهَا وَعرف كل من ورد وَصدر وَبَدَأَ وَحضر أَن من قبض فاستوحش الْأنس بمفارقته واستبشرت الْمَلَائِكَة لمرافقته وَكَانَ مثل الشريفين رَيْحَانَة روضه والبارد العذب من فيضه وَالثَّمَر الحلو من دوحته وَالْوَرق النَّضر من نبعته وَالشَّاهِد الْعدْل لمآثره والمشيد النّدب لمناقبه ومفاخره فَهُوَ فِي حكم الخالد وَإِن أصبح فانيا والمقيم فِي أَهله وَإِن أضحى بالعراء نَاوِيا عزيت الشريفين أدام الله تَعَالَى عزهما عَمَّا ألم بساحتهما من الْخطب ولسان جزعي أنطق وَعرضت لَهما بِوَاجِب السلو وحاجتي إِلَى من يُصَرح لي بِهِ أصدق وَلَكِنِّي جريت على سنة للدّين محمودة وَعَادَة بَين الأحباب معهودة تركت أَفْرَاد كل من الْأَشْرَاف سادتي إخْوَة الشريفين حرس الله عَلَيْهِم مَا خولهم من كرم مَحْض وَخلق غض وَأحسن مَتَاع بَعضهم بِبَعْض بالمخاطبة فِيمَا اقْتَضَاهُ حكم الْحَادِثَة إِذْ كَانَت فروعهم بِإِذن الله متشابكة ونفوسهم فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء متشاركة وَقُلُوبهمْ على الصفاء متعاقدة ومهجاتهم لَا زَالَت مصونة مهجة وَاحِدَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 ملح من نظمه قَالَ (ترفق أَيهَا الْمولى بِعَبْد ... فقد فتنت لواحظك النفوسا) (وأسكرت الْعُقُول فَلَيْسَ نَدْرِي ... أسحرا مَا تَسْقِي أم كؤوسا) // الوافر // وَقَالَ وَهُوَ مِمَّا يتَغَنَّى بِهِ (أَلا يَا لَيْت شعري مَا مرادك ... فقلبي قد أضرّ بِهِ بعادك) (وَأي محَاسِن لَك قد سباني ... جمالك أم كمالك أم ودادك) (وَأي ثَلَاثَة أوفى سوادا ... أخالك أم عذارك أم فُؤَادك) // الوافر // وَقَالَ (لَا تركنن إِلَى الْفِرَاق ... فَإِنَّهُ مر المذاق) (الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا ... تصفر من فرق الْفِرَاق) // مجزوء الْكَامِل // وَكتب إِلَى الصاحب (أكافي كفاة الأَرْض ملكك خَالِد ... وعزك مَوْصُول فأعظم بهَا نعمى) (نثرت على القرطاس درا مبددا ... وَآخر نظما قد فرعت بِهِ النجما) (جَوَاهِر لَو كَانَت جَوَاهِر نظمت ... وَلكنهَا الْأَعْرَاض لَا تقبل النظما) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي وصف الدَّجَاج وَهُوَ الْمُسَمّى بِالْفَارِسِيَّةِ سنكين سر (وطيرين قد ألفا مرقدي ... نديمين لي فِيهِ حَتَّى الصَّباح) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 (أرى من وشائع متنهيما ... نجوما مرصعة فِي وشاح) (وسري عِنْدهمَا لَا يذيع ... وَلَا خوف واش وَلَا خوف لَاحَ) (يسرانني بصفيريهما ... خفيفين عِنْد انتشار الْجنَاح) (صفير يُعِيد شريد الرقاد ... وشجو يحث على شرب رَاح) (سقى بلد الْهِنْد مغناهما ... سَمَاء من المزن غمر السماح) (وَلَا زَالَ وكراهما عامرين ... نبسل مُبَاح وَخير متاح) // المتقارب // وَمِمَّا قرأته بِخَطِّهِ فِي الْأَوْصَاف والتشبيهات من شعره وَكَانَ أنفذه إِلَى أبي سعيد نصر بن يَعْقُوب ليضمنه كِتَابه كتاب روائع التوجيهات فِي بَدَائِع التشبيهات قَوْله فِي الثريا وَهُوَ مَسْبُوق إِلَيْهِ قَدِيما (خلت الثريا إِذْ بَدَت ... طالعة فِي الحندس) (سنبلة من لُؤْلُؤ ... أَو باقة من نرجس) // مجزوء الرجز // وَقَوله فِيهَا (إِذا الثريا اعترضت ... عِنْد طُلُوع الْفجْر) (حسبتها لامعة ... سنبلة من در) وَقَوله فِي قصر اللَّيْل (وَلَيْلَة أقصر من ... فكري فِي مقدارها) (بَدَت لعَيْنِي وانجلت ... عذراء من قَرَارهَا) // مجزوء الرجز // وَقَوله فِي طول اللَّيْل (رب ليل سهرته ... مفكرا فِي امتداده) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 (كلما زِدْت رعيه ... زادني من سوَاده) (فتبينت أَنه ... تائه فِي رقاده) (أَو تفانت نجومه ... فَبَدَا فِي حداده) // مجزوء الْخَفِيف // وَقَوله فِي الأترج (أَو مَا ترى الأترج منضودا لنا ... سطرا كأشخاص جثون على الركب) (وكأنما أجسادها وجسادها ... صور السلاحف قد صنعن من الذَّهَب) // الْكَامِل // وَقَوله فِي النمام (قلت لمن أحضرني زهرَة ... ومجلسي بالأنس بسام) (وقرة الْعَينَيْنِ نيل المنى ... عِنْدِي وَلَا سَام وَلَا حام) (تجنب النمام لَا تجنه ... فَإِنَّمَا النمام نمام) (أخْشَى علينا الْعين من أعين ... يبعثها بالسوء أَقوام) // السَّرِيع // وَقَوله فِي الشيب (قَالُوا اكتهلت فَقلت ليل لابس بردي نَهَار ... ) (هَل حسن كافور كمسك فِي حُكُومَة ذِي اعْتِبَار) (وشهوبة فِي عنبر ... كشبيبة فِي لون قار) (وفضيلة للشيب أُخْرَى وَهِي أبهة الْوَقار ... ) // مجزوء الْكَامِل // أَيْن هَذَا من قَول البحتري (وَبَيَاض الْبَازِي أصدق حسنا ... إِن تَأَمَّلت من سَواد الْغُرَاب) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 وَكتب إِلَى أبي مُسلم مُحَمَّد بن الْحسن (يَا أَبَا مُسلم سلمت على الدَّهْر خدين الْعلَا أَمِين الجليس ... ) (بعض إِخْوَاننَا تشهى علينا ... كرما مِنْهُ مستطاب الهريس) (وقديد السكباج بالأكبر العذب ... ومغمومة مني للجليس) (واتخذنا الْجَمِيع وَهِي كَمَا تذكر ... نعم الْفراش للخندريس) (وَإِذا شِئْت أَن تساعد فِيهَا ... كنت فِينَا الرئيس وَابْن الرئيس) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 الْبَاب الْخَامِس فِي محَاسِن أشعار أهل الْعَصْر من إصبهان لم تزل إصبهان مَخْصُوصَة من بَين الْبلدَانِ بِإِخْرَاج فضلاء الأدباء وفحولة الْكتاب وَالشعرَاء فَلَمَّا أخرجت الصاحب أَبَا الْقَاسِم وَكَثِيرًا من أَصْحَابه وصنائعه وَصَارَت مَرْكَز عزه وَمجمع ندمائه ومطرح زواره اسْتحقَّت أَن تدعى مثابة الْفضل وموسم الْأَدَب وَإِذا تصفحت كتاب إصبهان لأبي عبد الله حَمْزَة بن الْحُسَيْن الإصبهاني وانتهيت إِلَى مَا أورد فِيهِ من ذكر شعرائها وشعراء الكرخ الْمُقطعَة عَنْهَا وسياقة عُيُون أشعارهم وملح أخبارهم كمنصور بن باذان وَأبي دلف الْعجلِيّ وأخيه معقل بن عِيسَى وَبكر بن عبد الْعَزِيز وَأحمد ابْن عُلْوِيَّهُ وَالنضْر بن مَالك وَعلي بن الْمُهلب وَأبي نجدة وَأحمد بن الْقَاسِم الديمرتي وَأبي عبد الله تَاج الْكَاتِب وسهلان بن كُوفِي وَصَالح بن أبي صَالح وَأحمد بن وَاضح وَمُحَمّد بن عبد الله بن كثير وَعبد الرَّحْمَن ابْن مندويه وَأبي بكر بن بشرويه وَابْن زرويه وَأبي الهدهد وَأبي قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن غَالب وَالْحسن بن إِسْحَاق بن محَارب وَأبي بكر الزبيرِي وَأبي عَليّ بن رستم وَأبي مُسلم بن بَحر وَأبي الْحُسَيْن بن طَبَاطَبَا وَابْن كره والنوشجان بن عبد الْمَسِيح وَعلي بن حَمْزَة بن عمَارَة وَإِبْرَاهِيم بن سيارة الكادوسي وَأبي جَعْفَر بن أبي الْأسود وَأبي سعد بن نوفة وَأبي الْعَبَّاس بن أَحْمد بن معمر وَأبي عَمْرو همام وَأبي سوَادَة وَأبي الْقَاسِم بن أبي سعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 وَغَيرهم ثمَّ تَأَمَّلت هَذَا الْبَاب من كتابي هَذَا وقرأت مَا ينْطق بِهِ من ذكر شعرائها العصريين وغرر كَلَامهم كعبدان الإصبهاني الْمَعْرُوف بالخوزي وَأبي سعيد الرستمي وَأبي الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء وَأبي مُحَمَّد الخازن وَأبي الْعَلَاء الْأَسدي وَأبي الْحسن الغويري حكمت لَهَا بوفور الْحَظ من أَعْيَان الْفضل وأفراد الدَّهْر وساعدتني على مَا أقدره من حسن آثَار طيب هوائها وَصِحَّة ترتبها وعذوبة مَائِهَا فِي طباع أَهلهَا وعقول أنشائها وأرجع إِلَى الْمَتْن فقد طَال الْإِسْنَاد وَلَا يكَاد الْكَلَام يَنْتَهِي حَتَّى يَنْتَهِي عَنهُ 18 - عَبْدَانِ الإصبهاني الْمَعْرُوف بالخوزي هُوَ على سِيَاقَة المولدين وَفِي مُقَدّمَة العصريين خَفِيف روح الشّعْر ظريف الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل كثير الْملح والظرف يَقُول فِي الخضاب مَا لم أسمع أحسن مِنْهُ وَلَا أظرف وَلَا أعذب مِنْهُ وَلَا أخف (فِي مشيبي شماتة لعداتي ... وَهُوَ ناع منغص لحياتي) (ويعيب الخضاب قوم وَفِيه ... لي أنس إِلَى حُضُور وفاتي) (لَا وَمن يعلم السرائر مني ... مَا بِهِ رمت خلة الغانيات) (إِنَّمَا رمت أَن أغيب عني ... مَا ترينيه كل يَوْم مراتي) (فَهُوَ ناع إِلَيّ نَفسِي وَمن ذَا ... سره أَن يرى وُجُوه النعاة) // الْخَفِيف // وَكَانَ خَفِيف الْحَال متخلف الْمَعيشَة قَاعِدا تَحت قَول أبي الشيص الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 (لَا تنكري صدي وَلَا إعراضي ... لَيْسَ الْمقل عَن الزَّمَان براضي) // الْكَامِل // وَهُوَ الْقَائِل (قلت للدهر من فُضُولِيّ قولا ... وحداني عَلَيْهِ طيب الْأَمَانِي) (أَترَانِي بخلعة أَنا أَحْيَا ... ذَات يَوْم وفاخر الحملان) (قَالَ هَيْهَات أَنْت والنحس تربان ... وَقد كنتما رضيعي لبان) (لَا تؤمل ركُوب متن سوى النعش وَلَا خلعة سوى الأكفان ... ) // الْخَفِيف // وَله من أَبْيَات (تكلفني التصبر والتسلي ... وَهل يسطاع إِلَّا المستطاع) (وَقَالُوا قسْمَة نزلت بِعدْل ... فَقُلْنَا ليته جور مشَاع) // الوافر // وَقَالَ أَيْضا (تعيب الغانيات عَليّ شيبي ... وتخفي شيبها عني المقانع) (وَقَالَ لي العذول تعز عَنْهَا ... وَإِلَّا فانظرن مَا أَنْت صانع) (فَقلت لَهُ مَتى قدمت خيرا ... وأيرا بعده لَيست تمانع) // الوافر // وَله من كلمة (هَيْهَات نجمي آفل شارد ... ولى فَمَا يخرق أبراجه) (أظل أُخْفِي حجَجًا أَدْبَرت ... والسبع وَالسَّبْعُونَ محتاجه) (وَشر أَيَّام الْفَتى آخر ... فِيهِ يُسمى للشقاء خواجه) // السَّرِيع // وَله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 (أللشيب تخشى من ملال خرائد ... وَهن لعَلَّات الْفُؤَاد مراهم) (إِذا كنت ذَا مَال فَأَنت محبب ... إلَيْهِنَّ صيد الغانيات الدَّرَاهِم) وَله فِي كلمة وصفت هنه (ولي صَاحب مَا حَال عَن حسن عَهده ... وَلم تَرَ عَيْني مِنْهُ أوفى وأكرما) (يساعدني دون الأخلاء فِي الدجا ... إِذا نَام من قد كَانَ شوقا تنجما) (فأهدا وَلَا يهدي وَإِن نمت لم ينم ... ويغري بذكراكم إِذا اللَّيْل أظلما) (يُنَادي على لحفي وصحبي نوم ... وَإِن هُوَ لم يفضض بنطق لَهُ فَمَا) (أشبهه والقطر باد وَلم يبن ... بمنقار فرخ قد تلقط قرطما) // الطَّوِيل // وَله (تركنَا لخوف الْخَوْف الْخَيل وَالتّرْك دُورنَا ... فَللَّه صرف الدَّهْر كَيفَ ترددا) (دهاليزنا ضَاقَتْ لخوف نزولهم ... كأنا يهود ندخل الْبَاب سجدا) // الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ لعبدان (إِن كنت تنشط للغبوق فليلنا ... خلف النَّهَار بغرة عزاء) (وَإِذا صفا لَك مثلنَا فِي دَهْرنَا ... فاذكر عواقب لَيْلَة كدراء) // الْكَامِل // وَكَانَ أَبُو الْعَلَاء الْأَسدي عرضة لأهاجي عَبْدَانِ فَمن ملح قَوْله فِيهِ (أَبَا الْعَلَاء اسْكُتْ وَلَا تؤذنا ... بشين هَذَا النّسَب الْبَارِد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 (وتدعي فِي أَسد نِسْبَة ... وَلَا تثبت الدَّعْوَى بِلَا شَاهد) (أقِم لنا وَالِدَة أَولا ... وَأَنت فِي حل من الْوَالِد) السَّرِيع // وَقَوله (قَابل هديت أَبَا الْعَلَاء نصيحتي ... بقبولها بواجر الشُّكْر) (لَا تهجون أسن مِنْك فَرُبمَا ... تهجو أَبَاك وَأَنت لَا تَدْرِي) // الْكَامِل // وَقَوله (أَبُو الْعَلَاء زاعم ... بِأَنَّهُ من الْعَرَب) (وَيَدعِي فِي أَسد ... أبوة بِلَا سَبَب) (أقسم أَنِّي مفتر ... عَلَيْهِ فِي هَذَا النّسَب) (فآثم لكنني ... ألصقه خوف الْغَضَب) // مجزوء الرجز // وَقَوله (أضحى الملوم أَبُو الْعَلَاء يسبني ... وَأَنا أَبوهُ يعقني ويعادي) (والمنتمون إِلَيْهِ من أَوْلَاده ... وَالله يعلم أَنهم أَوْلَادِي) (وَلَو أَنه يسخو عَليّ بِوَاحِد ... عِنْد التكاثر زِينَة للنادي) (أَلْصَقته بِي واقتديت بِمن رأى ... بِأَبِيهِ إلصاق الدعي زِيَاد) // الْكَامِل // وَقَوله (حمق بِهَذَا الْأَسدي الَّذِي ... قد كَانَ مني آمن السرب) (وَإِنَّمَا جربت هجوي بِهِ ... تجربة السَّيْف على الْكَلْب) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 وَقَوله فِي غَيره (رغيفك فِي الْأَمْن يَا سَيِّدي ... يحل مَحل حمام الْحرم) (فَللَّه دَرك من سيد ... حرَام الرَّغِيف حَلَال الْحرم) // المتقارب // وَقَالَ من أَبْيَات (يَعْلُو ويعلى وكل من سجيته ... يَعْلُو الكنيف ويعلى بالغراميل) // الْبَسِيط // وَقَالَ فِي رجل ارْتَفع قدره وَكَانَ أَبوهُ حلاجا (أَقُول وَقد قَالُوا ابْن مأسدة غَدا ... على مركب لَا من حمير أَبِيه) (وَلَا الصَّوْت محلاج وَلَا السرج لوحه ... وَلَا حب قطن كالشعير بِفِيهِ) (مقَال الْوَلِيد البحتري فَإِنَّهُ ... قد أَنبأَنَا عَن مثله وَذَوِيهِ) (مَتى أرت الدُّنْيَا نباهة خامل ... فَلَا ترتقب إِلَّا خمول نبيه) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي قينة (لنا قينة تَحْمِي من الشّرْب شربنا ... فقد أمنُوا سكرا وَخَوف خمار) (تكشر عَن أنيابها فِي غنائها ... فتحكي حمارا شم بَوْل حمَار) // الطَّوِيل // وَقَالَ فِي شَاعِر (مَا قَالَ بَيْتا مرّة ... وَلَا يَقُول مَا بَقِي) (وكل شعر قَالَه ... فإثمه فِي عنقِي) // مجزوء الرجز // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 وَقَالَ فِي علوي (كم غَاصِب حقكم ليهزلكم ... وَقد تفقا من شدَّة السّمن) (واحربا إِن قضيت لم أر مَا ... آمله فِيكُم وواحزني) // المنسرح // وَقَالَ (أَقْسَمت حَقًا بِمَا أُوتيت من كرم ... فَإِنَّهُ بعد رَبِّي غَايَة الْقسم) (أَن لَو وليت أُمُور النَّاس مقتدرا ... مَا خَافَ رَاع على شَاءَ وَلَا نعم) (وظلت العصم للآساد آلفة ... واستأنست طلس الذؤبان بالغنم) (مواهب خصك الله الْعَزِيز بهَا ... وَلَيْسَ يرضى لَك الحساد بالقسم) (هَذَا الثَّنَاء وهذاك الداعاء وَمَا ... لي غير ذين وَمَا سديني بمتهم) // الْبَسِيط // وَقَالَ (سقيت وَفِي كف الحبيبة وردة ... وأترجة تغري النُّفُوس بصونها) (مداما فَلَمَّا قابلتني بوجهها ... شربت فحيتني بلوني ولونها) // الطَّوِيل // 19 - أَبُو سعيد الرستمي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن رستم من أَبنَاء إصبهان وَأهل بيوتاتها وَمن يَقُول الشّعْر فِي الرُّتْبَة الْعليا وَمن شعراء الْعَصْر فِي الطَّبَقَة الْكُبْرَى وَهُوَ الْقَائِل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 (إِذا نسبوني كنت من آل رستم ... وَلَكِن شعري من لؤَي بن غَالب) // الطَّوِيل // وَمن نظر فِي شعره المستوفي أَقسَام الْحسن والبراعة المستكمل فصاحة البداوة وحلاوة الحضارة أَقبلت عَلَيْهِ الْملح تتزاحم والفقر تتراكم والدرر تتناثر وَالْغرر تتكاثر (كلم هِيَ الْأَمْثَال بَين النَّاس إِلَّا ... أَنَّهَا أضحت بِلَا أَمْثَال) // الْكَامِل // وَكَانَ الصاحب يَقُول مرّة هُوَ أشعر أهل عصره وَتارَة هُوَ أشعر أهل عصره ويقدمه على أَكثر ندمائه وصنائعه وينظمه فِي عقد المختصين بِهِ وَفِيه يَقُول مداعبا (أَبُو سعيد فَتى ظريف ... يبْذل فِي الظّرْف فَوق وَسعه) (ينيك بالشعر كل ظَبْي ... فأيره فِي عِيَال طبعه) // مخلع الْبَسِيط // وَكَانَ يسد ثلمة حَاله ويدره حلوبة مَاله ويسوغه خراج ضيَاعه وَلَا يخليه من مواد إنعامه وإفضاله وَبَلغنِي أَن أَبَا سعيد لما أَسْفر لَهُ صبح المشيب وعلته أبهة الْكبر أقل من قَول الشّعْر إِمَّا لترفع نَفسه وَإِمَّا لتراجع طبعه فَقَرَأت فصلا للصاحب أَظُنهُ إِلَى أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ فِي ذكره واستزادة شعره وَهَذِه نسخته كَانَ يعد فِي جمع أصدقائنا بإصبهان رجل لَيْسَ بشديد الإعتدال فِي خلقه وَلَا ببارع الْجمال فِي وَجهه بل كَانَ يروع بمحاسن شعره وسلامة وده أما الشّعْر فقد غاض حَتَّى غاظ وَأما الود فَفَاضَ أَو فاظ فَإِن تذكره مولَايَ بوصفه وَإِلَّا فليسأل عَن خَاله وَعَمه أما العمومة فَفِي آل رستم وَثمّ الذرْوَة وَالْغَارِب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 ولواء الْعَجم وغالب وَأما الخؤولة فَفِي آل جُنَيْد كَمَا قَالَ شَاعِرهمْ فِي سعد وَسَعِيد وَقد سَأَلت عَن خَبره وَفد نَجْرَان والركب بجبلى نعْمَان فَلم يذكرُوا إِلَّا أَنه مَشْغُول بِخطْبَة سبطه أبي الْقَاسِم بن بَحر رَحمَه الله تَعَالَى لفتاه أعزه الله وَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا يُوجب أَن يطوينا طي الرِّدَاء ويلقى عهدنا إِلْقَاء الْحذاء وَقد يعود الصّلاح فَسَادًا وَيرجع النِّفَاق كسادا (فَلَعَلَّ تيما أَن تلاقي خطة ... فتروم نصرا من بني الْعَوام) // الْكَامِل // وَهَذَا مَا أخرجته من محَاسِن شعره وَمَا محَاسِن شَيْء كُله حسن من قصيدة لَهُ فريدة فِي مؤيد الدولة (بَدَت يَوْم حزوى من كواها المحاجر ... فَعَاد عذولي فِي الْهوى وَهُوَ عاذر) (فَكيف وَقد أبدين مَا فِي قناعها ... وأبرزن مَا الْتفت عَلَيْهِ المعاجر) (مررن بحزوى والجآذر ترتعي ... فَلم تدر حزوى أيهن الجآذر) (ومالت على الأنقاء فاشتبهت بهَا ... أهن النقا أم مَا تضم المآزر) (وأرست على الأعجاز سود فروعها ... فأزرت بحيات الغدير الغدائر) (بدور زهتهن الملاحة أَن يرى ... لَهُنَّ نقاب فالوجوه سوافر) // الطَّوِيل // سَرقه من قَول الْقَائِل (وَلما تنازعنا الحَدِيث وأسفرت ... وُجُوه زهاها الْحسن أَن تتقنعا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 رَجَعَ (وودعني من نرجس بجفونها ... على ورد خد لُؤْلُؤ متناثر) (وسائلة عبري مَتى أَنْت آيب ... إِلَيْنَا وَهل يقْضِي الإياب الْمُسَافِر) (حططت لَهَا رحلي وسيبت نَاقَتي ... وأمنتها والعيس مِمَّا تحاذر) (نَصِيبي من الدُّنْيَا رضى أم معمر ... وَسَائِر مَا تحويه فِي الرّيح سَائِر) (وَقلت اربطي جأشا عَلَيْك فَإِنَّهُ ... سيغنيك عَن سيري القوافي السوائر) (سيكفيك سيري فِي الدجى إِن كرهته ... صباح كضؤ الْبَدْر والنجم باهر) (أَمِير كَأَن الْغَيْث من نفحاته ... يصوب وَمن أخلاقه الرَّوْض زَاهِر) (إِذا مَا علا صدر السرير جرى لنا ... بِهِ فلك بِالْخَيرِ وَالشَّر دائر) (يَد لأمير الْمُؤمنِينَ طَوِيلَة ... وناب إِذا مَا نابه الْخطب كاشر) (يُنَافِي الْكرَى من حزمه وَهُوَ دارع ... ويغشى الوغى من بأسه وَهُوَ حاسر) (إِلَى أَي أَرض أرحل العيس صاديا ... وبحرك مورود وروضك ناضر) وَمِنْهَا (فأقسمت مَا فِي الأَرْض غَيْرك ماجد ... يزار وَلَا فِي الأَرْض غَيْرِي شَاعِر بقيت مدى الدُّنْيَا وملكك راسخ ... وظلك مَمْدُود وبابك عَامر) (يرد سناك الْبَدْر والبدر زَاهِر ... ويقفو نداك الْبَحْر وَالْبَحْر زاخر) (وهنئت أعيادا توالت سعودها ... كَمَا يتوالى فِي الْعُقُود جَوَاهِر) // الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى فِيهِ أَيْضا (مَرَرْنَا بِأَكْنَافِ العقيق فأعشبت ... أباطح من أجفاننا ومسايل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 (وكادت تناجينا الديار صبَابَة ... وتبكي كَمَا نبكي عَلَيْهَا الْمنَازل) (فَمن وَاقِف فِي جَفْنَة الدمع وَاقِف ... وَمن سَائل فِي خَدّه الدمع سَائل) (تأس بيأس أَو تعز بسلوة ... فمالك فِي أطلال عزة طائل) (ألم تَرَ أَيَّام الرّبيع تبسمت ... أجارع من أنوارها وخمائل) (كَأَن غصون النرجس الغض بَينهَا ... نشاوى كرى أعناقهن موائل) (كَأَن شَقِيق الأبرين كواعب ... عَلَيْهِنَّ من صبغ الجساد غلائل) (وَقد حملت سوسانها فِي حجورها ... رواضع إِلَّا أَنَّهُنَّ حوامل) (وضمر خيل الضيمران كَأَنَّهَا ... مرازب فَوق الْهَام مِنْهَا أكالل) (وَنور قضبان الْخلاف فأبرزت ... أَصَابِع لم تخلق لَهُنَّ أنامل) (تخال أزاهير الرياض خلالها ... مصابيح ليل مَا لَهُنَّ فتائل) (وَقد شربت مَاء الغمامة فانثنت ... كَمَا يتثنى الشَّارِب المتمايل) (فَمن أقحوان ثغره متبسم ... وَورد على أكنافه الطل جائل) (وَقد ماج وَادي الزندروز بفيضه ... كَمَا ماج للريح النقا المتهايل) (كَأَن نعاج الرمل فِي جنباته ... يناطح بعض بَعْضهَا وَيُقَاتل) (كَأَن هدير الموج فَوق متونه ... هدير قروم هاجهن الشوائل) (سرى بَين أحشاء السرى فتشابهت ... أحياته تسري بهَا أم جداول) (إِذا ماج فَوق الأَرْض أَو هاج خلته ... خيولك فِي الهيجا وَهن صواهل) (أيا ملكا فاق الْمُلُوك وبذهم ... فراح سِنَانًا والملوك عوامل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 (إِذا نَحن أثنينا عَلَيْهِ تبادرت ... فأثنت كَمَا نثني القنا والقنابل) (ينير الدجى من وَجهه وَهُوَ حالك ... ويندى الثرى من كَفه وَهُوَ ماحل) (وَذُو لحظات كُلهنَّ فواضل ... وَذُو حركات كُلهنَّ فَضَائِل) (دهاء لَدَيْهِ رَأْي أَكْثَم فائل ... وجود لَدَيْهِ حَاتِم الْجُود باخل) (وحلم لَدَيْهِ ركن يذبل ذابل ... وعزم لَدَيْهِ فَارس الْخطب راجل) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي مَسْأَلَة أخراج ضَيْعَة لَهُ من الإقطاع (ضياعي نَهْبي قد تفرق شملها ... فَمَا فِي يَدي مِنْهُنَّ إِلَّا الأنامل) (فكم ضَيْعَة مَالَتْ لأبواب مَالهَا ... قناتي وغيري مِنْهُ نشوان مائل) (فحظي من الحظين هم وحسرة ... وحاصلها أَنِّي على الْهم حَاصِل) (أَلا لَيْت شعري هَل أرى لي جمَاعَة ... تمد بهَا فَوق الشطور الحواصل) (تقاربها الأنموذجات كَأَنَّهَا ... إِذا هِيَ صروها الثدي الحوافل) (وَهل أَرِنِي يَوْمًا وَكيلِي حاضري ... أناقشه طورا وطورا أساهل) (وَيخرج بإسمي فِي الأدراج كَاتب ... حسابا ويستأدي خراجي عَامل) (على عدل مَوْلَانَا الْأَمِير توكلي ... فإحسانه فِي الشرق والغرب شَامِل) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِيهِ أَيْضا أَولهَا (عذيري لَدَى الواشين حسن عذاره ... وعذري لَدَى اللاحين حسن اعتذاره) (بنفسي خبيب زار بعد أزوراره ... وعاودني بالأنس بعد نفاره) (وأشنب معشوق الدَّلال منعم ... معقرب صدغ كالهلال مَدَاره) (إِذا مَا اسْتعَار الجلنار بخده ... أعَار الحشى من خَدّه جلّ ناره) (سل الْبيض عَن عاداته فِي عداته ... وَسمر القنا عَن نهبه ومغاره) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 (وقائع نَالَ النسْر غَايَة سؤله ... بِهن ونال النَّصْر غَايَة ثاره) // الطَّوِيل // وَمن قصيدة فِي الصاحب أَولهَا (عقني بالعقيق ذَاك الحبيب ... فالحشى حشوه الجوى والنحيب) (وَإِذا جَفتْ الشؤون وَخفت ... ندبتها من الضلوع الندوب) (لست أَدْرِي أأدمعي أم جمان العقد ... ينسل أم عقيق يذوب) (حبذا حبذا وَنعم وسعدي ... وَنَصِيبِي من وصلهن نصيب) (إِذْ زماني غر وغصني رطيب ... وشبابي غض وبردي قشيب) (إِذْ بوادي العقيق عيشي أنيق ... وبوادي الْجنُوب ريحي جنوب) (كم شجاني بِبَطن رامة ريم ... وبظبي الْكَثِيب ظَبْي ربيب) (أَيهَا الرمل كم مضى فِيك عَيْش ... لي مهاة ومرتع لي خصيب) (وأليفاي فِيك ريا وأروي ... وحليفاي فِيك زق وكوب) (وبقلب الحسود منا ندوب ... وبطرف العذول عَنَّا نكوب) (وَعَفا الله عَن ذنُوب تقضت ... لي بهَا حِين تستتاب الذُّنُوب) (حَيْثُ لَا لوم أَن يزور محب ... هاجه الشوق أَو يزار حبيب) (حَيْثُ لَا يُنكر الغرام وَلَا يخْشَى ملام وَلَا يخَاف رَقِيب ... ) (مَا يذم الشَّبَاب عِنْدِي بِشَيْء ... غير أَن المشيب مِنْهُ قريب) (غلب الصاحب الْجواد بني الْجُود ... كَمَا يغلب الشَّبَاب المشيب) (بذهم فِي الندى وغطى علاهم ... بعلاه فالمكرمات ذنُوب) (وَإِذا مَا سعى لإحداث مجد ... فمساعيهم عَلَيْهِم ذنُوب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 (وَاجِد بالعلا وبالمجد وجدا ... لم يجده بِيُوسُف يَعْقُوب) (وَإِذا مَا أَتَاهُ طَالب جدوى ... راحتيه فالطالب الْمَطْلُوب) (قل لباغي الندى خف الله لَا تسأله عمرا فَإِنَّهُ موهوب ... ) // الْخَفِيف // من قَول أبي تَمام (وَلَو لم يكن فِي كَفه غير روحه ... لجاد بهَا فليتق الله سائله) رَجَعَ (إِنَّمَا حَاتِم وَأَوْس وَكَعب ... مثل فِي الندى لَهُ مَضْرُوب) (يَا حساما مهندا وغماما ... ديمتاه التَّرْغِيب والترهيب) (فِيك مَا يكمد الحسود وَمَا فِيك سوى ... الْجُود والندى مَا يعيب) (رَاحَة ثرة وَوجه طليق ... ولسان عضب وَصدر رحيب) (وَبَيَان غض تلدد فِيهِ ... حِين خاطبته الألد الْخَطِيب) (وَإِذا مَا وخدت فِي طلب الْمجد فذو الْمجد وخده تقريب ... ) (عَزمَات يرض مِنْهُنَّ رضوي ... ويكاد الْوَلِيد مِنْهَا يشيب) (فلشمس النَّهَار مِنْهَا وجوب ... ولقلب الزَّمَان مِنْهَا وجيب) وَمِنْهَا (وَإِذا مَا دَعَوْت شعري فِيهِ ... طرب الْمَدْح واستهل النسيب) (مدح كالنسيب رقة أَلْفَاظ ... وَمَا للنسيب مِنْهُ نصيب) (محكمات محكمات إِذا أنشدن نَالَ المنى بِهن الأديب ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 (رفعت من أَعِنَّة الرّفْع حَتَّى ... ذل مِنْهَا المخفوض والمنصوب) وَمِنْهَا (أَنا من قد عرفت سرا وجهرا ... أعجمي نما بِهِ التعريب) (لَيْت شعري إِذا دعيت شعاري ... نسبي وَاضح وعودي صَلِيب) (لست من أمدح الْمُلُوك وَلَا أنضي المطايا وَلَا الفلاة أجوب ... ) (أَنا للصاحب الْجَلِيل أبي الْقَاسِم ... مولى وخادم وربيب) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى أَيْضا (غيضن عبرتهن يَوْم الْوَادي ... فأرحن عَازِب أنس ذَاك النادي) (فجنين بالأسماع نور حديثنا ... وكرعن فِي الشكوى كروع الصادي) (ووصفن سقم قُلُوبنَا بعيونها ... فشفين منا غلَّة الأكباد) (لَا غرو أَن يجنين من ثَمَر الْهوى ... لي فِي مراقدهن شوك قتاد) (فلطالما أسهرنني جنح الدجا ... وأطلن ليلِي وانتهبن رقادي) (لَا وَالَّذِي جعل الجفون عليلة ... وأعار حب الْبيض حب فُؤَادِي) (إِنِّي لأرحم من أسرن فُؤَاده ... سرا فَمَا لفؤاده من فادي) (وأذم أَيَّام الْفِرَاق فَإِنَّهَا ... علل وَإِن خفيت على العواد) (قل للزمان إِذا تنمر ساخطا ... وَعدا عَليّ بِوَجْه لَيْث عادي) (أبرق وأرعد لَيْسَ يرتعد الحشى ... لي مِنْك بالإبراق والأرعاد) (الصاحب العالي الصَّنَائِع صَاحِبي ... فِي النائبات وعدتي وعتادي) (ورث الوزارة كَابِرًا عَن كَابر ... مَوْصُولَة الْإِسْنَاد بِالْإِسْنَادِ) (يروي عَن الْعَبَّاس عباد وزارته ... وَإِسْمَاعِيل عَن عباد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 (شرف كعقد الدّرّ وَاصل بعضه ... بَعْضًا كأنبوب القنا المنآد) (وَعلا كأيام السنين ترادفت ... آياتها بمكرر ومعاد) (لَا كَالَّذِين إِذا سموا لكريمة ... ضحِكت جدودهم من الأجداد) (أَعلَى المكارم مَا تقادم عَهده ... وَالْمجد موروث عَن الأمجاد) (لَا وَالَّذِي جعل المكارم كلهَا ... لَك والعلا فِي مبدأ ومعاد) (ورآك أَهلا للرشاد وللهدى ... وكساك آيَات الإِمَام الْهَادِي) (لَو كَانَ غير الله يعبد مَا انْثَنَتْ ... إِلَّا إِلَيْك أَعِنَّة الْعباد) // الْكَامِل // هَذَا معنى قد أَكثر النَّاس فِيهِ وأظن السَّابِق إِلَيْهِ ابْن أبي الْبَغْل حَيْثُ قَالَ فِي الرشيد (لَو عبد النَّاس سوى رَبهم ... أَصبَحت دون الله معبودا) رَجَعَ (هَذَا الرّبيع وَأَنت أكْرم مجتنى ... مِنْهُ وَأَعْجَبهُ إِلَى المرتاد) (زارتك فِي حلل الرياض وفوده ... وكأنهن يمسن فِي الأبراد) (وَرَأَتْ صنائعك الَّتِي أزرت بهَا ... فغدت تذم إِلَيْك صوب الغادي) (وحكاك وَادي الزندروز فَأَقْبَلت ... أمواجه يقذفن بالأزباد) (مثل الرمال تناطحت أوعالها ... فأعانهن الْعين بالإمداد) (يَرْمِي السواحل مُدَّة فَكَأَنَّهُ ... ملك يهز الْأُفق بالإيعاد) (يهدي الْمَدِينَة واديان تجاورا ... وكأنما وردا على ميعاد) (مدان هَذَا لَيْسَ ينْفد فيضه ... أبدا وَهَذَا فيضه لنفاد) (روض يرف ومزنة تهمي عزا ... ليها وطير فِي الغصون يُنَادي) (فَكَأَن ذَا يثني وَذَا يَدْعُو وَذَا ... يُبْدِي الرِّضَا ويبوح بالأحماد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 (فاسعد بدنيا قد نظمت أمورها ... وسددتها بالرفق أَي سداد) (ورعية أصلحتها بتألف ... وَتعطف من بعد طول فَسَاد) (داويت من سقم النِّفَاق قلوبها ... وشفيت مرضاها من الأحقاد) (فَنصبت لِلْإِسْلَامِ أكْرم راية ... وَقسمت أهل الْجَبْر والإلحاد) (وأفضت عدلك فِي الْبِلَاد وَأَهْلهَا ... وَضربت دون الظُّلم بالأسداد) // السَّرِيع // وَمِنْهَا فِي الإذكار والإستعانة والإستزادة وشكوى الْخراج وَمَسْأَلَة التسويغ وَمَا مِنْهَا إِلَّا مَا لَا غُبَار عَلَيْهِ وَلَا شوب فِيهِ وَلَا مزِيد على حسنه (يَا خير من يدعى لخطب فادح ... وَيحل عقد الْحَادِث المنآد) (عَمت فواضلك الْبَريَّة واغتدت ... طوع الْعَنَان لحاضر أَو بَادِي) (ووسائلي مَا قد علمت ولَايَة ... مذ كنت أعهدها وصفو وداد) (ومنقبات فِي الْبِلَاد غَرِيبَة ... وصلت سرى الإتهام بالإنجاد) (تروى وَلم يسمع لَهُنَّ بقائل ... تعزى إِلَيْهِ سوى حداء الْحَادِي) (من كل رائقة المحاسن حلوة ... ريا الرِّوَايَة غضة الإنشاد) (لم يكسها الإكفاء فِي أكفائها ... عَيْبا وَلَا أزرى بهَا لسناد) (هَذَا وَحُرْمَة خدمَة مرعية ... للأبعدين قديمَة الميلاد) (مَا زلت من أبرادها متوحشا ... بمفوف يزهى على الأبراد) (يَا حلية الوزراء حل قصائدي ... بمحاسن الإرفاد والإصفاد) (مَا لي ظمئت وبحر جودك زاخر ... سهل مشارعه على الوراد) (وريت زناد السَّائِلين بسيله ... وبفيضه وخصصت بالإصلاد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 (مَا كَانَ أجمل فِي التجمل ملبسي ... وأعف فِي ظلّ القناعة زادي) (لَوْلَا زمَان أزمنت حَالي لَهُ ... نوب تراوح تَارَة وتغادي) (وأذى فراخ ضَاقَ بِي أوكارها ... وَكَذَا البغاث كَثِيرَة الْأَوْلَاد) (وأذى خراج لَو سرى لأدائه ... غرر اللَّيَالِي عدن وَهِي دآدي) (أبدت نُجُوم اللَّيْل سود نجومه ... فِي مفرقي فأنار بعد سَواد) (حِصَّة حصت مني جَوَانِب هامتي ... صفعا أوافقه من المستادي) (ووفود سوء يألفون زيارتي ... من صادر أَو رائح أَو غادي) (ورجالة مترادفون كَأَنَّمَا ... غصت مدارجهم بِرَجُل جَراد) (من كل منتفش الشَّوَارِب مسمع ... عبد لآل ربيعَة أَو عَاد) (صهب اللحى سود الْوُجُوه كَأَنَّمَا ... خضبوا الرؤوس بيانع الفرصاد) (مَا غَابَ عني وَاحِد إِلَّا ... ويقفوا إثره ثَان وَآخر بَادِي) (هَذَا يواجه شاربي متهددا ... وَيقوم هَذَا من وَرَاء العادي) (ففرائصي من خوفهم مَمْلُوءَة ... أبدا من الإخفاق والإرعاد) (وَإِذا أصادر غدْوَة لم يرْتَفع ... عِنْد الْمسَاء سواي فِي الأوراد) (مَا فِي يَد النقاد من ضربي سوى ... ضربي ودق الْجيد دون جِيَاد) (يَا حلية الوزراء حَقي وَاجِب ... ونداك صوبا أنعم وأيادي) (وَقع بتسويغي خراجي كُله ... أَو لَا فعاودني على الْإِيرَاد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 (وامنن عَليّ بِفضل جودك واكفني ... دَار الْخراج وجهمة الْحداد) وَله من أُخْرَى (قُولُوا لَو سِنَان نَام عَن أرقي ... فِيهِ وحاشا جفونه الأرق) (ارث لمن قد رثى ... لمقلته الدمع ورقت لِقَلْبِهِ الحرق) (لم يبْق من جِسْمه سوى رَمق ... ينْتَظر الْمَوْت ذَلِك الرمق) (يَا بِأبي مِنْهُ طرة سبج ... إِذا تبدت وغرة يقق) (ولؤلؤ من لِسَانه برد ... ولؤلؤ فِي لباته نسق) (وَجه بِهِ الجلنار مبتسم ... يفتر والأقحوان متسق) (شعلة نَار ملاحة وسنا ... يكَاد مِنْهُ الجليس يأتلق) (غنى فَجلى الظلام غرته ... عَنَّا وغصت بشدوه الْأُفق) (فودت الْعين أَنَّهَا أذن ... تسمع وَالْأُذن أَنَّهَا حدق) // المنسرح // زَاد على من قَالَ (غنت فَلم يبْق فِي جارحة ... إِلَّا تمنت بِأَنَّهَا أذن) رَجَعَ (وَالله لَو كَانَت الأزاهر والأوتار ... نَاسا وأبصروا عشقوا) (شانىء أَيَّامه يذوب شجى ... من كمد والحسود يزدهق) (كَذَلِك النَّار حِين أعوزها ... مَا أحرقته تبيت تحترق) // المنسرح // سَرقَة من قَول ابْن المعتز حَيْثُ قَالَ (كالنار تَأْكُل نَفسهَا إِن نَفسهَا ... وَإِن لم تَجِد مَا تَأْكُله) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 رَجَعَ (وَإِن ذكرنَا اسْمه لطيبته ... يبْقى بأفواهنا لَهُ عبق) (وَالنَّاس لَوْلَا سناه مَا رمقوا ... وَالنَّاس لَوْلَا نداه مَا رزقوا) (إسعد بِشَهْر وافتك مقبلة ... أعياده بالسعود تستبق) (ثَلَاثَة قد قرن فِي قرن ... خوة روز والنضح والسذق) (مُقَدمَات من الرّبيع غَدَتْ ... وفودها من صبَابَة سبقوا) (أما ترى المزن حل حبوته ... فِي الرَّوْض فالروض زَاهِر أنق) (فنوره من سناك مقتبس ... ونوءه من نداك مسترق) (فاعمر لدُنْيَا لولاك مَا خلقت ... وَأهل دينا لولاك مَا خلقُوا) (وعد جَدِيدا على الزَّمَان كَمَا ... عَاد جَدِيدا فِي عوده الْوَرق) (مَا صحبتك الْأَيَّام دمت لَهَا ... فَلَيْسَ فِي صفوا عيشنا رنق) // مجزوء الْكَامِل // وَله من قصيدة فِي نِهَايَة الْحسن وَكَثْرَة الْملح والنكت أَولهَا (عَزِيز علينا أَن تشط مَنَازِله ... سقته الغوادي من عَزِيز تزايله) (وَلَا زَالَ حاديه دميثا فجاجه ... وقمرا لياليه وصفوا مناهله) (يحل عزالي الْغَيْث حَيْثُ يحله ... ويغشى كَمَا يغشى الرّبيع مَنَازِله) (ومهجورة خَافت عَلَيْهَا يَد النَّوَى ... فَلم تبْق فِي حافاتها مَا أسائله) (سوى كحل عين مَا اكتحلت بنظرة ... إِلَى جفْنه إِلَّا شجتني مكاحله) (وقفت فَأَما دمع عَيْني فسائل ... عَلَيْهِ وَأما وجد قلبِي فسائله) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 (أقلب قلبا مَا يخف غرامه ... عَلَيْهِ وطرفا مَا تَجف هوامله) (لعَلي أرى من أهل ريا وَإِن نأت ... بأرجائه شبها لريا أواصله) (فَأَصْبَحت قد ودعت ريا وَوَصلهَا ... كَمَا ودعت شمس النَّهَار أصائله) (بكرهي زَالَ الْحَيّ من بطن عَازِب ... وغودر مني عَازِب اللب زائله) (وقلب إِذا مَا قلت خف غرامه ... وَأبْصر غاويه وأقصر عاذله) (دَعَاهُ الْهوى فاهتز يهوي كَمَا دَعَا ... صبا الرّيح غُصْن البان فاهتز مائله) (وهاجرة من نَار قلبِي شببتها ... وَقد جاش من حر الْفِرَاق مراجله ... صليت بهَا والآل يجْرِي كَمَا جرى ... من الدمع فِي جفني للبين جائله) وَمِنْهَا (وَبَعض مذاق الْعرف مر وَإِن حلا ... إِذا لم يكن أحلى من الْعرف باذله) (وَمَا الْجُود إِلَّا مَا تطوع أَهله ... وَلَا السَّمْح إِلَّا مَا تبرع نائله) (وأروع أنواء الرّبيع صنائع ... لَدَيْهِ وأنوار الرّبيع فضائله) (أهان مصونات الذَّخَائِر كَفه ... وَهَان عَلَيْهِ مَا يَقُول عواذله) (وفاح كَمَا فاح الرياض فعاله ... ولاح كَمَا لَاحَ البروق شمائله) (يسيل على العافين عَفْو نواله ... فَيلقى ابتذال الْوَجْه للبذل سائله) (شَفِيع الَّذِي يرجوه حسن صَنِيعه ... وسائله عِنْد الرَّجَاء وسائله) (وَلم يجْتَمع كَفاهُ وَالْمَال سَاعَة ... كَأَنِّي وريا مَاله وأنامله) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 هَذَا الْبَيْت من إحسانه الْمَشْهُور السائر وَمِنْهَا (أيصبح مثلي فِي جنابك صاديا ... وَأَنت الحيا تحيا وتروي هواطله) (وَلَوْلَا فراخ زعزع الدَّهْر وَكرها ... عَليّ وَقد غال الْجنَاح غوائله) (أعرت ظلال الْحر نفس ابْن حرَّة ... تقاصره الْأَيَّام حِين تطاوله) (فخذني من أَنْيَاب دهري بعاجل ... من النَّصْر دَان أكْرم النَّصْر عاجله) (بقيت مدى الدُّنْيَا لمجد تشيده ... وقرم تساميه وخصم تجادله) (وهاتيك أَمْثَال النُّجُوم جلوتها ... عَلَيْك كَمَا تجلو الحسام صياقله) (قريض كَسَاه المزن أَثوَاب رَوْضَة ... فرقت أعاليه ورقت أسافله) (تطيب على الْأَيَّام ريا نشيده ... وَأطيب من رياه مَا أَنْت فَاعله) // الطَّوِيل وَله من أُخْرَى (وحسناء لم تَأْخُذ من الشَّمْس شِيمَة ... سوى قرب مسراها وَبعد منالها) (وَإِنِّي لأهوى الشيب من أجل لَونه ... وَإِن نفرت عني الدمى من فعالها) (وأروع يستحيي الحيا من يَمِينه ... فيرتد فَوق الْأُفق حيران والها) (أَقَامَ قِنَا الْأَيَّام بعد اعوجاجها ... وحاط ذرى الْإِسْلَام بعد ابتذالها) (عزائم لَو ألْقى على الأَرْض ثقلهَا ... شكت مِنْهُ مَا لم تشكه من جبالها) (وجود بنان سبح الْغَيْث عِنْدهَا ... وَهَلل صوب الْبَحْر عِنْد أنهلالها) (يَد كل مَا تحوي يَد من نوالها ... وبيض أياديها وغزر سجالها) (تَأمل فَمَا لاحظته من هباتها ... لدينا وَمَا لاحظته من عيالها) (من النَّفر العالين فِي السّلم والوغى ... وَأهل العوالي والمعالي وآلها) (إِذا نزلُوا اخضر الثرى من نُزُولهَا ... وَإِن نازلوا احمر الثرى من نزالها) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 (ببيض كَأَن الْملح فَوق متونها ... ودهم كَأَن الزنج تَحت جلالها) // الطَّوِيل // انْظُر إِلَى حسن هَذَا التَّصَرُّف وَشرف هَذَا الْكَلَام (مساميح كل الْغَيْث بعض نوالها ... وكل الْمَعَالِي خلة من خلالها) (سمت فَوق آفَاق السَّمَاء فَأَصْبَحت ... ثراها الثريا والسهى من نعالها) (إِلَيْك ابْن عباد بن عَبَّاس إنثنت ... أَعِنَّة شكر الدَّهْر بعد انفتالها) (بك افتر ثغر الْملك واهتز عطفه ... وَجَرت بك الدُّنْيَا ذيول اختيالها) (تشكى الثرى إظلامها ومحولها ... فأغنيتها عَن مزنها وهلالها) وَله من قصيدة كَأَنَّهُ جمع محاسنه ولطائفه فِيهَا أَولهَا (سَلام على رمل الْحمى عدد الرمل ... وَقل لَهُ التَّسْلِيم من عاشق مثلي) (وقفت وقُوف الْغَيْث بَين طلوله ... بمنسكب سح ومنسجم وبل) (وَمَا رمت حَتَّى خالني الريم رمة ... وأذرف آجال الْحمى الدمع من أَجلي) (خليلي قد عذبتماني ملامة ... كَأَن لم يقف فِي دمنة أحد قبلي) (وَمِمَّا شجاني والعواذل وقف ... ولي أذن صمت هُنَاكَ عَن العذل) (ظباء سرت بالأبطحين عواطلا ... وَكنت أَرَاهَا فِي الرعاث وَفِي الحجل) (تبدلن أَسمَاء سوى مَا عرفتها ... لَهُنَّ فَلَا تَدعِي بسعدي وَلَا جمل) (تشابهن أحداقا وَطول سوالف ... وَخص الغواني بالملاحة والدل) (ومكحولة الأجفان مخضوبة الشوى ... وَلم تدر مَا لون الخضاب من الْكحل) (ذكرت بهَا من لست أنسى ذنوبها ... وَإِن بَعدت وَالشَّيْء يذكر بِالْمثلِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 (سقى الدمع مغنى الوابلية بالحمى ... سواجم تغني جانبيه عَن الوبل) (وَلَا بَرحت عَيْني تنوب عَن الحيا ... بدمع على تِلْكَ المناهل منهل) (مغاني الغواني والشبيبة وَالصبَا ... ومأوى الموَالِي وَالْعشيرَة والأهل) (ليَالِي لَا روض الْكَثِيب بِلَا ندى ... وَلَا شجرات الأبرقين بِلَا ظلّ) (وَمَا كَانَ يَخْلُو أبرق الْحزن من هوى ... ولكنني أمسي بِغَيْر الْهوى شغلي) (فراخ نباني وكرهن وهاجني ... كَمَا هاج لَيْث الغاب وعوعة الشبل) (وَكم قد رحلت العيس فِي طلب الْعلَا ... فَلَمَّا بَكت سعدي حططت لَهَا رحلي) (نزلت على الْأَيَّام ضيفا فَلم أجد ... قرى عِنْدهَا غير النُّزُول بِلَا نزل) (وَقد سامني أَهلِي الْمقَام بذلة ... وَلست بِأَهْل للَّذي سامني أَهلِي) (سَبِيل الْغنى رحب على كل سالك ... فَمَا لي أسعى مِنْهُ فِي مدرج النَّمْل) (أينكر نَص العيس والبيد والدجا ... لمن عزمه عزمي وَمن فَضله فضلي) (دَعونِي أصل إرقالها بذميلها ... وأطوي الدجا حَتَّى أرى صبحها المجلي) (حَيا لم يفت منا وليا وليه ... وَلم يخل من أفضاله كف ذِي فضل) (ومبتده الجدوى إِذا مَا سَأَلته ... فأعطاك لم يعْتد ذَلِك من الْبَذْل) (فَتى حَاز رق الْمجد من كل جَانب ... إِلَيْهِ وخلى كَاهِل الشُّكْر ذَا ثقل) (بِعَفْو بِلَا كد وصفو بِلَا قذى ... وَنقد بِلَا وعد ووعد بِلَا مطل) (من النَّفر الأعلين فِي حومة الوغى ... يميلون زهوا غير ميل وَلَا عزل) (هم راضة الدُّنْيَا وساسة أَهلهَا ... إِذا افْتَخرُوا لاراضة الشَّاء وَالْإِبِل) (محلهم عَال على السَّبْعَة الْعلَا ... وعالمهم موف على الْعَالم الْكُلِّي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 (إِذا أَنْت رتبت الْمُلُوك وَجَدتهمْ ... هم الإسم وَالْبَاقُونَ من حيّز الْفِعْل) (مساميح عِنْد الْعسر واليسر لاتني ... مراجلهم فِي كل أَحْوَالهم تغلي) (وَلم يغلقوا أَبْوَابهم دون ضيفهم ... وَلَا شتموا خدامهم سَاعَة الْأكل) (وَلَا شَدَّدُوا دون العفاة حجابهم ... وَقَالُوا لباغي الْخَيْر نَحن على شغل) (لتهن ابْن عباد قواف كَأَنَّهَا ... جنى لُؤْلُؤ رطب من العقد منسل) (أَبى لي حسنا أَن أُبَالِي بعده ... بِشعر وَلَو أنشدت للنمر العكلي) (وَقل لَهُ مَا قَالَ فِي هرم الندى ... زُهَيْر وأعشى قيس فِي هَوْذَة الذهلي) (وَمَا كنت لَوْلَا طيب ذكرك شَاعِرًا ... وَلَا منشدا بَين السماطين فِي حفل) (ولكنني أَقْْضِي بِهِ حق نعْمَة ... سرت مثلا لما وسمت بِهِ عَقْلِي) (إِذا لم تكن لي أَنْت عونا ومعديا ... على الزَّمن العادي عَليّ فَقل من لي) (من النَّاس من يُعْطي الْمَزِيد على الْغنى ... وَيحرم مَا دون الْغنى شَاعِر مثلي) (كَمَا ألحقت وَاو بِعَمْرو زِيَادَة ... وضويق بِسم الله فِي ألف الْوَصْل) (أعر من ورائي من عبيدك لَحْظَة ... بِعَين الْعلَا واجمع على شكرها شملي) (فَمَا لي رَجَاء فِي سواك وَلَا يرى ... يمر قريضي عِنْد غَيْرك أَو يحلي) (وَهل بارق يشتام إِلَّا من الحيا ... وَهل عسل يشتار إِلَّا من النَّحْل) (وقاك بَنو الدُّنْيَا جَمِيعًا صروفها ... جَمِيعًا فَإِن الجفن من خدم النصل) // الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى (كفتك عَن عذلي الدُّمُوع الوكف ... ونهتك عَن عتبي الضلوع الرجف) (لله عَيْش بِالْمَدِينَةِ فَاتَنِي ... ايام لي قصر الْمُغيرَة مألف) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 (حجي إِلَى الْبَاب الْجَدِيد وكعبتي الْبَاب ... الْعَتِيق وبالمصلى الْموقف) (وَالله لَو عرف الحجيج مَكَاننَا ... من زندروز وجسره مَا عرفُوا) (أَو شاهدوا زمن الرّبيع طوافنا ... بالخندقين عيشة مَا طوفوا) (زار الحجيج منى وزار ذَوُو الْهوى ... جسر الْحُسَيْن وشعبه واستشرفوا) (وَرَأَوا ظباء الْخيف فِي جنباته ... فرموا هُنَالك بالجمار وخيفوا) (أَرض حصاها جَوْهَر وترابها ... مسك وَمَاء الْمَدّ فِيهَا قرقف) (مَا لي وللواشين لَا يهنيهم ... مَا نمنموه من النميم وزخرفوا) (أعياهم سَبَب التهاجر بَيْننَا ... فتفاءلوا لي بالفراق وأرجفوا) (لَا واعتلاقي بالوزير وحبله ... مَا أَحْسنُوا مَا أجملوا مَا أنصفوا) (مَا للوزير عَن الْمَعَالِي مصرف ... أبدا وَلَا لي عَن هَوَاهُ مصرف) (يَا من نَعُوذ من المكارم باسمه ... ونعزه وَهُوَ الْأَعَز الْأَشْرَف) (ونجل عَن خطر الْيَمين حَيَاته ... فبفضل نعْمَته علينا نحلف) (وعظيم مَا أوليتني من نعْمَة ... مَا للسماح سواك رب يعرف) (يَا ابْن الَّذين إِذا بنوا شادوا وَإِن ... اسدوا يدا عَادوا وَإِن يعدوا وفوا) (إِن حَاربُوا لم يحجموا أَو قاربوا ... لم يندموا أَو عاقبوا لم يشتفوا) (وَمَتى استجيروا أسعفوا وَمَتى استنيلوا أَسْرفُوا وَمَتى استعيدوا أضعفوا) (إِن عَاهَدُوا لم يخفروا أَو عاقدوا ... لم يغدروا أَو ملكوا لم يعسفوا) // الْكَامِل // وَمِنْهَا التهنئة بالخلعة (تهنى ابْن عباد بن عَبَّاس بن عبد الله ... نعمى بالكرامة تردف) (يهنيه زَائِد نعْمَة متجدد ... أبدا وحادث نعْمَة يستطرف) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 (خلع كأنوار الرّبيع مدبج ... وموشم ومنمنم ومفوف) (بهرت عُيُون الناظرين وأبرزت ... حسنا يكَاد الْبَرْق مِنْهُ يخطف) (لَو نَالَتْ الشَّمْس المنيرة حسنها ... مَا كَانَت الشَّمْس المنيرة تكسف) (وَلَئِن كَبرت عَن الملابس والحلى ... وَبِك الملابس والحلى تتشرف) (فالبيت يكسى وَهُوَ أشرف بقْعَة ... فِي كل عَام مرّة ويسجف) ألم فِيهِ بقول من قَالَ (تزهى بك الخلعة الميمون طائرها ... كزهو خلعة بَيت الله بالبيب) رَجَعَ (كَالشَّمْسِ حفت بالسعود وَحَوله ... خدم كأمثال الْكَوَاكِب وقف) (وَكَأن مَجْلِسه عروس تجتلى ... والمادحون بِهِ قيان تعزف) (مَا تشْتَهي الآذان تسمعه وَمَا ... تهوى الْعُيُون من المناظر تطرف) (أَو مَا ترى حسن الزَّمَان وطيبه ... والجو صَاف والجنان تزخرف) (عَاد الرّبيع إِلَيْك فِي كانونه ... فشتاؤه لِلْحسنِ صيف صيف) (شمس محجبة وظل سَجْسَج ... وغمامة سح وَروض رَفْرَف) (وعَلى الْجبَال من الثلوج أكالل ... وعَلى السَّمَاء من السحائب مطرف) (نبأ تباشرت الْقُلُوب لذكره ... أذكى من الْمسك الذكي واعرف) (فَلِكُل عين قُرَّة ومسرة ... وَلكُل نفس عزة وتغطرف) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 وَله من قصيدة فِي عَليّ بن أبي الْقَاسِم (معَان نظمت بِهن الصِّبَا ... كَمَا نظم الغانيات العقودا) (بِبَاب الْجَدِيد لنا موقف ... لبسنا بِهِ الْعَيْش غضا جَدِيدا) (وَكم بالمحصب من لَيْلَة ... شفعنا إِلَى الصُّبْح أَن لَا يعودا) (وَيَوْم قصير بِتِلْكَ الْقُصُور ... تحسبه الغيد لِلْحسنِ عيدا) (ترَاهُ عبيرا وحصباءه ... عقيقا وأشجار واديه عودا) (عَليّ بن أبي الْقَاسِم ارْفُقْ بِنَا ... فقد عاقنا الشُّكْر أَن نستزيدا) (لَئِن لم تمل ندى أَن تفِيد ... لقد مل راجيك أَن يستفيدا) (وَقَالُوا انتجعت حَيا نازحا ... وَهل عَاق بعد الحيا أَن يجودا) (سنا الْبَدْر بغشى الثرى والورى ... جَمِيعًا وَإِن كَانَ مِنْهُم بَعيدا) (قواف إِذا مَا رَآهَا المشوق ... هزت لَهَا الغانيات القدودا) (كسون عبيدا ثِيَاب العبيد ... وَأمسى لبيد لَدَيْهَا بليدا) (وَلَو لم أكن محسنا نظمهن ... لحسن قصدي إِلَيْك القصيدا) (عرفنَا بعرفك كَيفَ الطَّرِيق ... وجودك علمنَا أَن نجيدا) // المتقارب // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ من نتفه (ثقلاء الأَرْض عِنْدِي خَمْسَة ... صَالح والإبن مِنْهُم أَرْبَعَة) // الرمل // وَمن نتفه (تركت الشّعْر للشعراء إِنِّي ... رَأَيْت الشّعْر من سقط الْمَتَاع) // الوافر // وأنشدني لَهُ فِي أبي الْحسن الغويري (فِي حر ام الشّعْر أيري ... لست أَعنِي أير غَيْرِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 (إِنَّمَا يرفع قَول الشّعْر ... أَمْثَال الغويري) // مجزوء الرمل // 20 - أَبُو الْقَاسِم غَانِم بن أبي الْعَلَاء الإصبهاني شَاعِر ملْء ثَوْبه محسن ملْء فَمه مَرْغُوب فِي ديباجة كَلَامه متنافس فِي سحر شعره وَلم يَقع إِلَى ديوانه بعد وَإِنَّمَا حصلت من أَفْوَاه الروَاة على قَطْرَة من سيح غرره وغيض من فيض ملحه وَلَا يأس من وجدان ضالتي المنشودة من مَجْمُوع شعره وَقد مرت فِي الصاحبيات أَبْيَات لَهُ قَلَائِل إِلَّا أَنَّهَا قلائد وَهَذَا مَكَان مَا أحاضر بِهِ من أخواتها الرائقة الفائقة الشائقة وأنشدني الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي الإِمَام الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء لنَفسِهِ (أَصبَحت صبا دنفا ... بَين عناء وكمد) (أعوذ من شَرّ الْهوى ... بقل هُوَ الله أحد) // مجزوء الرجز // وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم لنَفسِهِ (المستغاث من الْهوى بِاللَّه ... من شادن فتن الورى تياه) (مَا كنت أعلم قبله حر الْهوى ... والوجد مَا هُوَ والصبابة مَا هِيَ) (حَتَّى بليت أغن مدللا ... كالريم يَعْصِي فِي هَوَاهُ الناهي) (فمدامعي عبري وقلبي واله ... وجوانحي حرى وصبري واهي) // الْكَامِل // وَله (أَيهَا الخشف كم أود وأجفى ... وأسام الهوان صنفا فصنفا) (لَو كشفت الغطاء عَن سر قلبِي ... لقرأت الأحزان حرفا فحرفا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 (إِن نَفسِي مَوْقُوفَة بَين شَيْئَيْنِ رجائي عَلَيْهِمَا بَات وَقفا ... ) (بَين أَن ينصف الزَّمَان وَأعْطى ... أملي فِيك أَو أَمُوت فأكفى) // الْخَفِيف // وَمن قصيدة (الطف بطرفك مَا أردْت وداره ... لَا يفضحنك إِن مَرَرْت بداره) // الْكَامِل // وأنشدني لَهُ فِي نَفسه (رجْلي وأيري وبيضي ... فِي إست أم القويضي) (لما أَرَادَ هجائي ... وفيضه دون غيضي) (ورام تدنيس عرضي ... فَصَارَ خرقَة حيض) // المجتث // وأنشدني أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْكَرْخِي لَهُ فَقَالَ (وقائلة قَالَت فُلَانَة طلقت ... فَقلت وَنَفْسِي أطلقت بانطلاقها) (تزوج قلبِي الْهم يَوْم تزوجت ... وطلق قلبِي الْهم يَوْم طَلاقهَا) // الطَّوِيل // وأنشدني الْأَمِير أَبُو الْفضل لَهُ من قصيدة يُعَاتب فِيهَا الصاحب ويستبطئه (فَإِن قيل لي صبرا فَلَا صَبر للَّذي ... غَدا بيد الْأَيَّام تقتله صبرا) (وَإِن قيل لي عذرا فوَاللَّه مَا أرى ... لمن ملك الدُّنْيَا إِذا لم يجد عذرا) // الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو النَّصْر مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْعُتْبِي لَهُ من قصيدة (ورد البشير بِمَا أقرّ الأعينا ... وشفى النُّفُوس فنلن غايات المنى) (وتقاسم النَّاس المسرة بَينهم ... قسما فَكَانَ أَجلهم حظا أَنا) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 21 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد الخازن من حَسَنَات أَصْبَهَان وأعيان أَهلهَا فِي الْفضل ونجوم أرْضهَا وأفرادها فِي الشّعْر وَمن خراص الصاحب ومشاهير صنائعه وَذَوي السَّابِقَة فِي مداخلته وخدمته وَكَانَ فِي اقتبال شبابه وريعان عمره يتَوَلَّى خزانَة كتبه وينخرط فِي سلك ندمائه ويقتبس من نور آدابه ويستضيء بشعاع سعادته فتصرف من الْخدمَة فِيمَا قصر أَثَره فِيهِ عَن الْحَد الَّذِي يحمده الصاحب ويرتضيه كالعادة فِي هفوات الشبيبة وسقطات الحداثة فَلَمَّا كَانَ ذَلِك يعود بتأديبه إِيَّاه وعزله ذهب مغاضبا أَو هَارِبا وترامت بِهِ بلدان الْعرَاق وَالشَّام والحجاز فِي بضع سِنِين ثمَّ أفضت حَاله فِي معاودة حَضْرَة الصاحب بجرجان إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ ويحكيه فِي كتاب كتبه إِلَى أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَذكر فِيهِ عَجزه وبجره وَقد كتبته تَنْبِيها على بلاغته وبراعة كَلَامه واختصارا للطريق إِلَى معرفَة قصَّته وَهَذِه نسخته كتابي أَطَالَ الله بَقَاء الْأُسْتَاذ سَيِّدي ومولاي من الحضرة الَّتِي نرحل عَنْهَا اخْتِيَارا وَنَرْجِع إِلَيْهَا اضطرارا ونسير عَن أفيائها إِذا أبطرتنا النِّعْمَة ثمَّ نعود إِلَى أرجائها إِذا أدبتنا الغربة وَمن لم تهذبه الْإِقَالَة هذبه العثار وَمن لم يؤدبه وَالِده أدبه اللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا الشَّأْن فِي هَذَا وَلَكِن الشَّأْن فِي عشر سِنِين فَاتَت بَين علم ينسى وغم لَا يُحْصى وإنفاق بِلَا ارتفاق وأسفار لم تسفر عَن طائل وَلم تغن عني ريش طَائِر وَبعد عَن الوطن على غير بُلُوغ الوطر وَرجعت يشْهد الله صفر الْيَدَيْنِ من الْبيض والصفر أتلو {وَالْعصر إِن الْإِنْسَان لفي خسر} وَأَنا بَين الرَّجَاء فِي أَن أقَال العثار وَالْخَوْف من أَن يُقَال زأر اللَّيْث فَلَا قَرَار إِلَّا أَنِّي كنت قدمت تَطْهِير نَفسِي فلججت حَتَّى حججْت وعدت بغبار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 الْإِحْرَام وبركة الشَّهْر الْحَرَام وَحين خيمت بأصبهان أنهى سيدنَا الْأُسْتَاذ الْفَاضِل أَبُو الْعَبَّاس أدام الله تَمْكِينه خبري إِلَى الحضرة الْعَالِيَة حرس الله بهاءها وسناءها وَالنَّاس ينظرُونَ هَل أقبل فيتلقوني بأكبر الرتب أم أَسخط فيتحاموني كالبعير الأجرب فورد توقيع مَوْلَانَا الصاحب الْجَلِيل كَافِي الكفاة أدام الله مدَّته وكبت أعداءه وحسدته بعالي خطه وَقد نسخته على لَفظه ليعلم مَوْلَانَا الْأُسْتَاذ أدام الله عزه أَن الْكَرم صَاحِبي لَا برمكي وعبادي لَا حاتمي وَأَنا نتجرم ثمَّ نتندم ونميل على جَانب الإدلال ثمَّ لَا نروى من المَاء الزلَال والتوقيع ذكر مولَايَ أدام الله عزه عود أبي مُحَمَّد الخازن أيده الله للفناء الَّذِي فِيهِ درج والوكر الَّذِي مِنْهُ خرج وَقد علم الله أَن إشفاقي عَلَيْهِ فِي اغترابه لم يكن بِأَقَلّ مِنْهُ عِنْد إيابه فَإِن أحب أَن يُقيم مديدة يقْضِي فِيهَا وطر الْغَائِب وَيَضَع مَعهَا أوزار الآيب فَلْيَكُن فِي ظلّ من مَوْلَانَا ظَلِيل ورأي مِنْهُ جميل وبر من ديواننا جزيل وَإِن حفزه الشوق فمرحبا بِمن قربته التربية لدينا فأفسدته الْغرَّة علينا وردته التحربة إِلَيْنَا وسبيله أَن يرفد بِمَا يزِيل شغر قلبه بعياله ويعنيه على كل ارتحاله إِن شَاءَ الله تَعَالَى هَذِه نُسْخَة التوقيع الْوَارِد على سيدنَا الْأُسْتَاذ أبي الْعَبَّاس أدام الله عزه فِي معناي فَلَا جرم أَنِّي أخذت مَالا وأغنيت عيالا وَقلت لَيْسَ إِلَّا الجمازة والمفازة فصبحت جرجان مسى عاشرة أهْدى من القطا الكدرى كَأَنِّي دعميص الرمل أستاف أخلاف الطّرق وَأَنا مَعَ ذَلِك أَحسب الْعَفو عني حلما وَلَا أقدر مَا جنيت يعقب حلما فَكَأَنِّي مَا خطوت إِلَّا فِي التمَاس قربه وَمَا أَخْطَأت إِلَّا لتأثيل حرمه وَكَأَنِّي لم أُفَارِق الظل الظليل وَأخذ فِي بقول الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 تَعَالَى فاصفح الصفح الْجَمِيل فقد روى فِي التَّفْسِير أَنه عَفْو من غير عتب وعدنا للقرب فِي الْمجْلس وكرم اللِّقَاء والمشهد وراجعت أَيْدِينَا ثقل الصرر وجلودنا لين الحبر وركبنا صهوات الْخَيل وسبحنا إِلَى دُورنَا بفضلات الْخَيْر وأقبلنا على الْعلم وصافحنا يَد النثر وَالنّظم وراجع الطَّبْع شَيْئا كَانَ يدعى الشّعْر كَذَلِك آدم أسكن الْجنَّة بِمن الله وفضله ثمَّ خرج عَنْهَا بِمَا كَانَ من جرمه وَهُوَ عَائِد إِلَيْهَا بِفضل الله وَطوله هَذَا خبري وَأما كتاب سَيِّدي الْأُسْتَاذ أدام الله عزه فورد وَذكرت قَول سلم الخاسر طيف ألم بِذِي سلم لِأَنَّهُ حل مَحل الخيال وَورد بأخصر الْمقَال وَمَا تركت السُّؤَال عَن خَبره سَاعَة وَردت فَعرفت من سَلَامَته مَا بشرت بِهِ فاستبشرت وَعلمت كَيفَ كَانَت النكبة وَكَيف انحسرت المحنة وَكَيف اتّفق الْخُرُوج إِلَى بخار المزن من الْمُزنِيّ صاب بعد أَن أَصَابَهُ الدَّهْر بِمَا أصَاب وشوقي إِلَى سَيِّدي الْأُسْتَاذ الشوق الَّذِي كنت أصلى بناره وداري إزاء دَاره وَلم أستطع فِي التَّقْرِيب أَكثر من أَن خرجت عَن الْموصل إِلَى جرجان وشارفت أدنى خُرَاسَان وَللَّه اللطائف الَّتِي تخلصتني من الْموصل فَإِنِّي كنت فِي وقْعَة باد أباده الله وعراني مِمَّا ملكت وهتكني فتهتكت وَخرجت على مَذْهَب مَشَايِخنَا فِي ضرب الحراب على صفحة الْمِحْرَاب وَهَذَا حَدِيث طَوِيل وَالْكثير مِنْهُ قَلِيل ذكر الْأُسْتَاذ سَيِّدي أَن الشَّيْخ أَبَا الْفَتْح الْحسن بن إِبْرَاهِيم أخر عَنهُ نُسْخَة الرسائل مَعَ خُرُوج الْأَمر الناجز وَقد عجبت من ذَلِك فَإِن أوَامِر الحضرة أقدار جَارِيَة وسيوف مَاضِيَة وَأَنا أجري حَدِيثا وأنتجز كتابا جَدِيدا فَأَما شعري فَلَيْسَ يرْوى إِلَّا فِي ديوَان باد مُنْذُ فَارَقت آل عباد وفجعت بكتبي جملَة وَضرب عَلَيْهَا أُولَئِكَ اللُّصُوص ضَرْبَة بل عملت فِي تهنئة مَوْلَانَا أدام الله سُلْطَانه وحرس مَكَانَهُ حِين رزق سبطا نبويا علويا فأشرقت الأَرْض ودعت السَّمَاء وَأمنت الْكَوَاكِب وَقَالَ الشُّعَرَاء وَذَلِكَ أَنه لما سمع الْخَبَر قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 (الْحَمد لله حمدا دَائِما أبدا ... إِذْ صَار سبط رَسُول الله لي ولدا) // الْبَسِيط // فَعمِلت على ذَلِك مَا قد أثْبته فَإِن يكن لَيْسَ بالمسخوط فَمن بركَة الحضرة والخدمة وَإِن يكن ممقوتا فَمن بقايا الغربة وَمن خبري أَن لي ضَيْعَة بأصبهان مقطعَة وَقد برقتْ لي فِي حلهَا بارقة مطمعة لِأَن مَوْلَانَا أدام الله مدَّته أَمرنِي أَن أعمل فِي السُّلْطَان الْعَظِيم أَطَالَ الله بَقَاءَهُ مدحا نيروزيا أشق بسموطه السماطين هَذَا وَلَو كنت عَاملا لَكُنْت الْيَوْم فِي مرموق الدَّرَجَات فقد وَردت وَرَأَيْت جمَاعَة لم أكن يَوْمئِذٍ دونهَا وَقد صَارَت فِي منَازِل أحتاج إِلَى خافية الْعقَاب حَتَّى ألحق بهَا زادهم الله وَلَا نقصني وهناهم وَلَا نغصني وَمِنْهُم شَيخنَا أَبُو الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي أيده الله وَمَا أَقُول إِنَّه لَيْسَ بِأَهْل لأضعاف مَا خول وتخول بِهِ ومول إِذْ قد تفضل الله عَلَيْهِ بِمَا أعلم أَنه لَو حكم بِمَا تحكم فِيهِ وَقد قرنت بالقصيدة فِي الْمَوْلُود المسعود أُخْرَى عيدية أبقى الله مَوْلَانَا مَا عَاد عيد وطلع نجم جَدِيد وَسَقَى الله سَيِّدي الْأُسْتَاذ العهاد والرذاذ والطل والوبل والديمة والتهتان وَجَمِيع مَا فِي كتاب الْمَطَر للنضر بن شُمَيْل فَمَا رَأَيْت أتم مِنْهُ وحسبي الله وصلواته على مُحَمَّد وَآله الطاهرين فَهَذَا كَلَام كَمَا ترَاهُ يجمع بَين الجزالة والحلاوة وَحسن التَّصَرُّف فِي لطائف الصَّنْعَة وَيملك رق الإتقان والإبداع وَالْإِحْسَان ويعرب عَمَّا وَرَاءه من أدب كثير وَحفظ غزير وطبع غير طبع وقريحة غير قريحة فَأَما شعره فجار مجْرى عقد السحر مُرْتَفع الْحسن عَن الْوَصْف وَمَا أصدق قَوْله (لَا يحسن الشّعْر مَا لم يسترق لَهُ ... حر الْكَلَام وتستخدم لَهُ الْفِكر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 (انْظُر تَجِد صور الْأَشْعَار وَاحِدَة ... وَإِنَّمَا لمعان تعشق الصُّور) (والمقدمون من الإبداع قد كَثُرُوا ... وهم قَلِيلُونَ إِن عدوا وَإِن حصروا) (قوم لَو أَنهم ارتاضوا لما قرضوا ... أَو أَنهم شعروا بِالنَّقْصِ مَا شعروا) // الْبَسِيط // وَكَانَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ أَنْشدني لمعا يسيرَة من شعر أبي مُحَمَّد كَقَوْلِه فِي وصف غُبَار الركب وَذكر أَنه لم يسمع فِي مَعْنَاهُ أَمْلَح مِنْهُ وَأجْمع لأقسام الْحسن والظرف وَهُوَ (إِن هَذَا الْغُبَار ألبس عطفي ... سوادا وديني التَّوْحِيد) (وكسا عارضي ثوب مشيب ... ورداء الشَّبَاب غض جَدِيد) // الْخَفِيف // وَقَالَ فِي الْغَزل (حث الْمطِي فَهَذِهِ نجد ... بلغ المدى وتزايد الوجد) (يَا حبذا نجد وساكنها ... لَو كَانَ ينفع حبذا نجد) (وبمنحنى الْوَادي لنا رشأ ... قد ضل حيت الضال والرند) (هِنْد ترى بسيوف مقلتها ... مَا لَا ترى بسيوفها الْهِنْد) // الْكَامِل // وَأَعْطَانِي نُسْخَتي القصيدتين اللَّتَيْنِ ذكرهمَا فِي الْكتاب الصَّادِر فشوقني إِلَى سَائِر شعره وَبقيت أسأَل الرِّيَاح عَنهُ إِلَى أَن أتحفني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الحامدي فِي جملَة مَا لَا يزَال يهديه إِلَيّ من ثَمَرَات أرضه ولطائف بَلَده العقيلة الْكَرِيمَة والدرة الْيَتِيمَة من مَجْمُوع شعر أبي مُحَمَّد وَقد كَانَت حَضْرَة الصاحب جمعتهما ومناسبة الْأَدَب ألفت بَينهمَا فَأوجب من الإعتداد وفر الْأَعْدَاد وجمعت يَدي مِنْهُ على العلق النفيس فرتعت فِي روضته الأنيقة فَبينا أَنا أباهي بِهِ وأهتز لحصوله إِذا أَصَابَهُ بعض آفَات الْكتب وامتدت إِلَيْهِ يَد بعض الخونة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 (وَسَهْم الرزايا بالذخائر مولع ... وَأي نعيم لَا يكدره الدَّهْر) // الطَّوِيل // فَصنعَ الله تَعَالَى فِي القوارع من إِخْرَاج مَا يصلح لكتابي هَذَا مِنْهُ فَمن ذَلِك قَوْله من قصيدة فِي الإستعطاف والإعتذار عِنْد تغير الصاحب عَلَيْهِ واستمرار الْأَسْفَار بِأبي مُحَمَّد (أيا من عَفوه دانى السَّحَاب ... صَدُوق الْبَرْق ثقاب الشهَاب) (مديد الظل مَعْقُود الأواخي ... على الجانين مَضْرُوب القباب) (فَكيف حجبت عَنْك وَأَنت شمس ... تجل عَن التستر بالحجاب) (أيرتج بَاب عفوك دون ذَنبي ... وعفوك لم يَشن برتاج بَاب) (وإعراض الْوَزير أَشد مسا ... على الْأَحْرَار من ضرب الرّقاب) (ثنى غربي وفل شبا شَبَابِي ... وصب عَليّ أسواط الْعَذَاب) (وَلم تبْق اللَّيَالِي فِي بقيا ... لعتب مِنْك فضلا عَن عقابي) (فَهَب لزيارتي حطئي وعمدي ... لقصدي واغتراري لإغترابي) (فَمَا فِي الأَرْض إِلَّا من يراني ... بِعَين المحنق الضرم الضباب) (كَأَنِّي قد أثرت بهم ذئابا ... أَو استنفرت مِنْهُم أَسد غَابَ) (حصلت وَكنت ضيفك فِي الثريا ... وصرت وَلست ضيفك فِي التُّرَاب) (أعدني للقرى وَاجعَل جوابي ... وإيجابي جفانا كالجوابي) (وجد برضاك فَهُوَ الْعَيْش غضا ... وكلا فَهُوَ ريعان الشَّبَاب) (وَلَو زعت الحسام العضب سخطا ... لذاب ذبابه بَين القراب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 (أُعِيذك أَن تصيخ إِلَى عدوي ... وسمعك عَن هَنَات القَوْل نابي) (على أَنِّي أَتُوب إِلَيْك مِمَّا ... كرهت فرق لي وَاقْبَلْ متابي) (وَإِن لم تعف عَن ذَنبي سَرِيعا ... فها إِنِّي وَحقّ أبي لمابي) (سألثم من ثراك الرَّوْض غضا ... وَمن يمناك منهل السَّحَاب) (أصبت بخاطري فَأتى بِشعر ... عليل مَسّه ألم الْمُصَاب) (وَمَا لي غير مدح أم ثَنَاء ... مشيد أم دُعَاء مستجاب) // الوافر // وَقَوله من قصيدة فِي مَعْنَاهَا هِيَ أحسن عِنْدِي من اعتذارات النَّابِغَة إِلَى النُّعْمَان وَإِبْرَاهِيم بن الْمهْدي إِلَى الْمَأْمُون وَعلي بن الجهم إِلَى المتَوَكل (لنار الْهم فِي قلبِي لهيب ... فعفوا أَيهَا الْملك المهيب) (فقد جَازَ الْعقَاب عِقَاب ذَنبي ... وضج الشّعْر واستعدى النسيب) (وفاضت عِبْرَة مهج القوافي ... وغصصها التذلل والنحيب) (وَقد قصمت عراها واعتراها ... بسخطك بعد نضرتها شحوب) (وَقَالَت مَا لعفوك لَيْسَ يندى ... لنا وسماء مجدك لَا تصوب) (وَمن يَك شوط همته بَعيدا ... فمثنى عطفه سهل قريب) (تجاوزت الْعقُوبَة مُنْتَهَاهَا ... فَهَب ذَنبي لعفوك يَا وهوب) (وَأحسن إِنَّنِي أَحْسَنت ظَنِّي ... وَأَرْجُو أَن ظَنِّي لَا يخيب) (أترضى أَن أكون لقى مُقيما ... على خسف أذوب وَلَا تثوب) (أَبيت ومقلتي أبق كراها ... وَفِي ألحاظها صاب صبيب) (وقيذا لَا يلائمني طَعَامي ... وَلَا ينساغ لي المَاء الشروب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 4 - (صببت عَليّ سَوْطًا من عَذَاب ... يذل لِبَأْسِهِ الدَّهْر الغلوب) (وأرهقني نكيرك لي صعُودًا ... من الأشجان لَيْسَ لَهُ صبوب) (وَمَا عوني على بلواي إِلَّا ... رجائي فِيك والدمع السكوب) (فَإِن تعطف على رجل غَرِيب ... فَإِنِّي ذَلِك الرجل الْغَرِيب) (عَلَيْك أُنِيخ آمالي فَرَحَّبَ ... بهَا وَإِلَيْك من ذَنبي أَتُوب) (وأخطر مَا يريب إِذا دهتني ... غوامضه إِلَى مَا لَا يريب) (فأية طربة للعفو إِن الْكَرِيم وَأَنت مَعْنَاهُ طروب ... ) (فَإِنِّي نشء دَارك والمغذى ... بسيبك والصنيعة والربيب) (وأبت إِلَيْك من عَفْو مدلا ... بِمَا يقْضِي علاك لمن يؤوب) (ولذت ببابك الْمَعْمُور علما ... بِأَن ذراك لي مرعى خصيب) (وَأَن شعابه أندى شعاب ... إِلَيْهَا يلجأ الرجل الأديب) (وسقت بَنَات آمالي إِلَيْهَا ... وَقد حفيت وأنضاها الدءوب) (فبوئني اختصاصك حَيْثُ تجني ... ثمار الْعِزّ والعيش الرطيب) (وَلَكِن كادني خب حقود ... لعقرب كَيده نحوي دَبِيب) (وَمَا لجموح ألفته جنيب ... وَمَا لشمال فرقته جنوب) (وَلَا يشفيه مني لَو رَآنِي ... وَقد أخذت بحلقومي شعوب) (بلوت النَّاس من ناء ودان ... وخالطني الْقَبَائِل والشعوب) (فَكل عِنْد مغمزه رَكِيك ... وكل عِنْد مشربه مشوب) (فجد لي بِالرِّضَا وَاقْبَلْ متابي ... وعذري إِنَّنِي أَسف كئيب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 (طريح فِي فنائك مستضام ... غَرِيب لَا يكلمني غَرِيب) (أأمنع من بوادي الْعلم منعا ... كَأَنِّي لَيْسَ لي فِيهَا نصيب) (وَأحرم من كلامك كل بدع ... تناهبه النواظر والقلوب) (فَلم لَا يَنْتَهِي ويكف عني ... عقابك بعد مَا انْتَهَت الذُّنُوب) (وَغَايَة مَا يصير إِلَيْهِ شعر ... إِذا استعطفت أَو مدح مُصِيب) (وَمن سقيا سحابك جاد طبعي ... وَلَوْلَا الْغَيْث لم يَنْبع قليب) // الوافر // وَكتب إِلَى أبي الْعَلَاء بن سهلويه وَقد ورد بَغْدَاد رَسُولا وَأَبُو مُحَمَّد بهَا قصيدة مِنْهَا (أأبا الْعَلَاء وَردت أكْرم مورد ... أَرض الْعرَاق وَأَنت أنجح آيب) (وحويت فِي الْحَالين شأو مبرز ... متحرز لم يَأْتِ غير الْوَاجِب) (وخدمت شاهنشاه أحسن خدمَة ... رضيت وأوثقها لرأي الصاحب) (أبلغ رسالتي الْوَزير وَقل لَهُ ... قولا يسهل لي سَبِيل مطالبي) (ويضيء آفاقي ويمرع مرتعي ... ويحق آمالي ويخصب جَانِبي) (بحياته قسم الْكِرَام وَعَهْدهمْ ... لَا تلوني عَنهُ بِظَنّ خائب) (وَاذْكُر موالاتي الصَّرِيحَة إِنَّهَا ... أبهى وأنضر من عهود حبائب) (وَكَفاك علمك بِي وودي شَاهدا ... فاذكر خلوص عقائدي ومذاهبي) (خُذْهَا إِلَيْك شذور طبع لاعب ... بالشعر مرتاح لَهُ لَا لاعب) (وَكَأَنَّهُ فِي حسنه وروائه ... نظم الْعُقُود على نحور كواعب) (أهديت من حلواء بَاب الطلق مَا ... يزري على حلواء ذَاك الْجَانِب) (وَأَشد مِنْهُ حلاوة شعري الَّذِي ... سحر الْقُلُوب بسحره المتناسب) // الْكَامِل // وَله من أَبْيَات عَملهَا بديهة لينشد الصاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 (نفض الْأَذَى عَن جِسْمه وَالرَّوْض قد ... يَنْفِي الهشائم وَهُوَ غير مصوح) (مَا بحت عَنهُ سوى قذى وَالْعين لَا ... تصفو من الأقذاء مَا لم تضرح) (عَادَتْ سَلَامَته وَأظْهر دهره ... نَدم الْمُنِيب وتوبة المستصفح) // الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (مَا زلت أعتسف المهامه والفلا ... وأواصل الأغوار بالأنجاد) (حَتَّى نأيت عَن الحواضر ملقيا ... رحلي بواد فِي تخوم بوادي) (فَإِذا بسعدي وَهِي بدر طالع ... من فَوق غُصْن فِي نقا منهاد) (وطرقتها وعداتها رقباؤها ... فِي صُورَة المرتاب لَا المرتاد) (فحللت مِنْهَا حَيْثُ كَانَ وشاحها ... دِرْعِي وساعدها الوثير وِسَادِي) (وجناؤها حصني وساحر طرفها ... سَيفي وفاحمها الأثيث نجادي) (وعقاصها الْمَوْصُول زهرَة روضتي ... ورضابها المعسول صوب عهادي) (حَيْثُ الصِّبَا عبق الْحَوَاشِي مونق ... تزهى بناعم غصنها المياد) (وَالرَّوْض أحوى والحمائم هتف ... والظل ألمى والقيان شوادي) (وَلها ديار غير شَرْقي الْحمى ... شحطت وشطت عَن لِقَاء أعادي) (دَار بِذِي الأرطى وَدَار بالغضا ... أُخْرَى وَدَار باللوى المنقاد) (لَو فاخرت ذَات الْعِمَاد بيوتها ... عَادَتْ مقوضة بِغَيْر عماد) (لَا تكذبن فَمَا لَهَا دَار إِذا ... أنصفتني إِلَّا صميم فُؤَادِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 (فلذاك لَا تَسْقِي السحائب أرْضهَا ... إِلَّا بردن حرارة الأكباد) // الْكَامِل // مَا أبدع هَذَا الْمَعْنى وأبرع هَذَا اللَّفْظ وَقد سبق إِلَى معنى الْبَيْتَيْنِ وَلكنه أبدع فِي الْجمع بَينهمَا وَأحسن مَا شَاءَ وَمِنْهَا (ولرب ليل لم أنمه ومقلتي ... مطروفة مطروقة بسهاد) (شوقا إِلَى نَاد جنى ريحانه ... لمع القريض ونغمة الإنشاد) (نَاد تجلى عَن مقرّ سَرِيره ... قمر أناف على البسيطة بَادِي) (كَافِي الكفاة المستجار بظله ... والمستضاء بعزمه الْوَقَّاد) (ملك محبته سلافة مزنة ... ملكت مَعَ الْأَرْوَاح فِي الأجساد) (ملك يُقَال لَهُ حَمَّاد إِذا الْتَقت ... قحم السنين وَلَا يُقَال جماد) وَهِي طَوِيلَة وَمَا من أبياتها إِلَّا غرَّة أَو درة وَمن أُخْرَى (وَلما تنسمنا صبا صاحبية ... تعيد عجاج الجو وَهُوَ عبير) (تركنَا لظى الرمضاء وَهِي حديقة ... ندى وحصى المعزاء وَهِي شذور) (ونلنا هشيم النبت وَهُوَ منور ... وردنا قتاد الأيك وَهُوَ حَرِير) وَمِنْهَا (وَزِير وَمِمَّا يعجب الْمجد أَنه ... وَزِير عَلَيْهِ للسماح أَمِير) (ويخطب من فَوق الثريا بفخره ... فَلَا تعجبوا إِن الْخَطِيب خطير) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 (لوى الراسيات الشم أيسر سخطه ... وَيَكْفِي من السم النقيع نقير) (وذلل أَعْنَاق اللَّيَالِي بهمة ... لَهَا مرقب فَوق الْأَثِير وفير) (وخمر رَأيا لم يشط ثباته ... فطور ورأي الْأَكْثَرين فطير) (لَهُ القاضيات الماضيات مهند ... مبير وعزم كالشهاب مبير) (وَمَا كَانَ للجوزاء لَوْلَا جَوَازه ... مجَاز وللشعرى العبور عبور) (تساعده الأقدار فِيمَا يُريدهُ ... وتسعده الأفلاك كَيفَ تنور) (أواري بكر أباد صف صعداته ... وَقد عقدت مِنْهَا عَلَيْك حبور) (وصف باسه إِذْ ظلّ يصدم وَحده ... ثَلَاثِينَ ألفا والجسور جسور) // الطَّوِيل // سُبْحَانَ الله مَا أشرف هَذَا الْكَلَام وَأَعلاهُ وأجله وَمِنْهَا (وألوية النَّصْر الْمُبين خوافق ... تطيح بأشتات العدا وَتَطير) (وَقد كشرت عَن نابها أم قشعم ... وللموت فِي وَجه الكمي هرير) (وَفِي يَده الْيُمْنَى ثَوَاب وجنة ... وَفِي يَده الْيُسْرَى ردى وسعير) (ولي مدح فِيهِ غواد رَوَائِح ... أشيد مدى عمري بهَا وأشير) (وَوصف نسيب لَو أعير كثيرا ... لوفي تَعْظِيمًا وَقيل كثير) وَله من قصيدة فِي فَخر الدولة (سقى الله أَيَّامًا بشرقي منبج ... إِلَى الْعلم الْأَقْصَى بغربي منعج) (إِلَى الْحيرَة الْغناء مطمح ناظري ... ومسرح آمالي ومسري تفرجي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 (منَازِل لَو لم تخط سعدي بأرضها ... لما اهتز غُصْن فِي نقا مترجرج) (وَلَا راق در فَوق أشنب وَاضح ... وَلَا رَاع سحر تَحت أكحل أدعج) (وَلم يتحدر طل نرجس مقلة ... على صفحتي تفاح خد مضرج) (عَشِيَّة هزت للوداع فأودعت ... محاسنها أعطاف جذع مدبج) (فكم غرد لما اسْتَقل ركابهَا ... حدا طَربا وَاللَّيْل غَضْبَان مدجي) (وَكم ثمل من نشوة الْحبّ يرتعي ... هوى عَامر مَا بَين حجل ودملج) (أَقُول وَقد لاحت عوالي خيامها ... وفاحت غوالي روضها المتأرج) (أيا طارقي أحجج وَيَا رائدي ابتهج ... وَيَا سابقي عرج وَيَا صَاحِبي عج) (وَيَا عبرتي كفي وَيَا نَاقَتي قفي ... وَيَا شيبتي احتجي وَيَا صبوتي ادرجي) (فقد كتبت أَيدي المشيب مواعظا ... بِخَط على فودي غير مسبج) (لَئِن كنت فِي برد من الْعَيْش مبهج ... لقد صرت فِي طمر من الشيب مَنْهَج) (ولذت من الدَّهْر العسوف بِحَضْرَة ... تحاط بأطراف الوشيج المزجج) (هِيَ الحضرة الْغناء تهتز نَضرة ... وتزري بأنواع الرّبيع المثجج) (هُنَالك لَا زند الرَّجَاء لمرتج ... بكاب وَلَا بَاب الْعَطاء بمرتج) // الطَّوِيل // هَكَذَا فلتمدح الْمُلُوك وأبيات هَذِه القصيدة فرائد كلهَا وَقد كتبت أنموذجا مِنْهَا وَله من أُخْرَى فِي وصف الرّبيع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 (طلع الرّبيع فَقَالَ للْأَرْض اشكري ... نعم السَّمَاء وأبدئي وأعيدي) (فغدت حدائقها تواصل شكرها ... بِلِسَان كل مطوق غريد) (روض إِذا نشرت طرائف وشيه ... طويت لَهَا أبراد آل يزِيد) (رَيَّان لم يعثر نسيم صبابتي ... فِي ظلها إِلَّا بورد خدود) (واعتل نرجسه فعادته الصِّبَا ... أحسن بنظرة عَائِد ومعود) (وببل مسكي الصَّعِيد معنبر ... من مزنة حثت بِجَيْش رعود) (وزففت حرَّة مِدْحَة فخرية ... تركت عبيدا وَهُوَ بعض عَبِيدِي) (وَأَنا الَّذِي أجلو مَعَاني مدحه ... زهرا طوالع فِي سَمَاء قصيدي) (يتنافس السحر الْحَلَال وَتارَة ... يَتَنَاثَر العقيان حول نشيدي) (فليفترع أبكار لذات المنى ... وليضرع الراقود للناجود) (رَاحا إِذا كمنت جلت من حجبها ... فَوق الخدود طلائع التوريد) (ولتجل دولته عروسا كللت ... علياه مفرقها بتاج خُلُود) // الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (سمراء تخطر فِي الوشاح الْمَذْهَب ... وتميس بَين ربائب أَو ربرب) (هيفاء تعذل كل يَوْم مرّة ... شمس الضُّحَى وتردها فِي مغرب) (عقدت لِوَاء الْحسن لَيْلَة أَقبلت ... فِي موكب الفتيان أعجب موكب) (فِي لَيْلَة لَو لم تَجِد بتبسم ... لَو ينتطق خصر السَّمَاء بكوكب) (خجلت وَقد وجلت فهاك شقائقا ... مغروسة فِي أَرض عاج مَذْهَب) (وَأرى الشَّبَاب إِذا تطامن شرخه ... لتغير فقد انثنى لِتَغَيُّبٍ) (وَلَئِن أطلت فقد أطبت وإنني ... رجل مَتى أصف الْمَعَالِي أطنب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 (أطري وأطرب منشدا فليستمع ... شاهانشاه نشيد مطر مطرب) // الْكَامِل // 22 - أَبُو الْعَلَاء الْأَسدي قديم الصُّحْبَة للصاحب شَدِيد الإختصاص بِهِ ممتد الْغرَّة والتحجيل فِي شعرائه وصنائعه وندمائه وَكَانَ يُحِبهُ ويأنس بِهِ ويكاتبه نثرا ونظما كَقَوْلِه لَهُ (قلبِي على الْجَمْرَة يَا أَبَا الْعلَا ... فَهَل فتحت الْموضع المقفلا) // السَّرِيع // وإياه يَعْنِي بقوله (أَبَا الْعَلَاء هِلَال الْهزْل وَالْجد ... كم النُّجُوم الَّتِي يطلعن للْجدّ) // الْبَسِيط // وَإِلَيْهِ كتب أَبَا الْعَلَاء شَيْخي أَيْن ذَلِك الميعاد وَأَيْنَ تِلْكَ العهود سقتها العهاد وَأَيْنَ ليالينا بحزوى وتصابينا على أروى بل أَيْن الصِّبَا وَمَا ملك وَأَيْنَ الشَّبَاب وأية سلم وَإِذ قد غَابَ جَمِيع ذَلِك مغيب الخيال الطارق والضيف المفارق فَأَيْنَ كتبك الَّتِي هِيَ ألذ من انْتِهَاء النَّفس إِلَى رجائها وَابْتِدَاء الْعين فِي إغفائها من كتاب غير قصير (فَأَما شعر أبي الْعَلَاء فَلَيْسَ بِالْمحل العالي لَا سِيمَا فِي الْمَدْح وَقلة عيونه تمنع من إِيرَاده بعد قلائد ولديه أبي سعيد وَأبي مُحَمَّد وَلما كَانَ بعيد الصيت فِي أَصْحَاب الصاحب لم أجد بدا من ذكره وَكِتَابَة ملح من أَمْلَح شعره أَنْشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو الْعَلَاء لنَفسِهِ قَالَ وَأرَاهُ عرض بالصاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 (وَرب كريم تعتريه كزازة ... كَمَا قد رَأَيْت الشوك فِي أكْرم الشّجر) (وَرب جواد يمسك الله جوده ... كَمَا يمسك الله السَّحَاب عَن الْمَطَر) // الطَّوِيل // وأنشدني غَيره لَهُ (سيسألني صديقي عَنْك فِيمَا ... يَدُور من الْمسَائِل والحكايه) (فَأَطْرَقَ إِن سُئِلت لغير شكوى ... وإطراقي أَشد من الشكايه) // الوافر // وَله أَيْضا وَهُوَ مَا يتَغَنَّى بِهِ (لَا لعمري مَا أنصفوا حِين بانوا ... حلفوا لي أَن لَا يخونوا فخانوا) (شتتوا بالفراق شملي وَلَكِن ... جمع الله شملهم أَيْن كَانُوا) // الْخَفِيف // وَله فِي المجون (أَنا وَالله أشتهيك فَكُن عنترا ان شِئْت أَو كعمرو بن معدي ... ) (وتفارس إِن شِئْت أَو فتراجل ... لَيْسَ هَذَا مِمَّا يَضرك عِنْدِي) // الْخَفِيف // 23 - أَبُو الْحُسَيْن الغويري هُوَ فِي الإختصاص بالصاحب والإشتهار فِي أَصْحَابه كَأبي الْعَلَاء وَكَانَ كثير الشّعْر قَلِيل الْملح وَكَانَت فِي خزانَة الْأَمِير أبي الْفضل عبيد الله بن أَحْمد مجلدة ضخمة الحجم من شعر الغويري بِخَطِّهِ فاستعرتها وَاجْتمعت أَنا وَأَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان على إِخْرَاج مَا هُوَ شَرط كتابي هَذَا مِنْهَا فَمَا أقل مَا حصلنا عَلَيْهِ من ذَلِك وَلم نجد لَهُ خيرا من الأبيات الدارية الَّتِي مرت فِي أخواتها وَمن أشف مَا وَقعت الْعَلامَة عَلَيْهِ من ذَلِك قَوْله فِي الإعتذار من هفوة السكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 (بِاللَّه رب السَّمَاء ... بِخَاتم الْأَنْبِيَاء) (بِسَيِّد الأوصياء ... بزوجه الزهراء) (بِالْبَيْتِ والبطحاء ... بالقبر فِي كربلاء) (حَلَفت مَا لي ذَنْب ... الذَّنب للصهباء) (وَلَيْسَ لي من شَفِيع ... إِلَيْك غير رجائي) (فَكُن مُحَقّق ظَنِّي ... يَا غرَّة الوزراء) (فجرح سكري جَبَّار ... كالجرح من عجماء) // المجتث // وَقَوله فِي الصاحب وَالْبَيْت الْأَخير مضمن (قل للوزير مقَالَة عَن وَاجِد ... يَا من نداه كالفرات الزَّائِد) (مَا لي حمرت من الْأَمِير نواله ... وسواي يكرع فِي الزلَال الْبَارِد) (مَا ضَاقَتْ الدُّنْيَا عَليّ بأسرها ... حَتَّى تراني رَاغِبًا فِي زاهد) // الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة ربيعية (أَيهَا الصاحب الرّبيع تجلى ... فِي رياض تحار فِيهَا الْعُقُول) (نرجس ناضر وأحمر ورد ... وشقيق يزينه التكحيل) (وغصون تجر أذيال نور ... فِي حَوَاشِي جداول وتميل) (للزرازير فِي خلال الأزاهير صفير وللحمام هديل) (فأقم رسمنا صَبِيحَة نيروز ... بِهِ ربع أنسنا مأهول) (بكؤوس مَمْلُوءَة من مدام ... أَنْت فِيهَا لمن حساها عذول) (واجتنب جلْسَة الثقيل إِلَيْهَا ... فعلى الشّرْب لَا يخف الثقيل) // الْخَفِيف // وَله من مهرجانية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 (أسيوف الْهِنْد سلت ... أم ظبا أجفان هِنْد) (يَا لأيام الصِّبَا والعيش ... فِي أكناف نجد) (رب حسناء رداح ... ألصقت خدا بخد) (أطبقت صفرَة دِينَار ... على حمرَة ورد) (أَيهَا الصاحب علياك ... على الْأَيَّام تعدِي) (وعَلى جدواك قد عولت ... فِي حلي وعقدي) (مهرجان ثغره يفتر عَن يمن وَسعد ... ) (ورده ورد جساد ... فاح عَن مسك وند) (فابق مَا شِئْت كَمَا شِئْت لتنويل ورفد) // مجزوء الرمل // وَله (يَا أَيهَا الشَّيْخ الَّذِي ... هُوَ مشتكاي من الْبشر) (أَصبَحت أخْتَار الْعَمى ... فِي ناظري على الْبَصَر) (أسفا على عمر يكدره ... لِقَاء أبي عمر) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 الْبَاب السَّادِس فِي ذكر الشُّعَرَاء الطارئين على حَضْرَة الصاحب من الْآفَاق سوى من يَقع ذكره مِنْهُم فِي أهل خُرَاسَان وطبرستان فَإِن لَهُم بَابا مُفردا فِي هَذَا الرّبع الثَّالِث وَسوى أبي طَالب المأموني وَأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وبديع الزَّمَان أبي الْفضل الهمذاني فَإِن لذكر كل مِنْهُم مَكَانا فِي الرّبع الرَّابِع 24 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد البديهي من شهرزور كثير الشّعْر نابه الذّكر خَليفَة الْخضر سَمِعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول وَقد جرى ذكره بَين يَدَيْهِ إِنَّه كَانَ لَا يرجع من البديهة الَّتِي انتسب إِلَيْهَا وتلقب بهَا إِلَّا إِلَى لَفْظَة الدَّعْوَى دون حَقِيقَة الْمَعْنى وَفِي ذَلِك يَقُول لَهُ الصاحب (تَقول الْبَيْت فِي خمسين عَاما ... فَلم لقبت نَفسك بالبديهي) // الوافر // ثمَّ أقبل عَليّ قَالَ أَنا أَقُول فِي البديهي مَا قَالَه الجاحظ فِي عَمْرو القصافي زعم أَنه قَالَ الشّعْر سِتِّينَ سنة فَلم يسر لَهُ إِلَّا هَذَا الْبَيْت الْوَاحِد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 (خوص نواج إِذا جد الحداة بهَا ... رَأَيْت أرجلها قُدَّام أيديها) // الْبَسِيط // وَكَذَلِكَ البديهي قَالَ شعرًا كثير الْعدة فِي زمَان طَوِيل الْمدَّة فَلم يستملح لَهُ إِلَّا هَذَا الْبَيْت (أَتَمَنَّى على الزَّمَان محالا ... أَن ترى مقلتاي طلعة حر) // الْخَفِيف // وَهَذَا الحكم مِنْهُ فِيهِ حيف شَدِيد على البديهي فَلَيْسَ شعره فِي سَلامَة الْمُتُون وَقلة الْعُيُون على مَا ذكره وَالْبَيْت الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ من أَبْيَات بديعة أَولهَا (رب ليل قطعته باجتماع ... مَعَ بيض من الأخلاء غر) (وَكَأن الكؤوس زهر نُجُوم ... والثريا كَأَنَّهَا عقد در) (مر من كنت أصطفيه ... وللدهر صروف تشوب حلوا بمرا) // الْخَفِيف // وَمن سَائِر شعر البديهي قَوْله (يَا شهرزور سقيت الْغَيْث من بلد ... نود وجدا بِهِ أَنا نقابله) (طَال الْفِرَاق فَلَا واف يراسلنا ... على الْعباد وَلَا آتٍ نسائله) // الْبَسِيط // وَله من قصيدة صاحبية وَكَانَ الصاحب أَخذه مَعَه من بَغْدَاد إِلَى أَصْبَهَان أَولهَا (قد أَطَعْت الغرام فاعص العذولا ... مَا عَسى عائب الْهوى أَن يَقُولَا) (وصحبناه فِي فياف قفار ... كَاد فِيهَا الْخَلِيل يجفو الخليلا) (فبلونا مِنْهُ دماثة أَخْلَاق ... أعادت تِلْكَ الحزون سهولا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 (وأوينا إِلَى رحاب رحاب ... لم نجد للعفاة عَنْهَا عُدُولًا) // الْخَفِيف // وَله من تشبيب قصيدة (وَلم أر لي يَوْم الرحيل مساعدا ... على الوجد حَتَّى أقبل الدمع مسعدا) (وَكَانَ دَمًا فابيض مِنْهُ احمراره ... بِنَار التصابي حِين فاض مصعدا // الطَّوِيل // أَخذه من قَول من قَالَ (أَرَابَك دمعي إِذْ جرى فحملتني ... من الضّر والبلوى على مركب صَعب) (فَلَا تنكرن تِلْكَ الدُّمُوع فَإِنَّمَا ... يبيضها تصعيدها من دم الْقلب) // الطَّوِيل // وللمعروفي بِالْفَارِسِيَّةِ فِي مَعْنَاهُ (خون سيبد بارم بردورخان زردم ... آرى سبيذ باشد خودل معد) وَله من قصدية أُخْرَى ذكر فِيهَا حسن أَيَّامه (كَيفَ تقضي لي اللَّيَالِي قَضَاء ... يشبه الْعدْل والليالي خصومي) (رب ليل قطته فِي هوى الشّعْر ... كَأَن الشعرى العبور نديمي) (فَتَأمل فلست فِي الْخلق والخلق ... المرادين بالذميم الذميم) (أَنا من آلَة الندى فَلَو أحضرتني ... لم يعب نداماك خيمي) (يرتضى مشهدي ويؤمن غيبي ... وَأرى فِي الملم غير مليم) // الْخَفِيف // وَمن نَوَادِر شعره قَوْله (لما أَتَيْتُك زَائِرًا وَمُسلمًا ... خرج الْغُلَام وَقَالَ إِنَّك نَائِم) (فأجبته أبلا لِحَاف نَائِم ... هَذَا الْمحَال وَأَنت عِنْدِي ظَالِم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 (أَنْت اللحاف فَكيف تطعم عينه ... طعم الرقاد وَأَنت عَنهُ قَائِم) (فتضاحك الرشأ الغرير وَقَالَ لي ... أَو أَنْت أَيْضا بالفضيحة عَالم) (وَالله مَا أفلت مِنْهُ سَاعَة ... حَتَّى حَلَفت لَهُ بِأَنِّي صَائِم) الْكَامِل // وَمَا يتَغَنَّى بِهِ من شعره قَوْله (ذَرِينِي أواصل لذتي قبل فَوتهَا ... وشيكا لتوديع الشَّبَاب المفارق) (فَمَا الْعَيْش إِلَّا صِحَة وشبيبة ... وكأس وَقرب من حبيب مُوَافق) (وَمن عرف الْأَيَّام لم يغترر بهَا ... وبادر باللذات قبل الْعَوَائِق) // الطَّوِيل // 25 - أَبُو الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي عمر بن إِبْرَاهِيم من أهل الْعرَاق شيخ شعراء الْعَصْر وَبَقِيَّة مِمَّن تقدمهم وَاسِطَة عقد ندماء الصاحب وَمَا هم إِلَّا نُجُوم الْفضل وَهَذَا مِنْهُم كالبدر وَكَانَت لَهُ فِي صحبته وخدمته هِجْرَة قديمَة وَله حُرْمَة وكيدة وحاله عِنْده كَمَا قَرَأت فِي كتاب لَهُ وَأما شَيخنَا أَبُو الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي أيده الله فصورته لَدَى صُورَة الْأَخ أَو وده أرسخ وَمحله مَحل الْعم أَو اشتراكه أَعم وَكَانَ مَعَ حسن ديباجة شعره وَكَثْرَة رونق كَلَامه واختلاط مَا ينظمه بأجزاء النَّفس لنفاسته لين قشرة الْعشْرَة وممتع المؤانسة حُلْو المذاكرة جَامعا آدَاب المنادمة عَارِفًا بِشُرُوط المعاقرة حاذقا بلعب الشطرنج مُتَقَدم الْقدَم فِيهِ وَحين سرى فِي طَرِيق الرشد بمصباح الشيب وساعد الصاحب على رفض الشَّرَاب ونفض تِلْكَ الْأَسْبَاب أَرَادَهُ فَخر الدولة على مُجَالَسَته وَأَخذه بفض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 ختام تَوْبَته وَدرت عَلَيْهِ بِحسن رَأس الصاحب سحائب إنعامه وأجنت لَهُ ثَمَرَات إكرامه فَفِي ذَلِك يَقُول من قصيدة (هَاتِهَا لَا عدمت مثلي نديما ... قهوة تنْتج السرُور العقيما) (قد أَطَعْت الْأَمِير إِذْ سامني الشّرْب ... وَلم أعص أمره المحتوما) (وتخطيت تَوْبَتِي فِي هَوَاهُ ... فوصلت الَّتِي هجرت قَدِيما) (قرقفا تنتمي إِلَى الشَّمْس لَا تعرف ... فِي جِنْسهَا الْكرَى والكروما) (خَالَفت دنها الغليظ فرقت ... واستفادت من السمُوم نسيما) (كرمت عنصرا فَلَو مت فِيهَا ... أبخل النَّاس غادرته كَرِيمًا) (وَكَأَنِّي لما رجعت إِلَيْهَا ... كنت من كل لَذَّة محروما) (كم عقار صليت مِنْهَا بِنَار ... فحكيت الْخَلِيل إبراهيما) (وكؤوس شربت مِنْهَا سُرُورًا ... كَاد يهوي وَالْجَلد ينمي هموما) (قد وجدت الرَّوْض الأريض حميما ... وَوجدت الخسيف عَاد حموما) (شافهت بِي مناي بالقرم فَخر ... الدولة الْيَوْم جنَّة ونعيما) (وَبَلغت الَّذِي تمنيت واستخدمت ... فاخترت مَجْلِسا مخدوما) (ورآني الْأَمِير أيده الله ... لبيبا فَقَالَ كن لي نديما) (جهل الرزق موضعي وَرَأى ... آثَار شاهنشاه فَصَارَ عليما) (أرشدته إِلَيّ كف كريم ... ألزمته أَن لَا يكون لئيما) // الْخَفِيف // وَكَانَ قد نادم أَخَاهُ عضد الدولة وَله فِيهِ قصيدة الشطرنجية الَّتِي لم يسْبق إِلَى مثلهَا وَهِي نِهَايَة فِي الْحسن والظرف فَمِنْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 (لي فؤاد لَو أَنه لي غَرِيم ... كَانَ عُذْري لَدَيْهِ أَنِّي عديم) (وَأَنا مبتلى بقلبي الَّذِي أقعد ... فِيمَا يسومني وأقوم) (لَيْسَ يدْرِي لجهله وَهُوَ يقْضِي ... أَن كلي بِمَا جناه زعيم) (غصبتني عَلَيْهِ خود وَقَالَت ... أَنا من قد عرفت واسمي ظلوم) (هُوَ ثأر نالته يمناي فاطلبه ... بِحَرب يشيب فِيهَا الفطيم) (وانثنت بِي إِلَى مجَال فسيح ... تدمن الركض فِيهِ زنج وروم) (فَأَقَمْنَا صُدُور فرسَان حَرْب ... خلف رجالة لَهَا لَا تريم) (فَالتقى العسكران فِي حومة النَّقْع أسود على أسود تحوم ... ) (كل فيل نجت من الصلم أذنَاهُ ... وأودى ناباه والخرطوم) (وطمر إِذا علته العوالي ... غَابَ فِيهَا وَعَاد وَهُوَ سليم) (فاختلطنا وجال فِي الْحَرْب فرزاني ... وَقَالَ الكمي من لَا يخيم) (ثمَّ نَادَى شاهي برخيه كرا ... لَيْسَ بعد الْوُقُوف إِلَّا الهجوم) (فأحاطا بشاهنا فِي مضيق ... ضَاقَ ذرعا بِمثلِهِ المكظوم) (ثمَّ أزعجته بفيلي فولى ... مستكينا كَمَا يولي اللَّئِيم) (وكشفت العراء عَن وَجه رخي ... فعراه الْحمام وَهُوَ مليم) (فتخفت من الْحيَاء وغطت ... ورد خد كَأَنَّهُ ملطوم) (ثمَّ قَالَت خُذ الْفُؤَاد سليما ... إِن حبس الْمَرْهُون عَار ولوم) (ولشتان بَين خيلي فِي الغي ... وخيل صراطها مُسْتَقِيم) (قارع الدَّهْر فَوْقهَا عضد الدولة ... حَتَّى انْتهى إِلَى مَا يروم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 (فأباد العدا وَقَامَ بِهِ الدّين ... وركن الْخلَافَة المهدوم) (وستقرت بِهِ زلازل بغدادا ... وَعَاد الْخَلِيفَة الْمَظْلُوم) // الْخَفِيف // وَمن غرر قصائده فِي فَخر الدولة (لَو عَايَنت عَيْنَاك بركَة زلزل ... وَنزلت من عرصاتها فِي منزل) (عمرت دور قيانها بك جَامعا ... بَين الغزالة والغزال الأكحل) (وَبسطت كفي باذل متخرق ... فأقمت غير محلىء عَن منهل) (وَسمعت مَا يَدْعُو النُّفُوس إِلَى الْهوى ... طَربا وَيفتح كل قلب مقفل) (وشربت صَافِيَة كَأَن شعاعها ... لَهب الْحَرِيق من الرَّحِيق السلسل) (وغدوت مخمورا جنيت هوى إِلَى ... حجر الْجَوَارِي غدْوَة المتغزل) (فسرحت بَين قدودها وخدودها ... ونهودها طرف الشجي المتأمل) (وملكت مِنْهُنَّ الَّتِي لَو أَنَّهَا ... طيف لفزت بِقُرْبِهِ المتخيل) (وثويت فِي قفر بشاطىء دجلة ... مَا بَين مزمار وعود معمل) (متنقلا من رَوْضَة مهضوبة ... حلت إِلَى الرَّوْض الَّذِي لم يحلل) (ورقدت بالنجمي رقدة شَارِب ... تَحت الغصون وَحملهَا المتهدل) (وسباك صَوت خرير مَاء سائح ... وشجاك تغريد الْحمام المهدل) (وسعيت سعيا فِي البطالة وَالصبَا ... لم يدر دمعك فِي مَحل محول) (ولقلت واأسفا على القصف الَّذِي ... لم أجنه بالقفص أَو قطربل) (لَا أتبع الْأَعْرَاب إِن هم قوضوا ... من مجهل حَتَّى أحط بمجهل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 (وصرير أرجاء السرير بمسمعي ... أحلى بقلبي من صرير الْمحمل) (فالكرخ دَار اللَّهْو أعذب مشرعا ... من مشرع يخْتَص دارة جلجل) (لَا در در الْعَيْش فِي متربع ... بمخيم بَين الدُّخُول فحومل) (خفض عَلَيْك وكل خفض إِنَّمَا ... أوقاته فرص تعن لمعجل) (والعيش عِنْدِي مَا حبيت بدره ... فِي ظلّ مغشي الجناب مُؤَمل) (قد أَلْقَت الدُّنْيَا أزمتها إِلَى ... ملك الْمُلُوك عَليّ بن أبي عَليّ) (فاطرب سُرُورًا بِالزَّمَانِ وَحسنه ... واشرب على إقبال دولة مقبل) // الْكَامِل // وَقَوله من نيروزية (بِي سكر مَا وَلدته الْعقار ... لي جسم للعين عَنهُ ازورار) (أَنا من غادرته أَيدي المطايا ... والرزايا شعاره والدثار) (أَيهَا اللَّيْل عقهم بدياجيك ... وهيهات ذَاك فيهم نوار ... ) (غادة مَا دجا عَلَيْهَا ظلام ... قطّ إِلَّا ليل علاهُ خمار) (يَا ربيع الرّبيع للعيش من بعد ... اصفرار براحتيك اخضرار) (لَا يحول الَّذِي بكفك يسْقِي ... بل يحول الَّذِي سقَاهُ القطار) (فهنيئا بِطيب فصل وَيَوْم ... زار فِيهِ نيروزك الزوار) (يخصب الْمجد فِي ذراك وتخضر ... الأيادي وتورق الْأَخْبَار) (وتغنيك فِي الندي طيور ... أَنا وحدي من بَينهُنَّ الهزار) // الْخَفِيف // وَمن غرر قصائده الصاحبية قَوْله من قصيدة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 (وليل دَعَاني فجروه فَلَقِيته ... بِمَجْلِس طلق الْوَجْه سهل التخلق) (إِذا شِئْت خضنا فِي حَدِيث منمنم ... وَإِن شِئْت عمنَا فِي رحيق مُعتق) (يرد شَبَابِي وَهُوَ عني شاسع ... ويدني التصابي بعد مَا شَاب مفرقي) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي الْمَدْح (لقد أعتقتني نعْمَة لَك أطلقت ... يَمِيني بعد الْيَأْس من قد موثق) (فَإِن أنتسب كَانَ انتسابي إِلَى أبي ... وَكَانَ ولائي بعد ذَاك لمعتقي) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (وصرت إِلَى الْبَاب الَّذِي لَيْسَ دونه ... حجاب وَلَا كف ترد من اجتنى) (فَمَا شمت إِلَّا بارقا كَانَ صَادِقا ... وَلَا رحت حَتَّى عَمت فِي أبحر الْغِنَا) // الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى (مُسَدّد ضربت أَيَّام دولته ... على عُيُون أعاديه بأسداد) (هدى إِلَى الْحق وانهلت يَدَاهُ ندى ... فَهُوَ الدَّلِيل يعين السّفر بالزاد) (لي عِنْد جرجان ثأر سَوف أطلبه ... بِكُل رحب الْقرى أَو مشرف الْهَادِي) (حَتَّى أرَاهُ فاستغني بِرُؤْيَتِهِ ... عَمَّا روينَاهُ عَن قوم بِإِسْنَاد) // الْبَسِيط // وَقَوله فِيهِ نقد أزمع الْوُرُود عَلَيْهِ وَالطَّرِيق مخيفة (يَا شوق قد قرب السّفر ... ودنا الرحيل المنتظر) (وَغدا بِإِذن الله أَو ... تاليه يظْهر مَا استتر) (ويسير بِي التَّيْسِير فِي ... زمر بايديهم زبر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 سيرا يبشر بالسعادة ... والسلامة وَالظفر) (سينيف بِي الْفرس الْأَغَر غَدا على الْملك الْأَغَر ... ) (يَا حاديي تَيَقنا ... أَنِّي أُفَارِق من فتر) (وينال رفدي مِنْكُمَا ... مَاض يقهقه إِن عثر) (لَا يقشعر إِذا دنا ... مِنْهُ الغضنفر أَو زأر) (وردي ووردكما سرى ... ينسيكما ذكر الصَّدْر) (إِن جال فِي عَيْني الْكرَى ... رفقا فأعقبها العور) (لَا زلت أبدع فِي السرى ... فعلا تعاظمه الْقدر) (وأشق قلب اللَّيْل عَن ... ولد يُقَال لَهُ السحر) (حَتَّى يَقُول الْحزن لي ... والسهل لست من الْبشر) (وَتقول خوص تجائبي ... لَا خَابَ سعيك يَا عمر) (إِن الْجَلِيل من الثَّوَاب ... لمن يدقق فِي النّظر) (سأغض عَن زهر الْكَوَاكِب ... أَو يعن لي الْقَمَر) (إِنِّي أخف البحور ... وَلَا أَسف إِلَى الْمَطَر) (وَإِذا لقِيت الصاحب ... الْمَأْمُون أدْركْت الوطر) (وَإِذا جَلَست عَلَوْت ... ديباجا وسائده بدر) (وَذَا ركبت مَشى ... عَبِيدِي فِي المناطق والحبر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 (وأقيم مُبْتَسِمًا إِقَامَة ... من يُزَاد إِذا شكر) (فِي نعْمَة تصفو عَليّ ... بِهِ وَأُخْرَى تنْتَظر) (ذكرُوا فَسَاد طريقنا ... واستشعروا مِنْهُ الحذر) (قلت اركبوه على الَّذِي ... فِيهِ وَإِن عظم الْخطر) (فَالله خير حَافِظًا ... وَاسم الْوَزير لنا وزر) (إِن كَانَ غَابَ فخوفه ... فِي كل قلب قد حضر) (ملك تَخِر لَهُ الْمُلُوك ... الصَّيْد من مد الْبَصَر) (فالطيب فَوق لحاهم ... وجباههم تَحت العفر) (وأجلهم من جد مِنْهُ ... إِلَيْهِ فِي وَقت النّظر) (جرجان مَا نصبي وَلَا ... دأبي إِلَيْك على غرر) (فِيك الَّذِي من مَاله ... لحمي وجلدي الشّعْر) (لَوْلَا ابْن عباد رَأَيْت ... الصَّبْر أفضل مدخر) (وسلكت فِي زهد عَن ... الدُّنْيَا سَبِيل من انزجر) // مجزوء الْكَامِل // واعتل قبل ورده فَقَالَ وَوَصله بِهَذِهِ القصيدة (قد كنت أَحسب أَن عَيْني ... سَوف تظفر بِالنّظرِ) (وفمي سيلثم أخمصيك وَمَا وطِئت من العفر) (وَإِذا بلغتك سالما ... فِي النَّفس أدْركْت الوطر) (حَتَّى منيت بعائق ... ينْهَى العليل عَن السّفر) (حمى يعاضدها السعال ... وَمَا برجلي من خدر) (وَلَعَلَّ سيدنَا إِذا ... عرف المعوق لي عذر) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 وَقَوله من أُخْرَى فِي فَخر الدولة (حبيب عَلَيْهِ من سناه رَقِيب ... يصد الدجى عَن وَجهه فيغيب) (تيممني وَاللَّيْل فِي طرقاته ... فَلَمَّا تبدى حَال عَنهُ مريب) (تحمل لوم الشَّمْس فِيهِ وَجَاءَنِي ... هِلَال عَن الْبَدْر الْمُنِير يَنُوب) (فَكَانَ لراحي وارتياحي ومجلسي ... وكلي بِطيب الْوَقْت مِنْهُ نصيب) (وساعدني ليلِي وأرخى سدوله ... وهب نسيم للحياة نسيب) (وأنعمت حَتَّى لَيْسَ يشتاق عاشق ... حبيبا وَلَا يَنْوِي الإياب غَرِيب) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي الْمَدْح (ومزمع حج ينثني عَنْك مَاضِيا ... وَيذكر مَا أوليته فيؤوب) (عممت الورى بِالْبرِّ حَتَّى كَأَنَّمَا ... يرد عَلَيْهِم من لهاك غصوب) (وعرفتهم طرق الثَّنَاء فكلهم ... على طَبَقَات شَاعِر وخطيب) (رأى المزن مَا تُعْطِي فضم على الأسى ... فؤادا كَأَن الْبَرْق فِيهِ طَبِيب) (وَكم لَاحَ برق وابتسمت لشائم ... فَكنت صَدُوق الوبل وَهُوَ كذوب) // الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى فِيهِ (يَا سامع الزُّور فِي لي ذمم ... مِنْهَا الضنى فِي هَوَاك والسقم) (أَنْت الَّذِي دنت بِالسُّجُود لَهُ ... حَتَّى لقد قيل ربه صنم) (ولي فؤاد غَدَوْت مَالِكه ... بِلَا شريك فَلَيْسَ يَنْقَسِم) (حَتَّى إِذا صرت فِي ذرى فلك الْأمة ... حيت الْتَقت بِهِ الْأُمَم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 (خيمت فِي دولة مجددة ... خيم فِيهَا الْوَفَاء وَالْكَرم) (وَقلت للسَّفر قد وصلت إِلَى ... مناي رحلي وناقتي لكم) (أكْرم بحظي لقد أَتَى فمحا ... مَا خطه فِي جبيني الْعَدَم) // المنسرح // وَله من قصيدة فِي الصاحب يصف فِيهَا علته بجرجان وتأذبه بهوائها وبراغيثها وبقها ويستأذنه للعود إِلَى أصفهان (أَلا يَا حَيّ جادتك الغوى ... مُجَللَة العزالى والمزاد) (وَلَا زَالَت رباك تفوح مسكا ... يضوع نسيمه فِي كل نَادِي) (فَإنَّك جنَّة الدُّنْيَا لثاو ... أَقَامَ بِخَير أَمْصَار الْبِلَاد) (وَأم للغريب فَكل آتٍ ... نَظِير بنيك عنْدك فِي الولاد) (فواآسفي على زمن جنى لي ... ودادك واجتنى لَك من ودادي) (كَذَا الْملك ابْن عباد عماد ... الْهدى وردى العدا وَحيا الْعباد) (وَمن برقاه دون ظباه أسرى ... فَأصْلح بَين غيك والرشاد) (وجاد فَكَانَ أجْرى من سَحَاب ... سقى زهر الروابي والوهاد) (وَقد أَصبَحت بعْدك فِي بليد ... درية كل داهية نآدي) (وَلَوْلَا أَن سيدنَا بِهِ لم ... تكن جرجان تثنى من قيادي) (أَقمت بهَا أعالج كل بؤس ... من الأعلال لَا الْعَيْش المهاد) (تُحَدِّثنِي بحمى لَو تبدت ... بِخَيْبَر ألحقتها بالبوادي) (مُلَازمَة إِذا لسعت شقيا ... فَكل زمانها وَقت الْعداد) (تعاونها عَليّ سموم صيف ... بلفح من لظاه واتقاد) (وذبان أشردها فتأبى ... وَترجع كالمراغم ذِي الكياد) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 (كَأَنِّي حِين أطردها وتأبى ... أفرق بَين ذِي سغب وَزَاد) (وَيَا ويلي من اللَّيْل الموافي ... فَإِنِّي حِين يطْرق فِي جِهَاد) (لَهُ جَيْشًا براغيث وبق ... يطلّ عَليّ إطلال الْجَرَاد) (ولي فرش هِيَ الميدان فِيهِ ... براغثه وخمشي فِي طراد) (وبق فعله فِي كل عُضْو ... فعال النَّار فِي يبس القتاد) (عصائب ينتحين على عروقي ... بعوج كالمباضع فِي الفصاد) (فتروى ثمَّ ترجع عاطفات ... عَليّ وهون كالهيم الصوادي) (وأنقف بَعضهنَّ وَفِي حشاها ... دمى فأنال ثارا من أعادي) (تفرق بَين جَنْبي والحشايا ... وَتجمع بَين جفني والسهاد) (وَلَو أَنِّي ثملت وملت سكرا ... لحالت بَين طرفِي والرقاد) (وأستر دونهَا وَجْهي بكفي ... وَعطف الردن وَهُوَ لَهُنَّ بَادِي) (وَأظْهر فِي صباحي كل يَوْم ... بِوَجْه مجدر قلق الوساد) (وأدمن حك مَا تركت بجسمي ... فيحسبني جربت ذَوُو عنادي) (وَقد وقف الْوَزير وَزِير على بلائي ... بِمَا ضَاقَتْ بِهِ حيلي وآدي) (وَإِنِّي لَا نَهَار أقرّ فِيهِ ... وَلَا ليل يقيني مِنْهُ فادي) (صديقي فِي دجا ليلِي عدوي ... وعبدي لَا يُجيب إِذا أنادي) (وَترك فِي ظلام دجاه وحدي ... فأذكر ضيق لحدي وانفرادي) (وَفِي يمناي مروحة فطورا ... أذود بهَا وَمَا يُغني ذيادي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 (وطورا أستريح إِلَى أنتصابي ... وطورا أنثني ويدي اعتمادي) (وَعَلمنِي البعوض بلطم خدي ... خلائق لسن من شيمي وعادي) (فَهَل للصاحب المأمول عطف ... على عجزي عَن الكرب الشداد) (بِإِذن لست أسأله اختبارا ... وَلَكِن اضطراري فِي ازدياد) (شقاء لَا يُعَاقِبهُ رخاء ... وبلوى تستنيم إِلَى التَّمَادِي) (وَسَيِّدنَا أدق النَّاس حدسا ... وأعرفهم بدخة من يصادي) (وحسبي مَا بلاه فِي اخْتِيَاري ... وَشَاهد من ولائي واعتقادي) // الوافر // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ أَنْشدني الزَّعْفَرَانِي لنَفسِهِ (لي لِسَان كَأَنَّهُ لي معادي ... لَيْسَ ينبي عَن كنه مَا فِي فُؤَادِي) (حكم الله لي عَلَيْهِ فول أنصف ... قلبِي عرفت قدر ودادي) // الْخَفِيف // وأنشدني لَهُ من قصيدة فصلية هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَأظْهر إعجابا شَدِيدا بهما (وَفصل فِيهِ للْأَرْض اختيال ... لِأَن جَمِيع مَا لبست حَرِير) (وللأغصان من طرب تثن ... إِذا جعلت تغنيها الطُّيُور) // الوافر // 26 - أَبُو دلف الخزرجي الينبوعي مسعر بن مهلهل شَاعِر كثير الْملح والظرف مشحوذ المدية فِي الجدية خنق التسعين فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 الإطراب والإغتراب وركوب الْأَسْفَار الصعاب وَضرب صفحة الْمِحْرَاب بالجراب فِي خدمَة الْعُلُوم والآداب وَفِي تدويخه الْبِلَاد يَقُول من أَبْيَات أنشدنيها أَبُو الْفضل الهمذاني (وَقد صَارَت بِلَا الله ... فِي ظعني وَفِي حلي) (تَغَايَرْنَ بلبثي و ... تحاسدن على رحلي) (فَمَا أنزلهَا إِلَّا ... على أنس من الْأَهْل) // الهزج // وَكَانَ ينتاب حَضْرَة الصاحب وَيكثر الْمقَام عِنْده وَيكثر سَواد غاشيته وحاشيته ويرتفع بخدمته ويرتزق فِي جملَته ويتزود كتبه فِي أَسْفَاره فتجري مجْرى السفاتج فِي قَضَاء أوطاره وَكَانَ الصاحب يحفظ مناكاة بني ساسان حفظا عجيبا وَيُعْجِبهُ من أبي دلف وفور حَظه مِنْهَا وَكَانَا يتجاذبان أهدابها ويجريان فِيمَا لَا يفظن لَهُ حاضرهما وَلما أتحفه أَبُو دلف بقصيدته الَّتِي عَارض بهَا دالية الْأَحْنَف العكبري فِي المناكاة وَذكر المكدين والتنبيه على فنون حرفهم وأنواع رسومهم وتنادر بِإِدْخَال الْخَلِيفَة الْمُطِيع لله فِي جُمْلَتهمْ وَقد فَسرهَا تَفْسِيرا شافيا كَافِيا اهتز ونشط لَهَا وتبجح بهَا وَتحفظ كلهَا وأجزل صلته عَلَيْهَا وَقد كتب معظمها بِأخرَة وَكَانَ السلَامِي هجاه بالأبيات الَّتِي أَولهَا (قَالَ يَوْمًا لنا أَبُو دلف أبرد ... من تطرق الهموم فُؤَاده) (لي شعر كَالْمَاءِ قلت أصَاب الشَّيْخ ... لَكِن لَفظه براده) (أَنْت شيخ المنجمين وَلَكِن ... لست فِي حكمهم تنَال السَّعَادَة) (وطبيب مجرب مَال لَهُ الحذق ... فِي كل من يجرب عَاده) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 (مر يَوْمًا إِلَى مَرِيض فَقُلْنَا ... قر عينا فقد رزقت الشهاده) // الْخَفِيف // فَقَالَ لَهُ أَبُو دلف (ظلّ السلَامِي يهجوني فَقلت لَهُ ... حييت قلبِي ومعشوقي وأستاذي) (إِن لم تكن ذَاكِرًا بِالريِّ صحبتنا ... فاذكر ضراطك من تحتي ببغداذ) // الْبَسِيط // وأنشدني عون بن الْحُسَيْن الهمذاني قَالَ أَنْشدني أَبُو دلف الخزرجي الينبوعي لنَفسِهِ فِي أبي عبد الله الْعلوِي (لَوْلَا النَّبِي مُحَمَّد ... ووصيه ثمَّ البتول) (لعَلِمت أَنِّي شَاعِر ... أسم الرِّجَال بِمَا أَقُول) (لكنني أَعرَضت عَن ... ذَاك الحَدِيث وَفِيه طول) (وَتركت للخمر الْخمار ... وحبذا تِلْكَ الشُّمُول) // مجزوء الْكَامِل // وأنشدني أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عمر الْبَلْخِي قَالَ أَنْشدني أَبُو دلف الخزرجي لنَفسِهِ فِي إِنْسَان كَاتب بالدينور يُقَال لَهُ المشقاع (يَا من يسائلني عَن المشقاع ... قد ضَاقَ شعري عِنْده ورقاعي) (كاتبته فِي حَاجَة عرضت لنا ... فكأنني كَاتب وَحش القاع) (نعم الْفَتى لَو لم تكن أخلاقه ... ممزوجة بتوابل الفقاع) (أَنا مثله فِي جنسه من طرزه ... إِن لم أضرطه على الْإِيقَاع) // الْكَامِل // وأنشدني بديع الزَّمَان لأبي دلف وَنسبه فِي بعض المقامات إِلَى أبي الْفَتْح الإسكندري (وَيحك هَذَا الزَّمَان زور ... فَلَا يغرنك الْغرُور) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 (زوق ومخرق وكل وأطبق ... واسرق وطلبق لمن يزور) (لَا تلتزم حَالَة وَلَكِن ... در بالليالي كَمَا تَدور) // مخلع الْبَسِيط // وَهَذَا مَا اخترته من قصيدته الساسانية الَّتِي أَولهَا (جفون دمعها يجْرِي ... لطول الصد والهجر) (وقلب ترك الوجد ... بِهِ جمرا على جمر) (لقد ذقت الْهوى طعمين ... من حُلْو وَمن مر) (وَمن كَانَ من الْأَحْرَار ... يسلو سلوة الْحر) (وَلَا سِيمَا وَفِي الغربة ... أودى أَكثر الْعُمر) (تعريت كغصن البان ... بَين الْوَرق وَالْخضر) (وشاهدت أعاجيبا ... وألوانا من الدَّهْر) (فطابت بالنوى نَفسِي ... على الْإِمْسَاك وَالْفطر) (على أَنِّي من الْقَوْم ... البهاليل بني الغر) (بني ساسان والحامي ... الْحمى فِي سالف الْعَصْر) (تغربنا إِلَى أَنا ... تناءينا إِلَى شهر) (فظل الْبَين يرمينا ... نوى بَطنا إِلَى ظهر) (كَمَا قد تفعل الرّيح ... بكثب الرمل فِي الْبر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 (فطبنا نَأْخُذ الْأَوْقَات ... فِي الْعسر وَفِي الْيُسْر) (فَمَا ننفك من صمي ... وَمَا نفتر من متر) (فأحلى مَا وجدنَا الْعَيْش ... بَين الكمد وَالْخمر) // الهزج // الصمى الشّرْب والمتر والكمد هُوَ النيك (فَنحْن النَّاس كل النَّاس ... فِي الْبر وَفِي الْبَحْر) (أَخذنَا جِزْيَة الْخلق ... من الصين إِلَى مصر) (إِلَى طنجة بل فِي كل ... أَرض خَيْلنَا تسري) (إِذا ضَاقَ بِنَا قطر ... نزل عَنهُ إِلَى قطر) (لنا الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا ... من الْإِسْلَام وَالْكفْر) (فنصطاف على الثَّلج ... ونشتو بلد التَّمْر) (فَنحْن الميزقانيون ... لَا ندفع عَن كبر) (هم شَتَّى فسلني ... عَنْهُم ينبيك ذُو خبر) (فمنا كل كماذ ... اللبوسات مَعَ الهر) (وَمنا كل صلاج بكيذ وافر نكر) // الهزج // الكماذ النياك واللبوسات الأحراح والهر الدبر والصلاج الَّذِي يصلح أَي يجلد عميرَة والكيذ الأير (قد استكفى بكفيه ... عَن الثّيّب وَالْبكْر) (فَلَا يخْشَى من الْإِثْم ... وَلَا يُؤْخَذ بِالْمهْرِ) (وَلَا يحذر من حيض ... وَلَا حمل على طهر) (وَمنا الكاغ والكاغة ... والشيشق فِي النَّحْر) // الهزج // الكاغ والكاغة المتجانن والمتجاننة والشيشق الحدائد والتعاويذ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 الَّتِي يلقونها على أنفسهم (وأشكال وأغلال ... من الْجلد أَو الصفر) (وَمن دروز أَو حر ... زأو كوز بالدغر) دروز إِذا دَار على السكَك والدروب وسخر بِالنسَاء حرز إِذا كتب التعاويذ والأحراز كوز إِذا أَقَامَ فِي الْمجْلس والمكوز هُوَ الَّذِي يقوم فِي مجَالِس الْقصاص فيأمر الْقَاص أَصْحَابه بإعطائه ثمَّ إِذا تفَرقُوا تقاسموا مَا أَعْطوهُ والدغر الْمُقَاسَمَة (وَمن درع أَو قشع ... أَو دمع فِي القر) درع إِذا جَاءَ الهراس وَطلب قَصْعَة من الهريسة فَإِذا أعطَاهُ إِيَّاهَا لحسها قشع إِذا مَشى وعينه إِلَى الأَرْض لطلب الْقطع دمع إِذا بَكَى فِي الْأَسْوَاق عِنْد الْبرد حَتَّى يعْطى (وَمن رعس أَو كبس ... أَو غلس فِي الْفجْر) رعس إِذا طَاف على حوانيت الباعة فَأخذ من هُنَا جوزة وَمن هُنَا تَمْرَة وتينة كبس إِذا دَار فَإِذا نظر إِلَى رجل قد حل سفتجته كبسه وَأخذ مِنْهُ قِطْعَة غلس إِذا خرج إِلَى الكدية بِغَلَس (وحاجور وكذابات ... أهل الْأَوْجه الصفر) الحاجور الَّذِي يثقب بَيْضَة ويجعلها فِي حجره وَهِي تسيل مَاء أصفر الكذابات العصابات يشدونها على جباههم فيوهمون انهم مرضى (وَمن شطب أَو ركب ... للضربات والعقر) شطب إِذا عقر نَفسه بِالْمُوسَى وَجعل يكذب على الْأَعْرَاب والأكراد واللصوص ركب إِذا طلى جِسْمه بالشيرج حَتَّى يسود جلده وأوهم أَنه جلد أَو لطمته الْجِنّ لَيْلًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 (وَمن ميسر أَو مخطر ... واستنغر للثغر) ميسر إِذا كدى على أَنه من الثغر وَيُقَال لَهُ الميسراني مخطر إِذا بلع لِسَانه وأوهم أَن الرّوم قطعوه (وَمن ناكذ فِي القينون ... من جَوف أبي شمر) المناكذة أَن يتقاسموا مَا يأخذونه من الثِّيَاب وَالسِّلَاح بعلة الْغَزْو والقينون مَوضِع الْقِسْمَة أَبُو شمر أول من كدى بعلة الْغُزَاة (وَمن رش وَذُو المكوى ... وَمن درمك بالعطر) رش إِذا كدى بعلة مَاء الْورْد يرشه على النَّاس ذُو المكوى الَّذِي يبخر النَّاس درمك إِذا بَاعَ الْعطر على الطَّرِيق (وَمن دكك أَو فكك ... أوبلغك بِالْحرِّ) المدكك الَّذِي يخرج اللوى من الْعِصْيَان ويحتال على من بِهِ وجع الضرس حَتَّى يَجْعَل دود الْجُبْن فِيمَا بَين أَسْنَانه ثمَّ يخرج ويوهم أَنه أخرجه بالرقية فكك إِذا فك السلَاسِل على الطّرق بلعك إِذا جر الخواتيم بالإبريسم الرَّقِيق (وَمن قصّ لإسرائيل ... أوشبرا على شبر) من قصّ هُوَ الَّذِي يروي الحَدِيث عَن الْأَنْبِيَاء والحكايات الْقصار وَيُقَال لَهَا الشبريات (وَمن بشرك أَو نوذك ... أَو أشرك بالهبر) بشرك تزيا بزِي الرهبان تزهدا نوذك إِذا كدي على أَنه من الْحجَّاج أشرك بالهبر إِذا قَاسم شركاءه مَا يَأْخُذهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 (وَمن قدس أَو نمس ... أَو شولس بالشعر) قدس إِذا أكل الكبد المطحونة المجففة فِي شهر رَمَضَان خَاصَّة وأوهم أَنه يطوي وَلَا يفْطر فِي الشَّهْر إِلَّا مرّة أَو مرَّتَيْنِ نمس من الناموس شولس من الشالوسة وهم الزهاد يكدون بلباس الشّعْر (وَمنا العشيريون ... بَنو الحملة وَالْكر) العشيريون الَّذين يتثاقفون على دوابهم كالغزاة يكدون (وَمنا المصطبانيون ... من ميزق بالأسر) المصطبانيون قوم يَزْعمُونَ أَنهم خَرجُوا من الرّوم وَتركُوا أَهَالِيهمْ رهائن عِنْدهم فطافوا الْبِلَاد ليجمعوا مَا يفكونهم بِهِ وَتَكون مَعَهم شُعُورهمْ وَيُقَال لذَلِك الشّعْر المصطبان ميزق كدى (وَمنا كل زمكدان ... غَدا محدودب الظّهْر) (وَمنا كل مطراش ... من المكلوذة البتر) المطراش الَّذِي مَعَه يَده يكدى عَلَيْهَا وَيُقَال الْيَد المقطوعة المكلوذة (وَفِي المدرجة الغبراء ... منا سادة الغبر) المدرجة هَؤُلَاءِ قوم يَقْعُدُونَ وينامون فِي السكَك والأسواق على طَرِيق لمارة ومدرجة الرِّيَاح فتعلوهم غبرة التُّرَاب حَتَّى يرحموا ويعطوا (وَمنا كل قناء ... على الْإِنْجِيل وَالذكر) القناء الَّذِي يقْرَأ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ويوهم أَنه كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا فَأسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 (وَمن سَاق الولا بِالْمَاءِ ... أَو قَوس أبي حجر) وَمن سَاق هَؤُلَاءِ قوم يسقون النَّاس المَاء والولا أَن يقف فَيَقُول أَنا الْمولى الأبطحي وَمِنْهُم من يكون مَعَه قَوس عَرَبِيَّة وَأول من فعل ذَلِك فِي الْحَضَر أَبُو حجر (وَمن طفشل أَو زنكل ... أَو سطل فِي السِّرّ) طفشل إِذا علق لِسَانه وتشبه بالأعراب زنكل إِذا احتال فِي سلبهم سطل إِذا تعامى وَهُوَ بَصِير يُقَال للأعمى الإسطيل (وَمن زقى الشغاثات ... غداءات وبالعصر) زقى صلى والشغاثات الْمَسَاجِد وَاحِدهَا شغاثة يكدون فِيهَا إِذا صلى النَّاس (وَمن دشش أَو رشش ... أَو قشش يستدري) دشش إِذا جعل فِي استه شبه حَشْو كحقنة وينام على الطَّرِيق وَيخرج من استه كالدشيشة رشش إِذا كَانَت مَعَه مبولة مَعَ خصاه فَإِذا جَاءَهُ الْبَوْل رششه على النَّاس وَيُقَال لَهُ المرشش قشش إِذا فسا فِي الْمَسَاجِد فَيَتَأَذَّى بِهِ المصلون فيعطونه حَتَّى يخرج (وَمن يزنق أَو يخنق ... أَو يذلق بالدبر) يزنق يثقب فِي بدنه ثقبة وينفخ فِيهَا حَتَّى يتورم بدنه يخنق يصنع المنديل فِي رَقَبَة نَفسه ويفتله حَتَّى ينتفخ رَأسه وَوَجهه يذلق يمشي عُرْيَان الأست (وَمنا كل مستعش ... من النعارة الكدر) مستعش قوم يدورون على أبوابا الدّور فِيمَا بَين العشاءين وَيَقُولُونَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 رحم الله من عشى الْغَرِيب الجائع وينعرون بذلك حَتَّى يَأْخُذُوا من كل دَار كسرة ويرجعوا بهَا (وَمن شدد فِي القَوْل ... وَمن رمد فِي الْقصر) وَمن شدد قوم يكون مَعَهم دفاتر حَدِيث يروونها ويشددون على النَّاس فِي اللواط وَشرب الْخمر الْقصر هُوَ الأتون يدْخلهُ الْوَاحِد من الْقَوْم فيطرح نَفسه فِي الرماد ثمَّ يخرج وَعَلِيهِ غبرة الرماد ويوهم أَنه أولى إِلَيْهِ من شدَّة الْبرد وَعدم الملبوس (وَمن يزرع فِي الهادور ... تكسيحا من الْبذر) وَمن يزرع فِي الهادور قوم ينظرُونَ فِي الفال والزجر والنجوم ويعطون قوما دَارهم حَتَّى يأتوهم ويسألوهم عَن نجمهم وَعَما هم فِيهِ فينظروا لَهُم ثمَّ يردون الدَّرَاهِم عَلَيْهِ وَرُبمَا أخذوها وَقَالُوا لَا نأخذها لِأَن نجمك مَا خرج كَمَا تريده الهادور كَلَام الْحلقَة الَّتِي يجْتَمع النَّاس عَلَيْهَا والتكسيح الممانعة (إِلَى أَن يَقع التنبل ... فِي محصدة الجزر) التنبل هُوَ الأبله الَّذِي يقبل المخاريق على نَفسه ويغتر بِمَا يُورد المنجم عَلَيْهِ فَيخرج هُوَ أَيْضا دَرَاهِمه طَمَعا فِي ردهَا فيأخذها مِنْهُ ويسخر بِهِ (وَمن قنون أَو بنُون ... أَو طين بالشعر) وقنون من المقنون وَهُوَ الَّذِي يَقُول كَانَ أبي نَصْرَانِيّا وَأمي يَهُودِيَّة وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَنِي فِي النّوم وَقَالَ لَا تغتر بدين أَبَوَيْك وَاتبع ملتي فَأسْلمت بنُون إِذا انتسب إِلَى البانوانية وهم الشطار وَقَالَ كنت مَحْبُوسًا فاحتلت بِكَذَا حَتَّى خرجت طين إِذا طين وَجهه وساعديه بطين الْحمرَة وروى الْأَشْعَار على رُءُوس الأشهاد فِي الْأَسْوَاق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 (وَمنا منفذ الطين ... وَأَصْحَاب اللحى الْحمر) منفذ الطين قوم يخضبون لحاهم بِالْحِنَّاءِ وَيدعونَ أَنهم شيعَة ويحملون السبح والألواح من الطين ويزعمون أَنَّهَا من قبر الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فيتحفون بهَا الشِّيعَة (وَمن شقف بِالْمَاءِ ... وَمن شقف بالجمر) والمشقف هُوَ الَّذِي يَأْخُذ مَاء النوشادر فَيكْتب بهَا الرّقاع وَيَتْرُكهَا بَين يَدَيْهِ فَإِذا مر بِهِ الأبله قَالَ لَهُ جرب بختك وَخذ رقْعَة من هَذِه فيأخذها ثمَّ يُعْطِيهِ إِيَّاهَا فيقذفها فِي النَّار فَيظْهر الْمَكْتُوب أسود وَقد يعْمل هَذَا الْجِنْس بِمَاء العفص فَإِذا غمس فِي مَاء الزاج خرج أسود وَيُقَال للرقعة الشقيفة (وَمن كدى على كيسَان ... فِي السِّرّ وَفِي الْجَهْر) كيسَان قوم عرفُوا قوما من الكيسانية والغلاة فيجيبونهم ويكدون عَلَيْهِم بِالْمذهبِ (وَمنا النائح المبكي ... وَمنا المنشد المطري) والنائح المبكي قوم ينوحون على الْحُسَيْن بن عَليّ ويروون الْأَشْعَار فِي فضائله ومراثيه رَضِي الله عَنهُ (وَمن ضرب فِي حب ... عَليّ وَأبي بكر) وَمن ضرب فِي حب قوم يحْضرُون الْأَسْوَاق فيقف وَاحِد جانبا ويروي فَضَائِل أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَيقف الآخر جانبا ويروي فَضَائِل عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَلَا يفوتهما دِرْهَم الناصبي والشيعي ثمَّ يتقاسمان الدَّرَاهِم (وَمن يروي الْأَسَانِيد ... وحشو كل قمطر) وَمن يروي الْأَسَانِيد هَؤُلَاءِ قوم يروون الْأَحَادِيث على قوارع الطّرق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 (وَمنا كل ممرور ... غَدا غيظ بني البظر) كل ممرور قوم يلبسُونَ الثِّيَاب المخرقة ويحلقون لحاهم ويوهمون أَنهم موسوسون وَأَن المرار غلب عَلَيْهِم فيروون مَا يُرِيدُونَ من فَضَائِل أهل الْبَيْت وينسبهم الْعَامَّة إِلَى الْجُنُون فَلَا يؤاخذونهم بِمَا يَقُولُونَ وَيَأْخُذُونَ من الشِّيعَة مَا يُرِيدُونَ (وَمن يكحل من مستعرض ... دمعته تجْرِي) وَمن يكحل هُوَ الَّذِي مَعَه قطنة مغموسة فِي الزَّيْت يمرها على عَيْنَيْهِ لتدمع وَيَأْخُذ فِي شكاية حَاله واستعراض النَّاس فِي مَسْأَلته وَذكر قصَّته وَأَنه قطع عَلَيْهِ الطَّرِيق أَو غصب على مَاله والمستعرضون أمهر الْقَوْم (وَفِي الْموقف منا كل ... جَبَّار أخي الصَّبْر) كل جَبَّار هُوَ الَّذِي يقف فِي الْمقَام قَائِما أَو قَاعِدا وَلَا يبرح أَو يَأْخُذ مَا يُرِيد (مَتى يحف يقل بشباشة ... الخشنى فِي خصر) البشباشة اللِّحْيَة والخشنى الَّذِي لَا يكدي وَهُوَ عِنْدهم عيب كَبِير (وقراع أبي مُوسَى ... لَدَيْهِ دبة البزر) وقراع رَأس أبي مُوسَى هُوَ الخشنى يَقُول إِن رَأس هَذِه السفلة عِنْده أَهْون من دبة البزر اسْتِخْفَافًا بِهِ وبجفائه (وَلَا ينطس أَو يلحن ... مَا يطْلب بالقسر) (وجرار عيالات ... عَلَيْهِم أثر الضّر) وَلَا ينطس لَا يذهب أَو يلحن يُعْطي وجرار عيالات هُوَ الَّذِي يكتري الصّبيان وَالنِّسَاء ويكدي عَلَيْهِم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 (وَمن ينفذ سبحات ... حلوى وَأَبا شكر) وَمن ينفذ سبحات هُوَ الَّذِي يطْرَح على أَبْوَاب الحوانيت السبحات وأقراص الْحَلْوَى فَمنهمْ من يُعْطي وَيرد عَلَيْهِ وَمِنْهُم من يلقِي الْملح وَيُقَال للملح أَبُو شكر (وَمنا حافر الطرس ... بِلَا خرط وَلَا جهر) حافر الطرس هُوَ الَّذِي يحْفر القوالب للتعاويذ فيشتريها مِنْهُ قوم أُمِّيُّونَ لَا يَكْتُبُونَ وَقد يحفظ البَائِع النقش الَّذِي عَلَيْهِ فَينفذ التعاويذ إِلَى النَّاس ويوهم أَنه كتبهَا وَيُقَال للقالب الطرس (وبركوش وبركك ... ومعطى هَالك الجزر) بركوش هُوَ الَّذِي يتصامم وَيَقُول للْإنْسَان تكلم على هَذَا الْخَاتم بِاسْمِك وَاسم أَبِيك فَيسمع مَا يَقُول وينبئه بِهِ وبركك هُوَ الَّذِي يقْلع الأضراس ويداوي مِنْهَا والهالك الدَّوَاء والجزر الْبَصَر وَيُقَال للعين الجزارة (وَمن قرمط أَو سرمط ... أَو خطط فِي سفر) قرمط هُوَ الَّذِي يكْتب التعاويذ بالدقيق والجليل من الْخط وسرمط كتب والسرماط الْكتاب (وحراق وبزاق ... بني الشخير والنشر) (وَمن ذكر وَالْقَوْم ... الزكوريون فِي الصَّدْر) الحراق الَّذِي تكون مَعَه مرْآة تشعل مِنْهَا النَّار وَتسَمى حراقة والبزاق الَّذِي يرقي المجانين وَأَصْحَاب العاهات ويتفل عَلَيْهِم ذكر كدى على الْأَبْوَاب وَهُوَ من أجلائهم (وَمن دهشم بالكرش ... ويستبرد فِي النَّهر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 من دهشم مخرق وموه بِأَنَّهُ صَائِم والكرش الصَّوْم والجوع أَيْضا وَيكون قد أكل فِي منزله فَإِذا عَطش نزل فِي النَّهر بعلة الإستبراد وَشرب مَا أَرَادَ (وَمن يُعْطي الضمانات ... من الزنكلة العفر) الزنكلة والعفر وَاحِد وهم المعافرون يَأْخُذُونَ الحجيج ويضمنون الْجنَّة (ويشرى عش رضوَان ... بِنذر الثّمن النزر) ويشري عش رضوَان يَعْنِي أَنه يَقُول إِن لم أحج عَنْك فحظي من الْجنَّة وقف عَلَيْك اللَّهُمَّ اشْهَدْ بشرَاء البيع والعش الْبَيْت يُرِيد بِهِ الْجنَّة (وَمن حنن كفيه ... وحف الطست كَالْحرِّ) حنن هُوَ الَّذِي يخضب كفيه بِالْحِنَّاءِ وحف شَاربه فيتركه كالطست المجلوة وكالحر المنتوف فيدعى أَنه من الصُّوفِيَّة الْعلمَاء الزهاد فيتشبث بِهِ لذَلِك (وَمنا الشَّيْخ هفصويه ... وَيحيى وَأَبُو زكر) هفصويه هَؤُلَاءِ الَّذين سماهم قوم نبط وعجم يكدون وَلَا يَتَكَلَّمُونَ الْعَرَبيَّة (وَمن كَانَ على رَأْي ... ابْن سِيرِين من العبر) وَمن كَانَ على رَأْي ابْن سِيرِين هَؤُلَاءِ من البصراء يعبرون الرُّؤْيَا ويكدون من هَذِه الْجِهَة (وشكاك وحكاك ... ومعطى بلح الْأجر) الشكاك الَّذِي يَبِيع دَوَاء الفار واسْمه الشَّك والحكاك الَّذِي يكون مَعَه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 حِجَارَة مَحْمُولَة من در بند يظْهر فِيهَا الْحَدِيد من الدارهم وَالدَّنَانِير يُقَال للْوَاحِد مِنْهَا المحك بلح الْأجر هُوَ السبح الَّتِي تحمل من الْجَبَل يُقَال لَهَا دموع دَاوُد عَلَيْهِ وعَلى نَبينَا أفضل الصَّلَاة وَأتم السَّلَام (وسمقون عَلَيْهِ السرمل ... الْكحل وَذُو الغزر) سمقون الصَّبِي الَّذِي يَأْخُذ بيد الضَّرِير يُوهم أَنه ابْنه والسرمل الْقَمِيص المخرق (وَمن ربى وَمن فَتى ... وأجرى عقد الزر) وَمن ربى هَؤُلَاءِ قوم شطار يَقُولُونَ بالصاحب والغلام فيربون الصّبيان (وَمنا قافة الرزق ... وَأهل الفال والزجر) وقافة الرزق قوم يتعاطون التنجيم (وَمن يعْمل بالزيج ... وبالتنور والجفر) الجفر الَّذِي يكون بَين أَيْديهم على هَيْئَة الْفلك يَدُور (وَمنا البشتداريون ... تَحت الرحل كالحمر) والبشتداريون قوم يستأجرهم المكدون الَّذين يخرجُون إِلَى الْقرى فيحملون رحالاتهم وَمَا يجمعُونَ بهَا من الْحبّ وَالصُّوف وَغَيره (وَمن مرق فِي مصطبة ... الفتيان فِي قدر) وَمن مرق يطبخون المرق فِي دَار الْقَوْم فيبيعونها من المرضى والضعفاء مِنْهُم (وَمنا كل مراس ... جسور جَاهِل هزر) المراس الحواء مَعَه سلال فِيهَا حيات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 (يرى الخش فيأتيه ... بِلَا خوف وَلَا ذعر) الخش الأفعى (فيستل الَّذِي يخشاه ... من شصوصة الخزر) الشوص الأنياب بقلعها وَيتْرك وَاحِدَة (وَيبقى مِنْهُ مَا يصلح ... للمحنة والسبر) (فقد أنزل فِيهِ ... ملك الْمَوْت على قبر) (فَهَذَا هَالك لسعا ... وَهَذَا كَفه يبري) (وَقد يلْتَمس الْخبز ... بمكروه من الْأَمر) (وَمنا كل نطاس ... على البزرك مستجري) النطاس الْقوي الْقلب من الدستكاريين تراهم على الدَّوَابّ وَمَعَهُمْ الكلاليب والمباضع يداوون الرمدى وَغَيرهم من الأعلال والبزرك الْمَوَاضِع (وَمنا كل من شرشر ... بالهلاب وَالْكَسْر) الشرشرة الْقمَار والهلاب الثِّيَاب وَالْكَسْر الدِّرْهَم والمرجان وَالدِّينَار (إِذا حاف عَلَيْهِ بخته ... سقف بالنحر) وحاف عَلَيْهِ يَعْنِي أَنه إِذا قمر فَانْقَلَبَ الفص عَلَيْهِ رفع طرفه إِلَى السّقف وَنحر نَحْو السَّمَاء وَتكلم بالْكفْر (وَمنا كل إسطيل ... نفي الذِّهْن والفكر) الإسطيل الْأَعْمَى (وَمنا كل سِبَاع ... عَظِيم اللَّيْث والببر) (وَمن قرد أَو دبب ... من كل فَتى غمر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 وَمن قرد أَو دبب هم الَّذين يكدون على الدببة وَالسِّبَاع والقردة (وسمان ووسنان ... وَمن قتت كالكبر) وَالسمان الَّذِي يُعْطي النِّسَاء دَوَاء السّمن والسنان الَّذِي يُعْطي دَوَاء الْأَسْنَان وقتت أكل القت بَين أَيدي النَّاس كَالْجمَلِ (ودكاك السفوفات ... لريح الْجوف والخصر) الدكاك الَّذِي يرقى من القولنج وَيكون مَعَه حب مَصْنُوع يحتال حَتَّى يبلعه العليل فيزعم أَنه انحل بالرقية (وَمنا ذُو الوفا الْحر المدلج ... ذُو الْكر) والمدلج الَّذِي يَأْخُذ حَاجته من الْبَقَّال والجبان وَيحصل عَلَيْهِ أُجْرَة الشَّهْر لبيته فيهرب لَيْلًا ويفوز بِمَا يلْزمه أَدَاؤُهُ (وَمنا شعراء الأَرْض ... أهل البدو الْحَضَر) (وَمنا سَائِر الْأَنْصَار ... والأشراف من فهر) (وَمنا قيم الدّين الْمُطِيع ... الشَّائِع الذّكر) (يكدى من معز الدولة ... الْخبز على قدر) (وَمن يطحن مَا ... يطحن بالشدة وَالْكَسْر) وَمن يطحن هم الَّذين يطحنون النَّوَى وَالْحَدِيد والزجاج بِأَيْدِيهِم وأضراسهم (ومطلي دم الْأَخ ... مَعَ المصموغ كالبثر) ومطلي دم الْأَخ هم الَّذين يضْربُونَ دم الْأَخَوَيْنِ والكثيراء والصموغ وينفخونها على أَجْسَادهم فَتخرج بهم بثور يمرضون مِنْهَا فيكدون (وَمنا كل مشقاع ... من الفتيان كاللغر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 المشقاع الأرعن الَّذِي يكتري الثِّيَاب الْبيض ويلبسها واللغر هم السّفل من النَّاس (يلذ الشورز الوجدان ... بالخب وبالمكر) الشورز الْأَمْرَد ويلذ يَدُور بِهِ الْعَرَب من المكدين فيؤدبه وَيَقُول هَذِه الفتوة وَلَا يجوز أَن تكون وَحدك فإمَّا أَن تصير غُلَاما لِأَحَدِنَا وَإِمَّا أَن تخرج من دَار الفتيان فَإِذا صَار مَعَ أحدهم طبخ لَهُ قدر الدسكرة وَيُقَال للقدر بِمَا فِيهَا الخشبوب (إِلَى أَن يَأْكُل الخشبوب ... كرسا أكل مُضْطَر) (وَمَا فِي الْبَيْت غير الْبَتّ ... أَو بَارِية القفر) (وَمَا للشوزر السوء ... سوى الغيلة والغدر) (وَأَن يصميه حَتَّى ... ترَاهُ طافح السكر) يصميه يسْقِيه الصمى وَهُوَ الْخمر (فتجري فِيهِ كيذات ... البهاليل وَلَا يدْرِي) الكيذات الأيور البهاليل رُؤَسَاء المكدين (وَمنا سعفة الرّيح ... لضرب الْكَلْب والهر) وسعفة الرّيح قوم يرعدون رعدة شَدِيدَة تهتز لَهَا مفاصلهم وتصطك أسنانهم وَيَقُول أحدهم إِنَّه قتل سنورا أَو كَلْبا فلطمته الْجِنّ (وَذُو الْقَصعَة والمسراد ... والمكناس وَالْعشر) وَذُو الْقَصعَة والمسراد هَؤُلَاءِ قوم ينخلون التُّرَاب فِي الطّرق ويعلقون على أنفسهم القصاع ويغسلون الْأَسْوَاق بِالْمَاءِ وَيخرجُونَ إِلَى البيادر فليقطون القصى وَهُوَ مَا بَقِي فِي السنبل من الْحبّ بعد أَن يداس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 (وَفِي الْأَسْوَاق والأنهار ... والبيدر وَالْقصر) (وَمن يقْرَأ بالسبع ... وإدغام أبي عَمْرو) (وَأَصْحَاب المقالات ... من الْفَاجِر وَالْبر) (وَمن علافة ركبت ... الباز مَعَ الصَّقْر) وَمن علافة هَذِه امْرَأَة تتَزَوَّج بِمن يحسن أَن يكدي فيشد يَدهَا مَجْمُوعَة الْأَصَابِع ويدى أَنَّهَا مَقْطُوعَة وَيُسمى الباز وَرُبمَا عوجها كَأَنَّهَا مفلوجة والصقر هُوَ أَن يشد عينيها وَيَقُول إِنَّهَا رمدى أَو عوراء وَيُقَال لَهَا أَيْضا النعلة (وَمنا الكابليون ... وَمن يلْعَب بِالْجَرِّ) (وَمن يمشي على الْحَبل ... وَمن يصعد بالبكر) (وَمنا الزنج الزط ... سوى الكباجة السمر) والكباجة اللُّصُوص كبج إِذا سرق (وَمنا من صمًّا يَوْمًا ... فقد هرب فِي الْمصر) وَمنا من صمًّا يَقُول إِن من شرب منا الْخمر وَعرف بِهِ فقد أفسد على نَفسه الْبَلَد وَالشَّيْء الرَّدِيء الْفَاسِد يُقَال لَهُ الهريب وَالشَّيْء الْجيد يُقَال لَهُ الكسيح (وَمنا كل ذِي سمت ... خشوع الْقِنّ كالحبر) (يرقي وتراه باكيا ... دمعته تجْرِي) (فَإِن كبن فِي السِّرّ ... فبالمذقان يستذري) كبن خري والكبن الإسم مِنْهُ يَقُول إِنَّه يظْهر الْوَرع والزهد فَإِذا خلا الْمَسْجِد وَأَخذه الْبَطن يخرى تَحت السارية أَو خلف المنارة وَيمْسَح استه بالمذقان وَهُوَ الْمِحْرَاب (وَإِن كرس لَا ... وَالله لَا تمّ إِلَى الظّهْر) (وَمن صَاح بآمين ... من المزلق والذعر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 من المزلق يُرِيد هَؤُلَاءِ العراة الْوَاحِد مزلق يصيحون بآمين من الْأَسْوَاق (سخام القص قد نقعهم ... مثل بني النمر) سخام القصي سَواد الأتون (فَذا بقالنا سطل ... وَذَا استأذنا خري) فَذا بقالنا سطل يَقُول إِذا صاحوا بآمين دعوا على أَصْحَاب الحوانيت ذَا بقالنا أعمه يَا رب (وَذَا فصابنا عسم ... وَذَا الْبَزَّاز لَا تبري) وعسم من العسوم وَهُوَ المفلوج (وَمن ردهم غلف ... من غالبة الْحجر) (وَمنا كل من يمرح ... فِي الإسظيل كالمهر) (وَمن كدة بهْلُول ... تخطى ثمَّ كالحجر) الإسظيل الْجَامِع والكدة الْمَرْأَة الَّتِي تسْأَل النَّاس وَمَعَهَا زَوجهَا فِي الْجَامِع (وَمن يخرج باليابس يَوْم الْفطر والنحر ... ) من يخرج باليابس قوم يخرجُون فِي أَيَّام الأعياد إِلَى الْمصلى عُرَاة حُفَاة يكدون (وَمنا من تمشى يمسح الْبلدَانِ كالنسر ... ) (وَمن يأوي المصاطيب ... مَعَ المذلقة الضمر) (وَمن يأوي الشغاثات ... مَعَ العقة فِي السّتْر) (وَأَصْحَاب التجافيف ... من الثامولة الصَّبْر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 أَصْحَاب التجافيف قوم يأوون الْمَسَاجِد عَلَيْهِم مرقعات كالتجافيف بَعْضهَا مركبة فَوق بعض يُقَال لَهُم الثامولة الصَّبْر لصبرهم على شدَّة فَقرهمْ (وَأَصْحَاب الشقاعات ... من المشاطح العكر) الشقاعات جمع شقاع وَهُوَ الوطاء إِذا كَانَ من ألوان أَو لون وَاحِد يكون مَعَ جنس مِنْهُم فيدورون فِي الْمَوَاضِع ويبسطون الشقاع وَيصلونَ عَلَيْهَا وَلَا يأوون إِلَى مَوضِع فَلهَذَا يُقَال لَهُم المشاطح لِأَن المشطح هُوَ الَّذِي يطوف دائبا لَا يفتر (بَنو التضريب والتدريب ... والتفتيق والأطر) بَنو التضريب والتدريب قوم لَيْسَ لَهُم عمل إِلَّا جمع الْخرق مَعَهم فهم أبدا فِي رتق أَو فتق (ترى للقمل فِي كل ... شقاع مِائَتي وكر) (وَمن دمج فِي الثَّلج ... وَفِي الوحل بِلَا طمر) دمج إِذا قَامَ فِي الْبرد (وَلَا ينظر إِلَى كالحا ... ذَا نظر شزر) (فَلَا يبرح أَو يَأْخُذ مَا يَأْخُذ بالصقر ... ) (وَفِي الغميز منا فتية من رغل قذر ... ) (هم بَيت المشاميل ... مَعَ القنابر الْحفر) المشاميل الرغفان وَاحِدهَا مشمول والقنابر جمع قنبرة وَهُوَ الكسرة من الْخبز (غدوا مثل الشَّيَاطِين ... عَلَيْهِم أثر الْفقر) (فَيَأْتُونَ ببربازار ... كالقفيا من المجري) بربازار لِأَنَّهُ ذُو ألوان والقفيا هُوَ خبز السَّبِيل الَّذِي يجريه الأعلاء على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 الْفُقَرَاء والضعفاء فَيكون لَهُم رجل مجْرى (وعبوه أنابير ... من الزغبل وَالْبر) وعبوه أنابير يَعْنِي أَنهم إِذا جمعُوا الْخبز جَعَلُوهُ كالأنبارات بَين أَيْديهم من ألوان وكل مَا خَالف الْحِنْطَة فَهُوَ الزغبل ثمَّ يتقاسمون مَا يتجمع لَهُم مِنْهَا (كَمَا يقتسم البيدر ... بالقفزان وَالْكَسْر) (وظلوا يفتنون ... على مَالك بالعسر) (وخصوه بجوازات ... وَنصف فجلة تمري) وخصوه بجوازات يَعْنِي أَن مَا يبْقى من الْمَأْكُول يجلعونه لصَاحب الْموضع وَإِن كَانُوا فِي أتون جَعَلُوهُ للوقاد (سقى الله بني ساسان ... غيثا دَائِم الْقطر) (ترى الْعُرْيَان مِنْهُم ظَاهر ... السمرَة والخطر) (كنمرود بن كنعان ... قوي الصَّدْر والإزر) (رجال فطنوا للثقل ... وَالْإِغْلَال والإصر) (خلنجيون مَا حاضوا ... وَلَا باتوا على طهر) الخلنجي الَّذِي يخرى وَلَا يغسل أسته مَا حاضوا أَي مَا تطهروا (رَأَوْا من حِكْمَة خرط القلادات مَعَ الْعذر ... ) (يَقُولُونَ لمن رقى ... تحول فِينَا تزري) (وراحوا خَارج الدَّار ... بوارية مَعَ الْحصْر) (فَحَيْثُمَا اكتروا قَالُوا ... من الْخُشَنِي لَا نكرِي) (إِذا مَا سمروا القشقاش ... ذَا العثنون والزجر) سمروا القشقاش أَي رَأَوْهُ وَهُوَ الشَّيْخ الطَّوِيل اللِّحْيَة ذُو الزّجر الْعَالم المتقشف الْوَرع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 (لقوه بنثارات ... من البندق والبسر) (وحيوه بآلاف ... من القنادر الْفطر) يَعْنِي أَنهم إِذا رَأَوْا شَيخا يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر ضرطوا عَلَيْهِ والقنادر الضراط وَالْفطر الَّذِي لم ينضج بعد من الفطيرويصيح الْوَاحِد إِلَى الآخر بندقه بسرة ويضرط (وَكم بَين الغرابيب ... وَبَين الببغ وَالْقَمَر) (أَلا إِنِّي حلبت الدَّهْر ... من شطر إِلَى شطر) (وَجَبت الأَرْض حَتَّى صرت ... فِي التطواف كالخضر) (وللغربة فِي الْحر ... فعال النَّار فِي التبر) (وَمَا عَيْش الْفَتى إِلَّا ... كَحال الْمَدّ والجزر) (فبعض مِنْهُ للخير ... وَبَعض مِنْهُ للشر) (فَإِن لمت على الغربة مثلي فاسمعن عُذْري) (أمالي أُسْوَة فِي غربتي ... بالسادة الطُّهْر) (هم آل الحواميم ... هم الموفون بِالنذرِ) (هم آل رَسُول الله ... أهل الْفضل وَالْفَخْر) (بكوفان وطي كرابلاكم ... ثمَّ من قبر) (وبغداد وسامرا ... وباخمرى على السكر) (وَفِي طوس مناخ الركب ... فِي شعْبَان فِي الْعشْر) (وسلمان وعمار ... غَرِيب وَأَبُو ذَر) (قُبُور فِي الأقاليم ... كَمثل الأنجم الزهر) (فَإِن أظفر بآمالي ... شفيت غلَّة الصَّدْر) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 (وألممت بأوطان ... قوي النَّهْي وَالْأَمر) (وَقد تخفق فَوق عزة ألوية النَّصْر ... ) (وَإِمَّا تكن الْأُخْرَى ... وَعز جَائِز الْكسر) (فَلَا أَبَت مَعَ السّفر ... غَدَاة أوبة السّفر) (وَلَا عدت مَتى عدت ... بِلَا عز وَلَا وفر) (وحسبي الْقصب المطحون ... فِيهِ ورق السدر) (وأثواب تواريني ... من الْإِيذَاء والأزر) 27 - أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بن بابك شَاعِر شعاره إِحْسَان السبك وإحكام الرصف وإبداع الْوَصْف يشبه كَلَامه مرّة فِي الجزالة والفصاحة كَلَام المفلقين من الشُّعَرَاء الْمُتَقَدِّمين ويناسب تَارَة فِي الرشاقة والملاحة قَول المجيدين من الْمُحدثين والمولدين وَهُوَ الْقَائِل فِي وصف شعره (أزرتك يَا ابْن عباد ثَنَاء ... كَأَن نُسَمِّيه شَرق براح) (ولفظا ناهب الْحلِيّ الغواني ... وَأهْدى السحر للحدق الملاح) // الوافر // وَله فِي استعطاف الصاحب (أَي جرم لواثق بك راجي ... خبطته غوراب الأمواج) (وطني أَنْت والمكارم زادي ... فَلِمَنْ أزْجر القلاص النواجي) (فارع يَا كَافِي الكفاة ثَنَاء ... نفث السحر فِي الْعُيُون السواجي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 (لَو أزرت الحراب ملعب طوقي ... لارتشفن الثَّنَاء من أوداجي) (أَنا مذ حرقت سمومك ظِلِّي ... جَمْرَة فِي شواظك الْوَهَّاج) (لَا تقَابل زيارتي بازورار ... ومجاجا عسلته بأجاج) (لَيْسَ فِي الشَّرْط جنس حظي فَوَقع ... فِي عُيُون الحساد بِالْإِخْرَاجِ) // الْخَفِيف // وَكَانَ أَيَّام الصاحب يشتي بِحَضْرَتِهِ ويصيف بوطنه كَمَا قَالَ من قصيدة جرجانية يتسحب فِيهَا على كرم الصاحب ويقرع بَابا استبطائه ويستأذنه للعود إِلَى بَلَده (أَلا يَا أَيهَا الْملك الرءوف ... إِلَى كم يعْصى بِالنَّفسِ اللهيف) (أأسحب فِي ذراك فضول ذيلي ... ويسحب ذيل نِعْمَتك الضيوف) (فَإِن يملك سواي عنان حظي ... ولي من دونه اللَّفْظ الشريف) (فَكل مطرق مَال وَلَكِن ... تعود بهَا إِلَى الْقيم الصروف) (لواني عَن طَرِيق الْيَأْس أَنِّي ... على ثِقَة بأنك لَا تحيف) (فحز إِرْث الزَّمَان وعش حيمدا ... يناخ ببابك الْهم العكوف) (وحادث بالسراح أَخا اشتياق ... يلاعب ظله جَسَد نحيف) (لَهُ بالريف من جرجان مشتى ... وبالنخلات من غمي مصيف) // الوافر // وقرأت للصاحب فصلا فِي ذكره واستملحته وَهُوَ وَأما ابْن بابك وَكَثْرَة غشيانه بابك فَإِنَّمَا تغشى منَازِل الْكِرَام والمنهل العذب كثير الزحام قَالَ مؤلف الْكتاب وَقد كَانَت تبلغني لمع يسيرَة من شعره فتروقني وتشوقني إِلَى أخواتها حَتَّى استدعى أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان من بَغْدَاد مَجْمُوع شعره كعادته فِي استنساخ الظّرْف واستجلاب الْغرَر وبذل النفائس فِي استحداث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 الْملح فأهدى إِلَيْهِ ابْن بابك مجلدة من شعره بِخَطِّهِ يسحب ذيلها على الرَّوْض الممطور والوشي المنشور واللؤلؤ المنثور فَلم أدر الدفتر أَمْلَح أم الْخط أحسن أم الشكل أصبح أم اللَّفْظ أبرع أم الْمَعْنى أبدع وجمعت يَدي مِنْهَا على الضَّالة المنشودة والغريبة الْمَوْجُودَة فأخرجت مِنْهَا غررا مَا هِيَ إِلَّا أنس الْمُقِيم وَزَاد الْمُسَافِر ومنية الْكَاتِب وتحفة الشَّاعِر كَقَوْلِه فِي وصف الشَّرَاب من قصيدة (عقار عَلَيْهَا من دم الصب نفضة ... وَمن عبرات المستهام فواقع) (معودة غصب الْعُقُول كَأَنَّمَا ... لَهَا عِنْد أَرْبَاب الرِّجَال ودائع) (تحير دمع المزن فِي كأسها كَمَا ... تحيرل كَمَا فِي ورد الخدود المدامع) // الطَّوِيل // وَقَوله من أُخْرَى فِي وصف إضرام النَّار فِي بعض غِيَاض طَرِيقه إِلَى الصاحب (ومقلة فِي مجر الشَّمْس مسحبها ... أرعيتها فِي شباب السذقة الشهبا) (حَتَّى أرتني وَعين النَّجْم فاترة ... وَجه الصَّباح بذيل اللَّيْل منتقبا) (وَلَيْلَة بت أَشْكُو الْهم أَولهَا ... وعدت آخرهَا أستنجد الطربا) (فِي غيضة من غِيَاض الْحزن دانية ... مد الظلام على أرواقها طنبا) (يهدى إِلَيْهَا مجاج الْخمر ساكنها ... فَكلما دب فِيهَا أثمرت لهبا) (حَتَّى إِذا النَّار طاشت فِي ذوائبها ... عَاد الزمرد من عيدانها ذَهَبا) // الْبَسِيط // وَمِنْهَا (مرقت مِنْهَا وثغر الصُّبْح مبتسم ... إِلَى أغر يرى المذخور مَا وهبا) (ذُو غرَّة كجبين الشَّمْس لَو برقتْ ... فِي صفحة اللَّيْل للحرباء لانتصبا) (يَا أغزر النَّاس أنواء ومحتلبا ... وأشرف النَّاس أعراقا ومنتسبا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 (أَصبَحت ذائقة بالوفر مِنْك وَإِن ... قَالَ العواذل ظن رُبمَا كذبا) (إِن المنى ضمنت عَنْك الْغنى فأجب ... فالبحر يمنح فضل الرّيّ من شربا) (فَحسن ظَنِّي قد استوفى مدى أملي ... وَحسن رَأْيك لي لم يبْق لي أربا) وَمن أُخْرَى (حجبت وَمَا حجبت عَن الصَّباح ... وليل الصب ممطول البراح) (وَبَات السقم يكمن فِي عِظَامِي ... كمون الْمَوْت فِي حد الصفاح) // الوافر // وَمِنْهَا (كسوت الْحَمد ذَا عرض مصون ... يمتع فِي حمى مَال مُبَاح) (مزوح اللَّفْظ مجذوع العطايا ... جموح الْعَزْم مَجْنُون السماح) (إِذا استجرت على الْملك العوالي ... هززت أَصمّ موشى لجناح) (يريق على الظبا ريق المنايا ... ويكحل بالردى مقل الرماح) // الوافر // وَقَوله من أُخْرَى يمدح ويعاتب ويستبطىء (أرى الْأَيَّام تسرف فِي عقابي ... وَدون رياضتي شيب الْغُرَاب) (أَلا يَا عَامر الآمال مَالِي ... أَسِير الطّرف فِي أمل خراب) (أفوت مطارح الأمل انتظارا ... وأسرح بَين سقم واغتراب) (أراع وَلَا أراعي والأماني ... لقى بَين اكتئاب وارتياب) (وَكم كسر جبرت فَكَانَ طوقا ... على نحر الدُّعَاء المستجاب) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 وَقَوله من أُخْرَى (لقد نشر النيزوز وشيا على الرِّبَا ... من النُّور لم تظفر بِهِ كف رَاقِم) (كَأَن ابْن عباد سقى المزن نشره ... فجاد برشاش من الوبل ساجم) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى يهنئه بالأضحى (لِيَهنك عيد لَو تناجت سعوده ... لما اقترحت إِلَّا سماءك مطلعا) (فَضَح بِمن ماطلته عدَّة الردى ... فَمَا اكتن صدر السَّيْف إِلَّا ليقطعا) // الطَّوِيل // وَله من قصيدة يذكر خلعة أَمر لَهُ الصاحب بهَا (وخلعة فاجأت بِلَا عدَّة ... من منعم فِي عطائه سرف) (غلت لساني عَن الثَّنَاء فَمَا ... يجْرِي وَلَكِن لشأنها يصف) // المنسرح // وَمن أُخْرَى (أَقبلت فِي شرف اللبَاس فأبلسوا ... نظر البغاث إِلَى انقضاض الْجَارِح) (إشتق من خلع الفخار عِمَامَة ... ورفاء تهزأ بالكئيب البارح) (ومزنر الأردان ناقلني الضنا ... وافتر عَن سمطي شتيت وَاضح) (كالزبرقان تهافتت أنواره ... لَيْلًا بمضطرب الخليج السابح) (ومهلهل النهدين نَازع عطفه ... علم كمنعطف العذار الجامح) (لأنلتني شرف الْمقَام ورعت بِي ... قلب الزَّمَان وصنت وَجه مدائحي) (لله منزلنا الَّتِي من شَأْنهَا ... جر الرماح على السماك الرامح) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 وَمن قصيدة فِي فَخر الدولة (خلقت يقظان مروح الْعَنَان ... موقر الجأش جموح الْجنان) (لَا أظلم الدَّهْر فقد سرني ... وعشت من أحداثه فِي أَمَان) (فَإِن تكن أَيَّام دهري خلت ... فشأن أيامي الْبَوَاقِي وشاني) (لقد تفيأت ظلال الصِّبَا ... وصم عَن طَاعَتي العاذلان) (واستوقفت طرفِي فِي خصور الدمى ... وانتهبت عَقْلِي حُضُور الدنان) (أفتق جلد اللَّيْل عَن ضوئها ... وَالصُّبْح كالنار خلال الدُّخان) (يسْعَى بهَا فِي سقطات الندى ... أغن مَعْقُود حَوَاشِي اللِّسَان) (مروع المقلة طاوي الحشى ... مؤنث الدل مَرِيض البنان) (مقرطق تنفر أذياله ... عَن موجة يجذبها غُصْن بَان) (مزنر يقلق سرباله ... كَأَنَّمَا زر على خيزران) (فِي يَده شَمْطَاء متقولة ... ترفل فِي ملحفتي أرجوان) (إِذا استدارت فرقا صرحت ... عَن شرر وابتسمت عَن جمان) (إِذا طغا لؤلؤه خلته ... طلا على أَرض من الزَّعْفَرَان) (تذكرني أنفاسها سحرة ... وَاللَّيْل وَالصُّبْح طليقا رهان) (نشوة أنفاس الْأَمِير الَّذِي ... أدْرك مَا شَاءَ برغم الزَّمَان) // السَّرِيع // لم يحسن فِي تَشْبِيه طيب رَائِحَة الشَّرَاب بِنَفس الممدوح وَهُوَ ملك مُعظم لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشبه بِنَفس المعشوق وَقد مر مثل هَذَا النَّقْد فِي شعر المتنبي وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول (نسيم أَفعَال الْأَمِير الَّذِي ... أدْرك مَا شَاءَ برغم الزَّمَان) رَجَعَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 (يَا فلك الْأمة در بِالَّذِي ... تهوى فقد دَان لَك المشرفان) (مقبل الرَّاحَة مَا صورت ... كَفاهُ إِلَّا للندى والطعان) (فالحزم والعزم لَهُ عدَّة ... وَالْمَال وَالسيف لَهُ جنتان) (قد رقم النيروز وشي الرِّبَا ... فارقم حَوَاشِي جامك الخسرواني) (واقتبل اللَّذَّات واستدعها ... باللهو والقصف وعزف القيان) (واجتل وَجه الراح فِي رَوْضَة ... تَبَسم عَن مثل وُجُوه الغواني) (وارع رياض الْعِزّ فِي غِبْطَة ... واسكن مدى الْأَيَّام ظلّ التهاني) وَمن أُخْرَى فِي مهرجانية (أيا شاهانشاه صل الْأَمَانِي ... بتجديد البشائر والتهاني) (فقد جرت السُّعُود وَجَاء يَحْدُو ... سبوت الدَّهْر سبت المهرجان) (وَإِن طغت المثالب والمثاني ... فعاتبها بقهقهة القناني) (فقد برد النسيم وَجَاء يسْعَى ... بهَا خصر المراشف والبنان) (فَلَا عدمت يداك سقيط مزن ... يصفق بالرحيق الخسرواني) // الوافر // وَمن أُخْرَى يصف مجْلِس إملاك نثرت فِيهِ الدَّنَانِير (وهز العقد متن الأَرْض حَتَّى ... كَأَن قد أشربت حلب الْعصير) (وَأرْسلت السَّمَاء رشاش تبر ... شتيت الْوَرق كالورق النثير) (لقد أمطرتها ذَهَبا وَلَكِن ... جلوت الشَّمْس فِي يَوْم مطير) (كواكب زرن وَجه الأَرْض حَتَّى ... لقد أذكرتنا عَام الهرير) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 وَمن أُخْرَى (يَا ساقي قضيب الرند رَيَّان ... والبدر ملتحف وَالصُّبْح عُرْيَان) (وللصبا عثرات لَا تقال وَفِي ... سجع الحمائم تَرْجِيع وإرنان) (فغالبا نفثتي بِالرَّاحِ واختلسا ... عَقْلِي فقد نفح النسرين والبان) (واسترجعا لمتي واستنفدا طربي ... قبل الشروق فللأطراب أوطان) (وعرضا بهوى لبني فلي وَلها ... وللزجاجة إِن عرضتما شان) (الْيَأْس وردي إِذا سحب المنى هطلت ... وَالصَّبْر زادي إِذا أهل الْحمى بانوا) (هَا إِن حلبة أَرض الله شوط فَتى ... فِي بسطتي يَده بَطش وإحسان) (لله ثمَّ لشاهنشاه خلفتها ... مَا طل فِي رملات القاع حوذان) (إِن كَانَ للفلك الْعلوِي مرتكض ... فِيهَا فللفلك الأرضي سُلْطَان) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد لما تقلد الوزارة هُوَ وَأَبُو الْعَبَّاس الضَّبِّيّ على سَبِيل الْمُشَاركَة والمشاطرة (برق الثَّنَاء وشق ذَاك القسطل ... وَجرى عنانك والسماك الأعزل) (ورآك للتشريف أَهلا فاجتبى ... بوفائه ملك يَقُول وَيفْعل) (فأعرت شطر الْملك ثوب كَمَاله ... والبدر فِي شطر الْمسَافَة يكمل) // الْكَامِل // أنظر إِلَى حسن وَصفه لوزارته الْمُشْتَركَة وتدبيره نصف المملكة لفخر الدولة وَمن أُخْرَى (ذَنبي إِلَى الدَّهْر أَنِّي مَا خضعت لَهُ ... وَلَا طويت لَهُ ثوبي على درن) (قد كنت أوقف من عنس على طلل ... فصرت أسْرع من عذل على أذن) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 (هَذِه بَقِيَّة نفس فَارَقت وطنا ... وَفرْقَة النَّفس تتلو فرقة الوطن) (نقلت عَن عقر دَار كنت آلفها ... إلْف القرارة صوب الْعَارِض الهتن) (حَتَّى ترنحت فِي أفياء دولتها ... ترنح الظل بَين المَاء والغصن) (فَالْآن قصر باعي وانْتهى طربي ... وشمرت فِي عقابي سطوة الزَّمن) // الْبَسِيط // وَقَوله من أُخْرَى (رب ليل مرقت من فحمتيه ... أَنا والعيس والقنا والبروق) (ورقاد كخفقة النبض يغشى ... مقلة راعها الخيال الطروق) (واستهلت لمصرع اللَّيْل ورق ... ثاكلات حدادها التطويق) (فتضاحكت شامتا وَكَأن الصُّبْح ... جيب على الدجا مشقوق) (سبك الشرق مِنْهُ تبرا مذابا ... لفرند الشعاع فِيهِ بريق) (وتمشت على الرياض النعامى ... وثنى قده الْقَضِيب الرشيق) (فَكَأَن التُّرَاب مسك فريك ... وَكَأن الْأَصِيل صبح فتيق) (لَيْسَ إِلَّا تطرف الْعَيْش حَتَّى ... يتوشى لَك المُرَاد الأنيق) (إِنَّمَا الْعَيْش رنة من حمام ... وسلاف يشجه معشوق) (ومهب من الشمَال عليل ... ووشاح من الرياض أنيق) (وملاء من الشَّبَاب جَدِيد ... ورداء من النسيم رَقِيق) (وجمال من الرذاذ نثير ... فِي مروج ترابهن خلوق) (لَا ترد مشرع الصبابة فاليأس ... رَفِيق إِذا اسْتَقل الْفَرِيق) (شافه الْهم إِن طَغى بحريق ... سَله من زناده الراووق) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 (صفقته يَد كَأَن عَلَيْهَا ... صدفا فِيهِ لُؤْلُؤ وعقيق) // الْخَفِيف // وَله أَيْضا (لم أَرض باليأس ولكنني ... أسوف الخسران بِالرِّبْحِ) (تألفتني خطرات المنى ... تألف المسبار فِي الْجرْح) // السَّرِيع // وَمن أَبْيَات فِي غُلَام يشتكي من قُرُوح بِهِ (يَا أَيهَا الرشأ الموفي على شرف ... مَاذَا دعَاك وَلم أذْنب إِلَى تلفي) (لَا تشكون قروحا آلمتك فقد ... سرقتها من فُؤَادِي الهائم الدنف) (أحب مِنْك وَإِن لج العواذل فِي ... لومي دلال الرِّضَا فِي نخوة الصلف) // الْبَسِيط // وَمن أَبْيَات فِي الإعتذار من ترك التوديع (إِن لم أودعك فَعَن عذرة ... فاثن إِلَيْهَا أذنا واعيه) (قرت بك الْعين فنزهتها ... عَن نظرة لَيْسَ لَهَا ثَانِيه) // السَّرِيع // 28 - أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الشَّاشِي العامري قد كَانَ يَقع التَّعَجُّب من إِخْرَاج الشاش مثل أبي مُحَمَّد المطراني فِي حسن شعره وبراعة كَلَامه فَلَمَّا أخرجت من إِسْمَاعِيل من ألْقى إِلَيْهِ القَوْل الْفَصْل زمامه وَملكه الْمَعْنى البديع عنانه كَانَ كَمَا قيل جرى الْوَادي فطم على الْقرى وَهُوَ أحد الْأَفْرَاد بِحَضْرَة الصاحب وَمِمَّنْ رفعتهم سدته وشرفتهم خدمته وَلَوْلَا أَن الفالج أبْطلهُ الْآن لَكَانَ قد بلغ من التبريز أَعلَى مَكَان وَلكنه بِالريِّ لقى وَفِي طَرِيق الْمنية لقى وَعِنْده بَقِيَّة مِمَّا استفاده فِي أَيَّام الصاحب تتماسك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 مَعهَا حَال معيشته وتنزاح بهَا علل نَفسه وَهَذَا أنموذج من شعره قَالَ فِي الصاحب من قصيدة شَبَّبَ فِيهَا بشكاية الإخوان وَذكر مَرضا عرض للصاحب (سرينا إِلَى الْعليا فَقيل كواكب ... وثرنا إِلَى الْجَلِيّ فَقيل قواضب) (وفاضت لنا فَوق السنين نوافل ... فَمَا شكّ مَحل أَنَّهُنَّ سحائب) (خلقنَا أشداء الْقُلُوب على الْهوى ... فَمَا تزدهينا الآنسات الربائب) (فَمن دأبه منا نحول ودقة ... فمما جنى أحبابنا لَا الحبائب) (أَبيت أنادي الدَّهْر جدلي بِصَاحِب ... وَجل طلاب الدَّهْر مَا أَنا طَالب) (فَمَا جاد لي مِنْهُ بِغَيْر مُجَانب ... وَآخر خير مِنْهُ ذَاك المجانب) (خَلِيل تحامته الأباعد والتوت ... على مهج الأدنين مِنْهُ العقارب) (عقارب لَا يجرحن غير مَوَدَّة ... فهن لحبات الْقُلُوب لواسب) (وَمَا كَانَ ظَنِّي أَن تبين شبيبتي ... وَإِن بَان جيران وشطت أقَارِب) (فمذ راعني شرخ الشَّبَاب بفرقة ... تيقنت أَن لَا يستدام مصاحب) (أخلاي أَمْثَال الْكَوَاكِب كَثْرَة ... وَمَا كل مَا يَرْمِي بِهِ الْأُفق ثاقب) (بلَى كلهم مثل الزَّمَان تلونا ... إِذا سر مِنْهُم جَانب سَاءَ جَانب) (مضى الود والإنصاف والعهد مِنْهُم ... فَمَا بقيت إِلَّا الظنون الكواذب) (وَكنت أرى أَن التجارب عدَّة ... فحانت ثِقَات النَّاس حَتَّى التجارب) (تدرع لإخوان الزَّمَان مفاضة ... وَلَا تلقهم إِلَّا وَأَنت محَارب) (إِذا لم تكن مندوحة من مصاحب ... فسيف ورمح والفلا والركائب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 (فهن إِلَى وَفد الخطوب كتائب ... وَهن إِلَى كَافِي الكفاة صَوَاحِب) (إِلَى ملك مذ أشرقت شمس جوده ... تَبَسم فِي وَجه الرَّجَاء المطالب) (إِلَى من حمى عود الْعلَا فَهُوَ ناضر ... ورد إِلَيْهِ مَاءَهُ وَهُوَ ناضب) (إِلَى من رعى بالجود سرب نعيمه ... فَلَا تتمطى فِي ذراه النوائب) (وكل نعيم لم يعوذ بشاكر ... تفنن فِيهِ للذهاب مَذَاهِب) (لعمري بني عباد الْمجد راسيا ... وَلَكِن لإسماعيل مِنْهُ المناكب) (زُرَارَة لم يحلل بواديه مفخر ... وَلَكِن حوى غر المفاخر جَانب) (وحلت قُرَيْش فِي اليفاع بهاشم ... وَإِن كَانَ سباقا إِلَى الْمجد غَالب) (فَدَيْنَاك يَا كَهْف الْبَريَّة مَا الَّذِي ... أعَار الْمَعَالِي سقمك المتناوب) (عَلَيْهَا من الإشفاق ثوب كآبة ... وخطب يدانيه الضنى مُتَقَارب) (وَفِي كل دَار للأرامل ضجة ... بأدعية ضوضاؤها متجاوب) (وَلَو شِئْت تَأْدِيب اللَّيَالِي فعلته ... فَلم ير مِنْهَا فِي جنابك خارب) (وَلم تقرب الْحمى حماك وَلم يكن ... لسورتها فِي سُورَة الْمجد سارب) (وحوشيت أَن تضري بجسمك عِلّة ... أَلا إِنَّهَا تِلْكَ الغروم الثواقب) (ولاعج تَدْبِير وجائش همة ... سرى مِنْهُمَا بَين الجوانح لاهب) (فَلَا تعذروها أَن رَأَتْ أشرف الورى ... وحلت بِهِ فالحر فِي الشَّمْس ناشب) (لقد كَانَت الْأَيَّام حجب شمسها ... دياجي هموم دجنها متراكب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 (فَلَمَّا انتضاك الْبُرْء عَادَتْ كَأَنَّهَا ... غياهب بَأْس قشعتها مواهب) (نظرت إِلَى دنياك نظرة قَادر ... فَلم يبْق فِيهَا سَائل ومغالب) (سواي فَإِنِّي سَائل أَن تغب لي ... سحائب نعمى كُلهنَّ ربائب) (فَمَا فِي لساني شكر مَا أَنْت منعم ... وَلَا فِي بناني حصر مَا أَنْت واهب) (أنلني بقدري لَا بقدرك إِنَّمَا ... تجود على قدر الأتي المذانب) // الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى (مستوقفي بَين ذل الصد والملل ... لاحظ لي مِنْك إِلَّا لَذَّة الأمل) (أرضي بطيفك بل أرْضى بذكرك أَن ... يُتْلَى وذاكراي مقرونين فِي الْغَزل) (وَلَا ترحلن فَمَا أبقيت من جلدي ... مَا أَسْتَطِيع بِهِ توديع مرتحل) (وَلَا من الغمض مَا أقري الخيال بِهِ ... وَلَا من الدمع مَا أبْكِي على طلل) (نعم لي العزمة لغراء إِن وخدت ... لم تحتفل بوجيف الْخَيل وَالْإِبِل) (تحوي مرادي على رغم العواذل من ... رب الأكاليل لَا من ربة الكلل) (قد زِدْت يَا لَيْلَة التوديع فِي حزني ... وَلم تزل يَا صباح الْوَصْل فِي جذل) (وَأَنت يَا جسدا لج الْقَضَاء بِهِ ... حَتَّى برته يَد الأوجاع والعلل) (كَيفَ احتملت الضنا فِي الظاعنين ضحى ... وَكنت للشوق فيهم غير مُحْتَمل) (عجبت أَنى يحل السقم فِي بدن ... لَو شَاءَ جَازَ الردى سرا من الْأَجَل) (لم يبْق مِنْهُ سوى قلب يقلبه ... فِي مطلب الْعِزّ بَين الْبيض والأسل) (مقسم قلبه فِي كل مرحلة ... شوقا إِلَى الْعِزّ لَا شوقا إِلَى الْغَزل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 (نَفسِي الْفِدَاء إِذا مَا الروع صبحني ... للأعين الخزر لَا للأعين النجل) (لله جسمي فَمَا أبقى حشاشته ... على الْحَوَادِث والأسقام والوجل) (يعدو سقامي على مثل الخيال ضنى ... ويقرع الْخطب مني صفحة الْجَبَل) (وَلَا يرى فِي فِرَاشِي عائدي شبحا ... وَيحمل الدرْع مسلوبا عَن البطل) (أَنا الْمُقِيم وأشعاري على سفر ... كَادَت تؤلف أعلاما على السبل) (سَارَتْ شوارد أَوْصَاف الْوَزير بهَا ... سير الْجنُوب بصوب الْعَارِض الهطل) (يروي القريض وَلما يسم قَائِله ... فَيشْهد الْمجد أَن الْمَدْح فِيهِ ولي) (إِذا سهرت لتحبير المديح لَهُ ... راسلت طبعي وَمن إحسانه رُسُلِي) (مَا بعده لشذور القَوْل مدخر ... فِي مقلة الريم أَعلَى بغية الْكحل) (وَمَا بِهِ حَاجَة فِي الْمَدْح تنظمه ... الشَّمْس تكبر عَن حلي وَعَن حلل) (لكنه ملك هامت عَزَائِمه ... بالجود فَهُوَ يروم الْبَذْل بالحيل) (مَا قَالَ لَا قطّ مذ حلت تمائمه ... بخلا بِهِ فَوَجَدنَا الْجُود فِي الْبُخْل) (أولى الْمُلُوك بتدبير الممالك من ... يُغني ويقني وَلم يُورث وَلم يسل) (وَمن يبيت من الْأَيَّام فِي خجل ... إِن لم يبت والليالي مِنْهُ فِي وَجل) (وَمن يطبق وَجه الأَرْض عسكره ... يَوْم القراع ويلقى الْقرن فِي الْفضل) (وَمن يَقُود الْأسود السود بالوعل ... وَمن يصيد البزاة الشهب بالحجل) (وَمن يهم فَلَا يَغْزُو سوى ملك ... وَلَا يفرق غير الْملك فِي النَّفْل) (يَا راحلا عَنهُ إِن الْبَحْر معترض ... فَمَا ورودك ظمآنا على وشل) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 (لَا تتْرك السَّيْف مشحوذا مضاربه ... وتطلب النَّصْر عِنْد الجفن والخلل) (قد وقر الدَّهْر بِالتَّدْبِيرِ هيبته ... وأرجف الأَرْض بالغارات والغيل) (تجْرِي الْجِيَاد من الْقَتْلَى على جبل ... وَمن دِمَائِهِمْ يرحضن فِي وَحل) (وَمن جماجمهم يصعدن فِي نشز ... وَمن ذوائبهم يقمصن فِي شكل) (تحملت صهوة أُخْرَى شواكلها ... من طول مَا حملت سبيا على الكفل) (قوم إِذا ابتدروا يَوْم الوغى فرقا ... تكَاد تعثر أخراهم على الأول) (قوم أعفاء عَن غير الْعَدو فَلَو ... غزون بالبحر لم يعلقن بالبلل) (إِن التحكم فِي الدُّنْيَا بأجمعها ... لمفرد الرَّأْي أَمر لَيْسَ بالجلل) (يَا من دَعَتْهُ مُلُوك الأَرْض راعيها ... حاشا لما أَنْت راعيه من الْخلَل) (إِن الْمُلُوك على أيامنا مقل ... فاخلق بِرَأْيِك أجفانا على الْمقل) // الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (رَأَيْت على أكوارنا كل ماجد ... يرى كل مَا يبْقى من المَال مغرما) (ندوم أسيافا ونعلو عواليا ... وننقض عقبانا ونطلع أنجما) (إِلَى من يسير الدَّهْر تَحت لوائه ... وتركز أَعْلَام الْعلَا حَيْثُ خيما) // الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِي فَخر الدولة (أما شبا السَّيْف مسلولا على القمم ... فقد حمدنا وَلم نذمم شبا الْقَلَم) (لَا أشتكي الدَّهْر وَالْأَيَّام من حَولي ... أسوسها والخطوب الربد من خدمي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 (فَلَو رماني بعد النّوم ناظرها ... بريبة أطبقت أجفانها قدمي) (فَالْآن أورد ذودي غير محتشم ... وأنزع الغرب ريانا إِلَى الوذم) (وَلَا أؤاخذ أيامي بِمَا صنعت ... فِي نعْمَة الْبُرْء مَا يعْفُو عَن السقم) (فَإِن برتني غواديها فَلَا عجب ... على النُّفُوس جنايات من الهمم) (مَا زلت منغمس الآمال فِي عدم ... أَو فِي وجود يداني رُتْبَة الْعَدَم) (حَتَّى طلعت وَعين السعد ترمقني ... كالصبح منبلجا عَن حالك الظُّلم) (آوي إِلَى ظلّ شاهنشاه من زمني ... كَمَا أَوَى الصَّيْد مذعورا إِلَى الْحرم) (زرت الْمُلُوك لتدنيني إِلَيْهِ كَمَا ... يَبْغِي إِلَى الله زلفى عَابِد الصَّنَم) (خلفتهم وهم خطاب خدمته ... وَمثل مَا بِي من وجد بهَا بهم) (يرَوْنَ بِي حسرات فِي قُلُوبهم ... لكنما ثَمَرَات السَّعْي بالقسم) (وَكم نصحت لمن بَغْدَاد موطنه ... والنصح من أجلب الْأَشْيَاء للتهم) (فَكَانَ ذَا رمد لج الأساة بِهِ ... وَمَا اهتدوا أَن يداووا عينه فَعميَ) (هَل الْقَرَابَة من لم يرع حرمتهَا ... فالسيف أولى بِهِ وصلا من الرَّحِم) (لَهُ تطاع مُلُوك الأَرْض قاطبة ... وللشباب تراعي حُرْمَة الكتم) (حاشا لَهُ أَن أسمي غَيره ملكا ... وَأَن أقرّ بِفضل الباز للرخم) (كل يدل بأشباح يسوسهم ... وَمَا سواهُ رُعَاة البهم لَا البهم) (مَا قَامَ من سوق أهل الْفضل لم يقم ... لَو أَن مَا دَامَ من نعماه لم يدم) (أعْطى فأحيا موَات الْجُود نائله ... فالخصب من فعله والإسم للديم) // الْبَسِيط // وَمِنْهَا فِي ذكر تَطْهِير ابنيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 (أمسست شبليك فِي حق الْهدى ألما ... لَوْلَا الْهدى لسفكنا فِيهِ ألف دم) (جلوت سَيْفا ليرتاح الشجاع لَهُ ... شذبت غصنا لتنمي قامة النسم) // الْبَسِيط // وَله من أُخْرَى (بلوت اللَّيَالِي فَلم يتزن ... بِأَدْنَى الْإِسَاءَة إحسانها) (فَلَا تحمدنها على وَصلهَا ... فَفِي نفس الْوَصْل هجرانها) // المتقارب // وأنشدت لَهُ (تنكب حِدة الْأَحَد ... وَلَا تركن إِلَى أحد) (فَمَا بِالريِّ من أحد ... يؤهل لاسم لَا أحد) // مجزوء الوافر // 29 - أَبُو حَفْص الشَّهْر زوري من ظرفاء الأدباء وَالشعرَاء ولشعره وحولاة وَعَلِيهِ طلاوة وَلَا عيب فِيهِ إِلَّا قلَّة مَا وَقع لي مِنْهُ وَكَانَ فِي بَصَره سوء فَلَمَّا ورد حَضْرَة الصاحب قدمه إِلَيْهِ بعض كِتَابه فجاراه الصاحب فِي مسَائِل لم يحمد أَثَره فِيهِ فَقَالَ لَهُ مداعبا (وَكَاتب جَاءَنَا بأعمى ... لم يحو علما وَلَا نفاذا) (فَقلت للحاضرين كفوا ... فَقلب هَذَا كعين هَذَا) // مخلع الْبَسِيط // ثمَّ استنشده من ملحه فأنشده أبياتا أعجب بهَا فَلَمَّا أنْشدهُ (دَعَوْت على ثغره بالقلح ... وَفِي شعر طرته بالجلح) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 (لَعَلَّ غرامي بِهِ أَن يقل ... فقد بَرحت بِي تِلْكَ الْملح) // المتقارب // قَالَ نسجت على منوال جميل فِي قَوْله (رمى الله فِي عَيْني بثينة بالقذى ... وَفِي الغر نم أنيابها بالقوادح) // الطَّوِيل // وَمَا أَحْسَنت بعض أحسان ابْن المعتز فِي قَوْله (يَا رب إِن لم يكن فِي وَصله طمع ... وَلَيْسَ لي فرج من طول هجرته) (فاشف السقام الَّذِي فِي جفن مقلته ... واستر ملاحة خديه بلحيته) // الْبَسِيط // ثمَّ أنْشدهُ قَوْله (يسْتَوْجب الْعَفو الْفَتى إِذا اعْترف ... بِمَا جناه وانْتهى عَمَّا اقْتَرَف) (لقَوْله قل للَّذين كفرُوا ... {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} ) // الرجز // فَأمر أَن يكتبا فِي سفينة الْملح مَعَ مَا أنْشدهُ إِيَّاه وَمن قَوْله فِي غُلَام مختط (الْآن أحسن مِمَّا كَانَ بستانه ... طابت فواكه فِيهِ وريحانه) (فِيهِ من الْورْد محمر جوانبه ... ونرجس كحلت بالغنج أجفانه) (غطت عناقيد أصداغ مهدلة ... تفاح حسن بِهِ قد زين بستانه) (خَافَ القطاف على بُسْتَان وجنته ... فشكوت حذر السراق حيطانه) // الْبَسِيط // وَقَوله (حكت السَّمَاء ندى ... يَديك فَلم أطق سعيا إِلَيْك) (وحكيتها يَا سَيِّدي ... بالدمع من أسفي عَلَيْك) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 30 - بَنو المنجم قد تقدم ذكر بَعضهم فِي أهل الْعرَاق وَهَذَا مَكَان من يحضرني شعره مِنْهُم وَمَا مِنْهُم إِلَّا أغر نجيب وَلَهُم وراثة قديمَة فِي منادمة الْمُلُوك والرؤساء واختصاص شَدِيد بالصاحب وَفِيهِمْ يَقُول (لبني المنجم فطنة لهبيه ... ومحاسن عجمية عربيه) (مَا زلت أمدحهم وأنشر فَضلهمْ ... حَتَّى اتهمت بِشدَّة العصبيه) // الْكَامِل // وَضرب السلَامِي الْمثل فِي السماع بأحدهم فِي قَوْله لعضد الدولة (عبد رمى يفعا إِلَيْك مقشعا ... فَالْآن قد وَخط المشيب عذاره) (ولطالما أثني عَلَيْك فَظن أَن ... بني المنجم منطق أوتاره) // الْكَامِل // أنشدت لهبة الله بن المنجم (شكى إِلَيْك مَا وجد ... من خانه فِيك الْجلد) (حيران لَو شِئْت اهْتَدَى ... ظمآن لَو شِئْت ورد) (يَا أَيهَا الظبي الَّذِي ... ألحاظه تردي الْأسد) (أما لأسراك فدى ... أما لقتلاك قَود) (الراح فِي إبريقها ... أحسن روح فِي جَسَد) (فهاتها نصلح بهَا ... من الزَّمَان مَا فسد) // مجزوء الرجز // وَلأبي عِيسَى بن المنجم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 (آخ من شِئْت ثمَّ رم مِنْهُ شَيْئا ... تلف من دون مَا تروم الثريا) // الْخَفِيف // وَسمعت أَبَا الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد البستي يَقُول أنشدت لأبي عِيسَى (رغيف أبي عَليّ حل خوفًا ... من الْأَسْنَان ميدان السماك) (إِذا كسروا رغيف أبي عَليّ ... بَكَى يبكي فيهو باكي) // الوافر // فبنيت عَلَيْهِ قولي لبَعض من أطايبه (لنا شيخ بفقحته يواسي ... ويحلق شاربيه بالمواسي) (إِذا بايته فِي جَوف بَيت ... فسا يفسو فسَاء فَهُوَ فاسي) // الوافر // وَلأبي عِيسَى (لوم النديم منغص ... طيب الْمجَالِس والندام) (وسماحة الْحر الْكَرِيم تزيد ... فِي طيب المدام) (فَإِذا شربت الراح فاشربها مَعَ النَّفر الْكِرَام) (وتنكبن مَا اسطعت ... أَخْلَاق اللئام بني اللئام) // مجزوء الْكَامِل // وَلأبي الْفَتْح بن المنجم (كنت أَدْعُو عَلَيْهِ بالشعر حَتَّى ... زَاده الشّعْر فِي الْأَنَام جمالا) (وَإِذا كَانَ هَكَذَا كَانَ خذلاني ... دَقِيقًا وَكَانَ شؤمي جلالا) (وأضر الْأَشْيَاء أَن عذولي ... فِي هَوَاهُ أَشد مني خبالا) // الْخَفِيف // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 وَلأبي مُحَمَّد بن المنجم (إِذا لم تنَلْ همم الأكرمين ... وسعيهم وادعا فاغترب) (فكم دعة أَتعبت أَهلا ... وَكم رَاحَة نتجت من تَعب) // المتقارب // وَلأبي الْحسن بن المنجم (هُوَ الدَّهْر لم تبدع عَليّ صروفه ... وَلم يَأْتِ شَيْئا لم أكن أتخيله) (وَمَا راعني الْمَكْرُوه إِذْ هُوَ عادتي ... لَدَيْهِ وَلَكِن رَاع قلبِي تعجله) (تعجل حَتَّى كَاد آخر فعله ... يَجِيء وَلما يَنْقَطِع بعد أَوله) // الطَّوِيل // وعمى ابْن بابك على أبي الْحسن بن المنجم بَيْتا هُوَ (بكر العواذل فِي الصَّباح ... يلمن من فرط اصطباحي) // مجزوء الْكَامِل // فَأخْرجهُ أَبُو الْحسن وَكتب إِلَيْهِ (بِأبي وَأمي أَنْت من ... خل أعز أخي سماح) (عميت لي بَيْتا وَجَدْتُك ... فِيهِ عفت بكور لاحي) (فنقرته نقرا فطن ... ولاح من كل النواحي) (وَوَجَدته من قَول ... مغرى بالخلاعة والمزاح) (بكر العواذل فِي الصَّباح ... يلمن من فرط اصطباحي) (فانشط وَأبْهم غَيره ... ليجوب ظلمته صباحي) (وَيصِح عنْدك فِي الحجى ... أَن الْمُعَلَّى من قداحي) // مجزوء الْكَامِل // فَأَجَابَهُ ابْن بابك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 (بِأبي محَاسِن زرتني ... وبديعة سلت مزاحي (وخلائق كالنور باح ... بسره نفس الصَّباح) (وخلائق لَو صورت ... سكنت أنابيب الرماح) (كشفت ضباب حَدِيقَتِي ... وأجابها مزن اقتراحي) (فَأَتَت تخايل فِي نظام ... هز أعطاف ارتياحي) // مجزوء الْكَامِل // 31 - أَبُو طَاهِر بن أبي الرّبيع هُوَ عَمْرو بن ثَابت بن سعد بن عَليّ الَّذِي ذكره الصاحب فِي كتاب لَهُ وَقَالَ وَأما قصيدة أبي طَاهِر بن أبي الرّبيع فأسن من الرّبيع وَمن قطيعة الرّبيع وَإِنَّهَا لوثيقة الجزالة أنيقة الْأَصَالَة تنطق عَن أدب مهيد الْأسر شَدِيد الأزر وَله عندنَا أسلاف بر أَرْجُو أَن لَا تبقى فِي ذمتنا حَتَّى نقضيها فوعد الْكَرِيم ألزم من دين الْغَرِيم وَأول قصيدته الَّتِي وصفهَا الصاحب (أما لصاحبي بالعذيب معرج ... على دمن أكنافها تتأرج) (وصهباء بكر يرسب الدّرّ قعرها ... ومطفاه أَعلَى كأسها حِين تمزج) (سَلام على عهد التصابي فإنني ... إِلَى الرُّتْبَة الْعليا بظلك أحْوج) (إِلَيْك ابْن عباد شددنا غروضها ... وضوء النَّهَار فِي دجا اللَّيْل يولج) (وَعبر عَن مَكْنُون مَا فِي ضمائري ... خلوص ولائي وَالثنَاء المدبج) // الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة (سحبت دلادلها على الغبراء ... سحب تثج ودائع الأنواء) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 (وَالشَّمْس تلحظ من خروق حجابها ... مرضى الجفون سقيمة الأضواء) (وكأنما هتك الْحجاب متيم ... عَن غر وَجه الغادة الْحَسْنَاء) (وَكَأن مولي الرياض ضرائر ... تزهى بخضرتها على الخضراء) (قد أبرزت زهراتها وازينت ... وتعطرت وتبرجت للرائي) (والنور منحسر القناع كَمَا بَدَت ... للناظرين محَاسِن الْعَذْرَاء) (والنبت رَيَّان المهزة مائل ... شَرق محاجر زهره بِالْمَاءِ) (مسحت بأجنحة الصِّبَا أعرافه ... وجلت مداوسها متون إضاء) (فترى الظباء إِذا وردن حيالها ... ككواعب قابلتهن مرائي) // الْكَامِل // أَخذه من قَول ابْن المعتز (وَترى الرِّيَاح إِذا مَسَحْنَ غديره ... صفينه ونقين كل قذاة) (مَا إِن يزَال عَلَيْهِ ظَبْي كارع ... كتطلع الْحَسْنَاء فِي الْمرْآة) // الْكَامِل // 32 - أَبُو الْفرج الساوي أشهر كتاب الصاحب بِحسن الْخط مَعَ أَخذه من البلاغة بأوفر الْحَظ وَكَانَ الصاحب يَقُول خطّ أبي الْفرج يبهر الطّرف ويفوت الْوَصْف وَيجمع صِحَة الْأَقْسَام وَيزِيد فِي نخوة الأقلام وَأما شعره فَمن أمثل شعر الْكتاب كَقَوْلِه فِي مرثية فَخر الدولة (هِيَ الدُّنْيَا تَقول بملء فِيهَا ... حذار حذار من بطشي وفتكي) (فَلَا يغرركم حسن ابتسامي ... فَقولِي مضحك وَالْفِعْل مبكي) (بفخر الدولة اعتبروا فَإِنِّي ... أخذت الْملك مِنْهُ بِسيف هلك) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 (وَقد كَانَ استطال على البرايا ... ونظم جمعهم فِي سلك ملك) (فَلَو شمس الضُّحَى جَاءَتْهُ يَوْمًا ... لقَالَ لَهَا عتوا أُفٍّ مِنْك) (وَلَو زهر النُّجُوم أَبَت رِضَاهُ ... تأبى أَن يَقُول رضيت عَنْك) (فأمسى بعد مَا قرع البرايا ... أَسِير الْقَبْر فِي ضيق وضنك) (أقدر أَنه لَو عَاد يَوْمًا ... إِلَى الدُّنْيَا تسربل ثوب نسك) (دعِي يَا نفس فكرك فِي مُلُوك ... مضوا بل لإنقراض ويك فابكي) (فَلَا يُغني هَلَاك اللَّيْث شَيْئا ... عَن الظبي السليب قَمِيص مسك) (هِيَ الدُّنْيَا أشبههَا بشهد ... يسم وجيفة طليت بمسك) (هِيَ الدُّنْيَا كَمثل الطِّفْل بَينا ... يقهقه إِذْ بَكَى من بعد ضحك) (أَلا يَا قَومنَا انتبهوا فَإنَّا ... نحاسب فِي الْقِيَامَة غير شكّ) // الوافر // وأنشدت لَهُ فِي وصف البرغوث (وأصهب فِي قد شونيزة ... أقفز من فَهد على خشف) (يسهرني تخمشه دائبا ... وعبثه يعْمل فِي حتفي) // السَّرِيع // 33 - أَبُو الْفرج بن هندو وَهُوَ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن هندو من أَصْحَاب الصاحب وَمِمَّنْ تخْرجُوا بمجاورته وصحبته فَظهر عَلَيْهِم حسن أثر الدُّخُول فِي خدمته أَنْشدني أَبُو حَفْص عَمْرو بن عَليّ المطوعي قَالَ أَنْشدني أَبُو الْفرج لنَفسِهِ بِالريِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 (لَا يوحشنك من مجد تباعده ... فَإِن للمجد تدريجا وتدريبا) (إِن الْقَنَاة الَّتِي شاهدت رفعتها ... تنمي فتصعد أنبوبا فأنبوبا) // الْبَسِيط // وأنشدني أَيْضا لَهُ (يسر زماني أَن أناط بأَهْله ... وآنف أَن أعزى إِلَيْهِ لجهله) (ويعجبني أَن أخرتني صروفه ... فتأخيرها الْإِنْسَان برهَان فَضله) (فَإنَّا رَأينَا قَائِم السَّيْف كلما ... تقلده الْأَبْطَال قُدَّام نصله) // الطَّوِيل // وَله أَيْضا فِي الْغَزل (تَقول لَو كَانَ عَاشِقًا دنفا ... إِذا بَدَت صفرَة بخديه) (لَا تنكريه فَإِن صفرته ... غطت عَلَيْهَا دِمَاء عَيْنَيْهِ) // المنسرح // وَله (عابوه لما التحى فَقُلْنَا ... عبتم وَغِبْتُمْ عَن الْجمال) (هَذَا غزال وَمَا عَجِيب ... تولد الْمسك فِي الغزال) // مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (كم من ملح على أَذَاهُ ... يسل من فكه حساما) (صب قذى القَوْل فِي صماخي ... فَصَارَ حلمي لَهُ فداما) // مخلع الْبَسِيط // قَالَ مؤلف الْكتاب قد كَانَ اتّفق لي فِي أَيَّام صباي معنى بديع لم أقدر أَنِّي سبقت إِلَيْهِ وَلَا ظَنَنْت أَنِّي شوركت فِيهِ وَهُوَ قولي فِي آخر هَذِه الأبيات الْأَرْبَعَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 (قلبِي وجدا مشتعل ... على الهموم مُشْتَمل) (وَقد كستني فِي الْهوى ... ملابس الصب الْغَزل) (إنسانة فتانة ... بدر الدجى مِنْهَا حجل) (إِذا زنت عَيْني بهَا ... فبالدموع تَغْتَسِل) // مجزوء الرجز // وأنشدني أَبُو حَفْص من قصيدة لأبي الْفرج (يَقُولُونَ لي مَا بَال عَيْنك مذ رَأَتْ ... محَاسِن هَذَا الظبي أدمعها مطل) (فَقلت زنت عَيْني بطلعة وَجهه ... فَكَانَ لَهَا من صوب أدمعها غسل) // الطَّوِيل // فصح عِنْدِي تشارك الخواطر وتواردها فِي الْمعَانِي إِذْ لم يكن مجَال للظن فِي سَرقَة أَحَدنَا من الآخر وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال وَمن غرر صاحبياته قصيدته الَّتِي أَولهَا (لَهَا من ضلوعي أَن يشب وقودها ... وَمن عبراتي أَن تفض عقودها) (بذلت لَهَا الدمع المصون وَإِن غَدَتْ ... تمانعني فِي نظرة أستفيدها) (سَلام عَلَيْهَا حَيْثُ حلت فإنني ... عدمت فُؤَادِي مُنْذُ عز وجودهَا) (وَكم لَيْلَة زارت وَقد لَان أَهلهَا ... وسامح واشيها وَغَابَ حسودها) (فَحلت بتضييق العناق عقودها ... وحلي من در المدامع جيدها) (وَركب أطار وَالنَّوْم عَنْهُم وأججوا ... من الْعَزْم نَارا مستنيرا وقودها) (على كل هوجاء النجَاة كَأَنَّهَا ... تطير فَمَا يُؤْذِي الصخور وخودها) (تؤم بهم بَحر الْفَضَائِل والعلا ... وَلَا سفن إِلَّا رَحلهَا وقتودها) (يجوزون أجواز السباسب باسمه ... فيصفر داجيها ويدرج بِيَدِهَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 (فقد ملكوا العلياء إِذْ عبدُوا السرى ... وَلنْ يملك العلياء إِلَّا عبيدها) (إِلَيْك تحملنا أماني أجدبت ... على ثِقَة أَن النجاح يجودها) // الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي وصف الْجَيْش وَالْحَرب (وشبهاء يثني الشهب كمتا نجيعها ... إِذا قارعت والكمت شهبا كديدها) (تبدت لنا فِي رَوْضَة تنْبت القنا ... بِمَاء الطلى أغوارها ونجودها) (أدارت سقاة الْبيض والسمر بَيْننَا ... كؤوس المنايا حيت غنى حديدها) (شفيت غليل الطير مِنْهَا موسعا ... قراها وهامات الكماة سهودها) (غمائم إيماض السيوف بروقها ... لَدَيْهَا وإرزام الْخُيُول رعودها) (وَلَا غيث إِلَّا أَن يصب على العدا ... بِنَوْء الظبا حمر المنايا وسودها) (يبشرك الينروز بِالْيمن مطلعا ... عَلَيْك نجوما مَا تغيب سعودها) (فدم تدفع الجلى وتفترع الْعلَا ... وتبدأ أَفعَال الندى وتعيدها) (كسونا بك الْأَشْعَار فخرا وزينة ... فخيم بَين الشعريين قصيدها) (وَسَار بهَا الركْبَان فِي كل بَلْدَة ... ولولاك مَا جَزَاء اللهاة نشيدها) وملح أبي الْفرج كَثِيرَة وَلَا يسع هَذَا الْبَاب إِلَّا هَذَا الأنموذج مِنْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 الْبَاب السَّابِع فِي ذكر سَائِر شعراء الْجَبَل والطارئين عَلَيْهِ من الْعرَاق وَغَيرهَا وملح أخبارهم وأشعارهم 34 - أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن فَارس بن زَكَرِيَّا الْمُقِيم كَانَ بهمذان من أَعْيَان الْعلم وأفراد الدَّهْر يجمع إتقان الْعلمَاء وظرف الْكتاب وَالشعرَاء وَهُوَ بِالْجَبَلِ كَابْن لنكك بالعراق وَابْن خالويه بِالشَّام وَابْن العلاف بِفَارِس وَأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ بخراسان وَله كتب بديعة ورسائل مفيدة وأشعار مليحة وتلامذة كَثِيرَة مِنْهُم بديع الزَّمَان وَأَنا أكتب من رِسَالَة لأبي الْحُسَيْن كتبهَا لأبي عَمْرو مُحَمَّد بن سعيد الْكَاتِب فصلا فِي نِهَايَة الملاحة يُنَاسب كتابي هَذَا فِي محَاسِن أهل الْعَصْر ويتضمن أنموذجا من ملح شعراء الْجَبَل وَغَيرهَا من العصريين وظرف أخبارهم كَأبي مُحَمَّد الْقزْوِينِي وَابْن الرياشي والهمذاني الْمُقِيم بشيراز وَابْن الْمَنَاوِيّ وَأبي عبد الله المغسلي المراغي وَغَيرهم ثمَّ أورد مَا وَقع إِلَيّ من ملح أبي الْحُسَيْن إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْفَصْل من الرسَالَة الْمَذْكُورَة ألهمك الله الرشاد وأصحبك السداد وجنبك الْخلاف وحبب إِلَيْك الْإِنْصَاف وَسبب دعائي بِهَذَا لَك إنكارك على أبي الْحسن مُحَمَّد بن عَليّ الْعجلِيّ تأليفه كتابا فِي الحماسة وإعظامك ذَلِك وَلَعَلَّه لَو فعل حَتَّى يُصِيب الْغَرَض الَّذِي يُريدهُ وَيرد المنهل الَّذِي يؤمه لأستدرك من جيد الشّعْر ونقيه ومختاره ورضيه كثيرا مِمَّا فَاتَ الْمُؤلف الأول فَمَاذَا الْإِنْكَار ولمه هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 الإعتراض وَمن ذَا حظر على الْمُتَأَخر مضادة الْمُتَقَدّم ولمه تَأْخُذ بقول من قَالَ مَا ترك الأول للْآخر شَيْئا وَتَدَع قَول الآخر كم ترك الأول للْآخر وَهل الدُّنْيَا إِلَّا أزمان وَلكُل زمَان مِنْهَا رجال وَهل الْعُلُوم بعد الْأُصُول المحفوظة إِلَّا خطرات الأوهام ونتائج الْعُقُول وَمن قصر الْآدَاب على زمَان مَعْلُوم ووقفها على وَقت مَحْدُود ولمه لَا ينظر الآخر مثل مَا نظر الأول حَتَّى يؤلف مثل تأليفه وَيجمع مثل جمعه وَيرى فِي كل ذَلِك مثل رَأْيه وَمَا تَقول لفقهاء زَمَاننَا إِذا نزلت بهم من نَوَادِر الْأَحْكَام نازلة لم تخطر على بَال من كَانَ قبلهم أَو مَا علمت أَن لكل قلب خاطرا وَلكُل خاطر نتيجة ولمه جَازَ أَن يُقَال بعد أبي تَمام مثل شعره وَلم يجز أَن يؤلف مثل تأليفه ولمه حجرت وَاسِعًا وحظرت مُبَاحا وَحرمت حَلَالا وسددت طَرِيقا مسلوكا وَهل حبيب إِلَّا وَاحِد من الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلَيْهِم مَا عَلَيْهِم وَلم جَازَ أَن يُعَارض الْفُقَهَاء فِي مؤلفاتهم وَأهل النَّحْو فِي مصنفاتهم والنظار فِي موضوعاتهم وأرباب الصناعات فِي جَمِيع صناعاتهم وَلم يجز مُعَارضَة أبي تَمام فِي كتاب شَذَّ عَنهُ فِي الْأَبْوَاب الَّتِي شرعها فِيهِ أَمر لَا يدْرك وَلَا يدْرِي قدره وَلَو اقْتصر النَّاس على كتب القدماء لضاع علم كثير ولذهب أدب غزير ولضلت أفهام ثاقبة ولكلت ألسن لسنة وَلما توشى أحد الخطابة وَلَا سلك شعبًا من شعاب البلاغة ولمجت الأسماع كل مردد مُكَرر وللفظت مقلوب كل مرجع ممضغ وحتام لَا يسأم (لَو كنت من زمَان لم تستبح إبلي ... ) وَإِلَى مَتى (صفحنا عَن بني ذهل ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 ولمه أنْكرت على الْعجلِيّ مَعْرُوفا وَاعْتَرَفت لِحَمْزَة بن الْحُسَيْن مَا أنكرهُ على أبي تَمام فِي زَعمه أَن فِي كِتَابه تكريرا تصحيفا وإيطاء وإقواء ونقلا لأبيات عَن أَبْوَابهَا إِلَى أَبْوَاب لَا تلِيق بهَا وَلَا تصلح لَهَا إِلَى مَا سوى ذَلِك من رِوَايَات مدخولة وَأُمُور عليلة ولمه رضيت لنا بِغَيْر الرضى وهلا حسبت على إثارة مَا غيبته الدهور وتجديد مَا أخلقته الْأَيَّام وَتَدْوِين مَا نتجته خواطر هَذَا الدَّهْر وأفكار هَذَا الْعَصْر على أَن ذَلِك لَو رامه رائم لأتعبه وَلَو فعله لقرأت مَا لم ينحط عَن دَرَجَة من قبله من جد يروعك وهزل يروقك واستنباط يُعْجِبك ومزاح يُلْهِيك وَكَانَ يقزوين رجل مَعْرُوف بِأبي مُحَمَّد الضَّرِير الْقزْوِينِي حضر طَعَاما وَإِلَى جنبه رجل أكول فأحس أَبُو حَامِد بجودة أكله فَقَالَ (وَصَاحب لي بَطْنه كالهاويه ... كَأَن فِي أمعائه مُعَاوِيه) // الرجز // فَانْظُر إِلَى وجازة هَذَا اللَّفْظ وجودة وُقُوع الأمعاء إِلَى جنب مُعَاوِيَة وَهل ضرّ ذَلِك أَن لم يقلهُ حَمَّاد عجرد وَأَبُو الشمقمق وَهل فِي إِثْبَات ذَلِك عَار على مثبته أَو فِي تدوينه وَصمت على مدونيه وبقزوين رجل يعرف بِابْن الرياشي الْقزْوِينِي نظر إِلَى حَاكم من حكامها من أهل طبرستان مُقبلا عَلَيْهِ عِمَامَة سَوْدَاء وطيلسان أَزْرَق وقميص شَدِيد الْبيَاض وخفه أَحْمَر وَهُوَ مَعَ ذَلِك كُله قصير على برذون أبلق هزيل الْخلق طَوِيل الْحلق فَقَالَ حِين نظر إِلَيْهِ (وحاكم جَاءَ على أبلق ... كعقعق جَاءَ على لقلق) // السَّرِيع // فَلَو شاهدت هَذَا الْحَاكِم على فرسه لشهدت للشاعر بِصِحَّة التَّشْبِيه وجودة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 التَّمْثِيل ولعلمت أَنه لم يقصر عَن قَول بشار (كَأَن مثار النَّقْع فَوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه) // الطَّوِيل // فَمَا تَقول لهَذَا وَهل يحسن ظلمه فِي إِنْكَار إحسانه وجحود تجويده وأنشدني الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْفضل لرجل بشيراز يعرف بالهمذاني وَهُوَ الْيَوْم حَيّ يرْزق وَقد عَابَ بعض كتابها على حُضُوره طَعَاما مرض مِنْهُ (وفيت الردى وصروف الْعِلَل ... وَلَا عرفت قدماك الزلل) (شكا الْمَرَض الْمجد لما مَرضت ... فَلَمَّا نهضت سليما أبل) (لَك الذَّنب لَا عتب إِلَّا عَلَيْك ... لماذا أكلت طَعَام السّفل) (طَعَام يُسَوِّي ببتع النَّبِيذ ... وَيصْلح من حذر ذَاك الْعَمَل) // المتقارب // وأنشدني لَهُ فِي شَاعِر هُوَ الْيَوْم هُنَاكَ يعرف بِابْن عَمْرو الْأَسدي وَقد رَأَيْته فَرَأَيْت صفة وَافَقت الْمَوْصُوف (وأصفر الليون أَزْرَق الحدقه ... فِي كل مَا يَدعِيهِ غير ثقه) (كَأَنَّهُ مَالك الحزين إِذا ... هم برزق وَقد لوى عُنُقه) (إِن قُمْت فِي هجوه بقافية ... فَكل شعر أقوله صدقه) // المنسرح // وأنشدني عبد الله بن شَاذان الْقَارِي ليوسف بن حمويه من أهل قزوين وَيعرف بِابْن المنادى (إِذا مَا جِئْت أَحْمد مستميحا ... فَلَا يغررك منظره الأنيق) (لَهُ لطف وَلَيْسَ لَدَيْهِ عرف ... كبارقة تروق وَلَا تريق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 (فَمَا يخْشَى الْعَدو لَهُ وعيدا ... كَمَا بالوعد لَا يَثِق الصّديق) // الوافر // وليوسف محَاسِن كَثِيرَة وَهُوَ الْقَائِل ولعلك سَمِعت بِهِ (حج مثلي زِيَارَة الْخمار ... واتقنائي الْعقار شرب الْعقار) (ووقاري إِذا توقر ذُو الشيبة ... وسط الندى ترك الْوَقار) (مَا أُبَالِي إِذا المدامة دَامَت ... عذل ناه وَلَا شناعة جاري) (رب ليل كَأَنَّهُ فرع ليلِي ... مَا بِهِ كَوْكَب يلوح لساري) (قد طويناه فَوق خشف كحيل ... أحور الطّرف فاتر سحار) (وعكفنا على المدامة فِيهِ ... فَرَأَيْنَا النَّهَار فِي الظّهْر جاري) // الْخَفِيف // وَهِي مليحة كَمَا ترى وَفِي ذكرهَا كلهَا تَطْوِيل والإيجاز أمثل وَمَا أحسبك ترى بتدوين هَذَا وَمَا أشبهه بَأْسا ومدح رجل بعض أُمَرَاء الْبَصْرَة ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك وَقد رأى توانيا فِي أمره قصيدة يَقُول فِيهَا كَأَنَّهُ يُجيب سَائِلًا (جودت شعرك فِي الْأَمِير فَكيف أَمرك قلت فاتر ... ) // مجزوء الْكَامِل // فَكيف تَقول لهَذَا وَمن أَي وَجه تَأتي فتظلمه وَبِأَيِّ شَيْء تعانده فتدفعه عَن الإيجاز وَالدّلَالَة على المُرَاد بأقصر لفظ وأوجز كَلَام وَأَنت الَّذِي أنشدتني (سد الطَّرِيق على الزَّمَان ... وَقَامَ فِي وَجه القطوب) // مجزوء الْكَامِل // كَمَا أنشدتني لبَعض شعراء الْموصل (فديتك مَا شبت عَن كبرة ... وهذي سني وَهَذَا الْحساب) (وَلَكِن هجرت فَحل المشيب ... وَلَو قد وصلت لعاد الشَّبَاب) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 فَلم لم تخاصم هذَيْن الرجلَيْن فِي مزاحمتهما فحولة الشُّعَرَاء وشياطين الْإِنْس ومردة الْعَالم فِي الشّعْر وأنشدني عبد الله المغلسي المراغي لنَفسِهِ (غَدَاة تولت عيسهم فترحلوا ... بَكَيْت على ترحالهم فعميت) (فَلَا مقلتي أدَّت حُقُوق ودادهم ... وَلَا أَنا عَن عَيْني بِذَاكَ رضيت) // الطَّوِيل // وأنشدني أَحْمد بن بنْدَار لهَذَا الَّذِي قدمت ذكره وَهُوَ الْيَوْم حَتَّى يرْزق (زارني فِي الدجى فنهم عَلَيْهِ ... طيب أردانه لَدَى الرقباء) (والثريا كَأَنَّهَا كف خود ... أبرزت من غلالة زرقاء) // الْخَفِيف // وَسمعت أَبَا الْحُسَيْن السرُوجِي يَقُول كَانَ عندنَا طَبِيب يُسمى النُّعْمَان ويكنى أَبَا الْمُنْذر فَقَالَ فِيهِ صديق لي (أَقُول لنعمان وَقد سَاق طبه ... نفوسا إِلَى بَاطِن الأَرْض) (أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا ... حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض) // الطَّوِيل // وَهَذِه ملح من شعر أبي الْحُسَيْن بن فَارس مِنْهَا قَوْله فِي الشكوى (سقى همذان الْغَيْث لست بقائل ... سوى ذَا وَفِي الأحشاء نَار تضرم) (وَمَا لي لَا أصفي الدُّعَاء لبلدة ... أفدت بهَا نِسْيَان مَا كنت أعلم) (نسيت الَّذِي أحسنته غير أنني ... مَدين وَمَا فِي جَوف بَيْتِي دِرْهَم) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 وَله (وَقَالُوا كَيفَ حالك قلت خير ... تقضى حَاجَة وتفوت حَاج) (إِذا ازدحمت هموم الصَّدْر قُلْنَا ... عَسى يَوْمًا يكون لَهَا انفراج) (نديمي هرتي وأنيس نَفسِي ... دفاتر لي ومعشوقي الشَّرَاب) // الوافر // وَقَوله (كل يَوْم لي من ... سلمى عتاب وسباب) (وبأدنى مَا أُلَاقِي ... مِنْهُمَا يودي الشَّبَاب) // مجزوء الرمل // وَقَوله (يَا لَيْت لي ألف دِينَار موجهة ... وَأَن حظي مِنْهَا فلس إفلاس) (قَالُوا فَمَا لَك مِنْهَا قلت يخدمني ... لَهَا وَمن أجلهَا الحمقى من النَّاس) // الْبَسِيط // وَقَوله (مرت بِنَا هيفاء مقدودة ... تركية تنمي إِلَيّ التّرْك) (ترنو بِطرف فاتر فاتن ... أَضْعَف من حجَّة نحوي) // السَّرِيع // وَقَوله (قَالُوا لي اختر فَقلت ذَا هيف ... بِي عَن وصال وصده برح) (بدر مليح القوام معتدل ... قَفاهُ وَجه وَوَجهه ربح) // المنسرح // وَقَوله (اسْمَع مقَالَة نَاصح ... جمع النَّصِيحَة والمقه) (إياك وَاحْذَرْ أَن تبيت من الثِّقَات على ثقه ... ) // مجزوء الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 وَقَوله (إِذا كَانَ يُؤْذِيك حر المُصَنّف ... وكرب الخريف وَبرد الشتا) (ويلهيك حسن زمَان الرّبيع ... فأخذك للْعلم قل لي مَتى) // المتقارب // وَقَوله (وَصَاحب لي أَتَانِي يستشير وَقد ... أدَار فِي جنبات الأَرْض مضطربا) (قلت اطلب أَي شَيْء شِئْت وَاسع ورد ... عِنْد الْمَوَارِد إِلَّا الْعلم والأدبا) // الْبَسِيط // وَقَوله (إِذا كنت فِي حَاجَة مُرْسلا ... وَأَنت بهَا كلف مغرم) (فَأرْسل حكيما وَلَا توصه ... وَذَاكَ الْحَكِيم هُوَ الدِّرْهَم) // المتقارب // وَقَوله (عتبت عَلَيْهِ حِين سَاءَ صَنِيعه ... وآليت لَا أمسيت طوع يَدَيْهِ) (فَلَمَّا خبرت النَّاس خبر مجرب ... وَلم أر خيرا مِنْهُ عدت إِلَيْهِ) // الطَّوِيل // أَخذه من قَول الْقَائِل (عتبت على سلم فَلَمَّا هجرته ... وجربت أَقْوَامًا رجعت إِلَى سلم) // الطَّوِيل // وَقَوله (تلبس لِبَاس الرِّضَا بالقضا ... وخل الْأُمُور لمن يملك) (تقدر أَنْت وجاري الْقَضَاء ... مِمَّا تقدره يضْحك) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 35 - براكويه الزنجاني الْمَعْرُوف بالثلول كل مَا سَمِعت من شعره ملح وظرف ونكت لَا يسْقط مِنْهَا بَيت أَنْشدني بديع الزَّمَان لَهُ (مضى الْعُمر الَّذِي لَا يستعاد ... وَلما يقْض من ليلى مُرَاد) (بليت وَذكرهَا عِنْدِي جَدِيد ... وشاب الرَّأْس واسود الْفُؤَاد) (توَاصى للرحيل بنوا أَبِيهَا ... فَقلت لغير رَأْيكُمْ السداد) // الوافر // وأنشدني أَبُو نصر المغلسي قَالَ أَنْشدني براكويه لنَفسِهِ فِي غُلَامه يُوسُف (مضى يُوسُف عَنَّا بتسعين درهما ... وَعَاد وَثلث المَال فِي كف يُوسُف) (وَكَيف يُرْجَى بعد هَذَا صَلَاحه ... وَقد ضَاعَ ثلثا مَاله فِي التَّصَرُّف) // الطَّوِيل // وأنشدني غَيره لَهُ (وأهيف نَالَتْ الْأَيَّام مِنْهُ ... غَدَاة أظل عَارضه السوَاد) (تعرض لي وَمرض مقلتيه ... فَمَا وريت لَهُ عِنْدِي زناد) (وَقلت ارْجع وَرَاءَك وابغ نورا ... أجئت الْآن إِذْ ظهر الْفساد) (فغيرك من يصيد بمقلتيه ... وغنجهما وغيري من يصاد) // الوافر // وَقَوله (اقْسمْ زَمَانك بَين الْورْد والآس ... واطلب سرورك بَين الْكيس والكاس) (وَاجعَل طبيبك ذَا وَاجعَل أنيسك ذَا ... واخطب إِلَى النَّاس ود النَّاس بالياس) (وَقد مضى النَّاس فَانْظُر مَا الَّذِي صَنَعُوا ... وَلَا تكن لرسوم النَّاس بالناسي) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 وَقَوله (خرجت مُبَارَكًا من بَاب دَاري ... أحاول حَاجَة فَإِذا زُهَيْر) (فَلم أثن الْعَنَان وَقلت أمضي ... فوجهك يَا زُهَيْر خرا وَخير) // الوافر // وَقَوله (هَلُمَّ إِلَيْنَا يَا أَخا الْفضل والحجى ... فَإِن لدينا من صنوف الأطايب) (أطايب لَهو من سرُور وَلَذَّة ... وَمن طَيّبَات الرزق قدر لطَالب) (مطيبة بكر بِخَاتم نارها ... وخطابها يأْتونَ من كل جَانب) (وَأَنت لَهَا أولاهم بافتضاضها ... فحي عَلَيْهَا الْآن يَا خير صَاحب) // الطَّوِيل // 36 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن مَأْمُون الْأَبْهَرِيّ أَنْشدني عون بن الْحُسَيْن الهمذاني قَالَ أَنْشدني ابْن مَأْمُون الْأَبْهَرِيّ لنَفسِهِ (أَلا يعجب النَّاس مِمَّا دَعَوْت ... يَا للأنام لفقد الْكَرم) (تيممت أَحْمد فِي حَاجَة ... فقابلني بحجاب أَصمّ) (وَإِن الْفَتى لحقيق بِأَن ... يهان إِذا خف مِنْهُ الْقدَم) (ومستخبر كنه مَا بَيْننَا ... من الْحَال قلت أَخ وَابْن عَم) (كِلَانَا إِلَى منسب نعتزي ... وتجمعنا آصرات الرَّحِم) (وَلَكِن لَهُ الْفضل فِي أَنه ... يصول بقرن وَأَنِّي أجم) // المتقارب // وأنشدني أَيْضا لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 (خليلي مَاذَا أرتجي من غَد امرىء ... طوى الكشح عني الْيَوْم وَهُوَ مكين) (وَإِن امْرَءًا قد ضن عَنْك بمنطق ... يسد بِهِ فقر امرىء لضنين) // الطَّوِيل // وَله (مَا كل من جدد الزَّمَان لَهُ ... إلفا تناسى حَبِيبه الأول) (إِن كنت يَا سَيِّدي وَيَا أملي ... شغلت عني فعنك لم أشغل) (حَسبك أَنِّي من طول هجرك لَا ... أَدْرِي نهاري أم لَيْلَتي أطول) // المنسرح // وَله (مَتى ترغب إِلَى النَّاس ... تكن للنَّاس مَمْلُوكا) (وَإِن أَنْت تخففت ... على النَّاس أحبوكا) (وَإِن ثقلت عافوك ... وملوك وسبوكا) (إِذا مَا شِئْت أَن تَعْصِي ... فَمر من لَيْسَ يرجوكا) (وسل من لَيْسَ يخشاك ... فيدمي عِنْدهَا فوكا) // الهزج // 37 - أَبُو عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد الضبيعي من بعض كور الْجَبَل يَقُول فِي وصف مجمرة ومدخنة (ومنحوتة من جنس قَلْبك قسوة ... برزت بهَا فِي مثل قدك لينًا) (حوت جَمْرَة فِي لون خدك حمرَة ... وَفِي حر أحشائي هوى وحنينا) (يذكرنِي مَا فاح من عرف ندها ... شهورا مَضَت فِي وصلنا وسنينا) // الطَّوِيل // وَله فِي وصف المجمرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 (ومبرقة وَالْبر تنوي وَمَا نَوَت ... جفاي وَلَا إبراقها بعقوق) (لَهَا قسطل فِي كل نَاد تثيره ... على كل خل مخلص وصديق) (أَتَت حَامِلا شمسا توقد فِي دجا ... وَأَبْنَاء حام فِي برود عقيق) (كَأَن دُخان الند من فَوق جمرها ... بقايا ضباب فِي رياض شَقِيق) // الطَّوِيل // وَله (وَلما عدتني عَنهُ بادرة النَّوَى ... أَبى الْقلب مني أَن يسير مَعَ الركب) (فسرت وَقد خلفت قلبِي عِنْده ... فيا من رأى شخصا يسير بِلَا قلب) // الطَّوِيل // وَله فِي غُلَام تركي (أضيغم أم غزال ذَاك أم بشر ... شمس تزيت بزِي التّرْك أم قمر) (لقد تحير وصفي فِي حَقِيقَته ... كَمَا تحير فِي أجفانه الْحور) // الْبَسِيط // وَله (أَنا مَمْلُوك لمملوك ... وللدهر صروف) (أَيهَا السَّائِل عَن مولَايَ ... مولَايَ وصيف) (يَا غزالا لحظ عَيْنَيْهِ ... منايا وحتوف) (مَا الَّذِي ورد خديك ... ربيع أم خريف) // مجزوء الرمل // 38 - أَبُو الْحُسَيْن عَليّ بن الْحُسَيْن الحسني الهمذاني من علية العلوية ومحاسن الحسنية وَكَانَ الصاحب صاهره بكريمته الَّتِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 هِيَ واحدته فرزق مِنْهَا عباد بن عَليّ الَّذِي تقدم ذكره وَلما قَالَ الصاحب قصيدته المعراة من الْألف الَّتِي هِيَ أَكثر الْحُرُوف دُخُولا فِي المنظوم والمنثور وأولها (قد ظلّ يجرح صَدْرِي ... من لَيْسَ يعدوه فكري) // المجتث // وَهِي فِي مدح أهل الْبَيْت تبلغ سبعين بَيْتا تعجب النَّاس مِنْهَا وتداولتها الروَاة (فسرت مسير الشَّمْس فِي كل بَلْدَة ... وهبت هبوب الرّيح فِي الْبر وَالْبَحْر) // الطَّوِيل // فاستمر الصاحب على تِلْكَ المطية وَعمل قصائد كل وَاحِدَة خَالِيَة من حرف من حُرُوف الهجاء وَبقيت عَلَيْهِ وَاحِدَة تكون معراة من الْوَاو فانبرى أَبُو الْحُسَيْن لعملها وَقَالَ قصيدة فريدة لَيْسَ فِيهَا وَاو ومدح الصاحب فِي عرضهَا أَولهَا (برق ذكرت بِهِ الحبائب ... لما بدا فالدمع ساكب) (أمدامعي منهلة ... هاتيك أم غزر السحائب) (نثرت لآلي أدمع ... لم يفترعها كف ثاقب) (يَا لَيْلَة قد بتها ... بمضاجع فِيهَا عقارب) (لما سرت ليلى تخب لنآيها عَنَّا الركائب) (جعلت قسي سهامها ... إِن ناضلته عقد حَاجِب) (لم يخط سهم أَرْسلتهُ إِن سهم اللخط صائب) (تسقيك ريقا سكره ... إِن قسته للخمر غَالب) (كم قد تشكى خصرها ... من ضعفه ثقل الحقائب) (كم أخجلت بضفائر ... أبدت لنا ظلم الغياهب) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 (إخجال كف الصاحب القرم ... المرجى للسحائب) (ملك تلألأ من معاقد ... عزه شرف المناصب) (نشأت سحائب رفده ... فِي الْخلق تمطر بالرغائب) (خُذْهَا إِلَيْك فإنني ... نقحتها من كل عائب) (ألفيت مَا لاقيت من ... إلقائه إِحْدَى المصاعب) (حرفا يُعلل كل حرف ... حل من لفظ الْمُخَاطب) (هاذاك ترب الْهَاء إِن ... لم أبده فالنهج لاحب) (لَكِن لم تِمْثَال قَاف ... خطه فِي السطر كَاتب) (أَنِّي اغترفت خليجها ... من بحرك العذب المشارب) (فانعم بِملك دائبا ... مَا حج بَيت الله رَاكب) // مجزوء الْكَامِل // وَله فِي دَار بعض الْمُلُوك (دَار علت دَار الْمُلُوك بهمة ... كعلو صَاحبهَا على الْأَمْلَاك) (فَكَأَنَّهَا من حسنها وبهائها ... بنيت قواعدها على الأفلاك) // الْكَامِل // 39 - أَبُو سعد عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف الهمذاني أحد أَفْرَاد الزَّمَان الَّذين ملكو الْقُلُوب بفضلهم وعمروا الصُّدُور بودهم يرجع إِلَى أدب غزير وَفضل كثير وَيَقُول شعرًا بارعا كَأَنَّمَا أوحى بالتوفيق إِلَى صَدره وَحبس الصَّوَاب بَين طبعه وفكره وَكَانَ الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي جَازَ بِهِ عِنْد مُنْصَرفه من الْحَج فخذمه أَبُو سعد بِنَفسِهِ ونظمه ونثره وانعقدت بَينهمَا معاقدة المشالكة وصدافة الْمُنَاسبَة وَلما أنْشدهُ الْأَمِير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 أبياتا لأبي الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد البستي مشابهة القوافي قَالَ أَبُو سعد أبياتا فِيهِ على سَبِيل أبي الْفَتْح فِيهَا نهج وعَلى منواله نسج فَمِنْهَا قَوْله (مَا سر مولَايَ نَبِي الْهدى ... بِوَحْي جِبْرِيل وميكال) (إِلَّا قَرِيبا من سروري بِمَا ... رزقت من ود ابْن ميكال) (لَكِن نَوَاه قد أطاشت دمي ... فَالله فِيهِ لدمي كالي) // السَّرِيع // وَقَوله (أبي الْفضل أَن يحظى بِهِ غير أَهله ... من النَّاس فاختص الْأَمِير أَبَا الْفضل) (وَإِنِّي وَإِن أَصبَحت حرا فإنني ... عبيد عبيد الله ذِي الْمَنّ وَالْفضل) (هَل الْفضل إِلَّا مَا حوته خلاله ... وَمَا بعده فضل يعد من الْفضل) // الطَّوِيل // وَمِمَّا وَقع إِلَيّ بعد ذَلِك من غرر شعره الَّتِي رَضِي فِيهَا عَن طبعه قَوْله (أصرح بالشكوى وَلَا أتأول ... إِذا أَنْت لم تجمل فَلم أَتَجَمَّل) (أَفِي كل يَوْم من هَوَاك تحامل ... عَليّ ومني كل يَوْم تحمل) (وَإِنِّي على مَا كَانَ مِنْك لصابر ... وَإِن كَانَ من أدناه يذبل يذبل) (وَمَا أَدعِي أَنِّي جليد وَإِنَّمَا ... هِيَ النَّفس مَا حملتها تتحمل) // الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو حَفْص عمر بن عَليّ لَهُ (زَاد غرامي لَهَا ... فطر غمام سكبا) (فعاقني عَن قصدكم ... كَمَا تعوق الرقبا) (وَكَانَ عهدي قبل ذَا ... بِالْمَاءِ يطفي اللهبا) (فَكيف قد فَارق لي ... طباعه وانقلبا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 (وَهَكَذَا الدَّهْر يرى ... فِي كل يَوْم عجبا) // مجزوء الرجز // 40 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن أبي الْقَاسِم القاشاني شَاعِر حسن الشّعْر كثير الْملح والنكت أَنْشدني غير وَاحِد لَهُ (عَيْني مذ شطت الديار بكم ... تحكي سَمَاء والدمع أنجمها) (كَأَن فِي وجنتي أبالسة ... تسْتَرق السّمع وَهِي ترجمها) // المنسرح // وأنشدني أَبُو مَنْصُور اللجيمي الدينَوَرِي قَالَ أَنْشدني أَبُو عَليّ لنَفسِهِ فِي الْعِنَب (نهاني عذولي بل لحاني إِذْ رأى ... ولوعي بالأعناب أَكثر قضمها) (فَقلت لَهُ الصَّهْبَاء كَانَت عشيقتي ... فقد ألزمتني رقة الْحَال صرمها) (فعللت بالأعناب نَفسِي كمنعظ ... نأت عرسه عَنهُ فواقع أمهَا) // الطَّوِيل // وأنشدني ايضا قَالَ أَنْشدني أَيْضا لنَفسِهِ (يَا لَيْلَة جمعتني والمدام وَمن ... أهواه فِي رَوْضَة تحكي الْجنان لنا) (لأشكرنك مَا ناحت مطوقة ... على الغصون كَمَا طوقتني مننا) // الْبَسِيط // وأنشدني غَيره لأبي عَليّ (أَلَيْسَ عجيبا أَن جسمي ناحل ... نحول خلال بل نحول هِلَال) (وأحمل ثقلا فِي الْهوى لَا تقله ... متون جمال بل متون جبال) // الطَّوِيل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 وأنشدني أَبُو حَفْص عمر بن عَليّ قَالَ أنشدت بِالريِّ لأبي عَليّ (قل للَّذي يظْهر التبرم بِي ... وبالرقاع الَّتِي أسطرها) (حَاجَة مثل إِلَيْك عارفة ... عنْدك بِاللَّه لست تشكرها) // المنسرح // 41 - أَبُو الْقَاسِم عمر بن عبد الله الهرندي أَنْشدني الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي لَهُ (الرّيح تحسدني عَلَيْك ... وَلم أخلها فِي العدا) (لما هَمَمْت بقبلة ... ردَّتْ على الْوَجْه الردا) // مجزوء الْكَامِل // وأنشدني لَهُ (وَقَالُوا أَي شَيْء مِنْهُ أحلى ... فَقلت المقلتان المقلتان) (نعم والطرتان هما اللَّتَان ... على عمر الهرندي فتنتان) // الوافر // وأنشدني هرون بن جَعْفَر الصَّيْمَرِيّ قَالَ أَنْشدني عمر الهرندي لنَفسِهِ (لَا أحب المدام إِلَّا العتيقا ... وَيكون المزاج من فِيك ريقا) (إِن بَين الضلوع مني نَارا ... تتلظى فَكيف لي أَن أطيقا) (بحياتي عَلَيْك يَا من سقاني ... أرحيقا سقيتني أم حريقا) // الْخَفِيف // وعَلى ذكر الْحَرِيق والرحيق فقد قَالَ بعض أهل نيسابور (وعقار عَيْش من عاقرها ... عَيْش رَشِيق) (فَهِيَ للأنس نظام ... وَإِلَى اللَّهْو طَرِيق) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 (وَهِي للأرواح ... فِي أبداننا نعم الصّديق) (قلت لما لَاحَ لي ... مِنْهَا شُعَاع وبريق) (أشقيق أم عقيق ... أم رحيق أم حريق) // مجزوء الرمل // وأنشدت لَهُ فِي ذمّ المتصوفة (تَبًّا لقَوْل جعلُوا ... دينا لدُنْيَا مأكله) (تستروا بِأَنَّهُم ... صوفية محنبله) (وَمَا يُسَاوِي نسكهم ... قمامة من مزبله) (إتخذوا شباكهم ... إحفاءهم للأسبله) // مجزوء الرجز // وَله من قصيدة فِي أبي الْفَتْح بشر بن عَليّ (رُؤْيَاك فِي أَمْرِي روية حَازِم ... ذِي حنكة فَأَقُول قولا مبرما) (إِن تقصني أمسيت مُضْغَة ضيغم ... أَو تدنني أصحبت ذَاك الضيغما) // الْكَامِل // وَله فِيهِ من قصيدة وَقد كبت بِهِ دَابَّته فِي نهر عميق فَهَلَكت وَسلم أَبُو الْفَتْح (بنحس أعاديك دَار الْفلك ... وَمَا دَار يَوْمًا بِسَعْد فلك) (وَإِن هم دهر بِمَا لَا أَقُول ... فنفسي الفدا وَعلي الدَّرك) (بقيت جوادا فَلَا تحزنن ... لفقد الْجواد الَّذِي قد هلك) (فَإِن أذْنب الدَّهْر فِي أَخذه ... فَخير من الطّرف مَا قد ترك) // المتقارب // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 42 - أَبُو عبد الله المغلسي المراغي قد تقدم لَهُ ذكر فِي الْفَصْل من رِسَالَة أبي الْحُسَيْن بن فَارس وَهُوَ الْقَائِل فِي محك الذَّهَب (ومشتمل من صبغة اللَّيْل بردة ... يفوف طورا بالنضار ويطلس) (إِذا سَأَلُوهُ عَن عويص ومشكل ... أجَاب بِمَا أعيا الورى وَهُوَ أخرس) // الطَّوِيل // وَله فِي اللِّوَاء (ومرتفع للناظرين محَارب ... ترى رَأسه فِي بسطة الباع مائلا) (حكى ثملا أصغى إِلَى الْبَين فاغتدى ... يشق عَن الأذيال مِنْهُ الغلائلا) // الطَّوِيل // وَأَخْبرنِي أَبُو الْحُسَيْن النَّحْوِيّ أَن لَهُ فِي الْأَوْصَاف وَمَا يجْرِي مجْرى العويص شَيْئا كثيرا وَإِذا وَقع إِلَيّ مِنْهُ مَا يصلح للإلحاق بِهَذَا الْفَصْل ألحقته إِن شَاءَ الله تَعَالَى 43 - القَاضِي أَبُو بكر الأسي من أهل الرّيّ بلغتني لَهُ أَبْيَات يسيرَة فِي نِهَايَة خفَّة الرّوح كَقَوْلِه (يَا غزالا هُوَ لِلْحسنِ ... مقرّ ومحط) (لم تكن أَنْت بِهَذَا ... الْحسن والبهجة قطّ) (مذ بدا فِي عاج خديك ... من العنبر خطّ) // مجزوء الرمل // وَقَوله (وزائر زار خَائفًا رصدا ... لم أرج مِنْهُ زِيَارَة أبدا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 (لَو جَازَ أَن يعبد امْرُؤ أحدا ... من دون رب الورى إِذا عبدا) (قُمْت لإكرامه فباس يَدي ... أكْرم بهَا فِي الْهوى عَليّ يدا) (يَا قبْلَة أَصبَحت لَهَا شفتي ... تَمُوت من غيظ راحتي كمدا) // المنسرح // فصل فِي ذكر نفر من الطارئين على بِلَاد الْجَبَل 44 - أَبُو عبد الله البطحاوي قَالَ (يَا حمامي وحميمي ... وغرامي وغريمي) (وَسَقِيم الود والعهد ... لذِي جسم سقيم) (لم يزل ذكرك مذ ... فَارَقت نَدْمَانِي نديمي) (وَجهك الزَّاهِر لي روض ... ورياك نسيمي) (غير أَنِّي أشتكي مِنْك ... إِلَى غير رَحِيم) (معرض عَن وَجه إقبالي ... خلي عَن همومي) // مجزوء الرمل // 45 - ابْن حَمَّاد الْبَصْرِيّ قَالَ (إِن كَانَ لابد من أهل وَمن وَطن ... فَحَيْثُ آمن من ألْقى ويأمنني) (يَا ليتي مُنكر من كنت أعرفهُ ... فلست أخْشَى إِذا من لَيْسَ يعرفنِي) (لَا أشتكي زمني هَذَا فاظلمه ... وَإِنَّمَا أشتكي من أهل ذَا الزَّمن) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 (قد كَانَ لي كنز صَبر فافتقرت إِلَى ... إِلَى إِنْفَاقه فِي مزاراتي لَهُم وقني) (وَقد سَمِعت أفانين الحَدِيث فَهَل ... سَمِعت قطّ بَحر غير ممتحن) // الْبَسِيط // 46 - شمسويه الْبَصْرِيّ قَالَ فِي غُلَام يَبِيع الفراني (قلت للقلب مَا دهاك أجبني ... قَالَ لي بَائِع الفراني فراني) (ناظراه فِيمَا جنى ناظراه ... أَو دَعَاني أمت بِمَا أَو دَعَاني) // الْخَفِيف // 47 - أَبُو الْفضل النَّهر عاسي قَالَ (لَوْلَا تعاليل النُّفُوس وَأَنَّهَا ... مخدوعة مَا سرها مَحْبُوب) (خَابَ امْرُؤ مَحْض النَّصِيحَة نَفسه ... كل يشوب لنَفسِهِ ويروب) // الْكَامِل // 48 - أَحْمد بن بنْدَار قَالَ (وَقَالُوا يعود المَاء فِي النَّهر بعد مَا ... عفت مِنْهُ آثَار وجفت مشارعه) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 (فَقلت إِلَيّ أَن يرجع المَاء عَائِدًا ... ويعشب شطاه تَمُوت ضفادعه) // الطَّوِيل // 49 - أَبُو عبد الله الروزباري قَالَ فِي وصف الثَّلج (مَا لإبن هم سوى شرب ابْنة الْعِنَب ... فهاتها فهوة فراجة الكرب) (أدهق كؤوسك مِنْهَا واسقني طَربا ... على الغيوم فقد جاءتك بالطرب) (أما ترى الأَرْض قد شابت مفارقها ... بِمَا نثرن عَلَيْهَا وَهِي لم تشب) (نثار غيث حكى لون الجمان لنا ... فَاشْرَبْ على منظر مستحسن عجب) (جاد الْغَمَام بدمع كاللجين جرى ... فجد لنا بِالَّتِي فِي اللَّوْن كالذهب) // الْبَسِيط // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 الْبَاب الثَّامِن فِي ذكر من هم شَرط الْكتاب من أهل فَارس والأهواز سوى من تقدم ذكرهم فِي سَاكِني الْعرَاق كَعبد الْعَزِيز بن يُوسُف وَأبي أَحْمد الشِّيرَازِيّ وَسوى من يتَأَخَّر ذكرهم فِي الطارئين على خُرَاسَان كَأبي إِسْحَاق المتصفح كَانَ ببخارى وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن النَّحْوِيّ الْمُقِيم الْآن بإسفرائين من نيسابور وَأبي الْحُسَيْن الْأَهْوَازِي صَاحب كتاب القلائد والفرائد الْمُقِيم كَانَ بالصغانيات 50 - أَبُو بكر هبة الله بن الْحُسَيْن الشِّيرَازِيّ الْمَعْرُوف بِابْن العلاف كَانَ بِفَارِس للأدب مجمعا وللشعر مفزعا مَعَ التَّصَرُّف فِي مدارج الْأَحْكَام والمعرفة بشعب الْحَلَال وَالْحرَام وَالْقَبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام خنق التسعين وَلم تبيض لَهُ شَعْرَة وَهُوَ الْقَائِل فِي التبرم بشبابه من قصيدة (إلام وفيم يظلمني شَبَابِي ... ويلبس لمتي حلل الْغُرَاب) (وآمل شَعْرَة بَيْضَاء تبدو ... بَدو الْبَدْر من خلل السَّحَاب) (وأدعى الشَّيْخ ممتلئا شبَابًا ... كذي ظمأ يُعلل بِالسَّرَابِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 (فيا هلكي هُنَا لَك من مشيبي ... وَيَا خجلي هُنَا لَك واكتئابي) (أَلا يَا خاضب الشيب الْمَعْنى ... أعنيفي الشَّبَاب على الخضاب) (فكافور المشيب أجل عِنْدِي ... وَفِي فودي من مسك الشَّبَاب) (وَأَيْنَ من الصَّباح ظلام ليل ... وَأَيْنَ من الربَاب دجى ضباب) (أَلا من يَشْتَرِي مني شبَابًا ... بشيب واسودادا باشهباب) // الوافر // وَمِمَّا يستحسن من شعره فِي عضد الدولة قَوْله (يَا علم الْعَالم فِي الْجُود ... مثلك جودا غير مَوْجُود) (بيضت من وَجه الندى بالندى ... مَا اسود فِي أَيَّامه السود) (كم لَك فِي كسبك للحمد من ... سعي على الْأَيَّام مَحْمُود) (بَين مُطِيع لَك أصفدته ... وَبَين عَاص لَك مصفود) (بك اسْتَوَى الْجُود على خدمَة ... كَمَا اسْتَوَى الْفلك على الجودي) (كم مورد مِنْك ندى أَو ردى ... بَين الرِّضَا والسخط مورود) (وسؤدد مِنْك بعز الْعلَا ... يَا عضد الدولة معضود) (والدهر طوع لَك فِي كل مَا ... تحده من كل مَحْدُود) (وكل جَار لَك من جوره ... فِي ظلّ أَمن بك مَمْدُود) (فعش وَعِيد سالما آمنا ... مَا عَاد لطف المَاء فِي الْعود) (واسعد يَد الدَّهْر بِمَا شِئْت من ... ملك لأبنائك موطود) // السَّرِيع // وَمِمَّا يستجاد من شعره قَوْله فِي الْغَزل (خداك للخنس السَّبع الْعلَا فلك ... ومقلتاك لشراد الْهوى شرك) // السَّرِيع // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 (وفيك نفع وضر يجريان كَمَا ... يجْرِي بِمَا يحتوي فِي وَسعه الْفلك) فالضر أجمع مَخْصُوص بِهِ بدني ... والنفع بيني وَبَين النَّاس مُشْتَرك) // الْبَسِيط // وَقَوله (أبعد دنو الدَّار من داركم أجفى ... فَلَا غلَّة تشفي وَلَا لوعة تطفى) (وَكنت إِذا سلسلت فِي كأس ذِي هوى ... من الرِّيق السلسال فِي كأسه أصفى) (فَفِيمَ يخون الْعَهْد من صنت عَهده ... ويمزجني من كَانَ يشربني صرفا) // الطَّوِيل // وَقَوله فِي الزّهْد (مَا عذر من جر غاويا رسنة ... مَا عذره بعد أَرْبَعِينَ سنه) (أكلما طَالَتْ الْحَيَاة بِهِ ... أَطَالَ عَن أَخذ حذره رسنه) (قل لي إِذا مت كَيفَ تتنقص من ... سَيِّئَة أَو تزيد فِي حسنه) // المنسرح // 51 - أَبُو بكر بن شوذبة الْفَارِسِي وجدت فِي سفينة بِخَط الشَّيْخ الرئيس أبي مُحَمَّد عبد الله بن إِسْمَعِيل الميكالي لأبي بكر بن شوذبة الْفَارِسِي (إِذا لم يكن مِمَّن يؤوب هَدِيَّة ... فَلَا لَقيته بالسعادة دَاره) (وَإِن يهد أقلاما ونقسا وكاغدا ... فَلَا قر يَوْمًا بالْمقَام قراره) (وَإِن يهد بردا أَو رِدَاء محبرا ... فَلَا زَالَ عَنَّا ظله وجواره) // الطَّوِيل // وَله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 (يَا ضماني على الرّبيع وشرطي ... طَال شوقي فَمَا ترى فِي التلاقي) (استزرني بحرمتي أَو فزرني ... إِن هَذَا الرّبيع لَيْسَ بباق) (آفَة الْبَدْر مَا علمت كسوف ... وكسوف الْمُحب يَوْم الْفِرَاق) // الْخَفِيف // وَله (أنعم بِيَوْم المهرجان فَإِنَّهُ ... يَوْم أَتَاك بِهِ الزَّمَان جَدِيد) (وَمضى المصيف وحره وعجاجه ... وأتى الخريف وَوَقته الْمَحْمُود) (إِن كَانَ هَذَا الْيَوْم عيدا للورى ... فبقاء عمرك كل يَوْم عيد) (والراح طيبَة إِذا مَا عللت ... بِسَمَاع أهيف فِي يَدَيْهِ عود) // الْكَامِل // وَله (أكل من كَانَ لَهُ نعْمَة ... أوسع من نعْمَة إخوانه) (أم كل من كَانَت لَهُ كسرة ... يبذلها فِي بعض أحيانه) (أم كل من كَانَ لَهُ جوسق ... مشرف شيد بأركانه) (يرى بهَا مستكبرا تائها ... على أدانيه وخلانه) // السَّرِيع // 52 - أَحْمد بن الْفضل الشِّيرَازِيّ كَانَ يهوى فَتى من أَوْلَاد الْأَغْنِيَاء المترفين بشيراز فَقَالَ فِيهِ (وَمن البلية والعظائم أنني ... علقت وَاحِد أمه وَأَبِيهِ) (فهما ذَوا حذر عَلَيْهِ تراهما ... يتلقطان كَلَامه من فِيهِ) (قد دللاه وأورثاه رعونة ... من نخوة مُشْتَقَّة من تيه) // الْكَامِل // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 53 - الْمَعْرُوف المنبسط الشِّيرَازِيّ سَمِعت أَبَا نصر سهل بن الْمَرْزُبَان يَقُول أضَاف المنبسط بعض إخوانه ثمَّ خرج وخلاه فِي منزله فَكتب إِلَيْهِ (يَا خَالِي الجيب من عقل وَمن أدب ... وَإِن تحليت من خَال وَمن نسب) (تَرَكتنِي وَمَعِي فِي الْبَيْت وَاحِدَة ... وَأَنت تعلم مَا يجْرِي بِهِ لقبي) // الْبَسِيط // 54 - أَبُو رَجَاء أَحْمد بن عَفْو الله الْكَاتِب الشِّيرَازِيّ قَالَ (غضِبت من قبْلَة بالكره جدت بهَا ... فها فمي لَك فاقتصيه أضعافا) (لم يَأْمر الله إِلَّا بِالْقصاصِ فَلَا ... تستجوري مَا يرَاهُ الله إنصافا) // الْبَسِيط // 55 - أَبُو عبد الله الخوزي قَالَ (ويل لمن عدله القَاضِي ... وَالله عَنهُ لَيْسَ بالراضي) (تمْضِي القضايا بشهاداته ... وَهُوَ إِلَى النَّار غَدا مَاض) // السَّرِيع // 56 - أَبُو الْحسن بن أبي سهل الأرجاني قَالَ (مدحت ابْن كُلْثُوم صهر الْوَصِيّ ... فأنزلني بِالْمحل القصي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 (فأطعمه الله سلح الْخصي ... وكلل يَافُوخه بِالْعِصِيِّ) // المتقارب // 57 - أَبُو عَليّ بن غيلَان السيرافي قَالَ (قد كنت ألتمس الشَّرَاب ... فقد بدا لي فِي الشَّرَاب) (وأهمني خبز الشّعير وَلم يكن ذَا فِي حسابي ... ) // مجزوء الْكَامِل // 58 - ابْن خَلاد القَاضِي الرامَهُرْمُزِي هُوَ أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن خَلاد من أَنْيَاب الْكَلَام وفرسان الْأَدَب وأعيان الْفضل وأفراد الدَّهْر وَجُمْلَة الْقُضَاة الموسومين بمداخلة الوزراء والرؤساء وَكَانَ مُخْتَصًّا بِابْن العميد تجمعهما كلمة الْأَدَب ولحمة الْعلم وتجري بَينهمَا مكاتبات بالنثر وَالنّظم كَمَا تقدم ذكر صدر مِنْهُمَا وَهَكَذَا كَانَت حَاله مَعَ المهلبي الْوَزير وَهُوَ الْكَاتِب إِلَيْهِ لما استوزر (الْآن حِين تعاطى الْقوس باريها ... وَأبْصر السمت فِي الظلماء ساريها) (الْآن عَاد إِلَى الدُّنْيَا مهلبها ... سيف الوزارة بل مِصْبَاح داجيها) (تضحي الوزارة تزهى فِي مواكبها ... زهو الرياض إِذا جَاءَت غواديها) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 (تاهت علينا بميمون نقيبته ... قلت لمقداره الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) (معز دولتها هنئتها فَلَقَد ... أيدتها بوثيق من رواسيها) // الْبَسِيط // فَأَجَابَهُ المهلبي بِهَذِهِ الأبيات (مواهب الله عِنْدِي مَا يدانيها ... سعي ومجهود وسعي لَا يوازيها) (وَالله أسأَل تَوْفِيقًا لطاعته ... حَتَّى يُوَافق فعلي أمره فِيهَا) (وَقد أَتَتْنِي أَبْيَات مهذبة ... ظريفة جزلة رقت حواشيها) (ضمنتها حسن إبداع وتهنئة ... أَنْت المهنا بباديها وتاليها) (فثق بنيل المنى فِي كل منزلَة ... أَصبَحت تعمرها مني وتبنيها) (فَأَنت أول موثوق بنيته ... وَأقرب النَّاس من حَال ترجيها) // الْبَسِيط // وَمن ملح ابْن خَلاد قَوْله فِي نَفسه (قل لإبن خَلاد إِذا جِئْته ... مُسْتَندا فِي الْمَسْجِد الْجَامِع) (هَذَا زمَان لَيْسَ يحظى بِهِ ... حَدثنَا الْأَعْمَش عَن نَافِع) // السَّرِيع // وَقَوله وَقد طُولِبَ بالخراج (يَا أَيهَا المكثر فِينَا الزمجره ... ناموسه دفتره والمحبره) (قد أبطل الدِّيوَان كتب السحره ... والجامعين وَكتاب الجمهره) (هَيْهَات لن يعبر تِلْكَ القنطره ... نَحْو الْكسَائي وَشعر عنتره) (ودغفل وَابْن لِسَان الحمره ... لَيْسَ سوى المنقوشة المدوره) // الرجز // وَقَوله (غناء قَلِيل مَالك وَمُحَمّد ... إِذا اخْتلفت سمر القنا فِي المعارك) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 (تجمل بِمَال واغد غير مذمم ... بمشراط حجام ومنوال حائك) // الطَّوِيل // وَمَا يتَغَنَّى بِهِ من شعره قَوْله فِي غُلَام من أَبنَاء الديلم (يَا من لصب قلق ... بَات يُرَاعِي الفلكا) (جَار بِهِ مسلط ... يجور فِيمَن ملكا) (يهزأ من عاشقه ... يضْحك مِنْهُ إِن بَكَى) (مر بِنَا يخْطر فِي ... سريحَة دللكا) (كشادن ريع من الصياد أبدى شركا ... ) (فَقلت يَا أحسن من ... تبصر عَيْني من لكا) (فَقَالَ لي بغنة ... إِلَيْك لَا أجرحكا) (تَبًّا لقاض يَبْتَغِي ... من الْمعاصِي دركا) (فَقلت وَالله الَّذِي ... صيرني عبدا لكا) (مَا إِن أردْت رِيبَة ... وَلم أرد سوءا بكا) (وَأَنت فِي قَوْلك ذَا ... آثم مِمَّن أشركا) // مجزوء الرجز // وَقَوله من قصيدة فِي عضد الدولة أبي شُجَاع رَحمَه الله تَعَالَى (جَادَتْ عراصك مزنة يَا دَار ... وكساك بعد قطينك النوار) (فلكم أرقت بعقوتيك صبَابَة ... مَاء المدامع والجوانج نَار) (وَلَقَد أديل من الْجَهَالَة وَالصبَا ... زمن على زنة الْعُقُول عيار) // الْكَامِل // وَمِنْهَا فِي الْمَدْح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 (كرّ الْفِرَار بيمنه وسعوده ... فعلت بِهِ لِذَوي الحجى أقدار) (عمرت من الْأَدَب الفقيد دياره ... ودنا من الْكَرم الْبعيد مَزَار) (وَالْفِقْه وَالنَّظَر الْمُعظم شَأْنه ... ظهرا وناضل عَنْهُمَا أنصار) (عَادَتْ إِلَى الدُّنْيَا بنوها واغتدت ... تبني القوافي يعرب ونزار) (وسمت إِلَى فصل الْخطاب وَأَهله ... والقائلين بفضله أبصار) (آب الْحصين وعنتر ومهلهل ... والأعشيان وَأَقْبل المرار) (والنابغان وجرول ومرقش ... وَكثير ومزرد وَضِرَار) (وسما جرير والفرزدق وَالَّذِي ... يعزى الصَّلِيب إِلَيْهِ والزنار) (وَغدا حبيب والوليد وَمُسلم ... وَالْآخرُونَ يقودهم بشار) (وأتى الْخَلِيل وسيبويه وَمعمر ... والأصمعي وَلم يغب عمار) (نشرت بفنا خسروا أَرْبَابهَا ... كالأرض نَاشِرَة لَهَا الأمطار) (أَحْيَا الْأَمِير أَبُو شُجَاع ذكرهم ... فنما القريض وَعَاشَتْ الْأَشْعَار) وَلما توفّي ابْن خَلاد رثاه صديق لَهُ بقصيدة فِي نِهَايَة الْحسن أَولهَا (همم النُّفُوس قصارهن هموم ... وسرور أَبنَاء الزَّمَان غموم) (ومصير ذِي الأمل الطَّوِيل وَإِن حوى ... أقْصَى المنى حتف عَلَيْهِ يحوم) (وسعادة الْإِنْسَان على استحلائها ... مر وَعقد وفائها مَذْمُوم) (وسنيحها برح وخصب ربيعها ... جَدب وناصع عيشها مَسْمُوم) (لَا سعدها يبْقى وَلَا لأواؤها ... يفنى وَلَا فِيهَا النَّعيم مُقيم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 (محسودها مرحومها ورئيسها ... مرءوسها ووجودها مَعْدُوم) (وبقاؤها سَبَب الفناء ووعدها ... إبعادها وودادها مصروم) (أما الصَّحِيح فَإِنَّهُ من خوف مَا ... يعتاده من سقمه لسقيم) (وسليمها طي السَّلامَة دائبا ... يرنو إِلَى الْآفَات وَهُوَ سليم) (وغنيها حذر الْحَوَادِث والردى ... فِي ظلّ أكناف الْيَسَار عديم) (سيان فِي حكم الْحمام وريبه ... عِنْد الناهي جَاهِل وَعَلِيم) (أودي ابْن خَلاد قريع زَمَانه ... بَحر الْعُلُوم وروضها المرهوم) (لَو كَانَ يعرف فَضله صرف الردى ... لانحاز عَنهُ ونابه مثلوم) (عظمت فَوَائِد علمه فِي دهره ... فمصابه فِي الْعَالمين عَظِيم) (إقليم بابل لم يكن إِلَّا بِهِ ... فاليوم لَيْسَ لبابل إقليم) (أَنى اهْتَدَى ريب الْمنون لسَائِر ... فَوق النُّجُوم مَحَله المرسوم) (ظلم الزَّمَان فبز عَنهُ كَمَاله ... وَمن الْعَجَائِب ظَالِم مظلوم) (لَا تعجبن من الزَّمَان وغدره ... فَحَدِيث غدرات الزَّمَان قديم) (لَو كَانَ ينجو ماجد لتقية ... نجى ابْن خَلاد التقى والخيم) (لكنه أَمر الْإِلَه وَحكمه ... وقضاؤه فِي خلقه المحتوم) (روض فِي الْآدَاب غض زهره ... ركد الهجير عَلَيْهِ فَهُوَ هشيم) (وحديقة لما تزل ثمراتها ... تحف الْمُلُوك أصابهن سموم) (شمامة الوزراء حُلْو حَدِيثه ... تحف لَهُم دون النديم نديم) (رَيْحَانَة الْكتاب من أَلْفَاظه ... يتَعَلَّم المنثور والمنظوم) (أما العزاء فَمَا يحل بساحتي ... وَالصَّبْر عَنْك كَمَا علمت ذميم) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 (وَإِذا أردْت تسليا فكأنني ... فِيمَا أدرت من السلو مليم) (فَعَلَيْك مَا غنى الْحمام تَحِيَّة ... وَمَعَ التَّحِيَّة نَضرة ونعيم) // الْكَامِل // 59 - مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز السُّوسِي أحد شياطين الْإِنْس يَقُول قصيدة تربى على أَرْبَعمِائَة بَيت فِي وصف حَاله وتنقله فِي الْأَدْيَان والمذاهب والصناعات أَولهَا (الْحَمد لله لَيْسَ لي بخت ... وَلَا ثِيَاب يضمها تخت) (سيان بَيْتِي لمن تَأمله ... والمهمه الصحصان وَالْمَوْت) (أمنت فِي بَيْتِي اللُّصُوص فَمَا ... للص فِيهِ فَوق وَلَا تَحت) (فمنزلي مطبق بِلَا حرس ... صفر من الصفر حَيْثُمَا درت) (إبريقي الْكوز إِن غسلت يَدي ... والطين سعدي وداري الطست) (وعاجل الشيب حِين صيرني ... فرزدقي المشيب إِذا شبت) (سلكت فِي مَسْلَك التصوف ... تنميسا فَكل للذبول قصرت) (سويت سجادة بِيَوْم وأحفيت ... سبالا قد كنت طولت) (وَفِي مقَام الْخَلِيل قُمْت كَمَا ... قَامَ لِأَنِّي بِهِ تبركت) (وَقلت إين أَحرمت من بلدي ... وَفِي حرامي إِن كنت أَحرمت) (ثمَّ كتبت العطوف حَتَّى بتدبيري ... بَين الرُّءُوس ألفت) (حَتَّى إِذا رمت عطف بعل على ... عرس عكست المنى وَطلقت) (حرفي منقى من التُّرَاب فكم ... ذُريَّته مرّة وغربلت) (يَا لَيْت شعري مَالِي حرمت وَلَا ... أعطي من إِن رَأَيْته اغتظت) (بل لَيْت شعري لما بدا يقسم ... الأرزاق فِي أَي مطبق كنت) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 (وَالْحَمْد لله قَاسم الرزق فِي الْخلق ... كَمَا اخْتَار لَا كَمَا اخْتَرْت) // المنسرح // 60 - أَبُو مُحَمَّد السُّوسِي قَالَ (باكر عَليّ ببكر ... حَمْرَاء من كف بكر) (وأحي بالقفص قصفي ... وأفن فِي الْعُمر عمري) (روح براحك روحي ... وحز بسكري شكري) (فساعة لم أعشها ... فِي القصف تقصف ظَهْري) // المجتث // 61 - أَبُو الْحسن بن غَسَّان سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَارِسِي النَّحْوِيّ يَقُول ورد أَبُو الْحسن بن غَسَّان الْبَصْرِيّ الشَّاعِر الطَّبِيب على أبي مُضر عَامل الأهواز فِي جملَة شعراء امتدحوه وَمرض فِي أثْنَاء ذَلِك فعالجه أَبُو الْحسن حَتَّى برىء من مَرضه وَكتب للشعراء وَلأبي الْحسن خُطُوطًا بصلات فَأخر ترويجها فَكتب إِلَيْهِ (هَب الشُّعَرَاء تعطيهم رِقَاعًا ... مزورة كلَاما من كَلَام) (فَلم صلَة الطَّبِيب تكون زورا ... وَقد أهْدى الشِّفَاء من السقام) // الوافر // الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 قد تمت بِحَمْد الله تَعَالَى وَحسن توفيقه مُرَاجعَة الْجُزْء الثَّالِث من كتاب يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن أهل الْعَصْر لأبي مَنْصُور عبد الْملك بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الثعالبي النَّيْسَابُورِي ويليه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْجُزْء الرَّابِع مفتتحا بِالْبَابِ التَّاسِع فِي ذكر من هم شَرط الْكتاب من أهل جرجان وطبرستان نسْأَل الله جلت قدرته أَن يعين على إكماله بمنه وفضله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 الْبَاب التَّاسِع ذكر من هم شَرط الْكتاب من أهل جرجان وطبرستان 1 - القَاضِي أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز حَسَنَة جرجان وفرد الزَّمَان ونادرة الْفلك وإنسان حدقة الْعلم ودرة تَاج الْأَدَب وَفَارِس عَسْكَر الشّعْر يجمع خطّ ابْن مقلة إِلَى نثر الجاحظ ونظم البحتري وينظم عقد الإتقان وَالْإِحْسَان فِي كل مَا يتعاطاه وَله يَقُول الصاحب (إِذا نَحن سلمنَا لَك الْعلم كُله ... فدع هَذِه الْأَلْفَاظ ننظم شذورها) // من الطَّوِيل // وَكَانَ فِي صباه خلف الْخضر فِي قطع عرض الأَرْض وتدويخ بِلَاد الْعرَاق وَالشَّام وَغَيرهَا واقتبس من أَنْوَاع الْعُلُوم والآداب مَا صَار بِهِ فِي الْعُلُوم علما وَفِي الْكَلَام عَالما ثمَّ عرج على حَضْرَة الصاحب وَألقى بهَا عَصا الْمُسَافِر فَاشْتَدَّ اخْتِصَاصه بِهِ وَحل مِنْهُ محلا بَعيدا فِي رفعته قَرِيبا فِي أسرته وسير فِيهِ قصائد أخلصت على قصد وفرائد أَتَت من فَرد وَمَا مِنْهَا إِلَّا صوب الْعقل وذوب الْفضل وتقلد قَضَاء جرجان من يَده ثمَّ تصرفت بِهِ أَحْوَال فِي حَيَاة الصاحب وَبعد وَفَاته بَين الْولَايَة والعطلة وأفضى مَحَله إِلَى قَضَاء الْقُضَاة فَلم يعزله عَنهُ إِلَّا مَوته رَحمَه الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 وَعرض عَليّ أَبُو نصر المصعبي كتابا للصاحب بِخَطِّهِ إِلَى حسام الدولة أبي الْعَبَّاس تاش الْحَاجِب فِي معنى القَاضِي أبي الْحسن وَهَذِه نسخته بعد الصَّدْر والتشبيب قد تقدم وصفي للْقَاضِي أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز أدام الله تَعَالَى عزه فِيمَا سبق إِلَى حَضْرَة الْأَمِير الْجَلِيل صَاحب الْجَيْش أدام الله تَعَالَى علوه من كتبي مَا أعلم أَنِّي لم أؤد فِيهِ بعض الْحق وَإِن كنت دللته على جملَة تنطق بِلِسَان الْفضل وَتكشف عَن أَنه من أَفْرَاد الدَّهْر فِي كل قسم من أَقسَام الْأَدَب وَالْعلم فَأَما موقعه مني فالموقع تخطبه هَذِه المحاسن وتوجبه هَذِه المناقب وعادته معي أَن لَا يفارقني مُقيما وظاعنا ومسافرا وقاطنا وَاحْتَاجَ الْآن إِلَى مطالعة جرجان بعد أَن شرطت عَلَيْهِ تصيير الْمقَام كالإلمام فطالبني مكاتبتي بتعريف الْأَمِير مصدره ومورده فَإِن عَن لَهُ مَا يحْتَاج إِلَى عرضه وجد من شرف إسعافه مَا هُوَ الْمُعْتَاد ليستعجل انكفاءه إِلَيّ بِمَا يرسم أدام الله أَيَّامه من مظاهرته على مَا يقدم الرحيل ويفسح السَّبِيل من بدرقة إِن احْتَاجَ إِلَيْهَا وَإِلَى الإستظهار بهَا ومخاطبة لبَعض من فِي الطَّرِيق بِتَصَرُّف النجح فِيهَا فَإِن رأى الْأَمِير أَن يَجْعَل من حظوظي الجسيمة عِنْد تعهد القَاضِي أبي الْحسن بِمَا يعجل رده فَإِنِّي مَا غَابَ كالمضل الناشد وَإِذا عَاد كالغانم الْوَاجِد فعل أَن إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلما عمل الصاحب رسَالَته الْمَعْرُوفَة فِي إِظْهَار مساوئ المتنبي عمل القَاضِي أَبُو الْحسن كتاب الوساطة بَين المتنبي وخصومه فِي شعره فَأحْسن وأبدع وَأطَال وأطاب وَأصَاب شاكلة الصَّوَاب وَاسْتولى على الأمد فِي فصل الْخطاب وأعرب عَن تبحره فِي الْأَدَب وَعلم الْعَرَب وتمكنه من جودة الْحِفْظ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 وَقُوَّة النَّقْد فَسَار الْكتاب مسير الرِّيَاح وطار فِي الْبِلَاد بِغَيْر جنَاح وَقَالَ فِيهِ بعض العصريين من أهل نيسابور (أيا قَاضِيا قد دنت كتبه ... وَإِن أَصبَحت دَاره شاحطه) (كتاب الوساطة فِي حسنه ... لعقد معاليك كالواسطه) // من المتقارب // فصل من هَذَا الْكتاب الْمَذْكُور وَمَتى سمعتني أخْتَار للمحدث هَذَا الِاخْتِيَار وأبعثه على الطَّبْع وَأحسن لَهُ فِي التسهل فَلَا تَظنن أَنِّي أُرِيد بالسهل السَّمْح الضَّعِيف الركيك وَلَا باللطيف الرشيق الخنث الْمُؤَنَّث بل أُرِيد النمط الْأَوْسَط وَمَا ارْتَفع عَن السَّاقِط السوقي وانحط على البدوي الوحشي وَمَا جَاوز سفسفة نصر ونظرائه وَلم يبلغ تعجرف هميان بن قُحَافَة وَأَضْرَابه نعم وَلَا آمُرك بإجراء أَنْوَاع الشّعْر كُله مجْرى وَاحِدًا وَلَا أَن تذْهب بِجَمِيعِهِ مَذْهَب بعضه بل أرى لَك أَن تقسم الْأَلْفَاظ على رتب الْمعَانِي فَلَا يكون غزلك كافتخارك وَلَا مديحك كوعيدك وَلَا هجاؤك كاستبطائك وَلَا هزلك بِمَنْزِلَة جدك وَلَا تعريضك مثل تصريحك بل ترَتّب كلا مرتبته وتوفيه حَقه فتلطف إِذا تغزلت وتفخم إِذا افتخرت وتتصرف للمديح تصرف مواقعه فَإِن الْمَدْح بالشجاعة والبأس يتَمَيَّز عَن المديح باللباقة والظرف وَوصف الْحَرْب وَالسِّلَاح لَيْسَ كوصف الْمجْلس والمدام وَلكُل وَاحِد من الْأَمريْنِ نهج هُوَ أملك بِهِ وَطَرِيق لَا يُشَارِكهُ الآخر فِيهِ وَلَيْسَ مَا رسمته لَك فِي هَذَا الْبَاب بمقصور على الشّعْر دون الْكِتَابَة وَلَا بمختص بالنظم دون النثر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 بل يجب أَن يكون كتابك فِي الْفَتْح أَو الْوَعْد أَو الْوَعيد أَو الْإِعْذَار خلاف كتابك فِي الشوق أَو التهنئة أَو اقْتِضَاء المواصلة وخطابك إِذا حذرت وزجرت أفخم مِنْهُ إِذا وعدت ومنيت فَأَما الهجو فأبلغه مَا جرى مجْرى التهكم والتهافت وَمَا اعْترض بَين التَّعْرِيض وَالتَّصْرِيح وَمَا قربت مَعَانِيه وَسَهل حفظه وسرع علوقه بِالْقَلْبِ ولصوقه بِالنَّفسِ فَأَما الْقَذْف والإفحاش فسباب مَحْض وَلَيْسَ للشاعر فِيهِ إِلَّا إِقَامَة الْوَزْن وَتَصْحِيح النّظم فصل آخر مِنْهُ وَكَانَت الْعَرَب وَمن تبعها من سلف هَذِه الْأمة تجْرِي على عَادَة فِي تفخيم اللَّفْظ وجزالة الْمنطق لم تألف غَيره وَلَا عرفت تَشْبِيها سواهُ وَكَانَ الشّعْر أحد أَقسَام منطقها وَمن حَقه أَن يخص بتهذيب ويفرد بِزِيَادَة عناية فَإِذا اجْتمعت تِلْكَ الْعَادة والطبيعة وانضاف إِلَيْهَا الْعَمَل والصنعة خرج كَمَا ترَاهُ فخما جزلا وقويا متينا وَقد كَانَ الْقَوْم أَيْضا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك وتتباين فِيهِ أَحْوَالهم فيرق شعر الرجل ويصلب شعر الآخر ويدمث منطق هَذَا ويتوعر منطق غَيره وَإِنَّمَا ذَلِك بِحَسب اخْتِلَاف الطباع وتركيب الْخلق فَإِن سلاسة اللَّفْظ تتبع سلاسة الطَّبْع ودماثة الْكَلَام بِقدر دماثة الْخلقَة وَأَنت تَجِد ذَلِك ظَاهرا فِي أهل عصرك وَأَبْنَاء زَمَانك وَترى الجافي الجلف مِنْهُم كرّ الْأَلْفَاظ جهم الْكَلَام وعر الْخطاب حَتَّى إِنَّك رُبمَا وجدت الغضاضة فِي صَوته ونغمته وَفِي حَدِيثه ولهجته وَمن شَأْن البداوة أَن تظهر بعض ذَلِك وَمن أَجله قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من بدا جَفا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 وَلذَلِك تَجِد شعر عدي بن زيد وَهُوَ جاهلي أسلس من شعر الفرزدق وَجَرِير وهما إسلاميان لملازمة عدي الْحَاضِرَة وإيطانه الرِّيف وَبعده عَن جلافة البدو وجفاء الْأَعْرَاب وَترى رقة الشّعْر أَكثر مَا تَأْتِيك من قبل العاشق المتيم والغزل المتهالك وَإِذا اتّفقت الدماثة والصبابة وانضاف الطَّبْع إِلَى الْغَزل فقد جمعت لَك الرقة من أطرافها وَلما ضرب الْإِسْلَام بجرانة واتسعت ممالك الْعَرَب وَكَثُرت الحواضر ونزعت الْبَوَادِي إِلَى الْقرى وَفَشَا التأدب والتظرف اخْتَار النَّاس من الْكَلَام ألينه وأسهله وعمدوا إِلَى كل شَيْء ذِي أَسمَاء فاستعملوا أحْسنهَا مسمعا وألطفها من الْقلب موقعا وَإِلَى مَا للْعَرَب فِيهِ لُغَات فاقتصروا على أسلسها وأرشقها كَمَا رَأَيْتهمْ فعلوا فِي صِفَات الطَّوِيل فَإِنَّهُم وجدوا للْعَرَب نَحوا من سِتِّينَ لفظا أَكْثَرهَا بشع شنع فنبذوا جَمِيع ذَلِك وأهملوه واكتفوا بالطويل لخفته على اللِّسَان وَقلة نبو السّمع عَنهُ فِي الْبَيَان قَالَ مؤلف الْكتاب وَأَنا أكتب من خطْبَة كتاب القَاضِي فِي تَهْذِيب التَّارِيخ فصلين بعد أَن أَقُول إِنَّه تَارِيخ فِي بلاغة الْأَلْفَاظ وَصِحَّة الرِّوَايَة وَحسن التَّصَرُّف فِي الانتقادات وأجريتهما وَمَا تقدمهما من كتاب الوساطة مجْرى الأنموذج من نثر كَلَامه ثمَّ أقفي على أَثَره بلمع من غرر أشعاره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فصل وَلَوْلَا التَّارِيخ لما تميز نَاسخ من مَنْسُوخ ومتقدم من مُتَأَخّر وَمَا اسْتَقر من الشَّرَائِع وَثَبت مِمَّا أزيل وَرفع وَلَا عرف مَا كَانَ أَسبَابهَا وَكَيف مست الْحَاجة إِلَيْهَا وحصلت وُجُوه الْمصلحَة فِيهَا وَلَا عرفت مغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 وحروبه وسراياه وبعوثه وَمَتى قَارب ولاين وسارر وخافت وَفِي أَي وَقت جاهر وَكَاشف ونبذ أعداءه وَحَارب وَكَيف دبر أَمر الله الَّذِي ابتعثه لَهُ وَقَامَ بأعباء الْحق الَّذِي طوقه ثقله وَأي ذَلِك قدم وأيها أخر وبأيها بَدَأَ وبأيها ثنى وَثلث وَإِن الْوَلَد الْبر ليتفقد من آثَار وَالِده والصاحب الشفيق ليعني بِمثلِهِ من شَأْن صَاحبه حَتَّى يعد إِن أغفله مستهينا بِهِ مستوجبا لعتبه فَكيف لمن هُوَ رَحْمَة الله المهداة إِلَيْنَا وَنعمته المفاضة علينا وَمن بِهِ أَقَامَ الله دُنْيَانَا وَدِيننَا وَجعله السفير بَينه وبيننا وَأي أَمر أشنع وحاله أقبح من أَن يحل الرجل مَحل الْمشَار إِلَيْهِ الْمَأْخُوذ عَنهُ ثمَّ يسْأَل عَن الغزوتين المشهورتين من مَشْهُور غَزَوَاته والأثرين من مستفيض آثاره فَلَا يعرف الأول من الثَّانِي وَلَا يفرق بَين البادي والتالي فصل آخر وَهَذَا كتاب قصدت بِهِ غرضي دين وَدُنْيا أما الدّين فان اقتديه من آثَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخباره ومعارف أَحْوَاله وأيامه وَذكر مَا طمس الله من معالم الشّرك وأوضح معارف الْحق وَمَا خفض بعلو كَلمته وعَلى أَيدي أنصاره وشيعته من رايات كَانَت عالية على الْأَبَد مكنوفة بحصافة الْعدَد وكثافة الْعدَد مَا يعلم بِهِ الْعَاقِل المتوسم أَن تِلْكَ الفئة القليلة وَالْعدة الْيَسِيرَة على قلَّة الأهبة وقصور الْعدة وخمول الذّكر وَضعف الْأَيْدِي وعلو أَيدي الْأَعْدَاء وَشدَّة شَوْكَة الأقران لَا تستمر لَهَا وَلَا تتفق بهَا مغالبة الْأُمَم جمعا ومقاومة الشعوب طرا وقهر الْجنُود الجمة والجموع الضخمة وَإِزَالَة الممالك الممهدة والولايات الموطدة فِي الدَّهْر الطَّوِيل والزمن المديد مَعَ وفور الْعدة وانبساط الْقُدْرَة واستقرار الهيبة إِلَّا بالنصرة الإلهية والمعونة السماوية وَإِلَّا بتأييد لَا يخص الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 بِهِ إِلَّا الْأَنْبِيَاء وَلَا ينتخب لَهُ إِلَّا الْأَوْلِيَاء وَإِن اخْتصَّ فِيهِ من معاناة أنصاره وَأَتْبَاعه والقائمين بِإِظْهَار دينه فِي حَيَاته وَعمارَة سَبيله بعد وَفَاته من مصابرة اللأواء ومعالجة البأساء وبذل النُّفُوس وَالْأَمْوَال وأخطار المهج والأرواح مَا يزِيد الْقُلُوب لِلْإِسْلَامِ تفخيما وبحقه تعريفا وَلما عساها تستكبر من أفعالها تصغيرا وَفِي الإزدياد مِنْهُ ترغيبا مَا أجريه فِي خلال ذَلِك من تذكير بآلاء الله وتنبيه على نعم الله بِمَا أقتص من أنباء الْأَوَّلين وأبث من أَخْبَار الآخرين وَأبين من الْآيَات الَّتِي أَمر الله بِالْمَسِيرِ فِي الأَرْض لأَجلهَا وَبعث على الِاعْتِبَار بهَا وبأهلها فَقَالَ {أولم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين كَانُوا من قبلهم} فيحرص الْعَاقِل على اسْتِبْقَاء نعْمَة الله عِنْده بالشكر الَّذِي ضيعه من سلبه الله تِلْكَ النعم ويتحرز من غوائل الْكفْر الَّذِي أحل بهم تِلْكَ النقم وَأما غَرَض الدُّنْيَا فَأن أقيم بِفنَاء الصاحب الْجَلِيل أدام الله بهاء الْعلم بدوام أَيَّامه من يخلفني فِي تَجْدِيد ذكري بِحَضْرَتِهِ وتكرير اسْمِي فِي مَجْلِسه وَمن يَنُوب عني فِي مزاحمة خدمته على الِاعْتِرَاف بِحَق نعْمَته وَعلمت أَنِّي لَا أستخلف من هُوَ أمس بِهِ رحما وَأقرب مِنْهُ نسبا وَهُوَ أرفع عِنْده موضعا وألطف مِنْهُ موقعا وأخص بِهِ مدخلًا ومخرجا وأشرف بِحَضْرَتِهِ مقَاما وموقفا من الْعلم الَّذِي يزكو عِنْده غراسا فيضعف ريعا ويحلو طعما ويطيب عرفا وَيحسن إسما فاخترت لذَلِك هَذَا الْكتاب ثِقَة بوجاهته وعلما بِقرب مَنْزِلَته وَكَيف لَا يكون عِنْده وجيها مكينا ومقبولا قرينا وَإِنَّمَا هُوَ نتاج تهذيبه وَثَمَرَة تقويمه وجناء تمثيله وريع تحريكه فلولا عنايته لما صدقت النِّيَّة وَلَوْلَا إرشاده لما نفذت الفطنة وَلَوْلَا معونته لما استجمعت الْآلَة وَمَا يبعد بِهِ عَن إِيثَار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 الْعُلُوم وتعظيمها وَعَن تَقْدِيمهَا وتقريبها وَهُوَ الَّذِي نَصبه الله لَهَا مِثَالا وأقامه عَلَيْهَا منارا وَجعله لَهَا سندا ولإحيائها سَببا ملح من شعره فِي الْغَزل والتشبيب وَسَائِر الْفُنُون قَالَ (أفدي الَّذِي قَالَ وَفِي كَفه ... مثل الَّذِي أشْرب من فِيهِ) (الْورْد قد أينع فِي وجنتي قلت ... فمي باللثم يجنيه) // من السَّرِيع // وَقَالَ (بِاللَّه فض العقيق عَن برد ... يروي أقاحيه من مدام فَمه) (وامسح غوالي العذار عَن قمر ... نقط بالورد خد ملتثمه) // من المنسرح // وَقَالَ (قل للسقام الَّذِي بناظره ... دَعه وأشرك حشاي فِي سقمه) (كل غرام تخَاف فتنته ... فَبين ألحاظه ومبتسمه) // من المنسرح // وَقَالَ (أنثر على خدي من وردك ... أودع فمي يقطف من خدك) (ارْحَمْ قضيب البان وارفق بِهِ ... قد خفت أَن ينْقد من قدك) (وَقل لعينيك بنفسي هما ... يخففان السقم عَن عَبدك) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 وَقَالَ (قد برح الشوق بمشتاقك ... فأوله أحسن أخلاقك) (لَا تجفه وارع لَهُ حَقه ... فَإِنَّهُ خَاتم عشاقك) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي الفصد (يَا لَيْت عَيْني تحملت ألمك ... بل لَيْت نَفسِي تقسمت سقمك) (وليت كف الطَّبِيب إِذْ فصدت ... عرقك أجرت من ناظري دمك) (أعرته صبغ وجنتيك كَمَا ... تعيره إِن لثمت من لثمك) (طرفك أمضى من حد مبضعه ... فالحظ بِهِ الْعرق وارتجز ألمك) // من المنسرح // وَله (وَفَارَقت حَتَّى مَا أسر بِمن دنا ... مَخَافَة نأي أَو حذار صدود) (وَقد جعلت نَفسِي تَقول لمقلتي ... وَقد قربوا خوف التباعد جودي) (فَلَيْسَ قَرِيبا من يخَاف بعاده ... وَلَا من يُرْجَى قربه بِبَعِيد) // من الطَّوِيل // وَله (من ذَا الغزال الفاتن الطّرف ... الْكَامِل الْبَهْجَة والظرف) (مَا بَال عَيْنَيْهِ وألحاظه ... دائبة تعْمل فِي حتفي) (واها لذاك الْورْد فِي خَدّه ... لَو لم يكن مُمْتَنع القطف) (أَشْكُو إِلَى قَلْبك يَا سَيِّدي ... مَا يشتكي قلبِي من طرفِي) // من السَّرِيع // وَله (هَذَا الْهلَال شبيهه فِي حسنه ... وبهائه كلا وفترة جفْنه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 (هبك ادعيت بهاءه وضياءه ... كَيفَ احتيالك فِي تأود غصنه) (لَو لاحظتك جفونه بفتورها ... أَقْسَمت أَنَّك مَا رَأَيْت كحسنه) // من الْكَامِل // وَقَالَ (يَا قبْلَة نلتها على دهش ... من ذِي دلال مهفهف غنج) (قد حير الخشف غنج مَقْتَله ... والورد توريد خَدّه الضرج) (إِذا تثنى أَو قَامَ معتدلا ... قَالَ لَهُ الْغُصْن أَنْت فِي حرج) (قد قسم الْحسن مقلتيك أَبَا الْقَاسِم ... بَين الفتور والدعج) (قل لَهما يرفقا بقلب فَتى ... طويت أحشاءه على وهج) (فمنهما لَا عدمت ظلمهما ... سقم فُؤَادِي ومنهما فَرجي) // من المنسرح // وَله سامحه الله (وغنج عَيْنَيْك وَمَا أودعت ... أجفانها قلب شج وامق) (مَا خلق الرَّحْمَن تفاحتي ... خديك إِلَّا لفم العاشق) (لكنني أمنع مِنْهَا فَمَا ... حظي إِلَّا خلسة السَّارِق) // من السَّرِيع // وَله أَيْضا (من عاذري من زمن ظَالِم ... لَيْسَ بمستحي وَلَا رَاحِم) (تفعل بالأحرار أحداثه ... فعل الْهوى بالدنف الهائم) (كَأَنَّمَا أصبح يرميهم ... عَن جفن مولَايَ أبي الْقَاسِم) // من السَّرِيع // وَله أَيْضا (وَلَو تراني وَقد ظَفرت بِهِ ... لَيْلًا وَستر الظلام منسدل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 (وللكرى فِي الجفون دَاعِيَة ... وَقد حداها حاد لَهُ عجل) (وحوصت أعين الوشاة كَمَا ... جمش معشوقه الْفَتى الْغَزل) (فَذَاك مغف وَذَاكَ مختلط ... يهذي وَهَذَا كَأَنَّهُ ثمل) (وَقلت يَا سَيِّدي بدا علم الصُّبْح ... وَكَاد الظلام يرتحل) (ثمَّ انثى يَبْتَغِي وِسَادِي إِذْ ... أَيقَن أَن الوشاة قد غفلوا) (فَبَاتَ يشكو وَبت أعذره ... وَلَيْسَ إِلَّا العتاب والعلل) (لخلتنا ثمَّة شُعْبَتَيْ غُصْن ... يَوْم صبا نلتوي ونعتدل) (يَا طيبها لَيْلَة نعمت بهَا ... غراء أدنى نعيمها الْقبل) // من المنسرح // وَله سامحه الله تَعَالَى (يَا نسيم الْجنُوب بِاللَّه بلغ ... مَا يَقُول المتيم المستهام) (قل لأحبابه فداكم فؤاد ... لَيْسَ يسلو ومقلة لَا تنام) (بنتم فالسهاد عِنْدِي مُقيم ... مذ نأيتم والعيش عِنْدِي حمام) (فعلى الكرخ فالقطيعة فالشط ... فباب الشّعير مني السَّلَام) (يَا ديار السرُور لَا زَالَ يبكي ... بك فِي مضحك الرياض غمام) (رب عَيْش صحبته فِيك غض ... وجفون الخطوب عَنَّا نيام) (فِي لَيَال كأنهن أَمَان ... من زمَان كَأَنَّهُ أَحْلَام) (وَكَأن الْأَوْقَات فِيهَا كؤوس ... دائرات وأنسهن مدام) (زمن مسعد وإلف وُصُول ... وَمنى تستلذها الأوهام) (كل أنس وَلَذَّة وسرور ... قبل لقياكم عَليّ حرَام) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 وَله (سقى جَانِبي بَغْدَاد إخلاف مزنة ... تحاكي دموعي صوبها وانحدارها) (فلي فيهمَا قلب شجاني اشتياقه ... ومهجة نفس مَا أمل ادكارها) (سَأَغْفِرُ للأيام كل عَظِيمَة ... لَئِن قربت بعد البعاد مزارها) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة يتشوق فِيهَا بَغْدَاد ويصف مَوْضِعه بِنَاحِيَة رامهرمز ويمدح صديقا لَهُ من أَهلهَا (أراجعة تِلْكَ اللَّيَالِي كعهدها ... إِلَى الْوَصْل أم لَا يرتجى لي رُجُوعهَا) (وصحبة أَقوام لبست لفقدهم ... ثِيَاب حداد مستجد خليعها) (إِذا لَاحَ لي من نَحْو بَغْدَاد بارق ... تجافت جفوني واستطير هجوعها) (وَإِن أخلفتها الغاديات رعودها ... تكلّف تَصْدِيق الْغَمَام دموعها) (سقى جَانِبي بَغْدَاد كل غمامة ... يحاكي دموع المستهام هموعها) (معاهد من غزلان أنس تحالفت ... لواحظها أَن لَا يداوي صريعها) (بهَا تسكن النَّفس النفور وَيَغْتَدِي ... بآنس من قلب الْمُقِيم نزيعها) (يحن إِلَيْهَا كل قلب كَأَنَّمَا ... يشاد بحبات الْقُلُوب ربوعها) (فَكل ليَالِي عيشها زمن الصِّبَا ... وكل فُصُول الدَّهْر فِيهَا ربيعها) (وَمَا زلت طوع الحادثات تقودني ... على حكمهَا متسكرها فأطيعها) من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (فَلَمَّا حللت الْقصر قصر مسرتي ... تفرقن عني آيسات جموعها) (بدار لَهَا يسلى المشوق اشتياقه ... ويأمن ريب الحادثات مروعها) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 (بهَا مسرح للعين فِيهَا يروقها ... ومستروح للنَّفس مِمَّا يروعها) (يرى كل قلب بَينهَا مَا يسره ... إِذا زهرت أشجارها وزروعها) (كَأَن خرير المَاء فِي جنباتها ... رعود تلقت مزنة تستريعها) (إِذا ضربتها الرّيح وانبسطت لَهَا ... ملاءة بدر فَصلتهَا وشيعها) (رَأَيْت سيوفا بَين أثْنَاء أدرع ... مذهبَة يغشى الْعُيُون لميعها) (فَمن صَنْعَة الْبَدْر الْمُنِير نصولها ... وَمن نسج أنفاس الرِّيَاح دروعها) (صفا عيشنا فِيهَا وكادت لطيبها ... تمازجها الْأَرْوَاح لَو تستطيعها) وَله من قصيدة (من أَيْن للعارض السَّارِق تلهبه ... وَكَيف طبق وَجه الأَرْض صيبه) (هَل اسْتَعَانَ جفوني فَهِيَ تنجده ... أم اسْتعَار فُؤَادِي فَهُوَ يلهبه) (بِجَانِب الكرخ من بَغْدَاد لي سكن ... لَوْلَا التجمل مَا أَنْفك أندبه) (وَصَاحب مَا صَحِبت الصَّبْر مذ بَعدت ... دياره وَأرَانِي لست أَصْحَبهُ) (فِي كل يَوْم لعَيْنِي مَا يؤرقها ... من ذكره ولقلبي مَا يعذبه) (مَا زَالَ يبعدني عَنهُ وَأتبعهُ ... وَيسْتَمر على ظلمي وأعتبه) (حَتَّى لوت لي النَّوَى من طول جفوته ... وسهلت لي سَبِيلا كنت أرهبه) (وَمَا البعاد دهاني بل خلائقه ... وَلَا الْفِرَاق شجاني بل تجنبه) // من الْبَسِيط // لمع من شعره فِي حسن التَّخَلُّص قَالَ من قصيدة فِي الصاحب أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن عباد (أوما انثنيت عَن الْوَدَاع بلوعة ... مَلَأت حشاك صبَابَة وغليلا) (ومدامع تجْرِي فيحسب أَن فِي ... آماقهن بنان إسماعيلا) // من المتكامل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 وَمن قصيدة فِي أبي مُضر مُحَمَّد بن مَنْصُور (إِذا استشرفت عَيْنَاك جَانب تلعة ... جلت لَك أُخْرَى من رباها جوانبا) (يضاحكنا نوارها فَكَأَنَّمَا ... نغازل بَين الرَّوْض مِنْهَا حبائبا) (تَبَسم فِيهَا الأقحوان فخلته ... تلقاك مرتاحا إِلَيْك مداعبا) (وَحل نقاب الْورْد فاهتز يَدعِي ... بواديه فِي ورد الخدود مناسبا) (أَقُول وَمَا فِي الأَرْض غير قرارة ... تصافح روضا حولهَا متقاربا) (أباتت يَد الْأُسْتَاذ بَين رياضها ... تدفق أم أَهْدَت إِلَيْهَا سحائبا) (أألبسها أخلاقه الغر فاغتدت ... كواكبها تجلو علينا كواكبا) (أوشت حواشيها خواطر فكره ... فأبدت من الزهر الأنيق غرائبا) (أهز الصِّبَا قضبانها كاهتزازه ... إِذا لمست كفيه كفك طَالبا) (أخالته يصبو نَحْوهَا فتزينت ... تؤمل أَن يخْتَار مِنْهَا ملاعبا) // من الطَّوِيل // وَمن قصيدة فِي دلير من بشكروز (وَمَا أقيم بدار لَا أعز بهَا ... وَلَا يقر قراري حَيْثُ أبتذل) (وَقد كفاني انتجاع الْغَيْث معرفتي ... بِأَن دلير لي من سيبه بدل) (تجنبت نشوات الْخمر همته ... وأعلمتنا العطايا أَنه ثمل) // من الْبَسِيط // وَمن قصيدة فِي شيراز بن سرخاب (ألم تَرَ أنواء الرّبيع كَأَنَّمَا ... نشرن على الْآفَاق وشيا مذهبا) (فَمن شجر أظهرن فِيهِ طلاقة ... وَكَانَ عبوسا قبلهن مقطبا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 (وَمن رَوْضَة قضى الشتَاء حدادها ... فوشحن عطفيها ملاء مطيبا) (سَقَاهَا سلاف الْغَيْث ريا فَأَصْبَحت ... تمايل سكرا كلما هبت الصِّبَا) (كَأَن سجايا شيرزاد تمدها ... فقد أمنت من أَن تحول وتشحبا) // من الطَّوِيل // وَمن قصيدة فِي الْأَمِير شمس الْمَعَالِي قَابُوس بن وشمكير (وَلما تداعت للغروب شموسهم ... وقمنا لتوديع الْفَرِيق الْمغرب) (تلقين أَطْرَاف السجوف بمشرق ... لَهُنَّ وأعطاف الْخُدُور بمغرب) (فَمَا سرن إِلَّا بَين دمع مضيع ... وَلَا قمن إِلَّا فَوق قلب معذب) (كَأَن فؤادى قرن قَابُوس راعه ... تلاعبه بالفيلق المتأشب) // من الطَّوِيل // وَمن قصيدة لَهُ فِيهِ أَيْضا (لَيْلَة للعيون فِيهَا وللأسماع ... مَا للقلوب والآمال) (نظمت للندام فِيهَا الْأَمَانِي ... مثل نظم الْأَمِير شمس الْمَعَالِي) // من الْخَفِيف // وَمن قصيدة فِي الصاحب (وَمَا بَال هَذَا الدَّهْر يطوي جوانحي ... على نفس محزون وقلب كثيب) (تقسمني الْأَيَّام قسْمَة جَائِر ... على نَضرة من حَالهَا وشحوب) (كَأَنِّي فِي كف الْوَزير رغيبة ... تقسم فِي جدوي أغر وهوب) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِيهِ وصف الْإِبِل (يقربن طلاب الْعلَا من سمائها ... ويهدين رواد الندى لجوادها) (فلاقين مَوْلَانَا وَقد صنع السرى ... بِهن صَنِيع كَفه بتلادها) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 غرر من شعره فِي الْمَدْح وَمَا يتَّصل بِهِ قَالَ من قصيدة فِي الصاحب (يَا أَيهَا الْقَوْم الَّذِي بعلوه ... نَالَ الْعَلَاء من الزَّمَان السولا) (قسمت يداك على الورى أرزاقها ... فكنوك قَاسم رزقها المسئولا) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِيهِ (فَتى كَيفَ مَا ملنا رَأينَا لَهُ يدا ... بعيدَة رمى الشُّكْر مطلبها سهل) (خَفِيف على الْأَعْيَان محمل مِنْهَا ... وَلَكِن على الأفكار من عدهَا ثقل) (وَوَاللَّه مَا أفْضى من المَال مانشا ... إِلَى كَفه إِلَّا الْعَنَان أَو النصل) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِيهِ (يَا من إِذا نظر الزَّمَان ... إِلَيْهِ أَكثر عجبه) (رَحل المصيف فَلَا تزل ... أبدا تودع رَكبه) (وبدا الخريف فحي خَالِصَة ... الزَّمَان ولبه) (زمن كخلقك نَاصِر ... إِن كَانَ خلقك يشبه) (رق الْهَوَاء فَمَا ترى ... نفسا يعالج كربه) (وَصفا وَإِن لاحظت ... أبعده ظننتك قربه) (فَلَو اسْتَحَالَ مدامة ... مَا كنت أحظر شربه) (فتهنه يَا فَرده ... وتمله يَا قطبه) // من مجزوء الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 وَمن أُخْرَى فِيهِ (وَلَا ذَنْب للأفكار أَنْت تركتهَا ... إِذا احتشدت لم تنْتَفع باحتشادها) (سبقت بأفراد الْمعَانِي وألفت ... خواطرك الْأَلْفَاظ بعد شرادها) (فَإِن نَحن حاولنا اختراع بديعة ... حصلنا على مسروقها ومعادها) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِيهِ (أغر أورع تلهينا وقائعه ... فِي المَال والقرن عَن صفّين والجمل) (مسترضع بثدي الْمجد مفترش ... حجر المكارم مفطوم عَن الْبُخْل) (أمضى من السَّيْف لفظا غير لجلجة ... تغشاه إِن مَال مُضْطَر إِلَى الْعِلَل) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (وَسَائِل لي عَن نعماك قلت لَهُ ... تفصيلها مُسْتَحِيل فارض بالجمل) (هذي صبَابَة مَا أبقت يداي وَقد ... عرفت حرفهما فَانْظُر وَلَا تسل) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِيهِ (لَا وجفون يغضها العذل ... عَن وجنات تذيبها الْقبل) (ومهجة للهوى معرضة ... تعيث فِيهَا القدود والمقل) (مَا عَاشَ من غَابَ عَن ذراك وَإِن ... أخر مِيقَات يَوْمه الْأَجَل) // من المنسرح // وَمن قصيدة عِيَادَة لَهُ (بعيني مَا يخفي الْوَزير وَمَا يُبْدِي ... فنورهما من فضل نعمائه عِنْدِي) (سأجهد أَن أفدي مواطيء نَعله ... فَإِن أَنا لم أقبل فَمَا لي سوى جهدي) (لأعدي تشكيك الْبِلَاد وَأَهْلهَا ... وَمَا خلت أَن الشكو بعدِي على الْبعد) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 (وَلم أدر بالشكوى الَّتِي عرضت لَهُ ... ونعماه حَتَّى أقبل الْمجد يَسْتَعْدِي) (وَمَا أَحسب الْحمى وَإِن جلّ قدرهَا ... لتجسر أَن تَدْنُو إِلَى منبع الْمجد) (وَمَا هِيَ إِلَّا من تلهب ذهنه ... توقد حَتَّى فاض من شدَّة الوقد) (ليفدك من نعماك مَالك رقة ... فَكل الورى بل كل ذِي مهجة يفْدي) (وَمَا زَالَت الْأَحْرَار تفدي عبيدها ... لتكفيها مَا تتقي مهجة العَبْد) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِي التهنئة بالبرء (بك الدَّهْر يندي ظله ويطيب ... ويقلع عَمَّا ساءنا وَيَتُوب) (وَنَحْمَد آثَار الزَّمَان وَرُبمَا ... ظللنا وأوقات الزَّمَان ذنُوب) (أَفِي كل يَوْم للمكارم روعة ... لَهَا فِي قُلُوب المكرمات وجيب) (تقسمت العلياء جسمك كُله ... فَمن أَيْن فِيهِ للسقام نصيب) (إِذا ألمت نفس الْأَمِير تألمت ... لَهَا أنفس تحيا بهَا وَقُلُوب) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَوَاللَّه لَا لاحظت وَجها أحبه ... حَياتِي وَفِي وَجه الْوَزير شحوب) (وَلَيْسَ شحوبا مَا أرَاهُ بِوَجْهِهِ ... وَلكنه فِي المكرمات ندوب) (فَلَا تجزعن تِلْكَ السَّمَاء تغيمت ... فعما قَلِيل تبتدي فتصوب) (تهلل وَجه الْمجد وابتسم الندى ... وَأصْبح غُصْن الْفضل وَهُوَ رطيب) (فَلَا زَالَت الدُّنْيَا بملكك طَلْقَة ... لَا زَالَ فِيهَا من ظلالك طيب) وَمن قصيدة فِي أبي مُضر مُحَمَّد بن مَنْصُور (هَذَا أَبُو مُضر كفتنا كَفه ... شكوى اللئام فَمَا نذم لئيما) (هَذَا الجسيم مواهبا هَذَا الشريف ... مناصبا هَذَا الْمُهَذّب خيما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 (سمكت كهمته السَّمَاء ومثلت ... فِيهَا خلائقه الشراف نجوما) (نشوان قد جعل المحامد والعلا ... دون المدامة ساقيا ونديما) (أعدى الْأَنَام طباعه فتكرموا ... لَو جَازَ أَن يدعى سواهُ كَرِيمًا) // من الْكَامِل // وَمن قصيدة فِي دلير بن بشكروز (كريم يرى أَن الرَّجَاء مواعد ... وَأَن انْتِظَار السَّائِلين من المطل) (وَخير الموَالِي من إِذا مَا مدحته ... مدحت بِهِ نَفسِي وأخبرت عَن فضلي) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (قل للأمير الَّذِي فَخر الزَّمَان بِهِ ... مَا الدَّهْر لولاك إِلَّا منطق خطل) (كفتك آثَار كفيك الَّتِي ابتدعت ... فِي الْمجد مَا شاده آباؤك الأول) (مَا زَالَ فِي النَّاس أشباه وأمثلة ... حَتَّى ظَهرت فَغَاب الشكل والمثل) // من الْبَسِيط // دُرَر من شعره فِي وصف الشّعْر قَالَ من قصيدة (وَمَا الشّعْر إِلَّا مَا استفز ممدحا ... وأطرب مشتاقا وأرضى مغاضبا) (أطَاع فَلم تُوجد قوافيه نَفرا ... وَلم تأته الْأَلْفَاظ حسرى لواغبا) (وَفِي النَّاس أتابع القوافي تراهم ... يبثون فِي آثارهن المقانيا) (إِذا لحظوا حرف الروي تبَادرُوا ... وَقد تركُوا الْمَعْنى مَعَ اللَّفْظ جانبا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 (وَإِن منعُوا حر الْكَلَام تطرقوا ... حَوَاشِيه فاجتاحوا الضَّعِيف المقاربا) (ولكنني أرمي بِكُل بديعة ... يبتن بألباب الرِّجَال لواعبا) (تسير وَلم ترحل وتدنو وَقد نأت ... وتكسب حفاظ الرِّجَال المراتبا) (ترى النَّاس إِمَّا مستهاما بذكرها ... ولوعا وَإِمَّا مستعيرا وغاصبا) (أذود لئام النَّاس عَنْهَا وأتقي ... على حسبي إِن لم أصنها المعايبا) (وأعضلها حَتَّى إِذا جَاءَ كفؤها ... سمحت بهَا مستشرفات كواعبا) (وَأي غيور لَا بجيب وَقد رأى ... مكارمك اللَّاتِي أتين خواطبا) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (ووفاك وَفد الشُّكْر من كل وجهة ... ثَنَاء يسدى أَو مديحا ينظم) (يزف إِلَى الأسماع كل خريدة ... تكَاد إِذا مَا أنشدت تتبسم) (أطافت بهَا الأفكار حَتَّى تركنها ... يُقَال أأبيات ترَاهَا أَو أنجم) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (أهدن لمجدك حلَّة موشية ... تكسو الحسود كآبة وذبولا) (أحيت حبيبا والوليد ففصلا ... مِنْهَا وشائع نسجها تَفْصِيلًا) (فأفادها الطَّائِي دقة فكرة ... والبحتري دمائه وقبولا) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (لَو لم أشرف بامتداحك منطقي ... مَا انْقَادَ نَحْوك خاطري مزموما) (لَكِن رأى شرف المصاهر فاغتدى ... يهدي إِلَيْك لبابه المكتوما) (فحباك من نسج الْعُقُول بغادة ... قطعت إِلَيْك مقاصدا وعزوما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 (لما تبينت الْكَفَاءَة أَقْسَمت ... أَن لَا تغرب بعْدهَا وتقيما) (لَا تبغها مهْرا فقد أمهرتها ... نعماك عِنْدِي حَادِثا وقديما) (ألزمت شكرك منطقي وأناملي ... وأقمت فكري بِالْوَفَاءِ زعيما) // من الْكَامِل // من أُخْرَى (أتتنا العذارى الغيد فِي حلل النهى ... تنشر عَن علم وتطوي على سحر) (تلاعب بالأذهان روعة نشرها ... وتشغل بالمرأى اللَّطِيف عَن السبر) (ألذ من البشري أَتَت بعد غيبَة ... وَأحسن من نعمى تقَابل بالشكر) (فَلم أر عقدا كَانَ أبهى تألقا ... وأشبه نظما متقنا مِنْهُ بالنثر) (ترى كل بَيت مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ ... تباهى مَعَانِيه بألفاظه الغر) (تحلت بِوَصْف الْجِسْم ثمَّ تنكرت ... ومالت مَعَ الْأَعْرَاض فِي حيّز تجْرِي) (أرنت سَحَاب الْفِكر فِيهَا فأبرزت ... لآليء نور فِي حدائقها الزهر) (فَجَاءَت وَمَعْنَاهَا ممازج لَفظهَا ... كَمَا امتزجت بنت الغمامة بِالْخمرِ) (أَشد إِلَيْهِ نِسْبَة من حُرُوفه ... وأحوج من فعل جميل إِلَى نشر) (نظمتهما عقدا كَمَا نظم الحجى ... وفاءك فِي عقد السماحة وَالْفَخْر) (كَأَنَّك إِذْ مرت على فِيك أفرغت ... ثناياك فِي ألفاظها بهجة الْبشر) (كفتنا حميا الْخمر رقة لَفظهَا ... وأمننا تهذيبها هفوة السكر) // من الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ بعض أهل رامهرمز أبياتا يمتدحه فِيهَا وَقد كَانَ بلغه عَنهُ أَبْيَات يشكو فِيهَا أهل ناحيته فَقَالَ هلا انْتقل واتصل ذَلِك بقائلها فضمن أبياته اعتذارا من الْمقَام لتعذر النقلَة فَكتب إِلَيْهِ مجيبا لَهُ قصيدة مِنْهَا (بدأت فأسلفت التفضل والبرا ... وأوليت إنعاما ملكت بِهِ الشكرا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 (وللسابق البادي من الْفضل رُتْبَة ... تقصر بالتالي وَإِن بلغ العذرا) (أتتنا عذاراك اللواتي بعثتها ... لتوسعنا علما وتلبسنا فخرا) (فأفصحن عَن عذر وطوقن منَّة ... وقلن كَذَا من قَالَ فَلْيقل الشعرا) (فأوليتها حسن الْقبُول مُعظما ... لحق فَتى أهْدى بِهن لنا ذكرا) (تناهي النهى فِيهَا وأبدع نظمها ... خواطر ينقاد البديع لَهَا قسرا) (إِذا لحظت زَادَت نواظرنا ضيا ... وَإِن نشرت فاحت مجالسنا عطرا) (تنازعها قلبِي مَلِيًّا وناظري ... فَأعْطيت كلا من محاسنها شطرا) (فنزهت طرفِي فِي وشي رياضها ... وألقطت فكري بَين ألفاظها الدرا) (تضاحكنا فِيهَا الْمعَانِي فَكلما ... تَأَمَّلت مِنْهَا لَفْظَة خلتها شعرًا) (فَمن ثيب لم تفترع غير خلسة ... وَبكر من الْأَلْفَاظ قد زوجت بكرا) (يظل اجتهادي بَينهُنَّ مقصرا ... وتمسي ظنوني دون غايتها حسرى) (إِذا رمت أَن أدنو إِلَيْهَا تمنعت ... وَحقّ لَهَا فِي الْعدْل أَن تظهر الكبرا) (وَقد صدرت عَن مَعْدن الْفضل والعلا ... وَقد صَحِبت تِلْكَ الشَّمَائِل والنجرا) (فتمت لَك النعمى وساعدك المنى ... ومليت فِي خفض أَبَا عمر العمرا) (كفتنا وَإِيَّاك المعاذير نِيَّة ... إِذا خلصت لم تذكر الْوَصْل والهجرا) (مدحت فعددت الَّذِي فِيك من علا ... وألبستني أوصافك الزهر الغرا) (وَمَا أَنا إِلَّا شُعْبَة مستمدة ... لمغرز فيض مِنْك قد غمر البحرا) (وَقد كَانَ مَا بلغته من مقَالَة ... أنفت بهَا للفضل أَن يألف الصغرا) (إِذا الْبَلَد الْمَعْمُور ضَاقَ برحبه ... على ماجد فليسكن الْبَلَد القفرا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 (وَكم ماجد لم يرض بالخسف فانبرى ... يقارع عَن هماته الْبيض والسمرا) (وَمن علقت نيل الْأَمَانِي همومه ... تجشم فِي آثارها الْمطلب الوعرا) (فَلَا تشك أَحْدَاث الزَّمَان فإنني ... أرَاهُ بِمن يشكو حوادثه مغرى) (وَهل نصرت من قبل شكواك فَاضلا ... لتأمل مِنْهُنَّ المعونة والنصرا) (وَمَا غلب الْأَيَّام مثل مجرب ... إِذا غلبته غَايَة غلب الصبرا) // من الطَّوِيل // فقر لَهُ من كل فن قَالَ من قصيدة (يَقُولُونَ لي فِيك انقباض وَإِنَّمَا ... رَأَوْا رجلا عَن موقف الذل أحجما) (وَمَا زلت منحازا بعرضي جانبا ... من الذَّم أَعْتَد الصيانة مغنما) (إِذا قيل هَذَا مشرب قلت قد أرى ... وَلَكِن نفس الْحر لَا تحمل الظما) (وَلم أقض حق الْعلم إِن كَانَ كلما ... بدا طمع صيرته لي سلما) (وَلم أبتذل فِي خدمَة الْعلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لَكِن لأخدما) (أأشقى بِهِ غرسا وأجنيه ذلة ... إِذا فاتباع الْجَهْل قد كَانَ أحزما) // من الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى (وَقَالُوا اضْطربَ فِي الأَرْض فالرزق وَاسع ... فَقلت وَلَكِن مطلب الرزق ضيق) (إِذا لم يكن فِي الأَرْض حر يُعِيننِي ... وَلم يَك لي كسب فَمن أَيْن أرزق) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (على مهجتي تجني الْحَوَادِث والدهر ... فَأَما اصْطِبَارِي فَهُوَ مُمْتَنع وعر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 (كَأَنِّي أُلَاقِي كل يَوْم ينوبني ... بذنب وَمَا ذَنبي سوى أنني حر) (فَإِن لم يكن عِنْد الزَّمَان سوى الَّذِي ... أضيق بِهِ ذرعا فعندي لَهُ الصَّبْر) (وَقَالُوا توصل بالخضوع إِلَى الْغنى ... وَمَا علمُوا أَن الخضوع هُوَ الْفقر) (وبيني وَبَين المَال بَابَانِ حرما ... على الْغنى نَفسِي الأبية والدهر) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (إِذا قَالَ هَذَا الْيُسْر أَبْصرت دونه ... مَوَاقِف خير من وُقُوفِي بهَا الْعسر) (إِذا قدمُوا بالوفر أقدمت قبلهم ... بِنَفس فَقير كل أخلاقه وفر) (وماذا على مثلي إِذا خضعت لَهُ ... مطامعه فِي كف من حصل التبر) وَكتب على لِسَان غَيره (أَبَا حسن طَال انْتِظَار عِصَابَة ... رجتك لما يُرْجَى لَهُ الْمَاجِد الْحر) (وَقد حَان بل قد هان لَوْلَا المطال أَن ... يحل لَهُم عَن وَعدك الموثق الْأسر) (وَقد فاتهم من قربك الْأنس والمنى ... وحاربهم فِيك اختيارك والدهر) (فَإِن كنت عوضت عَنْهُم بغيرهم ... فعوضهم رَاحا يَزُول بهَا الْفِكر) (فأنس الْفَتى فِي الدَّهْر خل مساعد ... وَإِن فَاتَهُ الْخلّ المساعد فالخمر) (فإمَّا رَسُول بالنبيذ مبادر ... وَإِلَّا فَلَا تغْضب إِذا غضب الشّعْر) // من الطَّوِيل // وَقَالَ من قصيدة كتبهَا إِلَى أَخَوَيْنِ لَهُ من انقباضه عَنْهُمَا وإغبابه زيارتهما (أَيهَا معهد الأحباب ذكرهم عهدي ... وَدم لي وَإِن دَامَ البعاد على الود) (ولي خلق لَا أَسْتَطِيع فِرَاقه ... يفوتني حظي ويمنعني رشدي) (نفور عَن الإخوان من غير رِيبَة ... تعد جفَاء وَالْوَفَاء لَهُم وكدي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 (غذيت بِهِ طفْلا فَإِن رمت هجره ... تأبى وأغرتني بِهِ ألفة المهد) (كَمَا ألفت كفا كَمَا الْبَذْل والندى ... فأعيا كَمَا أَن تمنعا كف مستجدي) (على أنني أَقْْضِي الْحُقُوق بنيتي ... وأبلغ أقْصَى غَايَة الْقرب فِي بعدِي) (ويخدمهم قلبِي وودي ومنطقي ... وأبلغ فِي رعي الذمام لَهُم جهدي) (فَإِن أَنْتُمَا لم تقبلا لي عذرة ... وألزمتماني فِيهِ أَكثر من وجدي) (فقولا لطبعي أَن يَزُول فَإِنَّهُ ... يرى لَكمَا حق الموَالِي على العَبْد) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (جفاؤك كل يَوْم فِي مزِيد ... وَمَا تنفك تشمت بِي حسودي) (فَإِن يكن الصدود رضاك فَاذْهَبْ ... فَإِنِّي قد وَهبتك للصدود) (فحسبي مِنْك أَن يهواك قلبِي ... وحسبك أَن أزورك كل عيد) // من الوافر // وَأهْدى إِلَى صديق لَهُ بعض إخوانه تحفة وفيهَا أفراخ وباقلاء وباذنجان فَقَالَ على لِسَانه يذكر ذَلِك (أَبى سيد السادات إِلَّا تظرفا ... وَإِلَّا وصالا دَائِما وتعطفا) (وساعدني فِيهِ الزَّمَان فخلته ... تحرج من ظلمي فَتَابَ وأسعفا) (وأهيف لَو للغصن بعض قوامه ... تقصف عارا أَن أُسَمِّيهِ أهيفا) (تحين غفلات الوشاة فزارنا ... يعرج عَن قصد الطَّرِيق تخوفا) (فَمَا باشرت نعلاه مَوضِع خطْوَة ... من الأَرْض إِلَّا أورثاه تصلفا) (وتلحظ خديه الْعُيُون فتنثني ... تساقط فَوق الأَرْض وردا مقطفا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 (فَقلت أحلم أم خواطر صبوة ... تصَوره أم أنشر الله يوسفا) (وفيم تجلى الْبَدْر وَالشَّمْس لم تغب ... أحاول مِنْهَا أَن تحول وتكسفا) (أما خشيت عَيْنَاك عينا تصيبها ... وغصنك ذَا إِذْ مَال أَن يتقصفا) (وَلم يحذر الواشين من لحظاته ... تقلب سَيْفا بَين جفنيه مرهفا) (فَقَالَ اشتياقا جِئتُكُمْ وصبابة ... إِلَيْكُم وإكراما لكم وتشوقا) (وَلَيْسَ الْفَتى من كَانَ ينصف حَاضرا ... أَخَاهُ وَلَكِن من إِذا غَابَ أنصفا) (وَمر فَلم أعلم لفرط تحيري ... أطير سُرُورًا أم أَمُوت تأسفا) (فيازورة لم تشف قلبا متيما ... وَلكنهَا زَادَت غرامي فأضعفا) (فَلَمَّا تمثلنا الْهَدِيَّة خلته ... تمثل فِيهَا بهجة وتظرفا) (وَلما مددنا نحوهن أناملا ... براها الضنى فِي حبه فتحيفا) (إِلَى باقلاء خيف أَن لَا تقله ... يداي لما بِي من هَوَاهُ فنصفا) (حملنَا بأطراف البنان وَلم نكد ... بنانا زهاها الْحسن أَن تتطرفا) (وسودا تروت بالدهان وبدلت ... بتوريدها لونا من النَّار أكلفا) (كأفواه زنج تبصر الْجلد أسودا ... وتبصر إِن فرت لجينا مؤلفا) (كخلق حبيب خَافَ إكثار حَاسِد ... فأظهر صرما وَهُوَ يعْتَقد الوفا) (ومنتزع من وكر أم شفيقة ... يعز عَلَيْهَا أَن يصاد فيعسفا) (يغذى غذَاء الطِّفْل طَال سقامه ... فحن عَلَيْهِ والداه ورفرفا) (فَلَمَّا بَدَت أَطْرَاف ريش كَأَنَّهُ ... مبادي نَبَات غب قطر تشرفا) (تكلفه من يرتجي عظم نَفعه ... فَكَانَ بِهِ أحفى وأحنى وأرأفا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 (يزق بِمَا يهوي ويعلف مَا اشْتهى ... وَيمْنَع بعد الشِّبَع أَن يتصرفا) (فَلَمَّا تراءته الْعُيُون تَعَجبا ... وَقيل تناهى بل تعدى وأسرفا) (أراق دَمًا قد كَانَ قبل يصونه ... كدمعة مضنى الْقلب روعه الجفا) (تضرب حَتَّى خلت أَن جنَاحه ... فُؤَادِي حينا ثمَّ عوجل وانطفا) (فجيء بِهِ مثل الْأَسير تمكنت ... أعاديه مِنْهُ بعد حَرْب فكتفا) (لَهُ أَخَوَات مثله ألفت ثنى ... على مثل مَا كَانَا زَمَانا تألفا) (وَقَالَ لي الفأل الْمُصِيب مبشرا ... كَذَا أبدا مَا عشتما فتألفا) (فيا لَك من أكل على ذكر من بِهِ ... تطيب لنا الدُّنْيَا تعطف أم جَفا) (وَلم أر قبل الْيَوْم تحفة بعده ... وَمن عَاشر الْحر الظريف تظرفا) // من الطَّوِيل // 2 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْجَوْهَرِي نجم جرجان فِي صنائع الصاحب وندمائه وشعرائه فسكن دورة صناعَة الشّعْر فِي ريعان عمره وعنفوان أمره وَتَنَاول المرمى الْبعيد بقريب سَعْيه وَكَانَ فِي إِعْطَاء المحاسن إِيَّاه زمامها كَمَا قيل جذع بَين على المذاكي الْقرح وَكَانَ الصاحب يعجب أَشد الْإِعْجَاب بتناسب وَجهه وشعره حسنا وتشابه روحه وشمائله خفَّة وظرفا ويصطنعه لنَفسِهِ ويصرفه فِي الْأَعْمَال والسفارات وعهدي بِهِ وَقد ورد نيسابور رَسُولا إِلَى الْأَمِير أبي الْحسن فِي سنة سبع وَسبعين وثلثمائة يمْلَأ الْعُيُون جمالا والقلوب كمالا وَحين انكفأ إِلَى حَضْرَة الصاحب وَجهه إِلَى أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ بأصبهان وزوده كتابا بِخَطِّهِ ينْطق بحقائق أَوْصَافه وأخباره وَهَذِه نسخته بعد الصَّدْر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 أوصافي لمولاي أدام الله تَعَالَى عزه تودع الشوق إِلَيْهِ حبات الْقُلُوب كَمَا تملأ لَهُ بالمحبة أوساط الصُّدُور فَلَا تغادر ذَا قدح فائز فِي الْفضل وخصل سَابق فِي خِصَال الْعلم إِلَّا ونار الحنين حَشْو ثِيَابه أَو يرحل إِلَيْهِ وينيخ ركائب السّير لَدَيْهِ لَا جرم أَن جلّ من يحضرني يطالبني بِالْإِذْنِ لَهُ فِي قَصده ويهتبل غرَّة الزَّمَان فِي الخطوة بِقُرْبِهِ نعم وذوو التَّحْصِيل إِذا حظوا لدي بزلفة وأحصفوا عُرْوَة خدمَة واعتقدوا أَنهم إِن لم يعتمدوا ظله وَلم يعتلقوا حبله كَانُوا كمن حج وَلم يعْتَمر وَدخل ظفار وَلم يحمر إِلَّا أَن جَمِيعهم إِذا دَفعته انْدفع وَإِذا خدعته انخدع غير وَاحِد ملط ملحف مشط يغريه الرَّد بالمراجعة ويغويه الْمَنْع للمعاودة وَيَقُول بملء لِسَانه إِلَى أَن يسأم وَيَقْتَضِي طول زَمَانه حَتَّى يسأم وَكم جررته على شوك المطل ونقلته من حزن إِلَى سهل وصرفته على إنجاز وعد بوعد ودفعته من اسْتِقْبَال شهر إِلَى انسلاخ شهر ثمَّ خوفته كلب الشتَاء أجعَل الرّبيع موعدا وحذرته وهج المصيف أعْطِيه للخريف موثقًا وَكم شغلته بعمالة بعد عمالة ووفادة بعد وفادة أُرِيد فِي كل أَن أصدفه عَن وجهته وأصده عَن عزمته لَيْسَ لغَرَض أَكثر من أَن السُّؤَال مِنْهُ والدفاع مني تساجلا والالتماس مِنْهُ والامتناع من جهتي تقابلا فَلَمَّا خشيت صبابته بأصبهان أَن يردهَا بل بِخِدْمَة مولَايَ أَن يعتقدها تجنى على قلبه أَو يتحيف بِمَسّ من الْجُنُون ثَابت عقله ألقيت حبله على غاربه وَبَردت بِالْإِذْنِ جمرات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 جوانحه فَإِن يقل مولَايَ من ذَا الَّذِي هَذَا خطبه وَهَذِه خطته أقل من فَضله برهَان حق وشعره لِسَان صدق وَمن أطبق أهل جلدته على أَنه معْجزَة بلدته فَلَا يعد لجرجان بَعيدا وَلَا قَرِيبا أَو لأختها طبرستان قَدِيما وَلَا حَدِيثا مثله وَمن أَخذ برقاب النّظم أَخذه وَملك رق القوافي ملكه ذَاك على اقتبال شبابه وريعان عمره وَقبل أَن تحدثه الْآدَاب وَقيل جري المذكيات غلاب أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي أيده الله وبناؤه عِنْد مولَايَ مُنْذُ حِين وخصوصه بِي كالصبح الْمُبين إِلَّا أَن لمشاهدة الْحَاضِر ومعاينة النَّاظر مزية لَا يستقصيها الْخَبَر وَإِن امْتَدَّ نَفسه وَطَالَ رعانه ومرسه وَقد ألف إِلَى هَذِه الْفَضِيلَة الَّتِي فرع بنيها وأوفى على ذَوي التجربة والتقدمة فِيهَا نفاذا فِي أدب الْخدمَة وَمَعْرِفَة بِحَق الندام وَالْعشرَة وقبولا يمْلَأ بِهِ مجْلِس الحفلة إنصاتا للمتبوع إِلَّا إِذا وَجب القَوْل وإعظاما للمخدوم إِلَّا إِذا خرج الْأَمر وظرفا يشحن مجْلِس الْخلْوَة وحديثا يسكت بِهِ العنادب ويطاول البلابل فَإِن اتّفق أَن يفسح لَهُ فِي الفارسية نظما ونثرا طفح آذيه وسال أتيه فألسنة أهل مصره إِلَّا الْأَفْرَاد بروق إِذا وطئوا أعقاب الْعَجم وقيود إِذا تعاطوا لُغَات الْعَرَب حَتَّى إِن الأديب مِنْهُم الْمُقدم والعليم المسوم يتلعثم إِذا حَاضر بمنطقه كَأَنَّهُ لم يدر من عدنان وَلم يسمع من قحطان وَمن فضول أخينا أَو فَضله أَنه يدعى الْكِتَابَة ويدارس البلاغة ويمارس الْإِنْشَاء ويهذي فِيهِ مَا شَاءَ وَكنت أخرجته إِلَى نَاصِر الدولة أبي الْحسن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم فوفق التَّوْفِيق كُله صِيَانة لنَفسِهِ وَأَمَانَة فِي ودائع لِسَانه وَيَده وإظهارا لنسك لم أعهده فِي مسكه حَتَّى خرج وَسلم على نَقده وَإِن نَقده لشديد لمثله ومولاي يجريه بِحَضْرَتِهِ مجْرَاه بحضرتي فطعامه ومنامه وقعوده وقيامه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 إِمَّا بَين يَدي أَو بأقرب الْمجَالِس لدي وَلَا يَقُولَن هَذَا أديب وشاعر أَو وَافد وزائر بل يحسبه قد تخفف بَين يَدَيْهِ أعواما وأحقابا وَقضى فِي التَّصَرُّف لَدَيْهِ صبا وشبابا وَهَذَا إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى وسيط وشفيع مَا لم ينشر بزه وَلم يظْهر طرزه وَإِلَّا فسيكون بعد شَفِيع من سواهُ ووسيط من عداهُ فهناك بِحَمْد الله درقه وحدقه ووجنة مطرفه وَمَا أَكثر مَا يفاخرنا بمناظر جرجان وصحاريها ورفارفها وحواشيها فليملأ مولَايَ عينه من منتزهات أَصْبَهَان فَعَسَى طماحه أَن يُخَفف وجماحه أَن يقل وشريطة أُخْرَى فِي بَابه وَهِي أَنه لَيْسَ موضعا لمَاله فسبيل مَا يرزأه أَن يكون مَا أَقَامَ فِي حجره وَإِن أذن لَهُ مولَايَ فِي الْعود دَاخِلا فِي حظر فَمَا أَكثر مَا يباري البرامكة تبرما بِجَانِب الْجمع وتخرقا فِي مَذَاهِب الْبَذْل وَنسبَة للرياح إِلَى الْإِمْسَاك وَالْبخل فَبينا ترَاهُ الثروة أقرب وَصفيه حَتَّى تَلقاهُ وَالْحَاجة أحد خصميه وَكم وَكم تداركت أمره فَمَا ازْدَادَ الْخرق إِلَّا وسعا لَا يقبل رتقا وتهاونا لَا يسع تلافيا وَمَا كنت مَعَ إبرامه لأفسح لَهُ فِي الْخُرُوج وأمد لَهُ طول النهوض مَعَ أنسي الشَّديد بِحُضُورِهِ واستمتاع النَّفس بعلقه وجنونه غير أَنِّي أزرته من ينظر بعيني وَيسمع بأذني وَمن إِذا ارْتَاحَ لِلْأَمْرِ فقد ارتحت وَإِذا انْشَرَحَ صَدرا فقد انشرحت ونكتة أُخْرَى وَهِي وَاسِطَة التَّاج وفاتحة الرتاج مولَايَ سمح بِمَالِه مقرب لمناله بخيل بجاهه ضنين بِكَلَامِهِ وَأَبُو الْحسن لَا يقبل الْعذر أَو يصدق النّذر فَيجْعَل جوده بِلِسَانِهِ أبلغ من جوده ببنانه وَحقا أخبر أَن قَصده الْأَكْثَر الِارْتفَاع لَا الِانْتِفَاع غير أَنِّي أنبأت عَن سره وَعَن سنّ بكره وَانْقَضَت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 الْخطْبَة وَالسَّلَام وَلما انْقَلب من أَصْبَهَان إِلَى جرجان مَسْرُورا لم تطل بِهِ الْأَيَّام حَتَّى أصبح مقبورا ملح من مقطوعاته فِي كل فن قَالَ (ومغلف بالمسك فِي خديه ... سطرا يشوق العاشقين إِلَيْهِ) (مَا جَاءَهُ أحد ليخطف نظرة ... إِلَّا تصدق بالفؤاد عَلَيْهِ) // من الْكَامِل // وَقَالَ (من عاصمي يَا ابْن أبي عَاصِم ... من لحظك المقتدر الظَّالِم) (يَا خَاتم الْحسن أغث مدنفا ... صَارَت عَلَيْهِ الأَرْض كالخاتم) // من السَّرِيع // وَقَالَ (يَا ليل أفدي أختك البارحة ... مَا كَانَ أذكى رِيحهَا الفائحة) (كَانَت لَهَا خَاتِمَة لَو درت ... وجدي بهَا كَانَت هِيَ الْفَاتِحَة) // من السَّرِيع // وَقَوله (عشقت وَكم من كريم عشق ... وَخفت وَكم من حسود فرق) (لقد سرق اللحظ مِنْك الْفُؤَاد ... خلاسا وَكم مثل قلبِي سرق) // من المتقارب // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 وَقَالَ (يَا حبذا الكأس من يَدي قمر ... يخْطر فِي معرض من الشَّفق) (بدا وَعين الدجى محمرة ... أجفانها من سلافة الفلق) // من المنسرح // وَقَالَ يصف حب الرُّمَّان (وحبات رمان لطاف كَأَنَّهَا ... شوارد ياقوت لطفن عَن الثقب) (أشبههَا فِي لَوْنهَا وصفائها ... بقطرات دمع وَردت من دم الْقلب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ يصف الباذنجان (وباذنجانة حشيت حشاها ... صغَار الدّرّ بِاللَّبنِ الحليب) (تقمصت البنفسج واستقلت ... من الآس الرطيب على قضيب) // من الوافر // وَلابْن الرُّومِي (إِذا أَجَاد الَّذِي يُشبههُ ... وَأحكم الْوَصْف فِيهِ بالنعت) (قَالَ كرات الْأَدِيم قد حشيت ... بسمسم قمعت بكيمخت) // من المنسرح // وَقَالَ فِي لَيْلَة راكدة الْهَوَاء هَب فِيهَا نسيم طيب (بَادر الصَّهْبَاء فالدهر فرص ... وَلَقَد طَابَ نسيما وخلص) (أَهْدَت الرّيح إِلَيْنَا نسما ... جمش الْأَرْوَاح منا وقرص) (فَكَأَن الكأس لما جليت ... طرب الجو عَلَيْهَا فرقص) (وَإِذا خص زمَان بمنى ... فزمان الْورْد باللهو أخص) // من الرمل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 وَقَالَ (وعارض كالبنفسج الغض ... يزهي على صحن سوسن فضي) (سَأَلت عَنهُ فَقيل ذَا قمر ... درع ثوب الظلام للعرض) (نظرت فِيهِ فصد معتديا ... وَكَاد بَعْضِي يصد عَن بَعْضِي) // من المنسرح // وَقَالَ يَسْتَدْعِي صديقا لَهُ (عَفا الدَّهْر عَنَّا واستقلت بِنَا المنى ... وحث بِنَا ربع من الْأنس عَامر) (وضمت أكف الراح شَمل عِصَابَة ... وُجُوههم للزهرات ضرائر) (فَإِن زرتني شوقا وَإِلَّا فإنني ... إِذا جد جد السكر والشوق زائر) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي معنى لم يسْبق إِلَيْهِ (أَلا يَا أَيهَا الْملك الْمُعَلَّى ... أنلني من عطاياك الجزيله) (لعبدك حُرْمَة وَالذكر فحش ... فَلَا تحوج إِلَى ذكر الوسيله) // من الوافر // وَقَالَ يهجو (انْظُر إِلَى أَمر عَجِيب قد حدث ... أَبُو تَمِيم وَهُوَ شيخ لَا حدث) (قد يحبس الأصلع فِي بَيت الْحَدث ... ) // من الرجز // وَقَالَ فِي أبي نصر الْكَاتِب النَّيْسَابُورِي (إِنِّي قصدت أبانصر بِمَسْأَلَة ... يقل وصفي إِيَّاهَا عَن الْكَلم) (فظل يرعد خوفًا من مكالمتي ... وَكَاد يسْقط قرناه على الْقدَم) (فَقلت نَفسك إِنِّي وَفد مكرمَة ... واذهب فَإنَّك فِي حل من الْكَرم) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 وَقَالَ فِيهِ (حكوا لي عَن أبي نصر ... وَقد أورد من حقق) (بِأَن الشَّيْخ يستدخل ... أيرين إِذا استحلق) (فَمَا صدقت حَتَّى قلت ... للشَّيْخ وَقد أطرق) (أيحوي الغمد سيفين ... فَقَالَ الشَّيْخ يَا أَحمَق) (وَمَا تنكر أَن يعْمل ... ملاحان فِي زورق) // من الهزج // وَقَالَ فِيهِ (أَبُو النَّصْر قد أبدع ... فِي ابْنَته بدعه) (حكوا لي أَنه يبلغ ... عرض الأير فِي دَفعه) (وَذَا من كَاتب شيخ ... عميد مثله شنعه) (وَلَوْلَا أَنه شيخ ... تركنَا عذله فظعه) (وخليناه يستدخل ... خمْسا شَاءَ جو سبعه) (وَمن يحْسد طست الشمع ... يَا قوم على الشمعة) // من الهزج // غرر من قصائده قَالَ من قصيدة (يَا سقيط الندى على الأقحوان ... شَأْنك الْآن فِي الصبوح وشاني) (أَنْت أذكرتني دموعي وَقد صوبن ... بَين العتاب والهجران) (إِن يكن للخليج فِيك أَوَان ... بتقضي المنى فَهَذَا أوابي) (شجر مدنف وجو عليل ... وصباح يمِيل كالنشوان) (صَاح إِن الزَّمَان أقصر عمرا ... أَن يراع المنى بِصَرْف الزَّمَان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 (رق عني ملاحف اللَّيْل فانهض ... برقيق من صوب تِلْكَ الدنان) (قهوة عقها النواظر لما ... حسبتها عصارة العقيان) (كعصير الخدود فِي يقق الْأَوْجه ... أَو كالدموع فِي الأجفان) // من الْخَفِيف // وَمن قصيدة فِي الصاحب يمدحه وَيعْتَذر من خُرُوجه حَاجا من غير إِذْنه ويعرض بِقوم أساءوا الْمحْضر لَهُ بجرجان (قَلِيل لمثلي أَن يُقَال تغيرا ... وَفَارق مخضلا من الْعَيْش أخضرا) (زمَان كعتبي من حبيب نوده ... إِذا مر مِنْهُ أدهر كن أشهرا) يَقُولُونَ بَغْدَاد الَّذِي اشْتقت بُرْهَة ... دساكرها والعبقري المقيرا) (إِذا فض عَنهُ الْخَتْم فاح بنفسجا ... وأشرق مصباحا وَنور عصفرا) (ودجلتها الْغناء والزو نافضا ... جناحيه يَحْكِي الطَّائِر المتحدرا) (إِذا رفع الملاح جَنْبَيْهِ خلته ... تشقق من غيظ على المَاء معجرا) (وقمرة روض حسنها وحديثها ... إِذا اللَّيْل من بدر الزجاجة أقمرا) (إِذا رقصت حول المثاني بنانها ... ترى كل جُزْء من فُؤَادك مزهرا) (وليل على النجمي شطت نجومه ... عَن الْعين حَتَّى قيل لن يتصورا) (تغور ويبديها الظلام كَأَنَّهَا ... عُيُون سكارى منتشين من الكرا) (عكفنا على صهباء لَو مرت الصِّبَا ... بهَا لاكتست ثوبا من الْحسن أحمرا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 (ندامى كَأَن الدَّهْر يعشق شملهم ... فَإِن عزموا يَوْمًا على الْبَين أنكرا) (أذلك خير أم بِسَاط تنوفة ... نداماك فِيهَا الغول والقهوة السرى) (فَقلت أما وَالله لَوْلَا تُقَاته ... لطال على العذال أَن أتسترا) (دَعونِي ومرو الثعلبية إِنَّنِي ... أَرض بمرو الثعلبية عنبرا) (رعى الله مَوْلَانَا الْوَزير ورأيه ... جوادا إِلَى العلياء لن يتغيرا) (يمثل دينا بَين قلبِي وناظري ... فلست أرى شَيْئا سواهُ وَلَا أرى) (لقد طويت عَن خطبتي صحف الندى ... وَقد كنت عنوانا عَلَيْهَا مسطرا) (تحير عيشي بالعراق وهمتي ... بجرجان أبدت دهشة وتحيرا) (حججْت لعمر الله مَكَّة معذرا ... وَكنت بحجي ذَلِك الْبَاب أعذرا) (رأى الدَّهْر أَنِّي ناهض بقوادمي ... فطيرني من قبل أَن أتخيرا) (وَأبْصر أيامي تفتح ناظري ... فأعمينني من قثبل أَن أتبصرا) (رويدك لم أَهجر علاك وَإِنَّمَا ... بخلت بنفسي أَن تمل وتهجرا) (وقدت فَكنت النَّار تَأْكُل نَفسهَا ... وسلت فَكنت المَاء ينصب فِي الثرا) (قدرت على قَتْلِي فاقتصد ... وَكنت على قَتْلِي بسيفك أقدرا) (وَأقسم لَو رويت سَيْفك من دمي ... لأورق بالود الصَّرِيح وأثمرا) (فكم مُدبر بالود تَلقاهُ مُقبلا ... وَكم مقبل تَلقاهُ بالود مُدبرا) // من الطَّوِيل // وَمن قصيدة كتبهَا من دهشتان إِلَى الصاحب وَهُوَ على بعض ضياعها يصف تبرمه بهَا وخراب مستغله بجرجان (يَا لَيْلَة قصرت فطابت وَانْقَضَت ... وأفدت مِنْهَا ظلمَة وضياء) (حميت بأنفاسي نجومك فانثنت ... يجذبن من برد الصَّباح رِدَاء) (أَيدي ضعفت عَن الأعنة فاقنعي ... بالكأس طرفا والهوى بيداء) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 (لَو لم تخن قدمي مَقَاصِد همتي ... لم أَرض إِلَّا الفرقدين حذاء) (نكبتني الْأَيَّام فِي مستحضر ... قد كَانَ يسْبق عدوه النكباء) (أبقى الحفا مِنْهُ ثَلَاث قَوَائِم ... مثل الأثافي مَا يرمن فنَاء) (ولطالما ترك الرِّيَاح هبوبه ... حسرى تخال أمامهن وَرَاء) (هَذَا وَقد أخذت بآفاق المدى ... كف الْوَزير توزع النعماء) (وَقد اسْتَقل سَرِيره بعلائه ... يستعرض الشُّعَرَاء والندماء) (عيد أنو شرْوَان قَالَ لعظمه ... ضحوا بأكواب وعفوا الشَّاء) (يتَقرَّب الدهْقَان فِيهِ ببنته ... فيزفها فِي كأسها حَمْرَاء) (نسج الزَّمَان من الندى لثنائه ... بيد السَّحَاب غلالة دكناء) (واغبر وَجه الجو مِمَّا رفرفت ... فِيهِ الغيوم فَأشبه الغبراء) (وسجا أَدِيم الأَرْض من برد الضُّحَى ... حَتَّى ترَاهُ فِي الْإِنَاء إِنَاء) (ونعى الشتَاء إِلَيّ بَيْتِي إِذا رأى ... أَعْلَاهُ لَيْسَ يكفكف الأنداء) (وسواريا لَو دب فَوق متونها ... نمل هوت من أصلهن هباء) (وعليلة بليت بلاي وأصبحت ... غرفاتها عَن أهلهن خلاء) (أخْشَى الرِّيَاح إِذا جرت من حولهَا ... أبدا وَأحذر فَوْقهَا الأنواء) (قولا لمن ذمّ القوافي وَادّعى ... أَن القريض يهجن الرؤساء) (وَيَقُول بغيا هَل تصرف شَاعِر ... أَو نافس الْعمَّال والضمناء) (سَائل دهشتان العتود بِمن يَلِي ... أَعمالهَا عَن حملي الأعباء) (هَيْهَات لَا تحقر عُيُون قصائدي ... إِنِّي خدمت بِبَعْضِهَا الوزراء) (وَبهَا وصلت إِلَى ابْن عباد الْعلَا ... وخدمت تِلْكَ الحضرة الغراء) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 (وَمَتى لثمت يَدَيْهِ أَو أنشدته ... لم اقتنع بالمشرقين حباء) (فَارَقت بطحاء المكارم عِنْده ... وَنزلت أَرضًا بعده شنعاء) (مغنى اللُّصُوص ومنبع الشَّرّ الَّذِي ... أفنى الرِّجَال وجشم الْأُمَرَاء) (قوم إِذا شبقوا أَتَوا أنعامهم ... أَو أعدموا باعوا الْبَنَات إِمَاء) (مثل الثعالب ينبعثن فَإِن عوى ... ذِئْب دخلن الأيكة العوصاء) (كَانُوا ذَوي ثقتي فصرت كأنني ... عين تقلب مِنْهُم الأقذاء) (وولايتي عزل إِذا لم أعتنق ... بَاب الْوَزير وتلكم الآلاء) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى يصف فِيهَا ضيق ذَات يَده وخراب حجرته وَكَثْرَة عِيَاله ويهنئ الصاحب ببنائه الْجَدِيد بجرجان (أهش لأنواء الرّبيع إِذا انبرت ... وأكره أبواء الرّبيع وَأنكر) (تظل جفوني كلما مر بارق ... تطول إِلَى خيط السَّمَاء وتقصر) (حذارا على خاوي الجوانب مائل ... يكَاد بأنفاسي عَلَيْهِ يقطر) (لَدَى عرصات أَصبَحت غرفاتها ... مناخل أمطار تروح وتبكر) (أساطين حكتها السنون كَأَنَّهَا ... قيام تثنت للرُّكُوع تكبر) (رثى لي أعدائي بهَا وتطيرت ... برؤيتها الْعين الَّتِي لَا تطير) (يَقُولُونَ هلا تستجد مرمة ... وحالي مِنْهَا بالمرمة أَجْدَر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 (إِذا كشف الْأَيَّام وَجه تجملي ... وأظهرت الْحَال الَّتِي أَنا مُضْمر) (فَكل مَكَان للتبذل موقف ... وكل لِبَاس للتهتك مئزر) (ثَمَانِيَة يرجون صوب قصائدي ... على أَنه من صوب طبعي أنزر) (يمدون أَعْنَاق النعام إِلَى يَدي ... وتفتح أَفْوَاه السبَاع وتفغر) (إِذا رحت عَن دَار الْوَزير تبسطت ... أناملهم نَحْو الندى تتشمر) (يرَوْنَ خَطِيبًا ملْء بردي ومطرفي ... يحدث عَن آلائه ويخبر) (بنيت إِلَى دنياك دنيا جَدِيدَة ... هِيَ الْجنَّة الْعليا وَأَنت المعمر) (معارج مجد وَاحِد فَوق وَاحِد ... تعثر فِيهَا فكرتي وتحير) (طرائح عز لبنة فَوق لبنة ... تربع فِي صحن الْعلَا وتدور) (بنيت لعمري سؤددا لَا بنية ... وَهل سؤدد إِلَّا بربعك يعمر) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (تثنى إِلَى برد النسيم المرفرف ... يبث جوى من قلبه المتشوف) (تنسم أنفاس الضُّحَى بحشاشة ... توقد من حر الغرام وتنطفي) (تجافيت إِلَّا عَن محَاسِن قهوة ... أجر إِلَيْهَا شملة المتظرف) (دعوا رمقي يستنصر الراح إِنَّهَا ... سلالة مجد فِي غلالة مدنف) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (زر الصَّباح علينا شملة السحب ... ومدت الرّيح مِنْهَا واهي الطنب) (صك النسيم فراخ فانزعجت ... ينفضن أَجْنِحَة من عنبر الزغب) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 لَو لم يقل إِلَّا هَذَا الْبَيْت لَكَانَ أشعر النَّاس (تسْعَى الْجنُوب بِطرف حولهَا ثمل ... من الندى وفؤاد نَحْوهَا طرب) وَمِنْهَا (كفى العواذل أَنِّي لَا أرى قدحا ... إِلَّا شققت عَلَيْهِ جلدَة الطَّرب) (إِن قيل تَابَ يَقُول الغي لم يتب ... أَو قيل شَاب يَقُول اللَّهْو لم يشب) وَمن أُخْرَى (لَو ثار مَا اقتدحته النَّفس من هممي ... لصك نَاصِيَة الجوزاء ملتهبا) (لَو أَن ساعدي الْيُمْنَى تساعدني ... على سوى الْجُود صغت الأَرْض لي ذَهَبا) (يَا مسرجا صهوات الرّيح منتجعا ... قرب خطاك فَإِن الْجُود قد قربا) (لَا تركب الْبَحْر إِلَّا بَحر مكرمَة ... يسْقِي الْفُرَات وَلَا يودي بِمن ركبا) (سكنت روعة حَالي بَعْدَمَا ادرعت ... من اعْتِرَاض عوادي فقرها رعْبًا) (فصرت مِنْك أقوي بالغنى سَببا ... وأدعى لمحلي فِي الْعلَا سَببا) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي فَخر الدولة (سَرِير بأحداق النُّجُوم مسمر ... وَملك بأعراف السَّحَاب معمم) (تقود صروف الدَّهْر فِي عرصاته ... جيادا بسُلْطَان السياسة تلجم) (يزم بفخر الدولة الدَّهْر مذعنا ... وَيملك أَعْنَاق الخطوب ويخزم) (مكارمه فِي جبهة الدَّهْر غرَّة ... وسؤدده فِي غرَّة الدَّهْر ميسم) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 وَمن أُخْرَى (الصُّبْح يرمق عَن جفون مخمر ... وَاللَّيْل يرفع من ذيول مشمر) (والجو فِي حجب النسيم كَأَنَّمَا ... تسْعَى إِلَيْهِ يَد الشمَال بمجمر) (ريح تمايل بَين أنفاس الضُّحَى ... بممسك من ثوبها ومعنبر) (ملك تهيبه النُّجُوم إِذا بدا ... وتحار بَين مهلل ومكبر) (يَكْفِي القوافي أَنَّهَا بعنايتي ... تختال بَين سَرِيره والمنبر) (لَو أَنَّهَا شَعرت بِعظم مقَامهَا ... لم تقتنع بعمومة فِي بحتر) (مَا زَالَ يأمل أَن يعود إِلَى المنى ... شعري بتشريف عَلَيْهِ مزرر) (فَبعثت مِنْهُ جوهريات أَبَت ... أَن لَا تكون ضرائرا للجوهر) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِي أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ بأصبهان (إِنِّي ملكت عنان الرَّأْي من زمن ... إِذا سعيت لمجد كَانَ لي قدما) (إِنِّي أهين جمان الدمع منتثرا ... إِذا رَأَيْت جمان الْعِزّ منتظما) (أفدي بِوَجْه هرند زندروز وَإِن ... شربت مَاء حَياتِي عِنْدهَا شبما) (تركت فِيهِ على الجسرين دسكرة ... يشدو بذكرى فيشجي طيرها نغما) (محلّة مَا طرقت الدَّهْر جَانبهَا ... إِلَّا عزمت على دهري كَمَا عزما) (أَنِّي أحج بطاح اللَّهْو آونه ... إِذا رَأَيْت محلي عِنْدهَا حرما) (لم تثنني لمع للشيب فِي لممي ... عَن أَن ألم بأطراف المنى لمما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 (وَإِنَّمَا قدم التَّوْفِيق تحملنِي ... إِلَى فَتى ملْء حيزوم الْعلَا همما) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (إِذا مَا أدل السَّابِقُونَ فإنني ... أدل بِعَهْد الْخدمَة المتقادم) (وَرب مصل سَابق بوفائه ... وَكم قَاعد فِي نصحه ألف قَائِم) (سأخدمه عمري ويخدم بَابه ... إِذا مت عني خَادِم بعد خَادِم) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (قد كَانَ أمسك وَحي الشّعْر مذ قطعت ... يَد الْحَوَادِث عَن نعمائه علقي) (فَمَا نظمت لِمَعْنى عقد قافية ... إِلَّا نثرت لَهُ عقدا من الْعرق) (وَهَذِه لليال قد سهرت لَهَا ... أروي معالي مَوْلَانَا على نسق) (وَقلت حِين رَأَيْت الطَّبْع ينسجها ... نسج الرّبيع حَوَاشِي رَوْضَة العبق) (عَسى خطرت ببال فاتسقت ... لَهُ فرائد نظمي كل متسق) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي يَوْم ميلاده وتحويل سنه (يَوْم تبرجت الْعلَا ... فِيهِ ومزقت الْحجب) (يَوْم أَتَاهُ المُشْتَرِي ... بشهاب سعد ملتهب) (بسلالة الْمجد الفصيح ... وصفوة الْمجد الزرب) (ملك إِذا ادرع الْعلَا ... فالدهر مسلوب السَّلب) (وَإِذا تنمر فِي الخطوب ... فيا لنار فِي حطب) (وَإِذا تَبَسم للندى ... مطرَت سحائبه الذَّهَب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 (يَا غرَّة الْحسب الْكَرِيم ... وَأَيْنَ مثلك فِي الْحسب) (هَذَا صباح حليت ... بسعوده عطل الحقب) (ميلادك الميمون فِيهِ ... وَهُوَ مِيلَاد الْأَدَب) (عرج عَلَيْهِ بِمَجْلِس ... رَيَّان من مَاء الْعِنَب) (وَاضْرِبْ عَلَيْهِ سرادقا ... للأنس ممتد الطنب) (فرخ وعشش فِي المسرة ... مِنْهُ واستأنس وطب) // من مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (بشعلة الرَّأْي تذكي شعلة الباس ... وَلَذَّة الْمجد تنسي لَذَّة الكاس) (مَا كل مَا احمر للعينين منظره ... ورد وَلَا كل مَا يخضر بالآس) (لَيْت الجهول بطرق الْمجد يتْركهُ ... مَا كل غُصْن لَهُ مَاء بمياس) (لَا تَنْفَع الْمَرْء فِي الهيجاء شكته ... حَتَّى يشد إِلَيْهَا شكة الباس) (كل يشنج عِنْد السَّيْف جَبهته ... وَلَا هوادة عِنْد السَّيْف للراس) (الْحق أَبْلَج باد لَا خَفَاء بِهِ ... وَالْملك أشوس لَا يعنو لأنكاس) (وَلَيْسَ كل ابتسام من أخي كرم ... بشرا وَلَا كل تقريب بإيناس) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي الْأُسْتَاذ أبي الْحسن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْقَاسِم الْعَارِض يَسْتَدْعِي مِنْهُ الشَّرَاب (الدَّهْر مخبره مسك ومنظره ... وَالرَّوْض مطرفه ورد ومعجزه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 (والجو يفتح جفنا فِي محاسنه ... من الندى وأديم الْغَيْث محجره) (يسْعَى الشمَال بند فِي جوانبه ... من النسيم وحر الشَّمْس مجمره) (طَابَ الصبوح وكأسي جد فارغة ... كَأَنَّهَا خَاتم قد غَابَ خِنْصره) (أشتاقه ونسيم الْورْد يعذلني ... أَن لست أسكر مهتزا فأسكره) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي الْحسن الحسني (لَا عتب إِن بذلت عَيْني بِمَا أجد ... فقد بَكَى لي عوادي لما عهدوا) (لَو أَن لي جسدا يقوى لطفت بِهِ ... على العزاء وَلَكِن لَيْسَ لي جَسَد) (تبعتهم بذماء كَانَ يمسِكهُ ... تعللي بخيال كلما بعدوا) (يَا لَيْلَة غمضت عني كواكبها ... ترفقي بجفون غمضها رمد) (أَهْوى الصَّباح وَمَا لي فِيهِ منتصف ... من الظلام وَلَكِن طالما أجد) (لَو أَن لي أمدا فِي الشوق أبلغه ... صبرت عَنْك وَلَكِن لَيْسَ لي أمد) (بَكَيْت بعد دموعي فِي الْهوى جلدي ... وَهل سَمِعت بباك دمعه جلد) (تذوب نَار فُؤَادِي فِي الْهوى بردا ... وَهل سَمِعت بِنَار ذوبها برد) (قَالُوا ألفت رباجي فَقلت لَهُم ... الْحبّ أهل وَإِدْرَاك المنى ولد) (أندى محَاسِن جي أَنه بلد ... طلق النَّهَار وَلَكِن ليله نكد) (إِذا اسْتحبَّ بِلَاد للمعاش بهَا ... فَحَيْثُمَا نعمت حَالي بِهِ بلد) (وللمكارم قوم لَا خَفَاء بهم ... هم يعْرفُونَ بِسِيمَاهُمْ إِذا شهدُوا) (لله معشر صدق كلما تليت ... على الورى سُورَة من مجدهم سجدوا) (ذُرِّيَّة أبهرت طه بجدهم ... وَهل أَتَى بأبيهم حِين ينْتَقد) (وَإِن تصنع شعر فِي ذَوي كرم ... يَا ابْن النَّبِي فشعري فِيك مقتصد) (أصبت فِيك رشادي غير مُجْتَهد ... وَلَيْسَ كل مُصِيب فِيك مُجْتَهد) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 (بسطت عرض فنَاء الدَّهْر مكرمَة ... طرائق الْحَمد فِي حافاتها قدد) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى يصف فِيهَا سقامه وكربه ويشكو تَأَخّر إخوانه عَن عيادته ويخاطب بهَا أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد بن صَالح ليعرضها فِي مجْلِس الصاحب (قلت لما تَأَخّر العواد ... أَي سقم عليله لَا يُعَاد) (مَا لكم إخْوَة الرَّجَاء وَمَا لي ... كل أيامكم نوى وبعاد) (قد صددتم عني صدود التعالي ... لسقامي كَأَن سقمي وداد) (إِن تجنبتم الْعَدْوى فَلم لم ... أعدكم بالهوى وسقمي سهاد) (ملني مضجعي وعاف نديمي ... مجلسي واجتوى جفوني الرقاد) (طرز السقم مَا كسانيه بالعز ... فَهَذَا حتف وَهَذَا حداد) (لي وشاح من الضنا ونجاد ... ووساد من الأسى ومهاد) (قلمي يَتَّقِي بناني وسيفي ... وعناني ويتقيني الْجواد) (وتناست يَدي مناولة الكأس ... وسمعي مَا ينفر العواد) (لَو سوى الْعِزّ نالني مرضتني ... خدمَة دونهَا الشَّبَاب المفاد) (قد لواني عَن جنَّة الْعِزّ سقمي ... وَيْح نَفسِي كَأَن سقمي ارتداد) (رَوْضَة نورها الْعلَا وغدير ... كل أكنافه ندى مُعْتَاد) (باعد العر بَين عيشي وبيني ... فبياض الزَّمَان عِنْدِي سَواد) (يَا أَبَا الْفَتْح قد تفردت عني ... بمنى لَا تخصها الْأَعْدَاد) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 (بلغ الْمجْلس الرفيع سلامي ... واشتياقي وَقل سقاك العهاد) (واجتهد أَن تقبل الأَرْض عني ... حَيْثُ لَا يستطيعه القواد) (حَيْثُ يَبْدُو الْوَزير فِي معرض ... الْفضل ويهتز غصنه المياد) (وتغنم خير التبسم فِيهِ ... إِن بشر السُّلْطَان غنم مفَاد) (ثمَّ قل إِن حَال خَادِم مَوْلَانَا ... لحَال يملها العواد) (سقم مجحف وعر كريه ... واختصاص بكربة وانفراد) (كل عُضْو مني لَهُ حسرات ... واشتياق كَأَن كلي فؤاد) // من الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى (قولا لعاذلتي جمحت فَلم أَزْد ... إِلَّا لجاجا فِي الْهوى وجماحا) (جنح الظلام فبادري بمدامة ... بسطت إِلَيْك من العقيق جنَاحا) (صهباء لَو طافت بهَا قمرية ... أذكت عَلَيْهَا ريشها مصباحا) (رعت الزَّمَان رَبِيعه وخريفه ... فَأَتَت تبث الْورْد والتفاحا) // من الْكَامِل // 3 - أَبُو معمر بن أبي سعيد بن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ جمع شرف النَّفس إِلَى شرف الطَّبْع وكرم الْأَدَب إِلَى كرم النّسَب وَاسْتولى على أمد الْفِقْه فِي اقتبال الْعُمر وَحسن تصرفه فِي الشّعْر حَتَّى كتب الصاحب فِي وصف قصيدة نفذت مِنْهُ فصلا من كتاب طَوِيل إِلَى أَبِيه أبي سعيد وَهَذِه نُسْخَة الْفَصْل وَبعد فَهَل أَتَاك حَدِيث الْإِعْجَاب منا وَقد طلعت من أَرْضك فقرة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 الْفقر وغرة الْغرَر وحديقة الزهر وَخَلِيفَة الْمَطَر تِلْكَ حَسَنَة انتشرت عَن ضوئك وغمامة نشأت بنوئك ونار قدحت بزندك وصفيحة فضل طبعت على نقدك وَإِنَّهَا لقصيدة ولدنَا أبي معمر عمره الله تَعَالَى مَا اخْتَار وَعمر بِهِ الرباع والديار خطت بأقدام الإجادة وَقطعت مَسَافَة الْإِصَابَة وسعت إِلَى كعبة الْقبُول وحلت حرم الْأَمْن خير الْحُلُول تلبي وَقد تعرت من لِبَاس التعمل وتجردت عَن عطاف التبذل فَلم تدع منسكا من الْبر إِلَّا قضته وَلَا مشعرا من الْفضل إِلَى عمرته وَلَا مُعَرفا من الْعلم إِلَّا شهدته وَلَا محصبا من الْفَهم إِلَّا حَضرته واجتمعنا حولهَا وَإِنَّا لأعداد جمة وَفينَا وَاحِد يُقَال إِنَّه أمه كأنا عديد الْمَوْسِم يعظمون الشعائر ويعلقون الستائر ويحتضنون الْمُلْتَزم ويلثمون المستلم وَهَذَا الْكتاب يرد عَلَيْكُم بالْخبر أسْرع من اللمح البارق نعم وَمن اللمع الخاطف وأخف من سَابق الحجيج وَإِن كَانَ الْمثل الْأَعْلَى لبيت الله الْعَتِيق فَأَحْمَد الله إِذْ قرن فضل فتاك بِفَضْلِك وَجعل فرعك كأصلك وَأنْبت غصنك على شجرك واشتق هلالك من قمرك وأراك من ظهرك وَمن يحذو على نجرك ويصل فخره بفخرك ويشيد من بِنَاء الدِّرَايَة مَا أسست ويسقي من شجر الرِّوَايَة مَا غرست قَالَ مؤلف الْكتاب فَمن غرر شعر أبي معمر قَوْله من قصيدة الصاحب (مَا عهِدت الْقَضِيب بالحقف ... وَلَا الْبَدْر للتمام استسرا) (حبذا الطارق الَّذِي زار وَهنا ... فَأَعَادَ الظلام إِذْ زار فجرا) (ثمل الْعَطف وَهُوَ مَا نَالَ خمرًا ... عطر الحبيب وَهُوَ مَا مس عطرا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 (وَالْحيَاء الملم بالخد مِنْهُ ... صيرفي يُبدل الْعين أُخْرَى) (ضمني ضمة الْوَدَاع فَعَاد الشفع ... منا عِنْد التعانق وترا) (وسقاني بِفِيهِ خمرًا برودا ... عَاد بعد الْفِرَاق فِي الْقلب جمرا) (ملك طوعه الْمُلُوك عَلَاء ... وَهُوَ طوع العفاة جاها وَقدرا) (ملك أنهب الْعرُوض فأضحى ... الْعرض مِنْهُ على الْبَريَّة حظرا) (ملك لَا يرى سوى الْحَمد مَالا ... لَا وَلَا الْكَنْز غير مَا جر شكرا) (فَإِذا الْمحل حل حل غماما ... وَإِذا النَّقْع ثار ثار هزبرا) (وَإِذا مَا أَفَادَ نحل كَعْبًا ... وَإِذا مَا أفات نهنه عمرا) (وَإِذا مَا سَطَا تطاول جَهرا ... وَإِذا مَا حبا تطول سرا) // من الْخَفِيف // وَقَوله من قصيدة فِي وصف الثَّلج (لَك الْخَيْر من سَار معَان على السرى ... نصبنا قرى الأَرْض الفضاء لَهُ قرى) (أجَاز الدجى حَتَّى أَنَاخَ إِلَى الضُّحَى ... قلائصه غر الشواكل والذرى) (فرحنا وَقد بَات السَّمَاء مَعَ الثرى ... وَغَابَ أَدِيم الأَرْض عَنَّا فَمَا يرى) (كَأَن غيوم الجو صواغ فضَّة ... تواصوا برد الْحلِيّ عمدا إِلَى الورى) (وللقطر نفحات تصوب خلالها ... كصوب دلاء الْبِئْر أسلمها العرى) (لقد عَم إِحْسَان الشتَاء وبرده ... بلَى خص أَرْبَاب الدساكر والقرى) // من الطَّوِيل // وَقَوله (وَلَيْلَة من اللَّيَالِي القاسيه ... مدت ظلاما كالجبال الراسيه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 (فغادرت كل الورى سواسيه ... الْبيض دهما والعراة كاسيه) (لبستها وَالصَّبْر من لباسيه ... بهمة على الأسى مواسيه) (ونبعة صليبة لَا جاسيه ... حَتَّى شممت الصُّبْح فِي أنفاسيه) (فالصبر صَبر النَّفس لَا عَن ناسيه ... ) // من الرجز // وَكتب إِلَيْهِ بعض العصريين من أهل نيسابور (يَا فريدا فِي الْمجد غير مشارك ... عز باريك فِي الورى وتبارك) (يَا أَبَا معمر عمرت وَلَا زَالَت ... سعود الأفلاك تعمر دَارك) (يَا هِلَال الْأَنَام قد كتب الْأَيَّام ... فِي دفتر الْعلَا آثارك) (ولسان الزَّمَان يدرس فِي كل ... مَكَان على الورى أخبارك) (سَيِّدي أَنْت من يشق غبارك ... بِأبي أَنْت من يروم فخارك) (أَنْت من فِيهِ خَالق الْخلق بَارك ... وحباك الْعلَا وزكى نجارك) (مَا ترى فِي مُنَاسِب فِي الْآدَاب ... قد صَار دأبه تذكارك) (شوقته إِلَيْك أوصافك الغر ... فجاب الْبِلَاد حَتَّى زارك) (هَل ترَاهُ لديك أَهلا لِأَن تمنحه ... يَا أَخا الْعلَا إيثارك) (فَهَل ضيف قراه أنفس علق ... فاقره الود واسقه أشعارك) (وتمل الزَّمَان فِي ظلّ عَيْش ... مثمر لَا يمل قطّ جوارك) // من الْخَفِيف // فَأَجَابَهُ بِهَذِهِ الأبيات (زارك الْغَيْث وانتحى الْقطر دَارك ... كلما التف صَوبه وتدارك) (فلهَا من نداك دِيمَة فضل ... طبقتها فأظهرت آثارك) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 (وَلها من علاك شمس حوتها ... فَهِيَ تجلو على الورى أنوارك) (وَبهَا مِنْك للعلوم بحار ... جاورتها فَمن يَخُوض بحارك) (يَا قَرِيبا فِي الْبر مَا يتجافى ... وبعيدا إِلَى مدى لَا يُشَارك) (وبديعا ملْء الصِّفَات فَلَو رمت ... فخارا لما حصرت فخارك) (جَاءَنَا نظمك البديع فَقُلْنَا الرَّوْض ... إِمَّا أعرته أَو أعارك) (هُوَ روض أطاعك الْحسن فِيهِ ... فأطاع الْإِحْسَان فِيهِ اختيارك) (وسطا بالبياض خطك حَتَّى ... مد لَيْلًا وَمَا خلعت نهارك) (وتناهيت فِي الخطابة حَتَّى ... عجز الْقرن أَن يشق غبارك) (راعه شأوك الْبعيد وَمن يجْرِي ... وَيجْرِي إِذا رأى مضمارك) (فانثنى جامد القريحة يستشعر ... أَن الْأَشْعَار باتت شعارك) (يَا كَرِيمًا ضمت عَلَيْهِ الْمَعَالِي ... فادرعها وَاشْدُدْ بهَا آزارك) (قد أَتَاك الثَّنَاء وَهُوَ أبي ... ذَاك مِمَّا منحته إيثارك) (فاصحب الْفَخر وامض فِي الْخَيْر قدما ... واقض فِي طَاعَة الندى أوطارك) // من الْخَفِيف // 4 - القَاضِي أَبُو بشر الْفضل بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ صدر كثير الْفضل جم المناقب جزل الْأَدَب فصيح الْقَلَم حَرِيص على اقتناء الْكتب وَله يَقُول الصاحب وَقد اعتل (تشكي الْفضل من سقم عراه ... فَإِن الْفضل أجمع من أنينه) (وَعَاد بعقوتي يشكو جواه ... كَمَا يحنو القرين على قرينه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 (فَقلت لَهُ وقاك الله فِيهِ ... فَإِن السعد يطلع من جَبينه) (هُوَ الْعين الَّتِي أَبْصرت مِنْهَا ... وَصَارَ سَواد عَيْني فِي جفونه) (ستفديه يَمِيني لَا شمَالي ... فعين الْمَرْء خير من يَمِينه) // من الوافر // وَكَانَ ولاه قَضَاء جرجان فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّام الصاحب وَعَاد الْأَمِير شمس الْمَعَالِي من خُرَاسَان إِلَى مَمْلَكَته ولاه قَضَاء قُضَاته مُضَافا إِلَى رياسة جرجان وَله شعر ينْطق بِهِ لِسَان فَضله كَقَوْلِه من قصيدة فِي الْأَمِير شمس الْمَعَالِي (سنة أَقبلت مَعَ الإقبال ... وزمان من الميامن حَالي) (رفرفت فَوْقنَا سحائب نعمى ... مطرتنا السرُور فِي كل حَال) (حسبي الله فِي الْأُمُور نَصِيرًا ... ثمَّ حسبي الْأَمِير شمس الْمَعَالِي) (قد رَآهُ خَليفَة الله فِي الأَرْض ... فريدا فَقَالَ للإقبال) (مَا رَأينَا لَهُ مِثَالا وَهَذَا ... لقب مثله فقيد الْمِثَال) (عانق اللَّفْظ وفْق مَعْنَاهُ فَانْظُر ... كَيفَ أنس الأشكال بالأشكال) (ولدا توأمين كالجسم وَالروح ... بعيدين من سَمَاء المنال) (ومعال مُشْتَقَّة من معَان ... وَمَعَان مُشْتَقَّة من معالي) (لم ينل من جداه مثل الَّذِي نلْت ... وَلَا قيل فِي علاهُ مقالي) (ويشيع الَّذِي يشيد من الْمجد ... وَقَوْلِي يسير كالأمثال) (لي من شَيْبه ضياعي وأفراسي ... ودوري وأعبدي وبغالي) (حرس الله ملكه ووقاه ... فِي بَقَاء يطيب بالإمهال) (سايس الْملك سَالم النَّفس طلق الْعَيْش ... مُسْتَوْفيا شُرُوط الْكَمَال) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 5 - أَبُو الْقَاسِم الْعلوِي الأطروش من نازلي إستراباذ وأفاضل العلوية وأعيان أهل الْأَدَب كتب إِلَى القَاضِي أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز رقْعَة تشْتَمل على النّظم والنثر نسختها الشَّيْخ أدام الله عزه قد أعلقني من مودته مَا لَا أَزَال أحرص عَلَيْهِ وأفادني حظا كثرت المنافسة مني فِيهِ إِذْ هُوَ الأوحد الَّذِي لَا يجاري إِلَى غَايَة طول وكرم طبع وَإِن من اعتلق مِنْهُ سَببا واستفاد مِنْهُ ودا فقد احرز الْغَنِيمَة الْبَارِدَة وفاز بِالْخَيرِ والسعادة ورجوت أَن تكون الْحَال بَيْننَا زَائِدَة إِذْ مَحَله عِنْدِي الْمحل الَّذِي لَا يتقدمه فِيهِ أحد وشغل قلبِي بانقباضه عني مَعَ الثِّقَة الوكيدة بِأَنِّي مغمور الْمحل عِنْده موفور الْحَظ من رَأْيه وعنايته لَا أعدمني الله النِّعْمَة بِبَقَائِهِ ودوام سَلَامَته وأنهضني بِالْحَقِّ فِي شكره وَمَا هُوَ إِلَّا قصر النَّفس على تطلب محمدته وَالسَّعْي بهَا إِلَى مرضاته وَقد كتبت فِي هَذِه الرقعة أبياتا مَعَ قلَّة بضاعتي فِي الشّعْر وَكَثْرَة معرفتي بِأَن من أهدي إِلَيْهِ الشّعْر الْجيد المطمع الْمُمْتَنع المصبوب فِي قالبه فكمن حمل التَّمْر إِلَى هجر والقضب إِلَى الْيمن وَهِي هَذِه (يَا وافر الْعلم والإنعام والمنن ... ووافر الْعرض غير الشَّحْم وَالسمن) (لقد تذكرت شعر الْموصِلِي لما ... سَمِعت من لفظك العاري عَن الدَّرن) (يَا سرحة المَاء قد سدت موارده ... أما إِلَيْك طَرِيق يَا أَبَا الْحسن) (إِنِّي رَأَيْتُك أَعلَى النَّاس منزلَة ... فِي الْعلم وَالشعر والآراء والفطن) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 (فاسمع شكاة ودود ذِي مُحَافظَة ... يعفي الْمَوَدَّة عِنْد السِّرّ والعلن) (لقد نمتك ثَقِيف يَا عَليّ إِلَى ... مجد سَيبقى على الْأَيَّام والزمن) (مجد لَو أَن رَسُول الله شَاهده ... لقَالَ إيه أَبَا إِسْحَاق للفتن) (صلى الْإِلَه على الْمُخْتَار من رجل ... مَا ناحت الْوَرق فَوق الأيك والفنن) // من الْبَسِيط // فَإِن وَقع فِيهَا خطل أَو زلل فعلى الشَّيْخ اعْتِمَاد فِي إِقَالَة العثرة وَصرف الْأَمر إِلَى الْجَمِيل الَّذِي يوازي فَضله ويشاكل نبله لِأَنِّي كنت من قبل أهدي الْبَيْت والبيتين إِلَى الإخوان وَبعد الْعَهْد بِهِ الْآن فَإِن رأى أرَاهُ الله محابه أَن يتَأَمَّل مَا خاطبته بِهِ فعل إِن شَاءَ الله وأنشدت لَهُ فِي بعض رُؤَسَاء جرجان (خليلي فرا من الدهخذا ... خذا حذرا من وداده خذا) (يكنى بِسَعْد ونحسا حذا ... وكل الْخَلَائق مِنْهُ كَذَا) // من المتقارب // 6 - أَبُو نصر عبد الله بن مُحَمَّد البَجلِيّ الإستراباذي أَنْشدني أَبُو نصر مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْعُتْبِي قَالَ وجدت بِخَط البَجلِيّ هَذِه الأبيات من قصيدة فِي الْأَمِير شمس الْمَعَالِي (لله شمسان تذكير لخيرهما ... وللمؤنثة النُّقْصَان مُلْتَزم) (أزرى بِتِلْكَ سنا من غير معرفَة ... فِيهَا وزين هَذَا الْمجد وَالْكَرم) (يَا أَيهَا الْملك الميمون طَائِره ... وَخير من فِي الورى يمشي بِهِ قدم) (لَو كنت من قبل ترعانا وتحرسنا ... لما تهدى إِلَيْنَا الشيب والهرم) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 وأنشدني لَهُ غَيره (دمعي يفِيض وَلَا يغيض كَأَنَّمَا ... من مَاء ذَاك الْوَجْه جاد بمده) (وَأرى فُؤَادِي فَوق جمر محرق ... فَكَأَنَّهُ من فَوق حمرَة خَدّه) (وَجه أعَار الصُّبْح من مبيضه ... شعر أعَار اللَّيْل من مسوده) (وَكَأن وجنته اكتست من وَصله ... وكأنما الصدغ اكتسى من صده) // من الْكَامِل // 7 - فصل فِي ذكر شعراء طبرستان أَبُو الْعَلَاء السبروي وَاحِد طبرستان أدبا وفضلا ونظما ونثرا وَقد تقدم ذكره فِيمَا جمعه وَابْن العميد من مشاكلة الْأَدَب وَمَا كَانَ يجْرِي بَينهمَا من المساجلة فِي الْمُكَاتبَة وَله كتب وَشعر سَائِر مَشْهُور كثير الظّرْف وَالْملح فَمِنْهَا قَوْله (مَرَرْنَا على الرَّوْض الَّذِي قد تبسمت ... ذراه وأوداج الأبارق تسفك) (فَلم نر شَيْئا كَانَ أحسن منْظرًا ... من الرَّوْض يجْرِي دمعه وَهُوَ يضْحك) // من الطَّوِيل // وَقَوله من قصيدة (أما ترى قضب الْأَشْجَار قد لبست ... أنوارها تتثنى بَين جلاس) (منظومة كسموط الدّرّ لابسة ... حسنا يُبِيح دم العنقود للحاسي) (وغردت خطباء الطير ساجعة ... على مَنَابِر من ورد وَمن آس) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 وَقَوله فِي النرجس (حَيّ الرّبيع فقد حَيا بباكور ... من نرجس ببهاء الْحسن مَذْكُور) (كَأَنَّمَا جفْنه بالغنج منفتحا ... كأس من التبر فِي منديل كافور) // من الْبَسِيط // وَقَوله فِي التفاح (وتفاحة قد هَمت وجدا بظرفها ... فَمَا شعر ذِي حذق يُحِيط بوصفها) (أشبه بالمعشوق حمرَة نصفهَا ... وبالعاشق المهجور صفرَة نصفهَا) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي الْغَزل (ومعشق الحركات تحسب نصفه ... لَوْلَا التمنطق بَائِنا من نصفه) (يسْعَى إِلَيْك بكأسه فَكَأَنَّمَا ... يسْعَى إِلَيْك بخده فِي كَفه) (يَا من يسلم خصره من ردفه ... سلم فؤاد محبه من طرفه) // من الْكَامِل // وَمن قصيدة (ذُو طرة كَأَنَّمَا ركب فِي ... صفيحة الْفضة شباك سبج) (وعارض كَالْمَاءِ فِي رقته ... تزهر فِيهِ وجنة ذَات وهج) (كَأَنَّمَا نساج ديباجته ... من ورق النسرين والورد نسج) // من الرجز // وَقَالَ (نبا قلبه من شغل قلبِي بِغَيْرِهِ ... فَقلت رويدا إِنَّمَا أَنْت أول) (فَقَالَ دع الْعذر الضَّعِيف فَلَيْسَ من ... يُولى على أَمر كمن عَنهُ يعْزل) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 وَقَوله من قصيدة (حَيّ شيبا أَتَى لغير رحيل ... وشبابا مضى لغير إياب) (أَي شَيْء يكون أحسن من عاج ... مشيب فِي آبنوس شباب) // من الْخَفِيف // وَكتب إِلَيْهِ شَاعِر غَرِيب يشكو إِلَيْهِ حجابه أبياتا أَولهَا (جِئْت إِلَى الْبَاب مرَارًا فَمَا ... إِن زرت إِلَّا قيل لي قد ركب) (وَكَانَ فِي الْوَاجِب يَا سَيِّدي ... أَن لَا ترى عَن مثلنَا تحتجب) // من السَّرِيع // فَأَجَابَهُ عَن ظهر رقعته (لَيْسَ احتجابي عَنْك من جفوة ... وغفلة عَن حُرْمَة المغترب) (لَكِن لدهر نكد خائن ... مقصر بِالْحرِّ عَمَّا يجب) (وَكنت لَا أحجب عَن زائر ... فَالْآن من ظِلِّي قد أحتجب) // من السَّرِيع // وَمن سَائِر شعره قَوْله فِي غُلَام سَكرَان (بالورد فِي وجنتيك من لطمك ... وَمن سقاك المدام لم ظلمك) (خلاك مَا تستفيق من سكر ... توسع شتما وجفوة خدمك) (مشوش الصدغ قد ثملت فَمَا ... تمنع من لثم عاشقيك فمك) (تجر فضل الرِّدَاء منخلع النَّعْلَيْنِ ... قد لوث الثرى قدمك) (أظل من حيرة وَمن دهش ... أَقُول لما رَأَيْت مبتسمك) (بِاللَّه يَا أقحوان مبسمه ... على قضيب العقيق من نظمك) // من المنسرح // 8 - أَبُو الْفَيَّاض سعد بن أَحْمد الطَّبَرِيّ شَاعِر مفلق محسن مبدع ممتد الأوضاح وَالْغرر فِي شعر الصاحب وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة فِيهِ أَولهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 (الدمع يعرب مَا لَا يعرب الْكَلم ... والدمع عدل وَبَعض الْقَوْم مُتَّهم) (أما يَد الصاحب الْيُمْنَى فَأكْرم مَا ... يَد تصاحب فِيهَا السَّيْف والقلم) (وللأعنة يسري فِي أناملها ... أَعِنَّة الرزق والآجال تنتظم) (تخَالف النَّاس إِلَّا فِي محبته ... كَأَنَّمَا بَينهم فِي حبه رحم) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا فِي وصف أَفْرَاس قيدت إِلَيْهِ من فَارس (زارتك من فَارس الْغناء نَاشِرَة ... أعرافها قائداها الْعتْق وَالْكَرم) (كَأَن أعينها ولين أرجلها ... فالعين آمرة وَالرجل ترتسم) (من كل أَشهب لم تكحل بشهبته ... عينا فَتى فدرى مَا الظُّلم وَالظُّلم) (وَمن أغر يراع العاشقون لَهُ ... كَأَن غرته ثغر ومبتسم) (وكل أدهم عَمت جِسْمه شية ... كجد قوم بغوك الشَّرّ فاصطلموا) وَمِنْهَا فِي وصف الخلعة وَالسيف (وخلعة تأسر الأحداق مخملة ... بِالنورِ للشمس من لألائها سقم) (وصارم لم يودع قطّ مضجعه ... إِلَّا وَقد ودعت أعناقها القمم) (كَالْكَوْكَبِ الْفَرد لَكِن إِن رجمت بِهِ ... شَيْطَان حَرْب طوت أوصاله الرَّجْم) (يلقى السيوف فَوجه مثل وَجهك لم ... يطلع من الغمد إِلَّا قيل يبتسم) وَمِنْهَا قَوْله فِي وصف السكين والدواة والأقلام (ومطفل من بَنَات الزنج مُرْضِعَة ... من لم تلده وَلم يخلق لَهَا رحم) (حَتَّى إِذا وضعت عَادَتْ أجنتها ... إِلَى حشاها فَلَا طلق وَلَا وحم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 (أعجب لأطفالها تبْكي عيونهم ... إِن أرضعتهم وَلَا يَبْكُونَ إِن فطموا) (أُلَّاف مذروبة إِن تابعت لَهُم ... فِي الذّبْح صحوا وَإِن أعفتهم سقموا) وَمِنْهَا فِي وصف الدست (وروضة لم تول السحب صنعتها ... وَلم تحط بهَا أثقالها الديم) (ترنو الْعُيُون إِلَيْهَا والشفاه فيجنين ... الْعلَا وَهِي إِلَّا مِنْهُمَا حرم) (تفتر عَن شبْل عباد وَلَا عجب ... فالأسد تفتر عَنْهَا الرَّوْض والأجم) وَمن أُخْرَى (بدوية ضربت على حجراتها ... أَيدي العريب من القنا أسدادا) (مِمَّن يعد الْوَحْش أَهلا والفلا ... وطنا وأكباد الأعادي زادا) (قَالَت وَقد صبَّتْ عَليّ ذراعها ... فتمكنت فَوق النجاد نجادا) (أَوْهَى قناتك بَعدنَا حمل القنا ... فطفقت تحمل منكبا منآدا) (يَا هَذِه منن الْوَزير جفونه ... وَإِذا شَكَوْت إِلَيْهِ عَاد فزادا) (صابت عَليّ يَمِينه فَكَأَنَّمَا ... صابت عَليّ يَمِينه حسادا) (فالعز ضيف لَا يرَاهُ بربعه ... من لَا يرى بذل التلاد تلادا) (والجود أَعلَى كَعْب كَعْب قبلنَا ... فَمضى جوادا يَوْم مَاتَ جوادا) (أغرت يَمِين ابْن الْأمين وفيضها ... بفنائه الوراد والروادا) (ودعت بني الآمال من أوطانهم ... فاستوطنوا الأكوار والأقتادا) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 وَمن قصيدة فِي أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد (لأخت بني نمير فِي فُؤَادِي ... صدى أعيا على المَاء النمير) (ليَالِي كَانَ عصيان المشير ... ألذ لدي من رَأْي مشور) (وينظمنا العناق وَلَا رَقِيب ... يروعنا سوى الْقَمَر الْمُنِير) (وغشتني بِمثل الْكَرم وحف ... وَبت أعل من أشهى الْخُمُور) (وَلَا كرم سوى شعر أثيث ... وَلَا خمر سوى خمر الثغور) (أروضتنا سقاك الله هَل لي ... إِلَى أفياء دوحك من مصير) (غنينا فِي ذراك على غناء ... يُوَافق رجعه سج الطُّيُور) (وَكم فِي فرع أثلك من صفير ... وَكم فِي أصل أثلك من زفير) (وأحشاء تؤلفها الحشايا ... كتأليف الْعُقُود على النحور) (وشدو ترقص الْأَعْضَاء مِنْهُ ... ويم لَا يمل عرَاك زير) (فيا لَك رَوْضَة راحت فراحت ... رضى الْأَبْصَار من نور وَنور) (أطاعتها عُيُون الْغَيْث حَتَّى ... جزتها الشُّكْر أَلْسِنَة الشكُور) (كسون ظُهُورهَا مَا تكتسيه ... بطُون الصُّحُف من فكر الْوَزير) (إِذا الْحسن بن أَحْمد زف خيلا ... يلف بهَا السهول على الوعور) (عرائس تحمل الفرسان شوسا ... كعقبان تمطى بالصقور) (فَقل فِي حومة تُعْطى بنيها ... ببيض الْهِنْد بيضات الْخُدُور) (أُولَئِكَ معشر لَهُم نفوس ... تكلفهم جسيمات الْأُمُور) (شعاب الْمجد سابلة عَلَيْهِم ... وَمن ينْهَى الشعاب عَن البحور) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 وَمن أُخْرَى (لله مَا جمعت على عشاقها ... تِلْكَ الْعُيُون ولحظها السحار) (فصفاحها أحداقها ورماحها ... ألحاظها وطعانها الْآثَار) (وحرابها فِي حربها لمحبها ... أهدابها وشفارها الأشفار) (سَارَتْ أُمَامَة فِيك سيرة أَهلهَا ... فِي كل من نمت عَلَيْهِ نَار) (قوم إِذا ابتسم الصَّباح أَغَارُوا ... فِي كل حَيّ أنجدوا أم غاروا) (يَا هَذِه هلا علقت فعالهم ... فِيمَن عنوا بجواره فأجاروا) (لن يستجيب خمارها لمحبها ... حَتَّى يخاض إِلَى الْخمار غمار) (بكرت يشيعها القنا الخطار ... وتعيث فِي طلابها الأخطار) (قَالُوا سيوجدك الرّبيع صفاتها ... فلحسنه من حسنها تذكار) (فَوجدت حبي مكْرها فِي فعله ... وَكِلَاهُمَا فِي فعله مكار) (يبكي ويضحك والدموع غزيرة ... وَيبين فِي استغرابه استعبار) (فَكَأَنَّهُ هِيَ إِذْ تفيض دموعها ... بَين البكا والضحك حِين تغار) (عبقت بِمَا علقته من أنفاسها ... ساعاته فَكَأَنَّهَا أسحار) (وتبلجت آصاله وتبرجت ... فَكَأَنَّمَا أبكاره الْأَبْكَار) (أنظر إِلَى النيروز كَيفَ تسوقه ... سحب كأجفان الْمُحب غزار) (سحب مَتى سحبت على هام الربى ... أذيالها فغبارها الأمطار) (فالأرض أَرض وَالسَّمَاء كَأَنَّهَا ... روض وَلَكِن زهرها الأزهار) (ومصرعين من الْخمار وَمَا بهم ... غير السرُور على السرُور خمار) (جمحوا على الْفلك الْمدَار فكأسهم ... فلك بِمَا تهوي النُّفُوس مدَار) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 (ولاهم الْأُسْتَاذ مَوْلَانَا المنى ... فترشفوا من عيشهم مَا اخْتَارُوا) (يَا دولة الْحسن بن أَحْمد خيمي ... مَا طارد اللَّيْل البهيم نَهَار) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا فِي وصف الْقَلَم (لما زممت الدَّهْر عَن أَفعاله ... فَلهُ بأثناء الزِّمَام عثار) (حملت عبء الدَّهْر أظمى مخطفا ... تعنو لَهُ الأسماع والأبصار) (وسبرت غور الدّين وَالدُّنْيَا بِهِ ... فَكَأَنَّهُ من ضمره مسبار) (أعجب بِهِ يجْرِي على يَافُوخه ... رهوا وتجري تَحْتَهُ الأقدار) (فَكَأَنَّهُ الْفلك الْمدَار بِعَيْنِه ... وسعوده ونحوسه أطوار) (جمعته وَالرمْح الْأَصَم ولادَة ... وَله من السَّيْف الصَّقِيل غرار) وَله من أُخْرَى فِي أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ (وَإِنِّي وأفواف القريض أحوكها ... لأشعر من حاك القريض وأقدرا) (كَمَا تضرب الْأَمْثَال وَهِي كَثِيرَة ... بمستبضع تَمرا إِلَى أهل خيبرا) (ولكنني أملت عنْدك مطلبا ... أنكبه عَمَّن ورائي من الورى) (ألم تَرَ أَن ابْن الْأَمِير أجارني ... وَلم يرض من أذرائه لي سوى الذرى) (وأوطأني الشعرى بشعري منعما ... ليفطمني عَن خلقي السّير والسرى) (ولي أمل شدت قواي عداته ... ثَلَاثَة أَعْوَام تباعا وأشهرا) (عدا الدَّهْر عَنهُ كي يفوز بشكره ... فَكُن عِنْد ظَنِّي شافعا ومذكرا) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 وَمن أُخْرَى (أصبيحة النيروز خير صَبِيحَة ... حييت بهَا الأنواء والأنوار) (فبكل شعب رَوْضَة معطار ... تفتر عَنْهَا دِيمَة مدرار) (ماست بهَا الأفنان فِي أسحارها ... نشوى فماست تحتهَا الْأَشْجَار) (وتبرجت أزهارها وتبلجت ... فَكَأَنَّمَا أزهارها أبصار) (وتحدثت عَنْهَا الرياض كَأَنَّمَا ... بَين الرياض وَلَا سرار سرار) (وعصابة للروض من قسماتهم ... روض وَمن أنوارهم نوار) (يتذاكرون على علاك فتلتقي الكاسات ... والأوتار والأشعار) // من الْكَامِل // 9 - أَبُو هَاشم الْعلوِي الطَّبَرِيّ هُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ الصاحب (إِن أَبَا هَاشم يَد الشّرف ... مادحه آمن من السَّرف) (حل من الْمجد فِي أواسطه ... وَخلف الْعَالمين فِي طرف) // من المنسرح // وَأَبُو هَاشم هُوَ الْقَائِل (وَإِذا الْكَرِيم نبت بِهِ أَيَّامه ... لم ينتعش إِلَّا بعون كريم) (فأعن على الْخطب الْعَظِيم فَإِنَّمَا ... يُرْجَى الْكَرِيم لدفع كل عَظِيم) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَيْهِ الصاحب وَقد اعتل (أَبَا هَاشم مَالِي أَرَاك عليلا ... ترفق بِنَفس المكرمات قَلِيلا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 (لترفع عَن قلب النَّبِي حزازة ... وتدفع عَن صدر الْوَصِيّ غليلا) (فَلَو كَانَ من بعد النَّبِيين معجز ... لَكُنْت على صدق النَّبِي دَلِيلا) // من الطَّوِيل // وَكتب أَبُو هَاشم إِلَى الصاحب (دَعَوْت إِلَه النَّاس شهرا مجرما ... ليدفع سقم الصاحب المتفضل) (إِلَى بدني أَو مهجتي فَاسْتَجَاب لي ... فها أَنا مَوْلَانَا من السقم ممتلي) (فشكرا لرَبي حِين حول سقمه ... إِلَيّ وَعَافَاهُ ببرء معجل) (وأسأل رَبِّي أَن يديم علاءه ... فَلَيْسَ سواهُ مفزع لبني عَليّ) // من الطَّوِيل // فَأَجَابَهُ الصاحب (أَبَا هَاشم لم أَرض هاتيك دَعْوَة ... وَإِن صدرت عَن مخلص متطول) (فَلَا عَيْش لي حَتَّى تدوم مُسلما ... وَصرف اللَّيَالِي عَن ذراك بمعزل) (فَإِن نزلت يَوْمًا بجسمك عِلّة ... وحاشاك فِيهَا يَا عَلَاء بني عَليّ) (فَنَادِ بهَا فِي الْحَال غير مُؤخر ... إِلَى جسم إِسْمَاعِيل دوني تحولي) // من الطَّوِيل // وَأطَال الله بَقَاء مولَايَ الشريف مَا علمت وَلَو علمت لعدت أغناه الله بِحسن الْعَادة عَن العيادة وَهُوَ حسبي وَلأبي هَاشم فِي فَخر الدولة (يَا فلك الأَرْض وبحر الورى ... وشمس ملك مَا لَهَا من مغيب) (دَعَوْت مَوْلَاك بنيل المنى ... وَقد أجَاب الله وَهُوَ الْمُجيب) (فَقَالَ خُذ مَا شِئْت مستوليا ... ودبر الدُّنْيَا بِرَأْي مُصِيب) (يَا من كتبنَا فَوق أَعْلَامه ... نصر من الله وَفتح قريب) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 الْبَاب الْعشْر 10 - فِي ذكر الْأَمِير السَّيِّد شمس الْمَعَالِي قَابُوس بن وشمكير وإيراد نبذ مِمَّا أَسْفر عَنهُ طبع مجده وألقاه بَحر علمه على لِسَان فَضله أختم بهَا هَذَا الْجُزْء الثَّالِث من كتابي هَذَا بِذكر خَاتم الْمُلُوك وغرة الزَّمَان وينبوع الْعدْل وَالْإِحْسَان وَمن جمع الله لَهُ إِلَى عزة الْملك بسطة الْعلم وَإِلَى فصل الْحِكْمَة نَفاذ الحكم فأوصافه لَا تدْرك بالعبارات وَلَا تدخل تَحت الْعرف والعادات وَإِلَى أَن أعمل كتابا فِي أخباره وسيره وَذكر خَصَائِصه ومآثره الَّتِي تفرد بهَا عَن مُلُوك عصره فَإِنِّي أتوج هَذَا الْكتاب بلمع من ثمار بلاغته الَّتِي هِيَ أقل محاسنه ومآثره وأكتب فصولا من عالي نثره مختومة بِبَعْض مَا ينْسب إِلَيْهِ من شرِيف نظمه مَا يجْرِي مجْرى الْأَمْثَال من كَلَامه الْكَرِيم إِذا وعد لم يخلف وَإِذا نَهَضَ لفضيلة لم يقف الرَّجَاء كنور فِي كمام وَالْوَفَاء كنور فِي ظلام وَلَا بُد للنور أَن يتفتح وللنور أَن يتوضح الْعَفو عَن المجرم من مواجب الْكَرم وَقبُول المعذرة من محَاسِن الشيم بزند الشَّفِيع تورى القداح وَمن كف المفيض ينْتَظر فوز القداح الْوَسَائِل أَقْدَام ذَوي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 الْحَاجَات والشفاعات مَفَاتِيح الطلبات من أقعدته نكاية الْأَيَّام أقامته إغاثة الْكِرَام من ألبسهُ اللَّيْل ثوب ظلمائه نَزعه عَنهُ النَّهَار بضيائه قُوَّة الْجنَاح بالقوادم والخوافي وَعمل الرماح بالأسنة والعوالي اقتناء المناقب بِاحْتِمَال المتاعب وإحراز الذّكر الْجَمِيل بالسعي فِي الْخطب الْجَلِيل الدُّنْيَا دَار تغرير وخداع وملتقى سَاعَة لوداع وَأَهْلهَا متصرفون بَين ورد وَصدر وصائرون خَبرا بعد أثر غَايَة كل متحرك سُكُون وَنِهَايَة كل متكون أَن لَا يكون وَآخر الْأَحْيَاء فنَاء والجزع على الْأَمْوَات عناء وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فَلَمَّا التهالك على هَالك حَشْو هَذَا الدَّهْر أحزان وهموم وصفوه من غير كدر مَعْدُوم إِذا سمح الدَّهْر بالحباء فأبشر بوشك الِانْقِضَاء وَإِذا أعَار فاحسبه قد أغار للدهر طعمان حُلْو وَمر وللأيام صرفان عسر وَيسر والخلق معروض على طوريه مقسوم الْأَحْوَال بَين دوريه لكل شَيْء غَايَة ومنتهى وَانْقِطَاع وَإِن بعد المدى ترك الْجَواب دَاعِيَة الارتياب وَالْحَاجة فِي الِاقْتِضَاء كسوف فِي وَجه الرَّجَاء هم المنتظر للجواب ثقيل والمدى فِيهِ وَإِن كَانَ قَصِيرا طَوِيل النجيب إِذا جرى لم يشق غباره والشهاب إِذا سرى لم تلْحق آثاره من أَيْن للضباب صَوت السَّحَاب وللغراب هوى الْعقَاب هَيْهَات أَن تكتسب الأَرْض لطافة الْهَوَاء وَيصير الْبَدْر كَالشَّمْسِ فِي الضياء كل غم إِلَى انحسار وكل عَال إِلَى انحدار فصل يستحسن الشَّيْخ أَن يخرس عَنهُ أَلْسِنَة الْحَمد وتلتوي عَلَيْهِ حواجب الْمجد فقد احتجب صبح ذَلِك الْأَمر وَصَارَ مَطْلُوبا فِي لَيْلَة الْقدر فَإِن كَانَ أنزلهُ من قلبه نَاحيَة النسْيَان وَبَاعَ جليل الرِّبْح بِهِ فِي سوق الخسران فيستحي لَهُ فَضله من فعله وَكفى بِهِ نَائِبا عني فِي عذله وَإِن كَانَ لعذر دَعَاهُ إِلَى التواني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 فقد أربى ذَلِك على سير السواني وكلا فَإِن كرمه يراوده عَن أشرف الْخِصَال ويأبى لَهُ إِلَّا محَاسِن الْأَفْعَال فصل عَاد فلَان وَقد علته بشاشة النجاح ودبت فِي نشوة الارتياح تلوح مَسَرَّة الْيُسْر على جَبينه وتصيح بِانْقِضَاء الْعسر أسرة يَمِينه فصل وَأما إعجاب ذَلِك الْفَاضِل بالفصول الَّتِي عرضتها عَلَيْهِ لم يكن على مَا أَحْسبهُ إِلَّا لخلة وَاحِدَة وَهِي أَنه وجد فَنًّا فِي غير أَهله فاستغربه وفرعا فِي غير أَصله فاستبدعه وَقد يستعذب الشريب من منبع الزعاق ويستطاب الصهيل من مخرج النهاق وَلَكِنَّك فِيمَا أقدمت عَلَيْهِ من بسط اللِّسَان بِحَضْرَتِهِ وإرخاء الْعَنَان فِيهِ بمشهده كنت كمن صالت بوقاحته الْحجر وحاسن بقباحته الْقَمَر وَلَا كَلَام فِيمَا مضى وَلَا عتب فِيمَا اتّفق فصل وَجرى توقيع لَهُ قَبِيح بِمن تسمو همته إِلَى قصد من تغلو عِنْده قِيمَته أَن تكون على غَيره عرجته أَو إِلَى سوى بَيته زيارته وحجته وَمن مَشْهُور مَا ينْسب إِلَيْهِ من الشّعْر قَالَ (قَالَ للَّذي بصروف الدَّهْر عيرنَا ... هَل حَارب الدَّهْر إِلَّا من لَهُ خطر) (أما ترى الْبَحْر تعلو فَوْقه جيف ... ويستقر بأقصى قَعْره الدُّرَر) (فَإِن تكن نشبت أَيدي الزَّمَان بِنَا ... ونالنا من تمادي بؤسه الضَّرَر) (فَفِي السَّمَاء نُجُوم مَا لَهَا عدد ... وَلَيْسَ يكسف إِلَّا الشَّمْس وَالْقَمَر) // من الْبَسِيط // كَأَنَّهُ ألم فِيهَا بقول ابْن الرُّومِي (دهر علا قدر الوضيع بِهِ ... وَترى الشريف يحطه شرفه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 (كالبحر يرسب فِيهِ لؤلؤه ... سفلا وَتَعْلُو فَوْقه جيفه) // من الْكَامِل // وَمثله (بِاللَّه لَا تنهضي يَا دولة السّفل ... وقصري فضل مَا أرخيت من طول) (أسرفت فاقتدي جَاوَزت فانصرفي ... عَن التهور ثمَّ أَمْشِي على مهل) (مخدمون وَلم تخْدم أوائلهم ... مخولون وَكَانُوا أرذل الخول) // من الْبَسِيط // وينسب لَهُ هَذَانِ البيتان وَقد يغنى بهَا (خطرات ذكرك تستثير مودتي ... فأحس مِنْهَا فِي الْفُؤَاد دبيبا) (لَا عُضْو لي إِلَّا وَفِيه صبَابَة ... فَكَأَن أعضائي خُلِقْنَ قلوبا) // من الْكَامِل // هَذَا آخر الْقسم الثَّالِث من كتاب يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن أهل الْعَصْر حسب تَقْسِيم الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى ويليه الْقسم الرَّابِع فِي محَاسِن أهل خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر نسْأَل الله تَعَالَى أَن يعين على إكماله بمنه وفضله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 فِي محَاسِن أشعار أهل خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر من إنْشَاء الدولة السامانية والغزنية والطارئين على الحضرة ببخارى من الْآفَاق والمتصرفين على أَعمالهَا وَمَا يستظرف من أخبارهم وخاصة أهل نيسابور والغرباء الطارئين عَلَيْهَا والمقيمين بهَا قَالَ مؤلف الْكتاب لما كَانَ أول الْكتاب مرتهنا بِآخِرهِ وصدره مَوْقُوفا على عَجزه وَلم تكد تحصل تَمام الْفَائِدَة فِي فاتحته وواسطته إِلَّا عِنْد الْفَرَاغ من خاتمته واستعنت الله تَعَالَى على عمل هَذَا الرّبع الرَّابِع مِنْهُ وأخرجته فِي عشرَة أَبْوَاب وَالله سُبْحَانَهُ الْمُوفق للصَّوَاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 الْبَاب الأول فِي إِيرَاد محَاسِن وظرف من أَخْبَار وأشعار قوم سبقوا أهل عصرنا هَذَا قَلِيلا وتقدموهم يَسِيرا وَمن أَبنَاء الدولة السامانية وإنشاء الحضرة البخارية وَسَائِر شعراء خُرَاسَان الَّذين هم مَعَ قرب الْعَهْد فِي حكم أهل الْعَصْر 11 - أَبُو أَحْمد بن أبي بكر الْكَاتِب أَبوهُ أَبُو بكر بن حَامِد كَانَ كَاتب الْأَمِير إِسْمَاعِيل بن أَحْمد ووزير الْأَمِير أَحْمد بن إِسْمَاعِيل قبل أبي عبد الله الجبهاني الْكَبِير وَكَانَ أَبُو أَحْمد ربيب النِّعْمَة وغذي الدولة وسليل الرياسة وَمن أول من تأدب وتظرف وبرع وَشعر بِمَا وَرَاء النَّهر وحذا فِي قرض الشّعْر حَذْو أهل الْعرَاق وَسَار كَلَامه فِي الْآفَاق وَهُوَ الْقَائِل (لَا تعجبن من عراقي رَأَيْت لَهُ ... بحرا من الْعلم أَو كنزا من الْأَدَب) (واعجب لمن بِبِلَاد الْجَهْل منشؤه ... إِن كَانَ يفرق بَين الرَّأْس والذنب) // من الْبَسِيط // وَكَانَ يجْرِي فِي طَرِيق ابْن بسام ويقفو أَثَره فِي عَبث اللِّسَان وشكوى الزَّمَان واستزادة السُّلْطَان وهجاء السَّادة والإخوان ويتشبه بِهِ فِي أَكثر الْأَحْوَال وَكَانَ ابْن بسام هجا أَبَاهُ وأخاه حَتَّى قيل فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 (من كَانَ يهجو عليا ... فشعره قد هجاه) (لَو أَنه لِأَبِيهِ ... مَا كَانَ يهجو أَبَاهُ) // من المجتث // فَضرب أَبُو أَحْمد على قالبه ونسج على منواله حَتَّى قَالَ فِي أَبِيه (لي وَالِد مُتَحَامِل ... من غير مَا جرم عملته) (إِن لم يكن أشنى إِلَيّ ... من الْمنون فَلَا عدمته) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي أَخِيه مَنْصُور (أَبوك أبي وَأَنت أخي وَلَكِن ... أبي قد كَانَ يبذر فِي السباخ) (تجاريني فَلَا تجْرِي كجريي ... وَهل تجْرِي البيادق كالرخاخ) // من الوافر // وَكَانَ يرى نَفسه أَحَق بالوزارة من الجبهاني والبلغمي لما لَهُ فِيهَا من الوراثة مَعَ التبريز فِي الْأَدَب وَالْكِتَابَة وَلَا يزَال يطعن عَلَيْهِمَا وَيُصَرح بهجائهما وَلَا يوفيهما حق الْخدمَة والحشمة حَتَّى أوحشاه وأخافاه فَذهب مغاضبا ولج وَحج ثمَّ أَقَامَ بِبَغْدَاد بُرْهَة وحن إِلَى وَطنه فعاود بُخَارى وَحين حصل بقرية يُقَال لَهَا آمل قَالَ فَأحْسن (قطعت من آمل المفازه ... قطعا بِهِ آمل المفازه) // من الْبَسِيط // وَلم ير ببخارى غير مَا يكره من إِعْرَاض الْأَمِير واستخفاف الْوَزير فَلَزِمَ منزله واشتغل باتخاذ الندماء وَعقد مجَالِس الْأنس والجري فِي ميدان العزف والقصف وَجعل يتخرق فِي تبذير مَاله حَتَّى رقت حَاشِيَة حَاله وَكَانَ مُولَعا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 بِشعر العطوي حَافِظًا لديوانه مقدما على نظرائه كثير المحاضرة بأمثاله وغرره فِي مخاطبته ومكاتباته فلقب بالعطواني وَفِيه يَقُول أَبُو مَنْصُور العبدوني وَكَانَ من ندمائه مَعَ أبي الطّيب الطاهري والمصعبي (أَبَا أَحْمد ضيعت بالخرق نعْمَة ... أفادكها السُّلْطَان والأبوان) (فقد صرت مهتوك الجوانب كلهَا ... ولقبت للإدبار بالعطواني) (وأفكرت فِي عود إِلَى مَا أضعته ... وَقد حيل بَين العير والنزوان) (فرأيك فِي الإدبار رَأْي أَخَذته ... وعلمته من مشْيَة السرطان) // من الطَّوِيل // ثمَّ إِنَّه تقلد أَعمال هراة وبوشنج وباذغيث فشخص إِلَى رَأس عمله واستخلف عَلَيْهِ أَبَا طَلْحَة قسورة بن مُحَمَّد واصطنعه ونوه بِهِ حَتَّى صَار بعده من رُؤَسَاء الْعمَّال بخراسان وَكَانَ قسورة من أولع النَّاس بالتصحيفات فَقَالَ لَهُ أَبُو أَحْمد يَوْمًا إِن أخرجت مُصحفا أَسأَلك عَنهُ وصلتك بِمِائَة دِينَار قَالَ أَرْجُو أَن لَا أقصر عَن إِخْرَاجه فَقَالَ أَبُو أَحْمد فِي قشور هينم جمد فَوقف حمَار قسورة وتبلد طبعه وتقشر فلسه فَقَالَ إِن رَأْي الشَّيْخ أَن يمهلني يَوْمًا فعل فَقَالَ أمهلتك سنة فحال الْحول وَلم يقطع شعره فَقَالَ لَهُ أَبُو أَحْمد هُوَ اسْمك قسورة بن مُحَمَّد فازداد خجله وأسفه وعَلى ذكر أبي طَلْحَة فَإِنَّهُ كَانَ كوسجا وَفِيه يَقُول اللحام (ويك أَبَا طَلْحَة مَا تَسْتَحي ... بلغت سبعين وَلم تلتحي) // من السَّرِيع // وَلما استعفى أَبُو أَحْمد من عمله وخطب بنيسابور أُجِيب إِلَى مُرَاده فَمن قَوْله بنيسابور وَقد طَالب الْعمَّال أَرْبَاب الضّيَاع ببقايا الْخراج (سَلام الله مني كل يَوْم ... على كتاب ديوَان الْخراج) (يرومون البغايا فِي زمَان ... عجزنا فِيهِ عَن مَال الزواج) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 وبلغه أَن السَّاجِي هجاه بالحضرة فَقَالَ (إِنَّا أنَاس إِذا أفعالنا مدحت ... أنسابنا فهجينا لم نخف عارا) (وَإِن هجونا بِسوء الْفِعْل أَنْفُسنَا ... فَلَيْسَ يرفعنا مدح وَإِن سارا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ للجبهاني (أَيهَا السَّيِّد الرئيس وَمن لَيْسَ ... عَلَيْهِ فضلا ونبلا قِيَاس) (أَنْت سهل الطباع مُرْتَفع الْقدر ... وَلَكِن منادموك خساس) // من الْخَفِيف // وَمن هجائه قَوْله فِيهِ (يَا ابْن جبهان لَا وحقك لَا تصلح ... فاغضب أَو فارضين بالحراسه) (عجبا للْجَمِيع إِذْ نصبوا مثلك ... فِي صدر ملكهم للرياسه) (وَلَو أَن التَّدْبِير وَالْحكم فِي الْخلق ... على الْعدْل مَا وليت كناسه) // من الْخَفِيف // وَمن أَمْثَاله السائرة قَوْله (إِذا لم يكن للمرء فِي دولة امْرِئ ... نصيب وَلَا حَظّ تمنى زَوَالهَا) (وَمَا ذَاك من بغض لَهَا غير أَنه ... يرجي سواهَا فَهُوَ يهوى انتقالها) // من الطَّوِيل // وَقَوله (إِنِّي وجعفر بعد مَا جربته ... وبلوت فِي أَحْوَاله أخلاقه) (كمعيد شكّ فِي خرا قد شمه ... فَأَرَادَ معرفَة الْيَقِين فذاقه) // من الْكَامِل // وَقَوله (أحسن إِذا أحسن الزَّمَان ... وَصَحَّ مِنْهُ لَك الضَّمَان) (بَادر بإحسانك اللَّيَالِي ... فَلَيْسَ من غدرها أَمَان) // من مخلع الْبَسِيط // وَكتب إِلَى أبي نصر بن أبي حَبَّة يستزيره فَلم يجبهُ وَاعْتذر بعلة فَكتب إِلَيْهِ أَبُو أَحْمد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 (تعاللت حِين أَتَاك الرَّسُول ... وَلَيْسَ كَذَاك يكون الْوُصُول) (وَأقسم مَا نابك من عِلّة ... وَلَكِن رَأْيك فِينَا عليل) // من المتقارب // وَمِمَّا يستحسن لأبي أَحْمد قَوْله (اختر لكأسك ندمانا تسر بهم ... أَولا فنادم عَلَيْهَا جلة الْكتب) (فالأنس بَين ندامى سادة نجب ... منزهين عَن الْفَحْشَاء والريب) (هَذَا يفيدك علما بالنجوم وَذَا ... يأيتك بِالْخَيرِ المستظرف الْعجب) (وَبَين كتب إِذا غَابُوا فَأَنت بهَا ... فِي أنزه الرَّوْض بَين الْعلم وَالْأَدب) (إِذا أنست بِبَيْت مر مقتضب ... أفْضى إِلَى خبر يُلْهِيك منتخب) (ويكمل الْأنس سَاق مرهف غنج ... يسْعَى بياقوتة سلت من الْعِنَب) (فَأَنت من جد ذَا فِي منظر أنق ... وَأَنت من هزل ذَا فِي مرتع خصب) (وَخير عمر الْفَتى عمر يعِيش بِهِ ... مقسم الْحَال بَين الْجد واللعب) (فحظ ذَلِك من علم وَمن أدب ... وحظ هَذَا من اللَّذَّات والطرب) // من الْبَسِيط // وَحكي أَن أَبَا حَفْص الْفَقِيه عَاتب يَوْمًا أَبَا أَحْمد على لبسه الْخَاتم فِي يَمِينه فَقَالَ أَبُو أَحْمد إِن فِيهِ أَربع فَوَائِد إِحْدَاهَا السّنة المأثورة من غير وَجه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتختم فِي الْيَمين وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاء الراشدون بعده إِلَى أَن كَانَ من أَمر صفّين والحكمين مَا كَانَ حِين خطب عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ أَلا إِنِّي خلعت الْخلَافَة من عَليّ كخلع خَاتمِي هَذَا من يَمِيني وجعلتها فِي مُعَاوِيَة كَمَا جعلت هَذَا فِي يساري فَبَقيت سنة عَمْرو بَين الْعَامَّة إِلَى يَوْمنَا هَذَا وَالثَّانيَِة من كتاب الله تَعَالَى وَهِي قَوْله {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} وَمَعْلُوم أَن الْيَمين أقوى من الْيَسَار فَالْوَاجِب أَن يُكَلف حمل الْأَشْيَاء الْأَقْوَى دون الأضعف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 وَالثَّالِثَة من الْقيَاس وَهُوَ أَن النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ صَحِيح وَالْأَدب فِي الِاسْتِنْجَاء باليسار وَلَا يَخْلُو نقش خَاتم من اسْم الله تَعَالَى فَوَجَبَ تنزيهه عَن مَوَاضِع النَّجَاسَة وَالرَّابِعَة أَن الْخَاتم زِينَة الرِّجَال واسْمه بِالْفَارِسِيَّةِ انكشت أراى فاليمين أولى من بِهِ من الْيَسَار وَلما عاود أَبُو أَحْمد بُخَارى من نيسابور وَورد على مَاله كدر وَأَسْبَاب مُخْتَلفَة مختلة وقاسى من فقد رياسته وضيق معاشه قذاة عينه وغصة صَدره استكثر من إنشاد بَيْتِي مَنْصُور الْفَقِيه فَقَالَ (قد قلت إِذْ مدحوا الْحَيَاة سرفوا ... فِي الْمَوْت ألف فَضِيلَة لَا تعرف) (مِنْهَا أَمَان لِقَائِه بلقائه ... وفراق كل معاشر لَا ينصف) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي مَعْنَاهُمَا (من كَانَ يَرْجُو أَن يعِيش فإنني ... أَصبَحت أَرْجُو أَن أَمُوت فأعتقا) (فِي الْمَوْت ألف فَضِيلَة لَو أَنَّهَا ... عرفت لَكَانَ سَبيله أَن يعشقا) // من الْكَامِل // وواظب على قِرَاءَة هَذِه الْآيَة فِي آنَاء ليله ونهاره وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ {يَا قوم إِنَّكُم ظلمتم أَنفسكُم باتخاذكم الْعجل فتوبوا إِلَى بارئكم فَاقْتُلُوا أَنفسكُم} فَقَالَ بعض أصدقائه إِنَّا لله قتل أَبُو أَحْمد نَفسه فَكَانَ الْأَمر على مَا قَالَ فَشرب السم فَمَاتَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 12 - أَبُو الطّيب الطاهري هُوَ طَاهِر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر من أشعر أهل خُرَاسَان وأظرفهم وأجمعهم بَين كرم النّسَب ومزية الْأَدَب إِلَّا أَن لِسَانه كَانَ مقراض الْأَعْرَاض فَلَا تزَال تخرج من فِيهِ الْكَلِمَة يقطر مِنْهُ دَمه وتتبرأ مِنْهُ نَفسه وَكَانَ وَقع فِي صباه فِي شرذمة من أهل بَيته إِلَى بُخَارى فَارْتَبَطَ بهَا وَردت عَلَيْهِ ضيَاع نفيسة للطاهرية فتعيش بهَا وَكَانَ يخْدم آل سامان جَهرا ويهجوهم سرا ويطوي على بغض شَدِيد لَهُم ويتمنى زَوَال ملكهم وَزَوَال أَمرهم لما يرى من ملك أسلافه فِي أَيْديهم وَيَضَع لِسَانه حَيْثُ شَاءَ من ثلبهم وذم وزرائهم وأركان دولتهم وهجاء بُخَارى مقرّ حَضرتهمْ ومركز عزهم فَحَدثني أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن إِسْمَاعِيل الْحَرْبِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْفَارِسِي يَقُول فِي يَوْم من أَيَّام وُرُوده نيسابور على ديوانها إِن أَصْحَاب أَخْبَار السِّرّ كَانُوا ينهون إِلَى كل من الأميرين الشَّهِيد والسعيد فِي أيامهما مَا يقدم عَلَيْهِ هَذَا الطاهري من هجائهما فيغضبان عَلَيْهِ ويهبان جرمه لأصله وفضله ويتذممان من قتل مثله فَدخل يَوْمًا على السعيد نصر بن أَحْمد فهش لَهُ وَبسطه وحادثه ثمَّ قَالَ لَهُ فِي عرض الحَدِيث يَا أَبَا الطّيب حَتَّى مَتى تَأْكُل خبزك بلحوم النَّاس فَنَكس رَأسه حَيَاء ثمَّ قَامَ يجر ذيل خجل ووجل وَلم يعد لعادته فِي التولع بِهِ قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاء وَمِمَّا يحْكى من كَلِمَات السعيد الوجيزة الدَّالَّة على فَضله وَكَرمه قَوْله لأبي غَسَّان التَّمِيمِي وَقد حمل إِلَى حَضرته فِي يَوْم المهرجان كتابا من تأليفه مَا هَذَا يَا أَبَا غَسَّان قَالَ كتاب أدب النَّفس قَالَ فَلم لَا تعْمل بِهِ وَكَانَ أَبُو غَسَّان من الأدباء الَّذين يسيئون آدابهم فِي الْمجَالِس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 وَمن ملح هجاء أبي الطّيب للشهيد قَوْله (طَال غَزْو الْأَمِير للبط حَتَّى ... مَاله عَن عداته إقفال) (فهنيئا لَهُ هَنِيئًا مريئا ... كل قرن لقرنه قتال) // من الْخَفِيف // وَقَوله (بُخَارى من خرى لَا شكّ فِيهِ ... يعز بربعها الشَّيْء النَّظِيف) (فَإِن قلت الْأَمِير بهَا مُقيم ... فَذا من فَخر مفتخر ضَعِيف) (إِذا كَانَ الْأَمِير خرا فَقل لي ... أَلَيْسَ الخرء مَوْضِعه الكنيف) // من الوافر // وَهُوَ أول من هجا بُخَارى وذمها وَوصف ضيقها ونتنها حَتَّى اقْتدى بِهِ غَيره فِي ذكرهَا فَقَالَ أَبُو أَحْمد بن أبي بكر (لَو الْفرس الْعَتِيق أَتَى بُخَارى ... لصار بطبعه فِيهَا حمارا) (فَلم تَرَ مثلهَا عَيْني كنيفا ... تبواه أَمِير الشرق دَارا) // من الوافر // وَقَالَ ويروى لأبي الطّيب (بُخَارى كل شَيْء ... مِنْك يَا شوهاء مقلوب) (قُضَاة النَّاس ركاب ... فَلم قاضيك مركوب) // من الهزج // وَقَالَ أَبُو مَنْصُور العبدوي (إِذا مَا بِلَاد الله طَابَ نسيمها ... وفاحت لَدَى الأسحار ريح البنفسج) (رَأَيْت بُخَارى جيفة الأَرْض كلهَا ... كَأَنَّك مِنْهَا قَاعد وسط مخرج) (فيا رب أصلح أَهلهَا وانف نتنها ... وَإِلَّا فعنها رب حول وَفرج) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الخزرجي ويروى لأبي أَحْمد (فقحة الدُّنْيَا بُخَارى ... وَلنَا فِيهَا اقتحام) (ليتها تفسو بِنَا الْآن ... فقد طَال الْمقَام) // من مجزوء الرمل // وَقَالَ الغربيامي (مَا بَلْدَة منتة من خرا ... وَأَهْلهَا فِي جوفها دود) (تِلْكَ بُخَارى من بخار الخرى ... يضيع فِيهَا الند وَالْعود) // من السَّرِيع // وَقَالَ أَبُو عَليّ السَّاجِي (بَاء بُخَارى فاعلمن زائده ... وَالْألف الأولى بِلَا فائده) (فَهِيَ خرا مَحْض وسكانها ... كالطير فِي أقفاصها آبده) // من السَّرِيع // وَقَالَ الْحسن بن عَليّ المروروذي (أَقَمْنَا فِي بُخَارى كارهينا ... وَنخرج إِن خرجنَا طائعينا) (فأخرجنا إِلَه النَّاس مِنْهَا ... فَإِن عدنا فَإنَّا ظالمونا) // من الوافر // وَقَوله من قصيدة (أودى مُلُوك بني ساسان وانقرضوا ... وَأصْبح الْملك مَا يَنْفَكّ ينْتَقض) (أضحت إمارتهم فيهم وجوهرهم ... عبيدهم وهم فِي عرضهَا عرض) (فليبك من كَانَ مِنْهُم باكيا أبدا ... فَمَا لما فاتهم من ملكهم عوض) (من لَان مرقده فالدهر مبدله ... عَنهُ فراشا لَهُ من تَحْتَهُ قضض) (هاتيك عَادَته فِيمَن تقدمهم ... وكل مُرْتَفع يَوْمًا سينخفض) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 (دعهم إِلَى سقر واشرب على طرب ... فالفجر فِي الْأُفق الغربي معترض) (غَدا الرّبيع علينا وَالنَّهَار بِهِ ... يَمْتَد منبسطا وَاللَّيْل منقبض) (والنور يضْحك فِي خضر البنان ضحى ... والبرق مبتسم والرعد مؤتمض) (وقوضت دولة قد كنت أكرهها ... وَزَالَ مَا كَانَ مِنْهُ الْهم وَالْمَرَض) (إِن أَنْت لم تصطبح أَو تغتبق فَمَتَى ... الْآن بَادر فَإِن اللَّهْو مفترض) // من الْبَسِيط // وَمن عَجِيب مَا يحْكى عَن أبي الطّيب أَنه كتب إِلَى أَخِيه أبي طَاهِر الطّيب بن مُحَمَّد بن طَاهِر بكرَة يَوْم الرام بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ (وَإِنِّي والمؤذن يَوْم رام ... لمختلفان فِي هذي الْغَدَاة) (أنادي بالصبوح كه كيادا ... إِذا نَادَى بحي على الصَّلَاة) // من الوافر // وَإِذا برَسُول أبي طَاهِر جَاءَهُ قبل وُصُول رقعته برقعة فِيهَا (وَإِنِّي والمؤذن يَوْم رام ... لمختلفان فِي هَذَا الصَّباح) (أنادي بالصبوح كه كيادا ... إِذا نَادَى بحي على الْفَلاح) // من الوافر // وَكَانَ التقاء رسوليهما بالرقعتين فِي منتصف الطَّرِيق وَمن سَائِر شعر أبي الطّيب قَوْله فِي السعيد نصر بن أَحْمد (قَدِيما جرت للنَّاس فِي الْكتب عَادَة ... إِذا كتبوها أَن يعادلها الصَّدْر) (وَأول هَذَا الْأَمر كَانَ افتتاحه ... بنصر وَإِن ولى فآخره نصر) // من الطَّوِيل // وَمِمَّا يستحسن من شعره ويغني بِهِ وَيَقَع فِي كل اخْتِيَار قَوْله (خليلي لَو أَن هم النُّفُوس ... دَامَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا قتل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 (وَلَكِن شَيْئا يُسمى السرُور ... قَدِيما سمعنَا بِهِ مَا فعل) // من المتقارب // وناوله غُلَام لَهُ باقة نرجس فَقَالَ فِيهِ (لما أطلنا عَنهُ تغميضا ... أهْدى لنا النرجس تعريضا) (فدلنا ذَاك على أَنه ... قد اقتضانا الصفر والبيضا) // من السَّرِيع // وَمن ملحه قَوْله فِي الجبهاني من ضادية (تقلدت بالوسواس صرفا وزرتنا ... فزدت بهَا تيها عَليّ عريضا) (وَلست بزاو عَنْك ودا عهدته ... وَلَا قَائِل مَا عَنهُ مَرِيضا) (فَمَا كَانَ بهْلُول مَعَ الشتم والخنا ... وَقذف النِّسَاء الْمُحْصنَات بغيضا) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي مَعْنَاهُ (وَلست بِشَيْء من جفائك حافلا ... وَلَا من أَذَى جرعتنيه مغيظا) (فأطيب أَحْوَال المجانين مَا رموا ... وزنوا وعاطوك الْكَلَام غليظا) // من الطَّوِيل // وَكَانَ أَبُو ذَر الْحَاكِم البُخَارِيّ عرضة لهجائه فَقَالَ فِيهِ من قصيدة (أُفٍّ للدهر أُفٍّ لَهُ ... قد أَتَانَا بمعضله) (بِأبي ذَر الَّذِي ... كَانَ ملقى بمزبله) (كلما بَات لَيْلَة ... وإسته فِيهِ مهمله) (بَات يقرا إِلَى الصَّباح ... وبئر معطله) // من مجزوء الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 وَقَوله فِي ابْنه (لأبي ذَر بني ... طفس لَا كَانَ ذَا ابْنا) (فَهُوَ لَا يقْرَأ من الْقُرْآن ... إِلَّا والنا) وَقَوله فِي غَيرهمَا (طَلْحَة يَا كبرائي ... سلحة فِي الْأُمَرَاء) (إِن شاها أَنْت فرزان ... لَهُ بَادِي العراء) // من مجزوء الرمل // 13 - أَبُو مَنْصُور الطاهري لم يَرث الْفضل وَالشعر عَن كَلَالَة وَهُوَ الْقَائِل (بَكَيْت لفقد الْوَالِدين وَمن يَعش ... لفقدهما تصغر لَدَيْهِ المصائب) (فعزيت نَفسِي موقنا بذهابها ... وَكَيف بَقَاء الْفَرْع وَالْأَصْل ذَاهِب) // من الطَّوِيل // وَمن أحسن مَا سَمِعت فِي الْمَعْنى نثرا قَول بعض الْحُكَمَاء لرجل مَاتَ أَبوهُ وَابْنه لقد مَاتَ أَبوك وَهُوَ أصلك وَمَات ابْنك وَهُوَ فرعك فَمَا بَقَاء شَجَرَة ذهب أَصْلهَا وفرعها مِمَّا يستجاد لأبي مَنْصُور قَوْله (شَيْئَانِ لَو أَن ليثا يبتلى بهما ... فِي غيله مَاتَ من هم وَمن كمد) (فقد الشَّبَاب الَّذِي مَا إِن لَهُ عوض ... والبعد بالرغم عَن أهل وَعَن ولد) // من الْبَسِيط // وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الآخر (شَيْئَانِ لَو بَكت الدِّمَاء عَلَيْهِمَا ... عَيْنَايَ حَتَّى يؤذنا بذهاب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 (لم يقضيا المعشار من حقيهما ... شرخ الشَّبَاب وَفرْقَة الأحباب) // من الْكَامِل // وَقد ملح أَبُو مَنْصُور فِي قَوْله (أَقُول وَقد رَأَيْت لَهُ خوانًا ... لَهُ من لحظ عَيْنَيْهِ خفير) (أرى خبْزًا وَبِي جوع شَدِيد ... وَلَكِن دونه أَسد مزير) // من الوافر // وَمثله للرشيد وَقد رأى جَارِيَة سكرى فَرَاوَدَهَا فَقَالَت إِن أَبَاك ألم بِي فَكف عَنْهَا وَقَالَ (أرى مَاء وَبِي عَطش شَدِيد ... وَلَكِن لَا سَبِيل إِلَى الْوُرُود) // من الوافر // 14 - أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمرَادِي كَانَ شَاعِر بُخَارى وَله شعر كثير مدون وَمن مَشْهُور أخباره أَن السعيد نصر بن أَحْمد ركب يَوْمًا للضرب بالصوالجة فَجَاءَت مطرة رَشَّتْ السهلة وَلما قضى وطره وَأَقْبل إِلَى الدَّار تصدى لَهُ الْمرَادِي فَأَنْشد (أشهد أَن الْأَمِير نصرا ... يَخْدمه الْغَيْث والسحاب) (رش تُرَاب الطَّرِيق كي لَا ... يُؤْذِيه فِي الموكب التُّرَاب) (لَا زَالَ يبْقى لَهُ ثَلَاث ... الْعِزّ وَالْملك والشباب) // من مخلع الْبَسِيط // فَأمر لَهُ بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ لَو زِدْت لزدناك وَكَانَ الْمرَادِي ينشد لنَفسِهِ (إِنَّمَا همي كسيره ... وإدام من قديره) (وخميره فِي زكيره ... بلغتي مِنْهَا سكيره) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 (وصبيح أَو قَبِيح ... قد كفى جلد عميره) (ودنينير لدُنْيَا ... بَات فِي ضمن صريره) (من رأى عيشي هَذَا ... عَاشَ لَا يطْلب غَيره) // من مجزوء الرمل // ثمَّ يقْرَأ على أَثَرهَا {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين} وَورد نيسابور لحَاجَة فِي نَفسه فَرَأى من أَهلهَا جفَاء فَقَالَ (لَا تنزلن بنيسابور مغتربا ... إِلَّا وحبلك مَوْصُول بسُلْطَان) (أَو لَا فَلَا أدب يُغني وَلَا حسب ... يجدي وَلَا حُرْمَة ترعى لإِنْسَان) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (قَالَ الْمرَادِي قولا غير مُتَّهم ... والنصح مَا كَانَ من ذِي اللب مَقْبُول) (لَا تنزلن بنيسابور مغتربا ... إِن الْغَرِيب بنيسابور مخذول) // من الْبَسِيط // وَقَالَ فِي المصعبي (أرى صُحْبَة الْأَشْرَاف صعبا مرامها ... وصحبة هَذَا المصعبي فأصعب) (يذللني فِيمَا يروم اكتسابه ... فأستام عزا بالمذلة يكْسب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي موت أبي جَعْفَر الصعلوكي (وَقد تلفت نَفسه الدنيه ... مَا كَانَ أولاه بالمنيه) (مَا أَخطَأ الْمَوْت حِين أفنى ... من كَانَ ميلاده خطيه) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ لأبي عَليّ الصَّاغَانِي من قصيدة (لم ألق غَيْرك إِلَّا ازددت معرفَة ... بِأَن مثلك فِي الْآفَاق مَعْدُوم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 (أرى سيوفك فِي الْأَعْدَاء مَاضِيَة ... ركن الضلال بهَا مَا عِشْت مهدوم) (يهمي الندى والردى من راحتيك فَلَا ... عاصيك نَاجٍ وَلَا راجيك محروم) // من الْبَسِيط // وَقَالَ فِي بكر بن مَالك (قلد الْجَيْش سيد ... وَهُوَ جَيش على حَده) (يَد بكر وسيفه ... وَيَد الله واحده) // من مجزوء الْخَفِيف // وَمن ملحه وظرفه قَوْله (هَل لكم فِي مطفل ... شربه شرب قَبره) (لَو رأى فِي جواره ... خيط زق لأسكره) // من مجزوء الْخَفِيف // وَلما احْتضرَ أنفذ إِلَيْهِ الجبهاني ثيابًا للكفن فأفاق وَأَنْشَأَ يَقُول (كساني بَنو جبهان حَيا وَمَيتًا ... فأحييت آثارا لَهُم آخر الزَّمن) (فَأول بر مِنْهُم كَانَ خلعة ... وَآخر بر مِنْهُم صَار لي كفن) // من الطَّوِيل // ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ سَاعَة فأفاق وَقَالَ (عَاشَ الْمرَادِي لأضيافه ... فَصَارَ ضيفا لإله السما) (وَالله أولى بقرى ضَيفه ... فَليدع الباكي عَلَيْهِ البكا) // من السَّرِيع // ثمَّ كَانَ كَأَنَّهُ سراج انطفأ 15 - أَبُو مَنْصُور العبدوني أَحْمد بن عبدون من أظهر كتاب بُخَارى تحصيلا وأظرفهم جملَة وتفصيلا وَكَانَ رَيْحَانَة الندماء وشمامة الْفُضَلَاء ونارنج الظرفاء وَله شعر عذب المذاق حُلْو المساغ فِي نِهَايَة خفَّة الرّوح وَقد تقدّمت لَهُ أَبْيَات وَبَلغنِي أَن صديقا لَهُ كتب إِلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 يستعير مِنْهُ دَابَّة وَيَقُول (أردْت الرّكُوب إِلَى حَاجَة ... فَمن لي بفاعلة من دببت) // من المتقارب // فَوَقع تَحت الْبَيْت (برذوننا يَا أخي عَامر ... فَكُن بِأبي فَاعِلا من غَدَوْت) // من المتقارب // وَقَالَ فِي صَاحب ديوَان يُطِيل الْمكْث فِيهِ (أقسم بِاللَّه وآياته ... أَنَّك فِي الثّقل رحى بزر) (وَذَا كَمَا قلت وَإِلَّا فَلم ... تقعد فِي الدَّار إِلَى الْعَصْر) (وَالنَّاس قد أخلوا دواوينهم ... وَانْصَرف الطير إِلَى الوكر) // من السَّرِيع // وَقَالَ (أكتاب ديوَان الرسائل مَا لكم ... تجملتم بل متم بالتجمل) (وأرزاقكم لَا تستبين رسومها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل) (إِذا مَا شكا الإفلاس والضر بعدكم ... يَقُولُونَ لَا تهْلك أسى وتجمل) (خلقْتُمْ على بَاب الْأَمِير كأنكم ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي أبي نصر بن أبي حَبَّة وَكَانَ من تلامذته (يَا قوم إِن ابْن أبي حَبَّة ... قد سبق الْكتاب فِي الحلبه) (وَأدْخل الْكتاب من حذقه ... فِي الْكوز والجرة والدبة) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي كتاب أدب الْكتاب لِابْنِ قُتَيْبَة (أدب الْكتاب عِنْدِي ... مَا لَهُ فِي الْكتب ند) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 (لَيْسَ لِلْكَاتِبِ مِنْهُ ... إِن أَرَادَ الْعلم بُد) // من مجزوء الرمل // وَقَالَ (عنقِي يَا قوم كَانَت ... عِنْد شربي الراح عبله) (فَتركت الشّرْب أَيَّامًا ... على عمد لَعَلَّه) (فَانْحنى الظّهْر وذاب الْجِسْم ... فِي أيسر مهله) // من مجزوء الرمل // وحَدثني أَبُو سعيد عَن بعض مَشَايِخ الحضرة وَقد ذهب على اسْمه أَن مَجْلِسا للأنس جمع يَوْمًا جمَاعَة من أفاضل بُخَارى كَأبي أَحْمد بن أبي بكر والطاهري والمصعبي والخزرجي والعبدوني وَفِيهِمْ فَتى من أهل أشروسنه يُسمى يشْكر أحسن من نعم الله الْمُقبلَة وَمن الْعَافِيَة فِي الْبدن فأفضى بِهِ الحَدِيث إِلَى رِوَايَة الأهاجي وطفق كل وَاحِد مِنْهُم يرْوى أَجود شعره فِي الهجاء فَقَالَ بعض الْحَاضِرين إِن هجاء من هجوتموه مُمكن معرض فَهَل فِيكُم من يهجو هَذَا الْفَتى يَعْنِي يشْكر فَقَالُوا لَا وَالله مَا نقدر على هجائه وليت شعري أيهجي خلقه أم اسْمه فارتجل العبدوني أبياتا مِنْهَا (وشكر يشْكر من ناكه ... ويشكر لله لَا يشْكر) // من المتقارب // فتعجبوا من سرعَة خاطره فِي ذمّ مثله واشتقاقه الهجاء من اسْمه وأقروا لَهُ بالبراعة وَحين رأى خجل الْفَتى لما بدر من هجائه إِيَّاه من غير قصد أخرج من يَدَيْهِ زَوجي خَاتم ياقوت وفيروزج وأعطاهما إِيَّاه وَقَالَ هَذَا بذلك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 16 - أَبُو الطّيب المصعبي مُحَمَّد بن حَاتِم كَانَ فِي جَمِيع أدوات المعاشرة والمنادمة وآلات الرياسة والوزراة على مَا هُوَ مَعْرُوف مَشْهُور وَكَانَت يَده فِي الْكتاب ضرَّة الْبَرْق وقلمه فلكي الجري وخطه حديقة الحدق وبلاغته مستملاة من عُطَارِد وشعره باللسانين نتاج الْفضل وثمار الْعقل وَلما غلب على الْأَمِير السعيد نصر بن أَحْمد بِكَثْرَة محاسنه ووفور مناقبه ووزر لَهُ مَعَ اخْتِصَاصه بمنادمته لم تطل بِهِ الْأَيَّام حَتَّى أَصَابَته عين الْكَمَال وأدركته آفَة الوزارة فسقى الأَرْض من دَمه وَمن مَشْهُور شعره وَسَائِر قَوْله (اختلس حظك فِي دنياك ... من أَيدي الدهور) (واغتنم يَوْمًا ترجيه ... بلهو وسرور) (واصنع الْعرف إِلَى كل ... كفور وشكور) (لَك مَا تصنع والكفران ... يزري بالكفور) // من مجزوء الرمل // وَقَوله فِي ذمّ الشَّبَاب (لم أقل للشباب فِي كنف الله ... وَفِي ستره غَدَاة استقلا) (زائر زارنا مُقيم إِلَى أَن ... سود الصُّحُف بِالذنُوبِ وَولى) // من الْخَفِيف // وَقَوله فِي غُلَام أعجمي (بِأبي من لِسَانه أعجمي ... وَأرى حسنه فصيح الْكَلَام) // من الْخَفِيف // ويروى لَهُ مَا كتب بِهِ إِلَى بعض إخوانه (عبت فَلم يأتني رَسُول ... وَلم يقل عِلّة عليل) (هَيْهَات لَو كنت لي خَلِيلًا ... فعلت مَا يفعل الْخَلِيل) // من مخلع الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 وَله (الْيَوْم يَوْم بكور ... على نظام سرُور) (وَيَوْم عزف قيان ... مثل التماثيل حور) (وَلَا تكَاد جِيَاد ... تروى بِغَيْر صفير) // من المجتث // وَوَقع فِي كتاب (قد قلت لما أَن قَرَأت كتابكُمْ ... عض الْملَل ببظر أم الْكَاتِب) // من الْكَامِل // 17 - أَبُو عَليّ السَّاجِي من فضلاء المقيمين ببخارى ووجوه المتصرفين بهَا وفيهَا يَقُول فِي غُلَام تركي (لَا سَمُرَة لَا بَيَاض فِيهِ لَا سمن ... وَلَا هزال وَلَا طول وَلَا قصر) (ذُو قامة قَامَ فِيهَا عذر عاشقها ... وَصُورَة قبحت مَعَ حسنها الصُّور) // من الْبَسِيط // وَيَقُول (أَنا بالحضرة وَاقِف ... للتعازي والتهاني) (ولتشييع فلَان ... والتلقي لفُلَان) // من مجزوء الرمل // وَله فِي مرو (بلد طيب وَمَاء معِين ... وثرى طيبه يفوق العبيرا) (وَإِذا الْمَرْء قدر السّير عَنهُ ... فهويناه باسمه أَن يَسِيرا) // من الْخَفِيف // وَله (لَا تأس من دنيا على فَائت ... وعندك الْإِسْلَام والعافيه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 (إِن فَاتَ شَيْء كنت تسْعَى لَهُ ... ففيهما من فَائت كافيه) // من السَّرِيع // وَله (لست أَدْرِي مَاذَا أَقُول وَلَكِن ... أَبْتَغِي من عريض جاهك نفعا) (والفتى إِن أَرَادَ نفع أَخِيه ... فَهُوَ يدْرِي فِي أمره كَيفَ يسْعَى) // من الْخَفِيف // 18 - أَبُو مَنْصُور الخزرجي أديب شَاعِر فِي المرتبطين الَّذين كَانُوا ببخارى مَعَ أبي غَسَّان التَّمِيمِي والبوشنجي والكسروي وأضرابهم من الأفاضل كتب إِلَى أبي أَحْمد بن أبي بكر فِي أَوَائِل شهر رَمَضَان قصيدة مِنْهَا (الصَّوْم ضيف ثوى فداره ... قد يُؤجر العَبْد وَهُوَ كَارِه) (واحمل على النَّفس فِي قراه ... فِي ليله مِنْك أَو نَهَاره) (فَإِن تجافى على كريم ... بر حَرِيص على مزاره) (فالضيف مَاض غَدا ومثن ... عَلَيْك أَن حطت من ذماره) // من مخلع الْبَسِيط // وَمن ملحه ويروي لغيره (أتدخل من تشَاء بِلَا حجاب ... وَكلهمْ كسير أَو عوير) (وَأبقى من وَرَاء الْبَاب حَتَّى ... كَأَنِّي خصية وسواي أير) // من الوافر // وَقَالَ للمصعبي (يَا من تخلق حَتَّى صَار مرتفعا ... من السَّمَاء إِلَى أَعلَى مراقيها) (لَا تأمنن انحطاطا وارع حرمتنا ... وَانْظُر إِلَى الأَرْض وَاذْكُر كوننا فِيهَا) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وَقَالَ وأنشدنيها لَهُ أَبُو زَكَرِيَّا الْحَرْبِيّ وتروى لغيره (يَا ذَا الْكَوَاكِب والدوائر ... والعجائب والمجره) (أجحف بالفطن الأريب ... فَخَاضَ فِي الغمرات دهره) (يَا عرة فِي فعله ... أَعْطَيْت خيرك كل عره) (أخرفت من طول السرى ... أم زِدْت للحركات سره) 19 - أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز النَّسَفِيّ قَالَ فِي رَئِيس كَانَ ينَام بِالنَّهَارِ ويسهر بِاللَّيْلِ (ينَام إِذا مَا اسْتَيْقَظَ النَّاس بالضحى ... فَإِن جن ليل فَهُوَ يقظان حارس) (وَذَاكَ كَمثل الْكَلْب يسهر ليله ... فَإِن لَاحَ صبح فَهُوَ وَسنَان ناعس) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي أبي عَليّ الصَّاغَانِي (الدَّار داران للْبَاقِي وللفاني ... والخلق كلهم يكفيهم اثْنَان) (فَأَحْمَد لِمَعَاش النَّاس قاطبة ... وَأحمد لِمَعَاد النَّاس سيان) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (إِن الرؤوس بِإِجْمَاع ... آكليها ثقيله) (وحقها شرب صرف ... قَصِيرَة من طويله) // من المجتث // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 20 - أَبُو الْقَاسِم الكسروي هُوَ أردستاني من أهل أصفهان من الأدباء الطارئين على بُخَارى والمرتبطين بهَا وَكَانَ جَامعا بَين الْكِتَابَة وَالشعر ضَارِبًا بأفور السهْم فِي الظّرْف وَكَانَ يَقُول قولي لعدوي أعزه الله إِنَّمَا أُرِيد أعزه الله حَتَّى لَا يُوجد فِي الدُّنْيَا وَقَوْلِي أَطَالَ الله بقاك وأدام عزك وتأييدك وَجَعَلَنِي فدَاك أَي من هَذَا الدُّعَاء كُله فَصَارَ الدُّعَاء لي دونه وَكَانَ يبغض الشطرنج ويذمها وَلَا يُقَارب من يشْتَغل بهَا ويطنب فِي ذكر عيوبهم وَيَقُول لَا ترى شطرنجا غَنِيا إِلَّا بَخِيلًا وَلَا فَقِيرا إِلَّا طفيليا وَلَا تسمع نادرة بَارِدَة إِلَّا على الشطرنج فَإِذا جرى ذكر شَيْء مِنْهَا قيل جَاءَ الزَّمْهَرِير وَلَا يتَمَثَّل بهَا إِلَّا فِيمَا يعاب ويذم وَيكرهُ فَإِذا خرئ السَّكْرَان قيل قد فرزن وَإِذا كَانَ مَعَ الْغُلَام الصبيح الْمليح رَقِيب ثقيل قيل مَعَه فرزان بيدق وَإِذا استحقر قدر الْإِنْسَان قيل كَأَنَّهُ بيدق وَلَا سِيمَا إِذا اجْتمع فِيهِ قصر الْقدر وَصغر الْقدر كَمَا قَالَ الناجم (أَلا يَا بيدق الشطرنج فِي الْقيمَة والقامة ... ) // من الهزج // وَإِذا ذكر وُقُوع الْإِنْسَان فِي ورطة وهلكه على يَد عَدو قيل كَمَا قَالَ عبد الله ابْن المعتز وأجاد (قل للشقي وَقعت فِي الفخ ... أودت بشاهك ضَرْبَة الرخ) // من الْكَامِل // وَإِذا رُؤِيَ طفيلي يسيء الْأَدَب على الْمَائِدَة قيل انْظُرُوا إِلَى يَد الكشحان كَأَنَّهَا الرخ فِي الرقعة وَإِذا رُؤِيَ زِيَادَة لَا يحْتَاج إِلَيْهَا قيل زَاد فِي الشطرنج بغلة وَإِذا سبّ دخيل سَاقِط قيل من أَنْت فِي الرقعة وَإِذا ذكر وضيع ارْتَفع قيل كَمَا قَالَ أَبُو تَمام (قل لي مَتى فرزنت سرعَة ... مَا أرى يَا بيدق) // من مجزوء الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 ويروى أَنه دخل يَوْمًا على أبي عبد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْفَارِسِي وَقد ولد لَهُ مَوْلُود فَأَنْشد (هنئت نجم سَعَادَة ... قد حل أول أمس رحلك) (فأحله الْمولى من الْآدَاب ... والعليا محلك) (وَأطَال عزكما وعمركما ... وَأكْثر مِنْك مثلك) // من مجزوء الْكَامِل // فَأمر لَهُ بثلثمائة دِينَار وَكتب إِلَى بعض الرؤساء رِسَالَة فِي الهز والاقتضاء وَفِي آخرهَا قَوْله (فَرَأى الشَّيْخ مولى الْمجد فِي أَن ... يشرفني بِإِحْدَى الحسنيين) (بِنَقْد أرتيجه أَو بيأس ... فَإِن الْيَأْس إِحْدَى الراحتين) // من الوافر // وَله من قصيدة (كسبت مَا شِئْت من مَال فأتلفه ... كف كسوب بعون الله متلاف) (لن يلبث المَال عِنْدِي أَو يفرقه ... طبع امْرِئ همه بذل وإسراف) (إِن عادتي فِيمَا حوته يَدي ... وعاده الله جلّ الله إخلاف) (فَهَذِهِ عادتي فِيمَا حوته يَدي ... وعاده الله جلّ الله إخلاف) (إِن الْحُقُوق ليفني المَال واجبها ... وَفِي قَضَاء حُقُوق النَّاس إنصاف) // من الْبَسِيط // وَله (كَفاك مذكرا وَجْهي بأَمْري ... وحسبي أَن أَرَاك وَأَن تراني) (وَكَيف أحث من يعْنى بشأني ... وَيعرف حَاجَتي وَيرى مَكَاني) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 21 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عُثْمَان النَّيْسَابُورِي الخازن وَقع إِلَى بُخَارى وَتصرف بهَا وتقلد الْحزن وَكَانَ من أدباء الْكتاب وفضلائهم وَأهْدى جُزْءا بِخَطِّهِ يشْتَمل على ملح وغرر بخارية لَهُ وَلغيره مِمَّن جاورهم بالحضرة فمما كتبه لنَفسِهِ قَوْله (لكَلْب عقور أسود اللَّوْن رابض ... على صدر سَوْدَاء الذوائب كاعب) (أحب إِلَيْهَا من معانقة الَّذِي ... لَهُ لحية بَيْضَاء فَوق الترائب) // من الطَّوِيل // وَله (وعنين يُرِيد قيام إير ... بأدوية لأوقات الْجِمَاع) (فَقلت لَهُ هَلَاك الزق يَوْمًا ... إِذا مَا احْتِيجَ فِيهِ إِلَى الرّقاع) // من الوافر // وَمِمَّا وجدته بِخَطِّهِ وَلست أذكر أكتبه لنَفسِهِ أم لغيره من كتاب عصره لغيبة ذَاك الْجُزْء عني هَذِه الأبيات (وهت عزماتك عِنْد المشيب ... وَمَا كَانَ من حَقّهَا أَن تهي) (وَأنْكرت نَفسك لما كَبرت ... فَلَا هِيَ أَنْت وَلَا أَنْت هِيَ) (فَإِن ذكرت شهوات النُّفُوس ... فَمَا تشْتَهي غير أَن تشْتَهي) // من المتقارب // 22 - الْحُسَيْن بن عَليّ المروروزي من آدب أَصْحَاب الجيوش بخراسان وأشعرهم وَأكْرمهمْ وَفِيه يَقُول بعض الشُّعَرَاء لما صرف عَن مرو بِأَحْمَد بن سهل وَيذكر دَار الْإِمَارَة فِيهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 (أَقَامَ بصحنها لؤم ابْن سهل ... وَفَارق ربعهَا كرم الْحُسَيْن) (وَكَانَت جنَّة فغدت جحيما ... فيا بعد اخْتِلَاف الْحَالَتَيْنِ) // من الوافر // وَمن سَائِر شعر الْحُسَيْن قَوْله فِي أبي الْفضل البلغمي لما تلطف لإطلاقه من حبس القمندر بهراة (أَلا اسْقِنِي من زبيب شمس ... عَدو همي حبيب نَفسِي) (أرق من دين آل تيم ... وَمن عدي وَعبد شمس) (أشْرب بتذكار من تولى ... بِنَاء مجدي بهدم حبسي) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (ثِنْتَانِ يعجز ذُو الرياضة عَنْهُمَا ... رَأْي النِّسَاء وإمرة الصّبيان) (أما النِّسَاء فميلهن إِلَى الْهوى ... وأخو الصباه يجْرِي بِغَيْر عنان) // من الْكَامِل // وَقَوله من أَبْيَات فِي بعض قواده (وجيش يكون أَمِيرا لَهُم ... قصارى أُولَئِكَ أَن يهزموا) // من المتقارب // 23 - مُحَمَّد بن مُوسَى الحدادي الْبَلْخِي كَانَ يُقَال أخرجت بَلخ أَرْبَعَة من الْأَفْرَاد أَبَا الْقَاسِم الكعبي فِي علم الْكَلَام وَأَبا زيد الْبَلْخِي فِي البلاغة والتأليف وَسَهل بن الْحسن فِي شعر الفارسية وَمُحَمّد بن مُوسَى فِي شعر الْعَرَبيَّة وَكَانَ يكْتب للحسين بن عَليّ وشعره سَائِر مدون كثير الْأَمْثَال وَالْغرر كَقَوْلِه (إِن كنت أَشْكُو من يرق ... عَن الشكاية فِي القريض) (فالفيل يضجر وَهُوَ أعظم ... مَا رَأَيْت من البعوض) // من مجزوء الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 وَقَوله (ألقحت مِنْهُ حُرْمَة ... متوقعا مَا تنْتج) (فَإِذا رعايته لَهَا ... وَالله سقط مُخْدج) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (لَا غرو إِن كنت بحرا لَا يفِيض ندى ... فالبحر غمر وَلَكِن لَيْسَ بالجاري) (أمسيت جاري من بَين الْأَنَام فَلَا ... تغفل وصاة رَسُول الله بالجار) // من الْبَسِيط // وَقَوله من قصيدة (كم فِيك من رشأ أغن كَأَنَّمَا ... خلقت مفاصله بِغَيْر عِظَام) (كم قد غللت يَد النديم بقهوة ... سهدت بِأَن الغل من إكرامي) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (مَا بَال فرقة شملنا لَا تجمع ... وَإِلَى مَتى يصل الزَّمَان وَيقطع) (كم خلفت تِلْكَ الركاب وَرَاءَهَا ... من منزل فِيهِ لنا مستمتع) (فالورد يلطم خَدّه وجدا بِنَا ... وعيون نرجسه علينا تَدْمَع) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا (ولرب كرم قد رضعت ثديه ... وَمن الْعَجَائِب أَن كهلا يرضع) وَمن أُخْرَى (أذلت فِيمَا بَيْننَا حُرْمَة ... كَحُرْمَةِ الإبريق والكأس) (قدك أما يمنعك الْفضل أَن ... رحت على عرش كناس) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 وَمن أُخْرَى (وَحكى سوادا فِي شقائق حمرَة ... صلب الغوالي فِي خدود الرّوم) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (إِن كَانَ أغلق دوني بَابه فَلَقَد ... أَعدَدْت صبري لذاك الْبَاب مفتاحا) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (يسرني من حسد النَّاس لي ... أَنِّي فيهم غير محروم) (وأنني من كرم لابس ... وأنني عَار من اللوم) // من السَّرِيع // 24 - أَبُو الْفضل السكرِي الْمروزِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن زيد شَاعِر مرو وظريفها وَله شعر مليح خَفِيف الرّوح كثير الْملح والأمثال كَقَوْلِه (لَا تعتبن على الزَّمَان وَصَرفه ... مَا دَامَ يقنع مِنْك بالأطراف) (وَإِذا سلمت فَلَا تكن لَك همة ... إِلَّا دوَام سَلامَة الألاف) // من الْكَامِل // وَقَوله (مَا أعجب الرزق وأسبابه ... كل لَهُ فِي رزقه بَابه) (مقدوره من بَابه وَاصل ... والمرء لَا يعرف أَسبَابه) // من السَّرِيع // وَقَوله (أشرف الْقَصْد فِي المطالب ... للنَّاس أَرْبَعه) (كَثْرَة المَال وَالْولَايَة ... والعز والدعه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 (فارض مِنْهَا بِوَاحِد ... تلف مَا دونه مَعَه) (دعة النَّفس بالكفاف ... وَإِن لم تكن سعه) (كل مَا أتعب النُّفُوس ... فَمَا فِيهِ مَنْفَعَة) // من مجزوء الْخَفِيف // وَقَوله من مزدوجة ترْجم فِيهَا أَمْثَالًا للْفرس (من رام طمس الشَّمْس جهلا أخطا ... الشَّمْس بالتطيين لَا تغطى) (أحسن مَا فِي صفة اللَّيْل وجد ... اللَّيْل حُبْلَى لَيْسَ يدْرِي مَا يلد) (من مثل الْفرس ذَوي الْأَبْصَار ... الثَّوْب رهن فِي يَد الْقصار) (إِن الْبَعِير يبغض الخشاشا ... لكنه فِي أَنفه مَا عاشا) (نَالَ الْحمار بالسقوط فِي الوحل ... مَا كَانَ يهوى وَنَجَا من الْعَمَل) (نَحن على الشَّرْط الْقَدِيم الْمُشْتَرط ... لَا الزق منشق وَلَا العير سقط) (فِي الْمثل السائر للحمار ... قد ينهق الْحمار للبيطار) (والعنز لَا يسمن إِلَّا بالعلف ... لَا يسمن العنز بقول ذِي لطف) (الْبَحْر غمر المَاء فِي العيان ... وَالْكَلب يرْوى مِنْهُ بِاللِّسَانِ) (لَا تَكُ من نصحي فِي ارتياب ... مَا بِعْتُك الْهِرَّة فِي الجراب) (من لم يكن فِي بَيته طَعَام ... فَمَا لَهُ فِي محفل مقَام) (منيتنى الْإِحْسَان دع إحسانك ... اترك بحشو الله باذنجانك) (كَانَ يُقَال من أَتَى خوانًا ... من غير أَن يَدعِي إِلَيْهِ هانا) // من الرجز // وَكَانَ مُولَعا بِنَقْل الْأَمْثَال الفارسية إِلَى الْعَرَبيَّة فمما اخترته من ذَلِك بعد المزدوجة قَوْله (إِذا وضعت على الرَّأْس التُّرَاب فضع ... من أعظم التل إِن النَّفْع مِنْهُ يَقع) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 وَقَوله (إِذا المَاء فَوق غريق طما ... فقاب قناة وَألف سوا) // من المتقارب // وَقَوله (إِذا لم تطق أَن ترتقي ذرْوَة الْجَبَل ... لعجز فقف فِي سفحه هَكَذَا الْمثل) // من الطَّوِيل // وَقَوله (فِي كل مستحسن عيب بِلَا ريب ... مَا يسلم الذَّهَب الإبريز من عيب) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِذا حَاكم بِالْأَمر كَانَ لَهُ خبر ... فقد تمّ ثُلُثَاهُ وَلم يصعب الْأَمر) // من الطَّوِيل // وَقَوله (مَا كنت لَو أكرمت أستعصي ... لَا يهرب الْكَلْب من القرص) // من السَّرِيع // وَقَوله (طلب الْأَعْظَم من بَيت الْكلاب ... كطلاب المَاء فِي لمع السراب) // من الرمل // وَقَوله (ادّعى الثَّعْلَب شَيْئا وَطلب ... قيل هَل من شَاهد قَالَ الذَّنب) // من الرمل // وَقَوله (هُوَ الثَّعْلَب الرواغ فِي مهمه سلك ... يرى التوفيه وَمَا إِن يرى الشبك) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 وَقَوله (من مثل الْفرس سَار فِي النَّاس ... التِّين يسقى بعلة الآس) // من المنسرح // وَقَوله (تبختر إخفاء لما فِيهِ من عرج ... وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا تكلفه فرج) // من الطَّوِيل // وَقد ذَكرتني هَذِه الْأَمْثَال الفارسية قصيدة لبَعض من ذهب عني اسْمه وكتبت مَا اخْتَرْت مِنْهَا ليقترن بِمَا تقدمها وَذَلِكَ (مَا أقبح الشَّيْطَان لكنه ... لَيْسَ كَمَا ينقش أَو يذكر) (يَكْفِي قَلِيل المَاء رطب الثرى ... والطين رطبا بله أيسر) (إِلَى شفا النَّار أماشي أخي ... لكنني إِن خاضها أَصْبِر) (أنتهز الفرصة فِي وَقتهَا ... وألقط الْجَوْز إِذا ينثر) (يطْلب أصل الْمَرْء من فعله ... فَفعله عَن أَصله يخبر) (كم ماكر حاق بِهِ مكره ... وواقع فِي بعض مَا يحْفر) (فَرَرْت من قطر إِلَى مثعب ... عَليّ بالوابل يثعنجر) (إِن تأت عورا فتعاور لَهُم ... وَقل أَتَاكُم رجل أَعور) (خُذْهُ بِمَوْت تغتنم عِنْده ... الْحَيّ لَا تَشْكُو وَلَا تجأر) (الْبَاب فانصب حَيْثُ مَا يَشْتَهِي ... صَاحبه فَهُوَ بِهِ أخبر) (وَالْكَلب لَا يذكر فِي مجْلِس ... إِلَّا ترَاءى عِنْدَمَا يذكر) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 25 - أَبُو عبد الله الضَّرِير الأنبوردي لَهُ شعر ذكر فِي أهل أنبورد وَله القصيدة الَّتِي ترْجم فِيهَا أَمْثَال الْفرس أَولهَا (صيامي إِذا أفطرت بالسحب ضلة ... وَعلمِي إِذا لم يجد ضرب من الْجَهْل) (وتزكيتي مَالا جمعت من الرِّبَا ... رِيَاء وَبَعض الْجواد أخزى من الْبُخْل) (كسارقة الرُّمَّان من كرم جارها ... تعود بِهِ المرضى وتطمع فِي الْفضل) (أَلا رب ذِئْب مر بالقوم خاويا ... فَقَالُوا علاهُ البهر من كَثْرَة الْأكل) (وَكم عقعق قد رام مشْيَة قبجة ... فأنسي ممشاه وَلم يمش كالحجل) (يواسي الْغُرَاب الذِّئْب فِي كل صَيْده ... وَمَا صَاده الْغرْبَان فِي سعف النّخل) // من الطَّوِيل // وَمن سَائِر شعره قَوْله (وَإِذا أَرَادَ الله رحْلَة نعْمَة ... عَن دَار قوم أخطأوا التدبيرا) // من الْكَامِل // وَمن ملحه قَوْله (أردْت زِيَارَة الْملك المفدى ... لأمدحه وآخذ مِنْهُ رفدا) (فعبس حاجبا فَقَرَأت أما ... من اسْتغنى فَأَنت لَهُ تصدى) // من الوافر // 26 - أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ كَاتب متصرف فِي الْأَعْمَال حسن التَّصَرُّف فِي ملح الشّعْر وظرفه كثير النَّوَادِر وَسَائِر النتف لَا يسْقط لَهُ بَيت وَاحِد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 أَنْشدني غير وَاحِد لَهُ من أهل الْأَدَب فِي الْحَاكِم الْجَلِيل قَوْله (لَا رواء لَا بهاء ... لَا بَيَان لَا عباره) (لَا يرى رد سَلام النَّاس ... إِلَّا بالإشاره) (أَنا أهواك وَلَكِن ... أَيْن آلَات الوزاره) // من مجزوء الرمل // وَله أَيْضا (أكل من كَانَ لَهُ نعْمَة ... أوسع من نعْمَة إخوانه) (أم كل من كَانَ لَهُ جوسق ... مشرف شيد بأركانه) (أم كل من كَانَ لَهُ كسْوَة ... يبذلها فِي بعض أحيانه) (يرى بهَا مستكبرا تائها ... على أدانيه وخلانه) // من السَّرِيع // وَله (قد كَانَت الضَّيْعَة فِيمَا مضى ... تغل من يملكهَا دائبه) (فأضحت الضَّيْعَة فِي يَوْمنَا ... مهجة من يملكهَا ذائبه) (يسْتَغْرق الْغلَّة فِي خرجها ... ويعرض الكلفة والنائبه) (فَإِن يقم صَاحبهَا كل ذَا ... ينج وَإِلَّا نتفوا شَاربه) // من السَّرِيع // وَله (يَا أَبَا مَالك النَّاسِي ... أَسبَاب التصافي) (يَا دعيا بِاتِّفَاق ... عَرَبيا باخْتلَاف) (هبك فِي أشرف بَيت ... لبني عبد منَاف) (أَنا مَا ذَنبي إِذا مَا اطردت ... فِيك القوافي) // من مجزوء الرمل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 وَله (وَكنت أَذمّ أَبَا جَعْفَر ... وأعجب من أمره المهمل) (فَلَمَّا بلونا أَبَا جَعْفَر ... أطلت الْبكاء على الأول) // من المتقارب // وَله (لَو طبخت قدر بمطمورة ... بالروم أَو أقْصَى حُدُود الثغور) (وَأَنت بالصين لوافيتها ... يَا عَالم الْغَيْب بِمَا فِي الْقُدُور) // من السَّرِيع // وَله (قد كَانَ آراؤكم فِيمَا مضى كرة ... كَأَنَّمَا خرطتها كف خراط) (فَالْآن تسعون رَأيا من وزيركم ... فِي السُّوق لَا تشترى مِنْكُم بقيراط) // من الْبَسِيط // وَله (رَأَيْت ملكا كَبِيرا ... كثير مَال وشحنه) (يسوس ذَاك وَزِير ... قَلِيل عقل وفطنه) (وللأمير وزيران ... يرميان بأبنه) (فلعنة الله تترى ... على كليل ودمنه) // من المجتث // وَله (تشكى فَقُلْنَا ثَابت وَيزِيد ... وَأَن فَقُلْنَا آن مِنْهُ خمود) (هِيَ الْعلَّة الْمَوْصُول بِالْمَوْتِ حبلها ... فَإِن ذهبت يَوْمًا فَسَوف تعود) // من الطَّوِيل // وَله ويروى لغيره (تفاقر كي يخفي على النَّاس أمره ... وَلِلنَّاسِ أبصار على الْغَيْب نافذه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 (فأبلغ دهاة النَّاس فِي كل بَلْدَة ... بِأَنا وَإِن كُنْتُم دهاة جهابذه) // من الطَّوِيل // 27 - أَبُو ذَر الْبَلْخِي الْحَاكِم قَالَ من قصيدة فِي أبي الْعَبَّاس المأموني وَقد وَثَبت رجله (إِن الجبائر مِنْك قد شدت على ... قدم لَهَا فِي المكرمات تقدم) (وَلَئِن غَدَتْ مجبورة فلطالما ... جبر الكسير بهَا وَرِيش معدم) // من الْكَامِل // 28 - أَبُو أَحْمد اليمامي البوشنجي شَاعِر بوشنج وغرتها وشعره مدون سَائِر وَبَلغنِي أَن الصاحب كَانَ يحفظ خائية أَحْمد ويتعجب من حسنها وجودتها وَهِي (أَقُول ونوار المشيب بعارضي ... قد افتر لي عَن نَاب أسود سالخ) (أشيبا وحاجات الْفُؤَاد كَأَنَّمَا ... يَجِيش بهَا فِي الصَّدْر مرجل طابخ) (وَمَا كَانَ حزني للشباب وَإِن هوى ... بِهِ الشيب عَن طود من الْأنس شامخ) (وَلَكِن يَقُول النَّاس شيخ وَلَيْسَ لي ... على نائبات الدَّهْر صَبر الْمَشَايِخ) // من الطَّوِيل // وَمِمَّا يستحسن من شعره (إِن تَمام السرُور للمرء أَن ... يَأْكُل من طَيّبَات غرس يَده) (وَأَن يغنى بِشعرِهِ ويلي ... خدمته من يحب من وَلَده) (وَقد حوى بَعْضنَا الثَّلَاث وَقد ... نغصها كلهَا ضنى جسده) // من المنسرح // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 وَقَوله (لقد فَكرت فِي أَمْرِي طَويلا ... فَمَا أَدْرِي أأبخل أم أَجود) (أَخَاف الْبُخْل من غَيْرِي ومني ... وَأعلم أَنه عَار عتيد) (ويعجبني السخاء وأشتهيه ... وَذَاكَ لِأَنَّهُ خلق حميد) (فأخشى الْفقر إِن طاوعت جودي ... وَعدم المَال فِي الدُّنْيَا شَدِيد) (فأفضل مَا أرى خلق وسيط ... لذات يَدي ينقص أَو يزِيد) // من الوافر // وَقَوله وَهُوَ مَنْقُول من كَلَام بعض السّلف (غالبت كل شَدِيدَة فَغَلَبَتْهَا ... والفقر غالبني فَأصْبح غالي) (إِن أبده يفصح وَإِن لم أبده ... يقتل فقبح وَجهه من صَاحب) // من الْكَامِل // وَقَوله لأبي الْفضل البلغمي وَقد عرض عَلَيْهِ الشَّرَاب (لَو كنت وَاجِد عقل أشتريه إِذا ... جالست من زِينَة الدُّنْيَا محياه) (لَكُنْت أطلبه جهدي وأجمعه ... إِلَى الَّذِي هُوَ عِنْدِي حِين أَلْقَاهُ) (فَكيف أشْرب شَيْئا لَا يفارقني ... حَتَّى أُفَارِق عَقْلِي حِين أسقاه) // من الْبَسِيط // وَكتب إِلَى صديق لَهُ فِي آخر يَوْم من شعْبَان (فديتك هَذَا الْيَوْم يَوْم وَرَاءه ... ثَلَاثُونَ يَوْمًا للذاذة تفتك) (فَإِن شِئْت فاحضرنا وَإِن شِئْت فادعنا ... إِلَيْك فَمَا للهو فِي الْيَوْم مترك) (وَفِي الْغَد إِن لم تدفع الشَّك مجزع ... ومبكى فَدَعْنَا الْيَوْم نبكي وَنَضْحَك) // من الطَّوِيل // وَله فِي وصف رامسية آذريون نَاوَلَهُ إِيَّاهَا عبد الحميد الْحَاكِم وَأمره بِأَن يصفها فَقَالَ (أَعْطَانِي الْحَاكِم من كَفه ... رامسية تخبر عَن ظرفه) (من نور آذريون تزجى بِأَن ... جَاءَت بِمَا حازته من عرفه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 (شبهتها حِين تأملتها ... تَأمل الْمُبْدع فِي وَصفه) (بمدهن من ذهب أَحْمَر ... مضمنا مسكا إِلَى نصفه) // من السَّرِيع // 29 - أَبُو عَليّ السلَامِي من رستاق بيهق من نيسابور كَاتب مؤلف الْكتب موفق للتجويد منخرط فِي سلك أبي بكر بن مُحْتَاج وبانه أبي عَليّ وَله كتاب التَّارِيخ فِي أَخْبَار وُلَاة خُرَاسَان وَكتاب نتف الظّرْف وَكتاب الْمِصْبَاح وَغَيرهَا وشعره فِي أشعار مُؤَلَّفِي الْكتب كشعر الصولي وَمن أشف مَا وجدته لَهُ قَوْله (هذب مَا يكْتب من يعْتَقد ... أَن جَمِيع النَّاس يلقونه) (وهم مصيخون إِلَى لَفظه ... فرام من قَول الْخَنَا صونه) // من السَّرِيع // البيتان لم أسمعهما مِنْهُ وَإِنَّمَا وجدتهما فِي نسخته 30 - أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الإسكافي النَّيْسَابُورِي لِسَان خُرَاسَان وغرتها وعينها وواحدها وأوحدها فِي الْكِتَابَة والبلاغة وَمن لم يخرج مثله فِي البراعة والصناعة وَكَانَ تأدب بنيسابور عِنْد مؤدب بهَا يعرف بالْحسنِ بن المهرجان من أعرف المؤدبين بأسرار التَّأْدِيب والتدريس وأعلمهم وأدراهم بطرِيق التدريج فِي التَّخْرِيج ثمَّ حرر مديدة فِي بعض الدَّوَاوِين فَخرج مُنْقَطع القرين وواسطة عقد الْفضل ونادرة الزَّمَان وَبكر الْفلك كَمَا قَالَ فِيهِ الهريمي من قصيدة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 (سبق النَّاس بَيَانا فغدا ... وَهُوَ بِالْإِجْمَاع بكر الْفلك) (أصبح الْملك بِهِ متسقا ... لسليل الْملك عبد الْملك) // من الرمل // وَوَقع فِي ريعان عمره وعنفوان أمره إِلَى أبي عَليّ الصَّاغَانِي فاستأثره فَحسن أَثَره واستخلصه لنَفسِهِ وقلده ديوَان الرسائل فَحسن خَبره وسافر أَثَره وَكَانَت كتبه ترد على الحضرة فِي نِهَايَة الْحسن والنضرة وَتَقَع المنافسة فِيهِ ويكاتب أَبُو عَليّ فِي إِيثَار الحضرة بِهِ فيتعلل ويتسلل لِوَاذًا وَلَا يفرج عَنهُ إِلَى أَن كَانَ من كشف أبي عَليّ قناع الْعِصْيَان وانهزامه فِي وقْعَة جرجيل إِلَى الصغانيان كَمَا كَانَ وَحصل أَبُو الْقَاسِم فِي جملَة الأسرى من أَصْحَاب أبي عَليّ فحبس فِي القمندر وَقيد مَعَ حسن الرَّأْي فِيهِ وَشدَّة الْميل إِلَيْهِ ثمَّ إِن الْأَمِير الحميد نوح بن نصر أَرَادَ أَن يستكشفه عَن سره وَيقف على خبيئة صَدره فَأمر أَن تكْتب إِلَيْهِ رقْعَة على لِسَان بعض الْمَشَايِخ وَيُقَال لَهُ فِيهَا إِن أَبَا الْعَبَّاس الصَّاغَانِي قد كتب إِلَى الحضرة يستوهبك من السُّلْطَان ويستدعيك إِلَى الشاش لتتولى لَهُ كِتَابَة الْكتب السُّلْطَانِيَّة فَمَا رَأْيك فِي ذَلِك فَوَقع تَحْتَهُ فِي الرقعة {رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} فَلَمَّا عرض التوقيع على الحميد حسن موقعه مِنْهُ فأعجب بِهِ وَأمر بِإِطْلَاقِهِ وخلع عَلَيْهِ وَأَقْعَدَهُ فِي ديوَان الرسائل خَليفَة لأبي عبد الله كُله وَكَانَ الِاسْم لَهُ وَالْعَمَل لأبي الْقَاسِم وَعند ذَلِك قَالَ بعض مجان الحضرة (تبظرم الشَّيْخ كُله ... وَلست أرْضى ذَاك لَهُ) (كَأَنَّهُ لم ير من ... أقعد عَنهُ بدله) (وَالله إِن دَامَ على ... هَذَا الْجُنُون والبله) (فَإِنَّهُ أول من ... ينتف مِنْهُ السبله) // من مجزوء الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 وَكَانَ أَبُو الْقَاسِم يهجوه كَمَا تقدم ذكره فِي الْجُزْء الثَّانِي من هَذَا الْكتاب وَمن شعره قَوْله (هَذَا الَّذِي يدعى كُله ... مَا شَأْنه إِلَّا البله) (فِي رَأسه عِمَامَة ... مَكْفُوفَة مزمله) (كَأَنَّهَا فِي لَوْنهَا ... قدر على سفرجله) // من مجزوء الرجز // وَلما توفّي أَبُو عبد الله تولى أَبُو الْقَاسِم الْعَمَل بِرَأْسِهِ وَعلا أمره وَبعد صيته وجمعت رسائله أَقسَام الْحسن والجودة وازداد على الْأَنَام تبحرا فِي الصِّنَاعَة وقدرة على الإنشاءات الَّتِي يؤنس مسمعها ويؤيس مصنعها ويحكى أَن الحميد أمره ذَات يَوْم أَن يكْتب إِلَى بعض أَصْحَابه الْأَطْرَاف كتابا وَركب إِلَى متصيده واشتغل أَبُو الْقَاسِم عَن ذَلِك بِمَجْلِس أنس عقده وإخوان جمعهم عِنْده وَحين رَجَعَ الحميد من متصيده استدعى أَبَا الْقَاسِم وَأمره بإحضار الْكتاب الَّذِي رسم لَهُ كتبه ليعرض عَلَيْهِ وَلم يكن كتبه فَأجَاب داعيه وَقد نَالَ مِنْهُ الشَّرَاب وَمَعَهُ طومار أَبيض أوهم أَنه مَكْتُوب فِي الْكتاب المرسوم لَهُ فَقعدَ بالبعد مِنْهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كتابا طَويلا سديدا بليغا أنشأه فِي وقته وقرأه عَن ظهر قلبه فارتضاه الحميد وَهُوَ يحْسب أَنه قَرَأَهُ من مسودات مَكْتُوبَة وَأمره بختمه فَرجع إِلَى منزله وحرر مَا قَرَأَهُ وأصدره على الرَّسْم فِي أَمْثَاله وَمن عَجِيب أمره أَنه كَانَ أكتب النَّاس فِي السلطانيات فَإِذا تعاطى الإخوانيات كَانَ قَاصِر السَّعْي قصير الباع وَكَانَ يُقَال إِذا اسْتعْمل أَبُو الْقَاسِم نون الْكِبْرِيَاء تكلم من فِي السَّمَاء وَكَانَ من علو الرُّتْبَة فِي النثر وانحطاطها فِي النّظم كالجاحظ ورسائله كَثِيرَة مدونة سائرة فِي الْآفَاق لايسع هَذَا الْكتاب إِلَّا الأنموذج مِمَّا يجْرِي مجْرى الْغرَر والأمثال مِنْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 وَهَذِه فقر من كَلَامه الْحَمد لله الَّذِي لم يستفتح بِأَفْضَل من ذكره كَلَام وَلم يستمنح بِأَحْسَن من صنعه مرام للزمان صروف تحول وَأُمُور تجول الْأَخْلَاق تنميها الأعراق وَالثِّمَار تنزعها الْأَشْجَار الشُّكْر بِهِ ذكاء النعمى وَالْوَفَاء مَعَه صَلَاح العقبى السعيد من تحلى بزينة الطَّاعَة واقتدح بزند الْجَمَاعَة الْعَامَّة لَا تفقه حقائق الْمذَاهب وَلَا تعرف عواقب التألب والتجارب لَا يشوقنك غرارة الصِّبَا وَلَا يروقنك زخرف المنى استعذ بِاللَّه من نزعات الشَّيْطَان ونزقات الشبَّان من خلا لَهُ الجو باض وصفر وَمن ترَاخى لَهُ اللَّيْث نزا وطفر المخذول يرفع رَأْسا ناكسا ويبل فَمَا يَابسا وَهَذِه ملح من شعره كتب إِلَى بعض إخوانه يستدعيه (كتبت من الباغ يَوْم الْفَرَاغ ... وَذَا نعْمَة آذَنت بالبلاغ) (فَأقبل فَمَا دون لقياك للزمان ... وإحسانه من مساغ) (لِأَنَّك صفوة أبنائه ... وسائرهم فكمثل الرداغ) (رداغ بُخَارى وَلَا سِيمَا ... إِذا الْمَرْء لم يحتجز بالجناغ) // من المتقارب // وَقَالَ على لِسَان مَا وردية فضَّة (الْحسن من ظاهري يلوح ... وَالطّيب من باطني يفوح) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 (فالنصف مني نصيب جسم ... وَالنّصف مني نصيب روح) // من مخلع الْبَسِيط // وَكتب إِلَى أبي أَحْمد الْعَارِض مَعَ حب بلور مخلوط أهداه لَهُ (بعثت للفأل حبا ... يسقيك صفو الْمحبَّة) (فعش لزرع الْمَعَالِي ... مَا أنبت الزَّرْع حبه) // من المجتث // وَكتب إِلَى بعض الرؤساء (صديقك غير محتشم ... وَأَنت فَغير مغتنم) (وَقد أهْدى كَمَا يهدي ... أَخُو ثِقَة لذِي كرم) (فرأيك فِي قبُول الْعذر ... فِي السكين والقلم) // من مجزوء الوافر // ذكر آخر أمره لما انْقَضتْ أَيَّام الْأَمِير الحميد وَملك عبد الحميد أقرّ أَبَا الْقَاسِم على ديوَان الرسائل وخلع عَلَيْهِ وَزَاد فِي مرتبته فَلم تطل بِهِ الْمدَّة حَتَّى مرض مَرضه الَّذِي احْتضرَ فِيهِ فَحَدثني أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن الْفَارِسِي قَالَ كَانَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن الْوَزير وَأَبُو الْقَاسِم المقانعي من خلص أصدقاء الإسكافي وَمِمَّنْ يكبرُونَ عِنْده فَلَمَّا مرض الإسكافي كتب إِلَيْهِ اللحام وَكَانَ أَبُو جَعْفَر يلقب بطويس والمقانعي بقاشر (طويس إِحْدَى الفواتر ... شؤما وقاشر قاشر) (ومنهما يَا أَبَا قَاسم ... عَلَيْك أحاذر) (فَلَا يكن وَاحِد مِنْهُمَا ... ببابك عَابِر) (إِن لم يكن بك شوق إِلَى ... الثرى والمقابر) // من المجتث // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 ثمَّ إِنَّه دخل عَلَيْهِ عَائِدًا فَوجدَ عِنْده أَبَا جَعْفَر بن الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن وَأَبا الْقَاسِم المقانعي وَابْن مطران فَقَالَ (ثَلَاثَة أودوا بفذ عصره ... أودوا بِهِ فِي عنفوان أمره) (قصدته يَوْمًا بعيد فجره ... وَكَانَ قلبِي مُولَعا بِذكرِهِ) (لفضله ونبله وفكره ... إِذا طويس جَالس فِي نَحره) (وقاشر قد انبرى من قشره ... عَن سلة الشؤم وَعَن قمطره) (فَقلت قد أعوز جبر كَسره ... من بعد مَا كَانَ دنا من جبره) (وَقد تقضى فاطوه بِغَيْرِهِ ... الشَّأْن فِيمَن هم على مَمَره) // من الرجز // وَلما انْتقل إِلَى جوَار ربه أكلم مَا كَانَ شبَابًا وآدابا وغدت لفراقه الْكِتَابَة شعثاء والبلاغة غبراء أَكثر فضلاء الحضرة رزيته وَأَكْثرُوا مرثيته فمما أحاضر بِهِ الْآن قَول الهرثمي الأبيوردي من قصيدة مِنْهَا (ألم تَرَ ديوَان الرسائل عطلت ... لفقدانه أقلامه ودفاتره) (كثغر مضى حاميه لَيْسَ يسده ... سواهُ وكالكسر الَّذِي عز جابره) (ليبك عَلَيْهِ خطه وَبَيَانه ... فَذا مَاتَ واشيه وَذَا مَاتَ ساحره) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 الْبَاب الثَّانِي فِي ذكر العصريين المقيمين بالحضرة البخارية والطارئين عَلَيْهَا والمتصرفين فِي أَعمالهَا وتوفية الْكتاب شَرطه من ملح أشعارهم وظرف أخبارهم كَانَت بُخَارى فِي الدولة السامانية مثابة الْمجد وكعبة الْملك وَمجمع أَفْرَاد الزَّمَان ومطلع نُجُوم أدباء الأَرْض وموسم فضلاء الدَّهْر فَحَدثني أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن مُوسَى الموسوي قَالَ اتخذ وَالِدي أَبُو الْحسن دَعْوَة ببخارى فِي أَيَّام الْأَمِير السعيد جمع فِيهَا أفاضل غربائها كَأبي الْحسن اللحام وَأبي مُحَمَّد بن مطران وَأبي جَعْفَر بن الْعَبَّاس بن الْحسن وَأبي مُحَمَّد ابْن أبي الثِّيَاب وَأبي النَّصْر الهرثمي وَأبي نصر الظريفي ورجاء بن الْوَلِيد الْأَصْبَهَانِيّ وَعلي بن هَارُون الشَّيْبَانِيّ وَأبي إِسْحَاق الْفَارِسِي وَأبي الْقَاسِم الدينَوَرِي وَأبي عَليّ الزوزني وَمن ينخرط فِي سلكهم فَلَمَّا اسْتَقر بهم مجْلِس الْأنس أقبل بَعضهم على بعض يتجاذبون أهداب المذاكرة ويتهادون رياحين المحاضرة ويقتفون نوافج الْأَدَب ويتساقطون عُقُود الدّرّ وينفثون فِي عقد السحر فَقَالَ لي أبي يَا بني هَذَا يَوْم مشهود مَشْهُور فاجعله تَارِيخا لِاجْتِمَاع أَعْلَام الْفضل وأفراد الْوَقْت واذكره بعدِي فِي أعياد الدَّهْر وأعيان الْعُمر فَمَا أَرَاك ترى على السنين أَمْثَال هَؤُلَاءِ مُجْتَمعين فَكَانَ الْأَمر على مَا قَالَ وَلم تكتحل عَيْني بِمثل ذَلِك الْمجمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 31 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحسن اللحام الْحَرَّانِي من شياطين الْإِنْس ورياحين الْأنس وَقع إِلَى بُخَارى فِي أَيَّام الحميد وَبَقِي بهَا إِلَى آخر أَيَّام السديد يطير وَيَقَع ويتصرف ويتعطل ويهجو وقلما يمدح وَكَانَ غزير الْحِفْظ حسن المحاضرة حاد البوادر سَائِر الذّكر سَاحر الشّعْر خَبِيث اللِّسَان كثير الْملح وَالْغرر راميا من فِيهِ بالنكت لَا يسلم أحد من الكبراء والوزراء والرؤساء من هجائه إِيَّاه وَكَانَ لَا يهجو إِلَّا الصُّدُور فَحَدثني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ تحككت وَأَنا أحدث باللحام فَقلت فِيهِ (رَأَيْت للحام فِي حلقه ... للشعر تطبيقا وتجنيسا) (نخوة فِرْعَوْن وَلكنه ... جانس فِي حمل الْعَصَا مُوسَى) (قرينه إِبْلِيس لكنه ... خَالف فِي السَّجْدَة إبليسا) // من السَّرِيع // وَأَرَدْت بذلك فتح بَاب إِلَى مهاجاته فَلم يجبني وَجرى على قَضِيَّة قَول المتنبي (وأغيظ من ناداك من لَا تجيبه ... ) // من الطَّوِيل // قَالَ مؤلف الْكتاب لم أر للحام ديوَان شعر مجموعا فعنيت بِجمع تفاريقه وَضم منتشره ثمَّ اخْتَرْت مَه مَا يصلح لكتابي هَذَا فَمن ذَلِك قَوْله فِي الشكوى (قد نفدت لاعدمتك النفقه ... مُنْذُ ثَلَاث فمهجتي قلقه) (وَلَيْسَ فِي الْبَيْت مَا يُبَاع وَمَا ... يرْهن إِلَّا دراعة خلقه) // من المنسرح // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 وَقَوله (كنت من فرط ذكاء واشتعال ... كتلظي النَّار فِي لجزل اليبيس) (فتلبدت وَلَا غرو إِذا ... خف كيس الْمَرْء مَعَ خفَّة كيس) // من الرمل // وَقَوله (أَنا من وُجُوه النَّحْو فِيكُم أفعل ... وَمن اللُّغَات إِذا تعد المهمل) (حتام لَا يَنْفَكّ لي بفنائكم ... أمل يخيب وعود ظن يذبل) (حَال ترشفت اللَّيَالِي ماءها ... وتجمل لم يبْق فِيهِ تحمل) (هَذَا وَإِن أقفلت بَاب مطامعي ... دوني فَمَا لله بَاب يقفل) // من الْكَامِل // وَقَوله (ذَابَتْ على قوم سماؤك بالندى ... ويدي تردد تَحت غيم جامد) (وَأَنا الَّذِي إِن جدت لي أَو لم تَجِد ... لَك فِي الثَّنَاء على طَرِيق وَاحِد) // من الْكَامِل // وَقَوله لما صرف عَن بريد الترمذ بِابْن مطران (قد صرفنَا وكل من ... كَانَ من قبلنَا صرف) (وصرفنا بشاعر ... نَعته لَيْسَ ينْصَرف) // من مجزوء الْخَفِيف // أَي أَنه أَحمَق والأحمق لَا ينْصَرف وَقَوله لما تقلد عمل الإخصاء دفعات (قد صَار هَذَا الإخصاء رسما ... عَليّ كالرسم فِي الْمَظَالِم) (وصرت أَدعِي بِهِ كَأَنِّي ... ولدت فِي طالع الْبَهَائِم) // من مخلع الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 وَقَوله (وَأَرْجُو أَن يسهل لي وُصُول ... إِلَى المنشور من قبل النشور) // من الوافر // مدحه قَوْله فِي أبي جَعْفَر الْعُتْبِي (الشَّيْخ أكبر من قولي وإكثاري ... لَكِن أحلي بِذكر الشَّيْخ أشعاري) (وأعتب الدَّهْر إِذْ عاتبته بفتى ... من آل عتبَة نفاع وَضِرَار) (كَأَنَّمَا جَاره فِي كل نائبة ... جَار الأراقم فِي أَيَّام ذِي قار) (يجْرِي المكارم فِي لاء وَفِي نعم ... فَالنَّاس فِي جنَّة مِنْهُ وَفِي نَار) // من الْبَسِيط // وَقَوله فِي الْحسن بن مَالك (لبسنا كل داجي اللَّوْن حالك ... وقطعنا المسالك والممالك) (وأعملنا السرى حَتَّى نزلنَا ... بزم فِي ذرى الْحسن بن مَالك) (فَتى قد حَاز إفضالا وفضلا ... وَلم يحلل بهَا إِلَّا لذَلِك) (فَقل للدهر كد غَيْرِي رجَالًا ... فلسنا بعد هَذَا من رجالك) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 مَا يستملح من أهاجيه قَالَ فِي الْحَاكِم الْجَلِيل (قولا لنوح ثمَّ للفتكين ... لشؤم هَذَا الْحَاكِم اللعين) (سللتما عَن مثل ملك الصين ... كسلة الشّعْر من الْعَجِين) // من الرجز // وَقَالَ فِي القحطبي (أما الْهمام فهمه ... فِي صون ملك الْمشرق) (والقحطبي فللذي ... يهواه غير موفق) (وَمَتى يوفق من لَهُ ... فِي طي ذَاك اليلمق) (شبره يَبِيع الدّين فِيهِ ... بفلذة أَو جردق) (وَيَد كَأَن بنانها ... قطعت مخازن زئبق) (لَو دق كلتا مرفيه ... لحبه لم يرقق) (أَو شكّ حَبَّة قلبه ... فِي حبه لم ينْطق) (يختال بَين مخنث ... ومواجر مسترزق) (فَكَأَن من يغشاهما ... فِي جنح ليل مغسق) (من ذَاكر أضياف جَفْنَة ... فِي الزَّمَان الأسبق) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ وأبدع فِي تضمين هجائه بَيْتا للنابغة فِي وصف الأقحوان (يَا سائلي عَن جَعْفَر علمي بِهِ ... رطب العجان وكفه كالجلمد) (كالأقحوان غَدَاة غب سمائه ... جَفتْ أعاليه وأسفله ندي) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 وَقَالَ فِي أبي جَعْفَر الْعُتْبِي (تغيرذت أَخْلَاق هَذَا الْعُتْبِي ... وَصَارَ لَا يعرف غير العتب) (وَغير ضرب دَائِم وَسَب ... وَقد حَشا فَصَارَ مثل الدب) (عَلَيْهِ ألف لعنة من رَبِّي ... ) // من الرجز // وَقَالَ فِيهِ (مَا لَقينَا من الْقصير ... العريض الملزز) (كَانَ حرا فَصَارَ نبزا ... على كل أنبز) (عذب الله نَفسه ... فِي حبوس القمندز) // من مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ فِيهِ (بَرِئت من وَائِل وَبكر ... ومفجر وابل وَبكر) (إِن جِئتُكُمْ طَالبا لشغل ... وَأحمد بن الْحُسَيْن صدر) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِي قوم من صنائعه وَأَصْحَابه (صنائع الشَّيْخ سوى حمد ... بيادق الشطرنج والنرد) (مِنْهُم أَبُو نصر وَسُبْحَان من ... براه من أسطمة الْبرد) (ولعنة الله على بَعضهم ... وَهُوَ أَبُو بكر بن شهمرد) (وَبعد لَوْلَا الْحِفْظ للْعهد ... لَقلت فِي المضطرب الْقد) (فَارْجِع إِلَى حمد فَمَا فيهم ... يَا سَيِّدي أنذل من حمد) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 ويحكى أَن حمد بن شاهمرد لما سمع الأبيات اهتز لإخراجه إِيَّاه من جملَة من هجاهم فَلَمَّا سمع الْبَيْت الْأَخير اسْترْجع وَقَالَ ليته أجراني مجراهم وَلم يخصني بالذم وَقَالَ يَوْمًا أَبُو أَحْمد بن مَنْصُور للحام قد هجوتني قَالَ لَا قَالَ فاهجني وخلاك الذَّم وَقدم إِلَيْهِ القرطاس والدواة فَكتب (قَالُوا أَبُو أَحْمد حر فَقلت لَهُم ... حر لعمري وَلَكِن فاكسروا الْحَاء) (فَإِن أردتم محالا أَو بِهِ سفها ... فأبدلوه بياء وانقطوا الرَّاء) // من الْبَسِيط // وَقَالَ لأبي طَلْحَة قسورة بن مُحَمَّد (إِنِّي امرء يَا أَبَا طَلْحَة ... بنصحك صب) (هَذَا زَمَانك فاختم ... بالطين والطين رطب) (وَقد وعظتك إِن كنت ... للمواعظ تصبوا) (وَإِن رجوتك من ... بعْدهَا فَإِنِّي كلب) (أحسن فمالك عذر ... وَمَا على الدَّهْر عتب) (فَإِن سقيا اللَّيَالِي ... فِيهَا أجاج وعذب) // من المجتث // وَقَالَ (يَا أَبَا طَلْحَة اسْتمع ... قَول من فِيك قد صدق) (لَك وَجه كَأَنَّهُ ... صِيغ من قمقم خلق) (وخلال إخالها ... من كنيف قد انبثق) (قُم فَلَا خير فِيك يَا ... خلق الْخلق والخلق) // من مجزوء الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 وَقَالَ فِي بطة بن كوسيد وَفِي أبي مَازِن قيس بن طَلْحَة وَأبي يحيى الحمادي (ملك الدِّيوَان قيس ... وَأَبُو يحيى وبطه) (كلهم أخزاهم الله ... على الْأَحْرَار سخطه) (لَيْسَ فيهم من يُسَاوِي ... فِي نفاق السُّوق ضرطه) // من مجزوء الرمل // وَفِي أبي يحيى (تكذب الكذبة جهلا ... ثمَّ تنساها قَرِيبا) (كن ذُكُورا يَا أَبَا يحيى ... إِذا كنت كذوبا) // من مجزوء الرمل // وَقَالَ فِي بطة (وَلَا تدع قطّ قفا بطه ... فَإِنَّهُ قد صَار كالبطه) (أثرى بمرو بعد أَن لم يكن ... يملك إِذْ حل بهَا ضرطه) // من السَّرِيع // قَالَ فِي ابْن حسان (بِالرَّاحِ أقسم صرفا ... وَالْعود والسرناء) (أَن ابْن حسان فِي حَال ... شدَّة ورخاء) (مَا آثر الباغ إِلَّا ... لفرط دَاء الْبغاء) (حَتَّى إِذا عز أير ... أنحى على القثاء) // من المجتث // وَقَالَ فِي تَمِيم بن حُبَيْش (يَا تَمِيم بن حُبَيْش ... كل ذَاك الطيش أيش) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 (إِنَّمَا أَنْت وَكيل الْبَاب ... لَا صَاحب جَيش) (قد تبظرمت وقدما ... كنت فِي أنكد عَيْش) (كنت ذِمِّيا فصرت الْيَوْم ... فِي أَعلَى قُرَيْش) // من مجزوء الرمل // وَقَالَ من نتفه (ويبرز للرائين وَجها كَأَنَّمَا ... كَسَاه إهابا من قشور الخنافس) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن (مُحَمَّد بن عَليّ ... سبط الْحُسَيْن بن حَامِد) (وافى فسر ولي ... بِهِ وأكمد حَاسِد) (قد قلت لما بدا لي ... فِي مسك بعض الأساود) (الْحَمد لله شكرا ... قد زَاد فِي الزط وَاحِد) // من المجتث // وَقَالَ فِي أبي عَليّ البلعمي (وزارة البلعمي منقلبة ... وَهُوَ كقفل غَدا على خربه) (لم يرع للأولياء حرمتهم ... فِيهَا وَلَا للوجوه والكتبه) (قد قلبت وَجه كل مكرمَة ... مَتى ترَاهَا عَلَيْهِ منقلبه) (فَهُوَ أَحَق الورى بداهية ... تضحي لَهَا رَأسه على خشبه) // من المنسرح // وَقَالَ فِيهِ والعتبي منفي إِلَى بست (مَتى أرى الشَّيْخ الَّذِي ببست ... كالبدر يَبْدُو طالعا فِي الدست) (لحية هَذَا البلعمي فِي استي ... ) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 وَقَالَ فِيهِ (أَبَا عَليّ أنلني بعض آمالي ... يرضيك أيري وَإِن لم ترض أقوالي) (إِن كَانَ ساءك أَقْوَال نطقت بهَا ... فَسَوف يرضيك عني حسن أفعالي) // من الْبَسِيط // وَقَالَ فِي ابْن عَزِيز (إِذا فقد الْبُؤْس فِي بَلْدَة ... وأعوز وجدانه فِي العوير) (وَلم يُوجد الْجُود فِي مجْلِس ... سحيق الأقاصي وَلَا قَعْر دير) (فمعدن وجدانه حَاضر ... خوان مُحَمَّد بن العزير) (خوان عَظِيم وَلكنه ... خلي الجوانب من كل خير) (فَتى لَا يُرْجَى على الحادثات ... لتقريب خير وَلَا دفع ضير) (كثير التنقل فِي دَاره ... فَمن أصل إير إِلَى أصل أير) (فغلمته بقناديلهم ... يطوفون من دبره حول دير) // من المتقارب // وَقَالَ فِيهِ (طَعَام مُحَمَّد بن عبد العزير ... تداوى بِهِ الْمعدة الفاسده) (حشائش بقراط معجونة ... بِهِ وعقاقيره الفارده) (جرادقه درة ذرة ... على عدد الْفتية الوارده) (على عدد الْقَوْم رغفانه ... فلست ترى لقْمَة زَائِدَة) (أرى الصَّوْم فِي أرضه للفتى ... إِذا حلهَا أعظم الفائده) من المتقارب // وَقَالَ فِيهِ (لقِيت أشأم طير ... وسرت أنكد سير) (مواصلا كل شَرّ ... مجانبا كل خير) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 (طارت عَلَيْك نحوس ... تجْرِي بأشأم طير) (فَأَنت خِنْزِير خلق ... تَغْدُو بأخلاق عير) (وَلَيْسَ يعرف مَا قد ... حوى قَمِيصك غَيْرِي) (إِن سَاءَ فِيك مقالي ... فَسَوف يرضيك أيري) // من المجتث // وَقَالَ فِي غَيره (تثنى بِمَا فِيك من سوء التناشيم ... يأوي إِلَيْهَا الْخَنَا وَالْجهل والبكم) (حماك حل وَمن يأويه مبتذل ... لنايكيك وَمَا فِي كفك الْحرم) (قسمت نِصْفَيْنِ علو شَأْنه بخل ... عِنْد السُّؤَال وسفل زانه كرم) (يَا كَاتبا كلما أفنى أدراجه ... دس الطوامير فِي وجعائه الخدم) (إِن الْكِتَابَة أمست غير طَاهِرَة ... مذ حاض فِي يدك القرطاس والقلم) // من الْبَسِيط // حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم الأليماني قَالَ بني أَبُو الْفضل القاشاني دَارا سر بهَا فَلَمَّا فرغ مِنْهَا سَأَلَ اللحام وَقد دخل إِلَيْهَا مهنئا أَن يَدُور فِيهَا ويتأملها فَفعل وَأَنْشَأَ يَقُول (مَتى أَرَاهَا يُنَادي حولهَا البوم ... وللنساء بهَا نوح وتلطيم) (مَتى أَرَاهَا يبابا لَا أنيس بهَا ... مَتى يُقَام على الشَّيْخ المآتيم) (إسمع أَبَا الْفضل لَا أسمعت صَالِحَة ... يَا كلب يَا قرد يَا خِنْزِير يَا بوم) // من الْبَسِيط // وأنشدني أَبُو الْقَاسِم قَالَ أَنْشدني اللحام لنَفسِهِ فِي عَليّ بن الْحُسَيْن (إِلَى الله أَشْكُو أهل يزدْ بأسرهم ... وألعن شخصا جَاءَ من جَانِبي يزدْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 (زنيما إِلَى أَبنَاء ساسان ينتمي ... بِوَجْه عريق اللؤم فِي نسب الْهِنْد) (إِذا عد أهل الْخَيْر كَانَ بضدهم ... وَإِن عد أهل الشَّرّ لم يَك بالضد) (لِسَان إِلَى الْبُهْتَان أهْدى من القطا ... وكف على الْعدوان أعدى من الفهد) (فأخرسه رب على ذَاك قَادر ... وأفرد كفيه جَمِيعًا من الزند) // من الطَّوِيل // وأنشدني غَيره لَهُ فِي الْحَاكِم الْجَلِيل (بعد الخمول غَدَوْت صدر الموكب ... وجررت كبرا ذيل كل تسحب) (يَا من يمر على الورى متبظرما ... أنظر إِلَى أطلال دَار المصعبي) // من الْكَامِل // وَله فِي أبي مَازِن لما صرف عَن الدِّيوَان وَأمر بِلُزُوم منزله (أَبُو مَازِن لَازم منزله ... وَأصْبح فِي النَّاس لَا ذكر لَهُ) (رَمَاه الزَّمَان بأحداثه ... وَمن حَيْثُ أخرجه أدخلهُ) // من الْكَامِل // وَله فِيهِ وَفِي أبي بكر مُحَمَّد بن سِبَاع (مضى أَبُو مَازِن لَا ضير وَارْتَفَعت ... تهب لِابْنِ سِبَاع ريح إقبال) (كَذَلِك الدَّهْر فِي تصريفه عجب ... مَا زَالَ يُبدل أنذالا بأنذال) // من الْبَسِيط // وَله فِي أبي جَعْفَر بن الْعَبَّاس وَابْن مطران (عَاد إِلَى الحضرة إثنان ... طويس والنذل ابْن مطران) (اثْنَان مَا إِن لَهما ثَالِث ... إِلَّا عَصا مُوسَى بن عمرَان) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي ابْن مطران من أَبْيَات (مَا زَالَ بالشاش فَوق باكية ... يسْقط حَتَّى احتواه مسقطه) (وَكَاد فِيمَن يَمُوت من سغب ... هُنَا لَوْلَا استه وبربطه) // من المنسرح // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 وَله فِيهِ (هَذَا الشويشي الَّذِي وافى ... لِسَانه معتقل فافا) (يُخَالف الرَّحْمَن فِي قَوْله ... {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا} ) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي بعض الْحُكَّام (قلنسوة على رَأس صَلِيب ... مساحته جريب فِي جريب) (وَإِن يَدي وهامته ونعلي ... قريب من قريب من قريب) // من الوافر // وَله فِي أهل خوارزم (مَا أهل خارزم سلالة آدم ... مَا هم وَحقّ الله غير بهائم) (أَتَرَى شَبيه رُءُوسهم ولغاتهم ... وصفاتهم وثيابهم فِي الْعَالم) (إِن كَانَ يقبلهم أَبونَا آدم ... فَأَنا بَرِيء من أَبينَا آدم) // من الْكَامِل // وَله فيهم وَقد حصل على عمل الْبَرِيد بهَا (لَا نَالَ من ربه مناه ... وَلَا شفَاه وَلَا رعاه) (من سامني الْكَوْن فِي بِلَاد ... رُءُوس سكانها جباه) (أغدو بِلَا مؤنس وأمسي ... إمساء من ليله ضحاه) (لَدَى خسيس يظنّ تيها ... أَن لَيْسَ فِي ذَا الورى سواهُ) (لَهُ ثنايا كَأَنَّمَا قد ... عض بأطرافها خراه) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (وَقَائِل لي دنست النَّجَاء بِمن ... يدنس أَن أقعى وَإِن شردا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 (فَقلت أنصفت لَكِن هَل سَمِعت بِمن ... إِن هر كلب عَلَيْهِ نَازل الأسدا) // من الْبَسِيط // وَله (يَا رب لَا ترضي الَّذِي يرضى ... اخسف بِهِ وَبِدَارِهِ الأرضا) (يَا رب لَا ترضي الَّذِي يرضى ... اخسف بِهِ وَبِدَارِهِ الأرضا) (إِن لم يكن خسف فَلَا عجب ... أدخلهُ جَوف حرَامه عرضا) // من الْكَامِل // وَقَوله (قلقل الله ماضغيك وفكيك ... وَبت الْكَفَّيْنِ من زنديكا) (كم تصلي على جنائز موتاك ... أما آن أَن نصلي عليكا) // من الْخَفِيف // وَله (عَبْدَانِ هامته للصفع معتاده ... لَا سِيمَا من أكف السَّادة القاده) (كَأَن أَيدي الندامى فِي تنَاولهَا ... أَيدي صِيَام إِلَى كيزان براده) // من الْبَسِيط // وَله (سُبْحَانَ ذِي الملكوت من متقدس ... لم يبْق شَيْء فِي الورى لم يخنس) (داءان كَانَا فِي الْمُلُوك فَأَدْبَرَا ... وتواضعا دَاء البغا والنقرس) // من الْكَامِل // وَله فِي أبي عبد الله الشبلي يهجوه (وَألف أير من أيور الزنج ... مَضْرُوبَة فِي رقْعَة الشطرنج) (بِلَا حزَام وَبلا برطنج ... فِي إست بعض النَّاس من بوشنج) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 مَا علق بحفظي فِي فنون شَتَّى قَوْله فِي الْغَزل (مَا على مسقمي بألحاظة ... لَو ترفقا) (لَك حل دمي فرأيك ... فِيهِ موفقا) (أَنا لَا شكّ ميت ... فلك الْعُمر والبقا) // من مجزوء الْخَفِيف // وَقَالَ فِي استهداء الشَّرَاب (عِنْدِي يَا سَيِّدي ومولائي ... من بهواه قد طَال بلوائي) (وَقد رأى أَن يبيت مبتديا ... وَكَانَ مَا قد رَآهُ من رائي) (وَلَيْسَ عِنْدِي من الشَّرَاب لَهُ ... وَحقّ مَا بَيْننَا سوى المَاء) // من المنسرح // وَقَوله لبَعض الوزراء (إِن الَّذين مَشوا إِلَيْك على دمي ... لم أصغ فِيك لَهُم وهم عذالي) (حَتَّى إِذا مَا استيأسوا مني سعوا ... ووشوا بِمَا لم يجر قطّ ببالي) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِنِّي اعتللت عِلّة ... سَقَطت مِنْهَا فِي يَدي) (وَكَانَ فِي الإخوان من ... لم أرهم فِي الْعود) (فَقلت فِي كلهم ... قَول امْرِئ مقتصد) (أير الَّذِي قد عادني ... فِي است الَّذِي لم يعد) // من مجزوء الرجز // وَله (بعثت يَا سَيِّدي بقرعه ... فبلها لي وَلَو بجرعه) (فعندنا أَمْرَد قَبِيح ... لكنه فِي الْفساد بدعه) // من مخلع الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 وَله من قصيدة (مَا إِن أرقت بحرصي قَطْرَة فجرت ... من مَاء وَجْهي إِلَّا خلت ذَاك دمي) (وَلَا مشت قدمي فِي حَظّ مطعمة ... إِلَّا تمنيت أَنِّي مَا مشت قدمي) (جاريت دهري زَمَانا رَاكِبًا طعمي ... فدمت أجري على حَال وَلم يدم) (فَمَا رَأَيْت بَخِيلًا حَال عَن بخل ... يَوْمًا وَلم أر مطبوعا على الْكَرم) // من الْبَسِيط // ذكر نبذ من هجائه قَالَ ابْن مطران فِيهِ (أَبَا حسن أَلا قل لي ... وَبَين مُنْتَهى أدبك) (بأية حِيلَة قومت ... عطف الْحَاء من لقبك) // من مجزوء الوافر // وَقَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الْوَزير فِيهِ (من احْتَاجَ إِلَى السَّيْف ... فَمَا فِي فِيك يَكْفِيك) (وَمَا جارحة فِيك ... لنا أجرح من فِيك) (وأطراف المساويك ... لتنبي عَن مساويك) // من الهزج // وَقَالَ فِيهِ (إِن الَّذِي أفنى الْخَطِيئَة بَعْدَمَا ... أفنى الهجاء وباء بالآثام) (وأباد هجاء الْخَلَائق دعبلا ... من بعده وفنى بني بسام) (سيرد أَعْرَاض الْكِرَام بمنه ... ولطيف قدرته من اللحام) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 وَقَالَ أَبُو نصر الهزيمي (لم لَا تبيع وَلم لَا تشتري اللحما ... يَا شَرّ من شتم الْأَحْرَار أَو شتما) (لقد صددت عَن القَوْل الْجَمِيل فَمَا ... فتحت مذ كنت إِلَّا بالقبيح فَمَا) (عميت من طول مَا تهجو الْكِرَام وَمن ... عمي الْفُؤَاد بدا فِي ناظريك عمى) // من الْبَسِيط // ذكر آخر عمره لما لم تزِدْه الشيخوخة إِلَّا بذاء وتولعا بأعراض الْأَحْرَار ومجاهرة بالوقيعة فِي المحتشمين والكبار وَلم يسلم مِنْهُ أحد من أَصْحَاب السيوف والأقلام وشاع من شنيع هجائه للبلعمي مَا يبْقى على الْأَيَّام وَسَاءَتْ الآراء فِيهِ واتصلت الشكايات مِنْهُ خرج الْأَمر السلطاني بتأديبه وعرك أديمه وتطهير الحضرة من خبث أقاويله فأنفذ إِلَيْهِ وَإِلَى الشَّرْط مسودا امتثل فِيهِ الْأَمر وَلَزِمَه حَتَّى عبر بِهِ النَّهر فَقَالَ فِيهِ ابْن مطران الطَّوِيل (لسَانك يَا لحام أَلْقَاك فِي ورطه ... ومزدحم الأسواء لاقاك بالضغطه) (لَئِن كَانَ لم يدبغ لسَانك دابغ ... لقد أَحْسَنت بالْأَمْس دبغ استك الشرطه) (إِلَى كم تسوء النَّاس عيشك سالما ... فمت هرما يَا كلب إِن لم تمت عبطه) (وَلَا نلْت مَا عمرت خيرا وَلم تزل ... لدائرة الأسواء رَأسك كالنقطة) ثمَّ إِن البلعمي نَدم على استحيائه وَخَافَ بادرة لِسَانه وَعلم أَنه لم يتَوَجَّه إِلَّا تِلْقَاء نيسابور فَكتب إِلَى صَاحب الْجَيْش أبي الْحسن بن سيمجور وَكَانَ قد هجاه أَيْضا فِي إذكاء الْعُيُون عَلَيْهِ وَالْجد فِي تَحْصِيله وكفاية شغله وَوَافَقَ وُرُود الْكتاب قدوم اللحام نيسابور ونزوله خَان وشمكير فَم يشْعر إِلَّا بهجوم من أزعجه وَحمله وضبنه على البغال سائرا بِهِ إِلَى قائن وَهُوَ مَرِيض لَا يقل رَأسه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 فَلَمَّا شَارف الْمَقْصد قضى نحبه وَلَقي بصحيفته السَّوْدَاء ربه 32 - أَبُو مُحَمَّد المطراني الْحسن بن عَليّ بن مطران شَاعِر الشاش وحسنتها وواحدها فَإِنَّهَا وَسَائِر بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر لم تخرج مثله إِلَّا أَبَا عَامر إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بعده وَكَانَ ابْن مطران بِخَير وَحسن حَال يرد الحضرة بالمدح وينصرف بالمنح ويتصرف فِي أَعمال الْبرد بِمَا يرتفق بِهِ ويرتزق مِنْهُ وشعره مدون كثير اللطائف حَدثنِي السَّيِّد أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن مُوسَى الموسوي قَالَ كنت ببخارى كثيرا مَا تجمعني وَابْن مطران فَأرى رجلا مُضْطَرب الْخلقَة من أجلاف الْعَجم فَإِذا تكلم حكى فصحاء الْعَرَب على حبسة يسيرَة فِي لِسَانه وَكَانَ يجمع بَين أدب الدَّرْس وأدب النَّفس وأدب الْأنس فيطرب بنثره كَمَا يطرب بِشعرِهِ وَيُؤْنس بهزله كَمَا يؤيس بجده وَقد عيره اللحام فِي بعض أهاجيه وَكَانَ بَينهمَا سوق السِّلَاح قَائِمَة فيتهاجيان ويتهاتران وَلَا يكادان يصطلحان وَكَانَ اللحام يُربي عَلَيْهِ فِي الهجاء وَلَا يشق غباره فِي سَائِر فنون الشّعْر وَبَلغنِي أَن ديوَان شعر ابْن مطران حمل إِلَى حَضْرَة الصاحب فأعجب بِهِ فَقَالَ مَا ظَنَنْت أَن مَا وَرَاء النَّهر يخرج مثله وَمر لَهُ فِي الشَّرَاب الْمَطْبُوخ (وَرَاح عذبتها النَّار حَتَّى ... وَقت شرابها نَار الْعَذَاب) (يذيب الْهم قبل الحسو لون ... لَهَا فِي مثل ياقوت مذاب) (ويمنحها المزاج لهيب خد ... تشرب مَاؤُهُ مَاء الشَّبَاب) // من الوافر // فتعجب من حسن الْبَيْت الأول وَتَحفظه وَكَانَ كثيرا مَا ينشده وَيَقُول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 كَأَنَّهُ مقلوب قَول السرى فِي الْخمر (هَات الَّتِي هِيَ يَوْم الْحَشْر أوزار ... كالنار فِي الْحسن عُقبى شربهَا النَّار) // من الْبَسِيط // وَمن سَائِر شعره قَوْله فِي أبي عَليّ البلعمي من قصيدة أَولهَا (ألم المشيب برأسي نذيرا ... وَولى الشَّبَاب بعيشي نضيرا) (وَأصْبح ضوء صباح المشيب ... لغربان ليل شَبَابِي مطيرا) (كَذَاك إِذا لَاحَ نور البكور ... لسود الطُّيُور هجرن الوكورا) (هُوَ الشيب مخبره مظلم ... وَإِن كَانَ منظره مستنيرا) (وَقد كَانَ إظلامه فِي الْعُيُون ... يجلو الْعُيُون ويشفي الصدورا) (فأعجب بلون سَواد أنار ... ولون بَيَاض أَبى أَن ينيرا) (كَأَن الغواني رمد الْعُيُون ... يطالعن من شيب فودي نورا) (إِذا هن قابلن نور المشيب ... أدرن على ذَلِك النُّور نورا) (وَإِن هن واجهن زور الخضاب ... أعرضن عَن ذَلِك الزُّور زورا) // من المتقارب // وَمِنْهَا فِي الْمَدْح (بلوناك حِين يُرْجَى الْوَلِيّ ... عرفا ويخشى الْعَدو النكيرا) (فَلم تَكُ إِلَّا اخْتِيَارا نفوعا ... وَلم تِلْكَ إِلَّا اضطرارا ضرورا) (وَلم ترد الشَّرّ إِلَّا جَزَاء ... أَرَادَ بك الله خيرا كثيرا) (وَلَو لم تخف سوء ظن الشكُور ... لما كنت بالسوء تجزي الكفورا) // من المتقارب // وَله من قصيدة (ترمي مكايدة الْعَدو ... بِمَا التحفظ مِنْهُ ضائع) (من واقعات بالمقاتل ... قاتلات بالمواقع) // من مجزوء الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 وَله من تشبيب قصيدة (أَخُو الْهوى يستطيل اللَّيْل فِي سهره ... وَاللَّيْل فِي طوله جَار على قدره) (ليل الْهوى سنة فِي الهجر مدَّته ... لكنه سنة فِي الْوَصْل من قصره) // من الْبَسِيط // وَله فِي مثل هَذِه الصَّنْعَة وَإِن كَانَت فِي معنى آخر (كَانَ التَّصَرُّف فِي خفض وَفِي دعة ... أقل مدَّته فِيمَا يُقَال سنه) (فَالْآن قد صَار من شُؤْم وَمن نكد ... بالخفض من سنة حَتَّى يُقَال سنه) // من الْبَسِيط // وَله فِي استهداء الْعِنَب (يَا أَحْمد الأكرمين سيره ... فيهم وأذكاهم سَرِيره) (وَمن بهماته العوالي ... أضحت عُيُون الْعلَا قريره) (وَمن يرى بشره بشيرا ... أمواجه ثرة غزيره) (لترمني راحتاك شهبا ... مضلعات ومستديره) (أشب العنبر الْمُعَلَّى ... مسكا بِهِ دهمة يسيره) (بِلَاد مجموعها ثَلَاث ... الْهِنْد وَالتّرْك والجزيرة) (وَلَا يكن حَبسهَا طَويلا ... عني وأعدادها قصيره) // من مخلع الْبَسِيط // وَله من نيروزية (قد أَتَاك النيروز وَهُوَ بعيد ... مر من قبله قَرِيبا رسيل) (سل سَبِيلا فِيهِ إِلَى رَاحَة النَّفس ... براح كَأَنَّهَا سلسبيل) (واشتمالا على السرُور وَهل يجمع ... شَمل السرُور إِلَّا الشُّمُول) (وهدايا النيروز مَا يفعل النَّاس ... وَلَكِن هديتي مَا أَقُول) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 وَله من تشبيب قصيدة (مهفهفة لَهَا نصف قضيب ... كخوط البان فِي نصف رداح) (حكت لينًا ولونا واعتدالا ... ولحظا قَاتلا سمر الرماح) // من الوافر // وَله أَيْضا من تشبيب قصيدة أُخْرَى (ظباء أعارتها المها حسن مشيها ... كَمَا قد أعارتها الْعُيُون الجآذر) (فَمن حسن ذَاك الْمَشْي جَاءَت فَقبلت ... مواطئ من أَقْدَامهم الضفائر) // من الطَّوِيل // أَخذه من قَول ابْن الرُّومِي فَزَاد فِيهِ وَحسنه (ووارد فَاحم يقبل ... ممشاه إِذا اختال مشْيَة عذره) // من المنسرح // وَقَالَ فِي استهداء حِنْطَة فِي سنة قحط ببخارى (يَا أَيهَا ذَا السَّيِّد المؤمل ... أرسى من الدَّهْر عَليّ كلكل) (يكَاد أَن يَنْفَكّ مِنْهُ الْمفصل ... ثَلَاثَة عيشي بِهن مثقل) (الْقَحْط والعيلة والتعطل ... لي من بني الرّوم إِمَام مقول) (قد باسط السَّادة فِيمَا يُؤْكَل ... وَلست مِمَّن لاغتنام يسْأَل) (لَكِن إِذا أعياني التمحل ... وَالْحِنْطَة السمراء حِين تحمل) (أحسن من بَيْضَاء حِين ترفل ... وَالْحب للنَّفس الحبيب الأول) (فَلَيْسَ لي إِلَّا بِهِ تعلل ... تنور دَاري مهمل معطل) (ومطبخي مَعَ الخوان مهمل ... والسوق قفر لَيْسَ فِيهَا مأكل) (والضيق فِي ذَا الْعَام ضيق يَشْمَل ... لَا زلت من جاه وَمَال تبذل) (أفضل حر يرتجى وَيسْأل ... لَا زَالَت الدُّنْيَا عَلَيْك تقبل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 (بخيرها وَالْخَيْر مِنْك يقبل ... مَا زرع الْبر وَطَالَ السنبل) // من الرجز // وَقَالَ فِي أبي حَاتِم مُحَمَّد بن الرّبيع الطوسي (كَأَن أَبَا حَاتِم لَا يزَال ... يصرف فِي الصّرْف لَا فِي الْعَمَل) (إِذا حل أَرضًا دنا ظعنه ... توقع رحيلا إِذا قيل حل) (فَتى لَا يبيت على بطنة ... وَلَا يَأْكُل الْخبز إِلَّا بخل) (فَتى عِنْده أَنه يسْتَقلّ ... بِكُل الْأُمُور وَلَا يسْتَقلّ) (وَيُوجب تَدْبيره أَن يكون ... رَئِيسا يعز وَلَا يستذل) // من المتقارب // وَله فِي ثلجة سَقَطت بعد النيروز وَبرد أضرّ بالأنوار (عجبا لآذر جَاءَ فِي آذار ... وتفاوت الأفلاك فِي الأدوار) (طلعت عشَاء للبيات سحائب ... أنواؤهن خسفن بالأنوار) (أبدى الرّبيع لنا شتاء مضمرا ... يَأْبَى ظُهُور ضمائر الْأَشْجَار) (نَدم الشتَاء على التقضي فانثنى ... لينال منتقما بقايا الثار) // من الْكَامِل // وَكتب إِلَى صديق لَهُ رأى عِنْده غُلَاما فاستشرطه (رَأَيْت ظَبْيًا يطوف فِي حَرمك ... أغن مستأنسا إِلَى كرمك) (أطمعني فِيهِ أَنه رشأ ... يرشى ليحشى وَلَيْسَ من خدمك) (فاشغله بِي سَاعَة إِذا فرغت ... دواته إِن رَأَيْت من قلمك) // من المنسرح // وَله وَقد سمع قَول مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر مَا جمشت الدُّنْيَا بأظرف من النَّبِيذ (أَلا إِن دنياك معشوقة ... تجمشها كل عَيْش لذيذ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 (ولكتها قطّ مَا جمشت ... من الملهيات بِمثل النَّبِيذ) // من المتقارب // وَله من قصيدة (كم غصت فِي مدحك فكرا على ... در نَفِيس غير مثقوب) (وَلم يغص رَأْيك يَوْمًا على ... بري وَلَا رَأْي لمكذوب) (إِن كَانَ موعودك الْجُود لي ... أكذب من مَوْعُود عرقوب) (فَإِن إخبارك فِي مدحتي ... أكذب من ذِئْب ابْن يَعْقُوب) // من السَّرِيع // وَله من أُخْرَى (يَا من إِذا مادح أثنى عَلَيْهِ بِمَا ... فِي نَفسه قَامَ من مرْآة شَاهده) (والمرء مرآه مرْآة يلوح بهَا ... فِي الْغَيْب مِنْهُ لعَيْنِي من يُشَاهِدهُ) // من الْبَسِيط // ألم فِيهِ بقول الرُّومِي (وَإِذا مَا محابر النَّاس غَابَتْ ... عَنْك فاستشهد الْوُجُوه الوضاء) (بشر الْبَرْق بالحيا وسنا الصُّبْح ... بِأَن يقلب الدجى أضواء) // من الْخَفِيف // (وَله من أُخْرَى (شهر الصّيام جرى بِالْيمن طَائِره ... عَلَيْك مَا جد باديه وعائده) (ودام قصرك مَرْفُوعا مجالسه ... لزائريه ومنصوبا موائده) (ودام صدر عَظِيم أَنْت ماهده ... وعش لملك عَزِيز أَنْت واحده) (فَأَنت منظره الأبهى وناظره الْأَعْلَى ... ومنكبه الْأَقْوَى وساعده) // من الْبَسِيط // وَله فِي أَخَوَيْنِ كريم ولئيم (بَين أخلاقه الَّتِي هِيَ أَخْلَاق ... وأخلاقك الْعتاق مسافه) (ولعمري لفي ادعائك إِيَّاه ... ابْن أم إبِْطَال علم القيافه) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 وَقَالَ فِي وصف الشتَاء (وشتاء محمق الْكَلْب ... فَلَا يغلو قديره) (كلما رام نباحا ... زم فَاه زمهريره) // من مجزوء الرمل // وَله فِي أكول (إِن أَبَا طالبنا ... لَهُ فَم كالمعده) (يهضم مَا يمضغه ... من غير أَن يزدرده) // من مجزوء الرجز // وَله (والمودات مَا خلت ... من تهاد مكدره) (كطبيخ خلا من اللَّحْم ... يدعى مزوره) // من مجزوء الْخَفِيف // وَله وَهُوَ من ظرفه (تزهى علينا بقوس حاجبها ... زهو تَمِيم بقوس حاجبها) // من المنسرح // وَله فِي أبي الْفضل الْمعَافى بن هزيم الأبيوردي (أصبح الْملك مبتلى بالمعافى ... وَهُوَ مِمَّا بِهِ ابتلاه معافى) (ورد الْبَاب لانتصاف من الدَّهْر ... فأفنى الصِّحَاح والأنصافا) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي اللحام وَقد اعتذر إِلَى بعض الرؤساء من هجائه (قل للحيحيم إِن مدحك عَن ... هجوك مَا إِن يقوم معتذرا) (وَهل يُعْفَى على إساءته ... تبصيص الْكَلْب بعد مَا عقرا) // من المنسرح // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وَله من قصيدة (طَال افتتاني بِظَبْيٍ ورد وجنته ... يجنى فُؤَادِي وكفي لَيْسَ تجنيه) (نَص ينم على أسرار نعْمَته ... لِبَاسه فَكَمَا يكسوه يعريه) (فَكيف ألثمه واللحظ يؤلمه ... والشم يكلمهُ وَالضَّم يدميه) // من الْبَسِيط // وَله من أُخْرَى (ظَبْي أنس فدته وَحش الظباء ... شف جسمي بطول منع الشفاه) (شادن يرتعي سويداء قلبِي ... حسن يرنو من مقلة سَوْدَاء) (شب فِيهِ الشَّبَاب نَار جمال ... عدلت ناره بِمَاء الْبَهَاء) // من الْخَفِيف // وَله فِي وصف ثوب أهداه إِلَيْهِ صديق (أَبَا نصر سمحت لنا بِثَوْب ... حكى فِي فرط ضيق الْعرض باعك) (سخافة نسجه تحكيك لَكِن ... غلاظة نسجه تحكي طباعك) // من الوافر // وَله من قصيدة كتب بهَا إِلَى إخْوَان لَهُ بالشاش من رِبَاط كَانَ التجأ إِلَيْهِ من فتْنَة وَقعت بالناحية (فزتم بآنس ألفة وخلاط ... وتركتموني فِي كنيف رِبَاط) (وسعت صحون فِيهِ إِلَّا أَنَّهَا ... من ضيق صَدْرِي مثل يم خياط) (جَاوَرت فِيهَا نسْوَة ساسية ... نسل الْحَرَام حلائل السقاط) (سلب الزَّمَان شعورها وشعورها ... طهر السِّوَاك وزينة الأمشاط) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 (يحملن أطفالا كَأَن وُجُوههم ... طليت بصمغ من يبيس مخاط) (فِيهِنَّ فتيات إِذا غنينني ... عنيننى وقصمن ظهر نشاطي) (أمعاؤها أوتارها وبطونها ... أعوادها واللحن رَجَعَ ضراط) (ولهن أَزوَاج على أكتافهم ... كنف معلقَة من الآباط) (إِن يسهروا لتسامر فكلامهم ... لَا يستبان كصرة الوطواط) (أَو يرقدوا فحلوقهم وأنوفهم ... مِمَّا تغط كحقة الْخَرَّاط) (وخلال ذَلِك يسمعونك كَارِهًا ... صَوت الضراط كَمثل شقّ رِبَاط) (حَتَّى يغص بِعْ الرِّبَاط كَأَنَّمَا ... إرْسَاله من غير ذَات رِبَاط) (ختموا الطَّرِيق بطينة بطنية ... ليفك ذَاك الْخَتْم رجل الواطي) (لَا أَسْتَطِيع تحفظا مِنْهَا وَلَو ... أعملت فِيهِ توقي المحتاط) (أَمْشِي بأطراف الْأَصَابِع بَينهَا ... حذرا كَأَنِّي فَوق حد صِرَاط) (وبراغث مثل الخطوب طوارق ... حدب الظُّهُور غَلِيظَة الأوساط) (يحسون مَاء حياتنا فجلودنا ... كمصاحف محمرة الأنقاط) // من الْكَامِل // 33 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن الْحسن هُوَ ابْن الْعَبَّاس بن الْحسن وَزِير المكتفى والمقتدر وأخباره مَشْهُورَة وأيامه فِي الوزارة مَذْكُورَة وَأَبُو جَعْفَر هَذَا كَاتب بليغ حسن التَّصَرُّف فِي النّظم والنثر رمت بِهِ حوادث الدَّهْر إِلَى بُخَارى فَأكْرم مثواه كالعادة كَانَت للملوك السامانية فِي معرفَة حُقُوق النَّاس وَأَبْنَاء النِّعْمَة وأغذياء الرياسة لَا سِيمَا الجامعين إِلَى كرم النّسَب شرف الْأَدَب وتقسمت أَيَّامه بَين الأولية السّنيَّة والطلعة الهنية وَكَانَ على تماسك حَاله وانتعاشه وارتياشه شاكيا لزمانه مستزيدا لسلطانه وَله القصيدة الَّتِي سَارَتْ فِي الْبِلَاد وطارت فِي الْآفَاق لحسن ديباجتها وبراعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 تجنيساتها وَكَثْرَة رونقها وأنشدنيها غير وَاحِد مِمَّن أنْشدهُ أَبُو جَعْفَر إِيَّاهَا وأولها (لَئِن أَصبَحت مَنْبُوذًا ... بأطراف خُرَاسَان) (ومجفوا نبت عَن لَذَّة ... التغميض أجفاني) (ومحمولا على الصعبة ... من إِعْرَاض سلطاني) (ومخصوصا بحرمان ... من الْأَعْيَان أعياني) (وَصرف عِنْد شكواي ... من الآذان آذَانِي) (ومكلوما بأظفار ... ومكدوما بأسنان) (وملقى بَين أَخْفَاف ... وأظلاف توطاني) (كَأَن الْقَصْد من أَحْدَاث ... أزماني إزماني) (فكم مارست فِي إصْلَاح ... شاني مَا ترى شاني) (وعاينت خطوبا جرعتني ... مَاء خطبان) (أفادت شيب فودي ... وأفنت نور أفناني) (أغصتني بأرياقي ... لَدَى إيراق أغصاني) (وقادتني إِلَى من هُوَ ... عني عطفه ثَانِي) (سوى أَنِّي أرى فِي الْفضل ... فَردا لَيْسَ لي ثَانِي) (كَأَن البخت إِذْ كشف ... عني كَانَ غطاني) (وَمَا خلاني إِلَّا ... زَمَانا فِيهِ خلاني) (سأسترفد صبرى إِنَّه ... من خير أعواني) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 (وأستنجد عزمي إِنَّه ... والحزم سيان) (وأنضو الْهم عَن قلبِي ... وَإِن أنضيت جثماني) (وأنجو بنجاتي إِن ... قَضَاء الله نجاني) (إِلَى أرضي الَّتِي أرْضى ... وترضيني وترضاني) (إِلَى أَرض جناها من ... جنى جنَّة رضوَان) (هَوَاء كهوى النَّفس ... تصافاه صفيان) (رخاء كرخاء شرد ... الشدَّة عَن عاني) (وَمَاء مثل قلب الصب ... قد ريع بهجران) (رَفِيق الْآل كالآل ... وَفِيه أَمن إِيمَان) (وترب هُوَ والمسك ... لَدَى التَّشْبِيه تربان) (فَإِن سلمني الله ... وبالصنع تولاني) (وأولاني خلاصا جَامعا ... شملي بخلصاني) (وأرآني أودائي ... وآواني لإيواني) (وأوطأني أوطاني ... وَأَعْطَانِي أَعْطَانِي) (وأخلى ذرعي الدَّهْر ... وخلاني وخلاني) (فَإِنِّي لَا أجد الْعود ... مَا عَاد الجديدان) (إِلَى الغربة حَتَّى تغرب ... الشَّمْس بشروان) (فَإِن عدت لَهَا يَوْمًا ... فسجاني سجاني) (وللكوت الوحى الْأَحْمَر ... القاني ألقاني) // من الهزج // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 وأنشدني أَبُو الْفرج يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ أَنْشدني أَبُو جَعْفَر بن الْعَبَّاس لنَفسِهِ (لست فِي ذَا العذار والأمرد الحاسر ... عَن رَأسه العذار بخالع) (الوقايات فِي الْوِقَايَة عِنْدِي ... فَلهَذَا مقانعي فِي المقانع) // من الْخَفِيف // وأنشدت لَهُ أَيْضا (بِوَجْهِك يَا من رق مِنْهُ أديمه ... وراق الدمى حسنا أريق دمي عمدا) (فأقسم أَن لَو قسمت صبوتي على ... بسيم الصِّبَا مَا نسم النسم البردا) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو الْقَاسِم الأليماني قَالَ أَنْشدني أَبُو جَعْفَر لنَفسِهِ فِي أبي جَعْفَر الْعُتْبِي (أَلا من مبلغ المكروب قولا ... بدا عَن نصح مَأْمُون المغيب) (جعلت الدَّهْر حربك وَهُوَ سلم ... فَلم تسلم عَلَيْهِ من الحروب) (وحالفت العبوس لغير بؤس ... فأسلمك القطوب إِلَى الخطوب) // من الوافر // وَكَانَ بالحضرة رجل من الظَّاهِرِيَّة يُقَال لَهُ أَبُو الْعَبَّاس الظَّاهِرِيّ ينادم الكبراء وَيتَعَاطَى آلَة اللَّهْو وَرُبمَا يشْعر وَكَانَ يلقب ببشار لسوء فِي عَيْنَيْهِ وعبث مِنْهُ بالشعر فَقَالَ فِيهِ أَبُو جَعْفَر (إِن الْأَمِير أَبَا الْعَبَّاس بشار ... قرم نمته إِلَى العلياء أخيار) (فَمَا يُفَارِقهُ فِي الْحجر مزهره ... وَمَا يُفَارِقهُ فِي الْحجر مزمار) // من الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (أضحى أَبُو الْعَبَّاس مَعَ علمه ... بِالْقَلْبِ والإبدال مفتنا) (فعينه غين إِذا مَا رنا ... وغينه عين إِذا غنا) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 وَقَالَ فِيهِ وَكَانَت لَهُ أم ولد مغنية تحضر مَعَه مجَالِس الْأنس (بشار لَوْلَا غناء حرمتك الْجَامِع ... بَين الْإِحْسَان وَالطّيب) (لَكُنْت مثل المجذوم مجتنبا ... إِن لم تصدق فَقل لَهَا توبي) // من المنسرح // 34 - ابْن أبي الثِّيَاب أَبُو مُحَمَّد من ندماء ابْن العميد وَله فِيهِ شعر كثير وَكَانَ فسيح مجَال الْفضل وافر الْحَظ من الظّرْف وَلما فَارق ابْن العميد وَورد بُخَارى نجحت سفرته وحظي بِالْقبُولِ ونادم فضلاء الصُّدُور وهاجى أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس فَمن قَوْله فِيهِ (إِن ابْن عَبَّاس أَبَا جَعْفَر ... يبْذل للناكة أوراكه) (ترَاهُ من تيه وَمن نخوة ... كَأَنَّهُ ناك الَّذِي ناكه) // من السَّرِيع // وأنشدني السَّيِّد أَبُو جَعْفَر الموسوي لَهُ فِي أبي الْعَبَّاس وَكَانَ يلقب بطويس (وَقَائِل قَالَ سرا ... عَن غير لب وكيس) (لم لَا تنيك طويسا ... وَأَنت جَار طويس) (فَقلت كَيفَ افتراشي ... عَنْزًا وَلست بتيس) // من المجتث // وأنشدني حَاضر بن مُحَمَّد الطوسي لِابْنِ أبي الثِّيَاب فِي كتاب معنون بالحمرة (هَذَا كتاب فَتى جفاؤك مضرم ... نَارا من الأشجان بَين ضلوعه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 (وَدَلِيله فِي فيض مقلته دَمًا ... أَن الْكتاب مخضب بنجيعه) // من الْكَامِل // وَوجدت لَهُ بِخَط الرئيس أبي مُحَمَّد الميكالي رَحمَه الله تَعَالَى (يَا هماما يطول كل همام ... بالقديم الْمَشْهُود فِي الأقوام) (والْحَدِيث الَّذِي أذاع حَدِيثا ... عَن سَمَاء تهمي بِغَيْر غمام) (أَنْت بَحر يَجِيش بالدر لَكِن ... نظم در الْبحار للنظام) (فارع للشعر ذمَّة فِي ولي ... قد كَفاهُ الْوَلَاء كل ذمام) (وَأعد أوجه المنى لبنيها ... ضحكا عَن مدامع الأقلام) (فسواد التوقيع يجلو لعَيْنِي ... بَيَاضًا من الأيادي الجسام) (لست أَشْكُو إِلَيْك أَيَّام دهر ... أَنْت فِيهَا ذخيرة للأنام) (حسبي الله فِي إدامة نعمائك ... للْمُسلمين وَالْإِسْلَام) // من الْخَفِيف // وأنشدني بديع الزَّمَان لَهُ من قصيدة (وهاجرة تشوي الْوُجُوه كَأَنَّهَا ... إِذا لفحت خدي نَار تأجج) (وَمَاء كلون الزَّيْت ملح كَأَنَّمَا ... بوجدي يغلي أَو بهجرك يمزج) (تعسفها السّير الأشد إِلَى فَتى ... سنا وَجهه جنح الدجى يتبلج) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو سعد يَعْقُوب لَهُ فِي وصف شمعة (ومجدولة مثل صدر الْقَنَاة ... تعرت وباطنها مكتسي) (لَهَا مقلة هِيَ روح لَهَا ... وتاج على الرَّأْس كالبرنس) (إِذا غازلتها الصِّبَا حركت ... لِسَانا من الذَّهَب الأملس) (فَنحْن من النَّار فِي أسعد ... وَتلك من النَّار فِي أنحس) (وَقد نَاب وَجهك عَن حسنها ... وَعَن ذَا البنفسج والنرجس) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 (فيا حَامِل الْعود حث الْغِنَا ... وَيَا حَامِل الكأس لَا تحبس) // من المتقارب // 35 - أَبُو الْحسن عَليّ بن هَارُون الشَّيْبَانِيّ وَلَيْسَ بالمنجم من فضلاء الطارئين على تِلْكَ الحضرة المتحلين بالأدب وَالشعر الحاصلين بَين أَنْيَاب الدَّهْر وَهُوَ الْقَائِل لوزير الْوَقْت (حمل الرياسة مَا علمت ثقيل ... والدهر يعدل مرّة ويميل) (يَا رَاكب الآثام فِي سُلْطَانه ... انْظُر إِلَى الْأَيَّام كَيفَ تحول) (هِيَ مَا سَمِعت وَمَا رَأَيْت سَبِيلهَا ... التَّحْوِيل والتنقيل والتبديل) (لَا تعتلل بِالشغلِ إِنَّك إِنَّمَا ... ترجى لِأَنَّك دَائِما مَشْغُول) (وَإِذا فرغت وَلَا فرغت فغيرك ... الْمَقْصُود للحاجات والمأمول) // من الْكَامِل // أَخذه من قَول أبي الْعَبَّاس لما قَالَ لَهُ عبد الله بن سُلَيْمَان (اعذرني فَإِنِّي مَشْغُول ... ) فَقَالَ (وَلَا تعتذر بِالشغلِ عَنَّا فَإِنَّمَا ... تناط بك الآمال مَا اتَّصل الشّغل) // من الطَّوِيل // وَله (أَيهَا التائه فِي الدولة ... مهلا فِي اقتدارك) (كم إِلَى كم تجْعَل التيه ... علينا من شعارك) (مَا تبالي بخراب الأَرْض ... فِي عمرَان دَارك) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 (أَي شَيْء كَانَ لَو فَكرت ... فِي دَار قرارك) (ته كَمَا شِئْت وصل وَاسِط ... علينا فِي جوارك) (فلنا صَبر على ذَاك ... إِلَى يَوْم بوارك) // من مجزء الرمل // ولد فِي مَنْصُور بن بابقرا (يَا مكثرا للعظمه ... أسرفت فِي الْكبر فَمه) (فكم رَأينَا من كَبِير ... كبره قد قصمه) (غَدَتْ على أبوابه ... مواكب مزدحمه) (فراح قد صب الردى ... على الثرى جَهرا دَمه) (وانتهبت أَمْوَاله ... كَذَاك عُقبى الظلمه) (فاحذر وبادر إِنَّنِي ... أرى أمورا مظلمه) (ترى لَهَا وَقت الضُّحَى ... كَمثل لون العتمه) // من مجزوء الرجز // 36 - أَبُو النَّصْر الهزيمي الْمعَافى بن هزيم أديب أبيورد وشاعرها وَله كتاب محَاسِن الشّعْر وأحاسن المحاسن وَكَانَ يكثر الْمقَام ببخارى ويخدم فضلاء رؤسائها ويترود حسن آثارها ثمَّ يعاود أبيورد وينقلب إِلَى معيشة صَالِحَة وَقد دون شعره ببخارى وأبيورد وحَدثني أَبُو الْقَاسِم الأليماني قَالَ لما احْتضرَ الْأَمِير الرشيد أَبُو الفوارس عبد الْملك بن نوح بالسقطة من مهر صَعب غير مروض رَكبه وَقَامَ الْأَمِير السديد أَبُو صَالح مَنْصُور بن نوح فَقَالَ فِي تِلْكَ الْحَال الْقَائِلُونَ وتصرفوا بَين التَّعْزِيَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 والتهنئة وَاجْتمعت قصائد كَثِيرَة لم يرتض مِنْهَا إِلَى قصيدة الهزيمي الَّتِي أَولهَا (الطّرف بالدمع أولى مِنْهُ بِالنّظرِ ... فخله لنجيع مِنْهُ منهمر) (ألم خطب عَظِيم لَا كفاء لَهُ ... رزء يذم عَلَيْهِ كل مصطبر) (هَذَا الَّذِي كَانَت الْأَيَّام توعدنا ... بِهِ وَمَا لم نزل مِنْهُ على حذر) (مدت إِلَى الْملك الميمون طَائِره ... أَيدي الْحَوَادِث وَالْأَيَّام والغير) (تركن حارس دُنْيَانَا وفارسها ... فريسة بَين نَاب الْمَوْت وَالظفر) (مَا بَين غبطته حَيا وغبطته ... فِي الْملك والهلك والإيوان والعفر) (إِلَّا كرجع الصدى فِي وَشك مدَّته ... أَو كالهنيهة بَين السَّيْل والمطر) (يَا ميتَة لم يمتها قبله ملك ... فِيهَا لكل عَظِيم أعظم العبر) (كَانَ الْمُوفق إِلَّا عِنْد ركضيته ... وللمنون اعتلالات على الْبشر) (وَكَانَ أقدر مَخْلُوق على فرس ... أَبُو الفوارس لَوْلَا قدرَة الْقدر) (وكل عمر وَإِن طَالَتْ سَلَامَته ... لَا بُد يَوْمًا قصاراه إِلَى قصر) (فَالْحَمْد لله إِذْ جلت مصيبته ... عَن الْمُصِيب من الآراء والفكر) (فِي دَعْوَة الْقَائِم الْمَنْصُور دَعوته ... مَنْصُور المعتلي فِي الْقدر والخطر) (من كَانَ يصلح لِلْإِسْلَامِ يَحْرُسهُ ... والتاج يلْبسهُ وَالْقصر والسرر) (سوى أبي صَالح غيث الندى الهمر ... لَيْث الوغى الهصر غُصْن العلى الْخضر) // من الْبَسِيط // هَذِه التصريعات خطأ فِي صَنْعَة الشّعْر على أَن أَبَا تَمام قَالَ (يَقُول فيبدع وَيَمْشي فيسرع ... وَيضْرب فِي ذَات الْإِلَه فيوجع) // من الطَّوِيل // وَمِمَّا يستجاد من شعره قَوْله للبلعمي من قصيدة وصف فِيهَا الشتَاء وَالْبرد (وشتوة شت أَبنَاء السَّبِيل لَهَا ... وغار فِي نفق مِنْهَا المغاوير) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 (يشكو جليدهم مس الجليد ضحى ... وَالْمَاء جلدته قرا قَوَارِير) (فللحى من لحاء الْبرد أغشية ... وللعيون من الشفاف تغوير) (إِذا تنكبت النكباء عَن أذن ... فللجنوب من الجنبين تقوير) // من الْبَسِيط // وَقَوله (إِلَيْك ركبت الْبَحْر والهول والدجى ... فصن أملي يَا خير من ركب الطرفا) (أذكرك الْقُرْبَى من الْعلم بَيْننَا ... وَقَول حبيب يَا أكابرنا عطفا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ من أُخْرَى (لَئِن قُمْت فِي حَاجَتي آنِفا ... ونفضت عَن وَجه حَالي الغبارا) (فكم منَّة لَك فِي سالف ... عَليّ كبيت من الشّعْر سارا) (وَمَا كَانَ نفعك لي مرّة ... وَلَا مرَّتَيْنِ وَلَكِن مرَارًا) // من المتقارب // وَله فِي قصيدة فِي الإسكافي (خطّ كَمَا انفتحت أزاهير الربى ... متنزه الْأَلْبَاب قيد الْأَعْين) (وبلاغة ملْء الْعُيُون ملاحة ... نَالَ النَّبِي بهَا صَلَاة الألسن) // من الْكَامِل // وَمن قصيدة يشْكر فِيهَا بعض الصُّدُور على بذله المنشور فِي صِيَانة ضيَاعه (أوليتني فِي ضياعي مِنْك مَا وقفت ... حمدي عَلَيْك وَخير الْحَمد مَا وَقفا) (لما بذلت من المنشور فَهِيَ حمى ... لَا تعرف النزل والأجعال والكلفا) (هذاك شكري على إِسْقَاطه مؤنا ... فَكيف شكري لَهُ إِن أسقط العلفا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 (إِذا تراني كمن يحيا بزاوية ... فِي الْخلد ثمَّ ينَال الْحور والغرفا) // من الْبَسِيط // وَكتب ببخارى يستهدي التِّبْن (خير مَا يهدى إِلَى مر ... تبط البرذون تبن) (واحتشاميك على مَا ... بيننافي الود غبن) (مَا بِمن شجعه جودك ... عَن رفدك جبن) (أَنْت للخائف والمعدم ... إيسار وَأمن) (فَلهَذَا أَنْت كنز ... وَلِهَذَا أَنْت ركن) // من مجزوء الرمل // وَله من أَبْيَات فِي استهداء الفحم (هَب الْبرد بِالريِّ لم ينسج ... وَفِي سقط الْبرد لم يدرج) (رَسُولك ذَاك الَّذِي قَالَ لي ... أحيء مَعَ الفحم أم لَا أجي) // من المتقارب // وأنشدني السَّيِّد أَبُو جَعْفَر الموسوي قَالَ أَنْشدني الهزيمي لنَفسِهِ (من كف سيف عَليّ عَن مقاتله ... كَفَفْت غرب لساني عَن تنَاوله) (من الفضول دخولي فِي مظالمه ... وتركي القَوْل فِي أقْصَى فضائله) (الله يسْأَل عبدا عَن جريرته ... وَعَن جرائر قوم غير سائله) // من الْبَسِيط // وَله أَيْضا (تيه المزور على الزوار يمنعهُم ... عَن الزِّيَارَة فامنعهم عَن التيه) (وَالنَّاس مَا لم يرَوا حرصا بِصَاحِبِهِمْ ... ورغبة فيهم لم يَرْغَبُوا فِيهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 وَله فِي ضيعته (كفتني ضيعتي مدح الْعباد ... وظعنا فِي الْبِلَاد بِغَيْر زَاد) (غَدَتْ سكني وخادمتي وظئري ... وفيهَا أسرتي وَبهَا تلادي) (أَلا فليعتمد من شَاءَ شَيْئا ... فحزني لَيْسَ يعدوه اعتمادي) (صديق الْمَرْء ضيعته وَكم من ... صديق فِي الصداقة مستزاد) (يخونك فِي الْمَوَدَّة من تؤاخي ... وَمَالك لَا يخونك فِي الوداد) (أَخُوك على المعاش معِين صدق ... وَمَالك للمعاش وللمعاد) // من الوافر // وَله وَهُوَ من قلائده السائدة (لما رَأَيْت الزَّمَان نكسا ... وَفِيه للرفعة اتضاع) (كل رَئِيس لَهُ ملال ... وكل رَأس لَهُ صداع) (لَزِمت بَيْتِي وصنت عرضا ... بِهِ عَن الذلة امْتنَاع) (أشْرب مِمَّا ادخرت رَاحا ... لَهَا على راحتي شُعَاع) (لي من قواريرها ندامى ... وَمن قراقيرها سَماع) // من مخلع الْبَسِيط // هَذَا بَيت القصيدة وَهُوَ أَمِير شعره (وأجتني من عقول قوم ... قد أقفرت مِنْهُم الْبِقَاع) (بشر وَكَعب أَمَام عَيْني ... هَذَا يَغُوث وَذَا سواع) وحَدثني أَبُو الْحسن الحمدوني قَالَ كَانَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن بكر الْجِرْجَانِيّ الملقب بالحضرة طير مطراق ورد طر أبيورد على علم البندرة وَاتخذ الهزيمي خَلِيلًا ونديما ومدرسا ثمَّ حدثت بَينهمَا وَحْشَة وَخرج الهزيمي إِلَى ضَيْعَة لَهُ وَبلغ أَبَا بكر أَنه هجاه فأشخصه بعدة من الفرسان وسيب عَلَيْهِ مَا كَانَ سوغه أَبَاهُ من خراجه قَالَ واستقبلني عِنْد دُخُوله الْبَلَد مَعَ المشخصين فَلَمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 وَقع بَصَره عَليّ قَالَ (بندارنا من أدبه ... أوقعنا فِي لقبه) // من مجزوء الرجز // فَقلت لَهُ يَا أَبَا نصر من هُنَا أتيت وثنيت عناني مَعَه إِلَى البندار فأصلحت أمره وَلم أَبْرَح حَتَّى تصالحا وتمالحا وأنشدني أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن عَليّ المظفري لَهُ (قد كنت أنظر قبل الْيَوْم فِي كتب ... فِيهَا الحكايات والأشعار والخطب) (ودفتر الطِّبّ مِمَّا لَا ألم بِهِ ... إِذْ لم يكن فِيهِ لي من صحتي أرب) (فَجَاءَت التسع وَالْخَمْسُونَ تحوجني ... إِلَى العلاج فَمَا لي غَيره كتب) // من الْبَسِيط // وَكَانَ للهزيمي أَخ يكنى بالوليد لَا بَأْس بِشعرِهِ كَقَوْلِه فِي رجل يكنى أَبَا سهل (يكنى بسهل وَهُوَ حزن أوعر ... من ذَاك قيل للغراب أَعور) (لِأَنَّهُ من الطُّيُور أبْصر ... ) // من الرجز // وَقَوله (فِي الْكَذِب أَنْت أَبَا الفوارس فَارس ... وَعَن الفوارس فِي الصِّنَاعَة راجل) (فتسابق الأدباء فِي ميدانهم ... وَأَبُو الفوارس خَلفهم متحاجل) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 37 - أَبُو نصر الظريفي الأبيوردي حَدثنِي السَّيِّد أَبُو جَعْفَر الموسوي قَالَ كَانَ للظريفي عَليّ الهزيمي درس وَمِنْه اقتبس فَخرج كَاتبا شَاعِرًا ظريفا كلقبه وَكَانَ واردا على الحضرة كثير الْإِقَامَة بهَا مداخلا لفضائلها متصرفا مِنْهَا على أَعمال الْبَرِيد وَكَانَ أَبُو عَليّ البلعمي يُكرمهُ وينادمه فاقترح عَلَيْهِ قصيدة يسْلك فِيهَا طَرِيق الْمُتَقَدِّمين فخامة وجزالة فأنشده من الْغَد قصيدة فِي مدحه كَأَنَّهَا صدرت عَن أحد فحولة الشُّعَرَاء الجاهليين فارتضاها وخيره فِي أَعمال الْبَرِيد بِبِلَاد خُرَاسَان فَاخْتَارَ بَلَده أبيورد وتنجز المنشور والصلة وشخص وَمن مَشْهُور سَائِر شعره قَوْله (أرى وطني كعش لي وَلَكِن ... أسافر عَنهُ فِي طلب المعاش) (وَلَوْلَا أَن كسب الْقُوت فرض ... لما برح الطُّيُور من العشاش) // من الوافر // وَقَوله (سر الْفَتى من دَمه إِن فَشَا ... فأوله حفظا وكتمانا) (واحتط على السِّرّ بإخفائه ... فَإِن للحيطان آذَانا) // من السَّرِيع // وَقَوله (يكف لَيْلًا ويفسو ... وسط الندى نَهَارا) (يديم ذَلِك حَتَّى ... يملا بُخَارى بخارا) // من المجتث // وَقَوله (حوى الْمصْرِيّ أَنْوَاع المخازي ... وَرَاح وَمَاله فِيهَا موازي) (وَلَو جمعت مخازيه لزادت ... بكثرتها على كتب الْمَغَازِي) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 وَقَوله (يَا دولة خلصت لأعور معور ... مَا أَنْت إِلَّا دولة عوراء) // من الْكَامِل // وَقَوله (خَافُوا على الْملك عُيُون العدا ... فصيروا عوذته أعورا) // من السَّرِيع // وَحكى أَنه تقلد مرّة عمل الْبَرِيد بِالْجَبَلِ وَكَانَ أمراؤها لَا يُقِيمُونَ لأَصْحَاب الْبَرِيد وزنا فَلَمَّا وصل إِلَى الْوَالِي بهَا قَالَ لَهُ أَنْت صَاحب الْبَرِيد قَالَ نعم فاستظرفه ونادمه وَأفضل عَلَيْهِ وَدخل يَوْمًا على بعض وزراء الحضرة فَجَلَسَ فِي أخريات النَّاس فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ لِأَن يُقَال لي ارْتَفع أحب إِلَيّ من أَن يُقَال لي انْدفع 38 - رَجَاء بن الْوَلِيد الإصبهاني أَبُو سعد من جلة الْكتاب والعمال المتصرفين من الحضرة على أَعمال خُرَاسَان وَكَانَ لَهُ أدب فائق وَشعر رائق وَكَانَ بِهِ طرش فَإِذا كَلمه من لَا يسمعهُ قَالَ لَهُ ارْفَعْ صَوْتك فَإِن بأذني بعض مَا بروحك وتنسب هَذِه النادرة أَيْضا إِلَى النَّاصِر الأطروش صَاحب طبرستان وَيجوز أَن يكون سَمعهَا رَجَاء عَنهُ فاستعملها وَكَانَ فِي ذكاء الْقلب وجودة الحدس بِحَيْثُ يفْطن لكل مَا يكْتب بالأصبع على يَده ويستغنى بذلك عَن السماع فيجيب عَنهُ وَفِي التبجح بطرشه يَقُول (حمدت إلهي إِذْ بليت بحبه ... على طرش يشفي ويغني عَن الْعذر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 (إِذا مَا أَرَادَ السِّرّ ألصق خَدّه ... بخدي اضطرارا لَيْسَ يَدي الَّذِي أَدْرِي) // من الطَّوِيل // وَإِنَّمَا حذا بِهِ مِثَال من قَالَ فِي أَحول (حمدت إلهي إِذْ بليت بحبه ... على حول يُغني عَن النّظر الشزر) (نظرت إِلَيْهِ والرقيب يخالني ... نظرت إِلَيْهِ فاسترحت من الْعذر) // من الطَّوِيل // وَمن ملح رَجَاء قَوْله فِي باقة ريحَان (وشمامة مخضرة اللَّوْن غضة ... حوت منْظرًا للناظرين أنيقا) (إِذا شمها المعشوق خلت اخضرارها ... ووجنته فيروزجا وعقيقا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (هذي المدام وَهَذِه التحف ... والكأس بَين الشّرْب تخْتَلف) (فكأنهم وَكَأن ساقيهم ... سين ترى قدامها ألف) // من الْكَامِل // أَخذه من قَول ابْن المعتز (وَكَأن السقاة بَين الندامى ... ألفات بَين السطور قيام) // من الْخَفِيف // وأنشدني أَبُو نصر سعد بن يَعْقُوب لَهُ نتفا مليحة مِنْهَا (خطّ يُرِيك الْوَصْل فِي طوماره ... مُتَبَسِّمًا والهجر فِي أنفاسه) (فَكَأَنَّمَا مقل الغواني كحلت ... من حسن أسطره على قرطاسه) // من الْكَامِل // 39 - أَبُو الْقَاسِم الدينَوَرِي عبد الله بن عبد الرَّحْمَن من رُؤَسَاء الأدباء ورؤوس الْكتاب ووجوه الْعمَّال بخراسان وَأَخْبرنِي مَنْصُور ابْنه أَنه من أَوْلَاد عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب ومصنفاته فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 محَاسِن الْآدَاب تربى على الثَّلَاثِينَ وَله شعر كثير يخرج مِنْهُ الْملح كَقَوْلِه من قصيدة فِي وصف الْخمر (كَأَنَّهَا فِي يَد الساقي المدير لَهَا ... عصارة الْخمر فِي ظرف من الْآل) (لم تبْق مِنْهَا اللَّيَالِي فِي تصرفها ... إِلَّا كَمَا أبقت الْأَيَّام من حَالي) // من الْبَسِيط // وَقَوله من أُخْرَى (يَا لعصر الخلاعة المورود ... ولظل الشبيبة الْمَمْدُود) (وللهوى ولذتي وسروري ... ولسفكي دم ابْنة العنقود) (وارتشافي الرضاب من برد الثغر ... وشمي عَلَيْهِ ورد الخدود) (وغدوي إِلَى مجَالِس علم ... ورواحي إِلَى كواعب غيد) (فِي قَمِيص من السرُور مذال ... ورداء من الثِّيَاب جَدِيد) (ولأيامي الْقصار اللواتي ... كن بيضًا قد حليت بالسعود) (غير الدَّهْر حَالهَا فاستحالت ... مظلمات من اللَّيَالِي السود) (وأتاني من المشيب نَذِير ... غض مني وفت فِي مجلودي) (وتدانت لَهُ خطامي برغمي ... ونحاني لَهُ خُصُوصا عمودي) (وتيقنت أنني فِي مسيري ... إِثْر شرخ الشَّبَاب غير بعيد) // من الْخَفِيف // وَقَوله (مضى الإخوان وانقرضوا ... فها أَنا للردى غَرَض) (مَرضت فَقيل لي لَا بَأْس ... عنْدك إِنَّه عرض) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 (فَأول منزل للمرء ... نَحْو معاده الْمَرَض) // من مجزوء الوافر // وَقَوله (أرقت لضيف من الشيب زارا ... فأهدى إِلَيْك النهى والوقارا) (وجلك الْحلم ثوب الْكِرَام ... وبزك ثوب الشَّبَاب المعارا) (وَقد كَانَ شرخ الشَّبَاب الَّذِي ... تولى عدوا وَإِن كَانَ جارا) (أمل على مَلَكَيْك الذُّنُوب ... حَتَّى أملهما ثمَّ سارا) // من المتقارب // أَخذه من قَول أبي الطّيب المصعبي (زائر لم يزل مُقيما إِلَى أَن ... سود الصُّحُف بِالذنُوبِ وَولى) // من الْخَفِيف // وَقَوله (شوقي إِلَيْك كشوق المدنف الحرض ... إِلَى الطَّبِيب الَّذِي يشفي من الْمَرَض) (فَإِن يكن لَك عني يَا أخي عوض ... فَلَا وحقك مَالِي عَنْك من عوض) // من الْبَسِيط // وَقَوله من قصيدة فِي بعض الوزراء (ومطهم برح الْعَنَان معود ... خوض المهالك كل يَوْم برَاز) (وَإِذا توقل فِي ذرى مسمع ... صَعب بعيد الْعَهْد بالمجتاز) (تركت سنابكه بصم صخوره ... أثرا يلوح كنقش صدر الْبَازِي) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا (يَا أَيهَا الشَّيْخ الْجَلِيل بِحقِّهِ ... لَا من طَرِيق تملق ومجاز) (إِن لم يكن لي فِي جنابك مرتع ... فَالرَّأْي فِي الإبعاد لي بِجَوَاز) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 وأنشدني ابْنه أَبُو مَنْصُور لِأَبِيهِ فِي سفرجل وتفاح ورمان وآذريون أهداها إِلَى بعض الرؤساء فِي يَوْم مهرجان (بعثت إِلَيْك ضحى المهرجان ... بمعشوقة الْعرف والمنظر) (معطرة صانها فِي الحجال ... مطارف من سندس أَخْضَر) (نضت حِين زارتك عَنْهَا الفريد ... وجاءتك فِي سرق أصفر) (ببسر وبهنكة نضة ... وثدي مبتلة معصر) (وبيضاء رائقة غضة ... منقطة الْوَجْه بالعصفر) (وَحقّ عقيق ملاه الهجير ... من الْجَوْهَر الرَّائِق الْأَحْمَر) (وأقداح تبر حشت قعرها ... يَد الشَّمْس بالمسك والعنبر) (فَكُن ذَا قبُول لَهَا إِنَّهَا ... هَدَايَا مقل إِلَى مكثر) (وَحي على الراح قبل الرواح ... ومطربة الشدو والمزهر) (وعش مَا تشَاء كَمَا تشْتَهي ... بعزم يَدُوم إِلَى الْمَحْشَر) // من المتقارب // وَله من نتفة يسترجع بهَا كتابا معارا (أَنا أَشْكُو إِلَيْك فقد نديم ... قد فقدت السرُور مُنْذُ تولى) (كَانَ لي مؤنسا يسلي همومي ... بِأَحَادِيث من منى النَّفس أحلى) (عَن أبي حَاتِم عَن ابْن قريب ... واليزيدي كل مَا كَانَ أمْلى) (وَهُوَ رهن لديك يشكو ويبكي ... ويغني قد آن لي أَن أخلى) (فتفضل بِهِ عَليّ فَإِنِّي ... لست إِلَّا بِمثلِهِ أَتَسَلَّى) // من الْخَفِيف // وَله من أُخْرَى فِي مَعْنَاهَا (طلبت مني كتابا ... ألفته فِي شَبَابِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 (ألفته إلْف عظمي ... لحمي ولحمي إهابي) (وَقد تَأَخّر حَتَّى ... لبست ثوب اكتئاب) (وَقد أَتَانِي عَنهُ ... مَا لم يكن فِي حسابي) (من نظم شعر بديع ... مستظرف مستطاب) (أما كريم رَحِيم ... يرثي لطول اغترابي) (يَا رب يسر إيابي ... قد حَان وَقت انقلابي) // من المجتث // وَله فِي أبي الْحسن الْعُتْبِي (يَا سائلي عَن وَزِير ... مدحرج مستدير) (كبط شط سمين ... عريض صدر قصير) (إِن كنت أَبْصرت قردا ... مذ كنت فَوق سَرِير) (فَهُوَ الْوَزير وَإِن كَانَ ... فِي عداد الْحمير) // من المجتث // وَله من نتفة فِي قَابض كَفه (الله صور كَفه ... لما براه فأبدعه) (من تِسْعَة فِي تِسْعَة ... وَثَلَاثَة فِي أَرْبَعه) // من مجزوء الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (تَغَيَّرت مَعَ الدَّهْر ... لنا يَا شَاعِر البصره) (وَلم ترع لنا عهدا ... قديم الود والعشره) (عَسى صيرك الشَّيْخ الَّذِي ... يكنى أَبَا مره) // من الهزج // وَله (لُزُوم الْبَيْت أَرْوَاح فِي زمَان ... عدمنا فِيهِ فَائِدَة البروز) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 (فَلَا السُّلْطَان يرفع من محلي ... وَلست على الرّعية بالعزيز) (وَلست بواجد حرا كَرِيمًا ... أكون لَدَيْهِ فِي كنف حريز) // من الوافر // وَله (أَشْكُو إِلَى الله ضيق ذَات يَدي ... قد بَان صبري وخانني جلدي) (وَقد جفاني الْأَنَام قاطبة ... حَتَّى عَبِيدِي وعقني وَلَدي) // من المنسرح // وَله فِي ابْنه (ربيته وَهُوَ فرخ لَا نهوض لَهُ ... وَلَا شكير وَلَا ريش يواريه) (حَتَّى إِذا ارتاش واشتدت قوادمه ... وَقد رأى أَنه آنت خوافيه) (مد الجناحين مدا ثمَّ هزهما ... وطار عني فقلبي فِيهِ مَا فِيهِ) (وَقد تيقنت أَنِّي لَو بَكَيْت دَمًا ... لم يَرث لي فَهُوَ فظ الْقلب قاسيه) // من الْبَسِيط // وَله فِي ابْنه أبي طَاهِر (لَو كنت أعلم أَنِّي وَالِد ولدا ... يكون لَا كَانَ فِي عَيْني كالرمد) (فَلَا أسر على طول الْحَيَاة بِهِ ... جببت نَفسِي كي أبقى بِلَا ولد) (كم قد تمنيت لَو أَن المنى نَفَعت ... وَلَا مرد لحكم الْوَاحِد الصَّمد) (وَقلت لَو أَن قولي كَانَ يَنْفَعنِي ... يَا لَيْت أَنِّي لم أولد وَلم أَلد) // من الْبَسِيط // وَله فِي النارنج (أما ترى شجر النارنج طالعة ... نجومها فِي غصون لدنة ميل) (كَأَنَّهَا بَين أوراق تحف بهَا ... زهر المصابيح فِي خضر الْقَنَادِيل) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَله فِي البراغيث (وحمش القوائم حدب الظُّهُور ... طرقن فِرَاشِي على غرَّة) (فنقطنني بخراطيمهن ... كنقط الْمَصَاحِف بالحمرة) // من المتقارب // وَله فِي عَارض (وعارض دنس الْعرض ... نَاقص فِي الصناعه) (كلب بل الْكَلْب فِي لومه ... يعاف طباعه) (قد رامني بالدواهي ... فقصر الله بَاعه) // من المجتث // وَله (إِذا الزَّمَان رماني ... مِنْهُ بخطب جسيم) (صبرت صَبر كريم ... على جفَاء لئيم) // من المجتث // وَله (من عذيري من بديع الْحسن ... ذِي قد رَشِيق) (أنبتت فِي فَمه اللُّؤْلُؤ ... أَرض من عقيق) // من مجزوء الرمل // وَله (بِأبي أَنْت لقد ... طبت لنا ضما وشما) (ضَاقَ فوك العذب وَالْعين ... وَشَيْء لَا يُسمى) // من مجزوء الرمل // وَله من نتفة (أَسَاءَ وَقد أَتَانِي مستتيبا ... أما هَذَا من الْعجب العجاب) // من الوافر // وَله من أُخْرَى (وَمَا آسى على دهر تولى ... وَلَا جسم مُبَاح للسقام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 (وَلَا مَا فَاتَ من عمري وَلَكِن ... أحن إِلَى صَلَاة من قيام) // من الوافر // وَله من أُخْرَى (عِشْت من الدَّهْر مَا كفاني ... وَمر مَا مر من زماني) (وَقد حنتني وقوستني ... تسع وَتسْعُونَ وَاثْنَتَانِ) (وَقد سئمت الْحَيَاة مِمَّا ... ألْقى من الذل والهوان) (وَمن أَخ كنت أرتجيه ... لحادث الدَّهْر قد قلاني) (وَمن غُلَام إِذا يُنَادي ... تصامم النذل وَهُوَ داني) (مدمدم لَا أرَاهُ إِلَّا ... مقطب الْوَجْه مَا رَآنِي) // من مخلع الْبَسِيط // فَهَذَا مَا أخرجته من ملح الدينَوَرِي فَأَما ابْنه 40 - أَبُو مَنْصُور أَحْمد بن عبد الله ففاضل كثير المحاسن وعهدي بِهِ عَاما أول صادرا من أبيورد وَكَانَ على الْبَرِيد بهَا ونازلا دَاره بسكة البلخية بنيسابور وَأَنا على موعد مِنْهُ فِي إِخْرَاج مَا يصلح لكتابي هَذَا من شعره وإنفاذه إِلَى إِن شَاءَ الله تَعَالَى 41 - أَبُو مَنْصُور أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ أحد الصُّدُور الْأَفْرَاد الأمجاد بخراسان بلغ من الْأَدَب وَالْكِتَابَة والثروة والمروءة أَعلَى مَكَان وَتصرف فِي الْأَعْمَال الجلائل ثمَّ ولي ديوَان الرسائل وَكَانَ جمع كتابا مترجما بزاملة النتف يشْتَمل على مَا تشْتَهي الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 محَاسِن الْأَخْبَار والأشعار ولطائف الْآدَاب ونتائج الْأَلْبَاب وَيَقَع فِي ثَلَاثِينَ مجلدة بِخَطِّهِ وَقسمهَا على أَيَّام شهره فَكَانَ لَا يَخْلُو من إِحْدَى قطاعها مَجْلِسه وديوانه وسَاق حَقه لَا يكَاد يُفَارِقهُ فِي سَفَره وحضره وَوَقع إِلَى بعض مجلدات مِنْهَا بعد انْقِضَاء أَيَّامه فتنزه الطّرف فِي رياضها واستمتعت النَّفس بثمارها وَلم يبلغنِي عَنهُ شعر إِلَّا مَا أنشدنيه السَّيِّد أَبُو جَعْفَر الموسوي قَالَ أَنْشدني الْبَغَوِيّ لنَفسِهِ (تراءت لنا من خدرها بسوالف ... كَمَا لَاحَ بدر من خلال سَحَاب) (ووجنتها من تَحت فَاحم صدغها ... كَمَا روحت باز بريش عِقَاب) // من الطَّوِيل // وَصدر الْبَيْت الثَّانِي مِمَّا أنسانيه الشَّيْطَان أَن أذكرهُ فغرمته من عِنْدِي 42 - أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي تثنى بِهِ الخناصر وتضرب بِهِ الْأَمْثَال فِي حسن الْخط والبلاغة وأدب الْكِتَابَة والوزارة وَكَانَ فِي حداثته يكْتب لأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق ثمَّ تمكن بالحضرة خمسين سنة يتَصَرَّف وَلَا يتعطل حَتَّى قيل فِيهِ (وَقَالُوا الْعَزْل للعمال حيض ... لحاه الله من حيض بغيض) (فَإِن يَك هَكَذَا فَأَبُو عَليّ ... من اللائي يئسن من الْمَحِيض) // من الوافر // وَولى ديوَان الرسائل دفعات والوزارة مَرَّات وَكَانَ يَقُول الشّعْر وَلَا يظهره وَيُحب الْأَدَب وَيكرم أَهله وأنشدني أَبُو عبد الله بن السّري الرَّامِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لَهُ ثمَّ وجدتهما لغيره (يَا أَيهَا الْقَمَر الْمُنِير الزَّاهِر ... الأبلج الْبَدْر الْعلي الباهر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 (أبلغ شبيهتك السَّلَام وهنها ... بِالنَّوْمِ واشهد لي بِأَنِّي ساهر) // من الْكَامِل // وأنشدني السَّيِّد الشريف أَبُو جَعْفَر الموسوي قَالَ أَنْشدني أَبُو عَليّ مُحَمَّد ابْن عِيسَى وَلم يسم قَائِلا (تذكر إِذْ أَرْسلتهُ بيدقا ... فِيك فوافاني فرزانا) // من السَّرِيع // ثمَّ أَخْبرنِي بعض كِتَابه أَن هَذَا الْبَيْت لَهُ وأنشدني لَهُ أَيْضا (وَكَاتب كتبه تذكرني الْقُرْآن ... حَتَّى أظل فِي عجب) (فاللفظ قَالُوا قُلُوبنَا غلف ... والخط تبت يدا أبي لَهب) // من المنسرح // وَلم يذكر أَن أحدا من الصُّدُور يسع دعاؤه وتربيته وكنيته واسْمه وَاسم أَبِيه وبلده بَيْتا وَاحِدًا من الشّعْر سواهُ فَإِن أَبَا الْقَاسِم الأليماني أَنْشدني لنَفسِهِ قصيدة فِيهِ وَمِنْهَا هَذَا الْبَيْت (إِلَى الشَّيْخ الْجَلِيل أبي عَليّ ... مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي) // من الوافر // 43 - أَبُو عَليّ الزوزني الْكَاتِب أَخْبرنِي الثِّقَة أَنه وَقع إِلَى الحضرة ببخارى فِي ريعان شبابه وَله أدب بارع وَخط تَأْخُذهُ الْعين ويستولي عَلَيْهِ الْحسن فَمَا زَالَ يتَصَرَّف فِي ديوَان الرسائل ويغرس الدّرّ فِي أَرض الْقَرَاطِيس وينشر عَلَيْهِ أَجْنِحَة الطواويس إِلَى أَن ثقلت عَلَيْهِ الْحَرَكَة وَأخذت مِنْهُ السن الْعَالِيَة وَكَانَ قصير الْقد طَوِيل الْفضل وَفِيه يَقُول اللحام وَمَا كَانَ يهجو إِلَّا الْكِبَار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 (وقصير من قرى زوزن ... فِي قامة شبر) (يَدعِي الْكتاب إِلَّا ... أَنه فِي فهم عير) (وَلَقَد فَكرت فِيهِ ... وَكَذَا فكر غَيره) (كَيفَ يستدخل أيرا ... وَهُوَ فِي قامة أير) // من مجزوء الرمل // واقتدى باللحام غير وَاحِد من الشُّعَرَاء فهجوه بِالْقصرِ ووصفوا قامته بالصغر حَتَّى قَالَ الْمَعْرُوف بالمضرب البوشنجي (للزوزني أبي عَليّ قامة ... قَامَت بسوق هجائه المتراكم) (هِيَ عُمْدَة الشُّعَرَاء يعتمدونها ... بقواضب من شعرهم وصوارم) (وَالْبَعْض شبهها بأير قَائِم ... وَالْبَعْض شبهها بجعس جاثم) (يَا ليتها طَالَتْ فقصر طولهَا ... عَنهُ طوال معايب وشتائم) // من الْكَامِل // وَكَانَ أَبُو عَليّ مَعَ حسن خطه حسن الشّعْر كثير التنكيت وَهُوَ الْقَائِل فِي أبي جَعْفَر الْعُتْبِي (يَا قَلِيل الْخَيْر موفور الصلف ... وَالَّذِي قد حَاز فِي التيه السَّرف) (كن بَخِيلًا وتواضع تحْتَمل ... أَو سخيا يحْتَمل مِنْك الصلف) // من الرمل // وَوجدت بِخَط الرئيس أبي مُحَمَّد الميكالي لأبي عَليّ فِي ابْنه (يَا من تمنى أَن يَمُوت أَبوهُ ... ستذوق موتك قبل مَا ترجوه) (إِن المريد ردى أَبِيه قبله ... يردى ويسعد بِالْحَيَاةِ أَبوهُ) // من الْكَامِل // وأنشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عَبْدَانِ لَهُ (الْحَمد لله وشكرا لَهُ ... على المعافاة من الأبنه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 (فَلَيْسَ فِيمَا الْمَرْء يبْلى بِهِ ... أعظم مِنْهَا فِي الورى محنه) // من السَّرِيع // وأنشدني حَاضر بن مُحَمَّد لَهُ فِي علوي (من كَانَ خَالق هَذَا الْخلق مادحه ... فَإِن ذَلِك شَيْء مِنْهُ مفروغ) (فَإِن أطل أَو أقصر فِي مدائحه ... فَلَيْسَ بعد بَلَاغ الله تَبْلِيغ) // من الْبَسِيط // وَله أَيْضا (إِن أُذُنِي تمل طول كَلَامه ... وفؤادي يمل طول مقَامه) (إِن أَمْرِي وَأمره لعجيب ... مت من بغضه وَحب غُلَامه) // من الْخَفِيف // 44 - أَبُو عبد الله الشبلي من حَسَنَات بوشنج وأفرادها وَكَانَ يكْتب ببخارى للأفتكين الخازن ويعنون كتبه بِمُحَمد بن أَحْمد الشبلي فَلَمَّا قلد الوزارة لصَاحبه وارتفع مِقْدَاره أسقط الشبلي من كتبه وَاقْتصر على اسْمه وَاسم أَبِيه وَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء (مُحَمَّد أسقط الشبلي من كتبه ... ترفعا باسمه عَن ذكر منتسبه) (كأنني بقفاه وَهُوَ مرتجع ... تَصْحِيف مَا قد نَفَاهُ الْآن عَن كتبه) // من الْبَسِيط // وتنقلت بالشبلي أَحْوَال بعد هَلَاك صَاحبه فبدرت مِنْهُ أُمُور أدَّت إِلَى نفي صَاحب الْجَيْش أبي الْحسن بن سمحور إِيَّاه إِلَى النُّون من بِلَاد قهستان فَلَمَّا طَال مقَامه بهَا قَالَ (تعلمت بالنُّون أكل الأقط ... وغزل العهون ونسج الْبسط) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 (وَمَا كنت فِيمَا مضى هَكَذَا ... وَلَكِن من الدَّهْر جَاءَ الْغَلَط) // من المتقارب // وَإِنَّمَا احتذى فِيهِ قَول بابك (تعلمت فِي السجْن نسج التكك ... وَقد كنت من قبل حبسي ملك) (وَقد صرت من بعده عدَّة ... وَمَا ذَاك إِلَّا بدور الْفلك) // من المتقارب // 45 - أَبُو عَليّ المسبخي هُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ الْحُكَّام (لم أر فِي الْحُكَّام كالمسبخي ... يطْمع فِي الْجلد الَّذِي لم يسلخ) // من الرجز // وَكَانَ باقعة فِي الْحُكَّام وَفِي الْعُلُوم من الْأَعْلَام وَفِي نَفسه كَمَا قَالَ بعض العصريين من أهل نيسابور فِي غَيره (يَا طَبِيبا منجما وفقيها ... شَاعِرًا شعره غذَاء الرّوح) (أَنْت طورا كَمثل جَامع سُفْيَان ... وطورا تحكي سفينة نوح) // من الْخَفِيف // وَتَوَلَّى الْمَظَالِم ببلخ مرّة فَكتب إِلَيْهِ أَبُو يحيى الْعِمَادِيّ يداعبه ويطايبه ويستهديه من ثَمَرَات بَلخ فأهدى إِلَيْهِ عدل صابون وَكتب إِلَيْهِ كتابا قَالَ فِي فصل مِنْهُ وَقد بعثت إِلَى الشَّيْخ أيده الله تَعَالَى عدل صابون ليغسل بِهِ طمعه عني وَالسَّلَام وَتَوَلَّى مرّة قَضَاء سجستان فَمن قَوْله فِيهَا (حلولي سجستان إِحْدَى النوب ... وكوني بهَا من عَجِيب الْعجب) (وَمَا بسجستان من طائل ... سوى حسن نرجسها وَالرّطب) // من المتقارب // وَهُوَ الْقَائِل فِيهَا (يَا سجستان قد بلوناك دهرا ... فِي حراميك من كلا طرفيك) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 (أَنْت لَوْلَا الْأَمِير فِينَا لقلنا ... لعن الله من يصير إِلَيْك) // من الْخَفِيف // وَله (وَعَدتنِي وَعدا وقربته ... تقريب حر لَيْسَ بالمستزاد) (حَتَّى إِذا مَا رمت تَحْصِيله ... كَانَ بَعيدا مثل يَوْم الْمعَاد) // من السَّرِيع // وَله (هَل الدَّهْر إِلَّا سَاعَة تَنْقَضِي ... بِمَا كَانَ فِيهَا من عناء وَمن خفض) (فهونك لَا تحمل مساءة عَارض ... وَلَا فرحة سرت فكلتاهما تمْضِي) // من الطَّوِيل // وَعِنْدِي لَهُ أَبْيَات قد خَفِي عَليّ مَكَانهَا وَفِيمَا كتبته من شعره كِفَايَة 46 - أَبُو الْحسن أَحْمد بن المؤمل كَاتب أبي الْحسن فائق الْخَاصَّة من كبار الْكتاب بخراسان وَأَكْثَرهم محَاسِن وفضائل وَله شعر كثير يجمع الجزالة والحلاوة فَمن ملحه مَا أنشدنيه وقوافيه متشابهة فِي طَريقَة أبي الْفَتْح البستي (طرا عَليّ رَسُول فِي الْكرَى طاري ... من الطُّيُور وَأَعْطَانِي بمنقار) (كتاب حب بعيد الدَّار أَمْلَح من ... يمشي على الأَرْض من باد وَمن قاري) (تَرَكتنِي فِي بِلَاد لَا أَرَاك بهَا ... كَأَن قَلْبك من صَخْر وَمن قار) // من الْبَسِيط // وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (إِن أسيافنا العضاب الدوامي ... تركت ملكنا قرين الدَّوَام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 (لم نزل نَحن فِي سداد ثغور ... واصطلام الْأَبْطَال فِي وسط لَام) (واقتحام الْأَهْوَال من وَقت حام ... واقتسام الْأَمْوَال من وَقت سَام) // من الْخَفِيف // وَله من قصيدة فِي أبي نصر بن زيد أَولهَا (تولى ونار الشوق فِي الْقلب واقده ... ونار نشاطي مذ تبَاعد هامده) (نهاري بِلَا أنس وليلي كأنني ... إِلَى الصَّباح ملقى تَحت ساعد ساعده) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (تراعى طوال اللَّيْل عَيْني فراقده ... وَعين الَّذِي لَا تفقد الْألف راقده) (أأيامنا هَل أَنْت عَائِدَة لنا ... كَمَا كنت أم هَل فِي بكائك عائده) وَمِنْهَا (أَبَا نصر القرم الَّذِي عقمت بِمن ... يشاكله فِي مجده كل وَالِده) (هُوَ الْقَمَر الْفَرد الَّذِي لروائه ... تظل نُجُوم الْأُفق لَا شكّ ساجده) وَمِنْهَا (لَهُ قلم سوق الْقَضَاء إِذا جرت ... بِهِ يَده فِي النَّهْي وَالْأَمر كاسده) (ويملي فيصغي الكاتبان تطربا ... إِلَى مبدعات هن وَالسحر واحده) (وَلَوْلَا خلال يحظر الدّين ذكرهَا ... لَقلت الَّذِي يملي قرَان على حَده) وَله وَقد نقل مَعْنَاهُ من بَيْتَيْنِ للروزكي وهما (تصور الدُّنْيَا بِعَين الحجى ... لَا بِالَّتِي أَنْت بهَا تنظر) (الدَّهْر بَحر فَاتخذ زورقا ... من عمل الْخَيْر بِهِ تعبر) // من السَّرِيع // وَله وَقد نقل مَعْنَاهُ من بَيْتَيْنِ للمعروفي وهما (إِذا لم تكن لي من لَدُنْك مبرة ... وَزَالَ رجائي عَن نوالك فِي نَفسِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 (فَأَنت إِذا مثلي أنيس مُصَور ... فَلم أعبد الشَّيْء المصور من جنسي) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة (سقيا لدهر مضى إِذْ نَحن فِي شغل ... بالعزف والقصف عَن شغل السلاطين) (إِذْ يَوْمنَا يَوْم عيد طول مدتنا ... ولينا كُله ليل الشعانين) (وفتية كنجوم اللَّيْل طالعة ... شم العرانين من شم العرانين) (غدوا صحاحا إِلَى الحانات وَانْصَرفُوا ... إِلَى الْمنَازل فِي عقل المجانين) (عَادوا أراجيح من حاناتهم أصلا ... وَقد غدوا نَحْوهَا مثل الموازين) // من الْبَسِيط // وَله (وقائلة لي مَا بالك الدَّهْر طافحا ... وَأَنت مسن لَا يَلِيق بك السكر) (فَقلت لَهَا أفكرت فِي الْخمر مرّة ... فأسكرني ذَاك التَّوَهُّم والفكر) // من الطَّوِيل // وَله فِي مَعْنَاهُ (وَسَائِل عَن مُقْتَضى سكري ... وَمَا درى لم هَكَذَا صرت) (قلت لَهُ استنشقت من منتش ... رَائِحَة الْخمر فأسكرت) // من السَّرِيع // وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ قَول الآملي من قصيدة يذكر فِيهَا حنينه إِلَى أَحْمد بن حجر (وَحجر على عَيْني أَن يطعما الْكرَى ... إِلَى أَن يرى حجرا يناغي على حجر) // من الطَّوِيل // فَقَالَ الْآن علمت أَنه إِنَّمَا سمى ابْنه حجرا ليطرد هَذَا الْبَيْت وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 (نأى مذ نأيتم نوم عَيْني فَلم يعد ... وَغِبْتُمْ فغابت سرتي ومسرتي) (كفى بِي اعْتِبَارا أنني مذ عبرتم ... كيعقوب مَا ترقا من الشوق عبرتي) // من الطَّوِيل // 47 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْفَارِسِي من الْأَعْيَان فِي علم اللُّغَة والنحو وَورد بُخَارى فأجل وبجل ودرس عَلَيْهِ أَبنَاء الرؤساء وَالْكتاب بهَا وَأخذُوا عَنهُ وَولي التصفح فِي ديوَان الرسائل فَلم يزل يَلِيهِ إِلَى أَن اسْتَأْثر الله بِهِ وَله شعر لم يَقع إِلَيّ مِنْهُ إِلَّا أنشدنيه حَاضر بن مُحَمَّد الطوسي من قصيدة لَهُ فِي بعض رُؤَسَاء الحضرة يستهدي مِنْهُ جُبَّة خَز أَبيض غير لبيس وَهُوَ هَذَا (وأعن على برد الشتَاء بجبة ... تذر الشتَاء مُقَيّدا مسجونا) (سوسية بَيْضَاء يتْرك لَوْنهَا ... ألوان حسادي شواحب جونا) (عذراء لم تلبس فكفك فِي الْعلَا ... تؤتي عذاراها وتأبى العونا) (تسبي بهجتها عيُونا لم تزل ... تسبي قلوبا فِي الْهوى وعيونا) (مثل الْقُلُوب من العداة حرارة ... مثل الخدود من الكواعب لينًا) // من الْكَامِل // 48 - أَبُو جَعْفَر الرَّامِي مُحَمَّد بن مُوسَى بن عمرَان من أَفْرَاد الأدباء وَالشعرَاء بخراسان عَامَّة وحسنات نيسابور خَاصَّة إِذْ هُوَ من الرام أحد رساتيق نيسابور وَكَانَ مَعَ سبقه فِي ميادين الْفضل راجحا فِي مَوَازِين الْعقل وترقت حَاله من التَّأْدِيب بنيسابور إِلَى التصفح فِي ديوَان الرسائل ببخارى بعد أبي إِسْحَاق الْفَارِسِي وهبت رِيحه وَبعد وَصيته وَله شعر كعدد الشّعْر غلب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 عَلَيْهِ التَّجْنِيس حَتَّى كَاد يذهب بهاؤه ويكدر مَاؤُهُ وكل كثير عَدو الطبيعة فَمن ملحه الَّتِي تستملح من وَجه وَلَا تستجاد من آخر قَوْله هَذِه الأبيات (مضى رَمَضَان مرمض الذَّنب فَقده ... وَأَقْبل شَوَّال تشول بِهِ قهرا) (فيا لَك شهرا أشهر الله قدره ... لقد شهرت فِيهِ سيوف العدا شهرا) // من الطَّوِيل // وَمن تجنيسه المستجاد المرتضى قَوْله من مَقْصُورَة فِي وصف السَّيْف (مهند كَأَنَّمَا صقيله ... أشربه بِالْهِنْدِ مَاء الهندبا) (يختطف الْأَرْوَاح فِي الروع كَمَا ... تختطف الْأَبْصَار حِين ينتضى) // من الرجز // وَقَوله فِي جَارِيَة لَهُ توفيت (لي فِي الْمَقَابِر درة ... أَمْسَى التُّرَاب لَهُ صدف) (لما غَدَتْ هدف البلا ... أَصبَحت للبلوى هدف) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله من قصيدة (وَمن منصفي من ريب دهري فإنني ... صَرِيح بآدابي يَد الدَّهْر للدهر) (أَسِير أَسِيرًا للحوادث مقصدا ... بدهياء مَقْصُودا بفاقرة الْفقر) (فَإِن تكن الْأَيَّام أزرت بهمتي ... فَلَا ضير إِنِّي قد شددت لَهَا أزري) (أويت إِلَى كَهْف المكارم والعلا ... لأغلي بِهِ قدري وأعلي بِهِ قدري) (أعادت سجاياه اللجين بجوده ... نضارا وَقد أَهْدَت نثارا إِلَى التبر) (لقد صِيغ من بيض السبائك طبعه ... فحال سبيك الصفر صِيغ من الصفر) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 وَله من تشبيب قصيدة (مزجت سوابق عِبْرَة بعبير ... وسرت عزائم صبوتي لمسيري) (وتبسمت بَين الْبكاء فخلتها ... برقا تألق من خلال صبير) (فَكَأَنَّمَا هِيَ رَوْضَة ممطورة ... ترنو إِلَيّ بنرجس مَمْطُور) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (لشؤون عَيْني فِي الْبكاء شؤون ... وجفون عَيْني للبلاء جفون) (وخلال أثوابي خلال مَذْهَب ... أضناه هم فِي الحشى مدفون) (أبديت مَكْنُون الْهوى لما بدا ... للعين ذَاك اللُّؤْلُؤ الْمكنون) (وأزارني جون العقارب بَغْتَة ... وردان فَوْقهمَا عقارب جون) (وَالْقلب مقرون بِكُل بلية ... مذ لَاحَ ذَاك الْحَاجِب المقرون) // من الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (لزم السخاء فَلَا يُقَال ضنين ... ونحا الْوَفَاء فَلَا يُقَال ظنين) (مَا البائس الْمِسْكِين غير تلاده ... إِذْ يعتفيه البائس الْمِسْكِين) // من الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (السحر من مقلتيك ينتثر ... وَالْخمر من وجنتيك يعتصر) (يَا شادنا سخر الْجمال لَهُ ... فَكل أفكارنا لَهُ سخر) (الرِّيق والطرف مِنْك يَا سكني ... ضدان ذَا سكر وَذَا سكر) (خصرني خصرك الهضيم وَلَا ... دَوَاء إِلَّا رضابك الخصر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 (الله فِينَا فَإِن رَحمته ... حجرا على من فُؤَاده حجر) (صورك الله فتْنَة فغدت ... صورا إِلَيْك الْعُيُون والصور) (غادرت فِي جفن ناظري غدرا ... يمدها الْغدر مِنْك يَا غدر) (يسومني الصَّبْر عاذلي سفها ... وَالصَّبْر عَن مثل وَجهك الصَّبْر) (هان على الأملس الْمسيب مَا ... يلقاه من ثقل حمله الدبر) // من المنسرح // وَله من أُخْرَى (لي حبيب بالشط شطت دياره ... وَغدا للأسود زارا مزاره) (كَانَ جاري فجار عني لَا بل ... جَار بغيا عَليّ وَالله جَاره) (فر مني تدللا ثمت افتر ... بنفسي فراره وافتراره) (رشأ أرسل الرشاء من الْمسك ... على عَارض يروق احمراره) (عاذلي اعذرا فَإِن عِذَارَيْ ... عانق الشيب حِين طر عذاره) (لم يعانق ظلامي الصُّبْح إِلَّا ... بعد أَن عانق الظلام نَهَاره) // من الْخَفِيف // وَله من نتفة (أَيهَا السَّيِّد الْجَلِيل الَّذِي أصبح ... فِي الْمجد والمكارم فَردا) (اسْتمع من قريض عَبدك بَيْتا ... سَار فِي الْخَافِقين غورا ونجدا) (لَيْسَ غير الْكَرِيم من ينجز الْوَعْد ... وَلَكِن من يَجْعَل الْوَعْد نَقْدا) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 49 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر الْجِرْجَانِيّ المقلب طر مطراق كَاتب شَاعِر ظريف فَاضل من أَعْيَان الْعمَّال ببخارى وَقد تقدم ذكره عِنْد ذكر الهزيمي أَنْشدني السَّيِّد أَبُو جَعْفَر الموسوي قَالَ أَنْشدني أَبُو عبد الله لنَفسِهِ (نصيبنا من طول آمالنا ... تعسف فِي خدمَة دائبه) (وَحَاصِل الذل بِلَا طائل ... والشأن فِي منتظر العاقبه) // من السَّرِيع // وَمِمَّا يستظرف ويستلمح من شعره قَوْله فِي فَتى من أَبنَاء الموَالِي ببخارى وَكَانَ متهالكا فِي هَوَاهُ (أَنا وَالصَّبْر فقد بشرني ... نَائِب الْمسك بصفحات العقيق) (سنة أُخْرَى وَقد أخرجني ... شعر خديك من العقد الوثيق) // من الرمل // وأنشدني أَبُو سعد نصر بن يَعْقُوب لَهُ من قصيدة فِي وصف الجركاه (كَأَنَّهُ سحب من فضَّة ضربت ... وزينت بِدَنَانِير مفاصله) (إِن قر ليل كفى النيرَان ساكبه ... أَو جاد غيث بغشاه هاطله) (لَا تخذر الْهدم فِيهِ حِين تنزله ... إِذا توالت على بَيت زلازله) // من الْبَسِيط // 50 - أَبُو مُحَمَّد عدي بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ من ذَوي الْفضل الطالبين للفضل ببخارى والمتصرفين على عمل الْبَرِيد مِنْهَا وَله شعر حسن مَشْهُور فَمن ذَلِك قَوْله (مَتى أشربت مَاء الْحَيَاة وُجُوهنَا ... تنقل عَنْهَا مَاؤُهَا وحياؤها) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 (إِذا كَانَت الصَّهْبَاء شمسا فَإِنَّمَا ... يكون أَحَادِيث الرِّجَال هباؤها) // من الطَّوِيل // 51 - عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ أديب شَاعِر يَقُول لأبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن عَزِيز قبل وزارته (الْيمن أنشقني نسيمه ... وأزاح عَن قلبِي همومه) (بمكانة الشَّيْخ الرئيس ... وَعز رتبته العظيمه) (فلأغنين بفضله ... عَن ذكر خدمتي القديمه) // من مجزوء الْكَامِل // وَيَقُول فِي مرثية ابْن الْعُتْبِي (مر على قبرك أعوانكا ... فكلهم هالهم شانكا) (وَلم يزيدوك على قَوْلهم ... عز على العلياء فقدانكا) // من السَّرِيع // 52 - أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الشجري كَاتب شَاعِر أَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب فأزعجته عَن وَطنه ورمت بِهِ إِلَى بُخَارى فَلم يجد للغربة شَافِع أدبه وفضله وَوجد متصرفا فتماسكت حَاله وَلما انْقَضتْ الدولة السامانية عاود وَطنه ثمَّ فَارقه وَورد بِهِ على أبي الْفَتْح البستي فَأَقَامَ عَلَيْهِ مُدَّة ثمَّ قصد الفاريات واستوطنها وَمن ملحه قَوْله وَهُوَ مَنْقُول من بَيْتَيْنِ بِالْفَارِسِيَّةِ للأعاجم (إِن شِئْت تعلم فِي الْآدَاب منزلتي ... وأنني قد عداني الْعِزّ وَالنعَم) (فالطرف وَالسيف والأوهاق تشهد لي ... وَالْعود والنرد وَالشطْرَنْج والقلم) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 وَله وَقد دَعَاهُ إخْوَان لَهُ إِلَى بعض المنتزهات ببخارى فَخرج فَلم يهتد إِلَيْهِم (ظننتم فِي التجشم بِي جميلا ... وَأَرْجُو أَن أكون كَمَا ظننتم) (وَمَا أعصيكم أمرا ونهيا ... وَلَكِن لست أَدْرِي أَيْن أَنْتُم) // من الوافر // وَله من قصيدة (نهاري وَلم أبْصر محياه مظلم ... وليلي إِذا أبصرته غير مظلم) (أتظلمني الْأَيَّام وَهِي خبيرة ... بِأَن إِلَيْهِ إِن ظلمت تظلمي) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (بِبَاب غَيْرك للأخيار أخبية ... وَمَا ببابك إِلَّا الْفقر والبوس) (أيخدمونك لَا وَالله عَن مقة ... وَمَا لَهُم مِنْك مطعوم وملبوس) // من الْبَسِيط // وَله من نتفة (جميل محياه وكالدعص ردفه ... حميد سجاياه وَلَيْسَ لَهُ خصم) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة فِي ابْنه (نَصَحْتُك فِي التأدب ألف مره ... فَلم ينفعك نصحي فِيهِ ذره) (أُؤَمِّل أَن تكون لكل بَاب ... من الْآدَاب للأدباء غره) (فَلَمَّا خُنْت فِيك رَجَوْت أَن لَا ... تخل بكلها فَتكون عره) (وَلست أَقُول أَنْت فَتى غبي ... وَلَكِن فِيك إعجاب وشره) (وَلَا أَنِّي علمت السِّرّ لَكِن ... أدلائي على السِّرّ الأسره) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 (وَكم من مُضْمر أمرا خفِيا ... تعرفنِي الأسرة فِيهِ سره) (إِذا مَا لم تُطِع من أَنْت مِنْهُ ... فَلَا تَأمل تحفيه وبره) (وَلَا تغفل بحلو هَوَاك وعظي ... فَإِن مغبة الإغفال مره) // من الوافر // وَكتب إِلَى أبي الْحسن أَحْمد بن مَنْصُور (مَالِي وَكنت مقربا أقصيت ... وَذكرت فِيمَا قبل ثمَّ نسيت) (وحجبت بعد الْإِذْن كنت مشرفا ... بجماله فِي أَي وَقت شيت) (وَحرمت حظي من تحفيك الَّذِي ... قد كنت مسعودا بِهِ فشقيت) (ألزلة فأتوب أم لملالة ... فألوم إِذْ شَمل الْمُلُوك شتيت) (إِن كنت ترْضى بالقطيعة شِيمَة ... فبطاعتي لَك حَيْثُ كنت رضيت) (إِن لم أكن فِي خدمتي ومودتي ... لَك مخلصا فَمن الْإِلَه بريت) // من الْكَامِل // 53 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الإفْرِيقِي المتيم صَاحب كتاب أشعار الندماء وَكتاب الإنتصار للمتنبي وَغَيرهمَا وَله ديوَان شعر كَبِير ورأيته ببخارى شَيخا رث الْهَيْئَة تلوح عَلَيْهِ سيماء الحرقة وَكَانَ يتطبب ويتنجم فَأَما صناعته الَّتِي يعْتَمد عَلَيْهَا فالشعر وَمِمَّا أَنْشدني لنَفسِهِ (وفتية أدباء مَا عَلَّمْتهمْ ... شبهتهم بنجوم اللَّيْل إِذْ نجموا) (فروا إِلَى الراح من خطب يلم بهم ... فَمَا درت نوب الْأَيَّام أَيْن هم) // من الْبَسِيط // وَمِمَّا أَنْشدني أَيْضا لنَفسِهِ (تلوم على ترك الصَّلَاة خليلتي ... فَقلت اغربي عَن ناظري أَنْت طَالِق) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 (فوَاللَّه لَا صليت لله مُفلسًا ... يُصَلِّي لَهُ الشَّيْخ الْجَلِيل وفائق) (وتاش وبكتاش وكنباش بعده ... وَنصر بن ملك والشيوخ البطارق) (وَصَاحب جَيش المشرقين الَّذِي لَهُ ... سراديب مَال حشوها متضايق) (وَلَا عجب إِن كَانَ نوح مُصَليا ... لِأَن لَهُ قسرا تدين الْمَشَارِق) (لماذا أُصَلِّي أَيْن باعي ومنزلي ... وَأَيْنَ خيولي والحلى والمناطق) (وَأَيْنَ عَبِيدِي كالبدور وُجُوههم ... وَأَيْنَ جواري الحسان الْعَوَاتِق) (أُصَلِّي وَلَا فتر من الأَرْض يحتوي ... عَلَيْهِ يَمِيني إِنَّنِي لمنافق) (تركت صَلَاتي للَّذين ذكرتهم ... فَمن عَابَ فعلي فَهُوَ أَحمَق مائق) (بل إِن عَليّ الله وسع لم أزل ... أُصَلِّي لَهُ مَا لَاحَ فِي الجو بارق) (فَإِن صَلَاة السيء الْحَال كلهَا ... مُخَارق لَيست تحتهن حقائق) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عَبْدَانِ لَهُ فِي فَتى صبيح من أَوْلَاد الرؤساء خلع عَلَيْهِ دراعة وَقد كَانَ لبسهَا (أَتَت على مَاء ظَهْري ... دارعة أهديت لي) (إِذا علتني تذكرت ... من علته فأدلي) // من المجتث // وأنشدني لَهُ أَيْضا (وصديق جَاءَنِي يسألني ... مَاذَا لديك) (قلت عِنْدِي بَحر خمر ... حوله آجام نيك) // من مجزوء الرمل // وَمن ملح الإفْرِيقِي فِي غُلَام تركي (قلبِي أَسِير فِي يَدي مقلة ... تركية ضَاقَ لَهَا صَدْرِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 (كَأَنَّهَا من ضيقها عُرْوَة ... لَيْسَ لَهَا زر سوى السحر) // من السَّرِيع // وَقَوله فِي مَعْنَاهُ (قد أَكثر النَّاس فِي الصِّفَات وَقد ... قَالُوا جَمِيعًا فِي الْأَعْين النجل) (وَعين مولَايَ مثل موعده ... ضيقَة عَن مراود الْكحل) // من المنسرح // 54 - أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ أحد الْفُضَلَاء الطارئين على تِلْكَ الحضرة والمقيمين بهَا وَله شعر كثير النكت كَقَوْلِه وأنشدنيه لَهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عَبْدَانِ (قَالَ لي من يسره أَن يراني ... ناحل الْجِسْم لَا أُطِيق حراكا) (قُم أضحى يسر وجدا ويذري ... دمعة الْعين مِنْهُ سَحا دراكا) (أَيْن من كَانَ واصلا لَك فِي الصِّحَّة ... حَتَّى إِذا اعتللت جفاكا) (كل من لم يعدك فِي حَالَة السقم ... تمنى لَك الردى والهلاكا) (حذرا أَن يراك يَوْمًا من الدَّهْر ... صَحِيحا فيستحي أَن يراكا) (قلت لَا تعجلن فَإِن رَحا الدَّهْر ... بأنيابه تزور عداكا) (سَوف تبرا ويمرضون وتجفوهم ... فَإِن عاتبوا فَقل ذَا بذاكا) (كل من لم يعدك فِي حَالَة السقم ... تمنى لَك الردى والهلاكا) // من الْخَفِيف // وَله (هِيَ حالان شدَّة ورخاء ... وسجالان نعْمَة وبلاء) (والفتى الحازم اللبيب إِذا مَا ... خانه الدَّهْر لم يخنه العزاء) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 (إِن ألمت ملمة بِي فَإِنِّي ... فِي الملمات صَخْرَة صماء) (صابر فِي الْبلَاء طب بِأَن لَيْسَ ... على أَهله يَدُوم الْبلَاء) (فالتداني يَتْلُو التنائي والإقتار ... يرجي من بعده الإثراء) (وأخو المَال مَاله مِنْهُ فِي دُنْيَاهُ ... إِلَّا مذمة أَو ثَنَاء) (وَإِذا مَا الرَّجَاء أسقط بَين النَّاس ... فَالنَّاس كلهم أكفاء) // من الْخَفِيف // 55 - أَبُو مَنْصُور البوشجني الملقب بمضراب الشّعْر استغرق أَيَّامه ببخارى يشْعر بِلَا رَأس مَال فِي الْأَدَب وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي بالملح وَجل قَوْله فِي الوزراء فَمن ذَلِك قَوْله (أَبُو عَليّ وَأَبُو جَعْفَر ... ويوسف الْهَالِك بالْأَمْس) (ثَلَاثَة لم يَك لي مِنْهُم ... نفع بِدِينَار وَلَا فلس) (لذاك لم أبك على هَالك ... غيب مِنْهُم فِي ثرى رمس) // من السَّرِيع // وَقَوله (نَحن بأبواكم حيارى ... وَأَنْتُم مثلنَا حيارى) (فبعضنا يستجير بَعْضًا ... وبعضنا عنْدكُمْ أُسَارَى) (وكلنَا من شراب جهل ... بِوَصْف أحوالنا سكارى) (وَأي عذر لنا فحول ... تعد فِي جملَة العذارى) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (وَكُنَّا زَمَانا نذم الزَّمَان ... ونرثي الوزارة بالبلعمي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 (فأخرنا الْعُمر حَتَّى انْتَهَت ... من البلعمي إِلَى البرعشي) (وسوف تؤول على مَا أرَاهُ ... من البرعشي إِلَى الْبَرْمَكِي) // من المتقارب // وَقَوله (وَكُنَّا نذم الدَّهْر من غير خبْرَة ... بيوسفه والبلعمي وَغَيره) (إِلَى أَن رمانا بالغفاري بعدهمْ ... وعاندنا فِي عَبده وعزيره) (وَمَا قد رعانا فِي ابْن عِيسَى وزوره ... وَفِي ابْن أبي زيد السَّفِيه وسيره) (وَلم نرض بالمقدور فيهم فأمنا ... بِكُل كسير فِي الورى وعويره) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو نصر الْعُتْبِي فِي أبي الْحسن الْعُتْبِي (قُلُوب النَّاس والهة سقاما ... وَنَفس الْمجد والهة سقيمه) (وَمَا فجعت بك الدُّنْيَا وَلَكِن ... تركت بفقدك الدُّنْيَا يتيمه) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 الْبَاب الثَّالِث فِي ذكر المأموني والواثقي ومحاسن أخبارهما وأشعارهما لما كَانَ أَبُو طَالب المأموني وَأَبُو مُحَمَّد الواثقي من جملَة الطارئين على بُخَارى والمقيمين بهَا ومميزين عَنْهُم بشرف المنصب وكرم المنتسب وَفضل المكتسب أفردت لَهما بَابا يَتْلُو الْبَاب الْمَقْصُور عَلَيْهِم ليجاوراهم ويقارباهم من جِهَة ويفارقاهم ويباعداهم من أُخْرَى 56 - أَبُو طَالب عبد السَّلَام بن الْحُسَيْن المأموني من أَوْلَاد الْمَأْمُون أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ أحد بل أوحد أَفْرَاد الزَّمَان شرف نفس وَنسب وبراعة فضل وأدب فياض الخاطر بِشعر بديع الصَّنْعَة مليح الصِّيغَة مفرغ فِي قلب الْحسن والجودة وَلما فَارق وَطنه بَغْدَاد لحَاجَة فِي نَفسه وَهُوَ حدث لم يبقل وَجهه ورد الرّيّ وامتدح الصاحب بقصائد فرائد ملكه الْعجب بهَا وأبهره التَّعَجُّب مِنْهَا فَأكْرم مورده ومثواه وَأحسن قراه ووعده ومناه فدبت بِهِ عقارب الحسدة من ندماء الصاحب وشعرائه وَطَفِقُوا يركبون الصعب والذلول فِي رميه بالأباطيل ويتقولون عَلَيْهِ أقبح الْأَقَاوِيل فطورا ينسبونه إِلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 الدعْوَة فِي بني الْعَبَّاس وَمرَّة يصفونه بالغلو فِي النصب واعتقاده تَكْفِير الشِّيعَة والمعتزلة وَتارَة ينحلونه هجاء فِي الصاحب يعرب عَن فحش الْقدح ويحلفون على انتحاله مَا أصدر من شعره فِي الْمَدْح حَتَّى تَكَامل لَهُم إِسْقَاط مَنْزِلَته لَدَيْهِ وتكدر مَاؤُهُ عِنْده وَعَلِيهِ وَفِي ذَلِك يَقُول من قصيدة يَسْتَأْذِنهُ فِيهَا للرحيل أَولهَا (يَا ربع كنت دمعا فِيك منسكبا ... قضيت نحبي وَلم أقض الَّذِي وجبا) (لَا ينكرن ربعك الْبَالِي بلَى جَسَدِي ... فقد شربت بكأس الْحبّ مَا شربا) (وَلَو أفضت دموعي حسب واجبها ... أفضت من كل عُضْو مدمعا سربا) (عهدي بعهدك للذات مرتبعا ... فقد غَدا لغوادي السحب منتحبا) (فيا سقاك أَخُو جفن السَّحَاب حَيا ... يحبو رَبًّا الأَرْض من نور الرياض حبا) (ذُو بارق كسيوف الصاحب انتضيت ... ووابل كعطاياه إِذا وهبا) // من الْبَسِيط // وَمِنْهَا (فَكنت يُوسُف والأسباط وَأَبُو الأسباط ... أَنْت ودعواهم دَمًا كذبا) (وعصبة بَات فِيهَا الغيط متقدا ... إِذْ شدت لي فَوق أَعْنَاق العدى رتبا) (قد ينبح الْكَلْب مَا لم يلق لَيْث شرى ... حَتَّى إِذا مَا رأى ليثا قضى رهبا) (أرى مآربكم فِي نظم قافية ... وَمَا أرى لي فِي غير الْعلَا أربا) (عدوا عَن الشّعْر إِن الشّعْر منقصة ... لذِي الْعَلَاء وهاتوا الْمجد والحسبا) (فالشعر أقصر من أَن يستطال بِهِ ... إِن كَانَ مبتدعا أَو كَانَ مقتضبا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 وَمِنْهَا (أَسِير عَنْك ولي فِي كل جارحة ... فَم بشكرك يجْرِي مقولا ذربا) (وَمن يرد ضِيَاء الشَّمْس إِن شَرقَتْ ... وَمن يرد طَرِيق الْغَيْث إِن سكبا) (إِنِّي لأهوى مقَامي ذِي ذراك كَمَا ... تهوى يَمِينك فِي العافين أَن تهبا) (لَكِن لساني يهوى السّير عَنْك لِأَن ... يطبق الأَرْض مدحا فِيك منتخبا) (أظنني بَين أَهلِي والأنام هم ... إِذا ترحلت عَن مغناك مغتربا) ثمَّ إِنَّه فَارق الرّيّ وَقدم نيسابور فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ بإنشاء قصيدة فِي الشَّيْخ أبي مَنْصُور كثير بن أَحْمد يسْأَله فِيهَا تَقْرِير حَاله عِنْد صَاحب الْجَيْش أبي الْحسن بن سيمجور فعملها وأوصلها أَبُو بكر ووشعها من الْكَلَام بِمَا أوقعهَا موقعها أَولهَا (أَبى طَارق الطيف إِلَّا غرُورًا ... فينوي خيالك أَن لَا يزورا) (فَمَا أكره الطيف فِي نَفسه ... ولكنني أكره الْوَصْل زورا) (إِلَى الله أَشْكُو منى فِي الحشى ... تضمن جنباي مِنْهَا سعيرا) (تفارق بَين كل يَوْم خيلا ... وتفجع بِي كل يَوْم عشيرا) (فَإِن تسألاني يَا صَاحِبي ... نَص السرى تجداني خَبِيرا) (فَفِي كل يَوْم تراني الركاب ... أُفَارِق ربعا وأحتل كورا) (إِذا سرت عَن صَاحِبي قلت عد ... لعودي السنين وخل الشهورا) (أَرَانِي ابْن عشْرين أَو دونهَا ... وَقد طبق الأَرْض شعري مسيرًا) (إِذا قلت قافية لم تزل ... تجوب السهول وتطوي الوعورا) (وَلَو كَانَ يفخر ميت بحي ... لَكَانَ أَبُو هَاشم بِي فخورا) (وَلَو كنت أَخطب مَا أستحق ... لما كنت أَخطب إِلَّا السريرا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 (وَلَو سرت صاحت مُلُوك الْبِلَاد ... بَين يَدي النفير النفيرا) (ولكنني مكتف باليسير ... إِذا سهل الله ذَاك اليسيرا) (إِذا أَكثر النَّاس شيم الْغَمَام ... فَلَا شمت فِي الأَرْض إِلَّا كثيرا) (فَتى ملئت بردتاه علا ... ونبلا ومجدا وفضلا وَخيرا) (إِذا ضمه الدست ألفيته ... سحابا مطيرا وبدار منيرا) (وَإِن أبرزته وغى خلته ... حساما بتورا وليثا هصورا) (فطورا مُفِيدا وطورا مبيدا ... وطورا مجيرا وطورا مبيرا) (ترى فِي ذراه لِسَان المنى ... طَويلا وَبَاعَ اللَّيَالِي قَصِيرا) (تضم الأسرة مِنْهُ ذكا ... وَتحمل مِنْهُ المذاكي ثبيرا) (إِلَيْك من الشّعْر عذراء قد ... طوت طيئا وأجرت جَرِيرًا) (إِذا أَنا أنشدتها أفحم الزَّمَان ... وأسمع قولي الصم الصخورا) (وَلَو أَن أَفْئِدَة السامعين ... تسطيع شقَّتْ إِلَيّ الصدورا) (وَلست أحاول مهْرا لَهَا ... سوى أَن تبلغ أَمْرِي الأميرا) (فَأَنت يَد ولسان لَهُ ... إِذا أحدث الدَّهْر خطبا كَبِيرا) (فَلَا زلتما للعللا معصمين ... تدعى الْأَمِير ويدعى الوزيرا) // من المتقارب // فَلَمَّا وقف على صُورَة حَاله أنهاها إِلَى صَاحب الْجَيْش فاستدعاه وَحين وصل إِلَيْهِ استقبله بخطوات مشاها إِلَيْهِ وَبَالغ فِي إعظامه وأبلغ فِي إكرامه ثمَّ خَيره بَين الْمقَام بنيسابور وَبَين الانحدار إِلَى الحضرة ببخارى فَاخْتَارَ الْخُرُوج فوصله وزوده من الْكتب إِلَى وَزِير الْوَقْت وَغَيره من الْأَركان ووكيله بِالْبَابِ أبي جَعْفَر الرماني فَأحْسن موقعه وأثره وَحصل مَعَه وطره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 وَلما دخل بُخَارى لَقِي أَبَا الْحسن عبد الله بن أَحْمد بقصيدته الَّتِي مِنْهَا (وليل كَأَنِّي فِيهِ إِنْسَان نَاظر ... يقلب فِي الْآفَاق جفنيه دانيا) (إِذا مَا أمالتني بِهِ نشوة الْكرَى ... تمايل فِي كفي المثقف صَاحِيًا) (وَإِن مَا طمي لج المنى بَين أضلعي ... تعسفت لجا من دجى اللَّيْل طاميا) (فأمسى شجا فِي ظلمَة اللَّيْل والجا ... وأضحى قذى فِي مقلة الصُّبْح غاديا) (حسامي نديمي وَالْكَوَاكِب روضتي ... وَبَيت السرى ساقي وَالسير راجيا) (وَلما رأى الشَّيْخ الْجَلِيل إقامتي ... عَلَيْهِ وتطليقي لَدَيْهِ المهاريا) (دَعَاني وأدناني وَقرب منزلي ... ورحب بِي وانتاشني واصطفانيا) (همام يبكي المشرفية ساخطا ... ويضحك أبكار الْأَمَانِي رَاضِيا) (وَلَو أَن بحرا يَسْتَطِيع ترقيا ... إِلَيْهِ لأم الْبَحْر جدواه راجيا) // من الطَّوِيل // وبقصائد غَيرهَا فتقبله بكلتا الْيَدَيْنِ وأعجب مِنْهُ بفتى من أَوْلَاد الْخلَافَة يمْلَأ الْعين جمالا وَالْقلب كمالا وواصل صلَاته وخلع عَلَيْهِ وألحقه فِي الرزق السلطاني بِمن كَانَ هُنَاكَ من أَوْلَاد الْخُلَفَاء كَابْن الْمهْدي وَابْن المستكفي وَغَيرهمَا وَلما قَامَ أَبُو الْحسن الْمُزنِيّ مقَام الْعُتْبِي زَاد المأموني إِكْرَاما وإجلالا وَأفضل عَلَيْهِ إفضالا بِسَبَب مُنَاسبَة الْآدَاب الَّتِي هِيَ من أوكد الْأَسْبَاب وَأقرب الْأَنْسَاب وَلما كَانَت أَيَّام ابْن عَزِيز وَأَيَّام الدَّامغَانِي وَأَيَّام أبي نصر بن أبي زيد جعل كل مِنْهُم يُربي على من تقدمه فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ وإدرار الرزق عَلَيْهِ وَإِخْرَاج الْخلْع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 السُّلْطَانِيَّة والحملانات بمراكب الذَّهَب لَهُ حَتَّى حسن حَاله وتلاحق مَاله وَظَهَرت مروءته فَمن شعره فِي الْمُزنِيّ قَوْله من قصيدة أَولهَا (أَنا بَين أحشاء اللَّيَالِي نَار ... هِيَ لي دُخان والنجوم شرار) (فَمَتَى جلا فجر الفضاء ظلامها ... صليت بِي الأقطار والأمصار) (بِي تحلم الدُّنْيَا وبالخير الَّذِي ... لي مِنْهُ بَين ضلوعها أسرار) (فبكل مملكة عَليّ تلهف ... وَبِكُل معركة إِلَيّ أوار) (يَا أهل مَا شطت برجلي رحْلَة ... إِلَّا لتسفر عني الْأَسْفَار) (لي فِي ضمير الدَّهْر سر كامن ... لَا بُد أَن تستله الأقدار) (حقنت يَدَاهُ دم المكارم مذ غَدا ... دم كل حر فَاه وَهُوَ جَبَّار) (طبعت مزينة مِنْهُ عضبا مَاله ... فِي غير هامات الْأسود قَرَار) (أراؤه بيض الظبى وَحَدِيثه ... روض الربى وَيَمِينه تيار) (ضمت على الدُّنْيَا بَدَائِع لَفظه ... فَكَأَنَّهَا زند وَهن سوار) (وَإِذا الْعُلُوم استبهمت طرقاتها ... فذووه أَعْلَام لَهَا ومنار) (عزماتهم قضب وفيض أكفهم ... سحب وبيض وُجُوههم أقمار) (ختم الرياسة بالوزارة فيهم ... أَسد لَهُ السمر الذوابل زار) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا (يَا من إِذا طَرَأَ الْقَبَائِل شَاعِر ... صلت على آبَائِهِ الْأَشْعَار) (فَارْحَمْ بمنكبك السَّمَاء أما ترى ... لسواك فِي خطط النُّجُوم جوَار) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 (وَالْأَرْض ملكك والورى لَك غلمة ... والدهر عَبدك والعلا لَك دَار) وَمن شعره فِي أبي مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن عَزِيز قَوْله من قصيدة (سيخلف جفني مخلفات الغمائم ... على مَا مضى من عمري المتقادم) (بِأَرْض رواق الْعِزّ فِيهَا مطنب ... على هَاشم فَوق السهى والنعائم) (يدين لمن فِيهَا بَنو الأَرْض كلهم ... وتعنو لَهُم صيد الْمُلُوك الأعاظم) (ويهماء لَا يخطو بهَا الْوَهم خطْوَة ... تعسفتها بالمرقلات الرواسم) (وَقد نشرت أَيدي الدجى من سمائها ... رِدَاء عروس نقطت بِالدَّرَاهِمِ) (فخلنا نجوما فِي السَّمَاء أسنة ... مذهبَة مَا بَين بيض صوارم) (أعْط قَمِيصِي قسطل ودجنة ... بِذَات الشكيم أَو بِذَات العزائم) (أيمم عبد الله نجل مُحَمَّد ... وَزِير بني سامان تتميم حَاتِم) (فَمن مبلغ أَهلِي بِأَنِّي وَاجِد ... طلا بِي من بَحر الندى والمكارم) (وَأَنِّي من الشَّيْخ الْجَلِيل وظله ... مطنب بَيت تَحت ظلّ الغمائم) (وَأَن عُيُون الْجُود طوع أناملي ... تدفق حَولي بالسيول السواجم) (لقد علمت أَرض الْمَشَارِق أَنَّهَا ... بيمنك قد عَادَتْ بليث ضبارم) (وَقد أيقنت أَن لَيْسَ غَيْرك يرتجى ... لقمع الأعادي أَو لدفع الْمَظَالِم) (فلاذت بِلَا وان وَلَا متقاعس ... وَلَا ناكل عَن نصْرَة الدّين جاثم) (وَلَا تَارِك رَأيا تلونا ... وَلَا قارع عِنْد الندى سنّ نادم) (يعمم بالهندي حِين يَسلهُ ... أسود الوغى بِالضَّرْبِ فَوق العمائم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 (ويسهم من أَعماله فِي خِيَارهَا ... ويشرك من أَمْوَاله فِي الكرائم) (فَلَا ملك إِلَّا مَا أَقمت عروشه ... وَلَا غيث إِلَّا مَا أفضت لشائم) (وَلَا تَاج إِلَّا مَا توليت عقده ... على جبهة الْملك المكنى بقاسم) (أبدر العزيزيين رفقا فطالما ... كفيت ببيض الرَّأْي بيض الصوارم) (فرأيك نجم فِي دجى الْخطب ثاقب ... وعزمك عضب فِي طلى كل ناجم) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَقد كَانَ ملك الأَرْض قد زَالَ نجمه ... فَكنت لَهُ بِالرَّأْيِ أفضل ناظم) (أخذت بضبع الدّين حَتَّى رفعته ... إِلَى حَيْثُ لَا يسمو لَهُ وهم واهم) (وَكَانَ سَرِير الْملك قبلك باكيا ... فأبدى لنا من خطة ثغر باسم) (محوت بِمَا أثْبته من ملاحم ... أعدت بهَا الْإِسْلَام كتب الْمَلَاحِم) (فَلَا زلت للْملك الَّذِي قد أعدته ... حمى واقيا من كل خطب وداهم) وَمن قصيدة أُخْرَى (سَأَلت الله مبتهلا مناكا ... فأضعف مَا سَأَلت وَقَالَ هاكا) (ورد على يَديك الْملك لما ... غَدا بِالتّرْكِ ينتهك انتهاكا) (فَأَنت لرب هَذَا الْملك سيف ... إِذا مَا نابه خطب نضاكا) (وَقد أَبَت الوزارة فِي بُخَارى ... سواك كَمَا أَبَت إِلَّا أباكا) (وَكَانَ الصَّدْر مذ أخليت مِنْهُ ... يمج رِجَاله حَتَّى احتواكا) (وَمَا أخلاه مِنْك الْملك إِلَّا ... ليبلي من عداك بِمَا بلاكا) (فَمَا أغنوا غناءك فِي فَقير ... وَهل يُغني غناءك من عداكا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 (وَكنت السَّيْف أغمد يَوْم سلم ... فَلَمَّا شبت الْحَرْب انتضاكا) (وَقد كَانَت على الْأَعْدَاء أمضى ... وأقضى من سيوفهم رقاكا) (وَلَو نهضت رجال الأَرْض طرا ... بِمَا كلفت مَا أغنوا عناكا) (فعلت بِبَعْض قَوْلك كل فعل ... وَنبت بِعَفْو رَأْيك عَن ظباكا) (غذيت بدر ضرع الْعلم طفْلا ... ففقت الْخلق فِي المهد احتناكا) (فَلَا شرب الطلا ألهاك يَوْمًا ... وَلَا بيض الطلا عَمَّا عناكا) (وَإِن غم الممالك ليل خطب ... جلاه صبح رَأْيك أَو سناكا) (فأفسح من خطى الخطي قدما ... إِذا أقدمت فِي حَرْب خطاكا) (وأسمح من ملث الْقطر جودا ... إِذا مَا صاب صيبه نداكا) (وَمَا انفتحت بِلَا شفتاك يَوْمًا ... وَلَا انضمت على نشب يداكا) (تَأَخّر عَن مداك الْبَحْر لما ... جريت فَلم نُسَمِّيه أخاكا) (وَمَا جاراك صوب المزن لما ... جرى وَجرى نداك وَلَا حكاكا) (وَلَكِن الْغَمَام عني سجودا ... على وَجه الثرى لَك إِذْ رآكا) (فَأَنت أجل قدرا أَن تجارى ... وَأَرْفَع رُتْبَة من أَن تحاكى) (وَقد سامى السَّمَاء وماس زهوا ... على فرع السهى بلد نماكا) (فأهلوه وَمن فِيهِ وقاء ... لنَفسك من جَمِيع من ابتغاكا) (فها هُوَ جنَّة لَك فاغتنمها ... وهم لَك جنَّة مِمَّا دهاكا) // من الوافر // وَمِنْهَا (أكاد إِلَى العزيزيين أعزي ... لإلحاقي بهم نَفسِي اشتباكا) (فَلَو أجريت لحظك فِي فُؤَادِي ... رَأَيْت دَلِيل ذَاك كَمَا أراكا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 (أعبد الله لَا خيرت بَيْتا ... مدى الْأَيَّام إِلَّا فِي علاكا) (فكم لَك من يَد قلدتنيها ... فلست أرى لَهَا عني انفكاكا) (وَلَو حملت مَا حملتنيه ... شمام لما اسْتَطَاعَ بِهِ حراكا) (وَقد ألبستني أَثوَاب عز ... وَقد أوطأت أخمصي السماكا) (فحسبك من علا أعليت كَعْب ... برفعكه فقد بلغ السماكا) (فَلَا حطت لَك الْأَيَّام مجدا ... وَلَا ارتجع الْمُهَيْمِن مَا حباكا) (سرى كل السرى فِي الأَرْض شعري ... وخيم إِذْ رآك فَمَا خطاكا) (وَكنت على النَّوَى صممت حَتَّى ... منعت فَبت مبتغيا رضاكا) (وَلَو لم تقتصر حَالي اللَّيَالِي ... لما أزمعت سيرا عَن حماكا) (وَقد سميت لي أَمريْن حسبي ... ببعضهما إِذا آثرت ذاكا) (وَإِن لم ترض لي بِالنَّجْمِ نعلا ... وَلَا خطّ المجرة لي شراكا) (فدع مَا ترتضيه لنا وخفض ... فأنفسنا وَمَا ملكت فداكا) (وَمَا استنكفت من جدواك لَكِن ... كفاني بذل ودك عَن لهاكا) (وَلَو كَانَ استماح الْبَحْر خلقا ... لأمك يستمحيك وانتحاكا) (فَلَا يممت غير نداك بحرا ... وَلَا خيمت إِلَّا فِي ذراكا) وَمن شعره فِي أبي نصر بن أبي زيد قَوْله من قصيدة وصف فِيهَا دَاره الَّتِي بناها وانتقل إِلَيْهَا عِنْد تقلده الوزارة (قد وجدنَا خطى الْكَلَام فساخا ... فَجعلنَا النسيب فِيك امتداحا) (وأفضنا مَا فِي الصُّدُور فَفَاضَ الْمَدْح ... قبل النسيب فيل انفساحا) (وعمدنا إِلَى علاك فصغنا ... لصدور القريض مِنْهَا وشاحا) (وصدعنا فِي أوجه الشّعْر من بيض ... مساعيك بالندى أَوْضَاحًا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 (غرست فِي ثرى الصُّدُور عطاياك ... غروسا أثمرن ودا صراحا) (كم كسير جبرته وفقير ... مستميح رَددته مستماحا) (وبلاد جوامح رضتها بالعزم ... حَتَّى أنسيتهن الجماحا) (وأمان خرس بسطت لَهَا فِي القَوْل ... حَتَّى أعدتهن فصاحا) (شهرت مِنْك آل سامان عضبا ... ينجح السَّعْي غربه إنجاحا) (أحمدت رُتْبَة الوزارة من أخمد ... نَارا تجْرِي القنا والصفاحا) (فَلَو أَن الممالك استنطقت فِيهِ ... لقامت بِذكرِهِ مداحا) (مغرم بالثناء مغرى بكسب الْحَمد ... يَهْتَز للسماح ارتياحا) (لَا يَذُوق الإغفاء إِلَّا رَجَاء ... أَن يرى طيف مستميح رواحا) (يَا أَبَا نصر الَّذِي نصر ... الْملك فأنسى الْمَنْصُور والسفاحا) (ضَاقَتْ الأَرْض عَنْك فارتدت ربعا ... يسع الْبَحْر والحيا والسماحا) (وَإِذا ضَاقَتْ المصانع بالسيل ... أَبى أَن يحل إِلَّا البطاحا) (فهنيئا مِنْهَا بدار حوت مِنْك ... جبالا من الحلوم رجاحا) (كَونهَا توءم الوزارة مِمَّا ... زَاد برهَان سعدها إيضاحا) (ذَات صدر كرحب صدرك قد زَاد ... على ظن آمليك انفساحا) (يغْرس الصَّيْد فِي ذراها من التَّقْبِيل ... غرسا فيجتنيه نجاحا) (بِفنَاء نطيل فِيهِ خطى اللحظ ... ونلقي للفكر فِيهَا انسراحا) (بهوها يمْلَأ الْعُيُون بهاء ... صحنها يمْلَأ الصُّدُور انشراحا) (شيدها فضَّة وقرمدها تبر ... قد امتيح من نداك امتياحا) (وثراها من عنبر شيب بالمسك ... فَإِن هبت الصِّبَا فِيهِ فاحا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 (مقنعات فِيهَا الأساطين من فَوق ... صخور قد انبطحن انبطاحا) (كل نَاد مِنْهَا قد اتَّشَحَ الْفرش ... بِثَوْب الرّبيع فِيهِ اتشاحا) (وَأرى بَين كل نحيين كالروض ... خليجا من الْبسَاط مساحا) (وسقت مَاؤُهُ حدائق غربيه ... إِلَى أَن غَدَتْ بِهِ ضحضاحا) (صبغة من دم الْقُلُوب فَمن أبصره ... اهتز صبوة وارتياحا) (مَا بكاء الرياض بالظل إِلَّا ... خجلا من رياضها وافتضاحا) (شابه النقش فرشها مثل مَا شابه ... ولدانها دماها الصباحا) (وَكَأن الْأَبْوَاب صحب تلاقين ... انغلاقا ثمَّ افترقن انفتاحا) (وَكَأن الستور قد نشر الطاووس ... مِنْهَا فِي كل بَاب جنَاحا) (وَكَأن الجامات فِيهَا شموس ... أطلعتها ذرى القباب صباحا) (والسواري مثل السواعد كبت ... تحتهَا من أساسها أقداحا) (وبيوت كأنهن قلاع ... مزمعات للنيرات نطاحا) (ورواق كَأَنَّمَا بسطت فِيهِ ... دُعَاء أَيدي الأساطين رَاحا) (وجنان لَو كنت فِي جنَّة الفردوس ... لم أبغ غَيْرهنَّ اقتراحا) (وَإِذا دارت الكؤوس بهَا أَبْصرت ... خلد النَّعيم ثمَّ مُبَاحا) // من الْخَفِيف // وَمِنْهَا (من يَدي كل سَاحر الطّرف يجني الْورْد ... من وجنتيه والتفاحا) (وَإِذا الزير جاوب الناي ضربا ... جاوب البلبل الهزار صياحا) (فِي مقَام تمحو الهموم بِهِ النشوة ... عَنَّا وَتثبت الأفراحا) (تطلع الشَّمْس أنجما كلما هزت ... شموس الطسوس مِنْهَا رماحا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 (وضياء السقاة وَالْخمر والكاسات ... فِيهِ قد عطل المصباحا) (وَإِذا مَا المجامر اضطرمت بالجمر ... أحيت رياحها الأرواحا) (فَمَتَى أطعمت أزجة عطر ... أشرعت من دخانها أرماحا) (فهنيئا مِنْهَا بجنة عدن ... ضمنت مِنْك سيدا جحجاحا) (فاقطع الدَّهْر فِي ميادينها الفيح ... اغتباقا على الحيا واصطباحا) (واملأ الْفِكر من موشحة فِيك ... وَلَا تولها قلى واطراحا) (فَلَو أَنِّي استوقفت عينا بِمَا قلت ... لما اسطاع عَن براحي براحا) قَالَ مؤلف الْكتاب رَأَيْت المأموني ببخارى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وعاشرت مِنْهُ فَاضلا ملْء ثَوْبه وذاكرت أديبا شَاعِرًا بِحقِّهِ وَصدقه وَسمعت مِنْهُ قِطْعَة من شعره ونقلت أَكْثَره من خطه وَكَانَ يسمو بهمته إِلَى الْخلَافَة ويمني نَفسه قصد بَغْدَاد فِي جيوش تنضم إِلَيْهِ من خُرَاسَان لفتحها فاقتطعته الْمنية دون الأمنية وَلما فارقته لم تطل بِهِ الْأَيَّام بعدِي حَتَّى اعتل عِلّة الاسْتِسْقَاء وانتقل إِلَى جوَار ربه وَلم يكن بلغ الْأَرْبَعين وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلثمائة وَهَذَا مَا اخترته من شعره فِي الْأَوْصَاف والتشبيهات الَّتِي لم يسْبق إِلَى أَكْثَرهَا قَالَ فِي المنارة (وقائمة بَين الْجُلُوس على شوي ... ثَلَاث فَمَا تخطو بِهن مَكَانا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 (على رَأسهَا نجل لَهَا لم تجنه ... حشاها وَلَا علته قطّ لبانا) (يشرد فِي أَعْلَاهُ كل دجنة ... يشق جلابيب الظلام سِنَانًا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي الْكُرْسِيّ (ومقعد لي وطئ ... يقوم عِنْد قعودي) (يزهي بصدر فسيح ... رحب وبأس شَدِيد) (لَهُ رواق أَدِيم ... على سواري حَدِيد) (إِذا جَلَست عَلَيْهِ ... خلت الْأَنَام عَبِيدِي) // من المجتث // وَفِيه أَيْضا (ومرتبة من بوادي الْمُلُوك ... بَين الْقيام وَبَين الْقعُود) (تمد بساطا لمستوطئ ... ثُبُوته عمد من حَدِيد) // من المتقارب // وَفِيه أَيْضا (ومستوقف لجُلُوس الْحُضُور ... على أَربع فِي الثرى موثقه) (يمد على فَرعه مفرشا ... وَيظْهر فِي خصره مَنْطِقه) (فَمن شَاءَ صيره مقْعدا ... وَمن شَاءَ صيره مرفقه) // من المتقارب // وَقَالَ فِي طست الشمع (وحديقة تهتز فِيهَا دوحة ... لم ينمها ترب وَلَا أمطار) (فصعيدها صفر ونامي غصنها ... شمع وَمَا قد أثمرته نَار) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 وَأَيْضًا (وطاعنة جِلْبَاب كل دجنة ... بماضي سِنَان فِي ذؤابة ذابل) (تجود على أهل الندامى بِنَفسِهَا ... وَمَا فَوق بذل النَّفس جود لباذل) (ويقري عُيُون الناظرين ضياؤها ... وَقد قيدت ألحاظها بالأصائل) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي النَّار (أم الْقرى عنْدك أم بوح ... فقد سرى أبوابه اللَّوْح) (أم ذَات مرط ذهبي لَهَا ... يعقدها فِي الجو تطويح) (يسقني أُخْت لَهَا دنها ... جسم لَهَا وَهِي لَهُ روح) (كَأَنَّهَا الشَّمْس وَمَا نفضت ... من شرر عَنْهَا المصابيح) // من السَّرِيع // وَله فِي الْحمام (وَبَيت كأحشاء الْمُحب دَخلته ... وَمَالِي ثِيَاب فِيهِ غير إهابي) (أرى محرما فِيهِ وَلَيْسَ بكعبة ... فَمَا سَاغَ إِلَّا فِيهِ خلع ثِيَابِي) (بِمَاء كدمع الصب فِي حر قلبه ... إِذا آذَنت أحبابه بذهاب) (توهمت فِيهِ قِطْعَة من جَهَنَّم ... وَلكنهَا من غير مس عِقَاب) (يثير ضبابا بالبخار مجللا ... بدور زجاج فِي شموس قباب) // من الطَّوِيل // وَله فِي السطل والكرنيب (لنا فِي الأسطال سطل ... شَأْنه عَجِيب) (كَالشَّمْسِ إِذْ عاجلها ... فِي الطِّفْل المغيب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 (كرنيبه كمائح ... وَهُوَ لَهُ قليب) (قَبضته سبيكة ... فِي متنها نحيب) (ضرب دمشقي فَمَا ... يرى لَهَا ضريب) // من مجزوء الرجز // وَله فِي حجر الْحمام (لحجر الْحمام عِنْدِي يَد ... وَمِنْه لست أؤديها) (وَهُوَ لرجلي صقيل لَا يني ... عَن طبع فِي الرجل ينقيها) (كَأَنَّهَا كورة نحل إِذا ... غمستها فِي الحبر تَشْبِيها) // من السَّرِيع // وَفِي الليف (لليف فِي تنظيف جسم ... المستحم معجزه) (فَلَا يغور درن ... فِي الْجِسْم إِلَّا أبرزه) (كَأَنَّهُ ذوائب ... قد مشطت مجرزه) // من مجزوء الرجز // وَفِي المنشفة (منشفة حملهَا تخال بهَا ... قد فت كافورة على طبق) (كَأَنَّمَا أنبتت خمائلها ... مَا ارتشفت من لآلئ الْعرق) // من المنسرح // وَفِي الزنبيل (وَذي أذنين لَا يعيان قولا ... وجوف للحوائج ذِي احْتِمَال) (تكلّف شغل أهل الْبَيْت طرا ... وَتحمل فِيهِ أقوات الْعِيَال) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 (مُطِيع فِي الْحَوَائِج غير عَاص ... وَلَا شَاك إِلَيْك من الكلال) (تسر إِلَيْهِ فِي الْأَسْوَاق سرا ... فَلَا يبديه إِلَّا فِي الرّحال) // من الوافر // وَله فِي كوز أَخْضَر محرق (وبديعة للريم مِنْهَا جيدها ... حارت عُيُون النَّاس فِي إبداعها) (كخريدة فِي مرط خَز أَخْضَر ... رفعت يدا لِترد فضل قناعها) // من الْكَامِل // وَله فِي الشرابية (شمس لَهَا من نَفسهَا أرجل ... سِتّ إِذا مَا شِئْت أَو أَربع) (تنوء بالكوز لظئر لَهُ ... تحضنه الدَّهْر وَلَا ترْضع) // من السَّرِيع // وَله فِي الجليد (حِجَارَة من صَنِيع الدَّهْر تَمَتعنَا ... ببردها وضرام الغيط يستعر) (كَأَنَّهَا قطع البلور لَيْسَ بهَا ... نقب وَلَا أثر باد وَلَا كدر) // من الْبَسِيط // وَله فِي مَاء بجليد (ورائق مثل الْهَوَاء صافي ... بَات بِثَوْب القر ذِي التحاف) (حَتَّى نفى عَنهُ القذاة نافي ... فرق حَتَّى صَار كالسلاف) (أسْرع فِي الْجِسْم من العوافي ... فِيهِ الجليد راسب وطافي) (كَأَنَّهُ ودائع الأصداف ... ) // من الرجز وَله فِي كأس جلاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 (وكأس جلاب بهَا يطفي اللهب ... يقْضِي بهَا عِنْد الْخمار مَا وَجب) (كَأَنَّهَا الْفضة شيبت بِالذَّهَب ... تشابه الجليد فِيهَا والحبب) (حسبته درا من الْمسك انسرب ... فبعضه طَاف وَبَعض قد رسب) (كَأَنَّمَا المخوض فِيهَا يضطرب ... حوت يغوص تَارَة ثمَّ يشب) // من الرجز // وفيهَا (وكأس من الْجلاب أطفأ بردهَا ... سعير خمار الكأس عِنْد التهابه) (وَكَانَت كبرد الْعدْل عِنْد طلابه ... وعود وصال الْحبّ بعد ذَهَابه) // من الطَّوِيل // وَله فِي السكنجبين (ومستنتج مَا بَين خل وسكر ... دوائي من دائي بِهِ وشفائي) (رَأَيْت بِهِ فِي الكأس أعجب منظر ... مذاب عقيق فِيهِ جامد مَاء) // من الطَّوِيل // فِي الفقاعة (وَرب فقاعة رَأَيْت بهَا ... ثدي كعوب مسود الحلمه) (حللت زنارها فأظهر لي ... شهب بزاة تطير عَن أكمه) // من المنسرح // وَفِي الْمَعْنى أَيْضا (أجسام صَخْر دفنت فِي صَخْر ... تنَاسبا وَاخْتلفَا فِي النجر) (تحكي ثنايا خفرات غر ... تلوح من تَحت ثِيَاب خضر) (أطرافها قد ضمخت بالحبر ... كدر مفطوم رضَاع الدّرّ) (أقعى على أذنابهن التبري ... إقعاء أَسد بصرت بنمر) (تَفُور إِن حلت كفور الْقدر ... بِمثل أحداق جَراد خزر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 (أَو مثل أَنْصَاف صغَار الذَّر ... أَو صارم فِيهِ الفرند يجْرِي) (يَعْلُو وينقض انقضاض الزهر ... كَأَنَّمَا اللَّيْل انجلى عَن فجر) (تبدي ذرى هاماتها من جمر ... وَمَا عدا رءوسها قد عري) (مزنرات لَا لدين كفر ... دفائن لَا لانقضاء عمر) (فِي تربة من صنع أَيدي القرقد ... حنطت أجيادها بالعطر) (وَحرمت حرم أخيذ الْأسر ... دفينها ينشر ميت الْقَبْر) (وبردها شِفَاء حر الصَّدْر ... تقسم بِاللَّه الْعَظِيم الْقدر) (لَا أرضعت إِلَّا فطيم الْخمر ... فَهِيَ شِفَاء السكر بعد السكر) // من الرجز // فِي الأترج المربى (وَرب سوس من الأترج ... متقد اللَّوْن اتقاد السرج) (يعوم من إنائه فِي مزج ... مجت عَلَيْهِ النَّحْل أَي مج) (فَقَامَ من رضابها فِي لج ... بِظَاهِر كَقطع الخلنج) (أَو الْعقار اعتللت بالمزج ... غصت بِهِ فوهاء مثل البذج) (سليمَة من كلف وسحج ... نقية كالعاج أَو كالثلج) (قد خرطت على قوي النسج ... خرم ثوب الْخَيل بالبرطنج) (أفضل مَا أبغي وَمَا أرجي ... وَمَا أعد للطعام الْفَج) (وكل مَأْكُول بطيء النضج ... وتخم تغصني وتجشي) (بهر لَهَا كالسائق المزجي ... يُوسع مَا ضَاقَ لنا من نهج) (يُبرئ من كل أَذَى وينجي ... وَيجْعَل الأفواه ذَات أرج) (عزاهُ شاريه إِلَى الْأَشَج ... وخطه عَلَيْهِ بالتهجي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 (جَاءَ بِهِ الحجيج بعد الْحَج ... يفرون كل سبسب وفج) (حَتَّى أَتَوا مِنْهُ بِمَا يرجي ... فنلت مأمولي بِهِ وفلجي) // من الرجز // وَله فِي الإهليج المربي (إهليلج خلناه لما بدا ... يمرح فِي لج من الشهد) (وسائط الْجَوْهَر قد ألقيت ... فِي مَاء ياقوت من العقد) // من السَّرِيع // وَله فِي الترنجبين (وسكر لَيْسَ من ... السكر الْمُسْتَخْرج) (أَبيض كالكافور أَو ... كَاللُّؤْلُؤِ المدحرج) (فَلَو حَلَفت أَنه ... طرزه لم أحرج) (فَهُوَ غذَاء يغتذي ... وَهُوَ شِفَاء للشجي) (ظلّ من السَّمَاء يهوي ... فَوق نبت العوسج) (يسْقط مثل اللُّؤْلُؤ الرطب ... على الفيروزج) // من مجزوء الرجز // وَله فِي الرطب المعسل فِي برنية زجاج (وشفافه مثل النسيم كَأَنَّهَا ... مكونة الأجرام من ريق الْقطر) (بهَا من نَبَات النّخل والنحل ملؤُهَا ... يَوَاقِيت جمر فِي مياه التبر) // من الطَّوِيل // وَله فِيهِ (وَرب مَاء من الشهد ... فِي زكي زجاج) (فِيهِ يَوَاقِيت جمر ... يضم أقطاع عاج) // من المجتث // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 وَله فِي كعاب الغزال فِي برنية زجاج (وَذَات لطف كقطر ضمنت يققا ... كَأَنَّهُ الْبرد الربعِي تَشْبِيها) (شفافة من حدائق الزرق قد طبعت ... وَمن بَيَاض عُيُون الْحور مَا فِيهَا) // من الْبَسِيط // وفيهَا أَيْضا (وبيض ظنناهن والجام محدق ... بِهن كصدر هن فِيهِ فؤاد) (أنامل غيد مَا وصلن براحة ... وأعين عين مَا لَهُنَّ سَواد) // من الطَّوِيل // وفيهَا أَيْضا (وبيض إِذا مَا لحن فِي الْجَام خلتها ... نُجُوم سَمَاء فِي سَمَاء زجاج) (وَإِن ضمنتهن البراني حسبتها ... أسنة سمر فِي رَقِيق عجاج) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي بَنَادِق القند الخزائني فِي برنية زجاج (وأبيض اللَّوْن أودعناه صَافِيَة ... تذيع مَا استخفيت فِيهِ وتبديه) (كَأَنَّهُ برد صاغ الْهَوَاء لَهُ ... من ريق الْقطر أكنافا توقيه) // من الْبَسِيط // وَقَالَ فِي أعمدة القند الخزائني (أنابيب من القند ... على الأطباق مبيضه) (كَأَن الْجَام كف وَهِي ... أَطْرَاف لَهَا بضه) (حكت أعمدة صيغت ... من الثَّلج أَو الفضه) (حكت شهبا غَدَتْ فِي ذَلِك ... الْمجْلس منقضه) (شِفَاء الشَّارِب الظمآن ... من أطرافها عضه) // من الهزج // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 وَله فِي اللوز الرطب (وافت لتخطر فِي ثَلَاث مدارع ... حذاهن فِي شكل النواظر حادي) (توابيت فِي حصر الخدود تَضَمَّنت ... مكفن عاج فِي مصندل لاذي) // من الطَّوِيل // وَله فِي اللوز الْيَابِس (ومستجن من الجانين مُمْتَنع ... بجبة لم يحكها كف نساج) (در تضمن من عاج تضمنه ... وَالْبر لَا الْبَحْر أصداف من العاج) من الْبَسِيط // وَقَالَ فِي الْجَوْز الرطب (ومحقق التدوير يعرب نَفعه ... من كف من يجنيه مَا لم يكسر) (در يسوغ لآكليه ضمه ... صدف تكون جِسْمه من عرعر) (متدرع فِي السّلم ثوب غلالة ... درعا مُظَاهرَة بِثَوْب أَخْضَر) // من الْكَامِل // وَله فِي الزَّبِيب الطَّائِفِي (وطائفي من الزَّبِيب بِهِ ... ينْتَقل الشّرْب حِين ينْتَقل) (كَأَنَّهُ فِي الْإِنَاء أوعية النّحاس ... لَكِن ملأها عسل) // من المنسرح // وَله (وقشمش كخرز ... للنظم لم يثقب) (يبْلى بِهِ الكأس لما ... بَينهمَا من نسب) (يحظى بِهِ الشَّارِب فِي النادى ... وَمن لم يشرب) كَأَنَّهُ أوعية ... يحملن ذوب الضَّرْب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 (أَو لُؤْلُؤ قد عل أَعْلَاهُ ... بِمَاء الذَّهَب) // من مجزوء الرجز // وَقَالَ فِي الْعنَّاب (يروقني الْعنَّاب ... فَبِي إِلَيْهِ انصباب) (إِذْ لَاحَ لي مِنْهُ أَطْرَاف ... من أحب الرطاب) (يحْكى فرائد در ... لَهَا العقيق إهَاب) // من المجتث // فِي الباقلاء الْأَخْضَر (وباقلاء أَزْهَر ... مثل سموط الْجَوْهَر) (تضمه أوعية ... من الْحَرِير الْأَخْضَر) (أوساطه مخطفة ... مثل خصور ضمر) (أَطْرَافه مذروبة ... مسروقة من أنسر) (وطرف كمخلب ... وطرف كمنسر) // من مجزوء الرجز // وَله فِي الباقلاء المنبوت (وباقلاء عَامر طيبها ... من حسنه النَّاظر مبهوت) (كَأَنَّهُ أقطاع عاج لَهَا ... من خشب الساج توابيت) // من السَّرِيع // وَله فِي الْبِطِّيخ (مُحَققَة ملْء الكفوف كَأَنَّهَا ... من الْجزع كبرى لم ترض بنظام) (لَهَا حلَّة من جلنار وسوسن ... مغمدة بالآس غب غمام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 (تمازج فِيهَا لون صب وعاشق ... كَسَاه الْهوى والبين ثوب سقام) (وأبدي لَهُ فِي النَّحْر تخضير كاعب ... علامته ذَات اعْتِدَال قوام) (رياضية مسكية عسلية ... لَهَا لون ديباج وَعرف مدام) (إِذا فصلت للْأَكْل حاكت أهلة ... وَإِن لم تفصل فَهِيَ بدر تَمام) // من الطَّوِيل // وَله فِي الْبِطِّيخ الْهِنْدِيّ (ومبيضة فِيهَا طرائق خضرَة ... كَمَا اخضر مجْرى السَّيْل فِي صيب الْحزن) (كحقة عاج ضببت بزبرجد ... حوت قطع الْيَاقُوت فِي عطن الْقطن) // من الطَّوِيل // وَله فِي الكمثرى (وَضرب من ثمار الصَّيف يَحْكِي ... وَقد طلعت لنا مِنْهُ نُجُوم) (قناديلا تضيء لَهَا رُءُوس ... مثقبة وَلَيْسَ لَهَا جروم) // من الوافر // وَله فِي رمانة (رمانة مَا زلت مستخرجا ... فِي الْجَام من حقتها جوهرا) (فالجام أَرض وبناني حَيا ... تمطر مِنْهَا ذَهَبا أحمرا) // من السَّرِيع // وَله (لَيْسَ الْإِنَاء بحافظ مستودعا ... إِلَّا إِذا وقيته بغطاء) (فَإِذا جعلت لَهُ الغطاء فَإِنَّهُ ... بِجَمِيعِ مَا اسْتوْدعت خير إِنَاء) (فاحفظ إناءك بالغطاء فَإِنَّهُ ... لَا خير فِي أَرض بِغَيْر سَمَاء) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 وَله فِي الْملح المطيب (لَا تدن مني الْملح إِن شبته ... من الأبازير بألوان) (وَوَجهه أبرص ذُو غشة ... بَين ثآليل وخيلان) (فإنني أَحسب أَنِّي مَتى ... أدنيته مني أعداني) (وهاته أَبيض مَا إِن لَهُ ... فِي عرصه الصحفة من ثَانِي) (فَهُوَ مَتى أفرد من صَاحب ... إدام زهاد وَرُهْبَان) // من السَّرِيع // وَله فِي خبز الأبازير (الْملح مَا أَكثر أبزاره ... لَا ملح أهل الزّهْد والنسك) (كَأَن شهدانجه بَينه ... حبات رومي من الْفلك) (كَأَنَّمَا الشيونيز من فَوْقه ... مَا نفت الْفضة فِي السبك) (كَأَنَّمَا الْعنَّاب فِي وَجهه ... تنقيط قُرْآن على الصَّك) (بانجدان فض من مهرق ... وسمسم قد فض من سلك) (يشبه من ثني أبازيره ... إِذا تأملناه أَو يَحْكِي) (سحيق كافور مشوب بِهِ ... قراضة العنبر والمسك) // من السَّرِيع // وَله فِي الرقَاق (خبز الأبازير مني كل من ... بترهات الْأكل يشْتَهر) (وَعِنْدنَا مِنْهُ أتراس من الْفضة ... قد رصعها الْجَوْهَر) (كأحصن الكافور قد حشدت وذر فِي أوجهها العنبر) // من السَّرِيع // وَله فِي الرقَاق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 (وخبازة لَا تغذي الرقَاق ... أرتنا من الْخبز أمرا عجابا) (تنَاول بيض كتاب الْعَجِين ... فتنسخ فِي الْوَقْت مِنْهَا ثيابًا) (وَتَأْتِي بهَا كصفاح الغدير ... قد كَون الْقطر فِيهَا قبابا) // من المتقارب // فِي الْجُبْن وَالزَّيْتُون (غرامي بِابْن الْمُبَارَكَة الَّتِي ... بهَا كلم الله الكليم من الرُّسُل) (فَإِن نيط بِابْن الضَّرع بعد احتياكه ... وَبعد اعتصاره الدَّهْر مَا فِيهِ من ملل) (رَأَيْت أكفا فضَّة وأناملا ... بِهن خضاب حالك اللَّوْن مَا نصل) (وألفيت مِنْهَا أوجه الرّوم فَوْقهَا ... جعود شُعُور الزنج أَو حدق الْمقل) (إِذا اجْتمعَا لي لم أمل مَعَهُمَا إِلَى ... أطايب أَنْوَاع الطبيخ وَلم أبل) (خليلان ضدان الدجى وَالضُّحَى مَعًا ... يضمهما فتر من الأَرْض أَو أقل) (فكلني إِلَى خدنين ذَا وضح الدجى ... نقاء على أَرض الخوان وَذَا طِفْل) (فَهَذَا كخد بالعضاض مُؤثر ... وَذَاكَ كصدغ خَالك فَوْقه انسدل) // من الطَّوِيل // وَله فِي البوراني والبطيخ (لدينا نديم لم يزل طول يَوْمه ... لَهُ فِي المقالي فجة وفشيش) (وَضرب من الْبِطِّيخ فِي راحتي من ... خشونته كلم بهَا وخدوش) (تخال رَبًّا النواريج أحدقت ... بهَا خَفِيفَة من أَن تحف جيوش) (وَمن لم يكن فِي الصَّيف هَاتَانِ عِنْده ... فَكيف يرجي عمره ويعيش) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 وَله فِي العجة (عِنْدِي للضيف عجة شَرقَتْ ... بدهنها فَهِيَ أعجب الْعجب) (قد عضت النَّار وَجههَا فغدت ... كياسمين بالورد منتقب) // من المنسرح // وَله فِي الجوذابة (حوذابة فوراة ... فِي دهنها المنسكب) (كَأَنَّهَا قد ركبت ... فِي جامها بلولب) (لائحة فِي أهبها ... آثَار عض اللهب) (كنقرة من فضَّة ... فِي حقة من ذهب) // من مجزوء الرجز // وَله فِي الشواء السوقي (طرا طَارِئ عِنْد الْعشَاء فَجِئْته ... بقرص عضيض من شواء ابْن زنبور) (تخال قطاع الْمسك رصع رصفها ... بفيروزج النعناع فِي صحن كافور) // من الطَّوِيل // وَله فِي سَمَكَة مشوية (ماوية فضية لَحمهَا ... ألذ مَا يَأْكُلهُ الْآكِل) (يضمها من جلدهَا جوشن ... مذيل لَهو لَهَا شَامِل) (كونت من فضتها عسجدا ... بالقلي لما ضافني نَازل) // من السَّرِيع // وَله فِيهَا (ماوية فِي النَّار مصلية ... يصْبغ من فضتها عسجد) (كَأَنَّمَا جلدتها جوشن ... من رفن الصَّنْعَة أَو مبرد) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 وَله فِي السفود (وأسمر قد لف السعير إهابه ... ينوء بحجز من ثنياته سمر) (إِذا ضم أَنْوَاع السميط وَحط فِي ... بعيدَة قَعْر مَاؤُهَا لَهب الْجَمْر) (أَتَاك بِمَا فِي ضمنهَا فَكَأَنَّهُ ... محب كوى أحشاءه ألم الهجر) // من الطَّوِيل // وَله فِي الهريسة (هريسة خلتها وَقد مَلأ الطباخ ... مِنْهَا الْإِنَاء مَا وسعا) (درا نثيرا أسلاكه قطع ... فِي مَاء ورد وصندل نقعا) // من المنسرح // وَقَالَ فِي مَاء الْخَرْدَل (أتحفوني على الخوان بمقطوب ... يحاكي فِي الطّعْم فقد الأليف) (يضْحك الكأس مِنْهُ عَن شائب المفرق ... يبكي من غير ضرب ضيوف) (فَإِذا ذيق أسبلت قَطْرَة مِنْهُ ... سيولا من أعين وأنوف) (وَإِذا مَا أصغى وعني ذَوي الْأكل ... تداووا مِنْهُ بشم الرَّغِيف) // من الْخَفِيف // وَله فِي الْبيض المفلق (وضاحك فِي الْجَام من تَفْصِيل ... حبوبه كالجوهر المحلول) (زيتونه كالسبج المصقول ... جزره فواصل التَّنْزِيل) (حمصه كالدر فِي التشكيل ... عدسه منتخب الْجَلِيل) (كخرز مُحَقّق التَّعْدِيل ... أَو ذهب بِفِضَّة قد غولي) (ولوبياء كخدود حيل ... أَو أعين حذر الحذاق حول) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 (فِيهَا بقايا رمد قَلِيل ... منقط مزين التعسيل) // من الرجز // وَقَالَ فِي الْبيض المفلق (ياقوتة مَا ضمهَا مخنقة ... فِي درة فِي حقة محققه) (كَأَنَّهَا وَقد غَدَتْ مفلقة ... مذ نشرت أثوابها المرققه) (تبرحوته من لجين بوتقه ... ) // من الرجز // وَقَالَ فِي أَقْرَاص السّحُور (عِنْدِي للْأَكْل إِذا ... مَا قُمْت للتسحر) (ملتوته بسمنها ... بسمسم مقشر) (مثل البدور الطالعات ... فِي صدر الْأَشْهر) (أَو أوجه التّرْك إِذا ... أثر فِيهَا الجدري) // من الرجز // وَله فِي اللوزينج الْيَابِس (ولوزينج يشفي السقيم كَأَنَّهُ ... بنان أكف بضة لم تغضن) (بَعَثْنَاهُ بالقطر الزكي محنطا ... ليدفن إِلَّا أَنه لم يُكفن) // من الطَّوِيل // وَله فِي اللوزينج الْفَارِسِي (ولوزينج يعزى إِلَى الْفرس خلته ... بنان عروس فِي رقاق الغلائل) (فَإِن حملت إحداه خمس حسبتها ... زِيَادَة كف بَين خمس أنامل) // من الطَّوِيل // وَله فِي الخبيص (خبيصة فِي الْجَام قد قدمت ... مدفونة فِي اللوز وَالسكر) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 (يَأْكُل من يأكلها خَمْسَة ... بكفه فِيهَا وَلم يشْعر) // من السَّرِيع // وَله فِي الفالوزج الْمَعْقُود (فالوزج يمْنَع من نيله ... مَا فِيهِ من عقد وإنضاج) (يسبح فِي لجة ياقوتة ... للوز حيتان من العاج) (كَأَنَّمَا أبرز من جامه ... ثوب من اللاذ بديباج) // من السَّرِيع // وَله فِي مشاش الْخَلِيفَة (جمعت حباب الكأس حَتَّى لحقته ... فكونت مِنْهُ فِي الْإِنَاء بدورا) (فَإِن لمسته الكأس لمسا لكفه ... رَأَيْت الَّذِي نظمت مِنْهُ نثيرا) // من الطَّوِيل // فِي أَصَابِع زَيْنَب (أحب من الْحَلْوَاء مَا كَانَ مشبها ... بنان عروس فِي حبير معصب) (فَمَا جملت كف الْفَتى متطعما ... ألذ وأشهى من أَصَابِع زَيْنَب) // من الطَّوِيل // وفيهَا (وَضرب من الحلو الَّذِي عز اسْمه ... لوجدي بِمن يعزى إِلَيْهِ وينسب) (يصدق مَعْنَاهُ اسْمه فَكَأَنَّهُ ... بنان بأطراف البنان مخضب) // من الطَّوِيل // وَله فِي عدَّة من المطعومات قَالَ فِي المزورة (كم تكون المزورات غذائي ... إِن أكل المزورات لزور) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 (وَإِلَى مَا يكون أدمي خل ... وَقَلِيل من الْبُقُول يسير) (فاحجبوا عني الطَّبِيب وَقُولُوا ... أَنا بالطب والطبيب كفور) (هَات أَيْن الكباب أَيْن القلايا ... أَيْن رخص الشواء أَيْن الْقَدِير) (أَنا لَا أترك التديخ وَلَا الْبِطِّيخ ... والتين أَو يكون النشور) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي الْمَدِينَة (وَذَات شب فِي يَدي قَائِم ... أَمْرَد يَنْفِي السوء عَن قَاعد) (شبهتها حِين تأملتها ... بلحية شدت إِلَى ساعد) // من السَّرِيع // وَله فِي مجمع الأشنان بِمَا فِيهِ من المحلب والخلال (أَرض من العقيان ... فِي صُورَة الطيلسان) (الشكل شكل رِدَاء ... والنقش نقش الصواني) (بهَا ثَلَاث ركايا ... حفت بهَا بيران) (فَفِي الركايا ثَلَاث ... رحب ومخنوقتان) (من الزّجاج الْقَدِيم ... الْمُسْتَعْمل المرواني) (وكلهن ملأى ... بالسعد والأشنان) (والمحلب المتروي ... من طيب الأدهان) (وَفِي القليبين أَيْضا ... زها خلال الرِّهَان) (حورين لَا لشنان ... أسرعن لَا لطعان) (نوع عراض تحاكي ... مضَارب العيدان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 (وَآخر ذُو انخذال ... فِي دقة السامان) (فَفِي ولَايَة هذي الألوان ... عز الخوان) // من المجتث // وَله فِي طين الْأكل (علام نقلكم بِالَّذِي ... مِنْهُ خلقنَا وَإِلَيْهِ نصير) (ذَاك الَّذِي يحْسب فِي شكله ... قطاع كافور عَلَيْهَا عبير) // من السَّرِيع // وَله فِي الْجَمْر والمدخنة (وقوارة من أَدِيم الصخور ... تخيم فِي حلل الخيزران) (تقري قطاعا كعرف الحبيب ... وترقى وَلَيْسَ بهَا مس جَان) (وتمنع عَن مثل حر الْقُلُوب ... من الْجَمْر مَا إِن لَهَا من دُخان) // من المتقارب // فِي جمر خبا بعد اشتعاله (أما ترى النَّار كَيفَ أشعلها القر ... فأضحت تخبو وحينا تسعر) (وَغدا الْجَمْر والرماد عَلَيْهِ ... فِي قميصين مَذْهَب ومعنبر) // من الْخَفِيف // وَله فِي الْبرد (وبيضاء كالبلور جاد بهَا الحيا ... فأهوت تهادي بَين أَجْنِحَة الْقطر) (تذوب كقلب الصب لكنه جو ... بِنَار هَوَاهُ وَهِي مثلوجة الصَّدْر) // من الطَّوِيل // وَله فِي التدرج (قد بعثنَا بِذَات لون بديع ... كنبات الرّبيع أَو هِيَ أحسن) (فِي قناع من جلنار وآس ... وقميص من ياسمين وسوسن) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 (ذبحت وَهِي بنت درة بر ... كل عَن بعض وصفهَا كل محسن) // من الْخَفِيف // وَله فِي المحبرة (ركية من الزّجاج الصافي ... كقطرة من عَارض وكاف) (تبرز للعين فِي تجفاف ... ذِي حمرَة مثل دم الرعاف) (فَهِيَ فؤاد وَهُوَ كالشغاف ... ينبوعها أسود كالغداف) (فَهِيَ وَمَا تضم من نطاف ... كغسق بالصبح ذِي التحاف) (وَمَا تضمنته من غلاف ... كحقة فِيهَا ابْنة الأصداف) // من الرجز // وَله فِي المقلمة والأقلام (ومجدولة حمرا يخيل متنها ... من النقس روض مَا يغذى بوابل) (ترى كل يَوْم حَامِلا بأجنة ... ولودا لَهُم من غير مس قوابل) (فأولادها مَا بَين أسمر ذابل ... بأحشائها أَو بَين أَبيض ناصل) (تسدد مِنْهَا السمر لَا لمحارب ... وترهف مِنْهَا الْبيض لَا لمقاتل) (فَلَا السمر مِنْهَا اعتدن حمل عوامل ... وَلَا الْبيض مِنْهَا اعتدن حمل حمائل) // من الطَّوِيل // وَله فِي السكين المذنب (ومرهفة أرق شبا وأمضى ... وأقطع من شبا السَّيْف الحسام) (تعانق فِي الدوي قِنَا يراع ... وَيبقى مَا استكن من السقام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 (لَهَا ذَنْب كصيصية أتمت ... وَصدر مثل خافية الْحمام) // من الوافر // وَله فِي المقط (وأسود أحشاء الدوي مقره ... يلوح لنا فِي حلَّة من غياهب) (يعانق أشباه الرماح وتعتلي ... قواه شبيهات السيوف القواضب) // من الطَّوِيل // وَله فِي المحراك وَهُوَ الملتاق (أهيف قد أبدت ذراه غربا ... متخذا من الظلام أهبا) (يخال فِي يَد الْغُلَام شطبا ... يخطو إِذا استنهضته مكبا) (يقلب أصواف الدوي قلبا ... ويكرب النَّفس عَلَيْهَا كربا) // من الرجز // وَله فِي الاصطرلاب (وشبيه للشمس يسترق الْأَخْبَار ... من بَين لحظها فِي خَفَاء) (فتراه أدرى وَأعرف مِنْهَا ... وَهُوَ فِي الأَرْض بِالَّذِي فِي السَّمَاء) // من الْخَفِيف // وَفِيه (وعالم بِالْغَيْبِ من غير مَا ... سمع وَلَا قلب وَلَا نَاظر) (يُقَابل الشَّمْس فَيَأْتِي بِمَا ... فِي ضمنهَا من خبر حَاضر) (كَأَنَّمَا حَاجِبه مذ بدا ... لعينها بالفكر والخاطر) (قد ألهمته علم مَا يحتوي ... عَلَيْهِ صدر الْفلك الدائر) // من السَّرِيع // وَله فِي المقراض (وصاحبين اتفقَا ... على الْهوى واعتنقا) (وأقسما بالود وَالْإِخْلَاص ... أَن لَا افْتَرقَا) (ضمهما أَزْهَر كالنجم ... بِهِ قد وثقا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 (لم يشك فِي خصريهما ... مذ ضمناه قلقا) (من تَحْتَهُ عينان مُنْذُ ... انفتحا مَا انطبقا) (وفوقه نابان مَا حلا ... فَمَا مذ خلقا) (يفرقان بَين كل ... مَا عَلَيْهِ اتفقَا) (فَأَي شَيْء لاقياه ... ألفياه فرقا) // من مجزوء الرجز // وَله فِي مشطي عاج وآبنوس (لدي مشطان ذَا كباز ... لونا وهذاك كالغراب) (فَذا شباب لذِي مشيب ... وَذَا مشيب لذِي شباب) // من مخلع الْبَسِيط // وَله فِي المنقاش (لدي منقاش بديع لَهُ ... مآثر فِي النتف مأثوره) (تعْمل ناباه إِذا أعملا ... فِي الشّعْر مَا لَا تعْمل النوره) // من السَّرِيع // وَله فِي الزربطانة (مثقفة جوفا وتحسب زانة ... وَلكنهَا لَا زج فِيهَا وَلَا نصل) (تسدد نَحْو الطير وَهُوَ محلق ... وَينفذ عَنْهَا للردى نَحوه رسل) (يطير إِلَى الطير الردى فِي ضميرها ... فتجري كَمَا يجْرِي وَتَعْلُو كَمَا يَعْلُو) (تقيد مَا تنجو بِهِ فَكَأَنَّهُ ... يمد إِلَيْهِ من بنادقها حَبل) // من الطَّوِيل // وَله فِي القفص (وَبَيت لبنات الجو ... لَا يستر من فِيهِ) (حفيظ للَّذي أستحفظ ... لَكِن لَا يواريه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 (حكت أعمدة الْفضة ... والتبر سواريه) (فَمن مثل قِنَا الْخط ... ثراه وأعاليه) // من الهزج // وَله فِي قَارُورَة المَاء (ركية تشف ذَات طول ... من الزّجاج الْفَائِق المغسول) (تظهر مَا فِي الْجِسْم من فضول ... مفصحة بالطب لَا بقيل) (من كل دَاء غامض دخيل ... فَهِيَ على التَّحْقِيق والتحصيل) (مرْآة مَا فِي كبد العليل ... ) // من الرجز // وَله فِي اللبد (وواضعة خدها فِي الصَّعِيد ... لأربابها عِنْدهَا حرمه) (نسيجة بنت جُلُود النعاج ... بِغَيْر سدى وَلَا لَحْمه) (تمد على الرّقّ رق الرمال ... وَتُوفِّي على الْحر فِي النعمه) (ويعمر ذَا الْبَيْت مِنْهَا غمام ... بِهِ شُهْبَة خالطت أدمه) (مَتَاع لمن كَانَ ذَا خلة ... فَقِيرا وَمن كَانَ ذَا نعمه) // من المتقارب // فِي قضيب الفول (أهيف قد زاحم الحسان على ... أخص أَسْمَائِهِ إِذا اقتضيا) (من الملاهي وَلَيْسَ يُنكره ... ذُو ورع حِين يُنكر اللعبا) (يلهو بِهِ من لَهَا وَمَا اقْتَرَف الذُّنُوب ... فِي فعله وَلَا احتقبا) (يضْرب وَجه الثرى بِهِ فترى ... كل فؤاد وجدا قد اضطربا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 (إِذا تثنى الْقُلُوب وَقد ... أهْدى إِلَيْهَا السرُور والطربا) // من المنسرح // وَمِمَّا قَالَه على أَلْسِنَة أَشْيَاء مُخْتَلفَة مَا أَمر بكتابته على خوان (فضلت جَمِيع الْأَوَانِي وفقت ... فَمَا فِي منقصة واحده) (مقري منَازِل صيد الْمُلُوك ... وَفِي أَتَت سُورَة المائده) // من المتقارب // وَله وَأمر بكتابته على فنَاء دَار (حكم الضيوف بِهَذَا الرّبع أنفذ من ... حكم الخلائف آبَائِي على الْأُمَم) (فَكل مَا فِيهِ مبذول لطارقه ... فَلَا ذمام لَهُ إِلَّا على الْحرم) // من الْبَسِيط // وَفِي مَعْنَاهُ (أبنية فياحة منيره ... فِي كل قطر من بناه كوره) (لملك راياته منصوره ... فد مد حول الْخَافِقين سوره) (وَحط فَوق زحل سَرِيره ... لَو أدْرك الْمُخْتَار أَو عصوره) (لأنزل الرَّحْمَن فِيهِ سوره ... أَو نطقت أبنية معموره) (لأنطق الله لَهُ قصوره ... وقلن أقوالا لَهُ مأثوره) (لَا أفقد الله الْعلي دوره ... بهاءه وضوءه ونوره) // من الرجز // وَله فِي الترس (إِنِّي أَنا الترس بنفسي أقي ... من العوالي والظبى حاملي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 (أرد حد السَّيْف فِي مَتنه ... وأقعص اللهذم فِي الْعَامِل) // من السَّرِيع // 57 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عُثْمَان الواثقي من أَوْلَاد الواثق بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ ينظم بَين شرف الأَصْل ووفور الْفضل وَيجمع أدب اللِّسَان إِلَى أدب الْبَيَان ويتفقه على مَذْهَب مَالك ويشعره وَمن خَبره أَنه كَانَ نزع بأَهْله إِلَى الحضرة ببخارى راجيا أَن يحل بهَا مَحل أقرانه من أَوْلَاد الْخُلَفَاء وَأَمْثَاله أَو يُقَلّد من أحد عمل الْبَرِيد والمظالم بِبَعْض الكور مَا يصلح من حَاله فَلم يحصل من طول الْإِقَامَة بهَا وَكَثْرَة الْخدمَة لأركانها على شَيْء وضاق بِهِ الْأَمر فَذهب مغاضبا يتوغل بِلَاد التّرْك إِلَى أَن ألْقى عَصَاهُ بِحَضْرَة عظيمها نهر أقاخان وَمَا زَالَ يعْمل لطائف حيله ودقائق خدعه حَتَّى استمكن مِنْهُ واختص بِهِ وزين لَهُ مَا كَانَ فِي نَفسه من إِزَالَة الدولة السامانية والاستيلاء على المملكة (إِنَّمَا تنجح الْمقَالة فِي الْمَرْء ... إِذا وَافَقت هوى فِي الْفُؤَاد) // من الْخَفِيف // فَألْقى إِلَيْهِ التركي مقاليد أمره وَجعل يصدر عَن رَأْيه وَينظر بِعَيْنِه حَتَّى كَانَ مَا كَانَ من إلمامه ببخارى فِي جيوشه وانحياز الرضى نوح بن مَنْصُور عَنْهَا إِلَى أهل الشط على تِلْكَ الْحَال الْمُغنيَة بشهرتها عَن ذكرهَا وَكَانَ الواثقي سَببا لخرق الهيبة وكشف لثام الحشمة وَإِزَالَة الدولة فعلا فِي بُخَارى وَعظم شَأْنه وَبنى التَّدْبِير على أَن يُبَايع بالخلافة ويتقلد التركي أَعمال خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر من يَده وَهُوَ غافل عَمَّا فِي ضمير الْغَيْب وَكَانَ يركب فِي ثلثمِائة غُلَام وَيُقِيم أحسن مروة ويبسط من جنَاحه فِي الْأَمر وَالنَّهْي والحل وَالْعقد فَلم يمض إِلَّا أشهر حَتَّى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 هجمت على التركي عِلّة الذرب وَكَانَ سَببهَا على مَا حَكَاهُ كَاتبه أَبُو الْفَتْح أَحْمد بن يُوسُف إكبابه على فواكه بُخَارى وَكَثْرَة تضلعه مِنْهَا مَعَ اجتواثه بهوائها ومائها فاضطر إِلَى الرُّجُوع لما وَرَاءه وَمَا زَالَت الْعلَّة تشتد بِهِ فِي طَرِيقه حَتَّى أَتَت على نَفسه وَعَاد الرضى إِلَى بُخَارى وَاتخذ الواثقي اللَّيْل جملا بعد أَن أَتَت الْغَارة عَلَيْهِ وعَلى مَا مَعَه من مماليكه وذخائره وَنَجَا بِرَأْسِهِ متنكرا إِلَى نيسابور وَمِنْهَا إِلَى الْعرَاق وتقلبت بِهِ الْأَحْوَال فِي معاودة مَا وَرَاء النَّهر ومفارقته فَهَذِهِ جملَة من خَبره وَهَذِه لمع من شعره قَرَأت بِخَطِّهِ فِي وصف الْبرد وَالنَّار والفحم (وَلَيْلَة شَاب بهَا المفرق ... قد جمد النَّاظر والمنطق) (كَأَنَّمَا فَحم الغضا بَيْننَا ... وَالنَّار فِيهِ ذهب محرق) (أَو سبج فِي ذهب أَحْمَر ... بَينهمَا نيلوفر أَزْرَق) // من السَّرِيع // وَقَوله فِي الْغَزل (قمر ضِيَاء وصاله من وَجهه ... يَبْدُو وظلمة هجره من شعره) (فالمسك خالطه الرَّحِيق رضابه ... سحرًا ودر شنوفه من ثغره) (وسدته عضدي وَبَين محاجري ... لونان مثل عقوده فِي نَحره) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 (وبدا الصَّباح فَمد نَحْو قراطق ... يَده وَشد مزرها فِي خصره) // من الْكَامِل // وَمن قصيدة قَالَهَا بكا شغر وصف فِيهَا الثَّلج والجليد (كَأَن الأَرْض رق صقلته ... أكف صوانع متدفقات) (وَإِن غلط الزَّمَان بشمس دجن ... بَدَت نقط عَلَيْهِ مذهبات) (تدوس الْخَيل إِن مرت عَلَيْهَا ... متون سجنجل متراصفات) (كَأَن مياهها ينساب فِيهَا ... أساود من لجين ساريات) // من الوافر // وَمن نتفه فِي الْغَزل (نفحات الصِّبَا وَصوب الغوادي ... ورياض الْهوى وَمَاء الكروم) (وَحَدِيث غض وخل كريم ... ومزاج الصِّبَا وَمَاء النَّعيم) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 الْبَاب الرَّابِع فِي غرر فضلاء خوارزم 58 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الْخَوَارِزْمِيّ باقعة الدَّهْر وبحر الْأَدَب وَعلم النثر وَالنّظم وعالم الْفضل والظرف وَكَانَ يجمع بَين الفصاحة العجيبة والبلاغة المفيدة ويحاضر بأخبار الْعَرَب وأيامها ودواوينها ويدرس كتب اللُّغَة والنحو وَالشعر وَيتَكَلَّم بِكُل نادرة وَيَأْتِي بِكُل فقرة ودرة ويبلغ فِي محَاسِن الْأَدَب كل مبلغ ويغلب على كل محسن بِحسن مشاهدته وملاحة عِبَارَته ونعمة نعْمَته وبراعة جده وحلاوة هزله وديوان رسائله مخلد سَائِر وَكَذَلِكَ ديوَان شعره وَهَذِه كَلِمَات لَهُ تجْرِي مجْرى الْأَمْثَال أخرجتها من رسائله الشُّكْر على قدر الْإِحْسَان والسلع بِإِزَاءِ الْأَثْمَان الإذكار حَيْثُ التناسي والتقاضي حَيْثُ التغاضي النَّفس مائلة إِلَى أشكالها وَالطير وَاقعَة على أَمْثَالهَا الْأَيَّام مرْآة للرِّجَال والأطوار معيار النَّقْص فيهم والكمال الْعشْرَة مجاملة لَا مُعَاملَة والمجاملة لَا تسع الِاسْتِقْصَاء والكشف وَلَا تحْتَمل الْحساب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 وَالصرْف الْكَرِيم يعز من حَيْثُ يهون وَالرمْح يشْتَد بأسه حِين يلين الِاعْتِذَار فِي غير مَوْضِعه ذَنْب والتكلف مَعَ وُقُوع الثِّقَة عتب الدَّوَاء لغير حَاجَة إِلَيْهِ دَاء كَمَا أَنه عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ شِفَاء الاستقالة تَأتي على العثرات كَمَا أَن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات الذَّنب للعين العشواء فِي محبَّة الظلماء وكراهية الضياء فَم الْمَرِيض يستثقل وَقع الْغذَاء ويستمرئ طعم المَاء الْكَرِيم إِذا أَسَاءَ فَعَن خَطِيئَة وَإِذا أحسن فَعَن عمد وَنِيَّة الْحر إِذا جرح أَسَاءَ وَإِذا خرق رفا وَإِذا ضرّ من جَانب نفع من جَوَانِب الْحر كريم الظفر إِذا نَالَ أنال واللئيم سيئ الظفر إِذا نَالَ استنال الْآبَاء أَبَوَانِ أَبُو ولادَة وَأَبُو إِفَادَة فَالْأول سَبَب الْحَيَاة الجسمانية وَالثَّانِي سَبَب الْحَيَاة الروحانية الْغيرَة على الْكتب من المكارم بل هِيَ أُخْت الْغيرَة على الْمَحَارِم وَالْبخل بِالْعلمِ على غير أَهله قَضَاء لحقه وَمَعْرِفَة بفضله الرجل إِذا قَيده عقال الوجل لم ينْطَلق نَحْو مَطِيَّة الأمل المحجوج بِكُل شَيْء ينْطق والغريق بِكُل حَبل يعلق الْعَاقِل يخْتَار خير الشرين ويميل مَعَ أعدل الثقتين الْجواد محتكر بر لَا محتكر بر والكريم تَاجر جمال لَا تَاجر مَال وَالْحر وقاية الْحر من فقره وسلاحه على دهره الْعَفو إِلَى الْمقر أسْرع مِنْهُ إِلَى الْمصر الْفرس الْجواد يجْرِي على عتقه وَالْفرع ينْزع إِلَى عرقه وَكَيف يُخَالف الْإِنْسَان مُقْتَضى نسبته ويطيب الثَّمر مَعَ خبث تربته الْمسَافَة صَغِيرَة الْبقْعَة صَغِيرَة الرقعة إِذْ ذرعت بذرع الْهوى ومسحت بيد الذكرى فَهِيَ بعيدَة إِذا ذرعت بذرع التسلي وَنظر إِلَيْهَا بِعَين التغافل والتناسي الْغَضَب ينسي الحرمات ويدفن الْحَسَنَات ويخلق للبريء جنايات الْمَدْح الْكَاذِب ذمّ وَالْبناء على غير أساس هدم الدَّهْر غَرِيم رُبمَا يَفِي بِمَا يعد وَالزَّمَان حُبْلَى رُبمَا يتئم فِيمَا يلد الدَّهْر أَصمّ عَن الْكَلَام صبور على وَقع سِهَام الملام يختصر العيدان ويهتصر الأغصان ويخترم الشبَّان ويبلي الآمال والأبدان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 وَيلْحق من يكون بِمن كَانَ الْإِنْسَان بِالْإِحْسَانِ وَالْإِحْسَان بالسلطان وَالسُّلْطَان بِالزَّمَانِ وَالزَّمَان بالإمكان والإمكان على قدر الْمَكَان الدُّنْيَا عروس كَثِيرَة الْخطاب وَالْملك سلْعَة كَثِيرَة الطلاب الْحق حق وَإِن جَهله الورى وَالنَّهَار نَهَار وَإِن لم يره الْأَعْمَى العذل طَلَاق الرِّجَال والمحنة صيقل الْأَحْوَال الشجاع محبب حَتَّى إِلَى من يحاربه كَمَا أَن الجبان مبغض إِلَى من يُنَاسِبه وَكَذَلِكَ الْجواد خَفِيف حَتَّى على قلب غَرِيمه والبخيل ثقيل حَتَّى على قلب وَارثه وحميمه الدَّهْر يمطل وَرُبمَا عجل وَمَا شَاءَ الإقبال فعل الْكَرِيم من أكْرم الْأَحْرَار والعظيم من صغر الدِّينَار الْمُصِيبَة فِي الْوَلَد الْعَاق موهبة والتعزية عَنهُ تهنئة الْمحبَّة ثمن كل شَيْء وَإِن غلا وَسلم لكل شَيْء وَإِن علا الدَّهْر يَفِي بعد غدر وَيجْبر عقب كسر وَيَتُوب بعد ذَنْب ويعقب بعد عتب التَّقَدُّم للغاية تَأَخّر عَنْهَا وَالزِّيَادَة على الْكِفَايَة نُقْصَان مِنْهَا النسيب أَخُو النسيب والأديب صنو الأديب الشّرف بَين الْأَشْرَاف نسب ولحمة وذمام وَحُرْمَة فالكريم شَقِيق الْكَرِيم والعظيم أَخُو الْعَظِيم وَإِن افترق بلداهما وَاخْتلف مولداهما إِن السيوف على مقادير الْأَعْضَاء تفري وَإِن الْخَيل على حسب فرسانها تجْرِي إِنَّمَا السؤدد بِكَثْرَة الأتباع وَكَثْرَة الأتباع بِكَثْرَة الاصطناع وَإِنَّمَا تحوم الآمال حَيْثُ الرَّغْبَة وَيسْقط الطير حَيْثُ تنثر الْحبَّة إِنَّمَا النِّسَاء لحم على وَضم وصيد فِي غير حرم إِلَّا أَن يلاحظن بِعَين غيور وَنَفس يقظ حذور إِن الْولَايَة عزل إِن لم يعمر جوانبها عدل إِنَّمَا يتعلل بالمعازف شوقا إِلَى الأخوان ويؤكل لحم الثيران شَهْوَة للحوم الضَّأْن ويتجوز فِي الزبيبي على اسْم العنبي ويستخدم الصقلبي عِنْد غيبَة التركي شِرَاء الكاسد حَسبه وَحل المنعقد صدقه وهداية المتحير عباده معاتبة البريء السَّلِيم كمعالجة الصَّحِيح غير السقيم الْفرس الْجواد إِذا ضرب كبا وَالسيف الحسام إِذا استكره نبا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 وَاللِّسَان الصدوق إِذا كذب هفا عين الِاسْتِحْسَان آفَة من آفَات الْإِحْسَان قبُول شكر الشاكر الْتِزَام لزيادته واستماع قَول المادح ضَمَان لِحَاجَتِهِ لِسَان العيان انطق من لِسَان الْبَيَان وَشَاهد الْأَحْوَال أعدل من شَاهد الْأَقْوَال لِسَان الضجر نَاطِق بالهذر صَغِير الْبر ألطف وَأطيب كَمَا أَن قَلِيل المَاء أشهى وأعذب ثَمَرَة الْأَدَب الْعقل الرَّاجِح وَثَمَرَة الْعلم الْعَمَل الصَّالح طول الْخدمَة تؤكد الْحُرْمَة وتأكد الْحُرْمَة أعقد قرَابَة ولحمة ادِّعَاء الْفضل من غير معدنه نقيصة كَمَا أَن الْإِقْرَار بِالنَّقْصِ من حَيْثُ الِاعْتِذَار فَضِيلَة الْقِتَال عَن الْعَسْكَر المنهزم ضرب من الْمحَال وَتعرض لسهام الْآجَال بَاب الْإِحْسَان مَفْتُوح لمن شَاءَ دخله وَحمى الْجَمِيل مُبَاح لمن اشْتهى فعله وَلَيْسَ على المكارم حجاب وَلَا يغلق دونهَا بَاب قِرَاءَة كتاب الحبيب ترياق سم الْهم شكر الرخَاء أَهْون من مصابرة الْبلَاء وَحفظ الصِّحَّة أيسر من علاج الْعلَّة قَلِيل السُّلْطَان كثير ومداراته حزم وتدبير كَمَا أَن مكاشفته غرور وتغرير شَرّ من السَّاعِي من أنصت لَهُ وَشر من مَتَاع السوء من قبله لَا خير فِي حب لَا تحمل أقذاؤه وَلَا يشرب على الكدر مَاؤُهُ خبر الْكَلَام مَا استريح من ضِدّه إِلَى ضِدّه فرتع بَين هزله وجده لَا ستر أكثف من إقبال وَلَا شَفِيع أنجح من آمال أوجع الضَّرْب مَا لَا يُمكن مِنْهُ الْبكاء وَأَشد الْبلوى مَا لَا يخففه الاشتكاء أَبى الله أَن يَقع فِي الْبِئْر إِلَّا من حفر وَأَن يَحِيق الْمَكْر السَّيئ إِلَّا بِمن مكر مَا تَعب من أجدى وَلَا استراح من أكدى حبذا كدا أورث نجحا وشوكة أجنت ثمرا لإِثْبَات على سم الْأسود وَلَا قَرَار على زأر من الْأسد وَفِي الزواية خبايا وَفِي الرِّجَال بقايا إِذا عتقت المنادمة صَارَت نسبا دانيا وَكَانَت رضَاعًا ثَانِيًا أَيْن يَقع فَارس من عَسْكَر وَمَتى يقوم بِنَاء وَاحِد بهدم بشر نعم الشَّفِيع الْحبّ وَنعم العون على صَاحبه الْقلب هَل يبرأ الْمَرِيض بَين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 طبيبين وَهل يسع الغمد سيفين لم أر معلما أحسن تَعْلِيما من الزَّمَان وَلَا متعلما أحسن تعلما من إِنْسَان من النَّاس من إِذا ولى عزلته نَفسه وَمِنْهُم إِذا عزل ولاه فَضله رُبمَا أكل الْحر وَهُوَ شبعان وَشرب وَهُوَ رَيَّان لَيْسَ إِلَّا لِأَن يسر مضيفا وَيكون ظريفا يشْكر الْقَمَر أَن يلوح والمسك على أَن يفوح نعم الْعدة الْمدَّة وَنعم الواقية الْعَافِيَة وَبئسَ الْخصم الزَّمَان وَبئسَ الشَّفِيع الحرمان وَبئسَ الرفيق الخذلان إِن ولَايَة الْمَرْء ثَوْبه فَإِن قصر عَنهُ عرى مِنْهُ وَإِن طَال عَلَيْهِ عثر فِيهِ مَا المحنة إِلَّا سيل والسيل إِذا وقف فقد انْصَرف وَمَا الْأَيَّام إِلَّا جَيش والجيش إِذا لم يكر فقد فر وَإِذا لم يقبل عَلَيْك فقد أدبر عَنْك وَرَاء الْغَيْب أقفال وللمنح والمحن أَعمار وآجال مَا أَكثر من يُخطئ بالصنعة طَرِيق المصنع وَيُخَالف بزرعه غير مَوضِع المزدرع أكبر من الْأَسير من أسره ثمَّ أعْتقهُ وَأَشْجَع من الْأسد من قَيده ثمَّ أطلقهُ أكْرم من النبت الزكي من زرعه وَأكْرم من الْكَرِيم من اصطنعه لَا صيد أعظم من إِنْسَان وَلَا شبكة أصيد من لِسَان وشتان بَين من اقتنص وحشيا بحبالته وَبَين من اقتنص أنسيا بمقالته من أَرَادَ أَن يصطاد قُلُوب الرِّجَال نثر لَهَا حب الْإِحْسَان والإجمال وَنصب لَهَا أشراك الْفضل والإفضال فِي كتمان الدَّاء عدم الدَّوَاء وَفِي عدم الدَّوَاء عدم الشِّفَاء من لم يذكر أَخَاهُ إِذا رَآهُ فوجدناه كفقدانه وَوَصله كهجرانه من أَجَاد الجلب أَخذ بِهِ مَا طلب من ذَا الَّذِي يطمس نُجُوم اللَّيْل وَيدْفَع منسكب السَّيْل وينضب مَاء الْبَحْر ويفنى أمد الدَّهْر من تَكَامل نحسه لم تنصحه نَفسه وَمن لم ينْه أَخَاهُ فقد أغراه وَمن لم يداو عليله فقد أدواه نعم جنَّة الْمَرْء من سِهَام دهره نُزُوله عِنْد قدره وَنعم السّلم إِلَى الأرزاق طلبَهَا من طَرِيق الِاسْتِحْقَاق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 وَهَذِه فُصُول كالأنموذج جَاءَت من غرره وَفَقره على الْكَرِيم واقية من فعله وَله حصن حُصَيْن من فَضله فَإِذا زلت بِهِ النَّعْل زلَّة أوصال عَلَيْهِ الدَّهْر صولة أقامته يَد إحسانه وانتزعته من مخالب زَمَانه فصل الرِّجَال حصون يبنيها الْإِحْسَان ويهدمها الحرمان وتبلغ بثمرها الْبر واليسر ويحصدها الْجفَاء وَالْكبر وَإنَّهُ لَا مَال إِلَّا بِالرِّجَالِ وَلَا صلح إِلَّا بعد قتال وَلَا حَيَاة إِلَّا فِي نَاصِيَة خوف وَلَا دِرْهَم إِلَّا فِي غمد سيف والجبان مقتول بالخوف قبل أَن يقتل بِالسَّيْفِ والشجاع حَيّ وَإِن خانه الْعُمر وحاضر وَإِن غيبه الْقَبْر وَمن حَاكم خَصمه إِلَى السَّيْف فقد رَفعه إِلَى حَاكم لَا يرتشي وَلَا يفتري فِيمَا يَقْتَضِي وَمن طلب الْمنية هربت مِنْهُ كل الْهَرَب وَمن هرب مِنْهَا طلبته أَشد الطّلب فصل لَا صَغِير مَعَ الْولَايَة والعمالة كَمَا لَا كَبِير مَعَ العطلة والبطالة وَإِنَّمَا الْولَايَة أُنْثَى تصغر وتكبر بواليها ومطية تحسن وتقبح بممتطيها وَإِنَّمَا الصَّدْر بِمن يَلِيهِ والدست بِمن يجلس فِيهِ وَإِنَّمَا النِّسَاء بِالرِّجَالِ كَمَا أَن الْأَعْمَال بالعمال فصل إفراط الزِّيَادَة يُؤَدِّي إِلَى النُّقْصَان والمثل فِي ذَلِك جَار على كل لِسَان وَلذَلِك قَالُوا صبوة الْعَفِيف وسطوة الْحَلِيم وضربة الجبان ودعوة الْبَخِيل وَجَوَاب السّكيت ونادرة الْمَجْنُون وشجاعة الْخصي وظرف الْأَعرَابِي فصل قد يكبر الصَّغِير ويستغني الْفَقِير ويتلاحق الرِّجَال ويعقب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 النُّقْصَان الْكَمَال وكل وَاد عَظِيم فأوله شُعْبَة صَغِيرَة وكل نَخْلَة سحوق فأولها فسيلة حقيرة وَقد يَبْتَدِئ الْعِنَب حصرما حامضا جاسيا ثمَّ يخرج الراح الَّتِي هِيَ مِفْتَاح اللَّذَّات وَأُخْت الرّوح والحياة وَيكون حَشْو الصدفة مَاء ملحا ثمَّ يصير جَوْهَرَة كَرِيمَة ودرة يتيمة وَيكون أول ابْن آدم نُطْفَة وعلقة ومضغة ثمَّ يخرج مِنْهَا الْعَالم الْأَصْغَر وَالْحَيَوَان الأرضي الْأَكْبَر الَّذِي دحيت لَهُ الأَرْض وسخرت لَهُ الْأَنْهَار وَمن أَجله خلقت الْجنَّة وَالنَّار فصل قد أراحني فلَان ببره لَا بل أتعبني بشكره وخفف ظَهْري من ثقيل المحن لَا بل ثقله بأعباء المنن وأحياني بتحقيق الرَّجَاء لَا بل أماتني بفرط الْحيَاء وَأَنا لَهُ رَقِيق بل عَتيق وأسير بل طليق فصل فِي فضل الحمية من رِسَالَة ملاك الْأَمر الحمية فَإِنَّهُ لَا يكون قوي الحمية إِلَّا من يكون قوي الحمية وَمن غلبته شَهْوَته على رَأْيه شهد على نَفسه بالبهيمية وانخلع من ربقة الإنسانية وَحقّ الْعَاقِل أَن يَأْكُل ليعيش لَا أَن يعِيش ليَأْكُل وَكفى بِالْمَرْءِ عارا أَن يكون صريع مآكله وقتيل أنامله وَأَن يجني بِبَعْضِه على كُله ويعين فَرعه على أَصله وَكم من نعْمَة أتلفت نفس حر وَكم من أَكلَة منعت أكلات دهر وَكم من حلاوة تحتهَا مرَارَة الْمَوْت وَكم من عذوبة تحتهَا بشاعة الْفَوْت وَكم من شَهْوَة ذهبت بِنَفس لَا يقوى بهَا العساكر وَقطعت جسدا كَانَت تنبو عَنهُ السيوف البواتر وهدمت عمرا انْهَدَمت بِهِ أَعمار وَخَربَتْ بخرابه بيُوت بل ديار وأمصار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 فصل فِي اقْتِضَاء حَاجَة وعد الشَّيْخ يكْتب على الجلمد إِذا كتب وعد غَيره على الجمد وَلَكِن صَاحب الْحَاجة سيء الظَّن بِالْأَيَّامِ مَرِيض الثِّقَة بالأنام لِكَثْرَة مَا يلقاه من اللئام وَقلة من يسمع بِهِ من الْكِرَام فصل فِي ذكر آفَات الْكتب هَذَا وَالْكتاب ملقى لَا موقى تسرع إِلَيْهِ الْيَد الْخَاطِئَة وَتعرض لَهُ الْآفَات السانحة فالماء يغرقه كَمَا أَن النَّار تحرقه وَالرِّيح تطيره كَمَا أَن الْأَيَّام تغيره وَالدُّخَان يسود بياضه كَمَا أَن الْخلّ يبيض سوَاده والرطوبة تضره كَمَا أَن اليبوسة لَا تَنْفَعهُ فآفاته أسْرع من آفَات الزّجاج الَّذِي يسْرع إِلَيْهِ الْكسر ويبطئ عَلَيْهِ الْجَبْر وحوادثه أَكثر من حوادث الْغنم الَّتِي هِيَ لكل يَد غنيمَة وَلكُل سبع فريسة فَأَقل آفاته خِيَانَة الْحَامِل وَوُقُوع الشاغل وعوائق الْفتُوح والقوافل فصل فِي ذكر إِلَّا وَلَوْلَا الْحَمد لله الَّذِي جعل الشَّيْخ يضْرب فِي المحاسن بالقدح الْمُعَلَّى ويسمو مِنْهَا إِلَى الشّرف الْأَعْلَى وَلم يَجْعَل فِيهِ موضعا للولا وَلَا مجالا لإلا فَإِن الِاسْتِثْنَاء إِذا اعْترض فِي الْمَدْح أنضب مَاءَهُ وكدر صفاءه وأنطق فِيهِ حساده وأعداءه وَكَذَلِكَ قَالُوا مَا أَمْلَح الظبي لَوْلَا خنث أَنفه وَمَا أحسن الْبَدْر لَوْلَا كلف وَجهه وَمَا أطيب الْخمر لَوْلَا الْخمار وَمَا أشرف الْجُود لَوْلَا الإقتار وَمَا أَحْمد مغبة الصَّبْر لَوْلَا فنَاء الْعُمر وَمَا أطيب الدُّنْيَا لَو دَامَت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 (مَا أعلم النَّاس أَن الْجُود مكسبة ... للحمد لكنه يَأْتِي على النشب) // من الْبَسِيط // فصل فِي الِاعْتِدَاد ذكر السَّيِّد أَن اعتداده بِي اعْتِدَاد الْعلوِي بالشيعي والمعتزلي بالأشعري واعتداد الْحِجَازِيِّينَ بالشافعي واعتداد الزيدية بزيد بن عَليّ واعتداد الإمامية بالمهدي فصل فِي ذمّ عَامل تقلد الْخراج فِي هَذِه النَّاحِيَة رجل قَصده الدِّرْهَم لَا الْكَرم وغرضه الثراء لَا الثَّنَاء وقبلته الْبَيْضَاء والصفراء لَا الْمجد وَالثنَاء فصل فِي الِاعْتِذَار ذكر سَيِّدي من شوقه إِلَى مَا لم يتَكَلَّم فِيهِ إِلَّا عَن لساني وَلم يترجم إِلَّا عَن شأني وَقد طويت بِسَاط المدام وصحيفة المؤانسة والندام وَطلقت الراح ثَلَاثًا وَفَارَقت الْغناء بتاتا حَتَّى شكتني الأقداح واستخفني الراح وَنسي بناني الأترج والتفاح فصل فِي ذكره هدة بَلغنِي ذكر الهدة فَالْحَمْد لله الَّذِي هدم الدَّار وَلم يهدم الْمِقْدَار وثلم المَال وَلم يثلم الْجمال وسلط الْحَوَادِث على الْخشب والنشب وَلم يسلطها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 على الْعرض والحسب وَلَا على الدّين وَالْأَدب وَلَا بُد للنعمة من عودة وَلَا بُد لعين الْكَمَال من رقية وَلِأَن يكون فِي دَار تبني وَمَال يجْبر وينمى خير من أَن يكون فِي النَّفس الَّتِي لَا جَابر لكسرها وَلَا نِهَايَة لقدرها فصل فِي ذكر الرمد صَادف وُرُود الْكتاب رمدا فِي عَيْني حَتَّى حصرني فِي الظلمَة وحبسني بَين الْغم والغمة وَتَرَكَنِي أدْرك بيَدي مَا كنت أدْرك بعيني كليل سلَاح الْبَصَر قصير خطو النّظر قد ثكلت مِصْبَاح وَجْهي وعدمت بَعْضِي الَّذِي هُوَ آثر عِنْدِي من كلي فالأبيض عِنْدِي أسود والقريب مني مبعد قد خاط الوجع أجفاني وَقبض عَن التَّصَرُّف بناني ففراغي شغل ونهاري ليل وَطول ألحاظي قصار وَأَنا ضَرِير وَإِن عددت فِي البصراء وَأمي وَإِن كنت من جملَة الْكتاب والقراء قصرت الْعلَّة خطوتي قلمي وبناني وَقَامَت بَين يَدي ولساني وَقد كَانَت الْعَرَب تزاوج بَين كَلِمَات تتجانس مبانيها وتتكافأ مقاطعها ومعانيها فَيَقُولُونَ الْقلَّة ذلة والوحدة وَحْشَة واللحظة لَفْظَة والهوى هوان والأقارب عقارب وَالْمَرَض حرض والرمد كمد وَالْعلَّة قلَّة والقاعد مقْعد فصل فِي مدح الْفقر وَإِنَّمَا يكره الْفقر لما فِيهِ من الهوان وَيسْتَحب الْغنى لما فِيهِ من الصوان فَإِذا نبغ الْغم من تربة الْغنى فالغنى هُوَ الْفقر واليسر هُوَ الْعسر لَا بل الْفَقِير على هَذِه الْقَضِيَّة أحسن من الْغَنِيّ وَأَقل مِنْهُ أشغالا لِأَن الْفَقِير خَفِيف الظّهْر من كل حق منفك الرَّقَبَة من كل رق فَلَا يستبطئه إخوانه وَلَا يطْمع فِيهِ جِيرَانه وَلَا تنْتَظر فِي الْفطر صدقته وَلَا فِي النَّحْر أضحيته وَلَا فِي شهر رَمَضَان مائدته وَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 فِي الرّبيع باكورته وَلَا فِي الخريف فاكهته وَلَا فِي وَقت الْغلَّة شعيره وبره وَلَا فِي وَقت الجباية خراجه وعشره وَإِنَّمَا هُوَ مَسْجِد يحمل إِلَيْهِ وَلَا يحمل عَنهُ وعلوي يُؤْخَذ بِيَدِهِ وَلَا يُؤْخَذ عَنهُ تتجنبه الشَّرْط نَهَارا ويتوقاه العسس لَيْلًا فَهُوَ إِمَّا غَانِم وَإِمَّا سَالم وَأما الْغَنِيّ فَإِنَّمَا هُوَ كالغنم غنيمَة لكل يَد سالبة وصيد لكل نفس طالبة وطبق على شوارع النوائب وَعلم مَنْصُوب فِي مدرجة المطالب تطمع فِيهِ الإخوان وَيَأْخُذ مِنْهُ السُّلْطَان وينتظر فِيهِ الْحدثَان ويحيف ملكه النُّقْصَان فصل فِي ذمّ عَامل وَالله مَا الذِّئْب فِي الْغنم بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ إِلَّا من المصلحين وَلَا السوس فِي الْخَزّ أَوَان الصَّيف عِنْده إِلَّا بعض الْمُحْسِنِينَ وَلَا الْحجَّاج فِي أهل الْعرَاق مَعَه إِلَّا أول العادلين وَلَا يزدجرد الأثيم فِي أهل فَارس بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ إِلَّا من الصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ فصل فِي ذكر الْآفَات من آفَات الْعلم خِيَانَة الوراقين وتخلف المتعلمين كَمَا أَن آفَات الدّين فسق الْمُتَكَلِّمين وَجَهل المتعبدين وكما أَن من آفَات الدُّنْيَا كَثْرَة الْعَامَّة وَقلة الْخَاصَّة وكما أَن من آفَة الْكَرم أَن الْجُود آفَة للْمَنْع وَأَن الْبُخْل سَبَب للْجمع وَأَن المَال فِي أَيدي البخلاء دون أَيدي السمحاء وكما أَن آفَات الْحلم أَن الْحَلِيم مَأْمُون الجنبة وَأَن السَّفِيه منيع الْحَوْزَة وكما أَن من آفَة المَال أَنَّك إِذا صنته عرضته للْفَسَاد وَإِذا أبرزته عرضته للنفاد وكما أَن آفَات الشُّكْر أَنَّك إِذا قصرت عَن غَايَته غششت من اصطنعك وَإِذا أبلغتها أَو أبلغت فِيهِ أوهمت من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 سَمعك وكما أَن من آفَات الشَّرَاب أَنَّك إِذا أقللت مِنْهُ حَارَبت شهوتك وَلم تقض نهمتك وَإِذا أكثرت مِنْهُ تعرضت للإثم والعار وأبرزت صفحتك للألم وَالنَّار وكما أَن من آفَات المماليك أَنَّك إِذا بسطتهم أفسدت أدبهم وأذهانهم وَإِذا قبضتهم أفسدت وُجُوههم وألوانهم وكما أَن من آفَات الأصدقاء أَنَّك إِذا استقللت مِنْهُم لم تصب حَاجَتك فيهم وَإِذا استكثرت مِنْهُم لزمتك حوائجهم وثقلت عَلَيْك نوائبهم وكسبت الْأَعْدَاء من الأصدقاء كَمَا تكسب الدَّاء من الْغذَاء وكما أَن من آفَات المغنين أَن الْوسط مِنْهُم يُمِيت الطَّرب وَأَن الحاذق مِنْهُم ينسي الْأَدَب وَهَذِه جملَة من أخباره تطرق لأشعاره أَصله من طبرستان ومولده ومنشؤه خوارزم وَكَانَ يتسم بالطبري وَيعرف بالخوارزمي ويلقب بالطبرخزمي فَارق وَطنه فِي ريعان عمره وحداثة سنه وَهُوَ قوي الْمعرفَة قويم الْأَدَب نَافِذ القريحة حسن الشّعْر وَلم يزل يتقلب فِي الْبِلَاد وَيدخل كور الْعرَاق وَالشَّام وَيَأْخُذ عَن الْعلمَاء ويقتبس من الشُّعَرَاء ويستفيد من الْفُضَلَاء حَتَّى تخرج وَخرج فَرد الدَّهْر من الْأَدَب وَالشعر وَلَقي سيف الدولة وخدمه واستفاد من يمن حَضرته وَمضى على غلوائه فِي الِاضْطِرَاب والاغتراب وشرق بعد أَن غرب وَورد بُخَارى وَصَحب أَبَا عَليّ البلعمي فَلم يحمد صحبته وفارقه وهجاه بقوله (إِن ذَا البلعمي وَالْعين غين ... وَهُوَ عَار على الزَّمَان وشين) (إِن يكن جَاهِلا بخفي حنين ... فَهُوَ الْخُف وَالزَّمَان حنين) // من الْخَفِيف // ووافى نيسابور فاتصل بالأمير أبي نصر أَحْمد بن عَليّ المكالي واستكثر من مدحه وداخل أَبَا الْحسن الْقزْوِينِي وَأَبا مَنْصُور الْبَغَوِيّ وَأَبا الْحسن الْحكمِي فارتفق بهم وارتفق من الْأَمِير أَحْمد ومدحه ونادم كثير بن أَحْمد ثمَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 قصد سجستان وَتمكن من واليها أبي الْحُسَيْن طَاهِر بن مُحَمَّد ومدحه وَأخذ صلته ثمَّ هجاه وأوحشه حَتَّى أَطَالَ سجنه فمما قَالَه فِي تِلْكَ النكبة قصيدة كتب بهَا إِلَى الْأَمِير أبي نصر أَحْمد بن عَليّ الميكالي (كتابي أَبَا نصر إِلَيْك وحالتي ... كَحال فريس فِي مخالب ضيغم) (أرق من الشكوى وأدجى من النَّوَى ... وأضعف من قلب الْمُحب المتيم) (غَدَوْت أَخا جوع وَلست بصائم ... ورحت أَخا عري وَلست بِمحرم) (وَقعت بفخ الْخَوْف فِي يَد طَاهِر ... وُقُوع سليك فِي حبائل خثعم) // من الطَّوِيل // يَعْنِي سليك بن سلكة السَّعْدِيّ حِين أسره أنس بن مَالك الْخَثْعَمِي (وَمَا كنت فِي تركيك إِلَّا كتارك ... يَقِينا وراض بعده بالتوهم) (وقاطن أَرض الشّرك يطْلب تَوْبَة ... وَيخرج من أَرض الْحطيم وزمزم) (وَذي عِلّة يَأْتِي عليلا ليشتفي ... بهَا وَهُوَ جَار للمسيح ابْن مَرْيَم) (وراوي كَلَام مقتف إِثْر بَاقِل ... وَيتْرك قسا خائبا وَابْن أهتم) (جناب تجنبناه لَيْسَ بمجدب ... وبحر تخطيناه لَيْسَ بمرزم) رزم المَاء إِذا انْقَطع وأرزمه غَيره أَي قطعه (وَمَاء زلال قد تركنَا وُرُوده ... زلالا وبعناه بِشَربَة علقم) (لبست ثِيَاب الصَّبْر حَتَّى تمزقت ... جوانبها بَين الجوى والتندم) (أظل إِذا عاتبت نَفسِي منشدا ... فَهَلا تَلا حَامِيم قبل التَّقَدُّم) المصراع الثَّانِي قَالَه قَاتل مُحَمَّد بن طَلْحَة يَوْم الْجمل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 (وَأنْشد فِي ذكرى لدارك باكيا ... أَلا انْعمْ صباحا أَيهَا الرّبع واسلم) (وَلم أر قبلي من يحارب بخته ... ويشكو إِلَى البؤسي افتقاد التنعم) (وَلَا أحد يحوي مَفَاتِيح جنَّة ... ويقرع بالتطفيل بَاب جَهَنَّم) (وَقد كَانَ رَأْسا للتدابير بلعم ... وَقد صرت فِي الدُّنْيَا خَليفَة بلعم) يَعْنِي بلعم بن باعوراء الَّذِي أنزل فِيهِ {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} لِأَنَّهُ كفر بِاللَّه بعد تعلمه الإسم الْأَعْظَم وَجحد نعم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وَقد عَاشَ بعد الْخلد فِي الأَرْض آدم ... فَإِن شِئْت فاعذرني فَإِنِّي ابْن آدم) (فيا لَيْتَني أمسيت دهري رَاقِدًا ... فَإِنِّي مَتى أرقد بذكرك أحلم) (مَكَانك من قلبِي عَلَيْك موفر ... مَتى مَا يرمه ذكر غَيْرك يحتمي) (لغيرك دردي الْوِصَال وثيب الْمقَال ... وممزوج الْمَوَدَّة فَاعْلَم) (وَأَنت الَّذِي صورت لي صُورَة المنى ... وأركبتني ظهر الزَّمَان المذمم) (وصيرت عِنْدِي أنحس الدَّهْر أسعدا ... وكذبت عِنْدِي قَول كل منجم) (وصغرت قدر النَّاس عِنْدِي وطالما ... لحظت صَغِيرا عَن حماليق مُعظم) فَجعل الله لَهُ من مضيق الْحَبْس مخرجا فَنَهَضَ إِلَى طبرستان وَكَانَت حَاله مَعَ صَاحبهَا كهي مَعَ طَاهِر بن شار فَمن قَوْله فِيهِ من قصيدة (أَلا أبلغ بني شار كَلَامي ... وَمن لم يلقهم فَهُوَ السعيد) (علام ابتعتم فرسا عتيقا ... وَلَيْسَ لديكم علف عتيد) (وفيم حبستم فِي الْبَيْت بازا ... يحيص الطير عَنهُ أَو يحيد) (فَلَا قربتموه فعلتموه ... وَلَا خليتم عَنهُ يصيد) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 وَقَوله من أُخْرَى (وَقَالَ أَنا المليك فَقلت حَقًا ... بقلب اللَّام نونا فِي الهجاء) (وَلم أر من أَدَاة الْملك شَيْئا ... لديك سوى احتمالك للواء) // من الوافر // وَمِنْهَا (أحين قلعت نابي كل أَفْعَى ... وحادت أَسد بيشة عَن فنائي) (وَقَالَ النَّاس إِذْ سمعُوا كَلَامي ... ألم تكن الْكَوَاكِب فِي السَّمَاء) (يخوفني الكساد على متاعي ... وَهل يخْشَى فَسَاد الكيمياء) وَله من أُخْرَى (لله فِي كل مَا قَضَاهُ ... لطائف تحتهَا بَدَائِع) (سُبْحَانَ من يطعم ابْن شار ... وَيتْرك الْكَلْب وَهُوَ جَائِع) // من مخلع الْبَسِيط // ثمَّ إِنَّه عاود نيسابور وَأقَام بهَا إِلَى أَن وفْق التَّوْفِيق كُله بِقصد حَضْرَة الصاحب بأصبهان ولقائه بمدحه فأنجحت سفرته وربحت تِجَارَته وَسعد جده بخدمته ومداخلته والحصول فِي جملَة ندمائه المختصين بِهِ فَلم يخل من ظلّ إحسانه ووابله وغامر إنعامه وقابله وتزود من كتاب إِلَى حَضْرَة عضد الدولة بشيراز مَا كَانَ سَببا لارتياشه ويساره فَإِنَّهُ وجد قبولا حسنا واستفاد مِنْهَا مَالا كثيرا وَلما انْقَلب عَنْهَا بِالْغَنِيمَةِ الْبَارِدَة إِلَى نيسابور استوطنها واقتنى بهَا ضيَاعًا وعقارا وَدرت عَلَيْهِ أخلاف الدُّنْيَا من الْجِهَات وَحين عاود شيراز ورد مِنْهَا عللا بعد نهل فأجري لَهُ عِنْد انْصِرَافه رسما يصل إِلَيْهِ فِي كل سنة بنيسابور مَعَ المَال الَّذِي كَانَ يحمل من فَارس إِلَى خُرَاسَان وَلم يزل يحسن حَال من رواء وثروة واستظهار يُقيم للأدب سوقا ويعيده غضا وريقا ويدرس ويملي ويشعر ويروي وَيقسم أَيَّامه بَين مجَالِس الدَّرْس ومجالس الْأنس وَيجْرِي على قَضِيَّة قَول كشاجم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 (عجبا مِمَّن تعالت حَاله ... فكفاه الله زلات الطّلب) (كَيفَ لَا يقسم شطري عمره ... بَين حَالين نعيم وأدب) // من الرمل // وَكَانَ يتعصب لآل بويه تعصبا شَدِيدا ويغض من سُلْطَان خُرَاسَان وَيُطلق لِسَانه بِمَا لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَى أَن كَانَت أَيَّام تاش الْحَاجِب وَرجع من خُرَاسَان إِلَى نيسابور مُنْهَزِمًا فشمت بِهِ وَجعل يَقُول قبحا لَهُ وللوزير أبي الْحسن الْعُتْبِي فأبلغ الْعُتْبِي أبياتا منسوبة إِلَى الْخَوَارِزْمِيّ فِي هجائه وَلم يكن قَالَهَا مِنْهَا (قل للوزير أَزَال الله دولته ... جزيت صرفا على قَول ابْن مَنْصُور) // من الْبَسِيط // فكبت إِلَى تاش فِي أَخذه ومصادرته وَقطع لِسَانه وَإِلَى أبي المظفر الرعيني فِي مَعْنَاهُ وَكَانَ يَلِي البندرة بنيسابور إِذْ ذَاك فَتَوَلّى حَبسه وتقييده وَأخذ خطه بِمِائَتي ألف دِرْهَم واستخرج بعض المَال وَأذن لَهُ فِي الرُّجُوع إِلَى منزله مَعَ الموكلين بِهِ ليحمل الْبَاقِي فاحتال عَلَيْهِم يَوْمًا وشغلهم بِالطَّعَامِ وَالشرَاب وهرب متنكرا إِلَى حَضْرَة الصاحب بجرجان فتجلت عَنهُ غمَّة الْخطب وانتعش فِي ذَلِك الفناء الرحب وعاود الْعَادة المألوفة من المبار والأحبة وَاتفقَ قتل أبي الْحسن الْعُتْبِي وَقيام أبي الْحسن الْمُزنِيّ مقَامه وَكَانَ من أَشد النَّاس حبا للخوارزمي فاستدعاه وَأكْرم مورده ومصدره وَكتب إِلَى نيسابور فِي رد مَا أَخذ مِنْهُ عَلَيْهِ فَفعل وزادت حَاله وَثَبت قدمه وَنظر إِلَيْهِ وُلَاة الْأَمر بنيسابور بِعَين الحشمة والاحتشام وَالْإِكْرَام والإعظام فارتفع مِقْدَاره وطاب عيشه إِلَى أَن رمي فِي آخر أَيَّامه بِحجر من الهمذاني الْحَافِظ البديع وبلي بمساجلته ومناظرته ومناضلته وأعان الهمذاني الْحَافِظ البديع عَلَيْهِ قوم من الْوُجُوه كَانُوا مستوحشين مِنْهُ جدا فلاقى مَا لم يكن فِي حسابه من مباراة الْمُزنِيّ وقوته بِهِ وأنف من تِلْكَ الْحَال وانخزل انخزالا شَدِيدا وكسف باله وانخفض طرفه وَلم يحل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 عَلَيْهِ الْحول حَتَّى خانه عمره وَنفذ قَضَاء الله تَعَالَى فِيهِ وَذَلِكَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَكَانَ مولده فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة ورثاه الهمذاني بِأَبْيَات دس فِيهَا سِعَايَة ثَانِيَة وَهِي هَذِه (حنانيك من نفس خَافت ... ولبيك عَن كمد ثَابت) (أَبَا بكر اسْمَع وَقل كَيفَ ذَا ... وَلست بمسمعة الصَّامِت) (تحملت فِيك من الْحزن مَا ... تحمله ابْنك من صَامت) (حَلَفت لقد مت من معشر ... غَنِيَّيْنِ عَن خطر المائت) (يَقُولُونَ أَنْت بِهِ شامت ... فَقلت الثرى بِفَم الشامت) (وعزت عَليّ معاداته ... وَلَا متدارك للفائت) // من المتقارب // وَقَالَ فِيهِ من أحسن على إساءته وَهُوَ أَبُو الْحسن عمر بن أبي عمر الرقاني (مَاتَ أَبُو بكر وَكَانَ أمرأ ... أدهم فِي آدابه الغر) (وَلم يكن حرا وَلكنه ... كَانَ أَمِير الْمنطق الْحر) // من السَّرِيع // وَهَذِه ملح ونكت من شعره فِي النسيب والغزل قَالَ من قصيدة وأبدع فِي وصف مَا يتزايد من حسن الحبيب على الْأَيَّام الَّتِي من شَأْنهَا تَغْيِير الصُّور وتقبيح المحاسن (وشمس مَا بَدَت إِلَّا أرتنا ... بِأَن الشَّمْس مطْلعهَا فضول) (تزيد على السنين ضيا وحسنا ... كَمَا رقت على الْعتْق الشُّمُول) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 وَمن أُخْرَى (مَضَت الشبيبة والحبيبة فَالتقى ... دمعان فِي الأجفان يزدحمان) (مَا أنصفتني الحادثات رمينني ... بمودعين وَلَيْسَ لي قلبان) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (قلت للعين حِين شامت جمالا ... فِي وُجُوه كواذب الإيماض) (لَا تغرنك هَذِه الْأَوْجه الغر ... فيا رب حَيَّة من رياض) // من الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى (عذيري من ضحك غَدا سَبَب البكا ... وَمن جنَّة قد أوقعت فِي جَهَنَّم) (لِأَنَّك لَا تروين بَيْتا لشاعر ... سوى بَيت من لم يظلم النَّاس يظلم) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (عذيري من تِلْكَ الْوُجُوه الَّتِي غَدَتْ ... مناظرها للناظرين معاركا) (عذيري من تِلْكَ الجسوم الَّتِي غَدَتْ ... سبائك تفنى النَّاس فِيهَا السبائكا) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (خليلي عهدي بالليالي صوافيا ... فَمَا بالها أبدلن جيما بصادها) (خليلي هَل أبصرتما مثل أدمعي ... نفدن وَحقّ الله قبل نفادها) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (يفل غَدا جَيش النَّوَى عَسْكَر اللقا ... فرأيك فِي سح الدُّمُوع موفقا) (وَخذ حجتي فِي ترك جَنْبي سالما ... وقلبي وَمن حقيهما أَن يشققا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 (يَدي ضعفت عَن أَن تمزق جببها ... وَمَا كَانَ قلبِي نَاظرا فيمزقا) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (بسمت فأبدت جيدها فتكشفت ... عَن نظم در تَحت نظم لآلي) (وأرتك خديها ولاح عَلَيْهِمَا ... صدغان ذُو خَال وَآخر خَالِي) (فَكَأَن ذَا ذال خلت من نقطة ... وَكَأن ذَا دَال ونقطة ذال) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (قد عَصَانِي دمعي وخلي فخلت الْخلّ ... دمعا وخلت دمعي خلا) (وأحاطت بِي الْخُصُوم فجفنا ... مستهلا وصاحبا مُسْتقِلّا) (وفؤادا لَو ظن إِبْلِيس أَن ... النَّار فِي حره لصام وَصلى) // من الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى (هَلُمَّ الخطا بدر الدجنة وارفقا ... بعينيكما فالضوء قد يُورث الْعَمى) (وَلَا تَعَجبا أَن يملك العَبْد ربه ... فَإِن الدمى استعبدن من نحت الدمى) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (وَكم لَيْلَة لَا أعلم الدَّهْر طيبها ... مَخَافَة أَن يقْتَصّ مني لَهَا الدَّهْر) (سهاد وَلَكِن دونه كل رقدة ... وليل وَلَكِن دون إشراقه الْفجْر) (وسكر الْهوى لَو كَانَ يحكيه لَذَّة ... من الْخمر سكر لم يكن حرم السكر) (وَلما أدارت مقلة جَاهِلِيَّة ... هَلَاك امْرِئ فِي ضمن ثوبي لَهَا نذر) (ومالت كَأَن قد سقيت خمر خدها ... وَكَيف يمِيل الْخمر من رِيقه الْخمر) (حسدت عَلَيْهَا ناظري إِذْ تحله ... كَمَا تحسد الأفلاك نعل فَنًّا خسرو) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 وَمن أُخْرَى (وَلَقَد ذكرتك والنجوم كَأَنَّهَا ... در على أَرض من الفيروزج) (يلمعن من خلل السَّحَاب كَأَنَّهَا ... شرر تطاير فِي دُخان العرفج) (والأفق أحلك من خواطر كاسب ... بالشعر يستجدي اللئام ويرتجي) (فمزجت دمعي بالدماء وَلم أكن ... صرف الْهوى وَالْعد إِن لم أمزج) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (لَيْسَ على الْقلب للعذول يَد ... وَلَا ليومي من الْفِرَاق غَد) (كل فؤاد مَعَ الْهوى عرض ... وكل يَوْم مَعَ النَّوَى أمد) (يَا أَيهَا الطالبون بِي رشدا ... مَتى التقى الْحبّ قطّ والرشد) (ولي فؤاد مذ صرت أفقده ... لم أنتفع بعده بِمَا أجد) (ولي حبيب لَو كنت أنصفه ... وجدت فِيهِ أَضْعَاف مَا أجد) (شهِدت للقلب حِين علقه ... بِأَنَّهُ للوجوه منتقد) // من المنسرح // وَمن أُخْرَى (عَلَيْك رَقِيب ثقيل اللحاظ ... مَتى لم يحط علمه يحدس) (أنم من الْمسك بالعاشقين ... وألحظ عينا من النرجس) // من المتقارب // وَمن أُخْرَى (قلت لما رمدت عَيْنَاك ... والدمع سجام) (إِنَّمَا عوقبت عَن عَيْني ... فَاعْلَم يَا غُلَام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 (لَا أُصِيبَت هَذِه الْعين ... بعيني وَالسَّلَام) // من مجزوء الرمل // وَهَذِه لمع من تضميناته الَّتِي كَانَت رشيقة وَطَرِيقَة أنيقة يَضَعهَا فِي موَاضعهَا ويوقعها أحسن مواقعها ويفصح بهَا عَن اتساع رِوَايَته وَكَثْرَة محفوظاته فَمِنْهَا قَوْله من قصيدة فِي عضد الدولة (وَلما أَكثر الحساد فِيهِ ... وَقَالُوا قد تغضنت الخدود) (أجَاب الْفضل عَنهُ حاسديه ... لأمر مَا يسود من يسود) // من الوافر // لأمر مَا الْبَيْت لبلعام بَين قيس الْكِنَانِي (بودي لَو رأى كنفيه يَوْمًا ... وَمن قد عَاشَ تحتهما لبيد) لِأَن لبيدا يَقُول (ذهب الَّذين يعاش فِي أَكْنَافهم ... ) (وَلَو أَن الْوَلِيد رَآهُ يَوْمًا ... غَدا ورجاؤه غض وليد) (وَحل عرى الزماع وَلم يردد ... أشرق أم أغرب يَا سعيد) // من الْكَامِل // وَله من أُخْرَى (حسد السماك سميه لما بدا ... فِي سَرْجه شخص الْهمام الأبلج) // من الْكَامِل // السماك فرس مَنْسُوب لعضد الدولة (وَغدا فأضحى لاحقا ضد اسْمه ... وأراك أَعْوَج وَهُوَ عين الأعوج) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 (فَلَو أَن شَاعِر بحتر فِي عصره ... مَا قَالَ فِي فرس وَلَا فِي أَعْوَج) (خفت مواقع وَطئه فَلَو أَنه ... يجْرِي برملة عالج لم يرهج) الْبَيْت كَمَا هُوَ للبحتري وَقَوله من أرجوزة (وقينة أحسن من لقياها ... تملي كتاب الْحسن مقلتاها) (ونقطه وشكله خداها ... إِذا اجتلاها اللحظ أنشدناها) (واها لريا ثمَّ واها واها ... ) // من الرجز // المصراع لأبي النَّجْم وَمِنْهَا فِي وصف النَّاقة (بجسرة قائدها براها ... فِي السّير بل سائقها رجلاها) (قد كتب الْعتْق على ذفراها ... أَي قلُوص رَاكب ترَاهَا) الْبَيْت جاهلي قديم وَمن قصيدة (لعمرك لَوْلَا آل بوية فِي الورى ... لَكَانَ نهاري مثل ليل المتيم) (وَصمت عَن الدُّنْيَا وَأَفْطَرت بالمنى ... وَلم يَك إِلَّا بِالْحَدِيثِ تأدمي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 (وأنشدت فِي دَاري وَفِيمَا أرى بهَا ... أَمن أم أوفى دمنة لم تكلم) // من الطَّوِيل // المصراع لزهير وَمن قصيدة فِي الصاحب (وَمن نصر التَّوْحِيد وَالْعدْل فعله ... وَأَيْقَظَ نوام الْمَعَالِي شمائله) (وَمن ترك الأخيار ينشد أَهله ... أجل أَيهَا الرّبع الَّذِي خف آهله) // من الطَّوِيل // المصراع لأبي تَمام وَمن أُخْرَى (أَخُو كَلِمَات مَا جلاها لِسَانه ... على أحد إِلَّا غَدا وَهُوَ خَاطب) (مَتى يروها أهل الصِّنَاعَة ينشدوا ... عجائب حَتَّى لَيْسَ فِيهَا عجائب) // وَمن الطَّوِيل // المصراع لأبي تَمام أَيْضا وَمن أُخْرَى (مُقَابل بَين أَقوام وألوية ... مردد بَين إيوَان وديوان) (إِذا أَتَى دَاره الأضياف أنشدهم ... وإخوتي أُسْوَة عِنْدِي وإخواني) // من الْبَسِيط // المصراع لأبي تَمام (يَا ترجمان اللَّيَالِي عَن معاذرها ... وَحجَّة الزَّمن الْبَاقِي على الفاني) (يَا أبحث النَّاس عَن شعر وَعَن كرم ... يَا مورث الطَّبْع إحسانا بِإِحْسَان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 (يَا تاركي منشدا من ظلّ يحسدني ... لَيْسَ الْوُقُوف على الأطلال من شاني) المصراع لعبد الله بن عمار الرقي (طلقت بعْدك مدح النَّاس كلهم ... فَإِن أراجع فَإِنِّي مُحصن زاني) (وَكَيف أمدحهم والمدح يفضحهم ... إِن الْمسيب للجاني هُوَ الْجَانِي) (قوم تراهم غضابى حِين تنشدهم ... لكنه يَشْتَهِي مدحا بمجان) الْبَيْت من قَول الْقَائِل (عُثْمَان يعلم أَن الْمَدْح ذُو ثمن ... لكنه يَشْتَهِي مدحا بمجان) // من الْبَسِيط // رَجَعَ (ورابني غيظهم فِي هجو غَيرهم ... وَإِنَّمَا الشّعْر معصوب بعثمان) (مَا كل غانية هِنْد كَمَا زَعَمُوا ... وَرُبمَا سبّ كشحان بكشحان) (فَسَوف يَأْتِيك مني كل شاردة ... لَهَا من الْحسن وَالْإِحْسَان نسجان) (يَقُول من قرعت يَوْمًا مسامعه ... قد عَن حسان فِي تقريظ غَسَّان) (الوشي من أَصْبَهَان كَانَ مجتلبا ... فاليوم يهدى إِلَيْهَا من خُرَاسَان) (قد قلت إِذْ قيل إِسْمَاعِيل ممتدح ... لَهُ من النَّاس بخت غير وَسنَان) (النَّاس أَكيس من أَن يمدحوا رجلا ... حَتَّى يرَوا عِنْده آثَار إِحْسَان) الْبَيْت كُله تضمين وَمن أُخْرَى (كتبت ابْن عباد إِلَيْك وحالتي ... كَحال صد طمت عَلَيْهِ مناهله) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 (وَمَا تركت كَفاك فِي خصَاصَة ... وَلَكِن شوقا قد غلت بِي مراجله) (أَبيت إِذا أجريت ذكرك منشدا ... كَأَنَّك تعطيه الَّذِي أَنْت سائله) // من الطَّوِيل // المصراع تضمين وَمن أُخْرَى فِي عضد الدولة (أضحت ثِيَاب فَنًّا خسرو مزررة ... على هزبر وإنسان وصمصام) (الْقَائِل القَوْل عي السامعون بِهِ ... فَمِيلُوا بَين أَوْهَام وأفهام) (وَالْفَاعِل الفعلة الغراء لامعة ... أوضاحها بَين أَقْلَام وأعلام) (والتارك التّرْك والخذلان ينشدهم ... يَا بؤس للْجَهْل ضِرَارًا لأقوام) // من الْبَسِيط // المصراع للنابغة الذبياني وَمِنْهَا (أغنيتني عَن أنَاس كَانَ بَعضهم ... عُذْري ومكثي فِيهِ بعض إجرامي) (المبغضين ليَوْم الْفطر جهدهمْ ... لأَنهم قطعوه غير صوام) (قوم إِذا مر ضيف دحرجوا حجرا ... وأسموا الْيَوْم يَوْم الْعِيد أَو رام) (قد قدمُوا نَفرا قبلي فأنشدهم ... فضلي وَنقص الألى لاقوا بإكرام) (قدمت قبلي رجَالًا لم يكن لَهُم ... فِي الْحق أَن يلْحقُوا الْأَبْوَاب قدامي) تضمين كُله وَمن أُخْرَى (لَو أَنَّك قد أَبْصرت تاشا وفائقا ... على ظهر يخت أدبر الظّهْر رازم) (وَقد كتب الإدبار فِي جبهتيهما ... بإنشاء مقمور وتحرير نادم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 (فَلَا تأمنن الدَّهْر حرا ظلمته ... فَإِن نمت فَاعْلَم أَنه غير نَائِم) // من الطَّوِيل // تضمين كُله وَمن أُخْرَى (وقائع لَو مرت بسمع ابْن غَالب ... لما قَالَ مَا بَين الْمصلى وراقم) (أَتَتْنِي ورحلي بِالْمَدِينَةِ وقْعَة ... لآل تَمِيم أقعدت كل قَائِم) // من الطَّوِيل // الْبَيْت للفرزدق قَالَه حِين سمع وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ قتل وَكِيع بن أبي الْأسود لقتيبة بن مُسلم (سل الله واسأل آل بوية إِنَّهُم ... بحار الْمَعَالِي لَا بحار الدَّرَاهِم) (تحبهم الْبلدَانِ فَهِيَ نواشز ... على كل زوج بعدهمْ أَو محارم) (إِذا رامها أعداؤهم تَركتهم ... لم يلقهم إِلَّا بِرُمْح وصارم) (ممالك قد نادت عَلَيْهِم حروبهم ... بطول القنا يحفظن لَا بالتمائم) وَمن أُخْرَى كتب بهَا من أرجان إِلَى الصاحب وصف فِيهَا الْحمى (وَلَو أَبْصرت فِي أرجان نَفسِي ... عَلَيْهَا من أبي يحيى ذمام) (ولي من أم ملدم كل يَوْم ... ضجيج لَا يلذ لَهُ مَنَام) (مقبلة وَلَيْسَ لَهَا ثنايا ... معانقة وَلَيْسَ لَهَا الْتِزَام) (كَأَن لَهَا ضرائر من غذائي ... فيغضبها شرابي وَالطَّعَام) (إِذا مَا صافحت صفحات وَجْهي ... غَدا ألفا وَأمسى وَهُوَ لَام) (إِذا لرأيت عَبدك والمنايا ... تصيح بِهِ تنبه كم تنام) (وَمَا أستبكاك من بعدِي أَسِير ... يرض عِظَامه الْحق الْعِظَام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 (وَلَا ترجع ثَكْلَى خلف نعش ... أمحمول على النعش الْهمام) // من الوافر // التَّضْمِين للنابغة الذبياني (وَلَا ترديد صب وَهُوَ باك ... سقيت الْغَيْث أَيهَا الْخيام) (وَلَوْلَا فقد وَجهك لم أعبس ... على ضيف يُقَال لَهُ الْحمام) (فَمَا فِي الْعَيْش لَوْلَا أَنْت طيب ... وَلَا فِي الْمَوْت لَوْلَا أَنْت ذام) (وَكنت ذخرت أفكاري لوقت ... فَكَانَ الْوَقْت وقتك وَالسَّلَام) (وَكنت أطالب الدُّنْيَا بَحر ... فَأَنت الْحر انْقَطع الْكَلَام) (وَلما سرت عَنْك رَأَيْت نَفسِي ... وَبَين الْقلب وَالرجل اختصام) (فَذَاك يَقُول مِنْك السّير عَنهُ ... وَتلك تَقول مِنْك الإغترام) (وسائلني بعلمك من أرَاهُ ... وَقَالُوا مَا وَرَاءَك يَا عِصَام) (فَقلت زَكَاة مَا يحويه علم ... لمن لغلامه مثلي غُلَام) آخِره تضمين وَمن أُخْرَى (وَيشْرب لَكِن فِي إِنَاء من الثرى ... رحيقا خوابيها الطلا والمناكب) (وَيسمع لَكِن الْغناء مدائح ... ويكنز لَكِن الْكُنُوز مَنَاقِب) (لَو أَن حبيبا كَانَ لاقاه لم يقل ... وَأكْثر آمال النُّفُوس الكواذب) // من الطَّوِيل // آخِره تضمين وَمن أُخْرَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 (وَفِي الدست شخص ودت الأنجم ... الَّتِي تقابله لَو أَنَّهُنَّ مجَالِس) (فَلَا تعجبوا أَن يحمل الدست عسكرا ... فَمَا كل أَمر تَقْتَضِيه المقايس) (وَأَن يسع الدست اللَّطِيف لعالم ... فقد وسعت اسْم الْإِلَه قراطس) (أَمِين إِذا مَا النَّاس مالوا لغيره ... ومحترس من مثله وَهُوَ حارس) // من الطَّوِيل // المصراع الْأَخير تضمين لعبد الله بن همام سَار مثلا وَمِنْهَا (وَكنت امْرأ لَا أنْشد الدَّهْر خَالِيا ... سوى بَيت ضرّ نجمه الدَّهْر ناحس) (أقلي عَليّ اللوم يَا أم مَالك ... وذمي زَمَانا سَاد فِيهِ القلاقس) الْبَيْت كَمَا هُوَ لعبد الله بن همام (فَأصْبح إنشادي لبيت إِذا جرى ... فَفِيهِ نديم ممتع ومؤانس) (وَدَار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بهَا أثر جَدِيد ودارس) الْبَيْت لأبي نواس وَمن أُخْرَى (يَا من يدرس خَالِيا حجابه ... سهل الْحجاب مؤدب الخدام) (كم تطرد الدُّنْيَا وَترجع بعد مَا ... قد طلقت تَطْلِيقَة الْإِسْلَام) // من الْكَامِل // المصراع الْأَخير لِابْنِ هرمة (فَكَأَنَّهَا شِيعِيَّة قمية ... وَكَأن سيدنَا الْوَزير إمامي) (وَيَقُول للخطاب غَيْرك لَيْسَ ذَا ... وَقت الزِّيَادَة فارجعي بِسَلام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 من بَيت جرير (طرقتك صائدة الْقُلُوب وَلَيْسَ ذَا ... وَقت الزِّيَارَة فارجعي بِسَلام) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (وجدنَا ابْن عباد يُؤَدِّي فرائضا ... من الْمجد ظنتها اللئام النوافلا) (جدير بِأَن يغشى الكريهة منشدا ... أقَاتل حَتَّى لَا أرى لي مُقَاتِلًا) // من الطَّوِيل // المصراع لزيد الْخَيل وَمن أُخْرَى (تعاصيهم أسيافنا فَكَأَنَّمَا ... يرين بَرِيئًا من سفكن لَهُ دَمًا) (كَأَن ظباها سَاعَة الروع علمت ... وَلنْ تَسْتَطِيع الْحلم حَتَّى تحلما) // من الطَّوِيل // المصراع الْأَخير لحاتم الطَّائِي وَمن عضدية (وَكم عصبَة قرحي عصوك فَأَصْبحُوا ... بهم يومهم خمر وَفِي غدهم أَمر) (وصارخة للزَّوْج كَانَ غنَاؤُهَا ... لَهَا كنية عَمْرو وَلَيْسَ لَهَا عَمْرو) // من الطَّوِيل // من بَيت أبي صَخْر الْهُذلِيّ (أَبى الْقلب إِلَّا حبها عامرية ... لَهَا كنية عَمْرو وَلَيْسَ لَهَا عَمْرو) من الطَّوِيل // رَجَعَ (فصيرتها ثَكْلَى وَأصْبح قَوْلهَا ... كَذَا فليجل الْخطب وليفدح الْأَمر) المصراع الْأَخير تضمين وَمن قصيدة فِي أبي نصر بن العميد (لَئِن كنت أضحي من عطاياك شَاعِرًا ... لقد صرت أمسي من جنابك مفحما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 (أَبيت إِذا أجريت ذكرك منشدا ... وَأَن أَعتب الْأَيَّام فِيهِ فَرُبمَا) (وَمَالِي من الْأَصْوَات مقترح سوى ... أعالج وجدا فِي الضَّمِير مكتما) // من الطَّوِيل // المصراع الْأَخير للبحتري وَمن قصيدة فِي الْأَمِير أبي نصر الميكالي (نجر ذيول الْفَخر حَتَّى كأننا ... لعزتنا فِي آل ميكال ننتمي) (هم شحمة الدُّنْيَا فَإِن نتعدهم ... إِلَى غَيرهم نحصل على الفرث وَالدَّم) (سقى الله ذَاك الرَّوْض جودا كجودهم ... وصير آجال العداة إِلَيْهِم) (وَأبقى أَبَا نصر ليربي عَلَيْهِم ... سِنِين كَمَا أربى بَنِينَ عَلَيْهِم) (وعاش إِلَى أَن يتْرك النَّاس مدحه ... وَمن ذَا الَّذِي يَرْجُو إياب المثلم) // من الطَّوِيل // وَفِي الْأَمْثَال لَا أفعل ذَاك حَتَّى يؤوب المثلم (هُوَ الْحر لَا يحبو بِثَوْب مطرز ... غسيل وَلَا يَدْعُو بكيس مختم) (وَلَا يعْدم الراؤون مِنْهُ ثَلَاثَة ... عَطاء وعذرا وانبساطا لديهم) (ويعذب إِن ينصف كَمَا عذبت نعم ... ويثقل إِن يظلم كَمَا ثقلت لم) (صفوح عَن الْجُهَّال ينشد فعله ... ويشتم بالأفعال لَا بالتكلم) المصراع تضمين وَهُوَ جاهلي مَعْرُوف وَمن قصيدة فِي الهجاء (زمن الْمُرُوءَة عَهده بفتوة ... عهدي بترك الشّرْب فِي شَوَّال) (غَضْبَان ينشد حِين يبصر سَائِلًا ... كفي دعاءك إِنَّنِي لَك قالي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 (وَله مواعد قد حكت فِي طولهَا ... آلت أُمُور الشّرك شَرّ مآل) // من الْكَامِل // الْبَيْت ابْتِدَاء قصيدة لأبي تَمام فِي المزنيين وَمن أُخْرَى (مَتى مَا زرتهم أوصيت أَهلِي ... وَصِيَّة عَائِد بالجرم بَادِي) (بتجديد الصنادق للهدايا ... وتوسيع المرابط للجياد) (وَإِن ودعتهم أنشدت فيهم ... سقى عهد الْحمى سيل العهاد) // من الوافر // المصراع لأبي تَمام وَمن أُخْرَى فِي شمس الْمَعَالِي (شموس لَهُنَّ الخدر والبدر مغرب ... فطالعها بالبين والهجر غارب) (ولكنما شمس الْمَعَالِي خلَافهَا ... مشارقه لَيست لَهُنَّ مغارب) (فَمَا لقبوه الشَّمْس إِلَّا وَقد رووا ... بأنك شمس والملوك كواكب) // من الطَّوِيل // المصراع الْأَخير من بَيت النَّابِغَة (أَقُول لزوار الْأَمِير ترجلوا ... فَمن زَارَهُ من راجل فَهُوَ رَاكب) (وَإِن زَارَهُ الفرسان كنت كفيلهم ... بِأَن يرجِعوا وَالْخَيْل فيهم جنائب) (إِذا رجعُوا عَن بَابه فنشيدهم ... وَإِن سكتوا أثنت عَلَيْهِ الحقائب) (أَلا أبلغوا عني الْأَمِير رِسَالَة ... تدل على أَنِّي على الدَّهْر عَاتب) (إِلَى كم يحل الْمَرْء مثلك بَلْدَة ... بهَا مِنْبَر فِيهَا لغيرك خَاطب) (لقد هان من أَمْسَى ببلدة غَيره ... وَقد ذل من بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 هَذِه من سقطاته وعرره الْوَاقِعَة فِي غرره فَإِن فِيهِ سوء أدب وَهُوَ بالتقريع أشبه مِنْهُ بالتقريظ وَلَيْسَ مِمَّا يُخَاطب بِهِ الْمُلُوك وَمِمَّا زل فِيهِ أقبح زلَّة قَوْله من قصيدة فِي الصاحب وَقد اعتل (نعوا لي نفس الْمجد سَاعَة أخبروا ... بِمَا يشتكي من سقمه ويمارس) // من الطَّوِيل // فَإِن فِي لَفظه النعي مَا فِيهَا من الطَّيرَة إِذْ هِيَ مِمَّا يَقع فِي المرثية لَا فِي العيادة ثمَّ قَالَ (فَهَلا فدَاه مِنْهُ من لَيْسَ مثله ... وَمن ربعه فِي ساحة الْجُود دارس) (جزى الله عني الدَّهْر شرا فَإِنَّهُ ... يضايقني فِي وَاحِد وينافس) وَمن سقطاته الْمُنكرَة قَوْله للصاحب من قصيدة (ومهيب كَأَنَّمَا أذْنب النَّاس ... إِلَيْهِ فهم مغشون ذلا) (وظريف كَأَن فِي كل فعل ... من أفاعيله عرائس تجلى) // من الْخَفِيف // فَإِن الكبراء والمحتشمين لَا يوصفون بالظرف إِذْ هُوَ من أَوْصَاف الْأَحْدَاث والقيان والشبان وَلم يرض بالفرطة فِي هَذِه اللَّفْظَة حَتَّى شبه أفاعيله بعرائس تجلى فَلَو مدح مخنثا لما زَاد والكامل من عدت سقطاته وَلكُل جواد كبوة وَلكُل عَالم هفوة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 وَهَذِه غرر من مدحه وَمَا يتَّصل بهَا فَمن ذَلِك قَوْله من عضدية (غَرِيب على الْأَيَّام وجدان مثله ... وَأغْرب مِنْهُ بعد رُؤْيَته الْفقر) (فَلَا حر إِلَّا وَهُوَ عبد لجوده ... وَلَا عبد إِلَّا وَهُوَ فِي عدله حر) (عجبت لَهُ لم يلبس الْكبر حلَّة ... وَفينَا لِأَن جزنا على بَابه كبر) // من الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى (مَتى أشق رواق الْملك تلحظني ... عين امْرِئ بغيوب الْمجد علام) (مَتى أرى قمر الدِّيوَان مطلعا ... فِي سطو بهْرَام بل فِي ملك بهْرَام) (مَتى أقبل فرشا لَا يقبله ... عاف فَيُفَرق بَين الترب والسام) (مَالِي أَبيت بشيراز وَأصْبح فِي ... دَاري فدت يقظتي نومي وأحلامي) (مَا يطْلب الْحلم من قلبِي يقلبه ... عِنْدِي من السقم مَا يَكْفِيهِ أسقامي) (أَصبَحت أشكر لَيْلًا أشتكي غده ... اللَّيْل عوني وَالْأَيَّام غرامي) (وَالْأَرْض تعلم أَنِّي سَوف أمسحها ... حَتَّى أرى من يرى بِاللَّيْلِ أوهامي) // من الْبَسِيط // وَمن أرجوزة (يَا عضد الدولة من يمناها ... يَا مهجة قَالَت لَهَا أَعْلَاهَا) (من أَسخط الدِّرْهَم أرْضى الله ... وَمن أَزَال المَال صان الجاها) // من الرجز // وَقَالَ من قصيدة (بحَمْدك لَا بِحَمْد النَّاس أضحي ... وَكيلِي لَيْسَ يَكْفِيهِ وَكيل) (وَكَانُوا كلما كالوا وزنا ... فصرنا كلما وزنوا نكيل) (وزدت من الْعِيَال وَذَاكَ أَنِّي ... كتبت على لقائك من أعول) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 وَمن صاحبية (وأبيض وضاح الجبين كَأَنَّمَا ... محياه قد درت عَلَيْهِ شمائله) (يقبل رجلَيْهِ رجال أقلهم ... تقبل فِي الدست الرفيع أنامله) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (أقبل أشعاري إِذْ اسْمك حشوها ... وأشتم ملبوسي لِأَنَّك باذله) (وأخطر فِي حافات دَار ملأتها ... طرائف بَاقِي الْعَيْش مِنْهَا وَحَاصِله) وَله من أُخْرَى (وَأَنت امْرُؤ أَعْطَيْت مَا لَو سَأَلته ... إلهك قَالَ النَّاس أسرفت سَائِلًا) (وَإِنِّي وإلزاميك بالشعر بَعْدَمَا ... تعلمته مِنْك الذرى والفواضلا) (كملزم رب الدَّار أُجْرَة دَاره ... وَمثلك أعْطى من طَرِيقين نائلا) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (وَلَقَد عهِدت الْعلم أكسد من ... بهتان فِرْعَوْن لَدَى مُوسَى) (فَأَقَامَ قَاعد سوقه رجل ... ميت الرَّجَاء بِبَابِهِ يحيا) (فالعلم أصبح فِي الورى علما ... وَالشعر أَمْسَى يسكن الشعرى) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (بنيت الدَّار عالية ... كَمثل بنائك الشرفا) (فَلَا زَالَت رُؤُوس عداك ... فِي حيطانها شرفا) // من مجزوء الوافر // وَمن قصيدة فِي مؤيد الدولة ذكر فِيهَا افتتاحه قلعة من أبكار القلاع واستنزاله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 صَاحبهَا الْمُسَمّى كوشيار مِنْهَا (وَكنت سَمَاء والعجاج سحائبا ... وخيلك أبراجا وجيشك أنجما) (وأنزلت مِنْهَا كوشيار وَإِنَّمَا ... تقنصت من فَوق المجرة ضيغما) (عرفتك صياد الْأسود وَلم أكن ... عرفتك صياد الْأسود من السما) (خدمتكم يَا آل بوية مُدَّة ... غَدا بَينهَا فرخ الْوَسَائِل قشعما) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى فِي أبي الْحُسَيْن الْمُزنِيّ (كلم هِيَ الْأَمْثَال إِلَّا أَنَّهَا ... فِي النَّاس قد أضحت بِلَا أَمْثَال) (فَإِذا لقين فَإِنَّهُنَّ عوالي ... وَإِذا شممن فَإِنَّهُم غوالي) // من الْكَامِل // وَمن صاحبية (تَأَخّر عَن كتبي الْجَواب وَإِنَّمَا ... تَأَخّر برد المَاء عَن كبد حرى) (فَلَا تفسدن عشْرين ألفا وهبتها ... بِعشْرين حرفا كلامك تستمرى) // من الطَّوِيل // وَمن ميكالية (فديتك مَا بدا لي قصد حر ... سواك من الورى إِلَّا بدا لي) (وَإنَّك مِنْهُم وكذاك أَيْضا ... من المَاء الفرائد واللآلي) (وتسكن دَارهم وَكَذَلِكَ سُكْنى الْحِجَارَة ... والزمرد فِي الْجبَال) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 وَهَذِه فقر من مراثيه قَالَ من قصيدة رثا بهَا ركن الدولة أَبَا عَليّ (أَلَسْت ترى السَّيْف كَيفَ انثلم ... وركن الْخلَافَة كَيفَ انْهَدم) (طوى الْحسن بن بويه الردى ... أيدري الردى أَي جَيش هزم) // من المتقارب // وَمِنْهَا أَيْضا (طَوِيل الْقَنَاة قصير العدات ... ذميم العداة حميد الشيم) (فصيح اللِّسَان بديع البنان ... رفيع السنان سريع الْقَلَم) (يَكِيل الرِّجَال بأقدارها ... ويرعى البيوتات رعي الْحرم) (جواد عَلَيْهِم بخيل بهم ... إِذا سَاءَ خص وَإِن سر عَم) (فيا دهر سحقا وَلَا تحتشم ... فقد ذهب الرجل المحتشم) (وَخط الفناء على قَبره ... بِخَط البلا وبنان السقم) (إِذا تمّ أَمر دنا نَقصه ... توقع زوالا إِذا قيل تمّ) وَمِنْهَا (إِذا كَانَ يبكي الورى بالدموع ... وتبكي بِهن فَأَيْنَ الْقيم) (وَقد سَاءَنِي عطل الدَّهْر مِنْك ... وَقد كنت حليا عَلَيْهِ انتظم) (فَمَا يسْتَحق الزَّمَان اللَّئِيم ... مقامك فِيهِ وَأَنت الْكَرم) وَله من أُخْرَى فِي مرثية أبي الْفَتْح بن العميد (يَا دهر إِنَّك بِالرِّجَالِ بَصِير ... فلطالما تجتاحهم وتبير) (يَا دهر غَيْرِي من خدعت بباطل ... وَابْن العميد مغيب مقبور) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 (الْآن نادتنا التجارب طلقوا ... دنياكم إِن السرُور غرور) (يَا دهر ظلّ لمخلبيك فريسة ... رجل لعمري لَو علمت كَبِير) (رجل لَو أَن الْكفْر يحسن بعده ... هجي الْقَضَاء وأنب الْمَقْدُور) (أَشْكُو إِلَيْك النَّفس وَهِي كئيبة ... وأذم فِيك الدمع وَهُوَ غزير) (وَأَقُول للعين الغزير بكاؤها ... خطب لعمري لَو عميت يسير) (قد مت بعْدك ميتَة مستورة ... قد سَاقهَا لي موتك الْمَشْهُور) (ودفنت فِي قبر الهموم وضمني ... كفنان ضيق الصَّدْر والتفكير) (ضحِكت إِلَيْك الْحور ضحكك كلما ... وافاك ضيف أَو أَتَاك فَقير) (وضفت عَلَيْك ذيول رَحْمَة رَبنَا ... وَالله بر بالجواد غَفُور) (وَسَقَى ضريحك مستهل عمره ... شهر وَعمر النبت مِنْهُ شهور) (جود ككفك أَو كعيني أَو دم ... أجراه سَيْفك فِي العدى مَشْهُور) (أَهْوى الْقِيَامَة لَا لشَيْء أَن ... أَلْقَاك فِيهَا والأنام حُضُور) (وَأحب فِيك الْمَوْت علما أنني ... بعد الْمَمَات إِلَى اللِّقَاء نصير) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (أسرك أَن الدَّهْر يجني لما جنى ... وَلم يَك فِي الْأَحْبَار وَالنّصب يَدعِي) (فيا عجبي من ناصبي وفرحة ... وأعجب مِنْهُ الْحزن فِي المتشيع) (وأعجب من هذَيْن إظهارك الأسى ... لمن غَابَ عَن دَار الأسى والتوجع) (ألم تَرَ أَن الله قَالَ تمَتَّعُوا ... قَلِيلا وَلم يبْق قَلِيل التمتطع) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى يرثي بهَا مؤيد الدولة ويعزي ويهني فَخر الدولة (رزئت أَخا لَو خير الْمجد فِي أَخ ... من النَّاس طهرا مَا عداهُ وَلَا اسْتثْنى) (وَقد جَاءَت الدُّنْيَا إِلَيْك كَمَا ترى ... طفيلية قد جاوبت قبل أَن تدعى) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 (صبَّتْ بك عشقا وَهِي معشوقة الورى ... فقد أَصبَحت قيسا وعهدي بهَا ليلى) (وَلما رَأَتْ خطابها تَركتهم ... وَلم ترض إِلَّا زَوجهَا الأول الأولى) (وَلم تتساهل فِي الكفي وَلم تقل ... رضيت إِذا مَا لم تكن إبل معزى) (على أَنَّهَا كَانَت جفتك تذللا ... فخليتها حَتَّى أَتَت تطلب الرجعى) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة رثى بهَا أَبَا سعيد الشيبي وَكَانَ وادا لَهُ عاتبا عَلَيْهِ (أيدري السَّيْف أَي فَتى يبيد ... وأية غَايَة أضحى يُرِيد) (لقد صادت يَد الْأَيَّام طيرا ... تضيق بِهِ حبالة من يصيد) (وَأصْبح فِي الصَّعِيد أَبُو سعيد ... أَلا إِن الصَّعِيد بِهِ سعيد) (وَقد كَانَت تضيق الأَرْض عَنهُ ... فَلم وسعت لجثته اللحود) (بِلَا مس الثرى قلبا رحيبا ... فأعدى الترب فاتسع الصَّعِيد) (فَلَا أَدْرِي أأضحك أم أبْكِي ... وتهدمني الْمنية أَو تشيد) (صديق فقد فقدناه قديم ... وثكل قد وَجَدْنَاهُ جَدِيد) (مصاب وَهُوَ عِنْد النَّاس نعمى ... ونحس وَهُوَ عِنْد النَّاس عيد) (تهنيني الْأَنَام بِهِ وَلَكِن ... تعزيني المواثق والعهود) (وَسيف قد ضربت بِهِ مرَارًا ... فَمن ضرباته بِي لي شُهُود) (فَلَمَّا أَن تفلل ظلت أبْكِي ... وَعِنْدِي مِنْهُ فعد دم جسيد) (وَمن عجب اللَّيَالِي أَن خصمي ... يبيد وَأَن حزني لَا يبيد) (وَأَن النّصْف من عَيْني جمود ... وَإِن النّصْف من قلبِي جليد) (إِذا سفحت عَلَيْهِ دموع عَيْني ... نهاها الهجر مِنْهُ والصدود) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 (وآثار لَهُ عِنْدِي قباح ... يجمش بَينهَا الرَّأْس الْحَدِيد) (فَنصف من مدامعها سخين ... وَنصف من مدامعها برود) (فَمن هَذَا رأى فِي النَّاس مثلي ... أُرِيد من المنى مَا لَا أُرِيد) (وَمن نكد الْمنية فقد حر ... تخَالف فِيهِ إخْوَانِي الشُّهُود) (فَذا هنى وَقَالَ مضى عَدو ... وَذَا عزى وَقَالَ مضى وديد) (رَأَيْت الْعقل ينفع وَهُوَ قصد ... ويلقي فِي المهالك إِذْ يزِيد) (كَمثل الدرْع إِن خفت أجنت ... وَإِن ثقلت فحاملها جهيد) (وَمثل المَاء يروي مِنْهُ قصد ... وَيقتل مِنْهُ بِالْغَرَقِ الْمَزِيد) (شهِدت بِأَن دهرا عِشْت فِيهِ ... ومت مُقَيّدا فَردا مبيد) (وَقَالُوا الْبَحْر جزر ثمَّ مد ... فَمَا لَك قد جزرت وَلَا تعود) (بَكَيْت عَلَيْك بِالْعينِ الَّتِي لم ... تزل من سوء فعلك بِي تجود) (فقد أبكيتني حَيا وَمَيتًا ... فَقل لي أَي فَعَلَيْك الرشيد) (فها أَنا ذَا المهنأ والمعزى ... وَهَا آنا ذَا المباغض والودود) (وَهَا أَنا ذَا الْمُصَاب بك الْمعَافى ... وَهَا أَنا ذَا الشقي بك السعيد) (لقد غادرتني فِي كل حَال ... أَذمّ الدَّهْر فِيك وأستزيد) (فَلَا يَوْم تَمُوت بِهِ مجيد ... وَلَا يَوْم تعيش بِهِ حميد) (وَمَا أَصبَحت إِلَّا مثل ضرس ... تَأْكُل فَهُوَ مَوْجُود فقيد) (فَفِي تركي لَهُ دَاء دوِي ... وَفِي قلعي لَهُ ألم شَدِيد) (فَلَا تبعد إِقَامَة رسم حق ... وَإنَّك أَنْت للشَّيْء الْبعيد) (وَإنَّك أَنْت للسيف الْحَدِيد ... وَإنَّك أَنْت للْعلم السديد) (وَإنَّك أَنْت الدُّنْيَا جَمِيعًا ... وَلَكِن لَيْسَ للدنيا خُلُود) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 وَله من قصيدة يرثي بهَا أَبَا الْحسن المحتسبي (وَصَاحب لي لَو حلت رزيته ... بالطير مَا هَتَفت يَوْمًا على فنن) (عاشرته عشرَة لَو أَنَّهَا وَقعت ... بَين الضُّحَى والدجى سارا على سنَن) (حَتَّى إِذا نلْت سؤلي من مواهبه ... وصادني بشباك الْوَصْل والمنن) (ثكلته بعد مَا سَارَتْ محاسنه ... فِي الْعظم وَاللَّحم سير المَاء فِي الْغُصْن) (يَا دهر أثكلتني حَتَّى أَبَا الْحسن ... لقد أمنت عَلَيْهِ غير مؤتمن) (وصلت سهمك مني يَوْم قتلكه ... فِي مقتل الْقلب لَا فِي مقتل الْبدن) (جمعت ضدين من خرق وَمن أدب ... بَطش الجهول ومكر الْعَاقِل الفطن) (قد كنت أعجب لم أخرت من أَجلي ... فَالْآن أَدْرِي لماذا كنت تذخرني) (وَلم يكن فِي الورى ذَا منظر حسن ... فِي مخبر حسن إِلَّا أَبُو حسن) // من الْبَسِيط // وَله فِي عَائِد بن عَليّ لما ضَربته السمُوم فَهَلَك (عَائِد قد دَعَا بِهِ المعبود ... وَجَمِيع الورى إِلَيْهِ يعود) (أهلكته السمُوم فِي أَرض مكران ... وَللَّه فِي الرِّيَاح جنود) // من الْخَفِيف // وَله فِي أبي سهل البستي الْكَاتِب (مَاتَ أَبُو سهل فواحسرتا ... إِن لم يكن قد مَاتَ مذ جمعه) (مَا حزني إِلَّا لِأَن لم يمت ... بِمَوْتِهِ من أَهله تسعه) (مُصِيبَة لَا غفر الله لي ... إِن أَنا أذريت لَهُ دمعه) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 وَهَذِه نتف من أهاجيه فِي خلفاء الْعَصْر قَالَ (مَالِي رَأَيْت بني الْعَبَّاس قد فتحُوا ... من الكنى وَمن الألقاب أبوابا) (ولقبوا رجلا لَو عَاشَ أَوَّلهمْ ... مَا كَانَ يرضى بِهِ للحش بوابا) (قل الدَّرَاهِم فِي كفي خليفتنا ... هَذَا فأنفق فِي الأقوام ألقابا) // من الْبَسِيط // وَله فِي علوي ناصبي (شرِيف فعله فعل وضيع ... دنيء النَّفس عِنْد ذَوي الجدود) (عوار فِي شريعتنا وَفتح ... علينا لِلنَّصَارَى وَالْيَهُود) (كَأَن الله لم يخلقه إِلَّا ... لتنعطف الْقُلُوب على يزِيد) // من الوافر // وَله فِي فَقِيه (مجبر صير ابْنه ناصبيا ... مجبرا مثله وَتلك عجيبه) (لَيْسَ يرضى أَن يدْخل النَّار فَردا ... سَاعَة الْحَشْر أَو يَقُود حَبِيبه) // من الْخَفِيف // وَله فِي أبي سعيد بن مله (أَبُو سعيد زحل للكرام ... ومنسف ينسف عمر الْأَنَام) (لم أره إِلَّا خشيت الردى ... وَقلت يَا روح عَلَيْك السَّلَام) (يبْقى ويفنى النَّاس فِي شؤمه ... قومُوا انْظُرُوا كَيفَ بخوت اللئام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 (ثمَّ ترَاهُ سالما آمنا ... يَا ملك الْمَوْت إِلَى كم تنام) // من السَّرِيع // وَله فِيهِ (أرى لَك أفعالا تنَاقض أمرهَا ... على أَنَّهَا فِي الْقبْح والعار وَاحِد) (نبيذك ذَا حُلْو ووجهك حامض ... وماؤه ذَا سخن وفعلك بَارِد) // من الطَّوِيل // وَله فِي أبي الطّيب الْبَيْهَقِيّ (يبكي من الْمَوْت أَبُو طيب ... دمع لعمري غير مَرْحُوم) (ويشتكي مَا يَشْتَهِي غَيره ... شكاية الْخَيْر من الشوم) (ساكتنا الشَّيْخ أَبُو طيب ... والصمت أَحْيَانًا من اللوم) // من السَّرِيع // وَله فِيهِ (فسا الشَّيْخ سَهوا وَفِي كَفه ... شراب فلمناه لوما قبيحا) (فَقَالَ لي الدخل والخرج لي ... فأدخلت رَاحا وأخرجت ريحًا) // من المتقارب // وَله فِي نديم حمامي (قل لمن ينْكح بالعيون ... جواري الأصدقاء) (وَالَّذِي يعْتَقد الْملك ... لَهُ قبل الشِّرَاء) (أَنْت وَالله نشيط الأير ... كسلان الْوَفَاء) (لَيْت قلبِي قد من أيرك ... فِي بَاب الذكاء) (أمْهل الساقي وَلَا تخجله ... بَين الندماء) (أَنا بالساقي كَفِيل لَك ... من بعد الْعشَاء) (فَإِذا مَا انْصَرف النَّاس ... فجد لي بِالْأَدَاءِ) (لَك أير جاهلي ... من أيور السُّفَهَاء) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 (يَا كثير المَاء أقرضنا ... وَلَو حمة مَاء) (أَنْت من أيرك هَذَا ... فِي عناء وبلاء) (أعظم الله لَك الْأجر ... على هَذَا العناء) // من مجزوء الرمل // وَله فِي طَاهِر السجْزِي (أَلا يَا سائلي بِأبي حُسَيْن ... وَفِي التجريب علم مُسْتَفَاد) (هُوَ ابْن سميه والطاء عين ... وَشبه كنيه وَالسِّين صَاد) // من الوافر // وَله من قصيدة (فَإِن أسكن ببلدة ابْن شهر ... فَإِن الْبَدْر ينزل فِي الظلام) (أصغرها وَإِن عظمت وَلَكِن ... لَهَا أهلون لَيْسُوا بالعظام) (وفرسان وَلَكِن فِي الحشايا ... وأجواد وَلَكِن بالْكلَام) (صغَار بالمطالب والسجايا ... وَإِن كَانُوا كبارًا بالعظام) // من الوافر // وَله أَيْضا (أَبُو زيد فَتى حر وَلَكِن ... لنا فِي أَمر ذَاك الْحر ظَنّه) (أرَاهُ يَشْتَرِي الغلمان سُودًا ... عفاريتا فيوهمني بِأَنَّهُ) // من الوافر // وَله فِي فائق وَقد قصد الْأَمِير أَبَا عَليّ لمحاربته (قد خطب الصفع قفا الْخصي ... فمرحبا بالخاطب الكفي) (ورحل الباز إِلَى الكركي ... فأبشروا بِلَحْمِهِ الطري) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 وَله فِي أبي سعيد رَجَاء وَأبي الْقَاسِم الْعَبَّاس ابْني الْوَلِيد (وَلما أَن رَأَيْت ابْني وليد ... وَبَينهمَا اخْتِلَاف فِي الفعال) (وهبت قَبِيح ذَا الْجَمِيل هَذَا ... وأسلفت العواقب والليالي) (إِذا الْيَد أَحْسَنت مِنْهَا يَمِين ... فسوغنا لَهَا ذَنْب الشمَال) // من الوافر // وَله فِي رجل جليت ابْنَته على الختن وَهِي مِنْهُ حُبْلَى لأشهر (يَا جالي الْبِنْت بعد مَا ثقبت ... تبزر الْقدر بعد مَا قلبت) (هَذَا كَمَا قد يُقَال فِي مثل ... جصصت الدَّار بعد مَا خربَتْ) // من المنسرح // وَهَذِه فقر وظرف لَهُ فِي فنون مُخْتَلفَة قَالَ من قصيدة (لَا يصغر الرجل الْكَبِير ... بِعشْرَة الرجل الصَّغِير) (بل يكبر الرجل الصَّغِير ... بِخِدْمَة الرجل الْكَبِير) (ويركب التبر النفيس على ... الدنيء من السيور) (مَاذَا يضر الْبَدْر قرب ... النَّجْم مِنْهُ المستنير) (بل مَا يضر السَّيْل مجْرَاه ... على الأَرْض الحدور) (بل مَا عَسى صغر السفين ... يغض من عظم البحور) (قد زادني شرفا وَلم ... ينقصهُ من شرف حضوري) (كالنار لَيْسَ بناقص ... مِنْهَا اقتباس الْمُسْتَعِير) (تلقي الْفَتى سهل الشَّرِيعَة ... للجليس وللعشير) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 (أَو مَا رَأَيْت الْبَحْر ... يغرق مِنْهُ بالخطب الْيَسِير) (وَالنَّاس مثل الْجِسْم يعْتَمد ... الْقَبِيل على الدبير) (يتحامل الْعُضْو الخطير ... بِقُوَّة الْعُضْو الحقير) (كتحامل الرمْح الطَّوِيل ... بزجه ذَاك الْقصير) // من مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (يَا أَيهَا الْخَاطِب مدحي وَهل ... يُورد من غير رشاء قليب) (شَيْئَانِ لم يجتمعا لامرئ ... حب الدَّنَانِير وَحب الحبيب) // من السَّرِيع // وَمن أُخْرَى (ولي وَالله إخْوَان كثير ... نَصِيبي من فعالهم سَوَاء) (وَلَكِنِّي رَأَيْتُك من أنَاس ... إِذا لم يحسنوا فَلَقَد أساءوا) // من الوافر // وَمن أُخْرَى (وَمَتى شتمت الدَّهْر تَشْتُم صَابِرًا ... تبْكي ويضحك ذَلِك المشتوم) // من الْكَامِل // لَا وَمن صاحبية لما ورد حَضرته مَكْتُوب من جِهَة تاش (فَإِن ردني دهري عَلَيْك طريدة ... فَلَا غرو أَن يسترجع الْقوس حَاجِب) (هُوَ الوكر طرنا والريش وَافد ... وعدنا إِلَيْهِ الْآن والريش ذَاهِب) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (جزى الله عني أهل سامان مَا أَتَوا ... وَفِي الله للثأر المضيع طَالب) (هم زوجوني الْهم بعد طَلَاقه ... وَذَلِكَ عرس للمآتم جالب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 (هم اعطشوا زرعي فشمت سحائبا ... غرائب لما أخلفتني القرائب) (فأنحوا لزرعي بالحصاد وأنضبوا ... مياها لَهَا أَيدي سواهُم مذانب) (أتحصد أَيْدِيكُم ويزرع غَيْركُمْ ... فَأنْتم جَراد والملوك سحائب) أَخذه من قَول ابْن عُيَيْنَة (أَبوك لنا غيث نَعِيش بظله ... وَأَنت جَراد لست تبقي وَلَا تذر) // من الطَّوِيل // رَجَعَ (إِذا طمع السُّلْطَان فِيمَا كسبته ... بشعري فالسلطان بالشعر كاسب) (فَأنْتم مدحتم آل بوية لَا أَنا ... وأمدح من لفظ اللِّسَان حقائب) وَمن أُخْرَى (لاحت لوجهي أنجم ... للشيب عدن بِهِ طوالع) (أودعت مِنْهُنَّ الصِّبَا ... من لَا يرى رد الودائع) (فقصصتهن وَإِنَّمَا ... دهري بمقراضي أخادع) (وَإِذا عَدوك كَانَ بعضك ... فِي الخطوب فَمن تقارع) // من مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (خضبتني الْأَيَّام لون بَيَاض ... وخضاب الْأَيَّام لَيْسَ بناضي) (وتخطتني الْمنون إِلَى شعري ... فأضحى مكفنا ببياض) (ولعمري إِنِّي لغير لَبِيب ... فِي قتال الْأَيَّام بالمقراض) // من الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 (وأراك تَشْكُو الشيب تظلمه ... والشيب زرع بزره الْعُمر) (كَالْخمرِ يجلبها الْخمار وَقد ... يهجى الْخمار ويمدح الْخمر) // من الْكَامِل // وَله فِي تلميذ عَاق (هَذَا أَبُو بكر صقلت حسامه ... فغدا بِهِ صَلتا عَليّ وأقدما) (أَمْسَى يجهلني بِمَا عَلمته ... ويريش من ريشي لرمي أسهما) (يَا منبضا قوسا بكفي أحكمت ... ومسددا رمحا بكفي قوما) (أرقيت بِي فِي سلم حَتَّى إِذا ... نلْت الَّذِي تهوى كسرت السلما) // من الْكَامِل // وَله يهجو (أَبَا نصر رويدك من حجاب ... فلست بذلك الرجل الْجَلِيل) (وَلَا تبخل بِهَذَا الْوَجْه عَنَّا ... فَلَيْسَ بذلك الْوَجْه الْجَمِيل) (وللأشعار قوم لست مِنْهُم ... وَلَكِنِّي هجوتك فِي السَّبِيل) // من الوافر // وَمن قصيدة فِي الشكوى (وَلَقَد بلوت الأصدقاء فَلم ... أر فيهم أوفى من الوفر) (وكذاك لم أر فِي العدا أحدا ... أنكى لمن عادى من الْفقر) (ذهب الْغنى وورثت عَادَته ... فَأَنا الْغَنِيّ وغيري المثري) (وتجمعت فِي اثْنَتَانِ وَلم ... يتجمعا فِي سالف الدَّهْر) (لَا يبرح المقصوص مَوْضِعه ... وَلَقَد قصصت فطرت عَن وَكري) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِي نكبة الْمُزنِيّ (وَلَقَد بَكَيْت عَلَيْك حَتَّى قد بدا ... دمعي يحاكي لفظك المنظوما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 (وَلَقَد حزنت عَلَيْك حَتَّى قد حكى ... قلبِي فؤاد حسودك المحموما) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِيهِ (قتل المواجر والعجائب جمة ... شيخ الْمَشَايِخ بل فَتى الفتيان) (لَا تعجبوا من صيد صعو بازيا ... إِن الْأسود تصاد بالخرفان) (قد غرقت أَمْلَاك حمير فَأْرَة ... وبعوضة قتلت بني كنعان) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِي أبي الْقَاسِم الْمُزنِيّ لما قبض عَلَيْهِ (وثب الصَّغِير على الْكَبِير وَقد ... يطفي التُّرَاب حرارة الْجَمْر) (لَا تعجبن فَرب ساقية ... قد كدرت طرفا من الْبَحْر) (هَذَا الحسام يفله حجر ... وَبِه قوام النَّهْي وَالْأَمر) (غصبت جذيمة نَفسه امْرَأَة ... فاصطيد ذَاك الْحر بِالْحرِّ) (هَيْهَات هَذَا الدَّهْر ألأم من ... أَن لَا يسر العَبْد بِالْحرِّ) // من الْكَامِل // وَله وَقد طلبت جَارِيَة لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم (يَا طَالبا روحي ليبتاعها ... أَنْت رَسُول الْغم والحسره) (غَدَوْت بالبدرة فَارْجِع بهَا ... لست أبيع الْبَدْر بالبدرة) // من السَّرِيع // وَله من أُخْرَى (أيا من قربه خَبره ... وَيَا من بعده عبره) (وَيَا من وَصله يَوْم ... وَيَا من هجره فتره) (وَيَا من وَصله أَعلَى ... من الشمأل بالبصره) (وَيَا من نظرة مِنْهُ ... تَسَاوِي مِائَتي بدره) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 (وَيَا من قد حكى خداه ... قلبِي فيهمَا جمره) (وَيَا من طرف من أبْصر ... بَدْرًا بعده يكره) (وَيَا من عينه جَيش ... كثيف لأبي مره) (وَيَا من نخر الشَّيْطَان ... فِي مولده نخره) (وَقَالَ الْيَوْم ألقيت ... بني آدم فِي الحفره) (وَيَا من أنذرت عَيناهُ ... عَيْني مِائَتي مره) (أيا عين ارجعي مَا كل ... وَقت تسلم الجره) (وَيَا أحسن من يسر ... يلقى صَاحب العسره) (وَمَا أعذب فِي الْأَنْفس ... من صفح على قدره) (وَيَا من لست أرضي قطّ ... بالبحر لَهُ قطره) (وَلَا أرْضى لَهُ الْبَدْر ... على إشراقه غره) (وَلَا أرْضى لَهُ الأَرْض ... على فسحتها حجره) (وَلَا أرْضى لَهُ بلقيس ... بجلوها على العذره) (وَلَا أرْضى برزق الْأنس ... وَالْجِنّ لَهُ سَفَره) (وَلَا أرْضى من الْقلب ... لَهُ عشق بني عذره) (وَلَا أرْضى لَهُ السعد ... غُلَاما والمنى سَخَّرَهُ) (وَلَا أرْضى لَهُ الرمل ... نضارا والحصى نقره) (وَلَا أرْضى لَهُ إِلَّا بنفسي ... أمة حره) (قد استخرجت من عَيْني ... عينا فِي الْهوى ثره) (فَلَو فجرتها فجرت ... مِنْهَا اثْنَتَيْ عشره) (وَقد أضجعني فَوق ... فرَاش الْهم والحسره) (وَقد علمتني كَيفَ ... يَمُوت الْمَرْء من نظره) // من الهزج // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 وَله فِي وصف الْخمر من قصيدة (وصفراء كالدينار نبت ثَلَاثَة ... شمال وأنهار ودهر محرم) (مَسَرَّة محزون وَعذر معربد ... وَكبر مَجُوسِيّ وفتنة مُسلم) (ممات لأحياء حَيَاة لمَيت ... وَعدم لمن أثرى ثراء لمعدم) (يَدُور بهَا ظَبْي تَدور عيوننا ... على عينه من شَرط يحيى بن أَكْثَم) (ينزهنا من ثغره ومدامه ... وخديه فِي شمس وَبدر وأنجم) (نهضن إِلَيْهَا والظلام كَأَنَّهُ ... معاش فَقير أَو فؤاد معلم) // من الطَّوِيل // وَله وَقد دخل إِلَى صديق لَهُ فبخره وسقاه (بخرت ثمَّ سقيت فِي دَار امْرِئ ... تضحي الْقُلُوب طوالبا لوفاقه) (فَكَأَنَّمَا سقيت من أَلْفَاظه ... وكأنما بخرت من أخلاقه) // من الْكَامِل // وَله (يَا من يحاول صرف الراح يشْربهَا ... فَلَا يلف لما يهواه قرطاسا) (الكأس والكيس لم يقْض امتلاؤهما ... ففرغ الْكيس حَتَّى تملأ الكاسا) // من الْبَسِيط // وَله (عزل الْورْد عَن أنوف الندامى ... وأتتنا ولَايَة الريحان) (فَاقْض حق الريحان بِالرَّاحِ فالريحان ... والراح فِي الورى أَخَوان) (واندب الْورْد وابكه بدموع ... من دموع الأقداح لَا الأجفان) // من الْخَفِيف // وَله (رَأَيْتُك آن الشّرْب خيمت عندنَا ... مُقيما وَإِن أعسرت زرت لماما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 (فَمَا أَنْت إِلَّا الْبَدْر إِن قل ضوؤه ... أغب وَإِن زَاد الضياء أَقَامَا) // من الطَّوِيل // وَله (سقاني الْوَجْه الْحسن ... كأسا فخليت الرسن) (وَصَارَ عِنْدِي حسنا ... قتل الْحُسَيْن وَالْحسن) // من مجزوء الرجز // وَله فِي الند (وَطيب لَا يخل بِكُل طيب ... يحيينا بِأَنْفَاسِ الحبيب) (يظل الذيل يستره وَلَكِن ... تنم عَلَيْهِ أزرار الْجُيُوب) (مَتى يشممه أنف حن قلب ... كَأَن الْأَنْفس جاسوس الْقُلُوب) // من الوافر // وَله من قصيدة (عذيري من عين الزَّمَان فَإِنَّهَا ... إِذا استحسنت مستحسنا قل طائله) (وَمَا أَنْت إِلَّا الْبَيْت غنم دُخُوله ... كثير عواديه بعيد مراحله) // من الطَّوِيل // وَله فِي باقة ريحَان (وضغث ريحَان إِذا مَا وَصفه ... واصفه قيل لَهُ زد فِي الصفه) (دققه صانعه ولطفه ... كَأَنَّهُ وشم يَد مطرفه) (أَو حَظّ وراق أدق أحرفه ... أَو زغبات طَائِر مصففه) (أَو حلَّة بخضرة مفوفه ... ) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 وَمن أرجوزه (لَا تشكر الدَّهْر لخير سَببه ... فَإِنَّهُ لم يتَعَمَّد بالهبه) (وَإِنَّمَا أَخطَأ فِيك مذْهبه ... كالسيل إِذْ يسْقِي مَكَانا خربه) (والسم يستشفي بِهِ من شربه ... مَا أثقل الدَّهْر على من رَكبه) (حَدثنِي عَنهُ لِسَان التجربه ... مَا أَهْون الشَّوْكَة قبل الرطبه) (وأسهل الكد على من أكسبه ... ) وَله (لَا تيأسن من حبيب ... إِذا توعر خلقه) (فَكلما صلب الْخبز ... كَانَ سهلا مدقه) // من المجتث // وَله (لَا تصْحَب الكسلان فِي حاجاته ... كم صَالح بِفساد آخر يفْسد) (عدوى البليد إِلَى الجليد سريعة ... والجمر يوضع فِي الرماد فيخمد) // من الْكَامِل // وَله (عَلَيْك بِإِظْهَار التجلد للعدى ... وَلَا تظهرن مِنْك الذبول فتحقرا) (أَلَسْت ترى الريحان يشْتم ناضرا ... ويطرح فِي الميضا إِذا مَا تغيرا) // من الطَّوِيل // وَله (تمنيت خلات على الدَّهْر أَرْبعا ... وَلم أر مسئولا أشح من الدَّهْر) (جماعا بِلَا ضعف وشربا بِلَا سكر ... وعمرا بِلَا شيب وبذلا بِلَا فقر) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 وَله (وَأَنِّي لأرجو الشيب ثمَّ أخافه ... كَمَا يرتجى شرب الدَّوَاء ويحذر) (هُوَ الضَّيْف إِن يسْبق فعيش مكدر ... عَليّ وَإِن يسْبق فموت مُقَدّر) // من الطَّوِيل // وَله (لَا تفرطن فِي حِدة أعملتها ... فيكل ذَاك الْحَد مِنْك وتفشلا) (أَو مَا ترى الصمصام والسكين إِن ... زادا على حد الصقال تفللا) // من الْكَامِل // وَله (الْملك عِنْدِي مُتْعَة الشَّبَاب ... والعزل عِنْدِي فرقة الأحباب) (والفقر عِنْدِي عدم الشَّرَاب ... والشيب عِنْدِي كذب الخضاب) (والقبح عِنْدِي عدم الْآدَاب ... والعرس عِنْدِي لَيْلَة الْكتاب) (وَالرَّوْض عِنْدِي ملح الْأَعْرَاب ... والبغض عِنْدِي كَثْرَة الْإِعْرَاب) (وَالسيف عِنْدِي قلم الْكتاب ... والنجح عِنْدِي سرعَة الإياب) (والطرد عِنْدِي كلحة البواب ... والذل عِنْدِي وَقْفَة الْحجاب) (والقحط عِنْدِي قلَّة الْأَصْحَاب ... والشؤم عِنْدِي كَثْرَة العتاب) (والعي عِنْدِي هذر الْخطاب ... والعز عِنْدِي طَاعَة الصَّوَاب) (والإل عِنْدِي خلة القحاب ... والغول عِنْدِي طلعة الْكذَّاب) (والصفح عِنْدِي أبلغ الْعقَاب ... واللوم عِنْدِي سفه الشَّرَاب) (والأمس عِنْدِي أسْرع الهراب ... وَالْمَال عِنْدِي أسْرع الهراب) (والغد عِنْدِي الْحق للطلاب ... وَالْفَخْر عِنْدِي أَفْخَر الثِّيَاب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 (والسجن عِنْدِي منزل التُّرَاب ... والهول عِنْدِي موقف الْحساب) // من الرجز // وَله من أُخْرَى (وَلَا تغترر بالحليم تغضبه ... فَرُبمَا أحرق الثرى الْبرد) // من المنسرح // 59 - أَبُو سعيد أَحْمد بن شبيب الشبيبي فَرد خوارزم ومفخرتها وَكَانَ جَامعا بَين أدب الْقَلَم وَالسيف وفروسية اللِّسَان والسنان صَاحب كتب وكتائب وفضائل ومناقب وَلما اخْتصَّ بالدولة السامانية والدولة البويهية سمى صَاحب الجيشين وَشَيخ الدولتين وَقَالَ (رب إِن ابْن شبيب أحمدا ... صَاحب الجيشين شيخ الدولتين) (واثق بِاللَّه يَرْجُو الْمُصْطَفى ... وأخاه المرتضى والحسنين) // من الرمل // وَسمعت أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ يَقُول كَانَ الشبيبي فِي أَيَّام شبابه بخوارزم يَقُول شعرًا غليظا جاسيا كأشعار المؤدبين فَلَمَّا عَاشر النَّاس وَلَقي الأفاضل لطف طبعه ورق شعره كَقَوْلِه وَكتب بِهِ إِلَى (للشبيبي صنيعتك ... حسرات لفرقتك) (واشتياق إِلَى لِقَاء ... تباشير طلعتك) (رب سهل لقاءه ... يَا إلهي بِرَحْمَتك) // من مجزوء الْخَفِيف // وأنشدني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد قَالَ أَنْشدني أَبُو سعيد صَاحب الجيشين لنَفسِهِ فِي أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ (أَبُو بكر لَهُ أدب وَفضل ... وَلَكِن لَا يَدُوم على الإخاء) (مودته إِذا دَامَت لخل ... فَمن وَقت الصَّباح إِلَى الْمسَاء) // من الوافر // وأنشدني غَيره لَهُ فِي الْأَمِير أبي نصر الميكالي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 (يَا آل ميكال أَنْتُم غرَّة الْعَجم ... لَكِن أَحْمد فِيكُم درة الْكَرم) (لَا تحسدوه فَإِن الله فَضله ... مِنْكُم عَلَيْكُم جَمِيعًا بل على الْأُمَم) (لَا تحسدوا رجلا مَا إِن لَهُ شبه ... فِيمَن بَرى الله من عرب وَمن عجم) (فَمن يحاكيه فِي الأفضال وَالْكَرم ... أم من يناوئه فِي الْآدَاب والقلم) (أم من يساجله فِي كل مكرمَة ... أم من يعادله فِي الْجُود والهمم) (يَا آل ميكال إِنِّي قد نصحتكم ... نصح امْرِئ فِي هواكم غير مُتَّهم) (فاستسلموا لقَضَاء الله واعترفوا ... بِفضل أَحْمد طَوْعًا أَو على الرغم) // من الْبَسِيط // وَعِنْدِي لَهُ مقطوعات تصلح لهَذَا الْمَكَان وَلكنهَا غَائِبَة عني الْآن 60 - أَبُو الْحسن مَأْمُون بن مُحَمَّد بن مَأْمُون لَهُ من قصيدة فِي مدح الْأَمِير أبي الْعَبَّاس مَأْمُون بن مُحَمَّد أَولهَا (أغاظني الدَّهْر من إنصافه جنفا ... هَل كَانَ غَيْرِي من الْأَيَّام منتصفا) (أَشْكُو إِلَى غير مشكو ليشكيني ... هَل ينفع الدنف استشفاؤه الدنفا) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد خوارزم شاه كَانَ (كم لَهُ من يَد عَليّ إِذا مَا ... عددت لم يكن لعدتها كم) (مَا لجهلي قُصُور شكري فَمن عُلُوم ... الضرورات شكر من كَانَ منعم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 (لست وَالله ناسي البرما أَنْسَاب ... بطبع الْحَيَاة فِي جَسَدِي الدَّم) // من الْخَفِيف // وَمن أُخْرَى (لَئِن طَال عهدي بِوَجْه الْأَمِير ... فقد طَال عهدي بِأَن أسعدا) (إِذا شِئْت رُؤْيَة مَا فِي الزَّمَان ... فزر شخصه الْفَاضِل الأوحدا) (ترى اللَّيْث والغيث والنيرين ... وَالنَّاس وَالْبَحْر والمسندا) // من المتقارب // وَمِنْهَا (وبلغه الله أقْصَى مناه ... وأسنى لَهُ ملك مَا مهدا) (وَلَا زَالَ نيروزه عَائِدًا ... بِأَفْضَل حَال كَمَا عودا) أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّاجِر الْوَزير كَانَ بخوارزم قَالَ من قصيدة فِي أبي سعيد الشبيبي أَولهَا (حكم عَيْنَيْك نَافِذ فِي ماضي ... كَيْفَمَا شِئْت فَاقْض مَا أَنْت قَاضِي) (وَكَأن الصَّباح لما تجلى ... لي سيف لَهُ الشبيبي ناضي) (الهزبر الَّذِي لَهُ الدرْع كاللبدة ... لليث والقنا كالغياض) // من الْخَفِيف // وَمِنْهَا فِي وصف الْقَلَم (نَاطِق ساكب أَصمّ سميع ... قلق سَاكن وقُوف ماضي) (ناحل الْجِسْم نابه الِاسْم منقى الوسم ... فِي كل عاند ذاي اعْتِرَاض) (هاكها يَا أَبَا سعيد عروسا ... بكر فكر فَكُن لَهَا ذَا افتضاض) (وابسط الْعذر فِي قصوري عَن بابك ... فِي هَذِه اللَّيَالِي المواضي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 (لم يكن عَاق عَن لقائك مولَايَ ... سوى فرط حشمة وانقباض) وَله (فِي كل يَوْم لَك ارتحال ... تصلح للْملك فِيهِ حَال) (مَا سرنا فِيك من إياب ... إِلَّا وَقد ساءنا انْتِقَال) (فَلَا نهنيك بانقلاب ... إِلَّا وَفِي عقبه زيال) (حَتَّى كأنا نرَاك حلما ... ومنك يعتادنا خيال) (بذلت للْملك نفس صون ... مَا اعتاقها الأين والكلال) (فقف قَلِيلا فقد تشكى ... إسارك الْخَيل وَالْبِغَال) (وَدم لخوارزم شاه يمنى ... يَد لَهَا غَيْرك الشمَال) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ فِيهِ يستعطفه أَيَّام محنته حِين أَسَاءَ رَأْيه فِيهِ إِذْ كَانَ أوحشه فِي أَيَّام دولته (يَا من لَهُ فِي الْمعَانِي نِيَّة حسنه ... حَتَّى جَفا جفْنه من حسنها وسنه) (وَمن حكى خطه زهر الربى حسدا ... وود سحبان من إعرابه لسنه) (أَحْسَنت رَأْيك فِي إِسْحَاق فانفرجت ... عَنهُ الهموم وعادت حَاله حسنه) (كَذَاك فاحسبه فِينَا ننج من كرب ... يمر فِيهَا علينا الْيَوْم ألف سنه) (وأغض عَمَّا مضى فالمهر مُمْتَنع ... صَعب إِلَى أَن يرى فِي رَأسه رسنه) (وَأَنت بدر دجى بل أَنْت شمس ضحى ... بل أَنْت بَحر حجى بل أَنْت خصب سنه) // من الْبَسِيط // وَكتب إِلَى صديق لَهُ (وَعَدتنِي بِالرُّجُوعِ ... من قبل وَقت الهجوع) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 (وَقد تغافلت حَتَّى ... أضرمتني بِالْجُوعِ) (فبالرجوع تفضل ... أَولا فبالمرجوع) // من المجتث // 61 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن إِبْرَاهِيم الرقاشِي من أَبنَاء الوزراء بِمَدِينَة خوارزم وَكَانَ ككشاجم كَاتبا شَاعِرًا منجما فَمن غرره قَوْله من قصيدة فِي الشبيبي (إِن الْهوى سَبَب لكل هوان ... وفراق من تهواه موت ثَانِي) (سقيا لدهر كنت حلف أغاني ... فِيهِ وخدن الراح وَالريحَان) (لم تبْق لي هممي وَحسن شمائلي ... مِنْهَا سوى ذكرى على الْأَزْمَان) (وَلَقَد رضيت بِأَن أرى متفردا ... دون القرين مقارعا أقراني) (أرمي إِذا حملُوا وأظعن إِن رموا ... وأقد مِنْهُم من أَرَادَ طعاني) (تَنْفِي الخناجر فِي الْحَنَاجِر غصتي ... وَالْبيض فِي بيض العدا أحزاني) (وَأعد عِنْد مواردي ومصادري ... حكم الكهول وصولة الشبَّان) (مستبدلا ضرب الطلا بمصارع الشكوى ... وَضرب الدُّف والعيدان) (مستغنيا بِالرُّمْحِ أخضب صَدره ... عَن كل مخضوب البنان حصان) (متسربلا زرد الدُّمُوع كَأَنَّهَا ... شعر تفلفل فِي الْحَيّ الحبشان) (مستشعرا باسم الشبيبي الَّذِي ... عَم الورى بِالْبرِّ وَالْإِحْسَان) (يفْدي الكماة أَبَا سعيد إِنَّه ... حامي الحماة وَفَارِس الفرسان) (يَا أَحْمد بن شبيب المفدى على ... جور الزَّمَان وسطوة الْحدثَان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 (أَنْت القرين لكل جد مقبل ... أَنْت البشير بِكُل فتح داني) (لَك عَزمَة بهْرَام من أتباعها ... لَك همة تسمو إِلَى كيوان) (فَإِذا ركبت ضمنت كل أَمَان ... للخائفين ونيل كل أماني) (وَإِذا أَقمت فَإِن ذكرك ظاعن ... تسري بِهِ الركْبَان فِي الْبلدَانِ) (فقت الْأَنَام حجى وفقت شجاعة ... ورجحت عِنْد الْجُود فِي الْمِيزَان) (إِن الْفتُوح على يَديك تَتَابَعَت ... كتتابع الأنواء فِي نيسان) (حفروا الْخَنَادِق حَولهمْ فَكَأَنَّمَا ... حفروا مقابرهم لَدَى الخذلان) (وتعززوا بِالْمَاءِ ثمَّ سقوا بِهِ ... كسقاوة الممطور بالطوفان) (غدروا فغودر مِنْهُم أَرْوَاحهم ... فِي النَّار والأشباح فِي الغدران) (خَفَقت بنودك حَولهمْ فَكَأَنَّمَا ... طارت قُلُوبهم من الخفقان) (وسرت طوارق لطف كيدك فيهم ... كلطافة الْأَرْوَاح فِي الْأَبدَان) (وَلَئِن حسدت فلست أول سَابق ... يرميه بالبغضاء ألأم واني) (إِن الْكَرِيم محسد فِي قومه ... وَترى الحسود مَطِيَّة الأشجان) // من الْكَامِل // وَله فِيهِ من أُخْرَى (أَمن الملال أم الخفر ... هَذَا التشاجي وَالضَّرَر) (أم غَرَّك الصُّبْح الَّذِي ... أطلعت من ليل الشّعْر) (أم عرضت أَيدي الخطوب ... صفاء ودك للكدر) (وَأرى الْمقَام ببلدة ... لَا تشْتَهي إِحْدَى الْكبر) (وَأعد نَفسِي فِي الْحَضَر ... لَكِن همي فِي السّفر) // من مجزوء الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 وَمن أُخْرَى (كفى بنحولي عَن هواي مترجما ... وبالدمع نماما عَليّ إِذا همي) (تألمت من ثقل الْهوى متشبها ... بخصريه من أردافه إِذْ تألما) (ووكل طرفِي بالنجوم كأنني ... لرعي نُجُوم اللَّيْل صرت منجما) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا فِي مدح الشبيبي (خرجنَا نَهَارا خَلفه نطلب العدا ... فألبسنا لَيْلًا من النَّقْع مظلما) (أثرنا سَحَاب النَّقْع لما تجاوبت ... رعود صَهِيل الْخَيل تستمطر الدما) (فكم من جواد قد حبسناه بَعْدَمَا ... أثرناهم من كَثْرَة النبل شيهما) (وَأَشْهَب قد خضنا بِهِ الْحَرْب فاكتسى ... دَمًا وقتاما عَاد أشقر أدهما) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (وقينة تنطق يمناها ... وتلقط الْعنَّاب يسراها) (إِذا سرت نم عَلَيْهَا الْحلِيّ ... وضوء خديها ورياها) (لَو أَن إِبْلِيس رأى وَجههَا ... صلى لَهَا طَوْعًا وماناها) (تظلمني فِي هجرها مِثْلَمَا ... أَسْفَلهَا يظلم أَعْلَاهَا) (ماتفعل الْخمر بشرابها ... مَا فعلته فِي عَيناهَا) // من السَّرِيع // وَمن أُخْرَى (لَا الراح راحي وَلَا الريحان ريحاني ... مَا لم تزرني وَلَا الندمان نَدْمَانِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 (وَمَا التعلل وَالْأَيَّام حائلة ... بيني وَبَيْنك بالآمال من شاني) (وَمَا جزعت على شَيْء سوى جزعي ... إِن لم أمت كمدا من فقد خلاني) (وَقد ذكرتك والأبطال عابسة ... وَالْمَوْت يبسم عَن أَنْيَاب شَيْطَان) (والنبل كالشهب فِي ليل العجاج وَبَاب ... الْأَمْن ناء كصبري والردى داني) (والسمر تبْكي دَمًا وَالْبيض ضاحكة ... والجو داج ولون الْمُلْتَقى قاني) // من الْبَسِيط // 62 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد حَسَنَة من حَسَنَات خوارزم وغرة شادخة فِي جبينها يرجع إِلَى كل فضل وَيجمع بَين قَول فصل وأدب جزل ويؤلف بَين أشتات المناقب وينظم عُقُود المحامد وَله خطّ يَسْتَوْفِي أَقسَام الْحسن ونثر كنثر الْورْد ونظم كنظم الدّرّ وَكَانَ فِي عنوان شبابه يكْتب لأبي سعيد الشبيبي وَهُوَ مِنْهُ بِمَنْزِلَة الْوَلَد والعضو من الْجَسَد فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامه واختص بالصاحب أبي الْقَاسِم وَغلب عَلَيْهِ ببراعته وحذقه فِي صناعته وتقلد بريد قُم من يَده وَبَقِي بهَا مُدَّة بَين حسن حَال وتظاهر جمال وَحين حن إِلَى وَطنه وآثر الرُّجُوع إِلَى بَلَده قدم من سُلْطَان خوارزم شاه على ملك مكرم لمورده عَارِف بفضله مُوجب لحقه وَلم يزل وَمن قَامَ مقَامه من أبنائه رحم الله السّلف وَأبقى عز الْخلف يعدو لَهُ وَإِلَى الْآن من أَرْكَان دولتهم وأعيان حَضرتهمْ ويعتمدونه للمهمات السُّلْطَانِيَّة والسفارات الْكَبِيرَة وَكَانَ أنفذ مرّة رَسُولا إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان الْمُعظم يَمِين الدولة أَطَالَ الله بَقَاءَهُ ببلخ فاستولى على الأمد فِي الْقيام بِشُرُوط السفارة وَملك الْقُلُوب وسحر الْعُقُول بِحسن الْعبارَة وَجمعته وَأَبا الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد البستي الْكَاتِب مُنَاسبَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 الْأَدَب ومشاكلة الْفضل فتجاورا وتزاورا وتصادقا وتعاشرا وتجاريا فِي حلبة المذاكرة وتجاذبا أهداب المحاضرة وَجعل أَبُو عبد الله يُرْسل لِسَانه فِي ميدانه ويرخى من عنانه فَيَرْمِي هدف الْإِحْسَان ويصيب شاكلة الصَّوَاب فَقَالَ فِيهِ أَبُو الْفَتْح (مُحَمَّد بن حَامِد إِذا ارتجل ... وَمر فِي كَلَامه على عجل) (نقب خد كل ندب سَابق ... بنثره ونظمه ثوب الخجل) (أقلامه يسقين كل نَاصح ... وكاشح كأسي حَيَاة وَأجل) (فناصحوه مشرقون بالأمل ... وكاشحوه مشرقون بالوجل) (أبقاه للدّين وَالدُّنْيَا مَعًا ... وللمعالي رَبنَا عز وَجل) // من الرجز // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (بنفسي أَخ نَفسه أمة ... وتدبيره فِي الورى فيلق) (أَخ بَاب إحسانه مُطلق ... وَبَاب إساءته مغلق) (كريم السجايا فَلَا رَأْيه ... بهيم وَلَا خلقه أبلق) (مُحَمَّد أَنْت قرى ناظري ... فَكيف إِذا غبت لَا أفلق) (رهنتك قلبِي وَحكم الْقُلُوب ... إِذا رهنت أَنَّهَا تغلق) // من المتقارب // وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (يَا من أرَاهُ للزمان حسنه ... وَمن حوى من كل شَيْء أحْسنه) (إِن غبت عني سنة فَهِيَ سنه ... وَسنة تحضر فِيهَا وسنه) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 وعَلى ذكر أبي الْفَتْح فلبعض العصريين من أهل نيسابور فِيهِ (إِذا قيل من فَرد العلى والمحامد ... أجَاب لِسَان الدَّهْر ذَاك ابْن حَامِد) (همام لَهُ فِي مرتقى الْمجد مصعد ... يلوح لَهُ العيوق فِي ثوب حَاسِد) (كريم حباه الْمُشْتَرى بسعوده ... وَأصْبح فِي الْآدَاب بكر عُطَارِد) (بِهِ سحبت خوارزم ذيل مفاخر ... على خطة الشعرى وَربع الفراقد) (فَلَا زَالَ فِي ظلّ السَّعَادَة نَاعِمًا ... يحوز جَمِيع الْفضل فِي شخص وَاحِد) // من الطَّوِيل // وحَدثني أَبُو سعيد مُحَمَّد بن مَنْصُور قَالَ لما ورد أَبُو عبد الله رَسُولا على شمس الْمَعَالِي وَوصل إِلَى مَجْلِسه فأبلغ الرسَالَة وَأدّى الْأَلْفَاظ واستغرق الْأَغْرَاض أعجب بِهِ شمس الْمَعَالِي إعجابا شَدِيدا وَأفضل عَلَيْهِ إفضالا كثيرا وَرغب فِي جذبه إِلَى حَضرته واستخلاصه لنَفسِهِ فَأمرنِي بمجاراته فِي ذَلِك ورسم لي أَن أبلغ كل مبلغ فِي حسن الضَّمَان لَهُ وأركب الصعب والذلول فِي تحريصه وتحريضه على الِانْتِقَال إِلَى جنبته فامتثلت الْأَمر وجهدت جهدي وأظهرت جدي فِي إِرَادَته عَلَيْهِ وإدارته بِكُل حِيلَة وتمنية جميلَة فَلم يجب وَلم يُوجب وَقَالَ معَاذ الله من لبس ثوب الْغدر والانحراف عَن طَرِيق حسن الْعَهْد وَانْصَرف راشدا إِلَى أوطانه وحضرة سُلْطَانه وَقد كتبت لمعا من شعره وَلَيْسَ يحضرني الْآن سواهَا لغيبتي عَن منزلي فَتَأَخر كثير مِمَّا أحتاج إِلَيْهِ عني قَالَ من قصيدة فِي الصاحب (غَدا دفتري أنسا وخطي رَوْضَة ... وحبري مداما وارتجالي ساقيا) (وَلَا شدو لي إِلَّا التحفظ قَارِئًا ... وَلَا سكر إِلَّا حِين أنْشد واعيا) (تجشم أوصافا حسانا لعَبْدِهِ ... فطوقه عقدا من الْعِزّ حاليا) (فلولا امْتِثَال الْأَمر لَا زَالَ عَالِيا ... لطار مَكَان النّظم رجلَانِ حافيا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 (على أنني إِن سرت أَو كنت قاطنا ... فغاية جهدي أَن أطول دَاعيا) (رسائله لي كالطعام وشعره ... كَمَاء زلال حِين أصبح صاديا) (فَإِن ظلت الآمال تشكر ظله ... فَإِن لِسَان المَال قد ظلّ شاكيا) (كَأَن إِلَه الْخلق قَالَ لجوده ... أفض كل مَا تحويه وارزق عباديا) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (مَا أنس لَا أنس أَيَّامًا نعمت بهَا ... وهذبتني بتطوافي وتردادي) (أَيَّام أركب متن الرّيح تحملنِي ... والطرس والنقس والأقلام أذوادي) (كَافِي الكفاة أدام الله نصرته ... نجل الْأمين الْكَرِيم الشَّيْخ عباد) (غمر الرِّدَاء لرواد ووراد ... سهل الْحجاب لزوار ووفاد) (لَا زَالَت الدولة العلياء تلْزمهُ ... مَا قَالَت الْعَرَب حيوا الْحَيّ بالوادي) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (لِيَهنك الأهنيان الْملك والعمر ... مَا ساير الأسيران الشّعْر والسمر) (وَطَالَ عمر سناك المستضاء بِهِ ... مَا عمر الأبقيان الْكتب وَالسير) (يفْدي الورى كلهم كَافِي الكفاة فقد ... صفا بِهِ الأفضلان الْعدْل وَالنَّظَر) (لَهُ مَكَارِم لَا تحصى محاسنها ... أَو يحْسب الأكثران الرمل وَالشَّجر) (لكيده النَّصْر من دون الحسام وَإِن ... تمرد الأشجعان التّرْك والخزر) (مَا سَار موكبه إِلَّا ويخدمه ... فِي ظله الأسنيان الْفَتْح وَالظفر) (وَإِن أَمر على طرس أنامله ... أغضى لَهُ الأبهجان الوشي والزهر) (دَامَت تقبلهَا صيد الْمُلُوك كَمَا ... يقبل الأكرمان الرُّكْن وَالْحجر) // من الْبَسِيط // وَهِي تربي على ثَلَاثِينَ بَيْتا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 وَمن أُخْرَى كتب بهَا من الرّيّ إِلَى الأهواز يهنئه بِدُخُولِهَا (بريق الرَّأْي يعبده الحسام ... وبرق السعد يَخْدمه الْأَنَام) (وَمَا اتفقَا كَمَا اتفقَا لقوم ... هُوَ الصمصام وَالْملك الْهمام) (همام لَا يؤم الْخطب إِلَّا ... وَنصر الله عز لَهُ إِمَام) (وَمَا من بَلْدَة فِي الأَرْض إِلَّا ... إِلَيْهِ بهَا نزاع أَو هيام) (فَلَو أَن الْبِلَاد أطقن سعيا ... لسارع نَحوه الْبَلَد الْحَرَام) (أدام الله أَيَّام الْمَعَالِي ... وَذَلِكَ أَن يَدُوم لَهُ الدَّوَام) (وَمَا لي غير مَا هُوَ جهد مثلي ... وَدُعَاء أَو ثَنَاء لَا يرام) // من الوافر // وَله من أُخْرَى كتب بهَا إِلَيْهِ (سَلام على نفس هِيَ الْأمة الْكُبْرَى ... وشخص هُوَ الْمجد المنيف على الشعرى) (هُوَ الدّين وَالدُّنْيَا فزره تَرَ المنى ... وَتحصل لَك الأولى وَتحصل لَك الْأُخْرَى) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (رَأَيْتُك مرّة فسعدت حَتَّى ... رَأَيْت سعود عيشي طالعات) (فَلَو أَنِّي نظرت إِلَيْك أُخْرَى ... لأضحت لي اللَّيَالِي خادمات) // من الوافر // وَله من قصيدة فِي أبي سعيد الشبيبي يَوْم برز من جرجان بالمضارب ليعسكر بظاهرها مُتَوَجها إِلَى الْأَمِير أبي عَليّ وفائق فاتفق تعرض أَرضين فِي تِلْكَ الصَّحرَاء فتبادر الغلمان إِلَيْهِمَا فصادوهما فتفاءل أَنه يغلب العدوين كَمَا اصطاد الغلمان الأرنبين فَقَالَ (أَتَاك بِمَا تهوى وترضى الْمحرم ... وجاءك بالنصر الْعَزِيز يترجم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 (وَلَا غرو أَن تلقى الَّذِي تبتغي وَمَا ... تحاول والأفلاك بالسعد تخْدم) (وبختك مَرْفُوع وَجدك مقبل ... وأمرك متبوع وقدرك مُعظم) (ورأيك فِي قمع المناوين راية ... وهيبتك الشماء جَيش عَرَمْرَم) (وحسبك صيد الأرنبين مبشرا ... بصيدك أَعدَاء على الْغدر أقدموا) // من الطَّوِيل // وَله فِيهِ من مهرجانية على وزن المصراع الَّذِي أنْشدهُ فِي الْمَنَام وَذَلِكَ أَنه رأى شخصا مثل بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ (قد نلْت مَا لم تنله قبلك الْأُمَم ... ) // من الْبَسِيط // فَقَالَ (الْبَين خمر وَلَكِن سكرها سقم ... وَالْحب نعمى وَلَكِن فِي غَد نقم) (إِن المحبين أَحْرَار وأنفسهم ... لمن يحبونَ فِي حكم الْهوى خدم) (يَا أَيهَا الظاعنون الْقلب عنْدكُمْ ... إِن لم يكن عنْدكُمْ فالقلب عبدكم) (لي بَيْنكُم قمر فِي ثغره برد ... فِي قده غُصْن فِي وَجهه صنم) (كَأَنَّمَا ابْن شبيب سل فِي يَده ... من مقلتيه حساما حَده خذم) (الْقَائِل القَوْل لم تنطق بِهِ عرب ... وَالْفَاعِل الْفِعْل لم تفطن بِهِ الْعَجم) (على الْكُنُوز أَمِين غير مُتَّهم ... وسيفه فِي رِقَاب النَّاس مُتَّهم) (وَقد غَدا وَهُوَ شيخ الدولتين كَمَا ... للحضرتين بِهِ عز ومنتظم) (لذاك فِي النّوم شخص الصدْق قَالَ لَهُ ... قد نلْت مَا لم تنله قبلك الْأُمَم) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى فِي أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ (زمَان جَدِيد وَعِيد سعيد ... وَوقت حميد فَمَاذَا تُرِيدُ) (وَأحسن من ذَاك وَجه الرئيس ... وَقد طلعت من سناه السُّعُود) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 (وَكم حلَّة خطها قد غَدَتْ ... على برد آل يزِيد تزيد) // من المتقارب // وَكتب إِلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو سعد الْإِسْمَاعِيلِيّ قصيدة مِنْهَا (سَلام على شيخ المحامد وَالَّذِي ... لَهُ الذرْوَة العلياء والشرف الْعد) (وَمن صَحَّ مِنْهُ وده ووفاؤه ... على حِين لم يحمد لذِي خلة عهد) // من الطَّوِيل // فَأَجَابَهُ بقصيدة مِنْهَا (أَفْخَر وَذخر أم خطاب لَهُ مجد ... أَسحر أَتَى أم نظم من لَا لَهُ ند) (شممت من العنوان عِنْد طلوعه ... رَوَائِح فضل دونهَا الْمسك والند) (وَسَاعَة فكي الْخَتْم أَبْصرت جنَّة ... سقتها غوادي الْفِكر فَهِيَ لَهَا خلد) (فأشجارها علم وَأَغْصَانهَا تقى ... وأثمارها فهم وغدرانها رشد) (تجشمها الشَّيْخ الإِمَام الَّذِي بِهِ ... وَمِنْه وَفِيه يعرف الْكَرم الْعد) (وَمن بحلى أخلاقه تشرف العلى ... ويلمع فِي الدُّنْيَا بكنيته السعد) // من الطَّوِيل // وَمِنْهَا (وَكَيف يُؤَدِّي حق شعر شعاره الْعَلَاء ... وَرَاوِيه ومنشده الْمجد) (وَبِي حِرْفَة مذ غبت عَن حر وَجهه ... حرارة نَار الْعِشْق فِي جنبها برد) وَله إِلَى أبي الْعَلَاء السّري بن الشَّيْخ أبي سعد الْإِسْمَاعِيلِيّ من قصيدة (قَرَأت لمن لَهُ يصفو ودادي ... نظيما كالشباب المستعاد) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 (سريا كاسم صَاحبه وَلَكِن ... بِهِ عَاد الحنين إِلَى ازدياد) (فَكَانَ اللَّفْظ فِي معنى بديع ... ألذ لدي من نيل المُرَاد) // من الوافر // وَكتب إِلَى الشَّيْخ الْوَزير أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن مُحَمَّد السُّهيْلي لما رزق أَبُو عبد الله ابْنا فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة (عوائد صنع الله تكنفني تترى ... فتورثني ذكرا وتلزمني شكرا) (فَمِنْهَا نجيب جَاءَ كالبدر طالعا ... سويا سنيا شدّ لي نوره أزرا) (وَمَا هُوَ إِلَّا خَادِم وَابْن خَادِم ... لسيدنا مد الْإِلَه لَهُ العمرا) (فَمَا رَأْيه فِي الِاسْم لَا زَالَ مسميا ... موَالِيه كي يقتنوا الْفَخر والذخرا) // من الطَّوِيل // فَأَجَابَهُ بِهَذِهِ الأبيات (سكنت إِلَى مَا قلته أَولا نثرا ... نعم وَإِلَى مَا صَنعته آخرا شعرًا) (فهنأك الله النجيب فَإِنَّهُ ... من الله فضل يُوجب الْحَمد والشكرا) (وَمَا جَاءَ إِلَّا أَن يكون لصنوه ... ظهيرا فقوى الْآن بَينهمَا ظهرا) (وأوثر أَن يكنى بكنية جده ... أبي أَحْمد والإسم اخْتَارَهُ نصرا) (ليحمد مِنْهُ الله تقواه وَالْهدى ... وينصره فِي علمه والنهى نصرا) // من الطَّوِيل // 63 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن أبي ضرغام أحد شعراء خوارزم المفلقين الْمَذْكُورين وَكَانَ يهاجي أَبَا بكر الْخَوَارِزْمِيّ ويسابه فِي عنفوان شبابه فَمن محاسنه قَوْله من قصيدة فِي الشبيبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 (ابْن شبيب أَبُو حروب ... أَخُو ندى للحفاظ خل) (لَيْث قتال وَأي لَيْث ... بِالسَّيْفِ وَالرمْح يسْتَقلّ) // من مخلع الْبَسِيط // وَمِنْهَا (خُذْهَا عروسا أتتك بكرا ... لغيرك الدَّهْر لَا تحل) (خُذْهَا وسق مهرهَا إِلَيْهَا ... إِن لم يكن وابل فطل) وَمن أُخْرَى (يَا ملكا آثر الصوابا ... فباكر اللَّهْو والشرابا) (لَا يشرب الراح غير حر ... يرفع عَن مَاله الحسابا) (طابت لَك الراح فاشربنها ... صرفا فصرف الزَّمَان طابا) (ستبصر الأَرْض عَن قريب ... تلبس من وشيها ثيابًا) (مَا شِئْت من طَائِر ترَاهُ ... مغردا مَا خلا الْغُرَاب) (وَلست لَيْلًا ترى بعوضا ... وَلَا نَهَارا ترى ذبابا) // من مخلع الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى أَولهَا (دِيَارك بيض من نثار الدَّرَاهِم ... وبيضك حمر من نثار الجماجم) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 الْبَاب الْخَامِس 64 - فِي ذكر أبي الْفضل الهمذاني وحاله وَوَصفه ومحاسن نثره ونظمه هُوَ أَحْمد بن الْحُسَيْن بديع الزَّمَان ومعجزة همذان ونادرة الْفلك وَبكر عُطَارِد وفرد الدَّهْر وغرة الْعَصْر وَمن لم يلق نَظِيره فِي ذكاء القريحة وَسُرْعَة الخاطر وَشرف الطَّبْع وصفاء الذِّهْن وَقُوَّة النَّفس وَمن لم يدْرك قرينه فِي ظرف النثر وملحه وغرر النّظم ونكته وَلم ير وَلم يرو أَن أحدا أبلغ مبلغه من لب الْأَدَب وسره وَجَاء بِمثل إعجازه وسحره فَإِنَّهُ كَانَ صَاحب عجائب وبدائع وغرائب فَمِنْهَا أَنه كَانَ ينشد القصيدة الَّتِي لم يسْمعهَا قطّ وَهِي أَكثر من خمسين بَيْتا فيحفظها كلهَا ويؤديها من أَولهَا إِلَى آخرهَا لَا يخرم حرفا وَلَا يخل بِمَعْنى وَينظر فِي الْأَرْبَعَة والخمسة أوراق من كتاب لم يعرفهُ وَلم يره نظرة وَاحِدَة خَفِيفَة ثمَّ يهذها عَن ظهر قلبه هَذَا ويسردها سردا وَهَذِه حَاله فِي الْكتب الْوَارِدَة عَلَيْهِ وَغَيرهَا وَكَانَ يقترح عَلَيْهِ عمل قصيدة أَو إنْشَاء رِسَالَة فِي معنى بديع وَبَاب غَرِيب فيفرغ مِنْهَا فِي الْوَقْت والساعة وَالْجَوَاب عَنْهَا فِيهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 وَكَانَ رُبمَا يكْتب الْكتاب المقترح عَلَيْهِ فيبتدئ بآخر سطر مِنْهُ ثمَّ هَلُمَّ جرا إِلَى الأول ويخرجه كأحسن شَيْء وأملحه ويوشح القصيدة الفريدة من قَوْله بالرسالة الشَّرِيفَة من إنشائه فَيقْرَأ من النّظم والنثر ويروي من النثر وَالنّظم وَيُعْطِي القوافي الْكَثِيرَة فيصل بهَا الأبيات الرشيقة ويقترح عَلَيْهِ كل عويص وعسير من النّظم والنثر فيرتجله فِي أسْرع من الطّرف على ريق لَا يبلعه وَنَفس لَا يقطعهُ وَكَلَامه كُله عَفْو السَّاعَة وفيض البديهة ومسارقة الْقَلَم ومسابقة الْيَد وجمرات الحدة وثمرات الْمدَّة ومجاراة الخاطر للنَّاظِر ومباراة الطَّبْع للسمع وَكَانَ يترجم مَا يقترح عَلَيْهِ من الأبيات الفارسية الْمُشْتَملَة على الْمعَانِي الغربية بالأبيات الْعَرَبيَّة فَيجمع فِيهَا بَين الإبداع والإسراع إِلَى عجائب كَثِيرَة لَا تحصى ولطائف يطول أَن تستقصى وَكَانَ مَعَ هَذَا كُله مَقْبُول الصُّورَة خَفِيف الرّوح حسن الْعشْرَة ناصع الظّرْف عَظِيم الْخلق شيف النَّفس كريم الْعَهْد خَالص الود حُلْو الصداقة مر الْعَدَاوَة وَفَارق همذان سنة ثَمَانِينَ وثلثمائة وَهُوَ مقتبل الشبيبة غض الحداثة وَقد درس على أبي الْحُسَيْن بن فَارس وَأخذ عَنهُ جَمِيع مَا عِنْده واستنفد علمه واستنزف بحره وَورد حَضْرَة الصاحب أبي الْقَاسِم فتزود من ثمارها وحس آثارها ثمَّ قدم جرجان وَأقَام بهَا مُدَّة على مداخلة الإسماعيلية والتعيش فِي أَكْنَافهم والاقتباس من أنوارهم واختص بِأبي سعد مُحَمَّد بن مَنْصُور أيده الله تَعَالَى ونفقت بضائعه لَدَيْهِ وتوفر حَظه من عَادَته الْمَعْرُوفَة فِي إسداء الْمَعْرُوف والإفضال على الأفاضل وَلما اسْتَقَرَّتْ عزيمته على قصد نيسابور أَعَانَهُ على حركته وأزاح علله فِي سفرته فوافاها فِي سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلثمائة وَنشر مَا بزه وَأظْهر طرزه وأملى أَرْبَعمِائَة مقامة نحلهَا أَبَا الْفَتْح الإسكندري فِي الكدية وَغَيرهَا وضمنها مَا تشْتَهي الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين من لفظ أنيق قريب المأخذ بعيد المرام وسجع رشق المطلع والمقطع كسجع الْحمام وجد يروق فَيملك الْقُلُوب وهزل يشوق فيسحر الْعُقُول ثمَّ شجر بَينه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 وَبَين أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ مَا كَانَ سَببا لهبوب ريح الهمذاني وعلو أمره وَقرب نجحه وَبعد صيته إِذْ لم يكن فِي الحسبان والحساب أَن أحدا من الأدباء وَالْكتاب وَالشعرَاء ينبري لمباراته ويجترئ على مجاراته فَلَمَّا تصدى الهمذاني لمساجلته وَتعرض للتحكك بِهِ وَجَرت بَينهمَا مكاتبات ومباهاة ومناظرات ومناضلات وأفضى السنان إِلَى الْعَنَان وَفرع النبع بالنبع وَغلب هَذَا قوم وَذَاكَ آخَرُونَ وَجرى من التَّرْجِيح بَينهمَا مَا يجْرِي بَين الْخَصْمَيْنِ المتحاكمين والقرنين المتصاولين طَار ذكر الْهَمدَانِي فِي الْآفَاق وارتفع مِقْدَاره عِنْد الْمُلُوك والرؤساء وَظَهَرت أَمارَة الإقبال على أُمُوره وأدر لَهُ أخلاف الرزق وأركبه أكناف الْعِزّ وَأجَاب الْخَوَارِزْمِيّ دَاعِي ربه فَخَلا للهمذاني وتصرفت بِهِ أَحْوَال جميلَة وأسفار كَثِيرَة وَلم يبْق من بِلَاد خُرَاسَان وسجستان وغزنة بَلْدَة إِلَّا دَخلهَا وجنى وجبى ثَمَرَتهَا واستفاد خَيرهَا وميرها وَلَا ملك وَلَا أَمِير وَلَا وَزِير وَلَا رَئِيس إِلَّا استمطر مِنْهُ بِنَوْء وسرى مَعَه فِي ضوء ففاز برغائب النعم وَحصل على غرائب الْقسم وَألقى عصاة بهراة واتخذها دَار قراره وَمجمع أَسبَابه وَمَا زَالَ يرتاد للوصلة بَيْتا يجمع الأَصْل وَالْفضل وَالطَّهَارَة والستر وَالْقَدِيم والْحَدِيث حَتَّى وفْق التَّوْفِيق كُله وخار الله لَهُ فِي مصاهرة أبي عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الخشنامي وَهُوَ الْفَاضِل الْكَرِيم الْأَصِيل الَّذِي لَا يُزَاد اختبارا إِلَّا زيد اخْتِيَارا فانتظمت أَحْوَال أبي الْفضل بصهره وتعرفت القرة فِي عينه وَالْقُوَّة فِي ظَهره واقتنى بمعونته ومشورته ضيَاعًا فاخرة وَأثر معيشة صَالِحَة وثروة ظَاهِرَة وعاش عيشة راضية وَحين بلغ أشده وأربى على أَرْبَعِينَ سنة ناداه الله فلباه وَقدم على آخرته وَفَارق دُنْيَاهُ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلثمائة فقالمت عَلَيْهِ نوادب الْأَدَب وانثلم حد الْقَلَم وفقدت عين الْفضل قرتها وجبهة الدَّهْر غرتها وبكاه الأفاضل مَعَ الْفَضَائِل ورثاه الأكارم مَعَ المكارم على أَنه مَا مَاتَ من لم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 يمت ذكره وَلَقَد خلد من بَقِي على الْأَيَّام نظمه ونثره وَالله يَتَوَلَّاهُ بعفوه وغفرانه ويحييه بِرُوحِهِ وريحانه وَأَنا كَاتب من ظرف ملحه وَلَفظ غرره مَا هُوَ غذَاء الْقلب ونسيم الْعَيْش وقوت النَّفس ومادة الْأنس فصل من رقْعَة لَهُ إِلَى الْخَوَارِزْمِيّ وَهُوَ أول مَا كَاتبه بِهِ (أَنا لقرب دَار الْأُسْتَاذ أَطَالَ الله بَقَاءَهُ ... كَمَا طرب النشوان مَالَتْ بِهِ الْخمر) (وَمن الارتياح للقائه ... كَمَا انتفض العصفور بلله الْقطر) (وَمن الامتزاج بولائه ... كَمَا الْتَقت الصَّهْبَاء والبارد العذب) (وَمن الابتهاج بمزاره ... كَمَا اهتز تَحت البارح الْغُصْن الرطب) وَمن رقْعَة لَهُ إِلَى غَيره يعز عَليّ أيد الله الشَّيْخ أَن يَنُوب فِي خدمته قلمي عَن قدمي ويسعد بِرُؤْيَتِهِ رَسُولي قبل وصولي وَيرد مشرع الْأنس بِهِ كتابي قبل ركابي وَلَكِن مَا الْحِيلَة والعوائق جمة (وَعلي أَن أسعى وَلَيْسَ ... عَليّ إِدْرَاك النجاح) // من مجزوء الْكَامِل // وَقد حضرت دَاره وَقبلت جِدَاره وَمَا بِي حب للحيطان وَلَكِن شغف بالقطان وَلَا عشق للجدران وَلَكِن شوق إِلَى السكان وَمن أُخْرَى لَا أَزَال لسود الانتقاد وَحسن الِاعْتِقَاد أبسط يَمِين الْعجل وأمسح جبين الخجل ولضعف الحاسة فِي الفراسة أَحسب الورم شحما والسراب شرابًا حَتَّى إِذا تجشمت موارده لأشرب بارده لم أَجِدهُ شَيْئا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 فصل حَضرته الَّتِي هِيَ كعبة الْمُحْتَاج لَا كعبة الْحجَّاج ومشعر الْكَرم لَا مشْعر الْحرم وَمنى الضَّيْف لَا منى الْخيف وقبلة الصلات لَا قبْلَة الصَّلَاة فصل ورد للخوارزمي يتقلب فِيهِ عَن جنب الْحر ويتقلى على جمر الضجر ويتأوه من خمار الخجل ويتعثر فِي أذيال الكلل وَيذكر أَن الْخَاصَّة قد علمت الفلج لأينا كَانَ فَقلت است الباين أعلم والخوارزمي أعرف وَالْأَخْبَار المتظاهرة أعدل والْآثَار الظَّاهِرَة أصدق وحلبة السباق أحكم وَمَا مضى بَيْننَا أشهد وَالْعود إِن نشط أَحْمد وَمَتى اسْتَزَادَ زِدْنَا وَإِن عَادَتْ الْعَقْرَب عدنا وَله عِنْدِي إِذا شَاءَ كل مَا سَاءَ وناء وَلنْ يعْدم إِذا زَاد نَقْدا يطير فِرَاخه ونقفا يصم صماخه وَمَا كنت أَظُنهُ يرتقي بِنَفسِهِ إِلَى طلب مساماتي بعد مَا سقيته نَقِيع الحنظل وَأَطْعَمته الخرء بالخردل فَإِن كَانَ الشَّقَاء قد استغواه والحين قد استعواه فَالنَّفْس منتظرة والعني ناظرة والنعل حَاضِرَة وَهُوَ مني على ميعاد وَأَنا لَهُ بمرصاد فصل مِنْهُ قد شملتني على رغمه أَطْرَاف النعم ومطرتني سحائب المنن وللراغم التُّرَاب وللحاسد الْحَائِط وَالْبَاب وللكاره الْيَد والناب فصل من كتاب إِلَى أَبِيه للشَّيْخ لَذَّة فِي العتب والسب وطبيعة فِي العنف والعسف فَإِذا أعوزه من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 يغْضب عَلَيْهِ فَأَنا بَين يَدَيْهِ وَإِذا لم يجد من يصونه فَأَنا زبونه وَالْولد عبد لَيست لَهُ قيمَة وَالظفر بِهِ هزيمَة وَالْوَالِد مولى أحسن أم أَسَاءَ فَلْيفْعَل مَا شَاءَ فصل من كتاب تَعْزِيَة إِلَى أبي عَامر عدنان بن عَامر بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ الْمَوْت خطب قد عظم حَتَّى هان وَأمر قد خشن حَتَّى لَان وَالدُّنْيَا قد تنكرت حَتَّى صَار الْمَوْت أخف خطوبها وجنت حَتَّى صَار الْحمام أَصْغَر ذنوبها فَلْتنْظرْ يمنة هَل ترى إِلَّا محنة ثمَّ لتعطف يسرة هَل ترى إِلَّا حسرة وَمن كتاب لَهُ إِلَيْهِ أَيْضا وَإِن يَشَأْ الله يفض بِنَا الْأَمر إِلَى حَال تسعه مولى وتسعني عبدا وَشد مَا بخلت بِهَذِهِ الْكَلِمَة ونفرت عَن هَذِه السمة هَذَا الشَّيْخ الشَّهِيد أَبُو نصر رَحمَه الله مد لَهَا اللحظ فَلم يحظ وَهَذَا ابْن عباد شدّ لَهَا الرحل فَلم يحل وَمن رقْعَة مثلك فِي السفارة الْفَأْرَة طفقت تقْرض الْحَدِيد فَقيل لَهَا وَيحك مَا تصنعين الناب ودقة رَأسه وَالْحَدِيد وَشدَّة بأسه فَقَالَت أشهد وَلَكِنِّي أجهد وَإِن تنج من تِلْكَ الْأَسْبَاب فَهِيَ الذُّبَاب مقاديرك لَا معاذيرك فصل من رقْعَة إِلَى خلف سَمِعت منشدا ينشد (لحى الله صعلوكا مناه وهمه ... من الْعَيْش أَن يلقى لبوسا ومطعما) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 فَقلت أَنا معنى هَذَا الْبَيْت لِأَنِّي قَاعد فِي الْبَيْت آكل طيب الطَّعَام وألبس لين الثِّيَاب ويفاض عَليّ بذل وَلَا يُفَوض إِلَيّ شغل ويملأ لي وطب وَلَا يدْفع بِي خطب هَذَا وَالله عَيْش الْعَجَائِز والزمن الْعَاجِز وَمِنْهَا الرَّأْس أيد الله الْأَمِير كثير الخبوط والضيف كثير التَّخْلِيط وصب هَذَا المَاء خير من شربه وَبعد هَذَا الضَّيْف أولى من قربه وَكَأَنِّي بالأمير يَقُول إِذا قُرِئت عَلَيْهِ هَذِه الْفُصُول الهمذاني رأى بِهَذِهِ الحضرة من الإنعام مَا لم يره فِي الْمَنَام فَكيف من الْأَنَام وَلَعَلَّه أنشأ هَذَا الْكتاب سَكرَان فَعدل بِهِ عَادل السكر عَن طَرِيق الشُّكْر وَكَأَنَّهُ نسي مورده الَّذِي أشبه مولده وَإِنَّمَا رفع لحنه حِين أشْبع بَطْنه واللئيم إِذا جَاع ابْتغى وَإِذا شبع طَغى والهمذاني لَو ترك بجلدته يرقص تَحت رعدته مَا ارْتقى فِي قعدته وَلَا تجشأ من معدته وَلكنه حِين لبس الْحلَّة وَركب البغلة وَملك الْخَيل والخول تمنى الدول وَرَأس الْيَتِيم يحْتَمل الوهن وَلَا يحْتَمل الدّهن وَظهر الشقي يحْتَمل عَدْلَيْنِ من الفحم وَلَا يحمل رطلين من الشَّحْم وَلَوْلَا الشّعير مَا نهقت الْحمير وَلَو لم يَتَّسِع حَاله لم يَتَّسِع مجاله وَكَذَا الْكَلْب يزمن حِين يسمن وَلَا يتبع حِين يشْبع وَعند الْجُوع يهم بِالرُّجُوعِ فصل من كتاب إِلَى أبي نصر بن أبي زيد كتابي أَطَالَ الله بَقَاء الشَّيْخ وفرحي فِي كريم يحضر ذَلِك الجناب فَيحسن المناب وَلَا أعدم إِن شَاءَ الله بِتِلْكَ الساحة الْكَرِيمَة من يتحلى بِهَذِهِ الشيمة على أَن الطباع إِلَى الذَّم أميل وَالْعَقْرَب إِلَى الشَّرّ أقرب وَاللِّسَان بالقدح أجْرى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 مِنْهُ بالمدح والحاسد يعمى عَن محَاسِن الصُّبْح بِعَين تدْرك دقائق الْقبْح والهروى جَسَد كُله حسد وَعقد كُله حقد فَلَا يجذب التخلق بضبعه عَن طبعه وَلَا يَأْخُذ التَّكَلُّف بخلقه عَن طرقه رقْعَة لَهُ إِلَى مستميح عاوده مرَارًا وَقَالَ لَهُ لم لَا تديم الْجُود بِالذَّهَب كَمَا تديمه بالأدب عافاك الله مثل الْإِنْسَان فِي الْإِحْسَان كَمثل الْأَشْجَار فِي الثِّمَار سَبيله إِذا أَتَى بِالْحَسَنَة أَن يرفه إِلَى السّنة وَأَنا كَمَا ذكرت لَا أملك عضوين من جَسَدِي وهما فُؤَادِي ويدي أما الْفُؤَاد فيعلق بالوفود وَأما الْيَد فتولع بالجود لَكِن هَذَا الْخلق النفيس لَيْسَ يساعده الْكيس وَهَذَا الطَّبْع الْكَرِيم لَيْسَ يحْتَملهُ الْغَرِيم وَلَا قرَابَة بَين الذَّهَب وَالْأَدب فَلم جمعت بَينهمَا وَالْأَدب لَا يُمكن ثرده فِي قَصْعَة وَلَا صرفه فِي ثمن سلْعَة ولي من الْأَدَب نادرة جهدت فِي هَذِه الْأَيَّام بالطباخ أَن يطْبخ لي من جيمية الشماخ لونا فَلم يفعل وبالقصاب أَن يسمع أدب الْكتاب فَلم يقبل وأنشدت فِي الْحمام ديوَان أبي تَمام فَلم ينفذ وَدفعت إِلَى الْحجام مقطعات اللجام فَلم يَأْخُذ واحتيج فِي الْبَيْت إِلَى شَيْء من الزَّيْت فأنشدت من شعر الْكُمَيْت ألفا ومائتي بَيت فَلم تغن وَلَو وَقعت أرجوزة العجاج فِي توابل السكباج مَا عدمتها عِنْدِي وَلَكِن لَيست تقع فَمَا أصنع فَإِن كنت تحسب اختلافك إِلَيّ إفضالا عَليّ فراحتي فِي أَن لَا تطرق ساحتي وفرجي فِي أَن لَا تجي وَالسَّلَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 وَكتب إِلَى صديق لَهُ رقْعَة نسختها قد طبخت لسيدي حَاجَة إِن قَضَاهَا وَبلغ رِضَاهَا ذاق حرارة الْإِعْطَاء وَإِن أَبَاهَا وفل شباها لَقِي مرَارَة الاستبطاء فَأَي الجودين أخف عَلَيْهِ جودة بالعلق النفيس أم جودة بِالْعرضِ الخسيس ونزوله عَن الطريف أم عَن الْخلق الشريف فَأَجَابَهُ عَنْهَا بِهَذِهِ الرقعة جعلت فَاك هَذَا طبيخ كُله توبيخ وثريد كُله وَعِيد ولقم إِلَّا أَنَّهَا نقم وَلم أر قدرا أَكثر مِنْهَا عظما وَلَا آكلا أَكثر مني كظما مَا هَذِه الْحَاجة ولتكن حاجاتك من بعد أَلين جَوَانِب وألطف مطَالب فصل من كتاب إِلَى الْأَمِير أبي نصر الميكالي كتابي أَطَالَ الله بَقَاء الْأَمِير وبودي أَن أكونه فاسعد بِهِ دونه وَلَكِن الْحَرِيص محروم لَو بلغ الرزق فَاه لولاه قَفاهُ وَبعد فَإِنِّي فِي مفاتحته بَين ثِقَة تعد وَيَد ترتعد وَلم لَا يكون ذَلِك وَالْبَحْر وَإِن لم أره فقد سَمِعت خَبره وَمن رأى من السَّيْف أَثَره فقد رأى أَكْثَره وَإِذ لم ألقه فَلم أَجْهَل إِلَّا خلقه وَمَا وَرَاء ذَلِك من تالد أصل ونشب وطارف فضل وأدب فمعلوم تشيد بِهِ الدفاتر وَالْخَبَر الْمُتَوَاتر وتنطق بِهِ الْأَشْعَار كَمَا تخْتَلف عَلَيْهِ الْآثَار وَالْعين أقل الْحَواس إدراكا والآذان أَكْثَرهَا استمساكا فصل من رقْعَة إِلَى الشَّيْخ الإِمَام أبي الطّيب سهل بن مُحَمَّد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 أَنا أخاطب الشَّيْخ الإِمَام وَالْكَلَام مجون والْحَدِيث شجون وَقد يوحش اللَّفْظ وَكله ود وَيكرهُ الشَّيْء وَلَيْسَ من فعله بُد هَذِه الْعَرَب تَقول لَا أبالك فِي الْأَمر إِذا هم وقاتله الله وَلَا يُرِيدُونَ الذَّم وويل أمه للمرء إِذا أهم ولأولي الْأَلْبَاب فِي هَذَا الْبَاب أَن ينْظرُوا من القَوْل إِلَى قَائِله فَإِن كَانَ وليا فَهُوَ الْوَلَاء وَإِن خشن وَإِن كَانَ عدوا فَهُوَ الْبلَاء وَإِن حسن وَله إِلَيْهِ رقْعَة يَا لعباد الله الْقَرْض وَلَا هَذَا الرحض والزاد وَلَا هَذَا الكساد أمرض وَلَا أعَاد إِذا شبع الزنْجِي بَال على التَّمْر وَهَذَا بَوْل على الْجَمْر ويوشك أَن يكون لَهُ دُخان فصل مثله كمن صَامَ حولا ثمَّ لما أنظر شرب بولا وَمن أُخْرَى المَاء إِذا طَال مكثه ظهر خبثه وَإِذا سكن مَتنه تحرّك نَتنه كَذَلِك الضَّيْف يسمج لقاؤه إِذا طَال ثواؤه ويثقل ظله إِذا انْتهى مَحَله فصل من كتاب نهت الْحُكَمَاء عَن صُحْبَة الْمُلُوك وَقَالُوا إِن الْمُلُوك إِذا خدمتهم مُلُوك وَإِن لم تخدمهم أذلوك وَإِنَّهُم يستعظمون فِي الثَّوَاب رد الْجَواب ويستقلون فِي الْعقَاب ضرب الرّقاب وَإِنَّهُم ليعثرون على العثرة من خدمهم فيبنون لَهَا منارا ثمَّ يوقدونها نَارا ويعتقدونها ثأرا وَقَالُوا كن من الْمُلُوك مَكَانك من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 الشَّمْس إِنَّهَا لتؤذيك وَالسَّمَاء لَهَا مدَار وَالْأَرْض لَك دَار فَكيف لَو أسفت قَلِيلا وتدانت يَسِيرا وَإِن الْعَاقِل ليطلب مِنْهَا مزِيد بعد فيتخذ سرباء لِوَاذًا مِنْهَا وهربا ويبتغي فِي الأَرْض نفقا فِرَارًا مِنْهَا وفرقا رقْعَة فِي التمَاس الْحَطب كم لله من حبر إِذا جَاع حبر الأسجاع وَإِذا اشْتهى الفقاع كتب الرّقاع هَذَا تسبيب بعدة تشبيب قد عرف الشَّيْخ برد هَذَا الْبرد وَخُرُوجه فِي سوء الْعشْرَة عَن الْحَد فَإِن رأى أَن يلبسني من الْحَطب الْيَابِس فَرْوَة ويكفيني من أَمر الْوقُود شتوة فعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فصل ورد كتاب يضرط الأتن ويعرق الآباط كالقنفذ من أَي النواحي أَتَيْته وكالحسك على أَي جنب طرحته ورحم الله فلَانا قلت لَهُ يَوْمًا إِنَّك كثير الرَّغْبَة سريع الملالة فَقَالَ عافاك الله هَذِه غيبَة وَفِي الْوُجُوه غَرِيبَة وَإِنَّمَا يغتاب الْمَرْء من وَرَاء ظَهره لَا فِي سَوَاء وَجهه فصل أما الْكتاب فلفظه فسيح وَمَعْنَاهُ فصيح وأوله بِآخِرهِ رهين وَآخره لأوله قرين وَبَينهمَا مَاء معِين وحور عين فصل أَنا على بَيِّنَة من أَمْرِي وبصيرة فِي ديني وَلَا أَقُول بعلوم أَصْحَاب النُّجُوم وكما أعلم أَن أَكْثَرهَا زق وريح أرى أَن بَعْضهَا حق صَحِيح وَكَانَ لنا صديق لَا يُؤمن بالصبح إيمَانه بالنجوم قرئَ عَلَيْهِ إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 وَالْإِحْسَان فَقَالَ إِن رَضِي النحسان فصل وَالله لَوْلَا يَد تَحت الْحجر وكبد تَحت الخنجر وطفل كفرخ يَوْمَيْنِ قد حبب إِلَى الْعَيْش وسلب من رَأْسِي الطيش لشمخت بأنفي عَن هَذَا الْمقَام وَلَكِن صبرا جميلا وَالله الْمُسْتَعَان فصل إِنَّمَا يحبس الْبَازِي وَلَو ترك القطا لطار كل مطار فصل لم أر مثلي علق مضنة يَرْمِي بِهِ من حالق وَلَكِن رب حسناء طَالِق فصل من رِسَالَة فِي ذمّ السذق إِلَى الرئيس أبي عَامر هَذَا هُوَ الْعِيد وَذَلِكَ هُوَ الضلال الْبعيد إِنَّهُم يشبون نَارا هِيَ موعدهم وَالنَّار فِي الدُّنْيَا عيدهم وَالله إِلَى النَّار يعيدهم وَمن لم يلبس مَعَ الْيَهُود غيارهم لم يعْقد مَعَ النَّصَارَى زنارهم وَلم يشب مَعَ الْمَجُوس نارهم إِن عيد الْوقُود لعيد إفْك وَإِن شعار النَّار لشعار شرك وَمَا أنزل الله بالسذق سُلْطَانا وَلَا شرف نيروزا وَلَا مهرجانا وَإِنَّمَا صب الله سيوف الْعَرَب على رُءُوس الْعَجم لما كره من أديانها وَسخط من نيرانها وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ حِين مقت أفعالهم فصل مِنْهُ إِنَّه هَذَا الدّين لذُو تبعات الصَّوْم والفطام شَدِيد وَالْحج والمرام بعيد وَالصَّلَاة والمنام لذيذ وَالزَّكَاة وَالْمَال عَزِيز وَصدق الْجِهَاد وَالرَّأْس لَا ينْبت بعد الْحَصاد وَالصَّبْر الحامض والعفاف الْيَابِس وَالْحَد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 الخشن والصدق المر وَالْحق الثقيل والكظم وَفِي اللُّقْمَة الْعظم فصل الوحشة تقتدح فِي الصَّدْر اقتداح النَّار فِي الزند فَإِن أطفئت بارت وتلاشت وَإِن عاشت طارت وطاشت والقطر إِذا تدارك على الْإِنَاء امْتَلَأَ وفاض والعتب إِذا ترك فرخ وباض فصل من لَقينَا بأنف طَوِيل لقيناه بخرطوم فيل وَمن لحظنا بِنَظَر شزر بعناه بِثمن نزر رقْعَة إِلَى خطيب الْمجَالِس أيد الله الْخَطِيب لَا تطيب إِلَّا بالمسامرة والخطيب فضيحة الدُّنْيَا ونكال الْآخِرَة وَقد حضر الْخَطِيب كَانَ فليحضر الْخَطِيب الْآن تَصْدِيقًا لقَوْل الله تَعَالَى {وَمن الْبَقر اثْنَيْنِ} أُخْرَى سلمت على فلَان فَرد جَوَابا يرد على الوكلاء بِشَرْط الْإِيمَاء وَاقْتصر من البشاشة على تَحْرِيك الشاشة وَمن الِاسْتِقْبَال على تَحْرِيك السبال فصل جارنا رجل يصحب السرير ويسحب الْحَرِير ويفترش الحبير ويخوض العبير يحلف رجلا يزعمه كَانَ يقتات الشّعير ويعروري الْبَعِير ويركب الْحمير وَيظْلم الصَّغِير ويجالس الْفَقِير ويواكل الْأَجِير بعيد بون بَينهمَا بعيد فصل لَو كَانَ حماري لنفشت عَلَيْهِ التِّبْن ونقلت على ظَهره اللَّبن أفأؤدي عَنهُ الغرامة لَا وَلَا كَرَامَة من ذَاك الثور حَتَّى يحْتَمل عَنهُ الْجور الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 الْمَوْت وَالله وَلَا هَذَا الصَّوْت والمنية وَلَا هَذِه الأمنية الدنية فصل أما الْآن وَالْحَال من الضَّيْف يحتال وَالْأَيَّام كَأَنَّهَا لَيَال توالفت وَالْوَجْه بَال والكيس وَالرَّأْس خَال وَاللَّحم فِي السُّوق غال وَالْقدر حَلِيف خيال فصل لَهُ من رقْعَة يَا شبر مَا هَذَا الْكبر وَيَا فتر مَا هَذَا السّتْر وَيَا قرد مَا هَذَا الْبرد وَيَا يَأْجُوج مَتى الْخُرُوج وَيَا فقاع بكم تبَاع وَيَا فراني مَتى تراني وَيَا لقْمَة الخجل نَحن ببابك وَيَا بَيْضَة النغيلة من أَتَى بك وَيَا دبة وَيَا حَبَّة وَيَا من فَوق المكبة وَمَا من قربه المذبة وَيَا من خلقه المسبة وَيَا دمل مَا أوجعك وَيَا قمل لنا حَدِيث مَعَك فَإِن رَأَيْت آذَنت وَالسَّلَام فصل أعجوبة لَكِنَّهَا محجوبة حَتَّى تصلي على النَّبِي بنشاط وتنزل عَن قِيرَاط مَا هِيَ رَحِمك الله صبرا يَا خَبِيث إِلَيْك يساق الحَدِيث إِن عِشْنَا وعشت رَأَيْت الأتان تركب الطَّحَّان روح وَلَا جَسَد وَصَوت وَلَا أحد وَالْعود أَحمَق وَمَتى فرزنت يَا بيدق وَيَا أسخف من ناقد على رَاقِد وَشر دهرك آخِره وَيَا عجبا أيلد الْأَغَر البهيم وَولد آزر إِبْرَاهِيم (يَا أَيهَا الْعَام الَّذِي قد رَابَنِي ... أَنْت الْفِدَاء لذكر عَام أَولا) // من الْكَامِل // وَمَا أفدى الْعَام لَكِن الْأَنْعَام وَلَا أَشْكُو الْأَنَام لَكِن اللئام عَام أول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 عدنان وَالْعَام هَذَا القرنان لنا فِي كل أَوَان أَمِير يمْلَأ بَطْنه وَالْجَار جَائِع ويحفظ مَاله وَالْعرض ضائع (تبدلت الْأَشْيَاء حَتَّى لخلتها ... ستبدي غرُوب الشَّمْس من حَيْثُ تطلع) // من الطَّوِيل // كَانَت السِّيَادَة فِي المطابخ فَصَارَت فِي المباطخ أشهد لَئِن كثرت مزارعكم لقد قلت مشارعكم وَلَئِن سمنت أقفيتكم لقد أَمْحَلت أفنيتكم (رأيتكم لَا يصون الْعرض جاركم ... وَلَا يدر على مرعاكم اللَّبن) // من الْبَسِيط // فصل من رقْعَة إِلَى من استماحه شرابًا فِي يَوْم مطير عافاك الله الْعَاقِل إِن وافى أَبوهُ على جمل الْبَرِيد من المضرب الْبعيد فِي الْخطب الشَّديد يَوْمنَا هَذَا لم يسْتَقْبل حمارته وَإِن مَاتَ لم يشيع جنَازَته وَحل إِلَى الركب ومطر كأفواه الْقرب وَرجل ظَاهر النِّفَاق يلْتَمس الشَّرَاب مِمَّن لَا يرى قربه فَكيف شربه على أَنَّك إِلَى الشّرْب أحْوج مِنْك إِلَى السكر أَلا ترى كَيفَ من الله على الْبيُوت بالثبوت وعَلى السقوف بِالْوُقُوفِ أَلا تنظر إِلَى هَذَا الْمَطَر أمطر عمَارَة هُوَ أم مطر خراب وسقيا رَحْمَة هُوَ أم سقيا عَذَاب فصل كتابي وَالَّتِي نقضت غزلها من بعد قُوَّة أنكاثا طَالِق ثَلَاثًا مَرْدُودَة على أَهلهَا من وَرَائِهَا البعرة وَفِي قفائها النعرة لَا ترجع لخرقاء أَو ترجع العنقاء وتالله مَا نقض الْغَزل بعد قُوَّة أسخف من نقض عهد وأخوة لَيْسَ أرش الْغَزل إِذا نقض أرش الْفضل إِذا رفض وَلم يَجْعَل الله إِضَاعَة الصُّوف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 كإضاعة الْمَعْرُوف وَالْحق ثقيل وَهُوَ خير مَا قيل فصل حَدِيث الْكتاب مَا حَدِيث الْكتاب وصل جحيم هائل لَيْسَ وَرَاءه طائل وَخط مجون لَا يدْرِي ألف أم نون وسطور فِيهَا سطور كدبيب السرطان على الْحِيطَان وألفاظ أخلاط لَا يُدْرِكهَا استنباط وَلَا يفهمها بقراط هذيان المحموم ودواء المهموم فصل وَمثلك من ذب عَمَّن أحب وَلَكِن للذب أبوابا وَلكُل امْرِئ جَوَابا تعلم أَنه لَيْسَ فِي أَبْوَاب الذب أَضْعَف من بَاب السب وَإِذا تَلَوت قَول الله عز وَجل {وَلَا تسبوا الَّذين يدعونَ من دون الله فيسبوا الله عدوا} علمت أَن سلَاح خصمك أقوى وَالنَّاس رجلَانِ كريم ولئيم وكل بِأَن لَا يسب خليق إِن الْكَرِيم لَا يُنكر الْفضل وَإِن النذل لَا يألم العذل (يبيحك مِنْهُ عرضا لم يصنه ... ويرتع مِنْك فِي عرض مصون) // من الوافر // وهلم أفرض لَك مَسْأَلَة الذب فِي الذُّبَاب لتعلم أَن اتقاءه بالمكبة خير من اتقائه بالمذبة وَأَن ذبه بالمظلة أبلغ من ذبه بالمذلة فَإِن كَانَ لَا بُد من انتقام وَاسْتِيفَاء فأعيذك بِاللَّه أَن تجْهَل أَن آذان الأنذال فِي القذال وَهِي آذان لَا تسمع إِلَّا من أَلْسِنَة نعال الْأدم وترجمة أكف الخدم وعلامة فهمها جحوظ الْعَينَيْنِ وخدر الْيَدَيْنِ فصل وَجَدْتُك تعجب أَن يجْحَد لئيم فضل صنيعك فخفض عَلَيْك يَرْحَمك الله إِن الَّذِي تعجب مِنْهُ يسير فِي جنب مَا يجحده من النَّاس كثير إِن الله تَعَالَى خلق أَقْوَامًا وشق لَهُم أبصارا وآتاهم بصائر فغاصوا بهَا على عرق الذَّهَب ففصدوه وَلم يزَالُوا بِالنَّجْمِ حَتَّى رصدوه واحتالوا للطائر فأنزلوه من جو السَّمَاء وللحوت فأخرجوه من المَاء ثمَّ جَحَدُوا مَعَ هَذِه الأفكار الغائصة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 والأذهان النافذة صانعهم فَقَالُوا أَيْن وَكَيف حَتَّى رَأَوْا السَّيْف فَلم تعجب أَن جَحَدُوا فضلا لَيست الأَرْض بساطه وَلَا الْجبَال سماطه وَلَا السَّمَاء فسطاطه وَلَا اللَّيْل رباطه وَلَا النَّهَار صراطه وَلَا النُّجُوم أشراطه وَلَا النَّار سياطه فصل مَا أشبه وعد الشَّيْخ فِي الْخلاف إِلَّا بشجر الْخلاف خضرَة فِي الْعين وَلَا ثَمَر فِي الْبَين فَمَا ينفع الْوَعْد وَلَا إنجاز من بعد وَمثل الْوَعْد مثل الرَّعْد لَيْسَ لَهُ خطر إِن لم يتله مطر فصل كَانَ عندنَا رجل فاره الأفراس فاخر اللبَاس لَا يعد من النَّاس وَلَا تَظنن أَن الإنسانية بِسَاط قوني وَلَا ثوب سقلاطوني وَلَا تقدر أَن المكارم ثَوْبَان من عدن أَو قعبان من لبن فصل لَك يَا سَيِّدي خلال خير وخلال فضل لَا يدفعك عَنْهُمَا أحد وَلَك فِي المكارم لِسَان وَيَد لَا تخلوا مَعَهُمَا من تورية سوطية وَرجل طاووسية وَلَو عريت مِنْهَا كنت الإِمَام الَّذِي تدعيه الشِّيعَة وتنكره الشَّرِيعَة فصل معَاذ الله لَا أشفع لضارب الْقلب وَلَا أرْضى لَهُ غير الصلب وأعتقد فِي دَار الضَّرْب أَنَّهَا دَار الْحَرْب وَلَكِن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فصل لم يكن فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمهاجرين مَا فِي وقتنا للمواجرين وَمَا جَازَ لعلية الْأَصْحَاب مَا يجوز لِأَزْوَاج القحاب فصل كثر ترداد أَصْحَابِي إِلَى فلَان فَمَا يعيرهم إِلَّا أذنا صماء وبابا أَصمّ وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يَأْذَن فِي بَاب الْخَاصَّة للعامة فَصَارَ يَأْذَن فِي بَاب الْعَامَّة للخاصة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 وَإِنَّمَا تولى جارها من تولى فارها وَمن لم يول مَنَافِعهَا لم يول مضارها فصل من كتاب إِلَى ابْن فَارس نعم أيد الله الشَّيْخ إِنَّه الحأ الْمسنون وَإِن ظنت الظنون وَالنَّاس لآدَم وَإِن كَانَ الْعَهْد قد تقادم وارتكبت الأضداد وَاخْتَلَطَ الميلاد وَالشَّيْخ يَقُول قد فسد الزَّمَان أَفلا يَقُول مَتى كَانَ صَالحا أَفِي الدولة العباسية فقد رَأينَا آخرهَا وَسَمعنَا بأولها أم الْمدَّة المروانية وَفِي أَخْبَارهَا (لَا تكسع الشول بأغبارها ... ) // من السَّرِيع // أم السنين الحربية (وَالرمْح يركز فِي الكلى ... وَالسيف يغمد فِي الطلى) (ومبيت حجر فِي الفلا ... والحرتان وكربلا) // من مجزوء الْكَامِل // أم الْبيعَة الهاشمية وَعلي يَقُول لَيْت الْعشْرَة مِنْكُم براس من بني فراس أم الْأَيَّام الأموية والنفير إِلَى الْحجاز والعيون إِلَى الأعجاز أم الأمارة العدوية وصاحبها يَقُول وَهل بعد البزول إِلَّا النُّزُول أم الْخلَافَة التيمية وصاحبها يَقُول طُوبَى لمن مَاتَ فِي نأنأة الْإِسْلَام أم على عهد الرسَالَة وَيَوْم الْفَتْح قيل اسكني يَا فُلَانَة فقد ذهبت الْأَمَانَة أم فِي الْجَاهِلِيَّة ولبيد يَقُول (ذهب الَّذين يعاش فِي أَكْنَافهم ... وَبقيت فِي خلف كَجلْد الأجرب) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 أم قبل ذَلِك وأخو عَاد يَقُول (بِلَاد بهَا كُنَّا وَكُنَّا نحبها ... إِذْ النَّاس نَاس وَالزَّمَان زمَان) // من الطَّوِيل // أم قبل ذَلِك وروى عَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام (تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا ... وَوجه الأَرْض مغبر قَبِيح) // من الوافر // أم قبل ذَلِك وَقد قَالَت الْمَلَائِكَة {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} وَمَا فسد النَّاس وَإِنَّمَا اطرد الْقيَاس وَلَا أظلمت الْأَيَّام وَإِنَّمَا امْتَدَّ الظلام وَهل يفْسد الشَّيْء إِلَّا عَن صَلَاح ويمسي الْمَرْء إِلَى عَن صباح فصل مِنْهُ وَإِنِّي على توبيخه لي لفقير إِلَى لِقَائِه شفيق على بَقَائِهِ منتسب إِلَى ولائه شَاكر لآلائه وَإِن لَهُ على كل نعْمَة خولنيها الله نَارا وعَلى كل كلمة علمنيها منارا وَلَو عرفت لكتابي موقعا من قلبه لاغتنمت خدمته بِهِ ولرددت إِلَيْهِ سُؤْر كاسه وَفضل أنفاسه وَلَكِنِّي خشيت أَن يَقُول {هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا} وَله أيده الله العتبى والمودة فِي الْقُرْبَى والمرباع وَمَا ضمه الْجلد وناله الباع وَمَا ضمنه الْمشْط (وَوَاللَّه مَا هِيَ عِنْدِي رضى ... وَلكنهَا جلّ مَا أملك) // من المتقارب // وَاثْنَانِ قَلما يَجْتَمِعَانِ الخراسانية والإنسانية وَأَنا وَإِن لم أكن خراساني الطينة فَإِنِّي خراساني الْمَدِينَة والمرء من حَيْثُ يُوجد لَا من حَيْثُ يُولد وَالْإِنْسَان من حَيْثُ يثبت لَا من حَيْثُ ينْبت فَإِن انضاف إِلَى خُرَاسَان ولادَة همذان ارْتَفع الْقَلَم وَسقط التَّكْلِيف فالجرح جَبَّار والجاني حمَار وَلَا جنَّة وَلَا نَار فليحتملني الشَّيْخ على هناتي أَلَيْسَ صاحبنا يَقُول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 (لَا تلمني على ركاكة عَقْلِي ... إِن تيقنت أنني همذاني) // من الْخَفِيف // فصل بعض الظَّن إِثْم وَلَكِن بعض الْإِثْم حزم وَبَلغنِي أَن القَاضِي يُرِيد أَن يسجل فَأُرِيد أَن لَا يعجل حَتَّى أحضر فَينْظر فيمَ الْخُصُومَة وَأنْظر كَيفَ الْحُكُومَة فصل أَنْت أيدك الله إِذا قلدت الْبَرِيد وَبَردت هَذَا التبريد تؤذن أَنَّك لَو وليت الدِّيوَان لحجبت الدبران وَلَو قلدت الوزارة مَا كنت تصنع أَكنت أول من تصفح وَإِن هان على سبال الطبائع وَهُوَ الْخَلِيفَة فَمن الجيفة يَا شيخ حشمة فِي الرَّأْس وعرة بَين النَّاس وَإِذا ارْتَفَعت فآلاتها نميمة وَلَيْسَ للنَّاس قيمَة وَلَو نسجت الدّرّ فِي الذَّهَب مَا كنت إِلَّا حائك وَإِلَّا من جملَة أُولَئِكَ فصل شراب من ذاقه أخخ وَصَوت من يسمعهُ بخبخ وَشرف من ناله أرخ فصل أَلا وَإِن فِي صَدْرِي لغصة وَإِن فِي رَأْسِي لقصة وَإِن لكل مُسلم فِيهَا لحصة وَإِن هَذَا الْمقَام فِيهَا لفرصة فصل من كتاب إِلَى عدنان أشهد لَو خير الرئيس مَا اخْتَار فَوق مَا اختير لَهُ وَمَا فِي الْغَيْب أَكثر مِمَّا فِي الجيب وَمَا بَقِي أحسن من الَّذِي لَقِي (هَنِيئًا وَزَاد الله ضبة سؤددا ... وَذَلِكَ مجد يمْلَأ الْعين واليدا) (لَك الْيَوْم أَسبَاب السَّمَوَات مظْهرا ... وَمَا الْيَوْم مِمَّا سَوف تبلغه غَدا) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 فصل أَنا وَأَنا غرس الشَّيْخ ألف الْعِمَامَة على فضول لَا تقلها جبال تهَامَة ثمَّ أسبح فِي المَاء الغزير واعتضد بالأمير والوزير ثمَّ أستظهر بسجل القَاضِي ثمَّ الشَّيْخ هُوَ المتغاضي وَلَا حِيلَة مَعَ ابْن جميلَة الْعَار وَالله وَالنَّار وَالْقَتْل والدمار والعسلى والزنار والشباب وَالتُّرَاب المثار فصل واحربا أَتُرِيدُ جَهَنَّم حطبا وَاعجَبا أَتُرِيدُ أَسْوَأ مِنْهَا منقلبا فصل أبق أَطَالَ الله بَقَاء الشَّيْخ الرئيس عَبْدَانِ أَحدهمَا الَّذِي أنبت عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين وَالْآخر الَّذِي قَالَ {خلقتني من نَار وخلقته من طين} وأنجى هَذَا من الظُّلُمَات وَمد لذَلِك فِي الْحَيَاة فَعرف لكل على مِقْدَار حرمته حق خدمته فصل مضى الْعِيد فَلَا صدقَات الْفطر وَلَا صدقَات الْعطر وَلَا فضلات الْقدر وَلَا لفظات الذّكر وأسمع النَّاس يَقُولُونَ إِن الشَّيْخ مستبرد لي مستوحش مني وَأَنا سليم نواحي القَوْل وَالْفِعْل وَالنِّيَّة وَأَنا كالحية أضمن أَن لَا ألسع وَلَا أضمن أَن لَا يفزع فصل وصلت رقْعَة الشَّيْخ فسفرت شوهاء ونطقت ورهاء تعثر فِي أذيالها تَقول خذوني والطاعون المذنب سَكرَان يتغافل فصل يُعجبنِي أَن يكون الشَّيْخ عريض اللِّسَان طويله حسن الْبَيَان جميله وَلَا يُعجبنِي أَن يطول لِسَانه حَتَّى يمس بِهِ جَبينه وَيضْرب بِهِ صَدره وَيحك بِهِ قَفاهُ فَخير الْأُمُور أوساطها وأمام السَّاعَة أشراطها والغاية سوم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 والاستقضاء فرقة فصل لَوْلَا شفقتك من الْقلب لربطتك مَعَ الْكَلْب وَلَكِن لَا حِيلَة لإحصارك وكلي أنصارك فصل مغرز إبرة وألفا عِبْرَة رُعَاة رعاع ورعايا شُجَاع أَمِير وَلكنه فِي الْحمير ووزير وَلكنه خِنْزِير وَمَا شِئْت من البرود الاتحمية وَلَا شَيْء من الحمية فصل أَرَانِي أذكر الشَّيْخ كلما طلعت الشَّمْس أَو هبت الرّيح أَو نجم النَّجْم أَو لمع الْبَرْق أَو عرض الْغَيْث أَو ذكر اللَّيْث أَو ضحك الرَّوْض إِن للشمس محياه وللريح رياه وللنجم حلاه وعلاه وللبرق سناؤه وسناه وللغيث يَدَاهُ ونداه ولليث حماه وللروض سجاياه فَفِي كل صَالِحَة ذكرَاهُ وَفِي كل حَادِثَة أرَاهُ فَمَتَى أنساه واشدة شوقاه عَسى الله أَن يجمعني وإياه فصل سَأَلَني الْعم عَن حَالي بِهَذِهِ الْبِلَاد وإنني فِي بِلَاد وَإِن لم يكن لأَهْلهَا تَمْيِيز فَأَنا بَينهم عَزِيز يطعمونني تقليدا ويردونني فريدا وَالْمَال يجتني فيضا لَكِن لَا أبلعه ريقا وَلَا أكره آلوه تفريقا فَهُوَ يَأْتِي مدا وَيذْهب جزرا فصل خلق ابْن آدم خلقَة الْفراش مماته فِي المعاش ومساره طي المضار وَإِلَّا بَين لمثلي إِذا خرج من بَلْدَة أَن تنبذ خَلفه الْحَصَاة وتكنس بعده العرصات وتوقد فِي أَثَره النَّار ويثار فِي قَفاهُ الْغُبَار ويستنبح لفراقه الْكَلْب ويسد لأوبته الأذنان وَتغمضُ عَن رجعته العيان وَيَقُول كم سنة تعد وَرب سلم لَا يرد وَمَا قدرت أَن الشَّيْخ بعد مَا كَفاهُ الله شَرّ مقَامي وأصحت سماؤه من أشغالي وَصفا جوه من لقائي يشتاق طلعتي شوقا ببعثه على عتابي ويهزه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 لاستعطافي وَلَا شكّ فِي أَنه اشتهاني كَمَا يَشْتَهِي الجرب الحك وَله العتبى فستأتيه كتبي تباعا ورسلي وَلَاء وحاجاتي قطارا فصل إِلَى الْأُسْتَاذ أبي بكر بن إِسْحَاق الْأُسْتَاذ الأهد يَأْمر غاشية مَجْلِسه أَن يفتشوا أعطاف الْمقْبرَة وزواياها فَإِن وجدوا قلبا قريحا يحمل ودا صَحِيحا وكبدا دامية تقل محبَّة نامية فَأَنا ضيعتهما بالْأَمْس على ذَلِك الرمس رَضِي الله تَعَالَى عَن وديعته وعنا معشر شيعته فليأمر بردهما إِلَيّ فَلَا خير فِي الأجساد خَالِيَة من الْفُؤَاد وعاطلة عَن الأكباد فصل إِلَى ابْن أُخْته أَنْت وَلَدي مَا دمت وَالْعلم شانك والمدرسة مَكَانك والدفتر أليفك وَحَلِيفك فَإِن قصرت وَلَا إخالك فغيري خَالك فصل من كتاب إِلَى ابْن فريغون كتابي وَالْبَحْر وَإِن لم أره فقد سَمِعت خَبره وَاللَّيْث وَإِن لم ألقه فقد تصورت خلقه وَالْملك الْعَادِل إِن لم أكن لَقيته فقد بَلغنِي صيته فصل إِن لي فِي القناعة وقتا وَفِي الصِّنَاعَة بختا لَا يبعد عَن منال المَال بل يحبيني فيضا ويتطفل عَليّ أَيْضا وَهَذِه الحضرة وَإِن احْتَاجَ إِلَيْهَا الْمَأْمُون وَلم يسْتَغْن عَنْهَا قَارون فَإِن الأحب إِلَيّ أَن أقصدها قصد موَالٍ لَا قصد سُؤال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 وَالرُّجُوع عَنْهَا بِحَال أحب إِلَيّ من الرُّجُوع بِمَال قدمت التَّعْرِيف وأنتظر الْجَواب الشريف فصل إِن أيامي مُنْذُ لم أره لَيَال وَإِنِّي من حبسي لفي طلل بَال وَإِن الْعَيْش لَا يلتئم إِلَّا بعزه والعافية لَا تطيب إِلَّا فِي ظله فصل إِن الْجَمِيل عِنْدهم من وَرَاء جِدَار والقبيح نَار على منار فَإِذا مدحوا سيرة رجل فقد حمدوا عثرته وَلم يبْق فِيهِ طمع للسبك وَلَا مَوضِع للشَّكّ فصل لَيست التجربة خَمْسَة أجربة إِنَّمَا هِيَ دفْعَة والتقدمة لَفْظَة ثمَّ إِن الْعَاقِل بفطنته يكيس فيقيس وَالْجَاهِل بغفلته يخس ويخيس يَا أَبَا الْفضل لَيْسَ هَذَا بزمانك وَلَيْسَت هَذِه الدَّار بدارك وَلَا السُّوق سوق متاعك ناسب الْكِتَابَة وَمَا وسقت والقلام وَمَا نسقت والمحابر وَمَا بسقت والأسجاع إِذا اتسقت واللوم وَلَا هَذِه الْعُلُوم فصل إِنِّي وَالله لأرحم عقل طرفَة إِذْ قَالَ (وليت لنا مَكَان الْملك عَمْرو ... رغوثا حول قبتنا تخور) // من الوافر // كَيفَ ضرب الْمثل فِي الشَّرّ وَقلة الْخَيْر بِمَا هُوَ خير كُله وَإِن الرغوث لتعذره برسلها وتحبوه بنسلها وتكسوه بصوفها وتنفعه ببعرها وتغيظ عدوه بسراحها وتقر عينه برواحها (وتملأ بَيته أقطا وَسمنًا ... وحسبك من غنى شبع وري) // من الوافر // ثمَّ أرجع إِلَى حَدِيثك تمنى مَكَانَهُ رغوثا وأتمنى مَكَانك برغوثا إِن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 البرغوث أَجْدَر مِنْك أَن يَغُوث اعْلَم أَنَّك غرسي وَالْغَرْس تَيْس وَحشِي وَمَا حسبتني أفقد مِنْك مَنَافِع التيس وَلَكِن مَا أصنع وَالْعقل لَيْسَ فصل مَا أعرف لعمَّار مثلا إِلَّا الْغُرَاب الأبقع مذموما على أَي جنب وَقع إِن طَار فَيقسم الضَّمِير وَإِن وَقع فروعه النذير وَإِن حجل فمشية الْأَسير وَإِن شحج فصوت الْحمير وَإِن أكل فدبر الْبَعِير وَإِن سرق فبلغة الْفَقِير كَذَلِك ابْن عمار إِن حذفت عينه فالحين وَإِن حذفت ميمه فالشين وَإِن حذفت راؤه فالرين وَإِن صحف خطه فالمين وَإِن زرته فالحجاب الثقيل وَإِن لم تزره فالعتاب الطَّوِيل فصل بَلغنِي أَن الشَّيْخ دَائِم الْعَبَث بلحمي وَالنَّقْل بشتمي وَأَنه حسن البصيرة فِي نقضي كثير التَّنَاوُل من عرضي وَلحم الوديد لَا يصلح للقديد وَدم الصّديق لَا يشرب على الرِّيق وَالْوَلِيّ لَا يقلي وَلَا يتَّخذ نقلا وَحسب الْغَرِيم أَن لَا يُوفى وَمن منع الصَّدَقَة فَلْيقل قولا مَعْرُوفا فصل لَوْلَا ود الْفَقِيه وَأَنا أستبقيه لشتمت الْعَام وَالْخَاص وَذكرت العاض والماص ولتجاوزت دَار الرِّجَال إِلَى حجرَة الْعِيَال مَا هَذِه الأسجاع الَّتِي كتبهَا والفصاحة الَّتِي عرفهَا بكر وتألم الطلق أَعلَى رَأْسِي يتَعَلَّم الْحلق فصل واحرباه وَإِلَيْك شكوى الْحَرْب وأظن أَجلي قد اقْترب {توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} فصل حرس الله هَذِه الدَّنَانِير ورزقنا مِنْهَا الْكثير إِنَّهَا لتفعل مَا لَا تفعل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وتغني مَا لَا يُغني التَّنْزِيل والتأويل وَتصْلح مَا لَا يصلح جِبْرِيل وَمِيكَائِيل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 فصل فِي تَعْزِيَة بِحرْمَة على أَن النِّسَاء كالصدف إِذا انتزعت مِنْهُ درة الشّرف لم يصلح إِلَّا للتلف والسعيد من حمل من دَار الْأَمِير نعشه واسعد مِنْهُ من جدد فرشه وَلَا خلة بِالرجلِ أليق من الصَّبْر وَلَا حصن للنِّسَاء أمنع من الْقَبْر أسأَل الله الَّذِي سلبه الكرمة أَن يمتعه بعنبها وَلَا خير فِي النَّخْلَة وَرَاء رطبها فصل قد توسطت الشَّبَاب وتطرقت المشيب وقبضت من أثر الزَّمَان وَنظرت فِي أعقاب الْأُمُور وطرت مَعَ الْمُلُوك وَوَقعت مَعَ الخطوب والحي يَأْمر وَينْهى وفارقتها وَالْمَوْت حزنان ينظر فصل لَو رَآنِي مولَايَ وَأَنا فِي قَمِيص بأذنين وقباء ضيق الردنين وعمامة كالقبة وخف تركي أَعْلَاهُ جراب وأسفله غراب على برذون مُضْطَرب التقطيع يرقصني كالرضيع لعلم كَيفَ تجْرِي الفرسان وَكَيف تمسح الأذنان فصل من كتاب إِلَى أَبِيه ولسيدنا أُسْوَة بِيَعْقُوب فِي وَلَده إِذْ ظعن إِلَيْهِ من بَلَده وَلَيْسَ العائق سور الْأَعْرَاف وَلَا رمل الْأَحْقَاف وَلَا جبل قَاف أَخَاف وَالله أَن أَمُوت وَفِي النَّفس مني حَاجَة لم أقضها أَو منية لم أحظ بِبَعْضِهَا فصل مثل الشَّيْخ فِي التمَاس الْخلّ مثل المكدي فِي التمَاس الْخلّ تقدم إِلَى الْخلال فَقَالَ يَا منكوح الْعِيَال صب قَلِيلا من الْخلّ فِي هَذَا الْإِنَاء الجل فَقَالَ الْخلال قبح الله الكسل هلا التمست بِهَذَا اللَّفْظ الْعَسَل فصل يَا هَؤُلَاءِ تكابروا الله فِي بِلَاده وَلَا ترادوه فِي مُرَاده إِن الأَرْض لله يُورثهَا من يَشَاء من عباده وَمَا أرى آل فلَان إِلَّا مقدرين أَنهم لم يَأْخُذُوا خُرَاسَان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 قهرا إِنَّمَا كَانَت لأمهم مهْرا فَلهم حولهَا تخبيط وَالله من ورائهم مُحِيط فصل إِنِّي لأعجب من رَأس يودع تِلْكَ الفضول فَلَا ينشق وَمن عنق يقل ذَلِك الرَّأْس فَلَا يندق فصل كتابي كتاب من نسي الْأَيَّام وتذكره ويطوي الْعَالم وينشره ثمَّ ينْبذ أَبنَاء دهره وَرَاء ظَهره فصل أَنا على قرب الْعَهْد بالمهد قطعت عرض الأَرْض وعاشرت أَجنَاس النَّاس فَمَا أحد إِلَّا بِالْجَهْلِ تَبعته وبالخسران بِعته وبالظن أَخَذته وباليقين نَبَذته وَمَا مدح وَضعته فِي أحد إِلَّا أضعته وَلَا حمد صرفته فِي أحد إِلَّا عَرفته وَمن احْتَاجَ إِلَى النَّاس وزنهم بالقسطاس وَمن طَاف نصف الشرق لَقِي ربع الْخلق فصل فِي مدح الْأَمِير خلف جزى الله هَذَا الْملك أفضل مَا جزى مخدوما عَن خدمه ومنعما على نعمه وأعانه على هممه فَلَو أَن الْبحار عدده والسحاب يَده وَالْجِبَال ذهبه لقصرت عَمَّا يَهبهُ فوَاللَّه مَال التَّمْر بِالْبَصْرَةِ أقل خطرا من البدرة بِهَذِهِ الحضرة أَنِّي لَا أَرَاهَا تحمل إِلَى المنتجعين إِلَّا تَحت الذيل فِي جنح اللَّيْل وَلَا شَيْء أيسر من الدِّينَار بِهَذِهِ الديار بَيْنَمَا الْمَرْء فِي سنة من نَومه لتعب يَوْمه وقصاراه قوت يَوْمه إِذْ يقرع الْبَاب عَلَيْهِ قرعا خفِيا ويسأله بِهِ سؤالا حفيا وَيُعْطِي ألفا خلفيا فصل للشَّيْخ من الصُّدُور مَا لَيْسَ للفؤاد وَمن الْقُلُوب مَا لَيْسَ للأولاد فَكَأَنَّمَا اشتق من جَمِيع الأكباد وَولد بِجَمِيعِ الْبِلَاد سَوَاء الْحَاضِر فِيهِ والباد وكل أَفعاله غرَّة فِي نَاصِيَة الْأَيَّام وزهرة فِي جنح الظلام إِلَّا أَن مَا أوجبه لفُلَان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 من روض أَنا وسيمه وطوق أَنا قمريه وعود جَمْرَة لساني وخمر سكره ضماني فصل إِلَى أَبِيه إِن الْإِبِل على غلظ أكبادها لتحن إِلَى أوطانها وَإِن الطير لتقع عرض الْبَحْر إِلَى مظانها وَبَلغنِي أَن ابْن ذِي اليمينين طَاهِر بن الْحُسَيْن لما ولي مصر داخلها مَضْرُوبَة قبابها مفروشة أرْضهَا مزخرفة جدرانها وَالنَّاس ركبانا ورجالا والنثار يَمِينا وَشمَالًا فَأَطْرَقَ لَا ينْطق حرفا وَلَا يرفع طرفا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ مَا أصنع بِهَذَا كُله وَلَيْسَ فِي النظارة عَجَائِز بوشنج وَالْعجب من حَاضر أنطاكية صَاحب آل ياسين وَقد كذب وعذب وَقتل وجر بِرجلِهِ وَأهْلك قومه من أَجله وَقيل لَهُ {ادخل الْجنَّة قَالَ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين} فَكَأَنَّهُ تمنى الْجنَّة بلقيا قومه على سوء جوارهم وقبح آثَارهم وَهَذَا أَخُو كِنْدَة يَقُول (وَهل ينعمن من كَانَ أقرب عَهده ... ثَلَاثِينَ شهرا أَو ثَلَاثَة أَحْوَال) // من الطَّوِيل // فَمَا ظَنّه بِي لِاثْنَتَيْ عشرَة سنة على أَن لي فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة وَعَسَى الله أَن يأتيني بكم جَمِيعًا أَو يأتيكم بِي سَرِيعا فصل وأجدني إِذا قَرَأت قصَّة الْخَلِيل والذبيح إِسْمَاعِيل أحس من نَفسِي لسيدنا بِتِلْكَ الطَّاعَة لَو وَقع الْبلَاء والعافية أوسع وَأَظنهُ لَو تلني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 للجبين وَأخذ مني بِالْيَمِينِ لقطع الوتين لصنته عَن الأنين عَليّ بذلك مِيثَاق من الله غليظ وَالله على مَا نقُوله حفيظ فصل فتن تشظى ونار تلظى وناس يَأْكُل بَعضهم بَعْضًا فالنهار مصادرة وَاللَّيْل مكبارة وَقتل عَمْرو وسلب زيد وانج سعد وَهلك سعيد وَثمن الرَّأْس منديل وَالْبَيِّنَة العادلة سكين وَدَار الحكم بَيت القار وَالْيَمِين الْغمُوس فلَان الْحمار وَالْجَامِع حانة الْخمار وَلَا شَيْء إِلَّا السِّلَاح والصياح وكل شَيْء إِلَّا السّكُون وَالصَّلَاح فصل قد أهديت لَهُ فارتي مسك تصلان بوصول كتابي هَذَا وَبَينهمَا من السَّلَام أطيب مِنْهُمَا عرفا وَأحسن وَصفا فصل من رقْعَة إِلَى الشَّيْخ الْجَلِيل أبي الْعَبَّاس عبد من عباد الله أجْرى الله أمره على الجروم والصرود وأنفذ حكمه بَين اللحوم والجلود وَأرَاهُ البسطة فِي مُرَاده وَالْغِبْطَة فِي أَوْلَاده والرشد فِي اعْتِقَاده وَمكن لَهُ فِي بِلَاده وَله فِي غده أَكثر مِمَّا فِي يَده وَمَا بَقِي أطيب مِمَّا لَقِي وَبَلغنِي أَنه يضجر من أَبنَاء الْحَاجَات ترفع إِلَيْهِ والقصص تقْرَأ لَدَيْهِ وَقد ضجرت ضجرة يحيى بن خَالِد فَأرى فِي الْمَنَام فِيمَا يرى النَّائِم كَأَن قَائِلا يَقُول إِن ضجرت لازدحام الْحَاجَات إِلَيْك أضجرناك بانقطاعها عَنْك فصل وأظن الشَّيْخ لَو رَآنِي لقلاني وَمَا أَقْْضِي لأقصي الْعجب مِنْهُ وَفِيه فصل حج الْبَيْت مخنث فَسئلَ عَمَّا رأى فَقَالَ رَأَيْت الصَّفَا والحجون وقوما يموجون وكعبة تزف عَلَيْهَا الستور وترفرف حولهَا الطُّيُور وبيتا كبيتي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 وَلَكِن سل عَن البخت لَا عَن الْبَيْت وابتاع بعض الهنود هَذَا السلجم المشوي فاتزن بدانق أرطالا ثمَّ وجد الكمثرى تبَاع فَقَالَ مَا أغلاه نيا وأرخصه مشويا نَوَيْت أَن أعتزل النَّاس حَتَّى يعرفوا الكمثرى من السلجم إِن لم يعرفوا الدِّينَار من الدِّرْهَم فَأَنا الْيَوْم حَتَّى ينتصف الْمَظْلُوم سكن أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْمَقَابِر فَقَالَ أجاور قوما لَا يغدرون فَقيل لَهُ مهلا يَا أَبَا مُوسَى إِنَّمَا لَا يغدرون لأَنهم لَا يقدرُونَ فصل من رقْعَة إِلَى ثقيل استأذنه لِلْخُرُوجِ نعم وَلَا حمر النعم قاعة قعساء كَأَنَّهَا ملساء ومنهج عُرْيَان تسلكه العميان وسمت لَا عوج فِيهِ وَلَا أمت وَمَاء برده الشتَاء وَلَا يكدره الرشاء فَاذْهَبْ حَيْثُ تشَاء وَالدُّنْيَا وَالْعراق والحبة أبلاق وَلَك بالصين تخت والغنى غنى الْبَحْر وَلَك مَا سَأَلت بِمصْر وَشر الْحمام الدَّاجِن ومقيم المَاء آسن والكسل إِضَاعَة والطرأة بضَاعَة وَإنَّك لتؤذن بالبين وتصبح عَن سري الْقَيْن وَيلك مَا هَذِه الرعونة وَمَا هَذِه الْأَخْلَاق الملعونة تلمح بدلال وَالله إِنَّك مجَّانا لغال فابعد كَمَا بَعدت ثَمُود وابرح فقد طَال الْقعُود واذهب ذَهَابًا لَا تعود فصل كتبت وَلَيْسَ الشوق إِلَى لِقَائِه بشوق إِنَّمَا هُوَ الْعظم الكسير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 والنزع العسير والسم يسري ويسير وَالنَّار تطيش وَتَطير وَلَيْسَ الصَّبْر عَن رُؤْيَاك بِالصبرِ إِنَّمَا هُوَ الصَّبْر معجونا بالصاب وتشريح الْعُرُوق والأعصاب وَالْقلب فِي الميسر والأنصاب والكبد فِي يَد القصاب فصل مرْحَبًا بالشيخ وبناقة تحمل رَحْله وبأرض تلبس ظله وبيوم يطلع علينا وَجهه وبليلة تَلد قربه وإيه يَا خطى النَّاقة فَوق قوى الطَّاقَة وَيَا أَرض انزوي كَمَا تنزوي الْجلْدَة فِي النَّار وَيَا منظر انطو انطواء الْحَيَّة والطومار وَعجل إِلَى الظماء ببارد المَاء وَمن على الْبَلَد القفر بصائب الْقطر فصل أثنى عَلَيْهِ ثَنَاء لَو رمى بِهِ الشتَاء لعاد ربيعا أَو دعى الشَّبَاب لآب سَرِيعا أَو صب على الْفِرَاق لانقلب شملا جَمِيعًا فصل جرجان وَمَا أَدْرَاك مَا جرجان أَكلَة من التِّين وَمَوْت فِي الْحِين ونظرة إِلَى الثِّمَار وَالْأُخْرَى إِلَى التابوت والحفار ونجار إِذا رأى الْخُرَاسَانِي نجر التابوت على قده وأسلف الحفار على لحده وعطار يعد بَين الحنوط يرسمه وَبهَا للغريب ثَلَاث فتحات أَولهَا لكراء الْبيُوت وَالثَّانيَِة لابتياع الْقُوت وَالثَّالِثَة لثمن التابوت فصل كَأَنَّمَا خلق للدنيا تحجيلا ولملوكها تخجيلا وكأنما خلق ليقبل المستحيل مانعه وليصدق الْمحَال سَمعه فليؤمن أَن الْبَحْر يمشي على رجلَيْنِ وَأَن الْمجد يتَصَوَّر للعين وَأَن الْعدْل يتجسم وَالْفضل يتبسم والدهر يتكرم وَالشَّمْس تَتَكَلَّم فصل إِن طلبت كَرِيمًا فِي أخلاقه مت وَلم ألاقه أَو حكيما فِي جوده مت قبل جوده وَلَقَد أفسدني على النَّاس وأفسدهم عَليّ فَمَا أرْضى بعده أحدا وَلم أجد مثله أبدا وَهَذَا وصف إِن أطلته طَال وَنشر الأذيال واستغرق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 القرطاس والأنفاس واستنفد الْأَعْمَار والأعصار وَلم تبلغ التَّمام وَالسَّلَام فصل كتبت ونصفي راحل والأحمال تشد والعلوفات تعد وَالْجمال تقدم وَالْجمال يشْتم وَمَا أشبه نَفسِي فِي هَذِه الْأَسْفَار إِلَّا بالخيال الطارق أَو بلمع البارق أَو الْغُلَام الْآبِق أَو الْجواد السَّابِق أَو بهرب السَّارِق أَو السهْم المارق وَإِنَّمَا هُوَ الشد والترحال وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْجمال فصل عنوان الأحمق كنيته ثمَّ بنيته ثمَّ حليته ثمَّ مشيته وَالله لَا أعرف البحتري فَهَلا أَبُو حَامِد وَأَبُو خَالِد وَإِن امْرَأَة تقعد مُدَّة تعصر بَطنهَا وظهرها وتعد يَوْمهَا وشهرها فَهَلا تجْعَل سرها وجهرها ثمَّ تسميه البحتري لرعناء لَاسْتَحَقَّ مهرهَا وخليقة أَن يطم الله نهرها فَلَا تَلد دهرها ثمَّ الْوَجْه اللحيم لَا يحْتَملهُ الْكَرِيم وَالْأنف السمين لَا يحْتَملهُ الْأمين والقطف سير الْحمير والهرولة مشْيَة الْخَنَازِير فصل وَمَا زَالَت جَفْنَة آل جَفْنَة تَدور على الضَّيْف فِي الشتَاء والصيف حَتَّى عثرت بِحسان فارتهنت ذَلِك اللِّسَان فسير فيهم القصائد الحسان فَهَذَا الزَّمَان يخلق وَهِي جَدِيدَة وَتلك الْعِظَام بالية وَهَذِه محَاسِن بَاقِيَة وَحقّ على الله أَن لَا يخلي كرما من لِسَان يبث أحدوثته فصل لِسَان كمقراض الخفاجي يَضَعهُ حَيْثُ يَشَاء وبحر لَا تكدره الدلاء وَصدر كَأَنَّهُ الدهناء وقلب كَأَنَّهُ الأَرْض وَالسَّمَاء وَشرف دونه الجوزاء فصل الْإِنْسَان يُولد على الْفطْرَة من ظرفه استظرفه وَمن لمحه استملحه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 ثمَّ لَا يُسمى قرطبانا حَتَّى يسْعَى زَمَانا فَإِذا تَعب دهرا طَويلا سمى كشحانا ثقيلا وَإِذا شب الصَّبِي كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ سمى لحم الحوار ولقب ذَنْب الْحمار وكنى كذب الخار وَشبه بالجدار وأطلال الدَّار وَإِن شَاءَ نزهة الْأَلْبَاب ومتعة الأحباب ودمية الْمِحْرَاب وفرحة الإياب وعَلى الْأُم أَن تَلد الْبَنِينَ وتغذوهم سِنِين وتلهيهم اللَّيْل وَالنَّهَار وتقيهم المَاء وَالنَّار فَإِن خَرجُوا مخانيث فقد قَضَت مَا عَلَيْهَا وَإِن قرم السرم فلغيرها الجرم وَإِن احتك السرج فعلى الله الْفرج وعَلى ابْنهَا الْحَرج فصل الْوَجْه الْحسن عنوان مخيل وَضَمان جميل فَإِن عضده أصل كريم فَأَنا بِهِ زعيم وَإِن نَصره بَيت قديم فَأَنا لَهُ نديم وَالشَّيْخ بِحَمْد الله دارة الْبَدْر حسن إشراق وفأرة الْمسك طيب أَخْلَاق وَشَجر الأترج طيب أعراق وَطيب مذاق وَطيب ورق وسَاق وحرج على من هَذِه خصاله أَن يغبني وصاله فَأَنا أَخطب إِلَيْهِ مودته وأبذل روحي لَهَا مهْرا فَإِن رأى أَن يزوجنيها فعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فصل يلقى الشَّيْخ بكتابي هَذَا من ذكر حُرِّيَّته فَلَقَد أَجدت وَثَمَرَة الْغُرَاب وجدت وَنعم مَا اخْتَرْت وَالْخَيْر فِيمَن ذكرت وأجبته إِلَى مَا سَأَلَ وسفتجت لَهُ إِلَى الْكَرِيم بِمَا أمل وَقلت أده الْآن وخاط كيسا على مَاله وضمنت لَهُ تهنئة آماله فَإِن رأى أَن يفك لساني من سر ضماني فعل إِن شَاءَ الله تَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 فصل إِن رَضِي الشَّيْخ أَن يواكل من لَا يشاكل ويجانس من لَا يؤانس فصل مثلي أيد الله القَاضِي مثل رجل من أَصْحَاب الجراب والمحراب تقدم إِلَى القصاب يسْأَله فلذة كبد فسد باليسرى فَاه وأوجع بِالْأُخْرَى قَفاهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى منزله بعث توقيعا يطْلب جملا رضيعا كَذَاك أَنا وَردت فَلَا أكْرم بِسَلام وَلَا أتعهد بِغُلَام فَلَمَّا وجدته لَا يُبَالِي بسبالي كاتبته أشفع لسواي فصل لَو علم مَا فِي صدر هَذِه الْأَيَّام من حر الْكَلَام نفذ من هَذِه الْبِقَاع من ظرف الرّقاع ثمَّ ملكته هزة الْفضل لطوى السّير عَاجلا وَالْأَرْض رَاجِلا فصل سَقَاهَا الله من بلد وَأَهْلهَا من عدد وَفُلَانًا من بَينهم وَلَا نصصت إِلَّا على عينهم وحبذا كِتَابه واصلا وَرَسُوله حَاصِلا فَأَي تحفة لم تصل بوصوله وَفضل لم يستفد من فصوله فصل الْيَوْم طلق والهواء رطب وَالْمَاء عذب والبستان رحب وَالسَّمَاء مصحية وَالرِّيح رخاء فَأَيْنَ سَيِّدي فلَان أشهد مَا الْيَوْم جميلا وَلَا الظل ظليلا وَلَا المَاء يبرد غليلا وَلَا النسيم يشفي عليلا وَأقسم مَا الرَّوْض إِلَّا ثقيل والأنس إِلَّا دخيل والدهر إِلَّا بخيل وَفِي ذَلِك يَقُول (وَإِنِّي لتعروني لذكراك روعة ... كَمَا انتفض العصفور بلله الْقطر) // من الطَّوِيل // وَلَيْسَ الشوق إِلَى مولَايَ بشوق إِنَّمَا هُوَ وَقع السِّهَام وَلَا الصَّبْر على لقيَاهُ بصبر إِنَّمَا هُوَ كأس الْحمام وَمَا للسم سُلْطَان هَذَا الْهم وَلَا للخمر طغيان هَذَا الْأَمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 فصل إِن للشبان نزوة والأحداث رقة وَلَكِن يربعون إِذا جَاءَت الْأَرْبَعُونَ ويفزعون وَإِن كَانُوا لَا يجزعون وَلَقَد نظرت فِي الْمرْآة فَرَأَيْت الشيب يتلهب وينهب والشباب يتأهب وَيذْهب وَمَا أَسْرج هَذَا الْأَشْهب إِلَّا لخَبر وأسأل الله عَاقِبَة خير فصل أجدني قد اكتهلت والكهل قَبِيح بِهِ الْجَهْل ولاحت الشعرات الْبيض وَجعلت تفرخ وتبيض فصل جزى الله المشيب خيرا فَإِنَّهُ أَنَاة وَلَا رد الشَّبَاب فَإِنَّهُ هَنَات وَبئسَ الدَّاء الصِّبَا وَلَيْسَ دواؤه إِلَّا انقضاؤه وَبئسَ الْمثل النَّار وَلَا الْعَار وَنعم الرائضان اللَّيْل وَالنَّهَار أَظن الشَّبَاب والشيب لَو مثلا لمثل الأول كَلْبا عقورا وَالْآخر شَيخا وقورا ولاشتعل الأول نَارا وَالْآخر نورا فَالْحَمْد لله الَّذِي بيض القار وَسَماهُ الْوَقار وَعَسَى الله أَن يغسل الْفُؤَاد كَمَا غسل السوَاد إِن السعيد من شابت جملَته وَلم تخص بالبياض لحيته فصل من تهنئة بمولود حَقًا لقد أنْجز الإقبال وعده وَوَافَقَ الطالع سعده والشأن فِيمَا بعده وحبذا الأَصْل وفرعه وبورك الْغَيْث وَصَوَّبَهُ وَالرَّوْض ونوره وسماء أطلعت فرقدا وغابة أبرزت أسدا وَظهر وَافق سندا وَذكر يبْقى أبدا ومجد سمى ولدا وَشرف لحْمَة وسدى فصل كتابي من هراة وَلَا هراة فقد طحنتها هَذِه المحن كَمَا يطحن الدَّقِيق وقلبتها كَمَا يقلب الرَّقِيق وبلعتها كَمَا يبلع الرِّيق وَالْحَمْد لله على الْمَكْرُوه والمحبوب وصلواته على نبيه وَآله وَقد خدمت الشَّيْخ سِنِين وَالله لَا يضيع أجر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 الْمُحْسِنِينَ ونادمته والمنادمة رضَاع ثَان ومالحته والممالحة نسب دَان وسافرت مَعَه وَالسّفر والأخوة رضيعا لبان وَقمت بَين يَدَيْهِ وَالْقِيَام وَالصَّلَاة شَرِيكا عنان وأثنيت عَلَيْهِ وَالثنَاء من الله عز وَجل بمَكَان وأخلصت لَهُ وَالْإِخْلَاص مَحْمُود بِكُل لِسَان أفبعد هَذِه الحرمات أَنا طعمة فلَان وَفُلَان يتناولانني سبعا فِي ثَمَان فصل لعن الله فلَانا فَلَا أرَاهُ فِي النّوم إِلَّا أصَاب فِي ذَلِك الْيَوْم فصل وَرَأى أفواها فاغرة وأضراسا طاحنة وعيالا وأذيالا الله وكيلهم وَأَنا أزنهم وأكيلهم فصل من كتاب التَّعْزِيَة (وَلم تنسني أوفى المصيبات بعده ... وَلَكِن نكء الْقرح بالقرح أوجع) وَالله مَا يضْرب الْكَلْب كَمَا يضْرب هَذَا الْقلب وَلَا يقطر الشمع كَمَا يقطر هَذَا الدمع وَمَا للسم سُلْطَان على هَذَا الْغم وَنَفْسِي إِلَى الْقَبْر أعجل مِنْهَا إِلَى الصَّبْر وأذني بِالْمَوْتِ آنس مِنْهَا بِهَذَا الصَّوْت أَو لم يكفنا الْجرْح حَتَّى ذَر عَلَيْهِ الْملح ألم أكن من فلَان مثقل الظّهْر فَمَا هَذِه العلاوة على الْحمل وَلم هَذِه الزِّيَادَة فِي الثّقل فصل وَفِيمَا يَقُول النَّاس من حكاياتهم أَن أَعْرَابِيًا نَام لَيْلًا عَن جمله فَفَقدهُ فَلَمَّا طلع الْقَمَر وجده فَرفع إِلَى الله يَده فَقَالَ أشهد لقد أعليته وَجعلت السَّمَاء بَيته ثمَّ نظر إِلَى الْقَمَر فَقَالَ إِن الله صورك ونورك وعَلى البروج دورك وَإِذا شَاءَ قورك وَإِذا شَاءَ كورك فَلَا أعلم مزيدا أسأله لَك وَلَئِن أهديت إِلَى قلبِي سُرُورًا لقد أهْدى إِلَيْك الله نورا وَالشَّيْخ ذَلِك الْقَمَر الْمُنِير لقد أَعلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 الله قدره وأنفذ بَين الْجُلُود واللحوم أمره وَنظر إِلَيْهِ وَإِلَى الَّذين يحسدونه فَجعله فَوْقهم وجعلهم دونه فصل الْمَرْء جزوع لكنه حمول وَالْإِنْسَان فِي النوائب شموس ثمَّ ذَلُول وَلَقَد عِشْت بعد فِرَاق الشَّيْخ عيشة الْحُوت فِي الْبِئْر وَبقيت وَلَكِن بَقَاء الثَّلج فِي الْحر فصل توجه فلَان إِلَى الحضرة وَيُرِيد أَن يقرن الْحَج بِالْعُمْرَةِ وَلَا يقْتَصر على المُشْتَرِي دون الزهرة وَلَا يقنع بِالْمَاءِ إِلَّا مَعَ الخضرة وَقصد من الشَّيْخ الْجَلِيل يزخر بحره وَجعل الشَّيْخ سفينة نجاته وذريعة حاجاته فصل إِن ذكر الْجمال طلع بَدْرًا أَو السَّحَاب زخر بحرا أَو الْعَهْد رسخ صخرا أَو الرَّأْي أَسْفر فجرا أَو الْحيَاء رشح خمرًا أَو الذكاء توقد جمرا فصل جزى الله الشَّيْخ خيرا عَن بطن الساغب وكف الرَّاغِب وأعانه على همته ووفقه وأخلف عَلَيْهِ خيرا مِمَّا أنفقهُ فَلَيْسَ لمثل هَذَا الْعَام إِلَّا مثل ذَلِك الإنعام الْعَام فَلَو انتقر لهلك من افْتقر وَلكنه أجفل وغمر الْأَعْلَى والأسفل فَكَأَنَّمَا عَاد الشتَاء ربيعا {وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} رقْعَة لَهُ إِلَى أبي مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد جَوَابا عَن رقْعَة صدرت إِلَيْهِ وَقد ورد هراة مرْحَبًا بسيدي إِسْمَاعِيل وجد يفعل الأفاعيل وَلَا رقْعَة أرقع من هَذِه مَا نصْنَع برقعة وَنحن فِي بقْعَة فليجعلها زِيَارَة ثمَّ الْحَاجة مقضية والحرمات مرعية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 رقْعَة إِلَيْهِ أَيْضا عِنْد انْصِرَافه أَنْت يَا سَيِّدي أقرب رحما وأنفذ حكما ودونك الدَّار وَلَك فِيهَا الْمِقْدَار ويسرني أَن لَا تغيب وَلَا تغب وتحب الْخُرُوج وَأحب أَن لَا تحب وَلَو علمت أَنِّي إِذا ناصبتك أَقمت فعلت ذَلِك وَلَو نقمت فأقم ريثما تَنْقَضِي هَذِه الأشغال وتنقشع هَذِه الضبابات فنتفرغ لقَضَاء حَقك ونتسع لواجب لَك ثمَّ إِن أَبيت إِلَّا الرَّد وَإِلَّا الصد فَإِنِّي أَرَاك قبل أَن حصلت سرت وَقبل أَن حوصلت طرت وَمَا قابلنا حقوقك إِلَّا بالعقوق وَالسَّلَام فصل لَعَلَّك يَا سَيِّدي لم تسمع بَيْتِي الناصح حَيْثُ قَالَ (اسْمَع مقَالَة نَاصح ... جمع النَّصِيحَة والمقه) (إياك وَاحْذَرْ أَن تكون ... من الثقاة على ثِقَة) // من مجزوء الْكَامِل // صدق الشَّاعِر وَالله وأجاد فللثقاة خِيَانَة فِي بعض الْأَوْقَات هَذِه الْعين تريك السراب شرابًا وَهَذِه الْأذن تسمعك الْخَطَأ صَوَابا فلست بمعذور إِن وثقت بمحذور وَهَذِه حَال السَّامع من أُذُنه الواثق بِعَيْنِه وَأرى فلَانا يكثر غشيانك وَهُوَ الدني دَخلته الرَّدِيء نحلته السَّيئ وصلته الْخَبيث جملَته وَقد قاسمته فِي أزرك وَجَعَلته مَوضِع سرك فأرني مَوضِع سرك فأرني مَوضِع غلطك فِيهِ حَتَّى أريك مَوضِع تلافيه مَا أبعد غلطك عَن غلط إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّه رأى كوكبا وَرَأَيْت تولبا وَأبْصر الْقَمَر وأبصرت الْقدر وَغلط فِي الشَّمْس وغلطت فِي الرمس أظاهره غَرَّك أم بَاطِنه سرك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 وَمن هَذَا الْفَصْل وافتتح صلواتك بلعنه وَإِذا استعذت من الشَّيْطَان فاعنه فصل من رقْعَة إِلَى وَارِث مَال العزاء عَن الأعزة رشد كَأَنَّهُ الغي وَقد مَاتَ الْمَيِّت فليحي الْحَيّ وَاشْدُدْ على حالك بالخمس فَأَنت الْيَوْم غَيْرك بالْأَمْس قد كَانَ ذَلِك الشَّيْخ وكيلك يضْحك ويبكي لَك وسيعجم الشَّيْطَان الْآن عودك فَإِن استنالك رماك بِقوم يَقُولُونَ خير المَال متلفة بَين الشَّرَاب والشباب ومنفقة بَين الْحباب والأحباب والعيش بَين القداح والأقداح وَلَوْلَا الِاسْتِعْمَال مَا أُرِيد المَال فَإِن أطعتهم فاليوم فِي الشَّرَاب وَغدا فِي الخراب وَالْيَوْم واطربا للنَّاس وَغدا واحرابا من الإفلاس يَا مولَايَ ذَلِك المسموع من الْعود يُسَمِّيه الْجَاهِل نقرا ويسميه الْعَاقِل عقرا وَذَلِكَ الْخَارِج من الناي هُوَ الْيَوْم فِي الآذان زمر وَهُوَ غَدا فِي الْأَبْوَاب سمر والعمر مَعَ هَذِه الْآلَات سَاعَة وَالْقِنْطَار فِي هَذَا الْعَمَل بضَاعَة فصل مِنْهُ لله فِي مَالك قسط للمروءة قسم فصل الرَّحِم مَا اسْتَطَعْت وَقدر إِذا قطعت وَلِأَن تكون من جَانب التَّقْدِير خير لَك من أَن تكون من جَانب التبذير فصل أَشَارَ إِلَى ضَالَّة الْأَحْرَار وَهِي الْكَرم مَعَ الْيَسَار وَنبهَ على قدر الْكِرَام وَهُوَ الْبشر مَعَ الإنعام وَحدث عَن برد الأكباد وَهُوَ مساعدة الزَّمَان للجواد وَدلّ على نزهة الْأَبْصَار وَهُوَ الثرى ومتعة الأسماع وَهُوَ الثنا وقلما اجْتمعَا ووجدا مَعًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 فصل الْأَمِير الْفَاضِل الرئيس رفيع منَاط الهمة بعيد منال الْخدمَة فسيح مجَال الْفضل رحيب مخترق الْجُود طيب مُعْجم الْعود (فَلَو نظمت الثريا ... والشعريين قريضا) (وكاهل الأَرْض ضربا ... وَشعب رضوى عرُوضا) (وصغت للدر ضدا ... أَو للهواء نقيضا) (بل لَو جلوت عَلَيْهِ ... سود النوائب بيضًا) (أَو ادعيت الثريا ... لأخمصيه حضيضا) (وَالْبَحْر عبد لهاه ... عِنْد الْعَطاء مغيضا) // من المجتث // لما كنت إِلَّا فِي ذمَّة الْقُصُور وجانب التَّقْصِير وَلَكِنِّي أَقُول الثَّنَاء منجح أَنى سلك والسخي جوده بِمَا ملك وَإِن لم تكن غرَّة لائحة فلمحة دَالَّة أَو إِن لم يكن صداء فماء أَو لم يكن خمر فَخَل وَإِن لم يصب وابل فطل وبذل الْمَوْجُود غَايَة الْجُود وَبَعض الحمية آخر المجهود وماش خير من لاش وَوُجُود مَا قل خير من عدم مَا جلّ وَقَلِيل فِي الجيب خير من كثير فِي الْغَيْب وَجهد الْمقل أحسن من عذر المخل وَمَا كَانَ أَجود من لَو كَانَ وَلِأَن تقطف خير من أَن تقف وَمن لم يجد الجميم رعى الهشيم فُصُول قصار وألفاظ وأمثال الْمَرْء لَا يعرف بِبرْدِهِ كالسيف لَا يعرف بغمده جرح الْجور بعيد الْغَوْر نَار الخفاء سريعة الانطفاء الحذق لَا يزِيد الرزق والدعة لَا تحجب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 السعَة احتكم إِلَى الْحِجَارَة فالتقتير نصف التِّجَارَة غضب العاشق أقصر عمرا من أَن ينْتَظر عذرا إِن بعد الكدر صفوا وَبعد الْمَطَر صحوا الرَّاجِع فِي شَيْئه كالراجع فِي قيئه الْمَرْء من ضرسه فِي شغل وَمن نَفسه فِي كل الْحَبل لَا يبرم إِلَّا بالفتل والثور لَا يربى إِلَّا للْقَتْل أرخص مَا يكون النفط إِذا غلا وأسفل مَا يكون الأريب إِذا علا لَا تحسد الذِّئْب على الألية يعطاها طعمة وَلَا تحسب الْحبّ ينثر للعصفور نعْمَة إِن للمتعة حدا وَإِن للعارية ردا مَا كل مَائِع مَاء وَلَا كل سقف سَمَاء وَلَا كل بَيت بَيت الله وَلَا كل مُحَمَّد رَسُول الله الْكَرِيم عِنْد أهل اللوم كَالْمَاءِ فِي فَم المحموم وسم المبرسم فِي الشهد وَالشَّمْس تقبح فِي الْعُيُون الرمد الْخَبَر إِذا تَوَاتر بِهِ النَّقْل قبله الْعقل كلفة الْفضل متعينة وَأَرْض الْعشْرَة لينَة وطرقها بَيِّنَة إِن الْوَالِي سيعزل والراكب يسْتَنْزل النذل لَا يألم العذل الْمُدبر يحْسب النَّسِيئَة عَطِيَّة ويعتد بهَا هَدِيَّة الدَّهْر بَيْننَا جرع وَفِيمَا بعد متسع لَا مَاء بعد الشط وَلَا سطح بعد الْخط من ذَا الَّذِي لَا يهاب الْبَحْر أَن يخوضه والأسد أَن يروضه ود الْحَضَر إخاء ومروة وود السّفر وَفَاء وفتوة قلت قسما إِن فِيهِ لدسما لَيْلَة يضل بهَا القطا وَلَا يبصر فِيهَا الوطواط الوطا شحاذ أخاذ وَفِي الصَّنْعَة نَفاذ وَهُوَ فِيهَا أستاذ فارقنا خشفا وأتى جلفا أرب سَاقه لَا نزاع شاقه أبعد المشيب أخدع بالدبيب فعل ذَلِك على السخط من القرط خمر فِي الدُّنْيَا متاعها قَلِيل وَفِي الْآخِرَة خمارها طَوِيل الْحَرْب سِجَال فيوما غنم وَيَوْما غرم ومطل الْغنى ظلم كذب الْقَمِيص لَا ذَنْب للذيب فِي تِلْكَ الأكاذيب من الْكَبَائِر طفيلي يدب وَمن النَّوَادِر ذُبَاب ينب إِنَّمَا يجرب السَّيْف على الْكَلْب لَا على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 الْقلب إِذا رضيت أَن أخدم وَلَا أخدم فَإِن الْعُبُودِيَّة لَا تعدم الْجواد لَا يجزع من الآكاف جزعي من المخاطبة بِالْكَاف مَا بِي الْمَكَان لَوْلَا السكان وَالله مَا أرْضى وَلَو صَارَت السَّمَاء أَرضًا وَلَا أُرِيد وَلَو قطع الوريد لَا تكَاد السبَاع تأتلف كَمَا لَا تكَاد الْبَهَائِم تخْتَلف إِن اللَّئِيم لَا يَخْلُو من خلة خير وَكَذَلِكَ الْكَرِيم لَا يَخْلُو من خلة ضير عَزِيز على أَن لَا أسعد دون الرقعة بِتِلْكَ الْبقْعَة الْعَبَث بِهن الْحمار من المخاطرات الْكِبَار وَلَو شِئْت للفظت وأفضت وَلَو أردْت لسردت وأوردت ملح وغرر من شعره فِي كل فن أَنْشدني لنَفسِهِ فِي ابْن فريغون (ألم تَرَ أَنِّي فِي نهضتي ... لقِيت المنى والغنى والأميرا) (وَلما الْتَقَيْنَا شممت التُّرَاب ... وَكنت امْرَءًا لَا أَشمّ العبيرا) (لقِيت امْرَءًا ملْء عين الزَّمَان ... يَعْلُو سحابا ويرسو ثبيرا) (لآل فريغون فِي المكرمات ... يَد أَولا واعتذار أخيرا) (إِذا مَا حللت بمغناهم ... رَأَيْت نعيما وملكا كَبِيرا) // من المتقارب // وأنشدني من قصيدة فِي أبي عَامر عدنان بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ (ليل الصِّبَا ونهاره سَكرَان ... حدثان لم يعركهما حدثان) (يَا زمفرة لي لَا يكَاد أزيزها ... يسع الضلوع إِلَيْك يَا همذان) (قسما لقد فقد الْعرَاق بِي امْرَءًا ... لَيْسَ تجود برده الْبلدَانِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 (يَا دهر إِنَّك لَا محَالة مزعجي ... عَن خطتي وَلكُل دهر شان) (فاعمد براحلتي هراة فَإِنَّهَا ... عدن وَإِن رئيسها عدنان) // من الْكَامِل // وَله من قصيدة فِي الْأَمِير أبي عَليّ أَولهَا (على أَن لَا أُرِيح العيس والقتبا ... وألبس البيد والظلماء واليلبا) وَمِنْهَا (حسبي الفلا مَجْلِسا والبوم مطربة ... وَالسير يسكرني من مَسّه تعبا) (وطفلة كقضيب البان منعطفا ... إِذا مشت وهلال الشَّهْر منتقبا) (تظل تنثر من أجفانها دررا ... دوني وتنظم من أسنانها حببا) (قَالَت وَقد علقت ذيلي تودعني ... والوجد يخنقها بالدمع منسكبا) (لَا در در الْمَعَالِي لَا يزَال لَهَا ... برق يشوقك لَا هونا وَلَا كثبا) (يَا مشرعا للمنى عذبا موارده ... بَيناهُ مبتسم الأرجاء إِذْ نضبا) (أطلعت لي قمرا سَعْدا مَنَازِله ... حَتَّى إِذا قلت يجلو ظلمتي غربا) (كنت الشبيبة أبهى مَا دجت درجت ... وَكنت كالورد أذكى مَا أَتَى ذَهَبا) وَمِنْهَا (أَبى الْمقَام بدار الذل بِي كرم ... وهمة تصل التَّوْحِيد والخببا) (وعزمة لَا تزَال الدَّهْر ضاربة ... دون الْأَمِير وَفَوق الْمُشْتَرى طنبا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 (يَا سيد الْأُمَرَاء فَخر فَلَا ملك ... إِلَّا تمناك مولى واشتهاك أَبَا) (وَكَاد يحكيك صوب الْغَيْث منسكبا ... لَو كَانَ طلق الحميا يمطر الذهبا) (والدهر لَو لم يخن وَالشَّمْس لَو نطقت ... وَاللَّيْث لَو لم يصد وَالْبَحْر لَو عذبا) وَمن أُخْرَى فِي أبي الْقَاسِم بن نَاصِر الدولة (غضي جفونك يَا رياض ... فقد فتنت الْحور غمزا) (واقني حياءك يَا ريَاح ... فقد كددت الْغُصْن هزا) (وارفق بجفنك يَا غمام ... فقد خدشت الْورْد وخزا) (خلع الرّبيع على الربى ... وربوعها خَزًّا وبزا) (ومطارفا قد نقشت ... فِيهَا يَد الأمطار طرزا) (أسر الْمطِي إِلَى المدام ... على جني الْورْد جمزا) (أَو مَا ترى الأقطار قد ... أخذت من الأمطار عزا) (أَو لَيْسَ عَجزا أَن يفوتك ... حسها أَو لَيْسَ عَجزا) (حلت عزاليها السَّمَاء ... فَعَادَت الْبَيْدَاء نزا) (وَكَأن أمطار الرّبيع ... إِلَى ندى كفيك تعزى) (يَا أَيهَا الْملك الَّذِي ... بعساكر الآمال يعزى) (خلقت يداك على العدا ... سَيْفا وللعافين كنزا) (والمدح طلق مَا عناك ... فَإِن عداك تَجدهُ كزا) (لَا زلت يَا كنف الْأَمِير ... لنا من الْأَحْدَاث حرْزا) // من مجزوء الرمل // وَمن أُخْرَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 (خرج الْأَمِير وَمن وَرَاء ركابه ... غَيْرِي وَعز عَليّ أَن لم أخرج) (أَصبَحت لَا أَدْرِي أأدعو طغمتي ... أم بكتكين أم أصيح ببزعج) (وَبقيت لَا أَدْرِي أأركب أبرشي ... أم أدهمي أم أشهبي أم ديرجي) (يَا سيد الْأُمَرَاء مَالِي خيمة ... إِلَّا السَّمَاء إِلَى ذراها ألتجي) (كنفي بَعِيري إِن ظعنت ومفرشي ... كمي وجنح اللَّيْل مطرح هودجي) (يَا منجنون بِحَذْف ثَانِي حرفه ... إِن كنت فَاعل مَا أرى فتحرج) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى فِي الرئيس أبي جَعْفَر الميكالي (اذْهَبْ الكأس فَعرف الْفجْر ... قد كَانَ يلوح) (وَهُوَ للنَّاس صباح ... وَلِذِي الرَّأْي صبوح) (وَالَّذِي يمرح بِي فِي حلبة ... اللَّهْو جموح) (اسقينها والأماني ... لَهَا عرف يفوح) (إِن فِي الْأَيَّام أسرارا ... بهَا سَوف تبوح) (لَا يغرنك جسم ... صَادِق الْحسن وروح) (إِنَّمَا نَحن إِلَى الْآجَال ... نغدو وَنَرُوح) (ويك هَذَا الْعُمر تفريح ... وَهَذَا الرّوح ريح) (بَيْنَمَا أَنْت صَحِيح الْجِسْم ... إِذْ أَنْت طريح) (فاسقنيها مثل مَا يلفظه ... الديك الذَّبِيح) (هَكَذَا الدُّنْيَا فسيحوا ... ووقعنا لَا نصيح) (إِنَّمَا الدَّهْر عَدو ... وَلمن أصغى نصيح) (ولسان الدَّهْر بالوعظ ... لواعيه فصيح) (نستميح الدَّهْر وَالْأَيَّام ... منا تستميح) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 (ضَاعَ مَا نحميه من أَنْفُسنَا ... وَهُوَ يُبِيح) (نَحن لاهون وآجال ... المنى لَا تستريح) (يَا غُلَام الكأس فاليأس ... من النَّاس مريح) (أَنا يَا دهر بأبنائك ... شقّ وسطيح) (وبأبكار القوافي ... لَا على كُفْء شحيح) (يَا بني ميكال والجود ... لعلاتي مزيح) (شرفا إِن مجَال الْفضل ... فِيكُم لفسيح) (وعَلى قدر الممدوح ... يَأْتِيك المديح) (فهناك الشرق الأرفع ... والطرف الطموح) (والندى والخلق الطَّاهِر ... وَالْوَجْه الصبيح) // من مجزوء الرمل // وَمن أُخْرَى فِي غَيره (طَربا لقثد رق الظلام ... ورق أنفاس الصَّباح) (وسرى إِلَى الْقلب العليل ... عليل أنفاس الرِّيَاح) (ومليحة ترنو بنرجسة ... وَتَبَسم عَن أقاح) (قَامَت وَقد برد الحللي ... تميس فِي ثني الوشاح) (تشدو وكل غنائها ... برد على كبد اقتراحي) (يَا ليل هَل لَك من صباح ... أم لنجمك من براح) (سأريق مَاء شبيبتي ... مَا بَين ريحَان وَرَاح) (فيمَ العتاب وَلَا لَهُم ... غبي وَلَا لَهُم صلاحي) (وكعاذلاتي فِي المليحة ... عاذلاتك فِي السماح) (وهواي للبيض الصَّباح ... هَوَاك للبيض الصفاح) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 (وولوع كفي بِالْقداحِ ... ولوع كفك بِالرِّمَاحِ) (وَعَلَيْك إدمان الندى ... وَعلي إدمان امتداحي) (فليعل رَأْيك إِنَّه ... يلوي يَد الْقدر المتاح) (وافخر فَإنَّك فِي الْمُلُوك ... لَك الْمُعَلَّى فِي القداح) // من مجزوء الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (قسما لَا ذعر الشيب ... عَن اللَّهْو رتاعي) (ويمينا لَا تمثلت ... لَهُ فقعا بقاع) (إِنَّمَا الدَّهْر الَّذِي يصدقني ... حر المصاع) (كالني مدا وأجزيه ... من الْحلم بِصَاع) (واغنم الْأَيَّام مَا ألفيتها ... خضر المراعي) (لَا تدع من لَذَّة الْعَيْش ... عيَانًا لسَمَاع) // من مجزوء الرمل // وَمن أُخْرَى فِي السُّلْطَان الْمُعظم يَمِين الدولة وَأمين الْملَّة أَطَالَ الله بقاه (تَعَالَى الله مَا شَاءَ ... وَزَاد الله إيماني) (أأفريدون فِي التَّاج ... أم الْإِسْكَنْدَر الثَّانِي) (أم الرّجْعَة قد عَادَتْ ... إِلَيْنَا بِسُلَيْمَان) (أظلت شمس مَحْمُود ... على أنجم سامان) (وَأمسى آل بهْرَام ... عبيدا لِابْنِ خاقَان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 (إِذا مَا ركب الْفِيل ... لِحَرْب أَو لميدان) (رَأَتْ عَيْنَاك سُلْطَانا ... على منْكب شَيْطَان) (أَمن وَاسِطَة الْهِنْد ... إِلَى ساحة جرجان) (وَمن قاصية السَّنَد ... إِلَى أقْصَى خُرَاسَان) (على مقتبل الْعُمر ... وَفِي مفتتح الشان) (لَك السرج إِذا شحت ... على كَاهِل كيوان) (يَمِين الدولة العقبى ... لبغداد وغمدان) (وَمَا يقْعد بالمغرب ... عَن طَاعَتك اثْنَان) (إِذا شِئْت فَفِي أَمن ... وَفِي يمن وإيمان) // من الهزج // وَمن أُخْرَى أجَاب بهَا عَن قصيدة وَردت عَلَيْهِ (لعمر الْمَعَالِي إِن مطلبها سهل ... سوى أَنَّهَا دَار وَلَيْسَ لَهَا أهل) (حنانيك من حر ألم بمشعر ... هم الشَّاء رسل إِن أدرت وَلَا رسل) (فحاول أَن يستل بالشعر مَا لَهُم ... وَذَلِكَ مَا لم يفعل الْيَد وَالْفِعْل) (شكا الْجد وَالْأَيَّام إِذْ لم تواته ... فَلم يشك إِلَّا مَا شكى النَّاس من قبل) (عزاء فَفِي هَذَا السوَاد لنا نخل ... وصبرا فَفِي هَذَا القطيع لنا سخل) (ألم تَرَ أَن الْجُود وَالْمجد والعلى ... أماني إِن تحلم بهَا يجب الْغسْل) (أَلا لَا يغرنك الْحُسَيْن وجوده ... فترجو قوما لَيْسَ فِي كأسهم فضل) (فَمَا كل وَقت مثله أَنْت وَاجِد ... وَلَا كل أَرض للحسين بهَا مثل) (وَمَا كل جنس تَحْتَهُ النَّوْع دَاخل ... وَلَا كل مَا أَبْصرت من شجر نخل) (وَلنْ تفعل الأقوام مثل فعاله ... وَلَا سَائِر الذبان مَا تفعل النَّحْل) // من الطَّوِيل // وَمن أرجوزة عدنانية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 (يَا آل عصم أَنْتُم أولو العصم ... لم توسموا إِلَّا بنيران الْكَرم) (لَا ينْزع الله سرابيل النعم ... عَنْكُم فَلَا تخطوا بهَا دون الْأُمَم) (طابت مبانيكم وطبتم لَا جرم ... يَا سادة السَّيْف وأرباب الْقَلَم) (تهمي سجاياكم بعقيان وَدم ... أَنْتُم فصاح مَا خلا فِي لَا وَلم) (الْجَار وَالْعرض لديكم فِي حرم ... وَالْمَال للآمال نهب مقتسم) (أَنْتُم أسود الْمجد لَا أَسد الأجم ... يَا سيدا نيط لَهُ بَيت الْقدَم) (بالعمد الأطول وَالْفرع الأشم ... هَل لَك أَن تعقد فِي بَحر الشيم) (عارفة تضرم نَارا فِي علم ... وَيقصر الشُّكْر عَلَيْهَا قل نعم) (أما وإنعامك إِنَّه قسم ... وثغر مجد عَن معاليك ابتسم) (إِنَّك فِي النَّاس كبرء فِي سقم ... يَا فرق مَا بَين الْوُجُود والعدم) (وَبعد مَا بَين الموَالِي والخدم ... مَا أحد كهاشم وَإِن هشم) (وَلَا امْرُؤ كحاتم وَإِن حتم ... لَيْسَ الْحُدُوث فِي الْمَعَالِي كالقدم) (وَلَا شباب النبت فِيهَا كالهرم ... شتان مَا بَين الدناني والقمم) // من الرجز // وَله من قصيدة فِي الشَّيْخ الإِمَام أبي الطّيب سهل بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان (لسهل فِي الْعلَا غرر ... فَهَلا عنْدكُمْ لمح) (وَفِيه من الندى بدع ... فَهَلا فِيكُم ملح) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 (تضمن أمة رجل ... وأودع عَالما شبح) (فَمن جاراه مُنْقَطع ... وَمن باراه مفتضح) // من مجزوء الوافر // وَله من قصيدة فِي إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الدبراني وفيمن جمعه وإياهم الْحَبْس من الْعمَّال (قبحا لهَذَا الزَّمَان مَا أربه ... فِي عمل لَا يلوح لي سَببه) (مَاذَا عَلَيْهِ من الْكِرَام فَمَا ... تظهر إِلَّا عَلَيْهِم نوبه) (ألم يجد فِي سواكم سَعَة ... مِمَّن يُسَوِّي بِرَأْسِهِ ذَنبه) (لَا يعرف الضَّيْف أَيْن منزله ... وَلَا يرى الْمجد أَيْن منقلبه) (مَالِي أرى الْحر ذَاهِبًا دَمه ... وَلَا أرى النذل ذَاهِبًا ذهبه) (أراحنا الله مِنْك يَا زَمنا ... أرعن يصطاد صقره خربه) (يَا ساغبا جَائِع الْجَوَارِح لَا ... يسكن إِلَّا لفاضل سغبه) (يَا ضرما فِي الْأَنَام متقدا ... والجود وَالْمجد والنهى حطبه) (يَا خاطبا ساكتا وَلَيْسَ سوى ... نعي فَتى أَو فتوة خطبه) (يَا صائدا والعلى فريسته ... وناهبا وَالْجمال منتهبه) (يَا سادتي لَا تلن عظامكم ... لعضة الدَّهْر إِن يهج كَلْبه) (فالدهر لونان لَا يَدُوم على ... حَال سريع بِالنَّاسِ مضطربه) (أَتَى بشر لم نرتقبه كَذَا ... يَأْتِي بِخَير وَلَيْسَ نحتسبه) // من المنسرح // وَله من قصيدة فِي أبي نصر بن أبي زيد (خلقت كَمَا ترى صَعب الثقاف ... أرد يَد الْخَلِيفَة فِي الْخلاف) (ولي جَسَد كواحدة المثاني ... ولي كبد كثالثة الأثافي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 (هَلُمَّ إِلَى نحيف الْجِسْم مني ... لتنظر كَيفَ آثَار النحاف) (ألم تَرَ أَن طائشة لظاها ... نتيجة هَذِه القضب الضِّعَاف) (صَحِبت الدَّهْر قبل نَبَات فِيهِ ... فَلَا تغررك خافية الغداف) (نزلت من الزَّمَان وَمن بنيه ... على غُصْنَيْنِ من شجر الْخلاف) (وَلَو شَاءَ الزَّمَان قَرَار جأشي ... لأسمعني نِدَاء أَخ مصافي) (أَبَا نصر نقصتك صَاع قولي ... وَصَاع الْفِعْل من نعماك وافي) (مَتى يَسْتَطِيع عد علاك لَفْظِي ... مَتى ينحي على الْبَحْر اغترافي) // من الوافر // وَله من أُخْرَى فِي خلف بن أَحْمد (وليل كذكراه كمعناه كاسمه ... كَدين ابْن عباد كإدبار فائق) (شققنا بأيدي العيس برد ظلامه ... وبتنا على وعد من السّير صَادِق) (تزج بِنَا الْأَسْفَار فِي كل شَاهِق ... وَتَرْمِي بِنَا الآمال من كل حالق) (كَأَن مطايانا شفار كَأَنَّمَا ... تمد إلَيْهِنَّ الفلا كف سَارِق) (كَأَن نُجُوم اللَّيْل نظارة لنا ... تعجب من آمالنا والعوائق) (كَأَن نسيم الصُّبْح فرْصَة آيس ... كَأَن سراب القيظ خجلة واثق) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (سَمَاء الدجى مَا هَذِه الحدق النجل ... أصدر الدجى حَال وجيد الضُّحَى عطل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 (لَك الله من عزم أجوب جيوبه ... كَأَنِّي فِي أجفان عين الدجى كحل) (كَأَن الدجى نقع وَفِي الجو حومة ... كواكبها جند طوائرها رسل) (كَأَن مطايانا سَمَاء كأننا ... نُجُوم على أقتابها برجنا الرحل) (كَأَن السرى سَاق كَأَن الْكرَى طلا ... كأنا لَهَا شرب كَأَن المنى نقل) (كَأَن الفلا نَاد بِهِ الْجِنّ فتية ... عَلَيْهِ الثرى فرش حشيته الرمل) (كَأَن أَبَانَا أودع الْملك الَّذِي ... قصدناه كنزا لم يسع رده مطل) (وَلما بلوناكم تلونا مديحكم ... فيا طيب مَا نبلو وَيَا حسن مَا نتلو) (وَيَا ملكا أدنى مناقبه العلى ... وأيسر مَا فِيهِ السماحة والبذل) (هُوَ الْبَدْر إِلَّا أَنه الْبَحْر زاخرا ... سوى أَنه الضرغام لكنه الوبل) (محَاسِن يبديها العيان كَمَا ترى ... وَإِن نَحن حَدثنَا بهَا دفع الْعقل) // من الطَّوِيل // وَمن أحاجيه قَوْله فِي فص برحشاني (أحاجيك أناجيك ... بِمَا يهجس فِي صَدْرِي) (بِمَا يجمد من خمر ... وَمَا يخمد من جمر) (وَمَا يُورد مَعْنَاهُ ... إِذا قلت على أَمْرِي) (وَنجم كَاد ذُو الْحَاجة ... فِي اللَّيْل بِهِ يسري) (وحرف من حُرُوف النصب ... لَوْلَا خفَّة الظّهْر) (أجب إِن شِئْت بالنظم ... وَإِن شِئْت فالبنثر) // من الهزج // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 الْبَاب السَّادِس فِي ذكر أبي الْفَتْح البستي وَسَائِر أهل بست وسجستان وإيراد غررهم 65 - أَبُو الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد الْكَاتِب البستي صَاحب الطَّرِيقَة الأنيقة فِي التَّجْنِيس الأنيس البديع التأسيس وَكَانَ يُسَمِّيه الْمُتَشَابه وَيَأْتِي فِيهِ بِكُل طَريقَة لَطِيفَة وَقد كَانَ يُعجبنِي من شعره العجيب الصَّنْعَة البديع الصِّيغَة قَوْله (من كل معنى يكَاد الْمَيِّت يفهمهُ ... حسنا ويعبده القرطاس والقلم) // من الْبَسِيط // مَا أرَاهُ فأرويه وألحظه فأحفظه وأسأل الله بَقَاءَهُ حَتَّى أرزق لقاءه وأتمنى قربه كَمَا تتمنى الْجنَّة وَإِن لم يتَقَدَّم لَهَا الرُّؤْيَة حَتَّى وَافَقت الأمنية حكم الْقدر وطلع عَليّ بنيسابور طُلُوع الْقَمَر فَزَاد الْعين على الْأَثر والاختبار على الْخَبَر ورأيته يغْرف فِي الْأَدَب من الْبَحْر وكأنما يُوحى إِلَيْهِ فِي النّظم والنثر مَعَ ضربه فِي سَائِر الْعُلُوم بِالسَّهْمِ الفائز وَأَخذه مِنْهَا بالحظ الوافر وَجمعته وإياي لحْمَة الْأَدَب الَّتِي هِيَ أقوى من قربَة النّسَب فَمَا زلت فِي قدماته الثَّلَاث نيسابور بَين سرُور وَأنس مُقيم من حسن معاشرته وَطيب مذاكرته ومحاضرته فِي جنَّة نعيم أجتني ثَمَر الْغُرَاب من فَوَائده وأنظم الْعُقُود من فرائده وَلم يكن تغبني كتبه فِي غيبته وَلَا أكاد أَخْلو من آثَار وده وكرم عَهده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 وَمن خَبره أَنه كَانَ فِي عنفوان شبابه وَأمره كَاتب الباتيور صَاحب بست فَلَمَّا فتحهَا الْأَمِير نَاصِر الدولة أَبُو مَنْصُور سبكتكين رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وأسفرت الْوَقْعَة بَينه وَبَين باتيور عَن اسْتِمْرَار الكشفة بباتيور أعيت أَبَا الْفَتْح صحبته وتخلف عَنهُ وَدلّ الْأَمِير عَلَيْهِ فَاسْتَحْضرهُ ومناه وَاعْتَمدهُ لما كَانَ قبل مُعْتَمدًا لَهُ إِذْ كَانَ مُحْتَاجا إِلَى مثله فِي آلَته وكفايته ومعرفته وهدايته وحنكته ودرايته فَحَدثني أَبُو النَّصْر مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْعُتْبِي قَالَ حَدثنِي أَبُو الْفَتْح رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لما استخدمني الْأَمِير سبكتكين وأحلني مَحل الثِّقَة الْأمين عِنْده فِي مهمات شَأْنه وأسرار ديوانه وَكَانَ باتيور بعد حَيا وحسادي يلوون ألسنتهم بالقدح فِي وَالْجرْح لموْضِع الثِّقَة بِي ليا أشفقت لقرب الْعَهْد بالاختبار من أَن يعلق بِقَلْبِه شَيْء من تِلْكَ الْأَقْوَال ويقرطس عرض الْقبُول بعض تِلْكَ النبال فحضرته ذَات يَوْم وَقلت إِن همة مثلي من أَرْبَاب هَذِه الصِّنَاعَة لَا ترتقي إِلَى أَكثر مِمَّا رَآنِي الْأَمِير أَهلا لَهُ من اخْتِصَاصه واستخلاصه وتقريبه وترتيبه واختياره لمهمات أسراره غير أَن حَدَاثَة عهدي بِخِدْمَة من كنت بِهِ موسوما واهتمام الْأَمِير بِنَقْض مَا بَقِي من شغله يقتضيانني أَن أستأذنه للاعتزال إِلَى بعض أَطْرَاف مَمْلَكَته ريثما يسْتَقرّ لَهُ هَذَا الْأَمر فِي نصابه فَيكون مَا آتيه من هَذِه الْخدمَة أسلم من التُّهْمَة وَأقرب إِلَى السداد وَأبْعد من كيد الحساد فارتاح لما سَمعه وأوقعه من الإحماد موقعه وَأَشَارَ عَليّ بِنَاحِيَة الرخج وحكمني فِي أرْضهَا أتبوأ مِنْهَا حَيْثُ أَشَاء إِلَى أَن يأتيني الاستدعاء فتوجهت نَحْوهَا فارغ البال رافغ الْعَيْش وَالْحَال سليم اللِّسَان والقلم بعيد الْقدَم من مخاضات التهم وَكنت أدلجت ذَات لَيْلَة وَذَلِكَ فِي فصل الرّبيع أؤم منزلا أَمَامِي فَلَمَّا أَصبَحت نزلت فَصليت وسبحت ودعوت وَقمت للرُّكُوب فَفتح ضِيَاء الشروق طرفِي على قَرْيَة ذَات يمنة محفوفة بالخضرة معمومة بِالنورِ والزهر وأمامها أَرض كَأَنَّهَا قد فرشت ببساط من الزبرجد منضد بالدر والمرجان مرصع بالعقيق والعقيان ينساب بَينهَا أَنهَار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 كبطون الْحَيَّات فِي صفاء مَاء الْحَيَاة وَقد فغمني من نسيم هوائها عرف الْمسك السحيق بالعنبر الْعَتِيق فاستطبت الْمَكَان وتصورت مِنْهُ الْجنان وفزعت إِلَى كتاب أدب كنت أستصحبه لأخذ الفال على الْمقَام والارتحال ففتحت أول سطر من الصفحة عَن بَيت شعر وَهُوَ (وَإِذا انْتَهَيْت إِلَى السَّلامَة ... فِي مداك فَلَا تجَاوز) // من مجزوء الْكَامِل // فَقلت هَذَا وَالله الْوَحْي النَّاطِق والفأل الصَّادِق وَقد تقدّمت بعطف ضبني إِلَيْهَا وعشت سِتَّة أشهر بهَا فِي أنعم عَيْش وأرخاه وأهنأ شرب وأمراه إِلَى أَن أَتَانِي كتاب الْأَمِير فِي استدعائي إِلَى حَضرته بتبجيل وتأميل وترتيب وترحيل فَنَهَضت وحظيت بِمَا حظيت مِنْهَا إِلَى يومي هَذَا فَكَانَ اخْتِيَاره ذَلِك أحد مَا اسْتدلَّ بِهِ ذَلِك الْأَمِير على رَأْيه وتدبيره ورزانته ودرجه بِهِ إِلَى مَحَله ومكانته وَصَارَ من بعد ينظم بأقلامه منثور الْآثَار عَن حسامه وينسج بعباراته وشي فتوحه ومقاماته وهلم جرا إِلَى زمَان السُّلْطَان الْمُعظم يَمِين الدولة وَأمين الْملَّة وَقد كتب لَهُ عدَّة فتوح قَالَ فِي أحد كتبهَا كتبت وَقد هبت ريح النُّصْرَة من مهبها وَالْأَرْض مشرقة بِنور رَبهَا إِلَى أَن زحزحه الْقَضَاء عَن خدمته ونبذه إِلَى ديار التّرْك عَن غير قَصده وإرادته فانتقل بهَا إِلَى جوَار ربه فِي سنة أَرْبَعمِائَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 مَا أخرج من فصوله الْقصار وَمن أَلْفَاظه وَأَمْثَاله من أصلح فاسده أرْغم حاسده من أطَاع غَضَبه أضاع أدبه عادات السادات سَادَات الْعَادَات من سَعَادَة جدك وقوفك عِنْد حدك أفحش الإضاعة الإذاعة الخيبة تهتك الهيبة الدعة رائد الضعة من لم يكن لَك نسيبا فَلَا ترج مِنْهُ نَصِيبا الرِّشْوَة رشاء الْحَاجة اشْتغل عَن لذاتك بعمارة ذاتك أَجْهَل النَّاس من كَانَ للإخوان مذلا وعَلى السُّلْطَان مدلا حَبِيبك لَا يعيبك الْآثَار أَلْسِنَة الأقدار إِذا بَقِي مَا قاتك فَلَا تأس على مَا فاتك الدُّنْيَا فنَاء الفناء الْبشر عنوان الْكَرم رُبمَا كَانَت الفطنة فتْنَة والمهنة محنة من حسن أَطْرَافه حسن أَوْصَافه من تبرج بره تأرج ذكره من كَانَ عبد الْحق فَهُوَ حر المراء يهدم الْمُرُوءَة الْفَهم شُعَاع الْعقل رَضِي الْمَرْء عَن نَفسه دَلِيل تخلفه ونقصه الحدة والندامة فرسا رهان والجود والشجاعة شَرِيكا عنان والتواني والخيبة رضيعا لبان الْفِكر رائد الْعقل الْجُود وضع الْمَوْجُود بِموضع الْجُود نعم الشَّفِيع إِلَى عَدوك عقله لَا تغتر بِصِحَّة مزاجك فِي الْهَوَاء الوبيء وَلَا تغتر بِقُوَّة بَصرك فِي الظلمَة الراكدة إفراط التعاقل تثاقل الحدة تريك صُورَة الْجَهْل رب مقَال لَا تقال عثرته حسن الْأَخْلَاق أنفس الأعلاق الْمَرْء من غرر الْأَيَّام فِي غرر وَمن صفوها فِي كدر أفضح الفضيحة عدم القريحة الْحلم مَطِيَّة وطية لكل علو يُوشك أَن يقصر من يغلو ويسفل من يَعْلُو كَيفَ الْقَرار على الشرار الْمنية تضحك من الأمنية مَسْلَك الْحزن حزن ضيق الصَّدْر من صغر الْقدر أحصن الْجنَّة لُزُوم السّنة الرَّد الهائل خير من الْوَعْد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 الْحَائِل الْخلاف غلاف الشَّرّ من كَانَ رَأْيه صَحِيحا لم يكن بميسور الْبر شحيحا نعم الْعدة طول الْمدَّة عَسى تحظى فِي غدك برغدك زِمَام الْعَمَل بيد الأمل البرايا أهداف البلايا طُلُوع العقوق أفول الْحُقُوق حد العفاف الرضى بالكفاف لَا ضَمَان على الزَّمَان من لزم السّلم سلم ليكن قرينك من يزينك لخرق آفَة الْخلق إفراط السخاوة رخاوة رُبمَا كَانَت الْعَطِيَّة خطية لَا يعْدم الصرعة ذُو السرعة الفلسفة فل السَّفه لكل حَادث حَدِيث وَرُبمَا أغنت المداراة عَن المباراة الْبشر نور الْإِيجَاب مَا كل خاطر بعاطر الْبُخْل سوس السياسة الْعَفو يطمس الهفو الْعقل جهبذ النَّقْل التبدل تبذل الْعَفِيف يَكْفِيهِ الطفيف ثقل الْعَفِيف خَفِيف لِسَان النصيح فصيح التصلف ترجمان التَّخَلُّف كفى بالنهى ناهيا وبالهدى هاديا من تعطل تبطل أدهى المصائب المعايب رُبمَا تشور من تهور إفراط الدماثة غثاثة إفراط الفخامة وخامة رب معبوط مغبوط إفراط التأني تواني لَا ضيَاع بَين الصِّنَاعَة والقناعة الْإِنْصَاف أحسن الْأَوْصَاف عَلَيْك بالحذر من الهذر رُبمَا تكون الْمنية هنيَّة معنى المعاشرة ترك المعاشرة مَا لخرق الرقيع مُرَقع رُبمَا تكون الْعِنَايَة جِنَايَة من أفرط أورط رب مورد هُوَ مورط وَرب مصعد هُوَ مهبط قدر الْأمين ثمين من قصر أمله ظهر عمله التضريب زند الْعَدَاوَة الشُّكْر جنَّة الْفَارِس وَالصَّبْر جنَّة الملابس ظلّ الْجفَاء يكسف شمس الصفاء من لزم الْأَدَب أَمن العطب قوتك قوتك الْبَيَان علم الْعلم ليكن إقدامك توكلا وإحجامك تأملا إخْوَان هَذَا الزَّمَان خوان النَّاس عبيد الخواطر الْغَيْث لَا يَخْلُو من العيث الْحر نحل السكر إِن أجناه الْمَرْء من برْء شكدا أجناه من سكره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 شَهدا إِن لم يكن لنا مطمع فِي دَرك دَرك فأعفنا من شرك شرك لفُلَان طبع غير طيع وقريحة غير قريحة وخيم وخيم بَاعَ فلَان الباسقات وَاشْترى الفاسقات فصل من كتاب لَهُ عَن السُّلْطَان الْمُعظم إِلَى شمس الْمَعَالِي فِي شَأْن الشَّيْخَيْنِ أبي نصر وَأبي سعيد ابْني الشَّيْخ أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ من علم الْأَمِير شمس الْمَعَالِي آدام الله عزه الْكَرِيم فَكَأَنَّمَا علم الْغَيْث سجاما وَاللَّيْث إقداما وَذَلِكَ لِأَن المكارم من خَصَائِص مَعَانِيه ونتائج مساعيه ومعاليه غير أَن الْعَادة جَارِيَة بهز السَّيْف وَإِن كَانَ ماضي الغرار وقدح الزند لانتضاء مَا فِيهِ من الْأَنْوَار ومساق هَذَا القَوْل إِلَى ذكر شيخينا أبي نصر وَأبي سعيد ابْني الشَّيْخ أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أيدهما الله تَعَالَى ورحم أباهما فَإِنَّهُمَا غصنا دوحة شريفة وفرعا نبعة صليبة وَلكُل مِنْهَا الْفَضَائِل الَّتِي سَارَتْ أَخْبَارهَا والمحاسن الَّتِي سَأَلت أوضاحها وَلَئِن جرى مِنْهُمَا فِيمَا تقدم زلل فقد يكبو الْحَلِيم وينبو الحسام وَمن عَادَته التصميم وَلَو لم يكن هفو لما عرف عَفْو والكريم إِذا قدر غفر وشكر الظفر وَأَنا أسأَل الْأَمِير أَن يمن عَليّ فيهمَا بِمَا يُعِيد جاههما ويقيل عثرتهما وينيل بغيتهما إِن شَاءَ الله تبَارك وَتَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 مَا أخرج من ملحه فِي الْغَزل وَالْخمر قَالَ (يَا يُوسُف الْحسن ليلِي بعد فرقتكم ... يَحْكِي سني يُوسُف طولا وتعذيبا) (والشأن فِي أنني أرمى من أجلكم ... بِمثل مَا قد رمى إخوانك الذببا) // من الْبَسِيط // وَله (ومهفهف غنج الشَّمَائِل أزعجت ... قلبِي محَاسِن وَجهه إزعاجا) (درت الطبيعة أَن فَاحم شعره ... ليل فأذكت وجنتيه سِرَاجًا) // من الْكَامِل // وَله (قَالَت وَقد راودتها عَن قبْلَة ... أشفي بهَا قلبا كئيبا مغرما) (لَا قدم يدا من قبل أَن تدني يدا ... ومبرة من قبل أَن تدني فَمَا) (إِن الغرام غَرَامَة فَمَتَى تكن ... بِي مغرما فلتحتمل بِي مغرما) // من الْكَامِل // وَله (ومهفهف يسْعَى بكأس مدامة ... والكأس فوه والرضاب مدامه) (وَإِذا تثنى مائسا فِي مَشْيه ... فالسرو فِي ريح الشمَال قوامه) // من الْكَامِل // وَله (أَرَأَيْت قد قَالَ لي بدر الدجى ... لما رأى طرفِي يديم سهودا) (حتام ترمقني بعيني ساهد ... أقصر فلست حَبِيبك المفقودا) // من الْكَامِل // وَله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 (وغزتغل كل من شبهه ... بِلَال أَو ببدر ظلمه) (قَالَ إِذْ قبلت بالوهم فَمه ... قد تعديت وأسرفت فَمه) // من الرمل // وَله (بِأبي من أدَار من خديه ... مثل مَا قد أداره بيدَيْهِ) (قمر يقمر الْعُقُول بِسحر ... مَاله مَرْكَز سوى عَيْنَيْهِ) (هُوَ أغْنى الْأَنَام عني وَلَكِن ... أَنا من أفقر الْأَنَام إِلَيْهِ) // من الْخَفِيف // وَله (يَا غزالا أرَاهُ ند وصدا ... بعد مَا كَانَ للوصال تصدى) (بَيْننَا للرقيب سد فَلَا تجمع ... ذِي الْهوى مَعَ السد صدا) // من الْخَفِيف // وَله (أَوَان أَنْت فِي هَذَا الأوان ... عَن الراح المروق فِي الْأَوَانِي) (تعال إِلَى الصواني مترعات ... وأبرز نورهن من الصواني) (وَفك إسار لذات عوان ... ببكر من كؤوسك أَو عوان) // من الوافر // وَله (رب يَوْم للأنس فِيهِ فرَاغ ... ولكأس السرُور فِيهِ مساغ) (قد فَرغْنَا لَهُ من البث والشكوى ... وَمَا للكؤس فِيهِ فرَاغ) (عِنْد حر لَهُ قلائد فِي الْأَعْنَاق ... من جَوْهَر الأيادي تصاغ) (بَيْننَا للبخور غيم وللماورد ... طيش وللغوالي رداغ) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 وَله (يَوْم لَهُ فضل على الْأَيَّام ... مزج السَّحَاب ضياءه بظلام) (فالبرق يخْفق مثل قلب هائم ... والغيم يبكي مثل طرف هامي) (وَكَأن وَجه الأَرْض خد متيم ... وصلت دموع سحابه بسجام) (فاطلب ليومك أَرْبعا هن المنى ... وبهن تصفو لَذَّة الْأَيَّام) (وَجه الحبيب ومنظرا مستشرفا ... ومغنيا غردا وكأس مدام) // من الْكَامِل // وَله فِي وصف الْكتب والخط والبلاغة (كتابك سَيِّدي جلى همومي ... وَجل بِهِ اغتباطي وابتهاجي) (كتاب فِي سرائره سرُور ... مناجيه من الأحزان نَاجِي) (فكم معنى لطيف ضمن لفظ ... هُنَاكَ تزاوجا أَي ازدواج) (كراح فِي زجاج بل كروح ... سرت فِي جسم معتدل المزاج) // من الوافر // وَله (بنفسي من أهْدى إِلَيّ كِتَابه ... فأهدى لي الدُّنْيَا مَعَ الدّين فِي درج) (كتاب مَعَانِيه خلال سطوره ... لآلئ فِي درج كواكب فِي برج) // من الطَّوِيل // وَله (لما أَتَانِي كتاب مِنْك مبتسم ... عَن كل بر وَفضل غير مَحْدُود) (حكت مَعَانِيه فِي أثْنَاء أسطره ... آثارك الْبيض فِي أحوالي السود) // من الْبَسِيط // وَله من نتفة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 (إِن سل أقلامه يَوْمًا ليعملها ... أنساك كل كمي هز عَامله) (وَإِن أَمر على رق آنامله ... أقرّ بِالرّقِّ كتاب الْأَنَام لَهُ) // من الْبَسِيط // وَله (لم تَرَ عَيْني مثله كَاتبا ... لكل شَيْء شَاءَ أَو شَاءَ) (يبدع فِي الْكتب وَفِي غَيرهَا ... بدائعا إِن شَاءَ إنْشَاء) // من السَّرِيع // وَله (مَا إِن سَمِعت بنوار لَهُ ثَمَر ... فِي الْوَقْت يمتع سمع الْمَرْء والبصرا) (حَتَّى أَتَانِي كتاب مِنْك مبتسم ... عَن كل لفظ وَمعنى يشبه الدررا) (فَكَانَ لفظك من لألائه زهرا ... وَكَانَ مَعْنَاهُ فِي أَثْنَائِهِ ثمرا) (تسابقا فأصابا الْقَصْد فِي طلق ... لله من ثَمَر قد سَابق الزهرا) // من الْبَسِيط // وَله (بِأبي كلامك أَيهَا السحر ... النقي من الْعُيُوب) (يجنيك من ثَمَر الْكَلَام ... ويجتني ثَمَر الْقُلُوب) // من مجزوء الْكَامِل // وَله (بِأبي كلامك إِنِّي نظرت ... مِنْهُ إِلَى صُورَة الفاتن) (كَلَام تهش إِلَيْهِ النُّفُوس ... ويلقي الْقُلُوب بِلَا آذن) (بدا بالمعاني وتهذيبها ... فأبرزها بالوجوه الحسان) (وَقدر أَلْفَاظه بعد ذَاك ... على مَا اقتضته قدود الْمعَانِي) // من المتقارب // وَله فِي أبي نصر بن أبي زيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 (لَهُ قلم غربه لَا يكل ... إِذا كَانَ حد حسام يكل) (فيوجز لكنه لَا يخل ... ويطنب لكنه لَا يمل) (وَكَيف يمل وتوفيق من ... أَفَادَ الْعُلُوم عَلَيْهِ يمل) // من المتقارب // وَله (كتاب مولَايَ أوفى بِي على أمل ... وَصَارَ فِي كل نَاد قبْلَة الْقبل) (فَقلت لما تراءت لي محاسنه ... وَبَردت بغوادي صوبها عللي) (أما الْمعَانِي فأجسام منعمة ... وَاللَّفْظ أوشحة الديباج وَالْحلَل) // من الْبَسِيط // وَله (إِذا أَحْبَبْت أَن تحظى بِسحر ... فَلَا تختر على لَفْظِي وشعري) (فَأحْسن من نظام الدّرّ نظمي ... وآنق من نثار الْورْد نثري) // من الوافر // وَمن ملحه فِي الفقهيات وَقَوله (عَلَيْك بمطبوخ النَّبِيذ فَإِنَّهُ ... حَلَال إِذا لم يخطف الْعقل والفهما) (ودع قَول من قد قَالَ إِن قَلِيله ... معِين على الْإِسْكَار فاستويا حكما) (فَلَيْسَ لما دون النّصاب قَضِيَّة النّصاب ... وَإِن كَانَ النّصاب بِهِ نما) // من الطَّوِيل // وَله فِي مَعْنَاهُ (معاشر النَّاس أصحوا قد نصحت لكم ... فِي الراح حكما ملحيا غير ممقوت) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 (قليلها مستباح وَالْكثير حمى ... كغرفة فردة من نهر طالوت) // من الْبَسِيط // وَله من قصيدة (يَا بديع الْفضل لَا فِينَا وَلَكِن ... فِي كرام النَّاس خير النَّاس نَاس) (أَنْت عين الْجُود نصا وَقِيَاسًا ... وَبَيَان الْفِقْه نَص وَقِيَاس) // من الرمل // وَله من قصيدة (زفت إِلَيْك لنا عرائس أَربع ... ففضضتها بِالسَّمْعِ وَهِي قصائد) (فَابْعَثْ إِلَيّ مهورهن بأسرها ... إِن النِّكَاح بِغَيْر مهر فَاسد) // من الْكَامِل // وَله (تخْطب ودي وَلَيْسَ كفوا ... لودك الْمُبْدع النبيه) (فَهَل نِكَاح بِلَا نكاف ... يجوز فِي مَذْهَب الْفَقِيه) // من مخلع الْبَسِيط // وَله من الأدبيات قَالَ (وبصير بمعاني الشّعْر ... وَالْإِعْرَاب جدا) (قَالَ لي لما رَآنِي ... طَالبا مَالا ورفدا) (إِن مَالِي يَا حَبِيبِي ... لَازم لَا يتَعَدَّى) // من مجزوء الرمل // وَله (عذلت وَلم أذْنب وَلم أك جانيا ... وَهَذَا الْإِنْصَاف الْوَزير خلاف) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 وَله (وَإِنِّي لأختص بعض الرِّجَال ... وَإِن كَانَ فدما ثقيلا عياما) (فَإِن الْجُبْن على أَنه ... ثقيل وخيم يشهي الطعاما) // من المتقارب // وَله من قصيدة (فَلَا تكن عجلا بِالْأَمر تطلبه ... فَلَيْسَ يحمد بعد النَّضْح بحران) // من الْبَسِيط // وَله من نتفة (وَقد يلبس الْمَرْء خَز الثِّيَاب ... وَمن دونهَا حَالَة مضنيه) (كمن يكتسي خَدّه حمرَة ... وعلتها ورم فِي الريه) // من المتقارب // وَله (إِن الجهول تضرني أخلاقه ... ضَرَر السعال بِمن بِهِ استسقاء) // من الْكَامِل // وَله (اقبل مشورة نَاصح نفاع ... وتلق مَا يهدي بسمع واعي) (لَا تعتمد إِلَّا رَئِيسا فَاضلا ... إِن الكيان أطب للأوجاع) // من الْكَامِل // وَله (عذرتك يَا إِنْسَان إِن كنت مغرما ... بِعُذْر ومغرى بالتحيل والنكث) (وَكَيف ألوم الْمَرْء فِي خبث فعله ... وَأول شَيْء قد غذاه دم الطمث) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 وَله (عدل قطوبك بالبشاشة يعتدل ... وزناهما فِيمَن يذل وَيكرم) (فالحر طلق ضَاحِك ولربما ... تلقها وَهُوَ العابس المتجهم) (كالورد فِيهِ عفوصة ومرارة ... وَهُوَ الذكي الناضر المتبسم) // من الْكَامِل // وَله (خف الله واطلب هدى دينه ... وبعدهما فاطلب الفلسفه) (لِئَلَّا يغرك قوم رَضوا ... من الدّين بالزور والفلسفه) (ودع عَنْك قوما يعيدونها ... ففلسفة الْمَرْء فل السَّفه) // من المتقارب // وَله من النجوميات قَالَ (قد غض من أملي أَنِّي أرى عَمَلي ... أقوى من المُشْتَرِي فِي أول الْحمل) (وأنني زاحل عَمَّا أحاوله ... كأنني أستدر الْحَظ من زحل) // من الْبَسِيط // وَله (إِذا غَدا ملك باللهو مشتغلا ... فاحكم على ملكه بِالْوَيْلِ وَالْحَرب) (أما ترى الشَّمْس فِي الْمِيزَان هابطة ... لما غَدا برج نجم اللَّهْو والطرب) // من الْبَسِيط // وَله (لَا تعجبن لدهر ظلّ فِي صبب ... أشرافه وَعلا فِي أوجه السّفل) (وانقذ لأحكامه أَنى تقاربها ... فَالْمُشْتَرِي السعد عَال فَوْقه زحل) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 وَله (سل الله الْعَظِيم تسل جوادا ... أمنت على خزائنه النفادا) (وَإِن أدناك سُلْطَان لفضل ... فَلَا تغفل ترقبك البعادا) (فقد تدني الْمُلُوك لَدَى رِضَاهَا ... وتبعد حِين تحتفد احتفادا) (كَمَا المريخ فِي التَّثْلِيث يُعْطي ... وَفِي التربيع يسلب مَا أفادا) // من الوافر // وَله (أَلا فثقوا بِي فَإِنِّي كَمَا ... تمدحت فليمتحن من يحب) (فَلَا كوكبي رَاجع فِي الوفا ... وَلَا برج قلبِي بالمنقلب) // من المتقارب // وَله (لَئِن كسفونا بِلَا عِلّة ... وفازت قداحهم بالظفر) (فقد يكسف الْمَرْء من دونه ... كَمَا تكسف الشَّمْس جرم الْقَمَر) // من المتقارب // وَله (شرف الْوَعْد بوعد مثله ... مثله مَا فِيهِ زيغ وخلل) (وَدَلِيل الصدْق فِيمَا قلته ... شرف المريخ فِي بَيت زحل) // من الرمل // وَله (قل للَّذي غرته عزة ملكه ... حَتَّى أخل بِطَاعَة النصحاء) (شرف الْمُلُوك بعلمهم وبرأيهم ... وكذاك أوج الشَّمْس فِي الجوزاء) // من الْكَامِل // وَله من نتفة (وَقد يفْسد الْمَرْء بعد الصّلاح ... فَسَاد الْأَمَاكِن وَالشَّر يعدي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 (كَمَا السعد يقبل طبع النحوس ... إِذا كَانَ فِي مَوضِع غير سعد) // من المتقارب // وَله (مَا أنس ظمآن بعذب بَارِد ... من بعد طول الْعَهْد بالموارد) (إِلَّا كأنسي بِكِتَاب وَارِد ... من سيد مَحْض النجار ماجد) (كَأَنَّمَا استملاه من عُطَارِد ... ) // من الرجز // وَله من نتفة (طبعي كطبع المُشْتَرِي مَا فِيهِ من ... شوب فَهَل من مُشْتَر للْمُشْتَرِي) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (يَا من تولى المُشْتَرِي تَدْبيره ... حاشاك أَن تنقاد للمريخ) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (لَا تفزعن من كل شَيْء مفزع ... مَا كل تربيع البروج بضائر) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (أَي عذر أَن صَامَ عَنهُ ثنائي ... وَأَنا الدَّهْر مِنْهُ فِي يَوْم فطر) (وَأتم الْأَشْيَاء نورا وحسنا ... بكر شكر زفت إِلَى صهربر) (مَا قرَان السعدين فِي الْحُوت أبهى ... منْظرًا من قرَان بر وشكر) // من الْخَفِيف // وَله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 (دَعَاني إِلَى بَيته سيد ... لَهُ الْخلق الْأَشْرَف الأظرف) (فلازمت بَيْتِي ولاطفته ... بِعُذْر هُوَ الألطف الأطرف) (عُطَارِد نجمي وَلَا شكّ أَن ... عُطَارِد فِي بَيته أظرف) // من المتقارب // وَله (يَا معشر الْكتاب لَا تتعرضوا ... لرياسة وتصاغروا وتخادموا) (إِن الْكَوَاكِب كن فِي أشراقها ... إِلَّا عُطَارِد حِين صور آدم) // من الْكَامِل // وَمن ملح مدحه وَمَا يتَّصل بهَا قَالَ (بِسيف الدولة اتسقت أُمُور ... رأيناها مبددة النظام) (سما وَحمى بني سَام وَحَام ... فَلَيْسَ كمثله سَام وَحَام) // من الوافر // وَله (يَا من أعَاد رَمِيم الْملك منشورا ... وَضم بِالرَّأْيِ ملكا كَانَ منثورا) (أَنْت الْأَمِير وَإِن لم تؤت منشورا ... وَالْأَمر بعْدك إِن لم تؤتمن شُورَى) // من الْبَسِيط // وَله من نتفة (وَسَائِل النَّاس شَتَّى عِنْد سادتهم ... ولي وَسَائِل آدابي وآمالي) (فَاحْسبْ لبرك أذيالا على أملي ... أَحسب بشكرك مَا عمرت أذيالي) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (مدحتك فالتامت قلائد لم يفز ... بأمثالها الصَّيْد الْكِرَام الأعاظم) (لِأَنَّك بَحر والمعاني لآلئ ... فطبعي غواص وَقَوْلِي ناظم) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 وَقَوله (فرواؤه ملْء الْعُيُون وفضله ... ملْء الْقُلُوب وسيبه ملْء الْيَد) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (أَقُول لمن يُعلمهُ الْمَعَالِي ... ويذكره لذِي حق ذماما) (أَرَاك تعلم الصَّدْر التزاما ... لمن يهواه والثغر ابتساما) // من الوافر // وَمن أُخْرَى (رعى الله دولة كَافِي الكفاة ... وبلغه كنه آماله) (وَلَا زَالَ إقبال هَذَا الزَّمَان ... يقبل أَطْرَاف أقباله) // من المتقارب // وَمن أُخْرَى (أَفعاله غرر أَقْوَاله سور ... أقلامه قضب آراؤه شهب) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (كَأَن الغصون وَقد أثقلت ... بِمَا حملت من بديع الثِّمَار) (رِقَاب الْأَنَام وَقد أَصبَحت ... مثقلة بالأيادي الْكِبَار) // من المتقارب // وَمن أُخْرَى (لَا تعظمن عَلَيْك مِدْحَة خَادِم ... إياك يقصر عَن مداك مديحه) (فالظفر وَهُوَ أخس أَجزَاء الْفَتى ... يشفي بحك جِسْمه فيريحه) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (فَتى جمع العلياء علما وعفة ... وبأسا وجودا لَا يفِيق فواقا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 (كَمَا جمع التفاح حسنا ونضرة ... ورائحة محبوبة ومذاقا) // من الطَّوِيل // وَمن أُخْرَى (شَكَوْت إِلَى جوده خلتي ... ورقة حَالي وتقصير قسمي) (فَفَزعَ من رقة الْحَال قلبِي ... وأفرغ فِي قالب الرّقّ جسمي) // من المتقارب // وَمن أُخْرَى فِي الْأَمِير أبي نصر أَحْمد بن عَليّ الميكالي (جمع الله فِي الْأَمِير أبي نصر ... خِصَالًا تعلو بهَا الأقدار) (رَاحَة ثرة وصدرا فضاء ... وذكاء تبدو لَهُ الْأَسْرَار) (خطه رَوْضَة وَأَلْفَاظه الأزهار ... يضحكن والمعاني ثمار) // من الْخَفِيف // وَله (وَلما رَأَيْت النَّاس إِلَّا أقلهم ... وَأطيب مَا مجوا من السكر أَخبث) (نشرت ثَنَاء عطر الْأُفق طيبه ... كَذَاك ثَنَاء الْحر ند مثلث) (وألفت ألحانا بشكرك لم يصب ... تناسبها زير ومثنى ومثلث) // من الطَّوِيل // وَله (يَا سيد الْأُمَرَاء يَا من جوده ... أوفى على الْغَيْث المطير إِذا همى) (الْغَيْث يُعْطي باكيا متجهما ... ونداك يُعْطي ضَاحِكا مُتَبَسِّمًا) // من الْكَامِل // وَله (سقى الله امْرأ إِن كف دارت ... صروف زَمَاننَا مِمَّا يَلِيهِ) (فَلم أر مثله حرا تولى ... فولى مَا يَلِيهِ مَا يَلِيهِ) // من الوافر // وَله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 (لَا يسوءنك إِن براني ... دهر فَلم يرش) (أَنْت عش سالما فَإنَّك ... إِن عِشْت أنتعش) // من مجزوء الْخَفِيف // وَله (ملك يفِيض على العفاة سجاله ... وعَلى العداة بسطوه سجيلا) (وَإِذا حباك بغرة من مَاله ... ثنى وأعقب غرَّة تحجيلا) // من الْكَامِل // وَله (أَبوك حوى الْعليا وَأَنت مبرز ... عَلَيْهِ إِذا نازعته قصب الْمجد) (وللخمر معنى لَيْسَ فِي الْكَرم مثله ... وللنار نور لَيْسَ يُوجد للزند) (وَخير من القَوْل الْمُقدم فاعترف ... نتيجته والنحل يكرم للشهد) // من الطَّوِيل // وَله (لَا تَظنن بِي وبرك حَيّ ... أَن شكري كشكر غَيْرِي موَات) (أَنا أَرض وراحتاك سَمَاء ... والأيادي وبل وشكري نَبَات) // من الْخَفِيف // وَمن الإخوانيات قَالَ (تحمل أَخَاك على مَا بِهِ ... فَمَا فِي استقامته مطمع) (وأنى لَهُ خلق وَاحِد ... وَفِيه طبائعه الْأَرْبَع) // من المتقارب // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 وَله فِي مؤلف هَذَا الْكتاب (قلبِي مُقيم بنيسابور عِنْد أَخ ... مَا مثله حِين تستقري الْبِلَاد أَخ) (لَهُ صَحَائِف أَخْلَاق مهذبة ... مِنْهَا الحجى والعلى والظرف تنتسخ) // من الْبَسِيط // وَله فِيهِ أَيْضا (أَخ لي زكي النَّفس وَالْأَصْل وَالْفرع ... يحل مَحل الْعين مني والسمع) (تمسكت مِنْهُ إِذْ بلوت إخاءه ... على حالتي وضع النوائب وَالرَّفْع) (بأوعظ من عقل وآنس من هوى ... وأرفق من طبع وأنفع من شرع) // من الطَّوِيل // وَله فِيهِ أَيْضا (إِذا نسي النَّاس إخْوَانهمْ ... وخان الْمَوَدَّة خوانها) (فعندي لإخواني الغائبين ... صَحَائِف ذكرك عنوانها) // من المتقارب // وَله فِي أبي النَّصْر الْعُتْبِي (كَلَام لأبي النَّصْر ... موفى وَاجِب النَّحْل) (فَمَا أَدْرِي جنى النَّحْل ... أَتَانِي أم جنى النّخل) // من الهزج // وَكتب إِلَى بعض إخوانه (لقاؤك يدني من المرتجى ... وَيفتح بَاب الْهوى المرتج) (فأسرع إِلَيْنَا وَلَا تبطئن ... فَإنَّا صِيَام إِلَى أَن تجي) // من المتقارب // وَكتب أَيْضا (عِنْدِي فديتك سادة أَحْرَار ... وَقُلُوبهمْ شوقا إِلَيْك حرار) (وشرابنا شرب الْعُلُوم وروضنا ... نزه الحَدِيث وثقلنا الْأَشْعَار) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 (فَامْنُنْ علينا بالبدار فَإِنَّمَا ... أَعمار أَوْقَات السرُور قصار) // من الْكَامِل // وَله من نتفة (عرج عَليّ فَمَا فِي رونقي رنق ... لمن أصافي وَلَا فِي خلتي خلل) // من الْبَسِيط // وَله من أُخْرَى (وَلَا أصالح أنسي بعد فرقتكم ... حَتَّى يُصَافح كف اللامس القمرا) (وَلَا أمل مدى الْأَيَّام ذكركُمْ ... حَتَّى يمل نسيم الرَّوْضَة السحرا) // من الْبَسِيط // وَله (إِن لم تكن نيتي مصورة ... وَلم تكن واثقا بناجيتي) (فسل ثنائي فَإِنَّهُ علن ... تشهد على نيتي علانيتي) // من المنسرح // وَله (قل للَّذي يَرْجُو ثبات مودتي ... ودوام مَا أعْطِيه من إخلاصي) (أيدوم إخلاص بِغَيْر مَوَدَّة ... كلا ومنزل سُورَة الْإِخْلَاص) // من الْكَامِل // وَله (فهمت كتابك يَا سَيِّدي ... فهمت وَلَا عجب أَن أهيما) (وَذَاكَ لِأَنِّي تَأَمَّلت مِنْهُ ... درا نطيما وَبرا عَظِيما) (وصادفته صدفا للعلوم ... ضمن مِنْهَا البديع اليتيما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 (فكم من كواكب تجلو البهيم ... وَكم من مشارع يروين هيما) (وَكم رَوْضَة تستفيد الرياض ... مِنْهُم نورا ونبتا عميما) (وَكم قد قراني لفظا وسيما ... عَلَيْهِ من الطَّبْع حسن وسيما) // من المتقارب // وَله (لَا تحقرن أَخا وَإِن أبصرته ... لَك جَافيا وَلما تحب منافيا) (فالغصن يذبل ثمَّ يصبح ناضرا ... وَالْمَاء يكدر ثمَّ يرجع صافيا) // من الْكَامِل // وَله (ذكر أَخَاك إِذا تناسى وَاجِبا ... أَو عَن فِي آرائه تَقْصِير) (فَالرَّأْي يصدأ كالحسام لعَارض ... يطْرَأ عَلَيْهِ وصقله التَّذْكِير) // من الْكَامِل // وَله (أَتَانِي كتاب من أَخ لي ماجد ... فَأكْرم بِهِ بَين الْمَوَاهِب وافدا) (وَقلت لروحي كن لَهُ من جَمِيع مَا ... يخَاف من الْأَيَّام أَو يختشي فدا) // من الطَّوِيل // وَله (كم من أَخ قد هدمت أخلاقه ... من آخر مَا قد هى فِي الأول) (نسي الْوَفَاء وَلست أنسى عهد مَا ... شاهدت مِنْهُ فِي الزَّمَان الأطول) (يَرْمِي سهاما إِن أسر المقت لي ... بالكيد لَا يقصدن غير المقتل) // من الْكَامِل // وَله (أرقت حَتَّى كَأَن عَيْني ... قد وهبت لي بِلَا جفون) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 (فَفَاضَ فِي الخدماء عَيْني ... فحلته فاض من عُيُون) (وَذَاكَ أَن الزَّمَان أفْضى ... بِي من سهول إِلَى حزون) (وسامني الْبعد عَن أنَاس ... هم فارقوني فأرقوني) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (بِأبي من شفى فؤادا عليلا ... بِكَلَام حكى النسيم عليلا) (زَاد فِي طوله ارتياحا إِلَيْهِ ... وغراما بِهِ عريضا طَويلا) (كرضاب الحبيب يروي غليلا ... ثمَّ ينشى إِلَى الْمَزِيد غليلا) // من الْخَفِيف // وَله (فديتك قل الصّديق الصدوق ... وَقل الْخَلِيل الحظي الوفي) (ولي رَغْبَة فِيك إِن مَا وفيت ... فَهَل رَاغِب أَنْت فِي أَن تفي) // من المتقارب // وَله من بَاب الشكوى والعتاب قَالَ (عفاء على هَذَا الزَّمَان فَإِنَّهُ ... زمَان عقوق لَا زمَان حُقُوق) (وكل رَفِيق فِيهِ غير مُوَافق ... وكل صديق فِيهِ غير صَدُوق) // من الطَّوِيل // وَله (رَأَيْتُك تكويني بميسم منَّة ... كَأَنَّك قد أَصبَحت عِلّة تكويني) (وتلويني الْحق الَّذِي أَنا أَهله ... وَتخرج فِي أَمْرِي إِلَى كل تلوين) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 (فمهلا وَلَا تمنن عَليّ فبلغة ... من الْعَيْش تكفيني إِلَى يَوْم تكفيني) // من الطَّوِيل // وَله (وَمن عجب أَنِّي لغيرك شَافِع ... إِلَيْك وَبِي فقر إِلَى ألف شَافِع) (وَلَكِن أَحْرَار الزَّمَان وَإِن جفوا ... فشيمتهم أَن يسمحوا بالمنافع) // من الطَّوِيل // وَله (يَا من عقدت بِهِ الرَّجَاء فَلم يكن ... لي مِنْهُ إرفاد وَلَا إيناس) (إِن كَانَ قد جرح المطامع عفتي ... فوراء ذَاك الْجرْح جرح يأسو) // من الْكَامِل // وَله (لِقَاء أَكثر من يلقاك أوزار ... فَلَا تبال أصدوا عَنْك أَو زاروا) (لَهُم لديك إِذا جاءوك أوطار ... فَإِن قضوها تنحوا عَنْك أَو طاروا) (أَخْلَاقهم فتجنبهن أوعار ... ووصلهم مأتم للمرء أَو عَار) // من الْبَسِيط // وَله (لَا تغبنن وَلَا تخدعك بارقة ... من ذِي خداع يرى بشرا وألطافا) (فَلَو قلبت جَمِيع النَّاس قاطبة ... وسرت فِي الأَرْض أوساطا وأطرافا) (لم تلف فِيهَا صديقا أبدا ... وَلَا أَخا يبْذل الْإِنْصَاف إِن صافى) // من الْبَسِيط // وَله (أَبَا قَاسم كم ظَالِم متعجرف ... نضالي حدي سَيْفه وسنانه) (فسلمني الله الْكَرِيم بِلُطْفِهِ ... وصيرني فِي لطفه وضمانه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 (وَمِنْهُم أَبوك إِنَّه سل مُصْلِتًا ... عَليّ حسامي كَيده وَلسَانه) (فَلَمَّا غلا فِي ظلمه وعتوه ... وأشبه عيرًا لج فِي نزوانه) (صبرت على مكروهه فتكشفت ... عواقبه عَن عزتي وهوانه) (فَإِن تتقيه أَو صبرت فَإِنَّمَا ... زَمَانك أَيْضا منقض كزمانه) // من الطَّوِيل // وَله (يَا ذَا الَّذِي ركب الْفساد وَعِنْده ... أَنى أسود إِذا ركبت فَسَادًا) (أضللت رَأْيك عَامِدًا أَو سَاهِيا ... من ذَا الَّذِي ركب الْفساد فَسَادًا) // من الْكَامِل // وَله (أكتاب بست كم نناجزكم على ... وزارة بست وَهِي سخنة عين) (وخف حنين فَوق مَا تطلبونه ... فكم بَيْنكُم يَا قوم حَرْب حنين) // من الطَّوِيل // وَله (لله نيسابور من حلَّة ... مَا مثلهَا دَار وَلَا حلّه) (للخير والمير بهَا كَثْرَة ... للشر والضير بهَا قله) (فِيهَا كرام سادة أجلة ... سادوا على السَّادة والجله) (مَا عيبها إِلَّا بعمالها ... فالبخل وَالْمَنْع لَهُم مله) (جفوا فَمَا فِي طينهم للَّذي ... يعصره من بلة بله) (فَهَذِهِ أولى خطابي لَهُم ... وَبعدهَا مَا يهتك الكله) // من السَّرِيع // وَله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 (قلت لطرف الطَّبْع لما ونى ... وَلم يطع أَمْرِي وَلَا زجري) (مَالك لَا تجْرِي وَأَنت الَّذِي ... تحوي مدى الغايات إِذْ تجْرِي) (فَقَالَ لي دَعْنِي وَلَا تؤذني ... حَتَّى مَتى أجري بِلَا أجر) // من السَّرِيع // وَله (للنَّاس فِي محن الزَّمَان مَرَاتِب ... ولكلهم فِيهَا نصيب راتب) (وَكَأن أوفرهم إِذا استقريتهم ... مِنْهَا نَصِيبا شَاعِر أَو كَاتب) (فَأَقل عتبك والعتاب مَعًا فَلم ... يسْعد بإعتاب الزَّمَان معاتب) // من الْكَامِل // وَله (جعلنَا أجنبيين ... بِلَا جرم وَلَا تبل) (وأقصينا وَمَا خنا ... وَمَا زغنا عَن الْعدْل) (فَقل لي يَا أَخا السؤدد ... والهمة وَالْفضل) (إِلَى كم نَحن فِي ضيق ... وَفِي عزل وَفِي أزل) (أما تنشط أَن تملي ... على الْكَاتِب أَنْتُم لي) // من الهزج // وَله (وجدت مَا قد بعثت غثا ... مستحقرا لَيْسَ بالثمين) (فليت شعري قليت شعري ... فَكَانَ غثا بِلَا سمين) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (إِذا ملك لم يكن ذاهبه ... فَدَعْهُ فدولته ذاهبه) // من المتقارب // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 وَله (إِلَى حتفي مَشى قدمي ... أرى قدمي أراق دمي) (فكم أنقد من نَدم ... وَلَيْسَ بنافعي ندمي) // من مجزوء الوافر // وَله (ألم تَرَ مَا ارتآه أَبُو عَليّ ... وَكنت أرَاهُ ذَا لب وكيس) (عصى السُّلْطَان فابتدرت إِلَيْهِ ... جنود يقلعون أَبَا قبيس) (وصير طوس معقله فأمسى ... عَلَيْهِ طوس أشأم من طويس) // من الوافر // وَله (قل للَّذي غره عز وساعده ... فِيمَا يحاوله نقض وإمرار) (لَا تفتخر بغنى أمطيت كَاهِله ... فَإِن أصلك يَا فخار فخار) // من الْبَسِيط // وَله (قل للوزير الْكَرِيم قولا ... يغض من نَاظر الْكَرِيم) (دَارك لي جنَّة وَلَكِن ... بوابها مَالك الْجَحِيم) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (إِلَى الله أَشْكُو اتِّصَال الخطوب ... وَصرف زمَان بلينا بِهِ) (وَقد كَانَ يبسم عَن ثغره ... فَأصْبح يكشر عَن نابه) // من المتقارب // وَله (الدَّهْر خداع خلوب ... وصفو بالقذى مشوب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 (وَأكْثر النَّاس فاعتزلهم ... قوالب مَا لَهَا قُلُوب) (فَلَا تغرنك اللَّيَالِي ... وبرقها الخلب الكذوب) (فَفِي قفا أُنْسُهَا كروب ... وَفِي حشى سلمهَا حروب) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (نَحن وَالله فِي زمَان سَفِيه ... يصفع النائبات من كأس فِيهِ) (فتشكل بشكله يَك أحفى ... بك إِن السَّفِيه صنو السَّفِيه) // من الْخَفِيف // وَله (الدَّهْر سلم لكل نذل ... لكنه للكريم حَرْب) (فارث لذِي حِكْمَة وإرب ... فحظه غمَّة وكرب) (همته للسماك سمك ... وخده للتراب ترب) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (إِذا أحسست فِي لَفْظِي فتورا ... وخطي والبلاغة وَالْبَيَان) (فَلَا ترَتّب بفهمي إِن رفصي ... على مِقْدَار إِيقَاع الزَّمَان) // من الوافر // وَله (أراح الله قلبِي من زمَان ... محت يَده سروري بالإساءه) (فَإِن حمد الْكَرِيم صباح يَوْم ... وَأَنِّي ذَاك لم يحمد مساءه) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 وَله من بَاب الذَّم والهجاء قَالَ (شيخ لنا يقطعنا عرضه ... من قبل أَن يقطعنا مَاله) (أخيب خلق الله من خَاله ... حرا وَمن شام صدى خَاله) (وَأكْثر الفتيان بثا فَتى ... يبثه معتفيا حَاله) (شيخ كثير المَال لكنه ... ملك مَا يملك أقفاله) (وكل مَا عَن لَهُ مُشكل ... وَرَاح أَن يُوضح أشكاله) (يَبْنِي على الفكرة أَعماله ... وَذَاكَ فِي التَّحْقِيق أعمى لَهُ) (فقيض الرَّحْمَن أَفْعَى لَهُ ... تريه فِي الْخلْوَة أَفعاله) // من السَّرِيع // وَله (من مبلغ الأشرار عني أنني ... مَا دَامَ لي حس وعرق ينبض) (أقليهم طرا لِأَنِّي ضدهم ... والضد للضد المنافر مبغض) (فَإِذا رأوني مُقبلا فليعلموا ... أَنِّي بِوَجْه الْجد عَنْهُم معرض) // من الْكَامِل // وَله (إِذا اتَّخذت أَخا فاسبر خلائقه ... فَإِن ذَا الحزم وَالتَّدْبِير من سبرا) (وَلَا تعول على شخص لَهُ عَم ... وَصُورَة ذَات حسن تبهر القمرا) (فكم فَتى راق مِنْهُ ظَاهر حسن ... وَكَانَ بَاطِنه ضد الَّذِي ظهرا) (أعددته لصروف الدَّهْر مدخرا ... فَكَانَ فِي السبك وَالتَّحْقِيق مدخرا) // من الْبَسِيط // وَله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 (يَا قوم أرعوني أسماعكم ... حَتَّى أؤدي وَاجِب الْفَرْض) (أشهد حَقًا أَن سلطانكم ... لَيْسَ بِظِل الله فِي الأَرْض) // من السَّرِيع // وَله (لي صَاحب أَحمَق هلباجه ... دَعوته الْكُبْرَى بِلَا باجه) (يقري الأخلاء وَلكنه ... يطْبخ فِي خديه سكباجه) // من السَّرِيع // وَله (قلت لَهُ لما مضى وانقضى ... لَا ردك الرَّحْمَن من هَالك) (أما وَقد فارقتنا فانتقل ... من ملك الْمَوْت إِلَى مَالك) // من السَّرِيع // وَله (لي جَار فِيهِ حيره ... عرسه تلعن أيره) (خلق الله إِلَه النَّاس ... للغيرة غَيره) // من مجزوء الرمل // وَله (فِي النَّاس من تجنيسه تجنيس ... أبدا كَمَا تدريسه تَدْلِيس) // من الْكَامِل // وَمن بَاب الشيب وَالْكبر قَالَ (دع دموعي تسيل سيلا بدارا ... وضلوعي يصلين بالوجد نَارا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 (قد أعَاد الأسى نهاري لَيْلًا ... مذ أعَاد المشيب ليلِي نَهَارا) // من الْخَفِيف // وَله (يَا شيبتي دومي وَلَا تترحلي ... وتيقني أَنِّي بوصلك مولع) (قد كنت أجزع من حلولك مرّة ... فَالْآن من حذر ارتحالك أجزع) // من الْكَامِل // وَله (مَا استقامت قناة رَأْيِي إِلَّا ... بعد مَا قَوس المشيب قناتي) // من الْخَفِيف // وَله (أرى الْمَرْء يَرْجُو أَن يطول بَقَاؤُهُ ... ليدرك مَا يَرْجُو بطول بَقَائِهِ) (فأية جدوى فِي الْبَقَاء وَقد وهت ... قواه وَأقوى قلبه من زكائه) (إِذا مَا نبا حس وكلت بَصِيرَة ... فطول بَقَاء الْمَرْء طول شقائه) // من الطَّوِيل // وَمن بَاب الْأَمْثَال والنوادر وَالْحكم والمواعظ وَمَا يجْرِي مجْراهَا قَالَ (بَين من يُعْطي وَمن يَأْخُذ ... فِي التَّقْدِير عرض) (فيد الْمُعْطِي سَمَاء ... وَيَد الْآخِذ أَرض) (وعَلى الْآخِذ أَن يشْكر ... إِن الشُّكْر فرض) // من مجزوء الرمل // وَله (كنت فِي نعْمَة وظل رخاء ... ونسيم من النَّعيم رخاء) (فاتبعت الْهوى وخالفت رَأْيِي ... وَاتِّبَاع الْهوى وبيء الْهَوَاء) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 وَله (حبست وَمن بعد الْكُسُوف تبلج ... تضيء بِهِ الْآفَاق للبدر وَالشَّمْس) (فَلَا تعتقد للحبس غما ووحشة ... فَأول كَون الْمَرْء فِي أضيق الْحَبْس) // من الطَّوِيل // وَله (أفد طبعك المكدود بالهم رَاحَة ... تجم وَعلله بِشَيْء من المزح) (وَلَكِن إِذا أَعْطيته ذَاك فَلْيَكُن ... بِمِقْدَار مَا تُعْطِي الطَّعَام من الْملح) // من الطَّوِيل // وَله (لَا تنكرن إِذا أهديت نَحْوك من ... علومك الغر أَو آدابك النتفا) (فقيم الباغ قد يهدى لمَالِكه ... برسم خدمته من باغه التحفا) // من الْبَسِيط // وَله (لَا تحسبني إِذا أوليتني نعما ... أَنِّي أَخُو وَهن فِي الشُّكْر أَو كسل) (فإنني نحل شكر إِن جنى ثمرا ... أجناك من قَوْله أحلى من الْعَسَل) // من الْبَسِيط // وَله (لَا در در نَوَازِل الْأَحْدَاث ... نقلت أحبتنا إِلَى الأجداث) (فغدت مآنسنا وَهن مَقَابِر ... وغدت مدائحنا وَهن مراثي) // من الْكَامِل // وَله (توق خلافًا إِن سمحت بموعد ... لتسلم من هجو الورى وتعافى) (فَلَو أثمر الصفصاف من بعد نوره ... وإيراقه مَا لقبوه خلافًا) // من الطَّوِيل // وَله (من شَاءَ عَيْشًا رخيا يَسْتَفِيد بِهِ ... فِي دينه ثمَّ فِي دُنْيَاهُ إقبالا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 (فلينظرن إِلَى من فَوْقه أدبا ... ولينظرن إِلَى من دونه مَالا) // من الْبَسِيط // وَله (إِن كنت تطلب ثروة وغنى ... فَعَلَيْك بالإجمال فِي الطّلب) (فالرسل لَيْسَ يدر فِي العلب ... من غير إبساس وَلَا حلب) // من الْكَامِل // وَله (لَا تحقر الْمَرْء إِن رَأَيْت بِهِ ... دمامة أَو رثاثة الْحلَل) (فالنحل شَيْء على ضؤولته ... يشتار مِنْهُ الْفَتى جنى الْعَسَل) // من المنسرح // وَله (إِذا مَا اصطفيت امْرَءًا فَلْيَكُن ... شرِيف النجار زكي الْحسب) (فنذل الرِّجَال كنذل النَّبَات ... فَلَا للثمار وَلَا للحطب) // من المتقارب // وَله (رضيت بعيش كفاف حَلَال ... وبعت المدام بِمَاء زلال) (فَمن يَك يحلو لَهُ مَا يُصِيب ... حَرَامًا فَإِن حلالي حلالي) // من المتقارب // وَله (دَعْنِي فَلَنْ أخلق ديباجتي ... وَلست أبدي للورى حَاجَتي) (عَليّ أَن ألزم بَيْتِي وَأَن ... أرْضى بِمَا يحضر من باجتي) (منزلي يحفظها منزلي ... وباجتي تحفظ ديباجتي) // من السَّرِيع // وَله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 (يَا أَيهَا السَّائِل عَن مذهبي ... ليقتدي فِيهِ بمنهاجي) (منهاجي الْعدْل وقمع الْهوى ... فَهَل لمناجي من هاجي) // من السَّرِيع // وَله (يَقُولُونَ ذكر الْمَرْء يحيا بنسله ... وَلَيْسَ لَهُ ذكر إِذا لم يكن نسل) (فَقلت لَهُم نسلي بَدَائِع حكمتي ... فَإِن فاتنا نسل فَإنَّا بهَا نسلو) // من الطَّوِيل // وَله (نَصَحْتُك جامل الإخوان طرا ... على عذب سقوه أَو أجاج) (وَلَا ترج الصفاء بِغَيْر مذق ... فَلَا يَخْلُو السراج من السناج) // من الوافر // وَله (إِذا مَا هَمَمْت بكشف الظُّلم ... وَحفظ الثغور وسد الثلم) (فعول على خلتين اثْنَتَيْنِ ... خرق الحسام ورفق الْقَلَم) // من المتقارب // وَله (لَا يعْدم الْمَرْء كُنَّا يستكن بِهِ ... ومنعة بَين أهليه وَأَصْحَابه) (وَمن نأى عَنْهُم قلت مهابته ... كالليث يحقر إِمَّا غَابَ عَن غابه) // من الْبَسِيط // وَله (ألذ من رشف رضاب الْحور ... وَمن رضَاع درة السرُور) (والبارد الزلَال للمخمور ... رشف الثَّنَاء من فَم الشكُور) // من الرجز // وَله (تَأَخَّرت عَن قوم وَلَا غرو أنني ... سأسبقهم بالجد وَالْجد معوان) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 (أَلَسْت ترى العنوان يكْتب آخرا ... وَأول مقروء من الْكتب عنوان) // من الطَّوِيل // وَله (إِذا حَيَوَان كَانَ طعمه ضِدّه ... توقاه كالفأر الَّذِي يَتَّقِي الهرا) (وَلَا شكّ أَن الْمَرْء طعمه دهره ... فَمَا باله يَا ويحه يَأْمَن الدهرا) // من الطَّوِيل // وَله (لَا يستخفن الْفَتى بعدوه ... أبدا وَإِن كَانَ الْعَدو ضئيلا) (إِن القذى يُؤْذِي الْعُيُون قَلِيله ... ولربما جرح البعوض الفيلا) // من الْكَامِل // وَله (أحرك بالتذكير قوما لَعَلَّه ... يفتح من أسماعهم شدَّة الوقر) (وَإِن كَانَ تحريكي يشق عَلَيْهِم ... فَإِن طنين الزير والبم بالنقر) // من الطَّوِيل // وَله (لقد هنت من طول الْمقَام وَمن يقم ... طَويلا يهن من بعد مَا كَانَ مكرما) (وَطول جمام المَاء فِي مستقره ... يُغَيِّرهُ لونا وريحا ومطعما) // من الطَّوِيل // وَله (لَئِن تنقلت من دَار إِلَى دَار ... وصرت بعد ثواء رهن أسفار) (فالحر حر عَزِيز النَّفس حَيْثُ ثوى ... وَالشَّمْس فِي كل برج ذَات أنوار) // من الْبَسِيط // وَله (إِذا تحدثت فِي قوم لتؤنسهم ... بِمَا تحدث من مَاض وَمن آتِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 (فَلَا تعيدن حَدِيثا إِن طبعهم ... مُوكل بمعاداة المعادات) // من الْبَسِيط // وَله (إِذا خذل الْمَرْء من نَفسه ... فَلَيْسَ لَهُ من سواهُ نصير) (وَشر سلَاح يحامي بِهِ ... لِسَان طَوِيل وَبَاعَ قصير) // من المتقارب // وَله (دَعونِي وأمري واختياري فإنني ... عليم بِمَا أفري وأخلق من أَمْرِي) (إِذا مر بِي يَوْم وَلم أصطنع يدا ... وَلم أستفد علما فَمَا هُوَ من عمري) // من الطَّوِيل // وَله (أشْفق على الدِّرْهَم وَالْعين ... تسلم من الْعينَة وَالدّين) (فقوة الْعين بإنسانها ... وَقُوَّة الْإِنْسَان بِالْعينِ) // من السَّرِيع // وَله (يَا من يُرْجَى أَن يعِيش مُسلما ... جذلان لَا يدهى بخطب يحزن) (أفرطت فِي شطط الْأَمَانِي فاقتصد ... وَاعْلَم بِأَن من المنى مَا يفتن) (لَيْسَ الْأمان من الزَّمَان بممكن ... وَمن الْمحَال وجود مَا لَا يُمكن) (معنى للزمان على الْحَقِيقَة كاسمه ... فعلام ترجو أَنه لَا يزمن) // من الْكَامِل // وَله (وثقت بربي وفوضت أَمْرِي ... إِلَيْهِ وحسبي بِهِ من معِين) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 (فَلَا تبتئس لصروف الزَّمَان ... وَدعنِي فَإِن يقيني يقيني) // من المتقارب // 66 - أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم كَانَ يشبه فِي عصرنا بِأبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي عصره علما وأدبا وزهدا وورعا وتدريسا وتأليفا إِلَّا أَنه يَقُول شعرًا حسنا وَكَانَ أَبُو عبيد مفحما وَلأبي سُلَيْمَان كتب من تأليفه وأشهرها وأسيرها كتاب فِي غَرِيب الحَدِيث وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن والبلاغة وأنشدني غير وَاحِد لَهُ (وَمَا غمَّة الْإِنْسَان فِي شقة النَّوَى ... وَلكنهَا وَالله فِي عدم الشكل) (وَإِنِّي غَرِيب بَين بست وَأَهْلهَا ... وَإِن كَانَ فِيهَا أسرتي وَبهَا أَهلِي) // من الطَّوِيل // وَقد أَخذ هَذَا الْمَعْنى عمر بن أبي عمر السجْزِي فَقَالَ (وَلَيْسَ اغترابي فِي سجستان أنني ... عدمت بهَا الإخوان وَالدَّار والأهلا) (ولكنني مَا لي بهَا من مشاكل ... وَإِن الْغَرِيب الْفَرد من يعْدم الشكلا) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَبُو الْفَتْح قَالَ أَنْشدني أَبُو سُلَيْمَان لنَفسِهِ (شَرّ السبَاع العوادي دونه وزر ... وَالنَّاس شرهم مَا دونه وزر) (كم معشر سلمُوا لم يؤزهم سبع ... وَمَا نرى بشرا لم يؤذه بشر) // من الْبَسِيط // وأنشدني لَهُ أَيْضا (مَا دمت حَيا فدار النَّاس كلهم ... فَإِنَّمَا أَنْت فِي دَار المداراة) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 (من يدر دَاري وَمن لم يدر سَوف يرى ... عَمَّا قَلِيل نديما للندامات) // من الْبَسِيط // وَله (لعمرك مَا الْحَيَاة وَإِن حرصنا ... عَلَيْهَا غير ريح مستعاره) (وَمَا للريح دائمة هبوب ... وَلَكِن تَارَة تجْرِي وتاره) // من الوافر // وَله (وَقَائِل وَرَأى من حجتي عجبا ... كم ذَا التواري وَأَنت الدَّهْر مَحْجُوب) (فَقلت حلت نُجُوم الْعُمر مُنْذُ بدا ... نجم المشيب وَدين الله مَطْلُوب) (فلذت من رجل بالاستتار عَن الْأَبْصَار ... إِن غَرِيم الْمَوْت مرعوب) // من الْبَسِيط // وَله (تغنم سُكُون الحادثات فَإِنَّهَا ... وَإِن سكنت عَمَّا قَلِيل تحرّك) (وبادر بأيام السَّلامَة إِنَّهَا ... رهون وَهل للرَّهْن عنْدك مترك) // من الطَّوِيل // وَله (قل للَّذي ظلّ يلحاني ويعذلني ... لنائل فَاتَهُ وَالْخَيْر مأمول) (لَا تطلب السّمن إِلَّا عِنْد ذِي سمن ... نَالَ الْولَايَة فالمعزول مهزول) // من الْبَسِيط // وَله (قد جَاءَ طوفان الْبلَاء وَلَا أرى ... فِي الأَرْض ويحي للنجاة سَفِينِهِ) (فاصعد إِلَى وزر السَّمَاء فَإِن يكن ... يعيبك فابك لنَفسك المسكينه) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 وَله (تسَامح وَلَا تستوف حَقك كُله ... وأبق فَلم يستقص قطّ كريم) (وَلَا تغل فِي شَيْء من الْأَمر واقتصد ... كلا طرفِي قصد الْأُمُور ذميم) // من الطَّوِيل // وَله (قد أولع النَّاس بالتلاقي ... والمرء صب إِلَى هَوَاهُ) (وَإِنَّمَا مِنْهُم صديقي ... من لَا يراني وَلَا أرَاهُ) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (سلكت عقَابا فِي طريقي كَأَنَّهَا ... صياصي ديوك أَو أكف عِقَاب) (وَمَا ذَاك إِلَّا أَن ذَنبا أحَاط بِي ... فَكَانَ عقابي فِي سلوك عِقَاب) // من الطَّوِيل // وَله (إِذا خلوت صفا ذهني وعارضني ... خواطر كطراز الْبَرْق فِي الظُّلم) (وَإِن توالى صياح الناعقين على ... أُذُنِي عرتني مِنْهُ حكلة الْعَجم) // من الْبَسِيط // 67 - أَبُو مُحَمَّد شُعْبَة بن عبد الْملك البستي سَمِعت أَبَا الْفَتْح البستي يَقُول لما أَنْشدني شُعْبَة شُعْبَة قَوْله (فديت من زارني على حذر ... من الأعادي وَقَلبه يجب) (فَلَو خلعت الدُّنْيَا عَلَيْهِ لما ... قضيت من حَقه الَّذِي يجب) // من المنسرح // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 استحسنته وَأَنا إِذْ ذَاك فِي زمَان الصِّبَا فَأخذت نَفسِي سلوك طَرِيقَته فِي الْمُتَشَابه حَتَّى قلت مَا قلت قَالَ وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (إِن كنت أزمعت الْفِرَاق فَلَا تدع ... نَفسِي تعاجلني بوشك فِرَاق) (وأصل بكتبك مَيتا يحييه مَا ... يلقاه فِيهَا من غَدَاة تلاقي) // من الْكَامِل // وأنشدني غَيره لَهُ (نَفسِي الْفِدَاء لمن لم أخل مذ علقت ... نَفسِي بذكراه من حسن وإحسان) (مَا إِن تزَال أياديه تواصلني ... كَأَنَّهُ وَأَنا أهواه يهواني) // من الْبسط // وَله (لكل من بني الدُّنْيَا مُرَاد ... وَمَالِي غير وصلك من إراده) (فَلَو شاهدت قلبِي لم تَجدهُ ... تضمن غير حبك والشهاده) // من الوافر // أَخذه من قَول الْقَائِل (لَو شقّ قلبِي لرأوا بَينه ... حبك والتوحيد فِي سطر) // من السَّرِيع // وَله (ضقت ذرعا بذلتي واغترابي ... وفراق الإخوان والأحباب) (جَاوز الدَّهْر حَده فِي اهتضامي ... وَكَأن الزَّمَان يهوى عَذَابي) (لايني فِي حشاي مَسْمُوم نَاب ... لليالي وَفِي فمي كأس صاب) (زمن جَائِر وجد عثور ... وأسى لَازم وزند كابى) // من الْخَفِيف // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 68 - أَبُو بكر النَّحْوِيّ البستي لَهُ شعر كثير لَا يحضرني الْآن مِنْهُ إِلَّا قَوْله لأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَكَانَ هجاه بقوله (نحويكم فِي حمقه ... معرفَة لَا نكره) (ذُو لحية مبسوطة ... وفطنة مُخْتَصره) // من مجزوء الرجز // وَغير ذَلِك فَقَالَ (وعاو عوى من أهل خوارزم خيفة ... كَذَا الْكَلْب عِنْد الْخَوْف مُجْتَهدا يعوي) (تعاظم فعلي أهل ودي أَن رأوى ... سكوتي وهجري هجو من دأبه هجوي) (فَقلت اسْكُتُوا فالهجو نجو وإنني ... حَلَفت بِأَن لَا أغسل النجو بالنجو) // من الطَّوِيل // 69 - الْخَلِيل بن أَحْمد السجْزِي كَانَ أحد الْأَئِمَّة فِي فقه الْحَنَفِيَّة وَمن شعراء الْفُقَهَاء وتقلد الْقَضَاء لآل سامان بسجستان وَغَيرهَا سِنِين كَثِيرَة وَهُوَ الْقَائِل لأبي جَعْفَر صَاحب سجستان فِي تهنئة بقصر بناه (شيدت قصرا عَالِيا مشرفا ... بطائري سعد ومسعود) (كَأَنَّمَا يرفع بُنْيَانه ... جن سُلَيْمَان بن دَاوُد) (لَا زلت فِيهِ بَاقِيا نَاعِمًا ... على اخْتِلَاف الْبيض والسود) // من السَّرِيع // وَكَانَ مَكْتُوبًا فِي صدر الإيوان الَّذِي فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 (من سره أَن يرى الفردوس عاجلة ... فَلْينْظر الْيَوْم فِي بُنيان إيواني) (أَو سره أَن يرى رضوَان عَن كثب ... بملء عَيْنَيْهِ فَلْينْظر إِلَى الْبَانِي) // من الْبَسِيط // وَلما قتل أَبُو جَعْفَر أَمر الْخَلِيل أَن يكْتب تحتهما من قبله (لَو كَانَت الدَّار فردوسا وساكنها ... رضوَان لم يبل فِيهَا جسم رضوَان) (الْمَوْت أسْرع فِي هَذَا فَأَهْلَكَهُ ... والدهر أسْرع فِي تخريب إيوَان) // من الْبَسِيط // وَأنْشد الْخَلِيل قَول التنوخي القَاضِي (خُذ الْفلس من كف اللَّئِيم فَإِنَّهُ ... أعز عَلَيْهِ من حشاشة نَفسه) (وَلَا تحتشم مَا عِشْت من كل سفلَة ... فَلَيْسَ لَهُ قدر بِمِقْدَار فلسه) // من الطَّوِيل // فعارضه بقوله (صن النَّفس عَن ذل السُّؤَال ونحسه ... فَأحْسن أَحْوَال الْفَتى صون نَفسه) (وَلَا تتعرض للئيم فَإِنَّهُ ... أذلّ لَدَيْهِ الْحر من شطر فلسه) // من الطَّوِيل // وَكتب إِلَيْهِ أَبُو الْقَاسِم السجْزِي الَّذِي تقدم ذكره يستفتيه (هاك سؤالا فَفِيهِ شَرق ... هَات فأحضر لَهُ الجوابا) (هَل فِي اصطبار لذِي اشتياق ... على فِرَاق ترى ثَوابًا) // من مخلع الْبَسِيط // فَأَجَابَهُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ (أحضرت عَن قَوْلك الجوابا ... أتلو ببرهانه الكتابا) (الله وفى الصبور أجرا ... يفوت فِي فَضله الحسابا) // من مخلع الْبَسِيط // وَكتب إِلَيْهِ مرّة أُخْرَى يكنى عَن الْقبْلَة (إِمَام الورى هَل للفتى فِي اشتياره ... من الأرى مَا يبقي حشاشته وزر) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 فَأَجَابَهُ بِهَذَا الْبَيْت (أرى الأرى فِي حكم الشَّرِيعَة شورة ... مُبَاحا لمن كَانَ قد كَانَ فِي ملكه الدبر) // من الطَّوِيل // 70 - أَبُو زُهَيْر بن قَابُوس السجْزِي القَاضِي من شعره قَوْله (نظرت إِلَى رَأْسِي فَقَالَت مَا لَهُ ... قد ضم فوديه قناع أدكن) (يَا هَذِه لَوْلَا النُّجُوم وحسنها ... لم تألف اللَّيْل البهيم الْأَعْين) (فتضاحكت عجبا وَقَالَت يَا فَتى ... نُقْصَان عقلك فِي قياسك بَين) (اللَّيْل يحسن بالنجوم وَإِنَّمَا ... ليل الشَّبَاب بِلَا نُجُوم أحسن) // من الْكَامِل // وَله (إِذا الْمَرْء لم يركب الأشقرا ... وَلم يصد الشادن الأحورا) (وَلم يتمتع بِطيب الطَّعَام ... ولين اللبَاس وَقد أيسرا) (فقد عدم الرّبع من عمره ... وَقد حصد المتجر الأخسرا) // من المتقارب // 71 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جُبَير السجْزِي كَاتب الْأَمِير خلف والآخذ من النثر وَالنّظم بطرفيهما وَله شعر كثير وَقع إِلَيّ بِخَطِّهِ فَلم أستصلح مِنْهُ لكتابي هَذَا غير مقطوعات سلك فِيهَا طَريقَة أبي الْفَتْح وَضرب فِيهَا على قالبه فَمِنْهَا قَوْله (بِأبي غُلَام لست غير غُلَامه ... مذ جاد لي بسلامه وَكَلَامه) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 (ذُو حَاجِب مَا إِن رَأَيْت كنونه ... أبدا وصدغ مَا رَأَيْت كَلَامه) // من الْكَامِل // وَقَوله (وحديقة صبحتها فِي فتية ... كحديقة وَالطير فِي أوكارها) (كم ماجن فِينَا وَكم متعفف ... قد صَار يمجن طَائِعا أَو كَارِهًا) // من الْكَامِل // وَقَوله (أرى الدَّهْر ينسي ذنُوب الرِّجَال ... وَيذكر ذَنبي وذنبي كمالي) (يرْمونَ شأوي وَمَا إِن لَهُم ... من الْفضل قَول وَفعل كمالي) (فأموالهم قد تصان كعرضي ... وأعراضهم تستباح كمالي) // من المتقارب // وَقَوله (يَا مَاكِرًا بِي وبخلانه ... مهلا فَمَا الْمَكْر من المكرمات) (عَلَيْك بالصحبة فَهِيَ الَّتِي ... تحيا فتحييك إِذا المكرمات) // من السَّرِيع // 72 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن إِسْحَاق الجرمقي كَاتب فيلسوف مهندس شَاعِر من كتاب الْأَمِير خلف وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال والأسفار بعده فَوَقع إِلَى نيسابور فِي عوده إِلَى بِلَاده وَمن مَشْهُور شعره قَوْله (رحلت وذاهب عَقْلِي ورأيي ... لبعدك باد ودان ورائي) (أَسِير أَسِير الْهوى سادرا ... فعزمي أَمَامِي ورأيي ورائي) // من المتقارب // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 وَقَوله مَعَ الْإِشَارَة (أَنا من لست أعرف لي سواهُ ... من الأقوام ركنا أَو ملاذا) (أحبك حب صب مستهام ... وَفِي است أم الَّذِي يقليك هَذَا) // من الوافر // وَكتب لي بإسفرائين شَيْئا من شعره فَمن ذَلِك قَوْله من قصيدة فِي أبي الْفَتْح بشر بن عَليّ أَولهَا (غَيْرِي يطلّ الدُّمُوع فِي الطلل ... مولها بالغزال والغزل) (كنت عزوفا عَن الملاعب فِي ... غدْوَة عمري فَكيف فِي الطِّفْل) (وَلم يكن لي من الْهوى نهل ... فَكيف تسمو نَفسِي على علل) (وَلم أقبل زهوا يَدي ملك ... فَأَيْنَ لعس الشفاه من قبلي) // من المنسرح // وَمِنْهَا (يَا عاذلي فِي قُصُور حظي قد ... ترى اجتهادي فَاكْفُفْ عَن العذل) (إِن فل مَالِي فَذَاك من قبل الأقدار ... إِمَّا اعْتبرت لَا قبلي) وَمِنْهَا (وَيلْزم اللوم فِي الْخَصَاصَة لَو ... كَانَت تنَال الحظوظ بالحيل) (لَو كَانَ يسمو بفضله أحد ... لما تَأَخَّرت عَن مدى زحل) وَمِنْهَا (إِن زَالَ مَا كنت فِيهِ من عمل ... فَإِن مَا كَانَ فِي لم يزل) (وإنني بعد من معاودة الإقبال ... لي آنِفا على أمل) (بيمن جد الْأُسْتَاذ مولَايَ بشر ... بن عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 73 - أَبُو الْحسن عمر بن أبي عمر السجْزِي النوقاني أديب شَاعِر فَقِيه من حَسَنَات سجستان وَله غير رحْلَة وَاحِدَة إِلَى خُرَاسَان وَالْعراق فِي طلب الْأَدَب وَالْعلم وَكَانَ أَقَامَ على حَضْرَة الصاحب بُرْهَة يَسْتَفِيد من مجالسها ويقتبس من محاسنها وَحين استأذنه لمعاودة بَلَده وَالْتمس الْكتاب بالوصاة بِهِ وَقع على ظهر رقعته كُنَّا نؤثر أَطَالَ الله تَعَالَى بقاك أَن تقيم وَلَا تريم فقد جمعت من آلَات الْفضل مَا يَقْتَضِي اصطناعك فِي خَواص الْأَصْحَاب الْعقل صَحِيح الطابع وَالدّين سليم الْبَاطِن وَالْعلم غزير المشرع والطبع فياض المورد سلسال المكرع وَأما الشّعْر فرحيب المباءة مشرق المطلع كثير البديع وَاسع الْخط يترقرق فِيهِ مَاء الْقبُول قد صينت جزالته عَن صلابة الْقَسْوَة وسلاسته عَن رقة الركة وعمدتا الْأَدَب النَّحْو واللغة وَلَك فِي كل مِنْهُمَا قدح يجول حَتَّى يجلب إِلَيْك أعشار الجزول وَقد اسْتَفَدْت بِحَمْد الله من علم الْكَلَام مَا يدعى كِفَايَة المتحقق إِن لم يكن مذخورة المتلهف وَلَوْلَا مَا وَرَاءَك من فرض لَا يسْتَحل صدك عَن أَدَائِهِ ثمَّ إِن لسَانك رهينة عندنَا على إيابك لطال تشبث من لدينا من إخوانك بعطفي مقامك فَفِي دعة الله وَحفظه وبركته وعونه وَمن يقْرَأ هَذَا الْجَواب وخطي عَلَيْهِ مهيمن ولفظي بِهِ شَاهد يسْتَغْنى بِهِ عَن لِقَائِه بِكِتَاب فاجعله عصرة الْمُبين وعمدة الْيَقِين وَمن ملح شعره قَوْله (يَا وَيْح قلبِي لَا يزَال يروعه ... مِمَّن يعز عَلَيْهِ وَشك فِرَاق) (تتقاذف الْبلدَانِ بِي فكأنني ... وليت أَمر مساحة الْآفَاق) // من الْكَامِل // وَقَوله (أَبَت نَفسِي الدُّنْيَا فأنفس مَالهَا ... كتاب أَبى إِلَّا إِلَيْهِ سكونها) (أصون كتابي عِنْد يَد لَا تصونه ... صِيَانة نَفسِي عَن أَخ لَا يصونها) // من الطَّوِيل // وَقَوله (غلا الشّعْر فِي بَغْدَاد من بعد رخصه ... وَإِنِّي فِي الْحَالين بِاللَّه واثق) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 (فلست أَخَاف الضّيق وَالله وَاسع ... غناهُ وَلَا الحرمان وَالله رَازِق) // من الطَّوِيل // وَقَوله (الْفقر والإفلاس والضر ... ثَلَاثَة أيسرها مر) (أحسن بِالْحرِّ على قبحها ... من جدة ذل لَهَا الْحر) // من السَّرِيع // وَقَوله (إِذا بخلت ببري ... وَلم أنل مِنْك رفدا) (فَأَنت مثلي عبد ... وفيم أخدم عبدا) // من المجتث // وَقَوله (إِن الدماميل بَرحت بِي ... وأقعدتني عَن التحرك) (أزحف مهما أردْت مشيا ... وَإِن أردْت الْقعُود أبرك) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (وَإِنِّي لأعرف كَيفَ الْحُقُوق ... وَكَيف يبر الصّديق الصّديق) (ورحب فؤاد الْفَتى محنة ... عَلَيْهِ إِذا كَانَ فِي المَال ضيق) // من المتقارب // وَقَوله من نتفة (يعز عَليّ إنفاقي شَبَابِي ... على حرق الْهوى والإغتراب) (ولاح بعارضي كافور شيب ... يكابرني على مسك الشَّبَاب) // من الوافر // وَقَوله (لعمرك إِن الْعُمر مَا لَا يسرني ... لمَوْت وَبَعض الْمَوْت خير من الْعُمر) (وَإِن غنى لَا يَأْمَن الْفقر ربه ... لفقر وَخَوف الْفقر شَرّ من الْفقر) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة فِي الْأَمِير خلف (لَك الدُّنْيَا وَمن فِيهَا وَلَكِن ... تلاحظها بِعَيْنَيْك احتقارا) (تكبر ذَا الزَّمَان على بنيه ... فعش حَتَّى تعلمه الصغارا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 (وَصَارَ صغارهم فِيهِ كبارًا ... فدم حَتَّى تردهم صغَارًا) (خدمت لَك الْمُلُوك أروض نَفسِي ... لآمن تَحت خدمتك العثارا) (وَلَو كَانَت لَك الدُّنْيَا جعلنَا ... لَك الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا نثارا) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 الْبَاب السَّابِع فِي تفاريق من ملح أهل بِلَاد خُرَاسَان سوى نيسابور وغررهم 74 - أَبُو الْقَاسِم الدَّاودِيّ هُوَ الْيَوْم صدر أهل الْفضل وفرد أَعْيَان الْأَدَب وَالْعلم بهراة يضْرب فِي المحاسن بالقدح الْمُعَلَّى ويسمو مِنْهَا إِلَى الشّرف الْأَعْلَى وأخباره فِي الْكَرم مَذْكُورَة ومآثره فِي الرياسة مأثورة وَهُوَ الْقَائِل وَكتب بِهِ إِلَى صديق لَهُ من الغرباء أنفذ إِلَيْهِ مبرة (رُبمَا قصر الصّديق الْمقل ... عَن حُقُوق بِهن لَا يسْتَقلّ) (وَلَئِن قل نائل فصفاء ... فِي وداد ومنة لَا تقل) (أرخ سترا على حقارة بري ... هتك ستر الصّديق لَيْسَ يحل) // من الْخَفِيف // وأنشدني يحيى بن عَليّ البُخَارِيّ لأبي الْقَاسِم (قَالُوا ترفق فِي الْأُمُور فَإِنَّهُ ... يجدي ويمري الدّرّ بالإبساس) (وَلَقَد رفقت فَمَا حظيت بطائل ... مَا ينفع الإبساس بالأتياس) // من الْكَامِل // وأنشدني غَيره لَهُ وَيجوز أَن يكون تمثل بِهِ (وَإِذا الذئاب استنعجت لَك مرّة ... فحذار مِنْهَا أَن تعود ذئابا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 (فالذئب أَخبث مَا يكون إِذا بدا ... متلبسا بَين النعاج إهابا) // من الْكَامِل // 75 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى الدَّاودِيّ الْهَرَوِيّ الْفَقِيه أَنْشدني لَهُ أَبُو سعد نصر بن يَعْقُوب فِي التفاح المنقط (ناولتني تفاحة وسمتها ... دائرات بِحسن نقط عَجِيب) (كدموعي ممزوجة بدماء ... قاطرات فِي صحن خد حَبِيبِي) // من الْخَفِيف // وَله فِي السفرجل (غصون السفرجل ملتفة ... فمعتدل الْقد أَو منثنى) (وَقد لَاحَ فِي زئبر شَامِل ... كصفراء فِي معجر أدكن) // من المتقارب // وَله (أما شاقتك رَوْضَة دستجرد ... كعقد أَو كوشي أَو كبرد) (تطير فراشها بيضًا وحمرا ... كريح طيرت أوراق ورد) // من الوافر // 76 - أَبُو الْحسن الْمُزنِيّ هُوَ أشهر بالشرف وَالْمجد وَذكره أَسِير فِي الْأَدَب وَالْفضل من أَن يُنَبه على مَحَله فِي الوجاهة والسيادة والرياسة والوزارة وَله شعر كثير لم يعلق بحفظي مِنْهُ إِلَّا بَيت وَاحِد قَالَه فِي الْأَمِير أبي الْحسن بن سيمجور وَهُوَ هَذَا الْبَيْت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 (وَلم أر ظلما مثل ظلم يمسنا ... يساء إِلَيْنَا ثمَّ نؤخذ بالشكر) // من الطَّوِيل // 77 - أَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد بن مِلَّة الْهَرَوِيّ أحد بلغاء خُرَاسَان الْمَذْكُورين وفضلائها الْمَشْهُورين وعقلائها الموصوفين وَكَانَ فِي آخر عمره مرتبطا بالحضرة السامانية فِي جملَة الْمَشَايِخ الَّذِي يشاورون فِي الْأُمُور ويستضاء بآرائهم فِي ظلم الخطوب وَكَانَ متبحرا فِي النثر مقلا من قَول الشّعْر وَهُوَ الْقَائِل (وَكَانَ الصّديق يزور الصّديق ... لشرب المدام وعزف القيان) (فَصَارَ الصّديق يزور الصّديق ... لبث الهموم وشكوى الزَّمَان) // من المتقارب // وَله فِي نَفسه (لَهُ همم مَا إِن تزَال سيوفها ... قواطع لَو كَانَت لَهُنَّ مقاطع) // من الطَّوِيل // 78 - أَبُو روح ظفر بن عبد الله الْهَرَوِيّ فَاضل بِحقِّهِ وَصدقه كَاتب شَاعِر فَقِيه ملْء ثَوْبه ممدوح بألسنة الْفُضَلَاء من أهل عصره وَفِيه يَقُول أَبُو الْفَتْح (أَبُو روح أدام الله عزه ... ألذ إِذا انبرى للخصم عزه) (وَذَاكَ لِأَنَّهُ هجر الملاهي ... فَصَارَ كثيرا وَالْعلم عزه) // من الوافر // وَله أَيْضا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 (قل لذِي الْعِزّ وَالْمحل النبيه ... لأبي روح الْفَقِيه الْوَجِيه) (من دَعَاهُ إخوانه فتباطى ... لَا لعذر عَنْهُم فَفِيهِ وَفِيه) // من الْخَفِيف // وَولى قَضَاء عدَّة من بِلَاد خُرَاسَان وشعره كثير مدون يجمع الجزالة والسهولة والمتانة والعذوبة وَيخرج مِنْهُ الْفقر وَالْغرر كَقَوْلِه من قصيدة (السَّيْف يعلم أَن لي فِي حَده ... سرا نَهَاهُ الدَّهْر عَن إفشائه) (والدهر يعلم أَن لي فِي صَدره ... نَارا مضرمة على أحشائه) (همم مؤرقة جفوني كلما ... أرْخى الظلام عَليّ ذيل خبائه) (وَلَو أَن أَطْرَاف الرماح وفين لي ... لأخذت حق الدَّهْر من أبنائه) (همم النُّفُوس منوطة بعنائها ... والمرء يخدعه لِسَان رجائه) // من الْكَامِل // وَقَوله وَلم يسْبق إِلَيْهِ فِي مدح الطفيلي (إِن الطفيلي لَهُ حُرْمَة ... زَادَت على حُرْمَة نَدْمَانِي) (لِأَنَّهُ جَاءَ وَلم أَدَعهُ ... مبتدئا مِنْهُ بِإِحْسَان) (مائدتي للنَّاس مبسوطة ... فليأتها القاصي مَعَ الداني) (أحبب بِمن أنساه لَا عَن قلى ... وَهُوَ يجيني لَيْسَ ينساني) // من السَّرِيع // وَقَوله وَهُوَ فِي نِهَايَة الملاحة (يَا من تذكرني شمائله ... ريح الشمَال تنفست سحرًا) (وَإِذا امتطى قَلما أنامله ... سحر الْعُيُون بِهِ وَمَا سحرًا) // من الْكَامِل // وَقَوله لبَعض أضداده (حقيق بك أَن تطعم ... عفصا وَهُوَ معكوس) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 (وَأَن يلبس جنباك الَّذِي ... مقلوبه طوس) (فَهَذَا لَك مطعوم ... وَهَذَا لَك ملبوس) // من الهزج // 79 - مَنْصُور بن الْحَاكِم أبي مَنْصُور الْهَرَوِيّ قد حسن الله شمائله وَكثر فضائله فَهُوَ من أَعْيَان هراة وآحادها ومفاخرها وأفرادها وشعره مدون كثير الْملح كَقَوْلِه (يَوْم دجن هواؤه ... فاختي رواؤه) (مطرتنا مَسَرَّة ... حِين صابت سماؤه) (أشبه المَاء رَاحَة ... وَحكى الراح مَاؤُهُ) (داو بالقهوة الْخمار ... فَفِيهَا دواؤه) (لَا تعاتب زَمَاننَا ... إِن عرانا جفاؤه) (شدَّة الدَّهْر تَنْقَضِي ... ثمَّ يَأْتِي رخاؤه) (كدر الْعَيْش للفتى ... يقتفيه صفاؤه) (وَكَذَا المَاء يسْبق ... الصفو مِنْهُ جفاؤه) // من مجزوء الْخَفِيف // وَقَوله (مُعتقة أرق من التصابي ... وَمن وصل أَتَى بعد التنائي) (يطوف بهَا قضيب فِي كثيب ... تطلع فَوْقه بدر السَّمَاء) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 (لواحظه تبث السحر فِينَا ... وَفِي شَفَتَيْه أَسبَاب الشِّفَاء) // من الوافر // وَله (قرن الزَّمَان إِلَى البنفسج نرجسا ... متبرجا فِي حلَّة الْإِعْجَاب) (كخدود عشاق بَدَت ملطومة ... نظرت إِلَيْهَا أعين الأحباب) // من الْكَامِل // وَله (وأغيد سَاحر الألحاظ أدعج ... يتيه بِهِ على الخد المضرج) (أضَاف إِلَى فُؤَادِي السقم لما ... أضَاف إِلَى شقائقه البنفسج) // من الوافر // وَله (قُم يَا غُلَام فهاتها حَمْرَاء ... كالنار يُورث شربهَا السَّرَّاء) (فاليوم قد نشر الْهَوَاء بأرضنا ... من ثلجه ديباجة بَيْضَاء) // من الْكَامِل // وَله (خشف من التّرْك مثل الْبَدْر طلعته ... تحوز ضدين من ليل وإضاح) (كَأَن عَيْنَيْهِ والتفتير كحلهما ... آثَار ظفر بَدَت فِي صحن تفاح) // من الْبَسِيط // وَله (الله جَار عِصَابَة رحلي ... عني وقلب الصب عِنْدهم) (مَا الشَّأْن وَيلك فِي رحيلهم ... الشَّأْن أَنِّي عِشْت بعدهمْ) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي الْمرْآة (زاهية تشبه كل صوره ... أسرارها مستورة مشهوره) (تنم إِلَّا أَنَّهَا معذوره ... نفس أخي الْحسن بهَا مسروره) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 وَله (رَوْضَة غضة علاها ضباب ... قد تجلت خلالها الْأَنْوَار) (فَهِيَ تحكي مجامرا مذكيات ... قد علاها من البخور بخار) // من الْخَفِيف // وَله (أَبَا عبد الْإِلَه الْعلم روح ... وَجَدْتُك دون كل النَّاس شخصه) (لذَلِك كل أهل الْفضل أَمْسوا ... كحلقة خَاتم وغدوت فصه) // من الوافر // وَله (وشادن فِي الْحسن فَوق الْمثل ... أبْصر مني بِوُجُوه الْعَمَل) (قبلت كفيه فَقَالَ انْتقل ... إِلَى فمي فَهُوَ مَحل الْقبل) // من الرجز // وَله (بقيت مدى الزَّمَان أَبَا عَليّ ... رفيع الشَّأْن ذَا جد عَليّ) (فَأَنت من المكارم والمعالي ... بِمَنْزِلَة الْوَصِيّ من النَّبِي) // من الوافر // وَله (يَا أَيهَا العاذل الْمَرْدُود حجَّته ... أقصر فعذري قد أبدته طلعته) (مَاذَا بقلبي من بدر بليت بِهِ ... لليث أخلاقه والخشف خلقته) // من الْبَسِيط // 80 - أَبُو أَحْمد الساوي الْهَرَوِيّ قَالَ (هراة أَرض خصبها وَاسع ... ونبتها اللفاح والنرجس) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 (مَا أحد مِنْهَا إِلَى غَيرهَا ... يخرج إِلَّا بعد مَا يفلس) // من السَّرِيع // 81 - أَبُو الرّبيع الْبَلْخِي من المتصرفين على أَعمال الْمَظَالِم من الحضرة السامانية وَهُوَ الْقَائِل فِي الشاش (الشاش فِي الصَّيف جنه ... وَمن أَذَى الْحر جنه) (لكنه يَعْتَرِينِي ... بهَا لَدَى الْبرد جنه) // من المجتث // وَله (مَا يَوْم منكوب حَزِين ... مستهام الْقلب خَائِف) (بأمد من يَوْم الظريف ... إِذا تجوع للقطائف) // من مجزوء الْكَامِل // وَإِنَّمَا نسج فِيهِ على منوال من قَالَ (مَا لَيْلَة المهجو باعدت ... النَّوَى عَنهُ أنيسه) (أَو لَيْلَة الملسوع حاذر ... ميتَة النَّفس النفيسه) (بأمد من ليل الظريف ... إِذا تجوع للهريسه) // من مجزوء الْكَامِل // 82 - أَبُو المظفر الْبَلْخِي من شعره قَوْله (بلوتك يَا دنيا مرَارًا كَثِيرَة ... فَلم ترعيني فِي هَوَاك قريره) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 (فَإِن كنت فِي عين اللَّئِيم خطيرة ... فَإنَّك فِي عين الْكَرِيم حقيره) (وَإِن تصرفي عني أذاك فخيرة ... وَإِن تصرفي نحوي أذاك فحيره) // من الطَّوِيل // وَله (قَالَ الْحَكِيم الْفَارِسِي ... بزرجمهر ثمَّ مزدك) (لَا ترْضينَ من الصّديق ... بكيف أَنْت ومرحبا بك) (حَتَّى تجرب مَا لَدَيْهِ ... لحَاجَة إِمَّا بَدَت لَك) (فَإِذا وجدت فعاله ... كمقاله فبه تمسك) // من مجزوء الْكَامِل // 83 - أَبُو بكر بن الْوَلِيد الْبَلْخِي من شعره قَوْله (ثَلَاثَة فقدها كَبِير ... الْخبز وَاللَّحم وَالشعِير) (وَالْبَيْت من كلهَا خلاء ... فجد بهَا أَيهَا الْأَمِير) // من مخلع الْبَسِيط // وَله من نتفة (أحسن الْأَشْعَار عِنْدِي ... وانف بِالْخمرِ الخمارا) (وألذ الْآي عِنْدِي ... وَترى النَّاس سكارى) // من مجزوء الرمل // وَله (خلة فِي من خلال الْحمير ... لم يطب لي شرب بِغَيْر صفير) // من الْخَفِيف // وَله (مَا سمت الْعَجم الْهِمْيَان هميانا ... إِلَّا لإجلال ضيف كَانَ من كَانَا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 (فالمه أكبرهم والمان منزلهم ... والضيف سيدهم مَا لَازم المانا) // من الْبَسِيط // 84 - الْحسن الضَّرِير المروروزي فِي غُلَام نَصْرَانِيّ (وَمَا أنس لَا أنس ظَبْي الكناس ... يُرِيد الْكَنِيسَة من دَاره) (يحوط بزناره خصره ... ومرعى الْجمال بأزراره) (فيا حسن مَا فَوق أزراره ... وَيَا طيب مَا تَحت زناره) // من المتقارب // 85 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الْفَقِيه الطوسي افْتتن بِغُلَام من الشطار فَقَالَ فِيهِ (أتوعدني بِالْقَتْلِ وَالْقَتْل راحتي ... فَلَا تخلف الإيعاد خَلفك ميعادي) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِي غُلَام أعطَاهُ كتاب الْعين (كتاب الْعين ظلّ يقر عَيْني ... وَيصْلح بَين من أَهْوى وبيني) (كتاب الْعين قواد لطيف ... يحل إِلَيْك عصم التفلتين) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 86 - أَبُو مُحَمَّد الطوسي قَالَ (أَبوك فِي النَّاس سل سَيْفا ... بمضربيه يفل صفا) (وَذَلِكَ الصَّفّ كَانَ غزلا ... وَذَلِكَ السَّيْف كَانَ خفا) // من مخلع الْبَسِيط // 87 - أَبُو سهل المعقلي الطوسي قَالَ (يَا دولة لَيْسَ فِيهَا ... من الْمَعَالِي شظيه) (زولي فَمَا أَنْت إِلَّا ... على الْكِرَام بليه) // من المجتث // 88 - أَبُو نصر الروزبازي الْفَقِيه الطوسي من شعره قَوْله (لي خَمْسُونَ صديقا ... بَين قَاض وشريف) (وأمير ووزير ... وفقيه وظريف) (فَإِذا احتجت إِلَيْهِم ... لم يفوا لي برغيف) // من مجزوء الرمل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 الْبَاب الثَّامِن 89 - فِي ذكر الْأَمِير أبي الْفضل عبيد الله بن أَحْمد المكيالي وإيراد محَاسِن من نثره ونظمه وَمَا محَاسِن شَيْء كُله حسن القَوْل فِي آل ميكال وَقدم بَيتهمْ وَشرف أصلهم وَتقدم أَقْدَامهم وكرم أسلافهم وأطرافهم وجمعهم بَين أول الْمجد وأخيره وقديم الْفضل وَحَدِيثه وَتَلِيدُ الْأَدَب وطريفه يسْتَغْرق الْكتب ويملأ الأدراج ويحفي الأفلام وَمَا ظَنك بِقوم مدحهم البحتري وخدمهم الدريدي وَألف لَهُم كتاب الجمهرة وسير فيهم الْمَقْصُورَة الَّتِي لَا يبليها الجديدان وانخرط فِي سلكهم أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَغَيره من أَعْيَان الْفضل وأفراد الدَّهْر وَكَانَ كل من الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس إِسْمَاعِيل بن عبد الله وابنيه الرئيس أبي مُحَمَّد عبد الله والأمير أبي الْقَاسِم على أمة على حِدة وعالما فِي شخص وَاحِد وَمَا مِنْهُم إِلَّا من يضْرب بِهِ الْمثل فِي الشّرف والأمير أَبُو نصر أَحْمد بن عَليّ الْآن بَقِيَّة الأماجد وغرة الأكارم وعمدة الأفاضل وَوَاحِد خُرَاسَان ومفخرتها وجمالها وَزينتهَا وَمن لَا نَظِير لَهُ فِي شرف النَّفس وَبعد الهمة ورفعة الشَّأْن وتكامل آلَات السِّيَادَة والأمير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد يزِيد على الأسلاف والأخلاف من آل ميكال زِيَادَة الشَّمْس على الْبَدْر ومكانه مِنْهُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 الْوَاسِطَة من العقد لِأَنَّهُ يشاركهم فِي جَمِيع محاسنهم وفضائلهم ومناقبهم وخصائصهم ويتفرد عَنْهُم بمزية الْأَدَب الَّذِي هُوَ ابْن بجدته وَأَبُو عذرته وأخو جملَته وَمَا على ظهرهَا الْيَوْم أحسن مِنْهُ كِتَابَة وَأتم بلاغة وكأنما أوحى بالتوفيق والتسديد إِلَى قلبه وحبست الْفقر وَالْغرر بَين طبعه وفكره فَهُوَ من ابْن العميد عوض وَمن الصاحب خلف وَمن الصابي بدل ثمَّ إِذا تعاطى النّظم فَكَأَن عبد الله بن المعتز وَعبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر وَأَبا فراس الحمداني قد نشرُوا بعد مَا قبروا وأوردوا إِلَى الدُّنْيَا بعد مَا انقرضوا وَهَؤُلَاء أُمَرَاء الأدباء وملوك الشُّعَرَاء وَقد أنصف من وصف بلاغته فِي النثر وبراعته فِي النّظم حَيْثُ قَالَ من قصيدة (يَا من كَسَاه الله أردية العلى ... وحباه عطر ثنائها المتضوع) (وَإِذا نظرت إِلَى محَاسِن وَجهه المسعود ... قلت لمقلتي فِيهَا ارتعي) (وَإِذا قريت الْأذن شهد كَلَامه ... قلت اسمعي وتمتعي وارعي وعي) (وكأنما يُوحى إِلَى خطراته ... فِي مطلع أَو مخلص أَو مقطع) (لَك فِي المحاسن معجزات جمة ... أبدا لغيرك فِي الورى لم تجمع) (بحران بَحر فِي البلاغة شابه ... شعر الْوَلِيد وَحسن حفظ الْأَصْمَعِي) (وَترسل الصابي يزين علوه ... خطّ ابْن مقلة ذِي الْمحل الأرفع) (شكرا فكم من فقرة لَك كالغنى ... وافى الْكَرِيم بعيد فقر مدقع) (وَإِذا تفتق نور شعرك ناضرا ... فالحسن بَين مرصع ومضرع) (أرجلت فرسَان القريض ورضت أَفْرَاس ... البديع وَأَنت أَفرس مبدع) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 (ونقشت فِي فص الزَّمَان بدائعا ... تزري بآثار الرّبيع الممرع) (وحويت مَا تكنى بِهِ طرا فَلم ... تتْرك لغيرك فِيهِ بعض المطمع) // من الْكَامِل // وَقَالَ من أُخْرَى (يَا من لَهُ كل الَّذِي يكنى بِهِ ... ومفرق الْعليا لَدَيْهِ مؤلف) (غنت بسؤددك الْحمام الهتف ... وحكت أناملك الغيوم الوكف) (وتصرفت بك فِي المكارم والعلى ... همم على قمم النُّجُوم تصرف) (وملكت أَحْرَار الْكَلَام كَأَنَّهَا ... خدم وغلمان لأمرك وقف) (وكأنما نور الرّبيع وزهره ... من وشي خطك فِي المهارق أحرف) // من الْكَامِل // وَقَالَ (إِنِّي أرى ألفاظك الغرا ... عطلت الْيَاقُوت والدرا) (لَك الْكَلَام الْحر يَا من غَدا ... معروفه يستعبد الحرا) // من السَّرِيع // وَقَالَ (سُبْحَانَ رَبِّي تبَارك الله مَا ... أشبه بعض الْكَلَام بالعسل) (والمسك وَالسحر والرقى وَابْنه الْكَرم ... وحلي الحسان وَالْحلَل) (مثل كَلَام الْأَمِير سيدنَا نثرا ... ونظما يسير كالمثل) // من المنسرح // وَقَالَ من أُخْرَى (يَا كعبة الْمَعَالِي ... وقبلة الآمال) (وغرة الْجمال ... وَصُورَة الْكَمَال) (وطالع الإقبال ... وعارض الإفضال) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 (وَآفَة الْأَمْوَال ... بدر بني ميكال) (كم لَك من مقَال ... أصفى من الزلَال) (أحلى من السلسال ... أبهى من اللآلى) (أزكى من الغوالي ... أمضى من العوالي) (أقضى من النصال ... أضوا من الْهلَال) (أسرى من الخيال ... أبقى من الْجبَال) (فَاسْلَمْ على اللَّيَالِي ... وَدم بِخَير حَال) // من مجزوء الرجز // وَقد أوردت فِي هَذَا الْبَاب من فصوص فصوله الَّتِي أخرجهَا من رسائله وبوبها فِي كتاب لَهُ وسمه بالمخزون مَا يؤرخ بِهِ محَاسِن الْكَلَام وَيزِيد فِي مفاخر الأقلام وَيسْتَحق أَن يَدعِي لفظ الدّرّ وخدع الدَّهْر وَعقد السحر وأتبعته من غرر شعره وثمار فكره بِمَا تجمع مِنْهُ الْيَد على الْبَازِي الْأَبْيَض وَالْحجر الْأسود والكبريت الْأَحْمَر والعيش الْأَخْضَر وَملك بني الْأَصْفَر فُصُول من بَاب وصف الْكتب بالْحسنِ والبلاغة ولطف المواقع من الْكتاب المخزون الْمُسْتَخْرج من رسائله فصل إِنَّه ألقِي إِلَيّ كتاب كريم عنوانه غنم جسيم وعيانه فضل عميم فَلَو اسْتَطَاعَ قلبِي لسعى إِلَيْهِ إعناقا والتف عَلَيْهِ عنَاقًا فصل وصل كِتَابه فأدركت بِهِ بغية الْحَرِيص وخلتني يَعْقُوب وَقد بشر بالقميص الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 فصل كِتَابه تعلة الرَّجَاء وقوت النَّفس وَعلة النشاط وَقُوَّة الْأنس فصل كِتَابه أوصل الْأنس إِلَى سَواد الْقلب وصميمه وأماط الوجد وَقد ألح فِي تصميمه فصل أَنا أولى بِالْحَمْد وَقد لحظت مواقع أنامله وشمت بوارق فضائله من رَاعى الْفقر وَقد رأى الْقطر سكبا بعد سِنِين تَتَابَعَت جدبا (فأصاخ يَرْجُو أَن يكون حَيا ... وَيَقُول من فَرح هيا ريا) فصل الْحَمد لله ملْء الْقُلُوب والضمائر وَفَوق وسع الحامد الشاكر إِذْ أَقبلت غمامة من ناحيتك برقها خلق كريم وقطرها بر عميم فروت روض الْأنس وَقد اكتسى ذبولا وَأهْدى إِلَيْهِ من نسيم عَهده صبا وقبولا حَتَّى انجلت عَنهُ غبرته وعادت إِلَيْهِ نضرته فصل كتابك تَمِيمَة فضل وثمينة عقد ولطيمة خلق ويتيمة مجد وغنيمة بر فصل كتابك يجلو صفحة الْعَهْد ويجيل قداح الْأنس ويجل عَن قدر الشُّكْر فصل نشرت من كتابك عصب الْيمن وَنظرت مِنْهُ إِلَى الطالع الأسعد والطائر الْأَيْمن فصل لقِيت كتابك تحلية الْإِحْسَان والإبداع وَحلية النواظر والأسماع ومسن الخواطر والطباع وصيقل الأفكار والألباب وعيار المعارف والآداب فصل كتاب سلب المَاء رقته والنحل ريقته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 فصل كلامك شهدة النَّحْل وَثَمَرَة الْغُرَاب وبيضة الْعقر وزبدة الأحقاب فصل وصل كتابك فأذعنت الْقُلُوب لفضله بالاعتراف وَاخْتلفت الألسن فِي تشبيهه ببدائع الْأَوْصَاف فَمن مُدع أَنه رقية الْوَصْل وريقة النَّحْل ومنتحل أَنه سلاف العنقود وَقَائِل هُوَ نور خمائل وسحر بابل فَأَما أَنا فَتركت التَّمْثِيل وسلكت التَّحْصِيل وَقلت هُوَ سَمَاء فضل جَادَتْ بِصَوْت الحكم ووشى طبع حاكته سنّ الْقَلَم ونسيم خلق تنفست عَنهُ رَوْضَة الْكَرم فصل سررت بكتابك سرُور من فدي بِذبح عَظِيم وَبشر بِغُلَام عليم فصل قلمك ترب البروق ونظيرها ويدك أم البلاغة وظئرها وكلامك هُوَ الدّرّ يَسْتَغْنِي عَن السلك والإبريز يجل عَن السبك وَالسحر إِلَّا أَنه بَرِيء من الشّرك فصل كتابك شَرِيعَة وردي ومهب شمَالي ومرمى طرفِي ومسرح آمالي ونجي فكري وحلم هجودي وَأَرْض خصبي وسماء سعودي وَمن بَاب الإخوانيات فصل أَيَّام ظلّ الْعَيْش رطب وكنف الْهوى رحب وَشرب الصِّبَا عذب وَمَا لشرق الْأنس غرب فصل أَنا فِي مقاساة حر الشوق إِلَيْك كَمَا اعْتَادَ مَحْمُودًا بِخَيْبَر صالب وَفِي تذكر الِاجْتِمَاع مَعَك كَمَا اهتز من صرف المدامة شَارِب وَفِي تكلّف الصَّبْر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 عَنْك كطالب جدوى خلة لَا تواصل وَفِي القلق لفراقك كطائر جو أعلقته الحبائل فصل أيامي مَعَك بَين غرَّة ولمعة وَعِيد وجمعة فصل أَنا أَخُو مودتك الَّذِي لَا يخْشَى نبوه وعقوقه وَسَهْم نصرتك الَّذِي نَحْو العدى نصله ونحوك فَوْقه فصل إِنِّي لأجد ريح مولَايَ فأتنسم روح السّكُون وَلَا أَقُول لَوْلَا أَن تفندون فصل كنت كمن خرج يَبْغِي قبسا فَرجع نَبيا مقدسا فصل أَشْكُو إِلَيْك شوقا لَو عالجه الْأَعرَابِي لما صبا إِلَى رمل عالج أَو كابده الخلي لانثنى على كبد ذَات حرق ولواعج فصل وودت لَو أَنه ركب الْفلك الدائر وامتطى النَّجْم السائر وَكَانَ الْبَرْق زامتله والبراق رَاحِلَته والسماك هاديه وَالْخضر حاديه وَالصبَا إِحْدَى مراكبه والجنوب بعض جنائبه لينقضي عمر الِانْتِظَار ونسعد بِالْقربِ والجوار فصل لَا خير فِي ود لَا يعرف إِلَّا بِشَاهِد وَلَا ينْهض إِلَّا براقد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 مشرق السحنة وَاضح السّنة بعيد من الظنة فصل طالعت عهدي لَدَيْهِ ضاحي الْبشر ضَاحِك الزهر طلق الْوَجْه باسم الثغر قد رفت عَلَيْهِ ظلال كرمه ورقت لَهُ حَوَاشِي أخلاقه وشيمه فحمى وَجه بهائه أَن يشحب ورونق مَائه أَن ينضب فصل وصل كِتَابه لَا أقبل دَعْوَى وَلَا يعدله شُهُود وَلَا يعدله يَوْم مشهود فصل أَنا أتوقع كتابك أطول من لَيْلَة الميلاد وأمتع من نسيم ريح الْأَوْلَاد فصل كتبت هَذِه الأحرف وَأَنا أود أَن مدادها سَواد طرفِي وبياضها جلدَة بَين عَيْني وأنفي وحاملها دون سَائِر النَّاس كفي فصل لَا تفارق نَفسِي فِيك أشواقها حَتَّى تفارق الحمائم أطواقها فصل لَوْلَا التعلل باللقاء لتصدعت أكباد وَقُلُوب وَكَانَت بيني وَبَين النَّوَى شؤون وخطوب فصل مَا آسى إِلَّا على أَيَّام أمتعتني من مؤانستك بِالْعينِ طلقا مَا عَلَيْهِ رقوب وأسعفتني من مجالستك بالدهر لَيْسَ فِيهِ خطوب فصل بِي إِلَيْك شوق لم يكابده قلب متيم وَوجد لم يَدعه مَالك لمتمم فصل أَنا فِي مُفَارقَته كبنات المَاء نضب عَنْهَا الغدير ونبات الأَرْض أخطأه النوء المطير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 فصل شوق عابث أقاسيه وأمتنع عَنهُ الصَّبْر فَمَا يواسيه فصل ذمام ودك عِنْدِي لَا يخفر وَإِن أتيت بِمَا لَا يغْفر وَمن بَاب الشُّكْر وَالثنَاء فصل للنعم عماد من الشُّكْر يحرسها أَن تميل وتميد وعقال من الثَّنَاء وَالْحَمْد يمْنَعهَا أَن تبيد وتحيد وَكَثِيرًا مَا يسكر الشَّارِب بكأس سرورها ويعشى عينه بشعاع نورها فيذهل عَن حفظ ذمارها وَيذْهب عَن وَاجِب مرتبتها واستئمارها وَيكون كمن أزعجها بعد الِاسْتِقْرَار وعرضها للنفار فَلَا يلبث أَن يزل عَن مرقاتها قدمه وَيطول على ترك موجباتها ندمه وَيحصل مِنْهَا فِي برج مُنْقَلب وَينظر من نعيمها فِي أعجاز نجم مغترب فصل كم لَك عِنْدِي من يَد غضة مَا لي بشكرها يدان وعَلى عَاتِقي من ثقل منَّة يعجز عَن حملهَا الثَّقَلَان فصل لَوْلَا أَن من عاداته مُتَابعَة النعم لَقلت رفقا بكاهلي فقد أثقله الرفد وأناملي فقد أعياها الْعد لكنه الْغَيْث لَا يَسْتَكِف واكف سحابه وَالْبَحْر لَا يزحم زاخر عبابه فصل لَو ملكت من مقاود الْبَيَان مَا يملك من مقَالَة الْإِحْسَان لأجلبت عَلَيْهِ من شكري بخيل وَرجل وجلبت إِلَيْهِ من فيض بناني سجلا بعد سجل وكلا فقد خذلتني عبارتي مذ تناصرت عِنْدِي مواهبه ونزفت بلاغتي مُنْذُ درت على سحائبه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 فصل لَا أعدمه الله نعْمَة يطوق الشُّكْر جيدها ويمتري بلطافة الْحَمد مزيدها فصل قلدني منَّة تندي أَلْسِنَة الشُّكْر وتنادي بذكرها أندية الْفضل فصل ذَاك فضل ملك عنانه ومقادته فقهر أعيانه وقادته فصل لَو اسْتَطَعْت لطرت إِلَيْهِ بأجنجة الجنائب وخطبت بالشكر على متون الْكَوَاكِب فصل مَا هُوَ إِلَّا صوب كرم إِذا فاضت مِنْهُ سِجَال تلتها سِجَال وَإِذا جَادَتْ بهَا يَمِين رفدتها شمال فصل خدمته أَيَّام كَانَت رياسته سرا فِي ضمير الْأَيَّام ونورا فِي أكمام الظنون والأوهام فصل أنامله فرْصَة كل وَارِد وعرضة كل قَاصد فصل يذب عَن حرم الْمَعَالِي بذباب حسامه ويحمي غربها بغرار أقلامه فصل كم لَهُ من مَكَارِم جدد مَنْهَج أطمارها وأذكى سنا أقمارها فصل لَهُ الْأَمر المطاع والشرف اليفاع وَالْعرض المصون وَالْمَال المضاع فصل مساعيه ضرائر النُّجُوم وأنامله ضرائر الغيوم فصل أمْلى محاسنه وأيدي الْأَيَّام تكْتب وَأثْنى بأياديه وألسنة الْحَال تشهد وتخطب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 فصل وَهُوَ وَاحِد الْعَصْر وَثَانِي الْقطر وثالث الشَّمْس والبدر فصل ذَاك سُلْطَان فضل هُوَ عرابة رايته وميدان سباق وَهُوَ عكاشة عنايته فصل مَا هُوَ إِلَّا صفيحة فضل طبعت من سكتك وسبيكة مجد ضربت على شكتك فصل مَا هُوَ إِلَّا نجم طلع فِي سمائك وَمعنى اشتق من أسمائك فصل أَفَاضَ عَلَيْهِ من صوب رشاشه مَا أروى غلَّة مشاشه فصل ثَنَاء أطيب من فوح الأزاهر وَأطيب من تَرْجِيع المزاهر فصل ثَنَاء كَمَا يتفتق الْمسك من أكمامه وينتفض الرَّوْض غب رهامه فصل مَا هُوَ إِلَّا لمْعَة من برقك ورذاذ من ودقك وَنجم طلع فِي أفقك وشعلة قدحت من نارك ورشاش ارْفض من سحابك فصل أَحْيَا كتابك مني نفسا مواتا ... وأنشر أملا رفاتا وتلافى حشاشة كَانَت من الهلك على شفا وبل ريقا لم يدع للنَّاس فِيهِ مرتشفا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 وَمن بَاب العتاب والذم وشكوى الْحَال فصل عتاب من قلب خَالص وَصدر سليم من القوارص خير من ود سامري وَعرض سائري فصل لَو تكللت بالشعرى العبور وتلثمت بِالْفَجْرِ الْمُنِير واتخذت الثريا وشاحا والجوزاء نطاقا واستعرت من الشَّمْس ضِيَاء وَمن الْبَدْر إشراقا لما كنت إِلَّا مغمورا خاملا وعقدا عاطلا فصل لست أَدْرِي سَبَب عتبك فأتوب إِلَيْك تَوْبَة سحرة فِرْعَوْن وأخلص وأعتذر إِلَيْك اعتذار النَّابِغَة إِلَى النُّعْمَان وأبلغ وأخضع لَك خضوع الْمَعْزُول للوالي بل خضوع الجرب للطالي وأضرع إِلَيْك ضراع الصَّبِي للمعلم بل الذِّمِّيّ للْمُسلمِ فصل كَيفَ ترميني بظنة وَقد علمت أَن قلبِي لودك غير مَظَنَّة فصل صدعت بالعتاب أعشار فُؤَادِي وتركتني بِمَنْزِلَة مَاء سَالَ بِهِ الْوَادي فصل سحب على ذَنبه أَذْنَاب التَّجَوُّز وستره بأجنحة التجاوز فصل طويت ودي طي الطوامير ونبذت عهدي فِي المطامير فصل عَاد شرر عَتبه ضراما وقوارص قَوْله سهاما فصل إِذا نطق لِسَان الِاعْتِذَار فليتسع نطاق الاغتفار فصل جربني تجدني سهل الرّجْعَة سمح المقادة قريب المنالة دائب الصنيعة جامد السكينَة سَرِيعا إِلَى الْمُحَافظَة بطيئا عَن الحفيظة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 فصل رددني من جفائه زَمَانا بَين إِعْرَاض وَقَطِيعَة وأوردني مِنْهَا أوخم شَرِيعَة حَتَّى إِذا ورد كِتَابه وَبِي فرحة الظمآن وَافق بِلَالًا والعليل صَادف إبلالا تضمن من مر العتاب مَا هُوَ أمض من الْقَذْف والسباب وَكَانَ كثاطة مدت بِمَاء وجمرة أعينت بحلفاء فصل وَمَا زلت أداريه وألاطفه أُؤَمِّل أَن تلين لي مكاسره ومعاطفه حَتَّى إِذا كشف لي قناع الجفوة وَمد إِلَيّ ذِرَاع السطوة جزيته صَاعا بِصَاع وَبسطت لَهُ باعا بباع وسعيت إِلَى معارضته بخطى وساع وَكَذَلِكَ من سَاءَ سمعا سَاءَ جابة وَمن زرع مكرا حصد خلابة فصل كشف لي قناع المجادل ورماني من عَتبه بالجنادل فصل قد تجاريت والدهر فِي الظُّلم إِلَى غَايَة وَاحِدَة واخترعتها فِي العقوق كل بِدعَة وآبدة لَعَلَّك تزيد عَلَيْهِ وطأ فِي الظُّلم ثقيلا وسبحا فِي التحيل طَويلا بل أَنْت أبعد مِنْهُ فِي الْإِسَاءَة غورا وَأحد فِي النكاية غربا وأجرى فِي الْمَنَاكِير قلبا لَا بل أَنْت أَكثر مِنْهُ مذقا وَأمر مذاقا وَأظْهر خلافًا وَأَقل وفَاقا فَمَا هَذِه المكاشفة والمخاشنة وَأَيْنَ المهادنة والمداهنة وَأَيْنَ الْحيَاء والتذمم والعفاف والتكرم وَأَيْنَ لين المكسر ولدونة المعطف وحلاوة المذاق وسهولة المقطف فصل أَنا من حَاضر جفائك بَين نَاب ومخلب وَمن منتظر وَعدك بالرجعى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 بَين جهام وخلب فصل كتابك أقصر من نبقه وأصغر من بقه وأخون من دره وأخفى من ذره فصل النِّعْمَة عِنْده تكتسي من لؤمه أطمارا وتشتكي غربَة وإسارا فصل طواني فِي أدراج نسيانه وألقاني فِي مدارج هجرانه فصل حَاجَتي عِنْده فِي سر الْوَعْد وإضماره وميدان المطل ومضماره فصل ناديت مِنْهُ من لَا يُمكن لَفْظِي من سَمعه ودعوت من ضره أقرب من نَفعه فَقلت إِذْ أخلف التَّقْدِير لبئس الْمولى ولبئس العشير فصل قَرَأت كلَاما خير مِنْهُ تعَاطِي السُّكُوت وحجابا أقوى مِنْهُ نسج العنكبوت فصل لَو خلع الصَّباح على عُذْري كسوته وأمده البلغاء من الْبَيَان مَا يجلو صفحته ثمَّ صلى مِنْهُ بِنَار انتقاد وَلم يرد من صفحه وإغضائه على لين مهاد لأتى بُنْيَانه من الْقَوَاعِد وَقطع زنده من الساعد فصل يَأْبَى الدَّهْر إِلَّا ولوعا بشمل وصل يشرده ونظام أنس يبدده ومخلب ظلم يحدده وَلَو انبسطت فِيهِ يَدي لكسرت جنَاحه وخفضت جماحه وَلكنه الْحَيَّة الصماء لَا تَسْتَجِيب لراقي والداء العضال لَا يشفى مِنْهُ طيب وَلَا واقي فصل مَا أَقُول فِي دهر يُعْطي تفاريق ويسترجعها جملا وَيرجع أفاويق وقطعها عجلا يَأْتِي شَره دفعا ويواتي خَيره لمعا إِن هَاجَتْ نوازله خصت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 الْأَحْرَار بالبطش وَإِن سكنت زلازله فكالصل ينبطح بِالْأَرْضِ ثمَّ يثور للنهش فصل لَا تجز عَن من عتابي فالمسك إِذا سحق ازْدَادَ عبقا والورد إِذا أحمي طَابَ عرقا وَمن بَاب التهاني فصل أهنأ النعم شربا وأمرعها شعبًا مَا جَاءَ عفوا من غير التمَاس ودر سَمحا بِلَا إبساس فصل النعم إِذا حلت بفنائه فاضت على الْأَحْرَار فيضا وَكَانَت بَينه وَبينهمْ فوضى فصل عمرك الله حَتَّى ترى هَذَا الْهلَال قمرا منيرا وبدرا مستديرا يكثر بِهِ عدد أحفادك ويعظم بِهِ كمد حسادك فصل الْحَمد لله على النجل الْمَوْهُوب ومرحبا بقرة الْعُيُون وَرَيْحَانَة الْقُلُوب ولد سعيد يهنأ بِهِ أكْرم وَالِد ومجد طريف أضيف إِلَى شرف تالد فأبقاه الله لَك بسطة عضد تتصل بذراعك وخلب كبد تطول بِهِ مُدَّة إمتاعك فصل مَا ارتعنا لفقد الفقيد حَتَّى ارتحلنا لقِيَام الْخلف الحميد وَلَا اسْتهلّ الباكي منا للرزية مستعبرا حَتَّى تهلل للعطية مُسْتَبْشِرًا فصل من كَانَت النعم تزينه فَإِنَّهَا تلبس بك وشاح فَخر وخيلاء وَتحل من أفنيتك بطاح مجد وسناء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 وَمن بَاب العيادة فصل أما علته فقد أرتني الْفضل ترجف أحشاؤه فرقا وَالصَّبْر تَنْقَطِع أجزاؤه فرقا فصل كَأَنِّي بِهِ وَقد طلع كالحسام مُجَردا والهلال مجددا فصل صادفني كِتَابه وَفِيه عِلّة أجحفت بالجسد وتحيفت جَوَانِب الصَّبْر وَالْجَلد واستأنفت بِهِ برد الْحَيَاة ولبست عَنهُ برد المعافاة فصل كنت صريع سقم قد أولتني عقبه وزالت بالبرء عواقبه فصل كنت رهين علل لَا أَرْجُو من صرعتها اسْتِقْلَالا وَلَا أُؤَمِّل من أسر وثاقها انحلالا فَلم يزل لطف الله ينفث مِنْهَا فِي العقد وَيمْسَح جَانب الدَّاء والألم حَتَّى أنشطني من عقال وأنهضني من كبوة وعثار فصل برز من علته بروز السَّيْف الْمحلى وفاز بالعافية فوز الْقدح الْمُعَلَّى فصل لَو اسْتَطَعْت لخلعت عَلَيْهِ سلامتي سربالا وأعرته من جسمي صِحَة وإقبالا فلست أتهنأ بالعافية مَعَ سقمه وَلَا أتمتع بنضارة عيشي مَعَ شحوب جِسْمه فصل كَانَ من الْعلَّة بَين أَنْيَاب وأظفار وَمن الردى على شفا جرف هار فَتَدَاركهُ الله برحمة رَشَّتْ على سقمه مَاء الشِّفَاء ومجت برد الْعَافِيَة فِي حر الأحشاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 وَمن بَاب التعازي فصل لله تَعَالَى فِي خلقه أقدار مَاضِيَة لَا ترد أَحْكَامهَا وَلَا تصد عَن الْأَغْرَاض سهامها وَالنَّاس فِيمَا بَين موهبة تَدْعُو إِلَى الشُّكْر المفترض ومرزية يوثق فِيهَا بجميل الْعِوَض فصل الْمَوْت منهل مورود وسيان فِيهِ وَالِد ومولود فصل كتبت والقلم هائم والدمع هام وَالْكرب دَائِم والجفن دَامَ فصل كتبت وسكرات الْمنية بِي محدقة ولحظات الْأَجَل نحوي محدقة فصل أعوذ بِاللَّه من كل مَا يُؤَدِّي إِلَى موارط نقمته ويحجب عَن موارد رَحمته فصل مُصِيبَة طرقت بالمخاوف والأوجال وطرقت شرب الْأَمَانِي والآمال وأعادت سرب الْعَيْش نافرا وَوجه الْحزن سافرا فصل يَا لَهَا من مُصِيبَة أصمى سهم راميها وأصم صَوت ناعيها فصل وَفقه الله للصبر الَّذِي إِلَيْهِ يرجع الجازع وَإِن أغرق فِي قوسه النازع فصل هُوَ من لَا تستتر لَهُ النَّوَازِل عَن عَزِيمَة أناته وَلَا تفجعه الفجائع بسكينة حزمه وثباته فصل طَال تلهفي على هِلَال استسر قبل أَن يقمر وغصن خضد قبل أَن يُثمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 فصل مَا سَلامَة من يرى كل يَوْم راحلا مشيعا وشملا مصدعا وصديقا مودعا فصل شابت بعده لمَم الأقلام وضلت مَفَاتِيح الْكَلَام ونضبت غدر الأفهام فصل لَا أملك فِي مصيبته إِلَّا عبرات ترق وَلَا ترقأ وزفرات تهد وَلَا تهدأ فصل قد نغص الْمَوْت كل طيب وأعيا داؤه كل طَبِيب فصل الْمَوْت يكتال الْأَرْوَاح بِلَا حِسَاب ويغتال النُّفُوس بِلَا حجاب فصل لَئِن طواه الردى طي الرِّدَاء لقد نشرته أَلْسِنَة الثَّنَاء وَمن بَاب السلطانيات فصل بَين ضرب يصدع جنوبا وَطعن يدع الصُّدُور جيوبا فصل إِذا عبأ للغزو كتائبه وَأخرج نَحْو العدا مضاربه خَفَقت بنصره الْأَعْلَام ونطقت وَرَاء رماحه الأقلام فصل بَين صُفُوف ترصف وسيوف تقصف ورماح تنصف وأرواح تخطف حَيْثُ الدَّوَاهِي سود المناظر والمنايا حمر الأظافر فصل لَا يقف لمناجزته عَدو إِلَّا عَاد موطئ قدمه شفيرا وَكَانَ سهم الردى إِلَيْهِ سفيرا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 فصل أَصْبحُوا كغثاء احتمله ظهر سيل جارف أَو كرماد اشتدت بِهِ الرّيح فِي يَوْم عاصف فصل لما مَشى إِلَيْهِم مشت قُلُوبهم فِي الصُّدُور وحلت بهم قاصمة الظُّهُور فهم بَين أَعمار تُبَاح وَدِمَاء تساح وأجسام تطاح وأرواح تسفى بهَا الرِّيَاح نبذ من شعره فِي الْغَزل قَالَ (لقد راعني بدر الدجى بصدوده ... ووكل أجفاني برعي كواكبه) (فيا جزعي مهلا عساه يعود لي ... وَيَا كَبِدِي صبرا على مَا كواك بِهِ) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أنْكرت من أدمعي ... تترى سواكبها) (سَلِي جفوني هَل ... أبْكِي سواك بهَا) // من المجتث // وَقَالَ (إِن لي فِي الْهوى لِسَانا كتوما ... وفؤادا يخفي حريق جواه) (غير أَنِّي أَخَاف دمعي عَلَيْهِ ... ستراه يفشي الَّذِي ستراه) // من الْخَفِيف // وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 (يَا من يبيت محبه ... مِنْهُ بليلة أنقد) (إِن غبت عني سمتني ... وَشك الردى وَكَأن قد) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (عذيري من رام رماني بسهمه ... فَلم يخط مَا بَين الحشا والترائب) (فأصداغه يلسعني كالعقارب ... وألحاظه يفعلن فعل العقاربي) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (ومهفهف يهفو بلب ... الْمَرْء مِنْهُ شمائل) (فالردف دعص هائل ... وَالْقد غُصْن كائل) (والخد نور شقائق ... تَنْشَق عَنهُ خمائل) (وَالْعرْف مثل حدائق ... نمت بِهن شمائل) (والطرف سيف مَاله ... إِلَّا العذار حمائل) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ فِي مخمور جمش وَجهه (هبه تغير حَائِلا عَن عَهده ... وَرمى فُؤَادِي بالصدود فأزعجا) (مَا بَال نرجسه تحول وردة ... والورد فِي خديه عَاد بنفسجا) // من الْكَامِل // وَقَالَ (ومهفهف أبدى الْجمال ... بخده روضا مريعا) (فقد الطَّبِيب ذراعه ... فَجرى لَهُ دمعي ذريعا) (وَأَمني وَقع الْحَدِيد ... بعرقه ألما وجيعا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 (فأريته من عبرتي ... مَا سَالَ من دَمه نجيعا) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (وغزال منحته خَالص الود ... فجازى بالصد والاجتناب) (لم ألمه أَن أتقى بحجاب ... ردني واله الْفُؤَاد لما بِي) (هُوَ روحي وَلَيْسَ يُنكر للروح ... توار عَن الورى بالحجاب) // من الْخَفِيف // وَله (كتبت إِلَيْهِ أستهدي وصالا ... فعللني بوعد فِي الْجَواب) (أَلا لَيْت الْجَواب يكون خيرا ... فيشفي مَا أحَاط من الجوى بِي) // من الوافر // وَقَالَ (ظَبْي يحار الْبَرْق فِي بريقه ... غنيت عَن إبريقه بريقه) (فَلم أزل أرشف من رحيقه ... حَتَّى شفيت الْقلب من حريقه) // من الرجز // وَقَالَ (شافه كفي رشا ... بقبلة مَا شفت) (فَقلت إِذْ قبلهَا ... يَا لَيْت كفي شفتي) // من مجزوء الرجز // وَقَالَ (من لي كَفِيلا بشمل الْأنس أجمعه ... بشادن حل فِيهِ الْأنس أجمعه) (مَا زَالَ يعرض عَن وَصلي فأخدعه ... فَالْآن لي لَان بعد الصد أخدعه) // من الْبَسِيط // وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 (وَيْح جسمي من غزال ... مقلتاه شفتاه) (هُوَ إِن جاد بلثم ... شفتاه شفتاه) // من مجزوء الرمل // وَقَالَ (صدف الحبيب بوصله ... فجفا رقادي إِذْ صدق) (وَنَثَرت لُؤْلُؤ أدمع ... أضحى لَهَا جفني صدف) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (مَاذَا عَلَيْهِ لَو أَبَاحَ رِيقه ... لقلب صب يشتكي حريقه) // من الرجز // وَقَالَ (بنفسي غزال صَار لِلْحسنِ كعبة ... يحجّ من الْفَج العميق ويعبد) (دَعَاني الْهوى فِيهِ فلبيت طَائِعا ... وأحرمت بالإخلاص وَالسَّعْي يشْهد) (فجفني للتسهيد والدمع قَارن ... وقلبي فِيهِ بالصبابة مُفْرد) // من الطَّوِيل // قِطْعَة من شعره فِي الْأَوْصَاف والتشبيهات قَالَ فِي الريحان (أَعدَدْت محتفلا ليَوْم فراغي ... روضا غَدا إِنْسَان عين الباغ) (روضا يروض هموم قلبِي حسنه ... فِيهِ لكأس الْأنس أَي مساغ) (وَإِذا بَدَت قضبان ريحَان بِهِ ... حَيْثُ بِمثل سلاسل الأصداغ) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي الشقائق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 (يصوغ لنا كف الرّبيع حدائقا ... كعقد عقيق بَين سمط لآلي) (وفيهن أنوار الشقائق قد حكت ... خدود عِذَارَيْ نقطت بغوالي) // من الطَّوِيل // وَقَالَ فِيهِ (كَأَن الشقائق إِذْ برزت ... غلالة لَاذَ وثوبا أحم) (قطاع من الْجَمْر مشبوبة ... بأطرافها لمع من حمم) // من المتقارب // وَقَالَ فِيهِ (لَاحَ لي فِي الرياض نور الشَّقِيق ... فَحكى لي غلائلا من عقيق) (مَا يشق الهموم مثل شَقِيق ... عِنْد رَاح لكل روح شَقِيق) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي النرجس (وَمَا ضم شَمل الْأنس يَوْمًا كنرجس ... يقوم بِعُذْر اللَّهْو عَن خَالع الْعذر) (فأحداقه أقداح تبر وَسَاقه ... كقامة سَاق فِي غلائله الْحَضَر) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أَهلا بنرجس روض ... يزهي بِحسن وَطيب) (يرنو بعيني غزال ... على قضيب رطيب) (وَفِيه معنى خَفِي ... يزينه فِي الْقُلُوب) (تصحيفه إِن نسقت ... الْحُرُوف بر حبيب) // من المجتث // وَقَالَ فِي التَّيَمُّن بالبنفسج (يَا مهديا لي بنفسجا أرجا ... يرتاح صَدْرِي لَهُ وينشرح) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 (بشرني عَاجلا مصحفه ... بِأَن ضيق الْأُمُور ينفسح) // من المنسرح // وَقَالَ فِي ضد ذَلِك (يَا مهديا بنفسجا سمجا ... وددت لَو أَن أرضه سبخ) (ينذرني عَاجلا مصحفه ... بِأَن عهد الحبيب يَنْفَسِخ) // من المنسرح // وَله (ومدامة زفت إِلَى سلسال ... يختال بَين ملابس كالآل) (فَبنى بهَا حَتَّى إِذا مَا افتضها ... بالمزج أمهرها عُقُود لآلي) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي اقتران الزهرة والهلال (ومدامة زفت إِلَى سلسال ... يختال بَين ملابس كالآل) (فَبنى بهَا حَتَّى إِذا مَا افتضها ... بالمزج أمهرها عُقُود لآلي) // من الرجز // وَقَالَ فِي اقتران الزهرة والهلال (أما ترى الزهرة قد لاحت لنا ... تَحت هِلَال لَونه يَحْكِي اللهب) (ككرة من فضَّة مجلوة ... أوفى عَلَيْهَا صولجان من ذهب) // من الرجز // وَقَالَ فِي الْفجْر (أَهلا بفجر قد نضا ثوب الدجى ... كالسيف جرد من سَواد قرَاب) (أَو غادة شقَّتْ صدارا أزرقا ... مَا بَين ثغرتها إِلَى الأتراب) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي وصف الثَّلج السَّاقِط على غصون الشّجر (نثر السَّحَاب على الغصون ذريرة ... أَهْدَت لَهَا نورا يروق ونورا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 (شابت ذوائبها فعدن كَأَنَّهَا ... أجفان عين تحمل الكافورا) وَقَالَ فِي الجمد (رب جَنِين من جنى نمير ... مهتك الأستار وَالضَّمِير) (سللته من رحم الغدير ... كَأَنَّهُ صَحَائِف البلور) (أَو أكر تجمست من نور ... أَو قطع من خَالص الكافور) (لَو بقيت سلكا على الدهور ... لعطلت قلائد النحور) (وأخجلت جَوَاهِر البحور ... وَسميت ضرائر الثغور) (يَا حسنه فِي زمن الحدور ... إِذا فيضه مثل حشى المهجور) يهدي إِلَى الأكباد والصدور ... روحا تحاكى نفثة المصدور) // من الرجز // وَقَالَ فِي مدية وألقاه على طَرِيق الإلغاز (مأسورة أبدع فِي ... تركيبها أَصْحَابهَا) (تركبها الْأَيْدِي وَفِي ... هاماتها أذنابها) // من مجزوء الرجز // وَقَالَ فِي الْخمر (عيرتني ترك المدام وَقَالَت ... هَل جفاها من الْكِرَام لَبِيب) (هِيَ تَحت الظلام نور وَفِي الأكباد ... برد وَفِي الخدود لهيب) (قلت يَا هَذِه عدلت عَن النصح ... أما للرشاد فِيك نصيب) (إِنَّهَا للستور هتك وبالألباب ... فتك وَفِي الْمعَاد ذنُوب) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي السَّيْف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 (لي رَفِيق شهم الْفُؤَاد يماني ... غزل فِي قصافة القضبان) (لَا يَعْنِي فِي الْعظم إِلَّا إِذا أصبح ... نشوان من نجيع قاني) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِيهِ (خير مَا استعصمت بِهِ الْكَفّ يَوْمًا ... فِي سَواد الخطوب عصب صقيل) (عَن سُؤال اللئام مغن وَفِي الْعظم ... مغن وللمنايا رَسُول) // من الْخَفِيف // وَقَالَ فِي الْفرس (خير مَا استظرف الفوارس طرف ... كل طرف لحسنه مبهوت) (هُوَ فَوق الْجبَال وعل وَفِي السهل ... عِقَاب وَفِي المعابر حوت) // من الْخَفِيف // غرر من شعره فِي الإخوان قَالَ (وَأَخ إِذا مَا شط عني رَحْله ... أدنى إِلَيّ على النُّور معروفه) (كالكرم لم يمنعهُ بعد عريشه ... من أَن يقرب للجناة قطوفه) // من الْكَامِل // وَقَالَ فِي مؤلف هَذَا الْكتاب (أَخ لي أَمَان الود مِنْهُ فرائد ... وَأَلْفَاظه بَين الحَدِيث فرائد) (إِذا غَابَ يَوْمًا لم ينب عَنهُ شَاهد ... وَإِن شهد ارتاحت إِلَيْهِ الْمشَاهد) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 وَقَالَ فِيهِ (قد أَتَانِي من صديق كَلَام ... كلآل وانهن نظام) (فسرى فِي الْقلب مني سرُور ... مطرب يعجز عَنهُ المدام) (مِثْلَمَا يرتاح شيخ بَنَات ... حوله من جمعهن زحام) (فَدَعَا الله طَويلا يُرْجَى ... خلفا من نَسْله مَا يرام) (وَأَتَاهُ بعد يأس بشير ... قَالَ يَا بشراي هَذَا غُلَام) // من المديد // وَقَالَ (بنفسي أَخ قد برني بشكاته ... وَلم يَجْعَل الْحمى دون مَاله) (فطاب ثَنَاء بَين أثْنَاء سقمه ... كطيب نسيم الرّيح عِنْد اعتلاله) (بودي لَو نفست عَنهُ سقامه ... بنفسي لَو نافسته فِي احْتِمَاله) (فَلم تصب الأوصاب رَاحَة جِسْمه ... وَلم تخطر الأشجان يَوْمًا بِبَالِهِ) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (تمت محاسنه فَمَا يزري بهَا ... مَعَ فَضله وسخائه وكماله) (إِلَّا قُصُور وجوده عَن جوده ... لَا عون للرجل الْكَرِيم كَمَاله) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 لمع من شعره فِي المداعبات وَمَا يشاكلها كتب إِلَى كَاتب لَهُ (أَبَا جَعْفَر هَل فضضت الصدف ... وَهل إِذْ رميت أصبت الهدف) (وَهل جِئْت لَيْلًا بِلَا حشمة ... لهول السرى سدفا فِي سدف) // من المتقارب // وَقَالَ (يُرِيد يُوسع فِي بَيته ... ويأبى بِهِ الضّيق فِي صَدره) (فَتى سخط النصب فِي قدره ... كَمَا رَضِي الْخَفْض فِي قدره) // من المتقارب // وَقَالَ (لنا صديق يجيد لقما ... راحتنا فِي أَذَى قَفاهُ) (مَا ذاق من كَسبه وَلَكِن ... أَذَى قَفاهُ أذاق فَاه) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (يَا من دهاه شعره ... وَكَانَ غضا أمردا) (سيان فاجأ أمردا ... فِي الخد شعر أم ردى) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ (لنا مغن سمج وَجهه ... أبدع فِي الْقبْح أبازيره) (رام غناء فَأبى صَوته ... ورام ضربا فَأبى زيره) // من السَّرِيع // وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 (هُوَ السؤل لَا يعطيك وافر مِنْهُ ... يَد الدَّهْر إِلَّا حِين أبصرته جلدا) // من الطَّوِيل // وَفِي المراثي قَالَ يرثي أَبَا بكر بن حَامِد البُخَارِيّ (يَا بؤس للدهر أَي خطب ... دها بِهِ النَّاس فِي ابْن حَامِد) (قد اسْتَوَى النَّاس مذ تولى ... فَمَا يرى موقف الحامد) (يبكي على فَقده ثَلَاث ... الْعلم والزهد والمحامد) // من مخلع الْبَسِيط // وَله من قصيدة يرثي بهَا أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الْكَرْخِي (هَل إِلَى سلوة وصبر سَبِيل ... كَيفَ والرزء مَا علمت جليل) (فجعتني الْأَيَّام لما ألمت ... بصديق وجدي عَلَيْهِ طَوِيل) (بِأبي الْقَاسِم الَّذِي أقسم الْمجد ... يَمِينا أَن لَيْسَ مِنْهُ بديل) (كَانَ معنى الْوَفَاء وَالْبر إِن حَال ... زمَان فوده مَا يحول) (كَانَ زين الندى فِي الْعلم والآداب ... ترعى رياضهن الْعُقُول) (كَانَ بدر النهى فحان أفول ... كَانَ شمس الحجى فحان أصيل) // من الْخَفِيف // وَمِنْهَا (خلق كالزلال زل عَن الصخر ... وَنَفس للعيب عَنْهَا زليل) (وَاجْتنَاب لما يعيب من الْأَمر ... وَعرض عَن الدنايا صقيل) (من يكن بعده العزاء جميلا ... فاجتناب العزاء فِيهِ جميل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 وَمِنْهَا (أَي مرأى ومنظر لَا يهول ... من خَلِيل عَلَيْهِ ترب مهيل) (فَعَلَيهِ سَلام ذِي الْعَرْش يهديه ... إِلَى حَشْو قَبره جِبْرِيل) (وَأَتَاهُ من رَحْمَة الله كفل ... هُوَ بالخلد فِي الْجنان كَفِيل) وَقَالَ فِي غُلَام لَهُ توفّي فِي دهستان (لي فِي دهستان لَا جاد الْغَمَام لَهَا ... إِلَّا صواعق ترمي النَّار والشهبا) (ثاو ثوى مِنْهُ فِي قلبِي جوى ضرم ... يشب كالسيف حدا والسنان شبا) (دَعَاهُ دَاعِي المنايا غير محتسب ... فراح يرفل عِنْد الله محتسبا) (هِلَال حسن بدا فِي خوط أسلحة ... قد كَاد يقمر لَوْلَا أَنه غربا) (لَو يقبل الْمَوْت عَنهُ فديَة سمحت ... نَفسِي بأنفس ذخر دون مَا سلبا) (لَكِن أبي الدَّهْر أَن ترزا فجائعه ... إِلَّا عقائل مَا نحويه والنخبا) (ترَاهُ قد نشبت فِينَا مخالبه ... فَلَيْسَ يبقي لنا علقا وَلَا نشبا) (لَئِن أَنَاخَ على وفري بنكبته ... فالدين وَالْعرض موفوران مَا نكبا) (أقابل المر من أَحْكَامه جلدا ... بالحلم وَالصَّبْر حَتَّى يقْضِي العجبا) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 وَفِي التوجع وشكوى الدَّهْر قَالَ (يَا دهر مَا أقساك يَا دهر ... لم يحظ فِيك بطائل حر) (أما اللثام فَأَنت صَاحبهمْ ... وَلَهُم لديك الْعَطف والنصر) (يبْقى اللَّئِيم مدى الْحَيَاة فَلَا ... يرتاع مِنْهُ لحادث صدر) (تصفو لَهُ الدُّنْيَا بِلَا كدر ... ويطيعه فِي عيشه الْيُسْر) (فمرامه سهل وكوكبه ... سعد وغصن سروره نضر) (وعَلى الْكَرِيم يَد يسلطها ... مِنْك الْجفَاء المر والقسر) (إِن نَاب خطب فَهُوَ عرضته ... يفريه مِنْهُ الناب وَالظفر) (أَو يبغ مَعْرُوفا لديك غَدا ... ينحي عَلَيْهِ حَادث نكر) (مرعاه جَدب والحظوظ لَهُ ... حَرْب وجانب عيشه وعر) (وجناه شوك والبحور لَهُ ... وشل وحشو فُؤَاده جمر) (يَا دهر دع ظلم الْكِرَام فهم ... عقد لنحرك لَو درى النَّحْر) (سالمهم واستبق ودهم ... فهم نُجُوم ظلامك الزهر) // من الْكَامِل // وَله فِي النكبة كفاناها الله تَعَالَى (جفون قد تَملكهَا السهاد ... وجنب لَا يلائمه مهاد) (وأحداث أصابتني وقومي ... يذل من الْحَلِيم لَهَا القياد) (فقد شطت بِنَا وبهم ديار ... وَفرق جَامع الشمل البعاد) (أَقُول وَفِي فُؤَادِي نَار وجد ... لَهَا مَا بَين أحشائي اتقاد) (وللأحزان فِي صَدْرِي اعتلاج ... وللأفكار فِي قلبِي اطراد) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 (أَلا هَل بالأحبة من لمام ... وَهل شَمل السرُور بهم معاد) (وَلَا وَالله مَا اجْتمعت ثَلَاث ... فراقهم وجفني والرقاد) (فَإِن تجمع شتيت الشمل منا ... وَفِي الْأَيَّام جور واقتصاد) (تنجزنا من الْأَحْدَاث عهدا ... أكيدا لَا يزاغ وَلَا يكَاد) (وَكَيف يَصح للأيام عهد ... وشيمتها التَّغَيُّر وَالْفساد) // من الوافر // وَقَالَ (مَا لليالي ولي كَأَن لَهَا ... فِي مهجتي إِن لقيتها غَرضا) (أظنها قد تراهنت جملا ... فِي رميها واتخذنني غَرضا) // من المنسرح // وَفِي الْحِكْمَة والأمثال والزهد قَالَ فِي معنى لم يسْبق إِلَيْهِ (كم وَالِد يحرم أَوْلَاده ... وخيره يحظى بِهِ الْأَبْعَد) (كَالْعَيْنِ لَا تبصر مَا حولهَا ... ولحظها يدْرك مَا يبعد) // من السَّرِيع // وَقَالَ فِي معنى آخر اخترعه (لَا تمنع الْفضل من مَال حبيت بِهِ ... فالبذل ينميه بعد الْأجر يدّخر) (وَالْكَرم يُؤْخَذ من أَطْرَافه طَمَعا ... فِي أَن يُضَاعف مِنْهُ الْأكل وَالثَّمَر) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أَخُوك من إِن كنت فِي ... نعمي وبؤس عادلك) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 (وَإِن بدا لَك منعما ... بِالْبرِّ مِنْهُ عادلك) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (جامل النَّاس فِي المعاش ... وخل المزاحمه) (وتنصح وَقل لمن ... يتعاطى المزاح مَه) // من مجزوء الْخَفِيف // وَقَوله (يشقى الْفَتى بِخِلَاف كل معاند ... يُؤْذِيه حَتَّى بالقذى فِي مَائه) (يهوى إِذا أصفى الْإِنَاء لشربه ... ويروغ عَنهُ عِنْد صب إنائه) // من الْكَامِل // وَله (دع الْحِرْص واقنع بالكفاف من الْغنى ... فرزق الْفَتى مَا عَاشَ عِنْد معيشه) (وَقد يهْلك الْإِنْسَان كَثْرَة مَاله ... كَمَا يذبح الطاووس من أجل ريشه) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أمتع شبابك من لَهو وَمن طرب ... وَلَا تصخ لملام سمع مكترث) (فَخير عَيْش الْفَتى ريعان جدته ... فالعمر من فضَّة والشيب كالخبث) // من الْبَسِيط // وَقَوله (أتركض فِي ميادين التصابي ... وَقد ركض المشيب على الشَّبَاب) (وتأمن نوبَة الْحدثَان نَفسِي ... وَمَا نَاب لَهَا عني بنابي) (وَكَيف تلذ طعم الْعَيْش نفس ... غَدَتْ أترابها تَحت التُّرَاب) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 وَقَوله (قد أَبى لي خضاب شيبي فؤاد ... فِيهِ وجد بكتم سري ولوع) (خَافَ أَن يعقب الخضاب نصول ... ونصول الخضاب سير بديع) // من الْخَفِيف // وَقَوله (ذُو الْفضل لَا يسلم من قدح ... وَإِن غَدا أقوم من قدح) // من السَّرِيع // وَقَالَ وَقد نظم كَلَام سيدنَا عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ (تقصيرك الذيل حَقًا ... أبقى وَأتقى وأنقى) // من المجتث // وَقَالَ (عمر الْفَتى ذكره لَا طول مدَّته ... وَمَوته خزيه لَا يَوْمه الداني) (فأحي ذكرك بِالْإِحْسَانِ تودعه ... تجمع بذلك فِي الدُّنْيَا حياتان) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 الْبَاب التَّاسِع فِي ذكر الطارئين على نيسابور من بلدان شَتَّى على اخْتِلَاف مَرَاتِبهمْ فَمنهمْ من فَارقهَا وَمِنْهُم من استوطنها وسياقة الْملح من كَلَامهم سوى من تقدم ذكره مِنْهُم فِي سَائِر الْأَبْوَاب 90 - أَبُو عبد الوضاحي البشري مُحَمَّد بن الْحُسَيْن شَاعِر ظريف الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل ورد نيسابور فاستوطنها إِلَى أَن توفّي بهَا وَله شعر كثير أخرجت مِنْهُ ملحا قَليلَة كَقَوْلِه فِي وصف الشموع وَهُوَ معنى مبتذل (عرائس تستضيء بهَا الكؤوس ... كَأَن ضِيَاء أوجهها الشموس) (لنا من حسنها أبدا نعيم ... لَهَا مِنْهُ مدى الْأَيَّام بوس) (تذوق الْمَوْت مَا سلمت وتحيا ... إِذا مَا قطعت مِنْهَا الرُّءُوس) // من الوافر // وَقَوله فِي الْغَزل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 (بِمثل هَوَاك تنتهك الستور ... ويبدو مَا تضمنه الضَّمِير) (يسر بِمَا يَسُرك كل شَيْء ... يرى حَتَّى يسر بك السرُور) (وَلست الْبَدْر لَكِن فِيك حسن ... تلاشى فِي دقائقه البدور) // من الوافر // وَله من أُخْرَى (وَمَا النَّاس إِلَّا الرّقّ مِنْهُ مصاحف ... وَمِنْه بأعناق النِّسَاء طبول) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة (عَالم الْغَيْب شَاهد أَن غيبي ... لَك كَالظَّاهِرِ الَّذِي ترتضيه) (لَيْسَ فخري وَلَا اعتدادي بِشَيْء ... غير أَنِّي فِي عَالم أَنْت فِيهِ) // من الْخَفِيف // 91 - أَبُو طَاهِر بن الْخبز أرزي قد تقدم ذكره عِنْد ذكر أَبِيه وَعَمه وَكَانَ على انتحاله كثيرا من أشعار أهل عصره شَاعِرًا لَا بَأْس بِكَلَامِهِ ونقب فِي بِلَاد خُرَاسَان وَأقَام بنيسابور مُدَّة وَمن شعره السائر بنيسابور قَوْله لحاكمها (كم من سعيد على الْأَيَّام قد نحسا ... وصاعد قد رَمَاه الدَّهْر فانتكسا) (وحاكم ظن أَنِّي دون ثروته ... مذبذب فقرا لي وَجهه عبسا) (سنستجد خلاف الْحَالَتَيْنِ فَلَا ... أبقى فَقِيرا وَلَا تبقى لحكم نسا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (عَليّ ثِيَاب فَوق قيمتهَا الْفلس ... وفيهن نفس دون قيمتهَا الْإِنْس) (فثوبك مثل الشَّمْس من تحتهَا الدجى ... وثوبي مثل الْغَيْم من تَحْتَهُ الشَّمْس) // من الطَّوِيل // وَقَوله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 (وروضة راضها الندى فغدت ... لَهَا من الزهر أنجم زهر) (تنشر فِيهَا أَيدي الرّبيع لنا ... ثوبا من الوشي حاكه الْقطر) (كَأَنَّمَا شقّ من شقائقها ... على رباها مطارف خضر) (ثمَّ تبدت كَأَنَّهَا حدق ... أجفانها من دمائها حمر) // من المنسرح // 92 - أَبُو الْحسن أَحْمد بن أَيُّوب الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالناهي ورد نيسابور فَأَقَامَ بهَا سِنِين يشْعر ثمَّ فَارقهَا إِلَى جرجان وَألقى عَصَاهُ بهَا مُدَّة إِلَى أَن سَار مِنْهَا فأنشدني الدهخذا أَبُو سعيد مُحَمَّد بن مَنْصُور قَالَ أَنْشدني الناهي لنَفسِهِ فِي البعوض والبرغوث (لَا أعذر اللَّيْل فِي تطاوله ... لَو كَانَ يدْرِي مَا نَحن فِيهِ نقص) (لي والبراغيث والبعوض إِذا ... ألحفنا حندس الظلام قصَص) (إِذا تغنى بعوضه طَربا ... ساعد برغوثه الْغِنَا فرقص) // من المنسرح // الْمَعْنى جيد وَفِي اللَّفْظ خلل وَقَوله (كنت إِذا أَصبَحت فِي حَاجَة ... أسْتَعْمل التَّقْوِيم والزيجا) (فَأصْبح الزيج كتصحيفه ... وَأصْبح التَّقْوِيم تعويجا) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 93 - أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَارِسِي النَّحْوِيّ أحد أَفْرَاد الدَّهْر وأعيان الْعلم وأعلام الْفضل وَهُوَ الإِمَام الْيَوْم فِي النَّحْو بعد خَاله أبي الْحسن بن أَحْمد الْفَارِسِي وَمِنْه أَخذ وَعَلِيهِ درس حَتَّى استغرق علمه وَاسْتحق مَكَانَهُ وَكَانَ أَبُو عَليّ أوفده على الصاحب فارتضاه وَأكْرم مثواه وَقرب مَجْلِسه وَكتب إِلَيْهِ فِي بعض أَيَّامه عِنْده هَذِه المعماة ليستخرجها مَا أسود غَرِيب بعيد الدَّار قريب يقدم فحواه على نَجوَاهُ ويتأخر لَفظه عَن مَعْنَاهُ لَهُ طرفان فأحدهما جنَاح نسر وَالْآخر خافية صقر يلقاك من مياسره سانح وَمن ميامنه بارح تجودك أنواؤه والسنون جماد وتسقيك سماؤه والعيش جِهَاد بَينا ترَاهُ على كواهل الْجبَال حَتَّى يتهيل الرمال قد تجافى قطراه عَن واسطته وانضم ساقاه على رَاحِلَته يخونك إِن وَفِي لَك الشَّبَاب ويفي لَك إِن جهدك الخضاب رفعته رفْعَة المنابر ورفقته رفْقَة المحابر يروي عَن الْأَحْمَر وَإِن شِئْت عَن يحيى بن يعمر قد أفْضى بك إِلَى رَوْضَة غناء ينعم رائدها وَشَرِيعَة زرقاء يكرع واردها أخرجه أَبَا الْحُسَيْن أسْرع من خطْفَة عين (وَذَاكَ لَهُ إِذا العنقاء صَارَت ... مربية وشب ابْن الْخصي) // من الوافر // وَلما استأذنه للصدر وَقع فِي رقعته لَا اسْتِدْلَال يَا أخي على الملال أقوى من سرعَة الارتحال لَكنا نقبل الْعذر وَإِن كَانَ مرفوضا ونبسطه وَإِن كَانَ مَقْبُوضا وَلَا أمنعك عَن مرادك ووفاقك وَإِن منعت نَفسِي مرادها بِفِرَاقِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 فاعزم على ذَلِك وفقك الله فِي اختيارك وَوصل النجح بإيثارك وأصحبه كتابا إِلَى خَالَة أبي عَليّ هَذِه نسخته كتابي أَطَالَ الله بَقَاء الشَّيْخ وأدام جمال الْعلم وَالْأَدب بحراسة مهجته وتنفيس مهلته وَأَنا سَالم وَللَّه حَامِد وَإِلَيْهِ فِي الصَّلَاة على النَّبِي وَآله رَاغِب ولبر الشَّيْخ أيده الله بكتابه الْوَارِد شَاكر فَأَما أخونا أَبُو الْحُسَيْن قَرِيبه أيده الله فقد ألزمني بِإِخْرَاجِهِ إِلَى أعظم مِنْهُ وأتحفني من قربه بعلق مضنة لَوْلَا أَنه قلل الْأَيَّام وَاخْتصرَ الْمقَام وَمن هَذَا الَّذِي لَا يشتاق إِلَى ذَلِك الْمجْلس وَأَنا أحْوج من كَافَّة حاضرته إِلَيْهِ وأحق مِنْهُم بالمثابرة عَلَيْهِ وَلَكِن الْأُمُور مقدرَة وبحسب الْمصَالح ميسرَة غير أَنا ننتسب إِلَيْهِ على الْبعد ونقتبس فَوَائده عَن قرب وسيشرح هَذَا الْأَخ هَذِه الْجُمْلَة حق الشَّرْح بِإِذن الله وَالشَّيْخ أدام الله عزه يبرد غليل شوقي إِلَى مشاهدته بعمارة مَا افْتتح من الْبر بمكاتبته ونقتصر على الْخطاب الْوسط دون الْخُرُوج فِي إِعْطَاء الرتب إِلَى الشطط كَمَا يُخَاطب الشَّيْخ الْمُسْتَفَاد مِنْهُ التلميذ الْآخِذ عَنهُ وينبسط إِلَيّ فِي حاجاته فإنني أظنني أَجْدَر إخوانه بِقَضَاء مهماته إِن شَاءَ الله تَعَالَى وتصرفت بِأبي الْحُسَيْن أَحْوَال جميلَة فِي معاودته حَضْرَة الصاحب وَأَخذه بالحظ الوافر من حسن آثارها ثمَّ وُرُوده خُرَاسَان ونزوله نيسابور دفعات وإملائه بهَا فِي الْأَدَب والنحو مَا سَارَتْ بِهِ الركْبَان ثمَّ قدومه على الشار صَاحب غرسسان وحظوته عِنْده ووزارته لَهُ ثمَّ وزارته للأمير إِسْمَاعِيل بن سبكتكين ثمَّ اخْتِصَاصه بعده بالشيخ أبي الْعَبَّاس الْفضل بن أَحْمد الإسفرائيني وأبنائه بغزنة ورجوعه مِنْهَا إِلَى نيسابور وإقامته بإسفارئين ثمَّ مُفَارقَته إِيَّاهَا إِلَى جرجان واستقراره بهَا الْآن وَمحله يكبر عَن الشّعْر إِلَّا أَن بَحر علمه رُبمَا يلقى الشّعْر على لِسَان فَضله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 فمما أنشدنيه وحدثنيه أَن رَئِيس مُرُور الروز سَأَلَهُ أَن يُجِيز قَول الشَّاعِر (سرى يخبط الظلماء وَاللَّيْل عاكف ... غزال بأوقات الزِّيَارَة عَارِف) // من الطَّوِيل // فَقَالَ (وَمَا خلت أَن الشَّمْس تطلع فِي الدجى ... وَمَا خلت أَن الْوَحْش للإنس آلف) (ولجلج إِذْ قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم ... وَلَا عجب إِن لجلج القَوْل خَائِف) (وَقمت أفديه وقلبي كَأَنَّهُ ... من الرعب مقصوص من الطير جادف) (وَلما سرى عَنهُ اللثام بَدَت لنا ... محَاسِن وَجه حسنه متناصف) (وَطَالَ تناجينا ورق حديثنا ... ودارت علينا بالرحيق المراشف) (وَلَا غرو أَن لَا باخل بخياله ... يسامحنا فِي وَصله ويجازف) (فيا لَك لبلا قد بلغت بِهِ المنى ... يمانعني طورا وطورا يساعف) (كَأَن يَد الْأَيَّام عِنْدِي بوصله ... أيادي ابْن حسان لدي السوالف) (إِذا ادخر الْأَمْوَال قوم فذخره ... صنائع إِحْسَان لَهُ وعوارف) (وَمن شغف الْبيض الأوانس قلبه ... فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا المكارم شاغف) // من الطَّوِيل // وَله من قصيدة فِي الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ ابْن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الإسفرائيني (فَتى سَاد فِي عصر الفتاء وَقد حوى ... شتيت العلى من سَاد عصر فتائه) (يصدق ظن المرتجى ويزيده ... بِأَدْنَى لهاه فَوق أقْصَى رجائه) (فَلَا مطله يَمْتَد قُدَّام نيله ... وَلَا مِنْهُ يشْتَد خلف عطائه) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 من الشد وَهُوَ الْعَدو وَمِنْهَا (أَلا أبلغ الشَّيْخ الْجَلِيل رِسَالَة ... مترجمة عَن شكره وثنائه) (تقلبت فِي نعماك عشرا كواملا ... حلبت بِهن الْعَيْش ملْء إنائه) (وأنقذت شلوي من يَد الْمَوْت بَعْدَمَا ... ترامته من قدامه وورائه) (وسببت لي عَيْشًا يسد خصاصتي ... ووجهي محقون صبَابَة مَائه) (أأكفر من صغرى أياديه مهجتي ... وبلغة عيشي من دقاق حبائه) (أعدت قوى حبلي وشيدت بنيتي ... وَكم رم بَان مسترم بنائِهِ) (وتربية الْمَعْرُوف شَرط تَمَامه ... وَهل تمّ شَرط دون ذكر جَزَائِهِ) الشَّرْط وَالْجَزَاء فِي النَّحْو معروفان (وَلَا بُد من سر إِلَيْك أبثه ... فَفِي نفثه المصدور بعض شفائه) (تَمَادى عَليّ فِي الْجفَاء وَلم أكن ... خليقا بِمَا أبداه لي من جفائه) (كَأَنِّي يَوْمًا عقته عَن سماحه ... كَأَنِّي يَوْمًا لمته فِي سخائه) (طوى كشحة من دون عتب أسره ... وَجَهل امْرِئ بالداء جهل دوائه) (تكدر بالإدمان صفو وداده ... فحاولت بالإعتاب عود صفائه) (فَإِن جر تخفيفي عَليّ قطيعة ... فَرب سقيم سقمه لاحتمائه) وَله من قصيدة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 (وَلَا غُصْن إِلَّا مَا حواه فباؤه ... وَلَا دعص إِلَّا مَا خبته مآزره) (وأمضى من السَّيْف المنوط بخصره ... إِذا شيم سيف تنتضيه محاجره) // من الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى فِي الْأَمِير خلف (وَمَا كتبت سطرا من الوجد أدمعي ... لنحوك إِلَّا وَهُوَ بِالدَّمِ مُعْجم) (وَمَالِي ألْقى فِي جنابك غلَّة ... وحوضك للعافين غَيْرِي مفعم) (وَقد يغتدي الوراد يَبْغُونَ نجعة ... فيرزق مرتاد وَآخر يحوم) // من الطَّوِيل // وَله من أُخْرَى (كم أعقبت نوب الزَّمَان جميلا ... وكفين خطبا قد ألم جَلِيلًا) (لَا تستقل جميل دهرك إِنَّه ... لَيْسَ الْقَلِيل من الْجَمِيل قَلِيلا) (واسأل بِي الْأَيَّام حِين جسسنني ... بخطوبها جس الطَّبِيب عليلا) (أقريتها لما نَزَلْنَ بساحتي ... صبرا على ريب الزَّمَان جميلا) // من الْكَامِل // وَمِنْهَا (يرْعَى محياه الْجَمِيل رواؤه ... ثَمَر الْقُلُوب محبَّة وقبولا) (حُلْو الْكَلَام كَأَنَّمَا أنفاسه ... أَلْقَت عَلَيْهِ خلقه المعسولا) وَمِنْهَا (يَا رَاكِبًا والجوسقان قصاره ... يجفو مبيتا دونه وَمَقِيلا) (قل للأمير إِذا سعدت بِوَجْهِهِ ... وقضيت حق بساطه تقبيلا) (لَا تيأسن من الْإِلَه فروحه ... إِن لم يغادك بكرَة فأصيلا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 (وأمل لطائف صنعه فلطالما ... كشف الهموم وَبلغ المأمولا) (يَا رب مَكْرُوه تعذر حلّه ... لَيْلًا فاصبح عقده محلولا) (وملمة أعيا نَهَارا خطبهَا ... أمست فسهل خطبهَا تسهيلا) (ذكرتك الصَّبْر الْجَمِيل وإنني ... كمذكر غزل النسيب جميلا) وَله فِي وصف الْفرس من قصيدة (ومطهم مَا كنت أَحسب قبله ... أَن السُّرُوج على البوارق تُوضَع) (وكأنما الجوزاء حِين تصوبت ... لبب عَلَيْهِ والثريا برقع // من الْكَامِل // 94 - أَبُو سعد نصر بن يَعْقُوب تعقد عَلَيْهِ الخناصر بخراسان فِي الْكِتَابَة والبراعة فِي الصِّنَاعَة وَله فِي الْأَدَب تقدم مَحْمُود وَفِي الْمُرُوءَة قدم مَشْهُورَة وَفِي الْمَعَالِي همة بعيدَة وَشَهَادَة الصاحب لَهُ بِالْفَضْلِ تسجل بهَا أَحْكَام الْعدْل وَفِيمَا أحكيه من كِتَابه إِلَيْهِ من ارتضاء تآليفه ونظمه ونثره غنى عَن الإسهاب فِي ذكره والإطناب فِي وَصفه وَلما بعث إِلَى حَضرته بكتابه المترجم بروائع التوجيهات من بَدَائِع التشبيهات مَقْرُونا بِكِتَاب يشْتَمل على كل صَوَاب وقصيدة فِي فنها فريدة ورد عَلَيْهِ كتاب هَذِه نسخته كتابي أَطَالَ الله بَقَاءَك يَا وَلَدي وَقد شارفت أَصْبَهَان سالما وَالْحَمْد لله حمدا دَائِما وَوصل كتابك أيدك الله فأنبأ من محاسنك عَن مجَال فسيح ونطق فِي فضائلك بِلِسَان فصيح وأذكر بحرماتك وَإِنَّهَا لمحصدة المرائر وَخبر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 بقرباتك وَإِنَّهَا لخالصة السرائر فَأَما كتاب التشبيهات فقد فرعت بِهِ كَافَّة الْأَشْبَاه وأنبهت على سَبَقَك كل الإنباه إِذْ تعاطاه ابْن أبي عون فَلم يطاول يدك وَحَمْزَة بن الْحسن فَلم يبلغ أمدك وَهَذَانِ شَيْخَانِ مقدمان وفحلان مقرمان وَمَا ظَنك بِكِتَاب نفرته على نَظَائِره وَصَارَ ألزم لمجلسي من مساوره وَحين هزني نثرك حَتَّى كَأَنَّهُ نثر الْورْد عطفت على نظمك فَإِذا هُوَ نظم العقد وَإِنِّي ليعجبني أَن يكون الْكَاتِب شَاعِرًا كَمَا يُعجبنِي أَن يكون الشّعْر سائرا فها نَحن ندعيك فِي فضلاء هَذَا الصقع ونجتذبك اجتذاب الأَصْل للفرع فَاكْتُبْ مَتى شِئْت عَامِرًا من الْحَال مَا أسست ومستثمرا من الْخُصُوص مَا غرست إِن شَاءَ الله خاطبت أيدك الله فِي معنى الضَّيْعَة وَلَيْسَ حلهَا لَك بمستنكر وَلَا إطعامك إِيَّاهَا بمستكثر إِلَّا أَن الرَّأْي والرسم أوجبا أَن يَجْعَل بَدْء النّظر تسويغا يعود من بعد تَمْلِيكًا وتخويلا فليقبض المرسوم لينتظر الْمَوْعُود إِن الْهلَال يَدُور بعد لَيَال بَدْرًا كَامِلا والطل يكْسب ثمَّ يعود وابلا وَالْحَمْد لله وصلواته على النَّبِي مُحَمَّد وَآله وَلأبي سعد كتب كَثِيرَة سوى مَا تقدم ذكره فَمِنْهَا كتاب ثمار الْأنس فِي تشبيهات الْفرس وَكتاب الْجَامِع الْكَبِير فِي التَّعْبِير وَكتاب الْأَدْعِيَة وحقة الْجَوَاهِر فِي المفاخر وَهِي من مزدوجة بهجة فِي الْأَمِير خلف وَهُوَ الْآن يتَوَلَّى عمل الْفَرْض والإعطاء بنيسابور وَإِذا احْتَاجَ السُّلْطَان الْمُعظم يَمِين الدولة وَأمين الْملَّة الْإِجَابَة عَن كتب الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه أَطَالَ الله بقاءهما اعْتمد فِيهَا عَلَيْهِ لما يتحققه من حسن كَلَامه وَقُوَّة بَيَانه وغزارة بحره وَشرف طبعه وَله شعر كثير قد كتبت مِنْهُ مَا حضرني الْآن إِلَى أَن الْحق بِهِ أخواته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 فَمن ذَلِك قَوْله للصاحب من قصيدة أَولهَا (أَبى لَيْسَ أَن أُبَالِي بالليالي ... وأخشى صرفهَا فِيمَن يُبَالِي) (حلولي فِي ذري ملك كطور ... رفيع مشرف الْأَعْلَام عالي) (إِلَى شمس الشتَاء إِلَى ظلال المصيف ... إِلَى الْغَمَام إِلَى الْهلَال) (إِذا مَا جَاءَهُ المذعور يَوْمًا ... وَحل بِبَابِهِ عقد الرّحال) (تبوأ من ذراه خير دَار ... فَلم يخْطر لمكروه ببال) // من الوافر // وَمِنْهَا عِنْد ذكر القصيدة (بودي لَو نهضت بهَا وَلَكِن ... ضعفت عَن الحراك لضعف حَالي) وَله إِلَيْهِ فِي صدر كِتَابه (نعم رَسُول الْخَادِم المحتشم ... إِلَى الْوَزير السَّيِّد الْمُحْتَرَم) (الصاحب الْبر الْأَجَل الأكرم ... كَافِي الكفاة ولي النعم) (مُدبر الأَرْض وراعي الْأُمَم ... بلغه الله أقاصي الهمم) (مَا فِي الْكتاب من ثمار الْقَلَم ... ) // من الرجز // وَله من قصيدة إِلَى أبي مُحَمَّد الخازن (أَتَانِي كتاب الشَّيْخ مولَايَ بَغْتَة ... فطار لَهُ غمي كَمَا طَابَ موردي) (وَفِيه معَان لَا تدين لكاتب ... وتعنو لعبد الله أعنى ابْن أَحْمد) (فأسكرن حَتَّى دونهَا خمر بابل ... وأطربن حَتَّى دونهَا لحن معبد) (قَرَأت سوادا فِي بَيَاض كَأَنَّهُ ... طراز عذار لَاحَ فِي خد أَمْرَد) // من الطَّوِيل // وَله من أَبْيَات فِي وصف الزلزلة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 (أسقني كأسا كلون الذَّهَب ... وأمزج الرِّيق بِمَاء الْعِنَب) (فقد ارتجت بِنَا الأَرْض ضحى ... كارتجاج الزئبق المنسرب) (وَكَأن الأَرْض فِي أرجوحة ... وكأنا فَوْقهَا فِي لولب) // من الرمل // وَقَوله فِي كسوف الْقَمَر (كَأَنَّمَا الْبَدْر بِهِ الْكُسُوف ... جَام لجين رائق نظيف) (فِي نصفه بنفسج قطيف ... ) // من الرجز // 95 - أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان أَصله من أَصْبَهَان ومولده ومنشؤه قاين ومستوطنه الْآن نيسابور وَهُوَ غرَّة فِي جبهة عصره وتاج على رَأس أهل مصره وخارج بمحاسنه وفضائله عَن الْمُعْتَاد إِلَى مَا لَا يدْرك بِالِاجْتِهَادِ وَاقِف من الْآدَاب على أسرارها قاطف من الْعُلُوم أحلى ثمارها وَبلغ من غلوه فِي محبتها وَشدَّة حرصه على اقتناء كتبهَا أَن ركب إِلَى قرارتها بَغْدَاد الشقة وَتحمل فِيهَا الْمَشَقَّة وَلم يرض بذلك مرّة حَتَّى كرّ إِلَيْهَا كرة لَيْسَ لَهُ بهَا غير الْأَدَب أرب وَلَا سوى الْكتب طلب أنْفق على تِلْكَ الْفَوَائِد من الطارف والتالد مَا عوضه عَنهُ صنوف المحامد وقديما قيل إِنْفَاق الْفضة على كتب الْآدَاب يخلفك عَلَيْهَا ذهب الْأَلْبَاب وَلَيْسَ الْيَوْم بنيسابور ديوَان شعر غَرِيب يجْرِي مجْرى التحف وَلَا كتاب جَدِيد يشْتَمل على بَدَائِع الطّرف إِلَّا وَمن عقده انتثر وَمن يَده انْتَشَر وَلَا بهَا سواهُ من تسمو همته على يسَاره لارتباط الوراقين فِي دَاره وَله من مؤلفاته كتاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 أَخْبَار أبي العيناء وَفِيه يَقُول (تفاءلت على علم ... بأخبار أبي العينا) (إِذا مَا قَرَأَ الْقَارِي ... بهَا قر بهَا عينا) // من الهزج // وَله كتاب أَخْبَار ابْن الرُّومِي مِمَّا أَلفه لي وَكتاب أَخْبَار جحظة الْبَرْمَكِي وَكتاب ذكر الْأَحْوَال فِي شعْبَان وَشهر رَمَضَان وشوال وَكتاب الْآدَاب فِي الطَّعَام وَالشرَاب وَله شعر كثير النكت وَقد كتبت أنموذجا مِنْهُ كَقَوْلِه (كم لَيْلَة أحييتها ومؤانسي ... طرف الحَدِيث وَطيب حث الأكؤس) (شبهت بدر سمائها لما دنت ... مِنْهُ الثريا فِي قَمِيص سندسي) (ملكا مهيبا قَاعِدا فِي رَوْضَة ... حَيَّاهُ بعض الزائرين بنرجس) // من الْكَامِل // وَقَوله (قَالَ لما قلت لم تهجرنا ... إِن أَتَى برد وَإِن ثلج وَقع) (أَنا كالحية أشتو كامنا ... ثمَّ أَنْسَاب إِذا الصَّيف رَجَعَ) // من الرمل // وَقَوله لبَعض الرؤساء (إِذا مَا سكت على مَا أسأم ... فنفسي بتكليفه لَا تفي) (وَإِمَّا نطقت فعيب يمض ... ولوم يجد وَلم أنصف) (فَهَل من سَبِيل إِلَى ثَالِث ... لأسلكه وَهُوَ عني خَفِي) // من المتقارب // وَقَوله (لم ألق مثل أبي بكر معدلكم ... فِي الْآدَمِيّين شبانا وَلَا شيبا) (حكى عَليّ أحاديثا أكاذيبا ... وَفِي اختلاس حقوقي قد حكى ذيبا) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 وَقَوله (تسب صديقي فِي الْمجَالِس عائبا ... وَمن عابه يَوْمًا كمن هُوَ عائبي) (فدع مثل هَذَا جانبا فِي الملاعب ... وَإِلَّا فَدَعْنِي مثله فِي الملاعب) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي لدغة عقرب أَصَابَته (تداويت من أوجاع لدغ أصابني ... براح شفتي من سموم العقارب) (فحمدا للطف الله حِين أزالها ... وَمن بعده حمد لفعل العقاربي) // من الطَّوِيل // وَله فِي كتاب الذَّخِيرَة (إِذا أَنْت عَالَجت ذَا عِلّة ... فَخذ للعلاج كتاب الذخيره) (فَنعم الذَّخِيرَة للمقتني ... وَنعم الغياث لنَفس خطيره) // من المتقارب // وَله (لَا تجزعن من كل خطب عرى ... وَلَا تَرَ الْأَعْدَاء مَا يشمت) (أما سَمِعت الله فِي قَوْله ... {إِذا لَقِيتُم فِئَة فاثبتوا} ) // من السَّرِيع // وَقَوله (مُجَاوزَة الْحَد والاعتدال ... إِلَى مَا يَقُود المنايا سريعه) (فَلَا تفرطن فِي جَمِيع الْأُمُور ... فَكل كثير عَدو الطبيعة) // من المتقارب // وَقَوله (تجنب شرار النَّاس واصحب خيارهم ... لتحذوهم فِي جلّ أفعالهم حذوا) (فَإِن لأخلاق الرِّجَال وفعلهم ... إِلَى غَيرهم عدوى توافيهم عدوا) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 وَكتب إِلَيْهِ مؤلف هَذَا الْكتاب يحاجيه (حاجيت شمس الْعلم فَرد الْعَصْر ... نديم مَوْلَانَا الْأَمِير نصر) (مَا حَاجَة لأهل كل مصر ... فِي كل مَا دَار وكل قصر) (يُبَاع فِي الْأَسْوَاق بعد الْعَصْر ... ) // من الرجز // فَكتب إِلَيْهِ (يَا بَحر آدَاب بِغَيْر جزر ... وحظه فِي الْعلم غير نزر) (حزرت مَا قلت وَكَانَ حزري ... أَن الَّذِي عنيت دهن البزر) (يعصره ذُو قُوَّة وأزر ... ) // من الرجز // 96 - أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد اليروجردي كَاتب بِحقِّهِ وَصدقه متبحر فِي ترسله مُنْقَطع القرين فِي كتاب عصره آخذ بأزمة الْكَلَام البارع يَقُودهَا كَيفَ أَرَادَ ويجذبها كَيفَ شَاءَ قد خدم الصاحب فِي عنفوان شبابه وتأدب بآدابه واختص بِهِ وراض طبعه على أَخذ نمطه وَمن جَانِبه وَقع إِلَى بِلَاد خُرَاسَان فاشتهر بهَا وَسَار كَلَامه فِيهَا وَهُوَ الْآن صدر كتاب الْأَمِير أبي نصر أَحْمد بن عَليّ الميكالي وَلَعَلَّ مَا قد ارْتَفع من سَواد رسائله إِلَى هَذِه الْغَايَة يَقع فِي أَرْبَعَة آلَاف ورقة وتزيد أَبْوَابهَا على خَمْسَة وَعشْرين وَله محاضرة حَسَنَة مفيدة وَشعر كتابي كثير المحاسن مُسْتَمر النظام وَمن أَوَائِله أَن الصاحب اتهمَ بعض المرد فِي مَجْلِسه بِسَرِقَة كتبه فَقَالَ (سرقت يَا ظَبْي كتبي ... ألحقت كتبي بقلبي) // من المجتث // وَأمر أَبَا مُحَمَّد بإجازته فَقَالَ (فَلَو فعلت جميلا ... رددت قلبِي وكتبي) // من المجتث // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 وأنشدني بِحَضْرَتِهِ يَوْمًا هَذَانِ البيتان (يَا نسيم الرّيح من بلد ... خبري بِاللَّه كَيفَ هم) (لَيْسَ لي صَبر وَلَا جلد ... لَيْت شعري كَيفَ صبرهم) // من المديد // فَأمره بإجازتهما فَقَالَ (ولسان الدمع يشْهد لي ... وَهُوَ مِمَّن لَيْسَ يتهم) // من المديد // وَمن ملحه قَوْله (قد سمعنَا بِكُل آبدة نكراء ... تبلى بِمِثْلِهَا الْأَحْرَار) (وغفرنا الْجَمِيع للدهر لَكِن ... مَا سمعنَا بكاتب يستعار) // من الْخَفِيف // وَقَوله فِي حَوْض لبَعض الرؤساء (حَوْض يجود بجوهر متسلسل ... سَاد الْجَوَاهِر كلهَا بنفاسته) (لَا زَالَ عذبا جَارِيا بِبَقَاء من ... هُوَ مثله فِي طبعه وسلاسته) // من الْكَامِل // وَقَوله من مزدوجة كتب بهَا إِلَى أبي سعد نصر بن يَعْقُوب (أَهلا بِمن أهْدى إِلَيْنَا الجونه ... وَلَا عدمنا أبدا مجونه) (فقد أعَاد منزلي خصيبا ... وازددت فِي الْخَيْر بِهِ نصبيا) (فَمن فراخ رخصَة مسمنه ... قد جعلت برسمها مطجنه) (وباقلاء كالليالي عظمت ... معقودة فِي سلكها قد نظمت) (إِذا التقطت حبها من الأقط ... حسبتني بهَا اللآلي ألتقط) (وَبَعضهَا فِي خلة منقوع ... جوع الْفَتى بطيبه مَدْفُوع) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 (وفلك بالروع يدعى رازي ... خطفته باللقم خطف الْبَازِي) (وَبعد هَذَا كُله شهد الْعَسَل ... ينْزع عَن ذائقه ثوب الكسل) (شكرت مولَايَ على مَا حملا ... وَلَا يُسَاوِي كل هَذَا جملا) // من الرجز // وَكتب إِلَى صديق لَهُ (بِسَاط الأَرْض مسك أَو عبير ... وزهر الرَّوْض وشي أَو حَرِير) (وللعيدان عيدَان عَلَيْهَا ... بمنطق طيرها بِمَ وَزِير) (وَقد صفى الزَّمَان الْخمر حَتَّى ... لقد عَادَتْ لدينا وَهِي نور) (وَمن يرد السرُور يَعش هَنِيئًا ... إِذْ الْعَيْش الهنيء هُوَ السرُور) (وَعِنْدِي الْيَوْم فتيَان كرام ... وُجُوههم شموس أَو بدور) (وقطب الْأَمر أَنْت وَهل لأمر ... بِغَيْر القطب فِيهِ رحى تَدور) (فرأيك فِي الْحُضُور فَحق يومي ... عَلَيْك وَقد دعيت لَهُ الْحُضُور) // من الوافر // وَكتب إِلَى آخر (حضرت مولَايَ للسلام ... وَقت الضحر وَهُوَ فِي الْمَنَام) (فَقلت هَذَا دَلِيل صدق ... عِنْدِي على جودة المدام) (والعتب فِي تَركه دَعَاني ... إِلَيْهِ فِي جملَة الندام) // من مخلع الْبَسِيط // كتب (يَوْم الثلاثا للسرور فَلَا تكن ... عَنهُ بِغَيْر السرُور مشتغلا) (والدهر فِي غَفلَة وعيشك لَا ... يطيب إِلَّا والدهر قد غفلا) (عجل وبادر بدار مغتنم ... فالدست وَالله لأمري عجلا) // من المنسرح // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 وَله فِي سكين (سكين عز لمن مداه ... فِي الْعِزّ يُغْنِيه عَن مداه) (فَلَو سَطَا ضَارب بِعُود ... لعاد سَيْفا على عداهُ) // من مخلع الْبَسِيط // 97 - أَبُو النَّصْر مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْعُتْبِي هُوَ لمحاسن الْأَدَب وبدائع النثر ولطائف النّظم ودقائق الْعلم كالينبوع للْمَاء والزند للنار يرجع مَعهَا إِلَى أصل كريم وَخلق عَظِيم وَكَانَ فَارق وَطنه الرّيّ فِي اقتبال شبابه وَقدم خُرَاسَان على خَاله أبي نصر الْعُتْبِي وَهُوَ من وُجُوه الْعمَّال بهَا وفضلائهم فَلم يزل عِنْده كَالْوَلَدِ الْعَزِيز عِنْد الْوَالِد الشفيق إِلَى أَن مضى أَبُو نصر لسبيله وتنقلت بِأبي النَّصْر أَحْوَال وأسفار فِي الْكِتَابَة للأمير أبي عَليّ ثمَّ للأمير أبي مَنْصُور سبكتكين مَعَ أبي الْفَتْح البستي ثمَّ النِّيَابَة بخراسان لشمس الْمَعَالِي واستوطن نيسابور وَأَقْبل على خدمَة الْآدَاب والعلوم وَله كتاب لطائف الْكتاب وَغَيره من المؤلفات وَله من الْفُصُول الْقصار شَيْء كثير كَقَوْلِه تعز عَن الدُّنْيَا تعز الشَّبَاب باكورة الْحَيَاة للهم فِي وخز النُّفُوس أثر النُّفُوس فِي خَز السوس لِسَان التَّقْصِير قصير وَلَا بَأْس أَو أورد أنموذجا من سَائِر نثره البهج وَكَلَامه الغنج الأرج رقْعَة فِي إهداء نصل خير مَا تقرب بِهِ الأصاغر إِلَى الأكابر مَا وَافق شكل الْحَال وَقَامَ مقَام الفال وَقد بعثت بنصل هندي إِن لم يكن لَهُ فِي قيم الْأَشْيَاء خطر فَلهُ فِي قمم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 الْأَعْدَاء أثر والنصل والنصر أَخَوان والإقبال وَالْقَبُول قرينان وَالشَّيْخ أجل من أَن يرى إبِْطَال الفال ورد الإقبال رقْعَة فِي الاستزارة يَوْم النَّحْر أمتع الله مولَايَ بِهَذَا الْعِيد وَالْيَوْم الْجَدِيد وَأطَال بَقَاءَهُ فِي الْجد السعيد والعيش الرغيد هَذَا يَوْم كَمَا عرفه التَّارِيخ الْعَام وغرة الْأَيَّام قد قضيت فِيهِ الْمَنَاسِك وأقيمت المشاعر وَأديت الْفَرَائِض والنوافل وحطت عَن الظُّهُور بهَا الآصار والمثاقل فالصدور مشروحة وأبواب السَّمَاء مَفْتُوحَة والرغبات مَرْفُوعَة والدعوات مسموعة وليت الْمَقَادِير أسعدتنا بِتِلْكَ المواقف الْكِرَام والمشاعر الْعِظَام فنحظى بعوائد خيراتها ونستهم فِي محَاسِن بركاتها وَإِذ قد فاتنا ذَاك فَمَا أحوجنا إِلَى أَن نحرم من مِيقَات الطَّرب ونغتسل من دنس الكرب ونلبس إِزَار المجون ونلبي على تَلْبِيَة الأوتار ونطوف بكعبة المزاح ونستلم ركن النشاط ونسعى بَين صفاء القصف ومروة العزف ونقف بِعَرَفَة الخلاعة ونرمي جمرات الهموم ونقضي تفث الوساوس ونضحي ببدن الأفكار فِي العواقب فَإِن رأى أَن يتفضل بالحضور لتتميم حجَّة السرُور فعل إِن شَاءَ الله رقْعَة فِي خطْبَة الود أَنا خَاطب إِلَى مولَايَ كَرِيمَة وده على صدَاق قلب معمور بِذكرِهِ مَقْصُور على شكره معترف بفضله عَالم بتبريز خصله على أَن أصونها من غواشي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 الصَّدْر فِي سجوف وأمسكها مدى الدَّهْر بِمَعْرُوف وأنحلها من عَادَة الرِّفْق ودماثه الْخلق ووطاءة الجناب ولطافة الْعشْرَة والاصطحاب مَا لَا تكتسي مَعَه نفورا وانقباضا وَلَا تَشْتَكِي نُشُوزًا وإعراضا فَإِن وجدني مولَايَ كُفؤًا لَهُ بعد أَن جِئْت رَاغِبًا وبلسان الْخطْبَة خاطبا أنعم بالإسعاف وَجعل الْجَواب مُقَدّمَة الزفاف حاميا بِهِ ديباجه السُّؤَال عَن خجلة الرَّد ووصمة المطال وَقد قدمت بَين يَدي هَذِه النَّجْوَى صَدَقَة طلبا للتحاب لَا على حكم الِاسْتِحْقَاق والاستيجاب وَمهما أنعم مولَايَ بقبولها أيقنت استكفاءه إيَّايَ لوده واستغرقت الوسع والإمكان فِي شكره والتحدث بعظيم بره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَله كتاب هَذَا كتاب من ديوَان العتب والاستبطاء إِلَيْك يَا عَامل الصدود والجفاء أما بعد فقد خَالَفت مَا أوجبه التَّقْدِير فِيك وأخلفت مَا وعده الظَّن بك وافتتحت مَا تَوليته من عمل الوداد بهجران أطار وادع الْقَرار وأودع الْقلب أحر من النَّار وتعقبته بخلع عذار الْوَفَاء أصلا ومعاقرة ندمان الْجفَاء نَهَارا وليلا وشغلك خمر الهجران وخمار النسْيَان عَن تَرْتِيب أُمُور الْمَوَدَّة وتهذيب جرائد الْوِصَال والمقة واستعراض روزنامجة الْكَرم واسترفاع ختمات الْعَهْد الْمُقدم وَتَأمل مبلغ الْورْد والإخراج من الود وتعرف مِقْدَار الْحَاصِل وَالْبَاقِي من أثر الرِّعَايَة فِي الْقلب وسلطت أَيدي خلفائك وَهُوَ عدَّة من إعراضك وصدك وجفائك على رعية النَّفس وَهِي الَّتِي جعلت أَمَانَة عنْدك ووديعة قبلك فأسرفوا فِي استيكالها وهموا باجتياحها واغتيالها غير رَاع لحُرْمَة الثِّقَة بك وَلَا واف بِشَرْط الِاعْتِمَاد عَلَيْك وَلَا قَاض حق الإيثار لَك والاستنامة إِلَيْك وَلَا نَاظر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 لغدك إِذا استعدت إِلَى الْبَاب وطولبت بِرَفْع الْحساب واستعرضت جَرِيدَة أفعالك واستقريت صحيفَة أعمالك هُنَالك يتَبَيَّن لَك مَا جنى عَلَيْك سوء صنيعك وَمَا الَّذِي جاش إِلَيْك فرط تضييعك فتصحو تَارَة عَن سكرة جفائك وتسكر أُخْرَى عَن سُورَة أحبائك وَكم تقرع من نَدم أسنانك وتعض من سدم بنانك هَيْهَات لَا ينفع إِذْ ذَاك إِلَى الْقلب السَّلِيم والعهد الْكَرِيم وَالْعَمَل القويم وَالسّنَن الْمُسْتَقيم وَمن لَك بهَا وَقد سودت وُجُوه آثارك وتلقيت أَمَانَة الْعَهْد بِسوء جوارك وقبح إخفارك وَلَوْلَا التأميل لفيأتك وارعوائك وانتهائك عَن تماديك فِي غلوائك لأتاك من أشخاص الْإِنْكَار مَا يقفك على صلاحك ويكفك عَن فرط جماحك فاجل أعزّك الله الغشاء عَن عين رعايتك واطرح القذى عَن شرب مخالصتك وارع مَا استحفظته من أَمَانَة الْفُؤَاد وَاعْلَم بأنك مسئول عَن عُهْدَة الوداد واكتب فِي الْجَواب بِمَا نراعيه مِنْك وَتعذر إِن كَانَ فِيمَا أقدمت عَلَيْهِ لَك إِن شَاءَ الله تَعَالَى رقْعَة استزارة هَذَا يَوْم رقت غلائل صحوه وخنثت شمائل جوه وضحكت ثغور رياضه واطرد زرد الْحسن فَوق حياضه وفاحت مجامر الأزهار وانتثرت قلائد الأغصان عَن فرائد الْأَنْوَار وَقَامَ خطباء الأطيار فَوق مَنَابِر الْأَشْجَار ودارت أفلاك الْأَيْدِي بشموس الراح فِي بروج الأقداح وَقد سيبنا الْعقل فِي مرج المجون وخلعنا العذار بأيدي الْجُنُون فَمن طالعنا بَين هَذِه الْبَسَاتِين وأنواع الرياحين طالع فتيانا كالشياطين ونصارى يَوْم الشعانين فَبِحَق الفتوة الَّتِي زَان الله بهَا طبعك والمروة الَّتِي قصر عَلَيْهَا أصلك وفرعك إِلَّا تفضلت بالحضور ونظمت لنا بك عقد السرُور الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 رقْعَة أُخْرَى أمتع الله الشَّيْخ بعنوان الشتَاء وباكورة الديم والأنواء وهنأه الله الْيَوْم الَّذِي هُوَ نُسْخَة جوده ومجاجة مَاء أرواه الله بِمَاء الْمجد من عوده وعرفه من بركاته أَضْعَاف قطر السَّمَاء بأقطاره وساحاته وأضحك قُلُوبنَا بِبَقَائِهِ كَمَا أضْحك الرياض بأندائه وحجب عَنهُ صروف الْأَيَّام كَمَا حجب السَّمَاء عَنَّا بأجنحة الْغَمَام قد حضرني أيد الله الشَّيْخ عدَّة من شركائي فِي خدمته فارتحت لاشتراكهم إيَّايَ فِيمَا أدرعته من فضل نعْمَته وأشفقت من سمة التَّقْصِير لَدَيْهِ فقدت هَذِه الرقعة جنيبة عذر بَين يَدي عَارض التَّقْدِير إِلَيْهِ وَفِي فائض كرمه مَا حفظ شَمل الْأنس على خدمه لَا زَالَ مأنوس الجناب بِالنعَم الرغاب مأهول الْمعَاهد بالقسم الخوالد فصل فِي الْإِنْكَار على من يذم الدَّهْر عتبك على الدَّهْر دَاع إِلَى العتب عَلَيْك واستبطاؤك إِيَّاه صَارف عنان اللوم إِلَيْك فالدهر سهم من سِهَام الله منزعه عَن مقابض أَحْكَامه ومطلعه من جَانب مَا حررته مجاري أقلامه والوقيعة فِيهِ بمرس بِحكم خالقه وباريه ومجاري الْأَشْيَاء على قدر طباعها وبحسب مَا فِي قواها وأوضاعها وَمن ذَا الَّذِي يلوم الأراقم على النهش بالأنياب والعقارب على اللسع بالأذناب وأنى لَهَا أَن تذم وَقد أشربت خلقتها السم وَحكم الله فِي كل حَال مُطَاع وبأمره رضى واقتناع فَاعْفُ الزَّمَان عَن قوارص لسَانك وَاضْرِبْ عَلَيْهَا حجاب الْحِرْص بأسنانك وَاذْكُر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الله هُوَ الدَّهْر) وَعَلَيْك بِالتَّسْلِيمِ لحكم الْعلي الْعَظِيم فَذَاك أَحْمد عُقبى وأرشد دينا وَدُنْيا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 رقْعَة إِلَى صديق لَهُ قامر على كتب لَهَا خطر فقمر المحن أيدك الله معلقَة بَين جناحي تَقْدِير وَسُوء تَدْبِير فَأَما الَّتِي تطلع من جَانب الْمِقْدَار فالمرء فِيهِ معفى عَن كلفة الِاعْتِذَار وَأما الَّتِي أوكتها يَده ونفخها فوه فَلَيْسَ لخرقها أحد يرفوه وَفِي فصوص الأفلاك الدائرة مَا يُغني عَن فصوص الْعِظَام الناخرة اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا عميت عين الاختبار وَصمت أذن الروية وَالِاعْتِبَار وَالله ولي الْإِرْشَاد إِلَى طَرِيق الصَّوَاب والسداد وَبَلغنِي مَا كَانَ من خطارك بِمَا اعتددته غرَّة الْغرَر ودرة الدُّرَر وَنُهْبَة الْأَدَب وزبدة الحقب حَتَّى قمرته الْأَيْدِي الخاطفة واختطفته الأطماع الجارفة فأعدمت من غير لص قَاطع وأصبت بِغَيْر موت فاجع فيا لَهُ من غبن يلْزم المغرم وَيحرق الأرم وَيقطع البنان ويحير الْعين وَاللِّسَان نعم يَا سَيِّدي قد مسني من القلق لسوء اختيارك وقبح آثارك مَا يمس من يراك بضعَة من لَحْمه ودفعة من دَمه وَلَا يميزك عَن نَفسه فِي حالتي وحشته وأنسه لَكِن من طباع النُّفُوس الناطقة أَن تنفر عَمَّن يسيء النّظر لذاته وَتذهب عَمَّن يعْمل الْفِكر فِي مصَالح أُمُوره وجهاته وَمن غفل عَن صَلَاح نَفسه فَهُوَ أغفل عَن صَلَاح من سواهُ وَمن عجز عَن تَدْبِير مَا يَخُصُّهُ فَهُوَ أعجز عَن تَدْبِير من عداهُ وَالله يلهمك الصَّبْر على مَا جنته يدك ويدرعك السلوة عَمَّا أورطتك فِيهِ نَفسك وَيجْعَل هَذِه الْوَاحِدَة منبهة لَك من سنة الضلال ومزجرة عَن سنة الْجُهَّال وَبعد فَلم ينقص من عمرك مَا أيقظك وَلَا ذهب من مَالك مَا وعظك فإياك أَن يطمعك اللجاج فِي معاودة تِلْكَ الخطة الشوهاء فَإِنَّهَا تَأْخُذ مِنْهَا أَكثر مِمَّا تعطيك وتسخطك فَوق مَا ترضيك وَإِن يرد الله بك خيرا يهدك ويسعدك بيومك وغدك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 ملح وغرر من شعره قَالَ (لَهُ وَجه الْهلَال لنصف شهر ... وأجفان مكحلة بِسحر) (فَعِنْدَ الابتسام كليل بدر ... وَعند الانتقام كَيَوْم بدر) // من الوافر // وَقَالَ (بنفسي من غَدا ضيفا عَزِيزًا ... عَليّ وَإِن لقِيت بِهِ عذَابا) (ينَال هَوَاهُ من كَبِدِي كبابا ... وَيشْرب من دمي أبدا شرابًا) // من الوافر // وَقَالَ (أيا ضرَّة الشَّمْس المنيرة بالضحى ... وَمن عجزت عَن كنهها صفة الورى) (عذرتك إِن لم أحظ مِنْك بِرُؤْيَة ... فَأَنت لعمري الرّوح وَالروح لَا ترى) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (لي شادن مَا أُطِيق الدَّهْر هجرته ... أَمن يجرعني دَاء يداويني) (شمس تظللني نجم يضللني ... مَاء يسكرني رَاح تصحيني) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (إِنِّي أضن بحبيه على سقمي ... وَلَيْسَ وَالله دَاء الْحبّ بالأمم) (قَالَ الطَّبِيب اقتصد يَوْمًا فَقلت لَهُ ... أخْشَى خُرُوج هَوَاهُ مَعَ خُرُوج دمي) // من الْبَسِيط // وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 (فتكت بمهجتي عمدا فَهَلا ... طويت الجرم فِي ثني اعتذارك) (أرى نَار الصدود على فُؤَادِي ... فَمَا بَال الدُّخان على عذارك) // من الوافر // وَقَالَ (بنفسي من نَفسِي لَدَيْهِ رهينة ... يجرعها صبرا ويمنعها الصبرا) (أغار على قلبِي فَلَمَّا استباحه ... أغار على دمعي فنظمه ثغرا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (وقائلة مَا بَال خدك كلما ... رَآنِي يلقاني بصفرة جِلْبَاب) (فَقلت كَذَا بدر السَّمَاء إِذا بدا ... أَفَاضَ على الغبراء صفرَة زرياب) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (عجبت لفاقع سحنتي ومدامعي ... منهلة ورأته قبل موردا) (فأجبتها لَا تعجبن فَإِنَّهُ ... يصفر لون الزَّعْفَرَان من الندا) // من الْكَامِل // وَقَالَ (يَا ذَا الَّذِي فتن الورى وبوجهه ... أخيا رسوما للمحاسن عافيه) (يَحْكِي محياه خلال عذاره ... علم السَّلامَة فِي طراز العافيه) // من الْكَامِل // وَقَالَ (إِذا رمت من سيد حَاجَة ... فراع لَدَيْهِ الرِّضَا وَالْغَضَب) (فَإِن التهجم ليل المنى ... وَإِن الطلاقة صبح الْأَدَب) // من المتقارب // وَقَالَ (لَا تحسبن هشاشتي لَك عَن رضى ... فوحق فضلك إِنَّنِي أتملق) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 (وَلَقَد نطقت بشكر برك مفصحا ... ولسان حَالي بالشكاية أنطق) // من الْكَامِل // وَقَالَ (شكرتك طول الدَّهْر غير مُقَابل ... ندى لَك بل جَريا على طول منتي) (وَمن لَك بالطرف الْجواد بمسكه ... بِلَا سنبل يرعاه فِي أَرض تبت) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أدل على ثِقَة بالهوى ... وقلب تضمن صفو المقه) (فَلَا تنكرن دلالا لَهُ ... فَإِن الدَّلال دَلِيل الثقه) // من المتقارب // وَقَالَ (أدّى الْخلاف لَك الْخلاف تشابها ... وَكِلَاهُمَا فِي الِاخْتِيَار ذميم) (لَو كَانَ خيرا فِي الْخلاف لزانه ... ثَمَر وَلَكِن الْخلاف عقيم) // من الْكَامِل // وَقَالَ (الله يعلم أَنِّي لست ذَا بخل ... وَلست مطلبا فِي الْبُخْل لي عللا) (لَكِن طَاقَة مثلي غير خافية ... والنمل يعْذر فِي الْقدر الَّذِي حملا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (مَا أَنْت فِي الْأَخْذ من دون الْعَطاء سوى ... صابون غاسلة معنى ومرتسما) (فَمَا ترى دسما يَوْمًا بِظَاهِرِهِ ... ودأبه أبدا أَن يغسل الدسما) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (لما سُئِلت عَن المشيب أَجَبْتهم ... قَول امْرِئ فِي أمره لم يمذق) (طحن الزَّمَان بريبه وصروفه ... عمري فثار طحينة فِي مفرقي) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 وَقَالَ (شيبي عَزِيز غير أَن شبيبتي ... علق كريم لَا يُجَاوِزهُ الأمل) (من ذَا الَّذِي سَاوَى سَواد لحاظه ... ببياض عَيْنَيْهِ وحسبك ذَا الْمثل) // من الْكَامِل // وَقَالَ (تعلم من الأفعى أمالي طبعها ... وآنس إِذا أوحشت تعف عَن الذَّم) (لَئِن كَانَ سم ناقع تَحت نابها ... فَفِي لَحمهَا ترياق غائلة السم) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (يَا من يُقَابل ديناري بدرهمه ... أقصر فدعواك طَاوُوس بِلَا ريش) (وَأي عيب لعين الشَّمْس إِن عميت ... أَو قصرت عَنهُ أبصار الخفافيش) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (عَلَيْك بإغباب الْوِصَال فضده ... يُعِيد حبال الود مِنْك رثاثا) (وَلَو كلف الْإِنْسَان رُؤْيَة وَجهه ... لطلقه بعد الثَّلَاث ثَلَاثًا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أَظن زمَان السوء قارف أبنة ... فَإِنِّي أرَاهُ يتبع العلج والغمرا) (زففت إِلَى دهري عروس كفايتي ... فَطلقهَا قبل الدُّخُول بهَا عشرا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ يعزي الشَّيْخ أَبَا الطّيب سهل بن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن ابْنه (من مبلغ شيخ أهل الْعلم قاطبة ... عني رِسَالَة محزون وأواه) (أولى البرايا بِحسن الصَّبْر ممتحنا ... من كل فتياه توقيع عَن الله) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 وَقَالَ (عَلَيْك عِنْد اعْتِرَاض الْهم بالقدح ... فَإِنَّهُ أبدا قداحة الْفَرح) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (عبس لما أَن مسست نَقله ... كأنني نزعت مِنْهُ مقله) // من الرجز // وَقَالَ لَهُ يَوْمًا أَبُو الْفَتْح البستي يَا شيخ مَا تَقول فِي الكرنب فَقَالَ مرتجلا (أطْعمهُ إِن لم يكن كرى بِي ... ) 98 - أَبُو نصر إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي من أَعَاجِيب الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَنه من الفاراب إِحْدَى بِلَاد التّرْك وَهُوَ إِمَام فِي علم لُغَة الْعَرَب وخطه يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْحسن وَيذكر فِي الخطوط المنسوبة لخط ابْن مقلة ومهلهل واليزيدي ثمَّ هُوَ من فرسَان الْكَلَام وَمِمَّنْ آتَاهُ الله قُوَّة وبصيرة وَحسن سريرة وسيرة وَكَانَ يُؤثر السّفر على الوطن والغربة على السكن والمسكن ويخترق البدو والحضر وَيدخل ديار ربيعَة وَمُضر فِي طلب الْأَدَب وإتقان لُغَة الْعَرَب وَحين قضى وطره من قطع الْآفَاق والاقتباس من عُلَمَاء الشَّام وَالْعراق عاود خُرَاسَان وتطرق الدامغان فأنزله أَبُو عَليّ الْحسن ابْن عَليّ وَهُوَ من أَعْيَان الْكتاب وأفراد الْفُضَلَاء عِنْده وبذل فِي إكرام مثواه وإحسان قراه جهده وَأخذ من أدبه وخطه حَظه ثمَّ سرحه بِإِحْسَان إِلَى نيسابور فَلم يزل مُقيما بهَا على التدريس والتأليف وَتَعْلِيم الْخط الأنيق وَكِتَابَة الْمَصَاحِف والدفاتر اللطائف حَتَّى مضى لسبيله عَن آثَار جميلَة وأخبار حميدة وَله كتاب الصِّحَاح فِي اللُّغَة وَهُوَ أحسن من الجمهرة وأوقع من تَهْذِيب اللُّغَة وَأقرب متناولا من مُجمل اللُّغَة وَفِيه يَقُول أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 النَّيْسَابُورِي وَعِنْده الْكتاب بِخَط مُؤَلفه (هَذَا كتاب الصِّحَاح سيد مَا ... صنف قبل الصِّحَاح فِي الْأَدَب) (يَشْمَل أَنْوَاعه وَيجمع مَا ... فرق فِي غَيره من الْكتب) // من المنسرح // وللجوهري شعر الْعلمَاء لَا شعر مفلقي الشُّعَرَاء وَأَنا كَاتب من لمعه مَا أنشدنيه أَبُو سعد بن دوست وَإِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد فَمن ذَلِك قَوْله (لَو كَانَ لي بُد من النَّاس ... قطعت حَبل النَّاس بالياس) (الْعِزّ فِي الْعُزْلَة لكنه ... لَا بُد للنَّاس من النَّاس) // من السَّرِيع // وَقَوله من نتفة (فها أَنا يُونُس فِي بطن حوت ... بنيسابور فِي ظلل الْغَمَام) (فبيتي والفؤاد وَيَوْم دجن ... ظلام فِي ظلام فِي ظلام) // من الوافر // وَقَوله (رَأَيْت فَتى أشقرا أزرقا ... قَلِيل الدِّمَاغ كثير الفضول) (يفضل من حمقه دَائِما ... يزِيد بن هِنْد على ابْن البتول) // من المتقارب // وَقَوله (يَا صَاحب الدعْوَة لَا تجزعن ... فكلنا أزهد من كرز) (وَالْمَاء كالعنبر فِي قومس ... من عزه يَجْعَل فِي الْحِرْز) (فسقنا مَاء بِلَا منَّة ... وَأَنت فِي حل من الْخبز) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 99 - أَبُو مَنْصُور أَحْمد بن مُحَمَّد اللجيمي أديب كَاتب شَاعِر خدم الصاحب ومدحه ورثاه وَوَقع من الدينور إِلَى نيسابور فتصرف بهَا وتأهل وَمِمَّا أنشدنيه لنَفسِهِ قَوْله (وقفت يَوْم النَّوَى مِنْهُم على بعد ... وَلم أودعهم وجدا وإشفاقا) (إِنِّي خشيت على الأظعان من نَفسِي ... وَمن دموعي إحراقا وإغراقا) // من الْبَسِيط // وَقَوله (ودعت إلفي وَفِي يَدي يَده ... مثل غريق بِهِ تمسكت) (فرحت عَنهُ وراحتي عطرت ... كأنني بعده تمسكت) // من المنسرح // وَقَوله من قصيدة كتب بهَا إِلَى ابْن بابك (يَا من يجددني مَعَ الأوهام ... عهدا ويطرقني مَعَ الأحلام) (ومجال ودك إِنَّه متحصن ... بمجال أفكاري مَعَ اللوام) (مَا أَوْمَضْت نَحْو الْعرَاق عقيقة ... إِلَّا سرى مَعهَا إِلَيْك سلامي) (فَارْجِع إِذا نحت الْجبَال تَحِيَّة ... تحيي قَتِيل صبَابَة وغرام) (ومخيم للأنس حف بفتية ... بيض الْخَلَائق وَالْوُجُوه كرام) (تابعت فِيهِ بادكارك مترعا ... حامى بوابل دمعي السجام) (وَتركت عرضته بذكرك رَوْضَة ... نابت عَن النسرين والنمام) (بِأبي خلائفك الَّتِي لَو أَنَّهَا ... فِي الراح لم يَك شربهَا بِحرَام) (أوفي الزَّمَان غَدا نَهَارا كُله ... لَا يعقب الإصباح بالإظلام) (أهْدى إِلَيّ لَك الحجيج عرائسا ... تجلي فتجلو نقبة الأفهام) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 (وَلَا تغررك رَائِحَة ... تصيبك من روائحها) (فمادحها بغفلته ... يصير إِلَى فضائحها) // من مجزوء الوافر // 109 - عَليّ بن أبي عَليّ الْعلوِي كَانَ فِي نِهَايَة النجابة فاحتضر فِي عنفوان شبابه وَله شعر علق بحفظي مِنْهُ مَا أنشدنيه أَخُوهُ أَبُو إِبْرَاهِيم لَهُ (همم الرِّجَال تبين فِي أفعالهم ... وَالْفِعْل عدل شَاهد للْغَائِب) (وَلنَا تراث الْمجد حزنا فَضله ... عَن خير ماش فِي الْأَنَام وراكب) // من الْكَامِل // والآن أَخُوهُ أَحْمد نعم الْعِوَض عَنهُ وَالْخلف مِنْهُ (وَالشَّمْس تسليك عَمَّا حل بالقمر ... ) وَله شعر حسن لَا يحضرني مِنْهُ إِلَّا قَوْله (هَوَاك من الدُّنْيَا نَصِيبي وإنني ... إِلَيْك لمشتاق كجفني إِلَى الغمض) (فزرني وبادر يَوْم ثلج كَأَنَّهُ ... شمائم كافور نثرن على الأَرْض) // من الطَّوِيل // 110 - أَبُو البركات عَليّ بن الْحُسَيْن الْعلوِي يزين تالد أَصله بطارف فَضله ويحلي طَهَارَة نسبه ببراعة أدبه وَيرجع من حسن الْمُرُوءَة وكرم الشيمة وعفة الطعمة إِلَى مَا تتواتر بِهِ أخباره وَتشهد عَلَيْهِ آثاره وَيَقُول شعرًا صادرا عَن طبع شرِيف وفكر لطيف كَقَوْلِه من قصيدة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 (لَئِن بلغت رزيته قلوبا ... فذبن وَأَعْيُنًا منا فجدنا) (لما بلغت حقائقها وَلَكِن ... على الْأَيَّام نَعْرِف من فَقدنَا) // من الوافر // وَله من قصيدة (ولرب مخطفة تضم جفونها ... عَيْني مهاة بالصريمة خاذل) (تغتال رامقها بقد رامح ... وتصيد وامقها بِطرف نابل) // من الْكَامِل // وَمن أُخْرَى (يَا لَيْلَة حزنت فِيهَا كواكبها ... وضاعفت كمدي أذيالها السود) (أَنْت الْفِدَاء لِليْل شَردت حزني ... فِيهِ الأغاريد والغيد الأماليد) (وقهوة فِي احمرار الْورْد شعشعها ... مورد الثَّوْب فِي خديه توريد) (تمر محثوثة حث الركاب بِنَا ... تحدو بهَا نغم الْقَيْنَات وَالْعود) (مَا أنس لَا أنس ذَات الْخَال إِذا حسرت ... قناعها فبدت تِلْكَ العناقيد) (وأطلعت بمحياها وجمتها ... شمسا عَلَيْهَا رواق اللَّيْل مَمْدُود) (بِي من هَواهَا رسيس لَا يزَال لَهُ ... فِي حبه الْقلب تصويب وتصعيد) // من الْبَسِيط // وَمن أُخْرَى (لَا تلمني على الدُّمُوع الَّتِي لولاك ... لم تدم من جفوني غربا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 (طرف الْغُصْن لَا تلام على الْقطر ... إِذا النَّار شعلت فِيهِ رطبا) // من الْخَفِيف // وَله (لَو ضم قلب الدَّهْر مَا ضمه ... قلبِي من حر النَّوَى والبعاد) (لاحترق الحوتان من دونه ... فَصَارَ مَا بَينهمَا كالرماد) // من السَّرِيع // 100 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن القمي كَاتب شَاعِر أَقَامَ بنيسابور يكْتب للعمال ويتصرف فِي الْأَعْمَال وَهُوَ الْقَائِل (أرى عُمَّال نيسابور ... دهر الله فِي النحس) (فَمن يعْمل بهَا يَوْمًا ... يَقع شَهْرَيْن فِي الْحَبْس) (بهَا يضْرب بالقلس ... أعز النَّاس فِي فلس) // من الهزج // وَقَالَ فِي معقل وَكَانَ بنْدَار نيسابور (يَا أَيهَا الشَّيْخ الْكَبِير الْمفضل ... أَقبض يَدَيْهِ فمعقل لَا يعقل) (ظلموه إِذْ ودعوا دَوَاة عِنْده ... ولديه يوضع منجل أَو معول) // من الْكَامِل // وَقَالَ لأبي مُحَمَّد بن أبي سَلمَة (أَيهَا الشَّيْخ الَّذِي كل الورى ... يتلَقَّى وَجهه بالتفديه) (هَل يوازي فضلك الْمَشْهُور أَن ... تحضر الدِّيوَان يَوْم الترويه) // من الرمل // وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 (يَا من إِلَيْهِ الْمَعَالِي ... من كل أَوب تحاز) (إِن لم يكن لي فِيهِ ... شغل لديكم فجازوا) // من المجتث // وَقَالَ (يَقُول النَّاس لي جَامع ... خطيب الْمَسْجِد الْجَامِع) (وَمن ذَا يَأْكُل الْميتَة ... إِلَّا الجائع النائع) // من الهزج // وَقَالَ (يَا جواد اللِّسَان من غير جود ... لَيْت جود اللِّسَان فِي راحتيكا) // من الْخَفِيف // 101 - أَبُو الغطاريف عملاق بن غيداق العثماني أَعْرَابِي جَهورِي متقعر فِي كَلَامه كثير الشّعْر قَلِيل الْملح وَمِمَّنْ ثقل حَتَّى خف وقبح حَتَّى ملح طَرَأَ على نيسابور أطوارا وَأقَام بهَا فِي الْمرة الأولى بضع سِنِين ينتسب إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَيقْرَأ الْقُرْآن بجهارة شَدِيدَة ويشعر وَيتَعَاطَى الْفَوَاحِش فَإِذا قيل لَهُ كَيفَ أَصبَحت أَيهَا الشريف قَالَ أَصبَحت جوالا فِي السكَك حَلَالا للتكك على رَأسه طائركم مَعكُمْ سرمدا وعَلى جَبينه وَلنْ تُفْلِحُوا إِذا أبدا وَكَثِيرًا مَا ينشد لنَفسِهِ (تلبس عملاق بن غيداق للشقا ... وللحزن والإفلاس أَثوَاب حارس) (يطوف بنيسابور فِي كل سكَّة ... خَليفَة مَوْلَاهُ طفيل العرائس) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 وَذَلِكَ أَن طفيل العرائس الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الطفيليون من موَالِي عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ ومدح عملاق فائق الْخَاصَّة بقصيدة أَولهَا وَهُوَ أَمِير شعره (يَا دولة أيدت بخالقها ... وبالأمير الْجَلِيل فائقها) // من المنسرح // فَأمر بِإِثْبَات اسْمه فِي جملَته واستصحبه وَوَصله وَلم يزل مَعَه إِلَى أَن فرق الدَّهْر بَينهمَا ثمَّ إِن الشَّيْخ الْجَلِيل أَبَا الْعَبَّاس أحسن النّظر لَهُ وأجرى إنعامه عَلَيْهِ وَوَصله وَهُوَ الْآن مِمَّن يعِيش فِي كنفه وَمِمَّا سمعته ينشد لنَفسِهِ قصيدة أَولهَا (لبسنا لهَذَا الْفَصْل حمر المطارف ... وَفِيه انسلخنا من لِبَاس المصايف) (وفاقم صقْلَابٍ وأفتاك خَدلج ... حذار ريَاح الزَّمْهَرِير العواصف) (وسنجاب خرخيد وسمور بلغر ... وأوبار آبَاء الْحصين التوالف) (مَعَ الْخَزّ والديباج حيكا بتستر ... وبالسقلاطوني تَحت الملاحف) // من الطَّوِيل // 102 - أَبُو الْمُعَلَّى ماجد بن الصَّلْت الْمَعْرُوف بناقد الْكَلَام الْيَمَانِيّ ورد نيسابور متطرقا لَهَا إِلَى غزنة وأدعى أَكثر مِمَّا يحسن وَأنْشد لنَفسِهِ شعرًا كثيرا أخرجت مِنْهُ قَوْله فِي ممهد الدولة هَذِه (بَعدت صفاتك يَا ممهد وادنت ... كغموض معنى فِي كَلَام ظَاهر) (خفيت وأظهرها الطباع خُفْيَة ... كالنور يُوجد فِي سَواد النَّاظر) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 وَقَوله (لم يكفني بِالريِّ خيبة مطلبي ... حَتَّى حرمت لذاذة الإيناس) (كالأعور الْمِسْكِين أعدم عينه ... وأعيض عَنْهَا بغضة فِي النَّاس) // من الْكَامِل // وَقَوله (إِذا فكر الْإِنْسَان فكرة عَاقل ... رأى عيشه معنى لمغنى مماته) (إِذا نَالَ يَوْمًا زَائِدا فِي معاشه ... فَذَلِك يَوْم نَاقص من حَيَاته) // من الطَّوِيل // وَقَوله (أَنْت لعمري خير شَرّ الورى ... ترضاك من ترْضى بإقلال) (والأعور المقوت مَعَ قبحه ... خيز من الْأَعْمَى على حَال) // من السَّرِيع // وَقَوله (فِي ثغر عبد الْكَرِيم شَيْء ... من فَمه لَيْسَ بالكريم) (تحسب طول الْحَيَاة فَاه ... يمج خمرًا بِغَيْر مِيم) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (رب صديق قدمت من سفر ... فَجئْت من مقدمي أهنيه) (لَا حق لي عِنْده فيقضيه ... وَحقه لَا أَزَال أقضيه) // من المنسرح // وَقَوله (ظلم امْرُؤ ندب التُّجَّار إِلَى العلى ... حسب التُّجَّار دفاتر الحسبان) (همم لَهُم بَين النُّقُود وصرفها ... والسعر والمكيال وَالْمِيزَان) // من الْكَامِل // وَقَوله (لِسَان الْحق أفْصح من لساني ... وصمتي عَن كَلَامي ترجماني) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 (وَأَنت لمن رَمَاه الدَّهْر عون ... فَكُن عوني على صرف الزَّمَان) // من الوافر // 103 - عبد الْقَادِر بن طَاهِر التَّمِيمِي أَبُو مَنْصُور فَقِيه وجيه نبيه قَلِيل الشبيه يتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَيتَكَلَّم على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَيرجع إِلَى رَأس مَال فِي الْأَدَب والنحو وَكَانَ أَبوهُ عبد الله انْتقل من بَغْدَاد إِلَى نيسابور وَمَعَهُ أَبُو مَنْصُور فتفقه بهَا وبرع وَبلغ مَا بلغ وَله شعر يحذو فِي أَكْثَره حَذْو مَنْصُور الْفَقِيه الْبَصْرِيّ كَقَوْلِه (يَا سائلي عَن قصتي ... دَعْنِي أمت بغصتي) (المَال فِي أَيدي الورى ... واليأس مِنْهُم حصتي) // من مجزوء الرجز // وَقَوله (يَا ماجدا فاق الورى ... لَا زلت مأوى للقرى) (عَليّ دين مَانع ... عَيْني من طيب الْكرَى) (فَكُن لديني قَاضِيا ... يَا خير من فَوق الثرى) // من مجزوء الرجز // وَقَوله (أَلا إِن دنياك مثل الوديعه ... جَمِيع أمانيك فِيهَا خديعه) (فَلَا تغترر بِالَّذِي نلْت مِنْهَا ... فَمَا هُوَ إِلَّا سراب بقيعه) // من المتقارب // وَقَوله (إِذا ضَاقَ صَدْرِي وَخفت العدى ... تمثلت بَيْتا بحالي يَلِيق) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 فبالله نبلغ مَا نرتجى ... وَبِاللَّهِ ندفع مَا لَا نطيق) // من المتقارب // وَقَوله (سقتني لتروي الرّوح رَاحا وحققت ... مواعدها ذَات الوشاح بإنجاز) (على نرجس حيت بِهِ فَكَأَنَّمَا ... أناملها انضمت على حدق الْبَازِي) // من الطَّوِيل // 104 - أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عمر الْبَلْخِي الزَّاهِر كَانَ فَارق بلدته فِي صباه وَركب الْأَسْفَار إِلَى الْعرَاق وَالشَّام وتلقب بالزاهر مقتديا بِقوم من الشُّعَرَاء تلقبوا بالناجم والناشي والنامي والزاهي والطالع والطاهر ثمَّ كرّ إِلَى خُرَاسَان وَألقى عَصَاهُ بنيسابور وتكسب بالشعر واستكثر مِنْهُ فمما علق بحفظي مِمَّا أنشدنيه لنَفسِهِ قَوْله ويروي لأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الغزنوي (أَقُول وَقد فَارَقت بَغْدَاد مكْرها ... سَلام على عهد القطيعة والكرخ) (هواي ورائي والمسير خِلَافه ... فقلبي إِلَى كرخ ووجهي إِلَى بَلخ) // من الطَّوِيل // وَقَوله (قُولُوا لقوم بنيسابور أمدحهم ... عِنْد الضَّرُورَة والإفلاس والضيق) (أَصبَحت فيهم وَحقّ الله خالقنا ... كمصحف دارس فِي بَيت زنديق) // من الْبَسِيط // 105 - أَبُو الْقَاسِم يحيى بن عَليّ البُخَارِيّ الْفَقِيه من أَبنَاء التُّجَّار المياسير ببخارى وَورد مَعَ أَبِيه نيسابور متفقها وَهُوَ من آدب الْفُقَهَاء وأحفظهم لما يصلح للمحاضرة فَبَقيَ بهَا مُدَّة واختير للْإِمَامَة فِي الْمَسْجِد الْجَامِع وَلم يزل يتولاها إِلَى أَن آثر الْعُزْلَة فقاده زهده وورعه إِلَى المرابطة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 بدهستان وَهُوَ بهَا الْآن وَكَانَ أَنْشدني وَكتب لي من شعره غررا لَا يحضرني مِنْهَا إِلَّا قَوْله (أيا من همه الْجمع ... لما حَاصله الْقُوت) (كَأَنِّي بك يَا نَائِم ... قد أيقظك الْمَوْت) // من الهزج // فصل كَانَ من حق هَذَا الْبَاب أَن يتَضَمَّن ذكر أبي الْحُسَيْن الرخجي وَأبي الْحسن الممتاخي صَاحب كتاب من غَابَ عِنْد النديم وَأبي الْحسن الْحَنْظَلِي السهروردي وَأبي سعيد الْبَلَدِي وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الْكَرْخِي وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن عِيسَى الْكَرْخِي وَأبي المظفر الْكَمَال بن آدم الْهَرَوِيّ وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْحِمْيَرِي وَلَكِن لم يحضرني شي من أشعارهم فِي هَذِه الغربة وَإِن نفس الله الْمهل وعاودت الوطن جبرت كَسره بِمَا يصلح لَهُ من كَلَامهم وَإِن عَاق محتوم الْأَجَل عَن ذَلِك فَإِنِّي أَرغب إِلَى من ينظر بعدِي فِي هَذَا الْكتاب من الْفُضَلَاء الَّذين يصيدون شوارد الْكَلم وينظمون قلائد الْأَدَب أَن يَنُوب عَن أَخِيه فِيهِ وَيلْحق مَا يجده مِنْهُ بمواضعه من هَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَبِه التَّوْفِيق وَمِنْه الْإِعَانَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 الْبَاب الْعَاشِر فِي ذكر النيسابوريين الَّذين تقع محَاسِن أَقْوَالهم فِي هَذَا الْبَاب وكتبة لطائفهم وظرائفهم 106 - رَئِيس نيسابور أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن إِسْمَاعِيل الميكالي هُوَ أشهر وَذكره أَسِير وفضله أَكثر من أَن يُنَبه عَلَيْهِ وَله مَعَ كرم حَسبه وتكامل شرفه فَضِيلَة علمه وأدبه وَكَانَ من الْكِتَابَة والبلاغة بِالْمحل الْأَعْلَى وَله من سَائِر المحاسن الْقدح الْمُعَلَّى فَكَانَ يحفظ مائَة ألف بَيت للْمُتَقَدِّمين والمحدثين يهذها فِي محاضراته ويحلها فِي مكاتباته وَله شعر كتابي يُشِير لشرف قَائِله لَا لِكَثْرَة طائله فَمن ذَلِك مَا قَالَه على لِسَان كَاتبه أبي الطّيب (يَوْم دجن قد تناهى طيبه ... وحقيق أَن يجينا بالمطر) (وَالثُّلَاثَاء يُنَادي غدْوَة ... مَا للهو بعد هَذَا منتظر) (هَل يجوز الصحو فِي أَثْنَائِهِ ... إِن هَذَا الرَّأْي من إِحْدَى الْكبر) // من الرمل // وَقَوله فِي النكبة الَّتِي عرضت لَهُ فِي آخر أَيَّامه (خانني الأير حِين خَان زماني ... وجفاني كَأَنَّهُ إخْوَانِي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 (وثنى عني الْعَنَان غزال ... كَانَ قبل المشيب طوع عناني) (يتجنى عَليّ من غير جرم ... ويراني كَأَنَّهُ لَا يراني) (كَيفَ يصبو إِلَيّ وَهُوَ عليم ... أَن أيري كعطفة الصولجان) (لَيْسَ يُرْجَى لَهُ انتباه من النّوم ... وَلَا صبوة لذكر الغواني) (كَانَ من قبل سَامِعًا مستجيبا ... مسعدا لي فعقني وجفاني) (بل رَآنِي مصادرا مستكينا ... فرثى لي من انقلاب الزَّمَان) (ولوى جيده فَأصْبح لدنا ... ينثنى تثني الخيزران) (لَا يُجيب الصَّرِيح فِي غسق ... اللَّيْل وَلَا دَعْوَة الْوُجُوه الحسان) (لم أكلفه حمل غرم ثقل ... لَا وَلَا دفع معضل قد عراني) (إِنَّمَا الْغرم والوبال على المَال ... فَمَاذَا عَلَيْهِ مِمَّا دهاني) (هَل سَمِعْتُمْ بمقمع من حَدِيد ... ذاب من فرط خيفة السُّلْطَان) (ليته عَاد تَابعا لمرادي ... فأسلي بِهِ جوى الأحزان) (أَيهَا العاذلان حسبي مَا بِي ... فدعاني من الملام دَعَاني) (وارثيا لي من الْبلَاء وكفا ... إِنَّنِي فِي يَد الْحَوَادِث عاني) (إِن يكن خانني الْأَحِبَّة طرا ... فشجاني جفاؤهم وبراني) (فعلى الله فِي الْأُمُور اتكالي ... وَبِه الِاعْتِصَام مِمَّا أعاني) // من الْخَفِيف // 107 - ابْنة أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل كَانَ مُتَقَدما فِي الْأَدَب متبحرا فِي علم اللُّغَة وَالْعرُوض مصنفا للكتب مستكثرا من قَول الشّعْر وَلَعَلَّ شعره يربى على عشرَة آلَاف بَيت وَلما أنْشدهُ أَبَاهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 قَوْله فِي مَقْصُورَة لَهُ هَذَا الْبَيْت (إِذا ركبت كنت خير رَاكب ... وَإِن نزلت كنت خير من مَشى) // من الرجز // قَالَ لَهُ استحييت لَك يَا بني مَا تركت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمره بِإِسْقَاط هَذَا الْبَيْت من القصيدة فَلم يفعل وَعِنْدِي أَن أَمِير شعره قَوْله (إِذا أَرَادَ الله أمرا بامرىء ... وَكَانَ ذَا عقل ورأي وبصر) (وحيلة يعملها فِي كل مَا ... يَأْتِي بِهِ جَمِيع أَسبَاب الْقدر) (أغراه بِالْجَهْلِ وأعمى قلبه ... وسله من رَأْيه سل الشّعْر) (حَتَّى إِذا أنفذ فِيهِ أمره ... رد عَلَيْهِ عقله ليعتبر) // من الرجز // 108 - الْأُسْتَاذ أَبُو سهل مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الصعلوكي مَعْلُوم أَنه كَانَ فِي الْعلم علما وَفِي الْكَمَال عَالما وَمن شَاهد الْآن ابْنه الشَّيْخ الإِمَام أَبَا الطّيب سهل بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان رأى شَجَرَة للْعلم نمت على عروقها ونفسا غذيت فِي حجر الْفضل فجرت على سنَن أَولهَا وأحيت فضائله بفضائلها وَولدا أشبه وَالِده فِي الْإِمَامَة عِنْد الْخَاصَّة والعامة وَله شعر كثير يذكر فِي شعر الْأَئِمَّة ويروى لشرف صَاحبه وتحسين الْكتب بِذكرِهِ فَمن ذَلِك مَا أنشدنيه الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الطّيب قَالَ أَنْشدني وَالِدي لنَفسِهِ (سلوت عَن الدُّنْيَا عَزِيزًا فنلتها ... وجدت بهَا لما تناهت بآمالي) (علمت مصير الدَّهْر كَيفَ سَبيله ... فزايلته قبل الزَّوَال بأحوال) // من الطَّوِيل // وأنشدني لَهُ أَبُو الْحسن الْفَارِسِي الْمَاوَرْدِيّ الْفَقِيه (دع الدُّنْيَا لعاشقها ... ستصبح من ذبائحها) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 483 (وَلَا تغررك رَائِحَة ... تصيبك من روائحها) (فمادحها بغفلته ... يصير إِلَى فضائحها) // من مجزوء الوافر // 109 - عَليّ بن أبي عَليّ الْعلوِي كَانَ فِي نِهَايَة النجابة فاحتضر فِي عنفوان شبابه وَله شعر علق بحفظي مِنْهُ مَا أنشدنيه أَخُوهُ أَبُو إِبْرَاهِيم لَهُ (همم الرِّجَال تبين فِي أفعالهم ... وَالْفِعْل عدل شَاهد للْغَائِب) (وَلنَا تراث الْمجد حزنا فَضله ... عَن خير ماش فِي الْأَنَام وراكب) // من الْكَامِل // والآن أَخُوهُ أَحْمد نعم الْعِوَض عَنهُ وَالْخلف مِنْهُ (وَالشَّمْس تسليك عَمَّا حل بالقمر ... ) وَله شعر حسن لَا يحضرني مِنْهُ إِلَّا قَوْله (هَوَاك من الدُّنْيَا نَصِيبي وإنني ... إِلَيْك لمشتاق كجفني إِلَى الغمض) (فزرني وبادر يَوْم ثلج كَأَنَّهُ ... شمائم كافور نثرن على الأَرْض) // من الطَّوِيل // 110 - أَبُو البركات عَليّ بن الْحُسَيْن الْعلوِي يزين تالد أَصله بطارف فَضله ويحلي طَهَارَة نسبه ببراعة أدبه وَيرجع من حسن الْمُرُوءَة وكرم الشيمة وعفة الطعمة إِلَى مَا تتواتر بِهِ أخباره وَتشهد عَلَيْهِ آثاره وَيَقُول شعرًا صادرا عَن طبع شرِيف وفكر لطيف كَقَوْلِه من قصيدة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 484 (مدامعي تهتك أستاري ... تعلن بَين النَّاس أسراري) (أنْكرت مَا بِي غير أَن البكا ... قرر بِالْإِقْرَارِ إقراري) // من السَّرِيع // وَمِنْهَا (أَحْبَبْت خشفا لَيْسَ فِي مثله ... تحمل الْعَار من الْعَار) وَمِنْهَا (كَأَنَّمَا إبريقنا طَائِر ... يحمل ياقوتا بمنقار) وَمِنْهَا (كَأَن ريح الرَّوْض لما أَتَت ... فتت علينا مسك عطار) وَقَوله (وأغيد سحار بألحاظ عينه ... حكى لي تثنيه من البان أملودا) (سلخت بذكراه عَن الصُّبْح لَيْلَة ... أنادمه والكأس والناي والعودا) (ترى أنجم الجوزاء والنجم فَوْقهَا ... كباسط كفيه ليقطف عنقودا) // من الطَّوِيل // وَله (مكذب الظَّن نَاقص الأمل ... يقطر من خَدّه دم الخجل) (يكَاد ينفض فص وجنته ... إِذا علاهُ الْحيَاء للقبل) // من المنسرح // وَقَوله (يَا عصبَة الأتراك أَوْلَادكُم ... من يُوسُف الْحسن وبلقيس) (ألحاظكم تحيي وتردي الورى ... وحسنكم فتْنَة إِبْلِيس) (لَا تقربُوا مني فَفِي قربكم ... هَلَاك دين الْمَرْء والكيس) // من السَّرِيع // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 485 وَقَوله من قصيدة (وَكَأَنِّي ركبت للصَّيْد ريحًا ... لَا يُبَالِي بحزنها والسهول) (أدهم اللَّوْن مثل ليل بهيم ... ذِي صباح من غرَّة وحجول) (فَهُوَ يطوي الْبَسِيط كالبسط طيا ... بيَدي طَالب ورجلي عجول) // من الْخَفِيف // وَقَوله من نتفة (الشَّيْخ ينجز وَعدا مِنْهُ قد سبقا ... وَلَيْسَ الْغُصْن من إفضاله الورقا) (إِنِّي غريق ببحر المطل منتظر ... حَالا تكشف عني الموج والغرقا) // من الْبَسِيط // 111 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن ظفر الْعلوِي شرِيف فَاضل عَالم زاهد يلبس الصُّوف وَكَانَ فِي صباه يَقُول الشّعْر فَمن ذَلِك قَوْله (أسكرني طرفه وَلَكِن ... خمار أجفانه حمام) (إِن دمي عِنْده حَلَال ... وَهُوَ لَدَى غَيره حرَام) (وَهَكَذَا سحر كل طرف ... يصنع مَا تصنع المدام) // من مخلع الْبَسِيط // وَله (وأمرد أزهد من صُهَيْب ... فِي علم مُوسَى وتقى شُعَيْب) (إِذا رأى شعر أبي ذُؤَيْب ... أَو فارسيات أبي شُعَيْب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 486 (تحسبه أشعر من نصيب ... إِن لم تساعدني فوي بِي وويبي) // من الرجز // وَله (إِذا عضك الدَّهْر الخؤون بنابه ... وأسلمك الخدن الشفيق إِلَى الهجر) (فَلَا تأسفن يَا صَاح واصبر تجلدا ... فَلَا شَيْء عِنْد الهجر أجدى من الصَّبْر) // من الطَّوِيل // 112 - أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يحيى الْعَنْبَري من أَبنَاء نيسابور وَأهل البيوتات بهَا وَله شعر كثير مِنْهُ (لَا يشغلنك حَدِيث مَا فِي الكاس ... شرب المدام مُحَلل فِي النَّاس) (الله حرم سكرها لَا شربهَا ... فَاشْرَبْ هَنِيئًا يَا أَبَا الْعَبَّاس) (صفراء صَافِيَة كَأَن شعاعها ... ضوء الصَّباح وشعلة المقباس) (تَنْفِي بهَا دَاء وحزنا كامنا ... فِي الْقلب لَيْسَ بشربها من باس) (وَإِذا قَمِيصك بللته مدامة ... وعرتك مِنْهُ وساوس الخناس) (فدع الْقَمِيص يشم مِنْهُ رِيحهَا ... واغسل فُؤَادك من أَذَى الوسواس) // من الْكَامِل // وَقَوله (متفقه شغف الْفُؤَاد بحبه ... خضعت محَاسِن وَجهه لمحبه) (أَحْبَبْت كورة زوزن من أَجله ... ورجالها ونساءها من حبه) // من الْكَامِل // وَله (يَقُول النَّاس لي رجل سديد ... وَمَا فعلي بِفعل فَتى سديد) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 487 (إِذا مَا كنت لَا أخْشَى وعيدا ... فَمَا يُغني مقالي بالوعيد) // من الوافر // 113 - أَبُو سَلمَة بن أَحْمد المعاذي حضر بعض مجَالِس الْأنس بنيسابور فانصبت محبرة فَتى مليح على ثَوْبه فَخَجِلَ الْفَتى فَقَالَ أَبُو سَلمَة (صب المدام وَمَا تعمد صبه ... فتورد الخد البديع الْأَزْهَر) (يَا من يُؤثر حبره فِي ثوبنا ... تَأْثِير لحظك فِي فُؤَادِي أَكثر) // من الْكَامِل // 114 - أَبُو سهل سعيد بن عبد الله التكلي من أدباء نيسابور وفضلاء المتصرفين بهَا يَقُول (وَكَانَ فُؤَادِي جامحا فِي عنانه ... إِذا انتابه العذال فِي غيه أَبى) (وأقصر عَن قصد التصابي وصده ... مقَال بني بعد خمسين يَا أَبَا) // من الطَّوِيل // وَقَوله (هموم تفيض وصبر يغيض ... وجسم صَحِيح وقلب مَرِيض) (يبيض مَا اسود من لمتي ... خطوب حداهن سود وبيض) (ورؤية من يَدعِي أَنه ... علا فلك الشَّمْس وَهُوَ الحضيض) (فَإِن سكتوا فشفاه تغيض ... وَإِن نطقوا فبظور تحيض) (وأمتع من شرب كأس الْحمام ... حَيَاة يُشَارك فِيهَا بغيض) // من المتقارب // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 488 وَقَوله (أَلا قَالَت أُمَامَة إِذْ رأتني ... وَمَاء الْوَجْه بالجادي شيبا) (تعرتك الهموم فَقلت حَقًا ... هموم تجْعَل الْولدَان شيبا) // من الوافر // وَقَوله (إِن المقصر فِي الْحُضُور لخدمة ... فِي مثل هَذَا الْيَوْم للمعذور) (يَوْم كَأَن الأَرْض فِيهِ سنجنجل ... والجو فِيهِ صارم مأثور) // من الْكَامِل // 115 - القَاضِي أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد البستي آدب قُضَاة نيسابور وأشعرهم وَلما تقلد قضاءها فِي أَيَّام شبيبته مُضَافا إِلَى مَا كَانَ يَلِيهِ من قَضَاء كورة نسا لقب بالكامل وَله شعر كثير كتب لي بِخَطِّهِ صَدرا مِنْهُ وأنشدني بعضه فَمن ذَلِك قَوْله (انْظُر إِلَى النَّفس وَهِي واقفة ... نصب عُيُون الوشاة والحرس) (يخفى على الناظرين موقفها ... كَأَنَّهَا نفس آخر النَّفس) // من المنسرح // وَله (قل للَّذي حبس الْفُؤَاد بصده ... فوددت أَنِّي عِنْد ذَاك فُؤَادِي) (مسترخص الْمُبْتَاع لَا يغلى بِهِ ... ولذاك مَا أرخصت بيع ودادي) // من الْكَامِل // وَقَوله (يَقُولُونَ أبل الْعذر فِيمَا ترومه ... فإبلاء عذر فِي الْأُمُور نجاح) (فَقلت لَهُم إبلاء عذر وخيبة ... نجاح كَمَا افتض الْعَرُوس نجاح) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 489 وَله فِي وصف طين الْأكل (وتحفة نقلنيها غاليه ... ذُو همم فِي المكرمات عاليه) (شبهتها من بعد مَا أهْدى ليه ... قطاع كافور عَلَيْهَا غاليه) // من الرجز // وَله فِي البندق (وبندق لبه عَجِيب ... للدر والمسك فِيهِ شركه) (أشبه شَيْء بِهِ يَقِينا ... لؤلؤة ضمخت بمسكه) // من مخلع الْبَسِيط // وَله فِي الْورْد (حَيا بِمَا خجل العقيق للونه ... لما أَتَانِي فِي الصَّباح بورده) (لَوْلَا لحاظي خَدّه من بعده ... لقضيت أَن عَلَيْهِ جلدَة خَدّه) // من الْكَامِل // وَله فِي الْورْد الموجه (حباني بورد جَامع بَين وَصفه ... ووصفي لما زرتهم وجفوني) (على جَانب مِنْهُ تورد خَدّه ... وَفِي جَانب مِنْهُ تلون لوني) // من الطَّوِيل // وَله فِي البهار (حكاني بهار الرَّوْض حَتَّى ألفته ... وكل مشوق للبهار مصاحب) (وَقلت لَهُ مَا بَال لونك شاحبا ... فَقَالَ لِأَنِّي حِين أقلب رَاهِب) // من الطَّوِيل // وَله (يَا من قنعت بحس رَأْي ... مِنْهُ لَو أَعْطَيْت رايه) (إِن قُمْت فِي أَمْرِي بِرَأْي ... صَادِق أَعْطَيْت رايه) // من مجزوء الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 490 وَله (مستبد بِرَأْيهِ ... عَازِب الرَّأْي معجب) (وتماديه بعد مَا عرف ... الغي أعجب) // من مجزوء الْخَفِيف // وَله (يُعجبنِي من كل شعر جزل ... جيد جد وركيك هزل) // من الرجز // 116 - أَبُو سعد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن دوست من أَعْيَان الْفُضَلَاء بنيسابور وأفرادهم يجمع من الْفِقْه وَالْأَدب بَين التَّمْر وَالرّطب وَمن النّظم والنثر بَين الْيَاقُوت والدر وشعره كثير الْملح والنكت حسن الديباجة كَأَنَّهُ يصدر عَن طباع المفلقين من شعراء الْعرَاق وَهَذَا أنموذج مِنْهُ (أَلا يَا ريم خبرني ... عَن التفاح من عضه) (وَحدث بِأبي عَن حسنك ... الْبكر من افتضه) (وَختم الله بالورد ... على خدك من فضه) (لقد أثرت العضه ... فِي وجنتك الغضه) (ولاح الدّرّ إِذْ بض ... على جلدتك البضه) (كلون العنبر الوردي ... إِذا فض عَن الفضه) // من الهزج // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 491 وَله (وَلَقَد مَرَرْت على الظباء فصادني ... ظَبْي وعهدي بالظباء تصاد) (نفذت لواحظه إِلَيّ بأسهم ... أغراضها الْأَرْوَاح والأجساد) // من الْكَامِل // وَله (جعلت هديتي لكم سواكا ... وَلم أقصد بِهِ أحدا سواكا) (بعثت إِلَيْك عودا من أَرَاك ... رَجَاء أَن أَعُود وَأَن أراكا) // من الوافر // وَله (ومهفهف ملك الْقُلُوب وحازا ... خطّ الْجمال بعارضيه طرازا) (شبهته قمرا فَكَانَ حَقِيقَة ... وَغدا لَهُ قمر السَّمَاء مجَازًا) (مَا بَاعَ بزا قطّ إِلَّا أَنه ... بز الْقُلُوب فلقب البزازا) // من الْكَامِل // وَله (وشادن نادمت فِي مجْلِس ... قد مطرَت رَاحا أباريقه) (طلبت وردا فَأبى خَدّه ... ورمزت رَاحا فَأبى ريفه) // من السَّرِيع // وَله (وشادن قلت لَهُ ... هَل لَك فِي المنادمه) (فَقَالَ رب عاشق ... سفكت بالمنى دَمه) // من مجزوء الرجز // وَله (يغيب الْبَدْر يَوْمًا ثمَّ يَبْدُو ... فَمَا لَك غبت عَن عَيْني ثَلَاثًا) (فَإِن لم تطلع الِاثْنَيْنِ عصرا ... فلست بواجدي يَوْم الثلاثا) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 492 وَله (وَقَالُوا اصفر وَجهك إِذْ ترَاءى ... وَقد صَار الْفُؤَاد لَهُ شعاعا) (فَقلت لأنني قابلت بَدْرًا ... فقد ألْقى على وَجْهي الشعاعا) // من الوافر // وَله (الدَّهْر دهر الْجَاهِلين ... وَأمر أهل الْعلم فاتر) (لَا سوق أكسد فِيهِ من ... سوق المحابر والدفاتر) // من مجزوء الْكَامِل // وَله (عَلَيْك بِالْحِفْظِ دون الْجمع فِي كتب ... فَإِن للكتب آفَات تفرقها) (المَاء يغرقها وَالنَّار تحرقها ... والفار يخرقها واللص يسرقها) // من الْبَسِيط // وَله فِي الفصد (لما رَأَيْت الْجِسْم ذَا اعتلال ... ودبت الآلام فِي أوصالي) (دَعَوْت شَيخا من بني الجوالي ... بطرِيق عَم جاثليق خَال) (فسل سَيْفا لَيْسَ لِلْقِتَالِ ... ومرهفا لَيْسَ من العوالي) (أدق فِي الْعين من الخيال ... أقطع من هجر وَمن ملال) (أحسن من وصل وَمن إقبال ... كَأَنَّهُ نصف من الْهلَال) (فَفتح القفل عَن القيفال ... بضربة تشبه نصف الدَّال) (أَو شكْلَة فِي مَوضِع الأشكال ... ولج دمع الْعرق فِي انهمال) (كقهوة تبزل بالمبزال ... فَوَلَّتْ الْعلَّة فِي انفلال) (فَأَقْبَلت عَسَاكِر الإقبال ... محفوفة بالبرء والإبلال) (وَمثل الْجِسْم من الْمِثَال ... كَأَنَّمَا أنشط من عقال) // من الرجز // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 493 وَله (قل للأمير الأريحي الَّذِي ... نفديه بالأنفس إِن جازا) (جودك قد أَوْرَق لي موعدا ... فَكيف لَا يُثمر إنجازا) // من السَّرِيع // وَقَوله (أَيهَا الْبَدْر الَّذِي يجلو الدجى ... قل لنجمي فِي الْهوى كم تحترق) (أَنا من جملَة أَحْرَار الْهوى ... غير أَنِّي من هواكم تَحت رق) // من الرمل // 117 - أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز النيلي هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو سهل من حَسَنَات نيسابور ومفاخرها فَأَبُو عبد الرَّحْمَن من الْأَعْيَان الْأَفْرَاد فِي الْفِقْه وَأَبُو سهل من الْأَعْيَان الْأَفْرَاد فِي الطِّبّ وَمَا مِنْهُمَا إِلَّا أديب شَاعِر آخذ بأطراف الْفَضَائِل فَمن ملح شعر أبي عبد الرَّحْمَن قَوْله (وَذي جِدَال لنا كشفت لَهُ ... عَن خطأ كَانَ قد تعسفه) (فَلم يجبني بِغَيْر مَا ضحك ... والضحك فِي غير حِينه سفه) // من المنسرح // وَله (أدْرك بَقِيَّة نفس روحها رَمق ... فقد أذابت هموم النَّاس أَكْثَرهَا) (وَإِنَّمَا سلمت مِنْهَا بقيتها ... لِأَنَّهَا خفيت ضعفا فَلم تَرَهَا) // من الْبَسِيط // وَله (أَعرَضت لما عرضت ... سِهَام لتك الحدق) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 494 (ظنت أَنِّي هارب ... مِنْهَا بِأَدْنَى رَمق) (فَقَالَ لي فِيهَا الْهوى ... هَيْهَات مِمَّا تتقي) (إِن سِهَام الحدق ... لَا تتقى بالدرق) // من مجزوء الرجز // وَله (نَحن فِي مجْلِس أنس ... بك تَحْقِيق مجازه) (لطف الدَّهْر عَزِيز ... فتجلد لانتهازه) (قد نسجنا الْأنس ثوبا ... فتفضل بطرازه) // من مجزوء الرمل // وَله (يَوْم غيم زَاد قلبِي شجنا ... ذُو نشيج وَهُوَ قد أنشجنا) (وسحاب قد حكى لما بَكَى ... يَوْم قَالُوا عَارض مُمْطِرنَا) // من الرمل // وَله (تغاض عَن الْبَخِيل وَلَا تلمه ... ودع مَا فِي يَدَيْهِ وَلَا ترمه) (وَمن لم يحو غير المَال فضلا ... وجاد بفضله جهلا فلمه) // من الوافر // وَله (خلعت خَفِي من خلع ... ذَا السَّحَاب عذاره) (فاليوم ليل ظلام ... وَالْأَرْض حش قذاره) (من حق ذَا الْعقل فِيهِ ... أَن لَا يُفَارق دَاره) // من المجتث // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 495 وَله (أما تراني على بغي الْعَلَاء لأحمال ... العناء حمولا دَائِم النصب) (فَمَا اسْتَوَى شرف إِلَّا على كلف ... وَلَا صفا ذهب إِلَى على لَهب) // من الْبَسِيط // وَله (أفدي الَّذِي أكره أَن أفديه ... لِأَنَّهُ جلّ عَن التفديه) (يقتل بِالْعينِ وَلَا بُد لي ... من طلبي من شَفَتَيْه الديه) // من السَّرِيع // وَله (إِذا رَأَيْت الْوَدَاع فاصبر ... وَلَا يهمنك البعاد) (وانتظر الْعود عَن قريب ... فَإِن قلب الْوَدَاع عَادوا) // من مخلع الْبَسِيط // وَله من نتفة (للنار فِي وَجه من أحببته أثر ... فاللون فِي خَدّه وَالْفِعْل فِي كَبِدِي) // من الْبَسِيط // 118 - أَبُو سهل بكر بن عبد الْعَزِيز النيلي قد تقدم ذكره وَجَاء الْآن شعره قَالَ (قد رضت باليأس نَفسِي ... فعل اللبيب الْحَكِيم) (قنعتها بكفاف ... وَفِيه كل النَّعيم) (فَمَا يَد لكريم ... عِنْدِي وَلَا للئيم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 496 (وللقناعة روح ... يَا طيبه من نسيم) // من المجتث // وَقَالَ (يَا مفدى العذار والخد وَالْقد ... بنفسي وَمَا أَرَاهَا كثيرا) (ومعيري من سقم عَيْنَيْهِ سقما ... دمت مضنى بِهِ ودمت معيرا) (سقني الراح تنف لوعة قلب ... بَات مذ بنت للهموم سميرا) (هِيَ فِي الكأس خمرة فَإِذا مَا ... أفرغت فِي الحشى استحالت سُرُورًا) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (رَجَوْت دهرا طَويلا فِي التمَاس أَخ ... يرْعَى ودادي إِذا ذُو خلة خَانا) (فكم ألفت وَكم آخيت غير أَخ ... وَكم تبدلت بالإخوان إخْوَانًا) (فَمَا زكى لي على الْأَيَّام ذُو ثِقَة ... وَلَا رعى أحد ودي وَلَا صانا) (فَقلت للنَّفس لما عز مطلبها ... بِاللَّه لَا تألفي مَا عِشْت إنْسَانا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (دب المشيب إِلَى فودي مبتكرا ... وللشباب رِدَاء لَيْسَ بالخلق) (فَقلت يَا نفس حثي للرحيل ضحى ... فأقصر اللَّيْل أدناه من الفلق) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (نشر الرّبيع الغض قبل أَوَانه ... لما نشرت كتاب فَرد زَمَانه) (أنوار لفظ من جناب جنابه ... ونسيم ورد من غراس بنانه) (فأراح أنسا عازبا بوروده ... وأراح قلب الصب من أشجانه) (وَأرى بني الْآدَاب معجز نظمه ... أَن لَيْسَ فِي الْإِمْكَان نيل مَكَانَهُ) (فأسرت الْأَلْبَاب إجلالا لَهُ ... وفدى المسامع ترجمان جمانه) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 497 وَقَوله (رق لمن قد ملكت رقّه ... حق لَهُ لَو رعيت حَقه) (ذاب فَمَا مثله خلال ... وَلَا هِلَال ضيا ورقه) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ (الله فِي متيم ... عَذبته فراقب) (يَكْفِيك مَا أبقيته ... من ألم الْفِرَاق بِي) // من مجزوء الرجز // وَقَالَ (من وَجهه يطلع نجم الْمُشْتَرى ... ياقوتة تثمر شَهدا فاشتر) (يَا من نضا باللحظ سيف الأشتر ... إِذا وجدت الْحر عبدا فاشتر) // من الرجز // 119 - أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الدهان أنْفق مَاله على الْأَدَب فَتقدم فِيهِ وبرع فِي علم اللُّغَة والنحو وَالْعرُوض وَأخذ عَن الْجَوْهَرِي الَّذِي تقدم ذكره واستكثر مِنْهُ وَحصل كِتَابه كتاب الصِّحَاح فِي اللُّغَة بِخَطِّهِ واختص بالأمير أبي الْفضل الميكالي ومدحه أَبَاهُ بِشعر كثير ثمَّ آثر الزّهْد والإعراض عَن أَعْرَاض الدُّنْيَا وَقَالَ لما أزمع الْحَج والزيارة (أَتَيْتُك رَاجِلا ووددت أَنِّي ... ملكت سَواد عَيْني امتطيه) (وَمَا لي لَا أَسِير على المآقي ... إِلَى قبر رَسُول الله فِيهِ) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 498 وَقَالَ (أيا خير مَبْعُوث إِلَى خير أمة ... نصحت وَبَلغت الرسَالَة والوحيا) (فَلَو كَانَ بالإمكان سعيي بمقلتي ... إِلَيْك رَسُول الله أنضيتها سعيا) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (عبد عصى ربه وَلَكِن ... لَيْسَ سوى وَاحِد يَقُول) (إِن لم يكن فعله جميلا ... فَإِنَّمَا ظَنّه جميل) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَالَ للأمير أبي الْفضل الميكالي (فِي دَار مَوْلَانَا الْأَمِير ... مَحل أهل الْعلم عالي) (لَا سوق أنْفق فِيهِ من ... سوق المكارم والمعالي) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَالَ لصديق لَهُ (نَصَحْتُك يَا أَبَا إِسْحَاق فاقبل ... فَإِنِّي نَاصح لَك ذُو صداقه) (تعلم مَا بدا لَك من عُلُوم ... فَمَا الْآدَاب إِلَّا فِي الوراقه) // من الوافر // وَقَالَ من قصيدة فِي مرثية البديع (وَمَا الْإِنْسَان فِي دُنْيَاهُ إِلَّا ... كبارقة تروق إِذا تلوح) (نفيسة نَفسه نفس توالى ... ومدته مدى وَالروح ريح) // من الوافر // وَقَالَ من أُخْرَى (عز الغزال بمسكه لَا مسكه ... وَالصرْف للدينار لَا الصرفان) (شبه الزمرذ لَا يكون زمرذا ... وَلَئِن تقَارب مِنْهُمَا اللونان) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 499 وَقَالَ (خف إِذا أَصبَحت ترجو ... وارج إِن أمسيت خَائِف) (رب مَكْرُوه مخوف ... فِيهِ لله لطائف) // من مجزوء الرمل // وَلَوْلَا أَنه سَأَلَني أَن لَا أورد فِي كتابي هَذَا شَيْئا من شعره فِي الْغَزل والمدح لكتبت من ذَلِك جملَة صَالِحَة لكنني انْتَهَيْت إِلَى رَأْيه وعملت بِمَا سَأَلَني بِهِ وَلم أتعده 120 - أَبُو حَفْص عمر بن عَليّ المطوعي شَاب لبس برد شبابه على عقل مكتهل وَفضل مقتبل وسما إِلَى مَرَاتِب أَعْيَان الأدباء وَالشعرَاء الَّتِي لَا تدْرك إِلَّا مَعَ الِانْتِهَاء واتصل بِخِدْمَة الْأَمِير أبي الْفضل الميكالي فَتخرج بالاقتباس من نوره والاغتراف من بحره وَألف كتاب درج الْغرَر ودرج الدُّرَر فِي محَاسِن نظم الْأَمِير ونثره وَحين ألف صَاحب هَذَا الْكتاب كتاب فضل من اسْمه الْفضل عَارضه بِكِتَاب حمد من اسْمه أَحْمد وَله كتاب أَجنَاس التَّجْنِيس وَغَيره وشعره كثير الْملح والظرف لَا يكَاد يَخْلُو من لفظ أنيق وَمعنى بديع كَقَوْلِه فِي وصف النارنج (أَهلا بنارنج أَتَانَا غدْوَة ... فِي منظر مستحسن موموق) (أَصبَحت أعشقه ويحكي عَاشِقًا ... يَا حسنه من عاشق معشوق) // من الْكَامِل // وَقَالَ (ومعشوق الشَّمَائِل قَامَ يسْعَى ... وَفِي يَده رحيق كالرحيق) (فسقاني عقيقا حَشْو در ... ونقلني بدر فِي عقيق) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 500 وَقَالَ (أَلَسْت ترى أطباق ورد وحولها ... من النرجس الغض الطري قدود) (فَتلك خدود مَا عَلَيْهِنَّ أعين ... وهذي عُيُون مَا لَهُنَّ خدود) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (وشادن مَا مثله فِي الصَّباح ... كَالشَّمْسِ أَو كبالدر أَو كالصباح) (لي من ثناياه وَمن طرفه ... وخده رَاح وَرَاح وَرَاح) // من السَّرِيع // وَقَالَ (سحر الْعُيُون غَدَاة خطت كَفه ... فِي رائق القرطاس رائق سطره) (فَأتى بِمثل الوشي وَاحِد نسجه ... أَو مثل زهر الرَّوْض ثَانِي قطر) (خطّ يحاكي مِنْهُ سحر جفونه ... وطراز عَارضه ولؤلؤ ثغره) // من الْكَامِل // وَقَالَ (بنفسي من تمت محَاسِن وَجهه ... فَمَا هُوَ إِلَّا الْبَدْر عِنْد تَمام) (وَأرْسل صدغا فَوق خطّ كَأَنَّهُ ... جنَاح غراب فَوق طوق حمام) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (انْظُر إِلَى وَجه صديق لنا ... كَيفَ محا الشوك بِهِ النقشا) (قد كتب الدَّهْر على خَدّه ... بالشعر وَاللَّيْل إِذا يغشى) // من السَّرِيع // وَقَالَ (غَدا مُنْذُ التحى لَيْلًا بهيما ... وَكَانَ كَأَنَّهُ الْبَدْر الْمُنِير) (فقد كتب السوَاد بعارضيه ... لمن يقْرَأ وَجَاءَكُم النذير) // من الوافر // وَقَالَ (تكبر لما رأى نَفسه ... على هَيْئَة الشَّمْس قد صورت) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 501 (سيندم ألفا على كبره ... إِذا الشَّمْس فِي خَدّه كورت) // من المتقارب // وَقَالَ (قل للَّذي يهواه ... أذاقني كأس صاب) (تَرَكتنِي مستهاما ... أُصَلِّي بَحر التصابي) (مَا بَين دمع مصوب ... وَبَين قلب مصاب) // من المجتث // وَقَالَ (إِنِّي علقت غزالا قلبه علق ... بِمثلِهِ فِي كَمَال الْحسن واللين) (فَالْحَمْد لله حمدا لَا انْقِضَاء لَهُ ... أَصبَحت جدا وسني دون عشْرين) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (لما اسْتَقَلت بهم غير النَّوَى أصلا ... وشتتهم صروف الْبَين تشتيتا) (جَلَست أنظم فِي وصف الْهوى دررا ... وَالْعين تنثر من دمعي يواقيتا) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (أيا منية المشتاق فيمَ تَرَكتنِي ... كئيبا بِلَا عقل قَتِيلا بِلَا عقل) (فَإِن كنت أنْكرت الَّذِي بِي من الْهوى ... أَقمت بِهِ من أدمعي شَاهِدي عدل) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (يَا ليل هَل للصبح فِيك وميض ... فعلي غم من دجاك عريض) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 502 (ليل حكى الْغرْبَان سُودًا لَونه ... وَكَأن أنجمه البزاة الْبيض) // من الْكَامِل // وَقَالَ (يَكْفِيك أَن الْهوى لم يبْق فِي جَسَدِي ... من الْجَوَارِح عضوا غير مَجْرُوح) (إِنِّي نحلت الْهوى قلبِي فأنحلني ... حَتَّى غَدا جَسَدِي أخْفى من الرّوح) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (نَفسِي فدَاء غزال مَا اكتحلت بِهِ ... إِلَّا تصورته أنموذج الْحور) (وَكلما رام نطقا وَهُوَ مبتسم ... فالدر مَا بَين منظوم ومنثور) (أضحى جنى النَّحْل ممزوجا بريقته ... لكنما الخصر مِنْهُ خصر زنبور) // من الْبَسِيط // وَقَالَ (أرى الْفطر عيد النَّاس فِي كل بَلْدَة ... ووجهك لي عيد ورؤيته فطري) (إِذا مَا أعد النَّاس للفطر عطرهم ... فحسبي بِمَا فِي عَارِضَيْك من الْعطر) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (قُم إِلَى الراح فاسقنيها فَفِيهَا ... قُوَّة للفتى وقرة عين) (مَا ترى الصَّوْم صَار بالأسودين ... وأتانا شَوَّال بالأحمرين) // من الْخَفِيف // وَقَالَ (صديقك قد ألم بِهِ صديق ... وأعوزه الشَّرَاب الأرجواني) (وَقد بعثا إِلَيْك وَلَيْسَ شَيْئا ... سوى مَعْهُود فضلك يرجوان) // من الوافر // وَقَالَ (لَا تعرضن على الروَاة قصيدة ... مَا لم تبالغ قبل فِي تهذيبها) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 503 (فَمَتَى عرضت الشّعْر غير مهذب ... عدوه مِنْك وساوسا تهذي بهَا) // من الْكَامِل // وَله من نتفة فِي ذكر جُوَيْن حِين كَانَ بهَا مَعَ الْأَمِير أبي الْفضل الميكالي (طابت جُوَيْن لنا وطاب هواؤها ... فسقى السَّحَاب الجون أَرض جُوَيْن) (أَرض أَقَامَ بهَا الْأَمِير فألبست ... بمقامه فِيهَا ملابس زين) (فَكَأَنَّمَا أنهارها من كَفه ... تجْرِي وَقد جَادَتْ لنا بلجين) (وَكَأن زهر رياضها من بشره ... يهدي الضياء لكل نَاظر عين) // من الْكَامِل // وَله فِيهَا (وَمَرَّتْ فِي جُوَيْن لنا لَيَال ... عددناهن من عَيْش الْجنان) (رضعنا فِي حجور الْأَمْن فِيهَا ... بأفواه الرضى ثدي الْأَمَانِي) (لَدَى قرم خلائقه نُجُوم ... وَلَكِن وَجهه للبدر ثَانِي) // من الوافر // 121 - أَبُو الْعَبَّاس الْفضل بن عَليّ الإسفرائيني إسفرائين من كور نيسابور مَخْصُوصَة بِإِخْرَاج الْأَفْرَاد كأنو شرْوَان الَّذِي افتخر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (ولدت فِي زمن الْملك الْعَادِل) فَهُوَ أفضل مُلُوك الْعَجم وأعدلهم بِالْإِجْمَاع وَإِن كَانَت لأزدشير فَضِيلَة السَّبق ومسقط رَأس أنو شرْوَان مَشْهُور بإسفرائين وكأبي جَعْفَر حمويه بن عَليّ الَّذِي أَحْيَا دولة آل ساسان وحاطها واجتاح أعداءها وَتَوَلَّى لَهُم أَرْبَعِينَ حَربًا لم ترد لَهُ فِيهَا راية وَلم تفته من مطالبه غَايَة حَتَّى وطأ الله لَهُم على يَده مهاد الْملك وجبى إِلَيْهِم ثَمَرَات الأَرْض هَذَا مَعَ رُجُوعه إِلَى نفس أَمارَة بِالْعَدْلِ وَالْخَيْر بعيدَة من الْجور وَالشَّر مدلولة على سبل الْبر تشهد بهَا آثاره بنيسابور وأوقافه وأخباره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 504 وكالشيخ الْجَلِيل أبي الْعَبَّاس الْفضل بن أَحْمد فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي ربى ملك السُّلْطَان الْمُعظم أبي الْقَاسِم مَحْمُود بن سبكتكين أدام الله تأييده كَمَا يربى الطِّفْل الصَّغِير حَتَّى يشْتَد عظمه وَيُؤْنس رشده وَمَا زَالَ يدرجه بِحسن هدايته وكفايته إِلَى الزِّيَادَة وبلوغ الْإِرَادَة حَتَّى ثبتَتْ أَرْكَانه وَعلا مَكَانَهُ وتلاحقت رِجَاله وتكاثرت أَمْوَاله وتوالت فتوحه وارتقت فتوقه وكأبي حَامِد بن أَحْمد بن أبي طَاهِر الإسفرائيني إِمَام أَصْحَاب الحَدِيث بِبَغْدَاد وَصدر فقهائها فَإِنَّهُ بلغ من الْفِقْه والتدريس مبلغا تنثني بِهِ الخناصر وَتثني عَلَيْهِ الأفاضل وكأبي الْعَبَّاس بن عَليّ فَإِنَّهُ من بَقِيَّة الْكِرَام الأجواد الَّذين لَا تخرج أوصافهم إِلَّا من الدفاتر وَكتب المآثر فَهُوَ من حَسَنَات نيسابور ومفاخرها وَهُوَ الْآن الْحَاكِم والزعيم بأسفرائين والناظر فِي أمورها والمناضل عَن أَهلهَا والمتكفل بمصالحها ومناجحها يرجع إِلَى أدب غزير وَفضل كثير وطبع كريم وَخلق عَظِيم وَمن حسن أَثَره ويمن نقيبته أَن إسفرائين حرم أَمن وجنة عدن عامرة بِهِ وَقد شَمل سَائِر كور نيسابور نَوَاحِيهَا الخراب وعمها الاختلال وَكَانَت إسفرائين فِيهَا لمْعَة فِي ظلم وغرة فِي غرر وَمن عَجِيب شَأْنه أَنه على إقلاله وَكَثْرَة دُيُونه وقصور دخله عَن خرجه يُقيم من الْمُرُوءَة وسعة الرحل مَا لَا عهد لمن فَوْقه فِي الجاه وَالْمَال بِمثلِهِ ويبذل للزوار والعفاة مَا لَا يقدم أجواد المياسير على بذله وَكَأن الأشجع السّلمِيّ عناه بقوله (وَلَيْسَ بأوسعهم فِي الْغنى ... وَلَكِن معروفه أوسع) // من المتقارب // وَله كِتَابه حَسَنَة ومحاضرة مفيدة وفصاحة مرضية وَشعر كثير لَا يحضرني مِنْهُ الْآن إِلَّا قَوْله (وَكنت إِذا مَا سرح الْمشْط عارضي ... رَأَيْت سحيق المسلك بَين يديا) (فصرت إِذا مَا خللته أناملي ... تناثر كافور بِهن عليا) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 505 وَقَوله لبَعض أصدقائه (أَرَانِي إِذا مَا سرت نَحْوك زَائِرًا ... خطاي وساع والمسير ذميل) (وَإِن مَا أرح بالإنصراف مودعا ... فأدرم مشيا والحراك قَلِيل) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي شمعة نصبت فِي بركَة وشمعة وسط أَيمن البرك ... تميس فِي المَاء ميس مرتبك) (كَأَنَّهَا الْبَدْر فِي السَّمَاء سرى ... فحار فِي أوجه من الْفلك) // من المنسرح // وَقَوله فِي فوارة أقلت تفاحة (وفوارة سَائل مَاؤُهَا ... بتفاحة مثل خد العشيق) (كمنفخة من رَقِيق الزّجاج ... تدار بهَا كرة من عقيق) // من المتقارب // 122 - أَبُو الْفَتْح أَحْمد بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْكَاتِب من رستاق جُوَيْن وَقع إِلَى بُخَارى فِي آخر الدولة السامانية واتصل بالخانية فَتَوَلّى ديوَان الرسائل لبغرا قراخان وَنَازع أَبَا عَليّ الدَّامغَانِي فِي الرُّتْبَة ثمَّ زَالَ أمره وانحطت حَاله وَقصد غزنة فَلم يحظ بطائل وعاود نيسابور فَمَاتَ بهَا وَكَانَ أَعْطَانِي من شعره مجلدة أخرجت مِنْهَا قَوْله (تزوجت وَيحك عوادة ... ليطعمك النَّاس من أجلهَا) (لقد جِئْت فِي اللوم أعجوبة ... أرى الْكَلْب يأنف من مثلهَا) // من المتقارب // وَقَوله (شعري متين وخطي حِين تلحظه ... كالروض حسنا وَمَا فِي منزلي قوت) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 506 (لَا الدّرّ عِنْدهمَا در إِذا جمعا ... عِنْد الأديب وَلَا الْيَاقُوت ياقوت) (لَكِن عيبي أَنِّي لست ذَا قحة ... لذاكم أَنا مهجور وممقوت) // من الْبَسِيط // وَله (مَا للبراغيث طول اللَّيْل راتعة ... أجل وَطول نَهَار الصَّيف فِي جَسَدِي) (بليت مِنْهَا بِمَا تبلى الْكِرَام بِهِ ... من اللئام وَأهل الْبَغي والحسد) // من الْبَسِيط // وَله (لما رَأَيْت الشَّيْخ قد ملني ... وآزور عني وازدري قدري) (رضيت بالفقر ولازمته ... فِي منزل أضيق من صَدْرِي) // من السَّرِيع // وَله (سقاك الله نيسابور غيثا ... يبرد غلَّة الهيم العطاش) (فقد أحدثت كتابا ظرافا ... لطافا طَابَ بَينهم معاشي) (إِذا أبصرتهم أنشدت بَيْتا ... رَوَاهُ لنا زُهَيْر عَن خرَاش) (خريتم فِي الْبيَاض وَكَانَ عهدي ... بكم تخرون قبل على الْفراش) // من الوافر // وَله (جفاني وهاجاني وَلم يخْش صولتي ... وَلَا سطوتي الشَّيْخ العميد أَبُو نصر) (وَكَانَ حري أَلا يكاشف شَاعِرًا ... وَفِي دَاره يجْرِي من الخزي مَا يجْرِي) (وَقد خَافَ أَوْلَاد العفائف جَانِبي ... فَمَا أَمنه إيَّايَ وَهُوَ ابْن من يدْرِي) // من الطَّوِيل // وَله (ولحية للشَّيْخ إِن تلقها ... لقِيت من حاملها مائقا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 507 (سلط عَلَيْهَا رَبنَا نادفا ... بل ناتفا بل حالقا حادقا) // من السَّرِيع // وَله (سيرة الشَّيْخ سيرة مذكوره ... وأياديه بَيْننَا مشكوره) (إِذْ لَدَيْهِ مَحل كل كريم ... كمحل الْكلاب فِي المقصوره) // من الْخَفِيف // وَله (من كَانَ ذَا جَارِيَة بضة ... ولحمها عَار من الشَّحْم) (فَهَذِهِ يَا إخوتي فاعجبوا ... جاريتي عظم بِلَا لحم) (عظم بِلَا لحم وَلكنهَا ... مولعة بالمضغ للحم) // من السَّرِيع // وَله (أَقُول للشَّيْخ إِذا جِئْته ... وَالشَّيْخ لَا يفكر فِي الهجو) (سُبْحَانَ من أَعْطَاك هلوفة ... تصلح للهجو وللنجو) // من السَّرِيع // وَله (لقد جلّ ارتياحي واغتباطي ... بِمَا يلقاه من ألم السقام) (وَأَرْجُو أَن يتمم لي سروري ... بِمَا يسقاه من كأس الْحمام) (وحاشا أَن يَذُوق الْمَوْت إِلَّا ... بِحَدّ مهند ذكر حسام) (على أَن الحسام يزل عَنهُ ... وَلَكِن بِالْحِجَارَةِ وَالسَّلَام) // من الوافر // وَله (جهل الرئيس وَحقّ الله يضحكنا ... وَفعله وإله النَّاس يبكينا) // من الْبَسِيط // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 508 123 - أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن أَسد العامري من رستاق خواف أحد الأدباء الْمَذْكُورين والمؤدبين الْمَشْهُورين بنيسابور وَكَانَ يُؤَدب أَوْلَاد الرؤساء بهَا وَله شعر كثير اقتصرت مِنْهُ على قَوْله (يَدي على كَبِدِي من شدَّة الكمد ... كَأَنَّمَا خلقت كفاي من كَبِدِي) (نظرت فاحترقت أحشاي من نَظَرِي ... فَمن ألوم وَقد أحرقتها بيَدي) (الشوق يجمعني والهم فِي قرن ... جمعا يفرق بَين الرّوح والجسد) (جودي لي الْيَوْم أَو عودي غَدا دنفا ... أَو اندبي لقتيل الْحبّ بعد غَد) // من الْبَسِيط // وَقَوله (فرسكة حَمْرَاء كالعقيق ... هَدِيَّة جاءتك من صديق) // من الرجز // 124 - ابْنه أَبُو النَّصْر طَاهِر بن الْحُسَيْن كتب إِلَى أبي الْحُسَيْن بن فراسكين وَكَانَ يُؤَدب وَلَده (حث الْكَرِيم على التفضل بِدعَة ... يَا خير من يمشي على وَجه الثرى) (جَاءَ الشتَاء وَلست أملك درهما ... والاعتماد عَلَيْك فَانْظُر مَا ترى) // من الْكَامِل // 125 - أَبُو عبد الله الغواص من قَرْيَة الْجُنَيْد من رستاق بست بنيسابور أديب متبحر فِي اللُّغَة شَاعِر باللسانين كثير المحاسن وَهُوَ الْآن حَيّ يرْزق وَله نعْمَة ودهقنة وديوان شعره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 509 عَظِيم الحجم وَمن ملحه قَوْله (من عذيري من عذولي فِي قمر ... قامر الْقلب هَوَاهُ فقمر) (قمر لم يبْق مني حبه ... وهواه غير مقلوب قمر) // من الرمل // وَقَوله فِي دَار السَّيِّد أبي جَعْفَر الموسوي (يَا دَار سعد قد علت شرفاتها ... بنيت شَبيهَة قبْلَة للنَّاس) (لوُرُود وَفد أَو لدفع ملمة ... أَو بذل مَال أَو إدارة كاس) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي قوم من المتفقهة وسخى الثِّيَاب جيدي الْأكل (أنَاس نتنهم يربى ... على نَتن الظرابين) (وَأكل لَهُم يربى ... على أكل الثعابين) // من الهزج // وَقَوله (الخيبريون فِي أستاههم سَعَة ... وَفِي أكفهم مَا شِئْت من ضيق) (وَمِنْهُم أَحْمد المذموم مذْهبه ... بلع الأيور بِلَا ريق على الرِّيق) // من الْبَسِيط // 126 - أَبُو حَاتِم الْوراق من قَرْيَة كشم من رستاق نيسابور ورق بنيسابور خمسين سنة وَهُوَ الْقَائِل (إِن الوراقة حِرْفَة مذمومة ... محرومة عيشي بهَا زمن) (إِن عِشْت عِشْت وَلَيْسَ لي أكل ... أَو مت مت وَلَيْسَ لي كفن) // من الْكَامِل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 510 وَمن ملحه قَوْله فِي نور الْخلاف المسكي (كَأَن نور شجر الْخلاف ... أكف شنور بِلَا خلاف) // من الرجز // 127 - أَبُو جَعْفَر البحاث مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان من زوزن إِحْدَى كور نيسابور مَشْهُور بالأدب وَالْعلم وَكَانَ لَهُ مَحل من الشّعْر وَتصرف فِي الْقَضَاء بِبِلَاد خُرَاسَان وَأنْشد قَول ابْن المنجم (فَلَا تجعلني للقضاة فريسة ... فَإِن قُضَاة الْعَالمين لصوص) (مجَالِسهمْ فِينَا مجَالِس شرطة ... وأيديهم دون الشصوص شصوص) // من الطَّوِيل // فَقَالَ مجيزا لَهما (سوى عصبَة مِنْهُم تخص بعفة ... وَللَّه فِي حكم الْعُمُوم خُصُوص) (خصوصهم زَان الْبِلَاد وَإِنَّمَا ... يزين خَوَاتِيم الْمُلُوك فصوص) // من الطَّوِيل // وَمن ملحه السائرة قَوْله (هَدِيَّة بِنِسْبَة ... أذية أَو بليه) (بِاللَّه قل لي أَكَانَت ... هَدِيَّة أم وَصِيّه) (إِن أخرت عَن حَياتِي ... وعاجلتني المنيه) (فأعطها بعد موتِي ... أقاربي بالسويه) // من المجتث // وَهَذِه قصيدة لَهُ كتبتها كلهَا لحسن ديباجتها (شباب كلامع برق رَحل ... وشيب كَمثل غَرِيم نزل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 511 (وَقد قويم جفاه الزَّمَان ... كخوط تحاني وغصن ذبل) (وَشعر تطاير فِيهِ الْبيَاض ... يحاكي سواهُ خضاب نصل) (وثغر تناثر كالأقحوان ... غازله اللَّيْل رش وطل) (وَوجه نبت عَنهُ نجل الْعُيُون ... وَقد كَانَ روضا لحور الْمقل) (وخطو كخطو القطا فِي الرمال ... من بعد وثب كوثب الْإِبِل) (وجسم تراجع بعد النَّمَاء ... كزرع تناهى وَبرد سمل) (ترحل مَا سر مستعجلا ... وشيك الرحيل وَمَا سَاءَ حل) (مَضَت وَانْقَضَت غفلات الشَّبَاب ... وَجَاء المشيب وَبئسَ الْبَدَل) (كَأَنِّي رَأَيْت الصِّبَا فِي الْمَنَام ... خيالا تمثل ثمَّ اضمحل) (أما لَك فِيمَا ترى عِبْرَة ... وَشَاهد صدق بِقرب الْأَجَل) (إِلَى كم تَطوف بِبَاب الْمُلُوك ... كطير الْفراش بضوء الشعل) (فطورا تجل وطورا تغل ... وطورا تعز وطورا تذل) (أتغفل عَن نائبات الزَّمَان ... وَهن سراع إِلَى من غفل) (زمَان يُدِير على أَهله ... بِسَعْد ونحس كؤوس الدول) (فإحدى يَدَيْهِ تمج الذعاف ... وَإِحْدَى يَدَيْهِ تمج الْعَسَل) (ألم تعْتَبر بقصور الْمُلُوك ... خلت مِنْهُم بوشيك الرحل) (فسلها وَقل أَيْن سكانها ... وَأَيْنَ الْمُلُوك وَأَيْنَ الخول) (وَأَيْنَ الجيوش وَأَيْنَ الْخُيُول ... وَأَيْنَ السيوف وَأَيْنَ الأسل) (وَأَيْنَ الَّذين حكوا بالقدود ... غصونا ثناها الندى والبلل) (كجن على الْجِنّ قد أَقبلُوا ... بسود القلانس حَشْو الْحلَل) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 512 (طوتهم عَن الأَرْض آجالهم ... وَلم تغن عَنْهُم صنوف الْحِيَل) (وَمَا ذَاك من كَوْكَب قد بدا ... من الشرق أَو كَوْكَب قد أفل) (وَلَا الْخَيْر يَأْتِي بِهِ المُشْتَرِي ... وَلَا الشَّرّ يقْضِي علينا زحل) (وَمَا الْأَمر إِلَّا لرب السَّمَاء ... وقاضي الْقُضَاة تَعَالَى وَجل) (قَلِيل جَمِيع مَتَاع الْغرُور ... وطالبه من قَلِيل أقل) (وضل عَن الرشد جمَاعه ... وحاسده مِنْهُ فِيهِ أضلّ) (سِبَاع حواليه زرق الْعُيُون ... كلاب وَأسد وذئب أذلّ) (فَهَذَا يجاذب مَا قد حواه ... وَهَذَا يخالسه مَا فضل) (إِذا وضعوه على نعشه ... أشاعوا البكا وأسروا الجذل) (وَإِن دفنوه نسوه مَعًا ... وكل بميراثه مشتغل) (فَهَذَا قصارى جَمِيع الْأَنَام ... من جلّ أَو قل مِنْهُم وذل) (أَقُول وللدمع فِي وجنتي ... سوابق قطر لَهُ مستهل) (سَلام على طيب عَيْش مضى ... وَأنس بِإِخْوَان صدق نبل) (سَلام على قوتي للْقِيَام ... إِلَى الْفَرْض فِي وقته وَالنَّفْل) (سَلام على الْخَتْم فِي لَيْلَة ... بقلب كئيب حَلِيف الوجل) (سَلام على الْكتب ألفتها ... ووشحتها بصحاح الْعِلَل) (سَلام على مدح صغتها ... وحبرتها فِي اللَّيَالِي الطول) (سَلام امْرِئ مَا اشْتهى لم يجد ... وَمَا رام مُجْتَهدا لم ينل) (أناب إِلَى ربه تَائِبًا ... ومستغفرا للخطا والزلل) // من المتقارب // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 513 وَله وَقد حلم بخيال حبيب لَهُ فَنَبَّهَهُ ذَلِك الحبيب فَقَالَ (يَا من ينبهني عَن رقدة جمعت ... بيني وَبَين خيال مِنْهُ مأنوس) (دَعْنِي فَإنَّك محروس ومرتقب ... وخلني وخيالا غير محروس) // من الْبَسِيط // 128 - أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَليّ الْإِسْمَاعِيلِيّ الْجُوَيْنِيّ أحد أفاضل الأدباء بل أوحدهم يجمع تفاريق المحاسن وَيرجع بناحيته إِلَى دهقنة وكفاية ويتحلى بستر وقناعة وَله شعر كثير يحضرني مِنْهُ قَوْله (يَا واصفا لي شوقه ... وَمَا سما مِنْهُ فَوْقه) (حسوت من ذَاك مَالا ... مشنوق يَسْتَطِيع ذوقه) (وَفَوق ظَهْري مِنْهُ ... مَا يشتكي قدس أوقه) // من المجتث // وَقَوله (إِن الزِّيَارَة يزري ... إدمانها بالمحبه) (وَعَادَة الغب فِيهَا ... أولى بِحسن المغبه) // من المجتث // وَقَوله (مَا أبين الْعذر فِي كتاب ... فِي الظّهْر حَيْثُ الْبيَاض يعوز) (أَلَيْسَ عِنْد افتقاد مَاء ... تيَمّم بالصعيد يجوز) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (اعذر صديقا فِي بَيَاض حكى ... كَاتبه فِي دقة الْجِسْم) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 514 (كَأَنَّمَا أعدته أشواقه ... فصيرته ناحل الجرم) // من السَّرِيع // 129 - أَبُو نصر أَحْمد بن عَليّ بن أبي بكر الزوزني كَانَ غرَّة فِي وَجه زوزن وَورد نيسابور وَهُوَ غُلَام يتناسب وَجهه وشعره حسنا فَأَخَذته الْعُيُون وقبلته الْقُلُوب وارتاحت لَهُ الْأَرْوَاح واستكثر من أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَأخذ عَنهُ الفصاحة حَتَّى كَاد يحكيه وتفتحت لَهُ أَبْوَاب الشّعْر وتفتقت أنواره فَقَالَ من قصيدة (وَلَا أقبل الدُّنْيَا جَمِيعًا بمنة ... وَلَا أَشْتَرِي عز الْمَرَاتِب بالذل) (وأعشق كحلاء المدامع خلقَة ... لثلا يرى فِي عينهَا منَّة الْكحل) // من الطَّوِيل // وَقَالَ (أَلا حل بِي عجب عاجب ... تقاصر وصفي عَن كنهه) (رَأَيْت الْهلَال على وَجه من ... رَأَيْت الْهلَال على وَجهه) // من المتقارب // وحَدثني أَبُو نصر سهل بن الْمَرْزُبَان قَالَ انفذ إِلَى أَبُو نصر الزوزني رقْعَة وسألني أَن أعرضها على وَالِدي فَإِذا فِيهَا هَذِه الأبيات (يَا أَيهَا السَّيِّد المرجى ... إِن حل صَعب وَجل خطب) (عِنْدِي ضيف وَلَيْسَ عِنْدِي ... مَا هُوَ للملهيات قطب) (فالصدر مني لذاك ضيق ... لَكِن رجائي لديك رحب) (أقِم علينا سَمَاء لَهو ... أنجمها بالمزاح شهب) (نشرب ونوقظ بِهِ قلوبا ... وَيُصْبِح الْجِسْم وَهُوَ قلب) // من مخلع الْبَسِيط // وَلما اسْتَوَى شبابه وشعره ورد الْعرَاق وانخرط فِي سلك الشُّعَرَاء عضد الدولة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 515 فَهَب عَلَيْهِ نسيم الثروة وتمهد لَهُ فرَاش النِّعْمَة ثمَّ إِنَّه احْتضرَ أحسن مَا كَانَ شبَابًا وأكمل مَا كَانَ آدابا وَكتب إِلَى وَالِده قصيدة وَهُوَ فِي سكرة الْمَوْت أَولهَا (أَلا هَل من فَتى يهب الهوينا ... لمؤثرها ويعتسف السهوبا) (فَيبلغ والأمور إِلَى مجَاز ... بزوزن ذَلِك الشَّيْخ الأريبا) (بِأَن يَد الردى هصرت بِأَرْض الْعرَاق ... من ابْنه غصنا رطيبا) // من الوافر // وَلَيْسَ يحضرني بَاقِيهَا 130 - أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد المأموني كَانَ من عُلَمَاء المؤدبين وخواصهم وانتقل من زوزن إِلَى نيسابور واشتغل بالتدريس والتأديب وَله شعر كثير وقصائد مسمطة كَقَوْلِه من قصيدة أَولهَا (لَعَلَّ سعاد تسعد من ... أضرّ بِهِ الْفِرَاق وَأَن) (تكف يَد الصبابة عَن ... فؤاد شيق تَعب) // من مجزوء الوافر // وَمِنْهَا (وفقد الغمد لَا يزري ... بعضب فيصل يبري) (وَإِن الطّرف قد يجْرِي ... بِغَيْر ثِيَابه القشب) وَقَوله من أُخْرَى فِي التَّوْحِيد أَولهَا (إِلَه الْخلق معبودي ... وَفِي الْحَاجَات مقصودي) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 516 (وَدين الْكفْر مردودي ... وعصمة خالقي وزري) // من مجزوء الوافر // وأنشدني لنَفسِهِ فِي وصف التفاحة (وتفاحة من سوسن صِيغ نصفهَا ... وَمن جلنار نصفهَا وشقائق) (كَأَن الَّذِي فِيهَا من الْحسن صائح ... بِأَن آمنُوا يَا جاحدون بخالقي) // من الطَّوِيل // وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (لَا الْعسر يبقي على حَال وَلَا الْيُسْر ... أَلا ترى أَن من يَعْلُو سينحدر) (لَا تسخطن على دهر لحادثه ... فَكل حَادِثَة يَأْتِي بهَا الْقدر) (وَكن بِرَبِّك فِي الْأَحْوَال ذَا ثِقَة ... بِأَنَّهُ دَافع الْآفَات لَا الحذر) // من الْبَسِيط // 131 - أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن مبروك الزوزني كَانَ متفننا فِي الْعُلُوم قَائِلا بالاعتزال والزهد والتصوف وَله شعر كثير من أشهره قَوْله (سَواد صدغين من كفر يُقَابله ... بَيَاض خدين من عدل وتوحيد) (قد حلت الزنج أَرض الرّوم فاصطلحا ... يَا وَيْح روحي بَين الْبيض والسود) // من الْبَسِيط // 132 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد العَبْد لكاني أديب شَاعِر ظريف الْجُمْلَة خَفِيف روح الشّعْر كثير الْملح والظرف فمما أَنْشدني لنَفسِهِ فِي دَار الْأَمِير أبي الْفضل الميكالي قَوْله فِي بعض الصُّدُور بنيسابور (لَو كنت أعظم فِي الْولَايَة ... من يزِيد بن الْمُهلب) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 517 (أَو كنت أعلم بالرواية ... من سعيد بن الْمسيب) (ولقيتني بتجهم ... فالكلب مِنْك إِلَيّ أعجب) // من مجزوء الْكَامِل // وَقَوله (يَا رب وفقني للخير ... واقتل عدوي بيَدي غَيْرِي) (وقو أيري فَإِن الْفَتى ... لذته فِي قُوَّة الأير) // من السَّرِيع // وَقَوله (يَا سَيِّدي نَحن فِي زمَان ... أبدلنا الله مِنْهُ غَيره) (كل خسيس وكل نذل ... متع بالطيبات أيره) (وكل ذِي فطنة وكيس ... يجلد فِي بَيته عميره) // من مخلع الْبَسِيط // وَقَوله (يَا كاسبا من إسته ... ومنفقا على الذّكر) (استك تشكوك فَلَا ... تفرح إِذا الأير شكر) // من مجزوء الرجز // وَقَوله (يَا مادح الشّعْر جهلا ... أعن أَخَاك بصمت) (لَو كَانَ فِي الشّعْر خير ... مَا كَانَ ينْبت فِي استي) // من المجتث // وَقَوله (لَهُ أنف حكى خرطوم فيل ... إِلَى شفتين مثل الكلبتين) (فَلَا تغررك مردته فَإِنِّي ... رَأَيْت الْقبْح إِحْدَى اللحيتين) // من الوافر // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 518 وأنشدني الْأَمِير أَبُو الْفضل لَهُ (إِذا كنت مُعْتَقدًا ضَيْعَة ... فإياك والشوه الوجوها) (لِأَنَّك تقْرَأ إِن الْمُلُوك ... إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها) // من المتقارب // وَله (البس ثيابًا وَكن حمارا ... فَإِنَّمَا تكرم الثِّيَاب) // من مخلع الْبَسِيط // انْتهى الْبَاب الْعَاشِر فتم بِهِ الْكتاب وَبَقِي على ذكر قوم من أهل نيسابور لم تحضرني أشعارهم وهم أَبُو سَلمَة الْمُؤَدب وَأَبُو حَامِد الخارزنجي وَأَبُو سهل البستي وَأَبُو الْحسن العبدوني الْفَقِيه وَأَبُو بكر الجلاباذي وَأَبُو الْقَاسِم الْعلوِي وَأَبُو سعد الخيزروذي وَأَبُو سعيد مَسْعُود بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ والفقيه أَبُو الْقَاسِم بن حبيب الْمُذكر وَأَبُو الْقَاسِم الْحسن بن عبد الله الْمُسْتَوْفى الْوَزير وَالشَّيْخ أَبُو الْحسن الْكَرْخِي وَالشَّيْخ أَبُو نصر بن مشكان وَأَبُو الْعَلَاء بن حسولة أيده الله وسيتفق لي أَو لمن بعدِي إِلْحَاق مَا يحصل من ملح أشعارهم بِهَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَله الْحَمد والْمنَّة وَالشُّكْر وصلواته على النَّبِي الْمُصْطَفى مُحَمَّد وَآله الطاهرين وَالصَّحَابَة أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين آمين وَهَذِه زِيَادَة ألحقها الْأَمِير أَبُو الْفضل عبيد الله بن أَحْمد الميكالي رَحمَه الله تَعَالَى بِخَطِّهِ فِي آخر المجلدة الرَّابِعَة من نسخته على لِسَان الْمُؤلف وَلَقَد قَالَ الشَّيْخ أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله تَعَالَى لبَعض تلامذته أَوَان الْقِرَاءَة قد أجزت مَا فعله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 519 الْأَمِير وَإِن شِئْت أَن تثبته فِي مَوْضِعه من الْكتاب فافعل فقد أجزتك بذلك 133 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الغزنوي مولدا الْأَصْبَهَانِيّ منشأ حَسَنَة أرضه ونادرة دهره وَنجم أفقه وَعقد قلائد الْفضل وَأَهله وَالْجَامِع بَين كرم الخيم وَالْخَيْر والمكتفي بالفهم الثاقب والطبع الغزير والمتفنن فِي محَاسِن الْآدَاب والعلوم والناظم حَوَاشِي المنظوم والمنثور وَمِمَّا حضر فِي الْوَقْت من بارع نظمه قَوْله (إِذا سلم الله دين امْرِئ ... وعرضا لَهُ من دواعي الْخلَل) (فَمَا بعد هذَيْن من حَادث ... تَلقاهُ أَو ريب دهر جلل) // من المتقارب // وَقَوله فِي بَغْدَاد (سقى الله بَغْدَاد مجنى الْعُلُوم ... ومغنى الْأَمَانِي ومثوى الْأَدَب) (على أَنَّهَا حسرة المفلسين ... وجنة عدن لأهل النشب) (إِذا مَا استتبت لنا عودة ... إِلَيْهَا قضينا أقاصي الأرب) // من المتقارب // وَقَوله (سقى الله أَيَّامًا بِبَغْدَاد لي مَضَت ... خلت فألذت وَانْقَضَت فأمضت) (وَلم يَك إِلَّا عقد عمري وعلقة ... تقضى فَكَانَت عيشتي قد تقضت) // من الطَّوِيل // الجزء: 4 ¦ الصفحة: 520 وَقَوله فِي نكبته (لَيْسَ إِلَّا الرضى بِمَا قدر الله ... وَإِلَّا الإذعان وَالتَّسْلِيم) (والعزاء الْجَمِيل وَالصَّبْر والإيقان ... أَن الْمولى رَحِيم كريم) (ومصير الْمَظْلُوم عُقبى نجاة ... ومعاد الْبُغَاة مرعى وخيم) (لَيْسَ فِيمَا مضى من الْخَيْر خير ... إِنَّمَا الْخَيْر فِي الَّذِي لَا يريم) (وَكَذَا الشَّرّ يَنْقَضِي لَيْسَ شرا ... إِنَّمَا الشَّرّ شَرّ من يستديم) (فاحمد الله إِن حصلت مصيرا ... واشكرنه أَن لست مِمَّن تضيم) (وَاتَّقِ الله واستعنه وأيقن ... إِن أجر الصبور أجر عَظِيم) // من الْخَفِيف // وَقَوله (الزّجر والفأل والرؤيا تعاليل ... وللمنجم أَحْكَام أباطيل) (وَالله بِالْغَيْبِ وَالتَّقْدِير مُنْفَرد ... وَمَا سوى حكمه غي وتضليل) (فَلَا معجل للمقضي آجله ... وَلَيْسَ للعاجل الْمقْضِي تَأْجِيل) (ثق بالعليم الَّذِي يقْضِي الْأُمُور وَلَا ... يغررك مَا دونه فَالْكل تَعْلِيل) // من الْبَسِيط // وَقَوله (يَا من يُثمر للحوادث مَاله ... فَوت نَفسك حظها من مَاله) (كن وَاحِدًا مِنْهَا لسهم وَاحِد ... لَك إِن حرمت سهامها بكمالها) // من الْكَامِل // وَقَوله فِي مرثية وجيه بن أَحْمد (أَتَى نبأ من نَحْو دينور مصعدا ... أَقَامَ جَمِيع السامعين وأقعدا) (وأورث أحناء الْقُلُوب تململا ... وأودع أحشاء الضلوع توقدا) (وذوب من بَحر المدامع جَامِدا ... وجرد من سيف الكآبة مغمدا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 521 (وغادر وَجه الْفضل والنبل أغبرا ... وطرف الحجى وَالْعقل واللب أرمدا) (وَأبقى أساه كل دمع مهلهلا ... وَأبقى بكاه كل خد مخددا) (فَعَاد بِهِ شَمل الهموم مجمعا ... وآض بِهِ شَمل السرُور مبددا) (فَفِي كل دَار مِنْهُ نوح وَرَنَّة ... وَفِي كل قلب مِنْهُ كلم تجددا) (بِأَن الردى أنحى على الْمجد والعلى ... وأودى بحزم الْعلم والحلم والندى) (بِمن كَانَ للإحسان وَالْفضل مألفا ... وَمن كَانَ للإنعام والطول معهدا) (فويح الردى كَيفَ انبرى دفْعَة لَهُ ... وَكَانَ بِهِ من قبل يستدفع الردى) (عساه أَتَاهُ فِي معَارض سَائل ... فراوده عَن روحه باسطا يدا) (فَمَا رده لما اجتداه تكرما ... وَكَانَ قَدِيما لَا يرد من اجتدى) (عفاء على دهر عَفا رسم مجده ... فغادر شلو المكرمات مقددا) (وأنف الْمَعَالِي والكمال مجدعا ... وَوجه المساعي والفعال مسودا) (لقد كَانَ حَقًا غرَّة فِي جَبينه ... فَعَاد بهيما بعد أكلف أربدا) (سَلام عَلَيْهِ فائض بركاته ... من الله والرضوان مثنى وموحدا) (وَلَا زَالَ ريحَان الْجنان وروحها ... يصافحه فِي كل ممسى ومغتدى) // من الطَّوِيل // وَقَوله فِي عِلّة عرضت لَهُ فَحلف الطَّبِيب أَنَّهَا سليمَة (حلف الطَّبِيب لأبرأن من علتي ... وَمَتى يرِيح من الْمَمَات يَمِين) (هون عَلَيْك فَكل مَا هُوَ كَائِن ... سَيكون إِمَّا حَان مِنْهُ الْحِين) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 522 (وَلَئِن نجوت مُسلما من هَذِه ... إِنِّي بِأُخْرَى بعْدهَا لرهين) // من الْكَامِل // وَقَوله (سقى الله أَيَّام الصِّبَا وَنَعِيمهَا ... إِذْ الْقلب صاب فِي هوى المرد شيق) (وَإِذ لَا أحاشي لَذَّة كَيْفَمَا انبرت ... وَأَنِّي وَيَوْم الْعَيْش غضان ريق) (لَئِن كَانَ عُذْري فِي شَبَابِي وَاسِعًا ... عَليّ فصبري فِي مشيبي ضيق) // من الطَّوِيل // وَله فِي نكبة (لَئِن غصبت أَيدي الْمَظَالِم ضيعتي ... فَلم تغتصب ديني وَعلمِي وأخلاقي) (وَإِن ثمدت مَالِي الجوائح فَالَّذِي ... تكفل بالأرزاق يُوسع أرزاقي) (فديني موفور وعقلي رَاجِح ... ووزري منزور وَعلمِي لي بَاقِي) (وعرضي مصون عَن مخاز تظاهرت ... على هاضمي وَالْحَمْد لله خلاقي) (وَمَا أرتجي فِي آجلي من مثوبة ... وَذخر جزيل فَهُوَ أنفس أعلاقي) (فسبحان من فِي كل عَارض محنة ... لَهُ منحة يقْضِي لَهَا الشُّكْر أطواقي) // من الطَّوِيل // انْتَهَت زِيَادَة الْإِلْحَاق تم ّ الْجُزْء الرَّابِع من يتيمة الدَّهْر فِي محَاسِن أهل الْعَصْر لأبي مَنْصُور الثعالبي وبتمامه تَمام الْكتاب وَالْحَمْد لله الَّذِي يسر سبل إكماله وَصلَاته على خير خلقه وعَلى صَحبه وَآله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 523 تَتِمَّة الْقسم الأول فِي محَاسِن أهل الشَّام والجزيرة 1 - الْأَمِير أَبُو المطاع قد قدمت الْعذر فِي تَكْرِير ذكره وكتبت مَا لم يَقع فِي الْيَتِيمَة من شعره فَمن ذَلِك مَا أَنْشدني أَبُو مُحَمَّد خلف بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الشرمقاني بهَا قَالَ أَنْشدني أَبُو المطاع لنَفسِهِ (أفدي الَّذِي زرته بِالسَّيْفِ مُشْتَمِلًا ... ولحظ عَيْنَيْهِ أمضى من مضاربه) (فَمَا خلعت نجادي فِي العناق لَهُ ... حَتَّى لبست نجادا من ذوائبه) (وَكَانَ أسعدنا فِي نيل بغيته ... من كَانَ فِي الْحبّ أشقانا بِصَاحِبِهِ) وأنشدني الشرمقاني عَن الْجَوْهَرِي عَن أبي المطاع لنَفسِهِ (لما الْتَقَيْنَا مَعًا وَاللَّيْل يسترنا ... من جنحه ظلم فِي طيها نعم) (بتنا أعف مبيت باته بشر ... وَلَا مراقب إِلَّا الظّرْف وَالْكَرم) (فَلَا مَشى من وشى عِنْد الْعَدو بِنَا ... وَلَا سعى بِالَّذِي يسْعَى بِنَا قدم) وأنشدني أَيْضا بِهَذِهِ الْإِسْنَاد (تَقول لما رأتني ... نضوا كَمثل الْخلال) (هَذَا اللِّقَاء مَنَام ... وَأَنت طيف الخيال) (فَقلت كلا وَلَكِن ... أَسَاءَ بَيْنك حَالي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 (فَلَيْسَ يعرف مني ... حقيقتي من محالي) وأنشدني أَيْضا بِهَذِهِ الْإِسْنَاد (ترى الثِّيَاب من الْكَتَّان يلمحها ... نور من الْبَدْر أَحْيَانًا فيبليها) (فَكيف تنكران تبلى معاجرها ... والبدر فِي كل وَقت طالع فِيهَا) وَأرَاهُ أَخذ هَذَا الْمَعْنى من أبي الْحسن بن طَبَاطَبَا الْعلوِي فِي قَوْله من نتفة (لَا تعجبوا من بلَى غِلَالَتِهِ ... إِذْ زر كتانها على الْقَمَر) وَأَخذه أَيْضا الرضي بن الموسوي النَّقِيب فَقَالَ من قصيدة (كَيفَ لَا تبلى غِلَالَتِهِ ... وَهُوَ بدر وَهِي كتَّان) وللقمر خاصية فِي قرض الْكَتَّان وَلذَلِك قَالَ من ذكر عُيُوب الْقَمَر يهدم الْعُمر وَيحل الدّين وَيُوجب أُجْرَة الْمنزل ويسخن المَاء وَيفْسد اللَّحْم ويشحب الألوان ويقرض الْكَتَّان ويضل الساري لِأَنَّهُ يخفي الْكَوَاكِب ويعين السَّارِق ويفضح العاشق الطارق وَلأبي مُحَمَّد طَاهِر بن الْحُسَيْن المَخْزُومِي الْبَصْرِيّ فِي نظم نبذ من معايب الْبَدْر وتحذير بعض الرؤساء سوء أثر هجائه من قصيدة (لَو أَرَادَ الأديب أَن يهجو الْبَدْر ... رَمَاه بالخطة الشنعاء) (قَالَ يَا بدر أَنْت تغدر بالساري ... وتغري بزورة الْحَسْنَاء) (كلف فِي شحوب وَجهك يَحْكِي ... نكتا فَوق وجنة برصاء) (ويريك السرَار فِي آخر الشَّهْر ... شَبيه القلامة الحجناء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 (وَإِذا الْبَدْر نيل بالهجو فليخش ... أولُوا الْعقل ألسن الشُّعَرَاء) وأنشدني أَبُو يعلى مُحَمَّد بن الْحسن الصُّوفِي قَالَ أَنْشدني أَبُو المطاع لنَفسِهِ (لَو كنت سَاعَة بَيْننَا مَا بَيْننَا ... وَشهِدت حِين نكرر التوديعا) (أيقنت أَن من الدُّمُوع مُحدثا ... وَعلمت أَن من الحَدِيث دموعا) وَله فِي هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه (غير مستنكر وَغير بديع ... أَن يبين الَّذِي تجن ضلوعي) (لي دموع كَأَنَّهَا من حَدِيث ... وَحَدِيث كَأَنَّهُ من دموعي) وَكنت أَحسب أَن شعره مقطعات دون القصايد حَتَّى طلع علينا الشَّيْخ أَبُو بكر عَليّ بن الْحسن فأعارني من ديوَان شعره مَا نَقله بِالشَّام من خطه وَفِيه الطوَال والقصار وَلم يكن رفع إِلَى خُرَاسَان من ذَلِك غير مَا كتبته فَمن أحاسنه ولطايفه قَوْله (ومفارق نَفسِي الْفِدَاء لنَفسِهِ ... ودعت صبري عَنهُ فِي توديعه) (وَرَأَيْت مِنْهُ مثل لُؤْلُؤ عقدَة ... من ثغره وَحَدِيثه ودموعه) وَقَوله فِي مَعْنَاهُ (رَأَيْت عِنْد الْفِرَاق لما ... جم لحيني وشؤم جدي) (أَرْبَعَة مَالهَا شَبيه ... فِيمَن بِهِ صبوتي ووجدي) (من در لفظ ودر ثغر ... ودر دمع ودر عقد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 (الْيَوْم يَوْم السرُور والطرب ... فَاقْض بِهِ مَا تحب من أرب) (أما ترى الجو فِي سحائبه ... وبرقه المستطير فِي السحب) (يختال فِي حلَّة ممسكة ... قد طرزتها البروق بِالذَّهَب) وَلأبي المطاع من قصيدة (وَلما اجْتَمَعنَا للتفرق سلمت ... سَلام فِرَاق لَا سَلام تلاق) (فحليت من نظم الصبابة ... جيدها فريد دموع فِي عُقُود عنَاق) (فيا لَيْت روحينا جرت فِي دموعنا ... تسيل بأجفان لنا ومأاق) (فقد يستلذ الصب فرقة نَفسه ... إِذا جد بالأحباب وَشك فِرَاق) وَله أَيْضا (أَيهَا الشادن الَّذِي صاغه الله ... بديعا من كل حسن وَطيب) (ظلّ بَين اللحاظ لحظك يَحْكِي ... سقم قلبِي عَلَيْك بَين الْقُلُوب) وَله فِي يَوْم مضى فِي دير دمشق (مَا أنس لَا أنس يَوْم الدَّيْر مَجْلِسنَا ... وَنحن فِي نعم توفّي على النعم) (وافيته غلسا فِي فتية زهر ... مَا شِئْت من أدب فيهم وَمن كرم) (وَالْفَجْر يَتْلُو الدجى فِي أثر زهرته ... كطاعن بسنان إِثْر مُنْهَزِم) قَالَ كَانَت الزهرة تطلع فِي ذَلِك الْوَقْت قبيل طُلُوع الْفجْر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 (فَلم نزل بمطي الراح نعملها ... محدوة بَيْننَا بالزمر والنغم) (حَتَّى أنثنينا وَنور الشَّمْس يطرده ... جنح من اللَّيْل فِي جَيش من الظُّلم) (وَلَيْسَ فِينَا لفعل الخندريس بِنَا ... من تستقل بِهِ سَاق على قدم) وَله من قصيدة (جناحي إِن رمت النهوض مهيض ... وحبة قلبِي للهموم مفيض) (وَقد هاج لي حزنا تألق بارق ... لَهُ بأعالي الرقمتين وميض) (كَمَا سارقت باللحظ مقلة أرمد ... يقلبها جفن عَلَيْهِ غضيض) (فَلَو أَن مَا بِي بالحديد إِذا بِهِ ... أَو الصخر عَاد الصخر وَهُوَ رضيض) (ولي همة لَو ساعدتها سَعَادَة ... لكَانَتْ سَمَاء وَالسَّمَاء حضيض) (وتحكم فِي مَالِي حُقُوق مروة ... نوافلها عِنْد الْكِرَام فروض) 2 - أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن مُحَمَّد المعري معرة النُّعْمَان من بِلَاد الشَّام وَكَانَ يلقب بالقنوع لِأَنَّهُ قَالَ يَوْمًا فِي كَلَام لَهُ قد قنعت وَالله من الدُّنْيَا بكسرة وَكِسْوَة وَوصف بعض الْعمَّال فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَاء كدر وعود دعر وقفل عسر وأنشدني أَبُو يعلى مُحَمَّد بن الْحسن الْبَصْرِيّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 قَالَ أَنْشدني القنوع لنَفسِهِ ملحا وغررا ونكتا وطرفا وَكَانَ قد استكثر مِنْهُ وروى جلّ شعره عَنهُ فَمن ذَلِك قَوْله (رب هم قطعته فِي دجى اللَّيْل ... بهجر الْكرَى وَوصل الشَّرَاب) (والثريا قد غربت تطلب الْبَدْر ... بسير المروع المرتاب) (كزليخا وَقد بَدَت كفها تطلب ... أذيال يُوسُف بِالْبَابِ) وَقَوله فِي الْغَزل (وَمُجَرَّد أبدا على ... قلبِي حسامي مقلتيه) (جسمي على حَالين من ... حذر مُقيم فِي يَدَيْهِ) (فَإِذا أمنت الْخَوْف مِنْهُ ... بقيت فِي خوف عَلَيْهِ) وَقَوله فِي رَئِيس جَالس على رَأس بركَة مَعَ ندمائه (قل للرئيس أبي الرضاء مُحَمَّد ... قَول امرء يوليه حسن وَلَاء) (من حول بركتك البهية سادة ... الْقُرَّاء وَالْعُلَمَاء وَالشعرَاء) (لَو أنصفوك وهم قيام أشبهت ... أشخاصهم أَمْثَالهَا فِي المَاء) أَي لقاموا على رُؤْسهمْ كَمَا يتراءون فِي المَاء وَقَوله فِي قوم بنوا مَسْجِدا فِي محلته (يَا من بنى مَسْجِدا ضِرَارًا ... وَالْبخل مِنْهُ يَلِيهِ لوم) (لَو كَانَ إسلامكم قَدِيما ... كَانَ لكم مَسْجِد قديم) وَقَوله فِي بعض الْعُدُول (يَا بن عَليّ قَالُوا وَلَو صدقُوا ... لَكُنْت تجْرِي مجْرَاه فِي الْخلق) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 (دينك ذَا لَو كشف بَاطِنه ... أرق من طيلسانك الْخلق) 3 - أَبُو الْخَيْر الْمفضل بن سعيد بن عَمْرو هُوَ من معرة النُّعْمَان أَيْضا ويلقب بالعزيزي لاختصاصه بعزيز الدولة أبي شُجَاع فاتك وَمن شعره فِيهِ قَوْله من قصيدة وَقد خلع عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ سَيْفا ومنطقة ذهب (يَا ذَا الصنايع بعدهن صنايع ... وأخا الأيادي بعدهن أياد) (لم ترض لي حَتَّى ارتديت بصارم ... وعقدت مربط عَاتِقي بنجاد) (وأدرت فِي خصري سبيكة عسجد ... أوهت عداى وَأَمْسَكت من آدي) (فلأرضينك من بلاغة منطقي ... ولأعجبنك من مضاء فُؤَادِي) (ولأخدمنك فَاعِلا أَو قَائِلا ... بِالضَّرْبِ بَين يَديك والأنشاد) (وَإِذا شَككت فَلَا تشك بأنني ... فِي الدَّهْر ثَالِث عنتر وَزِيَاد) وَمِمَّا يستحسن لَهُ قَوْله فِي جَارِيَة سَوْدَاء ويروي لغيره (ومسكية النشر مسكية الغدائر ... مسكية المنظر) (تثنى وقامتها للقضيب ... وَتنظر واللحظ للجوذر) (وتحسبها فِي خلال الحَدِيث ... تنثر عقدا من الْجَوْهَر) وَقَوله فِي الهجاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 (أَبُو الرِّضَا الْقَارِي لَهُ منظر ... يعرب عَن بنية تَأْنِيث) (مخنث الطَّبْع وَلَيْسَت لَهُ ... خفَّة أَرْوَاح المخانيث) وَله ويروى لغيره (أيرى على جسمي أَمِير وَقد ... دَان لَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة) (تكسب أعضاي جَمِيعًا لَهُ ... فِي الشَّهْر مَا ينْفق فِي سَاعَة) 4 - أَبُو الْعَلَاء المعري قد جمعت بَين أهل معرة النُّعْمَان الَّتِي أخرجت هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاء وَهِي غير مَشْهُورَة بخراسان وَكَانَ حَدثنِي أَبُو الْحسن الدلفي المصِّيصِي الشَّاعِر وَهُوَ من لَقيته قَدِيما وحديثا فِي مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة قَالَ لقِيت بمعرة النُّعْمَان عجبا من الْعجب رَأَيْت أعمى شَاعِرًا ظريفا يلْعَب بالشطرنج والنرد وَيدخل فِي كل فن من الْجد والهزل يكنى أَبَا الْعَلَاء وسمعته يَقُول أَنا أَحْمد الله على الْعَمى كَمَا يحمده غَيْرِي على الْبَصَر فقد صنع لي وَأحسن بِي إِذْ كفاني رُؤْيَة الثُّقَلَاء الْبغضَاء قَالَ وحضرته يَوْمًا وَهُوَ يملي فِي جَوَاب كتاب ورد عَلَيْهِ من بعض الرؤساء (وافى الْكتاب فَأوجب الشكرا ... فضممته ولثمته عشرا) (وفضضته وقرأته فَإِذا ... أحلى كتاب فِي الورى يقرا) (فمحاه دمعي من تحدره ... شوقا إِلَيْك فَلم يدع سطرا) فحفظتها واستعملتها كثيرا فِي مكاتبات الإخوان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 5 - أَبُو الْقَاسِم المحسن بن عَمْرو بن الْمُعَلَّى أَنْشدني أَبُو يعلى لَهُ فِي منتحل (لَو قيل للشعر الَّذِي يَدعِي ... الْحق بِمن قالك يَا شعر) (لم بيق فِي ديوَان أشعاره ... قصيدة لَا لَا وَلَا سطر) وأظرف وألطف مِنْهُ قَول القَاضِي أبي الْحسن بن عبد الْعَزِيز فِي أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ (لَو نفضت أشعاره نفضة ... لانتشرت تطلب أَصْحَابهَا) قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ وَأحسن وأجاد جدا (لست أَدْرِي وَلَا المنجم يدْرِي ... مَا يُرِيد الْقَضَاء بالإنسان) (غير أَنِّي أَقُول قَول محق ... وَأرى الْغَيْب فِيهِ مثل العيان) (إِن من كَانَ محسنا قابلته ... بجميل عواقب الْإِحْسَان) وأنشدني المصِّيصِي مرّة لَهُ وَأُخْرَى لغيره هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما مِمَّا يدْخل على الْأذن بِلَا أذن (ليَالِي اللَّذَّات سقيا لَك ... مَا كنت إِلَّا فَرحا كلك) (عودي كَمَا كنت لنا مرّة ... فَنحْن إِن عدت عبيد لَك) وَله أَيْضا (أيا بَارِدًا جدا ... وَيَا من يشبه القردا) (لقد أشبهت من بردك ... مخضرا ومسودا) (لِأَن الْبرد من بردك ... أضحى يجد البردا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 6 - أَبُو الْحُسَيْن المستهام الْحلَبِي غُلَام أبي الطّيب المتنبي والببغاء أَنْشدني أَبُو يعلى لَهُ فِي بعض الْأُمَرَاء اخْتَرْت مِنْهَا (ذُو منظر دلّ على مخبر ... دلَالَة اللَّفْظ على الْمَعْنى) (مَا زَالَ يَبْنِي كعبة للعلا ... وَيجْعَل الْجُود لَهَا ركنا) (حَتَّى أَتَى النَّاس فطافوا بِهِ ... واستلموا رَاحَته الْيُمْنَى) وَمِنْهَا (تطربه الْأَشْعَار فِي مدحه ... وَلم يصغ قَائِلهَا لحنا) (فَلَيْسَ يدْرِي أَن أَتَى شَاعِر ... ينشده أنْشد أم غنا) وَهَذَا معنى حسن قد تصرف فِيهِ الْعُقَلَاء فَمنهمْ أَبُو تَمام حَيْثُ يَقُول وَلَعَلَّه أول من فتح هَذَا الْبَاب (ونغمة معتف تَأتيه أحلى ... على أُذُنَيْهِ من نغم السماع) ثمَّ البحتري حَيْثُ يَقُول (نشوان يطرب للمديح كَأَنَّمَا ... غناهُ مَالك طَيئ أَو معبد) ثمَّ ابْن الرُّومِي حَيْثُ يَقُول (كَأَنَّهُ وَهُوَ مسئول وممتدح ... غناهُ اسحق والأوتار فِي الصخب) ثمَّ القَاضِي ابْن عبد الْعَزِيز حَيْثُ يَقُول فِي الصاحب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 (نشوان يلقِي المعتفى متهللا ... يَهْتَز من مدح بِهِ عطفاه) (وَإِذا أصاخ إِلَى المديح رَأَيْته ... وَكَأن مَالك طَيئ غناهُ) وَقَول المستهام أحسن وألطف من أَقْوَال هَؤُلَاءِ كلهم وَله فِي الْخمر أنشدنيه أَبُو يعلى (وقهوة ذَات حبب ... كالنار ترمي باللهب) (تحسب من طول الحقب ... مخلوقة قبل الْعِنَب) 7 - أَبُو مُحَمَّد الماهر الْحلَبِي شَاعِر بِحقِّهِ وَصدقه محسن ملْء ثَوْبه يَقُول من قصيدة (ترى مِنْهُم يَوْم الوغى كل ناشر ... من النَّقْع فَوق الدَّار عين مطاردا) (ينالون مَا أَمْسَى بَعيدا مناله ... كَأَنَّهُمْ أعْطوا الرماح سواعدا) وَمن أُخْرَى يشبب فِيهَا بِغُلَام أثرت فِيهِ الْحمى وَيحسن فِي التَّخَلُّص إِلَى الْمَدْح ويظرف جدا (وأسيل الخد شاحبه ... كحلت عَيناهُ بالفتن) (تركت حماه وجنته ... فِي اصفرار اللَّوْن تشبهني) (وَأرى خديه وردهما ... مَا جني ذَنبا فَكيف جنى) (نهبا حَتَّى كَأَنَّهُمَا ... مَا حوت كفا أبي الْحسن) وَمِنْهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 (ذُو جفون تشتري أبدا ... غبرات النَّقْع بالوسن) (وَيَد تندى ندى وردى ... تجمع الضدين فِي قرن) وَمن أُخْرَى (مجدي وَقد يثبت فِي نَفسه ... فَضِيلَة المجدي على المجدي) (لَو كَانَ من أحببته بعض مَا ... فِي يَده زار بِلَا وعد) وَله من أُخْرَى (إِذا امتطى قلم يَوْمًا أنامله ... سد المفاقر وَاسْتولى على الْفقر) وَله فِي الْغَزل (حس الطَّبِيب يَدي جهلا فَقلت لَهُ ... عني إِلَيْك فَهَذَا يَوْم بحراني) (فَقَالَ مَاذَا الَّذِي تشكوه قلت لَهُ ... أَشْكُو إِلَيْك هوى من بعض جيراني) (فظل يعجب من قولي وَقَالَ لَهُم ... إِنْسَان طرف فداووه بِإِنْسَان) وَمن منثور كَلَامه خلص من سبل النَّقْد خلوص الذَّهَب من اللهب واللجين من يَد الْقَيْن والمدام من نسج الْفِدَام وَقَوله أَيْن السّمك من السماك والغرقد من الفرقد والسراب من الشَّرَاب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 8 - أَبُو الْفَتْح الموازيني الْحلَبِي لم أسمع فِي هجاء قَوَّال أَمْلَح من قَوْله (ومغن عَن غَيره غير مغن ... جَاءَ فِي لحنه الْقَبِيح بلحن) (كَاد فِي كَفه الْقَضِيب من الغيظ ... يُنَادي يَا أثقل النَّاس دَعْنِي) وأنشدني المصِّيصِي لَهُ وَهُوَ متنازع بَينه وَبَين نفر من أهل الشَّام والجزيرة لجودته وأنشدني أَبُو يعلى الْبَصْرِيّ لبَعْضهِم وَقد نسيت اسْمه (لَا يظنّ الحسود ذَاك وَإِن دب ... دَبِيب التوريد فِي وجنتيه) (إِنَّمَا خَدّه غلالة ورد ... نفضت صبغها على مقلتيه) وَقَوله من قصيدة (الج العجاج إِلَى الْمقنع حاسرا ... وأزورها خوف الوشاة مقنعا) وَقد كنت قلت فِي صباي بَيْتَيْنِ فِي تَشْبِيه كسوف الْبَدْر بالتحاء الْغُلَام وضمنها أَبُو سعد بن أبي الْفرج كِتَابه فِي التشبيهات وهما (انْظُر إِلَى الْبَدْر فِي اسر الْكُسُوف بدا ... مستسلما لقَضَاء الله وَالْقدر) (كَأَنَّهُ وَجه معشوق أدل على ... عشاقه فابتلاه الدَّهْر بالشعر) 9 - أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن حَمَّاد الْبَصْرِيّ أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم يحيى بن عَلَاء البُخَارِيّ الْفَقِيه قَالَ أَنْشدني ابْن حَمَّاد الْبَصْرِيّ لنَفسِهِ بهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 (إِن كَانَ لَا بُد من أهل وَمن وَطن ... فَحَيْثُ آمن من أَهْوى ويأمنني) (يَا لَيْتَني مُنكر من كنت أعرفهُ ... فلست أخْشَى أَذَى من لَيْسَ يعرفنِي) (لَا اشتكي زمني هَذَا فأظلمه ... وَإِنَّمَا أتشكى أهل ذَا الزَّمن) (وَقد سَمِعت أفانين الحَدِيث فَهَل ... سَمِعت قطّ بَحر غير ممتحن) وحَدثني هَذَا أَبُو الْفضل قَالَ قلت يَوْمًا بِالْبَصْرَةِ لِابْنِ حَمَّاد فِي كَلَام جرى بيني وَبَينه أَنْت بَحر وَأَنا نهر فَقَالَ لَا جرم أَنْت عذب وَأَنا ملح وقرظته يَوْمًا آخر وأثنيت عَلَيْهِ فَقَالَ مَا أحسن هَذَا الْمَدْح لَوْلَا أَن الْعَارِية مؤداه 10 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْقصار هُوَ بَصرِي المولد والمنشأ إِلَّا أَنه استوطن بَغْدَاد وَلما رأى سخف الزَّمَان وَأَهله وميلهم من الْكَلَام إِلَى هزله أَخذ فِي طَرِيق السخف وَنزع ثِيَاب الْجد وتلقب بصديع الدلاء وتشبه بِابْن الْحجَّاج وهيهات وَلما أنْشد فَخر الْملك قصيدته الَّتِي مِنْهَا (يَا ذَا الجلالات وَيَا ... ذَا النعم المتسقه) (يَا نعْمَة الله على ... جَمِيع من قد خلقه) (لَو فاخر الدَّهْر الورى ... عَلَوْت مِنْهُ عُنُقه) (قد وَالَّذِي يبقيك لي ... انْقَطَعت بِي النفقه) (وبعت من دفاتري ... مَا كَانَ جدي ورقه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 وَهِي هزلية طَوِيلَة أعطَاهُ مَا أغناه فَهبت رِيحه ونفقت سوقه وَدرت الصلات لَهُ وتداول أهل بَغْدَاد قصيدته الَّتِي عَارض بهَا أبي العنبس فِي تَأْخِير الْمَنْفَعَة وَذكر التَّمِيمِي أَنه قَالَهَا وَأكْثر شعره فِي دَاره بِبَغْدَاد وَأَنه كَانَ يسميها باديته وَأول القصيدة (قلقل أحشاي تباريح الجوى ... وَبَان صبري حِين حالفت الأسى) وَمِنْهَا وَهِي مطمعة مويسة (يَا سادة بانوا وقلبي عِنْدهم ... مذ غبتم قد غَابَ عَن عَيْني الْكرَى) (وسوف أسلي عَنْكُم صبابتي ... بحمقة يعجب مِنْهَا من وعى) (فِي طرف نظمتها مَقْصُورَة ... إِذْ كنت قصارا صَرِيعًا للدلا) (من صفع النَّاس وَلم يُمكنهُم ... أَن يصفعوه بَدَلا قد اعْتدى) (من مضغ الْأَحْجَار أدمت فكه ... فالضرس لم تخلق لتليين الْحَصَى) (من نَام لم يبصر بعيني رَأسه ... وَمن تطأطأ رَاكِعا قد انحنى) (من رامح الْخَيل كسرن سَاقه ... وَمن حدى فِي نَومه فقد هذى) (من صَامَ أسبوعا تَمامًا ليله ... مَعَ النَّهَار لم يُوَافقهُ الخوى) (من قطع النّخل وظل راجيا ... ثمارها فَذَاك مَقْطُوع الرجا) (وَمن طلى بالحبر صحن وَجهه ... حكى بِمَا سود لَيْلًا قد دجا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 وَهِي طَوِيلَة تربي على الْمِائَة وَقد أعجز الشُّعَرَاء أَن يزِيدُوا فِيهَا بَيْتا من حسنها 11 - أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد الْمُفلس قد ذكرته فِي كتاب الْيَتِيمَة وأوردت يَسِيرا من شعره وَهُوَ مَا ذكر أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَارِسِي النَّحْوِيّ من أَن لَهُ شعرًا كثيرا فِي اللغز والأحاجي قد ظَفرت الْآن بِهِ وكتبت مَا استحسنته واخترته وَكَانَ عمله لبهاء الدولة فاستخرجه كُله فَمن ذَلِك قَوْله فِي نَخْلَة على شاطئ نهر من دجلة (وغيداء تهتز طوع النسيم ... إِذا جد معتله أَو مزح) (إِذا المَاء مثل لي ظلها ... توهمتها مخوضًا فِي قدح) وَقَوله فِي السفرة (رَافِعَة إِلَيْك بِلَا جفون ... عيُونا لَا تطِيق لَهَا انطباقا) (تَبَسم فِي الْمنَازل عَن وُجُوه ... رَمَاهَا الْحسن تأتلق ائتلاقا) (مزخرفة كَأَن الرَّوْض فِيهَا ... إِذا استجليت لحظا وانتشاقا) (جصصناها بزنار ظريف ... ففاقت كل مجتص وفَاقا) (إِذا وضعت يكون لَهَا نطاقا ... وَإِن رفعت يكون لَهَا خناقا) (فَلم نر مثلهَا بَدْرًا منيرا ... وَلم نر مثل أَيْدِينَا محاقا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 وَقَوله فِي الْبَيْضَة (وصفراء فِي بَيْضَاء رقت غلالة ... لَهَا وجفا مَا فَوْقهَا من ثِيَابهَا) (جماد وَلَكِن بعد عشْرين لَيْلَة ... ترى نَفسهَا معمورة من خرابها) وَقَوله فِي بَاقِي البقل (وغضة رطبَة يضمنهَا ... نخاسها حِين تجتلي ملحا) (إِذا اشتروها تنصرت فَإِذا ... أدخلت الْبَيْت أسلمت مرحا) وَقَوله فِي الزنبور (وأعجمي لابس لبس الْعَرَب ... لَا يستفيق من غناء إِن ركب) (مبرقع ببرقع من الذَّهَب ... يُضحي ويمسي بحقاب محتقب) (وخنجر يَسلهُ عِنْد الْغَضَب ... كَأَنَّهُ شعلة نَار تلتهب) وَقَوله فِي المقراض (وَذي جسمين لَا يفرق ... مَا بَينهمَا نَاظر) (إِذا مَا بخصوا عَيْنَيْهِ ... أَمْسَى فَمه فاغر) وَقَوله فِي السَّيْف (ومستعرض صاحبا لَا يزَال ... يحمي من الذل أطواقه) (فطورا يطول من وَجهه ... وطورا يعرض أشداقه) وَقَوله فِي الْمِيزَاب (ومخطف قد أبرزوه باديا ... تَلقاهُ فِي الصَّيف فَقِيرا عَارِيا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 (وَفِي الشتَاء باللجين حاليا ... إِذا يَدَاهُ التقطت لأليا) (صاغت لنا مِنْهُ حساما مَاضِيا ... ) وَقَوله فِي الْكتب (ومستودع سرا تضمن صونه ... فاصبح مِنْهُ فِي الضَّمِير مكتما) (إِذا مَا طوى كشحا على سر صَاحب ... تمنطق حزما فَوْقه وتختما) وَقَوله فِي صورته الَّتِي يَرَاهَا فِي الْمرْآة (وزائر لست فِي عشقي وَلَا شغفي ... بِوَجْهِهِ حِين أَلْقَاهُ بمحجوج) (يظل يلحظني عجبا وألحظه ... وبيننا سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج) وَقَوله فِي الْحمام (ومنزل أَقوام إِذا مَا الْتَقَوْا بِهِ ... تشابه فِيهِ وغده ورئيسه) (يخالط فِيهِ الْمَرْء غير خليطه ... ويضحي عَدو الْمَرْء وَهُوَ جليسه) (ينفس كربي أَن تزيد كروبه ... وَيُونُس قلبِي أَن يقل أنيسه) (إِذا مَا أعرت الجو طرفا تكاثرت ... عَلَيْك بِهِ أقماره وشموسه) 12 - أَبُو المكارم المطهر بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ أحد من طوف فِي الْآفَاق وَلَا رَاحِلَة لَهُ إِلَّا الرجلة وَلَا حِرْفَة الاشحذ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 المدية فِي الجدية وَهُوَ شَاعِر سريع الخاطر كثير النَّوَادِر فِي الْجد والهزل وَهُوَ الْقَائِل (رَأَيْت الشّعْر للسادات عزا ... ومنقبة وصيتا وارتفاعا) (وللشعراء هونا وانخفاضا ... ومجلبة لذل واتضاعا) وَذكر بعض الرؤساء فَقَالَ حَضرته عوذة من الْفقر وطلعته أَمَان من الزَّمَان وشكى بَعضهم فَقَالَ توقعت إِيجَابا فَلم أر إِلَّا حِجَابا وإعجابا وَذكر آخر فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا ثقل الدّين على وجع الْعين وحَدثني الدهْقَان أَبُو عَليّ القومسي قَالَ حضر عِنْدِي بالدامغان وَقدم إِلَيْنَا المشمش فَقَالَ فِي الْوَقْت مرتجلا (ومشمش سوء قد أكلنَا غدية ... بِمَجْلِس حر وَهُوَ خير صديق) (إِذا مَا منحناه الْعُيُون حسبته ... رُؤْس أيور ضمخت بخلوق) فتنغصت بِالْيَوْمِ والمشمش وفرضت على نَفسِي ترك تنَاوله وَقَالَ لي فِي كَلَام لَهُ لم أفدك بنفسي لِأَنَّهَا قيمَة لَك وزنة بك وَلكنهَا طَاقَة الْمُجْتَهد 13 - أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد البهدلي الْأَيْلِي ذكر صديقا لَهُ فَقَالَ إِن أَتَيْته حجب وَإِن قعدت عَنهُ عتب وَإِن عاتبته غضب ولمؤلف الْكتاب فِي هَذَا الْمَعْنى (إِن غبت عَنْك شكوتني ... وَإِذا وصلت هجرتني) (وتظل لي مستبطئا ... وَإِذا حضرت حجبتني) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 وَوجدت فِي تعليقاتي بعد فراغي من كتاب الْيَتِيمَة للبهدلي وَقد نسيت اسْم من أنشدنيه (للنَّاس بَيت يديمون الطّواف بِهِ ... ولي بِمَكَّة دون النَّاس بيتان) (فواحد لجلال الله أعظمه ... وَآخر فِيهِ لي شغل بِإِنْسَان) وأنشدني أَبُو يعلى الْبَصْرِيّ لَهُ (من أَنا عِنْد الله حَتَّى إِذا ... أذنبت لَا يغْفر لي ذَنبي) (الْعَفو يرجي من بني آدم ... فَكيف لَا يُرْجَى من الرب) وَله وَقد سَأَلَهُ صديق لَهُ غير مرّة عَن نيسابور (تغري بنيسابور تسئل دَائِما ... عَن حَالهَا وهوائها ورجالها) (نعم الْمَدِينَة لَو وقيت جفاءها ... من أَهلهَا وسلمت من أوحالها) 14 - أَبُو الْقَاسِم السَّعْدِيّ ابْن عَم ابْن نباتة هُوَ الْقَائِل فِي الْخمر (جاءتك كالنار فِي زجاجتها ... حَمْرَاء مَا تَسْتَقِر من نزق) (حَتَّى إِذا مَا المزاج خالطها ... رَأَيْتهَا مثل صفرَة الشَّفق) (كالبكر تصفر من معانقة الزَّوْج ... إِذا ضمهَا من الْفرق) وَهُوَ الْقَائِل ويروى لغيره (أعاذلتي على أتعاب نَفسِي ... ورعيي فِي السرى روض السهاد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 (إِذا شام الْفَتى برق الْمَعَالِي ... فاهون فَائت طيب الرقاد) 15 - أَبُو مُحَمَّد طَاهِر بن الْحُسَيْن بن يحيى المَخْزُومِي الْبَصْرِيّ هُوَ بَصرِي المولد والمنشأ رازي الوطن حسن التَّصَرُّف فِي الشّعْر موف على أَكثر شعراء الْعَصْر يعدل من أهل الْعرَاق بِابْن نباتة وَابْن بابك وَمن أهل الْجَبَل بالرستمي والخازن وَله مصنفات مِنْهَا كتاب فتق الكمائم فِي تَفْسِير شعر المتنبي وَبَقِي إِلَى طُلُوع الرَّايَة الْعَالِيَة بِالريِّ ثمَّ انْتقل إِلَى جوَار ربه وَقد كتبت غررا من شعره الَّذِي هُوَ روح الشّعْر وذوب السحر فَمِنْهَا قَوْله وَمَا أحْسنه وأبدعه وأصدقه (نَفسك لَا تعطيك كل الرِّضَا ... فَكيف ترجو ذَاك من صَاحب) (أجل مصحوب حَيَاة صفت ... فَهَل خلت من هرم عائب) وَقَوله فِي معنى لم يسْبق إِلَيْهِ (الْعَيْب فِي الخامل المغمور مغمور ... وعيب ذِي الشّرف الْمَذْكُور مَذْكُور) (كفوفة الظفر تخفي من مهانتها ... وَمثلهَا فِي سَواد الْعين مَشْهُور) وَقَوله فِي الْغَزل وَمَا أملحه وأفصحه (عرضت قلبِي للحتوف بِعَارِض ... كالورد نداه الصَّباح بطله) (متوشحا زغب العذار كَأَنَّمَا ... ألْقى عَلَيْهِ الصدغ سَمُرَة ظله) وَقَوله وَقد قدم عَلَيْهِ بعض الْمُتَأَخِّرين عَن رتبته الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 (جلّ قدري وخس قدر زماني ... فَأَنا العضب فِي يَمِين الأشل) وَقَوله فِي وصف الدُّنْيَا (إِذا تبرجت الدُّنْيَا فعاهرة ... خضابها دم من تصبي فتغتال) (كَأَنَّهَا حَيَّة راقت منقشة ... ولان ملمسها والسم قتال) أَخذه من قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الدُّنْيَا كالحية لين مَسهَا قَاتل سمها يحذرها الْعَاقِل ويهوي أليها الْجَاهِل وأنشدني أَبُو غَانِم القصري للمخزومي فِي وصف الفرصاد وَهُوَ أحسن وأبدع مَا قيل فِيهِ (هَلُمَّ فساعد فِي تَحِيَّة فرصاد ... كإعجاز نمل يجتمعن على زَاد) وَزَادَنِي غَيره (وموز كانعاظ الايور إِذا مَشى ... يمِيل بعطفيه عَليّ بن حَمَّاد) وَمن أحاسن بدايعه قَوْله (لَا تحرم الْخَفْض رب فَائِدَة ... جاءتك عفوا وَلم تسم تعبا) (أما رَأَيْت الغدير يملؤه ... سيل الحيا غير جاشم طلبا) وَقَوله لأبي الْعَلَاء بن حسول أيده الله (قَالُوا وداد أبي الْعَلَاء يحول ... كالظل يقصر مرّة وَيطول) (فسأستشف لقاءه فأميل فِي ... وصل وهجر مِنْهُ حَيْثُ يمِيل) (فَإِذا دَعَاني بشره قاربته ... وَإِذا تجعد فالعزاء جميل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 وَقَوله (ودع أَخَاك إِذا جفاك فَقبله ... ودعت مألوف الصِّبَا بِسَلام) (ودع العتاب إِذا استربت بِصَاحِب ... لَيست تنَال مَوَدَّة بخصام) معنى الْبَيْت الأول ينظر إِلَى قَول ابْن الرُّومِي (سلوت الرَّضَاع والشباب كليهمَا ... فَكيف تراني ساليا مَا سواهُمَا) وَالْبَيْت الثَّانِي مَنْقُول من قَول أَشْجَع السّلمِيّ (أقلل عتاب من استربت بوده ... مَا أَن تنَال مَوَدَّة بِقِتَال) وللمخزومي فِي معنى بديع لطيف (أتجاول الْحَظ السّني بِقُوَّة ... هَيْهَات أَنْت بباطل مشغوف) (رعت الْعقَاب قَوِيَّة جيف الفلا ... ورعى الذُّبَاب النُّور وَهُوَ ضَعِيف) وَقَالَ يَدْعُو صديقا لَهُ إِلَى متنزه (غلس نباكر فِي الجزيرة رَوْضَة ... عبقت بأذيال الصِّبَا حوذانها) (فكأنهن مَعَ الصَّباح مجامر ... سحرت بند والضباب دخانها) (وَلنَا هُنَاكَ عتيقة قد طلست ... بشفوف نسج العنكبوت دنانها) (تعادي يَد الساقي الشعاع كَأَنَّمَا ... عقدت لَهُ مِمَّا يُدِير بنانها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 (مَا صفو عَيْش الْمَرْء إِلَّا فرْصَة ... والغبن إِن فَاتَ الْفَتى إمكانها) وَقَالَ فِي التصوف (لَيْسَ التصوف إِن يلاقيك الْفَتى ... وَعَلِيهِ من نسج النحوس مُرَقع) (بطرائق سود وبيض لفقت ... وَكَأَنَّهُ فِيهَا غراب أبقع) (إِن التصوف ملبس مُتَعَارَف ... يخْشَى الْفَتى فِيهِ الْإِلَه ويخشع) وَكَانَ يهذ شعر بلديه البحتري هَذَا وَكَانَ فِي بَصَره سوء فرمدت مرّة عينه فَقَالَ لَهُ وَالِي منبج يَا أَبَا الْغَوْث قد أشرفت على الْعَمى فَمَا الَّذِي تعْمل إِذا عميت قَالَ إقرأ على قبرك أَيهَا الْأَمِير فاستظرف قُوَّة جَوَابه وتعجب من ظرفه قَالَ وَمن شعره قَوْله فِي غُلَام لَهُ التحى (فِي سَبِيل الله خد ... كَانَ فِي الملمس خَزًّا) (خانه الدَّهْر فأضحى ... يُوسع اللائم وخزا) وَقَوله (اوجه المرد وضيه ... وثناياهم شهيه) (وَلَهُم دلّ وغنج ... وشفاعات قويه) (وَإِذا الشّعْر بدا فِي ... صفحة الخد النقيه) (فرق الْألف عَن الْألف ... كتفريق المنيه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 وَقَوله (أَيهَا الظبي الَّذِي أعرض ... عني وجفاني) (وَهُوَ من أعظم همي ... حِين أَخْلو بالأماني) (ابتلاك الله مني ... بِالَّذِي مِنْك ابتلاني) (سَاعَة حَتَّى ترى كَيفَ ... الْهوى ثمَّ كفاني) 16 - القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن حشيشة الْمَقْدِسِي وَيُقَال لَهُ الْهَاشِمِي أَنْشدني أَبُو يعلى الْبَصْرِيّ قَالَ أَنْشدني ابْن حشيشة لنَفسِهِ فِي الْغَزل (رشأ غرير لَا يؤلف بَين ... طرفِي والغرار) (لأصرحن بحبه جهدي ... وَلَو ذهب اصْطِبَارِي) (تَصْرِيح منخلع العذار ... بحب فتان العذار) وَله أَيْضا (يَا من بِصِحَّة هجره ... وجفائه قلبِي عليل) (أَنْت الْجَمِيل وكل مَا ... تَأتي بِهِ حسن جميل) وأنشدني أَبُو الْحسن الْقزْوِينِي لَهُ (طول اللحى زين الْقُضَاة وفخرهم ... وتميز عَن غانمة سُفَهَاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 (لَو كَانَ فِي قصر بهَا فَخر لَهَا ... لم يرو فِيهَا سنة الإعفاء) 17 - أَبُو سُوَيْد الصُّوفِي دَعَا لرئيس فَقَالَ جعل الله مَا ألبسك من ثوب الْجمال وقلدك من طوق الْكَمَال مَوْصُولا بالحجاب من النَّار وأنشر لنَفسِهِ (إِذا رضيت بقوت ... وَلبس ثوب مُرَقع) (وَلم يكن لي صديق ... فِرَاقه أتوقع) (وَبَان عني شَبَابِي ... فَمَا عَسى الدَّهْر يصنع) وَله أَيْضا ويروى لغيره (لَيْسَ للراحة قيمه ... سَاعَة مِنْهَا غنيمه) (وَالَّذِي اخْتَار عَلَيْهَا ... تَعب النَّفس بهيمه) 18 - أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن عَليّ الْوَزير المغربي أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو الْحسن مُسَافر بن الْحسن أيده الله تَعَالَى قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن العثماني قَالَ أَنْشدني ابْن المغربي الْوَزير لنَفسِهِ فِي بُلُوغ الْغَايَة من السلوة وَلم أسمع فِي مَعْنَاهُ أبلغ مِنْهُ (حبيب ملكت الصَّبْر بعد فِرَاقه ... على أنني علقته والفته) (محى حسن يأسي شخصه من تفكري ... فَلَو أنني لاقيته مَا عَرفته) قَالَ وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (إِنِّي أبثك من حَدِيثي ... والْحَدِيث لَهُ شجون) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 (فَارَقت مَوضِع مرقدي ... لَيْلًا فنافرني السّكُون) (قل لي فَأول لَيْلَة ... فِي الْقَبْر كَيفَ ترى أكون) وأنشدني أَبُو طَالب مَحْمُود بن الْحسن الطَّبَرِيّ قَالَ أَنْشدني ابْن المغربي الْوَزير فِي أَيَّام انْتِقَاله إِلَى بَغْدَاد (عجبت هِنْد من تسرع شيبي ... قلت هَذَا عَقبي فطام السرُور) (عوضتني يَد الثَّلَاثِينَ من مسك ... عِذَارَيْ رشا من الكافور) (كَانَ لي فِي انْتِظَار شيبي حِسَاب ... غالطتني فِيهِ صروف الدهور) وَله أَيْضا (إِذا مَا الْأُمُور اضطربن اعتلى ... سَفِيه تضام العلى باعتلائه) (كَذَاك إِذا المَاء حركته ... طغا عكر راسب فِي إنائه) وَله أَيْضا (كن حاقدا مَا دمت لست بِقَادِر ... فَإِذا قدرت فَخَل حقدك واغفر) (واعذر أَخَاك إِذا أَسَاءَ فَرُبمَا ... لجت إساءته إِذا لم تعذر) وَكَانَ يجْرِي فِي طَرِيق ابْن المعتز نظما ونثرا ويجاذبه طرفيهما فَمن لطيف كَلَامه مَا كتب إِلَى بعض الرؤساء ثقتي بكرمك تمنع من اقتضائك وَعلمِي بأشغالك يبْعَث على أذكارك وَهَذِه قَصِيرَة من طَوِيلَة وَكَانَ يَقُول لَا تعتذر إِلَى من لَا يحب أَن يجد لَك عذرا وَلَا تستعن إِلَّا بِمن يحب أَن تظفر بحاجتك وَمر بمكتب والمعلم يضْرب صَبيا ضربا مبرحا فَالْتَفت إِلَى من مَعَه وَقَالَ إِن الله تَعَالَى أعَان على عرامة الصّبيان برقاعة المعلمين وَمن كَلَامه الْعُمر علق نَفِيس لَا يُنْفِقهُ الْعَاقِل إِلَّا فِيمَا هُوَ أنفس مِنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 19 - أَبُو سعيد العفيري حَدثنِي أَبُو عبد الله بن هرمزدان الْفَارِسِي رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ حَدثنِي فلَان يَعْنِي شَيخا من الْفرس سَمَّاهُ لي ونسيت اسْمه مَعَ ملكة النسْيَان رقى قَالَ كَانَ بِبَيْت الْمُقَدّس شَاعِر ماهر سَاحر يعرف بِأبي سعيد العفيري يقرع بَاب الْإِلْحَاد وَله أَخ يلقب رمادة من أعبد النَّاس وأزهدهم وَمن الْإِبْدَال الَّذين يسد الله بهم مَكَان من خلا مَكَانَهُ من أبدال اللكام وَكَانَ ينْتَظر موت أحد الْأَرْبَعين الَّذين هم أوتاد الأَرْض ليقوم مقَامه وينوب مَنَابه فِي الْعِبَادَة فَبَلغهُ عَن أَخِيه أبي سعيد أَنه قَالَ (هِيَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهَا تناه ... ونوم الْقَبْر لَيْسَ لَهُ انتباه) (وَلَيْسَ يخرب الدُّنْيَا الْحَكِيم الْقَدِيم ... الْقَادِر الْأَحَد الْإِلَه) إِلَى شعر كثير فِي مَعْنَاهُمَا فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى أسمعهما إِيَّاه وَمَا يجْرِي مجراهما فَغَضب لله سُبْحَانَهُ وامتعض وتنمر وَلم يذقْ الْبَارِد حَتَّى بَات عِنْده لَيْلَة وترصد نَومه وغطيطه فخنقه بِيَدِهِ وَخرج هائما على وَجهه حَتَّى ألم بمتعبده 20 - أَبُو نصر الْحِمصِي أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو بكر لأبي نصر كَاتب ابْن قحطان صَاحب الْيمن فِي مُحَمَّد ابْن حُوسِبَ وَلم أسمع فِي مَعْنَاهُ أظرف مِنْهُ (قيل لي مَا أفدت مِمَّن إِلَيْهِ ... صرت تخدو قَلَائِص الآمال) (قلت جئناه فِي شهور شراف ... وَهُوَ فِيهَا بنسكه ذُو اشْتِغَال) (والفتى لَا يجود إِلَّا على السكر ... فأمهلته إِلَى شَوَّال) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 وَله فِيهِ أَيْضا (قد لعمري عرفت ذَنبي إِلَيْهِ ... إِذْ جفاني من غير جرم لَدَيْهِ) (ذَاك أَنِّي ناديته يَا كَرِيمًا ... أَخذ الْجُود نُسْخَة من يَدَيْهِ) (فجفاني وَلم ألمه لِأَنِّي ... فِي الَّذِي قلته كذبت عَلَيْهِ) وسرقت لَهُ دريهمات فَقيل لَا تهتم فَإِنَّهَا فِي ميزانك فَقَالَ من الْمِيزَان سرقت ومدح الْعَزِيز فَقَالَ وَجهه صباح الْبُشْرَى ومفتاح النعمي وطليعة الْخَيْر وعنوان الرَّحْمَة وَعذر الزَّمَان المذنب وذم رجلا فَقَالَ لَهُ لحية التيس ونكهة اللَّيْث وَصَوت العير وَخلق الْبَغْل ولؤم الذِّئْب وبخل الْكَلْب وقبح القرد وحرص الْخِنْزِير وزهو الْغُرَاب ونتن الظربان وَوصف فرسا فَقَالَ كَأَنَّهُ إِذا علا دُعَاء وَإِذا هَبَط قَضَاء وَمن كَلَامه لَيْسَ بِيَسِير تَقْوِيم الكسير 21 - أَبُو الضياء الْحِمصِي حَدثنِي أَبُو عبد الله الحامدي قَالَ أَنْشدني أَبُو مُحَمَّد الخازن قَالَ من الْفَوَائِد الَّتِي سرقتها من سفينة الصاحب الَّتِي كَانَ لَا يُمكن مِنْهَا أحدا قَول أبي الضياء فِي بعض الرؤساء (وَمَا خلقت كَفاك إِلَّا لأَرْبَع ... وَمَا فِي عباد الله مثلك ثَانِي) (لتجريد هندي وإسداء نائل ... وتقبيل أَفْوَاه وَأخذ عنان) قَالَ وَكتب على ظهر دفتر لَهُ يشْتَمل على فَوَائده الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 (هَذَا كتاب فَوَائِد مَجْمُوعَة ... جمعت بكد جوارح الْأَبدَان) (وبدائم الادلاج فِي ظلم الدجى ... وَالسير بَين مناكب الْبلدَانِ) وَله ويروى لغيره (قد يبعد الشَّيْء عَن شَيْء يشابهه ... إِن السَّمَاء نَظِير المَاء فِي اللَّوْن) وأنشدني لَهُ بعض الغرباء ثمَّ وحدته للرضي الموسوي من قصيدة (وَإِن لم تكن عِنْدِي كسمعي وناظري ... فَلَا نظرت عَيْني وَلَا سَمِعت أُذُنِي) (وَإنَّك أحلى فِي جفوني من الْكرَى ... وأعذب طعما فِي فُؤَادِي من الْأَمْن) قيل وَدخل إِلَى صديق لَهُ فِي مجْلِس انسه وَهُوَ يشرب النَّبِيذ صرفا بِغَيْر مزاج ويسقي ندماءه كَذَلِك الْمُغنِي يُغني وَيَقُول (يديرونني عَن سَالم وأديرهم ... وجلدة مَا بَين الْعين وَالْأنف سَالم) فَقَالَ أَبُو الضياء لَو أسقط المطرب الما من الشّعْر وَجعله فِي قدحي صلح الشّعْر والنبيذ مَعًا 22 - أَبُو مَنْصُور الصُّورِي أَخُو أبي عمَارَة الَّذِي ذكرت لَهُ فِي كتاب الْيَتِيمَة أبلغ مَا قيل فِي وصف الثقيل حَدثنِي أَبُو طَالب مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بالبغداذي وَهُوَ من وَاسِط قَالَ كَانَ هَذَا الصُّورِي فِي عنفوان أمره معلما مرجوا يتَكَلَّم من جنس صناعته كَمَا كتب إِلَى صديق لَهُ فِي الشوق كهيعص إِنِّي إِلَيْك جد صَاد وَالصَّافَّات إِن شوقي إِلَيْك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 فَوق الصِّفَات والحواميم إِنِّي من الحنين فِي عَذَاب أَلِيم ثمَّ ارْتَفع عَن التَّعْلِيم إِلَى التَّأْدِيب وَالشعر فَكَانَ يَقُول مثل قَوْله (نثرت لآلي دمعها وجدا على ... ديباج خد فِي الدياجي أشرقا) (مَا هَذِه العبرات يابنة فَارس ... لسنا بِأول عاشقين تفَرقا) وَقَوله من قصيدة لم يعلق بحفظي إِلَّا الْبَيْت الأول مِنْهَا (تَأَخّر برد المَاء عَن كبد حرى ... وَهَذَا لهيب النَّار فِي مقلة عبرى) قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ (من كف عَنْك شَره ... فافعل بِهِ مَا سره) 23 - مُحَمَّد بن أَيمن الرهاوي كَانَ يُعَارض أَبَا الْعَتَاهِيَة وَيجْرِي فِي طَرِيقه وَيَقُول مثل قَوْله (قنعت بالقوت من زماني ... فصنت نَفسِي عَن الهوان) (من كنت عَن مَاله غَنِيا ... رَأَيْته كَالَّذي يراني) وَمثل قَوْله واراني سمعته لغيره (إِنَّا ننافس فِي دنيا مُفَارقَة ... وَنحن قد نكتفي مِنْهَا بأدناها) (حذرتك الْكبر لَا يعلقك ميسمه ... فَإِنَّهُ ملبس نازعته اللاها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 وَقَوله (إِن المكارم كلهَا لَو حصلت ... رجعت جُمْلَتهَا إِلَى شَيْئَيْنِ) (تَعْظِيم أَمر الله جلّ جَلَاله ... وَالسَّعْي فِي إصْلَاح ذَات الْبَين) 24 - ابْن وَكِيع التنيسِي أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو الْحسن مُسَافر بن الْحسن أيده الله تَعَالَى قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن العثماني قَالَ أنشدنا القَاضِي ابْن الْبسَاط البغداذي لِابْنِ وَكِيع التنيسِي وَهُوَ أحسن مَا قيل فِي مدح السّفر (تغرب على اسْم الله وَالْتمس الْغِنَا ... وسافر فَفِي الْأَسْفَار خمس فَوَائِد) (تفرج نفس والتماس معيشة ... وَعلم وآداب ورفعة ماجد) (فَإِن قيل فِي الْأَسْفَار ذل وغربة ... وتشتيت شَمل وارتكاب شَدَائِد) (فللموت خير للفتى من مقَامه ... بدار هوان بَين ضد وحاسد) وأنشدني الشَّيْخ أَبُو بكر أيده الله قَالَ أَنْشدني أَبُو يعلى سعيد بن أَحْمد الشُّرُوطِي بالرملة لِابْنِ وَكِيع (يحسن النَّحْو فِي الخطابة وَالشعر ... وَفِي لفظ سُورَة وَكتاب) (فَإِذا مَا تجَاوز النَّحْو هذي ... فَهُوَ شَيْء من المسامع نَاب) وَله أَيْضا (إِن شِئْت أَن تصبح بَين الورى ... مَا بَين شتام ومغتاب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 (فَكُن عبوسا حِين تلقاهم ... وخاطب النَّاس باعراب) 25 - أَبُو جَعْفَر الْجَعْفَرِي الْعَطَّار الْحَرَّانِي وصف غُلَاما وَشبهه بِمَا هُوَ من جنس صناعته فَقَالَ صُدْغه مسك وخطه عنبر وثغره كافور وعرفه عود وَمن شعره قَوْله (أَنا مِمَّن إِذا النوائب نابت ... شاورتني الرِّجَال فِي النائبات) (وَإِذا مَا نظرت فِي أَمر نَفسِي ... خانني الرَّأْي واستكنت قناتي) وَهَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي وَذكر الْعلَّة فِي ذَلِك فَقَالَ لِأَنِّي أدبر أَمر نَفسِي بالهوى وَأمر غَيْرِي بِالرَّأْيِ وشتان مَا بَينهمَا وَجمعه وقوما من الْمُتَكَلِّمين مجْلِس أنس فَأخذُوا فِي الجدل فَقَالَ مجْلِس النَّبِيذ للجذل لَا للجدل وَجرى ذكر مُسَيْلمَة الْكذَّاب فَقَالَ لَا نَبِي صَادِق وَلَا متنبئ حاذق وَوصف أنساسا طروبا فَقَالَ أطرب من زنجي عاشق سَكرَان على عود بنان وناي زنام وطبل سلمَان ودعا لصديق لَهُ فَقَالَ صان الله كرمك عَن لؤم الزَّمَان وأدام أتعاب الْفلك لراحتك 26 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن جَعْفَر البديعي ذكره لي الشَّيْخ أَبُو بكر وسمى بلدته مَعَ اسْمه فَلم يعلق بحفظي وَقَالَ أَنه الْآن حَيّ يرْزق وأنشدني من شعره قَوْله من قصيدة (بدرت زلَّة الْحَكِيم وقبلي ... زل دَاوُد سيد الزهاد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 (ثمَّ نَادَى الْأمان يَا رب قد تبت ... فَهَب لي خطيئتي واعتمادي) (والليالي كَمَا علمت حبالى ... كل يَوْم تجين بالأولاد) وَقَوله (الصق صَدْرِي بصدره فَشكى ... قلبِي إِلَى قلبه الَّذِي يجد) (فاعجب لقلب شكى هَوَاهُ إِلَى ... قلب سواهُ وَمَا درى الْجَسَد) وَقَوله (أرق اللَّيْل مونسي ... فدع النّوم واجلس) (مَا ترى الجو بالصفا ... ونسيم الصباء كسي) (ونجوما تخالها ... بندقا طاح عَن قسي) (فاغتنم رقة الْهَوَاء ... وَطيب التنفس) (وأجب دَاعِي الصبوح ... بكاس وغلس) (واشربن واطربن مَا اسْتَطَعْت ... فِيهِ وعرس) (من يضع سَاعَة تسر ... من الْعُمر يبخس) وَقَوله أَيْضا (يَا من تباشرت الدُّنْيَا بطلعته ... تباشر الأَرْض ذَات الْمحل بالمطر) (إِنِّي غَدَوْت بآمالي على ثِقَة ... إِذا لقيتك أَنِّي أسعد الْبشر) وَقَوله فِي ذمّ خدمَة السُّلْطَان ويروى لغيره (وَمن خدم السُّلْطَان أكْرم نَفسه ... وَلكنه عَمَّا قَلِيل أهانها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 (وَمن عبد النيرَان لم ينْتَفع بهَا ... وَلم يلق إِلَّا حرهَا ودخانها) 27 - مُحَمَّد بن حَمَّاد الْكَاتِب كتب إِلَى صديق لَهُ يَا أخي العطلة سُكُون وَالْمَوْت سُكُون والحياة حَرَكَة وَالْعَمَل حَرَكَة فَإِن اسْتَطَعْت أَن تخرج من سُكُون الْمَوْت إِلَى حَرَكَة الْحَيَاة فافعل وَكتب فِي ذمّ رَئِيس هُوَ وَالله عيث فِي دينه قذر فِي دُنْيَاهُ رث فِي مروته سمج فِي هَيئته مُنْقَطع إِلَى نَفسه رَاض عَن عقله بخيل بِمَا وسع الله عَلَيْهِ من رزقه كتوم لما أَتَاهُ الله من فَضله لجوج لَا ينصف إِلَّا صاغرا وَلَا يعذل إِلَّا راغما وَلَا يرفع نَفسه عَن منزلَة إِلَّا ذل بعد تعززه فِيهَا وَمن ملح شعره قَوْله فِي نديم كَانَ يُخطئ الْقَيْنَة فِي غنائها ويأخذها بالنحو وَالْإِعْرَاب فينغص بذلك على أهل الْمجْلس (يَا قَاطع الصَّوْت على ... قوم كرام نجب) (يَأْخُذهُ اللّحن على ... الْقَيْنَة عِنْد الطَّرب) (تُرِيدُ أَن تفهمها ... حد كَلَام الْعَرَب) (احْلِف بِاللَّه وَمَا ... أنزلهُ فِي الْكتب) (للكلب خير أدبا ... من بعض أهل الْأَدَب) وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ ويروى لغيره قَوْله (يَا حبذا لَيْلَة نعمت بهَا ... أشْرب فضل الحبيب فِي الْقدح) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 (سَأَلته قبْلَة فجاد بهَا ... فَلم أصدق بهَا من الْفَرح) وَقَوله (عجبت لقلبك كَيفَ انْقَلب ... وَمن فرط حبك أَنى ذهب) (فاعجب من ذَا وَذَا أنني ... أَرَاك بِعَين الرِّضَا فِي الْغَضَب) 28 - أَبُو سُهَيْل الْحَرَّانِي كَانَ ينادم قردة لَهُ فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ (ملت إِلَى قردة أنادمها ... فأنكرت ذَاك زمرة الحسده) (فَقلت يَا بله لَا عقول لكم ... من عدم النَّاس عَاشر القرده) وَقَوله (ألف الْحَوَادِث مهجتي فألفتها ... بعد التنافر والكريم أُلُوف) (لَيْسَ الْبلَاء عَليّ صنفا وَاحِدًا ... لَكِن عَليّ الْيَوْم مِنْهُ صنوف) 29 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن بشر الرَّمْلِيّ حَدثنِي الْقزْوِينِي وَغَيره قَالَا كَانَ الْحُسَيْن فِي حَيَاة أَبِيه بشر يهوى فَتى من أهل الرملة فِي نِهَايَة الملاحة والصباحة لَا يرى الدُّنْيَا بِهِ وَأَبوهُ يعذله وينهاه عَن الِاشْتِغَال بامثاله فَبينا هُوَ ذَات يَوْم قَاعد مَعَ أَبِيه على بَاب دَاره إِذْ اجتاز بِهِ الْفَتى الموموق وَكَأَنَّهُ ينظر بمقلة يُوسُف وَلم يكن بشر رَآهُ فَأَخَذته عَيناهُ فَقَالَ للحسين يَا بني أَن كَانَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 لَا بُد من الْحبّ فَهَلا أَحْبَبْت مثل هَذَا فاطرق الْحُسَيْن وَلبس قناع الخجل ثمَّ قَالَ فِي حِكَايَة الْحَال (أبصره عاذلي عَلَيْهِ ... وَلم يكن قبلهَا رَآهُ) (فَقَالَ لي لَو هويت هَذَا ... مَا لامك النَّاس فِي هَوَاهُ) (فظل من حَيْثُ لَيْسَ يدْرِي ... يَأْمر بالحب من نَهَاهُ) ثمَّ رَأَيْت هَذِه الأبيات فِي ديوَان أبي الْفرج بن هندو وَلست أَدْرِي أَيهمَا الْمُنْتَحل وَلنَا من الحَدِيث طيبه وأنشدت للحسين بن بشر فِي عَزِيز مصر (يَا واهب الدُّنْيَا وَيَا غافرا ... ذنُوب أهل الأَرْض لَو أجرموا) (قد نَالَ إحسانك باديهم ... وحضرهم وَالتّرْك والديلم) (وَهَا أَنا قد صرت فَردا فَلَا ... تحنو عَليّ ضعْفي وَلَا ترحم) 30 - أَبُو ذفافة الْمصْرِيّ هُوَ الْقَائِل لبَعض الرؤساء (وَمَا السَّحَاب إِذا مَا انجاب عَن بلد ... وَلم يلم بِهِ يَوْمًا بمذموم) (إِن جدت فالجود شَيْء قد عرفت بِهِ ... وَإِن تحافيت لم تنْسب إِلَى اللوم) وَله أَيْضا (أزورك أَيهَا الشَّيْخ الْمُعَلَّى ... للا طمع وَلَكِن للمحبه) (إِلَيْك علاك قادتني وَإِلَّا ... فطيري لَيْسَ تلقط كل حبه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 وَله أَيْضا (يَقُول النَّاس قد شبت ... وَلَا وَالله مَا شبت) (وَلَا اترك تَقْبِيل ... خدود المرد مَا عِشْت) 31 - جَعْفَر بن هاني الأندلسي هُوَ الْقَائِل فِي رجل يلقب الطمشيش (أما ترى لحية الطمشيش حِين بَدَت ... حَمْرَاء قانية دلّت على حمقه) (كَأَنَّمَا سرق الملعون جيرته ... ديكا فعلقه الشرطي فِي عُنُقه) وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ فِي الحكم قَوْله ويروى لغيره (إِذا أفنيت بعض الْيَوْم فاحزن ... فقد أفنيت من محياك بَعْضًا) (وَمَا من سَاعَة إِلَّا وتنعى ... إِلَيْك نصيب عمر قد تقضى) 32 - أَبُو مُحَمَّد عبد المحسن بن مُحَمَّد بن طَالب الصُّورِي انتخب من ديوَان شعره الَّذِي أعارنيه الشَّيْخ أَبُو بكر قَوْله من قصيدة (يَا حاران الركب قد حاروا ... فَاذْهَبْ تجسس لمن النَّار) (تخبو وتبدو أَن خبت وقفُوا ... وَإِن أَضَاءَت لَهُم سَارُوا) كَأَنَّهُ اقتبسه من قَول الله عز وَجل كلما أَضَاء لَهُم مَشوا فِيهِ وَإِذا أظلم عَلَيْهِم قَامُوا وَمِنْهَا (مَا نظرة إِلَّا لَهَا سكرة ... كَأَنَّمَا طرفك خمار) وَمِنْهَا فِي وصف الرِّيَاح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 (مَا شاجروا إِلَّا أظلتهم ... من قضب المران أَشجَار) وَمِنْهَا (واظهروا نورا لَهَا ازرقا ... لَهُ من الْأَنْفس أثمار) (عجبت كَيفَ استعبدتك العلى ... وَالنَّاس من ذَلِك أَحْرَار) (فَكيف ساجلت الْغَمَام الَّذِي ... لَيست لَهُ فِي الصَّيف أمطار) وَقَوله فِي أبي الْجَيْش حَامِد بن ملهم وَقد ركب مَعَه فِي بحيرة الطبريه (وَقَالُوا التقى الوردان ورد من الندى ... وَورد من المَاء القراح الَّذِي تجْرِي) (فَقلت لَهُم وفوا أَبَا الْجَيْش حَقه ... وَلَا تظلموه مَا الْبحيرَة كالبحر) وَقَوله فِيهِ من أُخْرَى وَقد خلع عَلَيْهِ (مازال ينحلني أَبُو الْجَيْش الندى ... كَيْمَا يجدد كل يَوْم جودا) (حَتَّى غَدَوْت أَنا الْمُسَمّى حامدا ... وَغدا يُسمى حَامِد مَحْمُودًا) وَقَوله من أُخْرَى (وَمَتى ذممت الدَّهْر بعد لِقَائِه ... وعطائه فعلى حد المفتري) وَمِنْهَا (من معشر يتخيرون كَلَامهم ... حَتَّى كَأَنَّهُمْ تجار الْجَوْهَر) (وكأنما أقلامهم من حذقها ... بِالْقَتْلِ فضلات القنا المتكسر) وَقَوله من أُخْرَى (يَا ثَالِث القمرين النيرين أرى ... أَمَام حَالي سوادا مَا لَهُ هاد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 (أَنْت الْأَمِير بأرضي وَالزَّمَان بهَا ... عَاد وَقد جِئْت استعدي على العادي) وَمن أُخْرَى فِي مُنِير الدولة ابْن حمدَان (كنت من قبل أَن تلقبت كالبدر ... وَأَعْلَى ذكرا وَقدرا ونورا) (ثمَّ اشكلتما عَليّ بِأَن صرت ... تسمى كَمَا يُسمى منيرا) وَمن أُخْرَى فِيهِ (الْحَال مظْلمَة وَلَيْسَ ينيرها ... إِلَّا مُنِير الدولة الغراء) (وَالنَّاس كالمتعجبين لهائم ... ظمآن وَهُوَ على شَفير المَاء) وَقَوله فِي ترك الْغيرَة (تعلقته سَكرَان من خمرة الصبابه ... غَفلَة عَن لوعتي ولهيبتي) (وشاركني فِي حبه كل ماجد ... يشاركني فِي مهجتي بِنَصِيب) (فَلَا تلزموني غيرَة مَا عرفتها ... فَإِن حَبِيبِي من أحب حَبِيبِي) 33 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد التهامي يَقُول من قصيدة (يخبرنا عَن جوده بشر وَجهه ... وَقبل طُلُوع الشَّمْس تَأتي بشائره) (وَيصدق فِيهِ الْمَدْح حَتَّى كَأَنَّمَا ... يسبح من صدق الْمقَالة شاعره) وَمِنْهَا (يكَاد لإدمان القراع حسامه ... يسابقه نَحْو الطلى ويبادره) وَمن أُخْرَى (جرت عبراتهن على عبير ... كَمَا انْشَقَّ الْحباب على المدام) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 (برود ريقهن وَكَيف يحمي ... وَمَجْرَاهُ على برد تؤام) (سقام جفونهن شِفَاء قلبِي ... وَهل يجنى الشِّفَاء من السقام) وَمِنْهَا (فَتى جبلت يَدَاهُ على العطايا ... كَمَا جبل اللِّسَان على الْكَلَام) (فيسراه لنيل أَو عنان ... ويمناه لرمح أَو حسام) (لقد أحيى المكارم بعد موت ... وشاد بناءها بعد انهدام) (سَوَاء عِنْده قَول المنادى ... هَلُمَّ إِلَى الطعان أَو الطَّعَام) وَمن أُخْرَى (هَل الوجد إِلَّا أَن تلوح خيامها ... فَيَقْضِي بإهداء السَّلَام ذمامها) (وقفت بهَا ابكي وترزم أينقى ... وتصهل أفراسي وَتَدْعُو حمامها) وَمِنْهَا (وَلَو بَكت الْوَرق الحمائم شجوها ... بعيني محا أطواقهن انسجامها) وَمِنْهَا (وَلم انسها يَوْم التقى در دمعها ... ودر الثنايا فذها وتوامها) (إِذا كَانَ حظي حَيْثُ حطت خيامها ... فسيان عِنْدِي نأيها ومقامها) (وَهل نافعي أَن تجمع الدَّار بَيْننَا ... بِكُل مَكَان وَهِي صَعب مرامها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 وَمِنْهَا (كَأَنِّي فِي الْبَيْدَاء بَيت قصيدة ... تناشده غيطانها وأكامها) (إِلَى أَن لثمنا كف حسان إِنَّهَا ... أَمَان من الْفقر المضر التثامها) وَمِنْهَا (هم الْأسد إِلَّا أَنَّهَا تبذل الْقرى ... لطارقها والأسد يحمي طعامها) (هم يمزجون الدّرّ للطفل بالعلى ... فينشوا عَلَيْهَا لَحمهَا وعظامها) (وَإِن فطموا أطفالهم بعد بُرْهَة ... فَعَن درها لَا عَن علاها فطامها) (جلاد على حر الجلاد إِذا الْتَقت ... كَلَام الأعادي بالدما وكلامها) (غلائلها أدراعها وسماعها ... صليل المرامي والدماء مدامها) وَمِنْهَا (أَلا أَن طيا للمكارم كعبة ... وَحسان مِنْهَا ركنها ومقامها) وَمِنْهَا (وَلَيْسَ بمشغول الْيَدَيْنِ عَن الندى ... إِذا شغل الْكَفّ الْيَمين حسامها) (لقد أَمْسَكت قحطان مِنْك أَبَا الندى ... بِعُرْوَة مجد لَا يخَاف انفصامها) (فَإِن كابدت جدبا فَأَنت ربيعها ... وَإِن باشرت حَربًا فَأَنت حسامها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 (قَلِيل لَك الأرضون ملكا وَأَهْلهَا ... عبيدا فَهَل مستكثر لَك شامها) (أَلا أَن أَوْصَاف الْأَمِير جَوَاهِر ... وَإِن مديحي سلكها ونظامها) وَمن أُخْرَى فِي نِهَايَة الْحسن (تهيم ببدر والتنقل والنوى ... على الْبَدْر محتوم فَهَل أَنْت صابر) (لَهُ من سنا الْبَدْر المورد غرَّة ... وَمن حلل اللَّيْل البهيم غدائر) وَمِنْهَا (ينَال من الْأَعْدَاء خوف أبي الندى ... وهيبته مَا لَا تنَال العساكر) (وَمَا مَاتَ طاءي وَحسان خَالِد ... وَلَا غَابَ مِنْهُم غَائِب وَهُوَ حَاضر) (أحَاط بك التَّوْفِيق من كل وجهة ... وجاءتك من كل الْبِلَاد البشائر) فَإنَّك مغناطيس كل فَضِيلَة ... فَلَا فضل إِلَّا وَهُوَ نَحْوك صائر) وَمن أُخْرَى (حبيب جلا من ثغره يَوْم ودعا ... عقودا وألفاظا وثغرا وأدمعا) (وَأبْدى لنا من دله وَحَدِيثه ... ومنطقه ملقى ومرأى ومسمعا) وَمِنْهَا (لقد خلقت عَيْنَاك للسحر معدنا ... كَمَا خلق الطيموم للجود منبعا) (إِذا مَا مدحناه بِبَعْض صِفَاته ... وأفعاله لم تبْق للمدح موضعا) (وَلَو أَن أنسانا بِعظم مَحَله ... ترفع عَن قدر الثَّنَاء ترفعا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 وَمِنْهَا (ويطرب للعافين حَتَّى كَأَنَّمَا ... برؤيتهم يسقى الرَّحِيق المشعشعا) (وَلم أر كالطيموم إِلَّا أَبَا الندى ... كريمين من أصل كريم تفرعا) (إِذا انبريا أَبْصرت شمسين فِي الوغى ... فَإِن شهرا سيفيهما صرن أَرْبعا) (لكل بهاء مِنْكُمَا غير أنني ... رأيتكما أبهى إِذا كنتما مَعًا) (لَو أنكما بعد التوازر رمتما ... تضعضع رضوي أَو شروري تضعضعا) (فَلَا زلتما كالنيرين محلّة ... ونورا وَمثل الفرقدين تجمعَا) وَمن أُخْرَى (بَكَيْت فحنت نَاقَتي فأجابها ... صَهِيل جوادي حِين لاحت ديارها) (خططنا بأطراف المخاصر أرْضهَا ... فَأَهْدَتْ إِلَيْنَا مسك دارين دارها) (ولاحت ثنايا الأقحوان وَلَو رَأَتْ ... عوارض من أَهْوى لطال استتارها) (أرى الْحبّ نَارا فِي الْقُلُوب وَإِنَّمَا ... تصعد أنفاس الْمُحب شِرَارهَا) (توق عُيُون الغانيات فَإِنَّهَا ... شفار وأشفار الجفون شفارها) وَمن أُخْرَى (غدوا بِهِلَال من هِلَال بن عَامر ... مرام هِلَال الْأُفق دون مرامه) (تردد فِيهِ الْحسن من عَن يَمِينه ... ويسرته وَخَلفه وأمامه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 وَمِنْهَا (وَمَوْت الْفَتى فِي الْعِزّ مثل حيوته ... وعيشته فِي الذل مثل حمامه) (وَمن فَاتَهُ نيل العلى بِعُلُومِهِ ... وأقلامه فليبغها بحسامه) وَمن أُخْرَى (يقْضِي بِحكم الْجور فِي أَمْوَاله ... وَقضى بِحكم الله فِي الْأَيْتَام) (تتيقن الْأَمْوَال حِين تحل فِي ... كفيه إِن لَيست بدار مقَام) 34 - أَبُو شُرَحْبِيل الْكِنْدِيّ قد أَكثر الشُّعَرَاء فِي الْحَث على اضْطِرَاب فِي الاغتراب لالتماس الرزق وَقَضَاء الوطر من السّفر وَمن أشف مَا قَالُوا فِيهِ واشفاه قَول هَذَا الْأَعرَابِي الشَّامي (سر فِي بِلَاد الله وَالْتمس الْغِنَا ... ودع الْجُلُوس مَعَ الْعِيَال مخيما) (لَا خير فِي حر يُجَالس حرَّة ... وَيبِيع قرطيها إِذا مَا أعدما) 35 - الْحسن الدقاق من أهل دمشق يَقُول فِي صديق لَهُ أجحف فِي مسئلته وَهُوَ ضَيفه (وَدَعَوْتنِي وأكلت عنْدك لقْمَة ... وشربت شرب من استتم خروفا) (وَسَأَلتنِي فِي أثر ذَلِك حَاجَة ... ذهبت بِمَالي تالدا وطريفا) (فَجعلت أفكر فِيك بَاقِي لَيْلَتي ... مَا كنت تفعل لَو أكلت رغيفا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 وَيَقُول فِي تغير صديق لَهُ أكل الْحسن عِنْده طباهجة (مَا جِئْت ذَنبا إِلَيْهِ أعلمهُ ... وَلَا تطرفت للفتى نسبا) (بلَى أكلنَا لَهُ طباهجة ... كَانَت إِلَى قطع ودنا سَببا) وَكَانَ هَذَا الْحسن أحد ظرفاء الأدباء أَنْشدني لَهُ المصِّيصِي فِي استهداء الشَّرَاب (عِنْدِي أنَاس ظراف ... بهم تجلى الدهور) (وَالْيَوْم يَوْم مطير ... تلذ فِيهِ الْخُمُور) (فرمه بِيَسِير ... حَتَّى يتم السرُور) (وَلَا تشبه بِمَاء ... فالماء عِنْدِي كثير) سَرقه من قَول البحتري (فأنفذ مَا اسْتَطَعْت بعير مزج ... فَإِن المَاء لَيْسَ يضيق عِنْدِي) وَأَنا استظرف قَول غَيره فِيمَن أهْدى إِلَيْهِ شرابًا ممزوجا (لَيْسَ هَذَا من عَادَة الْأَحْرَار ... بيع مَاء الْأَنْهَار بالأشعار) (إِنَّمَا قلت سقني مَاء كرم ... لم أقل سقني من الْأَنْهَار) (قد رددناه فاسقه من يُرِيد ... المَاء لَا من يُرِيد صرف الْعقار) (وَلَئِن كنت قانعا مِنْك بِالْمَاءِ ... فعندي فِي الدَّار نهر جَار) 36 - أَبُو مُحَمَّد البوصر آبادي وجدت ذكره فِي رسائل أبي إِسْحَق الصابي وَعرفت فِي لحن كَلَامه أَنه شَاعِر فَاضل ظريف الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل ثمَّ قَرَأت شعره فِي سفينة لأبي عبد الله الحامدي ذكر فِيهَا أَنه استملاه من أبي مُحَمَّد الخازن وَأَنه سرق من سفينة الصاحب بِخَطِّهِ فَمن ذَلِك قَوْله وَهُوَ وأخواته فِي نِهَايَة الظّرْف والملاحة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 (أيا دهر وَيحك مَاذَا جميل ... فُؤَادِي عليل وإلفي بخيل) (كَأَنِّي أرى وَجهه فِي الْمرْآة ... يلوح وَمَالِي إِلَيْهِ سَبِيل) وَقَوله فِي معتم بعمامة سَوْدَاء (وَكَاتب من قَومنَا شَاعِر ... لَيْسَ بِذَاكَ الْكَاتِب الماهر) (عِمَامَة سَوْدَاء فِي رَأسه ... كلعنة الله على الْكَافِر) وَقَوله فِي الهجاء بالافة الْكُبْرَى (قد قَالَ لي زيزك لي سيد ... مستدخل فِي بعضه بَعْضِي) (يَأْمُرنِي بالنحو فِي نيكه ... بِالرَّفْع وَالنّصب وبالخفض) وَلست أَدْرِي أَبُو صر آباذ من قرى الشَّام أم من قرى الْعرَاق وَقد أدخلتها على مَا خيلت إِلَيّ فِي الْقرى الشامية وأيا مَا كَانَت فقد حصلت النُّكْتَة وَهَذِه حَال خرما باذ الْمَنْسُوب الْعلوِي الخرما باذي إِلَيْهَا وَقد مرت بِي أَبْيَات لَهُ يقطر مَاء الظّرْف مِنْهَا كَقَوْلِه (أشارت إِلَيّ بعناية ... مخضبة من دم الأفئده) (أَأَنْت على الْعَهْد يَا سَيِّدي ... فَقلت إِلَى الْحَشْر يَا سَيّده) وَقَوله وَمَا لحسنه غَايَة فِي مَعْنَاهُ (قَالُوا هجاك مُحَمَّد فأجبتهم ... إِن الهجاء من الصّديق ثَنَاء) (ولربما جعل الحبيب سبابه ... سَبَب اللِّقَاء لكَي يتاح لِقَاء) (وَلَئِن هجوت كَمَا هجيت فإننا ... رجلَانِ فِي سوء الصَّنِيع سَوَاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 (لكنني أثنى عَلَيْهِ جاهدا ... فَإِذا رَآنِي صده استحياء) (لم يلقني إِلَّا بشخص ذائب ... عرقا وَوجه لَيْسَ فِيهِ مَاء) 37 - أَبُو الْفَتْح بن دردان الْيَهُودِيّ الْوَزير أَنْشدني أَبُو الْحسن الْبَرْمَكِي أيده الله لَهُ (مَاذَا أظلك قل لي ... لَا أعدم الله ظلك) (عش لي وبعدي فَإِنِّي ... أرْضى وَإِن لم أعش لَك) (فالدهر يخلف مثلي ... وَلَيْسَ يخلف مثلك) وأنشدني أَبُو الْحسن الْقزْوِينِي لَهُ (سهرت والشوق يطويني وينشرني ... إِلَى غزال بديع الْحسن مغنوج) (حَتَّى رَأَيْت نُجُوم الصُّبْح لائحة ... كَأَنَّهَا زيبق فِي كف مفلوج) وأنشدني لَهُ أَيْضا (دَعونِي وقومي والسمو إِلَى العلى ... فَإِن لَهُم شَأْنًا إِذا مَا سموا ولي) (وَلَا تستحلوا بِالْوَفَاءِ فَإِنَّهُ ... تراث لنا دون الورى عَن سموءلي) يَعْنِي ابْن عادياء الْيَهُودِيّ الَّذِي يضْرب الْمثل بِهِ فِي الْوَفَاء 38 - أَبُو الْأَعْين الْأَنْطَاكِي من ولد المعتصم شَاعِر أنطاكية يَقُول فِي الْغَزل (لَا وحلو الْهوى وَمن التجني ... وبخط العذار فِي ورد خَدّه) (لأذيبن وجنتيه بلحظي ... مثل مَا قد أذاب قلبِي بصده) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 وَيَقُول (نَفسِي فداؤك أَيهَا الْقَمَر الَّذِي ... يجلو الدجى بمحاسن الْأَنْوَار) (لما اختطت عصيت فِيك عواذلي ... وخلعت فِي حب العذار عِذَارَيْ) وَيَقُول من نتفه (وَرَأَيْت للحموي بَين ... يَدَيْهِ ديوانا مُجَلد) (وَسمعت بَعضهم يَقُول ... الشَّيْخ أَحمَق قلت أشهد) 39 - ابْن با مَنْصُور الديلمي هُوَ ديلمي الأَصْل عراقي المنشأ شَامي الوطن بارع الشّعْر بديعه يَقُول (ناديت وجنته وَقد رقمت ... بالمسك رقم الثَّوْب بالقز) (يَا أرفع الْبَز اختصصت على ... رغم العذول بأرفع الطرز) وَيَقُول (يَا من فقدت سروري بعد بعدهمْ ... قد صَار بعدكم طول الأسى سكنا) (لَو كَانَ يعرف إِنْسَان بِلَا أجل ... يَمُوت من شدَّة الأشواق مت أَنا) وَيَقُول (فِي ابْتِدَاء الشَّبَاب عاجلني الشيب ... فهدا من أول الدن دردي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 وَيَقُول (سقاني شُمُول الراح سَاق كَأَنَّمَا ... سوالفه مسروقة من سلافها) (بليلة فطر قَامَ فِيهَا طوايف ... فصلوا وقمنا جهرة بِخِلَافِهَا) (ولاح هِلَال الْفطر نضوا كَأَنَّهُ ... مرْآة تجلى بَعْضهَا عَن غلافها) وَيَقُول (بِالْهِنْدِ تطبع أسياف الْحَدِيد وَفِي ... بَغْدَاد تطبع أسياف من الحدق) 40 - جريح الْمقل قد نسيت اسْمه وَلم أنس شعره الَّذِي أنشدنيه أَبُو نصر بن الْمَرْزُبَان رَحمَه الله تَعَالَى (الرجل الْمُهَذّب ابْن نَفسه ... أغناه فضل نَفسه عَن قنسه) (كم بَين من تكرمه لغيره ... وَبَين من تكرمه لنَفسِهِ) وَقَوله أَيْضا (رُبمَا يَرْجُو الْفَتى نفع فَتى ... خَوفه أولى بِهِ من أمله) (رب من ترجو بِهِ دفع الْأَذَى ... سَوف يَأْتِيك الْأَذَى من قبله) وَله ويروى لغيره (وَرب كريم تعتريه كزازة ... كَمَا قد رَأَيْت الشوك فِي أَكثر الثَّمر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 (وَرب جواد مُمْسك عِنْد جوده ... كَمَا يمسك الله السَّحَاب عَن الْمَطَر) 41 - أَبُو الْقَاسِم الْحَمَوِيّ من حماة وَهِي بَلْدَة من العواصم يَقُول (لَا تقل بَيت هجاء ... لَا وَلَا بَيت مديح) (سبق النَّاس إِلَى ... كل مليح وقبيح) وَيَقُول ويروى للخالدي الْأَصْغَر (لما فزعت إِلَى الخضاب استهزأت ... سعدى وَقَالَت والمحب لما بِهِ) (مَا كَانَ يَنْفَعهُ لدي شبابه ... فعلام يتعب نَفسه بخضابه) وَيَقُول فِي معنى من أحب شَيْئا أَكثر ذكره (يَا من حَدِيثي حَيْثُ كنت ... فكله عَنهُ يكون) (حَتَّى يُقَال فكم إِذا ... مَاذَا هوى هَذَا جُنُون) 42 - الطَّاهِر الْجَزرِي عالي السن أدْرك سيف الدولة وَفِيه يَقُول (وحاجة قيل لي نبه لَهَا عمرا ... ونم فَقلت عَليّ قد تنبه لي) (حسبي عليان إِن نَاب الزَّمَان وَإِن ... جَاءَ الْمعَاد بِمَا فِي القَوْل وَالْعَمَل) (فلي عَليّ بن عبد الله منتجع ... ولي عَليّ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ) وَله فِي فَتى تأدب بأدبه (هَذَا عَليّ بالمشاكلة الَّتِي ... مَا بَيْننَا لي مَالك مستأثر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 (قَالُوا صديقك قلت بل وَلَدي وَقد ... أعداه طبعي فَهُوَ مثلي شَاعِر) وَقَوله فِي قَوس قزَح (أَلَسْت ترى الجو مستعبرا ... يضاحكه برقه الخلب) (وَقد لَاحَ من قزَح قوسه ... بَعيدا وتحسبه يقرب) (كطاقي عقيق وفيروزج ... وَبَينهمَا آخر مَذْهَب) 43 - أَبُو الغنايم بن حمدَان الْموصِلِي يَقُول فِي أبي مُضر ويروى لأحد الخالديين فِي المهلبي الْوَزير وَهُوَ غَايَة فِي وصف قصب الْقَلَم من قصيده (لَهُ قلم كقضاء الْإِلَه ... فبالسعد طورا وبالنحس مَاض) (وَمَا فَارق الْأسد فِي حالتيه ... يبيسا وَذَا وَرَقَات غضاض) (فَفِي كف لَيْث العلى فِي الندى ... وَفِي وَجه لَيْث الشرى فِي الغياض) وَله فِي الرّبيع وَهُوَ أحسن مَا قيل فِيهِ وَذكر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن حَفْص العمروي النوقاني إِن السرى الرفاء أوردهُ فِي كِتَابه كتاب الْمُحب والمحبوب والمشموم والمشروب لأبي الْقَاسِم الزاهي وَهُوَ مِمَّن ذكرته فِي كتاب الْيَتِيمَة (هَذَا الرّبيع وَهَذِه أنواره ... طابت لياليه وطاب نَهَاره) (فضية أنهاره ذهبية ... أزهاره درية أنواره) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 (متبلج غدواته متبرج ... ضحواته متأرج أسحاره) (وَالْمَاء فضي الْقَمِيص مفروز ... ببنفسج واللازورد شعاره) (والسرو ممتد القوام كَأَنَّهُ ... قد الْغُلَام تشقه أنهاره) (وترنمت عجم الطُّيُور كَأَنَّهَا ... شرب القيان ترنمت أوتاره) (فَاشْرَبْ على ورد الخدود بجنبه ... ورد الرّبيع تحقه أنواره) (من كف احور كالقضيب منعم ... قد سد خوط قوامه زناره) 44 - أَبُو الْحَرْث بن التمار الوَاسِطِيّ ظريف بِلَاده يَقُول لسيدوك بلديه (قد أَتَيْنَاك مرَارًا ومرارا ومرارا ... فَإِذا أَنْت كَمثل الْبَدْر لَا يَبْدُو نَهَارا) وَكَانَ متزيدا لِأَبِيهِ فَلَمَّا توفّي وَورثه مَاله قَالَ فديت من أحياني مَوته وَأرَاهُ نَقله من قَول عَليّ بن الجهم (لما أَتَانِي خبر الزيات ... وَأَنه قد صَار فِي الْأَمْوَات) (أيقنت أَن مَوته حَياتِي ... ) وَمن ملح شعر أبي الْحَرْث قَوْله (يَا أعدل النَّاس إِلَّا فِي معاملتي ... وأصدق النَّاس إِلَّا فِي عداتك لي) وَقَوله (وَهل يذخر الضرغام قوتا ليومه ... إِذا ادخر النَّمْل الطَّعَام لعامه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 وَقَوله (جِئْته زَائِرًا فَقَالَ لي البواب ... صبرا فَإِنَّهُ يتغدى) (قلت سمعا فقد سَمِعت قَدِيما ... خبزه لَازم وَلَا يتَعَدَّى) 45 - ابْن الزمكدم الْموصِلِي أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو بكر لَهُ فِيمَن دَعَاهُ وسقاه الحامض (كنت فِي دَعْوَة عَليّ ... بهَا كَانَ قد دعِي) (طَال من خل خمرها ... طول يومي تجرعي) (وَإِذا رَبهَا يكابد ... طول التصنع) (بَين أضلاعه السِّهَام ... كَمَا بَين أضلعي) (قلت لما رَأَيْته ... كارعا مثل مكرعي) (اقتلوني ومالكا ... واقتلوا مَالِكًا معي) وأنشدني لَهُ (يَا غلامي على الْمجَاز وَلَو خَالف ... قلبِي فِي ذَا الدُّعَاء لساني) (عاطني من يَديك ضرَّة خديك ... وَحل اللجين بالعقيان) (وَاقْتصر فِي مزاجها لي على مَا ... شربته من مَاء تِلْكَ البنان) 46 - أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد الرقي طَرَأَ على خُرَاسَان وتصرفت بِهِ أسفار وأحوال أفضت إِلَى أَن تقبله الشَّيْخ أَبُو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 بكر عَليّ بن الْحسن الْقُهسْتَانِيّ أيده الله وَأحسن بِهِ وَأفضل عَلَيْهِ كعادته عِنْد أَمْثَاله وأوطنه الجوزجان فَمن قَوْله فِيهِ (لَو قيل لي هَل للنهى مَالك ... يعرف أم هَل للعلى صَاحب) (لَقلت والصادق فِي قَوْله ... ممدح إِذْ هجى الْكَاذِب) (عميدها الشَّيْخ أَبُو بكرها ... عَليّ بن الْحسن الْكَاتِب) وَله من قصيدة (الْجُود يشْهد والأنام مَعًا ... وَالْعصر إِنَّك وَاحِد الْعَصْر) وَله فِي الْغَزل (أتضحك يَا فديتك من كتابي ... فتظهر مثل مَا أظهرت درا) (وَفِي عَيْني كَمَا فِي فِيك مِنْهُ ... أرى هَذَا وَذَا نظما ونثرا) (فثغرك لَو يذوب كَانَ دمعا ... ودمعي لَو يجمد كَانَ ثغرا) أوجز وَأحلى مِنْهُ قَول أبي الْفضل بن أبي جَعْفَر الميكالي (يَا شادنا جمع الله المنى فِيهِ ... وَأنْبت الدّرّ من عَيْني وَمن فِيهِ) وللرقي من قصيدة (وَكم لَيْلَة طَال التعانق بَيْننَا ... كِلَانَا بِهِ بتنا غَرِيم غرام) (ومنطقتي كَفاهُ وَاللَّيْل ادهمي ... وقامته رُمْحِي وفوه لثامي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 وَله من أُخْرَى (لقد جلّ خطبي فِي الَّتِي دق خصرها ... واسهر جفني جفنها وَهُوَ نَائِم) (إِذا كن أصداغ الخدود عقاربا ... فَإِن ذوابات الرؤس الأراقم) هَذَا الْبَيْت معيب عِنْدِي إِذْ جمع فِيهِ بَين العقارب والحيات فِي الْغَزل والطبع ينفر مِنْهَا وَلَو كَانَ فِي الهجاء لَكَانَ جيدا كَمَا قَالَ ابْن الرُّومِي فِي هجاء قينة (فقرطها بعقرب شهر زور ... إِذا غنت وطوقها بأفعى) وَذكر عقرب الصدغ مألوف وَلَا سِيمَا اذا كَانَت فِيهِ صَنْعَة كَمَا قَالَ ابْن المعتز (وَكَأن عقرب صُدْغه احترقت ... لما دنت من نَار وجنته) وكما قَالَ السّري (فِي خَدّه ورد حماه ... من القطاف بعقرب) وكما قَالَ الصاحب (لَئِن هُوَ لم يكفف عقارب صُدْغه ... فَقولُوا لَهُ يسمح بترياق رِيقه) فَإِذا اقْترن بِهِ ذكر الْحَيَّة فِي بَيت وَاحِد لم يهش لَهُ السّمع وَلم يقبله الْقلب وللرقي من قصيدة (كن رَسُولي وَبلغ الْأَهْل عني ... مَا على الْمُرْسلين إِلَّا الْبَلَاغ) (مَا دهتني عقارب بنصيبين ... دهتني بواسط أصداغ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 وَله فِي غُلَام هندي ذِي ذؤابتين (ظَبْي تفل الظبي أجفانه وَله ... من سَمُرَة اللَّوْن مَا تثنى بِهِ السمر) (ذؤابتاه نجادا سيف ناظره ... وجفنه جفْنه والشفرة الشفر) (ضفيرتاه على قلبِي تظافرتا ... فَمن رأى شَاعِرًا أودى بِهِ الشّعْر) 47 - أَبُو الدَّرْدَاء الْموصِلِي يجْرِي فِي طَرِيق السّري ويتشبه بِهِ وَهُوَ الْقَائِل ويروي للسري (تصرم شهر الصَّوْم شهر الزلازل ... وشال بِهِ شَوَّال شهر الْفَضَائِل) (ولاح هِلَال الْفطر حنوا كَأَنَّهُ ... سِنَان لواه الطعْن فِي رَأس عَامل) (ودارت علينا الكأس بَين أهلة ... تضيء وأغصان رطاب موائل) (فرحنا وَفِي أجسامنا سحر بابل ... يدب وَفِي إيمَاننَا خمر بابل) وَقَالَ وَقد حضر مَعَ قوم مجْلِس الْإِنْس فتذاكروا فِي الْمذَاهب والآراء وتناظروا فِي التنجيم (دعوا المراء والجدل ... فَهُوَ عثار وزلل) (وصافحوا الكأس على ... حسن أَحَادِيث الْغَزل) (مَا النصب والرفض وَمَا ... يَوْم الهرير والجمل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 لما لم يستقم لَهُ فِي الْبَيْت ذكر صفّين جعل مَكَانَهُ يَوْم الهرير وَإِنَّمَا هِيَ لَيْلَة الهرير من أَيَّام صفّين (وَشتم قوم قسمت ... بَينهم الدُّنْيَا دوَل) (وَمَا النُّجُوم لَا جرى ... مريخها وَلَا زحل) (وَسَقَطت جوزاؤها ... وريع بِالذبْحِ الْحمل) (لَا نجم إِلَّا ناجم الراح ... بدا ثمَّ أفل) (يطلع من كف خضيب ... الْكَفّ ثمَّ ينْتَقل) (والرفض أَن نرفض مَا ... جَاءَ بِهِ أهل الْملَل) (وَالنّصب أَن تنصب للذات ... إشراك الْحِيَل) (مَالِي وللشرب لَهُم ... بِغَيْر مَا أَهْوى شغل) (يغمد مَا بَينهم ... سيف الْجِدَال ويسل) (إِذا بدا يَوْم خَفِيف ... الرّوح ردُّوهُ جبل) 48 - مُحَمَّد بن عبيد الله الْبَلَدِي قد ذكرت أَبَاهُ عبيد الله فِي الْيَتِيمَة وأوردت نبذا من ملح شعره وَهَذَا ابْنه اشعر مِنْهُ وأنشدني أَبُو طَالب الشهرزوري قَالَ أَنْشدني ابْن الْبَلَدِي لنَفسِهِ وَكَانَ حلف أَن لَا يشرب حولا فبرت يَمِينه غرَّة شَوَّال (برت على هجر الكؤوس يَمِيني ... شهر الصّيام فَمَا امتطين يَمِيني) (قُم هَاتِهَا حَمْرَاء فِي مبيضة ... كالجلنارة فِي جني نسرين) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 (أَو مَا رَأَيْت هِلَال فطرك قد بدا ... فِي الْأُفق مثل شعيرَة السكين) أحسن مِنْهُ قَول كشاجم (كشعيرة من فضَّة ... قد ركبت فِي خنجر) (قسما بحبك لَا مزجت كؤوسها ... إِلَّا بريقك أَو بِمَاء جفوني) وَله أَيْضا وَقد حضر مَعَ إخوانه بِبَيْت صديق لَهُ فَاشْتَدَّ جوعهم فِيهِ (وَبَيت خلا من كل خير فناؤه ... فَضَاقَ علينا وَهُوَ رحب الْأَمَاكِن) (كأنا مَعَ الجدران فِي جنباته ... دمي فِي انْقِطَاع الرزق لَا فِي المحاسن) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 تَتِمَّة الْقسم الثَّانِي فِي محَاسِن أشعار أهل الْعرَاق بل أحاسنها وَمَا يتَّصل بهَا من ملح أخبارهم 49 - الشريف المرتضى أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الموسوي النَّقِيب أيده الله تَعَالَى هُوَ أَخُو الرضي أبي الْحسن الَّذِي تضمن كتاب الْيَتِيمَة شعره وَقد انْتَهَت الرياسة الْيَوْم بِبَغْدَاد إِلَى المرتضى فِي الْمجد والشرف وَالْعلم وَالْأَدب وَالْفضل وَالْكَرم وَله شعر فِي نِهَايَة الْحسن فَمِنْهُ مَا أَنْشدني أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحسن الْبَرْمَكِي الْفَقِيه أيده الله تَعَالَى قَالَ أَنْشدني المرتضى لنَفسِهِ بِبَغْدَاد وَهُوَ مِمَّا يُغني بِهِ لرقته وحلاوته (يَا خليلى من ذؤابة بكر ... فِي التصابي رياضة الْأَخْلَاق) (غنياني بذكرهم تطرباني ... وأسقياني دمعي بكأس دهاق) (وخذا النّوم عَن جفوني فَإِنِّي ... قد خلعت الْكرَى على العشاق) وَله من قصيدة وَهُوَ مِمَّا يسكر بِلَا شراب ويطرب بِلَا سَماع (أحب ثرى نجد ونجد بعيدَة ... أَلا حبذا نجد وَإِن لم تفد قربا) (يَقُولُونَ نجد لست من شعب أَهلهَا ... وَقد صدقُوا لكنني مِنْهُم حبا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 (كَأَنِّي وَقد فَارَقت نجدا شقاوة ... فَتى ضل عَنهُ قلبه ينشد القلبا) وَله من أُخْرَى فِي الشيب وذمه (يَقُولُونَ لَا تجزع من الشيب ضلة ... واسهمه أياي دونهم تصمي) (وَمَا سرني حلم يفِيء على الردى ... كفاني مَا قبل المشيب من الْحلم) (إِذا كَانَ مَا يعطيني الحزم سالبا ... حَياتِي فَقل لي كَيفَ يَنْفَعنِي حزمي) (وَقد جربت نَفسِي الْغَدَاة وقاره ... فَمَا شدّ من وهني وَلَا سد من ثلمي) (وَإِنِّي مذ أضحى عِذَارَيْ قراره ... عَاد بِلَا سقم واجفى بِلَا جرم) وَمن أُخْرَى فِي ذمّ الشَّبَاب (ومعيري شيب العذار وَمَا درى ... إِن الشيات مَطِيَّة لِلْفَاسِقِ) (وَأَقُول إِذْ غيرت مِنْهُ لَونه ... هَيْهَات أبدل مُؤمنا بمنافق) وَمن أُخْرَى وَهُوَ مِمَّا يُغني بِهِ (أَلا يَا نسيم الرّيح من أَرض بابل ... تحمل إِلَى أهل الْخيام سلامي) (وَقل لحبيب فِيك بعض نسيمه ... أما آن أَن تسطيع رَجَعَ كَلَامي) (وَإِنِّي لأهوى أَن أكون بأرضكم ... على أنني مِنْهَا اسْتَفَدْت سقامي) وَله من قصيدة مرثية (تجْرِي دموع عُيُون ود صَاحبهَا ... لَو أَنَّهُنَّ على خد الْمُصَاب دم) (كأننا الْيَوْم من هم تقسمنا ... نهب بأيدي وُلَاة السوء مقتسم) (نثني الأكف حَيَاء عَن ملاطمنا ... وَفِي الحشا زفرات الْحزن تلتطم) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 (ونكتم النَّاس وجدا فِي جوانحنا ... وَكَيف نكتم شيأ لَيْسَ ينكتم) وَمِنْهَا (أَيْن الَّذين على خد الثرى وطئوا ... وحكموا فِي لذيذ الْعَيْش فاحتكموا) (لم تبْق مِنْهُم على ضن النُّفُوس بهم ... إِلَّا رسوم قُبُور حشوها رمم) (وَلَا يغرنك فِي الْمَوْتَى وجودهم ... فَإِن ذَاك وجود كُله عدم) (وَقد مضى مَا اقْتَضَاهُ الرزء من جزع ... فَأَيْنَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعلم وَالْكَرم) وَله من أُخْرَى (كَأَنِّي لما صك سَمْعِي نعيه ... صككت بمسنون الغرارين قاضب) (طواه الردى طي الرِّدَاء وعطلت ... مغاني الحجى عَنهُ وغر المناقب) (وَلما بلوت الأصدقاء وودهم ... خلصت إِلَيْهِ من خلال التجارب) وَمن أُخْرَى (كم ذَا تطيش سِهَام الْمَوْت مخطئة ... عني وتصمي اخلائي وأخداني) (وَلَو فطنت وَقد أردى الزَّمَان أخي ... علمت أَن الَّذِي أصماه أصماني) (سود وبيض من الْأَيَّام لونهما ... لَا يَسْتَحِيل وَقد بدلن ألواني) (هَيْهَات حكم فِينَا أزلم جذع ... يفنى الورى بَين جذعان وقرحان) وَمن أُخْرَى (شدّ غروض الْمطِي مغتربا ... فَلم يفز طَالب وَمَا طلبا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 (لادر فِي النَّاس در مقتصد ... يَأْخُذ من رزقه الَّذِي قربا) (وَمَا مقَام الْكَرِيم فِي بلد ... ينْفق فِيهِ الْحيَاء والأدبا) (لَا تعطني بِالزَّمَانِ معرفَة ... كم ضَاقَ بِي مرّة وَكم رحبا) (أَي خطوب لم تولني عظة ... وَأي دهر لم أفنه عجبا) (سَاعَات دهر تمر مسرعة ... عَنَّا وَتبقى الهموم والتعبا) 50 - الْأَشْرَف ابْن فَخر الْملك قدم من بَغْدَاد أَصْبَهَان عَليّ ابْن كاكوية ظَانّا بِهِ الْجَمِيل فخاب ظَنّه وأدركته حِرْفَة الْأَدَب فَبينا هُوَ ذَات يَوْم يشرب على شاطئ زرنروذ إِذْ هزت الراح عطفه ودبت اريحية النشوة فِيهِ فَدَعَا بالدواة والقرطاس وَكتب إِلَى أَخِيه الْأَعَز ابْن فَخر الْملك وَهُوَ بِبَغْدَاد فِي نعْمَة وَحسن حَال (إِن الَّذِي قسم الوراثة بَيْننَا ... جعل الْحَلَاوَة والمرارة فِينَا) (لَكِن أَرَاك وَردت مَاء صافيا ... ووردت من جور الْحَوَادِث طينا) (أوليس يجمعني ونفسك دوحة ... طابت لنا دنيا وَطَابَتْ دينا) (إِن كنت أَنْت أخي فَقل لي يَا أخي ... لم بت جذلانا وَبت حَزينًا) (هلا قسمنا بَيْننَا الْفَرح الَّذِي ... كُنَّا اقْتَسَمْنَا فِي حَيَاة أَبينَا) فَلَمَّا قَرَأَ الْأَعَز كِتَابه أذرى دموع الرقة لِأَخِيهِ وسفتج بألفي دِينَار وَكتب إِلَيْهِ بِبَيْت لبيد (فاقنع بِمَا قسم المليك فَإِنَّمَا ... قسم المعايش بَيْننَا علامها) وَلم أجد للأشرف بَعْدَمَا كتبته إِلَّا قَوْله (مر بِي الموكب لكنني ... لم أر فِيهِ قمر الموكب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 (قل لأمير الْجَيْش يَا سَيِّدي ... مَا لأمير الْحسن لم يركب) 51 - ابْن الْمُطَرز وَهُوَ الْيَوْم بَقِيَّة الشُّعَرَاء بِبَغْدَاد ويكنى أَبَا الْقَاسِم واسْمه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد أَنْشدني أَبُو الْفضل عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ التَّمِيمِي قَالَ أَنْشدني ابْن الْمُطَرز لنَفسِهِ من قصيدة (سرى مغرما بالعيش يفتجع الركبا ... يسايل عَن بدر الدجى الشرق والغربا) (إِذا لم تبلغني إِلَيْكُم ركائبي ... فَلَا وَردت مَاء وَلَا رعت العشبا) (على عذبات الْجزع من مَاء تغلب ... غزال يرى مَاء الْقُلُوب لَهُ شربا) (إِذا مَلأ الْبَدْر الْعُيُون فَإِنَّهُ ... لعينك بدر يمْلَأ الْعين والقلبا) وأنشدني أَبُو يعلى الْبَصْرِيّ لَهُ من أُخْرَى (يَا صَاحِبي بأعلام الْمَدِينَة لي ... ظَبْي إِذا أنست عَيْني بِهِ نَفرا) (لَوْلَا احتشامي مِنْهُ حِين يلحظني ... إِذا تأملته أفنيته نظرا) (إِذا تَبَسم واستجلى محاسنه ... طرفِي خلعت عَلَيْهِ السّمع والبصرا) (فَإِن رنا قلت عَن عين الغزال رنا ... وَإِن مَشى قلت غُصْن يحمل القمرا) وَله فِي رَئِيس (يَوْم عدتك نحوسه ... وغدت عَلَيْك كوؤسه) (وتغايرت أقماره ... إِذْ غازلتك شموسه) (يَا سيدا مَا مله ... مذ كَانَ قطّ جليسه) (مَا من رَئِيس سيد ... إِلَّا وَأَنت رئيسه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 وَله أَيْضا (سَلام على بَغْدَاد من كل بَلْدَة ... وَحقّ لَهَا مني سَلام مضاعف) (لعمرك مَا تركي لَهَا عَن قلى لَهَا ... وَإِنِّي بحسني جانبيها لعارف) (وَلكنهَا ضَاقَتْ عَليّ برحبها ... وَلم تكن الأرزاق فِيهَا تساعف) (فَكَانَت كخل كنت اهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى بِهِ وتخالف) وَله فِي الخمرو يرْوى لِابْنِ نحرير (يَا ساقيى اسقياني من دم الْعِنَب ... فقد طربت أليها غَايَة الطَّرب) (حَمْرَاء صَافِيَة صرفا مشعشعة ... كالنار طورا وطورا ذائب الذَّهَب) (تجلى على الشّرْب فِي ضدين مَا اجْتمعَا ... إِلَّا لَهَا فَهِيَ من مَاء وَمن لَهب) (بكر إِذا افتضها الساقي بَكت خجلا ... وكللت رَأسهَا درا من الحبب) وَله فِي استهداء رقْعَة الشطرنج (أَبَا طَاهِر أَنْت لي جنَّة ... أجل وَأعظم من شَأْنهَا) (وَنحن الْعُيُون وَأَنت الجفون ... وَحسن الْعُيُون بأجفانها) (وَعِنْدِي خُيُول قد استنهضت ... معقلة رهن أرسانها) (وَقد حضرت قصبات الرِّهَان ... فَمن عَليّ بميدانها) وَله (ظَالِم مَا مِنْهُ منتصر ... أبدا يجنى وَاعْتذر) (حل من قلبِي بِمَنْزِلَة ... لم ينلها قبله بشر) (بَات يسقيني المدام ولي ... وَله من طرفه سكر) (ويحييني بسالفة ... حَار فِي أرجائها الشّعْر) (يَا حبيبا كُله حسن ... لمحب كُله نظر) (وَجهه من كل نَاحيَة ... حَيْثُ مَا قابلته قمر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 (إِن تفرقنا على قدر ... وسعت مَا بَيْننَا الْغَيْر) (فَلَعَلَّ الدَّهْر يجمعنا ... والهوى مَاض ومنتظر) وَله فِي المجون (فقحة مثل عجنة الْحوَاري ... حسنها يتْرك الصحاة سكارى) (لفتاة لسانها أعجمي ... عَبدة عِنْدهَا الْمُلُوك أُسَارَى) (ورمتها من الْعُيُون ومالت ... فقلوب الزناة فِيهَا حيارى) (أبرزتها من الثِّيَاب وَقَالَت ... يَا خواجه أتشتهي قلت آرى) وَقَالَ (كَأَنَّمَا انجم الجوزاء فاصلة ... عَن الثريا وَبدر التم لم يغب) (ممنطق سَاق فِي ميدانه كرة ... من اللجين بطبطاب من الذَّهَب) وَله (تهن بِيَوْم بالسعادة مبهج ... تحلى بِوَجْه مُسْفِر متبلج) (يمِيل بأعطاف النسيم ممثلا ... بطلعته وشى الرّبيع المدبج) (أَتَاك بشير بالسعود وكل مَا ... تؤمله فِي كل حَال وترتجي) (فعش وابق واسلم فِي سرُور وغبطة ... وَعِيد ونورز ألف عَام ومهرج) وَله من قصيدة (عجبت لمن يصفى الوداد لغادر ... يمِيل مَعَ الْأَيَّام حَيْثُ تميل) (ودود إِذا حياك أما لِسَانه ... فواف وَأما قلبه فملول) (فَلَو صحت الْأَيَّام صَحَّ وفاؤنا ... ودام وَلَكِن الزَّمَان عليل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 وَله من أُخْرَى (بيني وَبَين يَد الزَّمَان إِذا نبا ... صنع الْإِلَه وناصر السُّلْطَان) (يلقاك بِالْوَجْهِ الطليق لعلمه ... إِن الْكتاب بِظَاهِر العنوان) (فَلَو أنني استنجدت رائق بشره ... وَتركت نائل كَفه لكفاني) وَمِنْهَا فِي وصف النوق (شرب الهجير دماءها ولحومها ... فَأَتَيْنَ كالأرسان فِي الأرسان) (يكرعن فِي لمع الشَّرَاب وقلما ... ضمن الشَّرَاب الرّيّ للعطشان) 52 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الريان الجرهمي ذكر أَبُو الْفضل التَّمِيمِي إِنَّه يُغني بِشعر نَفسه ويصوغ لَهُ الألحان فَمن ذَلِك (يَا هاجري فِي أوسع الْعذر ... قد رقدت عَيْني على الهجر) (عَلمنِي غدرك أسلو الْهوى ... أَي هوى يبْقى على الْغدر) (وَكنت من صبري جزوعا فمذ ... خُنْت تجاسرت على الصَّبْر) وَقَوله (يَا وَيْح قلبِي من تقلبه ... أبدا يحن إِلَى معذبه) (قَالُوا كتمت هَوَاك من جلد ... لَو أَن لي رمقا لبحت بِهِ) وَقَوله (بَات بليلي فِيك من يعذل ... جفن همول وحشا مشعل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 (ومقلة مَا اكتحلت بالكرا ... مذ غَابَ ذَاك الرشأ الأكحل) (يَا قوم مَا أحلى وأشهى الْهوى ... للمرء إِلَّا أَنه يقتل) وَله شعر كثير من هَذَا النمط 53 - أَبُو بكر الْعَنْبَري ذكر التَّمِيمِي أَنه من مشيخة الصُّوفِيَّة بِبَغْدَاد وَمن ظرفاء شعرائها وَمن شعره الَّذِي يغنى بِهِ قَوْله (يَا من إِلَى وَجهه حجي ومعتمري ... إِن حج قوم إِلَى ترب وأحجار) (أَنْت الصَّلَاة الَّتِي أَرْجُو النجَاة بهَا ... وَأَنت صومي الَّذِي يزكو وأفطاري) (إِنِّي وَإِن بَعدت عني دِيَاركُمْ ... فَأنْتم فِي سَواد الْقلب سماري) (فَإِن تَكَلَّمت لم الْفظ بغيركم ... وَإِن سكت فَأنْتم عقد إضماري) وَمن سَائِر شعره (كم تغدينا بِصَوْم ... وتعشينا بنوم) (وتأذينا بِقوم ... فانتقلنا نَحْو قوم) وَمن منثور كَلَامه نعم السِّلَاح الدُّعَاء وَنعم المطية الْوَفَاء وَنعم الشَّفِيع الْبكاء وَكَانَ يَقُول التصوف اجْتِنَاب الْمَحَارِم واجتناء المكارم وينشد (لَيْسَ التصوف بالفوط ... من قَالَ ذَاك فقد غلط) (إِن التصوف يَا فَتى ... صفو الْفُؤَاد من السقط) وَله (وَلَيْسَ الَّذِي يجْرِي من الْعين مَاؤُهَا ... وَلكنه روح يذوب ويقطر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 54 - أَبُو الْحسن النعيمي أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بن عَليّ الطَّبَرِيّ قَالَ أَنْشدني مكي بن الْبَغْدَادِيّ قَالَ أَنْشدني النعيمي وَكَانَ شَيخا قد نَالَتْ الْأَيَّام من جِسْمه وحاله (أخلت النائبات كأسي من الراح ... كَمَا قد خلا من المَال كيسي) (وغزانا الشتَاء من بلد الرّوم ... على غَفلَة بِلَا ناقوس) (فتحامى الألى لباسهم من ... صوف مصر وَمن خزوز السوس) (وَمضى حكمه من الْأسر والقهر ... على كل مُدبر منحوس) (مَاله جنَّة سوى النَّار بِاللَّيْلِ ... وَلَا بِالنَّهَارِ غير الشموس) (فَهُوَ فِي السِّرّ مُسلم وعَلى الظَّاهِر ... مستمسك بدين مجوس) قَالَ وَكَانَ يجلس فِي الْجَامِع الشَّرْقِي بِبَغْدَاد أَيَّام الْبرد فَسَمعته يَوْمًا وَهُوَ جَالس فِيهِ وَالسَّمَاء متغيمة يَقُول قد سرقت إِحْدَى الجنتين يعْنى احتجاب الشَّمْس قَالَ وسمعته فِي اجْتِمَاع قوم لَا خلاق لَهُم وَلَا خير فيهم كسير وعوير ومفتاح الدَّيْر وَآخر لَيْسَ فِيهِ خير قَالَ وسمعته يَقُول فِي قوم شرار نزلُوا شَرّ منزل وتجعله مثلا ركب زنبور عقربا إِلَى جُحر حَيَّة فَقيل أبْصر من الْحَامِل والمحمول وَفِي أَي خَان نزلُوا قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ (إِذا أظمأتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعا وريا) (فَكُن رجلا رجله فِي الثرى ... وَهَامة همته فِي الثريا) (فَإِن إِرَاقَة مَاء الْحَيَاة ... دون إِرَاقَة مَاء الْمحيا) 55 - أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي المأموني أَنْشدني أَبُو الْحسن الْبَرْمَكِي قَالَ أَنْشدني أَبُو الْحسن هَذَا الْمَذْكُور لنَفسِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 (إِذا لم تنصفونا يَا كرام ... وَفِي أَيْدِيكُم الْيَوْم الزِّمَام) (فَكيف بكم إِذا قُلْنَا صرفتم ... وَزَالَ البوش وَانْقطع الزحام) (وكنتم معشرا ملكوا فخسوا ... فَنَامَ الْحَظ عَنْهُم حِين نَامُوا) (وَكَانُوا يخدمون وهم قعُود ... فصاروا يصفعون وهم قيام) 56 - أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد التَّمِيمِي الْبَغْدَادِيّ أيده الله تَعَالَى طلع على نيسابور مُنْذُ سنيات وَهُوَ فِي ريعان شبابه فَمَلَأ الْعُيُون جمالا والقلوب كمالا وأفادنا كثيرا ثمَّ امتطى أمله إِلَى الحضرة الْكُبْرَى بغزنة حرسها الله تَعَالَى فعاشر السَّادة بهَا وَوصل إِلَى السُّلْطَان الْمَاضِي أبي الْقَاسِم رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وخدمه فِي مجْلِس الْأنس ثمَّ انْقَلب عَنْهَا وَقد أسفرت سفرته عَن صَفْقَة الرابح وغنيمة الفائز وَله شعر الأديب الظريف الَّذِي شرب مَاء دجلة وتغذى بنسيم الْعرَاق فمما أَنْشدني لنَفسِهِ قَوْله (هام قلبِي بِحسن ذَاك العذار ... حِين لَاحَ اخضراره فِي احمرار) (عز رب إِذا أَرَادَ تَعَالَى ... أنبت المرزجوش فِي الجلنار) وَقَوله (جد وَإِن شِئْت لَا تَجِد ... إِن تخلصت لم أعد) (إِنَّمَا مِنْك غرني ... كلم طعمها الشهد) (لست فِي النَّاس وَاحِدًا ... قتلته اللحى الجدد) وَقَوله فِي خطّ اللِّحْيَة (بدا خطّ من أهواه كالبدر طالعا ... وعارضه قد لَاحَ فِيهِ وزغبا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 (فَكَانَ كنمل دب فِي العاج قَاصِدا ... ليجتز فِي رفق من الصدغ عقربا) وَقَوله (إِن زارني لم أنم من طيب زورته ... وَإِن جَفا لم أنم من شدَّة الحرق) (فَفِي الْوِصَال جفوني غير رَاقِدَة ... من السرُور وَفِي الهجران من قلق) (إِنِّي لأخشى حريقا إِن علا نَفسِي ... وَاتَّقَى إِن جرى دمعي من الْغَرق) وَقَوله (نظرت تشوقا يَوْمًا إِلَيْهِ ... فأثر ناظري فِي وجنتيه) (وجرد من لواحظه حساما ... حمايله بنفسج عارضيه) وَقَوله فِي رمد المحبوب (قلت إِذا قيل لي حَبِيبك يشكو ... رمدا سلط السهاد عَلَيْهِ) وَقَوله (الشّعْر كالبحر فِي تلاطمه ... مَا بَين ملفوظه وسائغه) (فَمِنْهُ كالمسك فِي لطائمه ... وَمِنْه كالمسك فِي مدابغه) وللموازيني فِي فصد بعض رؤسائه (على الْيمن باكرت الفصاد مشمرا ... يَمِين جواد للعطاء مشمره) (مددت أَبَا سعد إِلَى صدر مبضع ... يدا تصدر الآمال عَنهُ منشره) (وَمَا خلت إِن الْجُود تجْرِي لَهُ دم ... فَمَا كَانَ أجْرى ذَا الطَّبِيب وأجسره) (أَظن لَهُ من لطفه بلباقة ... بَصِيرَة بقراط وأقدام عنتره) وَله فِي مرثية القَاضِي الْهَاشِمِي بحلب (ناعى أبي جَعْفَر القَاضِي دَعَوْت إِلَى الردى ... فَلم يدر ناع أَنْت أم دَاع) (تنعى العظيمين من مجد وَمن شرف ... بعد الرحيبين من خلق وَمن بَاعَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 (مهلا فَلم تبْق عينا غير باكية ... وَلَا تركت فؤادا غير مرتاع) (قد كَانَ مَلأ عُيُون بعده امْتَلَأت ... حزنا ونزهة أبصار وأسماع) وَله (كم حمَار هُوَ أولى ... بنهيق وشهيق) (يكتسي فِي الشتوة الْخَزّ ... وَفِي الصَّيف الدبيقي) وعَلى هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فقد تذكرت بَيْتَيْنِ على وزنهما وقافيتهما واشتمالهما ذكر الدبيقي وَلَا أَدْرِي لمن هما وهما (ضَاعَ فِي الشوك دقيقي ... حِين أملت صديقي) (بفعال كالبخاري ... وَقَول كالدبيقي) 57 - أَبُو الغنايم بن أبي المكارم الرَّمْلِيّ هُوَ ابْن الَّذِي يَقُول فِيهِ ابْن لنكك (إِن الرميلي بعيد خاطره ... يشْعر مَا دَامَت لَهُ دفاتره) (فالشعراء كلهم خواطره ... ) وَيَقُول فِيهِ أَيْضا (خلف الرَّمْلِيّ فِيمَا اقْتصّ ... عني وَحَكَاهُ) (يَدعِي يَوْم اصطلحنا ... أنني قبلت فَاه) (لم أقبل فَاه لَكِن ... قبلت كفي قَفاهُ) فَأَما أَبُو الغنايم فَإِنَّهُ يَقُول لصديق لَهُ ولي عملا (جعلت فدَاك لَا تَجف الأخلا ... فينأوا عَن ذراك وهم أذلا) (وَكَانُوا يطرحون لنا مصلى ... فمنذ وليت قد رفع الْمصلى) وَيَقُول فِي شهر رَمَضَان (شهر الصّيام مبارك ... لكنه فِي شهر آب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 (خفت الْعَذَاب فصمته ... فَوَقَعت فِي نفس الْعَذَاب) وَيَقُول فِي الهجا بَيْتا نَادرا كالمعجز فِي فنه وَهُوَ (خوان لَا يلم بِهِ ضيوف ... وَعرض مثل منديل الخوان) 58 - أَبُو الْحسن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن كويرات الرَّمْلِيّ حَدثنِي المصِّيصِي قَالَ كَانَ ابْن كويرات من أظرف النَّاس وأملحهم نَوَادِر حضرت مَعَه دَعْوَة بِرَأْس الْعين فَقدم إِلَيْنَا جمل مهزول وَمَدَدْنَا أَيْدِينَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَابض يَده فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ يَا سادتي هَذَا كَانَ عَاشِقًا وَأَنا عاشق والعاشق لَا يَأْكُل العاشق وأنشدني لَهُ أَبُو يعلى فِي طَبِيب من أهل مصر يدعى أَبَا الرّبيع وَهُوَ من أحسن مَا قيل فِي مدح طَبِيب (أَبُو الرّبيع ربيع ... لكل جسم وروح) (إِذا رأى الدَّاء داواه ... بالدواء الصَّرِيح) (كَأَنَّهُ فِي البرايا ... خَليفَة للمسيح) وَله من قصيدة (رشأ سَمِعت لخده وعذاره ... فِي هَذِه الدُّنْيَا حَدِيثا سائرا) (فَإِذا رَأَيْت عَلَيْهِ طرفا وَاقعا ... فَاعْلَم بِأَن هُنَاكَ قلبا طائرا) 59 - عبد الْمُنعم بن عبد المحسن الصُّورِي من ملحه وطرفه قَوْله فِي غُلَام ينظر فِي الْمرْآة (جلا الْمرْآة صيقلها لوجه ... تولى الله خلقته لحيني) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 (فَلَو أبصرته يرنو إِلَيْهَا ... عرفت الْفرق بَين الصيقلين) وَقَوله لنبهان الْجَعْفَرِي وَهُوَ فِي غَايَة الملاحة (زففت إِلَى نَبهَان من عَفْو خاطري ... عروسا غَدا بطن الْكتاب لَهَا خدرا) (فقبلها عشرا وَأظْهر حبها ... فَلَمَّا طلبت الْمهْر طَلقهَا عشرا) وأنشدني المصِّيصِي وَأَبُو يعلى لَهُ (أرى اللَّيَالِي إِذا عاتبتها جعلت ... تمن إِن جَعَلتني من ذَوي الْأَدَب) (وَلَيْسَ عِنْد اللَّيَالِي إِن أقبح مَا ... فعلن بِي أَن جعلن الشّعْر مكتسبي) وَمِمَّا يستحسن ويستظرف لَهُ قَوْله (لي مولى إحسانه يَتَجَدَّد ... كل يَوْم لدي وَالْمجد يشْهد) (احسن الْفِعْل بِي وأحسنت قولا ... واشتبهنا فَقيل جاد وجود) وَقَوله وَهُوَ من امثاله السائرة (أرى الله يعطيني ودهري يَأْخُذ ... وَفِي كل يَوْم سيف قَتْلِي يشحذ) (وَكَيف سلوى عَن شَبَابِي وفقده ... طَرِيق إِلَى سمت الْمنية ينفذ) 60 - أَبُو الْفرج بن أبي حُصَيْن القَاضِي الْحلَبِي من أظرف النَّاس وأحلاهم أدبا وَأَبوهُ الَّذِي كَاتبه أَبُو فراس وساجله ومدحه السّري وَأخذ جائزته ونطق كتاب الْيَتِيمَة بنبذ من شعره فِي عرض شعر أبي فراس وَلم أسمع لأبي الْفرج أَمْلَح من قَوْله فِيمَن أَبى أَن يضيفه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 (وَأَخ مَسّه نزولي بقرح ... مثل مَا مسني من الْجُوع قرح) (بت ضيفا لَهُ كَمَا حكم الدَّهْر ... وَفِي حكمه على الْحر قبح) (فابتداني يَقُول وَهُوَ من السكرة ... بالهم طافح لَيْسَ يصحو) (لم تغربت قلت قَالَ رَسُول الله ... وَالْقَوْل مِنْهُ نصح ونجح) (سافروا تغنموا فَقَالَ وَقد قَالَ ... عَلَيْهِ السَّلَام صُومُوا تصحوا) وَلم أسمع فِي عُمُوم الْخِيَانَة ووراثة النَّاس أباهم آدم إِيَّاهَا غير قَوْله (كَيفَ نرجو الْوَفَاء من نسل من لم ... يَفِ لله فِي جنان بحبه) (وعزيز فِي الْعَالمين أَمِين ... خَان عهدا أَبوهُ فِي الْخلد ربه) وَله فِي عتاب الدَّهْر على قَصده الْكِرَام (يَا دهر مَالك طول عَهْدك ترتعي ... روض الْمَعَالِي بارضا وحميما) (يَا دهر مَالك والكرام ذَوي العلى ... مَاذَا يَضرك لَو تركت كَرِيمًا) 61 - أَبُو الْفرج عبد الصَّمد بن عَليّ الصُّورِي قَالَ من قصيدة (وَإِذا مَا احتوت أنامله ... الرقش كَمَا تحتوي القنا الفرسان) (فعلت فِي الخطوب مَا تفعل السمر ... إِذا جد بالكماة الطعان) وَقَالَ من أُخْرَى (حتام أَرْجُو أُنَاسًا مَا مدحتهم ... إِلَّا جنيت ذنوبا لَيْسَ تغتفر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 (لَئِن بحثت عَن الْمَعْرُوف عِنْدهم ... ان الثرى فِي طلاب المَاء يقتفر) وَقَالَ لصديق لَهُ يعمر دَاره (دع عمل الطين للسلاطين ... لَا تَكُ من أخوة الشَّيَاطِين) (فَمَا بَقَاء الدريهمات إِذا ... أنفقن حينا فِي المَاء والطين) وَقَالَ (وَمن يغش قوما والشبيبة برده ... فيبليه فِيمَا بَينهم عد مِنْهُم) وَكَانَت لَهُ امْرَأَة قبيحة سليطة فَقَالَت لَهُ فِي يَوْم مطر وثلج أَي شَيْء يطيب فِي مثل هَذَا الْيَوْم فَقَالَ التطليقات الثَّلَاث 62 - أَبُو الْفَهم عبد السَّلَام النصيبي هُوَ الَّذِي يَقُول (قبلته اشتفي بقبلته ... فزادني ذَلِك اللمى ألما) (وَسَائِل لي عَن مبتدي سقمي ... مسقم عَيْنَيْهِ مسقمي بهما) وَيَقُول مَا يشدوا بِهِ القوالون كَمَا ذكر المصِّيصِي وَأَنا أَشك فِيهِ وَقد كتبته لحلاوته وظرفه (لما تأملته يفتر عَن برد ... ولاح لي فِي قَمِيص غير مزرور) (أرْسلت دمعي على الْخَدين منسكبا ... وَصحت واحربا من هتك مَسْتُور) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 63 - أَبُو السمط الرَّسْعَنِي وَأَخُوهُ أَبُو مَالك حَدثنِي أَبُو الْحسن على بن فَارس الْقزْوِينِي قَالَ كَانَ أَبُو السمط وَأَخُوهُ من أهل رَأس عين وهما من أظرف النَّاس وأمجنهم وأملحهم فَأَما أَبُو السمط فَإِنَّهُ ذكر رجلا يَأْكُل وَحده فَقَالَ يَأْكُل وَهُوَ فِي أَرْبَعَة فاستفسر فَقَالَ هُوَ وظله والملكان وَهَذَا كَمَا قَالَ أَبُو الْحَرْث جمين وَقد سُئِلَ عَن مائدة مُحَمَّد بن يحيى فَقيل من يحضرها فَقَالَ أكْرم الْخلق والأمهم يَعْنِي الْمَلَائِكَة والذباب وَسَأَلَ عَن غُلَام استشرطه فَقيل هُوَ فَاسد فَقَالَ فِي فَسَاده صلاحي وَمن نَوَادِر شعره قَوْله (وَالَّذِي أرسل إِبْرَاهِيم بِالْحَقِّ وَعِيسَى ... إِن إِسْحَق بن عَمْرو يَشْتَهِي آيَة مُوسَى) وَله فِي المجون (وَيحك يَا أيرى أما تَسْتَحي ... تفضحني مَا بَين جلاسي) (تخرج من جيبي بِلَا حشمة ... وتطرح المنديل عَن رَأْسِي) وَأما أَبُو مَالك فَإِنَّهُ يَقُول (جعلنَا النَّرْد وردا كل يَوْم ... واعملنا مُعتقة المدام) (لنجعل نقلنا مِمَّا أفاءت ... فننتقل الْحَرَام على الْحَرَام) وَهُوَ الْقَائِل (ملكت مجامع الظبي الربيب ... أرى مَا شِئْت من حسن وَطيب) وَفِيه مَا أصون كتابي عَنهُ 64 - أَبُو الثريا الشمشاطي حكى المصِّيصِي كَانَ أَبُو الثريا صديقي وَكَانَ يستكثر من الْجَوَارِي وَلَا يصبر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 على وَاحِدَة مِنْهُنَّ حَتَّى يَبِيعهَا ويستبدل بهَا فَرَأَيْت مِنْهُنَّ جَارِيَة رُومِية تسمى ظريفة فَقدمت يَوْمًا إِلَيْهِ الْمَائِدَة وَقد نسيت الْملح فَقَالَ لَهَا أَيْن الْملح فَأَشَارَتْ إِلَى وَجههَا وَقَالَت هُنَا قَالَ فعزمت على إِِمْسَاكهَا وَقلت لَهَا أتحسنين الحشو قَالَت ذَاك إِلَيْك قَالَ وَمِمَّا علق بحفظي من شعره مَا أَنْشدني فِي أبي الْأَعْين انطاكي (لي صديق منجم وطبيب ... شَاعِر شعره غذَاء الرّوح) (فَهُوَ طورا كَمثل جَامع سُفْيَان ... وطورا يحْكى سفينة نوح) حَدثنِي الحامدي إِن من الأبيات الَّتِي علقها الصاحب فِي سفينته قَول أبي الثريا من مقطعَة فِي مختط (كَأَنَّهُ الْبَدْر فِي لألاء غرته ... قد زار جِبْرِيل فِي عيد فغلفه) 65 - أَبُو الْفَتْح المحسن بن عَليّ البديع من أهل حمص يَقُول فِي الْغَزل (بِالَّذِي الْهم تعذيبي ... ثناياك العذابا) (مَا الَّذِي قالته عَيْنَاك ... لقلبي فأجابا) وَيَقُول فِي عزل صارم الدولة (من كَانَ يستعلى بتقليد مَا ... يسوسه بِالرَّأْيِ أَو بالبديه) (فصارم الدولة مَا حطه ... عزل وَلَا يرفعهُ مَا يَلِيهِ) (فَلَا تطب أنفس حساده ... فَإِنَّمَا أغمده منتضيه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 66 - أَبُو الْفرج بن حيدرة الْحِمصِي قَالَ من قصيدة (مَا كنت مفتخرا بِمَا قدمت من ... مدحي لغيرك إِذْ مديحك ارتجى) (فالبيت لم يفخر مجاوره إِذا ... مَا طوف الْآفَاق مَا لم يحجج) وَمن أُخْرَى (لَهُ بَين العوالي والمعالي ... وَبَين شبا المهندة الذُّكُور) (مقامات شرفن فَمَا يُبَالِي ... أمات على جواد أم سَرِير) وَقد أَخطَأ فِي ذكر موت الممدوح وَمن حَقه صيانته عَنهُ 67 - أَبُو الوفا الدمياطي يَقُول فِي المصريين من أَصْحَاب عَزِيز (إِذا مَا قطعْتُمْ ليلكم بمنام ... وأفنيتم أيامكم بمدام) (فَمن ذَا الَّذِي يرجوكم لملمة ... وَمن ذَا الَّذِي يأتيكم لسلام) (رَضِيتُمْ من الدُّنْيَا بِأَهْوَن بلغَة ... بِشرب مدام أَو بنيك علام) وَيَقُول فِي عَزِيز مصر (يَا مَالك الْوَقْت وَالزَّمَان ... وَمن علا فِي عَظِيم شان) (ضدان مَا استجمعا لخلق ... وَجهك والفقر فِي مَكَان) وَيَقُول نثرا فِي أَمْرَد التحى قد صدئت مرآته وكسف بدره وتشوك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 زعفرانه وتسبج زمرده 68 - أَبُو معشر الْكَاتِب من أهل الْبَحْرين قَالَ لَهُ الْعلوِي الوسي يَا أَبَا معشر إِنَّك كالمسك إِن أمسك عبق وَإِن بيع نفق فَقَالَ وَأَنت يَا أَيهَا السَّيِّد كالقطر إِن وَقع على الْبَحْر أخرج الدّرّ أَو على الْبر أخرج الْبر وَقَالَ بعض السوال واسونا يَرْحَمكُمْ الله فَقَالَ إِن واسيناكم ساويناكم وَمن بارع شعره قَوْله من قصيدة (وَلَيْلَة خضتها على عجل ... وصبحها بالظلام معتصم) (كإنما الدجن فِي تزاحمه ... خيل لَهَا من بروقها لجم) وَقَوله (أَتَانِي زايرا فَحكى هلالا ... وَأتبعهُ صدودا مستطالا) (فَقلت أَلا تعود فَقَالَ لَا لَا ... دوَام الْوَصْل يورثك الملالا) 69 - أَبُو الرماح الفصيصي يَقُول فِي الْبَرْق (إِذا مَا لَاحَ أَحْمَر مستطيلا ... حسبت اللَّيْل زنجيا جريحا) وَيَقُول فِي الفستق مَا هُوَ من أحسن مَا قيل فِيهِ (مثل الزبرجد فِي حَرِير أَحْمَر ... فِي حق عاج فِي غشاء أَدِيم) وَنَظِيره قَول أبي إِسْحَاق الصابي وَلست أَدْرِي من السَّارِق والمسروق مِنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 (وَالنَّقْل من فستق حَدِيث ... رطب تبدى بِهِ الْجَفَاف) (لي فِيهِ تَشْبِيه فيلسوف ... أَلْفَاظه عذبة خفاف) (زمرد صانه حَرِير ... فِي حق عاج لَهُ غلاف) وَالْإِمَام السَّابِق إِلَى وَصفه الصنوبري فِي قَوْله (وحظي من نقل إِذا مانعته ... نعت لعمري مِنْهُ أحسن منعوت) (من الفستق الشَّامي كل مصونة ... تصان عَن الْأَحْدَاث فِي جَوف تَابُوت) (زمردة ملفوفة فِي حريرة ... مضمنة درا مغشى بياقوت) وأنشدني لَهُ بعض الغرباء وَقد نسيت اسْمه ويروى لِابْنِ سكرة (ورد البشير مَعَ الصَّباح بِأَنَّهُ ... لي زائر فاستعبرت أجفاني) (يَا عين قد صَار البكا لَك عَادَة ... تبكين فِي فرحي وَفِي أحزاني) وَمن أَمْثَاله الجيدة قَوْله (قد يبعد الشَّيْء عَن شَيْء يشابهه ... إِن السَّمَاء نَظِير المَاء فِي اللَّوْن) 70 - أَبُو الْغَوْث بن نحرير المنيحي ذكر المصِّيصِي انه أظرف النَّاس وأملحهم شعرًا وأحضرهم جَوَابا وَقَالَ فِي صديق جفاه (هجر الْمُعَلَّى وَاسْتمرّ جفاؤه ... نَفسِي وَإِن نقض العهود فداؤه) (خل إِذا الإغباب جدد غَيره ... أضحى تجدده لَدَى لقاؤه) وَقَالَ (كَأَن حناءها براحتها ... دِمَاء من قتلت بهجرتها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 (وسودته فَحلهَا لبست ... شباب من شَاب فِي محبتها) (نقشا كأعطاف تذرج أخذت ... من زخرف الريش حسن زينتها) (كَأَنَّهَا قد توسدت يَدهَا ... فأودعتها واوات طرتها) وَقَالَ فِي الشقايق والنرجس (فتح الشقايق فِي منابت نرجس ... فَلِكُل خد مخجل طرف أرق) (كخرايط الديباج حمرا ختمت ... بالمسك بَين شارعين مَعَ ورق) وَقَالَ فِي الْغَزل الْمُؤَنَّث (نظرت إِلَيّ بمقلتين فنمتا ... بضميرها الخافي وَنحن سكُوت) (وَكَأن فِي يمناهما هاروت يسحرني ... وَفِي يسراهما ماروت) وَقَالَ (إِلَيْك فمثلي لَا يوحد فِي الْهوى ... لمشركة فِي الود رث حبالها) (فَلَو نَالَ عين الشَّمْس كل محاول ... لما كَانَ مغبوطا بهَا من ينالها) وَقَالَ (إِن كنت تبْكي لحبيب مضى ... فابك شبَابًا قد مضى وانقضى) (عوضني الدَّهْر مشيبي بِهِ ... وليته سوغ مَا عوضا) (سخطته وَالْمَوْت فِي أَثَره ... يحِيل بِالْإِكْرَاهِ سخطي رضَا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 وَقَالَ فِي الْغَزل الْمُؤَنَّث (طلعت بِوَجْه عاذل لعواذلي ... ينبي بعذري لاحيا للاحى) (درية البشرات إِلَّا أَنَّهَا ... مسكية النفحات والأرواح) وَقَالَ (مبذولة للعيون قد حظرت ... عَمَّا سواهَا من سَائِر الوطر) (كَأَنَّهَا صُورَة مصورة ... لَا حَظّ فِيهَا لنا سوى النّظر) وَقَالَ يشْكر (يوفر حَالي أَبُو حَازِم ... كَمَا وفر الْغَيْث روض البطاح) (خفيت على الدَّهْر فِي ظله ... كخافية الريش تَحت الْجنَاح) سَرقه من قَول أبي نواس (تسترت من دهري بِظِل جنَاحه ... فعيني ترى دهري وَلَيْسَ يراني) وَقَالَ (بحثت لتعرف فتنتي فاستخبرت ... حبي إِذا مَا قلت حبك فَاتَنِي) (حجبت حَيَاء وَجههَا بأنامل ... حجبت بِهن محاسنا بمحاسن) وَقَالَ (إِن كنت تفجع مقلتي برقادي ... ضنا عَليّ بطيفك الْمُعْتَاد) (فامنع سهادي إِن شخصك ماثل ... لتفكري نصب لعين سهاد) (أغياك بخلك باللقاء على امْرِئ ... مُتَصَوّر لَك فِي ضمير فؤاد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 وَقَالَ فِي الْحمى (وَحمى حمتني النّوم حَتَّى كَأَنَّمَا ... شقوق جفوني فِي الصفاة صدوع) (تهب شتاء ثمَّ تعقب صايفا ... أما لسنيك الْمُنْكَرَات ربيع) (ادثر عَنْهَا بالحشايا تعللا ... وَلَيْسَ لَهَا عَمَّا تُرِيدُ رُجُوع) (إِذا كَانَ نبض السهْم من بَاطِن الحشا ... فَكيف تجن الْمَرْء مِنْهُ دروع) وَقَالَ (أأرى عُيُوب الْعَالمين وَلَا أرى ... عيبي خُصُوصا وَهُوَ مني أقرب) (كالطرف يستجلي الْوُجُوه وَوَجهه ... أدنى إِلَيْهِ وَهُوَ عَنهُ مغيب) وللأمير أبي الْفضل الميكالي أيده الله تَعَالَى فِي مثل هَذَا التَّشْبِيه وَغير هَذَا الْمَعْنى (كم وَالِد يحرم أَوْلَاده ... وخيره يحظى بِهِ الْأَبْعَد) (كَالْعَيْنِ لَا تبصر مَا حولهَا ... ولحظها يدْرك مَا يبعد) وَله من قصيدة فِي مجد الدولة وَقد خرج فِي حَرْب (وَقد بدأت أصوغ الْفَتْح عَن ثِقَة ... بغاية لَك تجلو الدَّهْر فِي حلل) (أنال مَا نلْت من جدواك مبتدلا ... حَتَّى إِذا قلت فِيك القَوْل لم يقل) (لكل مصغ لشعري حِين أنْشدهُ ... فِي محفل طرب العذري للغزل) وَقَالَ (صل السَّعْي فِيمَا تبتغيه مثابرا ... لَعَلَّ الَّذِي استبعدت مِنْهُ قريب) (وعاوده أَن أكدى بك السَّعْي مرّة ... فَبين السِّهَام المخطيات مُصِيب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 وَقَالَ (يَا وَاحِد الكافين وَالْملك الَّذِي ... دَانَتْ لعز علاهُ أَمْلَاك الورى) (درت رسوم معاشر لم يدركوا ... شأوى وَلَا شقو العجاج الأكدرا) (ويبيت بائتهم يغط موسدا ... وأبيت ليلِي كالسليم مسهرا) (اتنقد القَوْل الرصين وأجتني ... غرر الْمَعَالِي منجدا أَو مغورا) (إِن كنت تعطيهم على الشّعْر اللهى ... فالشعر يقْضِي أَن تخص الأشعرا) (إِن كنت تبغي مدحهم أَو شكرهم ... فَعَلَيْك من إِن قَالَ قولا سترا) وَقَالَ يستهدي شرابًا (دَعَوْت أَبَا الْفضل الورى ونسيتني ... ولي ألف عين بِالصديقِ مُوكله) (فَلَا تطو أنباء الَّذين دعوتهم ... فقد نقلت مشروحة ومفصله) (ولي قدح فِي كل دور أدرته ... فَمر لي بهَا تيك التفاريق مجمله) وَقَالَ من قصيدة (وَرب ليل غداف خلت انجمه ... فِيهِ بوافي خمر لمعت فحما) (معمرا طلع الجوزاء راكعة ... كَأَنَّهَا قوست فِي طوله هرما) وَمِنْهَا (ابارق صدع الظلماء مضطرما ... أم الْوَزير الخطير ارْتَاحَ مُبْتَسِمًا) وَقَالَ فِي النرجس (قد ضحك النرجس فِي الأقطار ... تجمع بَين الزهر والنوار) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 (لم ير شخص قبل فِي الإعصار ... ألف ضدي برد ونار) (كَأَنَّهُ إِذْ شيم بالابصار ... يخْدم يَوْم مهرجان طاري) (بدرهم ضم إِلَى دِينَار ... ) وَقَالَ (لَا غرو للزمن الْبَخِيل إِذا سخا ... قد يُرْسل الْحجر الْعُيُون النضخا) كَأَنَّهُ من قَول الله عز وَجل وَأَن من الْحِجَارَة لما يتفجر مِنْهُ الْأَنْهَار وَقَالَ (قد فَاتَ أمس وَلم أَثِق بغد فَمَا ... اعْتد وقتي غير يومي الْحَاضِر) (والعيش وقتي وَهُوَ مني آخذ ... فَالرَّأْي أخذي مِنْهُ حَظّ مُسَافر) وَقَالَ من قصيدة (لَا يغررنك تجملي فَلَقَد ... أسبلته سترا على سغب) (هُوَ كالخضاب على المشيب مَتى ... مَا تبله تكشفه عَن كذب) وَقَالَ وَقد قبض على الْوَزير يَوْم الْأَرْبَعَاء (يَوْم تهاوت شمسه من عَال ... مسخت بِهِ الْأَيَّام فَهِيَ لَيَال) (وَإِذا اختبرت الْأَرْبَعَاء لأمرهم ... فدبار فِي الأدبار أصدق فال) (يَا وَاحِد الكافين بل يَا كعبة ... العافين بل يَا غَايَة الآمال) (مَا كنت إِلَّا العضب فلل حَده ... بشباة مدرى الكاعب المكسال) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 (فعلى قوافي الشّعْر حَتَّى تنجلي ... شمس الضُّحَى مني سَلام القال) وَقَالَ (وغضبي فِي الرضى بالتيه وسني ... وفترة لحظها نشوى القوام) (نفت عَن مقلتي نومي بوصل ... وَعَن قلبِي همومي بالمدام) (فَبت وعطفها فِي ضيق ضم ... كعطف الأعوجية فِي الحزام) وَله (عطر المَاء نشر نور وزهر ... غازلته بِهِ ذيول النسيم) (وتحلت بهارها الأَرْض حَتَّى ... حسدتها السَّمَاء ذَات النُّجُوم) وَمن قصيدة (أَسف غيم وَعلا سيله ... الراعب حَتَّى التقيا بالنجاد) (فقد أعَار الرَّوْض وسمين من ... الحاظ سعدى وثنايا سعاد) (تمله وابق مزجي الندى ... ومتقى السطوة حَتَّى التناد) (واستجل سحرًا واردا لَفظه ... فِي حَالَة سمع الْفَتى والفؤاد) وَمن أُخْرَى (وعزم حمى عني الْمقَام كأنني ... أجوب بِهِ الدُّنْيَا على قدم الْخضر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 وَمن أُخْرَى (كفى الْفطر فِي الأعياد فخرا بأننا ... نزف لمغناك التهاني بِالْفطرِ) (فعاوده مَا حل الزَّمَان معاودا ... وعامره مَا امتدت بِهِ فسحة الْعُمر) (أأفرق ردي دون قوت أرومه ... ورأيك مجبول على طولك الْغمر) (وَلَو أَن للأفلاك مَالك فِي العلى ... غَدا بدرها كَالشَّمْسِ والنجم كالبدر) (تعلمت قَول الشّعْر طفْلا وصغته ... لكم أشيبا حَتَّى انْقَضى فِيكُم عمري) (فَلَا غرو أَن أسعفتموني بطايل ... يثبت فِي أبوابكم قدم الشُّكْر) (إِذا كَانَ خير الذخر أبقاه فِي الورى ... فَإِن قريض الْحَمد من أكْرم الذخر) وَمن أُخْرَى (وَرب ليل خضته راميا ... حمى ذراريه بفجر مغير) (والشرق قد مزق ظلماءه ... خطّ عَمُود من صباح مُنِير) (كسدة الْملك جلا لَيْلهَا ... عَن افقها رأى الْوَزير الخطير) (سما بِهِ الْملك إِلَى أَن غَدا ... فرق السهى ترب مقرّ السرير) وَمِنْهَا (موحد السعى أَتَى مشبها ... للشمس يَعْلُو قدرهَا عَن نَظِير) (دلّ على إنعامه صيته ... كالبحر يَدْعُوك إِلَيْهِ الخرير) (فِي هَيْبَة لَا الْبَرْق وافي الخطى ... فِيهِ وَلَا الرَّعْد خطيب جهير) وَمِنْهَا (وغايتي مَا يقنع الْحَظ من ... نشارة المترب نزر يسير) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 (وَمن يكن همك فِي صَدره ... فالخلق والدهر لَدَيْهِ حقير) وَمن أُخْرَى (غَدا جَيْشه فضلا عَلَيْهِ كَمَا غَدا ... لَهُ السَّيْف فضلا جفْنه والحمايل) (فَمَا يرْزق الْأَحْرَار إِلَّا لعادة ... تحكم أنعام عَلَيْهَا ونائل) (عَزِيز السجايا تعتريه لجاجة ... إِذا لامه فِي الْجُود والبأس عاذل) (لَئِن جهل الْأَعْدَاء مَا قد منوا بِهِ ... فَإِن فرَاش النَّار بالنَّار جَاهِل) وَمِنْهَا (وشى بِالربيعِ الطلق ورق هواتف ... تدانى الثرى أغصانهن الموائل) (تميد بهَا فِي جانبيها كَأَنَّهَا ... طلى رجحتها بالنعاس الرَّوَاحِل) (يقبل بعض النُّور أَفْوَاه بعضه ... إِذا اعتنقت فِيهِ الغصون الشوايل) (وتصطفق الأوراق من نفس الصِّبَا ... كَمَا رَفْرَف الأطيار وَاللَّيْل قافل) (سأشكرك النعمى الَّتِي تركت يَدي ... يمن بهَا صوب الحيا وَهُوَ آمل) (فَسَوف يبين الْعتْق عِنْدِي بشكرها ... كَمَا بَان عتق الطّرف والطرف صاهل) وَقَالَ (بك استعتبت أيامي قَدِيما ... كَمَا فزع الْغَرِيم إِلَى الْكَفِيل) (بسابقة اخْتِصَاص صَار فِيهَا ... سَبِيل عشيرك الْأَدْنَى سبيلي) (شريت بسالف الْأَنْعَام رقي ... وَلم تَكُ بالملول المستقيل) (فَأَما أَن تعين على مقَام ... وَإِمَّا أَن تعين على رحيل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 وَقَالَ (أرْضى بِكُل الذل فِي طلب الْغِنَا ... وأعاف بعض مذلة الإقلال) (كمن استراح إِلَى الْعَمى حذر العشى ... وَإِلَى الْمنية خوف شيب قذال) وَمن قصيدة (زارتك أَيَّام الرّبيع فَأَصْبَحت ... مستعديات مِنْك بَث مواهب) (بغمائم نثرت على الْحَصْبَاء كالحصباء ... من قطرات وبل صائب) (لبس الغصون النُّور وشيا واغتدا ... دُرَر القطار لَهَا حلى ترائب) (لفت منورها بمورقها الصِّبَا ... لف العناق مطارفا بذوائب) (فتملها وَالْملك مَا رقمت صبا ... فِي المَاء رقم حوافر فِي لاحب) (واستجلها تحف النُّفُوس كَأَنَّهَا ... نجوى المنى وعدت بوصل حبائب) (كأزاهر بحمائل ووسائط ... لقلائد ومباسم لكواعب) وَقَالَ يهجو أَبَا الْفضل زيد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْقَاسِم (أأبا النقيص فَفِي الفضيل مزية ... اربابها عَن لمع برق جهام) (من همة لَك لَيْسَ فِيهَا فضلَة ... عَن كأس مشمول واير غُلَام) (تبدي اللواط بهم فَلم تختارهم ... بفياشل زقية الأورام) (وَزَعَمت تعفجهم فَلم خَرجُوا وَقد ... رفعوا ذيول القمص من قُدَّام) فِي فَخر الْملك وَزِير الوزراء أبي غَالب مُحَمَّد بن عَليّ (مَا جاد بالوفر إِلَّا وَهُوَ معتذر ... وَلَا عَفا قطّ إِلَّا وَهُوَ مقتدر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 (وَكلما طرقوه زَاد نائله ... كالنار يُؤْخَذ مِنْهَا وَهِي تستعر) وَله (قد قلت لما ضعفت حيلتي ... وَاشْتَدَّ شوقي وجفاني الْخَلِيل) (أَصبَحت مكروبا بدار الْهوى ... فحسبي الله وَنعم الْوَكِيل) 71 - أَبُو مَنْصُور عبد الْعَزِيز بن طَلْحَة بن لُؤْلُؤ صَاحب بريد الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه من مَشْهُور قَوْله السائر (سَأَلته قبْلَة فبادر بالتقبيل ... مُسْتَبْشِرًا إِلَى قدمي) (فَقلت مولَايَ إِن أردْت بهَا ... سرُور قلبِي جَعلتهَا لفمي) (فَقَالَ كلا للْعَبد منزلَة ... لُزُومهَا من حراسة النعم) وَله من قصيدة فِي الْقَادِر عِنْد جُلُوسه للحجيج (عش سليما أُخْرَى اللَّيَالِي الْبَوَاقِي ... لَك من سطوة الْحَوَادِث واق) (يَا بديع الفعال بَين مُلُوك ... ذكرهم نافد وذكرك بَاقٍ) (نظر الله للعباد فولاك ... وأعطاك قسْمَة الأرزاق) (أَيهَا الْقَادِر الَّذِي فَوق قرن الشَّمْس ... فِي بعْدهَا وَفِي الْإِشْرَاق) (أَنْت للمجد هضبة رتب النَّاس ... إِلَيْهَا فِي المكرمات مراق) (طَال مَا فت طالبيك وغبرت ... قَدِيما فِي أوجه السباق) (وعمرت الْبَيْت الْحَرَام وَأهْديت ... إِلَيْهِ طرائف الْآفَاق) (يسْلك الرَّاكِب المكل إِلَيْهِ ... وَهُوَ فَرد من أَمنه فِي رفاق) (إِنَّمَا وَارِث الْخلَافَة من سَاس ... الرعايا باللين والإشفاق) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 (هَذِه بردة النَّبِي الَّتِي كَانَت ... إِلَى منكبيك بالأشواق) (والقضيب الَّذِي يحن إِلَى كفك ... لَا بل يتوق كل متاق) (فِي يفاع السرير أروع مَا تعلق ... فِيهِ الألحاظ غير استراق) (أشبه النَّاس بِالنَّبِيِّ أبي الْقَاسِم ... فِي خلقه وَفِي الْأَخْلَاق) (يرعد الْقلب والفرائض خوفًا ... بَين فسطاطه وَبَين الرواق) (فَلَو أَنا نستطيع بَين السماطيين ... مشينا لَهُ على الأحداق) وَله فِي فَخر الْملك أبي غَالب (أَطَالَ الله عمرك للمعالي ... وكفك للعطيات الرغاب) (وَلَا زَالَت سيوفك كل يَوْم ... تحكم فِي الجماجم والرقاب) (فَإنَّك أكمل الثقلَيْن طرا ... وَأكْرم من مَشى فَوق التُّرَاب) وَمن كَلَامه أَن النِّعْمَة لَا تستدام بِمثل الْأَنْعَام وَالْقُدْرَة لَا تستبقي بِمثل الْعَفو ودعا لصديق لَهُ فَقَالَ صان الله عَن سَماع المكاره سَمعك وَعَن الْبكاء على الأحباب دمعك 72 - ابْن أبي مرّة الْمَكِّيّ يَقُول فِي أبي الْفتُوح وَالِي مَكَّة (يَا سيدا فديته بروحي ... خولك الله أَبَا الْفتُوح) (ملك سُلَيْمَان وَعمر نوح ... ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 وَيَقُول عِنْد مقَامه بِبَغْدَاد (أاصوم شهرا ثمَّ أخرج غاديا ... نَحْو الْمصلى أقطع الأميالا) (فيجر ذَا ثوبي واجذب ثوب ذَا ... وأزاحم السقاط والأنذالا) (شربي صَبُوحًا واستماعي قينة ... أولى بِأَن القى بِهِ شوالا) وَيَقُول فِي أبي خلف التكريتي (رَأَيْت أَبَا خلف رَاكِبًا ... وقدامه تحمل الغاشيه) (فَلم أدر أَيهمَا لحية ... وَلم أدر أَيهمَا الغاشيه) 73 - أَبُو حَمْزَة الذهلي من أهل الطَّائِف المقيمين بالعراق شَاعِر مليح الشّعْر ظريفه أَنْشدني الْقزْوِينِي لَهُ من الْغَزل (ومستبيح لقتلي ... مَا أَن يمر ويحلي) (سنوه عشر وَخمْس ... كالبدر عِنْد التجلي) (مصححي حِين يدنو ... وَفِي التنائي معلي) (مَا شوش الصدغ إِلَّا ... لكَي يشوش عَقْلِي) وَله (أظهر الْكِبْرِيَاء تيها وزهوا ... فتلقيته بذل الخضوع) (وحباني ربيع خديه بالورد ... فأمطرته سَحَاب دموعي) وأنشدني أَبُو طَالب الطَّبَرِيّ لَهُ فِي حمى رَئِيس ثمَّ وجدته فِي شعر الرستمي من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 قصيدة وَلم اسْمَع فِي مَعْنَاهُ أحسن وأبدع مِنْهُ (وزائرة أَتَت من غير وعد ... لتأْخذ مِنْك حظا من نوال) (هِيَ الْحمى الَّتِي تضحي وتمسي ... على لَيْث الشرى فِي كل حَال) (رَأَتْ سطوات بأسك فِي الأعادي ... فظنتك الهزبر من الرِّجَال) (فَلَمَّا فاح عرفك من بعيد ... تولت بانكسار وانخذال) 74 - أَبُو شبْل الشعيري من بَاب الشّعير يتطيب ويتماجن ويشعر وَسَأَلَهُ بعض من يعاديه عَن دَوَاء لعَينه العليلة فَقَالَ خُذ ورق الْحِجَارَة وغبار المَاء وعصارة الشَّمْس ودهن الجليد وَاجْعَلْهَا شيافا واكتحل بِهِ وأنشدت لَهُ شعرًا لم يعلق بحفظي مِنْهُ إِلَّا أول بَيت (إِذا مَا مت فلتمطر فؤوس ... وَلَا بَرحت عراقكم النحوس) وَذكر عِلّة رَئِيس كَانَ يعالجه فَقَالَ هِيَ بَيْضَة الديك وَوَاحِدَة الدَّهْر وساقة الْجَيْش وخاتمة السقم الْعُصْفُرِي يَقُول فِي السلَامِي (رَأَيْت فِي الْجَامِع حواقة ... فِي وَسطهَا شيخ لَهُ شَأْن) (عَلَيْهِ طرطور ودراعة ... لَهَا ذيول وجربان) (فَقلت من هَذَا الْعَظِيم الَّذِي ... كَأَنَّهُ فِي التيه سُلْطَان) (أجاءه جِبْرِيل عَن ربه ... أم عِنْده وَحي وتبيان) (فَقيل هَذَا شَاعِر مفلق ... لَهُ أماديح وديوان) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 (فَقلت امْرُؤ الْقَيْس فَقَالُوا صه ... فَقلت هَذَا الشَّيْخ حسان) (قَالُوا وَلَا حسان هَذَا إِذا ... قلت فذو الرمة غيلَان) (قَالُوا السلَامِي فَقلت أطبقي ... ذَا محلبان الضَّرع لبان) (الشّعْر لَا يسوى وَلَا أَهله ... هَذَا فَلم ذَا الشَّيْخ غَضْبَان) (وَإِنَّمَا الشَّاعِر مستنزه ... تلهو بِهِ النَّفس وبستان) (أما مجيد فَهُوَ مسترفد ... أَو بَارِد الشّعْر فصفعان) 75 - أَبُو مُسلم الْجُهَنِيّ يَقُول (أمهد لنَفسك يَا أَبَا الْفَيَّاض ... وَاعْلَم بأنك عَن قَلِيل مَاض) (ويحوز مَالك وَارِث لِلْمَالِ أَو ... موصى إِلَيْهِ أَو وَكيل القَاضِي) (إِن الْكَبِير إِذا تناهت سنه ... أعيت رياضته على الرواض) وَيَقُول (وَإِذا بليت بجاهل متحكم ... يجد الْمحَال من الْأُمُور صَوَابا) (أوليته مني السُّكُوت وَرُبمَا ... كَانَ السُّكُوت عَن الْجَواب جَوَابا) وَله (أتيت أَخا لي فِي حَاجَة ... وَكنت عَلَيْهِ خَفِيف الْمُؤَن) (فَأنْكر معرفَة لم تزل ... وَأبْدى مناكرة لم تكن) (وَقَالَ وجاهدني وده ... أَبُو من وَمِمَّنْ وَمن وَابْن من) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 76 - أَبُو الْفضل الفضلي الكسكري قَالَ يهجو (عَيناهُ عنوان شوم ... والشوم فِي العنوان) (فِي صلب آدم سمي ... مُبشر الأحزان) وَقَالَ يَحْكِي عَن ماجنة ظريفة دَوَاء الْخمار (يَا لعيارة تقصر للعاشق ... بالظرف والنوادر يَوْمه) (سُئِلت عَن دوا الْخمار فَقَالَت ... كومة ثمَّ نومَة ثمَّ عومه) وأنشدني لَهُ من لَا أَثِق بِهِ (كل أَمر وَإِن تضايق جدا ... فَلهُ بعد مَا تضايق فسحه) (فارج كشف الْبلَاء عَنْك وشيكا ... إِن كشف الْبلَاء فِي قدر لمحه) 77 - أَبُو قيس التَّيْمِيّ من أهل النهروان وَيُقَال من أهل الْحيرَة أحد الظرفاء المجان ولشعره حلاوة وطلاوة كَقَوْلِه (نزلت على أبي سعد فحيى ... وهيا عِنْده فرش المقيل) (وَقَالَ عَليّ بالطباخ حَتَّى ... يزِيد من البوازد والبقول) (فغداني برايحة الْأَمَانِي ... وعشاني بميعاد جميل) وَقَوله (سوءة سوءة لوجه كتاب ... كل أَلْفَاظه لدي زيوف) (وَكَأن الْحُرُوف مِنْهُ سياط ... وَكَأن السطور مِنْهُ سيوف) وَقَوله (عد عَمَّن شِئْت واندم ... تربح الْأَمْن وتسلم) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 (مَا يُسَاوِي من أخلائك ... إِنْسَان بدرهم) 78 - أَبُو الْخطاب مُحَمَّد بن عَليّ الْجبلي هُوَ حَيّ يرْزق وشعره عذب متناسب ومدح الشَّيْخ أَبَا بكر الْقُهسْتَانِيّ أيده الله فأطنب واللهى تفتح اللها وَأَعْطَاهُ ديوَان شعره بِخَطِّهِ فشاركني فِي فَوَائده كعادته فِي غَيره فاخترت مِنْهَا قَوْله فِي قصيدة (رويدك قد أَصبَحت جارا لِأَحْمَد ... وَحسب امْرِئ إِن يستجير بجاره) (لأَفْضَل من يغشى على بعد دَاره ... وَأكْرم من يعشى إِلَى ضوء ناره) وَمِنْهَا (لِيَهنك عيد بالسعادات طالع ... طُلُوع حبيب مسعف بمزاره) وَمن أُخْرَى (توالت سعودي حِين واليت مجده ... وفرغت قلبِي إِذْ مَلَأت بِهِ كفي) (صفا خلقه للمكرمات من القذى ... فأضحت لَهُ الْعليا موذنة تصفي) (يدل على علياه حسن ثنائه ... كَذَلِك فضل الطّيب يعرف بِالْعرْفِ) وَمن أُخْرَى (مُعَلل لي بوعد غير منجزه ... ومطمع فِي وصال غير باذله) (ومستحل بِسيف اللحظ سفك دمي ... أحبب بذلك من سيف وحامله) وَمن ربعية (ورياض مختالة من ثراها ... فِي برود من زهرها وعقود) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 (وَكَأن الغصون فِيهَا عوان ... تتبارى زهوا بِحسن القدود) (وَكَأن الأطيار فِيهَا قيان ... تتغنى فِي كل عود بِعُود) (وَكَأن الْمِيَاه فِي خلل الرَّوْض ... سيوف تسل تَحت بنود) (وَكَأن النوار تغمز بالأعين ... مِنْهُ على ابْنة العنقود) وَله من قصيدة يهنيء بعض الرؤساء بالسلامة من نهب الغاغة دَاره (تدل على تفضلك الرعايا ... كادلال العبيد على الموَالِي) (وَلَوْلَا شُبْهَة دخلت عَلَيْهِم ... لما عرضوا لديك لنهب مَال) (إِذا سوغت مَالك كل عاف ... توهم سايغا فِي كل حَال) (فَلَا يطْمع ترفقك الأعادي ... فَإِن اللَّيْث يلبد للصيال) (وَلَا تستقصرن فَرب حلم ... عَن الْأَعْدَاء أبلغ من نكال) (وَمَا ترْضى مساعيك انتصافا ... من السُّفَهَاء إِلَّا بِاحْتِمَال) (إِذا وَقع الْقصاص على التَّسَاوِي ... فَمَا فضل الْعَلَاء على السفال) وَمن أُخْرَى فِي التهنية بالمصاهره (موهبة لم تزل لسؤددها ... تسمو الْأَمَانِي وتطمح الهمم) (وَعقد مهر جمال مفخرة ... أولى بِهِ أَن يهنأ الْكَرم) (فيا لَهَا وصلَة إِلَيْك بهَا ... ظلت وُفُود السُّعُود تزدحم) (إِلَى علاها الفخار منتسب ... وَعَن سناها الزَّمَان مبتسم) (مجد حوى كفوه وَمَا اقْترن السعدان ... إِلَّا تلاقت النعم) (لما أمرت عُقُود لحمتها ... ظلت عرى الحادثات تنفصم) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 (إِن كَانَ وَقفا عَلَيْك مفخرها ... فسعدها فِي الْأَنَام مقتسم) 79 - أَبُو يعلى مُحَمَّد بن الْحسن الْبَصْرِيّ من شُيُوخ الصُّوفِيَّة وظراف الشُّعَرَاء وفضلاء الغرباء وخلفاء الْخضر والأقذاء فِي عين الأَرْض قد نقب فِي الْبِلَاد وَلَقي أفاضلها واستكثر من فوائدهم وَحفظ الْغرَر من ظرائفهم ولطائفهم وطرأ على نيسابور فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع مائَة فأفادنا مِمَّا لم نجد عِنْد غَيره وَعرف الْأَمِير أَبُو الْفضل أيده الله تَعَالَى حق فَضله فَأكْرم مثواه وَأحسن قراه كعادته عِنْد أَمْثَاله واستكثر عِنْد كِتَابه وَأَصْحَابه من تَعْلِيق فَوَائده والاقتباس من نوره وَحين أَرَادَهُ الْأَمِير على الْإِقَامَة بِحَضْرَتِهِ وأزمع ارتباطه فِي جملَته لم يصبر عَمَّا أَلفه من الِاضْطِرَاب فِي الاغتراب وتعوده من عَيْش الْحُجْرَة وخبز السفرة وتزود من بره وَكتبه وانقلب مَسْرُورا إِلَى أَهله فَمن ملح مَا أنشدنيه لنَفسِهِ قَوْله من قصيدة فِي الْمَدْح هِيَ غرَّة شعره (طربوا إِلَى نغم القيان فبذهم ... طرب إِلَى نغم الوغى مرتاح) (تمحو دجى الإعدام رَاحَة كَفه ... كرما كَمَا يمحو الهموم الراح) (يَا نَاصِر الْملك الَّذِي آراؤه ... فِي كل خطب مظلم مِصْبَاح) (قبلت ثغرا من مديحك نشره ... كالمسك فاح وطعمه التفاح) وَمن أُخْرَى (يَا أَبَا الْقَاسِم الَّذِي قسم الرَّحْمَن ... من راحتيه رزق الْأَنَام) (أَنا فِي الشّعْر مثل مولَايَ فِي الْجُود ... حليفا مَكَارِم ونظام) (وَإِذا مَا وصلتني فأمير الْجُود ... أعْطى المنى أَمِير الْكَلَام) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 وَقَوله من أُخْرَى (إِذا الْمجد وافاني فَلَيْسَ بضائري ... نفور العذارى من بَيَاض عِذَارَيْ) (عَفَوْت عَن اللَّيْل الطَّوِيل بِذِي الغضا ... لمر لَيَال بالشآم قصار) وَقَوله فِي دَوَاة آبنوس (ومغموسة فِي مثل لون لُعَابهَا ... يضم حشاها ساكتا متكلما) (على مثل قيد الشبر لَكِن بأسه ... إِذا طَال طَال السمهري المقوما) (قرنت بِهِ هما بَعيدا وهمة ... شرودا وفضلا كَامِلا مُتَقَدما) وَقَوله فِي عَجُوز أكول (لي عَجُوز كَأَنَّهَا الْبَدْر ... فِي لَيْلَة الْمَطَر) (نَاطِق عَن جَمِيع أعضائها ... شَاهد الْكبر) (غير أضراسها فَفِيهَا ... لذِي اللب مُعْتَبر) (أعظم غير أَنَّهَا ... أعظم تطحن الْحجر) 80 - أَبُو الْحسن عَليّ بن غَسَّان الْبَصْرِيّ حَدثنِي أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَسَوِي النَّحْوِيّ قَالَ ورد ابْن غَسَّان الْبَصْرِيّ الشَّاعِر الطَّبِيب على أبي مُضر عَامل الأهواز فِي جملَة الشُّعَرَاء الَّذين امتدحوه وَمرض أَبُو مُضر فِي أثْنَاء ذَلِك فعالجه ابْن غَسَّان حَتَّى برأَ من مَرضه فَكتب للشعراء وَلابْن غَسَّان خُطُوطًا بصلات تَأَخّر ترويجها فَقَالَ فِيهِ وملح وظرف (هَب الشُّعَرَاء تعطيهم رِقَاعًا ... مزورة كلَاما عَن كَلَام) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 (فَلم صلَة الطَّبِيب تكون زورا ... وَقد أهْدى الشِّفَاء من السقام) قَالَ وَكتب إِلَى طَلْحَة بن عبد الْأَعْلَى يحاجيه (زَعَمُوا طَلْحَة أضحى فطنا ... فسلوه الْآن إِن كَانَ فطن) (أَي شَيْء هُوَ مهزول إِذا ... أشبعوه فَإِذا جَاع سمن) فَكتب إِلَيْهِ يَا سَيِّدي أَبَا الْحسن هُوَ مَا خرجنَا مِنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 تَتِمَّة الْقسم الثَّالِث فِي محَاسِن أهل الرّيّ وهمدان وأصبهان وَسَائِر بِلَاد الْجَبَل وَمَا يجاورها من جرجان وطبرستان 81 - الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس خسره فَيْرُوز بن ركن الدولة قد سبق ذكره فِي كتاب الْيَتِيمَة وتكررها هُنَا للْعُذْر الَّذِي أَشرت إِلَيْهِ وَكَانَ أوحد أَبنَاء الْمُلُوك فضلا وأدبا فَأَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب وأصابته عين الْكَمَال وَلما خافه أَخُوهُ فَخر الدولة على الْملك بعده أَمر باغتياله نظرا لوَلَده وَلم يعلم أَن الْمَكْر السَّيئ لَا يَحِيق إِلَّا بأَهْله وَأَن الْملك لَا يلبث أَن ينْتَقل بعده إِلَى من قدره الله لَهُ وَقد كتبت لمعا من شعر أبي الْعَبَّاس يلوح عَلَيْهَا رواء الْملك كَقَوْلِه من قصيدة (إِنِّي أَنا الْأسد الهزبر لَدَى الوغى ... خيسي القنا ومخالبي أسيافي) (والدهر عَبدِي والسماحة خادمي ... وَالْأَرْض دَاري والورى أضيافي) وَله فِي الشيب وَذكر جَارِيَة لَهُ تسمى الثريا (وَلما أَن تنفس صبح شيبي ... طوى عني رِدَاء الْحسن طيا) (تولت منيتي عني فِرَارًا ... ترى وَصلي لَدَى الفتيات غيا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 (فَقلت هجرت يَا سولي فَقَالَت ... وَهل تبقى مَعَ الصُّبْح الثريا) وَقَوله أَيْضا فِي الشيب (وَلما رَأَتْ لمع المشيب بعارضي ... وَقد جردت من جانبيه قواضبه) (بَكت ثمَّ قَالَت للعذارى تجلدا ... وَمَا خير ليل لَا تلوح كواكبه) وَقَوله فِيهِ ويروى لغيره (وَقَالُوا أفق عَن رقدة اللَّهْو وَالصبَا ... فقد لَاحَ صبح فِي دجاك عَجِيب) (فَقلت أخلائي دَعونِي ولذتي ... فَإِن الْكرَى عِنْد الصَّباح يطيب) وَقد سَرقه من ابْن طَبَاطَبَا حَيْثُ يَقُول (وَقَالُوا لي اسْتَيْقَظَ فصبحك لايح ... فَقلت لَهُم طيب الْكرَى سَاعَة الْفجْر) وَلأبي الْعَبَّاس (أَنا ابْن ركن الدولة الْمُجْتَبى ... لَا تهمس الأقدار من خَوفه) (عدوه أهلك من مَاله ... وعزمه أنفذ من سَيْفه) وَله (لَئِن ملك الدُّنْيَا على الْجور قبلنَا ... مُلُوك فَمَا للْعَالمين لنا مثل) (وَإِن سقاة الشّرْب لَا عَن كَرَامَة ... إِذا دارت الصَّهْبَاء تشرب من قبل) وَله أَيْضا (سأصبر حَتَّى يجمع الله بَيْننَا ... وَلم أر حوتا فَارق المَاء يصبر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 وَله من قصيدة (تراهم تَحت جنح النَّقْع أسدا ... تهمهم فِي معاركها غضابا) (تَقول لَهُ العداة إِذا تراءت ... أَلا يَا ليتنا كُنَّا تُرَابا) وحَدثني أَبُو غَانِم مَعْرُوف بن مُحَمَّد القصري قَالَ اشتط بعض المنجمين على أبي الْعَبَّاس فِي مشاهرته وَقد أَرَادَ ارتباطه واستخلاصه لنَفسِهِ فَلَمَّا أشرف ولج وَاحْتج وأصر على أَنه لَا يقنع فِي الشَّهْر بِأَقَلّ من مائَة دِينَار نكت أَبُو الْعَبَّاس بِأَن قَالَ إِذا كَانَ الظَّن يُخطئ ويصيب والنجم يُخطئ ويصيب فاستعمال الظَّن أولى فَهُوَ أخف مُؤنَة من المنجم قَالَ وَلما بلغه أَن فَخر الدولة يتهمه بإضمار السؤلة قَالَ ليته يعلم أَن شجر الآس يرضى من الفاس رَأْسا براس 82 - القَاضِي أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الأسكي قد تضمن كتاب الْيَتِيمَة نبذا يَسِيرا من شعره وَهَذَا مَكَان مَا وَقع إِلَيّ من بعد كَقَوْلِه وَهُوَ غَايَة فِي الظّرْف وأنشدنيه أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن أَحْمد الدباوندي أيده الله تَعَالَى قَالَ أَنْشدني القَاضِي أَبُو بكر الأسكي لنَفسِهِ (دمع تكمن فِي الجفون فرعته ... حذر الوشاة فلاذ بالأشفار) (فَكَأَن أسياف الغواة تكده ... وَكَأَنَّهُ عُثْمَان يَوْم الدَّار) فتعجبت من مواردتي إِيَّاه بِقَوْلِي مُنْذُ عشْرين سنة (إِنِّي بليت بِسَيِّد كالدهر إِذْ ... ينحى بسطوته على الْأَحْرَار) (فرط الفظاظة والصلابة دأبه ... وَأَنا لَدَيْهِ بذلة وصغار) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 (فَكَأَنَّهُ عمر بن خطاب إِذا ... وكأنني عُثْمَان يَوْم الدَّار) وَلم أَشك فِي أَنه لم يسمع بِقَوْلِي كَمَا لم أسمع بقوله وحسبت قولي امثل وأرجح لجمعي بَين عمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَمَا أشبه الْحَال فِي هَذِه المواردة إِلَّا بمواردتي أَبَا الْفرج بن هِنْد وبقولي فِي صباي من نتفة (إنسانة فتانة ... بدر الدجى مِنْهَا خجل) (إِذا زنت عَيْني بهَا ... فبالدموع تَغْتَسِل) ثمَّ وَقعت إِلَيّ قصيدة لَهُ وفيهَا (يَقُولُونَ لي مَا بَال عَيْنك مذ رَأَتْ ... محَاسِن هَذَا الظبي أدمعها هطل) (فَقلت زنت عَيْني بطلعة وَجهه ... فَكَانَ لَهَا من صوب أدمعها غسل) وَكنت قلت فِي صباي أبياتا مِنْهَا (كم حِيلَة للوصل أعملتها ... وَكم خداع قد تمحلته) (اسر حسوا فِي ارتغاء إِذا ... نَاجَيْت من أَهْوى فقبلته) فأنشدني الْأُسْتَاذ أَبُو الْعلَا ابْن حسول أيده الله بعد مُدَّة طَوِيلَة لنَفسِهِ فِي هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه (جذبت كفي الغدائر مِنْهُ ... فشممنا مِنْهَا نسيم العرار) (الثم الصدغ والسوالف مِنْهُ ... احتجاجا بأننا فِي سرار) فتعجبت من اشْتِرَاك الخواطر والتوارد فِي البدايع عَاد شعر القَاضِي أَبُو بكر الأسكي أَنْشدني أَبُو الْفَتْح الدباوندي لَهُ فِي زَوَال الدولة وانقراض أَهلهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 (تخيل شدَّة الْأَيَّام لينًا ... وَكن بصروف دهرك مستهينا) (ألم تَرَ دُورهمْ تبْكي عَلَيْهِم ... وَكَانَت مألفا للعز حينا) (وقفنا معجبين بهَا إِلَى أَن ... وقفنا عِنْدهَا متعجبينا) وَله فِي فَتى مليح صلى إِلَى جنبه (صلى بجنبي قمر طالع ... وَقد تَوَجَّهت إِلَى القبله) (فَقَالَ شَيْطَان التصابي انحرف ... فَإِن هذي قبْلَة القبله) وَله فِي الْغَزل أَيْضا (لما لحاني العذال قلت لَهُم ... والدمع ينطم وَالصَّبْر مبثوث) (مروا دَعونِي كَذَا على أسفي ... بيني وَبَين الْهوى أَحَادِيث) وَله فِي الصاحب (كل بر ونوال وَصله ... وَاصل مِنْك إِلَى المعتزله) (يَا بن عباد ستلقى ندما ... لفراق الجيرة المرتحله) 83 - أَبُو عَليّ مسكويه الخازن فِي الذرْوَة الْعليا من الْفضل وَالْأَدب والبلاغة وَالشعر وَكَانَ فِي ريعان شبابه مُتَّصِلا بِأَن العميد مُخْتَصًّا بِهِ وَفِيه يَقُول هذَيْن الْبَيْتَيْنِ ووقعا فِي الْيَتِيمَة بِلَا ثَالِث (لَا يعجبنك حسن الْقصر تنزله ... فَضِيلَة الشَّمْس لَيست فِي منازلها) (لَو زيدت الشَّمْس فِي أبراجها مائَة ... مَا زَاد ذَلِك شَيْئا فِي فضائلها) ثمَّ تنقلت بِهِ أَحْوَال جليلة فِي خدمَة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة وَعظم شَأْنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 وارتفع مِقْدَاره وترفع عَن خدمَة الصاحب وَلم ير نَفسه دونه وَلم يخل من نَوَائِب الدَّهْر حَتَّى قَالَ مَا هُوَ متنازع بَينه وَبَين نفر من الْفُضَلَاء (من عذيري من حادثات الزَّمَان ... وجفاء الإخوان والخلان) (شَاب رَأْسِي وَقل مَالِي وصدت ... عني الْبيض والتحى غلماني) وَله من قصيدة فِي عميد الْملك تفنن فِيهَا وهناه بإتقان الْأَضْحَى والمهرجان فِي يَوْم وشكا سوء أثر الْهَرم وبلوغه أرذل الْعُمر (قل للعميد عميد الْملك وَالْأَدب ... اِسْعَدْ بعيديك عيد الْعَجم وَالْعرب) (هَذَا يُشِير بِشرب ابْن الْغَمَام ضحى ... وَذَا يُشِير عشيا بابنة الْعِنَب) وَمِنْهَا (خلايق خيرت فِي كل صَالِحَة ... فَلَو دَعَاهَا لغير الْخَيْر لم تجب) (هِيَ الَّتِي غمستني فِي مودته ... بالجسم وَالروح أفديهن لَا بِأبي) (أعدن شرخ شباب لست أذكرهُ ... بعدا وَردت عَليّ الْعُمر من كثب) (فطاب لي هرمي وَالْمَوْت يلحظني ... لحظ الْمُرِيب ولولاهن لم يطب) (فَإِن تمرس بِي خصم تعصب لي ... وَإِن أَسَاءَ إِلَيّ الدَّهْر أحسن بِي) وَمِنْهَا (أدْركْت بالقلم الخطي من قصب ... مَا لَيْسَ يدْرك بالخطى والقضب) (ونلت بالجد وَالْجد اللَّذين هما ... أمنيتا كل نفس كل مطلب) (فَلَو أدرت رحى الدُّنْيَا مفوضة ... إِلَيْك أقطارها دارت بِلَا قطب) وَمِنْهَا (وَقد بلغت إِلَى أقْصَى مدى عمري ... وكل غربي واستأنست بالنوب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 وَمِنْهَا (إِذا تملأت من غيظي على زمني ... وجدتني نافخا فِي جذوة اللهب) وَمِنْهَا (مَا الدَّهْر إِلَّا كَيَوْم وَاحِد غده ... كأمس يَوْمك والماضي كمرتقب) (فَإِن تمنيت عَيْش الدَّهْر أجمعه ... وَإِن تعاين مَا ولى من الحقب) (فَانْظُر إِلَى سير الْقَوْم الَّذين مضوا ... والحظ كتائبهم من بَاطِن الْكتب) (تَجِد تفاوتهم فِي الْفضل مُخْتَلفا ... وَإِن تقاربت الْأَحْوَال فِي النّسَب) (هَذَا كتاج على رَأس تعظمه ... وَذَاكَ كالشعر الجافي على الذَّنب) (وَالنَّاس فِي الْعين أشباه وَبينهمْ ... مَا بَين عَامر بَيت الله والخرب) (فِي الْعود مَا يقرن الْمسك الذكي بِهِ ... طيبا وَفِيه لقى ملقى مَعَ الْحَطب) (لَا تَطْلُبُوا المَال من حول وَمن جبل ... فَرُبمَا جَاءَ مَطْلُوب بِلَا طلب) (يَأْتِي الْفَتى رزقه الْمَقْسُوم عَن سَبَب ... باد يرَاهُ وَقد يَأْتِي بِلَا سَبَب) (واستخصموا الْفلك الدوار يلقكم ... بحجتي رغب إِن شَاءَ أَو رهب) (أرَاهُ يسكن عني وَهُوَ يرْكض بِي ... ركض الفوارس بالتقريب والخبب) (كالنار تَأْكُل مَا تحيى بِهِ لَهما ... وَلَيْسَ تفرق بَين النبع والغرب) (أَصبَحت أجرد والأحداث تجردني ... دأب الْجَرَاد إِذا استولى على العشب) (وصرت دينا على الدُّنْيَا لآخرتي ... رسل المنايا تقاضاها وتمطل بِي) (قاسيت أَحْوَال هَذَا الدَّهْر مرتكبا ... أهوالها وصريعا غير مرتكب) (وَمن تعود عض السَّيْف هامته ... هَانَتْ على إليتيه عضة القبب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 وَهِي طَوِيلَة وَكَأَنَّهُ جمع إحسانه فِيهَا وَكتب إِلَى أبي الْعلَا بن حسول قصيدة مِنْهَا (وَلَقَد نفضت بِهَذِهِ الدُّنْيَا ... يَدي وحسمت داءي) (مَاذَا يغرني الزَّمَان ... وَقد قضيت بِهِ قضاءي) (أَو بعد مَا استوفيت عمري ... وأطلعت على فناءي) (اصطاد بالدنيا وَينصب ... لي بهَا شرك الرَّجَاء) (هَيْهَات قد أفضيت من ... صبح الْحَيَاة إِلَى الْمسَاء) (وَبَلغت من سَفَرِي إِلَى ... أقصاه مَذْمُوم العناء) وَله من قصيدة فِي أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ كَأَنَّهَا قَول ابْن الرُّومِي (مَا كَانَ أغْنى أَبَا الْعَبَّاس عَن شَره ... إِلَى لُحُوم سِبَاع كن فِي الأجم) (يسترجع الْقُوت على أَمْضَاهُ سواهُ لنا ... لوما ويبذله للشاء وَالنعَم) (صبرت حولا على مَكْرُوه نقمته ... فليصبر الْآن لي حولا على النقم) (سَيعْلَمُ الوغد إِن لم تؤت فطنته ... من كَثْرَة الْهم أَو من قلَّة الْفَهم) (إِنِّي لألقاه مِمَّا استعد لَهُ ... بِكُل عجراء لَكِن لَيْسَ من سلم) (إِذا خبطت بهَا عرض امرء لججت ... فِي سَمعه يَده شوقا إِلَى الصمم) وَمِنْهَا (إِذا اضطجعت أَتَانِي الشّعْر يقْدَح لي ... من ناره وأتاني اللَّيْل بالفحم) (وصائغ الشّعْر لَا يرضى سبيكته ... حَتَّى يفرغها فِي قالب الحكم) (يصب فِي مسمعيه مَا أذيب لَهُ ... كالقطر أفرغه الْبَانِي على الرَّدْم) (إِذا تورم غيظا ضَاقَ مضرطه ... حَتَّى يوسعه الأطراق للندم) (إِنِّي وَإِن كنت لَا أرْضى الخنى لفمي ... وَلَا أحط لقَوْل فَاحش هممي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 (ليستريح إِلَيّ القَوْل أحوجه ... حر السُّكُوت إِلَى الترويح بالنسم) (إِن القوافي كفتني نظم أَنْفسهَا ... فهن ينظمن لي من كل مُنْتَظم) (تَدْنُو شواردها حَتَّى يغص لَهَا ... ذهني فانفضها مِنْهُ على قلمي) (خُذْهَا إِلَيْك أَبَا الْعَبَّاس جَامِعَة ... شنعاء توقد نَار الهجر فِي علم) (لقيتني بوقار الْعلم محتشما ... وهجتني فالق جهلي غير محتشم) وَمِنْهَا فِي هجاء الصاحب بعد مَوته بِزَمَان (لَا كَانَ اير ابْن عباد وغلمته ... مَا كَانَ أسرعه فِي كل مغتلم) (دمى جبين أبي الْعَبَّاس فَهُوَ يرى ... تقيير كل جبين وَاضح بِدَم) (أحفاه بالقلم الحافي وَعلمه ... خلاف مَا علم الرَّحْمَن بالقلم) (قد كَانَ أهوج رث الْعقل مُقْتَحِمًا ... على الدنيات وقافا لَدَى التهم) (وَمن يدر مثل عَيْني طيشه لمما ... لم يرض من فَخذ الْأَحْدَاث باللمم) (لأهدين لأفواه الروَاة لَهُ ... لَحْمًا تمضغه الأفواه عَن بشم) وَختم القصيدة بقوله للضبي (مازلت مذ كنت سِلَاحا على كمر النازي ... عَلَيْك وبوالا على الْقدَم) 84 - الْأُسْتَاذ أَبُو سعد مَنْصُور بن الْحُسَيْن الآبي هُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ الصاحب (قل لأبي سعد فَتى الآبي ... أَنْت لأنواع الخنى آب) (النَّاس من كانون أَخْلَاقهم ... وخلقك المعسول من آب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 وتقلد الوزارة بِالريِّ وَكَانَ يلقب بالوزير الْكَبِير ذِي الْمَعَالِي زين الكفاة وَهُوَ الْآن فِي ولَايَة فَضله وسروره وَهُنَاكَ من شرف النَّفس وكرم الطَّبْع وعلو الهمة وَعظم الحشمة مَا الْأَخْبَار بِهِ سائرة والدلائل عَلَيْهِ ظَاهِرَة ثمَّ هُوَ من أجمع أهل زَمَانه لمحاسن الْآدَاب وأغوصهم على خبايا الْعُلُوم وَله من المصنفات كتاب التَّارِيخ الَّذِي لم يسْبق إِلَى تصنيف مثله وَكتاب نثر الدّرّ وَله بلاغة بَالِغَة وَشعر بارع كَقَوْلِه على طَريقَة أهل الْحجاز (على التلعات الْبيض من أبرق اللوا ... تلألؤ برق مثل مَا ابتسمت سَعْدا) (واتلع إِن ناش الأراكة لم يدع ... لَهَا فننا سبطا وَلَا وَرقا جَعدًا) (إِذا وَردت مَاء العذيب ركائبي ... فقد أعشبت مرعى وَقد أعذبت وردا) (يرف عَلَيْهَا الأقحوان غدية ... وَقد عله طل كدمعي أَو أندى) (هُنَا لَك قوم كلما زرت حيهم ... لقِيت أَبَا سعد بِهِ الطَّائِر السعدا) (عقائله يفرشن بالورد طرقه ... لتوطئه أَن جِئْته الْفرس الوردا) وَكتب إِلَى أبي سعد الزنجاني وَقد اصْطَحَبَا فِي اسْتِقْبَال وَكَانَت مَعَ غُلَام أبي سعد سفرة فَردهَا بعكمها إِلَى الْمنزل وتركهم جياعا وَيُقَال إِن هَذِه الأبيات فِيمَا تشْتَمل عَلَيْهِ سفرة الزنجاني أحسن وأطرف من أَبْيَات كشاجم فِيمَا تضمنته جونته (بئس المصاحب فِي السّفر ... من لَيْسَ يسمح بِالسَّفرِ) (يَا سفرة رجعت على ... أعقابها تمشي الْخمر) (الوى بهَا ريب الزَّمَان ... وَمن يُطيق يدا الْقدر) (كم كَانَ فِيك من النواهض ... والدجاج وَمَا حضر) (من لحم جدي إِن نظرت ... إِلَيْهِ أمتعت الْبَصَر) (فَإِذا كشطت الْجلد عَنهُ ... كشفت عَن بيض الحبر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 (مَا بَين أرغفه السميذ ... كَمثل دارات الْقَمَر) (وقدير سكباج من الملحاء ... أَو زور الْبَقر) (قد زعفروه وَقَطعُوا ... فِيهِ مَعَ البصل الجزر) (كسبائك العقيان قد ... قرنت إِلَى اكر النقر) (يَا حبذا تِلْكَ القطاع ... وحبذا تِلْكَ الْقدر) (ومطاول اللفات فِيهَا ... مسبطرا ذَا عجر) (مثل الايور بِلَا فياش ... والزباب بِلَا كمر) قد داعبه بِهَذَا الْبَيْت لِأَنَّهُ كَانَ ينْسب إِلَى الِابْنَة (وَالْبيض مسلوقا على ... شكل الْيَتِيمَة فِي الدُّرَر) (فمشدخ فِيهِ كنسرين ... يغاديه الْمَطَر) (ومنصف كالنرجس الريان ... فِي وَقت السحر) (ومدحرج من قشر جوز ... الْهِنْد تحكيه الأكر) (فِيهِ من الْملح المطيب ... والأبازير الْأُخَر) (والجبن وَالزَّيْتُون ... والليمون وشيراز أغر) (ضحك الْعِيَال لعودها ... ومشيت أبْكِي فِي الْأَثر) وَله فِي غُلَام هندي (يَا عائبي بِالْهِنْدِ إِن ... فناهم أضحى بليه) (أحرقت نَفسِي فِي هَوَاهُ ... لِأَن ذَاك لَهُم سجيه) (كالصعدة السمراء غادر ... صعدتي مثل الحنيه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 (صنوا الألوة واللآلى ... والقنا والمشرفيه) (زين الْمجَالِس والمواكب ... والندامى والسريه) (فِي الْحَرْب لَيْث خادر ... وَالسّلم مخدرة حييه) (ملْء المفاضة بكرَة ... ملْء الحشية بالعشيه) (مَا إِن أَخَاف عَلَيْهِ نماما ... سوى وضح الثنيه) وَكتب إِلَى الْأُسْتَاذ أبي الْعلَا هَذِه القصيدة الْكِتَابِيَّة من فَيْرُوز كوه يصف الْبرد الشَّديد وَيذكر أصدقاه بِالريِّ ويجد مرّة ويهزل أُخْرَى ويفصح عَن كل ظرف مليح ومزح لطيف وتدل على اقتدار وَتوسع وتجري القصيدة مجْرى الْكتاب (يَا كاتبي ألق الدواة ... وقط حافية الْآبَاء) (ارهف يراعتك الَّتِي ... تزري مضاء بِالْقضَاءِ) (واجمع خواطرك الَّتِي اكْتسبت ... ذكاء من ذكاء) (وانقع عَلَيْك دواتك ... الحرى بنقس أَو بِمَاء) (وَتَنَاول الدرج الملطف ... وانتخبه ذَا صفاء) (واكتب لسيدنا صفي ... الحضرتين أبي الْعَلَاء) (من عَبده الآبي معطيه ... القياد بِلَا إباء) (أنعم صباحا أَيهَا الْأُسْتَاذ ... وأنعم بالمساء) (وتمل عزا دَائِما ... مرخى لَهُ طول الرخَاء) (وأبلغ نهايات المنى ... وتعد أرجاء الرَّجَاء) (إِنِّي كتبت وَقد لوت ... عضد السرُور يَد الثَّنَاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 (وأسالت العبرات من ... عَيْني دمائي بل ذمائي) (والبين يخْطر بَيْننَا ... وتجر أهداب الرِّدَاء) (متبخرا أَي أنني ... أَقْْضِي وأظلم فِي الْقَضَاء) (فَكتبت من فيروزكوه ... مقرّ عزي وارتقائي) (من مورد الْملك الأشم ... ومصدر النعم الرواء) (لثلاث عشرَة جزن من ... شعْبَان يَوْم الْأَرْبَعَاء) (عَن نعْمَة وسعادة ... ومزيد عز واعتلاء) (وسلامة لَو لم يكدرها ... تراخي الالتقاء) (وَالْحَمْد لله الَّذِي ... أولى الجزيل من الْعَطاء) (وعَلى النَّبِي وَآله الصَّلَوَات ... نامية الزكاء) (مَالِي كتبت وَمَا أجبْت ... تنكبا سنَن السوَاء) (أأنفت من رد الْجَواب ... وَمَا أنفت من ابتدائي) (إِنِّي انتميت إِلَى ولائك ... فارع لي حق الْوَلَاء) (ظهر اعتزازي باعتزاي ... وبدا نماي بانتمائي) وَمِنْهَا فِي وصف الْبرد (فِي مَوضِع خفتت بِهِ ... الْأَصْوَات بردا فِي النداء) (فالريق يجمد فِي اللها ... وَالصَّوْت يجمد فِي الْهَوَاء) (نَطَأ الزّجاج من الزّجاج ... إِذا مشينا فِي فضاء) (والجو يلمع فِي نواحيه ... ضريب كالهباء) (وكأنما صقلت بِهِ ... بيض السيوف أَو المراء) (جمدت لَهُ الصَّهْبَاء حَتَّى ... قد أتتك بِلَا إِنَاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 (فَإِذا أردْت خرطت فصك ... من رحيق أَو طلاء) (لَو عاين العذرى مثوى ... قد رضيت بِهِ بوائي) (أَو حلّه الهاه عَن حر ... الْهوى برد الْهَوَاء) وَمِنْهَا (فَالْآن قل لي كَيفَ أَنْت ... وَكَيف إخْوَان الصفاء) (من كل مشبوح الذِّرَاع ... مشيع غمر الرِّدَاء) (سَام تنوس ذؤابتاه ... على شطاط كاللواء) (واعدد فَتى زنجان فيهم ... فَهُوَ عين الأصدقاء) (فَهُوَ السَّلِيم على انتفادي ... وَالصَّحِيح على انتفائي) (عين الصّديق بِلَا امتراء ... والشفيق بِلَا مراء) (وعصابة أُخْرَى أحاشيهم ... من الدَّاء العياء) (ومعاذ رَبِّي أَن يزن ... فَقِيه قوم بالبغاء) (أَو أَن يُقَال لخازن السُّلْطَان ... لص ذُو ارتشاء) (بلغ جَمِيعهم السَّلَام ... وَقل لقاؤكم شفائي) (لَا تبلغني أَن كتبت ... سَلام أَوْلَاد الزناء) (وَإِلَيْك ألف تَحِيَّة ... من حَاجَتي لَا بل كيائي) (من جنتي يَوْم التلاقي ... جنتي يَوْم اللِّقَاء) (شمس الندى إِذا بدا ... أَسد الوغا رشأ الخباء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 (جدي وهزلي مِنْهُ مَا ... بَين الْغناء إِلَى الْغناء) (وأراك تشمت إِن عرفت ... دنوه للإلتحاء) (رفقا فقد زَاد العذار ... برغمكم ضعْفي بلائي) (والشاطر الْعيار بلغه ... سلامي فِي خَفَاء) (لَا يفطنن لذاك من ... تَدْرِي فيغري بالجفاء) (قمر كَأَن جَبينه ... فلق العمود من الضياء) (أفديه بالعمر الْعَزِيز ... إِن ارتضاني للْفِدَاء) (أبلغه مالكتي ونيك ... بالرسول من الشَّقَاء) (أبلغه أَنَّك نَائِب ... عني على جِهَة الإخاء) (قبله عني لَو يروي ... غلتي ويسك دائي) (رد من مراشفه الْعَذَاب ... مشارب العذب الرواء) (واحلل قراطقه بِرِفْق ... واسر أعطاف القباء) (وَإِذا هَمَمْت بِغَيْرِهِ ... لقِيت لاذعة الخصاء) (وسقيت كافورا وَسَائِر ... مَا يطفي من دَوَاء) (وجزيت عَن ولهي ووقدة ... لوعتي شَرّ الْجَزَاء) (أَدْعُو عَلَيْك وَمَا أَرَاك ... تخَاف عَادِية الدُّعَاء) (ولدعوة الْمَظْلُوم مُضْطَرب ... فسيح فِي السَّمَاء) وَله قصيدة فِي هجاء أهل الرّيّ قَالَهَا على لِسَان أبي الْقَاسِم ابْن حريش كهذه الَّتِي قد مرت فِي الطول والجودة والتناسب وأولها (تَبًّا لرجرجة من الْكتاب ... مَا علمُوا الْآدَاب فِي الْكتاب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 (مَا بَين مأبون يواري سوءة ... لِأَخِيهِ مقتديا بِفعل غراب) وَمِنْهَا (أَنا إِن شَعرت أنيك أم كشاجم ... وَإِذا كتبت أشق سرم الصابي) وَهِي أطول من أَن يَتَّسِع هَذَا الْكتاب للْجمع بَينهَا وَبَين الَّتِي تقدمتها وَأنْشد أَبُو الْفَتْح الدباوندي لَهُ (إِذا اللَّيْل أسبل أذياله ... وَضم أَبَا حسن وَالْحسن) (فَإِنِّي بَرِيء من الْمُصْطَفى ... لَئِن كنت أعلم من ناك من) 85 - الْأُسْتَاذ أَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن صفي الحضرتين أَصله من هَمدَان ومنشأوه الرّيّ وَأَبوهُ أَبُو الْقَاسِم من يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْكِتَابَة والبلاغة وَكَلَامه فِي غَايَة البراعة يصعب على التعاطي ويسهل على الفطنة وَقد علق بحفظي فصل من رِسَالَة لَهُ فِي علو السن وتناهي الْعُمر فكتبته وَهُوَ مَا الظَّن بِمن خلق عمره وانطوى عيشه وَبلغ سَاحل الْحَيَاة ووقف على ثنية الْوَدَاع وأشرف على دَار الْمقَام وَلم تبْق مِنْهُ إِلَّا أنفاس مَعْدُودَة وحركات محصورة وَمُدَّة فانية وعدة متناهية وَسمعت أَبَا الْعَلَاء يَقُول سَمِعت أبي يَقُول لما حَبَسَنِي الصاحب وَطَالَ لبثي فِي حَبسه وَكَاد الْيَأْس يستولي عَليّ أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي وَقَالَ لي الْخَيْر بَاقٍ وَالْإِحْسَان واق والمرء مَا قدم لَاق فَلم يدر الْأُسْبُوع حَتَّى فرج الله عني وَيسر خلاصي قَالَ مؤلف الْكتاب وَأَبُو الْعَلَاء الْيَوْم من أَفْرَاد الدَّهْر فِي النّظم والنثر وَطَالَ مَا تقلد ديوَان الرسائل وَتصرف فِي الْأَعْمَال الجلائل وَحين طلعت الرَّايَة المحمودية بِالريِّ أجل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 وبجل وَشرف وَصرف وانهض فِي صحبتهَا إِلَى الحضرة بغزنة حرسها الله رَغْبَة فِي اصطناعه وتكثرا بمكانه وَلما أَلْقَت الدولة المسعودية شُعَاع سعادتها على مقرّ الْملك ومركز الْعِزّ زيد فِي أكرام أبي الْعَلَاء والإنعام عَلَيْهِ وَأوجب الرَّأْي أَن يرد إِلَى الرّيّ على ديوَان الرسائل بهَا فَخلع عَلَيْهِ وسرح أحسن سراح ولقيته بنيسابور فاقتبست من نوره واغترفت من بحره وَهُوَ الْآن بِالريِّ فِي أجل حَال وأنعم بَال وَقد كتبت هَا هُنَا غررا من شعره الْكِتَابِيّ الْبعيد المرام المستمر النظام فَمِنْهَا قَوْله لأبي مَنْصُور الآبي من قصيدة (وَبِي إِلَى الدهخذا شوق يورقني ... وَإِن تغير عَمَّا كنت أعهده) (فِيهِ سجايا من المعشوق أعرفهَا ... تجنى على عاشقيه ثمَّ يجرد هُوَ) وَفِي أَخّرهَا (خُذْهَا إِلَيْك بِلَا لفظ تكدره ... على الروَاة وَلَا معنى تجعده) (كَالْمَاءِ تسكبه والمسك تفتقه ... والوشي تنشره والتبر تنقده) وأنشدني لَهُ أَبُو الْفَتْح الدباوندي فِي الْغَزل (أَتَانِي ممسيا من غير وعد ... كَذَاك الْبَدْر موعده الْأَصِيل) (كحيل الطّرف ذُو خطّ خَفِي ... كَأَن عذاره أَيْضا كحيل) وَله فِي الِاعْتِذَار من الْإِخْلَال بِالْخدمَةِ لعَارض رمد من قصيدة (قد صدني رمد ألم بناظري ... عَن قصد خدمَة بَابه ولقائه) (أَو يَسْتَطِيع الرمد أَن يستقبلوا ... لمعان نور الشَّمْس فِي لألائه) وَله فِي الهجاء (يَا بن بدر إِن أغفلتك ... اللَّيَالِي فللوم ودقة وهوان) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 (إِنَّمَا استقدرتك مسا فحتى ... جزت لؤما على صروف اللَّيَالِي) وَله فِي أَمْرَد علوي وَلم يسْبق إِلَيْهِ (وأزهر من بني الزهراء يرنو ... إِلَيّ كَمَا رنا الظبي الكحيل) (نهاني الدّين وَالْإِسْلَام عَنهُ ... فَلَيْسَ إِلَى مقبله سَبِيل) (إِذا أرْسلت ألحاظي إِلَيْهِ ... نهاني الله عَنهُ وَالرَّسُول) وَله فِي الْحِكْمَة (قد فليت الْبِلَاد غورا ونجدا ... وقلبت الْأُمُور ظهرا لبطن) (فَرَأَيْت الْمَعْرُوف خير سلَاح ... وَرَأَيْت الْإِحْسَان خير مجن) وَله فِي رَئِيس مَعْزُول قعد فَوْقه فِي مجْلِس الْوَزير (تقعد فَوقِي لأي معنى ... للفضل للهمة النفيسه) (إِن غلط الدَّهْر فِيك يَوْمًا ... فَلَيْسَ فِي الشَّرْط أَن تقيسه) (كنت لنا مَسْجِدا وَلَكِن ... قد صرت من بعده كنيسه) (كم فَارس أفضت اللَّيَالِي ... بِهِ إِلَى أَن غَدا فريسه) (فَلَا تفاخر بِمَا تقضي ... كَانَ الخرا مرّة هريسه) وَله وَقد دخل إِلَى رَئِيس فَلم يقم لَهُ (دخلت على الشَّيْخ مستأنسا ... بِهِ وَهُوَ فِي دسته الأرفع) (وَقد دخل النَّاس مثل الْجَرَاد ... فَمن ساجدين وَمن ركع) (فهش وَلَكِن لمردانه ... وَقَامَ وَلَكِن على أَربع) (وَأرْسل فِي كمه مخطة ... بَدَت لي على صُورَة الضفدع) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 (فَهُوَ عني مَا تأملته ... وزعزع روحي من أضلعي) (وَأعْرض إِعْرَاض مستنكر ... تصدر مثلي ومستبدع) (فَأَقْبَلت أضرط من خيفة ... وافسو على السَّيِّد الأروع) (وَقمت فجددت فرض الْوضُوء ... وَكنت قعدت وطهري معي) (ورام الخضوع الَّذِي رامه ... أبي من أَبِيه فَلم أخضع) (وَكَيف أقبل كف امْرِئ ... إِذا صنع الْخَيْر لم يصنع) (فيقبضها عِنْد بذل اللهى ... ويبسطها فِي الجدا الرضع) (وَأَنِّي وَإِن كنت مِمَّن يهون ... عَلَيْهِ تكبر مستوضع) (ليعجبني نتف شيب السبال ... وصفع قمحدوة الأصلع) (خراها وَلَو أَنه ابْن الْفُرَات ... وحرها وَلَو أَنه الْأَصْمَعِي) وَله من قصيدة مداعبة إِلَى أبي سعد الزنجاني فِي نِهَايَة الفصاحة والملاحة (يَا أَبَا سعد الموَالِي المعادي ... والمصافي لخله والمصاد) (وَالَّذِي لَا يكَاد يفسق إِلَّا ... بالرتوت الأجلة القواد) (وَالَّذِي قد أَقَامَ مَا بَين فَخذيهِ ... عمودا يزري بِذَات الْعِمَاد) (فَهُوَ شَرّ على الأعادي شمر ... وبلاء بَال على الأجناد) (وَالَّذِي تعمش الندامى من الصفع ... ويسقي الأضياف من غير زَاد) (وَالَّذِي يُرْسل الرِّيَاح على الْكتاب ... حَتَّى كَأَنَّهُمْ قوم عَاد) (فَيُصِيب العنافق الشيب من قوم ... كبار وسَادَة أمجاد) (لَا يحاشي من عَارض الْعَارِض الشَّيْخ ... وَلَا يستحي من الأنداد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 (بل يعم اللحى فَلَيْسَ يُبَالِي ... ببياض وشمطة وَسَوَاد) (وَالَّذِي قد يرى التطفل دينا ... فَهُوَ دين الْآبَاء والأجداد) (لَا ترَاهُ فِي دَاره قطّ يَوْمًا ... فِي النواريز لَا وَلَا الأعياد) (فَهُوَ وقف على الطَّرِيق مَتى يسمع ... وطئ الدَّاعِي وَصَوت الْمُنَادِي) وَمِنْهَا (أَنْت فرعوننا وَذُو وتد فَرد ... وَفرْعَوْن كَانَ ذَا أوتاد) (أَنْت نَار فِي مرتقى نفس الْحَاسِد ... مَاء جَار لأهل الوداد) (قد كذبنَا فالضد أَنْت أَبَا سعد ... فَخذ مَا يُقَال فِي الأضداد) (أَنْت مَاء لكنه فِي سَواد الْعين ... نَار لَكِنَّهَا فِي الْفُؤَاد) (وَإِذا مَا أردْت أَن يسكن الْخطب ... وتنجو من حَيَّة بالواد) (وَيعود العتاب عِنْدِي عتبى ... وتعاد السيوف فِي الأغماد) (فاستزرني أَو زرني الْيَوْم أَو كن ... للتلاقي غَدا على ميعاد) وَله من قصيدة عيدية (تبلج الْأُفق الغربي وابتسما ... وَأظْهر الْفلك السِّرّ الَّذِي كتما) (ولاح ذُو هيف حُلْو شمائله ... منحف نجم اللَّذَّات إِذْ نجما) (مرت ثَلَاثُونَ يَوْمًا كلهَا حقب ... ألْقى بِهن الصدى والبارد الشبما) (ألْقى المعازف والقيان سدا ... والكاس مهجورة والرطل مهتضما) وَله من قصيدة تهنية بمولود (افتر ربعك عَن هَلَاك باد ... فأضاء مطلعه وفاح الناد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 (وافاك ترب على وخدن مَكَارِم ... وسرور أحباب وغيظ أعادي) (متقيلا لَك مذهبا فِي الْفضل والأفضال ... والإسعاف والإسعاد) (قد أفصحت أخلاقه عَن همة ... بَعدت على قرب من الميلاد) (فَبَقيت منصورا بِهِ مستسعدا ... بمكانه نَارا على الحساد) (حَتَّى تبدل مهده بمسوم ... طرف وطوق سخبه بنجاد) (فيشيد لَاحق فَضله بسوابق ... قدمت وطارف مجده بتلاد) وَله فِي المداعبة باقتضاء رسم (يَا من لَهُ فِي الْجُود تبريز ... وقيت بِي أَيْن الشواريز) (صنفان ذَا يعجمه بقله ... وينقط الآخر شونيز) (وَالسمن لم يشرط وَلَكِن لكَي ... يكون بالثالث تعزيز) من قَوْله تَعَالَى فعززنا بثالث (فَأَنت عِنْد الْمحل مزن لنا ... يهمي وَعند النَّقْد إبريز) (ومطلب الْمَأْكُول مستظرف ... وَهُوَ إِلَى الكدنة دهليز) وَله من نتفة إِلَى وزيرين أَخَوَيْنِ داعب فِيهَا بِذكر رجل يعرف بالسويسي وَوَصفه بالبخر (تفديكما نَفسِي الَّتِي ... بكما وعندكما تسر) (هَذَا السويسي الَّذِي ... فِي وَجهه من فِيهِ دبر) (يقرا السَّلَام عَلَيْكُمَا ... بِفَم بِهِ التَّسْبِيح كفر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 وَله من قصيدة ذكر فِيهَا همذان (يَا أَيهَا الْملك الَّذِي وصل العلى ... بالجود والإنعام وَالْإِحْسَان) (قد خفت فِي سفر أطل عَليّ فِي ... كانون فِي رَمَضَان من همذان) (بلد إِلَيْهِ أنتمي بمناسبي ... لكنه قذر من الْبلدَانِ) (صبيانه فِي الْقبْح مثل شُيُوخه ... وشيوخه فِي الْعقل كالصبيان) 86 - الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَرِيش الْأَصْبَهَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى بَقِيَّة الشُّعَرَاء المفلقين وأفراد الدَّهْر المبرزين وأقمار الأَرْض الجامعين بَين بلاغة النثر وبراعة النّظم وَهُوَ أصبهاني المولد رازي الموطن غزنوي النِّعْمَة نيسابوري التربة وَلم يزل بِالريِّ فِي ظلّ الْكِفَايَة يطير وَيَقَع ويفيد ويخفق إِلَى أَن طلعت الدولة المحمودية فانضاف إِلَيْهَا وَصرف إِلَى خدمتها وارتبط فِي جُمْلَتهَا وتوفر حَظه من نعمتها ورسم لَهُ الِانْتِقَال فِي صُحْبَة الرَّايَة الْعَالِيَة إِلَى خُرَاسَان وَمِنْهَا إِلَى الحضرة بغزنة حرسها الله فَفعل وَلم يزل مُقيما بهَا عَزِيزًا مكرما ولجلائل الْأَعْمَال مرشحا إِلَى أَن طلعت الرَّايَة المسعودية بِهِ أدام الله رفعتها فزيد فِي إجلاله إِلَى أَن كرّ الركاب العالي إِلَى نيسابور وَهُوَ مشرف بخدمته مُرْتَبِط فِي جملَته موفر الْحَظ من نعمه ومواهبه فجمعتني بهَا وإياه مُنَاسبَة الْأَدَب وفتقنا نوافج المذاكرة وتجاذبنا أهداب المحاضرة والمناشدة ولذ لنا الْعَيْش وطاب الْوَقْت بالمعاشرة فأنشدني يَوْمًا لنَفسِهِ قصيدة مِنْهَا هَذَا الْبَيْت (وليل خداري الْجنَاح مخدر الصَّباح ... حرون النَّجْم طاولته فكرا) فاستعدته إِيَّاه فَأَعَادَ فَقلت لَهُ أَو علمت أَنه مرصع وَفِيه تجنيس وتسجيع واستعارة وطباق فاستفسرني فَقلت أما التَّجْنِيس فقولك خداري الْجنَاح ومخدر وَأما التسجيع فقولك خداري الْجنَاح مخدر الصَّباح وَأما الِاسْتِعَارَة فقولك حرون الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 النَّجْم وَأما الطباق فجمعك بَين اللَّيْل والصباح فَقَالَ وَالله قد نبهتني على مَا غفلت عَنهُ وَقَامَ إِلَيّ فَقبل رَأْسِي وَقَالَ لي كل حسن ووصفني بِكُل جميل وَقبل رَأْسِي مرّة أُخْرَى وَذَلِكَ إِنِّي أنشدته مرثيتي للْملك الْمَاضِي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه (عجبا من تماسك الأفلاك ... ومساغ الزلَال فِي الأحناك) (وثبات الْجبَال بعد زَوَال الطود ... ذِي الطول مَالك الْأَمْلَاك) (فلسان الزَّمَان شَاك وطرف الدَّهْر ... باك والرزء فِي الْملك ناك) وأنشدته قولي مرّة فِي السُّلْطَان الْأَعْظَم أدام الله ملكه (نثرت عَلَيْك سعودها الأفلاك ... وعنت لغرة وَجهك الْأَمْلَاك) (زوجت بالدنيا لِأَنَّك كفؤها ... فاسعد بهَا وليهنك الْأَمْلَاك) (فالأرض دَارك والورى لَك اعبد ... والبدر نعلك والسماك شِرَاك) فَأَرَادَ أَن يفعل فعلته الأولى وَالثَّانيَِة حَتَّى ناشدته الله وحياة السُّلْطَان فاعفاني وَجَرت بَيْننَا فَوَائِد وقلائد يطول الْكتاب بذكرها وَلم تطل أيامنا حَتَّى أَصَابَته عين الْكَمَال فلحق باللطيف الْخَبِير فِي جمادي الأولى سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة فَمن عزّر شعره وَعقد سحره قَوْله وَكنت سمعته قَدِيما (سَأَلت زماني وَهُوَ بِالْجَهْلِ عَالم ... وللسخف مهتز وبالنقص مُخْتَصّ) (فَقلت لَهُ هَل من طَرِيق إِلَى الْغِنَا ... فَقَالَ طَرِيقَانِ الوقاحة وَالنَّقْص) وَقَوله (يَا أَيهَا الرجل الَّذِي جربته ... فَرَأَيْت شخص النَّقْص كَيفَ يكون) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 (وَالله مَا يخْتَار مثلك عَاقل ... لَكِن عَلَامَات الزَّوَال فنون) وَمن الْغرَر الَّتِي أنشدنيها لنَفسِهِ قَوْله (يكلفني أغضاء عَيْني على القذى ... زمَان غبي جَائِر الحكم جائره) (وَأعظم مَا بِي أنني غير وَاجِد ... نظيرا أباريه وقرنا أبارزه) وَقَوله (يَا طَالب الصدْق من ذَات الوشاح لعا ... من عَثْرَة الظَّن أَو من خيبة الطّلب) (هَيْهَات أَن تَجِد الْحَسْنَاء ناطقة ... بِالصّدقِ مَا وجدت بَابا إِلَى الْكَذِب) وَقَوله (الْمسك من عرفه والراح من فَمه ... والورد من خَدّه والرمل فِي أزره) (تعجبت بابل من سحر مقلته ... وَالروم من وَجهه والزنج من شعره) وَقَوله من قصيدة (نَظرنَا فَمن قلب تضرم وقده ... أنينا وَمن جفن تسلسل ودقه) (أنادي غزالا مصرع الْأسد دابه ... بِهِ وهلالا مصنع الوشي أفقه) (فللشمس مرآه وللجو لطفه ... وللمسك رياه وللراح خلقه) وَقَوله وَقد استشعر خوفًا (يضيق صَدْرِي فيسليني اعتلاق يَدي ... حبلا من الله مشتدا مرائره) (إِذا تبينت من ألطافه أثرا ... على طَلِيعَة أَمْرِي هان سائره) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 وَقَوله فِي أبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ من قصيدة طَوِيلَة كلهَا غرر (بنفسي وَأَهلي شعب وَاد تحله ... ودهر مضى لم يجد إِلَّا أَقَله) (وعطفة صدغ يَهْتَدِي فَوق خَدّه ... ويضربه روح الصِّبَا فيضله) (وَطيب عناقي مِنْهُ بَدْرًا أضمه ... إِلَيّ وأهوى لثمه فاجله) (وقفنا مَعًا واللوم يصفق رعده ... وَمنا سَحَاب الدمع يسجم وبله) (ترق على ديباجتيه دُمُوعه ... كَمَا غازل الْورْد المضرج طله) (وينأى رَقِيب عَن مقَام وداعنا ... وتبلغه أنفاسنا فتذله) (يقلقلني عتب الحبيب وعذره ... ويقلقني جد الرَّقِيب وهزله) (وَكَيف أقي قلبِي مواقع رميه ... وَلست أرى من أَيْن ينثال نبله) (يولي وبالأحداق تفرش أرضه ... ويفدي وبالأفواه ترشف رجله) (فَلَو طَاف فِي دارين مَا طَابَ مسكه ... وَلَو ماج فِي بئرين مَا ماج رمله) وَمِنْهَا (فيا من يكد النَّفس فِي طلب العلى ... إِذا كَبرت نفس الْفَتى طَال شغله) أَخذه من قَول أبي الطّيب المتنبي (وَإِذا كَانَت النُّفُوس كبارًا ... تعبت فِي مرادها الْأَجْسَام) وَمِنْهَا (فَإِن مَا ثلوه صُورَة وتخيلا ... فاغمارنا بِالْمَاءِ والآل شكله) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 وَمِنْهَا (وَلَيْسَ الْفَتى يُرْجَى إِذا أَبيض رَأسه ... وَلكنه يُرْجَى إِذا أَبيض فعله) وَمِنْهَا (إِلَيْك زففت الشّعْر يقرب فهمه ... وينأى على طبع المساجل سهله) (يرق فَلَا أذن الفصيح تمجه ... كريها وَلَا نفس البليد تمله) (إِذا شِئْتُم جزلي تلاطم موجه ... وَإِن شِئْتُم عذبي ترقرق طله) (وللهم سيف فِي فُؤَادِي مغمد ... يكَاد على رَأْسِي وعنقي يَسلهُ) (وَيَا لَيْتَني إِذْ لم أنل بفضيلتي ... على كنت منقوصا يسليه جَهله) وَمِنْهَا (وَغير قَلِيل مَا بلغت بعزكم ... ولكنني فِي جودكم استقله) وَقَوله (فيا لَيْتَني إِذْ ضيعت لم أك مخلصا ... وليتك إِذْ ضعت لم تَكُ ناقدا) وَقَوله من قصيدة (لكل إِلَى شأو العلى حركات ... وَلَكِن عَزِيز فِي الرِّجَال ثبات) (وَمَا بِي عَن شأو من الْمجد نبوة ... وَلَا عِنْد خطب يدلهم أنات) (وَلَكِن إِذا مَا الطّرف ضَاقَ مجاله ... بِهِ فخطاه كلهَا عثرات) وَمِنْهَا (تصرم شهر الصَّوْم عَنْك مزودا ... من الْخَيْر مَا تزكو بِهِ البركات) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 وَمِنْهَا (ولاح هِلَال الْفطر نضوا كَأَنَّهُ ... على جرمه من صومنا وطآت) (فَقل لرواة المعبدية مرْحَبًا ... وَقل لسقاة البابلية هاتوا) وَقَوله من مهرجانية (لَك الْيَوْم من عِنْد كسْرَى مقَام ... على مضحك الدَّهْر مِنْهُ ابتسام) (بسطت يَديك فَقُلْنَا الْفُرَات ... جرى وَثَبت فَقُلْنَا شمام) (يقر بِرَأْيِك ركن العلى ... ويحيا بِفضل نداك الْأَنَام) (فجودك أدنى مُرَاد يُرَاد ... وعزك أبعد شأو يرام) (إِذا دهت النَّاس سود الخطوب ... تبلجت فانجاب عَنْهَا الظلام) (فَفِي حب مثلك يزكو الْوَلَاء ... وَفِي وصف فضلك يحلو الْكَلَام) (فَإِن صلت ذلت لديك الكماة ... وَإِن جدت قصر عَنْك الْكِرَام) (تهنا بمورد ذَا المهرجان ... سعودا حواليك مِنْهَا زحام) (وعش والسعادات تترى إِلَيْك ... إِذا مر عَام بهَا كرّ عَام) (فلولا بقاؤك ملئته ... لقلنا على الأكرمين السَّلَام) (إِذا كنت تمنع من أَن أَسِير ... وَلم تكف أَمْرِي فَكيف الْمقَام) (أرى نعما لَك عِنْدِي قد من ... ولمتك إِن كنت مِمَّن يلام) (يقلن اصطنعت فَلم لم ترب الندى ... وابتدأت فَأَيْنَ التَّمام) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 وَقَوله من أُخْرَى (غَدَتْ للعلى مِنْهُ سيوب وللطلى ... سيوف وللحرب الْعوَان سيول) (كفاني من الْأَيَّام أَنَّك سَالم ... وَأَن لم تجبني من جنابك سَوَّلَ) وَقَوله من سلطانية وَهِي آخر شعره (لقد أقبل النيروز جذلان فاسعد ... وَإِن كنت مسعودا كَمَا أَنْت فازدد) (وزف كؤوس الراح خمرًا تسليا ... عَن الدَّم فِي حد الحسام المهند) (فهذي الصِّبَا غناجة دون نومَة ... مرنقة فِي مقلة النرجس الندي) (تقبل ثغر الأقحوان وتنتهي ... إِلَى لطم خد الوردة المتورد) وَمِنْهَا (غَدا الْملك يَرْجُو آل مَحْمُود الرضى ... كَمَا يترجى الدّين آل مُحَمَّد) (أناصر دين الله حَافظ خلقه ... ظهير أَمِير الْمُؤمنِينَ إسع واسعد) (خُذ السَّيْف واملك لَا تدع متغلبا ... على الأَرْض إِلَّا فِي وثاق مُقَيّد) (فَلَيْسَ صَلَاح الْأَمر إِلَّا بِوَاحِد ... فَإِن ينْتَصب لِلْأَمْرِ اثْنَان يفْسد) (واعظم غبن أَن يرى الْملك مغضيا ... على شَرّ أَرض من بلادك مُفْرد) 87 - أَبُو الْقَاسِم غَانِم بن مُحَمَّد بن أبي الْعَلَاء الْأَصْبَهَانِيّ تضمن كتاب الْيَتِيمَة قَلِيلا من شعره وَقد كررت ذكره فِي التَّتِمَّة لما سبق من الْعذر فِيهِ وكتبت غررا من شعره مقفية على أثر شعر بلدية ابْن حريش وَأَخْبرنِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح مَسْعُود بن مُحَمَّد بن اللَّيْث أيده الله أَنه حَيّ يرْزق وأنشدني أَبُو بكر المرجى لَهُ (اشرب أَبَا قَاسم على الْوَادي ... وانبذ إِلَى الْأنس حَبل مقتاد) (لَا تخل من قهوة وَمن رشاء ... وزامر مطرب وعواد) (وثق بكافي الكفاة وارج ندى ... يَدَيْهِ من رائح وَمن غاد) (وَالله مَا فِي الْأَنَام محتشم ... سوى أبي الْقَاسِم بن عباد) وأنشدني لَهُ فِي غُلَام بِيَدِهِ باشق (واهيف كَالْقَمَرِ المجتلى ... يهيم بِهِ العاشق الْمُبْتَلى) (بدا وعَلى يَده باشق ... إِذا طلبا قنصا حصلا) (فَذَاك يصيد قُلُوب الرِّجَال ... وَهَذَا يصيد طيور الفلا) وَقد سَرقه من أبي الْفَتْح كشاجم حَيْثُ قَالَ (مر بِنَا فِي كَفه باشق ... فِيهِ وَفِي الباشق شَيْء عَجِيب) (هَذَا يصيد الطير من حالق ... وَذَا بِعَيْنيهِ يصيد الْقُلُوب) قَالَ وَكَانَ يُسَايِر الصاحب يَوْمًا فرسم لَهُ وصف فرس كَانَ تَحْتَهُ فَقَالَ مرتجلا (طرف تحاول شأوه ريح الصِّبَا ... سفها فتعجز أَن تشق غباره) (بارى بشمس قَمِيصه شمس الضُّحَى ... صبغا ورض حِجَارَة بحجاره) وَمن مراثيه فِي الصاحب قَوْله (مضى نجل عباد المرتجى ... فَمَاتَ جَمِيع بني آدم) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 (أوازي بقبرك أهل الزَّمَان ... فيرجح قبرك بالعالم) وَله من قصيدة (هِيَ نفس فرقتها زفراتي ... وَدِمَاء أرقتها عبراتي) (لشباب عذب المشارع مَاض ... ومشيب جَدب المراتع آتٍ) (زمن أذرت الجفون عَلَيْهِ ... من شؤوني مَا كَانَ ذوب حَياتِي) (تتلاقى من ذكره فِي ضلوعي ... ودموعي مصايف ومشاتي) (جاد تِلْكَ العهود كل أجش الودق ... ثر الأخلاف جون السرات) (بل ندى الصاحب الْجَلِيل أبي الْقَاسِم ... نجل الْأَمِير كَافِي الكفاة) (تتبارى كلتا يَدَيْهِ عطايا ... ومنايا حتما لعاف وعات) (ضَامِنا سيبه لغنم مفَاد ... موذنا سَيْفه بِروح مفات) (وارتياح يُرِيك فِي كل عطف ... ألف ألف كطلحة الطلحات) (وَيَد لَا تزَال تَحت شكور ... لاثم ظهرهَا وَفَوق دَوَاة) أَرَادَ أَن يَقُول مثل قَول أبي الْفَيَّاض الطَّبَرِيّ فَلم يشق غباره (يَد ترَاهَا أبدا ... تَحت يَد وَتَحْت فَم) (مَا خلقت بنانها ... إِلَّا لسيف وقلم) 88 - أَبُو الْفضل يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجلودي الرَّازِيّ بَحر الْعلم وروضة الْأَدَب ولطيمة الشّعْر وظرف الظّرْف وَقد حَدثنِي أَبُو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 الْحسن عبد الرَّحْمَن بن أبي عبيد الشِّيرَازِيّ أيده الله تَعَالَى بفضله وبراعته وإمامته إِذْ اقتبس فِي الْيَسِير من مُدَّة إِقَامَته عَلَيْهِ بِالريِّ كثيرا من نور فَوَائده وأنشدني غررا ودررا نظمها من عُقُود قلائده كعادته فِي اقتناء جَوَاهِر المحاسن واصطياد شوارد اللطائف على حَدَاثَة سنه وغضاضة عوده وللدهر مواعد فِيهِ ستنجزها مساعيه فمما أَنْشدني لهَذَا الشَّيْخ أبي الْفضل أيده الله قَوْله فِي سُقُوط السن عِنْد الشيخوخة (ثناياي أخنى عَلَيْهِ الزَّمَان ... والدهر مَا زَالَ مذ كَانَ يخنى) (وَينْقص سنا وسنا يزِيد ... والدهر يغرب فِي كل فن) (أَرَانِي الزَّمَان نقيضين لى ... زِيَادَة سنّ ونقصان سنّ) وَقَوله من قصيدة صاحبية (رياض كَأَن الصاحب القرم جادها ... بأنوائه أَو صاغها من طباعه) (يجلي غيابات الخطوب بِرَأْيهِ ... كَمَا صدع الصُّبْح الدجى بشعاعه) وَمِنْهَا (سَحَاب كيمناه وليل كباسه ... وبرق كماضيه وخرق كباعه) وَقَوله فِي مُعَارضَة قَول الشَّاعِر (لكل شَيْء عدمته خلف ... وَمَا لفقد الحبيب من خلف) (منعم معجب بليت بِهِ ... صب بتعذيب مهجتي كلف) (لَا يرعوي عَن صدوده صلفا ... فديته من مدلل صلف) (إِذا أردْت السلو منصرفا ... فَإِن ألحاظه تَقول قف) (لَا تعجبوا من تذللي أبدا ... فذلتي من هَوَاهُ من شرفي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 وَقَوله فِي نقل مثل بِالْفَارِسِيَّةِ إِلَى الْعَرَبيَّة (يَا عجبا من جدي الهابط ... وَمَا مضى فِي زمن فارط) (ظَنَنْت أَنِّي رَاكب مرّة ... عيرًا فَأَصْبَحت على حَائِط) وَمِمَّا أَنْشدني غَيره قَوْله من قصيدة إِلَى الْأُسْتَاذ أبي الْعَلَاء بن حسول أيده الله تَعَالَى (مَا مَاء مزنكم الْغَمَام مجلجل ... تزجيه أنفاس الرِّيَاح لبسطه) (أشفى لحامي غلَّة من رقْعَة ... من عِنْد سيدنَا تكون بِخَطِّهِ) وَقَوله من أُخْرَى فِيهِ وَقد كَانَ لزم منزله لحَال أوجبت ذَلِك (صفي الحضرتين أَبَا الْعَلَاء ... يدال الْمَرْء فِي ضمن الْبلَاء) (وَلَيْث الغاب يلبد لامتياح ... وَغرب السَّيْف يغمد لانتضاء) (لساموك الخفاء وَكَيف تخفى ... وَأَنت الشَّمْس فِي رأد الضحاء) (أبي الإصباح أَن يخفى سناه ... ضباب أَو يغشى فِي عَطاء) (وَمن يثني الجدالة عَن ركون ... ويختزل الغزالة عَن ضِيَاء) (وحد الزاعبية عَن نَفاذ ... وَغرب المشرفية عَن مضاء) (وَمن سلب السماك علو سمك ... وَمن حجر الذكاء على ذكاء) (وَإِن السَّيْل مستن طَرِيقا ... إِذا امْتَلَأت بِهِ شعب الاضاء) (وَكَيف تسوم دنياك اسْتِوَاء ... وَهَذَا الدَّهْر اعصل ذُو التواء) (فَلَا ترع العذول السّمع واعتض ... ثَنَاء المعتفين عَن الشِّرَاء) (وعش مَا مَال بالورقاء غُصْن ... وَمَا كرّ الصَّباح على الْمسَاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 وَقَوله فِي فَتى حلق صُدْغه (أَبَا نعيم أيا فَرد الْجمال وَمن ... لَهُ من الْحسن مَعْنَاهُ وَجُمْلَته) (لَا تجزعن لصدغ قد فجعت بِهِ ... فَإِن عارضك الأحوى خَلِيفَته) (إِن كَانَ صدغك معزولا فَلَا أَسف ... هَذَا عذارك قد جَاءَت ولَايَته) وَقَوله فِي أبي الْفَتْح الضراب لما استوزر (أيا للنَّاس من رجل سمين ... نسيناه فثار من الكمين) (تلقب بالأمين بِلَا احتشام ... وَلم نسْمع بخوان أَمِين) وَقَوله زعم (مَا أَن نظرت إِلَى محَاسِن وَجهه ... وفتور مقلته وَحسن قوامه) (إِلَّا وددت بِأَن تقد نواظري ... بيد الْهوى شسعا لنعل غُلَامه) وَقَوله وَأَنا أَشك فِيهِ (لَا يصحبن مُلُوكنَا إِلَّا امْرُؤ ... لص مغن مُفلس قواد) (فَلهُ لديهم زلفة ومنالة ... وَلمن تحرج واستعف كساد) (مَا ذَاك إِلَّا أَنهم أشكالهم ... والقرد يعرف قدره القراد) وَله من قصيدة (جمعت نفاذا فِي الْعُلُوم وَفِي الوغى ... وَمثلك فِي الهيجاء وَالْعلم فَارس) 89 - أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن حمد بن فورجة البدوجردي لم أسمع ذكره وشعره إِلَّا من الْفَقِيه أبي الْحسن بن أبي عبيد أَيْضا إِذْ ذكر أَنه من أهل أَصْبَهَان المقيمين بِالريِّ الْمُتَقَدِّمين بِالْفَضْلِ المبرزين فِي النّظم والنثر وَعرض عَليّ جُزْءا بِخَطِّهِ من شعره كالروض الممطور والوشي المنشور وأنشدني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من قصيدة (ألم تطرب لهَذَا الْيَوْم صَاح ... إِلَى نغم وأوتار فصاح) (كَأَن الأيك يوسعنا نثارا ... من الْوَرق المكسر والصحاح) (تميد كَأَنَّهَا علت براح ... وَمَا شربت سوى المَاء القراح) (كَأَن غصونها شرب نشاوي ... يصفق كلهَا رَاحا براح) وأنشدني لَهُ فِي فستق مملح (فَلَو ترى نقلي وَمَا أبدعت ... فِيهِ بِمَاء الْملح كف الصنع) (قلت حمامات على منهل ... شحت مناقير تسيغ الجرع) وَله فِيهِ مملح (أعجب إِلَيّ بفستق أعددته ... عونا على العادية الخرطوم) (مثل الزبرجد فِي حَرِير أَخْضَر ... فِي حق عاج فِي غشاء أَدِيم) وَله فِي الْغَزل (أَيهَا القاتلي بِعَيْنيهِ رفقا ... إِنَّمَا يسْتَحق ذَا من قلاكا) (أَكثر اللائمون فِيك عتابي ... أَنا واللائمون فِيك فداكا) (إِن بِي غيرَة عَلَيْك من اسْمِي ... أَنه دائبا يقبل فاكا) وَله (أكْرم أسيرك أَن يكون مبادا ... وهب الْفَتى عبدا لديك مفادا) (وَأخْبر مودته بقلبك إِنَّه ... حجر الصيارف شدَّة وسوادا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 وَله فِي تَرْجَمَة بَيت بِالْفَارِسِيَّةِ للمعروفي (يظنون مَا تذري جفوني أدمعا ... بل الدَّم مِنْهَا يَسْتَحِيل فيقطر) (تعيد بَيَاضًا حمرَة الدَّم لوعتي ... كَمَا ابيض مَاء الْورْد والورد أَحْمَر) وَله (أما ترَوْنَ إِلَى الأصداغ كَيفَ جرى ... لَهَا نسيم فوافت خَدّه قدرا) (كَأَنَّمَا مد زنجي أنامله ... يُرِيد قبضا على جمر فَمَا قدرا) وَله (نومي وعيشي والقرار وصحتي ... مِمَّا فقدت فليت شعري مَا الردا) (بِاللَّه رَبك هَل سَمِعت بشادن ... ضحى بأنفس عاشقيه معيدا) وَله من نتفة (مَاذَا عَلَيْك غزال آل الْعَارِض ... من أَن أكون فدَاء ذَاك الْعَارِض) 90 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن رامين حَدثنِي أَبُو الْفَتْح الدباوندي أيده الله تَعَالَى قَالَ جمعني وإياه بعض مجَالِس الْأنس وَفِيه نفر من الْفُضَلَاء فَسَأَلُوهُ أَن يُجِيز قَول مَجْنُون بني عَامر (أَقُول لظبي مر بِي وَهُوَ راتع ... أَأَنْت أَخُو ليلى فَقَالَ يُقَال) فارتجل على النَّفس (فَقلت يُقَال المستقيل من الْهوى ... إِذا مَسّه ضرّ فَقَالَ يُقَال) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 فتعجب الْقَوْم من حَده ذهنه واسراعه فِي تجنيس القافية وَله أرجوزة أجَاب بهَا أَبَا سعد الآبي من أرجوزته الصادرة إِلَيْهِ من ويمة (وافتني القصيدة الكريمه ... من كل مَا يشينها سليمه) (وَهِي لعمري درة يتيمه ... قد أسفرت عَنْهَا ظلال ويمه) وَله (سرت فؤادا وأقرت عينا ... وفجرت من السرُور عينا) (وأصبحت للأخوات عينا ... حَتَّى لقد خفنا عَلَيْهَا عينا) 91 - أَبُو مُحَمَّد النظام الخزرجي حَدثنِي أَبُو الْفَتْح الدباوندي قَالَ أَمر لَهُ الْأُسْتَاذ أَبُو الْعَلَاء بجايزة فَأطلق نصفهَا فَكتب إِلَيْهِ (سَأَلتك أَيهَا الْأُسْتَاذ حاجه ... وَلَا شططا طلبت وَلَا لجاجه) (فَقُمْت بِبَعْضِهَا وَتركت بَعْضًا ... وَمن حق المقصر أَن يواجه) (جَزَاك الله عني نصف خير ... فَإنَّك قد نهضت بِنصْف حاجه) 92 - أَبُو سعد عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف الْهَمدَانِي قد تقدم ذكره فِي الْيَتِيمَة وتكرر فِي التَّتِمَّة ملح وغرر من بدائعه وَقعت إِلَى باخرة وَلَيْسَ لَهَا منزل فَمِنْهَا مَا أَنْشدني أَبُو الْيَقظَان عمار بن الْحُسَيْن أيده الله تَعَالَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 قَالَ أَنْشدني أَبُو سعد لنَفسِهِ فِي غُلَام يشتكي ضرسه وَلم أسمع فِي مَعْنَاهُ أحسن وأبدع مِنْهُ (عجبا لضرسك كَيفَ تَشْكُو عِلّة ... وبجنبها من ريقك الترياق) (هلا كَمثل سقام ناظرك الَّذِي ... عافاك وابتليت بِهِ العشاق) (أَو عقربي صدغيك إِذْ لدغا الورى ... وحماك من حمتيهما الخلاق) وَمِنْهَا قَوْله (وَلما شربناها ودب دبيبها ... إِلَى مَوضِع الْأَسْرَار قلت لَهَا قفي) (مَخَافَة أَن تلقي عَلَيْك شعاعها ... فَينْظر جلاسي إِلَى ودك الْخَفي) وَله من قصيدة فِي فَخر الدولة يذكر فِيهَا بدر بن حسنوية (هُوَ سيف دولتك الَّذِي أغنيته ... بطويل باعك من وسيع خطاه) (فغدا بطول يَديك لَو كلفته ... شقّ السَّحَاب ببرقه لفراه) (وَإِذا هَتَفت بِهِ لرأس متوج ... بالروم من شَابُور خواست مراه) (فالرخ بدر والعداة بيادق ... وَالْأَرْض رقعتها وَأَنت الشاه) وَمِنْهَا (وتملكت رق السُّعُود بروجه ... بسعود طالعه الَّذِي جلاه) (فالزهرة الزهراء بعض إمائه ... وَالْمُشْتَرِي مَمْلُوكه وشراه) (سَعْدَان ذَاك لجده ولجده ... أبدا وَتلك للهوه ولهاه) (فَإِذا تجلى للعيون جَلَاله ... يَوْم السَّلَام إنجاب حجب دجاه) (وَقفا بمنطقتي رِضَاهُ وقلدا ... كيوان والمريخ سيف سطاه) (واستكتبا عَنهُ عُطَارِد كل مَا ... ينْهَى وَيَأْمُر رَأْيه وَنَهَاهُ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 وَله من قصيدة فريدة عَجِيبَة فِي بهاء الدولة وَذكر مَا شجر بَينه وَبَين الْأُخوة (كتبت إِلَيّ من الْعرَاق كتابي ... عَن صبوة وصبابة وتصابي) (وسلامة إِلَّا من الشوق الَّذِي ... مِنْهُ تكون منية الأحباب) (وخفوق قلب لَيْسَ يُنكر خيفة ... أَن يفْطن العذال فِيك لما بِي) (ودموع عين يرتعدن مَخَافَة ... أَن يشْعر الغيران بالتسكاب) (هَذَا حَدِيثي بالعراق وَأَنت بالأهواز ... معتكف على الأطراب) (وعَلى استماعات المغاني دائبا ... من عود عودة أَو ربَاب ربَاب) (وَالْحَمْد لله الَّذِي قسم الْهوى ... قسمَيْنِ بَين عذوبة وَعَذَاب) (فأجبتها والدمع يمحو كل مَا ... نشرته كفي من سطور كتابي) (وصل الْكتاب فَمَا فضضت ختامه ... حَتَّى شققت من السرُور ثِيَابِي) (ثمَّ اطَّلَعت على الْكتاب فكدت من ... قلق لَهُ اطفا وَلَا يدرى بِي) (وَحلفت من ثَمَرَات غُصْن قوامها ... بالورد وَالرُّمَّان والعناب) (النابتات بخدها وبصدرها ... وبنانها لشفاء ذِي الأوصاب) (مَا اعتضت مِنْهَا خلة أبدا وَلَو ... خطبت إِلَيّ الشَّمْس فِي الْخطاب) (الله فِي فإنني ثِقَة الْهوى ... لَا تأثمي يَا هَذِه فِي بَابي) (أأروم غَيْرك خلة من بعد مَا ... أفنيت فِيك نضارتي وشبابي) (كلا وَلَكِنِّي سلوت عَن الْهوى ... بالمجد وَهُوَ من الْهوى أولى بِي) (فركبت هادية الدجى متلثما ... بعزيم أروع للدجى ركاب) (وَجعلت ريحاني القتادة والصدى ... نغمي ورقراق السراب شرابي) (حَتَّى أنخت على السماك رواحلي ... وَضربت فَوق الفرقدين قبابي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 (فِي ظلّ مَوْلَانَا بهاء الدولة الْملك ... الْأَجَل السَّيِّد الْوَهَّاب) (ملك الْمُلُوك برغم كل منافس ... أغراه فضل سنيه بالإعجاب) (الْفضل يكسبه الْفَتى بنفاسة ... ونجابة لَا شيبَة وشباب) (وَكَذَا بَنو يَعْقُوب يُوسُف خَيرهمْ ... وَإِن اسْتَووا فِي ذرْوَة الْأَنْسَاب) (وبغوا لَهُ كيدا فَكَانَ لَهُ إِلَى ... دَرك الذرى من أوكد الْأَسْبَاب) (وتشابه الْأَمريْنِ يوذن أَيهَا الْملك ... الْأَجَل بجدك الغلاب) (وَبِأَن قَوْمك سَوف يسْجد كلهم ... لَك سَجْدَة الِاتِّبَاع للأرباب) (مستغفرين ذنوبهم بضراعة ... ومعفرين وُجُوههم لتراب) (وَتقول لَا تَثْرِيب عِنْد سجودهم ... كرما تمن بِهِ مَكَان عِقَاب) (فَاغْفِر لَهُم جهلاتهم وألن لَهُم ... كنف الرِّعَايَة مِنْك والإيجاب) (وابذل لَهُم كتب الْأمان ليسرعوا ... متزاحمين على وُرُود الْبَاب) (فَإِن اسْتمرّ على الضلال مريدهم ... لشقائه وسفاهة الْأَلْبَاب) (فَإِذن لألسنة الظبى فيهم بِأَن ... يخطبن فَوق مَنَابِر الأرقاب) (إِن السَّفِيه إِذا أَبى إِصْلَاحه ... بالحلم لم يكن الحسام بآبي) (وادخل إِلَى شيراز أَيمن مدْخل ... دخلت بِهِ أَسد الثرى فِي الغاب) (ثمَّ ارْمِ بِي بعض الْبِلَاد وخلني ... أنقض فَوق عقابها كعقاب) (وأهز منبرها بدعوتك الَّتِي ... يصل الْخَطِيب بهَا إِلَى الْمِحْرَاب) (لي نجدة الفتاك فِي الهيجا وَإِن ... خالفتهم فِي نِسْبَة الْكتاب) (وَلَو اختبرت مواقفي لَوَجَدْتنِي ... فِي الخدمتين مَعًا من الإنجاب) (وَوجدت فِي دِرْعِي وَفِي دراعتي ... أَو فِي فَتى بكتيبة وَكتاب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 (لَا ابْن العميد وَلَا ابْن عباد وَلَا ... عبد الحميد يعد من أضرابي) (أَنا فَوْقهم بعلو جدك كلهم ... بِشَهَادَة الأدباء والآداب) (وَإِذا كتبت كتاب فتحك فَارِسًا ... أرضاك حسن بلاغتي وخطابي) (وَقد ابتدأت أعد آلَات الوغى ... من مرهفات أسنة وحراب) (وسوابق من نسل عوج ضمر ... صم الفصوص لواحق الأقراب) وأنشدني أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عَليّ الطَّبَرِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو الْفرج حمد بن أبي سعد بن خلف الْهَمدَانِي لنَفسِهِ (لَئِن كنت فِي نظم القريض مبرزا ... وَلَيْسَت جدودي يعرب واياد) (فقد تسجع الورقاء وَهِي حمامة ... وَقد تنطق الأوتار وَهِي جماد) 93 - أَبُو غَانِم مَعْرُوف بن مُحَمَّد القصري كَانَ من رُؤُوس الرؤساء وكرام البلغاء والغالين فِي محبَّة الْأَدَب واقتناء الْكتب وجمعتني وإياه فِي اجتيازه بنيسابور صُحْبَة يسيرَة الْمدَّة كَثِيرَة الْفَائِدَة وَقد كَانَ سمع بِي وَلم يرني فاستنسخ كتبا لي وأنشدني أبياتا لنَفسِهِ علق بحفظي مِنْهَا قَوْله (إِذا لبس التفاح خلعة طله ... وقابل فِيهَا الْبَدْر أصبح محمرا) (فَمَا بَال خدي فِي سقيط دُمُوعه ... إِذا هُوَ لَاقَى وَجهك الْبَدْر مصفرا) وَقَوله فِي الشيب (إِن للشيب حساما ... حاسما طيب الرقاد) (سل فِي فودي مَا أغمد ... مِنْهُ فِي فُؤَادِي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 وَقَوله فِي الْفرس (حكى فرسي اللَّيْل فِي لَونه ... ولازمه الْبَدْر عِنْد اضطرار) (فَكَانَ لَهُ غرَّة فِي التَّمام ... ونعلا لحافره فِي السرَار) وَقَوله فِي الْهلَال (أقبل اللَّيْل والظلام ... عَن الْأُفق منجلي) (فَرَأَيْت الْهلَال فِيهِ ... كتعفيف منجل) وَقَوله (إِذا مَا تبينت ضعف الْعَدو ... فثاوره تجربه عِنْد الثَّبَات) (وسالمه إِن عصفت رِيحه ... كَمَا سَالم الرّيح نجم النَّبَات) وَقَوله فِي الْغَزل (أرى شفتيك من مسك وخمر ... وطعمهما إِذا مَا ذيق مر) (فَإِن يمرر كلامك لَيْسَ بدعا ... فَإِن مَمَره مسك وخمر) وَقَوله فِي الْأَمِير أبي أَحْمد مُحَمَّد وبكائه على أَبِيه (لَا غرو أَن تأسى على ملك مضى ... أذرت مدامعها عَلَيْهِ عُيُون) (وَلَئِن بَكَيْت وَأَنت طود للنهى ... فَلَقَد تسيل من الْجبَال عُيُون) 94 - أَبُو الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْكَاتِب الطَّائِي من أَفْرَاد الْكتاب وفضلاء الزَّمَان نقل من الرّيّ إِلَى الحضرة بغزنة حرسها الله تَعَالَى واستخدم فِي ديوَان الرسائل بهَا ثمَّ ضم إِلَى الشَّيْخ العميد أبي الطّيب طَاهِر بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 عبد الله ليكتب فِي ديوانه بِالريِّ فَهُوَ أعلم بشمس أرضه وَهُوَ الْقَائِل لَهُ بهراة من قصيدة (الْبرد يَا فَرد العلى آتٍ ... يجر ذيل الظَّالِم العاتي) (وَالْعَبْد لم يَأْخُذ لَهُ أهبة ... يَأْخُذهَا المشتو والشاتي) (وَالْحَال قد رقت فَلَا مرفق ... يجبرها أَو راتب آتِي) (وَأَنت لي عون على كل مَا ... تجمع فِي السرعة أشتاتي) وَله من قصيدة (واشرب مُعتقة كَأَن وميضها ... نَار على قلل الْجبَال تسعر) (يسقيكها رشأ أغن جفونه ... قبل الكؤوس الْمُسكر إِنَّك تسكر) 95 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب يَقُول من قصيدة أَولهَا (صبا قلبِي وحن إِلَى سعاد ... وَدون لقائها خرط القتاد) (أمردود لنا ماضي زمَان ... وَمن لي بِالزَّمَانِ المستعاد) (ليَالِي رصعت تيجان عيشي ... بدر اللَّهْو فِي سلك المُرَاد) (تهب صبا صباي عَليّ رهوا ... وتلفح شرتي وَجه الرشاد) وَمِنْهَا (سأمتلك الْمَعَالِي بالعوالي ... وأشحذ غرب عزمي واجتهادي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 (فقد مل اعتزامي من مقَامي ... وعاف جمامه الموذي جوادي) (وَكم من لَيْلَة طحياء عَادَتْ ... على السارين وَاضِحَة الهوادي) (وَهل خَابَ امْرُؤ أسرى ورجى ... أَبَا مَنْصُور الواري الزِّنَاد) (ثمال عشيرة وغنى عفاة ... وحامل مغرم وهلال نَاد) (لَهُ شيم لَو اكتست اللَّيَالِي ... محاسنها لما دجت الدء آدي) 96 - أَبُو النَّجْم مُسَافر بن مُحَمَّد الْقزْوِينِي يَقُول (لَا يَغُرنكُمْ علو لئيم ... فعلو لَا يسْتَحق سفال) (وارتفاع القرين فِيهِ فضوح ... وعلو المصلوب فِيهِ كَمَال) وَيَقُول (أيدك الله لَا تهني ... حقق رجائي وَحسن ظَنِّي) (لَو حجرا كنت أَو حديدا ... أذابني الهجر والتجني) وَيَقُول (تصافحت الأكف وَكَانَ أشهى ... إِلَيْنَا لَو تصافحت الخدود) (تسر إِذا الْتَقت كف وكف ... فَكيف إِذا التقى جيد وجيد) 97 - أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن أَحْمد الدباوندي رَيْحَانَة الرؤساء وشمامة الوزراء يستوطن الرّيّ وَيرجع إِلَى فضل كثير وأدب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 غزير وَحفظ عَجِيب وبلاغة بَالِغَة ولسان كَأَنَّمَا عناه إِبْرَاهِيم بن سياه الْأَصْبَهَانِيّ بقوله فِي أبي مُسلم بن بَحر (لِسَان مُحَمَّد أمضى غرارا ... وأذرب من شبا السَّيْف الحسام) (إِذا ارتجل الْخطاب بدا خليج ... بِفِيهِ يمده بَحر الْكَلَام) (كَلَام بل مدام بل نظام ... من الْيَاقُوت بل قطر الْغَمَام) وَورد نيسابور فِي صُحْبَة الرَّايَة الْعَالِيَة أدام الله علوها فنشر بهَا طرز فَضله وملاها من فَوَائده وأعرب عَن محاسنه وَدرت عَلَيْهِ المشاهرة السُّلْطَانِيَّة والمبار السّنيَّة ثمَّ جذبه الشَّيْخ العميد أَبُو الطّيب طَاهِر بن عبد الله إِلَى الرّيّ ورده فِي صحبته إِلَى مستوطنه فمما أَنْشدني لنَفسِهِ قَوْله فِي الْغَزل (كلفت من أَهْوى تجشم قبْلَة ... ظرفا فَأولى غَايَة الْإِيجَاب) (ولثمت عَارضه فَكَانَ كخلقه ... عطرا يذيع سرائر الأحباب) وَله فِي رَئِيس ممتحن (بِأَيّ يَد أصُول على اللَّيَالِي ... وَقد خانت أناملها الذِّرَاع) (بودي لَو تبيت على جفوني ... وَلَكِن عز مَا لَا يُسْتَطَاع) وَله فِي الاستزارة (أيا ملك الدُّنْيَا كسوت عراصها ... مَكَارِم فِي وَجه الزَّمَان تنقش) (وطلت كَأَنِّي فِي الْأَنَام خطيطة ... سقت جارتيها دِيمَة وَهِي تعطش) وَله فِي قَوَّال يكنى أَبَا الْخطاب يهجوه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 (أَبَا الْخطاب يَا قمر الزَّمَان ... بِهِ برص يُشَاهد بالعيان) (وآباط يفوح لَهَا صنان ... وايزار الْعَمى شم الضنان) (وداخل ثَوْبه جرب عَتيق ... توارثه على قدم الزَّمَان) (فَذا يعمي وَذَا يعدي فَأنى ... تنادم من يكون بذا الْمَكَان) (وَفِيه ابْنة قدمت وشاعت ... مَعَ الشوم المزنر فِي قرَان) (وَمَا دَار ألم بهَا فأبقى ... سوى الأطلال فِيهَا والمغاني) (فأشأم حِين يضحى من قدار ... وأطفل حِين يُمْسِي من بنان) (وأثقل من قَضَاء السوء وَجها ... وأوسخ من قدور الباقلاني) (وَإِن أبصرته يَوْمًا يُغني ... فَإِن الْفقر فِي تِلْكَ الأغاني) (وَإِن أَخذ الْقَضِيب يَدُوم صَوتا ... بَكَى مِنْهُ قضيب الخيزران) (إِذا غنى وَوَقع مستطيلا ... علاهُ قبل أصوات الأغاني) (دوار الرَّأْس حشرجة التراقي ... سعال الْحلق تفقيع البنان) (فَأَبْعَده فَإنَّك سَوف تلقى ... نديما لَيْسَ فِيهِ ذِي الْمعَانِي) 98 - الْأُسْتَاذ أَبُو الْفرج عَليّ بن الْحُسَيْن بن هندو هُوَ من ضربه فِي الْآدَاب والعلوم بِالسِّهَامِ الفائزة وَملكه رق البراعة فِي البلاغة فَرد الدَّهْر فِي الشّعْر وأوحد أهل الْفضل فِي صيد الْمعَانِي الشوارد ونظم القلائد والفرائد مَعَ تَهْذِيب الْأَلْفَاظ البليغة وتقريب الْأَغْرَاض الْبَعِيدَة وتذكير الَّذين يسمعُونَ ويروون أفسحر هَذَا أم أَنْتُم لَا تبصرون وَكنت ضمنت كتاب الْيَتِيمَة نبذا يَسِيرا من شعره لم أظفر بِغَيْرِهِ وَهَذَا مَكَان مَا وَقع إِلَيّ بعد ذَلِك من وسائط عقوده الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 وفوارد أبياته بل معجزاته فَمِنْهَا قَوْله فِي الْغَزل وَمَا يجْرِي مجْرَاه (تعانقنا لتوديع عشَاء ... وَقد شَرقَتْ بأدمعها الحداق) (فَمَا زَالَ العناق يضيق حَتَّى ... توهمنا عنَاق أم خناق) وَقَوله (وحسبك مَا أخرت كتبي عَنْكُم ... لقالة واش أم ملام محرش) (وَلَكِن دمعي إِن كتبت مشوش ... كتابي وَمَا نفع الْكتاب المشوش) وَقَوله (أصبح من ودي على حرف ... من لم أخنه قطّ فِي حرف) (أسقمني طرفك من سقمه ... وصحتي فِي سقم الطّرف) (مِنْك صلاحي وفسادي مَعًا ... والنفح مذكي النَّار والمطفي) (صورت من لطف فَلم لَا أرى ... مِنْك سوى الجفوة والعنف) وَقَوله (عَارض ورد الغصون وجنته ... فاتفقا فِي الْجمال وَاخْتلفَا) (يزْدَاد بالقطف ورد وجنته ... وَينْقص الْورْد كلما قطفا) وَقَوله (أيا بَدْرًا بِلَا كلف ... بِهِ دون الورى كلفي) (بِمَا فِي الطّرف من كحل ... وَمَا فِي الخصر من هيف) (ابْن لي در ثغرك مَا ... بهاء الدّرّ فِي الصدف) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 وَقَوله (أَلا لَيْت شعري كَيفَ أشكر بعض مَا ... تطوقت من من الْحمام المطوق) (فدت مهجتي أيكا عَلَيْهِ سُقُوطه ... وفرخا بدا من بيضه المتفلق) (لساعد نوحي نوحه حِين ملني ... خليلي وخلى صحبتي كل مُشفق) (كِلَانَا سَوَاء فِي البكا غير أنني ... بَكَيْت لأشواقي وَلم يتشوق) وَقَوله (لَيْت أَن اللَّيْل دَامَت ظلمه ... فَلَقَد جلت لدينا نعمه) (مثلت صدغيك لي ظلمته ... وأرت خديك عَيْني أنجمه) وَقَوله (لم يستجب لحياتي بعدكم فَرح ... وَلم يلق ببناني بعدكم قدح) (شوقي إِلَيْكُم أعَاد الله عهدكم ... شوق لَهُ فِي ميادين الْهوى مرح) (يخفى مرَارًا ويبديه تلفته ... وَالنَّار تكمن حينا ثمَّ تنقدح) وَقَوله (ظَبْي إِذا قتل النُّفُوس بصارم ... من طرفه رضيت بقبلته ديه) (وَإِذا دَعَوْت عَلَيْهِ عِنْد تعتبي ... فأشد مَا أَدْعُو بِهِ أَن أفديه) وَقَوله (لَيْسَ بِي من أَذَى الْفِرَاق اكتياب ... قد كفتني عَيْني جَمِيع اكتيابي) (كلما شِئْت أسبلت دم قلبِي ... فَأرى فِيهِ صُورَة الأحباب) وَقَوله (قَالُوا اشْتغل عَنْهُم يَوْمًا بغيرهم ... وخادع النَّفس إِن النَّفس تنخدع) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 (قد صِيغ قلبِي على مِقْدَار حبهم ... فَمَا لحب سواهُم فِيهِ متسع) وَقَوله (خلعت عِذَارَيْ فِي شادن ... عُيُون الْأَنَام بِهِ تعقد) (غَدا وَجهه كعبة للجمال ... ولي قلبه الْحجر الْأسود) وَقَوله (قولا لهَذَا الْقَمَر البادي ... مَالك إصلاحي وإفسادي) (زود فؤادا راحلا قبْلَة ... لَا بُد للراحل من زَاد) وَقَوله (أحلك حَتَّى صرت اغسل ناظري ... من النّوم خوفًا أَن يراك خياليا) (وَلَو قدرت نَفسِي لضني بسركم ... إِذا حجبت سر الْهوى عَن فؤاديا) وَقَوله (يطْلب الغائص فِي بحره اللُّؤْلُؤ ... والعاشق فِي حجره) (فَإِن يكن عَبدك ذَا فاقة ... أغناه دمع الْعين عَن دره) وَقَوله (وجريح وَجهه قلبِي ... بحبيه جريح) (أَنا أفدي من محياه ... على الْجرْح مليح) وَمِنْهَا قَوْله فِي الْخط والعذار (أَيهَا الْكَاتِب الَّذِي خير الْخلق ... بخطين بَين مسك ونقس) (فجلا الْمسك فِي صحيفَة عاج ... وجلا النقس فِي صحيفَة طرس) (لَيْت جسمي النحيف من بعض ... أقلامك أضحى وليت نَفسك نَفسِي) (فلعلي يَوْمًا أمس بنانا ... مِنْك يَا سَيِّدي فَيذْهب مسي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 وَقَوله (أرخي لعارضه العذار فَمَا ... أُبْقِي على ورعي وَلَا نسكي) (فَكَأَن نملا قد دببن بِهِ ... غمست أكارعهن فِي مسك) وَقَوله (قَالُوا صَحا قلب الْمُحب وَمَا صَحا ... ومحا العذار سنا الحبيب وَمَا محا) (مَا ضره شعر العذار وَإِنَّمَا ... وافى بسلسل حسنه أَن يبرحا) وَقَوله فِي ذمّ العذار (كفى فُؤَادِي عذاره حرقه ... وكف عينا بدمعها غرقه) (مَا خطّ حرف من العذار بِهِ ... إِلَّا محا من جماله ورقه) وَقَوله (يَا من محياه كاسمه حسن ... إِن نمت عني فَلَيْسَ لي وَسن) (قد كنت قبل العذار فِي محن ... حَتَّى تبدى فزادت المحن) (يَا شَعرَات جَمِيعهَا فتن ... تتيه فِي وصف كنهها الْفِتَن) (مَا عيروا من عذاره سفها ... قد كَانَ غصنا فأورق الْغُصْن) وَقَوله لبَعض الرؤساء وَقد انصبت الْخمر على كمه فِي مجْلِس الشَّرَاب (انصبت الْخمر على كمه ... تلثم مِنْهُ كمه خدمه) (لَو لم ترد خدمته بِالَّتِي ... قد فعلت مَا خصصت كمه) وَكتب على عود (رَأَيْت الْعود مشتقا ... من الْعود بإتقان) (فَهَذَا طيب آناف ... وَهَذَا طيب آذان) وَكتب على طنبور (ودوحة أنس أصحبت ثمراتها ... أغاريد تجنيها ندامى وجلاس) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 (تغنى عَلَيْهَا الطير وَهِي رطيبة ... فَلَمَّا عست غنى على عودهَا النَّاس) وَقَالَ فِي ذمّ الْخمر (قد كفاني من المدام شميم ... صالحتني النهى وثاب العزيم) (هِيَ جهد الْعُقُول سمي رَاحا ... مثل ماقيل للديغ السَّلِيم) (إِن تكن جنَّة النَّعيم فَفِيهَا ... من أَذَى الْجَهْل والخمار جحيم) وَمِنْهَا قَوْله فِي الهجا (لنا ملك مَا فِيهِ للْملك آلَة ... سوى أَنه يَوْم السَّلَام متوج) (أقيم لإِصْلَاح الورى وَهُوَ فَاسد ... وَكَيف اسْتِوَاء الظل وَالْعود أَعْوَج) وَقَوله (قل لِابْنِ عَبْدَانِ الدني الدون ... وزرت من دوني وقدرك دوني) (ألخطك الملعون أم لكلامك الملحون ... أم لعجانك المطعون) وَقَوله لمجد الدولة وَكَانَ اتخذ لَهُ ابْن فضلان دَعْوَة عَظِيمَة (وَمن مبلغ عَنى الْأَمِير بن بويه ... وَمن عجب الدُّنْيَا أَمِير وَلَا أَمر) (أسرك من فضلان إصْلَاح دَعْوَة ... بأموالك اللَّاتِي تخونها الْغدر) (كممهورة من حمقها بعض حليها ... تسر بِأَن نيكت وَمن كيسها الْمهْر) وَقَوله (لم ييأس الْكَلْب من ملك وسلطان ... وَقد عَلَوْت إِلَى دست وديوان) (لَا عَار باستك أَن أزري بهَا قلح ... من يَابِس السلح فاستاكت بجردان) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 وَقَوله (عجبت لقولنج هَذَا الْوَزير ... أَنِّي وَمن أَيْن قد جَاءَهُ) (وَفِي كل يَوْم لَهُ حقنة ... تنظف بالزب أمعاءه) وَقَوله فِي أَقرع (أكفنا زحمة الذُّبَاب بأبعاد ... قذال تنتابه الذبان) (هبك أُوتيت تَاج ملك فَإِنِّي ... لَك رَأس للتاج فِيهِ مَكَان) (لَيْسَ مَا حُزْته من المَال بدعا ... هاك قد حازت السلاف دنان) وَقَوله فِي الصّلاح (كَيفَ أَرْجُو السماح أَو أبتغيه ... فِي زمَان عَم الْبغاء بنيه) (يُولد التوأمان فِيهِ وكل ... مِنْهُمَا مُمْسك بأير أَخِيه) فنون مُخْتَلفَة التَّرْتِيب من بدايع شعره قَالَ فِي معنى نظم سبق إِلَيْهِ نثرا (لَيْت العناق وَشرب الراح قد عقدا ... بِالنَّجْمِ أَو خزنا فِي ذرْوَة الْفلك) (فَلم يعانق مليحا غير ذِي كرم ... وَلم يحب إِلَى كاس سوى ملك) (شَيْئَانِ نغص أهل الْفضل طيبهما ... تشارك النَّاس لَا طيب لمشترك) وَقَالَ فِي مدح الجرب وملح وظرف (يهيج مسرتي جرب بكفي ... إِذا مَا عد فِي الكرب الْعِظَام) (تجنبني اللئام لذاك حَتَّى ... كفيت بِهِ مصافحة اللئام) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 وَقَالَ يهجو (لَو مَاتَ لم يَأْكُل الطَّعَام إِذا ... مَا كَانَ ذَاك الطَّعَام من كيسه) (إِن لم نشاهد دُخان مطبخه ... فقد شَهِدنَا دُخان تعبيسه) وَقَالَ فِي أَحْمد الْقطَّان القوال الرَّازِيّ (إِذا أَحْمد الْقطَّان غنى توقفت ... لَهُ الطير فِي جو السَّمَاء تصيخ) (وَكَاد حَيَاء كل لحن ونغمة ... وعود وناي فِي التُّرَاب يسيخ) (لقرط سَمْعِي من جلاجل صَوته ... فشب سروري والهموم تشيخ) وَقَالَ فِي مُرَاجعَته الشّعْر بعد تَركه إِيَّاه (وَكنت تركت الشّعْر آنف من خنى ... وأكبر عَن مدح وأزهد فِي غزل) (فَمَا زَالَ بِي حبيك حَتَّى تطلعت ... خواطر شعر كَانَ طالعه أفل) (تزل القوافي عَن لساني كَأَنَّهُ ... يفاع يزل السَّيْل عَنهُ على عجل) (فَأصْبح شعر الأعشيين من العشى ... لَدَيْهِ وَشعر الأخطلين من الخطل) وَقَالَ فِي الْخط (الْآن قد صحت لدي شَهَادَة ... إِن لَيْسَ مثل جماله بمصور) (خطّ يَكْتُبهُ حوالي خَدّه ... قلم الاله بنقس مسك أذفر) وَقَالَ فِي الآذريون (رب روض خلت أذريونه لما توقد ... ذَهَبا أشعل مسكا فِي كوانين زبرجد) وَقَالَ فِي وصف الباذنجان مذموما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 (يَا ذَا الَّذِي يعْتد ... باذنجانة فِي الْمطعم) (أَنهَاك عَن صور المحاجم ... قد ملين من الدَّم) وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (يَا ذَا الَّذِي يلقى بباذنجانة خير المآكل ... أَنهَاك عَن صور المحاجم ألبست لون الدمامل) وَقَالَ فِي طين الْأكل (دع الطين مُعْتَقدًا مذهبي ... فقد صَحَّ فِيهِ حَدِيث النَّبِي) (من الطين رَبِّي برا آدما ... فآكله آكل للْأَب) وَقَالَ فِي الرزق (جرى قلم الْقَضَاء بِمَا يكون ... فسيان التحرك والسكون) (جُنُون مِنْك أَن تسْعَى لرزق ... ويرزق فِي غشاوته الْجَنِين) وَقَالَ فِي عز الْكَمَال (وَإِذا رَأَيْت الْفضل فَازَ بِهِ الْفَتى ... فَاعْلَم بِأَن هُنَاكَ نقصا خافيا) (فَالله أكمل قدرَة من أَن ترى ... لكماله مِمَّن براه ثَانِيًا) وَقَالَ فِي الشكوى (ضعت بِأَرْض الرّيّ فِي أَهلهَا ... ضيَاع حرف الرَّاء فِي اللثغه) (صرت بهَا بعد بُلُوغ الْغِنَا ... يُعجبنِي أَن أبلغ البلغه) وَقَالَ فِي الْحَث على الْحَرَكَة وَالسَّعْي (خليلي لَيْسَ الرَّأْي مَا تريان ... فشانكما أَنِّي ذهبت لشاني) (خليلي لَوْلَا أَن فِي السَّعْي نفعة ... لما كَانَ يَوْمًا يدأب القمران) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 وَقَالَ فِي مثله (صَحَّ بخيل العلى إِلَى الغايات ... مَا غناء الْأسود فِي الغابات) (لَا يرد الردى لُزُوم بيُوت ... لَا وَلَا يَقْتَضِيهِ جوب فلاة) (مولد الدّرّ حمأة فَإِذا سَافر ... حلى التيجان واللبات) (أُفٍّ للدهر مَا يني يتعس الْفَاضِل ... فِي بدئه وَفِي العقبات) (يسكن الْمسك سرة الظبي بَدَأَ ... ثمَّ يصليه وقدة الجمرات) وَقَالَ فِي ذمّ الْبَخِيل (يسر بخزن المَال قوم وَلم أكن ... لَدَى الخزن إِلَّا مثل تصحيفه حزنا) وَقَالَ فِي النَّهْي عَن اتِّخَاذ الْعِيَال وَالْأَمر بالوحدة (مَا للمعيل وللمعالي إِنَّمَا ... يسْعَى إلَيْهِنَّ الوحيد الفارد) (فالشمس تجتاب السَّمَاء وحيدة ... وَأَبُو بَنَات النعش فِيهَا راكد) وَقَالَ فِي الصَّبْر (تصبر إِذا الْهم أسرى إِلَيْك ... فَلَا الْهم يبْقى وَلَا صَاحبه) وَله رِسَالَة هزلية مترجمة بالوساطة بَين الزناة واللاطة لَا يَتَّسِع الْكتاب إِلَّا لهَذَا الْفَصْل مِنْهَا قَالُوا قد علمت أَن أَصْحَابنَا بلغ من جلالة قدرهم وفخامة أَمرهم أَن لم يقتصروا على الجسمانيين حَتَّى سمت بهم هممهم إِلَى الروحانيين فأرادوا الْمَلَائِكَة بالوصمة لَوْلَا أَن الله خصهم بالعصمة ثمَّ بلغ من تناهي هَذَا الْفِعْل فِي الطّيب وَأَخذه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 بِمَجَامِع الْقُلُوب إِن لوطا استتر لَهُم بكرائمه عَنهُ فَلم يقلعوا وأبدلهم عقائله مِنْهُم فَلم يقنعوا فَمَا ظَنك بهمة تسمو إِلَى مَلَائِكَة السَّمَاء وَلَذَّة تُؤثر على مصاهرة الْأَنْبِيَاء وَلَا سَبِيل إِلَى أَن يُنكر فضل الذُّكُور على الْإِنَاث وَقد فَضلهمْ الله فِي الْمِيرَاث وشتان مَا بَين الْغُلَام الَّذِي يصحبك فِي سفرك كَمَا يصحبك فِي حضرك فَإِذا ركبت زَان موكبك وَإِذا مشيت صك منكبك وَإِذا احتفلت خدمك وَإِذا خلوت نادمك ثمَّ هُوَ فَوق الْجواد أَسد لَا بُد وَتَحْت اللحاف رشأ فارد وَبَين الْمَرْأَة الَّتِي تشيب أنفاسها العنافق وتكاليفها المفارق وتعدم الْمرَافِق وتنقض الْجِسْم وتنقص الْعُمر وتكثر النَّسْل وتقل الوفر بلَى مَا شِئْت من فادح ثقل الصَدَاق وهم الْإِمْسَاك وَالطَّلَاق وَنَفَقَة الأعراس والأخراس وشفقة الوحم وَالنّفاس 99 - الشَّيْخ أَبُو المحاسن سعد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور رَئِيس جرجان أيده الله تَعَالَى أجمع أهل زَمَاننَا أجمع على أَنه أجمع الرؤسا لما يكنى بِهِ وأجمعهم بَين الْعُلُوم والآداب وشرفي الانتساب والاكتساب وَأَنه عَالم فِي ثوب عَالم وبحر فِي شخص حبر وَمَاله نَظِير وغصن شبابه نضير وَكَانَت النائبة رحب بِي إِلَى جرجان فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة فأنزلني أَبوهُ الرئيس أَبُو سعد مُحَمَّد بن مَنْصُور رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وأرضاه وَجعل الْجنَّة مَأْوَاه منزله وأخدمني خدمَة وأوسعني فَضله وَكَرمه وَكَانَت حَالي عِنْده وَمَعَهُ حَال من قَالَ (نزلت على آل الْمُهلب شاتيا ... غَرِيبا من الأوطان فِي زمن مَحل) (فمازال بِي إكرامهم واقتفاؤهم ... وألطافهم حَتَّى حسبتهم أَهلِي) وَأَبُو المحاسن إِذْ ذَاك صبي لم يبلغ الْحلم وَقد أَتَاهُ الله فِي إقبال الْعُمر جَوَامِع الْفضل وسوغه فِي ريعان الصِّبَا محامد العلى فَكُنَّا نَجْتَمِع فِي جمَاعَة من الْفُضَلَاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 والأدباء وَالشعرَاء كل يَوْم وَلَيْلَة على المدارسة والمذاكرة والمناشدة فيبذنا أَبُو المحاسن بِحسن محاضرته ومبادهته ويعجبنا من بلاغته وبراعته على حُدُوث ميلاده وَقرب إِسْنَاده وَكتب لي جُزْءا من شعره بِخَطِّهِ هُوَ حَتَّى الْآن عِنْدِي وَأَتْمَمْت كتاب الْيَتِيمَة بِحَضْرَتِهِ فافتض عذرته وَتحفظ أَكْثَره وَلم يفرق بَيْننَا إِلَّا أَن جَاءَنِي دَاعِي الْأَمِير أبي الْعَبَّاس مَأْمُون بن مَأْمُون خوارزمشاه تغمده الله بغفرانه ومهد لَهُ أَعلَى جنانه فَنَهَضت من جرجان إِلَى الجرجانية وَضرب الدَّهْر ضربانه ودارت الأدوار وَمَرَّتْ الأعوام وتنقلت الْأَحْوَال وكتبت للرئيس أبي سعد سَعَادَة المحتضر وأفضى بِهِ الْأَمر إِلَى الْأَجَل المنتظر وَقَامَ الشَّيْخ أَبُو المحاسن أيده الله تَعَالَى مقَامه فِي الرياسة وأربى عَلَيْهِ فِي السياسة والسفارة وَالْقَبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَبلغ من البلاغة والتقدم نَحْو سِيبَوَيْهٍ وَفِي الْفِقْه وَالشعر مبلغا تثنى بِهِ الخناصر وتثنى عَلَيْهِ الشبابات وطلع فِي سنة أَربع وَعشْرين على نيسابور رَسُولا إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان الْأَعْظَم أدام الله تَعَالَى ملكه ومؤديا وَدِيعَة الكيا الْأَجَل أبي كاليجار أدام الله عزه فَمَلَأ الْعُيُون جمالا والقلوب كمالا وأوسع أَهلهَا فضلا وأفضالا وَأقر عَيْني مِنْهُ بلقاء شخص الْمجد وتجديد الْعَهْد الْقَدِيم بأوحد الدَّهْر وَلم يتَّفق لي تَعْلِيق شعره الْجَدِيد لعَارض من الْمَرَض ألم بِي حَتَّى فَاتَنِي مَا مددت عَيْني إِلَيْهِ من عُقُود دره وَعقد سحره مَعَ انقلابه إِلَى مَرْكَز عزه وعَلى كل نجح رَقِيب من الْآفَات وَأَنا أقتصر هَاهُنَا على كتبة نبذ من بَنَات خاطره الْقَدِيمَة إِلَى أَن الْحق بهَا وسائط من قلائده الحديثة وَهَذِه نُسْخَة فصل من نثره بدأت بِهِ وَلم أَقرَأ أبرع وأبدع مِنْهُ فِي فنه كنت خاطبت الشَّيْخ بخطاب دللت فِيهِ على غلوي فِي دين وده وضربي سكَّة الْإِخْلَاص باسمه وتلاوتي سور معاليه الَّتِي تكد لطولها لِسَان راويها وإيماني بشريعة مكارمه الَّتِي بعث وَالْحَمْد لله نَبيا فِيهَا فَدَعَا إِلَيْهَا دَعْوَة استجابت لَهَا الكرماء وحجت كعبة فَضله الآمال الانضاء وخلد ذكره فِي صحف المكرمات تخليدا واعتقد الخلود من سودده علما لَا تقليدا وَقضى حكام الْمجد بِأَنَّهُ الَّذِي تلقى رايات الْمجد بِالْيَمِينِ وتوخى نظم شاردها بعرق الجبين وَهَذِه نُسْخَة رِسَالَة لَهُ إِلَى بعض خَواص الشَّيْخ شمس الكفاة رَحمَه الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 (أَقرَأ على الوشل السَّلَام وَقل لَهُ ... كل المشارب مذ هجرت ذميم) (سقيا لظلك بالْعَشي وبالضحى ... ولبرد مائك والمياه حميم) مَا أحسبني مُنْذُ فَارَقت الشَّيْخ أدام الله عزه خلوت سَاعَة من تمثل شخصه والتلفت بأخادع الذّكر نَحْو كريم عَهده واستسقاء صوب الرّبيع المربع لأنيس ربعه وَالثنَاء على الدَّهْر الَّذِي وصل حبلي بحبله وَألف شملي بِمَجْمُوع شَمله (وَإِن لم يكن إِلَّا معرج سَاعَة ... قَلِيلا فَإِنِّي نَافِع لي قليلها) وليت شعري هَل يجول ذكري فِي ميدان فكره أم طواه طي الرِّدَاء فَلَيْسَ تهتز لنشره وَأَقْبل على بَث الأوطار الفساح بَين مُنَاجَاة الأوتار الفصاح ومناغاة الْوُجُوه الصَّباح وأرتشاف ثنايا الكؤوس إِذا تجلتها أَيدي السقاة جلوة الْعَرُوس وصلَة عرى الصبوح بعرى الغبوق والجري فِي ميدان اللَّهْو جري السَّابِق لَا الْمَسْبُوق واستغفر الله مِمَّا طاش بِهِ سنّ الْقَلَم وَأَعُوذ بِهِ أَن يسْخط لهَذِهِ الْكَلم وَإِلَيْهِ أَرغب فِي إمتاعي بخلته الَّتِي هِيَ من جلائل النعم وَلَا يسرني بهَا وَحقّ الْمجد حمر النعم وَهَذِه المخاطبة واصلة فِي صُحْبَة فلَان وَهُوَ من أقَارِب فلَان تجَاوز الله عَن الْمَاضِي وأدام الله عز الْبَاقِي وَلَا خفا بِهَذَا النّسَب الَّذِي نظم من الْكَرم عقودا وَكَانَ عَلَيْهِ من شمس الضُّحَى نورا وَمن فلق الصَّباح عمودا وَمَا أَشك فِي استغنائه عَن هَذَا الذّكر فقد عرف أَحْوَالهم أَيَّام اجتيازه بِالريِّ وَكَانَ هَذَا الشَّيْخ نَائِبا عَن أميرها ومنوطا بِهِ جَمِيع أمورها حَتَّى انحى عَلَيْهِ صرف الدَّهْر واضطره إِلَى مُفَارقَة المستقر وَقصد حَضْرَة تمنع بِهِ جَانِبه فَلَا يرام ويدرع ثوب الْعِزّ فَلَا يضام وَهَذِه صفة حَضْرَة الصاحب الْأَجَل فَإِنَّهَا الحضرة تخدمها الْأَيَّام كَمَا تخدمها السيوف والأقلام وَأَرْجُو أَن يحظى بِهَذَا الْقَصْد ويسعد بِسَاحَة الْمجد فالبحر يعم بفيضه الْخلق وَالربيع يمنح من شام برقه الودق وَهَذِه غرر من شعره فِي صباه نقلتها من خطه فَمِنْهَا قَوْله من قصيدة فِي مدح أَبِيه رَحمَه الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 (قدح النَّوَى زند الغرام ... ومرى دموع المستهام) (وبنفسي الظبي الَّذِي ... عاطيته كأس المدام) (ففروعه ليل التَّمام ... وَوَجهه بدر التَّمام) (طاوى الحشا عذب اللمى ... عبل الشوى غنج القوام) (لم أدر قبل لحاظه ... إِن اللحاظ من السِّهَام) (لاحظته فَحملت من ... أجفانه بعض السقام) (وفديت محجره وَإِن ... خلع الفتور على عِظَامِي) (أعدى تضرج خَدّه ... قلبِي فأضحى وَهُوَ دَامَ) (فَكَأَن فِي قلبِي الَّذِي ... فِي وجنتيه من الضرام) (سقيا لعيش باللوى ... عذب الجنى صافي الجمام) (أَيَّام أسحب فِي التصابي ... فصل أذيال العرام) (والعيش عذب الْورْد رطب ... الْعود غض الْغُصْن نَام) (والأنس تهمي مزنه ... كندى مُحَمَّد الْهمام) (ذَاك الَّذِي أضحى وغيم ... نداه سح الْقطر هام) (لله همته الَّتِي ... غضت من الهمم الْعِظَام) (كم موقف نثر العوالي ... فِيهِ عقد طلى وهام) (وتبسمت فِيهِ الظبي ... عَن ناجذ الْمَوْت الزؤام) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 (وَأَهله الأسياف تهتك ... ستر ظلماء القتام) (مزقته بحسام رَأْي ... شيم من غمد اعتزام) (فَالْمَال عنْدك فِي انتثار ... والمعالي فِي انتظام) (مَا كَانَ غيمك بالجهام ... وَلَا حسامك بالكهام) (فاسعد بنيروز يُنَبه ... جفن أنوار نيام) (نثر الرذاذ على الثرى ... درا يشذ عَن النظام) (وتفتح الْأَنْوَار إِذْ رشف ... الثرى ريق الْغَمَام) (وتعصبت بعصائب الْأَنْوَار ... هامات الأكام) (وجلى الرّبيع ضحى عروس ... الْورْد من كلل الكمام) (وكأنما سرق الصِّبَا ريا ... شمائلك الْكِرَام) (يَا من تدفق جوده ... كتدفق الْغَيْم الركام) (لَا زلت فِي ظلّ الْمَعَالِي ... بَالغا أقْصَى المرام) (واسحب ذيول الْعِزّ سجي ... ذيل أنعمك الجسام) وَقَوله من أُخْرَى (قفوا لنمري در الدمع فِي الدّور ... فالدمع يشفي انسكابا قلب مهجور) (فَإِن عَفا الرّبع أَو أقوى ببينهم ... فربعهم فِي فُؤَادِي جد معمور) وَمِنْهَا (فَلَو ترى الْقَلَم المذروب فِي يَده ... يمْضِي مضاء صقيل الْمَتْن مأثور) (عجبت من صارم ماضي الفرند غَدا ... فِي كف مَاض جَدِيد الْحَد مَشْهُور) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 وَمِنْهَا (أسعد فقد جَاءَك النيروز وانتبهت ... من بعد مَا رقدت عين الأزاهير) (تبْكي السَّمَاء مسَاء فعل ذِي شجن ... ويضحك الدَّهْر صبحا فعل مسرور) (وَاللَّيْل يُبْدِي نجوما مثل مَا انتثرت ... لآلئ فَوق صرح من قَوَارِير) (والبرق يصْبغ خد الْغَيْم حِين سرى ... صبغ الْحيَاء خدود النَّفر النُّور) (وَالرَّوْض يجلوه قرن الشَّمْس ضاحية ... فِي مطرف بيد الأنواء منشور) (تشققت فِيهِ أجفان الشَّقِيق ضحى ... كَأَنَّهَا إِذْ بَدَت أجفان مخمور) (ولاح فِيهِ الأقاحي كالدراهم إِذْ ... ألاح حوذانه مثل الدَّنَانِير) (والنرجس الرطب أضحى فِي حدائقه ... يرنو إِلَيْنَا بِعَين الخرد الْحور) (كَأَنَّهُ إِذْ جلاه طله سحرًا ... صهباء ممزوجة فِي كأس بلور) (والجو يسرق أنفاس النسيم إِذا ... جرى على صفحات الْورْد والخيري) (كَأَن ريا الرياض الزاهرات حكت ... ريا خلائقك الغر الْمَشَاهِير) (فَاسْلَمْ فَإنَّك لَيْث فِي الوغى وَحيا ... عِنْد المحول وَبدر فِي الدياجير) وَإِذا كَانَ شعره هَكَذَا فِي عنفوان الصِّبَا فَمَا الظَّن بِهِ عِنْد قَضَاء باكورة الشَّبَاب وبلوغ حد الاكتهال سقى الله ربعه وَعَهده وَأبْعد عَنَّا بعده 100 - أَبُو المظفر بن القَاضِي أبي بشر الْفضل بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ أيده الله ورحم أَبَاهُ جَامع بَين شرف النَّفس وَالْوَالِد وطريف الْمجد والتالد وَبَين الْأَدَب وَالْفِقْه والنحو وَالشعر ترامت بِهِ الْحَوَادِث إِلَى نيسابور فأنشدني لنَفسِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 (كَأَن الْعين مني يَوْم بانوا ... سَمَاء فيض أدمعها نُجُوم) (إِذا مَا هم جفن باستراق ... لغمض صده عَنهُ وجوم) وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (كرم النَّاس بَين ظلام عسر ... وَعند لئامهم ضوء يسَار) (كأيمان إِلَيْهَا عقد عشر ... ومجموع المائين إِلَى الْيَسَار) وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (إِنِّي إِلَيْك لمشتاق وَبِي ظمأ ... إِلَى لقائك والرحمن يشْهد لي) (وَلَو قدرت لكتب الْخط تقرؤه ... لَكِن عجزي عَنهُ لَيْسَ من قبلي) وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (قوم إِذا غسلوا ثِيَاب جمَالهمْ ... لبسوا الْبيُوت إِلَى ثِيَاب الْغَاسِل) 101 - صاعد بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ أَنْشدني أَبُو الْفَتْح الدباوندي لَهُ فِي المَخْزُومِي الَّذِي مر ذكره (وجدت مخزوميكم هَذَا ... يَا شعراء النَّاس أستاذا) (قد صَار بِالريِّ لكم شَاعِرًا ... وَكَانَ بِالْبَصْرَةِ نباذا) (وجدت بندارا على ظَهره ... يلقمه أَقرع نفاذا) (لما رَأَيْت الشَّيْخ مستدخلا ... قلت لَهُ من عجب مَاذَا) (فَقَالَ لي لَا تعجبن يَا فَتى ... فَإِنَّمَا النَّاس على هَذَا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 وَكتب إِلَى الْعَبَّاس الضَّبِّيّ (وَلَو أنني حسب اشتياقي ومنيتي ... منحتك شَيْئا لم يكن غير مقلتي) (ولكنني أهدي على قدر طاقتي ... وأحمل ديوانا بِخَط ابْن مقلة) وَله (مغضبة الْمَرْء بِلَا مملكه ... منخلة للجسم أَو مهلكه) 102 - أَبُو بكر عبد القاهر بن مُحَمَّد بن الْحسن كتب إِلَى أبي الْفرج بن حسنيل جَوَابا عَن شعر لَهُ (أجَاب ودي وطبع الشّعْر لم تجب ... إِذْ كَانَ مَا قلته فِي غَايَة الْعجب) (يشْتم مِنْهُ نسيم الْمسك قارئه ... ويجتلي كَوْكَب العلياء والحسب) (أبدى الْأَنَام من الْأَشْعَار رغوتها ... وَأَنت أخرجت مِنْهَا زبدة الحقب) 103 - أَبُو الْحسن عالي بن جبلة الغساني يَقُول فِي أبي الْفَتْح أخي الْوَزير أبي غَالب مُحَمَّد بن عَليّ بن خلف من قصيدة (وسرنا نتبع الركب ونقفو أثر السَّرْح ... ) (إِلَى أَن أَسْفر الصُّبْح لنا عَن أحسن اللمح ... ) (وأبدت طلعة الشَّمْس لنا وَجه أبي الْفَتْح ... ) 104 - أَبُو عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد الدَّامغَانِي من دهاقين قومس وأفراد أدبائها وشعرائها وَمن أفضل فضلائها يرجع إِلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 كِفَايَة ومروة صَالِحَة وَيَقُول (إِذا عشق الْفَتى يَوْمًا عروبا ... وَلم يتعدها مِنْهُ الوداد) (فلي فِي كل غانية مُرَاد ... ولي فِي كل زَاوِيَة فؤاد) (وَمَا فكت فؤادا بعد سعدي ... رَأَتْهُ رهن مقلتها سعاد) (وَلَيْسَ الْغدر من شيمي وَلَكِن ... بهيج كراهتي الشَّيْء الْمعَاد) (وَمن لم يسبه حدق الغواني ... فَمَا هُوَ فِي الورى إِلَّا جماد) وَيَقُول (الْعقل والحرف مقرونان فِي قرن ... وَالْجهل والحظ منظومان فِي رسن) (الْفضل علم وَلَا قعبان من لبن ... حُلْو المذاق وَلَا بردَان من عدن) وَيَقُول (قَالُوا مدحت أُنَاسًا لأخلاق لَهُم ... مدحا يُنَاسب أَنْوَاع الأزاهير) (فَقلت لَا تعذروني إِنَّنِي رجل ... أقلد الدّرّ أَعْنَاق الْخَنَازِير) وَيَقُول (أيا حلية الدُّنْيَا وَيَا زِينَة الورى ... وَمن أَنا بِالْفَضْلِ الَّذِي فِيهِ أَفْخَر) (تسيء وَأَنِّي شَاكر لَك حَامِد ... وَمن قَائِل لليت إِنَّك أبخر) وَيَقُول من قصيدة أَولهَا (صَحا عَن هَوَاهُ واستراح عواذله ... محب شفَاه الغانيات مناهله) وَمِنْهَا فِي مدح شمس الكفاة (وَمَا الْفقر من أكناف قومس قَادَهُ ... إِلَيْك وَلَكِن فضل عز يحاوله) (ولولاك مَا صرت لديك نعاله ... ولولاك مَا أطت إِلَيْك محامله) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 (وَلَا غادر الخشف الكحيل جفونه ... بِلَا أثمد جَادَتْ بِذَاكَ مكاحله) وَمِنْهَا (وَلم يبْق فِي هَذَا الزَّمَان الَّذِي أرى ... من الشّعْر إِلَّا منطق قل طائله) (فعارض وَزِير الشرق شعري بِغَيْرِهِ ... يبن لَك نهاق الْحمير وصاهله) وَيَقُول فِي مرثية السُّلْطَان الْمَاضِي أبي الْقسم مَحْمُود أنار الله برهانه (مضى الافعوان الصل والأسد الْورْد ... وتاج مُلُوك الأَرْض والفارس النجد) (فَقل لحوا فِي الْخَيل لَا تَشْتَكِي الوجى ... فَمَا خلتها من بعده طلقا تعدو) (وَقل لملوك الأَرْض قد نَامَتْ القطا ... ووحش الفلا وَاللَّيْل أليل مسود) (وَلَا ترهبوا مِنْهُ بياتا على العدى ... بمرد على جرد يضمهم جند) (وَلم أدر أَن الشَّمْس يَسْتُرهَا ثرى ... وَلَا الْفلك الْأَعْلَى يغيبه لحد) وَيَقُول فِي الشيب (أنور الأقحوان أَسَأْت جدا ... بِلَا عمد إِلَى زهر الخزام) (فَصَارَ الرَّأْس حزا فرط لَيْسَ ... وَعَاد المخ دَارا فِي السَّلَام) وَيَقُول أَيْضا (يَا بَيَاضًا فِي مقلتي سَواد ... هَل لعهد الصِّبَا إِلَيّ معاد) (يَا خزامي العذار بدلت بعدِي ... أقحوانا يند مِنْك الْفُؤَاد) (لم أعظم قدر الشَّبَاب إِلَى أَن ... أنكرتني من المشيب معاد) (ودعتني عَمَّا وَهَذَا لعمري ... لقب للمحب لَا يستجاد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 (يَا زمَان الشَّبَاب زرني فَإِنِّي ... مذ تقضيت لم يزرني الرقاد) وَيَقُول (سقى الله أجداث ماضي الْمُلُوك ... رُعَاة الرعايا غياث الْأُمَم) (وبعدا لأملاكنا إِنَّهُم ... ذئاب عواسل حتف الْغنم) وَيَقُول (ايْنَ خطّ ابْن مقلة عَن جمال الْخط ... فِي صحن خَدّه المعشوق) (ذَاك صنع الْإِلَه فَردا من الْخلق ... وهاذاك صَنْعَة الْمَخْلُوق) وَيَقُول (أَلا يَا لقوم للخلال الخسائس ... ورفعة أرجاس برغم المعاطس) (قفوا فانظروا إِذْ ضمت الشمل ندوة ... لحادثة من فِي صُدُور الْمجَالِس) (تروا من شُيُوخ السوء فِيهَا عِصَابَة ... أبالس أضحوا فِي خلال الطيالس) (صعاليك أَمْوَال الْيَتَامَى ذئابها ... قراضبة الْبَيْدَاء حتف الفوارس) (وهم شُهَدَاء الزُّور من قلَّة التقى ... لحوز منالات إِلَيْهِم خسايس) (يعدون مَا دون البتيكات وضحا ... رشى لَهُم من ترهات البسابس) (بهَا حللوا عين الْحَرَام وحرموا الْحَلَال ... اتساعا فِي فنون المقايس) (كَمَا غصبوا الْأَمْلَاك معشوقة الورى ... وَمَا سجلوا أَيْضا بهَا فِي الحبايس) (فيا وحشتي مِنْهُم إِذا اكتحلت بهم ... جفوني وأنسى بالوحوش الكوانس) (مضى الرؤساء الْأَولونَ وأصبحت ... عراص الْمَعَالِي كالطلول الدوارس) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 وَيَقُول (خوان ربعه أبدا خلاء ... من الْخيرَات بادية قواء) (إِذا مَا جَاءَهُ الأضياف غنى ... وَمَا يُغني من الغرث الْغناء) (عَفا من آل فَاطِمَة الجواء ... فِيمَن فالقوادم فالحساء) (وَإِن مفازة لَا مَاء فِيهَا ... ومائدة بِلَا خبز سَوَاء) (أيا معن السخاء بِلَا عَطاء ... وحاتم طائي وَالتَّاء رَاء) وَله وَقد عير بترك التَّعَرُّض لعمل السُّلْطَان (ذروني أكن حلْس البييت مكرما ... قنوعا بقوت لَا يدر لَهُ ضرع) (ففقرا الْفَتى خلف السَّلامَة كالغنا ... وَلَا خير فِي نفع على عقبه صفع) وَله يرثي الْوَزير أَبَا الْقَاسِم أَحْمد بن الْحسن الميمندي وَقد كَانَ يُكرمهُ عِنْد اتِّصَاله بِهِ (يَا غرَّة لائحة ... فَوق جبين الزَّمن) (يَا درة قد أدرجت ... فِي حبرات الْكَفَن) (يَا أسدا أعداؤه ... المهجة دون الْبدن) (يَا عَالما مجتمعا ... فِي أَحْمد بن الْحسن) (جزيت عني حسنا ... بِكُل صنع حسن) (وأنعم بوسمي الندا ... يحيث ترب الجنن) (مَا ناحت الورقاء فِي ... دوح فويق القنن) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 وَله فِي الشيب (هجرت الْهوى وشنفت المدامه ... وعبت الْغُلَام وعفت الغلامه) (فَلَا فِي أُمَيْمَة لي مطمع ... يحن وَلَا مرغب فِي أَمَامه) (وَلَا قلت إِذْ بكر العاذلات ... بمر الْمَلَامَة كفى الملامه) (وعهدي بهَا حِين رَأْسِي الغداف ... وَهَا هُوَ كالنسر تَحت العمامه) (وَمَا عذر ذِي نهية فِي الصِّبَا ... إِذا مَا خزاماه صَارَت ثغامه) وَله (خضبت أناملها بحمرة خدها ... إِذْ دمعتي يَوْم الْفِرَاق عَلَيْهَا) (إِن كَانَ من مَاء الْحَيَاة حَقِيقَة ... فَهُوَ الَّذِي سقيت من شفتيها) وَله فِي الشريحي القَاضِي بقومس (خليلي مَا بَال الثلوج كَأَنَّهَا ... قناع على وَجه البسيطة مغدف) (أينتف عثنون الشريحي فِي الهوا ... لعمركما أم صوف لحييْهِ يندف) 105 - أَبُو الْفرج أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى بن حسنيل الْهَمدَانِي يرفعهُ نَفسه وَأَصله وفضله وَيخْفِضهُ دهره وَقد لفظته الغربة إِلَى بِلَاد خُرَاسَان فَأَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب وَهُوَ شَاعِر حسن البديهة كثير الْغرَر فَمِنْهَا قَوْله (مَا أَن رَأَيْت وَأَن سَمِعت بحمرة ... من وردة ودخانها من عنبر) (حَتَّى اكتحلت بخده وبخطه ... وغدوت بَينهمَا حريق المجمر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 وَقَوله من قصيدة (هَا إِنَّنِي من أسود طعمها كرما ... وَحش الْمَعَالِي فَلَا ترتاح للجيف) (وإنني واقتياتي خبث طعمتكم ... كالطرف ساف الثرى من غَزَّة الْعلف) (لَو كَانَ يعلم دري إِن مثلكُمْ ... يكون أَعْنَاق نظمي غاص فِي الصدف) (مقاطر الْقَلَم الصمصام تشهد لي ... إِن الوزارة سهمي والعلى هدفي) (وسوف يطلع دستي شمس مكرمتي ... وترتدي بِي الثريا عمَّة الشّرف) (فأملأ الأَرْض عدلا وَالزَّمَان حجى ... والسحب نوأ ودرعي جَوْهَر الظلْف) (لله شكري وللسلطان خالصتي ... وللعفاة الجنى المعسول فِي كنف) وَقَوله من أُخْرَى (إِذا قلت شعرًا فالنجوم رُوَاته ... وَمن ذَا رأى الشعرى رَوَت لامرىء شعرًا) (وَمَا أَنا مِمَّن يركب الشّعْر قدره ... وَلَكِن قدري يركب الشّعْر والشعرى) وَقَوله فِي غُلَام جلس فِي أخريات النَّاس وتنقب بكمه (جَلَست فِي أخريات النَّاس يَا قمري ... بخلا عَليّ بِأَن أروى من النّظر) (فصرت من فرج الْأَشْخَاص تلمع لي ... كحاجب الشَّمْس ناغى طرة الشّجر) (لم تقتنع بقناعي زحمة وَنوى ... حَتَّى تنقبت بالأكمام عَن بَصرِي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 تَتِمَّة الْقسم الرَّابِع فِي محَاسِن أهل خُرَاسَان وَمَا يتَّصل بهَا من سَائِر الْبلدَانِ قد اعتمدت بِهَذَا الْقسم الْأَخير من كتاب تَتِمَّة الْيَتِيمَة أَن أبدأ بِأَهْل نيسابور ونواحيها ثمَّ أمتد إِلَى سَائِر بلدان خُرَاسَان ثمَّ أذكر أَرْكَان الدولة وأعيان الحضرة الْعَالِيَة حرسها الله تَعَالَى وآنسها والمتصرفين على أَعمالهَا والمتصلين بخدمتها من المقيمين بهَا وَغَيرهَا وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب 106 - السَّيِّد أَبُو البركات عَليّ بن الْحُسَيْن الْعلوِي قد تتوج كتاب الْيَتِيمَة بِذكرِهِ وصبابة من شَعْرَة وَلَا غنية بِهَذَا الْكتاب عَن غرر لَهُ من نكت دهره وَمَا أَقُول فِي بَقِيَّة الشّرف وبحر الْأَدَب وربيع الْكَرم وغرة نيسابور وَشَيخ العلوية وحسنة الحسينية وأمام الشِّيعَة بهَا وَمن لَهُ صدر تضيق عَنهُ الدهناء وتفزع إِلَيْهِ الدهماء (وَكَلَام كدمع صب غَرِيب ... رق حَتَّى الْهَوَاء يكثف عِنْده) (رق لفظا ودق معنى فأضحى ... كل سحر من البلاغة عَبده) فصل فِي عِيَادَة مَا عرفت لعلتي هَذِه سَببا إِلَّا أَنِّي رَأَيْت نفس الْكَرم مشتكية الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 فشاركتها فِي شكواها وَوجدت عين الْكَمَال قذية فاحتملت عَنْهَا قذاها وَقلت يَا عجبا كَيفَ يشتكي من لم يزل يشكي وَلَا يشكي وَلم يمرض من صحت بِهِ آمالنا المرضى فصل كرم الشَّيْخ يطمعني وتقصيري يوئسني وفضله يقدمني وتقريظي يؤخرني وَلَئِن كَانَ استصغار الصَّغِيرَة كَبِيرَة فالإصرار على الْكَبِيرَة أكبر وَإِن كَانَ سكُوت المعذر وَجها فالاعتذار مِنْهُ أَحْرَى واجدر فصل بعض الْوَقْت مقت وَبَعض الْحِين حِين والطالب عجول وَالْمَطْلُوب مِنْهُ ملول وكل إِنَاء يرشح بِمَا فِيهِ وكل جَان يَده إِلَى فِيهِ لَفظه يَا أسفي على وَفَاة الْوَفَاء وَلَو كتبت أحاسن شعره لاستغرقت الْكتاب كُله وَلَكِنِّي أكتب لمعا مِنْهَا تفي بِشَرْط الِاخْتِصَار والاقتصار كَقَوْلِه من قصيدة (كم شادن قد كَانَ بَدْرًا فاكتسى ... خطين فَوق مَدَاره لم يكتبا) (دارت مَكَان القرط عقرب صُدْغه ... يَا من رأى بَدْرًا تقرط عقربا) وَقَوله (هَنِيئًا لكم يَا أهل غزنة قسْمَة ... خصصتم بهَا فِي النَّاس من هَذِه الدُّنْيَا) (دراهمنا تجبي إِلَيْكُم وثلجكم ... يرد إِلَيْنَا هَذِه قسْمَة ضيزى) وَقَوله من قصيدة سخرية (أفناني الدَّهْر وَلم أفنه ... وجد فِي كيدي الجديدان) (حَتَّى رماني الدَّهْر عَن قوسه ... وشق قلبِي فَهُوَ نِصْفَانِ) (فنصفه نهب سجستان ... وَنصفه نهب خُرَاسَان) وَقَوله (تقضى الشَّبَاب فَمَا أمرح ... وَبَان الحبيب فَمَا أفرح) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 (وَهَذَا زمَان كَمَا قد ترى ... فَقل لي فديتك مَا أمدح) (كتبت على أسمك يَا سَيِّدي ... على الْيَأْس مِنْك وَلنْ تُفْلِحُوا) وَقَوله (أسرب القطا هَل من معير جنَاحه ... فيوسعني برا وأوسعه شكرا) (لعَلي ألْقى من أحب لقاءه ... فقد فرق الْأَيَّام مَا بَيْننَا دهرا) وَقَوله فِي يَوْم بَارِد ثالج (يَوْم عبوس كالح وَجهه ... بزمهرير الْبرد مَوْصُوف) (كَأَن فِيهِ ثلجه سَاقِطا ... قطن على الصَّحرَاء مندوف) وَقَوله فِي الْأَشْجَار والقمراء (أَلا صرف لنا خمرًا ... فَنَفْس الصب مدهوشه) (فصرفها وقربها ... وَغرب وَهِي مغشوشه) (على أَنْوَاع ريحَان ... بِمَاء الطل مرشوشه) (ترى الشجراء فِي القمراء ... بالأفياء منقوشه) (كَأَن الأَرْض من حسن ... بجلد النمر مفروشه) وَقَوله من أرجوزة (والنجم فِي مطلعه ... كزيبق قد اضْطربَ) (والبدر فِي نقصانه ... كَنِصْف طست من ذهب) وَقَوله فِي الْبَدْر (أما ترى الْبَدْر فِي السمراء ... من قرع الْغَيْم فِي غشاء) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 (دور قدا كترس تبر ... مغرق فِي غَدِير مَاء) (أَو وَجه حسناء فِي نقاب ... تمشي الهوينا من الْحيَاء) وَقَوله فِي الدمل (أَشْكُو إِلَى الشَّيْخ أَذَى دمل ... أرقني ليلِي من وخزته) (أَشد من لذعته أَنه ... أقعدني يومي من حَضرته) وَقَوله فِي اللاخشة (لاخشة فِي الطَّبَق ... كالصبح بَين الغسق) (منضودة أوراقها ... وَاضِحَة كالورق) (حسبتها من لطفها ... وجرمها المرقق) (غرقى تبيض رقة ... أَو قطعا من شَرق) (أكلت لما قدمت ... أكل امرء ذِي حنق) (وخلتني الْفضل وَقد ... نَالَ المنا من عبق) وَقَوله فِي الْبرد المجحف بالثمار (يَقُولُونَ أَن الْبرد يجحف بالثمر ... وَأَن معاش النَّاس مِنْهُ على خطر) (فَقلت لَهُم مَا دَامَ رَبِّي رازقا ... فلست أُبَالِي الجوائج وَالضَّرَر) 107 - الْأَمِير أَبُو إِبْرَاهِيم نصر بن أَحْمد الميكالي أدام الله عزه فَرد خُرَاسَان وبدرها وصدرها وَفَخْرهَا وَمن لم ير مثله فِي الْجمع بَين شرف الأَصْل وَكَمَال الْمجد وكرم الطَّبْع وَبَين الْآدَاب الْعَرَبيَّة والفارسية والآداب الملوكية الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 وَله شعر بارع قل مَا يطهره وَلَكِن درره تلْتَقط من مَجْلِسه وغرره تختلس من فَمه كَقَوْلِه (اتَّقِ الله لَا الْأَعْدَاء وَاعْلَم يَقِينا ... بِأَن الَّذِي لم يقضه لن يصيبكا) (وحظك لَا يعدوك إِن كنت قَاعِدا ... وَلَا أَنْت تعدو حِين تعدو نصيبكا) وَقَوله (مَا قَبِيح كالبخل قبحا وَلَا كالجود ... كل الْخِصَال حسنا يفوت) (ثمَّ بخل مَعَ التَّوَاضُع خير ... من سخاء يشوبه جبروت) (ولعمري إِن المرند ذَا الْبُخْل ... لئيم مذمم ممقوت) وَقَوله (لعمرك من ولاك وَجه اعتذاره ... من الْفِعْل يَأْتِي وَهُوَ فِي الْحَال فَاعله) (كمغتذر من أكله ذَات بَطْنه ... إِلَى آكليه وَهُوَ فِي الْحَال آكله) وَقَوله فِي مرثية أبي الْعَبَّاس بن طَاهِر بن زَيْنَب (نعوالي أَبَا الْعَبَّاس شمس المفاخر ... وَبدر الْمَعَالِي كلهَا والمآثر) (فَقلت لَهُم وَالْقلب مني خافق ... أناشدكم لَا تجعلوه ابْن طَاهِر) وَقَوله وَله قصَّة (عجبا للزمان حِين بلاني ... بأناس لَهُم عقول سخيفه) (حسدوني على نزولي خصا ... بعد سكناي فِي قُصُور منيفه) (حسد الْكَلْب والغراب إِذا مَا ... رَأيا الباز وَاقعا فَوق جيفه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 وَقَوله فِي تراجع الشّرْب (شربت الراح شرب الهيم دهرا ... فصرت الْآن أشْرب بالتكلف) (ويكفيني غمير دون صحن ... وَمَا ضرّ التَّخَلُّف فِي التَّخَلُّف) وَقَوله لبَعض أَصْحَابه (حسبتك لب الْجُود بذلا وهمة ... فأدخلت فِيمَا كنت أَحْسبهُ وَهنا) (وَكنت كَمَا قدرت لب سماحة ... وَلَكِن كلب الْجَوْز إِذْ فَارق الدهنا) وَقَوله فِي قينة تسمى دهزاره (تبدى النُّور والقمري أضحى ... يُجَاوب فِي ترنمه هزاره) (فطاب الْوَقْت وَالدُّنْيَا وَلَكِن ... أَمر الْعَيْش فرقة دهزاره) وَقَوله (اذا محنة ضَاقَتْ بدرعك فاصطبر ... وثق بتقضيها اذا ساعد الْعُمر) (فرأسك غُصْن الصَّبْر وَالصَّبْر دوحة ... وَمَا دَامَ غُصْن الدوح ينْتَظر الثَّمر) 108 - الشَّيْخ الإِمَام الْمُوفق أَبُو مُحَمَّد هبة الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن أدام الله تَعَالَى عزه لِسَان الشَّرِيعَة وحصن الْأمة وشمس الْملَّة وَمحله فِي السؤدد والزعامة وإمامة الْخَاصَّة والعامة أجل وَأَرْفَع من أَن يذكر بالشعر الَّذِي هُوَ أدنى فضائله وأصغر خَصَائِصه وَلَكِنِّي أزين كتابي باسمه وأتوجه بِذكرِهِ وَأنْشد لَهُ أبياتا نطق بهَا لِسَان مجده فَمِنْهَا قَوْله فِي صباه كالعادة للأدباء السَّادة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 (سمحت بروحي فِي هَواهَا لأنني ... أرى الْمَوْت فِي حب الحسان يَسِيرا) (أَسِير وقلبي فِي هَواهَا مُقَيّد ... فأعجب بِإِنْسَان يسير أَسِيرًا) وَقَوله (وَلما بدا لي مِنْهَا النفور ... عدوت أصيح النفير النفيرا) وَقَوله فِي ذمّ حمام (وحمام لَهُ طبع عَجِيب ... يمِيل إِلَى الْبُرُودَة واليبوسه) (فنجم الْبرد مِنْهُ فِي سعود ... وَنجم الْحر مِنْهُ فِي نحوسه) وَكتب إِلَى بعض أَصْحَابه الْحُكَّام (يَا أَيهَا الْحَاكِم الحاكي شمائله ... حَيا الرّبيع وبدرا لي محياه) (أَظن نَار اشتياقي نَحوه اشتعلت ... حَتَّى أعارته حماه حمياه) 109 - أَبُو سعد الكنجروذي يذكر نيسابور فِي خمس طَبَقَات من أَهلهَا وهم الْفُقَهَاء والأدباء وَالشعرَاء والدهاقين والعراة ويعد فِي كل مِنْهَا مُتَقَدم الْقدَم ممتد الْغرَّة والتحجيل وَلَا يَتَّسِع كتابي هَذَا من تَفْصِيل هَذِه الْجُمْلَة إِلَّا لنبذ من شعره يعرب عَن سَعَة فَضله كَقَوْلِه فِي الْغَزل (إِذا انثنى ورنا سلت محاجره ... قواضبا وبدا مياس قضبان) (ردف كحقف وَقد من تمايله ... خوط وخصر حَكَاهُ خيط كتَّان) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 وَقَوله (يكسر ظهر الصب تكسيره ... للصدغ والجفن لَدَى الغمزه) (كَأَنَّمَا التجعيد من شعره ... فِي ألفات صُورَة الهمزه) وَقَوله (بَين مخط الْعَارِض امْتَدَّ من ... خَال وَشعر فَاحم خطّ) (كَأَنَّهُ خطّ الْكتاب الَّذِي ... لَاحَ عَلَيْهِ الْعَجم والنقط) وَقَوله (فِي وَجهك الزَّاهِر لي نزهة ... فَهُوَ بِمَا يجمع بُسْتَان) (لي نرجس مِنْهُ وَورد وَمن ... شَاربه الْأَخْضَر ريحَان) وَقَوله فِي الْخلاف الْأَحْمَر (انْظُر إِلَى أَحْمَر الصفصاف تحسبه ... بَين الرياض إِذا تَلقاهُ ممطورا) (حمر اليواقيت والأوراق بارزة ... زمردا ونداه الدّرّ منثورا) وَقَوله فِي الثَّلج (إِلَّا ترى الْيَوْم قد أصحت سحائبه ... دكنا وَأصْبح يَأْتِي ثلجه دفعا) (كَأَن ورق جمال عدن هائجة ... يرمين بيض لعام تنهمي قطعا) وَفِيه أَيْضا (جمد الثَّلج فلي مِنْهُ ... على العاج معاج) (وعَلى الأَرْض لنا مِنْهُ ... زجاج وزجاج) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 110 - أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بن عَليّ الطَّبَرِيّ رَحمَه الله ولد بنيسابور وَنَشَأ بهَا وتأدب فِيهَا مستظلا بِظِل الْكِفَايَة وَتخرج فَخرج مُنْقَطع القرين فِي أصُول الْأَدَب وفروعه وَالْجمع بَين ثماره ورياحينه وَإِضَافَة نثره الَّذِي هُوَ سحر الْبَيَان إِلَى نظمه الَّذِي هُوَ قطع الْجنان وخدع الزَّمَان على الحداثة من سنة والغضاضة من عوده وَهُوَ الْآن بالحضرة حرسها الله تَعَالَى فِي أَعْيَان كتاب الرسائل وَهَذِه فُصُول من نُسْخَة كتاب لَهُ يعرب عَن تقدم قدمه فِي الْكِتَابَة واتساع بَاعه فِي البلاغة كتبه إِلَى الأديب أبي عَليّ الْحُسَيْن المروروذي وَكَانَ خرج إِلَى جرجان بعد معاشرته إِيَّاه بنيسابور خرج الْأُسْتَاذ أدام الله عزه وَالْقلب بجناح الشوق نَحوه طَائِر إِلَّا وَهُوَ مَعَه سَائِر مثل صَاع الْعَزِيز فِي أرحل الْقَوْم وَلَا يعلمُونَ مَا فِي الرّحال استنشق نسيم سَلَامَته من كل وَاد واهدي إِلَيْهِ سلامي مَعَ كل رائح أَو غاد وَهَا أَنا مقصد بِسَهْم فِرَاقه موثق فِي قيد اشتياقه فالسلام على الْعَيْش حَتَّى أرَاهُ وَلَا مرْحَبًا بِالْحَيَاةِ أَو أَحْيَا بمحياه وَسَقَى الله أيامنا فِي ظله واستسعادنا بِقُرْبِهِ وانتهازنا فرص اللَّذَّة بِهِ إِذْ الْعَيْش غض وَالزَّمَان غُلَام ولقاؤه برد على أكبادنا وَسَلام أذكرهُ الله متنزهنا بآخرة وَالسَّمَاء زرقاء اللبَاس وَالشمَال ندية الأنفاس وَالرَّوْض مخضل الْإِزَار والغيم منحل الأزرار وَكَأن السَّمَاء تجلو عروسا وكأنا من قطرها فِي نثار والربى أرجة الأرجاء شاكرة صَنِيع الأنداء ذهب حَيْثُمَا ذَهَبْنَا ورد حَيْثُ درنا وَفِضة بالفضاء وَالْجِبَال قد تركت نَوَاصِيهَا الثلوج شيبا والصحارى قد لبست من نسج الرّبيع بردا قشيبا وَلَا ربع إِلَّا وللأنس فِيهِ مربع وَلَا جزع إِلَّا وَفِيه للعاشق مجزع والكؤوس تَدور بَيْننَا بالرحيق والأباريق تنهل مثل ذوب العقيق وتفتر عَن فار الْمسك وخد الشَّقِيق والجيوب تستغيث من أكف العشاق وسقيط الطل يعبث بالأغصان عَبث الدل بالغصون الرشاق والدن يجرح بالمبزال فتل الصايغ طوق الخلخال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 (إِذا فض عَنهُ الْخَتْم فاح بنفسجا ... واشرق مصباحا وَنور عصفرا) وَلَا نقل إِلَّا من رياض أدبه ومحاسن فَضله وخصايص خلقه وَمَكَارِم طبعه إِلَى كَلَام طَوِيل فَهَذَا نموذج من نثره وَهَذِه غرر من نظمه كَقَوْلِه (ومعذر نقش الْجمال بمسكه ... خدا لَهُ بِدَم الْقُلُوب مضرجا) (لما تَيَقّن أَن سيف جفونه ... من نرجس جعل النجاد بنفسجا) وَله من قصيدة (وَرب بَيْضَاء ريا الْجلد فَاء لَهَا ... ريعان من ترف غض وريعان) (طرقتها والسرى والعزم قد شهرا ... وَهنا غرارين من جفني وأجفاني) وَقَوله من قصيدة (بانوا بهيفاء يَعْزُو سيف مقلتها ... قلب المتيم فِي جَيش من الْفِتَن) (شمس على غُصْن هام الْفُؤَاد بهَا ... يَا وَيْح قلبِي من شمس على غُصْن) (وَطَالَ مَا غَابَ عَن جفني لزورتها ... وجفن سَيفي غرار النصل والوسن) وَقَوله من قصيدة فِي التَّوْحِيد وَالْإِنْس بالوحدة والكتب والاستغناء بِهِ عَن معاشرة النَّاس (وَلَقَد ألفت قناء بَيْتِي لابسا ... حلل الْغِنَا ألف القطا الأفحوصا) (لم ادرع طَمَعا وَلم امدد يدا ... نَحْو النوال وَلَا زجرت قلوصا) (أجتاب أَن خصرت أنامل راحتي ... من نسج دنى جُبَّة وقميصا) (وَإِذا أردْت منادما لم تلقني ... إِلَّا على عز الْعُلُوم حَرِيصًا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 (فترى الْكتاب مجالسا لي مودعا ... سَمْعِي فصولا تنتقي وفصوصا) (لَا مفشيا سري وَلَا متنمرا ... جهم اللِّقَاء وَلَا عَليّ خروصا) وَقَوله من نتفة (كم جَاهِل أحصى عَليّ بِزَعْمِهِ ... شيما يظنّ بهَا عَليّ مناقصا) (فأجبته وَيَد النوائب سددت ... عَن قوسها نَحْو الْفُؤَاد مشاقصا) (لَو كَانَ أيقاع الزَّمَان مساعدي ... لَوَجَدْتنِي فِي سكر عيشي راقصا) (الذَّنب للأيام حِين تركنني ... ظلما على جيدي لَهَا متواقصا) وَقَوله من نتفة (شباب هز عطفك لم ترقه ... خليع الرَّأْس فِي طرب وَلَهو) (فَأَنت إِذا وَقد ولى حثيثا ... لأخسر صَفْقَة من شيخ مهو) 111 - أَبُو حَفْص عَمْرو بن المطوعي الْحَاكِم قد نطق كتاب الْيَتِيمَة بِذكرِهِ والإفصاح عَن حَاله وَمحله وتضمن باكورة شعره وَهَذَا مَكَان ملح بديعة وإفراد مَعَاني أنيقة من غرر سحره الَّتِي سنحت لَهُ بعد فراغي من تأليف ذَلِك الْكتاب وَلَا غنية بِهَذَا الْكتاب عَن التزين بهَا وَهَذِه أَلْفَاظ لَهُ على مقدمتها كَقَوْلِه من كثر تبره كبر كبره وَقَوله حفظ الْأَيْمَان من وثايق الْإِيمَان وَقَوله الْهوى كثير الْهوى وَالْخمر ملاذ الملاذ وَقَوله بَينهمَا من الصّرْف مَا بَين الْولَايَة وَالصرْف وَقَوله لَيْسَ للشاتي كَجلْد الشَّاة وَمن بدايع شعره قَوْله فِي الْغَزل (يَا خَادِمًا يملك مني خَادِمًا ... قد صير الدُّنْيَا على خَاتمًا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 (كم دم صب قد صببت ظَالِما ... أخادما أَصبَحت أم أخادما) وَقَوله (خليلي إِنِّي وَاحِد الْعَصْر فِي الْهوى ... لمن قد غَدا فِي الْحسن وَاحِد عصره) (قضيب وَلَكِن مبسم النُّور ثغره ... وَبدر وَلَكِن المحاق لخصره) وَقَوله (قَالَت عهدتك تبْكي ... دَمًا حذار التناء) (فَمَا لعينيك جَادَتْ ... بعد الدِّمَاء بِمَاء) (فَقلت مَا ذَاك عِنْدِي ... لسلوة أَو عزاء) (لَكِن دموعي شابت ... لطول عمر بُكَائِي) وَقَوله (بانوا فأمطرت الأجفان بعدهمْ ... من نور عَيْني على خدي نَوْعَيْنِ) (حَتَّى إِذا نفضت عَيْني مدامعها ... بقيت أبكيهم دمعا بِلَا عين) وَقَوله (أضْحك كؤوسك بالصهباء مبتكرا ... فقد أَتَاك سَحَاب باكر شاكي) (يبكي ويضحك فِيهِ الْبَرْق مُبْتَسِمًا ... كَأَنَّهُ حِين يَبْدُو شَاكر شاكي) وَقَوله فِي نور الْخلاف المسكي (قُم هَات دهقانية ... وَعَلَيْك بالكاس الدهاق) (أَو مَا ترى نور الْخلاف ... كَأَنَّهُ نور الْوِفَاق) وَقَوله فِيهِ أَيْضا (أَو مَا ترى نور الْخلاف كَأَنَّهُ ... لما بدا للعين نور وفَاق) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 (كاكف سنور وَلَكِن نشره ... يسْعَى بفار الْمسك فِي الْآفَاق) وَقَوله فِي الريباس والباقلاء (يَا حسن ريباس أَتَاك مزاوجا ... للباقلاء الغض أَي زواج) (كأنامل قد غشيت بزبرجد ... وصلت بِهن سواعد من عاج) وَقَوله فِي الاسفاناخية (قد قلت للطباخ مَا جَاءَ فِي ... مرضِي بلون لَيْسَ فِيهِ طباخ) (هلا طبخت لنا سواهُ فَإِنَّهُ ... أَسف أَنَاخَ فَقيل اسفاناخ) وَقَوله فِي السُّلْطَان الْأَعْظَم أدام الله تَعَالَى ملكه (أرى حَضْرَة السُّلْطَان يُفْضِي عفاتها ... إِلَى روض مجد بالسماح مجود) (وَكم لجباه الراغبين لَدَيْهِ من ... مجَال سُجُود فِي مجَالِس جود) وَقَوله فِي التلفيق بَين سِتَّة من الطير (يَا رب ليل لَو تجسم ... لم يكن غير الغداف) (بتنا بِهِ وشرابنا ... صرف كعين الديك صَاف) (يسْعَى بِذَاكَ مهفهف ... بمحاسن الطاووس واف) (وَلنَا مغن لحنه ... للعندليب بِلَا خلاف) (حَتَّى سَمِعت تجاوب ... العصفور فِي قضب الْخلاف) (وَرَأَيْت باز الصُّبْح منشور ... القوادم والخوافي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 وَقَوله فِي مؤلف هَذَا الْكتاب (كَلَام أبي مَنْصُور فِيهِ عذوبة ... يَنُوب عَن المَاء الزلَال لمن يظما) (فنروي مَتى نروي بدايع نظمه ... ونظما إِذا لم نرو يَوْمًا لَهُ نظما) وَقَوله (من كَانَ فِي الْحَشْر لَهُ شَافِع ... فَلَيْسَ لي فِي الْحَشْر من شَافِع) (غير النَّبِي الْمُرْسل الْمُصْطَفى ... ثمَّ اعتقادي مَذْهَب الشَّافِعِي) 112 - أَبُو مَنْصُور يحيى بن يحيى الْكَاتِب فَاضل ملْء ثَوْبه كَاتب بِحقِّهِ وَصدقه شَدِيد الِاخْتِصَاص بالأمير أبي الْفضل الميكالي أدام الله تَعَالَى عزه مقتبس من نوره يَقُول (حدث أَخَاك إِذا عدمت مَطِيَّة ... إِن الحَدِيث مَطِيَّة للراجل) (واصحب ذَوي الْآدَاب إِنَّك لن ترى ... زلقا لرجلك مثل صُحْبَة جَاهِل) 113 - ابْنه أَبُو الْوَفَاء مُحَمَّد بن يحيى قد حَاز فِي عنفوان شبابه واقتبال زَمَانه محَاسِن الْأَدَب وبرع فِي النثر وَالنّظم وَأخذ بأطراف الْفضل فَمن بارع شعره قَوْله فِي الْأَمِير أبي الْفضل أدام الله عزه من قصيدة (سعاد خدمَة الأرباب أولى ... بمثلي من سعاد أَو ربَاب) (عنيت بِهِ بني ميكال من لَا ... يداني جودهم جود السَّحَاب) (هم رحضوا خمول الدَّهْر عني ... وأعطوني وَقد صفرت وطابي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 (ودلوني على العلياء حَتَّى ... دخلت على العلى من كل بَاب) (وَمن يمدح عبيد الله يقْدَح ... بزند فِي الْمَعَالِي غير كاب) (ويستمسك بِحَبل لَيْسَ يخْشَى ... عَلَيْهِ قطّ دَاعِيَة انقضاب) (سأستغني بِهِ عَمَّن سواهُ ... كَمَا استغني الشَّبَاب عَن الخضاب) (أدام الله دولته وأجنى ... يَدَيْهِ ثمار عَيْش مستطاب) (وَعوده سَعَادَة كل عيد ... يعاوده إِلَى يَوْم الْحساب) وَكتب إِلَيْهِ أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الْبَغَوِيّ الْكَاتِب (رَأَيْت الْفضل يحيى يَا بن يحيى ... فجانبه أَبُو يحيى طَويلا) (مودته ممازجة لقلبي ... كَمَا قد مازج المَاء الشمولا) فَأَجَابَهُ أَبُو الْوَفَاء (أَبَا عبد الآله بقيت جزل الْكَلَام ... تنيلنا برا جزيلا) (فَمَا ابْن المزن زوج بنت كرم ... ليمهرها أَخُو الْكَرم الغفولا) (بأشهى من كلامك فِي فُؤَادِي ... وَقد سلى الجوى وشفى الغليلا) وَقَالَ أَيْضا (سقى عهد الصِّبَا مطر الدُّمُوع ... وَأَيَّام الْحمى غيث الرّبيع) (سِنِين طويتها شهرا فشهرا ... وَلم أعرف جُمَادَى من ربيع) وَقَالَ (قل للأمير وَمن لي ... بِأَن يرد جوابي) (سللت جسمي لما ... سللت سيف العتاب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 وَقَالَ (بقيت بمرو الروذ فِي عدَّة الْمَطَر ... وَطول مقَام الْمَرْء فِي مثلهَا خطر) (إِذا مَا أَذَان الرَّعْد آذاننا وعت ... لَقينَا بهَا الْحِيطَان تسْجد للمطر) وَقَالَ من أُخْرَى أميرية (لله در الصِّبَا مَا كَانَ أطيبه ... لَو أَن صرف اللَّيَالِي لم يصب درره) (أَيَّام غُصْن شَبَابِي ناضر خضل ... مرفرف الظل تجني راحتي ثمره) (لَا أزْجر الطير مهما زرت غانية ... وَلَا يطيرني العذال والزجره) (إِذا مَرَرْت بخدر دون هودجه ... خوادر الْأسد آبى أَو أرى قمره) (أرى السَّعَادَة فِي سعدي وطلعتها ... واليمن فِي حر وشى اليمنة الحبره) (يَا رب يَوْم بَحر الشَّمْس منتقد ... أزارنيها اشتياقي وَهِي منتظره) (فاستقبلتني فِي كحلي معجرها ... كَسنة الْبَدْر بالظلماء معتجره) (إِذا خطت خطْوَة نحوي لتكرمني ... رَأَيْت خلْخَالهَا يستخدم الشعره) (وَرب ليل يكَاد الصُّبْح يسْبقهُ ... أَعَارَهُ شطر إِبْهَام القطا قصره) (قد ضمنا تَحت أذيال السرُور مَعًا ... كالورد قد ضم فِي أكمامه زهره) (سقيا لَهُ من زمَان لست أذكرهُ ... إِلَّا رَأَيْت دموع الْعين مبتدره) (هَيْهَات مَا للفتى فِي دهره عوض ... عَن الشَّبَاب فَخذ عَن عَالم خَبره) (إِلَّا لِقَاء عبيد الله سيدنَا ... هَذَا الْأَمِير فَذَاك العيشة النضره) وَهِي طَوِيلَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 114 - أَخُوهُ أَبُو سَلمَة أيده الله تَعَالَى خلف أَبِيه وشبيه أَخِيه وَكَاتب الْأَمِير أبي الْفضل أدام الله تَعَالَى عزه والمتخلق بخلقه والجاري فِي طرقه وَالْمُسْتَمْلِي صحف فَضله وَمن لَا يتَمَيَّز خطه من خطه وَهُوَ أشبه بِهِ من الْغُرَاب بالغراب وَالتَّمْرَة بالتمرة وَله شعر كخطه مثل قَوْله فِي الْغَزل (ظلم الحبيبة من يشبه قدها ... بالغصن عِنْد تبختر وعناق) (فالغصن يسمج حِين يسْقط نوره ... وجمالها فِي كل وَقت بَاقٍ) وَكتب إِلَيْهِ أَبُو يعلى الْبَصْرِيّ يستهديه حبرًا فَأَجَابَهُ إِلَى مَا طلب وَعَما كتب بِأَبْيَات مِنْهَا (وَبعد فَقَط أنفدت حبرًا كَأَنَّهُ ... يحاكي ظلام اللَّيْل أَو منَّة الوغد) (إِذا مَا جرى فِي الطرس خلت سوَاده ... على الرّقّ نور الْحق مَعَ ظلمَة الْجحْد) (وَحقّ الْهوى لَو كَانَ أسود ناظري ... وحبة قلبِي كنت أَهلا لَهَا عِنْدِي) 115 - أَبُو الْفضل إِسْمَعِيل بن مُحَمَّد بن الْحسن الْكَرَابِيسِي الْحَاكِم أيده الله تَعَالَى من أشعر الْفُقَهَاء وأفقه الشُّعَرَاء وَمن الْعلم حَشْو ثِيَابه وَالْعقل وَالْفضل من أَوْصَافه يَقُول وَيحسن (تمنيت أَن تحيى حَيَاة هنيئة ... وَأَن لَا ترى كرّ الزَّمَان بِلَا بِلَا) (رويدك هذي الدَّار سجن وَقل مَا ... يمر على المسجون يَوْم بِلَا بِلَا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 116 - أَبُو مَسْعُود أَحْمد بن عُثْمَان الخشنامي أيده الله من حَسَنَات نيسابور وفضلائها وشعرائها وَكَلَامه كثير الرونق ظريف الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل كَقَوْلِه (وجاهل لج فِي مشاتمتي ... وَلم يكن مبقيا على جاهي) (سكت عَنهُ وَلم أبال بِهِ ... والحلم مِمَّا يزين أشباهي) (وَبَين فكي صارم ذكر ... أغمده عَنهُ خشيَة الله) وَقَوله (يَا واليا عز الْولَايَة عره ... فسطا لذاك على الْأَنَام وتاها) (اقصر فذل الْعَزْل يتبع عزه ... عطر الْولَايَة لَا يَفِي بفساها) وَقَوله (يَا سيدا آثر الْمَعَالِي ... فَلَيْسَ عَنْهَا لَهُ انحياز) (حَقِيقَة الْمجد فِي يَدَيْهِ ... وَفِي يَدي غَيره مجَاز) (فَهُوَ لذنب الزَّمَان عذر ... وَهُوَ لثوب العلى طراز) وَقَوله (أَقُول لمن يعد الشيب نورا ... وَيَزْعُم أَنه يكسو وقارا) (أحب من الْوَقار إِلَيّ شعر ... يحاكي لَونه سبجا وقارا) وَقَوله (أَقُول وَقد عوتبت حِين شربتها ... وحيدا وَمن أنس النديم عديما) (عدمت نديما سالما لي غيبه ... فصيرت كاسي مونسا ونديما) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 وَقَوله فِي الْغَزل (وَجه أبي الْفَتْح إِذا مَا بدا ... يُغني عَن الْبَدْر إِذا مَا طلع) (لَوْلَا دفاع الله عَن خصره ... إِذا ثناه رَاكِعا لانقطع) وَقَوله فِي الْحِكْمَة (أترجو فِي زَمَانك صفو عَيْش ... وَقد عري الزَّمَان من الصفاء) (وَتَأمل من بني الدُّنْيَا وَفَاء ... وَمَا شَيْء أعز من الْوَفَاء) وَقَوله فِي فَتى يشتكي ضرسه وَهُوَ يُعَارض أَبَا سعد بن خلف (شكت أقاحيك فاشتكيت لَهَا ... يَا قبْلَة الْحسن فتْنَة الْبَلَد) (وَجهك شمس الضُّحَى إِذا طلعت ... تضر بالأقحوان وَالْبرد) 117 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الشَّيْخ أبي عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن طَلْحَة أيدهما الله تَعَالَى كريم الطَّرفَيْنِ شرِيف الْجَانِبَيْنِ عريق فِي الْأَدَب وَالْفضل وَالْكَرم وسنه الْآن دون الْعشْرين وشعره فَوق شعر المفلقين المبدعين وَقد مرت بِي قصيدة لَهُ فِي أَبِيه لَو قَالَهَا البحتري أَو أَبُو فراس الحمداني لما زادا وأولها (أعاتب صرف الدَّهْر والدهر عَاتب ... وأطلب مِنْهُ رد مَا هُوَ ذَاهِب) (وَأَرْجُو من الْأَيَّام بالوصل عودة ... وَتلك أماني النُّفُوس الكواذب) (شكاتي من دهري فَمن ذَا ألومه ... وعتبي على عَيْني فَمن ذَا أعاتب) (كفى حزنا إِنِّي أرى الْبَحْر جانبا ... وَبِي ظمأ عَن منهل الرّيّ جَانب) (وهون وجدي إِنَّنِي لست وَاحِدًا ... من النَّاس حرا لم تصبه النوائب) (وَإِنِّي على مَا بِي ليجذب همتي ... إِلَى سَاكِني نجد من الشوق جاذب) (رعى الله دَارا بالحمى هِيَ دَارنَا ... وقوما هم أحبابنا والحبائب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 (فكم بالحمى من مرهف الْقد ناعم ... قد اخْتلفت للشعر فِيهِ الْمُنَاسب) وَمِنْهَا (محياه للورد الجني ملابس ... ورياه للمسك الذكي مسالب) وَمِنْهَا (فيا دَار بل يَا دارة الْبَدْر فِي الدجى ... سقتك دموعي لَا سقتك السحائب) (أما وَالَّذِي تنضى إِلَى حج بَيته ... مخيسة قب الْبُطُون شوازب) (لقد خانني إِلَّا اشتياق مبرح ... وأسلمني إِلَّا دموع سواكب) (قضى رَبنَا أَن يصدع الشّعب صادع ... فَمَا طمعي أَن يشعب الصدع شاعب) وَمِنْهَا (سأضرب فِي أقْصَى الْبِلَاد وإنني ... إِلَى الأمد الْأَقْصَى من الْمجد ضَارب) (وللدهر أَنْيَاب ضواح ضواحك ... إِلَيّ وأسياف قواض قواضب) وَمِنْهَا (ودوية لَا مآء إِلَّا سرابها ... وَلَا ركب إِلَّا آلها المتراكب) (كَأَن مطايانا مخاريق لاعب ... تألق فَوق الأكم والأكم لاعب) وَمِنْهَا (قَطعنَا إِلَى الشَّيْخ الرئيس مجاهلا ... وجبنا الفيافي وَهِي قفر سباسب) (وَسَار بِنَا رَحل وكور ونمرق ... وساع وساع خطوه متعاقب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 (ليفرح محزون وَيقبل مُدبر ... ويأمن مرتاع ويظفر طَالب) (وتدرك حاجات وتحوى رغائب ... وتبلغ آمال وتقضى مآرب) وَمِنْهَا (بعيد منَاط الْهم أقرب همه ... فدع ذكر أقصاه النُّجُوم الثواقب) (وَكم أَقرَأ الْأَعْدَاء كتبا حروفها ... ظبى ورماح والسطور مقانب) (وأمطر فاخضرت بقاع نجوده ... وَلَا حسنها ناض وَلَا المَاء ناضب) (وللمجد أَعْلَام سوام سوابق ... إِلَيْهِ وأقدام رواس رواسب) وَختم القصيدة بقوله (فَلَا زلت يَا شمس المكارم طالعا ... بأفق الْمَعَالِي والشموس غوارب) (وَلَا زلت مخضر الجناب فَإِنَّمَا ... بجودك يخضر السنون الأشاهب) 118 - أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن أَحْمد بن مُحَمَّد أيده الله قد امتزج الْأَدَب بطبعه ونطق الزَّمَان بِلِسَان فَضله وَلَئِن أحوجه الزَّمَان إِلَيّ التَّأْدِيب على كراهيته إِيَّاه وتبرمه بِهِ لارْتِفَاع مَحَله عَنهُ أَن لَهُ أُسْوَة فِي المؤدبين الَّذين بلغُوا معالي الْأُمُور وَبعد صيتهم بعد الخمول كالحجاج بن يُوسُف وَعبد الحميد بن يحيى وَأبي عبيد الله الْأَشْعَرِيّ كَاتب الْمهْدي وَأبي زيد الْبَلْخِي وَأبي سعيد الشيبي وَأبي الْفَتْح البستي وَغَيرهم وَمَا أليق قَول البحتري بِحَالهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 (مواعد للأيام فِيهِ ورغبتي ... إِلَى الله فِي إنجاز تِلْكَ المواعد) وَكَذَلِكَ قَول ابْن الرُّومِي (أما ترى الْمسك بَينا هُوَ على حجر ... يذله كل ذل فَهُوَ عطار) (إِذْ بلغته صروف الدَّهْر غَايَته ... فَحل منزله من رَأس جَبَّار) وَله نثر حسن وَشعر بارع كَقَوْلِه فِي مؤلف هَذَا الْكتاب (لَئِن كنت يَا مولَايَ أغليت قيمتي ... وأغليت مقداري وأورثتني مجدا) (وَقصرت فِي شكريك فالعذر وَاضح ... وَهل يشْكر الْمولى إِذا أكْرم العبدا) وَكتب على ظهر كتاب سحر البلاغة لَهُ (سحرت النَّاس فِي تأليف سحرك ... فجَاء قلادة فِي جيد دهرك) (وَكم لَك من معالي فِي معَان ... شَوَاهِد عندنَا بعلو قدرك) (وقيت نَوَائِب الدُّنْيَا جَمِيعًا ... فَأَنت الْيَوْم جاحظ أهل عصرك) وَقَالَ فِي الْحجاب (يَا من غَدا سَابِقًا فِي كل مكرمَة ... وَدون رتبته الغايات والرتب) (إِن كنت محتجبا عَنَّا فَلَا عجب ... فالشمس فِي حجرات السحب تحتجب) وَقَالَ يهجو (وَقَالُوا لي أَبُو حسن كريم ... فَقلت الْمِيم هَاء فِي العباره) (وَمَا لجلاله أهجوه لَكِن ... رَأَيْت الْكَلْب يرْمى بالحجاره) وَقَالَ (لَا بَارك الرَّحْمَن فِي عمري ... إِن سرني قرب أبي عَمْرو) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 (وَهُوَ صَعِيد قد تيممته ... إِذْ لَيْسَ يجْرِي المَاء فِي النَّهر) وَقَالَ (عرضت على الخباز نَحْو الْمبرد ... وكتبا حسانا للخليل بن أَحْمد) (ورؤيا ابْن سِيرِين وَخط مهلهل ... وتوحيد جهم بعد فقه مُحَمَّد) (وأنشدته شعر الْكُمَيْت وجرول ... وغنيته لحن الْغَرِيض ومعبد) (فَمَا نفعتني دون أَن قلت هاكها ... مُدَوَّرَة بيضًا تطن على الْيَد) وَقَالَ فِي مراءى (يرى النَّاس أَنِّي كالمسيح بن مَرْيَم ... وَفِي ثَوْبه الْمَسِيح أَو هُوَ أغدر) (أغركم مِنْهُ تقلص ثَوْبه ... وَذَلِكَ حب تَحْتَهُ الفخ فاحذروا) وَقَالَ (لم تقعدوا فَوقِي لفرط نباهة ... وجلال قدر أَو علو مَكَان) (وَالنَّار يعلوها الدُّخان وطالما ... ركب الْغُبَار عمائم الفرسان) وَقَالَ (إِنِّي بليت بحرفة ... بؤسا لَهَا من حرفه) (هِيَ حِرْفَة لَكِنَّهَا ... مقرونة بالحرفه) وَقَالَ (نغوض للسيادة يشتهيها ... وَلَيْسَ هُنَاكَ آلَات السياده) (كعنين أَرَادَ نِكَاح بكر ... وَلم يقدر فَمَال إِلَى القياده) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 وَقَالَ (من كَانَ يعشق مِنْكُم شادنا غنجا ... الْبَدْر يُشبههُ وَالشَّمْس تحكيه) (فلست أعشق إِلَّا كل ذِي أدب ... الوشي من يَده والدر من فِيهِ) 119 - أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن المؤمل الْحَرْبِيّ من أَوْلَاد أَحْمد بن حَرْب الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل فِي الزّهْد والنسك ويزار قَبره بنيسابور مُنْذُ مِائَتي سنة وترفع الْحَاجَات إِلَى الله عز ذكره وَهُوَ أعمر الْمشَاهد بهَا وَقد لبس أَبُو مُحَمَّد برد شبابه على فضل مكتهل وظرف مقتبل وَشعر مَقْبُول وأدب معسول فَهُوَ كَمَا وصف الصاحب بعض فضلاء الندماء فَقَالَ إِن أردْت فَهُوَ سبْحَة ناسك أَو أَحْبَبْت فَهُوَ تفاحة فاتك أَو اقترحت فَهُوَ مدرعة رَاهِب أَو آثرت فَهُوَ تَحِيَّة شَارِب وَمن ملح شعره قَوْله (أيا من فَضله عَم البرايا ... ونال المجتدون بِهِ المباغي) (ترفق بالرسول فدتك نَفسِي ... فَلَيْسَ على الرَّسُول سوى الْبَلَاغ) وَقَوله فِي النيروز (يَا شمس أهل الْمشرق أسعد فقد ... حلت بِرَأْس الْحمل الشَّمْس) (واشرب على طلعة نيروزها ... كأس مدام يدم الْأنس) وَقَوله من قصيدة (ثار الْغُبَار غَدَاة ثارت عيسهم ... فشممت من ذَاك الْغُبَار عبيرا) (تالله لَو شاهدت وَقت وداعهم ... لرأيت دمعا فِي الخدود غزيرا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 (وَلَقِيت مِنْهُم من يشق صداره ... وَلَقِيت منا من يشق صدورا) وَقَوله (قَالُوا التحي فَبَدَا الظلام بِوَجْهِهِ ... فتسل عَنهُ فَإِنَّهُ لَا يرتجى) (فأجبتهم كَيفَ التسلي بَعْدَمَا ... زَادَت محَاسِن وَجه لما دجى) (فالنجم يحسن فِي الظلام وَقل مَا ... يَبْدُو بهاء الْبَدْر إِلَّا فِي الدجى) وَقَوله لمؤلف الْكتاب (قد أشرقت أرجاء نيسابور ... وطلعت طلائع السرُور) (بِعُود مَوْلَانَا أبي مَنْصُور ... لَا زَالَ فِي عز وَفِي حبور) (ودولة تبقى على الدهور ... ) 120 - أَبُو الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد الْعَرُوضِي الْمَعْرُوف بالصفار إِمَام فِي الْأَدَب خنق التسعين فِي خدمَة الْكتب وَأنْفق عمره على مطالعة الْعُلُوم وتدريس متأدبي نيسابور وإحراز الفضايل والمحاسن وَهُوَ الْقَائِل فِي صباه (أوفى على الدِّيوَان بدر الدجى ... فسل نُجُوم السعد مَا حطه) (أخطه أَمْلَح أم خَدّه ... ولحظه أفتن أم لَفظه) وأنشدني لنَفسِهِ فِي جمع أَسمَاء الْكَوَاكِب السَّبْعَة فِي بَيت وَاحِد (يَا من يقدر أَن الدَّهْر ينصره ... بكوكب عَاجز بِاللَّه فانتصر) (لَا تُشْرِكْنَ بِرَبّ الْعَرْش تجهله ... كوكبا كلهَا تجْرِي على قدر) (عُطَارِد زهرَة وَالشَّمْس مَعَ زحل ... كالمشتري الْفَرد والمريخ كَالْقَمَرِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 وأنشدني رَحمَه الله لنَفسِهِ (لعزة الْفضة المبرة ... أودعها الله قلب صخره) (حَتَّى إِذا النَّار أخرجتها ... بِأَلف كد وَألف كره) (أودعها الله كف وغد ... أقسى من الصخر ألف مره) 121 - أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الصبغي من أهل البيوتات بنيسابور وَكَانَ يجمع أدبا وظرفا ويناسب شعره روحه خفَّة وَيخرج فِي الْعشْرَة من القشرة فاحتضر فِي عنفوان شبابه وتقطعت بِهِ أَسبَاب آدابه ورثاه الْفَاضِل الظريف صديقه أَبُو مَنْصُور عَليّ بن أَحْمد الحلاب الْكَاتِب أيده الله تَعَالَى بقوله (وَلما نعى الناعي أَبَا بكر الَّذِي ... رمى الدَّهْر عين الْفضل حِين أَصَابَهُ) (تقطع قلبِي حسرة وتلهفا ... وَلم أبكه لَكِن بَكَيْت شبابه) (غزته المنايا من قريب وحددت ... لأترابه طفر الْحمام ونابه) (ويوشك أَن ينحو بِنَا نَحوه الردى ... ويسكننا ربع البلى وجنابه) (سقى الله صوب الغاديات ضريحه ... وَأكْرم فِي دَار الْبَقَاء مآبه) (خليلي صبرا للرزايا فَكل من ... من الترب مَخْلُوق سيلقى ترابه) وَمن ملح أبي بكر قَوْله (باكر أَبَا بكر بكاس ... واشرب على ورد وآس) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 (واخلع عذارك جامحا ... مَا بَين إبريق وطاس) (فالعيش عَيْش ذَوي الصِّبَا ... وَالدّين دين أبي نواس) وَقَوله (رحم الله من رأى نظم شعري ... فَدَعَا لي بِمَا أَشرت إِلَيْهِ) (قَالَ يَا رب نجني من هَوَاهُ ... أَو فَرد الَّذِي يحب عَلَيْهِ) وَقَوله فِي إِنْسَان رازي كَانَ يَدعِي أَنه من اللاسكية وينتحل شعر ابْن بابك (أم الَّذِي يزْعم أَنِّي لاسكي ... حجامة تزوجت بحائكا) (وكل مَا ينشد من أشعاره ... فِي شعر عبد الصَّمد بن بابكا) 122 - أَبُو مَنْصُور بن أبي عَليّ الْكَاتِب أيده الله تَعَالَى من آدب الْكتاب بنيسابور وأعرفهم بالرسوم وَله خطّ حسن وَشعر كتابي كَقَوْلِه فِي تَرْجَمَة شعر فَارسي حَيْثُ قَالَ (لَيْسَ كل الَّذِي انتضى من دَوَاة ... قَلما بَالغ العلى بالأداة) (إِن حمل الْعَصَا لغير بديع ... قَلبهَا حَيَّة من المعجزات) فارسيته (نه هركو قلم بركرفت ازدوا ... شفا كرد دانذ جهانرا زادا) (عَصا بركرفتن نه معجز بوذ ... همي ازدها كرد بايذ عَصا) وَكتب إِلَى صديق لَهُ اسْتعَار مِنْهُ كتابا فِي شعر (وقفت على أبياتك الغر إِنَّهَا ... بدايع مَا قدمت لي من نثاركا) (وَإِنِّي وأجزاي وَمَا ملكت يَدي ... فدَاء رَسُول جَاءَ من بَاب داركا) (أمامك مَا تخْتَار مِنْهَا وَغَيرهَا ... فبادر إِلَى مَا تشْتَهي باختياركا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 (ودمت لأهل الود دوح مَكَارِم ... تفيدهم طيب الجنى من ثماركا) وَقَالَ فِي تهنئة بعض الْعمَّال بِولَايَة الدِّيوَان (لِيَهنك يَا بدر الْمجَالِس والصدر ... طلوعك فِي الدِّيوَان للنَّهْي وَالْأَمر) (تهنا بك الْأَعْمَال إِذْ أَنْت فخرها ... وقدرك عَمَّا نلته أرفع الْقدر) (وزينت بك الْأَيَّام إِذْ أَنْت حليها ... وَالْعصر أَنْت الْفَخر للعصر والمصر) (فَلَا زلت فِي ربع العلى متربعا ... تساعدك الْأَيَّام فِي أهنأ الْعُمر) 123 - عبد الرَّحْمَن الدوغي الْفَقِيه أيده الله تَعَالَى يَقُول فِي الْمَدْح (جنابك مثل روضات الْجنان ... ومنك تنَال غايات الْأَمَانِي) (حللت من المكارم فِي ذراها ... فَفِيهَا أَنْت كالسبع المثاني) (وَأَنت لفرط فضلك صرت فِينَا ... أحب من الشَّبَاب إِلَى الغواني) (إِذا عدت محاسنك القوافي ... غفرنا مَا جنته يَد الزَّمَان) (فَلَا زَالَت من الرَّحْمَن يعمى ... لديك قطوفها أبدا دوان) وَله فِي مختط ينتف (لما رأى شعر العذار ... بخده قد جَازَ حَده) (وابتز بهجة وَجهه ... أمضى بِسَوْط النتف حَده) وَله من قصيدة (برزت إِلَيْك عرايس الْأَشْجَار ... فِي حلية الْأَنْوَار والأزهار) (تحلى سجاياك الحميدة كلما ... عانقن وَفد الرّيح بالأسحار) (وكأنما الأطيار فِي ترجيعها ... تنثى إِلَيْك بلحن موسيقار) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 (وَكَأن صوب الْقطر كل عَشِيَّة ... آثَار سيبك فِي ذَوي الأقتار) ذكر الزوازنة وملح أشعارهم فَمنهمْ 124 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد اليوسفي كَانَ من أفرادهم أدبا وفضلا ومفلقيهم نظما ونثرا ولفظته زوزن إِلَى أقطار الأَرْض وآفاق الْبِلَاد وحرفة الْأَدَب زميله ونزيله وَحَلِيفه وأليفه وتصرفت بِهِ أَحْوَال فِي تَأْدِيب ولد ابْن ينفع وانتجاع الصاحب وَغَيره وطالت مدَّته فِي الغربة ثمَّ عَاد إِلَى الوطن على غير قَضَاء الوطر وَلم يلبث أَن انْتقل من ضيق الْعَيْش إِلَى ضيق الْقَبْر لم يلق بَين الضيقين فسحة وَرَحْمَة الله تَعَالَى حَسبه وَهَذِه فصوص من كَلَامه ورسائله فصل تحيرت فَمَا أَدْرِي أفارة مسك فتقت أم شمامة كافور نفحت أم لطيمة فض ختامها أم قسيمة فرقت أقسامها أم محَاسِن وصال كأنهن محامد نظمن عقدا وفضايل نسقن عقدا وَكَأن زمانها عطار ولياليها أسحار فصل نَحن الْيَوْم فِي بَاغ وَفِي زمن غير بَاغ وظلال أَشجَار موقرة بالثمار نزود بَينهَا كَمَا نُرِيد بَين قيان تجود عَلَيْهَا فتجيد فصل فِي وصف أَطْعِمَة وحلاوى صحاف أنقى من الْفضة بشرة تتناوب على الْمَائِدَة عشرَة عشرَة بعد بَوَادِر ومخللات تحسبها الْجَوَاهِر محللات وَقل يَا سَيِّدي فِي الفالوذج المعكك والقرص السكرِي المفكك والقاطولي الَّذِي يُقَال عِنْده لليد طولى والقرص العسلي الَّذِي يهون لبس العسلى أَوْصَاف أرق من أوصافي مفصص بفيروزج الفستق مفضض بلباب اللوز فِي مثله يتنافس الْمُتَنَافسُونَ وَله يعْمل الْعَامِلُونَ فصل بخور لَهَا فِي مجْلِس بخار وعقار يهون فِيهَا الْعقار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 فصل صحو يكَاد من الغضارة يمطر وأزهار تكَاد من الاهتزاز تنظر فصل أما والحدق المراض وسهام الألحاظ وَالرَّوْض غب الْقطر فَإِن لَهَا حَقًا وأنفاس السحر فَإِنِّي عَبدهَا رقا إِنِّي مُنْذُ حرمت مِنْك حلاوة الرضى ودعت الْعَيْش المرتضى وَبت على مِثَال جمر الغضا وحد السَّيْف المنتضى وَيَا لَيْتَني كنت نسيا منسيا قبل أَن أعد لديك مجرما ومسيئا وليت الطير يخطفنني والدن تحطمنني فَإِن ذَلِك أَهْون من تَفْرِيع ذَلِك القريع وعتبه الَّذِي صنع بِي صَنِيع السَّيْف الصَّنِيع فصل أَرَانِي الله بهَا أَهلا كَانُوا للفضل أَهلا فصل الشوق الَّذِي أقاسي يصدع الْحجر القاسي وَالَّذِي مر برأسي يهد الْجَبَل الراسي من نواكب أوهت المناكب وعوارض شيبت الْعَوَارِض ومحن عِظَام أثرت فِي الْعِظَام وللأنام دوَل متعاقبة وللصبر الْجَمِيل عَاقِبَة فصل بَلْدَة هِيَ من أخلاقه جونة الْعطر وَمن محاسنه عيد الْفطر فصل مَا أولاه بِمثل مَا أولاه وأحراه بِمثل الَّذِي تحراه وأحقه بالشكر الَّذِي اسْتَحَقَّه فصل هَذَا وسميه فَلَا يحرمني وليه وَقد سر بِالِابْتِدَاءِ فليسر بِالْعودِ وليه وَهَذِه غرر ودرر من شعره فَمِنْهَا قَوْله من قصيدة أَولهَا (تبدلت من بعد الحبيب المفارق ... سَواد اللَّيَالِي وابيضاض مفارقي) وَمِنْهَا (سقى البارق الغوري عذبا من الحيا ... محلتنا بَين العذيب وبارق) (وأغنى مغانيها وأرضى رياضها وشق بلطم الْقطر خد الشقائق) (محلّة ايناسي ومغنى أوانس ... ومركز رايات ومرعى أيانق) (فيا يَوْمهَا كم من منَاف مُنَافِق ... وَيَا لَيْلهَا كم من مواف مُوَافق) وَمِنْهَا (كَأَنِّي شهد مجتنى لفم الردى ... وكل مصيبات الزَّمَان ذوائقي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 وَمِنْهَا (وَلم أنتبه إِلَّا وذكرك صَاحِبي ... وَلم أغتمض إِلَّا وطيفك طارقي) وَقَوله من قصيدة صاحبية فِي العيادة والتهنئة بالإقبال (أطلع الله للمعالي سعودا ... وَأعَاد الزَّمَان غضا جَدِيدا) وَمِنْهَا (بعث الدَّهْر جنده وبعثنا ... نَحْو دَعْوَة الآله جُنُودا) (يَا عميد الزَّمَان إِن اللَّيَالِي ... كدن يتركن كل قلب عميدا) (حادثات أردن إِحْدَاث هدم ... لعلاه فأحدثت تشييدا) وَقَوله من أُخْرَى (سَلام عَلَيْهَا إِن عَيْني عِنْدَمَا ... أشارت بلحظ الطّرف تخضب عِنْدَمَا) وَمِنْهَا (وزرت بِهِ كَافِي الكفاة وَعِنْده ... أرى الْفضل فَذا والتفضل توأما) وَمِنْهَا (ينَال لَدَيْهِ معتفى الْفضل أجر مَا ... سقى وينال الْعَفو من كَانَ أجرما) وَمِنْهَا (وَمَا السَّيْف صمصام وَلَا الرمْح فِي الوغا ... أجم إِذا لم يلف عزما مصمما) وَقَالَ يهجو (أَمْسَى أجل الشّعْر لَا ينتقي ... وأجهل النَّاس بِهِ من نقد) (إِن الَّذِي ميز أشعارنا ... أولى من النَّقْد برعى النَّقْد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 وَقَالَ (مطارحة الوسائد فِي النوادي ... مُمَيزَة اللئام من الْكِرَام) (يطاهن الْكَرِيم بأخمصيه ... وَهن يطأن اقفاء اللئام) وَقَالَ فِي أُخْرَى (وكلفني من بلايا الْفِرَاق ... حكما يطاع وَمَا أَن يُطَاق) (رَقِيب يعوق وخل يعق ... وَحسن يروق ودمع يراق) (وقلب يصب ودمع يصب ... وَنَفس تشاق وروح تساق) (سقى الله حَالين من دَهْرنَا ... طراد العناق وَطيب الْعتاق) وَقَالَ (اثْنَان أجمع أهل الْآدَاب ... أَن لَا يعابا) (المستميح شرابًا ... وَالْمُسْتَعِير كتابا) 125 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن عَليّ البحاثي زِينَة زوزن وظرف الظّرْف وَرَيْحَان الرّوح يَقُول فِي هجاء لحيته الطَّوِيلَة (يَا لحية قد علقت من عارضي ... لَا أَسْتَطِيع لقبحها تَشْبِيها) (طَالب فَلم تفلح وَلم تَكُ لحية ... لتطول إِلَّا والحماقة فِيهَا) (إِنِّي لأظهر للبرية حبها ... وَالله يعلم أنني أقليها) وَيَقُول فِي ذمّ خَال على وَجه بعض من يهجوه (أَبُو طَاهِر فِي الشوم واللوم غَايَة ... بعيد عَن الْإِسْلَام وَالْعقل وَالدّين) (على وَجهه خَال قريب من أَنفه ... كَمثل ذُبَاب وَاقع فَوق سرقين) وَله فِي مرثية أبي بكر الصبغي الَّذِي تقدم ذكره من نتفة (وارحمتا لشبابه ... إِذْ لم يمتع بالشباب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 (وَكَأَنَّهُ فِي قَبره شمس ... تَوَارَتْ بالحجاب) وَله فِي الْغَزل (لما ترحل من أَهْوى وَدعنِي ... وصرت من بعده حيران مبهوتا) (نظمت درا على القرطاس من غزلي ... وَمن دموعي على الْخَدين ياقوتا) وَله (ينيكون غزلان الحسان وَلَا أرى ... غزالا من الغزلان فَردا بساحتي) (فَمن يَك قد لَاقَى من النيك رَاحَة ... فَفِي راحتي والريق أنسي وراحتي) وَله (وَلما رأبت الْفقر ضَرْبَة لازب ... وَلم يَك لي فِي الْكَفّ عقد على عقد) (وَلَا لي غُلَام قد يناك وَلم يكن ... سَبِيل إِلَى التّرْك المكحلة الجرد) (شريت قبيحا من بني الْهِنْد أسودا ... ونيك هنود السود خير من الْجلد) وَمن أحسن مَا قيل فِي وصف الْبِطِّيخ قَوْله (وزائرة تاهت عَليّ ببردها ... ويعجبني مِنْهَا خشونة جلدهَا) (ثَقيلَة مَا بَين الإهاب قَصِيرَة ... وصفرتها تبدو بِظَاهِر خدها) (وفاح لَهَا طيب يسير أمامها ... فيحيي لنَفس الصب ميت وجدهَا) (فَقُمْت إِلَيْهَا مسرعا فافترعتها ... وذقت لذيذا من عسيلة شَهِدَهَا) وَقَالَ فِي قصر بناه ضد لَهُ (بنى أَبُو الْعَبَّاس فِي دَاره ... قصرا فَلَا متعهُ الله بِهِ) (نَام عَن الْجُود وَلكنه ... فِي بخله مستيقظ منتبه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 وَقَالَ فِي التبرم بالأدب (إِنِّي أَقُول وَخير القَوْل أصدقه ... والصدق يحمل أَحْيَانًا على الْكَذِب) (لَا تجمعن أبدا علما وَلَا أدبا ... وجد فِي طلب الْأَمْوَال واغترب) (فِي المَال زين وفخر إِن ظَفرت بِهِ ... والبؤس والنحس والأدبار فِي الْأَدَب) وَله عِنْد خُرُوجه فِي سفر (خرجت مَعَ الركب الْغَدَاة مُسَافِرًا ... فيا لَيْت شعري هَل أأوب مَعَ الركب) (إِذا ذكرت نَفسِي ديار عشيرتي ... تحدر دمع الْعين سكبا على سكب) وَقَالَ (أَقُول إِذا رمت الحادثات ... بِي من بحار الأسى فِي لجج) (أيا نفس صبرا عَسى الله أَن ... يقدر لي عَن قريب فرج) وَقَالَ فِي أَحْمد الخشنامي (وَذي أدب بر رميت ببعده ... معِين على الْأَيَّام أفديه من أَخ) (بِهِ أرخ الْمَعْرُوف وَالْمجد والعلى ... وَلَوْلَا تناهى مجده لم يؤرخ) (وَقد كنت أَشْكُو الْبَين فِي ربع فَرسَخ ... فَكيف وَفِيمَا بَيْننَا ألف فَرسَخ) وَقَالَ فِي غُلَام تركي (بليت بقناص الضراغم شادن ... من التّرْك لم تحلل تمائمه بعد) (تضيق عَليّ الأَرْض من ضيق عينه ... وينزف شعري شعره الفاحم الْجَعْد) وَقَالَ من قصيدة (لَا وأفخاذ الصغار ... وأحيراح الْجَوَارِي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 (وستيه من صبي بَالغ ... حد العشاري) (وصغير من بني التّرْك ... يسقى بالكبار) (لَا أطيع العاذل الْجَاهِل ... فِي ترك الْعقار) (همتي شرب خمور ... من يَدي ذَات خمار) (أَو يَدي ظَبْي غرير ... رخو مَعْقُود الْإِزَار) (لست وَالله على اليم ... مَعَ الزير بزاري) 126 - أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد القوهي أحد فضلاء الزوازنة وشعرائها يَقُول فِي شكاية فقهائها لما اخْتَارُوا لزعامتهم أسرا فيل الغزنوي (لنا فُقَهَاء شرهم جد مُحكم ... وَإِن زل خير مِنْهُم فَهُوَ ينْسَخ) (أَقَامُوا على النَّاس الْقِيَامَة جهرة ... وَجَاءُوا بإسرافيل فِي الصُّور ينْفخ) وَله من قصيدة (كم من مود لَهُ عقار ... عقاره شدّ وَهُوَ خفا) أَي صَار عقار بِالتَّشْدِيدِ وَصَارَ هُوَ موديا بِالتَّخْفِيفِ 127 - أَبُو يعلى الزوزني من أشهر فضلائها وظرفائها وَهُوَ الْقَائِل من نتفة (لم أزل قَائِلا بِفَضْلِك فِي السَّرَّاء ... فَانْظُر إِلَيّ فِي الضراء) وَهُوَ الْقَائِل (أنلني يَا حَلِيف الْمجد سؤلي ... وَلَا تنظر إِلَى ثقل الرَّسُول) (فَإِن ضَرُورَة الْأَيَّام تلجى ... أحايينا إِلَى الرجل الثقيل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 128 - أَبُو الْحسن العَبْد لكاني وَالِد أبي مُحَمَّد العَبْد لكاني الَّذِي طبق الدُّنْيَا بِشعرِهِ الْمليح الظريف وَكتاب الْيَتِيمَة مختوم بِهِ وعهدي بملكين يجْرِي شعره على لِسَان كل مِنْهُمَا وهما الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس مَأْمُون بن مَأْمُون خوارزم شاه والأمير صَاحب الْجَيْش أَبُو المظفر نصر بن نَاصِر الدّين رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وأرضاهما فَأَما وَالِده أَبُو الْحسن فَإِنَّهُ يَقُول فِي قَرْيَة بهداذين من قرى زوزن مَا استظرف الْبَيْت الْأَخير مِنْهُ وَهُوَ (اشرف ببهداذين من قَرْيَة ... عَن شاينات الْعَيْب فِي حرز) (لَكِنَّهَا من لؤم سكانها ... حطت إِلَى الذل من الْعِزّ) (مَا إِن ترى فِيهَا سوى خامل ... جلف دني أَصله كز) (لَا تعجبوا مِنْهَا وَمن أَهلهَا ... فالسوس لَا يُنكر فِي الْخَزّ) وَيَقُول فِي التماجن (رجل أسدى إِلَيْنَا صَالحا ... فمعاذ الله أَن نجهله) (بل نكافيه بِهِ أضعافه ... إِن من يفس لنا نخر لَهُ) 129 - أَبُو عَليّ بن أبي بكر بن حشبوية الزوزني أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم بن أبي مَنْصُور لَهُ (تعجب من مشيبي فِي شَبَابِي ... كَأَن لم تلق من قبلي مشيبا) (فَقلت ذرى التَّعَجُّب إِن هَذَا ... زمَان يَجْعَل الْولدَان شيبا) وأنشدني غَيره لَهُ أَيْضا (لَيْسَ من قلَّة الْعُقُول أَتَيْنَا ... بل لما سَاقه الجدود العواثر) (كَيفَ نرجو نجاحنا من رَئِيس ... لَيْسَ يحظى لَدَيْهِ إِلَّا مواجر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 130 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي عَليّ بن جَعْفَر الْمَعْرُوف بِابْن سيسنبر الزوزني يَقُول فِي معنى تفرد بِهِ وَهُوَ يَقع فِي بَاب تكلم كل إِنْسَان من صناعته وَقد مر مثله فِي ذكر أبي بكر القوهي وَغَيره (كفى الشيب عَيْبا إِن صَاحبه إِذا ... أردْت لَهُ وَصفا بِهِ قلت أشيب) (وَكَانَ قِيَاس الأَصْل إِن قست شائبا ... وَلكنه فِي جملَة الْعَيْب يحْسب) يعْنى أَن معائب خلق الْإِنْسَان فِي كَلَام الْعَرَب يَجِيء أَكْثَرهَا على أفعل مثل أعمى وأعرج وأعور وأزرق واحول وأقرع وأصم وأبخز وأوقص 131 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن أَحْمد رزغيل لَهُ (إِلَى الله أَشْكُو مَا لقِيت من النَّوَى ... فَلم يلق مِنْهَا مَا لقِيت متيم) (فِرَاق وهجر واشتياق وغربة ... فَللَّه قلب بَينهُنَّ مقسم) وَله (ولي همة فَوق نجم السَّمَاء ... وَلَكِن حَالي تَحت الثرى) (فَلَو ساعدت حالتي همتي ... لَكُنْت ترى غير مَا قد ترى) وَله (أَبَا الْفضل يَا عين الْفَضَائِل إِنَّنِي ... عَلَيْك لمثن غير إِنِّي قَاصِر) (وَإِن الَّذِي يرنو إِلَى الشَّمْس ناضرا ... ليرْجع عَنْهَا طرفه وَهُوَ حاسر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 ذكر سَائِر أهل نواحي نيسابور مِنْهُم 132 - طَاهِر بن عبد الله الْبَيْهَقِيّ كتب إِلَى أَحْمد بن عُثْمَان الخشنامي الَّذِي تقدم ذكره (يَا بن عُثْمَان يَا كريم السجايا ... صانك الله عَن جَمِيع البلايا) (أَنْت فِي الْفضل والبراعة والظرف ... وكل الْخِصَال فقت البرايا) (صَحَّ لما رَأَيْتُك الْيَوْم عِنْدِي ... قَوْلهم إِن فِي الزوايا خبايا) 133 - أَبُو الهيجاء عَليّ بن حمدَان الخوافي يَقُول فِي الشَّيْخ الإِمَام الْمُوفق أدام الله عزه (إِن الْمُوفق لَو كَانَت أنامله ... بحرا لآذن أهل الأَرْض بِالْغَرَقِ) (وَلَو نثرت على الدُّنْيَا محاسنه ... مَا أنبتت غير حسن الْخلق والخلق) وَيَقُول فِي مطايبة أهل زوزن (إِن التكهرش عَادَة يحظى بهَا ... أهل الْمَرْوَة وَالَّذِي يتظرف) (لكنه فِي أهل زوزن عَادَة ... مطبوعة وَلأَهل خواف تكلّف) 134 - أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الباخرزي غرَّة شادخة فِي وَجه ناحيته مَرْغُوب فِي شعره أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْفضل القائني رَحمَه الله قَالَ أَنْشدني أَبُو الْعَبَّاس الباخرزي الْكَاتِب لنَفسِهِ وَكَانَ إِذْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 ذَاك يكْتب للشَّيْخ العميد أبي الْقَاسِم مَنْصُور بن مُحَمَّد بن كثير أدام الله عزه بغزنة (قل للأمير السَّيِّد النحرير ... فقت الورى وفضلت كل أَمِير) (إِن شِئْت أَن يزْدَاد ملكك بسطة ... بوزير ابْن وَزِير ابْن وَزِير) (فَعَلَيْك بالشيخ العميد المرتجى ... مَنْصُور بن مُحَمَّد بن كثير) (فَيكون فِي الدِّيوَان صدر وسَادَة ... وَيكون فِي الأيوان صدر سَرِير) وَذكر اسْم الممدوح وَاسم أَبِيه وجده مَعًا صَنْعَة حَسَنَة فِي محَاسِن الشّعْر فَإِذا اتّفق مَعَ ذَلِك ذكر الكنية فناهيك بِهِ كَمَا قَالَ الْأَصْمَعِي الشَّاعِر للشَّيْخ أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد ابْن كثير رَحمَه الله تَعَالَى يَوْم استوزر ببخارا (صدر الوزارة أَنْت غير كثير ... لأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن كثير) فَأحْسن فِي الْجمع بَين الكنية وَالِاسْم وَاسم الْأَب وجنس بِذكر كثير وَكثير فَإِن كَانَ الباخرزي قصر فِي ذكر الكنية فقد برع فِي ذكر اسْم الْجد وَقَول الْأَصْمَعِي أبرع وَأحلى وَلم أسمع فِي مثل هَذَا أشف من قَول أبي الْقَاسِم الاليماني من قصيدة إِلَى الشَّيْخ الْجَلِيل أبي عَليّ مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي فَإِنَّهُ ذكر بَلْدَة الممدوح وَبهَا كَانَ يعرف فَأتى بِالِاسْمِ والكنية وَاسم الْأَب والبلدة ولي فِي مثل هَذَا النَّقْد وأشباهه من صَنْعَة الشّعْر وصيغته ومحاسنه ومعانيه كتاب يَقع فِي مائَة بَاب وَقد ابتدأته وَلم أتممه بعد وَأَرْجُو أَن يوفق الله لإتمامه وَمن عزمي أَن لَا أقتصر فِيهِ على النّظم دون النثر وَأَن أعنونه بسر الصِّنَاعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى عَاد ذكر أبي الْعَبَّاس حَدثنِي أَبُو عَليّ الْحسن بن أبي الطّيب قَالَ كتبت إِلَى أبي الْعَبَّاس وَهُوَ بغزنة هذَيْن الْبَيْتَيْنِ (الله أسأَل أَن أَرَاك قَرِيبا ... وَيعود عود الْوَصْل مِنْك رطيبا) (حَتَّى تكون لداء فرقتك الَّذِي ... شقّ الْقُلُوب مداويا وطبيبا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 فَأَجَابَنِي بِهَذِهِ الأبيات (استودع الله الحفيظ حبيبا ... يحْكى إِذا نظم القريض حبيبا) (متطبعا طبع الشآم مبرزا ... متدرعا طرف الْعرَاق أديبا) (ضافي الْمَرْوَة ناشيا أَو يانعا ... صافي الْأُخوة مشهدا ومغيبا) (حقت بِهِ لِأَبِيهِ كنيته الَّتِي ... يزْدَاد فِيهَا كل يَوْم طيبا) (فخرا بِهِ يَا أهل مالين الَّتِي ... لولاه كَانَ بِهِ الأديب غَرِيبا) وأنشدني لَهُ أَيْضا من نتفة فِي الهجاء (مَا فِيهِ فضل وَلَا عقل وَلَا أدب ... وَلَا حَيَاء وَلَا دين وإيمان) (لَو خطّ فِي الْخبز حرف من معائبه ... لم يَأْكُل الْكَلْب مِنْهُ وَهُوَ غرثان) (أَو شيب بِالْمَاءِ شَيْء من خلائقه ... لم يشرب القرد مِنْهُ وَهُوَ عطشان) وَله فِي الشُّكْر والاستعفاء من كَثْرَة الْبر (مهلا فَمَا بعد هَذَا الْبر امكان ... وَلَيْسَ فَوق الَّذِي أَحْسَنت أحسان) (فالماء إِن جَاوز الْمِقْدَار مهلكة ... وَالْعدْل إِن جَاوز المرسوم عدوان) (إِن الْأَصَابِع خمس وَهِي كَامِلَة ... فَإِن يزدن فَذَاك الْفضل نُقْصَان) 135 - أَبُو عَليّ الْحسن بن أبي الطّيب الباخرزي أيده الله تَعَالَى فَتى كثر الله فضائله وَحسن شمائله فَالْوَجْه جميل تصونه نعْمَة صَالِحَة والخلق عَظِيم تزينه آدَاب راجحة والنثر بليغ تضمنه أَمْثَال بارعة وَالنّظم بديع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 كُله أحاسن لامعة وَأَنا كَاتب من نثره مَا يُربي على الدّرّ المنثور وَمن نظمه مَا يَأْخُذ بِمَجَامِع الْقُلُوب جملَة من أَلْفَاظه فِي كل فن نعم الْعَادة للْإنْسَان إِعَادَة الْإِحْسَان لَا تجْعَل الْجزع كسْوَة فَتكون للنسوة أُسْوَة طُوبَى لمن عقله يُغْنِيه عَمَّا لَا يعنيه من قنع بِمَا يَكْفِيهِ فرايك فِيهِ العذل على الْبَذْل فعل النذل السعيد من يبدئ الْبر ثمَّ يُعِيد الشقي من شكاه التقي لَا تضطرب فِي مخالب المحنة فتمزقنك بأنياب الاحنة من تزَود التقى استمسك بالعروة الوثقى من دفئ بجمر الْخمر عري من برد الْبرد أنزه المناظر والمجالس مَا سَافر فِيهِ نَاظر الْجَالِس والوصب نتيجة النصب والراحة ثَمَرَة الاسْتِرَاحَة الصَّبْر على الأوصاب أَمر من ألصاب رداءة الملبوس شعار البوس وجودة البزة عَلامَة الْعِزَّة من نكد الدُّنْيَا طول حَيَاة الْحَيَّات وَقصر آجال الرِّجَال الرَّحِيق على الرِّيق حريق وَبعد الطَّعَام برد وَسَلام لَا يستبدع العبوس من الْمَحْبُوس لَو كَانَ الهدهد طَبِيبا لصير بَيته طيبا من يعْدم خيرك يخْدم غَيْرك الطَّبْع على الرخيص حَرِيص وللغالي قَالَ فلَان لَا يمسكني فَأقر وَلَا يتركني فأفر فلَان يخلف عداتي ويشمت عداتي مَا شِئْت من لفظ بار ورزق غير دَار لَا أشتغل بِوَصْف الشوق فقد كبر عَمْرو عَن الطوق وَلَا بشرح الْمَوَدَّة من الْجَانِبَيْنِ فقد بَين الصُّبْح لذِي عينين فصل لحى الله زَمَاننَا من زمَان سقط فِيهِ سعر الشّعْر وَظَهَرت كآبة الْكِتَابَة وانخفض علم الْعلم وَنصب نهى النَّهْي وَعز وجود الْجُود وانسد بَاب الْأَلْبَاب وانطوى بِسَاط الانبساط وارتفع قدر القدروانقطعت فَائِدَة الْمَائِدَة وخابت وَسَائِل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 السَّائِل وَقَامَت سوق الفسوق وَمن بدايع شعره ولطائفه قَوْله فِي غُلَام صوفي لم يسْبق إِلَيْهِ (وشادن يَدعِي التصوف قد ... أورثت الْحور حيرة صفته) (أصفى لَهُ مهجتي تصوفه ... ورقعت تَوْبَتِي مرقعته) قَوْله فِي غُلَام خياط (قولا لخياطنا خفِيا ... يَا أوحد الْعَصْر فِي الْجمال) (قد مزق الهجر ثوب صبري ... فجد بخيط من الْوِصَال) وَقَوله فِي غُلَام مزين (مزين زانه حسن وإحسان ... فَمَا يشاكله فِي الشكل إِنْسَان) (حمامه كجحيم من حرارته ... لَكِن مَتى تأته يخدمك رضوَان) وَمن أَفْرَاد مَعَانِيه قَوْله فِي التلفيق بَين النبل والقوس (وَبدر أعير قوام النبال ... تقوست من هجره كالهلال) (وَلما ترَاءى غَدَاة الْوَدَاع ... كالنعمة اقْتَرَبت من زَوَال) (أطلت الحنين وزدت الأنين ... وأصبحت من سوء حَالي بِحَال) (كَذَاك القسي تطيل الأنين ... إِذا كلفوها فِرَاق النبال) وَقَالَ فِي مختط قَارب الالتحاء (يَا بدر إِنَّك قد بلغت ... من الْجمال مدى كمالك) (أخْشَى عَلَيْك دجى الْكُسُوف ... وَقد بَدَت آثَار ذَلِك) (عهدي بخالك وَهُوَ عين ... الدَّهْر يشغل عَن جمالك) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 (فَبِأَي عذر قد سترت ... بكم خطك وَجه خَالك) وَقَوله فِي مختط خطاط (قد قلت لما فاق خطّ عذاره ... فِي الْحسن خطّ يَمِينه المستملحا) (من يكْتب الْخط الْمليح لغيره ... فلنفسه لَا شكّ يكْتب أملحا) وَقَوله فِي صبية مليحة توفى أَبوهَا فأفرطت فِي الْجزع (ودرة حسن أنفدت حسن صبرها ... وَفَاة أَبِيهَا فَهِيَ تبْكي وتجزع) (فَقلت اصْبِرِي فاليتم زادك قيمَة ... أَلَيْسَ يَتِيم الدّرّ أبهى وأبدع) وَقَوله فِي قينة بِيَدِهَا كاس (ظللت أفكر طول النَّهَار ... وَقد حملت ذهبي الْعقار) (أَفِي يَدهَا ذهبي الْعقار ... بِأَحْسَن أم ذهبي السوار) وَقَوله (سأعمر بِالشرابِ شباب عمري ... وَترك الشّرْب قبل الشيب لوم) (وأبذل فضل مَالِي قبل موتِي ... فمورث مَاله عِنْدِي ملوم) (وأهزم بالعقار جنود عَقْلِي ... لكيلا يشغل الْقلب الهموم) (وَلَا أخْتَار قبل الشيب زهدا ... لِأَن البقل قبل الْخبز شوم) (وَلَا أَرْجُو دوَام الْعُمر علما ... بِأَن الْعُمر شَيْء لَا يَدُوم) وَقَوله فِي ذمّ الشَّرَاب (لَا تسقنيه فَإِنِّي أَيهَا الساقي ... أَخَاف يَوْم التفاف السَّاق بالساق) (هَذَا الشَّرَاب يهيج الشَّرّ نشوته ... فميز الشَّرّ عَنهُ واسقني الْبَاقِي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 يَعْنِي اسْقِنِي المَاء القراح بِالْفَارِسِيَّةِ وَقَوله فِي غُلَام أصهب الشَّارِب (بَدَت صهبة فِي مسك شَارِب مالكي ... فَأَطْرَقَ عشاق وعابته أَعدَاء) (وشاربه لَا غرو إِن كَانَ أصهبا ... فمرتعه ورد وسقياه صهباء) وَقَوله (حشوت قُلُوبنَا بقلى ومقت ... لفرط رعونة فِي كل وَقت) (فَإِن تَكُ قد جَلَست الْيَوْم فَوقِي ... فربت لَيْلَة قد نمت تحتي) وَقَوله (لنا صَاحب للزاد آكل من رحى ... وَلكنه للراح أشْرب من قمع) (إِذا نَحن ضفناه تغير وَجهه ... وَمهما أضفناه تلألأ كالشمع) وَقَوله (دَعَاني أَحْمد قبل الشروق ... وَأَمْسِكْنِي إِلَى وَقت الطروق) (وَلما جعت عشاني لَدَيْهِ ... بقرص الشَّمْس مَعَ بيض الأنوق) 136 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الْحسن بن الْأَمِير الباخرزي الْخَطِيب قَاضِي الظراف يَقُول فِي زعيم ناحيته أبي سعيد خِدَاش بن أَحْمد (ولي أبدا أَمْرَانِ يكتنفانني ... هما عدتا ديني ودنياي سرمدا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 (شهادتي التَّوْحِيد لله خَالِصا ... وحبي فِي الدُّنْيَا خِدَاش بن أحمدا) وَيَقُول (أهيم بِذكر التيرشاذ صبَابَة ... وَمَا بِي إِلَّا حب من حل واديها) (وَإِن نسيما من ريَاح جبالها ... أحب من الدُّنْيَا إِلَيّ وَمَا فِيهَا) وَيَقُول (بِحَق النَّبِي وَحقّ الْوَصِيّ ... وَحقّ المشاعر والقبلة) (أنلني مرادي يَا منيتي ... وَمَا أَن أروم سوى قبْلَة) سَائِر أهل بِلَاد خُرَاسَان 137 - أَبُو نصر أَحْمد بن عَليّ بن حَفْص العمروي أيده الله فَرد طوس وغرتها وحسنة النوقان ونكتتها وَله أدب غزير يجمع الْفضل أَطْرَافه ومجد قويم تحرس الْمَرْوَة أكنافه وَأَنا كَاتب من شهره مَا هُوَ أدنى فضائله كَقَوْلِه فِي الْغَزل (مشوش الصدغ سَاحر الحدق ... معشق الْخلق فاتن الْخلق) (كَأَن صدغيه فَوق عَارضه ... من غسق رَفْرَف على فلق) وَقَوله فِي فَتى جَاءَهُ بآلات البخور ليبخره (ومورد الْخَدين بَادر ... نَحْو عاشقه بمجمر) (بالنفخ صير عوده ... مَا بَين مجمرة معنبر) (وبماء ورد خلته ... من ورد عَارضه الْمنور) (حييته ولعا وَقلت ... لَهُ مقَالا لَيْسَ يُنكر) (نفحات ندك دون مسك ... فَوق عارضك الْمُكَفّر) (والورد فِي خديك نَاب ... عَن ابْنة الصافي الممطر) الحديث: 137 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 (فاحمر وجنته وَأظْهر ... حسنه مَا كَانَ مُضْمر) (وبدت لآل مِنْهُ فِي ... صدف من الْيَاقُوت أَحْمَر) وَقَوله (تَحت القلنسوة السَّوْدَاء لي قمر ... تحار فِي حسنه الألحاظ والفكر) (فِي سَرْجه غُصْن بَان مِنْهُ بَان لنا ... من العقيق كمام نوره دُرَر) (فِي وَسطه أنجم الجوزاء لائحة ... فَوق الْكَثِيب وَمن أَعْلَاهُ لي قمر) وَقَوله (وبنفسجي الثَّوْب حَيا مدنفا ... ببنفسجي بستانه وعذاره) (غُصْن بدا لي فِي قبَاء بنفسج ... مِنْهُ وَبدر لَاحَ من أزراره) وَلَو حضرني شعر أَخَوَيْهِ أبي عمر حَفْص وَأبي عبد الله مُحَمَّد ابْني عَليّ بن حَفْص أيدهما الله لكتبته فهماهما فِي الْفضل وَالْأَدب الغض وَالْكَرم الْمَحْض وَإِذا حصلت ألحقته وَلم أشن كتابي بالخلو مِنْهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى 138 - أَبُو عَليّ الْفضل بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الطبرستي من أَنْجَب شُبَّان طوس وأجمعهم للمحاسن والفضائل وأبرعهم فِي النّظم والنثر على غَضَاضَة عوده واقتبال شبابه وَهُوَ خلف من أَبِيه أبي الْحُسَيْن رَحمَه الله إِذْ كَانَ غرَّة شادخة فِي وَجه بلدته جَامعا بَين الْأَدَب وَالشعر وَالْفِقْه فاخضر وَمَا مَاتَ من خلف مثله وَمثل أَخِيه أبي الْقَاسِم وَقد كتبت بعض مَا وَقع إِلَيّ من شعر أبي عَليّ كَقَوْلِه الحديث: 138 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 (فديت من قد جفاني فِي مودته ... لكنني لهواه لَا أكافيه) (إِنِّي نظرت إِلَى فِيهِ فَلم أره ... حَتَّى رنوي إِلَى فِيهِ نكى فِيهِ) (لَو صِيغ خَاتِمَة للخصر منْطقَة ... مِنْهُ لَكَانَ للطف الخصر كافيه) وَقَالَ أَيْضا (سبى الْقلب بدر سر عَيْني طلوعه ... صباحا فوا قلباه عِنْد غروبه) (إِذا استل سيف الهجر فاضت توجعا ... غرُوب شؤوني من شؤون غروبه) وَله أَيْضا فِي الهجو (غير الْمَقُول عيوبه كالواو من ... عَمْرو يرى وَاللَّفْظ عَنهُ قصير) (كالنون من زيد يُقَال مديحه ... بِاللَّفْظِ لَكِن لَا يرَاهُ بَصِير) وَله فِي شكوى الزَّمَان (لقد ضقت ذرعا من عجائب ذَا الدَّهْر ... يُوَافق نذلا ثمَّ يَسْطُو على حر) (ترى الْحر فِيهِ مُعسرا لَيْسَ عِنْده ... وَلَو بلغ المجهود غير أَذَى الْفقر) (وكل لئيم فِي رخاء ونعمة ... كَذَاك أُمُور الدَّهْر تجْرِي على الْقدر) (على ذَاك أَن الْحر يلقى افتخاره ... ورفعته فِي الْفضل لَا الْيُسْر والعسر) (وَكم مُعسر فِيهِ الْفَضَائِل جمة ... وَكم مُوسر لَا فضل فِيهِ مَعَ الْيُسْر) وَله فِي نسيب قصيدة (أَبيت مسهدا أبْكِي انفرادي ... بِمن هُوَ فِي رقاد من سهادي) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 (تعاطى الْجِسْم من عَيْنَيْهِ سقما ... فعاضت عينه مني رقادي) (وصوبني انحناء الصدغ مِنْهُ ... فَعلم صُدْغه قلقا فُؤَادِي) وَفِي هَذِه القصيدة قَالَ للمدوح (خلائقه الحميدة حِين تحصى ... على الْأَيَّام تأبى عَن نفاد) (ابر من الْأَنَام وَإِن يفدى ... لَهُ طَوْعًا إِذا مَا عَن فاد) (لَئِن قبلت يَد الْإِعْسَار حرا ... تَجدهُ لما جنت يمناه وَادي) (فَصَارَ المجتدون إِلَيْهِ طرا ... من الْآفَاق طامحة الهوادي) (وألقوا من يَدَيْهِ مَا تمنوا ... وبشرهم نداه بالمعاد) (يُبَالغ جاهدا فِي الْجُود حَتَّى ... ينيل نوال كفيه الأعادي) 139 - أَبُو الْقَاسِم عمر بن عبد الْعَزِيز السَّرخسِيّ الملقب بالجكرزي من أظرف خلق الله وأحلاهم مذاق معاشرة وأعذبهم مساغ منادمة وأجمعهم بَين جد كعلو الْجد وهزل كحديقة الْورْد ومجون ألطف من نسيم الصِّبَا وَشعر كعهد الصِّبَا كَقَوْلِه (مَا قَوْلكُم فِي ماجن ... النيك أكبر همه) (لم يلق فِي الدُّنْيَا حرا ... مذ كَانَ غير حرَامه) وَقَوله (هبت ريَاح معاشر عاشرتهم ... وَوجدت ريحي أولعت بِسُكُون) (فعجبت مِنْهُ وَقلت بعد تلهف ... يَا لَيْت قوما نكتهم ناكوني) الحديث: 139 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 وَقَوله (قَالُوا التحى قلت مهلا ... حديثنا ذُو شجون) (قد كَانَ بدر تَمام ... فَعَاد كالعرجون) (وَلست أعمى وَلَكِن ... أنيكه لمجوني) وَكتب إِلَى صديق لَهُ مَعَ عراضة هروية أهداها لَهُ (أَيهَا الْفَاضِل الَّذِي قد كستني ... غر آدابه من الْعِزّ ريطا) (فِي أست قاليك ألف زب من القبط ... وهنيت فستقا وقبيطا) وَقَالَ للشَّيْخ حجاج بن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الاسفرايني وَقد خر سقف دهليزه بنسا فتطير من ذَلِك (أَتَاك السعد مشدود النطاق ... يبشرنا بعزك فَهُوَ بَاقٍ) (وشيد عِنْد بابك للمعالي ... رواقا رائقا عالي المراق) (وَأحكم صنع هيكله فأضحى ... رواق الطين قالب ذَا الرواق) (فَلَمَّا تمّ واستعلى مشيدا ... على حسن التئام واتساق) (تولى السعد نفض رواق طين ... كَذَاك يهد قالب كل طاق) وَكتب إِلَى صديق مَعَ هَدِيَّة (النَّمْل تعذر فِي مِقْدَار مَا حملت ... وَالْعَبْد يعْذر فِي مِقْدَار مَا ملكا) (وَلَو أطَاق لأهدى الفرقدين مَعًا ... وَالشَّمْس والبدر والعيوق والفلكا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 وَكتب إِلَى صديق لَهُ دَعَاهُ فِي يَوْم فطر (إِن شهر الصَّوْم ضيف نَازل ... فَإِذا مَا حل فانشط لقراه) (وقمد الْفِيل يَوْم الْفطر فِي ... سرم من يفْطر فِي بَيت سواهُ) 140 - العمركي الميهني أشهر شعره وأجوده قَوْله (إِذا أردْت أَن تعيش سالما ... فَكل مَا لم يَك يَعْنِيك فدع) (وَإِن طلبت الرزق فاقنع بِالَّذِي ... أُوتِيتهُ واقطع من النَّاس الطمع) (سل رب مسؤوليك تعط أَنه ... من سَأَلَ السَّائِل خَابَ واتضع) (فَأَنت وَالنَّاس عبيد وَاحِد ... من شَاءَ أعطَاهُ وَمن شَاءَ منع) 141 - أَبُو بكر النسوي الْفَقِيه هُوَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم وَقد ظرف وملح فِي قَوْله لغلام صائغ وَلم أسمع فِيهِ غَيره (وشادن صائغ هام الْفُؤَاد بِهِ ... وحبه فِي سَواد الْقلب قد رسخا) (يَا لَيْتَني كنت منفاخا على فَمه ... كَيْمَا أقبل فَاه كل مَا نفخا) وَله أَيْضا فِيهِ (قد كنت ذَا قلب رخي فارغ ... حَتَّى ابْتليت بحب بدر بازغ) (وَلَقَد رضيت بِأَن أكون سبيكة ... فأصاغ فِي حَانُوت ذَاك الصَّائِغ) الحديث: 140 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 142 - أَبُو مَنْصُور قسيم بن إِبْرَاهِيم القائني الملقب ببزرجمهر شَاعِر مفلق مبدع باللسانين من شعراء السُّلْطَان الْأَجَل أدام الله تَعَالَى ملكه يَقُول فِي استطالة الشتَاء واستبطاء الرّبيع مَا تفرد بِمَعْنَاهُ وَأحسن كل الْإِحْسَان فِي التَّشْبِيه البديع حَيْثُ قَالَ (لقد حَال دون الْورْد برد مطاول ... كَأَن سعودا غيبت فِي مناحس) (وحجب فِي الثَّلج الرّبيع وَحسنه ... كَمَا اكتن فِي بيض فراخ الطواوس) وَله فِي الهجاء البديع (بخلتم فود الْمُشْركُونَ لَو أَنهم ... قدورهم كَيْلا تمسهم النَّار) وَله أَيْضا (رَأَيْتُك تبغي بِسوء الصَّنِيع ... ثَنَاء جميلا مسوقا إليكا) (وتغسل قبل الضيوف الْيَدَيْنِ ... كَأَنَّك تغسل مِنْهُم يديكا) 143 - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الله الاسكافي أديب كَاتب شَاعِر كثير المحاسن سمع قولي فِي كتاب الْمُبْهِج كَأَن ورق النرجس ورق وعينه عين فنظمه بقوله (ونرجس قد لَهُ الْقد من ... زبرجد فِي قدر شبرين) (فالورق الغض مصوغ لَهُ ... من ورق وَالْعين من عين) الحديث: 142 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 وأنشدني لنَفسِهِ فِي الْورْد (قلت للورد هَل ترى لَك بدا ... من رحيل يسوءنا مِنْك جدا) (قَالَ احكي الحبيب لونا ولينا ... ونسيما كَمَا أحاكيه صدا) وأنشدني لنَفسِهِ فِي معنى تفرد بِهِ (الله أشهد والملائك أنني ... لعَظيم مَا أوليت غير كفور) (نَفسِي وقاؤك لَا لقدري بل أرى ... أَن الشّعير وقاية الكافور) وَفِي هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه (نَفسِي فداؤك وَهِي غير عزيزة ... فِي جنب نَفسك وَهِي جد عَزِيز) (وَلَقَد يقي الْخَزّ الثمين أذاته ... فِي وقته كف من الشونيز) وَله فِي الشيب (فرشت لشيبي أجل الْبسَاط ... فَلم يستطب مَجْلِسا غير راسي) (فَقلت لنَفْسي لَا تنكريه ... فكم للمشيب كراسي كراس) وأنشدني لنَفسِهِ (عَسى المهم الْمخوف يَكْفِي ... لَطِيفَة من لطائف الله) (فلطف صنع الآله عِنْدِي ... وَظِيفَة من وظائف الله) 144 - القَاضِي أَبُو أَحْمد مَنْصُور بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ الْهَرَوِيّ قد ضمنت كتاب الْيَتِيمَة ذكره إِلَّا أَنِّي لم أعْطه حَقه وَلم أقدر قدره لعلتين الحديث: 144 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 إِحْدَاهمَا أَنِّي فِي ذَلِك الْوَقْت لم يكن وَقعت بيني وَبَينه معرفَة وَلَا اتّفقت لي بِعظم مَحَله وعلو فَضله إحاطة وَالْأُخْرَى أَن محَاسِن نظمه وبدائع نثره قلت لدي إِذْ ذَاك بل عزت وأعوزت ثمَّ طلع على من بعد وتقدر لي التقاء بِهِ بعد فراغي من كتاب الْيَتِيمَة فأحدثت مُنَاسبَة الْأَدَب وَذمَّة الْمعرفَة وَحُرْمَة الغربة بَيْننَا حَالا هِيَ الْقَرَابَة أَو أخص وامتزاج النُّفُوس أَو أمس وشملني من جلائل مننه ودقائق كرمه مَا أثقل ظَهْري واستنفد شكري وجمعت يَدي من غرر كَلَامه ودرر نظامه على مَا يُمَيّز لَهُ اللَّيْل المظلم ويتصف بِهِ الدَّهْر الظَّالِم وَقد أودعت الْآن كتابي هَذَا لمعا من نثره ونظمه تتلافى الْفَائِت وتجبر الْكسر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَبِه الْحول وَالْقُوَّة فقر ولطائف ونكت من منثور كَلَامه فصل كتبت ويدي واحية وعيني ماحية فسل بِي الأرق وَأَنا لَا أحمل الْوَرق وَلَا أفل الْقَلَم فاصف الْأَلَم فصل بِي أيد الله الشَّيْخ رمد وَفِي الْهَوَاء وَمد ولقاء الشَّيْخ فرج وَلَكِن لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج لَا سِيمَا والمجلس وطي والمركب بطي ووهج الصَّيف يثير الرهج ويذيب المهج فصل عَبده الَّذِي يحب الْحَيَاة لخدمته وينشر محَاسِن دولته بِلِسَان فيضه الْمَدْح وَالثنَاء وقلب حشوه الود وَالدُّعَاء وَكتب إِلَى صديق لَهُ حَيا بباكورة وردة فردة وصلت أيد الله الشَّيْخ الوردة الفردة لَا زَالَ ذكر كرياها عرفا ودهره كفضلها ظرفا وَحَال أوليائه كَأَصْلِهَا خضرَة ووجوه أعدائه كلونها صفرَة فسرت الكرب وسرت الْقلب وَأَدت الْأَدَب وأهدت الطَّرب ودعت إِلَى الرَّسْم المألوف وَأمرت بالمنكر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 الْمَعْرُوف وافتنا وَاللَّيْل قد حط رواقه وَحل نطاقه وَالصُّبْح قد بسط رِدَاءَهُ وَرفع لِوَاءُهُ والجو قد أَخذ زيه الْأَحْسَن وَنشر مطرفه الأدكن والندى طل والنسيم مبتل والمزن منسجم وثغر الصُّبْح مبتسم وَنحن نبوح بِمَا فِي الصُّدُور ونطير بأجنحة السرُور فَوضعت الوردة على الرؤوس وأديرت مَعَ الكؤوس ونطقت الأوتار فَمَعَ كل نفرة نبرة وَمَعَ كل نبرة نعرة وَمَعَ كل ضَرْبَة طربة وَمَعَ كل طربة شربة وَلكُل ذِي فطنة فتْنَة وَلكُل ذِي تَوْبَة أوبة وَمَعَ كل ذكرة فتره وَعند كل لفته حسرة وَمَعَ كل دورة سكرة وَله من كتاب صدر من بَغْدَاد كتابي أَطَالَ الله تَعَالَى بَقَاء الشَّيْخ وَقد محى الشوق اصْطِبَارِي وَحل الشيب يلْعَب فِي عِذَارَيْ (وَمَا أَن شبت من كبر وَلَكِن ... لقِيت من الْحَوَادِث مَا أشابا) والهموم إِذا لقِيت الصخر أذابته فَفِيمَ أتعجب وَمِنْهَا أَن لقِيت الشّعْر فأشابته وَوصل كِتَابه فَأَعَادَ الرَّوْض الممطور والوشي المنشور وَوجدت كَلَامه يَسْتَفِيد تَحت مر الْأَيَّام مَا يَسْتَفِيد الرَّوْض تَحت صوب الْغَمَام فَيَزْدَاد قُوَّة أصُول وبهجة فُصُول (مثل الْهلَال بدا فَلم يبرح بِهِ ... صوغ اللَّيَالِي فِيهِ حَتَّى أقمرا) فَهُوَ بِحَمْد الله كَمَا يلتقي الوشيان وشي الربى ووشي البرود ويجتمع الوردان ورد الجنى وَورد الخدود غير أَن رقة الشكوى تركته دمعا ينسكب وجمرا يلتهب وَعلمت أَنه صدر عَن صدر واف وود صَاف فَإِن اللِّسَان يُؤَدِّي عَن الْقلب مَا يخفيه وَإِنَّمَا يرشح كل إِنَاء بِمَا فِيهِ وَبِحسن الْكَلَام تعرف صدق الوداد وَفِي خضرَة الرَّوْض تحسن آثَار العهاد (وَمِمَّا قَالَت الْحُكَمَاء قدما ... لِسَان الْمَرْء من خدم الْفُؤَاد) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 وَمَا أَنا مَعَه إِلَّا الطّرف والرقاد والصدر والفؤاد ذكر مَدِينَة السّلم وحضرة الْإِسْلَام وَلَو نطق عَن اختبار لأجرى القَوْل إِلَى الِاخْتِصَار وَمَا أبعد الطعوم من الألوان وَمَا أبين البون بَين السماع والعيان فَإِن طرة رأفتك فَأخْبر فَرُبمَا أَمر مذاق الْعود وَالْعود أَخْضَر بلَى مَا شِئْت من أشواق وأندية وأطواق وأردية ثمَّ قف العطايا وَلَا تبد الخفايا فَإِن جَاوَزت كسوتهم إِلَيْهِم فَلَيْسَ وَرَاء عبادان قَرْيَة وَأَنا فِي أجتواء بَغْدَاد للْإِجْمَاع خارق وللجماعة مفارق وَلكنه إِجْمَاع مَا انْعَقَد على تَحْصِيل وَلَا اسْتندَ إِلَى أصل أصيل وَهَا أَنا أَقيس هراة إِلَيْهَا بل أفضلهَا عَلَيْهَا (فوَاللَّه مَا أَدْرِي أزيدت ملاحة ... على الأَرْض أم رَأْي الْمُحب فَلَا أَدْرِي) نُسْخَة كتاب لَهُ الى شمس الكفاة رَحمَه الله تَعَالَى عِنْد عود الوزارة إِلَيْهِ وَلم يقْصد الشّعْر (الشَّمْس فِي راد الضُّحَى ... والبدر فِي جنح الدجى) (وَالْمَاء فِي حر الصدى ... والغيث جاد على الثرى) (والمزن يضْحك فِي الربى ... والورد جمشه الندى) (وَالصُّبْح يقدمهُ الصِّبَا ... والعيش فِي زمن الصِّبَا) (والقرب صب على النَّوَى ... وَالْقلب رق مَعَ الْهوى) (والطرف غازله الْكرَى ... والصفو باعده القذى) (والحلى فِي ثغر الدمى ... ومنازل لَك بالحمى) (وعهود سعدى باللوى ... والدهر يسْعد بالمنى) (والبرء فِي عقب الضنا ... والفقر يطويه الْغِنَا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 (والبشر يتبعهُ الندى ... والنشر من بعد البلى) (والود فِي أثر القلى ... وَالْمحل يطرده الحيا) (والعتب يمحوه الرضى ... والكف تسمح باللهى) (ومذكرات ذَوي النهى ... والراي يعضده الحجى) (وَالْجد ساعد فاعتلى ... ) بهَا وَبِمَا لَهَا من الْأَمْثَال سَارَتْ سوائر الْأَمْثَال فِيمَا يونق النُّفُوس والطباع وَيُونُس الْأَبْصَار والأسماع وَأحسن من هَذَا كُله أَيَّام الشَّيْخ الْجَلِيل وَقد أَتَاهُ اسْم مَا لم يزل مَعْنَاهُ (فيا حسن الزَّمَان وَقد تجلى ... بِهَذَا الْفَخر والإقبال صَدره) (وَكَانَ الدَّهْر يعْذر قبل هَذَا ... فَحل وفاؤه وانحل غدره) (تصدر للوزارة مُسْتَحقّ ... تساوى قدرهَا شرفا وَقدره) (فَقل فِي النصل وَافقه نِصَاب ... وَقل فِي الْأُفق أشرق بدره) فَالْحَمْد لله الَّذِي زَان الشّجر بالثمر وحلى البرج بالقمر وَأنس العرين بالأسد وَأهْدى الرّوح إِلَى الْجَسَد لم أنس أدام الله علو مَوْلَانَا رسم التصدير وَمَا يجب من مراعاته على الصَّغِير وَالْكَبِير وَلَكِن التهنئة المرسومة تتهاداها الْأَكفاء وتتعاطاها النظراء فَأَما الخدم مَعَ الصُّدُور والنجم التاليات مَعَ الْأَهِلّة والبدور فالعادة فِيهَا الْوِفَادَة ثمَّ إِن تَعَذَّرَتْ الْإِرَادَة وَلم تساعد السَّعَادَة فالدعاء مَوْصُولا منشورا وَالثنَاء منظوما منثورا وعَلى هَذِه الْجُمْلَة عملت وَإِلَى هَذَا الْجَانِب عدلت فأصدرت كلمة نتجها الود الصَّرِيح ونسجها الْوَلَاء الصَّحِيح (فَجَاءَت تودي وُجُوه الرياض ... أضحكها الْعَارِض الهامع) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 (وَلَيْسَ لَهَا غير عين الرضى ... لديك ذمام وَلَا شَافِع) وَهَذِه ملح وظرف من شعره كتب إِلَى بعض ندمائه قصيدة مِنْهَا (كتبت ولي بذكراك انتعاش ... وَلَكِن بِي من السكر ارتعاش) (وللشادي نشاط وانبساط ... وللساقي احتثاث وانكماش) (وَمَا يرْوى العطاش بِغَيْر مَاء ... وَأَنت المَاء إِذْ نَحن العطاش) (فَإِن تسرع فوجهي والندامى ... وَإِن تبطئ فحيني والفراش) وَقَالَ فِي فَتى قامره (رشأ فتور جفونه ... يهدي الفتور إِلَى الْبشر) (ورد الْجمال بخده ... ينبث فِي ورد الخفر) (قامرته بالكعبتين مساهلا ... حَتَّى قمر) (فازداد حسنا وَجهه ... لما رأى وَجه الظفر) (فنعرت نعرة عاشق ... قمر الْقَمَر قمر الْقَمَر) وَله (أفدى الَّذِي كلما تَأمله ... طرفِي كَاد الضَّمِير يلتهب) (ينتهب اللحظ ورد وجنته ... ولحظه للقلوب منتهب) وَله فِي النرجس (ومهفهف لما تثنى خلته ... غصنا يجد بِهِ النسيم ويلعب) (أومى إِلَيّ بكاسه فشربتها ... وحسبتني من وجنتيه أشْرب) (ودنا إِلَيّ بطاقة من نرجس ... فحسبت بَدْرًا فِي يَدَيْهِ كَوْكَب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 وَله أَيْضا فِي الْورْد الْأَصْفَر (أنسيت إِذْ نبهت من نبهته ... وَالْفَجْر من خلل الدجى يتنفس) (يسْعَى إِلَيْك مَعَ المدام بوردة ... صفراء يحكيها لمن بتفرس) (كَعْب من الميناء ركب فَوْقه ... جَام من الذَّهَب السبيك مسدس) وَله فِيهِ أَيْضا (أدر المدامة يَا غُلَام فإننا ... فِي مجْلِس بيد الرّبيع منجد) (والورد أَصْغَر يلوح كَأَنَّهُ ... أَقْدَام تبر كعبت بزبرجد) وَله فِي الشّرْب على الثَّلج (قُم لَا عدمتك فاسقني من قهوة ... لَو أبرزت للشمس أخفت نورها) (وانثر على الذَّهَب اللجين أما ترى ... نثر السَّمَاء على الثرى كافورها) وَله فِي البنفسج (طلع البنفسج زَائِرًا أَهلا بِهِ ... من وَافد سر الْقُلُوب وزائر) (فَكَأَنَّمَا النقاش قطع لي بِهِ ... من أَزْرَق الديباج صُورَة طَائِر) وَله فِي تَرْجَمَة فارسية (رَأَيْت غذَاء الطِّفْل درة أمه ... وَإِن غذَاء الشَّيْخ صرف من الْخمر) (فَرجع من الْجَام الْفراش عَشِيَّة ... وَفَارق من الْجَام الْفراش مَعَ الْفجْر) وَله فِي مطرب مختط (وشادن تفعل ألحاظه ... بِالْقَلْبِ مَا لَا يفعل السحر قطّ) (لم أنسه يكسر أعطافه ... والورد من وجنته يلتقط) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 (مُرْتَبِط البربط فِي حجره ... يَا لَيْتَني بربطه المرتبط) (معتدلا ضربا وصوتا مَعًا ... كَمَا التقى للعين خد وَخط) وَله (حَتَّى مَتى وَإِلَى مَتى ... اقصر بذرعك يَا فَتى) (فكأنني بك نَاظرا ... فِي أثر صيد أفلتا) (لَا تحسبن جمال ... وَجهك دَائِما لَك مثبتا) (فالخط يفعل مَا عملت ... وَمَا علمت وَقد أَتَى) وَكتب بِبَغْدَاد إِلَى صديق لَهُ يَدعُوهُ فِي أَيَّام الْورْد وبلغه أَنه متشاغل بالنرد (نَحن بالنجمي فِي يَوْم ... كَمَا ترضاه أَبْلَج) (ناضر النبت رَقِيق الجو ... رطب الطل سَجْسَج) (بَين منثور وخيري ... وَورد وبنفسج) (وَلنَا وَجه من الجونة ... كالروض مدبج) (وَمَعَ اللفات وسط ... وشواء وملهوج) (وَلنَا رَاح كَمثل النَّار ... فِي الكاس تأجج) (ومغن سَاحر الألحاظ ... ساجى الطّرف أدعج) (فَإِذا شَاءَ تغنى ... وَإِذا شَاءَ تغنج) (فاختر الْورْد على النَّرْد ... وَجِئْنَا نتفرج) وَله فِي أَمْرَد التحى (يَا من أناف بلحية تيسية ... بدلتنا بالورد شوك العوسج) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 (قد كنت تونسنا بطلعة كَوْكَب ... فَرَجَعت توحشنا بطلعة كوسج) وَله (الله جَار عِصَابَة رحلوا ... سَارُوا وقلب الصب عِنْدهم) (مَا الشان وَيحك إِنَّهُم رحلوا ... الشان أَنِّي عِشْت بعدهمْ) وَله (سكوتي كَلَام وَالْكَلَام سكُوت ... ولي طمع أَحْيَا بِهِ وأموت) (وَلَيْسَ لروحي غير قربك رَاحَة ... وَلَا لفؤادي غير حبك قوت) (وصبري قَلِيل والهموم كَثِيرَة ... وَأَنت بخيل وَالزَّمَان يفوت) (وَمن لي بِحسن الصَّبْر عَنْك وَإِنَّمَا ... وصالك لي مَاء وقلبي حوت) وَله أَيْضا (من وَجهه كَالْقَمَرِ الْفَرد ... أقبل فِي قرطقة الوردي) (يسْعَى على الْورْد بوردية ... يكسد سوق العنبر الْورْد) (فاغد علينا تَرَ مَا شِئْت من ... ورد على ورد على ورد) وَله من قصيدة (شمائل مشرقة عذبة ... تعادل رقتها والصفاء) (فهن العتاب وَهن الدُّمُوع ... وَهن المدام وَهن الْهَوَاء) وَكتب إِلَى مؤلف الْكتاب (جعلت لَك الْفِدَاء لَو أَن كتبي ... بِحَسب تكثري بك واعتدادي) (إِذا لجعلت أقلامي عِظَامِي ... وطرسي مقلتي وَدمِي مدادي) 145 - أَبُو الْقَاسِم طَاهِر بن أَحْمد الْهَرَوِيّ صَاحب الْبَرِيد كَانَ بنيسابور رَحمَه الله تَعَالَى غزير الْأَدَب حسن الترسل مليح الحديث: 145 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 الشّعْر مُنْفَرد عَن إقرانه بِالْفَضْلِ أَنْشدني لنَفسِهِ (أعيذ علاهُ أَن يكون ابتداؤه ... زِيَادَة علياه بِنَقص صديقه) وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (إِذا انتهز الْأَحْرَار للجود فرْصَة ... فللمنع والتعويق ينتهز الفرص) (وَإِن ذكرت بيض الأيادي فَإِنَّمَا ... يَد لَك لَا تبيض إِلَّا من البرص) وأنشدني لَهُ بعض بلديه وَأَنا أَشك فِيهِ (ضَمَان على الإقبال مَا أَنْت طَالب ... وحتم على الْأَيَّام أَنَّك غَالب) (وَمَا هَذِه الدُّنْيَا لغيرك فانتظر ... مواعد مَا تومي إِلَيْهِ العواقب) (رواقك مَمْدُود وَجدك صاعد ... وجندك مَنْصُور ونجمك ثاقب) وَهَذِه فصوص من فُصُول رسائله من شكر الْبَحْر على التدفق وَالشَّمْس على التألق والمسك على التأرج وَالصُّبْح على التبلج فقد عَاد بتكلف غير مربح وسعي غير منجح فصل قصر كتاب الشَّيْخ قصورا ترك الْهم طَويلا وَالصَّبْر قَصِيرا وأورث الْقلب تفكرا والعيش تكدرا فصل وصل كِتَابه فَحكى الرياض مجودة والأماني مَوْجُودَة والمسرات آتِيَة وَالنعَم مواتية فصل توقعت اتجابا فَلم أر إِلَّا حِجَابا وتوسلت بالحقوق السالفة فَلم أحصل إِلَّا على المعاذير العاثرة وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 146 - أَبُو مَسْعُود عصم بن يحيى الْهَرَوِيّ من حَسَنَات هراة وأفراد أدبائها وفضلائها أَنْشدني لنَفسِهِ (يهنئني الْأَنَام بخصب روض ... حللت بجنبه خضل مطير) (وَمَا خصب الرياض بِنَافِع لي ... إِذا مَا كنت فِي طول قصير) وَله على لِسَان صديق قدح النَّار بِحَضْرَتِهِ فَلم يور (إِن كَانَ زندي كبا فِي مهنة عرضت ... وصادفت غيبَة الخدام عَن دَاري) (فَإِن سَيفي لَا تكبو مضاربه ... يَوْم الجلاد وزندي فِي العلى وار) وَله فِي العيادة (مولَايَ إِن فُؤَادِي جَمْرَة تقد ... والدمع مني على الْخَدين مطرد) (إِنِّي لأكْره إِن أَلْقَاك مشتكيا ... فَلَا أقاسمك الشكوى الَّتِي تَجِد) 147 - الْمَعْرُوف بن أبي الْفضل الدّباغ الْهَرَوِيّ أَنْشدني لَهُ أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْكَاتِب النَّسَفِيّ الْمُقِيم كَانَ بهراة فِي هجاء بوشنج وَأَهْلهَا (إِذا سقى الله أهل منزلَة ... فَلَا سقى الله أَرض بوشنج) (كَأَنَّهَا فِي اشتباك بقعتها ... خربها الله نطع شطرنج) (قد ملئت فَاجِرًا وفاجرة ... أكْرم مِنْهُم خؤولة الزنج) (كَأَنَّمَا صوتهم إِذا نطقوا ... صَوت قمد يدس فِي فرج) الحديث: 146 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 148 - الْأُسْتَاذ أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن عماد السجْزِي الْمُقِيم كَانَ بهراة رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ أشهر وَذكره أَسِير من أَن يُنَبه على مَحَله وَكَانَ أمة فِي علم التَّذْكِير والقصص ومتفردا عَن أهل طبقته بِفضل الْأَدَب وَبَلغنِي أَنه كَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يتكسب بالشعر حَتَّى رفع الله عَنهُ قدره وَأَعْلَى أمره وَرفعت إِلَيْهِ قصَّة فِيهَا (أَيهَا الْعَالم أَنْت الْيَوْم ... للْعَالم قبله) (عاشق خاطر حَتَّى ... سلب المعشوق قبله) (أَفْتِنَا لَا زلت تُفْتِي ... أيبيح السَّلب قَتله) فَوَقع تحتهَا (أَيهَا السَّائِل عَمَّا ... قد يُبِيح الظّرْف فعله) (قبْلَة العاشق للمعشوق ... لَا توجب قَتله) وَقَالَ للشَّيْخ الإِمَام أبي الطّيب سهل بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان رَضِي الله عَنهُ (سقى الله نيسابور صوب غمامه ... وَخص إِمَام الدّين سهلا بوابله) (تتيه على الْبلدَانِ أَرض ثوى بهَا ... كَمَا تاهت الدُّنْيَا بِطيب شمائله) وَمن أشهر شعره وأسيره قَوْله (أرى الدُّنْيَا على الأدبار هما ... والإقبال مهلكة لديني) (فَمَا أحد بأغبط من تَقِيّ ... تمدد فِي الضريح على يَقِين) (نجا من بَاطِل الدُّنْيَا سليما ... وفاز برحمة الْحق الْمُبين) الحديث: 148 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 149 - أَبُو عَليّ البوشنجي الفلجردي يَقُول لما حج (كتبت إِلَى سادتي من منى ... وَإِنِّي لفي غَايَة من منى) (أبطحآء مَكَّة هذي الَّتِي ... أَرَاهَا عيَانًا وَهَذَا أَنا) وَهُوَ الْقَائِل (وَكَانَ ببوشنج وَال مهيب ... إِذا مَا رءآه الْبري اقشعر) (فَمر وَأمر من بعده ... فَتى لَو رءآه الْخصي انْتَشَر) 150 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث البوشنجي عَرَبِيّ المحتد بوشنجي المولد طوسي الموطن دخل إِلَيّ فَأَنْشَدته بَيْتا جمع كنية الممدوح واسْمه وَاسم أَبِيه فَكتب إِلَى صديقه أبي يُوسُف يَعْقُوب بن أَحْمد وَهُوَ أحد من يتَضَمَّن الْكتاب ذكره وشعره (فلئن غيبت عَن منزل أَهلِي ... وَغدا جسمي عَن الأوطان مبعد) (فَلَقَد بلت يَمِيني بكريم ... من أبي يُوسُف يَعْقُوب بن أَحْمد) 151 - أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الْبَغَوِيّ كَانَ مفخرة كنج رستاق وَلم تخرج مثله فِي الْجمع بَين الْإِحْسَان فِي الترسل والإتيان فِي الشّعْر بالدر الْمفصل وَكَانَ كَمَا قَالَ الصاحب إِنِّي ليعجبني أَن يكون الْكَاتِب شَاعِرًا كَمَا يُعجبنِي أَن يكون الشّعْر سائرا وَأَنا كَاتب غررا من نثره تقدم الحديث: 149 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 ملحا من شعره بِإِذن الله ومشيئته فصل وصل كتاب الشَّيْخ وَوَضَعته على عَيْني فَكَانَ لَهَا برودا ونشرته فَكَأَنِّي أنشر برودا وتذكرت زَمَاننَا إِذْ الْأَيَّام والدهر غر والعيش غض وطرف الْحدثَان مغضوض فصل أَنا أهدي إِلَيْهِ من السَّلَام مَا يَحْكِي النسيم السَّحَرِيِّ والعنبر الشحري والنرجس الطري والأترج الطَّبَرِيّ والورد الجني والعيش الهني فصل ليته جاد عَليّ بِكَلَامِهِ كَمَا جاد بإنعامه وَمن عَليّ بثمار أقلامه كَمَا من بآثار غمامه وأوسعني من غرائب بنانه كَمَا أوسعني من رغائب إحسانه فَيكون أَوْصَافه فِي الجوى متناسبة متناسقة وبوارقه فِي جَمِيع حالاته صَادِقَة وادقة فصل وصل كِتَابه بِأَلْفَاظ يكثف عِنْدهَا الْهَوَاء وَيقف عَلَيْهَا الْأَهْوَاء وتقبح مَعهَا الْحَسْنَاء فصل نظرت إِلَى دجلة فَرَأَيْت كَفه وَإِلَى الْفُرَات فَذكرت خلقه وتوسطت الدهناء فتصورت صَدره فصل قد صَار الْوَقْت أضيق من بَيَاض الْمِيم وَمن صدر اللَّئِيم وَهَذِه ملح من شعره كَقَوْلِه (إِن كَانَ يظلمني دهري فَإِن لَهُ ... سجية ظلم أهل الْفضل والشرف) (أَو كنت فِي سمل فالبدر فِي سدف ... وَالْخمر فِي خزف والدر فِي صدف) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 وَقَوله فِي عِقَاب طَرِيق غزنة من قصيدة (عِقَاب كَأَنِّي بهَا فِي خوافي الْعقَاب ... تطيرني فِي الْفلك) (فطورا أَرَانِي فَوق السماك ... وطورا أَرَانِي تَحت السّمك) وَقَوله من أُخْرَى (غمائم من جفوني وَهِي منشأة ... مِمَّا بقلبي من غم وَمن غمم) (وبرقها نَار شوق رِيحهَا نَفسِي ... ورعدها أنتي والقطر فيض دمي) (وأرضها صحن خدي وَهِي ممحلة ... أعجب بِمحل يرى من صيب الديم) وَقَوله فِي ذمّ الزَّمَان وَأَهله (زمَان كُله ضيم وضير ... وناس كلهم ذيم وذام) (وَمَا فيهم سوى لحز لئيم ... شحاح الزند مَا فِيهِ ضرام) (وأعراض لهاجيها حَلَال ... وأموال لراجيها حرَام) وَقَوله فِي الشيب والخضاب (تَقول لقد خضبت الشيب زورا ... فَقلت بلَى سترت عَن الْعُيُون) (فَقَالَت هبك قد أخفيت عَنَّا ... فَهَل تخفيه عَن عين الْمنون) وَقَوله من قصيدة (أيا عَامر الدُّنْيَا وعامر أَهلهَا ... بجود لَهُ فيض كفيض سَحَاب) (عمرت جَمِيع الْعَالمين وَهَا أَنا ... غَدَوْت بِحَال فِي ذراك خراب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 وَمن أُخْرَى (طلبت بجهدي الْعِزّ وَالْمجد منضيا ... ظُهُور المطايا فِي بطُون الفدافد) (وَمَا كنت فِي كسب الْمَعَالِي مقصرا ... وَلَا مقصرا لَو كَانَ دهري مساعدي) (فَلَيْسَ بَيَاض الْمجد إِلَّا لمكتس ... سَواد اللَّيَالِي ساهدا غير رَاقِد) (وَكم لَيْلَة راعيت فِيهَا فراقدا ... لكسب على فَوق السهى والفراقد) 152 - أَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد بن جمل العميدي يَقُول فِي استهداء الْحِنْطَة (يَا سيدا لم تزل مبرته ... تعم أهل الْعُلُوم والكتبه) (أنعم ببر بِضَم أَوله ... وَابعث إِلَى الْخَادِم الَّذِي كبته) وَفِي التمَاس الْحَطب (أَلا يَا أَيهَا الشَّيْخ المفدى ... وقيت أَذَى المكاره والرزيه) (قد احتجنا لفرط الْبرد جدا ... إِلَى مقلوب مَا يدعى مزيه) وَله فِي الْهزْل والمداعبة (أَلا إِن هذي المباغي قسم ... وَلِلنَّاسِ فِي الشَّهَوَات الهمم) (فبعض يحب أَدَاة الدواة ... وَبَعض يحب أَدَاة الْقَلَم) الحديث: 152 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 وَله فِي الْجد (يَا هَارِبا من جنود الْمَوْت مُنْهَزِمًا ... عَنْهَا توقف إِلَى أَيْن المفر لكا) (هَب عِشْت أَكثر من نوح فحين نجا ... بقدرة الله من طوفانه هلكا) 153 - أَبُو بكر الْعَنْبَري السجْزِي هُوَ الْقَائِل (أفدي أَبَا نصر وأفدي لَهُ ... خلقا جَمِيع النَّاس عشاقه) (كم مِدْحَة لي فِيهِ كالدر لَا ... يخفى على الْعَالم إشراقه) (من كل لفظ سيئ حساده ... بِهِ وَمعنى سر سراقه) وَلم أسمع فِي تهنئة من زوج ابْنَته غير قَوْله وَهُوَ من الْأَفْرَاد (انكحت حرتك الْكَرِيمَة ... عَامِدًا إجلالها) (من لم يكن كفوا سواهُ ... الْيَوْم فِي الدُّنْيَا لَهَا) (مَا كنت إِلَّا منكحا ... شمس السَّمَاء هلالها) (فضممت مَحْمُود الفعال ... إِلَى الْيَمين شمالها) (ستقر عَيْنك عَن قريب ... إِذْ ترى أشبالها) وَله فِي الشيب (أَشْكُو إِلَى الله ظلم شيبي ... أشق مِنْهُ عَليّ جيبي) (غير مني جميل وَجْهي ... أظهر مني جَمِيع عيبي) الحديث: 153 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 ذكر أَرْكَان الدولة وأعيان الحضرة المتصرفين بهَا وَمِنْهَا والمنتسبين إِلَى خدمتها وَاخْتِيَار غرر من أنوار نظمهم وثمار نثرهم 154 - الشَّيْخ العميد أَبُو سهل أَحْمد بن الْحسن الحمدوئي أدام الله تأييده سليل الرياسة وغذي السِّيَادَة وَبدر الأَرْض وشمس الْفضل وعمدة الْملك وبحر الْأَدَب وطود الْكَرم وَمن ارْتَفع مَحَله عَن الوزارة الْكُبْرَى وَهِي الرُّتْبَة الْعُظْمَى فَرغب عَنْهَا وَقد رغبت فِيهِ وَصد عَنْهَا وَقد تصدت لَهُ وَنظر فِيهَا أَيَّام الفترة بمؤخر عينه فهذبها وسددها ورمها ورمها وزمها ثمَّ جاد عَنْهَا وعافها حَتَّى قَالَ فِيهِ الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم بن الْحَرِيش رَحمَه الله (وزارة ضَاعَت فشرفتها ... بِالْفَضْلِ وانآدت فثقفتها) (وَلم تزل تصبر مظلومة ... حَتَّى تصديت وأنصفتها) (فارتح لَهَا تدْرك طمأنينة ... فَإِنَّهَا تفلق مذ عفتها) وَمن خَصَائِص فَضله وبدائع مجده أَنه وَالِي الرّيّ وَسَائِر بِلَاد الْجبَال وَهِي فِي سَعَة المملكة كالعراق والملوك يخدمونه والصدور يقبلُونَ أرضه وَهُوَ يَقُول فِي الْكَفّ عَن زخرف الدُّنْيَا ونضرتها وإعداد الزَّاد للمعاد مَا لَو قَالَهَا أزهد الزهاد لما زَاد (الْخمر عنوان الْفساد ... ورتاج أَبْوَاب السداد) (إدمانها أصل الضلال ... وحبها رَأس العناد) (والعمر زورة طائف ... يَأْتِيك مَا بَين الرقاد) الحديث: 154 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 (قد زل من ركب الْفساد ... عَن الطَّرِيقَة والرشاد) (فاحذر أَبَا سهل وَتب ... من قبل ميعاد الْمعَاد) (والبس لِبَاس تضرع ... وتندم قبل التنادي) (واقلب إِلَى نور الْهدى ... قلبا بِهِ أثر السداد) (من قبل عجزك بِاللِّسَانِ ... وَقبل ضعفك بالفؤاد) (وكأنني بك رَاكِبًا ... أجيادهم بدل الْجِيَاد) (ترد الْقِيَامَة فَارغًا ... متخليا من خير زَاد) (كَيفَ الْجَواب عَن السُّؤَال ... مَتى يناديك الْمُنَادِي) (لَا ذخر لي بَين الْجَمِيع ... من الحواضر والبوادي) (إِلَّا شَهَادَة واثق ... بِاللَّه عَن صفو اعتقادي) (وَمُشَفَّع عِنْد السُّؤَال ... بِعَفْو أمته يُنَادي) ثمَّ هُنَاكَ من النَّفس الأمارة بِالْخَيرِ وَالْيَد الفياضة بالنيل والخلق الَّذِي لَو مزج بالبحر لنفي ملوحته وَصفا كدورته وَمن الطلاقة الَّتِي يترقرق فِيهَا مَاء الْكَرم وتقرأ مِنْهَا صحيفَة حسن الشيم مَا يجمع الْأَهْوَاء على محبته ويؤلف الآراء فِي موالاته ومشايعته وَمن شعره الدَّال على مجده وَحسن عَهده قَوْله (لَا تنتزع عَن عَادَة عودتها ... أحدا فَذَاك من الْفِطَام أَشد) (واصبر عَلَيْهَا مَا حييت وَلَا تزل ... عَنْهَا فَذَاك من الْجفَاء يعد) وَمن شعره البديع الصَّنْعَة الْمليح الصِّيغَة الَّذِي يغبر فِي وَجه أبي الْفَتْح البستي قَوْله فِي سراج غير مضيء (ظلمتك اللَّيْل يَا سراجي ... ظلمَة كفر ويأس راجي) 155 - الشَّيْخ العميد أَبُو مَنْصُور بن مشكان أدام الله عزه الْكتاب أَلْسِنَة الزَّمَان وصدور النَّاس وَهُوَ صدرهم وبدرهم وينبوع الْفَضَائِل الحديث: 155 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 وشمس ديوَان الرسائل وَمَا ظَنك بأبلغ الصُّدُور وَيكْتب لملك الْمُلُوك أدام الله سُلْطَانه وحرس عزه ومكانه وَقد رفع الله مَحَله عَن الشّعْر الَّذِي ينخفض عَن قدره وآتاه البلاغة الْعَالِيَة الَّتِي هِيَ أليق بِهِ وَمَا هِيَ إِلَّا عَفْو خطراته وَفِي التمثل بسلاسة كَلَامه وعذوبة أَلْفَاظه يَقُول بعض أهل الْعَصْر وَهُوَ يصف مَاء (يَا حسن مَاء قد كسته الصِّبَا ... تشنيج ذيل القرطق الْأَزْرَق) (كَأَنَّهُ لفظ ابْن مشكان فِي ... توقيعه عَن ملك الْمشرق) وَيَقُول فِي وصف آثَار الرّبيع من أَبْيَات (باح الصَّباح بأسرار الْبَسَاتِين ... وأحيت النَّفس أنفاس الرياحين) (وَقد حسبت نسيم الرَّوْض يُقْرِئُنِي ... كتب ابْن مشكان عَن صدر السلاطين) وَيَقُول أَيْضا فِي فَتى صبيح مليح طرز الشّعْر ديباجة وَجهه وأحرق فضَّة خَدّه وَنقش فص عَارضه (وشادن فاتن الألحاظ طلعته ... ترياق سم لأحزاني وأشجاني) (كَأَن خطّ عذار شقّ عَارضه ... فِي الْحسن خطّ أبي نصر بن مشكان) وَيَقُول أَيْضا (من رأى غرَّة العميد ابْن مشكان ... ازدرى المُشْتَرِي ببرج الْقوس) (من يطالع آدابه وعلاه ... يطلع فِي نموذج الفردوس) (عين رَبِّي عَلَيْهِ من بدر صدر ... وده خزرجي ولقياه أوسي) (لَيْسَ لي طَاقَة بِوَصْف معليه ... وَإِن كنت مفلقا كَابْن أَوْس) وَهَذِه غرر ولمع من فُصُول رسائله السُّلْطَانِيَّة فصل الْعَاقِل من لَا يرفع رَأْيه إِلَّا بعد الثِّقَة باستقلالها وَلَا يقْدَح نَارا إِلَى بعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 التأهب لأذكائها فصل لكل حَال من تصاريف الزَّمَان رسم لَا يُؤَخر امضاؤه وَحقّ لَا يضيع قَضَاؤُهُ فصل الألقاب نعوت إِن حققت والت وآلت قلائدا وعقودا وَإِن كذبت عَادَتْ وعادت على الْمسَاوِي شُهُودًا فصل إِذا قدر الله أمرا يسر أَسبَابه ومهد أَحْوَاله وأتاح لَهُ الدَّوَاعِي وأماط دونه الْعَوَائِق والعوادي فصل صلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الدّين والتجاوز عَن زلَّة الشمَال قُوَّة الْيَمين فصل لَا منشور كالسيف الْمَشْهُور وَالْجد الْمَنْصُور فصل رب منع أفضل من إسعاف يشينه تَقْصِير ويكدره تسويف فصل نقل الطبائع شَدِيد المرام بعيد الْحُصُول فِي الأوهام فصل من نصب للغواية شركا اختنق بحبله وَلَا يَحِيق الْمَكْر السَّيئ إِلَّا بأَهْله فصل الْآجَال تجْرِي على أَحْكَام الْمَقَادِير وتمتنع على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فصل الإصغاء إِلَى رَأْي من لم يبلغ رُتْبَة التَّدْبِير رُبمَا أدّى إِلَى خلل لَا يدْرك سابقه واقترن بِضَرَر لَا يضْبط جامحه فصل تَقْوِيم الاخوة بِالْإِحْسَانِ أبلغ من تأديبهم بالحرمان مَا لم يجاوزوا قدر الدَّالَّة إِلَى حد الشقاق والعصيان فصل الْعَسْكَر الْكثير إِذا وجد الْخلاف بَينهم مجالا عَادَتْ كثرتهم مَعَ عدم الْوِفَاق وبالا والعسكر الْقَلِيل إِذا اخْتلفُوا لم يتَوَلَّد مِنْهُم غير الْفساد والاعوجاج وَلم يصلحوا للسكون والاهتياج فصل الْوَلِيّ من امترى الزِّيَادَة بِالْخدمَةِ ورعى حق العارفة وَالنعْمَة فِي أَيَّام الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 الفترة وَلم يهتك عِنْد إِمْكَان الفرصة ستر المراقبة والحشمة ليسلم من غوائل الضغينة عِنْد زَوَال الْفِتْنَة ونزول السكينَة فصل من جعله الله بِأَمْر من أُمُور دينه كَفِيلا فقد أعطَاهُ من كرامته حظا جزيلا وفضله على كثير من عباده تَفْضِيلًا فصل قوام الْملك بِالْمَالِ وَالرِّجَال واستمالة الْقُلُوب فِي وَقت الاستعطاف أولى من تحصين الْأَمْوَال وَإِنَّمَا المَال عدَّة لدفع النوائب وعمدة لكشف الكرائب وَلَيْسَ بحازم من يمسِكهُ عِنْد وجوب إِنْفَاقه كَمَا أَنه لَيْسَ بعاقل من يتلفه عِنْد جَوَاز إِمْسَاكه وَإِنَّمَا جمع الْمُلُوك مَا جَمَعُوهُ من أَمْوَالهم وَاتَّخذُوا مَا اتخذوه من عتادهم ليفرقوه فِي أَوْلِيَائِهِمْ على حكم الْوُجُوب عِنْد الِاشْتِغَال بمنازلة الخطوب فصل إِن الله جعل الْقُرْآن نور الْقُلُوب وشفاء الصُّدُور والعروة الوثقى لأهل دينه إِلَى يَوْم الْحَشْر والنشور قد بَين فِيهِ آثَار الْأُمَم الخالية فِيمَا اخطأوا فِيهِ وَأَصَابُوا وأخبار الْقُرُون الْمَاضِيَة فِيمَا أَحْسنُوا فِيهِ وأساؤا ليختار السعيد من عباده مَا حَمده الله من سَائِر الْأُمَم ويجتنب مَا ذمه من غَيرهم من الْخِصَال والشيم فَهَذَا نموذج من نثره الجزل السهل وَقَوله الْفَصْل وَهُوَ الْقَائِل من نتفة فِي الْإِعْرَاض عَن قرض الشّعْر (لما تركت الشّعْر نكب معرضًا ... عني فَقل فِي معرض عَن معرض) وأنشدني أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بن عَليّ الطَّبَرِيّ أيده الله تَعَالَى لَهُ من قصيدة كتبهَا إِلَى الْأُسْتَاذ أبي الْعَلَاء بن حسول أيده الله وَعَلِيهِ زَعمه أَعنِي أَبَا الْقَاسِم (جمال الورى مَا الْمجد إِلَّا مَطِيَّة ... يَمِينك أضحت مَالِكًا لقيادها) (جلت بك قسرا عَن بلادك عصبَة ... رَأَتْ لَك فضلا لم يكن فِي سوادها) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 (كَذَا عَادَة الْغرْبَان تكره أَن ترى ... بَيَاض البزاة الشهب بَين سوادها) وأنشدني الْحَاكِم أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن إِسْحَاق البحاثي لَهُ (مَا دَامَ يسبح فِي الأفلاك أنجمها ... فليسعدن بِملك الشرق مَسْعُود) (وليفتحن بِلَاد الغرب قاطبة ... سيوفه الْبيض بل راياته السود) (لَا زَالَ فِي نعْمَة يخضر جَانبهَا ... مَا أَوْرَق الْعود بل مَا أطرب الْعود) وأنشدني غَيره لَهُ فِي غُلَام بازاء حَرْب كتب يسْأَل مدَدا (كبت الْبَدْر واستمد معونه ... وتوخى صَلَاحه وسكونه) (فأجبناه إِن لحظك جَيش ... تتمنى جيوشنا أَن تكونه) (كَيفَ أغفلته وَأَقْبَلت تبغي ... مدَدا قدره يُعَارض دونه) وَله أَيْضا (ظَلَمْنَاك لما طلبنا قراك ... وَمَا للقرى والفتى الباخل) (وسمناك مَا لم تكن تَسْتَطِيع ... وتأبى الطباع على النافل) 156 - الشَّيْخ العميد أَبُو سهل مُحَمَّد بن الْحسن أدام الله عزه صدر يمْلَأ الصَّدْر جمالا وكمالا وتتناسب صورته حسنا كَمَا يتشابه مَحَله وهمته علوا وتتكاثر فضائله وأياديه وفورا كَمَا يتبارى نثره ونظمه براعة وَمِمَّا علق بحفظي من أَلْفَاظه قَوْله فِي أبي الْقَاسِم الميكالي من كتاب إِلَيّ هُوَ ثقيل روح الحديث: 156 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 الْحَرَكَة جامد هَوَاء الرَّاحَة حَار ظلّ الشَّجَرَة وَقَوله فِي رقْعَة أعادنا الله للالتقاء فَمَا أرق نسيمه وألذ نعيمه وَقَوله فِي ذكر الحضرة ملقى الرّحال وملتقى الرِّجَال وقبلة الآمال وَمن سحر شعره قَوْله من نشيب قصيدة وَهُوَ أحسن وأجود مَا قيل فِي مَعْنَاهُ على كثرته لِأَنَّهُ جمع فِي بَيت وَاحِد مَا فرق فِي أَبْيَات كَثِيرَة وفاز بِحسن التَّرْتِيب حَيْثُ قَالَ (لقد نثرت درين لفظا وعبرة ... وَقد نظمت درين عقدا ومبسما) وَله فِي غُلَام هندي (ولي أسود فِي أسود الْقلب حَاضر ... وَلكنه عَن أسود الْعين غَائِب) وأنشدني لنَفسِهِ من نتفة خمرية (كشعاع فِي هَوَاء ... تتحاماه الْعُيُون) (هِيَ فِي الدن جَنِين ... وَهِي فِي الرَّأْس جُنُون) وَله من قصيدة (تَقُولِينَ إِنِّي قد سلوت عَن الْهوى ... لَعَلَّك قد قايست حَالي بحالك) وَله من قصيدة شمسية (عجبت من الأقلام لم تبد خضرَة ... وباشرن مِنْهُ كَفه والأناملا) (لَو أَن الورى كَانُوا كلَاما وأحرفا ... لَكَانَ نعم مِنْهَا وَبَاقِي الْأَنَام لَا) وَله فِي إِنْسَان ساع قَالَ لَهُ حميد مَاتَ بزوزن (يَا وَيْح أهل الْقُبُور لما ... حل حميد بهم جوارا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 (لَو راج عِنْد الآله ساع ... أشعل فيهم هُنَاكَ نَارا) 157 - الشَّيْخ العميد أَبُو الطّيب طَاهِر بن عبد الله أدام الله عزه صدر وَاسع الصَّدْر ممتد بَاعَ الْفضل قد بايعته يَد الْمجد ومالت فِيهِ الشورى إِلَى النَّص وأشرقت بنوره أَرض الرّيّ وَطَالَ مَا تولى ديوَان الرسائل إِلَى سَائِر الْأَعْمَال الجلائل وَله شعر فِي غَايَة الْحَلَاوَة كَقَوْلِه (إِذا بلغ الْحَوَادِث مُنْتَهَاهَا ... فرج بعيدها الْفرج المطلا) (وَكم كرب تولى إِذْ توالى ... وَكم خطب تجلى حِين جلا) وَقَوله (قَالُوا تبدى شعره فأجبتهم ... لَا بُد من علم على ديباج) (والبدر أبهى مَا يكون إِذا بدا ... متلحفا بظلام ليل داج) وَقَوله فِي الهجاء (أَبُو سعد بن حمدَان ... كريه الْخلق والخلق) (فَهَذَا الشيب فِي الْفرق ... هَذَا الْعظم فِي الْخلق) 158 - الشَّيْخ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عِيسَى الكرجي أدام الله عزه جَامع تفاريق المحاسن وناظم عُقُود الْفَضَائِل وَمَالك رِقَاب المكارم وَمَعْلُوم أَن السُّلْطَان الْمَاضِي أَبَا الْقَاسِم رَضِي الله عَنهُ وأرضاه كَانَ أَعلَى الْمُلُوك رَأيا كَمَا كَانَ أعلاهم ملكا وَأَنه كَانَ ينظر بِعَين التَّوْفِيق إِلَى أسرار الضمائر وَيَرْمِي بسهام خطراته أغراض الْمَقَاصِد وَلَا يصرف تَدْبيره إِلَّا على موقع الْأَصَالَة وَلَا يضع رَأْيه إِلَّا مَوضِع الحديث: 157 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 الْإِصَابَة فَلم يتَّخذ الشَّيْخ أَبَا الْحسن أيده الله مِصْبَاح مجْلِس الْمِفْتَاح ومفتاح أنسه وَثَمَرَة قلبه وَرَيْحَانَة روحه ومستودع سره وأخص بطانته إِلَّا لِأَنَّهُ فِي الْفُضَلَاء والكبراء كَهُوَ فِي الْمُلُوك والأمراء وَقد كتبت من شعره مَا نطق بِهِ لِسَان فَضله كَقَوْلِه البديع الَّذِي تفرد بِهِ (بدا مَعْدن الْيَاقُوت فِي حَبَّة الحشا ... وَفِي الخد والعينين والشوق يغلب) (فعيناي حمراوان من كَثْرَة البكا ... وخدي مصفر وقلبي أكهب) وَقَوله فِي الْهلَال والثريا (كَأَن الْهلَال المستنير وَقد بدا ... وَنجم الثريا وَاقِف فَوق هالته) (مليك على أَعْلَاهُ تَاج مرصع ... ويزهى على من دونه بجلالته) وَقَوله فِي السُّلْطَان الْأَعْظَم أدام الله ملكه (يَا سيد النَّاس كَيفَ يمدحك الْخَادِم ... فِي شعره كَمَا يجب) (مَا يَتَأَتَّى لَهُ من الْمَدْح لَا ... يرضى وَمَا يرتضيه يحتجب) وَقَوله فِي الإقلاع عَن التصابي عِنْد الشيب (هجرت اللَّهْو إِذْ عَقْلِي ... على نَفسِي أَشَارَ بِهِ) (وحلاني حُلُول الشيب ... كرها عَن مشاربه) (فَمَا أسعى إِلَى رَاح ... وساقيه وشاربه) (وَإِمَّا عَن لي لَهو ... لهت كفي بشاربه) (فَهَل يَا نفس أَنْت على ... مُلَازمَة الْمشَار بِهِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 وَقَوله فِي مدح نيسابور من قصيدة (وماذا يصنع الْمَرْء ... بِبَغْدَاد وكوفان) (ونيسابور فِي الأَرْض ... كإنسان فِي إِنْسَان) (وَلَا غرو فقد أضحت ... لنا عين خُرَاسَان) (إِذا مَا دوخ الْمَرْء ... بلادا بعد بلدان) (يَرَاهَا عِنْدهَا شاها ... وباقيها كفرزان) وَقَوله فِي حمام مُصَور (أعجب بِبَيْت يُرِيك بَاطِنه ... جوارحا أرْسلت على الْوَحْش) (تعدو لصيد الظباء مسرعة ... كَأَنَّهَا فِي غياضها تمشي) (طيوره قد تقابلت نسقا ... كَأَنَّهَا وَقع على العش) (فضاؤه طَابَ فسحة وَهوى ... مصقل الأَرْض مؤنق الْفرش) (وَأَنت فِي خلْوَة مساعدة ... تولع بالدلك ثمَّ بالرش) 159 - الشَّيْخ الْعَارِض أَبُو الْحسن مُسَافر بن الْحسن أدام الله عزه طَال مَا لقِيت فِي شبيبتي وكهولتي وَعند شيخوختي وعلو سني أَعْيَان الْفضل وأفراد الدَّهْر ونجوم الأَرْض وبدور الصُّدُور من أَصْحَاب الأقلام وَالسُّيُوف فَلَو حَلَفت بِاللَّه الَّذِي لَا يحلف بأعظم مِنْهُ أَنِّي لم أشاهد مثله فِي امتزاج الْكَرم وَالْأَدب بطبعه واجتماع الْحسن فِي قَوْله وَفعله وانتظام آلَات الرياسة وأدوات السياسة فِي عقد فَضله واقتران الطّيب بالحلاوة فِي ثمار نظمه ونثره لما خشيت أحنث وَلما تعدى الحديث: 159 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 الصدْق وَبِحَسْبِكَ أَنِّي كتبت إِلَيْهِ فِي هَذِه الْأَيَّام (يَا من تشابهت المحاسن والعلى ... فِيهِ وأصبحت الْقُلُوب برسمه) (فالخلق مِنْهُ كخلقه والخلق مِنْهُ ... كلفظه وَالشعر مِنْهُ كاسمه) (وغذاء جسمي من سماح يَمِينه ... وغذاء روحي من بَدَائِع نظمه) (لَا زلت بَين سَعَادَة وَزِيَادَة ... وسلمت من سيف الزَّمَان وسهمه) فَأجَاب فِي الْوَقْت والساعة بِهَذِهِ الأبيات (أفدى الإِمَام الأوحد الْفَرد الَّذِي ... من شَاءَ فَرد زَمَانه فليسمه) (لَا زَالَ منصورا كَمَا يكنى بِهِ ... ولتفتخر روح غَدَتْ فِي جِسْمه) (فغذاء أَرْوَاح الورى من كتبه ... والظرف فيهم من لطائف رسمه) (وبنظمه عطل الفضايل ألبست ... حلى العرائس مذ غَدَتْ فِي قسمه) وَكَانَ قضى لي حوائج مثمرة وَأسْقط عني مؤنا مجحفة وَكتب إِلَيّ رِقَاعًا مونقة فَكتبت إِلَيْهِ (من مبلغ الصَّدْر مَوْلَانَا أبي الْحسن ... مُسَافر نُكْتَة الْأَيَّام والزمن) (خففت ظَهْري من ثقل الخطوب كَمَا ... أثقلته بالأيادي الغر والمنن) (صنائع مِنْك جلت فِي الْأَنَام وَقد ... دقَّتْ معانيك فِي الْأَشْعَار والفطن) (وَقد أَتَانِي قريض قد نفثت بِهِ ... كالسحر والراح وَالريحَان فِي قرن) (وَالله يجْزِيك عَن عبد ومصطنع ... قد كَانَ مَيتا بأيدي البث والحزن) (فَعَاشَ عَن كَلِمَات مِنْك كن لَهُ ... كالروح عَائِدَة مِنْهُ إِلَى الْبدن) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 فَأَجَابَهُ فِي رقْعَة غير قَصِيرَة (يَا صدر أهل النهى يَا أوحد الزَّمن ... أوهت علاك قوى الْأَقْوَال واللسن) (أهديت نظما فقد أَهْدَت لطافته ... روحا إِلَى بدني روحا إِلَى أُذُنِي) (أحيي الخواطر مني بعد ميتتها ... وَقَامَ عِنْدِي مقَام الْبُرْء للزمن) (أزاح عني مُقيم الْهم والحزن ... نعم وصيرني والأنس فِي قرن) (فصفو ودك للحسنى يؤهلني ... وَبعد شأوك فِي الأفضال يكرمني) (وَلَيْسَ فِي الشَّرْط أَن تولى الْجَمِيل وَأَن ... تفِيد علما غزيرا ثمَّ تمدحني) ولي فِي الاستطراد بِذكرِهِ (سقى الله أَيَّامًا أشبه حسنها ... وَقد كنت فِي روض من الْعَيْش ناضر) (بِشعر بن معتز وَخط ابْن مقلة ... ودولة مَسْعُود وَخلق مُسَافر) ولي أَيْضا فِيمَا يُنَاسِبه (ومهفهف فتن الآله عباده ... إِذْ سَاق حسن الْعَالمين إِلَيْهِ) (فَكَأَن بابل أَصبَحت فِي طرفه ... وكأنما الأهواز فِي شَفَتَيْه) (وَكَأن توقيع الرئيس مُسَافر ... فِي عرض عَارضه يلوح عَلَيْهِ) ولي أَيْضا (وَقد سقتنا السَّمَاء مَاء الغيوم ... فاسقنا يَا غُلَام مَاء الكروم) (نشرب الراح باذكار الرئيس الْفَرد ... فِي الْجُود والعلى والعلوم) (وَإِذا مَا مُسَافر سَافَرت أَخْبَار ... علياه أسفرت عَن نُجُوم) وَأَيْضًا (يَا سائلي وصف مَوْلَانَا أبي حسن ... مُسَافر فِي بديع القَوْل محكمه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 (الْمسك من ذكره والمزن من يَده ... وَالرَّوْض من خلقه والدر من فَمه) إِلَى أشباه كَثِيرَة لَهَا وَمن ثمار خاطره قَوْله (لقد لامني قومِي على أَن صبوتي ... تدوم وليل الشّعْر صرح بِالْفَجْرِ) (فَقلت اعذروني فِي تلذذ لَحْظَة ... لَدَى الْفجْر إِن الْفجْر يُؤذن بالهجر) وَقَوله (أَجود بجل مَالِي لَا أُبَالِي ... وأبخل عِنْد مسئلة الْكتاب) (وَذَاكَ لأنني أنفقت حرصا ... على تَحْصِيله شرخ الشَّبَاب) وَقَوله (مدادك فِي الْكتاب يقوم عِنْدِي ... مقَام سَواد عَيْني لَا المداد) (لِأَن كتابك المحبوب عِنْدِي ... اسر موانس وَأجل زَاد) وَقَوله (أَرغب فِي الْعلم وَلَا أَدعِي ... أَنِّي إِلَى غَايَته أهتدي) (لأنني آنف من جهل مَا ... يقبح أَن يجهله الْمُبْتَدِي) وَقَالَ يوبخ نَفسه وصديقا لَهُ (تُرِيدُ وصل رَفِيق ... وَطيب عَيْش رَقِيق) (بقينة وبكاس ... من كف سَاق رَشِيق) (والهم مِنْك صبوح ... موصل لغبوق) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 (وَالْمَال من ظلم حر ... وَضعته فِي الْحَرِيق) (وَمن مطاعم قوم ... ضعْفي وقوت فريق) (وَأَنت واثق نفس ... بِخِدْمَة الْمَخْلُوق) (وَلست عَن سكر لَهو ... وقهوة بمفيق) (فَمَا تصيخ لنصح ... وَلَا لقَوْل شفيق) (فَمَا تظن خليلي ... بِكُل هَذَا الفسوق) (لقد ضللت فنكب ... إِلَى سَوَاء الطَّرِيق) 160 - الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح مَسْعُود بن اللَّيْث أدام الله عزه قد لبس برد شبابه على عقل الشَّيْخ الْأَفْضَل وَحَازَ فِي حَدَاثَة سنه آدَاب المبرز الْأَكْمَل وفاز بالحظوة التَّامَّة عِنْد السُّلْطَان الْأَعْظَم أدام الله ملكه فَهُوَ من خلص ثقاته وخدمه ومتحملي نعمه وأعيان ديوَان رسائله وأكابر رسله وَهَذِه قَصِيرَة من طَوِيلَة ونكتة من جملَة وَله نثر يضْحك عَن زهر وغرر ونظم ينطوي على حبر ودرر وَهَذِه فصوص من فصوله الْقصار تجمع بَين الْأَنْوَار وَالثِّمَار فصل رَاحَة الرّوح فِي الراح وقرة الْعين فِي الْوُجُوه الصَّباح وَقُوَّة النَّار فِي الدَّرَاهِم الصِّحَاح فصل دَوَاء الْخمار قبل الحبيب وطرف الحَدِيث فصل الدُّنْيَا كريق المعشوق كلما ازددت مِنْهُ ريا ازددت إِلَيْهِ عطشا فصل من خدم الْمُلُوك وَلم يستخدموه ذبل عوده وغربت سعوده الحديث: 160 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 فصل مثل نائل الْملك كالسحاب كلما أَبْطَأَ سيرا كَانَ أَكثر خيرا فصل من سلب الرّفْعَة لغير رفع الْأَوْلِيَاء وقمع الْأَعْدَاء فَهُوَ طَالب مَال لَا طَالب جلال فصل من تردى بالقناعة رثت حَاله وكسف هلاله وَهَذِه لمع من ملح شعره كَقَوْلِه (حبيب زارني وَاللَّيْل داج ... وَفِي عَيْنَيْهِ تفتير المدام) (وَقد نَالَ الْكرَى من مقلتيه ... منال الحادثات من الكوام) وَقَوله (يَا راميا عَن لحظ طرفك أسهما ... تَقْبِيل وردة وجنتيك شفائي) (عجبا لطرفك كَيفَ دائي كامن ... فِيهِ وثغرك كَيفَ فِيهِ دوائي) وَقَوله من نتفة (ولبست من صدر السرُور ... وَبت فِي صدر السرير) (فِي مجْلِس قد رش مَاء ... الْورْد من سحب البخور) (طلعت علينا أنجم الكاسات ... من أَيدي البدور) وَقَوله (نم فِي ورد وجنتيك من العنبر ... خطّ فازددت تيها ودلا) (وَلَقَد حق أَن تزيد دلالا ... وَلَقَد حق أَن أزيدك ذلا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 وَقَوله فِي غُلَام طَبِيب (متطبب كالغصن فِي حركاته ... صيرت روحي فِي هَوَاهُ سَبِيلا) (مَا جَاءَنِي متطببا إِلَّا لِأَن ... أَهْوى السقام لكَي أرَاهُ قَلِيلا) (عجبا لَهُ يبري السقيم بطبه ... وبلحظه يدع الصَّحِيح عليلا) 161 - الشَّيْخ أَبُو بكر عَليّ بن الْحسن الْقُهسْتَانِيّ شخص الْفضل وَصورته وينبوع الْكَرم ومعدنه ورفضة الْأَدَب وغديره وَعذر الزَّمَان المذنب وزينته وَقد لفظته بِلَاد الْمشرق وترامت بِهِ الْحَوَادِث والنوائب حَتَّى كَأَنَّهُ خَليفَة الْخضر وقذاة فِي عين الأَرْض وَمَا هُوَ إِلَّا السَّيْف يزْدَاد على الصروف أثرا والمسك يزْدَاد على السحق طيبا وَمَاء الْبَحْر إِذا ساغر عذب وَكَأَنِّي بِهِ الْآن وكأنما يوحي إِلَيْهِ فِي النثر وَالنّظم ويغرف آدابه من الْبَحْر وَأَنا كَاتب من غرر أَلْفَاظه نبذا علق بحفظي فَمِنْهَا قَوْله من طلب شَيْئا وجد وجد وَمن قرع بَابا ولج ولج وَقَوله فِي تَوَاتر الْفتُوح هَذِه فتوح ألفتها النُّفُوس والطباع ومرنت عَلَيْهَا الْأَبْصَار والأسماع فَهِيَ لَا تستغرب غرائبها وَلَا تستعجب عجائبها وَقَوله فِي وصف بنية كَأَن الشَّيَاطِين نصبت تِلْكَ الأساطين وَقَوله فِي حِكَايَة مَا قيل لبيداء الْملك أَنَّك لَا تسلم حَتَّى تسلم وَلَا تأمن حَتَّى تؤمن وَهَذِه بَدَائِع من شعره كَقَوْلِه (أَقمت لي قيمَة مذ صرت تلحظني ... شمس الكفاة بعيني محسن النّظر) (كَذَا اليراقيت فِيمَا قد سَمِعت بِهِ ... من لطف تَأْثِير عين الشَّمْس فِي الْحجر) الحديث: 161 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 وَكَقَوْلِه فِي الشَّيْخ العميد أبي سهل الحمدوي أدام الله تَعَالَى عزه (يَا مَا لهَذَا الْقلب لَا يرعوي ... وَقد درى أَن قد هوى من هوى) (هوى ببست وببلخ هوى ... ثَان فَمَا هَذَا الْهوى الغزنوي) (ثَلَاثَة وَالْحق فِي وَاحِد ... وَالْقَوْل فِي الِاثْنَيْنِ للمانوي) (وَإِن تثليث النَّصَارَى لمن ... يدين بِالْإِسْلَامِ لَا يَسْتَوِي) وَمِنْهَا (هَيْهَات إِن الدَّهْر مَا قد ترى ... أعصل قرن عسر ملتوي) (فَأَحْمَد الله وَمن بعده ... فَأَحْمَد بن الْحسن الحمدوي) (من بره استعبد شكري لَهُ ... وَالْحر عبد الْبر فِيمَا رُوِيَ) (قد نشر الله تَعَالَى بِهِ ... مَا كَانَ من صحف الْمَعَالِي طوي) وَمِنْهَا (أشهد بِاللَّه وآياته ... يَمِين حق غير ذِي مثنوي) (لَو بصرت بنت شُعَيْب بِهِ ... قَالَت لَهُ هَذَا الْأمين الْقوي) وَقَوله من أُخْرَى (تمتّع من الدُّنْيَا فأوقاتها خلس ... وَعمر الْفَتى مليت أطوله نفس) (وسارع إِلَى سهم من الْعَيْش فايز ... فَمَا ارْتَدَّ سهم قطّ يَوْمًا وَلَا احْتبسَ) (وقض زمَان الْأنس بالأنس وانتبه ... لحظك إِذْ لَا حَظّ قيل لمن نعس) (وَلَا تتقاض الْيَوْم هم غَد ودع ... حَدِيث غَد فالاشتغال بِهِ هوس) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 (هِيَ الرّوح كالمصباح والراح زيتها ... فدونك عني إِنَّمَا الرَّأْي يقتبس) (أنبئك عَن نَفسِي وَعَما اختبرت لَا ... أَحَادِيث تروى عَن قَتَادَة عَن أنس) وَقَوله من أُخْرَى (وَأَنت على مَا فِيك من مَنْعَة الصِّبَا ... وَقلة أعداد السنين أريب) (كيحيى الَّذِي قد أُوتِيَ الحكم كُله ... صَبيا كَذَاك ابْن النجيب نجيب) وَقَوله من أُخْرَى (سما بك من فَوق السَّمَوَات رُتْبَة ... أَب لَك يَدْعُو الله فِي السِّرّ والجهر) (كَمَا قد دعى مُوسَى لهرون ربه ... أَن أشدد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي) وَمِمَّا يستظرف من شعره قَوْله (وشيبني وأعمدني هَوَاهُ ... لذاك يُقَال لي الشَّيْخ العميد) وَكتب إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز الجكرزي يتشوقه ويستزيره (يَا قمر الْوَجْه وَيَا وَجه الْقَمَر ... حوشيت طَال ذَا السرَار وَاسْتمرّ) (فَاطلع وَجل مَا بجوى من قتر ... فطال مَا اشتاق أَبُو بكر عمر) وَقَالَ فِي عجة اتَّخذت بَين يَدَيْهِ (مَا أنس لَا أنس يَوْمًا بَارِدًا كَلْبا ... وَشر دهر الشتَاء الْبَارِد الْكَلْب) (إِذْ لَا تقربنا أطرافنا خصرا ... وَقد تمكن من أحشائنا السغب) (جَاءَ الْغُلَام بمقلاة فافرشها ... جمرا وجمر الطوى فِي الْجوف تلتهب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 (وَجَاء بالبيض مثل الدّرّ يفلقه ... فِيهَا وللدهن صَوت بَينهَا لجب) (فأخرجت مثل قرص الشَّمْس مشرقة ... كَأَنَّهَا فضَّة قد مَسهَا ذهب) 162 - القَاضِي أَبُو الْحسن المؤمل بن الْخَلِيل بن أَحْمد البستي هُوَ فِي الأدباء وَالْعُلَمَاء علم وَفِي الْجُود والمروة عَالم وَكَانَ خطيب غزنة حينا من الدَّهْر ثمَّ تقلد قَضَاء بست والرخج وَهُوَ عَلَيْهِمَا الْآن كَمَا كَانَ أَبوهُ وجده فَهُوَ قَاضِي ابْن قَاضِي بن قَاض وَهُنَاكَ من الْكَرم وَالْفضل وسعة الرحل وَحسن السِّيرَة وَقُوَّة البصيرة مَا تشهد بِهِ أخباره الأرجة وآثاره الْبَهْجَة وتجمعه وأياي حَال فِي الْمَوَدَّة طَوِيلَة الْمدَّة وَعشرَة فِي الغربة مزجت المهجة بالمهجة وَطَالَ مَا تلاقينا وتصافينا بغزنة وجرينا على حكم مُنَاسبَة الْأَدَب وتكاتبنا بالنثر وَالنّظم وسمعته يَقُول وَقد سُئِلَ عَن بست صفتهَا تثنيتها يَعْنِي أَنَّهَا بُسْتَان وَأَجَازَ قَول الشَّاعِر (قبل أنامله فَلَيْسَ أناملا ... لكنهن مفاتح الأرزاق) بِمَا وازنه فَقَالَ (وَاذْكُر صنائعه فلسن صنائعا ... لكنهن قلائد الْأَعْنَاق) ولي فِي الاستطراد بِذكرِهِ من نتفة (يَا زَمَانا نعيمه ... لم يعرج على يَدي) (كنسيم معقد ... وشعاع مجسد) (طيبه كالكرى يلم ... بجفن المسهد) (أَو كخلق المؤمل بن ... الْخَلِيل بن أَحْمد) وَمِمَّا أَنْشدني لنَفسِهِ (ساعد زَمَانك تسعد ... واقنع بحظك ترشد) الحديث: 162 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 (وهون الْأَمر فِيمَا ... أيقنت أَن سَوف ينْفد) (فَمَا مضى فَكَأَن لم ... وَمَا يكون كَأَن قد) 163 - القَاضِي أَبُو الْقَاسِم عالي بن عَليّ بن عبد الله الشِّيرَازِيّ أيده الله تَعَالَى قد آتَاهُ الله تَعَالَى فِي اقتبال الْعُمر جَوَامِع الْفضل وسوغه فِي ريعان الشَّبَاب محَاسِن الاستكمال فَهُوَ مَعَ أَصله الشريف وعرقه الْكَرِيم أديب فَقِيه شَاعِر خطيب فصيح الْقَلَم وَاللِّسَان عَارِف بِأُمُور السُّلْطَان وَكَأن أَبَا الْفَتْح كشاجم عناه بقوله (مَا كَانَ أحْوج ذَا الْكَمَال إِلَى ... عيب يوقيه من الْعين) وَكنت اقتبست من نوره واستمليت مِنْهُ أبياتا لَهُ فِي نِهَايَة الْحسن وأعددتها لهَذَا الْكتاب فَضَاعَت نسختها وَسَهْم الرزايا بالذخائر مولع وَهَذَا مَا علق بحفظي من قصيدة لَهُ سلطانية فريدة أَولهَا (أَيَّام ملكك للورى أعياد ... وثبات سعدك للورى استسعاد) (وَإِذا بقيت على الْأَنَام مملكا ... فالأرض روض وَالسَّمَاء عهاد) (يَا من تضعضعت الجدود لجده ... وعنا لراسخ مجده الأمجاد) (هذي السَّعَادَة قد أتتك وفودها ... بمقالد الدُّنْيَا إِلَيْك تقاد) (وَلها لواحق قد قربن وَإِنَّمَا ... هَذَا أتتك سوابقا رواد) (أبشر بِملك لَا يزَال مؤيدا ... بعلى تشاد وبسطة تزداد) (وَمر الزَّمَان بِمَا تُرِيدُ فَإِنَّهُ ... عبد لأمرك سامع منقاد) الحديث: 163 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 164 - القَاضِي أَبُو الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد الرَّشِيدِيّ اللوكري لَهُ شرف عميم وطبع كريم وَخلق عَظِيم ولسان فصيح ومجد صَرِيح وأدب جزل ومنطق فصل وَهُوَ من أَوْلَاد هرون الرشيد ولي الْقَضَاء بسجستان والوزارة بغرشستان والسفارة بَين السُّلْطَان الْمَاضِي وأمير الْمُؤمنِينَ الْقَادِر بِاللَّه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَلم يزل فِيمَا نيط بِهِ وَاعْتمد عَلَيْهِ بَين نصح يؤثره وَجَمِيل يؤثره حَتَّى مهد قَوَاعِد الصّلاح وذلل مقاود النجاح فَأَحْمَد وَأجل وبجل ولقب بتاج الْقُضَاة وزين الكفاة رَضِي أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ الْقَائِل (قَالُوا اقتصد فِي الْجُود إِنَّك منصف ... عدل وَذُو الْإِنْصَاف لَيْسَ يجور) (فأجبتهم أَنِّي سلالة معشر ... لَهُم لِوَاء فِي العلى منشور) (بِاللَّه أَنِّي شائد مَا قد بنى ... جدي الرشيد وَقَبله الْمَنْصُور) وأنشدني لنَفسِهِ (الدَّهْر يلْعَب بالفتى ... لعب الصوالج بالكره) (أَو لعب ريح عاصف ... عصفت بكف من ذره) (ويقوده نَحْو السَّعَادَة ... والشقاء بِلَا بره) (الدَّهْر قناص وَمَا الْإِنْسَان ... إِلَّا قنبره) وَله فِي أَيَّام الْخَانِية ببلخ (أرى الْأَحْرَار كلهم حيارى ... كَأَنَّهُمْ ولحياتهم سكارى) (وأضحى الأفضلون من البرايا ... بأيدي التّرْك فِي بَلخ اسارى) (كَأَن الْمُسلمين وَقد جبوهم ... مجوس أَو يهود أَو نَصَارَى) (كَأَن التّرْك فَوْقهم صقور ... وهم من فرط خوفهم حبارى) الحديث: 164 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 وَله فِي الشَّيْخ شمس الكفاة (إِذا قيل من للعلى والندى ... وَمن للمكارم فِي ذَا الزَّمن) (وَمن للعلوم وَمن للرسوم ... وَمن للفروض وَمن للسنن) (أجبنا وَقُلْنَا بإجماعنا ... أَبُو قَاسم أَحْمد بن الْحسن) 165 - الشَّيْخ أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الأرباعي من أَفْرَاد دهره وحسنات وقته لابس برد شبابه على كهولة فَضله جَامع بَين شرف أَصله وكرم طبعه حائز حسن نثره إِلَى جودة نظمه وَأَبوهُ الشَّيْخ أَبُو عبد الله أيده الله أوجه أُمَنَاء السُّلْطَان الْأَجَل السَّيِّد الْملك الْأَعْظَم ولي النعم أدام الله ملكه بخراسان يتقلد لَهُ بريد نيسابور وطوس وعدة من بِلَاد خُرَاسَان مَعَ الإشراف عَلَيْهَا وَقد كتبت من شعر أبي الْحسن مَا أنشدنيه كَقَوْلِه من قصيدة فِي الشَّيْخ الْجَلِيل أبي الْقَاسِم أَحْمد بن الْحسن رَحمَه الله لما أُعِيدَت الوزارة إِلَيْهِ (علت الوزارة إِذْ عَلَوْت محلهَا ... يَا خير من عقد الْأُمُور وحلها) (هذي الْأُمُور تلاحقت فتهنها ... وَهِي السُّعُود تلاحقت فتملها) (إِن الوزارة رُتْبَة مرموقة ... خلقت هَوَاك كَمَا خلقت هوى لَهَا) (صعبت على أَيدي سواك أمورها ... فأظلها استقلالكم فأذلها) (فَالْآن عَاد وعاذ مِنْك بعقوة ... حلف المكارم لَا يريم محلهَا) (هذي الوزارة فِي الْحَقِيقَة لَا الَّتِي ... كَانَت تقاسمها الأراذل قبلهَا) وأنشدني لنَفسِهِ فِي الشكوى أبياتا مِنْهَا (يشارطني دهري لَئِن صرت جَاهِلا ... رفعتك يَا دهري فقدت مشارطا) الحديث: 165 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 (محابرنا يَا لَيْت كنت محاجما ... وأقلامنا يَا لَيْت كنت مشارطا) وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (يَا رب حقق دَعْوَة العَبْد ... وَارْحَمْ دعاي واشفني وحدي) (وَارْحَمْ لبيد الشّعْر حِين شكا ... زَمنا يروح عَلَيْهِ بالنكد) (قد كَانَ يشكو جلد أجربه ... وَبقيت فِي زمن بِلَا جلد) وَله أَيْضا (كل معاش إِلَى فنَاء ... كل نعيم إِلَى زَوَال) (كم أَخذ الدَّهْر باغتصاب ... قوت فَقير وكنز وَال) (كم هش لي وَجهه زَمَانا ... حَتَّى إِذا مَا انْقَضى زوى لي) وَله أَيْضا فِي الشَّيْخ الْأَجَل أكفى الكفاة أدام الله تأييده من قصيدة (بلغت السَّمَاء إِذا فاقتصر ... وحزت ألثناء إِذا فاقتصد) (وأعليت من طالعي مَا هوى ... وأصلحت من حالتي مَا فسد) وَمن منثور كَلَامه مَا كتب إِلَيْهِ يهنيه بالوزارة شن وَافق طبقًا وَفضل عانق عبقا وخائم فاجأ مَاء وَزرع صَادف سَمَاء وَصدر شرف تحلى بصدر وليل تمّ تجلى ببدر وَسيد مملكة سادها وَصدر وسادها أحلما أرى أم حَقًا وكذبا أسمع أم صدقا إِن كَانَ حَقًا فَهُوَ طالع الميمون وَإِن كَانَ حلما فخيرا رَأَيْت وَخيرا يكون وَمَا شِئْت وَمَا شَاءَ فالق الدَّلْو وَأرْسل الرشاء وجدت وأجدت فَهَل شكرت وسجدت هُنَاكَ هُنَاكَ ثمَّ عناك ومناك وأيها يَا زمَان أَيهَا فقد أخرجت نبيها دنيا أَرَاهَا عطرة وَكَانَت دقراء وسماء أَرَاهَا مطرة وَكَانَت جرباء وَفضل يفتر عَن برد وَقد كَانَ فِي حرد وَعلم يسفر عَن شمس وَقد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 كَانَ فِي رمس وزمان صَالح عنوا وَقد كَانَ حَربًا ودهر سَالم كرها وَقد كَانَ ألبا دولة أضحكت بِمَا جد وَكَانَ فِي حسرة ومملكة تربح بسير وَكَانَت فِي حسرة ومولانا يَقُول مَا هَذَا التَّعْرِيض وَالتَّصْرِيح والتمريض والتصحيح نعم هُوَ حَيَاة الْبَصَر يبهره الْقَمَر واضطراب الأسماع لمضراب السماع ودهشة العاشق لنجاة الخيال الطارق ولجلجة كَلَام عبد ظفر بعد الْقنُوط وارتفع بعد الهبوط وَرَأى كالسعد الَّذِي لَهُ تجدّد وَالْمجد الَّذِي بِهِ تفرد فَأَقُول مرْحَبًا بفلك أطلع علينا سعده وَأهلا بِهَذَا الْيَوْم وَمَا بعده وَالْحَمْد لله الَّذِي صدقنا وعده وأورث مَوْلَانَا ملك الدست والصدر وَملك الْحَيَاة وَالْقدر وزمام النهى وَالْأَمر يتبوأ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء فَنعم أجر العاملين 166 - أَبُو بكر عبد الْمجِيد بن أَفْلح الغزنوي كثير المحاسن والفضائل جم المحامد والمناقب وَكَانَ السُّلْطَان الْمَاضِي رَحمَه الله يُكرمهُ ويفضله على الصاحب وقلده بريد طوس وَهُوَ الْآن مُرَتّب فِي أَعْيَان كتاب الرسائل ومرشح للأعمال الجلائل وَله شعر يروق ويشوق كَقَوْلِه (انْظُر إِلَى حسن الرّبيع فقطره ... يحلى على الأغصان درا نابتا) (وَكَأن غيم الجو يسْكب دمعه ... من حزنه وَالرَّوْض يضْحك شامتا) وَقَوله فِي معنى آخر (وراوي فِي إنشاد شعري مقصرا ... وَلَو كنت قد هذبته فِي الدفاتر) (مَخَافَة أَن يلقى امْرُؤ من عيوبه ... بخاطره مَا لَا أرَاهُ بخاطري) وَقَوله فِي الْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة من نتفة (قل لمن تاه فِي الورى بغناه ... لَا يُسَاوِي الْغنى حذار زَوَاله) (مرن النَّفس للقناعة كرها ... أَي مَال يَفِي بذل سُؤَاله) الحديث: 166 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 وَقَوله (تبين أهل الحجى أَن لي ... لِسَانا فصيحا وقولا صَحِيحا) (ولكنني أبدا سَاكِت ... أعالج بِالصبرِ قلبا جريحا) (فَمَا لي عَدو يُسَاوِي الهجاء ... وَمَا لي صديق يُسَاوِي المديحا) وَقَوله (لقد كنت حينا اقصد النَّاس مادحا ... لجهل بهم فَالْآن أَصبَحت تَائِبًا) (أدافع آمالي ببأس لأنني ... نظرت فَمَا أَبْصرت فِي الْحَمد رَاغِبًا) وَقَوله (رَأَيْت الدَّهْر يسْعد كل نذل ... ويقصد كل حر بامتهان) (فَقلت لقلبي استمسك بصبر ... فَإِن الدَّهْر دهر بني الزواني) وَقَوله (أرى مثل النُّجُوم دموع عَيْني ... إِذا مَا غَابَ وَجهك عَن فنائي) (كَذَاك الشَّمْس حِين تغيب تبدو ... نُجُوم اللَّيْل فِي أفق السَّمَاء) وَقَوله (سَلام على بدر الدجى كَوْكَب الحجى ... سَمَاء العلى شمس الفخار أبي الْخَيْر) (على من إِذا استطلعت قلبِي لَا أرى ... لعقلي برهانا على أَنه غَيْرِي) وَقَوله (أَقُول لسار فِي الحزونة والسهل ... ليبصر أَعْيَان الْبِلَاد ذَوي الْفضل) (تيَمّم أَبَا الْفضل بن ميكال واترك ... سواهُ فَكل الْفضل حَيْثُ أَبُو الْفضل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 167 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الدوغابادي أعجوبة الْعَصْر وَبكر عُطَارِد وَذَلِكَ أَنه حَدِيث السن رطيب الْغُصْن وَلَو قلت أَنه معجز بلدته فِي الشّعْر لما قلت شططا وَمن خَبره أَنه استظهر كتاب الْيَتِيمَة كُله وَله طبع نَافِذ وخاطر عَامر وقريحة ثاقبة وكياسة نادرة فانتجع بَدَائِع الخواطر واجتنى ثمار الأفكار وَحمل على الرّوح حَتَّى تطبع بطباع أَفْرَاد الشُّعَرَاء العصريين وَجرى فِي طرق المفلقين المبدعين وكسا الْمعَانِي البديعة الْخفية معَارض الْأَلْفَاظ الرشيقة الجلية فَإِن شَاءَ فالسري والخالدي وَإِن أَرَادَ فالببغاء والسلامي وَإِن نشط تغزل وأطرب وَإِن آثر مدح فأعجب وَعجب وَهُوَ الْآن بالحضرة فِي ديوَان الرسائل مرشح للأعمال الجلائل وَمن شعره فِي الْغَزل قَوْله من قصيدة (ونمل عذاره نقلت إِلَيْهِ ... وَهن ضعائف حب الْقُلُوب) (نقلن لَهُ الْقُلُوب وَهن ضعفى ... فَكيف إِذا قدرن على الدبيب) وَقَوله فِي مَعْنَاهُ من أُخْرَى (فحذار من ذَاك العذار فَإِنَّمَا ... نقلت لَهُ حب الْقُلُوب نمال) وَمن أُخْرَى (مري جفنك الممراض من غير عِلّة ... يشم سَيْفه إِنَّا أتيناه عودا) وَقَوله من أُخْرَى (وظبية أنس بَين أَسد طرقتها ... على حذر وَاللَّيْل فِي لون خالها) (وَمَا غرضي مِنْهَا سوى ورد خدها ... وبرق ثناياها وَبرد زلالها) الحديث: 167 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 وَقَوله (سلا صُدْغه المسكي كَيفَ قراره ... على نَار خديه وَكَيف يكون) (وَيشْرب من فِيهِ المدام مُعَلّقا ... على لَهب أَن الْجُنُون فنون) وَمن سلطانيات شعره قَوْله من قصيدة (الْملك بعد نظام الدّين مَحْمُود ... للقائم الْملك الْمَنْصُور مَسْعُود) (إِن كَانَ دَاوُد زار الْغَيْث تربته ... ولى فَهَذَا سُلَيْمَان بن دَاوُد) (من كَانَ شمس مُلُوك الأَرْض وَارثه ... ونجله فَهُوَ حَيّ غير مَفْقُود) وَمِنْهَا (لَا يطمعن أحد فِي الْملك يملكهُ ... وَالسيف فِي يَد مَسْعُود بن مَحْمُود) (سقى الكماة كؤوس الْمَوْت مترعة ... على غناء صَهِيل الضمر الْقود) وَمِنْهَا (طَوِيل عمر المساعي والندى أبدا ... قصير عمر الأعادي والمواعيد) (يَدَاهُ فَوق أكف النَّاس كلهم ... عزا وَتَحْت شفَاه السَّادة الصَّيْد) أَخذه من قَول أبي الْفَيَّاض الطَّبَرِيّ (يَد ترَاهَا أبدا ... فَوق يَد وَتَحْت فَم) (تبَارك الله مَا أبهاك من ملك ... فِي تَاج عز بكف الله مَعْقُود) زلقت قدمه فِي ذكر الْكَفّ فَإِنَّهَا لَا تُضَاف إِلَى الله عز اسْمه وَتَعَالَى عَمَّا لم يصف بِهِ نَفسه وَلَوْلَا أَنه أضَاف الْيَد إِلَى نَفسه وَإِن كَانَ تَأْوِيلهَا غير ظَاهرهَا لما استجيز قَول من قَالَ يَد الله وَقد نعى على ابْن نَبَاته قَوْله وعيب بذلك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 (إِذا تمنت امنت أَن تعيش لَهَا ... يَا رَاكب الْعَرْش بَارك فِي أمانيها) لِأَنَّهُ قَالَ مَا لم يقل أحد من ركُوب الْعَرْش وَإِنَّمَا جَازَ الاسْتوَاء لِأَنَّهُ جلّ ذكره وصف بِهِ نَفسه وَإِن كَانَ بَعضهم تَأَول فِيهِ الِاسْتِيلَاء وَاحْتج بقول الشَّاعِر (قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق ... من غير سيف وَدم مهراق) عَاد الشّعْر (قرم يُعِيد حُدُود الْبيض مصلتة ... من الدِّمَاء عَلَيْهَا ذَات توريد) (تخالها وَهِي كَابْن الْغَيْم صَافِيَة ... كَأَنَّمَا مازجتها بنت عنقود) (لَا تَسْتَقِر ظباها فَهِيَ رَاحِلَة ... من الجفون إِلَى هام الصناديد) وَمِنْهَا (مغناك روض أريض مونق خضل ... وإنني عندليب جد غريد) أَخذه من أبي الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي وَزَاد عَلَيْهِ (وتغنيك فِي الندي طيور ... أَنا وحدي مَا بَينهُنَّ الهزار) (لَا زَالَ ملكك مَخْصُوصًا بأَرْبعَة ... أَمن ويمن وتأييد وتأبيد) (فَأَنت للْملك لَا فارقته أبدا ... كالنار للعود بل كَالْمَاءِ فِي الْعود) (وعشت للدّين وَالدُّنْيَا وأهلهما ... للعلى والندى والبأس والجود) وَله من قصيدة فِي الشَّيْخ أبي الطّيب طَاهِر بن عبد الله أيده الله أَولهَا (سقام عَيْنَيْك للعواد قتال ... فَفِي العيادة قل لي كَيفَ أحتال) وَمِنْهَا (وَيْح المحبين لما سَار عيسكم ... فِي صُحْبَة الدمع من أجفانهم سالوا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 (لم يرزقوا الْخَيْر مِنْكُم غير أَنهم ... فضل الشَّهَادَة فِي سبل الْهوى نالوا) (ناديت دمعي وَصوب المزن يسعده ... كلاكما خضل الشؤبوب هطال) (ولستما كيد الشَّيْخ العميد ندى ... هِيَ الْغَمَام وَلَكِن وبلها المَال) (كم أنبتت يَد مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا ... من رَوْضَة نبتها مجد وأفضال) وَمِنْهَا (قل للَّذي يتَمَنَّى نيل رتبته ... مَا كل مَاشِيَة بِالرجلِ شملال) (فِي دسته عَارض هام وبحر ندى ... طام يفِيض وصمصام وريبال) (كَاف إِذا مَا امتطى الأقلام أنمله ... فالمرهفات لَهُ والسمر عُمَّال) (يَا فَارس الدست إِن النَّاس كلهم ... سواك فِي دست هَذَا الْملك أكفال) (مر عَبدك الدَّهْر يجنبني نوائبه ... فالدهر طوع لما تقضيه فعال) (وَأول ثغري بتقبيلي ثراك ندى ... فَإِن تَقْبِيل ذَاك الترب إقبال) (وَأسلم فَإنَّك فِي أفق العلى قمر ... وافخر فَأَنت على خد الندى خَال) (وَأَنت نبع العلى إِذْ غَيْرك الضال ... وَأَنت بَحر الندى إِذْ غَيْرك الْآل) وَكتب إِلَى أبي الْقَاسِم الطَّائِي الْكَاتِب يسْأَله تذكيره وَعدا لَهُ عَلَيْهِ (أأبراهيم دَامَ صفاء ودك ... على غير الزَّمَان وصفو عَهْدك) (دعوتك دَعْوَة التَّعَب الْمَعْنى ... لتذكرني بِفَضْلِك عِنْد رَبك) 168 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحسن الْبَرْمَكِي كثير الْفَضَائِل جم المحاسن جَامع من الْعلم وَالْأَدب بَين الْعِنَب وَالرّطب الحديث: 168 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 فصيح اللِّسَان والقلم وَهُوَ من رياحين الحضرة وَطَالَ مَا نفد مِنْهَا رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه رَضِي الله عَنهُ فَأحْسن السفارة وَاسْتوْفى الْعبارَة وَهُوَ الْآن يتَوَلَّى أوقاف الْهِنْد وَله شعر يدْخل على الْأذن بِلَا أذن كَقَوْلِه (إِن شَاب رَأْسِي فالمشيب موقر ... وذوو الْعُلُوم بشيبهم يتبرك) (والشيب تغتفر الغواني ذَنبه ... مَا دَامَ ذَاك الشَّيْء فِيهِ يُحَرك) وَله (وَذي عينين كحلاوين يَرْمِي ... بسهمهما سويداء الْفُؤَاد) (ألم بعارضيه نصف لَام ... وهم بشاربيه نصف صَاد) وَله فِي الهجاء (أَبُو بكر بن حمدَان ... بِلَا أصل وَلَا فضل) (كَأَن الله صوره ... من الْإِعْجَاب وَالْبخل) (إِذا شاهدت طلعته ... دَعَوْت عَلَيْهِ بالثكل) (ترى مَا شِئْت من حمق ... ترى مَا شِئْت من جهل) (ترى نغلا على بغل ... ترى نذلا بِلَا بذل) 169 - أَبُو الْفَتْح المظفر بن الْحسن الدليغاني كَانَ من وُجُوه خدم الحضرة وأعيانها يرجع إِلَى أدب وَفضل وَحسن نظم ونثر وتقلد الْأَشْرَاف بنيسابور فَلم يلبث أَن أشرف على الْآخِرَة وَاخْتصرَ بالحتل مُنْذُ أشهر وَكَانَ قَرَأَ كتابي فِي التغزل بمأتى غُلَام مُخْتَلف الْأَوْصَاف وَالْأَحْوَال والصناعات والمذاهب فأنشدني لنَفسِهِ فِي غُلَام كرامي الحديث: 169 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 (وريم أصار الخانقاه كناسه ... وعارض عمدا رغبتي فِيهِ بالزهد) (أَطَالَ مواعيدي فَقلت لَهُ أما ... تعبدت فِي دين الْهوى بسوى الْوَعْد) (فَقَالَ اقْتصر مني على الْوَعْد فِي الْهوى ... فقد صَحَّ إيماني على قولي الْفَرد) وأنشدني لنَفسِهِ من قصيدة فِي شمس الكفاة رَضِي الله عَنهُ وَالْإِشَارَة عَلَيْهِ باصطلام أعدائه الَّذين سعوا بِهِ وأعانوا عَلَيْهِ (فسد الزَّمَان فَمَا ترى ... إِلَّا ذئابا أَو ذبابا) (هَذَا يصول فَإِن يصب ... لم يأل عقرا وانتهابا) (ويحوم ذَاك على أذاك ... فَلَا تزَال بِهِ مصابا) (فابسط حسامك فِي الذئاب ... فَلَا تدع ظفرا ونابا) (واصبب على الذبان من ... عذبات مقرعك العذابا) وَله من قصيدة فِي الشَّيْخ العميد أبي سهل الحمدوئي أدام الله عزه (بَابي طلوعك أَيهَا الْقَمَر ... حَتَّى مَتى يَا بدر تنْتَظر) (يَا مُجملا فِيهِ الْجمال لَهُ ... خضر كحظي مِنْهُ مُخْتَصر) (الْعِشْق أول مرّة نظر ... كم خَاضَ فِي دم عاشق نظر) وَمِنْهَا (وَالْمجد يحمد فعل أَحْمَده ... فِي كل مَا يَأْتِي وَمَا يذر) (الحمدوي المكتفي بندى ... كفيه إِمَّا أمسك الْمَطَر) وَمِنْهَا (وَكفى الْوَزير مهمة فغدا ... مِنْهُ بِحَيْثُ السّمع وَالْبَصَر) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 (فَإِذا دجا خطب يفرجه ... عَن وَجهه آراؤه الزهر) (بعزيمة كالسهم مَاضِيَة ... يرْتَد عَنْهَا الصارم الذّكر) (غرس الصَّنَائِع فِي الورى فغدا ... يجنى لَهُ من شكرهم ثَمَر) (لَا يخْش صرف الدَّهْر زَائِره ... فذراه من أحداثه وزر) (يَا مثريا من كل مكرمَة ... إِنِّي إِلَى جدواك مفتقر) (لي حَاجَة وقضاؤها أُمَم ... سهل عَلَيْك وَمَا لَهَا خطر) (وَمَتى يكن عمرا لَهَا أحد ... فالشيخ سيدنَا لَهَا عمر) (لَا زلت مَا سجع الْحمام وَمَا ... نفح النسيم وَنور الزهر) (فِي عيشة لَا جوها قتر ... فِيهِ وَلَا فِي صفوها كدر) وَقَالَ (وَلَقَد يئست من الرئيس ... وَمن بنيه زائده) (وضربتهم عرض الْجِدَار ... فَلَيْسَ فيهم فائده) (وغسلت من معروفهم ... كلتا يَدي بواحده) وَقَالَ (أثرنا خبايا الْعَيْش فِي جنب خابيه ... بأجدب حنان وحدبآء حانيه) 170 - أَبُو نصر أَحْمد بن مُحَمَّد الخالدي أديب بارع شَاعِر حسن الشّعْر من المقيمين بغزنة يَقُول الحديث: 170 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 (مَتى شملتني صِحَة وفراغ ... وقوت بِهِ لي غنية وبلاغ) (وأصبحت لهفانا على مَا يفوتني ... فرأسي رَأس لَيْسَ فِيهِ دماغ) وَيَقُول (قل للنؤوم عَن التفضل ... وادعا وسط الْكرَى مَه) (أحسن فَإِن الْحر عبد ... للمبرة والكرامه) وَله (قَاض لنا إِبْلِيس يشْهد أَنه ... مَا فِي الفضائح مثله إِبْلِيس) (فَكَأَنَّمَا زبر الْحَدِيد فياشل ... وكأنما مفساه مغناطيس) 171 - أَبُو الْفَتْح المظفر بن صَالح الرَّازِيّ المدير أحد من انْتقل من الرّيّ فِي صُحْبَة الرَّايَة السُّلْطَانِيَّة أدام الله نصرتها وَتصرف على خدمَة الحضرة وَهُوَ الْقَائِل فِي سيل أَتَى بِالريِّ بعيد ارتحال الموكب العالي عَنْهَا (أَتَى كالطود أَحْمَر فِي اصفرار ... كَأَن قراه ضمخ بالخلوق) (أَتَانَا تجرف الدُّنْيَا بلَيْل ... لحاه الله من زور طروق) (تغنم فرْصَة وَنوى بياتا ... لِأَن الْبَحْر مَال عَن الطَّرِيق) (وَلَوْلَا رحْلَة الْملك المرجى ... لما جسر السُّيُول على الطروق) الحديث: 171 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 خَاتِمَة الْكتاب يشْتَمل على ذكر أَقوام مختلفي التَّرْتِيب متفاوتي التَّارِيخ غير معطين حُقُوقهم من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وهم من كل الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة فبعضهم من استفدتهم بآخرة وَمِنْهُم قوم مَا أنسانيهم إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهم فِي أماكنهم فقد جمعت فِي هَذَا الْفَصْل محاسنهم على مَا خيلت وكتبت من لطائف غررهم وملحهم مَا يجْرِي مجْرى الْحَلْوَاء الَّتِي تقدم فِي أَوَاخِر الموائد ويكمل بِهِ الْكتاب وَالله ولي التَّوْفِيق 172 - أَبُو مُحَمَّد لطف الله بن الْمعَافى يَقُول (ذهب الَّذين يعاش فِي أَكْنَافهم ... وهم الْكِرَام السَّادة الْأَشْرَاف) (وَبقيت فِي خلف كَأَن وُجُوههم ... خبز الشّعير إِذا علاهُ جفاف) وَيَقُول (أرى مَا أشتهيه يفر مني ... ومالا أشتهيه إِلَيّ يَأْتِي) (وَمن أهواه يبغضني عنادا ... وَمن أهواه شص فِي لهاتي) الحديث: 172 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 (كَأَن الدَّهْر يطلبني بثأر ... فَلَيْسَ يسره إِلَّا وفاتي) وَهُوَ الْقَائِل (وَهل يذخر الضرغام قوتا ليومه ... إِذا أذخر النَّمْل الطَّعَام لعامه) هَذَا الْبَيْت لأبي الْعَلَاء المعري 173 - أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مَسَرَّة الْبَغْدَادِيّ يَقُول (زعمت إِنَّمَا هواي محَال ... أتراها ظنت نحولي انتحالا) (وَلَقَد زارني الخيال فَمَا صَادف ... مني الخيال إِلَّا خيالا) (بت أرعى النُّجُوم فِيهَا وباتت ... من وَرَاء السجوف تنعم بَالا) (وشكوت الْهوى إِلَيْهَا فَقَالَت ... حضري ينمق الأقوالا) وَقَوله (ألف الْحَوَادِث مهجتي فألفتها ... بعد التنافر والكريم أُلُوف) (لَيْسَ الْبلَاء عَليّ صنفا وَاحِدًا ... لَكِن عَليّ الْيَوْم مِنْهُ صنوف) 174 - مُحَمَّد بن أَحْمد الشيرجي أديب فَقِيه ظريف شَاعِر خليع يَقُول (يَا خليلي عرجا بِي إِلَى القفص ... وحطا الرّحال بالبردان) الحديث: 173 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 (واتركاني من التفقه فِي الدّين ... فحسبى تعلمي مَا كفاني) (واسقياني على وُجُوه الغواني ... واصطفاق النايات والعيدان) وَيَقُول (إلق الدساكر والمعاصر والسواحر والزوامر ... ) (ودع الدفاتر والمحابر والقماطر والمساطر ... ) وَكتب إِلَى صديق لَهُ يستزيره (الْيَوْم يَوْم انجحار ... وَيَوْم إيقاد نَار) (وَيَوْم عزف وقصف ... وَيَوْم شرب عقار) (وكل هَذَا لدينا ... فَاحْضُرْ مَعَ الحضار) وَكَانَ كثيرا مَا يَقُول لإخوانه أنعم الله صباحك وأدام لرأسك الخضرة ولوجهك الْحمرَة ولوجه حاسدك الصُّفْرَة 175 - أَبُو الْفضل احْمَد بن مُحَمَّد الْكَاتِب ثقيل وزن الْفضل خَفِيف روح الشّعْر يَقُول (دخلت إِلَى النخاس يَوْمًا وَعِنْده ... غُلَام صبيح الْوَجْه أتلع أحور) (فَقلت لَهُ هَذَا الْغُلَام تبيعه ... فَقَالَ بِهِ عيب وَذَلِكَ يستر) (فَقلت فأظهره فَقَالَ أباقه ... فَقلت رضى بِالْعَيْبِ فالظبي ينفر) وَيَقُول (قد قلت والصدغ على خَدّه ... كالليل يَبْدُو تَحْتَهُ الْفجْر) الحديث: 175 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 (الْبَدْر من أبراجه عقرب ... فَصَارَ برج الْعَقْرَب الْبَدْر) 176 - أَبُو المظفر عبد الْجَبَّار بن الْحسن الْبَيْهَقِيّ الجُمَحِي كثير المحاسن حُلْو الْأَدَب مليح الشّعْر يعِيش فِي ظلّ الْكِفَايَة ويخدم السُّلْطَان ويعاشر الإخوان وَيَقُول مثل قَوْله فِي بعض الصُّدُور (وَإِن أَبَا سعد لعائن رَبنَا ... عَلَيْهِ لشيخ حامض فِي الْمَشَايِخ) (فَلَو أنني وليت شغل وكَالَة ... لوفرت من خديه خل المطابخ) وَقَوله (وَجه أبي الْعَبَّاس مَا أصلده ... نعم وَيَوْم الْبَعْث مَا أسوده) (يخيب من يرجوه فِي يَوْمه ... ثمَّ مَعَ الخيبة يخْشَى غده) (قل لمليك الشرق هَذَا الَّذِي ... يكْتب فِي الدِّيوَان مَا أبرده) (إِن شِئْت أَن تبسط بَين الورى ... عدل أنوشروان فاقبض يَده) وَقَوله (دخلت على أبي سعد وَإِنِّي ... أداخله على ود سقيم) (رَأَيْت لَدَيْهِ كتابا ظرافا ... حيارى حول محزون كظيم) (تصور لي مَلَائِكَة كرام ... قعُود حول شَيْطَان رجيم) (فَفِي ديوانه كرم وَلَكِن ... مدارعه تزر على لئيم) (يعز عَليّ أَن يلقاه شتمي ... بِلَا ضرب أكرره أَلِيم) الحديث: 176 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 وَقَوله من قصيدة (عبق بكفي من خيال طَارق ... عِنْد الْكرَى متصافح متعانق) (فأبيت أضْحك من وصال كَاذِب ... وأظل أبْكِي من فِرَاق صَادِق) (إِنِّي أصافحه بكفي صائن ... لَكِن ألاحظه بعيني فَاسق) (مَا للهموم ألفن كل متيم ... أعشقن مهجة كل صب عاشق) 177 - أَبُو مَنْصُور عَليّ بن أَحْمد الحلاب شَاب كَانَ مُتَقَدم الْقدَم فِي الْفضل وَالْأَدب كتب فِي ديواني الرسائل بنيسابور والري وبرع وخدم وخدم وَقد ذكرت لَهُ أبياتا فِي مرثية صديقه أبي بكر الصبغي وكتبت الْآن مَا أَنْشدني لنَفسِهِ قَوْله فِي خطّ العذار (كم سقيت الدُّمُوع عَارض حَتَّى ... اشتهي خطه على غير حِين) (فتباطى النَّبَات حَتَّى إِذا مَا ... رويت خَدّه وجفت شؤوني) (دَار فِيهَا السوَاد وَهُوَ شَبيه ... بخطى النَّمْل فِي جنى الياسمين) (كَيفَ أستنكر العذار نباتا ... وَهُوَ من عبرتي وَزرع جفوني) وَقَوله (حلى المشيب محلا ... عَن كل ورد التصابي) (مَا للغواية والصبابة ... غير ريعان الشَّبَاب) 178 - أَبُو سهل الجنبذي الْكَاتِب من كتاب الرسائل فِي ديوَان السُّلْطَان الْأَعْظَم ولي النعم أدام الله ملكه وَمن الْأَدَب وَالْفضل بِحَيْثُ يضْرب بِهِ الْمثل وَله شعر يجمع الْحسن واللطف والظرف كَمَا الحديث: 177 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 أَنْشدني الْحَاكِم أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن إِسْحَاق البحاثي قَالَ أَنْشدني هَذَا الشَّيْخ لنَفسِهِ (أفدي فتاة حرمت ... ظلما عَليّ جمَالهَا) (ود الْهلَال بِأَن يكون ... لساقها خلْخَالهَا) (قد واعدتني زورة ... تشفى الجوى فبدالها) وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ (سقيا لزائرة زارت على عجل ... وَاللَّيْل ألبس غيطان الفلا غسقا) (فِي لَيْلَة بَات شَمل الْأنس مجتمعا ... فِيهَا وَشَمل الأسى والحزن مفترقا) (قطعت أَولهَا شربا وأوسطها ... سكرا وَآخِرهَا ضما ومعتنقا) (حَتَّى بدا الصُّبْح محمرا ذوائبه ... كَأَنَّهُ موقد فِي أفقه سذقا) (قَالَت تودعني وَالْعين باكية ... يَا لَيْت أَن بَيَاض الصُّبْح مَا خلقا) 179 - أَبُو طَالب مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بالبغدادي المستوفي أَخْبرنِي أَنه واسطي خدم الصاحب والأجلة واقتبس من أنوارهم فِي صباه وانتقل إِلَى خُرَاسَان فشاخ بهَا على الِاسْتِيفَاء فِي الدِّيوَان وَكَانَ أديبا كَاتبا حاسبا كَرِيمًا فَاضلا بِهِ طرش يسير وَله حفظ كثير وطلع بنيسابور فَأطلع شمس فَضله وأنشدني لنَفسِهِ (إِن كنت عنْدك يَا مولَايَ مطرحا ... فَعِنْدَ غَيْرك مَحْمُولا على الحدق) الحديث: 179 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 وأنشدني لنَفسِهِ فِي قَائِد اسْمه فولاذ (قَالُوا امتدح فولاذ فاسعد بِهِ ... فالحر بالأحرار يعتاذ) (فَقلت لَا يغرركم بره ... فَإِنَّهُ فِي اللوم أستاذ) (لَو أَنه الزيبق لم يجر لي ... فَكيف تجْرِي وَهُوَ فولاذ) وَله فِي الْأَمِير حسنك رَحمَه الله تَعَالَى (أبدى لَك الدَّهْر فِي أَحْوَاله عبرا ... لَو كنت يَوْمًا بِمَا تَلقاهُ مُعْتَبرا) (انْظُر بِعَين النهى فِي حسنك لترى ... سَحَاب كل بلَاء أرضه مَطَرا) (صلب ورجم وحز الرَّأْس بعدهمَا ... من يقهر النَّاس فِي سُلْطَانه قهرا) وانتقل إِلَى جوَار ربه مُنْذُ سنيات وَله ابْن نجيب أديب فِي ديوَان الِاسْتِيفَاء بالحضرة يكنى أَبَا غَالب 180 - أَبُو عدي الشهرزوري لَهُ شعر مدون قد انتخبت مِنْهُ قَوْله (حصلت وَعدك سَيِّدي ... وَكفى بِهِ ثِقَة لآمل) (لكنني كالناس مشغوف ... الْفُؤَاد بِكُل عَاجل) وَقَوله (رُبمَا كَانَ وَاحِد ... يغلب الْألف زَائِدا) (رب ألف رَأَيْتهمْ ... لَا يساوون وَاحِدًا) وَقَوله (وَأَنت كَالْمَاءِ يرْوى النَّاس كلهم ... وَرُبمَا شَرق الْإِنْسَان بِالْمَاءِ) الحديث: 180 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 181 - أَبُو مَنْصُور مَحْمُود بن عَليّ المهلبي الْعمانِي حَدثنِي أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الحاجبي بالجرجانية قَالَ كنت فِي أَوَاخِر أَيَّام السامانية أحرر فِي ديوَان الرسائل ببخارا مَعَ جمَاعَة من المحررين وَصَاحب الدِّيوَان إِذْ ذَاك أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي ومعنا فِي الْجُمْلَة أَبُو مَنْصُور المهلبي وَكَانَ أشعر الْقَوْم وَكَانَ فِينَا وَاحِد يعرف بِأبي الفوارس النَّيْسَابُورِي ردي الْخط غليظ الطَّبْع كثير الْكتب قَلِيل الْأَدَب يتعاطى الشّعْر ويفتضح فِيهِ فمدح أَبَا عَليّ بِمَا أضحكه وَالْقَوْم فَأمر المهلبي بهجائه وَوصف خطه وبلاغته فَقَالَ أبياتا مِنْهَا (وَكَاتب كتبه تذكرني الْقُرْآن ... حَتَّى أظل فِي عجب) (فاللفظ قَالُوا قُلُوبنَا غلف ... والخط تبت يدى أبي لَهب) فأعجب أَبُو عَليّ بقوله وَأمر لَهُ بصلَة وَلما رأى المهلبي ميل أبي عَليّ إِلَى وصف خطّ أبي الفوارس قَالَ فِيهِ يُخَاطب أَبَا عَليّ (يَا سيد السادات فِي الْمجَالِس ... أما ترى خطّ أبي الفوارس) (كَأَنَّمَا يكْتب بالمكانس ... فميمه كمنخر الأفاطس) (وجيمه كَرجل بغل رافس ... وسينه كأرجل الخنافس) (وواوه مغرفة الهرائس ... ولامه شريجة المحابس) (وَمَا ترَاهُ الدَّهْر غير عَابس ... أَو ناكسا لرأسه كالناعس) (يدرس طومارا بفهم دارس ... أَو قَائِلا شعرًا بشق هاجس) (أَو غايصا فِي لجة الوساوس ... كَأَنَّهُ من جملَة الأبالس) (فارم بِهِ فِي شدق لَيْث ناهس ... فبئس للْكتاب من مجَالِس) الحديث: 181 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 قَالَ وَلما قلد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن غزير الوزارة ببخارا مدحه أَبُو مَنْصُور المهلبي ببيتين فوصله بألفي دِرْهَم وهما (أرى الله الْبَريَّة كل خير ... وجنبهم بِفضل كل ضير) (ورد حياتهم ببني عُزَيْر ... كَمَا رد الْحَيَاة على عُزَيْر) وأنشدني غَيره للمهلبي (قد أولع النَّاس فِي الدُّنْيَا بأَرْبعَة ... أكل وَشرب وملبوس ومنكوح) (وَغَايَة الْكل إِن فَكرت فِيهِ إِلَى ... رَوْث وَبَوْل ومطروح ومفضوح) وَله (إِذا اعتل برذون الْفَتى وَهُوَ وَاحِد ... فصاحبه حَتَّى يَصح عليل) 182 - أَبُو مَنْصُور نصر بن أَحْمد بن سعد السَّعْدِيّ أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو الْحسن مُسَافر بن الْحسن أيده الله لَهُ (أكْرم أليفك مَا اسْتَطَعْت فَإِنَّهُ ... مَا دمت تكرمه فَأَنت كريم) (فَإِذا أضعت ذمامه وَتركته ... تركتك الفته وَأَنت مليم) وَله فِي ذمّ صديق (الْفلك تجْرِي فِي الْبحار وإنني ... أجريه مِنْك على الصَّفَا والجندل) (الله يعلم مَا أقاسي دائبا ... من سوء خلقك يَا نَقِيع الحنظل) الحديث: 182 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 وَله (يَا جَامع المَال كي تضن بِهِ ... تطمع وَالله فِي الخلود مَعَه) (هَل حمل المَال ميت مَعَه ... أما ترَاهُ لغير من جمعه) وَمِمَّا ينخرط فِي سلك هَذَا النظام قَول بَعضهم (يَا جَامعا لِلْمَالِ يَا مَانِعا ... ألم تثق بالرازق الْبَاعِث) (من شح بِالْمَالِ على نَفسه ... جاد بِهِ قهرا على الْوَارِث) 183 - أَبُو الْفرج أَحْمد بن عَليّ بن خلف الْهَمدَانِي فِي نِهَايَة الْفضل وَحسن النثر وملاحة الشّعْر وَقد ذكرت لَهُ عِنْد أَبِيه هذَيْن الْبَيْتَيْنِ المرتفعين فِي الْحسن عَن النَّعْت الجاريين مجْرى السحر (لَئِن كنت فِي نظم القريض مبرزا ... وَلَيْسَت جدودي يعرب وأياد) (فقد تسجع الورقاء وَهِي حمامة ... وَقد تنطق الأوتار وَهِي جماد) وَلم أكن أحفظ إِذْ ذَاك غَيرهم ثمَّ اكتبني الشَّيْخ أَبُو بكر أيده الله بعد حِين من الدَّهْر مَا كتبته فِي سويداء الْقلب كَقَوْلِه (تعيرني وَخط المشيب بعارضي ... وَلَوْلَا الحجول الْبيض لم تحسن الدهم) (حَنى الشيب ظَهْري فاستمرت عزيمتي ... وَلَوْلَا انحناء الْقوس مَا نفذ السهْم) الحديث: 183 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 وَكَقَوْلِه (ولرب كرم نقلنا أعنابه ... وشرابنا حلب لَهُ مختوم) (فَجمعت بَين الْأُم فِيهِ وبنتها ... عمدا لكَي يتضاعف التَّحْرِيم) وَكَقَوْلِه من قصيدة فريدة بديعة جدا (لَا تعذليني إِن ذكرت كئيبا ... ومنعما غض الْجمال ربيبا) (ومنازلا قضيت بَين خيامها ... عَيْشًا كَمَا يرضى التصابي طيبا) (لَوْلَا اشتياق الْألف لم تَرَ طائرا ... يُوفي على غُصْن الْأَرَاك خَطِيبًا) (وَلَقَد ترن الْقوس وَهِي صليبة ... من أَن تفارق سهمها فتغيبا) (وَكَفاك من شرف الْهوى تقديمنا ... أبدا على مدح الْمُلُوك نسيبا) (مهلا فلست ترى الْفَتى ذَا همة ... طماحة حَتَّى ترَاهُ طروبا) (أما تراني فقد ولهت صبَابَة ... وَرَأَيْت رأى العاشقين مصيبا) (فلرب يَوْم قد حجبت سماءه ... بعجاجة تذر الشَّبَاب مشيبا) (غادرت صدر السمهرية مرعدا ... وثنيت فِي قلب الْخَمِيس وجيبا) (سرنا فسارت للنسور عصائب ... ترجو مقَاما للكماة عصيبا) (وقيننا شمس النَّهَار وصرن من ... دون الهجير سرادقا مَضْرُوبا) (فليجزين صنيعها بفوارس ... تقتات مِنْهُم أعينا وَقُلُوبًا) (وَأبي الَّذِي شهد الْكِرَام بِأَنَّهُ ... أوفاهم فِي المكرمات نَصِيبا) (هوبي إِذا الْأَبْنَاء عدوا منجب ... وَبِه أعد إِذا افتخرت حسيبا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 (كالبحر ولد دره والغيث أنبت ... روضه والمسك أبدى طيبا) (أصل وَفرع طيبان كِلَاهُمَا ... مَا فيهمَا أَمر ترَاهُ معيبا) وَكَقَوْلِه فِي حَال انْقَضتْ (قربا الْأَشْقَر الْأَغَر فَإِنِّي ... يَا خليلي قد مللت المقاما) (وَرَأَيْت الثواء فِي بلد الذل ... حَماما وَإِن أمنت الحماما) (وتخيرت للحروب قناة ... صعدة صَدَقَة وسيفا حساما) (فأجيزا عني الكؤوس فَإِنِّي ... قد ألفت السرى وعفت المداما) (وَدَعَانِي من الأغاريد إِلَّا ... من طنين السيوف يفلقن هاما) (ولخير من أَن نَعِيش لِئَامًا ... مستذلين أَن نموت كراما) وَقَوله من قصيدة (نشفت بأنفاسي نطاف المناهل ... فأخلفتها دمعي بسحب هواطل) (ورحت بقلب فِي الظعائن سَائِر ... حثيث ودمع بالأباطح سَائل) (وَأنكر جاراتي خضاب ذوائبي ... وَهن بِهِ زين بيض الأنامل) (فيا عجبا مِنْهُنَّ ينكرن بَاطِلا ... عَليّ وَلم يحلين إِلَّا بباطل) (وَكنت مَتى أبدي النصول بياضها ... رَأَيْت نصولا ركبت فِي مقاتلي) (فسل مشيبي من خضابي كَأَنَّمَا ... تسل من الأغماد بيض المناصل) وَقَوله من أُخْرَى (شكر لآلآء الْوَزير فَإِنَّهُ ... أحيى نفوسا قد كمدن تروعا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 (وَلَئِن تبقت لي مآرب لم أزل ... لنداه فِي إنجازها متوقعا) (يَأْبَى حيائي أَن أُطِيق بَيَانهَا ... وعزوف نَفسِي أَن أرى متوجعا) (ولأنت تعلم مَا أُرِيد فوقني ... ذل السُّؤَال وجد بِهِ مُتَبَرعا) (وَإِذا الْفَتى سبق السُّؤَال بِفِعْلِهِ ... كَانَ الَّذِي يَأْتِيهِ أحسن موقعا) وَقَوله (تلوم أُمَيْمَة إِنِّي سخوت ... سيصغي إِلَى لومها الألأم) (أأمنع مَا ملكته يَدي ... ويخلع خلته الأرقم) (فيمنح من جِسْمه بعضه ... ويعظم فِي عَيْني الدِّرْهَم) (إِذا هُوَ أولى بنيل العلى ... وموقفه فِي الندى أكْرم) وَقَوله (ولي أنمل تغني وتفني كَأَنَّهَا ... مسار غمام أَو مثار حمام) (فَمَا انبسطت إِلَّا لإغناء مقتر ... وَلَا انقبضت إِلَّا لهز حسام) وَقَوله فِي الزّهْد (فِي ظلام الدجى وضوء النَّهَار ... آيَة للمهيمن الْجَبَّار) (فلك دائر وقطب مُقيم ... ونجوم تجْرِي بِغَيْر اخْتِيَار) (وسماء قَامَت بِغَيْر عماد ... فَوق أَرض رست بِغَيْر قَرَار) (وصعيد يحول نبتا نضيرا ... مونق الرَّوْض مُورق الْأَشْجَار) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 (شربه وَاحِد وألوانه شَتَّى ... فَمن أصفر وَمن جلنار) (شهد الراسخون فِي الْعلم طرا ... إِن هَذَا من صَنْعَة الْجَبَّار) (خَالق الْخلق باسط الرزق فيهم ... مَالك الْملك عَالم الْأَسْرَار) (فَهُوَ الْوَاحِد الْحَكِيم تَعَالَى ... عَن شَبيه وَعَن شريك وجار) (وَهُوَ ذَاك الَّذِي إِذا خفت أمرا ... قلت يَا رب نجني من حذَارِي) (فَإِذا زَالَ مَا أَخَاف وأخشى ... عدت فِي سكرة وَفِي إِصْرَار) (أَيهَا الغافلون عَن نوب الدَّهْر ... وناسون سطوة الأقدار) (إِن هذي الديار قد نزلت قبل ... وحلت فَأَيْنَ أهل الديار) (أَيْن أَيْن الْمُلُوك فِي سالف الدَّهْر ... وَمَا أثروا من الْآثَار) (كل ذِي نخوة وَأمر مُطَاع ... وَامْتِنَاع وعسكر جرار) (ملكوا بُرْهَة فسادوا وقادوا ... ثمَّ صَارُوا أحدوثة السمار) (لم تخلدهم الْكُنُوز الَّتِي قد ... كنزوها من فضَّة ونضار) (لم تغثهم يَوْم الْحساب وَلَكِن ... حملُوا وزرها مَعَ الأوزار) 184 - أَبُو الْحُسَيْن الحسني الْهَمدَانِي هُوَ وَالِد عباد سبط الصاحب وَكَانَ بهمدان فِي الشّرف والجاه واليسار كيحيى بن عمر الْعلوِي بِبَغْدَاد وَفِي الْأَدَب وَالشعر كالرضي والمرتضى الموسويين بهَا وَكَانَ الصاحب يفتخر بمصاهرته ويتشرف بمواصلته وَكَانَ من أعظم الرؤساء مُرُوءَة وأوسعهم رحلا وَكَانَ لَهُ ندماء فضلاء أدباء لَا يغبونه وَلَا يغيبون عَن مائدته وَكَانَ يسْأَل كل وَاحِد مِنْهُم عَمَّا يتشهاه من الْأَطْعِمَة فيأمر الطباخ باتخاذه وإحضار جَمِيعه فيأكل بشهواتهم وَقَالَ لَهُم يَوْمًا تَعَالَوْا بِنَا نتكرم الْيَوْم فَقَالُوا وَأي يَوْم لَا يتكرم سيدنَا فِيهِ قَالَ الحديث: 184 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 نتكرم من الْكَرم لَا من الْكَرم قَالُوا كَيفَ تعْمل قَالَ نستغرق مرافق الْكَرم ومنافعه ومصالحه فنستوقد بقضبان الْكَرم ونتخذ سكباجة وقلية حصرمية وحلواء دبسية وَنَشْرَب الْعَيْنِيّ وننتقل الزَّبِيب فَقَالُوا لَا اخْتِيَار على هَذَا الرَّأْي فَأمر بذلك كُله وطاب يومهم وَكنت علقت لَهُ أبياتا ضَاعَت وعلق بحفظي مِنْهَا قَوْله فِي جَارِيَة تحمل شمعة (خطرت لنا قبل الْعشَاء بشمعة ... تحكي بهَا شكل القنا الخطار) (فَكَأَنَّمَا طعنت بهَا عشاقها ... فتكللت بدل النجيع بِنَار) وَقَوله من قصيدة (أعينا على تسويفه واعتلاله ... وتكديرها بالهجر مَاء وصاله) (لَئِن كَانَت الْأَيَّام ضنت بقربها ... فَإِن اللَّيَالِي أسعفت بخياله) وَمِنْهَا (ينفر عَنهُ النَّفس سوء فعاله ... وَيَدْعُو إِلَيْهِ الْقلب فرط جماله) (أَلا رب يَوْم قد نعمت بِقُرْبِهِ ... إِذا الْعَيْش فِي ريعانه واقتباله) وَمِنْهَا قَوْله من قصيدة صاحبية (إِنِّي وَإِن كنت من يُدْنِيه أبطحه ... إِلَى الفخار وتنميه أخاشبه) (حَتَّى تعليه طورا فواطمه ... إِلَى النَّبِي وأطوارا زيانبه) (لعبد أنعمك اللَّاتِي ملأن يَدي ... طولا وميزتني عَمَّن أناسبه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 وَكتب إِلَى الصاحب مَعَ طبق فضَّة فِيهِ من ند الْمُلُوك وَذَلِكَ قبل الْعِيد (الْعِيد زارك نازلا برواقك ... يستنبط الْإِشْرَاق من إشراقك) (فَأقبل من الند الَّذِي أهديته ... مَا يسرق الْعَطَّار من أخلاقك) (والظرف يُوجب أَخذه مَعَ ظرفه ... فأضف بِهِ طبقًا إِلَى أطباقك) وَالْجَوَاب عَنهُ فِي نِهَايَة الظّرْف وَقد ضَاعَ فِي جملَة مَا ضَاعَ وَسَهْم الرزايا بالذخائر مولع وَلَئِن عثرت عَلَيْهِ ألحقته بحاشية هَذِه الورقة إِن شَاءَ الله تَعَالَى 185 - أَبُو الْحُسَيْن التغلبي أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو بكر أيده الله قَالَ أَنْشدني ابْن أبي عَلان الْأَهْوَازِي لأبي الْحُسَيْن التغلبي فِي مدح الصغار من قصيدة (وَإِذا رمقت بحلظ طرفك فِي العلى ... نجما صَغِيرا فَهُوَ فَوق الأنجم) (وصغيرة الْخمس الْأَصَابِع إِنَّهَا ... أولى بزينة خَاتم المتختم) (وَالرمْح أَصْغَر عقدَة فِيهِ الَّتِي ... عِنْد السنان وَذَاكَ صدر الهذم) (وَكَذَلِكَ الدِّينَار يصغر حجمه ... وَهُوَ الثمين ترَاهُ فَوق الدِّرْهَم) وأنشدني غَيره فِي أَمْرَد متكبر (تكبر لما رأى نَفسه ... على هَيْئَة الشَّمْس قد صورت) (سيندم ألفا على كبره ... إِذا الشَّمْس فِي وَجهه كورت) الحديث: 185 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 186 - الْخَلِيل بن أَحْمد القَاضِي السجْزِي من أفضل الْقُضَاة وَأشهر أدبائهم وَله شعر الْفُقَهَاء كَقَوْلِه (الشيب أبهى من الشَّبَاب ... فَلَا تهجنه بالخضاب) (هَذَا غرب وَذَاكَ باز ... والباز خير من الْغُرَاب) وَقَوله (من أَرَانِي فِي غلو فِي الجفا مَا لم أره ... ) (فانتقامي مِنْهُ أَن أخجله بِالْبرِّ بِهِ ... ) وَقَوله فِي الْهزْل (إِذا نَامَتْ العينان من متيقظ ... تراخت بِلَا شكّ تشانيج فقحته) (فَمن كَانَ ذَا عقل سيعذر ضارطا ... وَمن كَانَ ذَا جهل فَفِي وسط لحيته) وَقَوله فِي الْجد (جَنْبي تجافى عَن المهاد ... خوفًا من الْمَوْت والمعاد) (من خَافَ من سكرة المنايا ... لم يدر مَا لَذَّة الرقاد) (قد بلغ الزَّرْع منتهاه ... لَا بُد للزَّرْع من حصاد) 187 - أَبُو دِرْهَم الْبَنْدَنِيجِيّ أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو بكر أيده الله تَعَالَى لَهُ من نتفة (مَتى مَا أقل مولَايَ أفضل مِنْهُم ... أكن للَّذي فضلته متنقصا) (ألم تَرَ أَن السَّيْف يزري بِهِ الْفَتى ... إِذا قَالَ هَذَا السَّيْف أمضى من الْعَصَا) الحديث: 186 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 وَله أَيْضا (ألم تَرَ هَذِه الدُّنْيَا حطاما ... توقد بَيْننَا فِيهِ الحروب) (إِذا نافست فِيهِ كساك ذلا ... ومسك فِي مطالبه اللغوب) 188 - أَبُو مُحَمَّد يحيى بن عبد الله الأرزني أحد مدرسي اللُّغَة بِبَغْدَاد وَأَصْحَاب الخطوط بهَا حَدثنِي أَبُو الْفضل التَّمِيمِي قَالَ كنت يَوْمًا مَعَه فِي دَار بهاء الدولة فَجَلَسْنَا على برج مِنْهَا مطل على دجلة مَعَ فَتى أسمر مليح وأخذنا نشرب من نَبِيذ التَّمْر فارتجل أبياتا مِنْهَا (كأنا على البرج المطل غدية ... لنا منزل بَين السماكين والنجم) (وَمن دُوننَا فيحاء قد نسجت لَهَا ... يَد المزن أفوافا من الوشي والرقم) (ودجلة تحكي فِي اطراد حبابها ... مضاعفة التسجين محكمَة النّظم) (وكاساتنا تجْرِي بسوداء مَالهَا ... إِذا انتسبت غير الأشاءة من أم) (وَلَو كَانَ فِي عمر الحبيس معرسي ... إِذا لأتت صهباء من حلب الْكَرم) الحبيس كَانَ من بِلَاد الشَّام أَو الجزيرة (ولكنما أزرى بِنَا أَن دَارنَا ... ببلدة لَا خَال يعد وَلَا عَم) (بلَى قد زهاها أَن لونك لَوْنهَا ... فَجَاءَت تضاهي الْمسك فِي اللَّوْن الشم) وأنشدني غَيره لَهُ فِي امْرَأَة تزَوجهَا فَلم تحمدها وَشبههَا بالنرجس ذاما لَهَا (أبنت أبي إِسْحَق هَل أَنْت نرجس ... فَإِن كلا شخصيكما متماثل) (فساقاك خضروان وَالرَّأْس أَبيض ... ووجهك مصفر وجسمك ناحل) الحديث: 188 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 189 - أوحد الْملك أَبُو طَاهِر الْحسن بن أَحْمد بن حسول يلقب بالأستاذ أوحد الْملك ويرشح للوزارة وَمحله مَحل الوزراء وَهُوَ ابْن عَم الْأُسْتَاذ صفي الْملك أبي الْعَلَاء وَله بلاغة بَالِغَة وَشعر مَعَ قرب لَفظه بعيد المرام مُسْتَمر النظام كَقَوْلِه (اشرب فقد أقبل الرّبيع بِلَا ... مطل وخل العذول فِي تَعب) (وسقني قهوة مُعتقة ... كَأَنَّهَا جذوة من اللهب) (وَانْظُر إِلَى ألسن الرياض وَقد ... نضنضن يَتْلُو عوارف السحب) (كَأَن أشجارها منورة ... منقوطة بالكواكب الشهب) (تسري إِلَيْهَا الشمَال مدنفة ... مسرى شِفَاء إِلَى أَخ وصب) (كَأَنَّمَا النرجس الجني اذا ... منحته اللحظ طرف مرتقب) (وَالْوَرق مثل القيان فِي كلل الأغصان ... يوقظن هاجد الطَّرب) (وخلني واسخ بِي على رشأ ... خلي دموعي مفضوضة السحب) وَكَقَوْلِه (وأغيد يهجرني دائبا ... ويمنحني الطيف من سخطه) (كَأَن الثريا وَقد صوبت ... قبيل التبلج من قرطه) وَله من رِسَالَة عاقتني عَن زِيَارَة مولَايَ الأنواء مضاهية تدفق بنانه بالعطاء وتموج بحره بالحباء المرتوية من الأنداء ارتواه من الْكَرم وَالْحيَاء ثمَّ صدني أَيْضا مَا نَحن بصدده فِي الحديث: 189 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 المعسكر المأهول من الْخطر المهول والوحول الَّتِي تَسُوخ فِيهَا أثباج الفيول فضلا عَن الْخُيُول وَمن أُخْرَى غرست فِي فَنًّا مولَايَ آمالا متهدلة الأفنان مخضلة الأغصان فَلم استثمر مِنْهَا إِلَّا التَّأَخُّر عَن جمَاعَة لم يجرؤا فِي الْخدمَة وَالطَّاعَة إِلَى أمد معي وَلم يضْربُوا فِي الْغناء بِمثل قدمي وَمن أُخْرَى ومعاذ الله أَن استعدى على كرمة إِلَّا بكرمه وَلَو أحوجت إِلَى استفاف الثرى أَو يُشَاهد مني غير الثَّنَاء وَلَو أزار نعرتي حد الظبي وَمن أُخْرَى قد شاهدت عهود الصِّبَا حَاضِرَة وأغصان الشبيبة ناضرة 190 - القَاضِي أَبُو عَليّ عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد إِمَام قد غزر علمه ونقى جيبه وَسلم غيبه وَلم يدنس ذيله واستوى فِي النزاهة نَهَاره وليله وَلَا عهد لنيسابور بِمثلِهِ فِي الزّهْد والورع والبعد عَن الطمع وَرُبمَا يَقُول شعر أدباء الأيمة كَقَوْلِه وأنشدنيه لَهُ الْحَاكِم أَبُو سعيد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن دوست أيده الله قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ (شباب أنست بأيامه ... فولى بأيامه وانقضى) (وأورثني عَنهُ شيبا أَضَاء ... كصبح أَتَى بعد ليل مضى) قَالَ وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ (مَا فِي شكاية من بِهِ ... بعض الأذية من حرج) (وَالصَّبْر أجمل بالفتى ... وَالصَّبْر مِفْتَاح الْفرج) الحديث: 190 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 191 - الْحَاكِم أَبُو عَليّ الْحسن بن مَنْصُور بن الْعَلَاء الدرابجردي النَّيْسَابُورِي من شُبَّان الْحُكَّام سنا ومشايخهم علما وفضلا وَكَأن البحتري يُعينهُ بقوله (وشبيبة فِيهَا النهى فَإِذا بَدَت ... لِذَوي التوسم فَهُوَ شيب أسود) وَله أدب من ثماره شعر حسن كَقَوْلِه فِي الْغَزل (تجلت كَمثل الشَّمْس فَوق جبينها ... سلاسل من مسك عقدن على در) (إِذا نظمت تَحت العقيق لئالئا ... نثرت يَوَاقِيت الجفون على تبر) وَقَوله (وَإِذا مَرَرْت بِموضع مرت بِهِ ... خلت التُّرَاب غَدا فتيت العنبر) (أرجا على أرجائه وكأنما ... خلط العبير بِهِ بمسك أذفر) وَقَوله (وَلما تداعوا للرحيل وودعوا ... وظل حداة العيس تُوضَع بالوخد) (ترددت فِي تِلْكَ المواقف باكيا ... ومعكت فِي آثَار أخمصها خدي) وَقَوله فِي الرّبيع من نتفة (قد طَال لبثك فِي الْبيُوت كثيرا ... فاعزم إِلَى صحن الفضاء مسيرًا) (وأنهض إِلَى حسن الرياض وطيبها ... تَشْتُم مسكا بَينهَا وعبيرا) (راقت بدائعها فصرن كَأَنَّمَا ... ألبسن من حلل الْجنان حبيرا) الحديث: 191 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 (فاحت روائحها وفاح نباتها ... فِي الْقلب نورا ساطعا وسرورا) وَقَوله فِي الخريف (جمع الزَّمَان محَاسِن الألوان ... وافتر عَن بشر وَطيب أَوَان) (واهتز أعطاف الْهَوَاء كَأَنَّمَا ... تحكي الْهَوَاء تمايل النشوان) (وامتد ظلّ اللَّيْل فِي أطرافها ... مثل امتداد مَوَاقِف الهجران) (فَانْظُر إِلَى حسن الزَّمَان وطيبه ... وتلون الْأَشْجَار بالألوان) (من بَين أَحْمَر قد علاهُ وأصفر ... مثل العقيق تطمن بالعقيان) (وتمايلت تِلْكَ الغصون فَأَشْبَهت ... يَوْم الْوَدَاع تعانق الخلان) (تتطاير الأوراق فِي أفق الهوا ... قلقا كقلب الهائم الحيران) (خلع الرِّيَاح على الرياض نثارها ... فِي أطيب الْأَوْقَات والأزمان) (يَا طيب ذَاك الْعَيْش فِي أرجائها ... لَو نَام عَنْهَا أعين الْحدثَان) 192 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْحِمْيَرِي من وُجُوه الْعمَّال بنيسابور أديب فَاضل شَاعِر يَقُول فِي أبي عَليّ الزَّاهِر الشَّاعِر الْبَلْخِي الَّذِي وَقع يسير من شعره فِي الْيَتِيمَة (لنا صديق شعره دَاجِن ... لَا يألف الْأَسْفَار والغربه) (لكنني أنْشدهُ رَاعيا ... لحقه فِي قدم الصحبه) وَيَقُول فِي الْغَزل (وأغيد سَاحر الألحاظ أدعج ... يتيه عَليّ بالخد المضرج) الحديث: 192 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 (أَفَاضَ على فُؤَادِي الوجد لما ... أضَاف إِلَى شقائقه البنفسج) وَيَقُول أَيْضا (أَبُو الْفضل أَخُو النَّقْص ... وَعم الْخرق وَالْجهل) (حمَار من بني آدم ... مَحْمُول على بغل) 193 - أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الأليماني أَصله من الرّيّ وَكَانَ مقَامه بنيسابور بعد تَركه التَّصَرُّف وَكَانَ يَقُول شعرًا مليحا ظريفا كَقَوْلِه فِي اسْتِقْبَال رَئِيس (كَيفَ أستقبل من حَيْثُ مضى ... طَار قلبِي مَعَه فِي سَفَره) (فَهُوَ فِي غيبته يَخْدمه ... مثل مَا يَخْدمه فِي حَضَره) وَكَقَوْلِه فِي وَزِير (سيرة الشَّيْخ سيرة مذكوره ... وأياديه بَيْننَا مشكوره) (إِذْ لَدَيْهِ مَحل كل كريم ... كمحل الْكلاب فِي المقصوره) 194 - الْأَمِير أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن عبد الله الميكالي أكبر أَبنَاء الْأَمِير السَّيِّد أبي الْفضل أدام الله عزه وأدبهم وأعلمهم وَهُوَ فِي الْكَرم همام وَفِي الطِّبّ إِمَام وَله شعر لم يخرج بعد لِأَنَّهُ لَا يظهره ترفعا عَنهُ وَسُوء ظن بِهِ فمما اختلسه حفظي مِنْهُ قَوْله فِي شدَّة الْحر (كأننا والهجير يطبخنا ... والبق تقتات كل من نضجا) (طبخ صِيَام يراقبون بِهِ ... إِدْرَاكه والظلام أَن يلجا) الحديث: 193 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 وسألحق مَا أَجِدهُ من غرره بِهَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى 195 - الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس إِسْمَاعِيل بن عبد الله كثير المحاسن غزير الْفَضَائِل كريم النَّفس شرِيف الطَّبْع كتب إِلَى الْأَمِير أَبِيه أيدهما الله وَكَانَ خرج إِلَى نَاحيَة أبياتا مِنْهَا (وَلَو أَنِّي غَدَاة الْبَين أغدو ... أما الْخَيل فِي خدم الْأَمِير) (للاحت لي تباشير الْأَمَانِي ... وهشت لي أسارير السرُور) (وَلَكِنِّي لقيد الْأذن مِنْهُ ... أَقمت وجد قلبِي فِي الْمسير) 196 - أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الله الدلشاذي من كتاب ديوَان الرسائل بالحضرة حرسها الله يتناسب وَجهه وخطه وشعره حسنا وسنه فويق الْعشْرين وَهُوَ من أهل البيوتات بنيسابور يَقُول فِي غُلَام جندي (يَا من حوى جد الْقِتَال وهزله ... وسبى الورى بحسام طرف سَله) (صدغاه مثل الصولجان وخده ... ميدانه وقلوبنا كرة لَهُ) 197 - أَبُو مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن سعيد القائني أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو بكر أيده الله لَهُ (يَا من تخطا إِلَى دَاري فأخطاني ... طوباي طوباي لَو قد كنت فِي الدَّار) (لَو أَن لي ألف دِينَار وَكَانَ معي ... نثرت بَين يَدَيْهِ ألف دِينَار) الحديث: 195 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 198 - السلَامِي الْمُقِيم ببخارا لَهُ ملح ظريفة كَقَوْلِه (قَالَ السلَامِي محنتي عجب ... أصغرها فِي الْقيَاس أعظمها) (من ذَاك أَنِّي اشْتريت جَارِيَة ... خادمة لي فصرت أخدمها) وَكَقَوْلِه (قَالَ السلَامِي إِذا شِئْت أَن ... تبصر محروما ومسكينا) (فَذَاك من لم تَرَ فِي كمه ... فِي زمن الْبِطِّيخ سكينا) 199 - الْأَصْمَعِي الْمُقِيم بهَا لما استوزر الشَّيْخ أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن كثير رَحمَه الله ببخارا قَالَ الْأَصْمَعِي (صدر الوزارة أَنْت غير كثير ... لأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن كثير) فأعجب بِهِ الصُّدُور والسامعون واستحسنوا قرب المأخذ وسهولة المطلع وَمِمَّنْ ذكر الكنية وَالِاسْم وَاسم الْوَالِد والبلدة فِي بَيت وَاحِد أَبُو الْقَاسِم الأليماني حَيْثُ قَالَ (إِلَى الشَّيْخ الْجَلِيل أبي عَليّ ... مُحَمَّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي) وَمِمَّنْ ذكر الِاسْم وَاسم الْأَب وَاسم الْجد وَاسم جد الْأَب أَبُو الْحُسَيْن بن بلقين فِي قَوْله لأبي الْفضل الْعَارِض بِالريِّ (أَنا نرى للْملك بعد حوادث ... حدثت بِهِ وتصرفت أطوارا) (فِي ظلّ راية زيد ابْن مُحَمَّد بن ... عَليّ بن الْقَاسِم استقرارا) الحديث: 198 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 وَالْأَصْل فِي مثله قَول الأول (أَن يَقْتُلُوك فقد ثللت عروشهم ... بعتيبة بن الْحَرْث بن شهَاب) وَمِمَّا يستظرف من شعر هَذَا الْأَصْمَعِي قَوْله (قد ارتهنت قلبِي غَدَاة لقيتها ... وَقد هيجت شوقي إِلَى الْقَمَر السعد) (سرخسية الألحاظ مروية الحشا ... بخارية الْأَلْفَاظ بلخية الْقد) 200 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن أَحْمد الاسفرايني من حَسَنَات اسفرائن وأفرادها عقلا وفضلا وَكِتَابَة وظرفا وَمَعْرِفَة بالنجوم يَقُول (يَا أَيهَا الشَّيْخ الْجَلِيل الَّذِي ... فِي غير مغناه يذل الْعَزِيز) (طَال مقَامي وانتهت غربتي ... ومسني الضّر وَأَنت الْعَزِيز) وَيَقُول (قد قلت لما أَن كَسَاه الردى ... يَوْم الثلاثا بردة الْهَالِك) (يَا ملك الْمَوْت تسلمته ... مني فسلمه إِلَى مَالك) 201 - أَبُو نصر المهلبي الْقَائِد شَاعِر اسفرائني المولد عراقي المنشأ صحب أَعْرَاب الْبَوَادِي وَأخذ عَنْهُم وتفاصح متشبها بهم وَكتب إِلَى الشَّيْخ الإِمَام الْمُوفق أيده الله وَقد تَتَابَعَت عَلَيْهِ أمراض فِي شبيبته الحديث: 200 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 (أَقُول لِأَصْحَابِي وَقد قَالَ بَعضهم ... أرى نَفسه فِي لجة الْمَوْت تغرق) (عَزِيز عَلَيْكُم أَن يَمُوت فَتى لَهُ ... لِسَان بِحَدّ الْهِنْد وأنى ينْطق) (لَئِن غبت عَن مغناك يَا بن مُحَمَّد ... بِمَوْت فكم جيب عَليّ يشقق) (وَكم من سَرِير زينته يَد العلى ... بريحان فضلي فِي الأقاليم يخرق) (وَلم أر من دنياي بعد لذاذة ... وَلم يتمتع بِي الغزال المطوق) (وَمَا سرني دست العلى وَأَنا الَّذِي ... بأنجم فضلى سنة الشَّمْس تشرق) 202 - أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد الاسفرائني الْفَقِيه أنشدت لَهُ فِي غُلَام صيدلاني (قد صَاد باللحظ مهجتي غنج ... عذار خديه صولجاني) (مَا خلت كي أتقي مخائله ... أَن يحسن الصَّيْد صيدلاني) 203 - ابْن هِلَال العسكري أنشدت لَهُ من قصيدة (شقائق من تَحت أَغْصَان بَان ... كَمثل العرايس من تَحت كُله) (ودجلة زرقاء مثل السَّمَاء ... وفيهَا زبازبها كالأهله) 204 - أَبُو صَالح سهل بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي المستوفي هُنَاكَ من الْجمع بَين الْأَدَب الديواني وَالشعر الْكِتَابِيّ وَتقدم الْقدَم فِي براعة الصِّنَاعَة مَا لَا خَفَاء بمكانه وَله ديوَان شعر كتبت مِنْهُ قَوْله فِي أبي سعد بن أرمك من الحديث: 202 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 قصيدة مهرجانية مطبوعة مصنوعة (سلك ابْن أرمك للسماح مسالكا ... لَو مر فِيهَا حَاتِم لم يهتد) (وسما بهمته الَّتِي قد ذللت ... هام السماك وَقرن سعد الأسعد) وَمِنْهَا (تهدى إِلَيْك طرائف وهديتي ... حلل الثَّنَاء عَلَيْك تنشرها يَدي) (تفنى الْهَدَايَا وَهِي بَاقِيَة على ... مر الزَّمَان بَقَاء نقش الجلمد) (غراء بكرا صنتها عَن غَيره ... وزففتها نَحْو الْأَغَر الأصيد) (مهرج على يمن وَطول سَلامَة ... ودوام عَافِيَة وَعز سرمد) وَقَوله فِي سنة الأفاضل من قصيدة (دهاني الشتَاء بِضيق الْيَد ... وأنساني الشّغل بالخرد) وَمِنْهَا (وَمِمَّا أَسَاءَ لَهُ عطلتي ... وَدين أقض لَهُ مرقدي) (كَأَن الزَّمَان وهجر الحبيب ... وَبرد الشتَاء وضيق الْيَد) (تجمعن ثمَّ ترصدن لي ... فوافين مني على موعد) وَهِي طَوِيلَة فِي السهولة والعذوبة وَمن حَقّهَا أَن تكْتب كلهَا دون بَعْضهَا وَكَذَلِكَ سَائِر فقره وَله من سذقية فِي بعض أَصْحَاب الدَّوَاوِين (إِذا حدث الْمَرْء عَن فَضله ... أصاخوا إِلَيْهِ وَقَالُوا صدق) (كفى أَمر ديوانه وَحده ... وَقَامَ بواجبه فاتسق) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 (ودبر أَعمال سُلْطَانه ... ودوج من مَاله مَا انغلق) وَمِنْهَا (وَلَو لم يقيض لتدبيرها ... لأضحت معالمها تنمحق) (وَبَات الرّعية فِي شقوة ... وواليهم لم يكن يرتفق) وَمِنْهَا (أرى النَّاس يهْدُونَ مَا استطرفوا ... من الْبر مَا جلّ مِنْهُ ودق) (وكل بِمِقْدَار إمكانهم ... يُقِيمُونَ رسما لهَذَا السذق) (وأصبحت عَن شأوهم قاصرا ... فَجئْت السّكيت غَدَاة السَّبق) (وَلَو كَانَ فِي قبضتي مهجتي ... لأنفذتها نحوكم فِي طبق) (وَلما تعذر مَا رمته ... تركت تكلّف مَا لم أطق) (وَلست لأقدح فِي همتي ... وَلَكِن تقاصر عَنْهَا الْوَرق) وَله من قصيدة ربعية فَهِيَ كَمَا ترَاهُ كِتَابَة معقودة بالقوافي كشعر البحتري (أما ترى الدَّهْر فِي أَثوَاب جدته ... قد عَاد فِينَا فتيا بعد مَا هرما) (تحكي البسيطة جَاما من زبرجده ... خضراء حَيْثُ وضعت النَّعْل والقدما) (كَأَنَّمَا ألبس الدُّنْيَا لبهجتها ... حليا من النُّور والنوار منتظما) (فَاشْرَبْ على وَجههَا صهباء صَافِيَة ... واستسمع الطير والأوتار والنغما) (وأنعم بيومك هَذَا وارع ذمَّته ... فَإِن مثلك يرْعَى الْحق والذمما) (أما الرّبيع فقد أحيى الربى فغدا ... وَجه الثرى عَن صنوف الدَّهْر مُبْتَسِمًا) (كَأَنَّمَا الأَرْض تجلى وَهِي ضاحكة ... والجو من غَيره تبْكي لَهَا ديما) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 (وَأصْبح الرَّوْض ذَا شكر لنعمته ... كَمثل شكريك إِذْ أوليتني نعما) وَله من مهرجانية (جَاءَك المهرجان أطيب وَقت ... يتقاضاك مَا هُوَ الْمَعْهُود) (من سَماع يزِيد فِي الرّوح روحا ... وغناء يصبو إِلَيْهِ الْوَلِيد) (وشراب كَأَنَّهُ الْمسك نفحا ... طيب الطّعْم زانه التوريد) وَكتب إِلَى صديق لَهُ فِي حَاجَة (يَا قَاضِي الْحَاج لإخوانه ... ومشتري الْحَمد بإحسانه) (يَا من إِذا عَن لنا مُشكل ... فرجه عَنَّا بإمكانه) (خَادِم يسْأَله حَاجَة ... تخف فِي كفة مِيزَانه) وَله فِي أَيَّام الْعَجُوز (الْيَوْم يَوْم اعْتِكَاف ... وَلَيْسَ يَوْم بروز) (وَيَوْم بَيت دفئ ... وَيَوْم لبس الخزوز) (وَيَوْم عزف وقصف ... وَيَوْم شرب بكوز) (فَإِن يَوْمك هَذَا ... عنوان برد الْعَجُوز) وَله فِي استبطاء عَامل فِي إِقَامَة مرسومة لحق الْحساب (يَا أَيهَا الشَّيْخ الَّذِي بره ... ابطأ عني بعد طول انْتِظَار) (أغفلة ألهتك أم نِيَّة ... نَوَيْت فِي تَأْخِير رمى الْجمار) (إِذا انْقَضى الْغَرْس فَلَا مرْحَبًا ... بالخرفيات الَّتِي تستعار) وَله فِي المهرجان (أسعد بِيَوْم المهرجان ... واشرب على نغم القيان) (لَا زلت يَا عين الزَّمَان ... تصان عَن عين الزَّمَان) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 وَله فِي رَئِيس منكوب (يَا سيد الصَّدْر الَّذِي ... شهد الصُّدُور على بهائه) (أَن كَانَ نابك حَادث ... فلتصبرن على بلائه) (فالبدر يكسف سَاعَة ... لَكِن يعود إِلَى انجلائه) وَله فِي الشّرْب الدَّوَاء (شربت الدَّوَاء فهنيته ... وألبست من شربه عافيه) (وَلَا زَالَ جسمك فِي صِحَة ... وآثار أسقامه عافيه) وَله تَرْجَمَة فارسية (خضت بِنَا المَاء مَعَ الْخُف ... تركتنا نغرق فِي جرف) وَله فِي مُحَرر ردئ الْخط (أقبح بِخَط مُحَرر أقلامه ... لعنت أنامله إِذا مَا حررا) (فَكَأَن مَا مجت بِهِ أقلامه ... آثَار أبقع حَيْثُ يبْحَث عَن خرا) وَله فِي كَاتب ادّعى الْحساب (يَا كَاتبا يَدعِي الْحساب وَقد ... أُوتِيَ عجبا بِحسن تخطيط) (دع عَنْك ذَا الْعجب لست تفرق ... مَا بَين القناطير والقراريط) (إِذا أخذت الْحساب تكتبه ... مُقَيّدا شكله بتنقيط) (حكيت ذَا حِرْفَة يُقَال لَهَا التوقيع ... فِي الظّهْر بالمشاريط) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 205 - حيدر الخجندي استصفع بقوله (مَا أَن سَأَلت الله مذ أيقنت ... نَفسِي أَن الذل تَحت السُّؤَال) وَإِنَّمَا كتبته تَعَجبا من خرقَة وحمقه فِي الترفع عَمَّا يدين بِهِ أفضل الْعَالم وَسيد ولد آدم نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَظِيره فِي الْجَهْل الكثيف وَالْعقل السخيف الصُّوفِي الَّذِي كَانَ إِذا ذكر الله سُبْحَانَهُ لَا يَقُول تبَارك وَتَعَالَى وَلَا عز وَجل فَإِذا قيل لَهُ فِي ذَلِك أنْشد (إِذا صفت الْمَوَدَّة بَين قوم ... ودام إخاؤهم سمج الثَّنَاء) 206 - أَبُو الْحسن الآغاجي هُوَ أشهر فِي شعر الفارسية وفرسانهم من المجرة وَله ديوَان شعر سَائِر فِي بِلَاد خُرَاسَان وَرُبمَا ترْجم شعر نَفسه بِالْعَرَبِيَّةِ كَقَوْلِه (إِن شِئْت تعلم فِي الْآدَاب منزلتي ... وإنني قد غذاني الْعِزّ وَالنعَم) (فالطرف والقوس والأوهاق تشهد لي ... وَالسيف والنرد وَالشطْرَنْج والقلم) وَقَوله فِي بَلخ (وبلدة قد ركب اسْم لَهَا ... من أحرف الْبُخْل هِيَ بَلخ) (والعيش فِيهَا كاسمها مبدلا ... من بائها تَاء وَذَا تلخ) 207 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد العبداني جمع غَضَاضَة الشبَّان إِلَى أبهة الْمَشَايِخ وَلم يَرث الْفضل وَالْأَدب عَن كَلَالَة الحديث: 205 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 فقد كَانَ أَبوهُ أَبُو الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى رَوْضَة الْأَدَب وغدير الْعلم مَعَ وجاهته عِنْد الْمُلُوك والصدور وَأَبُو بكر من أهل بَيت المعاذية بنيسابور وهم هم وَله شرف الانتساب إِلَى شرف الِاكْتِسَاب وشعره فِي صباه مليح لطيف ووراء طبعه على الْأَيَّام غرر ودرر وَقد كتبت لمعا من بَنَات خاطره كَقَوْلِه من قصيدة (شموس مغاربهن الكلل ... شققْنَ فُؤَادِي بِسَهْم الْمقل) (وحملنني ثقل أردافهن ... يَا وَيْح قلبِي مِمَّا حمل) (ونادين قلبِي فلبى وَقَالَ ... عزاي مَعَ الظاعنين ارتحل) (فيا عين جودي وَلَا تبخلي ... وَإِن كَانَ بِالصبرِ قلبِي بخل) (وأدمعها كاثرت فِي الورى ... أيادي الْوَزير الْكَبِير الْأَجَل) وَله من أُخْرَى (فيا طول إنشادي غَدَاة رحيلهم ... حشاشة نفس ودعت يَوْم ودعوا) (لَئِن ضَاعَ سري بعد مَا قد كتمته ... كَذَلِك سر العاشقين مضيع) (وَإِن طَال إنشادي مديح مُحَمَّد ... فَمن طرب ورق الحمائم تسجع) وَله من أُخْرَى (إِذا مَا كنت ذَا رَأْي سديد ... فَلَا تغتر بالدهر الخؤون) (وَلَا تغْضب فَإنَّك بَين قوم ... يقيسون الملائك بالقيون) 208 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبدونة يَقُول من قصيدة (دموع بِمَا ألْقى من الوجد تنطق ... وقلب بنيران الصبابة محرق) الحديث: 208 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 (وَلَو كَانَ لي طرف يحل بِهِ الْكرَى ... رَأَيْت خيالا للحبيبة يطْرق) 209 - وَهَذِه خَاتِمَة الخاتمة فِي ذكر الْأُسْتَاذ الأوحد أبي عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي وَهُوَ هُوَ فِي الْإِمَامَة والانفراد عَن النظراء وَتقدم الْقدَم فِي الخطباء وَمِمَّا حَاضر بِهِ من شعره قَوْله (طيب الْحَيَاة لمن خفت مؤونته ... وَلم تطب لِذَوي الأثقال والمؤن) (هَذَا يزجى بيسر عمره طَربا ... وَذَا يذوب من الْأَهْوَال والمحن) (فاجهد لتزهد فِي الدُّنْيَا وَزينتهَا ... إِن الْحَرِيص على الدُّنْيَا لفي حزن) (يَخُوض فِي غَمَرَات الشّغل لَيْسَ لَهُ ... إِلَّا الْحُصُول على الْبغضَاء والأحن) (فارغب إِلَى الرب فِي تيسيره سَببا ... تنجو بِهِ من بلايا حَادث الزَّمن) (فَإِنَّهُ خير مَرْغُوب إِلَيْهِ وَمن ... يَكْفِي المكاره ذُو الآلاء والمنن) الحديث: 209 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 قَالَ مؤلف الْكتاب قد أنجزت مَا وعدت ووفيت بِمَا ضمنت ووقفت حَيْثُ انْتَهَيْت من كتاب تَتِمَّة الْيَتِيمَة إِذْ أودعته من بَدَائِع النّظم وأحاسنه ولطائف النثر وطرائفه مَا يستميل الْقُلُوب بحدته وغضاضته وَيقف الْأَهْوَاء على براعته وحلاوته فكتاب الْيَتِيمَة الْآن كرأس المَال وَهَذَا الْكتاب الَّذِي هُوَ فرخه وعلاته كالربح الْمُسْتَفَاد وَالرِّبْح أطيب وبالقلب أعلق ونسيمه أعبق وَللَّه الْحَمد أَولا وآخرا على مَا أَفَاضَ علينا من نعمه وإياه نسْأَل الصفح الْجَمِيل من الِاشْتِغَال بِمَا لَا يزلف لَدَيْهِ وَلَا يقرب إِلَيْهِ وصلواته على أشرف الْخلق وأكملهم سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسَلَامه صَلَاة وَسلَامًا دائمين متلازمين إِلَى يَوْم الدّين وَرَضي الله تَعَالَى عَن التَّابِعين وتابعيهم تمّ من كِتَابَة العَبْد الْفَقِير الْمُعْتَرف بِالْعَجزِ وَالتَّقْصِير الراجي كرم ربه الْقَدِير إِبْرَاهِيم ابْن المرحوم أَحْمد القلعي حامدا لله تَعَالَى على نعمه ومصليا على نبيه سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَمُسلمًا فِي مُدَّة غايتها السَّابِع عشر من شهر صفر الْخَيْر من شهور سنة تسع وَثَمَانِينَ وتسعماية أحسن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عاقبتهما بمنه وَكَرمه آمين آمين آمين (وان تَجِد عَيْبا فسد الخللا ... وَجل من لَا فِيهِ عيب وَعلا) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317