الكتاب: المغرب في حلى المغرب المؤلف: أبو الحسن على بن موسى بن سعيد المغربي الأندلسي (المتوفى: 685هـ) المحقق: د. شوقي ضيف الناشر: دار المعارف - القاهرة الطبعة: الثالثة، 1955 عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- المغرب في حلى المغرب ابن سعيد المغربي الكتاب: المغرب في حلى المغرب المؤلف: أبو الحسن على بن موسى بن سعيد المغربي الأندلسي (المتوفى: 685هـ) المحقق: د. شوقي ضيف الناشر: دار المعارف - القاهرة الطبعة: الثالثة، 1955 عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد نبيه 1 - أبو العَاصِي الحكم الربضي ابْن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام ابْن عبد الْملك بن مَرْوَان ولى سلطنة الأندلس بعد أَبَوَيْهِ وتلخيص تَرْجَمته من مقتبس ابْن حَيَّان أمه زخرف أم ولد ومولده سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة مدَّته سِتّ وَعِشْرُونَ سنة وَعشرَة أشهر وَعشرَة أَيَّام سنة ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة وَولى وَهُوَ ابْن سِتّ وَعشْرين وبيعته يَوْم الْجُمُعَة لأَرْبَع عشرَة خلت من صفر سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة صفتة أسمر طوال نحيف لم يخصب ذُكُور أَوْلَاده عشرُون إناثهم ثَلَاثُونَ وَكَانَ أفحل بني أُميَّة بالأندلس الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وأشدهم إقداماً وصرامة وأنفة وأبهة وَعزة إِلَى مَا جمع لذَلِك من جودة الضَّبْط وَحسن السياسة وايثار النصفة وَكَانَ يشبه بالمنصور العباسي فِي شدّ الْملك وقهر الْأَعْدَاء وتوطيد الدولة وَقَالَ الرَّازِيّ هُوَ أول من استكثر من الحشم والحفد وارتبط الْخُيُول على بَابه وناوأ جبابرة الْمُلُوك فِي أَحْوَاله وَبلغ مماليكه خَمْسَة آلَاف ثَلَاثَة آلَاف مِنْهُم فرسَان وهم الخرس سموا بذلك لعجمتهم وَكَانَ يَقُول مَا تحلى الْخُلَفَاء بأزين من الْعدْل وَلَا امتطوا مثل التثبت وَلَا ازدلفوا بِمثل الْعَفو وَكَانَ يستريح إِلَى لذاته من غير إفحاش وَكَانَ خَطِيبًا مفوهاً أدبياً شَاعِرًا وَمن حكاياته المستحسنة أَنه توجه عَلَيْهِ حكم فِي أم ولد من القَاضِي فانقاد للحق وَدفع ثمنهَا لمولاها وسايره يَوْمًا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن وَقد أرْدف زِيَاد وَلَده خَلفه فَلَمَّا انْتهى إِلَى القنطرة وَهُوَ يحادث سمع الْأَذَان فَقطع زِيَاد حَدِيثه وَقَالَ معذرة إِلَى الْأَمِير فَإنَّا كُنَّا فِي حَدِيث عَارضه هَذَا الْمُنَادِي إِلَى الله تَعَالَى وَهُوَ أَحَق بالإجابة وَمر إِلَى الْمَسْجِد فَلم يُنكر عَلَيْهِ شَيْئا بل زَاده حظوة وَكَانَ يكثر من مُجَالَسَته وبلى بمحاربة عيه عبد الله وَسليمَان وَكَانَا قد خرجا إِلَى بر العدوة فَلَمَّا سمعا بِمَوْت الرِّضَا كرا إِلَى الأندلس وَكَانَ السَّابِق بالعبور عبد الله تعصب مَعَه أهل بلنسية وتلوم بعده سُلَيْمَان بطنجة فَكتب لَهُ عبد الله فَجَاز إِلَيْهِ ونهص سُلَيْمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 إِلَى قرطبة فَهَزَمَهُ الحكم الْهَزِيمَة القبيحة ثمَّ هَزَمه أقبح مِنْهَا وانكب بِهِ فرسه وسيق أَسِيرًا فجَاء رَسُول من الحكم بقتْله فَقتل وَشهر رَأسه بقرطبة وَسقط فِي يَد عبد الله فَصَالح الحكم على الْإِقَامَة ببلنسية وَلم يزل على ذَلِك حَيَاة الحكم واتهم الحكم عَمه أُميَّة فحبسه نسق التَّارِيخ سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة غزا بالصائفة الْحَاجِب بعد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد وقف مُثقلًا بالغنائم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ ظهر بهْلُول بن أبي الْحجَّاج بِجِهَة الثغر الْأَعْلَى وَملك سرقسطة وفيهَا ثار عبيد بن خمير بطليطلة فكاتب الحكم أعياناً مِنْهَا عمِلُوا فِي قَتله سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين جمع لذريق بن قارلة ملك الإفرنج جموعه وَسَار إِلَى حِصَار طرطوشة فَبعث الحكم ابْنه عبد الرَّحْمَن فِي العساكر فَهَزَمَهُ وَفتح الله على الْمُسلمين وَعَاد ظافراً ولبث كُلَيْب فِي السجْن بداخل الْقصر سِتا وَعشْرين سنة إِذْ كَانَ الْأَمِير هِشَام هُوَ الَّذِي سجنه وَكَانَ لَهُ فِيمَا بعد ذَلِك غزوات فِي النَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ ظفر فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 سنة أَربع وَتِسْعين حاصر الحكم ماردة بِنَفسِهِ وفيهَا عصى عمروس بالثغر ثمَّ أناب للطاعة وَمَات مخلصاً فِي مُدَّة الحكم فَكَانَت ولَايَته على الثغر تسع سِنِين وَعشرَة أشهر وأياماً سنة سبع وَتِسْعين فِيهَا غزا عبيد الله بن عبد الله البلنسي صَاحب الصوائف فَحل ببرشلونة فَلَمَّا كَانَ حُضُور صَلَاة الْجُمُعَة وَقد تقدم فِي ملاقاة الْعَدو صلى رَكْعَتَيْنِ وَركب فنصره الله عَلَيْهِم فَدَعَا بقناة طَوِيلَة فركزت وصفت رُءُوس النَّصَارَى حولهَا حَتَّى ارْتَفَعت فَوْقهَا وغيبت سنانها فَأمر المؤذنين فَعَلُوهَا وأذنوا فَكَانَت غَزْوَة اختال الْإِسْلَام فِي أردية عزتها دهراً سنة تسع وَتِسْعين عزا الحكم طليطلة وَقد أظهر قصد مرسية فعاث فيهم أَشد العيث وَنقل وُجُوههم إِلَى قرطبة فذلوا بعْدهَا دهراً طَويلا سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ فِيهَا نكث أهل ماردة وَقَامَ بأمرها مَرْوَان بن الجليق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ فِيهَا كَانَت وقْعَة الربض كَانَ أصل مَا هاجها أَن بعض مماليك الحكم دفع سَيْفا إِلَى صيقل فمطله والغلام يتَكَرَّر عَلَيْهِ والصيقل يتهكم بِهِ فَأَغْلَظ الْغُلَام للصيقل وَآل الْأَمر إِلَى أَن خبطه بِهِ الصيقل فَقتله وثار الهيج لوقته كَأَنَّمَا النَّاس كَانُوا يرتقبونه فهتفوا بالخلعان وَأول من شهر السِّلَاح أهل الربض القبلي بعدوة النَّهر ثمَّ ثار أهل الْمَدِينَة والأرباض وانحاز الأمويون وأتباعهم إِلَى الْقصر فارتقى الحكم السَّطْح وحرك حفائظ جنده فآل الْأَمر إِلَى أَن غلبهم الْجند وأفشوا الْقَتْل وتتبعوا فِي الدّور وَقتل الحكم بعد ذَلِك من أَسْرَاهُم نَحْو ثَلَاثمِائَة صلبهم على النَّهر وَكَانَ يَوْم هَذِه الْوَقْعَة يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاث عشرَة خلت من رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي أَمر بهدم الربض القبلي حَتَّى صَار مزرعة وَلم يعمر طول مُدَّة بني أُميَّة وتتبع دور أهل الْخلاف فِي غَيره بالهدم والإحراق وَبعد ثَلَاثَة أَيَّام أَمر بِرَفْع الْقَتْل والأمان على أَن يخرجُوا من قرطبة فلحق جُمْهُور مِنْهُم بطليطلة وكاتبوا مهَاجر بن الْقَتِيل الَّذِي كَانَ قد لحق بدار الْحَرْب وولوه عَلَيْهِم وَصَارَ مَعَه نَحْو خَمْسَة عشر ألفا فِي الْبَحْر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وتقاتلوا مَعَ أَهلهَا فأنزلهم عبد الله بن طَاهِر جَزِيرَة إقريطش وَكَانَت حِينَئِذٍ خَالِيَة فعمروها وَكَانَ فِي حبس الحكم يَوْمئِذٍ شبريط صَاحب وشقة وَهُوَ ابْن عَم عمروس صَاحب الثغر الْأَعْلَى فَلَمَّا سمع بثورة النَّاس قَالَ أَهِي غنم لَو كَانَ لَهَا رَاع كَأَنِّي بهم قد مزقوا فَأمر الحكم بصلبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وَأغْرب الحكم فِي بأسماء حربه هَذِه عِنْدَمَا حمى وطيسها بنادرة مَا سمع لأحد من الْمُلُوك بِمِثْلِهَا وَذَلِكَ أَنه فِي مقَامه بالسطح وَعند بَصَره باشتداد الْحَرْب دَعَا بقارورة غَالِيَة فَجَاءَهُ بهَا خَادِم لَهُ فأفرغها على رَأسه فَلم يملك الْخَادِم نَفسه أَن قَالَ لَهُ وأية سَاعَة طيب هَذِه فَقَالَ اسْكُتْ لَا أم لَك وَمن أَيْن يعرف قَاتل الحكم رَأسه من رَأس غَيره ثمَّ أعتق مماليكه ووالى الْإِحْسَان عَلَيْهِم وَجعل يَقُول مَا استعدت الْمُلُوك بِمثل الرِّجَال وَلَا حامى عَنْهَا كعبيدها وَكَانَ مِمَّن هرب من أهل الربض إِلَى طليطلة الْفَقِيه يحيى بن يحيى ثمَّ أَمنه الحكم وَكَانَ مِنْهُم طالوت بن عبد الْجَبَّار الْمعَافِرِي أحد من لقى مَالك بن أنس استخفى عِنْد يَهُودِيّ أحسن خدمته ثمَّ انْتقل إِلَى الْوَزير الإسكندارني واثقاً بِهِ فسعى بِهِ إِلَى الحكم وَأمكنهُ مِنْهُ فَوَجَدَهُ أغْلظ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قرر عَلَيْهِ ذنُوبه قَالَ لَهُ إِنِّي أبغضتك لله وَحده فَلم ينفعك عِنْدِي مَا صَنعته معي وَأخْبرهُ مَا جرى لَهُ مَعَ الْيَهُودِيّ والوزير فرقق الله قلبه عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِن الَّذِي أبغضتني من أَجله قد صرفني عَنْك وَنقص الاسكندراني فِي عين الحكم قَالَ وَلَقَد بلغ من استخفاف أهل الربض بالحكم أَنهم كَانُوا يُنَادُونَهُ لَيْلًا من أَعلَى صوامعهم الصَّلَاة الصَّلَاة يَا مخمور وَلم يتمل بالعيش بعد هَذِه الْوَقْعَة من عِلّة طاولته أَرْبَعَة أَعْوَام فَمَاتَ نَادِما مُسْتَغْفِرًا وَكَانَ مِمَّا نعوه عَلَيْهِ أَن جعل الْعشْر ضريبة على النَّاس بعد أَن كَانَ مصروفاً إِلَى أمانتهم سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ بَايع الحكم لابْنَيْهِ بالعهد عبد الرَّحْمَن ثمَّ الْمُغيرَة فانخلع الْمُغيرَة لِأَخِيهِ وَمَات مكرماً فِي حَيَاته وَله عقب كثير وَالْحكم أول من عقد الْعَهْد مِنْهُم وفيهَا توفّي الحكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 حجب لَهُ عبد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد وَله تَرْجَمَة وَعبد الْعَزِيز ابي ابْن عَبدة بعده وَكَانَ زاهداً كثير الصَّدَقَة صَاحب جيوشه وصوائفه ابْن عَمه عبيد الله بن عبد الله وَمن أشهر وزرائه فطيس بن سُلَيْمَان وَكتب عَنهُ أَيْضا وَكتب عَنهُ حجاج المغيلي وَهُوَ شَاعِر وقضاته مذكورون فِي تراجمهم وَفِي مدَّته مَاتَ شَهِيد بن عِيسَى الَّذِي ينْسب لَهُ بَنو شَهِيد فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَتَمام بن عَلْقَمَة اُحْدُ اكابر النُّقَبَاء وَعبد الْوَاجِد بن مغيث وفطيس بن سُلَيْمَان وحجاج المغيلي فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة والفقيه زِيَاد ابْن عبد الرَّحْمَن اللَّخْمِيّ راوية مَالك سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَة والفقيه الْمُفْتِي صعصعة بن سَلام سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَقَالَ ابْن حزم فِي نقط الْعَرُوس وَمن المجاهرين بِالْمَعَاصِي السفاحين للدماء لدينا الحكم صَاحب الربض وَقد كَانَ من جبروته يخصى من اشْتهر بالجمال من أَبنَاء رَعيته ليدخلهم إِلَى قصره وَأحسن مَا أوردوا لَهُ من الشّعْر قَوْله بعد وقْعَة الربض ... رأبت صدوع الأَرْض بِالسَّيْفِ راقعاً ... وقدماً لأمت الشّعب مذ كنت يافعا فسائل ثغوري هَل بهَا الْيَوْم ثغرة ... أبادرها مستنصى السَّيْف دارعا وشافه على الأَرْض الفضاء جماجماً ... كأقحاف شريان الهبيد لوامعا تنبيك أَنِّي لم أكن فِي قراعهم ... بوان وَأَنِّي كنت بِالسَّيْفِ قارعا وَأَنِّي إِذا حادوا سرَاعًا عَن الردى ... فَمَا كنت ذَا حيد عَن الْمَوْت جازعا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 .. حميت ذماري فاستحبت دمارهم ... وَمن لَا يحامى ظلّ خزيان ضارعا وَلما تساقينا نهال حروبنا ... سقيتهم سجلاً من الْمَوْت ناقعا وَهل زِدْت أَن وفيتهم صَاع قرضهم ... فوافوا منايا قدرت ومصارعا ... 2 - ابْنه أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن الحكم من المقتبس هُوَ بكر وَالِده مولده بطليطلة فِي شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَة عمره اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة دولته إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة وَثَلَاثَة أشهر وَسِتَّة أشهر وَسِتَّة أَيَّام وَفَاته بقرطبة لَيْلَة الْخَمِيس لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ ذكر ابْن حزم فِي نقط الْعَرُوس أَن وَلَده مائَة النّصْف ذُكُور عني أَبوهُ بتعليمه وتخريجه فِي الْعُلُوم الحديثة والقديمة وَوجه عَبَّاس بن نَاصح إِلَى الْعرَاق فِي التمَاس الْكتب الْقَدِيمَة فَأَتَاهُ بالسندهند وَغَيره مِنْهَا وَهُوَ أول من أدخلها الأندلس وَعرف أَهلهَا بهَا وَنظر هُوَ فِيهَا وَكَانَ حسن الْوَجْه بهي المنظر وَمن بديع التَّعَارُض فِي كَمَاله نقض وِلَادَته لِأَنَّهُ ولد لسبعة أشهر وَكَانَ من أهل التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ والاستضهار للْحَدِيث وَأَطْنَبَ فِي ذكره فِي الْعُلُوم وَأَنه كَانَ يداخل كل ذِي علم من فنه وَهُوَ أول من فخم السلطنة بالأندلس بِأُمُور يطول ذكرهَا من انتقاء الرِّجَال والمباني وَغير ذَلِك وَهُوَ الَّذِي بنى جَامع إشبيلية وسورها وتولع جواريه بِبِنَاء الْمَسَاجِد وَفعل الْخَيْر الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وَهُوَ الَّذِي ميز ولَايَة السُّوق عَن أَحْكَام الشرطة الْمُسَمَّاة بِولَايَة الْمَدِينَة فأفردها وصير لواليها ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي الشَّهْر ولوالي الْمَدِينَة مائَة دِينَار وَكَانَ يُقَال لأيامه أَيَّام الْعَرُوس واستفتح دولته بهدم فندق الْخمر وَإِظْهَار الْبر وتملى النَّاس مَعَه الْعَيْش وخلا هُوَ بلذاته وَطَالَ عمره وَفَشَا نَسْله وَقَالَ الرَّازِيّ إِنَّه الَّذِي أحدث بقرطبة دَار السِّكَّة وَضرب الدَّرَاهِم باسمه وَلم يكن فِيهَا ذَلِك مذ فتحهَا الْعَرَب وَفِي أَيَّامه أَدخل للأندلس نَفِيس الجهاز من ضروب الجلائب لكَون ذَلِك نفق عَلَيْهِ وَأحسن لجالبيه وَوَافَقَ انتهاب الذَّخَائِر الَّتِي كَانَت فِي قُصُور بَغْدَاد عِنْد خلع الْأمين فجلبت إِلَيْهِ وانتهت جبايته إِلَى الف ألف دِينَار يَفِ السّنة وَهُوَ الَّذِي اتخذ للوزراء فِي قصره بَيت الوزارة ورتب اخْتلَافهمْ إِلَيْهِ فِي كل يَوْم يستدعيهم مَعَه أَو من يخْتَص مِنْهُم اَوْ يخاطبهم برقاع فِيمَا يرَاهُ من امورالدولة وَكَانَ سعيداً قَالَ ابْن مفرج مَا علمنَا أَنه خرج عَلَيْهِ مَعَ طول أَيَّامه خَارج خلا مَا كَانَ من مُوسَى بن مُوسَى بن قسي بِنَاحِيَة الثغر الْأَعْلَى وَلم يشْغلهُ النَّعيم عَن وصل الْبعُوث إِلَى دَار الْمغرب وَكَانَ مكرماً لأصناف الْعلمَاء محسناً لَهُم وَكَانَ يخلوا بكبير الْفُقَهَاء يحيى بن يحي كثيرا ويشاوره وسرق بعض صقالبته بدرة فلمحه وَلما عدت الْبَدْر نقصت فَأَكْثرُوا التَّنَازُع فِيمَن أَخذهَا فَقَالَ السُّلْطَان قد أَخذهَا من لَا يردهَا وَرَآهُ من لَا يقفحه فإياكم عَن العودة لمثلهَا فَإِن كَبِير الذَّنب يهجم على استنفاد الْعَفو فتعجب من إفراط كرمه وحيائه وَمن توقيعاته البليغة وَمن لم يعرف وَجه مطلبه كَانَ الحرمان أولى بِهِ وَمن مَشْهُور شعره قَوْله فِي جَارِيَته طروب الَّتِي هام بهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 .. إِذا مَا بَدَت لي شمس النها ... ر طالعة ذَكرتني طروبا عداني عَنْك مَزَار العدى ... وقودى إِلَيْهِم لهاماً مهيبا أُلَاقِي بوجهي سموم الهجير ... إِذا كَاد مِنْهُ الْحَصَى أَن يذوبا ... وأجنب فِي بعض غَزَوَاته وَقد دنا من وَادي الْحِجَارَة فَقَامَ إِلَى الْغسْل وفكره مَوْقُوف على الخيال الَّذِي طرقه فاستدعى ابْن الشمر وَقَالَ لَهُ أجز ... شاقك من قرطبة الساري ... بِاللَّيْلِ لم يدر بِهِ الدَّارِيّ ... فَقَالَ بديهة ... زار فَحَيَّا فِي ظلام الدجى ... أَهلا بِهِ من زائر زائري ... فهاج اشتياقه لصاحبة الخيال فاستخلف على الْجَيْش وَرجع إِلَى قرطبة وَكَانَ مُولَعا بِالنسَاء وَلَا يتَّخذ مِنْهُنَّ ثَيِّبًا أَلْبَتَّة وكملت لذته بقدوم زرياب غُلَام إِسْحَاق الْموصِلِي وَفِي مدَّته فِي سنة سبع وَمِائَتَيْنِ أظهر الْعِصْيَان عَم أَبِيه عبد الله وعسكر بمرسية وَصلى الْجُمُعَة على أَن يخرج يَوْم السبت وَقَالَ فِي خطبَته اللَّهُمَّ إِن كنت أَحَق بِهَذَا الْأَمر من عبد الرَّحْمَن حفيد أخي فانصرني عَلَيْهِ وَإِن كَانَ هُوَ أَحَق بِهِ مني وَأَنا صنو جده فانصره عَليّ فَأمنُوا على دُعَائِهِ وَلم يستتم كَلَامه حَتَّى ضَربته الرّيح الْبَارِدَة فَسقط مفلوجاً فكمل النَّاس صلَاتهم بِغَيْرِهِ وافترق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 الْجمع وَصَارَ الى بلنسية فَمَاتَ بهَا فِي سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وَأحسن عبد الرَّحْمَن الْخلف على وَلَده وَعَلِيهِ قدم بَنو عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحْمَن بن رستم صَاحب تيهرت وَأنْفق عَلَيْهِم ألف ألف دِينَار وَفِي السّنة الْمَذْكُورَة ثارت فتْنَة تدمير بَين الْيمن وَمُضر ودامت سبع سِنِين وَكَانَ انبعاثها من ورق دالية جمعهَا مُضَرِي من جنان يمني بِغَيْر أمره فَقتله الْيَمَانِيّ وَكَانَ أَكْثَرهَا دائراً على اليمانية وَفِي سنة عشر وَمِائَتَيْنِ أَمر عبد الرَّحْمَن عَامله جَابر بن مَالك أَن يتَّخذ مرسية منزلا للولاية وتحرك بِنَفسِهِ الى حِصَار طليلطلة وماردة وَفتح حصوناً كَثِيرَة من جليقية وَوَصله كتاب صَاحب الْقُسْطَنْطِينِيَّة يذكر مَا كَانَ بَين السلفين فِي الْمشرق والأندلس فجاوبه بِكِتَاب فِيهِ إنحاء على الْمَأْمُون والمعتصم وَفِي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ هلك مَحْمُود بن عبد الْجَبَّار الْبَرْبَرِي البطل الْمَشْهُور المنتزى بماردة الَّذِي دَامَت محاربته مَعَ أَصْحَاب عبد الرَّحْمَن واشتهرت وقائعه كَانَ قد فر إِلَى أذفنش وَأَرَادَ أَن يرجع إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ بحصن من جليفية فحاربه اذفنش فجمح بِهِ فرسه فِي الْحَرْب وصدم بشجرة بلوط قتلته وَبَقِي مجدلاً فِي الأَرْض حينا وفرسان النَّصَارَى قيام على ربوة يهابون الدنو إِلَيْهِ وَيَخَافُونَ أَنَّهَا حِيلَة مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وَفِي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ عصى مُوسَى بن مُوسَى صَاحب تطيلة وَاسْتولى على الثغر الْأَعْلَى وَله وقائع مَشْهُورَة فِي الْعَدو وَالْإِسْلَام وغزاه عبد الرَّحْمَن غزوات متتابعة إِلَى أَن صَالحه وَفِي سنة تسع وَعشْرين ظَهرت مراكب الأردمانين الْمَجُوس بسواحل غرب الأندلس وَيَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع عشرَة خلت من محرم سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ حلت على اشبيلة وَهِي عَورَة فدخولها واستباحوها سَبْعَة أَيَّام إِلَى أَن جَاءَ نصر الْخصي وَهزمَ عَنْهَا النَّصَارَى المعروفين بالمجوس وعاث فِي مراكبهم وَفِي ذَلِك يَقُول عُثْمَان بن الْمثنى ... يَقُولُونَ ان الاردمانين أَقبلُوا ... فَقلت إِذا جَاءُوا بعثنَا لَهُم نصرا ... وَبعد هَذَا بنى سور إشبيلية بِإِشَارَة عبد الْملك بن حبيب وَفِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ جهز عبد الرَّحْمَن أسطولاً من ثَلَاثمِائَة مركب الى جزيرتي ميورقة ومتورقة لاضرار اهلهما بِمن يمر بهما من مراكب الْإِسْلَام ففتحوهما وَفِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ كَاد نصر الْخصي مَوْلَاهُ عبد الرَّحْمَن بِشَربَة فِيهَا سم نبه الامر عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ اشربها أَنْت فَشربهَا وَخرج فَأَشَارَ عَلَيْهِ طبيبه بلين الْمعز فَلم يُوجب حَتَّى هلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وَفِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ ادّعى بالثغر الْأَعْلَى النُّبُوَّة معلم فَقتل وَهُوَ يَقُول على جذعه أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله وَكَانَ ينْهَى عَن قصّ الْأَظْفَار وَالشعر وَيَقُول لَا تَغْيِير لخلق الله واحتجب عبد الرَّحْمَن قبل مَوته مُدَّة ثَلَاث سِنِين لعِلَّة أضعفت قواه حجب لَهُ عبد الْكَرِيم حَاجِب وَالِده إِلَى أَن توفّي فولى بعده سُفْيَان بن عبد ربه ثمَّ عِيسَى بن شَهِيد وعزله بِعَبْد الرَّحْمَن بن رستم ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى وَفَاته وَقَالَ ابْن الْقُوطِيَّة لم يخْتَلف أحد من شُيُوخ الأندلس أَنه مَا خدم بني أُميَّة فِي الْحجاب أكْرم من عِيسَى بن شَهِيد وَمن كِتَابه مُحَمَّد بن سعيد الزجالي التاكرني وَسَيَأْتِي ذكر قصاته فِي تراجمهم على نسق وَفِي مدَّته مَاتَ عِيسَى بن دِينَار الطليطلي الَّذِي قيل إِنَّه أفقه من يحيى بن يحيى وَكَانَ لَهُ رحْلَة إِلَى الْمشرق وَصَحب ابْن الْقَاسِم ودارت عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَات يحيى بن يحيى فِي رَجَب سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَذكر الحجاري أَن جواد بني أُميَّة بالأندلس عبد الرَّحْمَن وبخيلهم عبد الله وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَذكر أَنه كتب يَوْمًا إِلَى نديمه ومنجمه عبد الله بن الشمر ... ماتراه فِي اصطباح ... وعقود الْقطر تنثر ونسيم الرَّوْض يختا ... ل على مسك وَعَنْبَر كلما حاول سبقاً ... فَهُوَ فِي الريحان يعثر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 .. لَا تكن مهمالة واسبق ... فَمَا فِي البطء تعذر ... فجاوبه بِمَا تَأَخّر فِيهِ عَن طبقته وَله فِي الْكَرم حكايات مِنْهَا أَن زرياب غناهُ يَوْمًا فأطربه فَأعْطَاهُ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار فاحتوشه جواريه وَولده فنثرها عَلَيْهِم وَكتب أحد السَّعَادَة إِلَيْهِ بِأَن زرياب لم يعظم فِي عَيْنَيْهِ ذَلِك المَال وَأَعْطَاهُ فِي سَاعَة وَاحِدَة فَوَقع نبهت على شئ كُنَّا نحتاج التَّنْبِيه عَلَيْهِ وَإِنَّمَا رزقه نطق على لسَانك وَقد رَأينَا أَنه لم يفعل ذَلِك إِلَّا ليحببنا لأهل دَاره ويغمرهم بنعمنا وَقد شكرناه وأمرنا لَهُ بِمثل المَال الْمُتَقَدّم ليمسكه لنَفسِهِ فَإِن كَانَ عنْدك فِي حَقه مضرَّة أُخْرَى فارفعها إِلَيْنَا وَرفع لَهُ أحد المستغلين بتثمير الْخراج أَن القنطرة الَّتِي بناها جده على نهر قرطبة لَو رسم على الدَّوَابّ والأحمال الَّتِى تعبر عَلَيْهَا رسم لَا جتمع من ذَلِك مَال عَظِيم فَوَقع نَحن أحْوج إِلَى أَن نُحدث من أَفعَال الْبر أَمْثَال هَذِه القنطرة لَا أَن نمحو مَا خلده آبَاؤُنَا باختراع هَذَا المكس الْقَبِيح فَتكون عائدته قَليلَة لنا وَتبقى تَبعته وَذكره السوء علينا وهلا كنت نبهتنا على إصْلَاح الْمَسْجِد المجاور لَك الَّذِي قد تداعى جِدَاره واختل سقفه وَفصل الْمَطَر مُسْتَقْبل لَكِن يَأْبَى الله أَن تكون هَذِه المكرمة فِي صحيفتك وَقد جعلنَا عُقُوبَتك بِأَن تصلح الْمَسْجِد الْمَذْكُور من مَالك على رغم أَنْفك فَيكون مَا تنْفق فِيهِ مِنْك وأجره لنا إِن شَاءَ الله 3 - ابْنه أَبُو عبد الله مُحَمَّد كَانَ أَخُوهُ عبد اله بن طروب قد وشحه أَبوهُ للولاية بعده وَكَانَ نصر الخصى يعضده ويخدم أمه طروب الحظية عِنْد عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط إِلَّا الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أَن عبد الله كَانَ مستهتراً منهمكاً فِي اللَّذَّات فَكَانَ أولو الْعقل يميلون إِلَى أَخِيه مُحَمَّد فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُمَا وَكَانَ ذَلِك بِاللَّيْلِ اتّفق رُءُوس الخدم أَن يعدلُوا بِالْولَايَةِ عَن عبد الله إِلَى مُحَمَّد فَمر أحدهم إِلَى منزله وَجَاء بِهِ على بغلة فِي زِيّ صبية كَأَنَّهُ بنته تزور قصر جدها فَلَمَّا مر على دَار أَخِيه عبد الله وَسمع ضجة المنادمين وَلَيْسَ عِنْده خبر من موت أَبِيه أنْشد ... فهنيئاً لَهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ ... وَالَّذِي نَحن فِيهِ أَيْضا هنانا ... وَلما دخل الْقصر بعد تمنع من البواب وَتمّ لَهُ الْأَمر تَلقاهُ بحزم وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ أحد من جلة أَقَاربه قَالَ صَاحب الجذوة كَانَ مُحَمَّد محباً للعلوم مؤثراً لأهل الحَدِيث عَارِفًا حسن السِّيرَة وَلما دخل الأندلس أَبُو عبد الرَّحْمَن بَقِي بن مخلد بِكِتَاب أبي بكر بن أبي شيبَة وَقُرِئَ عَلَيْهِ أنكر جمَاعَة من أهل الرَّأْي مَا فِيهِ من الْخلاف واستشنعوه وبسطوا الْعَامَّة عَلَيْهِ وَمنعُوا من قِرَاءَته إِلَى أَن اتَّصل ذَلِك بالأمير مُحَمَّد فاستحضروه وإياهم واستحضر الْكتاب كُله وَجعل يتصفحه جُزْءا جُزْءا إِلَى أَن أَتَى على آخِره وَقد ظنُّوا أَنه مواقفهم على الْإِنْكَار عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لخازن الْكتب هَذَا كتاب لَا تَسْتَغْنِي خزانتنا عَنهُ فَانْظُر فِي نسخه لنا ثمَّ قَالَ لبقي بن مخلد انشر علمك وارو مَا عنْدك من الحَدِيث واجلس للنَّاس حَتَّى ينتفعوا بك فنهاهم أَن يتَعَرَّضُوا لَهُ وَكَانَ مُحَمَّد قد فوض أُمُور دولته لهاشم بن عبد الْعَزِيز أعظم وزرائه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 واشتمل عَلَيْهِ اشتمالاً كثيرا وَكَانَ هَاشم تياهاً معجباً حقوداً لجوجاً فأفسد الدولة وَكَانَ يقدمهُ على العساكر فَخرج مرّة إِلَى غرب الأندلس ليقمع مَا هُنَالك من الثَّوَاب فأساء السِّيرَة فِي الْحَرَكَة وَالنُّزُول والمعاملة مَعَ الْجند فأسلموه وَأخذ أَسِيرًا ثمَّ افتدى بأموال عَظِيمَة وأنهضه مرّة مَعَ ابْنه الْمُنْذر إِلَى ثغر سرقسطة فأساء الْأَدَب مَعَه حَتَّى أحقده وأتلف محبته لما صَارَت السلطنة إِلَيْهِ وثارت الثوار فِي الأندلس بِسَبَبِهِ وَمَا مَاتَ مُحَمَّد حَتَّى خرقت الهيبة وَزَالَ ستر الْحُرْمَة واستقبل ابْنه الْمُنْذر ثمَّ عبد الله نيران الْفِتْنَة فأصلتهما مُدَّة حياتهما إِلَى أَن خمدت بالناصر عبد الرَّحْمَن وَكَانَت وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد فِي آخر صفر سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ 4 - ابْنه أَبُو الحكم الْمُنْذر بن مُحَمَّد ولي بعد أَبِيه فَلم تكن لَهُ همة أعظم من خداع وَزِير أَبِيه هَاشم بن عبد الْعَزِيز الى ان وَثَبت عَلَيْهِ وسجنه وأثقله بالحديد وَذكره مَا أسلفه من ذنُوبه الموبقة ثمَّ أخرجه وأتى بِهِ إِلَى دَار عَظِيمَة كَانَ قد شيدها وَقصر عَلَيْهَا جَمِيع أمانيه وَضرب عُنُقه فِيهَا وفتك فِي أَوْلَاده ومخلفيه أَشد الفتك وشفى غيظه الكامن ثمَّ أَخذ فِي التَّجْهِيز إِلَى قتال عمر بن حفصون الثائر الشَّديد فِي الثوار وَكَانَ قِيَامه وامتنانعه فِي قلعة ببشتر بَين رندة ومالقة وَقد وقفت عَلَيْهَا وَهِي خراب وَكَانَت من أمنع قلاع الأندلس لَا ترام وَلَا يخْشَى من فِيهَا إِلَّا من الْأَجَل فحصره فِيهَا فَيُقَال ان أَخَاهُ الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 عبد الله الَّذِي ولى بعده وَكَانَ حَاضرا مَعَه دس إِلَى الفاصد مَالا على أَن يسم المبضع فَفعل ذَلِك فَمَاتَ الْمُنْذر وبادر فِي الْحِين عبد الله بِحمْلِهِ إِلَى قرطبة وحصلت لَهُ السلطنة وَكَانَ الْمُنْذر قد ترشح فِي مُدَّة أَبِيه لقود العساكر وَعظم أمره وَاشْتَدَّ صولته وَكَانَ شكس الْأَخْلَاق مر الْعقَاب وَلم تطل مدَّته وَذكر صَاحب الجذوة أَنه كَانَ مولده فِي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ فاتصلت ولَايَته سنتَيْن غير خَمْسَة عشر يَوْمًا وَمَات فِي سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ الْحميدِي وَقد انقرض عقب الْمُنْذر 5 - المستكفي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَبِيدِي الله ابْن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر قَالَ ابْن حَيَّان بُويِعَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الناصري يَوْم قتل عبد الرَّحْمَن المستظهر يَوْم السبت لثلاث خلون من ذِي الْقعدَة سنة أَربع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فتسمى بالمستكفي بِاللَّه اسْما ذكر لَهُ فاختاره لنَفسِهِ وَحكم بِهِ سوء الِاتِّفَاق عَلَيْهِ لمشاكلته لعبد الله المستكفي العباسي أول من تسمى بِهِ فِي أفنه ووهنه وتخلفه وَضَعفه بل كَانَ هَذَا زَائِدا عَلَيْهِ فِي ذَلِك مقصرا الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 عَن خلال ملوكية كَانَت فِي المستكفي سميه لم يحسنها مُحَمَّد هَذَا لفرط نخلفه على اشتباهما فِي سَائِر ذَلِك كُله من توثبهما فِي الْفِتْنَة واستظهارهما بالفسقة واعتداء كل وَاحِد مِنْهُمَا على ابْن عَمه وتولع كل وَاحِد مِنْهُمَا شَأْنه بِامْرَأَة خبيثة فَلذَلِك حسناء الشيرازية وَلِهَذَا بنت سكرى المورورية وكل وَاحِد مِنْهُمَا خلع وَتَركه أَبوهُ صَغِيرا قَالَ وَلم يكن من الْأَمر فِي ورد وَلَا صدر وَإِنَّمَا أرْسلهُ الله على الْأمة محنة بلغت بِهِ الْحَال قبل تملكه إِلَى أَن كَانَ يستجدي الفلاحين وَلم يجلس فِي الْإِمَارَة فِي تِلْكَ الْفِتْنَة أسقط مِنْهُ خنق ابْن عَمه ابْن الْعِرَاقِيّ وسجن ابْن حزم وَابْن عَمه أَبَا الْمُغيرَة واستؤصلت فِي مدَّته بالهدم قُصُور النَّاصِر وهرب بَين النِّسَاء لتخنيثه وَلم يتَمَيَّز مِنْهُنَّ 6 - المعتد بِاللَّه أَبُو بكر هِشَام بن مُحَمَّد بن عبد الْملك ابْن النَّاصِر المرواني من الجذوة أَن أهل قرطبة اتَّفقُوا بعد ذهَاب الدولة الحمودية بعد طول مُدَّة عَلَيْهِ وَكَانَ مُقيما بالبونت عِنْد صَاحبهَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم فَبَايعُوهُ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فَبَقيَ متردداً فِي الثغور ثَلَاثَة أَعْوَام غير شَهْرَيْن إِلَى أَن سَار إِلَى قرطبة وَلم يبْق إِلَّا يَسِيرا حَتَّى خلع وانقطعت الدولة المروانية من يَوْمئِذٍ فِي سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وَمن = كتاب السلوك فِي حلى الْمُلُوك 7 - أَبُو الحزم جهور بن مُحَمَّد بن جهور بن عبيد الله ابْن مُحَمَّد بن الْغمر بن يحيى بن عبد الغافر ابْن أبي عَبدة الْكَلْبِيّ مولى بني أُميَّة كَانَ من وزراء الدولة العامرية قديم الرِّئَاسَة مَوْصُوفا بالدهاء والسياسة وَلم يُغير أمرا توجبه المملكة حَتَّى إِنَّه بَقِي يُؤذن على بَاب مَسْجده وَلم يتَحَوَّل عَن دَاره وَأحسن تَرْتِيب الْجند فتمشت دولته وَكَانَ حرما يلجأ إِلَيْهِ كل خَائِف ومخلوع عَن ملكه إِلَى أَن مَاتَ فِي صفر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة فولى بعده 8 - ابْنه أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن جهور وَنَشَأ لَهُ ولدان تنافسا فِي الرِّئَاسَة واضطربت بهما الدولة وَجَاء الْمَأْمُون ابْن ذِي النُّون محاصرا لقرطبة من طليلطلة فاستغاثا بالمعتمد بن عباد فَوجه لَهُم ابْنه الظافر بعسكر فأقلع الْمَأْمُون عَنْهُم فغدرهم الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 الظافر وَأخذ قرطبة مِنْهُم وَحَملهمْ إِلَى شلطيش فسجنوا هُنَالك وَأقَام الظافر ملكا إِلَى أَن دخل عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ حريز بن عكاشة فَقتله وَصَارَت قرطبة لِلْمَأْمُونِ بن ذِي النُّون ثمَّ وصل إِلَيْهَا الْمُعْتَمد بن عباد وَولى عَلَيْهَا ابْنه الْمَأْمُون بن الْمُعْتَمد فَأَقَامَ فِيهَا إِلَى أَن قَتله بخارجها الملثمون وتوالى عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين إِلَى أَن ثار فِيهَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن حمدين قاضيها ثمَّ صَارَت لعبد المومن فتوالت عَلَيْهَا وُلَاة دولته إِلَى أَن صَارَت للمتوكل ابْن هود ثمَّ تغلب عَلَيْهَا مُحَمَّد بن الْأَحْمَر المرواني الثائر بأرجونة إِلَى أَن توجه إِلَى إشبيلية فَعَادَت إِلَى ابْن هود فحصرها أذفنش النَّصْرَانِي ملك طليطلة فَأَخذهَا وَخرج مِنْهَا أَهلهَا وَالله يُعِيدهَا بمنه وَحَوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 السلك القرشيون من كتاب رغد الْعَيْش فِي حلى قُرَيْش فَمن بني الْعَبَّاس 9 - الزَّاهِد أَبُو وهب عبد الرَّحْمَن العباسي ذكر ابْن بشكوال أَنه يُقَال إِنَّه من بني الْعَبَّاس وَكَانَ مُنْقَطع القرين فِي الزّهْد والورع مجاب الدعْوَة مَقْبُولًا فِي النَّاس لَا يكلم أحدا وَلَا يجالسه وَمَا زَالَت الْبركَة وَإجَابَة الدعْوَة متعرفة عِنْد قَبره وَكَانَ بِظَاهِر قرطبة وَبَاعَ مَا عونه قبل مَوته فَقيل لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ أُرِيد سفرا فَمَاتَ إِلَى أَيَّام يسيرَة وَكَانَ قد طَرَأَ على قرطبة من الْمشرق وأخفى نسبه وَكَانَ متفنناً فِي أَطْرَاف من الْعُلُوم وَمن لم يتكشف على حَاله يظْهر لَهُ أَنه مَدْخُول الْعقل وَكَانَ لَا يأنس إِلَّا بِمن يعرفهُ وَكَانَ أَكثر دهره مفكراً وَجهه على ركبته ثمَّ يرفع رَأسه فَيَقُول أَي وحله وَأنْشد لَهُ ابْن بشكوال ... أَنا فِي حالتي الَّتِي قد تراني ... أحسن النَّاس إِن تفكرت حَالا منزلي حَيْثُ شِئْت من مُسْتَقر ال ... أَرض أسْقى من الْمِيَاه زلالا لَيْسَ لي كسْوَة أَخَاف عَلَيْهَا ... من مغير وَلَا ترى لي مَالا أجعَل الساعد الْيَمين وِسَادِي ... ثمَّ أثني إِذا انقلبت الشمالا قد تلذذت حقبة بِأُمُور ... فتدبرتها فَكَانَت خيالا ... الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وَتُوفِّي بقرطبة سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة عَن تسعين سنة فِي أَيَّام النَّاصِر وَكَانَ حفل جنَازَته عَظِيما وَقيل نه لم يبْق اُحْدُ من أهل قرطبة الا وسع عِنْد بَابه من يَقُول اشْهَدْ فِي غَد إِن شَاءَ الله جَنَازَة الرجل الصَّالح فِي مَقْبرَة بني هائل فَإِذا خرج إِلَى الْبَاب لم يجد أحدا وَذكر الحجاري أَن أَبَا وهب لقِيه مرّة غُلَام وغد بِخَارِج قرطبة فآذاه بِلِسَانِهِ ثمَّ أَرَادَ أَن يرميه بطوبة فَجعل يبْحَث عَنْهَا وَيَقُول يَا عَليّ طوبة أضْرب بهَا هَذَا الأحمق فَوَقَعت عين أبي وهب على طوبة فَقَالَ لَهُ هَذِه طوبة خُذْهَا فابلغ بهَا غرضتك فارتاع الْغُلَام وأخذته كالرعدة وَكَانَ إِذا أصبح وَنظر إِلَى اسْتِيلَاء النُّور على الظلمَة رفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك أمرتنا بِالدُّعَاءِ إِذا أسفرنا فاستجب لنا كَمَا وعدتنا اللَّهُمَّ لَا تسلط علينا فِي هَذَا الْيَوْم من لَا يراقب رضاك وَلَا سخطك اللَّهُمَّ لَا تشغلنا فِيهِ بغيرك اللَّهُمَّ لَا تجْعَل رزقنا فِيهِ على يَد سواك اللَّهُمَّ امح من قُلُوبنَا الطمع فِي هَذِه الفانية كَمَا محوت بِهَذَا النُّور هَذِه الظلمَة اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْرِف غَيْرك فنسأله يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ يَا غياث من لَا غياث لَهُ وَقَالَ الاعتزال ملك من لَا مَال وَلَا اعوان لَا يجد من ينازعه وَمن لَا يستطيل عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وَمن بني أُميَّة 10 - بشر بن عبد الْملك بن بشر بن مَرْوَان من المقتبس أَن أَبَاهُ قتل مَعَ يزِيد بن عمر بن هُبَيْرَة وَدخل بشر إِلَى الأندلس فِي صدر أَيَّام عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل وَكَانَ من فتيَان قُرَيْش وأدبائهم وشعرائهم ومحاسنه كَثِيرَة وَذكر الحجاري أَن عبد الرَّحْمَن كَانَ يُحِبهُ ويشاوره وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ باصطناع البربر واتخاذ العبيد ليستعين بهم على الْعَرَب وَأنْشد لَهُ صَاحب السقط ... حنانيك مَا اقسى فُؤَادك تذْهب ... اللَّيَالِي وَلَا عطف لديك وَلَا وصل وَإِنِّي من قوم هم شرعوا الندى ... فَكيف على أبنائهم يحسن الْبُخْل ... 11 - ايوب بن سُلَيْمَان السهلي من السقط أَنه من ولد سُهَيْل بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان مِمَّن خمل ذكره بالفتنة كَانَ بقرطبة يخْدم بن الْحَاج فَلَمَّا ثار ابْن الْحَاج فِي الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 مُدَّة الملثمين أنْشدهُ قصيدة مِنْهَا ... إِذا أَنا لم أبلغ بك الأمل الَّذِي ... قطعت بِهِ الْأَيَّام فالصبر ضائع ... فَاعْتَذر لَهُ بالفتنة فَقَالَ إِن لم يكن مَا ارتقبته فَلْيَكُن وعد والتفات أتعلل بهما وَأعلم مِنْهُمَا أَنِّي فِي فكر الْأَمِير فالسكوت يطمس أنوار الآمال ويغلق أَبْوَاب الرَّجَاء وَكَانَ قد حرضه على ابْن حمدين فَلَمَّا ظفر ابْن حمدين حصل فِي يَده أَيُّوب فَكَلمهُ بِكَلَام ألان بِهِ قلبه إِلَّا أَنه أمره أَن يغيب عَنهُ فَرَحل الى سرقسطة وملكها ابْن تيفلويت فَكتب إِلَى وزيره ابْن باجة ... يَا من بِهِ لَاذَ العفاة وَنَحْوه ... رقت الْأَمَانِي دلَّنِي مَا أصنع إِن صنت وَجْهي عَن سُؤال مت من ... جوع ومثلي للورى لَا يخضع ... فتسبب لَهُ فِي إِحْسَان من قبل الْملك على أَن يرحل عَن بلدهم فِرَارًا من هَذَا النّسَب فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أسعدنا بِهِ أَولا وأشقانا بِهِ آخرا وَاتفقَ لَهُ فِي طَرِيقه أَن أكْرمه بدوي نزل عِنْده وَقد تخيل أَنه رَسُول من بعض مُلُوك الملثمين أَو مِمَّن يلوذ بهم فَلَمَّا أعلمهُ غُلَامه أَنه من بني أُميَّة هاج وَأخذ رمحه وَحلف أَن لَا يبْقى لَهُ فِي منزل فَقَالَ لغلامه إِذا سُئِلت عني فَقل إِنَّه من الْيَهُود فَإِنَّهُ أمشى لحالنا وَله من شعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 .. قرطبة الغراء على أوبة ... إِلَيْك من قبل الْحمام الْمُصِيب ذكرك قد صيرته ديدناً ... وَكَيف أنساك وفيك الحبيب ... وَمَات بسرقسطة فِي الْمِائَة الْخَامِسَة 12 - بشر بن حبيب بن الْوَلِيد بن حبيب الْمَعْرُوف بدحون ذكر صَاحب السقط أَن جده حبيب بن عبد الْملك بن عمر بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان صَاحب طليطلة وبنوا دحون اعيان بلكونة رأسوا بهَا وَوَصفه بالفروسية والأخلاق الملوكية وَالْأَدب وَأنْشد لَهُ قَوْله ... قل لبرق أَضَاء من نَحْو نجد ... كَيفَ بِاللَّه سَاكن الْجزع بعدِي أَترَاهُم على العهود أَقَامُوا ... أم ترى الْبَين قد أخل بعهدي من يكن فِي الدنو غير وَفِي ... كَيفَ يُرْجَى وفاؤه فِي الْبعد ... قَالَ وَلما قَالَ ... لاضر من جَمِيع الارض قاطبة ... نَارا وابلغ مَالا يبلغ الْأَجَل أَنا الَّذِي لَيْسَ فِي الدُّنْيَا لَهُ مثل ... وبارتقائي فِي الْعليا جرى الْمثل ... سجنه عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط ثمَّ تشفع فِيهِ فسرحه فَرَحل إِلَى الْمشرق وَحج وروى الحَدِيث وَجَاء إِلَى الأندلس فِي صُورَة أُخْرَى الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وَذكره ابْن حَيَّان فِي المقتبس وَأَنه قدم الأندلس بِعلم كثير وَكَانَ يتحلق فِي الْجَامِع إِلَى أَن نَهَاهُ عبد الرَّحْمَن عَن ذَلِك وَمن بني مَخْزُوم 13 - أَبُو الْوَلِيد أَحْمد بن زيدون المَخْزُومِي من القلائد زعيم الفئة القرطبية ونشأة الدولة الجهورية الَّذِي بهر فِي نظامه وَظهر كالبدر لَيْلَة تَمَامه فجَاء من القَوْل بِسحر وقلده أبهى نحر لم يصرفهُ إِلَّا بَين ريحَان وَرَاح وَلم يطلعه إِلَّا فِي سَمَاء مؤانسات وأفراح وَلَا تعدى بِهِ الرؤساء والملوك وَلَا تردى مِنْهُ إِلَّا حظوة كَالشَّمْسِ عِنْد الدلوك فشرف بضائعه وأرهف بدائعه وروائعه وكلفت بِهِ تِلْكَ الدولة حَتَّى صَار ملهج لسانها وَحل من عينهَا مَكَان إنسانها وَكَانَ لَهُ مَعَ أبي الْوَلِيد ابْن جهور تآلف احرما بكعبته وطافا وسقياه من تصافيهما نظافا وَكَانَ يعْتد ذَلِك حساماً مسلولاً ويظن أَنه يرد بِهِ صَعب الخطوب ذلولاً إِلَى أَن وَقع لَهُ طلب أصاره إِلَى الاعتقال وقصره عَن الوخد والإرقال فاستشفع بِأبي الْوَلِيد وتوسل واستدفع بِهِ تِلْكَ الأسنة المشرعة والأسل الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 فَمَا ثنى إِلَيْهِ عنان عطفه وَلَا كف عَنهُ فنون صرفه فتحيل لنَفسِهِ حَتَّى تسلل من حَبسه ففر فرار الْخَائِف وسرى إِلَى إشبيلية سرى الخيال الطَّائِف فوافاها غلساً قبل الاسراج والاجام وَنَجَا إِلَيْهَا بِرَأْس طمر ولجام فهشت لَهُ الدولة وباهت بِهِ الْجُمْلَة فَأَحْمَد قراره وأرهفت النكبة غراره وَحصل عِنْد المعتضد بِاللَّه بن عباد كالسويداء من الْفُؤَاد واستخلصه استخلاص المعتصم لِابْنِ أبي دؤاد وَألقى بيدَيْهِ مقاد ملكه وزمامه واستكفى بِهِ نقضه وإبرامه فأشرقت شمسه وأنارت وأنجدت محاسنه وَغَارَتْ وَمَا زَالَ يلتحف بحظوته وَيقف بربوته حَتَّى أدْركهُ حمامه ولقى السرَار تَمَامه فأخبى مِنْهُ شهباً طالعة وزهرة يانعة وَقد أصبت من مقاله فِي سراحه واعتقاله ومقامه وانتقاله مَا هُوَ أرق من النسيم وأشرق من الْمحيا الوسيم من ذَلِك قَوْله متغزلاً ... يَا قمراً أطلعه الْمغرب ... قد ضَاقَ بِي فِي حبك الْمَذْهَب ألزمتني الذَّنب الَّذِي جِئْته ... صدقت فاصفح ايها المذنب وان من غرب مَا مر بِي ... أَن عَذَابي فِيك مستعذب ... ورحل عَنهُ من كَانَ يهواه وفاجأه ببينه ونواه فسايره قَلِيلا وَمَا شاه وَهُوَ يتَوَهَّم ألم الْفرْقَة حَتَّى غشاه واستعجل الْوَدَاع وَفِي كبده مَا فِيهَا من الانصداع وَأقَام يَوْمه بِحَالَة المفجوع وَبَات ليله منافر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الهجوع يردد الْفِكر ويجدد الذّكر فَقَالَ ... ودع الصَّبْر محب وَدعك ... ذائع من سره مَا استودعك يقرع السن على أَن لم يكن ... زَاد فِي تِلْكَ الخطا إِذْ شيعك يَا أَخا الْبَدْر سناء وسنا ... حفظ الله زَمَانا أطلعك إِن يطلّ بعْدك ليلِي فلكم ... بت أَشْكُو قصر اللَّيْل مَعَك ... وَقَالَ يتغزل فِي ولادَة بنت المستكفي الَّتِي كَانَ يهواها وَكَانَت شاعرة ... يَا نازحاً وَضمير الْقلب مثواه ... أنستك دنياك عبدا أَنْت دُنْيَاهُ ألهتك عَنهُ فكاهات تلذ بهَا ... فَلَيْسَ يجْرِي ببال مِنْك ذكرَاهُ عل اللَّيَالِي تبقيني إِلَى أمد ... الله يعلم وَالْأَيَّام مَعْنَاهُ ... وَكتب إِلَى ابْن عبد الْعَزِيز صَاحب بلنسية ... راحت فصح بهَا السقيم ... ريح معطرة النسيم مَقْبُولَة هبت قبو ... لَا فَهِيَ تعبق فِي الشميم أفضيض مسك أم بلن ... سية لرياها نميم بلد حبيب أفقه ... لفتى يحل بِهِ كريم إيه أَبَا عبد الإل ... هـ نِدَاء مغلوب العزيم إِن عيل صبري من فرا ... قك فالعذاب بِهِ أَلِيم أَو أتبعتك حنينها ... نفس فَأَنت لَهَا قسيم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 .. ذكرى لعهدك كالسهاد ... سرى فبرح بالسليم مهما ذممت فَمَا زما ... ني فِي زمامك بالذميم زمن كمألوف الرِّضَا ... ع يشوق ذكرَاهُ الفطيم ايام اعقد ناظري بذلك المرأي الوسيم فَأرى الفتوة غضة ... فِي ثوب أَواه حَلِيم الله يعلم أَن حب ... ك من فُؤَادِي فِي الصميم وَلَئِن تحمل عَنْك بِي ... جسم فَعَن قلب مُقيم ... وَله فِي ولادَة القصيدة الَّتِي ضربت فِي الإبداع بِسَهْم وطلعت فِي كل خاطر وَوهم نزعت منزعاً قصر عَنهُ حبيب وَابْن الجهم ... بنتم وبنا فَمَا ابتلت جوانحنا ... شوقاً إِلَيْكُم وَلَا جَفتْ مآقينا تكَاد حِين تناجيكم ضمائرنا ... يقْضى علينا الأسى لَوْلَا تأسينا حَالَتْ لفقدكم أيامنا فغدت ... سُودًا وَكَانَت بكم بيضًا ليالينا إِذْ جَانب الْعَيْش طلق من تألفنا ... ومورد اللَّهْو صَاف من تصافينا وَإِذ هصرنا غصون الْوَصْل دانية ... قطوفها فجنينا مِنْهُ ماشينا ليسق عهدكم عهد السرُور فَمَا ... كُنْتُم لأرواحنا إِلَّا رياحينا من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم ... حزنا مَعَ الدهم لَا يبْلى ويبلينا أَن الزَّمَان الَّذِي كُنَّا نسر بِهِ ... أنسا بقربهم قد عَاد يبكينا غيظ العدا من تساقينا الْهوى فدعوا ... بِأَن نغص فَقَالَ الدَّهْر آمينا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 .. فانحل مَا كَانَ معقودا بِأَنْفُسِنَا ... انبت مَا كَانَ مَوْصُولا بِأَيْدِينَا وَقد نَكُون وَمَا يخْشَى تفرقنا ... فَالْآن نَحن وَمَا يُرْجَى تلاقينا لم نعتقد بعدكم إِلَّا الْوَفَاء لكم ... رَأيا وَلم نتقلد غَيره دينا لَا تحسبوا نأيكم عَنَّا يغيرنا ... أَن طَال مَا غير النأي المحبينا وَالله مَا طلبت أهواؤنا بَدَلا ... مِنْكُم وَلَا انصرفت عَنْكُم أمانينا وَلَا اتخذنا خَلِيلًا عَنْك يشغلنا ... وَلَا اتخذنا بديلاً مِنْك يسلينا يَا ساري الْبَرْق غاد الْقصر فَاسق بِهِ ... من كَانَ صرف الْهوى والود يسقينا وَيَا نسيم الصِّبَا بلغ تحيتنا ... من لَو على الْبعد حييّ كَانَ يحيينا يَا رَوْضَة طالما اجنت لواحظنا ... وردا جناه اصبا غضا ونسرينا وَيَا حَيَاة تملينا بزهرتنا ... منى ضروباً ولذات أفانينا وَيَا نعيماً خطرنا من غضارته ... فِي وشي نعمي سحبنا ذيلها حينا لسنا نسميك إجلالاً وتكرمة ... وقدرك المعتلي عَن ذَاك يغنينا إِذا انْفَرَدت وَمَا شوركت فِي صفة ... فحسبنا الْوَصْف إيضاحاً وتبيينا يَا جنَّة الْخلد بدلنا بسلسلها ... والكوثر العذب زقوماً وغسلينا كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من أجفان واشينا سران فِي خاطر الظلما يكتمنا ... حَتَّى يكَاد لِسَان الصُّبْح يفشينا لَا غرو فِي أَن ذكرنَا لحزن حِين نهت ... عَنهُ النهى وَتَركنَا الصَّبْر ناسينا إِنَّا قَرَأنَا الأسى يَوْم النَّوَى سوراً ... مَكْتُوبَة وأخذنا الصَّبْر تلقينا أما هَوَاك فَلم نعدل بمنهله ... شرباً وَإِن كَانَ يروينا فيظمينا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 .. لم نجف أفق جمال أَنْت كوكبه ... سالين عَنهُ وَلم نهجره قالينا نأسي عَلَيْك إِذا حثت مشعشعة ... فِينَا الشُّمُول وغنانا مغنينا لَا اكوس الراح تبدي من شَمَائِلنَا ... سِيمَا ارتياح وَلَا الأوتار تلهينا دومي على الْوَصْل مَا دمنا مُحَافظَة ... الْحر من دَان إنصافاً كَمَا دينا أبدي وَفَاء وَإِن لم تبذلي صلَة ... فالطيف يقنعنا وَالذكر يكفينا وَفِي الْجَواب مَتَاع إِن شفعت بِهِ ... بيض الأيادي الَّتِي مَا زلت تولينا عَلَيْك مني سَلام الله مَا بقيت ... صبَابَة بك نخفيها فتخفينا ... وَقَالَ فِيهَا ... يَا مستخفاً بعاشقيه ... ومستغشاً لناصحيه وَمن أطَاع الوشاة فِينَا ... حَتَّى أَطعْنَا السلو فِيهِ الْحَمد لله قد بدا لي ... بطلَان مَا كنت تدعيه من قبل أَن يهْزم التسلي ... ويغلب الشوق مَا يَلِيهِ ... وَقَالَ ... أيوحشني الزَّمَان وَأَنت أنسي ... وَيظْلم لي النَّهَار وَأَنت شمسي وأغرس فِي محبتك الْأَمَانِي ... فأجني الْمَوْت من ثَمَرَات غرسي لقد جازيت غدراً عَن وفائي ... وبعت مودتي ظلما ببخس وَلَو أَن الزَّمَان أطَاع حكمي ... فديتك من مكارهه بنفسي ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وَله ... كَأَن عشي الْقطر فِي شاطئ النَّهر ... وَقد زهرت فِيهِ الأزاهر كالزهر ترش بِمَاء الْورْد رشاً وتنثني ... لتغليف أَفْوَاه بطييبة الْخمر ... وَقَوله ... يَا ليل طل أَو لَا تطل ... لَا بُد لي أَن أسهرك لَو بَات عِنْدِي قمري ... مَا بت أرعى قمرك ... وَقَوله فِي بني جهور أَصْحَاب قرطبة ... بني جهور أحرقتم بجفائكم ... جناني فَمَا بَال المدائح تعبق تظنوني كالتعنبر الْورْد إِنَّمَا ... تطيب لكم أنفاسه وَهُوَ يحرق ... وَقَالَ فِيهِ صَاحب الذَّخِيرَة إِنَّه كَانَ سامحه الله مِمَّن لَا يُرْجَى خَيره وَلَا يُؤمن شَره وَالْعجب أَنه سلم من المعتضد بن عباد مَعَ كَونه كَانَ مُدبر دولته وَلم يسلم لَهُ أحد من أَصْحَابه وَولى وَلَده بعده وَهُوَ أَبُو بكر وزارة الْمُعْتَمد بن عباد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وَمن = كتاب تلقيح الارء فِي حلى الْحجاب والوزراء 14 - أَبُو بكر بن ذكْوَان ورثاه أَبُو الْوَلِيد بن زيدون بِشعر مِنْهُ ... يَا من شآ الْأَمْثَال مِنْهُ بِوَاحِد ... ضربت بِهِ السؤدد الْأَمْثَال ... وَذكره ابْن حَيَّان فِي كتاب الْقُضَاة وَقَالَ إِنَّه أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله بن ذكْوَان كَانَ أَبوهُ قَاضِي الْقُضَاة وَإِن أَعْيَان قرطبة هتفوا باسم أبي بكر فِي الْقَضَاء عِنْد ولَايَة أبي الحزم بن جهور وَأَجْمعُوا على أَنه فِي الكهول حلماً وعلماً ونزاهة وعفة وتصاوناً ومروءة وثروة فَأمْضى لَهُ الْولَايَة ابْن جهور فَامْتنعَ إِلَى أَن كَثُرُوا عَلَيْهِ فَقبل ذَلِك فنصر الْحق فَأَجْمعُوا على مقته فعزل نَفسه غرَّة شعْبَان سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة ومدته سنة غير ثَلَاثَة أَيَّام وَمَات إِثْر ولَايَة صديقه أبي الْوَلِيد ابْن جهور يَوْم الثُّلَاثَاء لثلاث خلت من ربيع الأول سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَلم يتَخَلَّف عَنهُ كَبِير أحد من أهل قرطبة وأتبعوه ثَنَاء جميلاً ومولده فِي رَجَب سنة خمس وَتِسْعين وثلاثمائة الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 15 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبيد الله الْمَعْرُوف بالنوالة وَصفه الحجاري بِأَنَّهُ بَحر أدب لَيْسَ لَهُ سَاحل وأفق رئاسة قد زينه الله بنجوم المكارم والفضائل وَأَنه كَانَ مِمَّن يُؤْخَذ من مَاله وأدبه وَأَنه اسْتَعَانَ بخزائن كتبه الْعَظِيمَة على مَا صنفه فِي كتاب المسهب وَكتب لَهُ رِسَالَة يعتبه فِيهَا على كَونه دخل قرطبة فَلم يُبَادر إِلَى الِاجْتِمَاع بِهِ أَولهَا أَنا عَاتب على سَيِّدي عتباً لَا تمحوه بحور البلاغة وَلَا تحمله يَد الِاعْتِذَار على مر الزَّمَان وختمها بقوله وَبعد هَذَا فَإِنِّي أخبط خبط عشواء فِي تيه ظلام فَأطلع على صبح وَجهك لنصبر بِهِ سبل الْهِدَايَة على جري عادتك فِي تِلْكَ الْأَيَّام وَمِمَّا أنْشد من شعره قَوْله ... بَادر إِلَى شاد وكأس تَدور ... ومجلس قد زينته بدور فِي جنَّة تضحك غدرانها ... وترقص القضب وتشدو الطُّيُور لما غَدا الرَّعْد بهَا مطرباً ... شقّ لَهُ الزهر جُيُوب السرُور ... وَبلغ فِي دولة الملثمين من الجاه وَالْمَال وَالذكر بقرطبة مَا لم يبلغهُ أحد وَمن كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الْكتاب 16 - مُحَمَّد بن أُميَّة مولى مُعَاوِيَة بن يزِيد بن عبد الْملك كتب عَن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ وَالِده كَاتبا لعبد الرَّحْمَن وَمن تَارِيخ ابْن حَيَّان أَنه كتب عَن الحكم بن هِشَام فأتهمه بولائه لِعَمِّهِ سُلَيْمَان الثائر عَلَيْهِ فَعَزله وَكَانَ سُلَيْمَان قد هم بالركون حَتَّى كتب إِلَيْهِ ابْن أُميَّة الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 .. لَا تقبلن عهوداً لَا وَفَاء لَهَا ... إِن المدير عَلَيْك الرَّأْي شَيْطَان إِن الصُّدُور الَّتِي استعذبت أَولهَا ... أعجازها لَك إِن حصلت خطبان كَيفَ الْمقَام بِأَرْض لَيْسَ يملكهَا ... ذَاك المبرأ من نقص سُلَيْمَان ... وَذكر الفرضي أَنه مَاتَ خاملاً فِي مُدَّة عبد الرَّحْمَن بن الحكم وبيته بَيت كِتَابَة ورئاسة 17 - أَبُو الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بن الإفليلي ذكر ابْن حَيَّان أَنه بذ أهل زَمَانه بقرطبة فِي علم اللِّسَان والضبط لغريب اللُّغَة والمشاركة فِي بعض الْمعَانِي وَكَانَ غيوراً على مَا يحمل من ذَلِك كثير الْحَسَد رَاكِبًا رَأسه فِي الْخَطَأ الْبَين إِذا تقلده واستكتبه المستكفي فبرد وَوَقع كَلَامه خَالِيا من البلاغة لِأَنَّهُ كَانَ على طَريقَة المعلمين فزهد فِيهِ وَمَا بَلغنِي أَنه ألف شَيْئا إِلَّا كِتَابه فِي شعر المتنبي وَلَحِقتهُ تُهْمَة فِي دينه أَيَّام هِشَام فسجن فِي المطبق وَابْن شَهِيد كثير الْوُقُوع فِيهِ والتنذير بِهِ قَالَ فِي كَلَام وَصفه فِيهِ وَهُوَ أَشَّدهم ضنانة بألا يكون بالأندلس محسن سواهُ وَكَانَ الرَّأْي عِنْدِي لَهُ أَن يسكن أَرض جليقية حَتَّى لَا يسمع لخطيب فِيهَا ذكرا وَلَا يحس لشاعر شعرًا فينعم هُنَالك فَردا وَلَيْسَت شيبته شيبَة أديب الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وَلَا جلسته جلْسَة عَالم وَلَا أَنفه أنف كَاتب وَلَا نغمته نَغمَة شَاعِر وَقَالَ فِي رسَالَته الَّتِي سَمَّاهَا بالتوابع والزوابع على لِسَان الْجِنّ وَأما أَبُو الْقَاسِم بن الإفليلي فمكانه من نَفسِي مكين وحبه بفؤادي دخيل على أَنه حَامِل عَليّ ومنتسب إِلَى فصاحا يَا أنف النَّاقة بن معمر من سكان خَيْبَر فَقَامَ إِلَيْهِمَا جني أشمط ربعه يتظالع فِي مَشْيه كاسراً لطرفه زاوياً لأنفه وَهُوَ ينشد ... قوم هم الْأنف والأذناب غَيرهم ... وَمن يسوى بأنف النَّاقة الذنبا ... فَقَالَا لي هَذَا صَاحب أبي الْقَاسِم مَا قَوْلك فِيهِ يَا أنف النَّاقة قَالَ لَا اعرف على من قَرَأَ فَقلت فِي نَفسِي الْعَصَا من العصية فَقلت وَأَنا أَيْضا لَا أعرف على من قَرَأت قَالَ لمثلي يُقَال هَذَا الْكَلَام فَقلت وَكَانَ مَاذَا قَالَ فطارحني كتاب الحبيل قلت هُوَ عِنْدِي فِي زنبيل قَالَ فناظرني على كتاب سِيبَوَيْهٍ قلت خريت الْهِرَّة عِنْدِي عَلَيْهِ وَقَالَ الحجاري كَانَ بَارِد النّظم والنثر لم ينْدر لَهُ من شعره إِلَّا قَوْله ... صَحِبت القطيع ونادمته ... وأصبحت فِي شربه ذَا انْقِطَاع وأبصرت أنسي بِهِ وَحده ... كأنس الرَّضِيع بثدي الرَّضَاع ... قَالَ وَهُوَ الْقَائِل فِي يحيى بن حمود من قصيدة يَكْفِي مِنْهَا مَا يَكْفِي من الترياق ... أَنْت خير النَّاس كلهم ... يَا بن من مَا مثله بشر فَإِذا مَا لحت بَينهم ... قيل هَذَا البدو والحضر ... قَالَ وأنشدتهما لأحد الأدباء فَقَالَ لي عِنْدَمَا سمع عجز الأول وَرَأى ترادف الميمات هَذِه عقد ذَنْب الْعَقْرَب فَلَمَّا سمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 الثَّانِي قَالَ سُبْحَانَ من أخلى خاطر هَذَا الرجل من التَّوْفِيق وَجعله يخرى على فَمه 18 - أَبُو يحيى أَبُو بكر بن هِشَام هُوَ مِمَّن قَرَأت عَلَيْهِ وأدركته يكْتب عَن الْبَاجِيّ ملك إشبيلية وَالْإِشَارَة إِلَيْهِ بِأَنَّهُ شيخ كتاب الأندلس وَكَانَ سهل الطَّرِيقَة كتب عَن الْمَأْمُون أَيَّام ولَايَته قرطبة ثمَّ لحق بالبياسي الثائر وَكتب عَنهُ ثمَّ قتل البياسي فاستخفى ثمَّ لحق بإشبيلية وتسبب إِلَى الْمَأْمُون وأنشده قصيدة مِنْهَا ... مولَايَ إِن بليتي مَعَ خدمتي ... خصمان فاحكم للَّتِي هِيَ أقدم ... ثمَّ أَكثر عَلَيْهِ من الرّقاع فِي ذَلِك فَوَقع لَهُ يَا هَذَا قد أكثرت علينا من الرّقاع وَقد أمضينا لَك حكم ابْن الرّقاع وَبَلغنِي فِي مصر أَنه توفّي بالجزيرة الخضراء فِي سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَمِمَّا أنشدنيه لنَفسِهِ قَوْله ... لاموا على حب الصِّبَا والكأس ... لما بدا وضح المشيب برأسي والغصن أحْوج مَا يكون لسقيه ... أَيَّانَ يَبْدُو بالأزاهر كاسي ... الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وَقَوله ... أَمْسَى الْفراش يطوف حول كؤوسنا ... إِذْ خالها تَحت الدجى قِنْدِيلًا مَا زَالَ يحفق حولهَا بجناحه ... حَتَّى رمته على الْفراش قَتِيلا ... وَمن نثره بِمَا أسلف لهَذَا الحزب الْغَالِب من انتباه وَالنَّاس نيام وانتصار بِالْمَالِ وَالنَّفس وَالْكَلَام وخوض فِي لجج المهالك وَقطع لمضيقات المسالك حَتَّى شكر إِثْر عناه رَاحَته ونجاحه وَحمد بعد مَا أَطَالَ سراه صباحه فجدير أَن يجني ثَمَرَة مَا غرس وَأَن يمشي فِي ضوء ذَلِك القبس 19 - أَخُوهُ أَبُو الْقَاسِم عَامر بن هِشَام هُوَ صَاحب القصيدة الْمُتَقَدّمَة فِي متفرجات قرطبة وحسبه فخرا وَعلة طبقَة وَكَانَ مَشْهُورا بالمنادمة والبطالة وَمن نثره فِي مُخَاطبَة رَئِيس وَإِنِّي لكالأرض الْكَرِيمَة إِن نظر مِنْهَا وسقيت أنبتت وأزهرت وأودعت لِسَان النسيم مَا يعبر بِهِ فِي الْآفَاق من شكر الْخَيْر الجسيم وَإِن أهملت صوحت وأودعت السوافي مَا يعمى الْعين ويرغم الْأنف وَإِن لسيدي كَبِير حق ولمعظمه صَغِير حق ورعى أَحدهمَا مَنُوط بِالْآخرِ وَمن رِسَالَة وَأَنِّي يَصح لَهُ ذَلِك مَعَ مَا اشْتهر عَنهُ من كَونه نماماً للأسرار نقالاً لما يسوء سَمَاعه من الْأَخْبَار مُولَعا بالفضول كثير الْخُرُوج وَالدُّخُول ولاجاً عِنْد فلَان وَفُلَان كثير التضريب والإفساد بَين الإخوان مَعَ لُزُوم الثقالة والمظاهرة بالتقلب والاستحالة لَا يشْكر كثير الْإِحْسَان وَلَا يغْفر قَلِيل الْإِسَاءَة بِسَاط المنادمة مَعَه لَا يطوي أبدا أسقط على المساوئ من كلب على جيفة وألح فِيهَا من ذُبَاب على قرحَة وَله مَعَ الْحَضْرَمِيّ ممازحة كَثِيرَة الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وَهُوَ الْمُخَاطب للحضرمي ... لَا خير فِي الصاحب إِن لم يكن ... يَقُود أَو يَنِكحُ أَو يَنكَحُ فَإِن خلت من صَاحب هَذِه ... فَإِنَّهُ للود لَا يصلحُ ... فَقَالَ لَهُ حسبي القيادة وقاد لَهُ على مَحْبُوب لَهُ من أَبنَاء الْجند فِي حِكَايَة طَوِيلَة وَحلق أَبُو الصَّبِي شعره وَقَيده وحبسه لما سمع باجتماعه مَعَ ابْن هِشَام فَقَالَ ابْن هِشَام فِي ذَلِك ... طَال ليلِي مذ قصروا ليل شعره ... ورموا بالسرار كَامِل بدره يَا هِلَال السَّمَاء قبل هلالاً ... قيدوه بِهِ مَخَافَة فره ... فَلَمَّا سرح قَالَ ... صفح السرَار عَن الْقَمَر ... وبدا وَقد كَانَ استتر كتب السرُور لناظري ... لما رَآهُ قد ظهر هَذَا أَمَان للجفو ... ن من المدامع والسهر ... وسكر لَيْلَة فَخرج والمطر يسح فَرَأى جريه فأعجبه وزين لَهُ السكر الرقاد فِي وسط الطَّرِيق فجَاء أحد العسس فَعرفهُ فَحَمله إِلَى دَاره وجرد ثِيَابه البليلة وَألقى عَلَيْهِ من ثِيَابه وَحمله إِلَى منزله فَلَمَّا أَفَاق أَبُو الْقَاسِم قَالَ ... أَقُول وَقد أوردت نَفسِي مورداً ... أبحت بِهِ مَا شاءه السكر من عرضي وَقد صرت سداً بِالطَّرِيقِ لسائل ... من الْقطر إِذْ لَا بسط تحتي سوى الأَرْض وَقد هزني فِي آخر اللَّيْل مُرْسل ... من الله أحياني وَألْحق بِي غمضي سأثني عَلَيْك الدَّهْر فِي كل محفل ... ومل كل من أوليته نعْمَة يقْضِي وَلم أدر من ألْقى عَليّ رِدَاءَهُ ... خلا أَنه قد سل عَن ماجد مَحْض ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وَأنْشد لَهُ أَبُو الْبَحْر فِي كتاب زَاد الْمُسَافِر ... وأغن تثنيه الشبيبة خوطة ... تيهاً وتسحب ثَوْبه أذيالا سفرت محَاسِن وَجهه عَن شجة ... نونية حشت الحشا بلبالا لاحت كإحدى حاجبيه تقوساً ... بَيْضَاء راقت فِي الْعُيُون جمالا فتأملوها آيَة بدعية ... قمراً جلا فِي صفحتيه هلالا ... وَمَات قبل أَخِيه وَله موشحات وَمن = كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت 20 - عبد الْملك بن أَحْمد بن عِيسَى بن شَهِيد مولى بني أُميَّة ذكر الشقندي أَنه كَانَ جليس الْأَمِير مُحَمَّد وَأنْشد لَهُ ... ويلي على أحور تياه ... أجد فِيهِ وَهُوَ بِي لاه أقبل فِي غيد حكين الظبا ... بيض تراق حمر أَفْوَاه يَأْمر فِيهِنَّ وَيُنْهِي وَلَا ... يعصينه من آمُر ناه حَتَّى إِذا أمكنني أمره ... تركته من خشيَة الله ... وَذكر الحجاري أَن الامير مُحَمَّد استوزره وجالس النَّاصِر واستوزر النَّاصِر ابْنه أَحْمد الشَّاعِر وَكَانَ أَحْمد يَقُول لَا يخلص لي جاه مَا دَامَ أبي فِي الْحَيَاة فَقَالَ فِي ذَلِك شعرًا مِنْهُ الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 .. سرني فرعى وَقد أث ... مر واستعلت غصونه غير أَنِّي بجلوسي ... مَعَه صرت أشينه يَا بني اصبر فَإِن ال ... شيخ قد حانت منونه وسيبدو لَك فرع ... وَترى كَيفَ فنونه ... 21 - أَبُو عَامر احْمَد بن عبد الْملك ابْن أَحْمد بن عبد الْملك بن عمر بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن شَهِيد وَهُوَ أعظم هَذَا الْبَيْت شهرة فِي البلاغة وَقَالَ ابْن بسام فِي وَصفه شيخ الحضرة وفتاها ونادرة الْفلك الدوار وأعجوبة اللَّيْل وَالنَّهَار وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء على نظمه ونثره وأدبه وَكَذَلِكَ ابْن حَيَّان وصاحبا المسهب والسقط وَقَالَ عَنهُ ابْن حَيَّان كَانَ يبلغ الْمَعْنى وَلَا يُطِيل سفر الْكَلَام وَلم يُوجد لَهُ بعد مَوته كتب يستعان بهَا على مَا جرت بِهِ عَادَة البلغاء والأدباء وَكَانَ قَدِيرًا على فنون الْهزْل إِلَّا أَنه غلبت عَلَيْهِ البطالة فَلم يحفل فِي ايثارها بضيع دين أَو مُرُوءَة وَكَانَ منهمكاً فِي الْجُود حَتَّى شَارف الإملاق عِنْد مَوته وَله رِسَالَة إِلَى عبد الْعَزِيز بن النَّاصِر بن الْمَنْصُور أبي عَامر يمت الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 فِيهَا تبربيته فِي قُصُور بني أبي عَامر وَأَن عَمه المظفر بن الْمَنْصُور أعطَاهُ ألف دِينَار وَهُوَ صَغِير وَأَن حظية الْمَنْصُور أَعطَتْهُ ألفا عَنْهَا وَثَلَاثَة آلَاف عَن سَيِّدهَا وَانْصَرف عَن قصرهم بالغنى وَأَن أَبَاهُ احتوى على ذَلِك فَبلغ الْمَنْصُور فَأمر لَهُ بِخَمْسِمِائَة دِينَار وَأقسم على أَبِيه أَلا يمنعهُ مِنْهَا فِيمَا شاءه وَله فِي جَوَاب رِسَالَة فتنفضت تنفض الْعقَاب وهزتني أريحية كأريحية الشَّبَاب وَجعل يوهمني أَنِّي مَلَأت الأَرْض بجسمي وأومأت إِلَى الجوزاء بكفي أَن تأملى والى العواء أَن أقبلى وَقلت المجرة فِي عَيْني أَن تكون لي منديلاً وَصغر الزبْرِقَان عِنْدِي أَن أتخذه إكليلاً فَقلت هَكَذَا تكون الألوك وبمثل هَذَا تنفح الْمُلُوك وَمن قصيدة يمدح بهَا ابْن النَّاصِر الْمَذْكُور ... ورعيت من وَجه السَّمَاء خميلة ... خضراء لَاحَ الْبَدْر من غدرانها وَكَأن نثر النَّجْم ضان عِنْدهَا ... وكأنما الجوزاء راعي ضانها ... وَله رِسَالَة يُخَاطب بهَا أَبَا بكر بن حزم سَمَّاهَا بالتوابع والزوابع وبناها على مخاطبات الْجِنّ قَالَ فِي أَولهَا كَانَ لي فِي أول صبوتي هوى اشْتَدَّ بِهِ كلفي ثمَّ لَحِقَنِي فِي أثْنَاء ذَلِك ملل وَتَوَلَّى بِهِ عني الْحمام فَجَزِعت وَأخذت فِي رثائه فِي الحائر وَقد أبهمت على أبوابه وانفردت فَقلت ... تولى الْحمام بِظَبْيٍ الْخُدُور ... وفاز الردى بالغزال الغرير ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 إِلَى أَن انْتَهَيْت إِلَى الِاعْتِذَار من الْملَل الَّذِي كَانَ فَقلت ... وَكنت مللتك لَا عَن قلى ... وَال عَن فَسَاد ثوى فِي ضميري ... وأفحمت فَإِذا بِفَارِس على بَاب الْمجْلس على فرس أدهم قد اتكأ على رمحه وَصَاح بِي أعجزاً يَا فَتى الأندلس قلت لَا وَأَبِيك وَلَكِن للْكَلَام أحيان وَهَذَا شَأْن الْإِنْسَان فَقَالَ قل ... كَمثل ملال الْفَتى للنعيم ... إِذا دَامَ فِيهِ وَحَال السرُور ... فَأثْبت إِجَازَته وَقلت بِأبي أَنْت من أَنْت قَالَ أَنا زُهَيْر بن نمير من أَشْجَع الْجِنّ فَقلت وَمَا الَّذِي حداك إِلَى التَّصَوُّر لي قَالَ هوى ورغبة فِي اصطفائك قلت أَهلا بك أَيهَا الْوَجْه الوضاح صادفت قلبا اليك مقلوبا وَهوى فِي اصطفائك قلت أَهلا بك أَيهَا الْوَجْه الوضاح صادفت قلبا اليك مقلوبا نَحْوك مَجْنُونا وتحادثنا حينا ثمَّ قَالَ مَتى شِئْت استحضاري فَأَنْشد هَذِه الأبيات ... وآلى زُهَيْر الْحبّ يَا عز أَنه ... مَتى ذكرتك الذاكرات أَتَاهَا إِذا جرت الأفواه يَوْمًا بذكرها ... تخيل لي أَنِّي أقبل فاها فأغشى ديار الذَّاكِرِينَ وَإِن نأت ... أجارع من دارى هوى لهواها ... وأوثب الأدهم جِدَار الْحَائِط وَغَابَ عني وَكنت مَتى أرتج عَليّ أنْشد الأبيات فيتمثل لي فأسير إِلَى مَا أَرغب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وَمِمَّا ضمن هَذِه الرسَالَة من محَاسِن الشّعْر قَوْله ... ومرقبة لَا يدْرك الطّرف رَأسهَا ... تزل بهَا ريح الصِّبَا فتحدر تكلفتها وَاللَّيْل قد ماج بحره ... وَقد جعلت أمواجه تتكسر وَمن تَحت حضني من ظبا الْهِنْد أَبيض ... وَفِي الْكَفّ من عسالة الْخط أسمر هما صَاحِبَايَ من لدن كنت يافعاً ... مقيلان من جد الْفَتى حِين يعثر فَذا جدول فِي الغمد تسقى بِهِ المنى ... وَإِذا غُصْن فِي الْكَفّ يجنى فيثمر ... وَقَوله ... أَفِي كل حِين مصرع لعَظيم ... أصَاب المنايا حادثي وقديمي وَكَيف اهتدائي فِي الخطوب إِذا دجت ... وَقد فقدت عَيْنَايَ ضوء نُجُوم ... وَقَوله ... وَكَأن النُّجُوم فِي اللَّيْل جَيش ... دخلُوا للكمين فِي جَوف غَابَ وَكَأن الصَّباح قانص طير ... قبضت كَفه بِرَجُل غراب ... وَقَوله ... ولرب حَان قد أدرت بديره ... خمر الصِّبَا مزجت بصفو خموره فِي فتية جعلُوا الزقاق تكاءهم ... متصاغرين تخشعاً لكبيره وترنم الناقوس عِنْد صلَاتهم ... ففتحت من عَيْني لرجع هديره ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وَقَوله ... أصبيح شيم أم برق بدا ... أم سنا المحبوب أورى زندا هَب من نعسته منفتلاً ... مسبلاً للكم مرخ للردا يمسح النعسة من عَيْني رشاً ... صائد فِي كل يَوْم أسدا قلت هَب لي يَا حَبِيبِي قبْلَة ... تشف من عمك تبريح الصدا فانثنى يَهْتَز من مَنْكِبه ... قَائِلا لَا ثمَّ أَعْطَانِي اليدا كلما كلمني قبلته ... فَهُوَ إِمَّا قَالَ قولا رددا كَاد أَن يرجع من لثمي لَهُ ... وارتشافي الثغر مِنْهُ أدردا قَالَ لي يلْعَب خذلي طائراً ... فتراني الدَّهْر أَمْشِي فِي الكدا شربت أعطافه خمر الصِّبَا وثناه الْحسن حَتَّى عربدا وَإِذا بت بِهِ فِي رَوْضَة ... أغيداً يقرو نباتاً أغيدا قَامَ فِي اللَّيْل بجيد أتلع ... ينفض اللمة من دمع الندى أححت من غصتي فِي نهدها ... ثمَّ عضت حر خدي عمدا فَأَنا الْمَجْرُوح من عضتها ... لَا شفاني الله مِنْهَا أبدا ... وَمن محاسنة قَوْله ... وَفد فغرت فاها دجى كل زهرَة ... إِلَى كل ضرع للغمامة حافل وَمَرَّتْ جيوش الزن رهوا كَأَنَّهَا ... عَسَاكِر زنج مذهبات المناصل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 .. وخلفت الخضراء فِي غر زهرها ... كلجة بَحر كللت باليعالل تخال بهَا زهر الْكَوَاكِب نرجساً ... على شط نهر للمجرة سَائل ... وَمن بدائعه قَوْله فِي صفة برغوث أسود زنجي وَأَهلي وَحشِي لَيْسَ بوان وَلَا زميل كَأَنَّهُ جُزْء لَا يتَجَزَّأ من ليل وشونيزة وثبتها غريزة أَو نقطة مداد أَو سويداء قلب فَوَائِد شربه عب ومشيه وثب يكمن نَهَاره ويسري ليله يدْرك بطعن مؤلم ويستحل دم كل مُسلم مساور للأساورة يجر ذيله على الْجَبَابِرَة يتكفر بأرفع الثِّيَاب ويهتك ستر كل حجاب وَلَا يحفل ببواب يرد مناهل الْعَيْش العذبة ويصل إِلَى الأحراج الرّطبَة لَا يمْنَع مِنْهُ أَمِير وَلَا ينفع فِيهِ غيرَة غيور شَره مبثوث وَعَهده منكوث وَهَكَذَا كل برغوث وَقَوله ... وقفنا على جمر من الْمَوْت وَقْفَة ... صلى لظاه دأب قومِي ودابها إِذا الشَّمْس رامت فِيهِ أكل لحومنا ... جرى جشعاً فَوق الْجِيَاد لُعَابهَا ... وَقَوله ... وَقَالَت النَّفس لما أَن خلوت بهَا ... أَشْكُو إِلَيْهَا الْهوى خلوا من النعم حتام أَنْت على الضراء مُضْطَجع ... معرس فِي ديار الظُّلم وَالظُّلم ... وَقَوله ... ومنتن الرّيح إِن نَاجَيْته أبدا ... كَأَنَّمَا مَاتَ فِي خيشومه فار ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 وَقَوله فِي أبي عَامر بن المظفر ... جمعت بِطَاعَة حبك الأضداد ... وتألف الأفصاح والأعياد كتب الْقَضَاء بِأَن جدك صاعد ... وَالصُّبْح رق والظلام مداد ... وَقَوله ... كَأَن هامته وَالرمْح يحملهَا ... غراب بَين على بَان النقا نعقا ... وَقَوله ... أَبى دمعنا يجْرِي مَخَافَة شامت ... فنظمه فَوق المحاجر ناظم وراق الْهوى منا عيُونا كَرِيمَة ... تبسمن حَتَّى مَا تروق المباسم ... وقاسى فِي مَرضه شدَّة فَقَالَ عِنْد مَوته ... خليلي من ذاق الْمنية مرّة ... فقد ذقتها خمسين قولة صَادِق ... وَكَانَ مَوته من فالج أَقَامَ بِهِ مُدَّة ورام أَن يقتل نَفسه لشدَّة الآلام وَقَالَ فِي تِلْكَ الْعلَّة ... تَأَمَّلت مَا أفنيت من طول مدتي ... فَلم أره إِلَّا كلمحة نَاظر وحصلت مَا أدْركْت من طول لذتي ... فَلم أَلفه إِلَّا كصفقة خاسر وَمَا أَنا إِلَّا أهل مَا قدمت يَدي ... إِذا خلفوني بَين أهل الْمَقَابِر سقى الله فتياناً كَأَن وُجُوههم ... وُجُوه مصابيح النُّجُوم الزواهر يوقولن قد أودى أَبُو عَامر الْعلَا ... أقلوا فَقدما مَاتَ آبَاء عَامر هُوَ الْمَوْت لم يحرس بأسجاع خَاطب ... بليغ وَلم يعْطف بِأَنْفَاسِ شَاعِر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة آخر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَلم يشْهد على قبر أحد مَا شهد على قَبره من الْبكاء والعويل وَأنْشد عَلَيْهِ من المراثي جملَة موفورة وَمِمَّنْ رثاه أَبُو حَفْص بن برد الْأَصْغَر وَقَالَ الحجاري كَانَ ألزم للكأس من الأطيار بالاغصان واولع بهَا من خيال الأَصْل بالهجران واستوزره المستظهر ثمَّ اصطفاه هِشَام المعتد ورثاه لما خلع بقصيدة مِنْهَا ... أحللتني بمحلة الجوزاء ... وَرويت عنْدك من دم الْأَعْدَاء وحملتني كالصقر فَوق معاشر ... تحتي كَأَنَّهُمْ بَنَات المَاء ... وَذكره الثعالبي فِي الْيَتِيمَة وَأنْشد لَهُ الشقندي مَا تقدم فِي رسَالَته والحجاري فِي الحديقة 22 - عَم أبي عَامر بن شَهِيد اشند هَل فِي حَانُوت عطار ... صدوداً وَإِن كَانَ الحبيب مساعفاً ... وبعداً وَإِن كَانَ المزار قَرِيبا وَمَا فتئت تِلْكَ الديار حَبِيبَة ... لنا قبل أَن نلقى بِهن حبيباً وَلَو أسعفتنا بالمودة فِي الْهوى ... لأدنين إلفاً أَو شغلن رقيباً وَمَا كَانَ يجفو ممرضي غير أَنه ... عدته العوادي أَن يكون طَبِيبا ... الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 23 - أَخُو أبي عَامر بن شَهِيد أنْشد لَهُ فِي الْكتاب الْمَذْكُور ... شَكَوْت إِلَيْك صروف الزَّمَان ... فَلم تعد أَن كنت عون الزَّمَان وتقصر عَن نعمتي قدرتي ... فيا لَيْتَني لسوى من نماني وَلَا غرو للْحرّ عِنْد الْمضيق ... أَن يتَمَنَّى وضيع الْأَمَانِي ... 42 - أَبُو حَفْص أَحْمد الْأَصْغَر بن مُحَمَّد بن أبي حَفْص أَحْمد الْأَكْبَر بن برد قَالَ ابْن بسام عَنهُ فلك البلاغة الدائر وَمثلهَا السائر وَوَصفه بالنظم والنثر وَمَا أورد لَهُ يُغني عَن الإطناب فِي وَصفه وَلحق جده أَبَا حَفْص وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَسَيذكر فِي مَدِينَة الزاهرة وصنف كتابا رَفعه للمعتصم بن صمادح صَاحب المرية فِي بعض فصوله فِي الْحَمد الْحَمد لله وَاصل الْحَبل بعد انْقِطَاعه وملائم الشّعب بعد انصداعه المصبح بِنَا من ليل الخطوب والماحي عَنَّا غياهب الكروب الْحَمد لله وَإِن عثرت الجدود وهوت نُجُوم السُّعُود المرجو للإدالة الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 والمدعو فِي الْإِقَالَة والقادر على تَعْجِيل الِانْتِصَار والاخذ للاسلام بالثار أما بعد فَأَما أتيت البصائر من تَعْلِيل وَلَا الْأَعْدَاد من تقليل وَلَا الْقُلُوب من خور وَلَا السواعد من قصر وَلَا الْجِيَاد من لؤم أعراق وَلَا الصُّفُوف من سوء اتساق وَلَكِن النَّصْر تَأَخّر وَالْوَقْت الْمَقْدُور حضر وَلم تكن لتمضي سيوف لم يشإ الله إمضاءها وَلَا لتبقى نفوس لم يرد الله بقاءها وَفِي قَوْله تَعَالَى أجمل التأسي وَأحسن التعزي {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} الْحَمد لله مولف الآراء وجامع الْأَهْوَاء على مَا أغمد من سيف الْفِتْنَة وأخمد من نَار الإحنة الْحَمد لله الَّذِي صير اعداءنا فِي اعدادنا واضدادنا من أعضادنا وَالسُّيُوف المسلولة علينا مسلولة دُوننَا وَفِي بعض فصوله فِي الشُّكْر الشُّكْر عوذة على العارفة وتميمة فِي جيد النِّعْمَة الْكفْر غراب ينعب على منَازِل النعم الشُّكْر بيد النِّعْمَة أَمَان وعَلى وَجه العارفة صوان وَفِي بعض فصوله فِي وصف الْقَلَم المداد كالبحر والقلم كالغواص وَاللَّفْظ كالجوهر والطرس كالسلك مَا أعجب شَأْن الْقَلَم يشرب ظلمَة ويلفظ نورا قَاتل الله الْقَلَم كَيفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 يفل السنان وَهُوَ يكسر بالأسنان فَسَاد الْقَلَم خدر فِي أَعْضَاء الْخط رداءة الْخط قذى فِي عين الْقِرَاءَة وَفِي بعض فصوله فِي الْأمان أما بعد فَإِنَّكُم سَأَلْتُم الْأمان أَوَان تلمظت السيوف إِلَيْكُم وحامت الحتوف عَلَيْكُم وهمت حظائر الخذلان أَن تنفرج لنا عَنْكُم وأيدي الْعِصْيَان أَن تتحفنا بكم وَلَو كلنا لكم بصاعكم وَلم نرع فِيكُم ذمَّة اصطناعكم لضاق عَلَيْكُم ملبس الغفران وَلم ينسدل عَلَيْكُم ستر الامان وَلَكنَّا عَملنَا أَن كهولكم الخلوف عَنْكُم وَذَوي الْأَسْنَان العاصين لكم مِمَّن يهاب وسم الخلعان وَيخَاف السُّلْطَان وَأَنَّهُمْ لَا يراسلونكم فِي ميدان مَعْصِيّة وَلَا يزاحمونكم فِي منهل حيرة وَلَا يماشونكم إِلَى موقف وداع وَلَو تحرجنا أَن نقطع أعضادهم بكم ورجاؤنا أَن يكون الْعَفو على الْمقدرَة تأديباً لكم لشربت دماءكم سِبَاع الكماة وأكلت لحوكم ضباع الفلاة وَقد أعطينا بتأميننا إيَّاكُمْ عهد الله وذمته وَنحن لَا نخفرهما أَيَّام حياتنا إِلَّا أَن تكون لكم كرة ولغدرتكم ضرَّة فَيَوْمئِذٍ لَا إعذار إِلَيْكُم وَلَا إقْصَار عَنْكُم حَتَّى تحصدكم ظباة السيوف وتقضيى دُيُون أَنفسكُم غرَّة الحتوف وَفِي بدأة عتاب أظلم لي جو صفائك وتوعر على أَرض اخائك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وَفِي بعض فصوله فِي الاستزارة نَحن من منزل فلَان اعزه بِحَيْثُ نلتمح سناك ونتنسم رياك وَقد رَاعنا الْيَوْم باكفهرار وَجهه وَمَا ذَر من كافور ثلجه فادرعنا لَهُ بالستور وانغمسنا بَين جُيُوب السرُور ورفعنا لبنات الزِّنَاد ألوية حَمْرَاء وأجرينا لبنات الكروم خيلاً شقراء وأحببنا أَن نشْهد جَيش الشتَاء كَيفَ يهْزم وأنفاس الْبرد كَيفَ تكظم فصل فِي ذمّ مؤاخ وَهُوَ من أبدع مَا قيل فِي ذَلِك خليت عَنهُ يَدي وخلدي قلاه خلدي بيض الأنوف من رفده أمكن وَصفا المشقر من خَدّه أَلين منزور النوال رث الْمقَال أَحَادِيث وعده لَا تعود بنفع وَلَا هِيَ من غرب وَلَا نبع مطحلب الْوَجْه مراق مَاء الْحيَاء مظلم الْخلق دبوري الرّيح مُقْشَعِر الْوَجْه طاشت عَنهُ الصنيعة وضاعت فِيهِ الْيَد على وَجهه من التعبيس فَقل ضَاعَ مفتاحه وليل مَاتَ صباحه غنى من الْجَهْل مُفلس من الْعقل تتضاءل النعم لَدَيْهِ وتقبح محَاسِن الْإِحْسَان إِلَيْهِ لم ينظم عَلَيْهِ قطّ در ثَنَاء وَلَا اسْتحق أَن يلبس بزَّة مديح غربال حَدِيث كلما أجال قدحاً كَانَ غير فائز أَو رمى سَهْما جَاءَهُ غير صائب كبد الزَّمَان عَلَيْهِ قاسية وَنعم الله لَهُ ناسية شَرّ بقة لغرس الْمَوَدَّة وبذر الإخاء قصير عمر الْوَفَاء للإخوان عون عَلَيْهِم مَعَ الزَّمَان كدر الدُّنْيَا وسقم الْحَيَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وَمن محَاسِن مَا أوردهُ ابْن بسام من نظمه قَوْله ... لما بدا فِي لَا زور ... دي الْحَرِير وَقد بهر كَبرت من فرط الْجمال ... وَقلت مَا هَذَا بشر فاجابني لَا نتكرن ... ثوب السَّمَاء على الْقَمَر ... وَقَوله ... أقبل فِي ثوب لازورد ... قد افرع التبر من عَلَيْهِ كَأَنَّهُ الْبَدْر فِي سَمَاء ... قد طرز الْبر جانبيه ... وَقَوله ... صَحَّ الْهوى منا ولكنني ... أعجب من بعد لنا يقدر كأننا فِي فلك وَاحِد ... فَأَنت تخفى وَأَنا أظهر ... وَقَوله ... لما رمته الْعُيُون ظالمة ... وأثرت فِي جاله الحدق لبس من نسج شعره زرداً ... صيغت لَهُ من زمرد حلق ... وَقَوله ... رقم العذار غلالتيه بأحرف ... مَعنا الْهوى فِي طيها متناهي نَادَى عَلَيْهِ الْحسن حِين لَقيته ... هَذَا المنمنم فِي طراز الله ... وَقَوله ... ومازلت أَحسب فِيهِ السَّحَاب ... ونار بوارقها فِي لَهب بَخَاتِي تُوضَع فِي سَيرهَا ... وَقد قرعت بسياط الذَّهَب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 وَقَوله ... وَقد فتح الْأُفق للناظري ... ن عَن شهلة الصُّبْح جفن الغبش ... وَقَوله ... عَارض أقبل فِي جنح الدجى ... يتهاذى كتهادي ذالوجى لؤلؤه بددت ريح الصِّبَا لؤلؤه ... فانبرى يُوقد عَنهُ سرجا ... وَقَوله ... وَكَأن اللَّيْل حِين لوى ... ذَاهِبًا وَالصُّبْح قد لاحا كلة سَوْدَاء أحرقها ... عَامِد أَسْرج مصباحا ... وَقَوله ... والبدر كالمرآة غير صقله ... عَبث العذارى فِيهِ بالأنفاس وَاللَّيْل ملتبس بضوء صباحه ... مثل التباس النقس بالقرطاس ... وحعله الحجاري فَوق جده فِي النثر قَالَ وَأما النّظم فَلَا أستجيز أَن أجعَل بَينهمَا أفعل رَحل من قرطبة إِلَى المرية فاستوزره المعتصم بن صمادح ثمَّ رَحل إِلَى مُجَاهِد صَاحب دانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 بَيت بني الطبني أصلهم من طبنة قَاعِدَة الزاب والوافد مِنْهُم على الأندلس فِي أَيَّام ابْن أبي عَامر أَبُو مُضر 25 - مُحَمَّد بن يحيى بن أبي مُضر الطبني وَصفه الحجاري بالأدب وَالشعر ومجالسة الْمُلُوك وَكَانَ مِمَّن يُجَالس أَبَا الحزم بن جهور وَابْنه أَبَا الْوَلِيد وَصَحب ابْن شَهِيد وَأنْشد لَهُ ... لَا يبعد الله من قد غَابَ عَن بَصرِي ... وَلم يغب عَن صميم الْقلب والفكر أشتاقه كاشتياق الْعين نومتها ... بعد الهجود وجدب الأَرْض للمطر وعاتبوني على بذل الْفُؤَاد لَهُ ... وَمَا دروا أنني أَعْطيته عمري ... وَذكره الْحميدِي وَأنْشد لَهُ شعرًا يُخَاطب بِهِ أَبَا مُحَمَّد بن حزم 26 - أَبُو مَرْوَان عبد المك بن زِيَادَة الله ابْن أبي مُضر الطبني من ذخيرة ابْن بسام أَنه كَانَ أحد حماة سرح الْكَلَام وَحَملَة ألوية الأقلام وَذكر ابْن حَيَّان أَن جواريه قتلنه لتقتيره عَلَيْهِنَّ ورحل إِلَى الْمشرق وَحج وَقتل بقرطبة سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 وَذكر الحجاري أَنه كَانَ إِمَامًا فِي علم الحَدِيث وَوَصفه بالبخل المفرط كَانَ يتْرك أهل دَاره يأكلن الْخبز بِلَا إدام فَإِذا طلبُوا الإدام حرد عَلَيْهِم وَقَالَ هَذِه عَادَة سوء فخنقوه وَأنْشد لَهُ ... إِنِّي إِذا حضرتني ألف محبرة ... تَقول اخبرني هَذَا وحَدثني صَاحب بعقوتى الأقلام زاهية ... هذى المكارم لَا قعبان من لبن ... 27 - أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز ابْن زِيَادَة الله بن أبي مُضر الطبني حعله الحجاري أشعر بني الطبني وَأنْشد لَهُ قَوْله ... لَا تَسْقِنِي إِلَّا بكأس إِذا ... شربتها تملك عَقْلِي جَمِيع وزادك الله سُرُورًا إِذا ... سقيتني بالجام أَو بالقطيع لَا ترفع الْخمر إِلَى مُدَّة ... أولى وَأحلى من زمَان الرّبيع ... وَقَوله ... يَا سالباً عاشقيه ... وعاشقاً كل تيه وَمن مدامي ونقلي ... من وجنتيه وَفِيه هلا جزيت فُؤَادِي ... بِبَعْض مَالك فِيهِ ... الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 بَيت بني كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عبيد الجذامي مولى بني أُميَّة 28 - أَبُو مَرْوَان عَامر بن عَامر بن كُلَيْب من تَارِيخ ابْن حَيَّان أَنه أحد وُجُوه الموَالِي فِي الْعَسْكَر السلطاني وَوَصفه الفرضي بالأدب والذكاء والترسل وَالشعر والمعارضة والتحكك بالشعراء قَالَ وَفِيه يَقُول الْعُتْبِي ... عفت معالمه اللَّيَالِي مثل مَا ... عفى سَواد السّعر بهجة عَامر ... وَمن شعره قَوْله ... عظم الخطاء فَهَل تقيل ... يَا سَيِّدي أم مَا تَقول أَنْت الْعَزِيز بهفوتي ... وَأَنا بهَا العَبْد الذَّلِيل تالله لَو أَنِّي استطع ... ت لما بدا مني فضول وَلما رأى مني الصّديق ... سوى قوام لَا يمِيل فَأَبت على الكأس إِلَّا ... أَن يداخلني الذهول ... وَكَانَ مُخْتَصًّا بالوزير هَاشم فَسَلَّطَهُ على الْوَزير مُحَمَّد بن جهور فَكَانَ يتتبع سقطاته فاتفق أَن نادمه فِي متصيد للأمير مُحَمَّد فَلَمَّا دارت الكأس قَالَ ابْن جهور لِخَادِمِهِ هَات ذَاك التفاح المخروج فَضَحِك عَامر من لحنه وَجعل يَقُول يَا ضَيْعَة الوزارة حِين تولاها الأبله اللحانة الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 فَغَضب وضربه بالسياط فغض ذَلِك نم قدره ونعاه عَلَيْهِ الشُّعَرَاء فِي أشعارهم قَالَ ابْن حَيَّان وَمَات سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَذكر الْحِجَازِي أَنه كَانَ لَا يُبَالِي أَيْن يضع لِسَانه وَجرى حَدِيث فَقَالَ بعض رجال السُّلْطَان من قَالَ هَذَا فَقَالَ عَامر قَالَه بَنو إوزة يَعْنِي أحد أَوْلَاد الْأَمِير لقب بذلك لتولعه بإوزة كَانَ يشرب عَلَيْهَا وَيُعْجِبهُ مشيها وصياحها فَبَلغهُ ذَلِك فاحتال عَلَيْهِ ولد الْأَمِير بعد أَيَّام حَتَّى حصله فِي منزله وَجعله يخْدم تِلْكَ الإوزة على مَا يَقْتَضِيهِ قَوْله ... يَا سَائِلًا عَن قصتي ... اعْجَبْ لقبح قضيتي حَال الزَّمَان عَن الَّذِي ... تدرى وذلل عزتي وَكَفاك أَنِّي كانس ... خرء الإوز بلحيتي ... فَلَمَّا قَرَأَهَا ابْن الْأَمِير ضحك وَأمر لَهُ بِإِحْسَان وسرحه فَقَالَ فِيهِ قصيدة اولها ... لبست ليَوْم الْبَين درعاً من الصَّبْر ... فقدته ألحاظ خلسن من الخدر ... وَمِنْهَا ... كَذَا فَلْيَكُن جود الْكِرَام مرادفاً ... كَمَا أردفت موج تتَابع فِي بَحر ... 29 - أَبُو خَالِد بن التراس الْقُرْطُبِيّ من ولد أَيُّوب بن حبيب اللَّخْمِيّ الَّذِي ولي سلطنة الأندلس ذكره الحجاري وَأخْبر أَنه كَانَ يصحب أَبَا الْمُغيرَة بن حزم وَكَانَ جهير الصَّوْت كثير الْكَلَام لَا يكَاد يسكت وَال يَكْفِيهِ من الطَّعَام قَلِيل وَهُوَ الْقَائِل الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 .. كَيفَ اصْطِبَارِي للَّذي حل بِي ... والرزء فِيمَا نَاب مِنْهُ جليل إِذْ من أَنا ضيف لَهُ باخل ... وَلست مِمَّن يَكْتَفِي بِالْقَلِيلِ ... وَأخْبر الْحميدِي أَنه شَاعِر مَذْكُور فِي أَيَّام المستظهر 30 - أَبُو عَليّ الْحسن بن مضاء الْقُرْطُبِيّ ذكر الحجاري أَن بَيت بني مضاء بقرطبة متوارث الْحسب وَأَن أَبَا عَليّ لشعره ديباجة عراقية ورقة حجازية وَكَانَ مُخْتَصًّا بِعَبْد الْملك بن أبي الْوَلِيد ابْن جهور وَله فِي أمداح وَأنْشد لَهُ قَوْله ... قصر الْيَوْم فَحَث الش ... رب بالكأس الْكَبِير فَإِذا مَا طَال فَاشْرَبْ ... فِيهِ بالكأس الصَّغِير ... وَقَوله ... بِشرب الْكَبِير وعشق الصَّغِير ... أدين وَمن لَام لَا يقبل ... بَيت بني مسلمة ذكر ابْن حَيَّان أَن أصل هَذَا الْبَيْت مسلمة بن حسان مولى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان ومسلمة من المخلصين لعبد الرَّحْمَن الدَّاخِل وَكَانَ بباجة وتناسل وَلَده بقرطبة 31 - أَبُو عَامر مُحَمَّد بن مسلمة الْقُرْطُبِيّ أثنى عَلَيْهِ الحجاري وعَلى بَيته وَذكر أَنه هَاجر من قرطبة إِلَى إشبيلية الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 للمعتضد بن عباد وَنَدم لما رَآهُ من استحالته فداراه مُدَّة حَيَاته واسأله كَيفَ نجا وَأنْشد لَهُ فِي المعتضد الْمَذْكُور ... أيا ملك الْأَمْلَاك وَالسَّيِّد الَّذِي ... يسير على سبل الرشاد بمقياس عهدتك سمح الْكَفّ بالجود كَيفَ قد ... بخلت بترك الْمجد أجمع للنَّاس ... وَقَوله فِي غُلَام كَانَ يهواه ... وَإِنِّي لأهواه وأبغي اكتتامه ... وتأبى أَمَارَات اللِّقَاء تكتما لساني فِي حكمي وَلَكِن مقلتي ... ولوني مَا إِن يقبلان تحكما ... وَفِي الذَّخِيرَة أَنه أحد جهابذة الْكَلَام وجماهير النثار والنظام من قوم طالما ملكوا أزمة الْأَيَّام وخصوا بألسنة السيوف والأقلام وَكَانَ أَبُو عَامر مِنْهُم بِمَنْزِلَة الفص من الْخَاتم والسر من صدر الكاتم وَذكر قدومه على المعتضد وَأَنه ألف لَهُ كتابا سَمَّاهُ حديقة الارتياح فِي وصف حَقِيقَة الراح وَأنْشد قَوْله ... أَهلا وسهلاً بوفود الرّبيع ... وثغره البسام عِنْد الطُّلُوع كَأَنَّمَا أزهاره حلَّة ... من وشي صنعاء السّري الرفيع احببت بِهِ من زائر زَاهِر ... دَعَا إِلَى الْأنس فَكنت السَّمِيع ... وَبَينه وَبَين إِدْرِيس بن الْيَمَان وَابْن الْأَبَّار مراسلات وجدهم أبان بن عبيد مولى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أهْدى إِلَيْهِ من سبي البربر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 32 - أَبُو الْحُسَيْن بن مسلمة الْقُرْطُبِيّ ذكر لي وَالِدي أَنه من سراة هَذَا الْبَيْت صَحبه فِي مَوَاطِن كَثِيرَة أَيَّام الصِّبَا وَوَصفه بالمشاركة فِي الْعُلُوم الْقَدِيمَة والحديثة وَقَالَ وَكُنَّا نقُول واضيعة خَزَائِن الْكتب بِحُضُورِهِ وَكَانَت لَهُ همة فائقة وَكَانَ يُوفى إخوانه حُقُوقهم فِي المغيب والمشهد إِلَّا أَنه قَلِيل الإخوان هرباً من الْعَجز عَن الْقيام بِحَق كثيرهم وَذكر وَالِدي أَنه صُحْبَة فِي سفر فمرا على مالقة فوجدا صَاحبهَا أَبَا عَليّ بن حسون فِي فُرْجَة فاتفقا على أَن يخاطباه فَقَالَ ابْن مسلمة ... مَرَرْنَا بَريَّة قصدا كَمَا ... يمر النسيم بروض الزهر ... فَقَالَ ابْن سعيد ... فجلنا بروض نأى زهره ... وأقلع عَنهُ انسكاب الْمَطَر ... فَقَالَ ابْن مسلمة ... فَلم نر رحلتنا دون أَن ... نسير ببشر وسقيا دُرَر ... فَقَالَ ابْن سعيد ... وَلم نقض من كعبة الْجُود مَا ... يقْضِي الَّذِي حَدهَا وَاعْتمر ... فَقَالَ ابْن مسلمة ... وَلم نر إِلَّا خطاب الْعلَا ... بطوع الْإِقَامَة أَو بِالسَّفرِ ... فَقَالَ ابْن سعيد ... وَترك التَّكَلُّف تأميلنا ... مَتى كنت بالبدو أَو بالحضر ... فَقَالَ ابْن مسلمة ... وَلَيْسَ لنا رَغْبَة فِي السَّحَاب ... وَلَكِن لنبصر وَجه الْقَمَر ... الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 فَبعث فِي فصولهما وَكَانَ مِنْهُ مَا اشْتهر عَنهُ من الْأَفْعَال البرمكية وَمِمَّا أنشدنيه وَالِدي من شعر أبي الْحُسَيْن فاستحسنته قَوْله ... رقد الغزال وَلَكنَّا يقظان ... مَا تلتقي فِي حبه الأجفان هبت عَلَيْهِ الراح ريحًا صَرْصَرًا ... وبمثلها تتقصف الأغصان ... وَقَوله ... بروحي الَّتِي وافت وكالورد خدها ... حَيَاء وَمِنْهَا قد شكا الصب مَا شكا وَمَا ضحِكت إِلَّا غرُورًا بمهجتي ... كَمَا خجلت كأس المدام لتفتكا ... وَقَوله ... سلوا ورق الآس لم حددت ... وَقد وضح الصُّبْح آذانها وَلم ذَا أُقِيمَت على سَاقهَا ... وبلت من الطل أجفانها أأطربها هَاتِف قد غَدا ... يهز من الطّيب أَغْصَانهَا ... وَله رسائل وموشحات وأزجال بَيت بني قزمان اثنى على هَذَا الْبَيْت الحجاري فِي بيُوت قرطبة وَأَنَّهُمْ لم يزَالُوا مَا بَين وَزِير وعالم وَرَئِيس 33 - أَبُو بكر مُحَمَّد الْأَكْبَر بن عبد الْملك ابْن عِيسَى بن قزمان الْقُرْطُبِيّ ذكر ابْن بسام أَن المتَوَكل صَاحب بطليوس أول من اتَّخذهُ كَاتبا وَأثْنى على بَيته وذاته واثبت هَل رِسَالَة طَوِيلَة من غير طائل وشعراً تَركه أولى من إِيرَاده الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَأثْنى عَلَيْهِ صَاحب القلائد وَذكر أَنه تكدر عيشه فِي آخر عمره وأساء فِي حَقه القَاضِي أَبُو عبد الله بن حمدين وَأَن أخلاقه كَانَت صعبة ففلت من غربه وَكَانَت سَببا لطول كربه وَلم يُورد لَهُ إِلَّا قَوْله ... ركبُوا السُّيُول من الْخُيُول وركبوا ... فَوق العوالي السمر زرق نطاف وتجللوا الغدران من ماذيهم ... مرتجة إِلَّا على الأكتاف ... 34 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْملك ابْن عِيسَى بن قزمان الْأَصْغَر إِمَام الزجالين بالأندلس وَسَيَرِدُ من عجائبه فِي الْأَهْدَاب مَا يشْهد لَهُ بالتقدم فِي هَذَا الْبَاب وَذكر الحجاري أَنه كَانَ فِي أول شَأْنه مشتغلاً بالنظم المعرب فَرَأى نَفسه تقصر عَن أَفْرَاد عصره كَابْن خفاجة وَغَيره فَعمد إِلَى طَريقَة لَا يمازجه فِيهَا أحد مِنْهُم فَصَارَ إِمَام أهل الزجل المنظوم بِكَلَام عَامَّة الأندلس وَمن شعره على طَريقَة المعرب قَوْله وَقد رقص فِي مجْلِس شرب فأطفأ السراج بأكمامه ... يَا أهل ذَا الْمجْلس السَّامِي سرارته ... مَا ملت لكنني مَالَتْ بِي الراح فَإِن أكن مطفئاً مِصْبَاح بَيتكُمْ ... فَكل من قد حواه الْبَيْت مِصْبَاح ... وَقَوله فِي يحيى بن غانية الملثم سُلْطَان الأندلس ... وَللَّه يحيى إِذْ تأبط للوغى ... من السمر حزما أرقماً ثمَّ أرقما ... الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 .. وثارت بِهِ الهيجا كزند بناره ... فصير كافور الصوارم عِنْدَمَا لَدَى موقف رد العجاج سماءه ... ثرى وَالثَّرَى من أنجم الْبَحْر كالسما ... وَمن كتاب بُلُوغ الآمال فِي حلى الْعمَّال 35 - عبد الله بن حُسَيْن بن عَاصِم الثَّقَفِيّ الْقُرْطُبِيّ ذكر ابْن حَيَّان أَن جده عَاصِم بالعريان صَاحب عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل لقب بذلك لِأَنَّهُ عبر نهر قرطبة يَوْم الْقِتَال وَهُوَ عُرْيَان ورحل عبد الله إِلَى الْمشرق وَأدْركَ عصر مُعلى الطَّائِي وَلَقي بِبَغْدَاد مخارقاً المغنى واستظرفه رُؤَسَاء الْعرَاق وَقَالَ أحدهم يَا غليظ مَا أرقك وَكَانَ أكولاً حَتَّى لقب بالزير كثير السّعَايَة والنميمة شَاعِرًا مفلقاً ولي الشرطة بقرطبة فَمر بِهِ فَتى حسن الشارة يترنح سكرا فَأمر بحده فَقَالَ أنْشدك الله من الَّذِي يَقُول ... إِذا عَابَ شرب الْخمر فِي الدَّهْر عائب ... فَلَا ذاقها من كَانَ يَوْمًا يعيبها ... فَقَالَ ابْن عَاصِم أَنا وَأَسْتَغْفِر الله فَقَالَ الْفَتى مَا تَسْتَحي من الله حِين تغري بِالشرابِ ثمَّ تعاقب فِيهِ فَكَانَ ذَلِك سَببا لِأَن تَركه وَأخْبر الْحميدِي أَنه كَانَ من جلساء الْأَمِير مُحَمَّد وَأَنه شرب مَعَه يَوْمًا وَغُلَام جميل الصُّورَة يسقيهم فألح الْأَمِير على الْغُلَام فِي سقِِي عبد الله فَقَالَ ... يَا حسن الْوَجْه لَا تكن صلفاً ... مَا لحسان الْوُجُوه والصلف ... الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 .. يحسن أَن تحسن الْقَبِيح وَلَا ... ترثي لصب متيم دنف ... فخيره بَين بدرة والغلام فَاخْتَارَ خوفًا من الظنة 36 - أَبُو الْأَصْبَغ عبد الْعَزِيز بن فاتح الْقُرْطُبِيّ ذكر مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد أَنه كَانَ من عُمَّال قرطبة فِي مُدَّة لمتونة واختص بأميرها الزبير بن عمر الملثم ونادمه وَكَانَ عَارِفًا بِالْغنَاءِ وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله ... عَاد من بعد مَا أَطَالَ الصدودا ... وأتى مرغماً بِذَاكَ الحسودا وتناسى مَا كَانَ مِنْهُ قَدِيما ... وَأعَاد الزَّمَان خلقا جَدِيدا إِن يَوْمًا قضى لنا باجتماع ... لحقيق بِأَن يُسمى سعيدا ... وَقَوله ... قُم هَات كأسي فالروض مَمْطُور ... والأفق مسك وَالْأَرْض كافور ري وخمر فحثها عجلاً ... فكلنا عاطش ومقرور لَا حفظ الله من يضيعها ... فِي مثل ذَا الْيَوْم فَهُوَ مسحور المَاء فَوق الغصون مُنْتَظم ... والزهر بَين الرياض منثور ... وَمن كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام 37 - مُعَاوِيَة بن صَالح القَاضِي من تَارِيخ ابْن حَيَّان أَنه دخل الأندلس قبل دُخُول عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل وَهُوَ من جلة الْعلمَاء عالي الرِّوَايَة يذكر عَنهُ أَنه روى عَنهُ مَالك بن أنس الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وَوَجهه عبد الرَّحْمَن عَن أختيه اللَّتَيْنِ بِالشَّام ليتحيل فِي إيصالهما إِلَيْهِ فَلم يطاوعاه وَرجع فولاه قَضَاء حَضرته وَكَانَ يحضر مَعَه غَزَوَاته وَيحيى لَيْلَة بِالصَّلَاةِ فَإِذا أقبل النَّهَار تقدم فِي خيل حمص غازياً إِلَى أَن عَزله فِي آخر أَيَّامه وانشد لَهُ الحجاري وَغَيره هَذِه الأبيات الَّتِي قد نسبت لعبد الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل ... أَيهَا الرَّاكِب الميمم أرضي ... أقرّ من بَعْضِي السَّلَام لبعضي إِن جسمي كَمَا علمت بِأَرْض ... وفؤادي ومالكيه بِأَرْض قدر الله بَيْننَا بافتراق ... فَعَسَى الله باجتماع سيقضي ... 38 - القَاضِي أَبُو الْوَلِيد بن الفرضي وَصفه ابْن بسام بِحسن النّظم وَذكر أَنه لما حج تعلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَسَأَلَ الله الشَّهَادَة فَمَاتَ فِي فتْنَة البربر بقرطبة سنة أَرْبَعمِائَة قَالَ ابْن حزم أَخْبرنِي من رَآهُ بَين الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ وَهُوَ فِي آخر رَمق وَهُوَ يَقُول لَا يكلم أحد فِي سَبِيل الله وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله إِلَّا جَاءَ وجرحه يَوْم الْقِيَامَة يثعب دَمًا اللَّوْن لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وَهَذَا حَدِيث صَحِيح فِي كتاب مُسلم وَأنْشد لَهُ وَكَانَ قد كتب بهَا إِلَى أَهله حِين توجه لِلْحَجِّ ... مَضَت لي شهور مُنْذُ غبتم ثَلَاثَة ... وَمَا خلتني أبقى إِذا غبتم شهرا وَمَا لي حَيَاة بعدكم أستلذها ... وَلَو كَانَ هَذَا لم أكن بعْدهَا حرا أعلل نَفسِي بالمنى فِي لقائكم ... وأستسهل الْبر لذِي جبت والبحرا ويؤنسني طي المراحل دونكم ... أروح على أَرض وأغدو على أُخْرَى وتالله مَا فارقتكم عَن قلي لكم ... وَلكنهَا الأقدار تجْرِي كَمَا تجْرِي ... وَذكر الحجاري أَنه ولي فِي الْفِتْنَة قَضَاء إستجة وَرغب إِلَيْهِ أهل مصر فِي الْإِقَامَة عِنْدهم فَقَالَ من الْمُرُوءَة النزاع إِلَى الوطن 39 - القَاضِي الفيلسوف أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن أَحْمد بن الإِمَام الْفَقِيه القَاضِي أبي الْوَلِيد مُحَمَّد بن أَحْمد بن رشد أدْركهُ وَالِدي وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي وَصفه الشقندي فَقِيه الأندلس وفيلسوفها الَّذِي لَا يحْتَاج فِي نباهته إِلَى تَنْبِيه وَأنْشد من شعره قَوْله ... مَا الْعِشْق شأني وَلَكِن لست أنكرهُ ... كم حل عقدَة سلواني تذكره من لي بغض جفوني عَن مخبرة ال ... أجفان قد أظهرت مَا لست أضمره ... الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 .. لَوْلَا النهى لأطعت اللحظ ثَانِيَة ... فِيمَن يرد سنا الألحاظ منظره مَا لِابْنِ سِتِّينَ قادته لغايته ... عشرِيَّة فنأى عَنهُ تصبره قد كَانَ رضوى وقاراً فَهُوَ سافية ... الْحسن يُورِدهُ والهون يصدره ... وَولي قَضَاء الْقُضَاة بقرطبة وَكَذَلِكَ جده أَبُو الْوَلِيد وَمَات جده سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَلأبي الْوَلِيد الْأَصْغَر تصانيف كَثِيرَة فِي الْفُرُوع وَالْأُصُول والنحو والفلسفة وَغير ذَلِك وَآل أمره مَعَ مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَقد وقف على قَوْله عَن الزرافة وَقد رَأَيْتهَا عِنْد ملك البربر فقرعه على ذَلِك فَاعْتَذر أَنه مَا قَالَ إِلَّا ملك البرين إِلَى أَن أَمر بِهِ فأقيم وَجعل كل من يمر بِهِ يلعنه ويبصق فِي وَجهه ثمَّ أَمر بنفيه إِلَى بَيَانه مَدِينَة الْيَهُود 40 - الْفَقِيه القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى ابْن المناصف الْقُرْطُبِيّ قَالَ وَالِدي بَنو المناصف الثَّلَاثَة اجْتمعت بهم وذاكرتهم فَمَا رَأَيْت مِنْهُم إِلَّا نجيباً مبرزاً وَالْفضل لأبي عبد الله لِأَنَّهُ تفنن فِي الْعُلُوم وَولي أكبر خطط الْقَضَاء مثل مرسية وبلنسية وَإِن كَانَ مُوسَى أرق شعرًا فَإِنَّهُ أمتن علما فِيمَا يتَعَلَّق بالأصول وَالْفُرُوع وَكَانَ أَبُو إِسْحَاق مشاركاً مديد الباع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَولي قَضَاء سجلماسة وَلأبي عبد الله الرجز الْمَشْهُور بالمغرب فِي الشيات قَالَ وَمِمَّا أنشدنيه لنَفسِهِ قَوْله من قصيدة للناصر ... دَانَتْ لَك الْعَرَب طوع الْحق والعجم ... وَأصْبح الدَّهْر عَن علياك يبتسم ... الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وَقَوله ... تغيب عني وقلبي ... لديك رهن معذب فَرده لي وبن حَيّ ... ث مَا تشا وتغيب الله يعلم أَنِّي ... طول الدجى أتقلب فجد عَليّ بطيف ... إِن كنت فِي الْوَصْل ترغب إِن لم تلح لي بَدْرًا ... فلح فديتك كَوْكَب ... وَقَوله ... ألزمت نَفسِي خمولاً ... عَن رُتْبَة الْأَعْلَام لَا يخسف الْبَدْر إِلَّا ... ظُهُوره فِي تَمام ... وَحج وَأقَام بِمصْر قَلِيلا وكر رَاجعا فَمَاتَ وَذكر الْمُحدث أَبُو الْعَبَّاس بن عمر الْقُرْطُبِيّ أَنه جمع كتابا فِيهِ أَرْبَعَة عُلُوم أصُول الدّين وأصول الْفِقْه وفروعه وسيرة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 41 - أَخُوهُ أَبُو إٍسحاق إِبْرَاهِيم بن المناصف قَالَ وَالِدي كَانَ فَقِيها جميل الْمَذْهَب ولي قَضَاء سجلماسة سَأَلته أَن ينشدني من شعره فَقَالَ من يحفظ من الشّعْر مَا تحفظ أَنْت يجب على الْعَاقِل أَلا ينشده شَيْئا إِلَى أَن أَنْشدني أحد أَصْحَابه لَهُ الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 .. يَا محرقاً قلبِي بِنَار الأسى ... وماحياً عَيْني بِمَاء الدُّمُوع رفقا فَإِنِّي بالجوى ذَاهِب ... كَيفَ يبْقى من جفاه الهجوع وَأبْصر الْغُصْن لوى عطفه ... والبدر محجوباً أَوَان الطُّلُوع ... وَقَوله فِي المجبنات ... هَات الَّتِي إِن قربت جَمْرَة ... فَهِيَ على الأحشاء كَالْمَاءِ كلما عض بهَا لاثم ... تبسمت عَن ثغر حسناء تبرية الظَّاهِر فضية ال ... بَاطِن لم تصنع بِصَنْعَاء ... وَكَانَ نحوياً 42 - أَبُو عمرَان مُوسَى بن عِيسَى بن المناصف ولي دَار الإشراف بمراكش فِي مُدَّة النَّاصِر وَذكره الشقندي وَوَصفه بحلاوة الشّعْر وَأنْشد لَهُ فِي غُلَام جزار ... قَالَت عواذله لما بصرن بِهِ ... فِي مجزر سَاقِط الأثواب واللمم لشد مَا عرض الْإِعْرَاض عاشقه ... فَأَيْنَ مَا يَدعِيهِ الدَّهْر من همم فَقلت صَارَت هموما كلهَا هميي ... فَمَا أفرق بَين الراس والقدم لطرفه فِي فُؤَادِي مَا لمديته ... فِيمَا تقسم كَفاهُ على الْوَضم ... وَجعله والدى اشعر بن المناصف وأشهرهم شعرًا قَالَ وَمِمَّا أَنْشدني من شعره قَوْله وَقد وَصله من حبوبه مُطيب من آس ... مطيبك الْمهْدي أجل مُطيب ... يق لَهُ عِنْدِي الْمقَام على جفني أَتَى كاسمه آس لما بِي من الجوى ... فَحل حُلُول السعد وَالْمَال والأمن ... الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 .. وَمَا جَاءَنِي وَالْكل مِنْهُ مسامع ... مؤللة إِلَّا ليسمع مَا أثنى لعمري لقد بتنا وبيني وَبَينه ... كَمَا بَين خيري الحديقة والدجن يذكر أَيَّام العناق اتساقه ... فأسقيه من عَيْني ضروباً من المزن ... وَمن قصيدة ... وان لم يردوا من فُؤَادِي مَا سبوا ... يَوْم النَّوَى أتحفتهم بِالْبَاقِي ... وَفِي مطلع أُخْرَى ... جاروا وَمَا علمُوا مَا يشتكى الْجَار ... من الْقُلُوب جلاميد وأحجار ... وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء عُلَمَاء الْقُرْآن الْعَزِيز 43 - أَبُو عبد الله جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مكي ابْن أبي طَالب الْقَيْسِي جده مكي القيرواني الْمَشْهُور بالزهد والقراءات وَأثْنى ابْن بسام على جَعْفَر وَأنْشد لَهُ شعرًا فِي رثاء أبي مَرْوَان بن سراج الْعَالم أَوله ... انْظُر إِلَى الأطواد كَيفَ تَزُول ... ولحالة العلياء كَيفَ تحول ... الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 .. يهوى الْفَتى طول الْبَقَاء مؤملاً ... وَله رحيل لَيْسَ مِنْهُ فَقَوْل ... وَذكر الحجاري أَنه حذا حَذْو جده فِي الإقراء وَذكر ابْن بشكوال أَن جده مكياً توفّي بقرطبة فِي محرم سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة 44 - مُحَمَّد بن مَحْمُود المكفوف ذكر الْحميدِي أَن ابْن حزم أنْشد لَهُ ... كَأَن الْجِيَاد الصافنات وَقد عدت ... سطور كتاب والمقدم عنوان ... عُلَمَاء الحَدِيث 45 - أَبُو عَبَّاس أَحْمد بن قَاسم ... جعله الحجاري من رُؤَسَاء الْمُحدثين ورءوس المتفننين مشاركا فِي لعلوم الْقَدِيمَة والحديثة قَالَ ابْن بسام وَهُوَ فَتى وقتنا بِحَضْرَة قرطبة مقلة عين الْعَصْر وَأثْنى على نظمه ونثره وَأخْبر أَنه نظر فِي التعاليم وبرع على ضغر سنة وَبَينهمَا مُخَاطبَة واجتماع وَأنْشد لَهُ ... لهج النَّاس بالقبيح وهاموا ... فَالْزَمْ الْبَيْت واغلق الأبوابا وَإِذا مَا خرجت تطلب رزقا ... فَأكْثر الصمت واضمم الأثوابا ... الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 .. فكثير مِمَّن تجَالس تلقى ... من عُيُوب الورى لَدَيْهِ عيابا وَإِذا مَا سَأَلته عَن جميل ... فيهم لم تَجِد لَدَيْهِ جَوَابا لقى النَّاس قبلنَا عرة الدَّهْر ... وَلم نلق مِنْهُ إِلَّا الذباني ... وَقَوله ... خُذْهَا كَمَا اعتدلت أنابيب القنا ... فكري الثِّقَات لَهَا وذهني النَّار 46 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان اخبرني وَالِده صَحبه وَكَانَ يَقُول إِنَّه من أعظم من رَآهُ من الْعلمَاء وَالَّذِي غلب عَلَيْهِ علم الحَدِيث وَله مُشَاركَة فِي الْأَدَب وَمن شعره وَقد اصغى إِلَى غناء ... لَا تلحني إِن غذوت ذَا طرب ... لما ثناني للأنس غريد طوراً جليد وَتارَة طرب ... كالعود مِنْهُ الزَّوْرَاء وَالْعود ... وَمَات فِي الْمِائَة السَّابِعَة الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 عُلَمَاء النَّحْو 47 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يحي بن زَكَرِيَّا القلفاط الْقُرْطُبِيّ جعله الحجاري من نحاة قرطبة المعروفين بالإقراء وَجُمْلَة الشُّعَرَاء الْمَشْهُورين بالهجاء وترقت أذاته إِلَى أَن هجا عبد الله المرواني سُلْطَان الأندلس بِشعر مِنْهُ ... مَا يرتجى الْعَاقِل فِي مُدَّة ... الرجل فِيهَا مَوضِع الرَّأْس ... ووفد على إِبْرَاهِيم بن حجاج ملك اشبيلية فأنشده قصيدة ذمّ فِيهَا أهل بَلْدَة فَأَبْغضهُ لذَلِك قَالَ ابْن حَيَّان فَانْصَرف إِلَى قرطبة وابتدأ بِهِجَاء ابْن حجاج فَقَالَ شعره الَّذِي فِيهِ ... أبغي نوال الأكرمين مَعًا وَلَا ... أبغي نوال البومة البكماء ... فَبلغ الشّعْر ابْن حجاج فَأرْسل إِلَيْهِ من قَالَ لَهُ وَالله الَّذِي لَا إِلَه غَيره لَئِن لم تكف عَمَّا أخذت فِيهِ لآمرن من يَأْخُذ رَأسك فَوق فراشك فارتاع وكف 48 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الْعَبدَرِي الْقُرْطُبِيّ كَانَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد يجالسه كثيرا ويخبر عَن تبحره الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 فِي النَّحْو وَله شرح الْجمل وَشرح المقامات وعظمت مَنْزِلَته عِنْد الْمَنْصُور وَكَانَ لَهُ ملح وَشعر مليح كَقَوْلِه ... تقحمت جاحم حر الضلوع ... كَمَا خضت بَحر دموع الحدق أَكنت الْخَلِيل أَكنت الكليم ... أمنت الْحَرِيق أمنت الْغَرق ... وَقَوله ... طرفِي وحقك يرْعَى الن ... جوم نجماً فنجما مردداً فَكَأَنِّي ... أفك مِنْهَا معمى ... توفّي فِي الْمِائَة السَّادِسَة وَله رِسَالَة إِلَى مَحْبُوب يستدعيه فبا الله إِلَّا مَا لقِيت الرَّسُول بِوَجْه يدل على الْقبُول وتفضلت بِأَن تصل قبل رُجُوعه إِلَيْنَا وتخالفه من طَرِيق مُخْتَصر حَتَّى تطلع قبله علينا هُنَالك كُنَّا نخر للفضائل سجدا وَلَا نزال نوالي شكرك وذكرك أبدا عُلَمَاء اللُّغَة 49 - أَبُو عبد الْملك عُثْمَان بن الْمثنى الْقَيْسِي الْقُرْطُبِيّ وَصفه ابْن حَيَّان بِمَعْرِِفَة اللُّغَة والتجويد فِي الشّعْر وَذكر أَنه رَحل وَلَقي أَبَا تَمام الطَّائِي وَأخذ عَنهُ شعره وَلَقي ابْن الْأَعرَابِي وَغَيره وَكَانَ شجاعاً مكثراً للغزو فِي الثغور وأدب أَوْلَاد عبد الرَّحْمَن بن الحكم سُلْطَان الاندلس الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وَولد فِي صدر دولة هِشَام الرِّضَا فَأدْرك أَرْبَعَة سلاطين من المروانية آخِرهم مُحَمَّد وَفِيه يَقُول ... وَلَو لم اكن ادركت ملك مُحَمَّد ... وزمانه لحسبتي لم أخلق ... وزاره بعض إخوانه فِي مكتبه بقصر الْخلَافَة وَهُوَ يعلم ولدا الامير مُحَمَّد جميل الصُّورَة فَقَالَ هَل كَيفَ حالك مَعَ هَذَا الرشأ فَقَالَ لَا أَزَال أشْرب خمر عَيْنَيْهِ فَلَا أروى وَهُوَ يسقينها دَائِما وَأَنْشَأَ يَقُول ... صناعَة عَيْني السهاد وانما ... صناعَة عينه الخلابة وَالسحر وَلَو بِفنَاء الدَّهْر أَرْجُو نواله ... إِذا لَوَدِدْنَا أَنه فنى الدَّهْر ... وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ عَن أَربع وَتِسْعين سنة وَجعله الحجاري أحد أَئِمَّة النُّحَاة اللغويين 50 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن بكر بن سَابق الكلَاعِي وَقيل الْبكْرِيّ الْمَعْرُوف بالنذل من تَارِيخ ابْن حَيَّان أَن مُؤمن بن سعيد لقبه بذلك وَكَانَ مؤدباً بالنحو عَالما بِاللِّسَانِ مبرزاً فِي الشّعْر ادبيا بليغاً أدب أَوْلَاد الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بن الحكم وَكَانَ يحب الغلمان وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة فِي الْأَمِير الْمَذْكُور ... أيرجو الْمُشْركُونَ لَهُم بَقَاء ... وَقد عزم الْأَمِير على الْجِهَاد ... وَمن لطيف شعره قَوْله ... إِذا لم يكن لي من ضميرك شَافِع ... إِلَيْك فَإِنِّي لَيْسَ لي مِنْك نَاصِر ... الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 .. ألان لداود الْحَدِيد بقدرة ... مليك على تليين قَلْبك قَادر صبرت ومالى بالتصبر طَاقَة ... فياليت قلبِي مثل قَلْبك صابر وفارقتني فالدار غير بعيدَة ... وأوحش شَيْء أَن يُفَارق حَاضر ... وَله من شعر ... وَمَا ضمني يَوْمًا وَإِيَّاك مجْلِس ... من الدَّهْر إِلَّا وَهُوَ لي مِنْك غَائِط وَإِنِّي لأغني النَّاس عَن كل مجْلِس ... يلاحظني فِيهِ على الكره لاحظ ... 51 - أَبُو عُثْمَان سعيد بن الْفرج الْمَعْرُوف بالرشاش مولى بني أُميَّة الْقُرْطُبِيّ اللّغَوِيّ من تَارِيخ ابْن حَيَّان أَنه كَانَ من آدب النَّاس فِي زَمَانه وأقومهم على لِسَان الْعَرَب وأحفظهم للغة وأعلمهم بالشعر وَحكى عَنهُ أَنه كَانَ يحفظ أَرْبَعَة آلَاف أرجوزة وَكَانَ شَدِيد التقعير فِي كَلَامه وَقد ضرب بِهِ الْمثل فِي الفصاحة فِي الأندلس كَمَا ضرب ببكر الْكِنَانِي رسيله وَلما لحقته سِعَايَة عِنْد نصر خصى الْأَمِير عبد الرَّحْمَن وَأمر بضربه جعل يستغيث وَيَقُول تَحَنن عَليّ أَبَا الْفَتْح سَيِّدي شيخ كَبِير يفن أبق عَليّ وَلَا تسط بِي ورحل إِلَى الْمشرق وَحج وَدخل بَغْدَاد وروى عَن الأكابر وقفل فسكن مصر ثمَّ القيروان إِلَى أَن بلغه أَن عبد الرَّحْمَن ولي سلطنة الأندلس وَكَانَت بَينهمَا وصلَة فوفد عَلَيْهِ فرعاه وقربه وَأكْثر الرشاش مدحه وَله يَقُول ... أَصبَحت لَا أحسد إِلَّا امْرَءًا ... ينَال من قربك مَا أحرمهُ ... الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وَذكره مُعَاوِيَة بن هِشَام وَعبادَة والحجاري وَوَصفه بالتندير وَهُوَ الْقَائِل فِي ابْن الشمر ... إِنَّنِي أكره الهجاء وَلَك ... ن إِلَى الله فِي هجائك قربه ... 52 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن سراج من الذَّخِيرَة أَن جده سراج بن قُرَّة الْكلابِي صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأصَاب سلفه سباء صيرهم فِي موَالِي بني أُميَّة وَأثْنى على عظم بَيتهمْ بقرطبة وأفرط فِي تَعْظِيم أبي مَرْوَان هَذَا وَقَالَ فِي وَصفه محيي علم اللِّسَان بِجَزِيرَة الأندلس قَالَ وَلم ير مثله قبله وَلَا يرى بعده وَالله أعلم ولد لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول سنة أَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة لثمان خلون من ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعين ورثاه جمَاعَة مِنْهُم ابْن عبدون وَأنْشد لَهُ ابْن بسام ... جدرت فَقَالُوا بهَا عِلّة ... ستقبح بعد بآثارها ... أَلا إِنَّهَا رَوْضَة نورت فزادت جمالا بأنوارها ... وَأَطْنَبَ فِي وَصفه صَاحب القلائد وَقَالَ الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 أودى فطويت المعارف وتقلص ظلها الوارف إِلَّا أَنه كَانَ يضجر عِنْد السُّؤَال فَمَا يكَاد يُفِيد ويتفجر غيظاً على الطَّالِب حَتَّى يتبلد وَلَا يَسْتَفِيد وَأنْشد لَهُ من قصيدة فِي مدح المظفر بن جهور ... أما هَوَاك فَفِي أعز مَكَان ... كم صارم من دونه وَسنَان وَبنى حروب لم تزل تغذوهم ... حَتَّى الْفِطَام ثديها بلبان فِي كل أَرض يضْربُونَ قبابهم ... لَا يمْنَعُونَ تخير الأوطان أَو مَا ترى أوتادها قصد القنا ... وحبالهن ذوائب الفرسان ... وَجعله الحجاري أصمعي الأندلس وَأخْبر أَن صَاحب سفط اللآلي أثنى عَلَيْهِ وعَلى بَيته وَذكر أَن عبد الْملك بن أبي الْوَلِيد بن جهور عَتبه فِي كَونه جَاءَ لزيارته وَأَبُو مَرْوَان لَا يزوره فَقَالَ أعزّك الله أَنْت إِذا زرتني قَالَ النَّاس امير زار عَالما تَعْظِيمًا للْعلم واقتباساً مِنْهُ وَأَنا إِذا زرتك قيل عَالم زار أَمِيرا للطمع فِي دُنْيَاهُ وَالرَّغْبَة فِي رفده وَلَا يصون علمه فتعجبوا من جَوَابه 53 - ابْنه أَبُو الْحُسَيْن سراج بن أبي مَرْوَان بن سراج من الذَّخِيرَة اسْم وَافق مُسَمَّاهُ وَلَفظ طابق مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ سراج علم وأدب وبحر لُغَة ولسان الْعَرَب وَإِلَيْهِ فِي وقتنا هَذَا بِحَضْرَة قرطبة تشد الأقتاب وتنصي الركاب وَأثْنى على نظمه ونثره وَأنْشد لَهُ قَوْله الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 .. لما تبوأ من فُؤَادِي منزلا ... وغذا يُسَلط مقلتيه عَلَيْهِ ناديته مسترحماً من لوعة ... أفضت بأسرار الضلوع إِلَيْهِ رفقا بمنزلك الَّذِي تحتله ... يَا من يخرب بَيته بيدَيْهِ ... عُلَمَاء التَّارِيخ 54 - ابْن حَيَّان ثلب أَبَا الحزم فَقَالَ الله لقد صدق وَإِنِّي وَالله مَا أصلح لهَذَا الْأَمر وَلَكِن مكْرها لَزِمته وَحلف عبد الْملك بن جهور أَن يسفك دَمه فَأحْضرهُ أَبوهُ أَبُو الْوَلِيد وَقَالَ وَالله لَئِن طَرَأَ على ابْن حَيَّان أَمر لَا آخذن أحدا فِيهِ سواك أَتُرِيدُ أَن يضْرب بِنَا الْمثل فِي سَائِر الْبلدَانِ بِأَنا قتلنَا شيخ الْأَدَب والمؤرخين ببلدنا تَحت كنفنا مَعَ أَن ملموك الْبِلَاد القاصية تداريه وتهاديه وَأنْشد لَهُ نظماً وَقَالَ سُبْحَانَ من جعله إِذا نثر فِي السَّمَاء وَإِذا نظم تَحت تخوم المَاء 55 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الصفار الْأَعْمَى الزَّمن الْقُرْطُبِيّ من بني الصفار المنتمين إِلَى بني مغيث مولى بني أُميَّة وَهُوَ بَيت عَظِيم الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 بقرطبة وَكَانَ هَذَا الشيح باقعة قد أَخذ نَفسه بالوقوع فِي الْأَعْرَاض مَأْخَذ ابْن حَيَّان على مَا تقدم وَتركته بتونس فنعي إِلَى سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَلم أر أعجب من شَأْنه فَإِنَّهُ كَانَ أعمى معطل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ شنيع الْخلقَة لَا يزَال لعابه يسيل وَوَجهه يَهْتَز وَإِذا جاذبيه اهداب الاداب رَأَيْت مِنْهُ بحرا زاجرا وَكَانَ آيَة فِي الْحساب والفرائض مقدما على أَعْرَاض الْمُلُوك وَالْوُجُوه وحسبك أَنه لما قَالَ أَبُو زيد الفازازي كَاتب الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور ابْن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن قصيدته الَّتِي أَولهَا الحزم والعزم منسوبان للْعَرَب وَكَانَ أنصاره عرب جشم قَالَ ابْن الصفار فِي مناقضتها قصيدته الَّتِي مِنْهَا فِي ذكر الْمَأْمُون عَم يحيى بن النَّاصِر ومخاصمة على الْخلَافَة ... وَإِن ينازعك فِي الْمَنْصُور ذُو نسب ... فنجل نوح ثوى فِي قسْمَة العطب ... وَإِن يقل أَنا عَم فَالْجَوَاب لَهُ ... عَم النَّبِي بر شكّ أَبُو لَهب ... وشاعت القصيدة وَبَلغت الْمَأْمُون فحرص على قَتله فَلَمَّا كبس مَدِينَة فاس وفر أَمَامه مِنْهَا يحيى بن النَّاصِر وَكَانَ ابْن الصفار فِي خدمته اختفى عِنْد عَجُوز فِي خوص على قَارِعَة الطَّرِيق وَقَامَت بِحَالهِ لما رَأَتْهُ عَلَيْهِ من الْأَعْذَار الْمُوجبَة للصدقة وَأمر الْمَأْمُون المنادين فِي الْأَسْوَاق بالبحث عَنهُ وتحذير من كتمه بإراقة الدَّم وَالْإِحْسَان لمن اظهره واذكيت الْعُيُون عَلَيْهِ فستره الله إِلَى أَن سكنت تِلْكَ النائرة وَلحق بإفريقية فَأحْسن إِلَيْهِ سلطانها أَبُو زَكَرِيَّا بن عبد الْوَاحِد واجرى عَلَيْهِ مشاهر وجالسه إِلَى أَن كرهه لما شَاهده من كَثْرَة وُقُوعه فِي الْأَحْيَاء والأموات فحجبه عَن مَجْلِسه وَلم يقطع الْإِحْسَان عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وسايرته يَوْمًا فأنشدني لنَفسِهِ قَوْله ... لَا تحسب النَّاس سَوَاء مَتى ... مَا اشتبهوا فَالنَّاس أطوار وَانْظُر إِلَى الْأَحْجَار فِي بَعْضهَا ... مَاء وَبَعض ضمنه نَار ... وَقَوله ... يَا طالعاً فِي جفوني ... غَائِبا فِي ضلوعي بالغت فِي السخط ظلما ... وَمَا رحمت خضوعي إِذا نَوَيْت انْقِطَاعًا ... فاعمل حِسَاب الرُّجُوع ... وَمن نثره لَا يَتَهَلَّل عِنْد سُؤَاله وَلَا يَأْخُذ رائده من أدبه وَلَا مَاله أَيهَا الغبي المتعثر فِي ذيول جَهله وجاهه الاشوس الطّرف من غير حول الرافع أَنفه دون شمم الساري إِلَى العلياء سرى الْعين الَّذِي لَا يظفر مِنْهُ قاصده المخدوع بِغَيْر التَّعَب والمين وعض الْيَدَيْنِ من دلك على وَمن هداك الي مَتى استعدعيتني إِلَى ربعك وتكلف من التجمل لحضور الْفُضَلَاء مَا لَيْسَ فِي طبعك وَمنا الْعجب مِنْك حِين رغبت عَن كنيف فِي تلطيخ بِطيب بل الْعجب مِمَّن كَانَ فِي طيب فجَاء يتلطخ بكنيف وَكَأَنِّي بك فِي مَنْزِلك العامر بالحرمان الغامر من الْفضل وَالْإِحْسَان وَقد قعدت فِي بهوه ونفخت شخصك الضئيل فِي زهوه وَمِنْه ذُو اللِّحْيَة الطَّوِيلَة والجثة الضئيلة الْوَسخ الأثواب العرى من الْآدَاب الْمُرْسل لِسَانه فِي كل عرض الْآخِذ فِي كل قَبِيح بالطول وَالْعرض وَمِنْه ثمَّ قلت لي ابدأ بِمذهب أبي حنيفَة أَو بِمذهب امرىء الْقَيْس فكدت وَالله أضرط ضحكاً وَلَا أَخَاف فِي تبعة الْأَدَب دركاً فَاتق الله بستر نَفسك وَلَا تكن فِي غدك أَجْهَل مِنْك فِي أمسك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 56 - الأديب أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق الزُّهْرِيّ الْقُرْطُبِيّ من حفاظ مؤرخي الأندلس وأدبائها جالسته كثيرا فِي إشبيلية ومالقة وَكَانَ وَالِدي يُكرمهُ لحفظه وَالَّذِي فِي ذكري الْآن من شعره قَوْله من قصيدة فِي ذمّ بني هود حِين خلعوا عَن إشبيلية ... كَأَنَّمَا الرَّايَة السَّوْدَاء قد نعبت ... لَهُم غراباً ببين الْأَهْل وَالْولد مَاتَ الْهدى تحتهَا من فرط رَوْعَته ... فأظهر الدَّهْر مِنْهَا لبسة الكمد ... عُلَمَاء الفلسفة 57 - سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد ربه الْقُرْطُبِيّ هُوَ ابْن أخي أبي عمر بن عبد ربه صَاحب العقد ذكره صاعد فِي كتاب طَبَقَات الْأُمَم وَأخْبر أَنه فصد يَوْمًا فَبعث إِلَى عَمه الْمَذْكُور رَاغِبًا فِي الْحُضُور عِنْده فَلم يسعفه فَكتب لَهُ ... لما عدمت مؤانساً وجليسا ... نادمت بقراطاً وجالينوسا وَجعلت كتبهما شِفَاء تفردى ... وهما الشِّفَاء لكل برح يوسى ... فجاوبه عَمه ... ألفيت بقراطاً وجالينوسا ... لَا يأكلان ويرزآن جَلِيسا ... الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 .. فجعلتهم دون الْأَقَارِب جنَّة ... ورضيت مِنْهُم صاحباً وأنيسا وأظن بخلك لَا يرى لَك تَارِكًا ... حَتَّى تنادم بعْدهَا إبليسا ... قَالُوا وَكَانَ جميل الْمَذْهَب طيبا شَاعِرًا منقبضاً عَن الْمُلُوك وَهُوَ الْقَائِل ... أَمن بعد غوصي فِي عُلُوم الْحَقَائِق ... وَطول انبساطي فِي مواهب خالقي وَفِي حِين إشرافي على ملكوته ... أرى طَالبا رزقا إِلَى غير رَازِق ... وَمن المسهب أَنه كَانَ آيَة فِي فنون الْعلم الْقَدِيم لكنه ثقيل الطلعة سيئ الْأَدَب والمقابلة وَلذَلِك كَانَ عَمه أَبُو عمر يكرههُ وَذكر أَن النَّاصِر المرواني استحضره لينْظر عَلَيْهِ فِي الْعلم الْقَدِيم فقابله من الْكَلَام الْعَاميّ الجلف بِمَا كرهه من أَجله وأبعده 58 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن الحناط الرعيني الْأَعْمَى الْقُرْطُبِيّ من المسهب أَن أَبَاهُ كَانَ يَبِيع الْحِنْطَة بقرطبة وَنَشَأ هَذَا الْأَعْمَى نشأة أعانته على أَن بلغ غَايَة من الْعلم الحَدِيث وَالْعلم الْقَدِيم وَكَانَ بَنو ذكْوَان هم الَّذين كفوه مؤونة الدَّهْر وفرغوه للاشتغال بِالْعلمِ وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْمنطق حَتَّى اتهمَ فِي دينه وَنفي عَن قرطبة وَله فِي فراره واستقراره بالجزيرة الخضراء تَحت كنف أميرها مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن حمود قصيدة مِنْهَا الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 .. تفرغت من شغل الْعَدَاوَة والظعن ... وصرت إِلَى دَار الْإِقَامَة والأمن أمقتولة الأجفان من دمع حزنها ... افيقي فَإِنِّي قد أَفَقْت من الْحزن وَمَا عَن قلى فَارَقت تربة ارضكم ... وَلَكِنِّي أشفقت فِيهَا من الدّفن ... قَالَ وَكَفاك من شعره قَوْله من قصيدة فِي عَليّ بن حمود الْعلوِي ... راحت تذكر بالنسيم الراحا ... وطفاء تكسر للجنوح جنَاحا مرت على التلعات فاكتست الربى ... حللاً أَقَامَ لَهَا الرّبيع وشاحا فَانْظُر إِلَى الرَّوْض الأريض وَقد غَدا ... يبكي الغوادي ضَاحِكا مرتاحا والنور يبسط نَحْو ديمتها يدا ... أهدي لَهَا ساقي الندى أقداحا وتخاله حييّ الحيا من عرفه ... بدكيه فَإِذا سقَاهُ فاحا روض يحاكي الفاطمي شمائلاً ... طيبا ومزن قد حَكَاهُ سماحا ... وَمن نثره زففتها إِلَيْك بنت لَيْلَتهَا عذراء وجلوتها عَلَيْك كَرِيمَة فكرها حسناء تتلفع بحبرة حبرها وتتبجتر فِي شعار شعرهَا مؤتلف بَين رقها ومدادها ومجتمع فِي بياضها وسوادها اللَّيْل إِذا عسعس وَالصُّبْح إِذا تنفس وَذكر أَن الْوَزير بكر بن ذكْوَان مرض لَهُ ولد جميل طبه ابْن الحناط فَلَمَّا خلا بِهِ يَوْمًا سَأَلَهُ عَن حَاله فضجر الْغُلَام من طول الْعلَّة فَقَالَ أعرف وَالله دَوَاء يريحك قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تقبلني وآتيك بِهِ فاغتاظ الْغُلَام ثمَّ سهل عَلَيْهِ ذَلِك التمَاس الرَّاحَة فَقبله وَقَامَ ليَأْتِيه بالدواء فَقَالَ عمدته خِيَار شنبر وَهَا هُوَ حَاضر وكشف عَن وَقد قَامَ فاغتاط الْغُلَام وضربه بزبدية كَانَت أَمَامه فَخرج هَارِبا وَبَلغت الْحِكَايَة أَبَاهُ فَضَحِك مِنْهَا وتمثل ... كَيفَ يَرْجُو الْحيَاء مِنْهُ جليس ... وَمَكَان الْحيَاء مِنْهُ خراب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وَقيل لَهُ كَيفَ كَانَ هِشَام المعتد فَقَالَ يَكْفِي من الدّلَالَة على اخْتِيَاره أَنه استكتبني وَاتخذ ابْن شَهِيد جَلِيسا وَكَانَ ابْن الحناط أعمى وَابْن شَهِيد أَصمّ وَمن المتين لِابْنِ حَيَّان وَفِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة نعى إِلَيْنَا أَبُو عبد الله بن الحناط الشَّاعِر الأديب الْقُرْطُبِيّ بَقِيَّة الأدباء النحارير فِي الشّعْر هلك بالجزيرة الخضراء فِي كنف الْأَمِير مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن حمود وَكَانَ من أوسع النَّاس علما بعلوم الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَسَائِر التعاليم وَوَصفه بِفساد الدّين وَأَنه ولد أعشى الحملاق ثمَّ طفى نور عَيْنَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ بعد الْقِرَاءَة الْكَثِيرَة فازداد براعة وَكَانَ يتطبب عِنْده الْمُلُوك والخاصة وَقَالَ فِي وَصفه ابْن بسام زعيم من زعماء الْعَصْر وَرَئِيس رُؤَسَاء النّظم والنثر وَبَينه وَبَين أبي عَامر بن شَهِيد مناقضات نظماً ونثراً أشرقت أَبَا عَامر بِالْمَاءِ وَأخذت عَلَيْهِ بفروج الْهَوَاء وَمِمَّا أنْشدهُ لَهُ قَوْله فِي مُخَاطبَة المظفر بن الْأَفْطَس ملك بطليوس ... كتبت على الْبعد مستجدياً ... لعلمي بأنك لَا تبخل فجَاء الرَّسُول كَمَا اشتهي ... وَقد سَاق فَوق الَّذِي آمل وَمَا كَانَ وَجهك ذَاك الْجَمِيل ... ليفعل غير الَّذِي يجمل ... وَقَوله من قصيدة فِي عَليّ بن حمود ... لوينا بأعناق الْمطِي إِلَى اللوى ... وَقد علمتنا البث تِلْكَ المعالم سقى منبت اللَّذَّات مِنْهَا ابْن هَاشم ... إِذا انهملت من راحتيه الغمائم إِمَام أَمَام الدّين حد حسامه ... طرير وَمِنْه فِي يَد الله قَائِم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 ويزهر فِي يمناه زهر من الظبا ... لَهُ من رُءُوس الدارعين كمائم بِكُل خَمِيس طبق الأَرْض مقعه ... وضيق مسراه الجلاد الصلادم كَأَن مثار النَّقْع إثمد عينه ... وأشفار جفنيه الشفار الصوارم ... وَقَوله من قصيدة فِي الْقَاسِم بن حمود يذكر فِيهَا خيران الصقلى وَقتل النرتضى المرواني لما هزمهما صنهاجة على غرناطة ... لَك الْخَيْر خيران مضى لسبيله ... وَأصْبح ملك الله فِي ابْن رَسُوله وَفرق جمع الْكفْر وَاجْتمعَ الورى ... على ابْن حبيب الله بعد خَلِيله وَقَامَ لِوَاء النَّصْر فَوق ممنع ... من الْعِزّ جِبْرِيل إِمَام رعيله وأشرقت الدُّنْيَا بِنور خَليفَة ... بِهِ لَاحَ بدر الْحق بعد أفوله فَلَا تسْأَل الايام عَمَّا انت بِهِ ... فَمَا زَالَت الْأَيَّام تَأتي بسوله ... عُلَمَاء التنجيم 59 - عبد الله بن الشمر بن نمير الْقُرْطُبِيّ منجم سُلْطَان الأندلس عبد الرَّحْمَن بن الحكم ونديمه من المقتبس أَنه كَانَ نَسِيج وَحده مجموعاً لَهُ من الْخِصَال النبيلة مَا فرق فِي عمر من جَمِيع التعاليم وَالْأَدب وَالشعر والنثر وَكَانَ لطيفاً حلواً الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 يغلب على قلب من شَاهده وَصَحب عبد الرَّحْمَن قبل السلطنة أَيَّام وَالِد الحكم وَلما صَار الْأَمر إِلَيْهِ وفى لَهُ ونادمه وَذكر عبَادَة أَنه كَانَ قد بشر عبد الرَّحْمَن بِأَن الْأَمر سيصير إِلَيْهِ من جِهَة التنجيم فَلَمَّا كَانَ ذَلِك أحسن جزاءه وأجرى عَلَيْهِ رزقا للشعر وَرِزْقًا للتنجيم وَكَانَ أَيَّام تمكن نصر الخصى من عيد الرَّحْمَن يقل زِيَارَة مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن فَلَمَّا هلك نصر قَالَ شعرًا مِنْهُ ... لَئِن غَابَ وَجْهي عَنْك إِن مودتي ... لشاهدة فِي كل يَوْم تسلم وَمَا عاقني إِلَّا عَدو مسلط ... يذل ويشجي من يَشَاء ويرغم وَلم يستطل إِلَّا بكم وبعزكم ... وَمَا بنبغي أَن يمنح الْعِزّ مجرم فنحمد رَبًّا سونا بهلاكه ... فَمَا زَالَ بِالْإِحْسَانِ والطول ينعم ... وَذكر عبد الله النَّاصِر فِي كتاب العليل والقتيل أَن الْأَمِير عبد الرَّحْمَن قَالَ يَوْمًا لِابْنِ الشمر على الشَّرَاب مَا فعلت غفيرتك الَّتِي كَانَت جرداء قد صَارَت أخياطها كالعروق فَقَالَ عملت مِنْهَا لفائف لبغيلك الْأَشْهب وَكَانَ حِينَئِذٍ الْأَمِير عبد الرَّحْمَن لَيْسَ لَهُ مَا يركب إِلَّا البغيل الْمَذْكُور لِأَنَّهُ كَانَ مضيقاً عَلَيْهِ فِي زمَان وَالِده وَكَانَ لَهُ أَخ مرشح للسلطنة وَلم تتسع حَاله حَتَّى هلك أَخُوهُ وَذكر الرَّازِيّ أَن عبد الرَّحْمَن خرج مرّة لصيد الغرانيق الَّتِي كَانَ مُولَعا بهَا فأبعد وَكَانَ الشتَاء فَقَالَ ابْن الشمر شعرًا مِنْهُ ... لَيْت شعري امن حَدِيد خلقنَا ... ام نحتنا من ضخرة صماء كل عَام فِي الصَّيف نَحن غزَاة ... والغرانيق غزونا فِي الشتَاء إِذْ نرى الأَرْض والجليد عَلَيْهَا ... وَاقع مثل شقة بَيْضَاء وَكَأن الأنوف تجدع منا ... بالمواسى لزعزع ورخاء ... 0 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 .. نطلب الْمَوْت والهلاك بإلحا ح كأنا نشتاق وَقت الفناء ... وَبدر مِنْهُ مَا أوجب سجنه فَكتب إِلَيْهِ شعرًا مِنْهُ ... قل لمن أَمْسَى بِأَرْض ال ... غرب لِلْخلقِ ربيعا لَا يضيق لي مِنْك مَا قد ... وسع النَّاس جَمِيعًا ... وَذكر ابْن حَيَّان أَن الْأَمِير عبد الرَّحْمَن كَانَ مصغياً لأحكام التنجيم وَلم يكن عِنْده فِي المنجمين مثل ابْن الشمر وغض يَوْمًا من علم المنجمين وَقَالَ إِنَّه مخرقة ورجم بِالْغَيْبِ فَأَرَادَ ابْن الشمر أَن يُقيم لَهُ برهانا على صِحَّته بَان قَالَ الامير اختبر فِي مقامك بِمَا شتئت فَقَالَ إِن أنبأتني على أَي بَاب من أَبْوَاب هَذَا الْمجْلس أخرج فِي قيامي صدقت بعلمك فَكتب ابْن الشمر فِي ورقة مختومة مَا اقْتضى لَهُ الطالع ودعا الْأَمِير من فتح لَهُ بَابا مُحدثا فِي غارب الْمجْلس الَّذِي يَلِي مَقْعَده ثمَّ خرج مِنْهُ وَترك الْخُرُوج من أَبْوَاب الْمجْلس الْأَرْبَعَة وَفتح الورقة فَوجدَ فِيهَا مَا فعله الْأَمِير فتعجب وَوَصله وَنزل بفحص السرادق أَعلَى قرطبة وَقد قفل من غزَاة مزعما على الدُّخُول إِلَى قرطبة صَبِيحَة غده فِي تعبئة كَامِلَة فَقَالَ لَهُ ابْن الشمر لتعلم أَنَّك مغلوب على ذَلِك وَلَا بُد لَك اللَّيْلَة من الْمُبين فِي قصرك فَقَالَ وَالله لأدخلنه فَقَالَ وَالله لتدخلنه مكْرها ولأكونن فِي هيئتي شبهك فِي طريقك إِلَيْهِ وسوف ترى فَغَضب ووكل بِهِ وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم مشمساً صائفاً فَمَا هُوَ إِلَّا أَن دنا الْمسَاء فانهمل من الْمَطَر وهب من الرّيح مَا ضج لَهُ النَّاس وتداعوا للدخول لقرطبة وَلم يجد الْأَمِير بدا من مبادرة قصره وَركب فِي نفر من خاصته وَابْن الشمر إِلَى جَانِبه يسايره فوطئت دَابَّة ابْن الشمر مسمارا فَلم تنهض أَمر لَهُ بفرس من جنائبه بسرجه ولجامه فَرَكبهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وشكا نُفُوذ المَاء لغفارته الَّتِي كَانَ يتوفاه بهَا ووصوله إِلَى جسده أَمر لَهُ الْأَمِير بممطر خَز من مماطره وقنزعة من قنازعه صبا عَلَيْهِ فَاسْتَوَى والأمير فِي لبوسه وَمضى يسايره فَلَمَّا نزل قَالَ لَهُ يَا مولَايَ كَيفَ رَأَيْت قولي فَقَالَ انْطلق بِمَا عَلَيْك وتحتك والصلة لاحقة بك وَكتب ابْن الشمر فِي الْحِين رقْعَة فِيهَا ... تحرّك حِين حركه ... لوقت إيابه الْقدر فيا من دونه الحجا ... ب والأستار وَالْحجر لَئِن كنت امْرَءًا تخشى ... بَوَادِر زَجره الْبشر فَمَا يخشاك بهْرَام ... وَلَا زحل وَلَا الْقَمَر ... وَجعله الحجاري رَئِيس المنجمين بالأندلس إِلَى مَا حباه الله بِهِ حسن الْخلال الَّتِي بِأَقَلِّهَا يبلغ الْكَمَال عُلَمَاء الموسيقى 60 - اسحاق بن شَمْعُون الْيَهُودِيّ القرطيى من المسهب أحد عجائب الزَّمَان فِي الاقتدار على الألحان وَكَانَ قد لَازم ابْن باجة وَأحسن الْغناء بِلِسَانِهِ وَيَده وَأخذ طرائق كَثِيرَة عَن كلب النَّار واعتبط شَابًّا وَكَانَ لَهُ نظم رائق كَفاك مِنْهُ قَوْله ... قُم هَات كأسك فالنعيم قد اتسق ... وَالْعود عَن دَاعِي المسرة قد نطق ولديك من حث الكووس ازهرا ... فِي الْخَزّ يمرح كالأراكة فِي الْوَرق والزهر زهر والرياض سماوها ... وَالْفَجْر نهر والشقائق كالقدر ... الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وَكَانَ كثير الْمقَام على شرب المدام وَهُوَ الْقَائِل ... خبرت الْعَالمين فَلم أجد من ... يثير لي المنى غير المدام تجلى الْهم عَن فكري وتبدى ... لي اللَّذَّات أجمع فِي نظام وتطعمني بمالا أرتجيه ... بأحلى من لذاذات الْمَنَام وَتخرج بِي إِذا واليت حثاً ... بهَا فِي الشّرْب من خلق الطغام وَلَو أَنِّي أحكم لم اذرها ... تحل بِغَيْر افاق الْكِرَام ... عُلَمَاء الطِّبّ 61 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قادم الْقُرْطُبِيّ من المسهب من أطباء قرطبة الْمَشْهُورين فِي الدولة المروانية وَأنْشد لَهُ من قصيدة ... بِأَيّ لِسَان أقتضى شكر نعْمَة ... منت بهَا عفوا وَلم أَتكَلّم وَقد كَانَ حَالي فِي أخير ذمائه ... فَكنت لَهُ مثل الْمَسِيح ابْن مَرْيَم ولولاك مَا كَانَ القريض بِنَافِع ... وَلَا كَانَ فِي جيد الْعلَا بمنظم ... وَله فِي بدأة قصيدة يرثي بهَا وَلَده ... بني بكاك الْجُود وَالسيف والقلم ... وَلَو نستطيع الشهب لم تبد فِي الظُّلم ... 62 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن خَليفَة الْقُرْطُبِيّ يعرف بالمصري لطول إِقَامَته بِمصْر من الذَّخِيرَة شيخ الفتيان وآبدة الزَّمَان وخاتمة أَصْحَاب السُّلْطَان الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 وَكَانَ رَحل إِلَى مصر واسْمه خامل وسماؤه عاطل فَلم يلبث أَن طَرَأَ على الأندلس وَقد نَشأ خلقا جَدِيدا وَجرى إِلَى النباهة طلقا بَعيدا فتهادتهه الدول وانتهت إِلَيْهِ التفاصيل والجمل وَكلما طَرَأَ على ملك فَكَأَنَّهُ مَعَه ولد وَإِلَيْهِ قصد يجْرِي مَعَ كل أحد ويجول فِي كل بلد وتلون فِي الْعَالم تلون الزَّمَان وتلاعب بملوك الطوائف تلاعب الرِّيَاح بالأغصان حَتَّى ظفر بِهِ الْمَأْمُون بن ذِي النُّون فَشد عَلَيْهِ يَد الضنين وَذكر أَنه اشْتهر بالطب وَكَانَ كثير النادرة حَاضر الْجَواب ووقفت لَهُ على شعر أَكْثَره عاطل من حلية البديع وَلما انصرفت الدولة الذنونية تحيز إِلَى إشبيلية فأنس الْمُعْتَمد بمكانه وَجعل لَهُ حظاً من سُلْطَانه وَذكر أَنه بَقِي بعد خلع الْمُعْتَمد مُشْتَمِلًا على فضل جدة إِلَى أَن توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة يَوْم الْجُمُعَة منتصف رَجَب وَذكر ابْن حَيَّان أَنه كَانَ ابْن جَار لَهُ خفاف وَأخذ فِي ذمه وَأنْشد لَهُ فِي المامون ذِي النُّون ... وَقد كَانَ لي فِي مصر دَار إِقَامَة ... وَلَكِن إِلَى الْمَأْمُون كَانَ التشوق حللت عَلَيْهِ والمكارم جمة ... وسحب العطايا فَوْقهَا تتألق ... وَقَوله ... الْحبّ دَاء دواؤه الْقبل ... وَالرسل بَين الْأَحِبَّة الْمقل يَا حفظ الله لَيْلَة سلفت ... حيت ببدر سماؤه الْكل بيتنا وَرَاح العفاف تلحفنا ... برد وَفَاء والشمل مُشْتَمل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 .. اثْنَان من شدَّة التعانق قد ... صَارا كفرد بِالروحِ يتَّصل حَتَّى إِذا غرَّة الصَّباح بَدَت ... وجفنة بالعبير مكتحل فارقني وَهُوَ خَائِف وَجل ... نشوان من خمرة الصِّبَا ثمل عَيْنَايَ مِنْهُ قريرة أبدا ... وَالنَّار بَين الضلوع تشتعل ... ومدح بلقين بن حَمَّاد صَاحب القلعة ومدح باديس بن حبوس صَاحب غرناطة بقصيدة مِنْهَا ... رخست أصُول علاكم تَحت الثرى ... وَلكم على خطّ المجرة دَار تبدو شموس الدجن من أطواقكم ... وَتفِيض من بَين البنان بحار إِن المكارم صُورَة مَعْلُومَة ... أَنْتُم لَهَا الأسماع والأبصار ذلت لكم قمم الْخَلَائق مِثْلَمَا ... ذلت لشعري فِيكُم الْأَشْعَار فَمَتَى مدحت وَلَا مدحت سواكم ... فمديحكم فِي مدحه إِضْمَار ... وَقَوله ... أَلا يَا هِنْد قد قضيت حجى ... فهات شرابك الْعطر العجيبا فقد ذهب ذُنُوبِي فِي طوافي ... فقومي الْآن نقترف الذنوبا خلطنا مَاء زَمْزَم فِي حشانا ... بِمَاء الْكَرم فامتزجا قَرِيبا ... وَقَوله ... أَي هِلَال أطل فِينَا ... مطلعه الطوق فِي الْجُيُوب كحيل طرف ثقيل ردف ... مبسمه اللُّؤْلُؤ الرطيب يقودنا كَيفَ شَاءَ طَوْعًا ... لِأَن أعوانه الْقُلُوب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَذكر الحجاري ذمّ ابْن حَيَّان لَهُ وَقَالَ مَا كَانَ لَهُ عِنْده ذَنْب إِلَّا جواره فبئس الذمام وَذكر أَنه قصد بعد ابْن ذِي النُّون الْمُعْتَمد بن عباد فَلم يحمده وَكتب لَهُ رِسَالَة بعد انْفِصَاله عَنهُ فِيهَا ... رحلت وَفِي الْقلب جمر الغضا ... وهجري لكم دون شكّ صَوَاب كَمَا تهجر النَّفس طيب الطَّعَام ... إِذا مَا تساقط فِيهِ الذُّبَاب ... وذمه ابْن اللبانة فِي كتاب سقيط الدُّرَر لِأَن الْمُعْتَمد بن عباد كَانَ يعظمه ويجزل إحسانه لَهُ فَلَمَّا خلع ظهر مِنْهُ فِي حَقه قلَّة وَفَاء وَادّعى أَن جَارِيَة ولدت من ولد الْمُعْتَمد فِي ملكه وانها غضِبت لَهُ فَأَخذهَا وَمَعَهَا ولد صَغِير من ولد الْمُعْتَمد اسعبده وَصَارَ يصرفهُ فِيمَا يصرف فِيهِ العبيد وَمن كتاب مصابيح الظلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 63 - أَبُو الأجرب جَعونَة الْكلابِي من المقتبس أَنه كَانَ مداحاً للصميل وَزِير يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن الفِهري سُلْطَان الاندلس افنى فِيهِ قوافيه وَكَانَ الصميل قطّ أغْلظ الْقسم على نَفسه أَلا يرَاهُ إِلَّا اعطاه ماحضره فَكَانَ أَبُو الأجرب يعْتَمد إغباب لِقَائِه وَكَانَ لَا يزوره إِلَّا مرَّتَيْنِ فِي الْعِيدَيْنِ وَكَانَ قد هجاه وهجا قومه فَلَمَّا حصل فِي يَده عَفا عَنهُ فنسخ هجوه بمدحه قَالَ وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً يدعى عنترة الأندلس لم يلْحق دولة بني أُميَّة قيل إِنَّه مَاتَ قبل وقْعَة المصارة الَّتِي كَانَت لعبد الرَّحْمَن عَليّ يُوسُف الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وَمن الجذوة أَنه جَعونَة بن الصمَّة وَأنْشد لَهُ ... وَلَقَد أَرَانِي من هواي بمنزل ... عَال ورأسي ذُو غدائر أفرع والعيش أغيد سَاقِط أفنانه ... وَالْمَاء أطيبه لنا والمرتع ... وَجعله ابْن حزم فِي طبقَة جرير والفرزدق وعصرهما وَذكر الحجاري أَنه من الْعَرَب الطارئين على الأندلس كَانَ يرحل وَيحل بِأَكْنَافِ قرطبة 64 - مُؤمن بن سعيد بن إِبْرَاهِيم بن قيس مولى الْأَمِير عبد الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل من المقتبس أَنه فَحل شعراء قرطبة كَانَ يهاجي ثَمَانِيَة عشر شَاعِرًا فيعلوهم وَكَانَت آفته التهكم بِالنَّاسِ وتتبع زلاتهم وتمزيق أعراضهم فَرَمَوْهُ عَن قَوس وَاحِدَة ورحل إِلَى الْمشرق فلقي أَبَا تَمام الطَّائِي وروى عَنهُ شعره وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ بالأندلس وَقَرَأَ عَلَيْهِ يَوْمًا أحد المتعلمين قَول حبيب ... أَرض خلعت اللَّهْو خلعي خَاتمِي ... فِيهَا وَطلقت السرُور ثَلَاثًا ... فَقَالَ لَهُ من سرُور هَذِه أصلحك الله فَقَالَ هِيَ امْرَأَة حبيب وَقد رَأَيْتهَا بِبَغْدَاد وَحمله طبعه الذميم عل أَن أفسد حَاله عِنْد مستخلصه هَاشم بن عبد الْعَزِيز وَزِير الْأَمِير مُحَمَّد وَلما أسر هَاشم شمت بِهِ وَقَالَ مُخَاطبا أَبَا حَفْص الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ابْن عَم هَاشم وعدوه ... تصبح ابا حَفْص على أسر هَاشم ... ثَلَاث زجاجات وَخمْس رواطم وبح بِالَّذِي قد كنت تخفيه خُفْيَة ... فقد قطع الرَّحْمَن دولة هَاشم ... وَقَالَ هَذِه القصيدة سرا وصنع على وَزنهَا قصيدته ... مَتى ترجع الْأَيَّام دولة هَاشم ... ويشملها نور الْعلَا والمكارم ... وَلم يخف على هَاشم وبنيه قصيدة الشماتة فَلَمَّا عَاد هَاشم إِلَى وزارته وخلص من الْأسر نصب لَهُ حبائل السّعَايَة عِنْد الْأَمِير مُحَمَّد حَتَّى أَطَالَ حَبسه الَّذِي أدّى بِهِ إِلَى الهلكة وَلم يفده مَا أطاله فِي حَبسه من النّظم والنثر وَأكْثر التشفع بجد هَاشم مُحَمَّد بن جهور فَلم يفده فأقذع فِي هجائه وَفِي أبي حَفْص الْمُتَقَدّم الذّكر يَقُول ... أخاطر فِي هوى عمر برأسي ... أَلَيْسَ أعز من رَأْسِي عليا ... وَلما كسر أهل سجن قرطبة السجْن وفروا مِنْهُ رغب مُؤمن عَن الْفِرَار وَظن أَن ذَاك يخلصه فَلَمَّا وقف هَاشم بِبَاب الْحَبْس لمعاينة من فِيهِ وَالنَّظَر فِي أمره خرج إِلَيْهِ مُؤمن واستعطفه فَلم يلْتَفت اليه وَأوصى السجان بإيصاده فَقتله الْيَأْس إِلَى سِتَّة أَيَّام لَيْلَة الثُّلَاثَاء لأَرْبَع خلون من رَجَب سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَجعله الحجاري دعبل الأندلس وَأنْشد لَهُ الْحميدِي ... حرمتك مَا عدا نظرا مضرا ... بقلب بَين أضلاع مُقيم فعيني مِنْك فِي جنَّات عدن ... مخلدة وقلبي فِي الْجَحِيم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 65 - مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العتيبي من المسهب أَنه من نبهاء شعراء دولة الامير مُحَمَّد وَكَانَ مَخْصُوصًا بالقاسم من الامير مُحَمَّد كَمَا كَانَ مومن بن سعيد مَخْصُوصًا بِمسلمَة بن الْأَمِير مُحَمَّد وَكَانَ بَينهمَا مهاجاة وَله حكايات مَعَ الْقَاسِم مِنْهَا أَنه نَاوَلَهُ قدحاً كَبِيرا ليشربه من يَده فَقَامَ وَاقِفًا وصب الْقدح فِي حلقه من غير أَن يُبَاشر شفة الكأس فَأمر أَن يمْلَأ لَهُ دَنَانِير وَأنْشد ... إِذا نفخ النسيم فَقُمْ وباكر ... رياض النَّهر والأنداء تهمى وَلَا تشرب بَنَات الْكَرم إِلَّا ... على روض ند وَبَنَات كرم ... 66 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَسْعُود الْقُرْطُبِيّ من الذَّخِيرَة كَانَ ظريفاً فِي أمره كثير الْهزْل فِي نظمه ونثره وَأرَاهُ فِيمَا انتحاه تقيل منهاج ابْن حجاج بالعراق فضاقت ساحته وَقصرت رَاحَته وأعياه الصَّرِيح فمذق وَلم يحسن الصهيل فنهق وَمِمَّا أنْشد لَهُ ... وَخَرجْنَا كَمَا دَخَلنَا بِلَا فل ... س وَلَكِن ربحت صفع قفاء مد فِي ذَا الْمَكَان ذَا الْحَرْف لما ... مده صفع ظَالِم ذِي اعتداء ... وَجعله الحجاري من مشهوري شعراء الْمِائَة الْخَامِسَة الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 67 - أَبُو بكر يحيى بن سعدون بن تَمام الْأَزْدِيّ الْقُرْطُبِيّ كَانَ عِنْدِي من الشُّعَرَاء ثمَّ وقفت على ذكره فِي خطّ الصاحب كَمَال الدّين بن أبي جَرَادَة وَوَصفه بِأَنَّهُ كَانَ مقرئاً نحوياً وَأَنه سمع الحَدِيث بقرطبة على أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عتاب وَدخل حلب وأقرأ بهَا ورحل إِلَى الْموصل وَدخل أصفهان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة بالموصل وَذكر ابْن عَسَاكِر أَنه توفّي يَوْم الْجُمُعَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَأنْشد لَهُ الصاحب ... عرج على منزل الأحباب يَا حادي ... ببا ابزر حَيْثُ الْكَوْكَب الْهَادِي لَعَلَّنَا نَلْتَقِي لَيْلًا بهم وَعَسَى ... نلقي إِلَيْهِم حَدِيثا لَيْسَ بالبادي يَا حادي العيس لَا تعجل وَهَا كَبِدِي ... ودمع عَيْني عَن مَاء وَعَن زَاد ... 68 - أَحْمد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الخزرجي الْقُرْطُبِيّ ذكر لي أَنه من شعراء قرطبة الَّذين رحلوا إِلَى الْمشرق وأنشدت لَهُ ... من لي بِهِ ذُو صلف زَائِد ... يمطلني ناظره ديني وَكلما وافيته طَالبا ... ألفيته منكسر الْعين ... الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 ثمَّ وقفت على ذكره فِي خطّ الْكَمَال بن الشعار المؤرخ مَوْصُوفا بالتفنن فِي الْعُلُوم الْكَثِيرَة وَأَنه صنف كتبا فِي الطِّبّ والنحو وأصول الدّين وَكَانَ شافعياً وَسكن دنيسر وانتفع بِهِ أَهلهَا وَبهَا مَاتَ سنة إِحْدَى وسِتمِائَة قَالَ وأنشدني لَهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الصفار المارديني الْكَاتِب الشَّاعِر بإربل قَالَ أَنْشدني أَبُو الْعَبَّاس الخزرجي لنَفسِهِ ... وَفِي الوجنات مَا فِي الرَّوْض لَكِن ... لرونق زهرها معنى عَجِيب وأعجب مَا التَّعَجُّب مِنْهُ أَنِّي ... أرى الْبُسْتَان يحملهُ قضيب ... وَقَوله ... ونمت بِنَا فِي اللَّيْل أنوار وَجهه ... فَمد علينا من ذوائبه سترا ... 69 - أَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن خروف الْقُرْطُبِيّ شَاعِر مَشْهُور فِي الغرب والشرق مدح بسبتة ملكهَا إِدْرِيس بن يُوسُف ابْن عبد الْمُؤمن بقصائد مِنْهَا قَوْله من قصيدة فِي وصفهَا ... خُذْهَا إِلَيْك عروساً لَا كفاء لَهَا ... تزيد جدَّتهَا مَا دَامَت الحقب عذراء أخجلها مَا فِيك من عظم ... حَتَّى لكادت من العلياء تنتقب إِن لم تكن أحرزت من رَبهَا حسباً ... فَإِن مدحك فِي أَثْنَائِهَا حسب ... الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 ومدح بمراكش وزيرها أَبَا سعد بن جَامع بقصيدة مِنْهَا ... ضمنت لعَيْنِي يَوْم لحت لأفقها ... بِأَن لَا ترى وَجها من الدَّهْر يسود ... وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... لَا تظهرن صفاء ... وَلَا لمن تصطفيه لَوْلَا صفاء زجاج ... لم ينظر الْبَوْل فِيهِ ... وَقَوله ... وَكَانَ غَرِيب الْحسن قبل عذاره ... فَلَمَّا التحى صَار الْغَرِيب المصنفا ... وَقَوله وَهُوَ من المرقصات فِي راقص ... ومنوع الحركات يلْعَب بالنهى ... لبس المحاسن عِنْد خلع لِبَاسه متأوداً كالغصن وسط رياضه ... متلاعباً كالظبي عِنْد كناسه بِالْعقلِ يلْعَب مُقبلا أَو مُدبرا ... كالدهر يلْعَب كَيفَ شَاءَ بناسه وَيضم للقدمين مِنْهُ رَأسه ... كالسيف ضم ذبابه لرئاسه ... وَأنْشد لَهُ صَفْوَان فِي زَاد الْمُسَافِر فِي غُلَام ضَربته قَوس فِي فَمه ... لَا زرت يَا زوراء كف حلاحل ... يَوْم الْهياج وَلَا رميت نبالاً نازعت عِنْد الرمى مقلة شادن ... تصمى الْقُلُوب وَلَا تغب نزالاً فقرعت مبسم ثغره حسداً لَهُ ... لما غَدا بَدْرًا وَكنت هلالا فبدت جمانة سنة مرْجَانَة ... وَغدا قراح رضابه جريالا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وَقَوله ... بني الْمُغيرَة لي فِي حيكم رشأ ... ظلال سمركم تغنيه عَن سمر يزهى بِهِ فرس الْكُرْسِيّ من بَطل ... بإبرة هِيَ مثل الهدب من شفره كَأَنَّهَا فَوق ثوب الْخَزّ جائلة ... شهَاب رجم جرى والنجم فِي أَثَره ... وَقَوله ... مَا راق غير طرف ... قصر فِي الْعَدو بالظليم ذى نقط كَالنُّجُومِ تبدو ... فِي جنح ليل لَهُ بهيم ... وَقَوله ... تبلج صبح الذِّهْن عِنْدِي نيراً ... فغارت من الْأَمْوَال شهب عواتم وَلَو كَانَ ليل الْجَهْل عِنْدِي حالكاً ... للاحت بِهِ مثل النُّجُوم الدَّرَاهِم ... وأنشدت لَهُ ... مثلي يُسمى أريباً ... مثلي يُسمى أديباً مَتى وجدت كثيباً ... غرست فِيهِ قَضِيبًا وَلَا أُبَالِي خصيبا ... لاقيته أم جديبا ... واستدعاه ابْن لهيب لدَعْوَة لم يرضها فَقَالَ ... دَعَاني ابْن لهيب ... دُعَاء غير نبيه إِن عدت يَوْمًا إِلَيْهِ ... فوالدي فِي أَبِيه ... وَقَالَ فِي حلب شعرًا مِنْهُ ... حلبت الدَّهْر أشطره ... وَفِي حلب صفا حَلَبِيّ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 وَقدر أَن منيته كَانَت فِي حلب بقلعتها وَقد حضر فِي لَيْلَة لسَمَاع الْوَاعِظ تَاج الْعلَا الشريف فَخرج للإراقة فَسقط فِي جب طَعَام فَمَاتَ فِيهِ فِي سنة عشر وسِتمِائَة وَكَانَ قد مدح أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عَيَّاش كَاتب الحضرة بمراكش فَأعْطَاهُ شَيْئا لم يرضه فاغتاظ ورده وَقَالَ ... مدحت ابْن عَيَّاش فجدد لي الَّذِي ... حباني بِهِ مَا قد تناسيت من كربي رددت إِلَيْهِ عظمه لأسره ... وَأَقْبَلت أمحو كل مَا كَانَ فِي قلبِي وأصبحت أسمو للمشارق طالعاً ... لِأَنِّي رَأَيْت الشَّمْس تنحط فِي الغرب ... ورحل إِلَى الْمشرق 70 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن شطرية الْقُرْطُبِيّ سَابق فِي حلبة شعراء الْمِائَة السَّابِعَة اعتبط شَابًّا وَله فِي نَاصِر بني عبد الْمُؤمن قصائد جليلة مِنْهَا قصيدته الَّتِي مدحه بهَا حِين جَازَ إِلَى الأندلس ... كَذَا يشرف الطالع الأسعد ... ويسمو لأملاكه السَّيِّد ويرعى أقاصي أقطاره ... قريب لَهُ عَزمَة تبعد إِذا جمعت فكرها للوغى ... تفرق من سربه الفرقد ... وَمِمَّا اخترته من شعره قَوْله ... رَأَوْا ميلًا فِي قدره فتباشروا ... وَقَالُوا اجنه مهما تمايل وارجحن وَمَا علمُوا أَن الْهلَال وَقد غَدا ... ممالاً بعيد لَا ينَال مدى الزَّمن وَقَالُوا أتخشى فَتْرَة فِي جفونه ... فَقلت أما تخشى من الفترة الْفِتَن ... الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وَقَوله ... ستر الصُّبْح بطره ... وجلا اللَّيْل بغره وَأرى من وَجهه فِي ... قده غصناً وزهره كمل الله لدينا ... من محياه المسره كعبة لِلْحسنِ فِي ك ... ل فؤاد مِنْهُ جمره جَاءَنِي كالظبي فِي أش ... راكه إِذْ حل شعره مبدياً وَجها كَأَن الل ... يل يجلو مِنْهُ بدره وَمضى عني وَلَكِن ... بعد مَا خلف نشره فتراني فِي افتضاح ... كلما أخفيت سره ... وَقَوله ... انْظُر إِلَى النَّهر الَّذِي ... لَا يَنْقَضِي خفقانه أمواجه فِي دوحه ... ماجت بهَا أشجانه مرحت بِهِ فِي ملعب ... مترادف فرسانه امشى جموحاً إِذْ غَدا ... بيد النسيم عنانه قد درعته الرّيح إِذْ ... طعنت بِهِ أغصانه ... وَقَوله ... وَفِي بنرجسة وطر ... ف الشَّمْس يغمصه المغيب فَكَأَنَّمَا حتم عَليّ ... هـ لُزُوم عين من رَقِيب ... وَقَوله ... يَا مُنْكرا ذكر من أهواه حِين جلا ... كأس المدام على عَيْني ونظمها لَوْلَا الَّذِي فِي كؤوس الراح من حبب ... يَحْكِي ثناياه مَا قبلت مبسمتها ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وَقَوله ... أيا مانعى فِي يقظة وَهُوَ باذل ... إِذا النّوم أعماني لكل وصال وددت بِأَن الدَّهْر أجمع لَيْلَة ... لِأَنِّي لَا أحظى بِغَيْر حِيَال ... 71 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن قادم الْقُرْطُبِيّ بَيت بني قادم مَشْهُور بقرطبة وَقد تقدم فِي الْأَطِبَّاء مِنْهُم أَبُو عبد الله بن قادم وجد أبي جَعْفَر لأمه أَبُو جَعْفَر الوزغي الأديب الْمَشْهُور وَكَانَ أَبُو جَعْفَر بن قادم آيَة فِي الشّعْر والتوشيح أولع النَّاس بِغُلَام صقيل الخد أَو بغلامة قَائِمَة النهد اجْتمع بِهِ عمي يحيى بقرطبة واستنشده من شعره فَأكْثر من ذكر الغلمان والجواري فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا جَعْفَر كَأَنَّك وكلت على التغزل فِي الغلمان والجواري فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا جَعْفَر كَأَنَّك وكلت على التغزل فِي الغلمان والجواري فَقَالَ على الْفَوْر فترى أَنْت يَا سَيِّدي من الرَّأْي أَن اقصر نظمي غلى كل تَيْس مثل سَيِّدي وأشباهه قَالَ فكدت وَالله أَمُوت من الضحك وعذرته فَإِنِّي كنت كَمَا وصلت من السّفر ولي لحية كَبِيرَة ضخمة وعَلى حلية الجندية وَلَيْسَ لي عبارَة الأدباء وَمِمَّا اخترته مِمَّا كتبه عَنهُ من شعره قَوْله وَقد جلس مَعَ ندماء فِي جنَّة يشقها نهر فرى أحدهم فِيهِ بطبق ورد نثره عَلَيْهِ ... يَا حبذا الرَّوْض النَّضِير يشقه الن ... هر الَّذِي من فَوْقه الْورْد افترق شبهته بالأفق شقّ ظلامه ... نهر الصَّباح وَفَوق قطع الشَّفق ... وَقَوله ... بِأبي وَغير أبي غري ... ب اللَّوْن يخجل فِي الْكَلَام مَاء الشَّبَاب بِوَجْهِهِ ... يُبْدِي لنا مزج المدام خيلانه كحبابها ... ولثامه بدل الْفِدَام ألْقى بِهِ كسحابة ... سفرت عَن الْبَدْر التَّمام ... الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 .. وفى لنا ألفا وكل ... م فانثنى أدباً كَلَام فثمت مِنْهُ موطئ الن ... عل الَّذِي فَوق الرغام وطفقت أملأ جَانِبي ... هـ من اعتناق واستلام فكأنني قد طفت من ... هـ هُنَاكَ بِالْبَيْتِ الْحَرَام ووردت زَمْزَم كوثر ... ولثمت أَرْكَان الْمقَام وَأَنا أميله ويأ ... بى قده إِلَّا قوام كالبان تعطفه فَإِن ... خليته فِي الْحِين قَامَ يَا خصره يَا جيده ... كم من وشاح أَو نظام متكل بهما اعتنا ... قي عِنْد مَا يرخى الظلام يَا عاذلي كم ذَا تلِي ... م بِمَا تزخرف من ملام وَتقول لي مَاذَا يَفِي ... د الْمهْر من دون اللجام والغصن إِن لم يبد فِي ال ... أوراق خلته الْحمام هُوَ مَا علمت قريب عه ... د بالمهاد وبالفطام لَا يعرف الْحِيَل الَّتِي ... جمعت لمن خبر الْأَنَام غر شققت حجابه ... عَنهُ كَمَا انْشَقَّ الكمام لم يدر قبلي مَا الصدو ... د وَلَا الْوِصَال والغرام قد الحسام فَإِن يجز ... هـ صَار يصلح للحسام ... ورثاه وَالِدي بقصيدة أَولهَا ... عَلَيْك سَلام الله قبر ابْن قادم ... على بعد دَاري مودعاً فِي الغمائم ... 72 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن رِفَاعَة الْقُرْطُبِيّ من مشهوري شعراء قرطبة فِي الْمِائَة السَّابِعَة وَهُوَ أَيْضا مِمَّن اعتبط شَابًّا اجْتمع بِهِ عمي يحيى كتب عَنهُ مَا مِنْهُ قَوْله وَهُوَ كَاف فِي الدّلَالَة على جلالة قدره الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 .. ضربت عَلَيْك المكرمات رواقها ... وثنت عَلَيْك المعلوات نطاقها أوسعت أَبنَاء الزَّمَان مَكَان مَا ... قد كَانَ قبلك عَن سواهُم عاقها فَلَو الحمائم أفصحت لمسائل ... زعمت بأنك ملبس أطواقها ... وَمن = كتاب ذهبية الْمسَاء فِي حلى النِّسَاء 73 - مهجة بنت التياني القرطبية من المسهب أَن أَبَاهَا كَانَ يَبِيع التِّين وَكَانَت هِيَ تدخل عِنْد ولادَة بنت المستكفي الشاعرة وَكَانَت من أجمل نسَاء زمانها وأخفهن روحاً فعلقت بهَا ولادَة ولزمت تأديبها إِلَى أَن صَارَت شاعرة وهجت ولادَة وَزَعَمت أَنَّهَا ولدت وَلَيْسَ لَهَا بعل فَقَالَت مَا نقص عَنهُ ابْن الرُّومِي ... ولادَة قد صرت ولادَة ... من دون بعل فَضَح الكاتم حكت لنا مَرْيَم لكنه ... نَخْلَة هذي ذكر قَائِم ... قَالَ وَمِمَّا تقدّمت بِهِ فحول الذكران قَوْلهَا ... لَئِن حلأت عَن ثغرها كل حائم ... فَمَا زَالَ يحمي عَن مطالبه الثغر فَذَلِك تحميه القواضب والقنا ... وَهَذَا حماه من لواحظها السحر ... الْحلَّة من = كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام أول من ذكره أَبُو عبد الْملك أَحْمد بن عبد الْبر فِي كتاب الْقُضَاة مُعَاوِيَة بن صَالح قَاضِي عبد الرَّحْمَن المرواني أول سلاطينهم بالأندلس وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي السلك وَنَذْكُر هُنَا بعده من ولى قَضَاء الْجَمَاعَة الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 بقرطبة إِلَى أَن انْتقل قطب الْإِمَامَة إِلَى مَدِينَة الزهراء ثمَّ نذْكر قُضَاة الْفِتْنَة حِين عَاد القطب إِلَى قرطبة وَخرجت الزهراء والزاهرة 74 - نصر بن طريف مولى عبد الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل من كتاب ابْن عبد الْبر أَنه تربى مَعَه وتأدب بأدب الْمُلُوك وَاسْتحق عِنْده خطة الْقَضَاء لما كَانَ خير أهل زَمَنه فَكَانَ يستقضيه عَاما وَمُعَاوِيَة بن صَالح عَاما وَتُوفِّي فِي مُدَّة هِشَام أول ولَايَته 75 - مُصعب بن عمرَان من كتاب ابْن عبد الْبر أَنه شَامي الأَصْل دخل الأندلس فِي مُدَّة عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل وَكَانَ راوية عَن الْأَوْزَاعِيّ لَا يتقلد مذهبا وَيقْضى بِمَا يرَاهُ صَوَابا وَكَانَ خيرا وسجل على أحد رجال الْأَمِير هِشَام فِي دَار أخرجه عَنْهَا فَشَكَاهُ إِلَى الْأَمِير وطمع أَن يَأْمُرهُ بحله فَقَالَ الْأَمِير وَالله لَو سجل عَليّ فِي مقعدي هَذَا لَخَرَجت عَنهُ أقره الحكم بعد أَبِيه هِشَام حَتَّى مَاتَ مُصعب 76 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن بشير الْمعَافِرِي من كتاب ابْن عبد الْبر انه ولاه الْحَكِيم بعد وَفَاة مُصعب وَهُوَ من أهل باجة رَحل وَحج وَسمع علما كثيرا كَانَ يكْتب لأحد الوزراء الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فَأَشَارَ بِهِ على الحكم فاستدعاه فَمر فِي طَرِيقه بعابد كَانَ لَهُ صديقا فَأخذ مَعَه فِي أمره فَقَالَ لَهُ العابد اصدقني فِي ثَلَاثَة أَسأَلك عَنْهَا كَيفَ مدح النَّاس وذمهم من قَلْبك وَكَيف حبك فِي أَن يخدمك الفتيان وتكثر بَين يَديك الألوان وَكَيف حبك للباس الْحسن وركوب الفاره فَقَالَ ابْن بشير أما مدح النَّاس وذمهم فَمَا أُبَالِي من مدحني أَو ذمني فِي الله عز وَجل وَأما أَن تخدمني الفتيان وتكثر بَين يَدي الألوان فَمَا أجد قلبِي يتوق إِلَى ذَلِك وَلَا يشتهيه وَأما الرّكُوب واللباس فَمَا أفضل على ملبسي ومركوبي شَيْئا سواهُ أبدا قَالَ فاقبل الْقَضَاء وَلَا بَأْس عَلَيْك فَلَمَّا وصل قبل الْقَضَاء على ثَلَاثَة شُرُوط نَفاذ الحكم على كل أحد وَإِذا ظهر لَهُ الْعَجز من نَفسه أعفى وَأَن يكون رزقه من الْفَيْء وَكَانَ يدْخل الْمَسْجِد وَعَلِيهِ رِدَاء معصفر وحذاء صرار ولمة مسرحة مدهونة فيخطب على الْمِنْبَر فَإِذا رام أحد من دينه شَعْرَة فالثريا أقرب إِلَيْهِ وَكَانَ لَا يجالسه أحد إِذا قعد للْقَضَاء وَلَا يكالمه وَلَا يسايره وَلَا يَخْلُو بِهِ فِي دَاره وَله طوابع من وقف عَلَيْهَا بَادر إِلَى مجْلِس الحكم وَاحْتَاجَ سعيد الْخَيْر بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل إِلَى شَهَادَة سُلْطَان الأندلس الحكم وَهُوَ ابْن أَخِيه فَردهَا القَاضِي فَركب إِلَى ابْن أَخِيه وَقَالَ الْيَوْم ذهب سلطاننا من الأندلس قاضيك الَّذِي وليته يرد شهاتك فَقَالَ القَاضِي رجل صَالح فعل مَا يجب عَلَيْهِ وَلست اعارضه أول سجل سجل بِهِ على الْوَزير الَّذِي سعى فِي ولَايَته فَشَكَاهُ إِلَى الحكم فَقَالَ لَهُ أَنْت اخترته وَلَكِن امْضِ إِلَيْهِ فِي منزله فَإِن أوصلك إِلَى نَفسه وَخرج إِلَيْك فقد جعلت عَزله بِيَدِك فَلَمَّا اسْتَأْذن عَلَيْهِ خرج إِذن القَاضِي بِأَن يصل إِلَى مجْلِس الحكم وَرجع الْوَزير خائباً فَأرْسل لَهُ وَالله لأطلبن دمك فَكَانَ جَوَاب القَاضِي أما أَنا فلست أَقتلهُ إِلَّا بقلمي فَزَاد غِبْطَة عِنْد الحكم وَكَانَ بَقِي بن مخلد يثني عَلَيْهِ وَيَقُول لَهُ فِي قَضَاهُ حقائق لَا يقارن فِيهَا إِلَّا بِمن تقدم من صدر هَذِه الْأمة واستحقت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 أم ولد عِنْد الحكم فألزمه ابْن بشير أَدَاء ثمنهَا إِلَى مستحقها وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين مائَة 77 - أَبُو الْقَاسِم الْفرج بن كنَانَة ذكر ابْن عبد الْبر أَن الحكم استقضاه بعد وَفَاة ابْن بشير وَكَانَ خيرا فَاضلا ذَا وقار وسمت يعظم بهما فِي الْعُيُون والقلوب واستعفى الحكم فَعَزله 78 - أَبُو مَرْوَان عبيد الله بن مُوسَى من = كتاب ابْن عبد الْبر أَن الحكم ولاه أول سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ إِلَى أَن مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَطلب الاستعفاء فَلم يعفه وَقَالَ لَهُ إِذا كَانَ الْأَمِير يجور وَالْقَاضِي يجور فَأَيْنَ يجد النَّاس الرَّاحَة توفّي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ 79 - أَبُو مُحَمَّد حَامِد بن يحيى من الْكتاب الْمَذْكُور أَن الحكم ولاه بعد عبيد الله إِلَى أَن توفّي الحكم وَتُوفِّي فِي أول مُدَّة عبد الرَّحْمَن بن الحكم سنة سبع وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت فتيا قُضَاة الحكم تَدور عل زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن وَعِيسَى بن دِينَار وَيحيى بن حصن 80 - أَبُو نجيح مسرور بن مُحَمَّد من الْكتاب الْمَذْكُور استقضاه عبد الرَّحْمَن سنة سبع وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ من موَالِيه أحسن السِّيرَة وخطب فِي الاستقساء فَقَالَ يَا أَيُّوب البلوطي عزمت عَلَيْك حَيْثُ كنت لتقومن الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 فَلم يقم إِلَيْهِ إِلَّا بعد أَن أقسم عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَة وَقَالَ يَا هَذَا أشهرتني أما كنت أَدْعُو حَيْثُ أَنا ثمَّ رفع رَأسه القَاضِي فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نستشفع إِلَيْك بوليك هَذَا وألح بِالدُّعَاءِ وَكثر الضجيج والبكاء فَلم ينصرفوا إِلَّا وأحذيتهم فِي أَيْديهم من كَثْرَة الْمَطَر وَطلب أَيُّوب بعد ذَلِك فَلم يُوجد 81 - أَبُو عُثْمَان سعيد بن سُلَيْمَان من الْكتاب الْمَذْكُور أَصله من فحص البلوط وَكَانَ عَم سُلَيْمَان بن أسود القَاضِي وَكَانَ صليباً مهيباً خطب بِخطْبَة وَاحِدَة طول أَيَّامه لم يبدلها وَخرج إِلَى الاسستقساء فَلَمَّا بَدَأَ خنقته الْعبْرَة فَلم يكمل الاسْتِسْقَاء وَصلى وَانْصَرف فسقى النَّاس فِي ذَلِك النَّهَار وَولى الْقَضَاء مرَّتَيْنِ لعبد الرَّحْمَن بن الحكم 82 - أَبُو بكر يحيى بن معمر من الْكتاب الْمَذْكُور اصله من اشبيليه استقدمه عبد الرَّحْمَن وولاه الْقَضَاء وَكَانَ صَالحا وَقدم لَيْلَة عيد وَكَانَت تُوضَع للْإِمَام عنزة فِي الْمصلى فباكر أهل الدهاء وَالْحَرَكَة وَاصْطَفُّوا إِلَى العنزة ليختبروا خطبَته وينتقدوا عَلَيْهِ فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم عرف بهيئاتهم أَنهم بِالصّفةِ الَّتِي كَانُوا بهَا فَقَالَ للقومة إِنِّي أرى النَّاس قد تزاحموا مقدموا هَذِه العنزة ليتسعوا فقدموها وطاش أوساط النَّاس احداثهم يتقدمون كباً وجرياً مَعَ العنزة وتثاقل أُولَئِكَ عَن الخفوف فَصَارَ حول القَاضِي من لَا مئونة عَلَيْهِ مِنْهُم الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وَخَالف شَيْخي الْفُقَهَاء يحيى وَبعد الْملك فانقبضا عَنهُ فعزل فِي آخر سنة تسع وَمِائَتَيْنِ فَركب بغلته وَجعل خرجه تَحْتَهُ وَانْصَرف وَقَالَ لمن صَحبه يَا أهل قرطبة كَمَا جئناكم كَذَلِك ننصرف عَنْكُم 83 - أَبُو عقبَة الأسوار بن عقبَة من الْكتاب الْمَذْكُور أَنه لما عزل ابْن معمر أَشَارَ يحيى بن يحيى على الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بِهِ وَكَانَ صَالحا فَاضلا عَاقِلا مسمتاً حسن الحكم وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ 84 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الْأمَوِي من الْكتاب الْمَذْكُور أَنه جد بني أبي صَفْوَان وَكَانَ عَاقِلا فَاضلا مسمتاً وَكَانَ عبد الرَّحْمَن قد عزم على أَن يُولى الْقَضَاء بعد الأسوار رَأس الْفُقَهَاء يحيى بن يحيى فَامْتنعَ وَقَالَ لَهُ أشر عَليّ بِمن أوليه فَأَشَارَ عَلَيْهِ بإبراهيم فَأحْسن الحكم إِلَّا أَنه صَار طَوْعًا ليحيى فَرفع رَافع لعبد الرَّحْمَن أَن يحيى قد ملك الأندلس وَقد مكنه الْأَمِير وَالنَّاس لَهُ طوع وَهُوَ عَامل على أَخذ الْبيعَة لهَذَا الْقرشِي القَاضِي وَأَن يخلع الْأَمِير أبقاه الله فَلْينْظر لنَفسِهِ فَبعث فِي عبد الْملك بن حبيب مُنَاقض يحيى فَأخْرج لَهُ البطاقة واستنصحه فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير قد علمت مَا بيني وَبَين يحيى وَلَيْسَ ذَلِك بحملي على أَن أَقُول غير الْحق لَا يَأْتِيك من يحيى فِي هَذَا إِلَّا مَا يَأْتِيك مني وَلَكِن أَقُول لَا يُشْرك الْأَمِير فِي حكمه من يشركهُ فِي نسبه فَفطن الْأَمِير وعزل إِبْرَاهِيم آخر سنة ثَلَاث عشرَة الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت فِيهَا الْقَضَاء فِي مُدَّة عبد الرَّحْمَن تَدور على عِيسَى بن دِينَار وَيحيى وَعبد الْملك وَكلهمْ مَاتَ فِي مدَّته إِلَّا عبد الْملك فَإِنَّهُ أدْرك فِي مُدَّة مُحَمَّد سِتَّة شهور 85 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعيد الإلبيري من الْكتاب الْمَذْكُور أَشَارَ بِهِ يحيى فولاه عبد الرَّحْمَن بعد إِبْرَاهِيم وَكَانَ من إلبيرة وَكَانَ يحيى قد عرفه مِنْهَا أَيَّام اختلافه بِالتِّجَارَة إِلَيْهَا وَكَانَ حسن السمت جميل الْمَذْهَب فِي قَضَائِهِ وَكَانَ إِذا اخْتلف عَلَيْهِ الْفُقَهَاء لم يُؤثر على قَول يحيى فَلم يزل قَاضِيا إِلَى سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ فتشاور فِي قَضِيَّة فتوقف فِيهَا عَن قَول يحيى وَغَيره ثمَّ شاوره فِي قَضِيَّة ثَانِيَة فَقَالَ لرَسُوله مَا أفك لَهُ كتابا لِأَنِّي قد أَشرت عَلَيْهِ فِي قَضِيَّة فلَان فَلم ينفذ الْقَضَاء فَركب من حِينه إِلَى يحيى وَاعْتذر لَهُ ووعد أَنه ينفذ الْقَضَاء من يَوْمه فَقَالَ يَا هَذَا إِنَّمَا ظَنَنْت إِذْ خالفني أَصْحَابِي أَنَّك توقفت مستخيراً الله عز وَجل متخيراً فِي الْقَضَاء فَأَما إِذْ تقضى بِرِضا مَخْلُوق فارفع تستغفى وَإِلَّا رفعت فِي عزلك فَرفع فعزل 86 - يخَامر بن عُثْمَان من الْكتاب الْمَذْكُور ولاه عبد الرَّحْمَن سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَأَصله من جيان وَكَانَ خيرا فَاضلا غير أَنه كَانَ فِيهِ جفَاء لما قعد يحكم وَنظر الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 إِلَى عظم يحيى بن يحيى وغلبته على قُلُوب النَّاس كتب إِلَى عبد الرَّحْمَن إِنِّي قدمت قرطبة فَوجدت لَهَا أميرين أَمِير الأخيار وأمير الأشرار فَأَما أَمِير الأخيار فيحيى بن يحيى وَأما أَمِير الأشرار فَأَنت فاستجفاه وعزله وَأعَاد على الْقَضَاء سعيد بن سُلَيْمَان فَمَاتَ فِي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ 87 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي بكر من الْكتاب الْمَذْكُور استقضاه عبد الرَّحْمَن بعد وَفَاة سعيد بِإِشَارَة يحيى وقلما كَانَ يُولى عبد الرَّحْمَن قَاضِيا إِلَّا بإشارته فَلذَلِك كَثُرُوا فِي أَيَّامه إِذْ كَانَ يُشِير عَلَيْهِ بِالْقَاضِي فَإِذا أنكر مِنْهُ شَيْئا قَالَ للْقَاضِي استعف وَإِلَّا رفعت فِي عزلك وَكَانَ حسن السمت مُسْتَقِيم الْحَال إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ 88 - أَبُو عبد الله بن عُثْمَان أَخُو يخَامر الْمُتَقَدّم من الْكتاب الْمَذْكُور كَانَ عابداً ولاه عبد الرَّحْمَن بعد وَفَاة عَليّ ابْن أبي بكر وَقيل إِنَّه كَانَ من الأبدال مجاب الدعْوَة وَمَات سنة أَربع وَثَلَاثِينَ 89 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زِيَاد من الْكتاب الْمَذْكُور هُوَ جد بني زِيَاد وَكَانَ عَاقِلا راوية عَن يحيى وَلكنه لم يكن حَافِظًا وأبقاه الْأَمِير مُحَمَّد على الْقَضَاء حَتَّى توفّي ابْن زِيَاد وَكَانَ اديبا الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 90 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن زِيَاد أَخُو مُحَمَّد من الْكتاب الْمَذْكُور ولاه مُحَمَّد بعد وَفَاة أَخِيه وَكَانَ فَاضلا خيرا يُقَال إِنَّه مجاب الدعْوَة وَخرج يَسْتَسْقِي وَأمر من حمل مَعَه غطاء فَعجب النَّاس فَلم ينْصَرف إِلَّا والغيث نَازل وَلكنه كَانَ فِيهِ جفَاء وحرج صدر وَكَانَ سُلَيْمَان ابْن أسود يكْتب عَنهُ وبلغه أَن الْأَمِير مُحَمَّدًا ذكره للْقَضَاء بعده فاستبطأ سُلَيْمَان الخطة فَأَتَاهُ من بَاب النَّصِيحَة وَقَالَ لَهُ لَو كتبت إِلَى الْأَمِير تستعفيه وتذكر شيخك وضعفك كَانَ أشرف لَك عِنْده وصرت أعظم فِي قلبه فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ عني بِمَا رَأَيْت فَكتب بذلك فَلَمَّا وصل الْكتاب إِلَى الْأَمِير اغتنم ذَلِك وأعفاه من يَوْمه 91 - أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بن أسود من الْكتاب الْمَذْكُور أَن الامير مُحَمَّدًا اشتقضاه بعد استعفاء أَحْمد بن زِيَاد وَكَانَ صَالحا صليباً متقشفاً وَكَانَ سَبَب عظمه فِي قلب مُحَمَّد أَن الْأَمِير عبد الرَّحْمَن كَانَ قد استقضاه بماردة وَمُحَمّد أميرها قبل سلطنته فَقدم تَاجر يَهُودِيّ برقيق من جليقية وَكَانَ فِيهِنَّ جَارِيَة رائعة الْجمال تشطط الْيَهُودِيّ فِي ثمنهَا على الْأَمِير مُحَمَّد فَأَمْسكهَا عَنهُ فَرفع ذَلِك إِلَى سُلَيْمَان فآل الْأَمر إِلَى أَن أنكرها وَركب القَاضِي إِلَى قرطبة لِأَبِيهِ فَحِينَئِذٍ ردهَا على الْيَهُودِيّ فَقَالَ القَاضِي لِلْيَهُودِيِّ قد بلغتك مَا طلبته وَأرى أَن تصير الْجَارِيَة إِلَى الْأَمِير بِمَا أحبه من الثّمن فَفعل ذَلِك ووجها الامير الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وَقَالَ هَذَا أشبه بالأمير وأليق فَعظم فِي عينه من ذَلِك الْحِين وَلم يزل قاضيه إِلَى أَن مَاتَ إِلَّا سنتَيْن عَزله فِيهَا لسَبَب ثمَّ رده وجاءه رجل بوثيقة فِيهَا شهد الْوَزير هَاشم بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ لَهُ لَا بُد من أَن يأتيني هَاشم يشْهد عِنْدِي فَمضى الرجل إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لست من أهل الشَّهَادَات فَقَالَ يَا سَيِّدي اتَّقِ الله فِي فبك تتمّ حَاجَتي وَالْقَاضِي دَعَاني إِلَيْك فَلَمَّا سمع هَاشم ذَلِك طمع أَن يسجل القَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَيكون ذَلِك فخراً بَاقِيا لَهُ فَركب هَاشم إِلَى مَجْلِسه وَشهد عِنْده وَمضى وَكَانَ مَعَ شَهَادَته شَهَادَة عدل فَقَالَ القَاضِي للرجل زِدْنِي شَهَادَة عدل ثَان فَظهر أَن القَاضِي كَاد هاشماً وَبلغ ذَلِك مُحَمَّدًا فنقص بِهِ عقله لجَوَاز كيد القَاضِي عَلَيْهِ وطالبت أيدون الحظى عِنْد الْأَمِير مُحَمَّد امْرَأَة فِي دَار فَأَعْطَاهَا طابعه فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ اعتذر بِأَنَّهُ مَشْغُول بعض أشغال الْأَمِير فَبَيْنَمَا هُوَ مقبل إِلَى الْقصر إِذْ ضرب على عنانه رَسُول القَاضِي وَصَرفه عَن موكبه فَأدْخلهُ عَلَيْهِ فِي الْجَامِع فَقَالَ لَهُ عصيت طابعي فَقَالَ لم أعص فَقَالَ وَحقّ هَذَا الْبَيْت لَو ثَبت عِنْدِي عصيانك لأمرت بك إِلَى الْحَبْس وَلما رأى صعوبة مقَامه أَعْطَاهَا مَا ادَّعَت وَدخل على الْأَمِير باكياً شاكياً فَقَالَ يَا أيدون سلنا حوائجك كلهَا مَا خلا مُعَارضَة قضاتنا واللقاضي أعلم بِمَا فعل 92 - أَبُو عبد الله عَمْرو بن عبد الله من الْكتاب الْمَذْكُور أَن الْأَمِير مُحَمَّدًا أَرَادَ شِرَاء دَار من أَيْتَام لبَعض كرائمه فشطط القَاضِي سُلَيْمَان فِي ثمنهَا وَلم يساعد الْأَمِير وَلَا وزيره هَاشم الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 ابْن عبد الْعَزِيز فَأَشَارَ هَاشم بِأَن يعزله ويستقضي عمرا حَتَّى يُمكنهُ من الدَّار الْمَذْكُورَة بِمَا يحب فَكَانَ ذَلِك ثمَّ رد سُلَيْمَان إِلَى الْقَضَاء بعد سنتَيْن وَكَانَ عَمْرو عَاقِلا وقوراً وَكَانَ أَبوهُ قد روى عَن الْمَدَنِيين فَكَانَ يَقُول وجدت فِي كتاب أبي كَذَا وَكَانَ يتولك فِي فتياه على مُحَمَّد بن وضاح 93 - أَبُو مُعَاوِيَة عَامر بن مُعَاوِيَة من الْكتاب الْمَذْكُور أَصله من ريه أَشَارَ بِهِ على الْمُنْذر بَقِي بن مخلد فولاه وَكَانَ صَالحا وروى علما كثيرا عَن ابْن بكير وَأصبغ وَغَيرهمَا فِي الْمشرق وَعَن عبد الْملك بن حبيب وَكَانَ مدَار فتياه على بَقِي بن مخلد وَلما ولى عبد الله عَزله 94 - أَبُو مُحَمَّد النَّضر بن سَلمَة من الْكتاب الْمَذْكُور ولاه الْأَمِير عبد الله بعد ابْن مُعَاوِيَة وَكَانَ عَاقِلا مقتدياً بِمن قبله من الْقُضَاة ومدار فتياه على بَقِي وعبدي الله بن يحيى وَحَال فِي ولَايَته الثَّانِيَة وَولي الوزارة بعد عَزله عَن الْقَضَاء فِي دولته الثَّانِيَة فَدخل فِي مطالبات آلت بِهِ إِلَى أَن مَاتَ خاملاً وَقد أقعده النقرس أَدْرَكته على ذَلِك وَلما احْتَاجَ عبد الله إِلَى المَال الْمُودع للْوَرَثَة فِي الْجَامِع لحَال الْفِتْنَة منع مِنْهُ فَعَزله لما رفع إِلَيْهِ مُوسَى بن زِيَاد إِن ولاني الْأَمِير أَتَبرأ بِهِ إِلَيْهِ فولاه الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 95 - أَبُو الْقَاسِم مُوسَى بن زِيَاد من كتاب ابْن عبد الْبر ولى الْقَضَاء كَمَا تقدم فَكَانَ أول من أفسد هَذِه الخطة وَكَانَ بَاطِنه غير ظَاهره وَكَانَ أسلم بن عبد الْعَزِيز صديقه وَوَصفه بأَشْيَاء قبيحة وَكَانَ مدَار فتواه على مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَلما صَحَّ عِنْد الْأَمِير أمره عَزله وَلكنه جعله فِي الوزراء 96 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن سَلمَة من الْكتاب الْمَذْكُور استقضاه عبد الله بعد مُوسَى وَكَانَ خيرا زاهداً غير أَنه كَانَ من الْجَهْل فِي غَايَة قَالَ يَوْمًا لِصُهَيْب بن منيع أَي شهر قبل رَجَب أَو شعْبَان فَقَالَ رَجَب ثمَّ شعْبَان فَقَالَ انْظُر مَاذَا تَقول فَإِنِّي على أَن أكتب بطاقة إِلَى الْأَمِير فَلَا تنشبني إِلَّا فِي صَحِيح وَحكي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول فِي شَيْء فَقَالَ من أَيْن قَالَ هَذَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن غَالب أَن احذر السَّيْف وَكَانَ وَلَده أَبُو الجودي يُشِير إِلَى الْفِقْه بِلَا علم فاعتل مُحَمَّد فِي بعض الْجمع فصلى ابْنه عوضه بِأَمْر الْأَمِير فشق على آل السُّلْطَان ذَلِك لصلابة أَبِيه فدسوا مَعَ رقع البطائق على أبي الجودي بِكُل قبيحة فَقَالَ لَا ألتفت إِلَى ذَلِك حَتَّى أمتحن حَقِيقَته بِمُحَمد بن وليد الْفَقِيه وَكَانَ عِنْده فِي أَعلَى الْمنَازل بخديعة وذكل أَنه كَانَ يَأْخُذ حزمة حطب فيجعلها على عُنُقه ويتلقاه فِي محجته من نَاحيَة الْجَبَل إِذا خرج للصَّيْد كَأَنَّهُ مقبل بحطب على ظَهره يعِيش مَه فَإِذا مر بِهِ وضع الحزمة وَأَقْبل يسلم عَلَيْهِ فَيَقُول الامير الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 هَذَا فَقِيه فَاضل حَقًا مَا لَهُ قريرن فَقَامَتْ لَهُ بِهَذَا عِنْده سوق فَبعث لَهُ الْحَاجِب ابْن حدير السَّلِيم وَكَانَ يكره القَاضِي فِي شَأْن وَلَده فَقَالَ لَهُ كفيتك فَلَمَّا احضره الامير اخذ مَعَه فِي ذَلِك قَالَ إِنِّي أكْرم الله الْأَمِير لَيست بيني وَبَين ولد القَاضِي خلْطَة وَلَا أعرفهُ غير أَنِّي رَأَيْت النَّاس بعد صَلَاة الْجُمُعَة يعيدون الصَّلَاة فَسَأَلت عَن ذَلِك فَقَالُوا لما اعتل القَاضِي تقدم بِالنَّاسِ ابْنه فَلم يرضوه فَأَعَادَ أَكثر النَّاس الصَّلَاة فَلَمَّا سمع الْأَمِير هَذَا قَالَ لَا يُعِيد النَّاس الصَّلَاة إِلَّا من أَمر عرفوه مِنْهُ لَا يُصَلِّي بعد هَذَا 98 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد اللَّخْمِيّ من كتاب ابْن عبد الْبر كَانَ عَرَبيا شريفاً وشيخاً وسيماً جميلاً ذَا هَيْئَة حَسَنَة غير أَنه أهان خطة الْقَضَاء وتبذل فِيهَا بالركوب إِلَى السُّلْطَان وَالدُّخُول فِيمَا لَا يَسعهُ من أُمُورهم وَكَانَ ممولاً كثير الصَّدقَات سخياً بإطعام الطَّعَام وَكَانَ يصننع الصَّنَائِع الْعَظِيمَة ويحضرها شُيُوخ زَمَانه من الْفُقَهَاء والعدول وَلم يزل قَاضِيا وَصَاحب صَلَاة حَتَّى توفّي الْأَمِير عبد الله وَأقرهُ النَّاصِر شهوراً ثمَّ عَزله وَولى أسلم بن عبد الْعَزِيز ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى أَن مَاتَ فَعَاد أسلم وان اعْتِمَاده فِي الشورى على مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَابْن وليد وَعبيد الله بن يحيى قُضَاة الْفِتْنَة 98 - أَبُو بكر يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن وَافد من كتاب ابْن حَيَّان فِي الْقُضَاة استقصاه وولاه الصَّلَاة هِشَام المويد آخر أَئِمَّة الْجَمَاعَة إِثْر سخطه على أَحْمد بن ذكْوَان ونفيه لَهُ وَقت اشتعال الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 الْفِتْنَة البربرية وَكَانَ يَقُول انه من الْعَريش من الشَّام من لخم وَجَرت لَهُ خطوب طَوِيلَة مَعَ مُحَمَّد بن أبي عَامر كَانَت سَبَب نزوع نفس هِشَام وَإِلَيْهِ وتوليته بعد ابْن ذكْوَان فَنعم الْعِوَض أصَاب فِيهِ فقد كَانَ فَقِيها عَالما حَافِظًا عادلاً حاذقاً خيرا فَاضلا نزهاً من أَعْلَام الشورى بقرطبة المبرزين فِي الْعلم والرئاسة لم يزل يُؤذن لَهُ فِي مَسْجده المجاور لداره قبل ولَايَته وفيهَا وَله رحْلَة إِلَى الْمشرق حج فِيهَا وَلَقي الْعلمَاء وتحكك وَمِمَّنْ لقى أَبُو مُحَمَّد بن أبي زيد فَقِيه الْمغرب بالقيروان وَلم يزل يصل سَببه إِلَى أَن مَاتَ ابْن أبي زيد إِلَّا أَنه أخل بِهِ فِي ولَايَته حب السُّلْطَان ولجاجه فِي دفع صلح البرابرة وَقد أهلكوا النَّاس وَخَالف عبد الرَّحْمَن بن منيوه مولى ابْن أبي عَامر مُدبر أَمر هِشَام ف يذلك فَكَانَ سَبَب صرفه يَوْم الْأَرْبَعَاء لتسْع خلون من ذَوي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة فالتزم منزله إِلَى أَن خرج ابْن منيوه عَن قرطبة ودبر الْأَمر الموَالِي العامريون فَأَعَادَ هِشَام ابْن وَافد يَوْم الْخَمِيس لثمان بَقينَ من رَجَب سة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة إِلَى الْقَضَاء وَالصَّلَاة بعد تكره مِنْهُ واشتداد من هِشَام وَلما غلب المستعين بالبرابرة على هِشَام وَأهْلك الْمصر وقلب الدولة استخفى ابْن وَافد فَوَقع الطّلب الحثيث عَلَيْهِ لما اسلفه من عَدَاوَة البرابرة فظفروا بِهِ صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس لخمس بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ارْبَعْ واربعمائة فعنفوا بِهِ وجرروه وتوله على وَجهه إِلَى بَاب الْقصر رَاجِلا حافياً مَكْشُوف الرَّأْس بَادِي الصلعة مَا عَلَيْهِ إِلَّا قَمِيصه وَفِي رقبته عمَامَته يقتادونه بهَا مخترقين بِهِ الشوارع إِلَى بَاب الْقصر وَالنَّاس تتقطع قُلُوبهم وَلَا يغنون عَنهُ والبربر ينادون عَلَيْهِ هَذَا جَزَاء قَاضِي النَّصَارَى مسبب الْفِتْنَة ومعطي الْمُشْركين حصون الْمُسلمين على ذَلِك رشوة وَهُوَ لَا يتْرك الرَّد عَلَيْهِم والتكذيب لَهُم فَمَا رثى أجلد مِنْهُ على محنته وَأدْخل على المستعين فأفحش فِي سبه وَتقدم فِي صلبه فَنظر فِي ذَلِك وزيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وَصَاحب مدينته مُوسَى بن هَارُون بن حدير وَكَانَ اشد النَّاس عيه فأحضر آلَة الصلب والبربر ينتظرون مشاهدته وترادفت الشفافات فِيهِ فاستحياه وَأمر بسجنه فِي دَاخل قصره وَامْتنع من أكل طَعَامه إِلَى أَن تحيلت مولاة لَهُ فِي إِيصَال قوت ترمق بِهِ واشتدت بِهِ الْعلَّة إِلَى أَن انْكَشَفَ للنَّاس مَوته غَدَاة يَوْم الْأَحَد لأَرْبَع عشرَة خلت من ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة بِإِخْرَاجِهِ إِلَى أسطوان الميضأة على بَاب الْجَامِع ملقى موتى المحاويج والغرباء موعظة لمن يبصره فتكلفل بِهِ بعض الْعَامَّة وَأحد الزهاد وَلم يصل عَلَيْهِ أحد من الْمَشَاهِير خوفًا من السُّلْطَان والعيون 99 - أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن أبي الْمطرف من كتاب ابْن حَيَّان أَنه استقضى دون الصَّلَاة مَا بَين دَوْلَتِي ابْن وَافد الْمَذْكُور وَأَصله من باغة من بَيت ذِي جاه وَمَال وَكَانَ الْأَغْلَب عَلَيْهِ الْأَدَب وَالرِّوَايَة وَكَانَ قَلِيل الْفِقْه أكره على الْقَضَاء فَلم يزل يحسن السِّيرَة ويواصل الاستعفاء إِلَى أَن خرج عبد الرَّحْمَن بن منيوه عَن قرطبة فَعَزله هِشَام وَأعَاد ابْن وَافد كَمَا تقدم قَالَ وَلم تعلق بِهِ لأئمة وعاش فِيمَا بعد مُقبلا على النّسك إِلَى أَن توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ من صفر سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة بقرطبة ومولده صدر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَذكر ابْن مفرج فِي تَارِيخه أَنه كَانَ لَهُ رحْلَة حج فِيهَا وروى وَجهد المستعين بِأبي الْعَبَّاس بن ذكْوَان فِي ولَايَة الْقَضَاء فَامْتنعَ فَقَسمهُ بَين يُونُس بن الصفار وَمُحَمّد بن خرز من أَعْيَان زناته إِلَى أَن جَاءَت دولة ابْن حمود الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 100 - أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن بشر الْمَعْرُوف بِابْن الْحصار من كتاب ابْن الْحَيَّانِ أَن اباه كَانَ حصارا وَبَنُو فطيس يدعوان ولاءه وَكَانَ يَبْدُو عَلَيْهِ مَذْهَب الشعوبية فِي دفع الْفَخر بالأنساب وَيَتْلُو {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} وَلم يقبل الْقَضَاء حَتَّى نَاوَلَهُ عَهده بِيَدِهِ على بن حمود وَأقسم عَلَيْهِ وان عينه لتدمع وَكَانَ ماهرا بالحكومة لايعدله أحد من أهل زَمَانه فِي التوثيق واستنباط النَّوَازِل مَعَ حلاوة اللَّفْظ وَحسن الْخط يشف على الْفُقَهَاء بذلك مَعَ مساواته اياهم فِيهَا يحذقونه من الْفَتْوَى ويحفظونه من الْمسَائِل والكتب لَهُ فِي ذَلِك الْقدَم الثابته إِلَى مَا رزقه من ذكاء وجمال الْهَيْئَة وَتَمام الْآلَة والنزوع فِي أَبْوَاب من المعارف كَثِيره يجمل بهَا محاضراته من رجل لئيم الخئولة شعوبي الرَّأْي هادماً الشّرف بِالْكُلِّيَّةِ ذِي عجرفة يزرى بِهِ التَّعْرِيض وَيُحب المماتنة الجالبة للعداوة أضاع قَضَاء الْفَرِيضَة وزهد فِي الرحلة على الصِّحَّة والثروة وَبِه اختتم كملة الْقَضَاء بالأندلس على علاته وَلم يزل بَنو حمود يقدمونه للْقَضَاء وَاحِدًا بعد وَاحِد واشتهر بالهوا فيهم وتناولته السعايات فَعَزله هِشَام المعتد المرواني وَهُوَ بالثغر قبل أَن يصل إِلَى قرطبة فَتَأَخر يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فَكَانَت مدَّته اثنى عشرَة سنه تسع وَعشرَة واربعمائة فَكَانَت مدَّته اثنى عشرَة سنة وَعشرَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام وَلم يزل خاملاً خَائفًا إِلَى أَن دفن بمقبرة الْعَبَّاس بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم السبت لِلنِّصْفِ من شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة فَشهد الْخَلِيفَة هِشَام كالشامت بِهِ وَكَانَ الْجمع فِي جنَازَته كثيرا الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 101 - أَبُو الْوَلِيد يُونُس بن عبد الله بن الصفار من بني مغيث من كتاب ابْن حَيَّان أَن هشاماً المعتد ولاه بعد ابْن الْحصار فَلم يقبل إِلَّا بعد الْجهد من الكبراء وَلم يزل قَاضِيا إِلَى أَن هلك لَيْلَة الْجُمُعَة لثلاث بَقينَ من رَجَب سنة تسعع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَصَارَ خَاتِمَة الْقُضَاة بقرطبة وَآخر الخطباء الْمَعْدُودين فِيهَا وتأريخ الْمُحدثين لَا يُنَازع فِي هَذِه الْمَرَاتِب على مَا أخل بِهِ من تَمام الْخِصَال الَّتِي اجْتمعت لمن قبله وَهلك وَهُوَ أسْند من بَقِي بالأندلس وأوسعهم جمعا وَأَعْلَاهُمْ سنا زَاد على التسعين سِتَّة أشهر وَهُوَ مَعَ ذَلِك ممتع بحواسه يستبين الْخط الدَّقِيق ويرتحل الْخطب الطوَال وَلَا يدع التَّأْلِيف وَله كتب حسان فِي الزّهْد وَالرَّقَائِق وَغَيرهَا وَكَانَ على تفرده بِالْحَدِيثِ مُتَقَدما فِي علم اللِّسَان والآداب رِوَايَة للشعر وَالْخَبَر حسن البلاغة خَطِيبًا ذريا سريع الدمعة لَهُ ضلع صَالح فِي الشّعْر أسعده فِي الصِّبَا على الرَّقِيق وَفِي المشيب على الْوَعْظ من رجل لم يحذق فِي الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب وَلَا برع فِي الْفِقْه وفرط فِي إِضَاعَة الْحَج لغير عذر وَكَانَ مَعَ ارتسامه بالزهد ملججاً فِي حب الدُّنْيَا منافساً فِي مراتبها الْعلية مزدلفاً إِلَى مُلُوكهَا على اخْتِلَاف دولهم اسْتغنى بعد بادئ الإملاق فضاد قَول الْقُضَاة الْفُضَلَاء من ولى الْقَضَاء وَلم يفْتَقر فَهُوَ سَارِق وَأشْهد على نَفسه عِنْد مَوته أَنه اسْتخْلف على الْقَضَاء ابْنه مغيث بن مُحَمَّد فَلم يمض ذَلِك مدَّته تسع سِنِين وَسِتَّة أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَولي بعده فِي مُدَّة أبي الحزم بن جُمْهُور أَبُو بكر بن ذكْوَان وَهُوَ شَاعِر تقدّمت تَرْجَمته فِي السلك الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 102 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن المكوى من كتاب ابْن حَيَّان أَن الْأَحْكَام تعطلت بعد استعفاء ابْن ذكْوَان وطالت الْمدَّة فَضَجَّ النَّاس إِلَى أبي الحزم فولى ابْن المكوى وَلم يكن فِي نِصَاب الْقَضَاء وَهُوَ مِمَّن آثر الخمول للدعة والفلاحة على الدراسة وانطوى مَعَ ذَلِك على الْعِفَّة والصيانة وَلم يقبله إِلَّا بعد جهد وَلم يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْقَضَاء على سَبِيل ابْن ذكْوَان قبله وَذَلِكَ يَوْم الْخَمِيس لسبع خلون من محرم اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة واكتسب فِي ولَايَته صرامة وإعجاباً حَتَّى استخف بِكَثِير من وُجُوه النَّاس فجرت لَهُ بذلك خطوب وَاعْترض ملك قرطبة أَبَا الْوَلِيد بن أبي الحزم وعزل وزيره إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى عَن مخازن الْجَامِع وَأكْثر النَّاس السوال فِي صرفه فصرف غَدَاة يَوْم الِاثْنَيْنِ لثلاث عشرَة بقيت من ربيع الأول سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَبَقِي خاملاً إِلَى أَن دفن عشي يَوْم الِاثْنَيْنِ لثلاث عشرَة خلت من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين فشهده جَمِيع النَّاس وأثنوا عَلَيْهِ بالعفة والانقباض من رجل قَلِيل الْعلم نكد الْخلق بِهِ طرق لأوّل النَّقْص على هَذِه الْولَايَة الرفيعة 103 - أَبُو عَليّ حسن بن مُحَمَّد بن ذكْوَان من كتاب ابْن حَيَّان أَن ابا الْوَلِيد ولاه بعد ابْن المكى وَهُوَ شيخ أهل بَيته الحاظين بِهَذِهِ الدولة ومتقلد الْحِسْبَة قَدِيما فاستقل بِالْعَمَلِ لطول دربته بالحكم على نُقْصَان الْعلم وَقد كَانَ عفيفاً ذَا صرامة وثروة ومرانة بالحكومة من رجل عَار عَن الْعلم عاطل عَن الْأَدَب ضَارب بأوفر الْحَظ فِي شكاسة الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الْخلق وخشونة الطَّبْع ألجأ إِلَيْهِ الِاضْطِرَار إِلَى أَن جرى من تخليطه فِي مهاودة ابْن عَمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن ذكْوَان والرهيط الَّذين سعوا فِي الْوُثُوب على السُّلْطَان بقرطبة فَعَزله أَبُو الْوَلِيد فِي صدر ربيع الأول سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة وألزمه منزله إِلَى أَن توفّي على ذَلِك فَدفن بمقبرة الْعَبَّاس عشي يَوْم الثُّلَاثَاء لإحدى عشرَة خلت من ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَشهد جنَازَته ملك قرطبة أَبُو الْوَلِيد 104 - أَبُو بكر يحيى بن مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب من كتاب ابْن حَيَّان أَن أَبَا الْوَلِيد ولاه بعد ابْن ذكْوَان وَهُوَ عميد الْفُقَهَاء فِي زَمَانه اخْتَار مِنْهُ كهلاً عفيفاً لين العريكة حَلِيمًا مبلو السداد وقوام الطَّرِيقَة وَجمع لَهُ ذَلِك إِلَى خطة الصَّلَاة والخطابة على رسم وَالِده القَاضِي أبي بكر بن يبْقى وَمَا أجَاب إِلَّا بعد جهد فَلم يُفَارق الْعِفَّة والسلامة إِلَى أَن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة لخمس بَقينَ من رَجَب سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَصلى عَلَيْهِ ملك قرطبة أَبُو الْوَلِيد وَلم يكن فِيهِ إِلَى الْعِفَّة الَّتِي جملت حَاله خلة تدل على فَضِيلَة فَمَا وجد فَقده وَلَا بَكت عَلَيْهِ سماؤه وَلَا أرضه وَتوقف أَبُو الْوَلِيد بعده عَن تعْيين قَاض مُدَّة طَوِيلَة وَصرف النّظر فِي الْأَحْكَام إِلَى وزيره أبي الْحسن بن يحيى فانثال النَّاس وَكثر تَعبه وَتَفَرَّقَتْ الْأُمُور عَلَيْهِ وَهُوَ يصدرها كلهَا فِي وَاد رحب من سَعَة خلقه وَحسن سياسته 105 - أَبُو الْقَاسِم سراج بن عبد الله بن سراج من كتاب ابْن حَيَّان أَن أَبَا الْوَلِيد أراح وزيره من أَحْكَام الْقَضَاء وفرغه لما كَانَ بسبيله من تَدْبِير الدولة وَاخْتَارَ للْقَضَاء ابْن سراج الْمَذْكُور الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 من الْبَيْت الْمَشْهُور جده سراج مولى الْأَمِير الدَّاخِل وَذَلِكَ يَوْم الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة بقيت من صفر ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة بعد جهد بِهِ وقسمه عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ مُقيم على حَال هإلى وَقت إملاء هَذَا الْكتاب وَقد نَيف على الثَّمَانِينَ حسن الْبَقِيَّة المشهورون من قُضَاة قرطبة بعد هَذَا التَّارِيخ 106 - أَبُو الْوَلِيد أَحْمد بن رشد الْأَكْبَر صَاحب التصانيف الجليلة فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع والخلافيات أطنب ابْن اليسع فِي ذكره بِمَا هُوَ من أَهله وَذكر أَن لَهُ كتابا سَمَّاهُ بالمتحصل جمع فِيهِ اخْتِلَاف أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعي التَّابِعين وَتَسْمِيَة مذاهبهم وَكتاب الْمُقدمَات فِي الْفِقْه وكناه ابْن بشكوال فِي الصِّلَة بِأبي الْقَاسِم وَوَصفه بِالْخَيرِ وَالْعقل وَالْفضل وَأَنه كَانَ محبباً للنَّاس وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة الثَّالِث عشر من رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ومولده سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة 107 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز بن حمدين من صلَة ابْن بشكوال قَاضِي الْجَمَاعَة بقرطبة أَخذ عَن أَبِيه وتفقهه عَلَيْهِ وتقلد الْقَضَاء مرَّتَيْنِ وَكَانَ نَافِذا فِي أحكانه جزلاً فِي أَفعاله وَهُوَ من بَيت علم وَدين وجلالة وَفضل وَتُوفِّي قَاضِيا يَوْم الْأَرْبَعَاء لثمان بَقينَ من ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَصلى عَلَيْهِ ابْنه أَبُو عبد الله الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 108 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أصْبع بن المناصف أطنب ابْن اليسع فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَذكر أَنه ولي قَضَاء قرطبة فِي مُدَّة على ابْن يُوسُف بن تاشفين قَالَ وَقد كنت أسمع بِمن وهب الآلاف وألزم مَاله الْإِتْلَاف فيداخلني مَا يداخل الْمخبر من تَصْدِيق وَتَكْذيب وتبعيد وتقريب حَتَّى باشرته ينْفق فِي كل يَوْم على أَكثر من ثَلَاثمِائَة بَيت يعيل دِيَارهمْ ويقيل عثارهم وَكَانَ يحرث لَهُ فِي ضيَاعه الموروثة بثمانمائة زوج فِي كل عَام فَلم يبْق عِنْد نَفسه مِنْهَا إِلَّا مَا يَأْكُل وَمن كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء الْفَقِيه الْأَعْظَم 109 - أَبُو مُحَمَّد يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ من الجذوة أَصله من البربر من مصمودة تولى بني لَيْث فنسب إِلَيْهِم رَحل إِلَى الْمشرق فَسمع مَالك بن أنس وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَاللَّيْث بن سعد وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم وَعبد الله بن وهب وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكَابِر أَصْحَاب مَالك بعد انتفاعه بِمَالك وملازمته لَهُ وَكَانَ مَالك يُسَمِّيه عَاقل الأندلس وَكَانَ سَبَب ذَلِك فِيمَا روى أَنه كَانَ فِي مجْلِس مَالك مَعَ جمَاعَة من أَصْحَابه فَقَالَ قَائِل قد خطر الْفِيل فَخَرجُوا وَلم يخرج فَقَالَ لَهُ مَالك مَا لَك لم تخرج لتنظر الْفِيل وَهُوَ لَا يكون فِي الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 بِلَادكُمْ فَقَالَ لَهُ لم أرحل لأنظر الْفِيل وَإِنَّمَا رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك فأعجبه ذَلِك مِنْهُ وَسَماهُ عَاقل الأندلس وَإِلَيْهِ انْتَهَت الرياسة فِي الْفِقْه بالأندلس وَبِه انْتَشَر مَذْهَب مَالك هُنَالك وتفقه بِهِ جمَاعَة لَا يُحصونَ وَكَانَ مَعَ إِمَامَته وَدينه مكيناً عِنْد أُمَرَاء الأندلس مُعظما وعفيفاً عَن الولايات منزهاً جلت دَرَجَته عَن الْقَضَاء فَكَانَ أَعلَى قدرا من الْقُضَاة عِنْد وُلَاة الْأَمر هُنَالك لزهده فِي الْقَضَاء وامتناعه مِنْهُ سَمِعت الْفَقِيه الْحَافِظ أَبَا مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد يَقُول مذهبان انتشرا فِي بَدْء أَمرهمَا بالرياسة وَالسُّلْطَان مَذْهَب أبي حنيفَة فَإِنَّهُ لما ولى قَضَاء الْقُضَاة أَبُو يُوسُف كَانَت الْقُضَاة من قبله فَكَانَ لَا يولي قَضَاء الْبِلَاد من أقْصَى الْمشرق إِلَى أقْصَى أَعمال إفريقية إِلَّا أَصْحَابه والمنتمين إِلَى مذْهبه وَمذهب مَالك بن أنس عندنَا فَإِن يحيى كَانَ مكيناً عِنْد السُّلْطَان مَقْبُول القَوْل فِي الْقُضَاة فَكَانَ لَا يَلِي قَاض فِي أقطارنا إِلَّا بمشورته واختياره وَلَا يُشِير إِلَّا بِأَصْحَابِهِ وَمن كَانَ على مذْهبه وَالنَّاس سراع إِلَى الدُّنْيَا والرياسة فَأَقْبَلُوا على مَا يرجون بُلُوغ أغراضهم بِهِ على أَن يحيى بن يحيى لم يل قَضَاء قطّ وَلَا أجَاب إِلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك زَائِدا فِي جلالته عِنْدهم وداعياً إِلَى قبُول رَأْيه لديهم وَكَذَلِكَ جرى الْأَمر فِي إفريقية لما ولى الْقَضَاء بهَا سَحْنُون بن سعيد ثمَّ نَشأ النَّاس على مَا انْتَشَر وَكَانَت وَفَاة يحيى بن يحيى فِي رَجَب لثمان بَقينَ مِنْهُ من سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَخلف بعده ابْنه عبيد الله الْفَقِيه الْمَشْهُور وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الْأَعْلَام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن وضاح وَزِيَاد بن مُحَمَّد بن زِيَاد الْمَعْرُوف بشبطون وَإِبْرَاهِيم بن قَاسم بن هِلَال وَمُحَمّد بن أَحْمد الْعُتْبِي وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن بَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وَيحيى بن حجاج ومطرف بن عبد الرَّحْمَن وعجنس بن أَسْبَاط الزيَادي وَعمر بن مُوسَى الْكِنَانِي وَعبد الْمجِيد بن عَفَّان البلوي وَعبد الْأَعْلَى بن وهب وَعبد الرَّحْمَن بن أبي مَرْيَم السَّعْدِيّ وَسليمَان بن نصر المريى وَأصبغ ابْن الْخَلِيل وَإِبْرَاهِيم بن شُعَيْب 110 - الْفَقِيه الْمُحدث أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْفرج الْمَعْرُوف بِابْن الطلاع من كتاب ابْن اليسع أَنه كَانَ من الْعلمَاء بِالْحَدِيثِ وَمذهب مَالك وَله تواليف مِنْهَا كِتَابه فِي نَوَازِل الْأَحْكَام النَّبَوِيَّة وَكتابه فِي الوثائق وَسَنَده فِي موطأ يحيى من أَعلَى مَا يُوجد فِي زَمَانه وَهُوَ من قرطبة ولقيه الْمُعْتَمد ابْن عباد فَنزل لَهُ عَن دَابَّته ووعظه ابْن الطلاع ووبخه 111 - الْفَقِيه الإِمَام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عتاب من كتاب ابْن اليسع ذُو الْوَقار والسكينة والمكانة المكينة وَذكر أَنه رَحل وساد أترابه وَألف كتابا فِي الحَدِيث وَكَانَ فِي الْمِائَة الْخَامِسَة فِي زمن الْمُعْتَمد بن عباد 112 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الصفار من الْبَيْت الْمَشْهُور ذكر ابْن اليسع أَن لَهُ تَارِيخا فِي جَزِيرَة الأندلس وَوَصفه بالدعابة والمرح وَله رِوَايَة عَن يُونُس بن مغيث وَهُوَ جده الحديث: 110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 113 - اللّغَوِيّ أَبُو غَالب تَمام بن غَالب الْمَعْرُوف بِابْن التياني من الْأَعْلَام فِي علم اللُّغَة الْمَشْهُورين انْتقل من قرطبة إِلَى مرسية وَبث علمه هُنَالك وصنف كتابا فِي اللُّغَة وقف عَلَيْهِ مُجَاهِد العامري ملك الجزر ودانية فأعجبه فَبعث إِلَيْهِ بِأَلف دِينَار وَكِسْوَة على أَن يزِيد فِيهِ أَنه صنفه مطرزاً باسم مُجَاهِد فَقَالَ أَبُو غَالب كتاب صنفته لله ولطلبة الْعم أصرفه إِلَى اسْم ملك هَذَا وَالله مَا لَا يكون أبدا وَصرف على مُجَاهِد الْألف الدِّينَار وَالْكِسْوَة فَزَاد فِي عين مُجَاهِد وَعظم فِي صُدُور النَّاس وَقد أطنب الحجاري بِسَبَب هَذِه الْقَضِيَّة فِي شكر الْملك والعالم وَقَالَ هَكَذَا يَنْبَغِي أَن تكون الْمُلُوك وَكَذَا يجب أَن تكون الْعلمَاء وَمن كتاب الريحانة فِي حلى ذَوي الدّيانَة 114 - الزَّاهِد عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان ابْن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ القنازعي الْقُرْطُبِيّ من تصنيف ابْن بشكوال فِي زهاد الأندلس وأئمتها أَنه نسب إِلَى صَنعته وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَأخْبر أَنه جمع فِي أخباره كتابا مُفردا وَله رحْلَة وَرِوَايَة بالمشرق وندبه الْخَلِيفَة عَليّ بن حمود إِلَى الشورى فَلم يعرج الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 عَلَيْهِ وَكَانَ صوام النَّهَار قوام اللَّيْل رَاضِيا بِالْقَلِيلِ من الْحَلَال وَرُبمَا اقتات بِمَا يرميه النَّاس من أَطْرَاف الْبُقُول وَمَا أشبه ذَلِك وَلَا ينحط إِلَى مَسْأَلَة أحد وَقَالَ كنت بِمصْر وَشهِدت الْعِيد مَعَ النَّاس فانصرفوا إِلَى مَا أعدوه وانصرفت إِلَى النّيل وَلَيْسَ معي مَا أفطر عَلَيْهِ إِلَّا شَيْء من بَقِيَّة ترمس بَقِي عِنْدِي فِي خرقَة فَنزلت على الشط وَجعلت آكله وأرمي بقشره إِلَى مَكَان منخفض تحتي وَأَقُول فِي نَفسِي ترى إِن كَانَ الْيَوْم بِمصْر فِي هَذَا الْعِيد أَسْوَأ حَالا مني فَلم يكن إِلَّا مَا رفعت رَأْسِي وأبصرت أَمَامِي فَإِذا بِرَجُل يلقط قشر الترمس الَّذِي أطرحه ويأكله فَعلمت أَنه تَنْبِيه من الله عز وَجل وشكرته وَتُوفِّي بقرطبة يَوْم الْجُمُعَة يَوْم الْجُمُعَة لِاثْنَتَيْ عشرَة خلت من رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْه مجوداً لِلْقُرْآنِ الْأَهْدَاب أَبُو بكر مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْملك بن عِيسَى بن قزمان إِمَام الزجالين بالأندلس وشهرته تغني عَن الإطناب فِي ذكره وَقد جمع أزجاله وديوانها مَشْهُور بالمشرق وَالْمغْرب وَذكر فِي خطبَته أَن الْإِعْرَاب فِي الزجل لحن كَقَوْل أحدهم وَهُوَ أخطل بن نمارة ... كسر الله رجل كل ثقيل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 على كَونه إِمَامًا وَصدر عَنهُ مثل قَوْله ... طاق فِي خد وبف فالقنديل عَم مُقَابل وجدت إِلَيْك سَبِيل ... وَقَوله ... قدر الله وسَاق الخناس إِلَى دَاري على عُيُون النَّاس ولعبنا طول النَّهَار بالكاس وجا اللَّيْل وامتد مثل الْقَتِيل ... ونوه فِي تَرْجَمته بِذكر أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدين وَأبي الْعَلَاء بن زهر فِي الرياسة ومدحه لَهما فَمن ملح أزجال ابْن قزمان قَوْله فِي هزيمَة ... والكتف يتَعَلَّق والقحف يقسم وشنيوران رَاقِد فِي برك من دم قد خطّ فِيهِ السَّيْف خطا لَا يفهم وجا الْغُبَار من فَوق بِحل نشاره ... وَقَوله ... اصحى تعيب النَّاس كل أحد عيب ماع ... إِنَّمَا هُوَ المطهر من سلم يَد وقاع ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ فِي بداءة زجل فِي مدح ابْن أضحى قَاضِي غرناطة ... الله ساقك وَلم يسوقك أحد ... واجتمعنا اصداف أخير من وعد وفر الله مشي ذك الأميال والرقاد الردي وشغل البال وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال ... وَفِي آخِره ... طَار حَدِيثك على المدن الْقرى قَاضِي يُعْطي عَطِيَّة الأمرا رد غرناطة مَكَّة الشعرا فترى فِيهَا أهل كل بلد ... وَله ... لَو زارني صَاحب التَّفْرِيق ... قد كَانَ نفيق حَتَّى نرى مثل مَا قدريت من الأمل فَمَا حُلْو لَا تَقول سكر وَلَا عسل يقبل الرّوح وَلَا يدْرِي طيب الْقبل لَيْسَ يربح الْقبل والتعنيق ... غير العشيق ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 .. شربت سرك وه عِنْدِي جلّ المنى وَقمت للرقص بأكمامي على الْغِنَا وَأصْبح النَّاس يذكر الله وأصبحت أَنا مَا بَين الأشكال ... سَكرَان غريق ... وَله ... لَيْسَ عِنْدِي قوام ولاه فلاح إِلَّا شرب الشَّرَاب وعشق الملاح نرضي إِبْلِيس إِلَى مَتى ذَا العقوق فه شَيْخي وَله عَليّ حُقُوق والشريبة مِفْتَاح لكل فسوق فِي لساني نربط ذك الْمِفْتَاح أَيهَا النَّاس وصيتي للْجَمِيع من خلاع فَإِن الْيَوْم خليع وَلَا نمشوا إِلَّا بكاس أَو قطيع وسكارى إيك لَا تمشو صِحَاح اسْكُتْ اسْكُتْ هَذَا الحَدِيث يمضغ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 .. فقلاده فِي عنق من بلغ إِن دَاره مُحَمَّد بن أصبغ خمس مت سَوط يحس للبراح إِنَّمَا بِعْ ل المري بِالنَّهَارِ فَإِذا كنت وَقت رقاد فِي دَار أرخ شف وارضع فِي هَذَا الْعقار لَا تقع لَك قطاع فِي اصطباح فَإِن أَصبَحت وَفِي دماغك ثقل حج فالدار إِن كَانَ لراسك عقل وَيكون الغذا لحم ببقل وَالله وَالله لَا تَسْتَجِيب إِذْ تصاح وَإِذا كنت صَاح إِذْ تصبح اغسل أجك وَهَلل أَو سبح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 .. شَرط إِن قَالَ أحد اعْمَلْ لي آح اعْمَلْ ات أح وَزيد فالساق حاح وَإِذا كنت مَعَ فقي أَو إِمَام ويقل لَك شربت قطّ مدام قَالَ لَهُ اشنه يَا فقي ذَا الْكَلَام وَالله مَا ذقت قطّ شرب تفاح فَإِن أجمعك بيه زَمَانا نبيل وَعَسَى لس ذَا الصَّبْر غير قَلِيل قله لَهُ السا وجدت إِلَيْك سَبِيل جي نقل لَك بالرسل أَو بالصياح تَدْرِي إِذْ قلت لي شربت عقار اه حَقًا كن نتبتلعها كبار وَأَنا ذاب نحسوها ليل ونهار بشرابك وَرُبمَا أقداح تحفظ اسماه سا يقل لَك لَا قل لَهُ خُذ نملا مِنْهُ انينك ملا هِيَ هِيَ قهوة والمدام والطلا والحميا والخندريس والراح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 كن صبيان ودارت الْأَحْوَال والتحينا وصرنا ذاب رجال وَكن إكريت دويره من إِنْسَان برباعي سكنت فِيهِ الزَّمَان ثمَّ قَالَ لي تزن ثَلَاث أَثمَان ونزن لَو وَلَو طلب مِثْقَال وعقاباً مليح بِجنب البير وقصيبا عَلَيْهَا بَابا كَبِير تكشف الفحص من ثَلَاث أَمْيَال والربض لَا شُيُوخ وَلَا حجاج وأرامل ملاح بِلَا ازاوج ويجوني طول النَّهَار عَن حواج واشيات لس يَنْبَغِي أَن تقال ... وَمِنْه ... إش نقل لَك بقيت كَذَا مبهوت وأخذني فزع بِحَال من يَمُوت وقفز قلب مثل قفز الْحُوت وَضرب بالجناح بِحل بر طَال ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وَله ... تدر إش قَالَ لي الفقى تب ... إِن ذَا فضول وأحمق كف نتوب وَالرَّوْض زَاهِر ... والنسيم كالمسك يعبق وَالربيع ينشر علام ... مثل سُلْطَانا مويد وَالثِّمَار تنثر حلية ... بِثِيَاب بِحل زبر جد والرياض تلبس غلالا ... من نَبَات فَحل زمرد والبهار مَعَ البنفسج ... يَا جمال ابيض فِي أَزْرَق والندى وَالْخَيْر والآس ... والراح والظل والما والمليح خلطي مهاود ... والرقيب أَصمّ أعمى وزمير من فَم سَاحر ... وغنا من كف سلمى والزجاج ملح مجزع ... وَالشرَاب أصفر مروق يَا شرابًا مر مَا أحلاك ... علقم ات ممزوج بسكر بِالَّذِي رزقن حبك ... من نثر عَلَيْك جَوْهَر وَترى لش تَشْتَكِي ضرّ ... لش نرَاك رَقِيق أصفر مَا أَظن إِلَّا ألم بيك ... أَو مليح لَا شكّ تعشق ذَا الطَّرِيق يعجبن يَا قوم ... مَا أَمْلَح وَمَا أجل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 .. أَي نبل أقل ل خليه ... وَسمع مِمَّا أقل ل يَا صديقي لس نراع ... يَا صديقي لس نمل قل لي كف نَتْرُك ذَا الأشيا ... قصَّة حقيق بِالْحَقِّ ونجوم السعد تطلع ... ونوار الْيمن تفتح وغنا وَدَن دن دن ... وَلعب وكح كح كح وارتفع عني يَا راجل ... انْسَلَخَ عكان أح أح الْقطع فز عَن يام ... تركف يعْمل لي بق بق ... وَله ... نفني عمرى فالخنكرا والمجون يَا بياضي خلع بنيت أَن يكون إِنَّمَا أَن نتوب أَنا فمحال وبقاى بِلَا شريب ضلال نفن عمرى ودعن مِمَّا يُقَال إِن ترك الخلاع عِنْدِي جُنُون خُذُوا مَالِي وبددوه فالشراب وثيابي ولبسوه القحاب وقلوا لي بِأَن رايك صَوَاب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 .. لم تكن قطّ فِي ذَا الحَدِيث مغبون وَإِذا مت مذهبي فالدفن أَن نرقد فِي كرم بَين الجفن وَيضم الْوَرق على كفن ولراسي عِمَامَة من زرجون ... وَمِنْه ... إِنَّمَا مَا ريت ذك التحت سَاق وذك الْعَينَيْنِ الملاح الرشاق وَعمل إير فاسروال رواق وَرفع بالثياب بِحل قيطون أَنا وَللَّه قد ابتديت فِي الْعَمَل أوذيك زلق لساعة دخل وَأَنا نرعج حُلْو حُلْو كالعسل وَهَبَطَ روحي بن سقى سخون ... 115 - الهيدورة قَالَ الْحَضْرَمِيّ كَانَ بقرطبة مخنث يعرف بالهيدورة قد برع فِي الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 التخنيث والكيد حَتَّى صَار يضْرب بِهِ الْمثل وَهُوَ الَّذِي لما حصل فِي الْأسر كتب لَهُ إخوانه يتفجعون من شَأْنه فجاوبهم يَا سخفاء الْعُقُول ولأي شَيْء تتفجعون من شأني وَهُنَاكَ وَهنا وَزِيَادَة ختانة لم تقطع خير كثير قَالَ وَلَيْسَ بالأندلس بلد قد شهر بِكَثْرَة القطماء مثل قرطبة وخاصة مِنْهُ درب ابْن زيدون فَيَقُولُونَ فِي التَّعْرِيض هُوَ من درب ابْن زيدون كَمَا يَقُولُونَ رطب الذِّرَاع قَالَ وَكَانَ فِي درب ابْن زيدون رجل مَشْهُور بِهَذَا الشَّأْن ينَام فِي أسطوان دَاره وَيتْرك القفل على الْبَاب يتَمَكَّن فَتحه فَإِذا رَآهُ سَارِق على تِلْكَ الْحَال عالج الْبَاب وَدخل فيمسكه القطيم وَكَانَ لَهُ عَبْدَانِ يريحهما بِهَذَا الشَّأْن فَيَقُول للسارق أَيهَا الملعون جسرت على بَابي وفتحته وَأَرَدْت الدُّخُول على حرمي مَا بقى لَك إِلَّا أَن وَالله وتالله لَا زلت حَتَّى تفعل فتم لَك النادرة فِي ثمَّ ينبطح فَيرى السَّارِق أَنه يفعل ذَلِك لِئَلَّا يفتضح ثمَّ يُطلقهُ 116 - البحبضة الْحَكِيم كَانَ خَفِيف الرّوح قصدته يَوْمًا عَجُوز وَهُوَ فِي دكانه فَقَالَت لَهُ وَهُوَ بَين جُلَسَائِهِ يَا سَيِّدي أَنْت هُوَ الْحَكِيم البحبوضي فَقَالَ لَهَا فِي الْحِين يَا ستي وَأَنت هِيَ العجوزة سو القوادة وَكَانَ فِي قرطبة طَبِيب يُقَال لَهُ رَأس قدح فَجَاءَتْهُ عَجُوز يَوْمًا وَقَالَت لَهُ يَا سَيِّدي أَنْت هـ الرَّأْس خيبة فَقَالَ من عَاشَ كبر 117 - يحيى بن عبد الله بن البحبضة كَانَ فِي الْمِائَة السَّابِعَة يشْتَغل بأعمال السُّلْطَان وَله أزجال على طَريقَة البداوة الَّتِي يغنون بهَا على البوق من ذَلِك زجله الطيار ... دعن نشرب قطيع صَاح من ذنا سِتّ الملاح ... الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 .. دعن نشرب ونرخى شفا ونصاحب من لي فِيهِ عَفا يَا زغلا شدوا الأكفا من بَاب الْجَوْز يسمع صياحي وَالله إِنَّك صرف ملحلا وسمينا بِحَال بخلا وخفيفا بِحَال بوللا حن تطرلى مَعَ الرِّيَاح وَالله ذنا أَنى مشاكل وحزامي مليح وكامل حن تراني نرخي السراول على وَجه القرق الصياح يَا زغلة درب الزجالي مِنْهُ فِيكُم زغل بِحَال أَو دلال بِحَال دلالي أَو رماح بِحَال رماحي غَدا قَالَت تجيني ذنا بتحنفف مليح وحنا نشرب الكاس مَعهَا مهنا حن تجيني بَيَاض صباحي ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الْحلَّة الذهبية فِي حلى الكورة القرطبية وَهُوَ كتاب الصبيحة الغراء فِي حلى حَضْرَة الزهراء هن عروس لَهَا منصة وتاج وسلك وحلة المنصة ذكر ابْن حوقل أَن النَّاصِر بناها فِي غربي قرطبة فِي سفح جبل وَأمر مناديه يُنَادي أَلا من أَرَادَ أَن يَبْنِي بجوار السُّلْطَان فَلهُ أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فسارع النَّاس إِلَيْهَا وَجعلهَا النَّاصِر قطبه قَالَ الحجاري وَكَانَ مُنْذر ابْن سعيد قَاضِي النَّاصِر وخطيبه كثيرا مَا يقرعه فِيمَا أسرف فِيهِ من مبانيه ويعظه وَدخل عَلَيْهِ يَوْمًا وَهُوَ مكب على الْبُنيان فوعظه فأنشده النَّاصِر قَوْله وَهُوَ عالي الطَّبَقَة ... همم الْمُلُوك إِذا أَرَادوا ذكرهَا ... من بعدهمْ فبألسن الْبُنيان أَو مَا ترى الهرمين قد بقيا وَكم ... ملك محاه حَادث الْأَزْمَان ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 .. إِن الْبناء إِذا تعاظم شَأْنه ... أضحى يدل على عَظِيم الشان ... وَدخل عَلَيْهِ مرّة وَهُوَ فِي قبَّة قد جعل قرمدها من ذهب وَفِضة والمجلس قد غض فَقَامَ ووعظه وتلا {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضَّة} الْآيَة فاحتمله لمكانه مِنْهُ وَقَالَ وزيره عبيد الله بن إِدْرِيس ... سيشهد مَا شيدت أَنَّك لم تكن ... مضيعاً وَقد مكنت للدّين وَالدُّنْيَا فبالجامع الْمَعْمُور للْعلم والتقى ... وبالزهرة الزهراء للْملك والعليا ... وَقد ذكرهَا الْمُعْتَمد بن عبَادَة فِي قَوْله الَّذِي استدعى بِهِ وزراءه وَكتابه وَقد تنادوموا بالزهراء إِلَى قصر قرطبة أنْشدهُ الْفَتْح ... حسد الْقصر فِيكُم الزهراء ... ولعمري وعمركم مَا أَسَاءَ قد طلعتم بِهِ شموساً صباحاً ... فَاطَّلَعُوا عندنَا بدوراً مسَاء ... وَقد ذكرهَا الْوَزير أَبُو الْوَلِيد بن زيدون فِي شعره الَّذِي خَاطب بِهِ محبوبته ولادَة ... إِنِّي ذكرتك بالزهراء مشتاقا ... والأفق طلق وَوجه الأَرْض قد راقا وللنسيم اعتلال فِي أصائله ... كَأَنَّمَا رق لي فاعتل إشفاقا وَالرَّوْض عَن مَائه الفضى مبتسم ... كَمَا شققت عَن اللبات اطواقا يَوْم كايام لذات انصرفت ... بتنا لَهَا حِين نَام الدَّهْر سراقا نَلْهُو بِمَا يستميل الْعين من زهر ... جال الندى حَتَّى مَال اعناقا كَانَ اعينه إِذْ عانيت ارقى ... بَكت لما بِي فجال الدمع وقراقا ورد تألق فِي ضاحي منابته ... فازداد الضُّحَى فِي الْعين إشراقا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 .. كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا ... إِلَيْك لم يعد عَنهُ الصَّبْر أَن اضاقا لَو كَانَ وفى المنى فِي جَمعنَا بكم ... لَكَانَ من أكْرم الْأَيَّام أَخْلَاقًا آس ينافحه نيلوفر عبق ... وَسنَان نبه مِنْهُ الصُّبْح أحداقا لَا سكن الله قلباً عَن ذكركُمْ ... فَلم يطر بجناح الشوق خفاقا لَو شَاءَ حملي نسيم الرّيح نحوكم ... وافاكم بفتى أضناه مالاقى كَانَ التجاري بمحض الود مذ زمن ... ميدان أنس جرينا فِيهِ أطلاقا فَالْآن أَحْمد مَا كُنَّا لعهدكم ... سلوتم وَبَقينَا نَحن عشاقا ... بنى الزهراء النَّاصِر وسكنها ثمَّ سكنها ابْنه الْمُسْتَنْصر وَسكن الْمُؤَيد بن الْمُسْتَنْصر مَدِينَة الزاهرة فَنَذْكُر ترجمي النَّاصِر والمستنصر واعلام دولتيهما التَّاج 118 - النَّاصِر لدين الله أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم ابْن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان ذكر الْحميدِي أَنه ولي بعد جده عبد الله وَكَانَ وَالِده قد قَتله أَخُوهُ الْمطرف بن عبد الله فِي صدر دولة أَبِيهِمَا وَترك ابْنه عبد الرَّحْمَن ابْن عشْرين يَوْمًا فولي وَله اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَت ولَايَته من المستطرف إِذْ كَانَ بالحضرة جمَاعَة أكَابِر من أَعْمَامه وأعمام أَبِيه فَلم يعْتَرض معترض وَكَانَ شهماً صَارِمًا وكل من ذكرنَا من أجداده فَلَيْسَ مِنْهُم من تسمى الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 بإمرة الْمُؤمنِينَ وَلم يتعدوا فِي الْخطْبَة الْإِمَارَة وَجرى على ذَلِك عبد الرَّحْمَن إِلَى آخر السّنة السَّابِعَة عشرَة من ولَايَته فَلَمَّا بلغه ضعف الْخلَافَة فِي الْعرَاق أَيَّام المقتدر وَظُهُور الشِّيعَة بالقيروان تسمى بأمير الْمُؤمنِينَ وتلقب بالناصر وَلم يزل مُنْذُ ولي يسْتَنْزل المتغلبين حَتَّى اسْتكْمل إِنْزَال جَمِيعهم فِي خمس وَعشْرين سنة من ولَايَته وَصَارَ جَمِيع أقطار الأندلس فِي طَاعَته وَمن المسهب إِنَّمَا تسمى بأمير المؤنين حِين بلغه أَن المقتدر خطب لَهُ بالخلافة وَهُوَ دون الْبلُوغ وَلما قتل الْمطرف بن عبد الله أَخَاهُ مُحَمَّد بن عبد الله قَتله بِهِ ابوه وَقد فيل أَن اباهما قتل الِاثْنَيْنِ وخلا الجو لعبد الرَّحْمَن وَملك قلب جده بِحسن خدمته وكل مَا يعلم أَنه يُوَافق غَرَضه فَتقدم بعد جده فِي مستهل ربيع الأول سنة ثَلَاثمِائَة فَقَالَ ابْن عبد ربه صَاحب العقد ... بدا الْهلَال جَدِيدا ... وَالْملك غض جَدِيد يَا نعْمَة الله زيدي ... إِن كَانَ فِيك مزِيد ... وَصرف من الآراء والحيل فِي الثوار الَّذين اضْطر من بهم الأندلس مَا يطول ذكره حَتَّى صفت لَهُ الجزيرة قَالَ وأعانه على ذَلِك الْمعرفَة باصطفاء الرِّجَال واستمالة اهوائهم بالمواعيد وبذل الْأَمْوَال مَعَ طول الْمدَّة وهبوب ريح السَّعَادَة وَقد شبهوه بالمعتضد العباسي فِي تلافي الدولة وَكَانَ يَده فِي استنزال العصاة الْقَائِد أَبَا الْعَبَّاس ابْن أبي عَبدة وَبَقِي فِي السلطنة خمسين سنة وَسِتَّة أشهر وَثَلَاثَة أَيَّام قَالَ ابْن غَالب وجد بِخَطِّهِ أَيَّام السرُور الَّتِي صفت لَهُ فِي هَذِه الْمدَّة الطَّوِيلَة يَوْم كَذَا وَيَوْم كَذَا فَكَانَت أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَكَانَت وَفَاته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 لَيْلَة الاربعاء لليلتين خلتا من رمصان سنة خمسين وثلاثمائة وَكَانَ مشغوفا يتضخيم الْبُنيان والسلطنة والجند وَقسم اموال جبابيه على ثَلَاثَة قسم للجند والحروب وَقسم للبنيان وَقسم ينْفق مِنْهُ فِي غير هذَيْن من الْمصَالح ويحزن بَاقِيه ذخيرة وَقد تقدّمت أبياته فِي الْبُنيان مِمَّا أنْشدهُ الشقندي والحجاري وَله حكايات دينية ودنياوية فأملح مَا وقفت عَلَيْهِ من حكاياته الدِّينِيَّة مَا حَكَاهُ الحجاري من أَنه حضر يَوْم جُمُعَة فِي جَامع الزهراء فَلَمَّا خطب مُنْذر بن سعيد قَالَ فِي خطبَته أتبنون بِكُل ريع آيَة تعبثون الاية فَتحَرك النَّاس لذَلِك وَعلم النَّاصِر أَنه عرض بِهِ فَلَمَّا فرغ قَالَ لِابْنِهِ الْمُسْتَنْصر فِيمَا جرى عَلَيْهِ مِنْهُ ثمَّ قَالَ لَكِن عَليّ لله يَمِين أَلا أُصَلِّي خَلفه مَا عِشْت فَلَمَّا جَاءَت الْجُمُعَة الثَّانِيَة قَالَ لِابْنِهِ كَيفَ نصْنَع فِي الْيَمين قَالَ يُؤمر بالتأخر ويستخلف غَيره فاغتاظ النَّاصِر وَقَالَ ابمثل هَذَا الرَّأْي الفائل تُشِير عَليّ وَالله لقد نَدِمت على مَا فرط مني فِي الْيَمين واني لاستحي أَن أجعَل بيني وَبَين الله غير مُنْذر ثمَّ رأى أَن يُصَلِّي فِي جَامع قرطبة فواصل ذَلِك بَقِيَّة مدَّته وَكَانَ لَهُ جلساء ووزراء عُظَمَاء يَأْتِي مِنْهُم تراجم بعد هَذَا وَأعظم من اسْتَعَانَ بِهِ فِي الحروب ابْن عَمه سعيد بن الْمُنْذر بن مُعَاوِيَة بن ابان يحي بن عبيد الله بن مُعَاوِيَة ابْن هِشَام بن عبد الْملك وَهُوَ الَّذِي تولى حَرْب ابْن حفصون كَبِير الْمُنَافِقين وافتتح قلعته وَكَانَ ممدحاً جواداً سعيد الْحَيَاة فقيد الْمَمَات وَحضر لَيْلَة عِنْده وزيره ومولاه أَبُو عُثْمَان بن إِدْرِيس فغنت جَارِيَة ... أحبكم مَا عِشْت فِي الْقرب والنوى ... وأذكركم فِي حَالَة الْوَصْل والصد على انكم لَا تشتهون زيارتي ... قَرِيبا وَلَا ذكراي فِي فَتْرَة الْبعد ... واستجاز وزيره فَقَالَ الِابْتِدَاء لأمير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ... وَأَنْتُم جعلتم مهجتي مسكن الجوى ... وانتم جعلتم مقلتي مسكن السهد ... ثمَّ قَالَ الْوَزير ... وَمَالِي عَنْكُم جرتم أَو عدلتم ... على كل حَال فاعلموا ذَاك من بُد ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وَكَانَت عَلامَة سكره وَأمر ندمانه بِالْقيامِ أَن يمِيل بِرَأْسِهِ إِلَى حجره وَرُبمَا انشد ... وَكَانَ أشربها وَاللَّيْل معتكر ... حَتَّى أكب الْكرَى رَأْسِي على قدحي ... وَكَانَ على حسن خلقه وحلمه رُبمَا حدثت لَهُ على المنادمة وَسْوَسَة كدرت مَا يعْتَاد مِنْهُ وَلما كثرت قطع المنادمة ثمَّ تزهد وَمن قَبِيح مَا يُؤثر عَنهُ حكايته مَعَ الْجَارِيَة الَّتِي كَانَت عِنْده بِمَنْزِلَة حبابة من يزِيد سكر لَيْلَة فَأكْثر من تقبيلها فَأَكْثَرت الضجر والتبرم وقبضت وَجههَا أَمر أَلا يزَال وَجههَا يلثم بألسنة الشمع وَهِي تشتغيث فَلَا يرحمها حَتَّى هَلَكت قَالَ الحجاري وَرُبمَا كَانَ أَجود من جَمِيع من ملك من بني مَرْوَان وَمِمَّا نسب لَهُ وَقد نسب لِابْنِهِ الْمُسْتَنْصر ... مَا كل شَيْء فقدت إِلَّا ... عوضني الله عَنهُ شيا إِنِّي إِذا مَا منعت خيري ... تبَاعد الْخَيْر من يديا من كَانَ لي نعْمَة عَلَيْهِ ... فَإِنَّهَا نعْمَة عليا ... وَذكر أَن توقيعاته بليغة كتب لَهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بالشيخ الْمُمْتَنع بحصن لقنت فِي جَوَاب استنزاله لَهُ مَا أوجب أَن كَانَ فِي جَوَاب النَّاصِر لَهُ وَلما رَأَيْنَاك قد تذرعت بِإِظْهَار اتقاء الله رَأينَا أَن نعرض عَلَيْك أَولا مَالا بُد لَك مِنْهُ أخراً وَلَيْسَ من أطَاع بالمقال كمن أطَاع بعد الفعال فبادر مستسلماً إِلَى قرطبة وَكتب لَهُ ابْن سعيد بن الْمُنْذر وَهُوَ محاصر ابْن حفصون يذكر لَهُ تلون بني حفصون فَأَجَابَهُ بِكِتَاب فِيهِ مهما تحققت من عذر بني حفصون ومكرهم فزد فِيهِ بَصِيرَة واثبت على تحقيقك وَمهما ظَنَنْت فصير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ظَنك تَحْقِيقا فَإِنَّهُم شَجَرَة نفاق أَصْلهَا وفروعها تسقى بِمَاء وَاحِد فاهجر فيهم الْمَنَام والدعة فالعيون إِلَيْهِم تنظر والآذان نحوهم تسمع فَمَتَى اسْتَنْزَلَهُمْ من معلقهم أَغْنَاك ذَلِك عَن مكابدة غَيرهم فَلم يزل بهم حَتَّى غلب عَلَيْهِم وأقدم عَلَيْهِ رجل وقاح بالشكوى والصياح وَخرج من أمره أَنه اشْترى حمارا فَخرج فِيهِ عيب فَرفع ذَلِك إِلَى القَاضِي فَرد حكمه إِلَى أهل السُّوق فأفتوا أَنه عيب حَدِيث قَالَ فألزموني بِهِ وَأَنا لَا أريده فَقَالَ تجاوزت القَاضِي وَأهل السُّوق إِلَى الْخَلِيفَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الوضيعة ثمَّ أَمر بِهِ فَضرب ونودى عَلَيْهِ بذلك مجرساً ورد رَأسه إِلَى وزرائه وَقَالَ أعلمتم أَن الْأَمِير عبد الله جدي بنزوله للعامة فِي الحكم للْمَرْأَة فِي غزلها والحمال فِي ثمن مَا يحملهُ والدلال فِي ثمن مَا يُنَادي عَلَيْهِ أضاع كبار الْأُمُور ومهماتها وَالنَّظَر فِي حروبه ومدارأة المتوثبين عَلَيْهِ حَتَّى اضطرمت جَزِيرَة الأندلس وكادت الدولة أَلا يبْقى لَهَا رسم وَأي مصلحَة فِي نظر غزل امْرَأَة ينظر فِيهِ أَمِين سوق الْغَزل وإضاعة النّظر فِي قطع الطّرق وَسَفك الدِّمَاء وتخريب الْعمرَان وَكَانَ حَاجِبه مُوسَى بن حدير على ذكائه يَقُول مَا رَأَيْت أذكى مِنْهُ كنت وَالله آخذ مَعَه فِي الشَّيْء تحليقاً على سواهُ حَتَّى أخرج إِلَيْهِ فيسبقني لمرادي وَيعلم مَا بنيت عَلَيْهِ تدبيري وَكَانَ لَهُ عُيُون على مَا قرب وَبعد وَصغر وَكبر وَكَانَ مَعْرُوفا بِحسن الْعَهْد وَبِذَلِك انْتفع فِي استنزال المتغلبين قَالَ الحجاري وَرفع للناصر أَن تَاجِرًا زعم أَنه ضَاعَت لَهُ صرة فِيهَا مائَة دِينَار ونادى عَلَيْهَا وَاشْترط أَن يهب للآتي بهَا عشرَة دَنَانِير فجَاء بهَا رجل عَلَيْهِ سمة خير ذكر أَنه وجدهَا فَلَمَّا حصلت فِي يَده قَالَ إِنَّهَا كَانَت مائَة وَعشرَة وَإِن الْعشْرَة الَّتِي نقصت مِنْهَا أَخذهَا الَّذِي أَتَى بهَا وأبى أَن يدْفع لَهُ مَا شَرط فَوَقع النَّاصِر صدق التَّاجِر وَالرجل الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وجد المَال وَلَوْلَا صدق الرجل مَا أَتَى بِشَيْء مَجْهُول فاردد عَلَيْهِ الْمِائَة وناد على مَال التَّاجِر فَإِنَّهُ مائَة وَعشرَة فَكَانَ ذَلِك من ملحه وَقَالَ لقائد عسا كره ابْن أبي عَبدة إِن استرسلت فِي الْكَلَام مَعَك بمحفل فتعقبه فِي الْخلْوَة وَمَعَ ذَلِك فَإنَّك ترى بِالْمُشَاهَدَةِ مَا لَا نرَاهُ فَلَا ترجع عَن مصلحَة وَقتل النَّاصِر ابْنه عبد الله ذبحا بِيَدِهِ وَقد بلغه أَنه يُرِيد قَتله وَأخذ الْخلَافَة 119 - ابْنه الحكم الْمُسْتَنْصر بِاللَّه من الجذوة كَانَ لَهُ إِذْ ولى بعد أَبِيه سبع وَأَرْبَعُونَ سنة وَكَانَ حسن السِّيرَة جَامعا للعلوم محباً لَهَا مكرماً لأَهْلهَا وَجمع من الْكتب فِي أَنْوَاعهَا مَا لم يجمعه أحد من مُلُوك الأندلس قبله وَذَلِكَ بإرساله فِيهَا إِلَى الأقطار واشترائه لَهَا بِأَعْلَى الْأَثْمَان ونفق عَلَيْهِ ذَلِك فَحمل إِلَيْهِ وَكَانَ قد رام قطع الْخمر من الأندلس وَأمر بإراقتها وتشدد فِي ذَلِك وشاور فِي استئصال شَجَرَة الْعِنَب فَقيل انهم يعلمونها من التِّين وَغير ذَلِك فَوقف عَمَّا هم بِهِ وَمن المسهب توفّي يَوْم الْأَحَد لليلتين خلتا من صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة فَكَانَت مدَّته خَمْسَة عشر سنة وَخمْس أشهر وَثَلَاثَة أَيَّام وَحكى ابْن حَيَّان أَن عدد الْكتب الَّتِي كَانَت فهارس بأسماء الْكتب الَّتِي اجْتمعت فِي خزائنه أَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ فِي كل فهرست مِنْهَا عشرُون ورقة وَوجه لأبي الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ ألف دِينَار على أَن يُوَجه لَهُ نُسْخَة من كتاب الأغاني وباسمه طرز أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ كتاب الأمالي وَعَلِيهِ وَفد فَأَحْمَد وفادته وَأنْشد من شعره قَوْله ... إِلَى الله أَشْكُو من شمائل مترف ... على ظلوم لَا يدين بِمَا دنت ... الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 .. نات عَنهُ دَاري فاستزاد صدوده ... وَإِنِّي على وجدي الْقَدِيم كَمَا كنت وَلَو كنت أَدْرِي أَن شوقي بَالغ ... من الوجد مَا بلغته لم أكن بنت ... وَأنْشد لَهُ ابْن حَيَّان ... عجبت وَقد ودعتها كَيفَ لم امت ... وَكَيف اثنيت بعد الْوَدَاع يَدي معي فيامقلتي العبرى عَلَيْهَا اسكبي دَمًا ... وَيَا كَبِدِي الحرى عَلَيْهَا تقطعي ... وَله غزوات وفتوح مدن وَمَات بالفالج وَكَانَ حَاجِبه جَعْفَر مَوْلَاهُ قبل جَعْفَر المصحفي قَالَ ابْن غَالب وَفِي مدَّته ضرب الدِّينَار الْجَعْفَرِي الْمَشْهُور بالأندلس السلك من كتاب الصَّفَا فِي حلى الشرفا بَنو أُميَّة بالأندلس يعْرفُونَ بالشرفاء وَنَذْكُر مِنْهُم هُنَا أولي الْفضل من السلالة الناصرية على نسق وَغَيرهم مِمَّن كَانَ فِي مدتي النَّاصِر والمستنصر 120 - عبد الله بن النَّاصِر من الجذوة انه كَانَ فَقِيها شافعياً متنسكاً شَاعِرًا أخبارياً وَأنْشد لَهُ ... إِمَّا فؤداي فكاتم ألمه ... لَو لم يبح ناظري بِمَا كتمه ... الحديث: 120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 .. إِلَيْك عَن عاشق بَكَى أسفا ... حَبِيبه فِي الْهوى وَمَا ظلمه ظلت جيوش الْهوى تُقَاتِلهُ ... مذ نذرت أعين الملاح دَمه ... وَمن المسهب مثل ذَلِك وَأَنه كَانَ محسناً للشعراء وَأَن سعيد ابْن فرج أَخا أبي عمر أهْدى لَهُ ياسميناً أَبيض وأصفر وَكتب مَعَه ... مولَايَ قد أرْسلت نَحْوك تحفة ... بِمُرَاد مَا أبغيه مِنْك تذكر من ياسمين كَالنُّجُومِ تبرجت ... بيضًا وصفرا والسماح يعبر ... فَعوضهُ عَنْهَا ملْء طبقها دَنَانِير ودراهم وَكتب لَهُ ... أَتَاك تعبيري وَلما يحل ... مني على أضغاث أَحْلَام فاجعله رسماً دَائِما قَائِما ... مِنْك ومني أول الْعَام ... وانشد لَهُ وَقد مر أحد الْفُقَهَاء فأبصر غُلَاما فتان الصُّورَة ... أفدي الَّذِي مر بِي فَمَال لَهُ ... لحظي وَلَكِن ثنيته غصبا مَا ذَاك إِلَّا مخاف منتقد ... فَالله يعْفُو وَيغْفر الذنبا ... قَالَ الرَّقِيق فِي تَارِيخه كَانَ عبد الله يُسمى الزَّاهِد فَبَايع قوما على قتل وَالِده وأخيه الحكم ولي الْعَهْد فسجنه أَبوهُ ثمَّ ذبحه بِيَدِهِ يَوْم الْأَضْحَى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَقتل أَصْحَابه قَالَ صَاحب سفط اللآلئ وَمن الْعَجَائِب أَن عبد الله كَانَ شافعياً وأخاه عبد الْعَزِيز حنفيا والمستنصر مالكيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 121 - عبد الْعَزِيز بن النَّاصِر ذكره الْحميدِي وَأنْشد لَهُ مَا تَركه أولى وَأنْشد لَهُ صَاحب سفط اللآلئ وَقَالَ كَانَ لَهُ شعر عراقي المشرع نجدي المنزع كَقَوْلِه ... زارني من هَمت فِيهِ سحرًا ... يتهادى كنسيم السحر أقبس الصُّبْح ضِيَاء نوره ... فأضا وَالْفَجْر لم ينفجر واستعار الرَّوْض مِنْهُ نفخة ... بثها بَين الصِّبَا والزهر أَيهَا الطالع بَدْرًا نيراً ... لَا حللت الدَّهْر إِلَّا بَصرِي ... وَكَانَ مغرما بِالْخمرِ والغناء فَترك الْخمر لِبُغْض أَخِيه فِيهَا فَقَالَ لَو ترك الْغناء لكمل سروره فَقَالَ وَالله لَا تركته حَتَّى تتْرك الطُّيُور تغريدها ثمَّ قَالَ ... أَنا فِي صِحَة وجاه ونعمى ... هِيَ تَدْعُو للذة الألحان وَكَذَا الطير فِي الحدائق تشدو ... للَّذي سر نَفسه بالعيان ... أخوهما 122 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن النَّاصِر من السقط أَنه كَانَ شَاعِرًا أديباً حسن الْأَخْلَاق كريم السجايا لَهُ من قصيدة وَقد قدم أَخُوهُ الْمُسْتَنْصر من بعض غَزَوَاته الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 .. قدمت بِحَمْد الله أسعد مقدم ... وضدك أضحى لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ لقد حزت فِينَا إِذْ كنت أَهله ... كَمَا حَاز بِسم الله فضل التَّقَدُّم ... 123 - ابْن أخيهم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْملك بن النَّاصِر ذكره الثعالبي فِي الْيَتِيمَة وَأنْشد لَهُ من قصيدة خَاطب بهَا الْعَزِيز صَاحب مصر ... أَلسنا بني مَرْوَان كَيفَ تبدلت ... بِنَا الْحَال أَو دارت علينا الدَّوَائِر إِذا ولد الْمَوْلُود منا تهللت ... لَهُ الأَرْض واهتزت إِلَيْهِ المنابر ... فَأَجَابَهُ الْعَزِيز عرفتنا فهجوتنا وَلَو عرفناك لأجبناك وفضله الحجاري فِي الشّعْر وَمن أحسن مَا أنْشد لَهُ صَاحب السقط قَوْله ... أَتَانِي وَقد خطّ العذار بخده ... كَمَا خطّ فِي ظهر الصَّحِيفَة عنوان تزاحمت الألحاظ فِي وجناته ... فشقت عَلَيْهِ للشقائق أردان وزدت غراماً حِين لَاحَ كَأَنَّمَا ... تفتح بَين الْورْد آس وسوسان ... وَقَوله من قصيدة ... وَإِنِّي إِذا لم يرض قلبِي بمنزل ... وجاش بصدري الْفِكر جم الْمذَاهب جليد يود الصخر لَو أَن صبره ... كصبري على مَا نابني للنوائب وَأسرى إِلَى أَن يحْسب اللَّيْل أنني ... لطول مسيري فِيهِ بعض الْكَوَاكِب ... وَولى الْإِمَامَة ولداه المرتضى والمعتد الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 124 - الشريف الطليق أَبُو عبد الله الْملك مَرْوَان ابْن عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان بن النَّاصِر من الجذوة أَن أَكثر شعره فِي السجْن وَقَالَ ابْن حزم إِنَّه فِي بني أُميَّة كَابْن المعتز فِي بني الْعَبَّاس ملاحة شعر وَحسن تَشْبِيه سجن وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة سنة وَمكث فِي السجْن سِتّ عشرَة سنة وعاش بعد إِطْلَاقه من السجْن سِتّ عشرَة سنة وَمَات قَرِيبا من الأربعمائة وَكَانَ فِيمَا قيل يتعشق جَارِيَة كَانَ أَبوهُ قد رباها مَعَه وَذكرهَا لَهُ ثمَّ بدا لَهُ فاستأثر بهَا وَأَنه اشتدت غيرته لذَلِك فانتضى سَيْفا وانتهز فرْصَة فِي بعض خلوات أَبِيه مَعهَا فَقتله وعثر على ذَلِك فسجن وَذَلِكَ فِي أَيَّام الْمَنْصُور أبي عَامر مُحَمَّد بن أبي عَامر ثمَّ أطلق بعد ذَلِك فلقب الطليق لذَلِك وَمن مستحسن شعره قصيدة أَولهَا ... غُصْن يَهْتَز فِي دعص نقا ... يجتني مِنْهُ فُؤَادِي حرقا أطلع الْحسن لنا من وَجهه ... قمراً لَيْسَ يرى ممحقا ورنا عَن طرف ريم أحور ... لحظه سهم لقلبي فوقا ... الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وفيهَا ... أَصبَحت شمساً وفوه مغرباً ... وَيَد الساقي المحيي مشرقا فَإِذا مَا غربت فِي فَمه ... تركت فِي الخد مِنْهُ شفقا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَغل عَلَيْهَا كتاب الْحلَّة الذهبية فِي حلى الكورة القرطبية وَهُوَ كتاب = الْبَدَائِع الباهرة فِي حلى حَضْرَة الزاهرة هِيَ عروس لَهَا منصة وتاج وسلك وحلة المنصة التَّاج 125 - الْمُؤَيد هِشَام قَالَ ابْن حَيَّان وانهمك هِشَام طول أَيَّامه ونال فِي مُدَّة هَذَا الانهماك والدعة أهل الاحتيال من النَّاس الرغائب النفسية بِمَا ازدلفوا بِهِ من أثر كريم أَو زخرفوه من كذب صَرِيح حَتَّى لقد اجْتمع عِنْد نسَاء الْقصر ثَمَانِيَة حوافر عزي جَمِيعهَا إِلَى حمَار عَزِيز المستحيى بالأية الباهرة وَاجْتمعَ عِنْدهن من خشب سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام وألواحها قِطْعَة وظفرن من نسل غنم شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام بِثَلَاث وَكثير من هَذَا تَوَجَّهت على أَمْوَاله الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 مِنْهُ أعظم حِيلَة ولهجن مَعَ ذَلِك بِطَلَب ذَوي الْأَسْمَاء الغريبة من النَّاس مثل عبد النُّور وَعبد السَّمِيع وحزب الله وَنصر الهل يصير الرجل من هَؤُلَاءِ فِي الْحَاشِيَة وَيسْتَعْمل على وكَالَة جِهَة وَلَا يبعد أَن يتمول فِي أقرب مُدَّة وَإِن اتّفق أَن يكون مَعَ ذَلِك ذَا لحية عَظِيمَة وَهَامة ضخمة تقدّمت بِهِ السَّعَادَة وَلَا سِيمَا إِن كَانَت لحيته حَمْرَاء قانية فَإِنَّهَا أجدى عَلَيْهِ من دَار الْبِطِّيخ غلَّة ثمَّ لَا يسْأَل عَمَّا وَرَاء ذَلِك من أصل وفضيلة وَلَو كَانَ مردداً فِي بني اللخناء ترديداً وَذكر فِي شَأْن الدعي الَّذِي تشبه بِهِشَام أَنه ظهر فِي المرية فِي أَيَّام زُهَيْر سنة سِتّ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ ظهر عِنْد القَاضِي ابْن عباد بإشبيلية وخطب لَهُ مغالطاً باسمه ومستميلاً قُلُوب النَّاس وَوجه ابْن جهور أَمِير قرطبة من وقف على غيه وَصحت عِنْده الشَّهَادَة بِهِ وخطب لَهُ ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك قَالَ وَأظْهر المعتضد بن عباد موت هَذَا الدعي وهول الحجاري حَدِيثه فِي التَّخَلُّف وَقَالَ نَشأ جامد الْحَرَكَة أخرس الشَّمَائِل لَا يشك المتفرس فِيهِ أَن نفس حمَار فِي صُورَة آدَمِيّ وعشق فِي صباه نباح كلب فَجعل الغلمان يهيجونه حَتَّى ينبح ليلتذ بذلك وَكلما زَاد سنا نقص عقلا وَلما خلعه الْمهْدي وَحصل فِي قَبضته قَالَ لأحد غلمانه وَقد ذهب دولته وهتك حرمه بِاللَّه انْظُر هدهدي إِن كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 سلم وافتقده لِئَلَّا يهْلك بِالْجُوعِ والعطش فَإِنَّهُ من ذُرِّيَّة الهدهد الَّذِي دلّ سُلَيْمَان على عرش بلقيس قَالَ الْمَأْمُور بِهَذَا فكدت وَالله أخنقه فيستريح ويستراح مِنْهُ وَكَانَت أمه صبح هِيَ الَّتِي أظهرت الْمَنْصُور بن أبي عَامر وَيُقَال إِنَّهَا أَرْضَعَتْه وَلِهَذَا كَانَ يُقَال لَهُ ظئر هِشَام فَلَمَّا تغلب وَلم يرع صبحاً قَالَت لابنها أما ترى مَا يصنع هَذَا الْكَلْب فَقَالَ دعيه ينبح لنا وَلَا ينبح علينا وَمن تخلفه أَنه رام الصعُود إِلَى برج يتفرج فِيهِ فَنزل فِي دهليز تَحت الأَرْض فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ النُّزُول وأظلم الْمَكَان قَالَ للَّذي مَعَه يَا إِنْسَان أَيْن أَعلَى البرج قَالَ فَقلت يَا مولَايَ لَيْسَ هَذَا بَابه وَإِنَّمَا هَذَا بَاب الدهليز الَّذِي تَحت الأَرْض قَالَ صدقت وَإِلَّا لَو كَانَ بَاب البرج كَانَ يكون فِيهِ خابية المَاء وَإِنَّمَا جعل الخابية شرطا لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ برج يعْتَاد صُعُوده وَفِي بَابه خابية وَنظر يَوْمًا إِلَى بغلة كَانَت من تحف الْمُلُوك وَقد جعل على فرجهَا مَا جرت بِهِ الْعَادة خوف تعدى السواس عَلَيْهَا فَقَالَ لم صنعت هَذِه الأخراس على حر هَذِه البغلة فَعرفهُ بِالْعِلَّةِ فَقَالَ فَاجْعَلْ على حجرها أخراساً أخر فقد يكون فِي السواس لاطة قَالَ فوَاللَّه مَا قدرت على أَن أملك الضحك فخالسته وتحملت على تقطيعه وستره ثمَّ قلت يَا سَيِّدي البغلة إِذا خيط فرجهَا قدرت على أَن تبول مِنْهُ وَكَيف تصنع إِذا خيط حجرها بِمَا يخرج مِنْهُ قَالَ صدقت فَاجْعَلْ على حراستها شَاهِدين عَدْلَيْنِ يرقبان ذَلِك الْموضع فَقلت لَهُ سأكلم الْحَاجِب قَالَ وانفصلت إِلَى ابْن أبي عَامر لأطرفه بِمَا جرى فَلَمَّا أخْبرته سجد وَجعل يُكَرر حمد الله قَالَ ثمَّ قَالَ لي أتعلم أَن فِي هَذَا الَّذِي أنكرته صَلَاح الْمُسلمين وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان الَّذِي تصلح مَعَه الرّعية اثْنَان إِمَّا سُلْطَان قاهر ذُو رَأْي عَارِف بِمَا يَأْتِي ويذر مستبد بِنَفسِهِ وَإِمَّا سُلْطَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 مثل هَذَا تدبر الدُّنْيَا باسمه وَلَا يخْشَى المتفرغ لحراسة سُلْطَانه غائلة والمتوسط يهْلك وَيهْلك وَدخل عَلَيْهِ يَوْمًا أحد الْفُقَهَاء ليستفتيه فِي مَسْأَلَة تخْتَص بحرمه فَلَمَّا فرغ من سواله قَالَ لَهُ يَا فَقِيه إِنَّا فِي هَذَا الْبُسْتَان نعرض لمشاهدة هَذِه الطُّيُور فِي مسافدتها أتراها تحسب علينا قيادة قَالَ فَقلت لَهُ لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ الْحَمد لله وتهلل وَجهه وَقَالَ لقد أزلت عني غماً تراكم فِي صَدْرِي ثمَّ أَمر خَادِمًا وَاقِفًا على رَأسه أَن يَأْتِيهِ بسفط فَلَمَّا كشفه إِذا فِيهِ حَصى كثير فَقَالَ كل حَصَاة مِنْهَا مُقَابلَة لمجامعة بَين طوير وَنحن نُسَبِّح الله كل يَوْم بِهَذَا الْعدَد ليكفر عَنَّا تِلْكَ الهنات فَقلت الْأَمر أَهْون فقد رخص الله لأمير الْمُؤمنِينَ فِي ذَلِك وَكَانَت لَهُ جَارِيَة من أحسن مَا تقع عَلَيْهِ الْعين فَلَمَّا اراد أَن يستفضها وجدهَا ثَيِّبًا فَسَأَلَهَا فَقَالَت بَيْنَمَا أَنا ذَات يَوْم رَاقِدَة تَحت الشَّجَرَة الْفُلَانِيَّة فِي الْبُسْتَان وَإِذا بِمن نزه الله ذكره عَن هَذَا الْمَكَان قد جامعني واستفضني فَاسْتَيْقَظت فَوجدت الدَّم على رجْلي وَخفت الفضيحة وكتمت ذَلِك فَبكى هِشَام المتخلف وَقَالَ أبلغت أَنا من الْعِنَايَة عِنْد الله أَن يَأْتِي من أَتَاك إِلَى بستاني ويستفض جاريتي أَنْت حرَّة لوجه الله وَأمر فِي الْحِين أَن تبنى بذلك الْموضع رابطة يتعبد فِيهَا وَوجد بِخَطِّهِ على هَذَا الْبَيْت ... ترى بعر الآرام فِي عرصاتها ... وقيعانها كَأَنَّهُ حب فلفل ... هَذَا وَقت كَانَ بعر الغزلان فِيهِ ييبس للشمس بدل الزَّبِيب ويوكل فسبحان الَّذِي عوضنا مِنْهُ بالزبيب الطّيب ببركة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وَمن السلك من = كتاب الْعَيْش فِي حلى قُرَيْش 126 - الْمطرف بن عمر الهشيمي ولد هشيم بن عبد الْملك ابْن الْمُغيرَة بن الْوَلِيد بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان من السقط أَنه من متميزي المروانيين وشعرائهم وَكَانَ المظفر بن أبي عَامر يحسن لَهُ وَله فِيهِ أمداح مِنْهَا قَوْله ... إِن المظفر لَا يزَال مظفراً ... حكما من الرَّحْمَن غير مبدل تَلقاهُ صَدرا كلما قابلته ... مثل السنان بمحفل وبجحفل ... وَطَلَبه الْمهْدي ففر إِلَى شَرق الأندلس وَصَحب المرتضى وَله فِي شعر ... وكدر عيشي بعد صفو وَإِنَّمَا ... على قدر مَا يصفو الْخَلِيل يكدر ... 127 - أَبُو عُثْمَان سعيد بن عُثْمَان بن مَرْوَان الْمَعْرُوف بالبلينة قَالَ الْحميدِي هُوَ من شعراء الدولة العامرية وَأنْشد لَهُ من قصيدة فِي الْمَنْصُور بن أبي عَامر الحديث: 126 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 .. من لي بِمن تأبى الجفون لفقده ... فِي الدَّهْر إِلَّا تلتقي أَو نلتقى ريم يروم وَمَا اختبرت جريمة ... قَتْلِي ليتلف من بقائي مَا بقى وَإِذا رماني عَن قسي جفونه ... لم أدر من أَي الجوانب أتقى ... قَالَ وفيهَا مدح مفرط الْحسن أعطَاهُ عَلَيْهَا ثلثمِائة دِينَار وَمن السقط أَنه من نبهاء بني مَرْوَان ومتقدمي شعرائهم والبلينة حوت كَبِير يعرف بِدَابَّة الْبَحْر وَلما هجره الْمَنْصُور بن أبي عَامر دخل عَلَيْهِ ومجلسه غاص فأنشده ... مولَايَ مولَايَ أما آن أَن ... تريحني الْأَيَّام من هجركا وَكَيف بالهجر وَأَنِّي بِهِ ... وَلم أزل أسبح فِي بحركا ... فَضَحِك وَأَقْبل عَلَيْهِ وَأنْشد لَهُ صَاحب الْيَتِيمَة ... والبدر فِي جو السَّمَاء قد انطوى ... طرفاه حَتَّى عَاد مثل الزورق فتراه من تَحت المحاق كَأَنَّمَا ... غرق الْكثير وَبَعضه لم يغرق ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وَمن = كتاب تلقيح الآراء فِي حلى الْحجاب والوزراء 128 - الْمَنْصُور أَبُو عَامر مُحَمَّد بن أبي عَامر الْمعَافِرِي الَّذِي حجب الْمُؤَيد وَكَانَ فِي منزلَة سُلْطَان هُوَ مَذْكُور فِي كتب كَثِيرَة وَلابْن حَيَّان فِيهِ كتاب مُفْرد قَالَ الْحميدِي أَصله من الجزيرة الخضراء وَله بهَا قدر ابوة وَورد شَابًّا إِلَى قرطبة فَطلب الْعلم وَالْأَدب وتمهر وَكَانَت لَهُ همة لم تزل ترتقى من شَيْء إِلَى شَيْء إِلَى أَن اعتنت بِهِ صبح أم هِشَام الْمُؤَيد فَصَارَت لَهُ الحجابة وَكَانَ لَهُ مجْلِس مَعْرُوف فِي الْأُسْبُوع يجْتَمع فِيهِ أهل الْعلم وغزواته نَيف وَخَمْسُونَ غَزْوَة وَله فتوح كَثِيرَة وَكَانَ فِي اكثر زَمَانه لَا يخل بغزوتين فِي السّنة وَمن خطّ ابْن حَيَّان هُوَ أَبُو عَامر مُحَمَّد بن عبد الله بن عَامر أبي عَامر مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن سُوَيْد بن عبد الْملك وَعبد الْملك جده هُوَ الدَّاخِل للأندلس مَعَ طَارق فِي أول الداخلين من الْعَرَب وَهُوَ وسيط فِي قومه وَذكر أَن الْمُسْتَنْصر ولى ابْنه هشاماً الْعَهْد وَهُوَ غُلَام وَلما مَاتَ قَامَ بأَمْره الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 جَعْفَر المصحفي الْحَاجِب وَعدل عَن الْمُغيرَة الَّذِي أَرَادَ الصقالبة مبايعته وَهُوَ أَخُو الْمُسْتَنْصر وَقَالَ إِن أبقينا بن مَوْلَانَا كَانَت الدولة لنا وَإِن استبدلنا بِهِ استبدل بِنَا وَبعث ابْن أبي عَامر إِلَى الْمُغيرَة فَقتله فِي دَاره وَكَانَ عبد الْعَزِيز أَخُو الْمُسْتَنْصر تقدمه بمديدة واشتغل الْأَصْبَغ ببطالة أزالت عَنهُ التُّهْمَة وَذكر أَن المصحفي اسْتَأْثر بالأموال وَبنى الْمنَازل وَهدم الرِّجَال وعارضه من ابْن أبي عَامر فَتى ماجد أَخذ مَعَه بطرفي نقيض بالبخل جوداً وبالاستبداد أَثَرَة وباقتناء الضّيَاع اصطناع الرِّجَال فَظهر عَلَيْهِ عَمَّا قَلِيل وَكَانَت حَال ابْن أبي عَامر متمكنة عِنْد الْحرم لقديم الِاتِّصَال وَحسن الْخدمَة والتصدي لمواقع الْإِرَادَة وطلاقة الْيَد فِي بَاب الألطاف وأخرجن لَهُ أَمر الْخَلِيفَة هِشَام إِلَى حَاجِبه المصحفي فِي الِاسْتِعَانَة بِهِ والمؤازرة واستراح المصحفي إِلَى كِفَايَته واغتر بخدمته ومكره وَأخذ المصحفي يدْفع الرِّجَال وَابْن أبي عَامر يضمهم إِلَى أَن غلب عَلَيْهِ وَذكر أَنه فِي مُدَّة الْمُسْتَنْصر ولى قَضَاء كورة رية وَقَضَاء إشبيلية وارتقى إِلَى خطة الشرطة بالحضرة وَالسِّكَّة فعلت حَاله وهمته ترتمي أبعد مرمى وَهُوَ فِي ذَلِك كُله يَغْدُو إِلَى بَاب المصحفي وَيروح فَلَمَّا ثبتَتْ قدمه امتثل رسم أُمَرَاء الديلم المتغلبين فِي عصره على بني الْعَبَّاس وَنسخ رجال الدولة بِرِجَالِهِ وَأول عُرْوَة نقضهَا فتكه فِي جمَاعَة الصقلب المتمردين واستخراج الْأَمْوَال الْعَظِيمَة مِنْهُم وَكَانَت النَّصْرَانِيَّة قد جَاشَتْ بِمَوْت الْمُسْتَنْصر وَجَاء صراخهم إِلَى بَاب قرطبة وَظهر من المصحفي جبن وَأمر أهل قلعة رَبَاح بِقطع سد نهرهم يلْتَمس بذلك دفاع الْعَدو عَن حوزته فَأَنف ابْن أبي عَامر من ذَلِك وَقَامَ بِأَمْر الْجِهَاد ووعد من نَفسه الِاسْتِقْلَال بِهِ على أَن يخْتَار الجهاز ويعان بِمِائَة ألف مِثْقَال فَلَمَّا قفل ظافراً وَقد ملك الْجند بِمَا رَأَوْهُ من حسن كرمه سمت همته وَأخذ نَفسه بالتغلب على مَكَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 المصحفي فاستعان بغالب الناصري صَاحب مَدِينَة سَالم شيخ الموَالِي وَفَارِس الأندلس وصاهره وَكَانَ عدوا للمصحفي فَتمكن وَصَارَ عِنْده المصحفي كلا شَيْء إِلَّا أَنه غالطه مديدة وَلم يشك المصحفي فِي الإدبار إِلَى أَن عزل وَسخط السُّلْطَان عَلَيْهِ وعَلى أَوْلَاده وأسبابه وطولبوا بالأموال وَتمكن مِنْهُم ابْن أبي عَامر كَيفَ شَاءَ وَكَانَ لَا يرِيح المصحفي من الْمُطَالبَة وَإِذا سم من أَذَاهُ أسلمه إِلَى عدوه غَالب إِلَى أَن هلك فِي سجنه كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته ثمَّ حصلت وَحْشَة بَين صبح أم هِشَام الْخَلِيفَة وَبَين الْمَنْصُور آل الْأَمر فِيهَا إِلَى أَن كَانَت الْغَلَبَة لَهُ وَأخذ الْأَمْوَال الَّتِي كَانَت فِي الْقصر مختزنة ونقلها إِلَى دَاره ووكل بِالْقصرِ من أَرَادَ وَصَارَت الدولة بَاطِنا وظاهراً على حكمه وَكَانَ فِي أثْنَاء ذَلِك مَرِيضا وأرجف أعداؤه بِهِ وَلما أَفَاق وصل إِلَى الْخَلِيفَة هِشَام وَاجْتمعَ بِهِ واعترف بِهِ بالاضطلاع بالدولة فخرست أَلْسِنَة الحسدة وَعلم مَا فِي نفوس النَّاس لظُهُور هِشَام ورؤيته إِذْ كَانَ مِنْهُم من لم يره قطّ فأبرزه وَركب ركبته الْمَشْهُورَة وَقد برزوا لَهُ فِي خلق عَظِيم لَا يحصيهم إِلَّا رازقهم معمما على الطَّوِيلَة سادلاً للذؤابة والقضيب فِي يَده على زِيّ الْخلَافَة وَإِلَى جَانِبه الْمَنْصُور رَاكِبًا يسايره وَعبد الْملك بن الْمَنْصُور رَاجِلا يمشي بَين يَدَيْهِ ويسير الْجَيْش أَمَامه وَخرج الْمَنْصُور إِلَى الْغُزَاة وَقد وَقع فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ مِنْهُ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمائة واقتحم أَرض جليقية من تِلْقَاء طليطلة إِلَى أَرض قشتلة بلد شانجه بن غرسية وَهُوَ كَانَ مَطْلُوبه فأحال الْغَارة على بِلَاده وقويت هُنَالك علته فَاتخذ سَرِير خشب يحملهُ السودَان فِي أَعْنَاقهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 واشتدت عَلَيْهِ الخلفة فوصل إِلَى مَدِينَة سَالم وأيقن بِالْمَوْتِ فَقَالَ إِن زمامي يشْتَمل على عشْرين ألف مرتزق مَا أصبح مِنْهُم أَسْوَأ حَالا مني فَأمر ابْنه عبد الْملك بالنفوذ إِلَى قرطبة بعد مَا أَكثر وَصيته وَأمره أَن يسْتَخْلف أَخَاهُ عبد الرَّحْمَن على الْعَسْكَر وَذكر ابْن حَيَّان أَن أَبَاهُ خلف بن حُسَيْن دخل على الْمَنْصُور حِينَئِذٍ وَهُوَ كالخيال وَأكْثر كَلَامه بِالْإِشَارَةِ وَمَات لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لثلاث بَقينَ من رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمائة وَأوصى أَن يدْفن حَيْثُ يقبض فَدفن فِي قصره بِمَدِينَة سَالم واضطرب الموَالِي على ابْنه عبد الرَّحْمَن وَقَالُوا إِنَّمَا نَحن فِي حجر آل أبي عَامر الدَّهْر كُله وَكَانَ عَلَيْهِ فِي قرطبة من الْحزن يَوْم وُصُول الْعَسْكَر مَالا شَيْء فَوْقه وَكَانَ مِمَّا أوصى وَلَده عبد الْملك أَلا يلقى بِيَدِهِ إِلْقَاء الْأمة فينشب فِي حبس بني أُميَّة قَالَ فَإِن انقادت لَك الْأُمُور بالحضرة وَإِلَّا فانتبذ بِأَصْحَابِك وغلمانك إِلَى بعض الْأَطْرَاف الَّتِي حصنتها لَك وانتظر غدك إِن أنْكرت يَوْمك وَإِيَّاك أَن تضع يدك فِي يَد بني مَرْوَان فَإِنِّي أعرف ذَنبي لَهُم وَمن فرحة الْأَنْفس دَامَت دولته سِتا وَعشْرين سنة فِيهَا اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ غَزْوَة وَمن المسهب أَنه اسْتَعَانَ أَولا بالمصحفي على الصقالبة ثمَّ بغالب على المصحفي ثمَّ بِجَعْفَر ممدوح ابْن هَانِئ على غَالب ثمَّ بِعَبْد الرَّحْمَن بن هَاشم التجِيبِي على جَعْفَر وَعدا بِنَفسِهِ على عبد الرَّحْمَن وَقَالَ للدهر هَل من مبارز وعَلى قَبره مَكْتُوب ... آثاره تنبيك عو أَوْصَافه ... حَتَّى كَأَنَّك بالعيان ترَاهُ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 .. تالله لَا يَأْتِي الزَّمَان بِمثلِهِ أبدا وَلَا يحمي الثغور سواهُ ... وَقيل إِنَّه وصل من قَرْيَة كرتش من عمل الجزيرة الخضراء برسم طلب الْعلم وترقى من الْكِتَابَة أَمَام بَاب الْقصر إِلَى أَن صَار الْقصر بِحكمِهِ وَأنْشد لَهُ ابْن حَيَّان ... ومت بنفسي هول كل عَظِيمَة ... وخاطرت وَالْحر الْكَرِيم يخاطر وَمَا شدت بَيْتا لي وَلَكِن زِيَادَة ... على مَا بنى عبد المليك وعامر رفعنَا الْمَعَالِي بالعوالي بسالة ... وأورثناها فِي الْقَدِيم معافر ... وَله حكايات فِي الْجِهَاد والغيرة والهيبة كَثِيرَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ 129 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن أَحْمد بن شَهِيد أَبوهُ أَحْمد الْوَزير الْمَذْكُور فِي الزهراء وَابْنه أَحْمد الْمَذْكُور فِي قرطبة استوزره الْمَنْصُور بن أبي عَامر واكتسب مَعَه أَمْوَالًا عَظِيمَة وَذكر صَاحب المطمح أَنه حضر يَوْمًا عِنْد الْمَنْصُور على رَاحَة فتناهى الطَّرب بالمنصور وندمائه إِلَى أَن تصايحوا وتراقصوا وَبلغ الدّور بالكأس إِلَى ابْن شَهِيد وَكَانَ لَا يُطيق الْقيام من نقرس فأقامه الْوَزير ابْن عَبَّاس فارتجل هَذِه الأبيات وَجعل يغرد بهَا ... هاك شيخ قَادَهُ ود لكا ... قَامَ فِي رقصته منهتكا ... الحديث: 129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 .. لم يطق يرقصها مستثبتاً ... فانثنى يرقصها مستمسكا انا لَو كنت مَا تعرفنِي ... قُمْت اجلالا على رَأْسِي لكا قهقه الإبريق مني ضحكا ... وَرَأى رعشة رجْلي فَبكى ... وَمن كتاب بغية الرواد فِي حلى الرؤساء والقواد 130 - الْقَائِد يعلى بن أَحْمد بن يعلى ذكر الْحميدِي فِي الجذوة أَن يعلى كَانَ شَاعِرًا وَأنْشد لَهُ وَقد بعث بورد مبكر إِلَى الْمَنْصُور بن أبي عَامر ... بعثت من جنتي بورد ... غض لَهُ منظر بديع فَقَالَ نَاس رَأَوْهُ عِنْدِي ... أعجله عَامَّة المريع قلت أَبُو عَامر الْمُعَلَّى ... أَيَّامه كلهَا ربيع ... وَمن = كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الرؤساء وَالْكتاب 131 - أَبُو حَفْص أَحْمد بن برد من الذَّخِيرَة أَن المظفر بن أبي عَامر ولاه ديوَان الْإِنْشَاء بعد الْقَبْض على أبي مَرْوَان الجزيري ثمَّ كتب لملوك الْفِتْنَة ورقاه للوزارة المستظهر الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وَكَانَ وَاسِطَة السلك وقطب رحى الْملك وَبَنُو برد موَالِي بني شَهِيد وَتُوفِّي بسرقسطة سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَقد نَيف على الثَّمَانِينَ وعنوانه بلاغته فِي النثر قَوْله من رِسَالَة عَن المظفر حِين قتل صهره عِيسَى بن سعيد بن القطاع ايها النَّاس وفقكم الله بعصمته واستنقذكم برحمته إِن من علم مِنْكُم حَال الخائن عِيسَى بن سعيد بِالْمُشَاهَدَةِ وَرَأى مبلغ النِّعْمَة عَلَيْهِ بالمحاضرة فقد اكْتفى بِمَا شهد واجتزأ بِمَا حضر وَمن غَابَ عَنهُ كنه ذَلِك فَليعلم أَنا أخذناه من الحضيض الأوهد وأنتشلناه من شظف الْعَيْش الأنكد ورفعنا خسيسته وأتممنا نقيصته وخولناه صنوف الْأَمْوَال وصيرنا حَاله فَوق الْأَحْوَال بَدَأَ بذلك الْمَنْصُور مولَايَ رَحمَه الله فاعتمدته وأسبغت من نعمي عَلَيْهِ مَا أحْوج الْعَامَّة والخاصة إِلَيْهِ فَلَا أقرّ لنا بِحَق وَلَا قَابل إحساننا بِصدق وَلَا عَامل رعيتنا بِرِفْق وَلَا تنَاول خدمتنا بحذق بل أعلن بِالْمَعَاصِي واستذل الاعزة وَذي الهيئات والمروة وناجزهم وَأنس بأضدادهم ونبذ عُهُودنَا وَخَالف سبلنا وكدر على النَّاس فونا حَتَّى إِذا ملكه الأشر وتناهى بِهِ البطر وعلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 بِهِ الْأُمُور وغره بِاللَّه الْغرُور وحاول شقّ عَصا الْأمة وهد ركن الْخلَافَة بِمَا احتجن من حرَام الْأَمْوَال واستمال من طغام الرِّجَال فحجته نعمنا عَلَيْهِ وخصمته عوارفنا لَدَيْهِ وكشف لنا سَرِيرَته حَتَّى صرعه بغيه وأسلمه غدره وَأَخذه الله بِمَا اجترح وأوبقه بِمَا اكْتسب فأعجلناه عَن تَدْبيره وَصَارَ إِلَى نَار الله وسعيره وَكَانَ ابْن القطاع قد أَرَادَ أَن يقلب الدولة ويولى الْخلَافَة هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن النَّاصِر المرواني فَقتله المظفر فِي مجْلِس شراب وَمن = كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت 132 - عبد الرحجمن بن مُحَمَّد بن النظام من المسهب أَنه كَانَ من نبهاء الدولة العامرية وَأنْشد لَهُ ملغزاً فِي مبخرة ... وجاثمة لَهَا ابْن مستطار ... يُفَارق جِسْمه عِنْد احتراق وَلم أر قبله من ذِي نعيم ... يحرق جِسْمه وَالروح بَاقٍ إِذا صاحبته لم يبد شخصا ... وَلَا يخفى عَلَيْك لَدَى التلاق ... 133 - أَبُو مُضر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن التَّمِيمِي الطبني هُوَ أصل بني الطبني أهل الْبَيْت الشهير بقرطبة من الجذوة أَنه من الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 بني حمان شَاعِر مكثر وأديب مفتن وَمن بَيت أدب وَشعر وجلالة كَانَ فِي أَيَّام الْمُسْتَنْصر وَله أَوْلَاد نجباء مبرزون فِي الْأَدَب وَالْفضل وَذكر ابْن حَيَّان أَنه كَانَ شَاعِرًا عَالما بأخبار الْعَرَب وأنسابهم شرب يَوْمًا مَعَ الْمَنْصُور بن أبي عَامر فغنت قينه بَيْتَيْنِ من شعره ... صدفت ظَبْيَة الرصافة عَنَّا ... وَهِي أشهى من كل مَا يتَمَنَّى هجرتنا فَمَا إِلَيْهَا سَبِيل ... غير أَنا نقُول كَانَت وَكُنَّا ... فاستعادها أَبُو مُضر فَأنْكر ذَلِك الْمَنْصُور وَعلم أَن هيبته لم تملأ قلبه فَأَوْمأ إِلَى بعض خصيانه فَأخْرج رَأس الْجَارِيَة فِي طست وَوَضعه بَين يَدي الطبني وَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور مرها فلتعد فَسقط فِي يَده وَمن المسهب أَنه وَفد على الْمَنْصُور من طبنة قَاعِدَة الزاب فاستوطن حَضرته وَكَانَ مَعَ شعره وَعلمه وارتفاع مَكَانَهُ لَهُ خفَّة روح وانطباع نَادِر جذب بهما هَوَاهُ وَأحسن مَا أختاره من شعره قَوْله ... اجْتَمَعنَا بعد التَّفَرُّق دهراً ... فظللنا نقطع الْعُمر سكرا لَا يراني الْإِلَه إِلَّا طريحاً ... حَيْثُ تلقى الغصون حَولي زهرا قَائِلا كلما فتحت جفوني ... من نُعَاس الْخمار زِدْنِي خمرًا ... 134 - أَبُو بكر عبد الله بن أبي الْحسن من المسهب من أَعْيَان قرطبة وَمِمَّنْ يحضر مجْلِس ابْن أبي عَامر وَبلغ ابْن أبي عَامر عَنهُ مَا أوجب طلبه فاستخفى مُدَّة وَأحسن مَا أنْشد لَهُ قَوْله فِي رثاء صديق لَهُ اعتبط الحديث: 134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 .. رجعت على رغم الْوَفَاء إِلَى صَبر ... كَمَا صَبر الظمآن فِي الْبَلَد القفر وَقلت لعَيْنِي مَا وفيت وَإِن جرت ... عَلَيْك كَمَا ينهل منسكب الْقطر وَكَيف أوفى قدر ثكلي بعد من ... دفنت بِهِ الآمال أجمع فِي قبر على حِين لم أبْصر بِهِ مَا رجوته ... وَلم أر من ذَاك الْهلَال سنا الْبَدْر فواهاً لعمر مِنْك لذ قصيره ... فَكَانَ خَفِيفا مثل إغْفَاءَة الْفجْر 135 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد شخيص من المسهب أحد من لَهُ الْبَيْت الرفيع وَالنّظم البديع وَمِمَّنْ يحضر مجْلِس المظفر بن أبي عَامر وَمَا شاه يَوْمًا فِي بُسْتَان فَنظر إِلَى ورد مُقَابل آس وَرغب أَن يَقُول فِي ذَلِك فَقَالَ ... أَرَادَ الْورْد بالاس انتقاصاً ... فَقَالَ لَهُ نقيصتك الملال فَقَالَ الْورْد لست أَزور إِلَّا ... على شوق كَمَا زار الخيال وَأَنت تديم تثقيلاً طَويلا ... تدوم بِهِ كَمَا رست الْجبَال فتسأمك الْعُيُون لذاك بغضاً ... وترقبني كَمَا رقب الْهلَال ... وَذكر الْحميدِي أَنه مَاتَ قبل الأربعمائة 136 - جَعْفَر بن أبي عَليّ القالي من المسهب بنى لَهُ أَبوهُ بقرطبة مرتبَة بقيت مَحْفُوظَة وَرفع لَهُ ذكرا ووطد لَهُ كَرَامَة لم تزل ملحوظة وَحمى مَا غرسه لَهُ أَبوهُ وثمره بناصع ادبه الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قَالَ وَمن فطانته أَنه دخل يَوْمًا على الْمَنْصُور بن أبي عَامر فَقَالَ لَهُ من أَرَادَ ينكت عَلَيْهِ يَا مَوْلَانَا هَذَا هُوَ القالي فَقَالَ جَعْفَر لأعداء الْحَاجِب أذلّهم الله بعزته اسْتحْسنَ ذَلِك الْمَنْصُور وَمن أحسن مَا أنْشد لَهُ قَوْله من شعر ... بَين العذيب وَبَين وَادي المنحني ... خلفت قلبِي للصبابة والعنا الْمَوْت أحسن من فراقك سَاعَة ... أتراك تحسب من تفارق فِي هُنَا ودعت مِنْك الْغُصْن يبسم زهره ... والورد عانق آسه والسوسنا ورحلت مِنْك بعبرة مَا تَنْقَضِي فحسبت جفني للسحائب معدنا قَالَ وثار فِي خاطره أَن يرحل إِلَى موطن أَصله ويجتمع هُنَالك مفترق شَمله وَيحل بَين من لَهُ بِهِ من الْأَقَارِب وَلَا يثني الْعَنَان بعد إِلَى المغارب فَلَمَّا حل بَغْدَاد أكذبت عينه ظَنّه وأجدب المُرَاد وأخفق المُرَاد فَرجع لَا يلوي على مُتَعَذر وَلَا يمر بِغَيْر مستكره عِنْده متكدر فَقَالَ ... حننت إِلَى بَغْدَاد حَيْثُ تمكنت ... أصولي فَلَمَّا أَن حللت بِبَغْدَاد رَأَيْت ديارًا يبْعَث الْهم لحظها ... وقوماً يسومون الْغَرِيب بأحقاد فوليت عَنْهُم عَائِدًا غير عاطف ... وان كَانَ فِيمَا بَينهم نشيء أجدادي وجزت على مصر فغمضت مقلتي ... وَقلت بعنف مغرب الشَّمْس يَا حادي ... وَكَانَ أَشد مَا لقِيه بِبَغْدَاد انه حرد يَوْم بِحَضْرَة جمَاعَة مِنْهُم وأفرط فِي سوء الْخلق فَقَالَ لَهُ أحدهم يَا هَذَا بئس مَا عوضتنا عَمَّا نَقله ابوك من لبدنا إِلَى الْمغرب حمل عَنَّا علما وادبا وَجِئْنَا بِجَهْل وَسُوء أدب فَقَالَ الْمَشْي يلْزَمنِي إِلَى مَكَّة حافياً رَاجِلا إِن قعدت لكم فِي بلد من يومي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 هَذَا وَخرج من حِينه فَقَالَ لَهُ البواب من أَيْن أتيت يَا إِنْسَان فَقَالَ بِشدَّة الغيظ من لعنة الله فَقَالَ اصبر حَتَّى أَسْتَأْذن عَلَيْك وَكتب بذلك للوزير فَقَالَ الْوَزير لَا يُنكر هَذَا الْخلق على مغربي فأطلقوه ينْصَرف إِلَى مَوْضِعه الَّذِي ذكر وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 137 - أَبُو الْأَصْبَغ عِيسَى بن عبد الْملك بن قزمان مَعْدُود فِي عُلَمَاء الحَدِيث وَالْأَدب وَكَانَ الْمَنْصُور بن أبي عَامر قد جعله يُؤَدب هشاماً الْمُؤَيد وانشد لَهُ حبيب الأندلسي فِي كتاب فصل الرّبيع ... لَا شَيْء أحسن منْظرًا إِن زرته ... أَو مخبرا من حسن روض ناضر إِن جِئْته أَعْطَاك أجمل منظر ... أَو غبت زارك فِي النسيم الخاطر ... وَأنْشد لَهُ أَبُو الْحجَّاج البياسي مؤرخ الأندلس ... وَمِمَّا شجاني هَاتِف يبْعَث الأسى ... فهيج من قلبِي وَمن خفقانه يكَاد الْقَضِيب اللدن يعشق قده ... فيذهله بالميس عَن طيرانه ... وَبَيت بني قزمان فِي قرطبة بَيت جليل مِنْهُ أَعْلَام ونبهاء وَمِنْهُم أَبُو بكر بن قزمان الزجال الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 138 - الْحَكِيم الأديب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن الْمذْحِجِي المعروب بِابْن الكتاني من الجذوة لَهُ مُشَاركَة قَوِيَّة فِي علم الْأَدَب وَالشعر وَله تقدم فِي عُلُوم الطِّبّ والمنطق وَكَلَام فِي الحكم ورسائل فِي ذَلِك كُله وَكتب مَعْرُوفَة وعاش بعد الأربعمائة مُدَّة وَمن شعره قَوْله ... نأيت عَنْكُم بِلَا صَبر ولاجلد ... وَصحت واكبدي حَتَّى مَضَت كَبِدِي أضحى الْفِرَاق رَفِيقًا لي يواصلني ... بالبعد والشجو وَالْأَحْزَان والكمد وبالوجوه الَّتِي تبدو فأنشدها ... وَقد وضعت على قلبِي يدى بيَدي إِذا رَأَيْت وُجُوه الطير قلت لَهَا ... لَا بَارك الله فِي الْغرْبَان والصرد ... 139 - أَبُو الْأَصْبَغ عِيسَى بن الْحسن من المسهب من شعراء الدولة العامرية من عشره قَوْله فِي عِيسَى بن سعيد ابْن القطاع ... أَنْت عِيسَى بن سعيد ... لست روح الله عِيسَى كلم النَّاس فقد كلم ... رب النَّاس مُوسَى ... الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وَكَانَ مِمَّن بَاطِن عبد الله بن الْمَنْصُور بن أبي عَامر فَلَمَّا ضرب أَبوهُ عُنُقه سجن أَبَا الْأَصْبَغ وَفِي طول سجنه يَقُول ... لَيْت شعري كَيفَ الْبِلَاد وَكَيف ... الْإِنْس والوحش وَالسَّمَاء وَالْمَاء طَال عهدي عَن كل ذَاك وليلي ... ونهاري فِي مقلتي سَوَاء لَيْسَ حظي من البسيطة إِلَّا ... قدر قبر صَبِيحَة أَو مسَاء وَإِذا مَا جنحت فِيهِ لأنس ... أوحشتني بأنسها الأغبياء ... الْحلَّة من = كتاب تلقيح الآراء فِي حلى الْحجاب والوزراء 140 - المظفر عبد الْملك بن الْمَنْصُور بن أبي عَامر ذكر ابْن حَيَّان ضَبطه للدولة بعد موت أَبِيه ونفيه من خَافَ فتنته من الغلمان على سبتة وأحبه النَّاس وانصب التأييد والإقبال عَلَيْهِ انصباباً لم يسمع بِمثلِهِ وَسكن النَّاس مِنْهُ إِلَى عفاف ونزاهة فَأخذُوا فِي المكاسب والزينة وَبَلغت الأندلس فِي أَيَّامه إِلَى نِهَايَة الْجمال والكمال وَكَانَ أَحْمد بن فَارس المنجم قد قَالَ لم يُولد بالأندلس قد اِسْعَدْ الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 من المظفر على نَفسه وعَلى أَبِيه وحاشيته نعم وعَلى أهل الأندلس طراً وَأَنَّهَا لَا تزَال بِخَير حَيَاته فَإِذا هلك لم تفلح فَكَانَ كَذَلِك وَكَانَت نفائس الأعلاق والآلات الملوكية قد ارْتَفَعت فِي وقته ارتفاعاً عَظِيما وَبَلغت الأندلس فِي مدَّته إِلَى نِهَايَة الهدو والرفاهية وَجرى على سنَن ابيه من غَزْو النَّصَارَى وَضبط الدولة ورام صهره عِيسَى بن سعيد الْمَعْرُوف بِابْن القطاع أَن يَأْخُذ الدولة فَفطن بِهِ وعاجله وَقَتله فِي مجْلِس المنادمة إِلَّا أَنه لم يكن فِيهِ للأدب مَا كَانَ لَهُ من ابيه فقد صفه ابْن حَيَّان بِأَنَّهُ كَانَ مائلاً لمجالسة الْعَجم الجفاة من البرابر والإفرنج منهمكاً فِي الفروسية وآلاتها إِلَّا أَن أَصْحَاب أَبِيه لم يخل بهم وَلَا جفاهم بل أبقاهم على رسمهم 141 - أَخُوهُ النَّاصِر عبد الرَّحْمَن بن الْمَنْصُور كَانَ هَذَا الرجل بضد أَخِيه إِذْ قَامَ نحساً على نَفسه وعَلى أهل الأندلس فَمِنْهُ انْفَتح بَاب الْفِتْنَة الْعُظْمَى وَفَسَد الناموس وَلما مَاتَ أَخُوهُ استولى على حجابة هِشَام الْمُؤَيد فَأخذ فِي الانهماك شرباً وزندقة وَحكى عَنهُ من الطعْن فِي الدّين وقولا وفعلا وحكايات شنيعة وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ طلب من هِشَام أَن يوليه الْعَهْد بعده فَفعل ولقبه بالمأمون وَرَأى بَنو مَرْوَان أَن الْخلَافَة خَارِجَة عَنْهُم فثار عَلَيْهِ الْمهْدي بن عبد الْجَبَّار وَكَانَ النَّاصِر غَائِبا فِي طليطلة فَرجع إِلَى قرطبة ليصلح مَا فسد فَتَلقاهُ عَسْكَر حزا رَأسه وَقد أفرده أَصْحَابه لسوء تَدْبيره وانقرضت الدولة العامرية الحديث: 141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وَمن = كتاب الْأَحْكَام فِي حلى الْحُكَّام 142 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن السَّلِيم أطنب ابْن بشكوال فِي تَعْظِيمه علما وَعبادَة وَذكر أَنه رَحل وَحج وَكَانَ يتصيد الْحيتَان بنهر قرطبة ويقتات من ثمنهَا ولاه قَضَاء الْجَمَاعَة الْمُسْتَنْصر بعد وَفَاة مُنْذر وَلم يطْرق لَهُ بِعَيْب إِلَّا من جِهَة التَّطْوِيل فِي أَحْكَامه ثمَّ ولاه الصَّلَاة وَالْخطْبَة وَتُوفِّي يَوْم الثُّلَاثَاء عقيب جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسِتِّينَ وثلاثمائة 143 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب من الجذوة قَاضِي الْجَمَاعَة بقرطبة سمع من أبي مُحَمَّد قَاسم بن أصبغ الْبَيَانِي وَغَيره وَكَانَ فَقِيها فَاضلا نبيلاً جَلِيلًا وَله كتاب فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْخِصَال كَانَ فِي أَوَائِل الدول العامرية وَفِي = كتاب الْقُضَاة ذكره وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد يُونُس بن عبد الله بن مغيث بن الصفار أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن حوبال وَغَيرهمَا الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 144 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يحيى بن زَكَرِيَّا الْمَعْرُوف بِابْن برطال قَالَ ابْن حَيَّان فِي كتاب الْقُضَاة إِنَّه خَال المنصورين أبي عَامر وَكَانَ من بَيت غنى وثروة وَشهر صَلَاحه إِلَّا أَنه لم يكن من الْعلمَاء ودام إِلَى أَن ظهر اختلاله بكبر السن وغلبه وَلَده أَحْمد على أمره وَلم يَك بالمرضي عِنْد النَّاس فتخوف ابْن أبي عَامر عِنْد ذَلِك فَعَزله عَن الْقَضَاء نَاقِلا إِلَى خطة الوزارة سنة ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلاثمائة 145 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن ذكْوَان من كتاب ابْن حَيَّان أَن ابْن أبي عَامر قَلّدهُ الْقَضَاء بعد خَاله قَالَ وَالنَّاس ينسبون بني ذكْوَان إِلَى برابر فحص البلوط وهم يَزْعمُونَ أَنهم من بني سليم من موَالِي بني أُميَّة واتصلت ولَايَته إِلَى قيام الْفِتْنَة وسعى عَلَيْهِ ابْن القطاع فعزل ثمَّ رد إِلَيْهَا واعتلت مَنْزِلَته فِي مُدَّة المظفر بن أبي عَامر وأخيه النَّاصِر وقلده النَّاصِر الوزارة وَكَانَ يكْتب عَنهُ من الْوَزير قَاضِي الْقُضَاة وَهُوَ أول من كتب عَنهُ بذلك من قُضَاة الأندلس فَلَا كَانَ قَضَاء الْقُضَاة من خطط الدولة المروانية لأَنهم لم يفوضوا أَمر الْقُضَاة إِلَى قَاض الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 فِي وَقت من الْأَوْقَات وَمَال إِلَى البرابر فِي الْفِتْنَة فَقبض عَلَيْهِ وَاضح مولى أبي عَامر مُدبر دولة هِشَام أَسْوَأ قبض وَنفي إِلَى بر العدوة فِي وَقت تنكر الْبَحْر فسلمه الله إِلَى وهران إِلَى أَن قتل وَاضح فَاسْتَرْجع إِلَى قرطبة وَلم يقبل خطة الْقَضَاء بِوَجْه وَكَانَ السُّلْطَان لَا يقطع أمرا دونه وصحبته الرياسة بَقِيَّة مدَّته إِلَى أَن مَاتَ على تِلْكَ الْحَال فَدفن صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْأَحَد لتسْع بَقينَ من رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبَعمِائَة بمقبرة الْعَبَّاس مَعَ سلفه وَلم يتَخَلَّف عَنهُ كَبِير أحد من الْخَاصَّة والعامة وَشهد الْخَلِيفَة يحيى بن عَليّ بن حمود جنَازَته 146 - أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن فطيس من كتاب ابْن حَيَّان أَنه ولي الْقَضَاء بَين مدتي أبي الْعَبَّاس بن ذكْوَان وَهُوَ أحد الأعاظم من وزراء السُّلْطَان فِي أحد الْبيُوت المولوية الَّتِي انْتهى إِلَيْهَا الشّرف وَمِمَّنْ جمع إِلَى ذَلِك الارتسام بِالْعلمِ وَالرِّوَايَة الواسعة والتقدم بِالْعَمَلِ فِي الْحُكُومَة بالمظالم والشرطة وَكَانَ مَشْهُورا بالصلابة فِي الْحق وإعزاز الْحُكُومَة إِلَّا أَنه كَانَ يخلط صرامته ببطش وعجلة وحدة لَا تلِيق بِالْأَحْكَامِ وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الرِّوَايَة وَالْبَصَر بطرِيق الحَدِيث وصاهره ابْن القطاع صَاحب الدولة العامرية وَكَانَت وَفَاته صدر الْفِتْنَة فَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء لِلنِّصْفِ من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وَمن كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 147 - أَبُو عمر أَحْمد بن سعيد بن إِبْرَاهِيم الْهَمدَانِي الْمَعْرُوف بِابْن الْهِنْدِيّ ذكره ابْن بشكوال فِي كتاب الْأَعْلَام وَأخْبر أَنه روى عَن أبي عَليّ صَاحب الأمالي وَعَن قَاسم بن أصبغ وَكَانَ حَافِظًا لأخبار أهل الأندلس بَصيرًا بِعقد الوثائق وَله فِيهَا ديوَان كَبِير كثير الْمَنْفَعَة وَلَا عَن زوجه بالجامع فِي قرطبة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثلاثمائة فعوتب فِي ذَلِك وَقيل لَهُ مثلك يفعل هَذَا فَقَالَ أردْت إحْيَاء سنة قَالَ ابْن بشكوال وَكَانَت وَفَاته فِي شهر رَمَضَان سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة وَصلى عَلَيْهِ القَاضِي أَحْمد بن ذكْوَان ومولده لعشر بَقينَ من محرم سنة عشْرين وثلثمائة الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَنبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا الكورة القرطبية وَهُوَ كتاب الوردة فِي حلى مَدِينَة شقندة كَانَت فِي قديم الزَّمَان مَدِينَة ثمَّ خرجت وَصَارَت قَرْيَة وَهِي مطلة عَلَيْهَا مجاورة لَهَا مِنْهَا 148 - أَبُو الْوَلِيد الشقندي وحسبه من التَّنْبِيه على مَحَله فِي الْأَدَب رسَالَته الَّتِي تقدّمت فِي صدر كتاب الأندلس وَكَانَ شَاهدا عدلا يتَوَلَّى الْقَضَاء فِي مثل بياسة وأبدة الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وتفنن فِي الْعُلُوم الْقَدِيمَة والحديثة وارتقى إِلَى أَن كَانَ مِمَّن يحضر مجْلِس مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ وَالِدي يقدمهُ وأبصرته فِي إشبيلية فِي مُدَّة ابْن هود وَبهَا توفّي بعد سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة لَهُ فِي مطلع قصيدة فِي مَنْصُور بني عبد المومن وَقد نَهَضَ لِلنَّصَارَى عَام الأرك ... إِذا نهضت فَإِن السعد منتهض ... ترمي السُّعُود سهاماً والعدا غَرَض لَك البسيطة تطويها وتنشرها ... فَلَيْسَ فِي كل مَا قد رمت معترض ... وَأنْشد الْوَزير ابْن جَامع قصيدة فِيهَا ... استوقف الركب قد لاحت لَك الدَّار ... واسأل بِربع تناءت عَنهُ أقمار لَا خفف الله عني بعد بَينهم ... فإنني سرت والأحباب مَا سَارُوا أَلا رعى الله ظَبْيًا فِي قبابهم ... مِنْهُ لَهُم فِي ظلام اللَّيْل أنوار غَدا أنيساً بهم لَا شَيْء يذعره ... لكنه عَن جنابي الدَّهْر نفار ... فَقَالَ لَهُ الْوَزير يَا أَبَا الْوَلِيد هَذَا الظبي نفارك فَمن تواقك فَخَجِلَ وَله ... عللاني بِذكر من هَمت فِيهِ ... وعداني عَنهُ بِمَا أرتجيه وَإِذا مَا طربتما لارتياحي ... فاجعلا خمرتي مدامة فِيهِ لَيْت شعري وَكم أطيل الْأَمَانِي ... أَي يَوْم فِي خلْوَة ألتقيه وَإِذا مَا ظَفرت يَوْمًا بشكوى ... قَالَ لي أَيْن كل مَا تدعيه لَا دموع وَلَا سقام فَمَاذَا ... شَاهد عَنْك بِالَّذِي تخفيه قلت دَعْنِي أمت بدائي فَإِنِّي ... لَو براني الغرام لَا أبديه ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الكورة القرطبية وَهُوَ كتاب الجرعة السيغة فِي حلى قَرْيَة وزغة من قرى قرطبة ينْسب إِلَيْهَا 149 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن يحيى الْحِمْيَرِي الوزغي خطيب جَامع قرطبة الْمصدر بِهِ فِي الْمِائَة السَّابِعَة لإقراء النَّحْو وفنون الْأَدَب الْمَشْهُور بالظرف واللطافة كَانَ يعشق غُلَاما اسْمه عِيسَى فَقَرَأَ عَلَيْهِ غُلَام اسْمه مُحَمَّد فَمَال إِلَيْهِ وَقَالَ ... تبدلت من عِيسَى بحب مُحَمَّد ... هديت وَلَوْلَا الله مَا كنت أهتدي وَمَا عَن ملال كَانَ ذَاك وَإِنَّمَا ... شَرِيعَة عِيسَى عطلت بِمُحَمد ... الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 150 - ابْن أَخِيه الْحَافِظ أَبُو زَكَرِيَّا كَانَ لَهُ نَوَادِر مضخكات مَعَ كَونه كَانَ حَافِظًا لأكْثر السِّيرَة وَكثير من كتب اللُّغَة وتقرب إِلَى سُلْطَان إفريقية ابْن عبد الْوَاحِد بِمَا حكى لَهُ عَنهُ من الْغَفْلَة والبله إِلَى أَن صَار يحضرهُ وَكَانَ على رَأسه طاقية وسخة فَأعْطَاهُ عِمَامَة كَبِيرَة فَكَانَ يعمم قدر ثلثهَا وَيجْعَل الثُّلثَيْنِ فِي كمه وَيُقَال لَهُ إِذا كَبرت عَلَيْك اقطعها فَيَقُول إنعام السُّلْطَان لَا أجسر على قطعه ورأيته يَوْمًا فِي عَسْكَر السُّلْطَان وَهُوَ رَاكب بغلة وَقد انحدرت بِهِ وَجَاء جمل من فَوْقه فَقَالَ مُخَاطبا للجمل بِفَضْلِك أَلا اصبر حَتَّى أمضي عَنْك وَكَانَ يُخَاطب السُّلْطَان من الْأَلْفَاظ العامية المحشوة بِسوء الْأَدَب بِمَا يضْحك وَقد مَاتَ بالفسطاط الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة القرطبية وَهُوَ كتاب الدرة المصونة فِي حلى كورة بلكونة الحالي مِنْهَا قاعدتها مَدِينَة بلكونة وَهِي آهلة مَشْهُورَة الِاسْم فِي عصرنا مَعْرُوفَة بالفرسان فِيهَا ثَلَاث تراجم 151 - سعيد بن هِشَام بن دحون أخبر الحجاري أَنه من ولد دحون المرواني الْمُتَقَدّم الذّكر فِي تراجم بني أُميَّة وَبَنُو دحون أَعْيَان بلكونة إِلَى الْآن وَقَالَ إِنَّه لما دخل إِلَى بلكونة سَأَلَ فِيهَا عَمَّن يتسم بالأدب وَقَول الشّعْر فَدلَّ على سعيد بن هِشَام فَوَجَدَهُ فِي قَرْيَة من قراها فِي زِيّ الفلاحين فتأنس بِهِ واستنشده من شعره فأنشده قَوْله الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 .. اسْتعَار الرَّوْض مِمَّن ... هَمت فِيهِ ورد خَدّه وَرَآهُ ذَا احْتِيَاج ... فحباه غُصْن قده ثمَّ أوفى نرجس الأل ... حاظ مَعَ رمان نهده فَمن الْإِنْصَاف مهما ... سمى الرَّوْض بِعَبْدِهِ فَلهَذَا يزدهى الرو ... ض علينا فَوق حَده ... وَقَوله فِي أبي عبد الله بن حمدين قَاضِي قرطبة ... إِلَى أَي وَقت أرتجيك وَإِنَّمَا ... يُرْجَى الْفَتى أَيَّانَ يسعده السعد وَهَذَا أَوَان لحت فِيهِ محكماً ... يطيعك أهل الْعلم وَالْمَال والجند فَمن لي بوعد إِن تَأَخّر حَاضر ... فقد ينعش النَّفس المؤملة الْوَعْد ... 152 - الْقَائِد أَبُو الْحسن عَليّ بن ودَاعَة السّلمِيّ البلكوني ذكر الحجاري أَنه كَانَ من أعيانها ووليها لبني عَامر وَكَانَ فِي الْمِائَة الْخَامِسَة وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً أديباً شَاعِرًا وخاض فِي فتْنَة ابْن عبد الْجَبَّار فَقتل فِيهَا وَمن شعره قَوْله ... قفوا سَاعَة حَتَّى أوفي بالعهد ... وأبدي إِلَيْكُم من جوى بعض مَا عِنْدِي أَمر على الأطلال لم تجر أدمعي ... وَلَا مهجتي ذَابَتْ عَلَيْهَا من الوجد وَأَيْنَ وَفَاء كنت أَعنِي بأَمْره ... لقد غيرت مني الْحَوَادِث بالبعد وَمَا حلت لكني جليد على النَّوَى ... أَمُوت وَمَا أخفيه لَيْسَ لَهُ مبدي ... الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 .. على أَن لي فِي جَانب الشوق رقة ... كَمَا أرهفت بعد الصدا ظبة الْهِنْد أيا دعد كم أبْكِي عَلَيْك تشوقاً ... كَأَنِّي قد أخرجت من جنَّة الْخلد ذكرتك والأعداء من كل جَانب ... وَقد جلت مَا بَين المطهمة الجرد على سَاعَة لَا يذكر الْمَرْء قلبه ... يقد بهَا الْهِنْدِيّ قداً إِلَى قد لَئِن عَادَتْ الْأَيَّام بيني وَبَيْنكُم ... لأشكو لكم مَا أثر الدمع فِي خدي وَمَا أحرقت من مهجتي جَمْرَة النَّوَى ... وَيَا لَيْت شعري هَل أرى ذَلِكُم يجدي ... وَبَينه وَبَين صاعد مُخَاطبَة وَهُوَ مَذْكُور فِي الجذوة 153 - سعيد بن جهير البلكوني الشَّاعِر ذكر الحجاري أَنه كَانَ فِي الْمِائَة الْخَامِسَة خَبِيث الهجو سيء الْخلق وَله هجو فِي عبيد الله ين الْمهْدي وَلما أَكثر من هجو أَعْيَان قرطبة نفوه مِنْهَا فَانْتهى إِلَى مصر فاضطر إِلَى جَوَاز النّيل وَهُوَ فِي مُعظم تياره فَطلب مِنْهُ صَاحب مركب الْجَوَاز أُجْرَة التَّعْدِيَة فَلم يحتملها لسوء خلقه وبخله فَأخذ ثِيَابه وَجعلهَا على رَأسه وَسبح قَاطعا للنيل فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ وَلم يحفظ الدحوني من شعره إِلَّا قَوْله ... تثقل بالزيارة كل يَوْم ... وتزعم أَن شخصك لَا يمل ... وبيتين فِي عبيد الله بن الْمهْدي وَقد تقدما فِي تَرْجَمته الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمداً لله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة القرطبية وَهُوَ = كتاب محادثة السّير فِي حلى كورة الْقصير الحالي مِنْهَا حصن الْقصير فِي شَرْقي قرطبة على النَّهر ذكر وَالِدي أَنه حضر لَدَيْهِ مَعَ أبي الْحُسَيْن الوقشي فِي رَوْضَة مدبجة على النَّهر فَصنعَ أَبُو الْحُسَيْن ... شربنا على وَادي الْقصير عَشِيَّة ... وَقد ركضت فِيهِ الْجِيَاد النواسم على نرجس مثل الدَّنَانِير بددت ... على بسط خَز والبهار دَرَاهِم وَقد ضحِكت للأقحوان مباسم ... تقبلهما من حسنهنَّ المباسم ورق رِدَاء للأصيل مدبج ... فأنق فِيهِ من يَد الشَّمْس رَاقِم ومالت عَلَيْهِ للغمام ذوائب ... فخيل لي أَن الْغَمَام عمائم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 .. هُنَالك لَو أبصرتني لَوَجَدْتنِي ... وَقد حسدتني فِي الهديل الحمائم وَقد مَلَأت عيناى قلبِي مَسَرَّة ... وَغَابَ نصيح عَن جنابي ولائم وَلما انْقَضى ذَاك النَّعيم شَككت فِي ... تمكنه حَتَّى كَأَنِّي حالم ... 154 - عبد الغافر بن رجلون المرواني أَخْبرنِي وَالِدي لِأَن مولده بحصن الْقصير وَأَنه من ولد سُلَيْمَان بن عبد الْملك اجْتمع بِهِ فِي غَزْوَة الْمَنْصُور بطليطلة وَأخْبر أَنه كَانَ أَسْوَأ النَّاس خلقا ينفرون من عشرته لذَلِك وشعره ضَعِيف أحْسنه قَوْله ... هَذَا هُوَ الْغُصْن النَّضِير ... هَذَا هُوَ الظبي الغرير هَذَا هُوَ اللَّيْل الْبَهِي ... م بدا على الْقَمَر الْمُنِير قومُوا انظروه فَإِنَّهُ ... مَا إِن لَهُ أبدا نَظِير ... وَوَقع لَهُ فِي زجل مَا هُوَ مستحسن ... أوقد فِي قلبِي النَّار ... ولس يُرِيد يطفيه وسد بَاب الدَّار ... أَي خذل فِيهِ وَأي تيه يَا أحسن الغزلان ... يَا كَوْكَب دري لَك تسْجد الأغصان ... ويمدح القمرى ويخجل النُّعْمَان ... وَأَنت لَا تَدْرِي وَالْعقل فك قد حَار ... وَالْوَصْف والتشبيه ... الحديث: 154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة القرطبية وَهُوَ كتاب الوشي المصور فِي حلى كورة المدور الحالي مِنْهَا حصن المدور المعقل الْعَظِيم الْمَشْهُور فِي الأندلس وَقد ذكر ابْن غَالب أَنه كَانَ للروم بِهِ اعتناء فِي الْقَدِيم وَعَلِيهِ اعْتِمَاد وَأخْبر أَن ملك الْقُسْطَنْطِينِيَّة توجه إِلَيْهِ أحد أرسال بني أُميَّة وَلم يسْأَله عَن شَيْء سُؤَاله عَن طليطلة والمدور وَفِي أَهله شجاعة وجفاء للغريب على كل حَالَة وَمَا التجأ إِلَيْهِم مقهور مسلوب من دولة إِلَّا خذلوه وصاروا عَلَيْهِ وَذكر الْحَضْرَمِيّ أَنه اجتاز بهَا مرّة فَبينا هُوَ قَاعد أَمَام الدَّار الَّتِي نزل بهَا ينظر إِلَى مُنَازع بداتها المطبوعين على الْجفَاء والبداوة إِذْ مر بِهِ بدوي غَرِيب فَسَأَلَهُ عَن طَرِيق الْجَامِع قَالَ فَقلت لَهُ مَا أعرف فَإِنِّي غَرِيب فابتدر لي بدوي من جهالها برمحه فِي يَده وسدده إِلَى نحري قَالَ لي ولد ملعونة زنديق لَك فِي الْبَلَد أَكثر من خَمْسَة أَيَّام وَلم تسْأَل عَن جامعنا وَلم تصل فِيهِ وَاجْتمعَ على كثير من أجناسه وَقلت هَذَا آخر يومي من الدُّنْيَا فَمَا خلصني مِنْهُم إِلَّا شيخ من شيوخهم فِيهِ بعض تَهْذِيب بِدُخُول الْبِلَاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وَمن المدور 155 - أَبُو بكر مُحَمَّد الْأَعْمَى المَخْزُومِي من المسهب بشار الأندلس انطباعاً ولسناً وأذاة وَهُوَ الَّذِي أَحْيَا سيرة الحطيئة بالأندلس فمقت وَكَانَ لَا يسلم من هجوه أحد وَلَا يزَال يخبط الْآفَاق بعصاه وَيَقَع فِيمَن أطاعه أَو عَصَاهُ وَأَصله من المدور وَقَرَأَ بقرطبة ثمَّ جال على الْبلدَانِ وَأكْثر الْإِقَامَة فِي غرناطة وَتعرض لشاعرتها نزهون وهجاها بقوله ... أَلا قل لنزهونة مَا لَهَا ... تجر من التيه أذيالها وَلَو أَبْصرت فيشة شمرت ... كَمَا عودتني سربالها ... فَقَالَت فِيهِ ... قل للوضيع مقَالا ... يُتْلَى إِلَى حِين يحْشر من المدور أنشئ ... ت والخرا مِنْهُ أعطر حَيْثُ البداوة أمست ... فِي جهلها تتبختر لذَلِك أمسيت تهوي ... حُلُول كل مدور خلقت أعمى وَلَكِن ... تهيم فِي كل أَعور جاوبت هجواً بهجو ... فَقل لعنت من اشعر إِن كنت فِي الْخلق أُنْثَى ... فَإِن شعري مُذَكّر ... قَالَ وَأَنت إِذا سَمِعت قَوْله من شعر يهجو بِهِ أحد من صبه الله عَلَيْهِ وعَلى قومه الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 .. أَلا فاعلموا أَنِّي لكم غير صابر ... على لومكم أُخْرَى اللَّيَالِي الغوابر فعوجوا بني اللخناء نَحْو هجائكم ... إِلَى لعنة تزري بِمن فِي الْمَقَابِر فَأنْتم سننتم كل مُحدث سبة ... وَلم تتركوا فِيهَا لحَاقًا لآخر رأيتكم لَا تَتَّقُون مذمة ... وَلَا عنْدكُمْ من هزة نَحْو شَاكر وأهون مَا أهْدى الزَّمَان إِلَيْكُم ... فَلَا عشتم للوم طلعة شَاعِر فَأَيْنَ الألى كَانُوا إِذا جَاءَ ناظم ... تَلَقَّتْهُ مِنْهُم بالندى كف ناثر ... وَقَوله ... أَلا لَا تركنن إِلَى فلَان ... فتسرى مِنْهُ فِي ليل السَّلِيم لئيم لَيْسَ ينفع فِيهِ لؤم ... يروم وراثة الْعرق اللَّئِيم إِذا جربته يَوْمًا ترَاهُ ... مضاع الْجَار ممطول الْغَرِيم وَإِن كشفته لاقيت مِنْهُ ... مصون المَال مبذول الْحَرِيم ... وَقَوله ... وأحدب لَيْسَ لَهُ همة ... وَلَا لَذَّة فِي سوى فيشة يَقُول أَنا الْقوس فِي شكله ... فَلَا تنكروا السهْم فِي بدرتي فضولكم أبدا زَائِد أفقحتكم تِلْكَ أم فقحتي ... وَقَوله ... الْحق أَبْلَج لَيْسَ أَنْت وَحقّ من ... أَحْيَا بك الأجلاف مِمَّن يفلح لَا تهتدي بفضيلة لَا ترعوى ... بملامة لَا أَنْت مِمَّن يصلح يزْدَاد عقلك مَا كَبرت تناقصا ... وتلج فِي صمم إِذا مَا تنصح أكل وسلح كل حِين لَا ترى ... لسواهما ... مَا دمت حَيا تطمح أسخنت عين الْمجد يَا ابْن عميرَة ... وَلَقَد تقر عيونه لَو تذبح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وَقَوله ... قطيم يغلق أبوابه ... ويفرح بِالْبَيْتِ مهما خلا يفرج أَوْلَاده عَامِدًا ... ويبعدهم أبدا منزلا وَيرجع للبيت من حِينه ... لوغد أخي فيشة مبتلى يعذبه يَوْمه منشداً ... عَلَوْت فَلَا تزهدن فِي الْعلَا تعلم من لطفه صَنْعَة ... تصير مخرجه مدخلًا ... علمت قدر شعره وَمَا صبه الله مِنْهُ على أهل عصره قَالَ وَالِدي هجاء والاندلس المَخْزُومِي واليكى والأبيض وَأنْشد عَليّ بن أضحى قَاضِي غرناطة قصيدة مِنْهَا ... عجبا للزمان يطْلب ثاري ... وملاذي مِنْهُ عَليّ بن أضحى الأبي الَّذِي يمد من البأ ... س إباه إِلَى السماكين رمحا جَاره قد سما على النطح عزا ... لَيْسَ يخْشَى من طَالب الثأر نطحا فَكَأَنِّي عَلَوْت قرن فلَان ... أَي تَيْس مطول الْقرن ألحى ... فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بكر هلا اقتصرت على مَا أَنْت بسبيله فكم تقع فِي النَّاس فَقَالَ أَنا أعمى وهم لَا يبرحون حفراً فَقَالَ وَالله لَا كنت لَك حُفْرَة أبدا وَجعل يوالي عَلَيْهِ يَده وَأَخْبرنِي وَالِدي أَن جده عبد الْملك بن سعيد كَانَ كثير الْإِحْسَان لَهُ مستحفظاً من لِسَانه وَبعد ذَلِك فَمَا سلم من أذاته وَمن خَبره مَعَه أَنه قَصده مرّة وَهُوَ بقلعته فانزال وتلقاه ببر قولا وفعلاً ثمَّ إِنَّه قَالَ لغلام لَهُ اسْأَل فِي الْموضع الَّذِي نزل فِيهِ المَخْزُومِي مَتى يرحل وَكَانَ غَرَضه أَن يُرْسل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 لَهُ زاداً وَينظر مَا يركب عَلَيْهِ فأساء الْغُلَام التَّنَاوُل وَضرب عَلَيْهِ بَابه فَخرج لَهُ الْأَعْمَى فَقَالَ يَقُول لَك الْقَائِد مَتى ترحل فَقَالَ ارْفُقْ أكتب لَك الْجَواب فَكتب لَهُ ابياتا مِنْهَا ... لَا ترجمون بني سعيد للندى ... فالظل أفيد مِنْهُم للسَّائِل فَلَقَد مَرَرْت على مَنَازِلهمْ فَمَا ... أَبْصرت مِنْهَا غير بعد منَازِل قوم مصيبتهم بطلعة وَافد ... وسرورهم أبدأً بخيبة راحل ... وَفِيهِمْ يَقُول وَقد أسكنوه جوارهم ... أبنى سعيد قد شقيت بقربكم ... فلتتركوني حَيْثُ شِئْت اسير افني المدائح فِيكُم وَلَا وَعدكُم ... يقْضِي وقلبي فِي المطال أَسِير أعطيتم نزراً على طول المدى ... وَيَقُول وغد إِنَّه لكثير ولشد مَا عرضتموني للعنا ... فرس عَتيق عاشرته حمير فَإِذا صهلت غَدا النهاق ماجاوبي ... يَا رب أَنْت على الْخَلَاص قدير ... قَالَ وَوجدت بِخَط وَالِدي مُحَمَّد وَمن نسيب المَخْزُومِي على قَتله قَوْله ... رب حسناء كالغزالة جيدا ... والتفافا تزري بحور الخلود كَلَّمتنِي فطار قلبِي إِلَيْهَا ... وترجيت للظماء ورودي فتجافت عَن منظري ثمَّ قَالَت ... أَتَرَى الْحور واصلات القرود لم ألمها على الصدود لِأَنِّي ... كنت أَهلا من مثلهَا للصدود ... قَالَ وَلم يخل فِي هَذَا من الهجاء وَلَكِن لنَفسِهِ وَأنْشد لَهُ ابْن غَالب ... زنجيكم بالفسوق دَاري ... يُدْلِي من الْحِرْص كالحمار يَخْلُو بنجل الْوَزير سرا ... فيولج اللَّيْل فِي النَّهَار ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة القرطبية وَهُوَ كتاب = نيل المُرَاد فِي حلى كورة مُرَاد فِي غربي قرطبة الحالي مِنْهَا حصن مُرَاد سكنه قَبيلَة مُرَاد فنسب إِلَيْهَا مِنْهُ 156 - عبد الْملك بن سعيد الْمرَادِي الخازن أنْشد لَهُ الْحميدِي فِي الجذوة فِي وصف ناعورة ... ناهيك ناعورة تعالت ... على ضفافي مَعَ اقتداري يحملهَا المَاء بانقياد ... وَتحمل المَاء باقتسار تذكر طوراً حنين ناي ... وَتارَة من زئير ضاري ... الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 .. تسقى بساتين حاويات ... غرائب الرَّوْض وَالثِّمَار طُلُوع عبد الْعَزِيز فِيهَا ... كَالشَّمْسِ فِي جنَّة الْقَرار ... وَله فِي بعض من زَارَهُ فحجبه ... مَا حمدناك إِذْ وقفنا ببابك ... للَّذي كَانَ من طَوِيل حجابك قد ذممنا الزَّمَان فِيك وَقُلْنَا ... أبعد الله كل دهر أَتَى بك ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الأول من كتابي الكورة القبرية وَهُوَ = كتاب الدرة فِي حلى مَدِينَة قبرة مَدِينَة نابهة هِيَ قَصَبَة الكورة فِيهَا تَرْجَمَة وَهِي 157 - عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن موهب التجيى القبري فَقِيه مُحدث عاصر أَبَا عمر بن عبد الْبر وَهُوَ مُمكن ذكره ابْن بشكوال فِي كتاب الصِّلَة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... يَا روضي ورياض النَّاس مُجْدِبَة ... وكوكبي وظلام اللَّيْل قد ركدا إِن كَانَ صرف زماني عَنْك أبعدني ... فان شوقي وحزني عَنْك مَا بعدا ... الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 كتاب الذهبية الاصلية فِي حلى المملكة الاشبيلية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 7 - كتاب الذهبية الاصلية فِي حلى المملكة الإشبيلية يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى اثْنَي عشر كتابا هِيَ 1 كتاب الْحلَّة الذهبية فِي الكورة الإشبيلية 2 كتاب الحركات المجونية فِي حلى الكورة القرمونية 3 كتاب الدرة المخزونة فِي حلى كورة شذونة 4 كتاب فَجْأَة السرُور فِي حلى كورة مورور 5 كتاب نفخة الْورْد فِي حلى قلعة ورد 6 كتاب شِفَاء التعطش فِي حلى كورة أركش 7 كتاب الدروع المسنونة فِي حلى كورة أشونة 8 كتاب بغية الظريف فِي حلى جَزِيرَة طريف 9 كتاب الْحلَّة الْحَمْرَاء فِي حلى الجزيرة الخضراء 10 كتاب الزبدة فِي حلى كورة رندة 11 كتاب نخيل الْقبْلَة فِي حلى كورة لبلة 12 كتاب كتاب الْحلَّة المعجبة فِي حلى كورة أونبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 كتاب الْحلَّة الذهبية فِي الكورة الإشبيلية يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى تِسْعَة كتب هِيَ 1 كتاب النفحات الذكية فِي حلى حَضْرَة إشبيلية 2 كتاب النسرينه فِي حلى قَرْيَة مقرينه 3 كتاب ورق الْعَريش فِي حلى قَرْيَة منيش 4 كتاب وشي المحابر فِي حلى قلعة جَابر 5 كتاب العذار المطل فِي حلى جَزِيرَة قبطل 6 كتاب الحانة فِي مَدِينَة طريانة 7 كتاب الحبابة فِي حلى قَرْيَة الغابة 8 كتاب وشي الْمصر فِي حلى حصن الْقصر 9 كتاب النورة فِي حلى حصن لورة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 كتاب النفحات الذكية فِي حلى حَضْرَة إشبيلية المنصة التَّاج السلك من كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت 158 - أَبُو حَفْص عمر بن الْحسن الْهَوْزَنِي من الذَّخِيرَة أفْضى أَمر إشبيلية إِلَى عباد وَأَبُو حَفْص يَوْمئِذٍ ذَات نَفسهَا وَآيَة شمسها وناجذها الَّذِي عَنهُ تبتسم وواحدها الَّذِي بِيَدِهِ ينْقض ويبرم وَكَانَ بَينه وَبَين عباد قبل إفضاء الْأَمر إِلَيْهِ ومدار الرياسة عَلَيْهِ ائتلاف الفرقدين وتناصر الْيَدَيْنِ واتصال الْأذن بِالْعينِ وَلما ثبتَتْ قدم المعتضد بالرياسة وَدفع إِلَى التَّدْبِير والسياسة أوجس مِنْهُ ذعراً وضاق بمكانه من الحضرة صَدرا وَكَانَ ألمعياً وذكياً لوذعياً لَو أَخطَأ الحازم أَجله ونفعت الْمُحْتَال حيله فَاسْتَأْذن المعتضد فِي الرحلة سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة فصادف غرته وَكفى إِلَى حِين معرته وتهادى عجائب ذكره الشَّام وَالْعراق ثمَّ رَحل إِلَى مصر وَله هُنَاكَ صَوت بعيد ومقام مَحْمُود وَوصل إِلَى مَكَّة وروى فِي طَرِيقه كتاب التِّرْمِذِيّ فِي الحَدِيث وَعنهُ أَخذه أهل الْمغرب ثمَّ رَجَعَ إِلَى الأندلس وَاسْتَأْذَنَ المعتضد سُكْنى مرسية رَأيا رَآهُ وبلداً اخْتَارَهُ وتوخاه فَلَمَّا غلب الرّوم على مَدِينَة بربشتر سنة سِتّ وَخمسين خَاطب المعتضد برسالة يحضه فِيهَا الحديث: 158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 على الْجِهَاد فَرَاجعه برسالة يُشِير عَلَيْهِ فِيهَا بِالرُّجُوعِ إِلَى بَلَده لَا بل استدرجه إِلَى ملحده فاستقر بإشبيلية سنة ثَمَان وَخمسين ولقيه المعتضد بِأَعْلَى الْمحل وفوض إِلَيْهِ من الكثر والقل وعول عَلَيْهِ فِي العقد والحل فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت لربيع الأول سنة سِتِّينَ أحضرهُ الْقصر وباشر قَتله بِيَدِهِ فَلم ينل عباد بعده سولا وَلها متع بدنياه إِلَّا قَلِيلا وَمن شعره فِي رِسَالَة كَانَ خَاطب بهَا المعتضد من مرسية ... أعباد جلّ الرزء وَالْقَوْم هجع ... على حَالَة مَا مثلهَا يتَوَقَّع فلق كتابي من فراغك سَاعَة ... وان طَال فالموصوف للطول مَوضِع إِذا لم أبث الدَّاء رب نجاحه ... أضعت وَأهل للملام المضيع ... وَفِي الرسَالَة فالثمرة من سَاقهَا والجياد على اعراقها 159 - أَبُو الْحسن عبي بن أبي حَفْص عمر بن أبي الْقَاسِم ابْن أبي حَفْص الْهَوْزَنِي جد ابيه هُوَ أَبُو حَفْص الْمَذْكُور وَأَبوهُ أَبُو الْقَاسِم هُوَ الَّذِي سعى فِي فَسَاد دولة بني عباد عِنْد أَمِير الملثمين ثأراً بِأَبِيهِ حَتَّى نَالَ غَرَضه وَأَخْبرنِي وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ وَكَانَ يكْتب عَن مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَأنْشد لَهُ الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 .. من لي بفاتكة اللحاظ إِذا رنت ... فَكَأَنَّمَا سيف براني قاضيب هِيَ صيرت جسمي كرقة خصرها ... وجفت وَمَالِي من رِضَاهَا جَانب وَإِذا شَكَوْت تَقول لي مَا تَسْتَحي ... تَشْكُو الغليل وَمَاء عَيْنك ساكب ... 160 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن عبد الغفور ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَنه توفّي فِي عنفوان شبابه فَقَالَ فِيهِ الْمُعْتَمد بن عباد ... أَبَا قَاسم قد كنت دنيا صحبتهَا ... قَلِيلا كَذَا الدُّنْيَا قَلِيل متاعها ... وَأحسن مَا أنْشد لَهُ قَوْله ... لَا تنكروا أننا فِي مهمه أبدا ... نحث فِي نفنف طوراً وَفِي هدف فدهرنا سدف وَنحن أنجمه ... وَلَيْسَ يُنكر مجْرى النَّجْم فِي السدف لَو أَسْفر الدَّهْر لي أقصرت عَن سَفَرِي ... وملت عَن كلفي بِهَذِهِ الكلف ... 161 - ابْنه أَبُو مُحَمَّد عبد الغفور ذكر ابْن بسام أَنه نَشأ بَين يَدي أَبِيه فِي دولة الْمُعْتَمد وَذكره الحجاري فَقَالَ قطع الله لِسَان الْفَتْح صَاحب القلائد فَإِنَّهُ شرع فِي ذمه بِمَا لَيْسَ هُوَ الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 من أَهله وَالله مَا أَبْصرت عَيْني شخصا احق بفضله مِنْهُ وانشد لَهُ فِي مطلع قصيدة ... هُوَ السعد حَتَّى يعبد الْحجر الصلد ... وتترك شمس الْأُفق وَالْقَمَر الْفَرد ... وَذكر صَاحب الخريدة أَنه كَانَ بمراكش كَاتبا سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَقَالَ فِي وَصفه صَاحب القلائد قد كنت نَوَيْت أَلا أجري لَهُ ذكرا وَلَا أعمل فِيهِ فكراً لتهوره وَكَثْرَة تقعره وَقَالَ إِنَّه من شدَّة حقده يتنكد بالأفراح ويحسد حَتَّى على المَاء القراح وَأنْشد لَهُ جملَة أَبْيَات فِي يحيى بن سير كلهَا سَاقِطَة عَن طبقَة الْمُخْتَار وأشبه مَا أنْشد لَهُ قَوْله فِي مُعَارضَة قَول المتنبي ومداخلته ... سر حَيْثُ شِئْت تحله النوار ... أَرَادَ فِيك مرادك الْمِقْدَار وَإِذا ارتحلت فشيعتك سَلامَة ... وغمامة بل دِيمَة مدرارا تنفى الهجير بظلها وتنيم ... بالرش القتام وَكَيف شِئْت تدار وَقضى الْإِلَه بِأَن تعود مظرفا ... وقضت بسيفك نحبها الْكفَّار ... 162 - ابْنه أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد أثنى عَلَيْهِ صَاحب السمط وَذكر أَنه اعتبط شَابًّا وَأورد لَهُ رِسَالَة طَوِيلَة سَمَّاهَا بالساجعة والغربيب يَقُول فِيهَا وَمن القصائد مصائد الحديث: 162 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 تهيض أَجْنِحَة الوفر وَمن الرسائل حبائل تعلق شوارد الْبيض والصفر وَمِنْهَا إِلَى أَن احتل بقْعَة استقاها من قليب النَّصْرَانِيَّة بأرشية الردينية واستخرجها من لَهَوَات الْكفْر بأيدي المهندة البتر 163 - أَبُو الحكم عَمْرو بن مذْحج بن حزم الاشبيلي ذكر ابْن بسام أَن أَن أَبَا الْحسن البطليوسي فِيهِ يَقُول وَقد غلب بحسنه على لبه ... رأى صاحبى عمرا فكلف وَصفه ... وحملني من ذَاك مَا لَيْسَ فِي الطوق فَقلت لَهُ عَمْرو كعمرو فَقَالَ لي ... صدقت وَلَكِن ذَاك شب عَن الطوق ... وَمِمَّنْ تغزل فِيهِ ابْن عبدون قَالَ ابْن بسام فَلَمَّا هم ليله بنهاره ودب على سيف وجنته فرند عذاره رَاع الْمجد بحزم وكرم وسره بِسيف وقلم فبارى نُجُوم اللَّيْل وتقلب فِي صهوات الْخَيل وعَلى ذَلِك فَلم ينس مَكَارِم الْأَخْلَاق وَلَا خلا من قُلُوب العشاق وَأثْنى على سلفه وَأنْشد لَهُ فِي شعر يُرَاجع بِهِ ابْن عبدون ... لَئِن حازت الدُّنْيَا بك الْفضل آخرا ... فَفِي أخريات اللَّيْل ينبلج الْفجْر ... وَقَوله ... وَلَا غرو إِن طافت برجلك وثأة ... لَهَا الْمجد خفاق الجناحين واجم فقد ترجف الأفلاك فِي دورانها ... وتنقض أَعْلَام النُّجُوم العوائم ... الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وَقَوله فِي أبي الْعَلَاء بن زهر ... يَا جالياً وَجه السَّعَادَة وَاضحا ... ومقلباً طرف النباهة طامحا صير مجنك صفحتي قمر الدجى ... وَسنَان رَايَتك السماك الرامحا ... وَبَينه وَبَين ابْن بسام مشاعرة 164 - أَخُوهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مذْحج ذكر الحجاري أَن أَخَاهُ أَبَا الحكم أظهر وأكبر وأشعر وَأنْشد لَهُ ... أَلسنا من الْقَوْم الَّذين سموا بِنَا ... إِلَى حَيْثُ لَا تسموا النُّجُوم وَلَا تسري فكم جعلُوا عبساً يطول عبوسها ... وَكم صبحوا بكرا براغبة الْبكر ... 165 - ابْن عَمهمَا أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن يحيى بن حزم الْمذْحِجِي جعله ابْن بسام أحلى النَّاس شعرًا لَا سِيمَا إِذا عتب وَمن أحسن مَا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... وخيل الظلام أَمَام الصِّبَا ... ح والركض قد ضم أجوافها وَقد فضَض الْفجْر أذيالها ... وَزَاد فَذهب أعرافها ... الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وَقَوله ... أساكن قلبِي والجوار حفيظة ... لَعَلَّك تصغي تَارَة فَأَقُول أُعِيذك من أَقْوَال قوم مريبة ... فكم قمر غطى عَلَيْهِ أفول وَكم أملوا لَا بلغُوا فِيك خطة ... وحاشاك مِنْهَا والْحَدِيث يطول ومستكشف لم يدر مَا بَين أضلعي ... تعرض لي واللوم فِيك ثقيل فشدت لساني يعلم الله سكتة ... لَهَا فِي جناني زفرَة وعويل وسد طَرِيق اللحظ دمع كَأَنَّمَا ... تشحط من جفني فِيهِ قَتِيل ... وَقَوله ... مقَال يطير الْجَمْر من جنباته ... وَمن تَحْتَهُ قلب عَلَيْك يذوب ... وَقَوله ... لما استمالك معشر لم أَرضهم ... وَالْقَوْل فِيك كَمَا علمت كثير داريت دُونك مهجتي فتماسكت ... من بعد مَا كَادَت إِلَيْك تطير فَاذْهَبْ فَغير جوانحي لَك منزل ... واذهب فَغير وفائك المشكور ... وَقَوله ... بِأَيّ مقَال من لساني أرثيه ... وَأي دموع من جفوني أبكيه وَقد جلّ رزني فِيهِ حَتَّى كَأَنَّمَا ... جَمِيع رزايا النَّاس مَجْمُوعَة فِيهِ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 166 - أَبُو الْحسن بن فندلة وَصفه صَاحب السمط بِالْفَضْلِ والجود والارتياح وَمن أحسن مَا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... ودارت حمياً الكأس بيني وَبَينه ... فدبت دبيباً لَيْسَ يُحسنهُ النَّمْل ... وَقَوله ... انْظُر إِلَى الراح والكؤوس ... تبْعَث زهواً إِلَى النُّفُوس وَقد علاها الْحباب نظماً ... سَمِعت بالجوهر النفيس فَهُوَ كتاج على مليك أَو مثل سلك على عروس ... 167 - أَبُو بكر بن افْتِتَاح قَالَ فِي وَصفه صَاحب السمط كرم أَوله وَآخره وَعظم بَاطِنه وَظَاهره وَهُوَ من مداح عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين وَأحسن مَا أنْشد لَهُ قَوْله ... منعُوا التَّحِيَّة عَن محب مدنف ... يَوْم الْوَدَاع فَأَبت أخيب آيب مَا ضرّ يَوْم رحيلهم لَو ودعوا ... إِن الْوَدَاع دَلِيل رأى العاتب يَا ربة الْبَيْت الْكَرِيم نجاره ... فِي ذرْوَة الشّرف الرفيع الْجَانِب من لي برجع تَحِيَّة جنح الدجى ... إِنِّي أَرَاهَا كالشهاب الثاقب ... وَمن نثره قَوْله كَيفَ يحس لَا زلت تحميني الْقَبِيح وتقتطع الْحَمد بِالثّمن الربيح أَن أهْدى الصفر لِلذَّهَبِ أَو أقاول من انتقى من الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 البلاغة طرائفها واستزاد فضل مَا يهب لَا جرم أَن نومي إِلَى كرم اعْتِقَاده حَملَنِي على حمل هَذِه الزُّيُوف إِلَى صيارفة انتقاده 168 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن المواعيني اثنى صَاحب السمط على ذكائه وادبه اخلاقه وَأنْشد لَهُ فِي قصيدة يمدح بهَا الزبير بن عمر ... برقتْ ثغورهم وسالت أدمعي ... فَانْظُر إِلَى برق وَصوب عهاد ... وَمِنْهَا ... طولوا وصولوا فَالْمُنَاسِب حمير ... أهل المفاخر والندى والنادي للْقَوْم فِي كل الْبِلَاد رياسة ... تحكي بني الْعَبَّاس فِي بَغْدَاد أضحت مجَالِسهمْ سروج جيادهم ... إِن السُّرُوج مجَالِس الأمجاد ... وَقَوله من قصيدة يمدح بهَا زَيْنَب بنت عَليّ بن يُوسُف ... طابت الصَّهْبَاء فِي أَفْوَاههم ... حَيْثُ أبدوا من ثغور حببا ... وَقَوله ... كَأَن أقاح الرَّوْض بَين شقيقه ... طفو حباب فِي قرارة رَاح ... وَمن نثره أَطَالَ الله بَقَاء الْأَمِير محفوفاً بالرايات الخافقة مَوْصُوفا بالاراء المتوافقة ولازالت امصاره تنير ومضاؤه يبير يَا لَهُ أيده الله من مضاء لَا يبيت لَهُ جَار على وَجل وردى يستوهب من كماته كل اجل الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 169 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن مرَّتَيْنِ أثنى عَلَيْهِ الحجاري وَذكر أَنه كَانَ ينادم ابْن افْتِتَاح وانشد لَهُ قَوْله ... كَيفَ لي بعدكم بِطيب الهجوع ... وجفوني مَمْلُوءَة بدموعي كل شَيْء يئست مِنْهُ إِذا مَا ... بنتم غير عبرتي وولوعي وَلكم قد شَكَوْت مِمَّا أُلَاقِي ... غير أَنِّي أَشْكُو لغير سميع ... وَقَوله يُخَاطب ابْن افْتِتَاح ... صَحِبت مِنْك الْعلَا وَالْفضل والكرما ... وشيمة فِي الندى قد فاقت الشيما مَوَدَّة فِي ثرى الْإِنْصَاف راسخة ... وسمكها فَوق أعنان السَّمَاء سما ... 170 - أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بن أبي أُميَّة قَالَ صَاحب الذَّخِيرَة فِي وَصفه الْوَزير أَبُو أَيُّوب فِي وقتنا بَحر الْأَدَب وساحله وسنام الْمجد وكاهله وَسنَان الْحسب وعامله وَرَافِع لِوَاء الْحَمد وحامله وَذكر أَن دولة الْمُعْتَمد بن عباد كَانَت دَائِرَة على أَبِيه وَمِمَّا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... أمسك دارين حياك النسيم بِهِ ... أم عنبر الشحر أم هذي الْبَسَاتِين بشاطئ النَّهر حَيْثُ النُّور مؤتنق ... والراح تعبق أم تِلْكَ الرياحين ... الحديث: 169 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 171 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن حنون الإشبيلي من بيُوت اشبيلية وأغنيائها آل أمره إِلَى أَن اتهمَ بِالْقيامِ على السُّلْطَان ففر على وَجهه ثمَّ عفى عَنهُ فِي مُدَّة الْمَنْصُور بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَهُوَ مِمَّن ذكر صَفْوَان فِي كتاب زَاد الْمُسَافِر وعنوان طبقته قَوْله فِي أشتر ... يَا طلعة أبدت قبائح جمة ... فَالْكل مِنْهَا إِن نظرت قَبِيح أبعينك الشتراء عين ثرة ... مِنْهَا ترقرق دمعها المسفوح شترت فَقُلْنَا زورق فِي لجة ... مَالَتْ بِإِحْدَى شقتيه الرّيح وكأنما إنسانها ملاحها ... قد خَافَ من غرق فظل يميح ... وَقَوله ... وبيضاء تحسبها درة ... تذوب إِذا ذكرت أَو تكَاد تنمنم بالمسك كافورتي ... محياً حوى الْحسن طراً وَزَاد فَقلت وَقد كَانَ مَا كَانَ من ... تخَلّل خيلانها بالفواد أكل وصالك ذَاك الْبيَاض ... وَبَعض صدودك ذَاك السوَاد فَقَالَت أَبى كَاتب للملوك ... دَنَوْت إِلَيْهِ بِحكم الوداد فخاف اطلاعي على سره ... فَلم يعد أَن رشني بالمداد ... وَله موشحات مَشْهُورَة الحديث: 171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وَمن = كتاب تلقيح الآراء فِي حلى الْحجاب والوزراء 172 - أَبُو الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَامر بن حبيب الملقب بحبيب ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَن ابْن الْأَبَّار هُوَ الَّذِي أَقَامَ قناته وصقل مرآته وَلَو تخطاه صرف الدَّهْر وامتد بِهِ قَلِيلا طول الْعُمر لسد طَرِيق الصَّباح وغبر فِي وُجُوه الرّيح قَتله المعتضد بن عباد ابْن تسع وَعشْرين سنة وَله كتاب البديع فِي فصل الرّبيع وَأحسن مَا أنْشدهُ لَهُ قَوْله ... إِذا مَا أدرت كؤوس الْهوى ... فَفِي شربهَا لست بالمؤتلى مدام تعْتق بالناظرين ... وَتلك تعْتق بالأرجل ... 173 - أَبُو الْحسن عَليّ بن غَالب بن حصن أثنى عَلَيْهِ صَاحب الذَّخِيرَة وَنبهَ على قَوْله ... بكرت سحرة قبيل الذّهاب ... تنفض المَاء عَن جنَاح الْغُرَاب ... الحديث: 172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وَأخْبر أَن ابْن زيدون لم يزل يسْعَى فِي حتفه بمكره حَتَّى فتك بِهِ المعتضد بن عباد وَأحسن مَا أنْشدهُ لَهُ قَوْله ... وَمَا هاجني إِلَّا ابْن وَرْقَاء هَاتِف ... على فنن بَين الجزيرة وَالنّهر مفستق طوق لَا زوردى كلكل ... موشي الطلى احوى القوادم الظّهْر أدَار على الْيَاقُوت أجفان لُؤْلُؤ ... وصاغ على الأجفان طوقاً من التبر حَدِيد شبا المنقار داج كَأَنَّهُ ... شبا قلم من فضَّة مد فِي حبر توسد من فرع الارك أريكة ... وَمَال على طي الْجنَاح مَعَ النَّحْر وَلما رأى دمعي مراقاً أرابه ... بُكَائِي فاستولى على الْغُصْن النَّضر وحث جناحيه وصفق طائراً ... وطار بقلبي حَيْثُ طَار وَلَا أَدْرِي ... وَقَوله ... قُم يَا غُلَام فسقنيها واطراب ... واشرب عتبت عَلَيْك إِن لم تشرب من قهوة صفراء ذَات أسرة ... فِي الكأس تأنلق ائتلاق الْكَوْكَب خضبت بنان مديرها بشعاعها ... فعل العرارة فِي شفَاه الربرب ... وَمن مجونياته قَوْله ... قُمْت نشوان وَقَامَت ... يتهاد وتثن ونضت عَنْهَا قَمِيصًا ... ثمَّ لما ضاجعتني قلبت بَطنا لظهر ... قلت لَا ظهرا لبطن فانثنت فِي خجل قا ... ئلة عِنْد التثني انا حَانُوت بوجهي ... ن فلط إِن شِئْت وازن ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وَله ... كَأَنَّمَا فِي الكأس من صبها ... خيط من الضفة مفتول ... وَقَوله ... اشرب على طيب نسيم السحر ... وَانْظُر إِلَى غرَّة ذَاك الْقَمَر كَأَنَّهُ مَاء غَدِير صفا ... والمحق فِيهِ مثل ظلّ الزهر ... وَذكر الحجاوي انه انشأ مَعَ المعتضد فاستوزره إِلَّا أَنه كَانَ فِيهِ طيش أَدَّاهُ إِلَى حتفه 174 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْمعلم من الذَّخِيرَة بديع ذَلِك الأوان وَأحد وزراء الْمُعْتَمد الْكتاب الْأَعْيَان فمما أوردهُ من نثره سقى عَهْدك أيتها الدمنة الزهراء كل عهد وجاد على قطرك أيتها الرَّوْضَة الْغناء كل قطر وتناوحت عَلَيْك إِلَّا من ضلوعي جنوب وشمال وَلَا زَالَت تجر عَلَيْك للنعيم أذيال وَمن النّظم قَوْله من قصيدة فِي الْمُعْتَمد وَقد رجعت لَهُ قرطبة وَقتل ابْن عكاشة قَاتل ابْنه الظافر ... صفا لَك الشّرْب كَانَت فِيهِ أقذاء ... وَعَاد برءاً على مَا أفسد الدَّاء ... الحديث: 174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 .. وَلم يَجْعَل بمقدور لَهُ أجل ... وللأمور مَوَاقِيت وآناء فقد تباطأ وَحي الله آونة ... عَن النَّبِي وَغَابَتْ عَنهُ أنباء فليهنك الصنع قد راقت عواقبه ... وشفعت مِنْهُ بالآلاء آلَاء ... وَمن كتاب الْكتاب 175 - الْكَاتِب أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عمر الاشبيلي المقلب بالمهيرس كَانَ بمراكش كَاتبا عَن ابْن الشَّهِيد مُدبر دولة يحي بن النَّاصِر أَخْبرنِي أَبُو يحيى بن جَامع الْوَزير أَنه قتل فِي إِحْدَى المعارك المراكشية وانه كتب يَوْمًا يستهدي مِنْهُ فَاخِتَة قد سَمعهَا عِنْده وَكَانَ فِي ذَلِك الْحِين يكنى بِأبي الْعَلَاء ... أَلا خُذْهَا إِلَيْك أَبَا الْعَلَاء ... حلى الامداح ترفل فِي الثَّنَاء وهبهاقنية تهدى عروساً ... خضيب الْكَفّ قانية الرِّدَاء لأجعلها مَحل جليس أنسى ... وأغنى بالهديل عَن الْغناء ... الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 176 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْبناء الإشبيلى سَاد بِبَلَدِهِ وَصَارَ يكْتب عَن ملوكه وَهُوَ أهل لذَلِك لما أحرزه من الصيانة والادب والبلاغة وَهُوَ ذُو غرام فِي اقتناء نفائس الْكتب ونسخها وَمن أحسن شعره قَوْله من قصيدة فِي رثاء أبي عيد الله بن أبي حَفْص بن عبد الْمُؤمن وَقد عزل عَن بلنسية وَهِي فِي سرق الأندلس وَولي إشبيلية وَهِي فِي غربها فَمَاتَ ... كَأَنَّك من جنس الْكَوَاكِب كنت لم ... تفارق طلوعاً حَالهَا وتواريا تحليت من شَرق يروق تلألؤا ... فَلَمَّا انتحيت الغرب أَصبَحت هاويا ... وَمن = كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام 177 - القَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَرَبِيّ الإشبيلي قَالَ الحجاري لَو لم ينْسب لإشبيلية إِلَّا هَذَا الإِمَام الْجَلِيل لَكَانَ لَهَا بِهِ من الْفَخر مَا يرجع عَنهُ الطّرف وَهُوَ كليل الحديث: 176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 وَقَالَ ابْن الْأَمَام بَحر الْعُلُوم ومام كل مَحْفُوظ وَمَعْلُوم ولد أشعار تشوق فِيهَا إِلَى بَغْدَاد وَإِلَى الْحجاز وَهُوَ مَذْكُور فِي كتاب السمط وَاجْتمعَ مَعَ عبد الْمُؤمن وَمن أظرف شعره وألطفه قَوْله وَقد داعبه ابْن أَمِير من أُمَرَاء الملثمين بِأَن ركض فرسه وهز عَلَيْهِ رمحه ... يهز على الرمْح ظَبْي مهفهف ... لعوب بألباب الْبَريَّة عابث فَلَو انه رمح إِذا لَا تقيته ... وَلكنه رمح وثان وثالث ... وَقَوله وَقد دخل عَلَيْهِ غُلَام جميل الصُّورَة فِي ثِيَاب خشنة ... لبس الصُّوف لكَي أنكرهُ ... وأتانا شاحباً قد عبسا قلت إيه قد عرفناك وَذَا ... جلّ سوء لَا يعيب الفرسا كل شَيْء أَنْت فِيهِ حسن ... لَا نبالي حسن مَا قد لبسا ... وَقَالَ وَقد كتب كتابا فَأَشَارَ أحد من حضر أَن يتربه ... لَا تشنه بِمَا تذر عَلَيْهِ ... فكفاه هبوب هَذَا الْهَوَاء فَكَأَن الَّذِي تذر عَلَيْهِ ... جدري بوجنة حسناء ... وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 178 - النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزبيدِيّ الاشبيلي وَمن الجذوة أَنه إِمَام فِي النَّحْو واللغة وَله فِي النَّحْو كتاب الْإِيضَاح الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وَاخْتصرَ كتاب الْعين للخليل وَأنْشد لَهُ قَوْله يُخَاطب جَارِيَة كَانَ يُحِبهَا وَقد اسْتَأْذن الْمُسْتَنْصر فِي الْعود إِلَى إشبيلية فَلم يَأْذَن لَهُ ... وَيحك يَا سلم لَا تراعي ... لَا بُد للبين من زماع لَا يحسبني صبرت إِلَّا ... كصبر ميت على النزاع مَا خلق الله من عَذَاب ... أَشد من وَقْفَة الْوَدَاع إِن يفْتَرق شملنا سَرِيعا ... من بعد مَا كَانَ ذَا اجْتِمَاع فَكل شَمل إِلَى افْتِرَاق ... وكل شعب إِلَى انصداع ... توفّي قَرِيبا من الثَّمَانِينَ والثلاثمائة 179 - أَبُو عمر أَحْمد بن مُحَمَّد بن حجاج وَمن الذَّخِيرَة أَنه كَانَ بَحر عُلُوم وسابق ميدان منثور ومنظموم بنه على سلفه وَمن نثره لَو قرنت أيده الله بذوي التأميل لَهُ لفضلت أَو وزنت بذوي الْمحبَّة فِيهِ لرجحت وَقد بعثت أعزه الله بِمَا يجمل فقرى قدرته وضراعتي إِلَى علاهُ فِي الْأَمر بقبوله تَشْرِيفًا وتنويهاً من مُنَازعَة الْكَرِيمَة لإعلاء شأني وترفيع مَكَاني وَقَوله وَلما ترادفت على تَكُ الأمواج وأغرقني ذَلِك الْبَحْر العجاج أَظْفرنِي بسفينة الدُّعَاء فوصلت إِلَيْهَا ونجوت عَلَيْهَا الحديث: 179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 180 - النَّحْوِيّ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن سيد اللص أثنى عَلَيْهِ ابْن الإِمَام وَذكر أَنه كَانَ من انشد عبد الْمُؤمن بِحَبل الْفَتْح عِنْد جَوَازه الْبَحْر إِلَى الأندلس وَأنْشد لَهُ ... اللَّيْل إِن هجرت كالليل إِن وصلت ... اشكو من الطول مَا اشكوا من الْقصر ... وَقَوله ... كلني إِلَى أدمع تسح ... تكْتب شرح الْهوى وتمحو أفدي الَّتِي لَو بَغت فَسَادًا ... مَا كَانَ بَين الْأَنَام صلح صاحية والجفوف سكرى ... من أسكرته فَلَيْسَ يصحو جَار عَلَيْك الْأَنَام ظلما ... سموك ليلى وَأَنت صبح ... وَقَوله من قصدة فِي مدح أبي بكر بن مزدلى ... نداك الْغَيْث إِن مَحل توالى ... وَأَنت اللَّيْث إِن شهدُوا القتالا غصبت اللَّيْث شدَّة ساعديه ... نعم وسلبت عَيْنَيْهِ الغزالا ... وَمِنْهَا ... مَا أفنى السُّؤَال لكم نوالا ... وَلَكِن جودكم أفنى السؤالا نوال طبق الْآفَاق حَتَّى ... جرى مثلا بهَا وَغدا مِثَالا ... 4 الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 181 - النَّحْوِيّ أَبُو بكر مُحَمَّد بن طَلْحَة الإشبيلي وَكَانَ مصدر للإقراء بإشبيلية اجْتمع وَالِدي وَأَخْبرنِي أَنه كَانَ لطيفاً كثير الْحبّ للغلمان والتعزل فيهم وَمن شعره قَوْله ... بدا الْهلَال فَلَمَّا ... بدا نقصت وتما كَأَن جسمي فعل ... وسحر عَيْنَيْهِ لما ... 182 - الأديب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الْأَبَّار الْخَولَانِيّ ذكر ابْن بسام أَنه مِمَّن صنف وأبدع وَكَانَ فِي زمن المعتضد بن عباد وَأنْشد لَهُ فِيهِ ... ملك إِذا الهبوات أظلم جنحها ... جعل الحسام إِلَى الْحمام دَلِيلا أَن كَانَت الْأسد الضواري لم تخف ... من بأسه فَلم اتخذن الغيلا أَو كَانَت الْبيض الصوارم لم تهم ... فِي حبه فَلم اكتسين نحولاً ... الحديث: 181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 183 - الأديب أَبُو الْقَاسِم بن الْعَطَّار ذكر صَاحب القلائد أَنه أحد أدباء إشبيلية وَوَصفه بِكَثْرَة الارتياح والفرح والانتهاك فِي حب الغلمان وَبِذَلِك وَصفه الحجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... ركبنَا على اسْم الله نَهرا كَأَنَّهُ ... جمان على عطفيه وشي حباب وَإِلَّا حسام جال فِيهِ فرنده ... لَهُ من مديد الظل أَي قرَاب ... وَقَوله ... لله بهجة منزه ضربت بِهِ ... فَوق الغدير رواقها الأنسام فَمَعَ الْأَصِيل النَّهر درع سابغ ... وَمَعَ الضُّحَى يلتاح فِيهِ حسام ... وَقَوله ... لحاظه أسْهم وحاجبه ... قَوس وإنسان عينه رامى ... وَقَوله فِي أبي حَفْص الْهَوْزَنِي وَقد مَاتَ فِي نهر طلبيرة ... فيا عجبا للبحر غالته نُطْفَة وللأسد الضرغام أرداه أَرقم ... 184 - الأديب أَبُو نصر الْفَتْح بن مُحَمَّد بن عبيد الله الْقَيْسِي من المسهب الدَّهْر من رُوَاة قلائده وَحَملَة وسائطه وفرائده وَجعل الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 ابْن بسام أَكثر تقييداً وعلماً مُفِيدا وَالْفَتْح أقدر على البلاغة وَكَلَامه أَكثر تعلقاً بالأنفس وَذكر أَنه عرف بِابْن خاقَان لاتهامه فِي الْخلْوَة وَأَن ذَلِك وَمَا اشْتهر بِهِ من الْوُقُوع فِي الْأَعْرَاض صده عَن أَن يكون علما من أَعْلَام = كتاب الدولة المرابطية قَالَ وَقد رَمَاه الله بِمَا رمى بِهِ إِمَام عُلَمَاء الاندلس ابْن باجه فَوَجَبَ فِي فندق بمراكش قد ذبحه عبد أسود خلا مَعَه وَتَركه وَمن سمط الجمان أَن التَّكَلُّم فِي شَأْنه وإعمال الْقَلَم فِي وصف تجلفه وخذلانه إخلال بِالْبَيَانِ وإضاعة للزمان فآثرنا فِي أمره الِاخْتِصَار وتمثلنا قَول الْقَائِل كل الثِّمَار وخل الْعود للنار وَأما سَهْمه فِي الْكِتَابَة وَعلمه الْمَرْفُوع فِي ميادين الخطابة فسهم اصابة وَعلم عرابة وَمَا أحسن مَا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... سقى أَرض حمص بالاصيل بالضحى ... سَحَاب كدمعي يستهل ويسجم ومدت بهَا للروض أبراد سندس ... تطرزها كف الْغَمَام وترقم وَحيا الحيا أَرض الغروس وروضها ... بِحَيْثُ التوى فِيهِ من النَّهر أَرقم ... وَمَا ورد وَيرد فِي أثْنَاء كتاب الْمغرب من نثره فِي القلائد عنوان بلاغته 185 - الأديب الْأُسْتَاذ أَبُو الْحسن عَليّ بن جَابر الدباج شيخ جليل الْقدر قدمه أهل إشبيلية للصَّلَاة بهم فِي جَامع الْعَدَبَّس الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 مَشْهُور بِالْفَضْلِ وَهُوَ مَعَ هَذَا فِي نِهَايَة من اللطافة والمداعبة للغلمان والتندير فِي شَأْنهمْ قَرَأت عَلَيْهِ بإشبيلية وَمن شعره قَوْله ... لما تبدت وشمس الْأُفق بادية ... أَبْصرت شمسين من قرب وَمن بعد من عَادَة الشَّمْس تعشي عين ناظرها ... وَهَذِه نورها يشفي من الرمد ... وَقَوله فِي المجبنات ... أحلى مواقعها إِذا قربتها ... وبخارها فَوق الموائد سامي إِن أحرقت لمساً فَإِن أوارها ... فِي دَاخل الأحشاء برد سَلام ... وَتركته فِي قيد الْحَيَاة 186 - الطَّبِيب الفيلسوف أَبُو الصَّلْت أُميَّة بن أبي الصَّلْت الإشبيلي يُقَال إِن عمره كَانَ سِتِّينَ سنة عشرُون فِي إشبيلية وَعِشْرُونَ فِي المهدية وَعِشْرُونَ فِي مصر مَحْبُوسًا فِي خزانَة الْكتب وَمن الخريدة كَانَ وَاحِد زَمَانه وَأفضل أَوَانه متبحراً فِي الْعلم منشئاً للمنثور والمنظوم وَله الباع الطَّوِيل فِي الْأُصُول والتصانيف الْحَسَنَة مِنْهَا كتاب الحديقة على أسلوب كتاب الْيَتِيمَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة فِي الْمحرم وَأحسن مَا وقفت عَلَيْهِ فِي ديوانه قَوْله الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 .. لَا غرو أَن سبقت يداك مدائحي ... وتدفقت جدواك ملْء إنائها يكسي الْقَضِيب وَلم يحن إثماره ... وتطوق الورقاء قبل غنائها ... وَقَوله ... تخذوا القنا أشطانهم واستنبطوا ... فِي كل قلب للطعان قلبيا ... وَمِنْهَا ... تُعْطى الَّذِي اعطكته سمر القنا ... أبدا فتغدو سالباً مسلوبا ... وَكَانَ قد خرج من إشبيلية فصحب بالمهدية مُلُوكهَا الصنهاجيين وَتوجه فِي رِسَالَة إِلَى مصر فسجن فِي الْقَاهِرَة فِي خزانَة البنود وَكَانَ فِيهَا خَزَائِن من أَصْنَاف الْكتب فَأَقَامَ بهَا نَحْو عشْرين سنة فَخرج مِنْهَا وَقد برع فِي عُلُوم كَثِيرَة من حَدِيثَة وقديمة وصنف = كتاب الحديقة على منزع كتاب الْيَتِيمَة فِي فضلاء عصره وصنف الرسَالَة المصرية وصنف فِي الطِّبّ والتنجيم والألحان وَعنهُ أَخذ أهل إفريقية الألحان الَّتِي هِيَ الْآن بِأَيْدِيهِم وَعَاد إِلَى المهدية فجل قدره وَعظم عِنْد مُلُوكهَا ذكره وأعقب هُنَالك عقباً نابهاً وَقد تقدّمت أبياته فِي بركَة الْحَبَش والأهرام وَوجدت فِي ديوانه مَنْسُوبا لَهُ ... أشهر الصَّوْم مَا مثل ... ك عِنْد الله من شهر على انك قد حرمت ... فِينَا لَذَّة الْخمر وقرع الكاس بالكاس ... ورشف الثغر للثغر واني وَالَّذِي شرف ... فاوقاتك بِالذكر لمسرور بِأَن تفنى ... على أَنَّك من عمري ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 187 - الأديب الْهَيْثَم بن أَحْمد بن أبي غَالب بن الْهَيْثَم حَافظ إشبيلية لم ألق بهَا أحفظ مِنْهُ وَكَانَ وَالِدي يتعجب مِنْهُ وَمن أعجب عجائبه أَنه كَانَ يملي على شخص شعرًا وعَلى ثَان موشحة وعَلى ثَالِث زجلاً وكل ذَلِك ارتجال دون توقف وتنبه ذكره فِي مُدَّة مَأْمُون بني بعد المومن وَكتب لَهُ مُدَّة وَقد نَشأ بَينه وَبَين فلاح من أهل الشّرف مَا ذكره ... تعرض لي بالبدو أهوج طائش ... أَتَى مسرعاً نحوي تأبط لي شرا وذكرى عجوزي وَهِي تبْكي تأسفاً ... عَليّ بكا الخنساء ذَكرنِي صخرا فبادرت من حيني صفاة كقلبه ... فَإِن يفْتَتح باعاً فتحت بهَا شبْرًا فأقسم لَوْلَا أَن نحوت لَهُ بهَا ... لقد كَانَ لي زيدا وَكنت لَهُ عمرا ... وَقَوله وَقد نظر إِلَى بَاب غَنِي معموراً وبابه إِلَى جَانِبه خَالِيا ... يجفى الْفَقِير ويغشى النَّاس قاطبة ... بَاب الْغَنِيّ كَذَا حكم الْمَقَادِير وَإِنَّمَا النَّاس أَمْثَال الْفراش فهم ... بِحَيْثُ تبدو مصابيح الدَّنَانِير ... 188 - الطَّبِيب الوشاح أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن عتبَة اجْتمعت بِهِ فِي إشبيلية وَكَانَ طَبِيبا أديباً وشاحاً مطبوعاً ثمَّ سَافر إِلَى إفريقية ثمَّ إِلَى مصر فَمَاتَ فِي مارستان الْقَاهِرَة قبل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة الحديث: 187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وَمن شعره قَوْله وَقد شرب مَعَ ندمائه تَحت قصب فَارسي ... انْظُر إِلَى الْقصب الَّذِي تهفو بِهِ ... ريح الصِّبَا وتميله نَحْو الكئوس أَو مَا كَفاهُ شربه من طله ... أَولا فَلم جعلت ذوائبه تنوس أسهمه من أكوابنا وَلَو أَنه ... سَكرَان يطفح حق مَا لثم الرُّءُوس ... وَمن = كتاب مصابيح الظلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 189 - مُحَمَّد بن ديسم الإشبيلي ذكر الحجاري أَنه من شعراء الدولة المعتضدية وَأنْشد لَهُ مَا أنْشدهُ أَبُو عَامر فِي حديقة الارتياح ... تجافيت عَن شربي لَهَا لَا لعفة ... وَلم يَك إقصائي لَهَا عَن تحرج وَإِن أك قد عرجت عَن حق حبها ... فَمَا أَنا عَن تفضيلها بمعرج ... 190 - أَحْمد بن مُحَمَّد الإشبيلي ذكر الحجاري أَنه من شعراء الدولة المعتضدية وَأنْشد لَهُ صَاحب = كتاب فصل الرّبيع ... أما ترى النرجس الغض الزكي بدا ... كَأَنَّهُ عاشق شابت ذوائبه أَو الْمُحب بَكَى لما أضرّ بِهِ ... طول السقام فعادته حبائبه ... الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 وَقَوله ... رب نيلوفر غَدا مخجل الر ... ني إِلَيْهِ نفاسة وغرابه كمليك للزنج فِي قبَّة بِي ... ضاء يَبْدُو الدجر فيغلق بَابه ... 191 - أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن خيرة بن الصّباغ ذكر الحجاري أَنه من الشُّعَرَاء المعتضديين وَأنْشد لَهُ ابْن بسام مَا أنْشدهُ أَبُو عَامر فِي حديقة الارتياح ... يَوْم كَأَن سحابه ... لبست غمامي المصامت حجبت بِهِ شمس الضُّحَى ... بمثال أَجْنِحَة الفواخت فالغيث يبكي فقدها ... الْبَرْق يضْحك مثل شامت والرعد يخْطب مفصحاً ... والجو كالمحزون سَاكِت وَالرَّوْض يسْقِيه الحيا ... والنور ينظر مثل باهت ... 192 - أَبُو بكر عبد الله بن حجاج الاشبيلي وَذكر الحجاري أَنه شَاعِر بعيد الصَّوْت مَعْدُود فِي شعراء المعتضد وَكَانَ قد هجر وَطنه وانتبذ إِلَى صَاحب الجزيرة الخضراء مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن حمود ومدحه عِنْدَمَا وَفد عَلَيْهِ بقصيدة مِنْهَا الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 .. أَلا أَيهَا الْوَادي الَّذِي رف ظله ... وفاحت خزاماه وغرد طَائِره أَتَذكر أيامي بدوحك والحمى ... يباكرنا مِنْهُ بجزعك زَائِره وَقد رق نسج العتب بيني وَبَينه ... وَمَا زَاد منا الْحبّ عفت سرائره ... فَقَالَ لَهُ وزيره اسْأَل ابْن الْخَلِيفَة هَل أَنْت من بني حجاج أَصْحَاب السِّيرَة بإشبيلية فَقَالَ لَو كنت مِنْهُم طلبت بِالسَّيْفِ وَلم أطلب بالشعر فَقَالَ ابْن حمود لافُضَّ فُوه يَا شدّ مَا امتعض لأعيان بَلَده 193 - أَبُو الْقَاسِم بن مرزقان مولى الْمُعْتَمد بن عباد ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَنه قتل يَوْم دُخُول الملثمين إشبيلية على الْمُعْتَمد وَأنْشد لَهُ قَوْله فِي شمعة على صفة مَدِينَة أهديت للمعتمد ... مَدِينَة فِي شمعة صورت ... قَامَت حماها فَوق أسوارها وَمَا رَأينَا قبلهَا رَوْضَة تتقد النَّار بنوارها تصير اللَّيْل نَهَارا إِذا ... مَا أَقبلت تضحك فِي نارها كَأَنَّهَا بعض الأيادي الَّتِي ... تَحت الدجى تسري بأنوارها من ملك مُعْتَمد أَصبَحت ... بِلَاده أوطان زوارها ... 194 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن حجاج الغافقي الإشبيلي من نبهاء الشُّعَرَاء فِي صدر الدولة المصمودية أنْشد لَهُ صَفْوَان فِي زَاد الْمُسَافِر الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 .. من مبلغ مُوسَى الْمليح رِسَالَة ... بعثت لَهُ من كافري عشاقه مَا كَانَ خلق رَاغِبًا عَن دينه ... لَو لم تكن توراته من سَاقه ... وَقَوله ... ومحرم من شعره وَحده ... يَا ليته من ثَوْبه أحرما حَتَّى أرَاهُ مثل مَا يَنْبَغِي ... وَمن لمثلي أَن يرى مثل مَا 195 - عبيد الله بن جَعْفَر الإشبيلي كَانَ وشاحاً مطبوعاً ظريفاً لطيفاً وَكَانَ يكثر من زِيَارَة صديق لَهُ وَذَلِكَ الصّديق لَا يزوره فَكتب مرّة على بَابه ... يَا من يزار على بعد الْمحل وَلَا ... يزورنا مرّة مَا بَين مَرَّات زر من يزورك وَاحْذَرْ قَول عاتبة ... تَقول عَنْك فَتى يُؤْتى وَلَا ياتي ... 196 - أَبُو الْحسن عَليّ بن جحدر كَانَ زجالاً مطبوعاً صحب وَالِدي مُدَّة ولقيته أَنا بإشبيلية وَله من الشّعْر مَا عنوانه وَقَوله ... كَيفَ أَصبَحت أيهذا الحبيب ... نَحن مرضى الْهوى وَأَنت الطَّبِيب لَا تزيد الزَّمَان إِلَّا نفاراً ... ويحها يَا عَليّ مِنْك الْقُلُوب ... الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 197 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الصَّابُونِي الإشبيلي اجْتمعت بِهِ فِي إشبيلية وَالنَّاس يجعلونه شاعرها الْمشَار إِلَيْهِ وَكَانَ قد تقدم عِنْد مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن ثمَّ رأى أَن يقْصد سُلْطَان إفريقية فَلَقِيَهُ فِي مليانة ومدحه بقصيدته الَّتِي أَولهَا ... الله جَارك فِي حل مرتحل ... يَا معلياً مِلَّة الْإِسْلَام فِي الْملَل ... ثمَّ رَحل إِلَى مصر فَلم يجد فِيهَا من قدره وعاجلته بهَا منيته فَمَاتَ بالإسكندرية قبل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَمِمَّا أنشدنيه من شعره قَوْله وَقد بعث إِلَى مَحْبُوب بِمِرْآة ... بعثت بِمِرْآة إِلَيْك بديعة ... فَأطلع بسامي أفقها قمر السعد لتنظر فِيهَا حسن وَجهك منصفاً ... وتعذرني فِيمَا أقاسي من الوجد مثالك فِيهَا مِنْك أقرب ملمساً ... وَأكْثر إحساناً وَأبقى على الْعَهْد ... وَقَوله ... أقبل فِي حلَّة موردة ... كالبدر فِي حلَّة من الشَّفق تحسبه كلما أراق دَمًا ... يمسح فِي ثَوْبه ظبا الحدق ... الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وَمن نصاراها ويهودها 198 - ابْن المرعزي النَّصْرَانِي الإشبيلي من المسهب أَنه من نَصَارَى إشبيلية ظهر فِي دولة الْمُعْتَمد بن عباد وَكَانَ من مداحه وَله الأبيات الْمَشْهُورَة فِي كلبة الصَّيْد وَهِي قَوْله ... لم أر ملهى لذِي اقتناص ... ومقنع الكاسب الْحَرِيص كَمثل خطلاء ذَات جيد ... اغيد تبرية الْقَمِيص كالقوص فِي شكلها وَلَكِن ... تنفذ كالسهم للقنيص إِن تخذت أنفها دَلِيلا ... دلّ على الكامن العويص أَو أرسلوها وَرَاء برق ... لم يجد الْبَرْق من محيص ... 199 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن سهل الإسرائيلي قَرَأت مَعَه فِي إشبيلية على أبي الْحسن الدباج وَغَيره وَكَانَ من عجائب الزَّمَان فِي ذكائه على صغر سنه يحفظ الأبيات الْكَثِيرَة من سمعة وَبَلغنِي الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 أَنه الْآن شَاعِر خليفتهم بمراكش وعنوان طبقته قَوْله فِي ابْن هود يصف راياته السود ... أَعْلَامه السود إِعْلَام بسؤدده ... كَأَنَّهَا فَوق خد الْملك خيلان ... وَقَوله فِي غُلَام أصفر اللَّوْن التحى فَذَهَبت بهجته وَقصد هجاءه ... كَانَ محياك لَهُ بهجة ... حَتَّى إِذا جَاءَك ماحي الْجمال أَصبَحت كالشمعة لما خبا ... فِيهَا الضياء اسود مِنْهَا الذبال ... الْحلَّة 200 - عبد الْملك بن زهر هُوَ صَاحب التَّيْسِير فِي الطِّبّ والأغذية الْمَشْهُورَة أَبوهُ أَبُو الْعَلَاء الْمُتَقَدّم التَّرْجَمَة وَابْنه أَبُو بكر الوشاح وَقد تقدّمت تَرْجَمته 201 - الْأُسْتَاذ النَّحْوِيّ هُذَيْل كَانَ لطيفاً كثير النَّوَادِر أَخْبرنِي عَنهُ تِلْمِيذه الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس النيار بإشبيلية قَالَ الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 جَاءَهُ يَوْمًا للْقِرَاءَة صبي متخلف فَكَانَ أول مَا قَرَأَ عَلَيْهِ بَيت كثير ... حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت ... فَقَالَ مُصحفا لَهُ جئْتُك عرة فَقَالَ الشَّيْخ وَأكْثر بِاللَّه يَا وَلَدي تروح وَلَو قريت سنة فأضحك الْحَاضِرين وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ بربري جعد الشّعْر قَبِيح الْوَجْه فَوقف يَوْمًا على قل إِن كَانَ للرحمن ولد فَأَنا فَقَالَ لأي شَيْء بِاللَّه لحسن وَجهك وَطيب شعرك الْأَهْدَاب أحسن موشحات ابْن زهر موشحته الَّتِي أَولهَا ... مد الخليج ورف الشّجر ... لقد تعانقا منظر ومختبر ... وَقد تقدّمت فِي المتنزهات وموشحته الَّتِي أَولهَا ... مَا للموله ... من سكره لَا يفِيق ... يَا لَهُ سَكرَان ... وَقد تقدّمت فِي المتنزهات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وموشحته ... أَيهَا الساقي إِلَيْك المشتكى ... كم دعوناك وَإِن لم تسمع ونديم هَمت فِي غرته وسقاني الراح من رَاحَته كلما اسْتَيْقَظَ من سكرته جذب الزق إِلَيْهِ واتكى ... وسقاني أَرْبعا فِي أَربع غُصْن بَان مَال من حَيْثُ اسْتَوَى بَات من يهواه من خوف النَّوَى خافق الأحشاء مضعوف القوى كلما فكر فِي الْبَين بَكَى ... ياله يبكي لما لم يَقع أَيهَا المعرض عَمَّا أصف تعرف الذَّنب وَلَا تعترف كبد حرى ودمع يكف مثل حَالي حَقه أَن يشتكي ... كمد الْيَأْس وذل الطمع مَا لعَيْنِي شقيت بِالنّظرِ أنْكرت بعْدك ضوء الْقَمَر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 .. فَإِذا مَا شِئْت فاسمع خبري عشيت عَيْنَايَ من طول البكا ... وَبكى بَعْضِي على بَعْضِي معي قد براني فِي هَوَاك الكمد يَا لقومي عذلوا واجتهدوا أَنْكَرُوا شكواي مِمَّا أجد قد نما حبك عِنْدِي وزكا ... لَا يظنّ الْحبّ أَنِّي مدعي ... وموشحته ... يَا صَاحِبي نِدَاء مغتبط بِصَاحِب لله مَا أَلْقَاهُ من فقد الحبائب قلب أحَاط بِهِ الْهوى من كل جَانب أَي قلب هائم ... لَا يستفيق من اللواح أنحى على رشدي وأعدمني صلاحي ثغر ثنى الْأَبْصَار عَن نور الأقاح يسْقِي بمختلطين من مسك وَرَاح كالحباب العائم ... فِي صفحة المَاء القراح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 .. من لي بِهِ بدر تجلى فِي الظلام علقت من وجناته بدر التَّمام وعلقت من أعطافه لدن القوام كالقضيب الناعم ... لم يسْتَطع حمل الوشاح يَا من أعانقه بأحناء الضلوع وأقيمه بَدَلا من الْقلب الصديع أَنا للغرام وَأَنت لِلْحسنِ البديع وَكَلَام اللائم ... شَيْء يمر مَعَ الرِّيَاح حَملتنِي فِي الْحبّ مَا لَا يُسْتَطَاع وجدا يراع بِذكرِهِ من لَا يراع ولأنت أجور من لَهُ أَمر مُطَاع وَمَعَ أَنَّك ظَالِم ... أت هـ مناى واقتراحي ... وموشحته ... جنت مقل الغزلان ... جنايا الشُّمُول على عَالم الْإِنْسَان ... جيلاً بعد جيل أهيم بِمن يطغيه ... على الْجمال أداريه أسترضيه ... فيأبى الدَّلال لقد عذلوني فِيهِ ... وَقَالُوا وَقَالُوا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 .. على حِين قد ألهاني ... عَن قَالَ وَقيل ليل الصد والهجران ... وَيَوْم الرحيل إِلَى كم أداري اللوام ... مثنى وفرادى وتالله أُخْرَى الْأَيَّام ... لَا أعْطى قيادا لهفي صرت بَين الأقوام ... حَدِيثا معادا وَقد قعدت أشجاني ... بِكُل سَبِيل وَلَا عهد بالسلوان ... وَلَا يَنْبَغِي لي هُوَ الْحسن لَا أخْتَار ... مَطْلُوبا عَلَيْهِ وَجه تشرق الْأَنْوَار ... على صفحتيه وتستبق الْأَبْصَار ... إِلَيْهِ إِلَيْهِ وَقد كغصن البان ... فِي حقف مهيل فَذَاك الَّذِي يلحاني ... عَلَيْهِ عذولي يَا بن النَّاصِر الْمَنْصُور ... يَا بن الْمجد أجمع أَنْت الْأَمْن للمذعور ... مِمَّا يتَوَقَّع فكم جذل مسرور ... يَقُول وَيسمع أَبُو حَفْص هـ سلطاني ... الله يحرزو لي هُـ آمني هُـ أغناني ... هُـ بلغن سولي ... وموشحته ... لأتبعن الْهوى ... إِلَى أقاصيه حَتَّى يَقُول فريق ... رقت حَوَاشِيه ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 .. مَا عيل مصطبري ... لولاك يَا يحيى أَمُوت بِالنّظرِ ... وَتارَة أَحْيَا مَا شِئْت من خبر ... يَا بدع فِي الأشيا صب يقاسي النَّوَى ... فِيمَا يقاسيه يفِيض وَادي العقيق ... على مآقيه من لي بِوَجْه جمع ... محَاسِن الصُّور يُغني إِذا مَا طلع ... عَن مطلع الْقَمَر ومبسم لم يدع ... صبرا لمصطبر مثل الأقاح اسْتَوَى ... فَبَاتَ يسْقِيه ريق كَأَن الرَّحِيق ... مشعشع فِيهِ دمعي جرى فَنَطَقَ ... عَن بعض مَا أجد ومسعدي فِي الأرق ... وَالنَّاس قد رقدوا نجم ضَعِيف الرمق ... حيران مُنْفَرد يلوح ضعف القوى ... على توانيه مثل التمَاس الغريق ... مَا لَيْسَ ينجيه وَجه كَمثل الْهلَال ... يَبْدُو على غُصْن رصعته بالجمال ... وتحفة الْحسن فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ ... قُولُوا لَهُ عني لس نرتضي لَو سوى ... وصفي وتشبيهي يُرِيد نَكُون لُ صديق ... يصبر على تيهي ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وموشحته الَّتِي مِنْهَا ... عِبْرَة تسيل ... وَدم على الْأَثر قد صبرت حَتَّى ... لات حِين مصطبري لَا أُطِيق كتما ... ضقت بالأسى ذرعا زائر ألما ... يلبس الدجى درعا حجبوه لما ... صَار صُورَة بدعا وَكَذَا الأفول ... من عوائد الْقَمَر قَلما تأتى أمل ... بِلَا كدر ... وموشحته ... صادني وَلم يدر مَا صادا شادن سبى اللَّيْث فانقادا واستخف بالبدر أَو كادا يَا لَهُ لقد ضم بالبدر أزراره ... وبالحقف زناره لَو أجَاز حكمي عَلَيْهِ لاقترحت تَقْبِيل نَعْلَيْه لَا أَقُول ألثم خديه أَنا من يعظم وَالله مِقْدَاره ... وَيلْزم إكباره يَا سناك حَسبك أَو حسبي قد قضيت فِي حبكم نحبي واحتبست نَفسِي فِي الْحبّ إِنَّهَا نفس لَدَى الْحبّ محتاره ... وبالسوء أماره ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 .. عرض الْفُؤَاد لأشجانه وَمضى على حكم سُلْطَانه فانبريت فِي بعض أوطانه تَارَة أقبل آثاره ... وأندبه نارة أَيهَا المدل بأجفانه كم وفيت والغدر من شانه وَأَصَح من طول هجرانه وعلش حبيب قطعت الزياره ... وعينيك سحاره ... وموشحته ... حَيّ الْوُجُوه الملاحا ... وَحي نجل الْعُيُون هَل فِي الْهوى من جنَاح أَو فِي نديم وَرَاح رام النصيح صلاحي وَكَيف أَرْجُو صلاحا ... بَين الْهوى والمجون أبكى الْعُيُون البواكي تذكار أُخْت السماك حَتَّى حمام الْأَرَاك بَكَى شجوني وناحا ... على فروع الغصون ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 .. ألْقى إِلَيْهَا زمامه صب يُدَارِي غرامه وَلَا يُطيق اكتتامه غَدا بشوق وراحا مَا بَين شَتَّى الظنون يَا غَائِبا لَا يغيب أَنْت الْبعيد الْقَرِيب كم تشتكيك الْقُلُوب أثخنتهن جراحا ... فاترك سِهَام الجفون يَا راحلاً لم يودع رحلت بالأندلس أجمع وَالْفَجْر يُعْطي وَيمْنَع مرت عَيْنَاك الملاحا ... سحرًا فَمَا ودعوني ... وموشحته الَّتِي مِنْهَا ... نبه الصُّبْح رقدة النَّائِم ... فانتبه للصبوح وأدر قهوة لَهَا شان ... ذَات عرف يفوح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 موشحة لِابْنِ حنون الَّذِي تقمدمت تَرْجَمته ... أَبى أَن يجود بِالسَّلَامِ ... فَكيف يجود بالوصال من كَانَت تَحِيَّة الْوَدَاع ... مِنْهُ قبْلَة عِنْد الزَّوَال عناء المتيم الْمَعْنى أثاب إِلَيْهِ أَو تجنى يروقك منْظرًا وحسناً كالغصن النَّضِير فِي القوام ... كالبدر الْمُنِير فِي الْكَمَال يروعك وَهُوَ ذُو ارتياع ... كالليث الهصور كالغزال تذكر عهدي الملول وَقد أخذت مِنْهُ الشُّمُول فجاد بزورة بخيل أَتَى حِين عب فِي المدام ... كالغصن هفت بِهِ الشمَال يمشي بَين ميل واضطلاع ... فَمِنْهُ انثنا واعتدل مُحَمَّد عَبدك الْمُنِيب يَدْعُوك وَأَنت لَا تجيب لقد شقيت مِنْك الْقُلُوب بسهل الْهوى صَعب المرام ... هِيَ الشَّمْس نيلها محَال تلقى الْعُيُون بالشعاع ... فيمنعها من أَن تنَال ألم يَأن أَن يلين قَلْبك ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 .. فيلتذ بالكرى محبك فَلَو أَنه ينَام صبك وتعتنقان فِي الْمَنَام ... لأقنع ذَلِك الخيال من بَات بِذَاكَ الِاجْتِمَاع ... على ثِقَة من الليال تفوق سهم كل حِين بِمَا شِئْت من يَد وَعين وتنشد فِي القضيتين خلقت مليح علمت رام ... فلس نخله ساعه عَن قتال وتعمل بِذِي الْعَينَيْنِ مَتَاع ... مَا تعْمل أَرْبَاب النبال ... موشحة لِابْنِ عتبَة ... الرَّوْض فِي حلل خضر عروس وَاللَّيْل قد أشرقت فِيهِ الكئوس وَلَيْسَ إِلَّا حمياها شموس تجلى بكفي غُلَام ... كالغصن لدن القوام رِيقه سلسبيل ... يشفي لهيب أوامى يَا حبذا يَوْمنَا يَوْم الخليج والموج تركض أَطْرَاف المروج أحبب بِهِ وبمرآه البهيج يفتر ثغر الكمام ... عَن باكيات الْغَمَام والغصون تميل سكرا ... بِغَيْر مدام فَقُمْ نباكرها للاصطباح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 .. والشهب تنثر من خيط الصَّباح والقضب ترقص فِي أَيدي الرِّيَاح على غناء الْحمام ... والكاس ذَات ابتسام والظلام قَتِيل ... وَالصُّبْح دامي الحسام ... وَقد وَقع لَهُ تأليف هَذَا الْمَعْنى وقوعاً عجيباً كَمَا وَقع لِابْنِ الْفرس الغرناطي قَوْله ... نفض مسك الختام ... عَن عسجدي المدام ورداء الْأَصِيل ... تطويه كف الظلام ... وَكِلَاهُمَا كَانَ يزهى بالمعنيين موشحة لِابْنِ عِيسَى الإشبيلي ... عرف الرَّوْض فاح وَالطير قد غنى ... وَالصُّبْح أضا فباكر الدنا خُذْهَا كالرجا فِي عقب الياس إِذا صبها الإبريق فِي الكاس مشعشعة تضيء للنَّاس كالنجم ألاح فِي أفقه وَهنا ... هوى فَمضى أَن يخطف الجنا أَلا بِأبي نورية الْبرد بلبتها لآلئ العقد تَطوف بهَا مليحة الْقد تخال الصَّباح فِي وَجهه عَنَّا ... وَإِن أعرضا حسبته غصنا غزال كَأَن الْبَدْر يحكيه أذوب حذاراً من تجنيه ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 .. فَمن لي بِهِ حَتَّى أدانيه قَلِيل السماح وَيكثر المنا ... وَقد ارتضى فِي الْحبّ أَن أفنى تلفت بِهِ فِي الهجر إِذْ جدا وَلم ألف من صَبر لَهُ بدا وَلَو شَاءَ من كنت لَهُ عبدا كثير المزاح يقتلني ظنا فَهَلا قضى ... عَليّ إِذْ ضنا أجر هوى فِي الْحبّ أذيالي وَمَا إِن دنا وَالْمَوْت أدنى لي ولكنما أشدو لعذالي سُلْطَان الملاح يَا قد رَضِي عَنَّا ... وَلَوْلَا الرِّضَا ولش كن يكون منا ... أَعْلَام الزجالين من إشبيلية 202 - أَبُو عَمْرو بن الزَّاهِر ذكره ابْن الدّباغ فِي كِتَابَة ملح الزجالين وَأثْنى عَلَيْهِ وَأورد من ملحه قَوْله الحديث: 202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 .. إش عَلَيْك أت يَابْنَ يقلق دعن نشرب دعن نعشق حَتَّى نمشي سَكرَان أَحمَق فِي دراعي مقبض خماس ... وَفِي صَدْرِي قيس المجون ... وَقَوله ... إِذا وصفت جمال ذَاك الخد قلت الْحسن على كاس ينشد وَإِن مدحت شعرك الْأسود فالمتنبي ينشد لكافور ... وَقَوله ... يَا من هُـ مجد والسها جَاوَزت حد الانتها وَقد عطيت من النها أوفى نصيب ... 203 - أَبُو بكر الْحصار ذكره الدّباغ وَأنْشد من ملحه قَوْله ... حن نلتقيه يحتشم وينصبغ كل دم كم من مليح وَكم تتمنى ذَاك الخجل ... عَن خضاب ... الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وَقَوله فِي الْمَدْح وَالظفر ... لقدل فالحلاب نَهَار وَلَا نجا إِلَّا الْفِرَار حَتَّى استحت فِيهَا الشفار من الْجراح ... وَله الزجل الْمَشْهُور الَّذِي مِنْهُ ... الَّذِي نعشق مليح ... وَالَّذِي نشرب عَتيق الْمليح أَبيض سمين ... وَالشرَاب أصفر رَقِيق لَا شراب إِلَّا قديم ... لَا مليح إِلَّا وُصُول إِذْ نقُول روحك نُرِيد ... لس يُخَالف مَا نقُول والزيارة كل يَوْم ... لَا ملول وَلَا بخيل من زِيَارَة بعد ... قد رَجَعَ بِحل صديق ... 204 - أَبُو عبد الله بن خَاطب ذكره الدّباغ وَأنْشد لَهُ من ملحه قَوْله ... إِن كَانَ تُسَافِر انتا يزِيد مَالك لصحرا تمْضِي خفف أحمالك فَمن جمالك تكون أجمالك وَمن وقارك تكون أوقارك ... الحديث: 204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وَقَوله ... حظاه أَن يَقُول مَعَ ذَا الصغار فِي طلب الدُّنْيَا والافتخار مَشى على الدُّنْيَا وحالها فجات تخضع لُ وجالها ... 205 - أَبُو بكر بن صارم الإشبيلي لَهُ الزجل الْمَشْهُور ... حَقًا نحب الْعقار فالدير طول النَّهَار نرتهن خلع أَنا لس قداً عَن فلَان نشرب بشقف الْقدح كف مَا كَانَ للدير مر وتراني عيان قد التويت فالغبار وماع كانون بِنَار فالدكان ومذهبي فالشراب الْقَدِيم وسكرا من هـ المنى النَّعيم وَلَيْسَ لي صَاحب وَلَا لي نديم فقدت أَعْيَان كبار واخلطن مَعَ ذَا الْعيار الزَّمن لَا تستمع من يَقُول كَانَ وَكَانَ وَانْظُر حقيق الْخَبَر والعيان بِحَال خيالي رَجَعَ ذَا الزَّمَان مَا يوريك ديار غيبها واخرج جوَار الْيمن ... الحديث: 205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وشاعت زندقته فَطلب أَن يقتل فهرب إِلَى الشّرف واختفى فِي بَيت فَوَقع النَّار فِيهِ فَاحْتَرَقَ الحكايات قد تقدم فِي نهر إشبيلية ومتنزهها من النَّوَادِر المضحكات مَا فِيهِ كِفَايَة وَهُوَ ميدان لهوهم ومضحكاتهم وتنديرهم قَالَ الحجاري فِي كتاب السمهب أهل إشبيلية أَكثر الْعَالم طنزاً وتهكماً قد طبعوا على ذَلِك وَكَانَ الْمُعْتَمد ابْن عباد كثيرا مَا يتستر ويشاركهم فِي وَادِيهمْ وَفِي مظان مجتمعاتهم ويمازجهم ويصقل صدأ خاطره يما يصدر عَنْهُم وَمر الْمُعْتَمد لَيْلَة بِبَاب شيخ مِنْهُم لوزيره ابْن عمار تَعَالَى نضرب على هَذَا الشَّيْخ السَّاقِط الْبَاب حَتَّى نضحك مَعَه فضربا عَلَيْهِ بَابه فَقَالَ من هُوَ فَقَالَ ابْن عباد إِنْسَان يرغب أَن تقد لَهُ هَذِه الفتيلة فَقَالَ وَالله لَو ضرب ابْن عباد بَابي فِي هَذَا الْوَقْت مَا فَتحته قَالَ فَإِنِّي ابْن عباد قَالَ مصفوح ألف صفعة فَضَحِك ابْن عباد حَتَّى سقط إِلَى الأَرْض وَقَالَ لوزيره امْضِ بِنَا قبل أَن يتَعَدَّى القَوْل إِلَى الْفِعْل فَهَذَا شيخ رَكِيك وَلما كَانَ من غَد تِلْكَ اللَّيْلَة وَجه لَهُ ألف دِرْهَم وَقَالَ لموصلها يَقُول لَهُ هَذَا حق الْألف صفحة مَتَاع البارحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من = كتاب النسرينة فِي حلى قَرْيَة مقرنية قَرْيَة فِي نطاق حَضْرَة إشبيلية مِنْهَا 206 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الكساد كَانَ فِي إشبيلية فِي مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ يهوى مُوسَى بن عبد الصَّمد مليح إشبيلية فِي ذَلِك الأوان وَلما مَاتَ قَالَ فِيهِ ... هتف الناعي بشجو الْأَبَد ... إِذْ نعى مُوسَى بن عبد الصَّمد مَا عَلَيْهِم ويحهم لَو دفنُوا ... فِي فُؤَادِي قِطْعَة من كَبِدِي ... وَقَالَ فِيهِ أَيْضا ... رد إِلَى الْجنَّة حوريها ... وارتفع الْحسن من الأَرْض وَأصْبح العشاق فِي مأتم ... بَعضهم يبكي على بعض ... وَله أزجال كَثِيرَة وَبهَا اشْتهر الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث وَمن = الَّتِي الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا الكورة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب ورق الْعَريش فِي حلى قَرْيَة منيش من قوى إشبيلية مِنْهَا على مَا ذكره الحجاري 207 - أَبُو الْقَاسِم بن أبي طَالب الْحَضْرَمِيّ المنيشي الْمَعْرُوف بعصا الْأَعْمَى لقب بعصا الْأَعْمَى لِأَنَّهُ كَانَ يَقُود الْأَعْمَى التطيلي وَقَالَ فِي وَصفه ابْن الإِمَام أحد الْأَفْرَاد وَرَأس الجهابذة النقاد وَأنْشد لَهُ قَوْله ... صاغت يَمِين الرِّيَاح محكمَة ... فِي نهر وَاضح الاسارير ... الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 0 - ... وَكلما ضاعفت بِهِ حلقا ... قَامَ لَهَا الْقطر بالمسامير ... وَقَوله ... وخشفية الالحاظ والجيد والحشا ... وَلَكِن لَهَا فضل الفيول على الخشف تثنى على مثل الْعَنَان إِذا انثنى ... وَقد عقدوها للفهوق على النّصْف وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الجهول تقسمت ... فبعض الى العصن وَبَعض الى حقف سَمِعت فِي سَبِيل الهتك والفتك بَيْننَا إشارات لحظ تخلط النكر بِالْعرْفِ فَمَا شِئْت من عض الحلى ورضه ... وَمَا شِئْت من صك الخلاخل والشنف ... وَقَوله ... وعجزاء لفاء وفْق الْهوى ... تحيرت فِيهَا وَفِي أمرهَا غلامية لَيْسَ فِي جسمها ... مَكَان رَقِيق سوى خضرها إِذا أَقبلت أَو إِذا أَدْبَرت ... فَفِي فرها الْمَوْت أَو اكرها وَلما خلونا ورق الْكَلَام ... دفعت بكفي فِي صدرها وَمن لَا أُسَمِّيهِ مثل الْقَنَاة ... قد أَلْقَت ذِرَاعا على عشرهَا وصارفتها الْعين هَذَا بِذَاكَ ... وَقد شدت السُّوق من أزرها وَمَا زَالَت أجمع ضربا وطعناً ... على زيدها وعَلى عمرها فأعطيتها الْمَحْض من فضتي ... وأعطتني الْمَحْض من تبرها ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من كتب الكورة الإشبيلية وَهُوَ كتاب وشي المحابر فِي حلى قلعة جَابر على قرب من إشبيلية وَكَثِيرًا مَا يتفرج فِيهَا أعيانها لحسنها فِي المروج والمياه وَكَثْرَة الطير مِنْهَا 208 - عَامر بن خدوش القلعي أنشدت لَهُ ... أَلا يَا سقِِي الرَّحْمَن قلعة جَابر ... فكم لي فِيهَا من لَيَال زواهر محلى الَّذِي لَا زلت أشدو بِذكرِهِ ... إِذا مَا شدا مُغْرِي بهند وساحر فَللَّه مِنْهَا كل غُصْن وطائر ... وَالله فِيهَا كل خد وناظر ضمنت لَهَا أَن لَا تزَال مدامعي ... على فقدها مثل الْحساب المواطر ... الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا الكورة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب العذار المطل فِي حلى جَزِيرَة قبطل جَزِيرَة كَبِيرَة مَشْهُورَة فِي نهر إشبيلية وَالْمَاء عِنْدهَا غير عذب لقرب الْبَحْر الْمُحِيط مِنْهَا وخيلها تجلب إِلَيْهَا من إشبيلية وَهِي خصبة مِنْهَا 209 - الحسيب أَبُو عَمْرو بن حكم القبطلي حَسَنَة بني حكم أَعْيَان قبطل أَخْبرنِي وَالِدي أَنه طلع إِلَى حَضْرَة مراكش فِي هَذِه الْمدَّة الْأَخِيرَة وأمل أحد وُجُوه الدولة فطال عَلَيْهِ وعده وَظهر لَهُ أَن يرجع إِلَى بَلَده خائباً فَكتب لَهُ ... حاشا لمن أَملكُم أَن يخيب ... وينثني نَحْو العدا مستريب هَذَا وَكم أَقْرَأَنِي بشركم ... نصر من الله وَفتح قريب ... الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سدينا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا كورة إشبيلية وَهُوَ كتاب الحانة فِي مَدِينَة طريانة هد مَدِينَة ممتدة على شاطئ النَّهر الْأَعْظَم فِي مُقَابلَة النّصْف من حَضْرَة إشبيلية وَهِي مسورة من جِهَة الصَّحرَاء وفيهَا الحمامات والأسواق الضخمة وَقد بنيت على تَاج مطل على النَّهر ومناظرها الَّتِي من جِهَة النَّهر سنّ فِيهَا الْمُعْتَمد بن عباد أَن تبيض بالكلس لِئَلَّا تنبو الْعين عَنْهَا وَمن لَا ينْهض إِلَى ذَلِك فيبنى من جِهَة الصَّحرَاء وَلَا يتْرك يبْنى من جِهَة النَّهر فَجَاءَت بديعة فتانة المنظر اكثر شراجبيها منقوشة مذهبَة تخطف الْأَبْصَار وَيكون فِيهَا من أَصْنَاف الطَّرب فِي اللَّيَالِي القمرية مَا هُوَ مَشْهُور فِي الْبِلَاد وفيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 210 - الشَّيْخ النَّحْوِيّ الأديب أَبُو عمرَان مُوسَى الطرياني سكن قصر عبد الْكَرِيم من بر العدوة وَهنا لَك قَرَأت عَلَيْهِ وَوجدت فِيهِ من اللطافة والظرف كَمَا لم أزل أحدث بِهِ وأنشدني من شعره قَوْله فِي الْمَدِينَة الَّتِي يعملها أهل الْمغرب من الْعَجِين بأصناف الألوان فِي النوروز الْمَعْرُوف عِنْدهم بينير ... مَدِينَة مصوره ... تحار فِيهَا السحره لم تنبها إِلَّا يدا ... عذراء أَو مخدره بَدَت عروساً تحبتلي ... من درمك مزعفرة وَمَالهَا مفاتح ... إِلَّا البنان الْعشْرَة ... وَقَوله ... شَكَوْت لَهَا الغرام عَسى رِضَاهَا ... يرني بعد شقوتي النجاحا فَقَالَت لي إِذا مَا اللَّيْل أرْخى ... ستائره فسل عني البطاحا فيممت البطاح وَلَا دَلِيل ... سوى عرف تضمنه الرياحا فَقَالَت نم فَقلت أمثل طرفِي ... ينَام وَقد رأى ذَاك السماحا فَقَالَت بل تناوم إِن وَجْهي ... إِذا استيقظت يذكرك الصباحا فتمسى طول ليلك فِي عَذَاب ... تراع وَمَا صباح الروع لاحا ... وَتركته فِي قيد الْحَيَاة الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا الكورة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب الحبابة فِي حلى قَرْيَة الغابة من الْقرى الَّتِي على نهر اشبيلية مِنْهَا 211 - مُحَمَّد بن سلمَان بن ربيع الخولا ني فِي الغابي أنْشد لَهُ صَاحب الحدائق ... أمثل شوقي إِلَيْك ينفرج ... وَهل بروحي فِي الْجِسْم يمتزج أَيْن لقلبي من الْهوى فرج ... ولوعة الشوق فِيهِ تعتلج وابابي من يذيب نَفسِي بالتكر ... ريه مِنْهُ الدَّلال والغنج علم طرفِي السهاد من طرفه الس ... احر ذَاك الفتور والدعج ... الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سدينا مُحَمَّد نبيه اله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب الكورة الإشبيلية وَهُوَ كتاب وشاح الْمصر فِي حلى حصن الْقصر من الْحُصُون الْمَذْكُورَة الْمَشْهُورَة الَّتِي فِي الشّرف وَكَانَ ابْن عباد كثيرا مَا يتفرج فِي وَادي الطلح بجهته وَهُوَ نهر مليح فِي نِهَايَة الْحسن وينسب إِلَيْهِ 212 - ابْن حبيب القصري الفيلسوف برع فِي الْعلم الْقَدِيم واشتهر الْبَدْر فِي اللَّيْل البهيم فلاحظته الْأَعْين وخاضت فِيهِ الألسن وصادف اشتهاره إِظْهَار مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن طلب الزَّنَادِقَة وتطهير الأَرْض مِنْهُم فَكَانَ فِيمَن ضرب عُنُقه وصلبه وَله شعر أنشدت مِنْهُ قَوْله الحديث: 212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 .. جلت فِي علم ترفع ... ت بِهِ عَن ذِي البريه وترقيت إِلَى أَن ... صَحَّ لي الذَّات الْعلية ثمَّ انا نجوع المو ... ت جَمِيعًا بالسويه فَأَبِنْ لي الْعدْل يَا جا ... هَل فِي هذي القضيه ... وَقَوله ... هَنِيئًا خلعة الْملك الَّذِي قد ... رآك لَهَا من العظماء أَهلا حباك بهَا من النعمى سحابا ... وَمن جاه يمد عَلَيْك ظلا ... وَله موشحات مِنْهَا موشحة أَولهَا ... اشرب على ضفة الغدير ... وبهجة الرَّوْض فِي الْمَطَر وَانْظُر إِلَى الْكَوْكَب الْمُنِير ... يسْعَى بكاس لَهَا شرر لَا تشرب الكاس دون سَاق ... تسبيك من وَجهه فتن مهفهف الْخضر ذُو نطاق ... يجول مِنْهُ بِكُل فن وقف على اللثم والعناق ... يصلح فِي مَذْهَب الْحسن يَهْتَز فِي قده النَّضِير ... على كثيب يسبي الْبَصَر يَا قوم هَل فِيهِ من مجير ... فَلَيْسَ لي عَنهُ مصطبر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الكورة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب النورة فِي حلى حصن لورة من حصون نهر إشبيلية ينْسب إِلَيْهِ 213 - عبد الْغفار بن مليح اللوري إِن كَانَ ضَعِيف الشّعْر فقد صدر لَهُ قَوْله ... بتنا وَبرد اللَّيْل ينسجه الدجى ... لَكِن تمزقه الكؤؤس اللمع وَالنّهر مثل الصب يشكو بعده ... عَن روضه وتراه فِيهِ يطبع وَإِذا أَتَاهُ الْمَدّ رَاجع وَصله ... رغما فَتَلقاهُ الغضون فيركع ... الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ كتاب الحركات المجونية فِي حلى الكورة القرمونية كورة مَشْهُورَة بِكَثْرَة المحرث وطيبه والحالي مِنْهَا مَدِينَة قرمونة وَهِي مَدِينَة من جِهَة ضخامة الْأَسْوَاق والحمامات وَمَعْقِل عَظِيم من جِهَة الاتفاع والمنعة لَا ترام بِقِتَال وَهِي من حصون الْإِسْلَام الْمَشْهُورَة وَقد كَانَ امْتنع فِيهَا يحيى بن عَليّ بن حمود الفاطمي وَجعل يُقَاتل ابْن عباد فِي إشبيلية حَتَّى ضَاقَ ابْن عباد بِهِ وَلم يكن لَهُ فِيهِ حِيلَة لمنعة معقله إِلَى أَن خرج لَيْلَة وَهُوَ سَكرَان بخيل ضربت من إشبيلية على قرمونة فَوَقع فِي أَيْديهم فَقَتَلُوهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 السلك 214 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الْجَعْد القرموني لحق دَوْلَتِي الملثمين والمصامدة وَكَانَ فَقِيها ورحل إِلَى الْمشرق شعره قَوْله ... خَلِّنِي والغصون مهما تثنت ... فلقلبي هُنَاكَ أَمر عَجِيب أتراها تكون أطرب مني ... حِين يشدو بهَا الْحمام الطروب لَا تلمني على انتهاكي فِي الح ... ب إِذا قيل قد جفاك الحبيب انا وَالله لَا أُطِيق اصطباراً ... وَإِذا مَا صبرت إِنِّي كذوب ... وَقَوله ... إياك من زلل اللِّسَان فَإِنَّمَا ... قدر الْفَتى فِي لَفظه المسموع فالمرء يختبر الْإِنَاء بنقره ... ليرى الصَّحِيح بِهِ من المصدوع ... 215 - البلارج القرموني من لَقيته بقرمونة وأنشدني أشعاراً ضَعِيفَة تعلق مِنْهَا بخاطري قَوْله ... لنا معقل سامي الذرى قَارب السما ... إِذا رامه من رامه لَيْسَ يظفر وأعيانه زهر كرام أعزة ... وسل عَنْهُم فالذكر بالجود يخبر ... وَمن زجل ... حبيب إيك تغيب عَن عَيْني فَإِن بعْدك يُولد حيني أَهْوى دنوك وتهوى بيني يَا رب إش حَظّ بَين العشاق ... الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب الدرة المخزونة فِي حلى كورة شذونة من أجل كور إشبيلية محرثاً وشجرة ومياهاً وضياعاً وماشية وَهِي إِلَى جَانب الْبَحْر الْمُحِيط وكتابها يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة كتب كتاب التعريش فِي حلى مَدِينَة شريش كتاب انعطاف السكرانية فِي حلى قَرْيَة شرانة = كتاب ابتسام العابس فِي حلى جَزِيرَة قادس كتاب عقلة العجلان فِي حلى معقل خولان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَنبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا كتاب كورة شذوية وَهُوَ كتاب التعريش فِي حلى مَدِينَة شريش وَهِي حَالَة لَهَا بِسَاط وسلك وعصابة الْبسَاط من مدن الأندلس المليحة ظَاهرا وَبَاطنا دَخَلتهَا وتفرجت فِيهَا كثيرا وَهِي فِي نِهَايَة من الْعِمَارَة وَكَثْرَة الأرزاق وَلها رُؤَسَاء أَغْنِيَاء لَهُم نعم وَاسِعَة وَمن متفرجاتها الجانة وَهِي على النَّهر بهجة المنظر فِيهَا يَقُول أَبُو عَمْرو ابْن غياث ... باكر الجانة مَعَ روح الْجنان ... واصطبح فِيهَا على نقر المثان حبذاها من عروس تجتلي ... فِي برود لم يحكمن البنان رقمتها الشَّمْس فِي رأد الضُّحَى ... وَكَأن الطل أسلاك الجمان ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 .. جنَّة زيدت لأمر ألفا ... وسلوني إِنَّنِي رب المعان هِيَ فأل للَّذي قد عودت ... معشر العشاق من إلْف الحسان ... ومرج السندسية ونهر لَك وَهُوَ نهر مستحسن عَلَيْهِ بساتين ومناظر ملاح وَكَأَنَّهُ مُخْتَصر نهر إشبيلية الْعِصَابَة ولاتها تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من إشبيلية وَقد ثار فِيهَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن حمود الفاطمي فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وخطب لنَفسِهِ بالخلافة واتسعت رقعته فَملك الجزيرة الخضراء وَأَخذهَا المعتضد بن عباد من ابْن أبي قُرَّة السلك من = كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت 216 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن فتح الْمَشْهُور بِابْن لبال من بني أُميَّة من مطرب ابْن دحْيَة هُوَ عين ذَلِك الْمصر وفارسه فِي الْفِقْه وَالنّظم والنثر ولي الفضاء بِهِ فحمدت فِي ذَات الله مآثره وآثاره وسارت فِي الْعدْل أخباره وَمن شعره قَوْله فِي الجلمين الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 .. ومعتنقين مَا اتهما بعشق ... وان صفا بِضَم واعتناق لعمر أَبِيك مَا اجْتمعَا لأمر ... سوى سعى القطيعة والفراق ... وَقَوله فِي محبرة عناب محلاة بِفِضَّة ... منعلة بالهلال ملجمة ... بالنسر مجدولة من الشَّفق كَأَنَّمَا جمرها تميع فِي ... قرصتها سَائِلًا من الغسق فَأَنت مهما ترد شبيهتها ... فِي كل حَال فَانْظُر إِلَى الْأُفق ... وَله امدح وَتَشَوُّقِ فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 217 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن أبي مُحَمَّد كَانَ فِي مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وبيته مَشْهُور إِلَى الْآن وَمن شعره قَوْله ... على حسن نور الباقلاء ادرهما ... على الصب كاسي خمرة وجفون يذكرنِي بلق الْحمام وَتارَة ... يذكر للأشجان شهل عُيُون ... وَمن = كتاب مصابيح الظلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 218 - أَحْمد بن شكيل من شعراء شريش فِي مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 أَنْشدني لَهُ وَالِدي قَوْله ... وَقَالُوا أتهواه على قلح بِهِ ... فَقلت هناني دون غَيْرِي مورد مَتى أَبْصرت عَيْنَاك فِي المَاء عرمضاً ... إِذا كَانَ فِي كل الْأَحَايِين يُورد ... وَقَوله ... تفاحة بت بهَا لَيْلَتي ... أبثها سرى والشكوى أضمها معتنقاً لاثماً ... إِذْ ذكرت سرة من أَهْوى ... 219 - أَبُو عَمْرو بن غياث شَاعِر مَشْهُور من شعراء الْمِائَة السَّابِعَة اجْتمع بِهِ وَالِدي فِي سبتة وَغَيرهَا وَمن مَشْهُور شعره ومستحسنه قَوْله ... صبوت وَهل عَار على الْحر إِن صبا ... وَقيد بِعشر الْأَرْبَعين إِلَى الصِّبَا يرى أَن حب الْحسن فِي الله قربَة ... لمن شَاءَ بِالْأَعْمَالِ أَن يتقربا وَقَالُوا مشيب قلت وَاعجَبا لكم ... أينكر صبح قد تخَلّل غيهبا وَلَيْسَ بشيب مَا ترَوْنَ وَإِنَّمَا ... كميت الصِّبَا مِمَّا جرى عَاد أشهبا ... وَقَوله ... كَأَنَّك لم تبصر كميت الدجى ... يُدْرِكهُ من صبحه أَشهب ... الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 الْأَهْدَاب وصف الْحَضْرَمِيّ أهل شريش بالنذالة المفرطة وفيهَا يَقُول ابْن رِفَاعَة السَّاكِن بهَا فِي عصرنا ... شريش مَا هِيَ إِلَّا ... تَصْحِيف شَرّ يبين فارحل فديتك عَنْهَا ... إِن كنت مِمَّن تدين فقلما سَاد فِيهَا ... حر وَلَا من يعين ... من موشحة لَا بن غياث ... طَال عَنْكُم مغيبي ... فَلم تراعوا ودادي ذَاك شَأْن الْغَرِيب ... ينسى بطول البعاد لم يكن باختياري ... لَكِن بِحكم الْقَضَاء رحلتي عَن دياري ... فصرت فِي الغرباء إِن سلوت نهاري ... أطلت ليلِي بُكَائِي لَيْسَ لي من مُجيب ... فِي اللَّيْل حِين أنادي غير دمع سكيب ... ولاعج فِي ازدياد ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يحتوي عَلَيْهَا = كتاب الكورة الشذونية وَهُوَ = كتاب انعطاف السكرانة فِي حلى قَرْيَة شرانة من قرى مَدِينَة شريش وَهِي حَالية بترجمة الْوَزير الْكَاتِب 220 - أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز ذكر ذَلِك الحجاري وَأورد مَا فِي الذَّخِيرَة من أَن بني عبد الْعَزِيز يعْرفُونَ ببني المرخى ونسبهم فِي لخم وهم حَملَة فضل ونبتة نبل وَذكر انه الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 كَاتب الْعَصْر وَكَانَ أَبوهُ يكْتب لِلْمَأْمُونِ بن الْمُعْتَمد بن عباد ملك قرطبة وَنَشَأ أَبُو بكر فِي حجر تِلْكَ الدولة وَكَانَ بقرطبة سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَبَينهمَا مُخَاطبَة من رِسَالَة ابْن المرخي فِي جَوَاب ابْن بسام وقفت أعزّك الله من كتابك الْكَرِيم المهدى من الْبر العميم مَا أيسره يثقل الظّهْر ويستنفد الشُّكْر ويستعبد الْحر ورأيتك رَأَيْت أملك تخْطب مودتي مَا لَيْسَ بكفء لخطبتك وَلَا بِإِزَاءِ رتبتك لكنه فضل ملكت زمامه وَأعْطيت مقوده وخطامه وَمن السمط إِنَّه بَحر البلاغة إِذا طم ومسك الفصاحة إِذا نم وَبدر الْكِتَابَة إِذا تمّ وَمِمَّا أورد من نظمه قَوْله فِي مُخَاطبَة ابْن خفاجة ... اماطل فِيك الشوق وَهُوَ غَرِيم ... وأطلب فيض الدمع وَهُوَ كريم وَلَو أَنه مَاء لبرد غلتي ... وَلَكِن دمع العاشقين حميم ... وَمِنْه ... وَمن يحمد الإصباح فِي عقب السرى ... فَإِن صباحي بالمشيب ذميم ... وَمن نثره مَا الْعين بكراها وَلَا النُّفُوس ببشراها وَلَا الْغَرِيب بوطنه وَلَا اللبيب بِإِصَابَة فطنه بآنس مَتى بِكِتَاب عمادي الْأَعْلَى وَقد ورد فأهدى مبرة لم يبعد بأمثالها عهدي وجدد مَسَرَّة لَا أَزَال أعمل فِي شكرها جهدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من كتب الكورة الشذونية وَهُوَ = كتاب ابتسام العابس فِي حلى جَزِيرَة قادس جَزِيرَة منقعة فِي الْبَحْر الْمُحِيط وَفِي بحرها من جِهَة الْبر آثَار قنطرة كَانَ يدْخل عَلَيْهَا المَاء الحلو من الْبر فِي مُدَّة النَّصَارَى وفيهَا كرمات وبساتين وَقد صبحها النَّصَارَى من الشمَال فأحرقوها 221 - على بن احْمَد الكتاني القادسي لَقيته بالقدس على زِيّ الْفُقَرَاء وَقد صدر من الْحَج وأنشدني لنَفسِهِ ... ذَاك العذار المطل ... دمى عَلَيْهِ يطلّ كَأَنَّمَا الخد مَاء ... وَقد جرى فِيهِ ظلّ عُقُود صبري عَلَيْهِ ... مذ حل فِيهِ تحل جرت دموعي عَلَيْهِ ... فَقلت آس وطل ... الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب الكورة الشذونية وَهُوَ = كتاب غَفلَة العجلان فِي حلى قلعة خولان قلعة منيعة كالمائدة مُنْقَطِعَة وَلها كروم وبساتين ونهر صَغِير وَأَهْلهَا لَهُم رجلة وَشدَّة ودعارة مفرطة ولعبهم فِي أَكثر الْأَوْقَات فِي ظَاهر بلدهم بِالرِّمَاحِ وَالسُّيُوف 222 - أَبُو عمرَان بن سَالم القلعي فَاضل ذُو بَيت مَشْهُور هُنَالك أخرج أهل القلعة بَيته بأسره لما ثَارُوا على المصامدة لَان نسبهبم فِي هسكورة وَمن شعره قَوْله الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 .. أقسم لَا جَفتْ لَهُ دمعة ... مَا غبت عَنهُ وجفا ربعه أظلمت الْآفَاق من بعْدهَا ... كَأَنَّمَا كَانَت لَهُ شمعه ... وَقَوله ... طلعت عَليّ وَالْأَحْوَال سود ... كَمَا طلع الصَّباح على الظلام فَقل لي كَيفَ لَا أوليك شكري ... وإخلاص التَّحِيَّة وَالسَّلَام ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب فَجْأَة السرُور فِي حلى كورة مورور ذكر الرَّازِيّ أَنَّهَا اشْتَمَلت على فَوَائِد كَثِيرَة وَمِنْهَا 223 - أُميَّة بن غَالب الموروري ذكر الحجاري أَنه من شعراء الْمَنْصُور بن أبي عَامر وَأَن صَاحب الجذوة أنْشد لَهُ ... أعدُّوا غَدا ليَكُون الْفِرَاق ... وَلم يعلمُوا ذَا هوى بانطلاق فنم الرُّغَاء بإعدادهم ... وَجمع الركاب دَلِيل افْتِرَاق أَسرُّوا نوى الْبَين فِي ليلهم ... فأظهره الصُّبْح قبل انفلاق وَيَوْم الْفِرَاق على قبحه ... يذكرنَا الشوق حسن التلاق ... الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب نفحة الْورْد فِي حلى قلعة ورد لهَذِهِ القلعة عمل جليل كثير الْخَيْر والجباية والحالي مِنْهُ قَرْيَة مغلية مِنْهَا 224 - أَبُو بكر المغيلي على مَا ذكره الحجاري واختص بِجَعْفَر المصحفي وَأنْشد لَهُ صَاحب الجذوة ... تبين فقد وضح الْمعلم ... وَبَان لَك الْأَمر لَو تفهم هُوَ الدَّهْر لست لَهُ آمنا ... وَلَا أَنْت من صرفه تسلم وَإِن أَخْطَأتك لَهُ أسْهم ... أصابتك بعد لَهُ أسْهم ... الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 .. لياليه تدني إِلَيْك الردى ... دوائب فِي ذَاك مَا تسأم أتفرح بالبرء بعد الضنا ... وَفِي الْبُرْء داؤك لَو تعلم فَأَيْنَ الْمُلُوك وأشياعهم ... ودنياهم أَدْبَرت عَنْهُم فهذي الْقُبُور بهم عمرت ... وَتلك الْقُصُور خلت مِنْهُم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب شِفَاء التعطش فِي حلى كورة أركش كورة كَثِيرَة الأرزاق والحالي مِنْهَا معقل أركش من معاقل الأندلس المنيعة المستورة وَقد ثار فِيهِ ولد الْمُعْتَمد بن عباد فأذاق إشبيلية شرا حَتَّى قتل بِسَهْم السلك من = كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الْكتاب 225 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عبيد بَيته مَشْهُور مُعظم فِي أركش وَأَبُو جَعْفَر من أَعْيَان كتاب مُلُوك الدولة المصمودية وَاجْتمعت بِهِ فِي إشبيلية وَبهَا تركته وَبَلغنِي الْآن أَنه وَفد على تونس فَتقدم عِنْد سلطانها واشتهر فِي شعره قَوْله الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 .. قَالُوا خَلِيلك ملتاث فَقلت لَهُم ... نَفسِي الْفِدَاء لَهُ من كل مَحْذُور يَا لَيْت بِي مَا بِهِ من عِلّة وَله ... أجري وَأَنِّي فِيهَا غير مأجور ... وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 226 - أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن مُحَمَّد الأركشي من حفاظ الْأَدَب طَال عمره وَهُوَ راوية ابْن خفاجة وَبَينه وَبَين ابْن الزقاق مُخَاطبَة بالشعر وَأنْشد لَهُ الشقندي ... لَا تبكين لإخوان تفارقهم ... فإنني قبلك استخبرت إخْوَانِي فَمَا حمدتهم فِي حَال قربهم ... فَكيف فِي حَال إبعاد وهجران ... الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب الدروع المسنونة فِي حلى كورة أشونة من كور إشبيلية فِيمَا بَينهَا وَبَين غرناطة مِنْهَا 227 - غَانِم بن الْوَلِيد بن عمر بن غَانِم الأشوني السَّاكِن بمالقة عَالم جليل مَذْكُور فِي الْمِائَة الْخَامِسَة ذكره صَاحب الذَّخِيرَة والمسهب وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... صير فُؤَادك للمحبوب منزلَة ... سم الْخياط مجَال للمحبين وَلَا تسَامح بغيضاً فِي معاشرة ... فقلما تسع الدُّنْيَا بغيضين ... الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وَقَوله ... وَإِذا الديار تتكرت حالاتها ... فدع الديار وأسرع التحويلا لَيْسَ الْمقَام عَلَيْك حتما وَاجِبا ... فِي بَلْدَة تدع الْعَزِيز ذليلا لَا يرتضى حر بِمَنْزِلَة ذلة ... لَو لم يجد فِي الْخَافِقين مقيلا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يحتوي عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب بغية الظريف فِي حلى جَزِيرَة طريف لَيست بِجَزِيرَة وَإِنَّمَا هِيَ مَدِينَة صَغِيرَة أمامها جَزِيرَة فِي الْبَحْر نزل بهَا طريف مولى بني أُميَّة أول فتح الأندلس فنسبت لَهُ وَأَهْلهَا من كرام النَّاس وَأَحْسَنهمْ إقبالاً على الْغَرِيب 228 - كثير الطريفي شَاعِر أدْركهُ وَالِدي وأنشدني لَهُ ... سَلام على أطلالهم بعد بَينهم ... فَكيف بهَا لَو أَنهم فِي جنابها مَرَرْت بهَا أرتاد مِنْهَا مرورهم ... عَلَيْهَا وأستشفي بلثم ترابها وخاطبتها حِين استقلوا فَلم تبن ... وَلَا سمحت لحظاً برد جوابها ... الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ كتاب الْحلَّة الْحَمْرَاء فِي حلى الجزيرة الخضراء من كتاب الرَّازِيّ مَدِينَة الجزيرة الخضراء نم أرشق المدن وأطيبها وأرفقها بِأَهْلِهَا وأجمعها لخير الْبر وَالْبَحْر وَقرب الْمَنَافِع من كل جِهَة توسطت مدن السواحل وأشرفت بسورها على الْبَحْر وَمرْسَاهَا أحسن المراسي للْجُوَاز وأرضها أَرض زرع وضرع ونتاج قَالَ ابْن سعيد لما رجعت إشبيلية إِلَى ابْن هود ولي على الجزيرة الخضراء وَالِدي فَأَقَمْنَا بهَا مُدَّة فِي عَيْش يجب ذكره والحنين إِلَيْهِ وفيهَا أَقُول ... رعى الله أَيَّامًا إِذا سر غَيرهَا ... فَإِن سروري بعْدهَا متكلف ... وَعند مَا يخرج الانسان منا بَابهَا يجد الْمِيَاه الْجَارِيَة والبساتين النضرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 ونهرا يعرف بوادي الْعَسَل سمي بذلك لحلاوته وَعَلِيهِ مَوضِع سهل عَلَيْهِ حَاجِب مشرف على النَّهر وَالْبَحْر فِي نِهَايَة من الْحسن يعرف بالحاجبية وَمن متنزهاتها النقا ومقابرها حَسَنَة فِي نِهَايَة من الْأَخْذ بالقلوب والفرجة وولاتها تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من إشبيلية السلك من = كتاب أردية الشَّبَاب 229 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن إِدْرِيس الجزيري كَاتب النمصور بن أبي عَامر ثمَّ وَلَده المظفر ذكر صَاحب الذَّخِيرَة والمسهب وَكِلَاهُمَا عظم مَحَله وذكرا أَنه كَانَ يشبه بِمُحَمد بن عبد الْملك الزيات فِي البلاغة والعبقرية وسجنه الْمَنْصُور ثمَّ عَفا عَنهُ وَكتب لَهُ وَقد أتبع الْعَفو بِإِحْسَان ... عجبت من عَفْو أبي عَامر ... لَا بُد أَن تتبعه مِنْهُ كَذَلِك الله إِذا مَا عَفا ... عَن عَبده أدخلهُ الْجنَّة ... فَاسْتحْسن ذَلِك وَصَرفه إِلَى حَاله ثمَّ كتب بعده للمظفر فَلَمَّا قتل الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 صهره ابْن سعيد اتهمه فسجنه فِي برد من طرطوشة ثمَّ قَتله هُنَاكَ وَدخل صاعد الْبَغْدَادِيّ على الْمَنْصُور فِي يَوْم عيد فازدحم على حافة الصهريج فَسقط فِي المَاء فَضَحِك الْمَنْصُور وَأمر بِإِخْرَاجِهِ وخلع عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ هَل حضرك شَيْء فَقَالَ شَيْئَانِ كَانَا فِي الزَّمَان فاستبردوا مَا أَتَى بِهِ فَقَالَ الجزيري هلا قلت ... سروري بغرتك المشرقة ... وديمة راحتك المغدقة ثناني نشوان حَتَّى غرقت ... فِي لجة الْبركَة المطبقة لَئِن ظلّ عَبدك فِيهَا الغريق ... فجودك من قبلهَا اغرفة ... فَقَالَ الْمَنْصُور لله دَرك يَا أَبَا مَرْوَان قسناك بِأَهْل بَغْدَاد ففضلتهم فبمن تقاس بعد وأنهضه يَوْمئِذٍ للشرطة وَشرب لَيْلَة مَعَ الْمَنْصُور فَكَانَ مَا أوجب أَن ارتجل ... أرى بدر السَّمَاء يلوح حينا ... فيبدو ثمَّ يلتحف السحابا وَذَلِكَ أَنه لما تبدى ... وَأبْصر وَجهك استحيا وغابا ... وَله فِي اعتقاله القصيدة الْمَشْهُورَة الطَّوِيلَة الَّتِي يوصى بهَا وَلَده مِنْهَا ... وبضمر الأقلام يبلغ أَهلهَا ... مَا لَيْسَ يبلغ بالجياد الضمر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وَمن = كتاب الْيَاقُوت 230 - أَبُو عمر أَحْمد بن النسره من بيوتات الجزيرة كَانَ لَهُ أَمْوَال طائلة من الورث فأفناها فِي الغبوق والصبوح وَمَا يتبع ذَلِك لَقيته وَهُوَ بسبلة بَيْضَاء وَقد اشْتهر بِمَا ينْطق بِهِ قَوْله ... يعيبون حملي عصى الخصا ... وَمَا زلت مذ كنت حمالها وَلَا بَأْس للمرء فِي لَذَّة ... على أَي جارحة نالها ... وَتركته فِي قيد الْحَيَاة وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 231 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الجزيري برع فِي الْعلم وجال وثار فِي رَأسه أَن يحيى سنة مهْدي الغرب وَزعم أَن أَصْحَابه غيروا أمره وَقَالَ ... فِي أم رَأْسِي سر ... يَبْدُو لكم بعد حِين لأطلبن مرادي ... إِن كَانَ سعدي معيني أَولا فأكتب مِمَّن ... سعى لإِظْهَار ديني ... الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 واشتهر أمره وَعظم فِي النُّفُوس خَبره وَوضعت عَلَيْهِ الْعُيُون فِي جَمِيع بِلَاد بني عبد الْمُؤمن وشاع عِنْد النَّاس أَنه يتَصَوَّر فِي صُورَة قطّ وكلب وَكَانَت الْعَامَّة ترْجم الْكلاب والسنانير بِسَبَب ذَلِك إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ فِي عمل بسطة وَحمل رَأسه إِلَى مراكش 232 - عَبَّاس بن نَاصح الثَّقَفِيّ الجزيري ذكره أَبُو بكر الزبيدِيّ فِي كتاب طَبَقَات الْعلمَاء وَقَالَ إِنَّه كَانَ منجباً فِي الْولادَة قد ولى قَضَاء بَلَده مَعَ شذونة ووليه من بَيته عُلَمَاء شعراء وَمن كتاب الْمفضل الْمذْحِجِي نسابة أهل الجزيرة أَن ناصحاً وَالِد عَبَّاس كَانَ عبدا لمزاحمة بنت مُزَاحم الثَّقَفِيّ الجزيري قَالَ ابْن حَيَّان كَانَ عَالما شَاعِرًا أثيراً عِنْد الْخُلَفَاء المروانيين ووفد مرّة على قرطبة فِي مُدَّة الحكم الربضي فَجَاءَهُ أدباؤها للأخذ عَنهُ فمرت عَلَيْهِم قصيدة ... لعمرك مَا الْبلوى بِعَارٍ وَلَا الْعَدَم ... إِذا الْمَرْء لم يعْدم تقى الله وَالْكَرم ... حَتَّى انْتهى الْقَارئ إِلَى قَوْله ... تجاف عَن الدُّنْيَا فَمَا لمعجز ... وَلَا حَازِم إِلَّا الَّذِي خطّ بالقلم ... فَقَالَ لَهُ يحيى الغزال وَهُوَ حدث أَيهَا الشَّيْخ وَمَا الَّذِي يصنع مفعل مَعَ فَاعل فَقَالَ فَكيف تَقول انت قَالَ الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 تجاف عَن الدُّنْيَا فَلَيْسَ لعاجز فَقَالَ عَبَّاس وَالله لقد طلبَهَا عمك ليَالِي فَمَا وجدهَا وَجعله الرَّازِيّ فَحل شعراء الأندلس وَله مُشَاركَة فِي التعاليم 233 - أَبُو الْحسن عَليّ بن حَفْص الجزيري ذكر الحجاري أَنه لم يلق بالجزيرة الخضراء مثله مُرُوءَة وكرم نفس وتعشقاً لأهل الْأَدَب مَعَ نظم تميل إِلَيْهِ النُّفُوس وتسر بِهِ سرورها بالكئوس وَأنْشد من شعره ... بِأبي الَّذِي صافحته فتوردت ... وجناته وانآد نحوي قده قمر بدا كلف السرى فِي خَدّه ... لما توالى فِي الترحل جهده لَكِن معالم حسنه نمت كَمَا ... قد نم عَن صدإ الحسام فرنده ... وَقَوله ... كم قد بكرت إِلَى الرياض وقضبها ... قد ذَكرتني موقف العشاق يَا حسنها وَالرِّيح تلحف بَعْضهَا ... بَعْضًا كأعناق إِلَى أَعْنَاق والورد خد والأقاحي مبسم ... وَغدا البهار يَنُوب عَن أحداق لم أنفصل عَنْهَا بكأس مدامة ... حَتَّى حملت محَاسِن الْأَخْلَاق ... الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب كورة الجزيرة الخضراء وَهُوَ = كتاب الإبلال فِي حلى قَرْيَة بني بِلَال من الْقرى الْمَشْهُورَة فِي عمل الجزيرة الخضراء مِنْهَا 234 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن بِلَال لَقيته بالجزيرة فَلَقِيت خير من يلقى تأنسيا وَبرا وكرماً مَعَ تصرف فِي الْأَدَب وَمَعْرِفَة بالشعر وَقَول لَهُ وَتركته هُنَالك ثمَّ بَلغنِي أَنه سعى بِهِ إِلَى السُّلْطَان فنفي من الْبَلَد وَفرق بَينه وَبَين الْأَهْل وَالْولد وَمَات طريداً غَرِيبا رَحْمَة الله عَلَيْهِ فقد كَانَ مألفاً ومقصداً لغرباء الْأَدَب وَلَقَد مر لي مَعَ أَيَّام لَا يزَال يتمثلها الضَّمِير فتميد عَلَيْهَا أغصانه ويتذكرها فتشوقه أَكثر مِمَّا تشوقه أوطانه كتبت إِلَيْهِ فِي يَوْم أنس سمح بِهِ الزَّمَان فكمله وَبلغ من ساعده مَا تمناه وأمله ... أَبَا الْعَبَّاس لَو أَبْصرت حَولي ... ندامي بَادرُوا الْعَيْش الهنيا ... الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 .. يبيحون المدام وَلَا انتقاد ... وقارهم ويزدادون غيا وهم مَعَ مَا بدا لَك من عفاف ... يحبونَ الصبية والصبيا ويهوون المثالث والمثاني ... وَشرب الراح صبحاً أَو عشيا على الرَّوْض الَّذِي يهدي لطرف ... وأنف منْظرًا بهجاً وريا وَقد صدح الْحمام وَمَال غُصْن ... وَأمسى النَّهر صبا أريحيا فَلَا تلم السرى على ارتياح ... حكى طَربا بجانبه سريا ويرتاح ارتياحاً بالمثاني ... وَلَا يَنْفَكّ بالنعمى يحيا فبادر نَحْو نَاد مَا خلا من ... نداك فقد عهدتك لَو ذعيا ... فَكَانَ جَوَابه ... أَبيت سوى الْمَعَالِي يَا عليا ... فَمَا تنفك دهرك أريحيا تميل إِذا النسيم سرى كغصن ... وتسرى للمكارم مشرفيا وترتاح ارتياحاً بالمثاني ... وتقتنص الصبية والصبيا وتهوى الرَّوْض قَلّدهُ نداه ... وَألبسهُ مَعَ الْحلَل الحليا وَإِن غنى الْحمام فَلَا اصطبار ... وَإِن خَفق الخليج فنيت حَيا تذكرني الشَّبَاب فلست أَدْرِي ... أصبحاً حِين تذكر أم عشيا فَلَو أدركتني والغصن غض ... لأدركت الَّذِي تهوى لديا وَلم أترك وحقك قدر لحظ ... وَقد ناديتني ذَاك النديا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب كورة الجزيرة الخضراء وَهُوَ = كتاب الْأَهِلّة فِي حلى قسطله من قرى الجزيرة الخضراء مِنْهَا 235 - أَبُو الْوَلِيد يُونُس بن مُحَمَّد القسطلي شَاعِر مَشْهُور رَحل إِلَى الْمشرق وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ فِي الْمِائَة السَّادِسَة وَمن احسن مَا سمعته لَهُ قَوْله ... وَفَوق الدوحة الْغِنَا غَدِير ... تلألأ صفحة وَصفا قرارا إِذا مَا انصب أَزْرَق مستطيلاً ... تَدور فِي الْبحيرَة واستدارا يجرده فَم الأنبوب صَلتا ... حساما ثمَّ يفتله سوارا ... الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي يحتوي عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب الرندة فِي حلى كورة رندة كورة خصيبة كَانَت أَولا من كور قرطبة ثمَّ صَارَت فِي الْأَخير من كور إشبيلية وفيهَا مزارع الْقطن كَثِيرَة وينقسم كتابها على ثَلَاثَة كتب كتاب الْمَعْنى فِي حلى مَدِينَة تاكرنا كتاب الزبدة فِي حلى معقل رنده كتاب رونق الجده فِي حلى حصن أنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الرنده فِي كورة رندة وَهُوَ = كتاب الْمَعْنى فِي حلى مَدِينَة تاكرنا هِيَ كَانَت قَصَبَة هَذِه الكورة ثمَّ خربَتْ وَمِنْهَا من = كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الْكتاب 236 - مُحَمَّد بن سعيد الزجالي من بني يطفت برابر تاكرنا ذكره الحجاري وَأخْبر أَنه كَانَ يلقب بالأصمعي لذكائه وَحفظه وساد بقرطبة وَفَشَا فِيهَا نَسْله وَعظم عقبه وَكَانَ أول من اسْتَكْتَبَهُ عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط وَذكر ابْن حَيَّان أَن سَبَب سعادته أَن عبد الرَّحْمَن عثرت بِهِ دَابَّته وَهُوَ سَائِر فِي بعض الاسفار فَكَانَ يكبو لوجهه فتمثل ... وَمَا لَا ترى مِمَّا يقي الله أَكثر ... وَطلب صدر الْبَيْت فَلم يُوجد إِلَّا فِي حفظ الزجالي فَأَنْشد ... ترى الشَّيْء مِمَّا يَتَّقِي فتهابه ... وَكَانَ يكْتب عَن الْأَمِير وتشاركه فِيهِ وزراؤه على الْعَادة فَأَنف من ذَلِك وَكتب إِلَيْهِ كتابا مِنْهُ إِن وَمن وسم بميسم كِتَابَته أعزه الله الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 وَشرف باسمها لجدير أَن يعتلى عَن كِتَابَة وزرائه ويزدهي بحصانة أسراره فأفرده لكتابته فجرت عَادَة وَحفظ قصيدة من سمعة ثمَّ استوزره مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَله فِي رِسَالَة يشكو بهَا نصرا الْخصي إِلَى عبد الرَّحْمَن قد علم مَا خصني بِهِ دون نظرائي من الْمنزلَة الرفيعة الَّتِي أَصبَحت علما من أجلهَا محسوداً مرمياً بالحدق تسلقني الألسن وتجول فِي الأفكار وعندما اسْتَوَى بناؤها وَقَامَ عمودها وَاسْتَرْخَتْ أطنابها سعى فِي هدمها من لَا أَزَال أوثل شرف ذكره وَأجل رفيع قدره 237 - ابْنه حَامِد سلك مسلكه وارتقى إِلَى الْكِتَابَة عَن سُلْطَان الأندلس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ووزارته وَكَانَ أَهلا لذَلِك لبلاغته وَحسن مَعْرفَته وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن حَيَّان خلا أَنه كَانَ يُوصف بالبخل قَالَ وَقيل لمُؤْمِن بن سعيد الشَّاعِر مَا بالك لَا تسامر الْوَزير حامداً حَسْبَمَا نرَاك تَفْعَلهُ مَعَ الوزراء من أَصْحَابه مَعَ قديم اتصالك بِهِ فَقَالَ ذَاك جَنَازَة غَرِيب لَا يصحبها من صحبها إِلَّا الله ونمت كَلمته إِلَى حَامِد فحقدها وشبعه مومن بعد أَيَّام فِي خُرُوجه من قصر السُّلْطَان إِلَى الدَّار وَهُوَ لَا يُنكر مِنْهُ شَيْئا مِمَّا كَانَ يعرفهُ فَلَمَّا أَرَادَ مُؤمن الِانْصِرَاف قَالَ لَهُ حَامِد أعظم الله أجرك أَبَا مَرْوَان وَكتب خطاك كَمَا يَدعِي لمشيع الْمَوْتَى وَغلط أَمَامه لَيْلَة فِي بعض قِرَاءَته فِي التَّرَاوِيح فَقَالَ مَكَان {وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا} فانكحوهما فَقَالَ حَامِد ... أبدع الْقَارئ معنى ... لم يكن فِي الثقلَيْن أَمر النَّاس جَمِيعًا ... بِنِكَاح الزَّانِيَيْنِ ... الحديث: 237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 238 - أَبُو عَامر التاكرني كَاتب الْمَنْصُور بن أبي عَامر الْأَصْغَر ملك بلنسية ذكر ابْن بسام أَنه كَاتب مجيد وَأَن أَبَاهُ سَاد فِي الدولة العامرية وَمن عنوان مَا أوردهُ من نثره قَوْله من رِسَالَة عَن الْمَنْصُور الْمَذْكُور يُخَاطب مُجَاهدًا العامري وَقد أظلم بَينهمَا الْأُفق إِن أولى النَّاس بالإصطلاح نفوس جبلت على صفو ودادها وأحق الذُّنُوب بالإطراح ذنُوب بنيت على غير اعتقادها وَإِن رَسُولك الْكَرِيم ورد فَلم يتَرَدَّد عِنْدِي إِلَّا ريثما يقْدَح زند الوداد وَلم يبد من إشارتك الرفيعة سوى برق أسرى بِهِ فِي ظلماء القطيعة وَكتب مُجَاهِد إِلَى الْمَنْصُور رقْعَة لم يضمنهَا غير قَول الحطيئة ... دع المكارم لَا ترحل لبغيتها ... واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي ... فأحرجت الْمَنْصُور وأقامته وأقعدته وأحضر أَبَا عَامر فَكتب عَنهُ ... شتمت مواليها عبيد نزار ... شيم العبيد شتيمة الْأَحْرَار ... فسلا الْمَنْصُور عَمَّا كَانَ فِيهِ الحديث: 238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وَمن كتاب = نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 239 - عَبَّاس بن فرناس التاكرني ذكر ابْن حَيَّان أَنه نجم فِي عصر الحكم الربضي وَوَصفه بِأَنَّهُ حَكِيم الأندلس الزَّائِد على جَمَاعَتهمْ بِكَثْرَة الأدوات والفنون وَهُوَ مولى بني أُميَّة وبيته فِي برابر تاكرنا وَكَانَ فيلسوفاً حاذقاً وشاعراً مفلقاً مَعَ علم التنجيم وَهُوَ أول من استنبط بالأندلس صناعَة الزّجاج من الْحِجَارَة وَأول من فك بهَا كتاب الْعرُوض للخليل وَكَانَ صَاحب نيرنجات كثير الاختراع والتوليد وَاسع الْحِيَل حَتَّى نسب إِلَيْهِ السحر وَعمل الكيمياء وَكثر عَلَيْهِ الطعْن فِي دينه واحتال فِي تطيير جثمانه فكسا نَفسه الريش على سرق الْحَرِير فتهيأ لَهُ أَن استطار فِي الجو من نَاحيَة الرصافة واستقل فِي الْهَوَاء فحلق فِيهِ حَتَّى وَقع على مَسَافَة بعيدَة وَقَالَ فِيهِ مُؤمن ... يطم على العنقاء فِي طيرانها ... إِذا مَا كسا جثمانه ريش قشعم ... وَتُوفِّي فِي أعقاب أَيَّام مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فتداول صُحْبَة السلاطين الثَّلَاثَة ومدحهم أَجْمَعِينَ وَعمل المنقانه لمعْرِفَة الْأَوْقَات ورفعها للأمير مُحَمَّد وَنَشَأ بَينه وَبَين مُؤمن بن سعيد مهاجاة فأفحش الِاثْنَان وَمن قَول ابْن فرناس فِيهِ ... ترى الأعراد فِي جُحر مُؤمن ... كآثار قضب فِي رماد مغربل ... الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب الكورة الرندية وَهُوَ = كتاب الزبدة فِي حلى معقل رنده من كتاب القلائد أحد معاقل الأندلس الممتنعة وقواعدها السامية المرتفعة تطرد مِنْهَا على بعد مرتقاها ودنو النَّجْم من ذراها عُيُون لانصبابها دوى كالرعد القاصف والرياح العواصف ثمَّ يتكون وَاد يلتوي بجانبها التواء الشجاع ويزيدها فِي التوعر والامتناع لَا يتَعَذَّر فِيهَا مطلب وَلَا يتسور بهَا عَدو إِلَّا علقه نَاب أَو مخلب وَمن المسهب معقل رنده الَّذِي تعمم بِالْحِسَابِ وتوشح بالأنهار الْعَذَاب وَوصف أَهلهَا بالجفاء وَأَخْبرنِي وَالِدي مُوسَى بن سعيد أَن أَبَا الْفَتْح بن فاخر التّونسِيّ حدث لَهُ بهَا وَحْشَة فَقَالَ ... قبحاً لرندة مِثْلَمَا ... قبحت مطالعة الذُّنُوب بلد عَلَيْهِ وَحْشَة ... مَا إِن يُفَارِقهُ القطوب مَا حلهَا أحد فين ... وي بعد بَين أَن يؤوب لم أتها عِنْد الضُّحَى ... إِلَّا وخيل لي الْغُرُوب أفق أغم وساحة ... تملا الْقُلُوب من الكروب لم يجز لي طرف بهَا ... إِلَّا وعاجله النكوب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 السلك من = كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام 240 - القَاضِي الْكَاتِب أَبُو الْقَاسِم أخيل بن إِدْرِيس الرندي من المسهب لَقيته فَأَلْفَيْته قد برع فِي الْآدَاب وتغلغل فِي محَاسِن الشُّعَرَاء وَالْكتاب قَالَ فمما أعجبني من نثره قَوْله من رِسَالَة قد تَخَيَّلت أَن الْهوى لَا يبلغ إِلَى هَذَا الْحَد كَمَا تَخَيَّلت أَنَّك لَا تَنْتَهِي فِي الْجفَاء إِلَى هَذَا الْإِعْرَاض والصد فَبت أرقب الْكَوَاكِب كَأَنِّي منجم حاسب منشداً لأفق السَّمَاء وَقد تخيل أَنِّي علقت بقمره وقاسيت مِنْهُ أَشد العناء ... لَو بَات عِنْدِي قمري ... مَا بت أرعى قمرك ... وَأنْشد لَهُ قَوْله ... وددت أَن المدام حل ... فأصرف الْهم بالمدام لكنني خَائِف عقَابا ... مُجَانب لَذَّة الملام يَا لَيْتَني قد خلقت من قب ... ل حرموها بِأَلف عَام ... الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وَقَوله ... إِلَى الله أَشْكُو مَا أقاسيه من رشا ... يبين على عمد وَيَدْنُو بِلَا عمد إِذا غَابَ لم يذكر وَإِن كَانَ حَاضرا ... تلون مَا بَين الْمَلَامَة والصد ... وَأَخْبرنِي وَالِدي أَنه جَالس تاشفين أَمِير الملثمين وجالس عبد الْمُؤمن ونفاه عبد الْمُؤمن إِلَى مكناسة ثمَّ عَفا عَنهُ وَهُوَ مِمَّن مدحه بجبل الْفَتْح بقصيدة أَولهَا ... مَا الْفَخر إِلَّا فَخر عبد الْمُؤمن ... وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 241 - إلْيَاس بن صدود الْيَهُودِيّ الطَّبِيب فِي المسهب أَنه كَانَ فِي صدر الْمِائَة السَّادِسَة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... لَا تخدعن فَمَا تكون مَوَدَّة ... مَا بَين مُشْرِكين أمرا وَاحِدًا انْظُر إِلَى القمرين حِين تشاركا ... بسناهما كَانَ التلاقي فَاسِدا ... وَمن = كتاب مصابيح الطلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 242 - حبلاص الشَّاعِر الرندي كَانَ شَاعِرًا برندة لَا يؤبه بِهِ لاختلال عقله وَكَانَ سَاقِط الهمة لَا يتَعَدَّى صلَة الدِّرْهَم وَالدِّرْهَمَيْنِ إِلَى أَن حل برندة أحد رُؤَسَاء الملثمين فمدحه بقصيدة وَقع لَهُ فِيهَا الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 .. وَلَو لم تكن كالبدر نورا ورفعة ... لما كنت عزا بالسحاب ملثما وَمَا ذَاك إِلَّا للنوال عَلامَة ... كَذَا الْقطر مهما لثم الْأُفق أتهما ... فأعجبه هَذَا وَأمر لَهُ بكسوة وَعشرَة دَنَانِير فهرب حبلاص حِين حصل ذَلِك فِي يَده من يَوْمه فَقيل لَهُ بعد ذَلِك لم فَرَرْت بالكسوة وَالذَّهَب وَمَا ذَاك إِلَّا دَلِيل الْخَيْر ومبشر بِمَا بعده فَقَالَ وَالله مَا رَأَيْت قطّ فِي يَدي دِينَارا وَاحِدًا وَمَا حسبت أَن فِي الدُّنْيَا من يُعْطي هَذَا الْعدَد فَلَمَّا حصل فِي يَدي ظَنَنْت أَنه سَكرَان أَو مَجْنُون فبادرت الْهَرَب خوفًا من أَن يَبْدُو لَهُ فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب الكورة الرندية وَهُوَ = كتاب رونق الجده فِي حلى حصن أنده من حصون رنده 243 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عمر الأندي قَرَأَ معي على أبي عَليّ الشلوبيني إِمَام نحاة الْمغرب وشاهدت مِنْهُ ذكاء مفرطاً وَإِن طَال بِهِ الأمد فسيستولي على المدى وَتركته قد رَجَعَ من إشبيلية إِلَى بَلَده وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على طبقته قَوْله ... لَا تذكرن مَا غَابَ عني من ثَنَا ... أطنبت فِيهِ فَلَيْسَ ذَلِك يجهل فَمَتَى حضرت بِمَجْلِس وَجرى بِهِ ... خبري فَإِن الذّكر فِيهِ يجمل ... الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الني يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ = كتاب نيل الْقبْلَة فِي حلى كورة لبله الحالي مِنْهَا قَاعِدَة لبله الْبسَاط من = كتاب الرَّازِيّ جَامِعَة لكل وَجه من الْفَوَائِد محبوة بصنوف الْخيرَات لم يبعد عَنْهَا شَيْء من الْمرَافِق جمعت الْبر وَالْبَحْر وَالزَّرْع والضرع والنحل والنتاج وأجناس الثِّمَار وَكَثْرَة الزَّيْتُون وَالْأَعْنَاب وأرضها يجود فِيهَا العصفر وَيُوجد فِي بحرها القندس وفيهَا عين تنبعث بالشب وَعين تتدفق بالزاج الْعِصَابَة ثار فِيهَا فِي مُدَّة الملثمين البطروجي وقاسى مَعَه ابْن غانية شدَّة عَظِيمَة وَلم يقدر عَلَيْهِ وثار بهَا فِي مُدَّة ابْن هود شُعَيْب وحاصره بهَا فَنزل على الْأمان بعد مُدَّة طَوِيلَة وأغرى عَلَيْهِ من قَتله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 السلك من = كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت بَيت بني الْجد بَيت جليل وهم فهريون سكنوا لبلة وسادوا أَيْضا بإشبيلية 244 - أَبُو الْحسن بن مُحَمَّد بن الْجد نبه ابْن بسام على أَصله وذاته وَأَن معاقرة الدنان غضت مِنْهُ وَقد اسْتَكْتَبَهُ ابْن عمار لما ملك مرسية وَمِمَّا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... فطولك فِي إرعاء سَمعك سَاعَة ... لتسمع مَا شطت بِهِ عَنْك أزمان وراجع وَلَو فِي صفحة المَاء راقماً ... وطالع فيكفيني من الطرس عنوان ... وَوَصفه الحجاري بحب الغلمان الحديث: 244 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 245 - أَبُو الْقَاسِم بن الْجد مُحَمَّد بن عبد الله من الذَّخِيرَة قريع وقتنا ووحيد عصرنا وَأثْنى عَلَيْهِ ذاتاً وأصلاً وَذكر أَن أهل لبلة ولوه خطة الشورى وَكَانَ قد تقلد وزارة الراضي بن الْمُعْتَمد بن عباد وَأورد من نثره ونظمه مَا هُوَ مندمج فِيمَا نورده وَمن = كتاب القلائد راصع ثدي الْمَعَالِي المتواضع العالي آيَة الإعجاز فِي الصُّدُور والأعجاز جمع طبع الْعرَاق وصنعة الْحجاز وأقطع استعارته جَانِبي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَأنْشد من شعره قَوْله ... أما ونسيم الرَّوْض طَابَ بِهِ فجر ... وهب لَهُ من كل زاهرة نشر تحامى لَهُ عَن سره زهر الرِّبَا ... وَلم يدر أَن السِّرّ فِي طيه نشر فَفِي كل سهب من أَحَادِيث طيبه ... تمائم لم يعلق بحاملها وزر لقد فغمتني من ثنائك نفحة ... ينافسني فِي طيب أنفاسها الزهر تضوع مِنْهَا العنبر الْورْد فانثنت ... وَقد أوهمتني أَن منزلهَا الشحر سرى الْكبر فِي نَفسِي بهَا ولربما ... تجانف عَن مسرى ضرائبها الْكبر ... الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 .. وشيب بهَا معنى من الراح مطرباً ... فخيل لي أَن ارتياحي بهَا سكر أَبَا عَامر أنصف أَخَاك فَإِنَّهُ ... وَإِيَّاك فِي مَحْض الْهوى المَاء وَالْخمر أمثلك يَبْغِي فِي سمائي كوكباً ... وَفِي جوك الشَّمْس المنيرة والبدر ويلتمس الْحَصْبَاء فِي ثغب الْحَصَى ... وَمن بحرك الْفَيَّاض يسْتَخْرج الدّرّ ... وَمن نثره مرْحَبًا أَيهَا الْبر الفاتح وَالرَّوْض النافح فَمَا أحسن تولجك وأعطر تأرجك لقد فتحت للمخاطبة بَابا طالما كنت لَهُ هياباً وَرفعت حِجَابا ترك قلبِي وجابا وَمَا زلت أحوم عَلَيْهَا شرعة فَلَا أسيغ مِنْهَا جرعة 246 - أَبُو عَامر أَحْمد بن عبد الله بن الْجد من سمط الجمان بدر تطلع فِي سَمَاء الْجَلالَة وغصن تفرع فِي أرومة الشّرف والأصالة لم يدنس ثوب شبيبته براح وَلَا أنْفق أَيَّام غرارته فِي لَهو وَلَا أفراح وَأنْشد من شعره قَوْله ... لله لَيْلَة مشتاق ظَفرت بهَا ... قطعتها بوصال اللثم والقبل نعمت فِيهَا بأوتار تعللني ... أحلى من الْأَمْن أَو أُمْنِية الْغَزل وأكؤس نتعاطاها على مقة ... حَتَّى الصَّباح فيا للأنس والجذل أحبب إِلَيّ بهَا إِذْ كلهَا سحر ... صممت فِيهَا عَن العذال والعذل ... الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وَقَوله ... ظلمتني بهجرها ثمَّ قَالَت ... أَنْت مني بِكُل هجر حقيق حِين لم تكْتم الْهوى قلت كلا ... إِن عهدي فِي كتم مَا بِي وثيق لَيْسَ إِلَّا قَتْلَى أردْت وَإِلَّا ... كَيفَ يُبْدِي هَوَاك صب شفيق ... 247 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن الْجد جلّ قدره فِي إشبيلية وَكَانَ يعرف بِالْحَافِظِ لكَونه كَانَ أعجوبة فِي سرعَة مَا يحفظه وَبلغ بِهِ الْعلم إِلَى مرتبَة علية بِحَيْثُ أَن كَانَ أَبُو يُوسُف بن عبد الْمُؤمن ينزل لَهُ عَن فرسه إِذا خرج للقائه وَلم يشْتَهر بالشعر وَإِنَّمَا اشْتهر بِحِفْظ الْمَذْهَب الْمَالِكِي والْحَدِيث وَكَانَ بَينه وَبَين بني عَظِيمَة عدواة فَقَالَ فيهم ... وَاعجَبا كَيفَ لَان قلبِي ... من بعد مَا قسوة عظيمه صيرني الْحبّ بعد عَقْلِي ... كأنني من بني عظيمه ... وعقبه فِي إشبيلية إِلَى الْآن فِي نِهَايَة من النباهة الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 248 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عِيَاض اللبلي كَانَ نحوياً أديباً مصدرا للإقراء فِي قرطبة فِي صدر دولة بني عبد الْمُؤمن وَله المقامة الْمَشْهُورَة بالدوحية ترجمت عَن لطافته ومعرفته وانطباعه أَولهَا قَالَ ميزَان الأشواق ومعيار المحبين والعشاق نبت بِي معاهد الأحباب فِي ريعان الشَّبَاب لقينة أذكت نيرانها وَأَلْقَتْ بمسقط الرَّأْس جِرَانهَا فامتطيت اللَّيْل طرفا ومزقت السنان طرفا وَجعلت أَمسَح الأَرْض نجداً ووهداً وأستطعم الآمال صاباً وشهداً كالعنز لَا يسْتَقرّ بمنزل وَلَا وجد عَن رحْلَة بمعزل أصعد من خصور القيعان إِلَى روادف الرعان وأنحدر من متون الهضاب إِلَى بطُون اليباب حَتَّى عجمتني أَنْيَاب النوائب وتقاذفت بِي صُدُور الْمَشَارِق إِلَى أعجاز المغارب وَقد حللت من الاغتراب بَين الذرْوَة وَالْغَارِب وَكنت أكلف بالبلدة الْحَمْرَاء كلف الكمي بالصعدة السمراء وأحن إِلَى جوارها حنين النَّاقة إِلَى حوارها للَّذي اشْتهر من حسنها وطيبها وخصبها واختيالها فِي حلل شربهَا وعصبها فهداني إِلَيْهَا حادي الاغتراب وتطاوحت بِي إِلَيْهَا طوائح الِاضْطِرَاب وَلَا أمل إِلَّا اعتلاق خل ظريف والإصغا إِلَى نبأ طريف وَأنْشد فِيهَا ... عربد بالهجر والعتاب ... نشوان من خمرة الشَّبَاب ... الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 .. طفا على رِيقه حباب ... فاحتجب الْخمر بالحباب أنْكرت إِلَّا سقام طرف ... وَأي سيف بِلَا ذُبَاب إِن أَنا لاحظته توارى ... من دمعة الْعين فِي حجاب أبصرته جدولاً وورقاً ... من دمع عَيْني وانتحابي لم تستبق سلوة وَحب ... إِلَّا وطرف السلو كابي ... وَمن أُخْرَى ... تقاذفت الْأَيَّام بِي وسط لجة ... من الهجر لَا يُبْدِي لَهَا الْوَصْل ساحلا لَعَلَّ الرِّضَا يدني من الْقَمَر السها ... ويجمعنا غُصْنَيْنِ غضا وذابلا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الإشبيلية وَهُوَ كتاب الْحلَّة المعجبة فِي حلى كورة أونبة من الكور البحرية الغربية يَنْقَسِم كتابها إِلَى كتاب الْأَصْوَات المطربة فِي حلى مَدِينَة أونبة كتاب عهد الصُّحْبَة فِي حلى مَدِينَة ولبة كتاب الترقيش فِي حلى جَزِيرَة شلطيش كتاب المقلة الساجية فِي حلى قَرْيَة الزاوية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب الْحلَّة المعجبة فِي حلى كورة أونبة وَهُوَ = كتاب الْأَصْوَات المطربة فِي حلى مَدِينَة أونبة هِيَ حَالية الْبسَاط غرب من مَدِينَة لبلة إِلَى جِهَة الْبَحْر وَهِي قَاعِدَة عَملهَا الْعِصَابَة توارث إمارتها البكريون وَرَئِيسهمْ الْمَشْهُور أَبُو زيد عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْبكْرِيّ وَمِنْه أَخذهَا المعتضد بن عباد وَلحق هُوَ بقرطبة السلك 249 - أَبُو عبيد الله بن صَاحب أونبة أبي زيد عبد الْعَزِيز الْبكْرِيّ من الذَّخِيرَة كَانَ بأفقنا آخر عُلَمَاء الجزيرة بِالزَّمَانِ وأجلهم فِي البراعة الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وَالْإِحْسَان كَأَن الْعَرَب استخلفته على لسانها أَو الْأَيَّام ولته زِمَام حدثانها وَأثْنى على سلفه وَوَصفه بمعاقرة الراح وَأنْشد لَهُ ... خليلي إِنِّي قد طربت إِلَى الكاس ... وتقت إِلَى شم البنفسج والأس فقوما معي نَلْهُو ونستمع الْغِنَا ... ونسرق هَذَا الْيَوْم سرا من النَّاس ... وَمن القلائد عَالم الأوان ومصنفه ومقرط الْبَيَان ومشنفه بتواليف كَأَنَّهَا الخرائد وتصانيف أبهى من القلائد حلى بهَا من الزَّمَان عاطلاً وَأرْسل بهَا غمام الْإِحْسَان هاطلاً ووضعها فِي فنون مُخْتَلفَة وأنواع وأقطعها مَا شَاءَ من إتقان وإبداع وَأما الْأَدَب فَهُوَ كَانَ منتهاه وَمحل سهاه وقطب مَدَاره وفلك تَمَامه وإبداره وَكَانَ كل ملك من مُلُوك الأندلس يتهاداه تهادي الْمقل للكرى والآذان للبشرى وَأنْشد لَهُ فِي خطّ ابْن مقلة ... خطّ ابْن مقلة من أرعاه مقلته ... ودت جوارحه لَو بدلت مقلا ... وَمن رِسَالَة وَله الْمِنَّة فِي ظلام كَانَ أعزه الله صبحة ومستبهم غَدا شَرحه 250 - أَبُو الْحسن حكم بن مُحَمَّد غُلَام أبي عبيد الْبكْرِيّ من الذَّخِيرَة أَبُو الْحسن فِي وقتنا بَحر من بحور الْكَلَام قذف بدر النظام فقلده أَعْنَاق الْأَيَّام أحسن من أطواق الْحمام وَذكر أَنه من شعراء الدولة العبادية وزهد بعْدهَا فِي الشّعْر وَهُوَ مولى البكريين وَأنْشد لَهُ مَا يبين الْغَرَض مِنْهُ فِيمَا اخترته مِنْهُ الحديث: 250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 من = كتاب القلائد ذُو الخاطر الجائش الْبَارِي لنبل المحاسن الرائش الَّذِي اخترع وَولد وقلد الأوان من إحسانه مَا قلد طلع فِي سَمَاء الدولة العبادية نجماً وَصَارَ لمسترق سَمعهَا رجماً وَكَانَ لَهُ فِيهَا مقَام مَحْمُود وتوقد لَا يشوبه خمود ثمَّ استوفى طلقه وَلبس الْعُمر حَتَّى أخلقه فصحب الدولة المرابطية بُرْهَة من الزَّمَان لَا يألو نحرها تَقْلِيد لآلئ وفرائد جمان وَأنْشد من شعره قَوْله ... أرقني بعْدك البعاد ... فناظري كحله سهاد يَا غَائِبا وَهُوَ فِي فُؤَادِي ... إِن كَانَ لي بعده فؤاد الله يدْرِي وَأَنت تَدْرِي ... أَن اعتقادي لَك اعْتِقَاد تذكر والحادثات بله ... لَيْسَ لَهَا ألسن حداد وَنحن فِي مكتب الْمَعَالِي ... يصْبغ أفواهنا المداد يسدل ستر الصِّبَا علينا ... والأمن من تحتنا مهاد لَا نتهدي لما خلقنَا ... نجهل مَا الْكَوْن وَالْفساد تكلؤنا من حفاظ بكر ... لواحظ مَا لَهَا رقاد وهمة ناصت الثريا ... تقود صعباً وَلَا تقاد أذمة بَيْننَا لعمري ... يحفظها السَّيِّد الْجواد حسب العدا مِنْك مَا رَأَوْهُ ... لَا وريت للعدا زناد لم يعلم الصائدون مِنْهُم ... أَنَّك عنقاء لَا تصاد وَأَن فِي راحتيك سَعْدا ... تندق من دونه الصعاد ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي وَهُوَ = كتاب عهد الصُّحْبَة فِي حلى مَدِينَة ولبة من عمل أونبة ينْسب إِلَيْهَا 251 - ذُو الوزارتين أَبُو بكر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بِابْن القصيرة الولبي من الذَّخِيرَة هُوَ فِي وقتنا جُمْهُور البراعة وقدوة أهل الصِّنَاعَة نَشأ فِي دولة المعتضد واعتنى بِهِ أَبُو الْوَلِيد بن زيدون فقدمه عِنْده ثمَّ تقدم عِنْد المعتضد وصيره سفيراً بَينه وَبَين يُوسُف بن تاشفين إِلَى أَن نكب مَعَ الْمُعْتَمد ثمَّ اشْتَمَل عَلَيْهِ أَمِير الملثمين وَمن القلائد غرَّة فِي جبين الْملك ودرة لَا تصلح إِلَّا لذَلِك السلك باهت بِهِ الْأَيَّام وتاهت فِي يَمِينه الأقلام واشتملت عَلَيْهِ الدول اشْتِمَال الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 الكمام على النُّور وانسربت إِلَيْهِ الْأَمَانِي انسراب الْغَمَام إِلَى الْغَوْر فَمن نثره قَوْله وافتني أَطَالَ الله بَقَاءَك أحرف كَأَنَّهَا الوشم فِي الخدود تميس فِي حلل إبداعها وَإنَّك لسابق الحلبة لَا يدْرك غبارك فِي مضمارها وَلَا يُضَاف سرارك إِلَى إبدارها وَمَا أَنْت فِي أهل البلاغة إِلَّا نُكْتَة فلكها ومعجزة تشرف الدول بتملكها وَمَا كَانَ أخلقك بِملك يدنيك وَملك يقتنيك وَلكنهَا الحظوظ لَا تعتمد من تتجمل بِهِ وتتشرف وَلَا تقف إِلَّا على من توقف وَلَو أنفقت بِحَسب الرتب لما ضربت عَلَيْهِ إِلَّا قبابها وَلَا عطفت عَلَيْك إِلَّا أثوابها وَأما مَا عرضته فَلَا أرى إِنْفَاذه قواما وَلَا أرى لَك أَن تتْرك عُيُون رَأْيك نياما وَلَو كَفَفْت عَن هَذَا الْخلق وانصرفت عَن تِلْكَ الطّرق لَكَانَ الْأَلْيَق بك والأذهب مَعَ حسن مذهبك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب كورة أونبة هُوَ = كتاب الترقيش فِي حلى جزير شلطيش جَزِيرَة فِي الْبَحْر الْمُحِيط فِيهَا مَدِينَة صَغِيرَة حَصِينَة مِنْهَا 252 - الْفَقِيه الْكتاب أَبُو بكر مُحَمَّد بن يحيى الشلطيشي الْمَعْرُوف بِابْن الْقَابِلَة من السمط ذُو المنزع اللَّطِيف والتلون الظريف وسالك مهيع ابْن العريف وملبس سوقة الْمعَانِي حلل اللَّفْظ الشريف كَانَ حِين تهدل غصون آدابه وترفل أَيَّام شبابه فِي ذيول أرابه يندى مَجْلِسه بقطر الْأَدَب الغض ويفري الفرى لِسَانه وَعَيناهُ لَا يبرح مغرزها من الأَرْض عنوان مَا أوردهُ من نثره من رِسَالَة كتب بهَا إِلَى يحيى بن غانية أما بعد فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس ليذيقهم بعض الَّذِي عمِلُوا لَعَلَّهُم يرجعُونَ} الحديث: 252 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 إِنَّه قد عَمت الرزايا والمصائب وشملت الْفِتَن الْمَشَارِق والمغارب وَهلك فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ الله الشَّاب والشائب وعادت زاهرات الامصار مومحشة خرائب وعامرات الأقطار مقفرة سباسب بِمَا كسبت أَيدي النَّاس وَلَوْلَا حلم الله وإمهاله ليتوب اليه عبيده وَيرجع عَمَّا يكرههُ إِلَى مَا يُريدهُ لَكَانَ الإبلاس ولرفع من الرَّحْمَة المساس وَمن أُخْرَى الْحَمد لله عَالم السِّرّ والعلن وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد رَسُوله شَارِع الْفَرْض وَالسّنَن وَرَضي الله عَن الصَّحَابَة الَّذين شاهدوا من النُّبُوَّة أعلامها وصاحبوا كَيْفَمَا تقلبت أَيَّامهَا والتزموا من غير أَن يَجدوا فِي أنفسهم حرجاً أَحْكَامهَا وَعَن التَّابِعين وتابعيهم الْمُحْسِنِينَ الَّذين نالوا من الْولَايَة حَالهَا ومقامها وإيجادها فنَاء وَبَقَاء وإعدامها وإثباتها على فلك واصطلامها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب كورة أونبة وَهُوَ = كتاب المقلة الساجية فِي حلى قَرْيَة الزاوية ذكر الحجاري إِنَّهَا من أَعمال أونبة نسب إِلَيْهَا بَنو حزم 253 - الْوَزير الْعَالم الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد عَليّ بن الْوَزير أبي عمر أَحْمد بن سعيد بن حزم الفاسي مولى بني أُميَّة من الذَّخِيرَة كَانَ كالبحر لَا تكف غواربه وَلَا يرْوى شَاربه وكالبدر لَا تجحد دلائله وَلَا يُمكن نائله وَقَالَ ابْن حَيَّان فِي المتين كَانَ حَامِل فنون من حَدِيث وَفقه وجدل وَنسب وَمَا يتَعَلَّق بأذيال الْأَدَب مَعَ الْمُشَاركَة فِي كثير من أَنْوَاع التعاليم الْقَدِيمَة من الْمنطق والفلسفة لَهُ فِي بعض تِلْكَ الْفُنُون كتب كَثِيرَة غير أَنه لم يخل فِيهَا من غلط وَسقط لجراءته فِي التسور على الْفُنُون لَا سِيمَا الْمنطق فَإِنَّهُم زَعَمُوا أَنه زل هُنَالك الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 وضل فِي سلوك تِلْكَ المسالك وَخَالف أرسططاليس وَاضعه مُخَالفَة من لم يفهم غَرَضه وَلَا ارتاض فِي كتبه وَمَال أَولا بِهِ النّظر فِي الْفِقْه إِلَى رَأْي الشَّافِعِي وناضل عَن مذْهبه وانحرف عَمَّا سواهُ حَتَّى وسم بِهِ وَنسب إِلَيْهِ فاستهدف بذلك لكثير من الْفُقَهَاء وعيب بالشذوذ ثمَّ عدل فِي الآخر إِلَى قَول أَصْحَاب الظَّاهِر مَذْهَب دَاوُد بن عَليّ وَمن اتبعهُ من فُقَهَاء الْأَمْصَار فنقحه ونهجه وجادل عَنهُ وَوضع الْكتب فِي بَسطه وَثَبت عَلَيْهِ إِلَى أَن مضى لسبيله رَحمَه الله وَكَانَ يُجَادِل عَن علمه هَذَا من خَالفه على استرسال فِي طباعة ومذل بأسراره واستناد إِلَى الْعَهْد الَّذِي أَخذه الله على الْعلمَاء من عباده {لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه} فَلم يَك يلطف بِمَا عِنْده بتعريض وَلَا يزفه بتدريج بل يصك بِهِ معارضه صك الجندل وينشقه أخر من الْخَرْدَل فَطَفِقَ الْمُلُوك يقصونه عَن قربهم ويسيرونه عَن بِلَادهمْ إِلَى أَن انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثَره بقرية بَلَده من بادية لبلة وَبهَا توفّي رَحمَه الله سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ متشيعاً فِي بني أُميَّة منحرفاً عَمَّن سواهُم من قُرَيْش وَادّعى أَنه من الْفرس وَهُوَ خامل الْأُبُوَّة من عجم لبلة وَصله من ابْن عَمه أبي الْمُغيرَة رِسَالَة فِيهَا مَا أوجب أَن جاوبه بِهَذِهِ سَمِعت وأطعت لقَوْل الله تَعَالَى {وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} وَأسْلمت وانقدت لقَوْل نبيه عَلَيْهِ السَّلَام صل من قَطعك واعف عَمَّن ظلمك ورضيت بقول الْحُكَمَاء كَفاك انتصاراً مِمَّن تعرض لأذاك إعراضك عَنهُ وَأَقُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 .. تَبْغِ سَوَاء امْرَءًا يَبْتَغِي ... سبابك إِن هَوَاك السباب فَإِنِّي أَبيت طلاب السفاه ... وصنت محلى عَمَّا يعاب وَقل مَا بدالك من بعد ذَا ... فَإِن سكوتي عَنهُ خطاب ... وَأَقُول ... كفاني بِذكر النَّاس لي ومآثري ... وَمَالك فيهم يَا ابْن عمي ذَاكر عدوي وأشياعي كثير كَذَاك من ... غَدا وَهُوَ نفاع المساعي وضائر أَنِّي وَإِن آذيتني وعققتني ... لمحتمل مَا جَاءَنِي مِنْك صابر ... وَقَالَ قصيدة مِنْهَا ... أَنا الشَّمْس فِي جو الْعُلُوم منيرة ... وَلَكِن عيبي أَن مطلعي الغرب وَلَو انني من جَانب الشرق طالع ... اجد على مَا ضَاعَ من علمي النهب ... وَله على مذْهبه ... وَذي عذل فِيمَن سباني حسنه ... يُطِيل ملامي فِي الْهوى وَيَقُول أَمن أجل وَجه لَا حل تَرَ غَيره ... وَلم تدر كَيفَ الْجِسْم أَنْت عليل فَقلت لَهُ أسرفت فِي اللوم فاتئد ... فعندي رد لَو أَشَاء طَوِيل ألم تَرَ أَنِّي ظاهري وأنني ... على مَا أرى حَتَّى يقوم دَلِيل ... وَله ... يَقُول أخي شجاك رحيل جسمي ... وقلبي عنْدكُمْ أبدا مُقيم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 فَقلت لَهُ المعاين مطمئن ... لذا سَأَلَ المعاينة الكليم ... وَله فِي غُلَام ناحل ... وَإِن غصناً أبدا لَا تَزُول ... عَلَيْهِ شمس لحر بالذبول ... 254 - ابْن عَمه أَبُو الْمُغيرَة عبد الْوَهَّاب ابْن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن حزم من الذَّخِيرَة لحق بِبِلَاد الثغر وَقد اعتلت طبقته فِي النّظم والنثر وَكتب عَن عدَّة من الْمُلُوك ونال حظاً عريضاً من دنياهم إِلَّا أَنه اعتبط شَابًّا بعد أَن ألف عدَّة تواليف وَشَجر الْأَمر بَينه وَبَين ابْن عَمه أَبُو مُحَمَّد ابْن حزم وَجَرت بَينهمَا هَنَات ظهر فِيهَا أَبُو الْمُغيرَة وبكته حَتَّى أسكته جَوَاب أبي الْمُغيرَة للرسالة الْمُتَقَدّمَة قَرَأت هَذِه الرقعة العاقة فحين استوعبتها أنشدتني ... نحنح زيد وسعل ... لما رأى وَقع الأسل ... فَأَرَدْت قطعهَا وَترك الْمُرَاجَعَة عَنْهَا فَقَالَت لي نفس قد عرفت مَكَانهَا بِاللَّه لَا قطعتها إِلَّا يَده فَأثْبت على ظهرهَا مَا يكون سَببا إِلَى صونها وَقلت ... نعقت وَلم تدر كَيفَ الْجَواب ... وأخطأت حَتَّى أَتَاك الصَّوَاب وأجريت وَحدك فِي حلبة ... نأت عَنْك فِيهَا الْجِيَاد العراب وَبت من الْجَهْل مستنبحاً ... لغير قرى فأتتك الذئاب ... الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 = كتاب الفردوس فِي حلى مملكة بطليوس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يحتوي عَلَيْهَا = غرب الأندلس وَهُوَ = كتاب الفردوس فِي حلى مملكة بطليوس مملكة جليلة فِي شمال الأندلس وَقد استولى عَلَيْهَا النَّصَارَى وكتابها يَنْقَسِم إِلَى كتاب الْأَمْثَال الشاردة فِي حلى مَدِينَة ماردة كتاب نزع الْقوس فِي حلى مَدِينَة بطليوس كتاب نغم المغردين فِي حلى حصن مدلين كتاب الْجنَّة فِي حلى حصن قلنة كتاب الرَّوْضَة المزهرة فِي حلى مَدِينَة يابره كتاب وشي الْحلَّة فِي حلى مَدِينَة ترجلة = كتاب حسن الغانية فِي حلى حصن جلمانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة البطليوسية وَهُوَ كتاب الْأَمْثَال الشاردة فِي حلى مَدِينَة ماردة المنصة من = كتاب الرَّازِيّ إِحْدَى الْقَوَاعِد الَّتِي بنتهَا مُلُوك الْعَجم للقرار وفيهَا من إِظْهَار الْقُدْرَة المَاء المجتلب المحجوب عَلَيْهِ بأبنية أعجزت الصانعين صنعتها ويحكى أَنه كَانَ فِي كنسيتها ححر يضيء الْموضع من نوره فَأَخَذته الْعَرَب أول دُخُولهَا التَّاج قد اتخذها سلاطين الأندلس قبل الْإِسْلَام سريراً لسلطنة الأندلس وَكَانَت فِي دولة بني أُميَّة يَليهَا عُظَمَاء بَيتهمْ وَكَثِيرًا مَا تخَالف عَلَيْهِم ثمَّ صَار الْكُرْسِيّ بطليوس وَهِي الان لِلنَّصَارَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 السلك 255 - أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن أصبغ بن وانسوس أَصله من البربر ولآبائه رئاسة فِي مَدِينَة ماردة وساد هُوَ فِي حَضْرَة قرطبة وَصَارَ وزيراً وَجل قدره وَله نثر مُتَأَخّر الطَّبَقَة ونظم مِنْهُ قَوْله ... كَيفَ لي أَن اعيش دُونك يَا بدر ... الدياجي وَأَنت مني بعيد إِن يَوْمًا أَرَاك فِيهِ ليَوْم ... فِي حسابي مدى الزَّمَان سعيد ومرادي أَلا أَرَاك تداني ... غير وَصلي وَذَاكَ مَا لَا تُرِيدُ ... وَقَوله ... الْحبّ علم مقلتي أَن تسهرا ... وَقضي عَليّ بِأَن أذلّ وأصبرا يَا مشبه القمرين مَالك معرضًا ... عني وَإِنِّي لَا أَزَال محيرا ... الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد إِمَّا بعد حمد الله الصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا المملكة البطليوسية وَهُوَ كتاب نزع الْقوس فِي حلى مَدِينَة بطليوس المنصة من = كتاب الرَّازِيّ مَدِينَة عَظِيمَة كَثِيرَة الحذق جَامِعَة لِلْخلقِ أرْضهَا كَرِيمَة وَهِي على نهر أنة وَمن المسهب حَاضِرَة بِلَاد الْجوف الَّتِي تمصرت فِيهَا وتأهلت بتوارث المملكة الأفطسية على جَمِيع مَا يَليهَا قد خطت فِي بسيط من الأَرْض مخضر الأبراد منفسح المُرَاد وأوفت على النَّهر الْأَعْظَم الْمَعْرُوف بنهر أنة وَلَيْسَ الْآن فِي بِلَاد الْجوف قَاعِدَة أعظم مِنْهَا وَبنى فِيهَا المتَوَكل بن الْأَفْطَس المباني الطّيبَة والمصانع الجليلة وفيهَا يَقُول ابْن الفلاس ... بطليوس لَا أنساك مَا اتَّصل الْبعد ... فَللَّه غور من جنابك أَو نهد وَللَّه دوحات يحفك بَينهَا ... تفجر واديها كَمَا شقق الْبرد ... التَّاج ذكر ابْن حَيَّان أَن الَّذِي أحدث هَذِه الْمَدِينَة وَكَانَ أول بَان لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان الْمَعْرُوف بالجليقي وَكَانَ ابْتِدَاء خِلَافه على سلاطين بني مَرْوَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وتوارثها وَلَده وَصَارَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف بعد انْقِرَاض دولة بني أُميَّة من الأندلس إِلَى بني الْأَفْطَس وأولهم الْمَنْصُور عبد الله الْأَفْطَس بن سَلمَة ثمَّ ورثهَا عَنهُ ابْن المظفر أَبُو بكر مُحَمَّد وَكَانَ قريع المعتضد بن عباد ومحاربه وَهُوَ الَّذِي صنف كتاب المظفري فِي الْأَدَب والتاريخ نَحْو مائَة مُجَلد وورثها بعده ابْنه 256 - المتَوَكل عمر بن المظفر من المسهب كَانَ المتَوَكل فِي حَضْرَة بطليوس كالمعتمد بن عباد فِي حَضْرَة إشبيلية فكم احييت الأمال بحضرتها وشدت الرّحال إِلَى ساحتهما وَمن القلائد ملك جند الْكَتَائِب والجنود وَعقد الألوية والبنود وَأمر الايام فائتمرت وطافت بكعبته الامال واعتمرت إِلَى بسن وفصاحة ورحب جناب للوافدين وساحة نظم شعر يزرى بالدر النظيم وَنشر تسرى رقته سرى النسيم وَأَيَّام كَأَنَّهَا من حسنها جمع وليال كَانَ فِيهَا على الْأنس حُضُور ومجتمع وَآل أمره إِلَى أَن حصره الملثمون وقتلوه مَعَ ولديه الْفضل وَالْعَبَّاس وعنوان طبقته فِي النّظم قَوْله يَسْتَدْعِي الْوَزير أَبَا غَانِم لمنادمته الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 .. انهض أَبَا غَانِم إِلَيْنَا ... واسقط سُقُوط الندى علينا فَنحْن عقد من غير وسطى ... مَا لم تكن حَاضرا لدينا ... وعنوانه نثره قَوْله لوَلَده الْعَبَّاس قبولي لتنصلك من ذنوبك مُوجب لجراءتك عَليّ وعودتك إِلَيْهَا واتصل مَا كَانَ من خُرُوج فلَان عَنْك وَلم تثبت فِي أمره وَلَا تحققت صَحِيح خَبره حِين فر عَن أَهله ووطنه والعجلة من النُّقْصَان وَلَيْسَ يحمد قبل النضج بحران وَهَذَا الَّذِي اوجبه اعجابك بِأَمْرك وانفرادك بِرَأْيِك وَمَتى مالم ترجع عَمَّا عودت بِهِ نَفسك فَأَنا وَالله أُرِيح نَفسِي من شغبك السلك من = كتاب تلقيح الآراء فِي حلى الْكتاب والوزراء 257 - ذُو الوزارتين أَبُو الْوَلِيد بن الْحَضْرَمِيّ استوزره المتَوَكل بن الْأَفْطَس ملك بطليوس فداخله عجب وتيه وتجبر مفرط كرهه من أَجله أَصْحَاب الدولة فَعَزله المتَوَكل وَمن شعره قَوْله ... كَيفَ لَا أعشق الملاح إِذا مَا ... كَانَ عشق الملاح يحيى السرورا واحث الكؤوس بَين الْبَسَاتِين ... وَادعوا هُنَاكَ بِمَا وزيرا ... الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 258 - ذُو الوزارتين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَيمن هُوَ مَذْكُور فِي الذَّخِيرَة استوزره المتَوَكل من نثره مَا تحول إِلَّا إِلَى أعمالك وَلَا انْتقل إِلَّا من يَمِينك إِلَى شمالك وَعِنْده تذكر لحسن معاهدة وَطيب مُشَاهدَة وَلَا يزَال يشْكر سوالف نعمك وينشر مطاوي منازعك الجميلة وهممك 258 - م ابْنه أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَيمن من السمط لَهُ وَهُوَ عنوان طبقته ... وَلَيْلَة خضت فِيهَا لجة الظُّلم ... وَقد جعلت حسامي مَوضِع الْقَلَم إِلَى الَّتِي فتكت فِي الْقلب مقلتها ... حَتَّى فَشَا سقمي من طرفها السقيم لما حللت بهَا قَالَت وَقد وجلت ... أما اتَّقَيْت أسود الغاب والأجم فَقلت أَهلا بِمَا يجْرِي الْقَضَاء بِهِ ... لم أشر وصلك حَتَّى بِعْت فِيهِ دمي فَبت شربي ونقلي طول ليلتنا ... عض الثدي ورشف الأشنب الشبم فيا لَهَا لَيْلَة مَا كَانَ أطيبها ... نَامَتْ عُيُون العدا فِيهَا وَلم أنم ... الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وَمن كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الْكتاب 259 - 260 261 بَنو القبطورنة أَبُو بكر عبد الْعَزِيز وَأَبُو مُحَمَّد طَلْحَة وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد من القلائد هم للمجد كالاثافي وَمن مِنْهُم إِلَّا موفور القوادم والخوافي إِن ظَهَرُوا زهروا وَإِن تجمعُوا تضوعوا وَإِن نطقوا صدقُوا ماوهم صفو وَكلهمْ كفو وَذكر أَنهم باتوا لَيْلَة على رَاحَة فَلَمَّا هم رِدَاء الْفجْر أَن يندى وجبين الصُّبْح أَن يتبدى قَامَ أَبُو مُحَمَّد فَقَالَ ... يَا شقيقي أَتَى الصَّباح بِوَجْه ... ستر اللَّيْل نوره وبهاؤه فأصطبح واغتنم مَسَرَّة يَوْم ... لَيْسَ تَدْرِي بِمَا يَجِيء مساؤه ... ثمَّ اسْتَيْقَظَ أَخُوهُ أَبُو بكر وَقَالَ ... يَا أخي قُم تَرَ النسيم عليلاً ... باكر الرَّوْض والمدام الشمولا لَا تنم واغتنم مَسَرَّة يَوْم ... إِن تَحت التُّرَاب نوماً طَويلا ... الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 ثمَّ استقيظ أخوهما أَبُو الْحسن فَقَالَ ... يَا صَاحِبي ذرا لومي ومعتبتي ... قُم نصطبح خمرة من خير مَا ذخروا وبادرا غَفلَة الْأَيَّام واغتنما ... فاليوم خمر ويبدو فِي غَد خبر ... وَمن محَاسِن أبي بكر قَوْله ... دعَاك خَلِيلك وَالْيَوْم طل ... وعارض وَجه الثرى قد بقل لقدرين فاحا وشمامة ... وإبريق رَاح وَنعم الْمحل وَلَو شَاءَ زَاد وَلكنه ... يلام الصّديق إِذا مَا احتفل ... وَقَوله ... هَلُمَّ إِلَى روضنا يَا زهر ... ولح فِي سَمَاء الْعلَا يَا قمر إِذا لم تكن عندنَا حَاضرا ... فَمَا لعيون الْأَمَانِي ممر وَقعت من الْقلب وَقع المنى ... وَحسنت فِي الْعين حسن الْحور ... وَلأبي الْحسن ... ذكرت سليمي وحر الوغى ... كجسمي سَاعَة فارقتها وأبصرت بَين القنا قدها ... وَقد ملن نحوي فعانقتها ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 وَمن = كتاب نُجُوم أَسمَاء فِي حلى الْعلمَاء 262 - الاديب الاعلم أَبُو اسحق إِبْرَاهِيم البطليوسي قَرَأت عَلَيْهِ بإشبيلية وَلم أر فِي أَشْيَاخ الأدباء أصعب خلقا مِنْهُ وَمِمَّا يدلك على ذَلِك قَوْله فِي إشبيلية جنَّة الدُّنْيَا ... يَا حمص لَا زلت دَارا ... لكل بؤس وساحه مَا فِيك مَوضِع رَاحَة ... إِلَّا وَمَا فِيهِ راحه ... 263 - الأديب أَبُو الْأَصْبَغ القلمندر وَصفه الحجاري بمعاقرة المدام وملازمة الندام وَأنْشد لَهُ قَوْله ... جرت مني الْخمر مجْرى دمي ... فجل حَياتِي من سكرها وَمهما دجت ظلمات الهموم ... فتمزيقها بسنا بدرها ... وَكَانَ يَقُول أَنا أولى النَّاس بألا يتْرك الْخمر لأنني طَبِيب أحبها عَن علم بِمِقْدَار مَنْفَعَتهَا وَأمر المظفر بن الْأَفْطَس بِقطع لِسَانه لِكَثْرَة أذيته الحديث: 262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 وَمن كتاب مصابيح الظلام 264 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْبَين البطليوسي من الذَّخِيرَة أَنه كَانَ مشغوفاً بطريقة ابْن هَانِئ الأندلسي كَقَوْلِه ... غصبوا الصَّباح فقسموه خدوداً ... واستوهبوا قضب الْأَرَاك قدودا وَرَأَوا حَصى الْيَاقُوت دون محلهم ... فاستبدلوا مِنْهُ النُّجُوم عقودا واستودعوا حدق ألمها أجفانهم ... فَسبوا بِهن ضراغماً وأسودا لم يكف أَن سلبوا الأسنة والظبي ... حَتَّى استعانوا أعيناً ونهوداً وتضافروا بضفائر أبدوا لنا ... ضوء النَّهَار بليلها معقودا ... وَهُوَ من شعراء المَاء الْخَامِسَة الاهداب من موشحات الْكُمَيْت ... سوى طيف الخيال ... من أم جُنْدُب ... الحديث: 264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 .. لتجديد الْوِصَال ... والعهد الأول فطال مَا منعت ... طيف خيالها وَعز مَا حرمت ... عطف وصالها حَتَّى إِذا خطرت ... يَوْمًا ببالها هبت ريح الشمَال ... من نشر طيب بالمسك والغوالي ... وَنشر منْدَل بَقِيتُمْ لَا عدمتم ... يَا أهل مسلمه وليتم فأوليتم ... نعمي ومكرمه وَمن هَذَا لبستم ... ثيابًا معلمه من الطّراز العالي ... من نسج يعرب فِيهَا طرز الْمَعَالِي ... بِأَعْلَى منزل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة البطليوسية وَهُوَ = كتاب المغردين فِي حلى حصن مدلين من حصون بطليوس مِنْهُ 265 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو زيد بن عبد الرَّحْمَن بن مَوْلُود من المسهب بَنو مَوْلُود أَعْيَان مدلين ونجب مِنْهُم أَبُو زيد وَعلا إِلَى دَرَجَات الوزراء وَالْكتاب عِنْد المتَوَكل بن الْأَفْطَس وَمن شعره قَوْله ... أَرِنِي يَوْمًا من الدَّهْر ... على وفْق الْأَمَانِي ثمَّ دَعْنِي بعد هَذَا ... كَيْفَمَا شِئْت تراني ... الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة البطليوسية وَهُوَ = كتاب الْجنَّة فِي حلى حصن قلنة من الْحُصُون البطليوسية وَهُوَ الْآن لِلنَّصَارَى مِنْهُ 266 - الْكَاتِب أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن سعيد ابْن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ من علية الْكتاب وَذَوي الجاه الطَّوِيل العريض فيهم اشْتهر وَجل قدره بِالْكِتَابَةِ عَن أبي الْعَلَاء بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن سُلْطَان إفريقية وَمن شعره قَوْله ... تكلفني بعض الَّذِي لَو طلبته ... لديك لما أبصرتني آخر الدَّهْر فَكُن منصفاً أَولا فَدَعْنِي جانباً ... فَلَيْسَ لطبع المَاء مكث مَعَ الْجَمْر عَلَيْك سَلام بعد يأس وحسرة ... وماذا الَّذِي يبْقى الرَّجَاء مَعَ الْخَبَر ... الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهِمَا كتاب المملكة البطليوسية وَهُوَ = كتاب الرَّوْضَة المزهرة فِي حلى مَدِينَة يابرة الْبسَاط مَدِينَة يابرة من المدن الْمَشْهُورَة فِي المملكة البطليوسية وَكَثِيرًا مَا يذكرهَا ابْن عبدون فِي شعره الْعِصَابَة كَانَ المظفر بن الْأَفْطَس قد حصن بهَا ابْنه الْمَنْصُور وَكَذَلِكَ وَليهَا المتَوَكل أَيْضا وَابْن المتَوَكل وَهِي الْآن لِلنَّصَارَى السلك 267 - أَبُو مُحَمَّد بن عبدون اليابري من القلائد منتمي الْبَيَان المطاول لسحبان والمقارع لصعصعة الحديث: 267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 ابْن صوحان الَّذِي أطلع الْكَلَام زاهراً وَنزع فِيهِ منزعاً باهراً نخبة الْعَلَاء وَبَقِيَّة أهل الْإِمْلَاء الشامخ الرُّتْبَة العالي الهضبة فاق الْأَفْرَاد والأفذاذ وَمَشى فِي طرق الإبداع الوخد والإغذاذ الْغَرَض مِمَّا أوردهُ من نظمه قَوْله ... سَقَاهَا الْحَيَاة من مغان فساح ... فكم لي بهَا من معَان فصاح حلى أكاليل تِلْكَ الرِّبَا ... ووشي معاطف تِلْكَ البطاح فَمَا أنس لَا أنس عهدي بهَا ... وَجرى فِيهَا ذيول المراح ونومي على حبرات الرياض ... يجاذب بردي مر الرِّيَاح بِحَيْثُ لم أعْط النهى طَاعَة ... وَلم أصغ فِيهَا إِلَى لحي لَاحَ وليل كرجعة طرف الْمُرِيب ... لم أدر لَهُ شفقا من صباح ... وَقَوله ... أَقُول لصاحبي قُم لَا لأمر ... تنبه إِن شَأْنك غير شاني لَعَلَّ الصُّبْح قد ولى وَقَامَت ... على اللَّيْل النوائح بِالْأَذَانِ ... وَقَوله وَلم انس ليلتنا والعناق ... قد مزج الْكل منا بِكُل إِلَى أَن تقوس ظهر الظلام ... واشمط عَارضه واكنهل وَمَسّ رِدَاء رَقِيق النسيم ... فِي عاتق اللَّيْل بعض البلل ... وَقَوله ... هَل تذكر الْعَهْد الَّذِي لم أنسه ... ومودتي ممزوجة بصفاء ومبيتنا فِي نهر حمص والدجى ... قد حل عقد حباه بالصهباء ودموع طل اللَّيْل تخلق أعينا ... ترنوا إِلَيْنَا من عُيُون المَاء ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وَالْقَصِيدَة الجليلة الَّتِي لَهَا فِي رثاء المتَوَكل بن الْأَفْطَس وولديه ... مَا لليالي اقال الله عثرتنا ... من اللَّيَالِي وخانتها يَد الْغَيْر تسر بالشَّيْء لَكِن كي تضر بِهِ ... كالأيم ثار إِلَى الْجَانِي من الزهر كم دولة وليت بالنصر خدمتها ... لم تبْق مِنْهَا وسل ذكراك من خبر ... ثمَّ أَخذ يقص دوَل الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام إِلَى أَن قَالَ ... وليتها إِذْ فدت عمرا بخارجة ... فدت عليا بِمَا شَاءَت من الْبشر ... وَمِنْهَا ... وأوثقت فِي عراها كل مُعْتَمد ... وأشرقت بقذاها كل مقتدر وروعت كل مَأْمُون ومؤتمن ... وَأسْلمت كل مَنْصُور ومنتصر بني المظفر وَالْأَيَّام لَا نزلت ... مراحلاً والورى مِنْهَا على سفر سحقاً ليومكم يَوْمًا ولاحملت ... بِمثلِهِ لَيْلَة فِي سالف الْعَصْر من للأسرة أَو من للأعنة أَو ... من للأسنة يهديها إِلَى الثغر من للبراء أَو من لليراعة أَو ... من للسماحة أَو للنفع وَالضَّرَر وَيْح السماح وويح النَّاس لَو سلما ... واحسرة الدّين وَالدُّنْيَا على عمر سقى ثرى الْفضل وَالْعَبَّاس هامية ... تعزى إِلَيْهِم سماحاً لَا إِلَى الْمَطَر ثَلَاثَة مَا رأى السعدان مثلهم ... تجهزوا فَغَدوْا فِي اللَّحْد والغير ثَلَاثَة مَا رقى النسران حَيْثُ رقوا ... وكل مَا طَار من نسر وَلم يطر وَمر من كل شَيْء فِيهِ أطيبه ... حَتَّى التَّمَتُّع بالآصال وَالْبكْر على الْفَضَائِل إِلَّا الصَّبْر بعدهمْ ... سَلام مرتقب لِلْأجرِ منتظر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد زآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة البطليوسية وَهُوَ = كتاب وشي الْحلَّة فِي حلى مَدِينَة ترجلة من مدن الْجوف الْمَشْهُورَة وَهِي الْآن لِلنَّصَارَى ينْسب إِلَيْهَا 268 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْبِنْت الترجلي من المسهب أَنه كَانَ فِي جملَة شعراء المظفر بن الْأَفْطَس ملك بطليوس وَله فِيهِ من قصيدة قَوْله ... فتح تبسمت المنى عَن ثغره ... والدهر يبصر وَاضحا عَن بشره لما دجا ليل القتام بدا لنا ... مِنْهُ كَمَا انْسَلَخَ الدجى عَن فجره ... وَمن شعره قَوْله ... سقنيها على النواقيس خمرًا ... جمعت للعيان مَاء وجمرا من يكن مُنْكرا لسحر فَإِنِّي ... قد أرتني على الْحَقِيقَة سحرًا وَلكم قد شربتها جنح ليل ... فأرتني من الزجاجة فجرا ... الحديث: 268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله والصلة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة البطليوسية وَهُوَ = كتاب حسن الغانية فِي حلى حصن جلمانيه مِنْهَا 269 - أَبُو زَكَرِيَّا مُحَمَّد بن زكي الجلماني من المسهب كَانَ سكناهُ بأشبونة وَهُوَ من جلمانية وَكَانَ شَاعِرًا متجولاً على الأقطار مستجدياً بالأشعار لَهُ من قصيدة فِي الْمَأْمُون بن ذِي النُّون ... خبرت مُلُوك الأَرْض شرقاً ومغرباً ... فَلم أر كالمأمون فِي الشرق والغرب مقَالَة معضود اللِّسَان بِقَلْبِه ... وَلَا خير فِي قَول يكون بِلَا قلب ... وَقَوله ... إِذا خجل الْورْد فَاشْرَبْ عَلَيْهِ ... وَإِن نظرت أعين النرجس وَلَا تستمع من نصيح فَمَا ... قوام الْحَيَاة سوى الأكؤس ... الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 = كتاب الخلب فِي حلى مملكة شلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب غرب الأندلس وَهُوَ = كتاب الخلب فِي حلى مملكة شلب مملكة تجاور مملكة إشبيلية وَهِي فِي غربها وشمالها وَيخرج فِي سواحلها العنبر من الْبَحْر الْمُحِيط وينقسم كتابها على كتاب الشّرْب فِي حلى مَدِينَة شلب كتاب حلَّة الطاووس فِي قَرْيَة شنبوس كتاب الرَّوْضَة المرتادة فِي حلى قَرْيَة رماده كتاب اللَّيَالِي الْقَمَر بِهِ فِي حلى مَدِينَة شنتمرية كتاب حلى الْعليا فِي حلى مَدِينَة الْعليا كتاب الْكَوَاكِب المطلة فِي حلى مَدِينَة قسطلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الشلبية وَهُوَ كتاب الشّرْب فِي حلى مَدِينَة شلب هِيَ عروس المنصة من كتاب الرَّازِيّ مبناها على نهر يمد من الْبَحْر الْمُحِيط وَبَين شلب وقرطبة للراكب تِسْعَة أَيَّام قَالَ ابْن سعيد هِيَ مَدِينَة مستحسنة مَشْهُورَة بالأدباء وفيهَا نَشأ الْمُعْتَمد بن عباد وفيهَا قصر الشراجيب الَّذِي قَالَ ابْن عمار فِيهِ ... وَسلم على قصر الشراجيب عَن فَتى ... لَهُ أبدا شوق إِلَى ذَلِك الْقصر ... التَّاج قد تقدم أَن الْمُعْتَمد بن عباد نَشأ فِيهَا وولاه أَبوهُ المعتضد مملكتها وَلما اسْتَقل الْمُعْتَمد بإشبيلية ولى على شلب ابْنه المعتد وولاتها الْآن من إشبيلية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 السلك من = كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت 270 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن وَزِير بَنو وَزِير أَعْيَان شلب وساد أَبُو بكر وَصَارَ بإشبيلية من قواد الا عَنهُ الْمَذْكُورين وَله من شعر يُخَاطب بِهِ الْمَنْصُور من بني عبد الْمُؤمن ... وَلما تلاقينا جرى الطعْن بَيْننَا ... فمنا وَمِنْهُم قَائِم وحصيد فَلَا صدر إِلَّا فِيهِ صدر مثقف ... وحول الوريد للحسام وُرُود صَبرنَا وَلَا كَهْف سوى الْبيض والقنا ... كِلَانَا على حر الجلاد جليد وَلَكِن شدونا شدَّة فتبلدوا ... وَمن يتبلد لَا يزَال يحيد ... 271 - ابْنه أَبُو مُحَمَّد بن وَزِير سَاد فِي دولة بني عبد الْمُؤمن وَهُوَ الْقَائِل وَقد ولى ابْن غمر أَشْرَاف إشبيلية ... لَا تيأسن من الْخلَافَة بَعْدَمَا ... ولى ابْن غمر خطة الْأَشْرَاف تَبًّا لدهر هَذِه أَفعاله ... يضع النوافج فِي يَدي كناف ... وَقَتله ابْن هود الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 272 - أَبُو الْوَلِيد بن أبي حبيب بَنو أبي حبيب من أَعْيَان شلب من السمط نُكْتَة الزَّمَان ونخبة الْأَعْيَان الَّذِي ملك الحيا عنانه وأبدت الْحِكْمَة لِسَانه وَذكر أَنه عاشره بشلب وَأنْشد من شعره قَوْله فِي جَوَاب رِسَالَة ... أَهلا بزائرة أرانا حسنها ... وَجه المسرة وَالْوَفَاء صقيلا لبست من الإبداع أحسن حلَّة ... وغدت تجر من الْوَفَاء ذيولا مَا زلت ألحظها بِعَين مهابة ... وأمد كفي نَحْوهَا تبجيلا وأقوم إجلالاً لَهَا لما دعت ... مني الْقبُول وزدتها تقبيلا ... وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ 273 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْملح من القلائد حل كنف الْعلم والعليا وَأخذ بطريقي الدّين وَالدُّنْيَا وَأنْشد لَهُ قَوْله ... وَالرَّوْض يبْعَث بالنسيم كَأَنَّمَا ... أهداه يضْرب لاصطباحك موعدا سَكرَان من مَاء النَّعيم فَكلما ... غناهُ طَائِره وأطرب رددا يأوي إِلَى زهر كَأَن عيونه ... رقباء تقعد للأحبة مرْصدًا زهر يبوح بِهِ اخضرار بنانه ... كالزهر أسرجها الظلام واوقدا ... الحديث: 272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وَقَوله ... حسب الْقَوْم أنني عَنْك سالي ... أَنْت تَدْرِي قضيتي مَا أُبَالِي قمري أَنْت كل يَوْم وبدري ... فَمَتَى كنت قبل هَذَا هلالي ... وَأنْشد لَهُ صَاحب الذَّخِيرَة وَقد حضر مَعَ المعتضد بن عباد على رَاحَة ... كَأَنِّي سراجي شربنا فِي التظائه ... وأنبوب مَاء الْحَوْض فِي سيلانه كريم تولى كبره من كليهمَا ... لئميان فِي إِنْفَاقه يعذلانه ... 274 - أبنه أَبُو الْقَاسِم أَحْمد نَشأ على عفة وطهارة وزهد فَكَانَ أَبوهُ يلومه على إفراطه فِي الزّهْد والاقتصار على كتب المتصوفين ويحضه على الْأَدَب إِلَى أَن اشْتهر فِي الانخلاع وفر إِلَى إشبيلية وَتزَوج هُنَالك عاهراً ترقص فِي الأعراس فَكتب لَهُ أَبوهُ شعرًا أَوله ... يَا سخنة الْعين يَا بنيا ... ليتك مَا كنت لي بنيا ... فَأَجَابَهُ ... أوجفت خيل العتاب نحوي ... وَقبل زينتها إليا وَقلت هَذَا قصير عمر ... فاربح من الدَّهْر مَا تهيا قد كنت أَرْجُو المتاب مِمَّا ... فتنت جهلا بِهِ وغيا لَوْلَا ثَلَاث شُيُوخ سوء ... أَنْت وإبليس والحميا ... الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وَمن = كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الْكتاب 275 أَبُو الْوَلِيد حسان بن المصِّيصِي من الذَّخِيرَة كَانَ هُوَ وَابْن عمار وَابْن الْملح فِي شلب اترابا متمازجين فَلَمَّا سَمِعت الْحَال بِابْن عمار أنف ابْن الْملح من خدمته ورضيها ابْن المصِّيصِي فقربه من الْمُعْتَمد بن عباد واستكتبه الْمَأْمُون بن الْمُعْتَمد لما ولاه أَبوهُ مملكة قرطبة وعنوان طبقته فِي النّظم قَوْله من قصيدة فِي الْمُعْتَمد بن عباد ... من استطال بِغَيْر السَّيْف لم يطلّ ... وَلم يخب من نجاح سَائل الأسل أعدتك صحبتك الأرماح شيمتها ... فانفذ نُفُوذ القنا فِي الْأَمر واعتدل وَإِن أتتك أُمُور لم تعد لَهَا ... فانهض بِرَأْيِك بَين الريث والعجل اقدم على حذر وارغب على زهد ... وَاغْلُظْ على رقة واسفر على خجل جر الذيول وَلَكِن من جحافله ... على القتاد وَلَكِن من شبا الأسل ... وَمن كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 276 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن السَّيِّد أحد من تَفْخَر بِهِ جَزِيرَة الأندلس من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة وَهُوَ من شلب الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 ولازم مَدِينَة بطليوسى وَله شرح كتاب الْجمل وتصانيف فِي النَّحْو وَمن شعره قَوْله ... إِذا سَأَلُونِي عَن حالتي ... وحاولت عذرا فَلم يُمكن اقول بِخَير ولكننه ... كَلَام يَدُور على الألسن وَرَبك يعلم مَا فِي الصُّدُور ... وَيعلم خَائِنَة الْأَعْين ... وَقَوله ... خليلي ماللريح اضحى نسيمها ... يذكرنِي مَا قد مضى ونسيت أبعد نَذِير الشيب إِذْ حل عارضي ... صبوت بأحداق المها وسبيت تلاحظني العينان مِنْهَا برحمة ... فأحيا ويقسو قَلبهَا فأموت فيا قمراً أغرى بِي النَّقْص واكتسى ... كمالا ورافى سعده وشقيت ... وَمن = كتاب مصابيح الظلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 277 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن الرّوح من شعراء اللثام الْمَذْكُورين وَمِمَّنْ تضمنه كتاب السمط وعنوان طبقته فِي الشّعْر قَوْله من قصيدة ... مَا للزمان على محاربي يَد ... عرضي أَشد من الخطوب وأنجد من كَانَ يحذر من غَدا فَأَنا الَّذِي ... من بعد هَذَا الْيَوْم يحذرني غَد يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بأنني ... فِي حَيْثُ سوق الشّعْر لَيست تكسد وَرَأَيْت كَيفَ هززت أجنية المنى ... لما رَأَيْت غصونها تتأود ... الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 278 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منخل الشلبي ذكره صَفْوَان فِي كتاب زَاد الْمُسَافِر وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن الملاح من بَلَده مباعدة وَنَشَأ ابناهما على ذَلِك فعتب ابْن المنخل وَلَده على شَتمه ولد ابْن الملاح فأنشده هجاء فِيهِ لولد ابْن الملاح وَكَانَا على وَاد تنق ضفادعه فَقَالَ أَبُو بكر احز تنق ضفادع الْوَادي فَقَالَ ابْنه بِصَوْت غير مُعْتَاد فَقَالَ أَبُو بكر كَأَن ضجيج معولها فَقَالَ ابْنه الملاح فِي النادي الاهداب موشحة لِابْنِ أبي حبيب ... عَسى لديك يَا ربة الْقلب ... وَزَاد لراحل فودعي فديتك هيمانا لَا يَسْتَطِيع دُونك سلوانا إِذا تذكر الْبَين أَو بانا بكلى وحن إِلَى شلب ... حنين ثاكل ... الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وَمِنْهَا ... مَا هيج الغليل على الصب ... غير الغلائل ... وَمِنْهَا ... فدلنا على الصُّبْح فِي الْحجب ... برد الخلاخل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من كتب المملكة الشلبية وَهُوَ = كتاب حلَّة الطاووس فِي حلَّة قَرْيَة شنبوس من أحسن الْقرى وأصغرها مِنْهَا 279 - ذُو الوزارتين أَبُو بكر مُحَمَّد بن عمار من القلائد مقذف حصا القريض وجماره ومطلع شمسه وأقماره الَّذِي بعث الْإِحْسَان عرفا عطراً ونفساً وأثبته فِي شفَاه الْأَيَّام لعسا وتلخيص أمره من القلائد الذَّخِيرَة والمسهب أَنه من هَذِه الْقرْيَة الخاملة تأدب بشلب وَصَحب الْمُعْتَمد بن عباد من الصِّبَا وَنَهَاهُ المعتضد أَبوهُ عَن صحبته ثمَّ خَوفه ففر ابْن عمار إِلَى سر قسطه ثمَّ لما اسْتَقل الْمُعْتَمد بعد أَبِيه جَاءَهُ ابْن عمار مذكراً بمودته فَتَلقاهُ بأعظم قبُول وَصَارَ عِنْده كجعفر عِنْد الرشيد إِلَى أَن دَاخل ابْن عمار الْعجب وسمت بِهِ نَفسه إِلَى مجاذبة رِدَاء الْملك فَوَثَبَ على مرسية لما أَخذهَا لِابْنِ عباد وَانْفَرَدَ فِيهَا الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 بِنَفسِهِ وهجا ابْن عباد وزوجه الرميكية واشتهر من ذَلِك قَوْله من القصيدة الطائرة ... أَلا حى بالغرب حَيا حَلَال ... أناخوا جمالاً وحازوا جمالا ... وَمِنْهَا فيا عَامر الْخَيل يَا زيدها ... منعت الْقرى وابحث العيالا ... وأفحش غَايَة الْفُحْش وَلم يفكر فِي العواقب ثمَّ إِنَّه خرج من مرسية لإِصْلَاح بعض الْحُصُون فثار عَلَيْهِ فِي مرسية لإِصْلَاح بعض الْحُصُون فثار عَلَيْهِ فِي مرسية ابْن رَشِيق وأغلق أَبْوَابهَا فِي وَجهه فَعدل إِلَى المؤتمن بن هود ورغبه فِي أَن يُوَجه مَعَه جَيْشًا لياخذ لَهُ شقورة من يَد عتاد الدولة فخدعه عتاد الدولة حَتَّى حصل فِي سجنه وَبعث فِيهِ ابْن صمادح مَالا لعدواته لَهُ وَكَذَلِكَ ابْن عباد فَقَالَ ابْن عمار ... أَصبَحت فِي السُّوق يُنَادي على ... رَأْسِي بأنواع من المَال تا الله لَا جَار على مَاله ... من ضمني بِالثّمن الغالي ... وَآل أمره إِلَى أَن بَاعه من ابْن عباد فجَاء بِهِ ابْنه الراضي إِلَى إشبيلية على أسوإ حَال وسجنه ابْن عباد فِي بَيت فِي قصره وَلم يزل يستعطفه وَهُوَ لَا يَنْعَطِف لَهُ إِلَى أَن كَانَ لَيْلَة يشرب فَذَكرته الرميكية بِهِ وأنشدته هجاءه وَقَالَت لَهُ قد شاع أَنَّك تَعْفُو عَنهُ وَكَيف يكون ذَلِك بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 مَا نازعك ملكك ونال من عرض حَرمك وَهَذَانِ لَا تحتملهما الْمُلُوك فثار عِنْد ذَلِك وَقصد الْبَيْت الَّذِي هُوَ فِيهِ فهش إِلَيْهِ ابْن عمار فَضَربهُ بطبرزين شقّ بِهِ رَأسه وَرجع إِلَى الراميكية وَقَالَ قد تركته كالهدهد قَالَ ابْن بسام وَلذَلِك يَقُول فِيهِ صنيعته ابْن وهبون ... لله من ابكيه ملْء مدامعى ... واقول لَا شكّ يَمِين الْقَاتِل ... وَأجل قصائده قصيدته الَّتِي يمدح بهَا المعتضد بن عباد وَمن فرائدها قَوْله ... أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى ... والنجم قد صرف الْعَنَان عَن السرى وَالصُّبْح قد أهْدى لنا كافوره ... لما اسْتردَّ اللَّيْل منا العنبرا وَالرَّوْض كالحسنا كَسَاه زهره ... وشياً وقلده نداه جوهرا أَو كالغلام زها بورده رياضه ... خجلاً وتاه بآسهن معذرا روض كَأَن النَّهر فِيهِ معصم ... صَاف أطل على رِدَاء أخضرا وتهزه ريح الصِّبَا فتخاله ... سيف ابْن عباد يبدد عسكرا عباد المخضر نائل كَفه ... والجو قد لبس الرِّدَاء الأغبرا أندى على الأكباد من قطر الندى ... وألذ فِي الأجفان من سنة الْكرَى قداح زند الْمجد لَا يَنْفَكّ من ... نَار الوغى إِلَّا إِلَى نَار الْقرى أيقنت أَنِّي من ذراه بجنة ... لما سقاني من نداه الكوثرا ... وَمِنْهَا ... أثمرت رمحك من رُءُوس مُلُوكهمْ ... لما رَأَيْت الْغُصْن يعشق مثمرا وصبغت درعك من دِمَاء كماتهم ... لما رَأَيْت الْحسن يلبس أحمرا ... وَقَوله فِي قصيدة ... أذكيت دُونك للعدى حدق القنا ... وخصمت عَنْك بألسن الأغماد ... وَمِنْهَا ... يفْدي الصَّحِيفَة ناظري فبياضها ... بياضه وسوادها بسواد ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الشلبية وَهُوَ = كتاب الرَّوْضَة المرتادة فِي حلى قَرْيَة رمادة ذكر الحجاري أَنَّهَا من قرى شلب مِنْهَا 280 - أَبُو عمر يُوسُف بن هَارُون الرَّمَادِي الْكِنْدِيّ من الجذوة كثير الشّعْر سريع القَوْل مَشْهُور عِنْد الْعَامَّة والخاصة لسلوكه فِي فنون المنظوم وَمن فرائد مَا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... خليلي عَيْني فِي الدُّمُوع فعاينا ... إِلَى أَيْن يقتاد الْفِرَاق الظعائنا وَلم أر أحلى من تَبَسم أعين ... غَدَاة النَّوَى عَن لُؤْلُؤ كَانَ كامنا ... الحديث: 280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وَقَوله ... لَا تنكروا غزر الدُّمُوع فَكل مَا ... ينْحل من جسم يصير دموعا وَالْعَبْد قد يَعْصِي وأحلف أنني ... مَا كنت إِلَّا سَامِعًا ومطيعا قُولُوا لمن أَخذ الْفُؤَاد مُسلما ... يمنن على برده مصدوعا ... وَقَوله ... بدر بدا يحمل شمساً بَدَت ... فحدها فِي الْحسن من حَده تغرب فِي فِيهِ وَلكنهَا ... من بعد ذَا تطلع فِي خَدّه ... وَقَوله ... صد عني فَلَيْسَ يعلم أَنِّي ... كنت فِي كربَة فَفرج عني وتجنى عَليّ من غير ذَنْب ... فتجنى على كثير التجني حسن ظَنِّي قضى عَليّ بِهَذَا ... حكم الله لي على حسن ظَنِّي ... وَقَوله ... قفوا تشهدوا بثي وإنكار لاعى ... على بُكَائِي فِي الرسوم الطواسم أيأمن أَن يَغْدُو حريق تنفسي ... وَإِلَّا غريقاً فِي الدُّمُوع السواجم فَهَذَا حمام الأيك يبكي هديله ... بُكَائِي فليفزع للوم اللوائم وَمَا هِيَ إِلَّا فرقة تبْعَث الأسى ... إِذا نزلت بِالنَّاسِ أَو بالبهائم خلا ناظري من نومَة بعد خلْوَة ... مَتى كَانَ مني النّوم ضَرْبَة لَازم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 وَقَوله ... قَالُوا اصطبر وَهُوَ شَيْء لست أعرفهُ ... من لَيْسَ يعرف صبرا كَيفَ يصطبر أوص الخلى بِأَن يغضي الملاحظ عَن ... غر الْوُجُوه فَفِي إهمالها غرر وفاتن الْحسن قتال الْهوى نظرت ... عَيْني إِلَيْهِ فَكَانَ الْمَوْت وَالنَّظَر ثمَّ انتصرت بعيني وَهِي قاتلتي ... مَاذَا تُرِيدُ بقتلي حِين تنتصر يَا شقة النَّفس واصلها بشقتها ... فَإِنَّمَا أنفس الْأَعْدَاء تهتجر ظلمتني ثمَّ إِنِّي جِئْت معتذراً ... يَكْفِيك أَنِّي مظلوم ومعتذر ... وَهُوَ من مداح الْمَنْصُور بن أبي عَامر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الشلبية وَهُوَ = كتاب اللَّيَالِي القمرية فِي حلى مَدِينَة شنتمرية مَدِينَة مَشْهُورَة تعرف بشنتمرية الغرب لِأَن هُنَالك شنتمرية الشرق وَهِي الْآن للْمُسلمين السلك 281 - أَبُو الْحسن بن هَارُون كَانَ بَنو هَارُون قد ملكوا شنتمرية وتوارثوها وَأَخذهَا مِنْهُم المعتضد بن عباد وَأَبُو الْحسن مِمَّن ذكره صَاحب الذَّخِيرَة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... وحديقة شَرقَتْ بغمر نميرها ... يَحْكِي صفاء الجو صفو غديرها تجْرِي الْمِيَاه بهَا أسود أحكمت ... من خَالص العقيان فِي تصويرها ... الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 فَكَأَنَّهَا أَسد الشرى فِي شكلها ... وَكَأن وَقع المَاء صَوت زئيرها ... وَذكره الحجاري وَأنْشد لَهُ هَذِه الأبيات وَمن = كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام 282 - أَبُو الْفضل جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الأعلم من السمط ذُو اللِّسَان الذلق والجبين الطلق وَالدَّال على كرم الْخلق بِكَمَال الْخلق الَّذِي سَابق فبذ وأشرف وناضل قادة الْكَلَام فأنصف وساجل بحور النثار والنظام فَمَا تلعثم وَلَا توقف وَأثْنى على أَصله وذاته وَأنْشد لَهُ قَوْله ... قَالَت وَقد أَقبلت ألثمها ... والخرص لَا يلوي على الدهش أفضحت نَفسك قلت واحربا ... أأموت فِي غرق من الْعَطش ... وَقَوله ... كتبت ولاعج البرحاء يملي ... ونار الشوق تستمري الدموعا وَلَو نَفسِي أطارعها لقضت ... إِلَيْكُم يَا أحبتي الضلوعا ... وَقَوله ... هَذَا الخليج وَهَذِه أدواحه ... جسم نسيم رياضه أرواحه سيف إِذا ركد الْهَوَاء بصفحه ... درع إِذا هبت عَلَيْهِ رياحه ... وَقَوله ... انْظُر إِلَى الأزهار كَيفَ تطلعت ... بسماوة الرَّوْض المجود نجوما ... الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 .. وتساقطت فَكَأَن مسترقاً دنا ... للسمع فانقضت عَلَيْهِ رجوما وَإِلَى مسيل المَاء قد رقمت صنا ... ع الرّيح فِيهِ من الْحباب رقوما ترمى الرياض لَهُ نثير أزاهر ... فتعيده فِي ضفتيه نظيما ... ومدح أَبَا إِسْحَاق بن أَمِير الملثمين يُوسُف وَمن = كتاب مصابيح الظلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 283 - أَبُو الْحسن صَالح بن صَالح الشتنمري من شعراء الْمِائَة الْخَامِسَة الْمَشْهُورين الْمَذْكُورين فِي = كتاب الذَّخِيرَة وَأحسن مَا وقفت عَلَيْهِ من شعره قَوْله على أَنه قد روى لأبي مُحَمَّد بن سارة وَهُوَ أولى بِهِ ... أَسْنَى ليَالِي الدَّهْر عِنْدِي لَيْلَة ... لم يخل فِيهَا الكاس من إِعْمَال فرقت فِيهَا بَين عَيْني والكرى ... وجمعت بَين القرط والخلخال ... وَقَوله ... أملي من الدُّنْيَا تستر خلْوَة ... أبْكِي بهَا وأبث سر هَوَاك حَولي وحولك أعين ومسامع ... أُخْفِي الْهوى عَنْهُن إِذْ أَلْقَاك حذرا عَلَيْك فديت بِي ومخافة ... أَن يقصروك ويحجبوا مرآك لَوْلَا الْحيَاء وَأَن تشيع سريرتي ... بددت شَمل الدمع حِين أَرَاك ... وَقَوله ... إِذا هَب النسيم فَلَا تسلني ... عَن الوجد المبرح والغرام وَإِن ناح الْحمام فدع فُؤَادِي ... وَمَا أبداه من طرق الْحمام ... الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الشلبية وَهُوَ = كتاب حلى الْعليا فِي حلى مَدِينَة الْعليا من المدن الغربية الشمالية 284 - كثير العلياوي أديب مَشْهُور فِي عصرنا كَانَ بإشبيلية ورحل إِلَى بجاية فَأكْثر كَلَامه فِيمَا لَا يعنيه فَضرب وجرس وَنفي فِي الْبَحْر فاستقر بِجَزِيرَة منورقة الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 عِنْد صَاحبهَا سعيد بن حكم وَمن شعره قَوْله ... لَيْسَ المدامة مِمَّا أستريح لَهُ ... وَلَا مجاوبة الأوتار والنغم وَإِنَّمَا لذتي كتب أطالعها ... وصارمي أبدا فِي نصرتي قلمي ... وَقَوله ... طَار الْغُرَاب لبينهم فحسبته ... إِذْ طَار مُشْتَمِلًا صميم فُؤَادِي ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الشلبية وَهُوَ = كتاب الْكَوَاكِب المطلة فِي حلى مَدِينَة قسطلة تعرف بقسطلة الغرب مِنْهَا 285 - أَبُو عَليّ إِدْرِيس بن الْيَمَان الْعَبدَرِي أَطَالَ الْإِقَامَة فِي جَزِيرَة يابسة حَتَّى عرف مِنْهَا وَله أمداح كَثِيرَة فِي مُلُوك الطوائف وَقد ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَن صلته على القصيدة كَانَت مائَة دِينَار وَلَا يمدح أحدا إِلَّا بِهَذَا الشَّرْط وأبدع شعره قَوْله ... ثقلت زجاجات أتتنا فرغا ... حَتَّى إِذا ملئت بِصَرْف الراح خفت فَكَادَتْ تستطير بِمَا حوت ... إِن الجسوم تخف بالأرواح ... وَقَوله فِي لحية طَوِيلَة عريضة ... لَو أَنَّهَا دون السَّمَاء سَحَابَة ... لم تخترقها دَعْوَة الْمَظْلُوم ... الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 = كتاب الديباجة فِي حلى مملكة باجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب غرب الأندلس وَهُوَ = كتاب الديباجة فِي حلى مملكة باجة مملكة غربية شمالية قد استولى عَلَيْهَا النَّصَارَى وينقسم كتابها إِلَى كتابين كتاب الْكَوَاكِب الوهاجة فِي حلى مَدِينَة باجة كتاب الأقراط المكللة فِي حلى حصن مارتلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكِتَابَيْنِ اللَّذين يشْتَمل عَلَيْهِمَا = كتاب مملكة باجة وَهُوَ = كتاب الْكَوَاكِب الوهاجة فِي حلى مَدِينَة باجة من كتاب الرَّازِيّ مَدِينَة باجة من أقدم مَدَائِن الأندلس ابتنيت أَيَّام جاسر أول القياصرة وَهُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ بتذريع الدُّنْيَا وتكسيرها وأرضها أَرض زرع وضرع ونوارها يحسن للنحل وَيكثر عَنهُ الْعَسَل ولمائها خاصية فِي دباغ الْأدم لَا يبلغهُ دباغ السلك من = كتاب الْيَاقُوت 286 - أَبُو عَمْرو بن طيفور الْبَاجِيّ بَنو طيفور أَعْيَان باجة وَقد ملكوها فِي وَقت وَكَانَ أَبُو عَمْرو بن الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 طيفور فِي عصرنا وَهُوَ الْقَائِل فِي الْهَيْثَم حَافظ إشبيلية ... إِنَّمَا الْهَيْثَم سفر ... من كَلَام النَّاس ضخم لَا تطالبه بفهم ... لَيْسَ للديوان فهم ... وَمن = كتاب الْعلمَاء 287 - أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ سُلَيْمَان بن خلف من القلائد بدر الْعُلُوم اللائح وقطرها الغادي الرَّائِح وثبيرها الَّذِي لَا يزحم ومنيرها الَّذِي ينجلي بِهِ لَيْلهَا الأسحم كَانَ إِمَام الأندلس الَّذِي تقتبس أنواره وتنتجع أنجاده وأغواره وَقد كَانَ رَحل إِلَى الْمشرق فعكف على الطّلب ساهراً وقطف من الْعلم أزاهراً وتغالى فِي اقتنائه وثنى إِلَيْهِ عنان اعتنائه حَتَّى غَدا مَمْلُوء الوطاب وَعَاد بلح طلبه إِلَى الإرطاب فكر إِلَى الأندلس بحراً لَا تخاض لججه وفجراً لَا يطمس منهجه فتهادته الدول وَتَلَقَّتْهُ الْخَيل والخول وانتقل من محجر إِلَى نَاظر وتبدل من يَانِع لناضر وَأنْشد لَهُ قَوْله ... إِذا كنت أعلم علما يَقِينا ... بِأَن جَمِيع حَياتِي كساعة فَلم لَا أكون ضنيناً بهَا ... وأجعلها فِي صَلَاح وَطَاعَة ... الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 وَقَوله يرثي ابنيه وَقد مَاتَا مغتربين ... رعى الله قلبين استكانا ببلدة ... هما أسكناها فِي السوَاد من الْقلب يقر بعيني أَن أَزور ثراهما ... وألصق مَكْنُون الترائب فِي الترب وأبكي وأبكي ساكنيها لعلني ... سأنجد من صحب وأسعد من سحب فَمَا ساعدت ورق الْحمام أَخا أسى ... وَلَا روحت ريح الصِّبَا عَن أخي كرب وَلَا استعذبت عَيْنَايَ بعدهمَا كرى ... وَلَا ظمئت نَفسِي إِلَى الْبَارِد العذب أحن ويثنى الْيَأْس نَفسِي عَن الأسى ... كَمَا اضْطر مَحْمُول على الْمركب الصعب ... وَله كتاب الْمُنْتَقى فِي الْفِقْه الْمَالِكِي وناظر ابْن حزم ففل من غربه وَكَانَ سَببا لإحراق كتبه 288 - الْفَقِيه أَبُو عمر يُوسُف بن جَعْفَر الْبَاجِيّ فَقِيه جليل الْقدر رَحل إِلَى الْمشرق وَحج وَولى قَضَاء حلب وَعَاد إِلَى الأندلس فجل قدره عِنْد المقتدر بن هود ملك سرقسطة وَمن شعره قَوْله يُخَاطب إخوانه ... سَلام على صفحات الْكَرم ... على الْغرَر الفارجات الغمم فَلَا أنس ذَاك أنس الحيا ... وَتلك الْمَعَالِي وتيك الشيم وَدُنْيا بكم طَلْقَة المجتلى ... ودهراً بكم وَاضح المبتسم وساعات أنس تجول النُّفُوس ... لَدَيْهَا مجَال حمام الْحرم أحن إِلَيْكُم وَمن شاقه ... تذكر عهدكم لم يلم وأنشر من فَضلكُمْ مَا علمت ... على أَنه ظَاهر كَالْعلمِ ... الحديث: 288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكِتَابَيْنِ اللَّذين يشْتَمل عَلَيْهِمَا كتاب المملكة الباجية وَهُوَ = كتاب الأقراط المكللة فِي حلى حصن مارتلة من حصون باجة وَهُوَ معقل جليل كَانَ فِي أَيدي الْمُسلمين حِين كنت بالأندلس مِنْهُ 289 - الزَّاهِد أَبُو عمرَان مُوسَى بن عمرَان المارتلي سَار بإشبيلية فِي طَرِيق الزهادة وَكَانَ الْمُلُوك يزورونه وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِم وَله نثر ونظم فِي الزّهْد وَالْحكم مدون مَشْهُور وَمن نثره كل مَا يفنى مَاله من خف لِسَانه وَقدمه كثر ندمه التغافل عَن الْجَواب من فعل ذَوي الْأَلْبَاب من أَعْطَاك رفده فقد منحك وده ملك فُؤَادك من أفادك وَمن نظمه قَوْله ... إِلَى كم أَقُول وَلَا أفعل ... وَكم ذَا أحوم وَلَا أنزل وأزجر عَيْني فَلَا ترعوى ... وأنصح نَفسِي فَلَا تقبل ... الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 .. وَكم ذَا تعلل لي ويحها ... بعل وسوف وَكم تمطل وَكم ذَا أومل طول البقا ... وأغفل وَالْمَوْت لَا يغْفل وَفِي كل يَوْم يُنَادي بِنَا ... منادى الرحيل الأ فانزلوا آمن بعد سبعين أَرْجُو البقا ... وَسبع أَتَت بعْدهَا تعجل كَأَن بِي وشيكاً إِلَى مصرعي ... يساق بنعشي وَلَا أمْهل فيا لَيْت شعري بعد السُّؤَال ... وَطول الْمقَام لما أنقل ... وَكَانَ مُلْتَزما لما ينْطق بِهِ من قَوْله ... اسْمَع أخي نصيحتي ... والنصح من مَحْض الدّيانَة لَا تقربن إِلَى الشها ... دة والوساطة وَالْأَمَانَة تسلم من أَن تعزى لزو ... ر أَو فضول أَو خِيَانَة ... وَمَات فِي آخر مُدَّة نَاصِر بني عبد الْمُؤمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 = كتاب الرياض المصونة فِي حلى مملكة أشبونة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب غرب الأندلس وَهُوَ = كتاب الرياض المصونة فِي حلى مملكة أشبونة مملكة جليلة على الْبَحْر الْمُحِيط فِي غرب إشبيلية وشمالها وَقد حصلت فِي يَد النَّصَارَى وينقسم كتابها إِلَى كتاب الْعِزَّة الميمونة فِي حلى مَدِينَة أشبونة كتاب حديقة الأحداق فِي حلى دولة القبذاق كتاب النكهة العطرة فِي حلى مَدِينَة شنترة كتاب عرف النسرين فِي حلى شنترين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الأشبونية وَهُوَ كتاب الْغرَّة الميمونة فِي حلى مَدِينَة أشبونة هِيَ عروس المنصة من كتاب الرَّازِيّ مَدِينَة قديمَة فِي غرب باجة وَلها أَثَرَة فاضلة فِي طيب الثمرات وَتمكن فِي ضروب الصَّيْد برا وبحراً وبزاتها الجبلية أطير البزاة وأعتقها وَفِي جبالها شورة النَّحْل وَهُوَ الْعَسَل الْخَالِص الْبيَاض كالسكر وَيُوضَع فِي خرقَة فَلَا يكون لَهُ رُطُوبَة التَّاج كَانَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف للمتوكل بن الْأَفْطَس وَقد ولي عَلَيْهَا أَبَا مُحَمَّد بن هود المُهَاجر إِلَيْهِ من سرقسطة وَأَخذهَا النَّصَارَى فِي آخر مُدَّة الملثمين السلك 290 - مُحَمَّد بن سوار الأشبوني شَاعِر مَشْهُور مَذْكُور فِي كتاب الذَّخِيرَة أسره النَّصَارَى وَجَرت عَلَيْهِ محن الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 وفداه مِنْهُم ابْن عشرَة كريم سلا فَلهُ فِيهِ أمداح كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله ... رَأَيْتُك أندى النَّاس كفا وكل مَا ... تجود بِهِ فَالله ينميه لِلْأُخْرَى ولولاك مَا فك السلَاسِل ضاغط ... وَمَا فَارَقت عَيْنَايَ سلسلة الأسرى وصيرت عيشي فِي جنابك بِالَّذِي ... مننت بِهِ حلواً وَكم ذقته مرا على ذَاك لَا أَنْفك أخْلص دَاعيا ... إِلَى الله أَن ينمي لَك الجاه والعمرا ... وَقَوله ... أحب سلا من أجل كونك من سلا ... فَكل سلاوي إِلَى حبيب لصيرتها مصرا ونيلك نيلها ... وكفك بطحاها وَأَنت خصيب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الأشبونية وَهُوَ = كتاب حديقة الأحداق فِي حلى قَرْيَة القبذاق من قرى أشبونة 291 - أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن مقانا الأشبوني القبذاقي شَاعِر مَشْهُور مَذْكُور فِي الذَّخِيرَة سَافر إِلَى حَضْرَة مالقة ومدح بهَا الْخَلِيفَة إِدْرِيس بن يحيى عَليّ بن حمود الفاطمي بالقصيدة الْمَشْهُورَة فِي الْآفَاق الَّتِي مِنْهَا ... ألبرق لائح من أندرين ... ذرفت عَيْنَاك بالدمع الْمعِين ولصوت الرَّعْد زجر وحنين ... ولقلبي زفرات وأنين لعبت أسيافه عَارِية ... كمخاريق بأيدي اللاعبين وأنادي فِي الدجى عاذلتي ... ويك لَا أسمع قَول العاذلين عيرتني بسقام وضني ... إِن هذَيْن لزين العاشقين قد بدا لي وضح الصُّبْح الْمُبين ... فاسقنيها قبل تَكْبِير الأذين ... الحديث: 291 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 .. مزة صَافِيَة مشمولة ... لَبِثت فِي دنها بضع سِنِين نثر المزاج على مفرقها ... درراً عامت فَعَادَت كالبرين مَعَ فتيَان كرام نجب ... يتهادون رياحين المجون ويسقون إِذا مَا شربوا ... بأباريق وكأس من معِين شربوا الراح على خد رشا ... نور الْورْد بِهِ والياسمين رجلت داياته عامدة ... سبج الشّعْر على عاج الجبين فانثنى غُصْن على دعص نقاً ... ودجا ليل على صبح مُبين وَجَنَاح الجو قد بلله ... مَاء ورد الصُّبْح للمصطبحين والندى يقطر من نرجسه ... كدموع أسبلتهن الجفون واتبرى جنح الدجى عَن صبحه ... كغراب طَار عَن بيض كنين وَكَأن الشَّمْس لما أشرقت ... فانثت عَنْهَا عُيُون الناظرين وَجه إِدْرِيس بن يحيى بن ... عَليّ بن حمود أَمِير الْمُؤمنِينَ ... قَالَ الحجاري أنْشدهُ هَذِه القصيدة خلف حجاب على عاداتهم فِي ذَلِك فَلَمَّا بلغ إِلَى قَوْله ... كتب الْجُود على أبوابه ... ادخلوها بِسَلام آمِنين انظرونا نقتبس من نوركم ... إِنَّه من نور رب الْعَالمين ... أَمر بِرَفْع الْحجاب حَتَّى نظر إِلَيْهِ وأفرغ سابغ إحسانه عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الأشبونية وَهُوَ = كتاب النكهة العطرة فِي حلى مَدِينَة شنترة الْبسَاط هِيَ مَدِينَة مَشْهُورَة بِالْخصْبِ وَبهَا التفاح العجيب الَّذِي حكى ابْن اليسع وَغَيره أَنه لَا تحمل الدَّابَّة مِنْهُ إِلَّا ثَلَاث حبات وَهِي الْآن لِلنَّصَارَى السلك 292 - بكار بن دَاوُد المرواني ذكر صَاحب سفط اللآلي أَنه من ولد عبد الله بن عبد الْملك بن مَرْوَان مولده فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة فِي مَدِينَة شنترة ثمَّ انْتقل إِلَى قرطبة ثمَّ استوطن أشبونة وَكَانَ غَايَة فِي الزّهْد مطرحاً لنَفسِهِ وَمَات فِي جِهَاد الْعَدو وَاجْتمعَ بِهِ وأنشده من شعره فأنشده صَاحب السفط لنَفسِهِ قَوْله ... أَبْطَأت عني وَإِنِّي ... لفي اشتياق شَدِيد وَفِي يَدي لَك شَيْء ... قد قَامَ مثل العمود لَو ذقته مرّة لم ... تعد لهَذَا الصدود ... الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 فَقَالَ لَهُ بكار أما فِي شعرك أطهر من هَذَا فأنشده ... وَلما وقفت على ربعهم ... فجرعت وحدي بالأجرع وَأرْسل جفني سرار الدُّمُوع ... لنار تأجج فِي الأضلع فَقَالَ عذولي لما رأى ... بُكَائِي رفقا على الأدمع فَقلت لَهُ هَذِه سنة ... لمن حفظ الْعَهْد فِي الْأَرْبَع ... قَالَ فاختلط لبه وَجعل يَجِيء وَيذْهب ثمَّ استنشده صَاحب السفط من شعره فأنشده بكار ... ثق بِالَّذِي سواك من ... عدم فَإنَّك من عدم وَانْظُر لنَفسك قبل قرع ... السن من فرط النَّدَم وَاحْذَرْ وقيت من الورى ... واصحبهم أعمى أَصمّ قد كنت فِي تيه إِلَى ... أَن لَاحَ لي أهْدى علم فاقتدت نَحْو ضيائه ... حَتَّى خرجت من الظُّلم لَكِن قناديل الْهوى ... فِي نور رشدي كالحمم ... وَقَوله ... أَيهَا الشادن الَّذِي ... حسنه فِي الورى غَرِيب لحظ ذَاك الْجمال يُطْفِئ ... مَا بِي من اللهيب وَعَلِيهِ اقوم دهري ... ولكنن أخيب كلما رمت زورة ... قيض الله لي رَقِيب ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة الاشبونية وَهُوَ = كتاب عرف النسين فِي حلى مَدِينَة شنترين هِيَ حَالية الْبسَاط من كتاب الرَّازِيّ غرب باجة مبناها على نهر تاجه بمقربة من انصبابه فِي الْبَحْر وأرضها غَايَة من الْكَرم وَالطّيب الْعِصَابَة كَانَت ولاتها تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من أشبونة وَهِي الْآن لِلنَّصَارَى السلك من = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 293 - الأديب أَبُو الْحسن عَليّ بن بسام التغلبي الشنتريني من المسهب الْعجب أَنه لم يكن فِي حِسَاب الْآدَاب الأندلسية أَنه سيبعث من شنترين قاصية الغرب وَمحل الطعْن وَالضَّرْب من ينظمها الحديث: 293 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 قلائد فِي جيد الدَّهْر ويطلعها ضرائر للأنجم الزهر وَلم ينشأ بِحَضْرَة قرطبة وَلَا بِحَضْرَة إشبيلية وَلَا غَيرهمَا من الحواضر الْعِظَام من يمتعض امتعاضه لأعلام عصره ويجهد فِي جمع حَسَنَات نظمه ونثره وسل الذَّخِيرَة فَإِنَّهَا تعنون عَن محاسنه الغزيرة وَأَعْلَى شعره قَوْله ... أَلا بَادر فَلَا ثَان سوى مَا ... عهِدت الكأس والبدر التَّمام وَلَا تكسل برويته ضباباً ... تغص بِهِ الحديقة والمدام فَإِن الرَّوْض ملتثم إِلَى أَن ... توافيه فينحط اللثام ... وَهَذَا من الطَّبَقَة الْعَالِيَة ونثره فِي = كتاب الذَّخِيرَة يدل على علو طبقته وَأما مَا أنْشدهُ فِيهَا لنَفسِهِ من الشّعْر فنازل وَمن = كتاب مصابيح الظلام 294 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْبر الشنتريني مِمَّن ذكره فِي المسهب الحجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أحب الَّذِي يهوى عَذَابي دَائِما ... وَمَا لي فِيهِ مَا حييت نصيب هِلَال على غُصْن يميس على نقاً ... وكل مَعَاني حسنه فَغَرِيب ... الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 295 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن سارة الشنتريني من القلائد نادرة الدَّهْر وزهرة الْأَيَّام الْمُثبت فِي الْأَعْنَاق من ذمه أَو مدحه مياسم كأطواق الْحمام إِلَى تفنن فِي الْآدَاب وولوج فِي مَدِينَة الشّعْر من كل بَاب إِن شبه فالمعتزيات واجمة أَو اغرب ببديعه فالمعزيات راغمة الْغَرَض مِمَّا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... أما الرياض فَإِنَّهُنَّ عرائس ... لم يحتجبن حذار عين الكالي جاد الرّبيع لَهَا بِنَقْد مهورها ... دفعا وَلم يبخل بِوَزْن الكالي تثنى الصِّبَا مِنْهَا أكف زبرجد منظومة أطرافها بلآلي ... وَقَوله ... لابنَة الزند فِي الكوانين جمر ... كالدراري فِي دجى الظلماء خبروني عَنْهَا وَلَا تكذبوني ... ألديها صناعَة الكيمياء سبكت فحمها سبائك تبر ... رصعتها بِالْفِضَّةِ الْبَيْضَاء كلما ولول النسيم عَلَيْهَا ... رقصت فِي غلالة حَمْرَاء لَو تَرَانَا من حولهَا قلت شرب ... يتعاطون أكؤس الصَّهْبَاء ... الحديث: 295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وَقَوله ... قد شابت النَّار بتنورها ... لما تناهى عمرها واكتهل كَأَنَّهَا لما خبا جمرها ... مُطيب الْورْد إِذا مَا ذبل ... وَقَوله فِي النارنج ... أجمر على الأغصان دارت نضارة ... بِهِ أم خدود أبرزتها الهوادج كرات عقيق فِي غصون زبرجد ... بكف نسيم الرّيح مِنْهَا صوالج ... وَقَوله وَقد قعد إِلَى جَانِبه غُلَام وسيم فَقَامَ وَقعد مَكَانَهُ أسود قَبِيح ... مَضَت جنَّة المأوى وَجَاءَت جَهَنَّم ... فها أَنا أَشْقَى بعد مَا كنت أنعم وَمَا كَانَ إِلَّا الشَّمْس حَان غُرُوبهَا ... فأعقبها جنح من اللَّيْل مظلم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 = كتاب خدع الممالقة فِي حلى مملكة مالقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد إِمَّا بعد حمد الله وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب غرب الأندلس وَهُوَ = كتاب خدع الممالقة فِي حلى مملكة مالقة مملكة بَين مملكتي إشبيلية وغرناطة على بَحر الزقاق وَهِي كَثِيرَة التِّين واللوز وينقسم كتابها إِلَى = كتاب النفخة الزهرية فِي حلى مَدِينَة رية كتاب الترييش فِي حلى مَدِينَة بليش كتاب نخبة الريحانة فِي حلى مَدِينَة بزليانة كتاب الرَّايَة فِي حلى مَدِينَة لماية كتاب فرحة المسرور فِي حلى حصن مورور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة المالقية وَهُوَ = كتاب النفحة الزهرية فِي حلى مَدِينَة رية المنصة من المسهب تعرف الْآن بمالقة وَفِي الْقَدِيم بَريَّة وَهِي بحريّة بَريَّة وَلها الْوَادي الربيعي الَّذِي يَأْتِي زَائِرًا مغباً فَيَزْدَاد أَهلهَا فِيهِ غِبْطَة وحباً وعَلى وعَلى مذانبه المتفرعة كسبائك اللجين مَا ترتاح بمرآه النَّفس وَالْعين وَفِيه أَقُول ... بوادي رية عرج فَإِنِّي ... رَأَيْت الْحسن عَنهُ لَا يمِيل وهات الْخمر صرفا دون مزج ... بِحَيْثُ المَاء والظل الظليل غَدا متقسماً فِي كل وَجه ... كَمَا سلت على خَز نصول تجول لواحظي مَا دمت فِيهِ ... بِحَيْثُ ترى مذانبه تجول ... ولمالقة مِمَّا فضلت بِهِ مَا حفها من شجر اللوز وَشَجر التِّين إِذْ هُوَ بهَا طوفان لَا تزَال تحمل مِنْهُ الركاب والسفين وَهُوَ مفضل على سائرتين الأندلس إِلَّا شعري إشبيلية فَإِن بَعضهم يفضله وَلَا سِيمَا فِي دُخُوله فِي الْأَدْوِيَة ومنفعته ويكفيها عَن الإطناب مَا يتَضَمَّن شرح اسْمهَا إِذْ معنى رية عِنْد النَّصَارَى سلطانة فَهِيَ سلطانة الْبِلَاد وَلها القلعة المنيعة الَّتِي تتقلد من المجرة بنجاد قَالَ ابْن سعيد دخلت مَدِينَة مالقة وأقمت فِيهَا إِقَامَة أرضت الشَّبَاب وأمتعت مجَالِس الْآدَاب وَكَانَ وَالِدي يفضلها ويعجب بهَا وَلَا سِيمَا فِي أَيَّام فَرَحهمْ وخروجهم إِلَى كروم الْعِنَب والتين وَلَقَد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 خرجنَا إِلَى كرم أَقَمْنَا فِيهِ مُدَّة منفعَته فعددنا ذَلِك من أَيَّام النَّعيم إِذْ بَيَاض أبراجها فِي خضرَة شَجَرهَا مَعَ تناسقها وَكَثْرَتهَا كَمَا قَالَ الْكَاتِب أَبُو الْعَبَّاس الشلبي ... نظرت لمالقة مرّة ... وَقد زَينُوا أرْضهَا بالبروج فَقلت سَمَاء بَدَت زهرها ... تضاهى نُجُوم السَّمَاء والبروج ... وخمر مالقة مَشْهُورَة بالأندلس مفضلة وفيهَا من ضروب الوشي الْعَجَائِب ويصنع بهَا الفخار الْمَذْهَب والزجاج وَلأبي الْحُسَيْن بن مسلمة موشحة فِي واديها وَهِي ... بوادي رية اخلع عذار التصابي أما ترَاهُ مُفَرع مثل الصَّباح المرصع بالروض عَاد مجزع سقَاهُ ريه من صفو مَاء السَّحَاب عَلَيْهِ حث المدامه وانظره فِي شكل لامه خَافَ الرياض حمامه فكم خطيه مدت لَهُ كالحراب دَعْنِي من الْعِشْق دَعْنِي فكم بِهِ هاج حزني فَالْآن أعشق دني واقصى ميه مَعَ المنى والرباب الكاس أعشق عمري لله سَاعَات سكرى مَا بَين ورد وزهر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 .. فَمَا لي نيه ... فِي غير هَذَا الْحساب إِلَّا إِذا كَانَ شادن يسبيك مِنْهُ محَاسِن حُلْو الْهوى ممتاجن يُنَادي سيه يَا عَم احزر ثِيَابِي ... وَهَذِه من اصْطِلَاح الصّبيان الَّذين يسبحون هُنَا لَك التَّاج أول من ثار بهَا مُدَّة مُلُوك الطوائف عَامر بن الْفتُوح وخدعه على بن حمود فَأَخذهَا مِنْهُ فَصَارَت قطباً لخلافة وَلَده حِين أخرجُوا من قرطبة وأشهرهم بهَا إِدْرِيس بن يحيى بن عَليّ الملقب بالعالى وَصَارَت إِلَى باريس ابْن حبوس صَاحب غرناطة ثمَّ تداولت عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين وولاة المصامدة وولاة ابْن هود وَهِي الْآن لِابْنِ الْأَحْمَر ملك غرناطة السلك من كتاب تلقيح الاراء صلى الْحجاب والوزراء 296 - أَبُو عَمْرو بن هَاشم وَزِير العالي الإدريسي من المسهب كَانَ لَهُ خلال توجب لَهُ الوزارة أخْبرت أَنه كَانَ يَوْمًا فِي بَيت وزارته فَدخل عَلَيْهِ غُلَام جميل بقل عذراه فَقَالَ ... أَتَانِي وَقد خطّ العذار بخده ... كَمَا خطّ من جمر على مهرق سطرا فَقلت لَهُ لم يقتنع بحيائه ... محياك حَتَّى زَاد من شعر سترا ... الحديث: 296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 وَمن = كتاب أردية الشَّبَاب فِي حلى الْكتاب 297 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أبي الْعَبَّاس الجذامي المالقي قَالَ وَالِدي بَنو أبي الْعَبَّاس من بيوتات مالقة وَهُوَ بَيت علم وأدب وَحسب ورياسة وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا من أعلامهم قد برع فِي النثر وَالنّظم وحسبك أَن الرصافي شَاعِر زَمَانه يَقُول فِي رثائه ... أبني البلاغة فيمَ حفل النادي ... هبها عكاظ فَأَيْنَ قس إياد ... وَمن شعره قَوْله من قصيدة فِي يُوسُف بن عبد الْمُؤمن ... جللتم فَمَاذَا يبلغ القَوْل فِيكُم ... وأفعالكم هن النُّجُوم الزواهر وَإِنِّي وَإِن أطنبت جِئْت مقصراً ... وَمَا تبلغ الاوصاف وَالْبَحْر زاجر ... وَقَوله من قصيدة ... وَكَأن سمرهم غصون فَوْقهَا ... طير ترفرف فَوق أَفْئِدَة العدا ... 298 - أَبُو الْحسن رَضِي الله بن رضَا المالقي أَخْبرنِي وَالِدي أَنه أدْركهُ فِي مُدَّة نَاصِر بني عبد المومن وَكَانَ يكْتب عَن مُلُوكهمْ وَوَصفه بالانهماك فِي شرب الْخمر حَتَّى إِنَّه كَانَ لَا يكَاد يصحو مِنْهَا وَمن شعره قَوْله ... اشرب على الْبَحْر بحرا ... والثم على الزهر زهرا وَانْظُر لدهر تأتى ... فكم تشكيت دهرا وَلَا تمل لمميل ... لَا يقبل الدَّهْر عذرا خلعت فِي الكأس عُذْري ... فاخلع فديتك عذرا ... الحديث: 297 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 .. أَولا فَدَعْنِي فَإِنِّي ... أمحق الْعُمر سكرا ... وسافر من مالقة فَغَاب خَبره وشاع أَنه قتل سامحه الله 299 - ابْنه أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن رَضِي أَخْبرنِي أَبُو الْحجَّاج البياسي مورخ الأندلس أَنه كَانَ مدمناً للخمر كثير القَوْل فِيهَا وَأَنه حضر مَعَه يَوْمًا على شراب فَدخل شيخ ضخم الجثة مستثقل فَقَالَ أَبُو الْحجَّاج ... اسْقِنِي الكأس صاحيه ... ودع الشَّيْخ ناحيه ... فَقَالَ ... إِن تكن ساقياً لَهُ ... لَيْسَ ترويه سَاقيه ... 300 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد ربه من وَلَده أبي عمر بن عبد ربه صَاحب كتاب العقد رَحل إِلَى الْمشرق وَله رِسَالَة فِي صقلية ذكر فِيهَا مَا جرى لَهُ بِمصْر وَكَانَ كَاتبا لأبي الرّبيع ابْن عبد الله بن عبد الْمُؤمن سُلْطَان الغرب الْأَوْسَط وَمن شعره قَوْله ... كَأَنَّمَا الشَّمْس وَقد قابلت ... بدر الدجى والأفق الأهيف عينا هزبر كلف وَجهه ... ينظر فِي عطفيه لَا يطرف فَإِن تقل مَا لَوْنهَا وَاحِد ... قلت وَهَذَا سبع أخيف ... وحذر فِي رسَالَته من الْأَسْفَار لما قاسى فِيهَا الحديث: 299 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 301 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن طَالب قَالَ وَالِدي كَانَ يكْتب عَن وُلَاة ماقلة وأدركه ابْن عمي أَبُو مُحَمَّد بمالقة وأنشدني لَهُ قَوْله ... جفوتني من بعد ذَاك الرِّضَا ... وَاللَّيْل يَأْتِي فِي عقيب النَّهَار وَصَارَ أنسي وَحْشَة مِنْكُم ... وَالْخمر لَا بُد لَهَا من خمار ... وَله ... هَذَا النَّهَار قد أضحى ... يبكي لفقد المدام فانهض لنبديه بالكا ... س فِي اتِّصَال ابتسام ... وَمن = كتاب بُلُوغ الآمال فِي حلى الْعمَّال 302 - = أَبُو الْقَاسِم بن السقاط المالقي من القلائد مستعذب المقاطع كَأَنَّمَا صور من نور سَاطِع أبهى من محيا الظبي الخجل وَأحلى من الْأَمْن عِنْد الْخَائِف الوجل يهب عطراً نشره وَلَا يغب حينا بشره الْغَرَض مِمَّا أثْبته من نظمه قَوْله ... سقى الله ايامنا بالعذيب ... وازماننا الغر صوب السَّحَاب إِذْ الْحبّ يَا بثن رَيْحَانَة ... تجاذبها خطرات العتاب وَإِذ أَنْت نوارة تجتنى ... بكف المنى من رياض التصابي ليَالِي والعيش سهل الجنا ... نضير الجوانب طلق الجناب رميتك طيراً بدوح الصِّبَا ... وصدتك ظَبْيًا بوادي الشَّبَاب ... الحديث: 301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 وَقَوله ... وَيَوْم ظلنا للمنى تَحت ظله ... تَدور علينا بالسعادة أفلاك بروض سقته الجاشرية مزنة ... لَهَا صارم من لامع الْبَرْق بتاك توسدنا الصَّهْبَاء أضغاث آسه ... كأنا على خضر الأرائك أَمْلَاك تطاعننا فِيهِ ثدي نواهد ... نهدن لحربي والسنور أفناك وتجلى لنا فِيهِ وُجُوه نواعم ... يخلن بدوراً والغدائر أفلاك ... وَذكر أَنه حضر مَعَه مَوَاضِع أنس وَهُوَ مِمَّن أثنى عَلَيْهِ صَاحب المسهب وَأخْبر أَنه ولي أَعمال مالقة 303 - أَبُو عَليّ بن يبْقى ولي أَعمال مالقة حِين كَانَ واليها أَبُو الْعَلَاء مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ لَهُ جَارِيَة قد أدبها وَعلمهَا الْغناء فطلبها مِنْهُ أَبُو الْعَلَاء فَلم يسعفه بهَا فَأمْسك لَهُ ذَلِك مَعَ أَشْيَاء كَانَت عَلَيْهِ فِي نَفسه فَلَمَّا خطب لنَفسِهِ بالخلافة فِي إشبيلية أحضرهُ وَضرب عُنُقه وَكتب إِلَى وَالِدي وَقد جَازَ على مالقة فَلم يجْتَمع بِهِ ... أكذا يجوز الْقطر لَا يثني على ... أَرض توالى جدبها من بعده الله يعلم أَنَّهَا مَا أنبتت ... زهراً وَلَا ثمراً لمُدَّة فَقده عرج علينا سَاعَة يَا من لَهُ ... حسب يفوق الْعَالمين بمجده ... الحديث: 303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 وَمن كتاب فِي حلى ذَوي الْبيُوت 304 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُؤَمل من بَيت كَبِير بمالقة وَأَبُو الْعَبَّاس من سراتهم وساداتهم فِي الْأَدَب وَالشعر وَمن شعره قَوْله ... وكأس على وَجه الحبيب شربتها ... كَأَنِّي أَسْقِي الشَّمْس أَو أنظر البدرا سقيت بهَا من لَا أبوح بِذكرِهِ ... ثَلَاثًا فهز السكر معطفه النضرا وشعشعتها كَيْمَا تغض جماحها ... وَقد وَردت من خَدّه ذَلِك الزهرا فَقَالَ وَقد زَادَت بخديه حمرَة ... كَمَا أَبْصرت عَيْنَاك فِي الشَّفق الفجرا خلعت عَلَيْهَا للحباب قلادة ... فعوض خدي سكرها حلَّة حمرا ... وَمن = كتاب الْأَحْكَام فِي حلى الْحُكَّام 305 - أَبُو الْحسن بن حسون من المسهب عين مالقة وَرب حلهَا وعقدها وَعلم بردهَا وواسطة عقدهَا وَكَانَ من أَئِمَّة الْعلمَاء ولى قَضَاء مالقة فِي مُدَّة العالي بن يحيى بن حمود الفاطمي وَمن شعره قَوْله ... خلعت عِذَارَيْ فِي هَواهَا وَعند مَا ... تبدت نُجُوم الشيب فِي غسق الشّعْر ثنيت عناني وارتجعت إِلَى النهى ... وعادوني حامي وراجعني صبري ... الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 .. واصبحت لَا ابغي سوى الْعلم خطة ... فَفِيهِ الَّذِي أرجوه فِي موقف الْحَشْر ولولاه مَا اصبحت اقضي على الآلي ... صحبتهم فِي عنفوان من الْعُمر ... وقاسى شدَّة من اخْتِلَاف الْخُلَفَاء على بَلَده 306 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الوحيدي قَاضِي حَضْرَة مالقة من المسهب جرى فِي صباه طلق الجموح وَلم يزل يُعَاقب بَين غبوق وصبوح خالعا عذراه فِي الملاح هائماً بانثناء الْغُصْن فَوق الحقف الرادح لَا يثنيه عاذل وَلَا يرعوى عَن بَاطِل إِلَى أَن دَعَاهُ النذير فاقتدى مِنْهُ بسراج مُنِير وَعوض ذَلِك الاستهتار بِمَا استمال بِهِ قُلُوب الْعَامَّة وَله ... وَلما بدا شَيْء عطف على الْهدى ... كَمَا يَهْتَدِي حلف السرى بنجوم وَفَارَقت اشياع الصبابة والطلا ... وملت إِلَى أهل علا وعلوم ... 307 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَسْكَر قَاضِي مالقة وَاجْتمعت بِهِ فِي مالقة وَحَضَرت مَجْلِسه وَكَانَ متبحراً فِي الْعُلُوم وَكتب الى اوالدي رِسَالَة فِيهَا ... أفاتح من قلبِي بعلياه واثق ... وَإِن كَانَت الْأَبْصَار لم تفتح الودا ... الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2 - ... وَقلت ارى فال انتساب ينيلني ... بقربك فِي نيل المنى والعلا السعدا عَسى الله أَن يدني بعد داركم ... ويفري حِجَابا بَيْننَا للنوى مدا ... وَله ... اهواك با بدر وأهوى الَّذِي ... يعذلني فِيك وأهوى الرَّقِيب وَالْجَار وَالدَّار وَمن حلهَا ... وكل من مر بهَا من قريب ... وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 308 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد مُحَمَّد بن الفخار الأصولي المالقي من القلائد صَاحب لسن وراكب هَوَاهُ من قَبِيح أَو حسن لَا يصد إِذا صمم وَلَا يرد عَمَّا يمم وَمن شعره قَوْله ... بِأَيّ حسام أم بِأَيّ سِنَان ... أنازل ذَاك الْقرن حِين دَعَاني لَئِن عرى الْيَوْم الْجواد لعِلَّة ... فبالأمس شدوا سَرْجه لطعان وَإِن عطل السهْم الَّذِي كنت رائشاً ... فَفِيهِ دم الْأَعْدَاء أَحْمَر قاني أَلا إِن دِرْعِي نثرة تَبَعِيَّة ... وسيفي صدق إِن هززت يمَان وَقد علم الأقوام من صَحَّ وده ... وَمن كَانَ منا دَائِم الشنآن ... وَقَوله ... إِذا مَا خليلي أسا مرّة ... وَقد كَانَ فِيمَا مضى مُجملا ذكرت الْمُقدم من فعله ... فَلم يفْسد الآخر الأولا ... الحديث: 308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 309 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن معمر اللّغَوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن اخت غَانِم وَمن المسهب من عُلَمَاء مالقة الْمَشْهُورين وَهُوَ متفن فِي عُلُوم شَتَّى إِلَّا أَن الْأَغْلَب عَلَيْهِ علم اللُّغَة وَفِيه اكثر توالفيه وَكَانَ قد وصل من مالقة إِلَى المرية فجل عِنْد ملكهَا المعتصم ين صمادح وَهُوَ الْقَائِل فِي أبي الْفضل بن شرف ... قُولُوا لشاعر بدجة هَل جَاءَ من ... ارْض الْعرَاق فحار طبع البحتري وافى بأشعار تضج بكفه ... وَتقول هَل اعزي لمن لم يشْعر يَا جَعْفَر رد القريض لأَهله ... واترك مباراة لتِلْك الأبحر لَا تزعمن مَا لم تكن أَهلا لَهُ ... هَذَا الرضاب ليغر فِيك الأبخر ... 310 - أَبُو عَمْرو سَالم بن سَالم النَّحْوِيّ من نحاة مالقة الْمَشْهُورين كَانَ يقرئ فِيهَا الْعَرَبيَّة وة من شعره الْمَشْهُور قَوْله ... يَا ماطلاً قد لوى بديني ... مَالِي على الصَّبْر من يدين وَيَا غزالا غزا فؤداي ... بِسَهْم ألحاظ ناظرين أطلت سقمي أخفيت رسمي ... أَسهرت طرفِي اجربت عَيْني مَالك ترنو إِلَى شزرا ... بمقلة تستجير حيني كأنني من بني زِيَاد ... وَأَنت من شيعَة الْحُسَيْن ... الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 311 - الأديب أَبُو الْحسن سَلام بن سَلام المالقي قَالَ وَالِدي هُوَ سَلام بن سَلام مخفف اللَّام وَكَانَ اديبا وَله مقامات سبع مَشْهُورَة وَأَعْلَى شعره قَوْله ... لما ظَفرت بليلة من وَصله ... والصب غير الْوَصْل لَا يشفيه أنضجت وردة خَدّه بتنفسي ... وطفقت أرشف ماءها من فِيهِ ... وَله ... كَيفَ لي بالسلو عَنْكُم وَأَنْتُم ... مَوضِع السؤل والمنى وَالْمرَاد باعدوني إِن شِئْتُم واهجروني ... يستبن قدر مَا لكم فِي فؤداي ... وَمن = كتاب مصابيح الظلام فِي حلى الناظمين لدر الْكَلَام 312 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن السراج من الذَّخِيرَة محسن فِي أهل عصره مَعْدُود وشاعر بني حمود لَهُ فِي الهزاز ... ومسمعة غنت فهاجت لنا هوى ... جَنِينا بِهِ مِنْهَا ثمار المنى جنيا دَعَوْت لَهَا سقيا فَمَا اسْتكْمل الرِّضَا ... دعائي لَهَا حَتَّى سَقَاهَا الحيا سقيا وكاس على طيب استماعي لصوتها ... شربت ودمع الْعين يسعدني جَريا ... الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 .. وَلَو اقلعت اولى عزاليه لَا نبرت ... ريَاح النَّوَى تمري دموع الْهوى مريا خليلي هَذَا الْيَوْم لَو بيع طيبه ... بِمَا حوت الدُّنْيَا لَقلت لَهُ الدِّينَا ... وَقَالَ فِي ديك صدح سحرًا ... رعى الله ذَا صَوت أنسنا بِصَوْتِهِ ... وَقد بَان فِي وَجه الظلام شحوب دَعَا من بعيد صاحباً فَأَجَابَهُ ... يخبرنا أَن الصَّباح قريب عَليّ لَهُ لَو كنت أملك عمره ... حَيَاة على طيب الزَّمَان تطيب ... وَقَالَ ... تَأمل سُقُوط الْغَيْث مَاذَا أثار من ... هوى هُوَ فِي قلب الْمُحب كمين رأى لي جفوناً دمعها غير ذائب ... فذابت على الإسعاد مِنْهُ جفون ... 313 - أَبُو عَليّ الْحسن بن الغليظ ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَنه كَانَ صَاحب ابْن السراج ومنادمه كتب إِلَى ابْن السراج ... يَا خَلِيلًا صفا وكدر يومي ... هَل إِلَى الطّيب فِي غَد من سَبِيل لتمنيت أَن ترى حسن الور ... د بِعَيْنَيْك بالجناب الظليل يَا خَلِيلًا مِثَاله نصب عَيْني ... لَو خلونا إِذن شفيت غليلي ... وَحسن الْورْد هِيَ محبوبة ابْن السراج وَكتب إِلَيْهِ الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 .. يَا من أقلب طرفِي فِي محاسنه ... فَلَا أرى مثله فِي النَّاس إنْسَانا لَو كنت تعلم مَا لَا قيت بعْدك مَا ... شربت كأساً وَلَا استحسنت بستانا ... وَبَينهمَا مخاطبات كَثِيرَة بالشعر وهما من شعراء مُلُوك الطوائف 314 - أَبُو مُحَمَّد الْبَاهِلِيّ قَالَ وَالِدي كَانَ عازفا بطريقي النّظم فِي الْمغرب والملحون وَمن شعره قَوْله ... أخيى يَا أخيى يَا أخيى ... تداركني فَإِنِّي شَرّ شي تداركني بمعصال وكأس ... لسكران الضُّحَى صاحي الْعشي شرابكم وَعرض النَّاس طراً ... وحسبي من غنى شبعي وريي ... 315 - الرميلي الرميلة حَاضر من أرباض مالقة نسب إِلَيْهِ وَكَانَ قد خدم عَليّ بن غانية الميورقي الَّذِي خرج من ميورقة وَملك بجاية وصلب ببجاية بِسَبَب ذَلِك على قَوْله ... أَنْتُم صباح الدّين يجلو غيهب ال ... إلحاد وَالدُّنْيَا بكم ستنير ... 316 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الحمامي شَاعِر مَشْهُور فِي مُدَّة مستنصر بني عبد الْمُؤمن من مَشْهُور شعره قَوْله ... جَيش التجلد يَوْم الْبَين مهزوم ... وَإِن مَوْجُود أنسى فِيهِ مَعْدُوم ... الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 .. وعاقني عَن تشفي الْعين إِذْ رحلوا ... سَحَاب دمع من الأجفان مركوم يَا قلب إِنَّك نشوان بِغَيْر طلاً ... كَمَا بِغَيْر سلَاح أَنْت مكلوم يَا حادي الركب لَا تعجل ببينهم ... إِن الْمعِين على التَّفْرِيق مأثوم هم أتلفوا مهجتي يَوْم الغرام وَمَا ... لمتلف بغريم الْحبّ مغروم ... 317 - أَبُو شهَاب المالقي قَالَ وَالِدي هُوَ مِمَّن صحبته فِي أَيَّام الشَّبَاب وَكَانَ خليع العذار فِي شرب الْعقار وَمن شعره قَوْله ... زارتكم أكؤس الحميا ... تسحب ذيل السرُور زيا رَأَتْ طلي الْإِنْس دون حلي ... فانتظمت حوله حليا ... وَقَوله ... الراح روحي فَلَا وَالله اتركها ... مَا دَامَ جسمي مشتاقاً إِلَى روح ... وَكَانَ فِي الْمِائَة السَّابِعَة 318 - أَبُو النَّعيم رضوَان بن خَالِد من شعراء عصرنا الْمَشْهُورين لَقيته بمالقة وَهُوَ من أظرف الأدباء زيا ومجالسة وَمن مَشْهُور شعره قَوْله الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 .. وَجه نضير لنا رياض ... فكلنا نَاظر إِلَيْهِ فالزهر فِيهِ من زهر فِيهِ ... والورد توريد وجنتيه والجيد جيد القطيع حسنا ... وَالْوَجْه تفاحة عَلَيْهِ ... والقطيع عِنْد أهل الْمغرب قنينة طَوِيلَة الْعُنُق وَقَوله ... أيا من حبه سرى وجهري ... وَيَا من عفتي فِيهِ رَقِيب وَيَا من لَا أُسَمِّيهِ لِأَنِّي ... إِذا مَا قلت أَحْمد ستريب ... وَبعد انفصالي من إفريقية بَلغنِي أَنه مَاتَ وَلم يكن بمالقة أشهر فِي الشّعْر مِنْهُ واشعاره يُغني بهَا كثيرا الاهداب الْغَرَض من أزجال أبي عَليّ الْحسن بن أبي نصر الدّباغ لما عبرت على مالقة كَانَ حِينَئِذٍ هُنَالك وَهُوَ إِمَام فِي الهجو على طَريقَة الزجل وَالْقَوْل فِي اللياطة وَله كتاب فِي مُخْتَار مَا للزجالين المطبوعين زجل لَهُ ... لَا مليح إِلَّا مهاود ... لَا شراب إِلَّا مروق اتكى واربح زَمَانك ... بالخلاغا والمعيشق لَا شراب إِلَّا فِي بُسْتَان ... وَالربيع قد فاح نوار يبكي الْغَمَام ويضحك ... أقحوان مَعَ بهار والمياه مثل الثعابين ... فَذَاك السواق دَار والنسيم ذري الأنفاس ... قد نحل جسمو وَقد رق وَعَشِيَّة مليحا فتن ... عَنْهَا الْمسك ينشق ... الطُّيُور تحكي المثاني ... وتسقها أحسن سياقا فِي ثماراً يُلْهمُون ... لزمان الْعِشْق طاقا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 .. فغصن لاخر يقبل ... وقضيب لَا خير يعنق وشعاع الشَّمْس قد غَابَ ... وبقا فالجو نور والشفق فالغرب مَمْدُود ... قد كتب بزنجفور أحرفاً تقرى وتفهم ... فتراهم فِي سطور السماك ميماً مدور ... والهلال نوناً معرق وَنحن فِي طيب مدام ... قوم جُلُوس وَآخر يمِيل ونديم يسقى نديم ... وخليل يهوي خَلِيل وعذار اللَّيْل قد شَاب ... لما أَن دنا رحيل وَدَلِيل الصُّبْح قُدَّام ... قد ركب جواداً أبلق ... زجل هجو فِي حَكِيم ... إِن ريت من عداك يشتكي من تلطيخ وتريد أَن يقبر احْمِلْ للمريخ قد حلف ملك الْمَوْت بِجَمِيعِ أَيْمَان أَلا يبرح سَاعَة من جوَار دكان ويريح روح ويعظم شان وَفَسَاد النيا تَحت ذَاك التوبيخ بِقِيَاس الْفَاسِد وبدين الحمروج يخذ الصفراوي وَيرد مفلوج للصحيح لس يسمح بمريقة فروج ويحيل المحموم على أكل الْبِطِّيخ وغني إِن طب فَيرد يسْعَى والمني يُطَاق فِي مروج ترعى ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 .. يسقى مَا يسْقِيه يحتبس فِي الأمعا احتباس أَيدي الْعَار بحبال التوبيخ قُوَّة تتنقى من عطاه تنقياً وَيرى أكباده فِي الطسيس مرميا تنبري أنياط وَتَقَع ملويا مثل شعر العانا إِن حلق بالزرنيخ وشراب الممدوح مثل سكر ذباح فالزجاج يتقليط لخُرُوج الْأَرْوَاح نقط أَو ماجني على صلب التماسح وبدا يَتَنَاثَر بالعفن والتزنيخ الْوَزير أبجعفر قد كثر تبجيلك واشق يقل البربرحن يرَوا تعجيلك سو الْأَدَب علمنَا ذَا الدوا أديلك الطِّفْل يتَقَدَّم للقبر قبل الشَّيْخ زجل هجو فِي الجرنيس النيار الزجال وَمَوْت أمه عزوا ابليس ونوح يَا كفار مَاتَت أم الجرنيس النيار أَي عَجُوز لقد فجع فِيهَا كل شاطر إِن كَانَ فِي ذَا الجيها حلف الْمَوْت أَلا يخليها وَأي رزياً جرت على الشطار بيها كَانَ الربض يفوح ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 .. إِن دعت للفسوق تَقول لبيْك وتزين قبح الْمعاصِي إِلَيْك بِحل إِبْلِيس حَتَّى تقع فالعار خلت اولاد بِحل فراخ البوم السموجا والقونسا والشوم نفستهم فِي طالعا مَذْمُوم من رَآهُمْ رَأْي وُجُوه أطيار لم تخلى لَهُم فِي قاع الدَّيْر غير بَطنا وقف مَعَ لغطير وعرم من خروق لمسح ... وقدير تهيج الأسحار موتا مَاتَت مَالا يمتها بشر عينان أَزْرَق وَوجه مثل الْقدر وَاللِّسَان قد خرج لنصف الصَّدْر أذكر الله وَهِي تصيح النَّار خرج الرّوح على دين الربى وَأَبُو مرا يَصِيح أيا حزبي فِي جَهَنَّم تركب على مَعَ ابْنة القلا وذيك الْعيار ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة المالقية وَهُوَ = كتاب الترييش فِي حلى مَدِينَة بليش مَدِينَة فِي شَرق مالقة عامرة آهلة ضخمة الْأَسْوَاق الحضارة أغلب عَلَيْهَا من الْبَادِيَة وَلَيْسَ فِي قَوَاعِد أَعمال مالقة مثلهَا فِي الحضارة وحولها ضيَاع كَثِيرَة وَقد مَرَرْت بهَا مَعَ وَالِدي وَسَأَلت هَل فِيهَا من لَهُ نظم فَلم نجد من يؤبه وَذكر لنا أحد أدبائها أَن مِنْهَا شاعرين 319 - عبد الْعَزِيز بن الطراوة وَهُوَ أحد الشاعرين كَانَ فِي زمن أبي سعيد بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة ومالقة وَأَنه وَفد عَلَيْهِ ومدحه بقصيدة مطْلعهَا ... لَا تَسْقِنِي الكأس إِلَّا من دم البطل ... وَلَا تغن بِغَيْر الْبيض والاسل ... الحديث: 319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وَمِنْهَا ... فد كنت أثني من الآمال جامحة ... فَعِنْدَ مَا لحت لي لم يبْق من أمل وَكَانَ شغلي بِهَذَا الدَّهْر مذ زمن ... فَلَيْسَ لي الْآن غير الْمَدْح من شغل ... وَقَوله ... من لي بِهِ بدوي لَا يهذبه ... لين الْكَلَام وَلَا يرتاح للغزل وَكلما رمت لثماً مِنْهُ قيض لي ... وَجها يريني فِيهِ الْيَأْس من أملي واهاً لَهُ من غزال ضَاعَ فِي بقر ... اللثم عِنْدهم كالطعن بالأسل ... 320 - صَالح بن جَابر هُوَ الشَّاعِر الثَّانِي عاصر ابْن الطراوة الْمَذْكُور وهاجاه وَمن شعره قَوْله ... لبكائي تبْكي الْغَمَام وَإِنِّي ... لست رَاض عَن دمع تِلْكَ الْغَمَام لَو وفت بِالَّذِي أُرِيد لدامت ... أَبَد الدَّهْر فِي تواي انسجام لست أرْضى بِغَيْر دمعي دمعاً ... إِنَّه ناثر دمي من نظام ... الحديث: 320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة المالقية وَهُوَ = كتاب تَحِيَّة الريحانة فِي حلى مَدِينَة بزليانة من حصون مالقة على بَحر الزقاق مِنْهَا 321 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَامر البزلياني الْكَاتِب من الذَّخِيرَة كَانَ فِي ذَلِك الأوان أحد شُيُوخ الْكتاب وجهابذة أهل الْآدَاب مِمَّن أدَار الْمُلُوك ودبرها وطوى الممالك ونشرها والى بني عباد صَارَت مصائره بعد تقلبه فِي الْبِلَاد عنوان من نثره من رقْعَة خَاطب بهَا ابْن عبد الله صَاحب قرمونة عَن حبوس ملك غرناطة الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 من النصح تقريع وَمن الْحفاظ تَضْييع وَلكُل مقَام مقَال إِذا عدى بِهِ عَنهُ اسْتَحَالَ وَوصل مِنْك تَابَ طمست منحاه وغممت مَعْنَاهُ وأومأت فِيهِ إِلَى النصح ودللت على سَبِيل النجح وقفت على فصوله ومعانيه وأحطت علما بِمَا فِيهِ وَلم يكن لمن أوحشت جِهَته وتغيرت مودته أَن يدْخل مدْخل الناصحين ود خرج من جملَة المشفقين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا = الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا = كتاب المملكة المالقية وَهُوَ = كتاب الرَّايَة فِي حلى مَدِينَة لماية من حصون مالقة مِنْهَا 322 - أَبُو جَعْفَر احْمَد اللمائي الْكَاتِب من الذَّخِيرَة أَنه كَانَ أحد أَئِمَّة الْكتاب وشهب الْآدَاب فصل من نثره غُصْن ذكرك عِنْدِي ناضر وَروض ودك عاطر وريح إخلاصي لَك صبا وزمن آمالي فِيك صبا الحديث: 322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 وَمن نظمه قَوْله ... قد قلت إِذْ سَار السفين بِهِ ... والبين ينهب مهجتي نهبا لَو أَن لي ملكا أصُول بِهِ ... لأخذت كل سفينة غصبا ... وَقَوله ... غنى وللايقاع فَوق ... بَيَان مَنْطِقه بَيَان وكأنما يَده فَم ... وقضيبه فِيهَا لِسَان ... وَكَانَ فِي زمَان مُلُوك الطوائف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة المالقية وَهُوَ = كتاب فرحة السرُور فِي حلى حصن مورور من حصون عمل سُهَيْل من أَعمال مالقة الغربية مِنْهُ 323 - الْعَالم المتفنن أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن عبد الله السُّهيْلي الْأَعْمَى صَاحب كتاب الرَّوْض الْأنف فِي شرح السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَهُوَ مَشْهُور فِي علم النَّحْو وفنون الادب أغار الفرنج على سُهَيْل وخربوه وَقتلُوا أَهله وأقاربه وَكَانَ غَائِبا عَنْهُم فاستأجر من أركبه دَابَّة وأتى بِهِ إِلَيْهِ فَوقف بإزائه وَقَالَ ... يَا دَار ايْنَ الْبيض والارام ... ام ايْنَ جيران عَليّ كرام راب الْمُحب من الْمنَازل أَنه ... حييّ فَلم يرجع إِلَيْهِ سَلام لما أجابني الصدى عَنْهُم وَلم ... يلج المسامع للحبيب كَلَام طارحت ورق حمامها مترنماً ... بمقال صب والدموع سجام يَا دَار مَا فعلت بك الْأَيَّام ... ضامتك وَالْأَيَّام لَيْسَ تضام ... الحديث: 323 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب موسطة الأندلس وَهُوَ كتاب النفحة المندلية فِي حلى المملكة الطليطلية مملكة بَين مملكة قرطبة وثغر سرقسطة وَقد حصل جَمِيعهَا فِي يَد النَّصَارَى يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى كتاب البدور المكلمة فِي حلي مَدِينَة طليطلة كتاب الطرس المرقش فِي حلي قَرْيَة وقش كتاب الْغيرَة فِي حلي مَدِينَة طلبيرة كتاب الغرارة فِي حلي مَدِينَة وَادي الْحِجَارَة كتاب صَفْقَة الرباح فِي حلي قلعة رَبَاح كتاب نقش السِّكَّة فِي حلي مَدِينَة طلمنكه كتاب التغبيط فِي حلي مَدِينَة مجريط كتاب السعاده فِي حلي قَرْيَة مكاده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب البدور المكملة فِي حلي مَدِينَة طليطلة المنصة من التَّارِيخ الرُّومِي أَنَّهَا إِحْدَى المدن الْأَرْبَع الَّتِي بنيت فِي مُدَّة قَيْصر أكتبيان الَّذِي يؤرخ من مدَّته الصفر وَتَأْويل اسْمهَا أَنْت فارح وَهِي فِي الإقليم الْخَامِس موسطة مِنْهَا إِلَى الحاجز الَّذِي هُوَ درب الأندلس نَحْو نصف شهر وَكَذَلِكَ إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط بِجِهَة شلب وَمِنْهَا إِلَى قرطبة وَإِلَى غرناطة وَإِلَى مرسية وَإِلَى بلنسية نَحْو سَبْعَة أَيَّام ونهر تاجه قبليها وَأَطْنَبَ الحجاري فِي وصفهَا ووصفها بِعظم الِامْتِنَاع وإحداق الشّجر بهَا من كل جِهَة وَأَنه كَانَ يتفرج من بَاب شقرا فِي الجلنار الَّذِي لم ير مثله إِذْ الجلنارة تقَارب الرمانة وفيهَا من ضروب التَّرْكِيب والفلاحة مَا تفضل بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 غَيرهَا وَابْن بصال صَاحب الفلاحة مِنْهَا قَالَ وَرَأَيْت فِيهَا الشَّجَرَة تكون فِيهَا أَنْوَاع من الثَّمر وَذكر أَنه صحب عِيسَى بن وَكيل إِلَيْهَا وَقد توجه رَسُولا فَقَالَ ابْن وَكيل فِيهَا ... زَادَتْ طُلَيْطُلَةٌ على مَا حَدَّثوا ... بَلَدٌ عَلَيْهِ نضارة ونعيم الله رينة فوشح خضره ... نَهْرُ المجرَّةِ والقُصُورُ نُجُومُ ... ويصنع فِيهَا من آلَات الْحَرْب الْعَجَائِب وَكَانَ فِيهَا المباني الذنونية الجليلة مِنْهَا قبَّة النَّعيم الَّتِي صنعت لِلْمَأْمُونِ بن ذى النُّون تنسدل فِيهَا خيمة من مَاء يشرب فِي جوفها مَعَ من أحب من خواصه فِي أَيَّام الصَّيف فَلَا تصل إِلَيْهِ ذُبَابَة وَهِي فِي بُسْتَان الناعورة وفيهَا الْقصر المكرم الَّذِي بناه واحتفل فِيهِ وأطنبت البلغاء وَالشعرَاء فِي وَصفه وَذكر الحجاري أَن فِيهَا صنفا من التِّين النّصْف أَخْضَر وَالنّصف أَبيض فِي نِهَايَة الْحَلَاوَة التَّاج كثيرا مَا قَامَت بهَا الثوار فِي مُدَّة السلطنة المروانية ونهض إِلَيْهَا سلاطينهم وحاصروها فَرَجَعُوا خائبين وملكوها فعاثوا فِي أَهلهَا وَمِمَّنْ وَليهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 324 - حبيب بن عبد الْملك بن عمر بن الْوَلِيد ابْن عبد الْملك بن مَرْوَان من السقط أَنه من صُدُور الداخلين الأندلس المتميزين بالمعرفة والدهاء والشجاعة وَالْأَدب وَقَول الشّعْر دخل قبل عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل وَكَانَ لَهُ عِنْده مكانة علية وَمِمَّنْ يشار إِلَيْهِ بالطمع فِي الْأَمر وَمَات قبل عبد الرَّحْمَن عَن أحد عشر ذكرا وَفَشَا نَسْله وَهُوَ الْقَائِل ... السَّعْدُ يبلغُ بالفتى فوقَ الَّذِي ... يَسْعَى لَهُ والجَدُّ من أَعْوَانِهِ مَعَ أَنَّ ذَاك مَعَ المقادرِ زَائِدٌ ... فلكمْ جَموحٍ رُدَّ فِي مَيْدَانِهِ ... 325 - عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن سعد الْخَيْر ابْن الْأَمِير الحكم الربضي المرواني من السقط أَنه كَانَ جليل الْقدر عَظِيم الذّكر يعرف بِالْحجرِ ولى مملكة طليطلة للمنصور بن أبي عَامر وَعصى عَلَيْهِ فَحصل فِي يَده فحبسه وَمن شعره قَوْله الحديث: 324 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 .. هَل منكَ حَظٌّ لنا يَا أَيُّها القَمَرُ ... فإِنما حَظُّنا من وَجْهكَ النَّظَرُ رآكَ ناسٌ فَقَالُوا إِنَّ ذَا قَمَرٌ ... فقلتُ كُفُّوا فعندي مِنْهُمَا خَبَرُ الْبدْرُ لَيْسَ بغَيْر النِّصْفِ بَهْجَتُهُ ... حَتَّى الصَّباح وَهَذَا كلُّه قَمَرُ ... دولة بني ذى النُّون ثار بهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف ابْن يعِيش قاضيها وَلم تطل مدَّته وَصَارَت مِنْهُ إِلَى 236 - الظافر اسماعيل بن ذى النُّون فدارى سُلَيْمَان المستعين قَالَ ابْن حَيَّان وَكَانَت نباهة بني ذى النُّون من جدهم ذى النُّون فِي أَيَّام الْأَمِير مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن فقد خلف عِنْده خَصيا بحصن أقليش فعالجه حَتَّى برِئ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 وَقَالَ ابْن حَيَّان إِن اسماعيل كَانَ أول الثوار إيثاراً لمفارقة الْجَمَاعَة وَوَصفه بِشدَّة الْبُخْل لم يرغب فِي صَنِيعَة وَلَا سارع إِلَى حَسَنَة فَمَا أعملت إِلَيْهِ مَطِيَّة وَلَا استخرج من يَده دِرْهَم فِي حق وَلَا بَاطِل وَمِنْه تفجر ينبوع الْفِتَن وَكَانَ ينَال من السّلف الصَّالح قَالَ ابْن غَالب إِنَّه توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَولى بعده 327 - ابْنه الْمَأْمُون يحيى بن إِسْمَاعِيل قَالَ الحجاري لم يكن فيهم أعظم قدرا وَلَا أشهر ذكرا مِنْهُ اجْتمع فِي مَجْلِسه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن شرف حَسَنَة القيروان وَعبد الله ابْن خَليفَة الْمصْرِيّ الْحَكِيم وَأَبُو الْفضل الْبَغْدَادِيّ الأديب وَلم يجْتَمع عِنْد ملك من مُلُوك الأندلس مَا اجْتمع عِنْده من الوزراء وَالْكتاب الجلة مِنْهُم أَبُو عِيسَى بن لبون وَابْن سُفْيَان وَأَبُو عَامر بن الْفرج وَأَبُو الْمطرف ابْن مثنى وَمَات فولى بعده ابْن ابْنه وَهُوَ الحديث: 327 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 328 - الْقَادِر يحيى بن إِسْمَاعِيل بن الْمَأْمُون ابْن ذى النُّون وَكَانَ سيئ الرَّأْي إِن حزم لم يعزم وَإِن سدى لم يلحم واستدرج ابْن الحديدي بالأمان واستفزه إِلَى مصرعه بمزورات الْإِيمَان إِلَى أَن زحف ابْن الحديدي للقصر والدولة يَوْمئِذٍ مُتَعَلقَة بأذياله فانخدع للقادر انخداعاً آل بِهِ إِلَى أَن قَتله أَصْحَاب الْقَادِر فِي الْقصر وَأمر بِنَهْب دور بني الحديدى فاشتغلت الْعَامَّة بهَا فغفر أذفونش ابْن فرذلند فَاه على ثغوره وَجعل يطويها طي السّجل للْكتاب وينهض فِيهَا نهوض الشيب فِي الشَّبَاب إِلَى أَن ثار عَلَيْهِ أهل طليطلة وهرب إِلَى بعض حصونه فَصَارَت للمتوكل بن الْأَفْطَس ثمَّ أسلمها المتَوَكل فاستعان الْقَادِر بأذفونش على حصارها فملكها ابْن ذى النُّون قهرا وأسلمها لأذفونش سنة خمس وَسبعين الحديث: 328 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 السلك من كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت 329 - الْأَمِير أَرقم بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل ابْن عبد الرَّحْمَن بن اسماعيل بن عَامر بن مطرف ابْن مُوسَى بن ذى النُّون من كتاب المسهب يعرف بِابْن المضراس وَأَخُوهُ اسماعيل هُوَ أول من ملك طليطلة من بني ذى النُّون وَكَانَ الْمَأْمُون ابْن أَخِيه يَنْفِيه ويبغضه ويحسده على أدبه ففر عَنهُ إِلَى الثغر الْأَعْلَى لملكته وَمن شعره قَوْله ... إِذا لمْ يَكُنْ لي جانبٌ فِي ذُرَاكُمُ ... فَمَا العذرُ لي أَلاَّ يكونَ التجنُّبُ ... وَكَانَ قد قَرَأَ فِي قرطبة على الرَّمَادِي الشَّاعِر وَآل أمره إِلَى أَن حصل عِنْد النَّصَارَى فَدس إِلَيْهِم ابْن أَخِيه الْمَأْمُون من نصحهمْ فِي شَأْنه بِأَنَّهُ جاموس من قبل ابْن أَخِيه ليتكشف على بِلَادهمْ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ الْمَأْمُون الْحَمد لله هَذِه نعْمَة من جِهَتَيْنِ فقد عَدو وَوُجُوب ثأر نطلب بِهِ الحديث: 329 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 وَمن كتاب تلقيح الآراء فِي حلى الْحجاب والوزراء 330 - الْوَزير أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن ذكر الحجاري أَنه من أهل وَلكنه ورد تَرْجَمته فِي مَدِينَة طليطلة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... يَا مَنْ أَبَى غير مرأَى حُسْنه النَّظَرُ ... من بعد وَجهك لَا شمسٌ وَلَا قمَرُ لَا تحسبنِّي إِذا مَا غبتَ مُصْطَبِرا ... فَمَا على بُعْد ذَاك الْوَجْه أَصْطَبرُ طَال انتظاري وَلَا وعدٌ يُعَلِّلُني ... وَلَا كتابٌ وَلَا رُسْلٌ وَلَا خبرُ ... وَمن نثره الوُدُّ أبقاكَ الله كَمَا علمْتَ غُصْنٌ ناضِرٌ وكيفَ لَا يكونُ كذلكَ وَمَا برحْتَ تنقَّلُ مِنْ قَلْبٍ إِلَى ناظرِ والذِكْرُ لَا يبرحُ مَعْقُوداً باللِّسانِ ومنَ الواجبِ أَلاَّ يُنْسَى ذِكْرُ مُولٍ للإحْسَانِ وَمن كتاب الْكتاب 331 - كَاتب الظافر بن ذى النُّون من المسهب أَنه كَانَ مُتَخَلِّفًا كتب عَن الظافر إِلَى أهل حصن بلغه أَن النَّصَارَى يُرِيدُونَ غرته بالتحذير كتابا طَويلا فِيهِ الحديث: 330 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وَقد قرع أسماعنا أَن شرذمةً من بني الْأَصْفَر صفر وطابهم ونكس عقابهم عزموا أَن يغزوا حوزتكم فكونوا على أهبة لصدمتهم وَأَعدُّوا لَهُم مائَة من أذمار الوغا الزبون وأتبع ذَلِك بِأَلْفَاظ مستغلقة لم يفهمها جند الْحصن وَكَتَبُوا إِلَى الظافر يستفسرونه عَنْهَا وَفِي أثْنَاء ذَلِك ضرب النَّصَارَى على الْحصن وصادفوا فِيهِ الْغرَّة 4 332 الْكَاتِب ابْن عيطون لتجيبي أَبُو الْخطاب عمر بن أَحْمد جيد الصِّنَاعَة وَكَانَ أبي النَّفس غير متكسب بالشعر وَكَانَ فِي جلة الْفُضَلَاء الَّذين وفدوا على المتَوَكل بن الْأَفْطَس صَاحب بطليوس وَكَانَ المتَوَكل قد اعتل وَمَعَ ذَلِك فَخرجت مِنْهُ جوائز للشعراء فَقَالَ ... وَمَا اعتلَّ عَنَّا جودُهُ باعتلالهِ ... ولكنْ وَجَدْنا بِرَّه لَا يُهَنَّاُ تُنَغصُ شكواهُ بجدواهُ عندَنَا ... كأَنَّا عطاشُ البحرِ فِي المَاء نَظْمَأُ ... وجال على مُلُوك الطوائف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 وَمن كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي الْبيُوت الأسعد بن إِبْرَاهِيم بن بليطه لَهُ ... يومٌ تكاثَفَ غيمُهُ فكأَنَّهُ ... دونَ السماءِ دخانُ عودٍ أَخْضَر والطل مثل برادة من فضَّة ... منثور فِي بردةٍ منْ عنبرِ والشمسُ أَحياناً تلوحُ كأَنَّها ... أَمَةٌ تعرِّض نَفسهَا للمُشتري ولديَّ صِرْفُ مُدامةٍ مَشمولةٍ ... تَلْقَى الظلامَ بوجهٍ صبحٍ مسفرِ وكأَنَّها ممَّا تُحبّكَُ أَقْسَمَتْ ... أَلاَّ تَطيبَ لنا إِذا لمْ تَحْضُرِ ... وَمن الذَّخِيرَة أَنه تردد على مُلُوك الطوائف فَارس جحفل وشاعر محفل وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَحْبِبْ بنَوْر الأَقاحِ نُوَّارَا ... عَسْجَدُهُ فِي لُجَيْنِهِ حارا أَيُّ عيونٍ صُوِّرْنَ منْ ذهبٍ ... رُكِّبَ فِيهَا اللُّجَيْنُ أَشفارا إِذا رأَى النَّاظرونَ بهجتَهَا ... قَالُوا نجومٌ تحفُّ أَقمارا كأَنَّ مَا اصفرَّ منْ موسَّطِهِ ... عليلُ قومٍ أَتَوْهُ زوارا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 334 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أرفع رَأسه نبه الحجاري على بَيته بطليطلة وَأَن الْمَأْمُون بن ذى النُّون اشْتَمَل عَلَيْهِ وَشهر عِنْده ذكره وَقَالَ فِي الْمَأْمُون ... دَعُوا الملوكَ وأَبناءَ الملوكِ فمَنْ ... أَضْحى على البَحْرِ لم يَشَتَقْ إِلَى نَهَرِ يَا وَاحِدًا مَا على علياهُ مختَلَفٌ ... مُذْ جادَ كفُّكَ لمْ نَحْتَجْ إِلَى المَطَرِ ومُذْ طلعْتَ لنا شمساً فَمَا نظرَتْ ... عَيْني إِلَى كوكبٍ يَهْدِي وَلَا قَمَرِ ... وَله موشحات مَشْهُورَة يغنى بهَا فِي بِلَاد الْمغرب مِنْهَا فِي مدح الْمَأْمُون بن ذى النُّون الحديث: 334 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 335 - أَبُو بكر يحيى بن بقى الطليطلي 3 من القلائد رَافع راية القريض وَصَاحب آيَة التَّصْرِيح فِيهِ والتعريض أَقَامَ شرائعه وَأظْهر روائعه وَكَانَ عصيه طائعه إِذا نظم أزرى بنظم الْعُقُود وأتى بِأَحْسَن من رقم البرود صفا عَلَيْهِ حرمانه وَمَا صفا لَهُ زَمَانه فَصَارَ قعيد صهوات وقاطع فلوات مَعَ توهم لَا يظفره بِأَمَان وتقلب دهر كواهي الجمان الْغَرَض من نظمه قَوْله ... عِنْدِي حُشَاشَةُ نفسٍ فِي سَبِيل ردىً ... إِنْ شِئْتَهَا اليومَ لمْ أَمْطُل بهَا لِغَدِ وكيفَ أَقْوَى عَلَى السُّلْوَان عنْكَ وقَدْ ... رَبَّيْتُ حُبَّكَ حتَّى شِبْتَ فِي خلدي خُذْهَا وهات وَلَا تمزح فَتُفْسِدَها ... فالماءُ فِي النارِ أَصْلٌ غَيْرُ مطَّرِدِ ... وَقَوله ... فهلاَّ أَقاموا كالبكاءِ تنهُّدِي ... إِذا مَا بَكَى القُمْرِيُّ قَالُوا تَرنَّما ... الحديث: 335 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 وَقَوله ... إِلَى الله أَشكوها نَوًى أَجْنَبيَّةً لَهَا مِنْ أَبيها الدَّهرِ شيمةُ ظالمِ إِذا جاشَ صَدْرُ الأَرضِ بِي كنْتُ مُنْجِداً وإِنْ لمْ يَجِشْ بِي كنتُ بينَ التَهَائِمِ أَكلُّ بني الآدابِ مثليَ ضائعٌ فأَجْعَلَ ظُلْمي أُسْوَة فِي الْمَظَالِم ستبكى قوافي الشّعْر مك جفونِهَا عَلَى عَرَبيٍّ ضاعَ بيْنَ الأعاجِمِ ... وَقَوله ... أَمُصْطَبِرٌ أَنْتَ إِنْ قَوَّضوا ... وأَمّوا المَصِيفَ مِنَ المَرْبَعِ سَتَجْزَعْ إنْ صِرْتَ فِي رَكْبِهمْ ... وإِنْ لَا تَسِرْ فيهمُ تَجْزَعِ تَخَيَّرْ لنفسِكَ فِي حالتين ... فاقْضِ بإِحداهُمَا واصْدَعِ فإِمَّا علَى نيَّةٍ فاعتزِمْ ... وإِمَّا عَلَى ظَلْعٍ فارْبَعِ قدِ ابتكروا واستقلَّتْ بِهِمْ ... قلائصُ مشدودةُ الأَنْسُعِ قَلِيلا عَلَيْنا فإِنَّا على ... أَسىً مُؤلِمٍ وهَوىً مُضْرِعِ نُشَيِّعُكُمْ ولعلَّ الْغناء ... للصب نظرة مستمع وَبِي كَمَدٌ لوْ غَدا بالصَّفَا ... لَذُبْنَ وبالوُرْقِ لمْ تَسْجَعِ وَجَدْنا بِكُمْ وعَلى بَيْنِكُمْ ... ومِنْ أَجلِكُمْ فوقَ مَا نَدَّعي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 وَقَوله ... بأَبي غزالٌ غازلتْهُ مُقْلَتي ... بَيْنَ العُذَيْبِ وَبَين شطى بارق وَسَأَلت مِنْهُ قبْلَة تشقى الجَوَى ... فأًجابَنِي فِيهَا بوَعْدٍ صادِقِ بِتْنَا ونحنُ مِنَ الدَُجَى فِي لُجَّةٍ ... ومِنَ النجومِ الزُّهْرِ تحتَ سُرَادِقِ حتَّى إِذا مالَتْ بِهِ سِنَةُ الكَرَى ... زَحْزَحَتْهُ شَيْئا وكانَ مُعَانقي باعَدْتُهُ عنْ أضلع تشتاقه ... كَيْلا ينَام على وساد خانق ... وَمن كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء 336 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله الْعَسَّال زاهد طليطلة الْمَشْهُور بالكرامات وَإجَابَة الدَّعْوَات وَهُوَ الْقَائِل لما أخذت طليطلة من الْمُسلمين وَقد رَحل عَنْهَا إِلَى غرناطة وهنالك قَبره مكرم مزور إِلَى الْآن وَقد زرته ... يَا أهل أَنْدَلُسٍ حُثُّوا مَطِيَّكُمُ ... فَمَا المقامُ بهَا إلاَّ مِنَ الغَلَطِ الثوبُ يَنْسِلُ مِنْ أَطْرافِهِ وأَرى ... ثَوْبَ الجزيرةِ مَنْسولاً مِنَ الوَسَطِ ... الحديث: 336 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 337 - الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم بن الْخياط من المسهب أَقَامَ خمسين سنة على العفاف وَالْخَيْر لَا تعرف لَهُ زلَّة فَلَمَّا أَخذ النَّصَارَى طليطلة حلق وسط رَأسه وَشد الزنار فَقَالَ لَهُ أحد أَصْحَابه فِي ذَلِك وَقَالَ لَهُ أَيْن عقلك فَقَالَ مَا فعلت هَذَا إِلَّا بعد مَا كمل عَقْلِي وَقَالَ شعرًا مِنْهُ ... تلوَّنَ كالحِرْباء حينَ تَلَوُّنٍ ... وأَبصرَ دُنْيَاهُ بملْءِ جفونِهِ وكلٌّ إِلَى الرَّحْمَنِ يُومِي بِوَجْهِهِ ... ويذكُرُهُ فِي جَهْرِهِ ويقينهِ ولوْ أَنَّ دِيناً كانَ نَفْياً لخالقي ... لمَا كُنْتُ يَوْمًا دَاخِلا فِي فنونِهِ ... وَذكر ابْن اليسع لَهُ رِسَالَة كتبهَا عَن أذفونش ملك النَّصَارَى إِلَى الْمُعْتَمد بن عباد بالإرهاب 338 - المنجم مَرْوَان بن غَزوَان كَانَ مُتَّصِلا بِعَبْد الرَّحْمَن الْأَوْسَط وَخرج فِي بعض سفراته فبشره بالسلامة وافتتاح ثَلَاثَة معاقل من بِلَاد الْعَدو فَكَانَ ذَلِك وَأَعْطَاهُ ألف دِينَار وَكَانَ قد هجا هَاشم بن عبد الْعَزِيز وَزِير مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن فأغراه بِهِ وَأنْشد لمُحَمد أبياتاً كَانَ مَرْوَان قد قَالَهَا متغزلاً فِي مُحَمَّد لما كَانَ غُلَاما الحديث: 337 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 .. أعلِّلُ نَفسِي بالمَوَاعِدِ والمُنَى ... وَمَا العيشُ واللَّذَّاتُ إِلاَّ محمَّدُ ... بذاكَ سَبَى عَقْلِي وهاجَ لِيَ الجوى ... وَلم يسبه حور أونس نُهَّدُ ولكنْ غزالٌ عَبْشَمِيٌّ سمَا بِهِ ... أَبٌ ماجدُ الآباءِ قَرْمٌ ممجَّدُ ... فَأمر لَهُ بِمِائَة سَوط لكل بَيت وسجنه 339 - الطَّبِيب أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الفخار الْيَهُودِيّ سَاد فِي طليطلة وَصَارَ رَسُولا من ملكهَا النَّصْرَانِي أذفونش إِلَى أَئِمَّة بني عبد الْمُؤمن بِحَضْرَة مراكش وَكَانَ وَالِدي يصفه بالتفنن فِي الشّعْر وَمَعْرِفَة الْعُلُوم الْقَدِيمَة والمنطق وَقد أبصرته فِي إشبيلية وَله جاه عريض وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله فِي أذفونش ... حَضْرَةُ الأذفونش لابرحت ... غَضةً أَيامُها عُرُسُ فاخلَعِ النَّعْلَينِ تَكْرمَةً ... فِي ثَرَاها إِنَّها قُدُسُ ... وَمن كتاب مصابيح الظلام فِي حلي الناظمين لدر الْكَلَام 340 - غربيب بن عبد الله الطليطلي من الجذوة شَاعِر قديم مَشْهُور الطَّرِيقَة فِي الْفضل وَالْخَيْر وَمِمَّا يتداول النَّاس من شعره الحديث: 339 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 .. يُهَدِّدُني بمخلوقٍ ضَعِيفٍ ... يهابُ مِنَ المنيَّةِ مَا أَهَابُ ولَيْسَ إلَيْهِ محْيَا ذِي حَيَاةٍ ... وليسَ إلَيْهِ مَهْلكٌ مَنْ يَصَابُ لَهُ أَجَلٌ ولي أَجَلٌ وكلٌّ ... سَيَبْلُغُ حَيْثُ يَبْلُغُهُ الكِتَابُ وَمَا يدرى لَعَلَّ الْمَوْت مِنْهُ ... قَرِيبٌ أَيُّنا قبلُ المُصَابُ لَعَمْرُكَ مَا يَردُّ المَوْتَ حِصْنٌ ... إِذا انْتَابَ المُلوكَ وَلَا حِجَابُ لَعَمْرُكَ إنَّ مَحْيايَ ومَوْتي ... إِلَى مَلِكٍ تذلُّ لَهُ الصِّعَابُ ... الْحلَّة 341 - عِيسَى بن دِينَار الغافقي الطليطلي من الجذوة كَانَ ابْن الْقَاسِم يجله ويكرمه وروى عِيسَى عَنهُ وَكَانَ إِمَامًا فِي الْمَذْهَب الْمَالِكِي وعَلى طَريقَة عالية من الزّهْد وَالْعِبَادَة وَيُقَال إِنَّه صلى أَرْبَعِينَ سنة الصُّبْح بِوضُوء الْعَتَمَة وَكَانَ يُعجبهُ ترك الرَّأْي وَالْأَخْذ بِالْحَدِيثِ وَقيل إِنَّه كَانَ قد أجمع فِي آخر أَيَّامه على أَن يدع الْفتيا بِالرَّأْيِ ويحيل النَّاس على مَا رَوَاهُ من الحَدِيث فأعجلته الْمنية فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ الحديث: 341 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 الْأَهْدَاب الْغَرَض من موشحات ابْن بقى موشحة لَهُ مَشْهُورَة ... مَا الشَّوْقُ إلاَّ زِنَادْ ... يُورِي بقلبي كلَّ حينٍ نِيرَانا ومَنْ بُلِيَ بالفِرَاقْ ... يَبُتْ بِهِ ليلُ السَّليمِ حَرَّانا دُنْيَا تجلَّتْ عروسْ ... على بساطِ السُّنْدُسِ فاشْرَبْ وهَاتِ الكُوْس ... فهيَ حياةُ الأَنْفُسِ وإِنْ أَتَيْتَ العَرُوسْ ... فاعطِفْ بهَا ولْتَجْلِسِ حَيْثُ الرِّياضُ النِجَادْ ... لِصارمٍ راقَ العُيونْ عُرْيَانا أَمْوَاجُهُ فِي اصْطِفَاقْ ... أَنْ جَرَّدَتْ خَيْلُ النَّسيمِ فُرْسَانَا سلْ أَيَّةً سَلَكَا ... عَهْدُ الشَّبَابِ المُسْتَحيلْ أَضلَّ أَمْ هَلَكَا ... أَمْ هَلْ إِليْهِ مِنْ سبيلْ لَا تَلْحَنِي فِي البكا ... إِن أَخَذَتْ منِّي الشَّمولْ وَجْدِي على الوَجْدِ زَادْ ... ذَكَرْتُ والذكرى شُجُونُ إِخوانا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب الغرارة فِي حلي مَدِينَة وَادي الْحِجَارَة التَّاج السلك من زِينَة وَادي الْحِجَارَة من كتاب الْيَاقُوت فِي حلي ذَوي الْبيُوت 342 - أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن مسْعدَة الأوسي كَانَ سكناهُ بغرناطة وبيته عَظِيم بوادي الْحِجَارَة وساد بِنَفسِهِ وَكَانَ متفنناً فِي الْعُلُوم وَقَالَ فِيهِ ابْن دحْيَة صَاحب لِوَاء الْعَرَبيَّة وَذُو الْأَنْسَاب السّريَّة وَتُوفِّي بمالقة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره قَوْله الحديث: 342 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 .. حَنَانَيْكَ مَدْعُوَّاً ولَبَّيْكَ دَاعيا ... فكلٌّ بِما ترضاهُ أصبح رَاضِيا طلعت على أرجائنا بعد فَتْرَة ... وَقد بَلَغَتْ مِنَّا النُّفُوسُ التَّراقِيا وقَدْ مُطِلَتْ مِنَّا دُيُون لَدَى العدا ... وَمن سَيْفِكَ السفَّاحِ نَبْغِي التَّقَاضِيَا ... 343 - أَحْمد بن عائش ذكر الحجاري أَنه من أَعْيَان وَادي الْحِجَارَة الَّذين تحلوا بالأدب وَوَصفه بالجود والارتياح إِلَى سَماع الأمداح وَكَانَ فِي زمَان الْمَأْمُون بن ذى النُّون ملك طليطلة وَمن شعره قَوْله ... قِفُوا إِنَّها سُنَّةُ العاشقينا ... لِنَشْكُوَ للرَّبْع مَا قَدْ لَقِينَا وَلَا تُنْكِرُوا بَعْدَهُمْ وَقْفَةً ... تُفَجِّرُ فِي العَيْنِ عَيْناً مَعِينَا أَقِلُّوا فكمْ ذَا تَلُومُونَنَا ... سَلِمْتُمْ ولَكِنَّنَا قَدْ بُلِينا بَلَغْنَا بأَنفُسِنَا فِي الْهوى ... لمَا لَيْسَ يبْلُغُ الأَعداءُ فِينَا وكَمْ ذَا نُنَادِيهُمُ فِي الدُّجَى ... رَجَاءَ التفاتٍ فَمَا يَسْمَعُونا ... 344 - أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ بن شُعَيْب من بَيت جليل فِي وَادي الْحِجَارَة أثنى عَلَيْهِ الحجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَجِرْني مِنْ ضَعْفِ اللِّحَاظِ وَخَلِّنِي ... وشدَّةَ بيضِ الهِنْدِ فِي مَعْرَكِ الحَرْبِ فَمَا عَبِثَتْ بِي غيرُ كَرَّةِ لَحْظِهِ ... أُعِدُّ لَهَا دِرْعِي فتنفُذُ فِي قلبِي ... الحديث: 343 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وَقَوله ... اتْركُيني حتَّى أُقَبِّلَ ثَغْراً ... لَذَّ فيهِ اللَّمَى وطابَ الرُّضَابُ وعجيبٌ أَنْ تَهْجُريني ظُلْماً ... وشفيعي إِلَى صِبَاكِ الشَّبَابُ ... 345 - أَخُوهُ أَبُو حَامِد الْحُسَيْن بن عَليّ بن شُعَيْب أثنى عَلَيْهِ صَاحب المسهب وَوَصفه بالأدب والفروسية وَمن شعره قَوْله ... أَحِبَّةَ قَلْبي يعلمُ الله أَنَّني ... أَبَيْتُ على رَغْمِ النُّجومِ مُوَكَّلا وقَدْ نالَ عَزْمِي كل شئ أَرُومُهُ ... وَأَمَّا مَرامُ الصبرِ عَنْ قُرْبِكُمْ فَلا وعبتم بِأَنِّي قد تسليت بعدكم ... وَعند التلاقي سَوْفَ يَظْهَرُ مَنْ سَلا فذي كَبِدِي مِنْ بَعْدِكُمْ قَدْ تَصَدَّعَتْ ... وَجَفْنِيَ أَضْحَى بالدُّمُوعِ مبللا ... وَقَوله وَقد كبابه فرسه فَحصل فِي أسر الْعَدو ... وكنتُ أُعِدُّ طِرْفي للرَّزَايا ... يُخَلِّصُنِي إِذا جَعَلَتْ تَحُومُ فأَصْبَحَ للعِدَا عَوْناً لأَنِّي ... أَطَلْتُ عَنَاءَهُ فأَنَا الظَّلُومُ ... 346 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أزراق ذكره صَاحب المسهب وَأثْنى على بَيته وذاته وَكَانَ مستوطناً مَدِينَة وَادي آش من عمل غرناطة قَالَ وَله شعرٌ حسنٌ ألذ عِنْد إنشاده من غفوة الوسن فَمن ذَلِك قَوْله الحديث: 345 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 .. هَلْ عَلِمَ الطَّائِرُ فِي أَيْكِهِ ... بأَنَّ قلبِي للحمى طَائِر ذَكرنِي عهد الصِّبَا ... وكلُّ صَبٍّ للصِّبا ذاكِرُ سَقَى عُهُوداً لَهُمُ بالحِمَى ... دَمْعاً لَهُ ذِكْرُهُمُ نَاثِرُ ... وَوجدت فِي تَقْيِيد سلفى قَالَ عبد الْملك بن سعيد أَنْشدني أَبُو بكر ابْن أزراق لنَفسِهِ ... يَا راحلا نَحْو الْعَلَاء ... أَقِمْ لَعَلَّكَ تَستَرِيحْ 5 ... فالغيثُ قَدْ يُسْقَى بِهِ ... مَنْ لَيْسِ مُرْتَاداً طَليحْ كَمْ ذَا تَهُبُّ على الْبِلَاد ... كمَا هَفَتْ نَكْبَاءُ ريحْ ... 347 - أَبُو جَعْفَر بن أزراق وجدت فِي تَقْيِيد سلفي أَنه من بني أزراق أَعْيَان وَادي الْحِجَارَة فِي الْمِائَة السَّادِسَة وَمن شعره قَوْله ... أَرَاكَ مَلَكْتَ الخَافِقَيْنِ مَهَابةً ... لهَا مَا تَلِجُّ الشُّهْبُ فِي الخَفَقَانِ وتُغْضِي العُيونُ عَنْ سَناكَ كأَنَّها ... تُقابلُ مِنْكَ الشَّمْسَ فِي اللَّمَعَانِ وتَصْفَرُّ أَلْوَانُ العُداةِ كأَنَّما ... رُمُوا مِنْكَ طُولَ الدَّهْرِ باليَرَقَانِ ... الحديث: 347 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَمن كتاب الوزراء 348 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن حصن ذكر الحجاري أَنه من أَعْيَان الوزراء وأعلام الْكتاب وَالشعرَاء هجا الْمَأْمُون بن ذى النُّون بقوله ... سُطُورُ المخازي دُونَ أَبْوَابِ قَصْرِهِ ... بِحجَّابِهِ للقَاصِدِينَ مُعَنْوَنَهْ ... فَلَمَّا تمكن مِنْهُ الْمَأْمُون سجنه فَكتب إِلَى ابْن هود من أَبْيَات ... أَبَا راكبَ الوَجْناءِ بَلِّغْ تحيَّةً ... أَميرَ جُذَامٍ مِنْ أَسِير مُقَيّد غَرِيب عَن الأهلين وَالدَّار والعلى ... فريد وكَمْ أَبْصَرَتْهُ غَيْرَ مُفْرَدِ تَلُوذُ بِهِ الأَعْلامُ تَحْتَ رِكابِهِ ... وتلثمُ مِنْهُ فِي الرِّكَابِ وَفِي اليَدِ ... فرق لَهُ وسعى فِي تخليصه الحديث: 348 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وَمن كتاب الْكتاب أَبُو بكر مُحَمَّد بن قَاسم أشكهباط من المسهب أَصله من وَادي الْحِجَارَة وَنَشَأ بقرطبة وساد فِيهَا وجارى حلبة الْأَعْيَان وَالْكتاب فِي تِلْكَ الْفِتْنَة الَّتِي قلبت أسافلها أعاليها وَأَطْنَبَ فِي ذمه وَأورد لَهُ من النثر مَا عنوانه أستوهِبُ اللهَ الَّذِي تقدست أسماؤه وعمت آلاوه وأسألُهُ أنْ يَتَفَضَّلَ بمطالَعَةِ أخيهِ بحَالِهِ وكَيْفَ أمْرُهُ فِي أشْغَالِهِ وَمن شعره قَوْله وَقد اجتاز بحلب ... أَيْنَ أَقْصَى الغَرْبِ مِنْ أَرْضِ حَلَبْ ... أَمَلٌ فِي الغَرْبِ مَوْصُولُ التَّعَبْ حَنَّ مِنْ شَوْقٍ إِلَى أَوْطَانِهِ ... مَنْ جَفَاهُ صَبْرُهُ لمَّا اغْتَرَبْ جالَ فِي الأَرْضِ لَجاجاً حَائِراً ... بَيْنَ شَوْقٍ وعَنَاءٍ ونَصَبْ ... وَمِنْهَا ... يَا أَحبَّائي اسْمَعُوا بَعْضَ الَّذِي ... يَتَلَقَّاهُ الطَّرِيدُ المُغْتَرِبْ ولْيَكُنْ زَجْراً لَكُمْ عَنْ غُرْبَةٍ ... يَرْجَعُ الرَّأْسُ لَدَيْهَا كالذنب واصوا طَعْناً وضَرْباً دَائِمَاً ... هُوَ عِندي بَيْنَ قَوْمِي كالضرب ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 .. وَلَئِن قاسيت مَا قاسيته ... فِيمَا أَبْصَرَ لَحْظِي مِنْ عَجَبْ ... وَأحسن شعره قَوْله فِي ملك ... وكَمْ قَدْ لَقِيْتُ الجَّهْدَ قَبْلَ مُجَاهِدٍ ... وكَمْ أَبْصَرَتْ عَيْني وكَمْ سَمِعَتْ أُذْني ولاقيت من دهري صروف خطوبة ... كَمَا جَرَتِ النَّكْبَاءُ فِي مَعْطِفِ الغُصْنِ فَلَا تَسْأَلوني عَنْ فِراقِ جَهَنَّمٍ ... ولَكِنْ سَلوني عَنْ دُخُولِي إِلى عَدْنِ ... 350 - رَاشد بن عريف ذكر الحجاري أَنه من أَعْيَان وَادي الْحِجَارَة وساد فِي الْكِتَابَة حضر عِنْده شربٌ فَاحْتَاجَ أحدهم للْقِيَام فَقَامَ لَهُ ثمَّ تسلسل ذَلِك حَتَّى ضجر فَلم يقم فاغتاظ الَّذِي لم يقم لَهُ فَقَالَ رَاشد ارتجالاً ... جُمِّعَ فِي مَجْلِسِي نَدَامَى ... تَحْسُدُنِي فِيهُمُ النُّجُومُ فقَالَ لي مِنْهُمُ خَليلٌ ... مَالك إِذا قُمْتُ لَا تَقُومُ فَقُلْتُ إِنْ قُمْتُ كلَّ حِينٍ ... فإِن خَطْبِيَ بِكُمْ عَظِيمُ ولَيْسَ عِنْدِي إذَنْ نَدَامَى ... بَلْ عِنْدِيَ المُقْعِدُ المُقيمُ ... الحديث: 350 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 وَمن كتاب الْعلمَاء الأديب أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن غُصْن الحجاري من المسهب هَذَا الرجل يفخر بِهِ إقليمٌ لَا بلد وَيقوم بِانْفِرَادِهِ مقَام الْكثير من الْعدَد فَإِنَّهُ كَانَ أحد أعلامها فِي الْأَدَب والتاريخ والتأليفات الرائقة الَّتِي تبهر الْأَلْبَاب وَكَانَ مُلُوك الطوائف يتهادونه تهادي الريحان يَوْم السباسب ويلحفونه أَثوَاب الْكَرَامَة من كل جَانب وَمن شعره قَوْله ... فَدَيْتُكَ لَا تَخَفْ مِنِّي سُلُواً ... إِذا مَا غَيَّرَ الشَّعْرُ الصِّغارَا أهِيمُ بدَنِّ خَلٍّ كانَ خَمْراً ... وأَهْوَى لِحْيَةً كانَتْ عِذَارَا ... 352 - الأديب أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن وزمر الصنهاجي الحجاري من المسهب هُوَ جدي وَتسَمى ابْنه وَالِدي على اسْمه لِأَنَّهُ تَركه فِي الْبَطن وَكَانَ مِمَّن ولع بعلوم التواريخ والآداب وتنبه فِي خدمَة الْمَأْمُون ابْن ذى النُّون وَمن شعره قَوْله الحديث: 352 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 .. لَئِنْ كَرِهُوا يَوْمَ الوَدَاعِ فإِنَّنِي ... أَهيمُ بِهِ وَجْداً لأَجْلِ عِنَاقِهِ أُصَافِحُ مَنْ أَهْواهُ غَيْرَ مُسَاترٍ ... وسِرُّ التلاقي مُودَعٌ فِي فِرَاقِهِ ... وَقَوله ... أَلا إنَّها وَالله إِحدى الكَبَائرِ ... تَعُقُّونَ أَسْلاَفاً لَكُمْ بالمَآَثِرِ مَتَى كانَ مِنْكُمْ مَنْ يَجُودُ لِقَاصِدٍ ... مَتَى كانَ مِنْكُمْ مَنْ يَهَشُّ لِشَاعِرِ ... 353 - ابْنه الأديب أَبُو مُحَمَّد عبد الله صَاحب كتاب الحديقة فِي البديع 3 هُوَ عَم صَاحب المسهب أجلته محنة بَلَده فِي شبابه وَقصد إقبال الدولة ملك دانية ومدحه وَمن شعره قَوْله فِي أبي بكر بن عبد الْعَزِيز مُدبر أَمر بلنسية ... رُدُّوا عَلَيَّ رِكَابَهُمْ بالأَجْرَعِ ... حتَّى يُقَضِّي الشَّوْقُ حَقَّ مُوَدِّعِ وأَبُثُهُمْ مَا قَدْ أَثاروا مِنْ جَوىً ... بِفِرَاقِهِمْ واسْتَقْطَرُوا مِنْ أَدْمُعِ ... وَأنْشد لنَفسِهِ فِي الحديقة ... وشَادِنٍ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ ... أَمَّنَنِي مِنْ سَطْوةِ الدَّهْرِ يَنَامُ للشَّرْبِ على جَنْبِهِ ... وَيَصْرِفُ الذَّنْبَ عَلَى الخَمْرِ ... الحديث: 353 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 354 - جاحظ الْمغرب صَاحب المسهب أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم الحجاري هُوَ أول من أسمى هَذَا التصنيف وَفتح بَابه لمن بعده من بني سعيد 3 وَقد أطنب وَالِدي فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ من طَرِيق البلاغة نظماً ونثراً وَمَعْرِفَة التصنيف وَقَالَ فِيهِ وَبِمَ أصفه وقدرة اللِّسَان لَا تنصفه وَفد على عبد الْملك بن سعيد وَهُوَ حِينَئِذٍ صَاحب القلعة المنسوبة إِلَى سلفه وأنشده قصيدة مِنْهَا ... عَلَيْك أحالني الذّكر الْجَمِيل 5 فَجئْت وَمن ثنائك لي دَلِيلُ أَتَيْتُ ولَمْ أُقَدِّمْ مِنْ رَسُولٍ ... لأَنَّ القَلْبَ كانَ هُوَ الرَّسُولُ ... وَمِنْهَا فِي شكله البدوي ... أَجِلْ طَرْفاً لَدَيَّ فإِنَّ عِنْدِي ... مِنَ الآدَابِ مَا يَحْوِي الخَلِيلُ وَمَثِّلْنِي بدَنٍّ فيهِ سِرٌّ ... يَخِفُّ بِهِ ومَنْظَرُهُ ثَقِيلُ ... فاختبره عبد الْملك فأحمده وصنف لَهُ كتاب المسهب فِي فَضَائِل الْمغرب وَهُوَ أصل هَذَا الْكتاب كَمَا تقدم فِي الْخطْبَة وَقد تقدم من نثره فِي أَوْصَاف من يذكرهم فِي كِتَابه مَا يدل على مَكَانَهُ فِي النّظم وَأحسن نظمه قَوْله ... ملك طفيلي السماح ... على الْأَقَارِب الأباعد مَا فُرِّجَتْ أَبْوَابُهُ ... إِلاَّ تَفَرَّجَتْ الشَّدَائدْ ... الحديث: 354 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 وَقَوله فِي بني سعيد ... وجدنَا سعيدا منجيا خَيْرَ عُصْبَةٍ ... هُمُ فِي بني أَزْمانِهِمْ كالمَوَاسِمِ مشَنَّفَةٌ أَسْمَاعُهُمْ بفضائلٍ ... مُسَوَّرَةٌ أَيْمَانُهُمْ بالصَّوارِمِ فَكَمْ لَهُم فِي الْحَرْب من فضل ناثر ... وَكم لَهُمُ فِي السِّلْمِ مِنْ فَضْلِ نَاظِمِ ... وَقَوله ... زَارَتْكَ فِي اللَّيْلِ البَهِيمْ ... كالغُصْنِ يَثْنِيهِ النَّسِيمْ سَلبَتْ ظَلامَ اللَّيْلِ مَا ... أَبْصَرْتَ فِي العِقْدِ النظيم فلذاك أَمْسَى عاطل الآفَاقِ مُسْوَدَّ الأَدِيمْ لوْلا الُمدَامُ لمَا اهْتَدَى ... فيهِ إِلَى كأسٍ نَدِيمْ ... 355 - الطَّبِيب أَبُو حَاتِم الحجاري ذكره صَاحب المسهب وَأخْبرهُ أَنه كَانَ متقلباً بَين شَاعِر وخطيب وطبيب وجندي وَأنْشد لَهُ قَوْله يستهدي خمرًا ... يَا سَيِّدي والنَّهَارُ تُبْصِرُهُ ... مُنْسَجِمَ الدَّمْعِ مُطْبَقَ الأُفُقِ وعِنْدِيَ البَدْرُ قَدْ خَلَوْتُ بِهِ ... وفَوْقَ خَدَّيْهِ حمرَة الشَّفق جاذبته الجل فاستقادو كم ... جريت خلف الجموع فِي طلق ... الحديث: 355 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 .. والخَمْرُ نِعْمَ العِتَادُ جَامِعَةً ... لشارِبيهَا مِسْكِيَّةَ العَبَقِ وقَدْ هَزَزْنَاكَ كيْ تَجُودَ بِهَا ... فِي الشِّعْرِ هَزَّ الغُصُونِ فِي الوَرَقِ ... الشُّعَرَاء 356 - الْحسن بن حسان السناط من المسهب شَاعِر زَمَانه وَوَاحِد أَوَانه اشْتهر بقرطبة فِي مدح الْخَلِيفَة النَّاصِر وَأَصله من وَادي الْحِجَارَة وعنوان طبقته قَوْله ... أَدِرْ نَجْمَيْكَ يَا قَمَرَ النَّدِىِّ ... فَقَدْ نَامَ الخَلِيُّ عَنِ الشَّجِيِّ كَفَى بِكَ والمُدَامَةِ لي صَبَاحَاً ... يُفَرِّقُ عَسْكَرَ اللَّيْلِ الدَّجِيِّ فَخُذْ ذَهَباً ورُدَّ لنَا لُجَيْناً ... تَكُنْ فِي النَّاسِ أَرْبَحَ صَيْرَفيِّ ... وَقتل نَفسه غيظاً لِأَنَّهُ وجد امْرَأَته مَعَ رجل 357 - حَفْصَة بنت حمدون الحجارية من المسهب إِن بَلَدهَا يفخر بهَا وَكَانَت فِي الْمِائَة الرَّابِعَة وَلها شعر كثير مِنْهُ قَوْلهَا الحديث: 356 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 .. لي حَبِيبٌ لَا يَنْثَنِي بِعِتَابِ ... وإِذا مَا تَرَكْتُهُ زَادَ تِيهَا قالَ لي هَلْ رَأَيْتِ لي مِنْ شَبِيهٍ ... قُلْتُ أَيْضَاً وهَلْ تَرَى لي شَبِيهاً ... وَقَوْلها ... يَا رَبِّ إِنِّي مِنْ عبيدى على ... جمر الغصى مَا فِيهُمُ مِنْ نَجِيبْ إِمَّا جَهُولٌ أَبْلَهٌ مُتْعِبٌ ... أَوْ فَطِنٌ مِنْ كَيْدِهِ لَا أَخِيبْ ... 358 - أم الْعَلَاء بنت يُوسُف الحجارية البربرية من المسهب أَنَّهَا مِمَّن تَفْخَر بِهِ بَلَدهَا وقبيلها وَأنْشد لَهَا قَوْلهَا 5 لله بُسْتاني إِذا ... يَهْفُو بِهِ القَصَبُ المُنَدَّى فَكَأَنَّمَا كَفُّ الرِّيا ... حِ قدْ أَسَنَدَتْ بَنْدَا فَبَنْدَا ... وَقَوْلها ... لوْلا مُنَافَرَةُ المدا ... مة للصبابة والغنا لعكفت بَين كئوسها ... وجَمَعْتُ أَسْبَابَ المُنَى ... وَقَوْلها ... كُلُّ مَا يَصْدُرُ عَنْكُمُ حَسَنُ ... وبُعلْيَاكُمُ يُحلي الزَّمَنُ تَعْكُفُ العَيْنُ على منظركم ... وبذكراكم تَلَذُّ الأُذُنُ مَنْ يَعِشْ دُونَكُمُ فِي عُمُرِهِ ... فَهْوَ فِي نَيْلِ الأَمَاني يُغْبَنُ ... الحديث: 358 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد غما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب صَفْقَة الرباح فِي حلي قلعة رَبَاح هِيَ أحد معاقل الأندلس وولاتها كَانَت تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من طليطلة ثمَّ أخذت طليطلة فَصَارَت تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من قرطبة وَقد وَليهَا 359 - الْقَائِد أَبُو الْحسن عَليّ بن فتح ذكر الحجاري أَنه سَاد فِيهَا وتعب فِي تشييد الرياسة حَتَّى استراح وَتقدم فِي قرطبة زمن الْفِتْنَة وأنجب الْأَعْيَان الْمَشْهُورين بهَا وَله شعرٌ يستعبد الشُّعَرَاء إحسانه من ذَلِك قَوْله الحديث: 359 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 .. حنقا أصابتنا المواضي ... واللَّبِيبُ لهَا غَدِيرُ فَبِطُولِ مَا أَتْعَبْتُهَا ... مَهْمَا أُبَارِزُ أَوْ أُغِيرُ ... وَقَوله ... أَقُولُ لهَا لَوْ كَانَ ينفع عِنْدهَا مقَال وَنَارُ الوَجْدِ تَقْدَحُ فِي صَدْرِي إلَى كَمْ تعين الدَّهْر وَهُوَ مسلط علينا بِطُولِ العَتْبِ والصَدِّ والهَجْرِ ... 360 - أَبُو تَمام غَالب بن رَبَاح الْمَعْرُوف بالحجام من المسهب شَاعِر القلعة الَّذِي نوه بِقَدرِهَا وَرفع من رَأس فخرها لَا أحاشي حَدِيثا وَلَا قَدِيما وَلَا أخص لئيماً وَلَا كَرِيمًا وَكَانَ مُدَّة مُلُوك الطوائف وَمن شعره قَوْله ... صِغَارُ النَّاسِ أَكْثَرُهُمْ فَسَاداً ... ولَيْسَ لَهُمْ لِصَالِحَةٍ نُهُوضُ أَلَمْ تَرَ فِي طِبَاعِ الطَّيْرِ سِرّاً ... تُسَالِمُنَا ويأْكُلُنَا البَعُوضُ ... الحديث: 360 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 وَقَوله ... لِيَ صَاحِبٌ لَا كَانَ مِنْ صَاحِبٍ ... كأَنَّهُ فِي كَبِدِي جَرْحَةْ يَحْكِي إِذا أَبْصَرَ لِي زَلَّةً ... ذُبَابَةً تَضْرِبُ فِي قَرْحَةْ ... وَقَوله ... فَيَا لَلْمَلْكِ لَيْسَ يَرَى مَكَانِي ... وَقَدْ كَحَّلْتُ ناظِرَه بِنُورِي كَمَا المِسْوَاكُ مُطَرَّحاً مُهَاناً ... وَقَدْ أَبْقَى جِلاءً فِي الثُّغُورِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب نقش السِّكَّة فِي حلي مَدِينَة طلمنكة 3 ذكر الرَّازِيّ أَنَّهَا من عمل وَادي الْحِجَارَة وَهن الْآن لِلنَّصَارَى ينْسب إِلَيْهَا 361 - غَانِم بن الأسقطير الطلمنكي ذكره الحجاري وَأخْبرهُ أَنه مَال إِلَى الْعلم الرياضي وشغف بالكيمياء وأفسد عَلَيْهَا جملَة وتحيل على ابْن ذى النُّون من طريقها وَسَقَى غُلَاما لَهُ جميل الصُّورَة مرقداً وَكتب على حَائِط الدَّار الَّتِي كَانَ فِيهَا وهرب ... نَعَمْ إِنَّنِي بالكِيمْيَاءِ لَعَالِمٌ ... بِهَا مَنْ دُونُهُ أَلْفُ حَاجِبِ وأَخْلِسُ أَمْوَالاً وأَضْحَكُ خَالِياً على مَلِكٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بالتَّجَارِبِ ... الحديث: 361 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب التغبيط فِي حلي مَدِينَة مجريط من أَعمال طليطلة ينْسب لَهَا 362 - الْكَاتِب أَبُو عبد الله المجريطي فَاضل ذكره صَاحب السمط وَقَالَ تَارَة هُوَ أويسٌ الْقَرنِي وآونة إِبْرَاهِيم الْموصِلِي وَمَا خلا قلبه عَن غرام وَلَا أَزَال يَده من يَد غُلَام وَمِمَّا أنْشد لَهُ قَوْله ... لَا عذر أَوْضَحُ مِنْ أَسِيلٍ وَاضِحٍ صَقَلَ الشَّبَابُ أَديمَهُ المشبوبا الحديث: 362 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 لمَّا نَظرْتُ إِلَى الفِرنْدِ بصَفْحِهِ أَبْصَرْتُهُ بِدَمِ القُلُوبِ خَضِيبَا وَرَمَى عَنِ اللَّحْظِ العَلِيلِ إِلَى الحَشَا سَهْمَ المَنُونِ فَكَانَ فيهِ مُصِيبَا هَلاَّ سَأَلْتَ لِحَاظَهُ يَوْمَ النَّوَى هَلْ غَادَرَتْ لَكَ فِي الحَيَاةِ نَصِيبَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب السَّعَادَة فِي حلي قَرْيَة مكادة من مدن المملكة الطليطلية حصلت فِي أَيدي النَّصَارَى ينْسب إِلَيْهَا الشَّاعِر الزجال 363 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد المكادي الَّذِي كَانَ يسكن مَدِينَة باغة من شعره قَوْله ... شَرِبْنَا وَبرد اللَّيْل فوفه سنا من الصُّبْحِ والأَطْيَارُ تُنْشِدُ فِي القُضْبِ وَقَدْ أَبْرَزَتْ شمس السَّمَاء مطارفا من الوَشْيِ أَلْقَتْهَا على الأُفُقِ الرَّحْبِ ... الحديث: 363 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 وَله الزجل الْمَشْهُور فِي الزجال الْقُرْطُبِيّ الَّذِي مِنْهُ ... يَا قُرْطُبِيُّ يُمْسِيكْ نَحْساً مُعَجَّلْ إِذا خَرَجْ رُوحَكْ بِي زَحْفِ تُحْمَلْ ... وَمِنْه ... إِنْ كَانَ ذراعي فِيك قد جال صيقل ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 كتاب النفحة اليستانية فِي حلي المملكة الجيانية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب موسطة الأندلس وَهُوَ كتاب النفحة البستانية فِي حلي المملكة الجيانية مملكةٌ جليلةٌ بموسطة الأندلس مَعْرُوفَة بالمحارث والأخشاب وَهِي بَين غرناطة وطليطلة ومرسية يَنْقَسِم كتابها إِلَى أحد عشر كتابا كتاب الْغُصْن الريان فِي حلي حَضْرَة جيان كتاب السراج فِي حلى قسطة دراج كتاب وشي الْخياطَة فِي حلي مَدِينَة قيجاطة كتاب الْفَوَائِد المسطورة فِي حلي معقل شقورة كتاب الْبُسْتَان فِي حلي سمنتان كتاب الآسة فِي حلي بياسة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 كتاب الوجنة الموردة فِي حلي أبدة كتاب الْغِبْطَة فِي حلي بسطة كتاب الخيزرانة فِي حلي برشانة كتاب الفرائد المفصلة فِي حلي تاجلة كتاب المسرات المسلية فِي حلي قولية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الجيانية وَهُوَ كتاب الْغُصْن الريان فِي حلي حَضْرَة جيان هِيَ عروس لَهَا منصة وتاج وسلك المنصة من كتاب الرَّازِيّ جمعت تناهى طيب الأَرْض وَكَثْرَة الثَّمر وغزر السقيا واطراد الْعُيُون وَكَثْرَة الْحَرِير قَالَ ابْن سعيد مَدِينَة جيان من أعظم مدن الأندلس فِي المنعة لَا ترام بِقِتَال وأكثرها خصباً ورخصاً للحوم والحبوب وتعرف بجيان الْحَرِير لكثرته فِيهَا التَّاج كَانَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف تَارَة لبني عباد وَتارَة لصنهاجة مُلُوك غرناطة واشتهر بهَا فِي صدر دولة عبد الْمُؤمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 364 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن همشك 3 وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي السطوة وَالْقَتْل وَكَانَ يردي أهل الْجِنَايَات من حافة عَظِيمَة 3 وَقد حصلت الْآن فِي يَد النَّصَارَى بعد حِصَار عَظِيم سلمهَا لَهُم ابْن الْأَحْمَر ملك غرناطة الْآن السلك الْكتاب 365 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن السُّعُود كَاتب ابْن همشك الْمَذْكُور من نظمه قَوْله ... إلَيْكَ وإِلاَّ مَنْ على الأَرْضِ يَفْضُلُ ... وَيُطْلَبُ مِنْهُ جاهه ويومل لَكَ الخَبَرُ المَتْلُوُّ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ ... لأَنَّكَ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُكَمَّلُ ولوْلاكَ مَا سَارَ اشتهاريَ فِي العُلاَ ... وَلَا كُنْتُ فِي آفَاقِهَا أَتَوَقَّلُ ... 366 - أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن الْعم كَانَ قد أَخذ نَفسه بالجندية وَالْأَدب وَكتب عَن ابْن همشك الْمَذْكُور وَمن شعره الْمَذْكُور الحديث: 364 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 .. سَلِي بِي إِذا مَا الخَيْلُ جَاَلتْ فإِنَّنِي ... أَكُونُ لَهَا صَدْراً أمَامَ الطَّوَالِعِ وَأَثْنِي عِنانِي ظَافِراً نَحْوَ بَلْدَةٍ ... إِليَّ بِهَا تُومِي جَميعُ الأَصَابِعِ ... ذَوُو الْبيُوت 367 - أَبُو سَاكن حَامِد بن سمجون ذكر الحجاري أَنه من بَيت جليل كَانُوا بدور مجَالِس وليوث كتائب وَصَحب أَبُو سَاكن الظافر بن ذى النُّون وَمن شعره قَوْله ... كلفني الصَّبْرَ وأَنْتَ الَّذِي ... أَنْفَقْتَهُ حَتَّى أَطَعْتَ الجِمَاحْ أَشْكُو وَلَا تَرْحَمْنِي دَائِماً ... كَمَا شَكَا البَحْرُ لِعَصْفِ الرِّيَاحْ وَتُظْهِرُ الخَجْلَةَ مَكْراً كَمَا ... تَخْجَلُ عِنْدَ القَطْع بِيضُ الصِّفاحْ ... 367 - أَبُو الْحسن عَليّ بن السُّعُود اجْتمع بِهِ وَالِدي بِحَضْرَة مراكش وَمن شعره قَوْله فِي مطلع قصيدة يمدح بهَا مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن ... بِعَوْدَتِكَ الغَرَّاءِ عَاوَدَنَا السَّعْدُ ... عَظُمَتْ فَلاَ قَبْلٌ سِوَاكَ وَلَا بَعْدُ يَرُومُ أُناسٌ عَدَّ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ ... فَصَبْرُهُمُ يَفْنَى ومَا فَنِيَ العَدُّ ... وَقَوله ... انْظُرْ إِلَى البَدْرِ بَدَا ضَاحِكا ... فِي اوجه الأكوس وَهِي العبوس ... الحديث: 367 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 .. قَبَّلَهَا البَدْرُ غَرَاماً بِهَا ... فَكُلُّ كأْسٍ بِحُلاهُ عَرُوسْ يَا لَيْتَ شِعْرِي وَهُوَ أَدْرَى ... بِهَا ... ثغور غيد هَذِه أم كئوس فَلا تَسَلْ عَمَّا أَنَارَتْ بِمَا ... بَيْنَهُمَا مِنْ طَرَبٍ فِي النُّفُوسْ ... الْعلمَاء 369 - الْعَالم المتفنن أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن ثَعْلَبَة الْخُشَنِي عَالم جليل ذكره ابْن حَيَّان وَفِي كتاب المسهب كَانَ زاهداً لغوياً نحوياً شَاعِرًا رَحل إِلَى الْمشرق وَلَقي أَبَا حَاتِم السجسْتانِي وَجَاء إِلَى الأندلس بِعلم كثير وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... كَأَنْ لَمْ يكُنْ بَيْنٌ وَلَمْ تَكُ فُرْقَةٌٌ ... إِذا كانَ مِنْ بَعْدِ الْفِرَاق تلاقي ولَمْ أَزُرِ الأَعْرَابَ فِي خَبْتِ أَرْضِهِمْ ... بِذَاتِ اللِّوَى مِنْ رَامَةٍ وبُراقِ ... الحديث: 369 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 370 - النَّحْوِيّ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مَسْعُود الْخُشَنِي من سمط الجمان بَقِيَّة العظماء وَأحد الجلة الْعلمَاء أحد من تاهت الجزيرة بأدواته وباهت بمعداته وألطف شعره قَوْله ... يَا نَائِبا قَدْ نَأَى عنِّي بِمُصْطَبَري ... وَثَاوِياً فِي سَوَادِ القَلْبِ والبَصَرِ إِمَّا تَنَاسَيْتَ عَهْداً مِنْ أخي ثِقَة ... فاذكر عُهُودِي فَمَا أُخْلِيكَ مِنْ ذِكَرِي وارْدُدْ إِليَّ تَحِيَّاتِي بأَحْسَنِها ... ترْدُدْ عَلَيَّ حَيَاتِي آخِرَ العُمُرِ ... 371 - النَّحْوِيّ أَبُو ذَر مُصعب بن أبي بكر بن مَسْعُود ذكر وَالِدي أَنه كَانَ من عُظَمَاء نحاة الأندلس اجْتمع بِهِ وَالِده مُحَمَّد بن سعيد وَمن شعره قَوْله ... كَأَنَّمَا عِمْرَانُ إِذْ حَكَّنِي ... قَدْ أُودِعَتْ كَفَّاهُ أَفْنَاكَا فَقُلْتُ يَا جِسْمُ تَنَعَّمْ بِهِ ... فطالَمَا بالهَجْرِ أَفْنَاكَا ... الحديث: 370 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 2 - 56 372 - الأديب أَبُو عمر أَحْمد بن فرج صَاحب كتاب الحدائق ألفها للمستنصر المرواني وَرفع لَهُ أَن هجاه فسجنه وَمَات فِي سجنه وَذكر الحجاري أَنه لم يكن فِي الْمِائَة الرَّابِعَة أَشد اعتناءً مِنْهُ بتأليف شعر أهل الأندلس وَأحسن شعره قَوْله ... وَطَائِعَةِ الوِصَالِ عَفَفْتُ عَنْهَا ... ومَا الشَّيْطَانُ فِيهَا بالمُطَاعِ بَدَتْ فِي اللَّيْلِ سَافِرةً فَبَاتَتْ ... دياجي اللَّيْلِ سَافِرَةَ القِنَاعِ وَمَا مِنْ لَحْظَةٍ إلاَّ وفيهَا ... إِلَى فِتَنِ القُلُوبِ بِهَا دَوُاعِ فَمَلَّكَتْ النُّهَى حُجَّابَ شَوْقِي ... لأجْرِيَ فِي العَفَافِ على طِبَاعِي وَبِتُّ بِهَا مَبيتَ السَّقْبِ يَظْمَا ... فَيَمْنَعُهُ الكِعَامُ مِنَ الرِّضَاعِ كَذَاكَ الرَّوْضُ مَا فيهِ لمِثْلِي ... سِوَى نَظَرٍ وشَمٍّ مِنْ مَتَاعِ وَلَسْتُ مِنَ السَّوَائِمِ مُهْمَلاَتٍ ... فأَتَّخِذَ الرِّيّاضَ مِنْ المَرَاعِي ... الحديث: 372 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 373 - أَخُوهُ أَبُو عُثْمَان سعيد ذكره الْحميدِي فِي الجذوة وَوَصفه بالأدب وَأنْشد لَهُ قَوْله ... الرَّوْضُ زَاهٍ فَقِفْ عَلَيْهِ ... وَاصْرِفْ عَنَانَ الهَوَى إلَيْهِ أمَا تَرَى نَرْجِساً نَضِيراً ... يُومِي إلَيْنَا بمُقْلَتَيْهِ نَشْرُ حَبِيبِي حَكَى شَذَاهُ ... وَصُفْرَتِي فَوْقَ وَجْنَتَيْهِ فَهُوَ أنَا تَارَةً وَحُبِّي ... أُخْرَى وِفَاقَاً لِحَالَتَيْهِ ... 374 - أخوهما أَبُو مُحَمَّد عبد الله مَذْكُور فِي كتاب الجذوة وَمن شعره قَوْله ... تَدَارَكْتُ مِنْ خَطَئِي نَادِما ... أأرجوا سِوَى خَالِقِي رَاحِمَا فَلاَ رُفِعَتْ ضَرْعَتِي إنْ رَفَعْتُ ... يَدَيَّ إلَى غَيْرِ مَوْلاَهِمَا ... 375 - الأديب يحيى بن حكم الغزال شَاعِر أديب حَكِيم أرْسلهُ عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط إِلَى صَاحب الْقُسْطَنْطِينِيَّة رَسُولا وَحصل لَهُ أنسٌ مَعَ السُّلْطَان وَزَوجته فَجَاءَتْهُ لَيْلَة بِخَمْر وَقَالَت لَهُ الحديث: 373 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 اشرب هَذِه مَعَ ابْني هَذَا وَكَانَ غُلَاما بديع الْجمال فَذكر أَن ذَلِك لَا يجوز فِي دينه ثمَّ نَدم وَقَالَ ... وَأَغْيَدَ ليِّنِ الأَعْطَافِ رَخْصٍ ... كَحِيلِ الطَّرْفِ ذِي عُنْقٍ طَوِيلِ تَرَى مَاءَ الشَّبَابِ بِوَجْنَتَيْهِ ... يَلُوحُ كَرَوْنَقِ السَّيْفِ الصَّقيلِ يَحِنُّ إليَّ مُطَرِّفاً لشَكْلِي ... ويُكْثِرُ لِيَ الزِّيَارَةَ بالأَصِيلِ أتَى يَوْمَاً إلَيَّ بِزِقِّ خَمْرٍ ... شَمُولِ الرِّيحِ كالمِسْكِ الفَتِيلِ لِيَشْرَبَهَا مَعِي وَيَبيتَ عِنْدِي ... فَيَثْبُتَ بَيْنَنَا وُدُّ الخَلِيلِ فَقُلْتُ حَمَاقَةً مِنِّي ونُوْكاً ... فَدَيْتُكَ لَسْتُ مِنْ أهْلِ الشَّمُولِ فأيَّةُ غِرَّةٍ سُبْحَانَ رَبِّي ... لَوْ أنِّي كُنْتُ مِنْ أهْلِ العُقُولِ ... وَرجع من عِنْده بذخائر ملوكية الشُّعَرَاء 376 - أَحْمد بن مُحَمَّد الْكِنَانِي ديك تَيْس الْجِنّ هومذكور فِي الجذوة والمسهب وَكَانَ يهاجي مُؤمن بن سعيد وَمن شعره قَوْله ... قُمْ هَاتِهَا قَدْ حَان وَقت الإصطباح ... أَو مَا رَأيْتَ الوُرْقَ تُنْذِرُ بالصَبَاحْ قَدْ نِمْتَ خلى مَا كَفاك فَقُمْ بِنَا ... مَا العَيْشُ إلاَّ أنْ تَقُومَ لِكَأسِ رَاحْ والنَّوْمُ يَكْسُرُ أعْيُناً وحَوَاجِباً ... والكَفُّ تُرْعَشُ والنُّفُوسُ لَهَا مراح ... الحديث: 376 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 377 - أغلب بن شُعَيْب من شعراء المسهب كَانَ فِي الْمِائَة الرَّابِعَة وَمن شعره قَوْله ... يَا سَاكِني وادِي النَّقَا ... فَارَقْتُمُ فَمَتَى اللِّقَا لَا صَبْرَ لِي مِنْ بَعْدِكُمْ ... بَلْ لَسْتُ أطْمَعُ فِي البَقَا ... 378 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن فرج من شعراء الذَّخِيرَة وَصفه بالبديهة مر بِهِ غُلَام وسيم بِهِ يعَض صفرَة فَقَالَ ... قَالوا بِهِ صَفْرَةٌ عَلَتْ مَحَاسِنَهُ ... فَقُلْتُ مَا ذَاكُمُ عَابٌ بِهِ نَزَلا عَيْنَاهُ تُطْلَبُ فِي أثآرِ مَنْ قَتَلَتْ ... فَلَيْسَ تَلْقَاهُ إلاَّ خَائِفَاً وَجِلا ... الحديث: 377 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الجيانية وَهُوَ كتاب السراج فِي حلي قسطلة دراج مَدِينَة من أَعمال جيان تداول دراج وَبَنوهُ على رياستها وَمن هَذَا الْبَيْت متنبي الأندلس 379 - أَبُو عمر أَحْمد بن مُحَمَّد بن دراج كَفاهُ من الافتخار أَن الثعالبي ذكره فِي كتاب الْيَتِيمَة وَقَالَ هُوَ بالصقع الأندلسي كالمتنبي بصقع الشَّام وَهُوَ مَذْكُور فِي الذَّخِيرَة والمتين والسهب الحديث: 379 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 وكل أشاد بِذكرِهِ وَنبهَ على قدره وَكَانَ قد جلّ عِنْد الْمَنْصُور بن ابْن أبي عَامر سُلْطَان الأندلس وَله فِيهِ أمداح جليلة وعاش إِلَى الْفِتْنَة فِي الْمِائَة الْخَامِسَة وتطارحت بِهِ النَّوَى فقاسى شدَّة فِي التغرب وَأكْثر من ذكره وَمن فرائد نظمه قَوْله من قصيدة ... وَمِنْ شيمَةِ المَاءِ القَرَاحِ وَإنْ صفا ... إِذا اضْطَرَمَتْ مِنْ تَحْتِهِ النَّارُ أنْ يَغْلِيَ ... وَقَوله ... وَلَئِن جنيت عليلك تَرْحَةَ رَاحِلٍ ... فَأنَا الضَمِينُ لَهَا بِفَرْحَةِ آيِبِ هَلْ أبْصَرَتْ عَيْنَاكَ بَدْرَاً طَالِعَاً ... فِي الأُفْقِ إلاَّ مِنْ هِلالٍ غَارِبِ ... وَقَوله ... يَجُرُّ سُكْراً وسكر الدل عاطفة ... وقارة وانثناء الوشى لاذغه فَفَرَّعَ الخَصْرُ كَثْبَاناً تُبَاعِدُهُ ... وأنْبَتَ الصَّدْرُ رُمَّاناً تُدَافِعُهُ ... 380 - ابْنه الْفضل ذكر صَاحب الجذوة أَنه أديب شَاعِر حذا حَذْو أَبِيه وَكَانَ بعد أَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعين ببلنسية وَمن شعره قَوْله فِي إقبال الدولة بن مُجَاهِد صَاحب الجزر ودانية الحديث: 380 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 .. وَإِذَا مَا خُطُوبُ دَهْرٍ أطَافَتْ ... وأنَافَتْ كَأنَّهَا الجِنَّ تَسْعَى كَلأتْنَا مِنْ لَسْعِهِنَّ أيَادِي ... مِلْكٍ يَكْلأُ الأنَامَ ويَرْعَى مَلِكٌ إنْ دَعَاهُ لِلْنَصْرِ يَوْمًا ... مستضام كَفاهُ نصرا ومنعا أوعراه السَّلِيبُ صِفْراً يَدَاهُ ... جَمَعَ الرِّزْقَ مِنْ يَدَيْهِ وأوعى ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الجيانية وَهُوَ كتاب وشي الْخياطَة فِي حلي مَدِينَة قيجاطة مَدِينَة نزهة فِي نِهَايَة من الْحسن وَالْخصب كَانَت الْوُلَاة تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من جيان ودخلها النَّصَارَى بِالسَّيْفِ فأهلكوا من فِيهَا وَمِنْهَا 381 - أَبُو الْمَعَالِي أَحْمد بن أبي البركات الملقب بالقلطي اجْتمع بِهِ وَالِدي وأنشده لنَفسِهِ فِي فيجاطه لما أخنى عَلَيْهَا الْعَدو ... أَبْكَى جُفُونِي بِدَمٍ مَنْظَرٌ ... لَمْ يَكُ أَهْلاً لِخِلافِ النَّعِيمْ ... الحديث: 381 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 .. صَبَّحْتُهُ بَعْدَ الرَزَايَا فَمَا ... أَجَابَنِي فِي رَبْعِهِ مِنْ حَمِيمْ فَظَلْتُ أَقْرُو مَوْضِعَاً مَوْضِعَاً ... بِمُقْلَةٍ عبري وخد لطيم وَقلت يَا مربع أبن الَّذِي ... أَحْبَبْتُهُ فِيكَ وأَيْنَ النَّدِيمْ فَقَالَ عِقْدٌ قَدْ غَدَا شَمْلُهُ ... كَمِثْلِ مَا يُنْثَرُ دُرٌّ نظيم ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الجيانية وَهُوَ كتاب الْفَوَائِد المسطورة فِي حلى معقل شقورة الْبسَاط قَالَ الحجاري هِيَ إِحْدَى معاقل الأندلس الَّتِي يتعب الْبَصَر فِي استقصاء سمكها ويرتد حسيراً عَن آفَاق ملكهَا لَا يَأْخُذهَا قتال وَلَا يُبَالِي من اعْتصمَ بهَا إِلَّا بالآجال وفيهَا يَقُول الْوَزير ابْن عمار ... عَالٍ كَأَنَّ الجِنَّ إذْ مَرَدَتْ ... جَعَلَتْهُ مِرْقاةً إِلى السُّحُبِ ... الْعِصَابَة 382 - عتاد الدولة أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن سهل من المسهب بَطل أديب يُؤْخَذ من مَاله وأدبه ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَعِنْده حصل الْوَزير ابْن عمار أَسِيرًا وَمن شعره قَوْله الحديث: 382 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 .. خُذ مَا أَتَاك من الزَّمَان الْمُدبر ... فالطل يُقْنِعُ كُلَّ مَنْ لَمْ يُمْطَرِ كَمْ ذَا التَأَوُّهُ طُولَ دَهْرِكَ حَسْرَةً ... لمَّا تَعَدَّاكَ الَّذِي لَمْ يُقْدَرِ لَا تَطْمَحَنَّ لِمَا خُلِقْتَ لِدُونِهِ ... لِلبَدْرِ قَدْرٌ لَمْ يَنَلْهُ المُشْتَرِي ... السلك الْكتاب 383 - ذُو الوزارتين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْخِصَال كَاتب أَمِير الْمُسلمين مَذْكُور بِأَجل ذكرٍ فِي الذَّخِيرَة والقلائد والمسهب والسقط إِلَّا أَن صَاحب القلائد غض من أَصله وَقد تقدّمت رسَالَته السِّرَاجِيَّة فِي صدر الْكتاب وَهِي أَعلَى نثره وَمن كَلِمَاته قَوْله لوْلا الظَّلامُ مَا سَطَعَ السراج وَلَوْلَا الصَّبْر الحديث: 383 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 مَا نفع الإفْرَاجُ أعْفِ صَدِيقَكَ مِنْ رِيحِ العِتَابِ وَإنْ كَانَتْ نَسِيماً وأقْبِلْهُ مِنَ الرِّضَا وَجْهاً وَسِيماً مَنْ أمَّلَكَ فَقَدْ حَمَّلَكَ وأَوْجَبَ عَلَيْكَ احْتِمَالُ ماحملك حَقُّ الأدِيبِ عَلَى الأدِيبِ حَقُّ الوَابِلِ عَلَى المَكَانِ الجَدِيبِ الأدِيبُ مَعَ الأدِيبِ زِنْدٌ يُصَافِحُ زندا ورند يفارح رَنْداً الشَّوُقُ مَا اقْتَادَ العَصِيّ وَألْزَمَ التِسْيَارَ للمَكَانِ القَصِيّ رُبَّ شَوْقٍ أبْدَعَ بِالمَطِيّ وخَطَا عَلَى صُدُورِ الخَطِيّ لَا يُعْدَمُ مَالُ الكَرِيمِ غَارة من الإفصال تُشَنُّ وَعَادَةً مِنَ الإحْسَانِ تُسَنُّ وَمن نظمه قَوْله ... وَلَيْلَةٍ عَنْبَرِيَّةِ الأُفُقِ ... رَوَيْتُ فِيهَا السُّرُورَ مِنْ طُرُقِ وَافَتْ بِنَا عَاطِلاً وَقَدْ لَبِسَتْ ... غِلالَةً فُصِّلَتْ مِنَ الحَدَقِ فَاجَا بِهَا الدَّهْرُ مِنْ بَنِيهِ دُجَىً ... بفِتْيَةٍ كَالصَّبَاحِ فِي نَسَقِ قَامَتْ لَنَا فِي المَقَامِ أَوجُهُهُمْ ... وَرَاحُهُمْ بالنُّجُومِ والشَّفَقِ وَاطَّلَعَ البَدْرُ مِنْ ذُرَا غُصْنٍ ... تَهْفُو عَلَيْهِ القُلُوبُ كَالوَرَقِ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ بَدَا سَنَاهُ وَهَلْ ... ذَا البَدْرُ إِلاَّ لِذَلِكَ الأُفُقِ مَدَّ بِحَمْرَاءَ مِنْ مُدَامَتِهِ ... بَيْضَاءَ كَفٍّ مِسْكِيَّةَ العَبَقِ يَشْرَبُ فِي الرَّاحِ حِينَ يَشْرَبُهَا ... مَا غادرت مقلتاه من رمعقي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 384 - أَخُوهُ الْوَزير الْكَاتِب أَبُو مَرْوَان عبد الْملك أثنى عَلَيْهِ صَاحب السمط وَله الرسَالَة الْمَشْهُورَة عَن امير الْمُسلمين على ابْن يُوسُف إِلَى جمَاعَة الملثمين الَّذين انهزمواعن النَّصَارَى مِنْهَا أما بعد يَا فرقة خبثت سرائرهاوانتكثت مرا ئرها وَطَائِفَة انتفخ سحرها وغاض على حِين مدها بحرها فقد آن للنعم أَن تفارقكم وللأقدام أَن تطَأ مفارقكم الشُّعَرَاء 385 - حكم بن الخلوف الْمَشْهُور بالعجل من المسهب من شعراء شقورة فِي الْمِائَة الْخَامِسَة كَانَ مُخْتَصًّا بِخِدْمَة صَاحبهَا عتاد الدولة بن سهل مداحاً لَهُ إِلَى أَن حصل الْوَزير ابْن عمار فِي أسره فَأكْثر الْعجل من زيارته واستراح مَعَه فِي شَأْن عتاد الدولة فَأمر بِطَلَبِهِ ففر عَنهُ وَقَالَ فِي شَأْن بيع عتاد الدولة ابْن عمار من ابْن عباد ... بِعْتَ ابْنَ عَمَّارٍ بِمَالٍ وَهَلْ ... مِثْلُ ابْنِ عَمَّارٍ بِمَالٍ يُبَاعْ عُمُرِي لَقَدْ تابَعْتَ فِيهِ الَّذِي ... قَدْ جَاءَهُ مِنْ قَبْلُ أَهْلُ الطَّمَاعْ فَوَطِّنِ النَّفْسَ عَلَى سنة ... ينبو إِذا تُذْكَرُ عَنْهَا السَّمَاعْ ... الحديث: 384 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الجيانية وَهُوَ كتاب الْبُسْتَان فِي حلي سمنتان من المسهب جبل سمنتان لَهُ حصون وقرى من أَعمال جيان وَاسْتولى عَلَيْهِ فِي إِمَارَة عبد الله بن مُحَمَّد المرواني عبيد الله بن الشالية واستفحل أمره واشتهر ذكره ومدح وَقصد 386 - عبيديس بن مَحْمُود السمنتاني من المسهب كَانَ انْقَطع إِلَى خدمَة ابْن الشالية الْمَذْكُور وَصَارَ يكْتب عَنهُ وَجرى بَينهمَا تغير ففر إِلَى ابْن حفصون فشفع فِيهِ وَمن أمداحه الحديث: 386 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 فِيهِ قَوْله من قصيدة ... أيَا مَلِكاً طَاعَتْ لَهُ الْإِنْس وَالْجِنّ ... وَقد مَالَ مِنْ تِيهٍ بأيَّامِهِ الغُصْنُ عَلاؤُكَ فَوْقَ النَّجْم أضحى مخيما ... وَأَنت على مَا نلْت من رَفعه تَدْنُو ... وَذكر ابْن حَيَّان مني المقتبس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الجيانية وَهُوَ كتاب المملكه الآسة فِي حلي مَدِينَة بياسة طيبَة الأَرْض كَثِيرَة الزَّرْع وَالْأَشْجَار والزعفران الَّذِي يحمل إِلَى الْآفَاق وَهِي على النَّهر الْأَعْظَم المفضي إِلَى أشبيلية وَهِي الْآن فِي أَيدي النَّصَارَى 387 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن قادم ذكره الحجاري وَأثْنى عَلَيْهِ وعَلى بَيته وَذكره أَنه يلقب بفلفل أنْشد لَهُ قَوْله ... وَدَّعْتُ مَنْ أحْبَبْتُهُ وَتَرَكْتُهُ ... وَاللهُ يَعْلَمُ مَا ألاقِي بَعَدَهُ كُنْتُ أحمل صده فِي قربه ... ياليت شِعْرِي كَيْفَ أحْمِلُ بَعْدَهُ يَا هَلْ تُرَاهُ مَنْ يَقَبِّلُ ثَغْرَهُ ... أوْ يَجْتَنِيهِ أوْ يُعَانِقُ قَدَّهُ أوْ مَنْ يُنَادِمُهُ بِخَمْرَةِ لَحْظِهِ ... وَيَرُودُ وَجْنَتَهُ وَيَجْنِى وَرْدَهُ ... الحديث: 387 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 وَقَوله ... وَكُلُّ زَمَانٍ لَهُ شَكْلُهُ ... فَخَلِّ قِفَا نَبْكِ للأَكْؤُسِ وَعُدِّ عَنِ الشَّيْخِ وَاعْدِلْ إلَى ... مُخَاطَبَةِ الوَرْدِ وَالنَّرْجِسِ ... 388 - أَبُو بكر حَازِم بن مُحَمَّد بن حَازِم ذكر الحجاري أَنه ولي قَضَاء بياسه وَكَانَ ذَا أموالٍ عريضةٍ وَله حسبٌ وارفٌ وشعرٌ لطيف مِنْهُ قَوْله ... شَابَ الظَّلامُ وَشَبَّ الصُّبْحُ فاقتبل ... عَيْشًا جَدِيداً بَدَا فِي طَالِعِ الأمَلِ أبْدَى لَكَ الرَّوْض موشيا وأغصنه ... سكرى وطائره الغريد فِي جذل وللثريا انهزم مِنْ طَوَالِعِهِ ... كَأنَّهَا عَذْلٌ حَفَّتْ بِذِي خَبَلِ ... 389 - النَّحْوِيّ أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي دوس البياسي جعله الحجاري من حَسَنَات بياسة فِي عُلُوم الْعَرَبيَّة وَذكر انه أولع بالننفل والتغرب وَأَنه أَقَامَ مُدَّة فِي خدمَة المعتصم بن صمادح بالمرية وَأنْشد لَهُ قَوْله ... هِمَّتِي فَوق السماكين ... ورجلي فِي الصَّعِيد وكذالك السَّيْف فِي الغمد ... ويعلو كل جيد ... الحديث: 388 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 390 - المؤرخ أَبُو الحجارج يُوسُف بن مُحَمَّد البياسي لَهُ تَارِيخ ذيل بِهِ على تَارِيخ ابْن حَيَّان إِلَى عصرنا وَهُوَ الْآن عِنْد سُلْطَان إفريقية فِي خظوة وراتب شَهْري أَنْشدني لنَفسِهِ فِي غُلَام جميل الصُّورَة كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ ... قَدْ سَلَوْنَا عَنِ الَّذِي تَدْرِيهِ ... وَجَفَوْنَاهُ إذْ جَفَا بِالتِيهِ وَتَرَكْنَاهُ صَاغِراً لأُنَاسٍ ... خَدَعُوهُ بِالزُّورِ وَالتَمْوُيهِ لُمِضِلٍ يَهْدِيهِ نَحْوَ مُضِلٍ ... وَسَفِيهٍ يَقُودُهُ لِسَفِيهِ ... 391 - أَبُو سعيد عُثْمَان بن عابدة أَخْبرنِي وَالِدي أَن الْحَضْرَمِيّ لما توجه إِلَى أبدة وبياسة قبل كائنة الْعقَاب سنة تسع وسِتمِائَة اجْتمع بِابْن عابدة هَذَا وَشَاهد مِنْهُ ظرفا وأدباً ونادمه وَأكْثر صحبته قَالَ وَكتب لي مستدعياً إِلَى رَاحَة ... ياأسخف النَّاس من عرب وَمن عجم ... سبقا لأَلأَمِ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ سَبْقاً إلَى كَأْسِ رَاحٍ لَا هُنِيتَ بِهَا ... وَنُغْبَةٍ هِيَ لَذَّاتٌ لِكُلِّ فَمِ ... الحديث: 390 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 .. وَعِنْدَنَا أَمْرَدٌ قَدْ جَاءَ مُحْتَسِباً ... لِذَوي الآدَابِ وَالفَهَمِ مُصَنَّفٌ بِعِذَارٍ كَالعِذَارِ لَهُ ... وَرُبَّمَا فِيهِ حَاجَاتٌ لِذِي قَطَمِ ... قَالَ فَكَانَ جوابي يَا سَيِّدي وصلت ورقتك الذميمة من عِنْد النَّفس اللئيمة وَلَو كنت شَاعِرًا لأجبتك بِمثل قَوْلك وَأَنا فِي أثر خطي فَلَا سلم الله على جميعكم وَلَا نظم إِلَّا على المخزيات شملكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الجيانية وَهُوَ كتاب الوجنة الموردة فِي حلي مَدِينَة أبدة 3 ذكر الرَّازِيّ أَنَّهَا من بُنيان عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط المرواني الْكَائِن فِي الْمِائَة الثَّالَّةِ وَهِي مجاورة لبياسة لَكِنَّهَا لَيست على النَّهر وَلها عين عَظِيمَة تَسْقِي الزَّعْفَرَان وَغَيره وَهِي كَثِيرَة الخصب ولاتها تَتَرَدَّد عَلَيْهَا من جيان وَأَخذهَا النَّصَارَى فِي عصرنا وسلطنة ابْن هود 392 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الخشاب 3 ذكر الْحَضْرَمِيّ أَنه اجْتمع بِهِ فِي أبدة ونال من إحسانه وَكَانَ عميدها وشيخها وَأخذ فِي الْأسر وَكَانَ لَهُ اموال عَظِيمَة وَمن شعره لأحد بني عبد الْمُؤمن ... مَوْلايَ قَدْ أفْسَدَ مَا بَيْنَنَا ... إمَالَةُ السَّمْعِ لِقَوْلِ الحَسُودْ مَاذَا تُرَاهُ قَائِلاً بَعْدَمَا ... أَبْصَرَنِي بِالرَّغْمِ مِنْهُ أَسُودْ ... الحديث: 392 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 393 - أَبُو الْحسن عَليّ بن مَالك الأبدي الْفَقِيه مَذْكُور فِي السمط وَأنْشد لَهُ قَوْله من قصيدة فِي الْوَزير أبي الْحسن ابْن الإِمَام ... أياب كَمَا وافي الْوِصَال على الهجر ... وعقبي جَرَتْ بِالنَّفْعِ فِي عَقِبِ الصَّبْرِ وبُشْرَى جَلَتْها للعيون مِلَّة ... فَكَانَت كَمَا انْشَقَّ الظَّلامُ عَنِ الفَجْرِ فَأَهْدَيْتُ قَلْبِي للبشير وزدته ... بَقِيَّة عُمُرِي وَالضَّنَانَةُ بِالعُمُرِ عَرَفْنَا بِعَرْفِ الرِّيحِ أنَّكَ خلفهَا ... وَقبل لِقَاءِ الرَّوْضِ يُعْرَفُ بالنَّشْرِ أَتَيْتَ عَلَى يَأْسٍ فزدت نفاسه ... كَمَا انْهَلَّ بَعْدَ المَحْلِ مُنْسَكِبَ القَطْرِ وَلُحْتَ فَلَمْ يطمح لغيرك نَاظر ... وَفِي البَدْرِ مَا يُغْنِي عَنِ الأَنْجُمِ الزُّهْرِ ... الحديث: 393 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الجيانية وَهُوَ كتاب الْغِبْطَة فِي حلي مَدِينَة بسطة الْبسَاط 3 قَالَ الحجاري بسطة مِمَّا آتَاهُ الله فِي الْحسن بسطة لَهَا خَارج يَأْخُذ بالأعين والأنفس وفيهَا يَقُول شعْبَان الْغَزِّي وإليها ... سَقَى اللهُ صَوْبَ الغَيْثِ أَكْنَافَ بسطة ... فَفِيهَا انْبِسَاطُ النَّفْسِ وَالعَيْنِ وَالقَلْبِ ... الْعِصَابَة 394 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن ملْحَان نبه أَبُو مُحَمَّد الحجاري على بَيت بني ملْحَان ببسطة وَأَن أَهلهَا أكْرهُوا أَبَا مَرْوَان على الْإِمَارَة بهَا وَلم يكن قَائِما بأعبان الْفِتْنَة لكَونه نَشأ الحديث: 394 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 على حفظ فقهٍ وَرِوَايَة حديثٍ ومذاكرة فِي أدبٍ وَقَول شعرٍ وَمن يَدَيْهِ أَخذهَا أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين وَمن شعره قَوْله ... يَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَنْسَانِي ... مَنْ ذِكرُهُ عُمْري مِنْ شَانِي أَجْهَدُ فِي وِدِّي لَهُ دَائِباً ... وَكُلُّ خِلٍّ عَنْهُ يَنْهَانِي ... السلك 395 - أَبُو عَامر أَحْمد بن دُرَيْد الْكَاتِب مَذْكُور فِي السمط والمسهب وَبَينه وَبَين صَاحب السمط مراسلة وَأحسن شعره قَوْله فِي رجل يلقب بالفار تَابَ عَن شرب الْخمر ... أَتَانِي عَنِ الفَارِ الحقير بإنه ... تحرج عَن شرب الكئوس الدَوَائِرِ فَقُلْتُ لَهُمْ سِرٌّ جَهِلْتُمْ مُرَادَهُ ... وَإنِّي لَعَلاَّمٌ بِغَيْبِ السَّرَائِرِ فَمَا عَابَ شُرْبَ الخَمْرِ إلاَّ لأنَّهَا ... تَلُوحُ بِأَعْلاهَا عُيُونُ السَّنَانِرِ ... 396 - الْمُقْرِئ أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن شَفِيع البسطس من المسهب أَنه عَالم بسطة وَكَانَ متصدراً بالمرية يقْرَأ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَمن شعره قَوْله ... لي نفس لَو انها ترد النَّار ... لمَّا كَلَّفَتْ سِوَاهَا الشَّفَاعَةْ قَنِعَتْ بِالعَفَافِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ... فَاسْتَرَاحَتْ مِنْ دَهْرِهَا بِالقَنَاعَةْ ... الحديث: 395 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 397 - الأفوه الخراز البسطي من المسهب أَنه كَانَ خرازاً ببسطة وتولع بالأدب وَصَارَ ينظم ومدح الْأَعْيَان فاشتهر اسْمه وَمن نظمه قَوْله من قصيدة يمدح بهَا وَزِير ابْن حبوس ملك غرناطة ... إلَيْكَ رَحَلْنَاهَا قَلائِصَ ضُمَّرَا ... لِنَبْغِي بِهَا الْمجد الموثل والغنى فأقسم لَا ينتاب ربعك قَاصد ... وَيرجع عَنْهُ دُونَ أَنْ يَبْلُغَ المُنَى وَكَمْ رُمْتُ أَن أبغي سواكم وَإِنَّمَا ... ثناني لَكُمْ مَا سَارَ عَنْكُمُ مِنَ الثَنَا ... وَقَوله ... أيُّ قَلْبٍ إذَا رَحَلْتُمْ يُقِيمُ ... سِرْ فَإنِّي خَلْفَ الرِّكَابِ أَهِيمُ لَا نَعِيمٌ إلاَّ بِحَيْثُ حَلَلْتُمْ ... وَإذَا غِبْتُمُ فَلَيْسَ نَعِيمُ كَلِّمُونِي وَعَلِّلُونِي بِوَعْدٍ ... وَصِلُونِي فَإنَّ قَلْبِي كَلِيمُ ... 398 - أَبُو الْحسن عَليّ بن شَفِيع البسطي شَاعِر مَشْهُور من شعراء عصرنا وَقد توفّي اشْتهر من شعره قَوْله ... شَرِيعَةُ الحُبِّ شَرْعَي وَالهَوَى دِينِي ... بِهِ أَدِينُ لِيَوْمِ الحَشْرِ وَالدِّينِ قُلُوبُ أَهْلِ الهَوَى فِي الْحبّ خافقة ... مثل العَصَافِيرِ فِي أَيْدِي الشَّوَاهِينِ أَوْ كَالعَبِيدِ تَعَدَّوْا مَا بِهِ أمروا ... أَو كَالجُنَاةِ بِأَبْوَابِ السَّلاطِينِ قَالُوا عَلِقْتَ صَغِيراً قُلْتُ وَيحكم ... مَا رَقَّتِ القُضْبُ رَقَّتْ عَطْفَةُ اللِّيَنِ وَالسَّهْمُ أَمْضَى من الخطى إِن لَهُ ... بَأْسا يُرَوِّعُ أَبْطَالَ المَيَادِينِ ... الحديث: 397 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 .. قَالُوا فَصف حَسَنَة إِن كنت تُحسنهُ ... فَقلت يمْلَأ أوراق الدَّوَاوِين الْغُصْن قامته والبدر طلعته ... والنجم يَرْقُبُهُ عَنْ لَحْظِ ذِي هَوْنِ ... 5 كَأنَّهُ كَانَ صنو الشَّمْس فاقتسما ... مَا أَبْرَزَ الكَوْنُ مِنْ حَسْنٍ وَتَحْسِينِ فَسَلَّمَتْ مِثْلَ حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ لَهُ ... شرعا وَقَالَتْ أخِي وَالثُّلْثُ يَكْفِينِي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الجيانية وَهُوَ كتاب الخيزرانة فِي حلي حصن برشانة من حصون بسطة على نهر المنصورة الْمَشْهُورَة بالْحسنِ لما عَلَيْهِ من الضّيَاع والحصون والجنان 399 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَيَّاش كتب عَن مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن ثمَّ عَن ابْنه النَّاصِر ثمَّ عَن الْمُسْتَنْصر بن النَّاصِر وَقد تقدّمت لَهُ رِسَالَة فِي صدر الْكتاب تدل على علوِّ طبقته فِي النثر أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ فِي أول حَاله يخْدم الرشيد أَبَا حَفْص بن يُوسُف الحديث: 399 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 ابْن عبد الْمُؤمن فَلَمَّا سخط على الرشيد أَخُوهُ الْمَنْصُور وَضرب عُنُقه طلب أَصْحَابه فَكَانَ ابْن عَيَّاش فِي جُمْلَتهمْ فاختفى مُدَّة وقاسى شدَّة وَقَالَ ... بِئْسَ الحَيَاةِ لِخَائِفٍ مُتَرَقِّبِ ... لَمْ يُلْفِ فِي تَخْليصِهِ مِنْ مَذْهَبِ قدْ غُلِّقَتْ أبْوَابُ كُلِّ شَفَاعَةٍ ... فِي وَجْهِهِ جَوْراً وَلمَّا يُذْنِبِ مَا ذَنْب من وفى بِخِدْمَة من بِهِ ... عرف النَّعيمَ وَذَاقَ عَذْبَ المَشْرَبِ يَا شَمْسُ قَدْ أثَّرْتِ فِي بَدْرِ الدُّجَى ... وَخَسَفْتِهِ لَا تَحْفِلِنَّ بكوكَبِ ... فَوقف الْمَنْصُور على هَذِه الأبيات فَعمِلت فِيهِ وَعَفا عَنهُ واستكتبه قَالَ وَالِدي وأنشدني لنَفسِهِ ... قَالُوا حَبِيبُكَ أَقْلَحْ ... فَقُلْتُ ذَلِكَ أَمْلَحْ وَكَيْفَ يُنْكَرُ رَوْضٌ ... غَبَّ النَّدَى قَدْ تَفَتَّحْ ... وَكَانَ وَالِدي يصفه بالمروة ويثني عَلَيْهِ 400 - الْكَاتِب أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أَحْمد البرشاني ذكر وَالِدي أَنه من صُدُور الْكتاب كتب عَن أبي زيد بن بوجان ملك تلمسان وَله من رِسَالَة يُخَاطب بهَا ابْن عَيَّاش الْمَذْكُور يَا سَيِّدي وَلَا يُنَادي غير الْكِرَام وعمادي وَلَا يعْتَمد إِلَّا على من يصرف صروف الْأَيَّام نِدَاء من يمت بالجوار الْقَدِيم ويشفع بِنسَب الْأَدَب الَّذِي لَا يرعاه إِلَّا كريم مَعَ ولاءٍ لَو والى بِهِ الصَّباح مَا غرب عَن ناظره وصفاءٍ لَو صافى بِهِ الدَّهْر مَا كدر من خاطر الحديث: 400 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 وَأحسن شعره قَوْله ... قُمْ هَاتِهَا ذَهَبِيَّةً ... تَجْلُو دجى اللَّيْل البهيم تجلي كَمَا تجلى الْعَرُوس ... وفوقها عقد نظيم حلب الكروم وَمَا يخص ... بِشِرْبِهَا إلاَّ كَرِيمْ مَا زِلْتُ فِيهَا بَاذِلاً ... نشبي الحَدِيث مَعَ القَدِيمْ وَأعَدُّهَا ذُخْرَاً لِمَا ... ألْقَى مِنَ الأَلَمِ الْأَلِيم عجبا لَهَا تشفي السقام ... وَلَوْنُهَا لَوْنُ السَّقِيمْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة جيان وَهُوَ كتاب الفرائد المفضلة فِي حلي حصن تاجلة من عمل بسطة على وَادي المنصورة الْكتاب 401 - أَبُو الْقَاسِم بن طفيل سكن مالقة وَكَانَ يكْتب عَن ولاتها من مُلُوك بني عبد الْمُؤمن اجْتمع بِهِ وَالِدي وَمِمَّا أنْشدهُ من شعره قَوْله فِي رثاء جَارِيَة ... أَمْسَيْتُ أَنْدُبُ فِي الفِرَاشِ مَكَانَهَا ... وَكَأنَّهُ مَا كَانَ مِنْهَا عَامِرَا وَكَأنَّنِي لَمْ أَجْنِ مِنْهَا رَوْضَةً ... وَكَأنَّنِي لَمْ أَثْنِ غُصْناً نَاضِرَا وَكَأنَّنِي وَاللَّيْلُ أَرْخَى سِتْرَهُ ... لَمْ يُبْدِ لي مِنْهَا هلالا زاهرا ... الحديث: 401 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 402 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْعَالم أبي بكر بن طفيل من كَلَام وَالِدي فِيهِ من أَعْيَان كتاب الأوان ومشاركهم فِي الْأَدَب وَالْبَيَان وَله تواليف مِنْهَا تأليفه مُعْجم بَلَده الأندلس على منزع الحجاري وَكتب عَن عَادل بني عبد الْمُؤمن وَمن نثره أَيهَا الْفَرِيق الدّين تمسكوا بالضلال وَلم يصغوا نَحْو موعظةٍ وَلَا توقعوا فَجْأَة نكال تيقظوا لما آثرتموه وأصيخوا لما دعوتموه فَكَأَنِّي بخيل الله تصبحكم وساء صباح الْمُنْذرين فتترككم فِي دِيَاركُمْ جاثمين هُنَالك يخسر المبطلون ويتلهف المفرطون وَهَذَا طلٌّ يتبعهُ وابلٌّ وحركة يعقبها زلازل وَمن شعره قَوْله ... وغدونا بِكُل خبر وَلَكِنْ ... لَيْسَ فِي كَفِّنَا سِوَى التُّرَّهَاتِ وَهُمُ ألْكَنُ الأنَامِ بِهَاكٍ ... وَهُمُ أفْصَحُ الأنَامِ بِهَاتِ ... الْعلمَاء 403 - الطَّبِيب الفيلسوف أَبُو بكر مُحَمَّد بن طفيل قَالَ وَالِدي لقِيت عُلَمَاء كَثِيرَة يفضلونه على فيلسوف الأندلس أبي بكر ابْن باجة وناهيك مدحاً وتقديماً وَكَانَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن يجالسه ويستفيد مِنْهُ وَلما مَاتَ يُوسُف اتهمَ بِأَنَّهُ سمه وَقد خَافَ مِنْهُ فجرت عَلَيْهِ محنةٌ وخلد فِي منزله مسجوناً فِي تاجله وَكَانَ لَهُ دارٌ لمن يجتاز بِهِ من الأضياف وَأَصْحَاب الآلام وَأشهر شعره وَأحسنه قَوْله الحديث: 402 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 .. أَلَسْت وَقد هام المشيخ وهوما ... وأسرت إلَى وَادِي العَقِيقِ مِنَ الحِمَى وَرَاحَتْ عَلَى نَجْدٍ فَرَاحَ مُنَجَّداً ... وَمَرَّتْ بِنُعْمَانٍ فَأضْحَى مُنَعَّمَا وَجَرت على ذيل المحصب ذيلها ... فَمَا زَالَ ذَاكَ التُّرْبُ نَهْباً مُقَسَّمَا تُقَسِّمُهُ أَيْدِي التُّجَارِ لَطِيمَةً ... وَيَحْمُلُهُ الدَّارِيُّ أيَّانَ يَمَّمَا وَلمَّا رَأَتْ أَنْ لَا ظَلامَ يُكِنُّها ... وَأَنَّ سُرَاهَا فِيهِ لَنْ يِتَكَتَّمَا أَزَاحَتْ غَمَامَ العَصْبِ عَنْ حروجهها ... فَأَلْقَت شعاعا يدهش المتوسما فَكَانَ تجليها حجاب جمَالهَا ... كشمس الضُّحَى يَعْشَى بِهَا الطَّرْفُ كُلَّمَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة جيان وَهُوَ كتاب المسرات المسلية فِي حلي حصن قولية من عمل بسطة ينْسب لَهُ بَنو اليسع الْأَعْيَان 404 - الْأَمِير أَبُو الْحسن بن اليسع قَالَ فِي وَصفه صَاحب القلائد عَامر أندية النشوة وطلاع ثنايا الصبوة وَأنْشد لَهُ فِي مُخَاطبَة أبي بكر بن اللبانة الشَّاعِر وَكَانَا على طَرِيقين فَلم يلتقيا ... تُشَرِّقُ آمَالِي وَسَعْيِ يُغَرِّبُ ... وَتَطْلَعُ أَوْجَالِي وأنسي يغرب ... الحديث: 404 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 .. سَرَيْتُ أبَا بَكْرٍ إِلَيْكَ وَإنَّمَا ... أنَا الكَوْكَبُ الساري تخطاه كَوْكَب فبالله إِلَّا مَا منحت تَحِيَّةً ... تَكُرُّ بِهَا السَّبْعُ الدَّرَارِي وَتَذْهَبُ وَبَعْدُ فَعِنْدِي كُلُّ ذُخْرٍ تَصُونُهُ ... خَلائِقُ لَا تَفْنَى وَلا تَتَقَلَّبُ ... ووفد على الْمُعْتَمد بن عباد فِي إشبيلية وولاه مملكة مرسية وَكتب إِلَى أبي بكر بن القبطورنة ببطليوس فِي يَوْم نفيرٍ لِلْعَدو ... عَطِشْتُ أبَا بَكْرٍ وَكَفُّكَ دِيمَةٌ ... وَذُبْتُ اشْتِياقاً وَالمَزَارُ قَرِيبُ فَخَفِّفْ وَلَوْ بَعْضَ الَّذِي أنَا وَاجِدٌ ... فَلَيْسَ بِحَقٍّ أَنْ يُضَاعَ غَرِيبُ وَأَهْدِ لنَا مِنْ تِلْكَ حَظاًّ نُرَى بِهِ ... نَشَاوَى وَبَعْدَ الغَزْوِ سَوْفَ نَتُوبُ ... فَوجه لَهُ مَا طلب وَكتب مَعَ ذَلِك ... أَبَا حَسَنٍ مِثْلِي بِمِثْلِكَ عَالِمٌ 5 وَمِثْلُكَ بَعْدَ الغَزْوِ لَيْسَ يَتُوبُ ... 405 - أَبُو يحيى اليسع بن عِيسَى بن اليسع هُوَ مُصَنف كتاب المعرب فِي آدب الْمغرب صنفه بِمصْر وطرزه بالدولة الصلاحية الناصرية وَكَانَ بالأندلس يكْتب عَن الْمُسْتَنْصر بن هود ونثره كزٌّ ثقيلٌ ونظمه مغسول لَيْسَ عَلَيْهِ طلاوة وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مُعَارضَة كتاب القلائد فنهق إِثْر صاهلٍ وَلم يَأْتِ فِي جَمِيع مَا أوردهُ بطائل وَأول خطْبَة كِتَابه الْحَمد لله الَّذِي أحَاط بِكُل شئ علما ووسع العصاة رَحْمَة وحلما الحديث: 405 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 كتاب الْكَوَاكِب المنيرة فِي حلي مملكة إلبيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب موسطة الأندلس وَهُوَ كتاب الْكَوَاكِب المنيرة فِي حلي مملكة إلبيرة مملكة جليلة بَين مملكتي قرطبة والمرية ومملكتي جيان ومالقة وَهِي كَثِيرَة الْكَتَّان وَالْأَشْجَار والأنهار وَمَا يطول ذكره من صنوف الْخيرَات وينقسم كتابها إِلَى أثنتي عشر كتابا كتاب الدُّرَر النثيرة فِي حلي حَضْرَة إلبيرة كتاب الْإِحَاطَة فِي حلي حَضْرَة غرناطة كتاب الحوش فِي حلي قَرْيَة شوش كتاب السحب المنهلة فِي حلي قَرْيَة عبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 كتاب نقش الرَّاحَة فِي حلي قَرْيَة الملاحة كتاب مؤانسة الأخدان فِي حلي قَرْيَة هَمدَان كتاب فِي حلي حصن شلوبينية كتاب المسرات فِي حلي البشرات كتاب الرياش فِي حلي وَادي آش كتاب حلي الصباغة فِي حلي مَدِينَة باغة كتاب فِي حلي مَدِينَة لوشة كتاب الطالع السعيد فِي حلي قلعة بني سعيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب الدُّرَر النثيرة فِي حلي حَضْرَة إلبيرة المنصة قَالَ الحجاري إلبيرة كَانَت قَاعِدَة المملكة فِي الْقَدِيم وَلها ذكر شهير وَمحل عَظِيم إِلَّا أَن رسمها قد طمس وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا بعض أثر وَصَارَت غرناطة كرسياً التَّاج فِيهَا كَانَت وُلَاة المملكة تتواتر إِلَى أَن وَقع بَين الْعَرَب والمولدين من الْعَجم فاتصل الْقِتَال وانحاز الْعَرَب إِلَى غرناطة وَكَانَ الظفر للْعَرَب فخربت إلبيرة من حينئذٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 السلك الوزراء 406 - أَبُو خَالِد هَاشم بن عبد الْعَزِيز بن هَاشم وَزِير مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المرواني سُلْطَان الأندلس أَصله من موَالِي عُثْمَان بن عَفَّان الَّذين حازوا الرياسة وَالْجَلالَة بإلبيرة وَعظم قدره بقرطبة عِنْد سُلْطَان الأندلس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن حَتَّى صيره أخص وزرائه وَأسْندَ إِلَيْهِ أُمُور بِلَاده وعساكره وَكَانَ تياهاً معجباً كثير الِاعْتِمَاد على مَا يحقد بِهِ قُلُوب الْعباد حَتَّى مَلأ الصُّدُور من بغضه وَقدمه مُحَمَّد على جيشٍ توجه بِهِ إِلَى غرب الأندلس فَهزمَ وَحصل فِي الْأسر واضطربت الأندلس بِسوء تَدْبيره ثمَّ فدَاه السُّلْطَان وَعَاد إِلَى مَكَانَهُ وَكَانَ قد مَلأ صدر الْمُنْذر بن مُحَمَّد غيظاً عَلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّد وَولي الْمُنْذر قَتله الْمُنْذر شَرّ قتلةٍ بعد السجْن وَالْعَذَاب وَذكره الحجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَهْوى معانقة الملاح ... وَشرب أكواس الطلا ... الحديث: 406 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 .. ويسرني حسن الرياض ... وَقَدْ تَوَشَّتْ بِالحلي وَأَذُوبُ مِنْ طَرَبٍ إذَا ... مَا الصُّبْحُ جَرَّدَ مُنْصُلا وَأَهِيمُ فِي قَوْدِ الجيوش ... وَنَيْلِ أسْبَابِ العُلا وَأَهُزُّ مُرْتَاحَاً إذَا ... سَرَتِ المواضي فِي الطلى قل للَّذي يَبْغِي مَكَاني ... هَكَذَا أوْ لَا فَلا ... من كتاب الرؤساء 407 - أَبُو عمر أَحْمد بن عِيسَى الإلبيري ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَن أَمر مَدِينَة إلبيرة كَانَ دائراً عَلَيْهِ مَعَ زهده وورعه وَوَصفه بالأدب وَالنّظم والنثر وَذكر أَنه أنْشد فِي مَجْلِسه هَذَانِ البيتان ... وَإذَا الدِّيَارُ تَنَكَّرَتْ عَنْ حَالِهَا ... فَذَرِ الدِّيَارَ وَأَسْرِعِ التَّحْوِيلا لَيْسَ المُقامُ عَلَيْكَ حتما وَاجِبا ... فِي بَلْدَة تدع الْعَزِيز ذليلا ... وَسُئِلَ الزِّيَادَة عَلَيْهِمَا فَقَالَ ... لَا يرتضى حر بمنزل ذلة ... لَو لم يجد فِي الْخَافِقين مقيلا ... الحديث: 407 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 .. فارض الْوَفَاء نَفْسِكَ لَا تَكُنْ ... تَرْضَى المَذَلَّةَ مَا وَجَدْتَ سَبِيلا وَاخْصُصْ بِوِدِّكَ مَنْ خَبَرْتَ وَفَاءَهُ ... لَا تَتَّخِذْ إلاَّ الوَفِيَّ خَلِيلا ... وَمن كتاب الْعلمَاء 408 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن حبيب السّلمِيّ الإلبيري فَقِيه الأندلس الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل حج وَعَاد إِلَى الأندلس بعلمٍ جمٍ وَجل قدره عِنْد سُلْطَان الأندلس عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط المرواني وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء الْقُضَاة فَامْتنعَ وَهُوَ نابه الذّكر فِي تَارِيخ ابْن حَيَّان والمسهب وَغَيرهمَا وَمن شعره قَوْله وَقد شاع أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور غنى زرياب بَين يَدَيْهِ بشعرٍ أطربه فَأعْطَاهُ ألف دِينَار ... مِلاكُ أَمْرِي وَالذي أَرْتَجِي ... هَيِّنٌ عَلَى الرَّحْمُنِ فِي قُدْرَتِهْ أَلْفٌ مِنَ الشُّقْرِ وَأَقْلِلْ بِهَا ... لِعَالِمٍ أَرْبَى عَلَى بغيته يَأْخُذهَا زرياب فِي دفْعَة ... وصنعي أَشْرَفُ مِنْ صَنْعَتِهْ ... وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ الحديث: 408 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 وَمن كتاب الشُّعَرَاء 409 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن هَانِئ الازدي أَصله من بني الْمُهلب الَّذين ملكوا إفريقية وانتقل أَبوهُ مِنْهَا إِلَى جَزِيرَة الأندلس وَسكن إلبيرة فولد لَهُ بهَا مُحَمَّد بن هَانِئ الْمَذْكُور وبرع فِي الشّعْر واشتهر ذكره وَقصد جَعْفَر بن عَليّ الأندلسي ملك الزاب من الغرب الْأَوْسَط فَوجدَ بَابه معموراً بالشعراء وَعلم أَن وزيره وخواصه فضلاء لَا يتركون مثله يقرب من ملكهم فتحيل بِأَن تزيا بزِي بربري وَكتب على كتف شاةٍ مجرودٍ من اللَّحْم ... اللَّيْلُ لَيْلٌ وَالنَّهَارُ نَهَارُ ... وَالبَغْلُ بَغْلٌ وَالحِمَارُ حِمَارُ وَالدِّيكُ دِيكٌ وَالدَّجَاجَةُ زَوْجُهُ ... وَكِلاهُمَا طَيْرٌ لَهُ مِنْقَارُ ... ووقف بِهَذَا الشّعْر للوزير وَقَالَ أَنا شاعرٌ مفلقٌ أُرِيد أنْشد الْملك هَذَا الشّعْر فَضَحِك الْوَزير وَأَرَادَ أَن يطرف الْملك بِهِ فَبَلغهُ ذَلِك فَأمر بوصوله إِلَيْهِ ومجلسه غاصٌ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَامَ وَعدل عَن ذَلِك الشّعْر وَأنْشد قصيدته الجليلة الَّتِي يصف فِيهَا النُّجُوم ... ألَيْلَتَنَا إذْ أَرْسَلَتْ وَارِداً وَحْفَا ... وَبِتْنَا نَرَى الجَوْزَاءَ فِي أذنها شنفا ... الحديث: 409 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 .. وَبَاتَ لَنَا سَاقٍ يَصُولُ عَلَى الدُّجَى ... بِشَمْعَةِ صبح لَا تقط ولاتطفا أغن غضيض خفف اللين قده ... وأثقلت الصَّهْبَاءُ أَجْفَانَهً الوُطْفَا وَلَمْ يُبْقِ إرْعَاشُ المُدامِ لَهُ يدا ... وَلم يُبْقِ إعْنَاتُ التَثَنِّي لَهُ عِطْفَا نَزِيفٌ قَضَاهُ السَّكْرُ إلاَّ ارْتِجَاجَةٌ ... إذَا كَلَّ عَنْهَا الخَصْرُ حَمَّلَهَا الرِّدْفَا يَقُولُونَ حِقْفٌ فَوْقَهُ خَيْزَرَانَةٌ ... أمَا يَعْرِفُونَ الخَيْزَرَانَةَ وَالحِقْفَا ... ثمَّ مر فِيهَا فِي وصف النُّجُوم إِلَى أَن قَالَ 5 كَأَنَّ لِوَاءَ الشَّمْس غرَّة حعفر ... رأى القِرْنَ فَازْدَادَتْ طَلاقَتُهُ ضِعْفَا ... فَقَامَ إِلَيْهِ جَعْفَر وَقَالَ بِاللَّه أَنْت ابْن هانئٍ قَالَ نعم فعانقه وَأَجْلسهُ إِلَى جَانِبه وخلع عَلَيْهِ مَا كَانَ فَوْقه من الثِّيَاب الملوكية وَجل عِنْده من ذَلِك الْحِين إِلَى أَن كتب الْمعز الْإِسْمَاعِيلِيّ الْخَلِيفَة بالقيراوان إِلَيْهِ فِي تَوْجِيهه لحضرته فوجهه للقيروان فَأول قصيدةٍ مدحه بهَا قصيدته الَّتِي ندر لَهُ فِيهَا قَوْله ... وَبَعُدَتَ شَأْوَ مَطَالِبٍ وَرَكَائِبٍ 5 حَتَّى رَكِبْتَ إلَى الغَمَامِ الرِّيحَا ... وَكَانَ مغرماً بحب الصّبيان وَفِي ذَلِك يَقُول ... يَا عَاذِلِي لَا تَلْحَنِي أنَّنِي ... لَمْ تُصْبِني هِنْدٌ وَلا زَيْنَبُ لَكِنَّنِي أصْبُو إِلَى شَادِنٍ ... فِيهِ خِصَالٌ جَمَّةٌ تُرْغَبُ لَا يَرْهَبُ الطَّمْثَ وَلا يَشْتَكِي ... حَمْلاً وَلا عَنْ نَاظِرٍ يُحْجَبُ ... وَلما رَحل الْمعز إِلَى مصر رَجَعَ لتوصيل عِيَاله فَقتل فِي برقة فِي مشربةٍ على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 صبي وَمن أشهر شعره فِي الْآفَاق قَوْله ... فُتِقَتْ لَكُمْ رِيحُ الجِلادِ بِعَنْبَرِ ... وَأَمَدَّكُمْ فَلَقُ الصَّبَاحِ المُسفِرِ وَجَنَيْتُمُ ثَمْرَ الوَقَائِعِ يَانِعَاً ... بِالنَّصْرِ مِنْ وَرَقِ الحَدِيدِ الأخْضَرِ ... 410 - أَبُو أَحْمد عبد الْعَزِيز بن خيرة المنفتل من أَعْلَام شعراء إلبيرة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف نابه الذّكر فِي الذَّخِيرَة والمسهب وَمن عنوان طبقته قَوْله ... سَكْرَانُ لَا يَدْرِي وَقَدْ وَافَى بِنَا ... أَمِنَ المَلاحَةِ أَمْ مِنَ الجِرْيَالِ تَتَضَوَّعُ الصَّهْبَاءُ مِنْ أنْفَاسِهِ ... كَتَضَوُّعِ الرَّيْحَانِ بِالآصَالِ وَكَأنَّمَا الخِيلانُ فِي وَجَنَاتِهِ ... سَاعَاتُ هَجْرٍ فِي زَمَانِ وِصَالِ ... وَقَوله ... فِي خد أَحْمد خَال ... يصبو إِلَيْهِ الخلي كَأنَّهُ رَوْضُ وَرْدٍ ... جنَّانُهُ حَبَشيُّ ... الحديث: 410 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 411 - خلف بن فرج الإلبيري السميسر من أَعْلَام شعراء إلبيرة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف مَشْهُور بالهجاء مَذْكُور فِي الذَّخِيرَة والمسهب وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... يَا آكِلاً كُلَّ مَا اشَتَهَاهُ ... وَشَاتِمَ الطِّبِّ والطَّبِيبِ ثِمَارَ مَا قَدْ غَرَسْتَ تَجْنِي ... فَانْتَظِرِ السَّقْمَ عَنْ قَرِيبِ يَجْتَمِعُ الدَّاءُ كُلَّ يَوْمٍ ... أَغْذِيَةُ السُّوءِ كَالذُنُوبِ ... وَقَوله ... تَحَفَّظْ مِنْ ثِيَابِكَ ثُمَّ صُنْهَا ... وَإلاَّ سَوْفَ تَلْبُسُهَا حِدَادَا وَظُنَّ بِسَائِرِ الأجْنَاسِ خَيْراً ... وَأَمَّا جِنْسُ آدم فالبعادا ... الحديث: 411 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 .. أَرَادُونِي بِجَمْعِهُمُ فَرُدُّوا ... عَلَى الأعْقَابِ قَدْ نَكَصُوا فُرَادَى وَعَادوا بَعْدَ ذَا إخْوَانَ صِدْقٍ ... كَبَعْضِ عَقَارِبٍ عَادَتْ جَرَادَا ... وَأنْشد لَهُ الحجاري قَوْله ... وَقَدْ حَانَ تَرْحَالِي فَقُلْ لِيَ عَاجِلاً ... عَلَى أَيِّ حَالٍ تَنْقَضِي عَزَمَاتِي أَأُثْنِي بِخَيْرٍ أَمْ أَقُولُ تَمَثُّلاً ... كَمَا قَالَتِ الخَنْسَاءُ فِي السَّمُرَاتِ إذَا لَمْ يَكُنْ فيكُنَّ ظِلٌ وَلا جَنَىً ... فأبعدكن الله من شجرات ... وَقَوله ... وأنحلني شوق لكم فَلَو انني ... أكون مِنَ المَحْسُوسِ هبَّتْ بِيَ الرِّيحُ فَمَنْ كَانَ ذَا روح شكا فقد جِسْمه ... فبها أَنا لاجسم لَدَيَّ وَلا رُوحُ فَيَا لَهَفَ نَفْسِي أَيْنَ سلع وحاجر ... وَأَيْنَ النَّقَا وَالرَّنْدُ وَالبَانُ وَالشِّيحُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب الْإِحَاطَة فِي حلي حَضْرَة غرناطة المنصة من مسهب الحجاري غرناطة وَمَا أَدْرَاك مَا غزناطة حَيْثُ أدارت الجوزاء وشاحها وعلق النَّجْم أقراطه عِقَاب الجزيرة وغرة وَجههَا المنيرة وَمر فِي الثَّنَاء عَلَيْهَا وَأَنا أَقُول إِنَّهَا وَإِن سميت دمشق الأندلس أحسن من دمشق لِأَن مدينتها مطلة على بسيطها متمكنة فِي الإقليم الرَّابِع المعتدل مكشوفة للهواء من جِهَة الشمَال مياهها تنصب إِلَيْهَا من ذوب الثَّلج دون مُخَالطَة الْبَسَاتِين والفضلات والأرحاء تَدور فِي داخلها وقلعتها عاليةٌ شَدِيدَة الِامْتِنَاع وبسيطها يَمْتَد فِيهِ الْبَصَر مسيرَة يَوْمَيْنِ بَين أَنهَار وأشجار وميادين مخضرة فسبحان ميديها فِي أحسن حلةٍ لَا يَأْخُذهَا وصف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 وَلَا ينصف فِي ذكرهَا إِلَّا الرُّؤْيَة وَبهَا ولدت ولي فِيهَا ولوالدي وأقاربي أشعار كَثِيرَة ونهرها الْكَبِير يُقَال لَهُ شنيل وَفِيه أَقُول ... كَأَنَّمَا النَّهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم منشئها لَمَّا أبَانَتْ عَنْ حَسْنِ مَنْظَرِهِ ... مَالَتْ عَلَيْهِ الغُصُونُ تَقْرَؤُهَا ... وَفِيه أَقُول ... انْظُرْ لِشَنَّيلٍ يُقَابِلُ وَجْهَهُ ... وَجْهَ الهِلالِ كَقَارِئٍ أَسْطَارَهُ لَمَّا رَآهُ مِعْصَماً قَدْ زَانَهُ ... وَشْيُ الصِّبَا أَلْقَى عَلَيْهِ سِوَارَهُ ... وَفِي بسيطها يَقُول أَبُو جَعْفَر عَم وَالِدي ... سَرِّحْ لِحَاظَكَ حَيْثُ شِئْتَ فَإنَّهُ ... فِي كُلِّ مَوْقِعِ لَحْظَةٍ مُتَأَمَّلُ ... وَمن متنزهاتها الْمَشْهُورَة حور مُؤَمل واللشتة والزاوية والمشايخ وَقد ذكر أَبُو جَعْفَر بن سعيد الْحور فِي شعر تقدم إنشاده وَذكره فِي موشحته البديعة وَهِي ... ذَهَّبَتْ شَمْسُ الأصِيلِ فِضَّةَ النَّهْرِ أَيَّ نَهْرٍ كَالمُدَامَهْ صَيَّرَ الظِّلَّ فِدَامَهْ نَسَجَتْهُ الرِّيحُ لامَهْ وَثَنَتْ لِلْغُصْنِ لامَهْ فَهُوَ كَالعَضْبِ الصَّقِيلِ حُفَّ بالسُّمْرِ مُضْحِكاً ثَغْرَ الكِمَامِ مُبْكِياً جَفْنَ الغَمَامِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 .. مُنْطِقاً وُرْقَ الحَمَامِ دَاعِياً إلَى المُدَامِ فَلِهَذَا بِالقُبُولِ خُطَّ كَالسَّطْرِ حَبَّذَا بِالحَوْرِ مَغْنَى هِيَ لَفْظٌ وَهُوَ مَعْنَى مُذْهِبُ الأشْجَانِ عَنَّا كَمْ دَرَيْنَا كَيْفَ سِرْنَا ثُمَّ فِي وَقْتِ الأصِيلِ لَمْ نَكُنْ نَدْرِي قُلْتُ وَالمَزْجُ اسْتَدَارَا بِذُرَى الكَأسِ سِوارَا سَالِباً مِنَّا الوَقَارَا دَائِراً مِنْ حَيْثُ دَارَ صَادَ أطْيَارَ العُقُولِ شَبَكُ الخَمْرِ وَعَدَ الحِبُّ فَأَخْلَفْ وَاشْتَهَى المُطِلَ فَسَوَّفَ وَرَسولِي قَدْ تَعَرَّفْ مِنْهُ مَا أدْرِي فَحَرَّفْ بِاللهِ قُلْ يَا رَسُولِي لِشْ يَغِبْ بَدْرِي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 ونجد مَكَان مطل على بسيطها من أشرف متنزهاتها فِيهِ يَقُول عالمها أَبُو الْحسن سهل بن مَالك ... كُلُّ وَجْدٍ سَمِعْتُمْ دُونَ وَجْدِي ... لأّصِيلٍ يَفُوتُ طَرْفِي بِنَجْدِ حَيْثُ جَرَّرْتُ ذَيْلَ كُلِّ مُجُونٍ ... بَيْنَ حُورٍ تَمِيسُ فيهِ وَرَنْدِ وَسَوَاقٍ كَأنَّهُنَّ سُيُوفٌ ... جُرِّدَتْ فِي الرِّيَاضِ مِنْ كُلِّ غِمْدِ ... التَّاج كَانَت قَاعِدَة المملكة إلبيرة فَلَمَّا وَقع مَا بَين الْعَرَب والعجم فِي مُدَّة عبد الله المرواني سُلْطَان الأندلس انحاز الْعَرَب إِلَى غرناطة وَقَامَ بملكهم سوار ابْن أَحْمد الْمحَاربي فَقتله أهل إلبيرة فَقَامَ بهم بعده 412 - سعيد بن سُلَيْمَان بن جودي السَّعْدِيّ وَكَانَ فَارِسًا جواداً شَاعِرًا وَمن شعره قَوْله يُخَاطب عبد الله المرواني ... قُلْ لِعَبْدِ اللهِ يَشْدُدْ فِي الهَرَبْ ... نَجَمَ الثَّائِرُ مِنْ وَادِي الْقصب ... الحديث: 412 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 .. يَا بَنِي مَرْوَانَ خَلُّوا مُلْكَنَا ... إنَّمَا المُلْكُ لأبْنَاءِ العَرَبْ قَرِّبُوا الوَرْدَ المُحلي بِالذَهَبْ ... وَاسْرِجُوهُ إنَّ نَجْمِي قَدْ غَلَبْ ... وَآل أمره إِلَى أَن غدر بِهِ قومٌ من أَصْحَابه وقتلوه وثار بهَا بعده مُحَمَّد ابْن أضحى الْهَمدَانِي دولة صنهاجة كَانَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَأول مُلُوكهمْ بغرناطة 413 - زاوي بن زيري بن مُنَاد الصنهاجي كَانَ داهية البربر خرب أَصْحَابه مَدِينَة إلبيرة وعاثوا فِيهَا وَأظْهر هُوَ الْإِنْكَار لذَلِك وَالْعدْل وَقَامَ بالمملكة واقتعد مَدِينَة غرناطة وَهزمَ المرتضى المرواني وَعظم قدره ثمَّ خَافَ الكرة من أهل الأندلس فَرَحل بِمَا حازه من الذَّخَائِر الْعَظِيمَة إِلَى إفريقية وَبَقِي بغرناطة ابْن أَخِيه الحديث: 413 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 414 - حبوس بن ماكس بن زيري فاستبد بملكها قَالَ ابْن حَيَّان وَكَانَ على مَا فِيهِ من الْقَسْوَة يصغي الْأَدَب وَكَانَ غليظ الْعقَاب فَارِسًا شجاعاً جباراً مستكبرا كَامِل وليه وَلما مَاتَ ورث الْملك ابْنه 415 - باديس بن حبوس وَكَانَ من أبطال الحروب وشجعانها يضْرب بِهِ الْمثل فِي شدَّة الْقَسْوَة سك الدِّمَاء وَعظم ملكه بهزيمة زُهَيْر ملك المرية وَقَتله واستيلائه على ئنة وَكَانَ على مَا فِيهِ من الْقَسْوَة حسن السياسة منصفا حَتَّى من أَقَاربه فت لَهُ يوماص عجوزٌ فشكت عقوق ابْنهَا وَأَنه مد يَده إِلَى ضربهَا احضره وَأمر بِضَرْب عُنُقه فَقَالَت لَهُ با مولَايَ مَا أردْت إِلَّا ضربه بِالسَّوْطِ فَقَالَ لست بمعلم صبيانٍ وَضرب عُنُقه وَمَات فورث الْملك بعده ابْن أَخِيه الحديث: 414 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 416 - عبد الله بن بلقين بن حبوس وَمن يَده أَخذهَا أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين حِين استولى على مُلُوك الطوائف فتداول عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين إِلَى أَن انقرضت دولتهم فَقَامَ بهَا من الأندلسين 417 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أضحى الْهَمدَانِي من بَيت عَظِيم بهَا قد صَحَّ لَهُ ملكهَا فِيمَا تقدم وَكَانَ قد ولي قَضَاء الْقُضَاة بغرناطة واشتهر بالجود وَجل قدره فصح لَهُ الْقيام بِملك غرناطة إِلَّا أَنه لم يبْق إِلَّا قَلِيلا وَتُوفِّي حتف أَنفه وَمن شعره قَوْله وَقد دخل مَجْلِسا غاصَّاً فَجَلَسَ فِي أخريات النَّاس وَأَرَادَ التَّنْبِيه على قدره ... نَحْنُ الأهِلَةُ فِي ظَلامِ الحِنْدِسِ ... حَيْثُ احْتَلَلْنَا فَهُوَ صدر الْمجْلس إِن يذهب الدَّهْر الخئون بِعِزِّنَا ... ظُلْماً فَلَمْ يَذْهَبْ بِعِزِّ الأنْفُسِ ... وَولي بعده أَمر غرناطة ابْنه أضحى ثمَّ صَارَت للمستنصر بن هود وَوَقع فِيهَا تَخْلِيط إِلَى أَن ملكهَا المصامدة وتداول ولاتهم ثمَّ صَارَت لِابْنِ هود الحديث: 416 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 المتَوَكل الَّذِي ملك الأندلس فِي عصرنا وتداولت عَلَيْهَا ولاته ثمَّ مَاتَ ابْن هود فاتخذها كرسياً 418 - أَمِير الْمُسلمين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْأَحْمَر المرواني وَهُوَ إِلَى الْآن بهَا مثاغراً لعساكر النَّصَارَى الْكَثِيرَة بِدُونِ ألف فَارس وَهُوَ من عجائب الدَّهْر فِي الفروسية والإقدام والسعادة فِي لِقَاء الْعَدو وَيفهم الشّعْر وَيكثر مطالعة التَّارِيخ وَقد ملك إشبيلية وَقتل ملكهَا المعتضد الْبَاجِيّ وَكنت حينئذٍ هُنَالك وأنشدته قصيدة أَولهَا ... لِمِثْلِكَ تَنْقَادُ الجَيَوشُ الجَّحَافِلُ ... وَتُذْخَرُ أبْنَاءُ القَنَا وَالقَنَابِلُ ... ذَوُو الْبيُوت 419 - أَبُو الْحسن عَليّ بن جودي من ولد سعيد بن جودي الْمَذْكُور فِي مُلُوك غرناطة قَرَأَ على أبي بكر بن باجة فيلسوف الأندلس فاشتهر بذلك واتهم فِي دينه فَطلب ففر الحديث: 418 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 وَصَارَ مَعَ قطاع طَرِيق بَين الجزيرة الخضراء وقلعة خولان وَقَالَ فِي ذَلِك ... أَرُومُ بِعَزْمَانِي تَنَاسِيَ عَهْدِكُمْ ... فَتَأْبَى عَلَيْنَا فيكُمُ العَزَمَاتُ فَأُقْسِمُ لَوْلا البُعْدُ مِنْكُمُ لَسَرَّنِي ... ثَوَانِي بِالغَابَاتِ وَهِيَ فَلاَةُ فَإنَّ بِهَا مِنْ رَهْطِ كَعْبٍ وَعَامِرٍ ... سَرَاةً نَمَتْهُمْ لِلْعَلاءِ سَرَاةُ أَبَوْا أَنْ يَحُلُّوهَا بَلادَ حَضَارَةٍ ... مَخَافَةَ ضَيْمٍ وَالكُفَاةُ أُبَاةُ فَخَطُّوا بِأُمِّ القَفْرِ دَارَاً عَزِيزَةً ... تُمَارُ عَلَى حُكْمِ القنا وتقات فياليت شعري والمنى تخدع الْفَتى ... ودأب اللَّيَالِي مُلْتَقَىً وَشَتَاتُ أَفُرْقَتُنَا هَذِي تَكُونُ لِقَاءَةً ... أَمِ الدَّهرُ يَأْسٌ بَعْدَكُمْ وَبَتَاتُ ... وَأنْشد لَهُ وَالِدي ... نبهته وعيون الزهر نَائِمَة ... والطل يَبْكِي وَثَغْرُ الكَاسِ يَبْتَسِمُ وَالبَرْقُ يَرْقُمُ مِنْ برد الدجى علما ... والزهر عِقْدٌ بِجِيدِ النَّهْرِ مُنْتَظِمُ حَتَّى بَدَتْ رَايَةُ الإصْبَاحِ زَاحِفَةً ... فِي كَفِّ ذِي ظَفَرٍ وَاللَّيْلُ مُنْهَزِمُ ... 420 - جودي بن جودي من أَعْلَام هَذَا الْبَيْت سكن مَدِينَة وَادي آش وَبَينه وَبَين وَالِدي مخاطبات وأنشدني وَالِدي من شعره قَوْله ... شربنا وَبرد اللَّيْل يطويه صبحه ... وأردية الشَّمْسِ المُنِيرَةِ تُنْشَرُ وَقَدْ هَتَفَتْ وُرْقَ الحَمَامِ بدوحها ... وكف الصَّبَا زَهْرَ الحَدَائِقِ تَنْثُرُ مُشَعْشَعَةً رَقَّتْ وَرَاقَتْ كَأَنَّمَا ... يصاغ لَهَا مِنْ صَنْعَةِ المَزْجِ جَوْهَرُ ... الحديث: 420 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 .. إِذا قهقه الإبريق قَالُوا تَكَلَّمت ... كَمَا أنَّهَا عَنْ أَعْيُنِ المَزْجِ تُنْظَرُ وَإنْ لُمِحَتْ فِي كأسها رفرفت هوى ... عَلَيْهَا نُفُوسٌ بِالتَنَسُّمِ تَسْكَرُ ... 421 - عبد الرَّحِيم بن الْفرس يعرف بِالْمهْرِ قَرَأَ مَعَ وَالِدي وَكَانَ يصفه بالذكاء المفرط والتفنن والتقدم فِي الفلسفة وَآل أمره إِلَى أَن سمت نَفسه لطلب الْهِدَايَة فأظهر أَنه القحطاني الَّذِي ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَقُود النَّاس طوع عَصَاهُ وَكَانَ قِيَامه فِي برابر لمطة فِي قبْلَة مراكش وَقَالَ يُخَاطب بني عبد الْمُؤمن شعرًا اشْتهر مِنْهُ ... قُولُوا لأبْنَاءِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بن عَليّ ... تأهبوا لُوُقُوعِ الحَادِثِ الجَلَلِ قَدْ جَاءَ سَيِّدُ قَحْطَانٍ وعالمها ... ومنتهي القَوْلِ وَالغَلاَّبِ لِلْدُوَلِ النَّاسُ طَوْعُ عَصَاهُ وَهُوَ سائقهم ... بِالْأَمر وَالنَهْيِ نَحْوَ العِلْمِ وَالعَمَلِ فَبَادِرُوا أَمْرَهُ فَاللهُ نَاصِرُهُ ... وَاللهُ خَاذِلُ أَهْلِ الزِّيْغِ وَالمَيَلِ ... وَآل أمره مَعَهم إِلَى أَن قَتَلُوهُ وَأَرْسلُوا رَأسه إِلَى مراكش فعلق على بَاب الشَّرِيعَة الحديث: 421 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 422 - أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحسن بن مسْعدَة بَيت رفيع فِي غرناطة أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ من كتاب عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة وَلما قتل عُثْمَان الْمَذْكُور أَبَا جَعْفَر بن سعيد كتب ابْن مسْعدَة إِلَى أَبِيه عبد الْملك ين سعيد رِسَالَة مِنْهَا ... أبتها النَّفْسُ أَجْمِلِي جَزَعَا ... إنَّ الَّذِي تَحْذَرِينَ قَدْ وَقَعَا ... سَيِّدي الْأَعْلَى نِدَاء من كَاد قلمه لَا يطيعه وَمن تمحو مَا كتبه دُمُوعه مثلك لَا يعلم التعزي وَمثل الْمَفْقُود رَحْمَة الله عَلَيْهِ لَا يُؤمر بِالصبرِ عَنهُ ... إذَا قَبَحَ البَكَاءُ عَلَى قَتِيلٍ ... رَأَيْتُ بُكَاءَكَ الحَسَنَ الجَمِيلا ... وَلَا أقلَّ من أَن تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب وَلَا بِفعل مَا يوهن الْمجد وَلَا يُقَال مَا يسْخط الرب وسيدي وَإِن كَانَ المرحوم نجله فَإِنِّي فِي الْحزن عَلَيْهِ لَا يبعد أَن أكون مثله فَذكر هـ الْحسن أخلاقه وأفعاله الَّتِي كَانَت تدل على طيب أعراقه ... كَأَنَّكً لَمْ تَكُنْ إِلْفِي وَخِلِّي ... وَلَمْ أَقْطَعْ بِكَ اللَّيْلَ الطَّوِيلا ... الحديث: 422 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 423 - أَخُوهُ أَبُو يحيى مُحَمَّد ذكر لي وَالِدي أَنه كَانَ يكْتب مَعَ أَخِيه الْمَذْكُور لعُثْمَان بن عبد الْمُؤمن وأنشدني من شعره قَوْله ... لَا تَدْعُنِي إلاَّ لِشَدْوٍ وَرَاحْ ... وَشَادِنٍ كَالمُهْرِ جَمِّ المُرَاحْ مُهَفْهَفٍ هَمَّتْ لَهُ وَجْنَةٌ ... تُسْفِرُ فِي جنح الدجى عَن صباح أَسْكَتَنِي الخَوْفُ كَخِلْخَالِهِ ... لَكِنْ هَوَاهُ رَدَّنِي كَالوِشَاحْ ... 424 - عبد الرَّحْمَن بن الْكَاتِب تأثل هَذَا الْبَيْت بغرناطة إِلَى الْآن وَكَانَ عبد الرَّحْمَن هَذَا يكْتب عَن مُحَمَّد ابْن سعيد صَاحب القلعة وإياه يُخَاطب بقوله ... يَا أيُّهَا القَائِدُ المُعَلَّى ... وَمَنْ لَدَيْهِ النَّوَالُ نَهْبُ لَيْسَ عَلَى غَيْرِكَ اتِّكَالِي ... وَأَنْتَ بَدْرِي الَّذِي أُحِبُّ وَقَدْ تَرَقَّى بِكُمُ أُنَاسٌ ... أَلْسُنُهُمْ بِالثَنَاءِ رَحْبُ وَهَا أنَا فِي الحَضِيضِ ثَاوٍ ... وَهُمْ بِأُفْقِ العَلاءِ شُهْبُ ... 425 - ابْنه أَبُو عبد الله مُحَمَّد ذكر وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ وَكَانَ من اطرف النَّاس واستكتيه مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَمن شعره قَوْله الحديث: 423 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 .. يُعِدُّ رِجَالٌ آخَرِينَ لِدَهْرِهِمْ ... وَمِنْ بَعْدُ لَا يَحْظَوْنَ مِنْهُمُ بِطَائِلِ وَقَلَّ غَنَاءً عَنْكَ قَوْلُكَ صَاحِبِي ... وَمَالَكَ مِنْهُ غَيْرُ عَضِّ الأنَامِلِ ... 426 - إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن نغرلة الْيَهُودِيّ من بَيت مَشْهُور فِي الْيَهُود بغرناطة آل أمره إِلَى ان استوزره باديس ابْن حبوس ملك غرناطة فاستهزأ بِالْمُسْلِمين وَأقسم أَن ينظم جَمِيع الْقُرْآن فِي أشعارٍ وموشحات يُغني بهَا فآل أمره إِلَى أَن قَتله صنهاجة أَصْحَاب الدولة بِغَيْر أَمر الْملك ونهبوا دور الْيَهُود وقتلوهم وَمن شعره الَّذِي نظم فِيهِ الْقُرْآن قَوْله ... نَقَشَتْ فِي الخَدِّ سَطْراً ... مِنْ كِتَابِ اللهِ مَوْزُونْ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى ... تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونْ ... وَأنْشد لَهُ صَاحب المسهب قَوْله ... يَا غَائِباً عَنْ نَاظِرِي لَمْ يَغِبْ ... عَنْ خَاطِرِي رِفْقاً عَلَى الصَّبِّ فَمَا لَهُ فِي البُعْدِ مِنْ سَلْوَةٍ ... وَمَا لَهُ سُولٌ سِوَى القُرْبِ صُوِّرَتْ فِي قَلْبِي فَلَمْ تَبْتَعِدْ ... عَنْ نَاظِرِ الفِكْرَةِ بِالحُبِّ مَا أَوْحَشَتْ طَلْعَةُ مَنْ لَمْ يَزَلْ ... يُنْقَلُ مِنْ طَرْفٍ إِلَى قلب ... الحديث: 426 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 427 - ابْنه يُوسُف كَانَ صَغِيرا لما قتل أَبوهُ بغرناطة وصلب فِي نهر سنجل فهرب إِلَى إفريقية وَكتب من هُنَالك إِلَى أهل غرناطة شعره الْمَشْهُور الَّذِي مِنْهُ ... أَقَتِيلاً بِسَنْجَلٍ لَيْسَ تخسى ... حَشْرَ جِسْمٍ وَقَدْ سَمِعْتَ النَّصِيحَا غَودِرَ الجِسْمُ فِي التُّرَابِ طَرِيْحاً ... وَغَدَا الرُّوحُ فِي البَسِيطَةِ رِيحَا أَيُّهَا الغَادِرُونَ هَلاَّ وَفَيْتُمْ ... وَفَدَيْتُمْ شِبْهَ الذَّبِيح الذبيحا إِن يكن قتلكم لَهُ دون ذَنْب ... قد قَتَلْنَا مِنْ قَبْلِ ذَاكَ المَسِيحَا وَنَبِيَّاً مِنَ هَاشِمٍ قَدْ سَمَمْنَا ... خَرَّ مِنْ أَكْلَةِ الذِّرَاعِ طَرِيحَا ... الوزراء 428 - عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّزَّاق وَزِير عبد الله بن بلقين ملك غرناطة ذكره صَاحب الذَّخِيرَة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... صَبَّ عَلَى قَلْبِي هَوَىً لاعِجُ ... وَدَبَّ فِي جِسْمِي ضَنَىً دَارِجُ فِي شَادِنٍ أَحوَرَ مُسْتَأْنِسٍ ... لِسَانُ تَذْكَارِي بِهِ لاهِجُ مَا قَدْرُ نُعْمَانَ إذَا مَا مَشَى ... وَمَا عَسَى تَبْلُغُهُ عَالِجُ ... الحديث: 427 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 429 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الإِمَام كَاتب تميمٍ بن يُوسُف بن تاشفين ملك غرناطة وتغرب بعد هروبه من غرناطة وسافر إِلَى مصر وَمن شعره قَوْله ... يَا لَيْتَ شِعْرِي وَالأمَانِي كُلُّها ... زُورٌ يَغُرُّكّ أوْ سَرَابٌ يَلْمَعُ هَلْ تربعين رَكَائِبِي فِي بَلْدَةٍ ... أمْ هَكَذَا خُلِقَتْ تَخُبُّ وَتُوضِعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَنْزِلٌ وَأَحِبَةٌ ... كَالظِلِّ يُلْبَسُ لِلْمَقِيلِ وَيُخْلَعُ ... الْكتاب 430 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن الجراوي من أَعْيَان كتاب غرناطة فِي مُدَّة الملثمين وَمن شعره قَوْله فِي رثاء ... حنانيك قد أبكيت حَتَّى الغمائما ... وشققت عَن ازهارهن الكمائما وأدميت خدا للبروق بلطمها ... وخلفت مِنْ نَوْحِ الرُّعُودِ مَآتِمَا وَلَمْ يَبْقَ قَلْبٌ لَا يقلبه الأسى ... وأشجيت فِي أَغْصَانِهِّنَ الحَمَائِمَا ... الحديث: 429 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 الْعمَّال 431 - أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مَالك صَاحب مُخْتَصّ أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين فِي غرناطة وَغَيرهَا من بِلَاد الأندلس ذكره الحجاري وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ فِي وَصفه ناهيك من سيدٍ لم يقتنع إِلَّا بالغاية وَلَا وقف إِلَّا عِنْد النِّهَايَة وَأنْشد لَهُ قَوْله وَقد طرب فِي سماعٍ فشق ثِيَابه ... لَا تَلُمْنِي بِأَنْ طَرِبْتُ لِشَدْوٍ ... يَبْعَثُ الأُنْسَ فَالكَرِيمُ طَرُوبُ لَيْسَ شَقُّ الجُيُوبِ حَقاً عَلَيْنَا ... إنَّمَا الحَقُّ أَنْ تُشَقَّ القُلُوبُ ... الْقُضَاة أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق بن عَطِيَّة قَاضِي غرناطة مَذْكُور فِي القلائد والمسهب وَهُوَ صَاحب التَّفْسِير الْكَبِير فِي الْقُرْآن وَقد ولي أَبوهُ أَيْضا قَضَاء غرناطة وَمن أحسن شعره قَوْله الحديث: 431 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 .. وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ جِبَالَ رَضْوَى ... تَزُولُ وَأَنَّ وِدَّكَ لَا يَزُولُ وَلَكِنَّ الزَّمَانَ لَهُ انْقِلابٌ ... وَأَحْوَالُ ابْنِ آَدَمَ تَسْتَحِيلُ فَإِنْ يَكُ بَيْنَنَا وَصْلٌ جَمِيلٌ ... وَإلاَّ فَلْيَكُنْ هَجْرٌ جَمِيلُ ... الْعلمَاء 433 - أَبُو عَمْرو حَمْزَة بن عَليّ الغرناطي المؤرخ ذكر وَالِدي أَن لَهُ كتابا فِي تَارِيخ الْفِتْنَة الَّتِي انقرضت بهَا دولة الملثمين وَمن شعره قَوْله ... يَا وَاحِدًا فِي الْمَعَالِي مَاله تَالِي ... حَسِّنْ بِفَضْلِكَ يَا مَوْلايَ أَحْوَالِي فَقَدْ ظَمِيتُ إلَى وَرْدٍ وَلَيْسَ سِوَى ... نَدَاكَ يَرْوِي غَلِيلاً شَفَّ أَوْصَالِي فَلَسْتُ أَبْرَحُ طُولَ الدَّهْرِ مُجْتَهدا ... أثني عَلَيْك بِمَا تسطيع أَقْوَالِي ... 434 - أَبُو بكر يحيى بن الصَّيْرَفِي المؤرخ الغرناطي أَخْبرنِي وَالِدي أَن لَهُ تَارِيخا وموشحاته مَشْهُورَة وَمن شعره قَوْله ... أَجْرَتْ دَمِي تَحْتَ اللِّثَامِ لِثَامَا ... وَسَقَتْ وَلَمْ تَدُرِ الكُؤُوسُ مُدَامَا شَمْسٌ إذَا سَرَقَتْ مَعَاطِفَ بَانَةٍ ... فِي ثَوْبِهَا سَجَعَ الحُلِيُّ حَمَامَا ... الحديث: 433 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 .. وَتَنَفَّسَتْ فِي الصُّبْحِ مِنْهَا رَوْضَةٌ ... بَاتَتْ تُنَادِمُ بَارِقَاً وَغَمَامَا نَجْدٌ بِهِ عَثَرَ النَّسِيمُ بِمِسْكَةٍ ... فِي تُرْبِهَا فَتَفَرَّقَتْ أَنْسَامَا ... أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن بن باجة فيلسوف الأندلس وإمامها فِي الألحان ذمه صَاحب القلائد بالتعطيل وَقَالَ فِي وَصفه رمد جفن الدّين وكمد نفوس المهتدين وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ صَاحب المسهب والسمط وَكَانَ جليل الْمِقْدَار وَقد استوزره أَبُو بكر بن تيفلويت ملك سرقسطة وَأكْثر ابْن باجة من رثائه وغنى بهَا فِي ألحان مبكية من ذَلِك قَوْله ... سَلامٌ وَإِلْمَامٌ وَرُوحٌ وَرَحْمَةٌ ... عَلَى الجَّسَدِ النَّائِي الَّذِي لَا أَزُورُهُ أَحَقَّاً أَبَا بَكْرٍ تَقَضَّى فَمَا يُرَى ... تَرُدُّ جَمَاهِيرَ الوُفُودِ سُتُورُهُ لَئِنْ أَنِسَتْ تِلْكَ القُبُورُ بِقَبْرِهِ ... لَقَدْ أَوْحَشَتْ أَمْصَارُهُ وَقُصُورُهُ ... وَقَوله ... يَا صَدَىً بالثغر جاوره ... رمم بوركن من رمم صحبتك الخَيْلُ غَادِيَةً ... وَأَثَارَتْكَ فَلَمْ تَرِمِ قَدْ طَوَى ذَا الدَّهْرُ بِزَّتَّهُ ... عَنْكَ فَالْبِسْ بِزَّةَ الكَرَمِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 436 - تِلْمِيذه أَبُو عمر مُحَمَّد بن الحمارة الغرناطي برع فِي علم الألحان واشتهر عَنهُ أَنه كَانَ يعمد للشعراء فَيقطع الْعود بِيَدِهِ ثمَّ يصنع عوداً للغناء وينظم الشّعْر ويلحنه ويغني بِهِ وَمن شعره قَوْله وَهُوَ غايةٌ فِي علو الطَّبَقَة ... إِذا ظن وكرا مقلتى طَائِر الْكرَى ... رأى هُدْبَهَا فَارْتَاعَ خَوْفَ الحَبَائِلِ ... وَقَوله فِي رثاء زَوجته ... وَلَمَّا أَنْ حَلَلْتِ التُّرْبَ قُلْنَا ... لَقَدْ ضَلَّتْ مَوَاقِعَهَا النُّجُومُ أَلا يَا زَهْرَةً ذَبُلَتْ سَرِيعا ... اضن المزن رَكَدَ النَّسِيمُ ... الشُّعَرَاء 437 - مطرف بن مطرف اجْتمع بِهِ وَالِدي وَأثْنى عَلَيْهِ فِي طَريقَة الشّعْر وَذكر أَنه قَتله النَّصَارَى فِي الْوَقْعَة الَّتِي كَانَت سنة تسع وسِتمِائَة وَأنْشد لَهُ قَوْله الحديث: 436 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 .. أَنَا صَبُّ كَمَا تَشَاءُ وَتَهْوَى ... شَاعِرٌ مَاجِنٌ خَلِيعٌ جَوَّادُ أَرْضَعَتْنِي العِرَاقُ ثَدْيَ هَوَاهَا ... وَغَذَتْنِي بِظَرْفِهَا بَغْدَادُ رَاحَتِي لَوْعَتِي وَإِنْ طَالَ سُقُمٌ ... وَتَوَالَى عَلَى الجُفُونِ سُهَادُ سُنَّةٌ سَنَّهَا قَدِيمَاً جميل ... وأتى المحدثون مثلي فزادوا ... 438 - نزهون بنت القلاعي شاعرة ماجنة كَثِيرَة النَّوَادِر وَهِي الَّتِي قَالَت لأبي بكر بن قزمان الزجال وَقد بَات بغفارة صفراء وَكَانَ قَبِيح المنظر أَصبَحت كبقرة بني إِسْرَائِيل وَلَكِن لَا تسر الناظرين وَدخل الكتندي على الْأَعْمَى المَخْزُومِي وَهِي تقْرَأ عَلَيْهِ فَقَالَ للمخزومي أجز لَو كنت تبصر من تكَلمه فأفحم الْأَعْمَى وَلم يحر جَوَابا فَقَالَت نزهون ... لَغَدَوْتَ أَخْرَسَ مِنْ خَلاَخِلِهِ البَدْرُ يَطْلَعُ مِنْ أَزِرَّتِهِ ... وَالغُصْنُ يَمْرَحُ فِي غَلائِلِهِ ... الحديث: 438 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 الْأَهْدَاب موشحة مَشْهُورَة لعبد الرَّحِيم بن الْفرس الغرناطي ... يَا مَنْ أُغَالِبُهُ وَالشَّوْقُ أَغْلَبُ وَأَرْتَجِي وَصْلَهُ وَالنَّجْمُ أَقْرَبُ سَدَدْتَ بَابَ الرِّضَا عَنْ كُلِّ مَطْلَبٍ زُرْنِي وَلَوْ فِي المَنَامِ وَجُدْ وَلَوْ بِالسَّلامِ فَأَقَلُّ القَلِيلِ يَبْقَي ذَمَاءَ المُسْتَهَامِ كَمْ ذَا أُدَارِي الهَوَى وَكَمْ أُعَانِيهِ وَلَوْ شَرَحْتُ القَلِيلَ مِنْ مَعَانِيهِ أَمْلَلْتُ أَسْمَاعَكُمْ مِمَّا أُرَانِيهِ هَيْهَاتَ بَاعُ الكَلامِ مَا إنْ يَفِي بِغَرَامِ أَيْنَ قَالٌ وَقِيلْ عَنْ زَفْرَتِي وَهُيَامِي أَمَّا هَوَاكُمْ فَفِي قَلْبِي مَصُونُ لَيْسَتْ مُرَجَّمَةً فِيهِ الظُّنُونْ إِنْ لَمْ أَصُنْهُ أَنَا فَمَنْ يَكُونْ نَزَّهْتُ فِيهِ مَقَامِي ... عَنْ خَوْضِ أَهْلِ المَلامِ أَيْنَ مِنِّي جَمِيلْ ... وَعُرْوَةُ بْنِ حِزَامِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب الحوش فِي حلي قَرْيَة شوش قَرْيَة مَشْهُورَة على نهر كَبِير يمر على مَدِينَة إستجة وَيصب فِي نهر قرطبة مِنْهَا 439 - أَبُو المخشي عَاصِم بن زيد ابْن يحيى بن يحيى بن حَنْظَلَة بن عَلْقَمَة بن عدي بن زيد التَّمِيمِي ثمَّ الْعَبَّادِيّ 2 من المسهب أَن أَبَاهُ دخل الأندلس من الْمشرق مَعَ جند دمشق فَنزل بقرية شوش وَنَشَأ ابْنه على قَول الشّعْر واشتهر بِهِ إِلَّا أَنه كَانَ جسوراً على الْأَعْرَاض فَقطع لِسَانه هِشَام بن عبد الرَّحْمَن سُلْطَان الأندلس الحديث: 439 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 وانجبر قَلِيلا واقتدر على الْكَلَام وَكَانَ الشُّعَرَاء يطعنون فِي نسبه بالنصرانية وَلما قَالَ فِيهِ ابْن هُبَيْرَة ... أقُلْفَتُكَ الَّتِي قُطِعَتْ بِشَوْشٍ ... دَعَتْكَ إلَى هَجَائِي وَانْتِضَالِي ... أَجَابَهُ بقوله ... سَأَلْتَ وَعَنْدَ أُمِّكَ مِنْ خِتاني ... بَيَانٌ كَانَ يَشْفِي مِنْ سُؤَالِي ... فغلب عَلَيْهِ وَكَانَ الَّذِي غاظ عَلَيْهِ هِشَام بن عبد الرَّحْمَن أَنه قَالَ فِي مدح أَخِيه سُلَيْمَان المباين لَهُ ... وَلَيْسَ كَمِثْلِ مِنْ إنْ سِيْمْ عُرْفاً ... يُقَلِّبُ مُقْلَةً فِيهَا أعورار ... وَكَانَ هِشَام أَحول فاعتاظ وَركب مِنْهُ مَا ركب من الْمثلَة وَكبر ذَلِك على أَبِيه عبد الرَّحْمَن وعنفه وَأحسن إِلَى أبي المخشي وَذكر ابْن حَيَّان أَنه مَاتَ فِي دولة الحكم بن هِشَام وَأنْشد لَهُ الْحميدِي ... وَهَمٍّ ضَافَنِي فِي جَوْفِ يَمٍّ 5 كِلاَ مَوْجَيْهِمَا عِنْدِي كَبِيرُ فَبِتْنَا وَالقُلُوبُ معاقات ... وَأَجْنِحَةُ الرِّيَاحِ بِنَا تَطِيرُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب السحب المنهلة فِي حلي قَرْيَة عبلة من قرى غرناطة ينْسب إِلَيْهَا 440 - عبد الله العبلي شَاعِر جَاءَ ذكره فِي كتاب المقتبس لِابْنِ حَيَّان كَانَ يناضل أهل غرناطة عَن شعراء إلبيرة فِي تِلْكَ الْفِتَن وَمِمَّا قَالَه فِيهَا قَوْله ... مَنَازِلُهُمْ مِنْهُم قفار بَلَاقِع ... تجاري السَّفَا فِيهَا الرِّيَاحُ الزَّعَازِعُ وَفي القَلْعَةِ الحَمْرَاءِ تبديد جمعهم ... وَمِنْهَا عَلَيْهِمْ تَسْتَدِيرُ الوَقَائِعُ كَمَا جَدَّلَتْ آبَاءَهُمْ فِي خَلائِهَا ... أَسنَّتُهَا وَالمُرْهَفَاتُ القَوَاطِعُ ... فهاجت هَذِه القصيدة احقادهم الحديث: 440 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب نقش الرَّاحَة فِي حلي قَرْيَة الملاحة من قرى غرناطة ينْسب إِلَيْهَا 441 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الملاحي مؤرخ غرناطة وأديبها وأدركه وَالِدي وَله تَارِيخ غرناطة وَمن شعره قَوْله ... أَهْلاً وَسَهْلاً بِالحَبِيبِ الزَّائِرِ ... يَفْدِيهِ سَمْعِي وَالفُؤَادُ وَنَاظِرِي مَا ضَرَّ لَيْلاً زَارَنِي فِي جُنْحِهِ ... أَنْ لَيْسَ يُسْفِرُ عَنْ هِلالٍ زَاهِرِ عَانَقْتُهُ فَكَأَنَّ كَفِّي لَمْ تَزَلْ ... مِنْ نَشْرِهِ فِي زَهْرِ رَوْضٍ عَاطِرِ حَتَّى إذَا مَا الصُبْحُ لاحَ وغردت ... طير أثرن بشجوهن سَرَائِرِي وَلَّى انْفِصَالاً عَنْ مَسَارِحِ نَاظِرِي ... لَكِنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْ خَاطِرِي ... الحديث: 441 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب الرَّوْض المزدان فِي حلي قَرْيَة هَمدَان قَرْيَة كَبِيرَة فِي نطاق غرناطة نزلها هَمدَان مِنْهَا 442 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ الْمَشْهُور بالأبيض من المسهب أَصله من قَرْيَة هَمدَان وتأدب بإشبيلية وقرطبة وَهُوَ شَاعِر مَشْهُور وشَّاح حسن التَّصَرُّف هجَّاء وولع بِهِجَاء الزبير الملثم صَاحب قرطبة فَمن ذَلِك قَوْله ... عَكَفَ الزُّبَيْرُ عَلَى الضَلاَلَةِ جاهدا ... ووزيره الْمَشْهُور كلب النَّار مَا زَالَ يَأْخُذ سَجْدَة فِي سَجْدَة ... بَين الكئوس ونغمة الأوتار الحديث: 442 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 فَإِذَا اعْتَرَاهُ السَّهْوُ سَبَّحَ خَلْفَهُ ... صَوْتُ القِيَانِ وَرَنَّةُ المِزْمَارِ ... وَقَوله ... قَالُوا الزُّبَيْرُ مُبَرَّصٌ فَأَجَبْتًهُمْ ... لَا تنكروه فداوه مِنْ عِنْدِهِ رَضِعَتْ مَبَاعِرُهُ فَأَكْثَرَتْ ... حَتَّى بَدَا رَشْحُ بِجِلْدِهِ ... وَيخرج من كَلَامه أَن الزبير قَتله وهجا ابْن حمدين قَاضِي قرطبة بقوله ... يُرِيدُ ابْنُ حَمْدِينَ أَنْ يُعتَفَى ... وَجَدْوَاهُ أَنْأَى من الْكَوَاكِب إِذا ذكر الْجُود حك أسنه ... لِيُثْبِتَ دَعْوَاهُ فِي تَغْلِبِ ... يُشِير بِهَذَا إِلَى قَول جرير فِي الأخطل التغلبي ... وَالتَّغْلِبِيُّ إذَا تَنَحْنَحَ لِلْقِرَى ... حَكَّ أَسْتَهُ وَتَمَثَّلَ الأَمْثَالا ... وَمن أحسن شعره قَوْله فِي مَوْلُود ... يَا خَيْرَ معن وأولاها بعارفة ... لله نُعْمَاءُ عَنْهَا الدَّهْرُ قَدْ نَعَسَا لِيَهْنِكَ الفَارِسُ الميمون طَائِر ... الله أنْتَ لَقَدْ أَذْكَيْتَهُ قَبَسَا أَصَاخَتِ الخَيْلُ آَذَاناً لِصَرْخَتِهِ ... وَارْتَاعَ كُلُّ هِزَبْرٍ عِنْدَمَا عَطَسَا تَعَلَّمَ الركض أَيَّام الْمَخَاض بِهِ ... فَمَا امْتَطَى الخَيْلَ إِلاَّ وَهُوَ قَدْ فَرَسَا تَعَشَّقَ الدرْع إِذْ شدت لفائفه ... وَأنكر المَهْدَ لَمَّا عَايَنَ الفَرَسَا بَشِّرْ قَبَائِلَ مَعْنٍ أَن سَيِّدهَا ... قد أَثْمَرَ المُلْكَ بِالمَجْدِ الَّذِي غَرَسَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب فِي حلي حصن شلوبينية من حصون غرناطة البحرية مِنْهَا 443 - أَبُو عَليّ عمر بن مُحَمَّد الشلوبيني إِمَام نحاة الْمغرب قَرَأت عَلَيْهِ بإشبيلية وَله شرح الجزولية وَغَيرهَا وشعره على تقدمه فِي الْعَرَبيَّة فِي نهايةٍ من التَّخَلُّف وَأحسن مَا سمعته مِنْهُ قَوْله فِي غُلَام كَانَ يهواه ويتغزل فِيهِ اسْمه قَاسم الحديث: 443 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 .. وَمِمَّا شجا قلبِي وفض مدامعي ... هوى قَدَّ قَلْبِي إِذْ كَلِفْتُ بِقَاسِمِ وَكُنْتُ أَظُّنُّ الْمِيم أصلا فَلم تكن ... وَكَانَت كَمِيمٍ أُلْحِقَتْ فِي الزَّرَاقِمِ ... والزراقم الْحَيَّات مشتقةٌ من الزرقة وَله فِي إقرائه نَوَادِر مضحكة أعجبها أَن ابْن الصَّابُونِي شَاعِر إشبيلية كَانَ يلقب بالحمار ويحرد فَلَا ججه يوماص فِي مسألةٍ فَقَالَ لَهُ كَذَا هِيَ يَا حمَار يَا حمَار إِلَى أَن تدرج حَتَّى قَالَ يَا ملْء السَّمَوَات وَالْأَرْض حميرا ثمَّ جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وزحف إِلَى أذيال الْحصْر وَهُوَ ينهق كالحمار وَقد بَلغنِي أَنه مَاتَ رَحمَه الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب المسرات فِي عمل البشرات يَنْقَسِم إِلَى كتاب الثنايا الْعَذَاب فِي حلي حصن الْعقَاب كتاب البلور فِي حلي حصن بلور كتاب الربوع المسكونة فِي حلي قَرْيَة ركونة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب عمل البشرات وَهُوَ كتاب الْمُذَاب فِي حلي حصن الْعقَاب ينْسب إِلَيْهِ 444 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود من المسهب هُوَ من حصن الْعقَاب وَكَانَ قد اشْتهر فِي غرناطة اسْمه وشاع علمه وارتسم بالصلاح وَكَانَ يُنكر على ملكهَا كَونه استوزر ابْن نغرلة الْيَهُودِيّ وعَلى أهل غرناطة انقيادهم لَهُ فسعى فِي نَفْيه إِلَى إلبيرة فَقَالَ شعره الْمَشْهُور الحديث: 444 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 .. أَلا قُلْ لِصِنْهَاجَةٍ أَجْمَعِينْ ... بُدُورِ الزَّمَانِ وَأُسْدِ العَرِينْ لَقَدْ زَلَّ سَيِّدُكُمْ زَلَّةً ... أَقَرَّ بِهَا أَعْيُنَ الشَّامِتينْ تَخَيَّرَ كَاتِبَهُ كَافِرَاً ... وَلَوْ شَاءَ كَانَ مِنَ المُسْلِمِينْ فَعَزَّ اليَهُودُ بِهِ وَانْتَخَوْا ... وَكَانُوا مِنَ العِتْرَةِ الأَرْذَلِينْ ... فاشتهر هَذَا الشّعْر وثارت صنهاجة على الْيَهُود فَقَتَلُوهُ وَعظم قدر أبي إِسْحَاق وَفِي ملازمته سُكْنى الْعقَاب يَقُول ... أَلِفْتُ العُقَابَ حَذَارِ العِقَابِ ... وَعِفْتُ المَوَارِدَ خَوْفَ الذُّبَابِ وَأَبْغَضْتُ نَفْسِي لِعِصْيَانِهَا ... وَعَاقَبْتُهَا بِأَشَدِّ العِقَابِ فَكَمْ خَدَعَتَنْي عَلَى أنَّنِي ... بَصِيرٌ بِطُرُقِ الخَطَا وَالصَّوَابِ فَلَسْتُ عَلَى الأمْنِ مِنْ غَدْرِهَا ... وَلَوْ حَلَفَتْ لِي بِآَيِ الكِتَابِ ... وَقَوله ... قَالُوا أَلا تَسْتَجِيدُ بَيْتاً ... تَعْجَبُ مِنْ حُسْنِهِ البُيُوتُ فَقُلْتُ مَا ذَاكُمُ صَوَابٌ ... حَفْشٌ كثير لمن يَمُوتُ لَوْلا شِتَاءٌ وَلَفْحُ قَيْظٍ ... وَخَوْفُ لِصٍّ وَحِفْظُ قُوتٍ وَنِسْوَةٍ يَبْتَغِينَ سِتْرَاً ... بَنَيْتُ بِنْيَانَ عَنْكَبُوتٍ ... وَله ديوَان ملآن من أشعار زهدية وَلأَهل الأندلس غرام بحفظها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب أَعمال البشرات وَهُوَ كتاب البلور فِي حلي حصن بلور مِنْهَا 445 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبَادَة الْمَعْرُوف بِابْن الْقَزاز من الذَّخِيرَة من مشاهير الأدباء وَالشعرَاء وَأكْثر مَا اشْتهر فِي الموشحات الْغَرَض من نظمه قَوْله فِي الْمُعْتَمد بن عباد وَقد جرحت كَفه يَوْم الزلاقة الَّذِي كَانَ على النَّصَارَى الحديث: 445 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 .. ثَنَاؤُكَ لَيْسَ تَسْبِقُهُ الرِّيَاحُ ... يَطِيرُ وَمِنْ نَدَاكَ لَهُ جَنَاحُ لَقَدْ حَسُنَتْ بِكَ الدُّنْيَا وَشَبَّتْ ... فعنت وَهِيَ نَاعِمَةٌ رَدَاحُ تَطِيبُ بِذِكْرِكَ الأَفْوَاهُ حَتَّى ... كَأَنَّ رِضَابَهَا مِسْكٌ وَرَاحُ مَلَكْتَ عَنَانَ دَهْرِكَ فَهُوَ جَارٍ ... كَمَا تَهْوَى فَلَيْسَ لَهُ جِمَاحُ ... وَمِنْهَا ... جَلَبْتَ إلَى الأَعَادِي أُسْدَ غَابٍ ... بَرَاثِنُهَا الأسِنَّةُ وَالصِّفَاحُ وَقَفْتَ وَمَوْقِفُ الهَيْجَاءِ ضَنْكٌ ... وَفِيهِ لِبَاعِكَ الرَّحْبِ انْفِسَاحُ وَأَلْسِنةُ الأَسِنَّةِ قَائِلاتٌ ... إذَا ظهر الْمُؤَيد لَا براح ... وَمِنْهَا ... وَقَالُوا كَفُّهُ جُرِحَتْ فَقُلْنَا ... أَعَادِيهِ تُوَافِقُهَا الْجراح وَمَا أثر الْجراحَة مَا رَأَيْتُمْ ... فتوها المَنَاصِلُ وَالرِّمَاحُ وَلَكِنْ فَاضَ سَيْلُ الجُودِ فيهَا ... فَأَمْسَى فِي جَوَانِبِهَا انْسِيَاحُ وَقَدْ صَحَّتْ وَسَحَّتْ بِالأَمَانِي ... وَفَاضَ الجُودُ مِنْهَا وَالسَّمَاحُ ... وَمن شعره قَوْله ... يَا دَوْحَةً بِظِلالِهَا أَتَفَيَأُ ... بَلْ مَعْقِلاً آوِي إِلَيْهِ وَأَلْجَأُ رَمَدَتْ جُفُونِي مُذْ حَلَلْتُ هُنَا وَلَو ... كحلت بِرُؤْيَتِكُمْ لَكَانَتْ تَبْرَأُ ... وَمِنْهَا ... لَمْ أَخْتَرِعْ فيكَ المَدِيحَ وَإنَّمَا ... مِنْ بَحْرِكَ الفيَّاضِ هَذَا اللُؤْلُؤُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 وَمن موشحاته قَوْله ... أَذَابَ الخَلَدْ نَهْدٌ مُنَهَّدْ وَغُصْنٌ تَأَوَّدْ فِي دِعْصٍ مُلَبَّدْ عَنْ سُقْمٍ مُكْمَدْ لاهْ فَدَعْ عَذْلِي يَا مَنْ يَلُومُ فَلَوْمُكَ لِي فِي الحُبِّ لُوْمُ أَقْصَى أَمَلِي ظَبْيٌ رَخِيمُ ابْتَزَّ الجَلَدْ بِلَحْظٍ مُرَقَّدْ ولِمَّةٍ عَسْجَدْ قَتْلَى قَدْ تَعَمَّدْ دَمِي تَقَلَّدْ آهْ وَلَمَّا انْبَرَى لِلْعَامِرِيِّ خَيَالٌ سَرَى فَعَلَ الكَمِيِّ شَدَوْتُ الوَرَى شَدْوَ الشَّجِيِّ البَدْرُ سَجَدَ وَالرِّيمُ أَسجد لنعلي مُحَمَّد يالخد المُوَرَّدْ وَالجِيدِ الأَغْيَدْ تاهْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 وموشحته ... صِلْ يَا مُنَى المُتَيَّمِ مَنْ رَاحْ مَقْصُوصَ الجَنَاحْ صَاغَ الجَمَالَ مِنْ كُلِّ لأْلاءِ خَدٌ أَدِيمُهُ مِنَ الصَّهْبَاءِ وَوَجْنَةٌ أَرَقُّ مِنَ المَاءِ كَأنَّهَا شَقِيقَةُ تُفَّاحْ لَمْ تُلْمَسْ بِرَاحْ ... وَمِنْهَا ... لَمَّا صَدَرْتَ عَنْ مَوْقِفِ الزَّحْفِ غَازَلْتَ شَادِناً جَائِرَ الطَّرْفِ وَقُلْتَ ثَابِعاً سُنَّةَ الظَّرْفِ بِالحَرَمْ يَا رَشَا مَنْ سَقَا الرَّاحْ عَيْنَيْكْ الملاح ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من كتب عمل البشرات وَهُوَ كتاب الربوع المسكونة فِي حلي قَرْيَة راكونة مِنْهَا 446 - حَفْصَة بنت الْحَاج الركونية ذكر الملاحي فِي تَارِيخه أَنَّهَا دخلت على عبد الْمُؤمن وأنشدته وَقد استنشدها من شعرهَا ... امْنُنْ عَلَيَّ بِطِرْسٍ ... يَكُونُ فِي الدَّهْرِ عُدَّهْ تَخُطُّ يُمْنَاكَ فيهِ الحَمْدُ للهِ وَحْدَهْ ... وَقد تقدم شعرهَا مَعَ أبي جَعْفَر بن سعيد الَّذِي كَانَ يهواها ويتغزل فِيهَا وبسببها قتل قَتله عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة وَكَانَ مشاركاً لَهُ فِي هَواهَا الحديث: 446 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 وَمن رَفِيق شعرهَا قَوْلهَا ... سَلام يفتح عَن زهرَة الكمام ... وَيُنْطِقُ وُرْقَ الغُصُونْ عَلَى نَازِحٍ قَدْ ثَوَى فِي الحَشَا ... وَإِنْ كَانَ تُحْرَمُ مِنْهُ الجُفُونْ فَلا تَحْسَبُوا البُعْدَ يُنْسِيكُمُ ... فَذَلِكَ وَاللهِ مَا لَا يَكُونْ ... وَقَوْلها ... وَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَجْماً لما كَانَ ناظري ... وَقد غِبْتَ عَنْهُ مُظْلِماً بَعْدَ نُورِهِ سَلامٌ عَلَى تِلْكَ المَحَاسِنِ مِنْ شَجٍ ... تَنَاءَتْ بِنُعْمَاهُ وَطِيبِ سروره ... وَقَوْلها ... سلوا البارق الخفاق وَاللَّيْل سَاكن أظل بِأَحْبَابِي يُذَكِّرُنِي وَهْنَا لَعَمْرِي لَقَدْ أَهْدَى لِقَلْبِيَ خفقه وأمطر عَنْ مُنْهَلِّ عَارِضِهِ الجَفْنَا ... وكتبت إِلَى عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن وَقد اسْتَأْذَنت عَلَيْهِ يَوْم عيد ... يَا ذَا الْعلَا وَابْن الْخَلِيفَة وَالإِمَامِ المُرْتَضَى يَهْنِيكَ عِيدٌ قَدْ جَرَى مِنْهُ بِمَا تهوى القضا وافاق مَنْ تَهْوَاهُ فِي طَوْعِ الإِجَابَةِ وَالرِّضَا ... واستأذنت على أبي جَعْفَر بن سعيد بقولِهَا ... زَائِرٌ قد اتى بجيد الغزال ... مطلع تَحت جذحه لِلْهِلالِ بِلِحَاظٍ مِنْ سِحْرِ بَابِلَ صِيغَتْ ... وَرُضَابٍ يفوق بنت الدوالي يفصح الوَرْدَ مَا حَوَى مِنْهُ خَدٌّ ... وَكَذَا الثَّغْرُ فَاضِحٌ لِلآَلِي مَا تَرَى فِي دُخُولِهِ بَعْدَ إِذْنٍ ... أَوْ تَرَاهُ لِعَارِضٍ فِي انْفِصَالِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب الرياش فِي حلي وَادي آش يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة كتب كتاب فِي مَدِينَة آش كتاب الجمانة فِي حلي حصن جليانة كتاب انعطاف الخمصانة فِي حلى حصن منتانة كتاب مطمع الهمة فِي حلي قَرْيَة جمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب وَادي آش وَهُوَ كتاب فِي مَدِينَة آش السلك من الوزراء 447 - الْوَزير أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن شُعْبَة كَانَ لأبي مُحَمَّد عبد الله بن شُعْبَة الْوَادي آش ابنٌ شَاعِر فَعرض عَلَيْهِ شعرًا نظمه فأعجبه فَقَالَ ... شِعْرُكَ كَالبُسْتَانِ فِي شَكْلِهِ ... يَجْمَعُ بَيْنَ الآس والورد ... الحديث: 447 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 .. فَاصْنَعْ بِهِ إِنْ كُنْتَ لِي طَائِعَاً ... مَا يَصْنَعُ الفَاِرسُ بِالبَنْدِ ... وَمن شعره قَوْله ... أَبَى لي ذَاك اللحظ ان أعرف الصبرا ... فأبديت أَشْجَانِي وَلَمْ أَكْتُمِ السِّرَّا وَبِتُّ كَمَا شَاءَ الغرام مسهدا ولي مُقْلَةٌ عَبْرَى وَلِي مُهْجَةٌ حَرَّى وَلامُوا عَلَى ان أرقب النَّجْم حائرا وَمَا ذَاكَ إلاَّ أَنْ فَقَدْتُ بِكَ البَدْرَا ... وَمن نثره كَتَبْتُ أيُّهَا السَيِّدُ الأعْلَى وَالقَدَحُ المُعَلَّى عَن شوق ينثر الدُّمُوع وَوجد يقْض الصلوع وَوِدٍّ كَالمَاءِ الزُّلالِ لَا يَزَالُ صَافِياً وَشُكْرٍ مِنَ الأيَّامِ وَاللَّيِالِي لَا يَبْرَحُ ضَافِيَا ... وَكَيْفَ أنسى أياد عنْدكُمْ سلفت ... والدهر فِي نَوْمِهِ وَالسَّعْدُ يَقْظَانُ ... 448 - الْوَزير أَبُو مُحَمَّد عبد الْبر بن فرسَان كَانَ جليل الْقدر شهير الذّكر خدم أَبَا الْحسن عَليّ بن غانية الميورقي الَّذِي شهرت فتنته بإفريقية وَحضر مَعَه وَمَعَ أَخِيه يحيى بعده الوقائع الصعبة وضجر فَكتب إِلَى يحيى الحديث: 448 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 .. امْنُنْ بِتَسْرِيحٍ عَلَيَّ فَعَلَّهُ ... سَبَبُ الزِّيَارَةِ لِلْحَطِيمِ وَيَثْرِبِ وَلَئِنْ تَقَوَّلَ كَاشِحٌ أنَّ الهَوَى ... دَرَسَتْ مَعَالِمُهُ وَأَنْكَرَ مَذْهَبِي فَمَقَالَتِي مَا إنْ مَلَلْتُ وَإنَّمَا ... عُمْرِي أَبَى حَمْلَ النِّجَادِ بِمَنْكِبِي وَعَجِزْتُ عَن أَن أستثير كمينها ... وأشق بِالصَّمْصَامِ صَدْرَ المَوْكِبِ ... وَمن نثره وَلَمَّا تَلاقَيْنَا مَعَ القَوْمِ الذِينَ دَعَاهُمُ شَيْطَانُ الفِتْنَةِ إلَى أَنْ يَسْجِدُوا لِلْشِفَارِ وَيَحْمِلُهُمْ سَيْلُ المِحْنَةِ إلَى دَارِ البَوَارْ أَقْبَلْنَا إقْبَالَ الرِّيحِ العَقِيمِ مَا تذر من شئ أَنْت عَلَيْهِ إلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَمِيمِ فَانْجَلَتْ الحَرْبُ عَنْ تَمْزِيقِ الأعْدَاءِ كَلَّ مُمَزَّقٍ وَأبْصَرْنَاهُمُ كَصَرْعَى السَّكَارَى مِنْ مُدَامِ السَّيْفِ وَخَفَقَتْ بُنُودُنَا وَسَعْيُهُمْ أَخْفَقَ وَمن الْعلمَاء 449 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحداد الْقَيْسِي من السمط المستولي على الآماد المجلي فِي حلبات الأفذاذ والأفراد وَوَصفه الحجاري وَابْن بسام بالتفنن فِي الْعُلُوم وَلَا سِيمَا الْقَدِيمَة وديوان الحديث: 449 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 شعره كَبِير جليل وَكَانَ أَكثر عمره عِنْد المعتصم بن صماد ملك المرية ثمَّ فر عَنهُ إِلَى ابْن هود صَاحب سرقسطة ثمَّ عَاد وَمن قصائده الجليلة قصيدته الَّتِي مِنْهَا قَوْله ... دَعْنِي أَسِرْ بَيْنِ الأَسِنَّةِ وَالظُّبَا ... فَالقَلْبُ فِي تِلْكَ القِبَابِ رَهِينُ فَلَعَلَّهُ يَرْوِي صَدَايَ بِلَحْظِهِ ... وَجْهٌ بِهِ مَاءُ الجَّمَالِ مَعِينُ أَنْتَ الهَوَى لَكِنَّ سَلْوَانَ الهَوَى قَصْرُ ابْنِ مَعْنٍ وَالحَدِيثُ شُجُونُ فَالحُسْنُ أَجْمَعُ مَا يُرِيكَ عِيَانُهُ ... لَا مَا أرَتْهُ سَوَالِفٌ وَعُيونُ وَالرَّوْضُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ سُهُولُهُ ... لَا مَا أَرَتْهُ أبَاطِحٌ وَحُزُونُ قَصْرٌ تَبَيَّنَتِ القُصُورُ قُصُورَهَا ... عَنْهُ وَفَضْلُ الأفْضَلِينَ يَبِينُ هُوَ جَنَّةُ الدُّنْيَا تَبَوَّأَ ظِلَّهَا ... مَلِكٌ تَمَلَّكَهُ التُّقَى وَالدِينُ فَمَنِ ابْنُ ذِي يَزْنٍ وَمَا غُمْدَانُهُ ... النَّقْلُ شَكُّ وَالعَيَانُ يَقِينُ ... وَفِي ابْن صمادح قصيدته الَّتِي أَولهَا ... لَعَلَّكَ بِالوَادِي المُقَدَّسِّ شَاطِئٌ ... فكالعنبر الْهِنْدِيّ مَا انا واطي ولي فِي السِّرّ مِنْ نَارِهِمْ وَمَنَارِهِمْ ... حَوَادٍ هَوَادٍ وَالنُّجُومُ طَوَافِئُ ... وَأَعْلَى شعره قَوْله ... سَامِحْ أَخَالُ إذَا أَتَاكَ بزبة ... فخلوص شئ قَلما يتَمَكَّن فِي كل شئ آفَة مَوْجُودَة ... إِن السرج عَلَى سَنَاهُ يُدَخِّنُ ... وَكَانَ يهوى رُومِية يكنى عَنْهَا بنويرة وَله فِيهَا شعر كثير مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 .. وأرات جُفُونِي مِنْ نُوَيْرَةٍ كَاسِمَهَا ... نَاراً تُضِلُّ وَكُلُّ نَارٍ تُرْشِدُ وَالمَاءُ أَنْتِ وَمَا يَصُحُّ لِقَابِضٍ ... وَالنَّارُ أَنْتِ وَفي الحَشَا تَتَوَقَّدُ ... وَمن الشُّعَرَاء 450 - ناهض بن إِدْرِيس أَخْبرنِي وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ وَكَانَ من مداح نَاصِر بني عبد الْمُؤمن قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من قصيدة فِي ابْن جَامع وَزِير مراكش ... أَدْنُو إلَيْكَ وَأَنْتَ مِنِّي تَبْعُدُ ... وَتَنَامُ وَالجَفْنُ القَرِيحُ مُسَهَّدُ وتطيل عمر الوجد لامن عِلَّةٍ ... وَالدَّارُ دَانِيَةٌ وَدَهْرُكَ مُسْعِدُ هَلاَّ اخْتَلَسْتَ من اللَّيَالِي فرْصَة ... فَالْحَمْد يَبْقَى وَاللَّيَالِي تَنْفَذُ وَتَقُولُ لِي مَهْمَا أَتَيْتُ إلَى غَدٍ ... يَا رَبِّ كَمْ يَأْتِي بِإِخْلافٍ غَدُ ... وَمن الشواعر 451 - حمدة بنت زِيَاد الْمُؤَدب قَالَ وَالِدي هِيَ شاعرة جَمِيع الأندلس وَكَانَ عمي أَحْمد يَقُول هِيَ خنساء الْمغرب وَذكرهَا الملاحي فِي تَارِيخ غرناطة وَأنْشد لَهَا قَوْلهَا وَقد الحديث: 450 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 خرجت إِلَى وَادي مَدِينَة وَادي آش مَعَ جوَار فسبحت مَعَهُنَّ وَكَانَ لَهَا مِنْهُنَّ هوى ... أَبَاحَ الدَّمْعُ أسْرَارِي بَوَادِي ... لَهُ فِي الحُسْنِ آَثَارٌ بَوَادِي فَمِنْ نَهْرٍ يَطُوفُ بِكُلِّ رَوْضٍ ... وَمِنْ رَوْضٍ يَطُوفُ بِكُلِّ وَادِ وَمِنْ بَيْنِ الظباء مهاة إنس ... لهالبي وَقَدْ سَلَبَتْ فُؤَادِي لَهَا لَحْظٌ تُرَقِّدُهُ لأمْرٍ ... وَذَاكَ الْأَمر يَمْنعنِي رقادي إِذا سدلت ذوائبها عَلَيْهَا ... رَأَيْتَ البَدْرَ فِي أُفْقِ الدَآَدِ كَأَنَّ الصُبْحَ مَاتَ لَهُ شَقِيقٌ ... فَمِنْ حُزْنٍ تَسَرْبَلَ بِالسَوَادِ ... وَأحسن شعرهَا قَوْلهَا ... وَلَمَّا أَبَى الوَاشُونَ إلاَّ فُرَاقَنَا وَمَا لَهُمْ عِنْدِي وَعِنْدَكَ مِنْ ثَارِ وَشَنُّوا عَلَى أَسْمَاعِنَا كُلَّ غَارَةٍ ... وَقَلَّ حُمَاتِي عِنْدَ ذَاكَ وَأَنْصَارِي غَزَوْتُهُمُ مِنْ مُقْلَتَيْكَ وادمعي ... وَمن نَفْسِي بِالسَّيْفِ وَالمَاءِ وَالنَّارِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ نزار وتروى لِابْنِ حزمون ... اشْرَبْ عَلَى نَغْمَةِ المَثَانِي ثَانِ وَلا تَكُنْ فِي هَوَى الغَوَانِي وَانِ وَقُلْ لِمَنْ لامَ فِي مَعَانِ عَانِ مَاذَا مِنَ الحُسْنِ فِي بُرُودِ رُودِ يَهِيجُ وَجْدِي إذَا الأَنَامُ نَامُوا قَوْمٌ إذَا عَسْعَسَ الظَّلامُ لامُوا وَمَا بِهِ هَامَ مُسْتَهَامُ هَامُوا فَقُلْ لِعَيْنٍ بِلا هُجُودِ جُودِي أَفْنَيْتُ فِي الرَّوْنَقِ الصَّقِيلِ قِيلِي يَا رَبَّةَ المَنْظَرِ الجَّمِيلِ مِيلِي فَإنَّمَا أَنْتِ وَالرَّسُولِ سولِي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكِ السَّعِيدِ عِيدِي وَلَيْلَةٍ قَدْ لَثَمْتُ شَارِبْ شَارِبْ سُرَّ فَتَىً فِي علم المَرَاتِبِ رَاتِبْ فَقُلْتُ وَالنَّجْمُ فِي المَغَارِبِ غَارِبْ يَا لَيْلَةَ الوَصْلِ وَالسُّعُودِ عُودِي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب عمل وَادي آش وَهُوَ كتاب الجمانة فِي حلي حصن جليانة خصّه الله بالتفاح الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل فِي الأندلس وَمِنْه 452 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عذرة أَخْبرنِي وَالِدي أَن هَذَا الْبَيْت لَهُ حسب شهير وَمَال غزير ونجب مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بِالْكَرمِ وَالْأَدب وَجرى عَلَيْهِ أَن أسره النَّصَارَى وطالبوه بجملة عَظِيمَة فَكتب فِي ذَلِك لناصر بني عبد الْمُؤمن فَأمر أَلا يسمع مِنْهُ فِي إِعْطَاء هَذَا المَال الْعَظِيم فَإِن فِيهِ تَقْوِيَة لِلْعَدو فَبَاتَ فِي طليطلة أَسِيرًا وَكتب من مَوضِع أسره إِلَى بَلَده الحديث: 452 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 .. لَوْ كُنْتَ حَيْثُ تُجِيبُنِي ... لأَذَابَ قَلْبَكَ مَا أقُولْ يَكْفِيكَ مِنِّي أنَّنِي ... مَا أسْتَقِلُّ مِنَ الكبول وتجاه لحظي ألف لحظ ... كَيْ أَقَرَّ وَلا أَزُولْ وَإذَا أَرَدْتُ رِسَالَةً ... لَكُمُ فَمَا أُلفِي رَسُولْ هَذَا وَكَمْ بِتْنَا وَفِي ... أَيْمَاننَا كأس الشُّمُول وَالْعود يخْفق وَالدُّخَان 5 العَنْبَرِيُّ بِهِ يَجُولْ حَالَ الزَّمَانُ وَلَمْ أَزَلْ ... مذ كنت أعهده يحول ... وَمن شعره ... بعض بِرِجْلِيَّ الحَدِيدُ وَلَيْسَ لِي ... حَرَاكٌ لِمَا أَبْغِي وَلَا أتنقل وَقد منع السُّلْطَان مَالِي لفدية ... فَمَاذَا الَّذِي يُغْنِي الغِنَى وَالتَحَوُّلُ ... 453 - أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن عَليّ بن الْبراق أَخْبرنِي وَالِدي أَن بني الْبراق أَعْيَان جليانة فَإِن أَبَا عَمْرو هَذَا من سراتهم خصّه الله بالأدب وَأنْشد لَهُ الملاحي فِي تَارِيخه قَوْله ... يَا سَرْحَةَ الحَيِّ يَا مَطُولُ ... شَرْحُ الَّذِي بَيْنَنَا يَطُولُ ... الحديث: 453 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 .. وَلِي دُيُونٌ عَلَيْكَ حَلَّتْ ... لَوْ أَنَّهُ يَنْفَعُ الحُلُولُ ... وأنشدني وَالِدي قَوْله وَقد قعد مَعَ أحد الْأَعْيَان على نهرٍ لراحة ... انْظُرْ إلَى الوَادِي الَّذِي مُذْ غَرَّدَتْ ... أَطْيَارُهُ شَقَّ النَّسِيمُ ثِيَابه أتراه اطربه الهديل وزاده ... طَربا وَحَقِّكَ أَنْ حَلَلْتَ جَنَابَهُ ... 454 - أَبُو الْحسن على بن مهلمل الجلياني أَخْبرنِي وَالِدي أَنه وجد لَهُ قصيدة يمدح بهَا أَبَا بكر بن سعيد صَاحب أَعمال غرناطة فِي مُدَّة الملثمين وَمِنْهَا ... لَوْلا النُّهُودُ لَمَا بَرَاكَ تَنَهُّدُ ... وَعَلَى الخَدُودِ القَلْبُ مِنْكَ يُخَدَّدُ يَا نَافِذَاً قَلْبِي بِسَهْمِ جُفُونِهِ ... مَالِي عَلَى سَهْمٍ رَمَيْتَ تَجَلُّدُ ... وَمِنْهَا فِي الْمَدْح ... وَإذَا بَلَغْتَ إلَى السَّمَاءِ فَزدْ عُلاً ... كَيْمَا يُغَاظَ بِكَ العَلا وَالحُسَّدُ أَجْرُوا حَدِيثَكَ فِي قُلُوبٍ تَلْتَظِي ... وَرَنَوْا إِلَيْكَ بِأَعْيُنٍ لَا تَرْقُدُ كَمْ أَوْقَدُوا لَكَ مِنْ لَظَىً بِسِعَايَةٍ ... وَالله يطفي كُلَّ نَارٍ تَوقَدُ وَأَرَاكَ تَبْلُغُ مَا تُرِيدُ برغمهم ... ونفوسهم من حسرة تتصعد وكفاهم ذمّ يُنَاطُ بِذِكْرِهِمْ ... وَكَفَاكَ أَنَّكَ فِي المَحَافِلِ تُحْمَدُ فَتَرَاهُمُ مَعَ كَدِّهِمْ فِي وَهْدَةٍ ... وَتَرَاكَ دُونَ الكَدِّ دَهْرَكَ تَصْعَدُ ... الحديث: 454 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وَمِنْهَا ... قَالَ العُدَاةُ وَقَدْ لَهَجْتُ بِحَمْدِهِ ... مَنْ ذَا الَّذِي تَعْنِي فَقُلْتُ مَحَمَّدُ ... الْأَهْدَاب من موشحة لِابْنِ مهلمل ... النَّهْرُ سَلَّ حُسَامَاً عَلَى قُدُودِ الغُصُونِ وَلِلْنَّسِيمِ مَجَالُ وَالرَّوْضُ فِيهِ اخْتِيَالُ مُدَّتْ عَلَيْهِ ظِلالُ وَالزَّهْرُ شَقَّ كِمَامَا وَجْداً بِتِلْكَ اللُّحُونِ أَمَا تَرَى الطَّيْرَ صَاحَا وَالصُّبْحَ فِي الأُفْقِ لاحَا وَالزَهْرَ فِي الرَّوْضِ فَاحَا وَالبَرْقَ سَاقَ الغَمَامَا تَبْكِي بِدَمْعٍ هَتُونِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب وَادي آش وَهُوَ كتاب انعطاف الخمصانة فِي حلى حصن منتانى مِنْهُ 455 - أَبُو الْوَفَاء زِيَاد بن خلف من فضلاء عصرنا رَأس فِي بَلَده وَهُوَ مَوْصُوف بِالْكَرمِ والجود وَالْأَدب وَمن شعره قَوْله ... دَعُونِي إِذَا مَا الخَيْلُ جَالَتْ فَإنَّ لِي ... هُنَاكَ بِسَيْفِي جِيئَةٌ وَذَهَابُ إذَا المَرْءُ لَمْ يَسْمَحْ لَدَى الْحَرْب سَاعَة ... بعيشته فَلْيُصْغِ حِينَ يُعَابُ لِيَ اللهُ لِمْ أَوْرَدْتُ طرفِي مواردا ... يُصِيب لَدَيْهَا المَرْءُ حِينَ يُصَابُ أَقلُّوا عَلَيْنَا فَالحَيَاةُ خَسِيسَةٌ ... وَعُمْرُ الفَتَى دُونَ العَلاءِ خَرَابُ سَيَبْلُغُ ذِكْرِي الخَافِقَيْنِ بَسَالةً ... وَجُودَاً وَإِلاَّ فَالثَنَاءُ كِذَابُ ... الحديث: 455 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب عمل وَادي آش وَهُوَ كتاب مطمح الهمة فِي حلي قَرْيَة جمة فِي نِهَايَة من الْحسن مِنْهَا 456 - أَبُو الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن عبد الدَّائِم أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ شَاعِرًا حسن النادرة مداحاً لأبي سعيد بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة وَمن شعره قَوْله ... السَّعْدُ يُدْنِي كل شئ رمته ... وبناوه هَيْهَاتَ أَنْ يَتَهَدَّمَا وَالجُودُ يَجْذِبُ كُلَّ مَنْ أبصرته ... لَا تنكرن حول الموار حَوَّمَا لَوْ تَسْتَجِيزُ صَلاتَنَا وَصِيَامَنَا ... صَلَّى إِذَنْ كُلُّ الأَنَامِ وَسَلَّمَا ... الحديث: 456 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب حلي الصياغة فِي حلى باغة الْبسَاط ذكر الرَّازِيّ انه طيبَة الزَّرْع كَثِيرَة الثِّمَار غزيرة الْمِيَاه منبجسه بالعيون ولمائها خاصية ينْعَقد حجرا فِي حافات جداوله الَّتِي يتمادى فِيهَا جرية ويجود فِيهَا الزَّعْفَرَان قَالَ ابْن شَهِيد هِيَ كَثِيرَة الأعناب وخمرها مَشْهُورَة الْعِصَابَة ذكر الحجاري أَنه ثار فِيهَا على عبد الله بن بلقين صَاحب المملكة الغرناطية أَيُّوب بن مطروح وَلما أَن أَخذهَا مِنْهُ يُوسُف بن تاشفين أَدخل رَأسه تَحْتَهُ وحرك فَوجدَ قد مَاتَ كمداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 السلك من كتاب ذَوي الْبيُوت 457 - أَبُو بكر زَكَرِيَّا يحيى بن مطروح من المسهب من بَيت إِمَارَة انحاز إِلَى مالقة وَلم يزل حَيْثُ حل فِي رُتْبَة عالبة وَهن مِمَّن اجْتمع بِهِ عمي وَكَانَ يثني عَلَيْهِ وَمن شعره قَوْله ... يَا حُسْنَهُ كَاتِباً قَدْ خَطَّ عَارِضُهُ ... فِي خَدِّهِ حَاكِيَاً مَا خطّ بالقلم لَام العذول عَلَيْهِ حِين أبصره ... فَقلت دَعْنِي فَزَيْنُ البُرْدِ بِالعَلَمِ وَانْظُرْ إلَى عَجَبٍ مِمَّا تَلُومُ بِهِ ... بَدْرَاً لَهُ هَالَةٌ قُدَّتْ مِنَ الظَلَمِ قُولُوا عَنِ السِّحْرِ مَا شِئْتُمْ وَلَا عجب ... من عَنْبَرِ الشِّحْرِ أَوْ مِنْ دَنِّ مُبْتَسِمِ ... وَمن شعره ... تَعَالَ إلَى رَوْضٍ تَقَلَّدَ بِالنَدَى ... عُقُودَاً وَمِنْ أَزْهَارِهِ ظَلَّ كَاسِيَا وَلَمْ أَصْطَحِبْ فيهِ بِخلق سوى الْعلَا ... وَبدر تَمَامٍ يَتْرُكُ البَدَرَ دَاجِيَا ... الحديث: 457 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 الْكتاب 458 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي عَامر بن نصر الأوسي كتب عَن مُلُوك بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ مُخْتَصًّا بالوزير أبي جَعْفَر ابْن عَطِيَّة وَفِيه يَقُول ... أَبَا جَعْفَرٍ نِلْتَ الَّذِي نَالَ جَعْفَر ... وَلَا زلت بالعليا تسر وتحبر وَإِن نلْت أَسبَاب السَّمَاء ترقيا ... فَإنَّك مِمَّا نِلْتَ أَعْلَى وَأَكْبَرُ عَلَيْكَ لَنَا فَضْلٌ وَمَنٌّ وَأَنْعُمٌ ... وَنَحْنُ عَلَيْنَا كُلُّ مَدْحٍ يُحَبَّرُ ... وَتَطير أَبُو جَعْفَر من مطلع هَذَا الشّعْر وَآل أمره إِلَى أَن قتل الحديث: 458 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب فِي حلي مَدِينَة لوشة الْعِصَابَة بَينهَا وَبَين غرناطة مرحلة من أحسن المراحل بَين أنهارٍ وظلال أَشجَار فِي بِسَاط ممتد تبَارك الله الَّذِي أبداه بديعاً فِي حسنه قَالَ الحجاري فَلَو كَانَ للدنيا عروس من أرْضهَا لَكَانَ ذَلِك الْموضع وَهِي على نهر شنيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 السلك 459 - قاضيها الْفَقِيه الْعَالم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْمولى من المسهب يَكْفِي لوشة من الْفَخر أَن كَانَ مِنْهَا هَذَا السَّيِّد الْفَاضِل فَهُوَ فِي كل مكرمَة وفضيلة كَامِل نَشأ على درس عُلُوم الشَّرِيعَة فورد مِنْهَا فِي أعذب شَرِيعَة وترقى إِلَى خطة الْقَضَاء بِبَلَدِهِ فَأَقَامَ عزه بَين أَهله وَولده وَذكر انه اجْتمع بِهِ وبخل عَلَيْهِ بشئ من شعره فَكتب لَهُ ... يَا مَانِعَاً شِعْرَهُ من سمع ذِي ادب ... نائي المَحَلِّ فَرِيدِ الشَّخْصِ مُغْتَرِبِ يَسِيرُ عَنْكَ بِهِ فِي كُلِّ مُتَّجَهٍ ... كَمَا يَسِيرُ نَسِيمُ الرِّيحِ فِي العَذَبِ إِنِّي وَحَقِّكَ أَهْلٌ أَنْ أَفُوزَ بِهِ ... واسأل فَدَيْتُكَ عَنْ ذَاتِي وَعَنْ نَسَبِي ... قَالَ فَكَانَ جَوَابه ... يَا طَالِباً شِعْرَ مَنْ لَمْ يَسْمُ فِي الْأَدَب ... مَاذَا تُرِيدُ بِنَظْمٍ غَيْرِ مُنْتَخَبِ إنِّي وَحَقِّكَ لَمْ أَبْخَلْ بِهِ صَلَفاً ... وَمَنْ يَضُنُّ عَلَى جِيِّدٍ بِمَخْشَلَبِ لَكِنَّنِي صُنْتُ قَدْرِي عَنْ رِوَايَتِهِ ... فَمِثْلُهُ قَلَّ عَنْ سَامٍ إلَى الرُّتَبِ خُذْهُ إِلَيْكَ كَمَا أَكْرَهْتَ مُضْطَرِباً ... مُخَلِّداً ذَمَّ مَوْلاهُ إلَى الحِقَبِ ... ثمَّ كتب لَهُ من نظمه ... بِي إِلَيْكُمْ شَوْقٌ شَدِيدٌ وَلَكِنْ ... لَيْسَ يَبْقَى مَعَ الجَفَاءِ اشْتِيَاقُ إِنْ يُغَيِّرُكُمُ الفِرَاقُ فَوِدِّي ... لَوْ جَزَيْتُمْ يَزِيدُ فِيهِ الفِرَاقُ ... الحديث: 459 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب الطالع السعيد فِي حلي عمل قلعة بني سعيد يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى كتاب الصبيحة العيدية فِي حلي القلعة السعيدية كتاب الْإِشْرَاق فِي حلي حصن القبذاق كتاب الصُّبْح الْمُبين فِي حلي حصن العقبين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الطالع السعيد فِي حلي أَعمال قلعة بني سعيد وَهُوَ كتاب الصبيحة العيدية فِي حلي القلعة السعيدية الْبسَاط ... فِيهَا ألف الحجاري كتاب المسهب لصَاحِبهَا عبد الْملك بن سعيد وَقَالَ فِي وصفهَا عِقَاب الأندلس الْآخِذ بأزرار السَّمَاء عَن غرر الْمجد والسناء وَهِي رِبَاط جِهَاد وحصن أعيانٍ وأمجاد وفيهَا يَقُول أَبُو جَعْفَر بن سعيد ... إِلَى القَلْعَةِ الغَرَّاءِ يَهْفُو بِي الجوى ... كَأَن فُؤَادِي طَائِرٌ زُمَّ عَنْ وَكْرِ هِيَ الدَّارُ لَا أَرض سواهَا وَإِن نأت ... وحجبها عَنِّي صُرُوفٌ مِنَ الدَّهْرِ أَلَيْسَتْ بِأَعْلَى مَا رَأَيْت منصة ... تحلت بِحَلْيٍ كَالعَرُوسِ عَلَى الخِدْرِ لَهَا البَدْرُ تَاجٌ والثريا شنوفها ... وَمَا وَشْحُهَا إلاَّ مِنَ الأَنْجُمِ الزُّهْرِ أَطَلَّتْ عَلَى الفحص النَّضِير فَكل من ... رأى وِجْهَةً مِنْهَا تَسَلَّى عَنِ الفِكَرِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 الْعِصَابَة من المسهب أَن أول من حل بِهَذِهِ القلعة من ولد عمار بن يَاسر عبد الله ابْن سعيد بن عمار وَقد ذكره ابْن حَيَّان فِي المقتبس وَأخْبر أَن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن الفِهري سُلْطَان الأندلس كتب لَهُ أَن يدافع عبد الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل وَكَانَ حينئذٍ أَمِيرا على اليمانية من جند دمشق وَآل أمره إِلَى أَن ضرب عُنُقه عبد الرَّحْمَن وَلما كَانَت الْفِتْنَة وثار مُلُوك الطوائف كَانَ أول من ظهر مِنْهُم بالقلعة واستبد 460 - خلف بن سعيد ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد بن الْحسن بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن سعد بن عمار بن يَاسر الْعَبْسِي وَلما مَاتَ خَلفه ابْنه سعيد ثمَّ ابْنه أَبُو مَرْوَان 461 - عبد الْملك بن سعيد وصادف الْفِتْنَة على الملثمين فَامْتنعَ فِيهَا إِلَى أَن تولى لعبد الْمُؤمن وخطب لَهُ فِيهَا وسجنه عبد الْمُؤمن فِي مراكش ثمَّ سرحه وَجل قدره عِنْده وَفِي مُدَّة الملثمين وَفد عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله الحجاري بقصيدته الَّتِي أَولهَا ... عَلَيْك أحالني الذّكر الْجَمِيل ... فَجئْت وَمن ثنائك لي دَلِيل ... الحديث: 460 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وصنف لَهُ كتاب المسهب فِي غرائب الْمغرب وهذبه عبد الْملك وَزَاد عَلَيْهِ ثمَّ عقبه بعده فَكَانَ مِنْهُ هَذَا الْكتاب على مَا تقدم ذكره وَكَانَ ولى عَهده والمقدم على جنده 462 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْملك وَكَانَ مقدما عِنْد يحيى بن غانية فِي مُدَّة الملثمين ثمَّ ولاه بَنو عبد الْمُؤمن أَعمال إشبيلية وأعمال غرناطة وأعمال سلا وعَلى يَدَيْهِ بني الْجَامِع الْأَعْظَم ب وَقد مدحه الرصافي شَاعِر الأندلس فِي عصره بقصيدته الَّتِي مِنْهَا ... إِنَّ الكِرَامَ بَنِي سَعِيدٍ كُلَّمَا ... وَرِثُوا العُلا وَالمَجْدَ أَوْحَدَ أَوْحَدَا قَسَمُوا المَعَالِي بِالسَّوَاءِ وَفَضَّلُوا ... فِيهَا عِمَادَهُمُ الكَبِيرَ مُحَمَّدا ... وَلم يسمع من نظمه إِلَّا قَوْله ... فَلا تظهرن مَا كَانَ فِي الصَّدْر كامنا ... وَلَا تَرْكَبَنْ بِالغَيْظِ فِي مَرْكِبٍ وَعْرِ وَلا تَبْحَثَنْ فِي عذر من جَاءَ تَائِبًا ... فَلَيْسَ كَرِيمَاً مَنْ يُبَاحِثُ فِي العُذْرِ ... وَكَانَ مولده سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي غرناطة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَإِلَى الْآن القلعة بيد بني سعيد مِنْهُم فِيهَا عبد الْملك بن سعيد الحديث: 462 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 السلك سَائِر بني سعيد 463 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن سعيد صَاحب أَعمال غرناطة فِي مُدَّة الملثمين من المسهب حسب القلعة كَون هَذَا الْفَاضِل مِنْهَا فقد رقم برد مجده بالأدب ونال مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ والسجية الْقَابِلَة أَعلَى سَبَب وَله من النّظم مَا تقف عَلَيْهِ فتعلم أَن زِمَام الْإِحْسَان ملقى فِي يَدَيْهِ أَنْشدني لنَفسِهِ قَوْله ... يَا هَذِهِ لَا تَرُومِي ... خِدَاعَ مَنْ ضَاقَ ذَرْعُهْ تَبْكِي وَقَدْ قَتَلَتْنِي ... كَالسَّيْفِ يَقْطُرُ دَمْعُهْ ... وَقَوله ... فَخْرُنَا بِالحَدِيثِ بَعْدَ القَدِيمِ ... مِنْ مَعَالٍ تَوَاتَرَتْ كَالنُّجُومِ نَحْنُ فِي الحَرْبِ أجْبُلٌ رَاسِيَاتٌ ... وَلَنَا فِي النَّدَيِّ لُطْفُ النَّسِيمِ ... وَقَوله ... لَقَدْ صَدَعَتْ قَلْبِي حَمَامَةُ بَانَةٍ ... أَثَارَتْ غراما مَا أجل وأكراما ورق نسيم الرّيح من نَحْو أَرْضكُم ... ولطف حَتَّى كَاد أَن يتكلما ... الحديث: 463 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 464 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد لن عبد الْملك بن سعيد هُوَ عَم وَالِدي وَأحد مصنفي هَذَا الْكتاب وَكَانَ وَالِدي كثير الْإِعْجَاب بِشعرِهِ مقدما لَهُ على سَائِر أَقَاربه واستوزره عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة فَقَالَ شعرًا مِنْهُ ... فَقُلْ لِحَرِيصٍ أَنْ يَرَانِي مُقَيّدا ... بخدمته لَا يَجْعَل الباز فِي القفص ... وانصاف إِلَى ذَلِك اشتراكهما فِي هوى حَفْصَة الشاعرة وَكَانَ عُثْمَان أسود اللَّوْن فَبَلغهُ أَن أَبَا جَعْفَر قَالَ لَهَا مَا تحبين فِي ذَلِك الْأسود وَأَنا أقدر أَشْتَرِي لَك من السُّوق بِعشْرين دِينَارا خيرا مِنْهُ ثمَّ إِن أَخَاهُ عبد الرَّحْمَن فر إِلَى ملك شَرق الأندلس ابْن مرذنيش فَوجدَ عُثْمَان سَببا إِلَى الْإِيقَاع بِأبي جَعْفَر فَضرب عُنُقه وَأول حُضُور أبي حعفر عِنْد عبد الْمُؤمن أنْشدهُ ... عَلَيْكَ أَحَالَنِي دَاعِي النَّجَاحِ ... وَنَحْوَكَ حَثَّنِي هَادِي الفَلاحِ وَكُنْتُ كَسَاهِرٍ لَيْلاً طَوِيلاً ... تَرَنَّحَ حِينَ بُشِّرَ بِالصَّبَاحِ وَذِي جَهْدٍ تَغَلْغَلَ فِي قِفَارٍ ... شَكَا ظَمَأً فَدُلَّ عَلَى القَرَاحِ دَعَانَا نَحْوَ وَجْهِكَ طِيبُ ذِكْرٍ ... وَيَدْعُو لِلْرِّيَاضِ شَذَا الرِّيَاحِ ... الحديث: 464 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 وأنشده وَهُوَ بقصره فِي رِبَاط الْفَتْح أَمَام سلا على الْبَحْر الْمُحِيط قصيدة مِنْهَا ... تَكَلَّمْ فقد أصغي إِلَى قَوْلك الدَّهْر ... وَمَا لِسِوَاكَ الآنَ نَهْيٌ وَلا أَمْرُ ... وَمِنْهَا ... أَلا إِن قصرا فد بدا لي بأفقه ... محياك أَهْلٌ أَنْ يَخِرَّ لَهُ البَدْرُ أَطَلَّ عَلَى الْبَحْر الْمُحِيط مرفعا ... فختمه الشِّعْرِيُّ وَتَوَّجَهُ النَّسْرُ وَوَافَتْ جُيُوشُ البَحْرِ تَلْثُمُ عَطْفَهُ ... مُرَادِفَةً لِمَا تَنَاهَى بِهِ الكِبْرُ وَمَا صَوْتُهَا إِلاَّ سَلامٌ مُرَدَّدٌ ... وَفِي كُلِّ قَلْبٍ مِنْ تَصَعُّدِهَا ذُعْرُ أَلا قُلْ لَهُ يَعْلُو الثُرَيَّا فَإِنَّهُ ... أَطَلَّ عَلَى بَحْرٍ وَحَلَّ بِهِ بَحر محيطان بالدنيا فَلَيْسَ لفخره ... إِذا لَمْ يَكُنْ طَلْقَ اللِّسَانِ بِهِ عُذْرُ ... وَمن شعره قَوْله ... أَتَانِي كتاب مِنْك يحسده الدَّهْر ... أما حِبْرَهُ لَيْلٌ أَمَا طِرْسَهُ فَجْرُ ... وَقَوله ... يَقُومُ عَلَى الآَدَابِ حَقَّ قِيَامِهَا ... وَيَكْبُرُ عَمَّا يُظْهِرُونَ مِنَ الكِبْرِ كَصَوْبِ الحَيَا إِنْ ظَلَّ يُسْمَعُ وَهُوَ إِن ... غداسا مَعًا مِثْلَ المُصِيخِ إلَى الشُّكْرِ ... وَقَوله ... وَلَمَّا رَأَيْتُ السعد لَاحَ بِوَجْه ... مُنِيرَاً دَعَانِي مَا رَأَيْتُ إِلَى الذِّكْرِ فَأَقْبَلَ يُبْدِي لي غرائب نطقة ... وَمَا كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَهَا مَنْزِعَ السِّحْرِ فَأَصْغَيْتُ إِصْغَاءَ الجديب إِلَى الحيا ... وَكَانَ ثَنَائِي كَالرِّيَاضِ عَلَى القَطْرِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 وكتبت لَهُ حَفْصَة الشاعرة ... أَزُورُكَ أَمْ تَزُورُ فَإِنَّ قَلْبِي ... إِلَى مَا مِلْتُمْ أَبَدَاً يَمِيلُ وَقَدْ أُمِّنْتَ أَنْ تَظْمَى وَتَضْحَى ... إِذَا وَافَى إِلَيَّ بِكَ القُبُولُ فَثَغْرِي مَوْرِدٌ عَذْبٌ زُلالٌ ... وَفَرْعُ ذَوَائِبِي ظِلٌّ ظَلِيلُ فَعَجِّلْ بِالجَوَابِ فَمَا جَمِيلٌ ... أَنَاتُكَ عَنْ بُثَيْنَةَ يَا جَمِيلُ ... وَقَالَ فِي جوابها ... أُجِلُّكُمْ مَا دَامَ بِي نَهْضَةٌ ... عَنْ أَنْ تَزُورُوا إِنْ وَجَدْتُ السَّبِيلْ مَا الرَّوْضُ زَوَّارَاً وَلَكِنَّمَا ... يَزُورُهُ هَبُّ النَّسِيمِ العَلِيلْ ... وَقَالَ ... زارها عَن غَدَا سَقِيمَ هَوَاهَا ... وَبَرَاهُ شَوْقاً إِلَيْهَا النُّحُولُ وَكَذَا الرَّوْضُ لَا يَزُورُ وَيَأْتِي ... أَبَدَاً نَحْوَهُ النَّسِيمُ العَلِيلُ ... وكتبت لَهُ حَفْصَة ... سَارَ شِعْرِي لَكَ عَنِّي زَائِراً ... فَأَعِرْ سَمْعَ المَعَالِي شِنْفَهُ وَكَذَاكَ الرَّوْضُ إِذْ لَمْ يَسْتَطِعْ ... زَوْرَةً أَرْسَلَ عَنْهُ عَرْفَهُ ... فَكتب إِلَيْهَا ... قَدْ أَتَانَا مِنْكِ شِعْرٌ مِثْلَمَا ... أَطْلَعَ الأُفْقُ لَنَا أَنْجُمَهُ وَفَمٌ فَاهَ بِهِ قَدْ أَقْسَمَتْ ... شَفَتِي بِاللهِ أَنْ تلثمه ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 وَقَالَ فِي يَوْم اجْتمع فِيهِ مَعَ الرصافي والكتندي على رَاحَة ومسمع بجنك ... للهِ يَوْمُ مَسَرَّة ... أضوي وأقصر من دبالة لَمَّا نَصَبْنَا لِلْمُنَى ... فِيهِ بِأَوْتَارٍ حُبَالَهْ طَارَ النَّهَار بِهِ كمرتاع ... وأجفلت الغزالة ... وَقَوله ... بدا ذَنْب السرحان يُنبئ أنَّهُ ... تَقَدَّمَ سَبَقَاً وَالغَزَالَةُ خَلْفَهُ وَلَمْ تَرَ عَيْني قبلهَا من متابع ... لمن لَا يِزَالُ الدَّهْرُ يَطْلُبُ حَتْفَهُ ... وَقَوله ... فِي الرَّوْض مِنْك مشابه من أجلهَا ... يهفو لَهَا طَرْفِي وَقَلْبِي المُغْرَمُ الغُصْنُ قَدٌّ وَالأَزَاهِرُ حُلْيَةٌ ... وَالوَرْدُ خَدٌّ وَالأَقَاحِي مَبْسِمُ ... وَقَوله فِي وَالِده وَقد شدّ عَلَيْهِ درعاً وَخرج بجنده غازيا ... أيا قَائِد الْأَبْطَال فِي كل وَجهه ... تطير قُلُوبُ الأُسْدِ فِيهَا مِنَ الذُّعْرِ لَقَدْ قُلْتُ لما أَن رَأَيْتُك دارعا ... أيا حُسْنَ مَا لاحَ الحَبَابُ عَلَى النَّحْرِ وَأَنْشَدْتُ والأبطال حولك هَالة ... أيا حُسْنَ مَا دَارَ النُّجُومُ عَلَى البَدْرِ فَسِرْ مِثْلَمَا سَار الصَّباح إِلَى الدجى ... وَأب مِثْلَمَا آَبَ النَّسِيمُ عَنِ الزَّهْرِ ... وَقَالَ وَقد جَازَ على قصر من قُصُور الْخلَافَة ... قَصْرَ الْخلَافَة لَا أخليت من كرم ... وَإِن خَلَوْتَ مِنَ الأَعْدَادِ وَالعُدَدِ جُزْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ تنقص مهابته ... والغيل يَخْلُو وَتَبْقَى هَيْبَةُ الأَسَدِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وَقَوله ... يَا حُسْنَ يَوْمِ المَهْرَجَانِ وَطِيبَهِ ... يَوْمٌ كَمَا تَهْوَى أَغَرُّ مُحَجَّلُ سَرِّحْ لِحَاظَكَ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ ... فِي كُلِّ مَوْقِعٍ لِخِطَّةٍ مُتَأَمَّلُ ... وَقَوله ... لَا تُعَيِّنْ لَنَا مَكَانَاً وَلَكِنْ ... حَيْثُمَا مَالَتِ اللَّوَاحِظُ مِلْنَا ... 465 - حَاتِم بن سعيد بن حَاتِم بن سعيد من أبطال بني سعيد وفضلائهم صحب أَبَا عبد الله بن نيش ملك شَرق الأندلس وَكَانَ فِيهِ لطافة وتدبير وَمن شعره قَوْله ... يَا دَانِياً مِنِّي وَمَا هُوَ زَائِرٌ ... لَا أَنْتَ مَعْذُورٌ وَلا أَنَا عَاذِرُ مَاذَا يَضُرُّكَ إِذْ ظَلَلْتَ بِظُلْمَةٍ ... أَلا يُطَالِعَ مِنْكَ نُورٌ زَاهِرُ ... 466 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن سعيد ابْن الْحسن بن سعيد اجتماعنا مَعَه فِي سعيد بن خلف وَهُوَ الْآن بإفريقية وَزِير الْفضل سلطانها مَعَ مَا أضَاف إِلَيْهِ من قَود الْكَتَائِب وَغير ذَلِك من الْمَرَاتِب وَهُوَ فِي نِهَايَة من الحديث: 465 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 الْكَرم والسماحة والفروسية والخط وَالنّظم والنثر وَمن نثره تُدَرُّ عَلَيْهِ أَخْلافُ السَّحَائِبِ وَتَرُقُّ أَنْفَاسُ الصِّبَا وَالجَنَائِبُ قَدْ غَنَوْا عَنْ ظِلالِ الأَفْنِيَةِ بظلال الخوافق وَعَن النطف الْعَذَاب بموار هِيَ الرَّيْحَانُ تَحْتَ الشَّقَائِقِ وَالشَّقِيُّ يَتَوَقَّفُ لَهُمْ وَيَتَطَارَدُ تَطَارُدَ الخَاتِلْ وَيَحَارُ بَيْنَ الوِرْدِ وَالصَّدَرِ وَلَمْ يَحْزِرْ أَنَّ الحُسَامَ بِيَدِ القَاتِلْ وَمن نظمه قَوْله وَقد نزل بشخص قدم لَهُ فِي الضِّيَافَة شرابًا أسود خاثراً وخروباً وقدمت عَجُوز زبيبا أسود صَغِيرا فِيهِ غُضُون ... ويم نَزَلْنَا بِعَبْدِ العَزِيزِ ... فَلا قَدَّسَ اللهُ عَبْدَ العَزِيزِ سَقَانَا شَرَابَاً كَلَوْنِ الهِنَاءِ ... وَأَنْقَلَنَا بِقُرُونِ العَنُوزِ وَجَاءَتْ عَجُوزٌ فَأَهْدَتْ لَنَا ... زَبِيبَاً كَخِيلانِ خَدِّ العَجُوزِ ... وَقَوله فِي دولاب ... وَمَحْنِيَّةَ الأَصْلابِ تحنو على الثرى ... وتسقى بَنَاتِ التُّرْبِ دَمْعَ التَرَائِبِ تَظُنُّ مِنَ الأَفْلاكِ أَنَّ مِيَاهَهَا ... نُجُومٌ لِرَجْمِ المَحْلِ ذَاتِ ذَوَانِبِ وأطربها رقص الغصون ذوابلا ... فدارت بِأَمْثَالِ السُّيُوفِ القَوَاضِبِ وَمَا خِلْتُهَا تَشْكُو بِتَحْنَانِهَا الصدى ... وَمَا بَيْنَ مَتْنَيْها اطِّرَادُ المُذَانِبِ فَخُذْ مِنْ مَجَارِيهَا ودهمة لَوْنهَا ... بَيَاض العَطَايَا فِي سَوَادِ المَطَالِبِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 467 - مُوسَى بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد لَوْلَا أَنه وَالِدي لأطنبت فِي ذكره ووفيته حق قدره وَله فِي هَذَا الْكتاب الْحَظ الأوفر وَكَانَ أشغفهم بالتاريخ وأعلمهم بِهِ وجال كثيرا إِلَى أَن انْتهى بِهِ الْعُمر بالإسكندرية وَقد عَاشَ سبعا وَسِتِّينَ سنة لم أره يَوْمًا يخلي مطالعة كتاب أَو كتب مَا يحلو حَتَّى أَيَّام الأعياد وَفِي ذَلِك يَقُول ... يَا مُفْنِياً عُمُرَهُ فِي الكأس وَالْوتر ... وراعيا فِي الدُّجَى للأَنْجُمِ الزُّهُرِ يَبْكِي حَبِيبَاً جَفَاهُ أَو ينادم من ... يهفو لَدَيْهِ كَغُصْنٍ بَاسِمِ الزَّهَرِ مُنَعَّمَاً بَيْنَ لَذَّاتٍ يُمَحِّقُهَا ... وَلا يُخَلِّدُ مِنْ فَخْرٍ وَلا سِيَرِ وَعاَذِلاً لِيَ فِيمَا ظِلْتُ أَلْزَمُهُ ... يُبْدِي التَعَجُّبَ مِنْ صَبْرِي وَمِنْ فِكَرِي يَقُولُ مَالَكَ قَدْ أفنيت عمرك فِي ... حبر وَطِرْسٍ عَنِ الأَعْصَارِ وَالخَبَرِ وَظِلْتَ تَسْهَرُ طُولَ اللَّيْلِ فِي تَعَبٍ ... وَلا تَرَى أَبَدَ الأَيَّامِ فِي ضَجَرِ أَقْصِرْ فَإِنِّي أَدْرَى بِالذِي طَمَحَتْ ... لأُفْقِهِ هِمَّتِي وَاسْأَلْ عَنِ الأثَرِ وَاسْمَعْ لِقَوْلِ الَّذِي تتلى محاسنة ... من بَعْدِ مَا صَارَ مِثْلَ التُرْبِ كَالسُّوَرِ جَمَالُ ذِي الأَرْض كَانُوا فِي الْحَيَاة وهم ... بعد المَمَاتِ جَمَالُ الكُتْبِ وَالسِّيَرِ ... وَمن حَسَنَاته قَوْله وَقد نظر إِلَى غُلَام حسن الصُّورَة وَهُوَ يعظ ... وشادن ظلّ للوعظ ... تاليا بَين جمع متعت طرفِي بمرآه ... فِي حَفَاوَةِ سَمْعِي ... الحديث: 467 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ الثَّامِن من شَوَّال عَام أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ مولده فِي الْخَامِس من رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة 468 - أَخُوهُ مَالك بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد جال فِي بِلَاد الأندلس وبر العدوة وَآل بِهِ الْأَمر إِلَى أَن كتب ليحيى الميورقي صَاحب الْفِتْنَة الطَّوِيلَة بإفريقية وهنالك مَاتَ وَترك عقبا بوادن وَأحسن شعره قَوْله فِي مَحْبُوب لَهُ مرض واصفر لَونه ... غَدَا وَرْدُ مَنْ أَهْوَاهُ بِالسُّقْمِ نرجسا ... ففجر عَيْنِي عِنْدَ ذَاكَ عِيَانُهُ فَقُلْتُ لِخَدَّيْهِ عَزَاءً فَقَالَ لِي ... كَذَا كُلُّ وَرْدٍ لَا يَدُومُ أَوَانُهُ ... وَقَوله ... الخَيْلُ وَاللَّيْلُ تَدْرِي ... صُنْعِي إذَا افْتَرَّ فَجْرُ مَا مَرَّ لِي قَطُّ يَوْمٌ ... إلاَّ وَلِي فِيهِ كَرُّ لَا تُخْدَعَنْ بِالأَمَانِي ... فَمَا سِوَاهَا يَغُرُّ لَا تُفَكِّرَنْ فِي أَوَانٍ ... مَا دُمْتَ فِيهِ تُسَرُّ ... الحديث: 468 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 469 - أخوهما عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد كَانَ صَعب الْخلق كثير الأنفة لَا صَبر لأحدٍ على صحبته فَجرى بَينه وَبَين أَقَاربه مَا أوجب خُرُوجه عَن الْمغرب الْأَقْصَى إِلَى أقْصَى الْمشرق ووصلت رسَالَته من بُخَارى فِيهَا هَذِه البيات ... إذَا هَبَّتْ رِيَاحُ الغَرْبِ طَارَتْ ... إِلَيْهَا مُهْجَتِي نَحْوَ التَّلاقِ وَأَحْسَبُ مَنْ تَرَكْتُ بِهِ يُلاقِي ... إِذا هبت صباها مَا أُلَاقِي فياليت التَفَرُّقَ كَانَ عَدْلاً ... فَحُمِّلَ مَا نُطِيقُ مِنَ اشْتِيَاقِ وَلَيْتَ العُمْرَ لَمْ يَبْرَحْ وِصَالاً ... وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْنَا بِالفِرَاقِ ... وَقَتله التتر فِي بُخَارى رَحمَه الله 470 - عَليّ بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد وَهُوَ مكمل تصنيف هَذَا الْكتاب ولد بغرناطة فِي شَوَّال سنة عشر وسِتمِائَة ورحل مِنْهَا فجال مَعَ أَبِيه فِي بر الأندلس وبرالعدوة والغرب الْأَوْسَط وإفريقية إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَترك وَالِده بالإسكندرية ورحل إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَحَضَرَ وَفَاته ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ رَحل إِلَى حلب فِي الحديث: 469 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 صُحْبَة الصاحب الْكَبِير المحسن كَمَال الدّين بن أبي جَرَادَة ثمَّ عزم على الْحَج فِي هَذِه السّنة وَهِي سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة يسر الله ذَلِك بمنه وَمن نظمه قَوْله ... كَأَنَّمَا النَّهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم منشئها لَمَّا أَبَانَتْ عَنْ حُسْنِ مَنْظَرِهِ ... مَالَتْ عَلَيْهَا الغُصُونُ تَفْرَؤُهَا ... وَقَوله من قصيدة ... بَحْرٌ وَلَيْسَ نَوَالُهُ بِمَشَقَّةٍ ... المَالُ فِي يَدِهِ شَبِيهُ غُثَاءِ ... وَقَوله ... بُرْءٌ كَمَا آَبَ الغَمَامُ الصَيِّبُ ... فَتَرَاجَعَ الرَّوْضُ الهَشِيمُ المُذْنِبُ عَطَفَتْ بِهِ النُّعْمَى عَلَى ألافها ... واسترجع الزَّمن المسئ المُذْنِبُ مَا كُنْتَ إِلاَّ السَّيْفَ يَصْدَأُ مَتْنُهُ ... وَغِرَارُهُ مَاضٍ إِذَا مَا يَضْرِبُ ... وَقَوله وَقد دوعب بِسَرِقَة سكين ... أَيَا سَارِقاً مِلْكَاً مَصُونَاً وَلَمْ يَجِبْ ... عَلَى يَدِهِ قَطْعٌ وَفِيهِ نِصَابُ سَتَنْدُبُهُ الأَقْلامُ عِنْدَ عِثَارِهَا ... وَيَبْكِيهِ أَنْ يَعْدُو الصَّوَابَ كِتَابُ ... وَقَوله فِي فرس أصفر أغر أكحل الْحِلْية ... وَأَجْرَدَ تِبْرِيٍّ أَثَرْتُ بِهِ الثَّرَى ... وَلِلْفَجْرِ فِي خَصْرِ الظَّلامِ وِشَاحُ لَهُ لَوْنُ ذِي عِشْقٍ وَحُسْنُ مُعَشَّقٍ ... لِذَلِكَ فِيهِ دَلَّةٌ وَمِرَاحُ عَجِبْتُ لَهُ وَهُوَ الأَصِيلُ بِعَرْفِهِ ... ظَلامٌ وَبَيْنَ النَاظِرَيْنَ صَبَاحُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وَقَوله ... خَجِلَتْ وَالسَتْرُ يَحْجِبُهَا ... كَيْفَ تُخْفِي الخَمْرَةَ القَدَحُ ... وَقَوله ... رَقَّ الأَصِيلُ فَوَاصِلِ الأَقْدَاحَا ... وَاشْرَبْ إلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ صَبَاحَا وَانْظُرْ لِشَمْسِ الأُفْقِ طَائِرَةً وَقَدْ ... أَلْقَتْ عَلَى صَفْحِ الخَلِيجِ جَنَاحَا ... وَقَوله ... يَا سيد قد زَاد قدرا إِذْ غَدَا ... بِرَاً لِمَنْ هُوَ دُونَهُ يَتَوَدَّدُ وَالغُصْنُ مِنْ فَوْقِ الثَّرَى لَكِنَّهُ ... كَرَماً يَمِيلُ إلَى ذَرَاهُ وَيَسْجُدُ ... وَقَوله ... بِعَيْشِكَ سَاعِدْنِي عَلَى حَثِّ كاسها ... إِذا مَا بَدَا لِلْصُبْحِ بَتْرُ المَوَاعِدِ وَشَقَّ عَمُودُ الفَجْرِ ثَوْبَ ظَلامِهِ ... كَمَا شَقَّ ثَوْباً أَزْرَقاً صَدْرُ نَاهِدِ ... وَقَوله من قصيدة ناصرية خَطَرْتُ إِلَيْهِ السمهري مُسَددًا ... فعانقته شَوْقاً إلَى ذَلِكَ القَدِّ خَفِيٌّ وَسِتْرُ اللَّيْلِ فَوقِي مُسبل ... كَأَنِّي حَيَاءً فَوْقَ وَجْنَةِ مَسْوَدِّ وَلَيْلِي بَخِيلٌ بِالنُّجُومِ وَصُبْحِهِ ... وَنَجْمِي فِي رِمْحِي وَصُبْحِي فِي غِمْدِي وتحتي مثل اللَّيْل أهْدى من القطا ... بداطا لعا مِنْ وَجْهِهِ كَوْكَبٌ يَهْدِي إلَى أَنْ وَصَلْتُ الْحَيّ وَالْقلب ميت ... حذار الأعادي والمثقفة الملد فعانقت غُصْن البات فِي دوحه القنا ... وَقبلت بَدْرَ التِّمِّ فِي هَالَةِ الجُرْدِ كَذَا هِمَّتِي فِيمَن أهيم بحبه ... وَمن أَبْتَغِي مِنْ وَجْهِهِ طَالِعَ السَّعْدِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 .. خَزَائِنُ أَرْضِ اللهِ فِي يَدِ يُوسُفٍ ... فَهَلْ لِسِوَاهُ فِي المُلُوكِ يُرَى قَصْدِي مَلِيكٌ تَرَى فِي وَجهه آيَة الرِّضَا ... وتقرأ مِنْ أَمْدَاحِهِ سُورَةَ الحَمْدِ ... وَفِي طالع قصيدة ... نَظِيرُ قَوَامِكَ الغُصْنُ النَّضِيرُ ... وَحُبِّي فِيكَ لَيْسَ لَهُ نَظِير ... وَقَوله من قصيدة ... جدلي بِمَا ألقِي الخيال من الْكرَى ... لَا بُد للضيف الملم من الْقرى واخجلى مِنْهُ وَمِنْكَ مَتَى أنَمْ ... عَيَّرْتَنِي وَمَتَى سَهِرْتُ تَنَكَّرَا ... وَمِنْهَا ... قُمْ سَقِّنِيهَا وَالسَّمَاءُ كَأنَّهَا ... لَبِسَتْ رِدَاءً بِالبُرُوقِ مُشَهَّرَا وَكَأَنَّمَا زُهْرُ النُّجُومِ بِأُفْقِنَا ... خِيَمٌ طَوَاهَا بَنْدُ صُبْحٍ نُشِّرَا ... وَمِنْهَا ... مِنْ كل من جعل السُّرُوج أرائكا ... والسمر قُضْبَاً وَالقَوَاضِبَ أَنْهُرَا مِنْ مَعْشِرٍ خَبِرُوا الزَّمَانَ رياسة ... وسياسة حلوا الذرى خمر الذرا سم العداة على حَيَاء فيهم ... لَا تعجبن كَذَاكَ آَسَادُ الشَّرَى كَادُوا يُقِيلُونَ العُدَاةَ مِنَ الردى ... لَو لَمْ يَمُدُّوا كَالحِجَابِ العِثْيَرَا حَتَّى ظِبَاهُمْ فِي الْحَيَاة مثالهم ... أبدت وَقَدْ أَرْدَتْ مُحَيَّاً أَحْمَرَا جَعَلُوا خَوَاتِمَ سُمْرِهِمْ مِنْ قَلْبِ كُلِّ ... مُعَانِدٍ حَسِبَ المُثَقَّفَ خِنْصَرَا وَبِبِيضِهِمْ قَدْ تَوَّجُوا أَعْدَاءَهمْ ... حَتَّى العِدَا حَلُّوا لِكَيْمَا تَشْكُرَا لَوْ لَمْ يَخَافُوا تِيهَ سَارٍ نحوهم ... وهبوا الكَوَاكِبَ وَالصَّبَاحَ المُسْفِرَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 وَمِنْهَا ... فَاثْنِ المَسَامِعَ نَحْوَ نَظْمٍ كُلَّمَا ... كَرَّرْتَهُ أَحْبَبْتَ أَنْ يَتَكَرَّرَا إِنْ كَانَ طَالَ فَإِنَّهُ مِنْ حُسْنِهِ ... لَيْلُ الوِصَالِ بِأُنْسِهِ قَدْ قُصِّرَا مِنْ بَعْدِهِ الشَّعَرَاءُ تَحْكِي وَاصِلاً ... تَتَجَنَّبُ الرَاءَاتِ كَيْ لَا تَعْثُرَا ... وَقَوله من قصيدة ... بِاللهِ يَا حَابِسَهَا أَكْؤُسَاً ... شَابَتْ لِطُولِ الحَبْسِ وَلَّى النَّهَار فلتغنم شربا على صفرَة الشَّمْس ... وَقَابِلْ بِالنُّضَارِ النُّضَارْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَحْجُبَ جنح الدجى ... ثغر الأقاحي وخدود لبهار ... وَقَوله من قصيدة ... الرَّوْضُ بُرْدٌ بِالنَّدَى مَطْرُوزُ ... وَالنَّهْرُ سَيْفٌ بِالصَّبَا مَهْزُوزُ كُتِبَتْ بِهِ خَوْفَ النَّوَاظِرِ أَسْطُرٌ ... فَعَلَيْهِ مِنْ خَطِّ النَّسِيمِ حَرُوزُ وَرَمَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَضْلَ رِدَائِهَا ... فَعَلاَ مُذَابَ لُجَيْنِهِ إِبْرِيزُ وَالغُصْنُ إِنْ رَكَدَ النَّسِيمُ كَأَنَّهُ ... أَلِفَ بِهَمْزَةِ طَيْرِهِ مَهْمُوزُ وَكَأَنَّمَا الأَزْهَارُ فِيهِ قَلائِدٌ ... وَكَأَنَّمَا الأَوْرَاقُ فِيهِ خَزُوزُ وَالرَّاحُ تَنْظُمُ شَمْلَنَا بِجِنَابِهِ ... وَعَقِيْقُنَا مِنْ دِرِّهَا مَفْرُوزُ تُبْدِي لَنَا خَجَلَ العَرُوسِ وَحَلْيَهَا ... فِي مِثْلِ زِيِّ البِكْرِ وَهِيَ عَجُوزُ شَمَطُ الحَبَابِ يُبَيِّنُ كِبْرَةَ سِنِّهَا ... فَعَلامَ تَحْمِلُ حِلْيَهَا وَيَجُوزُ هِيَ كَالغَزَالَةِ لَا تَزَالُ جَدِيْدَةً ... وَالطَّرْفُ دُونَ ضَبَابِهَا مَغْمُوزُ ... وَقَوله ... أَلا هَاتِهَا والنرجس الغص قَدرنَا ... إِلَيْك كَمَا تَرْنُو العُيُونُ النَّوَاعِسُ وَأَرْدَافُ مَوْجِ النَّهْرِ فَوق خصوره ... تميل عَلَيْهِنَّ الغُصُونُ المَوَائِسُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 وَقَوله ... يَضِيعُ الذِي أَسْدَى إِلَيْكَ كَأَنَّهُ ... حَيَاءٌ بِوَجْهٍ أَسْوَدِ اللَّوْنِ ضَائِعُ ... وَقَوله ... إِنْ غُيَّبَتْ شمسه فالرعد زفرته ... وَقَلبه البَرْقُ وَالأَمْطَارُ مَدْمَعَهُ ... وَقَوله ... لَا خَيَّبَ اللهُ أَجْرَ عِيسَى ... فَكَمْ يُدَانِي إِلْفاً مِنْ إِلْفِ يقرن هَذَا بِذَاكَ فضلا ... كَأَنَّهُ الدَّهْرَ وَاوُ عَطْفِ ... وَقَوله ... كَأَنَّكَ لَمْ تَجْلِ القِتَامَ وَقَدْ دَجَا ... بِشُهْبٍ عَوَالٍ أَوْ بُرُوقِ سُيُوفِ ... وَقَوله ... فَلا تُنْكِرَنْ صَوْبَ الدِّمَاءِ إذَا دَجَتْ ... سَحَابُ قَتَامٍ وَالسُّيُوفُ بَوَارِقُ ... وَقَوله ... هَلاَّ نظرت إِلَى الأغصان تعتنق ... ظلت تُلاقِي غَرَامَاً ثُمَّ تَفْتَرِقُ نَادِ الصَّبُوحَ عَسَى فِي الْقَوْم مغتنم ... يباكر الراح صبحا ثمَّ يغتبق ... وَمِنْهَا ... قد زين الله قطرا أَنْت ساكنه ... كَمَا يُزَانُ بِبَدْرِ الغَيْهَبِ الفَلَقُ ... وَقَوله ... للهِ فُرْسَانٌ غَدَتْ رَايَاتُهُمْ ... مِثْلَ الطُّيُورِ عَلَى عِدَاكَ تُحَلِّقُ وَالسُّمْرُ تَنْقُطُ مَا تُسَطِّرُ بِيضُهُمْ ... وَالنَّقْعُ يُتْرِبُ والدماء تخلق ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 وَقَوله ... أَفَمَ الخَلِيجِ أَتَذْكُرَنْ بِكَ لَيْلَةً ... أَفْنَيْتَ فِيهَا مِنْ عَفَافِي مَا بَقِي وَاللَّيْلُ بَحْرٌ مُزْبِدٌ بِنُجُومِهِ ... وَالسُّحْبُ مَوْجٌ وَالهِلالُ كَزَوْرَقِ ... وَقَوله من قصيدة ... وهبت فُؤَادِي للمباسم والحدق ... وحكمت فِي جَفْنِي المَدَامِعَ وَالأَرَقْ وَلَمْ أَسْتَطِعْ إِلاَّ الْوَفَاء لغادر ... وباليتني لَمَّا وَفَيْتُ لَهُ رَفَقْ وَمِنْ أَجْلِهِ قَدْ رق جسمي صبَابَة ... وياليته لَمَّا رَآَهُ عَلَيْهِ رَقْ مَتَى اشْتَكَى فَيْضُ المدامع قَالَ لي ... خِلافك قَدْ قَاسَى المَدَامِعَ وَالحُرَقْ إذَا لاحَ فِي المحمر فالبدر فِي الشَّفق ... وَإِن لاحَ فِي المُخْضَرِّ فَالغُصْنُ فِي الوَرَقْ تُحَمِّلُهُ أَرْدَافُهُ فَوْقَ طَاقَةٍ ... وَمِنْ هَيَفٍ لَوْ شَاءَ بالخاتم انتطق فيا عاذلي فِيمَا جنته لحاظه ... أتعذلني وَالسَّيْفُ لِلْعَذْلِ قَدْ سَبَقْ ... وَقَوله ... قُمْ سَقِّنِي شَفَقَ الشَّمُولِ بِسُحْرَةٍ ... وَكَأَنَّمَا شَفَقُ الصَّبَاحِ شَمُولُ وَالبَرْقُ قُضْبٌ وَالسَّحَابُ كَتَائِبٌ ... وَالقَطْرُ نَبْلٌ وَالرُّعُودُ طُبُولُ وَلْتَعْذُرِ الأَنْهَارُ فِي تَدْرِيعِهَا ... وَكَذَلِكَ الأَغْصَانُ حِينَ تَمِيلُ ... وَقَوله ... أَدِرْ كُؤُوسَكَ إِنَّ الأُفْقَ فِي عرس ... وحسبنا أنْتَ تَرْعَى حُسْنَكَ المُقَلُ البَرْقُ كَفٌّ خَضِيبٌ والحيا دُرَر ... والأفق يُجْلَى وَطَرْفُ الصُّبْحِ مُكْتَحِلُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 وَقَوله ... دَعِ اللَّحْظَ يَسْرَحْ بِوَرْدِ الخَجَلْ ... فَقَدْ مَنَعَتْهُ سَيَوفُ المُقَلْ ... وَمِنْهَا ... فَكَمْ أَغْصُنٍ قَدْ نَعِمْنَا بِهَا ... وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَادَتْ أَسَلْ وَكَمْ دَنِّ خَمْرٍ طَرِبْنَا بِهِ ... وَعُدْنَا لَهُ فَوَجَدْنَاهُ خَلْ ... وَقَوله ... وَخَيْرُ الشِّعْرِ مَا أَوْلاهُ تَبْدُو ... كَأَسْحَارٍ وَآَخِرُهُ أَصَائِلْ ... وَقَوله ... وَأَشْقَرَ مِثْلِ الْبَرْق لونا وَسُرْعَة ... قصدت عَلَيْهِ عَارِضَ الجُودِ فَانْهَمَى ... وَقَوله فِي سُلْطَان إفريقية ... فَهُمُ سِهَامٌ وَالقِسِيُّ جِيَادُهُمْ ... وَعِدَاهُمُ هَدَفٌ وَعَزْمُكَ رَامِي ... وَقَوله ... وَتَحْتِي لَيْلٌ قَدْ تَرَقَّى بسمعه ... فواجهه مَا امْتَدَّ مِنْ كَوْكَبِ الرَّجْمِ وَقَدْ أَنْعَلُوهُ بِالْأَهِلَّةِ هَل ترى ... اتِّخَاذ هِلالٍ لِلْظَلامِ مِنَ الظُّلْمِ ... وَقَوله ... ظُبَاهُمُ الحُمْرُ كالنيران حِين قرى ... بأفقهم فلذاك الطير تغشاها ... وَقَوله ... ستر الْجَمْرَة بالآس ... فَلَمْ تَعْدُ عَلَيْهِ إنَّمَا ذَلِكَ سِحْرٌ ... أَصْلُهُ من ناظريه ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 471 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن رَشِيق من أَعْيَان القلعة لَهُ حَظّ من النّظم والنثر قَالَ وَالِدي لم أر أوسع مِنْهُ صَدرا مَا عَلَيْهِ من الدُّنْيَا أَقبلت أَو أَدْبَرت وَهُوَ الْقَائِل ... لَيْسَ عِنْدِي مِنَ الهُمُومِ حَدِيثٌ ... كُلَّمَا سَاءَنِي الزَّمَانُ سَدِرْتُ أَتُرَانِي أَكُونُ لِلْدَّهْرِ عَوْناً ... فَإِذَا مَسَّنِي بِضُرٍّ ضَجِرْتُ غَمْرَةٌ ثُمَّ تَنْجَلِي فَكَأَنِّي ... عِنْدَ إِقْلاعِ هَمِّهَا مَا ضُرِرْتُ ... الْعلمَاء 472 - أَبُو عِيسَى لب بن عبد الْوَارِث الْيحصبِي النَّحْوِيّ من المسهب أنجبته قلعة بني سعيد وَكَانَ تهذيبه وتخريجه بإشبيلية وَنظر فِي الْفِقْه ثمَّ مَال إِلَى الْعَرَبيَّة فَبلغ مِنْهَا إِلَى غَايَة نبيهة وَكَانَ أَبنَاء الْأَعْيَان من الملثمين يقرءُون عَلَيْهِ بمراكش وهنالك اجْتمعت بِهِ وَمن شعره قَوْله ... بَدَا أَلِفُ التَّعْرِيفِ فِي طِرْسِ خَدِّهِ ... فياهل تَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْكَرُ ... الحديث: 471 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 .. وَقد كَانَ كافورا فَهَل أَنا تَارِك ... لَهُ بَعْدَ مَا حَيَّاهُ مِسْكٌ وَعَنْبَرُ وَمَا خَيْرُ روض لَا يرف نَبَاته ... وَهل أَحْسَنُ الأَثْوَابِ إلاَّ المُشَهَّرُ ... الْأَهْدَاب نادرة للمسن بن دور يَده القلعي كَانَ بالقلعة رجل غث ثقيل بَارِد لَا تكَاد تقع الْعين على أغث وأثقل مِنْهُ وَكَانَ المسن يكرههُ ويركب عَلَيْهِ الحكايات وَمن نوادره مَعَه أَنه سَافر المسن إِلَى مرسية وَتَركه بغرناطة فَلَمَّا عَاد إِلَى غرناطة وقف على بَاب من أَبْوَابهَا وَجعل يسْأَل عَن الثقيل الْمَذْكُور هَل هُوَ بغرناطة إِلَى أَن عرفه أحد من يدريه أَنه بهَا فَثنى عنان فرسه وَعدل إِلَى القلعة وَقَالَ لَا يطيب بلد يكون فِيهِ فلَان وخر مرّة مَعَ أبي مُحَمَّد عبد الله بن سعيد إِلَى سوق الْخَيل فَاشْترى ابو مُحَمَّد فرسا وَقَالَ للمسن اركبه فَرَكبهُ فَجعل أَبُو مُحَمَّد يَقُول لكل من يلقاه هَذَا الْفرس اشْتَرَيْته الْيَوْم وَيذكر الثّمن وَيكثر وَصفه والمسن عَلَيْهِ لَا يزَال يخجله بِهَذَا إِلَى أَن لمح المسن عجوزاً خرجت من فرن بطبق فِيهِ خبز فِي نِهَايَة من الْفَاقَة والضعف فركض الْفرس إِلَيْهَا وَقَالَ لَهَا قفي حَتَّى أخْبرك فوقفت فَقَالَ لَهَا هَذَا الْفرس اشْتَرَاهُ الْقَائِد أَبُو مُحَمَّد بِكَذَا وَكَذَا وَأخذ يصف على منزع أبي مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ ألهذي الْعَجُوز يُقَال مثل هَذَا فَقَالَ مَا بَقِي فِي الدُّنْيَا من لَا يعرف حَدِيث هَذَا الْفرس إِلَّا هَذِه الْعَجُوز فَأَرَدْت أَلا يفوتها ثمَّ قَالَ عَليّ لعنة الله إِن ركبت لَك فرسا مَا عِشْت وَنزل عَنهُ فشرد وتعب أَبُو مُحَمَّد فِي تَحْصِيله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب أَعمال القلعة السعيدية وَهُوَ كتاب الْإِشْرَاق فِي حلي حصن القبذاق من حصون قلعة بني سعيد مِنْهُ 473 - الْأَخْفَش بن مَيْمُون القبذاقي من المسهب يعرف بِابْن الْفراء أَصله من القبذاق وتأدب فِي قرطبة وَله أمداح فِي ابْن نغرلة الْيَهُودِيّ وَزِير غرناطة وَمن شعره قَوْله ... أَهْوَى الذِي تَيَّمَنِي حُبُّهُ ... وَمَا دَرَى أَنِّي أَهْوَاهُ أَكَادُ أَفْنَى مِنْ غَرَامٍ بِهِ ... لَا سِيَّمَا سَاعَةَ أَلْقَاهُ وَاللهِ مَا يَذْكُرُنِي سَاعَةً ... وَلَا وَحقّ الله أنساه ... الحديث: 473 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 وَقَوله ... غنت الْوَرق فِي الفصون سُحَيْراً ... فَأَبَاحَتْ مِنِّي غَرَامَاً مَصُونَا لَمْ تَفِضْ عَيْنُهَا بِدَمْعٍ وَلَكِنْ ... فَجَّرَتْ لِي فِيمَنْ أَحِبُّ عُيُونَا ... وَقَوله ... إِذَا مَدَحْتَ فَلا تَمْدَحْ سِوَاهُ فَفِي ... يمناه بَحْرٌ مُحِيطٌ لِلْعُفَاةِ زَخَرْ يُصْغِي إلَى المَدْحِ من جود وَمن أدب ... كمشتكي الجَدْبِ قَدْ أَصْغَى لِصَوْبِ مَطَرْ ... وَقَوله ... بِاللَّيَالِي الَّتِي تَوَلَّتْ وَأَوْلَتْ ... مُهْجَتِي حَسْرَةً بِهَا لَا أفِيق أَتَرَى لي إِلَى رضاك وإقصاء ... وُشَاتِي عَنْ جَانِبَيْكَ طَرِيْقُ آَهِ مِنْ لَوْعَتِي وَمِنْ طُولِ وَجْدِي ... سَالَ دَمْعِي وَفِي فُؤَادِي حَرِيْقُ ... وَقَوله ... كَيْفَ لِي صَبْرٌ وَقَدْ هَجَرَتْ 5 مَنْ لَهَا رَوحِي وَتَظْلِمُنِي غَادَةٌ كَالغُصْنِ فِي هَيَفٍ ... وَتَثَنٍّ عَادَ كَالوَثَنِ كَلُّنَا مِنْ جَاهِلِيَّتِهَا ... أَبَدَاً لَا زِلْتُ فِي فِتَنِ ... وَقَوله ... نَاحَ الحَمَامُ عَلَى غُصْنٍ تَلاعِبُهُ ... كَفُّ النَّسِيمِ فَأَبْكَانِي وَأَشْجَانِي ذَكَرْتُ قَداً لِمَنْ أَهْوَاهُ مُنْعَطِفاً ... هَذَا عَلَى أَنَّهُ مَا زَالَ يَنْسَانِي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 وَفِيه قَالَ ابْن زيدون ... فَإِذَا مَا قَالَ شِعْرَاً ... نَفَقَتْ سُوقُ أَبِيهِ ... وهجاه المنفتل شَاعِر إلبيرة بقوله ... إِنْ كُنْتَ أَخْفَشَ عَيْنٍ ... فَإِنَّ قَلْبَكَ أَعْمَى فَكَيْفَ تَنْثُرُ نَثْرَاً ... أَمْ كَيْفَ تنظم نظما ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب أَعمال القلعة السعيدية وَهُوَ كتاب الصُّبْح الْمُبين فِي حلي حصن العقبين حصن من حصون القلعة على وَادي فُرْجَة ونضارة أَخْبرنِي وَالِدي انه كَانَ كثيرا مَا يلم بِهِ الصَّيْد فِي صباه مَعَ أَقَاربه وَأَصْحَابه وَكَانَ لَهُم على الْوَادي قصر جروا فِيهِ ذيول الصِّبَا وهبوا فِي جنباته هبوب الصِّبَا وَله فِيهِ شعر وَمِنْه 474 - أَحْمد بن لب العقبيني كَانَ كَبِير اللِّحْيَة مضحك الطلعة كثيرا مَا يمدح مُحَمَّد بن سعيد صَاحب القلعة بِمثل قَوْله ... يَا قائدا لَا يُسَاوِي عِنْده أَسد ... مِقْدَار ذِئْبٍ إذَا مَا الحَرْبُ تَدْعُوهُ أَنْتَ الذِي حَرَسَ الإِسْلامَ صَارِمُهُ ... لِذَاكَ مَدْحُكَ فِي السَّاعَاتِ نَتْلُوهُ ... وَقَوله ... أَبَا عَبْدِ الإِلَهِ أَلَسْتَ فَرْعاً ... زَكِيَّاً مِنْ أُصُولٍ طَاهِرَاتِ ... الحديث: 474 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 .. وَيَزْعُمُ آَخَرُونَ لَكَ اشْتِكَالاً ... لَقَدْ نَطَقُوا بِمَحْضِ التُّرَّهَاتِ ... وَأهل العقبين يوصفون بِالْجَهْلِ الْكثير قد غلبت عَلَيْهِم البداوة وبعدت عَنْهُم آدَاب الحضارة اتَّفقُوا مرّة على أَن يجمعوا فَرِيضَة يبنون بهَا مَا وهى من جامعهم فَبَقيَ مِنْهَا فَاضلا قدر خَمْسَة دَنَانِير فَاجْتمعُوا لإبداء الرَّأْي فِيمَا يصرفونها فِيهِ فَتكلم كل أحد بِمَا عِنْده وَرَأى الْأَكْثَر مِنْهُم أَن يشترى بهَا مِنْبَر للجامع فغن منبره الْعَتِيق قد تكسر فَتحَرك فلاح مِنْهُم وَقَالَ دعوا الهذيان واشتروا كَلْبا يحفظ غنمكم من السبَاع فَقَالُوا لَهُ نَحن نقُول مِنْبَر وَأَنت تَقول كلب وَاتفقَ رَأْيهمْ على الْمِنْبَر فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم ضباب خرجت غنم الْبَلَد فهجمت عَلَيْهَا السبَاع وَوَقع الصياح بذلك فَجرى البدوي إِلَى الْجَامِع مَعَ من اسْتَعَانَ بِهِ من أهل الْجَهْل وَأخذُوا الْمِنْبَر على أَعْنَاقهم وأخرجوه إِلَى أَمَام الْبَلَد وَقَالَ البدوي قُولُوا لهَذَا الْمِنْبَر يخلص غنكم من السبَاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 كتاب النشوة الخمرية فِي حلي مملكة المرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا موسطة الأندلس وَهُوَ كتاب النشوة الخمرية فِي حلي مملكة المرية هِيَ بَين مملكتي مالقة ومرسية وينقسم كتابها إِلَى كتاب المجانة فِي حلي مَدِينَة بجانة كتاب النفحة العطرية فِي حلي حَضْرَة المرية كتاب الجمانة فِي حلي حصن مرشانة كتاب نقش الحنش فِي حلي حصن شنش كتاب لحظ الجؤذر فِي حلي حصن دوجر كتاب الْبَهْجَة فِي حلي مَدِينَة برجة كتاب إِيضَاح الغبش فِي حلي مَدِينَة أندرش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب المجانة فِي حلي حَضْرَة بجانة المنصة هِيَ محدثة بنيت فِي دولة بني أُميَّة وَهِي كَانَت كرْسِي المملكة إِلَى أَن ضعفت وعظمت المرية فَصَارَت تَابِعَة وَبَينهَا وَبَين المرية سِتَّة أَمْيَال التَّاج ذكر ابْن حَيَّان أَن بانبها وَصَاحب المملكة ابْن أسود بامر مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن المرواني سُلْطَان الأندلس وَبَنُو أسود إِلَى الْآن أَعْيَان المرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 475 - أَبُو مُحَمَّد بن قلبيل البجاني من المسهب أَظُنهُ من شعراء الْمِائَة الرَّابِعَة لَهُ ... ضَحِكَ الرَّبِيعُ بِرَوْضِهِ وَغَدِيرِهِ ... وَافْتَرَّ عَنْ نُورٍ أَنِيقٍ يَزْهَرُ وَكَأَنَّهُ زُهْرُ النُّجُومِ إذَا بَدَتْ ... وَكَأَنَّهَا فِي التُّرْبِ وَشْيٌ أَخْضَرُ وَكَأَنَّ عَرْفَ نَسِيمِهَا عِنْد الصِّبَا ... عرف العَبِيرِ يَفُوحُ مِنْهُ العَنْبَرُ ... 476 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَسْعُود الغساني البجاني أجْرى ذكره صَاحب الذَّخِيرَة وَإِن كَانَ قبل عصره وَقَالَ أَنه كَانَ كثير الغوص على دَقِيق الْمعَانِي وَنسب عِنْد الْمَنْصُور بن أبي عَامر إِلَى الزندقة فسجنه فِي المطبق مَعَ الشريف الطليق وَكَانَ الطليق غُلَاما وسيما وَكَانَ ابْن مَسْعُود كلغا بِهِ وَفِيه يَقُول ... غَدَوْتُ فِي الحَبْسِ خِدْناً لِابْنِ يَعْقُوب وَكنت أَحْسَبُ هَذَا فِي التَّكَاذِيبِ ... الحديث: 475 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 .. رَامَتْ عُدَاتِي تَعْذِيبي وَمَا شَعَرَتْ أَنَّ الذِي فَعَلُوهُ ضِدَّ تَعْذِيبِي لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ سِجْنِي لَا أَبَا لَهُمْ قَدْ كَانَ غَايَةَ مَأْمُولِي وَمَرْغُوبِي ... وَانْطَلق سنة تسع وَسبعين وثلاثمائة وَمَات بعد مديدة 447 - الشاعرة الغسانية البجانية ذكر الحجاري أَنَّهَا كَانَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَمن شعرهَا قَوْلهَا ... أتجزع أَن قَالُوا سترحل أظعان ... وَكَيف تُطِيقُ الصَّبْرَ وَيْحَكَ إِذْ بَانُوا فَمَا بَعْدُ إِلَّا الْمَوْت عِنْد رحيلهم ... وَإِلَّا فَصَبْرٌ مِثْلَ صَبْرٍ وَأَحْزَانُ عَهِدْتُهُمُ العَيْشُ فِي ظلّ وصلهم ... انيق وَروض الْوَصْل أَخْضَر فينان فياليت شعري وَالْفرق يكون هَل ... يكونُونَ مِنْ بَعْدِ الفِرَاقِ كَمَا كَانُوا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي تشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب النفحة العطرية فِي حلي حَضْرَة المرية المنصة من كتاب الرَّازِيّ سورها على ضفة الْبَحْر وَبهَا دَار الصِّنَاعَة وَهِي بَاب الشرق ومفتاح الرزق وَمن المسهب وَأما المرية فلهَا على غَيرهَا من نظرائها أظهر مزية بنهرها الفضي وبحرها الزبرجدي وساحلها التبري وحصاها المجزع ومنظرها المرصع وأسوارها الْعَالِيَة الراسخة وفعلتها المنيعة الرفيعة الشامخة وَبنى فِيهَا خيران العامري قلعته الْعَظِيمَة المنسوبة إِلَيْهِ وَمِمَّا تفضل بِهِ اعْتِدَال الْهَوَاء وَحسن مزاج أَهلهَا وَطيب أَخْلَاقهم ولطف أذهانهم قَالَ ابْن فرج حدث فِيهَا من صَنْعَة الوشي والديباج على اخْتِلَاف أَنْوَاعه وَمن صَنْعَة الْخَزّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وَجَمِيع مَا يعْمل من الْحَرِير مَا لم يبصر مثله فِي الْمشرق وَلَا فِي بِلَاد النَّصَارَى وَأعظم مبانيها الصمادحية الَّتِي بناها المعتصم بن صمادح وَمن متفرجاتها منى عَبدُوس وَمنى غَسَّان والنجاد وبركة الصفر وَعين النطية ونهرها من أحسن الْأَنْهَار التَّاج أول من شهر بهَا وَعرف مَكَانَهُ من الْمُلُوك 478 - خيران مولى الْمَنْصُور بن أبي عَامر ذكر الحجاري أَنه كَانَ من خيرة الموَالِي العامرية وَمِمَّنْ تخرج فِي تِلْكَ الْفِتْنَة وَهُوَ الَّذِي وَجه بعلي بن حمود الْعلوِي إِلَى سبتة وَقَامَ بدعوته وَوصل مَعَه إِلَى أَن حصلت لَهُ قرطبة فاستشعر مِنْهُ خيران الْغدر بِهِ ففر وَقَامَ بدعوة المرتضى المرواني ثمَّ وضع على المرتضى من قَتله وَتُوفِّي خيران سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَصَارَت المرية وجيان لصَاحبه 479 - زُهَيْر العامري فحالف حبوس بن ماكس صَاحب غرناطة ودام ملكه إِلَى ان مَاتَ حبوس وَولي وَلَده باديس فاستصغره زُهَيْر ونهض لأخذ غرناطة من يَده الحديث: 478 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 وَكَانَت الدائرة وَقتل فِي المعركة وَصَارَت المرية للمنصور بن أبي عَامر الْأَصْغَر فاستناب فِيهَا صهره ووزيره 480 - معن بن أبي يحيى بن صمادح التجِيبِي فَلَمَّا اشْتغل الْمَنْصُور بِالْحَرْبِ مَعَ مُجَاهِد العامري صَاحب دانية غدره معن وثار فِي المرية وورثها وَلَده وَهُوَ 481 - المعتصم أَبُو يحيى مُحَمَّد بن معن وفاتن المعتصم عبد الْملك بن الْمَنْصُور صَاحب بلنسية قَالَ ابْن بسام وَلم يكن من فحول الْمُلُوك بل أخلد إِلَى الدعة وَاكْتفى بالضيق عَن السعَة وَاقْتصر على قصر يبنيه وعلق يقتنيه وميدان من اللَّذَّة يجرى عَلَيْهِ ويبرز فِيهِ غير أَنه كَانَ رحب الفناء جزل الْعَطاء حَلِيمًا عَن الدِّمَاء والدهماء طافت بِهِ الآمال واتسع فِي مدحه الْمقَال وأعملت إِلَى حَضرته الرّحال وَآل أمره مَعَ أَمِير الْمُسلمين إِلَى أَن حصره جَيْشه وَهُوَ يُنَازع الحديث: 480 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 حشاشة نَفسه فَمَاتَ على فرَاشه وفر أَوْلَاده بمالهم فِي الْبَحْر إِلَى سُلْطَان بجاية وَملك الملثمون الْبَلَد وَقَالَ وَهُوَ يُنَازع الْمَوْت وَقد سمع اخْتِلَاط الْأَصْوَات فِي حِصَار بَلَده لَا إِلَه إِلَّا الله نغص علينا كل شئ حَتَّى الْمَوْت فَدَمَعَتْ عين حظية لَهُ قَالَت فَلَا أنس طرفا إِلَيّ رَفعه وإنشاده بِصَوْت لَا أكاد أسمعهُ ... تَرَفَّقْ بِدَمْعِكَ لَا تَفْنِهِ ... فَبَيْنَ يَدَيْكَ بُكَاءٌ طَوِيلْ ... قَالَ الحجاري وَكَانَت مُدَّة المملكة الصمادحية نَحْو خمسين سنة ونيف ملك المعتصم مِنْهَا إِحْدَى وَأَرْبَعين وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة وَقَالَ فِي وَصفه ملك تملكه الْإِحْسَان وأطلعه الْفضل غرَّة فِي وَجه الزَّمَان فَكَأَن أَبَا تَمام عناه بقوله ... تَحْمِلُ أَشْبَاحَنَا إِلَى مَلِكٍ ... نَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ ... فهتفت باسمه المداح وَمن الْمجد لَهُ عطف ارتياح وَمن شعره قَوْله ... انْظُرْ إِلَى الأَعْلامِ خَفَّاقَةً ... قَدْ عَبَثَتْ فِيهَا أَكُفُّ الشَّمَالْ كَأَنَّهَا وَهِيَ لَنَا زِينَةٌ ... أَفْئِدَةُ الأَعْدَاءِ يَوْمَ القِتَالْ 5 وَقَوله عِنْد مَوته ... تَمَتَّعْتُ بِالنَّعْمَاءِ حَتَّى مللتها ... وَقد أَضْجَرَتْ عَيْنَيَّ مِمَّا سَئِمْتُهَا فَيَا عَجَبَاً لَمَّا قَضَيْتُ قَضَاءَهَا ... وَمُلِّيتُهَا عُمْرِي تَصَرَّمَ وَقْتُهَا ... قَالَ وَأما تورعه وعدله فَلهُ فيهمَا حكايات وَكَانَ يرتاح للشعر كثيرا وَقَالَ فِي وَصفه الْفَتْح ملك أَقَامَ سوق المعارف على سَاقهَا وأبدع فِي انتظامها واتساقها وأوضح رسمها وَأنْبت فِي جبين أَوَانه وسمها وَلم تخل أَيَّامه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 مناظرة وَلَا عمرت إِلَّا بمذاكرة ومحاضرة قَالَ وَمن بديع أَفعاله أَن النحلي دخل المرية وَعَلِيهِ أسمال لاتقتضيها الْآدَاب وَلَا يرتضيها إِلَّا الانتحاب والانتداب وَالنَّاس قد لبسوا الْبيَاض وتصرفوا من خضرتهم فِي مثل قطع الرياض والنحلي ظمآن يسعره جواره حِين لَا يستره إِلَّا سوَاده فَكتب إِلَيْهِ ... أَيَا مَنْ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ ثَانٍ ... وَمَنْ وَرِثَ العُلَى بَابَاً فَبَابَا أَيَجْمُلُ أَنْ تَكُونَ سَوَادَ عَيْنِي ... وَأُبْصِرَ دُونَ مَا أَبْغِي حِجَابَا وَيَمْشِي النَّاسُ كُلُّهُمْ حَمَامَاً ... وَأَمْشِي بَيْنَهُمْ وَحْدِي غُرَابَا ... فأدر لَهُ حباه وَوَصله وحباه وَبعث إِلَيْهِ من الْبيَاض مَا لبسه وجلل مَجْلِسه وَكتب مَعَ ذَلِك ... وَردت ولليل البيهيم مَطَارِفٌ ... عَلَيْكَ وَعِنْدِي لِلْصَبَاحِ بُرُودُ وَأَنْتَ لَدَيْنَا مَا بَقِيتَ مُقَرَّبٌ ... وَعَيْشُكَ سَلْسَالُ الجَمَامِ بُرُودُ ... وارتجل فِي مَاء تسلسل فس قصره ... انْظُرْ إِلَى حُسْنِ هَذَا المَاءِ فِي صببه ... كَأَنَّهُ أَرْقَمٌ قَدْ جَدَّ فِي هَرَبِهْ ... وَكتب إِلَى ابْن عمار وَقد بلغه عَنهُ مَا أوجب ذَلِك من سوء الاغتياب ... وَزَهَّدَنِي فِي النَّاسِ معرفتي بهم ... وَطول اخْتِيَارِي صَاحِبَاً بَعْدَ صَاحِبِ فَلَمْ تُرَنِي الأَيَامُ خِلاًّ تَسُرُّنِي ... مَبَادِيهِ إِلاَّ سَاءَنِي فِي العَوَاقِبِ وَلَا قلت أرجوه لدفع ملمه ... من الدَّهْرِ إِلاَّ كَانَ إِحْدَى المَصَائِبِ ... وَأطَال الْإِقَامَة عِنْده مرّة ابْن عمار فَكتب إِلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 .. يَا واصحا فَضَح السَّحَاب ... الجون فِي معنى السماح ومطابقا ياتي وُجُوه ... الجِدِّ مِنْ طُرُقِ المِزَاحِ أَسْرَفْتَ فِي بِرِّ الضياف ... فَجُدْ قَلِيلاً بِالسَّرَاحِ ... فَرَاجعه المعتصم ... يَا فَاضِلاً فِي شُكْرِهِ ... أَصِلُ المَسَاءِ مَعَ الصَّبَاحِ هَلاَّ رَفَقْتَ بِمُهْجَتِي ... عِنْدَ التَّكَلُّمِ فِي السَّرَاحِ إِنَّ السَّمَاحَ بِبُعْدِكُمُ ... وَاللهِ لَيْسَ مِنَ السَّمَاحِ ... فصل وتوالت على المرية وُلَاة الملثمنين إِلَى أَن أَخذهَا يُوسُف بن مخلوف من أَصْحَاب عبد الْمُؤمن فاستصعب أهل المرية سيرته فثاروا عَلَيْهِ وَقَامَ بأمرهم أحد أعيانهم 482 - أَبُو يحيى بن الرميمي وَمِنْه أَخذهَا النَّصَارَى ثمَّ استنقذها مِنْهُم عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن وتوالى وُلَاة بني عبد الْمُؤمن إِلَى أَن ثار بهَا الحديث: 482 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 483 - مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يحيى بن الرميمي وخطب لِابْنِ هود وَصَارَ وزيره ثمَّ غدر بِابْن هود فَقتله فِي بَلَده واستبدل بالمرية ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى تونس وَهِي الْآن لِابْنِ الْأَحْمَر صَاحب غرناطة السلك ذَوُو الْبيُوت بَيت بني صمادح 484 - رفيع الدولة أَبُو يحيى بن المعتصم بن صمادح قَالَ ابْن الإِمَام فِي وَصفه ذُو الْخلق الْكَرِيم والشرف الباذخ الصميم راضع لبان الرياسة ومرتشف مياه تِلْكَ الْجَلالَة والنفاسة وَقَالَ الحجاري فِيهِ فرعٌ زاكٍ من تِلْكَ الشَّجَرَة الْكَرِيمَة وعارض جودٍ من صوب تِلْكَ الديمة طَابَ بَين نَوَائِب الدَّهْر طيب الْمسك بَين الْحجر والفهر وَأقَام فِي ظلال أَمِير الْمُسلمين مدرعاً من حمايته بدرع حُصَيْن إِلَّا أَنه لم يُفَارِقهُ تذكر مَا قضى فِي تِلْكَ الممالك مرتاحاً إِلَى مَا الحديث: 483 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 قَضَاهُ الشَّبَاب هُنَالك وَكَانَ ينادم أَبَا يحيى ابْن مطروح واستدعاه يَوْمًا بقوله ... يَا أَخِي بَلْ سَيِّدِي بَلْ سَنَدِي ... فِي مُهِمَّاتِ الزَّمَانِ الأَنْكَدِ لُحْ بِأُفْقٍ غَابَ عَنْهُ بَدْرُهُ ... فِي اخْتِفَاءٍ مِنْ عُيُونِ الحُسَّدِ وَتَعَجَّلْ فَحَبِيبِي حَاضِرٌ ... وَفَمِي سَاق وكأسي فِي يَدي ... وَمِمَّا أنْشدهُ لَهُ صَاحب السمط قَوْله ... لَئِنْ مَنَعُوا عَنِّي زِيَارَة طيفهم ... وَلم أُلْفِ فِي تِلْكَ الطُّلُولِ مَقِيلاَ فَمَا مَنَعُوا رِيحَ الصَّبَا سَوْقَ عَرْفِهِمْ ... وَقَدْ بَكَرَتْ تَنْدَى عَلَيَّ بَلِيلاَ وَلا مَنَعُونِي أَنْ أَعُلَّ بِذِكْرِهِمْ ... فُؤَادَاً بِمَا يَجْنِي الصُدُودُ عَلِيلاَ ... وَقَوله ... أَخَذْتُ أَبَا عَمْرو وَإِن كَانَ جانبا ... على ذنويا لَا تُعَدَّدُ بِالعَتَبِ فَمَا كَانَ ذَاكَ الوِدُّ إِلَّا كبارق ... أَضَاء لِعَيْنِي ثُمَّ أَظْلَمَ فِي قَلْبِي ... 485 - أَخُوهُ أَبُو جَعْفَر أَحْمد من المسهب جرى فِي طلق أَبِيه وإخوانه فَأحْسن فِي النظام إحساناً أوجب أَن يُنَبه عَلَيْهِ فَمن ذَلِك قَوْله ... أَتَى بِالبَدْرِ مِنْ فَوْقِ القَضِيبِ ... فَطَارَتْ نَحْوَهُ طَيْرُ القُلُوبِ ... الحديث: 485 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 .. وَأَشْرَقَ مَا بِأُفْقِي مِنْ ظَلامٍ ... لِنُورٍ مِنْهُ فِي أفق الْجُيُوب وَولى بعده تَأْنِيسٍ وَبِرٍّ ... كَمِثْلِ الشَّمْسِ وَلَّتْ لِلْمَغِيبِ ... 486 - أخوهما الواثق عز الدولة أَبُو مُحَمَّد عبد الله من المسهب قمر عاجله المحاق قبل التَّمام فنثر من يَدَيْهِ مَا كَانَ عقده أَبوهُ من ذَلِك النظام وَقد كَانَ خصّه بِولَايَة عَهده ورشحه للْملك من بعده وَآل أمره إِلَى أَن حل ببجاية فِي دولة بني حَمَّاد مستوحشاص وَقَالَ ... لَك الْحَمد بعد الْملك أصبح خاملا ... بِأَرْض اغْتِرَابٍ لَا أُمِرُّ وَلا أُحْلِي وَقَدْ أَصْدَأَتْ فِيهَا الهوادة منصلى ... كَمَا نَسِيَتْ رَكْضَ الجِّيَادِ بِهَا رِجْلِي وَلا مَسْمَعِي يصغي لنغمه شَارِع ... وكفي لَا تَمْتَدُّ يَوْمَاً إِلَى بَذْلِ طَرِيْدَاً شَرِيْدَاً لَا أومل رَجْعَة ... إِلَى مَوْطِنٍ بُوعِدْتُ عَنْهُ وَلا أَهْلِ وَقَدْ كُنْتُ متبوعا فأمسيت تَابعا ... لَدَى مَعْشَرٍ لَيْسُوا بِجِنْسِي وَلا شَكْلِي يَخُوضُونَ فِيمَا لَا أرى فِيهِ خائضا ... وقبلهم قَدْ أَقْصَدَتْ مَقْتَلَ النُّبْلِ وَقَوْلِي مَسْمُوعٌ وَفِعْلِي مُحْكَمٌ ... وَهَا أَنَا لَا قَوْلِي يَجُوزُ وَلا فعلي وَقد كنت غرا بِالزَّمَانِ وَصَرفه ... فقد بَانَ قَدْرُ العِزِّ عِنْدِي وَالذُّلِّ عَزَاءً فَكَمْ لَيْث يصاد بغيله ... وَيُصْبِح مِنْ بَعْدِ النَّشَاطِ لَفِي حَبْلِ ... الحديث: 486 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 قَالَ وَمَا أَظن أحدا قَالَ فِي عظم الْهم مثل قَوْله ... إِنْ يَسْلَمِ النَّاسُ مِنْ هم وَمن كمد ... فانني قَدْ جَمَعْتُ الهَمَّ وَالكَمَدَا لَمْ أُبْقِ مِنْهُ لغيري مَا يحاذره ... فَلَيْسَ يَقْصِدُ دُونِي فِي الوَرَى أَحَدَا ... وَمن شعره قَوْله ... أَهْوَى قَضِيبَ لُجَيْنٍ ... قَدْ أُطْلِعَ البَدْرُ فِيهِ إِنْ كَانَ مَوْتِي بِلَحْظٍ ... مِنْهُ فَعَيْشٌ يَلِيهِ يَا رب كَمْ أَتَمَنَّى ... لُقْيَاهُ كَمْ أَشْتَهِيهِ وَلا أَرَى مِنْهُ شَيْئا ... سوى جفَاء وتيه ... د ... طُوبَى لِدَارٍ حَوَتْهُ ... وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ بَلْ أَلْفُ طُوبَى لِعَبْدٍ ... فِي مَوْضِعٍ يَلْتَقِيهِ ... وَقَالَ فِيهِ ابْن اللبانة كَانَ الواثق كَأَن الله لم يخلفه إِلَّا للْملك والرياسة وإحياء الْفَضَائِل وَنظرت إِلَى همته تنم من تَحت خموله كَمَا ينم فرند السَّيْف وَكَرمه من تَحت صدئه 487 - أختهم أم الْكَرم بنت المعتصم من المسهب كَانَ المعتصم قد اعتنى بتأديبها لما رَآهُ من ذكائها حَتَّى نظمت الشّعْر والموشحات وعشقت الْفَتى الْمَشْهُور بالسمار وَقَالَت فِيهِ ... يَا مَعْشَرَ النَّاسِ أَلا فَاعْجَبُوا ... مِمَّا جَنَتْهُ لَوْعَةُ الحُبِّ لَوْلاهُ لَمْ يَنْزِلْ بِبَدْرِ الدُّجَى ... مِنْ أُفْقِهِ العُلْوِيِّ للترب ... الحديث: 487 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 .. حَسْبِي بِمَنْ أَهْوَاهُ لَوْ أنَّهُ ... فَارَقَنِي تَابَعَهُ قلبِي ... وَقَوْلها وَقَوْلها ... أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ سَبِيلٌ لِخَلْوَةٍ ... يُنَزَّهُ عَنْهَا سَمْعُ كُلِّ مُرَاقِبِ وَيَا عَجَبَاً أشتاق خلْوَة من غَدا ... ومثواه مَا بَيْنَ الحَشَا وَالتَّرَائِبِ ... وَبلغ المعتصم خَبره فخفي أمره من ذَلِك الْحِين وَمن سَائِر الْبيُوت 488 - أَبُو بَحر يُوسُف بن عبد الصَّمد أثنى عَلَيْهِ صَاحب السمط والمسهب وَكَانَ فِي زمَان مُلُوك الطوائف ورثا الْمُعْتَمد بن عباد بِمَا تقدم إنشاده فِي تَرْجَمته وَذكر ابْن بسام أَنه من ولد السَّمْح بن مَالك بن خولان أحد سلاطين الأندلس قَالَ وَنَشَأ أَبُو الْبَحْر كاسمه فِي نثره ونظمه وَمن جيد شعره قَوْله ... عَزْمٌ تَضِيقُ بِجَيْشِهِ البَيْدَاءُ ... وَمُنَىً أَقَلُّ مَرَامِهَا الجَوْزَاءُ وَصَرَامَةٌ لَوْ أنَّهَا لِي لأْمَةٌ ... لَمْ تَمْضِ فِيهَا الصَّعْدَةُ السَّمْرَاءُ فِي عِفَةٍ لَوْ أَصْبَحَتْ مَقْسُوْمَةً ... فِي النَّاسِ لَمْ تَتَلَفَّعِ الحَسْنَاءُ فَلْتَلْحَظِ الغُزْلانُ وَلْتَتَمَايَلِ ال ... أَفْنَانُ وَلْتَتَرَنَّحِ الأَنْقَاءُ ... الحديث: 488 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 وَمِنْهَا ... دَارَتْ كُؤُوسُ الطَّلِّ وَانْتَشَتِ الرُّبَى ... وَمَشَى القَضِيبُ وَحَنَّتِ الوَرْقَاءُ وَالقُضْبُ تَخْضَعُ لِلْغَدِيرِ كَأَنَّهُ ... يحي وَقَدْ خَضَعَتْ لَهُ الأُمَرَاءُ ... وَقَوله فِي الْمُعْتَمد بن عباد ... خَضَعَتْ لِعِزَّتِكَ المُلُوكُ الصِّيَدُ ... وَعَنَتْ لَكَ الأَبْطَالُ وَهِيَ أُسُودُ فَاطْعُنْ وَلَوْ أَنَّ الثُّرَيَّا ثَغْرَةٌ ... وَاضْرُبْ وَلَوْ أَنَّ السِّمَاكَ وَرِيدُ وَافْتَحْ وَلَوْ أَنَّ السَّمَاءَ مَعَاقِلٌ ... وَاهْزِمْ وَلَوْ أَن النُّجُوم جنود ... 489 - أَبُو مَرْوَان بن عبد الْملك بن سميدع لحق الدولتين وتميز عِنْد الْفرْقَتَيْنِ وَكَانَ لَهُ أدب يحاضر بِهِ وَمن شعره قَوْله ... أَلا فَاعْذُرُونِي فِي انْقِطَاعِي عَنْكُم ... وَلَا تَعْذِلُونِي فِي الصُّدُودِ إِلَى الحَشْرِ صَحِبْتُكُمُ قَبْلَ اختبار فعندما ... خبرتكم عَجَّلْتُ بِالبُعْدِ وَالهَجْرِ جَفَوْتُكُمُ لَمَّا رَأَيْتُ جَنَابَكُمْ ... يُمَزَّقُ فِيهِ لَحْمُ كُلِّ امْرِئٍ حُرِّ ... وَقَوله ... هلموا إِلَى رَاح يطوف بهَا بدر ... على مِثْلِ مَرْآَهُ تَطِيْبُ لَنَا الخَمْرُ هُوَ الرَّوْضُ حَقاً فَالأَرَاكَةُ قَدُّهُ ... وَوَجْنَتُهُ وَرْدٌ وَمَبْسَمُهُ زَهْرُ ... الحديث: 489 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 490 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن جبرون كَانَ فِي دولة بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن صقْلَابٍ صَاحب أَعمال المرية صداقة ثمَّ تَغَيَّرت وَمن شعره قَوْله ... عَزَمْتُ على أَمر سَيظْهر عِنْد مَا ... يشيب من أحداثه الْمَرْء يافعا أَنِّي من الْقَوْم الَّذين عزيمهم ... يرد سَوَادَ اللَّيْلِ أَبْيَضَ نَاصِعَا ... وَمن كتاب الوزراء 491 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عَبَّاس من الذَّخِيرَة كَانَ قد بذ النَّاس فِي وقته فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء المَال وَالْبخل وَالْعجب وَالْكِتَابَة وعنوان نثره لم أعقر نَاقَة رضاكم فأسخط وَلَا أكلت من شَجَرَة عقوقكم فأشحط وَإِنَّمَا أَعطيتكُم صَفْقَة الصاغية لأكرم وانحرفت كي لَا أهان ونمت على مهاد الْفِتْنَة بكم لِئَلَّا أتهم فاليوم يُقَال حعلنا قنطرةً وَكتب إِلَى صديقه كتبا مسترةً وَكَانَ ابْن الحديث: 490 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 أبي مُوسَى مواتاً نفخنا فِيهِ الرّوح وعيالاً علينا فاستأثرهم بِهِ وجعلتموه مَرْكَز دولتكم فِي اللَّفْظ وَعين سعايتكم فِي الْقَصْد فضربتم فِي آمال السُّؤَال بمعان طوال ألصقتم بِي عارها وطوقتموني شنارها وَحصل ابْن عَبَّاس فِي يَد باديس بن حبوس ملك غرناطة فِي وقْعَة زُهَيْر ملك المرية وَكَانَ كَاتبه فَقتله باديس بِيَدِهِ وَقيل إِن كتبه بلغت أَرْبَعمِائَة ألف مُجَلد وَأثر لَهُ الحجاري قَوْله ... لِي نَفْسٌ لَا تَرْتَضِي الدَّهْرَ عَبْدَا ... وَجَمِيعَ الأَنَامِ طُرَّاً عَبِيدَا لَوْ تَرَقَّتْ فَوْقَ السِّمَاكَيْنَ يَوْماً ... لَمْ تَزَلْ تَبْتَغِي هُنَاكَ صُعُودَا أَنَا مَنْ تَعْلَمُونَ شَيَّدْتُ مَجْدِي ... وَمَكَانِي مَا بَيْنَ قَوْمِي وَلِيدَا ... وَكَانَ يتهم بِسوء الْخلْوَة وَمن كتاب الْعمَّال 492 - أَبُو بكر يزِيد بن صقْلَابٍ صَاحب أَعمال المرية أَخْبرنِي وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ فَرَآهُ عالي الهمة وَاسع الْأَدَب ممتع الحَدِيث وأنشده قَوْله ... وَطِفْلَةِ الأَطْرَافِ خُمْصَانَةٍ ... فِي قَامَةِ السَّيْفِ وَشَكْلِ الغُلامْ مَكْحُولَةِ العَيْنَيْنِ حُورِيَّةٍ ... مِنَ اللَّوَاتِي قُصِرَتْ فِي الخِيَامْ ... الحديث: 492 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 .. تَكَادُ أَنْ تُعْقَدَ مِنْ لِينِهَا ... وَفَتْرَةِ العِطْفِ وَهَزِّ القَوَامْ يَحْلِفُ مَنْ أَبْصَرَهَا أَنَّهَا ... قُدَّتْ لَهَا مِنْ خَيْزَرَانٍ عِظَامْ قَدْ جَمَعَ اللهُ بِهَا فِتْنَةً ... حَلاوَةَ اللَّفْظِ وَسِحْرَ الكَلامْ وَاللَّيْلَ وَالصُّبْحَ وَدِعْصَ النَّقَا ... وَالغُصْنَ وَالظَّبْيَ وَبَدْرَ التَّمَامْ تَفْتَرُّ عَنْ ذِي أُشُرٍ بَارِدٍ ... أَشْهَى مِنَ الخَمْرِ بِمَاءِ الغَمَامْ فَضَلَّ مَنْ لامَ عَلَى حُبِّهَا ... وَضَلَّ مَنْ يَسْمَعُ فِيهَا المَلامْ نَعِمْتُ فِيهَا لَيْلَتِي كُلَّها ... بِأَرْشَقِ الخَلْقِ وَأَحلي الأَنَامْ ... وَمن الْحُكَّام 493 - قَاضِي المرية أَبُو الْحسن مُخْتَار بن عبد الرَّحْمَن ابْن سهر الرعيني من المسهب قَاضِي المرية وعالمها ورئيسها فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة وحاكمها قدمه عَلَيْهَا زُهَيْر العامري وَمن شعره قَوْله لبني حمود مُلُوك قرطبة ... أَلا فَأْذَنُوا لِي بِالسَّرَاحِ فَإنَّهَا ... نِهَايَةُ مَطْلُوبِي وَفِيهِ عَذَابُ فَإِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِي أفق موطني ... فراخا هَوَاهُمْ لَيْسَ عَنْهُ مَنَابُ ... وَقَوله وَقد دخل حَماما فَجَلَسَ شخص من جهال الْعَامَّة إِلَى جَانِبه وأساء عَلَيْهِ الْأَدَب الحديث: 493 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 .. أَلا لعن الْحمام دَارا فَإِنَّهُ ... سَوَاء بِهِ ذُو الْجَهْل وَالْعلم فِي الْقدر تضع بِهِ الْآدَاب حَتَّى كَأَنَّهَا ... مصابيح لَمْ تَنْفُقْ عَلَى طَلْعَةِ الفَجْرِ ... وَمن الْعلمَاء 494 - أَبُو الْحسن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن الطراوة النَّحْوِيّ من المسهب نحوي المرية الَّذِي لم يكن بهَا فِي هَذِه الصِّنَاعَة مثله وَله الذّكر السائر فِي الْآفَاق وَله أمداحٌ فِي المعتصم بن صمادح وَفِي عَليّ بن يُوسُف ابْن تاشفين وَأحسن شعره وَقد حضر مَعَ ندماء وَفِيهِمْ غُلَام جميل فَلَمَّا دارت الكأس وَجَاءَت نوبَة الْغُلَام هرها فَأَخذهَا عَنهُ ... يَشْرَبُهَا الشَّيْخُ وَأَمْثَالُهُ ... وَكُلُّ مَنْ تُحْمَدُ أَفْعَالُهُ وَالبَكْرُ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةً ... تُلْقَى عَلَى البَازِلِ أَثْقَالُهُ ... وَدخل عَلَيْهِ غُلَام بكأس فِي يَده فَقَالَ ... أَلا بِأَبِي وَغَيْرِ أَبِي غَزَالٌ ... أَتَى وَبِرَاحِهِ لِلْشُرْبِ رَاحُ فَقَالَ مُنَادِمِي فِي الحِينِ صِفْهُ ... فَقُلْتُ الشَّمْسُ جَاءَ بِهَا الصَّبَاحُ ... الحديث: 494 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وَقَوله وَقد شرب للقمر ... شَرِبْنَا كَمِصْبَاحِ المَسَاءِ مُدَامَةً ... بِشَاطِئِ غَدِيرٍ وَالأَزَاهِرُ تَنْفَحُ وَظَلَّ جَهُولٌ يرقب الصُّبْح ضله ... وَمن اكوسى لَمْ يَبْرَحِ الصُّبْحُ يُصْبِحُ ... وَمن الشُّعَرَاء 495 - أَبُو حَفْص بن الشَّهِيد من المسهب شَاعِر المرية فِي زَمَانه وَكَانَ مُقْتَصرا على ملك بَلَده المعتصم بن صمادح وَمن الذَّخِيرَة كَانَ فَارس النّظم والنثر وأعجوبة الْقرَان وَالْعصر وشاهدته فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة بالمرية وَمن نظمه قَوْله فِي المعتصم ... وسبط اليَدَيْنِ كَأَنَّ كُلَّ غَمَامَةٍ ... قَدْ رُكِّبَتْ فِي رَاحَتَيْهِ أَنَامِلا لَا عَيْشَ إِلاَّ حَيْثُ كُنْتَ وَإِنَّمَا ... تَمْضِي لَيَالِي العُمْرِ بَعْدَكَ بَاطِلا تَفْدِيكَ أَنْفُسُنَا الَّتِي أَلْبَسْتَهَا ... حُلَلاً مِنَ النُّعْمَى وَكُنَّ عواطلا ... الحديث: 495 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 وَقَوله ... تكسد سوق الدّرّ فِيك قصائدي ... وتزرى بِعَرْفِ المِسْكِ غُرُّ رَسَائِلِي جَلَلْتَ فَجُلَّ القَوْلُ فِيك وَإِنَّمَا ... يعد لِقَدْرِ السَّيْفِ قَدْرُ الحَمَائِلِ ... وَمن الْكتاب 496 - أَبُو الحكم أَحْمد بن هرودس كَاتب عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة أَخْبرنِي وَالِده أَنه كَانَ بَينه وَبَين عَمه أبي جَعْفَر مراسلة وَأَن أَبَا الحكم كتب لَهُ ... يَا سَمِيِّيِ فِي عِلْمِ مَجْدِكَ مَا يَحْ ... تَاجُ فِيهِ هَذَا النَّهَارُ المَطِيرُ نَدَفَ الثَّلْجُ مِنْهُ قَطَنَاً عَلَيْنَا ... فَغَدَوْنَا بِعَدْلِكُمْ نَسْتَجِيرُ وَالذِي أَبْتَغِيهِ فِي اللَّحْظِ مِنْهُ ... وَرِضَاهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَسِيرُ يَوْمَ قَرٍّ يَوَدُّ مَنْ حَلَّ فِيهِ ... لَوْ تَبَدَّى لِمُقْلَتَيْهِ سَعِيرُ ... وَمن شعره قَوْله ... لِيَ مِنْ وَجْهِكَ بَدْرٌ ... قَصَّرَتْ عَنْهُ البُدُورُ ... الحديث: 496 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 .. أَيُّ أُفْقٍ لُحْتَ فِيهِ ... جُنْحَ لَيْلٍ لَا يُنِيرُ لَيْسَ إِلاَّ بِكَ يَا مَوْ ... لايَ يُحْتَلُّ السُّرُورُ ... وَمن الْعلمَاء 497 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن العريف الصنهاجي عَالم جليل وزاهد مَشْهُور فِي مُدَّة الملثمين وَمن مَشْهُور شعره وَهُوَ فِي صلَة ابْن بشكوال قَوْله ... سلوا عَن الشوق من أَهْوى فَإِنَّهُم أدنى إلَى النَّفْسِ مِنْ وَهْمِي وَمِنْ نَفَسِي مَا زلت مذ سكنوا قلبِي أصون لَهُم لحظي وَسَمْعِي وَنُطْقِي إِذْ هُمُ أُنُسِي فَمَنْ رَسُولِي إِلَى قلبِي فيسألهم عَن مُشْكِلٍ مِنْ سُؤَالِ الصَبِّ مُلْتَبِسِ حَلُّوا الفُؤَادَ فَمَا يندى وَلَو وطئوا صخرا لَجَادَ بِمَاءٍ مِنْهُ مُنْبَجِسِ وَفِي الحَشَا نَزَلُوا وَالوهم يجرحهم فَكيف بَاتُوا عَلَى أَذْكَى مِنَ القَبَسِ ... الحديث: 497 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 .. لأنهضن من الدُّنْيَا يُحِبهُمْ لَا بَارَكَ اللهُ فِي مَنْ خَانَهُمْ فَنَسِي ... وَمن الشُّعَرَاء 498 - أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن سفر شَاعِر المرية فِي عصره الَّذِي يُغني مَا أنسده من شعره عَن الإطناب فِي التَّنْبِيه على قدره فَمن ذَلِك قَوْله ... لَوْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ زَوْرَقَ فِتْيَةٍ ... يُبْدِي بِهِمْ لُجُّ السُّرُورِ مِرَاحَهُ وَقَدْ اسْتَدَارُوا تَحْتَ ظِلِّ شِرَاعِهِ ... كُلٌّ يَمُدُّ بِكَأْسِ رَاحٍ رَاحَهُ لَحَسِبْتَهُ خَوْفَ العَوَاصِفِ طَائِرَاً ... مَدَّ الحَنَانُ عَلَى بَنِيهِ جَنَاحَهُ ... وَقَوله ... يَا من رأى النَّهر أستثار بِهِ الصِّبَا ... خيلا لإِرْهَابِ الغُصُونِ المُيَّدِ لَمَّا رَأَتْهَا سُدِّدَتْ تِلْقَاءَهُ ... قَرَنَتْ بِهِ خَيْلاً تَرُوحُ وَتَغْتَدِي وَغَدَتْ تُدَرِّعُهُ وَلَمْ تَبْخَلْ لَهَا ... شَمْسُ الضُّحَى بِمَسَامِرٍ مِنْ عَسْجَدِ ... وَقَوله ... وَقَهْوَةٍ شُعْشِعَتْ فَثَارَتْ ... فَأَكْثَرَ القَوْلَ مبصورها ... الحديث: 498 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 .. لَا تُنْكِرُوا غَيْظَهَا امْتِعَاضَاً ... حِيْنَ غَدَا بَعْلَهَا أَبُوهَا ... وَقَوله ... أَلا هَاتِهَا مِنْ يَدَيْ مَائِسٍ ... يُوَافِيكَ بِالأَمْرِ مِنْ فِصِّهِ يُغَنِّي وَيَسْقِي وَمَهْمَا انْثَنَى ... أَمَالَ القَضِيبَ عَلَى دِعْصِهِ إِذَا أَنَا لَا حظته رَاقِصَاً ... خَلَعْتُ الفُؤَادَ عَلَى رَقْصِهِ ... 499 - أَبُو الْحسن عَليّ بن المريني شَاعِر وشاح مَشْهُور بِبِلَاد الْمغرب صَحبه وَالِدي وَمَات فِي مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ كثير التجوال وَمن شعره قَوْله فِي أَحْمد بن كَمَال عَظِيم المرية ... رويدك حَتَّى تجتني الْورْد والزهرا ... بخد أَبَى أَنْ يَعْرِفَ الهَائِمُ الصَّبْرَا وَثَغْرٍ أَرَى ألحاظنا معجزاته ... فأبدى لَنَا المُرْجَانَ بِالعَذْبِ وَالدُّرَّا ... وَمِنْهَا ... سَأَلْتُ مُحَيَّا الصُّبْح من أَيْن نوره ... فَقَالَ سَلِ الشَّمْسَ المُنِيرَةَ وَالبَدْرَا فَأَجْمَعَ كُلٌّ أَنَّهُ نور أَحْمد ... وَلَوْلَا نَدَاهُ لَمْ نَرَ القَطْرَ وَالبَحْرَا كَرِيمٌ بِهِ أَحْيَا الْإِلَه بِلَادنَا ... وعمرها مِنْ بَعْدِ مَا أَصْبَحَتْ قَفْرَا ... وَمن شعره قَوْله ... رَأَيْنَاكَ مِثْلَ البَحْرِ يُوْرَدُ مَاؤُهُ ... مِرَارَاً فَلا يَفْنَى وَلا يَتَكَدَّرُ وَنَشْكُرُ مَا أَوْلَيْتَ من كل غَايَة ... وَمَا قَدْ تَرَكْنَا مِنْ أَيَادِيكَ أَكْثَرُ ... الحديث: 499 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 500 - أَحْمد بن الْحَاج الْمَعْرُوف بِمد غليس الزجال أزجاله مطبوعة إِلَى نِهَايَة وَكَانَ فِي دولة بني عبد الْمُؤمن وَمن شعره قَوْله ... مَا ضَرَّكُمْ لَوْ كَتَبْتُمْ ... حَرْفاً وَلَوْ بِاليَسَارِ إِذْ انتم نور عَيْني ... ومطلبي واخنياري ... 501 - أَبُو الْحسن عَليّ بن حزمون صَاعِقَة من صواعق الهجاء عاصر ابْن عنين وَكَانَ هَذَا فِي الْمغرب وَهَذَا فِي الْمشرق وَأكْثر قَوْله فِي طَريقَة التوشيح وَمن هجوه فِي طَريقَة الشّعْر قَوْله ... تَأَمَّلت فِي الْمرْآة وَجْهي فخلته ... كوجه عَجُوزٍ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى اللَّهْوِ إِذَا شِئْتَ أَن تهجو تَأمل خليقتي ... فَإِن بِهَا مَا قَدْ أَرَدْتَ مِنَ الهَجْوِ ... الحديث: 500 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 .. كَأَن على الأزرار مني عَورَة ... تنادي الورى عضوا وَلا تَنْظُرُوا نَحْوِي فَلَوْ كُنْتُ مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْض لم اكن ... من الرَائِقِ البَاهِي وَلا الطَّيِّبِ الحُلْوِ وَأَقْبَحُ مِنْ مرآي بَطْني فَإِنَّهُ ... يقرقر مِثْلَ الرَّعْدِ فِي مَهَمَّةِ جَوِّ وَإِلا كَقَلْبٍ بَين جَنْبي مُحَمَّد ... سليل بْنِ عِيسَى حِينَ فَرَّ وَلَمْ يَلْوِ تَمِيلُ بشدقيه إِلَى الأَرْض لحية ... تظن بِهَا مَاءً يُفَرَّغُ مِنْ دَلْوِ ثَقِيلٌ وَلَكِنَّ عقله مثل ريشه ... تصفقها الأَرْوَاحُ فِي مَهَمَّةِ دَوِّ ... الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ هرودس فِي عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ... يَالَيْلَةَ الوَصْلِ وَالسُّعُودِ بِاللهِ عُودِي كَمْ بِتُّ فِي لَيْلَةِ التَمَنِّي لَا أَعْرِفُ الهَجْرَ وَالتَجَنِّي أَلْثَمُ ثَغْرَ المُنَى وَأَجْنِي مِنْ فَوْقِ رُمَّانَتَيْ نُهُودِ زهر الخدود يَا لايمي إِطَّرِحْ مَلامِي فَلا بَرَاحٌ عَنِ الغَرَامِ إِلاَّ انعكافي على مدام بسمع صَوت وَنَفر عُودِ ... مِنْ كَفِّ خُودِ مَدْحُ الأَمِيرِ الأَجَلِّ أولى ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 .. السَّيِّدِ المَاجِدِ المُعَلَّى تَاجِ المُلُوكِ السَنِيِّ الأعْلَى أَفْضَلِ مَنْ سَارَ بِالجُنُودِ تَحْتَ البُنُودِ أَكْرِمْ بِعَلْيَاهُ مِنْ هُمَامِ إمَامُ هَدْيٍ وَابْنُ الإِمَامِ مُبَدِّدُ الرُومِ بِالحُسَامِ يَعْقِدُ فِي هَامَةِ الأَُسودِ بِيضَ الهُنُودِ للهِ يَوْمٌ أَغَرُّ زَاهِرْ قَدْ حل بالأندلوس آمِرْ قَالُوا وَقَدْ وَافَتِ البَشَائِرْ بِالمَلِكِ السَّيِّدِ السَّعِيدِ أَبِي سَعِيدِ ... وَلابْن حزمون فِي القَاضِي القسطلي ... تَخُونُكَ العَيْنَانْ ... يَا أيُّهَا القَاضِي فَتَظْلِمْ لَا تَعْرِفُ الأشْهَادْ ... وَلا الذِي يُسَطَّرْ وَيُرْسَمْ ... وَكَانَ أخفش وَمن أُخْرَى ... يَا نَاقِصاً فِي كَمَالْ نَقْصَ الحَرْبِ الزَائِدِ فِي الأشْبَاحْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 وَله قدرَة على مضايقة القوافي كَقَوْلِه فِي رثاء أبي الحملات قَائِد الأعنة ببلنسية وَقد قَتله النَّصَارَى ... يَا عَيْنُ بَكِّي السِّرَاجْ الأَزْهَرا ... النَّيِّرَا اللامِعْ وَكَانَ نِعْمَ الرِّتَاجْ فكُسِّرَا ... كَيْ تُنْثَرَا مَدامِعْ مِنْ آلِ سَعْدٍ أَغَرّْ ... مِثْلُ الشِّهَابِ المُتَّقِدْ بَكَى جَمِيعُ البَشَرْ ... عَلَيْهِ لَمَّا أَنْ فُقِدْ والمَشْرَفِيُّ الذَّكَرْ ... والسُمْهَرِيُّ المُطَّرِدْ شَقَّ الصُفُوفَ وكَرّْ ... عَلَى العَدُوِّ مُتَّئِدْ لَوْ أنَّهُ مُنْعاجْ عَلَى الوَرَى ... مِنَ الثَّرَى أَوْ رَاجِعْ عَادَتْ لَنَا الأَفْرَاحْ بِلا افْتِرَا ... وَلا امْتِرَا تُضَاِجعْ نَضَا لِبَاسُ الزَرَدْ ... وَخَاضَ مَوْجَ الفَيْلَقِ وَلَمْ يَرُعْهُ عَدَدْ 5 ذَاكَ الخَمِيسِ الأَزْرَقِ وَالحُورُ تَلْثُمُ خَدّْ ... أَدِيمِهِ المُمَزَّقِ وَكَانَ ذَاكَ الأَسَدْ ... فِي كُلِّ خَيْلِ يَلْتَقِي إِذَا رَأَى الأَعْلاجْ وَكبَّرَا ... ثُمَّ انْبَرَى يُماصِعْ رَأَيْتَهُمْ كَالدَّجَاجْ مُنَفَّرَا ... وَسْطَ العَرَا الوَاسِعْ جَالَتْ بِتِلْكَ الفُجُوجْ ... تَحْتَ العِجَاجِ الأكْدَرِ خُيُولُهُمْ فِي بُروجْ ... مِنَ الحَدِيدِ الْأَخْضَر ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 .. يَا قِفْلَ تِلْكَ الفُرُوجْ ... وَلَيْتَهُ لَمْ يُكْسَرِ جَعَلْتَ أرْضَ العُلُوجْ ... مَجْرَى الجِيادِ الضُمَّرِ سَلَكْتَ مِنْهَا فِجَاجْ ... فَلا تَرَى إلاَّ القُرَى بَلاقِعْ وَالخَيْلُ تَحْتَ العَجَاجْ لَهَا انْبَرَا ... ولِلْبُرَى قَعَاقِعْ عَهْدِي بِتِلْكَ الجِّهَاتْ ... أبَى الهَوَى أَنْ أحْصِيَهْ يَا حَادِيَ الرَّكْبِ هَاتْ ... حَدِّثْ لَنَا بِمُرْسِيَةْ أوْدَى أبُو الحَمَلاتْ ... يَا وَيْحَهَا بَلَنْسِيَةْ فِي طَاعَةِ اللهِ مَاتْ ... حَاشَا لَهُ أنْ يَعْصِيَهْ مَضَى بِنَفْسٍ تُهاجْ مُصَبِّرَا ... مُصْطّبِرَا وَطَائِعْ وَبَاعَهَا فِي الهَيَاجْ لَقَدْ دَرَى ... مَاذَا اشْتَرَى ذَا البَائِعْ مَاءُ المَدَامِعِ صَابْ ... عَلَيْكَ أَوْلى أنْ يَجُوْدْ سَقَى البَرِيَّةَ صَابْ ... رِزْءٌ أحَلَّكَ اللُّحُودْ فَكُلَّ خَلْقٍ أَصَابْ ... إلاَّ النَّصَارَى وَاليَهُودْ نَادَيْتُ قَلْباً مُصَابْ ... يَجْرِي عَلَى المَيْتِ العُهُودْ يَا قَلْبِيَ المُهْتَاجْ تَصَبَّرَا ... زَانَ الثَّرَى مَدَافِعْ ابْنُ أبي الحَجَّاجْ ... فَهَلْ تَرَى لَمَّا جَرَى مُدَافِعْ ... موشحة لِابْنِ المريني وتروى لليكي ... مَا لِبَنَاتِ الهَدِيلْ ... مِنْ فَوْقِ أغْصَانِ هَيَّجْنَ عِنْدَ الصَّبَاحْ ... شوقي وأحزاني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 .. بِهَاتِفَاتِ الغُصُونْ ... نَهْتِفُ أوْصَابِي بِكُلِّ سَاجِي الجُفُونْ ... هَوَاهُ يُغْرِى بِي فِي مُقْلَتَيْهِ مَنُوْنْ 5 لِلْهَائِمِ الصَّابِي غُصْنٌ وَلَكِنْ يَمِيلْ ... فِي دَعْصِ كُثْبَانِ مِنْ وَجْهِهِ لِلْصَبَاحْ وَالقَدُّ لِلْبَانِ هَيْهَاتَ أيْنَ الأمَلْ مِنْ غَادَةٍ رَوْدِ تَزْهُو بِوَرْدِ الخَجَلْ ... وَقَدِّ أمْلُودِ أَصْمَتْ بِسَهْمِ المُقَلْ ... فُؤَادَ مَعْمُودِ فَكَمْ لَهَا مِنْ قَتِيلْ ... بِسِحْرِ أجْفَانِ وَمُثْخَنٍ مِنْ جِرَاحْ ... رَهِينِ أحْزَانِ هَيْهَاتَ لَوْ أنَصَفُوا ... مِنْ طَرْفٍ مَكْحُولِ يَرْنُو بِهِ أوْطَفُ ... عَمْداً لِتَنْكِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ يُوسُفُ ... نَجْلُ البَهَالِيلِ يُجيرُ صَبّاً عَلِيلْ ... مِنْ جَوْرِ فَتَّانِ يَرْنُو بمرضى صِحَاح ... نثير أشْجَانِي يَا دَهْرُ عَنِّي فَقَدْ ... ظَفَرْتُ بالمَرْغُوبْ مِنْ مَاجِدٍ يُعْتَمَدْ ... عَلَيْهِ عِنْدَ الخُطُوبْ مَا حَاتِمٌ فِي الصَّفَدْ ... إلاَّ أبُو يَعْقُوبْ قَدْ صَحَّ مَا عَنْهُ قِيلْ ... هَذَا هُوَ الثَّانِي كَفَّاهُ عِنْدَ السَّمَاحْ ... والغَيْثَ سَيَّانِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 .. وَغَادَةٍ مَا بِهَا ... إلاَّ هَوَىً وادِّكَارْ تَهِيمُ مِنْ حُبِّهَا ... بِيُوسُفِ بْنِ خِيَارْ غَنَّتْ إِلَى صبها ... إِذْ رام الْإِزَار ارْفُقْ على قَلِيل ... بِحل هميساني وَاللهِ يَا مَوْلَى المِلاحْ ... مَا تَدْرِ مَا شَانِي ... زجل لمدغليس ... ثَلاثَ أشْيا فِالْبَساتِينْ ... لِسْ تُجَدْ فِي كُلِّ مَوْضِعْ النَّسيمْ وَالخَضْرَ وَالطَّيْرْ ... شِمْ وَاتْنَزَّهْ وإِسْمَعْ قُمْ تَرَى النَّسِيمْ يُوَلْوِلْ ... وَالطُّيورْ عَلِهْ تِغَرِّدْ وَالثِّمَارْ تُنْثُرْ جَوَاهِرْ ... فِي بِساطْ مِن الزُّمُرُّدْ وبِوَسْطِ المرجِ الأخْضَرْ ... سقْيِ كالسِّيفِ المُجَرَّدْ شبِّهتْ بالسيفِ لما ... شُفِتْ الغدِير مدرَّعْ ورَذاذاً دقِّ يِنْزِلْ ... وشُعاعِ الشمسِ يِضْرَبْ فتَرَىَ الواحِدْ يِفَضَّضْ ... وتَرَى الآخرْ يِذَهَّبْ والنَّباتْ يِشْرَبْ ويِسْكَرْ ... والغُصُونْ تُرْقُصْ وِتِطْرَبْ وتِرِيد تِجِي إِلِينَا ... ثُمَّ تِسْتِحِي وتِرْجَعْ وجوارْ بِحَلْ حُور العِين ... فِي رِيَاضْ تُشْبِهْ لِجَنَّا وعشيَّةً قَصِيرا ... تنظرَ الخُلْعَ تُجَنَّا لِشْ تريدْ نفَارْقُوها ... وهيَّ تحْمِلْ طَاقَا عَنَّا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 .. وكَأَنَّ الشَّمْسَ فِيهَا ... وَجْهِ عاشقْ إِذ يِوَدَّعْ إِسْتَمِعْ أُمْ الحُسُنْ كِفْ ... تِلْهِمَكْ إِلَى الخَلاعَا بنعم تِرُدِّ الأشْياخ ... للمجونِ وللرَّقَاعَا غَرَّدَتْ مِنْ غُدْوَ للِّيل ... ومَا كَرَّرِتْ صِنَاعا يسْمَعِ الخُليعْ غِنَاهَا ... ويحس قلب يخلغ ... زجل غَيره لَهُ ... قَدْ بِنْتْ نَتِخْلَعْ ونَحْزِمْ للعَذُولِ أنْ صَدَعْ نِحِبّْ هَذَا الشَرَابْ مِنْ ذَاتِي وَقَدْ نِسِيتْ بِهِ جَمِيعْ لَذَّاتِي لَسْ نَسْتَحِي مِنْكِ يَا شِيباتِي كَاسْ يالله نِرْضَعْ ... وابْيَضْ أوْ اسْوَدْ أوْ اهْبُطْ لِي طْلَعْ يِجِي عَلَى كَاسِ لِسْ نَغْلَقْ عَيْنْ وَنِشْرَبُ صَافِي اثْنِينْ فِي اثْنِينْ لأَنَّ نِخْشَى يِجِي صَحْبِ الدِّينْ ويُقُولْ لِي إِقْلَعْ ... وَأنَا مِنَ الدُّنْيَا عَدْ لَمْ نِشْبَعْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وَله شعر ملحون على طَريقَة الْعَامَّة مِنْهُ ... صَحْبِةِ العُنْقِ المَلِيحِ المُخَلْخَلْ حُبِّي فِكْ ثَابِتْ ودِينِي مُخَلْخَلْ وَعَلامَ بِعْتْ دِينِي بِحُبَّكْ لَوْ عَطِيتْ مَرْغُوبِي فِكْ لَسْ تِسْأَلْ ... فَلَقَدْ عِنْدَكْ حَلاوَى لِي مِنَوَّعْ ... وجَمَالاً طَوْعْ إلامَ يَخْذَلْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب الجمانة فِي حلي حصن مرشانة بَينه وَبَين المرية ثَمَانِيَة عشر ميلًا مِنْهُ 502 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن حكم كَاتب باديس بن حبوس ملك غرناطة من المسهب كَانَ ناظماً ناثراً حسن المحادثة لائقاً بِخِدْمَة الْمُلُوك وترقى إِلَى أَن اسْتَكْتَبَهُ واستوزره باديس بن حبوس وَمن شعره قَوْله ... صَابِحْ محياه تلق النجح فِي الأمل وَانْظُر بِنَادِيهِ حُسْنَ الشَّمْسِ وَالحَمَلِ مَا إِنْ يُلاقِي خَلِيل فِيهِ من خلل وَكلما حَالَ صَرْفُ الدَّهْرِ لَمْ يَحُلِ ... الحديث: 502 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وَقَوله ... أَيْن ايامي على تلل ... كَ الرِّيَاضِ الزَّاهِرَاتِ وَوُرُودِي ذَلِكَ الثَّغْ ... رَ بِرَفْضِ التُرَّهَاتِ وَسَمَاعِي كُلَّ قَوْلٍ ... غَيْرَ قَوْلِ العَاذِلاتِ فَلَقَدْ ضَاعَفَ رَبِّي ... فِي ذَرَاهَا سَيِّئَاتِي يَا تُرَى يَوْمَ حِسَابِي ... كَيْفَ ألْقَى حَسَنَاتِي لَيْسَ بِي وَالله إلاَّ ... مَسْكَنٌ لِلْحَسَرَاتِ ... 503 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن خَالص من تَقْيِيد سلفي أَن بني خَالص أَعْيَان برشانة هَذِه وَأَن أَبَا مُحَمَّد نجب مِنْهُم فِي طَريقَة الْأَدَب وَهُوَ من الْفُضَلَاء الَّذين لَحِقُوا الدولتين وَمن شعره قَوْله ... شَكَوْتُ بِمَا ألْقَاهُ مِنْ ألم الْهوى فَقَالُوا ضَعِيفُ حُبٍّ مَنْ يَظْهِرُ الشَّكْوَى فَأَخْفَيْتُ مَا قاسيت من لاعج الْهوى فَقَالُوا يَدُلُّ الصَّمْتُ أنَّ بِهِ بَلْوَى نَعَمْ صَدَقُوا لكنني لست شاكيا إِلَى غَيْرِ مَنْ يَحْوِي السَّرِيرَةَ والنَّجْوَى ... الحديث: 503 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة المرية وَهُوَ كتاب نقش الحنش فِي حلي حصن شنش على مرحلة من المرية وَفِيه شجر التوت كثير بِسَبَب الْحَرِير وَلَهُم فِيهِ غللٌ عَظِيمَة مِنْهُ 504 - الْكَاتِب أَبُو مُحَمَّد عبد الْغَنِيّ بن طَاهِر كَاتب عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة أَخْبرنِي وَالِدي أَنه لم يزل مَعَ الْملك الْمَذْكُور فِي عز ونعمة إِلَى إِلَى أَن وَقع لَهُ على رِسَالَة بعثها إِلَى أَخِيه أبي حَفْص بن عبد الْمُؤمن ملك إشبيلية فغار من ذَلِك وسمه فَمَاتَ وَمن الرسَالَة وَكَانَ سَيِّدُنَا أَسْعَدَ اللهُ بِبَقَائِهِ الكيان وحلى بدولته جيد الزَّمَان قد أطمعني بِطُلُوع فجره فِي رُؤْيَة شمسه وشوقي إلَى غَدِهِ وَيَوْمِهِ بِمَا أَلاحَ الحديث: 504 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 لي مِنْ كَرَامَةِ أَمْسِهِ وَكَنْتُ قَدْ أَخَذْتُ إلَى مَقَامِهِ العَالِي فِي الانْتِقَال فَأَشَارَ إشَارَةَ مُنْشِطْ وَأَسْعَفَ إِسْعَافَ مُغْتَبِطْ فَبَقِيتُ مُتَوَقَعَاً لِلَفْظِهِ مُتَأمِّلاً إلَى وُرُودِ الالْتِفَاتِ ولَوْ بِلَحْظِهِ ... فَلَوْ زارني من نَحْو أفقك بارق ... لهز جَنَاحِي طَائِراً نَحْوَكَ الوِدُّ ... ومَا عَلَى غَيْرِ يَدِكَ الكَرِيمَةِ يَكُونُ مِنْ هَذَا المَكَانُ سِرَاحِي وَلَا أَرْجُو من غير التفاتك أنَ يَرَاشَ جَنَاحِي فَاجْعَلْنِي بِبَالٍ مِنْ اعْتِنَائِكَ فَإنِّي لَمْ أُوَجِّهْ وَجْهِي إلَى غَيْرِ رَجَائِكَ وَمن شعره قَوْله ... تَبَسَّمَ شَيْبِي فِي عَذَارِي منكبا ... فَقلت لَهُ ياليت طَرْفِي قَدْ عَمِي فَقَالَ عَجِيبٌ بُغْضُ مَنْ لَاحَ طالعا ... كصبح وَلَمْ يُظْهِرْ خِلافَ التَّبَسُّمِ وَلَمْ يَدْرِ أنَّ اللَّيْل وَالْوَيْل طيه ... وَهل هُوَ إِلاَّ مِثْلُ رَقْمٍ بِأَرْقَمِ تَرَانِي أَهْوَاهُ وَقَدْ صَارَ مَنْ بِهِ ... أَهِيمُ إذَا مَا مَرَّ بِي لَمْ يُسَلِّمِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة المرية وَهُوَ كتاب لحظ الجؤذر فِي حلي حصن دوجر أَخْبرنِي وَالِدي أَنه على وَادي المرية بَينهمَا اثْنَا عشر ميلًا وَهِي فِي الغرب مِنْهَا وَمِنْه 505 - عبد الله بن فرة أَخْبرنِي وَالِدي أَنه شَاعِر أَظُنهُ فِي المئة السَّادِسَة ينْسب لَهُ قَوْله ... إِنْ شِئْتَ تَعْرِفُ أَحْوَال الْأَنَام فَخذ ... عَن عَالِمٍ بِهُمُ بَحَّاثِ أَسْرَارِ النَّاسُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا كَمَا نشرُوا ... يَوْم القِيَامَةِ مِعْيَارَاً بِمِعْيَارِ شَخْصٌ مِنَ الأَلْفِ فِي عَدْنٍ مَحِلَّتُهُ ... وَسَائِرُ النَّاسِ فِي بَحْبُوحَةِ النَّارِ ... الحديث: 505 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب الْبَهْجَة فِي حلي مَدِينَة برجة الْبسَاط كَانَ وَالِدي متولعاً بالفرجة فِيهَا لما خصها الله بِهِ من حسن المنظر أَخْبرنِي أَن الجنات محدقة بهَا وَهِي على نهر بهيج يعرف بوادي عذراء وفيهَا الْفَوَاكِه الجليلة وَبهَا مَعْدن الرصاص الْعِصَابَة تَارَة يتَكَرَّر عَلَيْهَا الْوُلَاة من المرية وَتارَة من غرناطة وَلَكِن الْأَغْلَب ولَايَة المرية فَلذَلِك أثبتناها فِي مملكتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 السلك القواد 506 - الْقَائِد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن سوار أَخْبرنِي وَالِدي أَنه من بَيت رياسة وإمارة وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد مَعَ سلوك طَرِيق آبَائِهِ فِي الجندية مزاحماً لأهل الْفضل وَمن شعره قَوْله ... أَتَانِي كِتَابٌ مِنْكَ رَقَّ وَرَاقَنِي ... وَكَانَ كَعَرْفٍ قَدْ تُنُشِّقَ عَنْ زَهْرِ كَأَنَّ مَعَانِيهِ وَأَلْفَاظَ نَثْرِهِ ... كُؤُوسٌ وَقَدْ نَمَّتْ بِصَافِيَةِ الخَمْرِ ... وَقَوله ... لَقَدْ طَالَ عَتْبِي لِلْزَمَانِ لأَنَّهُ ... يُقَصِّرُ عَمَّا يَقْتَضِيهِ نِصَابِي وَإِنِّي لأَخْشَى أَنْ يُكَلِّفَنِي النَّوَى ... فَتَتْعَبَ فِي نَيْلِ العَلاَءِ ركابي ... وَمن الْكتاب 507 - أَبُو يكر بن عمار كَاتب المتَوَكل بن هود سُلْطَان الأندلس اجْتمعت بِهِ فِي غرناطة وَكَانَ لَهُ حَظّ من الْأَدَب واشتهر قَوْله ... قُلْ لِمَنْ يَشْهَدُ حَرْبَاً ... تَحْتَ رَايَاتِ ابْنِ هُوُدِ ثُمَّ لَا يُقْدِمُ فِيهَا ... مِثْلَ إِقْدَامِ الأُسُودِ حُرِمَ الْحَظ من الدُّنْيَا ... وَمِنْ دَارِ الخُلُودِ ... الحديث: 506 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 وَمن الْعلمَاء 508 - أَبُو الْفضل جَعْفَر بن أبي عبد الله بن شرف وَالِده أَبُو عبد الله أديب القيروان ذكر الحجاري أَنه ولد لَهُ فِي برجة وَقد قيل إِنَّه دخل بِهِ الأندلس صَغِيرا وَمن الذَّخِيرَة ذُو مرّة لَا تنَاقض وعارضة لَا تعَارض وَذكر أَنه حيٌ فِي عصره بالمرية واشتهر بمدح المعتصم بن صمادح الْغَرَض مِمَّا أنْشدهُ من نظمه قَوْله من قصيدة فِيهِ ... مَطَلَ اللَّيْلُ بِوَعْدِ الفَلَقِ ... وَتَشَكَّى النَّجْمُ طُولَ الأَرَقِ وَأَلاحَ الفَجْرُ خَدَاً خَجِلاً ... جَالَ مِنْ رَشْحِ النَّدَى فِي عَرَقِ جَاوَزَ اللَّيْلَ إِلَى أَنْجُمِهِ ... فَتَسَاقَطْنَ سُقُوطَ الوَرَقِ وَاسْتَفَاضَ الصُّبْحُ فِيهَا فَيْضَةً ... أَيْقَنَ النَّجْمُ لَهَا بِالغَرَقِ ... وَقَوله ... رَأَى الحُسْنُ مَا فِي خَدّه من بَدَائِع ... فأعجبه مَا ضَمَّ مِنْهُ وَطَرَّفَا ... الحديث: 508 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 .. وَقَالَ لقد ألفيت فِيهِ نوادرا ... فَقلت لَهُ لَا بَلْ غَرِيبَاً مُصَنَّفَا ... وَقَوله ... أَلا فاسقنيها والصباح كَأَنَّهُ ... على الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ ثَوْبُ مُمَزَّقُ ... وَمن القلائد النَّاظِم الناثر الْكثير الْمَعَالِي والمآثر إِن نثر رَأَيْت بحراً يزخر وَإِن نظم قلد الأجياد درا تباهي بِهِ وتفخر وَوَصفه بِمَعْرِِفَة علم الْأَوَائِل وَله تصانيف وَمن حكمه الْعَالم مَعَ الْعلم كالناظر للبحر يستعظم مَا يرى وَالْغَائِب عَنهُ أَكثر الْفَاضِل فِي الزَّمَان السوء كالمصباح فِي البراح قد كَانَ يضئ لَوْلَا الرِّيَاح لتكن بِالْحَال المتزايدة أغبط مِنْك بِالْحَال المتناهية فالقمر آخر إبداره أول إدباره لتكن بقليلك أغبظ مِنْك بِكَثِير غَيْرك فَإِن الْحَيّ برجليه أقوى من الْمَيِّت على أَقْدَام الحملة وَهِي ثَمَان المتلبس بِمَال السُّلْطَان كالسفينة فِي الْبَحْر إِن أدخلت بعضه فِي جوفها أَدخل جَمِيعهَا فِي جَوْفه لَيْسَ المحروم من سَأَلَ فَلم يُعْط وَإِنَّمَا المحروم من أعطي فَلم يَأْخُذ وَأحسن مَا أثر لَهُ قَوْله ... تَقَلَّدَتْنِي اللَّيَالِي وَهِيَ مُدْبِرَةٌ ... كَأَنَّنِي صَارِمٌ فِي كَفِّ مُنْهَزِمِ ... وَمِنْهَا ... وَإِنَّ أَحْمَدَ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ عَظُمَتْ ... لَوَاحِدٌ مُفْرَدٌ فِي عَالَمٍ أُمَمِ تُهْدَى المُلُوكُ بِهِ من بعد مَا نكصت ... كَمَا تَرَاجَعَ فَلُّ الجَّيْشِ بِالعَلَمِ مِنَ المُلُوكِ الأُلَى اعتادت اوائلهم ... سحب البُرُودِ وَمَشْجَ المِسْكِ بِاللَّمَمِ زَادَتْ مُرُورُ اللَّيَالِي بَينهم شرفا ... كالسيف يَزْدَادُ إِرْهَافَاً عَلَى القِدَمِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 .. تسنموا نكبات الدَّهْر واختلطوا ... مَعَ الخُطُوبِ اخْتِلاَطَ البُرْءِ بِالسُّقَمِ ... وَأَطْنَبَ الحجاري فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وعظمه فِي الشّعْر بقوله فِي ابْن صمادح ... لَمْ يَبْقَ لِلْجُورِ فِي ايامكم اثر ... إِلَّا الَّذِي فِي عُيُونِ الغِيدِ مِنْ حَوَرِ ... وَهُوَ من شعراء الْمِائَة السَّادِسَة 509 - ابْنه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفضل أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ فيلسوفاً أديباً وَمن السمط ذُو السّلف والشرف والنخب والطرف وَذكر أَنه اعتبط شَابًّا وَأنْشد لَهُ ... مَلاَمَكُمَا ظُلْمٌ عَلَيَّ وَعُدْوَانُ ... فَكُفَّا وَلَوْ أَنَّ المَلاَمَةَ إِحْسَانُ تَقُولانِ مَنْ أَضْنَاكَ شوقا ولوعة ... اولئك أَحْبَابِي يَكُونُونَ مَنْ كَانُوا ... هُمُ زَهْرَةُ الدُّنْيَا على اتهمَ جفوا ... وهم مَوْضِعُ اللُّقْيَا وَلَوْ أَنَّهُمْ بَانُوا ... وَمِنْهَا ... حَوْلِي مِنَ الأَعْدَاءِ وَاشٍ وَكَاشِحٌ ... وَغَيْرَانُ مَرْهُوبُ اللِّقَاءَةِ شَيْحَانُ ... وَصَفْرَاءُ مِرْنَانُ لِفِرْقَةِ إِلْفِهَا ... وَأَبْيَضُ مَكْسُوٌّ وَأَسْمَرُ عُرْيَانُ ... الْأَهْدَاب موشحة لأبي عبد الله الْمَذْكُور ... يَا رَبَّةَ العِقْدِ ... مَتَى تَقَلَّدْ بِالأَنْجُمِ الزُّهْرِ ... ذَاكَ المُقَلَّدْ ... الحديث: 509 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 .. مَنْ أَطْلَعَ البَدْرَا ... عَلَى جَبِينِكَ وَأَوْدَعَ السِّحْرَا ... بَيْنَ جُفُونِكَ وَرَوَّعَ السُّمْرَا ... بِفَرْطِ لِينِكَ يَا لَكَ مِنْ قَدِّ ... مَهْمَا تَأَوَّدْ أَهْدَى إِلَى الزَّهْرِ ... خَداً مُوَّرَّدْ قُمْ فَاقْتَدِحِ زَنْدَا ... مِنَ العُقَارِ قَدْ قُلِّدَتْ عِقْدَا ... مِنَ الدَّرَارِي وَأُلْبِسَتْ بُرْدَا ... مِنَ النُّضَارِ وَاشْرَبْ عَلَى وَرْدِ ... عَلْيَا مُحَمَّدْ نَاهِيكَ مِنْ سِرِّ ... وَطِيبِ مَوْرِدْ النَّصْرُ يَلْتَاحُ ... عَلَى عُلاهُ الزَّهْرُ يَرْتَاحُ ... إِلَى نَدَاهُ مَا الصُّبْحُ وَضَّاحُ ... لَوْلا سُرَاهُ ... فَالْبِسْ مِنَ المَجْدِ ... بُرْدَاً مُعَضَّدْ وَانْظُمْ مِنَ الشِّعْرِ ... دُرَّا مُنَضَّدْ للهِ مَا أَعْلَى ... فِي كُلِّ حَالِ ملك قد اسْتَوْلَى ... عَلَى الكَمَالِ مَقَلَّدَاً نَصْلا ... مِنَ الجَّلالِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 .. يَهُزُّ لِلْمَجْدِ ... نَصْلاً مُهَنَّدْ يَهُبُّ بِالنَّصْرِ ... فِي كُلِّ مَشْهَدْ أَنْعَمُ مِنَ الحُسْنَا ... بِكُلِّ حُسْنِ فِي الشّرف الاسنى ... وَظِلِّ أَمْنِ يَا صِدْقَ مَنْ غَنَّى ... وَأَنْتَ تُغَنِّي مَا كَوْكَبُ المَجْدِ ... إِلاَّ مُحَمَّدْ فَرَايَةُ الأَمْرِ ... عَلَيْهِ تُعْقَدْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب إِيضَاح الغبش فِي حلي مَدِينَة أندرش من المسهب قِطْعَة من جنَّات النَّعيم ذَات ثغرٍ بسامٍ وخدٍ رقيم قَالَ ابْن سعيد جزت عَلَيْهَا مَعَ وَالِدي فأبصرنا منْظرًا فتانا وَقَالَ وَالِدي فِي نهرها ... خاني فِي نَهْرِ أَنْدَرَشِ ... كَيْ أُرَوِّي عِنْدَهُ عَطَشِي مُدَّ مِنْهُ مِعْصَمٌ نَضِرٌ ... فِي بَسِيطٍ بِالرِّيَاضِ وشى عِنْد مَا ابصرت بَهْجَتَهُ ... حِرْتُ مِنْ فِكْرٍ وَمِنْ دَهَشِ ... 510 - أَبُو بكر عِيسَى بن وَكيل من السمط ذُو الذِّهْن الصَّقِيل ومطارح الْوَرق فِي ندب الهديل الْمُتَصَرف كَيفَ شَاءَ فِيمَا شَاءَ من غرادٍ وعويل بكته الغرب ومحي رسوم الْعَرَب وَأنْشد لَهُ القصيدة القافية الْمَشْهُورَة الَّتِي قَالَهَا فِي ابْن عشرَة حِين خلصه الحديث: 510 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 من السجْن بسلا وَأدّى عَنهُ للسُّلْطَان مَا انْكَسَرَ عَلَيْهِ فِي الْعَمَل من المَال ... سَلِ البَّرْقَ إِذْ يَلْتَاحُ من جَانب البلقا ... اقرطي سُلَيْمَى أَمْ فُؤَادِي حَكَى خَفَقَا وَلِمْ أَسْبَلَتْ تِلْكَ الغمامة دمعها ... اربعت لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ ذَاقَتِ العِشْقَا وَلِلْرِّيحِ هَلْ جَاءَت بعرف احبتي ... والا فَلِمْ فَاحَ النَّسِيمُ وَلِمْ رَقَّا ... وَمِنْهَا ... وَلَمَّا دهاني حمل مَا لَا اطيقه ... من النُّوَبِ اسْتَمْسَكْتُ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى ... وَمن المسهب أحد اعلام الزَّمَان وافرد الأوان أدب نفس وأدب درسٍ غذاه در الْعُلُوم فبرع فِي المنثور والمنظوم وَهُوَ من صحبته فأحمدت صحبته ومدحته بقصيدة مِنْهَا ... إِلَى ابْنِ وَكِيلٍ وَكَلْتُ المُنَى ... ضَمَانٌ عَلَيْهِ بِأَنْ تَنْجَحَا ... وَقد تقدم لَهُ أَبْيَات حسان فِي طليطلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 كتاب الْأنس فِي حلي شَرق الأندلس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب جَزِيرَة الأندلس وَهُوَ كتاب الْأنس فِي حلي شَرق الأندلس يَنْقَسِم إِلَى كتاب التثمير فِي حلي مملكة تدمير كتاب الرَّوْضَة النرجسية فِي حلي المملكة البلنسية كتاب الفصوص المنقوشة فِي حلي مملكة طرطوشة كتاب شِفَاء الْغلَّة فِي حلي مملكة السهلة كتاب ابتسام الثغر فِي حلي جِهَات الثغر كتاب اللمْعَة البرقية فِي حلي المملكة الميورقية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 كتاب التثمير فِي حلي مملكة تدمير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يحتوي عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب التثمير فِي حلي مملكة تدمير يَنْقَسِم إِلَى كتاب النغمة المنسية فِي حلي حَضْرَة مرسية كتاب رونق الْجدّة فِي حلي قَرْيَة كتندة كتاب الِاسْتِعَانَة فِي حلي قَرْيَة منتانة كتاب الأيكة فِي حلي حصن يكة كتاب الكثب المنهالة فِي حلي حصن تنتالة كتاب الْمَوَدَّة الموصولة فِي حلي مَدِينَة مولة كتاب الليانة فِي حلي مَدِينَة بليانة كتاب الْأَرْش فِي حلي مَدِينَة ألش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 كتاب النحت فِي حلي مَدِينَة لقنت كتاب النشقة فِي حلي مَدِينَة لورقة كتاب الْبرد الْمُطَرز فِي حلي قَرْيَة برزز كتاب النِّعْمَة المبذولة فِي حلي مَدِينَة أريولة كتاب الْأَشْهر الْمُهْملَة فِي حلى مَدِينَة الحرله عدَّة هَذِه الْكتب ثَلَاثَة عشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الاول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب النغمة المنسية فِي حلي حَضْرَة مرسية هِيَ عروس لَهَا تَاج وسلك وأهداب المنصة من كتاب الرَّازِيّ هِيَ من بُنيان عبد الرَّحْمَن بن الحكم المرواني سُلْطَان الاندلس وَمن السهب مرسية أُخْت إشبيلية هَذِه بُسْتَان شَرق الأندلس وَهَذِه بُسْتَان غربها قد قسم الله بَينهمَا النَّهر الْأَعْظَم فَأعْطى هَذِه الذِّرَاع الشَّرْقِي وَأعْطى هَذِه الذِّرَاع الغربي ولمرسية مزية تيسير السقيا مِنْهُ وَلَيْسَت كَذَلِك إشبيلية لِأَن نهر مرسية يركب أرْضهَا وإشبيلية تركب نهرها ولمرسية فضل مَا يصنع فِيهَا من أَصْنَاف الْحلَل والديباج وَهِي حاضرةٌ عظيمةٌ شريفة الْمَكَان كَثِيرَة الْإِمْكَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 وَقَالَ الْحَضْرَمِيّ كَمَا يتجهز الْفَارِس من تلمسان كَذَلِك تتجهز الْعَرُوس من مرسية وَمن متفرجاتها الْمَشْهُورَة الرشاقة والزنقات وجبل أيل وَهُوَ جبل شعبذات وَتَحْته بساتين وبسيطٌ تسرح فِيهِ الْعُيُون التَّاج تَملكهَا بالثيارة فِي مُدَّة بانيها 511 - عبد الله بن سُلْطَان الأندلس عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام المرواني ذكر صَاحب السقط أَنه سمت نَفسه بعد أَبِيه لطلب الْأَمر فناقض أَخَاهُ هِشَام بن عبد الرَّحْمَن سُلْطَان الأندلس وشايع أَخَاهُ الْخَارِج عَلَيْهِ سُلَيْمَان ابْن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ حَرِيصًا محروماً مِمَّا طلبه حَارب أَخَاهُ هشاماً ثمَّ حَارب ابْن أَخِيه الحكم بن هِشَام ثمَّ حَارب عبد الرَّحْمَن بن الحكم وَفِي مُدَّة كل وَاحِد مِنْهُم يهْزم ويقصى وَبعد ذَلِك لَا يني عَن طلب الْأَمر وَآل أمره مَعَ عبد الرَّحْمَن إِلَى أَن خطب فِي جَامع مرسية ودعا على الظَّالِم بَينهمَا فعاجله الله بالمنية دون بلوع أُمْنِية وثار بهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف الحديث: 511 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 512 - المرتضي بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد المرواني الناصري وَبَايَعَهُ الموَالِي العامرية الَّذين تغلبُوا على الممالك وزحفوا بِهِ إِلَى غرناطة فَهَزَمَهُ عَلَيْهَا صنهاجة وَقتل فِي تِلْكَ الْوَقْعَة وَصَارَت مرسية إِلَى تَدْبِير 513 - أبي عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر وَهُوَ أحد أعيانها فِي القلائد وَمن كَلَام الْفَتْح فِي شَأْنه بِهِ بُدِئَ الْبَيَان وَختم وَعَلِيهِ ثَبت الْإِحْسَان وارتسم وَعنهُ افتر الزَّمَان وابتسم وَأورد لَهُ نثرا وَذكر أَخذ ابْن عمارٍ مرسية من يَده وانحيازه إِلَى بلنسية وَحُضُور وَفَاته بهَا سنة سبع وَخَمْسمِائة وَقد نَيف على التسعين الحديث: 512 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 عنوان من نثره من كتاب خَاطب بِهِ الْمَأْمُون بن ذِي النُّون صَاحب طليطلة الآنَ عَادَ الشَّبَابُ خَيْرَ مَعَادِهِ وَابْيَضَّ الرَّجَاءُ بَعْدَ سوَاده وَترك الزَّمَان فضل عناية فَلِلَّهِ الشُّكْرُ المُرَدَّدْ بِإِحْسَانِهِ وَوَافَانِي أَيَّدَكَ اللهُ كِتَابٌ كَرِيمٌ كَمَا طَرَزَ البَدْرُ النَّهَرَ أَوْ كَمَا بَلَّلَ الغَيْثُ الزَّهَرَ وَطَوَّقَنِي طَوْقُ الحَمَامَةِ وَأَلْبَسَنِي ظِلَّ الغَمَامَةِ وَأَثْبَتَ لِي فَوْقَ النَّجْمِ مَنْزِلَةً وَأَرَانِي الخُطُوبَ نَائِيَةً عَنِي وَمُعْتَزِلَةْ فَوَضَعْتُهُ عَلَى رَأْسِي إِجْلالاً وَلَثَمْتُ كُلَّ سُطُورِهِ احْتِفَاءً واحتفالا وَأَخذهَا مِنْهُ أَبُو بكر بن عمار وَزِير ابْن عباد وثار فِيهَا لنَفسِهِ وَقد ذكرت تَرْجَمته فِي جِهَة شلب وثار فِيهَا على ابْن عمار 514 - الْقَائِد عبد الرَّحْمَن بن رَشِيق وَلم يزل يدبر أَمر مرسية إِلَى أَن ثار عَلَيْهِ بمعقل لورقة صَاحبهَا 515 - أَبُو الْحسن بن اليسع فَملك مرسية باسم الْمُعْتَمد بن عباد وولاه ابْن عباد مملكتها وترجمته فِي القلائد وَمن ذكره فِيهَا عَامر أندية النشوة وطلاع ثنايا الصبوة الحديث: 514 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 كلف بالحميا كلف حارثه بن بدر وهام بفتى سماطٍ وفتاة خدر فَجعل للمجون موسماً وأثبته فِي جبين أَوَانه ميسما وَذكر أَن أهل مرسية عزموا على قَتله ففر عَنْهُم وَأنْشد لَهُ يُخَاطب أَبَا بكر بن اللبانة وَكَانَا على طَرِيقين فَلم يلتقيا ... تُشَرِّقُ آمَالِي وسعيس يغرب ... وتطلع أوجالي وأنسي يغرب سريت أَبَا بَكْرٍ إِلَيْكَ وَإنَّمَا ... أنَا الكَوْكَبُ السَّارِي تَخَطَّاهُ كَوْكَبُ فَبِاللهِ إلاَّ مَا مَنَحْتَ تَحِيَّةً ... تَكُرُّ بِهَا السَّبْعُ الدَّرَارِي وَتَذْهَبُ كَتَبْتُ عَلَى حَالَيْنِ بعد وعجمه 5 فيا لَيْت شعري كَيفَ يدنو فيغرب ... وَذكر أَنه وصل إِلَى الْمُعْتَمد بن عباد وَوصل الى زيارته أَبُو الْحُسَيْن ابْن سراج وابو بكر بن القبطورنة فَخرج وَهُوَ دهشٌ على غَفلَة وَلما انصرفا كتبا إِلَيْهِ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَال الَّتِي قدراها ... سَمِعْنَا خَشْفَةَ الخِشْفِ ... وَشِمْنَا طَرْفَةَ الطَّرْفِ وَصَدَّقْنَا وَلَمْ نَقْطَعْ ... وَكَذَّبْنَا وَلَمْ نَنْفِ وَأَغْضَيْنَا لإِجْلاَلِ ... كَ عَنْ أُكْرُومَةِ الظِرْفِ وَلَمْ تُنْصِفْ وَقَدْ جِئْنَا ... كَ مَا نَنْهَضُ مِنْ ضِعْفِ وَكَانَ الحَقُّ أَنْ تَحْمِ ... لَ أَوْ تُرْدِفَ فِي الردف ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 فراجعهما بِقِطْعَة مِنْهَا ... أَيَا أَسَفِي على حالٍ ... سُلِبْتُ بِهَا مِنَ الظَّرْفِ وَيَا لهفي على جَهْلِي ... بضَيْفٍ كانَ مِنْ صِنْفِ ... وَصَارَت مرسية بعد ذَلِك للملثمين وتوالت عَلَيْهَا ولاتهم إِلَى أَن ملكهَا فِي الْفِتْنَة الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم 516 - الْأَمِير الْمُجَاهِد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عِيَاض وَكَانَ من أبطال الْمُسلمين غازياً لِلنَّصَارَى وَآل أمره إِلَى أَن جَاءَ سهم من نَصْرَانِيّ قَتله رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَقد ثار بعده صهره 517 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعد الْمَشْهُور بِابْن مرذنيش وَقد عظمه صَاحب فرحة الْأَنْفس وَذكر أَنه أولى من ذكرت مفاخره من مُلُوك تِلْكَ الْفِتْنَة وَجل قدره حَتَّى ملك مَدِينَة جيان ومدينة غرناطة وَمَا بَينهمَا ومدينة بلنسية ومدينة طرطوشة وصادف دُخُول عَسَاكِر بني عبد الْمُؤمن إِلَى الأندلس فكابد مِنْهُم من العظائم والهزائم الحديث: 516 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 مَا ثَبت لَهُ وَظَهَرت فِيهِ صرامته إِلَّا أَنه اسْتَحَالَ حِين اشتدت الْأُمُور عَلَيْهِ فَصَارَ يعذب على الْأَمْوَال ويرتكب فِي شَأْن تَحْصِيلهَا القبائح ويسلخ الْوُجُوه وينفخ فِي الأدبار وَقتل حَتَّى أُخْته وَأَوْلَادهَا وَلم يزل فِي ملكه إِلَى أَن مَاتَ على فرَاشه وَبعده صَارَت مرسية ليوسف بن عبد الْمُؤمن وتوالت عَلَيْهَا وُلَاة بني عبد الْمُؤمن إِلَى أَن ثار بهَا مِنْهُم عبد الله بن الْمَنْصُور بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَصحت لَهُ الْخلَافَة إِلَى أَن ثار بجهاتها 518 - المتَوَكل مُحَمَّد بن يُوسُف بن هود الجذامي وَادّعى أَنه من بني هود الَّذين كَانُوا ماوكا بثغر سرقسطة وَآل أمره إِلَى أَن ملك مرسية ونهض إِلَيْهِ مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن وحصره بهَا فَانْصَرف عَنهُ فثارت بِلَاد الأندلس على الْمَأْمُون وانقادت لِابْنِ هود وَكَانَ ذَلِك فِي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وصدرت المخاطبات عَنهُ بأمير الْمُسلمين المتَوَكل على الله وَكَانَ عاميا جَاهِلا مشئوما على الأندلس كَأَنَّمَا كَانَ عُقُوبَة لأَهْلهَا فِيهِ زويت محاسنها وطوي بساطها ونثر سلكها جبرها الله تحرّك أول أمره إِلَى غربها فَهَزَمَهُ النَّصَارَى على الْمَدِينَة الْعُظْمَى ماردة الحديث: 518 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 ثمَّ أخذوها وسلسلوا فِي أَخذ مَا حولهَا وَمَا زَالُوا يَأْخُذُونَ المدن والمعاقل فِي حَيَاته ويهزمونه هزيمَة بعد أُخْرَى إِلَى أَن أراح الله مِنْهُ على يَد وزيرة مُحَمَّد ابْن الرميمي قَتله بِاللَّيْلِ غيلَة فِي مَدِينَة المرية وَقد نقب نقباً فِي قصره وثار أَعْيَان الأندلس بعده فِي الْبِلَاد وَلم ينقادوا لوَلَده الَّذِي لقبه بالواثق وَأخرجه عَمه من مرسية وَآل مرسية إِلَى أَن جعلت لعم المتَوَكل بن هود بفريضةٍ لِلنَّصَارَى وخدمةٍ وَمِمَّا اشْتهر من حكاياته المضحكة فِي الْجَهْل أَنه لما دخل مرسية وَبَايَعَهُ أَهلهَا على الْملك وَصلى الْجُمُعَة خلف الإِمَام سلم الإِمَام فَرد رَأسه إِلَيْهِ ابْن هود وَقَالَ بِصَوْت عَال وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فأضحك من حضر وَولى قرَابَته الأرذلين من بَين شعار وخباز وقيم حمام ومناد على ممالك الأندلس فَقضى ذَلِك بتشتيت شملها وَالله يُعِيد بهجتها وثار بهَا على بني هود 519 - عَزِيز بن خطاب وَكَانَ عَالما مَشْهُورا بالزهد والانقباض عَن الدُّنْيَا فَصَارَ ملكا جباراً سفاكاً للدماء حَتَّى كرهته الْقُلُوب وغضت عَن طلعته الْأَعْين وَارْتَفَعت الحديث: 519 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 فِي الدُّعَاء عَلَيْهِ الألسن فَقتله الله على يَد زيان بن مرذنيش ثمَّ أخرج أهل مرسية ابْن مرذنيش الْمَذْكُور وَصَارَت لبني هود وَالنَّصَارَى وَمن شعر عَزِيز بن خطاب الْمَذْكُور قَوْله ... اربأ بِنَفْسِك أَن تكون مُتَابعًا ... مَا الحُرُّ إِلاَّ مَنْ يَؤُمُّ فَيُتْبَعُ لاَ يَدْفَعَنَّ الذُلُّ عَنْكَ مُقَدَّرَاً ... مَا بِالخُضُوعِ تَنَالُ مَا يُتَوَقَّعُ ... السلك من الْكتاب 520 - أَبُو عَامر بن عقيد من المسهب من جِهَات مرسية ناظم ناثر غير خامل الْمَكَان وَلَا مُنكر الْإِحْسَان كتب عَن ملك شَرق الأندلس إِبْرَاهِيم بن يُوسُف ابْن تاشفين وَرفع عَنهُ إِلَيْهِ أَنه يفشي سره وَيَقَع فِيهِ فاعتقله فَكتب إِلَيْهِ شعرًا مِنْهُ قَوْله ... أَتَأْخُذُنِي بِذَنْبٍ ثُمَّ تَنْسَى ... مِنَ الحَسَنَاتِ أَلْفَاً ثُمَّ أَلْفَا وَتَتْرُكُنِي لأَسْيَافِ الأَعَادِي ... وَلَيْسَ يَهُزُّ قَوْلِي مِنْكَ عِطْفَا كَأَنَّكَ مَا ثَنَيْتَ إِلَيَّ لَحْظَاً ... كَأَنَّكَ مَا مَدَدْتَ إِلَىَّ كَفَّا ... الحديث: 520 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 .. جَعَلْتَ أَبِي عَلَى رِجْلِي وَمَا إِنْ ... لَهُ ذَنْبٌ يُهَانُ بِهِ وَيُجْفَى ... فأعجبه مَا داعب بِهِ فِي الْبَيْت الْأَخير وَأَعَادَهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمن كتاب فرحة الْأَنْفس أَنه كتب عَن ابْن تاشفين الْمَذْكُور فِي عبور أَخِيه أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف إِلَى الأندلس كَانَ جَوَازه أيده الله من مرسى جَزِيرَة طريف على بَحر سَاكن قد ذل بعد استصعابه وَسَهل بعد أَن أرى الشامخ من هضابه وَصَارَ حيه مَيتا وهدره صمتا وأمواجه لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً وَضعف تعاطيه وَعقد السّلم بَين موجه وشاطيه فعبره آمنا من لهواته متملكاً لصهواته على جواد يقطع الْخرق سبحاً ويكاد يسْبق الْبَرْق لمحاً لم يحمل لجاماً وَلَا سرجاً وَلَا عهد غير اللجة الخضراء مرجاً عنانه فِي رجله وهدب الْعين تحلي بعض شكله 521 - أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن الْجذع كَاتب ابْن مرذنيش وَقع بَينه وَبَين أَخِيه مَا أوجب أَن كتب لَهُ ... يَا أَخِي مَا الذِي يُفِيدُ الإِخَاءُ ... وَطَرِيْقُ الوِدَادِ مِنَّا خَلاَءُ وَلَقَدْ كُنْتَ لِي كَمَا أَنَا عَضْدَاً ... فَأَحَالَتْ صَفَاءَكَ القُرْنَاءُ فَسَلامٌ عَلَيْكَ مِنِّي يَأْسَاً ... لِي إِبَاءٌ كَمَا لديك إباء ... الحديث: 521 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 522 - أَخُوهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الله جاوبه عَن الابيات بقوله ... يااخي لَا يَضِعْ لَدَيْكَ الإِخَاءُ ... وَتَثَبَّتْ فَلَيْسَ عَنْكَ غَنَاءُ وَكَمَا كُنْتَ لَسْتُ أَبْرَحُ عَضْدَاً ... لَمْ يُحِلْنِي عَنِ الهَوَى القُرْنَاءُ فَعَلَيْكَ السَّلاَمُ مِنِّي وُدَّاً ... لِي انْقِيَادٌ كَمَا لَدَيْكَ إِبَاءُ ... 523 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد السّلمِيّ كتب عَن ابْن مرذنيش وَعَن ابْن همشك وَكَانَ فِيهِ لطفٌ وخفة روح يرقيانه إِلَى منادمة الْمُلُوك فنادمه ابْن مرذنيش وَهُوَ الْقَائِل فِي مَجْلِسه ... أَدِرْ كُؤُوسَ المُدَامِ وَالدَّزِّ ... فَقَدْ ظَفِرْنَا بِدَوْلَةِ العِزِّ وَمَكِّنِ الكَفَّ مِنْ قَفَا حَسَنٍ ... فَإِنَّهُ فِي لِيَانَةِ الخَزِّ الدَّزُّ بَزُّ القَفَا وَخِلْعَتُهُ ... فَاخْلَعْ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ البّزِّ ... 524 - أَبُو عَليّ بن حسان كَاتب ابْن مرذنيش وَمن شعره قَوْله ... أَيَا قوم دلوني فقد حرت فِي امري ... وتهت بِلَيْلٍ لاَ يَؤُولُ إِلَى فَجْرِ أَرَى خِدْمَةَ السُّلْطَان كدا ملازما ... وحربا لِحُسَّادٍ يَجِيشُ بِهَا صَدْرِي وَفِي تَرْكِهَا فَقْرٌ وَطول مذلة ... ابى اللهُ أَنْ يَصْفُو جَنَابٌ مِنَ الدَّهْرِ ... الحديث: 522 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 525 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن حَامِد كَاتب الْعَادِل من بني عبد الْمُؤمن وصل مَعَه الى إشبيلية لما فتحهَا فَقَالَ قصيره مِنْهَا ... هَذِهِ حِمْصٌ فَقَدْ تَمَّ الأَمَلْ ... سَارَتِ الشَّمْسُ فَحَلَّتْ بِالحَمَلْ كُنْتَ كَالسَّيْفِ ثَوَى فِي خِلَلٍ ... ثُمَّ لَمَّا هَمَّ لَمْ يَبْقَ خَلَلْ ... الْعمَّال 526 - أَبُو رجال بن غلبون ولي أَعمال مرسية فِي مُدَّة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَأنْشد لَهُ صَاحب زَاد الْمُسَافِر من قصيدة ... بُشْرَى بِهَا تَتَهَادَى الضُمَّرُ القُوُدُ ... وَخَيْرُهَا بِنَوَاصِي الخَيْلِ مَعْقُودُ وَأَيَّةً سَلَكَتْ مِنْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ ... طَلْعٌ نَضِيدٌ بِهَا أَوْ جَنَّةٌ رُودُ ... الحديث: 525 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 ذَوُو الْبيُوت 527 - أَبُو الْعَلَاء بن صُهَيْب من القلائد نبيل المشارع جميل المنازع كريم الْعَهْد ذُو خلائق كالشهد مَعَ فَخر متأصل وَفهم إِلَى كل غامض متوصل وَذكر الْفساد الَّذِي وَقع بَينه وَبَين أبي أُميَّة قَاضِي مرسية وأهاجيه فِيهِ وَأثر لَهُ قَوْله ... ذَكَرْتُ وَقَدْ نم الرياض بعرفه ... فأبدى جُمَانَ الطَّلِّ فِي الزَّهَرِ النَّضِرِ حَدِيثاً وَمَرْأَى للسعيد يروقني ... كَمَا رَاقَ حُسْنُ الشَّمْسِ فِي صَفْحَةِ الزَّهْرِ سَرَيْتَ وثوب اللَّيْل اسود حالك ... فشق بِذَاكَ السَّيْرِ عَنْ غُرَّةِ البَدْرِ ... 1 ... فَلا أُفْقَ إِلاَّ مِنْ جَبِينِكَ نُورُهُ ... وَلا قَطْرَ إِلاَّ فِي أَنَامِلِكَ العَشْرِ وَعِنْدِي حَدِيثٌ مِنْ عُلاَكَ علقته ... يسير كَمَا سَارَ النَّسِيمُ عَنِ الزَّهْرِ ... 528 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن أم الْحور كَانَ منادماً لأبي جَعْفَر الوقشي وَزِير ابْن همشك وعيناً من أَعْيَان مرسية وَمن شعره قَوْله ... وَزِنْجِيٍّ أَتَى بِقَضِيب نُورٍ ... وَقَدْ حَفَّتْ بِنَا بِنْتُ الكُرُومِ فَقَالَ فَتَىً مِنَ الفِتْيَانِ صِفْهُ ... فَقُلْتُ اللَّيْلُ اقبل بالنجوم ... الحديث: 527 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 الْحُكَّام 529 - قَاضِي مرسية أَبُو أُميَّة إِبْرَاهِيم بن عِصَام من القلائد هضبة عَلَاء لَا تفرعها الأوهام وَجُمْلَة ذكاء لَا تشرحها الأفهام هزم الْكَتَائِب بمضائه ونظم الرياسة فِي سلك قَضَائِهِ إِذا عقد حباه أطرق الدَّهْر توقيراً وَخلته من تهيبه عقيراً كتب إِلَيْهِ ابْن الْحَاج ... مَا زلت أضْرب فِي علاك بمقولى ... دأبا وَأُوْرِدُ فِي رِضَاكَ وَأُصْدِرُ وَاليَوْمَ أَعْذُرُ مَنْ يُطِيلُ مَلامَةً ... وَأَقُولُ زِدْ شَكْوَى فَأَنْتَ مُقَصِّرُ ... فَرَاجعه أَبُو أُميَّة ... الفَخْرُ يَأْبَى وَالسِّيَادَةُ تَحْجُرُ ... أَنْ يَسْتَبِيحَ حِمَى الوَقَارِ مُزَوِّرُ وَعَلَيْكَ أَنْ تُرْضِي بِسَمْعِ مِلامَةٍ ... عَيْنَ السَّنَاءِ وَعَهْدُهُ لَا يُخْفَرُ وَلَدَيَّ إِنْ نَفَثَ الصَّدِيقُ لِرَاحَةِ ... صَبْرُ الوَفَاءِ وَشِيمَةٌ لَا تَغْدِرُ ... الحديث: 529 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 530 - ابْنه أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق قَاضِي لورقة أثنى عَلَيْهِ الحجاري وَذكر أَنه ارتجل بمحضره فِي غُلَام راعٍ لغنم ... وَا بِأَبِي أَغْيَدَ فِي قَفْرَةٍ ... كَأَنَّهُ ظَبْيٌ غَدَا شَارِدَا أَقْسَمْتُ لَوْلَا أعين حولنا ... لَكُنْت فِي الْفقر لَهُ صَائِدَا ... الْعلمَاء 531 - أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن سَيّده الْأَعْمَى اللّغَوِيّ من المسهب لَا يعلم بالأندلس أَشد اعتناءً من هَذَا الرجل باللغة وَلَا أعظم تواليف تَفْخَر مرسية بِهِ أعظم فَخر طرزت بِهِ برد الدَّهْر وَهُوَ عِنْدِي فَوق أَن يُوصف بحافظ أَو عَالم وَأكْثر شهرته فِي علم اللُّغَة وَمن شعره قَوْله ... لَا تَضْجَرَنَّ فَمَا سِوَاكَ مُؤَمَّلُ ... وَلَدَيْكَ يَحْسُنُ لِلْكِرَامِ تَذَلُّلُ وَإِذَا السَّحَابُ أَتَتْ بواصل درها ... فَمن الذِي فِي الرِّيِّ عَنْهَا يَسْأَلُ أَنْتَ الذِي عَوَّدْتَنَا طَلَبَ المُنَى ... لَا زِلْتَ تَعْلَمُ فِي العُلا مَا يُجْهَلُ ... وَذكر الْحميدِي أَنه كَانَ فِي خدمَة الْمُوفق مُجَاهِد العامري ملك دانية الحديث: 530 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 532 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَامر النَّحْوِيّ لقِيه وَالِدي وَذكر أَن ابْن زهر وَقع لَهُ على ورقة شعرٍ كتب لَهُ بِهِ فَلم يرضه وَمَا أُوتِيتُمْ من الشّعْر إِلَّا قَلِيلا وَله ... لبيْك لبيْك ألفا غير وَاحِدَة ... يَا مَنْ دَعَانِي نَحْوَ العِزِّ وَالشَّرَفِ مَا كُنْتُ دُونك إِلَّا الشَّمْس فِي سحب ... وَالْمَاء فِي حَجَرٍ وَالدُّرَّ فِي صَدَفِ ... 533 - أَبُو الْبَحْر صَفْوَان بن إِدْرِيس هُوَ أنبه الأندلس فِي عصره وَله كتاب زَاد الْمُسَافِر فِي أَعْلَام أَوَانه فِي النّظم وساد عِنْد مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن واشتهر أَنه قصد حَضْرَة مراكش ومدح أعيانها فَلم يحصل مِنْهُم على طائل فأقسم أَلا يعود لمدح أحد مِنْهُم وَقصر أمداحه على أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام وَأكْثر من تأبين الحديث: 532 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فَرَأى الْمَنْصُور فِي مَنَامه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشفع لَهُ فِيهِ وَسَماهُ لَهُ فَقَامَ الْمَنْصُور وَسَأَلَ عَنهُ فَعرف قصَّته فأغناه عَن الْخلق من يَوْمئِذٍ وَله الأبيات الَّتِي يغنى بهَا فِي الْآفَاق وَهِي ... يَا حُسْنَهُ وَالحُسْنُ بَعْضُ صِفَاتِهِ ... وَالسِّحْرُ مَقْصُورٌ عَلَى حَرَكَاتِهِ بَدْرٌ لَوْ أَنَّ الْبَدْر قيل لَهُ اقترح ... أملا لَقَالَ أَكُونُ مِنْ هَالاتِهِ يُعْطَى ارْتِيَاحَ الحُسْنِ غُصْن أملد ... حمل الصَّبَاحَ فَكَانَ مِنْ زَهَرَاتِهِ وَالخَالُ يَنْقُطُ فِي صَحِيفَةِ خَدِّهِ ... مَا خَطَّ مِسْكُ الصَّدْغِ مِنْ نوناته ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الِاسْتِعَانَة فِي حلى قَرْيَة منتانة من قرى مرسية مِنْهَا 534 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد المنتاني كَاتب أبي سعيد بن أبي حَفْص صَاحب إفريقية صَحبه وَالِدي وَمن شعره قَوْله فِي غُلَام من أَبنَاء الفلاحين ... رُبَّ ظَبْيٍ قَدْ تَصَدَّى لِلأَسَدْ ... أَشْعَثِ الطِّمْرَيْنِ مُغْبَرَّ الجَسَدْ لاحَ كَالسَّيْفِ عَلاهُ صَدَأْ ... فَدَرَى النَّاظِرُ مَا فِيهِ انتقد ... وقدمات رَحمَه الله الحديث: 534 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وَله من موشحة ... اشْرَبْ عَلَى مَبْسِمِ الزَّهْرِ ... حِينَ رَقَّ الأَصِيلْ وَالشَّمْسُ تَجْنَحُ لِلْغَرْبِ ... وَالنَّسِيمُ عَلِيلْ وَكُلُّنَا مِثْلُ وُرْقٍ ... لَهَا لَدَيْنَا هَدِيلْ وَالكَأْسُ فِي كَفِّ سَاقِ ... قَدْ مَاسَ مِثْلَ القَضِيبْ فِيهِ خَلَعْتُ عِذَارِي ... يَا حُسْنَهُ مِنْ حبيب ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب رونق الْجدّة فِي حلي قَرْيَة كتندة من قرى مرسية مِنْهَا 535 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الكتندي قَالَ وَالِدي هُوَ من نبهاء شعراء عصره سكن غرناطة وانتفع بِهِ من قَرَأَ عَلَيْهِ من أَهلهَا ولازمها حَتَّى حسب من شعرائها وَهُوَ مِمَّن صحب أَبَا جَعْفَر بن سعيد عَم وَالِدي وَأَبا الْحسن بن نزار حسيب وَادي آش وَأَبا عبد الله الرصافي شَاعِر عبد الْمُؤمن كَانَ أهول غرناطة يستحسنون لَهُ قَوْله فِي مطلع قصيدة رثى بهَا عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملكهَا ... يَذْهَبُ المُلْكُ وَيَبْقَى الأَثَرُ ... هَذِهِ الهَالَةُ أَيْنَ الْقَمَر ... الحديث: 535 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 وَمن مستعذب شعره قَوْله ... هَذَا لِسَانُ الدَّمْعِ يُمْلِي الغَرَامْ ... فِي صَفْحَةٍ أَثَّرَ فِيهَا السَّقَامْ فَهَلْ يُمَارِي فِي الهَوَى مُنْكِرٌ ... وَالبَدْرُ لَا يُنْكَرُ حِينَ التَّمَامْ عَهْدٌ لِهِنْدٍ لَمْ يَكُنْ بِالذِي ... تَقْدَحُ فِيه نَفَثَاتُ المَلامْ يَا نَهْرَ إِشْنِيلٍ أَلا عَوْدَةً ... لِذَلِكَ العَهْدِ وَلَوْ فِي المَنَامْ مَا كَانَ إِلاَّ بَارِقَاً خَاطِفَاً ... مَا زِلْتُ مُذْ فَارَقَنِي فِي ظَلامْ آَهٍ مِنَ الوَجْدِ عَلَى فَقْدِهِ ... وَلَيْسَ تُجْدِي آَهِ لِلْمُسْتَهَامْ للهِ يَوْمٌ مِنْهُ لَمْ أَنْسَهُ ... وَذِكْرُ مَا أَوْلاهُ أَوْلَى ذِمَامْ إِذْ هِنْدُ غُصْنٌ بَيْنَ أَغْصَانِهَا ... كَالدَّوْحِ يَثْنِيهِ هَدِيلُ الحَمَامْ يَا هِنْدُ يَا هِنْدُ أَلا عَطْفَةً ... أَمَا لِهَذَا الصَّرْمِ حِين انصرم أتذكرين الْوَصْل ليل المنى ... بمرقب الهطف وَجَزْعِ الإِكَامْ وَإِنْ تَذَكَّرْتِ فَلا تَذْكُرِي ... إِلاَّ عَلَى سَاعَةِ وَادِي الحَمَامْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الأيكة فِي حلي يكة حصن من حصون مرسية مِنْهُ 536 - أَبُو بكر يحيى بن سهل اليكي هجاء الْمغرب من المسهب هَذَا الرجل هُوَ ابْن رومي عصرنا وحطيئة دَهْرنَا لَا تجيد قريحته إِلَّا فِي الهجاء وَلَا تنشط بِهِ فِي غير ذَلِك من الأنحاء وَقس على قَوْله فِي الهجاء مَا أوردت الحديث: 536 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 .. أَعِدِ الوُضُوءَ إِذَا نَطَقْتَ بِهِ ... مُتَذَكِّرَاً مِنْ قبل أَن تنسى واحفظ تيابك إِنْ مَرَرْتَ بِهِ ... فَالظِلُّ مِنْهُ يُنَجِّسُ الشَّمْسَا ... وَقَوله أَبَا عَمْرٍو إِلَيْكَ بِهِ حَدِيْثَاً ... أَلَذَّ إِلَيْكَ مِنْ شِرْبِ العُقَارِ أَتَذْكُرُ لَيْلَةً قَدْ بِتَّ فِيهَا ... سَلِيبَ الدَّرْعِ مَحْلُولَ الإِزَارِ أُقَبِّلْ مِنْكَ طُغْيَانَاً وَكُفْرَاً ... مَكَانَ الرَّقْمَتَيْنِ مِنَ الحِمَارِ ... وَقَوله ... ثَمَانِي خِصَال فِي الْفَقِيه وعرسه 5 وثنتان وَالتَّحْقِيق بِالْمَرْءِ أليق ويكذب أحياناص وَيحلف حانثا ... وَيكفر تقليدأ ويرشي وَيسْرق وعاشرة والذنب فِيهَا لأمة ... إِذا ذُكِرَتْ لَمْ يَبْقَ لِلْشَّتْمِ مَنْطِقُ ... وَقَوله ... عِصَابَةُ سوء قبح الله فعلهم ... أَتَوا فِي رَشِيْدٍ بِالدَنَاءَةِ وَالقُبْحِ فَزَارُوهُ مِنْ وَقْتِ الصَّبَاحِ إِلَى المَسَا ... مِنْ وَقْتِ المَسَاءِ إِلَى الصُّبْحِ إِذَا جَاءَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ قَامَ وَاحِدٌ ... كَمَا اخْتَلَفَتْ نَحْلُ الرَّبِيعِ عَلَى الجَبْحِ ... وَقَوله فِي ابْن الملجوم أحد أَعْيَان فاس ... وَمَا سمى الملجوم إِلَّا لعِلَّة ... وَهل تُلْجَمُ الأَفْرَاسُ إِلاَّ لِتُرْكَبَا ... وَقَوله ... فِي كُلِّ مَنْ رَبَطَ اللِّثَامَ دَنَاءَةً ... وَلَوْ أَنَّهُ يَعْلُو على كيوان ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 .. مَا الْفجْر عِنْدَهُمُ سِوَى أَنْ يُنْقَلُوْا ... مِنْ بَطْنِ زَانِيَةٍ لِظَهْرِ حِصَانِ المُنْتَمُوْنَ لِحِمْيَرٍ لَكِنَّهُمْ ... وَضَعُوْا القُرُونَ مَوَاضِعَ التِيجَانِ لَا تَطْلُبَنَّ مُرَابِطَاً ذَا عِفَّةٍ ... واطلب شُعَاع النَّار فِي الغدران ... ولقيه عمر بن ينستان الملثم فَقَالَ يَا فَقِيه مدحتنا فبلغت غَايَة رضانا بِقَوْلِك ... قَوْمٌ لَهُمُ شَرَفُ العَلا فِي حِمْيَرٍ ... وَإِذَا انْتَمَوْا صَنَهَاجَةً فَهُمُ هُمُ لَمَّا حَوَوْا إِحْرَازَ كُلِّ فَضِيلَةٍ ... غَلَبَ الحَيَاءُ عَلَيْهُمُ فَتَلَثَّمُوا ... ثمَّ بلغنَا أَنَّك هجوتنا بِقَوْلِك فِي كُلِّ مَنْ ربط اللثام دناءة الأبيات وَذُو الوجيهين لَا يكون عِنْد الله وجيهاً فَقَالَ لَهُ إِنِّي لم أقل ذَلِك وَلَكِنِّي أَقُول ... إِنَّ المُرَابِطَ لَا يَكُونُ مُرَابِطَاً ... حَتَّى تَرَاهُ إِذَا تَرَاهُ جَبَانَا تَجْلُو الرَّعِيَّةُ مِنْ مَخَافَةِ جَوْرِهِ ... لجلائه إِذْ يلتقي الأقران إِنْ تَظْلِمُونَا نَنْتَصِفْ لِنُفُوسِنَا ... يَجْنَى الرِّجَالُ فَنَأْخُذُ النِّسْوَانَا ... وَله يُخَاطب أَمِير الملثمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين فِي شَأْن بني معيشة وَكَانُوا قد ظَهرت مِنْهُم حَرَكَة بباديس ... عَلِيٌّ حَمَىَ المُلْكَ مِنْ سَاسَةٍ ... وَمَا أَنْتَ لِلْمُلْكِ بِالْسَائِسِ مِنَ السُوسِ أَصْبَحْتَ تَخْشَى النِّفَاقَ ... وَقَدْ جَاءَكَ النَّحْسُ مِنْ بَادِسِ ... وَقَالَ فِي رثاء مصلوب ... حَكَمَتْ عُلاَكَ بِأَنْ تَمُوتَ رَفِيعَاً ... وَعَلَوْتَ جَذْعَاً لِلْحَمَامِ صَرِيْعَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 .. وقرنت نَفسك بالبرامكة الألى ... لما علو عِنْد الْمَمَات جذوعا ياليتهم صلبوك بَين جوانحي ... فأضم إشفافا عَلَيْكَ ضُلُوعَا ... وَقَالَ وَقد صلب مَحْبُوب لَهُ ... سَاءَنِي أَنْ يَرَى العَدُوُّ الحَبِيبَا ... فَوْقَ جَذْعٍ مِنَ الجُذُوعِ صَلِيبَا أَشْعَثَاً بَاسِطَاً ذِرَاعَيْهِ كَرْهَاً ... مِثْلَ مَنْ شَقَّ لِلْسُرُورِ جُيُوبَا عَارِيَاً مِنْ ثِيَابِهِ يَتَلَقَّى ... شِدَّةَ الحَرِّ وَالصَّبَا وَالجَنُوبَا ... وَقَوله ... قَصَدْتُ جِلَّةَ فَاسٍ ... أَسْتَرْزِقُ اللهَ فِيْهِمْ فَمَا تيَسّر مِنْهُم ... دَفعته لبنيهم وَقَوله ... أَبَا بْنَ خِيَارٍ بَلَغْتَ المَدَى ... وَقَدْ يُكْسَفُ البَدْرُ عِنْدَ التَّمَامْ فَأَيْنَ الوَزِيْرُ أَبُو جَعْفَرٍ ... وَأَيْنَ المُقَرَّبُ عَبْدُ السَّلامْ ... وَالصَّحِيح أَنَّهَا للجراوي ولليكي ... يُوْسُفُ يَا بُغْيَتِي وَأُنْسِي ... صَيَّرَنِي مُغْرَمَاً هَوَاكَا حَوَيْتَ قَلْبِي وَأَنْتَ فِيهِ ... كَيْفَ حَوَيْتَ الذِي حَوَاكَا ... وَقَوله ... وَصَارِمٍ أَبْصَرْتُ ذِي فَلَّةٍ ... فَقُلْتُ يَا صَارِمُ مَنْ فَلَّكَا فَقَالَ لِي لَحْظُ غَلامٍ رَنَا ... وَنَهْدُ عَذْرَاءٍ كَمَا فَلَّكَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 وَمن ذيل الخريدة توفّي فِي حُدُود سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره قَوْله ... تَسَمَّعْ أَمِيرَ المُسْلِمِينَ لَنَبْأَةٍ ... تُصَمُّ لَهَا الآَذَانُ فِي كُلِّ مَشْهَدِ بِمُرْسِيَّةٍ قَاضٍ تَجَاوَزَ حَدَّهُ ... وَأَخْطَأَ وَجْهَ الرُّشْدِ فِي كُلِّ مَقْصَدِ يُطّالِبُهُ الأَيْتَامُ فِي جُلِّ مَالِهِمْ ... وَيَطْلُبُهُ فِي حَقِّهِ كُلُّ مَسْجِدِ فَمَا بيضت كَفاك بِالْعَدْلِ لم تزل ... تسوده بِالجَوْرِ كَفُّ ابْنِ أَسْوَدِ ... وَقَوله ... وَلا تَهَبْ كل فاسي مَرَرْت بِهِ ... وَإِن تَقُلْ فِيهِ خَيْرَاً حَوِّلِ الدَّرَقَةْ وَالْعَنْهُ شَيْخَاً وَكَهْلاً إِنْ مَرَرْتَ بِهِ ... طِفْلاً وَلَوْ أَلْفَيْتَهُ علقَة ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْمَوَدَّة الموصولة فِي حلي مَدِينَة مولة مَدِينَة فِي غربي مرسية ذَات بساتين بهجة مِنْهَا 537 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن سعدون الْمولي من المسهب لموله أَن تَفْخَر بانتسابه وتشمخ بِمَا بهر من آدابه وَكَانَت قِرَاءَته بمرسية وبلنسية وَتردد على مُلُوك الطوائف فأنهي مَكَانَهُ مُعظما شانه وَأكْثر الْإِقَامَة عِنْد ابْن رزين ملك السهلة وَمن شعره قَوْله ... لَا تَعْدَ مِنْكَ المَكْرُمَاتُ فَإِنَّهَا ... تَاجٌ عَلَيْكَ مَدَى الزَّمَانِ يَرُوقُ أَرْوَيْتَ مَنْ أَظْمَا الزَّمَانُ جَنَابَهُ ... مِنْ عَارِضٍ لِلْبِشْرِ فِيهِ بُرُوقُ وَلَحِظْتَهُ إِذْ غَضَّ كُلٌّ طَرْفَهُ ... إِنَّ الكَرِيْمَ عَلَى الكَرِيْمِ شَفُوقُ ... الحديث: 537 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الليانة فِي حلي مَدِينَة بليانة مَدِينَة مليحة المنظر ذَات مياه وبساتين فِي الشمَال من مرسية مِنْهَا 538 - أَبُو الْحسن رَاشد بن سُلَيْمَان من المسهب أَصله من بليانة وَله فِيهَا مَال موروث وَسكن حَضْرَة مرسية وَجل قدره وَكتب عَن صَاحب أمرهَا أبي عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر وَمن شعره ... واطل نَوَاكَ فَإِنِّي ... أَغْنَانِيَ اللهُ عَنْكَا صَوَّرْتُ عِنْدِيَ شَخْصَاً ... فَكَانَ آَنَسَ مِنْكَا ... الحديث: 538 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْأَرْش فِي حلي مَدِينَة ألش قَالَ ابْن اليسع لَيْسَ فِي الأندلس ثَمَر طيب إِلَّا فِي ألش قَالَ ابْن سعيد وَقد مَرَرْت على هَذِه الْمَدِينَة وأرضها تغلب عَلَيْهَا السبخة وَيَقُولُونَ إِنَّهَا تشبه مَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْهَا 539 - أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن غَالب أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ من أَعْيَان ألش وَولي قَضَاء المرية وَمَات شَابًّا فِي أول دولة ابْن هود وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله ... جَعَلَ العُذْرَ فِي لِسَانِ الإِيَابِ ... ذُو دَلالٍ قَدْ زَارَ بَعْدَ اجْتِنَابِ فَنَسِينَا بِعَادَهُ بِالتَدَانِي ... وَغَفَرْنَا ذُنُوبَهُ بِالمُتَابِ ... الحديث: 539 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب البخت فِي حلي مَدِينَة لقنت لَهَا عمل كَبِير مَخْصُوص بِالتِّينِ وَالزَّيْت وخمره مَذْكُورَة مفضلة مَشْهُورَة بِالْقُوَّةِ ولهذه الْمَدِينَة ميناء للمراكب وَهُوَ مرسى مرسية يقْلع النَّاس مِنْهُ إِلَى إفريقية وَلها قلعة أخذت بأزرار السَّمَاء وَلم أر فِي الأندلس أمنع مِنْهَا وَمِنْهَا 540 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُفْيَان السّلمِيّ من بني سُفْيَان أَعْيَان لقنت تولع بطريقة الْكِتَابَة فبرع فِيهَا وَكتب عَن ولاتها وَسكن مَدِينَة تلمسان وَمن شعره قَوْله ... حَيْثُ لَا نِسْبَةٌ إِلَيْكَ دَعَتْنِي ... بَلْ دَعَتْنَا لِلأُلْفَةِ الأَحْسَابُ لِيَ أَصْلٌ يَحْكِيهِ أَصْلُكَ مَجْدَاً ... وَالمَعَالِي فِي أَهْلِهَا أَنْسَابُ ... الحديث: 540 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب النشقة فِي حلي مَدِينَة لورقه الْبسَاط من المسهب قد مَرَرْت على هَذِه الْمَدِينَة فَلم أر أحسن من بساطها وبهجة واديها وَمَا عَلَيْهِ من الْبَسَاتِين وَأما مَنْعَة قلعتها فمشهورة مَعْرُوفَة يضْرب بهَا الْمثل فِي ذَلِك الْعِصَابَة ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن لبون وَتُوفِّي فَورثَهَا أَخُوهُ أَبُو عِيسَى بن لبون الَّذِي ملك معقل مربيطر فِي أَعمال بلنسية ووليها بعده أَخُوهُ أَبُو الْأَصْبَغ سعد الدولة بن لبون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 وَصَارَت للمعتمد بن عباد إِلَى أَن تداول عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين إِلَى أَن كَانَت الْفِتْنَة عَلَيْهِم فَقدم أَهلهَا 541 - أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن جَعْفَر بن الْحَاج أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كره ذَلِك خوفًا من الْعَاقِبَة واستخفى من النَّاس عشي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي بَايعُوهُ فِيهِ وَلم يظْهر لَهُم حَتَّى نظرُوا فِي خلعه فَظهر وَرجع إِلَى مَا كَانَ بسبيله من معاقرة المدام وَمن شعره قَوْله ... لَسْتُ أَرْضَى إِلاَّ النُّجُومَ سَمِيرَا ... لَا أَرَى غَيْرَهَا لِمَجْدِي نَظِيْرَا بَيْنَنَا فِي الظَّلامِ أَسْرَارُ وَحْيٍ ... يَرْجِعُ اللَّيْلُ مِنْ سَنَاهَا مُنِيْرَا وَلَقَدْ أَفْهَمَتْ وَأُفْهِمْتُ عَنْهَا ... وَجَعَلْنَا حَدِيثَنَا مَسْتُورَا ... وَقَالَ فِي وَصفه صَاحب السمط روض الْأَدَب الزَّاهِر وطود الشّرف الباهر الَّذِي مَلأ الزَّمَان زينا وَأعَاد آثَار المكارم عينا وتوالى عَلَيْهَا وُلَاة بني عبد الْمُؤمن ثمَّ وُلَاة بني هود وثار بهَا الْآن ابْن أحلي وَهُوَ من أعيانها وَقد رزق حظاً عَظِيما فِي النَّصَارَى والنيل مِنْهُم اعانه الله الحديث: 541 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 السلك ذَوُو الْبيُوت 542 - أَبُو الْحسن جَعْفَر بن الْحَاج هُوَ وَالِد أبي مُحَمَّد عبد الْحق الَّذِي ارْتَضَاهُ أهل لورقة للْقِيَام بأرضهم فَلم يرض وَمن القلائد شيخ الْجَلالَة وفتاها ومبدأ الْفَضَائِل ومنتهاها مَعَ كرم كانسجام الأمطار وشيم كالنسيم المعطار أَقَامَ زَمنا على المدامة معتكفاً ولثغور البطالة مرتشفا وجوده أبدا هاطل وجيده إِلَّا من الْمَعَالِي عاطل ثمَّ فَاء عَن تِلْكَ الساحة وَاخْتَارَ تَعب النسبك على تِلْكَ الرَّاحَة وَمن شعره قَوْله فِي أبي أُميَّة بن عِصَام ... لِي صَاحِبٌ عَمِيَتْ على شئونه ... حَرَكَاتُهُ مَجْهُولَةٌ وَسُكُونُهُ يَرْتَابُ بِالأَمْرِ الجَلِيِّ تَوَهُّمَاً ... وَإِذَا تَيَقَّنَ نَازَعَتْهُ ظُنُونُهُ مَا زِلْتُ أَحْفَظُهُ على شرفي بِهِ ... كالشئ تَكْرَهُهُ وَأَنْتَ تَصُونُهُ ... وَقَوله ... أَسْهَرَ عَيْنِي وَنَامَ فِي جَذَلِ ... مُدْرِكُ حَظٍّ سَعَى إِلَى أَمَلِ ... الحديث: 542 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 .. قَدْ لُفِّقَتْ بِالمُحَالِ نِعْمَتُهُ ... مِنْ خُدَعٍ جَمَّةٍ وَمِنْ حِيَلِ كَمْ مِحْنَةٍ قَدْ بُلِيْتُ مِنْهُ بِهَا ... وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا يَدٌ قِبَلِي ... وَقَوله ... أَخٌ لِيَ كُنْتُ آَمَنُهُ غُرُورَاً ... يُسَرُّ بِمَا أُسَاءُ بِهِ سُرُورَا هُوَ السُّمُّ الزُّعَافُ لِشَارِبِيهِ ... وَإِنْ أَبْدَى لَكَ الأَرْيَ المَشُورَا وَيُوسِعُنِي أَذَىً فَأَزِيْدُ حِلْمَاً ... كَمَا جُذَّ الذُّبَالُ فَزَادَ نُورَا ... وَمن شعره قَوْله ... مَنْ عَذِيرِي مِنْ فَاتِرٍ ذِي جُفُونِ ... صُلْنَ بِي صَوْلَةَ القَدِيرِ الضَّعِيفِ فَرْعُ مَجْدٍ عُلِّقْتُهُ وَقَدِيْمَاً ... هِمْتُ بِالحُسْنِ فِي النِّصَابِ الشَّرِيفِ يُطْلِعُ الشَّمْسَ فِي الظَّلامِ وَيُهْدِي ... زَهَرَ الوَرْدِ فِي زَمَانِ الخَرِيْفِ يَا مُدِيرَاً مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْهِ خَمْرَاً ... أَنَا مِمَّا أَدَرْتَ جِدُّ نَزِيْفِ عَلِّلِ المُسْتَهَامَ مِنْكَ بِوَعْدٍ ... وَإِلَيْكَ الخَيَارُ فِي التَّسْوِيفِ ... وَقَوله ... آَهِ لِمَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ الجُيُوبْ ... مِنْ زَفَرَاتٍ وَقُلُوبٍ تَذُوبْ جَاءَ بِي الحُبُّ إِلَى مَصْرَعِي ... فِي طُرُقٍ سَالِكُهَا لَا يَئُوبْ وَاسْتَلَبَتْ عَقْلِيَ خُمْصَانَةٌ ... نَابَتْ مَنَابَ الشَّمْسِ عِنْدَ الوُجُوبْ يَسْحَرُنِي مِنْهَا إِذَا كَلَّمَتْ ... وَجْهٌ مَلِيحٌ وَلِسَانٌ خَلُوبْ تَقُولُ إِذْ أَشْكُو إِلَيْهَا الهَوَى ... سُبْحَانَ مَنْ أَلَّفَ بَيْنَ القُلُوبْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 .. أَزُورُكَ مُشْتَاقَاً وَأَرْجَعُ مُغْرَمَا ... وَأَفْتَحُ بَابَاً لِلْصَبَابَةِ مُبْهَمَا أَمُدَّعِيَ السَّقْمِ الذِي آَدَ حَمْلُهُ ... عَزِيزٌ عَلَيْنَا أَنْ نَصِحَّ وَتَسْقَمَا مَنَعْتَ مُحِبَّاً مِنْكَ أيسر لحظه ... تبل غَلِيلَ الشَّوْقِ أَوْ تَنْفَعُ الظَّمَا وَمَا رُدَّ ذَاك السجف حَتَّى رميته ... عَن القَلْبِ سَيْفَاً مِنْ هَوَاكَ مُصَمِّمَا هَوَىً لَمْ تعن عين عَلَيْهِ بنظره ... وَلم يَكُ إِلاَّ سَمْعَةً وَتَوَهُّمَا وَمُلْتَقَطَاتٍ مِنْ حَدِيثٍ كَأَنَّمَا ... نَثَرْنَ بِهِ سِلْكَ الجُمَانِ المُنَظَّمَا دَعَوْنَ إِلَيْك الْقلب بعد نزوعه ... فأسرع لَمَّا لَمْ يَجِدْ مُتَلَوَّمَا ... وَقَوله لِابْنِ عِصَام ... تَقَلَّصَ ظِلٌّ مِنْكَ وَازْوَرَّ جَانِبُ ... وَأَحْرَزَ حَظِّي مِنْ رِضَاكَ الأَجَانِبُ وَأَصْبَحَ طَرْقَاً مِنْ صَفَائِكَ مشربي ... وأى صَفَاءٍ لَمْ تَشُبْهُ الأَشَائِبُ رُوَيْدَاً فَلِيَ قَلْبٌ على الْخطب جامد ... وَلَكِن عَلَى عَتْبِ الأَحِبَّةِ ذَائِبُ وَحَسْبُكَ إِقْرَارِي بِمَا أَنَا مُنْكِرٌ ... وَأَنِّي مِمَّا لَسْتُ أُنْكِرُ تَائِبُ أَعِدْ نَظَرَاً فِي سَالِفِ العَهْدِ إِنَّهُ ... لأَوْكَدَ مِمَّا تَقْتَضِيه الْمُنَاسب وَلَا نعقب العُتْبَى بِعَتْبٍ فَإِنَّمَا ... مَحَاسِنُهَا فِي أَنْ تَتِمَّ العَوَاقِبُ وَأَغْلَبُ ظَنِّي أَنَّ عِنْدَكَ غَيْرَ مَا ... تُرّجِّمُهُ تِلْكَ الظُنُونُ الكَوَاذِبُ لَكَ الخَيْرُ هَلْ رأى من الصُّلْح ثَابت ... لديك وَهَلْ عَهْدٌ مِنَ السَّمْحِ آَيِبُ يُخِبُّ رِكَابِي أَنَّنِي بِكَ هَائِمٌ ... وَيَثْنِي عِنَانِي أَنَّنِي لَكَ هائب وَإِن سؤتني بالسخط من غير مُعظم ... فها أَنَا مِنْكَ اليَوْمَ نَحْوَكَ هَارِبُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وَقَوله ... عَجَبَاً لِمَنْ طَلَبَ المَحَا ... مِدَ وَهُوَ يَمْنَعُ مَا لَدَيْهِ وَلِبَاسِطٍ آَمَالَهُ ... فِي المَجْدِ لَمْ يَبْسِطْ يَدَيْهِ لِمَ لَا أُحِبُّ الضَّيْفَ أَوْ ... أَرْتَاحُ مِنْ طَرَبٍ إِلَيْهِ وَالضَّيْفُ يَأْكُلُ رِزْقَهُ ... عِنْدِي وَيَحْمِدُنِي عَلَيْهِ ... وَقَوله ... كُلُّ مَنْ تهوى صديق ممحض ... لَك مَا لاتتقى أَوْ تَرْتَجِي فَإِذَا حَاوَلْتَ نَصْرَاً أَوْ جَدَاً ... لَمْ تَقِفْ إِلاَّ بِبَابِ مُرْتَجِ ... وَقَوله ... وَبَيْضَاءَ يَنْبُو اللَّحْظُ عِنْدَ لِقَائِهَا ... وَهَلْ تَسْتَطِيعُ العَيْنُ تَنْظُرُ فِي الشَّمْسِ وَهَبْتُ لَهَا نَفْسَاً عَلَيَّ كَرِيمَة ... وَقد عَلِمَتْ أَنَّ الضَنَانَةَ بِالنَّفْسِ أُعَالِجُ مِنْهَا السَّخْطَ فِي حَالَة الرِّضَا ... وَلَا أَعْدَمُ الإِيْحَاشَ فِي حَالَةِ الأُنْسِ ... وَقَوله مَعَ تفاح ... بَعَثْتَ بِهَا وَلا آَلُوكَ حَمْدَاً ... هَدِيَّةَ ذِي اصْطِنَاعٍ وَاعْتِلاقِ خُدُودَ أَحِبَّةٍ وَافَيْنَ صَبًّا ... وَعُدْنَ عَلَى ارْتِمَاضٍ وَاحْتِرَاقِ فَحَمَّرَ بَعْضَهَا خَجَلُ التَّلاقِي ... وَصَفَّرَ بَعْضَهَا وَجَلُ الفِرَاقِ ... وَقَوله فِي الْمُعْتَمد بن عباد ... تَعَزَّ عَنِ الدُّنْيَا وَمَعْرُوفِ أَهلهَا ... إِذا عُدِمَ المَعْرُوفُ مِنْ آَلِ عَبَّادِ أَقَمْتُ بِهِمْ ضيفا ثَلَاثَة أشهر ... بِغَيْر قِرَىٍ ثُمَّ ارْتَحَلْتُ بِلا زَادِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وَقَوله ... كَفَى حُزْنَاً أَنَّ المَشَارِعَ جَمَّةٌ ... وَعِنْدِي إِلَيْهَا غُلَّةٌ وَأُوَامُ وَمِنْ نَكَدِ الأَيَّامِ أَنْ يعْدم الْغنى ... كريم وَأَنَّ المُكْثِرِيْنَ لِئَامُ ... وَقَوله ... أَبَا جَعْفَرٍ مَاتَ فِيكَ الجَّمَالُ ... فَأَظْهَرَ خَدُّكَ لِبْسَ الحِدَادِ وَقَدْ كَانَ يُنْبِتُ زَهْرَ الرِّيَاضِ ... فَأَصْبَحَ يُنْبِتُ شَوْكَ القَتَادِ أَبِنْ لِي مَتَى كَانَ بَدْرُ السَّمَا ... ءِ يُدْرَكُ بِالكَوْنِ أَوْ بِالفَسَادِ وَهَلْ كُنْتَ فِي المُلْكِ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ ... فَأَخْشَى عَلَيْكَ ظُهُورَ السَّوَادِ ... الشُّعَرَاء 543 - أَبُو بكر بن ظِهَار اللورقي من الذَّخِيرَة كَانَ من فتيَان الأدباء فِي ذَلِك الأوان وَلَوْلَا أَنه اعتبط وَمَاء مَعْرفَته غير مماح وغصن ابتداعه غير مراح فِي شبيبته وَأَوَان ظُهُوره لبذ أهل الْآفَاق رقة وَحسن مساق وَأكْثر مَاله من النّظم فِي مدح أبي الْمُغيرَة بن حزم وَأخْبر شخص أَنه انتجع إِلَى ابْن ظِهَار هَذَا بِخَمْسَة أَبْيَات وصادفه مقلاً فَبَاعَ ابْن ظِهَار ثَوْبه وَبعث بِثمنِهِ إِلَيْهِ كتب مَعَ ذَلِك إِلَيْهِ الحديث: 543 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 .. يعز على الْآدَاب أَنَّك رَبهَا ... وَأَنَّك فِي أَهْلِ الغِنَى خَامِدُ النَّارِ وَخَمْسَةُ اَبْيَاتٍ كَأَنَّك قلتهَا ... بهاء وَإِشْرَاقَاً مِنَ القَمَرِ السَّارِي طَلَبْتُ لَهَا كُفْؤاً كَرِيمًا من الْقرى ... فقصر بَاعَ المَال عَن نيل أَو طاري سوى فضلَة لَا تستقل بِنَفسِهَا ... وأقلل بِهَا لَوْ أَنَّهَا أَلْفُ دِينَارِ بَعَثْتُ بِهَا لَا رَاضِيَاً لَكَ بِالذِي ... بَعَثْتُ بِهَا إِلاَّ فِرَارَاً مِنَ العَارِ ... وَقَوله ... صَبَغُوا غِلالَتَهُ بَحُمْرَةِ خَدِّهِ ... وَكَسُوْهُ ثَوْبَاً مِنْ لَمَى شَفَتَيْهِ فَتَخَالُهُ فِي ذَا وَتِلْكَ كَأَنَّمَا ... نُثْرَ البَنَفْسَجِ وَالشَّقِيقِ عَلَيْهِ ... وَقَوله ... أَمَا تَرَى وَجْهَ الدُّجَى ضَاحِكَاً ... يَبْسِمُ مِنْ نُورٍ بِلا ضِحْكِ كَأَنَّمَا يَنْثُرُ مِنْ نُورِهِ ... فِي الأَرْضِ كَافُورَاً عَلَى مِسْكِ ... وقو 4 لَهُ ... إِذَا أَرَدْتَ صَبَاحَاً ... فَانْظُرْ إِلَى وَجْهِ سَاقَيْكْ فَقَدْ أَطَلْتَ سُؤَالاً يَا قَوْمُ هَلْ غَرَّدَ الدِّيْكْ مَاذَا تُرِيْدُ بِصُبْحٍ ... وَأَيْنَ تَرْقَى أَمَانِيْكْ وَلِلْنُّجُومِ مَدَارٌ ... عَلَيْكَ وَالبَدْرُ يَسْقِيْكْ ... وَقَوله ... وَاللهِ مَا أَمَلِي مِنَ الدُّنْيَا ... إِلاَّ المُدَامُ وَوَجْهُ مَنْ أَهْوَى فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى صَفَائِهِمَا ... لَمْ نبق لِي أَمَلٌ وَلا دَعْوَى ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 وَقَوله ... مَنْ لِي بِدَانِي المَحَلِّ نَاءٍ ... تَرَاهُ عَيْنَيْ وَلا أَنَالُهْ لَا وَصْلَ لِي مِنْهُ غَيْرَ أَنِّي ... أَقُوْلُ لِلْنَّاسِ كَيْفَ حَالُهْ ... الْأَهْدَاب 544 - أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِية اللورقي من أَئِمَّة الزجالين كَانَ رقاماً بالمرية وَقَالَ فِي ذكره الدّباغ فِي كتاب الأزجال شيخ الزَّمَان وَخَلِيفَة الإِمَام ابْن قزمان وَأنْشد لَهُ قَوْله من زجل ... كُلَّمَا ذَكَرْتُ فِيْهَ ... وَالذِي بَقَى لِي أَبْدَعْ لَمْ يُرَا قَطْ مِنُّ أَمْلَحْ ... لَمْ يُرَا قَطْ مِنُّ أَشْجَعْ ريت ذَاك عنتر وَمَا كَانْ ... يَرَى الثُّعْبَانْ وَيَفْزَعْ وَهِيّ تَأْخُذْ سِتّ ... ثَعَابِينْ وَتَرَاهُمْ صَغِيرَا ... وَقَوله ... نَخَلِيْهْ وَكِفْ نِقْدِرِ أَنْ نَخَلِيْهْ وَلِسْ جَمَالاً يُقَالْ بِتَشْبِيْهْ جَمَعَ البَيَاضْ وَالتَّعْنِينْ جَمَعَ فِيْهْ قَدْ اسْتَلَفْ لِلْبُسْتَانْ قَضِيْبْ ... وِاسْوَدّْ فِي عَيْنْ اللَّبَّانِ حَلِيْبْ ... وَقَوله ... ذَهَبْ وَاللهِ هُـ ... مَعْمُوْلْ مِنْ ذَهَبْ يُفْرِحِ القَاصِدْ إِذَا جَاهْ عَنْ سَبَبْ ... الحديث: 544 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 .. وَالذِي يُعْجِبْنِي مِنُّ هُـ العَجَبْ اهْتِزَازْ هَذَا المَدْحْ لِلْغِنَا ... مِنْ بَعِيْدْ وَلَكِنْ نَوَالُ اقْتَرَبْ ... زجل لَهُ مَشْهُور ... قَالُوا عَنِّي وَالحَقَّ مَا قَالُوا ... إِنُّ نِعْشَقْ فُلانْ وَاتُّهِمْنَا بِسِرْقَةِ الكِتَّانْ ... وَكَذَاكْ بِاللهْ كَانْ سُبْحَانَ اللهْ لِغْزْ فِي ذَا الاشياء ... آَيَ لِلْسَائِلِيْنْ سُرّْ فِي قَلْبِي قَلَبْ فِي صَدْرِيْ ... صَدْرِيْ حِصْنَا حَصِيْنْ وَعَلَيْهْ مِنْ ضُلُوعْ سَبْعِ أَقْفَالُ ... وَهُ تَمّْ فِي كَمِيْنْ وَبِحَالْ مَنْ يَحِلّْ أَقْفَالُ ... وَيَرَاهْ ثَمَّ عَيَانْ وَيُبَيِّنْ أُمُورِي لِلإِخْوُانْ ... بِأَشَدّْ البَيَانْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْبرد الْمُطَرز فِي حلي قَرْيَة برزز قَرْيَة كَبِيرَة تزاحم المدن لَهَا بساتين وَمِنْهَا 545 - الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعود كَاتب أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي يحيى بن أبي حَفْص صَاحب إشبيلية من شعره قَوْله ... أهاج إِلَيْكُم كلما التاح بارق ... ويتبعه مِنْ دَمْعِ مُقْلَتَيَّ القَطْرُ وَذِكْرُكُمُ عِنْدِي مَدَى الدَّهْر قهوة ... يرنحني مِنْ صِرْفِهَا أَبَدَاً سُكْرُ لَعَمْرُكَ مَا يَنْسَى المشوق دياره ... وَإِن بَعُدَتْ عَنْهُ فَمَا يَبْعُدُ الذِّكْرُ ... الحديث: 545 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب النِّعْمَة الموصولة فِي حلي مَدِينَة أريولة لما رحلت من مرسية إِلَى الْبَحْر مَرَرْت بأريولة فرأيتها فِي مَوضِع كَأَنَّهُ اقتطع من جنَّة الخلود نهر سَائل ودواليب نعارة وطيور شادية وأشجار متعانقة وَلها قلعة فِي نِهَايَة من الِامْتِنَاع وَمِنْهَا 546 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الْفضل هُوَ مِمَّن لَقيته بِحَضْرَة إشبيلية وَكَانَ بَينه وَبَين وَالِدي صداقة متمكنة وَسكن إشبيلية وساد فِيهَا وَولي بهَا خطة الزَّكَاة والمواريث وَهِي نبيهة هُنَالك وَأحسن معاشرة أَهلهَا فَعَاشَ سعيداً وَمَات فقيداً رَحمَه الله الحديث: 546 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 وَبَنُو الْفضل أَعْيَان أريولة وَهُوَ عينهم وَأنْشد مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن أول مَا بُويِعَ فِي إشبيلية بالخلافة وَقد صدرت عَنهُ الْكتب والكتائب إِلَى الْبِلَاد قصيدة مطْلعهَا خدمتك السيوف والأقلام فَلم يرض هَذِه البدأة وانتقدها وَقَالَ حِين توجه إِلَى غرناطة فِي أول دولة ابْن هود وَلم يَسلهُ حسنها عَن إشبيلية ... سَئِمْتُ المَقَامَ بِغَرْنَاطَةٍ ... وَأَلْسُنُ حَالِي بِذَا تَنْطُقُ وَمَا أَنْكَرَتْ مُقْلَتِي حُسْنَهَا ... وَلَكِنَّهَا غَيْرَهَا تَعْشَقُ ... وَمن شعره قَوْله ... فَيَا أَسَفِي أَتُدْرِكُنِي المَنَايَا ... وَلَمْ أَبْلُغْ مِنَ الدُّنْيَا مُرَادِي وَمَا هُوَ غَيْرُ أَنْ أُدْعَى وَحَسْبِي ... حَيَا الإِخْوَانِ أَوْ مَوْتُ الأَعَادِي ... وَقَوله من قصيدة يُخَاطب بهَا صَفْوَان بن إِدْرِيس ... أَنْكَرْتَ أَنْ رَاعَ الزَّمَانُ أَدَبِي ... وَهَلْ رَأَيْتَ ذَا نُهَىً مُؤَمَّنَا وَفِيْكَ لَمْ تَقْضِ الفُرُوضُ حَقَّهَا ... أَفِيَّ تَرْجُو أَنْ تُقِيْمَ السُّنَنَا ... وَمِنْهَا ... وَصَاحب حُلْو المزاج مُمْتِعٌ ... يُحْيِى السُّرُورَ وَيُمِيْتُ الحَزَنَا أَضْحَكَنَا لَمَّا غَدَا مَا بَيْنَنَا ... مُحْتَجِنَاً لِقَوْسِهِ مُضْطَغِنَا يُبْدِي لَنَا مَا شَاءَهُ مِنْ ظَرْفِهِ ... وَيَزْدَهِي بِرَمْيِهِ تمجنا وَيَدعِي الصميم فِي أَغْرَاضِهِ ... وَلَوْ رَمَى بَغْدَادَ أَصْمَى عَدَنَا حَتَّى تَدَلَّى طَائِرٌ مِنْ أَيْكَةٍ ... لَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يَقُوْلَ هَا أَنَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 .. قُلْنَا لَهُ قَدْ أَكْثَبَ الصَّيْدُ فَقُمْ ... فَأَرِنَا مِنْ بَعْضِ مَا حَدَّثْتَنَا فَقَامَ كَسْلاَنَ يَمُطُّ حَاجِبَاً ... وَيَتَمَطَّى بَيْنَ أَيْنٍ وَوَنَى وَبَيْنَمَا أَوْتَرَهَا وبينما ... عَادَتْ تشظى فِي يَدَيْهِ إحنا وَعند مَا رَمَى حَمَامَ أَيْكَةٍ ... أَخْطَأَهُ وَمَا أَصَابَ الفَنَنَا أَسْتَغْفِرُ اللهَ لَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ ... أَطْعَمَنَا الصَّيْد فقد أضحكا 547 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن تابجة من شعراء الْمِائَة السَّابِعَة ذكر وَالِدي أَنه رَحل إِلَى مراكش ومدح بهَا نَاصِر بني عبد الْمُؤمن ثمَّ ابْنه الْمُسْتَنْصر وَمن شعره قَوْله ... مَدَدْتُ لِرَاحَةٍ 4 بِذَرَاكَ رَاحِيْ ... وَحَثَّ الشَّوْقُ نَحْوَكُمُ جَنَاحِي فَجِئْتُ لِكَيْ أُفَسِّرَ مَا أُلاقِي ... وَلا يَشْفِي الغَلِيْلَ سِوَى القَرَاحِ ... وَقَوله ... دَعَوْتُكَ لِلْغِيَاثِ فَكُنْ مُجِيبِي ... وَسَكِّنْ مَا بِقَلْبِي مِنْ لَهِيبِ فَإِنِّي مَا شَكَوْتُ لِغَيْرِ أَهْلٍ ... وَهَلْ يُشْكَى الضَّنَى لِسِوَى طَبِيبِ ... الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ الْفضل ... أَلا هَلْ إَلَى مَا تَقَضَّى سَبِيْلْ ... فَيُشْفِى الغَلِيْلُ وُتُوْسَى الكُلُوْمْ رَعَى اللهُ أَهْلَ اللِّوَى وَاللِّوَى وَلا رَاعَ بِالبَيْنِ أَهْلَ الهَوَى ... الحديث: 547 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 .. فَوَاللهِ مَا المَوْتُ إِلاَّ النَّوَى عَرَفْتُ النَّوَى بتوالي الجوى وَمِمَّا تخَلّل جسمي النحيل ... لقدكدت أُنْكِرُ حَشْرَ الجُسُوْمْ فَوَاحَسْرَتَا لِزَمَانٍ مَضَى عَشِيَّةَ بَان الْهوى وانقضى وافردت بالرغم لابالرضا وَبِتُّ عَلَى جَمَرَاتِ الغَضَا أُعَانِقُ بِالفِكْرِ تِلْكَ الطُّلُولْ ... وَأَلْثَمُ بِالوَهْمِ تِلْكَ الرُّسُومْ حُبَيِّبَةَ النَّفْسِ أُمَّ العُلَى سَقَاكِ الهَوَى كَأْسَهُ سَلْسَلا وَخَصَّ بِهِ عَهْدَنَا الأَوَّلا فَيَامَا أَلَذَّ وَمَا أَجْمَلا إِذِ الوَصْلُ ظِلٌّ عَلَيْنَا ظَلِيْلْ ... تَقِيْنَا القَطِيْعَةُ وَهِي السمُوم لأصميت يَوْم النَّوَى مقلتي بِلَحْظِكِ وَالثَّغْرِ وَالأَنْمُلِ وَأَشْمَتِّ عِنْدَ الجَفَا عُذَّلِي وَبَعْدَ التَعَتُّبِ غَنَّيْتِ لِي أَطَلْتَ التَّعَتُّبَ يَا مسطيل ... ولحظي يُغْنِيك قَالَت ظلوم ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 غَيرهَا ... عرج بالحمى واسأل بالكثيب عَنْهُم أَيْنَمَا هَذِي الأَرْبُعُ مِنْهُمُ بَلْقَعُ أَيْنَ الأَدْمُعُ ضرجها دَمًا وقم بالنحيب نقم مَأْتَمَا شَاقَتْنِي البُرُوْقْ لِثَغْرٍ يَرُوْقْ فَمَنْ لِلْمَشُوْقْ بَان يلثما وَمن للجديب بِمَاء السَّمَا لَمْ يَدْرِ الكَئِيْبْ مِنْ أَيْنَ أُصِيْبْ لَكِن الحبيب درى إِذْ رمى يَا عَيْني حَبِيبِي موتِي أَنْتُمَا دهري فِي أغتراب وشأني عُجاب أظا فِي الشَّبَاب لوصل الدمى فَهَل فِي المشيب يَزُول الظما ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 .. بَيْنٌ مُسْتَدَامْ وَأَخْشَى الحِمَامْ يَا رَبَّ الأَنَامْ تَدْرِي قدر مَا بقلب الكئيب فَارْحَمْ مُغْرَمَا ... وَمن غَيرهَا ... فِي طَرْفِ مَنْ أَهْوَاهْ سَيْفُ المَنُوْنْ وَالقَلْبُ فِي بَلْوَاهْ مِمَّنْ يَخُوْنْ يَا قَدَّ غُصْنِ البَانْ إِذَا انْثَنَى الرَّاحُ وَالرَّيْحَانْ بَلِ المُنَى فِي ذَلِكَ الوَسْنَانْ إِذَا رَنَا يَا رَبِّ مَا أَقْسَاهْ تُرَى يَهُوْنْ وَالصَبُّ مَا أَرْجَاهْ مَا لَا يَكُوْنْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْأَشْهر المهلة ف يحلى قَرْيَة الحرلة هِيَ حَسَنَة المنظر على نهر مرسية مِنْهَا 548 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد من المسهب من عُلَمَاء مَذْهَب مَالك رَحمَه الله وَهُوَ من ذَوي التعين ف مرسية وَالْمَال وَالْعلم وَالْأَصْل وَمن شعره قَوْله ... أيا حاسداص عبد الْعَزِيز وحاكيا ... لَهُ مَنْزَعَاً قَدْ سَارَ فِيْهِ عَلَى أَصْلِ فَهْبَكَ تحاكيه بِعَبْد وَبغلة ... فَمن لَكَ أَنْ تَحْكَيْهِ فِي القَوْلِ وَالفِعْلِ تَرُومُ مَكَان الْبَدْر دون تصاعد ... وتهوى ثَنَاء النَّاس من دون مَا فضل ... الحديث: 548 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 كتاب الرَّوْضَة النرجسية فِي حلي المملكة البلنسية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب الرَّوْضَة النرجسية فِي حلى المملكة البلنسية هِيَ بَين مملكة مرسية ومملكة طرطوشة وَقد حصلت لِلنَّصَارَى فِي هَذِه الْمدَّة أَعَادَهَا الله لِلْإِسْلَامِ وينقسم كتابها إِلَى كتاب الألحان المنسية فِي حلى حَضْرَة بلنسية كتاب الْحلَّة السندسية فِي حلى الرصافة البلنسية كتاب الخصر الأهيف فِي حلى قَرْيَة الْمنصف كتاب الْوَرق المرنة فِي حلى قَرْيَة بطرنة كتاب الْمِنَّة فِي حلى قَرْيَة بنة كتاب الْحَال المغبوطة فِي حلى حصن متيطة كتاب الْكَوَاكِب الزهر فِي حلى جَزِيرَة شقر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 كتاب السحر المسطر ف يحلى حصن مربيطر كتاب المراعي العازبة فِي حلى كورة شاطبة كتاب حصن البونت كتاب حنين السانية فِي حلى أَعمال دانية الْجَمِيع أحد عشر كتابا وَمِنْهَا كِتَابَانِ ينقسمان إِلَى غَيرهمَا وهما كتاب كورة شاطبة وَكتاب أَعمال دانية وستقف على ذَلِك هُنَالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة بلنسية وَهُوَ كتاب الألحان المنسية فِي حلى حَضْرَة بلنسية المنصة هِيَ عروس من المسهب مُطيب الأندلس ومطمح الْأَعْين والأنفس قد خصها الله بِأَحْسَن مَكَان وحفها بالأنهار والجنان فَلَا ترى إِلَّا مياهاً تتفرع وَلَا تسمع إِلَّا أطياراً تسجع وَلَا تستنشق إِلَّا أزهاراً تنفح وَمَا أجلت لحظا بهَا فِي شئ إِلَّا قلت هَذَا أَمْلَح وَلها الْبحيرَة الَّتِي تزيد فِي ضِيَاء بلنسية صحو الشَّمْس عَلَيْهَا وَيُقَال إِن ضوء بلنسية يزِيد على ضوء سَائِر بِلَاد الأندلس وُجُوهًا صقيل أبدا لَا ترى فِيهِ مَا يكدر خاطراً وَلَا بصراً لِأَن الجنات والأنهار أحدقت بهَا فَلم يثر بأرجائها تُرَاب من سير الأرجل وهبوب الرِّيَاح فيكدر جوها وهواؤها حسن لتم 4 كنها من الإقليم الرَّابِع وَأَخذهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 من كل حسن بِنَصِيب وَلها الْبَحْر على الْقرب وَالْبر المتسع وَحَيْثُ خرجت من جهاتها لَا تلقى إِلَّا منازه ومسارح وَمن أبدعها وأشهرها الرصافة ومنية ابْن أبي عَامر وَهِي مَدِينَة متمكنة الحضارة جليلة الْقدر وَمن كتاب الرَّازِيّ مَنَافِعهَا لأَهْلهَا عَظِيمَة وَلمن انتجعها من النَّاس بَين الْبر وَالْبَحْر وَالزَّرْع والضرع وتعرف بِمَدِينَة التُّرَاب وفيهَا يَقُول شاعرها الَّذِي لَهَا أَن تَفْخَر بِهِ بملء فِيهَا ابْن غَالب أَبُو عبد الله الرصافي ... خَلِيْلَيَّ مَا لِلْبِيدِ قد عبقت نشرا ... وَمَا لرءوس الرَّكْبِ قَدْ رُنِّحَتْ سُكْرَا هَلْ المِسْكُ مَفْتُوقَاً بمدرجة الصِّبَا ... أم القَوْمُ أَجْرُوا مِنْ بَلَنْسِيَةِ ذِكْرَا خَلِيْلَيَّ عُوْجَا بِي عَلَيْهَا فَإِنَّهُ ... حَدِيث كَبَرْدِ المَاءِ فِي الكَبِدِ الحَرَّا قِفَا غَيْرَ مأمورين ولتصديا بهَا ... على ثِقَةٍ لِلْغَيْثِ فَاسْتَقِيَا القَطْرَا بِجِسْرِ مَعَانٍ وَالرَّصَافَةِ إِنَّه ... على القطران يَسْقِى الرَّصَافَةَ وَالجِسْرَا بِلادِي التِي رِيشَتْ قُوَيْدِمَتِي بِهَا ... فُرَيْخَاً وَآَوَتْنِي قَرَارَتُهَا وَكْرَا مَبَادِيَ لَيْنِ الْعَيْش فِي ريق الصِّبَا ... أَبى اللهُ أَنْ أَنْسَى لَهَا أَبَدَاً ذِكْرَا أَكُلَّ مَكَان رَاح فِي الأَرْض مسْقطًا ... لرأس الفَتَى يَهْوَاه مَا عَاشَ مُضْطَرَّا وَلا مِثْلِ مدحو من الْمسك تربة ... تملى الصَّبَا فِيها حَقِيبَتُهَا عِطْرَا نَبَاتٌ كَأَنَّ الخَدَّ يحمل نوره ... تخال لُجَيْنَاً فِي أَعَالِيهِ أَوْ تِبْرَا وَمَاءٍ كَتَرْصِيعِ المجرة جللت ... نواحيه الأَزْهَارُ فَاشْتَبَكَتْ زُهْرَا أَنِيقٍ كَرَيْعَانِ الحَيَاةِ التِي حَلَتْ ... طَلِيقٍ كَرَيَّاِن الشَبَابِ الذِي مَرَّا بَلَنْسِيَةٌ تِلْكَ الزَّبَرْجَدَةُ التِي ... تَسِيلُ عَلَيْهَا كُلُّ لُؤْلُؤَةٍ نَهرا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 .. كَأَن عروسا أبدع الله حسنها ... فصير من شرخ الشَّبَاب لَهَا عمرا توبد فِيهَا شعشعابية الضُّحَى ... إِذا ضَاحَكَ الشَّمْسُ البُحَيْرَةَ وَالنَّهْرَا تُزَاحِمُ أَنْفَاسُ الرِّيَاحِ بزهرها ... نجوما فَلا شَيْطَانَ يَقْرُبُهَا ذُعْرَا هِيَ الدُّرَّةُ البَيْضَاءُ من حَيْثُ جِئْتهَا ... أَضَاءَت وَمَنْ لِلْدُرِّ أَنْ يُشْبِهَ البَدْرَا ... التَّاج ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف خادمان من الموَالِي العامرية وهما مبارك ومظفر وَكَانَ من الْعَجَائِب اشتراكهما فِي الْملك حَتَّى إنَّهُمَا لم يمتازا إِلَّا فِي الْحرم خَاصَّة وَلَا تنافس بَينهمَا وَفِيهِمَا يَقُول ابْن دراج شَاعِر الأندلس من قصيدة ... وَأَظْفَرْتُ آَمَالِي بِقَصْدِ مُظَفَّرٍ ... وَبُوْرِكَ لِي فِي حُسْنِ رَأْيٍ مُبَارَكِ ... وَاشْتَدَّ أَمرهمَا وحرصهما فِي الجباية وأضرا بِالنَّاسِ فاستغاثوا إِلَى الله فَهَلَك مبارك متردياً عَن فرسه وَضعف مظفر بعده فَأخْرجهُ أهل بلنسية فانزوى بشاطبة فأسند أهل بلنسية أَمرهم إِلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 549 - الْمَنْصُور عبد الْعَزِيز بن النَّاصِر بن الْمَنْصُور ابْن أبي عَامر وَصفه صَاحب الذَّخِيرَة بِأَنَّهُ كَانَ من أوصل النَّاس لرحمه وأحفظهم لِقَرَابَتِهِ بَعثه الله رَحْمَة للمجتثين من أهل بَيته وخاطب الْمَأْمُون الْقَاسِم بن حمود الَّذِي خطب لَهُ بالخلافة فِي قرطبة وَبعث لَهُ بهدية فولاه على مَا بِيَدِهِ وامتدت دولته فِي نعْمَة مُتَّصِلَة ودامت إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَولي بعده 550 - ابْنه المظفر عبد الْملك ودبر دولته أَبُو بكر بن عبد الْعَزِيز الْكَاتِب ثمَّ جرت ببلنسية خطوب وَقبل عَلَيْهَا ابْن ذى النُّون الَّذِي أخرجه النَّصَارَى من طليطلة وحصرها النَّصَارَى حَتَّى دخلوها وعاثوا فِيهَا أَشد العيث واستنقذها مِنْهُم مزدلي وابناه عبد الْوَاحِد وَعبد الله من مُلُوك الملثمين وَلما ثارت الْفِتْنَة على الملثمين انحاز إِلَيْهَا عبد الله بن غانية فَأخْرجهُ مِنْهَا رئيسها أَبُو عبد الْملك مَرْوَان بن عبد الله الحديث: 549 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 ابْن عبد الْعَزِيز إِلَى أَن قَامَ عَلَيْهِ جند بلنسية فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَبَايَعُوا لِابْنِ عِيَاض ملك مرسية وَحمل ابْن عبد الْعَزِيز إِلَى المرية وَبهَا ابْن مَيْمُون صَاحب الْبَحْر فرفعه فِي شيني إِلَى جَزِيرَة ميورقة وَهِي حِينَئِذٍ لعبد الله بن غانية خَصمه الَّذِي أخرجه من بلنسية فسجنه فِي بَيت ذكر ذَلِك ابْن اليسع ثمَّ تخلص فَكَانَ فِي حَضْرَة مراكش أمْلى عَليّ وَالِدي فِي شَأْنه ملكٌ لم يَرث الْإِمَارَة عَن كَلَالَة وَبدر لم يطلع بِغَيْر هَالة إِذْ كَانَت تقدّمت ببلنسية رياسة جده أبي بكر بن عبد الْعَزِيز وَأَوَى مِنْهُ أَهلهَا فِي تِلْكَ الخطوب إِلَى حرز حريز فَظن النَّاس أَن التيتل فِي الْمخبر مثل الْأسد فقلدوه تِلْكَ القلادة فذب عَن نظامها واجتهد فَهزمَ جموع الملثمين وَأخرج عَن بِلَاده أَمِيرهمْ عبد الله بن غانية وطلع على تِلْكَ الظُّلم كالصبح الْمُبين إِلَّا أَنه صَادف فِي شَرق الأندلس الْأَمِير أَبَا مُحَمَّد بن عِيَاض أَسد الحروب وقطب الخطوب رجل الثغر شهرة وشجاعة قدالقى جَمِيع تِلْكَ الْبِلَاد لَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة فهوت قُلُوب أهل بلنسية إِلَيْهِ ورام ابْن عبد العزيزصرفهم عَن ذَلِك فثاروا عَلَيْهِ فخضعت أقلامه للسيوف ودارت عَلَيْهِ منَّة الْفِتَن صروف فَلم ير إِلَّا الْفِرَار قَائِلا لَيْسَ على زأر الْأسد قَرَار فَجَاءَت بِهِ المقادر إِلَى أَن حصلته فِي يَدعُوهُ عبد الله بن غانية فسجنه فِي جَزِيرَة ميروقة إِلَى أَن يسر الله سراحه على أَيدي الْمُوَحِّدين فَحل بمراكش تَحت نعْمَة ضا فية ملحوظا بِعَين الرِّعَايَة متفقدا من الْأَمر الْعَزِيز بأجزل جراية أَخْبرنِي أحد الأدباء الْأَعْيَان مِمَّن كَانَ يمازحة ويركن إِلَيْهِ أَنه كَانَ دَائِم الْحَسْرَة على كَونه لم يطلّ ملكه وَكَانَ انجعافه مرّة وَأَنه كَانَ يستريح فِي ذَلِك بِمَا ينظمه قَالَ وَمِمَّا أنشدنيه لنَفسِهِ من ذَلِك قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 .. عَلِمْتُ بِأَنَّ الدَّائِرَاتِ تَدُوْرُ ... وَقَدْ كُسِفَتْ مِنَّا هُنَاكَ بُدُوْرُ وَنَادَى مُنَادِي البَيْنِ فِيْنَا تَرَحَّلُوا ... فَطَارَ فُؤَادٌ لِلْفِرَاقِ صَبُوْرُ وَنُثِّرَ سِلْكٌ طَالَ فِي المللك نَظْمُهُ ... كَذَا كُلُّ نَظْمٍ بِالزَمَانِ نَثِيْرُ خَرَجْنَا مِنَ الدُّنْيَا وَكَانَتْ بِأَسْرِهَا ... تُصِيْخُ لِمَا نُومِي بِهِ وَنُشِيْرُ نَهَضْنَا بِهَا مَا دَامَ فِي السعد نجمنا ... فَلَمَّا هَوَى جَارَتْ وَلَيْسَ مُجِيْرُ فَلا يَنْسَ تَسْلِيْمَ السماطين مسمعي ... بِحَيْثُ القَنَا وَالمُرْهَفَاتُ سُطُوْرُ وَحَيْثُ بَنُوْ الآَمَالِ تَكْرَعُ كَالقَطَا ... وَقَدْ زَخَرَتْ لِلْمَكْرُمَاتِ بُحُوْرُ وَقَدْ قَامَتِ المُدَّاحُ تَنْثُرُ نَظْمَهَا ... وَدَارَتْ عَلَيْنَا لِلْثَنَاءِ خُمُوْرُ وَللهِ يَوْمٌ قَدْ نَهَضْتُ بِصَدْرِهِ ... وَحَوْلِي مِنْ صِيْدِ الكُمَاةِ صُقُوْرُ أَثَارَ بِهِ رَكْضُ الفَوَارِسِ قَسْطَلاً ... يُرَصِّعُهُ لِلْبَاتِرَاتِ قَتِيْرُ وَقَدْ جَالَ جَرَّارُ الذُيُوْلِ مُمَاصِعٌ ... وَطَارَ إِلَى نَهْبِ النُّفُوْسِ مُغِيْرُ وَقد صمت الاسماع اذ طاشت النهى ... وحامت عَلَى مَا عُوِّدَتْهُ طُيُوْرُ وَأُصْدِرَتِ الرَّايَاتُ حُمْرَاً كَأَنَّهَا ... صُدُوْرُ حِسَانٍ مَسَّهُنَّ عَبِيْرُ أَلا بِأَبِي ذَاكَ الزَّمَانُ الذِي قَضَى ... وَتَعْسَاً لِدَهْرٍ جَاءَ وَهُوَ عَثُوْرُ تُصَابِحُنَا فِيْهِ الرَّزَايَا فَتَارَةً ... تُصِمُّ صِمَاخَاً أَوْ تُجِيْشُ صُدُوْرُ لَقَدْ أَسْخَنَ المِقْدَارُ طرفِي بعده ... وَكم قَرَّ بِالآَمَالِ وَهُوَ قَرِيْرُ أَيَا مُهْدِيَاً نَحْوِي التَّحِيَّة عَن نوى ... تسائلني إِنَّ الزَّمَانَ خَبِيْرُ فَسَلْهُ عَنِ المَاضِيْنَ قَبْلِي فَإِنَّهُ ... عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَزَالُ يَجُوْرُ فَلَو ابصرت عَيْنَاك همى حالكا ... وشهب الدَّيَاجِي فِي السَّمَاءِ تُنِيْرُ وَمِنْ أَدْمُعِي زَهْرٌ تَنَاثَرَ غُصْنُهُ ... بِنَكْبَاءَ يُزْجِيْهَا جَوَىً وَزَفِيْرُ لأَنْشَدْتَ من طول التفجع والاسى ... وَقد قَصُرَتْ عَنِّي مُنَىً وَقُصُوْرُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 .. غَرِيْبٌ بِأَرْضِ المَغْرِبَيْنِ أَسِيْرٌ ... سَيَبْكِي عَلَيْهِ مِنْبَرٌ وَسَرِيْرُ ... فصل وتداولت على بلنسية وُلَاة ابْن مرذنيش ثمَّ وُلَاة بني عبد الْمُؤمن إِلَى أَن ثار ابْن هود فِي الأندلس فثار ببلنسية قَائِد اعنتها 551 - زيان بن يُوسُف بن مرذنيش وَأخرج مِنْهَا أَبَا زيد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي حَفْص بن عبد الْمُؤمن ورامها ابْن هود فَلم يقدر عَلَيْهَا الى ان مَاتَ بحسرتهاوبعده حصرها النَّصَارَى فَخرج مِنْهَا الْمُسلمُونَ على صلح وَآل الْأَمر بزيان أَنه الْآن عِنْد سُلْطَان إفريقية فِي نعْمَة وكرامة السلك الوزراء 552 - ذُو الوزارتين ابو عَامر بن الْفَرح وَزِير الْمَأْمُون بن ذى النُّون ملك طليطلة ثمَّ وَزِير ابْن ابْنه الْقَادِر من الذَّخِيرَة من بَيت رياسة وعترة نفاسة مَا مِنْهُم إِلَّا من تحدى بالإمارة وتردى بالوزراة فطلع فِي آفَاق الدول ونهض بَين الْخَيل والخول الحديث: 551 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 ووقفت على نُسْخَة من القلائد فَوجدت فِيهَا من ذكر أبي عَامر هَذَا مَا وجدته فِي الذَّخِيرَة سَوَاء وَمن المسهب بَنو الْفرج من اعيان بلنسية الَّذين توارثوا الْحسب وجلوا عَن أَن يُحِيط بهم نظم من الشّعْر أَو نثر من الْخطب مَا مِنْهُم إِلَّا من تهادته الْمُلُوك وطلع بآفاقهم طُلُوع الشَّمْس عِنْد الدلوك وَكَانَ أَبُو بكر بن عبد الْعَزِيز يقصدهم لِمَكَانِهِمْ من بَلَده ويخفي لَهُم مَا أظهره بعد من حسده فتصدى لَهُم بالموبقات وأخرجهم عَن بلنسية فَتَفَرَّقُوا على حواضر مُلُوك الطوائف وكل صَادف محلا قَابلا وَصَارَ أَبُو عَامر وزيراً لِلْمَأْمُونِ بن ذى النُّون وَمن شعره قَوْله فِي أبي عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر صَاحب مرسية ... قَدْ رَأَيْنَا مِنْكَ الذِي قَدْ سَمِعْنَا ... فَغَدَا الخُبْرُ عَاضِدَ الأَخْبَارِ اذ وردنا لديك بحرا نميرا ... وارتقينا حَيْثُ النُّجُوْمُ الدَّرَارِي وَلَكَمْ مَجْلِسٍ لَدَيْكَ انْصَرَفْنَا ... عَنْهُ مِثْلَ الصَّبَا عَنِ الأَزْهَارِ ... قَالَ وَله فِي التوشيح طَريقَة حَسَنَة 553 - ذُو الوزارتين أَبُو الْقَاسِم بن فرج كَاتب أبي مُحَمَّد بن الْقَاسِم صَاحب البونت من المسهب أَنه من هَذَا الْبَيْت الْمَذْكُور وَأَبُو الْقَاسِم مقلة إنسانه وَفَارِس ميدانه وَهُوَ أشعر بني الْفرج طرا وَلذَلِك اشْتَمَل عَلَيْهِ ابْن الْقَاسِم الحديث: 553 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 الْمَذْكُور لحبه فِي الشّعْر ومعرفته بِهِ مَعَ مَا فِيهِ من الْخلال الْمُوجبَة لعلو الْمنزلَة وَمَا زَالَ يحمد اختباره إِلَى أَن قَلّدهُ الوزارة فاستقل بأعبائها وطلع بَدْرًا فِي آفَاق سمائها وَمَا يسْتَدلّ بِهِ على طبقته فِي الشّعْر قَوْله ... تَأمل لجفن اللَّيْل بالبرق أرمدا ... تألم حَتَّى أَسْبَلَ القَطْرَ بَاكِيَا وَأَحْسَبُهُ إِذْ بِنْتَ عني فَأَصْبَحت ... جفوني قَرْحَى بِالدُّمُوْعِ حَكَانِيَا ... وَقَوله ... الرَّاحُ لَا تَحْجِبُوْا عَنِّي مُحَيَّاهَا ... بَيَّا الإِلَهُ مَغَانِيْهَا وَحَيَّاهَا مَا أَصبَحت مهجتي كالروض ميتَة إِلَّا هَفَا بَارِقٌ مِنْهَا فَأَحْيَاهَا طُوْبَى لِمَنْ طَلَعَتْ شمسا بمجلسه ... وبالنجوم مِنَ النُّدْمَانِ حَلاَّهَا ... 554 - الْوَزير أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن جرج وَزِير ابْن عمار لما ثار بمرسية من الذَّخِيرَة كَانَ أَبُو جَعْفَر فِي وقته أحد الْأَعْلَام وفرسان الْكَلَام وَحل عِنْد مُلُوك الطوائف بأفقنا من الدول مَحل الشَّمْس من الْحمل فحملها على كَاهِله وَصرف أعنتها بَين أنامله حسن شارة وكرم إِشَارَة وعلو همة وَظُهُور نعْمَة وَله رسائل مطبوعة ومنازع فِي الْأَدَب بديعة وَمن نثره قَوْله يُخَاطب ابْن طَاهِر لما خلع عَن ملك مرسية ثمَّ خلص من يَد ابْن عباد مَا أعجب الْأَيَّام أعقب الله مِنْهَا السَّلامَة وَالسَّلَام فِيمَا يقْضِي وَكَيف يمْضِي تتعاقب بتلوين وتتراءى بَين تقبيح وتحسين فَهِيَ تعتب وتعتب وتعتذر كَمَا تذنب وتصدع وتشعب كَمَا تَجِد وتلعب وَإِن صنيعها الحديث: 554 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 عندنَا فِيك وَإِن كَانَ ألأم فقد أخمد الدَّهْر مَا أوقد وَعَاد غيث على مَا أفسد وَإِن يكن حمى الله ذراك وحزس علاك كشف إِلَيْك صفحة اعتداء وتخطى إِلَيْك بقدم أَعدَاء فقد تراجع يمشي على استحياء متنصلا مِمَّا اقْتَرَف متأسفاعلى مَا سلف وَعند مثلك للقدر التَّسْلِيم فَأَنت الْخَبِير الْعَلِيم أَنه مَا اخْتلف اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا بِنَقْض وإمرار وَلَا دَار الْفلك الْمدَار إِلَّا لأمر وَاخْتِيَار كنت فِي الأَرْض من أَسْنَى مطالعها مشرق الْأَنْوَار فَلَا غرو أَن يدركك مَا يدْرك الْقَمَر من الأفول حينا والسرار فقد يخسف الْبَدْر ثمَّ يعاوده الإضاءة والنور وَالْحَمْد لله الَّذِي أخرجك من ظلمائك الغماء خُرُوج السَّيْف من الْجلاء والبدر بعد الانجلاء نقي الأثواب من تِلْكَ الطخياء وَمن نظمه قَوْله ... سَارُوا فودعهم طرفِي وأودعهم ... قلبِي فَمَا بَعِدُوْا عَنِّي وَلا قَرِبُوْا هُمُ الشُّمُوْسُ فَفِي عَيْني إِذا طلعوا ... فِي القَادِمِيْنَ وَفِي قَلْبِي إِذَا غَرَبُوْا ... وَقَوله فِي رثاء ابْن عمار ... قَدْ طَالَمَا عُمِّرَ المَرْءُ ابْنَ عَمَّارِ ... مُمْتَدَحَاً بِأَمَانِيٍ وَأَخْطَارِ يُمْلَى لَهُ وَيُمَلِّي كُلَّ مَا وَطَرٍ ... وَلِلْمَقَادِيْرِ فِيْهِ أَيُّ أَوْطَارِ اسْتَدْرَجَتْهُ لِمَا قَدْ أَدْرَجَتْهُ بِهِ ... حَتَّى أَتَى لِمَنَايَاهُ بِمِقْدَارِ مَكَارِهٌ خَفِيَتْ عَنْهُ مَصَادِرُهَا ... وَالحَيْنُ مَا بَيْنَ إِيْرَادٍ وَإِصْدَارِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 .. مستوزر لم يؤل مِنْهَا إِلَى وزر ... وَكم تَحَمَّلَ مِنْ أَعْبَاءِ أَوْزَارِ تَأْتِي الأُمُوْرُ إِذَا أقبلن مشكلة ... لَكِن تَفَاسِيْرَهَا تُغْرِي بِإِدْبَارِ ... الْكتاب 555 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن أَحْمد من المسهب من أَعْيَان كُتّاب بَلَنْسية رفيع الهمة غير مُنْخَرِق الحُرْمة لَهُ أَخْلَاق تأْبى لَهُ من كل خدمَة ونظمه ونثره غير مناهزين وَأورد لَهُ مَا فِي كتاب القلائد وَمن الْكتاب الْمَذْكُور كَاتب مجيد وفاضل مجيد انخفض عَن ارْتِفَاع ونفض يَده عَن الإنتفاع فَلم يلمح فِي سَمَاء وَلم يرد وُرُود مَاء وَكَانَت لَهُ نفس أبيَّة وسجية سنية وَذكر أَنه كتب لَهُ أستكمل لله لمثنى الوزارة سَعَادَة واستوصل لَهُ من سَموهَا عَادَة وأسأله المسرة بدنوه معاده كَيفَ لَا أراقب مراقب النُّجُوم وأطالب مآفي الْعين بالسجوم وَقد أنذر بالفراق مُنْذر وحذر من لحاق الْبَين محذر وياليت ليلنا غير مَحْجُوب وشمسنا لَا تطلع يعد وجوب فَلَا تروع بانصداع وَلَا تفجع ليلنا بوادع حَسبنَا الله كَذَا بنيت هَذِه الدَّار الحديث: 555 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 وَرَأى سُبْحَانَهُ ان تصل شمسنا الأقدار ولعلها تجود بعد لأي وتعود إِلَى أحسن رَأْي فتنظر نظرا جميلاً وتَعْمُرَ رَبْعاً مُحيلاً إِن شَاءَ الله وَأنْشد لَهُ الحجاريّ فِي مُنية الْمَنْصُور بن أبي عَامر ببلنسية ... قُمْ سَقِّني والرياضُ لابسةٌ ... وَشْياً من النَّوْر حاكَهُ القَطْرُ والشمسُ قد عَصْفَرَتْ غَلائلها ... وَالْأَرْض تَنْدَى ثيابُها الخُضْرُ فِي مجلِس كالسماءِ لاحَ بهِ ... من وَجه مَنْ قد هَوِيتهُ بَدْرُ والنهرُ مثلُ المجرِّ حفَّ بِهِ ... من النواحي كَواكبٌ زُهْرُ ... 556 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن نوح أمْلى عليَّ وَالِدي فِي شَأْنه كَاتب بليغ النثر غير قَاصِر فِي النّظم كتب عَن أبي عبد الله بن أبي حَفْص بن عبد الْمُؤمن ملك بلنسية ومدح منصورهم بأمداح كَثِيرَة قَالَ وَهُوَ مِمَّن صحبتُه وذاكرته ومازجته وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله ... خليلٌ لَا يَدُوم لَهُ خليلُ ... يمِيل مَعَ الزَّمَان كَمَا يميلُ سمينٌ جِسْمه والعِرْضُ مُضْنىً ... يُكَثِّرُ نَفسه وَهُوَ القليلُ يَنَال صديقَه ويُنَال مِنْهُ ... وَإِن يُحتَجْ إِلَيْهِ فَلَا ينبل ... وَقَوله ... أَلا لله بستانٌ غَدَوْنا 5 عَلَيْهِ وزَهْرُهُ مُلقَى الإزارِ وللبَسْبَاس أعلامٌ أرَتْنا ... قريبَ الهُلْبِ أَذْنَاب المهار ... الحديث: 556 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 556 - م أَبُو عَمْرو بن سيدهم كَاتب أبي عنوان بن أبي حَفْص ملك المرية لَهُ الأبيات الَّتِي يُغَنَّى بهَا ... يَا دارُ فيكِ حبيبٌ لَا أُسَمِّيهِ ... شُحّاً عَلَيْهِ وخوفاً من تَجَنِّيهِ البدرُ طَلْعَتُهُ والغُصْنُ قامتُهُ ... وَالشَّمْس أحسِبُها كَانَت تُرَبِّيه طُوبَى لرَبَّتِهِ مَا كَانَ أسْعَدها ... ووالديه وَمَا أشقَى محبِّيه قَالَ العواذلُ إِذْ أبصرْنَ طَلْعَتَهُ ... من ذَا الَّذِي جَلَّ عَن وَصْفٍ وتَشْبيهِ فَقلت والوجدُ يَطْويني ويَنْشُرُني ... هَذَا الغزالُ الَّذِي لمُتنَّني فيهِ ... 557 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الأبّار كَاتب زَيّان بن مَرْذَنيش ملك بَلَنْسِية وَقد كتب عَن سُلْطَان أفريقية اجْتمعت بِهِ ورأيته فَاضلا فِي النّظم والنثر والتاريخ ومُلَح الْآدَاب وممّا أَنْشدني من شعره قَوْله الحديث: 557 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 .. حديقة ياسمينٍ لَا ... تَهيمُ بغَيْرهَا الحَدَقُ إِذا جَفْنُ الْغَمَام بَكَى ... تبسّم ثَغْرُها اليَقَقُ كأطراف الْأَهِلّة سَالَ ... فِي أَثْنَائِهَا الشَّفَقُ ... وَقَوله ... نظرتُ إِلَى الْبَدْر عِنْد الخسوفِ ... وَقد شِينَ مَنْظَرُهُ الأزْيَنُ كَمَا سَفَرت صفحةٌ للحبيبِ ... فحجَّبَها بُرْقُعٌ أدكَنُ ... وَقَوله ... عجبتُ من الخُسُوف وَكَيف أوْدَى ... ببَدْرِ التِّمِّ لمّاع الضِّيَاء كمرآة جلاها الصَّقْلُ حَتَّى ... أنارتْ ثُمَّ رُدَّتْ فِي غِشاء ... وَقَوله ... لَك الخيرُ أتحفني بخيرِيَّ روضةٍ ... لأنفاسه عِنْد الهجوع هُبوبُ أَلَيْسَ أديبَ النَّوْرِ يَجْعَل ليله ... نَهَارا فيذكو تَحْتَهُ ويَطيبُ ويطْوى مَعَ الإصباح منثورَ نَشْره ... كَمَا بَان عَن رَبْع المحبِّ حبيبُ أهيم بِهِ عَن نسبه ادبية ... وَلَا غرو أَن يهوى الأديب أديب ... قَوْله ... لقد غَضِبَت حَتَّى على السِّمْطِ نَخْوةً ... فَلم تتقلَّد غيرَ مَبْسِمِها سِمْطَا وأنكرتِ الوخْطَ الملمَّ بلمَّتي ... وَمن عرف الْأَيَّام لم يُنْكر الوَخْطَا ... وَقَوله ... يَا حبذا بحديقة دُولابُ ... سكنتْ إِلَى حركاته الْأَلْبَاب ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 .. غَنَّى وَلم يَطْرَبْ وسَقَّى وهْوَ لَمْ ... يشربْ وَمِنْه العودُ والأكوابُ لَو يدّعى لُطفَ الهواءِ أَو الهَوَى ... مَا كنتَ فِي تَصْدِيقه ترتابُ وَكَأَنَّهُ مِمَّا شَدا مُسْتَهْترٌ ... وكأنّه مِمَّا بَكَى أوّابُ ... وَقَوله ... وَقَالُوا ألِفْتَ الكَرى نُطْفَةً ... وبتَّ على ظمأٍ للكَرَى فقلتُ الْهوى ضافني طاوياً ... إليّ المراحلَ يشكو السُّرَى فبوّأته مُقْلَتي مَنْزِلاً ... وقدَّمتُ نومي إِلَيْهِ قِرَى ... وَقَوله ... تَراءى لَهُ أفْقُ البُحَيْرَةِ والبحرِ ... فراح بِمَاء القَلْب مُختَضِبَ النَّحْرِ وَقد مَنَعَ التهويمَ أنِّيَ هائمٌ ... بعيش مَضَى بَين الرُّصافة والجَسْرِ وجنَّةِ دُنْيا لَا نَظِير لحُسْنها ... تفجَّرتِ الأنهارُ من تحتهَا تَجْري ... إِذا الناسُ حَنَّوا للربيع وجَدْتنا ... بهَا فِي ربيعٍ كلَّ حِين من الدَّهْر تهبُّ نُعامَاها فَيَفْغَمُ أنْفَنَا 5 بأنفاسها الملذوذة البَرْدُ فِي الحَرِّ كأنّيَ من قلبِي المتيَّم قادحٌ ... عَفاراً لتذكاري لكُثْبانها العُفْرِ وأياميَ الزُّهر الْوُجُوه خِلالها ... وَلَا خُلَّةٌ غير الحديقة والنَّهْر فمِنْ بُكَراتٍ أدْبرتْ وأصائلٍ ... جنيتُ بهَا الإقبال فِي غُرَّة الْعُمر عشايا كساها التبر فضل شنوفه ... أَلا يالها فضل الشُّنُوف على التِّبْرِ 8 ... وَقَوله ... أبُسْتانَ الرُّصافة لَا ... هويتُ سواك بُسْتانا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 .. تخال الدوح مجتمعا ... بِهِ شيبا وشبابا وَقد لبستْ مَفَارقُهُ ... من الأنداءِ تيجانا تجولُ بِهِ جداولُهُ ... وتَغْشى النهرَ إدْمانا فتحسِبها إِذا انسابتْ ... أراقمَ زُرْنَ ثُعْبانا ... وَقَوله ... من عاذري من بابلي طرفُهُ ... ولعمرُه مَا حَل يَوْمًا بَابِلا أعتدُّهُ خُوطاً لعيشِيَ نَاعِمًا ... فيعودُ خَطِّيَّاً لقتلي دابلا ... وَقَوله ... أَيْن المَذانِبُ لَا تزَال تأَسُّفاً ... يَجْري عَلَيْهَا من دموعي مِذْنَبُ من كل بسّام الحَباب كأنَّهُ ... ثَغْرُ الحبيب وريقُهُ المُسْتَعْذَبُ كالنَّصْل إِلَّا أنّه لَا يُتَّقى كالصِّلِّ إِلَّا أَنه لَا يُرهَبُ ... وَمِنْهَا فِي الدولاب ... تقتادنا أقدامُنا وجِيادُنا ... لجنابه وَهُوَ النَّضيرُ المُعْجِبُ كَلَفاً بدولابٍ يدورُ كأنّهُ ... فَلَكٌ وَلَكِن مَا ارتقاهُ كوكبُ نَصَبَتْهُ فَوق النَّهر أيْدٍ قَدَّرَتْ ... تَرْويحَهُ الأرواحَ سَاعَة يُنْصَبُ فكأنَّهُ وَهُوَ الطليقُ مقيَّدٌ ... وكأنَّهُ وَهُوَ الحبيسُ مُسَيَّبُ للْمَاء فِيهِ تَصَعُّدٌ وتحدُّرٌ ... كالمزن يَسْتَسْقِي الْبحار ويسكب ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 الْعمَّال 558 - أَبُو الْحُسَيْن بن سَابق صَاحب إِعْمَال بلبسية من المسهب من النجباء الَّذين أطلعهم الْأُفق البلنسي كَانَ فِي أول حَاله مستجدياً بالشعر متجولاً فِي الْآفَاق مَا بَين ظَفَر وإخفاق إِلَى أَن تَرقّى إِلَى ولَايَة السُّوق ببَلَنْسِيَة فظهرت مِنْهُ دربة الشّغل وَبَان عَلَيْهِ اسْتِقْلَال فوليَ خُطَّةَ الْأَشْرَاف ولحظَه السَّعد بطرْفه كُله فنال أمنيَّته وَهُوَ مَعْدُود فِي نُبَهاء الْكتاب وَالشعرَاء وَمن شعره قَوْله وَقد جَاءَهُ غُلَام جميل الصُّورَة من البُدَاة يشتكي بِأَن الْعمَّال كتبُوا عَلَيْهِ أعشاراً لَا يحتملها وَأَن زَرْعه دون مَا قدّروا وَبكى وَأظْهر خضوعاً فتحمّلها عَنهُ ... أتَى شاكياً أعباءَ أعْشاره الَّتِي ... تحمَّلها عَنهُ المشوقُ الَّذِي بُلِي فَقلت وَقد أبدى لديَّ خضوعَهُ ... وأسبَلَ دمعا كالجمان الْمفصل وَمَا ذرفتْ عيناكِ إِلَّا لتقدحي ... بسهميك فِي أعشار قلب مُقَتَّل فليتك قد أمسيتَ سِرّاً مُعانقي ... وبتُّ على خَمْرٍ كريقك سَلْسَل أعاطيكها حَتَّى الصَّباح وبيننا ... حديثٌ كَمَاء الْورْد شِيبَ بمندل ... الحديث: 558 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 559 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَائِشَة صَاحب أَعمال بلنسية من الذَّخِيرَة أَي فَتى طَهَارَة أَثوَاب ورقّة آدَاب وأكثرُ مَا عوَّل على الْحساب فَهُوَ الْيَوْم فِيهِ آيةٌ لَا يُقاس عَلَيْهَا وغايةٌ لَا يُضاف إِلَيْهَا وَله من الْأَدَب حَظّ وافر وَفِي أَهله اسْم طَائِر يَقُول من الشّعْر مَا يشْهد لَهُ بكرم الطَّبْع وسعة الذَّرْع كَانَ يَوْمًا مَعَ أبي إِسْحَاق بن خفاجة وَجَمَاعَة من الأدباء تَحت خوخةٍ منورة فهبّت ريح صَرْصَر أسقطت عَلَيْهِم زَهْرها فَقَالَ ابْن عَائِشَة ... ودَوْحة قد عَلَتْ سَمَاء ... تطلُع أزهارُها نجوما كَأَنَّمَا الجوُّ غارَ لمَّا ... بَدَتْ فأغْرى بهَا النسيما هفا نسيمُ الصَّبَا عَلَيْهَا ... فخلتُها أرسَلَتْ رُجُوما ... من المسهب مِمَّن أنشأنه بلنسية من الْأَعْلَام وأظهرته من السَّادة الْكِرَام لكنه عَاشَ زَمَانا وَمَا عُلِمَ أَنه من الجماهير إِلَى أَن نبّه السعد عَلَيْهِ أميرَ الملثّمين فأشرقت بِهِ تِلْكَ الدياجير واستدعاه فقدمه على حُسْبانات جَمِيع الْمغرب وَوضع فِي يَدَيْهِ مقاليد الْأَعْمَال وحكَّمه فِي الْأَمْوَال فعظُم الحديث: 559 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 قدره ونَبُه ذكره وَله نظم أرقّ من دمعه مهجور تدار عَلَيْهِ بِهِ صَافِيَة الْأُمُور وَمن السمط ذُو الْجَانِب السهل والرحب والأهل والمنتهى فِي السِّيَادَة وَحسن الإراغة والإرادة وَمن نثره أَطَالَ الله يَا عيادذي الْأَعْلَى وعَتَادِيَ الْأَقْوَى بَقَاءَك وَأحسن فِي هَذَا الملمِّ المبهَم عزاءك وسرّك وَلَا ساءك كتبته دَامَ عزك وَإِن يَدي لاتكاد تطاوعني إشفاقاً وَنَفْسِي لَا تكَاد تملي عَليّ ارتماضاً واحتراقاً لما ورد فأصْمى وأوجع وأصمَّ بِهِ الناعي وَإِن كَانَ أسمع وَأنْشد لَهُ من قصيدة قَوْله ... كم لَهُ عِنْدِي من مكرمَة ... أنفدت شكرى وأعيت منطقي ... ي ... أثقلت تِلْكَ المساعي كاهلي ... طوقت تِلْكَ الأيادي عُنُقي ... وَمِنْهَا ... لم تكن علياؤهُ فِيمَن مضى ... لَا وَلَا آلاؤه فِيمَن بَقِي وسليل الْمجد أغْنى نجلَهُ ... مُدرِكٌ غايَةَ ذَاك الطَّلَقِ ... الْبيُوت 560 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن وَاجِب من المسهب بَنو وَاجِب ذكرهم فِي كل مكرمَة وَاجِب حازوا بِحَضْرَة بلنسية شهرة الذّكر وجلالة الْقدر من بَين صَاحب أَحْكَام وَعلم أَعْلَام ووزير مدير وحسيب شهير وَأَبُو مُحَمَّد أديبهم الْكَامِل وشاعرهم الْمجِيد الْفَاضِل وَقد وَفد على أَمِير الملثَّمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفِين وأنشده قصيدة مِنْهَا ... بربعهمُ عرِّجْ فَذَلِك مطلبي ... ودَعْ ذكر نَعمانٍ وسَلْعٍ وغُرَّبِ نَأَوْا لانأى عني تذكُّرُ عَهْدهم ... وقلبيَ فِي غير الجَوَى لم يقلب ... الحديث: 560 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 .. وأحسبهم يَرْعَونَ عهدي كَمثل مَا ... رعيتُ وَلَا يُصْغُون نَحْو تجنُّب ... وَمِنْهَا ... لقد نصر الرحمنُ أُمّةَ أحمدٍ ... بمُلْك عليٍّ بَين شرقِ ومَغْربِ هُوَ الْملك الْأَعْلَى الَّذِي امتدَّ ظِلُّهُ ... وفاض نداهُ الغَمْرُ فِي كل مذهبِ إِذا اطَّلعتْ سودُ الخطوبِ فإنّنا ... لنَلْمَحُ من أضوائه نورَ كوكبِ ... وَمن جيد شعره قَوْله ... أَنا الَّذِي يَعْرفُهُ دَهْرُهُ ... مَا إِن يَهُزُّ الخطبُ لي مَنْكِبَا وَقد قَسَا قلبِي لِمَا أبصَرَتْ ... عَيْني وَلَا يُخْدَعُ من جَرَّبَا فَمَا أُبَالِي من أخٍ مِخلِص ... أمَشْرقاً يَمَّمَ أم مَغْربَا ... وَذكره ابْن اليسع وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ الْعلمَاء 561 - أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن سَالم الكَلاعيّ من أَئِمَّة المحدّثين وأعلام الْعلمَاء الْمَشْهُورين فِي عصرنا أَنْشدني لَهُ كَاتب سُلْطَان إفريقية أَبُو عبد الله بن الْأَبَّار وَهُوَ أحد من روى عَنهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي مُشْط فضّة الحديث: 561 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 .. تَهْوى مَحَلِّي النجومُ ... يَا بُعْد مَا قد ترومُ كم لِمَّةٍ لكعاب ... بهَا النفوسُ تَهيمُ سَرَيْتُ فِيهَا شِهاباً ... حواهُ ليلٌ بَهيمُ مَا صاغني من لُجَيْنٍ ... إِلَّا ظريفٌ حكيمُ مَشْطُ الحسانِ بعَظْمٍ ... ظُلْمٌ لعمري عَظِيمُ ... 562 - أَبُو الْحسن عَليّ بن سعد الْخَيْر أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ شهير الذّكر جليل الْقدر متصدرا لإقراء الْعَرَبيَّة ببلنسية فِي مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَقد ذكره صَفْوَان فِي زَاد الْمُسَافِر وَأنْشد لَهُ قَوْله ... للهِ دولابٌ يفِيض بسلسلٍ ... فِي دَوْحَة قد أيْنَعَتْ أفْنانا قد طارحته بهَا الحمائم شجوها ... فتجيبه وَترجع الألحان وكأنّه دنِفٌ أطاف بمَعْهَدٍ ... يبكي وَيسْأل فِيهِ عَمَّنْ بانا ضاقتْ مجاري طَرْفِهِ عَن دمعه ... فتفتَّحت أضلاعه أجفانا ... وَقَوله ... جَزى إلهُ العَرْشِ يومَ النَّوَى ... بشرِّ مَا يجْزِيه يَوْم الحسابْ ... الحديث: 562 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 .. كم وقفةٍ قلبيَ أضحى بهَا ... يخْفق فِي الصَّدْر خفوق السَّرابْ والعِيسُ قد ولَّتْ بأحبابنا ... تَمرُّ فِي الْبَيْدَاء مَرَّ السحابْ ... 563 - أَبُو الْحسن عَليّ بن حريق أَخْبرنِي وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ فِي سبتة فِي مُدَّة مستنضر بني عبد الْمُؤمن وَقد قصد صَاحب أَعمالهَا ابْن عبد الصَّمد مادحاً للذائع من كرمه فَرَأى خير من يُجتمَع بِهِ أدباً وشعراً وظرفاً وحُسْن زيّ قَالَ وَشهِدت لَهُ بِحِفْظ الْآدَاب والتاريخ وَمِمَّا قيَّدته عَنهُ من شعره قَوْله ... يَا وَيْحَ من بالمغرب الْأَقْصَى ثَوَى ... حِلْفَ النَّوى وحَبِيبُه بالمشرقِ لَوْلَا الحذارُ على الورى لملأت مَا ... بيني وَبَيْنك من زَفيرٍ مُحْرِقِ وسكبتُ دمعي ثمَّ قلت لسكْبهِ ... من لم يذب من زفرَة فليفرق لَكِن خشيتُ عِقَاب ربّي إِن أَنا ... أغرقتُ أَو أحرقت من لم أخلُقِ ... وَقَوله ... يَا صاحبيّ وَمَا الْبَخِيل بصاحبٍ ... هذي الديارُ فَأَيْنَ تِلْكَ الأدْمُعُ أتمرُّ بالعَرَصات لَا تبْكي بهَا ... وهيَ المعاهدُ منهمُ والأرْبُعُ هَيْهَات لَا ريحُ اللواعج بعدهمْ ... رَهْوٌ وَلَا طَيْرُ الصَّبابةِ وُقَّعُ يَا سَعْدُ مَا هَذَا المُقامُ وَقد مَضَوا ... أَتُقِيمُ من بعد الْقُلُوب الأضْلُعُ ... الحديث: 563 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 .. جاروا على قلبِي بسِحْر جفونهم ... لَا زَالَ يَشْعَبُه الأسى ويُصَدِّعُ وأبى الهَوَى إِلَّا الحلولَ بلعلع ... وَيْح المطايا أبن مِنْهَا لَعْلَعُ لم يَدْرِ أَيْن ثَوَوْا فَلم يسْأَل بهمْ ... ريحًا تهبُّ وَلَا بُرَيقاً يلمع وَكَأَنَّهُم فِي كل مَدْرَجِ ناسمٍ ... فَعَلَيهِ مِنْهُم رقت تتضَوَّعُ فَإِذا منحتُهمُ السلامَ تبادرتْ ... تبليغه عني الرِّيَاح الرّبع ... وَقَوله ... كلَّمْتُه فاحمرَّ من خَجَل ... حَتَّى اكتسى بالعَسْجَد الوَرقُ وَسَأَلته تقبيلَ راحتِه ... فَأبى وَقَالَ أَخَاف أحترقُ حَتَّى زفيري عاقَ عَن أملي ... إِن الشقيَّ بريقه شَرِقُ ... وَقَوله وَقد شرب عِنْده محبوبه عَشِيَّة وعزم على أَن ينْفَصل عَنهُ لداره فَمَنعه من ذَلِك سيل فَبَاتَ عِنْده ... يَا لَيْلَة جادتِ اللَّيَالِي ... بهَا على رغم أنْفِ دهري للسَّيل فِيهَا عليّ نُعْمى ... يقصُر عَنْهَا لسانُ شكري أباتَ فِي منزلي حَبِيبِي ... وَقَالَ فِي أَهله بعُذْر فبتُّ لَا حالهُ كحالي ... ضجيعَ بدرٍ صريعَ سُكْرِ يَا لَيْلَة القَدْر فِي اللَّيَالِي ... لأَنْت خيرٌ من ألْفِ شَهْرِ ... وَقَوله ... لم تبْق عِنْدِي للصِّبا لذَّةٌ ... إِلَّا الأحاديثَ على الخَمْرِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 وَقَوله ... وَمَا بقيتْ من اللَّذات إِلَّا ... محادثةُ الرِّجَال على الشَّرَاب ولثمتك وجْنَتَيْ قَمرٍ منيرٍ ... يجولُ بخدّهِ ماءُ الشَّبَاب ... وَقَوله ... إنَّ مَاء كَانَ فِي وَجْنَتها ... شَرِبتْه السِّنُّ حَتَّى نَشِفَا وذَوَى العُنّابُ من أنْمُلها ... فأعادته اللَّيَالِي حشفا ... وَقَوله فِي الشواني ... وكأنما سكن الأرقم جَوْفَها ... من عهد نوحٍ مُدَّةَ الطوفانِ فَإِذا رأَيْنَ الماءَ يَطفَحُ نَضْنَضَت ... من كل خُرتٍ حَيَّةٌ بِلِسَان ... وَقَوله ... بَلَنْسِيَةٌ قرارةُ كلِّ حُسْنٍ ... حديثٌ صحَّ فِي شَرْقٍ وغَرْبِ فَإِن قَالُوا محلٌ غلاءِ سعرٍ ... ومَسْقَطُ دِيمَتَيْ طَعْنٍ وضرْبِ فَقل هيَ جَنَّةٌ حُفَّتْ رُباها ... بمكروهين من جوعٍ وحَرْبِ ... قَالَ صَفْوَان اجْتمع مَرْجُ كُحْلٍ وابنُ حريق فِي مجْلِس أحد الوزراء فابتدأ مرج كحل ينشد قصيدة فِي الْفَخر أَولهَا ... هَكَذَا كل جزيريّ النَّسَبْ فَقَالَ ابْن حريق يَا بَس الرَّاحَة مبلول الذَّنب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 564 - الْحَكِيم الفيلسوف أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عَتيق ابْن جُرْج الْمَعْرُوف بِابْن الذَّهَبِيّ أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ من أَعْيَان بلنسية وَإِنَّمَا عرف بالذهبيّ لِأَن جده كَانَ مُولَعا بالكَتْب بِالذَّهَب والتصوير بِهِ وَاجْتمعت بِهِ فِي مراكش فَرَأَيْت بحراً زاخراً وروضاً ناضراً قَالَ وَكَانَ مشاركاً فِي الآدب وعلوم الشَّرِيعَة وَلَكِن الْغَالِب عَلَيْهِ علم الفلسفة وَكَانَ أَيْضا طَبِيبا ماهراً وَكَانَ من أَصْحَاب ابْن رَاشد فَلَمَّا سَخِط الْمَنْصُور على ابْن رشد طلب أَصْحَابه فاختفى ابْن الذهبيّ إِلَى أَن عَفا عَنهُ ثمَّ مَا زَالَ يترقّى إِلَى أَن قدّمه على الطّلبَة فجلَّ قدره واشتهر ذكره وَكَفاك عُنواناً على علو طبقته فِي النّظم قولُه ... أَيهَا الْفَاضِل الَّذِي قد هَدَانِي ... نَحْو من قد حَمِدْتُه باختياري شَكَرَ اللهُ مَا أتيت وجازاك ... وَلَا زلتَ أيَّ نجمٍ لسَار أيّ برقٍ أَفَادَ أيَّ غمامٍ ... وصباحٍ أدّى لضوء نَهَار وَإِذا مَا غَدا النسيم دليلي ... لم يُحِلُني إِلَّا على الأزهار ... الحديث: 564 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 وَقَوله فِي وَزِير مراكش أبي سعيد بن جَامع وَقد عَاده ... أَنْت عَيْنُ الزَّمَان لَا تنكر السقم ... فَمَا ذَاك مُنْكَرٌ فِي العيونِ ... 565 - عبد الْوَدُود البلنسيّ الطَّبِيب من الخريدة رَحل إِلَى الْعرَاق وخُرَاسان وعُرف عِنْد السلاطين وَكَانَ فِي عصر السُّلْطَان مُحَمَّد بن مَلِكْشاه وَمن شعره قَوْله فِيمَا يكْتب بِالذَّهَب على بَيْضَة نَعامة ... قبيحٌ لمثلي أَن يُحَلَّى بعَسْجَد ... وألْبَسَ أثواباً ومَلْبَسيَ الدُّرُّ وَلَو كنتُ فِي بَحْرٍ لعزَّتْ مطالبي ... ولكنّ عَيْبي أَن مَسْكَنِيَ البرُّ ... الشُّعَرَاء 566 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الدَّوْدين من الذَّخِيرَة هُوَ أحد من لَقيته وأملى عليَّ نظمه ونثره بأشْبونة سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَمِمَّا أَنْشدني من شعره قَوْله ... علَّمني فِي الْهوى عليٌّ ... كَيفَ التَّصابي على وَقاري أطلعَ لي من دُجاهُ بَدْراً ... لم يدرِ مَا ليلةُ السِّرَار فحاد بِي عَن طَرِيق نُسْكي ... وظَلْتُ مُسْتأهلاً لنار ... الحديث: 565 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 وَقَوله ... خطّ العذار بصفحتيه كتابا ... مشفت بِهِ أيد المشيب جَوابا فغدَتْ غواني الحيِّ عَنْك غوانياً ... وأسلن ألحاظ الربَاب ربابا فلأ بكين على الشَّبَاب وطيبه ... ولأجعلنّ دَمَ الْفُؤَاد خِضابا ... 567 - أَبُو الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة الْمَشْهُور بِابْن الزَّقَّاق من سمط الجمان المطبوع بالأ صفاق ذُو الأنفاس السحرية الرقَاق الْمُتَصَرف بَين مطبوع الْحجاز ومصنوع الْعرَاق الَّذِي حكى بأشعاره زهر الرياض وأخْجَل بإشاراته عَثَرات الجفون المِراض وراض طبعه على شأو الرِّضا وطَلْقِ السُّرى الموطّأ فانقاد لَهُ وارتاض وَمن المسهب من فتيَان عصرنا الَّذين اشْتهر ذكرهم وطار شعرهم وَهُوَ جدير بذلك فلشعره تعشُّق بالقلوب وتعلُّقٌ بِالسَّمْعِ وأعانه على ذَلِك مَعَ الطَّبْع الْقَابِل كَونه استمدَّ من خَاله أبي إِسْحَاق بن خفاجة ونَزَع منزَعه وَأَنت إِذا سَمِعت قَوْله الحديث: 567 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 .. وأغيَدٍ طافَ بالكئوس ضُحىً ... وَحَثَّها والصباحُ قد وضَحَا والرَّوْضُ أهْدى لنا شقائقَه ... وآسُهُ العنبريّ قد نَفحا قُلْنَا وأيْن الأقاحُ قَالَ لنا ... أودعته ثغر من سقا القَدَحا فظلَّ ساقي المُدامِ يَجْحَدُ مَا ... قَالَ فَلَمَّا تبسَّم افتضحا ... وَقَوله ... ورياض من الشقائق أضحى ... يَتهادَى بهَا نسيمُ الرياحِ زُرْتُها والغمامُ يجلد مِنْهَا ... زَهَراتٍ تروق لون الرَّاحِ قلت مَا ذنبها فَقَالَ مجيباً ... سَرَقَتْ حُمْرةَ الخدود الملاحِ ... لم تحتج مَعَه إِلَى شَاهد غَيره على حسن تهدّيه واحتياله على أَن يُظهر الْخلق فِي حلية الْجَدِيد فَللَّه دره الْغَرَض من ديوانه قَوْله من القصيدة ... والطيف يخفى فِي الظلام كمى اختفى ... فِي وَجْنَةِ الزّنجيِّ مِنه حياءُ طلعتْ بِحَيْثُ الباتراتُ بوارقٌ ... والزُّرْقُ شُهْبٌ والقتام سماءُ ... وَمِنْهَا ... هذي القصائدُ قد أتتْكَ برودُها ... مَوْشيَّةً وقريحتي صنعاء ومديح مثلك مَا دحى ولرُبّما ... مُدِحَتْ بِمن تتمدّح الشعراءُ ... وَقَوله ... أفديكِ من نبعية الزَّوْرَاء ... مشغوفةٍ بمقاتل الأعداءِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 .. ألِفَتْ حَمام الأيك وَهْيَ نضيرةٌ ... وَالْيَوْم تألُفُها بِكَسْر الْحَاء ... وَقَوله ... يَا شمس خدر مَالهَا مغربُ ... أرامةٌ دارُك أم غُرَّبُ ذهَبْتِ فاستعبر طرْفي دَمًا ... مُفَضَّضُ الدمع بِهِ مَذْهَبُ اللهَ فِي مُهْجَةِ ذِي لوعةِ ... تَيَّمَهُ يَوْم النَّقَا الرَّبْرَب شام بروقاً لِلِّوَى فامْتَرى ... أضوْءه أم ثغرك الأشنب سُرُورُهُ بعدكمُ ترْحَةٌ ... وصُبْحه بعدكمُ غَيْهَبُ ناشدتك الله نسيمَ الصَّبَا ... أَيْن استقلَّتْ بَعدنَا زينبُ لم تَسْرِ إلاّ بشَذَا عَرفها ... أولاَ فَمَاذَا النَّفَسُ الطَّيِّبُ وَيَا سحابَ المُزْن مَا بالُنا ... يشوقنا ذيلُكَ إِذْ تَسْحَبُ هاتِ حَدِيثا عَن مغاني اللِّوى ... فعهدُك الْيَوْم بهَا أقربُ إيهِ وَإِن عذَّبني ذكرُها ... فَمن عَذَاب النَّفس مَا يَعْذُبُ هَل لعبتْ بالعرَصات الصَّبا ... فعجَّ مِنْهَا للصبا ملعبُ أم ضرَّها سُقْياك إِذْ جُدْتَها ... كم غَص ظمآنٌ بِمَا يَشْرَبُ يَا من شكا من زمنٍ قسْوةً ... أَيْن السُّرى والعِيسُ والسَّبْسَبُ أفلحَ من خَاضَ بحارَ الدُّجى ... وصهوةُ العزِّ لَهُ مَرْكَبُ أليسَ فِي الْبَيْدَاء مَنْدُوحةٌ ... إِن ضَاقَ يَوْمًا بالفتى مَذْهَبُ لأَخْبِطُ الليلَ وَلَو أنّه ... ذُو لِبَدٍ أَو حَيَّةٌ تلْسَبُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 .. تحمل كورى فِيهِ عَيْرَانةٌ ... إِلَى سوى مَهْرَةَ لَا تُنْسَبُ وَإِنَّمَا يعرف سُبْلَ العُلى ... يسلكها الأنْجبُ فالأنْجبُ إِن كَانَ للفضل أبٌ إنّه ... نجلُ بني عبد الْعَزِيز الأبُ المُنْتَضَى من حُجُراتِ الأُلى ... على السَّماكين لَهُمْ مَنْصِبُ ... وَمِنْهَا فِي السَّيْف ... يُبْتَزُّ عَن صفحته غِمدُهُ ... كَمَا انْجلى عَن مَائه الطُّحْلُبُ ... وَفِي الْفرس ... يَخْترقُ النَّقْعَ على أشقَر ... ينقضُّ مِنْهُ فِي الوَغى كوكبُ تطيرُ فِي الحُضْر بِهِ أرْبَعٌ ... يُطْوَى لَهَا المَشرِقُ والمغربُ لَهُ تَليلٌ مثلُ مَا يَنْثَني ... غُصْنٌ بِهِ ريحُ الصَّبا تلعبُ يُجيلُ فِي صَهْوته ضَيْغَماً ... لَيْسَ سوى السَّيْف لَهُ مِخْلَبُ ... وَقَوله ... قُمْ سَقِّني ذَهَبيّةً ... إِن الْأَصِيل مَذْهَب وليسبقن زهر الْكَوَاكِب ... للزجاجة كَوْكَب أَو ترى ذيل السَّحَاب ... على الحدائق يسحب والقضب ترقص والغدير ... مَعَ الحمائم يصخب وَإِذا ترنم أوراق ... فِيهِ تدفَّق مِذْنبُ والطَّلُّ دمعٌ سائلٌ ... أَو در سِلْكِ يُنْهَبُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 .. والبَرْقُ صَفْحةُ صارمٍ ... أَو مارجٌ يتلهَّبُ ومُهَفْهَفٍ يصبو إِلَيْهِ ... الشادن المترقب طابت حمياه ورياه ... أنمُّ وأطْيَبُ شَربَ المدامَ وعَلَّني ... من ثَغْره مَا يشرب حَتَّى إِذا انبرت الشُّمُول ... بمعطفيه تَلَعَّبُ عانَقْتُ مِنْهُ الصُّبْح حَتَّى ... لَاحَ صبح أَشهب فغدا اصطباحي من ثناياه ... الرُّضابُ الأشْنَبُ ... وَقَوله من مَرْثية ... تَضَمَّن مِنْهُ القبْرُ حَلْيَ مكارمٍ ... فخُيِّلَ لي أَن التُّرابَ تُرَاب لَئِن صَفِرَت مِنْهُ يَدُ الْمجد والعُلَى ... فقد مُلِئَتْ من راحتيه الحقائبُ وَوَاللَّه مَا طَرْفي عَلَيْك بجامدٍ ... وَهل تجمُد العينان وَالْقلب ذائبُ وَلَا لغليل البَرْحِ بعْدك ناضِحٌ ... وَلَو نشأتْ بَين الضلوع سحائبُ ... وَمِنْهَا ... هُوَ القدَرُ المحتوم إِن جَاءَ مُقْدِماً ... فَلَا الغابُ محروسٌ وَلَا الليثُ واثِبُ وَمَا الناسُ إلاّ خائضُو غَمْرَةِ الرَّدَى ... فطافٍ على ظهر التُّرَاب وراسبُ ... وَقَوله ... أعدَّ الهجرَ هاجرةً لقلبي ... وصَيَّرَ وَعْدَهُ فِيهَا سرابا ... وَقَوله ... أَقبلت تحكي لنا مَشْيَ الحُبَابْ ... ظبيةٌ تفترُّ عَن مثل الحَبَابْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 .. كلما مَال بهَا سُكْرُ الصِّبا ... مَال بِي سكر هواما والتَّصَاب أُشْعِرَتْ من عَبَراتي خجلاً ... إِذْ تجلَّت فتغطَّتْ بنقابْ مثل شمس الدَّجْنِ مهما هَطَلَتْ ... عَبْرَةُ المُزْن توارتْ بحجابْ ... وَقَوله ... وحَبَّبَ يَوْمَ السَّبْتِ عنديَ أنّهُ ... ينادمني فِيهِ الَّذِي أَنا أحْبَبْتُ وَمن أعجب الْأَشْيَاء أنِّيَ مُسْلِمٌ ... حنيفٌ ولكنْ خيرُ أيّامي السبْتُ ... وَقَوله ... يَحنِيه طولُ ضِرابهِ هامَ العِدَا ... حَتَّى يُرى بيديهِ مِنْهُ صَوْلَجُ من كلِّ وقَّادِ السِّنان كأنّما ... فِي كل ذابلةٍ ذُبَالٌ يُسْرَجُ ... وَقَوله ... ألمّتْ فباتَ الليلُ من قِصَرٍ بهَا ... يطيرُ وَلَا غيرُ السرُور جناحُ وبتُّ وَقد زارتْ بأنعم حالةٍ ... يعانقني حَتَّى الصَّباح صباحُ على عَاتِقي من ساعِدَيْها حمائلٌ ... وَفِي حَصْرها من ساعديّ وشاح ... وَقَوله ... سَرَتْ إِذْ نامتِ الرُّقباءُ حَولي ... ومسكُ اللَّيْل تُهديه الرياحُ وَقد غنّى الحُلِيُّ على طُلاها ... بوَسْواسٍ فجاوبه الوشاحُ تُحاذِرُ من عَمُود الصُّبْح نورا ... مَخَافَة أَن يُلِمَّ بِنَا افتضاحُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 .. وَلم أرَ قبلهَا والليلُ داجٍ ... صباحاً باتَ يَذْعَرُهُ صباحُ ... وَقَوله ... ورُبّ مائِسَة الأعطافِ مُخْطَفَةٍ ... إِذا دنا نَزْعُهَا فالعيشُ مُنْتَزَحُ ظَلَّتْ ترِقّ وظلَّ النَّزْعُ يَعطِفها ... كَمَا ترنَّم نشوانٌ بهِ مَرحُ وَقد تألّق نَصْلُ السهْم مندفعاً ... عَنْهَا فقُلْ كوكبٌ يُرْمى بِهِ قُزَح ... وَقَوله ... شَبُّوا ذُبالَ الزُّرق فِي يَوْم الوغَى ... فأنارَ كلّ مذَرّبٍ مصباحا سُرُجٌ ترى الْأَرْوَاح تُطْفِي غَيرهَا ... عَبَثاً وهذي تطفئُ الأرواحا ... وَقَوله ... نُثِرَ الوردُ بالحليج وَقد دَرَجه ... بالهبوب مَرُّ الرِّيَاح مثل دِرْعِ الكَميِّ مَزَّقها الطعْن ... فسالت بهَا دِمَاء الْجراح ... وَقَوله ... وَكَأن الْبَرْق فِي أرجائها ... أرْسلت نقطا بِهِ قَوس قزَح ... وَقَوله ... وليلٍ طَرَقْتُ الخِدْرَ فِيهِ وللدُّجى ... عُبابٌ ترَاهُ بالكواكب مزبدا ... وَقَوله ... ذَرْنِي ونجدا لَا حملتُ نِجَادي ... إِن لم أخُطَّ صَعيدَها بصِعَادي وأخْضَخِضَنَّ حَشَا الظلام إِلَى الدُّمَى ... وأصافحنَّ سوالفَ الأجياد وَلَقَد مررتُ على الْكَثِيب فأرْزَمَتْ ... إبلي ورجَّعتِ الصهيلَ جيادي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 .. مَا بَين ساحاتٍ لَهُم ومعاهد ... سُقِيَتْ من العَبَرات صَوْبَ عِهاد ضَرَبُوا ببَطْن الواديينِ قبَابَهُمْ ... بَين الصوارمِ والقَنَا المُنْآد والوُرْقُ تَهتِف حَولهمْ طرَباً بهمْ ... فِي كل مَحْنِيَةِ ترنَّمَ حادي يَا بانةَ الْوَادي كفى حَزَناً بِنَا ... أَلا نُطارح غيرَ بانَةِ وَاد أَيْن الظباءُ المُشرئبَّةُ بالضحى ... فِي مُنْحَنَاكِ وأينَ عَهْدُ سعادِ وردوا وَمن بيضِ المناهل أدْمُعي ... ونأَوْا وَبَعض الظاعنين فُؤَادِي فسَقَتْهُمُ حَيْثُ الْتَقت برِحالهم ... هُوُج الركاب روائحٌ وغوادي ينهلُّ وابِلُها كَمَا تنهلُّ منْ ... يُمْنَى أبي الْفضل الْكَرِيم أيادي الأرْيحيِّ إِلَى السماحة مثل مَنْ ... يرتاح للْمَاء المُرَوَّقِ صادي والمُعْتلي فَوق السِّماك أرُومةً ... والمُزْدَرِي فِي الحِلْم بالأطْوادِ قاضٍ لَدُنْ يممَّتُ عدلَ قضائِهِ ... لم أُعْطِ جَوْر الحادثات قِيادي متواضِعٌ لله يُرْفَعُ قدرُهُ ... عَن أَن يُقاسَ بِسَائِر الأمجاد مَا قلد الْأَحْكَام دون تَقِيّ وَهل ... يتقلد الصمصمام دون نجادِ طَلْق المحيَّا وَالْيَدَيْنِ إِذا احْتَبى ... وَإِذا حَبا رَحْبُ النَّدَى والنَّادِ لَو أُلْبِسَ الليلُ البهيمُ خِلالَهُ ... لم تشْتَمل أرجاؤُه بحِدادِ طابَ الثناءُ تضوُّعاً مِنْهُ على ... حُلْوِ الشَّمَائِل طيِّب الميلاد ... وَمِنْهَا ... يَا غُرَّة الزَّمَن البَهيم وعصمة ... الرجل الطريد ونجْعَةَ المرتادِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 .. خُذ من ثنائي مَا يكَاد نظامُه ... يُنْسِي فصاحة يَعْرُبٍ وإيادِ ... وَمِنْهَا ... وَبَنُو الزَّمَان وَإِن بدا مَلَقٌ لَهُم ... أضغانُهم كالجمر تَحت رَمادِ لَا غَرْوَ أنَّك قد نبتَّ خلالهم ... قد ينبتُ النُّوَّارُ بَين قَتَاد عجبا لمن قد رام سبقكَ منهمُ ... أنَّى تروم العِيسُ سَبْقَ جوادِ جَلَّ اعتلاؤك أَن تساجلَه عُلاً ... من ذَا يضاهى لُجَّةً بِثِمادِ لَا زلتَ ترفلُ فِي سوابغ أنعم ... فضفاضة الأذيال والأبْراد وبقيتَ زَيْناً للبلاد ورفعةً ... إِن الصوارم زينةُ الأغماد ... وَقَوله ... وتنفَّستْ وَقد استَحَرّ تنهُّدي ... فوشَى بِذَاكَ النَّدِّ هَذَا المَجْمَرُ ... وَقَوله ... علوتَ كلَّ عظيمِ الشَّأْن مَرتبةً ... إِن الخلاخيل تعلوها التقاصيرُ ... وَقَوله ... ومُرِنَّةٍ قدحتْ زِنادَ صَبَابتي ... والبرقُ يقدحُ فِي الظلام شرارُهُ ورقاءُ تأرَقُ مقلتي لبكائها ... لَيْلًا إِذا مَا هَوَّمَتْ سُمَّارُهُ إيهِ بعيشكِ يَا حمامةُ خَبِّري ... كَيفَ الكَثيبُ ورنده وعراره أترنحت بتنفسي أثلاثه {أم أينعتْ بمدامعي أزهارُهُ أما الفوارسُ فاستداروا حوله ... حَيْثُ استقلَّ كَمَا اسْتَدَارَ سوارُهُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 .. ونَضوا شِفارَهُم الصقيلةَ دونه ... حَتَّى حَسبنَا أنَّها أشفارُهُ فِي وَجَنتَيْه من المهنَّد مَا اكتسى ... يَوْم الوَغى وبمقلتيه غِرارُهُ ... وَقَوله ... وزائرة زارت مَعَ اللَّيْل مَضْجَعي ... فعانقْتُ غُصْنَ البان مِنْهَا إِلَى الْفجْر أسائلُها أَيْن الوشاح وَقد أَتَت ... مُعَطَّلةً مِنْهُ مُعَطَّرَةَ النَّشْرِ فقالتْ وأوْمَتْ للسِّوار نقلتُه ... إِلَى مِعْصَمِي لما تَقَلْقَل فِي خَصْري ... وَقَوله ... رَقَّ النسيمُ وراق الرَّوضُ بالزَّهَر ... فَنَبِّهِ الكأسَ والإبريق بالوَتَرِ مَا العيشُ إِلَّا اصطباحُ الراح أَو شَنَب ... يُغْنى عَن الراح من سَلْسال ذِي أُشُرِ قل للكواكب غُضِّي للكَرَى مُقَلاً ... فأعيُنُ الزَّهر أولى مِنْك بالسَّهَرِ وللصباح أَلا فانشُرْ رداءَ سَناً ... هَذَا الدُّجى قد طوتْه راحةُ السَّحَر وَقَامَ بالقهوة الصَّهْبَاء ذُو هَيَفٍ ... يكَاد معْطَفُهُ يَنْقَدُّ بالنَّظَرِ يطفو عَلَيْهَا إِذا ماشجها دُررٌ ... من عِقدِه اختُلسَت أَو ثَغْرِه الخَصِر فالكأسُ فِي كفِّه بِالرَّاحِ مُتْرَعةٌ ... كهالةِ أحدَقَتْ فِي الأُفْق بالقمر ... وَقَوله ... وَمَا شقَّ وجنته عابثٌ ... وَلكنهَا آيةٌ للبشَرْ جلاها لنا الله كَيْمَا نرى ... بهَا كَيفَ كَانَ انشقاقُ القَمَرْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 وَقَوله ... كتبتُ وَلَو أنني أستطيعُ ... لإجلال قَدْرِكَ دون البشرْ قَددْتُ اليراعة من أنْمُلِي ... وَكَانَ المداد سَواد الْبَصَر ومُقلةِ شادنٍ أودتْ بنفسي ... كأنَّ السُّقْمَ لي وَلها لِبَاس يسل اللحظ مِنْهَا مشرف يَا ... لقتلي ثمَّ يُغْمِدُهُ النُّعاسُ ... وَقَوله ... مَطْلُولُ أمْلُودِ الصِّبا مَيَّاسُهُ ... خُلِعَ الشبابُ عَلَيْهِ فَهْوَ لباسُهُ بدرٌ وأكنافُ الحَشَا آفاقُهُ ... ظَبْيٌ وأحْناءُ الضلوع كناسه لم ندر إِذْ جائت بنكهته الصِّبَا ... أتضوع الكافور أم أنفاسه وَقد عَيينا إِذْ توالى سَكْرُهُ ... ألحاظُه مالتْ بِنَا أم كاسه لِلْحسنِ مرموقا على وجناتِهِ ... سَطرٌ وصفحة خَدِّه قِرطاسُهُ إِن خالفتْ تِلْكَ المحاسنُ فعلُه ... فالسيفُ يُطبَعُ من سواهُ رئاسُهُ ... وَقَوله ... يَا ضياءَ الصُّبْح تَحت الغَبَش ... أطرازٌ فَوق خَدَّيك وُشِي أم رياضٌ دبَّجَتْها مُزْنَةٌ ... وبدا الصُّدْغُ بهَا كالحَنَشِ لست أَدْرِي أسهامُ اللَّحْظِ مَا ... أتَّقي أم لَدْغُ ذَاك الأرْقَشِ ربّ ليلٍ بتُّه ذَا أرَقِ ... لَيْسَ إِلَّا من قتاد فُرُشي سابحاً فِي لجتة الدمع ول ... كنني أَشْكُو عليل الْعَطش ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 .. وبُروقُ اللَّيْل فِي أسْدافهِ ... كسيوف بأكفِّ الحَبشِ وسُهَيْلٌ خافقٌ فِي أُفْقِهِ ... كضرامِ بيديْ مُرْتَعِش وسماءُ الله تَبْدى قمراً ... واضحَ الغُرَّة كَابْن القُرَشِي ... وَقَوله ... بِأبي وغيرِ أبي أغَنُّ مُهَفْهَفٌ ... مجدولُ مَا تَحت الوِشاح خميصُهُ لبِسَ الفؤادَ ومزَّقَتْهُ جفونُه ... فَأتى كيوسفَ حِين قُدَّ قميصُه ... وَقَوله ... أدِيرَاها على الرَّوْض المندَّى ... وحكْمُ الصُّبْح فِي الظَّلماء ماضي وكأسُ الراح تنظر عَن حَبابٍ ... ينوبُ لنا عَن الحَدَق المِراضِ وَمَا غرَبتْ نجومُ الأُفْق لَكِن ... نُقِلْنَ من السَّمَاء إِلَى الرياضِ ... وَقَوله ... وعشيَّةٍ لبستْ رداءَ شقيقٍ ... تَزْهُو بلونٍ للخدود أنيقِ أبْقَتْ بهَا الشمسُ المنيرةُ مثل مَا ... أبقى الحياءْ بوَجْنَةِ المعشوقِ لَو أَسْتَطِيع شربتها كلفا بهَا ... وَعدلت فِيهَا عَن كئوس رحيقِ تَسري بكلّ فَتى كأنَّ رداءَه ... خَضِلاً بأدمُعهِ رداءُ غريق ... وَقَوله ... تَبْدو هلالاً ويبدو حَلْيُها شُهُباً ... فَمَا نُفَرِّق بَين الأَرْض والأفق ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 .. غازلتها والدجى الْغَرِيب قد خُلِعت ... مِنْهُ على وجْنتَيْها حُمرةُ الشَّفقِ حَتَّى تقلص ظلُّ اللَّيْل وانفجرت ... للفجر فِيهِ ينابيعٌ من الفَلَقِ ... وَقَوله ... إِذا أردْتُ كئوسَ الراحِ مُتْرَعَةً ... أومتْ إليَّ يدُ الإصباحِ بالشفقِ ... وَقَوله ... أطْلَعَتْ خَجْلتُه فِي خَدِّه ... شفقاً فِي فَلَقٍ تَحت غَسَقْ ... وَقَوله ... غفرتُ للأيام ذَنْب الفراقْ ... أنْ فُزْتُ فِي توديعهم بالعِناقْ مَا أنْسَ لَا أنْس لَهُم وَقْفَة ... كالشَّهد والعلقم عِنْد المذاقْ كم لَيْلَة لي بعقيق الحِمى ... قَصرْتُها باللَّثْم والاعتناقْ مَا ادرع الليلُ بظلمائهِ ... حَتَّى كَسَاه الصبحُ مِنْهُ رواقْ فانحَفَزَتْ أنجمُه يَشتكي ... للْبَعْض مِنْهَا البَعْضُ وَشْكَ الفراقْ وانتبهَ الصبحُ بُعَيْدَ الكرَى ... كَذِي هَوىً من غَشْيَةِ قدْ أفاقْ فِي روضةٍ عَلَّمَ أغصانُها ... أهْلَ الْهوى العُذْريّ كَيفَ العِناقْ هَبَّتْ بهَا ريحُ الصَّبا سُحْرَةً ... فالتفَّتِ الأغصان ساقاً بساق ... وَقَوله ... سمحتُ بقلبي والهوى يُورث الْفَتى ... طباع الجوادالمحض وهْوَ بخيلُ وَلم تَخْلُ من حُسنِ الْقبُول مطامعي ... وظَنِّيَ بِالْوَجْهِ الْجَمِيل جميلُ إِذا قَبِلَ المعشوقُ تُحفَةَ عاشِقٍ ... فيوشك أَن يُرْجَى إِلَيْهِ وُصُول ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 وَقَوله ... خليليَّ انْظُرا منّي عَليلاً ... يُعَلِّلُ نفْسَهُ نفَسٌ عليلُ أما غيرُ الجِمال لنا لقاءٌ ... وَمَا غير النسيم لنا رَسُول ... وَقَوله ... تِبْريةُ اللَّوْنِ مثلُ الْغُصْن قد لبَستْ ... ثوْب الرَّدى معرضًا فِي موقف الجدل تَشْدُو وَقد مسحتْ عَنْهَا مدامعَها (أَنا الغريقُ فَمَا خوفي من البَلَل) وَمن مَرْثِيَة ... أعْززْ عليَّ بضيغَمٍ ذِي سطوةٍ ... أجَمَاتُهُ بعد الرِّماح رِجامُ أعززْ عليّ بزهرةٍ مطلولةٍ ... أمستْ وَلَا غيرُ الضريح كِمَامُ مَا كَانَ إِلَّا التِّبْرَ أخْلص سكبه ... فاسترجَعَتْه تُرْبَةٌ ورَغامُ إِن راحَ مهجورَ الفِناء فطالما ... هجَرَتْ بِهِ أرواحَها الأجسامُ كَثُرَ العويلُ عَلَيْهِ يَوْم حِمامِه ... حَتَّى كأنَّ العالمينَ حَمامُ يَا حاملين النَّعشَ أَيْن جيادُه ... يَا مُلْبِسيه التُّربَ أَيْن اللَّام ضَجَّتْ لمصرعك النوادبُ ضجّةً ... سدّتْ مسامَعها لَهَا الْأَيَّام ... وَقَوله ... وَلَقَد طَرَقتُ الحيّ فِي غَسَق الدُّجى ... والليلُ فِي شِيَةِ الجوادِ الأدْهمِ مُتَنَكِّباً زوراءَ مثل هلاله ... نَصّلْتُ أسهُمَها بِمثل الأنْجُمِ يَنسابُ بِي بَين الصوارم مثلَ مَا ... أبصرْتَ فِي الغُدرِ انسيابَ الأرْقَم ... وَقَوله ... نادمته فقرعت السن من نَدم ... فِي جُنْح ليلٍ كحالى حالكِ الظِّلَمِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 .. غَنَّى يُرَدِّدُ واشوْقي لظَعْنِهِمُ ... فردَّد السَّمْعَ واشوقي إِلَى الصَّمَمِ ... وَقَوله ... وفتيان مصاليتٍ كرامٍ ... صحبتهمُ على خَوْضِ الظَّلامِ وَقد خَفق النَّعاسُ بهم فمالوا ... بِهِ مَيْلَ النزيف من المُدامِ وكلٌّ تَحْتَهُ هَوجاءُ تَمْطُو ... سوالفُها بإرْخاءِ الزِّمامِ سريتُ بهم وللظلماء سَجْفٌ ... يُمزِّقه ببارقِهِ حُسامي أجُرُّ ذوابلي من أَرض نَجْد ... خلالَ مَجَرِّ أذْيال الغَمامِ على مَيْثاءَ رفّ بهَا الخُزامى ... فأضْحى الزهْرُ مفضوضَ الختامِ تَلُفُّ غصونَها ريحٌ بليلٌ ... فَيَعْتَنِقُ الْأَرَاك مَعَ البَشَامِ أَلا يَا صاحبيَّ استَرْوحاها ... شآمِيَّةً فَمَنْ أهْوى شآمِ عَسى نَفَسُ النَّعامى بعد وَهْنٍ ... يُبَشِّرُ من سُلَيْمى بالسَّلامِ ... وَقَوله ... وليل قطعتُ دياجيرهَ ... بعذراءَ حمراءَ كالعَنْدَم أُديرتْ كواكبُ أقداحها ... عليَّ فأغْرَبْتُها فِي فَمي فَقَالَ وَقد طَار من خُفْيَة ... إصباحه وَاضح المَبْسِم رأيتُكَ تشربُ زُهْرَ النُّجُوم ... فولَّيْتُ خوفًا على أنْجُمِي ... وَقَوله ... ووافى كَمثل الصُّبح عُرْيانَ كلما ... تكذِّبه عينُ الْبَصِير يَبينُ وَقد كَانَ بالسُّمْر الذوابل فِي الوَغى ... مصُوناً كَمَا صان العيونَ جفونُ ... وَقَوله ... وَلَقَد تروعهمُ الكواكبُ رَهْبَةً ... لمَّا حَكَيْنَ أسنَّةَ المُرَّانِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 .. ولربما عطشوا فحلأهم عَن الْغدر ... اشتباهُ البِيض بالغُدْران والسَّيفُ دامي المَضْربَيْن كجدولِ ... فِي ضِفَّتيه شقائق النعمانِ ... وَمِنْهَا ... مَا لَاحَ فِي الهيجاءِ نَجْمُ مُثَقِّفٍ ... وهلال كلِّ حَنِيَّةٍ مِرنانِ ... وَقَوله ... دع الخَطِّيِّ يَثْنى مِعْطَفيْهِ ... فإنَّ الأسهمي فضلا عَلَيْهِ إِذا كَانَ العُلا قَتْلَ الأعادي ... أيَفْضُل غَيْرُ أسْرَعِنا إِلَيْهِ ... وَقَوله ... ويَا لغُصْنِ نقا لدن معاطفه ... سقيته الدمع حَتَّى أثْمَرَ القُبَلا ... وَقَوله ... وَاللَّيْل يسترني غِرْبيبُ سُدْفَتِهِ ... كأنني خَفَرٌ فِي خدِّ زنْجيِّ ... 568 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن النَّشَّار من شعراء زَاد الْمُسَافِر من إحسانه قَوْله ... ألُوَّامِي على كَلَفي بِيَحْيَى ... مَتى من حُبِّه أَرْجُو سَرَاحا وبينَ الخدِّ والشفتين خالٌ ... كزنجيِّ أَتَى روضاً صَباحا تحيَّر فِي جَناه فَلَيْسَ يَدْرِي ... أيَجْنى الْورْد أم يجني الأقاحا ... الحديث: 568 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 وَقَوله ... فِي خد أَحْمد خَال ... يصبو إِلَيْهِ الخَلِيُّ كَأَنَّهُ روضُ وَرْدِ ... جَنَّانُه حَبَشِيُّ ... وَقَوله ... قلبِي تُرى أَي طريقٍ سَلَكْ ... فحَقَّ يَا جسميَ أَن أسألَكْ أنينُهُ دلَّ عَلَيْهِ فَهلْ ... أنحلَه السُّقْمُ الَّذِي أنْحَلكْ وَيَا رشاً خُوِّل أُسْدَ الشَّرَى ... هَنَاك ربُّ الْعَرْش مَا خَوَّلَكْ قتلت يَا بدرُ جميعَ الوَرَى ... فَمَنْ إِلَى قَتْل الوَرَى أنزلك مَا ملَكُ الموتِ كَمَا حَدّثوا ... بل لَحظُكَ الْمَوْت وَأَنت المَلَكْ يَا يُوسُفاً أزْرى بِحسن الَّذِي ... آمن فِي الجُبِّ وقوعَ الهلَكْ أقسمتُ لَو أَنَّك فِي عصرهِ ... بِآيَة الْحسن الَّذِي دَلَّلَكْ مَا خَلَتِ الحسناءُ يَوْمًا بهِ ... تِيهاً وَلَا قَالَت لَهُ هَيْتَ لَكْ إِن قُطِّعَتْ أيْدي نساءٍ لَهُ ... فكم قُلُوب قَطَّعَ الناسُ لَكْ ... الْأَهْدَاب مُوَشَّحة لِابْنِ حَريق ... سل حارِسَيْ روضةِ الجمالِ ... وصَوْلَجَيْ ذَلِك العِذارْ من توَّجَ الغصنَ بالهلال ... وأنبَتَ الوردَ فِي البهار ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 .. أيّ أقاحٍ وجُلّنارِ ... حاما على مَنْهَلِ الرُّضابِ وأيّ صِلَّيْن من عِذارِ ... دَبَّا كلامَين فِي كتاب وأيّ ماءٍ وأيّ نارٍ ... ضمَّتْهما نَعمةُ الشبابِ فقلْ حَيَا مَوْردٍ زُلاَلِ ... يحرسُه الثغرُ بالشِّفارْ وَقل جِنانٌ وَقل لآلِ ... يُعَلُّ بالمسك والعُقارْ من لي بِهِ والمنى غرورُ ... وسنانُ طاوى الحشا غَريرُ النَّورُ من خدِّه منيرُ ... على فُؤَادِي وَلَا نَصيرُ يَا نفس مَا مِنْك بالوصالِ ... بُدٌّ وَلَا منّيَ انتصارْ فقد دَعَا جَفْنُه نزالِ ... فَأَيْنَ من فتكهِ الفِرارْ يَا قلبِي المُبْتَلى بحبِّه ... باعتك عَيْني بِلَا شرا من باخل فِي الْهوى بِقُرْبِهِ ... حَتَّى على اللَّطِيف بالكَرَى صبرا على هَجْره وعتْبه ... فَلَيْسَ إِلَّا الَّذِي تَرَى لَعَلَّ رفقا من الوصالِ ... يُدال من قَسْوةِ النِّفَارْ أَو بعضَ مَا تحدث الليالِ ... يفك من ذَلِك الإسارُ وناصحٍ قَالَ يَا غريبُ ... أسرَفت فِي البَثِّ والحَزَنْ للمرءِ من دمعه نصيبُ ... والروحُ مَا إِن لَهُ ثَمنْ وَيحك لَا عيشَةٌ تطيبُ ... وَلَا نديمٌ وَلَا سَكنْ فخلِّ عينيَّ فِي انهمال ... يقر للدَّمع من قرارْ وابك معي رقّةً لحالي ... بكاءَ غَيْلان فِي الديار جعلتُ لِبْسَ الْهوى شِعاراً ... واختلت فِي برده القشيبِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 .. ولي حبيبٌ سَطَا وجارا ... بِالنَّفسِ أفْديه من حبيبِ شدوت إِذْ مرَّ بِي سِرارا ... من خشيَة السَّامع الرقيبِ مُحَمَّد اللُّنْقُ يَا غزالِ ... يَا صَاحب الْعَينَيْنِ الكبارْ قطفتَ قلبِي وَلم تبال ... لَيْسَ ذَا عَلِكْ يَا حَبِيبِي عارْ ... من زجل لأبي زيد الْحداد البكارزور البلنسي ... أيش تستر يَا بن أبي العافيَهْ ... لسْ تخفي عَن حَدّ هَذَا الخافِيَهْ اش تستر لس بِهِ شئ أَن يسْتَتر ... ذَا القِصَا لَا بُد لَهَا أَن تشتهر أَي صفقا كَانَ يَشْتَرِيهَا من حضر بصَلْبا ولَسْ تكون لي غالِيَهْ ... لِأَنَّك من الْفلك العاليه إيش تدهب عِنْد الْبُطُون من الْعُقُول جُجَّ الكاس ومُدّ ساقك لَا تَزُول وإبليس يضْحك يجيها وَيَقُول اطمن قطّ أَن الشريب باليَه ... والفتيان عُزَّاب ودارا خاليَهْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا المملكة البلنسية وَهُوَ كتاب الْحلَّة السندسية فِي حلى الرُّصافة البلنسيَّة مناظر وبساتين ومياه جَارِيَة تُصاقب حَضْرَة بَلَنْسِية وَهِي من أبدع مُتَفّرَّجاتها وَقد كثر ذكرهَا فِي الشّعْر مِنْهَا 569 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن غَالب الرُّصافيّ أمْلى عليّ وَالِدي فِي شَأْنه هُوَ شَاعِر الأندلس فِي أَوَانه بِمَا اشْتهر عِنْد الْخَاص وَالْعَام من إحسانه قَالَ وَكَانَ عمي أَبُو جَعْفَر بن سعيد الحديث: 569 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 يَقُول عَنهُ هُوَ ابْن رومي الأندلسي لما رَآهُ من حسن اختراعه وتوليده كمعناه فِي الحائك وَمَعْنَاهُ فِي النجار وَذكره للأصيل وَمَا تقف عَلَيْهِ من شعره مِمَّا يدلك على عظم قدره وَقد وَفد على عبد الْمُؤمن وأنشده وَهُوَ فِي جَبَل الفَتْح قصيدة أَولهَا ... لَو اقتبَسْتَ الْهدى من جَانب الطُّورِ ... أُعْطيت مَا شِئْت من هَدْيٍ وَمن نور ... الْغَرَض من ديوانه قَوْله من قصيدة فِي أبي جَعْفَر الوَقَّشِي وَزِير ابْن هَمْشك ... لمحلَّك التَّرْفيعُ والتعظيمُ ... ولوجهكَ التقديسُ والتكريمُ ولراحتيكَ الحمدُ فِي أرزاقنا ... والرزقُ أجمعُ مِنْهُمَا مقسومُ يَا مُنْعماً تطوي البلادَ هِباتُهُ ... وَمن الهبات مسافرٌ ومقيمُ إيهٍ وَلَو بعضَ الحَدِيث عَن الَّتِي ... حَيّا بهَا رَبْعي أجَشُّ هَزيمُ ... قد زارني فسُقيتُ من وَسْمِيِّه ... فَوق الَّذِي أُرْوِي بِهِ وأُسِيمُ سَرَتِ الجيادُ بِهِ إليَّ وفتيةٌ ... سَفَروا فَقلت أهلَّةٌ ونجومُ نعماء جُدْتَ بهَا إِن لم نَلْتَقِي ... فِيمَن يُدَنْدِنُ حولهَا ويحومُ وأعَزُّ من سُقْيَا الحَيَا من لم يَبِتْ ... فِي الْحَيّ يرقب بَرْقَهُ ويَشيمُ وَلَقَد أضِنُّ على الحَيَا بسؤاله ... والجوُّ أغْبَرُ والمرَادُ هَشيمُ وَإِن استحبَّ القَطْرُ سُقْيا مَوْضِعِي ... فمكانُ مثلي عِنْده مَعْلُومُ لما أدرْتُ إِلَى صنيعك ناظري ... فَرَأَيْت مَا أوْلَيْتَ فَهُوَ عميم ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 .. قلدت جيدَ الشُّكْر من تِلْكَ الحُلَى ... مَا شاءه المنثور والمنظومُ وأشرْتُ قُدَّامي كأنّيَ لاثمٌ ... وَكَأن كفك ذَلِك الملثوم يَا مفضلا سدك السخا بِمَالِه ... حَتَّام تبذل والزمانُ لئيمُ تَتَلَوَّنُ الدُّنْيَا ورأيك فِي العُلاَ ... والحمدُ دأبُك والكريمُ كريمُ ومنِ المتمِّمُ فِي الزَّمَان صَنِيعَة ... إِلَّا كريم شَأْنه التَّتْمِيمُ مثل الْوَزير الوقشيِّ وَمثله ... دون امتراءٍ فِي الورى معدومُ رجلٌ يدوُس النيِّرات بنَعْلِه ... قَدَمٌ ثَبوتٌ فِي الْعلَا وأُرومُ وصل البيانُ بِهِ المدى فكلامُه ... سهلٌ يشُقُّ وغامضٌ مفهومُ من معشرٍ والاهُمُ فِي سِلْكه ... نَسَبٌ صريحٌ فِي العَلاءِ صَميمُ قومٌ على كتفِ الزَّمَان لَبوسُهم ... ثوبٌ بحُسْن فِعالهم مَوْسُوم آثَارهم فِي الحادثين خديثة ... وفخارُهمْ فِي الأقدمين قديمُ لَو لم يُعِدُّوا من دعائم بَيتهمْ ... رُمْحَ السِّماك لخانه التقويمُ مَاتُوا وَلَكِن لم يمت بك فَخْرهمْ ... فالمجدُ حَيٌّ وَالْعِظَام رميمُ يَا أحْسَدَ الدُّنْيَا وَقد يَغَنَى بهَا ... عَن كُنْيَةٍ واسمُ الْعَظِيم عظيمُ أُجْري حَدِيثك ثمَّ أعجبُ أنَّه ... قولٌ يُقَال وعَرْفُهُ مشمومُ فبكلِّ أرضٍ من ثنائك شائعٌ ... عَبَقٌ كَمَا ولَجَ الرِّياضَ نسيمُ يَجْرِي فَلَا يَخْفى على مُستَنشق ... لَو أنّه عَن أُذُنه مكتومُ يُطوَى فينشرُهُ الثَّنَاء لطيبه ... ذِكْرُ الْكَرِيم بعنبرٍ مختومُ صحبتكَ خالدةُ الْحَيَاة وكل مَا ... تجتاز بابك جنَّةٌ ونعيمُ فِي ظلّ عزٍّ دائمٍ وكرامةٍ ... وفِناءُ دَارك بالوفود زَحيمُ من كل ذِي تاجٍ تَعِلَّةُ قصدهِ ... مرآك والإلمامُ وَالتَّسْلِيم ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 وَمن قَوْله من أُخْرَى فِي الْمَذْكُور ... أَلأَجْرعٍ تحتلّه هِنْدُ ... يَنْدى النسيمُ ويأرَجُ الرَّنْدُ ويطيبُ واديهِ بموردها ... حَتَّى ادّعى فِي مَائه الوَرْدُ نِعْمَ الخليطُ نضحت جانحتي ... بحَديثه لَو يَبْرُدُ الوجْدُ يُحْييك من فيهِ بعاطرةٍ ... لَو فاهَ عَنْهَا المسْكُ لم يَعْدُ يَا سعْدُ قد طَابَ الحديثُ فَزِدْ ... مِنْهُ أَخا نَجْواكَ يَا سَعْدُ فَلَقَد تجدَّد لي الغرامُ وإنْ ... بَلِيَ الْهوى وتقادَمَ العَهْدُ ذِكْرٌ يمرّ على الْفُؤَاد كَمَا ... يُوحى إِلَيْك بسِقْطهِ الزَّنْدُ وَإِذا خَلَوْتُ بهَا تمثَّلَ لي ... ذَاك الزمانُ وعيشُه الرَّغْدُ ولقاءُ جيرتنا غداتئِذٍ ... متيسِّرٌ ومَرامهم قَصْدُ وخيامهم أَيَّام مضربها ... سقط اللوى وكثيبه الْفَرد أعدو بهَا طوراً ورُبَّتَمَا ... رُعْتُ الفَلا والليلُ مَسْوَدُّ لكواكبٍ هِيَ فِي تَرَاكُبِها ... حَلَقُ الدروع يضمُّها السَّرْدُ من كلّ أرْوَعَ حَشْوُ مِغْفَرَهِ ... وَجْهٌ أعز وفاحِمٌ جَعْدُ ذُكِرَ الْوَزير الوقَّشِيّ لهمْ ... فأثارهم للقائه الوُدُّ مترقّبين حلولَ ساحتهِ ... حَتَّى كأنَّ لقاءَه الخُلْدُ قد رنَّحَتْهمُ من شمائلهِ 5 ذِكْرٌ كَمَا يتضوَّع النَّدُّ نعم الحَدِيث الحُلْوُ تملكه الركْبَان ... حَيْثُ رمى بهَا الوَخْدُ يَا صاحبيَّ أخبرُهُ عجبٌ ... لَكمَا على ظمأٍ بِهِ ورْدُ أم ذكره تتعللان بِهِ ... إِذْ لَيْسَ مِنْهُ لذِي فمٍ بُدُّ شَفَتَيكما فالنَّحْلُ جاثمةٌ ... مِمَّا يُسيل عَلَيْهِمَا الشهد ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 .. رَجُلٌ إِذا عرَض الرجالُ لَهُ ... كَثُرَ العديدُ وأعوَزَ النِّدُّ من معشرٍ نَجَمَ الْمقَال بهم ... زُهْر كَمَا يتساوق العِقْدُ لبسوا الوزارة معْلَمين بهَا ... زمع الصَّنائف يحسُنُ البُرْدُ مستأنفين قديمَ مجدِهمُ ... يبْنى الحفيدُ كَمَا بَنى الجَدُّ حُمِدوا إِلَى جَدٍّ وأعقبهم ... حَمْدٌ بأحمدَ مَا لَهُ حَدُّ وكأنما فاق الأنامَ بهم ... نَسَبٌ إِلَى القمرين ممتدُّ فَيرى وليدُهُمُ المنامَ على ... عُبْرِ المجرَّة أَنه مَهْدُ وَيرى الحَيَا فِي مُزْنه فَيرى ... أنَّ الرَّضَاع لريه صد وكأنما ولدُوا لكتفلوا ... حَيْثُ السنا والسودد العِدُّ فعلتْ كرائمُهم بهم وَعلا ... فَوق السَّمَاء النَّهْدُ والجَهْدُ ... وَمِنْهَا ... ضَمِن النوالُ بِأَن تروح إِلَيْهِ ... العيسُ مُعْلَمةً كَمَا تَغْدو وَلَقَد أَرَانِي بالبلاد و ... آمال الْبِلَاد بِبَابِهِ وَفْدُ وهِباتُه تصف النَّدى بيدِ ... علياءَ أقدمُ وَفدها المَجْدُ خفقتْ بهَا فِي الطَّرْسِ بارقةٌ ... حَدَق المُنَى من دونهَا رُمْدُ محمولةٌ حَمْلَ الحسام وإنْ ... خَفِيَ النِّجادُ هُنَاكَ والغِمْدُ يَسْطُو بهَا فَأَقُول يَا عجَباً ... مَاذَا يُرِي علياءَه الجدُّ حَتَّى اليراعةُ بَين أنْمُلِه ... يَا قوم مِمَّا تطبع الْهِنْد ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 وَقَوله ... وَالْأَمر أشهر فِي فضائله ... مَا إِن يُلَبِّسُها لَك البُعْدُ هَيْهَات يذهب عَنْك موضعهُ ... هَطَلَ الْغَمَام وجلجل الرَّعْدُ أعْرَبْتُ عَن مَكْنُون سُؤدُدِهِ ... مَا تُعْجِم الورقاء إِذْ تَشْدو سوَراً من المداح محكمَة ... من آيهنَّ الشكرُ والحمدُ وَلَعَلَّ مَا يَخْفى وَرَاء فمي ... من وده أَضْعَاف مَا يَبْدو ... وَقَوله ... سَقى العَهْدُ من نَجدٍ معاهدَهُ بِما ... يغارُ عَلَيْهَا الدمعُ أَن تشربَ القَطْرا ... وَمِنْهَا ... فَيَا عِينةَ الجَرْعاء مَا حَال بَيْننَا ... سوى الدَّهْر شئ فارجعي نشتكي الدهرا تقضت حياةُ الْعَيْش إِلَّا حُشاشَةً ... إِذا سألَتْ لُقْياكَ عَلَّلتها ذِكُرا وَكم بالنَّقَا من رَوْضَة مُرجَحِنَّةِ ... تُضَمِّخُ أنفاسُ الرِّيَاح بهَا نَشْرَا وَمن نُطفةٍ زرقاء تلعب بالصَّدا ... إِذا مَا ثَنَى ظِلُّ مُدارٌ بهَا سُمْرا ... وَمِنْهَا ... وبرْدِ نسيم أنْثنى عِنْد ذكرهِ ... على زَفَراتٍ تَصْدَعُ الكبدَ الحَرَّا وإنَّ لُبَاناتٍ تَضمَّنها الحَشَا ... قليلٌ لَدَيْهَا أَن نضيق بهَا صَدرا ... وَقَوله من مرثية ... رَمِيَّ الموتِ إنَّ السهْم صَابا ... وَمن يُدْمِنُ على غَرَضٍ أصابا إلامَ أشُبُّ من نيران قلبِي ... عَلَيْك لكل قافية شهابا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 .. وَقد ودَّعتُ قبلَكَ كلَّ سَفْرٍ ... ولكنْ غابَ حينا ثمَّ آبا وأهيَجُ مَا أكون لَك ادّكاراً ... إِذا مَا النجمُ صَوَّبَ ثمَّ غابا ... وَقَوله ... لَا تَسَلْ بعد قَتْل يوسُف عَنّي ... ففؤادي مُثَلَّمٌ كسلاحِهْ لَو تأمَّلْتَ مُقْلتي يَوْم أودى ... خِلتَني باكياً بِبَعْض جراحِهْ ... وَقَوله ... يَا وردةً جادتْ بهَا يَدُ مُتْحِفٍ ... فَهَمَى لَهَا دَمْعي وهَاجَ تأَسُّفي حمراءَ عاطرةَ النسيم كأنّها ... من خَدّ مُقْتبِلِ الشبيبة مُتْرَفِ عَرَضتْ تُذَكِّرُني دَمًا من صاحبٍ ... شَرِبَتْ بِهِ الدُّنْيَا سُلافَةَ قرقف فنشقتها شغفا وَقلت لصاحبي ... هِيَ ماتمج الأَرْض من دم يُوسُف ... وَقَوله من قصيدة ... أيُّها الآملُ خَيْماتِ النَّقا ... خَفْ على قَلْبك تِلْكَ الحَدَقا إنّ سِرْباً حُشِيَ الخَيْمُ بهِ ... ربَّما غَرَّكَ حَتَّى تَرْمُقا لَا تُثِرْها فِتنةً من ربرب ... ترْعد الْأسد بديه فَرَقَا وانْجُ عَنْهَا لَحْظَة سَهميّةً ... طَال مَا بلَّت رِدَائي عَلَقَا وَإِذا قيل نَجَا الركْبُ فقُلْ ... كَيْفَمَا سالَم تِلْكَ الطُّرُقا يَا رُماةَ الحيِّ موهوبٌ لكم ... مَا سفَكتُم من دمي يَوْم النَّقَا مَا تعمَّدتُمْ وَلَكِن سَبَبٌ ... قَرَّبَ الحَيْنَ وأمرٌ سَبَقَا والتفاتاتٌ تلقَّتْ عَرَضاً ... مَقْتَلَ الصَّبِّ فخلَّتْهُ لَقَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 .. أهِ منْ جَفْنٍ قريحٍ بعدكم ... يشتكي خَدَّايَ مِنْهُ الفرقا وحَشاً غيرِ قريرٍ كلَّمَا ... رُمْتُ أَن يَهْدَأً عنكُمْ خَفَقَا وفؤادٍ لم أضَعْ قَطُّ يَدِي ... فوقة خيفة أَن تحترقا مالنجم عكفتْ عَيْني على ... رَعْيهِ لَيْسَ يَريمُ الأفقا ولعين خلهت فِيك الكَرَى ... كَيفَ لم تَخْلَعْ عَلَيْك الأرَقَا أيُّها اللُّوَّامُ مَا أهْداكُمْ ... عَن قُلُوب أسهَرَتْنا قلقا مَا الَّذِي تبغون من تعذيبها ... بعد مَا ذابتْ عليكمْ حُرَقَا قومَنا فوزوا بسُلوَانكُمُ ... ودعوا بِاللَّه من تَشَوّقا وارْحموا فِي غَسَقِ الظلماء مَنْ ... بَات بالدمع يَبُلُّ الغَسَقَا عَلِلونا بالمُنَى منكمْ وَلَو ... بخيالٍ منكمُ أنْ يَطْرُقَا وعِدُونا بلقاءٍ منكمُ ... فكثيرٌ منكمُ ذكرُ اللِّقَا لَو خشينا الْجور من جيرتنا ... لَا نتصفنا قبل أَن نفترقا واصطحبنا الْآن من فَضْلَةِ مَا ... قد شرِبْنا ذَلِك المُغْتَبَقَا فسقى الله عَشِيَّاتِ الحِمَى ... والحِمَى أكْرَمَ هَطَّالٍ سَقَى قد رُزقناها وَكَانَت عيشَةً ... قَلَّما فَازَ بهَا من رزقا لَا وسَهْمٍ جاءَ من نحوكمُ ... إنَّه أقْتَلُ سَهْمٍ فُوِّقا وحُلَى نَجْدٍ سَنُجْري ذِكْرَها ... أوْ سَعَتْنا فِي الْهوى مُرْتَفَقَا مَا حلا بعدكمُ العيشُ لنا ... مذ تباعدتم وَلَا طابَ البَقَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 .. فَمنِ المُنْبي إِلَيْنَا خَبَراً ... وعَلى مُخْبرنا أنْ يَصدُقا هَلْ دَرَتْ بابلُ أنَّا فِئَةٌ ... تَجْعَلُ السِّحْرَ من السحْرِ رُقَى نَنْقُشُ الآيةَ فِي أضلاعنا ... فقينا كل شئ يُتَّقَى مِن بَنَان الوَزَر الْأَعْلَى الَّذِي ... يَخْجَلُ السِّحْرُ إِذا مَا نَطَقَا ... وَقَوله ... مَا مثل موضعكَ ابْنَ رِزقٍ موضعُ ... رَوْضٌ يَرِفُّ وجَدْوَلٌ يتدفع وكأنما هُوَ من بناتك صفحةٌ ... فالحُسْنُ يَنْبُتُ فِي ثَراهُ ويُبْدِعُ وعشيَّة لبسَتْ رداءَ شُحُوبها ... والجو بالغَيْم الرَّقِيق مُقَنَّعُ بلغت بِنَا أمَدَ السرُور تأَلُّفاً ... والليلُ نَحْو فراقنا يتطلع فابلل بهَا زمن الغبوق فقد أَتَى ... من دون قُرْص الشَّمْس مَا يُتَوَقَّعُ سَقَطَتْ وَلم تملك يمينُكَ رَدَّهَا ... فَوِدِدْتُ يَا مُوسَى بأَنَّك يُوشَعُ ... وَقَوله ... يَا رَاكِبًا واللِّوى شمال ... عَن قَصده والعصا يَمِين نداص على أَنَّهُ طريقٌ ... تقطعه للصَّبَا عُيُونُ وحَيِّ عَنِّي إِن جُزْت حَيَّاً ... أمضى مواضيهمُ الجفون وقُلْ على أيْكَةٍ بوادٍ ... للوُرْقِ فِي قُضْبها حنين ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 .. يَا أيْكَ لَا يَدَّعي حمامٌ ... مَا يجد الشيق الحزين لوان بالورق مَا بقلبي ... لَا حترقت تحتَها الغصونُ ... وَقَوله ... وَذي حنينٍ يكادُ شَجْواً ... يختلسُ الأنْفُسَ اختلاسا إِذا غَدَا للرياض جاراً ... قَالَ لَهَا المَحْلُ لَا مِسَاسا تبسَّم الزَّهْرُ حينَ يبكي ... بأدْمُعٍ مَا رأيْنَ بَاسَا من كلِّ جَفْنِ يَسُلُّ سَيْفاً ... صَار لَهُ غِمْدُهُ رِئاسَا ... وَقَوله ... ذَات الْجنَاح تَقَلَّبي ... بجوانح الْقلب الخفوق وتساقطي بالسرحتين ... تساقط الدَّمْع الطَّليقْ وسليهما بأَرقَّ منْ ... عِطْفَيْ قضيبهما الوَريقْ هَل بَعدنَا مُتَمَتَّعٌ ... فِي مثل ظلهما العَتيقْ وَإِذا صَدَرْتِ مُبينةً ... لتُبَلِّغي النَّبَأَ المَشُوقْ أُخْت الْهَوَاء فعالجي ... بأخي الْهوى حَتَّى يُفيقْ ولتَعْلَمي إِن ضِفْتِ يَا ... ورقاءُ ذَا جَفْنٍ أريقْ أَن القِرَى عبراته ... فتعلمي لقط الْعَتِيق ... وَقَوله ... ورَوْضٍ جلا صَدَأَ الْعين بهْ ... نسيمٌ تَجارى على مَشْرَبهْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 .. صَنَوْبَرةٍ ركبَتْ ساقَها ... عَلَيْهِ فخاضَتْ حَشَا مِذْنَبِهْ فشبهتها وأنابيبيها ... بهَا المَاء قد جَدَّ فِي مَسْكَبهْ بأرقمَ كعك من شخصه ... وأفرضه يتعلَّقْنَ بهْ ... وَقَوله فِي غُلَام حائك ... قَالُوا وَقد أَكْثرُوا فِي حبّه عَذَلي ... لَو لم تهم بمذال الْقدر مبتذل فَقلت لوان أَمْرِي فِي الصبابة لي ... لَا خترت ذَاك وَلَكِن لَيْسَ ذَلِك لي عُلِّقْتُهُ حَبَبِيَّ الثَّغْر عاطِرَهُ ... أَلْمَى المُقَبَّل أحْوى ساحرَ المُقَل إِذا تأمَّلَتَه أَعْطَاك مُلْتَفِتاً ... مَا شئتَ من لحظات الشادنِ الغَزل غَزَيِّلٌ لم تزل فِي الغَزْل جائلةً ... بَنانُهُ جَوَلان الْفِكر فِي الغَزَل جذلان يلْعَب بالمحرك أنملُهُ ... على السَّدَى لَعِب الْأَيَّام بالأمل مَا إِن يَنِي تَعِبَ الأطرافِ مُشْتَغِلاً ... أفديهِ من تَعِبِ الْأَطْرَاف مُشْتَغِل جَذْباً بكفَّيْه أَو فَحْصاً بأخْمصِهِ ... تَخَبُّطَ الظَّبْي فِي أشْرَاكِ مُحْتَبل ... وَقَوله فِي نجّار ... تعلَّم نَجاراً فَقلت لعلَّه ... تعلَّمها من نَجرِ مُقْلته القَلْبَا شقاوةُ أعوادٍ تصَدَّى لجَهْدِها ... فآوِنةً قَطْعاً وآوِنةً ضَرْبا غَدَتْ خَشَباً تَجْني ثمارَ جِناية ... بِمَا اسْتَرَقَتْه من مَعَاطفِه قُضْبا ... وَقَوله فِي حَمّام ... انْظُر إِلَى نَقْشِيَ البديعِ ... يُسْليك عَن زهرَة الرَّبيعِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 .. لَو جنى الْبَحْر من رياض ... كَانَ حبي روضيَ المَرِيعِ سقانيَ الله دمعَ عَيْني ... وَلَا وقاني جوَى ضلوعي فَمَا أُبَالِي شقاءَ بَعْضِي ... إِذا تَشَقَّيتُ فِي جميعي كَيفَ تراني وُقيتَ مَا بِي ... ألستُ من أعجب الرُّبوعِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة البلنسية وَهُوَ كتاب الخَصْر الأهْيَف فِي حَلْي قَرْيَة المَنْصَف من قرى بلنسية مِنْهَا 570 - أَبُو الْحجَّاج يُوسُف المَنْصَفيّ زاهد مَشْهُور سكن مَدِينَة سَبْتَة وأدركه وَالِدي وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... قَالَت ليَ النَّفس أَتَاك الرَّدَى ... وَأَنت فِي بَحر الْخَطَايَا مُقيمْ فَمَا ادَّخَرْتَ الزَّاد قُلتُ اقْصِرِي ... هَل يُحمَل الزادُ لدار الكريمْ ... وَقَوله فِي زورق ... وسابحٍ بَات لَا يَثْنِي قوائمَه ... كالصَّقْرِ يَنْحَطُّ مذعوراً لِعِقْبانِ كأنَّهُ مقلةٌ للجوِّ شاخِصةٌ ... وَمن مجَاذيفه أهدابُ أجْفَانِ ... الحديث: 570 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة البلَنسية وَهُوَ كتاب الوُرْق المُرِنَّهْ فِي حلى قَرْيَة بَطَرْنَهْ من قرى بلنسية مِنْهَا 571 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الجَزَّار من المسهب هُوَ الَّذِي شجر بَينه وَبَين ابْن غَرْسِيَة مولى إقبال الدولة بن مُجَاهِد ملك دانية مَا أوجب أَن صنع ابْن غَرْسِية الرسَالَة الشعوبية فِي تَفْضِيل الحديث: 571 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 الْعَجم على الْعَرَب وعارضها جمَاعَة من الْفُضَلَاء وَأَبُو جَعْفَر مِمَّن عارضها برسالة وَفِيه يَقُول ابْن غَرْسية هاجياً لَهُ ... بَطَرْنَةُ تعلمُ أصلا لَهُ ... عَزُبْتَ فَسَلْها فَمَا تُنْكرُ ومَثِّلْ بهَا وَضَماً ماثلاً ... وشَفْرَةَ جَزْر وَلَا أُكْثِرُ تجرُّ ذيول الْعلَا تائها ... وجدكم الجازرُ الأكْبَرُ فهذي العُلا لَا عُلاَ حاجبٍ ... ومثلُكَ يَا سَيِّدي يَفْخَرُ ... وفضَّله صَاحب المسهب وَأَطْنَبَ فِي تَقْدِيمه بقوله ... وَمَا زلتُ أجْنِي مِنْك والدهرُ مُمْحِلٌ ... وَلَا ثمرٌ يُجْنى وَلَا زرع بحصد ثمارَ أيادٍ دانياتٍ قطوفُها ... لأغصانها ظلُّ عليّ ممدَّدُ يُرَى جَارِيا ماءُ المكارم تَحْتَهُ ... وأطيارُ شكري فوقهنَّ تُغَرِّدُ ... وَمن شعره قَوْله ... إِلَيْك أَبَا عليٍّ جُبتُ بِيداً ... مَهَامِهَ مثلَ صدرك فِي انفساحِ وغِربانُ الدُّجى قد نفَّرَتْها ... إِلَى اوكارها رخم الصَّباح ... وَقد أنْشدهُ هَذِه الأبيات عَمه فِي الحديقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة البلنسية وَهُوَ كتاب الْمِنَّة فِي حلى قَرْيَة بِنَّه من قرى بَلَنْسية مِنْهَا 572 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عبد الوليّ البِنِّي من المسهب من سوابق حَلْبَة عصره وغُرَر دهره خَلَع عِذاره فِي الصِّبا وهَبَّ مَعَ غرامه جَنُوباً وصَباً وَذكره الْفَتْح فِي المطمح ثمَّ ذكره فِي ضمن القلائد وَقَالَ وَهُوَ مطبوع النّظم نبيله وَاضح الحديث: 572 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 نهجه فِي الإجادة وسبيله يضْرب فِي علم الطِّبّ بِنَصِيب وَسَهْم يخطى أَكثر مِمَّا يُصِيب وَكَانَ أليف غلْمَان وحليف كفر لَا إِيمَان مَا نطق متشرِّعاً وَلَا نظر متورعاص وَلَا اعْتقد حَشْراً وَلَا صَدَّق بَعْثاً وَلَا نِشْراً وَرُبمَا تنسَّك مجوناً وفتْكاً وتمسَّك باسم التُّقى وَهُوَ يهتكه هتكاً لَا يُبَالِي كَيفَ ذهب وَلَا بِمَا تَمَذْهب وَكَانَت لَهُ أهاجٍ جَرَعَ بهَا صَاباً وادّرع مِنْهَا أوصاباً الْغَرَض من نظمه قَوْله ... من لي بغُرَّةِ فاتن يختالُ فِي ... حُلَل الْجمال إِذا مَشَى وحُليِّهِ لوشب فِي وَضَح النَّهَار شُعاعُها ... مَا عَاد جُنْح اللَّيْل بعد مُضِيِّه شَرِقَتْ بماءِ الحُسْنِ حَتَّى خَلَّصَتْ ... ذَهَبِيَّة فِي الخدِّ من فِضِّيِّه فِي صفحتيه من الْحيَاء أزاهرٌ ... غذِيَتْ بوَسْمِيِّ الصِّبا ووَليِّهِ سَلَّت محاسنُه لقَتْل مُحبِّه ... من سِحْر عَيْنَيْهِ حُسَامَ سَمِيِّهِ ... وَقَوله ... كَيفَ لَا يزْدَاد قلبِي من ... جَوَى الشَّوْقِ خَبالاَ وَإِذا قلت على ... بهر النَّاس جمالا هُوَ كالغصن وكالبدر ... بهاءً واعتدالا أشْرَقَ البدرُ سُرُورًا ... وانْثَنى الغصنُ اخْتيالا إنَّ من رام سُلُوِّي ... عَنهُ قد رَامَ مُحالا لستُ أَسْلُو عَن هواهُ ... كَانَ رُشْداً أَو ضلالا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 .. قل لمن قصَّر فِيهِ ... عَذْلَ نَفْسِي أَو أطالا دون أَن تدْرك هَذَا ... يُسْلَبُ الأفْقُ الهِلالا ... وَقَوله ... تَنفَّس بالحمى مطلولُ روضٍ ... فأودَعَ نَشْرَهُ ريحًا شَمالا فَصَبَّحَت العقيقَ إليَّ كَبْلاً ... تُجرِّرُ فِيهِ أرْداناً خِضَالا أَقُول وَقد شَمِمْتُ التُّرْبَ مِسْكاً ... بنفحتها يَمِينا أَو شمالا نسيم بَات يَجْلُب مِنْك طِيباً ... ويشكو من محبّتك اعتلالا يَنُمُّ إليّ من زهَرات رَوْض ... حَشَوْت جوانحي مِنْهَا ذُبالا ... وَذكر نَفْيَ نَاصِر الدولة من مَيُورْقَة فِي قَوْله وَقد ردَّته الرّيح ... أحبتنا الأُلَى عَتَبُوا علينا ... فأقصَوْنا وَقد أزِفَ الْوَدَاع لقد كُنْتُم لنا جَذَلاً وأُنْسَاً ... فَمَا فِي الْعَيْش بعدكمُ انتفاعُ أَقُول وَقد صَدَرْنا بعد يومٍ ... أشَوْقٌ بالسفينة أم نزاعُ إِذا طارتْ بِنَا حامتْ عَلَيْكُم ... كَأَن قُلُوبنَا فِيهَا شِراع ... وَمن شعره قَوْله ... قَالُوا تصيب طيورَ الجوِّ أسهُمُهُ ... إِذا رَمَاهَا فَقُلْنَا عندنَا الخَبَرُ تعلَّمتْ قوسُه من قَوس حاجِبِهِ ... وأيَّدَ السهمَ من ألحاظه الحَوَرُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 .. يلوح فِي برده كالنقس حالكةٍ ... كَمَا يلوح بجنح اللَّيْلَة القَمَرُ وَرُبمَا راق فِي خضراء مُورِقَة ... كَمَا تفتَّحَ فِي أوراقه الزَّهَرُ ... وَقَوله ... تروق حُسْناً وفيك الْمَوْت أجمعُهُ ... كالصَّقْل فِي السَّيْف أَو كالنُّور فِي النَّار ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة البلَنسية وَهُوَ كتاب الْحَال المغبوطه فِي حلى حصن مَتِّيطَه من حصون بَلنْسية مِنْهُ 573 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن جَعْفَر المَتِّيطِيّ سكن سَبْتة وَلِهَذَا الْبَيْت فِيهَا مجد شامخ وتصرُّف فِي ولايات وَكَانَ أَبُو جَعْفَر مَشْهُورا بالتوشيح وَمن شعره قَوْله من قصيدة فِي أبي سعد ابْن جَامع وَزِير أَئِمَّة بني عبد الْمُؤمن ... سَمَوْتَ حَتَّى عَلَوْتَ النَّجْمَ مرتفعاً ... هَذَا صعودٌ لمن فِي الدَّهْر قد جدا وخافك النَّاس طرا فِي مياهم ... لَو أَن بأْسَك فِي ماءٍ لما وُرِدا زَيَّنتَ مُلْكَ أَمِير الْمُؤمنِينَ بِمَا ... أظهرت من غزواتِ نظِّمتْ عَدَدَا ... الحديث: 573 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 574 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد المَتِّيطيّ ذكر أَبُو سهل المحدِّث أَنه اجْتمع بِهِ وأنشده قَوْله ... سيرَ بِمن أهواهُ فِي زَوْرَق ... واشتعل الوجْدُ اشتعال القَبْس كَأَنَّمَا الزورق قلبِي بَدَا ... فِي لُجَج الدمع برِيح النَّفَسْ ... 575 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد المَتِّيطيّ أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ شَاعِرًا مكثراً وَأَنه لقِيه بسَبْتة فِي مُدَّة الْمُسْتَنْصر وَله أمداح كَثِيرَة فِي أبي يحيى بن يحيى بن أبي إِبْرَاهِيم ملك سبْتة وَمن شعره قَوْله يَا سائلي عَن شهَاب ظلّ مُرْتَمياً ... من النُّجُوم لمدْحُورٍ ومُسْتَرِقِ كفارسٍ حَلَّ إحْضَاراً عِمامتَهُ ... وضمَّها مُسْرعاً فِي آخر الطَّلَقِ ... وَقَوله ... انْظُر إِلَى الشَّمْس قد وافتْ لمغربها ... مصفرَّة الْوَجْه لَكِن مَا بهَا خَجَلُ كَأَنَّهَا عندَ رأيِ الْعين إِذْ سَقَطَتْ ... وخَلَّفَتْ جَمْرَة تُذْكَى وتَشْتَعِلُ خَريدةٌ غَطَست فِي اليمِّ وانتزعتْ ... خُلْدِيَّةً رَيْثَما تَرْوَى وتَغْتَسِلُ ... الحديث: 574 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة البلنسية وَهُوَ كتاب النُّجُوم الزُّهْر فِي حلى جَزِيرَة شُقْر من المسهب عروس الأندلس المقلَّدة من نهرها بسلْك المتلفِّعة من جنانها بسندس روضٌ بسام ونهر كالحسام وبليل وحمام ومنظر يحث عللى حَسْو المُدام كَمَا قَالَ حسنتها أَبُو إِسْحَاق بن خفاجة ... سَقْياً لَهَا من بِطاح أُنْسِ ... ودَوْحِ حُسْن بهَا مُطلِّ فَمَا ترى غير وَجْه نَهْرٍ ... أطلَّ فِيهِ عِذارُ ظِلِّ ... 576 - الْكَاتِب أَبُو المطرِّف أَحْمد بن عميرَة هُوَ الْآن عَظِيم الأندلس فِي الْكِتَابَة وَفِي فنون من الْعُلُوم وَقد كتب عَن زيان بن مرْذنيش ملك بلنسية وَأَخْبرنِي أَبُو عبد الله بن الابار البلنسي الحديث: 576 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 زيان بن مرذنيش أحضر يَوْمًا حَجَّاماً ثمَّ أخرج لَهُ جَائِزَة وَدفع إِلَيْهِ أَبُو المطرِّف شعرًا فَلم يُجِزْه فَكتب إِلَيْهِ ... أرى من جَاءَ بِالْمُوسَى مواسئ ... وراحةَ من أراح المَدْحَ صِفْراً فَأَنْجَح سعيُ ذَا إِذْ قَصَّ شَعْراً ... وأخفق سعْيُ ذَا إِذْ قَصَّ شَعْرَا ... فَأمر لَهُ بِإِحْسَان 577 - الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن طَلْحَة لَقيته بإشبيلية وَهُوَ يكْتب عَن سُلْطَان الأندلس المتَوَكل بن هود وَيكون نَائِبا عَن الْوَزير إِذا غَابَ وَآل أمره إِلَى أَن فسد مَا بَينه وَبَين ابْن هود وفر إِلَى سبتة فَأحْسن لَهُ ملكهَا الْمُوفق الينشتى ثمَّ بلغه أَنه يكثر الْوُقُوع فِيهِ فرصده فِي شهر رَمَضَان وَهُوَ يشرب الْخمر وَعِنْده عواهر فكبسه وَضرب عُنُقه وَله شعر فِي الطَّبَقَة الْعَالِيَة مِنْهُ قَوْله الحديث: 577 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 .. يَا هَل ترى أظْرَفَ من يَوْمنَا ... قَلَّد جِيدَ الأفْقِ طَوْقَ العَقيقْ وأنطق الوُرْقَ بعيدانها ... مُرْقِصةً كلَّ قضيبٍ وريقْ والشمسُ لَا تشرب خمر الندى ... فِي الرَّوْض الا بكئوس الشَّقيق ... وَقَوله ... أدِرْها فالسَّماء بدَتْ عروساً ... مُضَمَّخَةَ الملابس بالغَوالي وخَدُّ الرَّوْض خَفَّره أصيلٌ ... وجَفْنُ النَّهر كُحِّلَ بالظِّلال وجِيدُ الغُصْنِ يُشرِف فِي لآل ... تضيء أكنافُ اللَّيَالِي ... وَقَوله ... لله نهرٌ عِنْد مَا زُرْتُهُ ... عايَن طَرْفي مِنْهُ سحرًا حَلاَلْ إِذْ أصبح الطَّلُّ بِهِ ليلَةً ... وحالَ فِيهَا الغُصْنُ شبْهَ الخيال ... وَقَوله ... وَلما ماجَ بَحْرُ اللَّيْل بيني ... وبينكمُ وَقد جَدَّدْتُ ذِكْرَا أَرَادَ لقاءَكمُ إنسانُ عَيْني ... فمدَّ لَهُ المنامُ عَلَيْهِ جَسْرَا ... وَقَوله ... وَلما أَن رأى إنسانُ عَيْني ... بِصَحْنِ الخدّ مِنْهُ غريقَ ماءِ أَقَامَ لَهُ العِذارُ عَلَيْهِ جِسْرًا ... كَمَا مُدَّ الظلامُ على الضِّياء ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 الْبيُوت 578 - أَبُو الْقَاسِم بن خرشوش من أَعْيَان الجزيرة فِي مُدَّة الملثَّمين وَمن شعره قَوْله ... دَعْني إِذا الطيرُ نَادَى ... على الغصون الصَّبوحُ هُنَاكَ أتْلِفُ مَالِي ... وَإِن نهاني النَّصيحُ ... الحكَّام 579 - أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن طَلْحَة من المسهب أَنه ولى قَضَاء جَزِيرَة شُقْر وَكَانَ ظريف المذاكرة حسن المحاضرة شاهدت مِنْهُ أَيَّام مُقامي بِجَزِيرَة شُقْر محَاسِن لَو بُثَّت على الرض مَا ذوى وَلَو حُمِيَ بهَا النَّجْم مَا هَوَى أدبٌ كَمَا سَجع الْحمام وكرمٌ مثل مَا هَطَل الْغَمَام وَمِمَّا أنشدنيه من شعره قَوْله من قصيدة ... أَلا فَسَل البيداءَ عنِّيَ هَل رَأَتْ ... سُرَايَ بهَا مَا بَين رُمْحٍ ومُنْصُلِ بقلب لَو أنَّ السَّيْف مِنْهُ لما نَبَا ... وسُهْدٍ إِذا مَا نَام ليلُ المهبَّل على كل طِرْفٍ يسْبق الطَّرْف شَدُّهُ ... ترَاهُ إِلَى العلياء مثليَ يَعْتَلي فطوراً على بَرْقٍ وطوراً على ضُحىً ... وطوراً على ليلٍ بصبحٍ محجل ... الحديث: 578 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 الْعلمَاء 580 - الأديب الْفَاضِل أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أبي الْفَتْح بن خفاجة من الذَّخِيرَة النَّاظِم المطبوع الَّذِي شَهِدَ بتقديمه الْجَمِيع الْمُتَصَرف بَين أشتات البديع وَمن القلائد مَالك أعنَّة المحاسن وناهج طريقها الْعَارِف بتَرْصيعها وتنميقها النَّاظِم لعُقودها الرَّاقم لبُرودها وَمن المسهب هُوَ الْيَوْم شَاعِر هَذِه الجزيرة لَا أعرف فِيهَا شرقاً وَلَا غرباً نَظِيره الْغَرَض من محاسنه قَوْله ... أما والتفات الرَّوضِ عَن أزْرق النَّهْرِ ... وإشراقِ جِيد الغُصْن فِي حُلَّة الزَّهْرِ ... الحديث: 580 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وَمِنْهَا وَلم ألق إِلَّا صَعْدَةً فَوق لأْمَةٍ ... فَقلت قضيبٌ قد أطلَّ على نَهْرِ ... وَمِنْهَا ... وَلم أر إِلَّا غُرَّةً فَوق شُقْرَةٍ ... فَقلت حَبابٌ يستديرُ على خَمْرِ ... وَمِنْهَا ... غَزَاليّةُ الألحاظ رِيميَّة الطُّلَى ... مُدَاميَّةُ الألْمَى حَبَابيَّةُ الثَّغْرِ تَرَنَّحَ فِي مَوْشيَّةِ ذهبيَّةٍ ... كَمَا اشتبكتْ زُهْرُ النُّجُوم على البَدْرِ وَقد خَلَعَتْ لَيْلًا علينا يَدُ الْهوى ... رداءَ عناقٍ مَزَّقَتْهُ يَدُ الفَجْرِ ... وَقَوله ... وعَشِيَّ أُنْسٍ أضْجَعَتْنَا نَشْوَةٌ ... فِيهَا يمهِّد مضجعي ويدمَّثُ خَلَعَتْ عليّ بهَا الأراكةُ ظلَّها ... والغصنُ يُصْغِي والحمامُ يُحَدِّثُ والشمسُ تجنح للغروب مَرِيضَة ... والبرق يرقى والغمامة تَنْفُثُ ... وَقَوله ... ومُهَفْهَفٍ طاوى الحَشَا ... خَنِثَ المعاطف والنَّظَرْ بَهَرَ الْعُيُون بصورةٍ ... تُليَتْ محاسنها سُوَرْ فَإِذا رَنَا وَإِذا شَدَا ... وَإِذا سعى وَإِذا سفر فَضَح المدامة والحمامة ... والأراكة وَالْقَمَر ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 وَقَوله ... كأنَّما اللَّحْظُ كيمياءُ ... يُذْهِبُ من خَدِّه لُجَيْنَا وَمَا تيقَّنتُ أنَّ عَيْناً ... تَقلِبُ عين اللُّجَيْن عَيْنا ... وَقَوله ... وأسودٍ يَسْبَحُ فِي لُجَّةٍ ... لَا تكتُمُ الحصباءَ غُدْرَانُهَا كأنّها فِي شكلها مُقْلَةٌ ... زرقاءُ والأسودُ إنْسَانُها ... وَقَوله ... كتَابنَا ولدينا الْبَدْر ندمان ... وَعِنْدنَا بكئوس الراح شهبان والقضيب مائِسَةٌ وَالطير ساجعةٌ ... والأرضُ كاسيةٌ والجَوُّ عُرْيانُ ... وَقَوله ... كتبتُ وقلبي فِي يَديك أسيرُ ... يُقيم كَمَا شاءَ الْهوى ويسيرُ ولي كلَّ حينٍ من نسيبي وأدمُعِي ... بِكُل مكانٍ روضةٌ وغَديرُ ... وَقَوله ... يَا نُزْهَةَ النَّفْس يَا مُناها ... يَا قُرَّةَ العَيْنِ يَا كَرَاها أما ترى لي رِضاك أهْلاً ... وَهَذِه حالتي ترَاهَا فاستَدْرك الفَضْلَ يَا أباهُ ... فِي رَمَقِ النَّفْسِ يَا أخاها قسوت قَلْباً ولِنْتَ عِطْفاً ... وعِفْتَ من تَمْرَة نَوَاها ... وَقَوله ... قل لقبيح الفَعَال يَا حَسَناً ... ملآْتَ عينيَّ ظُلْمَةً وسَنَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 .. قاسمني طَرْفُكَ الضَّنَى أفَلاَ ... قاسمَ جَفْنَيّ ذَلِك الوَسَنَا إِنِّي وَإِن كنتُ هَضْبَةً جَلَداً ... أهتزُّ للحُسْن لوعَةً غُصْنَا قَسَوْتُ قَلْباً ولِنْتُ مكْرُمةً ... لم ألتزمْ حَالَة وَلَا سَنَنا لستُ أُحِبُّ الجمودَ فِي رَجُلٍ ... تحسبه من جموده وَثَنَا لم يَكْحَل السُّهْدُ جَفْنَه كَلَفاً ... وَلَا طوى جسمَه الغرامُ ضَنَى فإنني والعفافُ من شيَمي ... آبى الرزايا وأعشق الحَسَنا طوراً منيبٌ وَتارَة غَزِلٌ ... أبكى الْخَطَايَا وأندُبُ الدِّمَنَا إِذا اعْتَرَتْ خَشْيةٌ بَكَى وشكى ... أَو انْتَحَتْ راحةٌ دَنا فَجَنى كأنني غُصْنُ بَانةٍ خَضِلٌ ... تَثْنيه ريحُ الصِّبَا هُنَا وَهنا ... وَقَوله ... حدر والقناع عَن الصَّباح المُسْفِرِ ... ولَوَى القَضيبَ على الكَثيب الأعْفَرِ وتملّكتْه هِزَّةٌ فِي عزَّةٍ ... فارْتجَّ فِي وَرَقِ الشَّبَاب الأخْضَرِ متنفِّساً عَن مثل نَفْحة مِسْكِهِ ... مُتَبَسِّماً عَن مثل سِمْطَيْ جَوْهَر سَلَّتْ عليّ سيوفَها أجفانُه ... فلقيتهنَّ من الشَّبابِ بِمغْفَرِ متجلِّداً آبى بنفسِيَ أَن أرى ... هَذَا الهِزَبْرَ قتيلَ ذَاك الجوذر فحشَا بطعنته حَشَا متنفِّس ... تَحت الدُّجى من مارجٍ مُتَسَعِّرِ يَغْشَى رماحَ الخطِّ أوَّلَ مُقْبل ... ويكُرُّ يَوْم الْحَرْب أخرَ مُدْبِرِ فتراه بَين جِراحَتَيْنِ للحظَةِ ... مكسورةٍ ولعاملٍ متكسِّر بيني وَبَيْنك ذِمَّةٌ مرعيَّةٌ ... فَإِذا تنوسَيتِ الأزمَّةُ فاذْكُر ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 .. والمح صحفية صفحتي فاقرأْ بهَا ... سطرين من دمعٍ بهَا مُتَحَدِّر كَتَبَتْهُما تَحت الظلام يَدُ الضَّنَى ... خوفَ الوُشاة بأحمرَ فِي أصفَر ... وَمِنْهَا ... يَثْنِي معاطِفَه وأُذْرِي عَبْرَةً ... فإخالهُ غُصناً بشطَّيْ جعْفَرِ ... وَقَوله ... سقاني وقدلاح الهلالُ عشيَّةً ... كَمَا اعوجَّ فِي دِرْعِ الكَمِيِّ سِنانُ ونَمَّتْ بأسْرار الرياض خميلةٌ ... لَهَا الزَّهْرُ ثَغْرٌ والنسيم لسانُ ... وَكتب على ظهر رقْعَة هاج ... ومعرِّض ليَ بالهجاء وهَجْره ... جاوبْتُهُ عَن شعره فِي ظَهره فلئن نَكُنْ بالْأَمْس قد لُطْنا بِهِ ... فاليوم أشعاري تلوط بشعرهِ ... وَقَوله ... والريحُ تَعْبَثُ بالغصون وَقد جَرَى ... ذَهَبُ الْأَصِيل على لُجَيْنِ الماءِ ... 581 - أَبُو طَالب عبد الْجَبَّار المتنّبِّي من الذَّخِيرَة كَانَ يعرف بالمتنبي أبرع أهل وقته أدباً وأعجبهم مذهبا وَأَكْثَرهم تفنناً فِي الْعُلُوم وأوسعهم ذَرْعاً فِي المنثور والمنظوم الحديث: 581 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يعد نَفسه بمُلْك ويَنْخَرط للمجون فِي سِلْك لَا يُبَالِي أَيْن وَقع وَلَا يحفل بِأَيّ شَيْء صنع وَمن شعره قَوْله ... كَيفَ البقاءُ ببيْتٍ لَا أنيسَ بِهِ ... وَلَا وِطاءٌ وَلَا ماءُ وَلَا فُرُشُ كأنَّه كُوَّةٌ فِي حائطٍ ثُقِبَتْ ... فِي ظلمَة اللَّيْل يأوي جَوْفَها حَنَشُ ... وَقَوله ... قُلْ لأبي يُوسُفٍ المُنْتقَى ... والفاضلُ الأوحد فِي عَصْره وَمن إِذا حَرَّك موسيقة ... وظل يُبْدي السِّحْرَ من عَشْرِهِ تخاله إِسْحَاق أَو مَعْبَداً ... تشْدُو بألحانٍ على وَتْرَهِ هَل لَك أَن تسمع مُهْديكمُ ... فتطرُدَ الأشجان عَن فكْرِه حَتَّى إِذا الْأَيَّام أبدتْ لَهُ ... مَا فِي ضمير الزَّهر من سِرِّهِ أَعْطَاك من جدْواهُ مَا تَشْتهِي ... فِضَّتِهِ الْبَيْضَاء أَو تِبْرِهِ ... وَقَوله ... وخَمَّار أنختُ بِهِ مَسيحي ... رَخيم الدَّلِّ ذِي وتر فصيح سقاني ثمَّ غَنَّاني بصوتِ ... فدَاوَى مَا بقلبي من جروح وفض فَم الدنان على اقتراح ... ففاح الْبَيْت منْها طيبَ ريحِ فقلتُ لَهُ لِكَمْ سنةٍ ترَاهَا ... فَقَالَ أظنها من عهد نُوحِ فَلَمَّا أَن شدا الناقوس صَوتا ... دَعَاني أَن هَلُمَّ إِلَى الصَّبُوح وحَيّاني وفدَّاني بكأْسٍ ... وقبَّلني فردَّ إليَّ روحي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 الشُّعَرَاء 582 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الدمن الْمَعْرُوف بمرْج كُحْل هُوَ فِي الْمغرب مثل الوأواء الدِّمَشْقِي فِي الْمشرق كَانَ يُنَادي فِي الاسواق حَتَّى إِنَّه تعيشى بِبيع السّمك ترقَّت بِهِ همته إِلَى الْأَدَب قَلِيلا قَلِيلا إاى أَن قَالَ الشّعْر ثمَّ ارْتَفَعت فِيهِ طبقته ومدح الْمُلُوك والأعيان وَصدر عَنهُ مثلُ قَوْله ... عَرِّجْ بمُنْعَرِج الكثيبِ الأَعْفَرِ ... بَين الفُرَات وَبَين شَطِّ الكَوْثَرِ ولْتَغْتَبِقْها قهوةً ذهبيَّةَ ... من راحَتَي أحْوى المدامع أحْور وعشيَّة كم بتُّ أرقبُ وَقتهَا ... سمحتْ بهَا الأيامُ بعد تَعذُّر نِلْنا بهَا آمالنا فِي جَنَّةٍ ... أهْدَت لناشِقِها شميمَ العَنْبَرِ والروضُ بَين مفضَّضٍ ومَذْهَّبٍ ... والزَّهْرُ بَين مُدَرْهَمٍ ومُدَنَّر والوُرْقُ تشدو والأراكةُ تَنْثَني ... والشمسُ تَرْفُلُ فِي قميصِ أصْفَر وَكَأَنَّهُ وَكَأن خُضْرَةَ شَطِّهِ ... سيفٌ يُسَلُّ على بِسَاط أخْضرِ وكأنما ذَاك الحَبابُ فِرِنْدُهُ ... مهما طَفَا فِي صفحهِ كالجوهَرِ نهرٌ يَهيمُ بحسنِهِ من لم يَهِمْ ... ويجيد فِيهِ الشّعْر من لم يشْعر ماأصفر وَجْهُ الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا ... إِلَّا لفرقةِ حُسْنِ ذَاك المنظر ... الحديث: 582 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 وَقَوله ... سَرَوا يَخْبِطُونَ الليلَ والليلُ قد سَجَا ... وعَرْفُ ظلامِ الأُفْق مِنْهُ تأَرَّجا إِلَى أَن تخَيَّلْنا النجومَ الَّتِي بَدَتْ ... بهِ يَا سَميناً والظلامَ بَنَفْسَجَا وَمِمَّا شجاني أنْ تألَّقَ بارقٌ ... فَقلت فُؤَادِي خافقامتوهجا وشِيبَ بياضُ القَطْرِ مِنْهُ بحمرةِ ... فأذكرني ثَغْراً لسَلْمَى مُفَلَّجَا أمائِسَةَ الأعطاف من غير خَمْرَةِ ... بأسهُمِها تُصْمِي الكميَّ المُدَجَّجَا أأنتِ الَّتِي صَيَّرْتِ قدَّكِ مائساً ... وعِطْفَكِ مَيَّاداً ورِدْفَكِ رَجْرَجا وأغضبكِ التشبيهُ بالبَدْر كَامِلا ... وبالدَّعْصِ مَرْكوماً وبالظَّبي أدْعَجا ... وقلب شَجٍ صَيَّرْتِهِ كُرَةً وَقد ... أجَلْتِ عليهِ لامَ صُدْغِكِ صَوْلَجَا ... فَلَا رَحَلَتْ إِلَّا بقلبي ظعينةٌ ... وَلَا حملتْ إِلَّا ضلوعيَ هَوْدَجا ... وَقَوله ... وَعِنْدِي من معاطقها حديثٌ ... يُخَبِّرُ أنَّ ريقتها مُدَامُ وَفِي ألحاظها السَّكْرَى دليلٌ ... وَلَا ذُقْنا وَلَا زَعَمَ الهمامُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة بلنسية وَهُوَ كتاب السحر المُسَطَّر فِي حلى حصن مُرْبَيْطَر الْبسَاط من المسهب هِيَ من المدن الرومية الْمَشْهُورَة بالأندلس فِيهَا آثَار عَظِيمَة وَأَعْظَمهَا الملعب الَّذِي أَمَام قصرهَا وَهُوَ صَنَوْبريّ الشكل قد ارْتقى بِأَحْكَم صَنْعَة دَرَجَة دَرَجَة إِلَى أَن تكون الدرجَة الْعليا لَا يجلس فِيهَا إِلَّا الْملك وَحده ثمَّ مَا انحدر مِنْهَا اتَّسع الْمَكَان بِحَسب الطَّبَقَات إِلَى أَن تكون الدرجَة الْأُخْرَى لجمهور مَنْ يلوذ بالملوك من غير الْخَاصَّة المقربين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 الْعِصَابَة ملكهَا فِي مُدَّة الطوائف 583 - الْقَائِد أَبُو عِيسَى بن لَبّون وَكَانَ قبل ذَلِك وزيراً للمامؤن بن ذِي النُّون ولَعِبَ عَلَيْهِ جَاره ابْن رزين صَاحب السَّهلة فَأخْرجهُ مِنْهَا وَلم يعوضه بِشَيْء عَنْهَا من القلائد هُوَ مِمَّن رَأس وَمَا شَفّ ووَكفَ جوده وَمَا كفَّ وَأعَاد كاسد الْبَدَائِع نافقاً وَلم يُصْدِر آملاً خافقاً وَكَانَت عِنْده مناهل تُزَفُّ فِيهَا للمُنى أبكارٌ نواهد وَمن شعره قَوْله ... سَقَى أَرضًا ثَوَوها كلُّ مُزْنٍ ... وسايرهم سرُور وارتياح فَمَا الوى بهم ملل ولكنْ ... صروفُ الدَّهْر والقَدَرُ المتاحُ سأبكي بعدهمْ حُزْناً عَلَيْهِم ... بدمع فِي أعنَّتِه جِماحُ ... وَقَوله ... قُم يَا نديمُ أدِرْ عليّ القَرْقَفَ ... أًوَ مَا ترى زهر الرياض مفوقا فتحال محبوبا مدلا ورده ... وتخال نرجسَها محِبّاً مُدْنَفَا والجُلَّنَارَ دماءَ قَتْلَى مَعْرَكٍ ... والياسمينَ حَبَابَ ماءٍ قد طَفا ... الحديث: 583 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 وَقَوله ... لَحَا الله قلبِي كم يحنَّ إليكمُ ... وَقد بعتمُ حظِّي وَضاع لديكمُ إِذا نَحن أنصفناكمُ من نفوسنا ... وَلم تُنصفونا فالسَّلام عليكمُ ... وَقَوله ... لَو كنتَ تشهد يَا هَذَا عَشِيَّتَنا ... والمزنُ يسكبُ أَحْيَانًا وينحدرُ وَالْأَرْض مصفرَّةٌ بالمزن كاسيةٌ ... أَبْصرت تبْراً عَلَيْهِ الدُّرُّ يَنْتَثِرُ ... وَقَوله ... يَا ربَّ ليل شَربْنا فِيهِ صَافِيَة ... حمراءَ فِي لَوْنهَا تَنْفى التباريحا ترى الفَراشَ على الأكواس سَاقِطَة ... كَأَنَّمَا أبصرتْ مِنْهَا مصابيحا ... وَقَوله بعد مَا أُخِذَ مِنْهُ بَلَده ... يَا لَيْت شعري وَهل فِي لَيْت من أرَبٍ ... هَيْهَات لَا تَنْقَضِي للمرءِ آرابُ أَيْن الشموسُ الَّتِي كَانَت تطالُعنا ... والجوُّ من فَوْقه لِليْل جِلْبابُ وَأَيْنَ تِلْكَ اللَّيَالِي إِذْ نُلمُّ بهَا ... فِيهَا وَقد نَام حُرَّاسٌ وحُجَّابُ تُهْدِي إِلَيْنَا لُجَيناً حَشْوُهُ ذَهَبٌ ... أناملُ العاجِ والأطرافُ عُنَّابُ ... وَقَوله ... نَفَضْتُ كفّي من الدُّنْيَا وَقلت لَهَا ... إِلَيْك عني فَمَا فِي الحقّ أغْتَبنُ مِنْ كِسْرِ بيتيَ لي روضٌ وَمن كُتُبي ... جليسُ صدقِ على الْأَسْرَار مُؤْتَمَنُ وَمَا مصابي سوى موتِي ويدفنني ... قومِي وَمَا لَهُم علم بِمن دفنُوا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 السلك 584 - أَبُو عِيسَى لُب بن عبد الْوَدُود المربيطري عاصره وَالِدي اخبر انه كَانَ يشرب وَدخل عَلَيْهِ غُلَام كَانَ يهواه فَقيل لَهُ انه تزوج عاهرا وَجعلُوا يلومونه فَقَالَ ... لَا تعذلوه على ابتناء ... بعرسه العاهر الهجين الْيَسْ مثل الغزال حسنا ... لَا بُد للظبي من قُرُون ... الحديث: 584 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة البلنسية وَهُوَ كتاب المراعي العازبة فِي حُلى كورة شَاطِبة يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى كتاب الغيوث الصائبة فِي حُلَى مَدِينَة شاطبة كتاب النغْمة المطربه فِي حُلى حصن يانبَه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الاول من الْكِتَابَيْنِ الَّذين يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الكورة الشاطبية وَهُوَ كتاب الغيوث الصائبة فِي حُلى مَدِينَة شَاطِبَة الْبسَاط من المسهب مَدِينَة عَظِيمَة مَانِعَة كَرِيمَة تعز بامتناع معفلها نفوس نفوسُ أَهلهَا وتَخْرُجُ من بَطْحائها فِي أحسن متأمّل وَهِي من الَّتِي نشزت على بلنسية فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَمن مُتَفَرَّجاتها الْبَطْحَاء والغدير وَالْعين الْكَبِيرَة والعيون الْعِصَابَة اقتطعها فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف مظفر مولى بني ابي عَامر ثمَّ تغلب عَلَيْهِ جمَاعَة من الموالى العامرية وَصَارَت معقلا لَهُم وَلم يتفرد بهَا اُحْدُ مِنْهُم ثمَّ توالت عَلَيْهَا وُلَاة بني هود ثمَّ وُلَاة الملثمين ثمَّ صَارَت لبني عبد الْمُؤمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 ثمَّ لِابْنِ هود وساد فِيهَا أَبُو الْحُسَيْن بن عِيسَى وَكَانَ مَشْهُورا بالجود ممدّحاً وَصَارَت لَهُ بعد موت ابْن هود ثمَّ صَالح بنوه النَّصَارَى عَلَيْهَا وَصَارَت بحكمهم السلك ذَوُو الْبيُوت بَيت بني الْجنان بَيت مؤثل التَّوَارُث وهم من كنَانَة أمهرهم 585 - أَبُو الْعَلَاء عبد الْحق بن خلف بن مفرّج بن الجَنّان من المسهب كَاتب شاطبة الَّذِي لم أجد لَهُ فِيهَا نظيراً وماجدها الَّذِي ألفيته للمكارم وليّاً ونصيراً اجْتمعت بِهِ فِي بَلَده فأحلّني بَين خِلبِهِ وكبده وَهُوَ مَعْرُوف فِيهَا بالكتْب عَمَّن يَليهَا من الْأُمَرَاء والاستشارة فِي الآراء تتحلى الوزراء باسمه وتشرف الْكِتَابَة بوَسْمه وَلما أسرعتُ الرحيل عَن شاطبة وجَّه لي ببِرٍّ وَكتب مَعَه ... يَا سيِّداً زارَ أرْضاً ... أمْسَتْ بِهِ أُفْقَ بَدْرِ مَا كنتَ إِلَّا كبَرْقٍ ... فَكُن غَديراً لقَطْرِ حَتَّى نُوَفِّيَ وِرْداً ... من فَيْضِ علم كبحر ... الحديث: 585 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 .. وَإِن أبَيْتَ فَسِرْ فِي ... أمْنٍ وحِفْظٍ وبرِّ وَكن عليما بِنَار ... اضرمتها طى صدر ... وانشدني لنَفسِهِ ... سرى بعد الهُدُوِّ خيالُ نُعْمى ... وَلم تَدْر الوشاةُ أوانَ سَارا وزارَ وَأعْيُنُ الرُّقَبَاءِ تُذْكَى ... حذاراً أَن يزور وان يزار فدون طروقِ ذَاك الحيِّ سُمْرٌ ... تَدور بجانبيه حَيْثُ دَارا سأشكر للكَرَى خَلَساتِ وَصْلٍ ... كَمَا لَقَط القَطَا ثمَّ استطارا ... وَذكره صَاحب فرحة الْأَنْفس وَأورد لَهُ رِسَالَة كتبهَا إِلَى يحيى بن غانية الملثّم يهنِّيه بهزيمة النَّصَارَى أَطَالَ الله بَقَاء الرئيس الْأَجَل وَاضح آيَات المساعي مجابا فِي تاييده دَعْوَة الدَّاعِي وَلَا زَالَ مَعْقُود بالظفر ألويتُه معمورةً بِصَالح الدُّعَاء ساحاته وأنديته كتابي وَمَا خططت بِحرف إِلَّا رمقت السَّمَاء بطَرْف أَدْعُو وأتوسَّل إِلَى من يسمع الدُّعَاء وَيقبل ويُسْنِي الحظوظ فيُجْزل على مَا أولى من قسم أتاحها الله على يَدَيْهِ ولقى أزمَّتَها إِلَيْهِ حَتَّى انقادت لَهُ بعد شِماس وتأتت على ياس وَهل كَانَت إِلَّا خبيئة الدَّهْر وبَيْضَةَ العُقْر صعبت على من كَانَ قبل من أولى السياسات ومدبّري الرياسات 586 - ابْنه الْكَاتِب أَبُو بكر بن أبي الْعَلَاء كَانَ من الجِلَّة ببلدة وجَرَت عَلَيْهِ محنةٌ سُجِن فِيهَا وقُيِّد فَكتب على الْحَائِط بالفَحْم وَقد أَيقَن بِالْمَوْتِ ... أَلا دَرَى الصِّيدُ من قومِي الصتاديد ... أنِّي أسيرٌ بدارِ الهُون مقصودُ ... الحديث: 586 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 .. لَا أَبْسُطُ الخَطْوَ إِلَّا ظَلَّ يَقبِضُهُ ... كَبْلٌ كَمَا التفَّت الحيَّاتُ مَعْقودُ وَقد تألَّبَ أقوامٌ لسَفْك دمِي ... لَا يَعْرِف الفضْلُ مَغْناهم وَلَا الجُودُ ... وَقَوله فِي غُلَام يقفز فارّاً ... ووسيمِ الخَلْق والخُلُقِ ... يَنْثَنَى كالغُصْن فِي الوَرَقِ مرَّ يُلْقي النَّار فِي ضَرَمٍ ... كفُؤاد الصَّبِّ مُحْترِقِ وَمضى يَجْتابُ جاحِمَها ... كانْصلات النَّجْم فِي الأُفُقِ ... 587 - أَبُو الْوَلِيد بن الجنَّان من هَذَا الْبَيْت صحبته بِمصْر وحلب وَأَنا أقْطَعُ أَنه مَعْدُوم النظير فِي الفوص على الْمعَانِي المخترعة والمولَّدة فمما كتبته عَنهُ من شعره قَوْله من قصيدة مدح بهَا الصاحب الْكَبِير المُنْعِم كَمَال الدّين بن أبي جَرَادَة ... فَوق خَدِّ الْورْد دَمْعٌ ... من عُيُون الحِبِّ يَذْرِفْ برِداء الشَّمْس أضحى ... بعد مَا سَالَ يُجَفِّفْ ... وَقَوله ... قُم سَقِّنيها وجيشُ اللَّيْل مُنْهَزِمٌ ... وَالصُّبْح أَعْلَامه محمرَّة العَذَبِ والسُّحْبُ قد بدَّدَتْ فِي الأَرْض لؤلؤَها ... تَضُمُّهُ الشمسُ فِي ثوبٍ من الذَّهَبِ ... الحديث: 587 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 وَقَوله ... الأَرْض بالشمس تهيمُ فلِذا ... يَأْتِي بشيراً بالقدوم الغبش لَو لم يكن هَذَا لَمَا غَدَا لَهَا ... بساطُ أزهار الرياض يُفْرَشُ ... وَقَوله ... ودَوْحةٍ أطرَبتْ مِنْهَا حمائمُها ... أُفْقَ السَّمَاء فَلم تَبْرَحْ تُنَقِّطُها تحكي الكمامةُ فِيهَا رَاحَة قُبِضَتْ ... يُلْقِي السحابُ لَهَا دُرّاً فَتَلْقُطُها ... وَهُوَ الْآن بِالْقَاهِرَةِ مصدَّراً فِي إقراء النَّحْو 588 - أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن جُبَير أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كتب عَن عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة وَحج وجلَّ قدره فِي رحلته ثمَّ عَاد إِلَى الأندلس ثمَّ عَاد إِلَى مصر فَمَاتَ وقبره بالإسكندرية وَمن شعره قَوْله ... طولُ اغتراب وبَرْحُ شَوْقٍ ... لَا صَبْرَ وَالله لي عَلَيْهِ إِلَيْك أَشْكُو الَّذِي أُلاقي ... يَا خَيْرَ من يُشْتكى إلَيْهِ ولي بغَرْناطةٍ حبيبٌ ... قد غَلِقَ الرَّهنُ فِي يَدَيْه ودعته وَهُوَ بارتمارض ... يُظْهِرُ لي بعضَ مَا لديْهِ ... الحديث: 588 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 .. فَلَو ترى طلَّ نَرْجِسَيْهِ ... ينهلُّ فِي وَرْد صَفْحَتَيْهِ أبصرتَ دُرّاً على عقيقٍ ... من دمعه فَوق وجْنَتَيْهِ ... وَقَوله ... غريبٌ تذكَّر أوطانَهُ ... فهيَّج بالذِّكْر أشجانَه يَحُلُّ جَوَاه عقودَ العَزَاءِ ... ويَعْقِدُ بِالنَّجْمِ أجفانه ويُرْسل للغَرْب من دمعهِ ... غُروباً لتسقيَ سُكَّانه ... وَقَوله ... يَا وفودَ الله فُزْتُمْ بالمُنَى ... فهنيئاً لكمُ أهْلَ مِنَى قد عرفنَا عَرفاتٍ بعدكمْ ... فَلهَذَا برَّحَ الشوقُ بِنا ... نَحن بالمغرب نُجْري ذكركمْ ... وغُروبُ الدمع تجْرِي بَيْننَا ... الْكتاب 589 - أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن بن مُغَاور كتب عَن أبي الرّبيع بن عبد الله بن عبد الْمُؤمن سُلْطَان الْمغرب الْأَوْسَط وقسَم أَبُو الرّبيع يَوْمًا على خاصته أُتْرُجّاً فَأَعْطَاهُمْ وَاحِدَة وَاحِدَة وخصَّه بِاثْنَتَيْنِ الحديث: 589 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 فَقَالَ ... قَسَم الأُتْرُجّ فِينَا ... مَلِكٌ طَلُقُ اليديْن لم تكن قسمةَ ضِيزَى ... بَين أتْرابي وبيني إِذْ حَبَا فَرْداً بِفَرْدٍ ... وحَبَاني بِاثْنَتَيْنِ هَكَذَا مَا زَالَ حظيِّ ... مثلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ... ووهب لَهُ أحد الْأَعْيَان سَهْمَه من الساقية فِي يَوْمه فسقى بهَا جَنَّته ثمَّ وصل إِلَى ابْن مغاور فِي ذَلِك الْيَوْم ضيف فَكتب إِلَى الْمَذْكُور الَّذِي سقى جَنَّته ... سقيتَ أرضي بفَيْضِ ماءٍ ... فاسْقِ ضلوعي بفَيْضِ راحِ واتركْ جفايَ يذهبْ جُفَاءً ... واخْفض جنَاحا على جُناحي ... وَقَالَ وَقد عَلِقَ أَخ لَهُ امْرَأَة من بني ينق ... بني ينق عُيُون كفوا ظبائكم ... فَمَا بَيْننَا ثأر وَلَا عندنَا ذحل أسوعتم الشَّهْدَ المشورَ لطاعمٍ ... وقلتمْ حرامٌ أَن يُلِمَّ بِهِ النَّحْلُ إِذا مَا تَصَدَّتْ فِي الطَّرِيق طَروقةٌ ... فغيرُ نَكِير أَن يُلمَّ بهَا الفَحْلُ ... وَقَوله ... الْحَمد لله بلغْنا المُنى ... لَا حدَّ فِي الْخمر وَلَا فِي الْغِنَا قد حلل القَاضِي لنا ذَا وَذَا ... وَإِن شكرناهُ أحلَّ الزِّنَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 590 - الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز كَانَ بمرَّاكُش فِي مُدَّة الْمَنْصُور وَكتب عَن أبي زَكَرِيَّا بن أبي إِبْرَاهِيم صَاحب سَبْتَة وَكَانَ يَقُول من الشّعْر مَا مِنْهُ قَوْله ... أيا سَرْحَةً ناديتُها مُظْهِراً لَهَا ... غرامي وسرِّي فِي الضَّمِير قد انطَوى قَعيدَكِ هَل تدرين مَا بِي من الضَّنَى ... وماذا أقاسيه عليكِ من الجَوَى ... فيا لَيْتَني لم أعرفِ الحبَّ سَاعَة ... فلولا الْهوى مَا كَانَ نَجْميَ قدْ هَوَى ... وَمن كتاب الإحكام فِي حُلى الحُكّام 591 - أَبُو الْحسن طَاهِر بن نيفون قَاضِي شاطبة من المسهب عَالم أَعْلَام وفاضلٌ فِي كل فن وَإِمَام ونهض بِهِ علمه حَتَّى صيّره عَلَماً وأبرزه فِي بَلَده حَكَماً وَله من مدح فِي إِبْرَاهِيم بن يُوسُف ابْن تاشفين ... أَيا ملكا أولانيَ العزَّ والغِنَى ... وصيَّرني بعد الخمول مُكَرَّمَا وأبصرني فِي الأَرْض مُلقىً مذَلَّلاً ... فرفَّعني بالعزِّ والجاه للسَّمَا ... الحديث: 590 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 الْعلمَاء 592 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن سُراقة هُوَ الْآن صَاحب مدرسة الحَدِيث الَّتِي بناها السُّلْطَان الْكَامِل فِي الْقَاهِرَة وَهُوَ قي نِهَايَة اللطافة وخلوص الدّيانَة وَالْقَبُول وعَلى أُمُوره طُلاوة استنشدته من شعره فأنشدني قَوْله ... دَعَاني إِلَى سَماع شعريَ سَيِّدٌ ... غَرٍ بفُنون الْعلم يَرْوِي ويكتبُ فقلتُ عجيبٌ عنديَ الْجُود بالُّلهَا ... وبُخْليَ بالشعر المهلهل أعجبُ وَمَا الشّعْر إِلَّا صُورَة العَقْل حَجْبُها ... إِذا لم تكن فِي غَايَة الْحسن أوجَبُ ... 593 - الطَّبِيب أَبُو عَامر مُحَمَّد بن ينَّق شُهرَ ذكاءً وطَبْعاً وعمِّر للمحاسن رَبْعاً لَوْلَا عُجْب استهواه وأخلّ بِمَا حواه وزهْوٌ ضَفا على أعطافه وأخفى ثوب إنصافه إِلَّا أَن حَسَنَة إحسانه لتِلْك السَّيئَة ناسخة وَفِي نفس الِاسْتِحْسَان راسخة وَمن شعره قَوْله ... دَعْني أُصَادِ زماني فِي تقلُّبِهِ ... فَهَل سمعتَ بظلِّ غير منتقل ... الحديث: 592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 .. وَكلما راحَ جَهْماً رُحْتُ مبتَسماً ... كالبَدْر يزْدَاد إشراقاً مَعَ الطَّفَل وَلَا يروعَنْكَ إطراقي لحادثةٍ ... فاللَّيْثُ مَكْمَنُهُ فِي الغِيل للغَيلِ فَمَا تأَطَّر عِطْفُ الرُّمْح من خَوَرٍ ... فيهِ وَلَا احمرَّ صَفْحُ السَّيْف منْ خَجَلِ لَا غَرْو أَن عُطِّلتْ من حَلْيها هِممي ... فَهَل يُعَيَّرُ جِيدُ الظَّبي بالعَطَل وَيْلاهُ هَلاًّ أنالَ القوسَ باريهَا ... وقلد العضب جِيد الفارسِ البَطل ... وَقَوله ... وَمَا ظبيةٌ أدْماءُ تألف وجرة ... وترود ظلال الضَّالِ أَو أثَلاتِها بأحسنَ مِنْهَا يومَ أومَتْ بلحظها ... إِلَيْنَا وَلم تَنْطقْ حذارَ وُشَاتها ... وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ صَاحب السِّمْط وَأنْشد لَهُ فِي بعض مَا أنْشد مَا هُوَ مَنْسُوب لغيره الشُّعَرَاء 594 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن سلفير الشاطبيّ من فرحة الْأَنْفس لَهُ من قصيدة فِي مُحَمَّد بن مرْذنيش ملك مُرْسية تصف قِطَعَه البحرية ... وبنْتِ ماءٍ لمَسْرَى الرّيح جِرْيَتُها ... تمْشي كَمَا مشت النَّكْبَاءُ والثَّمِلُ قد جَلَّلوها شراعاً مثل مَا نشأتْ ... يُظلُّها من غمامٍ فَوْقهَا ظُلَلُ كَأَنَّهَا فَوق متنِ الرّيح سابحة ... فتخاء يَعْلُو بهَا طوراً ويَسْتَفِلُ جابت بِنَا كل خَفّاق الحشَا لَجب ... لملتقى المَوْج فِي حَافَّاته زجل ... الحديث: 594 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 595 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يَرْبُوع الشاطبيّ ذكره صَفْوَان فِي زَاد الْمُسَافِر وَذكر أَنه طلب من صَفْوَان شَيْئا من شعره فمطله فَكتب لَهُ ابْن يَرْبُوع ... فدَيْتُكَ مَا هَذَا التَّنَاسي أَبَا بَحْرِ ... لقد ضَاقَ ذَرْعاً عَن تحمُّله صَبْري أأصْدُرُ عَن أُفْق الْكَوَاكِب سادراً ... وأرحل ظمآناً على شاطئ النَّهْر ... وَأنْشد لَهُ قَوْله فِي أحد مُلُوك بني عبد الْمُؤمن ... أَسَيِّدنا لَا تُنكرنَّ تزاحُماً ... على كفكم منّا فمورِدُها عَذْبُ وُعْذرا إِلَيْنَا فالقلوب نوازِعٌ ... إِلَى لَثْمها والحكْمُ مَا حكمَ القَلْبُ فَلَو بلغَتْ شُهْبُ السماءِ بلوغَنَا ... لتقبيلها ظلَّتْ تزاحمنا الشُّهْبُ ... الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ مُوهَد الشاطبيّ وَسكن مُرْسيَة ومدح بهَا ابْن مرذنيش ملك شَرق الأندلس ... أما طربتَ إِلَى الحُمَيَّا ... مَا بَين ندمانٍ وساقِ والبدرُ فِي عقب الثريّا ... والليلُ ممدودُ الرِّواقِ خُذها على رغم العذولِ خَرْقاءَ تلعبُ بالعقول ... الحديث: 595 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 .. والنهرُ كالسيف الصَّقيلِ على رياض فاحَ رَيَّا ... ولاح مصقول التراقي تِلْكَ المنى يَا صاحبيا ... لَا مُلْكُ مصرَ مَعَ العراقِ قد كنت أصبو إِلَى الرَّحِيق حَتَّى شُغلْتُ عَن الإبريقِ بقهوةٍ من لذيذ الرِّيقِ أَنا الَّذِي صِدْتُ ظَبْيًا ... طاوى الحشا حُلْو العِناقِ تَسْقي مراشفهُ شَهِيَاً ... من مُسْكرٍ عَذْب المذاقِ يَا من لَحَا وَلَك التَّفْنِيدُ حُبِّي لَعَزَّةَ لَا يبيدُ فَرُبمَا بَلِيَ الْجَدِيد يَا من أحبَّ القُرْبَ إليّا ... كَيفَ السبيلُ إِلَى التلاقي لقد لقيتُ الْمَوْت حَيَّاً ... مَا بَين نأْيِكَ واشتياقي من لي بِهِ فَوق مَا أقولُ تحارُ فِي وَصْفه العقولُ فَمَا إِلَى وَصْله سبيلُ أحببْ بِهِ أحببْ إليَّا ... ظَبْياً يروَّع بالفراقِ طَلْقَ الأسرَّة والمحيَّا ... كالظَّبي مَكْحُول المآقي ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 .. مَنْ لي بِمن أَهْوى ومَنْ لي لَيْسَ الهَوَى إِلَّا لمثلي وَأَنت يَا بَعْضِي وكُلِّي أبْعَدْتَني بُعْدَ الثُّريّا ... وَأَنت تعلم مَا أُلَاقِي يَا من هَوِيتْ أبقِي عليَّا ... كَمَا أَنا عَلَيْك بَاقٍ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكِتَابَيْنِ اللَّذين تشْتَمل عَلَيْهَا كورة شاطبة وَهُوَ كتاب النَّغْمة المُطْرِبه فِي حُلى حصن يانَبه من المسهب حصن بَهِجُ المنظر ذُو فواكه ومياه مِنْهُ 596 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن خَلصَة الْأَعْمَى من الذَّخِيرَة كَانَ أحد الْعلمَاء بالْكلَام وَله حَظّ من النثر والنظام لكنه بالأئمة الْعلمَاء أشبه مِنْهُ بِالْكتاب الشُّعَرَاء وَقد بَدَرَتْ لَهُ أشعارُ يسير بهَا إِلَى البديع وَيذْهب فِيهَا إِلَى التصنيع وَكتب عَن إقبال الدولة بن مُجَاهِد ملك دانية والجزر وَمن شعره قَوْله من قصيدة فِي مدحه الحديث: 596 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 .. خَدَمتكمْ ليكونَ الدَّهْر من خَدَمي ... فَمَا أحالتْهُ عَن أَحْوَاله حيلي إِن لم تكن بكم حَالي مبدلة ... فَمَا انتفاعي بِعلم الْحَال وَالْبدل ... وَقَوله من قصيدة ... أَطِعْ أمْرَ مَنْ تهواهُ من عَزَّ قد بَزَّا ... كفى بالهوى ذُلاًّ وبالحسن مُعْتَزَّا ... وَمِنْهَا ... وَلما لَحَاني الدهرُ لَحْوَ العَصَا وَلم ... أجِدْ من بنيَه غيرَ من زادني وَخزَا جعلتك لي حِصْناً ونبَّهتُ مِقْوَلاً ... جُرَازاً جُذَاذاً لَا كَهاماً وَلَا كَزَّا وَلم تقتصدْ مِنْك القصيدةُ نائِلاً ... كثيرٌ لَهَا أَن تُسْتَجَازَ وَلَا تُجْزَى ليُمْتِعْ بك الله الأمانيّ والمُنَى ... وَلَا تُفْجَعُ الْآدَاب فِيك وَلَا تُرْزا ... وَقَوله ... عَدَمٌ ذَا الورى وأنتمْ وجودُ ... وهُراءٌ وأنتمُ المعقولُ وَإِذا كَشَّف الحقائقَ فكْرٌ ... شَهدتْ لي بِمَا أَقُول العقولُ ... وَقَوله يُخَاطب الحُصْريَّ ... أيا صَادِقا هَواهُ ... إِذا المدَّعون مانُوا فَلم يَحْوِ مَا حواهُ ... زمانٌ وَلَا مكانُ وَلم يَفْرِ مَا فَرَاهُ ... حُسَامٌ وَلَا سِنانُ إِذا سَلَّ مُرْهَفاتٍ ... من الْمنطق البيانُ تَبَيَّنْتُ أنَّ أمْضيَ ... من الصارم اللسانُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة البلَنسية وَهُوَ كتاب فِي حُلى حصن البُونْت من المسهب معقل من المعاقل الرفيعة والشواهق المنيعة ملكة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف 597 - الْقَائِد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْقَاسِم الفِهري وَضَبطه أَشد الضَّبْط وَصَارَ شَجىً فِي حَلْق صَاحب بلنسية وَعِنْده أَطَالَ المكثَ هشامٌ المعتدّ المروانيّ الَّذِي صَار خَليفَة بقرطبة وَمن عِنْده استدعى للخلافة وَولي بعد ابْنه الحديث: 597 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 598 - الْقَائِد أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله فحذَا حَذْوَ أَبِيه وَمنع رياسته مِمَّن يَلِيهِ إِلَى أَن أدْركهُ مَا يدْرك البدرالتمام وَأَخذه الْحمام فولي بعده ابْنه 599 - الْأَمِير أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله وَمِنْه أَخذ هَذَا الْحصن أَمِير الملثّمين يُوسُف بن تاشفين من القلائد رجل زَهَت بِهِ الرياسة وَالتَّدْبِير وجبلٌ دونه يَلَمْلَمٌ وثَبيرٌ ووقار لَا يستفز وَلَو درات عَلَيْهِ العُقار إِذا كتب باهت البدرَ رُقعتهُ وقرطسَتْ أَفْئِدَة الْمعَانِي نَزْعتُه وَضعته الدولة فِي مَفْرقها وأطلعت شمسَه فِي مشرقها فأظهر جمَالهَا وعطَّر صَبَاها وشَمالها فسهَّل لراجيها حَزْنها وصابَ بِأَحْسَن السِّير مُزْنها ولاح بِشْرُها ونَفح نَشْرُها وجادت يَده بالحَيَا وعادت بِهِ أَيَّام الْفضل بن يحيى إِلَّا أَن الْأَيَّام اتَّقَتْه فَمَا أبقتْه وخَشِيه مكْرُها فغشيه نُكْرها فتخلَّت عَنهُ الدولة تخَلَّى العقد عَن عنق الْحَسْنَاء وأعرضت عَنهُ إِعْرَاض النسيم عَن الرَّوْضَة الغنَّاء وَإِنَّهَا لعالمة بسَنائه هائمةٌ بغَنَائه وَلَكِن الزَّمَان لَا يُرِيد شفوفا وَلَا يرى أَن يكون بالفضائل محفوفا وهواليوم قد انقبض عَن النَّاس وأجناسهم واستوحش من إيناسهم وأنِسَ بنتائج أفكاره وهام بعيون الْعلم وأبكاره الحديث: 598 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 الغرضُ مِمَّا أورد لَهُ كتبَ إِلَى الْوَزير أبي بكر بن عبد الْعَزِيز مُجاوباً عَن كتاب خاطبه بِهِ مسلياً عَن نَكْبته ... وَلَو لم أفل شباة الخطوب ... بِحَدّ كَحَد ظُبَا الصارِمِ وَلم أَلْقَ من جُنْدها مَا لقيتُ ... بصبْرٍ لأبطالها هازمِ وَلم أعْتَبرْ حادثات الزمانِ ... بِخبْرِ خبيرٍ بهَا عالِم لَكَانَ خطابُك لي ذُكْرَةً ... تُنَبِّه من سِنة النائِمِ ورِدْءاً يردُّ صعاب الْأُمُور ... على عَقِب الصاغر الراغم ... فَكيف وَقد قَرَعْتُ النائبات إصغاراً ولقيتُ من هبوبها إعصارا وَلم أستعن فِي شئ مِنْهَا بمخلوق وَلَا فوَّضت فِي جَمِيع أمورها إِلَّا إِلَى أعدل فاتح وأحفظ موثوق وأسأله أَن يَجْعَلهَا كَفَّارَة للسيئات وطهارة من دَرَن الخطيئات بمنِّه وَكَرمه وَإِن خطاب السَّيِّد وصَل غِبَّ مَا تجافى ومَطَل فَكَانَ الحبيبَ المقبَّل من حَقه أَن يُسْتَمال ويُسْتَنْزل وَلَا عتاب عَلَيْهِ فِيمَا فعل وَقد علمت أَنه مهما أَبْطَأَ بُرْهَة متَّصلةً فَمَا أَخطَأ حفاظاً بِظهْر الْغَيْب وصلَةً وَإِنَّمَا نهته عَن مُقْتَضى نظره ليبينه بفحوى تَأَخره وعَلى أَن العوائد أَحْمد من البَدِيَّات والفوائد فِي النتائج لَا فِي الْمُقدمَات كَمَا خُتم الطَّعَام بالحلواء بل كَمَا نُسِخَ الظلام بالضياء وبُعث مُحَمَّد آخر الْأَنْبِيَاء وَإِن احتفاءه لمقدور حق قدره ووفاءَه لجدير بالمبالغة فِي شكره وَلَقَد بلغت مكارمه مداها وسلَت مساهمته عَمَّا اقتضاها وَقد آن أَن يدع من ذكرى نَهْبٌ صِيحَ فِي حَجَراته واستُبيح من جهاته وَكتب لَهُ أَبُو الْعَبَّاس بن عشرَة قَاضِي سَلا وَقد حَلَّ أَبُو مُحَمَّد سَلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 وظنَّ أَنه يجد مِنْهُ مؤانسة فانقبض عَنهُ وَاعْتذر بالسلطان ... واحَسْرَتا لصديقٍ مَا لَهُ عِوضٌ ... إِن قُلْتَ من هُوَ لَا يلقاك مُعْتَرِضُ أَلْقَاهُ بِالنَّفسِ لَا بالجسْم من حذَر ... لعلّةٍ مَا رأيتَ الحُرَّ يَنْقَبِضُ ... فجاوبه أَبُو مُحَمَّد ... شرُّ الجيادِ إِذا أجْرَيْتَ منقبضُ ... مَا للوجيه على الميدان مُعْتَرَضُ أنَّى تُضَاهيه فُرسان الْكَلَام ومِن ... غباره فِي هواديهنَّ مَا نَفَضُوا ... ومرَّ فِي الشّعْر إِلَى أَن قَالَ بعد العتاب ... والحرُّ حرٌّ وأمْرُ الله مُنْتَظَرٌ ... والذكرُ يبقَى وَعمر الْمَرْء مُنقَرِضُ ... وأثْنَى عَلَيْهِ وعَلى بَيته صَاحب المسهب وَقَالَ فِي وَصفه مَلِك قمرِي الْوَجْه سحابيُّ الْيَد روضيّ الجناب مَلّك طُفَيليّ السماح على الْأَقَارِب والأباعد مَا فُرِّجت أبوابه إِلَّا تفرَّجت الشدائد وَأنْشد لَهُ قَوْله ... خُلِعَتْ عَن المُلْكِ لكنِّني ... عَن الصَّبْر وَالْمجد لَا أَخْلَع رماني الزَّمَان بأرزاءه ... وغَيْرِي من خَطْبه يجْزَعُ فَلَيْسَ فؤاديَ بالملتظي ... وَلَا مُقْلتي حسْرةً تدْمعُ ولي أَمَلٌ ليته لم يكن ... فكم ذَا يعر وَكم يخدع ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة البلَنسية وَهُوَ كتاب حنين السانية فِي حلى أَعمال دانيَة هِيَ محسوبة من المملكة البلنسية وانقطعت عَنْهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وينقسم كتابها إِلَى كتاب القطوف الدانية فِي حلى مَدِينَة دَانِيَة كتاب تغريد السَّكْرَان فِي حلى حصن بُكَيران كتاب أنس العُمْران فِي حلى حصن بَيْران الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب أَعمال دانية وَهُوَ كتاب القطوف الدانية فِي حلى مَدِينَة دانية المنصة كَاد هَذَا الْعَمَل يكون مملكة مُنْقَطِعَة عَن بَلنسية لعظم مَا احتوى عَلَيْهِ وشهرة حاضرته مَدِينَة دانية وَمَا تأثل من ملك من يذكر وَمن المسهب مَدِينَة عَظِيمَة مَشْهُورَة الذّكر جليلة الْقدر متوارثة المملكة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَكَثُرت إِلَيْهَا الْأَسْفَار وشدت نَحْوهَا الرِّجَال من الأقطار وامتلأت من الْعلمَاء وَالْكتاب وَالشعرَاء وَهِي على الْبَحْر كَثِيرَة الْخيرَات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 التَّاج 600 - الْمُوفق مُجَاهِد بن عبد الله ملك الجُزُر وصَيَّرها حَضْرَةً لملكه وَكَانَ جليل الْقدر لَهُ غزوات فِي النَّصَارَى فِي الْبَحْر مَشْهُورَة وَمن أعظم مَا فَتحه جَزِيرَة سَرْدانيَة الْكَبِيرَة وَكَانَ محبّاً فِي الْعلمَاء محسناً لَهُم كثير التولع بالمقرئين للْكتاب الْعَزِيز حَتَّى عُرف بذلك بَلَده وقُصد من كل مَكَان وشُكر فِي الأقطار بِكُل لِسَان وَقد أثنى عَلَيْهِ ابْن حَيَّان فِي كتاب المتين بِهَذَا الشَّأْن وَقد وَفد عَلَيْهِ أَفْرَاد الشُّعَرَاء كإدريس ابْن اليَمان وجلَّة الْعلمَاء كَابْن سَيّده وَولي بعده ابْنه 601 - إقبال الدولة عليّ بن مُجَاهِد وحذا حَذْو أَبِيه فِي الإقبال على الْعلمَاء إِلَّا أَنه كَانَ ذَلِك تطبُّعاً لَا طبعا وَكَانَت همته فِي التِّجَارَة وَجمع الْأَمْوَال إِلَى أَن أَخذهَا مِنْهُ المقتدر بن هود الحديث: 600 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 قَالَ الحِجاريّ وَكَانَت مدَّته وَمُدَّة أَبِيه فِي ملك دانية سِتِّينَ سنة ثمَّ توالت عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين وولاة ابْن مرذنيش صَاحب بلنسية وَمِنْه أَخذهَا النَّصَارَى أعَاد 4 هَا الله السلك الْكتاب 602 - الْكَاتِب أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْعَالم أبي عمر ابْن عبد الْبر النَّمَريّ من الذَّخِيرَة كَانَ أَبُو مُحَمَّد قد حلَّ من كُتّاب الإقليم مَحل الغَفْر من النُّجُوم وتصرّف فِي التَّأْخِير والتقديم تصرُّف الشَّفْرة فِي الْأَدِيم وتصرَّف ثمَّ ذكر مَكَان أَبِيه فِي الْعلم وشهرة تصانيفه وَنبهَ على مَا جرى على أبي مُحَمَّد عِنْد المعتضد بن عباد حِين وَشَى بِهِ ابْن زيدون وَزعم أَنه يطعن فِي الدولة فكاد أَن يهْلك على يَدَيْهِ حَتَّى وصل أَبوهُ وخلصه مِنْهُ الْغَرَض من نثره قَوْله من رِسَالَة عَن ابْن مُجَاهِد وَقد زَفَّ ابْنَته إِلَى المعتصم ابْن صُمادح الحديث: 602 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 وَقد توغّلت مَعَك فِي أَسبَاب الأُلفة وهتكت بيني وَبَيْنك أَسبَاب المراقبة والكُلْفة فَأَنا أستريح إِلَيْك بخفيات سرّى وأجلو عَلَيْك بُنيّات صَدْرِي خروجاإليك عَمَّا عِنْدِي وجَرْياً مَعَك على مَا يَقْتَضِيهِ إخلاص ودي وجلاءً لشواغل بالي واستظهاراً بك على حَالي وشفاءً لمضَض نَفسِي واستدعاءً لما نَفَر وشرَد من أُنْسي كَمَا ينفث المصدور ويتلقى بَرْدَ النسيم المحرور وكما تفيض النَّفس عِنْد امتلائها وتجود الْعين طلبا للراحة بِمَائِهَا وَكنت أَشرت فِي كتابي بتوجه مَنْ توجه من قِبَلي مِمَّن كَانَ رَوْح أُنسي وَرَيْحَان جَذَلي وَنَفْسِي إِلَى أَن قَرَعَ مَا قرع من لوعة الْفِرَاق ولَذَعَ مَا لذع من لوعة الاشتياق وَأَنا أَظن ذَلِك عَاقِبَة الصَّبْر تَغْلبه والجلَد يَعْقُبُه وَأَن انصرام الْأَيَّام ينسيه ويذهبه فَإِذا هُوَ قد أفرط وَزَاد وَغلب أَو كَاد وَمن القلائد بَحر الْبَيَان الزاخر وفخر الْأَوَائِل والأواخر وَمن شعره قَوْله فِي رجل مَاتَ مجذوماً ... ماتَ من كُنَّا نراهُ أبدا ... سالمَ العَقْل سقيمَ الجَسَدِ بَحْرُ سُقْمٍ ماجَ فِي أَعْضَائِهِ ... فَرمى فِي جلده بالزَّبَدِ كَانَ مثل السَّيْف إِلَّا أَنه ... حُسِدَ الدَّهْر عَلَيْهِ فصَدِي ... وَقَوله ... لَا تُكثرنَّ تأمُّلاً ... واحْبِسْ عَلَيْك عِنان طَرْفِك فلربّما أرْسَلْتَهُ ... فرماك فِي مَيْدان حَتْفِك ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 603 - الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن أَحْمد الداني من الذَّخِيرَة قدَّمَتْه قُدْمَتُه إِذْ كَانَ أسْناهم موضعا وأرفعهم عِنْد مُلُوك الطوائف مطاراً وَأحسن موقعاً وَله إِحْسَان كثير بَين منظوم ومنثور وَكَانَ أَبوهُ شُرطيّاً بدانية فتميَّز هُوَ بالأدب وَقَالَ فِي أَخِيه وَكَانَ يكثر من هجائه ... جارَ ذَا الدهرُ علينا ... وَكَذَا الدهرُ يجورُ كَانَ شُرطيّاً أَبونَا ... وَأخي اليومَ وزيرُ أَنا مأبونٌ صغيرٌ ... وَهُوَ مأبون كبيرُ ... وَقَوله ... وعصا أَبينَا إِنَّهَا لألية ... شوهاء إِنَّك شَوْهَةُ الوزراء ... وَله نَثْرٌ فِي الْقُصُور العَبَّادية بإشبيلية وَقد تقدم ذَلِك هُنَالك وَذكره الحِجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَلا يَا سَائِلًا عَن شرْح حَالي ... عَنَاهُ من أموريَ مَا عناني حَوَيْتُ من الْفَضَائِل مَا علمتُمْ ... وحرت الخصل فِي يَوْم الرِّهَان وَمَا إِن نلْت فِي الْأَيَّام إِلَّا ... سباب أخي وحَسْبي من أماني ... الحديث: 603 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 604 - الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُسلم الداني من الذَّخِيرَة آيَة الزَّمن وَنِهَايَة الفطنة واللسَن نفثَ بِالسحرِ واغترف من الْبَحْر ونظم الدراري بَدَلا من الدُّر وَمِمَّا أوردهُ من نثره قَوْله من رِسَالَة خَاطب بهَا صَاحب ميروقة إِن أغْبَبْتُ على بعد الديار مُكَاتَبَتك وأقْلَلْت مَعَ شحط المزار مخاطبتك فَإِنِّي أكاتبك بِلِسَان وداد وأناجيك بخلوص الْفُؤَاد وَإِنَّمَا يتخاطب أهل بُعْد الْمَكَان ويتكاتب ذَوُو النأْي عَن العِيان وَأَنت فِي الضَّمِير ماثل فَمَا تزيد الرسائل وَبَين الجفون جائل فَمَا تفِيد الْوَسَائِل لَكِن الْعين لَا تَبرأ من الأرق حَتَّى تُطبق جفنيها على الحَدَق وَالنَّفس لَا تهدأ من القلق حَتَّى تجمع شَطْرَيْها إِلَى أُفق فَلهَذَا يجب على الصّديق تَأْكِيد الْعَهْد وَلَو بإهداء السَّلَام إِذا لم يستطل على الْإِلْمَام وتجديد الود وَلَو بِالْكتاب فَإِنَّهُ قد يُغني عَن الْخطاب لَكِن قد يَأْتِي من عوائق الزَّمَان وعوارض الحدَثان مَا يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه حَتَّى يسهو فِي الصَّلَاة وَهُوَ بَين يَدي ربه وَمن المسهب كَاتب بليغ الْكِتَابَة كثير الْإِصَابَة وَأنْشد لَهُ ... أما ترى الصُّبْح أقبَلْ ... فالكأسُ لِمْ لَا تُعَجَّلْ هَات المدامَ دِراكاً ... فإنني لسْتُ أُمْهَلْ مَا الْعَيْش إِلَّا مُدَامٌ ... ومَنظَرٌ ومُقَبَّلْ وهاكها طوعَ ملكي ... فكلَّ مَا شِئْت أفعل ... الحديث: 604 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 605 - الْكَاتِب أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن أَحْمد الداني صَحبه وَالِدي وَكتب مَعَه لعبد الْوَاحِد بن مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَاجْتمعت بِهِ أَنا فِي حَضْرَة مراكش فتركته بهَا ومدح يحيى بن النَّاصِر بقصيدة نَالَ فِيهَا من عَمه إِدْرِيس فَقَالَ فِيهَا ... وَملك يحي حياةٌ لَا نفادَ لَهَا ... وَملك إِدْرِيس واهي الرُّكْن مندرِسُ ... وَذكر الخُشَني فِي كتاب فصل الرّبيع أَنه حضر لَيْلَة مَعَ الأديب أبي شهَاب المالَقي فقُدِّم أمامهما عنقودان من عِنَب أَبيض وأسود فَأخذ أَبُو الرّبيع الْأَبْيَض وَقَالَ ... أتَانَا بابْن كَرْمٍ كَانَ أشْهَى ... لَدَى نفس الظريف من الحُمَيَّا بعنقودٍ كَأَن الحبَّ مِنْهُ ... لآلٍ كنَّ للحَسْناء زِيَّا فَقَالَ جمالُه صِفْهُ وأوجزْ ... فَقلت البَدْرُ قد حمل الثُّرَيّا ... 606 - الْكَاتِب أَبُو عَامر أَحْمد بن غَرْسِية من المسهب من عجائب دهره وغرائب عصره إِن كَانَ نصَابه فِي العجمية فقد شهِدت لَهُ رسَالَته الْمَشْهُورَة بالتمكّن من أعِنَّة الْعَرَبيَّة وَهُوَ الحديث: 605 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 من أَبنَاء نَصَارَى البُشْكُنْس سُبِيَ صَغِيرا وأدَّبه مُجَاهِد مَوْلَاهُ ملك الجُزر ودانية وَكَانَ بَينه وَبَين أبي جَعْفَر بن الجزار الشَّاعِر صُحْبَة أوجبت أَن استدعاه من خدمَة المعتصم بن صُمادح ملك المريَّة ناقداً عَلَيْهِ مُلَازمَة مدحه وَتَركه ملكَ بِلَاده وَمن شعره قَوْله من قصيدة فِي إقبال الدولة لما ولاه أَبوهُ عَهده ... الْآن أطلع فِي ليل الرَّجَاء سنا ... وقابل الصُّبْح والإظلامُ قد ظَعَنا عهدٌ حَبَاكَ بِهِ من لَيْسَ يشبههُ ... مَلْكٌ فأخْلصْ عَلَيْهِ السِّرَّ والعَلَنَا ولتَلْقَه بانتهاضِ لَا كِفاءَ لَهُ ... مَا إنْ يُبَعِّد لَا مِصْراً وَلَا عَدَنَا ... وَقَوله ... إِن أُصَلِّي كَمَا علمت وَلَكِن ... لساني أعزُّ من سَحْبَانِ وَأَنا من خير الْمُلُوك بصدر ... هَل ترى بالقناة صَدْرَ السِّنَانِ ... الْعلمَاء 607 - الْحَافِظ أَبُو عمر يُوسُف بن عبد الْبر النَّمَري من المسهب إِمَام الأندلس فِي علم الشَّرِيعَة وَرِوَايَة الحَدِيث لَا أستثني من أحد وحافظها الَّذِي حَاز خَصل السَّبق وَاسْتولى على غَايَة الأمد الحديث: 607 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 وَانْظُر إِلَى آثاره تُغْنك عَن أخباره وَشَاهده مَا أوردهُ فِي تمهيده واستذكاره وَعلمه بالأنساب يُفْصح عَنهُ مَا أوردهُ فِي الِاسْتِيعَاب مَعَ أَنه فِي الْأَدَب فَارس وَكَفاك دَلِيلا على ذَلِك كتاب بهجة الْمجَالِس وبالأفق الداني ظهر علْمه وَعند ملوكه خَفَق عَلَمه وَمن شعره قَوْله ... إِذا فاخَرْتَ فافْخَرْ بالعلومِ ... ودَع مَا كَانَ من عَظْمٍ رَميمِ فكم أمسيتُ مُطَّرَحاً بجهْلٍ ... وَعلمِي حلَّ بِي بَين النجومِ وكائنٍ من وزيرٍ سَار نحوي ... فلازَمني مُلَازمَة الْغَرِيم وَكم أقبلتُ مُتَّئِداً مُهَاباً ... فَقَامَ إليَّ من مَلِكٍ عَظِيم وركبٍ سَار فِي شَرقٍ وغَرْبٍ ... بذكرى مثل عَرْفٍ فِي نسيم ... وَقَوله وَقد قصد المعتضد بن عباد من دانية إِلَى إشبيلية ... قصدتُ إِلَيْك من شَرْق لغَرْب ... لتُبْصرَ مقلتي مَا حلّ سمْعِي وتَعْطِفُك المكارمُ نَحْو أصْلٍ ... دعَاكُمْ رَاغِبًا فِي خيْرِ فَرْعِ فَإِن جُدْتُمْ بِهِ من بعد عَفْوٍ ... فَلَيْسَ الْفضل عندكمُ ببِدْعِ فوعْدَك كي يُسَكِّنُ خَفْقَ قَلْبي ... ويَرْقَأ منْ جفوني سكْبُ دَمْعي ... الشُّعَرَاء 608 - ابْن هَنْدو الداني من شعراء مُلُوك الطوائف الْمَذْكُورين فِي كتاب الذَّخِيرَة من شعره قَوْله وَقد عرض ابْن هود جنده وَفِيهِمْ بعض الأعلاج فِي نِهَايَة الْجمال ينْفخ فِي قَرْن الحديث: 608 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 .. أعن بابل أجفان عَيْنَيْك تنفث ... وَعَن قوم مُوسَى قد جعلتَ تحدِّثُ أَفِي الْحق أَن تحكي سَرَافيل نافخاً ... وأمكث فِي رَمْسِ الصُّدُود وألْبَثُ ... 609 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عِيسَى الْمَشْهُور بِابْن اللَّبَّانة من الذَّخِيرَة كَانَ أَبُو بكر شَاعِرًا يتَصَرَّف وقادراً لَا يتَكَلَّف مرصوص المباني منمّق الْأَلْفَاظ والمعاني وَكَانَ من امتداد الباع والانفراد والانطباع كالسيف الصَّقِيل الفَرَد توحَّد بالإبداع وانفرَد وَذكر أَن أمه كَانَت تبيع اللَّبَن وَأخْبر بوفائه مَعَ الْمُعْتَمد بن عبَّاد وتفجعه لدولته حِين خُلع عَن ملكه وَمِمَّا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... بدا على خدِّه عِذَارٌ ... فِي مثله يُعْذَرُ الكئيبُ وَلَيْسَ ذَاك العِذَارُ شَعراً ... لكنما سِرُّهُ غريبُ لما أراق الدماءَ ظُلْماً ... بَدَت على خَدِّه الذنوبُ ... وَقَوله ... يَا شادناً حَلَّ فِي السَّوادِ ... من لحظ عَيْني وَمن فُؤَادِي ... الحديث: 609 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 .. وكعبةً للجمال طافَتْ ... من حولهَا أنفسُ العبادِ مَا زدتني ف يالوصال حَظّاً ... إِلَّا غَدا الشَّوقُ فِي ازديادِ أعْشَى سَنا ناظرَيْك طَرْفي ... فَلَيْسَ يلتذُّ بالرُّقادِ ... وَقَوله ... بدا على خَدّه خَال يزينه ... فزادني شَغَفاً فِيهِ إِلَى شَغَفِ كأنَّ حَبَّةَ قلبِي حِين رُؤْيته ... طارتْ فَقَالَ لَهَا فِي الخَدِّ مِنْهُ قِفي ... وَقَوله ... يَروقك فِي أهل الْجمال ابنُ سيِّدٍ ... كترجمةٍ راقَتْ وَلَيْسَ لَهَا مَعْنى حكى شَجَر الدفلاءِ حُسْناً ومنظراً ... فَمَا أحسن المَجْلَى وَمَا أقبح المَجْنَى ... وَقَوله فِي المتَوَكل بن الْأَفْطَس ... مضيت حساما لَا يفل لَهُ غَرْبُ ... وأُبْتَ غَماماً لَا يُحَدُّ لَهُ سَكْبُ وأضحَيْتَ من حاليك تقسِمُ فِي الوَرَى ... هِباتِ وهبات هِيَ الأمْنُ والرُّعْبُ وَقد كَانَ قُطْرُ الجوفِ كالجوف يشتكي ... سَقاماً فَلَمَّا زُرْتَه زَارَهُ الطِّبُّ فَلَا مُقْلَةً إِلَّا وَأَنت لَهَا سَنىً ... وَلَا كَبدٌ إِلَّا وَأَنت لَهَا خِلْبُ ... وَمِنْهَا ... ومالوا إِلَى التَّسْلِيم فَوق جيادهم ... كَمَا مَالَتْ الأغصانُ من تحتهَا كُثْبُ فَقَفَّوْك مَا قَفَّوا وهم للعُلا رحى ... وداروا كَمَا دارتْ وَأَنت لَهُم قُطْبُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وَقَوله من قصيدة فِي المعتضد بن عباد ... كِلْني إِلَى أحد الْأَبْنَاء يُنْعِشُني ... إِن لم يكنْ مِنْك بَحْرٌ فليكنْ نَهَرُ قد طَال بِي أقْطَعُ الْبَيْدَاء متَّصِلاً ... وَلَيْسَ يُسْفِرُ عَن وَجْه المُنَى سَفَرُ جُدْ بِالْقَلِيلِ وَمَا تَدْرِي تجود بِهِ ... يَا مَا جدا يَهَبُ الدُّنْيَا ويعتذرُ ... وَقَوله ... يَا من عَلَيْهِ من المكارم والعُلا ... بُرْدٌ بتطريز المحامد مُعْلَمُ ... وَقَوله ... أُحَدِّثُ عَن يَوْم الوَغَى مِلْءَ منطقي ... وأسال عَن يَوْم النوال فأسكُتُ ... وَقَوله ... أَنا مثلُ مرآةٍ صقيلٍ وجْهُها ... ألْقى الْوُجُوه بِمثل مَا تَلقانِي كالماءِ لَيْسَ يُريك من لونٍ سوى ... مَا تَحْتَهُ من سَائِر الألوان ... وَمِنْهَا ... مَلِكٌ إِذا عَقَدَ المغافرَ للوَغَى ... حَلَّ الملوكُ معاقد التيجان وَإِذا غَدَتْ راياته منشورة ... فالخافقات لهنَّ فِي خَفَقانِ ... وَمن سمط الجمان سَمَوْألُ الشُّعَرَاء وَرَيْحَانَة الْأُمَرَاء الَّذِي ارتضع أخْلاف الدول حافلة الشُّطور وأطلع السِّحْرَ الْحَلَال فِي أثْنَاء السطور وَأنْشد لَهُ قصيدة مِنْهَا ... والروضُ إِن بعدتْ عَلَيْك قُطوفُهُ ... وفَدَتْكَ عَنهُ الريحُ وهْيَ بَليلُ حَسْبُ النسيم من اللطافة أنَّه ... صحَّتْ بِهِ الأحسام وَهُوَ عليل ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 وَمن أُخْرَى قَوْله ... هلاّ ثناكِ عليَّ قَلْبٌ مُشْفِقُ ... فترَيْ فَرَاشاً فِي فِراشِ يُحْرَقُ أَنْت المنيَّةُ والمُنَى فِيك اسْتَوَى ... ظلُّ الغمامة والهجيرُ المُحْرقُ وَيُقَال إنَّكِ أيْكَةٌ حَتَّى إِذا ... غَنَّيتِ قيل هيَ الْحمام الأوْرَقُ يَا قَدَّ ذابلةِ الوَشيج ولونَها ... لكنْ سنانُك أكحلٌ لَا أزْرَقُ يَا من رشَقْتُ إِلَى السلوّ فردّني ... سبقت جفونك كلّ سهم يَرْشُقُ جَسدي من الْأَعْدَاء فِيك لِأَنَّهُ لَا يَسْتبِين لطَرفِ طيفٍ يرمُق لم يدر طيفك كوضعي من مضجَعِي ... فعذَرته فِي أنَّه لَا يَطرُق خَفِيتُ لَدَيْهِ مَنابعي ومنابتي ... فالدَّمْعُ يَنْشَعُ والصبابةُ تُورقُ وكأنَّ أَعْلَام الْأَمِير مبسِّرٌ ... نُشِرَت على قلبِي فأصبحَ يَخْفُقُ ... وَمن القلائد المديدُ الباع الفريد الانطباع الَّذِي ملك للمحاسن مَقاداً وغَدا لَهُ البديع منقاداً ونبَّه على مَكَانَهُ من ابْن عباد ووفاته لَهُ وَأنْشد لَهُ قَوْله ... حُنِيَتْ جوانحُه على جَمْرِ الغَضَى ... لما رأى برقاً أضاءَ بِذِي الأضا واشتمَّ من ريح الصَّبا رَوْحَ الصِّبا ... فقَضَى حُقُوق الشوق فِيهِ بِأَن قَضى والتفَّ فِي حَبِرَاته فحسبتُها ... من فوقِ عِطفيه رِدَاء فَضْفضا قَالُوا الخيالُ حياتُه لوزارةٍ ... قلتُ الحقيقةُ قلتمُ لَو غَمَّضا يَهْوَى العَقِيقَ وساكنيه وَإِن يكن ... خَبَرُ العقيق وساكنيه قد انقَضى ويودّ عودته إِلَى مَا اعتاده ... وَلما عَاد الشبابُ وَقد مضى ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 .. ألِفَ السُّرَى فكأنَّ نَجْماً ثاقباً ... صَدع الدُّجى منهُ وبرْقاً مُومِضا طلبَ الغِنَى من ليله ونهاره ... فلهُ على القمرين مالٌ يُقْتَضى ... وَمِنْهَا ... والليلُ قد سَدَّى وألحَمَ ثوبَهُ ... والفجرُ يرسلُ فِيهِ خيطأ أبيضا ... وَطلب من نَاصِر الدولة صَاحب مَيورقة السَّراح وَقد خَافَ فِي ذَراه فَكتب إِلَيْهِ ... عَسَى رَأفَةٌ فِي سَراحٍ كريمٍ ... أبلُّ ببَرْد نداهُ الغليلا وعَلّي أُراح من الطالبين ... فأسكن للأمْنِ ظلاًّ ظليلا وَمن بَلَّهُ الغيثُ فِي بَطْن وادِ ... وَبَات فَلَا يَأمَنَنَّ السيولا لقد أوقدوا ليَ نيرانهمْ ... فصيَّرني اللهُ فِيهَا الخليلا أفرُّ بنفسي وَإِن أصبحتْ ... مَيُورْقَةُ مصْراً وجَدْوَاكَ نيلا ... وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... عَرِّجْ بمُنْعرَجات وَادِيهمْ عسَى ... تلقاهم نزلُوا الْكَثِيب الأوعَسَا اطْلُبْهُمُ حَيْثُ الرياضُ تفتَّحَت ... والريحُ فاحتْ والصباحُ تنفَّسا مَثِّلْ وجوهَهمُ بدوراً طلعا ... وتخيل الخيلان بنمان شهبا كنسا وَإِذا أردْت تنعُّماً بِقُدودهمْ ... فاهصِرْ بنَعْمانَ الغصونَ المُيَّسا بِأبي غزال مِنْهُم لم يتَّخِذْ ... إِلَّا القَنا من بعد قلبِيَ مَكْنِسَا لبِسَ الحديدَ على لُجَين أديمِهِ ... فعجبتُ من صبْحٍ توَشَّحَ حِنْدسا ... وأتى يجرُّ ذوابِلاً وذوائباً ... فَرَأَيْت روضاً بالصَّلال تَحرَّسا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 وَقَوله ... أبصرتُهُ قصَّر فِي المِشْيَهْ ... لما بَدَتْ فِي خَدِّه لِحيهْ قد كتب الشَّعْرُ على خدِّه ... أَو كَالَّذي مرّ على قَرْيَهْ ... الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ اللبانة ... كم ذَا يؤرِّقني ذُو حَدَقِ مَرْضَى صحاحِ لَا بُلينَ بالأرَقِ قد باحَ دمعي بِمَا أكتُمهُ وحَنَّ قلبِي لمن يظلمُهُ رَشاً تمرّنَ فِي لَا فَمُه كم بالمُنَى أبَداً ألثَمُه يَفْتَرُّ عَن لؤلؤٍ فِي نَسَقِِ من الأقاحِ بنسيمه العَبِقِ هَل من سَبِيل لرَشْف القُبَلِ هَيْهَات فِي نيل ذَاك الأمَلِ كم دونه من سيوف المُقَلِ سُلَّتَ بلحظِ وَقَاحٍ خَجِلِ أبدى لنا حُمْرَةً فِي يَقَقِ ... خَدُّ الصباحِ ... فِيهِ حُمْرَة الشَّفَقِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 .. مَن لي بمَدْح بني عَبَّاد وَمن محمَّدهمْ إحْمادي تِلْكَ الهباتُ بِلَا ميعادِ عَذَرْت من أجلهَا حُسَّادي حكتْني الوُرْقُ بَين الوَرَق راشوا جَناحي ثمَّ طوَّقوا عنقِي لله مَلْكٌ عَلَيْهِ اعتمدا من يَعْرُبٍ وهْوَ أسْناهم يَدا وهم إِذا عَنَّ وَفْدٌ وفَدَا سالوا بحاراً وصالوا أُسْدا إِن حَاربُوا أَو دُعُوا فِي نَسَقِ ... راحوا براحِ ... للنَّدى وللعَلَقِ طَابَ الزمانُ لنا واعتدلا فِي دولةٍ أورثتْنا جَذَلا رَدَّت علينا الصِّبا والغَزلا فقلتُ حِين حَبِيبِي رَحَلاَ أهْدِ السلامَ لصبٍّ قَلِقِ مَعَ الرياحِ والأنامَ لَا تَثِقِ ... وَله الموشحة الَّتِي مِنْهَا ... كَذَا يَقْتَادْ سنا الْكَوْكَب الْوَقَّاد ... إِلَى الْجلاس مشعشة الأكواس ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 .. أقِمْ عُذْري فقد آن أنْ أعْكُفْ على خَمْرٍ يطوف بهَا أوْطفْ كَمَا تَدْري هضيمُ الحَشَا أهْيَفْ إِذا مَا مادْ فِي مخضرَّة الأبْرادْ رَأَيْت الآس فِي أوراقه قد ماسْ ... وَمِنْهَا فِي مدح الرشيد بن الْمُعْتَمد بن عباد ... سَطَا وجادْ رشيد بني عَبَّادْ فأنْسَى الناسْ رشيد بني العباسْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الدانية وَهُوَ كتاب تغريد السَّكْران فِي حُلى حصن بُكَيْران من حصون دانية مِنْهُ 610 - المشرَّف أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن رُحَيم من القلائد رجل الشّرف سؤدداً وعلاء واشتمالاً على الْفَضَائِل واستيلاء اسْتَقل بِالنَّقْضِ والإبرام وأوضح رسم المجاملة وَالْإِكْرَام وَذكر أَنه غُنِّي لَهُ بِهَذَيْنِ ... خليلي سيراً وارْبعَا فِي المناهلِ ... ورُدا تحيَّاتِ الخليطِ المُزَايلِ فَإِن سَأَلَ الأحباب عني تشوُّقاً ... فقولا تركناهُ رَهين البلابل ... الحديث: 610 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 فَزَاد عَلَيْهِمَا قَوْله ... وَإِن يتناسوني لعذرٍ فذَكِّرَا ... بأَمْري وَلَا يشْعر بِذَاكَ عواذلي لَعَلَّ الصِّبَا تَأتي فتُحيي بنفحةٍ ... فؤاديَ مِنْ تلقاءِ مَن هُوَ قاتلي فياليت أعناقَ الرِّيَاح تُقِلُّنِي ... وتُنْزِلني مَا بَين تِلْكَ المنازلِ ... وغُنِّي لَهُ بِهَذِهِ الأبيات ... بَدَا فَكَأَنَّمَا قَمَرٌ ... على أزْرَاره طَلَعَا يفُتّ المِسْكَ عَن يقق الجببين ... بنانه ولعا وَقد خلعت عَلَيْهِ الراح ... من أثوابها خلعا ... فَزَاد عَلَيْهِمَا قَوْله ... فأَهْدَى من محاسنه ... إِلَى أبصارنا بِدَعَا فَلَمَّا فَتَّ أكبدُنا ... وجازَ قُلُوبنَا رجَعا ففاضَتْ أعيُنٌ أَسَفاً ... وفاظت أَنْفُسٌ جزَعَا ... وَله فِي مطلع قصيدة فِي تَمِيم ابْن أَمِير الملثمين ... على المُرْهَفَات البيضِ والسِّمُرِ المُلْدِ ... تَدور رَحَى المَلْك المتوَّج بالمَجْدِ ... وَمِنْهَا ... بلُقيا تَميمٍ تمَّ لي كلَّ مطلب ... ونلت المُنى تفتَرّ سافرة الخد ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب أَعمال دانية كتاب أنس الْعمرَان فِي حلى حصن بيران من المسهب من أَعمال دانية مِنْهُ 611 - أَبُو الْقَاسِم بن خَيْرون سكن دانية وَكَانَ فِي شعراء إقبال الدولة وَلما دخل المقتدر بن هود دانية أنْشدهُ ... أَلا فاطْلُعْ بهَا بَدْراً مُنِيراً ... وكُنْ لله مانحِها شَكورا فيا مَلِكَ الْمُلُوك نِدَاء عَبْدٍ ... تكَاد تَشِبُّ زفرته سَعيرا أيَجْمُلُ أَن أَرَاك أمامَ لَحْظي ... وأبْقَى خاملاً كلا فَقِيرا ... الحديث: 611 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 كتاب الفصوص المنقوشة فِي حلي مملكة طرطوشة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب الفصوص المنقوشة فِي حلى مملكة طُرْطُوشَة مملكة فِي شرقيّ بلنسية وَقد حصلت بأسرها لِلنَّصَارَى من مدينتها 612 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان ابْن أَحْمد الْقُضَاعِي من الذَّخِيرَة من قدماء الأدباء بذلك الثَّغْر وَمن كتّاب الْعَصْر المتصرفين فِي النّظم والنثر وَكَلَامه يجمع بَين الْحَلَاوَة والجزالة وَمن شعره قَوْله يُخَاطب أحد وزراء قُرطبة وَقد قَالَ لَهُ فِي تِلْكَ الْفِتْنَة لَو كنت عندنَا فِي قرطبة حصلت بهَا على الْوَزير الحديث: 612 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 .. هَبْكَ كَمَا تدَّعي وزيراً ... وزيرُ من أَنْت يَا وزيرُ وَالله مَا للأمير مَعْنىً ... فَكيف من وزَّر الأميرُ ... وَأنْشد لَهُ الحِجاريّ ... مَا السحر إِلَّا من جفونك يُتَّقى ... يَا غصنَ بَان قد تَثَنّى فِي نَقا كم رُمْتُ أَن أرْقَى إِلَيْك وَأَنت فِي ... أُفق الْجمال هلالُ تِمٍّ أشرقا ... 613 - الْفَقِيه أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْوَلِيد الفهريّ الطرطوشيّ ... صحب أَبَا الْوَلِيد الباجيّ بسَرقُسطة وَسكن الشَّام ومصر وَكَانَ إِمَامًا عَالما زاهداً كثيرا مَا يُنشد ... إِن لله عباداً فُطُنا ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخافوا الفِتَنا فكّروا فِيهَا فَلَمَّا علمُوا ... أَنَّهَا لَيست لحيٍّ وطنا جعلوها لُجّةً وَاتَّخذُوا ... صالحَ الْأَعْمَال فِيهَا سُفُنا ... وتوفِّي بالإسكندرية سنة عشْرين وَخَمْسمِائة والأبيات منسوبة لَهُ الحديث: 613 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 كتاب النَّهْلَة فِي حلى مملكة السَّهْلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب النَّهْلة فِي حُلى مملكة السَّهْلَة هِيَ بَين مملكة بَلَنْسِية وجهات ثغر سرقسطة وحضرتها مَدِينَة شَنْتمرية التَّاج ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف 614 - هُذَيل بن خلف بن رزين البَرْبريّ ذكر ابْن حَيَّان أَنه كَانَ من أكَابِر برابر الثغر واقتطع هَذِه المملكة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف الحديث: 614 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 قَالَ الحِجاريّ وَلما مَاتَ هُذَيْل وَليهَا ابْنه عَبود بن هُذَيْل فاقتفى طَرِيق وَالِده إِلَى أَن مَاتَ فولي بعده ابْنه 615 - ذُو الرياستين أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن رزين من القلائد ورِثَ الرياسة عَن مُلُوك عَضَدوا مُؤازِرَهم وشدوا دون الْمَحَارِم مآزِرَهم لم يتوشحوا إِلَّا بالحمائل وَلَا جَنَحوا للبأس إلاّ فِي أعِنَّة الصّبا وَالشَّمَائِل وَكَانَ ذُو الرياستين مُنْتَهى فخارهم وقُطْب مدارهم ثمَّ قَالَ وَرُبمَا عَاد إنعامه بوسا وانقلب ابتسامه عبوسا وَذَلِكَ فِي مجْلِس شرابه وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ غَيْثاً فِي الندى ولَيْثاً فِي العِدا وَكتب إِلَى الْوَزير ابْن عمّار ... ضمانٌ على الْأَيَّام أَن أبلغ المنى ... إِذا كنت فِي ودّي مُسِرّاً ومُعلِنا فَلَو تسْأَل الأيامُ من هُوَ مُفْرَدٌ ... بودِّ ابْن عمّارٍ لَقلت لَهَا أَنا فَإِن حَالَتْ الْأَيَّام بيني وبينهُ ... فَكيف يطيب الْعَيْش أَو تحسُنُ المُنى ... وَمن شعره قَوْله ... وروضٍ كَسَاه الطَّلُّ وَشْياً مُجَدَّداً ... فأضحى مُقيما للنفوس ومقعدا إِذا صافحته الرّيح خلْت غُصُونَه ... رواقِصَ فِي خُضرٍ من القُضْب مُيَّدا إِذا مَا انسكابُ المَاء عَايَنت خِلْتَهُ ... وَقد كَسرته راحةُ الرَّاح مِبْرَدا ... الحديث: 615 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 .. وَإِن سكنَتْ عَنهُ حَسِبْت صفاءهُ ... حُساماً صقيلاً صافيَ المَتْن جُرِّدا وغنَّت بِهِ وُرْقُ الحمائم حولنا ... غناء ينسِّيك الغَريضَ ومعبدا فَلَا تجفوَنَّ الدَّهْر مَا دَامَ مُسْعِداً ... ومُدَّ إِلَى مَا قد حَباك بِهِ يدا وخُذها مُدَاماً من غزالٍ كَأَنَّهُ ... إِذا مَا سقى بَدْرٌ تحمَّل فَرْقَدا ... وَقَوله ... دعِ الجفْنَ يُفْنِي الدمع لَيْلَة وَدَّعوا ... إِذا انقلبوا بِالْقَلْبِ لَا كَانَ مَدْمَعُ سَرَوا كاغتداء الطير لَا الصبرُ بعدهمْ ... جميلٌ وَلَا طولُ الندامة يَنْفعُ أضيقُ بحمْل الفادحات من النَّوَى ... وصدري من الأَرْض البسيطة أوْسَعُ وَإِن كنت خلاع الْعذر فإنني ... لبستُ من العلياءِ مَا لَيْسَ يُخْلَعُ إِذا سلَّت الألحاظُ سيْفاً خشيتُه ... وَفِي الْحَرْب لَا أخْشَى وَلَا أتوقَّعُ ... وَقَوله ... أتُرى الزمانُ يسرُّنا بتلاقي ... ويضمُّ مشتاقاً إِلَى مُشتاقِ وتَعَضُّ تفَّاحَ الخدود شفاهُنَا ... ونرى سَنا الأحْداق بالأحْداقِ وتعودُ أَنْفُسنَا إِلَى أجسامها ... من بَعْدَمَا شَرَدَتْ على الآفاقِ ... وَقَوله فِي شمعة ... ربَّ صفراءَ تردّتْ ... بِرداء العاشقينا مثلَ فعل النَّار فِيهَا ... تفعل الآجالُ فِينَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 616 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو بكر سر راى وَزِير ذِي الرياستسن وكاتبه أنْشد لَهُ الحِجاريّ ... مَا ضَرَّكُمْ لَو بَعَثْتُمْ ... وَلَو بأدْنى تحيَّهْ تهزُّني من شَذَاها ... إليكمُ الأرْيحيَّهْ خُذُوا سلامي إِلَيْكُم ... مَعَ الرِّيَاح النَّدِيَّهْ فِي كل غُرَّة يَوْم ... تَتْرَى وكلّ عَشِيَّة ... الحديث: 616 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 كتاب ابتسام الثغر فِي حلي جِهَات الثغر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب ابتسام الثَّغْر فِي حلى جِهَات الثغر يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى كتاب البسْطة فِي حلى مَدِينَة سَرقُسْطة كتاب النُّكته فِي حلى قَرْيَة أُشْكرتَه كتاب زهرَة الخميله فِي حلى مَدِينَة تُطيله كتاب المَعُونه فِي حلى طَرَسُونه كتاب الغصون المائِده فِي حلى مَدِينَة لارِدَه كتاب الرَّشْقه فِي حلى مَدِينَة وَشْقَه كتاب هجعة الحالم فِي حلى مَدِينَة سَالم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثغر وَهُوَ كتاب البَسْطة فِي حلى مَدِينَة سَرقُسْطة المنصَّة قد نَص الرازيّ على طيب أرْضهَا وَحسن بُقْعتها وَمن المسهب أما سرقسطة فَإِنِّي أنْشد بعد خروجي عَنْهَا مَا قَالَه ابْن حمد يس ... فَإِن كنتُ أُخرجتُ من جَنّةِ ... فَإِنِّي أُحَدِّثُ أَخْبَارهَا ... ناهيك من مَدِينَة بَيْضَاء أحدقَتْ بهَا من بساتينها زمردةٌ خضراء والتفَّت عَلَيْهَا أنهارها الْأَرْبَعَة فأضحت بهَا رياضها مرصَّعة مجزَّعة وَلَا نعلم فِي الأندلس مَدِينَة يحدق بهَا أَرْبَعَة أَنهَار سواهَا وَكَأن كل جِهَة تغايرتْ على إتحافها فَأَهْدَتْ إِلَيْهَا نَهْراً يَلْثَمُ من أعطافها وأشهرها نهر جِلَّق وَشرب مُوسَى بن نُصير فاتح الأندلس من مَاء نهر جلق فاستعذ بِهِ وَحكم أَنه لم يشرب بالأندلس مَاء أعذب مِنْهُ وشبَّه مَا عَلَيْهِ من الْبَسَاتِين بغُوطة دمشق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 وَقيل إِن سرقسطة من بُنيان الْإِسْكَنْدَر وفيهَا يَقُول الْأَمِير عبد الله بن هود الَّذِي أخرجه بَنو عَمه مِنْهَا ... إِن بِنْتُ عَن سَرَقُسْطَةٍ ... فبِرَغم أنفي لَا اخْتِيَاري مَا جال طَرْفي فِي السما ... ء وَقد نأتْ عَنْهَا دياري إِلَّا وخلتُ قصورَها ... برياضها هذي الدَّراري ... وَمن متفرَّجاتها الجِلَّقين ووادي الزَّيْتُون وَمن مصانع ابْن هود قصر السرُور ومجلس الذَّهَب وَفِيهِمَا يَقُول المقتدر بن هود ... قَصْرَ السرُور ومجلسَ الذَّهَبِ ... بكما بلغْتُ نِهَايَة الطَّرَبِ لَو لم يَحُزْ مُلْكي خلافكما ... كَانَت لديّ كفايةُ الأرَبِ ... التَّاج كَانَ فِيهَا فِتَنٌ عَظِيمَة فِي مُدَّة بني مَرْوَان وثار بهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف 617 - الْمَنْصُور مُنْذر بن يحيى التُّجيبي وَكَانَ جليل الْقدر ممدّحاً وَفِيه يَقُول ابْن دَرَّاج شَاعِر الأندلس ... ربّ ظَبْيٍ فَتَكتْ ألحاظُهُ ... كعوالي مُنْذِرٍ يَوْم النِّزَال ... وَلما توفّي وليَ بعده الحديث: 617 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 618 - المظفر يحيى بن مُنْذر وَكَانَ لَهُ ابْن عَم متهوِّر كثير الْحَسَد لَهُ ازدراه وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ ... وَإنَّك لم يَفْخَرْ عَلَيْك كفاخرٍ ... ضعيفٍ وَلم يَغْلبك مثلُ مُغَلَّبِ ... فَدخل عَلَيْهِ فِي قصره على غَفلَة وفتك بالمظفر وَكَانَ 619 - المستعين سُلَيْمَان بن أَحْمد بن هود الجُذَاميّ والياً لَهُ على لاَردَة فَلَمَّا سمع بِهَذَا الْخَبَر انقضَّ على سَرقُسطة انقضاض العُقاب منتهزاً الفرصة فهرب عَنْهَا الْقَاتِل وملكها المستعين فورث الثغر عَقِبه وَولي بعده ابْنه 620 - المقتدر أَحْمد بن سُلَيْمَان من المسهب عميد بني هود وعظيمهم وَرَئِيسهمْ وكريمهم ذُو الْغَزَوَات الْمَشْهُورَة والوقائع الْمَذْكُورَة من رجل كَانَ يُعَاقب بَين حث الكئوس وقطف الحديث: 618 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 الرُّءُوس وَقد ملك مملكة دانية وَأخرج مِنْهَا إقبال الدولة بن مُجَاهِد العامريّ وَنسب لَهُ الحِجاريّ ... لستُ لدَى خالقي وَجيهاً ... هَذَا مَدَى دهريَ اعتقادي لَو كنتُ وَجْهاَ لَمَا بَرَاني ... فِي عَالم الكَوْن والفسادِ ... وَولي بعده ابْنه 621 - المؤتَمَن يُوسُف بن المقتدر فَكَانَ خير خلَف عَن أَبِيه حامياً لملكه مُجَاهدًا لعَدوه مَأْلَفاً للأُدباء وَالْعُلَمَاء وَالشعرَاء وَبِه استجار ابْن عمار من ابْن عباد وَلما مَاتَ ولي بعده ابْنه 622 - المستعين أَحْمد بن المؤتَمَن وَيُقَال لَهُ المستعين الْأَصْغَر وانتثر سلك ملك الطوائف على يَد أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين وَهُوَ ملكُ جَمِيع الثغر الْأَعْلَى وحضْرته سرقسطة وداراه أَمِير الملثّمين لبعده واشتغاله عَنهُ وتركَه حَجْزاً بَينه وَبَين النَّصَارَى وَكَانَ نعم الرَّأْي وَولي بعده ابْنه الحديث: 621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 623 - عماد الدولة عبد الْملك بن المستعين وَلما ولي عَليّ بن يُوسُف إِمَارَة الملثمين قلّد الْأُمُور أَعْيَان الْبِلَاد من الْفُقَهَاء ونشأَت نشأة من الْفُقَهَاء والمرابطين امتدت أَيْديهم وآمالهم وزينوا لعليٍّ أَخذ بِلَاد الثغر من يَد عماد الدولة فكاتبه فِي ذَلِك فَرغب إِلَيْهِ عماد الدولة أَن يجْرِي مَعَه على مَا كَانَ عَلَيْهِ سلفه مَعَ سلفه ويتركه حاجزاً بَينه وَبَين النَّصَارَى فَأبى ولجَّ فَكَانَ ذَلِك سَببا إِلَى أَن اسْتَعَانَ عماد الدولة بالنصارى وَخرج من سرقسطة فملكها الملثمون ثمَّ حصَرها النَّصَارَى فَأَخَذُوهَا مِنْهُم واعتصم عماد الدولة بمعقل رُوطة وَأخذ النَّصَارَى فِي تملك بِلَاد الثغر شَيْئا فِي شَيْء إِلَى أَن ملكوا جَمِيعه وَمَات عماد الدولة بروطة وَولي بعده ابْنه 624 - الْمُسْتَنْصر بن عماد الدولة فَلم يسْتَطع مقاومة النَّصَارَى فَسلم إِلَيْهِم رُوطة وَآل أمره إِلَى أَن صَادف الْفِتْنَة الْقَائِمَة على الملثمين بالأندلس فَنَهَضَ فِيهَا وَمَال إِلَيْهِ الأندلس لقديم ملكه فَملك قُرْطُبة وغَرْناطة ومُرسية وبَلَنسية وَمَا بَين هَذِه الْبِلَاد ثمَّ آل أمره إِلَى أَن قَتله النَّصَارَى فِي معركة الحديث: 623 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 السلك ذَوُو الْبيُوت 625 - الْأَمِير أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن هود من المسهب حسبَة بني هود الَّتِي رقَموا بهَا بُرْداً من الحسَب وأطلعوا مَا نَظْمُهُ غُرَرٌ فِي وَجه النَّسب وَكَانَ ابْن عَمه المقتدر يحسده حسَداً مَا عَلَيْهِ من مزِيد وَيَوَد أَن يكون بَدَلا من كَلَامه فِي مَجْلِسه وَقْعُ الْحَدِيد فنفاه عَن الثغر وَقصد طُلَيطلة حَضْرَة ابْن ذِي النُّون ثمَّ مَلَّ الْإِقَامَة هُنَالك فَجعل يضطرب مَا بَين مُلُوك الطوائف إِلَى أَن اسْتَقر قراره عِنْد المتَوَكل بن الأفْطَس وأُنشد لَهُ مَا أنْشدهُ صَاحب الذَّخِيرَة فِي خطاب بني عَمِّه ... ضَلَلْتُمْ جَمِيعًا ألَ هودٍ عَن الهُدَى ... وضَيَّعْتُمُ الرأْي الموفّق أجمعا وشِنْتُمْ يمينَ الْملك بِي فقطعتُمُ ... بأيديكُمُ مِنْهَا وبالغدر إصْبَعا وَمَا أَنا إِلَّا الشَّمْس عِنْد غياهبٍ ... دَجَتْ فأَبتْ لي أَن أُنِيرَ وأسْطعَا فَلَا تقطعوا الأَسباب بيني وَبَيْنكُم ... فأنْفُكُمُ منكمْ وَإِن كَانَ أجْدَعا ... الحديث: 625 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 الْكتاب 626 - أَبُو المطرّف عبد الرَّحْمَن بن فاخر الْمَعْرُوف بِابْن الدّباغ من الذَّخِيرَة كَانَ أحد من خُلّي بَينه وَبَين بَيَانه وَجرى السحر الْحَلَال بَين قلمه وَلسَانه وَكَانَ استوحش من أَمِير بَلَده ومقيم أوَده ابنِ هود المقتدر فَخرج عَنهُ وفرَّ مِنْهُ وَخرج من كَلَامه أَنه لم يُفلح فِي كل مَكَان توجه إِلَيْهِ بِسوء خلقه وَكَثْرَة ضجره فنبت بِهِ حَضْرَة الْمُعْتَمد بن عباد وحضرة المتَوَكل بن الأفْطس فَرجع إِلَى سرقسطة فذُبح فِيهَا فِي بُسْتَان وترسُّله مملوءٌ من شكوى الزَّمَان وترادف الحرمان كَأَن الرزايا لم تُخلَق لأحد سواهُ كَقَوْلِه كتابي وَعِنْدِي من الدَّهْر مَا يَهُدُّ أيْسَرُه الرَّواسي ويفُت الْحجر القاسي وَمن أقلِّها قلبُ محاسني مساوي ومكارمي مخازي وقصدي بالبِغْضَة من جِهَة المِقَة واعتمادي بالخيانة من جِهَة الثِّقَة فقِسْ هَذَا على مَا سواهُ وعارضْ بِهِ مَا عداهُ وَلَا أطوِّل عَلَيْك فقد غُيّر عليّ حَتَّى شرابي وأوحشني حَتَّى ثِيَابِي وَمن شعره قَوْله فِي غُلَام رَآهُ يَسقي عصفوراً ويطعمه ... يَا حَامِل الطَّائِر الغِرِّيد يعشَقُه ... يهني العصافير أَن فارت بقُرْباكا تُمْسِي وتصبحُ مشغوفاً بصحبتهِ ... فِي غَفلَة عَن دم تجريه عيناكا إِذا رأتك تغنَّت كلهَا طَرَباً ... حَتَّى كأَن طيور الجوِّ تهواكا يَا لَيْتَني الطير فِي كفَّيْك مَطْعَمُه ... وشُرْبهُ حِين يُسْقَى من ثناياكا ... الحديث: 626 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 627 - أَبُو الْفضل حَسْداي بن يُوسُف بن حسداي الإسرائيلي من الذَّخِيرَة كَانَ أَبوهُ يُوسُف بن حسداي بالأندلس من بَيت شرف ليهود متصرّفاً فِي دولة ابْن رزين وَكَانَ لَهُ فِي الْأَدَب بَاعَ وَنَشَأ ابْنه أَبُو الْفضل هَضْبة عَلَاء وجَذْوة ذكاء وَذكر أَنه عُنِي بالتعاليم وَأسلم وساد وَمن نثره من كتاب خَاطب بِهِ ابْن رزين كنت أرتاح إِذا وَمَض من أفقه ابتسامُ بارق أَو ذرَّ من سَمْته الوضاح سَنا شارِق فأقتصر من تلقائه على استنشاق نسيم وأنَّى لي من عَرار نَجْدٍ بشَميم حَتَّى ورد مَا أمتع بوابل بعد طلّ وسَقَى نَهَلاً ووالى بعْلّ وبهر بسحري حرَام وَحل قد قَصَر الله عَلَيْهِ الإبداع طوراً فِي الندى ببراعة خطيب وبلاغة كَاتب وطوراً فِي الوغى ببديهة طَاعن ورويّة ضَارب والرَّبُّ يُديم إمتاع الْفَضَائِل ببارع جَلَاله ويصون عُيُون الْحَوَادِث عَن كَمَاله وَمن شعره قَوْله ... وأطْرَبَنَا غَيْمٌ يمازج شَمْسَهُ ... فيُسْتَر طوراً بالسَّحاب ويُكشَفُ تَرَى قُزْحاً فِي الجو يفتح قوسَهُ ... مُكبّاً على قُطْنٍ من الثلْج يُنْدَفُ ... الحديث: 627 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 الْعمَّال 628 - أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن مهْرَان من الذَّخِيرَة من شعراء الثغر كَانَ فِي ذَلِك الْعَصْر وَله شعر كثير وإحسان شهير وعَلى لَفظه ديباجةٌ رائقة وَمِمَّا بَقِي مِنْهُ قَوْله ... خليليَّ مَا للرّيح تأْتِي كأنَّما ... يخالطُها عِنْد الهبوب خَلُوقُ أمِ الريحُ جاءَتْ من بِلَاد أحبّتي ... فأحسَبها عَرْفَ الحبيب تسوقُ سقى الله أَرضًا حلَّها الأغيَدُ الَّذِي ... لَهُ بَين أحْناءِ الضلوع حَريقُ أصار فُؤَادِي فرْقَتَيْن فَعنده ... فريقٌ وَعِنْدِي للسياق فريقُ ... وَذكر الحِجاريّ أَنه خدم المظفر بن أبي عَامر وَتصرف فِي الْأَعْمَال السُّلْطَانِيَّة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... بِمَا بِجَفْنَيكَ من فتورٍ ... وَفَوق خَدَّيك من حَيَاءِ إلاّ تَرَفَّقتَ بِي قَلِيلا ... فقد أَطَالَ النَّوَى عَنائي أرجوك لَكِن رجاءَ بَرْقٍ ... خُلَّبُه قاطعٌ رَجَائي وَكَيف أبْغي لديكَ وَصْلاً ... وَأَنت مَا جُدْت باللِّقاءِ فِي كل يومٍ ليَ التماحٌ ... مِنْك إِلَى كَوْكَب السَّمَاء ... الحديث: 628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 الرؤساء والقواد 629 - الْقَائِد أَبُو عَمْرو بن يَاسر مولى عماد الدولة بن هود من المسهب أندى من الطَّلِّ الباكر وآنقُ من الرَّوْض الزَّاهِر وجَرَتْ عَلَيْهِ نكبة من عماد الدولة وَأطَال سَجْنَه فَأكْثر مخاطبته بالشعر فسرَّحه وَهُوَ الْقَائِل يُخَاطب عماد الدولة فِي شَأْن الْحَكِيم ابْن باجَّة وَقد حصل فِي سجنه ... أعمادَ دولة هَاشم قد أسعد ... الْمِقْدَار فِي أسر العدوِّ الكافرِ لَا تنس منْهُ كلَّ مَا كابَدْتَهُ ... من سوءِ أقوالٍ وَسُوء سرائِرِ لولاهُ مَا أضحت قواعدُ ثَغْرنا ... كالطَّلِّ يَسْقُطُ من جنَاح الطَّائِرِ ... 630 - الْقَائِد شُجَاع بن عبد اللله مولى عماد الدولة بن هود من المسهب تِلْوُ ابْن يَاسر فِي الْأَدَب وعلو الْمَكَان إِلَّا أَن شجاعاً كَانَ يزِيد بالشجاعة والفروسية فَزَاد تمكنه عِنْد مَوْلَاهُ وَمن شعره قَوْله ... أَلا فانظروني كلما احتدم الوَغَى ... وَأَقْبَلت الفُرْسانُ من كل جانبِ هُنَالك لَا أَلْوِي على لوم لائم ... ولستُ بِذِي فكر لأمر العواقبِ ... 631 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زُرارة من رُؤَسَاء سرقسطة وَمِمَّنْ سَاد بِصُحْبَة الْمُلُوك مَعَ الْبَيْت الْقَدِيم وَمن شعره قَوْله أنْشدهُ الحِجاريّ وَابْن بسام فِي الذَّخِيرَة ... لي صديقٌ غَلِطْتُ بل لِيَ مَوْلَىً ... منْ لمثلي بِأَن تكونَ صديقي ... الحديث: 629 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 .. نتلقَّى التقاءَ رُوحٍ بروحٍ ... بضروب التَّقْبِيل والتَّعْنيقِ لَيْسَ فِي الأَرْض من يُمَيِّزُ منَّا ... عَاشِقًا فِي اللِّقَاء من مَعْشُوقِ ... 632 - أَبُو عَامر بن الْأصيلِيّ من الذَّخِيرَة كَانَ أَبُو عَامر جَوَاب آفَاق وناظما وناثرا بِاتِّفَاق وَمن شعره قَوْله فِي رثاء ... على مَصْرع الفهريّ رُكْني ومَوئِلي ... بكيتُ وأبكى طول دهري وحُقَّ لي أُؤَبِّنُ من مَاتَ النَّدَى يَوْم مَوته ... وقلص ظلّ الْجُود عَن كل أَرْمَلِ وَمَا كَانَ صَمْتي مُنْذُ حينٍ لسلوةٍ ... ولكنَّ عُظْمَ الرُّزْء أخْرَسَ مِقْولِي ... الشُّعَرَاء 633 - يحيى الجزار السَّرقسْطِي كَانَ فِي دكان يَبِيع اللَّحْم فتعلقت نَفسه بقول الشّعْر فبرع فِيهِ وَصدر لَهُ أشعار مدح بهَا الْمُلُوك من بني هود ووزرائهم ثمَّ ترك الْأَدَب وَالشعر وَاعْتَكف على القِصَابة فَأمر ابْن هود وزيره ابْن حَسْداي أَن يوبخه على ذَلِك الحديث: 632 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 فخاطبه بِأَبْيَات مِنْهَا ... تركتَ الشعرَ من ضَعْف الإصابَهْ ... وعدتَ إِلَى الدَّناءة والقِصابَهْ ... فَأَجَابَهُ الجزار ... تَعيبُ عليَّ مأْلوفَ القِصابَهْ ... وَمن لم يَدْر قدر الشئ عابه ولوأحكمت مِنْهَا بَعْضَ فنٍّ ... لما استبدلت مِنْهَا بالحجابهْ أما وَلَو اطَّلعْتَ عليَّ يَوْماً ... وحَوْلي من بني كلبٍ عصابَهْ لَهالَكَ مَا رأيتَ وَقلت هَذَا ... هِزَبْرٌ صَيَّرَ الأوضامَ غابهْ فتكْنا فِي بني العَنْزيّ فَتْكاً ... أقَرَّ الذعر فيهمْ والمهابَهْ وَلم نُقْلع عَن الثَّوْريِّ حَتَّى ... مَزَجْنَا بِالدَّمِ القاني لعابه وَمن يعتز مِنْهُم بامتناع 5 فغن إِلَى صوارمنا إيابهْ ... وَمِنْهَا ... وحَقِّك مَا تركْتُ الشِّعر حَتَّى ... رأيتُ البُخْلَ قد أذكى شِهابَهْ وَحَتَّى زرتُ مشتاقاً حبيباً ... فأبْدَى لي التَّجهُّمَ والكآبة فَظن زيارتي لطلاب شئ ... فنافرني وَأَغْلظ لي حجابه ... وَمن شعره قَوْله ... لَو وَردت الْبحار أطلب مَاء ... جف قبل الْوُرُود ماءُ البحارِ وَلَو أنَّى بعتُ الْقَنَادِيل يَوْمًا ... أُدْغِمَ الليلُ فِي بَيَاض النهارِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 الْأَهْدَاب موشحة لِلْكَاتِبِ أبي بكر أَحْمد بن مَالك السَّرَقُسْطيِّ ... مَاذَا حَمَّلوا فؤاد الشجِي يَوْم ودعوا مَالِي بالنوى يَدٌ تستطاعُ ونار الجوى يذكيها الوداعُ وسرُّ الْهوى بدموعي يُذَاعُ بالحبِّ تهْمِلُ عُيُونٌ وتلتاعُ أضْلُعُ هَل يُرْجَى إيابْ لعهد الحبائبْ إِذْ غُصنُ الشبابْ مطلول الجوانبْ ووصلُ الكِعابْ مبذولٌ لطالبْ فَلَا تبخلُ بالوصل وَلَا الصبّ يَقْنَعُ لَا أسْلُو وَلَا أصغي للاَّحي بل أصبو إِلَى هَضيم الوشاح يُجيل الطِّلاَ مَا بَين الأقاح فَلَو يعدلُ لما بِتَّ أظْما ويَنْقَعُ كم ذَا تَهجعُ وجَفْني ساهرْ بدر يطلُعُ فِي الصُّبْح لناظرْ لَهُ بُرْقُعُ من سود الضفائرْ أُسَيْمَرْ حُلُو بياضْ كلِّ عاشقْ يبيت مَعَ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثَّغْر وَهُوَ كتاب نَقْش التِّكَّه فِي حلى قَرْيَة أشكركه وَمِنْهَا 634 - أَبُو الطَّاهِر يُوسُف بن محمدج الأُشكُركيّ من المسهب إِمَام فِي علم اللُّغَة صَحبه عَمِّي وَأَخْبرنِي أَنه كَانَ فِي هَذَا الْفَنّ بحراً وَكَانَ لَهُ جاه وَمَكَان عِنْد مُلُوك الثَّغْر بني هود وَغَيرهم من مُلُوك الطوائف وَكثر أمداحه فِي المعتصم بن صُمادح ملك الْمَرِيّة الحديث: 634 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 وَمن السمط روض الْأَدَب العاطر وغَمامه المُنْهمر الهامر الْغَرَض من نظمه قَوْله ... يَا غُصناً هَزَّه نَداهُ ... يمنعهُ الحلمُ أَن يَميدا لم يثن مِنْك الشَّبَاب عِطْفاً ... وَلَا استمال الفَخارُ جِيدا إِن تلقه فالأنام طُرّاً ... وَإِن غَدا بَينهم وَحيدا يهزّ مِنْهُ القريضُ عِطْفاً ... والمدحُ يثني إِلَيْهِ جِيدا ... وَقَوله من قصيدة يُخَاطب بهَا الرفيع بن المعتصم بن صمادح ... أَلا مُبْلِغٌ عني الرفيعَ تحيَّةً ... كَمَا نبّه الروضَ النسيمُ المخلَّقُ عدمتُ رَسُولا بالتحيّة نحوَهُ ... فَسَار بهَا عني الْهوى والتشوق ونازعني ذاكره شوقٌ مُبَرِّحُ ... كَمَا علَّلَ الشَّرْبَ الرحيقُ المُعَتَّقُ فياليت شعري هَل يعرج خاطر ... على وَهل يَجْرِي بذكرىَ مَنْطِقُ ... وَقَوله من قصيدة فِيهِ ... إِلَيْك رفيعَ المُلْك تُهْدى المحامدُ ... وباسمك تسمو فِي الزَّمَان المشَاهِدُ ملكتَ سَبِيلا فِي المكارم أَولا ... لَك الْفضل هاد تَقْتَضِيه ورائدُ ... وَقَوله ... أضاحِيَةٍ وَقد ضَفَتِ الظِّلالُ ... وصادرةً وَقد نَقَعَ الزُّلالُ أفيقي إِنَّه أنْدَى جَنابٍ ... وَأكْرم مَنْ تُشَدّ لَهُ الرحالُ فَمَا بَرْقٌ سَرَيْتُ لَهُ جَهَامٌ ... وَلَا بحرٌ سَمَوْتُ إِلَيْهِ آل ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثَّغْر وَهُوَ كتاب زَهْر الخميله فِي حلى مَدِينَة تطلية المنصة باشتهارها فِي الحَرْث وَطيب الزَّرْع يُضْرَبُ الْمثل فِي الأندلس وَهِي مُحْدَثة بُنيت فِي مُدَّة سلاطين بني مَرْوَان التَّاج كَانَ فِيهَا فِي مُدَّة بني مَرْوَان بَنو مُوسَى تغلبُوا على الثَّغْر وَكَانَ لَهُم فِي طلب الْملك دويّ وَلما ثارت مُلُوك الطوائف صَارَت تَابِعَة لسرقسطة دَاخِلَة فِي دولة بني هود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 السلك الزهَّاد 635 - أَبُو بكر يحيى التُّطيلي سكن غَرْناطة وَصَارَ من أعيانها وَذَوي النباهة فِيهَا أدركْتُه هُنَالك فِي آخر عمره وَقد تزهّد وَاقْتصر على قَول الشّعْر فِي طَريقَة الزّهْد كتب لَهُ الشَّاعِر مَرْج كُحْل بقصيدة مِنْهَا قَوْله ... لأبي بكر التطيلي بر ... يَتْبع الإخْوان شرقاً وغربا فَأَجَابَهُ بقصيدة مِنْهَا ... يَا أَبَا عبد الْإِلَه المفدَّى ... من جَمِيع النَّاس عُجْماً وعُرْبا ثمراتُ الأنْسِ تُرْتاد عِنْدي ... وَهِي من روضك تجنى وتجبى قد بلوتُ الناسَ شرقاً وغرباً ... ودعوت الصَّبْر حُزْناً فَلَبَّى فالتزمْ حالك صَبْراً وإلاّ ... زِدْت بِالْعَجزِ إِلَى الْخطب خَطْبَا ... الْعلمَاء 636 - الأديب أَبُو الْحسن عَليّ بن خير التَّطِيليّ من المسهب أُخبرت بسَرقسطة أَنه كَانَ أحفظ أهل عصره بالآداب وأعرفهم بالتواريخ والأنساب رَحل من بَلَده تُطيلة إِلَى حَضْرَة الْملك سَرَقُسْطة الحديث: 635 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 فتوصل بآدابه وأمداحه إِلَى المقتد بن هود وَحل عِنْده مَحل الْوَاسِطَة من الْعُقُود والعَلَم من البرود وَمن شعره قَوْله ... أخطأْت فِي بِرِّ الَّذِي لم يَرْعَهُ ... وغدَا يلاحظني بمُقْلة ساخِرِ إِن التَّوَاضُع للَّذي يَعْتدّهُ ... ضَعَةً لجهْلٌ مَا لَهُ من عاذرِ ... وَقَوله ... إِذا غِبْتُ عَنْكُم لَا يَرِبْكُمْ تطاولٌ ... لبعدٍ فوُدّي زَائِد الصَّفوِ والبِرِّ كَمَا عُتِّقت صَهْبَاءُ من طول عهدها ... وجاءَتك باستحيائها فِي حُلى التِّبْر ... الشُّعَرَاء 637 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عبد الله بن هُرَيْرَة الْأَعْمَى التُّطِيليّ من الذَّخِيرَة لَهُ أدب بارع وَنظر فِي الغوامض وَاسع وَفهم لَا يجارَى وذهن لَا يُبَارى ونظم كالسحر الْحَلَال ونثر كَالْمَاءِ الزلَال جاءَ فِي ذَلِك بالنادر المُعْجِز فِي الطَّوِيل مِنْهُ والموجز وَكَانَ فِي الأندلس مَسْرىً للإحسان ومرَدّاَ فِي الزَّمَان إِلَّا أَنه لم يطلّ زَمَانه وَلَا امْتَدَّ أَوَانه فاعْتُبِط عِنْد مَا بِهِ اغْتُبط وَمن القلائد لَهُ ذهن يكْشف الغامض الَّذِي يَخْفَى وَيعرف رسم المُشْكل وَإِن عَفَا أبْصَر الخفيَّات بفهعه وقَصَر فكَّها على خاطره ووهمه الحديث: 637 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 الْغَرَض من شعره قَوْله ... مَللْتُ حِمْصَ ومَلَّتْني فَلَو نطقتْ ... كَمَا نطقتُ تلاحينا على قَدَرِ وسوَّلتْ ليَ نَفسِي أَن أفارقها ... والماءُ فِي المُزْن أصْفَى مِنْهُ فِي الغُدُرِ ... وَمِنْهَا ... أما اشْتقت منِّيَ الأيامُ فِي وطَني ... حَتَّى تُضَايق فِيمَا عَن مِن وَطري وَلَا قضتْ من سَواد الْعين حاجتَها ... حَتَّى تكرّ على مَا كَانَ فِي الشَّعَر ... وَقَوله من قصيدة ... سَطَا أسَداً وأشْرقَ بَدْرَ تِمٍّ ... ودارت بالحتوف رَحىً زَبون وأحدفت الرِّماحُ بِهِ فأعْيا ... عليَّ أهَالةٌ هيَ أم عَرينُ ... وَقَوله ... هَذَا الْهوى وقديماً كنت أحْذَرُهُ ... السُّقْمُ مَورِدُهُ وَالْمَوْت مصدَرَهُ جِدٌّ من الشوق كَانَ الْهزْل أَوله ... أقل شئ إِذا فكَّرْتُ أكثَرُهُ ولي حبيبٌ دَنَا لَوْلَا تمَنُّعُهُ ... وَقد أَقُول نَأى لَوْلَا تذكُّرُهُ ... وَله الرثاء الطَّوِيل الْمَشْهُور الَّذِي أنْشدهُ صَاحب القلائد أَوله ... خُذَا حَدِّثاني عَن فُلٍ وفلانٍ ... لعَلي أُرَى باقٍ على الحَدَثانِ ... وَمِنْه ... أَبَا حَسَنٍ أما أَخُوك فقد مَضَى ... فيا لَهْفَ نَفسِي مَا التقى أخوانِ ونبَّهني ناعٍ مَعَ الصُّبْح كلما ... تشاغلْتُ عَنهُ عَنَّ لي وعناني أُغَمِّضُ أجفاني كأَنِّيَ نائِمٌ ... وَقد لجَّتِ الأحشاءُ فِي الخفقان ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 وَمِنْهَا ... يَقُولُونَ لَا يَبْعَدْ وللهِ درُّهُ ... وَقد حِيل بَين العَيْر والنَّزَوانِ ويأبَون إِلَّا ليتَه ولعلَّه ... وَمن أَيْن للمقصوص بالطَّيَرانِ ... وَمن فرائده قَوْله ... بحياة عصياني عليكِ عواذلي ... إِن كَانَت القُرُباتُ عندكِ تنفعُ هَل تذكرين ليالياً بِتْنَا بهَا ... لَا أنتِ باخِلةٌ وَلَا أَنا أقْنَعُ ... وَقَوله فِي مطلع قصيدة ... أعِدْ نظرا فِي صَفْحَتَيْ ذَلِك الخَدِّ ... فَإِنِّي أَخَاف الياسمينَ على الوَرْدِ ... وَقَوله من قصيدة ... إِذا صدق الحسامُ ومُنْتَضِيهِ ... فكلُّ قرارةٍ حصنٌ حصينٌ وَمَا أسَدُ العرين بِذِي امتناعٍ ... إِذا لم يَحْمِهِ إِلَّا العَرينُ ... الْأَهْدَاب موشحة للأعمى مَشْهُورَة ... ضاحكٌ عَن جُمَانْ سافرٌ عَن بَدْرِ ضَاقَ عَنهُ الزمانْ وَحَواهُ صَدْرِي أهِ مِمَّا أجِدْ شَفَّني مَا أجدْ قَامَ بِي وقعدْ بإطِشٌ مُتَّئِدْ كلما قلتُ قدْ قَالَ لي أَيْن قد ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 .. وانثنى غصنَ بانْ ... ذَا فَنَنٍ نَضْرِ لاعبتْهُ يدانْ ... للصَّبا والقَطْرِ لَيْسَ لي بك بُدْ خُذ فُؤَادِي يَدْ لم تَدَعْ لي جَلَدْ غير أَنِّي أجهد مكرع من شهد واشتياقي بشهد مَا لِبنْتِ الدِّنانْ ولذاك الثَّغْرِ لَيْسَ مُحيَّا الْأمان من حُمَيَّا الخَمْرِ بِي جوىً مُضْمرُ لَيْت جهدي وَفْقُهْ كلما يُذكَرُ ففؤادي أُفْقُه ذَلِك المنظرُ لَا يداوي عشقُهْ بِأبي كَيفَ كانْ فلكيٌّ دُرِّي رقَّ حَتَّى استبانْ عُذْرُه وعُذْري هَل إِلَيْك سبيلْ أَو إِلَى أَن أيَسَا ذبتُ إِلَّا قليلْ عَبْرةً أَو نَفَسَا مَا عَسى أَن أَقُول سَاءَ طني بعَسَى وانقضى كل شانْ وَأَنا أسْتَشْري خالعاً من عِنانْ ... جَزَعي أَو صَبْري ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 .. مَا على من يلوم لَو تلاهى عَنِّي هَل سوى حُبِّ ريمْ دينُهُ التَّجنِّي أَنا فِيهِ أَهِيم وَهُوَ بِي يُغَنِّي قد رأيتكْ عِيَانْ آش عَلَيْك ساتدري سايطول الزمانْ وتجرِّب غَيْرِي ... موشحة أُخْرَى لَهُ ... غُصْنٌ يَميسْ على كُثْبانِ رَيّان أمْلَدْ بَين القوام وَبَين اللِّينِ يكَاد ينقدّ بمهجني أوْطَف تيَّاه مهفهفٌ ينثني عِطْفَاه بالأسْد قد فتكتْ عَيناهُ سَطَا فسلَّ من الأجفانِ سَيْفا مؤَيَّدْ أَنا القتيلْ بِهِ فِي الحِين دَمي تقلَّدْ راموا مرامهم عُذَّالي وَلست عَن حُبِّه بالسّالي إِن السلوّ من الْمحَال وَكَيف يحسنُ بِي سُلْواني عَن حُبِّ أغْيَدْ لَو بعتُ بِهِ نَفسِي وديني لَكُنْت أرشد ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 .. صِلْ مستهامك يَا با بكرِ فقد بلغتَ المَدَى من هَجْرِ كم قد طَوَتْكَ ضروب فكري والشوق يفصح لي كتماني والدمع يَشْهَدْ وَقد حَرَمْتَ الْكرَى أجفاني وَلست أسعد قَدٌّ كَمثل الْقَضِيب الناعمِ يهتزّ مثل اهتزاز الصارم بدرٌ بدا تَحت ليلِ فاحِمِ قد مازج الْورْد بالسّوسانِ مِنْهُ على الخَدّ ونفحه عَن شَذَا دارِينِ أذكى من النَّدِّ يَا حُسْنَها من فتاةٍ رُودْ زارتْه يومَ صباح العِيد غنَّت على رَأسه فِي الْعود خلِّ سِواري وخُذْ هِمْياني حَبِيبِي أَحْمد واطلع معي للسرير خيوني ترقُد مجرَّدْ ... وَقيل إِنَّه حضر مَعَ ابْن بقى وَغَيرهمَا من الوشّاحين فِي إشبيلية وَاتَّفَقُوا على أَن يصنع كل وَاحِد موشحة ويحضروا جَمِيع مَا قَالُوهُ فِي مجْلِس حُكْم فصنعوا ذَلِك واجتمعوا فِي الْمجْلس فابتدأ الْأَعْمَى وَأنْشد ... ضاحكٌ عَن جمانْ سافرٌ عَن بَدْرِ ضَاقَ عَنهُ الزمانْ وحواه صَدْرِي ... فخرَّق الجميعُ الورقَ الَّذِي كتبُوا فِيهِ موشحاتهم فَإِنَّهُم سمعُوا مَا يفتضحون بمعارضته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثَّغْر وَهُوَ كتاب المعونة فِي حلى مَدِينَة طَرَسونه من المسهب مَدِينَة مَشْهُورَة الذّكر فِي الحَدِيث وَالْقَدِيم مِنْهَا 638 - أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن مُعَلَّى الطَّرَسونيّ شَاعِر ممتد النَّفس شَدِيد المَرَس قدير على التَّطْوِيل اشْتهر ذكره بمدح مَلِكِ الثَّغْر المقتدر بن هود وجال على بِلَاد الأندلس وَهُوَ مِمَّن ذكره ابْن بسام وَقَالَ فِيهِ قِدْح البلاغة المُعَلَّى وسيفها المحلَّى وَمِمَّا أثْبته من شعره قَوْله فِي رثاء ... هَل بَين أضْلعنا قلوبُ جنادلِ ... أم خَلْفَ أدمُعِنا سدودُ جداولِ فِي كل يومٍ حُزْنُ نَجْمٍ سَاقِط ... مَا بَيْننَا وكسوفُ بَدْرٍ زائل ... الحديث: 638 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 .. سدكت بِنَا الأرزاء غير مُغِبَّةٍ ... وألحَّت النكبات غير غوافلِ وهْيَ اللَّيَالِي لَيْسَ يخفى نقضهَا ... فلذاك تطلب كل حُرٍّ كاملِ ... وَقَوله من أُخْرَى ... فَلَا يَغْرُرْكَ بهجةُ مُسْتَجَدٍّ ... إِذا مَا الجَمْرُ عَاد إِلَى الرَّمادِ أَبَا الحجّاج لَو لم يُؤْتَ بِدْعٌ ... لحجَّ الناسُ قبرَك فِي احتشادِ وزاركَ من بني الآمال حَفْلٌ ... يُصِمُّ الأرضَ من هَيْدٍ وهادِ فقد بارتْ بضائعهمْ عليهمْ ... وحَلّوا السُّوقَ مُفْرطة الكَسادِ ... وَقَوله ... رُزْءٌ بَكت منهُ العُلاَ ومُصابُ ... شَقَّتْ عَلَيْهِ جُيُوبَها الأحبابُ وطَفِقْتُ ألْتَمِسُ العَزَاءَ فخانني ... نَفَسٌ يذوب ومدمَعٌ ينسَابُ وتلَجْلَجَ الناعي بهِ فَسَأَلته ... عَوْد الحَدِيث لَعَلَّه يرْتابُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثَّغْر وَهُوَ كتاب الغصون المائده فِي حُلى مَدِينَة لارِدَه مَدِينَة مَشْهُورَة من مدن الثغر على نهر وَقد أَخذهَا النَّصَارَى وَمِنْهَا 639 - الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن هرون الأصبحي الَّلارِديّ من المسهب كفى لاردة أَن كَانَ مِنْهَا هَذَا الْفَاضِل الْعَالم الزَّاهِد المحسِنُ فِيمَا ينظم فَمن نظمه قَوْله ... أَيْن قلبِي أضَاعَهُ كلُّ طَرْفٍ ... فاترٍ يُصرَع الحليمُ لَديْهِ كلما زَاد ضَعْفه ازْدَادَ فَتْكاً ... أيُّ صَبْر تُرَى يكونُ عليهِ ... الحديث: 639 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثغر وَهُوَ كتاب الرشفة فِي حلى مَدِينَة وَشْقَه من مشاهير مدن الثغر أَخذهَا النَّصَارَى فِي أول تِلْكَ الْفِتْنَة وَمِنْهَا 640 - أَبُو الْأَصْبَغ عِيسَى بن أبي دِرْهَم قَاضِي وَشقه من المسهب أَنه كَانَ عَالما فَاضلا ولاه المستعين بن هود قضاءَها وَكَانَ لَهُ أدب وَمن شعره قَوْله ... دفعت إِلَى مَا لم أُرِدْهُ كراهَةً ... وَلَو أنَّني أبْغيه مَا نالَه جهْدِي فَتَعْلَمُ أنَّ الدَّهْر لَيْسَ أُمُوره ... تَسِيرُ على عُرْفٍ وتَنْزِعُ فِي قَصْدي ... وَقَوله ... يَا حبَّذا نهرُنا وَقد عَبِثَتْ ... بِهِ صَبَاه والموجُ يتبعهَا والأفق يَرْثي لما بهِ فَعَلَتْ ... فالسُّحبُ تَجْري عَلَيْهِ أدمعُها ... الحديث: 640 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب الثَّغْر وَهُوَ كتاب هَجْعة الحالم فِي حُلَى مَدِينَة سَالم من المدن الجليلة الْمَشْهُورَة وفيهَا قبر الْمَنْصُور بن أبي عَامر وَهِي الْآن لِلنَّصَارَى مِنْهَا 641 - أَبُو الْحسن بَاقٍ بن أَحْمد بن بَاقٍ أثنى الحجاريّ على بَيته وذاته وَذكر أَنه صحب أَبَا أُميَّة بن عِصَام قَاضِي مُرْسية وَله فِيهِ أمداح من ذَلِك قَوْله ... وَمَا سُدْتَ إِلَّا بالمكارم والعُلا ... وَلَوْلَا ضياءُ الْبَدْر مَا كَانَ يعتلِي لخَلَّصْتَني من سَطْوَة الدَّهْر بعد مَا ... أَرَادَ شتاتي بالنوى وترحلي ... الحديث: 641 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 وَقَوله ... لله يومٌ قد غَدَوْتَ منادمي ... فِيهِ فتَسْقيني وطَوْراً تَشرَبُ والكأْسُ قد طلعت على آفاقنا ... شمسا وَلَكِن فِي المباسم تغرب ياليت شعري وَهْيَ فِي ضَعْفٍ وَفِي ... خَجَل وموردُها يَلَذُّ ويَعذُبُ لِمَ أصبحتْ فِي الحكم أجْوَر جائرٍ ... فَغَدَتْ بهَا الألبابُ طُرّاً تَذْهبُ ... وَقَوله ... لَا تقل جَدِّي فلانٌ وَأبي ... مثله فِي كلِّ مَجْدٍ وحسَبْ وتَرُمْ رفْعَة قَدْرِ بِنُهىً ... سِيَّما إِن كنتَ فذّاً فِي الأدبْ حِرِ أُمِّ الْمجد وَالْعلم إِذا ... لم يكن عنْدك شئ من ذَهَبْ ... وَقَوله ... لَيْتَني كنتُ لمن لَا يَرْتَقي ... لمعالٍ وفقدت الحَسَبا إِنَّمَا يَربحُ مَنْ إسنادُهُ ... سِمةُ الْعَجز ويبغي التَّعَبا ... 642 - جَعْفَر بن عنق الْفضة ذكر الحجاريّ أَنه مدح قَاضِي قرطبة ابْن حمدين وَهُوَ مِمَّن تَفْخَر بِهِ مَدِينَة سَالم وانشد لَهُ ... لي على الأطلال دمع ... مثل مَا تهمي السحابُ وفؤادي خافقٌ مَا ... حَدَّثَتْ عنهمْ ركابُ لَيْت شعري كَيفَ أهوا ... همْ وقلبي قد أذابوا ... الحديث: 642 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 كتاب اللمْعَة البرقية فِي حلي المملكة الميورقية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب اللمْعَة البَرْقيَّة فِي حُلى المملكة الميورقيَّة هَذِه جُزُرٌ فِي الْبَحْر مُضَافَة إِلَى الأندلس وكتبها ثَلَاثَة كتاب الغَبْقَه فِي حلى جَزِيرَة مَيُورْقَهْ كتاب النَّشْقَه فِي حلى جَزِيرَة مَنُورْقه كتاب الأراكة المائسه فِي حلى جَزِيرَة يابسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من كتب الجُزُر وَهُوَ كتاب الغَبْقَه فِي حلى جَزِيرَة مَيُورْقه المنصَّة طول هَذِه الجزيرة أَرْبَعُونَ ميلًا من أخصب بِلَاد الله وفيهَا بحيرة دُوْرُها تِسْعَة أَمْيَال وفيهَا حصون وقاعدتها مَدِينَة مَيُورقه بالجهة الْقبلية من الجزيرة وَتدْخلهَا ساقية جَارِيَة على الدَّوَام ووادٍ شِتْويّ يشقّ الْمَدِينَة وَبهَا قلعة للْملك وفيهَا يَقُول ابْن اللَّبانة ... بَلَدٌ أعارَتْهُ الحمامةُ طَوْقَهَا ... وكسَاهُ حُلَّةَ ريشهِ الطاووسُ وكأنما تِلْكَ الْمِيَاه مدامة ... وَكَأن قيعان الديار كئوس ... التَّاج أول من فتحهَا من أَيدي النَّصَارَى عبد الله بن مُوسَى بن نُصير الَّذِي فتح أَبوهُ جَزِيرَة الأندلس وملكها فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف مُجَاهِد العامريّ الَّذِي تقدّمت تَرْجَمته فِي مَدِينَة دَانية وَلما مَاتَ غلب عَلَيْهَا مَوْلَاهُ المرتضى أغلب وَكَانَ واليَه عَلَيْهَا ثمَّ مَاتَ فوليها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 643 - مُبَسِّر نَاصِر الدولة فدام بهَا ملكه وَأحسن التَّدْبِير وقصده الْفُضَلَاء مِنْهُم ابْن اللَّبَّانة وَله فِيهِ أمداح كَثِيرَة وَلم يخلعه الملثَّمون مِنْهَا وَلما مَاتَ صَارَت الجزيرة لَهُم وتوالى عَلَيْهَا وُلَاة الملثَّمين إِلَى أَن قَامَت عَلَيْهِم الأندلس بإطْلال دولة عبد الْمُؤمن فركن إِلَيْهَا عبد الله بن مُحَمَّد الْمَشْهُور بِابْن غانية الملثَّم فاستقام بهَا ملكه ثمَّ ملكهَا بعده إِسْحَاق وَكَانَ ضابطاً للْملك غازياً لِلنَّصَارَى وملكها بعده ابْنه عبد الله فصرف لَهُ بَنو عبد الْمُؤمن وجوهمم فَدَخَلُوا عَلَيْهِ الجزيرة فِي مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وكَبَا بِهِ فرسه فَقتل وَصَارَت لبني عبد الْمُؤمن وتوالت عَلَيْهَا وَلَا تهم إِلَى أَن أَخذهَا النَّصَارَى من أبي يحيى بن عمرَان التميللي وَكَانَ بَخِيلًا غير حسن التَّدْبِير سامحه الله وَكَانَ ذَلِك بعد مَا ثارت الأندلس على بني عبد الْمُؤمن فِي عَام خَمْسَة وَعشْرين وسِتمِائَة وَهِي الْآن لِلنَّصَارَى جبَرها الله السلك 644 - المحدِّث الإِمَام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن فَتُوح الحُمَيْديّ من الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين حجَّ وَسكن بَغْدَاد وصَنَّف فِيهَا جذوة المقتبس فِي عُلَمَاء ا 4 لأندلس وفضلائها وَهُوَ مَذْكُور فِي صلَة ابْن بشكوال وَأنْشد لَهُ قَوْله الحديث: 643 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 .. لقاءُ الناسِ لَيْسَ يُفيد شَيْئا ... سِوى الهَذَيانِ من قيل وقالِ فأَقْلِلْ من لِقَاء النَّاس إِلَّا ... لأخْذ العلْم أَو إصْلَاح حالِ 645 - ابْن عبد الوليّ الميورقيّ أَخْبرنِي من اجْتمع بِهِ فِي ميورقة أَنه كَانَ شَاعِرًا وشّاحاً وأنشدني لَهُ هَل أمانٌ من لحظك الفَتّانِ ... وقوام يميس كالخيزران مهجتي مِنْك فِي جحيم وَلَكِن ... جفوني قد متعت فِي جنان فَتَنَتْني لواحظٌ ساحراتٌ ... لست أخْشَى من فتْنَة السُّلْطَان الحديث: 645 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب االثاني من كتب الجزر وَهُوَ كتاب النَّشْقه فِي حلى جَزِيرَة منورقة بَينهَا وَبَين مَيُورقه فِي الْبَحْر خَمْسُونَ ميلًا وَهِي مستطيلة قَليلَة الْعرض فِي وَسطهَا حصن مَانع لما أَخذ النَّصَارَى جَزِيرَة ميورقة اقتطعها صَاحب أَعمالهَا 646 - أَبُو عُثْمَان سعيد بن حكم وداراهم عَلَيْهَا فدامت بهَا رياسته إِلَى الْآن وَهُوَ مشكور السِّيرَة أندى من الْغَمَام يحدِّث عَنهُ من جَازَ على جزيرته بالعجائب أدام الله مدَّته وَلَا قطع نعْمَته وَمن شعره قَوْله همتي فِي هَذِه الدُّنْيَا لَبِيب أصطفيه ... وَفَسَاد لست أبقيه وخَيْرٌ أقْتِفِيهِ أَعَانَهُ الله بكرمه الحديث: 646 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من كتب الجزر كتاب الأراكة المائسه فِي حلى جَزِيرَة يابسه جَزِيرَة خصيبة بضد اسْمهَا أَخذهَا النَّصَارَى بعد أَخذ ميورقه مِنْهَا 647 - أَبُو بكر الْعَطَّار اليابسيّ من شعراء الذَّخِيرَة كَانَ فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف أحْسَنُ شِعرهِ قَوْله والجيش قد جعلتْ أبطالُه مَرَحاً ... تختال عَن خُيَلاء السُّبَّق العُتُقِ هيَ البحور وَلَكِن فِي كواثبها ... عِنْد الكريهة مَنجاةٌ من الْغَرق الحديث: 647 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470