الكتاب: أخبار الوافدين من الرجال من أهل البصرة والكوفة على معاوية بن أبي سفيان المؤلف: العباس بن بكار (أو ابن الوليد بن بكار) الضبي (المتوفى: 222هـ) المحقق: سكينة الشهابي الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1403هـ - 1983م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- أخبار الوافدين من الرجال على معاوية بن أبي سفيان ابن بَكَّار الكتاب: أخبار الوافدين من الرجال من أهل البصرة والكوفة على معاوية بن أبي سفيان المؤلف: العباس بن بكار (أو ابن الوليد بن بكار) الضبي (المتوفى: 222هـ) المحقق: سكينة الشهابي الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1403هـ - 1983م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حدث الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَاصِم قَالَ حضرت مجْلِس مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَعِنْده كبراء الْكُوفَة ورؤساء الْقَبَائِل وَقد أجروا أَخْبَار شيعَة عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أَن جن اللَّيْل فَلَمَّا جن اللَّيْل مضى إِلَى دَار اخته فَوَجَدَهَا ساهرة فَقَالَ يَا أم الحكم مَا الَّذِي أسهرك قَالَت أسهرني الْعجب مِمَّن عدل عَنْك إِلَى عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام وَجعله مثلك وَأَنت مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة حصنها عِنْد التشاجر وَكَانَ حَرْب عمادها عِنْد التفاخر وفارسها عِنْد الْفَزع وفاتكها عِنْد الْعسر وَإِن مُعَاوِيَة كَاتب وَحي الله ورديف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة يَا أختاه لَا يكذبنك ظَنك وَلَا يبعد عَنْك ذهنك وَالله مَا عادلت عليا قطّ فَكيف وَهُوَ عَليّ بن أبي طَالب بن عبد الْمطلب بن هَاشم من ولد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ عبد الْمطلب بن هَاشم جواد الْعَرَب وَفَارِس الكرب الْمطعم بالسغب وَكَانَ أَبُو طَالب السهل الطَّرِيقَة الحامي الْحَقِيقَة وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب قَاضِي الْأمة وأعظمهم فخرا وَأكْرمهمْ مجدا حامي الذمار عَزِيز الْجَار صهر الرَّسُول وَسيد الكهول وَزوج البتول فايم الله لأصبحن جَالِسا ولأسمعنك مِمَّن وَفد عَليّ من سَائِر الْعَرَب خلاف مَا ظَنَنْت وَغير مَا وصفت فَلَمَّا أصبح قَالَ اجلسي فِي قبتك وارخي عَلَيْك سجفك لتسمعي مقَالَة من يدْخل عَليّ من وُجُوه بني أُميَّة ورؤساء أهل الْكُوفَة وأخبارهم فَلَمَّا مثلُوا واستقرت بهم مجَالِسهمْ قَالَ مُعَاوِيَة للحاجب أَدخل عَليّ حجر بن عدي الْكِنْدِيّ الْكُوفِي فَأذن لَهُ فَدخل وَسلم فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة يَا بن الأسن الْقَبِيح المنظر الْقَاطِع بِنَا الْأَسْبَاب الْمُسَمّى بالأحزاب والملتمس بحربنا الثَّوَاب والمساعد علينا أَبَا تُرَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 فَقَالَ يَا مُعَاوِيَة لَا تذكر رجلا كَانَ بِالدّينِ برورا راعي الْأمة وَخَلِيفَة النُّبُوَّة المحامي عَن الْإِسْلَام أَولا وآخرا خَائفًا لله وَبِمَا يرضيه عَارِفًا عَاملا بدين الله طَوِيل الرُّكُوع طَاهِر الْخُشُوع قَلِيل الهجوع قَائِما بالحدود مُتَوَجها للمعبود طَاهِر السريرة مَحْمُود السِّيرَة نَافِذ البصيرة ملك أمرنَا فَكَانَ كبعضنا لم يبطل حَقًا وَلم يظلم خلقا يخف إِلَّا من الله عز وَجل ثمَّ بَكَى حَتَّى كَاد يتْلف ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ أما توبيخك إيَّايَ وَمَا كَانَ مني فَاعْلَم أَيهَا الْإِنْسَان اني غير معتذر مِمَّا جنيت وَلَا مكترث مِمَّا بِهِ اتيت فأعلن سرك واظهر أَمرك فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا غُلَام أخرجه عني فقد بلغ مني وَلَوْلَا مَا سبق مني لما فَاتَهُ طعم السَّيْف وَلَعَلَّ ذَلِك يكون بعد هَذَا ثمَّ قَالَ للحاجب أَدخل عَليّ عَليّ عَليّ عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 فَلَمَّا دخل قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا معشر الكهول والشباب من الرِّجَال وَالصبيان فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة يَا اخا خُزَاعَة لم لَا تخاطب بأمير ؤمنين وسلمين قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ وَهَذَا الْيَوْم الَّذِي وعد بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة إِذا لَا نؤاخذك لِأَنَّك أشهرت سَيْفك وأهويت لنا حتفك وأطلت الْإِعْرَاض وأجررت رسنك مَعَ كلال بغرور جشمك الْمَحْذُور وَكَيف رَأَيْت صنع الله بِنَا وَبِه ألم تضق برحيله وعارضة أَجله فَبكى عَمْرو بن الْحمق حَتَّى وَقع على وَجهه ثمَّ أَفَاق وَقَالَ بِأبي وَأمي من ذكرت وتنقصت كَانَ وَالله الْعَالم بِكِتَاب الله الْعَامِل بِحكم الله الْمَحْمُود عِنْد الله المستمسك بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّاهِد فِي الفانية الرَّاغِب فِي الْبَاقِيَة لم يضمر تكبرا وَلم يظْهر مِنْهُ تجبر يعْمل بِمَا يُرْضِي الله عَنهُ وَيقرب من رَحْمَة الله فَصَلَاة الله عَلَيْهِ وتحياته وَبَرَكَاته وَلَقَد ضربنا فَقده وتمنينا الْمَوْت بعده وَأما أَنا يَا مُعَاوِيَة فِي خَاصَّة نَفسِي فقد لعمري دانيت مِنْك أوغاد السامري وَأَوْلَاد الطُّلَقَاء من بني أُميَّة وَمَا ذَاك إِلَّا لأمر مفعول وتقديرات مِنْهُ ليحيط بكم غَضَبه وَهَذِه أَحْوَال ألهمكم الله فعالها ليدخلكم ناره سرمدا وددت أَنِّي قتلت بَين يَدَيْهِ وبمرافقة الْأَبْرَار الَّذين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 اسْتشْهدُوا كعمار وَمن شاكله وَلَقَد استرحت الْيَوْم من ملاقاة الأشرار فِي هَذَا الْيَوْم الظامىء المظلم فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة لَوْلَا علمي بِمَا تصير إِلَيْهِ لعجلت ذَلِك وَمَا تلبثت ثمَّ قَالَ أخرجه فَأخْرجهُ وَأدْخل عَليّ عدي بن حَاتِم الطَّائِي فَلَمَّا دخل وَسلم قَالَ مُعَاوِيَة مَا أبقى لَك الدَّهْر من حب عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ كحب أم مُوسَى إِذْ ألقته فِي اليم وعدوه فِرْعَوْن ثمَّ قَالَ حبي وَالله لَهُ شَدِيد لَا يقل بل يزِيد وَلَوْلَا حبه لما كنت أَرْجُو الْجنَّة وَلَا انالها إِلَّا بحبه وَشر أبي يزِيد أما كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقامه علما يَوْم حجَّة الْوَدَاع ونادى عَلَيْهِ يَوْم غَدِير خم أَلا من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وأخذل من خذله وانصر من نَصره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 أما سَمِعت فِي ذَلِك الْيَوْم نداءه عَلَيْهِ وَهُوَ آخذ بعضده وَهُوَ على الأقتاب لقد سَمِعت كَمَا سمعنَا وَشهِدت كَمَا شَهِدنَا فالحجة عَلَيْك وعَلى غَيْرك وعَلى كل من شهد ذَلِك الْيَوْم وَسمع كَلَام مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا نزل من الأقتاب إِلَّا وَقد تَفَرَّقت قُلُوبنَا شعبًا فَقَالَ قد كَانَ ذَلِك وَكَيف رضاك عَن ولدك زيد فَقَالَ كَيفَ أَسخط عَلَيْهِ وَقد أقرّ عَيْني بقتل فَارس الْجَيْش فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ الْأَمر فَوق ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أصبح وَالله عدي بعد صفّين ذليلا فَبكى عدي وَأَنْشَأَ وَجعل يَقُول (يجادلني مُعَاوِيَة بن حَرْب ... وَلَيْسَ إِلَى الَّذِي ارجو سَبِيل) (يكاشرني وَيعلم ان طرفِي ... على مَا فِي الضَّمِير لَهُ دَلِيل) (يذكرنِي ابا حسن عليا ... وخطبي فِي أبي حسن جليل) (وَيَزْعُم اننا قوم سفاه ... حراديون لَيْسَ لنا عقول) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 (وَكَانَ جَوَابه عِنْدِي عتيدا ... وَيَكْفِي مثله عِنْدِي الْقَلِيل) (وَقَالَ ابْن الْوَلِيد وَقَالَ عَمْرو ... عدي بعد صفّين ذليل) (فَقلت صَدقْتُمْ قد ذل ركني ... وفارقني الَّذين بهم أصُول) (سيخسر من يؤازره ابْن هِنْد ... ويربح من يؤازره الرَّسُول) (عَليّ أَنِّي على مَا كَانَ مني ... اقضي حَاجَتي فِي مَا أَقُول) قَالَ الْهَيْثَم وَأدْخل من بعده عَمْرو بن وَاثِلَة الْكِنَانِي فَلَمَّا دخل وَسلم رحب بِهِ مُعَاوِيَة فَقَالَ الْقَوْم هَذَا الَّذِي رَحبَتْ بِهِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ خَلِيل عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام وَفَارِس الْعرَاق وشاعرهم وَلَقَد انضج أكبادنا وأحرق جلودنا بنبله وفضحنا بطعناته وضرباته علام رَحبَتْ بِهِ وقربته مِنْك فَهَل نسيت مَا جرى علينا يَوْم صفّين وَلَقَد كدر علينا الْحيرَة وأفحش أعراضنا بِلِسَانِهِ وَصَارَ الْجَمَاعَة ينالون مِنْهُ وَمن عرضه فَغَضب عَمْرو بن وَاثِلَة وَقَالَ يَا مُعَاوِيَة مَا سبني هَؤُلَاءِ وَأَنَّهُمْ لأَقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 من ذَلِك وَمَا سبني غَيْرك فَإِن لم تجزني من سبني وَإِلَّا حق عَليّ سبك وشتمك فَقَالَ مُعَاوِيَة هَذَا عمروبن الْعَاصِ ومروان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ فَقَالَ عَمْرو بن وَاثِلَة أما عمروبن الْعَاصِ فأنطقته خِيَانَة أمه وَمَا أَتَت بِهِ من الزِّنَا وَأما مَرْوَان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ فأنطقتهما خِيَانَة الْحجاز وَأما ابْن أَبِيه فَإِنَّهُ انطقته حَيَاته تهَامَة وَأما ابْن اخيك فَوَهَبته لَك فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة يَا بن وَاثِلَة مَا ابقى لَك الدَّهْر من حب عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ كحب الفاقد لأَخِيهَا وَزوجهَا وَوَلدهَا وَإِلَى الله تَعَالَى اشكو التَّقْصِير فَقَالَ مَا ابقى لَك الدَّهْر من الوجد عَلَيْهِ قَالَ كوجد الْعَجُوز المقلات فَقَالَ مَا بلغ من بغضك لنا قَالَ بغض آدم لإبليس لَعنه الله ثمَّ بَكَى وَهُوَ يَقُول ي (أيشتمني عَمْرو ومروان ضلة ... بِحكم ابْن هِنْد والشقي سعيد) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 (وحول ابْن هِنْد سامرون كَأَنَّهُمْ ... إِذا مَا استقاموا للْحَدِيث قرود) (يعضون من غيظ عَليّ اكفهم ... ودرؤك من لَا يستجيب شَدِيد) (وماسبني إِلَّا ابْن هِنْد وانني ... لتِلْك الَّتِي يسخو بهَا لنكود) (كَمَا بلغت أَيَّام صفّين نَفسه ... تراقيها والشامتون شُهُود) (فَلم يمنعوه والرماح تنوشه ... وَمَا قل حَرْب للسان عُقُود) (وطارت بِعَمْرو فِي العجاج وسبطه ... ومروان من وَقع السيوف بعيد) (وَمَا لسَعِيد غير همة نَفسه ... وعل الَّتِي نسخو بهَا فنعود) (تخطفهم فِي الْحَرْب خطفا كَأَنَّهُ ... وَقد ثار نقع لِلْقِتَالِ صفود) فَقَالَ مُعَاوِيَة كَأَنَّك مِمَّن خذل أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان يَوْم الدَّار والشاهر علينا سَيْفك يَوْم صفّين فَقَالَ عَمْرو بن وَاثِلَة أما قَوْلك فِي قتل عُثْمَان وتركي نصرته لأَنا رَأَيْنَاك وَأَنت ابْن عَمه ونازل بإزائه وَقد اسْتَغَاثَ بك فَتركت إجَابَته وانت ابْن عَمه فهان علينا ذَلِك وتربصت بِنَفْسِك عَنهُ فَزعًا من الْمنون وَلَو انك اظهرت فِي ذَلِك الْيَوْم مَا قد اعلنته الْيَوْم لما كنت تقعد هَذِه الْقعدَة وَلَقَد كنت أول طريح لمُحَمد بن أبي بكر وَرَأَيْت من خذله من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فوسعني مَا وسعهم فَقَالَ مُعَاوِيَة أَلَيْسَ طلبتي بدمه نصْرَة لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن وَاثِلَة بِعُذْرِهِ فِي ذَلِك وَلَكِن يصيبك كَقَوْل عبيد حَيْثُ يَقُول (فَإِن قتلت فَلَا تطلب بثائرتي ... وان مَرضت فَلَا الزمك عوادي) (فَقَالَ الْقَوْم اقتله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فقد اجلى نَفسه فَقَالَ كلا قد جعلت لَهُ الْأمان أخرجه ايها الْحَاجِب قَالَ الْهَيْثَم بن عدي وَأدْخل من بعده هانىء بن عُرْوَة فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة أَنْت المائل علينا مَعَ عَليّ بن أبي طَالب الْعَدو الْمُحَارب الْخَارِج علينا فِي جمَاعَة الْمُسلمين يَوْم صفّين فَقَالَ هانىء بن عُرْوَة أما خروجي عَلَيْك يَا بن هِنْد فإنني غير معتذر مِنْك وَلَو كنت مبارزي يَوْم صفّين لقد كنت ايتم مِنْك هَذَا الْمجْلس وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْجُلُوس لَو انهم بارزوا لأعولت عَلَيْهِم نِسَاؤُهُم فِي جملَة المعولات وَإِنَّمَا تربصت بِنَفْسِك عَن أَن تلْحق الْكِرَام فوَاللَّه مَا أَحْبَبْنَاك مُنْذُ عرفناك ويروي مُنْذُ ابغضناك وَلَا قلبنا السيوف الَّتِي فِيهَا جالدناك وَإِنَّهَا لحداد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 بأيدي أنَاس شَدَّاد وَإِن نصر الله لينزل علينا وَإِنَّا لنعرف ايادي الله عز وَجل علينا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة اتأكل المستحسن لرعايتك والمضمر لكفايتك فَمَا حَاجَتك قَالَ إِن تتركني كفاف لَا تُعْطِينِي وَلَا تطمع فِي وصالي وَإِن تأيس فِي مودتي وإنني من الله كافيات نعمتي وَأَنا اشكر الله على نعْمَته وعَلى مَا أولاني من أهل وَولد وَمَال وَكَثْرَة عشيرة فَقَالَ أَنا أفعل ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ قَالَ للحاجب اخرجه فَأخْرجهُ وَتقدم إِلَى الوافدين من أهل الْبَصْرَة إِن يدْخل وَاحِد بعد وَاحِد قَالَ الْهَيْثَم بن عدي دخل من بعد أهل الْكُوفَة صعصعة بن صوحان الْعَبْدي وَكَانَ من جملَة الْبَصرِيين الوافدين فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وَرَأى الرِّجَال عَلَيْهِم السِّلَاح قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله سُبْحَانَ الله وَالله اكبر فَالْتَفت مُعَاوِيَة يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير مَا يكرههُ فَقَالَ يَا بن صوحان مَا اظنك تعرف الله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 قَالَ بلَى انه رَبِّي وَرب آبَائِي الْأَوَّلين يحيي وَيُمِيت وَهُوَ بالمرصاد كَبِير متعال وَمن وَرَاء الْعباد فَقَالَ مُعَاوِيَة كنت أحب ان اراك فِي هَذَا الْمقَام حَتَّى يصيبك ظفر من أظفاري اهدي بِهِ نَفسِي مِمَّا تَجدهُ مِنْك وَمن مرارات أدخلتها بكلامك وَصدق قتالك يَوْم صفّين على قلبِي وَلَقَد كنت أتوقع عذرك يصلني مَعَ الترغيبات الَّتِي رغبتك عل اني اقامسك شطر قلبِي فَمَا فعلت فَقَالَ لَهُ صعصعة وَكَذَلِكَ كنت أَنا أَقُول ان لَا تقعد هَذِه الْقعدَة وَلَا وَلَا تستعير هَذِه الْعَارِية وَلَقَد فرحت لَك لِأَنَّهُ مقَام يورثك النَّار فِي لظى الخلود السرمد وَقد كنت أحب ان لَا احييك بِهَذِهِ التَّحِيَّة حَتَّى تفي مقادير الله تَعَالَى فِيك وَأما قَوْلك لَو عذرت لقاسمتك شطر دولتك فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوفائي لَهُ وحفظي وَصيته وتلزمي بسنته فَيكون أَمْرِي فِي دولته ومملكته كأمره وَمَا عِنْد الله خير وابقى للابرار فَالْتَفت مُعَاوِيَة إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ وَقَالَ لَهُ أوسع لخالك حَتَّى يجلس إِلَى جَنْبك فَقَالَ عَمْرو لَا أوسع لَهُ انه ترابي فَقَالَ صعصعة أجل وَالله من التُّرَاب خلقت وَإِلَيْهِ أَعُود وَمِنْه أبْعث وانك يَا بن الْعَاصِ نَارِي من النَّار خلقت وإليها تعود فَضَحِك مُعَاوِيَة حَتَّى اسْتلْقى على صفحته ثمَّ عَاد فَقعدَ وَقَالَ يَا بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 صوحان انما انت تهزل بلسانك وتفرح سلطانك وَمَا تنظر فِي الْأُمُور وَالْأَيَّام ونوادر الْكَلَام وَالله لقد هَمَمْت ان احملك خطب الْعرَاق فَقَالَ وَالله لَو رمت ذَلِك لغزوتك فِي مائَة أَمْرَد على مائَة ألف اجرد فَامْتَلَأَ مُعَاوِيَة غيظا واطرق طَويلا وَرفع رَأسه وَقَالَ لقد اكرم الله قُريْشًا اذ يَقُول لنَبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك وسوف تسْأَلُون} فَقَالَ لَهُ صعصعة وَمَا قَالَ الله {وَكذب بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحق} أما القَوْل الأول فلرسول الله ولقومه من قرَابَته وَذريته وَأما القَوْل الثَّانِي فلك ولقومك وَمن شاكلهم فَقَالَ مُعَاوِيَة قَاتلك الله لقد غلبتني سكت لَا أم لَك فَمَا أعجل جوابك واصعب خطابك مَا اظنك منتهيا حَتَّى افرق بَين روحك وجسدك قَالَ لَهُ صعصعة لَيْسَ ذَلِك اليك انما ذَلِك بيد من لَا يُؤَخر نفسا إِذا جَاءَ أجلهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة لقد فقهكم عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام مَا تركْتُم حجَّة فَلَنْ تطاقوا وَلَوْلَا أنني لم اجرع بجرعة افضل من جرعة غيظ لم أمكنك من الْحَيَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ثمَّ ان مُعَاوِيَة قَالَ (عَفَوْت عَن جهلهم حلما وتكرمة ... والحلم عَن قدرَة فضل من الْكَرم) فَقَالَ لحاجبه اخرجه وَأدْخل من بعده الْأَحْنَف بن قيس فَمَا دخل الْأَحْنَف بن قيس على قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة أَنْت المطلع علينا بالغدر والناظر فِي عطفيه شزرا انت الَّذِي مَرضت نَفسك بالغرور وقدمت على مفظعات الْأُمُور مَعَ إعانتك عَليّ بن أبي طَالب وجلادك إيَّايَ اجلابك عَليّ الْخَيل وَالرجل يَوْم صفّين وتحملك على أهل الشَّام بقوائم السيوف وَطول الرماح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 فَقَالَ الْأَحْنَف مَه يَا مُعَاوِيَة فَإِن لي مثل مَا أعرف وَمَا لَا أعرف فَإِن شِئْت ذكرتك مَا تعرف وأوضحت لَك مَا لَا تعرف وَأما قَوْلك اعنت أَمِير الْمُؤمنِينَ وأجلبت يَوْم صفّين الْخُيُول وَالرِّجَال فَأنْتم وَالله معاشر قُرَيْش قتلتم أميركم وجررتم افلاذه وَالدَّار منا نازحة عَنهُ وقطعتم رَحمَه وسفكتم دَمه ثمَّ إِنَّكُم ألزمتمونا دَمه فوَاللَّه إِن الْقُلُوب الَّتِي أبغضناك بهَا لبين جوارحنا وَإِن السيوف الَّتِي جالدناك بهَا لفي أعناقنا حمائلها وبأيدينا قَوَائِمهَا وإيم وَالله مَا تَدْنُو بباع من الْغدر إِلَّا دنونا مِنْهُ بباع من الختر وَإِن شِئْت لتصفين قُلُوبنَا بِحِلْمِك فَقَالَ مُعَاوِيَة إِنِّي لفاعل ذَلِك ثمَّ قَالَ للحاجب أخرجه فَأخْرجهُ قَالَ الْهَيْثَم وَأدْخل من بعده خَالِد بن معمر السدُوسِي فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة يَا خَالِد لقد رايناك تضرب أهل الشَّام بسيفك وانت على فرسك الْأَشْقَر العالي فَقَالَ لَهُ خَالِد وَالله مَا أَصبَحت على مَا كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 مني نَادِما وَلَا على مَا فعلته مصارما وَإِنِّي أعيذ نَفسِي وَأَنا على ذَلِك مُقيم وَالله الْمُسْتَعَان على قُوَّة الظَّالِمين فَقَالَ مُعَاوِيَة مَا علمت يَا خَالِد مَا نذرت أَن أفعل فِي قَوْمك قَالَ لَا قَالَ إِنِّي نذرت اقْتُل مقاتلهم وَسبي ذَرَارِيهمْ وأفرق بَين الْأُمَّهَات وَأَوْلَادهَا ثمَّ ثنى عزمي بيع الخلب قَالَ لَهُ خَالِد عملت مَا علمت فِي ذَلِك قَالَ مُعَاوِيَة لَا قَالَ خَالِد فاسمع مَا أَقُول (يروم ابْن حَرْب نَذره فِي نسائنا ... وَدون الَّذِي يَنْوِي سيوف قواضب) (وَسمر يحلونَ الْعَوَاتِق تبتغي ... سوى بَعْلهَا بعلا فتبكي العرائب) (فَإِن كنت لَا تُعْطِي على الْحِنْث فاعترف ... بِحَرب تحامتها اللحى والتراتب) فَقَالَ مُعَاوِيَة أَنا نعطيك على الْحِنْث قَالَ خَالِد اغمدنا سُيُوفنَا وأصفيناك مودتنا ثمَّ قَالَ لحاجبه أخرجه فَأخْرجهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 قَالَ الْهَيْثَم بن عدي وَأدْخل من بعده جَارِيَة بن قدامَة فَدخل وَسلم فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة ماعسيت ان تبلغ هَل انت إِلَّا نحلة ضَعِيفَة الْبدن ضيقَة الْبَهَاء فَقَالَ جَارِيَة وَالله لقد شعبتني بِشَهْوَة النطاف والحامية اللسعة وانت بِمَنْزِلَة الْكِير تحرق وتحيف وَلَا تطيب وَمَا انت بِطيب فَقَالَ مُعَاوِيَة انت الشاهر علينا سيف صفّين فِي بني سعد بن زيد مَنَاة تمنيهم الْفِتَن وتحملهم على مُقَدمَات الْأجر مَعَ قَتلك أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان وخذلانك أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة فَقَالَ جَارِيَة قد كَانَ ذَلِك وَمَا أَنا بمعتذر مِنْهُ وَأما اسْمِي فَخير من اسْمك قَالَ مُعَاوِيَة وَكَيف ذَلِك قَالَ لِأَن الْجَارِيَة لَا يكون إِلَّا من قُرَيْش أَو من اقيال الْعَرَب وَمُعَاوِيَة لَا يكون إِلَّا من آثَار الضبع وَأما مَا ذكرت من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأَنت وَبَنُو عَمْرو بن أُميَّة خذلتموه وقتلتموه ودارنا نازحة عَنهُ وَأما قَوْلك فِي أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة فَإنَّا نَظرنَا فِي كتاب الله فَلم نجد لَهَا حَقًا فِيمَا ادَّعَت تلزمنا الطَّاعَة لَهَا لَان قعودها فِي بَيتهَا وطاعتها لِرَبِّهَا كَانَ اجدر بهَا فَلَمَّا أَلْقَت جلابيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن وَجههَا بَطل بذلك مَا كَانَ لَهَا علينا من حق وَأما مَا ذكرت من حَال يَوْم صفّين وانما ذَلِك حَيْثُ أردْت ان تقطع اعناقنا وَلم تنظر فِي عَاقِبَة وَلم تخف جَائِحَة فقدمنا عَلَيْك بِالْخَيْلِ مَعَ خير النَّاس وأورعهم وافضلهم علما واعظمهم حلما وَمَا اتيناك إِلَّا وَقد تحققنا انخلاعك عَن الْإِسْلَام فقدمنا على جلادك على البصيرة وانت تطلب جلادنا على الغروروالعمى فَمَا شِئْت فافعل وان أردْت يَوْمًا مثل ذَلِك فخيلنا معدة ورماحنا محدة فاغتاظ مِنْهُ وَقَالَ للحاجب اخرجه من بَين يَدي فَأخْرجهُ قَالَ الْهَيْثَم بن عدي وَأدْخل من بعده شريك الْأَعْوَر وَسلم عَلَيْهِ بالإمارة وَكَانَ شريك قَصِيرا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة مَا انت وَيحك قَالَ أَنا من لَا تنكره وَلَا تجهله أَنا شريك الْحَارِثِيّ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة انك لِشَرِيك وَالله مَا لَهُ شريك وَإنَّك لاعور وَالصَّحِيح خير من الْأَعْوَر فَكيف سدت قَوْمك فَقَالَ شريك يَا مُعَاوِيَة انك لمعاوية وَمَا مُعَاوِيَة إِلَّا كلبة عوت واستعوت وانك لِابْنِ صَخْر والسهل خير من الصخر وانك ابْن حَرْب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وَالسّلم خير من الْحَرْب وانك ابْن أُميَّة وَمَا أُميَّة إِلَّا أمة صغرت فَكيف صرت أَمِير الْمُؤمنِينَ وَاعْلَم بِأَنِّي خلفت خَلْفي اذرعا شدادا ورجالا انجادا وَأَنا سيدهم اقيم بهَا عوجك ويقرى بهَا ضيفك ويعز بهَا الذَّلِيل ويذل بهَا الْعَزِيز فَأمر بِإِخْرَاجِهِ فَأخْرج وَهُوَ يَقُول (ايشتمني مُعَاوِيَة بن حَرْب ... وسيفي صارم وَمَعِي لساني) (وحولي من بني عمي لُيُوث ... ضراغمة تهش إِلَى الطعان) (يعيرني الدمامة من سفاه ... وربات الخدود هِيَ الغواني) (فَلَا تبسط لسَانك يَا بن حَرْب ... علينا قد بلغت مدى الْأَمَانِي) (فَإِن تَكُ للشقاء لنا أَمِيرا ... فَإنَّا لَا نقر على الهوان ... فان تَكُ فِي أُميَّة فِي ذراها ... فَإِنِّي فِي بني عبد المدان) (وَلَو اني بليت بهاشمي ... خؤولته بَنو عبد المدان) (لهان عَليّ مَا القى وَلَكِن ... تَعَالَى وانظري بِمن ابتلاني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 قَالَ ونهض وَدخل على أُخْته أم الحكم فَقَالَ لَهَا كَيفَ رَأَيْت يَا أختاه قَالَت مَا رَأَيْت أحدا هُوَ أذلّ مِنْك وَلَقَد هَمَمْت ان أخرج إِلَيْهِم لاجل مَا استخفوا بك وأوعدوك من المواعيد فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة لَا تتحدثين مَا نلْت هَذَا الْأَمر إِلَّا بالحلم والرفق وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ نفر من شيعَة على بن أبي طَالب ثمَّ أَمر بِأَن يخلع عَلَيْهِم وَأَجَازَهُمْ الجوائز السّنيَّة وردهم مكرمين إِلَى الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَهَذَا مَا انْتهى إِلَيْنَا من حَدِيث الوافدين من أهل الْكُوفَة وَالْبَصْرَة على مُعَاوِيَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلَاته على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم تَسْلِيمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الوافدون على مُعَاوِيَة من طَرِيق الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْنا مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد نَا احْمَد ابْن عبد الله بن الْخضر نَا احمدبن أبي طَالب حَدثنِي أبي عَليّ بن مُحَمَّد حَدثنِي مُحَمَّد بن مَرْوَان الْقرشِي اخبرني أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن سعيد بن عَمْرو الْقرشِي حَدثنِي أبي قَالَ دخلت جوَيْرِية بنت أبي سُفْيَان على اخيها مُعَاوِيَة تَشْكُو إِلَيْهِ الأرق فَقَالَ وَلم ذَاك يَا خية قَالَت أم وَالله انه لمن غير ألم وَمَا هُوَ إِلَّا تفكر فِيك وَفِي عَليّ بن أبي طَالب وتفضيل النَّاس عليا عَلَيْك وَأَنت ابْن صَخْر ابْن حَرْب ابْن أُميَّة وَكَانَ أُميَّة من قُرَيْش لنا بهَا الَّذِي تقضي عِنْده آرابها وَأَنت ابْن صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة الْقَائِل الْفَاعِل ابْن مَاء المزن الحلاحل وانت بعد ذَلِك كَاتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذُو أصهره من أُميَّة ونجيبه من عترته فَقَالَ مُعَاوِيَة فعلى عَليّ تعولين بالشرف وَهُوَ ابْن عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 الْمطلب الْمطعم فِي الكرب الفراج للكرب مَعَ مَا كَانَ لَهُ من الْفضل والسوابق مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما إِنِّي سأريك الَّتِي حاولت وحاولت حَتَّى تعلمي فضل رَأْيِي وحلمي فادخلي الْقبَّة وأرخي عَلَيْك السجف ثمَّ قَالَ لآذنه انْظُر من بِالْبَابِ فَإِذا هُوَ بأَرْبعَة من بني تَمِيم الْأَحْنَف بن قيس وَزيد بن جلبة وَجَارِيَة بن قدامَة وَسماك بن مخرمَة فَقَالَ ائْذَنْ للأحنف بن قيس فَدخل وَقضى سَلَامه فَقَالَ ءايها يَا حنيف بني قيس فَقَالَ مهلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بل إلاحنف بن قيس قَالَ أَأَنْت المطلع غدرا النَّاظر فِي عطفيه شزرا تحمل قَوْمك على مدلهمات الْفِتَن وتذكرهم قديمات الإحن مَعَ قَتلك أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان وخذلانك أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة وورودك عَليّ بِالْخَيْلِ يَوْم صفّين فَقَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان مِنْهُ مَا اعرف وَمِنْه مَا انكر فَأَما قَوْلك قَتْلِي أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأنْتم معشر قُرَيْش نحرتم ودجه وسقيتم الأَرْض دَمه وَأما قَوْلك خذلاني أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة فَإِنِّي نظرت فِي كتاب الله فَلم أر لَهَا عَليّ حَقًا إِلَّا ان تقر فِي بَيتهَا وتستتر بسترها فَلَمَّا برزت عطلت مَا كَانَ لَهَا عَليّ من حق وَأما قَوْلك وورودي عَلَيْك بِالْخَيْلِ يَوْم صفّين حَتَّى أردْت ان تقطع اعناقهم عطشا وتقتلهم غرثا وَايْم الله لَو أحد الأعجميين غلب كَانُوا أنكى شَوْكَة وَأَشد كَلْبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 قَالَ اخْرُج عني ثمَّ قَالَ ائْذَنْ لزيد بن جلبة فَدخل وَقضى سَلَامه إيها فَقَالَ لَهُ ايها يَا زييد بن جليبة قَالَ مهلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بل زيد بن جلبة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اننا فَرَرْنَا قُريْشًا كلهَا فوجدناك آمنها عهدا وأوفاها عقدا فَإِن تف فَأهل الْوَفَاء انت وَإِن تغدر فَإنَّا خلفنا خيلا جيادا واذرعة شدادا واسنة حدادا وان شِئْت لتصفين روعة صدورنا بِفضل رَأْيك وحلمك قَالَ إِذا نَفْعل قَالَ إِذا نقبل قَالَ اخْرُج عني ثمَّ قَالَ ائْذَنْ لجارية بن قدامَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 فَدخل وَقضى سَلَامه فَقَالَ لَهُ ايها يَا جوَيْرِية بن قدامَة قَالَ مهلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بل جَارِيَة بن قدامَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّا كُنَّا نصار حَرْب الْفجار حِين حزتم الْغُبَار وهمت قُرَيْش بالفرار فَقَالَ لَهُ مَه الأَرْض لَك انت الَّذِي قريت أهل الشَّام ظبات السيوف واطراف الرماح قَالَ اي وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اني لأَنا هُوَ وَلَو كنت بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أهل الشَّام لقريتك بِمثل مَا قريتهم بِهِ قَالَ فحاجتك يَا ابا قندس قَالَ أما انها اليك غير طَوِيلَة تقر النَّاس فِي بُيُوتهم فَلَا توفدهم اليك انما يوفد اليك الإغنياء وتذرون الْفُقَرَاء قَالَ ائْذَنْ لسماك بن مخرمَة فَدخل وَقضى سَلَامه فَقَالَ ايها يَا سميك بني مخرمَة قَالَ مهلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بل سماك ابْن مخرمَة وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أَحْبَبْنَاك مذ ابغضناك وَلَا ابغضنا عليا مذ أحببناه وان السيوف الَّتِي ضربناك بهَا لعلى عواتقنا وان الْقُلُوب الَّتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 قَاتَلْنَاك بهَا لبين جوانحنا وَلَئِن قدمت إِلَيْنَا شبْرًا من غدر لنقدمن إِلَيْك باعا من ختر قَالَ اخْرُج عني ثمَّ قَالَ لاخته الَّذِي عَايَنت من قبله وَاحِدَة فَمَاذَا رَأَيْت قَالَت وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لقد ضَاقَ بِي مجلسي حَتَّى أردْت ان أكلمهم لما كلموك بِهِ قَالَ إِذا وَالله كَانُوا إِلَيْك أسْرع وَعَلَيْك أجرأ هم الْعَرَب لَا تفروها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 خَالِد بن المعمر السدُوسِي ذكر أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد الابجي الْكَاتِب أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن الْحسن بن دُرَيْد أَنا أَبُو حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ لما قتل عَليّ ابْن أبي طَالب أَرَادَ مُعَاوِيَة النَّاس على بيعَة يزِيد فتثاقلت ربيعَة وَلَحِقت بِعَبْد الْقَيْس بِالْبَحْرَيْنِ فاجتمعت بكر بن وَائِل إِلَى خَالِد بن المعمر فَلَمَّا تثاقلت ربيعَة تثاقلت الْعَرَب أَيْضا فَضَاقَ مُعَاوِيَة بذلك ذرعا فَبعث إِلَى خَالِد فَقدم عَلَيْهِ فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ رحب بِهِ وَقَالَ كَيفَ مَا نَحن فِيهِ قَالَ أرى ملكا طريفا وبغضا تليدا فَقَالَ مُعَاوِيَة قل مَا بدا لَك فقد عَفَوْنَا عَنْك وَلَكِن مَا بَال ربيعَة أول النَّاس فِي حربنا وَآخرهمْ فِي سلمنَا قَالَ لَهُ خَالِد انما اتيتك مستأمنا وَلم آتِك مخاصما وَلست للْقَوْم بجزي فِي حجتهم وَإِن ربيعَة إِن تدخل فِي طَاعَتك تنفعك وَإِن تدخل كرها تكن قلوبها عَلَيْك وابدانها لَك فاعط الْأمان عامتهم شاهدهم وغائبهم وَإِن ينزلُوا حَيْثُ شاؤوا فَقَالَ افْعَل فَانْصَرف خَالِد إِلَى قومه بذلك ثمَّ إِن مُعَاوِيَة بدا لَهُ فَبعث إِلَى خَالِد فَدَعَاهُ فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ قَالَ كَيفَ حبك لعَلي قَالَ اعفني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مِمَّا اكره فابى أَن يعفيه فَقَالَ أحبه وَالله على حلمه إِذا غضب ووفائه إِذا عقد وَصدقه إِذا اكد وعدله إِذا حكم ثمَّ انْصَرف وَلحق بقَوْمه وَكتب إِلَى مُعَاوِيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 (معاوي لَا تجْهَل علينا فإننا ... نذلك فِي الْيَوْم العصيب معاويا) (مَتى تدع فِينَا دَعْوَة ربعية ... تجبك رجال يخضبون العواليا) (اجأبوا عليا إِذْ دعاهم لنصره ... وجروا بصفين عَلَيْك الدواهيا) (فَإِن تصطنعنا يَا بن حَرْب لمثلهَا ... نَكُنْ خير من تَدْعُو إِذا كنت دَاعيا) (ألم ترني أهديت بكر بن وَائِل ... إِلَيْك وَكَانُوا بالعراق أفاعيا) (إِذا نهشت قَالَ السَّلِيم لأَهله ... رويدا فَانِي لَا ارى لي راقيا) (فأضحوا وَقد اهدوا ثمار قُلُوبهم ... إِلَيْك وافراق الذُّنُوب كَمَا هيا) (ودع عَنْك شَيخا قد مضى لسبيله ... على اي حإليه مصيبا وخاطيا) (فَإنَّك لَا تَسْتَطِيع رد الَّذِي مضى ... وَلَا دافعا شَيْئا إِذا كَانَ جائيا) (وَكنت امْرَءًا تهوى الْعرَاق وَأَهله ... إِذْ انت حجازي فَأَصْبَحت شاميا) وَكتب الْأَعْوَر الشني إِلَى مُعَاوِيَة (اتاك بسلم الْحَيّ بكر بن وَائِل ... وانت شحوط كالسقاء الموكر) (معاوي أكْرم خَالِد بن معمر ... فَإنَّك لَوْلَا خَالِد لم تُؤمر) (فخادعته بِاللَّه حَتَّى خدعته ... وَلم يَك خبا خَالِد بن معمر) (فَلم تجزه وَالله يَجْزِي بسعيه ... وتسديده ملكي سَرِير ومنبر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 فدعاهما مُعَاوِيَة فوصلهما فَقَالَ الشني (معاوي اني شَاكر لَك نعْمَة ... رددت بهَا ريشي عَليّ مُعَاوِيه) (وَكم من مقَام غائظ لَك قتمته ... وداهية اسعرتها بعد داهيه) (فموتها حَتَّى كَأَن لم اقم بهَا ... عَلَيْك وأوتاري بصفين بَاقِيه) (فابلعتني ريقي وَكَانَت مقاتلي ... بكفيك لَو لم تكفف السهْم باديه) فَقَالَ مُعَاوِيَة (لقد رَضِي الشني من بعد عَتبه ... بأيسر مَا يرضى بِهِ صَاحب العتب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 شريك الْأَعْوَر أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن كرتيلا قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن عَليّ الْخياط قَالَ اُخْبُرْنَا أبوالحسين أَحْمد بن عبد الله السوسنجردي قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو جَعْفَر احْمَد بن أبي طَالب قَالَ حَدثنِي أبي أَبُو طَالب عَليّ بن مُحَمَّد حَدثنِي أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن مَرْوَان بن عمر السعيدى حَدثنِي جَعْفَر بن احْمَد بن معدان نَا الْحسن بن جهور قَالَ قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ زَعَمُوا ان مُعَاوِيَة جلس ذَات يَوْم بَين يَدَيْهِ السماطان فَدخل النَّاس واشراف الْعَرَب وَدخل فِيمَن دخل شريك بن الْأَعْوَر الْحَارِثِيّ وافدا فَلَمَّا ان اطْمَأَن بِهِ مَجْلِسه نظر إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فَقَالَ مَا اسْمك قَالَ شريك فَقَالَ مُعَاوِيَة مَا لله من شريك وانك لاعور وَالصَّحِيح خير من الْأَعْوَر وانك لدميم والجميل خير من الدميم فَبِمَ سدت قَوْمك فَقَالَ لَهُ شريك وَالله لقد احميت انفي ولابد من اجابتك فوَاللَّه انك لمعاوية وَمَا مُعَاوِيَة إِلَّا كلبة عوت فاستعوت وانك لِابْنِ صَخْر والسهل خير من الصخر وانك لِابْنِ حَرْب وَالسّلم خير من الْحَرْب وانك لِابْنِ أُميَّة وَمَا أُميَّة إِلَّا أمة صغرت فاستصغرت فَبِمَ سدت قَوْمك فَقَالَ يَا غُلَام اقمه فَقَامَ شريك وأنشا يَقُول (ايشتمني مُعَاوِيَة بن صَخْر ... وسيفي صارم وَمَعِي لساني) (وحولي من ذَوي يمن لُيُوث ... ضراغمة تهش إِلَى الطعان) (يعيرني الدمامة من سفاه ... أربات الحجال من الغواني) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 (ذَوَات الدل فِي حبرت عصب ... يحبونَ الهجان مَعَ الحسان) (فَلَا تبسط لسَانك يَا بن حَرْب ... علينا اذ بلغت مدى الْأَمَانِي (فَإِن تَكُ للشقاء لنا أَمِيرا ... فَإنَّا لَا نقر على الهوان) (وان تَكُ من أُميَّة فِي ذراها ... فَإِنِّي من بني عبد المدان) قَرَأت بِخَط أبي الْحسن رشأ بن نظيف وانبأنيه أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن ابراهيم وَأَبُو الْوَحْش سبيع بن الْمُسلم عَنهُ أَنا أَبُو أَحْمد عبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي مُسلم الفرضي نَا أَبُو طَاهِر عبد الْوَاحِد بن عمر بن أبي هَاشم نَا احْمَد ابْن سعيد الْقرشِي حَدثنِي الزبير بن بكار حَدثنِي عَليّ بن صَالح عَن عَامر ابْن صَالح قَالَ دخل شريك بن الْأَعْوَر الْحَارِثِيّ على مُعَاوِيَة وَكَانَ دميما قَصِيرا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة انك لدميم والجميل خير من الدميم وانك لِشَرِيك وَمَا لله من شريك وَإنَّك لِابْنِ الْأَعْوَر والبصير خير من الْأَعْوَر فَكيف سدت قَوْمك فَقَالَ لَهُ شريك يَا مُعَاوِيَة انك مُعَاوِيَة وَمَا مُعَاوِيَة إِلَّا كلبة عوت فاستعوت وانك لِابْنِ حَرْب وَالسّلم خير من الْحَرْب وَإنَّك لِابْنِ صَخْر والسهل خير من الصخر وانك لِابْنِ أُميَّة وَمَا أُميَّة إِلَّا أمة صغرت فَكيف صرت أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ خرج من عِنْده وَهُوَ يَقُول (ايشتمني مُعَاوِيَة بن صَخْر ... وسيفي صارم وَمَعِي لساني) (وحولي من ذَوي يمن لُيُوث ... ضراغمة تهش إِلَى الطعان) (يعيرني الدمامة من سفاه ... وربات الْخُدُور هِيَ الغواني) (ذَوَات الْحسن والريبال شثن ... شتيم وَجهه ماضي الْجنان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 (فَلَا تبسط لسَانك يَا بن حَرْب ... علينا اذ بلغت مدى الْأَمَانِي) (فَإِن تَكُ للشقاء لنا أَمِيرا ... فَإنَّا لَا نقر على الهوان ... وان تَكُ من أُميَّة فِي ذراها ... فَإِنِّي فِي ذرى عبد المدان) زَاد غَيره بعد الْأَمَانِي (مَتى مَا تدع قَوْمك ادْع قومِي ... وتختلف الأسنة بالطعان) (يجبني كل غطريف شُجَاع ... كريم قد توشح باليماني) وَبعده فَإِن تَكُ للشقاء البيتان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 صعصعة بن صوحان الْعَبْدي اُخْبُرْنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْمُسلم الْفَقِيه نَا عبد الْعَزِيز بن احْمَد واخبرنا أَبُو الْحسن بن أبي الْحَدِيد أَنا جدي أَبُو عبد الله قَالَا أَنا أَبُو الْحسن بن عَوْف ابْنا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن مُوسَى أبنا أَبُو بكر بن خريم نَا هِشَام بن عمار نَا ابراهيم بن أعين نَا إِسْمَاعِيل بن يحيى الشَّيْبَانِيّ عَن أبي سِنَان الشَّيْبَانِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح ان صعصعة بن صوحان الْعَبْدي دخل على مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فَلم يسلم عَلَيْهِ بالخلافة فَقَالَ لَهُ مِمَّن أَنْت قَالَ من نزار قَالَ وَمَا نزار قَالَ كَانَ إِذا غزا احتوش وَإِذا انْصَرف انكمش وَإِذا لَقِي افترش قَالَ فَمن اي وَلَده أَنْت قَالَ من ربيعَة قَالَ وَمَا ربيعَة قَالَ كَانَ يَغْزُو بِالْخَيْلِ ويغير بِاللَّيْلِ ويجود بالنيل قَالَ فَمن اي وَلَده أَنْت قَالَ من أَسد قَالَ وَمَا أَسد قَالَ كَانَ إِذا طلب افضى وَإِذا اِدَّرَكَ أرْضى وَإِذا آب انضى قَالَ فَمن اي وَلَده أَنْت قَالَ من دعمى قَالَ وَمَا دعمى قَالَ كَانَ يُطِيل النجاد ويعد الْجِيَاد ويجيد الجلاد قَالَ فَمن اي وَلَده أَنْت قَالَ من افصى قَالَ وَمَا افصى قَالَ كَانَ ينزل الغارات وَيحسن الغارات ويحمي الجارات قَالَ فَمن اي وَلَده نت قَالَ من عبد الْقَيْس قَالَ وَمَا عبد الْقَيْس قَالَ أبطال زادة جحاجحة سادة صَنَادِيد قادة قَالَ فَمن اي وَلَده إنت قَالَ من افصى قَالَ وَمَا افصى قَالَ كَانَ يُبَاشر الْقِتَال ويعانق الْأَبْطَال ويبذر الْأَمْوَال قَالَ فَمن اي وَلَده أَنْت قَالَ من عَمْرو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 قَالَ وَمَا عَمْرو قَالَ كَانُوا يستعملون السَّيْف ويكرمون الضَّيْف فِي الشتَاء والصيف قَالَ فَمن أَي وَلَده أَنْت قَالَ من عجل قَالَ وَمَا عجل قَالَ لُيُوث ضراغمة قروم قشاعمة مُلُوك قماقمة قَالَ فَمن أَي وَلَده انت قَالَ من كَعْب قَالَ وَمَا كَعْب قَالَ كَانَ يغشى الحروب ويكشف الكروب قَالَ فَمن أَي وَلَده أَنْت قَالَ من مَالك قَالَ وَمَا مَالك قَالَ الْهمام الْهمام والقمقام القمقام قَالَ يَا بن صوحان مَا تركت لهَذَا الْحَيّ من قُرَيْش شَيْئا قَالَ بلَى تركت لَهُم الْوَبر والمدر والأبيض والأصفر والصفا والمشعر والقبة والمنحر والسرير والمنبر وَالْملك إِلَى الْمَحْشَر وَمن الأن إِلَى المنشر قَالَ أما وَالله ياابن صوحان إِن كنت لابغض ان اراك خَطِيبًا قَالَ وَأَنا وَالله ان كنت لابغض ان اراك أَمِيرا اُخْبُرْنَا أَبُو بكر اللفتواني نَا أَبُو عَمْرو بن مَنْدَه أَنا الْحسن بن مُحَمَّد بن يوه أَنا أَبُو الْحسن اللنباني نَا أَبُو بكر بن أبي الدُّنْيَا حَدثنِي أَبُو الْخطاب الْبَصْرِيّ حَدثنِي عبد الله بن بكر السَّهْمِي حَدثنِي الفضيل ان وَفْدًا من أهل الْعرَاق قدمُوا على مُعَاوِيَة فيهم صعصعة بن صوحان فَقَالَ لَهُم مُعَاوِيَة مرْحَبًا بكم وَأهلا قدمتم خير مقدم قدمتم على خليفتكم وهوجنة لكم وقدمتم ارضا بهَا قُبُور الْأَنْبِيَاء وقدمتم الأَرْض المقدسة وَأَرْض الْمَحْشَر قَالَ صعصعة أما قَوْلك مرْحَبًا بكم وَأهلا فَذَاك من قدم على الله وَالله عَنهُ رَاض وَأما قَوْلك قدمتم على خليفتكم وَهُوَ جنَّة لكم فَكيف لنا بِالْجنَّةِ إِذا احترقت وَأما قَوْلك قدمتم الأَرْض المقدسة فَإِنَّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 لَا تقدس كَافِرًا وَأما قَوْلك قدمتم ارضا بهَا قُبُور الْأَنْبِيَاء فَمن مَاتَ بهَا من الفراعنة اكثر مِمَّن مَاتَ بهَا من الْأَنْبِيَاء وَأما قَوْلك قدمتم ارْض الْمَحْشَر فَإِنَّهَا لَا يضر بعْدهَا مُؤمنا وَلَا ينفع قربهَا كَافِرًا قَالَ اسْكُتْ لَا ارْض لَك قَالَ وَلَا لَك يَا مُعَاوِيَة انما الأَرْض لله يُورثهَا من يَشَاء من عباده قَالَ أما وَالله لقد كنت ابغض ان اراك خَطِيبًا قَالَ وَأَنا وَالله لقد كنت ابغض ان أَرَاك خَليفَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة الْكِنَانِي قَرَأت بِخَط أبي الْحسن رشأ بن نظيف وانبأنيه أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن ابراهيم وَأَبُو الْوَحْش سبيع بن الْمُسلم عَنهُ أَنا أَبُو الْفَتْح ابراهيم بن عَليّ بن سيبخت نَا مُحَمَّد بن احْمَد بن ابراهيم بن قُرَيْش الحكيمي الْكَاتِب أَنا أَبُو الْعَبَّاس احْمَد بن يحيى ثَعْلَب أَنا عبد الله بن شبيب عَن الزبير حَدثنِي مُحَمَّد بن سلأم الجُمَحِي عَن عبد الرَّحْمَن الْهَمدَانِي قَالَ دخل أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة الْكِنَانِي على مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة أَبَا الطُّفَيْل قَالَ نعم قَالَ أَلَسْت من قتلة عُثْمَان قَالَ لَا وَلَكِنِّي مِمَّن حَضَره فَلم ينصره قَالَ وَمَا مَنعك من نَصره قَالَ لم ينصره الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فَقَالَ مُعَاوِيَة أما لقد كَانَ حَقه وَاجِبا وَكَانَ عَلَيْهِم ان ينصروه قَالَ فَمَا مَنعك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من نَصره ومعك أهل الشَّام فَقَالَ مُعَاوِيَة أما طلبي بدمه نصْرَة لَهُ فَضَحِك أَبُو الطُّفَيْل ثمَّ قَالَ أَنْت وَعُثْمَان كَمَا قَالَ الشَّاعِر (لَا الفينك بعد الْمَوْت تندبني ... وَفِي حَياتِي مَا زودتني زادي) فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة يَا ابا الطُّفَيْل مَا ابقى لَك الدَّهْر من ثكلك عليا قَالَ ثكل الْعَجُوز المقلات وَالشَّيْخ الرقوب ثمَّ ولى قَالَ فَكيف حبك لَهُ قَالَ حب أم مُوسَى لمُوسَى وَإِلَى الله اشكو التَّقْصِير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 اُخْبُرْنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن شُجَاع أَنا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق ابْنا أَبُو مُحَمَّد بن يوه ابْنا أَبُو الْحسن اللنباني نَا أَبُو بكر بن أبي الدُّنْيَا نَا زِيَاد بن حسان الْبَصْرِيّ بِبَعْض هَذَا الحَدِيث حَدثنِي الْهَيْثَم بن الرّبيع واخبرني عمر بن بكير وَمُحَمّد بن صَالح بسائره عَن عَليّ بن مُحَمَّد الْقرشِي عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْهَمدَانِي قَالَ دخل أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة الْكِنَانِي على مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة أَبُو الطُّفَيْل قَالَ نعم قَالَ أَنْت من قتلة عُثْمَان قَالَ لَا وَلَكِن مِمَّن حَضَره فَلم ينصره قَالَ مَا مَنعك من نَصره قَالَ لم ينصره الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَلم تنصره أَنْت قَالَ مُعَاوِيَة أما طلبي بدمه نصْرَة لَهُ فَضَحِك أَبُو الطُّفَيْل وَقَالَ انت وَعُثْمَان كَمَا قَالَ الشَّاعِر (لَا ألفينك بعد الْمَوْت تندبني ... وَفِي حَياتِي مَا زودتني زادي) قَالَ مُعَاوِيَة يَا أَبَا الطُّفَيْل مَا أبقى لَك الدَّهْر من ثكل عَليّ بن أبي طَالب قَالَ ثكل الْعَجُوز المقلات وَالشَّيْخ الرقوب قَالَ فَكيف حبك لَهُ قَالَ حب أم مُوسَى لمُوسَى وأشكو إِلَى الله التَّقْصِير تَفْسِيره قَالَ المقلات الَّتِي لَا يعِيش لَهَا ولد والرقوب الرجل الَّذِي قد يئس أَن يُولد لَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56