الكتاب: أخبار أبي حفص عمر بن عبد العزيز رحمه الله وسيرته المؤلف: أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي (المتوفى: 360هـ) المحقق: د عبد الله عبد الرحيم عيلان الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت / سورية الطبعة: الثانية، 1980م - 1400هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- أخبار أبي حفص عمر بن عبد العزيز الآجري الكتاب: أخبار أبي حفص عمر بن عبد العزيز رحمه الله وسيرته المؤلف: أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي (المتوفى: 360هـ) المحقق: د عبد الله عبد الرحيم عيلان الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت / سورية الطبعة: الثانية، 1980م - 1400هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ذكر أَخْبَار عمر بن عبد العزيز رَحمَه الله وَسيرَته فِي الْمُسلمين حتي توفّي رَحمَه الله أخبرنَا الرئيس أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان الرزاز قَالَ أَنا أَبُو الْقَاسِم عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بَشرَان قِرَاءَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّانِي من جُمَادَى الاخرة سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبد الله الْآجُرِيّ قِرَاءَة عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام سنة ثَلَاث وَخمسين وثلاثمائة قِرَاءَة عَلَيْهِ قا ل أَنا أَبُو سعيد الْحسن بن عَليّ الْجَصَّاص قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين قَالَ أَخْبرنِي أبي قَالَ حَدثنَا عبد الله بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن جده أسلم قَالَ بَيْنَمَا أَنا مَعَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يعس بِالْمَدِينَةِ إِذْ أعيا فاتكأ على جَانب جِدَار فِي جَوف اللَّيْل فَإِذا امْرَأَة تَقول لابنتها يَا بنتاه قومِي إِلَى ذَلِك اللَّبن فامذقيه بِالْمَاءِ فَقَالَت لَهَا يَا أمتاه أَو مَا علمت مَا كَانَ من عَزمَة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم قَالَت وَمَا كَانَ من عزمته يَا بنية قَالَت إِنَّه أَمر مناديا فَنَادَى أَن لَا يشاب اللَّبن بِالْمَاءِ فَقَالَت لَهَا يَا بنتاه قومِي الى اللَّبن فامذقيه بِالْمَاءِ فَإنَّك بِموضع لَا يراك عمر وَلَا مُنَادِي عمر فَقَالَت الصبية لأمها يَا أمتاه وَالله مَا كنت لأطيعه فِي الملا وأعصيه فِي الخلا وَعمر يسمع كل ذَلِك فَقَالَ يَا أسلم علم الْبَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 واعرف الْموضع ثمَّ مضى فِي عسسه فَلَمَّا أصبح قَالَ يَا أسلم امْضِ إِلَى الْموضع فَانْظُر من القائلة وَمن الْمَقُول لَهَا وَهل لَهُم من بعل فَأتيت الْموضع فَنَظَرت فَإِذا الْجَارِيَة أيم لَا بعل لَهَا وَإِذا تيك أمهَا وَإِذا لَيْسَ لَهَا رجل فَأتيت عمر بن الْخطاب فَأَخْبَرته فَدَعَا عمر وَلَده فَجَمعهُمْ فَقَالَ هَل فِيكُم من يحْتَاج الى امْرَأَة أزَوجهُ وَلَو كَانَ بأبيكم حَرَكَة إِلَى النِّسَاء مَا سبقه مِنْكُم أحد إِلَى هَذِه الْجَارِيَة فَقَالَ عبد الله لي زَوْجَة وَقَالَ عبد الرحمن لي زَوْجَة وَقَالَ عَاصِم يَا أبتاه لَا زَوْجَة لي فَزَوجنِي فَبعث إِلَى الْجَارِيَة فَزَوجهَا من عَاصِم فَولدت لعاصم بِنْتا وَولدت الْبِنْت ابْنة وَولدت الِابْنَة عمر بن عبد العزيز رَحمَه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الوَاسِطِيّ قَالَ حَدثنَا هَارُون بن عبد الله الْحمال قَالَ حَدثنَا سيار بن حَاتِم قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا مَالك بن دِينَار قَالَ لما ولي عمر بن عبد العزيز رَحمَه الله قَالَت رُعَاة الشَّاة فِي رُؤُوس الْجبَال من هَذَا الْخَلِيفَة الصَّالح الَّذِي قد قَامَ على النَّاس قَالَ فَقيل لَهُم وَمَا أعلمكُم بذلك قَالُوا إِنَّه إِذا قَامَ خَليفَة صَالح كفت الذئاب والاسد عَن شائنا أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو حَفْص عمر بن أَيُّوب السَّقطِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 قَالَ حَدثنَا أَبُو همام الْوَلِيد بن شُجَاع قَالَ حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ أَخْبرنِي خَارِجَة بن مُصعب عَن ابْن عون عَن مُجَاهِد قَالَ المهادي سَبْعَة مضى خَمْسَة وَبَقِي اثْنَان قَالَ خَارِجَة أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَعمر بن عبد العزيز رَحمَه الله أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ نَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر بن حَرْب قَالَ حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف قَالَ حَدثنَا ضَمرَة يَعْنِي ابْن ربيعَة عَن السّري بن يحيى عَن ريَاح بن عُبَيْدَة قَالَ رَأَيْت عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ أَمِير على الْمَدِينَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وَشَيخ متوكىء على يَده قَالَ فَقلت فِي نَفسِي إِن ذَا الشَّيْخ جَاف حَيْثُ يتَوَكَّأ عَليّ يَد الْأَمِير فَلَمَّا صلى وَدخل تَبعته فَقلت أصلح الله الْأَمِير من الشَّيْخ الَّذِي كَانَ يتَوَكَّأ على يدك قَالَ فرأيته يَا ريَاح قَالَ قلت نعم قَالَ ذَلِك أخي الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام أَتَانِي فَأَعْلمنِي أَنِّي سألي الْأَمر وَأَنِّي سأعدل فِيهِ أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ وَحدثنَا ابْن مخلد أَيْضا قَالَ حَدثنَا عَليّ بن دَاوُد الْقَنْطَرِي قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد العزيز الرَّمْلِيّ قَالَ حَدثنَا ضَمرَة عَن السّري بن يحيى عَن ريَاح بن عُبَيْدَة قَالَ رَأَيْت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز مُعْتَمدًا عَليّ يَده فَقلت فِي نَفسِي إِن هَذَا الرجل جَاف فَلَمَّا صلى قلت يَا أَبَا حَفْص من الرجل الَّذِي كَانَ مَعَك مُعْتَمدًا على يدك آنِفا قَالَ وَقد رَأَيْته يَا ريَاح قلت نعم قَالَ إِنِّي لأرَاك رجلا صَالحا ذَلِك أخي الْخضر بشرني أَنِّي سألي وَأَعْدل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم الرَّازِيّ حَدثنَا سَلمَة بن شبيب قَالَ حَدثنَا ضَمرَة بن ربيعَة عَن السّري بن يحيى عَن ريَاح بن عُبَيْدَة قَالَ أتيت عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله وَهُوَ أَمِير على الْمَدِينَة قبل أَن يسْتَخْلف فَلم أَجِدهُ فِي منزله فاذا هُوَ مقبل وَرجل قد اتكأ عَلَيْهِ قَالَ فَقلت فِي نَفسِي مَا أجفى هَذَا الشَّيْخ أَو هَذَا الرجل يتكىء على الْأَمِير قَالَ ثمَّ افتقدته فَقلت أصلح الله الْأَمِير من الَّذِي كَانَ يتَوَكَّأ عَلَيْك قَالَ ورأيته يَا ريَاح قلت نعم قَالَ اني لأرَاك رجلا صَالحا يَا ريَاح ذَاك أخي الْخضر أَتَانِي فبشرني وَقَالَ إِنَّك ستلي هَذَا الْأَمر فتعدل فِيهِ حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم الرَّازِيّ قَالَ حَدثنِي عبد الرحمن بن الحكم بن بشير بن سلمَان عَن أَبِيه عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ لما ولي عمر بن عبد العزيز سمعُوا صَوتا (الْيَوْم حلت واستقرت قَرَارهَا ... على عمر الْمهْدي قَامَ عمودها) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 قَالَ أَبُو بكر الْآجُرِيّ وَبَلغنِي أَنه لما دفن عمر بن عبد العزيز رَحمَه الله أنشأ الفرزدق فَقَالَ (كم من شَرِيعَة حق قد شرعت لَهُم ... كَانَت أميتت وَأُخْرَى مِنْك تنْتَظر) (يَا لهف نَفسِي ولهف اللاهفين معي ... على الْعُدُول الَّتِي تغتالها الْحفر) أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابو بكر مُحَمَّد بن هِلَال الشطوي إملاء قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو الْبَاهِلِيّ قَالَ حَدثنَا الحكم بن سِنَان قَالَ حَدثنَا ريَاح بن عُبَيْدَة قَالَ كَانَ عمر بن عبد العزيز يعحبه أَن يتأدم بالعسل فَطلب من أَهله يَوْمًا عسلا فَلم يكن عِنْده فَأتوهُ بعد ذَلِك بِعَسَل فَأكل مِنْهُ فأعجبه فَقَالَ لأَهله من أَيْن لكم هَذَا قَالَت امْرَأَته بعثت مولَايَ بدينارين على بغل الْبَرِيد فَاشْتَرَاهُ لي فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك لما أتيتني بِهِ فَأَتَتْهُ بعكة فِيهَا عسل فَبَاعَهَا بِثمن يزِيد ورد عَلَيْهَا رَأس مَالهَا وَألقى بَقِيَّته فِي بَيت مَال الْمُسلمين وَقَالَ أنصبت دَوَاب الْمُسلمين فِي شَهْوَة عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابو مُحَمَّد يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد قَالَ حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي قَالَ أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا أَبُو الصَّباح قَالَ حَدثنَا سهل بن صَدَقَة مولى عمر بن عبد العزيز بن مَرْوَان قَالَ حَدثنِي بعض خَاصَّة عمر بن عبد العزيز أَنه حِين أفضت إِلَيْهِ الْخلَافَة سمعُوا فِي منزله بكاء عَالِيا فَسئلَ عَن الْبكاء فَقيل إِن عمر بن عبد العزيز خير جواريه فَقَالَ إِنَّه قد نزل بِي أَمر قد شغلني عنكن فَمن أحب أَن أعْتقهُ وَمن أَرَادَ أَن أمْسكهُ أمسكته لم يكن مني إِلَيْهَا شَيْء بكين يأسا مِنْهُ رَحمَه الله أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ حَدثنِي سهل بن عِيسَى الْمروزِي قَالَ حَدثنِي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْحَارِث الْمروزِي قَالَ حَدثنَا سهل بن يحيى بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ أَخْبرنِي أبي عَن عبد العزيز سُلَيْمَان بن عمر بن عبد العزيز قَالَ لما دفن عَمْرو بن عبد العزيز سُلَيْمَان بن عبد الملك وَخرج من قَبره سمع للْأَرْض هدة أَو رجة فَقَالَ مَا هَذِه فَقيل هَذِه مواكب الْخلَافَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قربت اليه بغلته فركبها فَجَاءَهُ صَاحب الشَّرْط يسير بن يَدَيْهِ بالحربة فَقَالَ تَنَح عني مَالِي وَلَك انما أَنا رجل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الْمُسلمين فَسَار وَسَار مَعَه النَّاس حَتَّى دخل الْمَسْجِد فَصَعدَ الْمِنْبَر وَاجْتمعَ النَّاس اليه فَقَالَ أَيهَا النَّاس اني قد ابْتليت بِهَذَا الْأَمر عَن غير رَأْي كَانَ مني فِيهِ وَلَا طلبة لَهُ وَلَا مشورة من الْمُسلمين وَإِنِّي قد خلعت مَا فِي أَعْنَاقكُم من بيعتي فَاخْتَارُوا لأنفسكم فصاح النَّاس صَيْحَة وَاحِدَة قد اخترناك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ورضيناك فل أمرنَا بِالْيمن والبركه فَلَمَّا رأىء الاصوات قد هدأت وَرَضي النَّاس بِهِ جَمِيعًا حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَصلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أوصيكم بتقوى الله فَإِن تقَوِّي الله خلف من كل شَيْء وَلَيْسَ من تقوى الله عزوجل خلف فاعملوا لآخرتكم فَإِنَّهُ من عمل لآخرته كَفاهُ الله تبَارك وَتَعَالَى أَمر دُنْيَاهُ وَأَصْلحُوا سرائركم يصلح الله الْكَرِيم علانيتكم واكثروا ذكر الْمَوْت وأحسنوا الاستعداد قبل أَن ينزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 بكم فَإِنَّهُ هَادِم اللَّذَّات وَإِن من لايذكر من آبَائِهِ - فِيمَا بَينه وَبَين آدم عَلَيْهِ السَّلَام - أَبَا حَيا لمعرق لَهُ فِي الْمَوْت وَإِن هَذِه الامة لم تخْتَلف فِي رَبهَا عز وَجل وَلَا فِي نبيها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا فِي كتابها وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الدِّينَار وَالدِّرْهَم واني وَالله لَا أعطي أحدا بَاطِلا وَلَا أمنع أحدا حَقًا ثمَّ رفع صَوته حَتَّى أسمع النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس من أطَاع الله فقد وَجَبت طَاعَته وَمن عصى الله فَلَا طَاعَة لَهُ أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت الله عز وَجل فَإِذا عصيت الله فَلَا طَاعَة لي عَلَيْكُم ثمَّ نزل فَدخل فَأمر بالستور فهتكت وَالثيَاب الَّتِي كَانَت تبسط للخلفاء فَحملت وَأمر بِبَيْعِهَا وَإِدْخَال أثمانها فِي بَيت مَال الْمُسلمين ثمَّ ذهب يتبوأ مقيلا فَأَتَاهُ ابْنه عبد الملك بن عمر فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَاذَا تُرِيدُ أَن تصنع قَالَ أَي بني أقيل قَالَ نقِيل وَلَا ترد الْمَظَالِم فَقَالَ أَي بني قد سهرت البارحة فِي أَمر عمك سُلَيْمَان فَإِذا صليت الظّهْر رددت الْمَظَالِم قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من لَك أَن تعيش الى الظّهْر قَالَ ادن مني أَي بني فَدَنَا مِنْهُ فَالْتَزمهُ وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أخرج من صلبي من يُعِيننِي على ديني فَخرج وَلم يقل وَأمر مناديه أَن يُنَادي أَلا من كَانَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 لَهُ مظْلمَة فليرفعها فَقَامَ اليه رجل ذمِّي من أهل حمص أَبيض الرَّأْس واللحية فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَسأَلك كتاب الله عز وَجل قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن عبد الملك اتغصبني أرضي - وَالْعَبَّاس جَالس - فَقَالَ لَهُ يَا عَبَّاس مَا تَقول قَالَ أقطعنيها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الوليدبن عبد الملك وَكتب لي بهَا سجلا فَقَالَ عمر مَا تَقول يَا ذمِّي قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَسأَلك كتاب الله عز وَجل فَقَالَ عمر كتاب الله أَحَق أَن يتبع من كتاب الْوَلِيد بن عبد الملك فاردد عَلَيْهِ يَا عَبَّاس ضيعته فَرد عَلَيْهِ فَجعل لَا يدع شَيْئا مِمَّا كَانَ فِي يَدَيْهِ وَفِي يَدي أهل بَيته من الْمَظَالِم الا ردهَا مظْلمَة مظْلمَة فَبلغ ذَلِك عمر بن الْوَلِيد بن عبد الملك فَكتب اليه ((إِنَّك أزريت على من كَانَ قبلك من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 الْخُلَفَاء وعبت عَلَيْهِم وسرت بِغَيْر سيرتهم بغضا لَهُم وشنآنا لمن بعدهمْ من أَوْلَادهم قطعت مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل إِذْ عَمَدت إِلَى أَمْوَال قُرَيْش ومواريثهم فأدخلتها بَيت المَال جورا وعدوانا فَاتق الله يَا ابْن عبد العزيز وراقبه ان شططت لم تطمئِن على منبرك حَتَّى خصصت أول قرابتك بالظلم والجوار فو الَّذِي خص مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا خصّه بِهِ لقد ازددت من الله عز وَجل بعدا فِي ولايتك هَذِه اذ زعمت أَنَّهَا عَلَيْك بلَاء فاقصر بعض ميلك وَاعْلَم أَنَّك بِعَين جَبَّار وَفِي قَبضته وَلنْ تتْرك على هَذَا اللَّهُمَّ فسل سُلَيْمَان بن عبد الملك عَمَّا صنع بِأُمِّهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قَرَأَ عمر بن عبد العزيز رَحمَه الله كِتَابه كتب إِلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 من عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى عمر بن الْوَلِيد السَّلَام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين أما بعد فقد بَلغنِي كتابك وسأجيبك بِنَحْوِ مِنْهُ أما أول شَأْنك يَا ابْن الْوَلِيد كَمَا زعم فأمك بنانة أمة السّكُون كَانَت تَطوف فِي سوق حمص وَتدْخل فِي حوانيتها ثمَّ الله أعلم بهَا اشْتَرَاهَا ذبيان بن ذبيان من فئ الْمُسلمين فأهداها لأَبِيك فَحملت بك فبئس الْمَحْمُول وَبئسَ الْمَوْلُود ثمَّ نشأت فَكنت جبارا عنيدا تزْعم أَنِّي من الظَّالِمين إِذْ حرمتك وَأهل بَيْتك فَيْء الله عز وَجل الَّذِي فِيهِ حق الْقَرَابَة وَالْمَسَاكِين والأرامل وان أظلم مني وأترك لعهد الله من استعملك صَبيا سَفِيها على جند الْمُسلمين تحكم بَينهم بِرَأْيِك وَلم تكن لَهُ فِي ذَلِك نِيَّة الا حب الْوَالِد لوَلَده فويل لَك وويل لأَبِيك مَا أَكثر خصماءكما يَوْم الْقِيَامَة وَكَيف ينجو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 أَبوك من خصمائه وَإِن أظلم مني وأترك لعهد الله من اسْتعْمل الْحجَّاج بن يُوسُف على خمس الْعَرَب يسفك الدَّم الْحَرَام وَيَأْخُذ المَال الْحَرَام وان أظلم مني وأترك لعهد الله من اسْتعْمل قُرَّة بن شريك أَعْرَابِيًا جَافيا على مصر وَأذن لَهُ فِي المعازف وَاللَّهْو وَالشرب وَإِن أظلم مني وأترك لعهد الله من جعل لعالية البربرية سَهْما فِي خمس الْعَرَب فرويدا يَا ابْن بنانة فَلَو الْتَقت حلقتا البطان ورد الْفَيْء الى أَهله لتفرغت لَك وَلأَهل بَيْتك فوضعتكم على المحجة الْبَيْضَاء فطالما تركْتُم الْحق وأخذتم فِي بنيات الطَّرِيق وَمَا وَرَاء هَذَا من الْفضل مَا أَرْجُو أَن أكون رَأَيْته بيع رقبتك وَقسم ثمنك بَين الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين والأرامل وان لكل فِيك حَقًا وَالسَّلَام علينا وَلَا ينَال سَلام الله الظَّالِمين فَلَمَّا بلغت الْخَوَارِج سيرة عمر وَمَا رد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 الْمَظَالِم اجْتَمعُوا فَقَالُوا مَا يَنْبَغِي لنا أَن نُقَاتِل هَذَا الرجل أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب السَّقطِي قَالَ ثَنَا أَبُو همام الْوَلِيد بن شُجَاع قَالَ حَدثنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ أخبرنَا عبد الله بن يُونُس الثَّقَفِيّ عَن سيار أبي الحكم قَالَ كَانَ أول مَا علم من عمر بن الْعَزِيز أَنه لما دفن سُلَيْمَان بن عبد الملك أُتِي بِدَابَّة سُلَيْمَان الَّتِي كَانَ يركب فَلم يركب وَركب دَابَّته الَّتِي جَاءَ عَلَيْهَا فَدخل الْقصر وَقد مهدت لَهُ فرش سُلَيْمَان الَّتِي كَانَ يجلس عَلَيْهَا فَلم يجلس عَلَيْهَا ثمَّ خرج الى الْمَسْجِد فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فَإِنَّهُ لَيْسَ بعد نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي وَلَا بعد الْكتاب الَّذِي أنزل عَلَيْهِ كتاب أَلا مَا أحل الله عز وَجل حَلَالا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمَا حرم الله حرَام الى يَوْم الْقِيَامَة أَلا لست بقاض وَلَكِنِّي منفذ أَلا وَإِنِّي لست بِمُبْتَدعٍ وَلَكِنِّي مُتبع أَلا انه لَيْسَ لأحد أَن يطاع فِي مَعْصِيّة الله عز وَجل أَلا اني لست بِخَيْرِكُمْ وَلَكِنِّي رجل مِنْكُم غير أَن الله جعلني أثقلكم حملا ثمَّ ذكر حَاجته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا الْفرْيَابِيّ قَالَ ثَنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ حَدثنَا سُفْيَان بن خليدالضبي عَن سَالم بن نوح الْعَطَّار عَن بشر بن السّري قَالَ عَمْرو ثمَّ لقِيت سَالم بن نوح فَحَدثني بِهِ عَن بشر بن السّري ثمَّ حججْت فَقيل لي بِمَكَّة ان بشر بن السّري بِمَكَّة فاتيته فَسَأَلته فَحَدثني بشر بن السّري قَالَ حَدثنَا ابْن سليم الْهُذلِيّ قَالَ خطب عمر بن عبد العزيز فَقَالَ أما بعد فَإِن الله عز وَجل لم يخلقكم عَبَثا وَلم يدع شَيْئا من أَمركُم سدى وَإِن لكم معادا ينزل الله عز وَجل فِيهِ فِي الحكم وَالْقَضَاء بَيْنكُم فخاب وخسر من خرج من رَحْمَة الله وَحرم الْجنَّة الَّتِي عرضهَا السَّمَاوَات والارض فاشتري قَلِيلا بِكَثِير وفانيا بباق وخوفا بِأَمَان أَلا ترَوْنَ أَنكُمْ فِي أسلاب الهالكين وسيخلفها بعدكم الْبَاقُونَ كَذَلِك حَتَّى ترد الى خيرة الْوَارِثين فِي كل يَوْم وَلَيْلَة تشيعون غاديا ورائحا الى الله عز وَجل قد قضى نحبه وانقضى أَجله حَتَّى تغيبوه فِي صدع ثمَّ تَدعُوهُ غير ممههد وَلَا موسد قد خلع الْأَسْبَاب وَفَارق الأحباب وَسكن التُّرَاب وواجه الْحساب مرتهنا بِعَمَلِهِ فَقِيرا إِلَى مَا قدم غَنِيا عَمَّا ترك فَاتَّقُوا الله قبل نزُول الْمَوْت وَايْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الله اني لأقول لكم هَذِه الْمقَالة وَمَا أعلم عِنْد أحد مِنْكُم من الذُّنُوب مَا أعلم عِنْدِي وَمَا يبلغنِي عَن أحد مِنْكُم حَاجَة الا أَحْبَبْت أَن أَسد من حَاجته مَا قدرت عَلَيْهِ وَمَا يبلغنِي أَن أحدا مِنْكُم لَا يَسعهُ مَا عِنْدِي إِلَّا وددت أَنه يمكنني تَغْيِيره حَتَّى يَسْتَوِي عيشنا وعيشه وَايْم الله لَو أردْت غير ذَلِك من الغضارة والعيش لَكَانَ اللِّسَان مني بِهِ ذلولا عَالما بأسبابه وَلَكِن سبق من الله عز وَجل كتاب نَاطِق وَسنة عادلة دلّ فِيهَا على طَاعَته وَنهى فِيهَا عَن مَعْصِيَته ثمَّ وضع طرف رِدَائه على وَجهه فَبكى وشهق وَبكى النَّاس فَكَانَت اخر خطْبَة خطبهَا أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب السَّقطِي قَالَ حَدثنَا أبوهمام الْوَلِيد بن شُجَاع قَالَ حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ أَخْبرنِي أَبُو حَمْزَة قَالَ حَدثنِي صَالح بن حسان قَالَ أرسل عمر بن عبد العزيز الى مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَقَالَ بخ سَأَلت عَن أَمر حسن كن لصغير الْمُسلمين أَبَا ولكبيرهم ابْنا وللمثل مِنْهُم أَخا وعاقب النَّاس بِقدر ذنوبهم على قدر اجسامهم لَا تضربن لغضبك سَوْطًا وَاحِدًا فتتعدى فَتكون عِنْد الله عز وَجل من العادين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب قَالَ حَدثنَا أَبُو همام قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حَمْزَة قَالَ حَدثنَا الثِّقَة أَن عمر بن عبد العزيز كتب إِلَى أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أما بعد فَإنَّك كتبت إِلَى سُلَيْمَان كتبا لم ينظر فِيهَا حَتَّى قبض رَحمَه الله وَقد بليت بجوابك فاسمع كتبت الى سُلَيْمَان تذكر أَنه يقطع لعمال الْمَدِينَة من بَيت مَال الْمُسلمين لثمن شمع كَانُوا يستضيئون بِهِ حِين يخرجُون الى صَلَاة الْعشَاء الاخرة وَصَلَاة الْفجْر وتذكر أَنه قد نفد الَّذِي كَانَ يستضاء بِهِ وتسأل أَن يقطع لَك من ثمنه بِمثل مَا كَانَ يقطع بِهِ للعمال وَقد عهدتك وَأَنت تخرج من بَيْتك فِي اللَّيْلَة الْمظْلمَة الماطرة الوحلة بِغَيْر سراج ولعمري لأَنْت يَوْمئِذٍ خير مِنْك الْيَوْم وَالسَّلَام أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ عَن أبي اسحاق الْفَزارِيّ عَن الاوزاعي قَالَ كَانَ عمر بن عبد العزيز جعل فِي كل يَوْم درهما من خَاصَّة مَاله فِي طَعَام الْعَامَّة ثمَّ يَأْكُل مَعَهم قَالَ الاوزاعي وَلم يكن عمر يرتزق دون الْمُسلمين أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عمر بن أَيُّوب قَالَ حَدثنَا أَبُو همام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 قَالَ حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ أَخْبرنِي خَارِجَة بن مُصعب عَن ابْن عون عَن مُجَاهِد قَالَ المهادي سَبْعَة مضى خَمْسَة وَبَقِي اثْنَان قَالَ خَارِجَة أَبُو بكر وَعمر عُثْمَان وَعلي وَعمر بن عبد العزيز رضوَان الله عَلَيْهِم أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو سعيد احْمَد بن مُحَمَّد الاعرابي قَالَ ثَنَا أَبُو عُبَيْدَة السّري بن يحيى بن أخي هناد بن السّري قَالَ سَمِعت قبيصَة بن عقبَة يَقُول سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول الْخُلَفَاء خَمْسَة أَبُو بكر وَعُثْمَان وَعلي وَعمر بن عبد العزيز رَضِي الله عَنْهُم أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ ثَنَا أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الوَاسِطِيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن أَبِيه عَن الْعَبَّاس بن أبي رَاشد قَالَ نزل بِنَا عمر بن عبد العزيز فَلَمَّا رَحل قَالَ لي مولَايَ اخْرُج مَعَه فشيعه قَالَ فَخرجت مَعَه فمررنا بواد فَإِذا نَحن بحية ميتَة على الطَّرِيق قَالَ فَنزل عمر فنحاها وواراها ثمَّ ركب وسرنا فَإِذا نَحن بهاتف يَهْتِف وَهُوَ يَقُول يَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 خرقاء يَا خرقاء قَالَ فالتفتنا يَمِينا وَشمَالًا فَلم نر أحدا فَقَالَ عمر أَسأَلك بِاللَّه أَيهَا الْهَاتِف ان كنت مِمَّن يظْهر الا ظَهرت والا أخبرتنا مَا الخرقاء فَقَالَ الْحَيَّة الَّتِي دفنتم بمَكَان كَذَا وَكَذَا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهَا يَوْمًا يَا خرقاء تموتين بفلاة من الارض يدفنك خير مُؤمن من أهل الارض يَوْمئِذٍ فَقَالَ لَهُ عمر من أَنْت يَرْحَمك الله فَقَالَ أَنا من التِّسْعَة الَّذين بَايعُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْوَادي قَالَ فَقَالَ لَهُ عمر الله لانت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله اني سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَدَمَعَتْ عينا عمر وانصرفنا أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب السَّقطِي قَالَ حَدثنَا أَبُو همام قَالَ حَدثنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ أخبرنَا جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنَا زِيَاد بن أبي زِيَاد الْمَدِينِيّ قَالَ أَرْسلنِي مولَايَ ابْن عَيَّاش بن أبي ربيعَة الى عمر بن عبد العزيز فِي حوائج لَهُ قَالَ فَدخلت عَلَيْهِ وَعِنْده كَاتب لَهُ يكْتب فَقلت السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالَ وَعَلَيْك السَّلَام ثمَّ انْتَهَيْت فَقلت السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله فَقَالَ يَا بن أبي زِيَاد انا لسنا ننكر الاول الَّذِي قلت فَقَالَ لي اجْلِسْ وَالْكَاتِب يقْرَأ عَلَيْهِ مظالم جَاءَت من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الْبَصْرَة فَقَالَ لي اجْلِسْ فَجَلَست على أُسْكُفَّة الْبَاب هُوَ يقْرَأ عَلَيْهِ وَعمر يتنفس صعداء فَلَمَّا فرغ أخرج من كَانَ فِي الْبَيْت حَتَّى وصيفا كَانَ فِيهِ ثمَّ قَامَ يمشي الي حَتَّى جلس بَين يَدي وَوضع يَدَيْهِ على ركبتي ثمَّ قَالَ يَا بن أبي زِيَاد استدفأت من مدرعتك وَعلي مدرعة من صوف واسترحت مِمَّا نَحن فِيهِ قَالَ فَسَأَلَنِي عَن صلحاء أهل الْمَدِينَة ورجالهم وَنِسَائِهِمْ قَالَ فَمَا ترك مِنْهُم أحدا الا سَأَلَني عَنهُ وسألني عَن أُمُور كَانَ أَمر بهَا بِالْمَدِينَةِ فاخبرته ثمَّ قَالَ لي يَا بن أبي زِيَاد أَلا ترى مَا وَقعت فِيهِ قَالَ قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اني لارجو لَك خيرا قَالَ هَيْهَات هَيْهَات قَالَ ثمَّ بَكَى حَتَّى جعلت أرثي لَهُ قَالَ قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بعض مَا تصنع فَانِي أَرْجُو لَك خيرا قَالَ هَيْهَات هَيْهَات أشتم وَلَا أشتم أضْرب وَلَا أضْرب وأوذي وَلَا أوذى قَالَ ثمَّ بَكَى حَتَّى جعلت أرثي لَهُ قَالَ وأقمت حَتَّى قضى حوائجي وَكتب الى مولَايَ يسْأَله أَن يبيعني مِنْهُ ثمَّ أخرج من تَحت فرَاشه عشْرين دِينَارا فَقَالَ اسْتَعِنْ بِهَذِهِ فانه لَو كَانَ لَك فِي الْفَيْء حق أعطيناك حَقك وَلَكِنَّك عبد قَالَ فأبيت أَن اخذها فَقَالَ انما هِيَ من نفقتي لم يزل بِي حَتَّى أَخَذتهَا وَكتب الى مولَايَ يبيعني مِنْهُ فَأبى وأعتقني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب قَالَ ثَنَا أَبُو همام قَالَ حَدثنَا عمر بن صَالح الازدي قَالَ سَمِعت شَيخا من أهل الشَّام قَالَ لما مَاتَ عمر بن عبد العزيز رَحمَه الله كَانَ استودع مولى لَهُ سفطا يكون عِنْده فجاؤوه فَقَالُوا السفط الَّذِي كَانَ استودعك عمر فَقَالَ مَا لكم فِيهِ خير فَأَبَوا حَتَّى رفعوا ذَلِك الى يزِيد بن عبد الملك فَدَعَا بالسفط ودعا بني أُميَّة فَقَالَ حبركم هَذَا قد وجدنَا لَهُ سفطا وَدِيعَة قد استودعها فدعابه فجاؤوا بِهِ ففتحوه فاذا فِيهِ مقطعات من مسوح كَانَ يلبسهَا بِاللَّيْلِ أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب قَالَ حَدثنَا أَبُو همام قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن حَمْزَة قَالَ ثَنَا الثقه يُونُس بن جَعْفَر الرقي أَن عمر بن عبد العزيز رَضِي الله عَنهُ كتب الى سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب أما بعد فَإِن الله تبَارك اسْمه وَتَعَالَى جده ابتلاني بِمَا ابتلاني بِهِ من أَمر عباده وبلاده أَن يحسن عوني وعاقبتي وعاقبة من ولاني أمره وَقد رَأَيْت أَن أَسِير فِي النَّاس بسيرة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ان قضى الله ذَلِك واستطعت اليه سَبِيلا فَابْعَثْ الي بكتب عمر وقضائه فِي أهل الْقبْلَة وَأهل الْعَهْد فَانِي فتبع أَثَره وَسَائِر بسيرته ان شَاءَ الله وأسأل الله التَّوْفِيق لما يحب ويرضى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وباسناده أَن سالما أَجَابَهُ أما بعد فَإِن الله عز وَجل خلق الدُّنْيَا لما أَرَادَ أَن يخلقها لَهُ فَجعل لَهَا مُدَّة قَصِيرَة كَأَن مَا بَين أَولهَا واخرها سَاعَة من نَهَار ثمَّ قضى عَلَيْهَا وعَلى أَهلهَا الفناء فَقَالَ {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون} لَا يقدر أَهلهَا مِنْهَا يَا عمر على شَيْء حَتَّى تفارقهم ويفارقونها بعث بذلك رَسُوله وَأنزل كِتَابه ضرب فِي ذَلِك الامثال وَضرب فِيهِ الْوَعيد وَوصل بِهِ القَوْل وَشرع فِيهِ دينه وَأحل الْحَلَال وَحرم الْحَرَام وقص فَأحْسن الْقَصَص وَجعل دينه فِي الاولين والاخرين دينا وَاحِدًا فَلم يفرق بَين كتبه وَلم يخْتَلف رسله وَلم يُبدل قَوْله ثمَّ انك يَا عمر لست تعدو أَن تكون رجلا من بني ادم يَكْفِيك مَا يَكْفِي رجلا مِنْهُم فِي الطَّعَام وَالشرَاب فَاجْعَلْ فضل ذَلِك فِيمَا بَيْنك وَبَين الرب الَّذِي توجه اليه شكر النعم فانك قد وليت أمرا عَظِيما لَيْسَ عَلَيْك أحد دون الله عز وَجل قد أفْضى فِيمَا بَيْنك وَبَين الْخَلَائق ان اسْتَطَعْت أَن تغنم نَفسك وَأهْلك وَألا تخسر نَفسك وَأهْلك يَوْم الْقِيَامَة فافعل فانه قد كَانَ قبلك رجال عمِلُوا مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 عمِلُوا وأحيوا وأماتو مَا أماتوا حَتَّى ولد فِي ذَلِك رجال ونشؤوا فِيهِ وظنوا أَنَّهَا السّنة فسدوا على النَّاس أَبْوَاب الرخَاء فَلم يسدوا مِنْهَا بَابا إِلَّا فتح الله عَلَيْهِم فِيهِ بَاب بلَاء فان اسْتَطَعْت وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه أَن تفتح على النَّاس أَبْوَاب الرخَاء فافعل فانك لن تفتح مِنْهَا بَابا إِلَّا سد الله الْكَرِيم عَنْك بَاب بلَاء وَلَا يمنعك من نزع عَامل أَن تَقول لَا أجد من يَكْفِينِي عمله فانك اذا كنت تفزع لله وتستعمل لله أتاح الله لَك أعوانا فأتاك بهم وانما قدر عون الله إياك بِقدر نيتك فَإِن تمت نيتك تمّ عون الله الْكَرِيم إياك وَإِن قصرت نيتك قصر من الله العون بِحَسب ذَلِك وَاعْلَم انه كَانَ قبلك رجال عاينوا هول المطلع وعالجوا نزع الْمَوْت الَّذِي مِنْهُ كَانُوا يفرون فانشقت بطونهم الَّتِي كَانُوا لَا يشبعون بهَا وانفقأت أَعينهم الَّتِي كَانَت لَا تَنْقَطِع لذتها واندقت رقابهم غير موسدين بَعْدَمَا نعلم من تظاهر الْفرش والمرافق والسرر والخدم فصاروا جيفا فِي بطُون الاراضي تَحت مهادها وَالله لَو كَانُوا الى جَانب مِسْكين لتأذى بريحهم بعد انفاق مَا لَا يُحْصى عَلَيْهِم وعَلى خواصهم من الطّيب كل ذَلِك اسرافا وبدارا عَن حق الله فانا لله وانا اليه رَاجِعُون مَا أعظم الَّذِي ابْتليت بِهِ وأفظع الَّذِي سيق اليك أهل الْعرَاق أهل الْعرَاق أبرهم مِنْك منزلَة من لَا فقر بك اليه وَلَا غنى بك عَنهُ فَمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 بعثت من عمالك الى الْعرَاق فانهه نهيا شَدِيدا شَبِيها بالعقوبة عَن أَخذ الاموال وَسَفك الدِّمَاء الا بِحَقِّهَا المَال المَال يَا عمر وَالدَّم فانه لَا نجاة لَك من هول جَهَنَّم من عَامل بلغك ظلمه ثمَّ لم تغيره وانه من بعثت من عمالك أَن يعملوا بِمَعْصِيَة الله وَأَن يحكموا بِشُبْهَة وَأَن يحتكروا على الْمُسلمين بيعا فانك ان اجترأت على ذَلِك أَتَى بك يَوْم الْقِيَامَة ذليلا صَغِيرا وان تجنبت عَنهُ عرفت رَاحَته فِي سَمعك وبصرك وقلبك كتبت تَسْأَلنِي أَن أبْعث اليك بكتب عمر وبقضائه فِي أهل الْقبْلَة وَفِي أهل الْعَهْد وان عمر رَضِي الله عَنهُ عمل فِي غير زَمَانك وَعمل بِغَيْر رجالك وانك ان عملت فِي زَمَانك على النَّحْو الَّذِي عمل فِيهِ عمر بن الْخطاب فِي زَمَانه بعد الَّذِي قد رَأَيْت وبلوت رَجَوْت ان تكون أفضل عِنْد الله منزله من عمر بن الْخطاب فَقل كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح (وَمَا توفيقي الا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت واليه أنيب) أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ قَالَ حَدثنَا عبيد الله بن مُحَمَّد العيشي قَالَ حَدثنَا ابو الْمِقْدَام هِشَام بن زِيَاد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ عهِدت عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ أَمِير علينا بِالْمَدِينَةِ للوليد بن عبد الملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وَهُوَ شَاب غليظ ممتلىء الْجِسْم فَلَمَّا اسْتخْلف أَتَيْته بخناصرة فَدخلت عَلَيْهِ وَقد قاسى مَا قاسى فاذا هُوَ قد تَغَيَّرت حَاله عَمَّا كَانَ فَجعلت أنظر اليه نظرا لَا أكاد أصرف بَصرِي عَنهُ فَقَالَ انك لتنظر الي نظرا مَا كنت تنظره الي من قبل يَا ابْن كَعْب قلت تعجبني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَمَا عجبك قلت لما حَال من لونك وَنفى من شعرك وَنحل من جسمك قَالَ فَكيف لَو رَأَيْتنِي يَا ابْن كَعْب فِي قَبْرِي بعد ثالثه حِين تقع حدقتي على وجنتي ويسيل منخري وفمي صديدا ودودا كنت لي أَشد نكرَة ثمَّ قَالَ أعد عَليّ حَدِيثا حدثتنيه عَن ابْن عَبَّاس قلت نعم حَدثنَا ابْن عَبَّاس أَن أشرف الْمجَالِس مَا اسْتقْبل بِهِ الْقبْلَة وانما تجالسون بالأمانة وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 تصلوا خلف النَّائِم والمحدث واقتلوا الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وان كُنْتُم فِي صَلَاتكُمْ وَلَا تستروا الْجِدَار بالثياب وَمن نظر فِي كتاب أَخِيه بِغَيْر اذنه فانما ينظر فِي النَّار وَمن أحب أَن يكون أكْرم النَّاس فليتق الله وَمن أحب أَن يكون أغنيا لناس فَلْيَكُن بِمَا فِي يَد الله عز وَجل أوثق مِنْهُ بِمَا فِي يَده أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب السَّقطِي قَالَ ثَنَا أَبُو همام قَالَ حَدثنَا عبد الله بن بكر قَالَ حَدثنِي شيخ من بني سليم أَن عمر بن عبد العزيز كَانَ عِنْده هِشَام بن مصاد قَالَ عبد الله بن بكر أَحْسبهُ كَانَا يتحدثان فَذكر عمر شَيْئا فَبكى فَأَتَاهُ مَوْلَاهُ مُزَاحم فَقَالَ ان مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ بِالْبَابِ فَقَالَ أدخلهُ فَدخل وَعمر يمسح عَيْنَيْهِ من الدُّمُوع فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بن كَعْب مَا أبكاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ هِشَام بن مصاد أبكاه كَذَا وَكَذَا فَقَالَ مُحَمَّد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ انما الدُّنْيَا سوق من الاسواق مِنْهَا خرج النَّاس بِمَا يَنْفَعهُمْ وَمِنْهَا خَرجُوا بِمَا ضرهم وَكم من قوم قد غرهم مِنْهَا مثل الَّذِي أَصْبَحْنَا حَتَّى أَتَاهُم الْمَوْت فاستوعبهم فَخَرجُوا مِنْهَا ملومين لم يَأْخُذُوا لما أَحبُّوا من الاخرة عدَّة وَلَا لما كَرهُوا جنَّة واقتسم مَا جمعُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 من لم يحمدهم وصاروا الى من لايعذرهم فَنحْن محقوقون يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن تنظر الى تِلْكَ الاعمال الَّتِي تغبطهم بهَا فتخلفهم فِيهَا وَتنظر الى تِلْكَ الاعمال الَّتِي لَا تغبطهم بهَا فتخلفهم فِيهَا وَتنظر الى تِلْكَ الاعمال الَّتِي تتخوف عَلَيْهِم مِنْهَا فتكف عَنْهَا فَاتق الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَافْتَحْ الابواب وَسَهل الْحجاب وانصر الْمَظْلُوم ورد الظَّالِم ثمَّ قَالَ ثَلَاث من كن فِيهِ اسْتكْمل بِهن الايمان بِاللَّه عز وَجل من اذا رَضِي لم يدْخلهُ رِضَاهُ فِي الْبَاطِل واذا غضب لم يُخرجهُ غَضَبه من الْحق واذا قدر لم يتَنَاوَل مَا لَيْسَ لَهُ أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابو عبيد مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر بن حَرْب النَّسَائِيّ قَالَ حَدثنَا يحيى بن معِين قَالَ حَدثنَا خَالِد بن حَيَّان عَن جَعْفَر - يَعْنِي ابْن برْقَان وقرأت من سلمَان - عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ ان الله عز وَجل كَانَ يتَعَاهَد النَّاس بِنَبِي بعد نَبِي وان الله عز وَجل تعاهد النَّاس بعمر بن عبد العزيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابْن مخلد قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ حَدثنَا عبد الوهاب بن نجدة قَالَ حَدثنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن عبد الحميد بن زِيَاد عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ ولاني عمر بن عبد العزيز على الارض فَقَالَ لي ان جَاءَك كتابي بِغَيْر الْحق فَاضْرب بِهِ الْحَائِط أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب السَّقطِي قَالَ ثَنَا أَبُو همام قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن حَمْزَة قَالَ حَدثنَا الثِّقَة أَن عمر بن عبد العزيز كتب الى عدي بن أَرْطَاة أما بعد فَانِي كتبت اليك بكتب كَثِيرَة أَرْجُو بذلك الْخَيْر من الله عز وَجل وَالثَّوَاب عَلَيْهِ وأنهاك فِيهَا عَن أُمُور الْحجَّاج بن يُوسُف وأرغب عَنْهَا وَعَن اقتدائك بهَا فان الْحجَّاج كَانَ بلَاء وَافق خَطِيئَة قوم بأعمالهم فَبلغ الله عز وَجل فِي مدَّته مَا أحب من ذَلِك ثمَّ انْقَطع ذَلِك وَأَقْبَلت عَافِيَة الله عز وَجل فَلَو لم يكن ذَلِك الا يَوْمًا وَاحِدًا أَو جُمُعَة وَاحِدَة كَانَ ذَلِك عَطاء من الله عز وَجل وَبِنَاء عَظِيما ونهيتك عَن فعله فِي الصَّلَاة فانه كَانَ يؤخرها تَأْخِيرا لَا يحل لَهُ ونهيتك عَن فعله فِي الزَّكَاة فانه كَانَ يَأْخُذهَا فِي غير حَقّهَا ثمَّ يسيء موَاضعهَا فاجتنب ذَلِك مِنْهُ وَاحْذَرْ الْعَمَل بِهِ فان الله عز وَجل قد اراح مِنْهُ وطهر الْعباد والبلاد من شَره وَالسَّلَام أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن أَيُّوب قَالَ حَدثنَا أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 همام قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن حَمْزَة قَالَ حَدثنَا الثِّقَة أَن عدي بن أَرْطَاة كتب الى عمر بن عبد الْعَزِيز من عدي بن أَرْطَاة أما بعد أصلح الله أَمِير الْمُؤمنِينَ فان قبلي أُنَاسًا من الْعمَّال قد اقتطعوا من مَال الله عز وَجل مَالا عَظِيما لست أَرْجُو استخراجه من أَيْديهم الا أَن أمسهم بِشَيْء من الْعَذَاب فان رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ أصلحه الله أَن يَأْذَن فِي ذَلِك أفعل قَالَ فَأَجَابَهُ أما بعد فان الْعجب كل الْعجب استئذانك اياي فِي عَذَاب بشر كَأَنِّي لَك جنَّة وَكَأن رضائي عَنْك ينجيك من سخط الله عز وَجل فَانْظُر من قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة وَمن أقرّ لَك بِشَيْء فَخذه بِمَا أقرّ بِهِ وَمن أنكر فاستحلفه بِاللَّه الْعَظِيم وخل سَبيله وَايْم الله لَان يلْقوا الله عز وَجل بخياناتهم أحب الي من أَن القى الله عز وَجل بدمائهم وَالسَّلَام أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر بن أَحْمد بن عَاصِم الدِّمَشْقِي قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ حَدثنَا ابراهيم السقا عَن أَصْرَم الْخُرَاسَانِي قَالَ كتب عمر بن عبد العزيز الى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الْحسن عظني قَالَ فَكتب اليه الْحسن أما بعد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَكُن للمثل من الْمُسلمين أَخا وللكبير ابْنا وللصغير أَبَا وعاقب كل وَاحِد مِنْهُم بِذَنبِهِ على قدر جِسْمه وَلَا تضربن لغضبك سَوْطًا وَاحِدًا فَتدخل النَّار أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ أَخْبرنِي أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن بكار القافلائي قَالَ حَدثنَا ابراهيم بن هانآء النَّيْسَابُورِي قَالَ ثَنَا أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث قَالَ أَخَذتهَا من اللَّيْث بن سعد رِسَالَة الْحسن بن أبي الْحسن الى عمر بن عبد العزيز رحمهمَا الله أما بعد اعْلَم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن الدُّنْيَا دَار ظعن وَلَيْسَت بدار اقامة وانما أهبط اليها ادم من الْجنَّة عُقُوبَة وَقد يحْسب من لَا يدْرِي مَا ثَوَاب الله أَنَّهَا ثَوَاب وَمن لم يدر مَا عِقَاب الله أَنَّهَا عِقَاب وَلها فِي كل حِين صرعة وَلَيْسَت صرعة كصرعة هِيَ تهين من أكرمها وتذل من أعزها وتصرع من اثرها وَلها فِي كل حِين قَتْلَى فَهِيَ كالسم يَأْكُلهُ من لَا يعرفهُ وَفِيه حتفه فالزاد مِنْهَا تَركهَا والغنى مِنْهَا فقرها فَكُن فِيهَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كالمداوي جرحه يصبر على شدَّة الدَّوَاء مَخَافَة طول الْبلَاء يحتمي قَلِيلا مَخَافَة مَا يكره طَويلا فان أهل الْفَضَائِل كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 منطقهم فِيهَا بِالصَّوَابِ ومشيهم بالتواضع مطعمهم الطّيب من الرزق مغمضي أَبْصَارهم عَن الْمَحَارِم فخوفهم فِي الْبر كخوفهم فِي الْبَحْر ودعاؤهم فِي السَّرَّاء كدعائهم فِي الضراء لَوْلَا الاجال الَّتِي كتبت لَهُم مَا تقاوت أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم خوفًا من الْعقَاب وشوقا إِلَى الثَّوَاب عظم الْخَالِق فِي نُفُوسهم فصغر الْمَخْلُوق فِي أَعينهم وَاعْلَم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن التفكير يَدْعُو الى الْخَيْر وَالْعَمَل بِهِ وَأَن النَّدَم على الشَّرّ يَدْعُو الى تَركه وَلَيْسَ مَا يُغني وان كَانَ كثيرا يأهل أَن يُؤثر على مَا يبْقى وان كَانَ طلبه عَزِيزًا وَاحْتِمَال الْمُؤْنَة المنقطعة الَّتِي تعقب الرَّاحَة الطَّوِيلَة خير من تَعْجِيل رَاحَة مُنْقَطِعَة تعقب مُؤنَة بَاقِيَة وندامة طَوِيلَة فاحذر الدُّنْيَا الصارعة الخاذلة القاتلة الَّتِي قد تزينت بخدعها قتلت بغرورها وخدعت بآمالها فَأَصْبَحت الدُّنْيَا كالعروس المجلية فالعيون اليها ناظرة والقلوب عَلَيْهَا والهة والنفوس لَهَا عاشقة وَهِي لازواجها كلهم قاتلة فَلَا الْبَاقِي بالماضي مُعْتَبر وَلَا الاخر لما رأى من أَثَرهَا على الاول مزدجر وَلَا الْعَارِف بِاللَّه الْمُصدق لَهُ حِين أخبر عَنْهَا مدكر فَأَبت الْقُلُوب الا لَهَا حبا وأبت النُّفُوس لَهَا الا عشقا وَمن عشق شَيْئا لم يلهم نَفسه غَيره وَلم يعقل شَيْئا سواهُ مَاتَ فِي طلبه وَكَانَ اثر الاشياء عِنْده فهما عاشقان طالبان مجتهدان فعاشق قد ظفر مِنْهَا بحاجته فاغتر وطغى وَنسي وَلها فَغَفَلَ عَن مبتدا خلقه وضيع مَا اليه معاده فَقل فِي الدُّنْيَا لبثه حَتَّى زَالَت عَنهُ قدمه وجاءته منيته على شَرّ مَا كَانَ حَالا وأطول مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 كَانَ فِيهَا أملا فَعظم ندمه وَكَثُرت حسرته مَعَ مَا عالج من سكرته فاجتمعت عَلَيْهِ سكرة الْمَوْت بكربته وحسرة الْفَوْت بغصته فَغير مَوْصُوف مَا نزل بِهِ واخر ميت مَاتَ من قبل أَن يظفر مِنْهَا بحاجته فَمَاتَ بغمه وكمده وَلم يدْرك فِيهَا مَا طلب وَلم يرح نَفسه عَن التَّعَب وَالنّصب واللعب فَخَرَجَا جَمِيعًا بِغَيْر زَاد وقدما على غير مهاد فاحذرها الحذر كُله فانما مثلهَا كَمثل الْحَيَّة لين مَسهَا تقتل بسمها فَأَعْرض عَمَّا يُعْجِبك فِيهَا لقلَّة مَا يصحبك مِنْهَا وضع عَنْك همومها لما قد أيقنت بِهِ من فراقها وَاجعَل شدَّة مَا اشْتَدَّ مِنْهَا رَجَاء مَا ترجو بعْدهَا وَكن عِنْد اسر مَا تكون مِنْهَا أحذر مَا تكون لَهَا فان صَاحب الدُّنْيَا كلما اطْمَأَن مِنْهَا الى سرُور صحبته من سرورها بِمَا يسوؤه وَكلما ظفر مِنْهَا بِمَا يحب انقلبت عَلَيْهِ بِمَا يكره فالسار مِنْهَا لاهلها غَار والنافع بِهِ مِنْهَا غَدا ضار وَقد وصل الرخَاء مِنْهَا بالبلاء وَجعل الْبَقَاء فِيهَا الى فنَاء فسرورها بالحزن مشوب والناعم فِيهَا مسلوب وَانْظُر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اليها نظر الزَّاهِد المفارق وَلَا تنظر نظر الْمُبْتَلى العاشق الوامق وَاعْلَم أَنَّهَا تزيل الثاوي بالساكن وتفجع المترف فِيهَا بالامن وَلَا ترجع فِيهَا مَا تولى مِنْهَا وَأدبر وَلَا بُد مِمَّا هُوَ ات مِنْهَا ينْتَظر وَلَا يتبع مَا صفا مِنْهَا الا كدر فاحذرها فان أمانيها كَاذِبَة وامالها بَاطِلَة وعيشها نكد وصفوها كدر وَأَنت مِنْهَا على خطر إِمَّا نعْمَة زائلة واما بلية نازلة واما مُصِيبَة فادحة واما منية قاضية فَلَقَد كدرت الْمَعيشَة لمن عقل فَهُوَ من نعيمها على خطر وَمن بليتها على حذر وَمن الْمنية على يَقِين فَلَو كَانَ الْخَالِق تبَارك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 اسْمه لم يخبر عَنْهَا بِخَبَر وَلم يضْرب لَهَا مثلا وَلم يَأْمر فِيهَا بزهد لكَانَتْ الدُّنْيَا قد أيقظت النَّائِم ونبهت الغافل فَكيف وَقد جَاءَ عَن الله عز وَجل مِنْهَا زاجر وفيهَا واعظ فَمَا لَهَا عِنْده قدر وَلَا لَهَا عِنْده وزن من الصغر فلهي عِنْده أَصْغَر من حَصَاة فِي الْحَصَى وَمن مِقْدَار نواة فِي النَّوَى مَا خلق الله عز وَجل خلقا فِيمَا بلغنَا أبْغض الى الله تبَارك وَتَعَالَى مِنْهَا مَا نظر اليها مُنْذُ خلقهَا وَلَقَد عرضت على نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمفاتيحها وخزائنها لَا ينقصهُ ذَلِك عِنْد الله عز وَجل جنَاح بعوضة فَأبى أَن يقبلهَا وَمَا مَنعه من الْقبُول لَهَا - مَعَ مَا لَا ينقصهُ الله عز وَجل شَيْئا مِمَّا عِنْده كَمَا وعده - الا أَنه علم أَن الله عز وَجل أبْغض شَيْئا فَأَبْغضهُ وَصغر شَيْئا فصغره وَلَو قبلهَا كَانَ الدَّلِيل على محبته قبُوله اياها وَلكنه كره أَن يُخَالف أمره أَو يحب مَا أبْغض خالقه أويرفع مِمَّا وضع مليكه قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وَكَانَ فِي اخر هَذِه الرسَالَة وَلَا تأمن من أَن يكون هَذَا الْكَلَام عَلَيْك حجَّة نفعنا الله واياك بِالْمَوْعِظَةِ وَالسَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الصندلي قَالَ حَدثنَا عَليّ بن مُسلم الطوسي قَالَ حَدثنَا سيار بن حَاتِم قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان قَالَ ثَنَا هِشَام بن حسان عَن خَالِد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 الربعِي قَالَ قَرَأت فِي التَّوْرَاة أَن السَّمَاء وَالْأَرْض تبْكي على عمر بن عبد العزيز أَرْبَعِينَ سنة أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابو مُحَمَّد يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد قَالَ حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي قَالَ ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنِي الْمُغيرَة بن حَكِيم قَالَ قَالَت فَاطِمَة بنت عبد الملك كنت أسمع عمر رَحمَه الله فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُول اللَّهُمَّ أخف عَلَيْهِم موتِي وَلَو سَاعَة من نَهَار قَالَت فَقلت لَهُ يَوْمًا يَا امير الْمُؤمنِينَ أَلا أخرج عَنْك عَسى أَن تغفى شَيْئا فانك لم تنم قَالَت فَخرجت عَنهُ الى بَيت غير الْبَيْت الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَت فَجعلت أسمعهُ يَقُول {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين} يُرَدِّدهَا مرَارًا ثمَّ أطرق فَلبث طَويلا لَا يسمع لَهُ حسا فَقلت لَو صيف لَهُ كَانَ يَخْدمه وَيحك انْظُر فَلَمَّا دخل صَاح قَالَت فَدخلت عَلَيْهِ فَوَجَدته مَيتا قد أقبل بِوَجْهِهِ على الْقبْلَة وَوضع احدى يَدَيْهِ على فِيهِ والاخرى على عَيْنَيْهِ رَحْمَة الله عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابْن صاعد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي قَالَ أَنا ابْن الْمُبَارك قَالَ أَنا حَمَّاد بن سَلمَة عَن رَجَاء أبي الْمِقْدَام من أهل الرملة عَن يعمر بن عبد الله كَاتب عمر بن عبد العزيز أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ انه ليمنعني من كثير من الْكَلَام مَخَافَة المباهاة أخبرنَا مُحَمَّد وَحدثنَا ابْن صاعد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ أخبرنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ انا عبد الرحمن بن يزِيد بن جَابر أَن عمر بن عبد العزيز كتب الى يزِيد بن عبد الملك اياك أَن تدركك الصرعة عِنْد الْعِزَّة فَلَا تقال العثرة وَلَا يُمكن من الرّجْعَة وَلَا يحمدك من جعلت بِمَا تركت وَلَا يعذرك من تقدم عَلَيْهِ بِمَا اشتغلت بِهِ وَالسَّلَام أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابْن صاعد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ أخبرنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ أَنا هِشَام بن الْغَاز قَالَ حَدثنِي مولى مسلمه بن عبد الملك قَالَ حَدثنِي مسلمة قَالَ دخلت على عمر بن عبد العزيز بعد صَلَاة الْفجْر فِي بَيت كَانَ يَخْلُو فِيهِ بعد الْفجْر فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 يدْخل عَلَيْهِ أحد فَجَاءَت جَارِيَة بطبق عَلَيْهِ تمر صيحاني - وَكَانَ يُعجبهُ التَّمْر - فَرفع بكفيه مِنْهُ فَقَالَ يَا مسلمة أَتَرَى لَو أَن رجلا أكل هَذَا ثمَّ شرب عَلَيْهِ من المَاء فان المَاء على التَّمْر طيب أَكَانَ يجْزِيه الى اللَّيْل قَالَ فَقلت لَا أَدْرِي فَرفع أَكثر مِنْهُ فَقَالَ فَهَذَا فَقلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ كافيه دون هَذَا حَتَّى لَا يُبَالِي أَن يَذُوق طَعَاما غَيره قَالَ فعلام ذَا يدْخل النَّار قَالَ فَقَالَ مسلمة فَمَا وَقعت مني موعظة مَا وَقعت مني هَذِه أَنا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا ابْن صاعد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ أَنا عبد الله قَالَ أَنا جرير بن حَازِم قَالَ ثَنَا الْمُغيرَة بن حَكِيم قَالَ قَالَت فَاطِمَة بنت عبد الملك يَا مُغيرَة قد يكون فِي الرِّجَال من هُوَ اكثر صَلَاة وصوما من عمر بن عبد العزيز وَلم أكن أرى رجلا من النَّاس كَانَ أَشد فرقا من ربه من عمر كَانَ اذا دخل بَيته ألْقى نَفسه فِي مَسْجده فَلَا يزَال يبكي وَيَدْعُو حَتَّى تغلبه عَيناهُ فَيسْقط فيفعل مثل ذَلِك ليله أجمع أَنا مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابْن صاعد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ انا عبد الله قَالَ أَنا مُحَمَّد بن أبي حميد عَن ابراهيم بن عبيد بن رِفَاعَة قَالَ شهِدت عمر بن عبد العزيز وَمُحَمّد بن قيس يحدثه فَرَأَيْت عمر يبكي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 حَتَّى اخْتلفت أضلاعه أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ ثَنَا أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن مهدية الفحام قَالَ حَدثنِي صَدَقَة بن ابراهيم المقابري قَالَ ثَنَا النَّضر بن سهل عَن أَبِيه قَالَ بَينا عمر ابْن عبد العزيز ذَات يَوْم جَالس اذ قَالَ لجارية لَهُ يَا جَارِيَة روحيني قَالَ فَأخذت المروحة فَأَقْبَلت تروحه فَغَلَبَتْهَا عينهَا فنامت فانتبه عمر فاذا هُوَ بالجارية قد احمر وَجههَا وَقد عرقت عرقا شَدِيدا - يَعْنِي وَهِي نَائِمَة - قَالَ فَأخذ المروحة وَأَقْبل يروحها قَالَ فانتبهت فَوضعت يَدهَا على رَأسهَا فصاحت فَقَالَ لَهَا عمر انما أَنْت بشر مثلي أَصَابَك من الْحر مَا أصابني فَأَحْبَبْت أَن أروحك مثل الَّذِي روحتني قَالَ فَقَالَت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اني لم أصح من ترويحك هَذَا وَلَكِن رَأَيْت فِي مَنَامِي رُؤْيا فَقَالَ لَهَا عمر مَا الَّذِي رَأَيْت قَالَت رَأَيْت كَانَ الْقِيَامَة قد قَامَت وَكَأن الْمِيزَان قد علق وَكَأن الصِّرَاط قد نصب فاذا الْمُنَادِي قد نَادَى أَيْن الْخَلِيفَة الَّذِي قبل عمر بن عبد العزيز قَالَت فَأتي بِهِ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا أنظر اليه وَيَده مشدودة الى عُنُقه فَأوقف على شَفير جَهَنَّم فناى مُنَاد أَلا انه جَار فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الْكتاب وَفسق فِي الْعباد ألقوه فِي النَّار قَالَت فَسقط يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ على حر وَجهه فِي جَهَنَّم ثمَّ نَادَى الثَّانِيَة أَيْن الَّذِي كَانَ قبل ذَلِك قَالَت فَأتي بِهِ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا أنظر اليه وَيَده مشدودة الى عُنُقه فَأوقف على شَفير جَهَنَّم فَنَادَى مُنَاد انه جَار فِي الْكتاب وَفسق فِي الْعباد ألقوه فِي النَّار قَالَت فَسقط يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ على حر وَجهه فِي جَهَنَّم قَالَت فشهق عمر بن عبد العزيز شهقة فَمَكثَ نَهَاره جَمِيعًا وَلَيْلَته جَمِيعًا يخور كَمَا يخور الثور حَتَّى بَال فَعلمنَا أَن عقله قد ذهب لما أَصَابَهُ ثمَّ أَصَابَهُ برد السحر فافاق ثمَّ قَالَ لَهَا يَا جَارِيَة ثمَّ مَاذَا قَالَت ثمَّ أُتِي بك وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا أنظر اليك ويدك مشدودة الى عُنُقك فأوقفت على شَفير جَهَنَّم فناى الْمُنَادِي أَلا انه حكم فِي الْكتاب وَعدل فِي الْعباد أدخلوه الْجنَّة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ اخر أَخْبَار عمر بن عبد العزيز وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد واله وَسلم تَسْلِيمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87