الكتاب: شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: عبد المجيد طعمة حلبي الناشر: دار المعرفة - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ - 1996م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور السيوطي الكتاب: شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: عبد المجيد طعمة حلبي الناشر: دار المعرفة - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ - 1996م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب أَنْعَمت فزد مُقَدّمَة الْمُؤلف الْحَمد لله الَّذِي أيقظ من شَاءَ من سنة الْغَفْلَة وَرفع من أحب لقاءه إِلَى عليين وَوضع عَنهُ أوزاره وَثقله وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عَلَيْهَا من رِدَاء الْإِخْلَاص حلَّة وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث بأشرف مِلَّة الْمَخْصُوص بأكرم خلة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه السَّادة الأجلة هَذَا مَا اشْتَدَّ تشوف النُّفُوس إِلَيْهِ من كتاب شاف فِي علم البرزخ أذكر فِيهِ الْمَوْت وفضله وكيفيته وَصفَة ملك الْمَوْت وأعوانه وَمَا يرد على الْمَيِّت عِنْد الإحتضار وَحَال الرّوح بعد مُفَارقَة الْبدن وصعودها إِلَى الله تَعَالَى وإجتماعها بالأرواح ومقرها بعد ذَلِك وَحَال الْقَبْر وضمته وفتنته وعذابه وسعته وضيقه وَمَا ينفع فِيهِ مستوعبا شرح كل ذَلِك من حِين يبْدَأ فِي مرض الْمَوْت إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور نَاقِلا لَهُ من الْأَحَادِيث المرفوعة والْآثَار الْمَوْقُوفَة والمقطوعة متتبعا لذَلِك من كتب الحَدِيث مُعْتَمدًا كَلَام أَئِمَّة الحَدِيث فِي ذَلِك محررا مَا وَقع من ذَلِك فِي تذكرة الْقُرْطُبِيّ بالتنقيح والتخريج مَعَ زَوَائِد جمة لم تقع فِي كِتَابه وسميته شرح الصُّدُور بشرح حَال الْمَوْتَى والقبور وَأَرْجُو إِن كَانَ فِي الْأَجَل فسحة أَن أضم إِلَيْهِ كتابا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي أَشْرَاط السَّاعَة وَآخر فِي أَحْوَال الْبَعْث وَالْقِيَامَة وَصفَة الْجنَّة وَالنَّار على وَجه الإستيعاب أَيْضا حقق الله ذَلِك بمنه وَكَرمه آمين أخرج أَبُو نعيم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ مَا بَين الْمَوْت إِلَى الْبَعْث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 1 - بَاب بَدْء الْمَوْت 1 - قَالَ إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد مَعًا حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن حبيب بن الشَّهِيد عَن الْحسن قَالَ لما خلق الله تَعَالَى آدم وَذريته قَالَت الْمَلَائِكَة إِن الأَرْض لَا تسعهم فَقَالَ إِنِّي جَاعل موتا قَالُوا إِذا لَا يهنأ لَهُم الْعَيْش قَالَ إِنِّي جَاعل أملا 2 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ لما أهبط آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى الأَرْض قَالَ لَهُ ربه ابْن للخراب ولد للفناء 2 - بَاب النَّهْي عَن تمني الْمَوْت وَالدُّعَاء بِهِ لضر ينزل بِهِ فِي المَال والجسد 1 - أخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضر نزل بِهِ فَإِن كَانَ لَا بُد متمنيا فَلْيقل اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي 2 - وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت وَلَا يدع بِهِ من قبل أَن يَأْتِيهِ إِنَّه إِذا مَاتَ أحدكُم إنقطع عمله وَإنَّهُ لَا يزِيد الْمُؤمن من عمره إِلَّا خيرا 3 - وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت إِمَّا محسنا فَلَعَلَّهُ أَن يزْدَاد وَإِمَّا مسيئا فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 قَالَ فِي الصِّحَاح أعتبني فلَان إِذا عَاد إِلَى مسرتي رَاجعا عَن الْإِسَاءَة واستعتب وأعتب بِمَعْنى 4 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تمنوا الْمَوْت فَإِن هول المطلع شَدِيد وَإِن من السَّعَادَة أَن يطول عمر الْمَرْء حَتَّى يرزقه الله الْإِنَابَة قَالَ فِي النِّهَايَة المطلع بِالتَّشْدِيدِ مَكَان الإطلاع من مَوضِع عَال وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا مَا يشرف عَلَيْهِ من أَمر الْآخِرَة عقيب الْمَوْت تَشْبِيها بالمطلع الَّذِي يشرف عَلَيْهِ من مَوضِع عَال 5 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ لَوْلَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا أَن نتمنى الْمَوْت لتمنيناه 6 - وَأخرج البُخَارِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ دَخَلنَا على خباب نعوده وَقد إكتوى سبع كيات فَقَالَ لَوْلَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا أَن نَدْعُو بِالْمَوْتِ لَدَعَوْت بِهِ 7 - وَأخرج الْمروزِي عَن الْقَاسِم مولى مُعَاوِيَة أَن سعد بن أبي وَقاص تمنى الْمَوْت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسمع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تتمن الْمَوْت فَإِن كنت من أهل الْجنَّة فالبقاء خير لَك وَإِن كنت من أهل النَّار فَمَا يعجلك إِلَيْهَا 8 - وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَاذَا قدم لنَفسِهِ 9 - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أم الْفضل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهِم وَعَمه الْعَبَّاس يشتكي فتمنى الْمَوْت فَقَالَ لَهُ يَا عَم لَا تتمن الْمَوْت فَإنَّك إِن كنت محسنا فَإِن تُؤخر وتزداد إحسانا إِلَى إحسانك خير لَك وَإِن كنت مسيئا فَإِن توخر وتستعتب من إساتك خير لَك فَلَا تتمنين الْمَوْت 10 - وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت من قبل أَن يَأْتِيهِ وَلَا يدع بِهِ إِلَّا أَن يكون قد وثق بِعَمَلِهِ الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 3 - بَاب فضل طول الْحَيَاة فِي طَاعَة الله تَعَالَى 1 - وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ الْحَاكِم عَن أبي بكرَة أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير قَالَ من طَال عمره وَحسن عمله قَالَ فَأَي النَّاس شَرّ قَالَ من طَال عمره وساء عمله 2 - وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خياركم أطولكم أعمارا وَأَحْسَنُكُمْ أعمالا 3 - وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خياركم أطولكم أعمارا وَأَحْسَنُكُمْ أعمالا 4 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أنبئكم بخياركم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ أطولكم أعمارا فِي الْإِسْلَام إِذا سددوا 5 - وَأخرج أَيْضا عَن عَوْف بن مَالك قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كلما طَال عمر الْمُسلم كَانَ لَهُ خير 6 - وَأخرج أَحْمد وإبن زَنْجوَيْه فِي ترغيبه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رجلَانِ من بني حييّ من قضاعة أسلما مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستشهد أَحدهمَا وَأخر الآخر سنة قَالَ طَلْحَة بن عبيد الله فَرَأَيْت الْجنَّة وَرَأَيْت الْمُؤخر مِنْهُمَا أَدخل قبل الشَّهِيد فعجبت من لذَلِك فَأَصْبَحت فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلَيْسَ قد صَامَ بعده رَمَضَان وَصلى سِتَّة آلَاف رَكْعَة وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَة صَلَاة سنة 7 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن طَلْحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ أحد أفضل عِنْد الله من مُؤمن يعمر فِي الْإِسْلَام لتسبيحه وتكبيره وتهليله 8 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ إِن بَقَاء الْمُسلم كل يَوْم غنيمَة لأَدَاء الْفَرَائِض والصلوات وَمَا يرزقه الله من ذكره 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عَبدة قَالَ بَلغنِي أَن الْمُؤمن الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 إِذا مَاتَ تمنى الرّجْعَة إِلَى الدُّنْيَا لَيْسَ ذَاك إِلَّا ليكبر تَكْبِيرَة أَو يهلل تَهْلِيلَة أَو يسبح تَسْبِيحَة 4 - بَاب جَوَاز تمني الْمَوْت وَالدُّعَاء بِهِ لخوف الْفِتْنَة فِي الدّين 1 - أخرج مَالك عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول يَا لَيْتَني كنت مَكَانَهُ 2 - وَأخرج مَالك وَالْبَزَّار عَن ثَوْبَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَإِذا أردْت بِالنَّاسِ فتْنَة فاقبضني إِلَيْك غير مفتون 3 - وَأخرج مَالك عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ اللَّهُمَّ قد ضعفت قوتي وَكَبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني إِلَيْك غير مضيع وَلَا مقصر فَمَا جَاوز ذَلِك الشَّهْر حَتَّى قبض 4 - وَأخرج إِبْنِ عبد الْبر فِي التَّمْهِيد والمروزي فِي الْجَنَائِز وَأحمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عليم الْكِنْدِيّ قَالَ كنت مَعَ أبي عبس الْغِفَارِيّ على سطح فَرَأى قوما يتحملون من الطَّاعُون فَقَالَ يَا طاعون خذني إِلَيْك ثَلَاثًا يَقُولهَا فَقَالَ لَهُ عليم لم تَقول هَذَا ألم يقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك إنقطاع عمله وَلَا يرد فيستعتب قَالَ فَقَالَ أَبُو عبس أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بَادرُوا بِالْمَوْتِ سِتا إمرة السُّفَهَاء وَكَثْرَة الشَّرْط وَبيع الحكم وإستخفافا بِالدَّمِ وَقَطِيعَة الرَّحِم ونشوا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير يقدمُونَ الرجل لِيُغنيَهُمْ بِالْقُرْآنِ وَإِن كَانَ أقل مِنْهُم فقها قَالَ فِي الصِّحَاح تحمل بِمَعْنى إرتحل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 5 - وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحسن قَالَ قَالَ الحكم بن عَمْرو يَا طاعون خذني إِلَيْك فَقيل لَهُ لم تَقول هَذَا وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت قَالَ قد سَمِعت مَا سَمِعْتُمْ وَلَكِنِّي أبادر سِتا بيع الحكم وَكَثْرَة الشَّرْط وإمارة الصّبيان وَسَفك الدِّمَاء وَقَطِيعَة الرَّحِم ونشوا يكونُونَ فِي آخر الزَّمَان قراء يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير 6 - وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات عَن حبيب بن أبي فضَالة أَن أَبَا هُرَيْرَة ذكر الْمَوْت فَكَأَنَّهُ تمناه فَقَالَ بعض أَصْحَابه وَكَيف تتمنى الْمَوْت بعد قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لأحد أَن يتَمَنَّى الْمَوْت لَا بر وَلَا فَاجر إِمَّا بر فَيَزْدَاد برا وَإِمَّا فَاجر فيستعتب فَقَالَ وَكَيف لَا أَتَمَنَّى الْمَوْت وَإِنَّمَا أَخَاف أَن تدركني سِتَّة التهاون بالذنب وَبيع الحكم وتقاطع الْأَرْحَام وَكَثْرَة الشَّرْط ونشوا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير 7 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن عبسة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت إِلَّا أَن يَثِق بِعَمَلِهِ فَإِن رَأَيْتُمْ فِي الْإِسْلَام سِتّ خِصَال فتمنوا الْمَوْت وَإِن كَانَت نَفسك فِي يدك فأرسلها إِضَاعَة الدَّم وإمارة الصّبيان وَكَثْرَة الشَّرْط وإمارة السُّفَهَاء وَبيع الحكم ونشوا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير 8 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يخرج الدَّجَّال حَتَّى لَا يكون شَيْء أحب إِلَى مُؤمن من خُرُوج نَفسه 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان قَالَ يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون الْمَوْت فِيهِ أحب إِلَى قراء ذَلِك الزَّمَان من الذَّهَب الْأَحْمَر 10 - وَأخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوشك أَن يكون الْمَوْت أحب إِلَى الْمُؤمن من المَاء الْبَارِد يصب عَلَيْهِ الْعَسَل فيشربه 11 - وَأخرج عَن أبي ذَر قَالَ ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان تمر الْجِنَازَة فيهم فَيَقُول الرجل لَيْت أَنِّي مَكَانهَا 12 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ مرض أَبُو هُرَيْرَة فَأتيت أعوده فَقلت اللَّهُمَّ إشف أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا ترجعها وَقَالَ يُوشك يَا أَبَا سَلمَة أَن يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون الْمَوْت أحب إِلَى أحدهم من الذَّهَب الْأَحْمَر ويوشك يَا أَبَا سَلمَة إِن بقيت إِلَى قريب أَن يَأْتِي الرجل الْقَبْر الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 فَيَقُول يَا لَيْتَني مَكَانك 13 - وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن مرّة الْهَمدَانِي قَالَ تمنى عبد الله لنَفسِهِ ولأهله الْمَوْت فَقيل لَهُ إِنَّك تمنيت لأهْلك فَلم تتمناه لنَفسك فَقَالَ لَو أَنِّي أعلم أَنكُمْ تسلمون على حالتكم هَذِه لتمنيت أَن أعيش فِيكُم عشْرين سنة 14 - وَأخرج عَن أبي عُثْمَان قَالَ بَيْنَمَا إِبْنِ مَسْعُود ذَات يَوْم فِي صفة لَهُ وَتَحْته فُلَانَة وفلانة إمرأتان لَهُ ذواتا منصب وجمال وَله مِنْهُمَا ولد كأحسن الْوَلَد وَإِذ شقشق على رَأسه عُصْفُور ثمَّ قذف دَاء بَطْنه فنكته بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ لِأَن يَمُوت آل عبد الله ثمَّ يتبعهُم أحب إِلَيّ من أَن يَمُوت هَذَا العصفور الشقشقة بمعجمتين وقافين صَوت العصفور وهديره 15 - وَأخرج الْمروزِي عَن قيس قَالَ كَانَ صبيان لعبد الله يَشْتَدُّونَ بَين يَدَيْهِ فَقَالَ ترَوْنَ هَؤُلَاءِ لَهُم أَهْون عَليّ موتا من عدتهمْ من الْجعلَان الْجعلَان بِكَسْر الْجِيم جمع جعل بضَمهَا وَهِي دويبة 16 - وَأخرج عَن الْحسن قَالَ كَانَ فِي مصركم هَذَا رجل عَابِد فَخرج من الْمَسْجِد فَلَمَّا وضع رجله فِي الركاب أَتَاهُ ملك الْمَوْت فَقَالَ لَهُ مرْحَبًا لقد كنت إِلَيْك بالأشواق فَقبض روحه 17 - وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات والمروزي عَن خَالِد بن معدان قَالَ مَا من دَابَّة فِي بر وَلَا بَحر يسرني أَن تفديني من الْمَوْت وَلَو كَانَ الْمَوْت علما يستبق النَّاس إِلَيْهِ مَا سبقني إِلَيْهِ أحد إِلَّا رجل يغلبني بِفضل قوته 18 - وَأخرج أَبُو نعيم عَنهُ قَالَ وَالله لَو كَانَ الْمَوْت فِي مَكَان مَوْضُوعا لَكُنْت أول من يسْبق إِلَيْهِ 19 - وَأخرج عَن عبد ربه بن صَالح أَنه دخل على مَكْحُول فِي مرض مَوته فَقَالَ لَهُ عافاك الله فَقَالَ كلا اللحوق بِمن يُرْجَى عَفوه خير من الْبَقَاء مَعَ من لَا يُؤمن شَره شياطين الْإِنْس وإبليس وَجُنُوده 20 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبي مسْهر قَالَ سَمِعت رجلا الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 يَقُول لسَعِيد بن عبد الْعَزِيز التنوخي أَطَالَ الله بَقَاءَك فَغَضب فَقَالَ بل عجل الله بِي إِلَى رَحمته 21 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُبَيْدَة بن المُهَاجر قَالَ لَو قيل من مس هَذَا الْعود مَاتَ لقمت حَتَّى أمسه 22 - وَأخرج عَن أبي عبد الله الصنَابحِي قَالَ الدُّنْيَا تَدْعُو إِلَى فتْنَة والشيطان يَدْعُو إِلَى خَطِيئَة ولقاء الله خير من الْإِقَامَة مَعَهُمَا 23 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن مَيْمُون أَنه كَانَ لَا يتَمَنَّى الْمَوْت قَالَ إِنِّي أُصَلِّي كل يَوْم كَذَا وَكَذَا صَلَاة حَتَّى أرسل إِلَيْهِ يزِيد بن مُسلم فتعنته وَلَقي مِنْهُ فَكَانَ يَقُول اللَّهُمَّ ألحقني بالأخيار وَلَا تخلفني مَعَ الأشرار 24 - وَأخرج عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء إِذا مَاتَ الرجل على الْحَال الصَّالِحَة قَالَ هَنِيئًا لَك يَا لَيْتَني كنت مَكَانك فَقَالَت أم الدَّرْدَاء لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ هَل تعلمين يَا حمقاء أَن الرجل يصبح مُؤمنا ويمسي منافقا يسلب إيمَانه وَهُوَ لَا يشْعر فَأَنا لهَذَا الْمَيِّت أغبط مني لهَذَا بِالْبَقَاءِ فِي الصَّلَاة وَالصِّيَام 25 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ مَا من نفس تسرني أَن تفديني من الْمَوْت وَلَا نفس ذُبَاب 26 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا والخطيب وإبن عَسَاكِر عَن أبي بكرَة الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَالله مَا من نفس تخرج أحب إِلَيّ من نَفسِي هَذِه وَلَا نفس هَذَا الذُّبَاب الطَّائِر فَفَزعَ الْقَوْم فَقَالُوا لم قَالَ إِنِّي أَخَاف أَن أدْرك زَمَانا لَا أَسْتَطِيع أَن آمُر فِيهِ بِمَعْرُوف وَلَا أنهى عَن مُنكر وَمَا خير يَوْمئِذٍ 27 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة أَنه مر بِهِ رجل فَقَالَ لَهُ أَيْن تُرِيدُ قَالَ السُّوق قَالَ إِن اسْتَطَعْت أَن تشتري لي الْمَوْت قبل أَن ترجع فافعل 28 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وإبن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة وَكَانَ شَيخا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 يحب أَن يقبض فَكَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ كَبرت سني ووهن عظمي فاقبضني إِلَيْك قَالَ فَبَيْنَمَا أَنا يَوْمًا فِي مَسْجِد دمشق وَأَنا أُصَلِّي وأدعو أَن أَقبض فَإِذا أَنا بفتى شَاب من أجمل الرِّجَال وَعَلِيهِ دواج أَخْضَر فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ قلت وَكَيف أَدْعُو يَا ابْن أخي قَالَ قل اللَّهُمَّ حسن الْعَمَل وَبلغ الْأَجَل قلت من أَنْت يَرْحَمك الله قَالَ أَنا رتائيل الَّذِي يستل الْحزن من صُدُور الْمُؤمنِينَ ثمَّ إلتفت فَلم أر أحدا الدواج الَّذِي يلبس ضَبطه الصغاني فِي الشوارد نقلا عَن أبي حَاتِم السجسْتانِي بِضَم الدَّال وَالْوَاو مُشَدّدَة ومخففة 5 - بَاب فضل الْمَوْت قَالَ الْعلمَاء الْمَوْت لَيْسَ بِعَدَمِ مَحْض وَلَا فنَاء صرف وَإِنَّمَا هُوَ إنقطاع تعلق الرّوح بِالْبدنِ ومفارقة وحيلولة بَينهمَا وتبدل حَال وإنتقال من دَار إِلَى دَار 1 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي تَفْسِيره وَأَبُو نعيم عَن بِلَال بن سعد أَنه قَالَ فِي وعظه يَا أهل الخلود وَيَا أهل الْبَقَاء إِنَّكُم لم تخلقوا للفناء وَإِنَّمَا خلقْتُمْ للخلود والأبد وَإِنَّكُمْ تنقلون من دَار إِلَى دَار 2 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ إِنَّمَا خلقْتُمْ لِلْأَبَد والبقاء وَلَكِنَّكُمْ تنقلون من دَار إِلَى دَار 3 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحفة الْمُؤمن الْمَوْت وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث جَابر مثله 4 - وَأخرج أَيْضا عَن الْحُسَيْن بن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمَوْت رَيْحَانَة الْمُؤمن 5 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَضَعفه والديلمي أَيْضا عَن عَائِشَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَوْت غنيمَة وَالْمَعْصِيَة مُصِيبَة والفقر رَاحَة والغنى عُقُوبَة وَالْعقل هَدِيَّة من الله وَالْجهل ضَلَالَة وَالظُّلم ندامة وَالطَّاعَة قُرَّة الْعين والبكاء من خشيَة الله النجَاة من النَّار والضحك هَلَاك الْبدن والتائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ 6 - وَأخرج أَحْمد وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي سنَنه بِسَنَد صَحِيح عَن مَحْمُود بن لبيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إثنتان يكرههما إِبْنِ آدم يكره الْمَوْت وَالْمَوْت خير لَهُ من الْفِتْنَة وَيكرهُ قلَّة المَال وَقلة المَال أقل لِلْحسابِ 7 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن زرْعَة بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحب الْإِنْسَان الْحَيَاة وَالْمَوْت خير لنَفسِهِ وَيُحب الْإِنْسَان كَثْرَة المَال وَقلة المَال أقل لحسابه مُرْسل 8 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي قَتَادَة قَالَ مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة فَقَالَ مستريح ومستراح مِنْهُ قَالُوا يَا رَسُول الله مَا المستريح والمستراح مِنْهُ فَقَالَ العَبْد الْمُؤمن يستريح من تَعب الدُّنْيَا وأذاها إِلَى رَحْمَة الله عز وَجل وَالْعَبْد الْفَاجِر يستريح مِنْهُ الْبِلَاد والعباد وَالشَّجر وَالدَّوَاب 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن يزِيد بن أبي زِيَاد قَالَ مروا بِجنَازَة على أبي جُحَيْفَة فَقَالَ إستراح وأستريح مِنْهُ 10 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وسنته فَإِذا فَارق الدُّنْيَا فَارق السجْن وَالسّنة السّنة بِفَتْح أَوله الْقَحْط والجدب 11 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن الدُّنْيَا جنَّة الْكَافِر وسجن الْمُؤمن وَإِنَّمَا مثل الْمُؤمن حِين تخرج نَفسه كَمثل رجل كَانَ فِي سجن فَأخْرج مِنْهُ فَجعل يتقلب فِي الأَرْض ويتفسح فِيهَا 12 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 سجن الْمُؤمن وجنة الْكَافِر فَإِذا مَاتَ الْمُؤمن يخلى سربه يسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَ السرب هُنَا بِفَتْح أَوله الطَّرِيق كَمَا فِي الصِّحَاح 13 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن إِبْنِ عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي ذَر يَا أَبَا ذَر إِن الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن والقبر أَمنه وَالْجنَّة مصيره يَا أَبَا ذَر إِن الدُّنْيَا جنَّة الْكَافِر والقبر عَذَابه وَالنَّار مصيره 16 - وَأخرج النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا على وَجه الأَرْض من نفس تَمُوت وَلها عِنْد الله خير تحب أَن ترجع إِلَيْكُم وَلها نعيم الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيد فَإِنَّهُ يحب أَن يرجع فَيقْتل مرّة أُخْرَى لما يرى من ثَوَاب الله لَهُ 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف والمروزي فِي الْجَنَائِز وَالطَّبَرَانِيّ عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ ذهب صفو الدُّنْيَا فَلم يبْق إِلَّا الكدر فالموت تحفة لكل مُسلم 18 - وَأخرج الْمروزِي وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ حبذا المكروهان الْفقر وَالْمَوْت 19 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن طَاوُوس قَالَ لَا يحرز دين الْمَرْء إِلَّا حفرته 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن الْمُبَارك فِي الزّهْد والمروزي عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ مَا من غَائِب ينتظره الْمُؤمن خير لَهُ من الْمَوْت 21 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن مغول قَالَ بَلغنِي أَن أول سرُور يدْخل على الْمُؤمن الْمَوْت لما يرى من كَرَامَة الله وثوابه 22 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ لَيْسَ لِلْمُؤمنِ رَاحَة دون لِقَاء الله 23 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وإبن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ مَا من مُؤمن إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ وَمَا من هُوَ كَافِر إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ فَمن لم يصدقني فَإِن الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الله يَقُول {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ} 24 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ مَا من نفس برة وَلَا فاجرة إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهَا من الْحَيَاة فَإِن كَانَ برا فقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} وَإِن كَانَ فَاجِرًا فقد قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا} 26 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد عَن حَيَّان بن جبلة أَن أَبَا ذَر وَأَبا الدَّرْدَاء قَالَ تلدون للْمَوْت وتعمرون للخراب وتحرصون على مَا يفنى وتذرون مَا يبْقى أَلا حبذا المكروهات الثَّلَاث الْمَوْت وَالْمَرَض والفقر 27 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ أَلا حبذا المكروهان الْمَوْت والفقر 28 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن جَعْفَر الْأَحْمَر قَالَ من لم يكن لَهُ فِي الْمَوْت خير فَلَا خير لَهُ فِي الْحَيَاة 29 - وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ أحب الْفقر تواضعا لرَبي وَأحب الْمَوْت إشتياقا لرَبي وَأحب الْمَرَض تكفيرا لخطيئتي 30 - وَأخرج إِبْنِ سعد وإبن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه قيل لَهُ مَا تحب لمن تحب قَالَ الْمَوْت قَالُوا فَإِن لم يمت قَالَ يقل مَاله وَولده 31 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ أَتَمَنَّى لحبيبي أَن يقل مَاله ويعجل مَوته 32 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ مَا الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 أهْدى إِلَيّ أَخ هَدِيَّة أحب إِلَيّ من السَّلَام وَلَا بَلغنِي عَنهُ خير أعجب إِلَيّ من مَوته 33 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز التَّيْمِيّ قَالَ قيل لعبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ مَا تشْتَهي لنَفسك وَلمن تحب من أهلك قَالَ الْمَوْت 34 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ حبب الْمَوْت إِلَى من يعلم أَنِّي رَسُولك 35 - وَأخرج أَحْمد أَن ملك الْمَوْت جَاءَ إِلَى إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه ليقْبض روحه فَقَالَ إِبْرَاهِيم يَا ملك الْمَوْت هَل رَأَيْت خَلِيلًا يقبض روح خَلِيله فعرج ملك الْمَوْت إِلَى ربه فَقَالَ قل لَهُ هَل رَأَيْت خَلِيلًا بكره لِقَاء خَلِيله فَرجع قَالَ فاقبض روحي السَّاعَة 36 - وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ إِن حفظت وصيتي فَلَا يكونن شَيْء أحب إِلَيْك من الْمَوْت 37 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن الْحسن قَالَ لما حضر حُذَيْفَة الْمَوْت قَالَ حبيب جَاءَ على فاقة لَا أَفْلح من نَدم الْحَمد لله الَّذِي سبق بِي الْفِتْنَة وَقَالَ سهل بن عبد الله التسترِي لَا يتَمَنَّى الْمَوْت إِلَّا ثَلَاثَة رجل جَاهِل بِمَا بعد الْمَوْت أَو رجل يفر من أقدار الله أَو مشتاق محب للقاء الله وَقَالَ حَيَّان بن الْأسود الْمَوْت جسر يُوصل الحبيب إِلَى الحبيب وَقَالَ أَبُو عُثْمَان عَلامَة الشوق حب الْمَوْت مَعَ الرَّاحَة وَقَالَ بَعضهم إِن المشتاقين يحسون حلاوة الْمَوْت عِنْد وُرُوده لما قد كشف لَهُم من روح الْوُصُول أحلى من الشهد 38 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن ذِي النُّون الْمصْرِيّ قَالَ الشوق أَعلَى الدَّرَجَات وَأَعْلَى المقامات إِذا بلغَهَا العَبْد إستبطأ الْمَوْت شوقا إِلَى ربه وحبا للقائه وَالنَّظَر إِلَيْهِ الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 39 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عتبَة الْخَولَانِيّ الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ إِن عبد الله بن عبد الْملك خرج هَارِبا من الطَّاعُون فَقَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون مَا كنت أرى أَنِّي أبقى حَتَّى أسمع بِمثل هَذَا أَفلا أخْبركُم عَن خلال كَانَ عَلَيْهَا إخْوَانكُمْ أَولهَا لِقَاء الله تَعَالَى كَانَ أحب إِلَيْهِم من الشهد وَالثَّانيَِة لم يَكُونُوا يخَافُونَ عدوا قلوا أَو كَثُرُوا وَالثَّالِثَة لم يَكُونُوا يخَافُونَ عوزا من الدُّنْيَا كَانُوا واثقين بِاللَّه أَن يرزقهم وَالرَّابِعَة إِن نزل بهم الطَّاعُون لم يبرحوا حَتَّى يقْضِي الله فيهم مَا قضى 40 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن إِبْنِ عبد ربه أَنه قَالَ لمكحول أَتُحِبُّ الْجنَّة قَالَ وَمن لَا يحب الْجنَّة قَالَ فأحبب الْمَوْت فَإنَّك لن ترى الْجنَّة حَتَّى تَمُوت 41 - وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر أَن عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا كَانَ يَقُول لَو خيرت بَين أَن أعمر مائَة سنة فِي طَاعَة الله وَأَن أَقبض فِي يومي هَذَا أَو فِي سَاعَتِي هَذِه لاخترت أَن أَقبض فِي يومي هَذَا أَو فِي سَاعَتِي هَذِه شوقا إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله وَإِلَى الصَّالِحين من عباده 42 - وَأخرج أَبُو نعيم وإبن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله النباجي يَقُول لَو خيرت بَين أَن تكون لي الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقت أتنعم فِيهَا حَلَالا لَا أسأَل عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة وَبَين أَن تخرج نَفسِي السَّاعَة لاخترت أَن تخرج نَفسِي السَّاعَة أما تحب أَن تلقى من تطيع 43 - وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَوْت كَفَّارَة لكل مُسلم صَححهُ إِبْنِ الْعَرَبِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَذَلِكَ لما يلقاه الْمَيِّت فِيهِ من الآلام والأوجاع وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يُصِيبهُ أَذَى شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا كفر الله بهَا من سيئاته فَمَا ظَنك بِالْمَوْتِ الَّذِي سكرة من سكراته أَشد ثَلَاثمِائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 44 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن مَسْرُوق قَالَ مَا غبطت شَيْئا بِشَيْء كمؤمن فِي لحده قد أَمن من عَذَاب الله وإستراح من أَذَى الدُّنْيَا 45 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة بِلَفْظ مَا من شَيْء خير لِلْمُؤمنِ من لحد قد إستراح من هموم الدُّنْيَا وَأمن من عَذَاب الله 46 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن الْهَيْثَم بن مَالك كُنَّا نتحدث عِنْد أَيفع بن عبد وَعِنْده أَبُو عَطِيَّة الْمَذْبُوح فتذاكروا النَّعيم فَقَالَ من أنعم النَّاس قَالُوا فلَان وَفُلَان فَقَالَ أَيفع مَا تَقول يَا أَبَا عَطِيَّة قَالَ أَنا أخْبركُم بِمن هُوَ أنعم مِنْهُ جَسَد فِي لحد قد أَمن من الْعَذَاب 47 - وَأخرج عَن محَارب بن دثار قَالَ قَالَ لي خَيْثَمَة أَيَسُرُّك الْمَوْت قلت لَا قَالَ مَا أعلم أحدا لَا يسره الْمَوْت إِلَّا مَنْقُوص 48 - وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد بِلَفْظ فَقَالَ إِن هَذَا بك لنَقص كَبِير 49 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن أبي عبد الرَّحْمَن أَن رجلا قَالَ فِي مجْلِس أبي الْأَعْوَر السّلمِيّ وَالله مَا خلق الله شَيْئا أحب إِلَيّ من الْمَوْت فَقَالَ أَبُو الْأَعْوَر لِأَن أكون مثلك أحب إِلَيّ من حمر النعم 50 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ فِي الْمَوْت رَاحَة لِلْمُؤمنِ من شَدَائِد الدُّنْيَا وَإِن كَانَ الْمَوْت ذَا غصص وكرب 51 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ حدثت عَن بعض الْحُكَمَاء أَنه قَالَ للْمَوْت أَهْون على الْعَاقِل من زلَّة عَالم غافل 52 - وَأخرج عَن سُفْيَان قَالَ كَانَ يُقَال الْمَوْت رَاحَة العابدين الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 6 - بَاب ذكر الْمَوْت والإستعداد لَهُ 1 - أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات يَعْنِي الْمَوْت وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث عمر بن الْخطاب مثله 2 - وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات فَإِنَّهُ مَا ذكره أحد فِي ضيق من الْعَيْش إِلَّا وَسعه عَلَيْهِ وَلَا فِي سَعَة إِلَّا ضيقه عَلَيْهِ 3 - وَأخرج ابْن ماجة عَن عمر قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْمُؤمنِينَ أَكيس قَالَ أَكْثَرهم للْمَوْت ذكرا وَأَحْسَنهمْ لما بعده إستعدادا أُولَئِكَ الأكياس 4 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكيس من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت وَالْعَاجِز من أتبع نَفسه هَواهَا وَتمنى على الله 5 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا ذكر الْمَوْت فَإِنَّهُ يمحص الذُّنُوب ويزهد فِي الدُّنْيَا فَإِن ذكرتموه عِنْد الْغنى هَدمه وَإِن ذكرتموه عِنْد الْفقر أرضاكم بعيشكم 6 - وَأخرج أَيْضا عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَجْلِس قد إستعلاه الضحك فَقَالَ شوبوا مجلسكم بمكدر اللَّذَّات قَالُوا وَمَا مكدر اللَّذَّات قَالَ الْمَوْت 7 - وَأخرج أَيْضا عَن سُفْيَان قَالَ حَدثنَا شيخ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصى رجلا فَقَالَ أَكثر ذكر الْمَوْت فَإِن ذكره يسليك عَمَّا سواهُ 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن زيد السليمي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا آنس من أَصْحَابه غَفلَة نَادَى فيهم بِصَوْت رفيع أتتكم الْمنية راتبة لَازِمَة إِمَّا بشقاوة وَإِمَّا بسعادة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 9 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْوَضِين بن عَطاء قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أحس من النَّاس بغفلة من الْمَوْت جَاءَ فَأخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب ثمَّ هتف ثَلَاثًا يَا أَيهَا النَّاس يَا أهل الْإِسْلَام أتتكم الْمنية راتبة لَازِمَة جَاءَ الْمَوْت بِمَا جَاءَ بِهِ جَاءَ بِالروحِ والراحة وَالْكَثْرَة الْمُبَارَكَة لأولياء الرَّحْمَن من أهل دَار الخلود الَّذين كَانَ سَعْيهمْ ورغبتهم فِيهَا أَلا إِن لكل ساع غَايَة وَغَايَة كل ساع الْمَوْت سَابق ومسبوق 10 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِالْمَوْتِ واعظا 11 - وَرُوِيَ أَنه قيل يَا رَسُول الله هَل يحْشر مَعَ الشُّهَدَاء أحد قَالَ نعم من يذكر الْمَوْت فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عشْرين مرّة وَقَالَ السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {خلق الْمَوْت والحياة ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} قَالَ أَكْثَرَكُم للْمَوْت ذكرا وَأحسن لَهُ إستعدادا وَأَشد خوفًا وحذرا وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان 12 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن سابط قَالَ ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فأثني عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ ذكره للْمَوْت فَلم يذكر ذَلِك مِنْهُ فَقَالَ مَا هُوَ كَمَا تذكرُونَ وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار مَوْصُولا عَن أنس نَحوه وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد نَحوه وَقَالَ بَعضهم من أَكثر ذكر الْمَوْت أكْرم بِثَلَاثَة أَشْيَاء تَعْجِيل التَّوْبَة وقناعة الْقلب ونشاط الْعِبَادَة وَمن نسي الْمَوْت عُوقِبَ بِثَلَاثَة أَشْيَاء تسويف التَّوْبَة وَترك الرِّضَا بالكفاف والتكاسل فِي الْعِبَادَة وَقَالَ التَّيْمِيّ شَيْئَانِ قطعا عني لَذَّة الدُّنْيَا ذكر الْمَوْت وَذكر الْوُقُوف بَين يَدي الله تَعَالَى أخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا} هُوَ الْكَفَن فَهُوَ وعظ مُتَّصِل بِمَا تقدم من قَوْله {وابتغ فِيمَا آتاك الله الدَّار الْآخِرَة} أَي أطلب فِيمَا أَعْطَاك الله من الدُّنْيَا الْجنَّة بصرفها فِيمَا يُوصل إِلَيْهَا وَلَا تنس أَنَّك تتْرك جَمِيع مَالك إِلَّا نصيبك الَّذِي هُوَ الْكَفَن كَمَا قيل شعر (نصيبك مِمَّا تجمع الدَّهْر كُله ... رداءان تلوى فيهمَا وحنوط) 13 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا لي لَا أحب الْمَوْت قَالَ لَك مَال قَالَ نعم قَالَ قدمه فَإِن قلب الْمُؤمن مَعَ مَاله إِن قدمه أحب أَن يلْحق بِهِ وَإِن أَخّرهُ أحب أَن يتَأَخَّر مَعَه 14 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ موعظة بليغة وغفلة سريعة كفى بِالْمَوْتِ واعظا وَكفى بالدهر مفرقا الْيَوْم فِي الدّور وَغدا فِي الْقُبُور 15 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن رَجَاء بن حَيْوَة قَالَ مَا أَكثر عبد ذكر الْمَوْت إِلَّا ترك الْفَرح والحسد 16 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ من أَكثر ذكر الْمَوْت قل حسده وَقل فرحه 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الرّبيع بن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِالْمَوْتِ مزهدا فِي الدُّنْيَا ومرغبا فِي الْآخِرَة 18 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن طَارق الْمحَاربي قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إستعد للْمَوْت قبل الْمَوْت 19 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عون بن عبد الله قَالَ مَا أحد ينزل الْمَوْت حق مَنْزِلَته إِلَّا عبد عد غَدا لَيْسَ من أَجله كم من مُسْتَقْبل يَوْمًا لَا يستكمله وراج غَدا لَا يبلغهُ إِنَّك لَو ترى الْأَجَل ومسيره لأبغضت الأمل وغروره 20 - وَأخرج أَيْضا عَن أبي حَازِم قَالَ أنظر الَّذِي تحب أَن يكون مَعَك فِي الْآخِرَة فقدمه الْيَوْم وَانْظُر الَّذِي تكره أَن يكون مَعَك ثمَّ فَاتْرُكْهُ الْيَوْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 21 - وَأخرج عَنهُ قَالَ كل عمل كرهت الْمَوْت من أَجله فَاتْرُكْهُ ثمَّ لَا يَضرك مَتى مت 22 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ من قرب الْمَوْت من قلبه إستكثر مَا فِي يَدَيْهِ وَأخرج عَن رَجَاء بن نوح قَالَ كتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى بعض أهل بَيته أما بعد فَإنَّك إِن إستشعرت ذكر الْمَوْت فِي ليلك ونهارك بغض إِلَيْك كل فان وحبب إِلَيْك كل بَاقٍ 23 - وَأخرج عَن مجمع التَّيْمِيّ قَالَ ذكر الْمَوْت غنى 24 - وَأخرج عَن سميط قَالَ من جعل الْمَوْت نصب عَيْنَيْهِ لم يبال بِضيق الدُّنْيَا وَلَا بسعتها 25 - وَأخرج عَن كَعْب قَالَ من عرف الْمَوْت هَانَتْ عَلَيْهِ مصائب الدُّنْيَا وغمومها 26 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ مَا ألزم عبد قلبه ذكر الْمَوْت إِلَّا صغرت الدُّنْيَا عِنْده وَهَان عَلَيْهِ جَمِيع مَا فِيهَا وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ يُقَال طُوبَى لمن ذكر سَاعَة الْمَوْت 27 - وَأخرج عَن مَالك بن دِينَار قَالَ قَالَ حَكِيم كفى بِذكر الْمَوْت للقلوب حَيَاة للْعَمَل 28 - وَأخرج عَن صَفِيَّة أَن إمرأة شكت إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْقَسْوَة فَقَالَت أكثري ذكر الْمَوْت يرق قَلْبك 29 - وَأخرج عَن أبي حَازِم قَالَ يَا إِبْنِ آدم بعد الْمَوْت يَأْتِيك الْخَبَر 30 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْقَبْر صندوق الْعَمَل وَبعد الْمَوْت يَأْتِيك الْخَبَر 31 - وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الزّهْد فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الدُّنْيَا ذكر الْمَوْت وَأفضل الْعِبَادَة التفكر فَمن أثقله ذكر الْمَوْت وجد قَبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَقَالَ عَليّ كرم الله وَجهه النَّاس نيام فَإِذا مَاتُوا إنتبهوا ونظم هَذَا الْمَعْنى الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فَقَالَ (وَإِنَّمَا النَّاس نيام من يمت ... مِنْهُم أَزَال الْمَوْت عَنهُ وسنه) 32 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد يَمُوت إِلَّا نَدم قَالُوا وَمَا ندامته يَا رَسُول الله قَالَ إِن كَانَ محسنا نَدم أَن لَا يكون إزداد وَإِن كَانَ مسيئا نَدم أَن لَا يكون نزع قَالَ فِي الصِّحَاح نزع عَن الْأُمُور أَي إنتهى عَنْهَا 7 - بَاب مَا يعين على ذكر الْمَوْت 1 - أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تذكر الْمَوْت 2 - وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن إِبْنِ مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها فَإِنَّهَا تزهد فِي الدُّنْيَا وتذكر الْآخِرَة 3 - وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها فَإِن فِيهَا عِبْرَة 4 - وَأخرج أَيْضا عَن أنس مَرْفُوعا كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور أَلا فزوروها فَإِنَّهَا ترق الْقلب وتدمع الْعين وتذكر الْآخِرَة وَلَا تَقولُوا هجرا 5 - وَأخرج أَيْضا عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور أَلا فزوروها ولتزدكم زيارتها خيرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 6 - وَأخرج أَيْضا عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زر الْقُبُور تذكر بهَا الْآخِرَة واغسل الْمَوْتَى فَإِن معالجة جَسَد خاو موعظة بليغة وصل على الْجَنَائِز لَعَلَّ ذَلِك أَن يحزنك فَإِن الحزين فِي ظلّ الله يتَعَرَّض لكل خير 8 - بَاب تَحْسِين الظَّن بِاللَّه وَالْخَوْف مِنْهُ 1 - أخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل وَفَاته بِثَلَاث لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه 2 - وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب حسن الظَّن وَزَاد فَإِن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بِاللَّه فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى لَهُم {وذلكم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} 3 - وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على شَاب وَهُوَ فِي الْمَوْت قَالَ كَيفَ تجدك قَالَ أَرْجُو الله وأخاف ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد فِي مثل هَذَا الموطن إِلَّا أعطَاهُ الله مَا يرجوه وأمنه مِمَّا يخَاف 4 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن قَالَ بَلغنِي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ قَالَ ربكُم لَا أجمع على عَبدِي خوفين وَلَا أجمع لَهُ أمنين فَمن خافني فِي الدُّنْيَا أمنته فِي الْآخِرَة وَمن أمنني فِي الدُّنْيَا أخفته فِي الْآخِرَة وَأخرجه أَبُو نعيم مَوْصُولا من حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس 5 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِذا رَأَيْتُمْ الرجل بِالْمَوْتِ فبشروه ليلقى ربه وَهُوَ حسن الظَّن بِاللَّه وَإِذا كَانَ حَيا فخوفوه بربه 6 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يموتن أحدكُم حَتَّى يحسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى فَإِن حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى ثمن الْجنَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ كَانُوا يستحبون أَن يلقنوا العَبْد محَاسِن عمله عِنْد الْمَوْت حَتَّى يحسن ظَنّه بربه 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ وَالله الَّذِي لَا إِلَه غَيره لَا يحسن أحد الظَّن بِاللَّه إِلَّا أعطَاهُ الله ظَنّه 9 - وَأخرج أَحْمد عَن وَاثِلَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قَالَ الله تَعَالَى أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ 10 - وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله تَعَالَى قَالَ أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ إِن ظن خيرا فَلهُ وَإِن ظن شرا فَلهُ 11 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن شِئْتُم أنبأتكم مَا أول مَا يَقُول الله تَعَالَى للْمُؤْمِنين يَوْم الْقِيَامَة وَمَا أول مَا يَقُولُونَ لَهُ قُلْنَا نعم يَا رَسُول الله قَالَ فَإِن الله يَقُول للْمُؤْمِنين هَل أَحْبَبْتُم لقائي فَيَقُولُونَ نعم يَا رَبنَا فَيَقُول لم فَيَقُولُونَ رجونا عفوك ومغفرتك فَيَقُول قد وَجَبت لكم مغفرتي 12 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن عقبَة بن مُسلم قَالَ مَا من خصْلَة فِي العَبْد أحب إِلَى الله من أَن يحب لقاءه 13 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وإبن عَسَاكِر عَن أبي غَالب صَاحب أبي أُمَامَة قَالَ كنت بِالشَّام فَنزلت على رجل من قيس من خِيَار النَّاس وَله ابْن أَخ مُخَالف لَهُ يَأْمُرهُ وينهاه ويضربه فَلَا يطيعه فَمَرض الْفَتى فَبعث إِلَى عَمه فَأبى أَن يَأْتِيهِ فَأَتَيْته أَنا بِهِ حَتَّى أدخلته عَلَيْهِ فَأقبل عَلَيْهِ يشتمه وَيَقُول أَي عَدو الله ألم تفعل كَذَا قَالَ أَرَأَيْت أَي عَم لَو أَن الله دفعني إِلَى والدتي مَا كَانَت صانعة بِي قَالَ كَانَت وَالله تدخلك الْجنَّة قَالَ فوَاللَّه لله أرْحم بِي من والدتي فَقبض الْفَتى وَدَفنه عَمه فَلَمَّا سوي اللَّبن سَقَطت مِنْهُ لبنة فَوَثَبَ عَمه فَتَأَخر قلت مَا شَأْنك قَالَ ملىء قَبره نورا وفسح لَهُ مد الْبَصَر 14 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن حميد قَالَ كَانَ لي ابْن أُخْت مرهق فَمَرض فَأرْسلت إِلَيّ أمه فأتيتها فَإِذا هِيَ عِنْد رَأسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 تبْكي فَقَالَ يَا خَال مَا يبكيها قلت مَا تعلم مِنْك قَالَ أَلَيْسَ إِنَّمَا ترحمني قلت بلَى قَالَ فَإِن الله أرْحم بِي مِنْهَا فَلَمَّا مَاتَ أنزلته الْقَبْر مَعَ غَيْرِي فَذَهَبت أسوي لبنة فاطلعت فِي اللَّحْد فَإِذا هُوَ مد بَصرِي فَقلت لصاحبي وَأَنت مَا رَأَيْت مَا رَأَيْت قَالَ نعم فليهنك ذَاك قَالَ فَظَنَنْت أَنه بِالْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا 9 - بَاب نَذِير الْمَوْت 1 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ ورد فِي الْخَبَر أَن بعض الْأَنْبِيَاء قَالَ لملك الْمَوْت أما لَك رَسُول تقدمه بَين يَديك ليَكُون النَّاس على حذر مِنْك قَالَ نعم لي وَالله رسل كَثِيرَة من الإعلال والأمراض والشيب والهرم وتغيير السّمع وَالْبَصَر فَإِذا لم يتَذَكَّر من نزل بِهِ ذَلِك وَلم يتب ناديته إِذا قَبضته ألم أقدم إِلَيْك رَسُولا بعد رَسُول وَنَذِيرا بعد نَذِير فَأَنا الرَّسُول الَّذِي لَيْسَ بعدِي رَسُول وَأَنا النذير الَّذِي لَيْسَ بعدِي نَذِير 2 - أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ مَا من مرض يمرضه العَبْد إِلَّا رَسُول ملك الْمَوْت عِنْده حَتَّى إِذا كَانَ آخر مرض يمرضه العَبْد أَتَاهُ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ أَتَاك رَسُول بعد رَسُول ونذير بعد نَذِير فَلم تعبأ بِهِ وَقد أَتَاك رَسُول يقطع أثرك من الدُّنْيَا 3 - وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أعذر الله إِلَى إمرىء أخر أَجله حَتَّى بلغه سِتِّينَ سنة أعذر فِي الْأَمر أَي بَالغ فِيهِ فَلم يتْرك لصَاحبه عذرا 10 - بَاب عَلامَة خَاتِمَة الْخَيْر 1 - أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا إستعمله فَقيل كَيفَ يَسْتَعْمِلهُ يَا رَسُول الله قَالَ يوفقه لعمل صَالح قبل الْمَوْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 2 - وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن الْحمق قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أحب الله عبدا عسله قَالُوا وَمَا عسله قَالَ يوفق لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي أَجله حَتَّى يرضى عَنهُ جِيرَانه 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا بعث إِلَيْهِ قبل مَوته بعام ملكا يسدده ويوفقه حَتَّى يَمُوت على خير أحايينه فَيَقُول النَّاس مَاتَ فلَان على خير أحايينه فَإِذا حضر وَرَأى مَا أعد لَهُ جعل يتهوع نَفسه من الْحِرْص على أَن تخرج فهناك أحب لِقَاء الله وَأحب الله لقاءه وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد شرا قيض لَهُ قبل مَوته بعام شَيْطَانا يضله ويغويه حَتَّى يَمُوت على شَرّ أحايينه فَيَقُول النَّاس قد مَاتَ فلَان على شَرّ أحايينه فَإِذا حضر وَرَأى مَا أعد لَهُ جعل يتبلع نَفسه كَرَاهِيَة أَن تخرج فهناك كره لِقَاء الله وَكره الله لقاءه قَالَ صَاحب الإفصاح فِي معنى هَذَا الحَدِيث إعلم أَن خُرُوج الرّوح عِنْد دُعَاء ملك الْمَوْت لَهُ من جنس دُعَاء حاوي الْحَيَّة من جحرها وَخُرُوج الجسمين عِنْد الدُّعَاء على حد سَوَاء فَأَما الْمُؤمن فيتهوع نَفسه أَي يَسْتَدْعِي إخْرَاجهَا إِذْ التهوع إِنَّمَا هُوَ إستدعاء الْقَيْء للبروز وَأما الْكَافِر فيتبلع روحه والتبلع رد الْجِسْم الَّذِي فِي الْفَم أَو يُرِيد الرُّجُوع إِلَى الْجوف إنتهى فَائِدَة قَالَ بعض الْعلمَاء الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة لسوء الخاتمة وَالْعِيَاذ بِاللَّه أَرْبَعَة التهاون بِالصَّلَاةِ وَشرب الْخمر وعقوق الْوَالِدين وأذى الْمُسلمين 11 - بَاب من دنا أَجله وكيفيه الْمَوْت وشدته قَالَ الله تَعَالَى {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 ) الْآيَة وَقَالَ {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} الْآيَات وَقَالَ {كلا إِذا بلغت التراقي وَقيل من راق} الْآيَات 1 - أخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت بَين يَدَيْهِ ركوة أَو علبة فِيهَا مَاء فَجعل يدْخل يَده فِي المَاء فيمسح بهَا وَجهه وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله إِن للْمَوْت سَكَرَات 2 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت مَا أغبط أحدا بهون موت بعد الَّذِي رَأَيْت من شدَّة موت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْهون بِفَتْح الْهَاء الرِّفْق 3 - وَأخرج البُخَارِيّ عَنْهَا قَالَ لَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحد أبدا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 4 - وَأخرج عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ يعالج من كرب الْمَوْت لَو لم يعْمل إِبْنِ آدم إِلَّا لهَذَا لَكَانَ نوله أَن يعْمل 5 - وَأخرج عَن لُقْمَان الْحَنَفِيّ ويوسف بن يَعْقُوب الْحَنَفِيّ قَالَا بلغنَا أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لما أَتَاهُ البشير قَالَ لَهُ مَا أَدْرِي مَا أَتَيْتُك الْيَوْم إِلَّا أَنه يهون الله عَلَيْك سكرة الْمَوْت 6 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو نعيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن نفس الْمُؤمن تخرج رشحا وَإِن نفس الْكَافِر تسل كَمَا تسل نفس الْحمار وَإِن الْمُؤمن ليعْمَل الْخَطِيئَة فيشدد بهَا عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليكفر بهَا عَنهُ وَإِن الْكَافِر ليعْمَل الْحَسَنَة فيسهل عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليجزى بهَا 7 - وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن وهيب بن الْورْد يَقُول الله تَعَالَى إِنِّي لَا أخرج أحدا من الدُّنْيَا وَأَنا أُرِيد أَن أرحمه حَتَّى أوفيه بِكُل خَطِيئَة كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 عَملهَا سقما فِي جسده ومصيبة فِي أَهله وضيقا فِي معاشه وإقتارا فِي رزقه حَتَّى أبلغ مِنْهُ مَثَاقِيل الذَّر فَإِن بَقِي عَلَيْهِ شَيْء شددت عَلَيْهِ الْمَوْت حَتَّى يُفْضِي إِلَيّ كَيَوْم وَلدته أمه وَعِزَّتِي لَا أخرج عبدا من الدُّنْيَا وَأَنا أُرِيد أَن أعذبه حَتَّى أوفيه بِكُل حَسَنَة عَملهَا صِحَة فِي جسده وسعة فِي رزقه ورغدا فِي عيشه وَأمنا فِي سربه حَتَّى أبلغ مِنْهُ مَثَاقِيل الذَّر فَإِن بَقِي لَهُ شَيْء هونت عَلَيْهِ الْمَوْت حَتَّى يُفْضِي إِلَيّ وَلَيْسَ لَهُ حَسَنَة يَتَّقِي بهَا النَّار قَالَ فِي الصِّحَاح فلَان آمن فِي سربه بِالْكَسْرِ أَي فِي نَفسه 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن زيد بن أسلم قَالَ إِذا بَقِي على الْمُؤمن من ذنُوبه شَيْء لم يبلغهُ بِعَمَلِهِ شدد عَلَيْهِ من الْمَوْت ليبلغ بسكرات الْمَوْت وشدائده دَرَجَته من الْجنَّة وَإِن الْكَافِر إِذا كَانَ قد عمل مَعْرُوفا فِي الدُّنْيَا هون عَلَيْهِ الْمَوْت ليستكمل ثَوَاب معروفه فِي الدُّنْيَا ثمَّ يصير إِلَى النَّار 9 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمن ليؤجر فِي كل شَيْء حَتَّى فِي الكظ عِنْد الْمَوْت 10 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وإبن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن بُرَيْدَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُؤمن يَمُوت بعرق الجبين 11 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إرقبوا الْمَيِّت عِنْد مَوته ثَلَاثًا فَأَما إِن رشحت جَبينه وذرفت عَيناهُ وانتشر منخراه فَهِيَ رَحْمَة من الله تَعَالَى قد نزلت بِهِ وَإِن غط غطيط الْبكر المخنوق وخمد لَونه وأزبد شدقاه فَهُوَ عَذَاب من الله تَعَالَى قد حل بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الإنتشار الإنتفاخ وذرفت بِمُعْجَمَة وَرَاء مَفْتُوحَة سَالَتْ والغط ترديد الصَّوْت حَيْثُ لَا يجد مساغا وَالْبكْر من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْفَتى من النَّاس 12 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمُؤمن يبْقى عَلَيْهِ خَطَايَا من خطاياه يجازى بهَا عِنْد الْمَوْت فيعرق لذَلِك جَبينه 13 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَلْقَمَة بن قيس أَنه حضر ابْن عَم لَهُ وَقد حَضرته الْوَفَاة فَمسح جَبينه فَإِذا هُوَ يرشح فَقَالَ الله أكبر حَدثنِي إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ موت الْمُؤمن برشح الجبين وَمَا من مُؤمن إِلَّا لَهُ ذنُوب يكافأ بهَا فِي الدُّنْيَا وَيبقى عَلَيْهِ بَقِيَّة يشدد بهَا عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت قَالَ عبد الله وَلَا أحب موتا كموت الْحمار 14 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة أَنه حضر ابْن أَخ لَهُ لما حضر فَجعل يعرق جَبينه فَضَحِك فَقيل لَهُ مَا يضحكك قَالَ سَمِعت إِبْنِ مَسْعُود يَقُول إِن نفس الْمُؤمن تخرج رشحا وَإِن نفس الْكَافِر أَو الْفَاجِر تخرج من شدقه كَمَا تخرج نفس الْحمار وَإِن الْمُؤمن ليَكُون قد عمل السَّيئَة فيشدد عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليكفر بهَا وَإِن الْكَافِر أَو الْفَاجِر ليَكُون قد عمل الْحَسَنَة فيهون عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ليكفر بهَا 15 - وَأخرج الْمروزِي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ قَالَ عَلْقَمَة للأسود إحضرني فلقني لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن عرق جبيني فبشرني 16 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن سُفْيَان قَالَ كَانُوا يستحبون الْعرق للْمَيت قَالَ بعض الْعلمَاء إِنَّمَا يعرق جَبينه حَيَاء من ربه لما اقْتَرَف من مُخَالفَته لِأَن مَا سفل مِنْهُ قد مَاتَ وَإِنَّمَا بقيت قوى الْحَيَاة وحركاتها فِيمَا علا وَالْحيَاء فِي الْعَينَيْنِ وَالْكَافِر فِي عمى عَن هَذَا كُله والموحد المعذب فِي شغل عَن هَذَا بِالْعَذَابِ الَّذِي قد حل بِهِ 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل فَإِنَّهُ كَانَ فيهم أَعَاجِيب ثمَّ أنشأ يحدثنا قَالَ خرجت طَائِفَة مِنْهُم فَأتوا مَقْبرَة من مقابرهم فَقَالُوا لَو صلينَا رَكْعَتَيْنِ ودعونا الله تَعَالَى ليخرج بعض الْأَمْوَات يخبرنا عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 الْمَوْت فَفَعَلُوا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ طلع رجل أسود اللَّوْن بَين عَيْنَيْهِ أثر السُّجُود فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ مَا أردتم إِلَيّ لقد مت مُنْذُ مائَة سنة فَمَا سكنت عني حرارة الْمَوْت حَتَّى الْآن فَادعوا الله أَن يُعِيدنِي كَمَا كنت 18 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عُمَيْر بن حبيب أَن رجلَيْنِ من بني إِسْرَائِيل عبدا حَتَّى سئما الْعِبَادَة فَقَالُوا لَو خرجنَا إِلَى الْقُبُور فجاورناها لَعَلَّنَا أَن نراجع فجاورا الْقُبُور فعبدا الله فنشر لَهما ميت فَقَالَ لَهما لقد مت مُنْذُ ثَمَانِينَ سنة وَإِنِّي لأجد ألم الْمَوْت بعد 19 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب قَالَ لَا يذهب عَن الْمَيِّت الم الْمَوْت مَا دَامَ فِي قَبره وَإنَّهُ لأشد مَا يمر على الْمُؤمن وأهون مَا يُصِيب الْكَافِر 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ بلغنَا أَن الْمُؤمن يجد ألم الْمَوْت حَتَّى يبْعَث من قَبره 21 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر ألم الْمَوْت وغصته فَقَالَ هُوَ كَقدْر ثَلَاثمِائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ 22 - وَأخرج عَن الضَّحَّاك بن حَمْزَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَوْت فَقَالَ أدنى جبذات الْمَوْت بِمَنْزِلَة مائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ 23 - وَأخرج الْخَطِيب فِي التَّارِيخ عَن أنس مَرْفُوعا لمعالجة ملك الْمَوْت أَشد من ألف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ 24 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لِأَلف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ أَهْون من موت على فرَاش 25 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كِتَابه العظمة عَن الْحسن قَالَ قيل لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ كسفود دَاخل جوفي لَهُ شعب كَثِيرَة تعلق كل شُعْبَة مِنْهُ بعرق من عروقي ثمَّ انتزع من جوفي نزعا شَدِيدا فَقيل لَهُ لقد هونا عَلَيْك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 26 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي إِسْحَاق قَالَ قيل لمُوسَى كَيفَ وجدت طعم الْمَوْت قَالَ كسفود أَدخل فِي جزة صوف فامتلخ قَالَ يَا مُوسَى لقد هونا عَلَيْك 27 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن ابْن أبي مليكَة أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لما لَقِي الله قيل لَهُ كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ وجدت نَفسِي كَأَنَّمَا تنْزع بالسلى قيل لَهُ قد يسرنَا عَلَيْك الْمَوْت 28 - وَرُوِيَ أَن مُوسَى لما صَارَت روحه إِلَى الله تَعَالَى قَالَ لَهُ ربه يَا مُوسَى كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ وجدت نَفسِي كالعصفور الْحَيّ حِين يقلى على المقلاة لَا يَمُوت فيستريح وَلَا ينجو فيطير وروى عَنهُ قَالَ وجدت نَفسِي كشاة تسلخ بيد القصاب 29 - وَأخرج عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَلَائِكَة تكتنف العَبْد وتحبسه لَوْلَا ذَلِك لَكَانَ يعدو فِي الصَّحَارِي والبراري من شدَّة سَكَرَات الْمَوْت قَالَ فِي الصِّحَاح إكتنفوا أحاطوا بِهِ 30 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن الفضيل بن عِيَاض أَنه قيل لَهُ مَا بَال الْمَيِّت تنْزع نَفسه وَهُوَ سَاكِت وإبن آدم يضطرب من القرصة قَالَ إِن الْمَلَائِكَة توثقه 31 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَوْت وشدته فَقَالَ إِن أَهْون الْمَوْت بِمَنْزِلَة حسكة كَانَت فِي صوف فَهَل تخرج الحسكة من الصُّوف إِلَّا وَمَعَهَا صوف 32 - وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن ميسرَة رَفعه قَالَ لَو أَن قَطْرَة من ألم الْمَوْت وضعت على أهل السَّمَاء وَالْأَرْض لماتوا جَمِيعًا وَإِن فِي الْقِيَامَة سَاعَة تضعف على شدَّة الْمَوْت سبعين ضعفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 33 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يسَاف قَالَ لما أحتضر عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لَهُ إبنه يَا أبتاه إِنَّك كنت تَقول لَيْتَني ألْقى رجلا عَاقِلا عِنْد نزُول الْمَوْت حَتَّى يصف لي مَا يجده وَأَنت ذَلِك الرجل فَصف لي الْمَوْت قَالَ يَا بني وَالله لكأن جَنْبي فِي تخت وَكَأَنِّي أتنفس من سم إبره وَكَأن غُصْن شوك يجر بِهِ من قدمي إِلَى هامتي 34 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن عوَانَة بن الحكم قَالَ كَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول عجبا لمن نزل بِهِ الْمَوْت وعقله مَعَه كَيفَ لَا يصفه فَلَمَّا نزل بِهِ قَالَ لَهُ إبنه عبد الله يَا أَبَت إِنَّك كنت تَقول عجبا لمن نزل بِهِ الْمَوْت وعقله مَعَه كَيفَ لَا يصفه فَصف لنا الْمَوْت قَالَ يَا بني الْمَوْت أجل من أَن يُوصف وَلَكِن سأصف لَك مِنْهُ شَيْئا أجدني كَأَن على عنقِي جبال رضوى وأجدني كَأَن فِي جوفي شوك السلاء وأجدني كَأَن روحي تخرج من ثقب إبرة 35 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن أبي مليكَة أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لكعب أَخْبرنِي عَن الْمَوْت قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ مثل شَجَرَة كَثِيرَة الشوك فِي جَوف إِبْنِ آدم فَلَيْسَ مِنْهُ عرق وَلَا مفصل إِلَّا فِيهِ شَوْكَة وَرجل شَدِيد الذراعين فَهُوَ يعالجها وينزعها وَلَفظ إِبْنِ أبي شيبَة كغصن كثير الشوك أَدخل فِي جَوف رجل فَأخذت كل شَوْكَة بعرق ثمَّ جذبه رجل شَدِيد الجذب فَأخذ مَا أَخذ وَأبقى مَا أبقى 36 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن شَدَّاد بن أَوْس الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْمَوْت أفظع هول فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة على الْمُؤمنِينَ وَالْمَوْت أَشد من نشر بالمناشير وقرض بِالْمَقَارِيضِ وغلي فِي الْقُدُور وَلَو أَن الْمَيِّت نشر فَأخْبر أهل الدُّنْيَا بألم الْمَوْت مَا انتفعوا بعيش وَلَا لذوا بنوم وَأخرج عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ الْمَوْت أَشد من ضرب بِالسَّيْفِ وَنشر بالمناشير وغلي فِي الْقُدُور وَلَو أَن ألم عرق من عروق الْمَيِّت قسم على أهل الأَرْض لأوسعهم ألما ثمَّ هُوَ أول شدَّة يلقاها الْكَافِر وَآخر شدَّة يلقاها الْمُؤمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 38 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أحضروا مَوْتَاكُم ولقنوهم لَا إِلَه إِلَّا الله وبشروهم بِالْجنَّةِ فَإِن الْحَلِيم من الرِّجَال وَالنِّسَاء يتحير عِنْد ذَلِك المصرع وَإِن الشَّيْطَان أقرب مَا يكون من إِبْنِ آدم عِنْد ذَلِك المصرع وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لمعاينة ملك الْمَوْت أَشد من ألف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تخرج نفس عبد من الدُّنْيَا حَتَّى يتألم كل عرق مِنْهُ على حياله وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا نَحوه عَن أبي حُسَيْن البرجمي رَفعه 39 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن طعمة بن غيلَان الْجعْفِيّ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنَّك تَأْخُذ الرّوح من بَين العصب والقصب والأنامل اللَّهُمَّ أَعنِي على الْمَوْت وهونه عَلَيْهِ 40 - وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده بِسَنَد جيد عَن عَطاء بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ معالجة ملك الْمَوْت أَشد من ألف ضَرْبَة بِالسَّيْفِ وَمَا من مُؤمن يَمُوت إِلَّا وكل عرق مِنْهُ يألم على حِدة وَأقرب مَا يكون عَدو الله مِنْهُ تِلْكَ السَّاعَة 41 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبيد بن عُمَيْر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاد مَرِيضا فَقَالَ مَا مِنْهُ عرق إِلَّا وَهُوَ يألم مِنْهُ غير أَنه قد أَتَاهُ آتٍ من ربه فبشره أَن لَيْسَ بعده عَذَاب 42 - وَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل من أَصْحَابه وَهُوَ مَرِيض قَالَ كَيفَ تجدك قَالَ أجدني رَاغِبًا رَاهِبًا قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَجْتَمِعَانِ لأحد عِنْد هَذِه الْحَالة إِلَّا أعطَاهُ الله مَا رجا وأمنه مِمَّا يخَاف 43 - وَأخرج أَحْمد عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ آخر شدَّة يلقاها الْمُؤمن الْمَوْت 44 - وَأخرج أَبُو نعيم والمروزي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ مَا أحب أَن يهون عَليّ سَكَرَات الْمَوْت لِأَنَّهُ آخر مَا يُؤجر بِهِ الْمُسلم 45 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ لم يلق إِبْنِ آدم شدَّة قطّ مُنْذُ خلقه الله أَشد عَلَيْهِ من الْمَوْت الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 46 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ إِن أَشد مَا يلقى من أَمر الْآخِرَة الْمَوْت 47 - وَأخرج عَن زيد بن أسلم أَن رجلا قَالَ لكعب الْأَحْبَار مَا الدَّاء الَّذِي لَا دَوَاء لَهُ قَالَ الْمَوْت قَالَ زيد بن أسلم إِن الْمَوْت دَاء ودواؤه رضوَان الله 48 - وَأخرج الْقشيرِي فِي الرسَالَة وَأَبُو الْفضل الطوسي فِي عُيُون الْأَخْبَار والديلمي من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن هدبة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن العَبْد ليعالج كرب الْمَوْت وسكرات الْمَوْت وَإِن مفاصله ليسلم بَعْضهَا على بعض تَقول السَّلَام عَلَيْك تُفَارِقنِي وأفارقك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 49 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ أَشد مَا يكون من الْمَوْت على العَبْد إِذا بلغت الرّوح التراقي فَعِنْدَ ذَلِك يضطرب ويعلو أنفسه قلت قد إختص الشَّهِيد بِأَن لَا يجد من ألم الْمَوْت مَا يجده غَيره 50 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الشَّهِيد لَا يجد ألم الْقَتْل إِلَّا كَمَا يجد أحدكُم ألم مس القرصة 51 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ بَلغنِي أَن آخر من يَمُوت ملك الْمَوْت يُقَال لَهُ يَا ملك الْمَوْت مت فيصرخ عِنْد ذَلِك صرخة لَو سَمعهَا أهل السَّمَوَات وَأهل الأَرْض لماتوا فَزعًا ثمَّ يَمُوت 52 - وَأخرج عَن زِيَاد النميري قَالَ قَرَأت فِي بعض الْكتب أَن الْمَوْت أَشد على ملك الْمَوْت مِنْهُ على جَمِيع الْخلق تَنْبِيه قَالَ الْقُرْطُبِيّ لتشديد الْمَوْت على الْأَنْبِيَاء فَائِدَتَانِ إِحْدَاهمَا تَكْمِيل فضائلهم وَرفع درجاتهم وَلَيْسَ ذَلِك نقصا وَلَا عذَابا بل هُوَ كَمَا جَاءَ أَن أَشد النَّاس بلَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ الأمثل فالأمثل وَالثَّانيَِة أَن يعرف الْخلق مِقْدَار ألم الْمَوْت وَأَنه بَاطِن وَقد يطلع الْإِنْسَان على بعض الْمَوْتَى فَلَا يرى عَلَيْهِ حَرَكَة وَلَا قلقا وَيرى سهولة خُرُوج روحه فيظن الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 سهولة أَمر الْمَوْت وَلَا يعرف مَا الْمَيِّت فِيهِ فَلَمَّا ذكر الْأَنْبِيَاء الصادقون فِي خبرهم شدَّة ألمه مَعَ كرامتهم على الله تَعَالَى قطع الْخلق بِشدَّة الْمَوْت الَّذِي يقاسيه الْمَيِّت مُطلقًا لإخبار الصَّادِقين عَنهُ مَا خلا الشَّهِيد قَتِيل الْكفَّار على مَا ثَبت فِي الحَدِيث إنتهى فَائِدَة 53 - ذكر جمَاعَة من الْعلمَاء أَن السِّوَاك يسهل خُرُوج الرّوح وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي الصَّحِيح فِي قصَّة سواك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مَوته فَائِدَة 54 - أخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ لَا يزَال أحدكُم حَدِيث عهد بِعَمَل صَالح فَإِنَّهُ أَهْون عَلَيْهِ حِين ينزل بِهِ الْمَوْت أَو يتَذَكَّر عملا صَالحا قدمه فَائِدَة 55 - أخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة} قَالَ الْحَيَاة فرس جِبْرِيل وَالْمَوْت كَبْش أَمْلَح وَقَالَ مقَاتل والكلبي خلق الْمَوْت فِي صُورَة كَبْش لَا يمر على أحد إِلَّا مَاتَ وَخلق الْحَيَاة فِي صُورَة فرس لَا تمر على شَيْء إِلَّا حييّ 56 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن حبَان فِي كتاب العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ خلق الله الْمَوْت كَبْشًا أَمْلَح مستترا بسواد وَبَيَاض لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة جنَاح تَحت الْعَرْش وَجَنَاح فِي الثرى وَجَنَاح فِي الْمشرق وَجَنَاح فِي الْمغرب قَالَ لَهُ كن فَكَانَ ثمَّ قَالَ لَهُ ابرز فبرز الْمَوْت لعزرائيل وبهذه الْآثَار عرف أَن الْمَوْت جسم خلق فِي صُورَة كَبْش لَا عرض واتضح بِمَا ورد فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ يجاء بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يُقَال هَل تعرفُون هَذَا فَيَقُولُونَ نعم وكل قد الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 رَآهُ هَذَا الْمَوْت فَيذْبَح وَزَاد أَبُو يعلى فِي رِوَايَة عَن أنس كَمَا تذبح الشَّاة فَائِدَة 57 - أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن موت الْفجأَة أيكره قَالَت لأي شَيْء يكره سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ رَاحَة لِلْمُؤمنِ وَأخذ أَسف لِلْفَاجِرِ 12 - بَاب مَا يَقُوله الْإِنْسَان فِي مرض الْمَوْت وَمَا يقْرَأ عِنْده وَمَا يُقَال إِذا احْتضرَ وتلقينه وَمَا يُقَال إِذا مَاتَ وغمض عَيناهُ 1 - أخرج أَحْمد وإبن أبي الدُّنْيَا والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من ميت يقْرَأ عِنْد رَأسه يس إِلَّا هون الله عَلَيْهِ 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان عَن معقل بن يسَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اقرؤوا على مَوْتَاكُم يس قَالَ ابْن حبَان أَرَادَ بِهِ من حَضْرَة الْمَوْت لِأَن الْمَوْت لَا يقْرَأ عَلَيْهِ 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن جَابر بن زيد قَالَ كَمَا يسْتَحبّ إِذا حضر الْمَيِّت أَن يقْرَأ عِنْده سُورَة الرَّعْد فَإِن ذَلِك يُخَفف عَن الْمَيِّت وَأَنه أَهْون لقبضه وأيسر لشأنه وَكَانَ يُقَال قبل أَن يَمُوت الْمَيِّت بساعة فِي حَيَاة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إغفر لفُلَان بن فلَان وَبرد عَلَيْهِ مضجعه ووسع عَلَيْهِ قَبره وأعطه الرَّاحَة بعد الْمَوْت وألحقه بِنَبِيِّهِ وتول نَفسه وَصعد روحه فِي أَرْوَاح الصَّالِحين واجمع بَيْننَا وَبَينه فِي دَار تبقى فِيهَا الصِّحَّة وَيذْهب عَنَّا فِيهَا النصب والتعب وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويكرر ذَلِك حَتَّى يقبض 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والمروزي عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت الْأَنْصَار يقرؤون عِنْد الْمَيِّت سُورَة الْبَقَرَة الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 5 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ مخرجا من شُبُهَات الدُّنْيَا وَمن الكرب عِنْد الْمَوْت وَمن مَوَاقِف يَوْم الْقِيَامَة 6 - وَأخرج مُسلم عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ ابْن حبَان وَغَيره أَرَادَ بِهِ من حَضْرَة الْمَوْت 7 - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة 8 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن إِبْنِ عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إفتحوا على صِبْيَانكُمْ أول كلمة بِلَا إِلَه إِلَّا الله ولقنوهم عِنْد الْمَوْت لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهُ من كَانَ أول كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَآخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ عَاشَ ألف سنة مَا سُئِلَ عَن ذَنْب وَاحِد قَالَ الْبَيْهَقِيّ خبر غَرِيب لم نَكْتُبهُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد 9 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي فِي أَمَالِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا إِذا ثقلت مرضاكم فَلَا تملوهم قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَكِن لقنوهم فَإِنَّهُ لم يخْتم بِهِ لمنافق قطّ 10 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن هَا هُنَا غُلَاما قد أحتضر فَيُقَال لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَلَا يَسْتَطِيع أَن يَقُولهَا فَقَالَ أَلَيْسَ كَانَ يَقُولهَا فِي حَيَاته قَالُوا بلَى قَالَ فَمَا مَنعه مِنْهَا عِنْد مَوته فَنَهَضَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونهضنا مَعَه حَتَّى أَتَى الْغُلَام فَقَالَ يَا غُلَام قل لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ لَا أَسْتَطِيع أَن أقولها قَالَ وَلم قَالَ لعقوقي والدتي قَالَ أحية هِيَ قَالَ نعم قَالَ أرْسلُوا إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبنك هُوَ قَالَت نعم قَالَ أَرَأَيْت لَو أَن نَارا أججت فَقيل لَك إِن لم تشفعي فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 دفناه فِي هَذِه النَّار فَقَالَت إِذا كنت أشفع لَهُ قَالَ فأشهدي الله وأشهدينا بأنك قد رضيت عَنهُ فَقَالَت قد رضيت عَن إبني فَقَالَ يَا غُلَام قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَمد لله الَّذِي أنقذه بِي من النَّار 11 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن الْمحَاربي قَالَ حضرت رجلا الْوَفَاة فَقيل لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ لَا أقدر كنت أصحب قوما يأمرونني بشتم أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا 12 - وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن طَلْحَة وَعمر قَالَا سمعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا رجل يحضرهُ الْمَوْت إِلَّا وجد روحه لَهَا رَاحَة حِين تخرج من جسده وَكَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَفِي لفظ إِلَّا نفس الله عَنهُ وأشرق لَهَا لَونه وَرَأى مَا يسره لَا إِلَه إِلَّا الله 13 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حضر ملك الْمَوْت رجلا يَمُوت فشق أعضاءه فَلم يجده عمل خيرا ثمَّ شقّ قلبه فَلم يجد فِيهِ خيرا ففك لحييْهِ فَوجدَ طرف لِسَانه لاصقا بحنكه يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فغفر لَهُ بِكَلِمَة الْإِخْلَاص 14 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن فرقد السنجي قَالَ إِذا حضر العَبْد الْوَفَاة قَالَ الْملك صَاحب الشمَال لصَاحب الْيَمين خفف فَيَقُول صَاحب الْيَمين لَا أخفف لَعَلَّه أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فأكتبها 15 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا من قَالَ عِنْد مَوته لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم لَا تطعمه النَّار أبدا 16 - وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَل أدلكم على إسم الله الْأَعْظَم دُعَاء يُونُس {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} فأيما مُسلم دَعَا بهَا فِي مرض مَوته أَرْبَعِينَ مرّة فَمَاتَ فِي مرضة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 ذَلِك أعطي أجر شَهِيد وَإِن برأَ برأَ وَقد غفر لَهُ جَمِيع ذنُوبه 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَرَض وَالْكَفَّارَات وَابْن منيع فِي مُسْنده من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا يَا أَبَا هُرَيْرَة أَلا أخْبرك بِأَمْر هُوَ حق من تكلم بِهِ فِي أول مضجعه من مَرضه نجاه الله من النَّار قلت بلَى قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت وَسُبْحَان الله رب الْعباد والبلاد وَالْحَمْد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ على كل حَال وَالله أكبر كبرياؤه وجلاله وَقدرته بِكُل مَكَان اللَّهُمَّ إِن كنت أمرضتني لتقبض روحي فِي مرضِي هَذَا فَاجْعَلْ روحي فِي أَرْوَاح من سبقت لَهُم مِنْك الْحسنى وأعذني من النَّار كَمَا أعذت أُولَئِكَ الَّذين سبقت لَهُم مِنْك الْحسنى فَإِن مت فِي مرضك ذَلِك فَإلَى رضوَان الله وَالْجنَّة وَإِن كنت قد إقترفت ذنوبا تَابَ الله عَلَيْك 18 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلِمَات من قالهن عِنْد وَفَاته دخل الْجنَّة لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم ثَلَاث مَرَّات الْحَمد لله رب الْعَالمين ثَلَاث مَرَّات تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير 19 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفعهُ إِن الْمُؤمن عِنْدِي بِمَنْزِلَة كل خير يحمدني وَأَنا أنزع نَفسه من بَين جَنْبَيْهِ 20 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمن تخرج نَفسه من بَين جَنْبَيْهِ وَهُوَ يحمد الله عز وَجل 21 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه والمروزي وَمُسلم وإبن أبي شيبَة عَن أم الْحسن قَالَت كنت عِنْد أم سَلمَة فَجَاءَهَا إِنْسَان فَقَالَ فلَان بِالْمَوْتِ فَقَالَت إنطلق فَإِذا رَأَيْته أحتضر فَقل سَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين 22 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكرَة قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي سَلمَة وَهُوَ فِي الْمَوْت فَلَمَّا شقّ بَصَره مد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 فأغمضه فَلَمَّا أغمضه صَاح أهل الْبَيْت فسكتهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ إِن النَّفس إِذا خرجت يتبعهَا الْبَصَر وَإِن الْمَلَائِكَة تحضر الْمَيِّت فيؤمنون على مَا يَقُول أهل الْبَيْت ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إرفع دَرَجَة أبي سَلمَة فِي المهديين واخلفه فِي عقبه فِي الغابرين وإغفر لنا وَله يَوْم الدّين 23 - وَأخرج الْحَاكِم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حضرتم الْمَيِّت فأغمضوا الْبَصَر فَإِن الْبَصَر يتبع الرّوح وَقُولُوا خيرا فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن على دُعَاء أهل الْبَيْت 24 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ لي إِبْنِ عَبَّاس لَا تنامن إِلَّا على وضوء فَإِن الْأَرْوَاح تبْعَث على مَا قبضت عَلَيْهِ 25 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَتَاهُ ملك الْمَوْت وَهُوَ على وضوء أعطي الشَّهَادَة 26 - وَأخرج الْمروزِي عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ إِذا غمضت مَيتا فَقل بِسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 13 - بَاب مَا جَاءَ فِي ملك الْمَوْت وأعوانه قَالَ الله تَعَالَى {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم} وَقَالَ الله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} 1 - أخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {توفته رسلنَا} قَالَ أعوان ملك الْمَوْت من الْمَلَائِكَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي تَفْسِيره عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مثله وَزَاد ثمَّ يقبضهَا ملك الْمَوْت مِنْهُم بعد 2 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 الْمَلَائِكَة الَّذين يأْتونَ النَّاس هم الَّذين يتوفونهم ويكتبون لَهُم آجالهم فَإِذا توفوا النَّفس دفعوها إِلَى ملك الْمَوْت وَهُوَ كالعاقب يَعْنِي العشار الَّذِي يُؤَدِّي إِلَيْهِ من تَحْتَهُ 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما أَرَادَ الله أَن يخلق آدم بعث ملكا من حَملَة الْعَرْش يَأْتِي بِتُرَاب من الأَرْض فَلَمَّا هوى ليَأْخُذ قَالَت الأَرْض أَسأَلك بِالَّذِي أرسلك أَن لَا تَأْخُذ الْيَوْم مني شَيْئا يكون للنار فِيهِ نصيب غَدا فَتَركهَا فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى ربه قَالَ مَا مَنعك أَن تَأتي بِمَا أَمرتك قَالَ سَأَلتنِي بك فعظمت أَن أرد شَيْئا سَأَلَني بك فَأرْسل آخر فَقَالَ مثل ذَلِك حَتَّى أرسلهم كلهم فَأرْسل ملك الْمَوْت فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ إِن الَّذِي أَرْسلنِي أَحَق بِالطَّاعَةِ مِنْك فَأخذ من وَجه الأَرْض كلهَا من طيبها وخبيثها فجَاء بِهِ إِلَى ربه فصب عَلَيْهِ من مَاء الْجنَّة فَصَارَ حمأ مسنونا فخلق مِنْهُ آدم 4 - وَأخرج أَبُو حُذَيْفَة إِسْحَاق بن بشر فِي كتاب الْمُبْتَدَأ عَن ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ نَحوه وسمى الْملك الْمُرْسل أَولا إسْرَافيل وَالثَّانِي مِيكَائِيل 5 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن إِبْنِ عَبَّاس وَعَن مرّة عَن إِبْنِ مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة وسمى الْمُرْسل أَولا جِبْرِيل وَالثَّانِي مِيكَائِيل 6 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر أَيْضا عَن يحيى بن خَالِد نَحوه وسمى الأول جِبْرِيل وَالثَّانِي مِيكَائِيل وَقَالَ فِي آخِره فَسَماهُ ملك الْمَوْت ووكله بِالْمَوْتِ 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن سابط قَالَ يدبر أَمر الدُّنْيَا أَرْبَعَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَملك الْمَوْت فَأَما جِبْرِيل فَصَاحب الْجنُود وَالرِّيح وَأما مِيكَائِيل فَصَاحب الْقطر والنبات وَأما ملك الْمَوْت فَهُوَ مُوكل بِقَبض الْأَنْفس وَأما إسْرَافيل فَهُوَ ينزل عَلَيْهِم بِالْأَمر وَفِي لفظ بِمَا يؤمرون 8 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حَيَّان فِي كتاب العظمة عَن الرّبيع بن أنس أَنه سُئِلَ عَن ملك الْمَوْت هَل هُوَ وَحده الَّذِي يقبض الْأَرْوَاح قَالَ هُوَ الَّذِي يَلِي أَمر الْأَرْوَاح وَله أعوان على ذَلِك غير أَن ملك الْمَوْت هُوَ الرئيس وكل خطْوَة مِنْهُ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الْمشرق إِلَى الْمغرب قلت أَيْن تكون أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ عِنْد السِّدْرَة 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله {فالمدبرات أمرا} قَالَ مَلَائِكَة مَعَ ملك الْمَوْت يحْضرُون الْمَوْتَى عِنْد قبض أَرْوَاحهم فَمنهمْ من يعرج بِالروحِ وَمِنْهُم من يُؤمن على الدُّعَاء وَمِنْهُم من يسْتَغْفر للْمَيت حَتَّى يصلى عَلَيْهِ ويدلى فِي حفرته 10 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَقيل من راق} قَالَ أعوان ملك الْمَوْت يَقُول بَعضهم لبَعض من يرقى بِرُوحِهِ من أَسْفَل قدمه إِلَى مَوضِع خُرُوج نَفسه 11 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو نعيم وإبن مَنْدَه كِلَاهُمَا فِي الصَّحَابَة من طَرِيق جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن الْحَارِث بن الْخَزْرَج عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَنظر إِلَى ملك الْمَوْت عِنْد رَأس رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت إرفق بصاحبي فَإِنَّهُ مُؤمن فَقَالَ ملك الْمَوْت طب نفسا وقر عينا وَاعْلَم أَنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق وَاعْلَم يَا مُحَمَّد أَنِّي لأقبض روح إِبْنِ آدم فَإِذا صرخَ صارخ قُمْت فِي الدَّار وَمَعِي روحه فَقلت مَا هَذَا الصَّارِخ وَالله مَا ظلمناه وَلَا سبقنَا أَجله وَلَا استعجلنا قدره وَمَا لنا فِي قَبضه من ذَنْب فَإِن ترضوا لما صنع الله تؤجروا وَإِن تسخطوا تأثموا وتوزروا وَإِن لنا عنْدكُمْ عودة بعد عودة فالحذر والحذر وَمَا من أهل بَيت شعر وَلَا مدر بر وَلَا فَاجر سهل وَلَا جبل إِلَّا أَنا أتصفحهم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة حَتَّى لأَنا أعرف بصغيرهم وَكَبِيرهمْ مِنْهُم بِأَنْفسِهِم وَالله لَو أردْت أَن أَقبض روح بعوضة مَا قدرت على ذَلِك حَتَّى يكون الله هُوَ يَأْذَن بقبضها قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد بَلغنِي أَنه إِنَّمَا يتصفحهم عِنْد مَوَاقِيت الصَّلَاة فَإِذا نظر عِنْد الْمَوْت فَإِن كَانَ مِمَّن يحافظ على الصَّلَوَات الْخمس دنا مِنْهُ الْملك وطرد عَنهُ الشَّيْطَان ويلقنه الْملك لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فِي ذَلِك الْحَال الْعَظِيم وَأخرجه إِبْنِ أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 أَبِيه مَرْفُوعا معضلا 12 - وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ مَا من يَوْم إِلَّا وَملك الْمَوْت يتصفح فِي كل بَيت ثَلَاث مَرَّات فَمن وجده مِنْهُم قد أستوفي رزقه وإنقضى أَجله قبض روحه فَإِذا قبض روحه أقبل أَهله برنة وبكاء فَيَأْخُذ ملك الْمَوْت بِعضَادَتَيْ الْبَاب فَيَقُول مَا لي إِلَيْكُم من ذَنْب وَإِنِّي لمأمور وَالله مَا أكلت لَهُ رزقا وَلَا أفنيت لَهُ عمرا وَلَا إنتقصت لَهُ أَََجَلًا إِن لي فِيكُم لعودة ثمَّ عودة حَتَّى لَا أُبْقِي مِنْكُم أحدا قَالَ الْحسن فوَاللَّه لَو يرَوْنَ مقَامه ويسمعون كَلَامه لذهلوا عَن ميتهم ولبكوا على أنفسهم 13 - وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن سليم بن عَطِيَّة قَالَ دخل سلمَان على صديق لَهُ يعودهُ وَهُوَ بِالْمَوْتِ فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت إرفق بِهِ فَإِنَّهُ مُؤمن فَتكلم الرجل وَقَالَ إِنَّه يَقُول إِنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق 14 - وَأخرج الزبير بن بكار وإبن عَسَاكِر من طرق عَن حميد بن مَيْمُون عَن أَبِيه قَالَ كنت فِيمَن حضر الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب بمنبج وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ وَلَقي من الْمَوْت شدَّة فَقَالَ رجل مِمَّن حضر وَهُوَ فِي غَشيته اللَّهُمَّ هون عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ سخيا وَكَانَ يثني عَلَيْهِ فأفاق فَقَالَ من الْمُتَكَلّم فَقَالُوا فلَان فَقَالَ فَإِن ملك الْمَوْت يَقُول لَك إِنِّي بِكُل مُؤمن سخي رَفِيق ثمَّ مَاتَ فِي الْحَال 15 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ بَيْنَمَا إِبْرَاهِيم صلوَات الله على نَبينَا وَعَلِيهِ يَوْمًا فِي دَاره إِذْ دخل عَلَيْهِ رجل حسن الشارة فَقَالَ يَا عبد الله من أدْخلك دَاري فَقَالَ أدخلنيها رَبهَا قَالَ رَبهَا أَحَق بهَا فَمن أَنْت قَالَ ملك الْمَوْت قَالَ لقد نعت لي مِنْك أَشْيَاء مَا أَرَاهَا فِيك قَالَ فَأَدْبَرَ فَأَدْبَرَ فَإِذا عُيُون مقبلة وعيون مُدبرَة وَإِذا كل شَعْرَة مِنْهُ كَأَنَّهَا السنان قَائِم فتعوذ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام من ذَلِك وَقَالَ عد إِلَى الصُّورَة الأولى قَالَ يَا إِبْرَاهِيم إِن الله إِذا بَعَثَنِي إِلَى من يحب لقاءه بَعَثَنِي فِي الصُّورَة الَّتِي رَأَيْت أَولا الشارة بشين مُعْجمَة وَرَاء خَفِيفَة الْهَيْئَة 16 - وَأخرج عَن وهب قَالَ إِن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي بَيته رجلا فَقَالَ من أَنْت قَالَ أَنا ملك الْمَوْت قَالَ إِبْرَاهِيم إِن كنت صَادِقا فأرني مِنْك آيَة أعرف أَنَّك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ملك الْمَوْت قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت أعرض بِوَجْهِك فَأَعْرض ثمَّ نظر فَأرَاهُ الصُّورَة الَّتِي يقبض بهَا الْمُؤمنِينَ قَالَ فَرَأى من النُّور والبهاء شَيْئا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله ثمَّ قَالَ أعرض بِوَجْهِك فَأَعْرض ثمَّ نظر فَأرَاهُ الصُّورَة الَّتِي يقبض بهَا الْكفَّار والفجار فرعب إِبْرَاهِيم رعْبًا شَدِيدا حَتَّى إرتعدت فرائصه وألصق بَطْنه بِالْأَرْضِ وكادت نَفسه أَن تخرج 17 - وَأخرج عَن إِبْنِ مَسْعُود وإبن عَبَّاس مَعًا قَالَا لما اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا سَأَلَ ملك الْمَوْت ربه أَن يَأْذَن لَهُ أَن يبشره بذلك فَأذن لَهُ فجَاء إِبْرَاهِيم فبشره فَقَالَ الْحَمد لله ثمَّ قَالَ يَا ملك الْمَوْت أَرِنِي كَيفَ تقبض أنفاس الْكفَّار قَالَ يَا إِبْرَاهِيم لَا تطِيق ذَلِك قَالَ بلَى قَالَ أعرض فَأَعْرض ثمَّ نظر فَإِذا بِرَجُل أسود تنَال رَأسه السَّمَاء يخرج من فِيهِ لَهب النَّار لَيْسَ من شَعْرَة فِي جسده إِلَّا فِي صُورَة رجل يخرج من فِيهِ ومسامعه لَهب النَّار فَغشيَ على إِبْرَاهِيم ثمَّ أَفَاق وَقد تحول ملك الْمَوْت فِي الصُّورَة الأولى فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت لَو لم يلق الْكَافِر من الْبلَاء والحزن إِلَّا صُورَتك لكفاه فأرني كَيفَ تقبض أنفاس الْمُؤمنِينَ قَالَ أعرض فَأَعْرض ثمَّ الْتفت فَإِذا هُوَ بِرَجُل شَاب أحسن النَّاس وَجها وأطيبهم ريحًا فِي ثِيَاب بيض فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت لَو لم ير الْمُؤمن عِنْد الْمَوْت من قُرَّة الْعين والكرامة إِلَّا صُورَتك هَذِه لَكَانَ يَكْفِيهِ 18 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ جعلت الأَرْض لملك الْمَوْت مثل الطست يتَنَاوَل من حَيْثُ شَاءَ وَجعل لَهُ أعوان يتوفون الْأَنْفس ثمَّ يقبضهَا مِنْهُم 19 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الحكم بن عتبَة قَالَ الدُّنْيَا بَين يَدي ملك الْمَوْت بِمَنْزِلَة الطست بَين يَدي الرجل 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَشْعَث بن أسلم قَالَ سَأَلَ إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ ملك الْمَوْت وإسمه عزرائيل وَله عينان فِي وَجهه وعينان فِي قَفاهُ فَقَالَ يَا ملك الْمَوْت مَاذَا تصنع إِذا كَانَت نفس بالمشرق وَنَفس بالمغرب وَوَقع الوباء وإلتقى الزحفان كَيفَ تصنع قَالَ أَدْعُو الْأَرْوَاح بِإِذن الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 فَتكون بَين أُصْبُعِي هَاتين قَالَ ودحيت لَهُ الأَرْض فَتركت مثل الطست يتَنَاوَل مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ 21 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لملك الْمَوْت مَا من نفس منفوسة إِلَّا وَأَنت تقبض روحها قَالَ نعم قَالَ فَكيف وَأَنت عِنْدِي هَا هُنَا والأنفس فِي أَطْرَاف الأَرْض قَالَ إِن الله سخر لي الدُّنْيَا فَهِيَ كالطست يوضع قُدَّام أحدكُم فَيتَنَاوَل من أطرافها مَا شَاءَ كَذَلِك الدُّنْيَا عِنْدِي 22 - وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن أبي قيس الْأَزْدِيّ قَالَ قيل لملك الْمَوْت كَيفَ تقبض الْأَرْوَاح قَالَ أدعوها فتجيبني 23 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ ملك الْمَوْت جَالس وَالدُّنْيَا بَين رُكْبَتَيْهِ واللوح الَّذِي فِيهِ آجال بني آدم فِي يَدَيْهِ وَبَين يَدَيْهِ مَلَائِكَة قيام وَهُوَ يعرض اللَّوْح لَا يطرف فَإِذا أَتَى على أجل عبد قَالَ أقبضوا هَذَا 24 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْنِ عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن نفسين إتفق مَوْتهمَا فِي طرفَة عين وَاحِد بالمشرق وَآخر بالمغرب كَيفَ قدرَة ملك الْمَوْت عَلَيْهِمَا قَالَ مَا قدرَة ملك الْمَوْت على أهل الْمَشَارِق والمغارب والظلمات والهوى والبحور إِلَّا كَرجل بَين يَدَيْهِ مائدة يتَنَاوَل من أَيهَا شَاءَ 26 - وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن الْكَلْبِيّ عَن مُجَاهِد عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ ملك الْمَوْت الَّذِي يتوفى الْأَنْفس كلهَا وَقد سلط على مَا فِي الأَرْض كَمَا سلط أحدكُم على مَا فِي رَاحَته وَمَعَهُ مَلَائِكَة من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَإِذا توفى نفسا طيبه دَفعهَا إِلَى مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَإِذا توفى نفسا خبيثة دَفعهَا إِلَى مَلَائِكَة الْعَذَاب 27 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْمثنى الْحِمصِي قَالَ إِن الدُّنْيَا سهلها وجبلها بَين فَخذي ملك الْمَوْت وَمَعَهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَيقبض الْأَرْوَاح فيعطي هَؤُلَاءِ لهَؤُلَاء وَهَؤُلَاء لهَؤُلَاء يَعْنِي مَلَائِكَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب قيل فَإِذا كَانَت ملحمة وَكَانَ السَّيْف مثل الْبَرْق قَالَ يدعوها فَتَأْتِيه الْأَنْفس 28 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ قيل يَا رَسُول الله ملك الْمَوْت وَاحِد والزحفان ملتقيان من الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا بَين ذَلِك من السقط والهلاك فَقَالَ إِن الله حوى الدُّنْيَا لملك الْمَوْت حَتَّى جعلهَا كالطست بَين يَدي أحدكُم فَهَل يفوتهُ مِنْهَا شَيْء 29 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف قَالَ حَدثنَا عبد الله بن نمير عَن الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة قَالَ أَتَى ملك الْمَوْت سُلَيْمَان بن دَاوُد وَكَانَ لَهُ صديقا فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان مَالك تَأتي أهل الْبَيْت فتقبضهم جَمِيعًا وَتَدَع أهل الْبَيْت إِلَى جنبهم لَا تقبض مِنْهُم أحدا قَالَ مَا أعلم بِمَا أَقبض مِنْهَا إِنَّمَا أكون تَحت الْعَرْش فَتلقى إِلَيّ صكاك فِيهَا أَسمَاء 30 - وَأخرج بِهَذَا السَّنَد عَن خَيْثَمَة قَالَ دخل ملك الْمَوْت على سُلَيْمَان فَجعل ينظر إِلَى رجل من جُلَسَائِهِ يديم النّظر إِلَيْهِ فَلَمَّا خرج قَالَ الرجل من هَذَا قَالَ هَذَا ملك الْمَوْت قَالَ رَأَيْته ينظر إِلَيّ كَأَنَّهُ يُرِيدنِي قَالَ فَمَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيد أَن تحملنِي على الرّيح حَتَّى تلقيني بِالْهِنْدِ فَدَعَا الرّيح فَحَمله عَلَيْهَا فألقته فِي الْهِنْد ثمَّ أَتَى ملك الْمَوْت سُلَيْمَان فَقَالَ إِنَّك كنت تديم النّظر إِلَى رجل من جلسائي قَالَ كنت أعجب مِنْهُ أمرت أَن أقبضهُ بِالْهِنْدِ وَهُوَ عنْدك 31 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن خَيْثَمَة قَالَ قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد لملك الْمَوْت إِذا أردْت أَن تقبض روحي فَأَعْلمنِي بذلك قَالَ مَا أَنا بِأَعْلَم بذلك مِنْك إِنَّمَا هِيَ كتب تلقى إِلَيّ فِيهَا تَسْمِيَة من يَمُوت 32 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِن ملكا إستأذن ربه أَن يهْبط إِلَى إِدْرِيس فَأَتَاهُ فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس هَل بَيْنك وَبَين ملك الْمَوْت شَيْء فَقَالَ ذَاك أخي من الْمَلَائِكَة قَالَ هَل تَسْتَطِيع أَن تنفعني بِشَيْء عِنْده قَالَ إِمَّا أَن يُؤَخر شَيْئا أَو يقدمهُ فَلَا وَلَكِن سأكلمه لَك فيرفق بك عِنْد الْمَوْت فَقَالَ إركب بَين جناحي فَركب إِدْرِيس فَصَعدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الْعليا فلقي ملك الْمَوْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وَإِدْرِيس بَين جناحيه فَقَالَ لَهُ الْملك إِن لي حَاجَة قَالَ علمت حَاجَتك تكلمني فِي إِدْرِيس وَقد مُحي إسمه وَلم يبْق من أَجله إِلَّا نصف طرفَة فَمَاتَ إِدْرِيس بَين جناحي الْملك 33 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عمر قَالَ بلغنَا أَن ملك الْمَوْت لَا يعلم مَتى يحضر أجل الْإِنْسَان حَتَّى يُؤمر بِقَبْضِهِ 34 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن ابْن جريج قَالَ بلغنَا أَنه يُقَال لملك الْمَوْت اقبض فلَانا فِي وَقت كَذَا فِي يَوْم كَذَا 35 - وَأخرج الْمروزِي وإبن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الشعْثَاء جَابر بن زيد أَن ملك الْمَوْت كَانَ يقبض الْأَرْوَاح بِغَيْر وجع فَسَبهُ النَّاس ولعنوه فَشَكا إِلَى ربه فَوضع الله الأوجاع وَنسي ملك الْمَوْت يُقَال مَاتَ فلَان بوجع بِكَذَا وَكَذَا 36 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْأَعْمَش قَالَ كَانَ ملك الْمَوْت يظْهر للنَّاس فَيَأْتِي الرجل فَيَقُول إقض حَاجَتك فَإِنِّي أُرِيد أَن أَقبض روحك فَشَكا فَأنْزل الدَّاء وَجعل الْمَوْت خُفْيَة 37 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ ملك الْمَوْت يَأْتِي النَّاس عيَانًا فَأتى مُوسَى فَلَطَمَهُ ففقأ عينه فَأتى ربه فَقَالَ يَا رب عَبدك مُوسَى فَقَأَ عَيْني وَلَوْلَا كرامته عَلَيْك لشققت عَلَيْهِ قَالَ لَهُ إذهب إِلَى عَبدِي فَقل لَهُ فليضع يَده على جلد ثَوْر أَو مسك ثَوْر فَلهُ بِكُل شَعْرَة وارت يَده سنة فَأَتَاهُ فَقَالَ مَا بعد هَذَا قَالَ الْمَوْت قَالَ فَالْآن قَالَ فشمه شمة فَقبض روحه قَالَ يُونُس فَرد الله إِلَيْهِ عينه فَكَانَ يَأْتِي بعد النَّاس خُفْيَة 38 - وَأخرج أَبُو حُذَيْفَة إِسْحَاق بن بشر فِي كتاب الشدائد بِسَنَدِهِ عَن إِبْنِ عمر قَالَ قَالَ ملك الْمَوْت يَا رب إِن عَبدك إِبْرَاهِيم جزع من الْمَوْت فَقَالَ لَهُ قل لَهُ الْخَلِيل إِذا طَال بِهِ الْعَهْد من خَلِيله إشتاق إِلَيْهِ فَبَلغهُ فَقَالَ نعم يَا رب قد إشتقت إِلَى لقائك فَأعْطَاهُ رَيْحَانَة فشمها فَقبض فِيهَا روحه 39 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر أَن ملك الْمَوْت قَالَ لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِن رَبِّي أَمرنِي أَن أَقبض نَفسك بأيسر مَا قبضت نفس مُؤمن قَالَ فَأَنا أَسأَلك بِحَق الَّذِي أرسلك أَن تراجعه فِي فَقَالَ إِن خَلِيلك سَأَلَني أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 أراجعك فِيهِ فَقَالَ ائته وَقل لَهُ إِن رَبك يَقُول إِن الْخَلِيل يحب لِقَاء خَلِيله فَأَتَاهُ فَقَالَ إمض لما أمرت بِهِ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم هَل شربت شرابًا قطّ قَالَ لَا قَالَ فاستنكهه فَقبض نَفسه على ذَلِك 40 - وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ دَاوُد فِيهِ غيرَة شَدِيدَة فَكَانَ إِذا خرج أغلقت الْأَبْوَاب فَلم يدْخل على أَهله أحد حَتَّى يرجع قَالَ فَخرج ذَات يَوْم وغلقت الدَّار فَأَقْبَلت إمرأته تطلع إِلَى الدَّار فَقَالَت لمن فِي الْبَيْت من أَيْن دخل هَذَا الرجل الدَّار وَالدَّار مغلقة لتفتضحن بِدَاوُد فجَاء دَاوُد فَإِذا الرجل قَائِم وسط الدَّار فَقَالَ لَهُ من أَنْت قَالَ أَنا الَّذِي لَا أهاب الْمُلُوك وَلَا يمْنَع مني شَيْء قَالَ دَاوُد أَنْت وَالله إِذا ملك الْمَوْت مرْحَبًا بِأَمْر الله فزمل دَاوُد مَكَانَهُ حَيْثُ قبضت نَفسه 41 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحُسَيْن أَن جِبْرِيل هَبَط على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم مَوته فَقَالَ كَيفَ تجدك قَالَ أجدني يَا جِبْرِيل مغموما وأجدني مكروبا فَاسْتَأْذن ملك الْمَوْت على الْبَاب فَقَالَ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد هَذَا ملك الْمَوْت يسْتَأْذن عَلَيْك مَا إستأذن على آدَمِيّ قبلك وَلَا يسْتَأْذن على آدَمِيّ بعْدك قَالَ ائْذَنْ لَهُ فَأذن لَهُ فَأقبل حَتَّى وقف بَين يَدَيْهِ فَقَالَ إِن الله أَرْسلنِي إِلَيْك وَأَمرَنِي أَن أطيعك إِن أَمرتنِي أَن أَقبض نَفسك قبضتها وَإِن كرهت تركتهَا قَالَ وَتفعل يَا ملك الْمَوْت قَالَ نعم بذلك أمرت فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل إِن الله قد إشتاق إِلَى لقائك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إمض لما أمرت بِهِ 42 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن عَطاء بن يسَار قَالَ مَا من أهل بَيت إِلَّا يتصفحهم ملك الْمَوْت فِي كل يَوْم خمس مَرَّات هَل مِنْهُم أحد أَمر بِقَبْضِهِ 43 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ مَا من بَيت فِيهِ أحد إِلَّا وَملك الْمَوْت على بَابه كل يَوْم سبع مَرَّات ينظر هَل فِيهِ أحد أَمر بِهِ يتوفاه 44 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ مَا على ظهر الأَرْض من بَيت شعر وَلَا مدر إِلَّا وَملك الْمَوْت يطوف بِهِ كل يَوْم مرَّتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 45 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ قَالَ مَا من أهل دَار إِلَّا وَملك الْمَوْت يتصفحهم فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ 46 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ اللَّيْل وَالنَّهَار أَربع وَعِشْرُونَ سَاعَة لَيْسَ فِيهَا سَاعَة تَأتي على ذِي روح إِلَّا وَملك الْمَوْت قَائِم عَلَيْهَا فَإِن أَمر بقبضها وَإِلَّا ذهب 47 - وَأخرج أَبُو الْفضل الطوسي فِي كتاب عُيُون الْأَخْبَار بِسَنَدِهِ وإبن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن هدبة عَن أنس مَرْفُوعا إِن ملك الْمَوْت لينْظر فِي وُجُوه الْعباد فِي كل يَوْم سبعين نظرة فَإِذا ضحك العَبْد الَّذِي بعث إِلَيْهِ يَقُول وَاعجَبا بعثت إِلَيْهِ لأقبض روحه وَهُوَ يضْحك 48 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة وإبن أبي الدُّنْيَا عَن زيد بن أسلم قَالَ يتصفح ملك الْمَوْت الْمنَازل كل يَوْم خمس مَرَّات ويطلع فِي وَجه إِبْنِ آدم كل يَوْم إِطْلَاعَة قَالَ فَمِنْهَا الذعرة الَّتِي تصيب النَّاس يَعْنِي القشعريرة والإنقباض 49 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ مَا من يَوْم إِلَّا وَملك الْمَوْت ينظر فِي كتاب حَيَاة النَّاس قَائِل يَقُول ثَلَاثًا وَقَائِل يَقُول خمْسا 50 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ والعقيلي فِي الضُّعَفَاء والديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آجال الْبَهَائِم وخشاش الأَرْض كلهَا فِي التَّسْبِيح فَإِذا إنقضى تسبيحها قبض الله أرواحها وَلَيْسَ إِلَى ملك الْمَوْت من ذَلِك شَيْء وَله طَرِيق آخر أخرجه الْخَطِيب فِي الروَاة عَن مَالك من حَدِيث إِبْنِ عَمْرو مثله قَالَ إِبْنِ عَطِيَّة والقرطبي وَكَأن معنى ذَلِك أَن الله يعْدم حَيَاتهَا بِلَا مُبَاشرَة ملك الْمَوْت وَأما الْآدَمِيّ فشرف بِأَن خلق الله لَهُ ملكا وأعوانه وَجعل قبض روحه وانسلالها من جسده على يَده 51 - لَكِن أخرج الْخَطِيب فِي الروَاة عَن مَالك عَن سُلَيْمَان بن معمر الْكلابِي قَالَ حضرت مَالك بن أنس وَسَأَلَهُ رجل عَن البراغيث أملك الْمَوْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 يقبض أرواحها فَأَطْرَقَ طَويلا ثمَّ قَالَ ألها أنفس قَالَ نعم فَقَالَ فَإِن ملك الْمَوْت يقبض أرواحها ثمَّ قَالَ {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} ثمَّ رَأَيْت جُوَيْبِر أخرج فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ وكل ملك الْمَوْت بِقَبض أَرْوَاح الْآدَمِيّين فَهُوَ الَّذِي يقبض أَرْوَاحهم وَملك فِي الْجِنّ وَملك فِي الشَّيَاطِين وَملك فِي الطير والوحوش وَالسِّبَاع والخشاش وَالْحِيتَان والنمل فهم أَرْبَعَة أَمْلَاك وَالْمَلَائِكَة يموتون فِي الصعقة الأولى وَإِن ملك الْمَوْت يَلِي قبض أَرْوَاحهم ثمَّ يَمُوت وَأما الشُّهَدَاء فِي الْبَحْر فَإِن الله يَلِي قبض أَرْوَاحهم لَا يكل ذَلِك إِلَى ملك الْمَوْت لكرامتهم عَلَيْهِ حَيْثُ ركبُوا لجج الْبَحْر فِي سَبيله وجويبر ضَعِيف جدا وَالضَّحَّاك عَن إِبْنِ عَبَّاس مُنْقَطع ولآخره شَاهد مَرْفُوع 52 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله عز وَجل وكل ملك الْمَوْت بِقَبض الْأَرْوَاح إِلَّا شَهِيد الْبَحْر فَإِنَّهُ يتَوَلَّى قبض روحه 53 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن عِيسَى قَالَ كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجل عبد الله أَرْبَعِينَ سنة فِي الْبر ثمَّ قَالَ يَا رب قد إشتقت أَن أعبدك فِي الْبَحْر فَأتى قوما فاستحملهم فَحَمَلُوهُ وَجَرت بهم سفينتهم مَا شَاءَ أَن تجْرِي ثمَّ وقفت فَإِذا شَجَرَة فِي نَاحيَة المَاء فَقَالَ ضعوني على هَذِه الشَّجَرَة فوضعوه وَجَرت بهم سفينتهم فَأَرَادَ ملك أَن يعرج إِلَى السَّمَاء فَتكلم بِكَلَامِهِ الَّذِي كَانَ يعرج بِهِ فَلم يقدر على ذَلِك فَعلم أَن ذَلِك لخطيئة كَانَت مِنْهُ فَأتى صَاحب الشَّجَرَة فَسَأَلَهُ أَن يشفع لَهُ إِلَى ربه فصلى ودعا للْملك وَطلب إِلَى ربه أَن يكون هُوَ الَّذِي يقبض نَفسه ليَكُون أَهْون عَلَيْهِ من ملك الْمَوْت فَأَتَاهُ حِين حضر أَجله فَقَالَ إِنِّي طلبت إِلَى رَبِّي أَن يشفعني فِيك كَمَا شفعك فِي وَأَن أَقبض نَفسك فَمن حَيْثُ شِئْت قبضتها فَسجدَ سَجْدَة فَخرجت من عينه دمعة فَمَاتَ فَائِدَة 54 - أخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبي زرْعَة قَالَ قَالَ لي نجيب بن أبي عبيد اليسري رَأَيْت ملك الْمَوْت فِي النّوم وَهُوَ يَقُول قل لأَبِيك يُصَلِّي عَليّ حَتَّى أرْفق بِهِ عِنْد قبض روحه فَحدثت أبي بِمَا رَأَيْت فَقَالَ يَا بني لأَنا بِملك الْمَوْت آنس مني بأمك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 55 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ ذكرت حَدِيثا رَوَاهُ إِبْنِ عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حق امرىء مُسلم يبيت ثَلَاث لَيَال إِلَّا ووصيته مَكْتُوبَة عِنْد رَأسه فدعوت بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس لأكتب وصيتي وغلبني النّوم فَنمت وَلم أَكتبهَا فَبَيْنَمَا أَنا نَائِم إِذْ دخل دَاخل أَبيض الثِّيَاب حسن الْوَجْه طيب الرَّائِحَة فَقلت يَا هَذَا من أدْخلك دَاري قَالَ أدخلنيها رَبهَا قلت من أَنْت قَالَ ملك الْمَوْت فَرُعِبْت مِنْهُ فَقَالَ لَا ترعب إِنِّي لم أُؤمر بِقَبض روحك قلت فَاكْتُبْ لي إِذا بَرَاءَة من النَّار قَالَ هَات دَوَاة وقرطاسا فمددت يَدي إِلَى الدواة والقرطاس الَّذِي نمت عَنهُ وَهُوَ عِنْد رَأْسِي فناولته فَكتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أسْتَغْفر الله أسْتَغْفر الله حَتَّى مَلأ ظهر الكاغد وبطنه ثمَّ ناولنيه وَقَالَ هَذَا براءتك رَحِمك الله وانتبهت فَزعًا ودعوت بالسراج فَنَظَرت فَإِذا القرطاس الَّذِي نمت وَهُوَ عِنْد رَأْسِي مَكْتُوب بظهره وبطنه أسْتَغْفر الله فصل 56 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَا تنَافِي بَين قَوْله تَعَالَى {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} وَقَوله {توفته رسلنَا} وَقَوله {تتوفاهم الْمَلَائِكَة} وَقَوله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس} لِأَن إِضَافَة التوفي إِلَى ملك الْمَوْت لِأَنَّهُ الْمُبَاشر للقبض وَإِلَى الْمَلَائِكَة الَّذين هم أعوانه لأَنهم يَأْخُذُونَ فِي جذبها من الْبدن فَهُوَ قَابض وهم معالجون وَإِلَى الله لِأَنَّهُ الْفَاعِل على الْحَقِيقَة وَقَالَ الْكَلْبِيّ يقبض ملك الْمَوْت الرّوح من الْجَسَد ثمَّ يُسَلِّمهَا إِلَى مَلَائِكَة الرَّحْمَة أَو الْعَذَاب وَأما أختلاف صفة ملك الْمَوْت بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُؤمن وَالْكَافِر فَوَاضِح لما تقرر من أَن الْمَلَائِكَة لَهُم قدرَة التشكل بِأَيّ شكل أَرَادوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 14 - بَاب قطع الْآجَال كل سنة 1 - أخرج الديلمي عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تقطع الْآجَال من شعْبَان إِلَى شعْبَان حَتَّى إِن الرجل لينكح ويولد لَهُ وَقد خرج إسمه فِي الْمَوْتَى 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن جرير مثله من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس مَرْفُوعا وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم نَحوه عَن إِبْنِ عَبَّاس مَرْفُوعا 3 - وَأخرج أَبُو يعلى بِسَنَد حسنه الْمُنْذِرِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله فَسَأَلته قَالَ إِن الله يكْتب فِيهِ كل نفس ميتَة تِلْكَ السّنة فَأحب أَن يأتيني أَجلي وَأَنا صَائِم 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَطاء بن يسَار قَالَ إِذا كَانَت لَيْلَة النّصْف من شعْبَان دفع إِلَى ملك الْمَوْت صحيفَة فَيُقَال إقبض من فِي هَذِه الصَّحِيفَة فَإِن العَبْد ليغرس الْغِرَاس وينكح الْأزْوَاج وَيَبْنِي الْبُنيان وَإِن إسمه قد نسخ فِي الْمَوْتَى 5 - وَأخرج إِبْنِ جرير عَن عمر مولى غفرة قَالَ ينْسَخ لملك الْمَوْت من يَمُوت لَيْلَة الْقدر إِلَى مثلهَا فيجد الرجل ينْكح النِّسَاء ويغرس الْغِرَاس واسْمه فِي الْأَمْوَات 6 - وَأخرج عَن عِكْرِمَة قَالَ فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان يبرم أَمر السّنة وينسخ الْأَحْيَاء من الْأَمْوَات وَيكْتب الْحَاج فَلَا يزْدَاد فيهم أحد وَلَا ينقص مِنْهُم أحد 7 - وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن رَاشد بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان يوحي الله إِلَى ملك الْمَوْت بِقَبض كل نفس يُرِيد قبضهَا فِي تِلْكَ السّنة 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عقبَة بن عَامر الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أول من يعلم بِمَوْت العَبْد الْحَافِظ لِأَنَّهُ يعرج بِعَمَلِهِ وَينزل برزقه فَإِذا لم يخرج لَهُ رزق علم أَنه ميت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 9 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي تَفْسِيره عَن مُحَمَّد بن حَمَّاد قَالَ لله تَعَالَى شَجَرَة تَحت الْعَرْش لَيْسَ مَخْلُوق إِلَّا لَهُ فِيهَا ورقة فَإِذا سَقَطت ورقة عبد خرجت روحه من جسده فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} 15 - بَاب من يحضر الْمَيِّت من الْمَلَائِكَة وَغَيرهم وَمَا يرَاهُ المحتضر وَمَا يُقَال لَهُ وَمَا يبشر بِهِ الْمُؤمن وينذر بِهِ الْكَافِر 1 - أخرج أَحْمد وإبن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالطَّيَالِسِي وَعبد الله فِي مسنديهما وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وإبن جرير وإبن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر وَغَيرهم من طرق صَحِيحَة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَلَسْنَا حوله وَكَأن على رؤوسنا الطير وَفِي يَده عود ينكت بِهِ فِي الأَرْض فَرفع رَأسه فَقَالَ إستعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ إِن العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي إنقطاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم الشَّمْس مَعَهم أكفان من الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة حَتَّى يجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول أيتها النَّفس المطمئنة أَخْرِجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان قَالَ فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من السقاء وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ غير ذَلِك فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها فيجعلوها فِي ذَلِك الْكَفَن وَفِي ذَلِك الحنوط فَيخرج مِنْهَا كأطيب نفخة مسك وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ على ملإ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرّوح الطّيب فَيَقُولُونَ فلَان بن فلَان بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يسمونه بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى ينْتَهوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 بهَا إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فيستفتحون لَهُ فَيفتح لَهُم فيشيعه من كل سَمَاء مقربوها إِلَى السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَقُول الله تَعَالَى أكتبوا كتاب عَبدِي فِي عليين وأعيدوه إِلَى الأَرْض فَإِنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فتعاد روحه فِي جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول هُوَ رَسُول الله فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا علمك فَيَقُول قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدقت فينادي مُنَاد من السَّمَاء أَن صدق عَبدِي فأفرشوا لَهُ من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرَّائِحَة فَيَقُول أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول لَهُ من أَنْت فوجهك الْوَجْه الَّذِي يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول أَنا عَمَلك الصَّالح فَيَقُول رب أقِم السَّاعَة رب أقِم السَّاعَة حَتَّى أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي قَالَ وَإِن العَبْد الْكَافِر إِذا كَانَ فِي إنقطاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول أيتها النَّفس الخبيثة أَخْرِجِي إِلَى سخط من الله وَغَضب فتتفرق فِي جسده فينتزعها كَمَا ينتزع السفود من الصُّوف المبلول فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يجعلوها فِي تِلْكَ المسوح وَيخرج مِنْهَا كأنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا على ملإ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث فَيَقُولُونَ فلَان بن فلَان بأقبح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتح فَلَا يفتح لَهُ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} فَيَقُول الله عز وَجل أكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين فِي الأَرْض السُّفْلى فتطرح روحه طرحا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول هاه هاه لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دينك فَيَقُول هاه هاه لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول هاه هاه لَا أَدْرِي فينادي مُنَاد من السَّمَاء أَن كذب عَبدِي فافرشوا لَهُ من النَّار وألبسوه من النَّار وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فيأتيه من حرهَا وسمومها ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول أبشر بِالَّذِي يسوؤك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول من أَنْت فوجهك الَّذِي يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول أَنا عَمَلك الْخَبيث فَيَقُول رب لَا تقم السَّاعَة 2 - وَأخرج أَبُو يعلى فِي مُسْنده وإبن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق يزِيد الرقاشِي عَن أنس عَن تَمِيم الدَّارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَقُول الله لملك الْمَوْت إنطلق إِلَى وليي فائتني بِهِ فَإِنِّي قد جربته بالسراء وَالضَّرَّاء فَوَجَدته حَيْثُ أحب فائتني بِهِ لأريحه من هموم الدُّنْيَا وغمومها فَينْطَلق إِلَيْهِ ملك الْمَوْت وَمَعَهُ خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة وَمَعَهُمْ أكفان وحنوط من حنوط الْجنَّة وَمَعَهُمْ ضبائر الريحان أصل الريحانة وَاحِد وَفِي رَأسهَا عشرُون لونا وَلكُل لون مِنْهَا ريح سوى ريح صَاحبه وَمَعَهُمْ الْحَرِير الْأَبْيَض وَفِيه الْمسك الأذفر فيجلس ملك الْمَوْت عِنْد رَأسه وتحتوشه الْمَلَائِكَة وَيَضَع كل ملك مِنْهُم يَده على عُضْو من أَعْضَائِهِ ويبسط ذَلِك الْحَرِير الْأَبْيَض والمسك الأذفر تَحت ذقنه وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة قَالَ فَإِن نَفسه لتعلل عِنْد ذَلِك بِطرف الْجنَّة مرّة بأزواجها وَمرَّة بسكوتها وَمرَّة بثمارها كَمَا يُعلل الصَّبِي أَهله إِذا بَكَى وَإِن أَزوَاجه ليبتهشن عِنْد ذَلِك إبتهاشا قَالَ وتنزر الرّوح نَزْوًا وَيَقُول ملك الْمَوْت أَخْرِجِي أيتها الرّوح الطّيبَة إِلَى سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب قَالَ ولملك الْمَوْت أَشد تلطفا بِهِ من الوالدة بِوَلَدِهَا يعرف أَن ذَلِك الرّوح حبيب إِلَى ربه كريم على الله فَهُوَ يلْتَمس بِلُطْفِهِ بِتِلْكَ الرّوح رضَا الله عَنهُ فتسل روحه كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين قَالَ وَإِن روحه لتخرج وَالْمَلَائِكَة حوله يَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم أدخلُوا الْجنَّة بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ) الْآيَة قَالَ {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} قَالَ روح يَعْنِي رَاحَة من جهد الْمَوْت وَرَيْحَان يتلَقَّى بِهِ عِنْد خُرُوج نَفسه وجنة نعيم أَمَامه أَو قَالَ مُقَابِله فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روحه يَقُول الرّوح للجسد جَزَاك الله عني خيرا لقد كنت بِي سَرِيعا إِلَى طَاعَة الله تَعَالَى بطيئا بِي عَن مصعيته فهنيئا لَك الْيَوْم فقد نجوت وأنجيت وَيَقُول الْجَسَد للروح مثل ذَلِك قَالَ وتبكي عَلَيْهِ بقاع الأَرْض الَّتِي كَانَ يُطِيع الله عَلَيْهَا وكل بَاب من السَّمَاء يصعد مِنْهُ عمله وَينزل مِنْهُ رزقه أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِذا قبضت روحه أَقَامَت الْمَلَائِكَة الْخَمْسمِائَةِ عِنْد جسده لَا يقلبه بَنو آدم لشق إِلَّا قلبته الْمَلَائِكَة قبلهم وعلته بأكفان قبل أكفانهم وحنوط قبل حنوطهم وَيقوم من بَاب بَيته إِلَى بَاب قَبره صفان من الْمَلَائِكَة يَسْتَقْبِلُونَهُ بالإستغفار ويصيح عِنْد ذَلِك إِبْلِيس صَيْحَة يتصدع مِنْهَا بعض عِظَام جسده وَيَقُول لجنوده الويل لكم كَيفَ خلص هَذَا العَبْد مِنْكُم فَيَقُولُونَ إِن هَذَا كَانَ مَعْصُوما فَإِذا صعد ملك الْمَوْت بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء يستقبله جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي سبعين ألفا من الْمَلَائِكَة كلهم يَأْتِيهِ بالبشارة من ربه فَإِذا إنتهى ملك الْمَوْت إِلَى الْعَرْش خرت الرّوح سَاجِدَة لِرَبِّهَا فَيَقُول الله لملك الْمَوْت إنطلق بِروح عَبدِي فضعه فِي سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب فَإِذا وضع فِي قَبره جَاءَت الصَّلَاة فَكَانَت على يَمِينه وَجَاء الصّيام فَكَانَ على يسَاره وَجَاء الْقُرْآن وَالذكر فَكَانَا عِنْد رَأسه وَجَاء مَشْيه إِلَى الصَّلَاة فَكَانَ عِنْد رجلَيْهِ وَجَاء الصَّبْر فَكَانَ نَاحيَة الْقَبْر وَيبْعَث الله عنقًا من الْعَذَاب فيأتيه عَن يَمِينه فَتَقول الصَّلَاة وَرَاءَك وَالله مَا زَالَ دائبا عمره كُله وَإِنَّمَا إستراح الْآن حِين وضع فِي قَبره قَالَ فيأتيه من يسَاره فَيَقُول الصّيام مثل ذَلِك فيأتيه من قبل رَأسه فَيُقَال لَهُ مثل ذَلِك فَلَا يَأْتِيهِ الْعَذَاب من نَاحيَة فيلتمس هَل يجد إِلَيْهِ مساغا إِلَّا وجد ولي الله قد أحرزته الطَّاعَة فَيخرج عَنهُ الْعَذَاب عِنْدَمَا يرى وَيَقُول الصَّبْر لسَائِر الْأَعْمَال أما إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أباشره أَنا بنفسي إِلَّا أَنِّي نظرت مَا عنْدكُمْ فَلَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 عجزتم كنت أَنا صَاحبه فَأَما إِذا أجزأتم عَنهُ فَأَنا ذخر لَهُ عِنْد الصِّرَاط وَذخر لَهُ عِنْد الْمِيزَان قَالَ وَيبْعَث الله ملكَيْنِ أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن فِي أشعارهما بَين مَنْكِبي كل وَاحِد مِنْهُمَا مسيرَة كَذَا وَكَذَا قد نزعت مِنْهُمَا الرأفة وَالرَّحْمَة إِلَّا بِالْمُؤْمِنِينَ يُقَال لَهما مُنكر وَنَكِير فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا مطرقة لَو اجْتمع عَلَيْهَا الثَّقَلَان لم يقلوها فَيَقُولَانِ لَهُ إجلس فيستوي جَالِسا فِي قَبره فَتسقط أَكْفَانه فِي حقْوَيْهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا رَبك وَمَا دينك وَمَا نبيك فَيَقُول رَبِّي الله وَحده لَا شريك لَهُ وَالْإِسْلَام ديني وَمُحَمّد نَبِي وَهُوَ خَاتم النَّبِيين فَيَقُولَانِ لَهُ صدقت فيدفعان الْقَبْر فيوسعانه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَمن قبل رَأسه وَمن قبل رجلَيْهِ ثمَّ يَقُولَانِ لَهُ إنظر فَوْقك فَينْظر فَإِذا هُوَ مَفْتُوح إِلَى الْجنَّة فَيَقُولَانِ لَهُ هَذَا مَنْزِلك يَا ولي الله لما أَطَعْت الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه فرحة لَا ترتد أبدا فَيُقَال لَهُ أنظر تَحْتك فَينْظر تَحْتَهُ فَإِذا هُوَ مَفْتُوح إِلَى النَّار فَيَقُولَانِ يَا ولي الله نجوت من هَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه عِنْد ذَلِك فرحة لَا ترتد أبدا وَيفتح لَهُ سَبْعَة وَسَبْعُونَ بَابا إِلَى الْجنَّة ويأتيه رِيحهَا وبردها حَتَّى يَبْعَثهُ الله من قَبره قَالَ وَيَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى لملك الْمَوْت إنطلق إِلَى عدوي فائتني بِهِ فَإِنِّي قد بسطت لَهُ فِي رزقه وسربلته بنعمتي فأبي إِلَّا معصيتي فائتني بِهِ لأنتقم مِنْهُ الْيَوْم فَينْطَلق إِلَيْهِ ملك الْمَوْت فِي أكره صُورَة مَا رَآهَا أحد من النَّاس قطّ لَهُ إثنتا عشرَة عينا وَمَعَهُ سفود من نَار كثير الشوك وَمَعَهُ خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة مَعَهم نُحَاس وجمر من جمر جَهَنَّم وَمَعَهُمْ سياط من نَار تأجج فيضربه ملك الْمَوْت بذلك السفود ضَرْبَة يغيب أصل كل شَوْكَة من ذَلِك السفود فِي أصل كل شَعْرَة وعرق من عروقه قَالَ ثمَّ يلويه ليا شَدِيدا فينزع روحه من أظفار قَدَمَيْهِ فيلقيها فِي عقبه فيسكر عَدو الله عِنْد ذَلِك سكرة وتضرب الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره بِتِلْكَ السِّيَاط ثمَّ يجبذه جبذة فينزع روحه من عَقِبَيْهِ فيلقيها فِي رُكْبَتَيْهِ فيسكر عَدو الله سكرة وتضرب الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره بِتِلْكَ السِّيَاط ثمَّ كَذَلِك إِلَى حقْوَيْهِ ثمَّ كَذَلِك إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 صَدره ثمَّ كَذَلِك إِلَى حلقه ثمَّ تبسط الْمَلَائِكَة ذَلِك النّحاس وجمر جَهَنَّم تَحت ذقنه ثمَّ يَقُول ملك الْمَوْت أَخْرِجِي أيتها النَّفس اللعينة الملعونة إِلَى سموم وحميم وظل من يحموم لَا بَارِد وَلَا كريم فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روحه قَالَت الرّوح للجسد جَزَاك الله عني شرا فقد كنت سَرِيعا بِي إِلَى مَعْصِيّة الله تَعَالَى بطيئا بِي عَن طَاعَة الله تَعَالَى فقد هَلَكت وأهلكت وَيَقُول الْجَسَد للروح مثل ذَلِك وتلعنه بقاع الأَرْض الَّتِي كَانَ يَعْصِي الله تَعَالَى عَلَيْهَا وتنطلق جنود إِبْلِيس إِلَيْهِ ويبشرونه بِأَنَّهُم قد أوردوا عبدا من بني آدم النَّار فَإِذا وضع فِي قَبره ضيق عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَتدخل الْيُمْنَى فِي الْيُسْرَى واليسرى فِي الْيُمْنَى وَيبْعَث الله إِلَيْهِ حيات دهما فتأخذ بأرنبته وإبهام قَدَمَيْهِ فتقوضه حَتَّى تلتقي فِي وَسطه قَالَ وَيبْعَث الله إِلَيْهِ الْملكَيْنِ فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمَا نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ لَا دَريت وَلَا تليت فيضربانه ضَرْبَة يتطاير الشرر فِي قَبره ثمَّ يعودا فَيَقُولَانِ لَهُ أنظر فَوْقك فَينْظر فَإِذا بَاب مَفْتُوح إِلَى الْجنَّة فَيَقُولَانِ لَهُ عَدو الله لَو كنت أَطَعْت الله كَانَ هَذَا مَنْزِلك قَالَ فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه عِنْد ذَلِك حسرة لَا ترتد أبدا وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ عَدو الله هَذَا مَنْزِلك لما عصيت الله وَيفتح لَهُ سَبْعَة وَسَبْعُونَ بَابا إِلَى النَّار يَأْتِيهِ حرهَا وسمومها حَتَّى يَبْعَثهُ الله من قَبره يَوْم الْقِيَامَة إِلَى النَّار قَوْله ضبائر بضاد مُعْجمَة وباء مُوَحدَة آخِره رَاء قَالَ ابْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة هِيَ الْجَمَاعَات فِي تَفْرِقَة واحدتها ضبارة بِكَسْر أَوله مثل عمَارَة وعمائر وكل مُجْتَمع ضبارة وَقَوله بِطرف الْجنَّة بِضَم الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَفَاء جمع طرفَة وَهِي المستحدث من المَال كالطريف والطارف وَهُوَ خلاف التليد والتالد وَقَوله ليبتهشن فِي النِّهَايَة يُقَال للْإنْسَان إِذا نظر إِلَى الشَّيْء فأعجبه واشتهاه وأسرع نَحوه قد بهش إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وَفِي الصِّحَاح بهش إِلَيْهِ يبهش بهشا إِذا إرتاح لَهُ وخف عَلَيْهِ وَقَوله وتنزو الرّوح فِي الصِّحَاح قلبِي ينزو إِلَى كَذَا أَي يُنَازع ويسرع ويثب إِلَيْهِ وَفِي النِّهَايَة نَحوه وَقَوله دائبا بِمُهْملَة آخِره مُوَحدَة أَي جادا تعبا وَقَوله عنقًا من الْعَذَاب أَي طَائِفَة مِنْهُ وَقَوله كالصياصي بمهملتين هِيَ قُرُون الْبَقر وَاحِدهَا صيصة بِالتَّخْفِيفِ والسفود بِفَتْح الْمُهْملَة وَضم الْفَاء الْمُشَدّدَة آخِره مُهْملَة الحديدة الَّتِي يشوى بهَا اللَّحْم والنحاس الدُّخان الَّذِي لَا لَهب فِيهِ وَمِنْه {شواظ من نَار ونحاس} والتأجج بجيمين وَقَوله دهما يحْتَمل أَن يكون بِضَم أَوله أَي سُودًا فَيكون جمع دهماء وَأَن يكون بفتحه أَي عددا كثيرا فَيكون مُفردا وَالْجمع دهوم وَقَوله فتقوضه بقاف ثمَّ وَاو ثمَّ ضاد مُعْجمَة فِي الصِّحَاح قوضت الْبناء نقضته من غير هدم وتقوضت الْحلق والصفوف إنتفضت وَتَفَرَّقَتْ وَفِي النِّهَايَة تقويض الْخيام قلعهَا وإزالتها قوضت الْحمرَة جَاءَت وَذَهَبت وَلم تقر 3 - أخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه فِي قَوْله تَعَالَى {والنازعات غرقا} قَالَ هِيَ الْمَلَائِكَة تنْزع أَرْوَاح الْكفَّار {والناشطات نشطا} هِيَ الْمَلَائِكَة تنشط أَرْوَاح الْكفَّار مَا بَين الْأَظْفَار وَالْجَلد حَتَّى تخرجها {والسابحات سبحا} هِيَ الْمَلَائِكَة تسبح بأرواح الْمُسلمين بَين السَّمَاء وَالْأَرْض {فالسابقات سبقا} هِيَ الْمَلَائِكَة تسبق بَعْضهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 بَعْضًا بأرواح الْمُؤمنِينَ إِلَى الله تَعَالَى 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {والنازعات غرقا} قَالَ هِيَ أنفس الْكفَّار تنْزع ثمَّ تنشط ثمَّ تغرق فِي النَّار 5 - وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {والنازعات غرقا} قَالَ هِيَ أَرْوَاح الْكفَّار لما عَايَنت ملك الْمَوْت فخبرها بسخط الله تَعَالَى فغرقت فتنشطها إنتشاطا من العصب وَاللَّحم {والسابحات سبحا} أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ لما عَايَنت ملك الْمَوْت قَالَ أَخْرِجِي أيتها النَّفس الطّيبَة إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان سبحت سباحة الغائص فِي المَاء فَرحا وشوقا إِلَى الْجنَّة {فالسابقات سبقا} يَعْنِي تمشي إِلَى كَرَامَة الله تَعَالَى 6 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله تَعَالَى {والنازعات غرقا والناشطات نشطا} قَالَ هَاتَانِ الْآيَتَانِ للْكفَّار عِنْد نزع النَّفس تنشط نشطا عنيفا مثل سفود جعلته فِي صوف فَكَانَ خُرُوجه شَدِيدا {والسابحات سبحا فالسابقات سبقا} قَالَ هَاتَانِ للْمُؤْمِنين 7 - وَأخرج عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {والنازعات غرقا} قَالَ النَّفس حِين تغرق فِي الصَّدْر {والناشطات نشطا} قَالَ الْمَلَائِكَة حِين تنشط الرّوح من الْأَصَابِع والقدمين {والسابحات سبحا} حِين تسبح النَّفس فِي الْجوف تَتَرَدَّد عِنْد الْمَوْت 8 - وَقَالَ عبد الرَّحِيم الأرمنتي فِي كتاب الْإِخْلَاص أَنبأَنَا ابْن المغرا عَن الْأَجْلَح عَن الضَّحَّاك قَالَ إِذا قبض روح العَبْد الْمُؤمن عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء فَينْطَلق مَعَه المقربون قلت وَمَا المقربون قَالَ أقربهم منزلَة من السَّمَاء الثَّانِيَة ثمَّ يعرج إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة ثمَّ الرَّابِعَة ثمَّ الْخَامِسَة ثمَّ السَّادِسَة ثمَّ السَّابِعَة حَتَّى ينْتَهوا بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى قلت لم سميت سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ إِلَيْهَا يَنْتَهِي كل شَيْء من أَمر الله لَا يجاوزها فَيَقُولُونَ عَبدك فلَان وَهُوَ أعلم فيأتيه صك مختوم بِأَمَان من الْعَذَاب فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين وَمَا أَدْرَاك} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 مَا عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون) 9 - وَأخرج مُسلم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ لما أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانتهي بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وإليها يَنْتَهِي مَا يعرج بِهِ من الْأَرْوَاح 10 - وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ ثمَّ إنتهى إِلَى السِّدْرَة فَقيل لَهُ هَذِه السِّدْرَة الْمُنْتَهى يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل أحد من أمتك خلا على سَبِيلك أخرجه إِبْنِ جرير وإبن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار وَغَيرهم 11 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب الْأَحْوَال وَالْإِيمَان بالسؤال عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي إقبال من الْآخِرَة وإدبار من الدُّنْيَا نزلت مَلَائِكَة من مَلَائِكَة الله تَعَالَى كَأَن وُجُوههم الشَّمْس بكفنه وحنوطه من الْجنَّة فيقعدون مِنْهُ حَيْثُ ينظر إِلَيْهِم فَإِذا خرجت روحه صلى عَلَيْهِ كل ملك بَين السَّمَاء وَالْأَرْض 12 - وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا خرجت روح الْمُؤمن تلقاها ملكان فصعدا بهَا قَالَ حَمَّاد فَذكر من طيب رِيحهَا وَذكر الْمسك قَالَ وَيَقُول أهل السَّمَاء روح طيبَة جَاءَت من قبل الأَرْض صلى الله عَلَيْك وعَلى جَسَد كنت تعمرينه فَينْطَلق بِهِ إِلَى ربه عز وَجل ثمَّ يَقُول إنطلقوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل قَالَ وَإِن الْكَافِر إِذا خرجت روحه وَذكر من نتنها وَذكر لعنا وَيَقُول أهل السَّمَاء روح خبيثة جَاءَت من قبل الأَرْض فَيُقَال إنطلقوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل 13 - وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَاللَّفْظ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا قبض أَتَتْهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة بحريرة بَيْضَاء فَيَقُولُونَ أَخْرِجِي راضية مرضيا عَنْك إِلَى روح الله وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان فَتخرج كأطيب ريح الْمسك حَتَّى إِنَّه ليناوله بَعضهم بَعْضًا فيشمونه حَتَّى يَأْتُوا بِهِ إِلَى بَاب السَّمَاء فَيَقُولُونَ مَا أطيب هَذِه الرّيح الَّتِي جَاءَت من الأَرْض كلما أَتَوا سَمَاء قَالُوا ذَلِك حَتَّى يَأْتُوا بِهِ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فَلهم أفرح بِهِ من أحدكُم بغائبه إِذا قدم عَلَيْهِ فيسألونه مَا فعل فلَان فَيَقُول دَعوه يستريح فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 فَإِذا قَالَ لَهُم مَا أَتَاكُم فَإِنَّهُ قد مَاتَ يَقُولُونَ ذهب إِلَى أمه الهاوية وَأما الْكَافِر فَتَأْتِيه مَلَائِكَة الْعَذَاب بمسح فَيَقُولُونَ أَخْرِجِي ساخطة مسخوطا عَلَيْك إِلَى عَذَاب الله وَسخطه فَتخرج كأنتن ريح جيفة فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى بَاب الأَرْض فَيَقُولُونَ مَا أنتن هَذِه الرّيح كلما أَتَوا على أَرض قَالُوا ذَلِك حَتَّى ينْتَهوا بِهِ إِلَى أَرْوَاح الْكفَّار 14 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة فَإِذا كَانَ الرجل صَالحا قَالُوا أَخْرِجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب أَخْرِجِي حميدة وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان وَرب رَاض غير غَضْبَان فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء فَيفتح لَهَا فَيُقَال من هَذَا فَيَقُولُونَ فلَان فلَان فَيُقَال مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب أدخلي حميدة وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الله عز وَجل وَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالَ أَخْرِجِي أيتها النَّفس الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث أَخْرِجِي ذميمة وَأَبْشِرِي بحميم وغساق وَآخر من شكله أَزوَاج فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء فيستفتح لَهَا فَيُقَال من هَذَا فَيُقَال فلَان فَيُقَال لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث إرجعي ذميمة فَإِنَّهَا لَا تفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء فَيُرْسل بهَا من السَّمَاء ثمَّ تصير إِلَى الْقَبْر 15 - وَأخرج الْبَزَّار وإبن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا إحتضر أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بحريرة فِيهَا مسك وضبائر ريحَان فتسل روحه كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين وَيُقَال أيتها النَّفس الطّيبَة أَخْرِجِي راضية مرضيا عَنْك إِلَى روح الله وكرامته فَإِذا خرجت روحه وضعت على ذَلِك الْمسك وَالريحَان وطويت عَلَيْهَا الحريرة وَذهب بهَا إِلَى عليين وَإِن الْكَافِر إِذا حضر أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بمسح فِيهِ جَمْرَة فتنزع روحه إنتزاعا شَدِيدا وَيُقَال أيتها النَّفس الخبيثة أَخْرِجِي ساخطة مسخوطا عَلَيْك إِلَى هوان الله وعذابه فَإِذا خرجت روحه وَوضعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 على تِلْكَ الْجَمْرَة فَإِن لَهَا نشيشا ويطوى عَلَيْهَا الْمسْح وَيذْهب بهَا إِلَى سِجِّين 16 - وَأخرج هناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد وَعبد بن حميد فِي تَفْسِيره وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِذا قتل العَبْد فِي سَبِيل الله فَأول قَطْرَة تقع على الأَرْض من دَمه يكفر الله لَهُ ذنُوبه كلهَا ثمَّ يُرْسل الله بريطة من الْجنَّة فتقبض فِيهَا نَفسه وبجسد من الْجنَّة حَتَّى يركب فِيهِ روحه ثمَّ يعرج مَعَ الْمَلَائِكَة كَأَنَّهُ كَانَ مَعَهم مُنْذُ خلقه الله حَتَّى يُؤْتى بِهِ الرَّحْمَن فَيسْجد قبل الْمَلَائِكَة ثمَّ تسْجد الْمَلَائِكَة بعده ثمَّ يغْفر لَهُ ويطهر ثمَّ يُؤمر بِهِ إِلَى الشُّهَدَاء فيجدهم فِي رياض خضر وقباب من حَرِير عِنْدهم ثَوْر وحوت يلغثانهم كل يَوْم بِشَيْء لم يلغثاه بالْأَمْس يظل الْحُوت فِي أَنهَار الْجنَّة فيأكل من كل رَائِحَة من أَنهَار الْجنَّة فَإِذا أَمْسَى وكزه الثور بقرنه فذكاه بِذَنبِهِ فَأَكَلُوا من لَحْمه فوجدوا فِي طعم لَحْمه كل رَائِحَة من ريح الْجنَّة ويبيت الثور نافشا فِي الْجنَّة ينظرُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ يدعونَ الله بِقِيَام السَّاعَة وَإِذا توفى الله العَبْد الْمُؤمن أرسل إِلَيْهِ ملكَيْنِ بِخرقَة من الْجنَّة وَرَيْحَان من ريحَان الْجنَّة فَقَالَا أيتها النَّفس الطّيبَة أَخْرِجِي إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان أَخْرِجِي فَنعم مَا قدمت فَتخرج كأطيب رَائِحَة مسك وجدهَا أحدكُم بِأَنْفِهِ وعَلى أرجاء السَّمَاء مَلَائِكَة يَقُولُونَ سُبْحَانَ الله لقد جَاءَ من الأَرْض الْيَوْم روح طيبَة فَلَا يمر بِبَاب إِلَّا فتح لَهُ وَلَا ملك إِلَّا صلى عَلَيْهِ وشفع حَتَّى يُؤْتى بِهِ ربه عز وَجل فتسجد الْمَلَائِكَة قبله ثمَّ يَقُولُونَ رَبنَا هَذَا عَبدك فلَان توفيناه وَأَنت أعلم بِهِ فَيَقُول مروه بِالسُّجُود فتسجد النَّسمَة ثمَّ يدعى مِيكَائِيل فَيُقَال إجعل هَذِه النَّسمَة مَعَ أنفس الْمُؤمنِينَ حَتَّى أَسأَلك عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة فَيُؤْمَر بقبره فيوسع لَهُ طوله سَبْعُونَ وَعرضه سَبْعُونَ وينبذ فِيهِ الريحان ويبسط فِيهِ الْحَرِير وَإِن كَانَ مَعَه شَيْء من الْقُرْآن نورة وَإِلَّا جعل لَهُ نور مثل نور الشَّمْس ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَينْظر إِلَى مَقْعَده فِي الْجنَّة بكره وعشيا وَإِذا توفى الله العَبْد الْكَافِر أرسل إِلَيْهِ ملكَيْنِ وَأرْسل إِلَيْهِ بِقِطْعَة بجاد أنتن من كل نَتن وأخشن من كل خشن فَقَالَا أيتها النَّفس الخبيثة أَخْرِجِي إِلَى جَهَنَّم وَعَذَاب أَلِيم وَرب عَلَيْك ساخط أَخْرِجِي فسَاء مَا قدمت فَتخرج كأنتن جيفة وجدهَا أحدكُم بِأَنْفِهِ قطّ وعَلى أرجاء السَّمَاء مَلَائِكَة يَقُولُونَ سُبْحَانَ الله لقد جَاءَ من الأَرْض جيفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 ونسمة خبيثة لَا تفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء فَيُؤْمَر بجسده فيضيق عَلَيْهِ فِي الْقَبْر ويملأ حيات مثل أَعْنَاق البخت تَأْكُل لَحْمه فَلَا تدع من عِظَامه شَيْئا ثمَّ يُرْسل عَلَيْهِ مَلَائِكَة صم عمي مَعَهم فطاطيس من حَدِيد لَا يبصرونه فيرحمونه وَلَا يسمعُونَ صَوته فيرحمون فَيَضْرِبُونَهُ ويخبطونه وَيفتح لَهُ بَاب من نَار فَينْظر إِلَى مَقْعَده من النَّار بكرَة وَعَشِيَّة يسْأَل الله أَن يديم ذَلِك عَلَيْهِ فَلَا يصل إِلَى مَا وَرَاءه من النَّار الريطة بِفَتْح الرَّاء والطاء الْمُهْملَة وَسُكُون التَّحْتِيَّة بَينهمَا الملاءة إِذا كَانَت قِطْعَة وَاحِدَة لم تكن لفقين ويلغثانهم بِمُعْجَمَة ومثلثة يوكلانهم والنفش الرَّعْي لَيْلًا وأرجاء السَّمَاء نَوَاحِيهَا والبجاد الكساد الغليظ والفطاطيس جمع فطيس بِكَسْر الْفَاء والطاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة بِوَزْن فسيق المطرقة الْعَظِيمَة 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ واللالكائي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ تخرج نفس الْمُؤمن وَهِي أطيب ريحًا من الْمسك فتصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ من هَذَا مَعكُمْ فَيَقُولُونَ فلَان ويذكرونه بِأَحْسَن عمله فَيَقُولُونَ حياكم الله وَحيا من مَعكُمْ فتفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فيشرق وَجهه فَيَأْتِي الرب ولوجهه برهَان مثل الشَّمْس قَالَ وَأما الْكَافِر فَتخرج نَفسه وَهِي أنتن من الجيفة فتصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ من هَذَا مَعكُمْ فَيَقُولُونَ فلَان ويذكرونه بِأَسْوَأ عمله فَيَقُولُونَ ردُّوهُ فَمَا ظلمه الله شَيْئا وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} وَأخرجه أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ نَحوه وَفِيه فيصعد بِهِ من الْبَاب الَّذِي كَانَ يصعد عمله مِنْهُ وَفِي آخِره بعد ردُّوهُ فَيرد إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين إِلَى الثرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 18 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد من طَرِيق شمر بن خطية أَن إِبْنِ عَبَّاس سَأَلَ كَعْب الْأَحْبَار عَن قَوْله تَعَالَى {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين} قَالَ إِن روح الْمُؤمن إِذا قبضت عرج بهَا إِلَى السَّمَاء فتفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وتلقاها الْمَلَائِكَة بالبشرى حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى الْعَرْش وتعرج الْمَلَائِكَة فَتخرج لَهَا تَحت الْعَرْش رقا فيختم ويرقم وَيُوضَع تَحت الْعَرْش لمعْرِفَة النجَاة لِلْحسابِ يَوْم الْقِيَامَة فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون كتاب مرقوم} قَالَ وَقَوله {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} قَالَ إِن روح الْفجار يصعد بهَا إِلَى السَّمَاء فتأبى السَّمَاء أَن تقبلهَا فيهبط بهَا إِلَى الأَرْض فتأبى الأَرْض أَن تقبلهَا فَيدْخل بهَا تَحت سبع أَرضين حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى سِجِّين وَهُوَ خد إِبْلِيس فَيخرج لَهَا من تَحت خد إِبْلِيس كتاب فيختم وَيُوضَع تَحت خد إِبْلِيس لهلاكه لِلْحسابِ وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين كتاب مرقوم} 19 - وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ إِذا عرج بِروح الْمُؤمن إِلَى السَّمَاء قَالَت الْمَلَائِكَة سُبْحَانَ الَّذِي نجى هَذَا العَبْد من الشَّيْطَان يَا ويحه كَيفَ نجا 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَقيل من راق} قَالَ قيل من يرقى بِرُوحِهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة أَو مَلَائِكَة الْعَذَاب 21 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد الرقاشِي فِي قَوْله تَعَالَى {وَقيل من راق} قَالَ تَقول الْمَلَائِكَة بَعضهم لبَعض من أَي بَاب يرتقي بِعَمَلِهِ فيرتقي فِيهِ بِرُوحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 22 - وَأخرج عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ النَّاس يجهزون بدنه وَالْمَلَائِكَة تجهز روحه 23 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن رجلا كَانَ يعْمل السَّيِّئَات وَقتل سبعا وَتِسْعين نفسا كلهَا يقتل ظلما بِغَيْر حق فَخرج فَأتى ديرانيا فَقَالَ يَا رَاهِب إِن رجلا كَانَ يعْمل السَّيِّئَات وَقتل سبعا وَتِسْعين نفسا كلهَا تقتل ظلما بِغَيْر حق فَهَل لَهُ من تَوْبَة فَقَالَ لَا فَضَربهُ فَقتله ثمَّ أَتَى آخر فَقَالَ لَهُ مثل مَا قَالَ لصَاحبه فَقَالَ لَهُ لَيْسَ لَك تَوْبَة فَقتله أَيْضا ثمَّ أَتَى آخر فَقَالَ لَهُ مثل مَا قَالَ لصَاحبه فَقَالَ لَهُ لَيْسَ لَك تَوْبَة فَقتله أَيْضا ثمَّ أَتَى رَاهِبًا آخر فَقَالَ لَهُ إِن الآخر لم يدع من الشَّرّ شَيْئا إِلَّا عمله قد قتل مائَة نفس كلهَا تقتل ظلما بِغَيْر حق فَهَل لَهُ من تَوْبَة فَقَالَ لَهُ وَالله لَئِن قلت لَك إِن الله لَا يَتُوب على من تَابَ إِلَيْهِ لقد كذبت هَا هُنَا دير فِيهِ قوم متعبدون فائتهم فاعبد الله مَعَهم فَخرج تَائِبًا حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق بعث الله إِلَيْهِ ملكا فَقبض نَفسه فحضرته مَلَائِكَة الْعَذَاب وملائكة الرَّحْمَة فاختصموا فِيهِ فَبعث الله إِلَيْهِم ملكا فَقَالَ لَهُم إِلَى أَي الديرين كَانَ أقرب فَهُوَ مِنْهُم فقاسوا مَا بَينهمَا فوجدوه أقرب إِلَى دير التوابين بقيس أُنْمُلَة فغفر لَهُ وأصل الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ بِاخْتِصَار وَفِيه فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى هَذِه أَن تقربي وَإِلَى هَذِه أَن تباعدي وَورد أَيْضا من حَدِيث إِبْنِ عمر والمقدام بن معد يكرب وَأبي هُرَيْرَة 24 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وإبن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ إِذا أحتضر الْمُؤمن حَضَره خَمْسمِائَة ملك فيقبضون روحه فيعرجون بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَتَلقاهُمْ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ الْمَاضِيَة فيريدون أَن يستخبروه فَتَقول لَهُم الْمَلَائِكَة إرفقوا بِهِ فَإِنَّهُ خرج من كرب عَظِيم ثمَّ يستخبرونه حَتَّى يستخبر الرجل عَن أَخِيه وَعَن صَاحبه فَيَقُول هُوَ كَمَا عهِدت حَتَّى يستخبروه عَن إِنْسَان قد مَاتَ قبله فَيَقُول أَو مَا أَتَى عَلَيْكُم فَيَقُولُونَ أَو قد هلك فَيَقُول إِي وَالله فَيَقُولُونَ أرَاهُ قد ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية فبئست الْأُم وبئست المربية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 25 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ بلغنَا أَن الْمُؤمن يسْتَقْبل عِنْد مَوته بِطيب من طيب الْجنَّة وَرَيْحَان من ريحَان الْجنَّة فتقبض روحه فتجعل فِي حريرة من حَرِير الْجنَّة ثمَّ ينضح بذلك الطّيب ويلف فِي الريحان ثمَّ ترتقي بِهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة حَتَّى يَجْعَل فِي عليين 26 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لَا يقبض الْمُؤمن حَتَّى يرى الْبُشْرَى فَإِذا قبض نَادَى فَلَيْسَ فِي الدَّار دَابَّة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا وَهِي تسمع صَوته إِلَّا الثقلَيْن الْإِنْس وَالْجِنّ يَقُول عجلوا بِي إِلَى أرْحم الرَّاحِمِينَ فَإِذا وضع على سَرِيره قَالَ مَا أَبْطَأَ مَا تمشون فَإِذا أَدخل فِي لحده أقعد فأري مَقْعَده من الْجنَّة وَمَا أعد الله لَهُ وملىء قَبره من روح وَرَيْحَان ومسك فَيَقُول يَا رب قدمني فَيُقَال لم يَأن لَك إِن لَك إخْوَة وأخوات لما يلْحقُوا وَلَكِن نم قرير الْعين قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا نَام نَائِم طاعم ناعم وَلَا فتاة فِي الدُّنْيَا نومَة بأقصر وَلَا أحلى من نومته حَتَّى يرفع رَأسه إِلَى الْبُشْرَى يَوْم الْقِيَامَة 27 - وَأخرج إِبْنِ مرْدَوَيْه وإبن مَنْدَه بِسَنَد ضَعِيف جدا عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من نفس تفارق الدُّنْيَا حَتَّى ترى مقعدها من الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ قَالَ فَإِذا كَانَ عِنْد ذَلِك صف لَهُ سماطان من الْمَلَائِكَة ينتظمان مَا بَين الْخَافِقين كَأَن وُجُوههم الشَّمْس فَينْظر إِلَيْهِم مَا يرى غَيرهم وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ أَنه ينظر إِلَيْكُم مَعَ كل ملك مِنْهُم أكفان وحنوط فَإِن كَانَ مُؤمنا بشروه بِالْجنَّةِ وَقَالُوا أَخْرِجِي أيتها النَّفس الطّيبَة إِلَى رضوَان الله وجنته فقد أعد الله لَك من الْكَرَامَة مَا هُوَ خير لَك من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَلَا يزالون يُبَشِّرُونَهُ ويحفون بِهِ فَلهم ألطف بِهِ وأرأف من الوالدة بِوَلَدِهَا ثمَّ يسلون روحه من تَحت كل ظفر ومفصل وَيَمُوت الأول فَالْأول ويهون عَلَيْهِ وَإِن كُنْتُم تَرَوْنَهُ شَدِيدا حَتَّى تبلغ ذقنه فلهي أَشد كَرَاهِيَة لِلْخُرُوجِ من الْجَسَد من الْوَلَد حِين يخرج من الرَّحِم فيبتدرها كل ملك مِنْهُم أَيهمْ يقبضهَا فيتولى قبضهَا ملك الْمَوْت ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم} فيتلقاها بأكفان بيض ثمَّ يحتضنها إِلَيْهِ فَلَهو أَشد لُزُوما لَهَا من الْمَرْأَة لولدها ثمَّ يفوح مِنْهَا ريح أطيب من ريح الْمسك فيستنشقون رِيحهَا ويتباشرون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 بهَا وَيَقُولُونَ مرْحَبًا بِالرِّيحِ الطّيبَة وَالروح الطّيب اللَّهُمَّ صل على روح وعَلى جَسَد خرجت مِنْهُ فيصعدون بهَا إِلَى الله وَللَّه خلق فِي الْهَوَاء لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا هُوَ فيفوح لَهُم مِنْهَا ريح أطيب من الْمسك فيصلون عَلَيْهَا ويتباشرون بهَا وتفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء فَيصَلي عَلَيْهَا كل ملك فِي كل سَمَاء تمر بهم حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى الْملك الْجَبَّار فَيَقُول الْملك الْجَبَّار تَعَالَى مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة وبجسد خرجت مِنْهُ وَإِذا قَالَ الرب للشَّيْء مرْحَبًا رحب لَهُ كل شَيْء وَيذْهب عَنهُ كل ضيق ثمَّ يَقُول لهَذِهِ النَّفس الطّيبَة أدخلوها الْجنَّة وأروها مقعدها من الْجنَّة واعرضوا عَلَيْهَا مَا أَعدَدْت لَهَا من الْكَرَامَة وَالنَّعِيم ثمَّ إذهبوا بهَا إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت أَنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لهي أَشد كَرَاهِيَة لِلْخُرُوجِ مِنْهَا حِين كَانَت تخرج من الْجَسَد وَتقول أَيْن تذهبون بِي إِلَى ذَلِك الْجَسَد الَّذِي كنت فِيهِ فَيَقُولُونَ إِنَّا مأمورون بِهَذَا فَلَا بُد لَك مِنْهُ فيهبطون بهَا على قدر فراغهم من غسله وأكفانه فَيدْخلُونَ ذَلِك الرّوح بَين جسده وأكفانه السماطان من النَّاس الجانبان 28 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ إِن الْكَافِر إِذا أخذت روحه ضَربته مَلَائِكَة الأَرْض حَتَّى يرْتَفع فِي السَّمَاء فَإِذا بلغ السَّمَاء ضَربته مَلَائِكَة السَّمَاء فهبط فضربته مَلَائِكَة الأَرْض فارتفع فضربته مَلَائِكَة السَّمَاء الدُّنْيَا فهبط إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين 29 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن ربعي بن حِرَاش قَالَ أتيت فَقيل لي قد مَاتَ أَخُوك فَجئْت سَرِيعا وَقد سجي بِثَوْبِهِ فَأَنا عِنْد رَأس أخي أسْتَغْفر لَهُ وأسترجع إِذْ كشف الثَّوْب عَن وَجهه فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم فَقُلْنَا وَعَلَيْك السَّلَام سُبْحَانَ الله قَالَ سُبْحَانَ الله إِنِّي قد مت على الله بعدكم فتلقيت بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان وكساني ثيابًا خضرًا من سندس وإستبرق وَوجدت الْأَمر أيسر مِمَّا تظنون وَلَا تتكلوا وَإِنِّي أستأذنت رَبِّي أخْبركُم وأبشركم إحملوني إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ عهد إِلَيّ أَن لَا أَبْرَح حَتَّى آتيه ثمَّ طفا مَكَانَهُ 30 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن ربعي قَالَ كُنَّا أَرْبَعَة إخْوَة وَكَانَ الرّبيع أخي أكثرنا صَلَاة وأكثرنا صياما فِي الهواجر وَإنَّهُ توفّي فَبينا نَحن حوله وَقد بعثنَا من يبْتَاع لنا كفنا إِذْ كشف الثَّوْب عَن وَجهه فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم فَقُلْنَا وَعَلَيْكُم السَّلَام أبعد الْمَوْت قَالَ نعم إِنِّي لقِيت رَبِّي بعدكم فَلَقِيت رَبًّا غير غَضْبَان فاستقبلني بِروح وَرَيْحَان وإستبرق أَلا وَإِن أَبَا الْقَاسِم ينْتَظر الصَّلَاة عَليّ فعجلوا بِي وَلَا تؤخروني ثمَّ طفا فنمي الحَدِيث إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت أما إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يتَكَلَّم رجل من أمتِي بعد الْمَوْت قَالَ أَبُو نعيم حَدِيث مَشْهُور وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَقَالَ صَحِيح لَا شكّ فِي صِحَّته 31 - وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن أبان بن أبي عَيَّاش قَالَ حَضَرنَا وَفَاة مُورق الْعجلِيّ فَلَمَّا سجي وَقُلْنَا قد قضى رَأينَا نورا ساطعا قد سَطَعَ من عِنْد رَأسه حَتَّى خرق السّقف ثمَّ رَأينَا نورا قد سَطَعَ من عِنْد رجلَيْهِ مثل الأول ثمَّ رَأينَا نورا سَطَعَ من وَسطه فَمَكثْنَا سَاعَة ثمَّ إِنَّه كشف الثَّوْب عَن وَجهه فَقَالَ هَل رَأَيْتُمْ شَيْئا قُلْنَا نعم وأخبرناه بِمَا رَأينَا فَقَالَ تِلْكَ سُورَة السَّجْدَة قد كنت أقرؤها فِي كل لَيْلَة والنور الَّذِي رَأَيْتُمْ عِنْد رَأْسِي أَربع عشرَة آيَة من أَولهَا والنور الَّذِي رَأَيْتُمْ عِنْد رجْلي أَربع عشرَة آيَة من آخرهَا والنور الَّذِي رَأَيْتُمْ فِي وسطي آيَة السَّجْدَة بِنَفسِهَا صعدت تشفع لي وَبقيت سُورَة تبَارك تحرسني ثمَّ قضى 32 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت من طَرِيق آخر عَن مُورق الْعجلِيّ قَالَ عدنا رجلا وَقد أُغمي عَلَيْهِ فَخرج نور من رَأسه حَتَّى أَتَى السّقف فخرقه فَمضى ثمَّ خرج نور من سرته حَتَّى فعل مثل ذَلِك ثمَّ خرج نور من رجلَيْهِ حَتَّى فعل مثل ذَلِك ثمَّ أَفَاق فَقُلْنَا لَهُ هَل علمت مَا كَانَ مِنْك قَالَ نعم أما النُّور الَّذِي خرج من رَأْسِي فأربع عشرَة آيَة من أول {الم تَنْزِيل} وَأما النُّور الَّذِي خرج من سرتي فآية السَّجْدَة وَأما النُّور الَّذِي خرج من رجْلي فآخر سُورَة السَّجْدَة ذهبن يشفعن لي وَبقيت تبَارك عِنْدِي تحرسني وَكنت أقرأهما كل لَيْلَة 33 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا أَيْضا وإبن سعد من طَرِيق آخر عَن ثَابت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الْبنانِيّ أَنه ورجلا آخر دخلا على مطرف بن عبد الله الشخير يعودانه فوجداه مغمى عَلَيْهِ قَالَ فسطعت مِنْهُ ثَلَاثَة أنوار نور من رَأسه وَنور من وَسطه وَنور من رجلَيْهِ فهالنا ذَلِك فَلَمَّا أَفَاق قُلْنَا لَهُ لقد رَأينَا شَيْئا هالنا قَالَ وَمَا هُوَ فَأَخْبَرنَاهُ قَالَ ورأيتم ذَلِك قُلْنَا نعم قَالَ تِلْكَ {الم} السَّجْدَة وَهِي تسع وَعِشْرُونَ آيَة سَطَعَ أَولهَا من رَأْسِي وأوسطها من وسطي وَآخِرهَا من رجْلي وَقد صعدت تشفع لي وَهَذِه {تبَارك} تحرسني قَالَ فَمَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى 34 - وَأخرج أَبُو الْحسن بن السّري فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم أَن ابْن الْمُنْكَدر كَانَ يرى مَعَه نورا فَلَمَّا أحتضر قيل لَهُ النُّور الَّذِي كنت ترَاهُ فِي حياتك قَالَ هُوَ ذَا هُوَ 35 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْحَارِث الغنوي قَالَ آلى ربيع بن حِرَاش أَن لَا تفتر أَسْنَانه ضَاحِكا حَتَّى يعلم أَيْن مصيره فَمَا ضحك إِلَّا بعد مَوته وآلى أَخُوهُ ربعي بعده أَن لَا يضْحك حَتَّى يعلم أَفِي الْجنَّة هُوَ أم فِي النَّار قَالَ الْحَارِث فَلَقَد أَخْبرنِي غاسلة أَنه لم يزل مُبْتَسِمًا على سَرِيره وَنحن نغسله حَتَّى فَرغْنَا مِنْهُ 36 - وَأخرج عَن مُغيرَة بن خلف أَن رؤبة إبنة بيجان مَاتَت فغسلوها وكفنوها ثمَّ إِنَّهَا تحركت فَنَظَرت إِلَيْهِم فَقَالَت أَبْشِرُوا فَإِنِّي وجدت الْأَمر أيسر مِمَّا كُنْتُم تخوفوني وَوجدت لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع رحم وَلَا مدمن خمر وَلَا مُشْرك 37 - وَأخرج عَن خلف بن حَوْشَب قَالَ مَاتَ رجل بِالْمَدَائِنِ وسجي فحرك الثَّوْب فَقَالَ بِهِ فكشفه عَنهُ فَقَالَ قوم مخضبة لحاهم فِي هَذَا الْمَسْجِد يلعنون أَبَا بكر وَعمر ويتبرؤون مِنْهُمَا الَّذين جاؤوني يقبضون روحي يلعنونهم ويتبرؤون مِنْهُم ثمَّ عَاد مَيتا كَمَا كَانَ 38 - وَأخرج من طَرِيق آخر عَن عبد الْملك بن عمر وَعَن أبي الخصيب بشير وَلَفظه دخلت على ميت بِالْمَدَائِنِ وعَلى بَطْنه لبنة فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك إِذْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وثب وثبة ندرت اللبنة عَن بَطْنه وَهُوَ يُنَادي بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور فَلَمَّا رأى ذَلِك أَصْحَابه تصدعوا فدنوت مِنْهُ وَقلت مَا رَأَيْت وَمَا حالك قَالَ صَحِبت مشيخة من أهل الْكُوفَة فأدخلوني فِي رَأْيهمْ على سبّ أبي بكر وَعمر والبراءة مِنْهُمَا قلت فَاسْتَغْفر الله وَلَا تعد قَالَ وَمَا يَنْفَعنِي وَقد إنطلقوا بِي إِلَى مدخلي من النَّار فأريته ثمَّ قيل لي إِنَّك سترجع إِلَى أَصْحَابك فتحدثهم بِمَا رَأَيْت ثمَّ تعود إِلَى حالك الأولى فَمَا أَدْرِي إنقضت كَلمته أم عَاد مَيتا على حَالَته الأولى 39 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن أبي معشر قَالَ مَاتَ رجل عندنَا بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا وضع على مغتسله ليغسل إستوى قَاعِدا ثمَّ أَهْوى بِيَدِهِ إِلَى عَيْنَيْهِ فَقَالَ تبصر عَيْني تبصر عَيْني تبصر عَيْني إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان وَإِلَى الْحجَّاج بن يُوسُف يسحبان أمعاءهما فِي النَّار ثمَّ عَاد مُضْطَجعا كَمَا كَانَ 40 - وَأخرج هُوَ وإبن أبي الدُّنْيَا عَن زيد بن أسلم قَالَ أُغمي على الْمسور بن مخرمَة ثمَّ أَفَاق فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي الرفيق الْأَعْلَى وَعبد الْملك وَالْحجاج يجران أمعاءهما فِي النَّار وَكَانَت هَذِه الْقَضِيَّة قبل ولَايَة عبد الْملك وَالْحجاج بدهر فَإِن الْمسور توفّي بِمَكَّة يَوْم جَاءَ نعي يزِيد بن مُعَاوِيَة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَولَايَة الْحجَّاج بعد السّبْعين 41 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا بِسَنَد فِيهِ مُتَّهم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بَيْنَمَا نَحن جُلُوس حول مَرِيض لنا إِذْ هدأ وَسكن حَتَّى مَا يَتَحَرَّك مِنْهُ عرق فسجيناه وأغمضناه وَأَرْسَلْنَا إِلَى ثِيَابه وسدره وسريره فَلَمَّا ذَهَبْنَا لنغسله تحرّك فَقُلْنَا سُبْحَانَ الله مَا كُنَّا نرَاك إِلَّا قد مت قَالَ فَإِنِّي قد مت وَذهب بِي إِلَى قَبْرِي فَإِذا إِنْسَان حسن الْوَجْه طيب الرّيح قد وضعني فِي لحدي وطواه بالقراطيس إِذْ جَاءَت إنسانة سَوْدَاء مُنْتِنَة الرّيح فَقَالَت هَذَا صَاحب كَذَا وَهَذَا صَاحب كَذَا أَشْيَاء وَالله أستحي مِنْهَا كَأَنَّمَا أقلعت عَنْهَا ساعتئذ قَالَ قلت أنْشدك الله أَن تدعني وَهَذِه قَالَت إنطلق نخاصمك فَانْطَلَقت إِلَى دَار فيحاء وَاسِعَة فِيهَا مصطبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 من فضَّة فِي نَاحيَة مِنْهَا مَسْجِد وَرجل قَائِم يُصَلِّي فَقَرَأَ سُورَة النَّحْل فتردد فِي مَكَان مِنْهَا ففتحت عَلَيْهِ فَانْفَتَلَ فَقَالَ السُّورَة مَعَك قلت نعم قَالَ أما إِنَّهَا سُورَة النعم قَالَ وَرفع وسَادَة قريبَة مِنْهُ فَأخْرج صحيفَة فَنظر فِيهَا فبدرته السَّوْدَاء فَقَالَت فعل كَذَا وَفعل كَذَا قَالَ وَجعل الْحسن الْوَجْه يَقُول وَفعل كَذَا وَفعل كَذَا وَفعل كَذَا يذكر محاسني قَالَ فَقَالَ الرجل عبد ظَالِم لنَفسِهِ وَلَكِن الله تجَاوز عَنهُ لم يجىء أجل هَذَا بعد أجل هَذَا يَوْم الْإِثْنَيْنِ قَالَ فَقَالَ لَهُم أنظروا فَإِن مت يَوْم الْإِثْنَيْنِ فارجوا لي مَا رَأَيْت وَإِن لم أمت يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ هذيان الوجع قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ صَحَّ حَتَّى حدر بعد الْعَصْر ثمَّ أَتَاهُ أَجله فَمَاتَ 42 - وَأخرج عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ أستقضي رجل من بني إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ إِنِّي أرى أَنِّي هَالك فِي مرضِي هَذَا فَإِن هَلَكت فاحبسوني عنْدكُمْ أَرْبَعَة أَيَّام أَو خَمْسَة أَيَّام فَإِن رَأَيْتُمْ مني شَيْء فلينادني رجل مِنْكُم فَلَمَّا قضى جعل فِي تَابُوت فَلَمَّا كَانَ ثَلَاثَة أَيَّام آذاهم رِيحه فناداه رجل مِنْهُم يَا فلَان مَا هَذِه الرّيح فَأذن لَهُ فَتكلم فَقَالَ قد وليت الْقَضَاء فِيكُم أَرْبَعِينَ سنة فَمَا رَابَنِي شَيْء إِلَّا رجلَيْنِ أتياني فَكَانَ لي فِي أَحدهمَا هوى فَكنت أسمع مِنْهُ بأذني الَّتِي تليه أَكثر مِمَّا أسمع بِالْأُخْرَى فَهَذِهِ الرّيح مِنْهَا وَضرب الله على أُذُنه فَمَاتَ 43 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طرق عَن قُرَّة بن خَالِد قَالَ عرج بِروح إمرأة من أهلنا أَيَّامًا سَبْعَة لَا يمنعهُم من دَفنهَا إِلَّا عرق يَتَحَرَّك فِي وريدها ثمَّ إِنَّهَا تَكَلَّمت فَقَالَت مَا فعل جَعْفَر بن الزبير وَكَانَ جَعْفَر قد مَاتَ فِي تِلْكَ الْأَيَّام الَّتِي لَا تعقل فِيهَا فَقلت قد مَاتَ فَقَالَت وَالله لقد رَأَيْته فِي السَّمَاء السَّابِعَة وَالْمَلَائِكَة يتباشرون بِهِ أعرفهُ فِي أَكْفَانه وهم يَقُولُونَ قد جَاءَ المحسن قد جَاءَ المحسن 44 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن صَالح بن يحيى قَالَ أَخْبرنِي جَار لي أَن رجلا عرج بِرُوحِهِ فَعرض عَلَيْهِ عمله قَالَ فَلم أَرِنِي إستغفرت من ذَنْب إِلَّا غفر لي وَلم أر ذَنبا لم أسْتَغْفر مِنْهُ إِلَّا وجدته كَمَا هُوَ حَتَّى حَبَّة رمان كنت التقطتها يَوْمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 فَكتب لي بهَا حَسَنَة وَقمت لَيْلَة أُصَلِّي فَرفعت صوتي فَسمع جَار لي فَقَامَ فصلى فَكتب لي بهَا حَسَنَة وَأعْطيت يَوْمًا مِسْكينا درهما عِنْد قوم لم أعْطه إِلَّا من أَجلهم فَوَجَدته لَا لي وَلَا عَليّ 45 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن ابْن الْمَاجشون قَالَ عرج بِروح أبي الْمَاجشون فوضعناه على سَرِير الْغسْل وَقُلْنَا للنَّاس نروح بِهِ فَدخل غاسل إِلَيْهِ فَرَأى عرقا يَتَحَرَّك من أَسْفَل قَدَمَيْهِ فأخرناه فَلَمَّا كَانَ بعد ثَلَاث إستوى جَالِسا وَقَالَ ائْتُونِي بسويق فَأتي بِهِ فشربه فَقُلْنَا لَهُ أخبرنَا بِمَا رَأَيْت قَالَ نعم إِنَّه عرج بروحي فَصَعدَ بِي الْملك حَتَّى أَتَى سَمَاء الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ فَفتح لَهُ ثمَّ هَكَذَا فِي السَّمَوَات حَتَّى إنتهى إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَقيل لَهُ من مَعَك قَالَ الْمَاجشون فَقيل لَهُ لم يَأن لَهُ بَقِي من عمره كَذَا وَكَذَا ثمَّ هَبَط فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَيْت أَبَا بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن يسَاره وَرَأَيْت عمر بن عبد الْعَزِيز بَين يَدَيْهِ فَقلت للَّذي معي من هَذَا قَالَ أَو مَا تعرفه قلت إِنِّي أَحْبَبْت أَن أستثبت قَالَ هَذَا عمر بن عبد الْعَزِيز قلت إِنَّه لقريب المقعد من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّه عمل بِالْحَقِّ فِي زمن الْجور وهما عملا بِالْحَقِّ فِي زمن الْحق 46 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وإبن عَسَاكِر من طَرِيق عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ مرض مَرضا فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ظنُّوا أَنه قد فاضت نَفسه فَقَامُوا من عِنْده وجللوه ثوبا ثمَّ أَفَاق فَقَالَ إِنَّه أَتَانِي ملكان فظان غليظان فَقَالَا إنطلق بِنَا نحاكمك إِلَى الْعَزِيز الْأمين فذهبا بِي فلقيهما ملكان هما أرق مِنْهُمَا وأرحم فَقَالَا أَيْن تذهبان بِهِ قَالَا نحاكمه إِلَى الْعَزِيز الْأمين قَالَا دَعَاهُ فَإِنَّهُ مِمَّن سبقت لَهُ السَّعَادَة وَهُوَ فِي بطن أمه وعاش بعد ذَلِك شهرا ثمَّ توفّي رَضِي الله عَنهُ 47 - وَأخرج أَبُو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات عَن سَلام بن سلم قَالَ زاملت الْفضل بن عَطِيَّة إِلَى مَكَّة فَلَمَّا دَخَلنَا من فيد نبهني فِي جَوف اللَّيْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 قلت مَا تشَاء قَالَ أُرِيد أَن أوصِي إِلَيْك قلت أَنْت صَحِيح قَالَ أريت فِي مَنَامِي ملكَيْنِ فَقَالَا أمرنَا بِقَبض روحك فَقلت لَو أخرتماني إِلَى أَن أَقْْضِي نسكي فَقَالَا إِن الله قد تقبل نسكك ثمَّ قَالَ أَحدهمَا للْآخر إفتح أصبعيك السبابَة وَالْوُسْطَى فَخرج من بَينهمَا ثَوْبَان مَلَأت خضرتهما مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَقَالَا هَذَا كفنك من الْجنَّة ثمَّ طواه وَجعله بَين أصبعيه فَمَا وردنا الْمنزل حَتَّى قبض 48 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه حَدثنَا سُفْيَان عَن عَطاء أَن سلمَان أصَاب مسكا فاستودعه إمرأته فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت قَالَ أَيْن الَّذِي كنت إستودعتك قَالَت هُوَ ذَا قَالَ فأديفيه بِالْمَاءِ ورشيه حول فِرَاشِي فَإِنَّهُ يحضرني خلق من خلق الله لَا يَأْكُلُون الطَّعَام وَلَا يشربون الشَّرَاب ويجدون الرّيح قَوْله فأديفيه بدال مُهْملَة وَفَاء قَالَ فِي الصِّحَاح دفت الدَّوَاء وَغَيره أَي بللته بِمَاء أَو بِغَيْرِهِ ومسك مدوف أَي مبلول وَيُقَال مسحوق 49 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي بكرَة قَالَ إِذا حضر الرجل الْمَوْت يُقَال للْملك شم رَأسه قَالَ أجد فِي رَأسه الْقُرْآن قَالَ شم قلبه قَالَ أجد فِي قلبه الصّيام قَالَ شم قَدَمَيْهِ قَالَ أجد فِي قَدَمَيْهِ الْقيام قَالَ حفظ نَفسه حفظه الله 50 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن سُفْيَان عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَنه أَصَابَهُ الطَّاعُون فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ أَتَانِي إثنان فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه أَي شَيْء تَجِد قَالَ أجد تسبيحا وتكبيرا وخطوا إِلَى الْمَسْجِد وشيئا من قِرَاءَة الْقُرْآن وَلم يكن يحفظه كُله 51 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَنه مرض مَرضا شَدِيدا فَقَالَ نظرت إِلَى رجل قد أقبل ضخم الهامة ضخم المناكب كَأَنَّهُ من هَؤُلَاءِ الَّذين يُقَال لَهُم الزط قَالَ فَلَمَّا رَأَيْته استرجعت فَقلت تقبضني هَل أَنا كَافِر قَالَ وَسمعت أَنه يقبض أنفس الْكفَّار ملك أسود فَبَيْنَمَا أَنا كَذَلِك إِذْ سَمِعت سقف الْبَيْت ينْقض ثمَّ إنفرج حَتَّى رَأَيْت السَّمَاء ثمَّ نزل عَليّ رجل عَلَيْهِ ثِيَاب بيض ثمَّ اتبعهُ آخر فصارا إثنين فصاحا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 بالأسود فَأَدْبَرَ وَجعل ينظر إِلَيّ من بعيد وهما يزجرانه فَجَلَسَ وَاحِد مِنْهُمَا عِنْد رَأْسِي وَالْآخر عِنْد رجْلي فَقَالَ صَاحب الرَّأْس لصَاحب الرجلَيْن الْمس فلمس بَين أصابعي ثمَّ قَالَ لَهُ أَجِدهُ كثير النَّقْل بهما إِلَى الصَّلَاة ثمَّ قَالَ صَاحب الرجلَيْن لصَاحب الرَّأْس الْمس فلمس لهواتي ثمَّ قَالَ رطبَة بِذكر الله 52 - وَأخرج اللالكائي فِي السّنة من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن الْقَاسِم بن مخيمرة قَالَ كَانَ لأبي قلَابَة الْجرْمِي ابْن أَخ يرتكب الْمَحَارِم فاحتضر فجَاء طائران أبيضان يشبهان النسرين فَجَلَسَا فِي كوَّة الْبَيْت فَقَالَ أحد الطائرين لصَاحبه إنزل ففتشه فغرق منقاره فِي جَوْفه وَذَاكَ بِعَين أبي قلَابَة فَقَالَ الطَّائِر لصَاحبه الله أكبر إنزل فقد وجدت فِي جَوْفه تَكْبِيرَة كبرها فِي سَبِيل الله على سور أنطاكية فَأخْرج الطَّائِر خرقَة بَيْضَاء فلفا روحه فِي الْخِرْقَة ثمَّ احتملاها ثمَّ قَالَا يَا أَبَا قلَابَة قُم إِلَى ابْن أَخِيك فادفنه فَإِنَّهُ من أهل الْجنَّة وَكَانَ أَبُو قلَابَة عِنْد النَّاس مرضيا فَخرج إِلَى النَّاس فَأخْبرهُم بِالَّذِي رأى فَمَا رَأَيْت جَنَازَة أَكثر أَهلا مِنْهَا 53 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول من طَرِيق النَّضر بن معبد عَن أبي قلَابَة أَنه كَانَ لَهُ ابْن أَخ ماجن فَاشْتَدَّ مَرضه فَلم يعده فِي مَرضه فَلَمَّا كَانَ فِي السُّوق قَالَ أَبُو قلَابَة هُوَ ابْن أخي وَأمره إِلَى الله فسهر عِنْده تِلْكَ اللَّيْلَة فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ هُوَ بأسودين مَعَهُمَا عتلة فهبطا من سقف الْبَيْت قَالَ أَبُو قلَابَة فَأَسْمع أَحدهمَا يَقُول لصَاحبه إذهب إِلَى هَذَا الرجل هَل تَجِد عِنْده شَيْئا من الْخَيْر فَأقبل فَلَمَّا دنا من ابْن أخي شم رَأسه ثمَّ شم بَطْنه ثمَّ شم قَدَمَيْهِ ثمَّ ذهب إِلَى صَاحبه فأسمعه يَقُول شممت رَأسه فَلم أجد فِي رَأسه شَيْئا من الْقُرْآن وشممت بَطْنه فَلم أَجِدهُ صَامَ يَوْمًا وشممت قَدَمَيْهِ فَلم أَجِدهُ قَامَ لَيْلَة ثمَّ جَاءَ صَاحبه فشم رَأسه ثمَّ شم كفيه ثمَّ شم بَطْنه ثمَّ شم قَدَمَيْهِ فأسمعه يَقُول إِن هَذَا لعجب إِن هَذَا من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيهِ من هَذِه الْخِصَال خصْلَة ثمَّ أبصره فتح فَمه ثمَّ أَخذ بِطرف لِسَانه فعصره ثمَّ أسمعهُ يَقُول الله أكبر أجد لَهُ تَكْبِيرَة كبرها بأنطاكية مخلصا فنفح مِنْهُ ريح الْمسك فَقبض روحه ثمَّ ذهب فأسمعه يَقُول للأسودين وهما على بَاب الْبَيْت إرجعا فَلَيْسَ لَكمَا إِلَيْهِ سَبِيل فَلَمَّا أصبح أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 قلَابَة أخبر النَّاس بِمَا رأى فَقيل يَا أَبَا قلَابَة إِنَّهَا بالساكنة فَقَالَ لَا وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا سَمعتهَا من فَم الْمَلَائِكَة إِلَّا بأنطاكية فأسرع النَّاس إِلَى جَنَازَة ابْن أَخِيه قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ العتلة الفأس إِذا كَانَ نصابه مِنْهُ 54 - وَأخرج اللالكائي فِي الْمسند عَن مَيْمُون الْمرَادِي قَالَ كَانَ عندنَا داعر فَمَاتَ فتحاماه النَّاس فرموا بِهِ على الطَّرِيق فَجَلَست أفكر فِيهِ وتجنب النَّاس لَهُ إِذْ خَفَقت برأسي فَإِذا أَنا بطائرين أبيضين فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه أَدخل فَانْظُر هَل ترى خيرا فَدخل من يأفوخه فَخرج من دبره وَهُوَ يَقُول مَا رَأَيْت خيرا قطّ قَالَ فَلَا تعجل فَدخل الثَّانِي من يأفوخه فَخرج من خصمان قَدَمَيْهِ وَهُوَ يَقُول الله أكبر كلمة لاصقة بطحاله وَهُوَ يَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقلت للنَّاس هلموا 55 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن عَسَاكِر عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ كَانَ لي ابْن أَخ مراهق فغزوت بِهِ معي فَمَرض فَدخلت بعض الصوامع فَقُمْت أُصَلِّي فانشقت الصومعة فَدخل ملكان أبيضان وملكان أسودان فَقعدَ الأبيضان عَن يَمِينه والأسودان عَن يسَاره فلمسه الأبيضان بأيديهما فَقَالَ الأسودان نَحن أَحَق بِهِ قَالَ الأبيضان كلا فَأخذ أحد الأبيضين أصبعيه فأدخلهما فِي فِيهِ فَقلب لِسَانه فَقَالَ الله أكبر نَحن أَحَق بِهِ كبر تَكْبِيرَة يَوْم فتح أنطاكية فَخرج شهر فَأخْبر النَّاس فَحَضَرُوا للصَّلَاة عَلَيْهِ 56 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن مَيْمُونَة بنت سعد قَالَت قلت يَا رَسُول الله هَل يرقد الْجنب قَالَ مَا أحب أَن يرقد حَتَّى يتَوَضَّأ فَإِنِّي أَخَاف أَن يتوفى فَلَا يحضرهُ جِبْرَائِيل 57 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين من طَرِيق مَكْحُول عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ أحضروا أمواتكم وذكروهم فَإِنَّهُم يرَوْنَ مَا لَا ترَوْنَ 58 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَسَعِيد بن مَنْصُور والمروزي فِي كتاب الْجَنَائِز من طَرِيق الْحسن قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أحضروا الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 أمواتكم ولقنوهم لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهُم يرَوْنَ وَيُقَال لَهُم 59 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه والمروزي من طَرِيق مَكْحُول قَالَ قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله واعقلوا مَا تَسْمَعُونَ من المطيعين مِنْكُم فَإِنَّهُ يجلي لَهُم أُمُور صَادِقَة 60 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي مُوسَى قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى تَنْقَطِع معرفَة العَبْد من النَّاس قَالَ إِذا عاين قَالَ الْقُرْطُبِيّ يُرِيد إِذا عاين ملك الْمَوْت أَو الْمَلَائِكَة 61 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن لَيْث بن أبي رقية أَن عمر بن عبد الْعَزِيز لما كَانَ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ رفع رَأسه فأحد النّظر فَقَالُوا لَهُ إِنَّك لتنظر نظرا شَدِيدا قَالَ إِنِّي لأرى حضرا مَا هم بإنس وَلَا جَان ثمَّ قبض 62 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين عَن فضَالة بن دِينَار قَالَ حضرت مُحَمَّد بن وَاسع وَقد حَضَره الْمَوْت فَجعل يَقُول مرْحَبًا بملائكة رَبِّي وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وشممت رَائِحَة طيبَة لم أَشمّ مثلهَا قطّ ثمَّ شخص بَصَره فَمَاتَ 63 - وَأخرج الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْخلال فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء عَن الْحسن بن صَالح وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب الْأَحْوَال وَالْإِيمَان بالسؤال وَأَبُو الْحُسَيْن بن العريف فِي فَوَائده عَن الْحسن بن صَالح بن السماجي قَالَ قَالَ لي أخي عَليّ بن صَالح فِي اللَّيْلَة الَّتِي توفّي فِيهَا يَا أخي إسقني مَاء وَكنت قَائِما أُصَلِّي فَلَمَّا قضيت صَلَاتي أَتَيْته بِمَاء فَقلت إشرب فَقَالَ لي شربت السَّاعَة فَقلت من سقاك وَلَيْسَ فِي الغرفة غَيْرِي وَغَيْرك فَقَالَ أَتَانِي جِبْرِيل السَّاعَة بِمَاء فسقاني وَقَالَ لي أَنْت وأخوك وأمك {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} وَخرجت نَفسه 64 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم الْأَشْعَرِيّ أَن معَاذ بن جبل طعن ابْنه عَام عمواس فَصَبر واحتسب فَلَمَّا طعن هُوَ فِي كَفه قَالَ الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 حبيب جَاءَ على فاقة لَا أَفْلح من نَدم قَالَ فَقلت يَا معَاذ هَل ترى شَيْئا قَالَ نعم شكر لي رَبِّي حسن عزائي أَتَانِي روح إبني فبشرني أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مائَة صف من الْمَلَائِكَة المقربين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ يصلونَ على روحي ويسوقوني إِلَى الْجنَّة ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ فرأيته كَأَنَّهُ يُصَافح قوما وَيَقُول مرْحَبًا مرْحَبًا أتيتكم فَقضى فرأيته فِي الْمَنَام بعد ذَلِك حوله زحام كزحامنا على خيل بلق عَلَيْهِم ثِيَاب بيض وَهُوَ يُنَادي يَا سعد بَين رامح ومطعون الْحَمد لله الَّذِي أَوْرَثنَا الْجنَّة نتبوأ مِنْهَا حَيْثُ نشَاء فَنعم أجر العاملين ثمَّ انْتَبَهت 65 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ مَا من ميت يَمُوت إِلَّا عرض عَلَيْهِ أهل مَجْلِسه إِن كَانَ من أهل الذّكر فَمن أهل الذّكر وَإِن كَانَ من أهل اللَّهْو فَمن أهل اللَّهْو 66 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة من طَرِيق مُجَاهِد عَن يزِيد بن عجْرَة وَهُوَ صَحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا من ميت يَمُوت حَتَّى يمثل لَهُ جُلَسَاؤُهُ عِنْد مَوته إِن كَانُوا أهل لَهو فَأهل لَهو وَإِن كَانُوا أهل ذكر فَأهل ذكر 67 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الرّبيع بن برة وَكَانَ عابدا بِالْبَصْرَةِ قَالَ أدْركْت النَّاس بِالشَّام وَقيل لرجل قل لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ إشرب واسقني وَقيل لرجل بالأهواز يَا فلَان قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَجعل يَقُول ده يَا زده ده وازده وَقيل لرجل هَا هُنَا بِالْبَصْرَةِ يَا فلَان قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَجعل يَقُول شعرًا (يَا رب قائلة يَوْمًا وَقد تعبت ... كَيفَ الطَّرِيق إِلَى حمام منْجَاب) قَالَ أَبُو بكر هَذَا رجل إستدلته إمرأة إِلَى الْحمام فدلها إِلَى منزله فقاله عِنْد الْمَوْت 68 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ مَا من يَمُوت إِلَّا مثل لَهُ عِنْد الْمَوْت أَعماله الْحَسَنَة وأعماله السَّيئَة فيشخص إِلَى حَسَنَاته ويطرق عَن سيئاته الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 69 - وَأخرج عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى {ينبأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} قَالَ تنزل عِنْد الْمَوْت عَلَيْهِ حفظته فتعرض عَلَيْهِ الْخَيْر وَالشَّر فَإِذا رأى حَسَنَة بهش وأشرق وَإِذا رأى سَيِّئَة غض وقطب 70 - وَأخرج عَن حَنْظَلَة بن الْأسود قَالَ مَاتَ مولَايَ فَجعل يُغطي وَجهه مرّة ويكشفه أُخْرَى فَذكرت ذَلِك لمجاهد فَقَالَ بلغنَا أَن نفس الْمُؤمن لَا تخرج حَتَّى يعرض عَلَيْهِ عمله خَيره وشره 71 - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن سلمَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ فِي الْمَوْت فَقَالَ مَا تَجِد قَالَ أجدني بِخَير وَقد حضرني إثنان أَحدهمَا أسود وَالْآخر أَبيض قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهمَا أقرب مِنْك قَالَ الْأسود قَالَ إِن الْخَيْر قَلِيل وَالشَّر كثير قَالَ فمتعني مِنْك يَا رَسُول الله بدعوة فَقَالَ اللَّهُمَّ إغفر الْكثير وأنم الْقَلِيل ثمَّ قَالَ مَا ترى قَالَ خيرا بِأبي أَنْت وَأمي أرى الْخَيْر يَنْمُو وَأرى الشَّرّ يضمحل وَقد إستأخر عني الْأسود قَالَ أَي عَمَلك أملك بك قَالَ كنت أَسْقِي المَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أعلم مَا يلقى مَا مِنْهُ عرق إِلَّا وَهُوَ يألم بِالْمَوْتِ على حِدته 72 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن وهيب بن الْورْد قَالَ بلغنَا مَا من ميت يَمُوت حَتَّى يتَرَاءَى لَهُ ملكان اللَّذَان كَانَا يحفظان عَلَيْهِ عمله فِي الدُّنْيَا فَإِن كَانَ صحبهما بِطَاعَة الله قَالَا جَزَاك الله عَنَّا من جليس خيرا فَرب مجْلِس صدق قد أجلستناه وَعمل صَالح قد أحضرتناه وَكَلَام حسن قد أسمعتناه فجزاك الله عَنَّا من جليس خيرا وَإِن كَانَ صحبهما بِغَيْر ذَلِك مِمَّا لَيْسَ لله فِيهِ رضى قلبا عَلَيْهِ الثَّنَاء فَقَالَا لَا جَزَاك الله عَنَّا من جليس خيرا فَرب مجْلِس سوء قد أجلستناه وَعمل غير صَالح قد أحضرتناه وَكَلَام قَبِيح قد أسمعتناه فَلَا جَزَاك الله عَنَّا من جليس خيرا قَالَ فَذَلِك شخوص بصر الْمَيِّت إِلَيْهِمَا وَلَا يرجع إِلَى الدُّنْيَا أبدا 73 - وَأخرج عَن سُفْيَان قَالَ بَلغنِي أَن العَبْد الْمُؤمن إِذا أحتضر قَالَ ملكاه اللَّذَان كَانَا مَعَه يحفظانه أَيَّام حَيَاته عِنْد رنة أَهله دَعونَا فلنثن على صاحبنا الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 بِمَا علمنَا مِنْهُ فَيَقُولَانِ رَحِمك الله وجزاك الله من صَاحب خيرا إِن كنت لسريعا إِلَى طَاعَة الله بطيئا عَن مَعْصِيّة الله وَإِن كنت لممن نَأْمَن غيبك فنعرج فَلَا تشغلنا عَن الذّكر مَعَ الْمَلَائِكَة وَإِذا أحتضر العَبْد السوء فرن أَهله وضجوا قَامَ الْملكَانِ فَقَالَا دَعونَا فلنثن عَلَيْهِ بِمَا علمنَا مِنْهُ فَيَقُولَانِ جَزَاك الله من صَاحب شرا إِن كنت بطيئا عَن طَاعَته سَرِيعا إِلَى مَعْصِيَته وَمَا كُنَّا نَأْمَن غيبك ثمَّ يعرجان إِلَى السَّمَاء 74 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه قَالَت عَائِشَة إِنَّا لنكره الْمَوْت قَالَ لَيْسَ ذَاك وَلَكِن الْمُؤمن إِذا حَضَره الْمَوْت بشر برضوان الله وكرامته فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامه وَأحب لِقَاء الله وَأحب الله لقاءه وَإِن الْكَافِر إِذا حضر بشر بِعَذَاب الله وعقوبته فَلَيْسَ شَيْء أكره إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامه وَكره لِقَاء الله وَكره الله لقاءه 75 - وَقَالَ آدم بن أبي إِيَاس حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء بن السَّائِب سمعة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَات {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} إِلَى قَوْله {فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} إِلَى قَوْله {فَنزل من حميم وتصلية جحيم} ثمَّ قَالَ إِذا كَانَ عِنْد الْمَوْت قيل لَهُ هَذَا فَإِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين أحب لِقَاء الله وَأحب الله لقاءه وَإِن كَانَ من أَصْحَاب الشمَال كره لِقَاء الله وَكره الله لقاءه 76 - وَأخرج أَحْمد من طَرِيق همام عَن عَطاء بن السَّائِب سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَهُوَ يتبع جَنَازَة يَقُول حَدثنِي فلَان بن فلَان أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه فأكب الْقَوْم يَبْكُونَ قَالَ مَا يبكيكم قَالُوا إِنَّا نكره الْمَوْت قَالَ لَيْسَ ذَلِك وَلكنه إِذا حضر {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} فَإِذا بشر بذلك أحب لِقَاء الله وَالله للقائه أحب {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم وتصلية جحيم} وَفِي قِرَاءَة إِبْنِ مَسْعُود / ثمَّ تصلية جحيم / إِذا بشر بذلك كره لِقَاء الله وَالله للقائه أكره الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 77 - وَأخرج إِبْنِ جرير وإبن الْمُنْذر فِي تفسيرهما عَن ابْن جريج قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة إِذا عاين الْمُؤمن الْمَلَائِكَة قَالُوا نُرْجِعك إِلَى الدُّنْيَا فَيَقُول إِلَى دَار الهموم وَالْأَحْزَان فَيَقُول بل قدماني إِلَى الله وَأما الْكَافِر فَيُقَال لَهُ نُرْجِعك إِلَى الدُّنْيَا فَيَقُول {رب ارْجِعُونِ لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت} 78 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وإبن جرير عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ من كَانَ لَهُ مَال يبلغهُ حج بَيت ربه أَو تجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فَلم يفعل سَأَلَ الرّجْعَة عِنْد الْمَوْت فَقَالَ رجل يَا إِبْنِ عَبَّاس اتَّقِ الله فَإِنَّمَا يسْأَل الرّجْعَة الْكفَّار فَقَالَ سأتلوا عَلَيْكُم بذلك قُرْآنًا ثمَّ تَلا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} إِلَى آخر السُّورَة 79 - وَأخرج الديلمي من حَدِيث جَابر بن عبد الله مَرْفُوعا إِذا حضر الْإِنْسَان الْوَفَاة يجمع لَهُ كل شَيْء يمنعهُ عَن الْحق فَيجْعَل بَين عَيْنَيْهِ فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول {رب ارْجِعُونِ لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت} 80 - وَأخرج الْمروزِي عَن الْحسن قَالَ تحرج سروح الْمُؤمن فِي رَيْحَانَة ثمَّ قَرَأَ {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} 81 - وَأخرج إِبْنِ جرير وإبن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ الرّوح الرَّحْمَة وَالريحَان يتلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت 82 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن بكر بن عبد الله قَالَ إِذا أَمر ملك الْمَوْت بِقَبض الْمُؤمن أُتِي بريحان من الْجنَّة فَقيل لَهُ اقبض روحه فِيهِ وَإِذا أَمر بِقَبض الْكَافِر أُتِي ببجاد من النَّار فَقيل لَهُ اقبض فِيهِ روحه 83 - وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ بلغنَا أَن الْمُؤمن إِذا حضر أُتِي بضبائر الريحان من الْجنَّة فتجعل روحه فِيهَا الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 84 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُجَاهِد قَالَ تنْزع نفس الْمُؤمن فِي حريرة من حَرِير الْجنَّة 85 - وَأخرج إِبْنِ جرير وإبن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ لم يكن أحد من المقربين يُفَارق الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْتى بِغُصْن من ريحَان الْجنَّة فيشمه ثمَّ يقبض 86 - وَأخرج الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد عَن الرّبيع بن خثيم فِي قَوْله {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ هَذَا لَهُ عِنْد الْمَوْت وتخبأ لَهُ فِي الْآخِرَة الْجنَّة {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم وتصلية} قَالَ هَذَا عِنْد الْمَوْت وتخبأ لَهُ فِي الْآخِرَة النَّار 87 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وإبن عَسَاكِر عَن عدي بن حَاتِم الطَّائِي قَالَ سَمِعت صَوتا يَوْم قتل عُثْمَان يَقُول أبشر يَا ابْن عَفَّان بِروح وَرَيْحَان أبشر يَا ابْن عَفَّان بِرَبّ غير غَضْبَان أبشر يَا ابْن عَفَّان برضوان وغفران قَالَ فَالْتَفت فَلم أر أحدا 88 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب الْأَحْوَال وَالْإِيمَان بالسؤال عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ أما وَالله إِنَّهُم ليبشرون بذلك عِنْد الْمَوْت 89 - وَأخرج عَن سلمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول مَا يبشر بِهِ الْمُؤمن عِنْد الْوَفَاة بِروح وَرَيْحَان وجنة نعيم وَإِن أول مَا يبشر بِهِ الْمُؤمن فِي قَبره أَن يُقَال لَهُ أبشر برضى الله وَالْجنَّة قدمت خير مقدم وَقد غفر الله لمن شيعك إِلَى قبرك وَصدق من شهد لَك واستجاب لمن اسْتغْفر لَك 90 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله {فَنزل من حميم} قَالَ لَا يخرج الْكَافِر دَار الدُّنْيَا حَتَّى يشرب كأسا من حميم 91 - وَأخرج عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَنزل من حميم} قَالَ من مَاتَ وَهُوَ يشرب الْخمر سيح فِي وَجهه من حميم جَهَنَّم الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 92 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ يخرج الْكفَّار والفجار من الدُّنْيَا عطاشا ويدخلون الْقُبُور عطاشا وَيشْهدُونَ الْقِيَامَة عطاشا وَيُؤمر بهم إِلَى النَّار عطاشا 93 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب الْأَحْوَال عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِذا أَرَادَ الله قبض روح الْمُؤمن أوحى إِلَى ملك الْمَوْت أقرئه مني السَّلَام فَإِذا جَاءَ ملك الْمَوْت لقبض روحه قَالَ لَهُ رَبك يُقْرِئك السَّلَام 94 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن أبي حَاتِم وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَوْله {تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام} قَالَ يَوْم يلقون ملك الْمَوْت لَيْسَ من مُؤمن تقبض روحه إِلَّا سلم عَلَيْهِ 95 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب الْأَحْوَال عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ إِذا إستنقعت نفس العَبْد الْمُؤمن جَاءَ ملك الْمَوْت فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا ولي الله الله يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام ثمَّ نزع بِهَذِهِ الْآيَة {الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين يَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم} قَوْله إستنقعت أَي إجتمعت فِي فِيهِ حِين تُرِيدُ أَن تخرج كَمَا يستنقع المَاء فِي قراره 96 - وَأخرج القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن بن العريف فِي فَوَائده وَأَبُو الرّبيع المَسْعُودِيّ فِي فَوَائده عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى ولي الله سلم عَلَيْهِ وَسَلَامه عَلَيْهِ أَن يَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا ولي الله قُم فَاخْرُج من دَارك الَّتِي خربتها إِلَى دَارك الَّتِي عمرتها وَإِذا لم يكن وليا لله قَالَ لَهُ قُم فَاخْرُج من دَارك الَّتِي عمرتها إِلَى دَارك الَّتِي خربتها 97 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ إِن الْمُؤمن يبشر بصلاح وَلَده من بعده لتقر عينه الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 98 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ يعلم أَيْن هُوَ قبل الْمَوْت 99 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ حرَام على كل نفس أَن تخرج من الدُّنْيَا حَتَّى تعلم أَيْن مصيرها 100 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه عَن جَابر بن عبد الله أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله تَعَالَى {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما قَوْله {فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} فَهِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة ترى لِلْمُؤمنِ فيبشر بهَا فِي دُنْيَاهُ وَأما قَوْله {وَفِي الْآخِرَة} فَإِنَّهَا بِشَارَة الْمُؤمن عِنْد الْمَوْت يبشر عِنْد الْمَوْت أَن الله قد غفر لَك وَلمن حملك إِلَى قبرك 101 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة أَلا تخافوا وَلَا تحزنوا وَأَبْشِرُوا بِالْجنَّةِ الَّتِي كُنْتُم توعدون} قَالَ ذَلِك عِنْد الْمَوْت 102 - وَأخرج عَن سُفْيَان مثله وَقَالَ يبشر بِثَلَاث بشارات عِنْد الْمَوْت وَإِذا خرج من الْقَبْر وَإِذا فرغ 103 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وإبن مَنْدَه عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة أَن لَا تخافوا مِمَّا تقدمون عَلَيْهِ من الْمَوْت وَأمر الْآخِرَة وَلَا تحزنوا على مَا خَلفْتُمْ من أَمر دنياكم من ولد وَأهل دين فَإِنَّهُ سنخلفكم فِي ذَلِك كُله 104 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ يبشر بهَا عِنْد مَوته وَفِي قَبره وَيَوْم يبْعَث فَإِنَّهُ لفي الْجنَّة وَمَا ذهبت فرحة الْبشَارَة من قلبه وَأخرج أَيْضا عَنهُ قَالَ يُؤْتى الْمُؤمن عِنْد الْمَوْت فَيُقَال لَهُ لَا تخف مِمَّا أَنْت قادم عَلَيْهِ فَيذْهب خَوفه وَلَا تحزن على الدُّنْيَا وَلَا على أَهلهَا وأبشر بِالْجنَّةِ فَيَمُوت وَقد أقرّ الله عينه 105 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن كثير بن أبي كثير وَكَانَ خَادِم إِبْنِ عَبَّاس قَالَ الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 إِن أهل الْجنَّة وكل بِكُل إِنْسَان مِنْهُم ملك فَإِذا بشر بِالْجنَّةِ وضع الْملك يَده على فُؤَاده فلولا ذَلِك لخرج قلبه من رَأسه من الْفَرح 106 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قُرِئت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} الْآيَة فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِن هَذَا لحسن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما إِن الْملك سيقولها لَك عِنْد الْمَوْت 107 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن الْحسن أَن سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ إِن الله إِذا أَرَادَ قبض روح عَبده الْمُؤمن إطمأنت النَّفس إِلَى الله تَعَالَى وإطمأن الله إِلَيْهَا 108 - وَقَالَ الْحَافِظ السلَفِي فِي المشيخة البغدادية سَمِعت أَبَا سعيد الْحسن بن عَليّ الْوَاعِظ يَقُول سَمِعت أبي يَقُول رَأَيْت فِي بعض الْكتب إِن الله يظْهر على كف ملك الْمَوْت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} بِخَط من النُّور ثمَّ يُؤمر أَن يبسط كَفه للعارف فِي وَقت وَفَاته ويريه تِلْكَ الْكِتَابَة فَإِذا رأتها روح الْعَارِف طارت إِلَيْهِ فِي أسْرع من طرفَة الْعين 109 - وَفِي الفردوس عَن إِبْنِ عَبَّاس مَرْفُوعا إِذا أَمر الله ملك الْمَوْت بِقَبض أَرْوَاح من اسْتوْجبَ النَّار من مذنبي أمتِي قَالَ بشرهم بِالْجنَّةِ بعد إنتقام كَذَا وَكَذَا على قدر مَا يحبسون فِي النَّار 110 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن الرّبيع بن أبي رَاشد قَالَ لَوْلَا مَا يؤمل الْمُؤْمِنُونَ من كَرَامَة الله لَهُم بعد الْمَوْت لانشقت فِي الدُّنْيَا مرائرهم ولتقطعت فِي الدُّنْيَا أَجْوَافهم 111 - وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى يَوْم الْجُمُعَة ألف مرّة عَليّ لم يمت حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة 112 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن شهر بن حَوْشَب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} الْآيَة فَقَالَ ذَلِك فِي الْيَهُود لَا يقبض ملك الْمَوْت روح أحدهم حَتَّى يَجِيئهُ ملك وَمَعَهُ شعلة من نَار فَيضْرب بهَا الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وَجهه وَدبره فَيَقُول لَهُ أتقر أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فَلَا يزَال بِهِ حَتَّى يقر فَإِذا أقرّ قبض ملك الْمَوْت روحه 113 - وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم تروا الْإِنْسَان إِذا مَاتَ شخص بَصَره قَالُوا بلَى قَالَ فَذَلِك حِين يتبع بَصَره نَفسه 114 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْبَصَر يشخص للروح حِين يعرج بهَا 115 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن حُصَيْن قَالَ بَلغنِي أَن ملك الْمَوْت إِذا غمز وريد الْإِنْسَان فَحِينَئِذٍ يشخص بَصَره وَيذْهل عَن النَّاس 116 - وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ إِن ملك الْمَوْت إِذا غمز وريد العَبْد إنقطعت مَعْرفَته وَانْقطع كَلَامه وَنسي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فلولا أَنه يسقى من سَكَرَات الْمَوْت لضرب من حوله بِالسَّيْفِ لشدَّة مَا يعالج 117 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الحكم بن أبان قَالَ سُئِلَ عِكْرِمَة أيبصر الْأَعْمَى ملك الْمَوْت إِذا جَاءَ يقبض روحه قَالَ نعم 118 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ ملك الْمَوْت جَالس على مِعْرَاج بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَله رسل من الْمَلَائِكَة فَإِذا كَانَت النَّفس فِي ثغرة النَّحْر فَرَأى ملك الْمَوْت على معراجه شخص بَصَره إِلَيْهِ فنظره آخر مَا يَمُوت 119 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن معَاذ بن جبل قَالَ إِن لملك الْمَوْت حَرْبَة تبلغ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فَإِذا إنقضى أجل عبد من الدُّنْيَا ضرب رَأسه بِتِلْكَ الحربة وَقَالَ الْآن يزار بك عَسْكَر الْأَمْوَات 120 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 إِبْنِ عَبَّاس مَرْفُوعا إِن لملك الْمَوْت حَرْبَة مسومة فطرف لَهَا بالمشرق وطرف لَهَا بالمغرب يقطع بهَا عرق الْحَيَاة قَالَ إِبْنِ عَسَاكِر رَفعه مُنكر وعَلى هَذِه الرِّوَايَة إعتمد الْغَزالِيّ فِي كشف عُلُوم الْآخِرَة وَلم يقف عَلَيْهَا الْقُرْطُبِيّ فَقَالَ لم أجد لهَذِهِ الحربة ذكرا إِلَّا فِي أثر معَاذ 121 - وَأخرج عبد الرَّزَّاق وإبن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره عَن وهب من مُنَبّه قَالَ إِن النَّفس تخرج من الْإِنْسَان قدر كل شَيْء من أَرْكَانه فَأَما الْجَسَد فَإِنَّهُ مثل الْقَمِيص يخلعه الْإِنْسَان مِنْهُ فَإِن كَانَ الْقَمِيص يجد مس شَيْء فَإِن الْجَسَد على قدر ذَلِك وَلَكِن النَّفس هِيَ الَّتِي تَجِد الرَّاحَة وَالْبَلَاء فصل قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا التَّوْبَة على الله للَّذين يعْملُونَ السوء بِجَهَالَة ثمَّ يتوبون من قريب} الْآيَة 122 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وإبن جرير عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ الْقَرِيب مَا بَينه وَبَين أَن ينظر إِلَى ملك الْمَوْت 123 - وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وإبن مَاجَه عَن إِبْنِ عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر 124 - وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره عَن إِبْنِ عمر قَالَ التَّوْبَة مبسوطة للْعَبد مَا لم يسق ثمَّ قَرَأَ {وَلَيْسَت التَّوْبَة} الْآيَة ثمَّ قَالَ وَهل الْحُضُور إِلَّا السُّوق 125 - وَأخرج إِبْنِ الْمُنْذر عَن النَّخعِيّ قَالَ التَّوْبَة مبسوطة للصبر مَا لم يُؤْخَذ بكظه 126 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت} قَالَ إِذا عاين الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 127 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي مجلز قَالَ لَا يزَال العَبْد فِي تَوْبَة مَا لم يعاين الْمَلَائِكَة 128 - وَأخرج عَن بكر بن سكن بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ لَا تزَال التَّوْبَة مبسوطة مَا لم تأته الرُّسُل فَإِذا عاينهم إنقطعت الْمعرفَة 129 - وَأخرج إِبْنِ مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أعطي التَّوْبَة لم يحرم الْقبُول لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده} وَالله أعلم 16 - بَاب ملاقاة الْأَرْوَاح للْمَيت إِذا خرجت روحه وإجتماعهم بِهِ وسؤالهم لَهُ 1 - أخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن نفس الْمُؤمن إِذا قبضت تلقاها أهل الرَّحْمَة من عباد الله كَمَا يلقون البشير من أهل الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ أنظروا صَاحبكُم يستريح فَإِنَّهُ كَانَ فِي كرب شَدِيد ثمَّ يسألونه مَا فعل فلَان وفلانة هَل تزوجت فَإِذا سَأَلُوهُ عَن الرجل الَّذِي قد مَاتَ قبله فَيَقُول قد مَاتَ ذَلِك قبلي فَيَقُولُونَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية فبئست الْأُم وبئست المربية وَقَالَ إِن أَعمالكُم ترد على أقاربكم وعشائركم من أهل الْآخِرَة فَإِن كَانَ خيرا فرحوا وَاسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا اللَّهُمَّ هَذَا فضلك ورحمتك فَأَتمَّ نِعْمَتك عَلَيْهِ وَأمته عَلَيْهَا ويعرض عَلَيْهِم عمل الْمُسِيء فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ ألهمه عملا صَالحا ترْضى بِهِ وتقربه إِلَيْك 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي لَبِيبَة قَالَ لما مَاتَ بشر بن الْبَراء بن معْرور وجدت عَلَيْهِ أمه وجدا شَدِيدا فَقَالَت يَا رَسُول الله لَا يزَال الْهَالِك يهْلك من بني سَلمَة فَهَل تتعارف الْمَوْتَى فَأرْسل إِلَى بشر بِالسَّلَامِ قَالَ نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم ليتعارفون كَمَا يتعارف الطير فِي رُؤُوس الشّجر وَكَانَ لَا يهْلك الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 هَالك من بني سَلمَة إِلَّا جَاءَتْهُ أم بشر فَقَالَت يَا فلَان عَلَيْك السَّلَام فَيَقُول وَعَلَيْك فَتَقول إقرأ على بشر السَّلَام 3 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ دخلت على جَابر بن عبد الله وَهُوَ يَمُوت فَقلت إقرأ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام 4 - وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن خالدة بنت عبد الله بن أنيس قَالَت جَاءَت أم الْبَنِينَ بنت أبي قَتَادَة بعد موت أَبِيهَا بِنصْف شهر إِلَى عبد الله بن أنيس وَهُوَ مَرِيض فَقَالَت يَا عَم أقرىء أبي السَّلَام 5 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ الْجنَّة مطوية معلقَة بقرون الشَّمْس تنشر فِي كل عَام مرّة وأرواح الْمُؤمنِينَ فِي جَوف طير كالزرازير يَتَعَارَفُونَ وَيُرْزَقُونَ من ثَمَر الْجنَّة 6 - وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن روحي الْمُؤمنِينَ ليلتقيان على مسيرَة يَوْم وَمَا رأى أَحدهمَا صَاحبه قطّ 7 - وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه إِن الْمُؤمن ينزل بِهِ الْمَوْت ويعاين مَا يعاين يود لَو خرجت نَفسه وَالله يحب لقاءه وَإِن الْمُؤمن تصعد روحه إِلَى السَّمَاء فَتَأْتِيه أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فيستخبرونه عَن معارفه من أهل الدُّنْيَا فَإِذا قَالَ تركت فلَانا فِي الدُّنْيَا أعجبهم ذَلِك وَإِذا قَالَ إِن فلَانا قد مَاتَ قَالُوا مَا جِيءَ بِهِ إِلَيْنَا 8 - وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْمُبَارك بن فضَالة عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ العَبْد تلقى روحه أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فَيَقُولُونَ لَهُ مَا فعل فلَان فَإِذا قَالَ مَاتَ قبلي قَالُوا ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية فبئست الْأُم وبئست المربية 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن سعيد بن جُبَير قَالَ إِذا مَاتَ الْمَيِّت إستقبله وَلَده كَمَا يسْتَقْبل الْغَائِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 10 - وَأخرج عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ بلغنَا أَن الْمَيِّت إِذا مَاتَ إحتوشه أَهله وأقاربه الَّذين قد تقدموه من الْمَوْتَى فَلَهو أفرح بهم وَلَهُم أفرح بِهِ من الْمُسَافِر إِذا قدم إِلَى أَهله 11 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ إِن أهل الْقُبُور ليستوكفون الْمَيِّت كَمَا يتلَقَّى الرَّاكِب يسألونه فَإِذا سَأَلُوهُ مَا فعل فلَان مِمَّن قد مَاتَ فَيَقُول ألم يأتكم فَيَقُولُونَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون سلك بِهِ غير طريقنا ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية قَالَ فِي الصِّحَاح التوكف التوقع يُقَال مَا زلت أتوكفه حَتَّى لَقيته 12 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن صَالح المري قَالَ بَلغنِي أَن الْأَرْوَاح تتلاقى عِنْد الْمَوْت فَتَقول أَرْوَاح الْمَوْتَى للروح الَّتِي تخرج إِلَيْهِم كَيفَ كَانَ مَا وَرَاءَك وَفِي أَي الجسدين كنت فِي طيب أم فِي خَبِيث 13 - وَأخرج عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ إِذا مَاتَ الْمَيِّت تَلَقَّتْهُ الْأَرْوَاح يستخبرونه كَمَا يستخبر الرَّاكِب مَا فعل فلَان وَفُلَان 14 - وَذكر الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثل ذَلِك وَفِي آخِره حَتَّى إِنَّهُم ليسألونه عَن هرة الْبَيْت قَالَ الْقُرْطُبِيّ قد قيل فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف إِنَّه هَذَا التلاقي وَقيل تلاقي أَرْوَاح النيام والموتى 15 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ لَو أَنِّي آيس من لقيا من مَاتَ من أَهلِي لألفاني قد مت كمدا 16 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق أبي جَعْفَر أَحْمد بن سعيد الدَّارمِيّ قَالَ سَمِعت السّديّ قَالَ سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يَقُول لما اشْتَدَّ بسفيان الْمَرَض جزع جزعا شَدِيدا فَدخل عَلَيْهِ مَرْحُوم بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله مَا هَذَا الْجزع تقدم على رب عبدته سِتِّينَ سنة صمت لَهُ صليت لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 حججْت لَهُ أرأيتك لَو كَانَ لَك عِنْد رجل يَد أَلَيْسَ كنت تحب أَن تَلقاهُ حَتَّى يكافئك قَالَ فَسرِّي عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر حدث بِهَذَا السَّنَد وَنحن مَعَ أبي نعيم فَقَالَ أَبُو نعيم لما اشْتَدَّ بالْحسنِ بن عَليّ بن أبي طَالب وَجَعه جزع فَدخل عَلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد مَا هَذَا الْجزع مَا هُوَ إِلَّا أَن تفارق روحك جسدك فَتقدم على أَبَوَيْك عَليّ وَفَاطِمَة وعَلى جديك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَدِيجَة وعَلى عميك حَمْزَة وجعفر وعَلى أخوالك الْقَاسِم وَالطّيب والطاهر وَإِبْرَاهِيم وعَلى خَالَاتك رقية وَأم كُلْثُوم وَزَيْنَب قَالَ فَسرِّي عَنهُ 17 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن اللَّيْث بن سعد قَالَ أستشهد رجل من أهل الشَّام وَكَانَ يَأْتِي إِلَى أَبِيه كل لَيْلَة جُمُعَة فِي الْمَنَام فيحدثه ويستأنس بِهِ فَغَاب عَنهُ جُمُعَة ثمَّ جَاءَ فِي الْجُمُعَة الْأُخْرَى فَقَالَ يَا بني لقد أحزنتني وشق عَليّ تخلفك فَقَالَ إِنَّمَا شغلني عَنْك أَن الشُّهَدَاء أمروا أَن يتلقوا عمر بن عبد الْعَزِيز فتلقيناه وَذَلِكَ عِنْد موت عمر بن عبد الْعَزِيز 18 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه قَالَ خليلان مُؤْمِنَانِ وخليلان كَافِرَانِ مَاتَ أحد الْمُؤمنِينَ فبشر بِالْجنَّةِ فَذكر خَلِيله فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن خليلي فلَانا كَانَ يَأْمُرنِي بطاعتك وَطَاعَة رَسُولك ويأمرني بِالْخَيرِ وينهاني عَن الشَّرّ وينبئني أَنِّي ملاقيك اللَّهُمَّ فَلَا تضله بعدِي حَتَّى تريه كَمَا أريتني وترضى عَنهُ كَمَا رضيت عني ثمَّ يَمُوت الآخر فَيجمع بَين أرواحهما فَيُقَال ليثنين كل وَاحِد مِنْكُمَا على صَاحبه فَيَقُول كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه نعم الْأَخ وَنعم الصاحب وَنعم الْخَلِيل وَإِذا مَاتَ أحد الْكَافرين بشر بالنَّار فيذكر خَلِيله فَيَقُول اللَّهُمَّ إِن خليلي يَأْمُرنِي بمعصيتك ومعصية رَسُولك ويأمرني بِالشَّرِّ وينهاني عَن الْخَيْر وينبئني أَنِّي غير ملاقيك اللَّهُمَّ فَلَا تهده بعدِي حَتَّى تريه كَمَا أريتني وتسخط عَلَيْهِ كَمَا سخطت عَليّ ثمَّ يَمُوت الآخر فَيجمع بَين أرواحهما فَيُقَال ليثن كل وَاحِد مِنْكُمَا على صَاحبه فَيَقُول كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه بئس الْأَخ وَبئسَ الصاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 17 - بَاب معرفَة الْمَيِّت بِمن يغسلهُ ويجهزه وسماعه مَا يُقَال فِيهِ وَمَا يُقَال لَهُ والجنازة مارة 1 - أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن أبي الدُّنْيَا والمروزي وإبن مَنْدَه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت يعرف من يغسلهُ ويحمله ويكفنه وَمن يدليه فِي حفرته 2 - وَأخرج أَبُو الْحسن بن الْبَراء فِي كتاب الرَّوْضَة بِسَنَد ضَعِيف عَن إِبْنِ عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من ميت يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يعرف غاسله ويناشد حامله إِن كَانَ بشر بِروح وَرَيْحَان وجنة نعيم أَن يعجله وَإِن كَانَ بشر بِنزل من حميم وتصلية جحيم أَن يحْبسهُ 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُجَاهِد قَالَ إِذا مَاتَ الْمَيِّت فَملك قَابض نَفسه فَمَا من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يرَاهُ عِنْد غسله وَعند حمله حَتَّى يوصله إِلَى قَبره 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ الرّوح بيد ملك يمشي بِهِ فَإِذا دخل قَبره جعله فِيهِ 5 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ مَا من ميت يَمُوت إِلَّا وروحه فِي يَد ملك ينظر إِلَى جسده كَيفَ يغسل وَكَيف يُكفن وَكَيف يمشى بِهِ وَيُقَال لَهُ وَهُوَ على سَرِيره اسْمَع ثَنَاء النَّاس عَلَيْك 6 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ مَا من ميت يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يعلم مَا يكون فِي أَهله بعده وَإِنَّهُم ليغسلونه ويكفنونه وَإنَّهُ لينْظر إِلَيْهِم 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ بَلغنِي أَنه مَا من ميت يَمُوت إِلَّا وروحه فِي يَد ملك الْمَوْت فهم يغسلونه ويكفنونه وَهُوَ يرى مَا يصنع بِهِ أَهله فَلَو يقدر على الْكَلَام لنهاهم عَن الرنة والعويل 8 - وَأخرج عَن سُفْيَان قَالَ إِن الْمَيِّت ليعرف كل شَيْء حَتَّى إِنَّه ليناشد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 غاسله بِاللَّه عَلَيْك إِلَّا خففت غسْلي قَالَ وَيُقَال لَهُ وَهُوَ على سَرِيره اسْمَع ثَنَاء النَّاس عَلَيْك 9 - وَأخرج عَن حُذَيْفَة قَالَ الرّوح بيد ملك وَإِن الْجَسَد ليغسل وَإِن الْملك ليمشي مَعَه إِلَى الْقَبْر فَإِذا سوي عَلَيْهِ سلك فِيهِ فَذَلِك حِين يُخَاطب 10 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة قَالَ إِن الرّوح بيد الْملك والجسد يقلب فَإِذا حملوه تَبِعَهُمْ فَإِذا وضع فِي الْقَبْر بثه فِيهِ 11 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ الرّوح بيد ملك يمشي بِهِ فِي الْجِنَازَة يَقُول لَهُ إسمع مَا يُقَال لَك فَإِذا بلغ حفرته دَفنه مَعَه 12 - وَأخرج عَن ابْن أبي نجيح قَالَ مَا من ميت يَمُوت إِلَّا وروحه فِي يَد ملك ينظر إِلَى جسده كَيفَ يغسل وَكَيف يُكفن وَكَيف يمشي بِهِ إِلَى قَبره ثمَّ تُعَاد إِلَيْهِ روحه فيجلس فِي قَبره 13 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على قَتْلَى بدر فَقَالَ يَا فلَان بن فلَان يَا فلَان بن فلَان هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَإِنِّي وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله مَا تكلم من أجساد لَا أَرْوَاح لَهَا فَقَالَ مَا أَنْتُم بأسمع لما أَقُول مِنْهُم غير أَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يردوا عَليّ شَيْئا 14 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من مُرْسل عبيد بن مَرْزُوق قَالَ كَانَت إمرأة بِالْمَدِينَةِ تقم الْمَسْجِد فَمَاتَتْ فَلم يعلم بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر على قبرها فَقَالَ مَا هَذَا الْقَبْر فَقَالُوا أم محجن قَالَ الَّتِي كَانَت تقم الْمَسْجِد قَالُوا نعم فَصف النَّاس فصلى عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالُوا يَا رَسُول الله أتسمع قَالَ مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهَا فَذكر أَنَّهَا أَجَابَتْهُ قُم الْمَسْجِد 15 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضعت الْجِنَازَة واحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم فَإِن كَانَت صَالِحَة قَالَت قدموني وَإِن كَانَت غير صَالِحَة قَالَت يَا وَيْلَهَا أَيْن تذهبون بهَا يسمع صَوتهَا كل شَيْء إِلَّا الْإِنْسَان وَلَو سَمعه الْإِنْسَان صعق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 16 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْرعُوا بالجنازة فَإِن تَكُ صَالِحَة فَخير تقدمونها إِلَيْهِ وَإِن تكن سوى ذَلِك فشر تضعونه عَن رِقَابكُمْ 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه أَمر فِي ميت مَاتَ أَن يعجلوه إِلَى حفرته وَقَالَ هُوَ الْمنزل الَّذِي لَا بُد لَهُ مِنْهُ فعجلوه إِلَيْهِ يرى مَا لَهُ من خير وَشر 18 - وَأخرج عَن بكر الْمُزنِيّ قَالَ حدثت أَن الْمَيِّت يستبشر بتعجيله إِلَى الْمَقَابِر 19 - وَأخرج عَن أَيُّوب قَالَ كَانَ يُقَال من كَرَامَة الْمَيِّت على أَهله تَعْجِيله إِلَى حفرته 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من ميت يوضع على سَرِيره فيخطى بِهِ ثَلَاث خطوَات إِلَّا تكلم بِكَلَام يسمعهُ من شَاءَ الله إِلَّا الثقلَيْن الْإِنْس وَالْجِنّ يَقُول يَا إخوتاه وَيَا حَملَة نعشاه لَا تغرنكم الدُّنْيَا كَمَا غرتني وَلَا يلْعَب بكم الزَّمَان كَمَا لعب بِي تركت مَا خلفت لورثتي وَالديَّان يَوْم الْقِيَامَة يخاصمني ويحاسبني وَأَنْتُم تشيعوني وتدعوني 21 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت إِن الْمَيِّت إِذا وضع على سَرِيره فَإِنَّهُ يُنَادي يَا أهلاه وَيَا جيراناه يَا حَملَة سريراه لَا تغرنكم الدُّنْيَا كَمَا غرتني وَلَا تلعبن بكم كَمَا تلاعبت بِي فَإِن أَهلِي لم يتحملوا عني من وزري شَيْئا 22 - وَفِي تَارِيخ إِبْنِ النجار عَن أبي مُحَمَّد بن النجار وَكَانَ من أَصْحَاب الْمروزِي وَكَانَ الْخلال يقدمهُ لفضله قَالَ غسلت مَيتا فَأَنا أغسله إِذْ فتح عَيْنَيْهِ ثمَّ قبض على يَدي وَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد أحسن الإستعداد لهَذَا المصرع 18 - بَاب مشي الْمَلَائِكَة فِي الْجِنَازَة وَمَا يَقُولُونَ 1 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن غَفلَة قَالَ إِن الْمَلَائِكَة لتمشي أَمَام الْجِنَازَة وَيَقُولُونَ مَا قدم فلَان وَيَقُول النَّاس مَا ترك فلَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور عَن أبي الْخلد قَالَ قَرَأت فِي مَسْأَلَة دَاوُد ربه إلهي مَا جَزَاء من شيع الْجَنَائِز إبتغاء مرضاتك قَالَ جَزَاؤُهُ أَن تشيعه الْمَلَائِكَة يَوْم يَمُوت وأصلي على روحه فِي الْأَرْوَاح 3 - وَأخرجه إِبْنِ عَسَاكِر من وَجه آخر عَن إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن دَاوُد قَالَ إلهي مَا جَزَاء من شيع مَيتا إِلَى قَبره إبتغاء مرضاتك قَالَ جَزَاؤُهُ أَن تشيعه الْمَلَائِكَة فَتُصَلِّي على روحه فِي الْأَرْوَاح 4 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ الْمَيِّت تَقول الْمَلَائِكَة مَا قدم وَيَقُول النَّاس مَا خلف 19 - بَاب بكاء السَّمَاء وَالْأَرْض على الْمُؤمن إِذا مَاتَ قَالَ الله تَعَالَى {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} 1 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَأَبُو نعيم وَأَبُو يعلى وإبن أبي الدُّنْيَا وإبن أبي حَاتِم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من إِنْسَان إِلَّا لَهُ بَابَانِ فِي السَّمَاء بَاب يصعد عمله فِيهِ وَبَاب ينزل مِنْهُ رزقه فَإِذا مَاتَ العَبْد الْمُؤمن بكيا عَلَيْهِ 2 - وَأخرج إِبْنِ جرير عَن إِبْنِ عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} هَل تبْكي السَّمَاء وَالْأَرْض على أحد قَالَ نعم إِنَّه لَيْسَ أحد من الْخَلَائق إِلَّا لَهُ بَاب فِي السَّمَاء ينزل رزقه مِنْهُ وَفِيه يصعد عمله فَإِذا مَاتَ الْمُؤمن فأغلق بَابه من السَّمَاء الَّذِي كَانَ يصعد عمله فِيهِ وَينزل مِنْهُ رزقه فقد بَكَى عَلَيْهِ وَإِذا فَقده مُصَلَّاهُ من الأَرْض الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيذكر الله فِيهِ بَكت عَلَيْهِ وَإِن قوم فِرْعَوْن لم يكن لَهُم فِي الأَرْض آثَار صَالِحَة وَلم يكن يصعد إِلَى الله مِنْهُم خير فَلم تبك عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض 3 - وَأخرج إِبْنِ جرير وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن شُرَيْح بن عبيد الْحَضْرَمِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مَاتَ مُؤمن فِي غربَة غَابَتْ عَنهُ فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 بوَاكِيهِ إِلَّا بَكت عَلَيْهِ السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ قَرَأَ {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} ثمَّ قَالَ إنَّهُمَا لَا يَبْكِيَانِ على كَافِر 4 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ مَا من مُؤمن يَمُوت إِلَّا تبْكي عَلَيْهِ الأَرْض أَرْبَعِينَ صباحا 5 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ مَا من عبد يسْجد لله سَجْدَة فِي بقْعَة من بقاع الأَرْض إِلَّا شهِدت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وبكت عَلَيْهِ يَوْم يَمُوت 6 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ مصلاة من الأَرْض ومصعد عمله من السَّمَاء ثمَّ تَلا {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِن الأَرْض لتبكي على الْمُؤمن أَرْبَعِينَ صباحا 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي عبيد صَاحب سُلَيْمَان بن عبد الْملك قَالَ إِن العَبْد الْمُؤمن إِذا مَاتَ تنادت بقاع الأَرْض مَاتَ عبد الله الْمُؤمن فتبكي عَلَيْهِ الأَرْض وَالسَّمَاء فَيَقُول الرَّحْمَن مَا يبكيكما على عَبدِي فَيَقُولَانِ رَبنَا لم يمش فِي نَاحيَة منا قطّ إِلَّا وَهُوَ يذكرك 9 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ إِن الأَرْض لتبكي من رجل وتبكي على رجل تبْكي على من كَانَ يعْمل على ظهرهَا بِطَاعَة الله وتبكي من رجل كَانَ يعْمل على ظهرهَا بِمَعْصِيَة الله 10 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وإبن أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ بَلغنِي أَن السَّمَاوَات وَالْأَرْض تبكيان على الْمُؤمن تَقول السَّمَاوَات مَا زَالَ يصعد إِلَيّ مِنْهُ خير وَتقول الأَرْض مَا زَالَ يفعل عَليّ خيرا 11 - وَأخرج إِبْنِ جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ تبْكي على الْمُؤمن الصَّالح معالمه من الأَرْض ومقر عمله من السَّمَاء 12 - وَأخرج عَن عَطاء قَالَ بكاء السَّمَاء حمرَة أطرافها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 13 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ بكاء السَّمَاء حمرتها 14 - وَأخرج عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ كَانَ يُقَال هَذِه الْحمرَة الَّتِي تكون فِي السَّمَاء بكاء السَّمَاء على الْمُؤمن 15 - وَأخرج عَن الْحسن قَالَ إِن الله إِذا توفّي الْمُؤمن بِبِلَاد غربَة لم يعذبه رَحْمَة لغربته وَأمر الْمَلَائِكَة فبكته لغيبة بوَاكِيهِ عَنهُ 20 - بَاب دفن العبر فِي الأَرْض الَّتِي خلق مِنْهَا 1 - وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر فِي الْمَدِينَة فَرَأى جمَاعَة يحفرون قبرا فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا حبشِي قدم فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا إِلَه إِلَّا الله سيق من أرضه وسمائه إِلَى التربة الَّتِي خلق مِنْهَا 2 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن إِبْنِ عمر أَن حَبَشِيًّا دفن فِي الْمَدِينَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دفن بالطينة الَّتِي خلق مِنْهَا 3 - وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ مر بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نحفر قبرا فَقَالَ مَا تَصْنَعُونَ فَقُلْنَا نحفر قبرا لهَذَا الْمَيِّت الْأسود فَقَالَ جَاءَت بِهِ منيته إِلَى تربته 4 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطوف بِبَعْض نواحي الْمَدِينَة فَإِذا بِقَبْر يحْفر فَأقبل حَتَّى وقف عَلَيْهِ فَقَالَ لمن هَذَا قيل لرجل من الْحَبَشَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله سيق من أرضه وسمائه حَتَّى دفن فِي التربة الَّتِي مِنْهَا خلق 5 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مَوْلُود إِلَّا وَقد ذَر عَلَيْهِ من تُرَاب حفرته 6 - وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْملك الْمُوكل بالرحم يَأْخُذ النُّطْفَة من الرَّحِم فَيَضَعهَا عَن كَفه فَيَقُول يَا رب مخلقة أَو غير مخلقة فَإِن قَالَ مخلقة قَالَ يَا رب مَا الرزق مَا الْأَثر مَا الْأَجَل مَا الْعَمَل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 فَيَقُول أنظر فِي أم الْكتاب فَينْظر فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فيجد فِيهِ رزقه وأثره وأجله وَعَمله وَيَأْخُذ التُّرَاب الَّذِي يدْفن فِي بقعته وتعجن بِهِ نطفته فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم} 7 - وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا وَفِي سرته من تربة الأَرْض الَّتِي يَمُوت فِيهَا 8 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن مطر بن عكامس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قضى الله لعبد أَن يَمُوت بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة 9 - وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَت منية أحدكُم بِأَرْض أتيحت لَهُ الْحَاجة فيقصد إِلَيْهَا فَيكون أقْصَى أثر مِنْهُ فتقبض روحه فِيهَا فَتَقول الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة رب هَذَا مَا استودعتني 10 - وَأخرج الْحَكِيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن النُّطْفَة إِذا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أَخذهَا الْملك بكفيه قَالَ أَي رب أمخلقة أَو غير مخلقة فَإِن قَالَ غير مخلقة لم تكن نسمَة وقذفتها الْأَرْحَام دَمًا وَإِن قَالَ مخلقة قَالَ أَي رب أذكر أم أُنْثَى أشقي أم سعيد فَمَا الْأَجَل وَمَا الْأَثر وَمَا الرزق وَبِأَيِّ أَرض تَمُوت فَيَقُول إذهب إِلَى أم الْكتاب فَإنَّك ستجد هَذِه النُّطْفَة فِيهَا فَيُقَال للنطفة من رَبك فَتَقول النُّطْفَة الله فَيُقَال من رازقك فَتَقول الله فتخلق فتعيش فِي أَهلهَا وتأكل رزقها وَتَطَأ أَثَرهَا فَإِذا جَاءَ أجلهَا مَاتَت فدفنت فِي ذَلِك الْمَكَان 11 - وَأخرج أَبُو نعيم وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إدفنوا مَوْتَاكُم وسط قوم صالحين فَإِن الْمَيِّت يتَأَذَّى بجار السوء كَمَا يتَأَذَّى الْحَيّ بجار السوء 12 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق بِسَنَد ضَعِيف عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إدفنوا مَوْتَاكُم فِي وسط قوم صالحين فَإِن الْمَيِّت يتَأَذَّى بجاره السوء كَمَا يتَأَذَّى الْحَيّ بجاره السوء 13 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر والماليني فِي المؤتلف والمختلف عَن عَليّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 كرم الله وَجهه قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ندفن مَوتَانا وسط قوم صالحين فَإِن الْمَوْتَى يتأذون بالجار السوء كَمَا يتَأَذَّى بِهِ الْأَحْيَاء 14 - وَأخرج الْمَالِينِي عَن إِبْنِ عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا مَاتَ لأحدكم الْمَيِّت فَأحْسنُوا كَفنه وعجلوا بإنجاز وَصيته وأعمقوا لَهُ فِي قَبره وجنبوه الْجَار السوء قيل يَا رَسُول الله وَهل ينفع الْجَار الصَّالح فِي الْآخِرَة قَالَ هَل ينفع فِي الدُّنْيَا قَالُوا نعم قَالَ كَذَلِك ينفع فِي الْآخِرَة 15 - وَأخرج الديلمي وإبن مَنْدَه من حَدِيث أم سَلمَة مَرْفُوعا أَحْسنُوا الْكَفَن وَلَا تُؤْذُوا مَوْتَاكُم بعويل وَلَا بتزكية وَلَا بِتَأْخِير وَصِيَّة وَلَا بقطيعة وعجلوا قَضَاء دينه واعدلوا بِهِ عَن جيران السوء 16 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن عبد الله بن نَافِع الْمُزنِيّ قَالَ مَاتَ رجل بِالْمَدِينَةِ فَدفن بهَا فَرَآهُ رجل كَأَنَّهُ من أهل النَّار فَاغْتَمَّ لذَلِك ثمَّ أريه بعد سابعة أَو ثامنة كَأَنَّهُ من أهل الْجنَّة فَسَأَلَهُ قَالَ دفن مَعنا رجل من الصَّالِحين فشفع فِي أَرْبَعِينَ من جِيرَانه فَكنت فيهم 17 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن مُعَاوِيَة بن صَالح قَالَ لما حضر عمر بن عبد الْعَزِيز الْمَوْت أوصاهم فَقَالَ أحفروا لي وَلَا تعمقوا فَإِن خير الأَرْض أَعْلَاهَا وشرها أَسْفَلهَا 18 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طرق عَن عَمْرو بن مهَاجر قَالَ مَاتَ سهل بن عبد الْعَزِيز أَخُو عمر بن عبد الْعَزِيز فَأمرنِي عمر أَن أحفر لَهُ وَقَالَ أحفر لَهُ على قدر طولك أَو إِلَى الْمنْكب وَلَا تبعد لَهُ فِي الأَرْض فَإِن أَعلَى الأَرْض أطهر وَفِي لفظ أطيب من أَسْفَلهَا 19 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وإبن عَسَاكِر وإبن مَنْدَه بِسَنَد فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع عَن إِبْنِ عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ تجملت الْمَقَابِر لمَوْته فَلَيْسَ مِنْهَا بقْعَة إِلَّا وَهِي تتمنى أَن يدْفن فِيهَا وَإِن الْكَافِر إِذا مَاتَ أظلمت الْمَقَابِر لمَوْته فَلَيْسَ مِنْهَا بقْعَة إِلَّا وَهِي تستجير بِاللَّه أَن لَا يدْفن فِيهَا 20 - وَأخرج إِبْنِ النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسدي قَالَ شهِدت جَنَازَة بعض أهل عبد الصَّمد بن عَليّ فَجعل يحثهم ويعجلهم وَيَقُول أريحوها قبل الْمسَاء فَقُلْنَا لَهُ أتروي فِي هَذَا شَيْئا قَالَ نعم حَدثنِي أبي عَن جدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 عبد الله بن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مَلَائِكَة النَّهَار أرأف من مَلَائِكَة اللَّيْل 21 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق إِبْنِ وهب عَن حَرْمَلَة بن عمرَان عَن مُحَمَّد بن أبي مدرك عَن سُفْيَان بن وهب الْخَولَانِيّ قَالَ بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ عَمْرو بن الْعَاصِ فِي سفح هَذَا الْجَبَل يَعْنِي المقطم ومعنا الْمُقَوْقس فَقَالَ لَهُ يَا مقوقس مَا بَال جبلكم هَذَا أَقرع لَيْسَ عَلَيْهِ نَبَات وَلَا شجر على نَحْو من جبال الشَّام قَالَ مَا أَدْرِي وَلَكِن الله تَعَالَى أغْنى أَهله بِهَذَا النّيل عَن ذَلِك وَلَكنَّا نجد تَحْتَهُ مَا هُوَ خير من ذَلِك قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ ليدفن تَحْتَهُ قوم يَبْعَثهُم الله يَوْم الْقِيَامَة لَا حِسَاب عَلَيْهِم فَقَالَ عَمْرو اللَّهُمَّ إجعلني مِنْهُم قَالَ حَرْمَلَة إِن تَحْتَهُ قُبُور قبر عَمْرو بن الْعَاصِ فِيهِ وَفِيه قبر أبي نَضرة الْغِفَارِيّ وَعقبَة بن عَامر 22 - وَأخرج الديلمي وَأَبُو الْفضل الطوسي فِي كتاب عُيُون الْأَخْبَار من طَرِيق ابْن هدبة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبع جَنَازَة فَدَعَا بِثَوْب فَبسط على الْقَبْر وَقَالَ لَا تطلعوا فِي الْقَبْر فَإِنَّهَا أَمَانَة فلعسى أَن تحل العقد فترى حَيَّة سَوْدَاء متطوقه فِي عُنُقه وَلَعَلَّه يُؤمر بِهِ فَيسمع صَوت السلسلة 23 - وَأخرج الطوسي والديلمي فِي مُسْند الفردوس من طَرِيق ابْن هدبة عَن أنس مَرْفُوعا إِن مشيعي الْجِنَازَة قد وكل الله بهم ملكا فهم مهتمون محزونون حَتَّى إِذا أسلموه فِي ذَلِك الْقَبْر وَرَجَعُوا رَاجِعين أَخذ كفا من تُرَاب فَرمى بِهِ وَهُوَ يَقُول إرجعوا إِلَى دنياكم أنساكم الله مَوْتَاكُم فينسون ميتهم وَيَأْخُذُونَ فِي شرائهم وبيعهم كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا مِنْهُ وَلم يكن مِنْهُم 24 - وروينا فِي أمالي ابْن بطة من طَرِيق عَطاء عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لله ملك مُوكل بالمقابر فَإِذا دفن الْمَيِّت وسوي عَلَيْهِ وتحولوا لينصرفوا قبض قَبْضَة من تُرَاب الْقَبْر فَرمى بهَا على أقفيتهم وَقَالَ انصرفوا إِلَى دنياكم وانسوا مَوْتَاكُم 21 - بَاب مَا يُقَال عِنْد الدّفن والتلقين 1 - أخرج الْبَزَّار عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه قَالَ إِذا بلغت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 الْجِنَازَة الْقَبْر فَجَلَسَ النَّاس فَلَا تجْلِس وَلَكِن قُم على شَفير قَبره فَإِذا دُلي فِي قَبره فَقل بِسم الله وَفِي سَبِيل الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ عَبدك نزل بك وَأَنت خير منزول بِهِ فخلف الدُّنْيَا خلف ظَهره فَاجْعَلْ مَا قدم عَلَيْهِ خيرا مِمَّا خلف فَإنَّك قلت {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} 2 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا مَاتَ أحدكُم فَلَا تَحْبِسُوهُ وأسرعوا بِهِ إِلَى قَبره وليقرأ عِنْد رَأسه فَاتِحَة الْكتاب وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ فَاتِحَة الْبَقَرَة وَعند رجلَيْهِ بخاتمة سُورَة الْبَقَرَة فِي قَبره 3 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْعَلَاء بن الحلاج قَالَ قَالَ لي أبي يَا بني إِذا وَضَعتنِي فِي لحدي فَقل بِسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سنّ عَليّ التُّرَاب سنا ثمَّ إقرأ عِنْد رَأْسِي بِفَاتِحَة الْبَقَرَة وخاتمتها فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَلِك 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَن إنْسَانا دفن إبنا لَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ جَاف الأَرْض عَن جَنْبَيْهِ وَافْتَحْ أَبْوَاب السَّمَاء لروحه وأبدله دَارا خيرا من دَاره 5 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أنس أَنه كَانَ إِذا وضع الْمَيِّت فِي قَبره قَالَ اللَّهُمَّ جَاف الْقَبْر عَن جَنْبَيْهِ وَصعد روحه وتقبله وتلقه مِنْك بِروح 6 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ حضرت إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي جَنَازَة إبنة لَهُ فَلَمَّا وَضعهَا فِي اللَّحْد قَالَ بِسم الله وَفِي سَبِيل الله فَلَمَّا أَخذ فِي تَسْوِيَة اللَّحْد قَالَ اللَّهُمَّ أجرهَا من الشَّيْطَان وَمن عَذَاب الْقَبْر فَلَمَّا سوى الْكَثِيب عَلَيْهَا قَامَ جَانب الْقَبْر ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ جَاف الأَرْض عَن جنبيها وَصعد روحها ولقها مِنْك رضوانا ثمَّ قَالَ سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يَقُول بِسم الله وَفِي سَبِيل الله اللَّهُمَّ إفسح فِي قَبره وَنور لَهُ فِيهِ وألحقه بِنَبِيِّهِ 8 - وَأخرج الْحَكِيم عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ كَانُوا يستحبون إِذا وضع الْمَيِّت فِي اللَّحْد أَن يَقُولُوا اللَّهُمَّ أعذه من الشَّيْطَان الرَّجِيم 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن خَيْثَمَة قَالَ كَانُوا يستحبون إِذا دفنُوا الْمَيِّت أَن يَقُولُوا بِسم الله وَفِي سَبِيل الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أجره من عَذَاب الْقَبْر وَمن عَذَاب النَّار وَمن شَرّ الشَّيْطَان الرَّجِيم 10 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقف على الْقَبْر بَعْدَمَا يسوى عَلَيْهِ فَيَقُول اللَّهُمَّ نزل بك صاحبنا وَخلف الدُّنْيَا خلف ظَهره اللَّهُمَّ ثَبت عِنْد الْمَسْأَلَة مَنْطِقه وَلَا تبتله فِي قَبره بِمَا لَا طَاقَة لَهُ بِهِ 11 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وإبن مَنْدَه عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا مَاتَ أحد من إخْوَانكُمْ فسويتم عَلَيْهِ التُّرَاب فَليقمْ أحدكُم على رَأس قَبره ثمَّ ليقل يَا فلَان بن فُلَانَة فَإِنَّهُ يسمع وَلَا يُجيب ثمَّ يَقُول يَا فلَان بن فُلَانَة فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدا ثمَّ يَقُول يَا فلَان بن فُلَانَة فَإِنَّهُ يَقُول أرشدنا رَحِمك الله وَلَكِن لَا تشعرون فَلْيقل أذكر مَا خرجت عَلَيْهِ من الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَنَّك رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا فَإِن مُنْكرا ونكيرا يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بيد صَاحبه وَيَقُول إنطلق بِنَا مَا نقعد عِنْد من لقن حجَّته فَيكون الله حجيجه دونهمَا قَالَ رجل يَا رَسُول الله فَإِن لم يعرف أمه قَالَ ينْسبهُ إِلَى حَوَّاء يَا فلَان بن حَوَّاء 12 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه من وَجه آخر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ إِذا مت فدفنتموني فَليقمْ إِنْسَان عِنْد رَأْسِي فَلْيقل يَا صدي بن عجلَان أذكر مَا كنت عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 13 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن رَاشد بن سعد وضمرة بن حبيب وَحَكِيم بن عُمَيْر قَالُوا إِذا سوي على الْمَيِّت قَبره وَانْصَرف النَّاس عَنهُ كَانَ يسْتَحبّ أَن يُقَال للْمَيت عِنْد قَبره يَا فلَان قل لَا إِلَه إِلَّا الله ثَلَاث مَرَّات يَا فلَان قل رَبِّي الله ديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ينْصَرف تَنْبِيه قَالَ الْآجُرِيّ يسْتَحبّ الْوُقُوف بعد الدّفن قَلِيلا وَالدُّعَاء للْمَيت مُسْتَقْبلا وَجهه بالثبات فَيَقُول اللَّهُمَّ هَذَا عَبدك وَأَنت أعلم بِهِ منا وَلَا نعلم مِنْهُ إِلَّا خيرا وَقد أجلسته لتسأله اللَّهُمَّ فثبته بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْآخِرَة كَمَا ثبته فِي الدُّنْيَا اللَّهُمَّ ارحمه وألحقه بِنَبِيِّهِ وَلَا تضلنا بعده وَلَا تَحْرِمنَا أجره وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم الْوُقُوف على الْقَبْر وسؤال التثبيت فِي وَقت الدّفن مدد للْمَيت بعد الصَّلَاة لِأَن الصَّلَاة بِجَمَاعَة الْمُؤمنِينَ كالعسكر لَهُ قد اجْتَمعُوا بِبَاب الْملك يشفعون لَهُ وَالْوُقُوف على الْقَبْر وسؤال التثبيت مدد ل 4 لعسكر وَذَلِكَ سَاعَة شغل الْمَيِّت لِأَنَّهُ يستقبله هول المطلع وسؤال الفتانين وَأخرج إِبْنِ سعد عَن الضَّحَّاك قَالَ قَالَ لي النزال بن سُبْرَة إِذا أدخلتني قَبْرِي فَقل اللَّهُمَّ بَارك فِي هَذَا الْقَبْر وَفِي دَاخله 22 - بَاب ضمة الْقَبْر لكل أحد 1 - أخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن حُذَيْفَة قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة فَلَمَّا انتهينا إِلَى الْقَبْر قعد على شقَّه فَجعل يردد بَصَره فِيهِ ثمَّ قَالَ يضغط فِيهِ الْمُؤمن ضغطة تَزُول مِنْهَا حمائله ويملأ على الْكَافِر نَارا قَالَ فِي النِّهَايَة قَالَ الْأَزْهَرِي الحمائل هُنَا عروق الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ وَيحْتَمل أَن يُرَاد مَوضِع حمائل السَّيْف أَي عواتقه وصدره وأضلاعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 2 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن للقبر ضغطة لَو كَانَ أحد مِنْهَا نَاجٍ لنجا مِنْهَا سعد بن معَاذ 3 - وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ لما دفن سعد بن معَاذ سبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسبح النَّاس مَعَه طَويلا ثمَّ كبر وَكبر النَّاس ثمَّ قَالُوا يَا رَسُول الله لم سبحت قَالَ لقد تضايق على هَذَا الرجل الصَّالح قَبره حَتَّى فرج الله عَنهُ 4 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم دفن سعد بن معَاذ وَهُوَ قَاعد على قَبره قَالَ لَو نجا من ضمة الْقَبْر أحد لنجا سعد بن معَاذ وَلَقَد ضم ضمة ثمَّ أرخي عَنهُ 5 - وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا الَّذِي تحرّك لَهُ الْعَرْش وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء وشهده سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة لقد ضم ضمة ثمَّ فرج عَنهُ يَعْنِي سعد بن معَاذ قَالَ الْحسن تحرّك لَهُ الْعَرْش فَرحا بِرُوحِهِ أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل 6 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبر سعد بن معَاذ فاحتبس فَلَمَّا خرج قيل يَا رَسُول الله مَا حَبسك قَالَ ضم سعد فِي الْقَبْر ضمة فدعوت الله أَن يكْشف عَنهُ 7 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي أُميَّة بن عبد الله أَنه سُئِلَ بعض أهل سعد مَا بَلغَكُمْ من قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا فَقَالُوا ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ كَانَ يقصر فِي بعض الطّهُور من الْبَوْل 8 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ توفيت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخرجنا مَعَه فرأيناه مهتما شَدِيد الْحزن فَقعدَ على الْقَبْر هنيهة وَجعل ينظر إِلَى السَّمَاء ثمَّ نزل فِيهِ فرأيته يزْدَاد حزنا ثمَّ خرج فرأيته سري عَنهُ وَتَبَسم فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ كنت أذكر ضيق الْقَبْر وغمه وَضعف زَيْنَب فَكَانَ ذَلِك يشق عَليّ فدعوت الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 أَن يُخَفف عَنْهَا فَفعل وَلَكِن ضغطها ضغطة سَمعهَا من بَين الْخَافِقين إِلَّا الْإِنْس وَالْجِنّ 9 - وَأخرج أَيْضا بِسَنَد صَحِيح عَن أبي أَيُّوب أَن صَبيا دفن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أفلت أحد من ضمة الْقَبْر لأفلت هَذَا الصَّبِي 10 - وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على صبي أَو صبية فَقَالَ لَو أَن أحدا نجا من ضمة الْقَبْر لنجا هَذَا الصَّبِي 11 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وإبن أبي الدُّنْيَا عَن زَاذَان أَن إِبْنِ عمر قَالَ لما دفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبنته رقية رَضِي الله عَنْهَا جلس عِنْد الْقَبْر فتربد وَجهه ثمَّ سري عَنهُ فَسَأَلَهُ أَصْحَابه عَن ذَلِك فَقَالَ ذكرت إبنتي وضعفها وَعَذَاب الْقَبْر فدعوت الله فَفرج عَنْهَا وَايْم الله لقد ضمت ضمة سَمعهَا مَا بَين الْخَافِقين 12 - وَأخرج هناد بن السّري فِي الزّهْد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ مَا أجِير من ضغطة الْقَبْر أحد وَلَا سعد بن معَاذ الَّذِي منديل من مناديله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا 13 - وَأخرج أَيْضا عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين دفن سعد بن معَاذ إِنَّه ضم فِي الْقَبْر ضمة حَتَّى صَار مثل الشعرة فدعوت الله أَن يرفه عَنهُ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يستبرىء من الْبَوْل 14 - وَأخرج إِبْنِ سعد قَالَ أخبرنَا شَبابَة بن سوار أَخْبرنِي أَبُو معشر عَن سعيد المَقْبُري قَالَ لما دفن رَسُول الله سعد بن معَاذ قَالَ لَو نجا أحد من ضغطة الْقَبْر لنجا سعد وَلَقَد ضم ضمة اخْتلفت مِنْهَا أضلاعه من أثر الْبَوْل 15 - وَقَالَ عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ أَشد حَدِيث سمعناه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله فِي سعد بن معَاذ وَقَوله فِي أَمر الْقَبْر 16 - وَأخرج عَليّ بن معبد فِي كتاب الطَّاعَة والعصيان من طَرِيق إِبْرَاهِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الغنوي عَن رجل قَالَ كنت عِنْد عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فمرت جَنَازَة صبي صَغِير فَبَكَتْ فَقلت لَهَا مَا يبكيك قَالَت هَذَا الصَّبِي بَكَيْت لَهُ شَفَقَة عَلَيْهِ من ضمة الْقَبْر 17 - وَأخرج عمر بن شبة فِي كتاب الْمَدِينَة عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا عُفيَ أحد من ضمة الْقَبْر إِلَّا فَاطِمَة بنت أَسد فَقيل يَا رَسُول الله وَلَا الْقَاسِم إبنك قَالَ وَلَا إِبْرَاهِيم وَكَانَ أصغرهما 18 - وَأخرج إِبْنِ سعد أخبرنَا كثير بن هِشَام حَدثنَا جَعْفَر بن برْقَان قَالَ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ قَائِم عِنْد قبر سعد لقد ضغط ضغطة أَو همز همزَة لَو كَانَ أحد ناجيا مِنْهَا بِعَمَل لنجا مِنْهَا سعد 19 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه أَن نَافِعًا مولى إِبْنِ عمر لما حَضرته الْوَفَاة جعل يبكي فَقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ ذكرت سَعْدا وضغطة الْقَبْر 20 - وَقَالَ الزبير بن بكار فِي الموفقيات قَالَ حَدثنِي أَبُو عزية الْأنْصَارِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ قَالَ عبد الله بن عَمْرو توفّي سعد بن معَاذ فَخرج إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا هم يَمْشُونَ إِذْ تخلف فوقفوا حَتَّى أدركهم فَقَالُوا يَا نَبِي الله مَا خَلفك عَنَّا قَالَ سَمِعت سعد بن معَاذ حِين ضم فِي قَبره قَالُوا ضم فِي قَبره وَقد أهتز لَهُ عرش الرَّحْمَن فَقَالَ سعد أكْرم على الله أم يحيى بن زَكَرِيَّا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لقد ضم يحيى لِأَنَّهُ شبع شبعة من خبز الشّعير قلت هَذَا الحَدِيث مُنكر بِمرَّة وَإِسْنَاده معضل وَالْمَعْرُوف أَن الْأَنْبِيَاء لَا يضغطون 21 - قَالَ أَبُو الْقَاسِم السَّعْدِيّ فِي كتاب الرّوح لَا ينجو من ضغطة الْقَبْر صَالح وَلَا طالح غير أَن الْفرق بَين الْمُسلم وَالْكَافِر دوَام الضغط للْكَافِرِ وَحُصُول هَذِه الْحَالة لِلْمُؤمنِ فِي أول نُزُوله إِلَى قَبره ثمَّ يعود إِلَى الإنفساح لَهُ فِيهِ قَالَ وَالْمرَاد بضغطة الْقَبْر إلتقاء جانبيه على جَسَد الْمَيِّت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 22 - وَقَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ سَبَب هَذِه الضغطة أَنه مَا من أحد إِلَّا وَقد ألم بخطيئة مَا وَإِن كَانَ صَالحا فَجعلت هَذِه الضغطة جَزَاء لَهُ ثمَّ تُدْرِكهُ الرَّحْمَة وَلذَلِك ضغط سعد بن معَاذ فِي التَّقْصِير من الْبَوْل قَالَ وَأما الْأَوْلِيَاء والأنبياء فَلَا نعلم أَن لَهُم فِي الْقُبُور ضمة وَلَا سؤالا لعصمتهم 23 - وَقَالَ السُّبْكِيّ فِي بَحر الْكَلَام الْمُؤمن الْمُطِيع لَا يكون لَهُ عَذَاب الْقَبْر وَيكون لَهُ ضغطة الْقَبْر فيجد هول ذَلِك وخوفه لما أَنه تنعم بِنِعْمَة الله وَلم يشْكر النِّعْمَة 24 - أخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد التَّيْمِيّ قَالَ كَانَ يُقَال ضمة الْقَبْر إِنَّمَا أَصْلهَا أَنَّهَا أمّهم وَمِنْهَا خلقُوا فغابوا عَنْهَا الْغَيْبَة الطَّوِيلَة فَلَمَّا رد إِلَيْهَا أَوْلَادهَا ضمتهم ضم الوالدة غَابَ عَنْهَا وَلَدهَا ثمَّ قدم عَلَيْهَا فَمن كَانَ الله مُطيعًا ضمته برأفة ورفق وَمن كَانَ عَاصِيا ضمته بعنف سخطا مِنْهَا عَلَيْهِ لِرَبِّهَا 25 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وإبن مَنْدَه والديلمي وإبن النجار عَن سعيد بن الْمسيب أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِنَّك مُنْذُ يَوْم حَدَّثتنِي بِصَوْت مُنكر وَنَكِير وضغطة الْقَبْر لَيْسَ يَنْفَعنِي شَيْء قَالَ يَا عَائِشَة إِن أصوات مُنكر وَنَكِير فِي أسماع الْمُؤمنِينَ كالإثمد فِي الْعين وَإِن ضغطة الْقَبْر على الْمُؤمن كالأم الشفيقة يشكو إِلَيْهَا إبنها الصداع فتغمز رَأسه غمزا رَفِيقًا وَلَكِن يَا عَائِشَة ويل للشاكين فِي الله كَيفَ يضغطون فِي قُبُورهم كضغطة الصَّخْرَة على الْبَيْضَة فَائِدَة 26 - قَالَ بَعضهم من فعل سَيِّئَة فَإِن عقوبتها تدفع عَنهُ بِعشْرَة أَسبَاب أَن يَتُوب فيتاب عَلَيْهِ أَو يسْتَغْفر فَيغْفر لَهُ أَو يعْمل حَسَنَات فتمحوها فَإِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات أَو يبتلى فِي الدُّنْيَا بمصائب فيكفر عَنهُ أَو فِي البرزخ بالضغطة والفتنة فيكفر عَنهُ أَو يَدْعُو لَهُ إخوانه من الْمُؤمنِينَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 أَو يهْدُونَ لَهُ من ثَوَاب أَعْمَالهم مَا يَنْفَعهُ أَو يبتلى فِي عرصات الْقِيَامَة بأهوال تكفر عَنهُ أَو تُدْرِكهُ شَفَاعَة نبيه أَو رَحْمَة ربه إنتهى 27 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن الشخير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فِي مَرضه الَّذِي يَمُوت فِيهِ لم يفتن فِي قَبره وَأمن من ضغطة الْقَبْر وَحَمَلته الْمَلَائِكَة يَوْم الْقِيَامَة بأكفها حَتَّى تجيزه من الصِّرَاط إِلَى بَاب الْجنَّة 28 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور عَن الْوَلِيد بن عَمْرو بن وشاج قَالَ بَلغنِي أَن أول شَيْء يجد الْمَيِّت حَرَكَة عِنْد رجلَيْهِ فَيَقُول مَا أَنْت فَيَقُول أَنا عَمَلك 29 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد الرقاشِي قَالَ بَلغنِي أَن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره إحتوشته أَعماله ثمَّ أنطقها الله تَعَالَى ثمَّ قَالَت أَيهَا العَبْد الْمُنْفَرد فِي حفرته إنقطع عَنْك الأخلاء والأهلون فَلَا أنيس لَك الْيَوْم غَيرنَا 30 - وَأخرج عَن عَطاء بن يسَار قَالَ إِذا وضع الْمَيِّت فِي لحده فَأول شَيْء يَأْتِيهِ عمله فَيضْرب فَخذه الشمَال فَيَقُول أَنا عَمَلك فَيَقُول أَيْن أَهلِي وَوَلَدي وعشيرتي وَمَا خولني الله تَعَالَى فَيَقُول تركت أهلك وولدك وعشيرتك وَمَا خولك الله وَرَاء ظهرك فَلم يدْخل قبرك مَعَك غَيْرِي فَيَقُول يَا لَيْتَني آثرتك على أَهلِي وَوَلَدي وعشيرتي وَمَا خولني الله تَعَالَى إِذْ لم يدْخل معي غَيْرك 31 - وَقَالَ أَحْمد بن أبي الْحوَاري حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْفضل عَن أبي الْمليح الرقي قَالَ إِذا أَدخل إِبْنِ آدم قَبره لم يبْق شَيْء كَانَ يخافه فِي الدُّنْيَا دون الله عز وَجل إِلَّا تمثل لَهُ يفزعه فِي لحده لِأَنَّهُ كَانَ فِي الدُّنْيَا يخافه دون الله عز وَجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 23 - بَاب مُخَاطبَة الْقَبْر للْمَيت 1 - أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَكْثرُوا من ذكر هاذم اللَّذَّات الْمَوْت فَإِنَّهُ لم يَأْتِ على الْقَبْر يَوْم إِلَّا تكلم فِيهِ فَيَقُول أَنا بَيت الغربة وَأَنا بَيت الْوحدَة وَأَنا بَيت التُّرَاب وَأَنا بَيت الدُّود فَإِذا دفن العَبْد الْمُؤمن قَالَ لَهُ الْقَبْر مرْحَبًا وَأهلا أما إِن كنت لأحب من يمشي على ظَهْري إِلَيّ فَإذْ وليتك الْيَوْم وصرت إِلَيّ فسترى صنعي بك قَالَ فيتسع لَهُ مد بَصَره وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة وَإِذا دفن العَبْد الْفَاجِر أَو الْكَافِر قَالَ لَهُ الْقَبْر لَا مرْحَبًا وَلَا أَهلا أما إِن كنت لأبغض من يمشي على ظَهْري إِلَيّ فَإذْ وليتك الْيَوْم وصرت إِلَيّ فسترى صنعي بك قَالَ فيلتئم عَلَيْهِ حَتَّى تلتقي عَلَيْهِ وتختلف أضلاعه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأصابعه فَأدْخل بَعْضهَا فِي جَوف بعض قَالَ ويقيض الله لَهُ سبعين تنينا لَو أَن وَاحِدًا مِنْهَا نفخ فِي الأَرْض مَا أنبتت شَيْئا مَا بقيت الدُّنْيَا فينهشنه ويخدشنه حَتَّى يُفْضِي بِهِ الْحساب قَالَ وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار 2 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة فَجَلَسَ إِلَى قبر فَقَالَ مَا يَأْتِي على هَذَا الْقَبْر من يَوْم إِلَّا وَهُوَ يُنَادي بِصَوْت طلق ذلق يَا إِبْنِ آدم كَيفَ نسيتني ألم تعلم أَنِّي بَيت الْوحدَة وَبَيت الغربة وَبَيت الوحشة وَبَيت الدُّود وَبَيت الضّيق إِلَّا من وسعني الله عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَبْر إِمَّا رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا والحكيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَأَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو نعيم عَن أبي الْحجَّاج الثمالِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْقَبْر للْمَيت حِين يوضع فِيهِ ألم تعلم وَيحك يَا إِبْنِ آدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 مَا غَرَّك بِي ألم تعلم أَنِّي بَيت الْفِتْنَة وَبَيت الظلمَة وَبَيت الْوحدَة وَبَيت الدُّود يَا إِبْنِ آدم مَا غَرَّك بِي إِذْ كنت تمر عَليّ فدادا فَإِن كَانَ مُسلما أجَاب عَنهُ مُجيب الْقَبْر فَيَقُول أَرَأَيْت إِن كَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر فَيَقُول الْقَبْر إِنِّي إِذا أتحول عَلَيْهِ خضرًا وَيعود جسده نورا وتصعد روحه إِلَى الله تَعَالَى قيل لأبي الْحجَّاج مَا الفداد قَالَ الَّذِي يقدم رجلا وَيُؤَخر أُخْرَى يَعْنِي الَّذِي يمشي مشْيَة المتبختر 4 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه من طَرِيق مُجَاهِد عَن الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا أحتضر أَتَاهُ ملك فِي أحسن صُورَة وَأطيب ريح فَجَلَسَ عِنْده لقبض روحه وَأَتَاهُ ملكان بحنوط من الْجنَّة وكفن من الْجنَّة وَكَانَا مِنْهُ على بعد فيستخرج ملك الْمَوْت روحه من جسده رشحا فَإِذا صَارَت إِلَى ملك الْمَوْت إبتدرها الْملكَانِ فأخذاها مِنْهُ فحنطاها بحنوط من الْجنَّة وكفناها بكفن من الْجنَّة ثمَّ عرجا بهَا إِلَى الْجنَّة فتفتح أَبْوَاب السَّمَاء لَهَا وتستبشر الْمَلَائِكَة بهَا وَيَقُولُونَ لمن هَذِه الرّوح الطّيبَة الَّتِي فتحت لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَتسَمى بِأَحْسَن الْأَسْمَاء الَّتِي كَانَت تسمى بهَا فِي الدُّنْيَا فَيُقَال هَذِه روح فلَان فَإِذا صعد بهَا إِلَى السَّمَاء شيعها مقربو كل سَمَاء حَتَّى تُوضَع بَين يَدي الله عِنْد الْعَرْش فَيخرج عَملهَا فِي عليين فَيَقُول الله للمقربين إشهدوا أَنِّي قد غفرت لصَاحب هَذَا الْعَمَل وَيخْتم كِتَابه فَيرد فِي عليين ثمَّ يَقُول عز وَجل ردوا روح عَبدِي إِلَى الأَرْض فَإِنِّي وعدتهم أَنِّي أردهم فِيهَا فَإِذا وضع الْمُؤمن فِي لحده تَقول لَهُ الأَرْض إِن كنت لحبيبا إِلَيّ وَأَنت على ظَهْري فَكيف إِذا صرت فِي بَطْني سأريك مَا أصنع بك فيفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَيفتح لَهُ بَاب عِنْد رجلَيْهِ إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا أعد الله لَك من الثَّوَاب وَيفتح لَهُ بَاب عِنْد رَأسه إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر مَا صرف الله عَنْك من الْعَذَاب ثمَّ يُقَال لَهُ نم قرير الْعين فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ من قيام السَّاعَة 5 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عبد الله بن عبيد قَالَ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت يقْعد وَهُوَ يسمع خطو مشيعيه فَلَا يكلمهُ شَيْء أول من حفرته فَيَقُول وَيحك يَا إِبْنِ آدم أَلَيْسَ قد حذرتني وحذرت ضيقي وضنكي ونتني وهولي ودودي فَمَاذَا أَعدَدْت لي 6 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن العَبْد إِذا وضع فِي الْقَبْر كَلمه فَقَالَ يَا إِبْنِ آدم ألم تعلم أَنِّي بَيت الْوحدَة وَبَيت الظلمَة وَبَيت الْحق يَا إِبْنِ آدم مَا غَرَّك بِي قد كنت تمشي حَولي فدادا قَالَ فَقلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 لغطيف يَا أَبَا أَسمَاء مَا فدادا قَالَ أَحْيَانًا فَقَالَ لَهُ صَاحِبي وَكَانَ أسن مني فَإِذا كَانَ مُؤمنا وسع لَهُ وَجعل منزله أَخْضَر وعرج بِنَفسِهِ إِلَى الْجنَّة 7 - وَأخرج أَيْضا عَن يزِيد بن شَجَرَة قَالَ يَقُول الْقَبْر للرجل الْكَافِر والفاجر أما ذكرت ظلمتي أما ذكرت وحشتي أما ذكرت ضيقي أما ذكرت غمي 8 - وَأخرج أَيْضا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ إِن الْقَبْر ليقول يَا إِبْنِ آدم مَاذَا أَعدَدْت لي أما تعلم أَنِّي بَيت الغربة وَبَيت الْوحدَة وَبَيت الْأكلَة وَبَيت الدُّود 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ لَيْسَ من ميت يَمُوت إِلَّا نادته حفرته الَّتِي يدْفن فِيهَا أَنا بَيت الظلمَة والوحدة والإنفراد فَإِن كنت فِي حياتك لله مُطيعًا كنت عَلَيْك الْيَوْم رَحْمَة وَإِن كنت لِرَبِّك فِي حياتك عَاصِيا فَأَنا عَلَيْك نقمة أَنا الْبَيْت الَّذِي من دخله مُطيعًا خرج مِنْهُ مَسْرُورا وَمن دخله عَاصِيا خرج مِنْهُ مثبورا 10 - وَأخرج عَن جَابر رَفعه قَالَ إِن للقبر لِسَانا ينْطق بِهِ فَيَقُول يَا إِبْنِ آدم كَيفَ نسيتني ألم تعلم أَنِّي بَيت الوحشة وَبَيت الغربة وَبَيت الدُّود وَبَيت الضّيق إِلَّا مَا وسع الله عز وَجل 11 - وَقَالَ أَبُو بكر بن عبد الْعَزِيز بن جَعْفَر الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ فِي كتاب المثاني فِي الْفِقْه حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الشِّيرَازِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن حَمَّاد قرىء على عبد الرَّزَّاق وَأَنا حَاضر عَن الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن زَاذَان عَن الْبَراء قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة فَوَجَدنَا الْقَبْر لم يلْحد فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا حوله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضع الْمَيِّت فِي قَبره ثمَّ سوي عَلَيْهِ كَلمته الأَرْض فَقَالَت أما علمت أَنِّي بَيت الوحشة والغربة والدود فَمَاذَا أَعدَدْت لي 12 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن بِلَال بن سعد قَالَ يُنَادي الْقَبْر فِي كل يَوْم أَنا بَيت الغربة وَبَيت الدُّود والوحشة وَأَنا حُفْرَة من حفر النَّار أَو رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَإِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي لحده كَلمته الأَرْض من تَحْتَهُ فَقَالَت وَالله لقد كنت أحبك وَأَنت على ظَهْري تمشي فَكيف وَقد صرت فِي بَطْني فَإِذا وليتك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 فستعلم مَا أصنع فيتسع لَهُ مد بَصَره وَإِذا وضع الْكَافِر قَالَت وَالله لقد كنت أبغضك وَأَنت تمشي على ظَهْري فَإِذا وليتك فستعلم مَا أصنع فتضمه ضمة تخْتَلف مِنْهَا أضلاعه 13 - وَأخرج الديلمي عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجهزوا لقبوركم فَإِن الْقَبْر لَهُ فِي كل يَوْم سبع مَرَّات يَقُول يَا إِبْنِ آدم الضَّعِيف ترحم فِي حياتك على نَفسك قبل أَن تَلقانِي أترحم عَلَيْك وتكفى مني الردى 14 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور وإبن مَنْدَه عَن عمر بن ذَر قَالَ إِذا دخل الْمُؤمن حفرته نادته الأَرْض أمطيع أم عَاص فَإِن كَانَ صَالحا ناداه مُنَاد من نَاحيَة الْقَبْر عودي عَلَيْهِ خضرَة وكوني عَلَيْهِ رَحْمَة فَنعم العَبْد كَانَ لله وَنعم الْمَرْدُود إِلَيْك فَتَقول الأَرْض الْآن حِين إستحق الْكَرَامَة 15 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن مُحَمَّد بن صبيح قَالَ بلغنَا أَن الرجل إِذا وضع فِي قَبره فعذب أَو أَصَابَهُ بعض مَا يكره ناداه جِيرَانه من الْمَوْتَى أَيهَا المتخلف فِي الدُّنْيَا بعد إخوانه أما كَانَ لَك فِينَا مُعْتَبر أما كَانَ لَك فِي تقدمنا إياك مُعْتَبر أما رَأَيْت إنقطاع أَعمالنَا هُنَا وَأَنت فِي المهلة فَهَلا استدركت مَا فَاتَ وتناديه بقاع الْقَبْر أَيهَا المغتر بِظهْر الأَرْض هلا اعْتبرت بِمن غيب من أهلك فِي بطن الأَرْض من غرته الدُّنْيَا قبلك ثمَّ سبق بِهِ أَجله إِلَى الْقُبُور وَأَنت ترَاهُ مَحْمُولا تهاذيه أحبته إِلَى الْمنزل الَّذِي لَا بُد مِنْهُ 16 - قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ من أَكثر ذكر الْقَبْر وجده رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَمن غفل عَن ذكره وجده حُفْرَة من حفر النَّار 17 - وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن يزِيد الرقاشِي قَالَ بَلغنِي أَن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره أحتوشته أَعماله ثمَّ أنطقها الله فَقَالَت أَيهَا الْمُنْفَرد فِي حفرته إنقطع عَنْك الأخلاء والأهلون فَلَا أنيس لَك الْيَوْم غَيرنَا ثمَّ يبكي يزِيد وَيَقُول فطوبى لمن كَانَ أنيسه صَالحا وَالْوَيْل لمن كَانَ أنيسه عَلَيْهِ وبالا 18 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس بن مَالك قَالَ أَلا أخْبركُم بيومين وليلتين لم يسمع الْخَلَائق بمثلهما أول يَوْم يجيئك البشير من الله إِمَّا برضى الله وَإِمَّا بسخطه وَيَوْم تقف فِيهِ بَين يَدي الله تَأْخُذ فِيهِ كتابك إِمَّا بيمينك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وَإِمَّا بشمالك وَلَيْلَة يبيت الْمَيِّت فِي قَبره لم يبت لَيْلَة قبلهَا مثلهَا وَلَيْلَة صبيحتها يَوْم الْقِيَامَة لَيْسَ بعْدهَا لَيْلَة 24 - بَاب فتْنَة الْقَبْر وسؤال الْملكَيْنِ قد تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث بذلك مُؤَكدَة من رِوَايَة أنس والبراء وَتَمِيم الدَّارِيّ وَبشير بن الْكَمَال وثوبان وَجَابِر بن عبد الله وَعبد الله بن رَوَاحَة وَعبادَة بن الصَّامِت وَحُذَيْفَة وضمرة بن حبيب وإبن عَبَّاس وإبن عمر وإبن مَسْعُود وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعمر بن الْخطاب وَعَمْرو بن الْعَاصِ ومعاذ بن جبل وَأبي أُمَامَة وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي رَافع وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي قَتَادَة وَأبي هُرَيْرَة وَأبي مُوسَى وَأَسْمَاء وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ حَدِيث أنس 1 - أخرج الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه يسمع قرع نعَالهمْ قَالَ يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل وَعند ابْن مردوية مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ بَين أظْهركُم لذِي يُقَال لَهُ مُحَمَّد قَالَ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَة وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا ويملأ عَلَيْهِ خضر وَأما الْمُنَافِق وَالْكَافِر فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَا دَريت وَلَا تليت وَيضْرب بمطراق من حَدِيد ضَرْبَة فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ إِلَّا الثقلَيْن 2 - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر وإبن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها وَإِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَسَأَلَهُ مَا كنت تعبد فَإِن يكن الله قد هداه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 قَالَ كنت أعبد الله فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله فَمَا يسْأَل عَن شَيْء بعْدهَا فَينْطَلق بِهِ إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار فَيُقَال لَهُ هَذَا بَيْتك كَانَ لَك فِي النَّار وَلَكِن الله عصمك ورحمك فأبدلك بِهِ بَيْتا فِي الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي حَتَّى أذهب فأبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فينتهره فَيَقُول لَهُ مَا كنت تعبد فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيَضْرِبُونَهُ بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق إِلَّا الثقلَيْن 3 - وَأخرج الديلمي عَن أنس رَفعه يدْخل مُنكر وَنَكِير على الْمَيِّت فِي قَبره فَيُقْعِدَانِهِ فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَا من رَبك قَالَ الله قَالَا وَمن نبيك قَالَ مُحَمَّد قَالَا وَمن إمامك قَالَ الْقُرْآن فيوسعان عَلَيْهِ فِي قَبره فَإِن كَانَ كَافِرًا يَقُولَانِ لَهُ من رَبك قَالَ لَا أَدْرِي قَالَا وَمن نبيك قَالَ لَا أَدْرِي قَالَا وَمن إمامك قَالَ لَا أَدْرِي فيضربانه بالعمود ضَرْبَة حَتَّى يلتهب الْقَبْر نَارا ويضيق عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف أضلاعه حَدِيث الْبَراء وَتَمِيم تقدما فِي بَاب من يحضر الْمَيِّت من الْمَلَائِكَة حَدِيث بشير 4 - أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وإبن السكن عَن أَيُّوب بن بشير عَن أَبِيه قَالَ كَانَت ثائرة فِي بني مُعَاوِيَة فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلح بَينهم فَالْتَفت إِلَى قبر فَقَالَ لَا دَريت فَقيل لَهُ فَقَالَ إِن هَذَا يسْأَل عني فَقَالَ لَا أَدْرِي حَدِيث ثَوْبَان 5 - أخرج أَبُو نعيم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ الْمُؤمن كَانَت الصَّلَاة عِنْد رَأسه وَالصَّدَََقَة عَن يَمِينه وَالصِّيَام عِنْد صَدره وَذكر حَدِيث الْقَبْر نَحْو حَدِيث الْبَراء هَكَذَا أوردهُ فِي الْحِلْية وَلم يسقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 حَدِيث جَابر 6 - وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق أبي الزبير أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد الله عَن فتاني الْقَبْر فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فَإِذا أَدخل الْمُؤمن قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه جَاءَهُ ملك شَدِيد الإنتهار فَيَقُول لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول الْمُؤمن أَقُول إِنَّه رَسُول الله وَعَبده فَيَقُول لَهُ الْملك إنظر إِلَى مَقْعَدك الَّذِي كَانَ فِي النَّار قد أنجاك الله مِنْهُ وأبدلك بمقعدك الَّذِي ترى من النَّار مَقْعَدك الَّذِي ترى من الْجنَّة فَيَرَاهُمَا كليهمَا فَيَقُول الْمُؤمن دَعونِي أبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن وَأما الْمُنَافِق فيقعد إِذا تولى عَنهُ أَهله فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَهُ لَا دَريت هَذَا مَقْعَدك الَّذِي كَانَ لَك من الْجنَّة قد أبدلك مَكَانَهُ مَقْعَدك من النَّار قَالَ جَابر فَسمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يبْعَث كل عبد فِي الْقَبْر على مَا مَاتَ الْمُؤمن على إيمَانه وَالْمُنَافِق على نفَاقه 7 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وإبن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْمَيِّت قَبره مثلت لَهُ الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا فيجلس يمسح عَيْنَيْهِ وَيَقُول دَعونِي أُصَلِّي 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن إِبْنِ آدم لفي غَفلَة عَمَّا خلق لَهُ إِن الله إِذا أَرَادَ خلقه قَالَ للْملك أكتب رزقه أكتب أَثَره أكتب أَجله أكتب شقيا أم سعيدا ثمَّ يرْتَفع ذَلِك الْملك وَيبْعَث الله ملكا فيحفظه حَتَّى يدْرك ثمَّ يرْتَفع ذَلِك الْملك ثمَّ يُوكل الله بِهِ ملكَيْنِ يكتبان حَسَنَاته وسيئاته فَإِذا حَضَره الْمَوْت إرتفع ذَلِك الْملكَانِ وَجَاء ملك الْمَوْت ليقْبض روحه فَإِذا دخل قَبره ردَّتْ الرّوح إِلَى جسده وجاءه ملكا الْقَبْر فامتحناه ثمَّ يرتفعان فَإِذا قَامَت السَّاعَة إنحط عَلَيْهِ ملك الْحَسَنَات وَملك السَّيِّئَات فانتشطا كتابا معقودا فِي عُنُقه ثمَّ حضرا مَعَه وَاحِد سائق وَآخر شَهِيد ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن قدامكم أَمر عَظِيم مَا تقدرونه فاستعينوا بِاللَّه الْعَظِيم 9 - وَأخرج ابْن أبي عَاصِم وإبن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره أَتَاهُ ملكان فانتهراه فَقَامَ يهب كَمَا يهب النَّائِم فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 رَبِّي وَالْإِسْلَام ديني وَمُحَمّد نَبِي فينادي مُنَاد أَن قد صدق فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي أخبر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن حَدِيث حُذَيْفَة تقدم فِي بَاب معرفَة الْمَيِّت لمن يغسلهُ حَدِيث ضَمرَة 10 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ فتانو الْقَبْر ثَلَاثَة أنكر وناكور وسيدهم رُومَان 11 - وَأخرج إِبْنِ لال وإبن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات عَن ضَمرَة بن حبيب مَرْفُوعا فتانو الْقَبْر أَرْبَعَة مُنكر وَنَكِير وناكور وسيدهم رُومَان قَالَ إِبْنِ الْجَوْزِيّ هَذَا الحَدِيث لَا أصل لَهُ وضمرة تَابِعِيّ وَرِوَايَة الْوَقْف عَلَيْهِ أثبت إنتهى 12 - وَسُئِلَ شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر هَل يَأْتِي للْمَيت ملك إسمه رُومَان فَأجَاب بِأَنَّهُ ورد بِسَنَد فِيهِ لين حَدِيث عبَادَة الصَّامِت 13 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي التَّهَجُّد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَحميد بن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْأَعْمَال عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فليجهر بقرَاءَته فَإِنَّهُ يطرد بجهره الشَّيَاطِين وفساق الْجِنّ وَإِن الْمَلَائِكَة الَّذين هم فِي الْهَوَاء وسكان الدَّار يَسْتَمِعُون لقرَاءَته وَيصلونَ بِصَلَاتِهِ فَإِذا مَضَت هَذِه اللَّيْلَة أوصت تِلْكَ اللَّيْلَة المستأنفة بِهِ فَتَقول نبهيه لساعته وكوني عَلَيْهِ خَفِيفَة فَإِذا حَضرته الْوَفَاة جَاءَ الْقُرْآن فَوقف عِنْد رَأسه وهم يغسلونه فَإِذا فرغ مِنْهُ دخل الْقُرْآن حَتَّى صَار بَين صَدره وكفنه فَإِذا وضع فِي حفرته وجاءه مُنكر وَنَكِير خرج الْقُرْآن فَصَارَ بَينه وَبَينهمَا فَيَقُولَانِ لَهُ إِلَيْك عَنَّا فَإنَّا نُرِيد أَن نَسْأَلهُ فَيَقُول وَالله مَا أَنا بمفارقه حَتَّى أدخلهُ الْجنَّة فَإِن كنتما أمرتما فِيهِ بِشَيْء فشأنكما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 ثمَّ ينظر إِلَيْهِ فَيَقُول هَل تعرفنِي فَيَقُول لَا فَيَقُول أَنا الْقُرْآن أَنا الَّذِي كنت أسهرك ليلك وأظمئك نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك فستجدني من بَين الأخلاء خَلِيل صدق وَمن الإخوان أَخا صدق فأبشر فَمَا عَلَيْك بعد مَسْأَلَة مُنكر وَنَكِير من هم وَلَا حزن ثمَّ يخرجَانِ عَنهُ فيصعد الْقُرْآن إِلَى ربه تَعَالَى فَيسْأَل لَهُ فراشا ودثارا فَيُؤْمَر لَهُ بفراش ودثار وقنديل من نور الْجنَّة وياسمين من ياسمين الْجنَّة فيحمله ألف ملك من مقربي السَّمَاء الدُّنْيَا فيسبقهم الْقُرْآن إِلَيْهِ فَيَقُول هَل إستوحشت بعدِي مَا زِدْت مُنْذُ فارقتك على أَن كلمت الله تَعَالَى فِي فرَاش ودثار ومصباح فَهَذَا قد جئْتُك بِهِ فَتدخل عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فيحملونه ويفرشونه ذَلِك ويضعون الدثار تَحت رجلَيْهِ والياسمين عِنْد صَدره ثمَّ يحملونه حَتَّى يضعونه على شقَّه الْأَيْمن ثمَّ يصعدون عَنهُ فيستلقي عَلَيْهِ فَلَا يزَال ينظر إِلَى الْمَلَائِكَة حَتَّى يلجوا فِي السَّمَاء ثمَّ يدْفع الْقُرْآن فِي قبْلَة الْقَبْر فيوسع عَلَيْهِ مَا شَاءَ الله من ذَلِك وَكَانَ فِي كتاب أبي مُعَاوِيَة فيوسع لَهُ مسيرَة أَرْبَعمِائَة عَام ثمَّ يحمل الياسمين من عِنْد صَدره فَيَجْعَلهُ عِنْد أَنفه فيشمه غضا إِلَى يَوْم ينْفخ فِي الصُّور ثمَّ يَأْتِي أَهله كل يَوْم مرّة أَو مرَّتَيْنِ فيأتيهم يُخْبِرهُمْ وَيَدْعُو لَهُم بِالْخَيرِ والإقبال فَإِن تعلم أحد من وَلَده الْقُرْآن بشر بذلك وَإِن كَانَ عقبه عقب سوء أَتَى الدَّار بكرَة وعشيا فَبكى عَلَيْهِ إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور قَالَ الْحَافِظ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيث حسن وَرَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَأَبُو خَيْثَمَة وطبقتهما من الْمُتَقَدِّمين عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْمقري بِسَنَدِهِ إِلَى عبَادَة بن الصَّامِت وَقد أخرجه الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وإبن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من وَجه آخر عَن عبَادَة مَرْفُوعا وَقَالا لَا يَصح حَدِيث إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ 14 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ بك يَا عمر إِذا أَنْتَهِي بك إِلَى الأَرْض فحفر لَك ثَلَاثَة أَذْرع وشبر فِي ذِرَاع وشبر ثمَّ أَتَاك مُنكر وَنَكِير أسودان يجران أشعارهما كَأَن أصواتهما الرَّعْد القاصف وَكَأن أعينهما الْبَرْق الخاطف يحفران الأَرْض بأنيابهما فأجلساك فَزعًا فتلتلاك وتوهلاك قَالَ يَا رَسُول الله وَأَنا يَوْمئِذٍ على مَا أَنا عَلَيْهِ قَالَ نعم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 قَالَ أكفيكهما بِإِذن الله يَا رَسُول الله 15 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن إِبْنِ عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت ليسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون قَالَ ثمَّ يجلس فَيُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول الله ثمَّ يُقَال لَهُ مَا دينك فَيَقُول الْإِسْلَام ثمَّ يُقَال لَهُ مَا نبيك فَيَقُول مُحَمَّد فَيُقَال وَمَا علمك فَيَقُول عَرفته آمَنت بِهِ وصدقته بِمَا جَاءَ بِهِ من الْكتاب ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَتجْعَل روحه مَعَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ 16 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إسم الْملكَيْنِ اللَّذين يأتيان فِي الْقَبْر مُنكر وَنَكِير 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا حَضَره الْمَوْت شهدته الْمَلَائِكَة فَسَلمُوا عَلَيْهِ وبشروه بِالْجنَّةِ فَإِذا مَاتَ مَشوا مَعَ جنَازَته ثمَّ صلوا عَلَيْهِ مَعَ النَّاس فَإِذا دفن أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيُقَال لَهُ من رَسُولك فَيَقُول مُحَمَّد فَيُقَال لَهُ مَا شهادتك فَيَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة فيوسع لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَأما الْكَافِر فتنزل الْمَلَائِكَة فيبسطون أَيْديهم والبسط هُوَ الضَّرْب يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم عِنْد الْمَوْت فَإِذا دخل قَبره أقعد فَقيل لَهُ من رَبك فَلم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا وأنساه الله ذكر ذَلِك وَإِذا قيل لَهُ من الرَّسُول الَّذِي بعث إِلَيْكُم لم يهتد وَلم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا فَذَلِك قَوْله {ويضل الله الظَّالِمين} الْآيَة 18 - وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتهى إِلَى الْقَبْر وَلم يلْحد لَهُ فَجَلَسَ وَجلسَ النَّاس كَأَن على رؤوسهم الطير فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصَره فِي الأَرْض ينْكث بمخصرة مَعَه ثمَّ رفع طرفه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ أعوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ إِن العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي إقبال من الْآخِرَة وإدبار من الدُّنْيَا أَتَاهُ ملك الْمَوْت فيجلس عِنْد رَأسه تهبط إِلَيْهِ مَلَائِكَة مَعَهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 تحفة من تحف الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة وَمن كسوتها فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر سماطين فَيبْدَأ ملك الْمَوْت فيبشره ثمَّ تبشره الْمَلَائِكَة فتسيل نَفسه كَمَا تسيل القطرة من فِي السقاء فَرحا بِمَا بشره ملك الْمَوْت حَتَّى إِذا أَخذ نَفسه لم تدعها الْمَلَائِكَة طرفَة عين حَتَّى يأخذوها ويحتضنوها إِلَيْهِم بِتِلْكَ التحف الَّتِي هَبَطُوا بهَا فَإِذا رِيحهَا قد مَلأ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَتَقول الْمَلَائِكَة مَا أطيب هَذِه الرَّائِحَة فَتَقول الْمَلَائِكَة هَذِه الرَّائِحَة نفس فلَان الْمُؤمن قبض الْيَوْم وَتصلي عَلَيْهِ فَإِذا انْتَهوا بِهِ إِلَى السَّمَاء فتحت أَبْوَاب السَّمَاء لَهَا فَلَيْسَ من بَاب إِلَّا وَهُوَ مشتاق إِلَى أَن تدخل مِنْهُ حَتَّى إِذا دخلُوا بهَا من بَاب عمله بَكَى عَلَيْهِ الْبَاب فَلَا يَمرونَ بهَا على أهل سَمَاء إِلَّا قَالُوا مرْحَبًا بِهَذِهِ النَّفس الطّيبَة الَّتِي قبلت وَصِيَّة رَبهَا حَتَّى إنتهوا إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَيَقُول ملك الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة الَّذين هَبَطُوا إِلَيْهَا يَا رب قبضنا روح فلَان بن فلَان الْمُؤمن وَهُوَ أعلم مِنْهُم بذلك فَيَقُول الله ردُّوهُ إِلَى الأَرْض فَإِنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فَإِنَّهُ ليسمع خَفق نعالكم ونفض أَيْدِيكُم إِذا وليتم عَنهُ مُدبرين فَتَأْتِيه أَمْلَاك ثَلَاثَة ملكان من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَملك من مَلَائِكَة الْعَذَاب وَقد إكتنفه عمله الصَّالح الصَّلَاة عِنْد رجلَيْهِ وَالصِّيَام عِنْد رَأسه وَالزَّكَاة عَن يَمِينه وَالصَّدَََقَة عَن يسَاره وَالْبر وَحسن الْخلق على صَدره فَكلما أَتَاهُ ملك الْعَذَاب من نَاحيَة ذب عَنهُ عمله الصَّالح فَيقوم بمرزبة لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل مني لم يقلوها فَيَقُول أَيهَا العَبْد الصَّالح لَوْلَا مَا إكتنفك من الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالصَّدَََقَة لضربتك بِهَذِهِ المرزبة ضَرْبَة يشتعل قبرك نَارا هُوَ لَكمَا وأنتما لَهُ ثمَّ يصعد ملك الْعَذَاب فَيَقُول أَحدهمَا لصَاحبه إرفق بولِي الله فَإِنَّهُ جَاءَ من هول شَدِيد فَيَقُول من رَبك فَيَقُول الله فَيَقُول مَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيَقُول من نبيك قَالَ مُحَمَّد فَيَقُولَانِ وَمَا يدْريك قَالَ قَرَأت كتاب الله وَآمَنت بِهِ وصدقت وينتهرانه عِنْدهَا وَهِي أَشد فتْنَة تعرض على الْمُؤمن فينادي من السَّمَاء قد صدق عَبدِي فافرشوه من فرش الْجنَّة واكسوه من كسوتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وطيبوه من طيبها وافسحوا لَهُ فِي قَبره مد الْبَصَر وافتحوا لَهُ بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة عِنْد رَأسه وبابا عِنْد رجلَيْهِ ثمَّ يَقُولَانِ لَهُ نم نومَة الْعَرُوس فِي حجلتها لم تذق عَذَاب الْقَبْر فَهُوَ يَقُول رب أقِم السَّاعَة لكَي أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي وَمَا أَعدَدْت لي فيبعث من قَبره يَوْم الْقِيَامَة مبياض الْوَجْه الحجلة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْجِيم البشخانة والمخصرة مَا اخْتَصَرَهُ الْإِنْسَان بِيَدِهِ فأمسكه من عَصا وَنَحْوه وينكت بمثناة آخِره حَدِيث إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا 19 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد وإبن عَسَاكِر بِسَنَد مُنْقَطع عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لرجل يَا أخي أما علمت أَن الْمَوْت أمامك لَا تَدْرِي مَتى يَأْتِيك صباحا أَو مسَاء لَيْلًا أَو نَهَارا ثمَّ الْقَبْر وهول المطلع ومنكر وَنَكِير وَبعد ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يحْشر فِيهِ المبطلون 20 - وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن إِبْنِ عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلظُّوا أَلْسِنَتكُم قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَالله رَبنَا وَالْإِسْلَام ديننَا ومحمدا نَبينَا فَإِنَّكُم تسْأَلُون عَنْهَا فِي قبوركم فِي سَنَده عُثْمَان بن مطر حَدِيث إِبْنِ عمر 21 - وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري فِي الشَّرِيعَة عَن إِبْنِ عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر فتاني الْقَبْر فَقَالَ عمر أترد علينا عقولنا يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم كهيئتكم الْيَوْم فَقَالَ عمر بِفِيهِ الْحجر حَدِيث إِبْنِ مَسْعُود 22 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الْقَبْر عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول رَبِّي الله وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد فيوسع لَهُ فِي قَبره ويفرج لَهُ فِيهِ ثمَّ قَرَأَ {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة وَإِن الْكَافِر إِذا أَدخل فِي قَبره أَجْلِس فِيهِ فَقيل لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي فيضيق عَلَيْهِ قَبره ويعذب فِيهِ ثمَّ قَرَأَ إِبْنِ مَسْعُود {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} 23 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن أحدكُم ليجلس فِي قَبره إجلاسا فَيُقَال لَهُ مَا أَنْت فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ أَنا عبد الله حَيا وَمَيتًا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فيفسح لَهُ فِي قَبره مَا شَاءَ فَيرى مَكَانَهُ من الْجنَّة وتنزل عَلَيْهِ كسْوَة يلبسهَا من الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَيُقَال لَهُ مَا أَنْت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ لَا دَريت ثَلَاثًا فيضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه وَترسل عَلَيْهِ حيات من جَوَانِب قَبره وتنهشه وتأكله فَإِذا جزع فصاح قمع بمقمع من نَار أَو حَدِيد وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار 24 - وَأخرج الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِذا توفّي العَبْد بعث الله إِلَيْهِ مَلَائِكَة فيقبضون روحه فِي أثوابه فَإِذا وضع فِي قَبره بعث الله ملكَيْنِ ينتهرانه فَيَقُولَانِ من رَبك قَالَ رَبِّي الله قَالَا وَمَا دينك قَالَ ديني الْإِسْلَام قَالَا من نبيك قَالَ نبيي مُحَمَّد قَالَا صدقت كَذَلِك كنت أفرشوه من الْجنَّة وألبسوه مِنْهَا وأروه مَقْعَده مِنْهَا وَأما الْكَافِر فَيضْرب ضَرْبَة يلتهب قَبره مِنْهَا نَارا أَو يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف عَلَيْهِ أضلاعه وتبعث عَلَيْهِ حيات من حيات الْقَبْر كأعناق الْإِبِل 25 - وَأخرج الْخلال فِي كِتَابه شرح السّنة عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا نزل بِهِ الْمَوْت أَتَاهُ ملك الْمَوْت يُنَادِيه يَا روح الطّيبَة أَخْرِجِي من الْجَسَد الطّيب فَإِذا خرجت روحه لفت فِي خرقَة حَمْرَاء فَإِذا غسل وكفن وَحمل على سَرِيره إرتفعت روحه فَوق السرير حيت يتَحَوَّل السرير تحولت حَتَّى يوضع فِي قَبره فَإِذا وضع فِي قَبره أَجْلِس وَجِيء بِالروحِ وَجعلت فِيهِ فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمَا دينك فَيَقُول رَبِّي الله وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال لَهُ صدقت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 فيوسع لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ثمَّ ترْتَفع روحه فتجعل فِي أَعلَى عليين ثمَّ تَلا عبد الله هَذِه الْآيَة {إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون كتاب مرقوم} قَالَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة وَأما الْكَافِر فَذكر الْكَلَام وتلا {إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين} قَالَ الأَرْض السَّابِعَة حَدِيث عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ 26 - وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة عِنْد قبر وَصَاحبه يدْفن فَقَالَ إستغفروا لأخيكم وسلوا لَهُ التثبيت فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ 27 - وَأخرج عَن ابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَالْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أَنْت إِذا كنت فِي أَرْبَعَة أَذْرع فِي ذراعين وَرَأَيْت مُنْكرا ونكيرا قلت يَا رَسُول الله وَمَا مُنكر وَنَكِير قَالَ فتانا الْقَبْر ينحتان الأَرْض بأنيابهما ويطآن فِي أشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف مَعَهُمَا مرزبة لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل منى لم يطيقوا رَفعهَا هِيَ أيسر عَلَيْهِمَا من عصاي هَذِه فامتحناك فَإِن تعاييت أَو ناويت ضرباك بهَا ضَرْبَة تصير بهَا رَمَادا قلت يَا رَسُول الله وَأَنا على حَالي هَذِه قَالَ نعم قَالَ إِذن أكفيكهما 28 - وَأخرج أَبُو نعيم وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَا عمر كَيفَ بك إِذا مت فقاسوا لَك ثَلَاثَة أَذْرع وشبرا فِي ذِرَاع وشبر ثمَّ رجعُوا إِلَيْك وغسلوك وكفنوك وحنطوك ثمَّ احتملوك حَتَّى يضعوك فِيهِ ثمَّ يهيلوا عَلَيْك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 التُّرَاب فَإِذا انصرفوا عَنْك أَتَاك فتانا الْقَبْر مُنكر ونكر أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فتلتلاك وثرثراك وهولاك فَكيف بك عِنْد ذَلِك يَا عمر قَالَ يَا رَسُول الله وَمَعِي عَقْلِي قَالَ نعم قَالَ إِذن أكفيكهما مُرْسل رِجَاله ثِقَات قَالَ فِي الصِّحَاح تلتله أَي زعزعه وأقلقه وزلزله وَهُوَ بمثناتين والثرثرة بمثلثتين كَثْرَة الْكَلَام وترديده والتهويل التقريع حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ 29 - وَأخرج مُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ فِي مرض مَوته إِذا دفنتموني فَشُنُّوا عَليّ التُّرَاب شنا وَأقِيمُوا عِنْد قَبْرِي قدر مَا تنحر جزور وَيقسم لَحمهَا آنس بكم وَأنْظر مَاذَا أراجع بِهِ رسل رَبِّي حَدِيث معَاذ 30 - وَأخرج الْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ الْقُرْآن عَلَيْهِ خيمة من نور يَهْتَدِي بهَا أهل السَّمَاء كَمَا يهتدى بالكوكب الدُّرِّي فِي لجج الْبحار وَفِي الأَرْض القفر فَإِذا مَاتَ صَاحب الْقُرْآن رفعت تِلْكَ الْخَيْمَة فتنظر الْمَلَائِكَة من السَّمَاء فَلَا يرَوْنَ ذَلِك النُّور فَتَلقاهُ الْمَلَائِكَة من سَمَاء إِلَى سَمَاء فَتُصَلِّي الْمَلَائِكَة على روحه فِي الْأَرْوَاح ثمَّ تستغفر لَهُ إِلَى يَوْم يبْعَث وَمَا من رجل تعلم كتاب الله ثمَّ صلى سَاعَة من ليل إِلَّا وصت بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَة الْمَاضِيَة اللَّيْلَة المستأنفة أَن تنبهه لساعته وَأَن تكون عَلَيْهِ خَفِيفَة وَإِذا مَاتَ وَكَانَ أَهله فِي جهازه جَاءَ الْقُرْآن فِي صُورَة حَسَنَة جميلَة فَوقف عِنْد رَأسه حَتَّى يدرج فِي أَكْفَانه فَيكون الْقُرْآن على صَدره دون الْكَفَن فَإِذا وضع فِي قَبره وسوي عَلَيْهِ التُّرَاب وتفرق عَنهُ أَصْحَابه أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير فيجلسانه فِي قَبره فَيَجِيء الْقُرْآن حَتَّى يكون بَينه وَبَينهمَا فَيَقُولَانِ لَهُ إِلَيْك حَتَّى نَسْأَلهُ فَيَقُول لَا وَرب الْكَعْبَة إِنَّه لصاحبي وخليلي وَلست أخذله على حَال فَإِن كنتما أمرتما بِشَيْء فامضيا لما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أمرتما وَدَعَانِي مَكَاني فَإِنِّي لست أفارقه حَتَّى أدخلهُ الْجنَّة ثمَّ ينظر الْقُرْآن إِلَى صَاحبه فَيَقُول أَنا الْقُرْآن الَّذِي كنت تجْهر بِي تخفيني وتحييني فَأَنا حَبِيبك وَمن أحببته أحبه الله لَيْسَ عَلَيْك بعد مَسْأَلَة مُنكر وَنَكِير هم وَلَا حزن فيسأله مُنكر وَنَكِير ويصعدان وَيبقى هُوَ وَالْقُرْآن فَيَقُول لأفرشنك فراشا لينًا ولأدثرنك دثارا حسنا جميلا كَمَا أَسهرت ليلك وأنصبت نهارك فيصعد الْقُرْآن إِلَى السَّمَاء أسْرع من الطّرف فَيسْأَل الله ذَلِك فيعطيه ذَلِك فَينزل بِهِ ألف ملك من مقربي السَّمَاء السَّادِسَة فَيَجِيء الْقُرْآن فَيُجِيبهُ فَيَقُول هَل إستوحشت مَا زلت مُنْذُ فارقتك أَن كلمت الله حَتَّى أخذت لَك فراشا ودثارا وَقد جئْتُك بِهِ فَقُمْ حَتَّى تفرشك الْمَلَائِكَة فتنهضه الْمَلَائِكَة إنهاضا لطيفا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مسيرَة أَرْبَعمِائَة عَام ثمَّ يوضع لَهُ فرَاش بطانته من حَرِير أَخْضَر حشوه الْمسك الأذفر وَيُوضَع لَهُ مرافق عِنْد رجلَيْهِ وَرَأسه من السندس والإستبرق ويسرج لَهُ سراجان من نور الْجنَّة عِنْد رَأسه وَرجلَيْهِ يزهران إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ تضجعه الْمَلَائِكَة على شقَّه الْأَيْمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ يُؤْتى بياسمين من الْجنَّة ويصعد عَلَيْهِ وَيبقى هُوَ وَالْقُرْآن حَتَّى يبْعَث وَيرجع الْقُرْآن إِلَى أَهله فيخبرهم خَبره كل يَوْم وَلَيْلَة ويتعاهده كَمَا يتَعَاهَد الْوَالِد الشفيق وَلَده بِالْخَيرِ فَإِن تعلم أحد من وَلَده الْقُرْآن بشره بذلك وَإِن كَانَ عقبه عقب سوء دَعَا لَهُم بالصلاح والإقبال هَذَا حَدِيث غَرِيب فِي إِسْنَاده جَهَالَة وإنقطاع حَدِيث أبي أُمَامَة تقدم فِي التَّلْقِين حَدِيث أبي الدَّرْدَاء 31 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد وإبن أبي شيبَة والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رجلا قَالَ لَهُ عَلمنِي خيرا يَنْفَعنِي الله بِهِ قَالَ أما لَا فاعقل كَيفَ أَنْت إِذا لم يكن لَك من الأَرْض إِلَّا مَوضِع أَرْبَعَة أَذْرع فِي ذراعين جَاءَ بك أهلك الَّذِي كَانُوا يكْرهُونَ فراقك وإخوانك الَّذين كَانُوا يتحزنون بِأَمْرك فتلوك فِي ذَلِك ثمَّ سووا عَلَيْك من اللَّبن وَأَكْثرُوا عَلَيْك من التُّرَاب فجاءك ملكان أزرقان جعدان يُقَال لَهما مُنكر وَنَكِير فَقَالَا من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَإِن قلت رَبِّي الله وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد فقد وَالله هديت ونجوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وَلنْ تَسْتَطِيع ذَلِك إِلَّا بتثبيت من الله مَعَ مَا ترى من الشدَّة والتخويف وَإِن قلت لَا أَدْرِي فقد وَالله هويت ورديت تلوك بِالْمُثَنَّاةِ أَي صرعوك حَدِيث أبي سعيد 32 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وإبن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وإبن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنَازَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فَإِذا الْإِنْسَان دفن فَتفرق عَنهُ أَصْحَابه جَاءَهُ ملك الْمَوْت فِي يَده مطراق فأقعده قَالَ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُول لَهُ صدقت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيَقُول هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو كفرت بِرَبِّك فَأَما إِذا آمَنت فَهَذَا مَنْزِلك فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فيريد أَن ينْهض إِلَيْهِ فَيَقُول لَهُ أسكن ويفسح لَهُ فِي قَبره وَإِن كَانَ كَافِرًا أَو منافقا فَقيل لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَيَقُول لَا دَريت وَلَا تليت وَلَا اهتديت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيَقُول هَذَا مَنْزِلك لَو آمَنت بِرَبِّك فَأَما إِذا كفرت بِهِ فَإِن الله أبدلك بِهِ هَذَا وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ثمَّ يقمعه قمعه بالمطراق يسْمعهَا خلق الله كلهم غير الثقلَيْن فَقَالَ بعض الْقَوْم يَا رَسُول الله مَا أحد يقوم عَلَيْهِ ملك فِي يَده مطراق إِلَّا هيل عِنْد ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة قَوْله هيل مَاض مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَي فزع حَدِيث أبي رَافع 33 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن أبي رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قبر فَقَالَ أُفٍّ أُفٍّ أُفٍّ فَقلت يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 مَعَك غَيْرِي فمني أففت فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي أففت من صَاحب هَذَا الْقَبْر الَّذِي سُئِلَ عني فَشك فِي 34 - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَافع قَالَ بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَقِيع الْغَرْقَد وأذا أَمْشِي خَلفه إِذْ قَالَ لَا هديت وَلَا اهتديت قلت مَا لي يَا رَسُول الله قَالَ لست إياك أُرِيد وَلَكِن أُرِيد صَاحب هَذَا الْقَبْر سُئِلَ عني فَزعم أَنه لَا يعرفنِي فَإِذا قبر مرشوش عَلَيْهِ مَاء حِين دفن صَاحبه حَدِيث أبي قَتَادَة 35 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مَنْدَه عَن أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك فَيُقَال الله فَيُقَال لَهُ من نبيك فَيَقُول مُحَمَّد بن عبد الله فَيُقَال لَهُ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك لَو زِغْت عَنهُ ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك فِي الْجنَّة إِذْ ثَبت وَإِذا مَاتَ الْكَافِر أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمن نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي كنت أسمع النَّاس يَقُولُونَ فَيُقَال لَهُ لَا دَريت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك لَو ثَبت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك إِذْ زِغْت فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَفِي الْآخِرَة قَالَ الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه الْبَيْهَقِيّ عقب حَدِيث مَسْعُود وَلم يسق لَفظه بل أَحَالهُ عَلَيْهِ حَدِيث أبي هُرَيْرَة 36 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري فِي الشَّرِيعَة وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قبر الْمَيِّت أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان يُقَال لأَحَدهمَا مُنكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وَللْآخر نَكِير فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُولَانِ قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ فَيُقَال لَهُ نم فَيَقُول أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم فَيَقُولُونَ لَهُ نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك فَإِذا كَانَ منافقا قَالَ سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثله لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك فَيُقَال للْأَرْض إلتئمي عَلَيْهِ فتلتئم عَلَيْهِ فتختلف أضلاعه فَلَا يزَال فِيهَا معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك 37 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ شَهِدنَا جَنَازَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا فرغ من دَفنهَا وَانْصَرف النَّاس قَالَ إِنَّه الْآن يسمع خَفق نعالكم أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير أعينهما مثل قدور النّحاس وأنيابهما مثل صياصي الْبَقر وأصواتهما مثل الرَّعْد فيجلسانه فيسألانه مَا كَانَ يعبد وَمن كَانَ نبيه فَإِن كَانَ مِمَّن يعبد الله تَعَالَى قَالَ كنت أعبد الله ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَآمَنا بِهِ واتبعناه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَيُقَال لَهُ على الْيَقِين جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة ويوسع لَهُ فِي حفرته وَإِن كَانَ من أهل الشَّك قَالَ لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته فَيُقَال لَهُ على الشَّك جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ويسلط عَلَيْهِ عقارب وتنانين وَلَو نفخ أحدهم فِي الدُّنْيَا مَا أنبتت شَيْئا تنهشه وتؤمر الأَرْض فتنضم عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف أضلاعه 38 - وَأخرج هناد فِي الزّهْد وإبن أبي شيبَة وإبن جرير وإبن الْمُنْذر وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون عَنهُ فَإِذا كَانَ مُؤمنا كَانَت الصَّلَاة عِنْد رَأسه وَالزَّكَاة عَن يَمِينه وَالصَّوْم عَن شِمَاله وَفعل الْخيرَات وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس من قبل رجلَيْهِ فَيُؤتى من قبل رَأسه فَتَقول الصَّلَاة لَيْسَ قبلي مدْخل فَيُؤتى عَن يَمِينه فَتَقول الزَّكَاة لَيْسَ قبلي مدْخل وَيُؤْتى من قبل شِمَاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 فَيَقُول الصَّوْم لَيْسَ قبلي مدْخل ثمَّ يُؤْتى من قبل رجلَيْهِ فَيَقُول فعل الْخيرَات وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس لَيْسَ قبلي مدْخل فَيُقَال لَهُ إجلس فيجلس قد قربت مثلت لَهُ الشَّمْس وَقد قربت للغروب فَيُقَال لَهُ أخبرنَا عَمَّا نَسْأَلك فَيَقُول دَعْنِي حَتَّى أُصَلِّي فَيُقَال إِنَّك ستفعل فَأخْبرنَا عَمَّا نَسْأَلك فَيَقُول عَم تَسْأَلُونِي فَيُقَال لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول أشهد أَنه رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد رَبنَا فصدقنا وَاتَّبَعنَا فَيُقَال لَهُ صدقت على هَذَا جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله تَعَالَى ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره فَذَلِك قَول الله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَيُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو عصيت الله فَيَزْدَاد غِبْطَة وسرورا يُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فَيفتح لَهُ فَيُقَال هَذَا مَنْزِلك وَمَا أعد الله لَك فَيَزْدَاد غِبْطَة وسرورا فيعاد الْجَسَد إِلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ من التُّرَاب وَتجْعَل روحه فِي النسيم الطّيب وَهُوَ طير خضر تعلق فِي شجر الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَيُؤتى فِي قَبره من قبل رَأسه فَلَا يُوجد شَيْء فَيُؤتى من قبل رجلَيْهِ فَلَا يُوجد شَيْء فيجلس خَائفًا مَرْعُوبًا فَيَقُول لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم وَمَا تشهد بِهِ فَلَا يَهْتَدِي لاسمه فَيُقَال مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت كَمَا قَالُوا فَيُقَال لَهُ صدقت على هَذَا جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} فَيُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ هَذَا كَانَ مَنْزِلك وَمَا أعد الله لَك لَو كنت أطعته فَيَزْدَاد حسرة وثبورا ثمَّ يُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فَيفتح لَهُ بَاب إِلَيْهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَنْزِلك وَمَا أعد الله لَك فَيَزْدَاد حسرة وثبورا قَالَ أَبُو عمر الضَّرِير قلت لحماد بن سَلمَة كَانَ هَذَا من أهل الْقبْلَة قَالَ نعم قَالَ أَبُو عمر كَانَ يشْهد بِهَذِهِ الشَّهَادَة على غير يَقِين يرجع إِلَى قلبه كَانَ يسمع النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فيقوله 39 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه قَالَ يُؤْتى الرجل فِي قَبره فَإِذا أُتِي من قبل رَأسه دَفعته تِلَاوَة الْقُرْآن وَإِذا أُتِي من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 قبل يَدَيْهِ دَفعته الصَّدَقَة وَإِذا أُتِي من قبل رجلَيْهِ دَفعه مَشْيه إِلَى الْمَسَاجِد وَالصَّبْر حجرَة فَقَالَ أما إِنِّي لَو رَأَيْت خللا كنت صَاحبه قَوْله حجرَة بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وَرَاء أَي نَاحيَة 40 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا وضع الْمَيِّت فِي قَبره جَاءَتْهُ أَعماله الصَّالِحَة فاحتوشته فَإِن أَتَاهُ من قبل رَأسه جَاءَت قِرَاءَة الْقُرْآن وَإِن أَتَاهُ من قبل رجلَيْهِ جَاءَ قِيَامه وَإِن أَتَاهُ من قبل يَدَيْهِ قَالَت اليدان كَانَ وَالله ليبسطنا للصدقة وَالدُّعَاء لَا سَبِيل لكم إِلَيْهِ من قبلي وَإِن أَتَاهُ من قبل فِيهِ جَاءَ ذكره وصيامه قَالَ وَكَذَلِكَ الصَّلَاة قَالَ وَالصَّبْر نَاحيَة فَيَقُول أما إِنِّي لَو رَأَيْت خللا كنت صَاحبه وتجاحش عَنهُ أَعماله الصَّالِحَة كَمَا يجاحش الرجل عَن أَخِيه وَأَهله وَولده وَيُقَال عِنْد ذَلِك نم بَارك الله لَك فِي مضجعك فَنعم الأخلاء أخلاؤك وَنعم الْأَصْحَاب أَصْحَابك تجاحش بجيم ثمَّ حاء مُهْملَة ثمَّ شين مُعْجمَة أَي تدافع 41 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا أحتضر الْمُؤمن فَخرج روحه من جسده تَقول الْمَلَائِكَة روح طيبَة من جَسَد طيب فَإِذا أخرج من بَيته إِلَى قَبره فَهُوَ يحب مَا أسْرع بِهِ فَإِذا دخل قَبره أَتَاهُ آتٍ ليَأْخُذ بِرَأْسِهِ فيحول سُجُوده بَينه وَبَينه ويأتيه ليَأْخُذ ببطنه فيحول صِيَامه بَينه وَبَينه ويأتيه ليَأْخُذ بِيَدِهِ فتحول صدقته بَينه وَبَينه ويأتيه ليَأْخُذ برجليه فيحول قِيَامه عَلَيْهِمَا فِي الصَّلَاة وممشاه عَلَيْهِمَا إِلَى الصَّلَاة بَينه وَبَينه فَمَا يفزع الْمُؤمن بعْدهَا أبدا وَإِن من شَاءَ الله من الْخلق ليفزع فَإِذا رأى مَقْعَده وَمَا أعد لَهُ قَالَ رب بَلغنِي منزلي فَيُقَال لَهُ إِن لَك إخْوَانًا وأخوات لم يحلقوا بك فَارْجِع فنم قرير الْعين وَإِن الْكَافِر إِذا أحتضر وَخرجت روحه من جسده تَقول الْمَلَائِكَة روح خبيثة من جَسَد خَبِيث فَإِذا أخرج من بَيته إِلَى قَبره فَهُوَ يحب مَا أبطىء بِهِ ويصيح أَيْن تذهبون بِي فَإِذا دخل قَبره وَرَأى مَا أعد لَهُ قَالَ رب إرجعون لأتب وأعمل صَالحا فَيُقَال لَهُ قد عمرت مَا كنت معمرا فيتضايق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَهُوَ كالمنهوس ينَام ويفزع وتهوي إِلَيْهِ هوَام الأَرْض حَيَاتهَا وعقاربها المنهوس بِالْمُهْمَلَةِ والمعجمة مَعًا يُقَال نهسته الْحَيَّة ونهشته 42 - وَأخرج الْبَزَّار وإبن جرير فِي تَهْذِيب الْآثَار عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 قَالَ إِن الْمُؤمن ينزل بِهِ الْمَوْت ويعاين مَا يعاين فود لَو خرجت يَعْنِي نَفسه وَالله يحب لقاءه وَإِن الْمُؤمن يصعد بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء فَتَأْتِيه أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فيستخبرونه عَن معارفهم من أهل الأَرْض فَإِذا قَالَ تركت فلَانا فِي الدُّنْيَا أعجبهم ذَلِك وَإِذا قَالَ إِن فلَانا قد مَاتَ قَالُوا مَا جِيءَ بِروح ذَاك إِلَيْنَا وَقد ذهب بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاح أهل النَّار وَإِن الْمُؤمن يجلس فِي قَبره فَيسْأَل من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيُقَال من نبيك فَيَقُول نبيي مُحَمَّد فَيُقَال مَاذَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيفتح لَهُ بَاب فِي قَبره وَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مجلسك نم قرير الْعين فيبعثه الله يَوْم الْقِيَامَة فَكَأَنَّمَا كَانَ رقدة وَإِذا كَانَ عَدو الله وَنزل بِهِ الْمَوْت وعاين مَا عاين فَإِنَّهُ لَا يحب أَن تخرج روحه أبدا وَالله يبغض لقاءه فَإِذا أَجْلِس فِي قَبره يُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَا دَريت فَيُقَال من نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَا دَريت فَيُقَال مَا دينك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَا دَريت فَيفتح لَهُ بَاب من جَهَنَّم ثمَّ يضْرب ضَرْبَة تسمع كل دَابَّة إِلَّا الثقلَيْن ثمَّ يُقَال لَهُ نم كَمَا ينَام المنهوس قيل لأبي هُرَيْرَة مَا المنهوس قَالَ الَّذِي تنهسه الدَّوَابّ والحيات ثمَّ يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه 43 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر رَضِي الله عَنهُ كَيفَ أَنْت إِذا رَأَيْت مُنْكرا ونكيرا قَالَ وَمَا مُنكر وَنَكِير قَالَ فتانا الْقَبْر أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن فِي أشعارهما ويحفران الأَرْض بأنيابهما مَعَهُمَا عَصا من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل منى لم يقلوها 44 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت يصير إِلَى الْقَبْر فيجلس الرجل الصَّالح فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف ثمَّ يُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول كنت فِي الْإِسْلَام فَيُقَال مَا هَذَا الرجل فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد الله فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَال لَهُ هَل رَأَيْت الله فَيَقُول لَا مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى الله فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهِ يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا وقاك الله ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك وَيُقَال لَهُ على الْيَقِين كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله وَيجْلس الرجل السوء فِي قَبره فَزعًا مشغوفا فَيُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ مَا هَذَا الرجل فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فقلته فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا صرفه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 عَنْك ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله تَعَالَى حَدِيث أَسمَاء 45 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّه قد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور فَيُقَال مَا علمك بِهَذَا الرجل فَأَما الْمُؤمن أَو الموقن فَيَقُول هُوَ مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى فأجبنا وَاتَّبَعنَا فَيُقَال لَهُ قد علمنَا إِن كنت لمؤمنا نم صَالحا وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب فَيَقُول مَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته 46 - وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَدخل الْإِنْسَان قَبره فَإِن كَانَ مُؤمنا أحف بِهِ عمله الصَّلَاة وَالصِّيَام فيأتيه الْملك من نَحْو الصَّلَاة فَتَردهُ وَمن نَحْو الصّيام فَيردهُ فيناديه إجلس فيجلس فَيَقُول لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ مُحَمَّد قَالَ أشهد أَنه رَسُول الله فَيَقُول وَمَا يدْريك أَدْرَكته قَالَ أشهد أَنه رَسُول الله قَالَ يَقُول على ذَلِك عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث وَإِن كَانَ فَاجِرًا أَو كَافِرًا جَاءَهُ الْملك لَيْسَ بَينه وَبَينه شَيْء يردهُ فأجلسه وَيَقُول مَا تَقول فِي هَذَا الرجل قَالَ أَي رجل قَالَ مُحَمَّد قَالَ يَقُول وَالله لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته قَالَ لَهُ الْملك على ذَلِك عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث قَالَ وتسلط عَلَيْهِ دَابَّة فِي قَبره مَعهَا سَوط ثَمَرَته جَمْرَة مثل عرف الْبَعِير تضربه مَا شَاءَ الله لَا تسمع صَوته فترحمه قَالَ فِي الصِّحَاح ثَمَر السِّيَاط عقد أطرافها وَعرف الْبَعِير وَالْفرس الشّعْر النَّابِت على الْمعرفَة حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا 47 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت جَاءَت يَهُودِيَّة فاستطمعت على بَابي فَقَالَت أَطْعمُونِي أعاذكم الله من فتْنَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر فَلم أزل أحبسها حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله مَا تَقول هَذِه الْيَهُودِيَّة قَالَ وَمَا تَقول قلت تَقول أعاذكم الله من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر قَالَت عَائِشَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع يَدَيْهِ مدا يستعيذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر ثمَّ قَالَ أما فتْنَة الدَّجَّال فَإِنَّهُ لم يكن نَبِي إِلَّا وَقد حذر أمته وسأحذركموه بِحَدِيث لم يحذرهُ نَبِي أمته إِنَّه أَعور وَالله لَيْسَ بأعور مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن فَأَما فتْنَة الْقَبْر فَبِي تفتنون وعني تسْأَلُون فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح أَجْلِس فِي قَبره غير فزع وَلَا مشعوف ثمَّ يُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول فِي الْإِسْلَام فَيُقَال مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد الله فَصَدَّقْنَاهُ فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعضهم بَعْضًا فَيُقَال لَهُ أنظر لى مَا وقاك الله ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة إِلَى الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا وَيُقَال على الْيَقِين كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله وَإِذا كَانَ الرجل السوء جلس فِي قَبره فَزعًا مشعوفا فَيُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فَقلت كَمَا قَالُوا فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا صرف الله عَنْك ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا وَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله ثمَّ يعذب 48 - ثمَّ روى الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَذكر مثله المشعوف بشين مُعْجمَة ثمَّ عين مُهْملَة قَالَ أهل اللُّغَة الشعف هُوَ الْفَزع حَتَّى يذهب بِالْقَلْبِ 49 - وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قلت يَا رَسُول الله تبتلى هَذِه الْأمة فِي قبورها فَكيف بِي وَأَنا إمرأة ضَعِيفَة قَالَ {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} 50 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِي يفتتن أهل الْقُبُور وَفِي نزلت هَذِه الْآيَة {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} 51 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج بسرير الْمُؤمن نَادَى أنْشدكُمْ بِاللَّه لما أسرعتم بِي فَإِذا دخل قَبره حفه عمله فتجيء الصَّلَاة فَتكون عَن يَمِينه وَيَجِيء الصَّوْم فَيكون عَن يسَاره وَيَجِيء عمله بِالْمَعْرُوفِ فَيكون عِنْد رجلَيْهِ فَتَقول الصَّلَاة لَيْسَ لكم قبلي مدْخل كَانَ يُصَلِّي بِي فيأتيه من قبل يسَاره فَيَقُول الصَّوْم إِنَّه كَانَ يَصُوم ويعطش فَلَا يَجدونَ موضعا فَيَأْتُونَ من قبل رجلَيْهِ فتخاصم عَنهُ أَعماله فَلَا يَجدونَ مسلكا وَإِذا كَانَ الآخر نَادَى بِصَوْت يسمعهُ كل شَيْء إِلَّا الْإِنْسَان فَإِنَّهُ لَو سَمعه صعق أَو جزع 52 - وَأخرج الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن طَاوُوس قَالَ إِن الْمَوْتَى يفتنون فِي قُبُورهم سبعا فَكَانُوا يستحبون أَن يطعم عَنْهُم تِلْكَ الْأَيَّام 53 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على قبر رجل من أَصْحَابه حِين فرغ مِنْهُ فَقَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ إِنَّه نزل بك وَأَنت خير منزول بِهِ جَاف الأَرْض عَن جَنْبَيْهِ وَافْتَحْ أَبْوَاب السَّمَاء لروحه واقبله مِنْك بِقبُول حسن وَثَبت عِنْد الْمَسْأَلَة مَنْطِقه 54 - وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ إِذا سُئِلَ الْمَيِّت من رَبك تزايا لَهُ الشَّيْطَان فِي صُورَة فيشير إِلَى نَفسه إِنِّي أَنا رَبك 55 - قَالَ الْحَكِيم وَيُؤَيِّدهُ من الْأَخْبَار قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد دفن الْمَيِّت اللَّهُمَّ أجره من الشَّيْطَان كَمَا تقدم فِي بَاب مَا يُقَال عِنْد الدّفن وَلَو لم يكن للشَّيْطَان هُنَاكَ سَبِيل مَا دَعَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك 56 - وَقَالَ ابْن شاهين فِي السّنة حَدثنَا عبد الله بن سُلَيْمَان حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان حَدثنَا بشير بن صَفْوَان حَدثنِي رَاشد قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تعلمُوا حجتكم فَإِنَّكُم مسؤولون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 حَتَّى إِنَّه كَانَ أهل الْبَيْت من الْأَنْصَار يحضر الرجل مِنْهُم الْمَوْت فيوصونه والغلام إِذا عقل فَيَقُولُونَ لَهُ إِذا سألوك من رَبك فَقل الله رَبِّي وَمَا دينك فَقل الْإِسْلَام ديني وَمن نبيك فَقل مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 57 - وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات عَن سهل بن عمار قَالَ رَأَيْت يزِيد بن هَارُون فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ أَتَانِي فِي قَبْرِي ملكان فظان غليظان فَقَالَا مَا دينك وَمن رَبك وَمن نبيك فَأخذت بلحيتي الْبَيْضَاء قلت لمثلي يُقَال هَذَا وَقد علمت النَّاس جوابكما ثَمَانِينَ سنة فذهبا وَقَالا أكتبت عَن جرير بن عُثْمَان قلت نعم قَالَا إِنَّه كَانَ يبغض عُثْمَان فإبغضه الله 58 - وَأخرجه اللالكائي فِي السّنة عَن الحوثرة بن مُحَمَّد الْمنْقري قَالَ رَأَيْت يزِيد بن هَارُون فِي النّوم فَقَالَ أَتَانِي مُنكر وَنَكِير فأقعداني وسألاني وَقَالا من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَجعلت أنفض لحيتي الْبَيْضَاء من التُّرَاب وَأَقُول مثلي يسْأَل أَنا يزِيد بن هَارُون وَكنت فِي دَار الدُّنْيَا سِتِّينَ سنة أعلم النَّاس جوابها فَقَالَ أَحدهمَا صدق نم نومَة الْعَرُوس فَلَا روعة عَلَيْك بعد الْيَوْم 59 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد بن طريف البَجلِيّ قَالَ مَاتَ أخي فَلَمَّا دفن وضعت رَأْسِي على قَبره فَإِن أُذُنِي الْيُسْرَى على الْقَبْر إِذْ سَمِعت صَوت أخي أعرفهُ صَوتا ضَعِيفا فَسَمعته يَقُول الله قَالَ الآخر مَا دينك قَالَ الْإِسْلَام 60 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الْكَرِيم قَالَ مَاتَ رجل وَكَانَ لَهُ أَخ ضَعِيف الْبَصَر قَالَ أَخُوهُ فدفناه فَلَمَّا انْصَرف النَّاس عَنهُ وضعت رَأْسِي على الْقَبْر وَإِذا أَنا بِصَوْت من دَاخل الْقَبْر يَقُول من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَسمِعت أخي يَقُول وعرفته وَعرفت صَوته قَالَ الله رَبِّي وَمُحَمّد نبيي ثمَّ ارْتَفع شبه سهم من دَاخل الْقَبْر إِلَى أُذُنِي فاقشعر جلدي وانصرفت 61 - وَقَالَ أَبُو الْحسن بن الْبَراء الْعَبْدي فِي كتاب الرَّوْضَة حَدثنِي الْفضل بن سهل الْأَعْرَج قَالَ قَالَ أَحْمد بن نصر حَدثنِي رجل رَفعه إِلَى الضَّحَّاك قَالَ توفّي أَخ لي فَدفن قبل أَن ألحق جنَازَته فَأتيت قَبره فَاسْتَمَعْت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ يَقُول رَبِّي الله وَالْإِسْلَام ديني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 62 - وَفِي تَارِيخ إِبْنِ النجار بِسَنَدِهِ عَن أبي الْقَاسِم بن هبة الله بن سَلامَة الْمُفَسّر قَالَ كَانَ لنا شيخ نَقْرَأ عَلَيْهِ فَمَاتَ بعض أَصْحَابه فَرَآهُ الشَّيْخ فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي قَالَ فَمَا حالك مَعَ مُنكر وَنَكِير قَالَ يَا أستاذ لما أجلساني وَقَالا لي من رَبك وَمن نبيك فألهمني الله أَن قلت لَهما بِحَق أبي بكر وَعمر دَعَاني فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر قد أقسم علينا بعظيم دَعه فتركاني وانصرفا 63 - وَأخرج اللالكائي فِي السّنة بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن نصر الصَّائِغ قَالَ كَانَ أبي مُولَعا بِالصَّلَاةِ على الْجَنَائِز من عرف وَمن لم يعرف قَالَ يَا بني حضرت يَوْمًا جَنَازَة فَلَمَّا دفنوها نزل إِلَى الْقَبْر نفسان ثمَّ خرج وَاحِد وَبَقِي الآخر وحثى النَّاس التُّرَاب فَقلت يَا قوم يدْفن حَيّ مَعَ ميت فَقَالُوا مَا ثمَّ أحد فَقلت لَعَلَّه شبه لي ثمَّ رجعت فَقلت مَا رَأَيْت إِلَّا إثنين خرج وَاحِد وَبَقِي الآخر لَا أَبْرَح حَتَّى يكْشف الله لي مَا رَأَيْت فَجئْت إِلَى الْقَبْر وقرأت عشر مَرَّات يس وتبارك وبكيت وَقلت يَا رب إكشف لي عَمَّا رَأَيْت فَإِنِّي خَائِف على عَقْلِي وديني فانشق الْقَبْر وَخرج مِنْهُ شخص فولى مُدبرا فَقلت يَا هَذَا بمعبودك إِلَّا وقفت حَتَّى أَسأَلك فَمَا الْتفت إِلَيّ فَقلت لَهُ الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فَالْتَفت وَقَالَ أَنْت نصر الصَّائِغ قلت نعم قَالَ فَمَا تعرفنِي قلت لَا قَالَ نَحن ملكان من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وكلنَا بِأَهْل السّنة إِذا وضعُوا فِي قُبُورهم نزلنَا حَتَّى نلقنهم الْحجَّة وَغَابَ عني 64 - وَقَالَ الشَّيْخ عبد الْغفار القوصي فِي التَّوْحِيد كنت عِنْد بَيت الشَّيْخ نَاصِر الدّين وَالشَّيْخ بهاء الدّين الأخميمي قد ورد فَأخذت فروته على كَتِفي فَأَخْبرنِي أَن خَادِم الشَّيْخ أبي يزِيد كَانَ يحمل فروته على كتفه وَكَانَ رجلا صَالحا فَجرى الحَدِيث فِي مساءلة مُنكر وَنَكِير فِي الْقَبْر فَقَالَ ذَلِك الْفَقِير وَكَانَ مغربيا وَالله إِن سألاني لأقولن لَهما فَقَالُوا لَهُ وَمن يعلم ذَلِك فَقَالَ أقعدوا على قَبْرِي حَتَّى تسمعوا فَلَمَّا مَاتَ المغربي جَلَسُوا على قَبره فَسَمِعُوا المساءلة وسمعوه يَقُول أتسألاني وَقد حملت فَرْوَة أبي يزِيد على عنقِي فَمَضَوْا وتركوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 فصل فِيهِ فَوَائِد الأولى قَالَ الْقُرْطُبِيّ جَاءَ فِي رِوَايَة سُؤال ملكَيْنِ وَفِي أُخْرَى سُؤال ملك وَاحِد وَلَا تعَارض بل ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَشْخَاص فَرب شخص يَأْتِيهِ إثنان مَعًا فيسألانه مَعًا عَن إنصراف النَّاس ليَكُون أهول فِي حَقه وَأَشد بِحَسب مَا إقترف من الآثام وَآخر يَأْتِيهِ قبل إنصراف النَّاس تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لحُصُول أنسه بهم وَآخر يَأْتِيهِ ملك وَاحِد فَيكون أخف عَلَيْهِ وَأَقل فِي الْمُرَاجَعَة لما قدمه من الْعَمَل الصَّالح قَالَ وَيحْتَمل أَن يَأْتِي الإثنان وَيكون السَّائِل أَحدهمَا وَإِن إشتركا فِي الْإِتْيَان فَتحمل رِوَايَة الْوَاحِد على هَذَا قلت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب فَإِن ذكر الْملكَيْنِ هُوَ الْمَوْجُود فِي غَالب الْأَحَادِيث الثَّانِيَة قَالَ أَيْضا إختلفت الْأَحَادِيث فِي كَيْفيَّة السُّؤَال وَالْجَوَاب وَذَلِكَ بِحَسب الْأَشْخَاص أَيْضا فَمنهمْ من يسْأَل عَن بعض إعتقاداته وَمِنْهُم من يسْأَل عَن كلهَا قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون الإقتصار على الْبَعْض من بعض الروَاة وأتى بِهِ غَيره تَاما قلت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب لإتفاق أَكثر الْأَحَادِيث عَلَيْهِ نعم يُؤْخَذ مِنْهَا وخصوصا من رِوَايَة أبي دَاوُد عَن أنس فَمَا يسْأَل عَن شَيْء بعْدهَا وَلَفظ إِبْنِ مرْدَوَيْه فَمَا يسْأَل عَن شَيْء غَيرهَا أَنه لَا يسْأَل عَن شَيْء من التكليفات غير الإعتقاد خَاصَّة وَصرح فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ الشَّهَادَة يسْأَلُون عَنْهَا فِي قُبُورهم بعد مَوْتهمْ قيل لعكرمة مَا هُوَ قَالَ يسْأَلُون عَن الْإِيمَان بِمُحَمد وَأمر التَّوْحِيد الثَّالِثَة أَقُول قد ورد فِي رِوَايَة أَنه يسْأَل فِي الْمجْلس الْوَاحِد ثَلَاث مَرَّات وَبَاقِي الرِّوَايَات ساكتة عَن ذَلِك فَتحمل على ذَلِك أَو يخْتَلف الْحَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَشْخَاص وَقد تقدم عَن طَاوُوس أَنهم يفتنون سَبْعَة أَيَّام الرَّابِعَة قَالَ القَاضِي إِن من لم يدْفن مِمَّن بَقِي على وَجه الأَرْض يَقع لَهُم السُّؤَال وَالْعَذَاب ويحجب الله أبصار الْمُكَلّفين عَن رُؤْيَة ذَلِك كَمَا حجبها عَن رُؤْيَة الْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين قَالَ بَعضهم وَترد الْحَيَاة إِلَى المصلوب وَنحن لَا نشعر بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 كَمَا أَنا نحسب الْمغمى عَلَيْهِ مَيتا وَكَذَلِكَ يضيق عَلَيْهِ الجو كضمة الْقَبْر وَلَا يستنكر شَيْئا من ذَلِك من خالط الْإِيمَان قلبه وَكَذَلِكَ من تَفَرَّقت أجزاؤه يخلق الله الْحَيَاة فِي بَعْضهَا أَو كلهَا وَيُوجه السُّؤَال عَلَيْهَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ بَعضهم وَلَيْسَ هَذَا بأبعد من الذَّر الَّذِي أخرجه الله من صلب آدم {وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} الْخَامِسَة قَالَ إِبْنِ عبد الْبر لَا يكون السُّؤَال إِلَّا لمُؤْمِن أَو مُنَافِق كَانَ مَنْسُوبا إِلَى دين الْإِسْلَام بِظَاهِر الشَّهَادَة بِخِلَاف الْكَافِر فَإِنَّهُ لَا يسْأَل وَخَالفهُ الْقُرْطُبِيّ وإبن الْقيم قَالَا أَحَادِيث السُّؤَال فِيهَا التَّصْرِيح بِأَن الْكَافِر وَالْمُنَافِق يسألان قلت مَا قَالَاه مَمْنُوع فَإِنَّهُ لم يجمع بَينهمَا فِي شَيْء من الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا ورد فِي بَعْضهَا ذكر الْمُنَافِق وَفِي بَعْضهَا بدله الْكَافِر وَهُوَ مَحْمُول على أَن المُرَاد بِهِ الْمُنَافِق بِدَلِيل قَوْله فِي حَدِيث أَسمَاء وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب وَلم يذكر الْكَافِر وَفِي آخر حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ من قَول حَمَّاد وَأبي عمر الضَّرِير مَا يُصَرح بذلك السَّادِسَة قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ سُؤال الْقُبُور خَاص بِهَذِهِ الْأمة لِأَن الْأُمَم قبلهَا كَانَت الرُّسُل تأتيهم بالرسالة فَإِذا أَبَوا كفت الرُّسُل واعتزلوهم وعوجلوا بِالْعَذَابِ فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرَّحْمَةِ أمسك عَنْهُم الْعَذَاب وَأعْطِي السَّيْف حَتَّى يدْخل فِي دين الْإِسْلَام وَمن دخل لمهابة السَّيْف ثمَّ يرسخ الْإِيمَان فِي قلبه فَمن هُنَا ظهر النِّفَاق فَكَانُوا يسرون الْكفْر ويلعنون الْإِيمَان فَكَانُوا بَين الْمُسلمين فِي ستر فَلَمَّا مَاتُوا قيض الله لَهُم فتاني الْقَبْر ليستخرج سرهم بالسؤال وليميز الله الْخَبيث من الطّيب وَخَالفهُ آخَرُونَ فَقَالُوا السُّؤَال لهَذِهِ الْأمة وَغَيرهَا قَالَ إِبْنِ عبد الْبر وَيدل للإختصاص قَوْله إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها وَقَوله أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي قبوركم وَقَوله فَبِي تفتنون وعني تسْأَلُون السَّابِعَة قَالَ الْحَكِيم أَيْضا إِنَّمَا سميا فتاني الْقَبْر لِأَن فِي سؤالهما إنتهارا وَفِي خلقهما صعوبة وسميا مُنْكرا ونكيرا لِأَن خلقهما لَا يشبه خلق الْآدَمِيّين وَلَا خلق الْمَلَائِكَة وَلَا خلق الْبَهَائِم وَلَا خلق الْهَوَام هما خلق بديع وَلَيْسَ فِي خلقتهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 أنس للناظرين إِلَيْهِمَا جَعلهمَا الله تكرمة لِلْمُؤمنِ لتثبيته وتبصرة وهتكا لستر الْمُنَافِق فِي البرزخ من قبل أَن يبْعَث حَتَّى يحل عَلَيْهِ الْعَذَاب قلت وَهَذَا يدل على أَن الإسم مُنكر بِفَتْح الْكَاف وَهُوَ المجزوم بِهِ فِي الْقَامُوس وَذكر إِبْنِ يُونُس من أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة أَن إسم ملكي الْمُؤمن مُبشر وَبشير الثَّامِنَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ إِن قيل كَيفَ يُخَاطب الْملكَانِ جَمِيع الْمَوْتَى فِي الْأَمَاكِن المتباعدة فِي الْوَقْت الْوَاحِد فَالْجَوَاب إِن عظم جثتهما يَقْتَضِي ذَلِك فيخاطبان الْخلق الْكثير فِي الْجُمُعَة الْوَاحِدَة فِي الْمرة الْوَاحِدَة مُخَاطبَة وَاحِدَة بِحَيْثُ يخيل لكل وَاحِد من المخاطبين أَنه الْمُخَاطب دون من سواهُ ويمنعه الله تَعَالَى من سَماع جَوَاب بَقِيَّة الْمَوْتَى قلت وَيحْتَمل تعدد الْمَلَائِكَة الْمعدة لذَلِك كَمَا فِي الْحفظَة وَنَحْوهم ثمَّ رَأَيْت الْحَلِيمِيّ من أَصْحَابنَا ذهب إِلَيْهِ فَقَالَ فِي منهاجه وَالَّذِي يشبه أَن تكون مَلَائِكَة السُّؤَال جمَاعَة كَثِيرَة يُسمى بَعضهم مُنْكرا وَبَعْضهمْ نكيرا فيبعث إِلَى كل ميت إثنان مِنْهُم كَمَا كَانَ الْمُوكل عَلَيْهِ لكتابة أَعماله ملكَيْنِ إنتهى التَّاسِعَة إختلفت الْأَحَادِيث السَّابِقَة فِي قدر سَعَة الْقَبْر لِلْمُؤمنِ وَلَا تعَارض فَإِن ذَلِك يتَفَاوَت بِحَسب حَال الْمَيِّت فِي الصّلاح علوا وانخفاضا الْعَاشِرَة فِي أسئلة تتَعَلَّق بِهَذَا الْبَاب سئلها شيخ الْإِسْلَام حَافظ الْعَصْر أَبُو الْفضل بن حجر سُئِلَ عَن الْمَيِّت إِذا سُئِلَ هَل يسْأَل قَاعِدا أم يسْأَل وَهُوَ رَاقِد فَأجَاب يقْعد وَسُئِلَ عَن الرّوح هَل تلبس حِينَئِذٍ الجثة كَمَا كَانَت فَأجَاب نعم لَكِن ظَاهر الْخَبَر أَنَّهَا تحل فِي نصفه الْأَعْلَى وَسُئِلَ هَل يكْشف لَهُ حَتَّى يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاب أَنه لم يرد حَدِيث وَإِنَّمَا إدعاه بعض من لَا يحْتَج بِهِ بِغَيْر مُسْتَند سوى قَوْله فِي هَذَا الرجل وَلَا حجَّة فِيهِ لِأَن الْإِشَارَة إِلَى الْحَاضِر فِي الذِّهْن وَسُئِلَ عَن الْأَطْفَال هَل يسْأَلُون فَأجَاب بِأَن الَّذِي يظْهر إختصاص السُّؤَال بِمن يكون مُكَلّفا وَقَالَ ابْن الْقيم إِن الْأَحَادِيث مصرحة بِإِعَادَة الرّوح إِلَى الْبدن عِنْد السُّؤَال لَكِن هَذِه الْإِعَادَة لَا تحصل بهَا الْحَيَاة الْمَعْهُودَة الَّتِي تقوم بهَا الرّوح بِالْبدنِ وتدبيره وَيحْتَاج مَعهَا إِلَى الطَّعَام وَنَحْوه وَإِنَّمَا يحصل بهَا للبدن حَيَاة أُخْرَى يحصل بهَا الإمتحان بالسؤال وكما أَن حَيَاة النَّائِم وَهُوَ حَيّ غير حَيَاة المستيقظ فَإِن النّوم أَخُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الْمَوْت وَلَا يَنْفِي عَن النَّائِم إِطْلَاق الْحَيَاة فَكَذَلِك حَيَاة الْمَيِّت عِنْد الْإِعَادَة غير حَيَاة الْحَيّ وَهِي حَيَاة لَا تَنْفِي عَنهُ إِطْلَاق إسم الْمَوْت بل أَمر متوسط بَين الْمَوْت والحياة كَمَا أَن الْمَوْت متوسط بَينهمَا وَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَنَّهَا مُسْتَقِرَّة وَإِنَّمَا يدل على تعلق مَا بِالْبدنِ وَهِي لَا تزَال مُتَعَلقَة بِهِ وَإِن بلي وتمزق وتقسم وتفرق إنتهى وَقَالَ إِبْنِ تَيْمِية الْأَحَادِيث متواترة على عود الرّوح إِلَى الْبدن وَقت السُّؤَال وسؤال الْبدن بِلَا روح قَول طَائِفَة مِنْهُم إِبْنِ الزَّاغُونِيّ وَحكي عَن إِبْنِ جرير وَأنْكرهُ الْجُمْهُور وقابلهم آخَرُونَ فَقَالُوا السُّؤَال للروح بِلَا بدن قَالَه إِبْنِ حزم وَآخَرُونَ مِنْهُم إِبْنِ عقيل وإبن الْجَوْزِيّ وَهُوَ غلط وَإِلَّا لم يكن للقبر بذلك إختصاص الْحَادِيَة عشرَة فِي روض الرياحين لليافعي عَن شَقِيق الْبَلْخِي أَنه قَالَ طلبنا خمْسا فَوَجَدْنَاهَا فِي خمس طلبنا بركَة الْقُوت فوجدناه فِي صَلَاة الضُّحَى وطلبنا ضِيَاء الْقُبُور فوجدناه فِي صَلَاة اللَّيْل وطلبنا جَوَاب مُنكر وَنَكِير فوجدناه فِي قِرَاءَة الْقُرْآن وطلبنا عبور الصِّرَاط فوجدناه فِي الصَّوْم وَالصَّدَََقَة وطلبنا ظلّ الْعَرْش فوجدناه فِي الْخلْوَة الثَّانِيَة عشرَة أخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب من طَرِيق إِبْنِ هدبة عَن أَشْعَث الْحَرَّانِي عَن أنس مَرْفُوعا من فَارق الدُّنْيَا وَهُوَ سَكرَان دخل الْقَبْر سَكرَان وَأخرجه أَبُو الْفضل الطوسي فِي عُيُون الْأَخْبَار من طَرِيق أبي هدبة عَن أنس وَفِيه فَإِنَّهُ يعاين ملك الْمَوْت سَكرَان ويعاني مُنْكرا ونكيرا سَكرَان الثَّالِثَة عشرَة وَقع فِي فَتَاوَى شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام علم الدّين البُلْقِينِيّ أَن الْمَيِّت يُجيب السُّؤَال فِي الْقَبْر بالسُّرْيَانيَّة وَلم أَقف لذَلِك على مُسْتَند وَسُئِلَ الْحَافِظ إِبْنِ حجر عَن ذَلِك فَقَالَ ظَاهر الحَدِيث أَنه بالعربي قَالَ وَيحْتَمل مَعَ ذَلِك أَن يكون خطاب كل أحد بِلِسَانِهِ الرَّابِعَة عشرَة قَالَ البزازي من الْحَنَفِيَّة فِي فَتَاوِيهِ السُّؤَال فِيمَا يسْتَقرّ فِيهِ الْمَيِّت حَتَّى لَو أكله سبع فالسؤال فِي بَطْنه فَإِن جعل فِي تَابُوت أَيَّامًا لنقله إِلَى مَكَان آخر لَا يسْأَل مَا لم يدْفن إنتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 25 - بَاب من لَا يسْأَل فِي الْقَبْر 1 - قَالَ أَبُو الْقَاسِم السَّعْدِيّ فِي كتاب الرّوح ورد فِي الْأَخْبَار الصِّحَاح أَن بعض الْمَوْتَى لَا ينالهم فتْنَة الْقَبْر وَلَا يَأْتِيهم الفتانان وَذَلِكَ على ثَلَاثَة أوجه مُضَاف إِلَى عمل ومضاف إِلَى حَال بلَاء نزل بِالْمَوْتِ ومضاف إِلَى زمَان 2 - أخرج النَّسَائِيّ عَن رَاشد بن سعد عَن رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد قَالَ كفى ببارقة السيوف على رَأسه فتْنَة 3 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي أَيُّوب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَقِي الْعَدو فَصَبر حَتَّى يقتل أَو يغلب لم يفتن فِي قَبره 4 - وَأخرج مُسلم عَن سلمَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول رِبَاط يَوْم وَلَيْلَة خير من صِيَام شهر وقيامه وَإِن مَاتَ جرى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعمله وَأجْرِي عَلَيْهِ رزقه وَأمن من الفتان 5 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن فضَالة بن عبيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل ميت يخْتم على عمله إِلَّا الَّذِي مَاتَ مرابطا فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يَنْمُو عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ويأمن فتْنَة الْقَبْر وَأخرجه أَبُو دَاوُد بِلَفْظ ويؤمن من فتاني الْقَبْر 6 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ مرابطا فِي سَبِيل الله أجْرى الله عَلَيْهِ أجر عمله الصَّالح الَّذِي كَانَ يعْمل وَأجْرِي عَلَيْهِ رزقه وَأمن من الفتان ويبعثه الله يَوْم الْقِيَامَة آمنا من الْفَزع قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله قيد وَهُوَ الْمَوْت حَالَة الرِّبَاط والرباط هُوَ مُلَازمَة ثغور الْمُسلمين مُدَّة على نِيَّة الْجِهَاد فَارِسًا كَانَ أَو رَاجِلا بِخِلَاف سكان الثغور دَائِما بأهليهم الَّذين يعْملُونَ ويكتسبون هُنَاكَ فليسوا بمرابطين 7 - وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل ميت يخْتم على عمله إِلَّا المرابط فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يجْرِي عَلَيْهِ عمله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 حَتَّى يَبْعَثهُ الله ويؤمن من فتان الْقَبْر 8 - وَأخرج الْبَزَّار عَن عُثْمَان بن عَفَّان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ مرابطا فِي سَبِيل الله أجري عَلَيْهِ أجر عمل الصَّائِم وَأجْرِي عَلَيْهِ رزقه وَأمن من الفتان ويبعثه الله يَوْم الْقِيَامَة آمنا من الْفَزع الْأَكْبَر 9 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من رابط فِي سَبِيل الله أَمنه الله من فتْنَة الْقَبْر 10 - وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من توفّي مرابطا وقِي فتْنَة الْقَبْر وَجرى عَلَيْهِ رزقه 11 - وَأخرج فِي الْكَبِير عَن سلمَان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله كصيام شهر وقيامه وَمن مَاتَ مرابطا جرى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعْمل وَأمن الفتان وَبعث يَوْم الْقِيَامَة شَهِيدا 12 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رابط يَوْمًا فِي سَبِيل الله كَانَ كصيام شهر وقيامه وأجير من فتْنَة الْقَبْر وَأجْرِي عَلَيْهِ عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 13 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ مَرِيضا مَاتَ شَهِيدا وَوُقِيَ فتْنَة الْقَبْر وغدي وريح عَلَيْهِ برزقه من الْجنَّة قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا عَام فِي جَمِيع الْأَمْرَاض وَلَكِن يُقيد بِالْحَدِيثِ الآخر من قَتله بَطْنه لم يعذب فِي قَبره أخرجه النَّسَائِيّ وَغَيره وَالْمرَاد بِهِ الإستسقاء وَقيل الإسهال وَالْحكمَة فِي ذَلِك أَن يَمُوت حَاضر الْعقل عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى فَلم يحْتَج إِلَى إِعَادَة السُّؤَال عَلَيْهِ بِخِلَاف من يَمُوت بِسَائِر الْأَمْرَاض فَإِنَّهُم تغيب عُقُولهمْ قلت لَا حَاجَة إِلَى شَيْء من هَذَا التَّقْيِيد فَإِن الحَدِيث غلط فِيهِ الرَّاوِي بِاتِّفَاق الْحفاظ وَإِنَّمَا هُوَ من مَاتَ مرابطا لَا من مَاتَ مَرِيضا وَقد أوردهُ إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات لأجل ذَلِك وَرُوِيَ أَن سُورَة تبَارك من قَرَأَهَا كل لَيْلَة لم يضرّهُ الفتان 14 - وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن زر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 حُبَيْش عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ من قَرَأَ سُورَة الْملك كل لَيْلَة عصم من فتْنَة الْقَبْر وَمن واظب على قَوْله تَعَالَى {إِنِّي آمَنت بربكم فاسمعون} سهل الله عَلَيْهِ سُؤال مُنكر وَنَكِير 15 - وَأخرج عَن كَعْب قَالَ إِنَّا لنجدها فِي التَّوْرَاة من قَرَأَ سُورَة الْملك كل لَيْلَة عصم من فتْنَة الْقَبْر وَرُوِيَ من طَرِيق سوار بن مُصعب وَهُوَ ضَعِيف جدا عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء يرفعهُ من قَرَأَ ألم السَّجْدَة وتبارك الْملك قبل النّوم نجا من عَذَاب الْقَبْر وَوُقِيَ فتاني الْقَبْر 16 - وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يَمُوت يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة إِلَّا وَقَاه الله فتْنَة الْقَبْر 17 - وَأخرج إِبْنِ وهب فِي جَامعه وَالْبَيْهَقِيّ أَيْضا من طَرِيق آخر عَنهُ بِلَفْظ إِلَّا برىء من فتْنَة الْقَبْر 18 - وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من طَرِيق ثَالِثَة عَنهُ مَوْقُوفا بِلَفْظ وقِي الفتان قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذِه الْأَحَادِيث لَا تعَارض أَحَادِيث السُّؤَال السَّابِقَة بل تخصها وَتبين من لَا يسْأَل فِي قَبره وَلَا يفتن فِيهِ مِمَّن يجْرِي عَلَيْهِ السُّؤَال ويقاسي تِلْكَ الْأَهْوَال وَهَذَا كُله لَيْسَ فِيهِ مدْخل للْقِيَاس وَلَا مجَال للنَّظَر فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّسْلِيم والإنقياد لقَوْل الصَّادِق المصدوق قَالَ وَقَوله فِي الشَّهِيد كفى ببارقه السيوف على رَأسه فتْنَة مَعْنَاهُ أَنه لَو كَانَ فِي هَؤُلَاءِ المقتولين نفاق كَانَ إِذا إلتقى الْجَمْعَانِ وَبَرقَتْ السيوف فروا لِأَن من شَأْن الْمُنَافِق الْفِرَار والزوغان عِنْد ذَلِك وَمن شَأْن الْمُؤمن الْبَذْل وَالتَّسْلِيم لله نفسا فَهَذَا قد أظهر صدق مَا فِي ضَمِيره حَيْثُ برز للحرب وَالْقَتْل فلماذا يُعَاد عَلَيْهِ السُّؤَال فِي الْقَبْر قَالَه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَإِذا كَانَ الشَّهِيد لَا يسْأَل فالصديق أجل قدرا وَأعظم خطرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فَهُوَ أَحْرَى أَن لَا يفتن لِأَنَّهُ الْمُقدم ذكره فِي التَّنْزِيل على الشُّهَدَاء وَقد جَاءَ فِي المرابط الَّذِي هُوَ أقل مرتبَة من الشَّهِيد أَنه لَا يفتن فَكيف بِمن هُوَ أَعلَى مرتبَة مِنْهُ وَمن الشَّهِيد هَذَا كُله كَلَام الْقُرْطُبِيّ قلت وَقد صرح الْحَكِيم بِأَن الصديقين لَا يسْأَلُون وَعبارَته ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وَيفْعل الله مَا يَشَاء} وتأويله عندنَا وَالله أعلم أَن من مَشِيئَته أَن يرفع مرتبَة أَقوام عَن السُّؤَال وهم الصديقون وَالشُّهَدَاء وَمَا نَقله عَن الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي تَوْجِيه حَدِيث الشَّهِيد يَقْتَضِي إختصاص ذَلِك بِشَهِيد المعركة لَكِن إقتضت أَحَادِيث الرِّبَاط التَّعْمِيم فِي كل شَهِيد وَقد جزم شيخ الْإِسْلَام إِبْنِ حجر فِي كتاب بذل الماعون فِي فضل الطَّاعُون بِأَن الْمَيِّت بالطعن لَا يسْأَل لِأَنَّهُ نَظِير الْمَقْتُول فِي المعركة وَبِأَن الصابر فِي الطَّاعُون محتسبا يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب لَهُ إِذا مَاتَ فِيهِ بِغَيْر الطعْن لَا يفتن أَيْضا لِأَنَّهُ نَظِير المرابط هَكَذَا ذكره وَهُوَ مُتَّجه جدا وَقَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي تَوْجِيه حَدِيث المرابط إِنَّه قد ربط نَفسه وسجنها وصيرها حَبِيسًا لله فِي سَبيله لمحاربة أعدائه فَإِذا مَاتَ على هَذَا فقد ظهر صدق مَا فِي ضَمِيره فَوقِي فتْنَة الْقَبْر قَالَ وَمن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة فقد إنكشف الغطاء عَمَّا لَهُ عِنْد الله لِأَن يَوْم الْجُمُعَة لَا تسجر فِيهِ جَهَنَّم وتغلق أَبْوَابهَا وَلَا يعْمل سُلْطَان النَّار مَا يعْمل فِي سَائِر الْأَيَّام فَإِذا قبض الله عبدا من عبيده فَوَافَقَ قَبضه يَوْم الْجُمُعَة كَانَ ذَلِك دَلِيلا لسعادته وَحسن مآبه لِأَنَّهُ لَا يقبض فِي هَذَا الْيَوْم الْعَظِيم إِلَّا من كتب الله لَهُ السَّعَادَة عِنْده فَلذَلِك يَقِيه فتْنَة الْقَبْر لِأَن سَببهَا إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيز الْمُنَافِق من الْمُؤمن إنتهى قلت وَمن تَتِمَّة ذَلِك أَن من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة لَهُ أجر شَهِيد فَكَانَ على قَاعِدَة الشُّهَدَاء فِي عدم السُّؤَال 19 - كَمَا أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة أجِير من عَذَاب الْقَبْر وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ طَابع الشُّهَدَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 20 - وَأخرج حميد فِي ترغيبه عَن إِيَاس بن بكير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة كتب لَهُ أجر شَهِيد وَوُقِيَ فتْنَة الْقَبْر 22 - وَأخرج من طَرِيق إِبْنِ جريج عَن عَطاء بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم أَو مسلمة يَمُوت لَيْلَة الْجُمُعَة أَو يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا وقِي عَذَاب الْقَبْر وفتنة الْقَبْر وَلَقي الله وَلَا حِسَاب عَلَيْهِ وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ شُهُود يشْهدُونَ لَهُ بِالْجنَّةِ أَو طَابع وَهَذَا الحَدِيث لطيف صرح فِيهِ بِنَفْي الْفِتْنَة وَالْعَذَاب مَعًا وَقد إجتمع مِمَّا ذَكرْنَاهُ جمَاعَة لَا يسْأَلُون وَإِن عممنا كل شَهِيد إتسع الْأَمر فَإِن الشُّهَدَاء أَكثر من ثَلَاثِينَ أفردتهم بكراسة وَمِمَّا كثر عَلَيْهِ السُّؤَال عَنهُ الْأَطْفَال هَل يسْأَلُون وَهَذِه الْمَسْأَلَة ذكرهَا إِبْنِ الْقيم فِي كتاب الرّوح وَحكى فِيهَا قَوْلَيْنِ للحنابلة أَحدهمَا نعم لحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على صبي فَقَالَ اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر وَهَذَا الَّذِي جزم بِهِ الْقُرْطُبِيّ وَقَالَ إِن الْعقل يكمل لَهُم ليعرفوا بذلك مَنْزِلَتهمْ وسعادتهم ويلهمون الْجَواب عَمَّا يسْأَلُون عَنهُ قلت وَقد قَالَ بِهِ الضَّحَّاك فَأخْرج إِبْنِ جرير عَن جُوَيْبِر قَالَ مَاتَ للضحاك بن مُزَاحم إِبْنِ سِتَّة أَيَّام فَقَالَ إِذا وضعت إبني فِي لحده فأبرز وَجهه وَحل عقده فَإِنِّي إبني يجلس للسؤال فَقلت عَم يسْأَل قَالَ عَن الْمِيثَاق الَّذِي أقرّ بِهِ فِي صلب آدم الثَّانِي لَا لِأَن السُّؤَال إِنَّمَا يكون لمن عقل الرَّسُول والمرسل فَيسْأَل هَل آمن بالرسول وأطاعه أم لَا وَالْجَوَاب عَن الحَدِيث أَنه لَيْسَ المُرَاد فِيهِ بِعَذَاب الْقَبْر عُقُوبَته وَلَا السُّؤَال بل مُجَرّد الْأَلَم بالهم وَالْغَم وَالْحَسْرَة والوحشة والضغطة الَّتِي تعم الْأَطْفَال وَغَيرهم وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح بل الصَّوَاب وَقد قَالَ النَّسَفِيّ فِي بَحر الْكَلَام الْأَنْبِيَاء وَأَطْفَال الْمُؤمنِينَ لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب وَلَا عَذَاب الْقَبْر وَلَا سُؤال مُنكر وَنَكِير وَقد جزم أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة بِأَن الطِّفْل لَا يلقن بعد الدّفن وَأَن التَّلْقِين يخْتَص بالبالغ هَكَذَا ذكره النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا وَهُوَ دَلِيل على أَن الْأَطْفَال لَا يسْأَلُون وَقد أفتى بِهِ الْحَافِظ إِبْنِ حجر كَمَا تقدم نَقله عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 فَائِدَة أورد إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من حَدِيث أنس مَرْفُوعا مَا مَاتَ مخضوب وَدخل الْقَبْر إِلَّا ومنكر وَنَكِير لَا يسألانه يَقُول مُنكر يَا نَكِير سائله يَقُول كَيفَ أسائله وَنور الْإِسْلَام عَلَيْهِ وَقَالَ وَفِي إِسْنَاده دَاوُد بن صَغِير مُنكر الحَدِيث قلت وَقَوله نور الْإِسْلَام يفسره مَا ثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يصبغون فخالفوهم فَإِن كَانَ للْحَدِيث أصل حمل على مَا كَانَ نِيَّته بذلك الْمُحَافظَة على السّنة 26 - بَاب فظاعة الْقَبْر وسهولته وسعته على الْمُؤمن 1 - وَأخرج الْحَاكِم وإبن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ وهناد فِي الزّهْد عَن هانىء مولى عُثْمَان قَالَ كَانَ عُثْمَان إِذا وقف على قبر بَكَى حَتَّى يبل لحيته فَيُقَال لَهُ تذكر الْجنَّة وَالنَّار فَلَا تبْكي وتبكي من هَذَا فَيَقُول إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْقَبْر أول منَازِل الْآخِرَة فَإِن نجا مِنْهُ فَمَا بعده أيسر مِنْهُ وَإِن لم ينج مِنْهُ فَمَا بعده أَشد مِنْهُ وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رَأَيْت منْظرًا إِلَّا والقبر أفظع مِنْهُ 2 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن الْبَراء قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة فَجَلَسَ على شَفير قَبره فَبكى وأبكى حَتَّى بل الثرى ثمَّ قَالَ يَا إخوتي لمثل هَذَا فأعدوا 3 - وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وإبن مَاجَه عَن إِبْنِ عَمْرو قَالَ توفّي رجل بِالْمَدِينَةِ فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا ليته مَاتَ فِي غير مولده فَقَالَ رجل من النَّاس لم يَا رَسُول الله قَالَ إِن الرجل إِذا توفّي فِي غير مولده قيس لَهُ من مولده إِلَى مُنْقَطع أَثَره فِي الْجنَّة 4 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفسح للغريب فِي قَبره كبعده عَن أَهله 5 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 إِنَّمَا الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار 6 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر وإبن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَبْر حُفْرَة من حفر جَهَنَّم أَو رَوْضَة من رياض الْجنَّة 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ وإبن مَنْدَه عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أَنه خطب فَقَالَ الْقَبْر حُفْرَة من حفر النَّار أَو رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَلا وَإنَّهُ يتَكَلَّم فِي كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات فَيَقُول أَنا بَيت الدُّود أَنا بَيت الظلمَة أَنا بَيت الوحشة 8 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُؤمن فِي قَبره فِي رَوْضَة خضراء يرحب قَبره سبعين ذِرَاعا وينور لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر 9 - وَأخرج عَليّ بن معبد عَن معَاذَة قَالَت قلت لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَلا تخبرينا عَن مقبورنا مَا يلقى وَمَا يصنع بِهِ فَقَالَت إِن كَانَ مُؤمنا فسح لَهُ فِي قَبره أَرْبَعُونَ ذِرَاعا قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا إِنَّمَا يكون بعد ضيق الْقَبْر وَالسُّؤَال وَأما الْكَافِر فَلَا يزَال قَبره ضيقا عَلَيْهِ وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَبْر إِنَّه رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار مَحْمُول عندنَا على الْحَقِيقَة لَا الْمجَاز وَأَن الْقَبْر يمْلَأ على الْمُؤمن خضرًا وَهُوَ العشب من النَّبَات وَقد عينه إِبْنِ عَمْرو فِي حَدِيثه أَنه الريحان وَذهب بعض الْعلمَاء إِلَى حمله على الْمجَاز وَأَن المُرَاد خفَّة السُّؤَال على الْمُؤمن وسهولته عَلَيْهِ وأمنه وَطيب عيشه وراحته وسعته عَلَيْهِ بِحَيْثُ يرى مد بَصَره كَمَا يُقَال فلَان فِي الْجنَّة إِذا كَانَ فِي رغد من الْعَيْش وسلامة وَكَذَا فِي ضِدّه قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالْأول أصح 10 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَاقِفًا على قبر وَمَعَهُ الحواريون فَذكرُوا الْقَبْر ووحشته وظلمته وضيقه فَقَالَ عِيسَى كُنْتُم فِي أضيق مِنْهُ فِي أَرْحَام أُمَّهَاتكُم فَإِذا أحب الله تَعَالَى أَن يُوسع وسع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 11 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين عَن أبي غَالب صَاحب أبي أُمَامَة أَن فَتى بِالشَّام حَضَره الْمَوْت فَقَالَ لِعَمِّهِ أَرَأَيْت لَو أَن الله دفعني إِلَى والدتي مَا كَانَت صانعة بِي قَالَ إِذن وَالله كَانَت تدخلك الْجنَّة قَالَ وَالله لله أرْحم بِي من والدتي فَقبض الْفَتى فَدخلت الْقَبْر مَعَ عَمه فَقُلْنَا بِاللَّبنِ فسويناه عَلَيْهِ فَسَقَطت مِنْهُ لبنة فَوَثَبَ عَمه فَتَأَخر فَقلت مَا شَأْنك قَالَ ملىء قَبره نورا وفسح لَهُ مد بَصَره 12 - وَأخرج من طَرِيق مُحَمَّد بن أبان عَن حميد قَالَ كَانَ لي إِبْنِ أُخْت فَذكر شَبِيها بِهَذِهِ الْحِكَايَة إِلَّا أَنه قَالَ فاطلعت فِي اللَّحْد فَإِذا هُوَ مد بَصرِي قلت لصاحبي أَرَأَيْت مَا رَأَيْت قَالَ نعم فليهنك ذَلِك قَالَ فَظَنَنْت أَنه بِالْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا 13 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن الْأَشْيَاخ قَالَ كَانَ شيخ من بني الْحَضْرَمِيّ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ شَيخا صَالحا وَكَانَ لَهُ إِبْنِ أَخ يصحب الْقَيْنَات فَكَانَ يعظه فَمَاتَ الْفَتى فَلَمَّا أنزلهُ عَمه فِي قَبره فسوى عَلَيْهِ اللَّبن شكّ فِي بعض أمره فَنزع بعض اللَّبن وَنظر فِي قَبره فَإِذا قَبره أوسع من جبانة الْبَصْرَة وَإِذا هُوَ فِي وسط مِنْهَا فَرد عَلَيْهِ اللَّبن ثمَّ سَأَلَ إمرأته عَن عمله فَقَالَت كَانَ إِذا سمع الْمُؤَذّن يَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله يَقُول وَأَنا أشهد بِمَا شهِدت بِهِ وألقنها من تولى عَنْهَا 14 - وَقَالَ أَبُو الْحسن بن الْبَراء حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الْجعْفِيّ حَدثنِي عَليّ بن مُحَمَّد حَدثنَا يزِيد بن نوح النَّخعِيّ قرَابَة لِشَرِيك بن عبد الله قَالَ صليت بِالْكُوفَةِ على ميت ثمَّ دخلت قَبره فَبَيْنَمَا أَنا أصلح عَلَيْهِ اللَّبن وَقعت لبنة من الْقَبْر وَإِذا أَنا بِالْكَعْبَةِ وَالطّواف قد مثلا لي فِي الْقَبْر 15 - وَفِي كتابب الديباج لأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن سُفْيَان الْخُتلِي سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد الْعَبْسِي يَقُول حَدثنِي عَمْرو بن مُسلم عَن رجل حفار الْقُبُور قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 حفرت قبرين وَكنت فِي الثَّالِث فَاشْتَدَّ عَليّ الْحر فألقيت كسائي على مَا حفرت واستظللت فِيهِ فَبَيْنَمَا أَنا كَذَلِك إِذْ رَأَيْت شَخْصَيْنِ على فرسين أشهبين فوقفا على الْقَبْر الأول فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه أكتب فَقَالَ وَمَا أكتب قَالَ فَرسَخ فِي فَرسَخ ثمَّ تحولا إِلَى الآخر فَقَالَ أكتب فَقَالَ وَمَا أكتب قَالَ مد الْبَصَر ثمَّ تحولا إِلَى الآخر الَّذِي أَنا فِيهِ فَقَالَ أكتب قَالَ وَمَا أكتب قَالَ فتر فَقَعَدت أنظر الْجَنَائِز فجيء بِرَجُل مَعَه نفر يسير فوقفوا على الْقَبْر الأول قلت من هَذَا الرجل قَالُوا إِنْسَان قرَاب يَعْنِي سقاء ذُو عِيَال وَلم يكن مَعَه شَيْء فجمعنا لَهُ دَرَاهِم فَقلت ردوا الدَّرَاهِم على عِيَاله ودفنته مَعَهم ثمَّ أُتِي بِجنَازَة لَيْسَ مَعهَا إِلَّا من يحملهَا فسألوا عَن الْقَبْر فجاؤوا إِلَى الْقَبْر الَّذِي قَالَا مد الْبَصَر قلت من هَذَا الرجل فَقَالُوا إِنْسَان غَرِيب مَاتَ على مزبلة وَلم يكن مَعَه شَيْء فَلم آخذ مِنْهُم شَيْئا ودفنته وَقَعَدت أنظر الثَّالِث فَلم أزل أنتظره إِلَى الْعشَاء فَأتي بِجنَازَة إمرأة لبَعض القواد فسألتهم الثّمن فَضربُوا رَأْسِي وَدَفَنُوهَا فِيهِ 16 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان قَالَ شهد رجل مَيتا يدلى فِي حفرته فَقَالَ إِن الَّذِي يسهل على الْجَنِين فِي بطن أمه قَادر أَن يسهل عَلَيْك 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق غطفان الْمُزنِيّ قَالَ قَالَ عمر يَا رَسُول الله لَو فزعتنا أَحْيَانًا لفزعنا فَكيف بظلمة الْقَبْر وضيقه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا يتوفى العَبْد على مَا قبض عَلَيْهِ 18 - وَأخرج الْآجُرِيّ فِي كتاب الغرباء عَن الصَّلْت بن حَكِيم قَالَ حَدثنِي أَبُو يزِيد رجل من أهل الْبَحْرين قَالَ غسلت رجلا مَيتا بِالْبَحْرَيْنِ فَإِذا مَكْتُوب على لَحْمه طُوبَى لَك يَا غَرِيب فَذَهَبت أنظر فَإِذا هُوَ بَين الْجلد وَاللَّحم 19 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عبد الرَّحْمَن بن عمَارَة بن عقبَة بن أبي معيط قَالَ حضرت جَنَازَة الْأَحْنَف بن قيس فَكنت فِيمَن نزل قَبره فَلَمَّا سويته رَأَيْته قد فسح لَهُ مد بَصرِي فَأخْبرت بذلك أَصْحَابِي فَلم يرَوا مَا رَأَيْت 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأَبُو الْحُسَيْن بن السّري فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء عَن إِبْرَاهِيم الْحَنَفِيّ قَالَ صلب الْحجَّاج ماهان الْحَنَفِيّ على بَابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وَكَانَ يصلب الْقُرَّاء على أَبْوَابهم فَكُنَّا نرى الضَّوْء عِنْده فِي اللَّيْل 21 - وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت لما مَاتَ النَّجَاشِيّ كُنَّا نُحدث أَنه لَا يزَال يرى على قَبره نور 22 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْمُغيرَة بن حبيب أَن عبد الله بن غَالب الْحَرَّانِي قتل فِي المعركة شَهِيدا فَلَمَّا دفن أَصَابُوا من قَبره رَائِحَة الْمسك فَرَآهُ رجل من إخوانه فِي مَنَامه قَالَ مَا صنعت قَالَ خير الصَّنِيع قَالَ إِلَى مَا صرت قَالَ إِلَى الْجنَّة قَالَ بِمَ قَالَ بِحسن الْيَقِين وَطول التَّهَجُّد وظمأ الهواجر قَالَ فَمَا هَذِه الرَّائِحَة الطّيبَة الَّتِي تُوجد من قبرك قَالَ تِلْكَ رَائِحَة التِّلَاوَة والظمأ 23 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ نزلت فِي قبر عبد الله بن غَالب فَأخذت من ترابه فَإِذا هُوَ مسك وَفتن النَّاس بِهِ فَبعث إِلَى قَبره فسوي 27 - بَاب 1 - فِي الفردوس للديلمي وَلم يسْندهُ وَلَده من حَدِيث عَليّ مَرْفُوعا أول عدل الْآخِرَة الْقُبُور لَا يعرف شرِيف من وضيع 28 - بَاب 1 - وَأخرج الْبَزَّار وَعبد فِي مسنديهما وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْحم مَا يكون الله بِعَبْدِهِ إِذا أَدخل قَبره وتفرق عَنهُ النَّاس وَأَهله 2 - وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أرْحم مَا يكون الله بِالْعَبدِ إِذا وضع فِي حفرته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 29 - بَاب 1 - أخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي عَاصِم الخبطي يرفعهُ قَالَ إِن أول مَا يتحف بِهِ الْمُؤمن فِي قَبره أَن يُقَال لَهُ أبشر فقد غفرت لمن تبع جنازتك 2 - وَأخرج عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أول تحفة الْمُؤمن أَن يغْفر لمن خرج فِي جنَازَته 30 - بَاب 1 - أخرج عبد وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول مَا يجازى بِهِ الْمُؤمن بعد مَوته أَن يغْفر لجَمِيع من تبعه وَفِي الْبَاب عَن سلمَان الْفَارِسِي أخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وَأبي هُرَيْرَة أخرجه الْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والخطيب فِي الروَاة عَن مَالك وَأَبُو نعيم وَأنس أخرجه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ 31 - بَاب 1 - أخرج مُسلم عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما مَاتَ أَبُو سَلمَة اللَّهُمَّ إفسح لَهُ فِي قَبره وَنور لَهُ فِيهِ 2 - وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَذِه الْقُبُور مَمْلُوءَة على أَهلهَا ظلمَة وَإِن الله ينورها بصلاتي عَلَيْهِم 3 - وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضحك فِي الْمَسْجِد ظلمَة فِي الْقَبْر 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّهَجُّد عَن السّري بن مخلد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي ذَر لَو أردْت سفرا لأعددت لَهُ عدَّة فَكيف سفر طَرِيق الْقِيَامَة أَلا أنبئك يَا أَبَا ذَر بِمَا ينفعك ذَلِك الْيَوْم قَالَ بلَى بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ صم يَوْمًا شَدِيد الْحر ليَوْم النشور وصل رَكْعَتَيْنِ فِي ظلمَة اللَّيْل لوحشة الْقَبْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 5 - وَأخرج الديلمي والخطيب فِي الروَاة عَن مَالك وَأَبُو نعيم وإبن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ فِي كل يَوْم مائَة مرّة لَا إِلَه إِلَّا الله الْملك الْحق الْمُبين كَانَ لَهُ أَمَانًا من الْفقر وأنسا فِي وَحْشَة الْقُبُور وَفتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة وَأخرجه الْخَطِيب أَيْضا من حَدِيث إِبْنِ عمر 6 - وَأخرج الديلمي عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ الْعَالم صور الله علمه فِي قَبره يؤنسه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ويدرأ عَنهُ هوَام الأَرْض 7 - وَأخرج الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وإبن عبد الْبر فِي كتاب الْعلم بِسَنَدِهِ عَن أبي بن كَعْب قَالَ أوحى الله عز وَجل إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام تعلم الْخَيْر وَعلمه النَّاس فَإِنِّي منور لمعلم الْعلم ومتعلمه قُبُورهم حَتَّى لَا يستوحشوا لِمَكَانِهِمْ 8 - وَأخرج اللالكائي فِي السّنة عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم قَالَ حملت جَنَازَة فَقلت بَارك الله لي فِي الْمَوْت فَقَالَ قَائِل من السرير وَمَا بعد الْمَوْت فَدخل عَليّ مِنْهُ رعب فَلَمَّا دفن الْمَيِّت جَلَست عِنْد الْقَبْر متفكرا فَإِذا أَنا بشخص خرج من الْقَبْر أحسن النَّاس وَجها وأطيبهم ريحًا وأنقاهم ثيابًا وَهُوَ يَقُول يَا إِبْرَاهِيم قلت لبيْك فَمن أَنْت يَرْحَمك الله قَالَ أَنا الْقَائِل لَك من السرير وَمَا بعد الْمَوْت قلت فَمن أَنْت قَالَ أَنا السّنة أكون لصاحبي فِي الدُّنْيَا حَافِظًا وَعَلِيهِ رقيبا وَفِي الْقَبْر نورا ومؤنسا وَفِي الْقِيَامَة سائقا وَقَائِدًا إِلَى الْجنَّة 9 - وَأخرج إِبْنِ لال وَأَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وإبن أبي الدُّنْيَا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَدخل رجل على مُؤمن سُرُورًا إِلَّا خلق لَهُ من ذَلِك السرُور ملكا يعبد الله ويوحده فَإِذا صَار العَبْد فِي قَبره أَتَاهُ ذَلِك السرُور فَيَقُول لَهُ أتعرفني فَيَقُول لَهُ من أَنْت فَيَقُول أَنا السرُور الَّذِي أدخلتني على فلَان أَنا الْيَوْم أؤنس وحشتك وألقنك حجتك وأثبتك بالْقَوْل الثَّابِت وأشهدك مشَاهد يَوْم الْقِيَامَة وأشفع لَك وأريك مَنْزِلك من الْجنَّة 10 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن أبي كَاهِل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إعلمن يَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 أَبَا كَاهِل أَنه من كف أَذَاهُ عَن النَّاس كَانَ حَقًا على الله أَن يكف عَنهُ أَذَى الْقَبْر 11 - وَأخرج أَبُو الْفضل الطوسي فِي عُيُون الْأَخْبَار بِسَنَدِهِ عَن عمر مَرْفُوعا من نور فِي مَسَاجِد الله نورا نور الله فِي قَبره وَمن أراح فِيهِ رَائِحَة طيبَة أَدخل الله عَلَيْهِ فِي قَبره من روح الْجنَّة 12 - وَأخرج الديلمي عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مُوسَى يَا رب مَا لمن عَاد مَرِيضا قَالَ يُوكل بِهِ ملكان يعودانه فِي قَبره حَتَّى يبْعَث 13 - وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن الْحسن قَالَ قَالَ مُوسَى فَذكر نَحوه وَقَالَ مَلَائِكَة يعودونه 32 - بَاب 1 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن حُذَيْفَة قَالَ فِي الْقَبْر حِسَاب وَفِي الْآخِرَة حِسَاب فَمن حُوسِبَ فِي الْقَبْر نجا وَمن حُوسِبَ فِي الْقِيَامَة عذب قَالَ الْحَكِيم إِنَّمَا يُحَاسب الْمُؤمن فِي الْقَبْر ليَكُون أَهْون عَلَيْهِ غَدا فِي الْموقف فيمحصه فِي البرزخ ليخرج من الْقَبْر وَقد إقتص مِنْهُ 2 - وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يُحَاسب أحد يَوْم الْقِيَامَة فَيغْفر لَهُ يرى الْمُسلم عمله فِي قَبره 33 - بَاب 1 - أخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن حُذَيْفَة قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَمُوت رجل وَفِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من حب قتل عُثْمَان إِلَّا تبع الدَّجَّال إِن أدْركهُ وَإِن لم يُدْرِكهُ آمن بِهِ فِي قَبره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 34 - بَاب عَذَاب الْقَبْر وَقع ذكره فِي الْقُرْآن فِي عدَّة أَمَاكِن كَمَا بَينته فِي الإكليل فِي إستنباط التَّنْزِيل 1 - وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر 2 - وَأخرج عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَذَاب الْقَبْر حق 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَمُسلم عَن زيد بن ثَابت قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَائِط لبني النجار على بغلة لَهُ وَنحن مَعَه إِذْ حادت بِهِ فَكَادَتْ تلقيه وَإِذا أقبر سِتَّة أَو خَمْسَة أَو أَرْبَعَة فَقَالَ من يعرف أَصْحَاب هَذِه الأقبر فَقَالَ رجل أَنا فَقَالَ مَتى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاك فَقَالَ إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فلولا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع مِنْهُ 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والشيخان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم عذَابا تسمعه الْبَهَائِم 5 - وَأخرج أَحْمد والبرار عَن جَابر قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نخلا لبني النجار فَسمع أصوات رجال من بني النجار مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم فَخرج فَزعًا فَأمر أَصْحَابه أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر 6 - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى والآجري عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسَلط على الْكَافِر فِي قَبره تسع وَتسْعُونَ تنينا تلدغه حَتَّى تقوم السَّاعَة 7 - وَأخرج أَبُو يعلى والآجري وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُؤمن فِي قَبره فِي رَوْضَة ويرحب لَهُ قَبره سبعين ذِرَاعا وينور لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر أَتَدْرُونَ فِيمَا نزلت هَذِه الْآيَة {فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} قَالُوا الله وَرَسُوله أعلم قَالَ عَذَاب الْكَافِر فِي قَبره وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليسلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ تنينا ينفخون فِي جِسْمه ويلسعونه ويخدشونه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 8 - وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُرْسل على الْكَافِر حيتان وَاحِدَة من قبل رَأسه والآخرى من قبل رجلَيْهِ يقرضانه قرضا كلما فرغتا عادتا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تنزهوا من الْبَوْل فَإِن عَامَّة عَذَاب الْقَبْر مِنْهُ 10 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والشيخان عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قبرين فَقَالَ إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يستنزه من الْبَوْل وَأما الآخر فَكَانَ يمشي بالنميمة ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبَة فَشَقهَا بإثنتين فَجعل على كل قبر وَاحِدَة فَقَالُوا يَا رَسُول الله لم فعلت هَذَا قَالَ لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا 11 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَيْمُونَة قَالَت قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا مَيْمُونَة تعوذي بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر وَإِن من أَشد عَذَاب الْقَبْر الْغَيْبَة وَالْبَوْل 12 - وَأخرج أَحْمد والأصبهاني عَن يعلى بن سيابة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى على قبر يفتن صَاحبه فَقَالَ إِن هَذَا كَانَ يَأْكُل لُحُوم النَّاس ثمَّ دَعَا بجريدة رطبَة فوضعها على قَبره وَقَالَ لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنهُ مَا دَامَت هَذِه رطبَة 13 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن يعلى بن مرّة قَالَ مَرَرْت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَقَابِر فَسمِعت ضغطة فِي قبر فَقلت يَا رَسُول الله سَمِعت ضغطة فِي قبر قَالَ وَسمعت يَا يعلى قلت نعم قَالَ فَإِنَّهُ يعذب فِي يسير من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 الْأَمر قلت وَمَا هُوَ قَالَ كَانَ يمشي بَين النَّاس بالنميمة وَكَانَ لَا يتنزه عَن الْبَوْل ثمَّ ذكر قصَّة الجريدة يعلى بن مرّة وَهُوَ يعلى بن سيابة وسيابة أمه 14 - وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نخل لأبي طَلْحَة وبلال يمشي وَرَاءه فَمر بِقَبْر فَقَالَ يَا بِلَال هَل تسمع مَا أسمع صَاحب هَذَا الْقَبْر يعذب فَسَأَلَ عَنهُ فَوَجَدَهُ يَهُودِيّا 15 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن عَذَاب الْقَبْر من ثَلَاثَة من الْغَيْبَة والنميمة وَالْبَوْل فإياكم وَذَلِكَ 16 - وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ عَذَاب الْقَبْر ثَلَاثَة أَثلَاث ثلث من الْغَيْبَة وَثلث من النميمة وَثلث من الْبَوْل 17 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَأحمد وإبن حبَان والآجري عَن أم مُبشر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إستعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر قلت يَا رَسُول الله وَإِنَّهُم ليعذبون فِي قُبُورهم قَالَ نعم عذَابا تسمعه الْبَهَائِم 18 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَوْتَى ليعذبون فِي قُبُورهم حَتَّى إِن الْبَهَائِم لتسمع أَصْوَاتهم 19 - وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَهُوَ يسير على رَاحِلَته فنفرت فَقلت يَا رَسُول الله مَا شَأْن راحلتك نفرت قَالَ إِنَّهَا سَمِعت صَوت رجل يعذب فِي قَبره فنفرت لذَلِك 20 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا يئس الْكفَّار من أَصْحَاب الْقُبُور} قَالَ الْكفَّار إِذا دخلُوا الْقُبُور فعاينوا مَا أعد الله لَهُم من الخزي يئسوا من رَحْمَة الله 21 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور واللالكائي فِي السّنة وإبن مَنْدَه عَن إِبْنِ عمر قَالَ بَيْنَمَا أَنا أَسِير بجنبات بدر إِذْ خرج رجل من حُفْرَة فِي عُنُقه سلسلة فناداني يَا عبد الله إسقني فَلَا أَدْرِي أعرف إسمي أَو دَعَاني بِدِعَايَةِ الْعَرَب وَخرج رجل من تِلْكَ الحفرة فِي يَده سَوط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 فناداني يَا عبد الله لَا تسقه فَإِنَّهُ كَافِر ثمَّ ضربه بِالسَّوْطِ حَتَّى عَاد إِلَى حفرته فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ لي أَو قد رَأَيْته قلت نعم قَالَ ذَاك عَدو الله أَبُو جهل وَذَاكَ عَذَابه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 22 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت والخلال فِي السّنة وإبن الْبَراء فِي الرَّوْضَة عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ خرجت مرّة بسفر فمررت بِقَبْر من قُبُور الْجَاهِلِيَّة فَإِذا رجل قد خرج من الْقَبْر يتأجج نَارا فِي عُنُقه سلسلة من نَار وَمَعِي إداوة من مَاء فَلَمَّا رَآنِي قَالَ يَا عبد الله إسقني قَالَ فَقلت عرفني وَدَعَانِي بإسمي أَو كلمة تَقُولهَا الْعَرَب يَا عبد الله إِذْ خرج على أَثَره رجل من الْقَبْر فَقَالَ يَا عبد الله لَا تسقه فَإِنَّهُ كَافِر ثمَّ ضربه بِالسَّوْطِ ثمَّ أَخذ السلسلة فاجتذبه فَأدْخلهُ الْقَبْر قَالَ ثمَّ أضافني اللَّيْل إِلَى بَيت عَجُوز إِلَى جَانب بَيتهَا قبر فَسمِعت من الْقَبْر صَوتا يَقُول بَوْل وَمَا بَوْل شن وَمَا شن فَقلت للعجوز مَا هَذَا قَالَت هَذَا كَانَ زوجا لي وَكَانَ إِذا بَال لم يتق الْبَوْل وَكنت أَقُول لَهُ وَيحك إِن الْجمل إِذا بَال تفاحج فَكَانَ يَأْبَى وَهُوَ يُنَادي مُنْذُ يَوْم مَاتَ وَهُوَ يَقُول بَوْل وَمَا بَوْل قلت فَمَا الشن قَالَت جَاءَهُ رجل عطشان فَقَالَ إسقني فَقَالَ دُونك الشن فَإِذا لَيْسَ فِيهِ شَيْء فَخر الرجل مَيتا فَهُوَ يُنَادي مُنْذُ يَوْم مَاتَ شن وَمَا شن فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته فَنهى أَن يُسَافر الرجل وَحده 23 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن الْحُوَيْرِث بن الربَاب قَالَ بَينا أَنا بالأثابة إِذْ خرج علينا إِنْسَان من قبر يلتهب وَجهه وَرَأسه نَارا فِي جَامِعَة من حَدِيد فَقَالَ إسقني وَخرج فِي أَثَره إِنْسَان يَقُول لَا تسق الْكَافِر فأدركه وَأخذ بِطرف السلسلة فكبه ثمَّ جَرّه حَيْثُ دخلا الْقَبْر جَمِيعًا قَالَ الْحُوَيْرِث فَصَارَت النَّاقة لَا أقدر مِنْهَا على شَيْء حَتَّى التوت بعرق الظبية فبركت فَنزلت فَصليت الْمغرب وَالْعشَاء ثمَّ ركبت حَتَّى أَصبَحت بِالْمَدِينَةِ فَأتيت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَأَخْبَرته قَالَ يَا حويرث وَالله مَا أتهمك وَلَقَد أَخْبَرتنِي خَبرا سديدا فَأرْسل عمر إِلَى مشيخة من كنفى الصُّغْرَى قد أدركوا الْجَاهِلِيَّة ثمَّ دَعَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الْحُوَيْرِث فَقَالَ إِن هَذَا قد أَخْبرنِي حَدِيثا وَلست أَتَّهِمهُ حَدثهمْ يَا حويرث بِمَا حَدَّثتنِي فَحَدثهُمْ فَقَالُوا قد عرفنَا هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا رجل من بني غفار مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَلم يكن يرى للضيف حَقًا 24 - وَأخرج أَيْضا عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ بَيْنَمَا هُوَ رَاكب يسير بَين مَكَّة وَالْمَدينَة إِذْ مر بمقبرة فَإِذا بِرَجُل قد خرج من قَبره يلتهب نَارا مصفدا فِي الْحَدِيد فَقَالَ يَا عبد الله إنضح يَا عبد الله إنضح وَخرج آخر يتلوه يَا عبد الله لَا تنضح يَا عبد الله لَا تنضح وَغشيَ على الرَّاكِب فَأصْبح وَقد إبيض شعره فَأخْبر عُثْمَان بذلك فَنهى أَن يُسَافر الرجل وَحده 25 - وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وإبن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَافع قَالَ مَرَرْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالبَقِيعِ فَقَالَ أُفٍّ أُفٍّ فَظَنَنْت أَنه يُرِيدنِي فَقلت يَا رَسُول الله أحدثت شَيْئا قَالَ وَمَا ذَاك قلت أففت مني قَالَ لَا وَلَكِن صَاحب هَذَا الْقَبْر فلَان بعثته ساعيا على بني فلَان فَغَلَّ درعا فدرع الْآن مثلهَا من النَّار 26 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وهناد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ مَاتَ رجل يرَوْنَ أَن عِنْده ورعا فَأتي فِي قَبره فَقيل إِنَّا جالدوك مائَة جلدَة من عَذَاب الله فَقَالَ فيمَ تجلدوني فقد كنت أتوقى وأتورع فَقيل خَمْسُونَ فَلم يزَالُوا يناقصون حَتَّى صَار إِلَى جلدَة فجلد فالتهب الْقَبْر عَلَيْهِ نَارا وَهلك الرجل ثمَّ أُعِيد فَقَالَ فيمَ جلدتموني قَالُوا صليت يَوْمًا وَأَنت على غير وضوء ومررت بمظلوم يستغيث فَلم تغثه 27 - وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب التوبيخ عَن إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَمر بِعَبْد من عباد الله أَن يضْرب فِي قَبره مائَة جلدَة فَلم يزل يسْأَل الله ويدعوه حَتَّى صَارَت وَاحِدَة فَامْتَلَأَ قَبره عَلَيْهِ نَارا فَلَمَّا إرتفع عَنهُ أَفَاق فَقَالَ علام جلدتموني قَالُوا صليت صَلَاة بِغَيْر طهُور ومررت على مظلوم فَلم تنصره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 28 - وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يكثر أَن يَقُول لأَصْحَابه هَل رأى أحد مِنْك رُؤْيا وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاة إِنَّه أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقت مَعَهُمَا فأخرجاني إِلَى الأَرْض المقدسة فأتينا على رجل مُضْطَجع وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بصخرة وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة لرأسه فيثلع رَأسه فيتدهده الْحجر هَا هُنَا فَيتبع الْحجر فَيَأْخذهُ فَلَا يرجع إِلَيْهِ حَتَّى يَصح رَأسه كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل بِهِ مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قلت لَهما سُبْحَانَ الله مَا هَذَانِ فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بكلوب من حَدِيد وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ ثمَّ يتَحَوَّل إِلَى الْجَانِب الآخر فيفعل بِهِ مثل مَا فعل بالجانب الأول فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح الْجَانِب كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى بالجانب الأول فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح ذَلِك الْجَانِب كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قلت سُبْحَانَ الله مَا هَذَانِ فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على مثل التَّنور فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات فاطلعنا فِيهِ فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة فَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللهب ضوضؤوا قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على نهر أَحْمَر مثل الدَّم وَإِذا فِي النَّهر رجل يسبح وَإِذا على شط النَّهر رجل عِنْده حِجَارَة كَثِيرَة وَإِذا ذَلِك السابح يسبح مَا سبح ثمَّ يَأْتِي الَّذِي قد جمع عِنْده الْحِجَارَة فيفغر لَهُ فَاه فيلقمه حجرا فَينْطَلق فيسبح ثمَّ يرجع إِلَيْهِ كلما رَجَعَ إِلَيْهِ فغر لَهُ فَاه فألقمه حجرا قلت لَهما مَا هَذَانِ قَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل كريه الْمرْآة كأكره مَا أَنْت رَاء وَإِذا هُوَ عِنْده نَار يحشها وَيسْعَى حولهَا قلت لَهما مَا هَذَا فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رَوْضَة معتمة فِيهَا من كل نور الرّبيع وَإِذا بَين ظَهْري الرَّوْضَة رجل طَوِيل لَا أكاد أرى رَأسه طولا فِي السَّمَاء وَإِذا حول الرجل من ولدان مَا رَأَيْتهمْ قطّ قَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَة عَظِيمَة لم أر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 رَوْضَة قطّ أعظم مِنْهَا وَلَا أحسن قَالَا لي إرق فِيهَا فارتقينا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَلبن فضَّة فأتينا الْمَدِينَة فاستفتحنا فَفتح لنا فدخلناها فتلقانا فِيهَا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت رَاء وَشطر كأقبح مَا أَنْت رَاء قَالَا لَهُم إذهبوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر فَإِذا نهر معترض يجْرِي كَأَن مَاءَهُ الْمَحْض فِي الْبيَاض فَذَهَبُوا فوقعوا فِيهِ ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا فَذهب السوء عَنْهُم فصاروا فِي أحسن صُورَة قَالَا لي هَذِه جنَّة عدن وَهَا ذَاك مَنْزِلك فسما بَصرِي صعدا فَإِذا قصر مثل الربابة الْبَيْضَاء قَالَا لي هَا ذَاك مَنْزِلك قلت لَهما بَارك الله فيكما ذراني فَأدْخلهُ قَالَا أما الْآن فَلَا وَأَنت دَاخله قلت لَهما فَإِنِّي رَأَيْت مُنْذُ اللَّيْلَة عجبا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت قَالَا لي أما الرجل الأول الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يثلغ رَأسه بِالْحجرِ فَإِنَّهُ الرجل الَّذِي يَأْخُذ الْقُرْآن فيرفضه وينام عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة يفعل بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ فَإِنَّهُ الرجل يَغْدُو من بَيته فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق فيصنع بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين فِي مثل التَّنور فَإِنَّهُم الزناة والزواني وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يسبح فِي النَّهر ويلقم الْحِجَارَة فَإِنَّهُ آكل الرِّبَا وَأما الرجل الكرية الْمرْآة الَّذِي عِنْده النَّار يحشها فَإِنَّهُ مَالك خَازِن جَهَنَّم وَأما الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأما الْولدَان الَّذين حوله فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة قَالُوا يَا رَسُول الله وَأَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ وَأَوْلَاد الْمُشْركين وَأما الْقَوْم الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسن وَشطر مِنْهُم قَبِيح فَإِنَّهُم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا تجَاوز الله عَنْهُم وَأَنا جِبْرِيل وَهَذَا مِيكَائِيل قَالَ الْعلمَاء هَذَا نَص صَرِيح فِي عَذَاب البرزخ فَإِن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي مُطَابق فِي نفس الْأَمر وَقد قَالَ يفعل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَوْله يهوي بِضَم أَوله وَقَوله فيثلغ مُثَلّثَة ومعجمة بِوَزْن يعلم أَي يشدخ والتدهده الدّفع من علو إِلَى سفل ويشرشر بمعجمين ورائين يقطع شقا وضوضأ بهمز وبدونه مَاض من الضوضأة وَهِي أصوات النَّاس ولغطهم ويسبح بمهلمتين بَينهمَا مُوَحدَة مَفْتُوحَة يعوم وفغر بفاء ومعجمة وَرَاء فتح وزنا وَمعنى والمرآة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وهمزة ممدودة المنظر ويحشها بِفَتْح أَوله وَضم الْحَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمُعْجَمَة يوقدها ومعتمة بِضَم أَوله وَسُكُون الْمُهْملَة وَكسر الْمُثَنَّاة وَتَخْفِيف الْمِيم شَدِيدَة الخضرة ومعترض يجْرِي عرضا والمحض بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة ومعجمة اللَّبن الْخَالِص من المَاء وسما بِالتَّخْفِيفِ نظر إِلَى فَوق وصعدا بِضَم الْمُهْمَلَتَيْنِ يَعْنِي إرتفع كثيرا والربابة بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الموحدتين السحابة 29 - وَفِي بعض طرق الحَدِيث عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ قلت أَخْبرنِي عَن الرَّوْضَة قَالَ أُولَئِكَ الْأَطْفَال وكل بهم إِبْرَاهِيم يربيهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قلت فَمَا الَّذِي يسبح فِي الدَّم قَالَ ذَاك صَاحب الرِّبَا ذَاك طَعَامه فِي الْقَبْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قلت فَالَّذِي يشذخ رَأسه قَالَ ذَاك رجل تعلم الْقُرْآن فَنَامَ عَنهُ حَتَّى نَسيَه لَا يقْرَأ مِنْهُ شَيْئا كلما رقد دقوا رَأسه فِي الْقَبْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يَدعُونَهُ ينَام 30 - وَأخرج الْخَطِيب وإبن عَسَاكِر من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأَيْت رجَالًا تقْرض جُلُودهمْ بمقاريض من نَار قلت مَا شَأْن هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يتزينون إِلَى مَا لَا يحل لَهُم وَرَأَيْت جبا خَبِيث الرّيح فِيهِ صياح قلت مَا هَذَا قَالَ هن نسَاء يتزين إِلَى مَا لَا يحل لَهُنَّ وَرَأَيْت قوما إغتسلوا فِي مَاء الْحَيَاة قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا 31 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا قضى صلَاته إلتفت إِلَيْنَا وَقَالَ رَأَيْت ملكَيْنِ أتياني اللَّيْلَة فَأخذ بضبعي فَانْطَلقَا بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فمررت بِملك وأمامه آدَمِيّ وَبِيَدِهِ صَخْرَة يضْرب بهَا هَامة الْآدَمِيّ فَيَقَع دماغه جانبا وَتَقَع الصَّخْرَة جانبا قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِملك وأمامه آدَمِيّ وبيد الْملك كَلوب من حَدِيد فيضعه فِي شدقه الْأَيْمن فيشقه حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بنهر من دم يمور كمور الْمرجل فِيهِ قوم عُرَاة وعَلى حافة النَّهر مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان كلما طلع قَذَفُوهُ بمدرة فَتَقَع فِي فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 ويتسفل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِبَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة توقد من تَحْتهم النَّار إِذْ أَمْسَكت على أنفي من نَتن مَا أجد من ريحهم قلت من هَؤُلَاءِ قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بتل أسود عَلَيْهِ قوم مخبلون تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِنَار مطبقة مُوكل بهَا ملك لَا يخرج مِنْهَا شَيْء إِلَّا اتبعهُ حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بروضة وَإِذا فِيهَا شيخ جميل لَا أجمل مِنْهُ وَإِذا حوله الْولدَان وَإِذا شَجَرَة وَرقهَا كآذان الفيلة فَصَعدت مَا شَاءَ الله من تِلْكَ الشَّجَرَة وَإِذا أَنا بمنازل لَا أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حَمْرَاء قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بنهر عَلَيْهِ جسران من ذهب وَفِضة على حافتي النَّهر منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حَمْرَاء وفيهَا قدحان وأباريق تطرد قلت مَا هَذَا قَالَا لي إنزل فَنزلت فَضربت بيَدي إِلَى إِنَاء مِنْهَا فغرقت ثمَّ شربت فَإِذا هُوَ أحلى من الْعَسَل وَأَشد بَيَاضًا من اللَّبن وألين من الزّبد فَقَالَ لي أما صَاحب الصَّخْرَة الَّذِي رَأَيْت يضْرب بهَا هَامة الْآدَمِيّ فَيَقَع دماغه جانبا وَتَقَع الصَّخْرَة جانبا فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا ينامون عَن صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَيصلونَ الصَّلَوَات لغير مواقيتها يضْربُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما صَاحب الكلوب الَّذِي رَأَيْت فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا يَمْشُونَ بَين الْمُسلمين بالنميمة فيفسدون بَينهم فهم يُعَذبُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الَّذين يقذفون بمدرة فَأُولَئِك أَكلَة الرِّبَا يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الْقَوْم العراة فَأُولَئِك الزناة وَذَلِكَ نَتن فروجهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الْقَوْم المخبلون فَأُولَئِك الَّذين يعْملُونَ عمل قوم لوط الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما النَّار المطبقة فَتلك جَهَنَّم وَأما الرَّوْضَة فَتلك جنَّة المأوى وَأما الشَّيْخ الَّذِي رَأَيْت فَهُوَ إِبْرَاهِيم وَحَوله ولدان الْمُسلمين وَأما الشَّجَرَة فَهِيَ سِدْرَة الْمُنْتَهى والمنازل الَّتِي فِيهَا فَتلك منَازِل أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 عليين من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَأما النَّهر فَهُوَ الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك الله وَهَذِه منازلك ومنازل أهل بَيْتك 32 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث الْإِسْرَاء قَالَ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بأخونه عَلَيْهَا لحم مسرح لَيْسَ يقربهُ أحد وَإِذا أَنا بأخونة عَلَيْهَا لحم قد أروح ونتن عِنْدهَا أنَاس يَأْكُلُون مِنْهَا قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ قوم من أمتك يتركون الْحَلَال ويأتون الْحَرَام ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام بطونهم كأمثال الْبيُوت كلما نَهَضَ أحدهم خر يَقُول اللَّهُمَّ لَا تقم السَّاعَة وهم على سابلة آل فِرْعَوْن فتجيء السابلة فتطؤهم فَسَمِعتهمْ يضجون إِلَى الله تَعَالَى قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ من أمتك الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام مشافرهم كمشافر الْإِبِل فتفتح أَفْوَاههم ويلقمون من ذَلِك الْجَمْر ثمَّ يخرج من أسافلهم قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ من أمتك الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بنساء معلقات بثديهن قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الزناة ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام يقطع من جنُوبهم اللَّحْم فيلقمون فَيُقَال لَهُ كل كَمَا كنت تَأْكُل من لحم أَخِيك قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الهمازون واللمازون قَول هنيهة تَصْغِير هنيَّة بِمَعْنى شَيْئا يَسِيرا وَالْهَاء بدل من الْيَاء وَالْأَصْل هنيَّة وأخونة جمع خوان وَهُوَ الَّذِي يُؤْكَل عَلَيْهِ مُعرب والسابلة أَبنَاء السَّبِيل المتخلفة فِي الطرقات ومشافر الْبَعِير جمع مشفر وَهُوَ الشّفة والهماز المغتاب واللماز العياب 33 - وَأخرج إِبْنِ عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث الْإِسْرَاء أَيْضا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عَادَتْ كَمَا كَانَت وَلَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين تثاقلت رؤوسهم عَن الصَّلَاة ثمَّ أَتَى على قوم على أقبالهم رقاع وعَلى أدبارهم رقاع يسرحون كَمَا تسرح الْإِبِل وَالْغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جَهَنَّم وحجارتها قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يؤدون صدقَات أَمْوَالهم ثمَّ أَتَى على قوم بَين أَيْديهم لحم نضيج فِي قدر وَلحم آخر نيء خَبِيث فَجعلُوا يَأْكُلُون من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 النيء الْخَبيث وَيدعونَ النضيج الطّيب قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالَ الرجل يقوم من عِنْد إمرأته حَلَالا فَيَأْتِي الْمَرْأَة الخبيثة فيبيت مَعهَا حَتَّى يصبح وَالْمَرْأَة تقوم من عِنْد زَوجهَا حَلَالا طيبا فتأتي الرجل الْخَبيث فتبيت عِنْده حَتَّى تصبح ثمَّ أَتَى على رجل قد جمع حزمة عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حملهَا وَهُوَ يزِيد عَلَيْهَا فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ هَذَا الرجل يكون عِنْده أمانات النَّاس وَلَا يقدر على أَدَائِهَا هُوَ يحمل عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى على قوم تقْرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حَدِيد كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت لَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ خطباء الْفِتْنَة الضريع نبت لَهُ شوك والرضف برَاء وَالضَّاد مُعْجمَة وَفَاء هُوَ الْحِجَارَة المحماة 34 - وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عرج بِي مَرَرْت بِأَقْوَام لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم فَقلت من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِي يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم 35 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن الْحسن مَرْفُوعا قَالَ من خرج من الدُّنْيَا شاتما لأحد من أَصْحَابِي سلط الله عَلَيْهِ دَابَّة تقْرض لَحْمه يجد ألمه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 36 - وَأخرج إِبْنِ خُزَيْمَة وإبن حبَان وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وإبن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت رُؤْيا وَهِي حق فاعقلوها أَتَانِي رجل فَأخذ بيَدي فاستتبعني حَتَّى أَتَى جبلا وعرا طَويلا فَقَالَ لي إرقه قلت لَا أَسْتَطِيع فَقَالَ إِنِّي سأسهله لَك فَجعلت كلما رفعت قدمي وَضَعتهَا على دَرَجَة حَتَّى إستوينا على سَوَاء الْجَبَل فَانْطَلَقْنَا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء مشققة أشداقهم قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء مسمرة أَعينهم وآذانهم قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يرَوْنَ أَعينهم مَا لَا ترى ويسمعون آذانهم مَا لَا يسمعُونَ ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بنساء معلقات بعراقيبهن مصوبة رؤوسهن تنهش أثداءهن الْحَيَّات قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي يمنعن أَوْلَادهنَّ ألبانهن فَانْطَلَقْنَا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء معلقين بعراقيبهن مصوبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 رؤوسهم يلحسن من مَاء قَلِيل وحمأة قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يَصُومُونَ ثمَّ يفطرون قبل تَحِلَّة صومهم ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء أقبح شَيْء منْظرًا وأقبحه لبوسا وأنتنه ريحًا كَأَنَّمَا ريحهم ريح المراحيض قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الزانيات والزناة ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بموتى أَشد شَيْء إنتفاخا وأقبحه ريحًا قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ موتى الْكفَّار ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال تَحت ظلال الشَّجَرَة قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ موتى الْمُسلمين ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بغلمان وَجوَار يَلْعَبُونَ بَين نهرين قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّة الْمُؤمنِينَ ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال أحسن شَيْء وُجُوهًا وَأحسنه لبوسا وأطيبه ريحًا كَأَن وُجُوههم الْقَرَاطِيس قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الصديقون وَالشُّهَدَاء والصالحون قَوْله مصوبة أَي مخفوضة إِلَى أَسْفَل 37 - وَفِي الفردوس للديلمي عَن أنس مَرْفُوعا قَالَ من مَاتَ من أمتِي يعْمل عمل قوم لوط نَقله الله إِلَيْهِم حَتَّى يحْشر مَعَهم 38 - وَفِي تَارِيخ إِبْنِ عَسَاكِر بِسَنَدِهِ عَن عَمْرو بن أسلم الدِّمَشْقِي قَالَ مَاتَ عندنَا بالثغر رجل فَدفن فحفر عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فَإِذا اللَّبن بِحَالهِ مَنْصُوب وَلَيْسَ فِي اللَّحْد شَيْء فَسئلَ وَكِيع بن الْجراح عَن ذَلِك فَقَالَ سمعنَا فِي حَدِيث من مَاتَ وَهُوَ يعْمل عمل قوم لوط سَار بِهِ قَبره يسير مَعَهم ويحشر يَوْم الْقِيَامَة مَعَهم 39 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مَسْرُوق قَالَ مَا من ميت يَمُوت وَهُوَ يسرق أَو يَزْنِي أَو يشرب أَو يَأْتِي شَيْئا من هَذِه إِلَّا جعل مَعَه شجاعان ينهشانه فِي قَبره 40 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن قدريا أَو مرجئا مَاتَ فنبش بعد ثَلَاث لوجد إِلَى غير الْقبْلَة 41 - وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ نزلت مرّة حَيا وَإِلَى جَانب ذَلِك الْحَيّ مَقْبرَة فَلَمَّا كَانَ بعد الْعَصْر إنشق مِنْهَا قبر فَخرج مِنْهُ رجل رَأسه رَأس حمَار وَجَسَده جَسَد إِنْسَان فنهق ثَلَاث نهقات ثمَّ إنطبق عَلَيْهِ الْقَبْر فَسَأَلت عَنهُ فَقيل إِنَّه كَانَ يشرب الْخمر فَإِذا رَاح تَقول أمه إتق الله يَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وليدي فَيَقُول إِنَّمَا أَنْت تنهقين كَمَا ينهق الْحمار فَمَاتَ بعد الْعَصْر فَهُوَ ينشق عَنهُ الْقَبْر كل يَوْم بعد الْعَصْر فينهق ثَلَاث نهقات ثمَّ ينطبق عَلَيْهِ الْقَبْر 42 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مرْثَد بن حَوْشَب قَالَ كنت جَالِسا عِنْد يُوسُف بن عمر وَإِلَى جنبه رجل كَأَن شقّ وَجهه صفحة من حَدِيدَة فَقَالَ لَهُ يُوسُف حدث مرثدا بِمَا رَأَيْت فَقَالَ حفرت قبر إِنْسَان لَيْلًا فَلَمَّا دفن وسووا عَلَيْهِ التُّرَاب أقبل طائران أبيضان مثل البعيرين حَتَّى سقط أَحدهمَا عِنْد رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ ثمَّ أثاراه ثمَّ تدلى أَحدهمَا بالقبر وَالْآخر على شفيره فَجئْت حَتَّى جَلَست على شَفير الْقَبْر فَسَمعته يَقُول أَلَسْت الزائر أصهارك فِي ثَوْبَيْنِ ممصرين تسحبهما كبرا تمشي الْخُيَلَاء فَقَالَ أَنا أَضْعَف من ذَلِك فَضَربهُ ضَرْبَة إمتلأ الْقَبْر حَتَّى فاض مَاء ودهنا ثمَّ عَاد وَأعَاد عَلَيْهِ القَوْل حَتَّى ضربه ثَلَاث ضربات ثمَّ رفع رَأسه فَنظر إِلَيّ فَقَالَ أنظر أَيْن هُوَ جَالس نكسه الله ثمَّ ضرب جَانب وَجْهي فَسَقَطت لَيْلَتي ثمَّ أَصبَحت كَمَا ترى قَالَ إِبْنِ الْأَثِير الممصر من الثِّيَاب مَا فِيهِ صفرَة خَفِيفَة وَأخرج أَيْضا عَن أبي الجريش عَن أمه قَالَ لما حفر أَبُو جَعْفَر خَنْدَق الْكُوفَة حول النَّاس موتاهم فَرُئِيَ شَاب عاضا على يَدَيْهِ 43 - وَأخرج عَن أبي إِسْحَاق قَالَ دعيت إِلَى ميت لأغسله فَلَمَّا كشفت الثَّوْب عَن وَجهه فَإِذا أَنا بحية قد تطوقت على حلقه فَذكرُوا أَنه كَانَ يسب الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم 44 - وَأخرج عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ أَنه أَتَاهُ رجل فَقَالَ لَهُ كنت أنبش الْقُبُور وَكنت أجد قوما وُجُوههم لغير الْقبْلَة فَكتب إِلَى الْأَوْزَاعِيّ يسْأَله فَقَالَ أُولَئِكَ قوم مَاتُوا على غير السّنة 45 - وَأخرج عَن عبد الْمُؤمن بن عبد الله بن عِيسَى الضَّبِّيّ قَالَ قيل لنباش قد تَابَ مَا أعجب مَا رَأَيْت قَالَ نبشت رجلا فَإِذا هُوَ مسمر بالمسامير على سَائِر جسده ومسمار كَبِير فِي رَأسه وَآخر فِي رجلَيْهِ قَالَ وَقيل لنباش آخر مَا كَانَ أعجب مَا رَأَيْت قَالَ رَأَيْت جمجمة إِنْسَان مصبوبا فِيهَا رصاص 46 - وَأخرج عَن الْمفضل بن يُوسُف قَالَ بلغنَا أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ لمسلمة بن عبد الْملك يَا مسلمة من دفن أَبَاك قَالَ مولَايَ فلَان قَالَ فَمن دفن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 الْوَلِيد قَالَ مولَايَ فلَان قَالَ فَأَنا أحَدثك بِمَا حَدثنِي بِهِ حَدثنِي أَنه لما دفن أَبَاك والوليد فوضعهم فِي قُبُورهم وَذهب ليحل العقد عَنْهُم فَوجدَ وُجُوههم قد تحولت إِلَى أقفيتهم 47 - وَأخرج عَن يزِيد بن الْمُهلب قَالَ قَالَ لي عمر بن عبد الْعَزِيز يَا يزِيد إِنِّي حَيْثُ وضعت الْوَلِيد فِي قَبره فَإِذا هُوَ يرْكض فِي أَكْفَانه 48 - وَأخرج عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ سَمِعت عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول كنت فِيمَن تولى الْوَلِيد بن عبد الْملك فِي قَبره فَنَظَرت إِلَى رُكْبَتَيْهِ قد جمعتا إِلَى عُنُقه فاتعظ بهَا عمر بن عبد الْعَزِيز 49 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الحميد بن مَحْمُود المغولي قَالَ كنت جَالِسا عِنْد إِبْنِ عَبَّاس فَأَتَاهُ قوم فَقَالُوا إِنَّا خرجنَا حجاجا ومعنا صَاحب لنا حَتَّى أَتَيْنَا ذَات الصفاح فَمَاتَ فهيأناه ثمَّ انطلقنا فَحَفَرْنَا لَهُ قبرا ولحدنا لَهُ فَلَمَّا فَرغْنَا من لحده فَإِذا نَحن بأسود قد مَلأ اللَّحْد فتركناه وحفرنا لَهُ مَكَانا آخر فَلَمَّا فَرغْنَا من لحده إِذا نَحن بأسود قد مَلأ اللَّحْد فتركناه وأتيناك فَقَالَ إِبْنِ عَبَّاس ذَاك الغل الَّذِي يغل بِهِ وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ ذَلِك عمله الَّذِي كَانَ يعْمل انْطَلقُوا فادفنوه فِي بَعْضهَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو حفرتم الأَرْض كلهَا لوجدتموه فِيهَا فَانْطَلَقْنَا فدفناه فِي بَعْضهَا فَلَمَّا رَجعْنَا سَأَلنَا إمرأته مَا كَانَ يعْمل زَوجك قَالَ كَانَ يَبِيع الطَّعَام فَيَأْخُذ كل يَوْم مِنْهُ قوت أَهله ثمَّ يقْرض القصل فيلقيه فِيهِ 50 - وَأخرج اللالكائي عَن صَدَقَة بن خَالِد عَن بعض مَشَايِخ أهل دمشق قَالَ حجَجنَا فَمَاتَ صَاحب لنا فِي الطَّرِيق فاستعرنا من قوم فأسا فدفناه ونسينا الفأس فِي الْقَبْر فنبشنا لنأخذها فَإِذا رجل قد جمعت عُنُقه ويداه وَرجلَاهُ فِي حَلقَة الفأس فسوينا عَلَيْهِ التُّرَاب وأرضينا الْقَوْم فِي ثمن الفأس فَلَمَّا رَجعْنَا سَأَلنَا إمرأته عَن حَاله قَالَت صُحْبَة رجل مَعَه مَال فَقتل الرجل وَأخذ المَال مِنْهُ كَانَ يحجّ ويغزو 51 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن الْأَعْمَش قَالَ تغوط رجل على قبر الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فجن فَجعل ينبح كَمَا تنبح الْكلاب ثمَّ إِنَّه مَاتَ فَسمع فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 قَبره يعوي ويصيح 52 - وَأخرج عَن يزِيد بن أبي زِيَاد وَعمارَة بن عُمَيْر قَالَا لما قتل عبيد الله بن زِيَاد أُتِي بِرَأْسِهِ ورؤوس أَصْحَابه فألقيت فِي الأَرْض فَجَاءَت حَيَّة عَظِيمَة فَتفرق النَّاس من فزعها فتخللت الرؤوس حَتَّى دخلت فِي منخري عبيد الله بن زِيَاد ثمَّ خرجت من فِيهِ ثمَّ دخلت فِي فِيهِ وَخرجت من أَنفه فَفعلت ذَلِك مرَارًا ثمَّ ذهبت ثمَّ عَادَتْ فَفعلت مثل ذَلِك بِهِ مرَارًا من بَين الرؤوس وَلَا يدرى من أَيْن جَاءَت وَلَا إِلَى أَيْن ذهبت 53 - وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عمَارَة وَحده وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح 54 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن سعيد أَن مُسلم بن عقبَة المري ورد الْمَدِينَة فَدَعَا إِلَى بيعَة يزِيد على أَنهم أعبد قن فِي طَاعَة الله ومعصيته فَأَجَابُوهُ إِلَّا رجلا من قُرَيْش أمه أم ولد قَالَ بل فِي طَاعَة الله فَأبى أَن يقبل ذَلِك مِنْهُم وَقَتله فأقسمت أمه لَئِن أمكنها الله من مُسلم حَيا أَو مَيتا أَن تحرقه بالنَّار فَلَمَّا خرج مُسلم من الْمَدِينَة إشتدت علته فَمَاتَ فَخرجت أم الْقرشِي بأعبد لَهَا إِلَى قَبره فَأمرت بِهِ فنبش فَلَمَّا وصلوا إِلَيْهِ إِذا بثعبان قد إلتوى على عُنُقه قَابِضا بأرنبة أَنفه يمصها فكاع الْقَوْم عَنهُ 55 - وَأخرج تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ فِي كتاب الرهبان وإبن عَسَاكِر أَيْضا من طَرِيق تَمام الْحَافِظ عَن أبي عَليّ مُحَمَّد بن هَارُون الْأنْصَارِيّ عَن عصمَة بن أبي عصمَة البُخَارِيّ عَن أَحْمد بن عماد بن خَالِد التمار عَن عصمَة الْعَبادَانِي قَالَ كنت أجول فِي بعض الفلوات إِذْ أَبْصرت ديرا وَإِذا فِي الدَّيْر صومعة وَفِي الصومعة رَاهِب فَقلت لَهُ حَدثنِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت فِي هَذَا الْموضع فَقَالَ نعم بَيْنَمَا أَنا ذَات يَوْم إِذْ رَأَيْت طائرا أَبيض مثل النعامة قد وَقع على الصَّخْرَة فتقايأ رَأْسا ثمَّ رجلا ثمَّ ساقا وَإِذا هُوَ كلما تقايأ عضوا من تِلْكَ الْأَعْضَاء إلتأمت بَعْضهَا إِلَى بعض أسْرع من برق حَتَّى إِذا إستوى رجلا جَالِسا فَإِذا هم بالنهوض نقره الطَّائِر نقرة قطعه أَعْضَاء ثمَّ يرجع فيبتلعه فَلم يزل على ذَلِك أَيَّامًا فَكثر تعجبي مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وازددت يَقِينا لِعَظَمَة الله تَعَالَى وَعلمت أَن لهَذِهِ الأجساد حَيَاة بعد الْمَوْت فَالْتَفت إِلَيْهِ يَوْمًا فَقلت أَيهَا الطَّائِر سَأَلتك بِحَق الله الَّذِي خلقك وبرأك إِلَّا أَمْسَكت عَنهُ حَتَّى أسأله فيخبرني بِقِصَّتِهِ فَأَجَابَنِي الطَّائِر بِصَوْت عَرَبِيّ طلق لرَبي الْملك وَله الْبَقَاء الَّذِي يفني كل شَيْء وَيبقى أَنا ملك من مَلَائِكَة الله مُوكل بِهَذَا الْجَسَد لما أجرم من ذَنبه فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقلت يَا هَذَا الرجل الْمُسِيء إِلَى نَفسه مَا قصتك وَمن أَنْت قَالَ أَنا عبد الرَّحْمَن بن ملجم قَاتل عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَإِنِّي لما قتلته وَصَارَت روحي بَين يَدي الله ناولني صحيفَة مَكْتُوبًا فِيهَا مَا عملته من الْخَيْر وَالشَّر مُنْذُ ولدتني أُمِّي إِلَى أَن قتلت عليا وَأمر الله هَذَا الْملك بعذابي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ يفعل بِي مَا ترَاهُ ثمَّ سكت فنقره ذَلِك الطَّائِر نقرة نثر أعضاءه بهَا ثمَّ جعل يبتلعه عضوا عضوا ثمَّ مضى بِهِ قلت هَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ فِيهِ من تكلم فِيهِ سوى أبي عَليّ شيخ تَمام فقد قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان إِنَّه كَانَ يتهم 56 - وَقَالَ إِبْنِ رَجَب قد رويت هَذِه الْحِكَايَة من وَجه آخر أخرجهَا إِبْنِ النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق السلَفِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْحسن بن مُحَمَّد بن عبيد السكرِي حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يحيى بن المنجم سنة ثَلَاث عشرَة وثلاثمائة أَنه حضر مَعَ يُوسُف بن أبي التياح فأحضر رَاهِب فَحدث فَذكر شَبِيها بالحكاية 57 - وَرويت من وَجه آخر من طَرِيق أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الرَّازِيّ صَاحب السداسيات الْمَشْهُورَة عَن عَليّ بن بَقَاء بن مُحَمَّد الْوراق حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن عمر الْبَزَّار سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الإصبع قَالَ قدم علينا شيخ غَرِيب فَذكر أَنه كَانَ نَصْرَانِيّا سِنِين وَأَنه تعبد فِي صومعته فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم جَالس إِذْ جَاءَ الطَّائِر كالنسر فَذكر شَبِيها بالحكاية مُخْتَصرا 58 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت من طَرِيق عبد الله بن دِينَار عَن أبي أَيُّوب الْيَمَانِيّ عَن رجل من قومه يُقَال لَهُ عبد الله أَنه وَنَفر من قومه ركبُوا الْبَحْر وَأَن الْبَحْر أظلم عَلَيْهِم أَيَّامًا ثمَّ إنجلت عَنْهُم تِلْكَ الظلمَة وهم قرب قَرْيَة قَالَ عبد الله فَخرجت ألتمس المَاء فَإِذا أَبْوَاب مغلقة يتجأجأ فِيهَا الرّيح فهتفت فِيهَا فَلم يجبني أحد فَبَيْنَمَا أَنا على ذَلِك إِذْ طلع عَليّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 فارسان تَحت كل وَاحِد قطيفة بَيْضَاء فَقَالَا لي يَا عبد الله أسلك فِي هَذِه السِّكَّة فَإنَّك ستنتهي إِلَى بركَة فِيهَا مَاء فاستسق مِنْهَا وَلَا يهولك مَا ترى فِيهَا فَسَأَلتهمَا عَن تِلْكَ الْبيُوت المغلقة الَّتِي تجأجأ فِيهَا الرّيح فَقَالَا هَذِه بيُوت فِيهَا أَرْوَاح الْمَوْتَى فَخرجت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الْبركَة فَإِذا فِيهَا رجل مُعَلّق مصوب على رَأسه يُرِيد أَن يتَنَاوَل المَاء بِيَدِهِ وَهُوَ لَا يَنَالهُ فَلَمَّا رَآنِي هتف بِي وَقَالَ يَا عبد الله إسقني فغرفت بالقدح لأناوله إِيَّاه فقبضت يَدي فَقلت يَا عبد الله قد رَأَيْت مَا صنعت فقبضت يَدي فَأَخْبرنِي من أَنْت قَالَ أَنا إِبْنِ آدم أَنا أول من سفك دَمًا فِي الأَرْض 59 - وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ بَينا رجل فِي مركب فِي الْبَحْر إِذْ إنكسرت بهم مركبهم فَتعلق بخشبة فَطَرَحته إِلَى جَزِيرَة من الجزائر فَخرج يمشي فَإِذا هُوَ بِمَاء فَاتبعهُ فَدخل فِي شعب فَإِذا رجل فِي رجلَيْهِ سلسلة مَنُوط فِيهَا بَينه وَبَين المَاء يسير فَقَالَ إسقني رَحِمك الله قلت مَا لَك قَالَ أَنا إِبْنِ آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ وَالله مَا قتلت نفس ظلما مُنْذُ قتلت أخي إِلَّا عذبني الله بهَا لِأَنِّي أول من سنّ الْقَتْل 60 - وَأخرج الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْخلال فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء بِسَنَدِهِ عَن أَشْعَث أخي عَارِم قَالَ قَالَ لي عبد الله بن هَاشم ذهبت إِلَى ميت لأغسله فَلَمَّا كشفت الثَّوْب عَن وَجهه إِذا أسود فِي حلقه فَقلت لَهُ أَنْت مَأْمُور وَمن سنتنا أَن نغسل مَوتَانا فَإِن رَأَيْت أَن تنْتَقل إِلَى نَاحيَة حَتَّى إِذا غسلته عدت إِلَى موضعك قَالَ فانحل فَصَارَ فِي زَاوِيَة الْبَيْت فَلَمَّا فرغت من غسله عَاد إِلَى مَوْضِعه قَالَ وَكَانَ ذَلِك الْمَيِّت يرْمى بالزندقة 61 - وَأخرج إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف القريابي سَمِعت أَبَا سِنَان وَكَانَ رجلا صَالحا قَالَ عزيت رجلا بأَخيه فَوَجَدته جزعا فَقَالَ إِنَّمَا أجزع لما رَأَيْت لما دَفَنته وسويت التُّرَاب عَلَيْهِ إِذا صَوت فِي الْقَبْر يَقُول أوه فَقلت أخي وَالله ثمَّ كشفت التُّرَاب فَقيل لي لَا تفعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 فَرددت التُّرَاب فَلَمَّا ذهبت أقوم من الْقَبْر إِذْ صَوت من الْقَبْر يَقُول أوه فَقلت أخي وَالله وكشفت التُّرَاب فَقيل فِي يَا عبد الله لَا تنبشه فَرددت التُّرَاب عَلَيْهِ فَلَمَّا ذهبت أقوم قَالَ أوه فَقلت أخي وَالله ثمَّ كشفت التُّرَاب فَقيل لي لَا تفعل فَرددت التُّرَاب فَلَمَّا ذهبت أقوم إِذا هُوَ يَقُول أوه فَقلت وَالله لَا تركت نبشه فنبشته فَإِذا مطوق بطوق من نَار قد إلتمع عَلَيْهِ الْقَبْر نَارا فطمعت أَن أقطع ذَلِك الطوق فضربته بيَدي لاقطعه فَذَهَبت أصابعي قَالَ وَأخرج إِلَيْنَا يَده فَإِذا أَصَابِعه الْأَرْبَعَة قد ذهبت قَالَ فَأتيت الْأَوْزَاعِيّ فَحَدَّثته فَقلت يَا أَبَا عَمْرو يَمُوت الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَالْكَافِر وَلَا يرى مثل هَذَا فَقَالَ نعم أُولَئِكَ لَا شكّ أَنهم فِي النَّار ويريكم الله فِي أهل التَّوْحِيد لتعتبروا 62 - وَأخرج أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ عَن صديق لَهُ أَنه خرج إِلَى ضَيْعَة لَهُ قَالَ فأدركتني صَلَاة الْمغرب إِلَى جنب مَقْبرَة فَصليت الْمغرب قَرِيبا مِنْهَا فَبينا أَنا جَالس إِذْ سَمِعت من نَاحيَة الْقُبُور صَوت أَنِين فدنوت إِلَى الْقَبْر الَّذِي سَمِعت مِنْهُ الأنين وَهُوَ يَقُول أوه قد كنت أُصَلِّي قد كنت أَصوم فأصابتني قشعريرة فدنوت مِمَّن حضرني فَسمع مثل مَا سَمِعت ومضيت إِلَى ضيعتي وَرجعت فِي الْيَوْم الثَّانِي فَصليت فِي الْموضع الأول وَصَبَرت حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فَصليت الْمغرب ثمَّ إستمعت إِلَى ذَلِك الْقَبْر فَإِذا هُوَ يَئِن وَيَقُول أوه قد كنت أُصَلِّي قد كنت أَصوم فَرَجَعت إِلَى منزلي وحممت فَمَكثت مَرِيضا شَهْرَيْن 63 - وروى هِشَام بن عمار فِي كتاب الْبَعْث عَن يحيى بن حَمْزَة حَدثنِي النُّعْمَان عَن مَكْحُول أَن رجلا أَتَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَقد أَبيض نصف رَأسه وَنصف لحيته فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ مَا بالك فَقَالَ مَرَرْت بمقبرة بني فلَان لَيْلًا فَإِذا رجل يطْلب رجلا بِسَوْط من نَار كلما لحقه ضربه فاشتعل مَا بَين قرنه إِلَى قدمه نَارا فلاذ بِي الرجل فَقَالَ يَا عبد الله أَغِثْنِي فَقَالَ الطَّالِب يَا عبد الله لَا تغثه فبئس عبد الله هُوَ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لذَلِك كره لكم نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُسَافر أحدكُم وَحده 64 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ كَانَ رجل من أهل الْمَدِينَة لَهُ أُخْت فَمَاتَتْ فجهزها وَحملهَا إِلَى قبرها فَلَمَّا دفنت وَرجع إِلَى أَهله ذكر أَنه نسي كيسا كَانَ مَعَه فِي الْقَبْر فاستعان بِرَجُل من أَصْحَابه فَأتيَا الْقَبْر فنبشاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 فَوجدَ الْكيس قَالَ للرجل تَنَح عني حَتَّى أنظر على أَي حَال أُخْتِي فَرفع بعض مَا على اللَّحْد من اللَّبن فَإِذا الْقَبْر يشتعل نَارا فَرده وَسوى الْقَبْر وَرجع إِلَى أمه فَسَأَلَهَا عَن حَال أُخْته فَقَالَت كَانَت تُؤخر الصَّلَاة وَلَا تصلي فِيمَا أَظن بِوضُوء وَتَأْتِي أَبْوَاب الْجِيرَان إِذا نَامُوا فتلقم أذنها أَبْوَابهم فَتخرج حَدِيثهمْ 65 - قَالَ الْحَافِظ إِبْنِ رَجَب وروى الْهَيْثَم بن عدي حَدثنَا أبان بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ هلك جَار لنا فَشَهِدْنَا غسله وكفنه وَحمله إِلَى قَبره وَإِذا فِي قَبره شَبيه بالهر فزجرناه فَلم ينزجر فَضرب الحفار جَبهته بمددة فَلم يبرح فتحول إِلَى قبر آخر فَلَمَّا لحد فَإِذا ذَلِك الهر فِيهِ فصنعوا بِهِ مثل مَا صَنَعُوا أَولا فَلم يلْتَفت فَرَجَعُوا إِلَى قبر ثَالِث فَلَمَّا لحد فَإِذا ذَلِك الهر فِيهِ فصنعوا بِهِ مثل مَا صَنَعُوا فَلم يلْتَفت فَقَالَ الْقَوْم يَا هَؤُلَاءِ إِن هَذَا الْأَمر مَا مر بِنَا مثله فادفنوا صَاحبكُم فدفنوه فَلَمَّا سوي عَلَيْهِ اللَّبن سمعنَا قعقعة عَظِيمَة فَذَهَبُوا إِلَى إمرأته فَقَالُوا يَا هَذِه مَا كَانَ عمل زَوجك وحدثوها مَا رَأَوْا فَقَالَت كَانَ لَا يغْتَسل من الْجَنَابَة 66 - وَذكر إِبْنِ الْفَارِسِي الكتبي صَاحب أبي الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي تَارِيخه أَنه فِي سنة تسعين وَخَمْسمِائة وجد ميت بِبَغْدَاد قد بلي وَلم يبْق غير عِظَامه وَفِي يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ ضباب حَدِيد قد ضرب فيهمَا مسماران أَحدهمَا فِي سرته وَالْآخر فِي جَبهته وَكَانَ هائل الْخلقَة غليظ الْعِظَام وَكَانَ سَبَب ظُهُوره زِيَادَة المَاء كشفت جَانب تل كَانَ يعرف بِالتَّلِّ الْأَحْمَر 67 - وَذكر إِبْنِ الْقيم فِي كتاب الرّوح قَالَ حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سِنَان السلَامِي التَّاجِر وَكَانَ من خِيَار عباد الله قَالَ جَاءَ رجل إِلَى سوق الحدادين بِبَغْدَاد فَبَاعَ مسامير صغَارًا المسمار برأسين فَأَخذهَا الْحداد وَجعل يحمي عَلَيْهَا فَلَا تلين مَعَه حَتَّى عجز عَن ضربهَا فَطلب الَّذِي بَاعهَا فَوَجَدَهُ فَقَالَ من أَيْن لَك هَذِه المسامير قَالَ لقيتها فَلم يزل بِهِ حَتَّى أخبر أَنه وجد قبرا مَفْتُوحًا وَفِيه عِظَام ميت منظومة بِهَذِهِ المسامير قَالَ فعالجتها على أَن أخرجهَا فَلم أقدر فأخرجت حجرا فَكسرت عِظَامه وجمعتها 68 - قَالَ إِبْنِ الْقيم حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحَرَّانِي أَنه خرج من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 دَاره بآمد بعد الْعَصْر إِلَى بُسْتَان فَلَمَّا كَانَ قبل غرُوب الشَّمْس توَسط الْقُبُور وَإِذا قبر مِنْهَا وَهُوَ جَمْرَة نَار مثل كور الزّجاج وَالْمَيِّت فِي وَسطه قَالَ فَسَأَلت عَن صَاحب الْقَبْر فَإِذا هُوَ مكاس قد توفّي ذَلِك الْيَوْم 69 - وَذكر الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن البرزاني فِي تَارِيخه عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الْمُنعم بن الصَّقِيل الْحَرَّانِي قَالَ حكى عبد الْكَافِي أَنه شهد مرّة جَنَازَة فَإِذا عبد أسود مَعنا فَلَمَّا صلى النَّاس لم يصل فَلَمَّا حَضَرنَا الدّفن نظر إِلَيّ ثمَّ قَالَ أَنا عمله ثمَّ ألْقى نَفسه فِي الْقَبْر قَالَ فَنَظَرت فَلم أر شَيْئا 70 - وَقَالَ الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن هبة الله الدمياطي يَقُول سَمِعت أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الله الثَّعْلَبِيّ صَاحب السلَفِي يَقُول كَانَ عندنَا رجل نباش يَتَكَفَّف النَّاس أعمى وَكَانَ يَقُول من يعطيني شَيْئا فَأخْبرهُ بالعجب ثمَّ يَقُول من يزيدني فأريه الْعجب قَالَ فَأعْطِي شَيْئا وَأَنا إِلَى جَانِبه أنظرهُ فكشف عَن عَيْنَيْهِ فَإِذا بهما قد نفذتا إِلَى قَفاهُ كالأنبوبتين النافذتين يرى من قبل وَجهه مَا وَرَاء قَفاهُ ثمَّ قَالَ أخْبركُم أَنِّي كنت فِي بلدي نباشا حَتَّى شاع أَمْرِي فأخفت النَّاس حَتَّى مَا أُبَالِي بهم وَإِن قَاضِي الْبَلَد مرض مَرضا خَافَ مِنْهُم الْمَوْت فَأرْسل إِلَيّ وَقَالَ أَنا أَشْتَرِي هتكي فِي قَبْرِي مِنْك وَهَذِه مائَة دِينَار مومنية فأخذتها فَعُوفِيَ من ذَلِك الْمَرَض ثمَّ مرض بعد ذَلِك ثمَّ مَاتَ وتوهمت أَن الْعَطِيَّة للمرض الأول فَجئْت فنبشته فَإِذا فِي الْقَبْر حس عُقُوبَة وَالْقَاضِي جَالس ثَائِر الرَّأْس محمرة عَيناهُ كالسكروجتين فَوجدت زمعا فِي ركبتي وَإِذا بضربة فِي عَيْني من أصبعين وَقَائِل يَقُول يَا عبد الله أتطلع على أسرار الله عز وَجل 71 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن يزِيد بن عبد الله بن الشخير قَالَ بَيْنَمَا رجل يسير فِي أَرض إِذْ إنتهى إِلَى قبر فَسمع صَاحبه يَقُول آه آه فَقَامَ على قَبره فَقَالَ فَضَحِك عَمَلك وافتضحت 72 - وَفِي تَارِيخ المقريزي فِي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة قدم الْبَرِيد بِأَن رجلا من السَّاحِل مَاتَت إمرأته فدفنها وَعَاد فَتذكر أَنه نسي فِي الْقَبْر منديلا فِيهِ مبلغ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 دَرَاهِم فَأخذ فَقِيه الْقرْيَة ونبش الْقَبْر ليَأْخُذ المَال والفقيه على شَفير الْقَبْر فَإِذا الْمَرْأَة جالسة مكتوفة بشعرها ورجلاها أَيْضا قد ربطتا بشعرها فحاول حل كتافيها فَلم يقدر فَأخذ بِجهْد نَفسه فِي ذَلِك فَخسفَ بِهِ وبالمرأة إِلَى حَيْثُ لم يعلم لَهما خبر فَغشيَ على فَقِيه الْقرْيَة مُدَّة يَوْم وَلَيْلَة فَبعث السُّلْطَان بِخَبَر هَذِه الْحَادِثَة وَمَا كتب بِهِ من الشَّام إِلَى الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فَوقف عَلَيْهِ وَأرَاهُ النَّاس ليعتبروا بذلك 73 - قَالَ الْعلمَاء عَذَاب الْقَبْر هُوَ عَذَاب البرزخ أضيف إِلَى الْقَبْر لِأَنَّهُ الْغَالِب وَإِلَّا فَكل ميت وَإِذا أَرَادَ الله تَعَالَى تعذيبه ناله مَا أَرَادَ بِهِ قبر أَو لم يقبر وَلَو صلب أَو غرق فِي الْبَحْر أَو أَكلته الدَّوَابّ أَو حرق حَتَّى صَار رَمَادا أَو ذري فِي الرّيح وَمحله الرّوح وَالْبدن جَمِيعًا بِاتِّفَاق أهل السّنة وَكَذَا القَوْل فِي النَّعيم 74 - قَالَ إِبْنِ الْقيم ثمَّ عَذَاب الْقَبْر قِسْمَانِ دَائِم وَهُوَ عَذَاب الْكفَّار وَبَعض العصاة ومنقطع وَهُوَ عَذَاب من خفت جرائمهم من العصاة فَإِنَّهُ يعذب بِحَسب جريمته ثمَّ يرفع عَنهُ وَقد يرفع عَنهُ بِدُعَاء أَو صَدَقَة أَو نَحْو ذَلِك 75 - قَالَ اليافعي فِي روض الرياحين بلغنَا أَن الْمَوْتَى لَا يُعَذبُونَ لَيْلَة الْجُمُعَة تَشْرِيفًا لهَذَا الْوَقْت قَالَ وَيحْتَمل إختصاص ذَلِك بعصاه الْمُسلمين دون الْكفَّار 76 - وعمم النَّسَفِيّ فِي بَحر الْكَلَام فَقَالَ إِن الْكَافِر يرفع عَنهُ الْعَذَاب يَوْم الْجُمُعَة وليلتها وَجَمِيع شهر رَمَضَان قَالَ وَأما الْمُسلم العَاصِي فَإِنَّهُ يعذب فِي قَبره وَلَكِن يرفع عَنهُ يَوْم الْجُمُعَة وليلتها ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة يكون لَهُ الْعَذَاب سَاعَة وَاحِدَة وضغطة الْقَبْر كَذَلِك ثمَّ يَنْقَطِع عَنهُ الْعَذَاب وَلَا يعود إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إنتهى وَهَذَا يدل على أَن عصاة الْمُسلمين لَا يُعَذبُونَ سوى جُمُعَة وَاحِدَة أَو دونهَا وَأَنَّهُمْ إِذا وصلوا إِلَى يَوْم الْجُمُعَة إنقطع ثمَّ لَا يعود وَهُوَ يحْتَاج إِلَى دَلِيل 77 - قَالَ إِبْنِ الْقيم فِي الْبَدَائِع نقلت من خطّ القَاضِي أبي يعلى فِي تعاليقه لَا بُد من إنقطاع عَذَاب الْقَبْر لِأَنَّهُ من عَذَاب الدُّنْيَا وَالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مُنْقَطع فَلَا بُد أَن يلحقهم الفناء وَالْبَلَاء وَلَا يعرف مِقْدَار مده ذَلِك إنتهى 78 - قلت وَيُؤَيّد هَذَا مَا أخرجه هناد بن السّري فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 قَالَ للْكفَّار هجعة يَجدونَ فِيهَا طعم النّوم حَتَّى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا صِيحَ بِأَهْل الْقُبُور يَقُول الْكَافِر {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} فَيَقُول الْمُؤمن إِلَى جنبه {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ} فَائِدَة 79 - فِي الْبَدَائِع لإبن الْقيم قَالَ جمَاعَة من النَّاس إِذا مَاتَت نَصْرَانِيَّة فِي بَطنهَا جَنِين مُسلم نزل ذَلِك الْقَبْر نعيم وَعَذَاب فالنعيم للإبن وَالْعَذَاب للْأُم قَالَ وَلَا بعد فِي ذَلِك كَمَا لَو دفن فِي قبر وَاحِد مُؤمن وَفَاجِر فَإِنَّهُ يجْتَمع فِي الْقَبْر النَّعيم وَالْعَذَاب 35 - بَاب مَا يُنجي من عَذَاب الْقَبْر 1 - أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت البارحة عجبا رَأَيْت رجلا من أمتِي جَاءَهُ ملك الْمَوْت ليقْبض روحه فجَاء بره لوَالِديهِ فَرده عَنهُ وَرَأَيْت رجلا من أمتِي سلط عَلَيْهِ عَذَاب الْقَبْر فجَاء وضوؤه فاستنقذه من ذَلِك وَرَأَيْت رجلا من أمتِي قد إحتوشته الشَّيَاطِين فجَاء ذكر الله فخلصه من بَينهم وَرَأَيْت رجلا من أمتِي قد إحتوشته مَلَائِكَة الْعَذَاب فَجَاءَتْهُ صلَاته فاستنقذته من أَيْديهم وَرَأَيْت رجلا من أمتِي يَلْهَث عطشا كلما ورد حوضا منع مِنْهُ فَجَاءَهُ صِيَامه فَسَقَاهُ وأرواه وَرَأَيْت رجلا من أمتِي والنبيون قعُود حلقا حلقا كلما دنا لحلقة طردوه فجَاء إغتساله من الْجَنَابَة فَأخذ بِيَدِهِ وَأَقْعَدَهُ إِلَى جنبه وَرَأَيْت رجلا من أمتِي بَين يَدَيْهِ ظلمَة وَخَلفه ظلمَة وَعَن يَمِينه ظلمَة وَعَن يسَاره ظلمَة وَمن فَوْقه ظلمَة وَمن تَحْتَهُ ظلمَة فَهُوَ متحير فِيهَا فَجَاءَهُ حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمَة وأدخلاه النُّور وَرَأَيْت رجلا من أمتِي يكلم الْمُؤمنِينَ وَلَا يكلمونه فَجَاءَتْهُ صلَة الرَّحِم فَقَالَت يَا معشر الْمُؤمنِينَ كَلمُوهُ فكلموه وَرَأَيْت رجلا من أمتِي يَتَّقِي وهج النَّار وشررها بِيَدِهِ عَن وَجهه فَجَاءَتْهُ صدقته فَصَارَت سترا على وَجهه وظلا على رَأسه وَرَأَيْت رجلا من أمتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 أَخَذته الزَّبَانِيَة من كل مَكَان فَجَاءَهُ أمره بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيه عَن الْمُنكر فاستنقذاه من أَيْديهم وأدخلاه مَعَ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَرَأَيْت رجلا من أمتِي جاثيا على رُكْبَتَيْهِ بَينه وَبَين الله حجاب فَجَاءَهُ حسن خلقه فَأخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ على الله وَرَأَيْت رجلا من أمتِي قد هوت بِهِ صَحِيفَته من قبل شِمَاله فَجَاءَهُ خَوفه من الله فَأخذ صَحِيفَته فَجَعلهَا عَن يَمِينه وَرَأَيْت رجلا من أمتِي قد خف مِيزَانه فَجَاءَتْهُ أفراطه فثقلوا مِيزَانه وَرَأَيْت رجلا من أمتِي قَائِما على شَفير جَهَنَّم فَجَاءَهُ وجله من الله فاستنقذه من ذَلِك وَمضى وَرَأَيْت رجلا من أمتِي هوى فِي النَّار فَجَاءَتْهُ دُمُوعه الَّتِي بَكَى بهَا من خشيَة الله فِي الدُّنْيَا فاستخلصه من النَّار وَرَأَيْت رجلا من أمتِي قَائِما على الصِّرَاط يرعد كَمَا ترْعد السعفة فَجَاءَهُ حسن ظَنّه بِاللَّه فسكن روعه وَمضى وَرَأَيْت رجلا من أمتِي على الصِّرَاط يزحف أَحْيَانًا ويحبو أَحْيَانًا فَجَاءَتْهُ صلَاته عَليّ فَأخذت بِيَدِهِ فأقامته وَمضى على الصِّرَاط وَرَأَيْت رجلا من أمتِي إنتهى إِلَى أَبْوَاب الْجنَّة فغلقت الْأَبْوَاب دونه فَجَاءَتْهُ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ففتحت لَهُ الْأَبْوَاب وأدخلته الْجنَّة وَرَأَيْت نَاسا تقْرض شفاههم فَقلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ المشاؤون بَين النَّاس بالنميمة وَرَأَيْت رجَالًا معلقين بألسنتهم قلت من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يرْمونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا حَدِيث عَظِيم ذكر فِيهِ أعمالا خَاصَّة تنجي من أهوال خَاصَّة 2 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وإبن مَاجَه عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للشهيد عِنْد الله سِتّ خِصَال يغْفر لَهُ فِي أول دفْعَة من دَمه وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويأمن من الْفَزع الْأَكْبَر وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار الياقوتة مِنْهُ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ويزوج ثِنْتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الْحور الْعين ويشفع فِي سبعين من أَقَاربه 3 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وإبن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان بن صرد وخَالِد بن عرفطة قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَتله بَطْنه لم يعذب فِي قَبره 4 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن سلمَان الْفَارِسِي أَن بعض أهل الْكتاب أخبرهُ عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ طول الْقُنُوت الْأمان على الصِّرَاط وَطول السُّجُود الْأمان من عَذَاب الْقَبْر 5 - وَأخرج عبد فِي مُسْنده عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لرجل أَلا أطرفك بِحَدِيث تفرح بِهِ قَالَ بلَى قَالَ إقرأ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَعلمهَا أهلك وَجَمِيع ولدك وصبيان بَيْتك وَجِيرَانك فَإِنَّهَا المنجية والمجادلة تجَادل أَو تخاصم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبهَا لِقَارِئِهَا وتطلب لَهُ أَن ينجيه من عَذَاب النَّار وينجو بهَا صَاحبهَا من عَذَاب الْقَبْر 6 - وَأخرج خلف بن هِشَام فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ سُورَة الْملك هِيَ الْمَانِعَة تمنع من عَذَاب الْقَبْر يُؤْتى صَاحبهَا فِي قَبره من قبل رَأسه فَيَقُول رَأسه لَا سَبِيل عَليّ فَإِنَّهُ وعى فِي سُورَة الْملك ثمَّ يُؤْتى من قبل رجلَيْهِ فَتَقول رِجْلَاهُ لَيْسَ لَك عَليّ سَبِيل إِنَّه كَانَ يقوم بِي بِسُورَة الْملك 7 - وَأخرج النَّسَائِيّ عَن إِبْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ من قَرَأَ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر وَكُنَّا فِي عهد الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسميها الْمَانِعَة 8 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا مَاتَ وَلَيْسَ مَعَه شَيْء من كتاب الله إِلَّا {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} فَلَمَّا وضع فِي حفرته أَتَاهُ الْملك فثارت السُّورَة فِي وَجهه فَقَالَ لَهَا إِنَّك من كتاب الله وَأَنا أكره مساءتك وَإِنِّي لَا أملك لَك وَلَا لَهُ وَلَا لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا فَإِن أردْت هَذَا فانطلقي بِهِ إِلَى الرب تَعَالَى فاشفعي لَهُ فتنطلق إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 الرب فَتَقول يَا رب إِن فلَانا عمد إِلَيّ من بَين كتابك فتعلمني وتلاني أفمحرقه أَنْت بالنَّار ومعذبه وَأَنا فِي جَوْفه فَإِن كنت فَاعِلا ذَلِك بِهِ فامحني من كتابك فَيَقُول لأرَاك غضِبت فَتَقول وَحقّ لي أَن أغضب فَيَقُول إذهبي فقد وهبته لَك وشفعتك فِيهِ فتجيء فتزبر الْملك فَيخرج كاسف البال لم يحل مِنْهُ بِشَيْء فتجيء فتضع فاها على فِيهِ فَتَقول مرْحَبًا بِهَذَا الْفَم فَرُبمَا تلاني مرْحَبًا بِهَذَا الصَّدْر فَرُبمَا وعاني ومرحبا بِهَاتَيْنِ الْقَدَمَيْنِ فَرُبمَا قامتا بِي وتؤنسه فِي قَبره مَخَافَة الوحشة عَلَيْهِ قَالَ فَلَمَّا حدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الحَدِيث لم يبْق صَغِير وَلَا كَبِير وَلَا حر وَلَا عبد إِلَّا تعلمهَا وسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المنجية قَالَ فِي الصِّحَاح رجلا كاسف البال أَي سيء الْحَال وكاسف الْوَجْه أَي عَابس الْوَجْه وَقَوله لم يحل مِنْهُ بِشَيْء أَي لم يستفذ مِنْهُ فَائِدَة وَلَا يتَكَلَّم بِهِ إِلَّا مَعَ الْجحْد والزبر بزاي وموحدة وَرَاء الزّجر والإنتهار 9 - وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمَيِّت إِذا مَاتَ أوقدت نيران حوله فتأكل كل نَار مَا يَليهَا إِن لم يكن لَهُ عمل يحول بَينه وَبَينهَا وَإِن رجلا مَاتَ وَلم يكن يقْرَأ من الْقُرْآن إِلَّا سُورَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} فَأَتَتْهُ من قبل رَأسه فَقَالَت إِنَّه كَانَ يقرأني فَأَتَتْهُ من قبل رجلَيْهِ فَقَالَت إِنَّه كَانَ يَقُول بِي فَأَتَتْهُ من قبل جَوْفه فَقَالَت إِنَّه كَانَ وعاني فأنجته 10 - وَأخرج الدَّارمِيّ فِي مُسْنده عَن خَالِد بن معدان قَالَ بَلغنِي أَن {الم تَنْزِيل} تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر تَقول اللَّهُمَّ إِن كنت من كتابك فشفعني فِيهِ وَإِن لم أكن من كتابك فامحني مِنْهُ وَإِنَّهَا تكون كالطير تجْعَل جناحيها عَلَيْهِ فتشفع لَهُ وتمنعه من عَذَاب الْقَبْر وَفِي {تبَارك} مثله وَكَانَ خَالِد لَا يبيت حَتَّى يقرأهما 11 - وَأخرج هُوَ وَالتِّرْمِذِيّ عَن جَابر قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ {الم تَنْزِيل} و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 12 - وَفِي روض الرياحين لليافعي عَن بعض الصَّالِحين من أهل الْيمن أَنه دفن فعض الْمَوْتَى فَلَمَّا إنصرف النَّاس سمع فِي الْقَبْر ضربا عنيفا ثمَّ خرج من الْقَبْر كلب أسود فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ وَيحك أَي شَيْء أَنْت قَالَ أَنا عمل الْمَيِّت فَقَالَ هَذَا الضَّرْب فِيك أم فِيهِ قَالَ بل فِي وجدت عِنْده سُورَة يس وَأَخَوَاتهَا فحالت بيني وَبَينه فَضربت وطردت 13 - وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى بعد الْمغرب رَكْعَتَيْنِ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة يقْرَأ فِي كل رَكْعَة مِنْهُمَا بِفَاتِحَة الْكتاب مرّة و {إِذا زلزلت} خمس عشرَة مرّة هون الله عَلَيْهِ سَكَرَات الْمَوْت وأعاذه الله من عَذَاب الْقَبْر وَيسر لَهُ الْجَوَاز على الصِّرَاط يَوْم الْقِيَامَة 14 - وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة وقِي عَذَاب الْقَبْر 15 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي قَالَ من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الجمعه ختم بِخَاتم الْإِيمَان وَوُقِيَ عَذَاب الْقَبْر 16 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ قَالَ إِبْنِ رَجَب رُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن أنس بن مَالك أَن عَذَاب الْقَبْر يرفع عَن الْمَوْتَى فِي شهر رَمَضَان 17 - وَحكى اليافعي فِي روض الرياحين عَن بعض الْأَوْلِيَاء قَالَ سَأَلت الله أَن يرني مقامات أهل الْمَقَابِر فَرَأَيْت فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي كَأَن الْقِيَامَة قد قَامَت والقبور قد إنشقت وَإِذا مِنْهُم النَّائِم على السندس وَمِنْهُم النَّائِم على الْحَرِير والديباج وَمِنْهُم النَّائِم على الريحان وَمِنْهُم النَّائِم على السرر وَمِنْهُم الباكي وَمِنْهُم الضاحك قلت يَا رب لَو شِئْت ساويت بَينهم فِي الْكَرَامَة فَنَادَى مُنَاد من أهل الْقُبُور يَا فلَان هَذِه منَازِل الْأَعْمَال أما أَصْحَاب السندس فهم أَصْحَاب الْخلق الْحسن وَأما أَصْحَاب الْحَرِير والديباج فهم الشُّهَدَاء وَأما أَصْحَاب الريحان فهم الصائمون وَأما أَصْحَاب الْمَرَاتِب يَعْنِي السرر فهم المتحابون فِي الله وَأما أَصْحَاب البكار فهم المذنبون وَأما أَصْحَاب الضحك فهم أهل التَّوْبَة والإنابة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 36 - بَاب أَحْوَال الْمَوْتَى فِي قُبُورهم وأنسهم فِيهَا وَهل يصلونَ فِيهَا ويقرؤون ويتزاورون وَيَتَنَعَّمُونَ وَيلبسُونَ 1 - أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة عِنْد الْمَوْت وَلَا فِي قُبُورهم وَلَا فِي منشرهم 2 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْخُتلِي فِي الديباج عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَخْبرنِي جِبْرِيل أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أنس للْمُسلمِ عِنْد مَوته وَفِي قَبره وَحين يخرج من قَبره 3 - وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وإبن مَنْدَه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ 4 - وَأخرج مُسلم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ مر بمُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره قَالَ إِبْنِ مَنْدَه رَوَاهُ حجاج بن منهال وَيُونُس بن مُحَمَّد وَأَبُو نصر التمار وحبان وَغَيرهم عَن حَمَّاد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وثابت عَن أنس وَرَوَاهُ سُفْيَان وَيحيى بن سعيد وَعمر بن حبيب وَجَرِير بن عبد الحميد ومعتمر بن سُلَيْمَان وَيزِيد بن هَارُون وَعِيسَى وَغَيرهم عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة وَعبد الله بن جَراد وَغَيرهمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 5 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِقَبْر مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِيهِ وَقَالَ إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات وإبن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد مَعًا أخبرنَا عَفَّان بن مُسلم قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ اللَّهُمَّ إِن كنت أَعْطَيْت أحدا الصَّلَاة فِي قَبره فَأعْطِنِي الصَّلَاة فِي قَبْرِي 6 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن يُوسُف بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت ثَابتا يَقُول لحميد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الطَّوِيل هَل بلغك أَن أحدا يُصَلِّي فِي قَبره إِلَّا الْأَنْبِيَاء قَالَ لَا قَالَ ثَابت اللَّهُمَّ إِن أَذِنت لأحد أَن يُصَلِّي فِي قَبره فَأذن لِثَابِت أَن يُصَلِّي فِي قَبره 7 - وَأخرج أَيْضا عَن جُبَير قَالَ أَنا وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أدخلت ثَابتا الْبنانِيّ لحده وَمَعِي حميد الطَّوِيل فَلَمَّا سوينا عَلَيْهِ اللَّبن سَقَطت لبنة فَإِذا أَنا بِهِ يُصَلِّي فِي قَبره وَكَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِن كنت أَعْطَيْت أحدا من خلقك الصَّلَاة فِي قَبره فأعطنيها فَمَا كَانَ الله ليرد دعاءه 8 - وَأخرج أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن الصمَّة المهلبي قَالَ حَدثنِي الَّذين كَانُوا يَمرونَ بالجص بالأسحار قَالُوا كُنَّا إِذا مَرَرْنَا بجنبات قبر ثَابت الْبنانِيّ سمعنَا قِرَاءَة الْقُرْآن 9 - وَقَالَ إِبْنِ مَنْدَه أَنبأَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسلمي حَدثنَا أَبُو أَحْمد يُوسُف الْخفاف حَدثنَا القَاضِي أَبُو أَحْمد حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الْأَشْعَرِيّ سَمِعت سَلمَة بن شبيب قَالَ سَمِعت أَبَا حَمَّاد الحفار وَكَانَ ثِقَة ورعا قَالَ دخلت يَوْم الْجُمُعَة الْمقْبرَة نصف النَّهَار فَمَا مَرَرْت بِقَبْر إِلَّا سَمِعت قِرَاءَة الْقُرْآن 10 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ ضرب بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خباء على قبر وَهُوَ لَا يحْسب أَنه قبر وَإِذا فِيهِ إِنْسَان يقْرَأ سُورَة الْملك حَتَّى خَتمهَا فَأتى نَبِي الله فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ المنجية هِيَ الْمَانِعَة تنجيه من عَذَاب الْقَبْر 11 - قَالَ أَبُو الْقَاسِم السَّعْدِيّ فِي كتاب الرّوح هَذَا تَصْدِيق من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمَيِّت يقْرَأ فِي قَبره فَإِن عبد الله أخبرهُ بذلك وَصدقه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 12 - وَقَالَ الإِمَام كَمَال الدّين بن الزملكاني فِي كتاب الْعَمَل المقبول فِي زِيَارَة الرَّسُول هَذَا الحَدِيث وَاضح الدّلَالَة على أَن الْمَيِّت كَانَ يقْرَأ فِي قَبره سُورَة الْملك وَقد وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة ذكر إكرام الله بعض أوليائه بذلك وإكرام بَعضهم بِالصَّلَاةِ وَكَانَ يَدْعُو الله فِي حَيَاته بذلك فَإِذا كَانَ من كَرَامَة الله لأوليائه تمكينهم من الطَّاعَة وَالْعِبَادَة فِي الْقَبْر فالأنبياء بطرِيق الأولى 13 - وَقَالَ الْحَافِظ زين الدّين بن رَجَب فِي كتاب أهوال الْقُبُور قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 يكرم الله بعض أهل البرزخ بِأَعْمَالِهِ الصَّالِحَة فِي البرزخ وَإِن لم يحصل لَهُ بذلك ثَوَاب لإنقطاع عمله بِالْمَوْتِ لكنه إِنَّمَا يبْقى عمله عَلَيْهِ ليتنعم بِذكر الله وطاعته كَمَا تتنعم بذلك الْمَلَائِكَة وَأهل الْجنَّة فِي الْجنَّة وَإِن لم يكن على ذَلِك ثَوَاب لِأَن نفس الذّكر وَالطَّاعَة أعظم نعيما عِنْد أَهلهَا من جَمِيع نعيم أهل الدُّنْيَا ولذتها فَمَا تنعم المتنعمون بِمثل ذكر الله وطاعته 14 - وروى أَبُو الْحسن بن الْبَراء فِي كتاب الرَّوْضَة عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن مَنْصُور حَدثنِي إِبْرَاهِيم الحفار قَالَ حفرت قبرا فبدت لبنة فشممت رَائِحَة الْمسك حِين إنفتحت اللبنة فَإِذا بشيخ جَالس فِي قَبره يقْرَأ الْقُرْآن 15 - وَقَالَ إِبْنِ رَجَب وحَدثني الْمُحدث أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن مُحَمَّد السرمري حَدثنَا شَيخنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن السامري خطيب سامراء وَكَانَ رجلا صَالحا وَأرَانِي موضعا من قُبُور سامراء فَقَالَ هَذَا الْموضع لَا نزال تسمع مِنْهُ سُورَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} 16 - وروى الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب بِسَنَدِهِ عَن عِيسَى بن مُحَمَّد الطوماري قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر بن مُجَاهِد المقرىء فِي النّوم كَأَنَّهُ يقْرَأ وَكَأَنِّي أَقُول لَهُ أَنْت ميت وتقرأ فَكَأَنَّهُ يَقُول لي كنت أَدْعُو الله فِي دبر كل صَلَاة وَعند ختم الْقُرْآن أَن يَجْعَلنِي مِمَّن يقْرَأ فِي قَبره فَأَنا أَقرَأ فِي قَبْرِي 17 - وَأخرج الْخلال فِي كتاب السّنة من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن الحكم بن أبان وَفِيه ضعف عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة قَالَ قَالَ إِبْنِ عَبَّاس الْمُؤمن يعْطى مُصحفا فِي قَبره يقْرَأ فِيهِ وَأخرجه إِبْنِ الْبَراء فِي الرَّوْضَة من طَرِيق حَفْص بن عمر الْعَدنِي وَفِيه ضعف أَيْضا عَن الحكم بن أبان 18 - ورؤي الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء الْهَمدَانِي فِي النّوم بعد مَوته وَهُوَ فِي مَدِينَة جدرانها وحيطانها كلهَا كتب فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ سَأَلت الله تَعَالَى أَن يشغلني بِالْعلمِ كَمَا كنت أشتغل بِهِ فَأَنا أشتغل بِالْعلمِ فِي قَبْرِي إنتهى مَا أوردهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 19 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه وَأَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الكنى بِسَنَد ضَعِيف عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ أردْت مَالِي بِالْغَابَةِ فأدركني اللَّيْل فأويت إِلَى قبر عبد الله بن عَمْرو بن حرَام فَسمِعت قِرَاءَة من الْقَبْر مَا سَمِعت أحسن مِنْهَا فَجئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ ذَلِك عبد الله ألم تعلم أَن الله قبض أَرْوَاحهم فَجَعلهَا فِي قناديل من زبرجد وَيَاقُوت ثمَّ علقها وسط الْجنَّة فَإِذا كَانَ اللَّيْل ردَّتْ إِلَيْهِم أَرْوَاحهم فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى إِذا طلع الْفجْر ردَّتْ أَرْوَاحهم إِلَى مَكَانهَا الَّذِي كَانَت فِيهِ 20 - وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نمت فرأيتني فِي الْجنَّة وَلَفظ النَّسَائِيّ دخلت الْجنَّة فَسمِعت صَوت قارىء يقْرَأ فَقلت من هَذَا قَالُوا حَارِثَة بن النُّعْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كذك الْبر كَذَاك الْبر كَذَاك الْبر وَكَانَ أبر النَّاس بِأُمِّهِ 21 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أَرَانِي فِي الْجنَّة فَبينا أَنا فِيهَا سَمِعت صَوت رجل يقْرَأ بِالْقُرْآنِ فَقلت من هَذَا قَالُوا حَارِثَة بن النُّعْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك كَذَاك الْبر كَذَاك الْبر 22 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد الرقاشِي قَالَ بَلغنِي أَن الْمُؤمن إِذا مَاتَ وَقد بِي عَلَيْهِ شَيْء من الْقُرْآن لم يتعلمه بعث الله إِلَيْهِ مَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ مَا بَقِي عَلَيْهِ مِنْهُ حَتَّى يَبْعَثهُ الله من قَبره 23 - وَأخرج عَن الْحسن قَالَ بَلغنِي أَن الْمُؤمن إِذا مَاتَ وَلم يحفظ الْقُرْآن أَمر حفظته أَن يعلموه الْقُرْآن فِي قَبره حَتَّى يَبْعَثهُ الله يَوْم الْقِيَامَة مَعَ أَهله 24 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ بَلغنِي أَن العَبْد إِذا لَقِي الله تَعَالَى وَلم يتَعَلَّم كِتَابه علمه الله تَعَالَى فِي قَبره حَتَّى يثيبه الله عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 25 - وَفِي الفردوس للديلمي وَلم يسْندهُ وَلَده من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا مثله ثمَّ وقفت عَلَيْهِ مُسْندًا فِي الْجُزْء الأول من فَوَائِد أبي الْحسن بن بَشرَان فَأخْرجهُ من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ مَاتَ قبل أَن يستظهره أَتَاهُ ملك يُعلمهُ فِي قَبره ويلقى الله وَقد إستظهره وَأخرجه أَيْضا أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن والسلفي فِي إنتخابه لحَدِيث الْقُرَّاء 26 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن عِكْرِمَة قَالَ يعْطى الْمُؤمن مُصحفا فِي قَبره يقْرَأ فِيهِ 27 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن عَاصِم السَّقطِي قَالَ حفرنا قبرا ببلخ فنفذ فِي قبر فَنَظَرت فَإِذا شيخ فِي الْقَبْر مُتَوَجّه إِلَى الْقبْلَة وَعَلِيهِ إِزَار أَخْضَر واخضر مَا حوله وَفِي حجره مصحف وَهُوَ يقْرَأ 28 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن أبي النَّضر النَّيْسَابُورِي الحفار وَكَانَ صَالحا ورعا قَالَ حفرت قبرا فانفتح فِي الْقَبْر قبر آخر فَنَظَرت فِيهِ فَإِذا أَنا بشاب حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح جَالِسا متربعا فِي حجره كتاب مَكْتُوب بخضرة أحسن مَا رَأَيْت من الخطوط وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن فَنظر الشَّاب إِلَيّ فَقَالَ أَقَامَت الْقِيَامَة قلت لَا فَقَالَ أعد المدرة إِلَى موضعهَا فأعدتها إِلَى موضعهَا 29 - وَفِي تَارِيخ إِبْنِ النجار فِي كتاب تَارِيخ بَغْدَاد قَالَ قَرَأَ كتاب بِخَط بعض الأصبهانيين من طلاب الْعلم لَا أعرف إسمه قَالَ سَمِعت خطلع مولى الراشد بِاللَّه قَالَ قلت لمصعب بن عبد الله الحفار هَل رَأَيْت فِي الْحفر شَيْئا قَالَ لَا وَلَكِن سَمِعت أبي يَقُول حفرت قبرا فَلَمَّا وصلت إِلَى اللَّحْد وَأخذت اللَّبن رَأَيْت تَحْتَهُ رجلا قَاعِدا وَفِي يَدَيْهِ مصحف يقْرَأ فِيهِ فَقَالَ لي هَل قَامَت الْقِيَامَة فَقلت لَا ثمَّ غطيت عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 30 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {فلأنفسهم يمهدون} قَالَ فِي الْقَبْر 31 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن بشر بن الْحَارِث قَالَ نعم الْمنزل الْقَبْر لمن أطَاع الله 32 - وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده والوائلي فِي الْإِبَانَة والعقيلي عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحْسنُوا أكفان مَوْتَاكُم فَإِنَّهُم يتباهون ويتزاورون فِي قُبُورهم 33 - وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيثه إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه 34 - قَالَ الْعلمَاء المُرَاد بتحسينه بياضه ونظافته وسبوغه وكثافته لَا كَونه ثمينا لحَدِيث النَّهْي عَن المغالاة فِيهِ 35 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن إِبْنِ سِيرِين قَالَ كَانَ يحب حسن الْكَفَن وَيُقَال إِنَّهُم يتزاورون فِي أكفانهم 36 - وَأخرج إِبْنِ عدي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حسنوا أكفان مَوْتَاكُم فَإِنَّهُم يتزاورون فِي قُبُورهم 37 - وَأخرج الْعقيلِيّ والخطيب فِي التَّارِيخ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه فَإِنَّهُم يتزاورون فِي أكفانهم 38 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وإبن مَاجَه وَمُحَمّد بن يحيى الْهَمدَانِي فِي صَحِيحه وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي قَتَادَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه فَإِنَّهُم يتزاورون فِي قُبُورهم 39 - قَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد تَخْرِيجه وَهَذَا لَا يُخَالف قَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فِي الْكَفَن إِنَّمَا هُوَ للمهملة يَعْنِي الصديد لِأَن ذَلِك كَذَاك فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 رؤيتنا وَيكون كَمَا شَاءَ الله فِي علم الله كَمَا قَالَ فِي الشُّهَدَاء {أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} وهم كَمَا نراهم يتشحطون فِي الدِّمَاء ثمَّ يتفتتون وَإِنَّمَا يكونُونَ كَذَلِك فِي رؤيتنا وَيَكُونُونَ فِي الْغَيْب كَمَا أخبر الله عَنْهُم وَلَو كَانُوا فِي رؤيتنا كَمَا أخبر الله عَنْهُم لارتفع الْإِيمَان بِالْغَيْبِ 40 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات حَدثنَا الْقَاسِم بن هِشَام قَالَ حَدثنَا يحيى بن صَالح الوحاظي حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أبي ضَمرَة الْقَاص حَدثنِي رَاشد بن سعد أَن رجلا توفيت إمرأته فَرَأى نسَاء فِي الْمَنَام وَلم ير إمرأته مَعَهُنَّ فسألهن عَنْهَا فَقُلْنَ إِنَّكُم قصرتم فِي كفنها فَهِيَ تَسْتَحي أَن تخرج مَعنا فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنظر هَل إِلَى ثِقَة من سَبِيل فَأتى رجلا من الْأَنْصَار قد حَضرته الْوَفَاة فَأخْبرهُ فَقَالَ الْأنْصَارِيّ إِن كَانَ أحد يبلغ الْمَوْتَى بلغت فَتوفي الْأنْصَارِيّ فَجَاءَهُ بثوبين مصبوغين بالزعفران فجعلهما فِي كفن الْأنْصَارِيّ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رأى النسْوَة ومعهن إمرأته وَعَلَيْهَا الثوبان الأصفران وَهَذَا مُرْسل لَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ فَإِن إِبْنِ أبي ضَمرَة مَقْبُول وَرَاشِد بن سعد ثِقَة كثير الْإِرْسَال 41 - وَأخرج إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ قَالَ كَانَت إمرأته بقيسارية فَتُوُفِّيَتْ فرأته إبنة لَهَا فِي الْمَنَام فَقَالَت لَهَا يَا بنية كفنتموني بكفن ضيق وَأَنا بَين صواحباتي أستحي مِنْهُنَّ وفلانة تَأْتِينَا يَوْم كَذَا وَكَذَا ولي فِي مَوضِع كَذَا أَرْبَعَة دَنَانِير فاشتروا بهَا كفنا وابعثوا بِهِ مَعهَا قَالَت الْبِنْت وَلم أعلم أَن لَهَا فِي الْموضع الَّذِي ذكرت دَنَانِير قَالَت فَنَظَرت فَإِذا الدَّنَانِير كَمَا ذكرت وَلم يكن بِالْمَرْأَةِ الَّتِي ذكرت بَأْس فَلَمَّا كَانَت بعد اعتلت قَالَ الْفرْيَابِيّ فجاؤوني فَقَالُوا يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول وقصوا عَليّ الْقِصَّة وَذكرت الحَدِيث الَّذِي ورد أَنهم يتزاورون فِي أكفانهم فَقلت إشتروا لَهَا كفنا وَذَهَبت الْبِنْت إِلَى الْمَرْأَة فَقَالَت إِن حدث بك حَادث الْمَوْت فَإِنِّي أبْعث إِلَى أُمِّي بِشَيْء تبلغيه فَمَاتَتْ فِي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي ذكرت وَوَضَعُوا الْكَفَن مَعهَا فِي كفنها فرأت الْبِنْت أمهَا فِي الْمَنَام فَقَالَت يَا بنية قد أتتنا فُلَانَة وَوصل إِلَيّ الْكَفَن مَا أحْسنه جَزَاك الله خيرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 42 - وَأخرج السلَفِي فِي المشيخة البغدادية عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ كَانُوا يستحبون أَن يكون الْكَفَن ملفوفا مزرورا وَقَالَ إِنَّهُم يتزاورون فِي قُبُورهم 43 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عُمَيْر بن الْأسود السكونِي أَن معَاذ بن جبل أوصى لإمرأته وَخرج فَمَاتَتْ فكفناها فِي ثِيَاب لَهَا خلقان فَقدم وَقد رفعنَا أَيْدِينَا عَن قبرها ساعتئذ فَقَالَ فِي كم كفنتموها قُلْنَا فِي ثِيَابهَا الخلقان فنبشها وكفنها فِي ثِيَاب جدد وَقَالَ أَحْسنُوا أكفان مَوْتَاكُم فَإِنَّهُم يحشرون فِيهَا 44 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الشّعبِيّ قَالَ إِن الْمَيِّت إِذا وضع لحده أَتَاهُ أَهله وَولده فيسألهم عَمَّن خلف بعده كَيفَ فعل فلَان وَمَا فعل فلَان 45 - وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ إِن الرجل ليبشر بصلاح وَلَده فِي قَبره 46 - وَقَالَ السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم} الْآيَة يُؤْتى الشَّهِيد بِكِتَاب فِيهِ ذكر من يقدم عَلَيْهِ من إخوانه يبشر بِهِ فيستبشر بِهِ كَمَا يستبشر أهل الْغَائِب بقدومه فِي الدُّنْيَا 47 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ يُقَال لِلْمُؤمنِ فِي قَبره ارقد رقدة الْمُتَّقِينَ 48 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ مَاتَ إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ بِالطَّائِف فَشَهِدت جنَازَته فجَاء طَائِر أَبيض لم ير على خلقته فَدخل فِي نعشه ثمَّ لم ير خَارِجا مِنْهُ فَلَمَّا دفن تليت هَذِه الْآيَة على شَفير الْقَبْر لم يدر من تَلَاهَا {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك} الْآيَة 49 - وَأخرج نَحوه عَن عِكْرِمَة وَأبي الزبير وَلَفظه جَاءَ طَائِر من السَّمَاء أَبيض فَدخل فِي أَكْفَانه فَمَا رُؤِيَ بعد فَكَانُوا يرَوْنَ أَنه عمله وَأخرج مُجَاهِد وَعبد الله بن يَامِين وبحر بن عبيد وَلَفظه طَائِر أَبيض عَظِيم من قبل وَج وَعَن غيلَان بن عمر وَمَيْمُون بن مهْرَان وَلَفظه فالتمس فَلم يُوجد فَلَمَّا سوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 عَلَيْهِ سمعنَا صَوتا نسْمع صَوته وَلَا نرى شخصه {يَا أيتها النَّفس} إِلَى آخر الْآيَة 50 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر أَيْضا من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْتُك تناجي دحْيَة الْكَلْبِيّ فَكرِهت أَن أقطع مناجاتكما قَالَ وَقد رَأَيْته قلت نعم قَالَ هُوَ جِبْرِيل أما إِنَّه سيذهب بَصرك وَيَردهُ الله عَلَيْك فِي موتك قَالَ فَلَمَّا قبض إِبْنِ عَبَّاس وَوضع على سَرِيره جَاءَ طَائِر شَدِيد الوضح فَدخل فِي أَكْفَانه فلمسوه فَقَالَ عِكْرِمَة مَا تَصْنَعُونَ هَذَا بشرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا وضع فِي لحده تلقي بِكَلِمَة سَمعهَا من كَانَ على شَفير الْقَبْر {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} إِلَى قَوْله {جنتي} 51 - وَأخرج نَحوه من طَرِيق الْمهْدي أَمِير الْمُؤمنِينَ حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَفِي آخِره كُنَّا نتحدث أَنه رد على عبد الله بن عَبَّاس بَصَره حِين مَاتَ 52 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وإبن أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَنه قَالَ عِنْد مَوته إبتاعوا لي ثَوْبَيْنِ وَلَا عَلَيْكُم أَن لَا تغَالوا فَإِن يصب صَاحبكُم خيرا يكسى خيرا مِنْهُمَا وَإِلَّا سلبهما سلبا سَرِيعا 53 - وَأخرج إِبْنِ سعد وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَنهُ أَنه قَالَ عِنْد مَوته إشتروا لي ثَوْبَيْنِ أبيضين فَإِنَّهُمَا لن يتركا عَليّ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى أبدل بهما خيرا مِنْهُمَا أَو شرا مِنْهُمَا 54 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يحيى بن رَاشد أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي وَصيته إقتصدوا فِي كفني فَإِنَّهُ إِن كَانَ لي عِنْد الله خير بدلني مَا هُوَ خير مِنْهُ وَإِن كنت على غير ذَلِك سلبني وأسرع سَلبِي واقتصدوا فِي حفرتي فَإِنَّهُ إِن كَانَ لي عِنْد الله خير وسع فِي قَبْرِي مد بَصرِي وَإِن كنت على غير ذَلِك ضيقها عَليّ حَتَّى تخْتَلف أضلاعي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 55 - وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عبَادَة بن نسي قَالَ لما حضرت أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ الْوَفَاة قَالَ لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إغسلي ثوبي هذَيْن وكفنيني بهما فَإِنَّمَا أَبوك أحد رجلَيْنِ إِمَّا مكسوا أحسن الْكسْوَة وَإِمَّا مسلوبا أَسْوَأ السَّلب 56 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عديسة بنت أهبان الْغِفَارِيّ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت أَوْصَانِي أبي أَن لَا نكفنه فِي قَمِيص قَالَت لما أَصْبَحْنَا من الْغَد من يَوْم دفناه إِذا نَحن بالقميص الَّذِي كفناه فِيهِ على المشجب 57 - وَأخرج أَبُو بكر البرقي فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن أبي عَمْرو البسملي عَن إبنة أهبان قَالَت لما ثقل أهبان أَمر أَهله أَن يكفنوه وَلَا يلبسوه قَمِيصًا قَالَت فألبسناه فأصبحنا والقميص على المشجب 58 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عديسة بنت أهبان قَالَت حِين حضرت أبي الْوَفَاة قَالَ لَا تكفنوني فِي ثوب مخيط فَحَيْثُ قبض وَغسل أرْسلُوا إِلَيّ أَن أرْسلُوا بالكفن فَأرْسلت إِلَيْهِم بالكفن قَالُوا قَمِيص قلت إِن أبي قد نهاني أَن أكَفنهُ فِي قَمِيص مخيط قَالَت فَأرْسلت إِلَى الْقصار وَلأبي قَمِيص فِي الْقصار فَأتي بِهِ فألبس وَذهب بِهِ فأغلقت بَابي وتبعته وَرجعت والقميص فِي الْبَيْت فَأرْسلت إِلَى الَّذين غسلوا أبي فَقلت كفنتموه فِي قَمِيص قَالُوا نعم قلت هُوَ هَذَا قَالُوا نعم 59 - وَأخرج إِبْنِ النجار فِي تَارِيخه عَن خلق البرقاني أَن رجلا مَاتَ فَأخْرج لَهُ كفن من بَيت الأكفان قَالَ ففضل عَن مِقْدَاره فَقطعت مَا فضل فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل أَتَانِي آتٍ فَقَالَ لي بخلت عَليّ ولي الله بطول الْكَفَن قد رددنا عَلَيْك كفنك بكفنين من الْجنَّة فَقُمْت فَزعًا إِلَى بَيت الأكفان فَإِذا الْكَفَن فِيهِ مطروح 60 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُسلم الجندي قَالَ قَالَ طَاوُوس لإبنه إِذا قبرتني فَانْظُر فِي قَبْرِي فَإِن لم تجدني فاحمد الله وَإِن وجدتني فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَأخْبر وَلَده أَنه نظر فَلم يجد شَيْئا ورؤي فِي وَجهه السرُور 61 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور وَأَبُو بكر بن الْمقري فِي فَوَائده عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 حَمَّاد بن زيد قَالَ حَدثنِي رجل من الطفاوة قد سَمَّاهُ قَالَ دفنا مَيتا وَلَفظ إِبْنِ الْمقري فَذَهَبت لأعالج شَيْئا من قَبره فَلم أره فِي قَبره 62 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ جهز عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ جَيْشًا وَاسْتعْمل عَلَيْهِم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ وَكنت فِي غزاته فَلَمَّا رَجعْنَا مَاتَ فِي الطَّرِيق فدفناه فَأتى رجل بعد فراغنا من دَفنه فَقَالَ من هَذَا فَقُلْنَا هَذَا من خير الْبشر هَذَا إِبْنِ الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ إِن هَذِه الأَرْض تلفظ الْمَوْتَى فَلَو نقلتموه إِلَى ميل أَو ميلين إِلَى أَرض تقبل الْمَوْتَى فنبشناه فَلَمَّا وصلنا إِلَى اللَّحْد إِذا صاحبنا لَيْسَ فِيهِ وَإِذا اللَّحْد مد الْبَصَر نور يتلألأ فأعدنا التُّرَاب إِلَى الْقَبْر ثمَّ إرتحلنا ووردت هَذِه الْقِصَّة أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أخرجهَا أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَلَفظه فَمَاتَ فدفناه فِي الرمل ثمَّ قُلْنَا يَجِيء سبع فيأكله فَحَفَرْنَا فَلم نره وَفِي الْجُزْء الأول من فَوَائِد أبي الْحسن بن بَشرَان بِسَنَدِهِ عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ كَانَت إمرأة بِمَكَّة تسبح كل يَوْم إثني عشر ألف تَسْبِيحَة فَمَاتَتْ فَلَمَّا بلغ بهَا الْقَبْر أخذت من أَيدي الرِّجَال 63 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن رجل من أهل جرجان قَالَ لما مَاتَ كرز بن وبرة الْجِرْجَانِيّ رأى رجل فِيمَا يرى النَّائِم كَأَن أهل الْقُبُور جُلُوس على قُبُورهم وَعَلَيْهِم ثِيَاب جدد فَقيل لَهُم مَا هَذَا فَقيل أهل الْقُبُور كسوا ثيابًا جددا لقدوم كرز عَلَيْهِم 64 - وَأخرج إِبْنِ إبي الدُّنْيَا فِي كتاب الرقة والبكاء عَن مِسْكين بن بكير أَن ورادا الْعجلِيّ لما مَاتَ فَحمل إِلَى حفرته نزلُوا ليدلوه فِي حفرته فَإِذا اللَّحْد مفروش بالريحان فَأخذ بَعضهم من ذَلِك الريحان فَمَكثَ سبعين يَوْمًا طريا لَا يتَغَيَّر يَغْدُو النَّاس وَيَرُوحُونَ ينظرُونَ إِلَيْهِ فَأكْثر النَّاس فِي ذَلِك فَأَخذه الْأَمِير وَفرق النَّاس خشيَة الْفِتْنَة فَفَقدهُ الْأَمِير من منزله لَا يدْرِي كَيفَ ذهب 65 - وَأخرج الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب عَن مُحَمَّد بن مخلد الدوري الْحَافِظ قَالَ مَاتَت أُمِّي فَنزلت ألحدها فانفرجت لي فُرْجَة عَن قبر بلزقها فَإِذا رجل عَلَيْهِ أكفان جدد وعَلى صَدره طَاقَة ياسمين طرية فأخذتها فشممتها فَإِذا هِيَ أزكى من الْمسك وشمها جمَاعَة كَانُوا معي ثمَّ رَددتهَا إِلَى موضعهَا وسددت الفرجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 66 - وَذكر الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ من طَرِيق جَعْفَر السراج عَن بعض شُيُوخه قَالَ كشف قبر بِقرب الإِمَام أَحْمد وإذاعلى صدر الْمَيِّت رَيْحَانَة تهتز 67 - وَذكر فِي تَارِيخه أَن فِي سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَة إنفرج تل بِالْبَصْرَةِ عَن سَبْعَة أقبر فِي مثل الْحَوْض وفيهَا سَبْعَة أنفس أبدانهم صَحِيحَة وأكفانهم يفوح مِنْهَا رَائِحَة الْمسك أحدهم شَاب لَهُ جمة وعَلى شَفَتَيْه بَلل كَأَنَّهُ شرب مَاء وَكَأن عَيْنَيْهِ مكتحلتان وَبِه ضَرْبَة فِي خاصرته فَأَرَادَ بعض من حضر أَن يَأْخُذ من شعره شَيْئا فَإِذا هُوَ قوي كشعر الْحَيّ 68 - وَأخرج إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كنت مِمَّن حفر لسعد بن معَاذ قَبره بِالبَقِيعِ وَكَانَ يفوح علينا الْمسك كلما حفرنا من قَبره تُرَابا حَتَّى إنتهينا إِلَى اللَّحْد 69 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل بن حَسَنَة قَالَ أَخذ إِنْسَان قَبْضَة من تُرَاب قبر سعد فَذهب بهَا ثمَّ نظر إِلَيْهَا بعد ذَلِك فَإِذا هِيَ مسك 70 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن الْمُغيرَة بن حبيب أَن رجلا رُؤِيَ فِي مَنَامه فَقيل لَهُ مَا هَذِه رَوَائِح الْمسك الَّتِي تُوجد فِي قبرك قَالَ تِلْكَ رَوَائِح التِّلَاوَة والظمأ 71 - وَأخرج الإِمَام أَحْمد بن جَابر بن عبد الله قَالَ قدم أَعْرَابِي وَنحن مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير فَقَالَ أعرض عَليّ الْإِسْلَام الحَدِيث وَفِيه فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ وَقع عَن بعيره على هامته فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الَّذِي تَعب قَلِيلا وَنعم طَويلا أَحسب أَنه مَاتَ جائعا إِنِّي رَأَيْت زوجتيه من الْحور الْعين وهما يدسان فِي فِيهِ من ثمار الْجنَّة 72 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأَيْت جعفرا يطير فِي الْجنَّة مَعَ الْمَلَائِكَة 73 - وَأخرج الْحَاكِم عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلت الْجنَّة البارحة فَنَظَرت فِيهَا فَإِذا جَعْفَر يطير مَعَ الْمَلَائِكَة وَإِذا حَمْزَة متكىء على سَرِير وَذكر نَاسا من أَصْحَابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 74 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه نزل إِلَى جَانب قُبُور قد درست فَإِذا جمجمة بادية فَأمر رجلا فواراها ثمَّ قَالَ إِن هَذِه الْأَبدَان لَيْسَ يَضرهَا هَذَا الثرى شَيْئا وَإِنَّمَا الْأَرْوَاح الَّتِي تعاقب وتثاب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 75 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب العزاء عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت كنت عِنْد أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا حِين صلب الْحجَّاج إبنها عبد الله بن الزبير فَأَتَاهَا إِبْنِ عمر يعزيها فِيهِ فَقَالَ يَا هَذِه إتقي الله واصبري فَإِن هَذِه الجثة لَيست بِشَيْء وَإِنَّمَا الْأَرْوَاح عِنْد الله قَالَت وَمَا يَمْنعنِي من الصَّبْر وَقد أهدي رَأس يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى بغي من بَغَايَا بني إِسْرَائِيل 76 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن خَالِد بن معدان قَالَ لما انْهَزَمت الرّوم يَوْم أجنادين إنتهوا إِلَى مَوضِع لَا يعبره إِلَّا إِنْسَان إِنْسَان فَجعلت الرّوم تقَاتل عَلَيْهِ فَتقدم هِشَام بن الْعَاصِ فَقَاتلهُمْ حَتَّى قتل وَوَقع على تِلْكَ الثلمة فسدها فَلَمَّا إنتهى الْمُسلمُونَ إِلَيْهَا هابوا أَن يوطئوها الْخَيل فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ إِن الله قد إستشهده وَرفع روحه وَإِنَّمَا هُوَ جثة فأوطئوها الْخَيل ثمَّ أوطأ هُوَ وَتَبعهُ النَّاس حَتَّى قطعوه 77 - قَالَ إِبْنِ رَجَب هَذِه الْآثَار لَا تدل على أَن الْأَرْوَاح لَا تتصل بالأبدان بعد الْمَوْت إِنَّمَا تدل على أَن الأجساد لَا تتضرر بِمَا ينالها من عَذَاب النَّاس لَهَا وَمن أكل التُّرَاب لَهَا فَإِن عَذَاب الْقَبْر لَيْسَ من جنس عَذَاب الدُّنْيَا وَإِنَّمَا هُوَ نوع آخر يصل إِلَى الْمَيِّت بِمَشِيئَة الله وَقدرته 37 - بَاب فضل الشَّهِيد 1 - أخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَجف الأَرْض من دم الشَّهِيد حَتَّى تبتدره زوجتاه كَأَنَّهُمَا ظئران أضلتا فصيليهما فِي براح من الأَرْض وَفِي يَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حلَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الظِّئْر الْمُرْضع 2 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن يزِيد بن شَجَرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أول قَطْرَة من دم الشَّهِيد تكفر عَنهُ كل شَيْء عمله وتنزل إِلَيْهِ زوجتان من الْحور الْعين تمسحان التُّرَاب عَن وَجهه ثمَّ يكسى مائَة حلَّة لَيست من نسج بني آدم وَلَكِن من نبت الْجنَّة لَو وضعت بَين أصبعين لوسعن 3 - وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رجلا أسود أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أَنا قَاتَلت حَتَّى أقتل فَأَيْنَ أَنا قَالَ فِي الْجنَّة فقاتل حَتَّى قتل فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قد بيض الله وَجهك وَطيب رِيحك وَقَالَ لهَذَا أَو لغيره لقد رَأَيْت زَوجته من الْحور الْعين نازعته جُبَّة لَهُ من صوف تدخل بَينه وَبَين جبته 4 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن أَعْرَابِيًا إستشهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقعدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد رَأسه مَسْرُورا يضْحك ثمَّ أعرض عَنهُ فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ أما سروري فَلَمَّا رَأَيْت من كَرَامَة روحه على الله وَإِمَّا إعراضي عَنهُ فَإِن زَوجته من الْحور الْعين الْآن عِنْد رَأسه 5 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْدَوَيْه التَّمِيمِي قَالَ سَمِعت قَاسم بن عُثْمَان بن الجوعي قَالَ رَأَيْت فِي الطّواف حول الْبَيْت رجلا فتقدمت مِنْهُ فَإِذا هُوَ لَا يزِيد على قَوْله اللَّهُمَّ قضيت حَاجَة المحتاجين وحاجتي لم تقض فَقلت لَهُ مَا لَك لَا تزيد على هَذَا الْكَلَام فَقَالَ أحَدثك كُنَّا سَبْعَة رُفَقَاء من بلدان شَتَّى غزونا أَرض الْعَدو فاستأسرونا كلنا فاعتزل بِنَا لتضرب أعناقنا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَإِذا سَبْعَة أَبْوَاب مفتحة عَلَيْهَا سبع جوَار من الْحور الْعين على كل بَاب جَارِيَة فَتقدم رجل منا فَضربت عُنُقه فَرَأَيْت جَارِيَة فِي يَدهَا منديل قد هَبَطت إِلَى الأَرْض حَتَّى ضربت أَعْنَاق سِتَّة وَبقيت أَنا وَبَقِي بَاب وَجَارِيَة فَلَمَّا قدمت لتضرب عنقِي إستوهبني بعض رِجَاله فوهبني لَهُ فسمعتها تَقول أَي شَيْء فاتك يَا محرون وأغلقت الْبَاب وَأَنا يَا أخي متحسر على مَا فَاتَنِي قَالَ قَاسم بن عُثْمَان أرَاهُ أفضلهم لِأَنَّهُ رأى مَا لم يرَوا وَترك يعْمل على الشوق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 38 - بَاب زِيَارَة الْقُبُور وَعلم الْمَوْتَى بزوارهم ورؤيتهم لَهُم 1 - أخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من رجل يزور قبر أَخِيه وَيجْلس عِنْده إِلَّا إستأنس ورد عَلَيْهِ حَتَّى يقوم 2 - وَأخرج أَيْضا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِذا مر الرجل بِقَبْر يعرفهُ فَسلم عَلَيْهِ رد عَلَيْهِ السَّلَام وعرفه وَإِذا مر بِقَبْر لَا يعرفهُ فَسلم عَلَيْهِ رد عَلَيْهِ السَّلَام 3 - وَأخرج إِبْنِ عبد الْبر فِي الإستذكار والتمهيد عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد يمر بِقَبْر أَخِيه الْمُؤمن كَانَ يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيسلم عَلَيْهِ إِلَّا عرفه ورد عَلَيْهِ السَّلَام صَححهُ عبد الْحق 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من عبد يمر على قبر رجل يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيسلم عَلَيْهِ إِلَّا عرفه ورد عَلَيْهِ السَّلَام 5 - وَأخرج الْعقيلِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ أَبُو رزين يَا رَسُول الله إِن طريقي على الْمَوْتَى فَهَل من كَلَام أَتكَلّم بِهِ إِذا مَرَرْت عَلَيْهِم قَالَ قل السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْقُبُور من الْمُسلمين وَالْمُؤمنِينَ أَنْتُم لنا سلف وَنحن لكم تبع وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون قَالَ أَبُو رزين يَا رَسُول الله يسمعُونَ قَالَ يسمعُونَ وَلَكِن لَا يستطيون أَن يجيبوا قَالَ يَا أَبَا رزين أَلا ترْضى أَن يرد عَلَيْك بعددهم من الْمَلَائِكَة قَوْله لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يجيبوا أَي جَوَابا يسمعهُ الْجِنّ وَالْإِنْس فهم يردون حَيْثُ لَا يسمع 6 - وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت كنت أَدخل الْبَيْت فأضع ثوبي وَأَقُول إِنَّمَا هُوَ أبي وَزَوْجي فَلَمَّا دفن عمر مَعَهُمَا مَا دَخلته إِلَّا وَأَنا مشدودة عَليّ ثِيَابِي حَيَاء من عمر رَضِي الله 7 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن إِبْنِ عمر قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 قبر مُصعب بن عُمَيْر حِين رَجَعَ من أحد فَوقف عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه فَقَالَ أشهد أَنكُمْ أَحيَاء عِنْد الله فزوروهم وسلموا عَلَيْهِم فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عَلَيْهِم أحد إِلَّا ردوا عَلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 8 - وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه وقف على قبر مُصعب بن عُمَيْر حِين رَجَعَ من أحد فَوقف عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه فَقَالَ أشهد أَنكُمْ أَحيَاء عِنْد الله فزوروهم وسلموا عَلَيْهِم فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عَلَيْهِم أحد إِلَّا ردوا عَلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَفِي الْأَرْبَعين الطائية رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ آنس مَا يكون الْمَيِّت فِي قَبره إِذا زَارَهُ من كَانَ يُحِبهُ فِي دَار الدُّنْيَا 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُحَمَّد بن وَاسع قَالَ بَلغنِي أَن الْمَوْتَى يعلمُونَ بزوارهم يَوْم الْجُمُعَة وَيَوْما قبله وَيَوْما بعده 10 - وَأَخْرَجَا أَيْضا عَن الضَّحَّاك قَالَ من زار قبرا يَوْم السبت قبل طُلُوع الشَّمْس علم الْمَيِّت بزيارته قيل لَهُ وَكَيف ذَلِك قَالَ لمَكَان يَوْم الْجُمُعَة تَنْبِيه 11 - قَالَ السُّبْكِيّ عود الرّوح إِلَى الْجَسَد فِي الْقَبْر ثَابت فِي الصَّحِيح لسَائِر الْمَوْتَى فضلا عَن الشُّهَدَاء وَإِنَّمَا النّظر فِي إستمرارها فِي الْبدن وَفِي أَن الْبدن يصير حَيا بهَا كحالته فِي الدُّنْيَا أَو حَيا بِدُونِهَا وَهِي حَيْثُ شَاءَ الله فَإِن مُلَازمَة الْحَيَاة للروح أَمر عَقْلِي فَهَذَا أَي أَن الْبدن يصير بهَا حَيا كحالته فِي الدُّنْيَا مِمَّا يجوزه الْعقل فَإِن صَحَّ بِهِ سمع اتبع وَقد ذكره جمَاعَة من الْعلمَاء وَتشهد لَهُ صَلَاة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَبره فَإِن الصَّلَاة تستدعي جسدا حَيا وَكَذَلِكَ الصِّفَات الْمَذْكُورَة فِي الْأَنْبِيَاء لَيْلَة الْإِسْرَاء كلهَا صِفَات الْأَجْسَام وَلَا يلْزم من كَونهَا حَيَّاهُ حَقِيقَة أَن تكون الْأَبدَان مَعهَا كَمَا كَانَت فِي الدُّنْيَا من الإحتياج إِلَى الطَّعَام وَالشرَاب وَغير ذَلِك من صِفَات الْأَجْسَام الَّتِي نشاهدها بل يكون لَهَا حكم آخر وَأما الإدراكات كَالْعلمِ وَالسَّمَاع فَلَا شكّ أَن ذَلِك ثَابت لَهُم ولسائر الْمَوْتَى 12 - وَقَالَ غَيره أختلف فِي حَيَاة الشُّهَدَاء هَل هِيَ للروح فَقَط أَو للجسد مَعهَا بِمَعْنى عدم البلى لَهُ على قَوْلَيْنِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الإعتقاد إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 الْأَنْبِيَاء بعد مَا قبضوا ردَّتْ إِلَيْهِم أَرْوَاحهم فهم أَحيَاء عِنْد رَبهم كالشهداء 13 - وَقَالَ إِبْنِ الْقيم فِي مَسْأَلَة تزاور الْأَرْوَاح وتلاقيها الْأَرْوَاح قِسْمَانِ منعمة ومعذبة فَأَما المعذبة فَهِيَ فِي شغل عَن التزاور والتلاقي وَأما المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا فَتكون كل روح مَعَ رفيقها الَّذِي هُوَ على مثل عَملهَا وروح نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرفيق الْأَعْلَى قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَهَذِه الْمَعِيَّة ثَابِتَة فِي الدُّنْيَا وَفِي دَار البرزخ وَفِي دَار الْجَزَاء والمرء مَعَ من أحب فِي هَذِه الدّور الثَّلَاثَة إنتهى 14 - وَقَالَهُ شيدله فِي كتاب الْبُرْهَان فِي عُلُوم الْقُرْآن فَإِن قيل قَوْله تَعَالَى {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} فَكيف يكونُونَ أَمْوَاتًا أَحيَاء قُلْنَا يجوز أَن يحييهم الله فِي قُبُورهم وأرواحهم تكون فِي جُزْء من أبدانهم يحس جَمِيع بدنه بالنعيم واللذة لأجل ذَلِك الْجُزْء كَمَا يحس جَمِيع بدن الْحَيّ فِي الدُّنْيَا ببرودة أَو حرارة تكون فِي جُزْء من أَجزَاء بدنه 15 - وَقيل إِن المُرَاد أَن أجسامهم لَا تبلى فِي قُبُورهم وَلَا تَنْقَطِع أوصالهم فهم كالأحياء فِي قُبُورهم 16 - وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره عِنْد هَذِه الْآيَة إختلف النَّاس فِي هَذِه الْحَيَاة فَقَالَ قوم مَعْنَاهَا بَقَاء أَرْوَاحهم دون أَجْسَادهم لأَنا نشاهد فَسَادهَا وفناءها وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الشَّهِيد حَيّ الْجَسَد وَالروح وَلَا يقْدَح فِي ذَلِك عدم شعورنا بِهِ فَنحْن نراهم على ضفة الْأَمْوَات وهم أَحيَاء كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَترى الْجبَال تحسبها جامدة وَهِي تمر مر السَّحَاب} وكما يرى النَّائِم على هَيْئَة وَهُوَ يرى فِي مَنَامه مَا يتنعم بِهِ أَو يتألم قلت وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى {بل أَحيَاء وَلَكِن لَا تشعرون} فنبه بقوله ذَلِك خطابا للْمُؤْمِنين على أَنهم لَا يدركون هَذِه الْحَيَاة بِالْمُشَاهَدَةِ والحس وَبِهَذَا يتَمَيَّز الشَّهِيد عَن غَيره وَلَو كَانَ المُرَاد حَيَاة الرّوح فَقَط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 لم يحصل لَهُ تميز عَن غَيره لمشاركة سَائِر الْأَمْوَات لَهُ فِي ذَلِك ولعلم الْمُؤمنِينَ بأسرهم حَيَاة كل الْأَرْوَاح فَلم يكن لقَوْله {وَلَكِن لَا تشعرون} معنى وَقد يكْشف الله لبَعض أوليائه فيشاهد ذَلِك 17 - نقل السُّهيْلي فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن بعض الصَّحَابَة أَنه حفر فِي مَكَان فانفتحت طَاقَة فَإِذا شخص على سَرِير وَبَين يَدَيْهِ مصحف يقْرَأ فِيهِ وأمامه رَوْضَة خضراء وَذَلِكَ بِأحد وَعلم أَنه من الشُّهَدَاء لِأَنَّهُ رأى فِي صفحة وَجهه جرحا وَأورد ذَلِك أَيْضا أَبُو حَيَّان 18 - وَيُشبه هَذَا مَا حَكَاهُ اليافعي فِي روض الرياحين عَن بعض الصَّالِحين قَالَ حفرت قبرا لرجل من الْعباد وألحدته فَبينا أَنا أسوي اللَّحْد إِذْ سَقَطت لبنة من لحد قبر يَلِيهِ فَنَظَرت فَإِذا بشيخ جَالس فِي الْقَبْر عَلَيْهِ ثِيَاب بيض تقَعْقع وَفِي حجره مصحف من ذهب مَكْتُوب بِالذَّهَب وَهُوَ يقْرَأ فِيهِ فَرفع رَأسه إِلَيّ وَقَالَ لي أَقَامَت الْقِيَامَة رَحِمك الله قلت لَا فَقَالَ رد اللبنة إِلَى موضعهَا عافاك الله فرددتها 19 - وَقَالَ اليافعي أَيْضا روينَا عَمَّن حفر الْقُبُور من الثِّقَات أَنه حفر قبرا فَأَشْرَف فِيهِ على إِنْسَان جَالس على سَرِير وَبِيَدِهِ مصحف يقْرَأ فِيهِ وَتَحْته نهر يجْرِي فَغشيَ عَلَيْهِ وَأخرج من الْقَبْر وَلم يدروا مَا أَصَابَهُ فَلم يفق إِلَّا فِي الْيَوْم الثَّالِث 20 - وَحكي أَيْضا عَن الشَّيْخ نجم الدّين الْأَصْبَهَانِيّ أَنه حضر رجلا يدْفن فَقعدَ الملقن يلقنه فَسمع الْمَيِّت وَهُوَ يَقُول أَلا تعْجبُونَ من ميت يلقن حَيا 21 - وَقَالَ إِبْنِ رَجَب روينَا من طَرِيق مُرَاد بن جميل قَالَ قَالَ أَبُو الْمُغيرَة مَا رَأَيْت مثل الْمعَافى بن عمرَان وَذكر من فَضله قَالَ حَدثنِي بعض إخْوَانِي أَن غانما جَاءَ الْمعَافى بن عمرَان بعد مَا دفن فَسَمعهُ وَهُوَ يلقن فِي قَبره وَهُوَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَيَقُول الْمعَافى لَا إِلَه إِلَّا الله 22 - وَحكى اليافعي عَن الْمُحب الطَّبَرِيّ أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة وَهُوَ شَارِح التَّنْبِيه أَنه كَانَ مَعَ الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الْحَضْرَمِيّ بمقبرة زبيد قَالَ الْمُحب فَقَالَ لي يَا محب الدّين أتؤمن بِكَلَام الْمَوْتَى قلت نعم قَالَ إِن صَاحب هَذَا الْقَبْر يَقُول لي أَنا من حَشْو الْجنَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 23 - وَحكي أَيْضا عَن الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور أَنه مر على بعض مَقَابِر الْيمن فَبكى بكاء شَدِيدا وعلاه حزن ثمَّ ضحك ضحكا شَدِيدا وعلاه سرُور فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ كشف لي عَن هَذِه الْمقْبرَة فرأيتهم يُعَذبُونَ فَبَكَيْت ثمَّ تضرعت إِلَى الله تَعَالَى فيهم فَقيل لي قد شفعناك فيهم فَقَالَت صَاحِبَة هَذَا الْقَبْر وَأَنا مَعَهم يَا فَقِيه إِسْمَاعِيل أَنا فُلَانَة الْمُغنيَة فَقلت وَأَنت مَعَهم فَلذَلِك ضحِكت 24 - وَحكى الشَّيْخ عبد الْغفار فِي التَّوْحِيد قَالَ أَخْبرنِي القَاضِي بهاء الدّين بن الصاحب شرف الدّين الغاثري أَن الشَّيْخ أَمِين الدّين جِبْرِيل مَاتَ مَعَهم فِي الطَّرِيق قبل دُخُول الْقَاهِرَة قَالَ فَلَمَّا وصلنا عِنْد الْبَاب وهم يمْنَعُونَ الْمَيِّت أَن يدْخل الْمَدِينَة رفع الشَّيْخ أُصْبُعه وَيَده فَدَخَلْنَا 25 - وَحكى أَيْضا قَالَ حَدثنِي فَقير عَن شخص أَنه أَرَادَ أَن يفعل الْفَاحِشَة مَعَ شَاب فِي تربة بالقرافة فَقَالَ لَهُ ذَلِك الشَّاب وَالله لَا عصيت الله هَا هُنَا أبدا لِأَنِّي كنت مرّة فعلت ذَلِك فانشق الْقَبْر وَقَالَ الْمَيِّت أما تستحيون من الله تَعَالَى 26 - وَحكى أَيْضا قَالَ حكى لي زين الدّين البوشي عَن الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن النويري أَنه لما كَانَ فِي المنصورة وأسروا الْمُسلمين وَكَانَ الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن النويري يقْرَأ الْقُرْآن فَتلا {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} فَلَمَّا قتل الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن حضر أحد الفرنج وَفِي يَده حَرْبَة فلكزه بهَا وَقَالَ يَا قسيس الْمُسلمين أَنْت تَقول قَالَ ربكُم إِنَّكُم أَحيَاء ترزقون أَيْن هُوَ فَرفع الْفَقِيه رَأسه قَالَ حَيّ وَرب الْكَعْبَة مرَّتَيْنِ فَنزل الفرنجي عَن فرسه وَجعل يقبل وَجهه وَأمر غُلَامه بِحمْلِهِ مَعَه إِلَى بَلَده 27 - وَفِي الرسَالَة للقشيري بِسَنَدِهِ عَن الشَّيْخ أبي سعيد الخراز قَالَ كنت بِمَكَّة فَرَأَيْت بِبَاب بني شيبَة شَابًّا مَيتا فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ تَبَسم فِي وَجْهي وَقَالَ لي يَا أَبَا سعيد أما علمت أَن الأحباء أَحيَاء وَإِن مَاتُوا وَإِنَّمَا ينقلون من دَار إِلَى دَار 28 - وفيهَا عَن الشَّيْخ أبي عَليّ الرُّوذَبَارِي أَنه ألحد فَقِيرا فَلَمَّا فتح رَأس كَفنه وَوَضعه على التُّرَاب ليرحم الله غربته قَالَ فَفتح لي عَيْنَيْهِ وَقَالَ لي يَا أَبَا عَليّ لَا تذللني بَين يَدي من يدللني فَقلت يَا سَيِّدي أحياة بعد الْمَوْت فَقَالَ لي بل أَنا حَيّ وكل محب لله حَيّ لأنصرنك بجاهي غَدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 29 - وفيهَا عَن بَعضهم أَنه كَانَ نباش فَتُوُفِّيَتْ إمرأة فصلى النَّاس عَلَيْهَا وَصلى عَلَيْهَا هَذَا النباش أَيْضا ليعرف الْقَبْر فَلَمَّا جن اللَّيْل نبش قبرها فَقَالَت سُبْحَانَ الله رجل مغْفُور يَأْخُذ كفن مغْفُور لَهَا قَالَ فَقلت إِنَّه غفر لَك فَأَنا مغْفُور فَقَالَت إِن الله غفر لي وَلِجَمِيعِ من صلى عَليّ وَأَنت قد صليت عَليّ فَتَركهَا ورد التُّرَاب ثمَّ تَابَ وَحسنت تَوْبَته 30 - وفيهَا بِسَنَدِهِ عَن إِبْرَاهِيم بن شَيبَان قَالَ صحبني شَاب حسن الْإِرَادَة فَمَاتَ فاشتغل قلبِي بِهِ وتوليت غسله فَبَدَأت بِشمَالِهِ من الدهشة فَأَخذهَا مني ثمَّ ناولني يَمِينه فَقلت صدقت يَا بني أَنا غَلطت 31 - وفيهَا بِسَنَدِهِ عَن أبي يَعْقُوب السُّوسِي قَالَ غسلت مرِيدا فَأمْسك إبهامي وَهُوَ على المغتسل فَقلت يَا بني خل يَدي فَإِنِّي أَدْرِي أَنَّك لست بميت وَإِنَّمَا هِيَ نقلة فخلى عَن يَدي 32 - وفيهَا عَنهُ أَيْضا قَالَ جَاءَنِي مُرِيد بِمَكَّة فَقَالَ يَا أستاذ غَدا أَمُوت وَقت الظّهْر فَخذ هَذَا الدِّينَار فاحفر لي بِنصفِهِ وكفني بِالنِّصْفِ الآخر فَلَمَّا كَانَ الْغَد وَجَاء وَقت الظّهْر جَاءَ وَطَاف ثمَّ تبَاعد وَمَات فَلَمَّا وَضعته فِي اللَّحْد فتح عَيْنَيْهِ فَقلت أحياة بعد الْمَوْت فَقَالَ أَنا محب وكل محب لله حَيّ 33 - وَقَالَ الْقشيرِي سَمِعت الْأُسْتَاذ أَبَا عَليّ الدقاق يَقُول مر أَبُو عَمْرو البيكندي يَوْمًا بِمَكَّة فَرَأى قوما أَرَادوا إِخْرَاج شَاب لفساده وإمه تبْكي فتشفع إِلَيْهِم فَقَالَ هبوه مني هَذِه الْمرة فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام رأى أمه فَسَأَلَهَا عَن حَاله فَقَالَت إِنَّه قد مَاتَ وأوصاني أَن لَا تُخْبِرِي الْجِيرَان بموتي لِئَلَّا يشمتوا بِي فَإِذا دفنتني فتشفعي لي إِلَى رَبِّي قَالَت فَفعلت فَلَمَّا انصرفت عَن رَأس قَبره سَمِعت صَوته يَقُول إنصرفي يَا أُمَّاهُ فقد قدمت على رب كريم 34 - وَقَالَ اليافعي فِي كِفَايَة المعتقد أخبرنَا بعض الأخيار عَن بعض الصَّالِحين أَنه كَانَ يَأْتِي قبر وَالِده فِي بعض الْأَوْقَات ويتحدث مَعَه 35 - وَقَالَ وَمن الْمَشْهُور أَن الْفَقِيه الْكَبِير الْوَلِيّ الشهير أَحْمد بن مُوسَى بن عجيل سَمعه بعض الْفُقَهَاء الصَّالِحين من قرائه يقْرَأ سُورَة النُّور فِي قَبره 36 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور بِسَنَد فِيهِ مُبْهَم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه مر بِالبَقِيعِ فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْقُبُور أَخْبَار مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 عندنَا أَن نساءكم قد تَزَوَّجن ودياركم قد سكنت وَأَمْوَالكُمْ قد فرقت فَأَجَابَهُ هَاتِف يَا عمر بن الْخطاب أَخْبَار مَا عندنَا أَن مَا قدمْنَاهُ فقد وَجَدْنَاهُ وَمَا أنفقناه فقد ربحناه وَمَا خلفناه فقد خسرناه 37 - وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور وَالْبَيْهَقِيّ وإبن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق بِسَنَد فِيهِ من يجهل عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ دَخَلنَا مَقَابِر الْمَدِينَة مَعَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه فَنَادَى يَا أهل الْقُبُور السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله تخبرونا بأخباركم أم تُرِيدُونَ أَن نخبركم قَالَ فسمعنا صَوتا من دَاخل الْقَبْر يَقُول وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خبرنَا عَمَّا كَانَ بَعدنَا فَقَالَ عَليّ أما أزواجكم فقد تَزَوَّجن وَأما أَمْوَالكُم فقد إقتسمت وَأَوْلَادكُمْ فقد حشروا فِي زمرة الْيَتَامَى وَالْبناء الَّذِي شيدتم فقد سكنه أعداؤكم فَهَذِهِ أَخْبَار مَا عندنَا فَمَا أَخْبَار مَا عنْدكُمْ فَأَجَابَهُ ميت قد تخرقت الأكفان وإنتثرت الشُّعُور وتقطعت الْجُلُود وسالت الأحداق على الخدود وسالت المناخر بالقيح والصديد وَمَا قدمْنَاهُ وَجَدْنَاهُ وَمَا خلفناه خسرناه وَنحن مرتهنون بِالْأَعْمَالِ 38 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن يُونُس بن أبي الْفُرَات قَالَ حفر رجل قبرا فَقعدَ يستظل فِيهِ من الشَّمْس فَجَاءَت ريح بَارِدَة فأصابت ظَهره فَنظر فَإِذا ثقب صَغِير فوسعه بإصبعه فَإِذا قبر فَنظر فِيهِ مد الْبَصَر وَإِذا بشيخ مخضوب كَأَنَّمَا رفعت المواشط أيديها عَنهُ 39 - وَأخرج إِبْنِ جرير فِي تَهْذِيب الْآثَار وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن العطاف بن خَالِد قَالَ حَدَّثتنِي خَالَتِي قَالَت ركبت يَوْمًا إِلَى قُبُور الشُّهَدَاء وَكَانَت لَا تزَال تأتيهم قَالَت فَنزلت عِنْد قبر حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ فَصليت عِنْده وَمَا فِي الْوَادي دَاع وَلَا مُجيب فَلَمَّا فرغت من صَلَاتي قلت السَّلَام عَلَيْكُم فَسمِعت رد السَّلَام عَليّ يخرج من تَحت الأَرْض أعرفهُ كَمَا أعرف أَن الله خلقني وكما أعرف اللَّيْل وَالنَّهَار فاقشعرت كل شَعْرَة مني 40 - وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل أَيْضا من طَرِيق العطاف بن خَالِد المَخْزُومِي قَالَ حَدثنِي عبد الْأَعْلَى بن عبد الله بن أبي بكر عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زار قُبُور الشُّهَدَاء بِأحد فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن عَبدك وَنَبِيك يشْهد أَن هَؤُلَاءِ شُهَدَاء وَأَن من زارهم أَو سلم عَلَيْهِم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ردوا عَلَيْهِ قَالَ العطاف وحدثتني خَالَتِي أَنَّهَا زارت قُبُور الشُّهَدَاء قَالَت وَلَيْسَ معي إِلَّا غلامان يحفظان عَليّ الدَّابَّة فَسلمت عَلَيْهِم فَسمِعت رد السَّلَام وَقَالُوا وَالله إِنَّا نعرفكم كَمَا يعرف بَعْضنَا بَعْضًا قَالَت فاقشعررت وَقلت يَا غُلَام أدنني بغلي فركبت 41 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزور الشُّهَدَاء بِأحد فِي كل حول وَإِذا بلغ الشّعب رفع صَوته فَيَقُول {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار} ثمَّ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ كل حول يفعل مثل ذَلِك ثمَّ عمر بن الْخطاب ثمَّ عُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا وَكَانَت فَاطِمَة بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تأتيهم وَتَدْعُو وَكَانَ سعد بن أبي وَقاص يسلم عَلَيْهِم ثمَّ يقبل على أَصْحَابه فَيَقُول لقد رَأَيْتنِي وَغَابَتْ الشَّمْس بقبور الشُّهَدَاء وَمَعِي أُخْت لي فَقلت لَهَا تعالي نسلم على قبر حَمْزَة فَقَالَت نعم فوقفنا على قَبره فَقُلْنَا السَّلَام عَلَيْك يَا عَم رَسُول الله فسمعنا كلَاما رد علينا وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله قَالَت وَمَا قربنا أحد من النَّاس 42 - وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا أَنبأَنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت أَبَا عَليّ حَمْزَة بن مُحَمَّد الْعلوِي سَمِعت هَاشم بن مُحَمَّد الْعمريّ يَقُول أَخَذَنِي أبي بِالْمَدِينَةِ إِلَى زِيَارَة قُبُور الشُّهَدَاء فِي يَوْم جُمُعَة بَين طُلُوع الْفجْر وَالشَّمْس فَكنت أَمْشِي خَلفه فَلَمَّا إنتهى إِلَى الْمَقَابِر رفع صَوته فَقَالَ {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار} قَالَ فَأُجِيب وَعَلَيْك السَّلَام يَا أَبَا عبد الله فَالْتَفت إِلَى أبي وَقَالَ أَنْت الْمُجيب يَا بني فَقلت لَا فَأخذ بيَدي فجعلني عَن يَمِينه ثمَّ أعَاد السَّلَام عَلَيْهِم ثمَّ جعل كلما سلم عَلَيْهِم يرد عَلَيْهِ حَتَّى فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَخر أبي سَاجِدا شكرا لله تَعَالَى 43 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْوَاحِد بن زيد قَالَ كُنَّا فِي غزَاة فلقينا الْعَدو فَلَمَّا تفرقنا فَقدنَا رجلا من أَصْحَابنَا فطلبناه فوجدناه فِي أجمة مقتولا حواليه جوَار يضربن على رَأسه بِالدُّفُوفِ فَلَمَّا رأيننا تفرقن فِي الغيضة فَلم نرهن 44 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يلازم الْمَسْجِد أَيَّام الْحرَّة وَالنَّاس يقتتلون قَالَ فَكنت إِذا حانت الصَّلَاة أسمع أذانا يخرج من قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 الْقَبْر يَعْنِي الْقَبْر النَّبَوِيّ 45 - وَقَالَ الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَغَيره عَن بكر بن مُحَمَّد أَنه لما كَانَ أَيَّام الْحرَّة ترك الْأَذَان فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَيَّام وَخرج النَّاس إِلَى الْحرَّة وَجلسَ سعيد بن الْمسيب فِي الْمَسْجِد قَالَ فاستوحشت ودنوت من قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا حضرت الظّهْر سَمِعت الْأَذَان فِي قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصليت رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سَمِعت الْإِقَامَة فَصليت الظّهْر ثمَّ جَلَست حَتَّى صليت الْعَصْر سَمِعت الْأَذَان فِي قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سَمِعت الْإِقَامَة ثمَّ لم أزل أسمع الْأَذَان وَالْإِقَامَة فِي قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَضَت الثَّلَاثَة وقفل الْقَوْم ودخلوا الْمَسْجِد وَعَاد المؤذنون فأذنوا فتسمعت الْأَذَان فِي قَبره فَلم أسمعهُ 46 - وَأخرجه أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من وَجه آخر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ لقد رَأَيْتنِي ليَالِي الْحرَّة وَمَا فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرِي وَمَا يَأْتِي وَقت صَلَاة إِلَّا سَمِعت الْأَذَان من الْقَبْر ثمَّ أتقدم فأقيم وأصلي وَإِن أهل الشَّام يدْخلُونَ زمرا زمرا فَيَقُولُونَ أنظروا إِلَى هَذَا الشَّيْخ الْمَجْنُون 47 - وَأخرج اللالكائي فِي السّنة عَن يحيى بن معِين قَالَ قَالَ لي حفار أعجب مَا رَأَيْت من هَذِه الْمَقَابِر أَنِّي سَمِعت من قبر أنينا كأنين الْمَرِيض وَسمعت من قبر والمؤذن يُؤذن وَهُوَ يجِيبه من الْقَبْر 48 - وَأخرج عَن الْحَارِث بن أَسد المحاسبي قَالَ كنت فِي الْجَبانَة فَسمِعت من قبر مرَّتَيْنِ أوه من عَذَاب الله 49 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه بِسَنَدِهِ من طَرِيق الْأَعْمَش عَن الْمنْهَال بن عَمْرو قَالَ أَنا وَالله رَأَيْت رَأس الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ حِين حمل وَأَنا بِدِمَشْق وَبَين يَدي الرَّأْس رجل يقْرَأ سُورَة الْكَهْف حَتَّى بلغ قَوْله تَعَالَى {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا عجبا} قَالَ فأنطق الله الرَّأْس بِلِسَان ذرب فَقَالَ أعجب من أَصْحَاب الْكَهْف قَتْلِي وحملي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 50 - وَفِي تَارِيخ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ أَن أَحْمد بن نصر الْخُزَاعِيّ أحد أَئِمَّة الحَدِيث دَعَاهُ الواثق إِلَى القَوْل بِخلق الْقُرْآن فَأبى فَضرب عُنُقه وصلب رَأسه بِبَغْدَاد ووكل بِالرَّأْسِ من يحفظه ويصرفه عَن الْقبْلَة بِرُمْح فَذكر الْمُوكل بِهِ أَنه رَآهُ بِاللَّيْلِ يستدير إِلَى الْقبْلَة بِوَجْهِهِ فَيقْرَأ سُورَة يس بِلِسَان طلق قَالَ الذَّهَبِيّ رويت هَذِه الْحِكَايَة من غير وَجه وَمن طرقها مَا أخرجه الْخَطِيب عَن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن خلف قَالَ كَانَ أَحْمد بن نصر خَالِي فَلَمَّا قتل فِي المحنة وصلب أخْبرت أَن الرَّأْس يقْرَأ الْقُرْآن فمضيت فَبت قَرِيبا مِنْهُ فَلَمَّا هدأت الْعُيُون سَمِعت الرَّأْس يقْرَأ {الم أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا وهم لَا يفتنون} فاقشعر جلدي 51 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق أبي صَالح كَاتب اللَّيْث عَن يحيى بن أبي أَيُّوب الْخُزَاعِيّ قَالَ سَمِعت من يذكر أَنه كَانَ فِي زمن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ شَاب متعبد قد لزم الْمَسْجِد وَكَانَ عمر بِهِ معجبا وَكَانَ لَهُ أَب شيخ كَبِير فَكَانَ إِذا صلى الْعَتَمَة إنصرف إِلَى أَبِيه وَكَانَ طَرِيقه على بَاب إمرأة فافتتنت بِهِ فَكَانَت تنصب نَفسهَا لَهُ على طَرِيقه فَمر بهَا ذَات لَيْلَة فَمَا زَالَت تغويه حَتَّى تبعها فَلَمَّا أَتَى الْبَاب دخلت وَذهب يدْخل فَذكر الله وخلى عَنهُ ومثلت هَذِه الْآيَة على لِسَانه {إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا فَإِذا هم مبصرون} فَخر الْفَتى مغشيا عَلَيْهِ فدعَتْ الْمَرْأَة جَارِيَة لَهَا فتعاونتا عَلَيْهِ فحملتاه إِلَى بَابه وَاحْتبسَ على أَبِيه فَخرج أَبوهُ يَطْلُبهُ فَإِذا بِهِ على الْبَاب مغشيا عَلَيْهِ فَدَعَا بعض أَهله فَحَمَلُوهُ فأدخلوه فَمَا أَفَاق حَتَّى ذهب من اللَّيْل مَا شَاءَ الله فَقَالَ لَهُ أَبوهُ يَا بني مَا لَك قَالَ خير قَالَ فَإِنِّي أَسأَلك بِاللَّه فَأخْبرهُ بِالْأَمر قَالَ أَي بني وَأي آيَة قَرَأت فَقَرَأَ الْآيَة الَّتِي كَانَ قَرَأَهَا فَخر مغشيا عَلَيْهِ فحركوه فَإِذا هُوَ ميت فغسلوه وأخرجوه ودفنوه لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبحُوا رفع ذَلِك إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فجار عمر إِلَى أَبِيه فَعَزاهُ بِهِ وَقَالَ أَلا آذنتني قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ لَيْلًا قَالَ عمر فاذهبوا بِنَا إِلَى قَبره فَأتى عمر وَمن مَعَه الْقَبْر فَقَالَ عمر يَا فلَان {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَأَجَابَهُ الْفَتى من دَاخل الْقَبْر يَا عمر قد أعطانيهما رَبِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 فِي الْجنَّة مرَّتَيْنِ 52 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن إِبْنِ ميناء قَالَ دخلت الْجَبانَة فَصليت رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضطجعت إِلَى قبر فوَاللَّه إِنِّي لنبهان إِذْ سَمِعت قَائِلا فِي الْقَبْر يَقُول قُم فقد آذيتني إِنَّكُم لتعملون وَلَكِن لَا تعلمُونَ وَنحن نعلم وَلَا نعمل فوَاللَّه لِأَن أكون صليت مثل ركعتيك أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا 53 - وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق عَمْرو بن وَاقد عَن يُونُس بن حليس أَنه كَانَ يمر على الْمَقَابِر بِدِمَشْق سحر يَوْم الْجُمُعَة فَسمع قَائِلا يَقُول هَذَا يُونُس بن حليس قد هَاجر يحجون ويعتمرون كل شهر وَيصلونَ كل يَوْم خمس صلوَات أَنْتُم تَعْمَلُونَ وَلَا تعلمُونَ وَنحن نعلم وَلَا نعمل قَالَ فَالْتَفت يُونُس فَسلم فَلم يردوا عَلَيْهِ قَالَ سُبْحَانَ الله أسمع كلامكم وَأسلم عَلَيْكُم فَلَا تردون قَالُوا قد سمعنَا كلامك وَلكنهَا حَسَنَة وَقد حيل بَيْننَا وَبَين الْحَسَنَات والسيئات 54 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ مر ميسرَة بن حليس بمقابر بَاب توما وقائد يَقُودهُ وَكَانَ مكفوفا فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْقُبُور أَنْتُم لنا سلف وَنحن لكم تبع فرحمنا الله وَإِيَّاكُم وَغفر لنا وَلكم فكأنا وَقد صرنا إِلَى مَا صرتم إِلَيْهِ فَرد الله الرّوح فِي رجل مِنْهُم فَأَجَابَهُ فَقَالَ طُوبَى لكم يَا أهل الدُّنْيَا تحجون فِي الشَّهْر أَربع مَرَّات قَالَ وَإِلَى أَيْن يَرْحَمك الله قَالَ إِلَى الْجُمُعَة أفما تعلمُونَ أَنَّهَا حجَّة مبرورة متقبلة قَالَ مَا خير مَا قدمتم قَالَ الإستغفار وَقد غلقت رهوتنا فَلَا من حَسَنَة تزيد وَلَا من سَيِّئَة تنقص 55 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن الْحَرِيص عَن الْمسيب بن وَاضح عَن عِيسَى بن كيسَان عَمَّن حَدثهُ عَن عُمَيْر بن الْحباب السّلمِيّ قَالَ أسرت أَنا وَثَمَانِية معي فِي زمَان بني أُميَّة فأدخلنا على ملك الرّوم فَأمر بِأَصْحَابِي فَضربت رقابهم ثمَّ إِنِّي قدمت لتضرب عنقِي فَقَامَ إِلَيْهِ بعض البطارقة فَلم يزل يقبل رَأسه وَرجلَيْهِ وَيطْلب إِلَيْهِ حَتَّى وهبني لَهُ فَانْطَلق بِي إِلَى منزله فَدَعَا إبنة لَهُ جميلَة فَقَالَ لي هَذِه إبنتي أزَوجك بهَا وأقاسمك مَالِي وَقد رَأَيْت منزلتي من الْملك فَادْخُلْ فِي ديني حَتَّى أفعل بك هَذَا فَقلت مَا أترك ديني لزوجة وَلَا لدُنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 فَمَكثَ أَيَّامًا يعرض عَليّ ذَلِك فدعتني إبنته ذَات لَيْلَة إِلَى بُسْتَان لَهَا فَقَالَت مَا يمنعك مِمَّا عرض عَلَيْك أبي فَقلت مَا أترك ديني لإمرأة وَلَا لشَيْء قَالَت فتحب الْمكْث عندنَا أَو اللحاق ببلادك فَقلت الذّهاب إِلَى بلادي قَالَ فأرتني نجما فِي السَّمَاء وَقَالَت لي سر على هَذَا النَّجْم بِاللَّيْلِ واكمن بِالنَّهَارِ فَإِنَّهُ يبلغك إِلَى بلادك ثمَّ زودتني وَانْطَلَقت فسرت ثَلَاث لَيَال أَسِير بِاللَّيْلِ وأكمن بِالنَّهَارِ فَبَيْنَمَا أَنا الْيَوْم الرَّابِع مكمن فَإِذا الْخَيل فَقلت طلبت فأشرفوا عَليّ فَإِذا أَنا بِأَصْحَابِي المقتولين على دَوَاب وَمَعَهُمْ آخَرُونَ على دَوَاب شهب قَالُوا عُمَيْر قلت عُمَيْر فَقلت أوليس قد قتلتم قَالُوا بلَى وَلَكِن الله بشر الشُّهَدَاء وَأذن لَهُم أَن يشْهدُوا جَنَازَة عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ لي بعض الَّذين مَعَهم ناولني يدك يَا عُمَيْر فناولته يَدي فأردفني ثمَّ سرنا يَسِيرا ثمَّ قذف بِي قذفة وَقعت قرب منزلي بالجزيرة من غير أَن يكون لَحِقَنِي شَيْء 56 - وَأخرج إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن أبي عَليّ الضَّرِير وَهُوَ أول من سكن طرسوس حِين بناها أَبُو مُسلم قَالَ إِن ثَلَاثَة إخْوَة من الشَّام كَانُوا يغزون وَكَانُوا فُرْسَانًا شجعانا فأسرهم الرّوم مرّة فَقَالَ لَهُم الْملك إِنِّي أجعَل فِيكُم الْملك وأزوجكم بَنَاتِي وتدخلون فِي النَّصْرَانِيَّة فَأَبَوا وَقَالُوا يَا محمداه فَأمر الْملك بِثَلَاثَة قدور فصب فِيهَا الزَّيْت ثمَّ أوقد تحتهَا ثَلَاثَة أَيَّام يعرضون فِي كل يَوْم على تِلْكَ الْقُدُور وَيدعونَ إِلَى دين النَّصْرَانِيَّة فيأبون فَألْقى الْأَكْبَر فِي الْقدر ثمَّ الثَّانِي ثمَّ أدني الْأَصْغَر فَجعل يفتنه عَن دينه بِكُل أَمر فَقَامَ إِلَيْهِ علج فَقَالَ أَيهَا الْملك أَنا أفتنه عَن دينه قَالَ بِمَاذَا قَالَ قد علمت أَن الْعَرَب أسْرع شَيْء إِلَى النِّسَاء وَلَيْسَ فِي الرّوم أجمل من إبنتي فادفعه إِلَيّ حَتَّى أخليه مَعهَا فَإِنَّهَا ستفتنه فَضرب لَهُ أَََجَلًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَدفعه إِلَيْهِ فجَاء بِهِ فَأدْخلهُ مَعَ إبنته وأخبرها بِالْأَمر فَقَالَت لَهُ دَعه فقد كفيتك أمره فَأَقَامَ مَعهَا نَهَاره صَائِم وليله قَائِم حَتَّى مر أَكثر الْأَجَل فَقَالَ العلج لابنته مَا صنعت قَالَت مَا صنعت شَيْئا هَذَا رجل فقد أَخَوَيْهِ فِي هَذِه الْبَلدة فَأَخَاف أَن يكون إمتناعه من أجلهما كلما رأى آثارهما وَلَكِن إستزد الْملك فِي الْأَجَل وانقلني وإياه إِلَى بلد غير هَذَا فزاده أَيَّامًا فأخرجهما إِلَى قَرْيَة أُخْرَى فَمَكثَ على ذَلِك أَيَّامًا صَائِم النَّهَار قَائِم اللَّيْل حَتَّى إِذا بَقِي من الْأَجَل أَيَّام قَالَت لَهُ الْجَارِيَة لَيْلَة يَا هَذَا إِنِّي أَرَاك تقدس رَبًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 عَظِيما وَإِنِّي قد دخلت مَعَك فِي دينك وَتركت دين آبَائِي قَالَ لَهَا فَكيف الْحِيلَة فِي الْهَرَب قَالَت أَنا أحتال لَك وجاءته بِدَابَّة فركباها فَكَانَا يسيران بِاللَّيْلِ ويكمنان بِالنَّهَارِ فَبَيْنَمَا هما يسيران لَيْلَة إِذْ سمعا وَقع خيل فَإِذا هُوَ بأخويه ومعهما مَلَائِكَة رسل إِلَيْهِ فَسلم عَلَيْهِمَا وسألهما عَن حَالهمَا فَقَالَا مَا كَانَت إِلَّا الغطسة الَّتِي رَأَيْت حَتَّى خرجنَا فِي الفردوس وَإِن الله أرسلنَا إِلَيْك لنشهد تزويجك بِهَذِهِ الفتاة فَزَوجُوهُ إِيَّاهَا وَرَجَعُوا وَخرج إِلَى بِلَاد الشَّام فَأَقَامَ مَعهَا وَكَانَا مشهورين بذلك معروفين بِالشَّام فِي الزَّمن الأول وَقد قَالَ فيهمَا بعض الشُّعَرَاء أبياتا مِنْهَا (سيعطي الصَّادِقين بِفضل صدق ... نجاة فِي الْحَيَاة وَفِي الْمَمَات) 57 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن أبي مُطِيع مُعَاوِيَة بن يحيى أَن شَيخا من أهل حمص خرج يُرِيد الْمَسْجِد وَهُوَ يرى أَنه قد أصبح فَإِذا عَلَيْهِ ليل فَلَمَّا صَار تَحت الْقبَّة سمع صَوت جرس الْخَيل على البلاط فَإِذا فوارس قد لَقِي بَعضهم بَعْضًا قَالَ بَعضهم لبَعض من أَيْن قدمتم قَالُوا أَو لم تَكُونُوا مَعنا قَالُوا لَا قَالُوا قدمنَا من جَنَازَة البديل خَالِد بن معدان قَالُوا وَقد مَاتَ مَا علمنَا بِمَوْتِهِ فَلَمَّا أصبح الشَّيْخ حدث أَصْحَابه فَلَمَّا كَانَ نصف النَّهَار قدم الْبَرِيد يخبر بِمَوْتِهِ 58 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور وإبن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ صَفْوَان بن أُميَّة الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ بِبَعْض الْمَقَابِر إِذْ أَقبلت جَنَازَة وَسمع صَوتا من الْقَبْر حَزينًا موجعا يَقُول شعرًا (أنعم الله بِالظَّعِينَةِ عينا ... وبمسراك يَا أَمِين إِلَيْنَا) (جزعا مَا جزعت من ظلمَة الْقَبْر ... وَإِن مسك التُّرَاب أَمينا) قَالَ فَأخْبر الْقَوْم بِمَا سمع فبكوا حَتَّى إخضلت لحاهم ثمَّ قَالُوا هَل تَدْرِي من أمينة قلت لَا قَالُوا صَاحِبَة السرير هَذِه أُخْتهَا مَاتَت عَام أول فَقَالَ صَفْوَان قد علمت أَن الْمَيِّت لَا يتَكَلَّم فَمن أَيْن هَذَا الصَّوْت 59 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا أَيْضا عَن سعيد بن هَاشم السّلمِيّ قَالَ أعرس رجل من الْحَيّ على إبنة فتخذ لذَلِك لهوا فَكَانَت مَنَازِلهمْ إِلَى جَانب الْمَقَابِر قَالَ فوَاللَّه إِنَّهُم لفي لهوهم ذَلِك لَيْلًا إِذْ سمعُوا صَوتا مُنْكرا أفزعهم فأصغوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 مطرقين فَإِذا هَاتِف يَهْتِف من بَين الْقُبُور (يَا أهل لَذَّة لَهو لَا تدوم لَهُم ... إِن المنايا تبيد اللَّهْو واللعبا) (كم قد رآيناه مَسْرُورا بلذته ... أَمْسَى فريدا من الأهلين مغتربا) قَالَ فوَاللَّه مَا لبث بعد ذَلِك إِلَّا أَيَّامًا قَلَائِل حَتَّى مَاتَ الْفَتى المتزوج 60 - وَأخرج أَيْضا عَن صَالح المري قَالَ دخلت الْمَقَابِر يَوْمًا فِي شدَّة الْحر فَنَظَرت إِلَى الْقُبُور خامدة فَقلت سُبْحَانَ الله من يجمع بَين أرواحكم وأجسادكم بعد إفترافها ثمَّ يُحْيِيكُمْ ثمَّ ينشركم من بعد طول البلى قَالَ فَنَادَى مُنَاد من بَين تِلْكَ الْحفر يَا صَالح {وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} قَالَ فَسَقَطت وَالله بوجهي فَزعًا من ذَلِك الصَّوْت 61 - وَأخرج أَيْضا عَن ثَابت الْبنانِيّ أَنه كَانَ فِي مَقْبرَة يحدث نَفسه إِذْ هتف بِهِ هَاتِف يَا ثَابت إِن تراهم ساكتين فكم فيهم من مغموم قَالَ فَالْتَفت فَلم أر أحدا 62 - وَأخرج أَيْضا عَن بشر بن مَنْصُور قَالَ قَالَ لي عَطاء الْأَزْرَق إِذا حضرت الْمَقَابِر فَلْيَكُن قَلْبك فِيمَن أَنْت بَين ظهرانيهم فَإِنِّي بَيْنَمَا أَنا فِي الْمَقَابِر إِذْ تفكرت فِي نَفسِي فَإِذا أَنا بِصَوْت إِلَيْك يَا غافل إِنَّمَا أَنْت بَين ناعم فِي نعيمه مدلل أَو معذب فِي سكراته مُقَلِّب 63 - وَأخرج عَن سوار بن مُصعب الْهَمدَانِي عَن أَبِيه أَن أَخَوَيْنِ كَانَا جارين لَهُ وَكَانَ كل وَاحِد يجد لصَاحبه وجدا لَا يرى مثله فَخرج الْأَكْبَر إِلَى أصفهان فَمَاتَ الْأَصْغَر فَاخْتلف الْأَكْبَر إِلَى قَبره سَبْعَة أشهر فَإِذا هَاتِف يَهْتِف من خَلفه يَوْمًا (يَا أَيهَا الباكي على غَيره ... نَفسك أصلحها وَلَا تبكه) (إِن الَّذِي تبْكي على إثره ... يُوشك أَن تسلك فِي سلكه) قَالَ فَالْتَفت فَلم ير خَلفه أحدا فاقشعر وحم فَرجع إِلَى أَهله فَلم يلبث إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 ثَلَاثًا حَتَّى مَاتَ فَدفن إِلَى جنبه 64 - وَأخرج الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وإبن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير عَن يزِيد بن شُرَيْح الهيثمي أَنه سمع صَوتا من قبر (إِن تزوروا الْيَوْم أمثالنا فقد ... كُنَّا أمثالكم وَفِي الْحَيَاة كشكلكم) (فَتلك الْبَيْدَاء تسفي رياحها ... وَنحن فِي مَقْصُورَة لَا ننالكم) (فَمن يَك منا فَلَيْسَ يُرَاجع ... فَتلك دِيَارنَا وَهِي مصيركم) 65 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن سُلَيْمَان بن يسَار الخضرمي قَالَ كَانَ قوم يَسِيرُونَ بالمقابر إِذا سمعُوا من قبر قَائِلا يَقُول (يَا أَيهَا الركب سِيرُوا ... من قبل أَن لَا تسيروا) (فَهَذِهِ الدَّار حَقًا ... فِيهَا إِلَيْنَا الْمصير) (فَكَمَا كُنْتُم كُنَّا ... فغيرنا ركب الْمنون) (وسوف كَمَا كُنَّا تَكُونُونَ ... ) (كم منعم فِي نعيم ... وتسلبه الدهور) (وَآخر فِي عَذَاب ... لبئس ذَاك الْمصير) 66 - وَأخرج إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الْوراق قَالَ خرج رجل مَعَ إبنه حَتَّى إِذا كَانَا بِبَعْض الطَّرِيق مَاتَ الْأَب فدفنه بشجر الدوم وَمضى فِي سَفَره ثمَّ مر بذلك الْموضع لَيْلًا فَلم ينزل إِلَى قبر أَبِيه فَإِذا هَاتِف يَهْتِف وَيَقُول شعرًا (أجدك تطوي الدوم لَيْلًا وَلَا ترى ... عَلَيْك لأهل الدوم أَن تتكلما) (وبالدوم ثاو لَو ثويت مَكَانَهُ ... فَمر بِأَهْل الدوم عاج فسلما) 67 - وَأخرج أَبُو نعيم وإبن عَسَاكِر عَن سَلمَة قَالَ كَانَ خَالِد بن معدان يسبح فِي الْيَوْم أَرْبَعِينَ ألف تَسْبِيحَة سوى مَا يقْرَأ من الْقُرْآن فَلَمَّا مَاتَ وَوضع على سَرِيره ليغسل جعل بِأُصْبُعِهِ كَذَا يحركها يَعْنِي بالتسبيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 68 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن أبي عبد الله بن الْجلاء قَالَ مَاتَ أبي فجعلناه على المغتسل فكشفنا عَن وَجهه فَإِذا هُوَ يضْحك فَالْتبسَ على النَّاس أمره وَقَالُوا هُوَ حَيّ فجاؤوا بالطبيب وغطينا وَجهه وَقُلْنَا خُذ بمجسه فَأخذ بمجسه فَقَالَ هَذَا ميت فكشفنا عَن وَجهه فَنظر إِلَيْهِ ضَاحِكا فَقَالَ وَالله مَا أَدْرِي ميت هُوَ أم حَيّ فَكلما جَاءَ إِنْسَان يغسلهُ يهابه وَلَا يقدر على غسله فَقَامَ الْفضل بن الْحُسَيْن وَكَانَ من كبار العارفين فَغسله وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه 69 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن سعيد بن الْمسيب أَن زيد بن خَارِجَة الْأنْصَارِيّ ثمَّ من بني حَارِثَة بن الْخَزْرَج توفّي زمن عُثْمَان فسجي ثمَّ إِنَّهُم سمعُوا جلجلة فِي صَدره ثمَّ تكلم فَقَالَ أَحْمد أَحْمد فِي الْكتاب الأول صدق صدق أَبُو بكر الصّديق الضَّعِيف فِي نَفسه الْقوي فِي أَمر الله فِي الْكتاب الأول صدق صدق عمر بن الْخطاب الْقوي الْأمين فِي الْكتاب الأول صدق صدق عُثْمَان بن عَفَّان على منهاجهم مَضَت أَربع وَبقيت ثِنْتَانِ أَتَت الْفِتَن وَأكل الشَّديد الضَّعِيف وَقَامَت السَّاعَة وسيأتيكم من جيشكم خبر أريس وَمَا بِئْر أريس قَالَ سعيد ثمَّ هلك رجل من خطمة فسجي بِثَوْبِهِ فَسمِعت جلجلة فِي صَدره ثمَّ تكلم فَقَالَ إِن أَخا بني الْحَرْث بن الْخَزْرَج صدق صدق قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَله شَوَاهِد ثمَّ أخرج هُوَ وإبن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وإبن النجار فِي تَارِيخه عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ جَاءَنَا يزِيد بن النُّعْمَان بن بشير إِلَى حَلقَة الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بِكِتَاب أَبِيه النُّعْمَان بن بشير بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من النُّعْمَان بن بشير إِلَى أم عبد الله بنت أبي هَاشم سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَإنَّك كتبت إِلَيّ لأكتب إِلَيْك بشأن زيد بن خَارِجَة وَإنَّهُ كَانَ من شَأْنه أَنه أَخذه وجع فِي حلقه فَتوفي بَين الصَّلَاة الأولى وَصَلَاة الْعَصْر فأضجعناه وغشيناه فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي وَأَنا أسبح بعد الْعَصْر فَقَالَ إِن زيدا قد تكلم بعد وَفَاته فَانْصَرَفت إِلَيْهِ مسرعا وَقد حَضَره قوم من الْأَنْصَار وَهُوَ يَقُول الْأَوْسَط أجلد الْقَوْم الَّذِي كَانَ لَا يُبَالِي فِي الله لومة لائم كَانَ لَا يَأْمر النَّاس أَن يَأْكُل قويهم ضعيفهم عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ صدق صدق كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب الأول ثمَّ قَالَ عُثْمَان أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ يعافي النَّاس من ذنُوب كَثِيرَة خلت ليلتان وَبقيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 أَربع ثمَّ اخْتلف النَّاس وَأكل بَعضهم بَعْضًا فَلَا نظام وأبيحت الأحماء ثمَّ ارعوى الْمُؤْمِنُونَ وَقَالُوا كتاب الله وَقدره أَيهَا النَّاس أَقبلُوا على أميركم واسمعوا وَأَطيعُوا فَمن تولى فَلَا يعهدن دَمًا وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا الله أكبر هَذِه الْجنَّة وَهَذِه النَّار وَهَؤُلَاء النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ سَلام عَلَيْك يَا عبد الله بن رَوَاحَة هَل أحسست لي خَارِجَة لِأَبِيهِ وَسعد من قتلا يَوْم أحد {كلا إِنَّهَا لظى نزاعة للشوى تَدْعُو من أدبر وَتَوَلَّى وَجمع فأوعى} ثمَّ خفت فَسَأَلت الرَّهْط عَمَّا سبق من كَلَامه فَقَالُوا سمعناه يَقُول أَنْصتُوا أَنْصتُوا فَنظر بَعْضنَا إِلَى بعض فَإِذا الصَّوْت من تَحت الثِّيَاب فكشفنا عَن وَجهه فَقَالَ هَذَا أَحْمد رَسُول الله سَلام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ قَالَ أَبُو بكر الصّديق الْأمين خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ضَعِيفا فِي جِسْمه قَوِيا فِي أَمر الله صدق صدق وَكَانَ فِي الْكتاب الأول ثمَّ أخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وَزَاد فِيهِ وَكَانَ ذَلِك على تَمام سنتَيْن خلتا من إِمَارَة عُثْمَان فهما الليلتان قَالَ وَلم أزل أحفظ الْعدة للأربع الْبَوَاقِي وأتوقع مَا هُوَ كَائِن فِيهِنَّ فَكَانَ فِيهِنَّ إفتراء أهل الْعرَاق وخلافهم وإرجاف المرجفين وطعنهم على أَمِيرهمْ الْوَلِيد بن عقبَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا أَيْضا إِسْنَاد صَحِيح وروى ذَلِك أَيْضا حبيب بن سَالم عَن النُّعْمَان بن بشير وَذكر فِيهِ بِئْر أريس كَمَا فِي رِوَايَة إِبْنِ الْمسيب وَالْأَمر فِيهَا أَن خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي يَد عُثْمَان فَوَقع فِيهَا لست سِنِين مَضَت من خِلَافَته عِنْد ذَلِك تَغَيَّرت عماله فظهرت أَسبَاب الْفِتَن كَمَا سمع من زيد بن خَارِجَة ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رُوِيَ التَّكَلُّم بعد الْمَوْت عَن جمَاعَة بأسانيد صَحِيحَة ثمَّ أخرج هُوَ وإبن أبي الدُّنْيَا وإبن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عبيد الْأنْصَارِيّ أَن رجلا من قَتْلَى مُسَيْلمَة تكلم فَقَالَ مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر الصّديق عُثْمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الْأمين اللين الرَّحِيم لَا أَدْرِي إيش قَالَ لعمر 70 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وإبن عَسَاكِر من وَجه آخر عَنهُ قَالَ بَيْنَمَا هم يوارون الْقَتْلَى يَوْم صفّين أَو يَوْم الْجمل إِذْ تكلم رجل من الْأَنْصَار من الْقَتْلَى فَقَالَ مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الشَّهِيد عُثْمَان الرَّحِيم ثمَّ سكت 71 - وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وإبن مَنْدَه عَن عبد الله بن عبيد الله الْأنْصَارِيّ قَالَ كنت فِيمَن دفن ثَابت بن قيس بن شماس وَكَانَ أُصِيب يَوْم الْيَمَامَة فَلَمَّا أدخلْنَاهُ قَبره سمعناه يَقُول مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الشَّهِيد وَعُثْمَان أَمِين رَحِيم فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ ميت 72 - وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير حَدثنَا أَحْمد بن الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِي حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر بن عُمَيْر بن هانىء أَن النُّعْمَان بن بشير حَدثهُ قَالَ مَاتَ رجل منا يُقَال لَهُ خَارِجَة بن زيد فسجيناه بِثَوْب وَقمت أُصَلِّي إِذْ سَمِعت صَوتا فَانْصَرَفت إِلَيْهِ فَإِذا أَنا بِهِ يَتَحَرَّك فَقَالَ أجلد الْقَوْم أوسطهم عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقوي فِي جِسْمه الْقوي فِي أَمر الله عُثْمَان أَمِير الْمُؤمنِينَ الْعَفِيف الْمُتَعَفِّف الَّذِي يعْفُو عَن ذنُوب كَثِيرَة خلت ليلتان وَبقيت أَربع وَاخْتلف النَّاس فَلَا نظام لَهُم يَا أَيهَا النَّاس أَقبلُوا على إمامكم واسمعوا لَهُ وَأَطيعُوا هَذَا رَسُول الله وإبن رَوَاحَة ثمَّ قَالَ وَمَا فعل زيد بن خَارِجَة يَعْنِي أَبَاهُ ثمَّ قَالَ أخذت بِئْر أريس خَلْفي ثمَّ خفت الصَّوْت أخرجه إِبْنِ عَسَاكِر 73 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن أنس قَالَ لما مَاتَ زيد بن خَارِجَة دَخَلنَا عَلَيْهِ نغسله فَلَمَّا ذَهَبْنَا نصب عَلَيْهِ المَاء تكلم فَقَالَ مَضَت إثنتان وغبر أَربع وَأكل غنيهم فقيرهم فَانْفَضُّوا لَا نظام لَهُم أَبُو بكر لين رَحِيم بِالْمُؤْمِنِينَ وَعمر رَضِي الله عَنهُ شَدِيد على الْكفَّار لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَعُثْمَان لين رَحِيم بِالْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتُم على منهاج عُثْمَان فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا ثمَّ خفت صَوته فَإِذا اللِّسَان يَتَحَرَّك وَإِذا الْجَسَد ميت 74 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق يزِيد بن سعيد الْقرشِي عَن أبي عبد الله الشَّامي قَالَ غزونا الرّوم فَخرج منا نَاس يطْلبُونَ أثر الْعَدو فَانْفَرد مِنْهُم رجلَانِ قَالَ أَحدهمَا فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ لَقينَا شيخ من الرّوم فَقَالَ إبرزوا فحملنا عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 فاقتتلنا سَاعَة فَقتل صَاحِبي فَرَجَعت أُرِيد أَصْحَابِي فَبينا أَنا رَاجع إِذْ قلت لنَفْسي ثكلتني أُمِّي سبقني صَاحِبي إِلَى الْجنَّة وأرجع أَنا هَارِبا إِلَى أَصْحَابِي فَرَجَعت إِلَيْهِ فضربته وأخطأته فَحَمَلَنِي فَضرب بِي الأَرْض وَجلسَ على صَدْرِي وَتَنَاول شَيْئا مَعَه ليقتلني فجَاء صَاحِبي الْمَقْتُول فَأخذ بِشعر قَفاهُ فَأَلْقَاهُ عني وأعانني على قَتله فقتلناه جَمِيعًا وَجعل صَاحِبي يمشي ويحدثني حَتَّى إنتهينا إِلَى شَجَرَة فاضطجع مقتولا كَمَا كَانَ فَرَجَعت إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبَرتهمْ 75 - وَأخرج أَيْضا عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ كَانَ فِيمَا مضى فتية يخرجُون إِلَى أَرض الرّوم ويصيبون مِنْهُم فقضي عَلَيْهِم بالأسر فَأخذُوا جَمِيعًا فَأتى بهم ملكهم فَعرض عَلَيْهِم دينه فَأَبَوا فَقعدَ على تل إِلَى جَانب النَّهر فَدَعَاهُمْ فَضرب عنق رجل مِنْهُم فَوَقع فِي النَّهر فَإِذا رَأسه قد قَامَ بحيالهم واستقبلهم بِوَجْهِهِ وَهُوَ يَقُول {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} 76 - وَأخرج أَيْضا عَن سعيد الْعمي قَالَ خرج قوم غزَاة فِي الْبَحْر فجَاء شَاب كَانَ بِهِ رهق ليركب مَعَهم فَأَبَوا ثمَّ إِنَّهُم حملوه مَعَهم فَلَقوا الْعَدو فَكَانَ الشَّاب من أحْسنهم بلَاء ثمَّ إِنَّه قتل فَقَامَ رَأسه واستقبل أهل الْمركب وَهُوَ يَتْلُو {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين} 77 - وَأخرج الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْخلال فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء بِسَنَدِهِ عَن أبي يُوسُف الغولي قَالَ دخلت على إِبْرَاهِيم بن أدهم بِالشَّام فَقَالَ لي قد رَأَيْت الْيَوْم عجبا قلت وماذا قَالَ وقفت على قبر من هَذِه الْمَقَابِر فانشق لي عَن شيخ خضيب فَقَالَ لي يَا إِبْرَاهِيم سل فَإِن الله أحياني من أَجلك قلت مَا فعل الله بك قَالَ لقِيت الله بِعَمَل قَبِيح فَقَالَ لي لقد غفرت لَك بِثَلَاث لقيتني وَأَنت تحب من أَحبَّنِي ولقيتني وَلَيْسَ فِي صدرك مِثْقَال ذرة من شراب حرَام ولقيتني وَأَنت خضيب وَأَنا أستحيي من شيبَة الخضيب أَن أعذبها بالنَّار قَالَ والتأم الْقَبْر على الشَّيْخ ثمَّ قَالَ إِبْرَاهِيم وَيحك يَا غولي عَامل الله يُرِيك الْعَجَائِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 78 - وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان أَنبأَنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنِي إبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن نجيب بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن يحيى بن حَازِم السّلمِيّ حَدثنَا هِشَام المقسابادي عَن أَبِيه عَن جده أبي إِبْرَاهِيم وَكَانَ قَاضِي نيسابور فَدخل عَلَيْهِ رجل فَقيل لَهُ إِن عِنْد هَذَا حَدِيثا عجبا فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا وَمَا هُوَ قَالَ إعلم أَنِّي كنت رجلا نباشا أنبش الْقُبُور فَمَاتَتْ إمرأة فَذَهَبت لأعرف قبرها فَصليت عَلَيْهَا فَلَمَّا جن اللَّيْل ذهبت لأنبش عَنْهَا وَضربت يَدي إِلَى كفنها لأسلبها فَقَالَت سُبْحَانَ الله رجل من أهل الْجنَّة يسلب إمرأة من أهل الْجنَّة ثمَّ قَالَت ألم تعلم أَنَّك مِمَّن صلى عَليّ وَأَن الله عز وَجل قد غفر لمن صلى عَليّ 79 - وَأخرج الْمحَامِلِي فِي أَمَالِيهِ عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة قَالَ بَيْنَمَا رجل فِي أندر لَهُ بِالشَّام وَمَعَهُ زَوجته وَقد كَانَ أستشهد لَهُ إِبْنِ قبل ذَلِك بِمَا شَاءَ الله إِذْ رأى الرجل فَارِسًا قد أقبل فَقَالَ لإمرأته إبني وإبنك يَا فُلَانَة قَالَت لَهُ إخز عَنْك الشَّيْطَان إبنك قد أستشهد مُنْذُ حِين وَأَنت مفتون فَأقبل على عمله واستغفر الله ثمَّ دنا الْفَارِس فَقَالَ إبنك وَالله يَا فُلَانَة وَنظرت فَقَالَت هُوَ وَالله فَوقف عَلَيْهِمَا فَقَالَ لَهُ أَبوهُ أَلَيْسَ قد أستشهدت يَا بني قَالَ بلَى وَلَكِن عمر بن عبد الْعَزِيز توفّي فِي هَذِه السَّاعَة فَاسْتَأْذن الشُّهَدَاء رَبهم فِي شُهُوده فَكنت مِنْهُم واستأذنته فِي السَّلَام عَلَيْكُمَا ثمَّ دَعَا لَهما وَانْصَرف وَوجد عمر قد توفّي تِلْكَ السَّاعَة فَهَذِهِ آثَار مُسندَة خرجها أَئِمَّة الحَدِيث بأسانيدهم فِي كتبهمْ وأوردتها تَقْوِيَة لما حَكَاهُ اليافعي وَتَصْدِيقًا لَهُ 80 - وَقَالَ اليافعي رُؤْيَة الْمَوْتَى فِي خير أَو شَرّ نوع من الْكَشْف يظهره الله تبشيرا أَو موعظة أَو لمصْلحَة للْمَيت من إِيصَال خير لَهُ أَو قَضَاء دين أَو غير ذَلِك ثمَّ هَذِه الرُّؤْيَة قد تكون فِي النّوم وَهُوَ الْغَالِب وَقد تكون فِي الْيَقَظَة وَذَلِكَ من كرامات الْأَوْلِيَاء أَصْحَاب الْأَحْوَال وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مَذْهَب أهل السّنة أَن أَرْوَاح الْمَوْتَى ترد فِي بعض الْأَوْقَات من عليين أَو من سِجِّين إِلَى أَجْسَادهم فِي قُبُورهم عِنْد إِرَادَة الله تَعَالَى وخصوصا لَيْلَة الْجُمُعَة ويجلسون وَيَتَحَدَّثُونَ وينعم أهل النَّعيم ويعذب أهل الْعَذَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وَقَالَ وتختص الْأَرْوَاح دون الأجساد بالنعيم أَو الْعَذَاب مَا دَامَت فِي عليين أَو سِجِّين وَفِي الْقَبْر يشْتَرك الرّوح والجسد إنتهى 81 - وَقَالَ إِبْنِ الْقيم الْأَحَادِيث والْآثَار تدل على أَن الزائر مَتى جَاءَ علم بِهِ المزور وَسمع كَلَامه وَأنس بِهِ ورد سَلَامه عَلَيْهِ وَهَذَا عَام فِي حق الشُّهَدَاء وَغَيرهم وَأَنه لَا تَوْقِيت فِي ذَلِك قَالَ وَهُوَ أصح من أثر الضَّحَّاك الدَّال على التَّوْقِيت قَالَ وَقد شرع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته أَن يسلمُوا على أهل الْقُبُور سَلام من يخاطبونه مِمَّن يسمع وَيعْقل 82 - وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى الْمقْبرَة فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون 83 - وَأخرج النَّسَائِيّ وإبن مَاجَه عَن بُرَيْدَة كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمهُمْ إِذا خَرجُوا إِلَى الْمَقَابِر السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُسلمين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون أَنْتُم لنا فرط وَنحن لكم تبع أسأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة 84 - وَأخرج مُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَيفَ أَقُول لَهُم يَا رَسُول الله قَالَ قولي السَّلَام على أهل الديار من الْمُسلمين وَيرْحَم الله الْمُسْتَقْدِمِينَ منا والمستأخرين وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون 85 - وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقبور الْمَدِينَة فَأقبل عَلَيْهِم بِوَجْهِهِ فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْقُبُور يغْفر الله لنا وَلكم وَأَنْتُم سلفنا وَنحن بالأثر 86 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه دنا من الْقُبُور فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين أَنْتُم لنا سلف فارط وَنحن لكم تبع عَمَّا قَلِيل لَاحق اللَّهُمَّ إغفر لنا وَلَهُم وَتجَاوز بعفوك عَنَّا وعنهم 87 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه كَانَ يرجع من ضيعته فيمر بقبور الشُّهَدَاء فَيَقُول السَّلَام عَلَيْكُم وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون ثمَّ يَقُول لأَصْحَابه أَلا تسلمون على الشُّهَدَاء فيردوا عَلَيْكُم 88 - وَأخرج إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ لَا يمر بلَيْل وَلَا نَهَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 بِقَبْر إِلَّا سلم عَلَيْهِ 89 - وَأخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا مَرَرْت بالقبور وَقد كنت تعرفهم فَقل السَّلَام عَلَيْكُم أَصْحَاب الْقُبُور وَإِذا مَرَرْت بالقبور لَا تعرفهم فَقل السَّلَام على الْمُسلمين 90 - وَأخرج عَن الْحسن قَالَ من دخل الْمَقَابِر فَقَالَ اللَّهُمَّ رب الأجساد البالية وَالْعِظَام النخرة الَّتِي خرجت من الدُّنْيَا وَهِي بك مُؤمنَة أَدخل عَلَيْهَا روحا من عنْدك وَسلَامًا مني أسْتَغْفر لَهُ كل مُسلم مُؤمن مَاتَ مُنْذُ خلق الله آدم وَأخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا بِلَفْظ كتب الله لَهُ بِعَدَد من مَاتَ من ولدان آدم إِلَى أَن تقوم السَّاعَة حَسَنَات 91 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ من دخل الْمَقَابِر واستغفر لأهل الْقُبُور وترحم على الْأَمْوَات فَكَأَنَّمَا شهد جنائزهم وَالصَّلَاة عَلَيْهِم 92 - وَأخرج عَن أَزْهَر بن مَرْوَان قَالَ كَانَ لبشر بن مَنْصُور غرفَة فَكَانَ إِذا صلى الْعَصْر دَخلهَا وَفتح بَابهَا إِلَى الجبانات ينظر إِلَى الْقُبُور 93 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا شهد جَنَازَة مر على أَهله فِي الْمَقَابِر فَدَعَا لَهُم واستغفر لَهُم 94 - وَأَخْرَجَا عَن رجل من آل عَاصِم الجحدري قَالَ رَأَيْت عَاصِمًا الجحدري فِي النّوم بعد مَوته بسنين فَقلت أَلَيْسَ قد مت قَالَ بلَى قلت فَأَيْنَ أَنْت قَالَ إِنَّا وَالله فِي رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَنا وَنَفر من أَصْحَابِي نَجْتَمِع كل لَيْلَة جُمُعَة وصبيحتها ألى بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ فنتلاقى أخباركم قلت أجسادكم أم أرواحكم فَقَالَ هَيْهَات بليت الْأَجْسَام وَإِنَّمَا تتلاقى الْأَرْوَاح قلت فَهَل تعلمُونَ بزيارتنا إيَّاكُمْ قَالَ نعلم بهَا عَشِيَّة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة كُله وَيَوْم السبت إِلَى طُلُوع الشَّمْس قلت وَكَيف ذَلِك دون الْأَيَّام كلهَا قَالَ لفضل يَوْم الْجُمُعَة وعظمه 95 - وَأَخْرَجَا أَيْضا عَن بشر بن مَنْصُور قَالَ كَانَ رجل يخْتَلف إِلَى الْجَبانَة فَيشْهد الصَّلَاة على الْجَنَائِز فَإِذا أَمْسَى وقف على بَاب الْمَقَابِر فَقَالَ آنس الله وحشتكم ورحم الله غربتكم وَتجَاوز الله عَن سَيِّئَاتكُمْ وَقبل الله حسناتكم لَا يزِيد على هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات قَالَ ذَلِك الرجل فأمسيت ذَات لَيْلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 فَانْصَرَفت إِلَى أَهلِي وَلم آتٍ الْمَقَابِر فَبَيْنَمَا أَنا نَائِم إِذا أَنا بِخلق كثير قد جاؤوني قلت من أَنْتُم وَمَا حَاجَتكُمْ قَالُوا نَحن أهل الْمَقَابِر قلت مَا جَاءَ بكم قَالُوا إِنَّك قد كنت عودتنا مِنْك هَدِيَّة عِنْد إنصرافك إِلَى أهلك قلت وَمَا هِيَ قَالُوا الدَّعْوَات الَّتِي كنت تَدْعُو بهَا قلت فَإِنِّي أَعُود لذَلِك قَالَ فَمَا تركتهَا بعد 96 - وَأَخْرَجَا أَيْضا عَن أبي التياح قَالَ كَانَ مطرف يَبْدُو فَإِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أدْلج وَكَانَ ينور لَهُ فِي سَوْطه فَأقبل لَيْلَة حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد الْمَقَابِر هوم وَهُوَ على فرسه فَرَأى كَأَن أهل الْقُبُور كل صَاحب قبر جَالس على قَبره فَقَالُوا هَذَا مطرف أَتَى يَوْم الْجُمُعَة قلت أَو تعلمُونَ عنْدكُمْ يَوْم الْجُمُعَة قَالُوا نعم ونعلم مَا يَقُول فِيهِ الطير قلت وَمَا يَقُولُونَ قَالُوا يَقُولُونَ سَلام سَلام يَوْم صَالح قَالَ فِي الصِّحَاح هوم الرجل إِذا هز رَأسه من النعاس 97 - وَأَخْرَجَا أَيْضا عَن الْفضل بن الْمُوفق إِبْنِ خَال سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ لما مَاتَ أبي جزعت جزعا شَدِيدا فَكنت آتِي قَبره فِي كل يَوْم ثمَّ إِنِّي قصرت عَن ذَلِك فرأيته فِي النّوم فَقَالَ يَا بني مَا أَبْطَأَ بك عني قلت وَإنَّك لتعلم بمجيئي قَالَ مَا جِئْت مرّة إِلَّا علمتها وَقد كنت تَأتِينِي فَأسر بك وَيسر من حَولي بدعائك قَالَ فَكنت آتيه بعد كثيرا 98 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء هَاشم بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت رجلا من أهل علم يَقُول إِنَّه كَانَ يزور قبر أَبِيه فطال عَلَيْهِ ذَلِك فَقلت أَزور التُّرَاب فرأيته فِي مَنَامِي فَقَالَ يَا بني مَا لَك لَا تفعل كَمَا كنت تفعل فَقلت أَزور التُّرَاب فَقَالَ لَا تفعل يَا بني فوَاللَّه لقد كنت تشرف عَليّ فيبشرني بك جيراني وَلَقَد كنت تَنْصَرِف فَمَا أَزَال أَرَاك حَتَّى تدخل الْكُوفَة 99 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن سَوْدَة وَكَانَت أمه من العابدات وَكَانَ يُقَال لَهَا راهبة قَالَ لما مَاتَت كنت آتيها فِي كل لَيْلَة جُمُعَة فأدعو لَهَا وَأَسْتَغْفِر لَهَا وَلأَهل الْقُبُور قَالَ فرأيتها لَيْلَة فِي مَنَامِي فَقلت يَا أمه كَيفَ أَنْت فَقَالَت يَا بني إِن الْمَوْت لشديد كربه وَأَنا بِحَمْد الله فِي برزخ مَحْمُود أفترش فِيهِ الريحان وأتوسد فِيهِ السندس والإستبرق فَقلت أَلَك حَاجَة قَالَت نعم قلت مَا هِيَ قَالَت لَا تدع مَا تصنع من زيارتنا وَالدُّعَاء لنا فَإِنِّي آنس بمجيئك يَوْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الْجُمُعَة إِذا أَقبلت من أهلك يُقَال يَا راهبة قد أقبل من أهلك زائر فَأسر وَيسر بذلك من حَولي من الْأَمْوَات 100 - وَقَالَ السلَفِي سَمِعت أَبَا البركات عبد الْوَاحِد بن عبد الرَّحْمَن بن غلاب السُّوسِي بالإسكندرية يَقُول سَمِعت والدتي تَقول رَأَيْت أُمِّي فِي الْمَنَام بعد مَوتهَا وَهِي تَقول يَا بِنْتي إِذا جئتني زائرة فاقعدي عِنْد قَبْرِي سَاعَة أتملى من النّظر إِلَيْك ثمَّ ترحمي عَليّ فَإنَّك إِذا ترحمت عَليّ صَارَت الرَّحْمَة بيني وَبَيْنك كالحجاب ثمَّ شغلتني عَنْك 101 - وَقَالَ الْحَافِظ إِبْنِ رَجَب أنبأني عَليّ بن عبد الصَّمد عَن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ عَن أَبِيه قَالَ أَخْبرنِي قسطنطين بن عبد الله الرُّومِي سَمِعت الْأسد بن مُوسَى يَقُول كَانَ لي صديق فَمَاتَ فرأيته فِي النّوم وَهُوَ يَقُول لي سُبْحَانَ الله جِئْت إِلَى قبر فلَان صديقك قَرَأت عِنْده وترحمت عَلَيْهِ وَأَنا مَا جِئْت إِلَيّ وَلَا قربتني قلت لَهُ وَمَا يدْريك قَالَ لما جِئْت إِلَى قبر صديقك فلَان رَأَيْتُك قلت وَكَيف رَأَيْتنِي وَالتُّرَاب عَلَيْك قَالَ مَا رَأَيْت المَاء إِذا كَانَ فِي الزّجاج مَا يتَبَيَّن قلت بلَى قَالَ فَكَذَلِك نَحن نرى من يزورنا تَنْبِيه 102 - روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من حَدِيث أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله قَالَ لَا تقل عَلَيْك السَّلَام فَإِن عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَوْتَى فَهَذَا يشْعر بِأَن السّنة فِي السَّلَام على الْمَوْتَى أَن يُقَال عَلَيْكُم السَّلَام بِتَقْدِيم الصَّلَاة وَقد صَحَّ الحَدِيث كَمَا تقدم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين فَيحْتَاج إِلَى الْجمع حَتَّى إِن بَعضهم قَالَ هَذَا أصح من حَدِيث النَّهْي وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن السّنة مَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث النَّهْي وَقد أجَاب إِبْنِ الْقيم فِي الْبَدَائِع بِأَن كلا من الْفَرِيقَيْنِ إِنَّمَا أَتَوا من عدم فهم مَقْصُود الحَدِيث فَإِن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَوْتَى لَيْسَ تشريعا مِنْهُ وإخبارا عَن أَمر شَرْعِي وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَن الْوَاقِع الْمُعْتَاد الَّذِي جرى على أَلْسِنَة النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُم كَانُوا يقدمُونَ إسم الْمَيِّت على الدُّعَاء كَمَا قَالَ الشَّاعِر (عَلَيْك سَلام الله قيس بن عَاصِم ... ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وَقَوله الَّذِي يرثي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ (عَلَيْك سَلام من أَمِير وباركت ... يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق) وَهُوَ فِي أشعارهم كثير والإخبار عَن الْوَاقِع لَا يدل على الْجَوَاز فضلا عَن الإستحباب فَتعين الْمصير إِلَى مَا ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَقْدِيم لفظ السَّلَام حِين سلم على الْأَمْوَات قَالَ فَإِن تخيل متخيل فِي الْفرق أَن السَّلَام على الْأَحْيَاء يتَوَقَّع جَوَابه فَقدم الدُّعَاء على الْمَدْعُو لَهُ بِخِلَاف الْمَيِّت قُلْنَا وَالسَّلَام على الْمَيِّت يتَوَقَّع جَوَابه أَيْضا كَمَا ورد بِهِ الحَدِيث قَالَ وَمن النكت البديعة أَن الْأَحْسَن فِي دُعَاء الْخَيْر أَن يقدم الدُّعَاء على الْمَدْعُو لَهُ نَحْو سَلام على إِبْرَاهِيم سَلام على نوح سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ وَدُعَاء الشَّرّ الْأَحْسَن فِيهِ تقدم الْمَدْعُو عَلَيْهِ على الْمَدْعُو بِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِن عَلَيْك لَعْنَتِي} و {عَلَيْهِم دَائِرَة السوء} و {فَعَلَيْهِم غضب} ثمَّ ذكر ذَلِك سرا ذكرته فِي أسرار التَّنْزِيل 39 - بَاب مقرّ الْأَرْوَاح قَالَ الله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي أنشأكم من نفس وَاحِدَة فمستقر ومستودع} وَقَالَ تَعَالَى {وَيعلم مستقرها ومستودعها} أَحدهمَا فِي الصلب وَالْآخر بعد الْمَوْت 1 - أخرج مُسلم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح من الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل 2 - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما أُصِيب أصحابكم بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 خضر ترد أَنهَار الْجنَّة تَأْكُل من ثمارها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش 3 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ أَرْوَاح الشُّهَدَاء تجول فِي طير خضر تعلق من ثَمَر الْجنَّة 4 - وَأخرج بَقِي بن مخلد وإبن مَنْدَه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّهَدَاء يَغْدُونَ وَيَرُوحُونَ ثمَّ يكون مأواهم إِلَى قناديل معلقَة بالعرش فَيَقُول لَهُم الرب تَعَالَى هَل تعلمُونَ كَرَامَة أفضل من كَرَامَة أكرمتكموها فَيَقُولُونَ لَا غير أَنا وَدِدْنَا أَنَّك أعدت أَرْوَاحنَا إِلَى أَجْسَادنَا حَتَّى نُقَاتِل مرّة أُخْرَى فنقتل فِي سَبِيلك 5 - وَأخرج هناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد وإبن مَنْدَه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حواصل طير خضر ترعى فِي رياض الْجنَّة ثمَّ يكون مأواها إِلَى قناديل معلقَة بالعرش فَيَقُول الرب وَذكر نَحوه 6 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يبْعَث الله الشُّهَدَاء من حواصل طير بيض كَانُوا فِي قناديل معلقَة بالعرش 7 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن سعيد بن سُوَيْد أَنه سَأَلَ إِبْنِ شهَاب عَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ بَلغنِي أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء كطير خضر معلقَة بالعرش تَغْدُو ثمَّ تروح إِلَى رياض الْجنَّة تَأتي رَبهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كل يَوْم تسلم عَلَيْهِ 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر فِي قناديل تَحت الْعَرْش تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ ترجع إِلَيّ قناديلها وَإِن أَرْوَاح ولدان الْمُؤمنِينَ فِي أَجْوَاف عصافير تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت 9 - وَأخرج عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه سُئِلَ عَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فَقَالَ هِيَ طير خضر فِي قناديل معلقَة تَحت الْعَرْش تسرح فِي رياض الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 10 - وَأخرج أَحْمد وَعبد وإبن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّهَدَاء على بارق نهر بِبَاب الْجنَّة فِي قبَّة خضراء يخرج إِلَيْهِم رزقهم من الْجنَّة غدْوَة وَعَشِيَّة 11 - وَأخرج هناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد وإبن أبي شيبَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ الشُّهَدَاء فِي قباب فِي رياض بِفنَاء الْجنَّة يبْعَث إِلَيْهِم ثَوْر وحوت فيعتركان فيلهون بهما فَإِذا إحتاجوا إِلَى شَيْء عقر أَحدهمَا صَاحبه فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ فيجدون فِيهِ طعم كل شَيْء فِي الْجنَّة 12 - وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس أَن حَارِثَة لما قتل قَالَت أمه يَا رَسُول الله قد علمت منزلَة حَارِثَة مني فَإِن يكن فِي الْجنَّة أَصْبِر وَإِن يكن غير ذَلِك ترى مَا أصنع قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا جنان كَثِيرَة وَإنَّهُ فِي الفردوس الْأَعْلَى 13 - وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَأحمد وَالنَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن طَائِر تعلق فِي شجر الْجنَّة حَتَّى يرجعه الله تَعَالَى إِلَى جسده يَوْم يَبْعَثهُ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير خضر تعلق من ثَمَرَة الْجنَّة أَو شجر الْجنَّة قَوْله تعلق بِضَم اللَّام أَي تَأْكُل الْعلقَة بِضَم الْمُهْملَة وَهُوَ مَا يتبلغ بِهِ من الْعَيْش 14 - وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أم هانىء أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنتزاور إِذا متْنا وَيرى بَعْضنَا بَعْضًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكون النسم طيرا تعلق بِالشَّجَرِ حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دخلت كل نفس فِي جَسدهَا 15 - وَأخرج إِبْنِ سعد من طَرِيق مَحْمُود بن لبيد عَن أم بشر بن الْبَراء أَنَّهَا قَالَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا رَسُول الله هَل تتعارف الْمَوْتَى قَالَ تربت يداك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 النَّفس المطمئنة طير خضر فِي الْجنَّة فَإِن كَانَ الطير يَتَعَارَفُونَ فِي رُؤُوس الشّجر فَإِنَّهُم يَتَعَارَفُونَ 16 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق إِبْنِ لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن أم فَرْوَة إبنة معَاذ السلمِيَّة عَن أم بشر إمرأة أبي مَعْرُوف قَالَت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنتزاور يَا رَسُول الله إِذا متْنا يزور بَعْضنَا بَعْضًا فَقَالَ تكون النسم طيرا تتَعَلَّق بشجرة حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دخلت فِي جثتها 17 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث بِسَنَد حسن عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك قَالَ لما حضرت كَعْبًا الْوَفَاة أَتَتْهُ أم بشر بنت الْبَراء فَقَالَت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِن لقِيت فلَانا فأقرئه مني السَّلَام فَقَالَ لَهَا يغْفر الله لَك يَا أم بشر نَحن أشغل من ذَلِك فَقَالَت أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن نسمَة الْمُؤمن تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ونسمة الْكَافِر فِي سِجِّين قَالَ قلت بلَى هُوَ ذَاك 18 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن ضَمرَة بن حبيب مُرْسلا قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فَقَالَ فِي طير خضر تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت قَالُوا يَا رَسُول الله وأرواح الْكفَّار قَالَ محبوسة فِي سِجِّين 19 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات عَن سعيد بن الْمسيب أَن سلمَان الْفَارِسِي وَعبد الله بن سَلام إلتقيا فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه إِن لقِيت رَبك قبلي فَأَخْبرنِي مَاذَا لقِيت فَقَالَ أَو تلقى الْأَحْيَاء الْأَمْوَات قَالَ نعم أما الْمُؤْمِنُونَ فَإِن أَرْوَاحهم فِي الْجنَّة وَهِي تذْهب حَيْثُ شَاءَت 20 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ الْجنَّة مُطَوَّلَة فِي قُرُون الشَّمْس تنشر فِي كل عَام مرّة وأرواح الْمُؤمنِينَ فِي طير كالزرازير تَأْكُل من ثَمَر الْجنَّة 21 - وَأخرجه إِبْنِ مَنْدَه عَنهُ مَرْفُوعا وَأخرجه الْخلال عَنهُ مَوْقُوفا بِلَفْظ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي أَجْوَاف طير خضر كالزرازير يَتَعَارَفُونَ فِيهَا وَيُرْزَقُونَ من ثَمَرهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 22 - وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وإبن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وإبن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء من طَرِيق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوْلَاد الْمُؤمنِينَ فِي جبل فِي الْجنَّة يكفلهم إِبْرَاهِيم وَسَارة حَتَّى يردهم إِلَى آبَائِهِم يَوْم الْقِيَامَة وَتقدم شَاهده فِي الصَّحِيح فِي حَدِيث سَمُرَة فِي بَاب عَذَاب الْقَبْر 23 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب العزاء عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد فِي الْإِسْلَام فَهُوَ فِي الْجنَّة شُبَّان رَيَّان يَقُول يَا رب أورد عَليّ أَبَوي 24 - وَأخرج فِيهِ أَيْضا عَن خَالِد بن معدان قَالَ إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يُقَال لَهَا طُوبَى كلهَا ضروع فَمن مَاتَ من الصّبيان الَّذين يرضعون رضع من طُوبَى وحاضنهم إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن صلوَات الله عَلَيْهِ 25 - وَأخرج أَيْضا عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة لَهَا ضروع كضروع الْبَقر يغذى بهَا ولدان أهل الْجنَّة 26 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَكْحُول أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ذَرَارِي الْمُسلمين أَرْوَاحهم فِي عصافير خضر فِي شجر من الْجنَّة يكفلهم أبوهم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام 27 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان قَالَ إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهَا طُوبَى كلهَا ضروع ترْضع صبيان أهل الْجنَّة وَإِن سقط الْمَرْأَة يكون فِي نهر من أَنهَار الْجنَّة يتقلب فِيهِ حَتَّى تقوم الْقِيَامَة فيبعث إِبْنِ أَرْبَعِينَ سنة 28 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق إِبْنِ عَبَّاس عَن كَعْب قَالَ جنَّة المأوى فِيهَا طير خضر ترتقي فِيهَا أَرْوَاح الشُّهَدَاء تسرح فِي الْجنَّة وأرواح آل فِرْعَوْن فِي طير سود تَغْدُو على النَّار وَتَروح وَإِن أَرْوَاح أَطْفَال الْمُسلمين فِي عصافير فِي الْجنَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 29 - وَأخرج هناد بن السّري فِي الزّهْد عَن هُذَيْل قَالَ إِن أَرْوَاح آل فِرْعَوْن فِي أَجْوَاف طير سود تروح وتغدو على النَّار فَذَلِك عرضهَا وأرواح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر وَأَوْلَاد الْمُسلمين الَّذين لم يبلغُوا الْحِنْث عصافير من عصافير الْجنَّة ترعى وتسرح 30 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أموات} الْآيَة قَالَ أَرْوَاح الشُّهَدَاء طير بيض فقاقيع فِي الْجنَّة قَالَ فِي الصِّحَاح الفقاقيع الفقاعات الَّتِي ترْتَفع فَوق المَاء كالقوارير فَكَأَنَّهُ شبه بهَا الْأَرْوَاح أَو الطير وَقَالَ فِي الْقَامُوس فقيع كسكيت الْأَبْيَض من الْحمام 31 - وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة قَالَ بلغنَا أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي صور طير بيض تأوي إِلَى قناديل معلقَة تَحت الْعَرْش 32 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن إِبْنِ عَمْرو قَالَ أَرْوَاح الْمُسلمين فِي صور طير بيض فِي ظلّ الْعَرْش وأرواح الْكَافرين فِي الأَرْض السَّابِعَة 33 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن أم كَبْشَة بنت الْمَعْرُور قَالَت دخل علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلْنَاهُ عَن هَذِه الْأَرْوَاح فوصفها صفة لكنه أبكى أهل الْبَيْت فَقَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي حواصل طير خضر ترعى فِي الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتشرب من مياهها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب تَحت الْعَرْش يَقُولُونَ رَبنَا ألحق بِنَا إِخْوَاننَا وآتنا مَا وعدتنا وَإِن أَرْوَاح الْكفَّار فِي حواصل طير سود تَأْكُل من النَّار وتشرب من النَّار وتأوي إِلَى جُحر فِي النَّار يَقُولُونَ رَبنَا لَا تلْحق بِنَا إِخْوَاننَا وَلَا تؤتنا مَا وعدتنا 34 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وإبن أبي حَاتِم وإبن مرْدَوَيْه فِي تفسيرهما عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أتيت بالمعراج الَّذِي تعرج عَلَيْهِ أَرْوَاح بني آدم فَلم ير الْخَلَائق أحسن من الْمِعْرَاج مَا رَأَيْت الْمَيِّت حِين يشق بَصَره طامحا إِلَى السَّمَاء فَإِن ذَلِك عجبه بالمعراج فَصَعدت أَنا وَجِبْرِيل فاستفتحت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 بَاب السَّمَاء فَإِذا أَنا بِآدَم تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْمُؤمنِينَ فَيَقُول روح طيبَة وَنَفس طيبَة إجعلوها فِي عليين ثمَّ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْفجار فَيَقُول روح خبيثة وَنَفس خبيثة إجعلوها فِي سِجِّين 35 - وَأخرج أَبُو نعيم بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة ينظرُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ فِي الْجنَّة 36 - وَأخرج أَبُو نعيم أَيْضا فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن الله فِي السَّمَاء السَّابِعَة دَارا يُقَال لَهَا الْبَيْضَاء تَجْتَمِع فِيهَا أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فَإِن مَاتَ الْمَيِّت من أهل الدُّنْيَا تَلَقَّتْهُ الأوراح يسألونه عَن أَخْبَار الدُّنْيَا كَمَا يسْأَل الْغَائِب أَهله إِذا قدم عَلَيْهِم 37 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه عزى أَسمَاء بإبنها عبد الله بن الزبير وجثته مصلوبة فَقَالَ لَا تحزني فَإِن الْأَرْوَاح عِنْد الله فِي السَّمَاء وَإِنَّمَا هَذِه جثة 38 - وَأخرج سعيد الْمروزِي فِي الْجَنَائِز عَن الْعَبَّاس بن الْمطلب قَالَ ترفع أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ إِلَى جِبْرِيل فَيُقَال أَنْت ولي هَذِه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 39 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وإبن جرير الطَّبَرِيّ فِي كتاب الْأَدَب لَهُ عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ لَقِي سلمَان الْفَارِسِي عبد الله بن سَلام فَقَالَ لَهُ إِن مت قبلي فَأَخْبرنِي بِمَا تلقى وَإِن مت قبلك أَخْبَرتك بِمَا ألْقى قَالَ وَكَيف وَقد مت قَالَ إِن الرّوح إِذا خرج من الْجَسَد كَانَ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض حَتَّى يرجع إِلَى جسده فقضي أَن سلمَان مَاتَ فَرَآهُ عبد الله بن سَلام فِي الْمَنَام فَقَالَ أَخْبرنِي أَي شَيْء وجدته أفضل قَالَ رَأَيْت للتوكل شَيْئا عجيبا 40 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وإبن أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه عَن سعيد بن الْمسيب عَن سلمَان قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي برزخ من الأَرْض تذْهب حَيْثُ شَاءَت وَنَفس الْكَافِر فِي سِجِّين قَالَ إِبْنِ الْقيم البرزخ هُوَ الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ فِي أَرض بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة 41 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سلمَان قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تذْهب فِي برزخ من الأَرْض حَيْثُ شَاءَت بَين السَّمَاء وَالْأَرْض حَتَّى يردهَا الله إِلَى أجسادها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 42 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن أنس قَالَ بَلغنِي أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ مُرْسلَة تذْهب حَيْثُ شَاءَت 43 - وَأخرج عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه سُئِلَ عَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ إِذا مَاتُوا أَيْن هم قَالَ صور طير بيض فِي ظلّ الْعَرْش وأرواح الْكَافرين فِي الأَرْض السَّابِعَة فَإِذا مَاتَ الْمُؤمن مر بِهِ على الْمُؤمنِينَ وَلَهُم أندية فيسألونه عَن بعض أَصْحَابهم فَإِن قَالَ مَاتَ قَالُوا سفل بِهِ وَإِن كَانَ كَافِرًا أهوي بِهِ إِلَى الأَرْض السافلة فيسألونه عَن الرجل فَإِن قَالَ مَاتَ قَالُوا عَليّ بِهِ 44 - وَأخرج الْمروزِي وإبن مَنْدَه فِي الْجَنَائِز وإبن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِن أَرْوَاح الْكفَّار تجمع ببرهوت سبخَة بحضرموت وأرواح الْمُؤمنِينَ بالجابية برهوت بِالْيمن والجابية بِالشَّام 45 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ الْجَابِيَة تَجِيء إِلَيْهَا كل روح طيبَة 46 - وَأخرج أَبُو بكر النجاد فِي جزئه الْمَشْهُور عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ خير وَادي النَّاس وَادي مَكَّة وَشر وَادي النَّاس وَادي الأحقاق وَاد بحضرموت يُقَال لَهُ برهوت فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار 47 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ قَالَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي بِئْر زَمْزَم 48 - وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وإبن مَنْدَه عَن الْأَخْنَس بن خَليفَة الضَّبِّيّ أَن كَعْب الْأَحْبَار أرسل إِلَى عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا يسْأَله عَن أَرْوَاح الْمُسلمين أَيْن تَجْتَمِع وأرواح أهل الشّرك أَيْن تَجْتَمِع فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو أما أَرْوَاح الْمُسلمين فتجتمع بأريحا وَأما أَرْوَاح أهل الشّرك فتجتمع بِصَنْعَاء فَرجع رَسُول الله إِلَيْهِ فَأخْبرهُ بِالَّذِي قَالَ فَقَالَ صدق وَقَالَ إِبْنِ جرير فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن عَوْف الطَّائِي حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة حَدثنَا صَفْوَان قَالَ سَأَلت عَامر بن عبد الله بِالْيمن هَل لأنفس الْمُؤمنِينَ مُجْتَمع فَقَالَ إِلَى الأَرْض يَقُول الله تَعَالَى {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 ) قَالَ هِيَ الأَرْض الَّتِي تَجْتَمِع إِلَيْهَا أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ حَتَّى يكون الْبَعْث 49 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ إِذا قبضت ترفع إِلَى ملك يُقَال لَهُ رميائيل وَهُوَ خَازِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ 50 - وَأخرج عَن أبان بن ثَعْلَب عَن رجل من أهل الْكتاب قَالَ الْملك الَّذِي على أَرْوَاح الْكفَّار يُقَال لَهُ دومة 51 - وَأخرج الْعقيلِيّ بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق خَالِد بن معدان عَن كَعْب قَالَ الْخضر على مِنْبَر من نور بَين الْبَحْر الْأَعْلَى وَالْبَحْر الْأَسْفَل وَقد أمرت دَوَاب الْبَحْر أَن تسمع لَهُ وتطيع وَتعرض عَلَيْهِ الْأَرْوَاح غدْوَة وَعَشِيَّة 52 - قَالَ إِبْنِ الْقيم مَسْأَلَة مقرّ الْأَرْوَاح بعد الْمَوْت عَظِيمَة لَا تتلقى إِلَّا من السّمع وَقد قيل إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ كلهم فِي الْجنَّة الشُّهَدَاء وَغَيرهم إِذا لم تحبسهم كَبِيرَة لظَاهِر حَدِيث كَعْب وَأم هانىء وَأم بشر وَأبي سعيد وضمرة وَنَحْوهَا وَلقَوْله تَعَالَى {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} قسم الْأَرْوَاح عقب خُرُوجهَا من الْبدن إِلَى ثَلَاثَة مقربين وَأخْبر أَنَّهَا فِي جنَّة النَّعيم وَأَصْحَاب يَمِين وَحكم لَهَا بِالسَّلَامِ وَهُوَ يتَضَمَّن سلامتها من الْعَذَاب ومكذبة ضَالَّة وَأخْبر أَن لَهَا نزلا من حميم وتصلية جحيم وَقَالَ تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك} إِلَى قَوْله {وادخلي جنتي} قَالَ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِنَّه يُقَال لَهَا ذَلِك عِنْد خُرُوجهَا من الدُّنْيَا على لِسَان الْملك بِشَارَة وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى فِي مُؤمن آل يس {قيل ادخل الْجنَّة قَالَ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ} وَقيل الْأَحَادِيث مَخْصُوصَة بِالشُّهَدَاءِ كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة أُخْرَى وَلقَوْله فِي غَيرهم إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي الحَدِيث وَلِحَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق إِنَّهُم فِي السَّمَاء السَّابِعَة ينظرُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ فِي الْجنَّة وَحَدِيث وهب مثله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 53 - وَقَالَ إِبْنِ حزم فِي طَائِفَة مستقرها حَيْثُ كَانَت قبل خلق أجسادها أَي عَن يَمِين آدم وشماله قَالَ وَهَذَا مَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة قَالَ تَعَالَى {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم} الْآيَة فصح أَن الله تَعَالَى خلق الْأَرْوَاح جملَة وَلذَلِك أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا إئتلف وَمَا تناكر مِنْهَا إختلف وَأخذ الله عهدها وشهادتها بالربوبية وَهِي مخلوقة مصورة عَاقِلَة قبل أَن تُؤمر بِالْمَلَائِكَةِ بِالسُّجُود لآدَم وَقبل أَن يدخلهَا فِي الأجساد والأجساد يَوْمئِذٍ تُرَاب وَمَاء ثمَّ أقرها حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ البرزخ الَّذِي ترجع إِلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ثمَّ لَا يزَال يبْعَث مِنْهَا الْجُمْلَة بعد الْجُمْلَة فينفخها فِي الأجساد المتولدة من الْمَنِيّ قَالَ فصح أَن الْأَرْوَاح أجسام حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر وَأَنَّهَا عارفة مُمَيزَة فيبلوها الله فِي الدُّنْيَا كَمَا يَشَاء ثمَّ يتوفاها فترجع إِلَى البرزخ الَّذِي رَآهَا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا أَرْوَاح أهل السَّعَادَة عَن يَمِين آدم وأرواح أهل الشقاوة عَن يسَاره عِنْد مُنْقَطع عناصر المَاء والهواء وَالتُّرَاب وَالنَّار تَحت السَّمَاء وَلَا يدل ذَلِك على تعادلهم بل هَؤُلَاءِ عَن يَمِينه فِي الْعُلُوّ وَالسعَة وَهَؤُلَاء عَن يسَاره فِي السّفل والسجن وَتجْعَل أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء إِلَى الْجنَّة قَالَ وَقد ذكر مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه ذكر هَذَا الَّذِي قُلْنَا بِعَيْنِه وَقَالَ على هَذَا أجمع أهل الْعلم 54 - قَالَ إِبْنِ حزم وَهُوَ قَول جَمِيع أَئِمَّة الْإِسْلَام وَهُوَ قَول الله تَعَالَى {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون فِي جنَّات النَّعيم} وَقَوله {فَأَما إِن كَانَ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 من المقربين) آخرهَا فَلَا تزَال الْأَرْوَاح هُنَاكَ حَتَّى يتم عَددهَا بنفخها فِي الأجساد ثمَّ برجوعها إِلَى البرزخ فتقوم السَّاعَة فيعيدها عز وَجل إِلَى الأجساد وَهِي الْحَيَاة الثَّانِيَة هَذَا كُله كَلَام إِبْنِ حزم وَقيل هِيَ على أفنية قبورها قَالَ إِبْنِ عبد الْبر وَهَذَا أصح مَا قيل قَالَ وَأَحَادِيث السُّؤَال وَعرض المقعد وَعَذَاب الْقَبْر ونعيمه وزيارة الْقُبُور وَالسَّلَام عَلَيْهَا وخطابهم مُخَاطبَة الْحَاضِر الْعَاقِل دَالَّة على ذَلِك 55 - قَالَ إِبْنِ الْقيم وَهَذَا القَوْل إِن أُرِيد بِهِ أَنَّهَا مُلَازمَة للقبور وَلَا تفارقها فَهُوَ خطأ يردهُ الْكتاب وَالسّنة وَعرض المقعد لَا يدل على أَن الرّوح فِي الْقَبْر وَلَا على فنائه بل إِن لَهَا إتصالا بِهِ يَصح أَن يعرض عَلَيْهَا مقعدها فَإِن للروح شَأْنًا آخر فَتكون فِي الرفيق الْأَعْلَى وَهِي مُتَّصِلَة بِالْبدنِ بِحَيْثُ إِذا سلم الْمُسلم على صَاحبهَا رد عَلَيْهِ السَّلَام وَهِي فِي مَكَانهَا هُنَاكَ وَهَذَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله سِتّمائَة جنَاح مِنْهَا جَنَاحَانِ سد الْأُفق فَكَانَ يدنو من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يضع رُكْبَتَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ وَيَديه على فَخذيهِ وَقُلُوب المخلصين تتسع للْإيمَان بِأَن من الْمُمكن أَنه كَانَ يدنو هَذَا الدنو وَهُوَ فِي مستقره من السَّمَاوَات وَفِي الحَدِيث فِي رُؤْيَة جِبْرِيل فَرفعت رَأسه فَإِذا جِبْرِيل صَاف قَدَمَيْهِ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يَقُول يَا مُحَمَّد أَنْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا جِبْرِيل فَجعلت لَا أصرف بَصرِي إِلَى نَاحيَة إِلَّا رَأَيْته كَذَلِك وعَلى هَذَا يحمل تنزله تَعَالَى إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا ودنوه عَشِيَّة عَرَفَة وَنَحْوه فَهُوَ منزه عَن الْحَرَكَة والإنتقال وَإِنَّمَا يَأْتِي الْغَلَط هُنَا من قِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد فيعتقد أَن الرّوح من جنس مَا يعْهَد من الْأَجْسَام الَّتِي إِذا أشغلت مَكَانا لم يُمكن أَن تكون فِي غَيره وَهَذَا غلط مَحْض وَقد رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء مُوسَى قَائِما يُصَلِّي فِي قَبره وَرَآهُ فِي السَّمَاء السَّادِسَة فالروح كَانَت هُنَاكَ فِي مثل الْبدن وَلها إتصال بِالْبدنِ بِحَيْثُ يُصَلِّي فِي قَبره وَيرد على من يسلم عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الرفيق الْأَعْلَى وَلَا تنَافِي بَين الْأَمريْنِ فَإِن شَأْن الْأَرْوَاح غير شَأْن الْأَبدَان وَقد مثل ذَلِك بَعضهم بالشمس فِي السَّمَاء وشعاعها فِي الأَرْض وَإِن كَانَ غير تَامّ الْمُطَابقَة من حَيْثُ أَن الشعاع إِنَّمَا هُوَ عرض للشمس أما الرّوح فَهِيَ بِنَفسِهَا تنزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وَكَذَلِكَ رُؤْيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْبِيَاء فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء فِي السَّمَاوَات الصَّحِيح أَنه رأى فِيهَا الْأَرْوَاح فِي مثل الْأَجْسَام مَعَ وُرُود أَنهم أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى عَليّ عِنْد قَبْرِي سمعته وَمن صلى عَليّ نَائِيا بلغته أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث بِأبي هُرَيْرَة وَقَالَ إِن الله وكل بقبري ملكا أعطَاهُ أَسمَاء الْخَلَائق فَلَا يُصَلِّي عَليّ أحد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا أبلغني بإسمه وَاسم أَبِيه أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عمار بن يَاسر هَذَا مَعَ الْقطع بِأَن روحه فِي أَعلَى عليين مَعَ أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء وَهُوَ فِي الرفيق الْأَعْلَى فَثَبت بِهَذَا أَنه لَا مُنَافَاة بَين كَون الرّوح فِي عليين أَو فِي الْجنَّة أَو فِي السَّمَاء وَأَن لَهَا بِالْبدنِ إتصالا بِحَيْثُ تدْرك وَتسمع وَتصلي وتقرأ وَإِنَّمَا يستغرب هَذَا لكَون الشَّاهِد الدنيوي لَيْسَ فِيهِ مَا يشابه هَذَا وَأُمُور البرزخ الْآخِرَة على نمط غير هَذَا المألوف فِي الدُّنْيَا هَذَا كُله كَلَام إِبْنِ الْقيم وَقَالَ فِي مَوضِع آخر للروح بِالْبدنِ خَمْسَة أَنْوَاع من التَّعَلُّق مُتَغَايِرَة الأول فِي بطن الْأُم الثَّانِي بعد الْولادَة الثَّالِث فِي حَال النّوم فلهَا بِهِ تعلق من وَجه ومفارقة من وَجه الرَّابِع فِي البرزخ فَإِنَّهَا وَإِن كَانَت قد فارقته بِالْمَوْتِ فَإِنَّهَا لم تُفَارِقهُ فراقا كليا بِحَيْثُ لم يبْق لَهَا إِلَيْهِ إلتفات الْخَامِس تعلقهَا بِهِ يَوْم الْبَعْث وَهُوَ أكمل أَنْوَاع التعلقات وَلَا نِسْبَة لما قبله إِلَيْهِ إِذْ لَا يقبل الْبدن مَعَه موتا وَلَا نوما وَلَا فَسَادًا وَقَالَ فِي مَوضِع آخر للروح من سرعَة الْحَرَكَة والإنتقال الَّذِي كلمح الْبَصَر مَا يَقْتَضِي عروجها من الْقَبْر إِلَى السَّمَاء فِي أدنى لَحْظَة وَشَاهد ذَلِك روح النَّائِم فقد ثَبت أَن روح النَّائِم تصعد حَتَّى تخترق السَّبع الطباق وتسجد لله بَين يَدي الْعَرْش ثمَّ ترد إِلَى جسده فِي أيسر زمَان ثمَّ حكى إِبْنِ الْقيم بعد ذَلِك بَقِيَّة الْأَقْوَال وَأَنَّهَا بالجابية أَو بِئْر زَمْزَم وَأَن الْكفَّار ببرهوت وَأورد مَا أخرجه إِبْنِ مَنْدَه بِسَنَدِهِ من طَرِيق سُفْيَان عَن أبان بن ثَعْلَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 قَالَ قَالَ رجل بت لَيْلَة بوادي برهوت فَكَأَنَّمَا حشرت فِيهِ أصوات النَّاس وهم يَقُولُونَ يَا دومة يَا دومة وَحدثنَا رجل من أهل الْكتاب أَن دومة هُوَ الْملك الْمُوكل بأرواح الْكفَّار قَالَ سُفْيَان سَأَلنَا عددا من الحضرميين فَقَالُوا لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يبيت فِيهِ بِاللَّيْلِ وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور عَن عَمْرو بن سُلَيْمَان قَالَ مَاتَ رجل من الْيَهُود وَعِنْده وَدِيعَة لمُسلم وَكَانَ لِلْيَهُودِيِّ إِبْنِ مُسلم فَلم يعرف مَوضِع الْوَدِيعَة فَأخْبر شعيبا الجبائي فَقَالَ أئت برهوت فَإِن بهَا عينا تسبت فَإِذا جِئْت فِي يَوْم السبت فامش عَلَيْهَا حَتَّى تَأتي عينا هُنَاكَ فَادع أَبَاك فَإِنَّهُ سيجيبك فسله عَمَّا تُرِيدُ فَفعل ذَلِك الرجل وَمضى حَتَّى أَتَى الْعين فَدَعَا أَبَاهُ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَأَجَابَهُ فَقَالَ أَيْن وَدِيعَة فلَان فَقَالَ تَحت أُسْكُفَّة الْبَاب فادفعها إِلَيْهِ والزم مَا أَنْت عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ إِبْنِ الْقيم وَلَا يحكم على قَول من هَذِه الْأَقْوَال بِعَيْنِه بِالصِّحَّةِ وَلَا غَيره بِالْبُطْلَانِ بل الصَّحِيح أَن الْأَرْوَاح مُتَفَاوِتَة فِي مستقرها فِي البرزخ أعظم تفَاوت وَلَا تعَارض بَين الْأَدِلَّة فَإِن كلا مِنْهَا وَارِد على فريق من النَّاس بِحَسب درجاتهم فِي السَّعَادَة أَو الشقاوة فَمِنْهَا أَرْوَاح فِي أَعلَى عليين فِي الْمَلأ الْأَعْلَى وهم الْأَنْبِيَاء وهم متفاوتون فِي مَنَازِلهمْ كَمَا رَآهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء وَمِنْهَا أَرْوَاح فِي حواصل طير خضر تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت وَهِي أَرْوَاح بعض الشُّهَدَاء لَا جَمِيعهم فَإِن مِنْهُم من يحبس عَن دُخُول الْجنَّة لدين أَو لغيره كَمَا فِي الْمسند عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا لي إِن قتلت فِي سَبِيل الله قَالَ الْجنَّة فَلَمَّا ولى قَالَ إِلَّا الدّين سَارَّنِي بِهِ جِبْرِيل آنِفا وَمِنْهُم من يكون على بَاب الْجنَّة كَمَا فِي حَدِيث إِبْنِ عَبَّاس وَمِنْهُم من يكون مَحْبُوسًا فِي قَبره كَحَدِيث صَاحب الشملة أَنَّهَا تشتعل عَلَيْهِ نَارا فِي قَبره وَمِنْهُم من يكون مَحْبُوسًا فِي الأَرْض لم تصل روحه إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى فَإِنَّهَا كَانَت روحا سفلية أرضية فَإِن الْأَنْفس الأرضية لَا تجامع الْأَنْفس السماوية كَمَا أَنَّهَا لَا تجامعها فِي الدُّنْيَا فالروح بعد الْمُفَارقَة تلْحق بأشكالها وَأَصْحَاب عَملهَا فالمرء مَعَ من أحب وَمِنْهَا أَرْوَاح تكون فِي تنور الزناة وأرواح فِي نهر الدَّم إِلَى غير ذَلِك فَلَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 للأرواح سعيدها وشقيها مُسْتَقر وَاحِد وَكلهَا على إختلاف محالها وتباين مقارها لَهَا إتصال بأجسادها فِي قبورها ليحصل لَهُ من النَّعيم وَالْعَذَاب مَا كتب لَهُ إنتهى كَلَام إِبْنِ الْقيم قلت وَيُؤَيّد مَا ذكره من الإتصال بالأجساد والإشتراك فِي النَّعيم أَو الْعَذَاب مَا أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه أَن حزقيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ أَتَانِي ملك فاحتملني حَتَّى وضعني بقاع من الأَرْض قد كَانَت معركة وَإِذا فِيهِ عشرَة آلَاف قَتِيل قد تبددت لحومهم وَتَفَرَّقَتْ أوصالهم قَالَ فدعوتهم فَإِذا كل عظم قد أقبل إِلَى مفصله ثمَّ نبت عَلَيْهَا اللَّحْم ثمَّ إنبسطت الْجُلُود وَأَنا أنظر فَقيل لي أدع أَرْوَاحهم فدعوتها فَإِذا كل روح قد أقبل إِلَى جسده لما جَلَسُوا سَأَلتهمْ فيمَ كُنْتُم قَالُوا إِنَّمَا لما متْنا وفارقتنا الْحَيَاة لَقينَا ملك يُقَال لَهُ مِيكَائِيل فَقَالَ هلموا أَعمالكُم وخذوا أجوركم كَذَلِك سنتنا فِيكُم وفيمن كَانَ قبلكُمْ وفيمن هُوَ كَائِن بعدكم فَنظر فِي أَعمالنَا فَوَجَدنَا نعْبد الْأَوْثَان فَسلط الدُّود على أَجْسَادنَا وَجعلت الْأَرْوَاح تألم وسلط الْغم على أَرْوَاحنَا وَجعلت الأجساد تألم فَلم نزل كَذَلِك نعذب حَتَّى دَعوتنَا 56 - وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَحَادِيث دَالَّة على أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء خَاصَّة فِي الْجنَّة دون غَيرهم وَحَدِيث كَعْب وَنَحْوه مَحْمُول على الشُّهَدَاء وَأما غَيرهم فَتَارَة تكون فِي السَّمَاء لَا فِي الْجنَّة وَتارَة تكون على أفنية الْقُبُور وَقد قيل إِنَّهَا تزور قبورها كل جُمُعَة على الدَّوَام وَقَالَ إِبْنِ الْعَرَبِيّ حَدِيث الجريدة يسْتَدلّ بِهِ على أَن الْأَرْوَاح فِي الْقُبُور تنعم أَو تعذب ثمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَبَعض الشُّهَدَاء أَرْوَاحهم خَارج الْجنَّة أَيْضا كَمَا فِي حَدِيث إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا على بارق نهر بِبَاب الْجنَّة وَذَلِكَ إِذا حَبسهم عَنْهَا دين أَو شَيْء من حُقُوق الْآدَمِيّين وروى أَبُو مُوسَى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أعظم الذُّنُوب عِنْد الله يلقاه بهَا عبد بعد الْكَبَائِر الَّتِي نهى الله عَنْهَا أَن يَمُوت رجل وَعَلِيهِ دين لَا يدع لَهُ قَضَاء أخرجه أَبُو دَاوُد قَالَ وَذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ كلهم فِي جنَّة المأوى وَلذَلِك سميت جنَّة المأوى لِأَنَّهَا تأوي إِلَيْهَا الْأَرْوَاح وَهِي تَحت الْعَرْش فيتنعمون بنعيمها ويتنسمون طيب رِيحهَا قَالَ وَالْأول أصح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 57 - وَقَالَ الْحَافِظ إِبْنِ حجر فِي فَتَاوِيهِ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي عليين وأرواح الْكَافرين فِي سِجِّين وَلكُل روح بجسدها إتصال معنوي لَا يشبه الإتصال فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا بل أشبه شَيْء بِهِ حَال النَّائِم وَإِن كَانَ هُوَ أَشد من حَال النَّائِم إتصالا قَالَ وَبِهَذَا يجمع بَين مَا ورد أَن مقرها فِي عليين أَو سِجِّين وَبَين مَا نَقله إِبْنِ عبد الْبر عَن الْجُمْهُور أَيْضا أَنَّهَا عِنْد أفنية قبورها قَالَ وَمَعَ ذَلِك فَهِيَ مَأْذُون لَهَا فِي التَّصَرُّف وتأوي إِلَى محلهَا من عليين أَو سِجِّين قَالَ وَإِذا نقل الْمَيِّت من قبر إِلَى قبر فالإتصال الْمَذْكُور مُسْتَمر وَكَذَا لَو تَفَرَّقت الْأَجْزَاء إنتهى قلت وَيُؤَيّد كَون الْمقر فِي عليين مَا أخرجه إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق إِبْنِ إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي الْحُسَيْن بن عبيد الله عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعد قتل جَعْفَر لقد مر بِي اللَّيْلَة جَعْفَر يقتفي نَفرا من الْمَلَائِكَة لَهُ جَنَاحَانِ متخضبة قوادمها بِالدَّمِ يُرِيدُونَ بيشة بَلَدا بِالْيمن 58 - وَأخرج إِبْنِ عدي من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عرفت جعفرا فِي رفْقَة من الْمَلَائِكَة يبشرون أهل بيشة بالمطر 59 - وَأخرج الْحَاكِم عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس قريب مِنْهُ إِذْ رد السَّلَام وَقَالَ يَا أَسمَاء هَذَا جَعْفَر مَعَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل مروا فَسَلمُوا علينا وَأَخْبرنِي أَنه لقى الْمُشْركين يَوْم كَذَا وَكَذَا قَالَ فَأَصَبْت فِي جَسَدِي من مقاديمي ثَلَاثًا وَسبعين من طعنة وضربة ثمَّ أخذت اللِّوَاء بيَدي الْيُمْنَى فَقطعت ثمَّ أَخَذته بيَدي الْيُسْرَى فَقطعت فعوضني الله من يَدي جناحين أطير بهما مَعَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَأنزل من الْجنَّة حَيْثُ شِئْت وآكل من ثمارها مَا شِئْت قَالَت أَسمَاء هَنِيئًا لجَعْفَر مَا رزقه الله من خير لَكِن أَخَاف أَن لَا يصدق النَّاس فأصعد الْمِنْبَر فَأخْبر بِهِ النَّاس فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ إِن جَعْفَر بن أبي طَالب مر مَعَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَله جَنَاحَانِ عوضه الله من يَدَيْهِ فَسلم عَليّ ثمَّ أخْبرهُم بِمَا أخبرهُ بِهِ 60 - وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي حَدِيث كَعْب نسمَة الْمُؤمن طَائِر وَهُوَ يدل على أَن نَفسهَا تكون طائرا أَي على صورته لَا أَنَّهَا تكون فِيهِ وَيكون الطَّائِر ظرفا لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وَكَذَا فِي رِوَايَة عَن إِبْنِ مَسْعُود عِنْد إِبْنِ مَاجَه أَرْوَاح الشُّهَدَاء عِنْد الله كطير خضر وَفِي لفظ عَن إِبْنِ عَبَّاس تجول فِي طير خضر وَفِي لفظ إِبْنِ عَمْرو فِي صور طير بيض وَفِي لفظ عَن كَعْب أَرْوَاح الشُّهَدَاء طير خضر قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا كُله أصح من رِوَايَة فِي جَوف طير خضر 61 - وَقَالَ الْقَابِسِيّ أنكر الْعلمَاء رِوَايَة فِي حواصل طير خضر لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تكون محصورة ومضيقا عَلَيْهَا ورد بِأَن الرِّوَايَة ثَابِتَة والتأويل مُحْتَمل بِأَن يَجْعَل فِي بِمَعْنى على وَالْمعْنَى أَرْوَاحهم على جَوف طير خضر كَقَوْلِه تَعَالَى {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} أَي على جُذُوع وَجَائِز أَن يُسمى الطير جوفا إِذْ هُوَ مُحِيط بِهِ ومشتمل عَلَيْهِ قَالَه عبد الْحق وَقَالَ غَيره لَا مَانع من أَن تكون فِي الأجواف حَقِيقَة ويوسعها الله لَهَا حَتَّى تكون أوسع من الفضاء 62 - وَقَالَ إِبْنِ دحْيَة فِي التَّنْوِير قَالَ قوم من الْمُتَكَلِّمين هَذِه رِوَايَة مُنكرَة وَقَالُوا لَا يكون روحان فِي جَسَد وَاحِد وَإِن ذَلِك محَال وَقَوْلهمْ جهل بالحقائق وإعترض على السّنة وَالْجَمَاعَة الثَّابِتَة فَإِن معنى الْكَلَام بَين فَإِن روح الشَّهِيد الَّذِي كَانَ فِي جَوف جسده فِي الدُّنْيَا يَجْعَل فِي جَوف جَسَد آخر كَأَنَّهُ صُورَة طَائِر فَيكون فِي هَذَا الْجَسَد الآخر كَمَا كَانَ فِي الأول وَذَلِكَ مُدَّة البرزخ إِلَى أَن يُعِيد الله يَوْم الْقِيَامَة كَمَا خلقه وَإِنَّمَا الَّذِي يَسْتَحِيل فِي الْعقل قيام حياتين بجوهر وَاحِد فيحيا الْجَوْهَر بهما جَمِيعًا وَأما روحان فِي جَسَد فَلَيْسَ بمحال إِذْ لم يقل بتداخل الْأَجْسَام فَهَذَا الْجَنِين فِي بطن أمه وروحه غير روحها وَقد إشتمل عَلَيْهِمَا جَسَد وَاحِد وَهَذَا أقرب لَو قيل لَهُم إِن الطَّائِر لَهُ روح غير روح الشَّهِيد وهما فِي جَسَد وَاحِد وَإِنَّمَا قيل فِي أَجْوَاف طير خضر أَي فِي صُورَة طير كَمَا نقُول رَأَيْت ملكا فِي صُورَة إِنْسَان وَهَذَا فِي غَايَة الْبَيَان إنتهى 63 - وَقَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي أَمَالِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} فَإِن قيل الْأَمْوَات كلهم كَذَلِك فَكيف خصص هَؤُلَاءِ فَالْجَوَاب أَن الْكل لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْمَوْت عبارَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 عَن أَن تنْزع الرّوح عَن الأجساد لقَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} أَي يَأْخُذهَا وافية من الأجساد والمجاهد تنقل روحه إِلَى طير خضر فقد إنتقل من جَسَد إِلَى آخر بِخِلَاف غَيره فَإِن أَرْوَاحهم تنفى من الأجساد 64 - قَالَ وَأما حَدِيث كَعْب نسمَة الْمُؤمن إِلَى آخِره فَهَذَا الْعُمُوم مَحْمُول على الْمُجَاهدين لِأَنَّهُ قد ورد أَن الرّوح فِي الْقَبْر يعرض عَلَيْهَا مقعدها من الْجنَّة وَالنَّار ولأنا أمرنَا بِالسَّلَامِ على الْقُبُور وَلَوْلَا أَن الْأَرْوَاح تدْرك لما كَانَ فِيهِ فَائِدَة إنتهى فَاخْتَارَ فِي أَرْوَاح الشُّهَدَاء أَنَّهَا كَانَت كائنة فِي طير لَا أَنَّهَا نَفسهَا طير وَيُؤَيِّدهُ مَا تقدم عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَإِنَّمَا تركب فِي جَسَد آخر وَهُوَ وَإِن كَانَ مَوْقُوفا فَلهُ حكم الْمَرْفُوع لِأَن مثله لَا يُقَال من قبل الرَّأْي وَقد رَأَيْت لَهُ شَاهدا مَرْفُوعا 65 - وَأخرج 7 هناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد من طَرِيق إِبْنِ إِسْحَاق عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ حَدثنَا بعض أهل الْعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشُّهَدَاء ثَلَاثَة فأدنى الشُّهَدَاء عِنْد الله منزلَة رجل خرج مَنْبُوذًا بِنَفسِهِ وَمَاله لَا يُرِيد أَن يقتل وَلَا يقتل أَتَاهُ سهم غرب فَأَصَابَهُ فَأول قَطْرَة تقطر من دَمه يغْفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ثمَّ يهْبط الله جسدا من السَّمَاء يَجْعَل فِيهِ روحه ثمَّ يصعد بِهِ إِلَى الله فَمَا يمر بسماء من السَّمَاوَات إِلَّا شيعته الْمَلَائِكَة حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله فَإِذا أَنْتَهِي بِهِ وَقع سَاجِدا ثمَّ يُؤمر بِهِ فيكسى سبعين حلَّة من الإستبرق ثمَّ يُقَال إذهبوا بِهِ إِلَى إخوانه من الشُّهَدَاء فَاجْعَلُوهُ مَعَهم فَيُؤتى بِهِ إِلَيْهِم وهم فِي قبَّة خضراء عِنْد بَاب الْجنَّة يخرج عَلَيْهِم غذاؤهم من الْجنَّة فَإِذا إنتهى إِلَى إخوانه سَأَلُوهُ كَمَا تسْأَلُون الرَّاكِب يقدم عَلَيْكُم من بِلَادكُمْ فَيَقُولُونَ مَا فعل فلَان مَا فعل فلَان فَيَقُول أفلس فلَان فَيَقُولُونَ مَا فعل بِمَالِه فوَاللَّه إِنَّه كَانَ لكيسا جموعا تَاجِرًا إِنَّا لَا نعد الْمُفلس كَمَا تَعدونَ إِنَّمَا الْمُفلس من الْأَعْمَال فَيَقُولُونَ مَا فعل فلَان بإمرأته فُلَانَة فَيَقُول طَلقهَا فَيَقُولُونَ مَا الَّذِي جرى بَينهمَا حَتَّى طَلقهَا فوَاللَّه إِن كَانَ بهَا لمعجبا فَيَقُولُونَ مَا فعل فلَان فَيَقُول مَاتَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 قبلي بِزَمَان فَيَقُولُونَ هلك وَالله مَا سمعنَا لَهُ بِذكر إِن لله طَرِيقين أَحدهمَا علينا وَالْآخر مُخَالف بِهِ عَنَّا فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا مر بِهِ علينا فَعرفنَا مَتى مَاتَ وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد شرا خُولِفَ بِهِ عَنَّا فَلم نسْمع لَهُ بِذكر الحَدِيث قَالَ فِي الصِّحَاح أَصَابَهُ سهم غرب يُضَاف وَلَا يُضَاف يسكن ويحرك إِذا كَانَ لَا يدرى من رَمَاه 66 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم عَن حَيَّان بن جبلة قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّهِيد إِذا أستشهد أنزل الله لَهُ جسدا كأحسن جَسَد ثمَّ يُقَال لروحه أدخلي فِيهِ فَينْظر إِلَى جسده الأول مَا فعل بِهِ وَيتَكَلَّم فيظن أَنهم يسمعُونَ كَلَامه فَينْظر إِلَيْهِم فيظن أَنهم يرونه حَتَّى يَأْتِيهِ أَزوَاجه يَعْنِي من الْحور الْعين فيذهبن بِهِ وَقَالَ صَاحب الإفصاح الْمُنعم على جِهَات مُخْتَلفَة مِنْهَا مَا هُوَ طَائِر فِي شجر الْجنَّة وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي حواصل طير خضر وَمِنْهَا مَا يأوي فِي قناديل تَحت الْعَرْش وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي حواصل طير بيض وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي حواصل طير كالزرازير وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي أشخاص صور من صور الْجنَّة وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي صُورَة تخلق لَهُم من ثَوَاب أَعْمَالهم وَمِنْهَا مَا تسرح وتتردد إِلَى جثتها تزورها وَمِنْهَا مَا تلقى أَرْوَاح المقبوضين وَمِمَّنْ سوى ذَلِك مَا هُوَ كَفَالَة مِيكَائِيل وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي كَفَالَة آدم وَمِنْهَا مَا هُوَ كَفَالَة إِبْرَاهِيم قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا قَول حسن لجمع الْأَخْبَار حَتَّى لَا تتدافع قلت وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي حَدِيث الْإِسْرَاء عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وإبن مرْدَوَيْه من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ ثمَّ صعدت إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَإِذا أَنا بِيَحْيَى وَعِيسَى ومعهما نفر من قومهما ثمَّ صعدت إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِذا أَنا بِيُوسُف وَمَعَهُ نفر من قومه ثمَّ صعدت إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا أَنا بِإِدْرِيس وَمَعَهُ نفر من قومه ثمَّ صعدت إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِذا أَنا بهَارُون وَمَعَهُ نفر من قومه ثمَّ صعدت إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا أَنا بمُوسَى وَمَعَهُ نفر من قومه ثمَّ صعدت إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا أَنا بإبراهيم وَمَعَهُ نفر من قومه فَقيل لي هَذَا مَكَانك وَمَكَان أمتك ثمَّ تَلا {إِن أولى} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 النَّاس بإبراهيم للَّذين إتبعوه وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا) وَإِذا بأمتي شطران شطر عَلَيْهِم ثِيَاب بيض كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيس وَشطر عَلَيْهِم ثِيَاب مدر الحَدِيث فَهَذَا يدل على تفَاوت الْأَرْوَاح فِي الْمَرَاتِب وَأَن فِي كل سَمَاء قوما 67 - وَقَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ الْأَرْوَاح تجول فِي البرزخ فتبصر أَحْوَال الدُّنْيَا وأحوال الْمَلَائِكَة تَتَحَدَّث فِي السَّمَاء عَن أَحْوَال الْآدَمِيّين وأرواح تَحت الْعَرْش وأرواح طيارة إِلَى الْجنان إِلَى حَيْثُ شَاءَت على أقدارهم من السَّعْي إِلَى الله أَيَّام الْحَيَاة 68 - وَذكر الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر لما ذكر حَدِيث إِبْنِ مَسْعُود فِي أَرْوَاح الشُّهَدَاء وَحَدِيث إِبْنِ عَبَّاس ثمَّ أورد حَدِيث البُخَارِيّ عَن الْبَراء قَالَ لما توفّي إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة ثمَّ قَالَ فَحكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على إبنه إِبْرَاهِيم بِأَنَّهُ يرضع فِي الْجنَّة وَهُوَ مدفون بِالبَقِيعِ فِي مَقْبرَة الْمَدِينَة 69 - وَقَالَ إِبْنِ الْقيم لَا مُنَافَاة بَين حَدِيث أَنه طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة وَبَين حَدِيث عرض المقعد بل ترد روحه أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثَمَرهَا ويعرض عَلَيْهِ مَقْعَده لِأَنَّهُ لَا يدْخلهُ إِلَّا يَوْم الْجَزَاء بِدَلِيل أَن منَازِل الشُّهَدَاء يَوْمئِذٍ لَيست هِيَ الَّتِي تأوي إِلَيْهَا أَرْوَاحهم فِي البرزخ فدخول الْجنَّة التَّام إِنَّمَا يكون للْإنْسَان التَّام روحا وبدنا وَدخُول الرّوح فَقَط أَمر دون ذَلِك 70 - وَفِي بَحر الْكَلَام للنسفي الْأَرْوَاح على أَرْبَعَة أوجه أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء تخرج من جَسدهَا وَتصير مثل صورتهَا مثل الْمسك والكافور وَتَكون فِي الْجنَّة تَأْكُل وتشرب وتتنعم وتأوي بِاللَّيْلِ إِلَى قناديل معلقَة تَحت الْعَرْش وأرواح الشُّهَدَاء تخرج من جَسدهَا وَتَكون فِي أَجْوَاف طير خضر فِي الْجنَّة تَأْكُل وتتنعم وتأوي بِاللَّيْلِ إِلَى قناديل معلقَة بالعرش وأرواح المطيعين من الْمُؤمنِينَ بربض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 الْجنَّة لَا تَأْكُل وَلَا تتمتع وَلَكِن تنظر فِي الْجنَّة وأرواح العصاة من الْمُؤمنِينَ تكون بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فِي الْهَوَاء وَأما أَرْوَاح الْكفَّار فَهِيَ فِي سِجِّين فِي جَوف طير سود تَحت الأَرْض السَّابِعَة وَهِي مُتَّصِلَة بأجسادها فتعذب الْأَرْوَاح وتتألم الأجساد مِنْهُ كَالشَّمْسِ فِي السَّمَاء ونورها فِي الأَرْض إنتهى 71 - وَقَالَ الْحَافِظ إِبْنِ رَجَب فِي أهوال الْقُبُور فِي الْبَاب التَّاسِع فِي ذكر مَحل أَرْوَاح الْمَوْتَى فِي البرزخ أما الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَلَا شكّ أَن أَرْوَاحهم عِنْد الله فِي أَعلَى عليين وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَن آخر كلمة تكلم بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مَوته أَنه قَالَ اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى وَقَالَ رجل لإبن مَسْعُود قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي الْجنَّة وَأما الشُّهَدَاء فَأكْثر الْعلمَاء على أَنهم فِي الْجنَّة وَقد تكاثرت الْأَحَادِيث بذلك كَحَدِيث مُسلم عَن إِبْنِ مَسْعُود وَحَدِيث أَحْمد وَأبي دَاوُد عَن إِبْنِ عَبَّاس وَغَيرهمَا مِمَّا سبق وَمن الْأَحَادِيث غير مَا تقدم مَا أخرجه أَحْمد وإبن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعجبه الرُّؤْيَا الْحَسَنَة فَكَانَ فِيمَا يَقُول هَل رأى أحد مِنْكُم رُؤْيا فَإِذا رأى الرجل الَّذِي لَا يعرفهُ الرُّؤْيَا سَأَلَ عَنهُ فَإِن أخبر عَنهُ بِمَعْرُوف كَانَ أعجب لرؤياه قَالَ فَجَاءَت إمرأة فَقَالَت يَا رَسُول الله رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي خرجت فأدخلت الْجنَّة فَسمِعت وجبة إرتجت لَهَا الْجنَّة فَإِذا أَنا بفلان وَفُلَان حَتَّى عدت إثني عشر رجلا وَقد بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة قبل ذَلِك فجيء بهم وَعَلَيْهِم ثِيَاب طلس تشخب أوداجهم فَقيل إذهبوا بهم إِلَى نهر البيدخ فغمسوا فِيهِ فأخرجوا ووجوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر وَأتوا بكراسي من ذهب فأقعدوا عَلَيْهَا وَجِيء بصحفة من ذهب فِيهَا بسرة فَأَكَلُوا من البسرة مَا شاؤوا فَمَا يقلبونها لوجه من وَجه إِلَّا أكلُوا من فَاكِهَة مَا شاؤوا قَالَت وأكلت مَعَهم فجَاء البشير من تِلْكَ السّريَّة فَقَالَ يَا رَسُول الله كَانَ كَذَا وَكَذَا وَأُصِيب فلَان وَفُلَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 حَتَّى عد إثني عشر رجلا فَقَالَ عَليّ بِالْمَرْأَةِ فَقَالَ قصي رُؤْيَاك على هَذَا فَقَالَ الرجل هُوَ كَمَا قَالَت أُصِيب فلَان وَفُلَان وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ لَيْسَ الشُّهَدَاء فِي الْجنَّة وَلَكنهُمْ يرْزقُونَ مِنْهَا 72 - وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} الْآيَة قَالَ يَقُول أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ من ثَمَر الْجنَّة ويجدون رِيحهَا وَلَيْسوا فِيهَا وَقد يسْتَدلّ لَهُ بِحَدِيث إِبْنِ عَبَّاس الشُّهَدَاء على نهر بارق بِبَاب الْجنَّة الحَدِيث فَإِنَّهُ يدل على أَن النَّهر خَارج الْجنَّة وَيُجَاب بِأَن إِبْنِ إِسْحَاق رَاوِيه مُدَلّس وَلم يُصَرح بِالتَّحْدِيثِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي عُمُوم الشُّهَدَاء وَالَّذين فِي الْقَنَادِيل تَحت الْعَرْش خواصهم أَو لَعَلَّ المُرَاد بِالشُّهَدَاءِ هُنَا من هُوَ شَهِيد غير من قتل فِي سَبِيل الله كالمطعون والمبطون والغريق وَغَيرهم مِمَّن ورد النَّص بِأَنَّهُ شَهِيد أَو سَائِر الْمُؤمنِينَ فقد يُطلق الشَّهِيد على من حقق الْإِيمَان وَشهد بِصِحَّتِهِ كَمَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ كل مُؤمن صديق وشهيد قيل مَا تَقول يَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ إقرؤوا {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم} وروى الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مؤمنو أمتِي شُهَدَاء ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة وَأما بَقِيَّة الْمُؤمنِينَ سوى الشُّهَدَاء فَأهل تَكْلِيف وَغَيرهم كأطفال الْمُؤمنِينَ الْجُمْهُور على أَنهم فِي الْجنَّة وَحكى الإِمَام أَحْمد الْإِجْمَاع على ذَلِك قَالَ فِي رِوَايَة جَعْفَر بن مُحَمَّد لَيْسَ فيهم إختلاف أَنهم فِي الْجنَّة وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَيْمُونِيّ وَلَا أحد يشك أَنهم فِي الْجنَّة وَكَذَلِكَ نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله على أَنهم فِي الْجنَّة وَجَاء صَرِيحًا عَن السّلف أَن أَرْوَاحهم فِي الْجنَّة وَذهب طَائِفَة إِلَى أَنه يشْهد لأطفال الْمُؤمنِينَ عُمُوما أَنهم فِي الْجنَّة وَلَا يشْهد لآحادهم وَلَعَلَّ هَذَا يرجع إِلَى أَن الطِّفْل الْمعِين لَا يشْهد لِأَبِيهِ بِالْإِيمَان فَلَا يشْهد حِينَئِذٍ لَهُ أَنه من أَطْفَال الْمُؤمنِينَ فَيكون التَّوَقُّف فِي آحادهم للتوقف فِي إِيمَان آبَائِهِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وَلم يثبت هَذَا القَوْل صَرِيحًا عَن أحد من الْأَئِمَّة وَإِنَّمَا أَخذ ذَلِك من عمومات كَلَام لَهُم وَإِنَّمَا أَرَادوا بِهِ أَطْفَال الْمُشْركين وَقد إستدل أَحْمد بِحَدِيث وصغارهم دعاميص الْجنَّة وَنَحْوه قَالَ الإِمَام أَحْمد إِذا كَانَ يُرْجَى لِأَبَوَيْهِ دُخُول الْجنَّة بِسَبَبِهِ فَكيف يشك فِيهِ وَأما المكلفون من الْمُؤمنِينَ سوى الشُّهَدَاء فَاخْتلف الْعلمَاء فيهم قَدِيما وحديثا فنص الإِمَام أَحْمد على أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي الْجنَّة وأرواح الْكفَّار فِي النَّار وَاسْتدلَّ بِحَدِيث كَعْب بن مَالك وَأم هانىء وَأبي هُرَيْرَة وَأم بشر وَعبد الله بن عَمْرو وَنَحْوهم وَرُوِيَ عَن هِلَال بن يسَاف أَن إِبْنِ عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن عليين وسجين فَقَالَ كَعْب أما علييون فالسماء السَّابِعَة فِيهَا أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ وَأما سِجِّين فالأرض السَّابِعَة السُّفْلى فِيهَا أَرْوَاح الْكفَّار تَحت خد إِبْلِيس وَقد ثَبت بالأدلة أَن الْجنَّة فَوق السَّمَاء السَّابِعَة وَأَن النَّار تَحت الأَرْض السَّابِعَة وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ لذَلِك مَا أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن خَدِيجَة فَقَالَ أبصرتها على نهر من أَنهَار الْجنَّة فِي بَيت من قصب لَا لَغْو فِيهِ وَلَا نصب 73 - وَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد مُنْقَطع عَن فَاطِمَة أَنَّهَا قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن أمنا خَدِيجَة قَالَ فِي بَيت من قصب لَا لَغْو فِيهِ وَلَا نصب بَين مَرْيَم وآسية إمرأة فِرْعَوْن قَالَت من هَذَا الْقصب قَالَ لَا بل من الْقصب المنظوم بالدر والياقوت وَمَا أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وإبن مَاجَه وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رجم الْأَسْلَمِيّ الَّذِي اعْترف عِنْده بِالزِّنَا قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه الْآن فِي أَنهَار الْجنَّة ينغمس فِيهَا 74 - وَمَا أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وإبن مَاجَه من حَدِيث ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا فَارق الرّوح الْجَسَد وبرىء من ثَلَاث دخل الْجنَّة من الْكبر والغلول وَالدّين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 75 - وَقَالَت طَائِفَة الْأَرْوَاح فِي الأَرْض ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَت فرقة الْأَرْوَاح تَسْتَقِر على أفنية الْقُبُور قَالَه إِبْنِ وضاح وَحَكَاهُ إِبْنِ حزم عَن عَامَّة أَصْحَاب الحَدِيث وَرجح إِبْنِ عبد الْبر أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي الْجنَّة وأرواح غَيرهم على أفنية الْقُبُور فتسرح حَيْثُ شَاءَت وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيث السَّلَام عَلَيْهِم وَعرض المقعد وَلَا دَلِيل فِي ذَلِك على أَن الْأَرْوَاح لَيست فِي الْجنَّة فَإِن الْعرض على الْجَسَد وللروح بِهِ إتصال وَالروح وَحدهَا فِي الْجنَّة وَكَذَا السَّلَام على أهل الْقُبُور لَا يدل على إستقرار أَرْوَاحهم على أفنية قُبُورهم فَإِنَّهُ يسلم على قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء وأرواحهم فِي أَعلَى عليين وَلَكِن لَهَا مَعَ ذَلِك إتصال سريع بالجسد وَلَا يعلم كنه ذَلِك وكيفيته على الْحَقِيقَة إِلَّا الله عز وَجل وَيشْهد لذَلِك الْأَحَادِيث المروية فِي أَن النَّائِم يعرج بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْش هَذَا مَعَ تعلقهَا بِبدنِهِ وَسُرْعَة عودهَا إِلَيْهِ عِنْد إستيقاظه فأرواح الْمَوْتَى المتجردة عَن أبدانهم أولى بعروجها إِلَى السَّمَاء وعودها إِلَى الْقَبْر فِي مثل تِلْكَ السرعة 76 - وَقَالَت فرقة تجمع الْأَرْوَاح بِموضع من الأَرْض فأرواح الْمُؤمنِينَ تجمع بالجابية وَقيل ببئر زَمْزَم وأرواح الْكفَّار تجمع ببئر برهوت وَرجحه القَاضِي أَبُو يعلى من الْحَنَابِلَة فِي كِتَابَة الْمُعْتَمد وَهُوَ مُخَالف لنَصّ أَحْمد أَن أَرْوَاح الْكفَّار فِي النَّار وَلَعَلَّ لبئر برهوت إتصالا بجهنم فِي قعرها كَمَا رُوِيَ فِي الْبَحْر أَن تَحْتَهُ جَهَنَّم وَفِي كتاب الحكايات لأبي عمر أَحْمد بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي حَدثنَا أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عِيسَى الطرسوسي حَدثنَا حَامِد بن يحيى بن سليم قَالَ كَانَ عندنَا بِمَكَّة رجل من أهل خُرَاسَان يودع الودائع فيؤديها فأودعه رجل عشرَة آلَاف دِينَار وَغَابَ وَحضر الْخُرَاسَانِي الْوَفَاة فَمَا ائْتمن أحدا من أَوْلَاده عَلَيْهَا فدفنها فِي بعض بيوته وَمَات فَقدم الرجل وَسَأَلَ بنيه فَقَالُوا مَا لنا بهَا علم فسألوا الْعلمَاء الَّذين كَانُوا بِمَكَّة وهم يَوْمئِذٍ متوافرون فَقَالُوا مَا نرَاهُ إِلَّا من أهل الْجنَّة وَقد بلغنَا أَن أَرْوَاح أهل الْجنَّة فِي زَمْزَم فَإِذا مضى من اللَّيْل ثلثه أَو نصفه فأت زَمْزَم فقف على شفيرها ثمَّ ناده فَإنَّا نرجو أَن يجيبك فَإِن أجابك فسله عَن مَالك فَذهب كَمَا قَالُوا فَنَادَى أول لَيْلَة وثانية وثالثة فَلم يجب فَرجع إِلَيْهِم فَقَالَ ناديت ثَلَاثًا فَلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 أجب فَقَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون مَا نرى صَاحبك إِلَّا من أهل النَّار فَاخْرُج إِلَى الْيَمين فَإِن بهَا وَاديا يُقَال لَهُ برهوت فِيهِ بِئْر يُقَال بهَا برهوت فِيهَا أَرْوَاح أهل النَّار فقف على شفيرها فناده فِي الْوَقْت الَّذِي ناديت بِهِ فِي زَمْزَم فَذهب كَمَا قيل لَهُ فِي اللَّيْل فَنَادَى يَا فلَان بن فلَان أَنا فلَان فَأَجَابَهُ فِي أول صَوت وَسَقَطت بَقِيَّة الْحِكَايَة من الْكتاب 77 - وَقَالَ صَفْوَان بن عمر سَأَلت عَامر بن عبد الله أَبَا الْيَمَان هَل لأنفس الْمُؤمنِينَ مُجْتَمع فَقَالَ يُقَال إِن الأَرْض الَّتِي يَقُول الله تَعَالَى {أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} هِيَ الأَرْض الَّتِي تَجْتَمِع أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِيهَا حَتَّى يكون الْبَعْث أخرجه إِبْنِ مَنْدَه وَهَذَا غَرِيب جدا وَتَفْسِير الْآيَة بذلك أغرب 78 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ كتب عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا إِلَى أبي بن كَعْب يسْأَله أَيْن تلتقي أَرْوَاح أهل الْجنَّة وأرواح أهل النَّار فَقَالَ أما أَرْوَاح أهل الْجنَّة فبالجابية وَأما أَرْوَاح الْكفَّار فبحضرموت 79 - وَقَالَت طَائِفَة من الصَّحَابَة الْأَرْوَاح عِنْد الله صَحَّ ذَلِك عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا 80 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه من طَرِيق الشّعبِيّ عَن حُذَيْفَة قَالَ إِن الْأَرْوَاح مَوْقُوفَة عِنْد الله تنْتَظر موعدها حَتَّى ينْفخ فِيهَا وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا وَردت بِهِ الْأَخْبَار من مَحل الْأَرْوَاح على مَا سبق 81 - وَقَالَت طَائِفَة أَرْوَاح بني آدم عِنْد أَبِيهِم آدم عَن يَمِينه وشماله لما فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي قصَّة الْإِسْرَاء فَلَمَّا فتح علونا السَّمَاء فَإِذا رجل قَاعد على يَمِينه أَسْوِدَة وعَلى يسَاره أَسْوِدَة فَإِذا نظر قبل يَمِينه ضحك وَإِذا نظر قبل شِمَاله بَكَى فَقلت لجبريل من هَذَا فَقَالَ آدم وَهَذِه الأسودة عَن يَمِينه وشماله نسم بنيه فَأهل الْيَمين مِنْهُم أهل الْجنَّة والأسودة الَّتِي عَن شِمَاله أهل النَّار فَإِذا نظر عَن يَمِينه ضحك وَإِذا نظر عَن شِمَاله بَكَى الحَدِيث وَظَاهر هَذَا اللَّفْظ يَقْتَضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 أَن أَرْوَاح الْكفَّار فِي السَّمَاء وَهُوَ مُخَالف لِلْقُرْآنِ وَلِحَدِيث أَن السَّمَاء لَا تفتح لأرواح الْكفَّار وَقد ورد فِي بعض طرق الحَدِيث مَا يزِيل الْإِشْكَال وَلَفظه وَإِذا هُوَ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته فَإِذا كَانَ روح الْمُؤمن قَالَ روح طيبَة إجعلوها فِي عليين وَإِذا كَانَ روح الْكَافِر قَالَ روح خبيثة إجعلوها فِي سِجِّين الحَدِيث فَفِي هَذَا أَنه تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَأَنه يُؤمر بِجعْل الْأَرْوَاح فِي مستقرها فَدلَّ على أَن الْأَرْوَاح لَيْسَ مَحل إستقرارها فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَزعم إِبْنِ حزم أَن الله خلق الْأَرْوَاح جملَة قبل الأجساد وَأَنه جعلهَا فِي برزخ وَذَلِكَ البرزخ عِنْد مُنْقَطع العناصر بِحَيْثُ لَا مَاء وَلَا هَوَاء وَلَا تُرَاب وَلَا نَار وَأَنه إِذا خلق الأجساد أَدخل فِيهَا تِلْكَ الْأَرْوَاح ثمَّ يُعِيدهَا عِنْد قبضهَا إِلَى ذَلِك البرزخ وتعجل أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء إِلَى الْجنَّة وَهَذَا قَول لم يقلهُ أحد من الْمُسلمين وَلَا هُوَ من جنس كَلَامهم وَإِنَّمَا هُوَ من جنس كَلَام المتفلسفة وَحكي عَن طَائِفَة من الْمُتَكَلِّمين أَن الْأَرْوَاح تَمُوت بِمَوْت الأجساد وَنسب إِلَى الْمُعْتَزلَة وَقَالَ بِهِ جمَاعَة من فُقَهَاء الأندلس قَدِيما مِنْهُم عبد الْأَعْلَى بن وهب بن مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَمن متأخريهم كالسهيلي وَأبي بكر بن الْعَرَبِيّ وَقد اشْتَدَّ نَكِير الْعلمَاء لهَذِهِ الْمقَالة حَتَّى قَالَ سَحْنُون بن سعيد وَغَيره هَذَا قَول أهل الْبدع والنصوص الْكَثِيرَة الدَّالَّة على بَقَاء الْأَرْوَاح بعد مفارقتها للأبدان ترد ذَلِك وتبطله وَالْفرق بَين حَيَاة الشُّهَدَاء وَغَيرهم من الْمُؤمنِينَ الَّذين أَرْوَاحهم فِي الْجنَّة من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء تخلق لَهَا أجساد وَهِي الطير الَّتِي تكون فِي حواصلها ليكمل بذلك نعيمها وَيكون أكمل من نعيم الْأَرْوَاح الْمُجَرَّدَة عَن الأجساد فَإِن الشُّهَدَاء بذلوا أَجْسَادهم للْقَتْل فِي سَبِيل الله فعوضعوا عَنْهَا بِهَذِهِ الأجساد فِي البرزخ وَالثَّانِي أَنهم يرْزقُونَ من الْجنَّة وَغَيرهم لم يثبت فِي حَقه مثل ذَلِك وَإِن جَاءَ أَنهم يعلقون فِي شجر الْجنَّة فَقيل مَعْنَاهُ التَّعَلُّق وَقيل الْأكل من الشّجر وَبِكُل حَال فَلَا يلْزم مساواتهم للشهداء فِي كَمَال تنعمهم فِي الْأكل وَالله أعلم 82 - وَأما مَا أخرجه إِبْنِ السّني عَن إِبْنِ مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل الْمَقَابِر قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أيتها الْأَرْوَاح الفانية والأبدان البالية وَالْعِظَام النخرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 الَّتِي خرجت من الدُّنْيَا وَهِي بِاللَّه مُؤمنَة اللَّهُمَّ أَدخل عَلَيْهِم روحا مِنْك وَسلَامًا منا فَإِنَّهُ مَعَ ضعف سَنَده مؤول بِأَن المُرَاد بِفنَاء الْأَرْوَاح ذهابها من الأجساد الْمُشَاهدَة فَائِدَة 83 - قَالَ إِبْنِ الْقيم للنَّفس أَرْبَعَة دور كل دَار أعظم من الَّتِي قبلهَا الأولى بطن الْأُم وَذَلِكَ مَحل الْحصْر والضيق وَالْغَم والظلمات الثَّلَاث الثَّانِيَة هَذِه الدَّار الَّتِي نشأت فِيهَا وألفتها واكتسبت فِيهَا الْخَيْر وَالشَّر الثَّالِثَة دَار البرزخ وَهِي أوسع من هَذِه الدَّار وَأعظم وَنسبَة هَذِه الدَّار إِلَيْهَا كنسبة الدَّار الأولى إِلَى هَذِه الرَّابِعَة الدَّار الَّتِي لَا دَار بعْدهَا دَار الْقَرار الْجنَّة أَو النَّار وَلها فِي كل دَار من هَذِه الدّور حكم وشأن غير شَأْن الْأُخْرَى قلت وَيدل لما ذكره فِي الثَّالِثَة مَا أخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من مُرْسل سليم بن عَامر الجنائزي مَرْفُوعا إِن مثل الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا كَمثل الْجَنِين فِي بطن أمه إِذا خرج من بَطنهَا بَكَى على مخرجه حَتَّى إِذا رأى الضَّوْء ورضع لم يحب أَن يرجع إِلَى مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ الْمُؤمن يجزع من الْمَوْت فَإِذا أقضى إِلَى ربه لم يحب أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا كَمَا لَا يحب الْجَنِين أَن يرجع إِلَى بطن أمه 84 - وَأخرج أَيْضا من مُرْسل عَمْرو بن دِينَار أَن رجلا مَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبح هَذَا مرتحلا من الدُّنْيَا فَإِن كَانَ قد رَضِي فَلَا يسره أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا كَمَا لَا يسر أحدكُم أَن يرجع إِلَى بطن أمه 85 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شبهت خُرُوج الْمُؤمن من الدُّنْيَا إِلَّا كَمثل خُرُوج الصَّبِي من بطن أمه من ذَلِك الْغم والظلمة إِلَى روح الدُّنْيَا فَائِدَة 86 - حكى اليافعي فِي كِفَايَة المعتقد عَن الشَّيْخ عمر بن الفارض أَنه حضر جَنَازَة رجل من الْأَوْلِيَاء قَالَ فَلَمَّا صلينَا عَلَيْهِ وَإِذا الجو قد إمتلأ بطيور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 خضر فجَاء طير كَبِير مِنْهُم فابتلعه ثمَّ طَار قَالَ فتعجبت من ذَلِك فَقَالَ لي رجل كَانَ قد نزل من الْهَوَاء وَحضر الصَّلَاة لَا تعجب فَإِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حواصل طيور خضر ترعى فِي الْجنَّة أُولَئِكَ شُهَدَاء السيوف وَأما شُهَدَاء المحنة فأجسادهم أَرْوَاح قلت وَيُشبه هَذَا مَا أخرجه إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن زيد بن أسلم قَالَ كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل قد أعتزل النَّاس فِي كَهْف جبل وَكَانَ أهل زَمَانه إِذا قحطوا إستغاثوا بِهِ فَدَعَا الله فسقاهم فَمَاتَ فَأخذُوا فِي جهازه فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا هم بسرير يرفرف فِي عنان السَّمَاء حَتَّى إنتهى إِلَيْهِ فَقَامَ رجل فَأَخذه فَوَضعه على السرير فارتفع السرير وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَوَاء حَتَّى غَابَ عَنْهُم وتوجهوا بِهِ إِلَى الْجنَّة وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا مَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن عُرْوَة أَن عَامر بن فهَيْرَة قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة فِيمَن قتل وَأسر عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي فَقَالَ لَهُ عَامر بن الطُّفَيْل هَل تعرف أَصْحَابك قَالَ نعم فَطَافَ فيهم يَعْنِي فِي الْقَتْلَى وَجعل يسْأَله عَن أنسابهم قَالَ هَل تفقد مِنْهُم من أحد قَالَ أفقد مولى لأبي بكر يُقَال لَهُ عَامر بن فهَيْرَة قَالَ كَيفَ كَانَ فِيكُم قَالَ كَانَ من أفضلنا قَالَ أَلا أخْبرك خَبره هَذَا طعنه بِرُمْح ثمَّ انتزع رمحه فَذهب بِالرجلِ علوا فِي السَّمَاء حَتَّى وَالله مَا أرَاهُ وَكَانَ الَّذِي قَتله رجل من كلاب يُقَال لَهُ جَبَّار بن سلمى فَأتى الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي فَأسلم وَقَالَ دَعَاني إِلَى الْإِسْلَام مَا رَأَيْت من مقتل عَامر بن فهَيْرَة وَمن رَفعه إِلَى السَّمَاء علوا فَكتب الضَّحَّاك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَامِهِ وَمَا رأى من مقتل عَامر بن فهَيْرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن الْمَلَائِكَة وارت جثته وَأنزل فِي عليين 87 - وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر بِلَفْظ فَقَالَ عَامر بن الطُّفَيْل لقد رَأَيْته بعد مَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى إِنِّي لأنظر إِلَى السَّمَاء بَينه وَبَين الأَرْض ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَقَالَ فِي آخِره ثمَّ وضع قَالَ فَيحْتَمل أَنه رفع ثمَّ وضع ثمَّ فقد بعد ذَلِك فقد روينَا فِي مغازي مُوسَى بن عقبَة فِي هَذِه الْقِصَّة فَقَالَ عُرْوَة بن الزبير لم يُوجد جَسَد عَامر يرَوْنَ أَن الْمَلَائِكَة وارته إنتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 88 - وَأخرج إِبْنِ سعد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من طَرِيق عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا رفع عَامر بن فهَيْرَة إِلَى السَّمَاء فَلم تُوجد جثته يرَوْنَ أَن الْمَلَائِكَة وارته قلت وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بمواراة الْمَلَائِكَة تغييبه فِي السَّمَاء كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى وارت جثته وَأنزل فِي عليين ويناظره أَيْضا مَا أخرجه أَحْمد وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه عينا وَحده قَالَ فَجئْت إِلَى خَشَبَة خبيب فرقيت فِيهَا وَأَنا أَتَخَوَّف الْعُيُون فأطلقته فَوَقع فِي الأَرْض ثمَّ اقتحمت فانتبذت غير بعيد ثمَّ الْتفت فَلم أر خبيبا فَكَأَنَّمَا ابتعلته الأَرْض فَلم ير لخبيب أثر حَتَّى السَّاعَة فَهَذَا خبيب بن عدي أَيْضا مِمَّن وارته الْمَلَائِكَة إِمَّا بِرَفْع إِلَى السَّمَاء وَهُوَ الظَّاهِر أَو بدفن فِي الأَرْض وَقد جزم أَبُو نعيم بِرَفْعِهِ أَيْضا فَقَالَ عِنْد ذكر موازنة معجزاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمعجزات الْأَنْبِيَاء فَإِن قيل فَأن عِيسَى رفع إِلَى السَّمَاء قُلْنَا وَقد رفع قوم من أمة مُحَمَّد نَبينَا عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وأكمل التَّحِيَّات كَمَا رفع عِيسَى وَذَلِكَ أعجب ثمَّ ذكر قصَّة عَامر بن فهَيْرَة وخبيب بن عدي وقصة الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ السَّابِقَة فِي آخر بَاب أَحْوَال الْمَوْتَى فِي قُبُورهم وَمِمَّا يُقَوي قصَّة الرّفْع إِلَى السَّمَاء مَا أخرجه النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيرهم من حَدِيث جَابر أَن طَلْحَة أُصِيبَت أنامله يَوْم أحد فَقَالَ حس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو قلت بِسم الله لَرَفَعَتْك الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْك حَتَّى تلج بك فِي جو السَّمَاء السَّمَاء وَمِمَّا يُنَاسب قصَّة التغييب فِي الْجُمْلَة مَا أخرجه إِبْنِ عَسَاكِر من طرق عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي أَن أويسا الْقَرنِي أَصَابَهُ الْبَطن فِي سفر فَمَاتَ فوجدوا فِي جرابه ثَوْبَيْنِ ليسَا من ثِيَاب الدُّنْيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَفِي رِوَايَة ليسَا مِمَّا ينسج بَنو آدم وَذهب رجلَانِ ليحفرا لَهُ قبرا فجاءا فَقَالَا قد أصبْنَا قبرا محفورا فِي صَخْرَة كَأَنَّمَا رفعت الْأَيْدِي عَنهُ السَّاعَة فكفنوه ودفنوه ثمَّ التفتوا فَلم يرَوا شَيْئا وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد من طَرِيق آخر عَن عبد الله بن سَلمَة وَفِي آخِره فَقَالَ بَعْضنَا لبَعض لَو رَجعْنَا فَعلمنَا قَبره فرجعنا فَإِذا لَا قبر وَلَا أثر وَمِمَّا يناظر قصَّة الطير الْخضر مَا أخرجه إِبْنِ عَسَاكِر عَن أبي بكر بن رَيَّان قَالَ وقفت فِي حمام الْغلَّة بِمصْر وَقد جاؤوا بنعش ذِي النُّون فَرَأَيْت طيورا خضرًا ترفرف عَلَيْهِ إِلَى أَن وصل بِهِ إِلَى قَبره فَلَمَّا دفن غَابَتْ وَفِي كتاب السِّرّ المصون فِيمَا أكْرم بِهِ المخلصون لطاهر بن مُحَمَّد الصَّدَفِي فِي تَرْجَمَة سَلامَة الْكِنَانِي أحد الصَّالِحين أَنه أخبر عَام مَوته أَنه يَمُوت فِي عَام كَذَا فِي وَقت كَذَا فَمَاتَ فِي ذَلِك الْوَقْت وَأَن الطُّيُور الْبيض الَّتِي ترى على جنائز الصَّالِحين كَانَت ترفرف على نعشه إِلَى أَن نزلت مَعَه قَبره وَهَذِه الْعبارَة تشعر بِأَن ذَلِك معهودا فِي جنائز الصَّالِحين غير مستغرب وَفِي هَذَا الْكتاب أَيْضا فِي تَرْجَمَة مَالك بن عَليّ القلانسي أَنه لما مَاتَ وَوضع على سَرِيره للصَّلَاة عَلَيْهِ رأى النَّاس الصَّحرَاء وَالْجِبَال وَمَا امْتَدَّ إِلَيْهِ الْبَصَر مملوءا أُنَاسًا عَلَيْهِم ثِيَاب أَشد مَا تكون بَيَاضًا فصلوا عَلَيْهِ مَعَ النَّاس 89 - وَأخرج عَن أبي خَالِد قَالَ لما مَاتَ عَمْرو بن قيس رَأَوْا الصَّحرَاء مَمْلُوءَة رجَالًا عَلَيْهِم ثِيَاب بيض فَلَمَّا صلي عَلَيْهِ وَدفن لم يرَوا فِي الصَّحرَاء أحدا 90 - وَأخرج إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ بَينا أَنا ذَات لَيْلَة فِي الْجَبانَة إِذْ سَمِعت حَزينًا يُنَاجِي مَوْلَاهُ وَيَقُول سَيِّدي قصدك عَبدك روحه لديك وقياده بيديك واشتياقه إِلَيْك وحسراته عَلَيْك ليله أرق ونهاره قلق وأحشاؤه تحترق ودموعه تستبق شوقا إِلَى رؤيتك وحنينا إِلَى لقائك لَيست لَهُ رَاحَة دُونك وَلَا أمل غَيْرك ثمَّ بَكَى وَرفع رَأسه وشهق شهقة فحركته فَإِذا هُوَ ميت فَبينا أَنا أراعيه رَأَيْت قوما قد قصدوه فغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلوا عَلَيْهِ ودفنوه وارتفعوا نَحْو السَّمَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 91 - وَأخرج أَيْضا بِسَنَدِهِ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ أصحرت فَإِذا بمغارة فِيهَا شَاب قَائِم يُصَلِّي وَإِذا سبع رابض بِبَاب المغارة فَقلت أَيهَا الشَّاب مَا ترى هَذَا السَّبع فَقَالَ لَو كنت تخَاف مِمَّن خلق السَّبع لَكَانَ أولى بك ثمَّ أقبل على السَّبع فَقَالَ أَنْت كلب من كلاب الله فَإِن كَانَ قد أذن لَك فِي شَيْء فَمَا أقدر أَن أمنعك رزقك وَإِلَّا فَانْصَرف فولى السَّبع هَارِبا ثمَّ نَادَى الشَّاب يَا سَيِّدي أَسأَلك بمعاقد الْعِزّ من عرشك إِن كَانَ لي عنْدك خير فاقبضني إِلَيْك فَمَا استتم الْكَلِمَة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا فوليت رَاجعا فَجمعت أَصْحَابِي من الزهاد وَالصَّالِحِينَ لنأخذ فِي جهازه فَلَمَّا رَجعْنَا إِلَى المغارة لم نر فِيهَا أحدا وَإِذا بهاتف يَهْتِف بِي أسمع الصَّوْت وَلَا أرى الشَّخْص يَا أَبَا سعيد رد النَّاس فَإِن الشَّاب قد حمل فَائِدَة 92 - أخرج أَبُو سعيد فِي شرف الْمُصْطَفى من طَرِيق أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بزَّة أَنبأَنَا مُحَمَّد بن الْفُرَات عَن عبيد بن سعيد عَن أَبِيه قَالَ بَيْنَمَا الْحسن جَالس وَالنَّاس حوله إِذْ أقبل رجل مخضرة عَيناهُ فَقَالَ لَهُ الْحسن أهكذا وَلدتك أمك أم هِيَ عرض قَالَ أَو مَا تعرفنِي يَا أَبَا سعيد قَالَ من أَنْت فانتسب لَهُ فَلم يبْق فِي الْمجْلس أحد إِلَّا عرفه فَقَالَ مَا قصتك قَالَ عَمَدت إِلَى جَمِيع مَالِي فألقيته فِي مركب فَخرجت أُرِيد الْيمن فعصفت علينا ريح فغرقت فَخرجت إِلَى بعض السواحل على لوح فَقَعَدت أتردد نَحوا من أَرْبَعَة أشهر آكل مَا أُصِيب من الشّجر والعشب وأشرب من مَاء الْعُيُون ثمَّ قلت لأمضين على وَجْهي فإمَّا أَن أهلك وَإِمَّا أَن أنجو فسرت فَرفع لي قصر كَأَن بناءه قصَّة فَدفعت مصراعه فَإِذا دَاخله أروقة فِي كل طاق مِنْهَا صندوق من لُؤْلُؤ وَعَلَيْهَا أقفال مفاتيحها رَأْي الْعين ففتحت بَعْضهَا فَخرج من جَوْفه رَائِحَة طيبَة فَإِذا فِيهِ رجال مدرجون فِي أَثوَاب الْحَرِير فحركت بَعضهم فَإِذا هُوَ ميت صفة حَيّ فأطبقت الصندوق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 وَخرجت وأغلقت بَاب الْقصر ومضيت فَإِذا أَنا بفارسين لم أر مثلهمَا جمالا على فرسين أغرين محجلين فسألاني عَن قصتي فأخبرتهما فَقَالَا تقدم أمامك فَإنَّك تصير إِلَى شَجَرَة تحتهَا رَوْضَة هُنَالك شيخ حسن الْهَيْئَة يُصَلِّي فَأخْبرهُ خبرك فَإِنَّهُ سيرشدك إِلَى الطَّرِيق فمضيت فَإِذا أَنا بالشيخ فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ السَّلَام وسألني عَن قصتي فَأَخْبَرته بخبري كُله فَفَزعَ لما أخْبرته بِخَبَر الْقصر ثمَّ قَالَ مَا صنعت قلت أطبقت الصناديق وأغلقت الْأَبْوَاب فسكن وَقَالَ لي إجلس فمرت بِهِ سَحَابَة فَقَالَت السَّلَام عَلَيْك يَا ولي الله فَقَالَ أَيْن تريدين قَالَت أُرِيد كَذَا وَكَذَا فَلم تزل تمر بِهِ سَحَابَة بعد سَحَابَة حَتَّى أَقبلت سَحَابَة فَقَالَ أَيْن تريدين قَالَت الْبَصْرَة قَالَ إنزلي فَنزلت فَصَارَت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ إحملي هَذَا حَتَّى تُؤَدِّيه إِلَى منزله سالما فَلَمَّا صرت على متن السحابة قلت أَسأَلك بالذين أكرمك إِلَّا أَخْبَرتنِي عَن الْقصر وَعَن الفارسين وعنك فَقَالَ أما الْقصر فقد أكْرم بِهِ شُهَدَاء الْبَحْر ووكل بهم مَلَائِكَة يلقطونهم من الْبَحْر فيصيرونهم فِي تِلْكَ الصناديق مدرجين فِي أكفان الْحَرِير والفارسان ملكان يغدوان ويروحان عَلَيْهِم السَّلَام من الله وَأما أَنا فالخضر وَقد سَأَلت رَبِّي أَن يحشرني مَعَ أمة نَبِيكُم قَالَ الرجل فَلَمَّا صرت على السحابة أصابني من الْفَزع هول عَظِيم حَتَّى صرت إِلَى مَا ترى أورد هَذِه الْقِصَّة شيخ الْإِسْلَام إِبْنِ حجر فِي كتاب الْإِصَابَة فِي معرفَة الصَّحَابَة فِي تَرْجَمَة الْخضر 40 - بَاب عرض المقعد على الْمَيِّت كل يَوْم قَالَ الله تَعَالَى {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا} 1 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن هُذَيْل قَالَ أَرْوَاح آل فِرْعَوْن فِي جَوف طير سود تَغْدُو وَتَروح على النَّار فَذَلِك عرضهَا 2 - وَأخرج اللالكائي والإسماعيلي عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ أَرْوَاح آل فِرْعَوْن فِي أَجْوَاف طير سود فيعرضون على النَّار كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَيُقَال لَهُم هَذِه داركم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا} 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم فِي قَوْله تَعَالَى {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا} قَالَ فهم الْيَوْم يغدى بهم وَيرَاح إِلَى أَن تقوم السَّاعَة 4 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة وَإِن كَانَ من أهل النَّار فَمن أهل النَّار يُقَال هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة 5 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ قيل ذَلِك مَخْصُوص بِالْمُؤمنِ الَّذِي لَا يعذب وَقيل لَا وَيحْتَمل أَن الْمُؤمن الَّذِي يعذب يرى مقعديه جَمِيعًا فِي وَقْتَيْنِ أَو فِي وَقت وَاحِد وَقَالَ ثمَّ قيل هَذَا الْعرض إِنَّمَا هُوَ على الرّوح وَحدهَا وَيجوز أَن يكون مَعَ جُزْء من الْبدن وَيجوز أَن يكون عَلَيْهَا مَعَ جَمِيع الْجَسَد فَترد إِلَيْهِ الرّوح كَمَا ترد عِنْد المساءلة قلت أخرج اللالكائي فِي السّنة الحَدِيث بِلَفْظ مَا من عبد يَمُوت إِلَّا وَتعرض روحه إِلَى آخِره 6 - وَأخرج هناد فِي الزّهْد عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل ليعرض عَلَيْهِ مَقْعَده من الْجنَّة وَالنَّار غدْوَة وَعَشِيَّة فِي قَبره 7 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ لَهُ صرختان فِي كل يَوْم غدْوَة وَعَشِيَّة كَانَ يَقُول فِي أول النَّهَار ذهب اللَّيْل وَجَاء النَّهَار وَعرض آل فِرْعَوْن على النَّار فَلَا يسمع صَوته أحد إِلَّا إستعاذ بِاللَّه من النَّار فَإِذا كَانَ بالْعَشي قَالَ ذهب النَّهَار وَجَاء اللَّيْل وَعرض آل فِرْعَوْن على النَّار فَلَا يسمع صَوته أحد إِلَّا إستعاذ بِاللَّه من النَّار 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه سَأَلَهُ رجل بعسقلان على السَّاحِل فَقَالَ يَا أَبَا عَمْرو إِنَّا نرى طيرا أسود يخرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 من الْبَحْر فَإِذا كَانَ الْعشي عَاد مثلهَا أَيْضا قَالَ وفطنتم لذَلِك قَالُوا نعم قَالَ تِلْكَ فِي حواصلها أَرْوَاح آل فِرْعَوْن يعرضون على النَّار فتلفحها فيسود ريشها ثمَّ تلقي ذَلِك الريش ثمَّ تعود إِلَى أوكارها فتلفحها النَّار فَذَلِك دأبها حَتَّى تقوم السَّاعَة فَيُقَال {أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} 41 - بَاب عرض أَعمال الْأَحْيَاء على الْمَوْتَى 1 - وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وإبن مَنْدَه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَعمالكُم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الْأَمْوَات فَإِن كَانَ خيرا أستبشروا وَإِن كَانَ غير ذَلِك قَالُوا اللَّهُمَّ لَا تمتهم حَتَّى تهديهم كَمَا هديتنا 2 - وَأخرج الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَعمالكُم تعرض على عشائركم وأقربائكم فِي قُبُورهم فَإِن كَانَ خيرا أستبشروا بذلك وَإِن كَانَ غير ذَلِك قَالُوا اللَّهُمَّ ألهمهم أَن يعملوا بطاعتك 3 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك وإبن أبي الدُّنْيَا عَن أبي أَيُّوب قَالَ تعرض أَعمالكُم على الْمَوْتَى فَإِن رَأَوْا حسنا فرحوا وأستبشروا وَإِن رَأَوْا سوءا قَالُوا اللَّهُمَّ رَاجع بِهِ 4 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف والحكيم التِّرْمِذِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة قَالَ غزا أَبُو أَيُّوب الْقُسْطَنْطِينِيَّة فَمر بقاص وَهُوَ يَقُول إِذا عمل العَبْد الْعَمَل فِي صدر النَّهَار عرض على معارفه إِذا أَمْسَى من أهل الْآخِرَة وَإِذا عمل الْعَمَل فِي آخر النَّهَار عرض على معارفه إِذا أصبح من أهل الْآخِرَة فَقَالَ أَبُو أَيُّوب أنظر مَا تَقول قَالَ وَالله إِنَّه لَكمَا أَقُول فَقَالَ أَبُو أَيُّوب اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن تفضحني عِنْد عبَادَة بن الصَّامِت وَسعد بن عبَادَة بِمَا عملت بعدهمْ فَقَالَ الْقَاص وَالله لَا يكْتب الله ولَايَته لعبد إِلَّا ستر عوراته وَأثْنى عَلَيْهِ بِأَحْسَن عمله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 5 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نوادره من حَدِيث عبد الغفور بن عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعرض الْأَعْمَال يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس على الله وَتعرض على الْأَنْبِيَاء وعَلى الْآبَاء والأمهات يَوْم الْجُمُعَة فيفرحون بحسناتهم وتزداد وُجُوههم بَيَاضًا وإشراقا فَاتَّقُوا الله وَلَا تُؤْذُوا أمواتكم 6 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن النُّعْمَان بن بشير سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله الله فِي إخْوَانكُمْ من أهل الْقُبُور فَإِن أَعمالكُم تعرض عَلَيْهِم 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفضحوا مَوْتَاكُم بسيئات أَعمالكُم فَإِنَّهَا تعرض على أوليائكم من أهل الْقُبُور 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه وإبن عَسَاكِر عَن أَحْمد بن عبد الله بن أبي الْحوَاري قَالَ حَدثنِي أخي مُحَمَّد بن عبد الله قَالَ دخل عباد الْخَواص على إِبْرَاهِيم بن صَالح الْهَاشِمِي وَهُوَ أَمِير فلسطين فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم عظني فَقَالَ قد بَلغنِي أَن أَعمال الْأَحْيَاء تعرض على أقاربهم من الْمَوْتَى فَانْظُر مَا تعرض على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَمَلك 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن يمقتني خَالِي عبد الله بن رَوَاحَة إِذا لَقيته 10 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك والأصبهاني عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ إِن أَعمالكُم تعرض على مَوْتَاكُم فيسرون ويساؤون وَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أعمل عملا يخزى بِهِ عبد الله بن رَوَاحَة 11 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك عَن عُثْمَان بن عبد الله بن أَوْس أَن سعيد بن جُبَير قَالَ لَهُ إستأذن عَليّ إبنة أخي وَهِي زَوْجَة عُثْمَان وَهِي إبنة عَمْرو بن أَوْس فَاسْتَأْذن لَهُ عَلَيْهَا فَدخل فَقَالَ كَيفَ يفعل بك زَوجك قَالَت إِنَّه إِلَيّ لمحسن مَا اسْتَطَاعَ فَقَالَ يَا عُثْمَان أحسن إِلَيْهَا فَإنَّك لَا تصنع بهَا شَيْئا إِلَّا جَاءَ عَمْرو بن أَوْس فَقلت هَل تَأتي الْأَمْوَات أَخْبَار الْأَحْيَاء قَالَ نعم مَا من أحد لَهُ حميم إِلَّا وتأتيه أَخْبَار أَقَاربه فَإِن كَانَ خيرا سر بِهِ وَفَرح وهنىء بِهِ وَإِن كَانَ شرا إبتأس بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 وحزن حَتَّى إِنَّهُم يسألونه عَن الرجل قد مَاتَ فَيُقَال أَو لم يأتكم فَيَقُولُونَ لَا خُولِفَ بِهِ إِلَى أمه الهاوية 12 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن حفار كَانَ فِي بني أَسد قَالَ كنت فِي الْمَقَابِر لَيْلَة إِذْ سَمِعت قَائِلا يَقُول من قبر يَا عبد الله قَالَ مَا لَك يَا جَابر قَالَ غَدا تَأْتِينَا أمنا قَالَ وَمَا ينفعها لَا تصل إِلَيْنَا إِن أبي قد غضب عَلَيْهَا وَحلف أَن لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ من غَد جَاءَنِي رجل فَقَالَ أحفر لي هُنَا قبرا بَين القبرين للَّذين سَمِعت مِنْهُمَا الْكَلَام فَقلت إسم هَذَا جَابر وَاسم هَذَا عبد الله قَالَ نعم فَأَخْبَرته بِمَا سَمِعت قَالَ نعم وَقد كنت حَلَفت أَن لَا أُصَلِّي عَلَيْهَا فلأكفرن عَن يَمِيني ولأصلين عَلَيْهَا 13 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ صل من كَانَ أَبوك يصله فَإِن صلَة الْمَيِّت فِي قَبره أَن تصل من كَانَ أَبوك يواصله 14 - وَأخرج إِبْنِ حبَان عَن إِبْنِ عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحب أَن يصل أَبَاهُ فِي قَبره فَليصل إخْوَان أَبِيه من بعده 15 - وَأخرج أَبُو دَاوُد وإبن حبَان عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هَل بَقِي عَليّ من بر وَالِدي شَيْء أبرهما بِهِ بعد مَوْتهمَا قَالَ نعم أَربع خِصَال بَقينَ عَلَيْك الدُّعَاء والإستغفار لَهما وإنفاذ عهديهما وإكرام صديقهما وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا رحم لَك إِلَّا من قبلهمَا 42 - بَاب مَا يحبس الرّوح عَن مقَامهَا الْكَرِيم 1 - أخرج التِّرْمِذِيّ وإبن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفس الْمُؤمن معلقَة بِدِينِهِ حَتَّى يقْضى عَنهُ قَالَ الْعلمَاء معلقَة أَي محبوسة عَن مقَامهَا الْكَرِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 2 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتي بِرَجُل يصلى عَلَيْهِ فَقَالَ هَل على صَاحبكُم دين قَالُوا نعم قَالَ فَمَا ينفعكم أَن أُصَلِّي على رجل روحه مُرْتَهن فِي قَبره لَا تصعد روحه إِلَى السَّمَاء فَلَو ضمن رجل دينه قُمْت فَصليت عَلَيْهِ فَإِن صَلَاتي تَنْفَعهُ 3 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن سَمُرَة بن جُنْدُب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ أها هُنَا أحد من بني فلَان فَإِن صَاحبكُم قد إحتبس بِبَاب الْجنَّة بدين عَلَيْهِ فَإِن شِئْتُم فافدوه وَإِن شِئْتُم فأسلموه إِلَى عَذَاب الله 4 - وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رجلا مَاتَ وَعَلِيهِ دين دِينَارَانِ فَلم يصل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتحملهما أَبُو قَتَادَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لَهُ بعد ذَلِك بِيَوْم مَا فعل الديناران قَالَ إِنَّمَا مَاتَ أمس فَعَاد عَلَيْهِ من الْغَد فَقَالَ قد قضيتهما فَقَالَ الْآن بردت عَلَيْهِ جلدته 5 - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْغَدَاة ثمَّ قَالَ هَا هُنَا أحد من هُذَيْل إِن صَاحبكُم مَحْبُوس على بَاب الْجنَّة بِدِينِهِ 6 - وَأخرج أَحْمد عَن سعد بن الأطول قَالَ مَاتَ أَبونَا وَترك ثلثمِائة دِرْهَم وعيالا ودينا فَأَرَدْت أَن أنْفق على عِيَاله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَبَاك مَحْبُوس بِدِينِهِ فَاقْض عَنهُ 7 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْبَراء بن عَازِب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَاحب الدّين مأسور بِدِينِهِ يشكو إِلَى الله الْوحدَة 8 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت عَن شَيبَان بن جُبَير قَالَ خرج أبي وَعبد الْوَاحِد بن زيد إِلَى الْغَزْو فَهَجَمُوا على ركية وَاسِعَة عميقة فَإِذا بهمهمة فِيهَا فَدخل أَحدهمَا الرَّكية فَإِذا هُوَ بِرَجُل على أَلْوَاح جَالس وَتَحْته المَاء فَقَالَ أجني أم إنسي قَالَ بل إنسي قَالَ مَا أَنْت قَالَ أَنا رجل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 أهل أنطاكية وَإِنِّي مت فحبسني رَبِّي هُنَا بدين عَليّ وَإِن وَلَدي بأنطاكية مَا يذكروني وَلَا يقضون عني فَخرج الَّذِي كَانَ فِي الرَّكية فَقَالَ لصَاحبه غَزْوَة بعد غَزْوَة إمش حَتَّى نقضي عَنهُ دينه فَذَهَبُوا حَتَّى قضوا ذَلِك الدّين ثمَّ رجعا إِلَى مَوضِع الرَّكية فَلم يرَوا ركية وَلَا شَيْئا فأمسوا وَبَاتُوا هُنَاكَ فَإِذا الرجل قد أَتَاهُم فِي منامهم فَقَالَ لَهُم جزاكما الله عني خيرا فَإِن رَبِّي حولني إِلَى مَوضِع كَذَا وَكَذَا من الْجنَّة حَيْثُ قضي عني ديني 43 - بَاب الْوَصِيَّة 1 - أخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب الْوَصَايَا عَن قيس بن قبيصَة مَرْفُوعا من لم يوص لم يُؤذن لَهُ فِي الْكَلَام مَعَ الْمَوْتَى قيل يَا رَسُول الله وَهل تَتَكَلَّم الْمَوْتَى قَالَ نعم ويتزاورون 2 - وَأخرج أَبُو أَحْمد الْحَاكِم فِي الكنى عَن جَابر مَرْفُوعا من مَاتَ على غير وَصِيَّة لم يُؤذن لَهُ فِي الْكَلَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا يَا رَسُول الله ويتكلمون قبل يَوْم الْقِيَامَة قَالَ نعم ويزور بَعضهم بَعْضًا 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق سعيد بن خَالِد بن يزِيد الْأنْصَارِيّ عَن رجل من أهل الْبَصْرَة كَانَ يحْفر الْقُبُور قَالَ حفرت قبرا ذَات يَوْم وَوضعت رَأْسِي قَرِيبا مِنْهُ فأتتني إمرأتان فِي مَنَامِي فَقَالَت إِحْدَاهمَا يَا عبد الله أنشدتك بِاللَّه إِلَّا صرفت عَنَّا هَذِه الْمَرْأَة وَلم تجاورنا فَاسْتَيْقَظت فَزعًا فَإِذا بِجنَازَة إمرأة قد جِيءَ بهَا قلت الْقَبْر وراءكم فصرفتهم إِلَى غير الْقَبْر فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل إِذْ أَنا بالمرأتين تَقول لي إِحْدَاهمَا جَزَاك الله عَنَّا خيرا فَلَقَد صرفت عَنَّا شرا طَويلا قلت مَا بَال صَاحبَتك لَا تكلمني كَمَا كَلَّمتنِي أَنْت قَالَت هَذِه مَاتَت من غير وَصِيَّة وَحقّ لمن مَاتَ عَن غير وَصِيَّة أَن لَا يتَكَلَّم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 4 - وَأخرج الديلمي من طَرِيق أبي هدبة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت فِي الْمَنَام إمرأتين وَاحِدَة تَتَكَلَّم وَالْأُخْرَى لَا تَتَكَلَّم كلتاهما من أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 الْجنَّة فَقلت لَهَا أَنْت تتكلمين وَهَذِه لَا تَتَكَلَّم فَقَالَت أما أَنا فأوصيت وَهَذِه مَاتَت بِلَا وَصِيَّة فَلَا تَتَكَلَّم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 44 - بَاب تلاقي أَرْوَاح الْمَوْتَى وأرواح الْأَحْيَاء فِي النّوم تقدم فِيهِ أثر سلمَان وَعبد الله بن سَلام 1 - قَالَ إِبْنِ الْقيم وشواهد هَذِه الْمَسْأَلَة وأدلتها أَكثر من أَن يحصيها إِلَّا الله والحس الْوَاقِع من أعدل الشُّهُود بهَا فتلتقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات كَمَا تتلاقى أَرْوَاح الْأَحْيَاء وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} 2 - وَأخرج بَقِي بن مخلد وإبن مَنْدَه فِي كتاب الرّوح وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ بَلغنِي أَن أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات تلتقي فِي الْمَنَام فيتساءلون بَينهم فَيمسك الله أَرْوَاح الْمَوْتَى وَيُرْسل أَرْوَاح الْأَحْيَاء إِلَى أجسادها 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّتِي لم تمت فِي منامها} قَالَ يتوفاها فِي منامها فتلتقي روح الْحَيّ وروح الْمَيِّت فيتذاكران ويتعارفان فترجع روح الْحَيّ إِلَى جسده فِي الدُّنْيَا إِلَى بَقِيَّة أجلهَا وتريد روح الْمَيِّت أَن ترجع إِلَى جسده فتحبس 4 - وَأخرج جُوَيْبِر عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ سَبَب مَمْدُود مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأرواح الْمَوْتَى وأرواح الْأَحْيَاء إِلَى ذَلِك السَّبَب فتتعلق النَّفس الْميتَة بِالنَّفسِ الْحَيَّة فَإِذا أذن لهَذِهِ الْحَيَّة بالإنصراف إِلَى جَسدهَا لتستكمل رزقها أَمْسَكت النَّفس الْميتَة وَأرْسلت الْأُخْرَى وَفِي الفردوس وَلم يسْندهُ وَلَده من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الْمَيِّت إِذا مَاتَ دير بِهِ حول دَاره شهرا وحول قَبره سنة ثمَّ يرفع إِلَى السَّبَب الَّذِي تلتقي فِيهِ أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 قَالَ إِبْنِ الْقيم وَمن الدَّلِيل على تلاقي أَرْوَاحهم أَن الْحَيّ يرى الْمَيِّت فِي مَنَامه فيخبره الْمَيِّت بِأُمُور غيب ثمَّ تُوجد كَمَا أخبر قلت قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن عَمْرو العكبري فِي فَوَائده حَدثنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن صَالح بن رَافع بن دريج العكبري حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن بهْرَام حَدثنَا الْأَشْجَعِيّ عَن شيخ عَن إِبْنِ سِيرِين قَالَ مَا حَدثَك الْمَيِّت بِشَيْء فِي النّوم فَهُوَ حق لِأَنَّهُ فِي دَار الْحق 5 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن شهر بن حَوْشَب أَن الصعب بن جثامة وعَوْف بن مَالك كَانَا متآخيين فَقَالَ الصعب لعوف أَي أخي أَيّنَا مَاتَ صَاحبه فليتراءى لَهُ قَالَ أَو يكون ذَلِك قَالَ نعم فَمَاتَ الصعب فَرَآهُ عَوْف فِي الْمَنَام فَقَالَ مَا فعل بك قَالَ غفر لي بعد المشاق قَالَ وَرَأَيْت لمْعَة سَوْدَاء فِي عُنُقه قلت مَا هَذِه قَالَ عشرَة دَنَانِير إستلفتها من فلَان الْيَهُودِيّ فهن فِي قَرْني فَأَعْطوهُ إِيَّاهَا وَاعْلَم أَنه لم يحدث فِي أَهلِي حدث بعد موتِي إِلَّا قد لحق بِي خَبره حَتَّى هرة مَاتَت مُنْذُ أَيَّام وَاعْلَم أَن بِنْتي تَمُوت إِلَى سِتَّة أَيَّام فَاسْتَوْصُوا بهَا مَعْرُوفا قَالَ عَوْف فَلَمَّا أَصبَحت أتيت أَهله فَنَظَرت إِلَى الْقرن وَهُوَ بِالْقَافِ محركا جعبة النشاب فأنزلته فَإِذا فِيهِ عشرَة دَنَانِير فِي صرة فَبعثت إِلَى الْيَهُودِيّ فَقلت هَل كَانَ لَك على صَعب شَيْء قَالَ رحم الله صعبا كَانَ من خِيَار أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسلفته عشرَة دَنَانِير فنبذتها إِلَيْهِ فَقَالَ هِيَ وَالله بِأَعْيَانِهَا فَقلت هَل حدث فِيكُم حدث بعد موت صَعب قَالُوا نعم حدث فِينَا كَذَا وَكَذَا فَمَا زَالُوا يذكرُونَ حَتَّى ذكرُوا موت الْهِرَّة قلت أَيْن إبنة أخي قَالَ تلعب فَأتيت بهَا فمسستها فَإِذا هِيَ محمومة فَقلت اسْتَوْصُوا بهَا مَعْرُوفا فَمَاتَتْ لسِتَّة أَيَّام 6 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن عَطِيَّة بن قيس عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ أَنه كَانَ مؤاخيا لرجل يُقَال لَهُ محلم ثمَّ إِن محلما حَضرته الْوَفَاة فَأقبل عَلَيْهِ عَوْف فَقَالَ يَا محلم إِذا أَنْت وَردت فَارْجِع إِلَيْنَا فَأخْبرنَا بِالَّذِي صنع بك قَالَ محلم إِن كَانَ ذَلِك يكون لمثلي فعلت فَقبض محلم ثمَّ ثوى عَوْف بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 عَاما فَرَآهُ فِي مَنَامه فَقَالَ يَا محلم مَا صنعت وَمَا صنع بك فَقَالَ لَهُ وَفينَا أجورنا قَالَ كلكُمْ قَالَ كلنا إِلَّا الأحراض هَلَكُوا فِي الشَّرّ الَّذين يشار إِلَيْهِم بالأصابع وَالله لقد وفيت أجري كُله حَتَّى وفيت أجر هرة ضلت لأهلي قبل موتِي بليلة فَأصْبح عَوْف فغدا إِلَى إمرأة محلم فَلَمَّا دخل قَالَت مرْحَبًا زور صَعب بعد محلم فَقَالَ عَوْف هَل رَأَيْت محلما مُنْذُ توفّي قَالَت رَأَيْته البارحة ونازعني فِي إبنتي ليذْهب بهَا مَعَه فَأخْبرنَا عَوْف بِالَّذِي رَآهُ وَمَا ذكر من الْهِرَّة الَّتِي ضلت فَقَالَت لَا علم لي بذلك خدمي أعلم فدعَتْ خدمها فسألتهم فأخبروها أَنَّهَا ضلت لَهُم هرة قبل موت محلم بليلة ومحلم هُوَ إِبْنِ جثامة أَخُو الصعب 7 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب الْوَصَايَا وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ حَدَّثتنِي إبنة ثَابت بن قيس بن شماس أَن ثَابتا قتل يَوْم الْيَمَامَة وَعَلِيهِ درع لَهُ نفيسة فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخذهَا فَبَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين نَائِم إِذْ أَتَاهُ ثَابت فِي مَنَامه فَقَالَ أوصيك بِوَصِيَّة فإياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضيعه إِنِّي لما قتلت أمس مر بِي رجل من الْمُسلمين فَأخذ دِرْعِي ومنزله فِي أقْصَى النَّاس وَعند خباءه فرس يستن فِي طوله وَقد كفا على الدرْع برمة وَفَوق البرمة رَحل فأت خَالِد بن الْوَلِيد فمره أَن يبْعَث إِلَى دِرْعِي فيأخذها وَإِذا قدمت الْمَدِينَة على خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَقل لَهُ إِن عَليّ من الدّين كَذَا وَفُلَان من رقيقي عَتيق فلَان فَأتى الرجل خَالِدا فَأخْبرهُ فَبعث إِلَى الدرْع فَأتى بهَا وَحدث أَبَا بكر الصّديق برؤياه فَأجَاز وَصيته قَالَ وَلَا نعلم أحدا أجيزت وَصيته بعد مَوته غير ثَابت بن قيس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 قَالَ فِي الصِّحَاح إستن الْفرس قلص والطول بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْوَاو الْحَبل الَّذِي يطول للدابة فترعى فِيهِ 8 - وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن كثير بن الصَّلْت قَالَ أغفى عُثْمَان فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامِي هَذَا فَقَالَ إِنَّك شَاهد مَعنا الْجُمُعَة 9 - وَأخرجه أَيْضا عَن ابْن عمر أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أصبح فَحدث فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّيْلَة فِي الْمَنَام فَقَالَ يَا عُثْمَان أفطر عندنَا فَأصْبح عُثْمَان صَائِما فَقتل من يَوْمه فَقَالَ إِنَّك شَاهد مَعنا الْجُمُعَة 10 - وَأخرج الْحَاكِم عَن حُسَيْن بن خَارِجَة قَالَ لما جَاءَت الْفِتْنَة الأولى أشكلت عَليّ فَقلت اللَّهُمَّ أَرِنِي من الْحق أمرا أتمسك بِهِ فَأريت فِيمَا يرى النَّائِم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَكَانَ بَينهمَا حَائِط غير طَوِيل وَإِذ أَنا تَحْتَهُ فَقلت لَو تسلقت هَذَا الْحَائِط حَتَّى أنظر إِلَى قَتْلَى أَشْجَع فيخبروني قَالَ فانهبطت بِأَرْض ذَات شجر فَإِذا بِنَفر جُلُوس فَقلت أَنْتُم الشُّهَدَاء قَالُوا نَحن الْمَلَائِكَة قلت فَأَيْنَ الشُّهَدَاء قَالُوا تقدم إِلَى الدَّرَجَات فارتفعت دَرَجَة الله أعلم بهَا من الْحسن وَالسعَة فَإِذا أَنا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا إِبْرَاهِيم شيخ وَإِذا هُوَ يَقُول لإِبْرَاهِيم إستغفر لأمتي وَإِذا إِبْرَاهِيم يَقُول إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك أهرقوا دِمَاءَهُمْ وَقتلُوا إمَامهمْ فَهَلا فعلوا كَمَا فعل سعد خليلي فَقلت وَالله لقد رَأَيْت رُؤْيا لَعَلَّ الله أَن يَنْفَعنِي بهَا أذهب فَأنْظر كَيفَ كَانَ مَكَان سعد فَأَكُون مَعَه فَأتيت سَعْدا فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة فَمَا أَكثر بهَا فَرحا وَقَالَ لقد خَابَ من لم يكن إِبْرَاهِيم خَلِيله قلت مَعَ أَي الطَّائِفَتَيْنِ أَنْت قَالَ مَا أَنا مَعَ وَاحِدَة مِنْهُمَا قلت فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ أَلَك غنم قلت لَا قَالَ فاشتر شياها وَكن فِيهَا حَتَّى تنجلي 11 - وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سلمى قَالَت دخلت على أم سَلمَة وَهِي تبْكي فَقلت مَا يبكيك قَالَت رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام يبكي وعَلى رَأسه ولحيته التُّرَاب فَقلت مَا لَك يَا رَسُول الله قَالَ شهِدت قتل الْحُسَيْن آنِفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 12 - وَأخرج الْحَاكِم عَن معمر قَالَ حَدثنِي شيخ لنا أَن إمرأة جَاءَت إِلَى بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهَا أَدعِي الله أَن يُطلق لي يَدي قَالَت وَمَا شَأْن يدك قَالَت كَانَ لي أَبَوَانِ فَكَانَ أبي كثير المَال وَالْمَعْرُوف وَلم يكن عِنْد أُمِّي شَيْء من ذَلِك لم أرها تَصَدَّقت بِشَيْء غير أَنا نحرنا بقرة فأعطت مِسْكينا شحمة وألبسته خرقَة فَمَاتَتْ أُمِّي وَمَات أبي فَرَأَيْت أبي على نهر يسْقِي النَّاس فَقلت يَا أبتاه هَل رَأَيْت أُمِّي قَالَ لَا فَذَهَبت ألتمسها فَوَجَدتهَا قَائِمَة عُرْيَانَة لَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا تِلْكَ الْخِرْقَة وَفِي يَدهَا تِلْكَ الشحمة وَهِي تضرب بهَا فِي يَدهَا الْأُخْرَى ثمَّ تمض أَثَرهَا وَتقول واعطشاه فَقلت يَا أُمَّاهُ أَلا أسقيك قَالَت بلَى فَذَهَبت إِلَى أبي فَأخذت من عِنْده إِنَاء فسقيتها فنبه بِي بعض من كَانَ عِنْدهَا فَأتى فَقَالَ من سَقَاهَا أشل الله يَده فَاسْتَيْقَظت وَقد شلت يَدي فصل فِي تَحْقِيق أَن روح الْحَيّ تخرج فِي النّوم وتسري إِلَى حَيْثُ شَاءَ الله تَعَالَى وتلاقي الْأَرْوَاح وَغَيرهَا 13 - أخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والعقيلي عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَقِي عمر عليا فَقَالَ يَا أَبَا الْحسن الرجل يرى الرُّؤْيَا فَمِنْهَا مَا يصدق وَمِنْهَا مَا يكذب قَالَ نعم سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد وَلَا أمة ينَام فيمتلىء نوما إِلَّا يعرج بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْش فَالَّذِي لَا يَسْتَيْقِظ إِلَّا عِنْد الْعَرْش فَتلك الرُّؤْيَا الَّتِي تصدق وَالَّذِي يَسْتَيْقِظ دون الْعَرْش فَتلك الرُّؤْيَا الَّتِي تكذب 14 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ إِن الْأَرْوَاح يعرج بهَا فِي منامها إِلَى السَّمَاء وتؤمر بِالسُّجُود عِنْد الْعَرْش فَمن كَانَ طَاهِرا يسْجد عِنْد الْعَرْش وَمن كَانَ لَيْسَ بطاهر سجد بَعيدا عَن الْعَرْش 15 - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ إِذا نَام الْإِنْسَان عرج بِرُوحِهِ حَتَّى يُؤْتى بهَا إِلَى الْعَرْش فَإِن كَانَ طَاهِرا أذن لَهَا بِالسُّجُود وَإِن كَانَ جنبا لم يُؤذن لَهَا بِالسُّجُود 16 - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول بِسَنَد ضَعِيف عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رُؤْيا الْمُؤمن كَلَام يكلم بِهِ العَبْد ربه فِي الْمَنَام 17 - وَأخرج النَّسَائِيّ عَن خُزَيْمَة قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَسجد على جبهة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بذلك فَقَالَ إِن الرّوح لتلتقي بِالروحِ 18 - قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي روح الْيَقَظَة أجْرى الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ الْإِنْسَان مستيقظا فَإِذا خرجت من الْجَسَد نَام الْإِنْسَان وَرَأَتْ تِلْكَ الرّوح المنامات إِذا فَارَقت الْجَسَد فَإِذا رأتها فِي السَّمَاوَات صحت الرُّؤْيَا إِذْ لَا سَبِيل للشَّيْطَان إِلَى السَّمَاوَات وَإِن رأتها دون السَّمَاوَات كَانَت من إِلْقَاء الشَّيْطَان فَإِن رجعت إِلَى الْجَسَد إستيقظ الْإِنْسَان كَمَا كَانَ 19 - وَقَالَ عِكْرِمَة وَمُجاهد إِذا نَام الْإِنْسَان كَانَ لَهُ سَبَب يجْرِي فِيهِ الرّوح وَأَصله فِي الْجَسَد فتبلغ حَيْثُ شَاءَ الله فَمَا دَامَ ذَاهِبًا فالإنسان نَائِم وَإِذا رَجَعَ إِلَى الْبدن إنتبه الْإِنْسَان وَكَانَ بِمَنْزِلَة شُعَاع الشَّمْس وَهُوَ سَاقِط بِالْأَرْضِ وَأَصله مُتَّصِل بالشمس وَذكر إِبْنِ مَنْدَه عَن بعض الْعلمَاء أَن الرّوح تمتد من منخره وَأَصله فِي بدنه فَلَو خرج بِالْكُلِّيَّةِ لمات كَمَا أَن السراج لَو فرق بَينه وَبَين الفتيلة لطفئت أَلا ترى أَن مَرْكَز النَّار فِي الفتيلة وضوؤها يمْلَأ الْبَيْت فالروح تمتد من منخر الْإِنْسَان فِي مَنَامه وتجول فِي الْبلدَانِ ويريه الْملك الْمُوكل بأرواح الْعباد مَا أحب ثمَّ يرجعه إِلَى بدنه إنتهى 20 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الرجل فِي مَنَامه كَأَنَّهُ بخراسان وبالشام وبأرض لم يَطَأهَا قَالَ تِلْكَ الرّوح ترى الرّوح معلقَة بِالنَّفسِ فَإِذا إستيقظت جر النَّفس الرّوح 21 - وَأخرج من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ} الْآيَة قَالَ مَا من لَيْلَة إِلَّا وَالله يقبض الْأَرْوَاح كلهَا فَيسْأَل كل نفس مَا عمل صَاحبهَا من النَّهَار ثمَّ يَدْعُو ملك الْمَوْت فَيَقُول إقبض هَذَا وَهَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 فصل 2 فِي نبذ من أَخْبَار من رأى الْمَوْتَى فِي مَنَامه وسألهم عَن حَالهم فأخبروه 1 - أخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات وإبن سعد فِي الطَّبَقَات عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي أَن عفيف بن الْحَارِث قَالَ لعبد الله بن عَائِذ الثمالِي الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ حِين حَضرته الْوَفَاة إِن اسْتَطَعْت أَن تلقانا فتخبرنا مَا لقِيت بعد الْمَوْت فَلَقِيَهُ فِي مَنَامه بعد حِين فَقَالَ لَهُ أَلا تخبرنا قَالَ نجونا وَلم نكد أَن ننجو نجونا بعد المشيبات فَوَجَدنَا رَبنَا خير رب غفر الذَّنب وَتجَاوز عَن السَّيئَة إِلَّا مَا كَانَ من الأحراض قلت لَهُ وَمَا الأحراض قَالَ الَّذين يشار إِلَيْهِم بالأصابع فِي الشَّرّ 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ عَاد عبد الْأَعْلَى بن عدي بن أبي بِلَال الْخُزَاعِيّ فَقَالَ لَهُ عبد الْأَعْلَى أقرىء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام وَإِن إستطعت أَن تلقانا فتعلمني ذَلِك وَكَانَت أم عبد الْأَعْلَى أُخْت أبي الزَّاهِرِيَّة تَحت إِبْنِ أبي بِلَال فرأته فِي منامها بعد وَفَاته بِثَلَاثَة أَيَّام فَقَالَ إِن إبنتي بعد ثَلَاث لاحقتي فَهَل تعرفين عبد الْأَعْلَى قَالَت لَا قَالَ فاسألي عَنهُ ثمَّ أخبريه أَنِّي قد أَقرَأت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ السَّلَام فَرد عَلَيْهِ فَأخْبرت أخاها أَبَا الزَّاهِرِيَّة بذلك فأبلغه 3 - وَأخرج عَن يحيى بن أَيُّوب قَالَ تعاهد رجلَانِ أَيهمَا مَاتَ قبل صَاحبه أَن يخبر صَاحبه بِمَا يلقى فَمَاتَ أَحدهمَا فَرَآهُ صَاحبه فِي النّوم فَقَالَ يَا أخي مَا فعل الْحسن قَالَ ذَلِك ملك فِي الْجنَّة لَا يعْصى قَالَ فَابْن سِيرِين قَالَ فِيمَا شَاءَ واشتهت نَفسه وشتان مَا بَينهمَا قَالَ يَا أخي فَبِأَي شَيْء أدْرك ذَلِك الْحسن قَالَ بِشدَّة الْخَوْف 4 - وَأخرج إِبْنِ عدي وإبن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن مُحَمَّد بن يحيى الجحدري قَالَ قَالَ إِبْنِ الْأَجْلَح قَالَ أبي لسَلمَة بن كهيل إِن مت قبلي فقدرت أَن تَأتِينِي فِي نومي فتخبرني بِمَا رَأَيْت فافعل فَقَالَ سَلمَة لَهُ وَأَنت إِن مت قبلي فقدرت أَن تَأتِينِي فِي نومي فتخبرني بِمَا رَأَيْت فافعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 فَمَاتَ سَلمَة قبل الْأَجْلَح فَقَالَ لي أَي بني علمت أَن سَلمَة أَتَانِي فِي نومي فَقلت أَلَيْسَ قد مت قَالَ إِن الله أحياني قلت كَيفَ وجدت رَبك قَالَ رحِيما قلت إيش وجدت أفضل الْأَعْمَال الَّتِي يتَقرَّب بهَا الْعباد قَالَ مَا رَأَيْت عِنْدهم أشرف من صَلَاة اللَّيْل قلت كَيفَ وجدت الْأَمر قَالَ سهلا وَلَكِن لَا تتكلوا 5 - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن سعد فِي الطَّبَقَات عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لي خَلِيلًا وَإنَّهُ لما توفّي لَبِثت حولا أَدْعُو الله أَن يرينيه فِي الْمَنَام قَالَ فرأيته على رَأس الْحول يمسح الْعرق عَن جَبهته قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا فعل بك رَبك قَالَ هَذَا أَوَان فرغت وَإِن كَاد عَرْشِي ليهد لَوْلَا أَنِّي لقِيت رَبِّي رؤوفا رحِيما 6 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن سَالم بن عبد الله قَالَ سَمِعت رجلا من الْأَنْصَار يَقُول دَعَوْت الله أَن يريني عمر رَضِي الله عَنهُ فِي النّوم فرأيته بعد عشْرين سنة وَهُوَ يمسح الْعرق عَن جَبينه فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا فعلت قَالَ الْآن فرغت وَلَوْلَا رَحْمَة رَبِّي لهلكت 7 - وَأخرج عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ مَا كَانَ شَيْء أعلمهُ أحب إِلَيّ أَن أعلمهُ من أَمر عمر فَرَأَيْت فِي الْمَنَام قصرا فَقلت لمن هَذَا قَالُوا لعمر فَخرج من الْقصر عَلَيْهِ ملحفة كَأَنَّهُ قد اغْتسل فَقلت كَيفَ صنعت قَالَ خيرا كَاد عَرْشِي يهوي بِي لَوْلَا أَنِّي لقِيت رَبِّي غَفُورًا قلت كَيفَ صنعت قَالَ مَتى فارقتكم قلت مُنْذُ ثِنْتَيْ عشرَة سنة قَالَ إِنَّمَا انفلت الْآن من الْحساب 8 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن مطرف أَنه رأى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي النّوم فَقَالَ رَأَيْت عَلَيْهِ ثيابًا خضرًا قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَيفَ فعل الله بك قَالَ فعل الله بِي خيرا قلت أَي الدّين خير قَالَ الدّين الْقيم لَيْسَ بسفك الدَّم 9 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن النَّضر الْحَارِثِيّ قَالَ رأى مسلمة بن عبد الْملك عمر بن عبد الْعَزِيز بعد مَوته فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْت شعري إِلَى أَي الْحَالَات صرت بعد الْمَوْت قَالَ يَا مسلمة هَذَا أَوَان فراغي وَالله مَا استرحت إِلَى الْآن قلت فَأَيْنَ أَنْت قَالَ أَنا مَعَ أَئِمَّة الْهدى فِي جنَّات عدن 10 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 رَأَيْت أَفْلح أَو قَالَ كثير بن أَفْلح فِي الْمَنَام وَكَانَ قتل يَوْم الْحرَّة فَقلت أَلَسْت قد قتلت قَالَ بلَى قلت فَمَا صنعت قَالَ خيرا قلت أشهداء أَنْتُم قَالَ لَا إِن الْمُسلمين إِذا إقتتلوا فَقتل بَينهم قَتْلَى فليسوا بشهداء وَلَكنَّا ندماء 11 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي أدخلت الْجنَّة فَإِذا قباب مَضْرُوبَة قلت لمن هَذِه قَالُوا لذِي الكلاع وحوشب وَكَانَا مِمَّن قتل مَعَ مُعَاوِيَة قلت فَأَيْنَ عمار وَأَصْحَابه قَالُوا أمامك قلت وَقد قتل بَعضهم بَعْضًا قيل إِنَّهُم لقوا الله فوجدوه وَاسع الْمَغْفِرَة قلت فَمَا فعل أهل النَّهر يَعْنِي الْخَوَارِج قَالَ لقوا ترحا 12 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات عَن أبي بكر الْخياط قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي دخلت الْمَقَابِر فَإِذا أهل الْقُبُور جُلُوس على قُبُورهم بَين أَيْديهم الريحان وَإِذا أَنا بِمَحْفُوظ قَائِما فِيمَا بَينهم يذهب وَيَجِيء فَقلت يَا مَحْفُوظ مَا صنع بك رَبك أَو لَيْسَ قد مت قَالَ بلَى ثمَّ قَالَ (موت التقي حَيَاة لَا نفاد لَهَا ... قد مَاتَ قوم وهم فِي النَّاس أَحيَاء) 13 - وَأخرج عَن سلم الْبَصْرِيّ قَالَ رَأَيْت بزيع بن مسور العابد فِي الْمَنَام وَكَانَ كثير الذّكر لله كثير الذّكر للْمَوْت طَوِيل الإجتهاد فَقلت كَيفَ رَأَيْت موضعك قَالَ (وَلَيْسَ يعلم مَا فِي الْقَبْر دَاخله ... إِلَّا الْإِلَه وَسَاكن الأجداث) 14 - وَأخرج عَن بشر بن الْمفضل قَالَ رَأَيْت بشر بن مَنْصُور فِي النّوم فَقلت لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّد مَا صنع بك رَبك قَالَ وجدت الْأَمر أَهْون مِمَّا كنت أحمل على نَفسِي 15 - وَأخرج عَن حَفْص المرهبي قَالَ رَأَيْت دَاوُد الطَّائِي فِي مَنَامِي فَقلت يَا أَبَا سُلَيْمَان كَيفَ رَأَيْت خير الْآخِرَة قَالَ رَأَيْت خير الْآخِرَة كثيرا قلت فَمَاذَا صرت إِلَيْهِ قَالَ صرت إِلَى خير وَالْحَمْد لله قلت هَل لَك من علم بسفيان بن سعيد فقد كَانَ يحب الْخَيْر وَأَهله قَالَ فَتَبَسَّمَ ثمَّ قَالَ رقاه الْخَيْر إِلَى دَرَجَة أهل الْخَيْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 16 - وَأخرج عَن عتبَة بن ضَمرَة عَن أَبِيه قَالَ لقِيت عَمَّتي فِي الْمَنَام فَقلت كَيفَ أَنْت قَالَت بِخَير قد وفيت عَمَلي حَتَّى أَعْطَيْت ثَوَابه خلاط أطعمته والخلاط اللَّبن بالبقل 17 - وَأخرج عَن عبد الْملك اللَّيْثِيّ قَالَ رَأَيْت عَامر بن عبد قيس فِي النّوم فَقلت مَا وجدت قَالَ خيرا قلت أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالَ كل شَيْء أُرِيد بِهِ وَجه الله عز وَجل 18 - وَأخرج عَن أبي عبد الله الهجري قَالَ مَاتَ عَم لي فرأيته فِي النّوم وَهُوَ يَقُول الدُّنْيَا غرور وَالْآخِرَة للعاملين سرُور لم نر مثل الْيَقِين والنصح لله وللمسلمين لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا واعمل عمل من يعلم أَنه مقصر 19 - وَأخرج عَن الْأَصْمَعِي قَالَ رَأَيْت شَيخا من الْبَصرِيين من أَصْحَاب يُونُس بن عبيد وَقد مَاتَ فَقلت من أَيْن أَقبلت قَالَ من عِنْد يُونُس الطَّبِيب قلت من يُونُس الطَّبِيب قَالَ الْفَقِيه اللبيب قلت إِبْنِ عبيد قَالَ نعم قلت وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي مجَالِس الأرجوان مَعَ الْجَوَارِي الْأَبْكَار قرت عَيناهُ بِصِحَّة تقواه 20 - وَأخرج عَن مَيْمُون الْكرْدِي قَالَ رَأَيْت عُرْوَة الْبَزَّار فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ إِن لفُلَان السقاء عَليّ درهما وَهُوَ فِي كوَّة فِي بَيْتِي فَخذه فادفعه إِلَيْهِ فَلَمَّا أَصبَحت لقِيت السقاء فَقلت لَهُ أَلَك على عُرْوَة شَيْء قَالَ نعم دِرْهَم فَدخلت بَيته فَوجدت الدِّرْهَم فِي الكوة فَدَفَعته إِلَى السقاء 21 - وَأخرج عَن رجل من أهل الْكُوفَة قَالَ رَأَيْت سُوَيْد بن عَمْرو الْكَلْبِيّ فِي النّوم بعد مَا مَاتَ فِي حَالَة حَسَنَة قلت يَا سُوَيْد مَا هَذِه الْحَالة الْحَسَنَة قَالَ إِنِّي كنت أَكثر من قَول لَا إِلَه إِلَّا الله فَأكْثر مِنْهَا ثمَّ قَالَ إِن دَاوُد الطَّائِي وَمُحَمّد بن النَّضر الْحَارِثِيّ طلبا أمرا فأدركاه 22 - وَأخرج عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحَرَّانِي قَالَ رَأَيْت الضَّحَّاك بن عُثْمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 فِي النّوم فَقلت فَمَا فعل الله بك قَالَ فِي السَّمَاء تماريد من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله تعلق بهَا وَمن لم يقلها هوى 23 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي قَالَ رأى رجل إِبْنِ عَائِشَة التَّمِيمِي فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي بحبي إِيَّاه 24 - وَأخرج عَن السّري بن يحيى عَن والان بن عِيسَى بن أبي مَرْيَم رجل من قزوين وَكَانَ من الصَّالِحين قَالَ إغترني الْقَمَر لَيْلَة فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد فَصليت وسبحت ودعوت فغلبتني عَيْنَايَ فَنمت فَرَأَيْت جمَاعَة أعلم أَنهم لَيْسُوا من الْآدَمِيّين بِأَيْدِيهِم أطباق عَلَيْهَا أَرْبَعَة أرغفة ببياض الثَّلج فَوق كل رغيف در مثل الرُّمَّان فَقَالُوا كل فَقلت إِنِّي أُرِيد الصَّوْم قَالُوا يَأْمُرك صَاحب هَذَا الْبَيْت أَن تَأْكُل فَأكلت وَجعلت آخذ ذَلِك الدّرّ لأحتمله فَقيل لي دَعه نغرسه لَك شَجرا ينْبت لَك خيرا من هَذَا قلت أَيْن قَالُوا فِي دَار لَا تخرب وثمر لَا يتَغَيَّر وَملك لَا يَنْقَطِع وَثيَاب لَا تبلى فِيهَا رضوى وعينا وقرة الْعين أَزوَاج رضيات مرضيات راضيات لَا يغرن فَعَلَيْك بالإنكماش فِيمَا أَنْت فِيهِ فَإِنَّمَا هِيَ غفوة حَتَّى ترتحل فتنزل الدَّار قَالَ فَمَا مكث إِلَّا جمعتين حَتَّى توفّي قَالَ السّري فرأيته فِي اللَّيْلَة الَّتِي توفّي فِيهَا وَهُوَ يَقُول لي أَلا تعجب من شجر غرس لي يَوْم حدثتك وَقد حمل قلت حمل مَاذَا قَالَ لَا تسْأَل عَمَّا لَا يقدر على صفته أحد لم نر مثل الْكَرِيم إِذا حل بِهِ مُطِيع 25 - وَأخرج عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مَيْمُون قَالَ رَأَيْت عَليّ بن مُحَمَّد بن عمرَان بن أبي ليلى فِي النّوم فَقلت أَي الْأَعْمَال وجدت أفضل قَالَ الْمعرفَة قلت مَا تَقول فِي الرجل يَقُول حَدثنَا وَأخْبرنَا فَقَالَ إِنِّي أبْغض المباهاة 26 - وَأخرج عَن بعض أَصْحَاب مَالك بن دِينَار أَنه رأى مَالك بن دِينَار فِي النّوم فَقَالَ مَا صنع الله بك قَالَ خيرا لم نر مثل الْعَمَل الصَّالح لم نر مثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 الصَّحَابَة الصَّالِحين لم نر مثل السّلف الصَّالح لم نر مثل مجَالِس الصَّالِحين 27 - وَأخرج عَن عبد الْوَهَّاب بن يزِيد الْكِنْدِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا عَمْرو الضَّرِير فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي ورحمني قلت فَأَي الْأَعْمَال وجدت أفضل قَالَ مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من السّنة وَالْعلم قلت فَأَي الْأَعْمَال وجدت شرا قَالَ إحذر الْأَسْمَاء قلت وَمَا الْأَسْمَاء قَالَ قدري ومعتزلي ومرجىء فَجعل يعدد أَسمَاء الْأَهْوَاء 28 - وَأخرج عَن أبي بكر الصَّيْرَفِي قَالَ مَاتَ رجل كَانَ يشْتم أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَيرى رَأْي جهم فأريه رجل فِي النّوم كَأَنَّهُ عُرْيَان وعَلى رَأسه خرقَة سَوْدَاء وعَلى عَوْرَته أُخْرَى فَقَالَ مَا فعل الله بك قَالَ جعلني مَعَ بكر القس وَعون بن الأعسر وَهَذَانِ نصرانيان 29 - وَأخرج عَن شيخ قَالَ مَاتَ جَار لي وَكَانَ مِمَّن يَخُوض فِي هَذِه الْأُمُور فأريته فِي النّوم كَأَنَّهُ أَعور فَقلت يَا فلَان مَا هَذَا الَّذِي أرى بك قَالَ تنقصت أَصْحَاب مُحَمَّد فنقصني هَذَا وَوضع يَده على عينه الذاهبة 30 - وَأخرج عَن أبي جَعْفَر الْمَدِينِيّ قَالَ رَأَيْت مَحْمُود بن حميد فِي مَنَامِي وَكَانَ من العاملين وَعَلِيهِ ثَوْبَان أخضران فَقلت إِلَى مَاذَا صرت بعد الْمَوْت فَنظر إِلَيّ ثمَّ أنشأ يَقُول (نعم المتقون فِي الْخلد حَقًا ... بجوار نواهد أبكار) قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالله مَا سمعته من أحد قبله 31 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مطرف بن عبد الله قَالَ كنت بالمقبرة فَصليت قَرِيبا من قبر رَكْعَتَيْنِ خفيفتين لم أَرض إتقانهما ونعست فَرَأَيْت صَاحب الْقَبْر يكلمني فَقَالَ ركعت رَكْعَتَيْنِ لم ترض إتقانهما قلت قد كَانَ ذَلِك قَالَ تَعْمَلُونَ وَلَا تعلمُونَ ونعلم وَلَا نستطيع أَن نعمل لِأَن أكون ركعت مثل ركعتيك أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا بحذافيرها فَقلت من هَا هُنَا قَالَ كلهم مُسلم وَكلهمْ قد أصَاب خيرا فَقلت من هَا هُنَا أفضل فَأَشَارَ إِلَى قبر فَقلت فِي نَفسِي اللَّهُمَّ أخرجه إِلَيّ فأكلمه فَخرج من قَبره فَتى شَاب فَقلت أَنْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أفضل مَا هَا هُنَا فَقَالَ قد قَالُوا ذَلِك قلت فَبِأَي شَيْء نلْت ذَلِك فوَاللَّه مَا أرى لَك ذَلِك السن فَأَقُول نلْت ذَلِك بطول الْحَج وَالْعمْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله وَالْعَمَل قَالَ قد أبتليت بالمصائب فرزقت الصَّبْر عَلَيْهَا فبذلك فضلتهم 32 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِيَاس بن دَغْفَل قَالَ رَأَيْت أَبَا الْعَلَاء يزِيد بن عبد الله فِيمَا يرى النَّائِم فَقلت كَيفَ وجدت طعم الْمَوْت قَالَ وجدته مرا كريها قلت فَمَاذَا صرت إِلَيْهِ بعد الْمَوْت قَالَ صرت إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان قلت فأخوك مطرف قَالَ فإتني بيقينه 33 - وَأخرج عَن بَعضهم قَالَ مَاتَ أَخ لي فرأيته فِي النّوم فَقلت مَا كَانَ حالك حِين وضعت فِي قبرك قَالَ أَتَانِي آتٍ بشهاب من نَار فلولا أَن دَاعيا دَعَا لي لرأيت أَنه سيضربني بِهِ 34 - وَأخرج عَن الْمُنْكَدر بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ رَأَيْت فِي مَنَامِي كَأَنِّي دخلت مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا النَّاس مجتمعون على رجل فِي الرَّوْضَة فَقلت من هَذَا قيل رجل قدم من الْآخِرَة يخبر النَّاس عَن موتاهم فَجئْت أنظر فَإِذا الرجل صَفْوَان بن سليم قَالَ وَالنَّاس يسألونه وَهُوَ يُخْبِرهُمْ فَقَالَ أما هَا هُنَا أحد يسألني عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر فَطَفِقَ النَّاس يَقُولُونَ هَذَا إبنه هَذَا إبنه ففرجت النَّاس فَقلت أخبرنَا رَحِمك الله فَقَالَ أعطَاهُ الله من الْجنَّة كَذَا وَأَعْطَاهُ كَذَا وأرضاه وَأَسْكَنَهُ منَازِل فِي الْجنَّة وبوأه فَلَا ظعن عَلَيْهِ وَلَا موت 35 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي كَرِيمَة قَالَ جَاءَنِي رجل فَقَالَ رَأَيْت كَأَنِّي أدخلت الْجنَّة فانتهيت إِلَى رَوْضَة فِيهَا أَيُّوب وَيُونُس وإبن عون والتيمي قلت أَيْن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ مَا نرى ذَلِك إِلَّا كَمَا نرى الْكَوْكَب وَأخرج عَن مَالك بن دِينَار قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن وَاسع فِي الْجنَّة وَرَأَيْت مُحَمَّد بن سِيرِين فِي الْجنَّة فَقلت أَيْن الْحسن قَالَ عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى 36 - وَأخرج عَن يزِيد بن هَارُون قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ فِي الْمَنَام فَقلت مَا صنع الله بك قَالَ غفر لي قلت بِمَاذَا قَالَ بِمَجْلِس جلسه إِلَيْنَا أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ يَوْم جُمُعَة بعد الْعَصْر فَدَعَا وَأمنا فغفر لنا مُنْذُ فارقناكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 37 - وَأخرج عَن عقبَة بن أبي ثبيت قَالَ رَأَيْت خُلَيْد بن سعيد فِي مَنَامِي بعد مَوته فَقلت مَا صنعت قَالَ أفلتنا وَلم نكد نتفلت قلت مَتى عهدكم بِالْقُرْآنِ قَالَ لَا عهد لنا بِهِ مُنْذُ فارقناكم 38 - وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن مُحَمَّد بن سَالم الْخَواص قَالَ رَأَيْت يحيى بن أَكْثَم القَاضِي فِي النّوم فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي يَا شيخ السوء لَوْلَا شيبتك لأحرقتك بالنَّار فأخذني مَا يَأْخُذ العَبْد بَين يَدي مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَفَقْت قَالَ لي يَا شيخ السوء لَوْلَا شيبتك لأحرقتك بالنَّار فأخذني مَا يَأْخُذ العَبْد بَين يَدي مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَفَقْت قَالَ لي يَا شيخ السوء فَذكر الثَّالِثَة مثل الْأَوليين فَلَمَّا أَفَقْت قلت يَا رب مَا هَكَذَا حدثت عَنْك فَقَالَ الله تَعَالَى وَمَا حدثت عني وَهُوَ أعلم بذلك قلت حَدثنِي عبد الرَّزَّاق بن همام قَالَ حَدثنَا معمر بن رَاشد عَن إِبْنِ شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك عَن نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل عَنْك يَا عَظِيم أَنَّك قلت مَا شَاب لي عبد فِي الْإِسْلَام شيبَة إِلَّا إستحييت مِنْهُ أَن أعذبه بالنَّار فَقَالَ الله صدق عبد الرَّزَّاق وَصدق معمر وَصدق الزُّهْرِيّ وَصدق أنس وَصدق نبيي وَصدق جِبْرِيل وَأَنا قلت ذَلِك إنطلقوا بِهِ إِلَى الْجنَّة 39 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق عَن أبي بكر الْفَزارِيّ قَالَ بَلغنِي أَن بعض إخْوَان أَحْمد بن حَنْبَل رَآهُ فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ يَا أَحْمد مَا فعل الله بك فَقَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي يَا أَحْمد صبرت على الضَّرْب أَن قلت وَلم تَتَغَيَّر إِن كَلَامي منزل غير مَخْلُوق وَعِزَّتِي لأسمعنك كَلَامي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأَنا أسمع كَلَام رَبِّي عز وَجل 40 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن عَوْف قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن الْمُصَفّى الْحِمصِي فِي النّوم فَقلت إلام صرت قَالَ إِلَى خير وَمَعَ ذَلِك فَنحْن نرى رَبنَا كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَقلت يَا عبد الله صَاحب سنة فِي الدُّنْيَا وَصَاحب سنة فِي الْآخِرَة فَتَبَسَّمَ إِلَيّ 41 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن الْفضل قَالَ رَأَيْت مَنْصُور بن عمار فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي كنت تخلط وَلَكِنِّي قد غفرت لَك لِأَنَّك كنت تحببني إِلَى خلقي قُم فمجدني بَين ملائكتي كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 كنت تمجدني فِي الدُّنْيَا فَوضع لي كرْسِي فمجدت الله بَين مَلَائكَته 42 - وَأخرج عَن أبي الْحسن الشعراني قَالَ رَأَيْت مَنْصُور بن عمار فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا فعل الله بك فَقَالَ قَالَ لي أَنْت مَنْصُور بن عمار قلت نعم يارب قَالَ أَنْت الَّذِي كنت تزهد النَّاس فِي الدُّنْيَا وترغبهم فِي الْآخِرَة قلت قد كَانَ ذَلِك وَلَكِنِّي مَا اتَّخذت مَجْلِسا إِلَّا بدأت بالثناء عَلَيْك وثنيت بِالصَّلَاةِ على نبيك وثلثت بِالنَّصِيحَةِ لِعِبَادِك قَالَ صدقت ضَعُوا لَهُ كرسيا يمجدني فِي سمائي كَمَا مجدني فِي أرضي بَين عبَادي 43 - وَأخرج عَن سليم بن مَنْصُور بن عمار قَالَ رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ قربني وأدناني وَقَالَ لي يَا شيخ السوء تَدْرِي لم غفرت لَك قلت لَا يَا إلهي قَالَ لِأَنَّك جَلَست للنَّاس يَوْمًا مَجْلِسا فبكيتهم فَبكى فيهم عبد من عبَادي لم يبك من خَشْيَتِي قطّ فغفرت لَهُ ووهبت لَهُ أهل الْمجْلس كلهم ووهبتك فِيمَن وهبته لَهُ 44 - وَأخرج عَن سَلمَة بن عَفَّان قَالَ رَأَيْت وكيعا فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا صنع الله بك قَالَ أدخلني الْجنَّة قلت بِأَيّ شَيْء قَالَ بِالْعلمِ 45 - وَأخرج عَن أبي يحيى الْمُسْتَمْلِي بن همام قَالَ رَأَيْت أَبَا همام فِي الْمَنَام بعد مَوته وعَلى رَأسه قناديل معلقَة فَقلت يَا أَبَا همام بِمَ نلْت هَذِه الْقَنَادِيل قَالَ هَذَا بِحَدِيث الْحَوْض وَهَذَا بِحَدِيث الشَّفَاعَة وَهَذَا بِحَدِيث كَذَا 46 - وَأخرج عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ رَأَيْت الثَّوْريّ فِي الْمَنَام فَقلت أوصني قَالَ أقل من مُخَالطَة النَّاس قلت زِدْنِي قَالَ سترد فتعلم 47 - وَأخرج عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي قَالَ حَدثنِي جَار لي قَالَ رَأَيْت إِبْنِ عَوْف فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا صنع الله بك قَالَ مَا غربت الشَّمْس من يَوْم الْإِثْنَيْنِ حَتَّى عرضت عَليّ صحيفتي فرحمني وَغفر لي وَكَانَ مَاتَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ 48 - وَأخرج عَن أبي عَمْرو الْخفاف قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي النّوم بعد مَوته فَقلت فَمَا فعل بك رَبك قَالَ غفر لي قلت فَمَا فعل عَمَلك قَالَ كتب بِمَاء الذَّهَب وَرفع فِي عليين 49 - وَأخرج عَن الْأُسْتَاذ أبي الْوَلِيد قَالَ رَأَيْت أَبَا الْعَبَّاس الْأَصَم فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ مَاذَا إنتهى حالك أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ أَنا مَعَ أبي يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وَالربيع بن سُلَيْمَان فِي جوَار أبي عبد الله الشَّافِعِي نحضر كل يَوْم فِي ضيافته 50 - وَأخرج عَن سهل أخي حزم قَالَ رَأَيْت مَالك بن دِينَار بعد مَوته فَقلت مَاذَا قدمت بِهِ على الله قَالَ قدمت بذنوب كَثِيرَة محاها عني حسن الظَّن بِاللَّه 51 - وَأخرج عَن إمرأة من أهل الْيمن قَالَت رَأَيْت رَجَاء بن حَيْوَة فِي النّوم فَقلت ألم تمت قَالَ بلَى وَلَكِن نُودي فِي أهل الْجنَّة أَن تلقوا الْجراح بن عبد الله وَذَلِكَ قبل أَن يَأْتِي خبر الْجراح ثمَّ جَاءَ نعي الْجراح فَحسب فَوجدَ قد أستشهد بِأَذربِيجَان ذَلِك الْيَوْم 52 - وَأخرج عَن عتبَة بن أبي حَكِيم عَن إمرأة من بَيت الْمُقَدّس قَالَ كَانَ رَجَاء بن حَيْوَة جَلِيسا لنا وَكَانَ نعم الجليس فَمَاتَ فرأيته بعد شهر فَقلت إلام صرتم قَالَ إِلَى خير وَلَكنَّا فزغنا بعدكم فزعة ظننا أَن الْقِيَامَة قد قَامَت قلت وفيم ذَلِك قَالَ دخل الْجراح وَأَصْحَابه الْجنَّة بأثقالهم حَتَّى إزدحموا على بَابهَا 53 - وَأخرج عَن الْأَصْمَعِي عَن أَبِيه قَالَ رأى رجل فِي الْمَنَام جَرِيرًا الخطفي بعد مَوته فَقَالَ لَهُ مَا فعل بك رَبك قَالَ غفر لي قَالَ بِمَاذَا قَالَ بتكبيرة كبرتها فِي ظهر مَاء بالبادية قَالَ فَمَا فعل أَخُوك الفرزدق قَالَ إِنَّمَا أهلكه قذف الْمُحْصنَات 54 - وَأخرج عَن ثَوْر بن يزِيد الشَّامي قَالَ رَأَيْت الْكُمَيْت بن زيد فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَنصب لي كرسيا وأجلسني عَلَيْهِ وَأمرت بإنشاد طريب فَمَا بلغت إِلَى قولي (حنانيك رب النَّاس من أَن يغرني ... كَمَا غرهم شرب الْحَيَاة المصرد) قَالَ صدقت يَا كميت إِنَّه مَا غَرَّك مَا غرهم فقد غفرت لَك بصدقك فِي صفوتي من بريتي وخيرتي من خليقتي وَجعلت لَك بِكُل منشد أنْشد بَيْتا من مدحك آل مُحَمَّد رُتْبَة أرفعها لَك فِي الْآخِرَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 55 - وَأخرج عَن إِبْنِ الشعشاع الْمصْرِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر بن النابلسي أحد من قَتله بَنو عبيد على السّنة بعد مَا قتل فِي الْمَنَام وَهُوَ فِي أحسن هَيْئَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 فَقلت مَا فعل بك رَبك فَقَالَ (حباني مالكي بدوام عز ... وواعدني بِقرب الإنتصار) (وقربني وأدناني إِلَيْهِ ... وَقَالَ إنعم بعيش فِي جواري) 56 - وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ رَأَيْت سُفْيَان الثَّوْريّ فِي النّوم بعد مَوته فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ لم يكن إِلَّا أَن وضعت فِي اللَّحْد ووقفت بَين يَدي الله فحاسبني حسابا يَسِيرا ثمَّ أَمر بِي إِلَى الْجنَّة فَبينا أَنا بَين رياحينها وأشجارها لَا أسمع حسا وَلَا حَرَكَة فَإِذا بِصَوْت يَقُول يَا سُفْيَان بن سعيد هَل تعلم أَنَّك آثرت الله على نَفسك فَقلت إِي وَالله فَأَخَذَتْنِي صواني النثار من كل جَانب 57 - وَأخرج عَن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ رَأَيْت الشَّافِعِي فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وتوجني وزوجني وَقَالَ لي بِمَا لم تزه بِمَا أرضيتك وَلم تتكبر فِيمَا أَعطيتك 58 - وَأخرج عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ رَأَيْت الشَّافِعِي فِي النّوم فَقلت مَا صنع الله بك قَالَ أجلسني على كرْسِي من ذهب ونثر عَليّ اللُّؤْلُؤ الرطب 59 - وَأخرج عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه قَالَ رَأَيْت الْحَافِظ أَبَا أَحْمد الْحَاكِم فِي النّوم بعد مَوته فَقلت أَي الْفرق أَكثر نجاة عنْدكُمْ قَالَ أهل السّنة 60 - وَأخرج عَن خَيْثَمَة بن سُلَيْمَان قَالَ رَأَيْت عَاصِمًا الطرابلسي أحد الْغُزَاة فِي النّوم بعد مَا توفّي فَقلت أَي شَيْء حالك يَا أَبَا عَليّ فَقَالَ إِنَّا لَا نكتني بعد الْمَوْت وَلم يجبني بعد هَذَا فَقلت أَي شَيْء حالك يَا عَاصِم وإلام صرت قَالَ صرت إِلَى رَحْمَة وَاسِعَة وجنة عالية قلت بِمَاذَا قَالَ بِكَثْرَة جهادي فِي الْبَحْر 61 - وَأخرج عَن مَالك بن دِينَار قَالَ رَأَيْت مُسلم بن يسَار فِي النّوم فَقلت لَهُ مَاذَا لقِيت بعد الْمَوْت قَالَ لقِيت أهوالا وزلازل عظاما شدادا قلت فَمَا كَانَ بعد ذَلِك قَالَ وَمَا ترَاهُ يكون من الْكَرِيم قبل منا الْحَسَنَات وَعَفا لنا عَن السَّيِّئَات وَضمن لنا التَّبعَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 62 - وَأخرج عَن الْحسن بن عبد الْعَزِيز الْهَاشِمِي العباسي قَالَ رَأَيْت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير فِي النّوم فَقلت كَيفَ رَأَيْت الْمَوْت قَالَ مَا رَأَيْت إِلَّا خيرا قلت كَيفَ رَأَيْت هول المطلع قَالَ مَا رَأَيْت إِلَّا خيرا قلت كَيفَ رَأَيْت مُنْكرا ونكيرا قَالَ مَا رَأَيْت إِلَّا خيرا فَقلت إِن رَبك بك حفي اذكرنا عِنْد رَبك قَالَ يَا أَبَا عَليّ تَقول اذكرنا عِنْد رَبك وَنحن نتوسل بكم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 63 - وَأخرج عَن حُبَيْش بن مُبشر قَالَ رَأَيْت يحيى بن معِين فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ قربني وأدناني وَأَعْطَانِي وحباني وزوجني ثلثمِائة حوراء وأدخلني عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ فَقلت بِمَاذَا فَأخْرج شَيْئا من كمه وَقَالَ بِهَذَا يَعْنِي الحَدِيث 64 - وَأخرج عَن سُلَيْمَان الْعمريّ قَالَ رَأَيْت أَبَا جَعْفَر القارىء يزِيد بن الْقَعْقَاع فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ أقرىء إخْوَانِي مني السَّلَام وَأخْبرهمْ أَن الله جعلني من الشُّهَدَاء الْأَحْيَاء المرزوقين وأقرىء أَبَا حَازِم مني السَّلَام وَقل لَهُ يَقُول لَك أَبُو جَعْفَر الْكيس الْكيس فَإِن الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته ينزلون مجلسك بالعشيات 65 - وَأخرج عَن زَكَرِيَّا بن عدي قَالَ رَأَيْت إِبْنِ الْمُبَارك فِي النّوم بعد مَوته فَقلت لَهُ مَا صنع الله بك قَالَ غفر لي برحلتي 66 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ رَأَيْت إِبْنِ الْمُبَارك فِي النّوم فَقلت أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالَ الْأَمر الَّذِي كنت فِيهِ قلت الرِّبَاط وَالْجهَاد قَالَ نعم 67 - وَأخرج عَن يزِيد بن مذعور قَالَ رَأَيْت الْأَوْزَاعِيّ فِي مَنَامِي بعد مَوته فَقلت يَا أَبَا عَمْرو دلَّنِي على شَيْء أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى الله قَالَ مَا رَأَيْت هُنَاكَ دَرَجَة أرفع من دَرَجَة الْعلمَاء وَمن بعدهمْ دَرَجَة المحزونين 68 - وَأخرج عَن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ رَأَيْت أبي فِي النّوم بعد مَوته فَقلت أَي الْأَعْمَال وجدت أفضل قَالَ الإستغفار يَا بني 69 - وَأخرج عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن قَالَ رَأَيْت الْخَلِيفَة المتَوَكل فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي قلت بِمَ غفر لَك وَقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 عملت مَا عملت قَالَ بِالْقَلِيلِ من السّنة الَّتِي أظهرتها 70 - وَأخرج عَن حجاج بن قَبيلَة قَالَ شهِدت الْحسن والفرزدق عِنْد قبر فَقَالَ الْحسن للفرزدق مَا أَعدَدْت لهَذَا الْيَوْم قَالَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُنْذُ سبعين سنة فَسكت الْحسن قَالَ لبطة بن الفرزدق فَرَأَيْت أبي فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ لي يَا بني نفعتني الْكَلِمَة الَّتِي خاطبت بهَا الْحسن 71 - وَأخرج عَن عبد الله بن صَالح الصُّوفِي قَالَ رُؤِيَ بعض أَصْحَاب الحَدِيث فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي قيل لَهُ بِأَيّ شَيْء قَالَ بصلاتي فِي كتبي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 72 - وَأخرج عَن يزِيد بن نعَامَة قَالَ رأى رجل حَيّ مَيتا فَقَالَ لَهُ الْمَيِّت يَا فلَان أخبر النَّاس أَن وَجه عَامر بن قيس يَوْم الْقِيَامَة مثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر 73 - وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام بعد مَوته وَعَلِيهِ قلنسوة طَوِيلَة فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ زينني بزينة الْعلم قلت فَأَيْنَ مَالك بن أنس قَالَ مَالك فَوق فَوق فَلم يزل يَقُول فَوق وَيرْفَع رَأسه حَتَّى سَقَطت القلنسوة عَن رَأسه 74 - وَأخرج عَن خشنام إِبْنِ أُخْت بشر الحافي قَالَ رَأَيْت خَالِي فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَجعل يذكر مَا فعل الله بِهِ من الْكَرَامَة فَقلت لَهُ قَالَ لَك شَيْئا قَالَ نعم قَالَ لي يَا بشر وَمَا استحييت مني تخَاف ذَلِك الْخَوْف كُله على نفس هِيَ لي 75 - وَأخرج عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي قَالَ رَأَيْت القاشاني فِي النّوم فَقلت مَا فعل الله بك فَأَوْمأ إِلَيّ بِأَنَّهُ نجا بعد شدَّة قلت فَمَا تَقول فِي أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ غفر الله لَهُ قلت فبشر الحافي قَالَ ذَاك تجيئه الْكَرَامَة من الله فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ 76 - وَأخرج عَن عَاصِم الْحَرْبِيّ قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي دخلت فِي درب هِشَام فلقيني بشر الحافي فَقلت من أَيْن قَالَ من عليين قلت مَا فعل الله بِأَحْمَد بن حَنْبَل قَالَ تركت السَّاعَة أَحْمد بن حَنْبَل وَعبد الْوَهَّاب الْوراق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 بَين يَدي الله يأكلان ويشربان ويتنعمان قلت فَأَيْنَ أَنْت قَالَ علم الله قلَّة رغبتي فِي الطَّعَام فأباحني بِالنّظرِ إِلَيْهِ عز وَجل 77 - وَأخرج عَن أبي جَعْفَر السقاء قَالَ رَأَيْت بشرا الحافي ومعروفا الْكَرْخِي فِي النّوم كَأَنَّهُمَا جائيان فَقلت من أَيْن فَقَالَا من جنَّة الفردوس وَقد زرنا مُوسَى كليم الرَّحْمَن عز وَجل 78 - وَأخرج عَن الْقَاسِم بن مُنَبّه قَالَ رَأَيْت بشرا الحافي فِي النّوم فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَقَالَ يَا بشر قد غفرت لَك وَلكُل من تبع جنازتك فَقلت يَا رب وَلكُل من أَحبَّنِي قَالَ وَلكُل من أحبك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 79 - وَأخرج عَن أَحْمد الدوري قَالَ مَاتَ جَار لي فرأيته فِي النّوم وَعَلِيهِ حلتان قلت إيش قصتك قَالَ دفن فِي مقبرتنا بشر الحافي فكسي أهل الْمقْبرَة حلتين حلتين 80 - وَأخرج عَن حجاج بن الشَّاعِر قَالَ رُؤِيَ بشر الحافي فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَقَالَ يَا بشر مَا عبدتني على قدر مَا نوهت بإسمك 81 - وَأخرج عَن رجل أَنه رأى بشرا الحافي فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَقَالَ لي يَا بشر لَو سجدت لي على الْجَمْر مَا كافأت مَا جعلت لَك فِي قُلُوب عبَادي 82 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة قَالَ لما مَاتَ أَحْمد بن حَنْبَل إغتممت غما شَدِيدا فَبت لَيْلَتي فرأيته فِي الْمَنَام وَهُوَ يتبختر فِي مشيته فَقلت يَا أَبَا عبد الله أَي مشْيَة هَذِه فَقَالَ مشْيَة الخدام فِي دَار السَّلَام فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وتوجني وألبسني نَعْلَيْنِ من ذهب وَقَالَ يَا أَحْمد هَذَا بِقَوْلِك إِن الْقُرْآن كَلَامي ثمَّ قَالَ لي يَا أَحْمد إدعني بِتِلْكَ الدَّعْوَات الَّتِي كنت تَدْعُو بهَا فِي دَار الدُّنْيَا فَقلت يَا رب كل شَيْء فَقَالَ لي هيه فَقلت بقدرتك على كل شَيْء فَقَالَ لي صدقت فَقلت لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء وإغفر لي كل شَيْء قَالَ قد فعلت ثمَّ قَالَ يَا أَحْمد هَذِه الْجنَّة فَقُمْ فَادْخُلْ إِلَيْهَا فَدخلت فَإِذا بسفيان الثَّوْريّ وَله جَنَاحَانِ أخضران يطير بهما من نَخْلَة إِلَى نَخْلَة وَيَقُول {الْحَمد لله} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 الَّذِي صدقنا وعده وأورثنا الأَرْض نتبوأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء فَنعم أجر العاملين) قلت لَهُ مَا فعل عبد الْوَهَّاب الْوراق قَالَ تركته فِي بَحر من نور فِي زلال من نور بَين يَدي ربه الْملك الغفور قلت لَهُ مَا فعل بشر الحافي قَالَ بخ بخ وَمن مثل بشر تركته بَين يَدي الْملك الْجَلِيل وَبَين يَدَيْهِ مائدة من الطَّعَام والجليل يقبل عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُول كل يَا من لم يَأْكُل واشرب يَا من لم يشرب وانعم يَا من لم ينعم فِي دَار الدُّنْيَا 83 - وَأخرج عَن دلف بن أبي دلف الْعجلِيّ قَالَ رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام فِي دَار وَحْشَة وعرة سَوْدَاء الْحِيطَان وَإِذا فِي أرْضهَا أثر الرماد وَإِذا أبي عُرْيَان وَاضع رَأسه بَين رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ لي كالمستفهم دلف قلت نعم أصلح الله الْأَمِير فَأَنْشَأَ يَقُول (أبلغن أهلنا وَلَا تخف عَنْهُم ... مَا لَقينَا فِي البرزخ الخناق) (قد سئلنا عَن كل مَا قد فعلنَا ... فارحموا وحشتي وَمَا قد أُلَاقِي) أفهمت قلت نعم ثمَّ أنشأ يَقُول (فَلَو أَنا إِذا متْنا تركنَا ... لَكَانَ الْمَوْت رَاحَة كل حَيّ) (وَلَكنَّا إِذا متْنا بعثنَا ... فنسأل بعده عَن كل شَيْء) إنصرف قَالَ فانتبهت 84 - وَأخرج عَن الْأَصْمَعِي عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت الْحجَّاج فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ قتلني بِكُل قتلة قتلت بهَا إنْسَانا سبعين قتلة ثمَّ رَأَيْته بعد الْحول فَقلت مَا صنع الله بك قَالَ أما سَأَلت عَن هَذَا عَام أول 85 - وَأخرج عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن جيفة ملقاة فَقلت مَا هَذِه قَالُوا إِنَّك إِن كَلمته كلمك فوكزته برجلي فَرفع رَأسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 إِلَيّ وَفتح عَيْنَيْهِ فَقلت لَهُ من أَنْت قَالَ أَنا الْحجَّاج قدمت على الله فَوَجَدته شَدِيد الْعقَاب فقتلني بِكُل قتلة قتلة وَهَا أَنا مَوْقُوف بَين يَدي الله أنْتَظر مَا ينتظره الموحدون من رَبهم إِمَّا إِلَى الْجنَّة وَإِمَّا إِلَى النَّار 86 - وَأخرج عَن أَشْعَث قَالَ رَأَيْت الْحجَّاج فِي مَنَامِي بِحَال سَيِّئَة قلت مَا صنع بك رَبك قَالَ مَا قتلت أحدا قتلة إِلَّا قتلني بهَا قلت ثمَّ مَه قَالَ ثمَّ أَرْجُو مَا يَرْجُو أهل لَا إِلَه إِلَّا الله 87 - وَأخرج عَن أبي الْحسن قَالَ رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي أدخلت موضعا وَاسِعًا وَإِذا رجل على سَرِير قَاعد وَإِذا رجل يقلي بَين يَدَيْهِ قلت من هَذَا الْقَاعِد قيل إِن ذَا يزِيد النَّحْوِيّ وَهَذَا أَبُو مُسلم يَعْنِي الْخُرَاسَانِي صَاحب الدعْوَة يقلي بَين يَدَيْهِ قلت فَمَا حَال إِبْرَاهِيم الصَّائِغ قَالَ ذَاك فِي أَعلَى عليين من يصل إِلَيْهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْن وَقيل لي فِي الْمَنَام إِن هَذَا الَّذِي رَأَيْته رَآهُ رجل صَالح فِي كور خُرَاسَان فَكَانَ يجيئنا بعد ذَلِك وَيذكر أَن ببلخ رجلا رأى هَذِه الرُّؤْيَا وبسمرقند وجورجان وكور خُرَاسَان 88 - وَأخرج عَن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْمعبر قَالَ رَأَيْت صَالح بن عبد القدوس ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا فَقلت مَا فعل بك رَبك وَكَيف نجوت مِمَّا كنت ترمى بِهِ من الزندقة قَالَ إِنِّي وَردت على رَبِّي لَا تخفى عَلَيْهِ خافية فاستقبلني برحمته قَالَ قد علمت براءتك مِمَّا كنت ترمى بِهِ 89 - وَأخرج عَن أبي يزِيد طيفور البسطامي قَالَ رَأَيْت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي النّوم فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلمنِي كلمة تنفعني فَقَالَ مَا أحسن تواضع الْأَغْنِيَاء للْفُقَرَاء رَجَاء ثَوَاب الله قلت زِدْنِي قَالَ وأحس مِنْهُ تيه الْفُقَرَاء على الْأَغْنِيَاء ثِقَة بِمَا عِنْد الله قلت زِدْنِي قَالَ وَأحسن مِنْهُ فَفتح كَفه فَإِذا فِيهِ مَكْتُوب بِمَاء الذَّهَب (قد كنت مَيتا فصرت حَيا ... وَعَن قَلِيل تكون مَيتا) (فَابْن بدار الْبَقَاء بَيْتا ... واهدم بدار الفناء بَيْتا) 90 - وَأخرج عَن بعض المكيين قَالَ رَأَيْت سعيد بن سَالم القداح فِي النّوم فَقلت من أفضل من فِي هَذِه الْقُبُور قَالَ صَاحب هَذَا الْقَبْر قلت بِمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 فَضلكُمْ قَالَ إِنَّه أَبْتَلِي فَصَبر قلت مَا فعل فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ هَيْهَات كسي حلَّة لَا تقوم لَهَا الدُّنْيَا بحواشيها 91 - وَأخرج عَن أبي الْفرج غيث بن عَليّ قَالَ رَأَيْت أَبَا الْحسن العاقولي المقرىء فِي النّوم فِي هَيْئَة صَالِحَة فَسَأَلته عَن حَاله فَذكر خيرا قلت أَلَيْسَ قد مت قَالَ بلَى قلت كَيفَ رَأَيْت الْمَوْت قَالَ حسن أَو جيد وَهُوَ مُسْتَبْشِرٍ قلت غفر لَك دخلت الْجنَّة قَالَ نعم قلت فَأَي الْأَعْمَال أَنْفَع قَالَ مَا ثمَّ شَيْء أَنْفَع من الإستغفار أَكثر مِنْهُ 92 - وَأخرج عَن الْحسن بن يُونُس الْحَرَّانِي قَالَ رَأَيْت الهاجور الْأَمِير فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي قلت بِمَاذَا قَالَ بضبطي لطريق الْمُسلمين وَطَرِيق الْحَاج 93 - وَأخرج عَن أبي نصر بن مَاكُولَا قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أسأَل عَن حَال أبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْآخِرَة فَقيل لي ذَاك يدعى فِي الْجنَّة الإِمَام 94 - وَأخرج عَن أبي نصر خلف الْوزان قَالَ رُؤِيَ يُوسُف بن الْحُسَيْن الرَّازِيّ الصُّوفِي فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي ورحمني قلت بِمَاذَا قَالَ بِكَلِمَات قلتهَا عِنْد الْمَوْت قلت اللَّهُمَّ نصحت النَّاس قولا وخنت نَفسِي فعلا فَهَب لي خِيَانَة فعلي لنصيحة قولي 95 - وَأخرج عَن عبد الله بن صَالح قَالَ رُؤِيَ أَبُو نواس فِي الْمَنَام وَهُوَ فِي نعْمَة كَبِيرَة فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَأَعْطَانِي هَذِه النِّعْمَة قيل بِمَاذَا وَقد كنت مخلطا قَالَ جَاءَ بعض الصَّالِحين إِلَى الْمَقَابِر فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي فَبسط رِدَاءَهُ وَصلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا ألفي مرّة {قل هُوَ الله أحد} وَجعل ثَوَابهَا لأهل الْمَقَابِر فغفر الله لأهل الْمَقَابِر عَن آخِرهم فَدخلت أَنا فِي جُمْلَتهمْ 96 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن نَافِع قَالَ رَأَيْت أَبَا نواس وَأَنا بَين النَّائِم وَالْيَقظَان فَقلت أَبُو نواس قَالَ لات حِين كنيته قلت الْحسن بن هانىء قَالَ نعم قلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي بِأَبْيَات قلتهَا هِيَ تَحت الوسادة فَأتيت أَهله فَرفعت لي الوسادة فَإِذا برقعة فِيهَا مَكْتُوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 (يَا رب إِن عظمت ذُنُوبِي كَثْرَة ... فَلَقَد علمت بِأَن عفوك أعظم) (إِن كَانَ لَا يرجوك إِلَّا محسن ... فبمن يلوذ ويستجير المجرم) (أَدْعُوك رب كَمَا أمرت تضرعا ... فَإِذا رددت يَدي فَمن ذَا يرحم) (مَا لي إِلَيْك وَسِيلَة إِلَّا الرجا ... وَجَمِيل عفوك ثمَّ أَنِّي مُسلم) 97 - وَأخرج عَن أبي بكر الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ رُؤِيَ أَبُو نواس فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي بِأَبْيَات قلتهَا فِي النرجس وَهِي (تَأمل فِي نَبَات الأَرْض وَانْظُر ... إِلَى آثَار مَا صنع المليك) (عُيُون من لجين شاخصات ... بأحداق كَمَا الذَّهَب السبيك) (على قضب الزبرجد شاهدات ... بِأَن الله لَيْسَ لَهُ شريك) (وَأَن مُحَمَّدًا عبد رَسُول ... إِلَى الثقلَيْن أرْسلهُ المليك) 98 - وَأخرج عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ رَأَيْت يَعْقُوب بن سُفْيَان الْحَافِظ فِي النّوم فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَأَمرَنِي أَن أحدث فِي السَّمَاء كَمَا كنت أحدث فِي الأَرْض فَحدثت فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَاجْتمع عَليّ الْمَلَائِكَة واستملى على جِبْرِيل وَكَتَبُوا بأقلام من ذهب 99 - وَأخرج عَن أبي عبيد بن حربويه أَن رجلا حضر جَنَازَة السّري السَّقطِي فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيْل رَآهُ فِي النّوم فَقَالَ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَلمن حضر جنازتي وَصلى عَليّ قَالَ فَإِنِّي مِمَّن حضر جنازتك وَصلى عَلَيْك فَأخْرج درجا فَنظر فِيهِ فَلم ير فِيهِ إسمه فَقَالَ بلَى قد حضرت قَالَ فَنظر فَإِذا إسمه فِي الْحَاشِيَة 100 - وَأخرج عَن أبي الْقَاسِم ثَابت بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا الْقَاسِم سعد بن مُحَمَّد الزنجاني فِي النّوم يَقُول لي مرّة بعد أُخْرَى يَا أَبَا الْقَاسِم إِن الله يَبْنِي لأهل الحَدِيث بِكُل مجْلِس يجلسونه بَيْتا فِي الْجنَّة 101 - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن دَاره قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ مَا حالك قَالَ أَحْمد الله على الْأَحْوَال كلهَا إِن أحضرت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 فوقفت بَين يَدي الله فَقَالَ لي يَا عبيد الله لم تدرعت فِي القَوْل فِي عبَادي قلت يَا رب إِنَّهُم حاولوا دينك قَالَ صدقت ثمَّ أُتِي بطاهر الخلقاني فاستعديت عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي فَضَربهُ الْحَد مائَة ثمَّ أَمر إِلَى الْحَبْس ثمَّ قَالُوا ألْحقُوا عبيد الله بِأَصْحَابِهِ بِأبي عبد الله وَأبي عبد الله وَأبي عبد الله سُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك بن أنس وَأحمد بن حَنْبَل 102 - وَأخرج عَن حَفْص بن عبد الله قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة فِي النّوم بعد مَوته يُصَلِّي فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بِالْمَلَائِكَةِ قلت بِمَ نلْت هَذَا قَالَ كتبت بيَدي ألف ألف حَدِيث أَقُول فِيهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى عَليّ صَلَاة صلى عَلَيْهِ بهَا عشرا 103 - وَأخرج عَن يزِيد بن مخلد الطرسوسي قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة بعد مَوته يُصَلِّي فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بِقوم عَلَيْهِم ثِيَاب بيض وَعَلِيهِ ثِيَاب بيض وهم يرفعون أَيْديهم فِي الصَّلَاة فَقلت يَا أَبَا زرْعَة من هَؤُلَاءِ قَالَ الْمَلَائِكَة قلت بِأَيّ شَيْء أدْركْت هَذَا قَالَ بِرَفْع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة قلت فَإِن الجهيمة قد آذوا أَصْحَابنَا بِالريِّ قَالَ أسكت فَإِن أَحْمد بن حَنْبَل قد سد عَلَيْهِم المَاء من فَوق 104 - وَأخرج عَن أبي الْعَبَّاس الْمرَادِي قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ لقِيت رَبِّي فَقَالَ لي يَا أَبَا زرْعَة إِنِّي أُوتى بالطفل فآمر بِهِ إِلَى الْجنَّة فَكيف بِمن حفظ السّنَن على عبَادي تبوأ من الْجنَّة حَيْثُ شِئْت 105 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن صَدَقَة بن يزِيد قَالَ نظرت إِلَى ثَلَاثَة أقبر على شرف من الأَرْض بِنَاحِيَة طرابلس أَو أنطابلس أَحدهَا مَكْتُوب عَلَيْهِ هَذِه (وَكَيف يلد الْعَيْش من هُوَ موقن ... بِأَن المنايا بَغْتَة ستعالجه) (وتسلبه ملكا عَظِيما وَنَحْوه ... وتسكنه الْبَيْت الَّذِي هُوَ أَهله) وعَلى الْقَبْر الثَّانِي (وَكَيف يلد الْعَيْش من هُوَ عَالم ... بِأَن إِلَه الْخلق لَا بُد سائله) (فَيَأْخُذ مِنْهُ ظلمه لِعِبَادِهِ ... ويجزيه بِالْخَيرِ الَّذِي هُوَ فَاعله) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وعَلى الْقَبْر الثَّالِث (وَكَيف يلد الْعَيْش من هُوَ صائر ... إِلَى جدث تبلي الشَّبَاب مَنَازِله) (وَيذْهب حسن الْوَجْه من بعد ضوئه ... سَرِيعا ويبلى جِسْمه ومفاصله) فَنزلت قَرْيَة بِالْقربِ مِنْهَا فَقلت لشيخ بهَا لقد رَأَيْت عجبا قَالَ وَمَا ذَاك قلت رَأَيْت هَذِه الْقُبُور قَالَ حَدِيثهَا أعجب مِمَّا رَأَيْت عَلَيْهَا قلت فَحَدثني قَالَ كَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة وَاحِد يصحب السُّلْطَان وَيُؤمر على الجيوش والمدن وَآخر تَاجر مُوسر مُطَاع فِي تِجَارَته وَآخر زاهد قد تخلى وَانْفَرَدَ لعبادة ربه فَحَضَرت الزَّاهِد الْوَفَاة فَأَتَاهُ أَخُوهُ صَاحب السُّلْطَان وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان قد ولاه ببلاده وَأَتَاهُ التَّاجِر فَقَالَا لَهُ توصي بِشَيْء فَقَالَ وَالله مَا لي مَال أوصِي بِهِ وَلَا عَليّ دين أوصِي بِهِ وَلَا أخلف من الدُّنْيَا عرضا وَلَكِن أَعهد إلَيْكُمَا عهدا فَلَا تخالفاه إِذا مت فادفناني على نشز من الأَرْض واكتبا على قَبْرِي وكي يلذ الْعَيْش من هُوَ عَالم الْبَيْتَيْنِ ثمَّ زوروا قَبْرِي ثَلَاثَة أَيَّام لعلكما تتعظان ففعلا ذَلِك فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث أَتَى أَخُوهُ صَاحب السُّلْطَان الْقَبْر فَلَمَّا أَرَادَ الإنصراف سمع من دَاخل الْقَبْر هدة أرعبته وأفزعته فَانْصَرف مذعورا وجلا فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رأى أَخَاهُ فِي الْمَنَام فَقَالَ أَي أخي مَا الَّذِي سَمِعت فِي قبرك قَالَ هدة تِلْكَ المقمعة قيل لي رَأَيْت مَظْلُوما فَلم تنصره فَأصْبح فَدَعَا أَخَاهُ وخاصته فَقَالَ إِنِّي أشهدكم أَنِّي لَا أقيم بَين ظهرانيكم أبدا فَترك الأمارة وَلزِمَ الْعِبَادَة وَكَانَ مَأْوَاه البراري وَالْجِبَال وبطون الأودية فحضرته الْوَفَاة فَحَضَرَ أَخُوهُ فَقَالَ يَا أخي أَلا توصي بِشَيْء قَالَ مَا لي مَال وَلَا عَليّ دين وَلَكِن أَعهد إِلَيْك إِذا أَنا مت فَاجْعَلْ قَبْرِي إِلَى جنب قبر أخي واكتب عَلَيْهِ وَكَيف يلذ الْعَيْش من هُوَ موقن الْبَيْتَيْنِ ثمَّ تعهد قَبْرِي ثَلَاثًا فَلَمَّا مَاتَ فعل أَخُوهُ ذَلِك فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث من إِتْيَانه الْقَبْر أَرَادَ الإنصراف فَسمع وجبة من الْقَبْر كَادَت تذْهب عقله فَرجع مَرْعُوبًا فَلَمَّا كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 اللَّيْل رأى أَخَاهُ فِي مَنَامه فَقَالَ كَيفَ أَنْت قَالَ بِكُل خير وَمَا أجمع التَّوْبَة لكل خير فَقَالَ فَكيف أخي قَالَ مَعَ الْأَئِمَّة الْأَبْرَار قَالَ فَمَا أمرنَا قبلكُمْ قَالَ من قدم شَيْئا وجده فاغتنم وَجدك قبل فقرك فَأصْبح الْأَخ الثَّالِث مُعْتَزِلا للدنيا وَفرق مَاله وَأَقْبل على طَاعَة الله تَعَالَى وَنَشَأ إِبْنِ لَهُ فِي المكاسب حَتَّى أَتَت أَبَاهُ الْوَفَاة قَالَ يَا أَبَت أَلا توصي لي بِشَيْء قَالَ يَا بني مَا لي مَال فأوصي فِيهِ وَلَكِن أَعهد إِلَيْك إِذا أَنا مت أَن تدفني مَعَ عميك وَأَن تكْتب على قَبْرِي وَكَيف يلذ الْعَيْش من هُوَ صائر الْبَيْتَيْنِ ثمَّ تعاهد قَبْرِي ثَلَاثًا فَفعل الْفَتى ذَلِك فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث سمع من الْقَبْر صَوتا هاله فَانْصَرف مهموما فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رأى أَبَاهُ فِي مَنَامه قَالَ لَهُ يَا بني أَنْت عندنَا عَن قَلِيل وَالْأَمر جد فاستعد وتأهب لرحيلك وَطول سفرك وحول جهازك من الْمنزل الَّذِي أَنْت عَنهُ ظاعن إِلَى الْمنزل الَّذِي أَنْت بِهِ قاطن وَلَا تغتر بِمَا إغتر بِهِ البطالون من طول آمالهم فقصروا فِي أَمر معادهم فَنَدِمُوا عِنْد الْمَوْت وأسفوا على تَضْييع الْعُمر فَلَا الندامة عِنْد الْمَوْت تنفعهم وَلَا الأسف على التَّقْصِير أنقذهم أَي بني فبادر ثمَّ بَادر ثمَّ بَادر فَقَالَ الشَّيْخ فَدخلت على الْفَتى صَبِيحَة الرُّؤْيَا فَقَصَّهَا عَليّ وَقَالَ مَا أرى الْأَمر الَّذِي قَالَ أبي إِلَّا وَقد أظلني وَلَا أَحسب بَقِي من أَجلي إِلَّا ثَلَاثَة أشهر أَو ثَلَاثَة أَيَّام لِأَنَّهُ أنذرني بالمبادرة ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَ آخر الْيَوْم الثَّالِث دَعَا أَهله وَولده فودعهم ثمَّ إستقبل الْقبْلَة وَتشهد ثمَّ مَاتَ من اللَّيْل 45 - بَاب تأذي الْمَيِّت بِمَا يبلغهُ عَن الْأَحْيَاء من القَوْل فِيهِ وَالنَّهْي عَنهُ سبه وأذاه 1 - أخرج الديلمي عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت يُؤْذِيه فِي قَبره مَا يُؤْذِيه فِي بَيته 2 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ يجوز أَن يكون الْمَيِّت يبلغ من أَفعَال الْأَحْيَاء وأقوالهم مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 يُؤْذِيه بلطيفة يحدثها الله تَعَالَى لَهُم من ملك مبلغ أَو عَلامَة أَو دَلِيل أَو مَا شَاءَ الله فَذَلِك زجر عَن سوء القَوْل فِي الْأَمْوَات وَقَالَ يجوز أَن يكون المُرَاد بِهِ أَذَى الْملك لَهُ من التَّغْلِيظ والتقريع تمحيصا لما كَانَ يَأْتِيهِ من الْمعاصِي 3 - وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا 4 - وَأخرج النَّسَائِيّ عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَالك بِسوء فَقَالَ لَا تَذكرُوا هلكاكم إِلَّا بِخَير 5 - وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذكروا محَاسِن مَوْتَاكُم وَكفوا عَن مساوئهم 6 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تَذكرُوا مَوْتَاكُم إِلَّا بِخَير إِن يَكُونُوا من أهل الْجنَّة تأثموا وَإِن يَكُونُوا من أهل النَّار فحسبهم مَا هم فِيهِ 46 - بَاب تأذي الْمَيِّت بالنياحة عَلَيْهِ 1 - أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه قيل لَهَا إِن إِبْنِ عمر يرفع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء الْحَيّ قَالَت وَهل أَبُو عبد الرَّحْمَن إِنَّمَا قَالَ أهل الْمَيِّت يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَإنَّهُ ليعذب بجرمه 2 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ رَأَيْت إِبْنِ عمر حضر جَنَازَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 رَافع بن خديج فَقَالَ إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ فَقَالَ إِبْنِ عَبَّاس إِن الْمَيِّت لَا يعذب ببكاء الْحَيّ وَقد ورد حَدِيث الْمَيِّت يعذب ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ أَيْضا من رِوَايَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أخرجه أَبُو يعلى بِلَفْظ ينضح عَلَيْهِ الْحَمِيم ببكاء الْحَيّ وَعمر بن الْخطاب وَلَفظه إِن الْمَيِّت يعذب بالنياحة عَلَيْهِ فِي قَبره أخرجه البُخَارِيّ وَأنس وَعمْرَان بن حُصَيْن عِنْد إِبْنِ حبَان فِي صَحِيحه وَسمرَة بن جُنْدُب عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو هُرَيْرَة عِنْد أبي يعلى والمغيرة بن شُعْبَة عِنْد إِبْنِ مَنْدَه فَاخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك على مَذَاهِب أَحدهَا أَنه على ظَاهره مُطلقًا وَهُوَ رَأْي عمر بن الْخطاب وإبنه الثَّانِي لَا مُطلقًا الثَّالِث أَن الْبَاء للْحَال أَي أَنه يعذب حَال بكائهم عَلَيْهِ والتعذيب بِمَا لَهُ من ذَنْب لَا بِسَبَب الْبكاء الرَّابِع أَنه خَاص بالكافر وَالْقَوْلَان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْخَامِس أَنه خَاص بِمن كَانَ النوح من سنته وطريقته وَعَلِيهِ البُخَارِيّ السَّادِس أَنه فِيمَن أوصى بِهِ كَمَا قَالَ الْقَائِل (إِذا مت فانعيني بِمَا أَنا أَهله ... وشقي عَليّ الجيب يَا بنة معبد) السَّابِع أَنه فِيمَن لم يوص بِتَرْكِهِ فَتكون الْوَصِيَّة بذلك وَاجِبَة إِذا علم أَن من شَأْن أكفله أَن يَفْعَلُوا ذَلِك الثَّامِن أَن التعذيب بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَبْكُونَ بهَا عَلَيْهِ وَهِي مذمومة شرعا كَمَا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ يَا مرمل النسوان يَا ميتم الْأَوْلَاد يَا مخرب الدّور التَّاسِع أَن المُرَاد بالتعذيب توبيخ الْمَلَائِكَة لَهُ بِمَا يندبه بِهِ أَهله لحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وإبن مَاجَه مَرْفُوعا مَا من ميت يَمُوت فتقوم نادبته تَقول واجبلاه واسنداه أَو شبه ذَلِك من القَوْل إِلَّا وكل بِهِ ملكان يلهزانه أهكذا كنت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 3 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن إِبْنِ عمر قَالَ أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَقَامَتْ النائحة فَدخل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أَفَاق فَقَالَ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُغمي عَليّ فصاحت النِّسَاء واعزاه واجبلاه فَقَامَ ملك مَعَه مرزبة فَجَعلهَا بَين رجْلي فَقَالَ أَنْت كَمَا تَقول قلت لَا فَلَو قلت نعم ضَرَبَنِي بهَا 4 - وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن النُّعْمَان قَالَ أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته عمْرَة تبْكي وَتقول واأخياه واكذا واكذا تعدد عَلَيْهِ فَقَالَ حِين أَفَاق مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي أَنْت كَذَلِك 5 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن أَن معَاذ بن جبل أُغمي عَلَيْهِ فَجعلت أُخْته تَقول واجبلاه فَلَمَّا أَفَاق قَالَ مَا زلت لي مؤذية مُنْذُ الْيَوْم قلت لقد كَانَ يعز عَليّ أَن أؤذيك قَالَ مَا زَالَ ملك شَدِيد الإنتهار كلما واكذا قَالَ أكذاك أَنْت فَأَقُول لَا 6 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ لما أُصِيب عمر رَضِي الله عَنهُ دخلت عَلَيْهِ حَفْصَة قَالَت يَا صَاحب رَسُول الله وَيَا صهر رَسُول الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عمر إِنِّي أحرج عَلَيْك بِمَا لي عَلَيْك من الْحق أَن لَا تندبيني بعد مجلسك هَذَا إِنَّه لَيْسَ من ميت ينْدب بِمَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا كَانَت الْمَلَائِكَة تمقته الْعَاشِر أَن المُرَاد بِهِ تألم الْمَيِّت بِمَا يَقع من أَهله لحَدِيث الطَّبَرَانِيّ وإبن أبي شيبَة عَن بنت مخرمَة أَنَّهَا ذكرت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولدا لَهَا مَاتَ ثمَّ بَكت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيغلب أحدكُم أَن يصاحب صويحبه فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا فَإِذا مَاتَ إسترجع فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن أحدكُم ليبكي فيستعبر إِلَيْهِ صويحبه فيا عباد الله لَا تعذبوا مَوْتَاكُم وَهَذَا القَوْل عَلَيْهِ إِبْنِ جرير وَاخْتَارَهُ جمَاعَة من الْأَئِمَّة آخِرهم إِبْنِ تَيْمِية 7 - وَأخرج أَحْمد عَن أبي الرّبيع قَالَ كنت مَعَ إِبْنِ عمر فِي جَنَازَة فَسمع صَوت إِنْسَان يَصِيح فَبعث إِلَيْهِ فأسكته فَقلت لَهُ لم أسكته يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن قَالَ إِنَّه يتَأَذَّى بِهِ الْمَيِّت حَتَّى يدْخل قَبره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 8 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْنِ مَسْعُود أَنه رأى نسْوَة فِي جَنَازَة فَقَالَ إرجعن مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات إنكن لتفتن الْأَحْيَاء وتؤذين الْأَمْوَات وَفِي الْجُزْء الأول من حَدِيث يحيى بن معِين بِسَنَدِهِ عَن الْحسن إِن من شَرّ النَّاس للْمَيت أَهله يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَلَا يقضون دينه أخرجه يحيى بن معِين فِي جزئه الْمَشْهُور 47 - بَاب تأذيه بِسَائِر وُجُوه الْأَذَى 1 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن عقبَة بن عَامر الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لِأَن أَطَأ على جَمْرَة أَو على حد سيف حَتَّى يخطف رجْلي أحب إِلَيّ من أَن أَمْشِي على قبر رجل مُسلم وَمَا أُبَالِي أَفِي الْقُبُور قضيت حَاجَتي أم فِي السُّوق بَين ظهرانيه وَالنَّاس ينظرُونَ وَأخرجه إِبْنِ مَاجَه عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور عَن سليم بن عُمَيْر أَنه مر على مَقْبرَة وَهُوَ حاقن قد غَلبه الْبَوْل فَقيل لَهُ لَو نزلت فبلت قَالَ سُبْحَانَ الله وَالله إِنِّي لأستحيي من الْأَمْوَات كَمَا أستحيي من الْأَحْيَاء 3 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وإبن مَنْدَه عَن عمَارَة بن حزم قَالَ رَآنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا على قبر فَقَالَ يَا صَاحب الْقَبْر إنزل من على الْقَبْر لَا تؤذي صَاحب الْقَبْر وَلَا يُؤْذِيك 4 - وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْنِ مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْوَطْء على الْقَبْر قَالَ كَمَا أكره أَذَى الْمُؤمن فِي حَيَاته فَإِنِّي أكره أَذَاهُ بعد مَوته 5 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَنهُ قَالَ أَذَى الْمُؤمن فِي مَوته كأذاه فِي حَيَاته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 6 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن الْقَاسِم بن مخيمر قَالَ لِأَن أَطَأ على سِنَان رُمْحِي حَتَّى ينفذ من قدمي أحب إِلَيّ من أَطَأ على قبر وَإِن رجلا وطىء على قبر وَإِن قلبه ليقظان إِذْ سمع صَوتا من الْقَبْر إِلَيْك عني يَا رجل لَا تؤذيني 48 - بَاب مُلَازمَة الحافظين قبر الْمُؤمن 1 - أخرج أَبُو نعيم عَن أبي سعيد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا قبض الله روح عَبده الْمُؤمن صعد ملكاه إِلَى السَّمَاء قَالَا رَبنَا وكلتنا بعبدك الْمُؤمن نكتب عمله وَقد قَبضته إِلَيْك فَأذن لنا أَن نسكن السَّمَاء فَقَالَ سمائي مَمْلُوءَة من ملائكتي يسبحوني فَيَقُولَانِ فَأذن لنا أَن نسكن الأَرْض فَيَقُول أرضي مَمْلُوءَة من خلقي يسبحوني وَلَكِن قوما على قبر عَبدِي فسبحاني وهللاني وكبراني إِلَى يَوْم الْقِيَامَة واكتباه لعبدي 2 - وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وإبن أبي الدُّنْيَا من حَدِيث أنس وإبن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَزَاد فِيهِ وَأما العَبْد الْكَافِر إِذا مَاتَ صعد ملكاه إِلَى السَّمَاء فَيُقَال لَهما إرجعا إِلَى قَبره والعناه 49 - بَاب مَا ينفع الْمَيِّت فِي قَبره 1 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ إِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره إحتوشته أَعماله الصَّالِحَة وَجَاء ملك الْعَذَاب فَتَقول لَهُ بعض أَعماله الصَّالِحَة إِلَيْك عَنهُ فَلَو لم يكن إِلَّا أَنا لما وصلت إِلَيْهِ 2 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ إِذا مَاتَ العَبْد الصَّالح فَوضع فِي قَبره أُتِي بفراش من الْجنَّة وَقيل لَهُ نم هَنِيئًا لَك قُرَّة الْعين طبت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 فَرضِي الله عَنْك ويفسح فِي قَبره مد بَصَره وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَينْظر إِلَى حسنها ويجد رِيحهَا وتحتوشه أَعماله الصَّالِحَة الصّيام وَالصَّلَاة وَالْبر فَتَقول لَهُ نَحن أنصبناك وأظمأناك وأسهرناك فَنحْن لَك الْيَوْم بِحَيْثُ تحب نَحن أنساؤك حَتَّى تصير إِلَى مَنْزِلك إِلَى الْجنَّة 3 - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل إِنْسَان ثَلَاثَة أخلاء أما خَلِيل فَيَقُول لَهُ مَا أنفقت فلك وَمَا أَمْسَكت فَلَيْسَ لَك فَذَاك مَاله وَأما خَلِيل فَيَقُول أَنا مَعَك فَإِذا أتيت بَاب الْملك تركتك وَرجعت فَذَاك أَهله وحشمه وَأما خَلِيل فَيَقُول أَنا مَعَك حَيْثُ دخلت وَحَيْثُ خرجت فَذَاك عمله فَيَقُول إِن كنت لأهون الثَّلَاثَة عَليّ 4 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ العَبْد تبعه ثَلَاثَة فَيرجع إثنان وَيبقى وَاحِد يتبعهُ أَهله وَمَاله وَعَمله فَيرجع أَهله وَمَاله وَيبقى عمله 5 - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الرجل وَمثل الْمَوْت كَرجل لَهُ ثَلَاثَة أخلاء فَقَالَ أحدهم هَذَا مَالِي فَخذ مِنْهُ مَا شِئْت ودع مَا شِئْت وَقَالَ الآخر أَنا مَعَك أخدمك فَإِن مت تركتك وَقَالَ الآخر أَنا مَعَك أَدخل مَعَك وَأخرج مَعَك إِن مت وَإِن حييت فَأَما الَّذِي قَالَ هَذَا مَالِي فَخذ مِنْهُ مَا شِئْت ودع مَا شِئْت فَهُوَ مَاله وَالْآخر عشيرته وَالْآخر عمله يدْخل مَعَه وَيخرج مَعَه حَيْثُ كَانَ 6 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن كَعْب قَالَ إِذا وضع العَبْد الصَّالح فِي قَبره احتوشته أَعماله الصَّالِحَة الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْحج وَالْجهَاد وَالصَّدَََقَة وتجيء مَلَائِكَة الْعَذَاب من قبل رجلَيْهِ فَتَقول الصَّلَاة إِلَيْكُم عَنهُ لَا سَبِيل لكم عَلَيْهِ فقد أَطَالَ بِي الْقيام لله فيأتونه من قبل رَأسه فَيَقُول الصّيام لَا سَبِيل لكم عَلَيْهِ فقد أَطَالَ ظمأه لله تَعَالَى فِي دَار الدُّنْيَا فيأتونه من قبل جسده فَيَقُول الْحَج وَالْجهَاد إِلَيْكُم عَنهُ فقد أنصب نَفسه وأتعب بدنه وَحج وجاهد لله فَلَا سَبِيل لكم عَلَيْهِ فيأتونه من قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 يَدَيْهِ فَتَقول الصَّدَقَة كفوا عَن صَاحِبي فكم من صَدَقَة خرجت من هَاتين الْيَدَيْنِ حَتَّى وَقعت فِي يَد الله إبتغاء وَجهه فَلَا سَبِيل لكم عَلَيْهِ فَيُقَال هَنِيئًا لَك طبت حَيا وطبت مَيتا وتأتيه مَلَائِكَة الرَّحْمَة فتفرشه فراشا من الْجنَّة ودثارا من الْجنَّة ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَيُؤْتى بقنديل من الْجنَّة فيستضيء بنوره إِلَى يَوْم يَبْعَثهُ الله من قَبره 7 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد بن أبي مَنْصُور أَن رجلا كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن فَلَمَّا حضر جَاءَت مَلَائِكَة الْعَذَاب يقبضون روحه فَخرج الْقُرْآن فَقَالَ يَا رب سكني الَّذِي كنت أسكنتني فَقَالَ دعوا لِلْقُرْآنِ مَسْكَنه 8 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ إِذا دخل الْإِنْسَان قَبره فَيَجِيء ملك عَن شِمَاله فَيَجِيء الْقُرْآن فيمنعه فَيَقُول مَا لي وَلَك فوَاللَّه مَا كَانَ يعْمل بك فَيَقُول أَو لَيْسَ كنت فِي جَوْفه فَلَا يزَال حَتَّى يُنجي صَاحبه 9 - وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي الْمنْهَال قَالَ مَا جاور عبدا فِي قَبره من جَار أحب إِلَيْهِ من إستغفار كثير 10 - وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ الْإِنْسَان إنقطع عمله إِلَّا من ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ 11 - وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة تجْرِي عَلَيْهِم أُجُورهم بعد الْمَوْت مرابط فِي سَبِيل الله وَمن علم علما وَرجل تصدق بِصَدقَة فأجرها لَهُ مَا جرت وَرجل ترك مُكَرر ولدا صَالحا يَدْعُو لَهُ 12 - وَأخرج مُسلم عَن جرير بن عبد الله مَرْفُوعا من سنّ فِي الْإِسْلَام سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا بعده من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وَمن سنّ فِي الْإِسْلَام سنة سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وزرها ووزر من عمل بهَا من بعده من غير أَن ينقص من أوزارهم شَيْء 13 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن رَجَاء بن حَيْوَة أَنه قَالَ لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك إِنَّه مِمَّا يحفظ بِهِ الْخَلِيفَة فِي قَبره أَن يسْتَخْلف الرجل الصَّالح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 14 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا من علم آيَة من كتاب الله عز وَجل أَو بَابا من علم أنمى الله أجره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 15 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وإبن خُزَيْمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مِمَّا يلْحق الْمُؤمن من عمله حَسَنَاته بعد مَوته علما علمه ونشره أَو ولدا صَالحا تَركه أَو مُصحفا وَرثهُ أَو مَسْجِدا بناه أَو بَيْتا لإبن السَّبِيل بناه أَو نَهرا أجراه أَو صَدَقَة أخرجهَا من مَاله فِي صِحَّته وحياته يلْحقهُ من بعد مَوته 16 - وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَزَّار عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع يجْرِي للْعَبد أجرهَا بعد مَوته وَهُوَ فِي قَبره من علم علما أَو أجْرى نَهرا أَو حفر بِئْرا أَو غرس نخلا أَو بنى مَسْجِدا أَو ورث مُصحفا أَو ترك ولدا يسْتَغْفر لَهُ بعد مَوته 17 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها وَاجْعَلُوا زيارتكم لَهَا صَلَاة عَلَيْهِم واستغفارا لَهُم 18 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن طَاوُوس قَالَ قلت لأبي مَا أفضل مَا يُقَال عِنْد الْمَيِّت قَالَ الإستغفار 19 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليرْفَع الدرجَة للْعَبد الصَّالح فِي الْجنَّة فَيَقُول يَا رب أَنى لي هَذِه فَيَقُول باستغفار ولدك لَك وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ بِدُعَاء ولدك لَك وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا 20 - وَأخرج أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبع الرجل يَوْم الْقِيَامَة من الْحَسَنَات أَمْثَال الْجبَال فَيَقُول أَنى هَذَا فَيُقَال باستغفار ولدك لَك 21 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والديلمي عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الْمَيِّت فِي قَبره إِلَّا شبه الغريق المتغوث ينْتَظر دَعْوَة تلْحقهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 من أَب أَو أم أَو ولد أَو صديق ثِقَة فَإِذا لحقته كَانَت أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَإِن الله تَعَالَى ليدْخل على أهل الْقُبُور من دُعَاء أهل الأَرْض أَمْثَال الْجبَال وَإِن هَدِيَّة الْأَحْيَاء إِلَى الْأَمْوَات الإستغفار لَهُم قَالَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن عَليّ الْحَافِظ حَدِيث غَرِيب من حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك لم يَقع عِنْد أهل خُرَاسَان 22 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان قَالَ كَانَ يُقَال الْأَمْوَات أحْوج إِلَى الدُّعَاء من الْأَحْيَاء إِلَى الطَّعَام وَالشرَاب وَقد نقل غير وَاحِد الْإِجْمَاع على أَن الدُّعَاء ينفع الْمَيِّت وَدَلِيله من الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان} 23 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن بعض السّلف قَالَ رَأَيْت أَخا لي فِي النّوم بعد مَوته فَقلت أيصل إِلَيْك دُعَاء الْأَحْيَاء قَالَ إِي وَالله يترفرف مثل النُّور ثمَّ نلبسه 24 - وَأخرج عَن عَمْرو بن جرير قَالَ إِذا دَعَا العَبْد لِأَخِيهِ الْمَيِّت أَتَاهُ بهَا إِلَى قَبره ملك فَقَالَ يَا صَاحب الْقَبْر الْغَرِيب هَذِه هَدِيَّة من أَخ عَلَيْك شفيق 25 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي قلَابَة قَالَ أَقبلت من الشَّام إِلَى الْبَصْرَة فَنزلت الخَنْدَق فتطهرت وَصليت رَكْعَتَيْنِ بِاللَّيْلِ ثمَّ وضعت رَأْسِي على قبر فَنمت ثمَّ إنتبهت فَإِذا بِصَاحِب الْقَبْر يشتكي وَيَقُول لقد آذيتني مُنْذُ اللَّيْلَة ثمَّ قَالَ إِنَّكُم لَا تعلمُونَ وَنحن نعلم وَلَا نقدر على الْعَمَل أَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ركعتهما خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثمَّ قَالَ جزى الله أهل الدُّنْيَا خيرا فأقرئهم مني السَّلَام فَإِنَّهُ يدْخل علينا من دُعَائِهِمْ نور مثل الْجبَال 26 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن بعض الْمُتَقَدِّمين قَالَ مَرَرْت بالمقابر فَتَرَحَّمت عَلَيْهِم فَهَتَفَ بِي هَاتِف نعم فترحم عَلَيْهِم فَإِن فيهم المهموم والمحزون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 27 - وَقَالَ إِبْنِ رَجَب روى جَعْفَر الْخُلْدِيِّ حَدثنَا الْعَبَّاس بن يَعْقُوب بن صَالح الْأَنْبَارِي سَمِعت أبي يَقُول رأى بعض الصَّالِحين أَبَاهُ فِي النّوم فَقَالَ لَهُ يَا بني لَوْلَا لم قطعْتُمْ هديتكم عَنَّا قَالَ يَا أَبَت وَهل تعرف الْأَمْوَات هَدِيَّة الْأَحْيَاء قَالَ يَا بني لَوْلَا الْأَحْيَاء لهلكت الْأَمْوَات 28 - وَأخرج إِبْنِ النجار فِي تَارِيخه عَن مَالك بن دِينَار قَالَ دخلت الْمقْبرَة لَيْلَة الْجُمُعَة فَإِذا أَنا بِنور مشرق فِيهَا فَقلت لَا إِلَه إِلَّا الله نرى أَن الله عز وَجل قد غفر لأهل الْمَقَابِر فَإِذا أَنا بهاتف يَهْتِف من الْبعد وَهُوَ يَقُول يَا مَالك بن دِينَار هَذِه هَدِيَّة الْمُؤمنِينَ إِلَى إخْوَانهمْ من أهل الْمَقَابِر قلت بِالَّذِي أنطقك إِلَّا أَخْبَرتنِي مَا هُوَ قَالَ رجل من الْمُؤمنِينَ قَامَ فِي هَذِه اللَّيْلَة فأسبغ الْوضُوء وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ فيهمَا فَاتِحَة الْكتاب و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي قد وهبت ثَوَابهَا لأهل الْمَقَابِر من الْمُؤمنِينَ فَأدْخل الله علينا الضياء والنور والفسحة وَالسُّرُور فِي الْمشرق وَالْمغْرب قَالَ مَالك فَلم أزل أقرؤهما فِي كل لَيْلَة جُمُعَة فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامِي يَقُول لي يَا مَالك بن دِينَار قد غفر الله لَك بِعَدَد النُّور الَّذِي أهديته إِلَى أمتِي وَلَك ثَوَاب ذَلِك ثمَّ قَالَ لي وَبنى الله لَك بَيْتا فِي الْجنَّة فِي قصر يُقَال لَهُ المنيف قلت وَمَا المنيف قَالَ المطل على أهل الْجنَّة 29 - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن بشار بن غَالب قَالَ رَأَيْت رَابِعَة فِي النّوم وَكنت كثير الدُّعَاء لَهَا فَقَالَت لي يَا بشار هداياك تَأْتِينَا على أطباق من نور مخمرة بمناديل الْحَرِير قلت وَكَيف ذَاك قَالَت هَكَذَا دُعَاء الْمُؤمنِينَ الْأَحْيَاء إِذا دعوا للموتى فاستجيب لَهُم جعل ذَلِك الدُّعَاء على أطباق النُّور ثمَّ خمر بمناديل الْحَرِير ثمَّ أُتِي بِهِ الَّذِي دعِي لَهُ من الْمَوْتَى فَقيل لَهُ هَذِه هَدِيَّة فلَان إِلَيْك 30 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد رَوَاهُ عَن أنس مَرْفُوعا أمتِي أمة مَرْحُومَة تدخل قبورها بذنوبها وَتخرج من قبورها لَا ذنُوب عَلَيْهَا يمحص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 عَنْهَا باستغفار الْمُؤمنِينَ لَهَا 31 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ بَلغنِي أَن فِي كتاب الله إِبْنِ آدم ثِنْتَانِ جعلتهما لَك وَلم يَكُونَا لَك وَصِيَّة فِي مَالك بِالْمَعْرُوفِ وَقد صَار الْملك لغيرك ودعوة الْمُسلمين لَك وَأَنت فِي منزل لَا تستعب فِيهِ من سيىء وَلَا تزيد فِي حسن 32 - وَأخرج الدَّارمِيّ فِي مُسْنده عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ أَربع يعطاهن الرجل بعد مَوته ثلث مَاله إِذا كَانَ فِيهِ قبل ذَلِك لله مُطيعًا وَالْولد الصَّالح يَدْعُو لَهُ من بعد مَوته وَالسّنة الْحَسَنَة يسنها الرجل فَيعْمل بهَا بعد مَوته وَالْمِائَة إِذا شفعوا للرجل شفعوا فِيهِ 33 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن أُمِّي إفتلتت نَفسهَا وَلم توص وأظنها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت أفلها أجر إِن تَصَدَّقت عَنْهَا قَالَ نعم إفتلتت أَي مَاتَت بَغْتَة 34 - وَأخرج البُخَارِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن سعد بن عبَادَة توفيت أمه وَهُوَ غَائِب فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أُمِّي مَاتَت وَأَنا غَائِب فَهَل ينفعها إِن تَصَدَّقت عَنْهَا قَالَ نعم قَالَ فَإِنِّي أشهدك أَن حائطي صَدَقَة عَنْهَا 35 - وَأخرج أَحْمد وَالْأَرْبَعَة عَن سعد بن عبَادَة أَنه قَالَ يَا رَسُول الله إِن أُمِّي مَاتَت فَأَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ المَاء فحفر بِئْرا وَقَالَ هَذِه لأم سعد 36 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الصَّدَقَة لتطفىء عَن أَهلهَا حر الْقُبُور 37 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن سَعْدا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أُمِّي توفيت وَلم توص فَهَل ينفعها أَن أَتصدق عَنْهَا قَالَ نعم وَعَلَيْك بِالْمَاءِ 38 - وَأخرج أَيْضا عَن سعد بن عبَادَة قَالَ قلت يَا رَسُول الله توفيت أُمِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وَلم توص وَلم تَتَصَدَّق فَهَل ينفعها إِن تَصَدَّقت عَنْهَا قَالَ نعم وَلَو بكراع شَاة محرق 39 - وَأخرج أَيْضا عَن إِبْنِ عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تصدق أحدكُم بِصَدقَة تَطَوّعا فليجعلها عَن أَبَوَيْهِ فَيكون لَهما أجرهَا وَلَا ينتقص من أجره شَيْئا وَأخرج الديلمي نَحوه من حَدِيث مُعَاوِيَة بن حيدة 40 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من أهل بَيت يَمُوت مِنْهُم ميت فيتصدقون عَنهُ بعد مَوته إِلَّا أهداها لَهُ جِبْرِيل على طبق من نور ثمَّ يقف على شَفير الْقَبْر فَيَقُول يَا صَاحب الْقَبْر العميق هَذِه هَدِيَّة أهداها إِلَيْك أهلك فاقبلها فَتدخل عَلَيْهِ فيفرح بهَا ويستبشر ويحزن جِيرَانه الَّذين لَا يهدى إِلَيْهِم شَيْء 41 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن سعيد بن أبي سعيد قَالَ لَو تصدق عَن الْمَيِّت بكراع لتَبعه 42 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والأصبهاني فِي التَّرْغِيب بِسَنَد فِيهِ مَجْهُولَانِ عَن إِبْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حج عَن وَالِديهِ بعد وفاتهما كتب الله لَهُ عتقا من النَّار وَكَانَ للمحجوج عَنْهُمَا حجَّة تَامَّة من غير أَن ينقص من أجورهما شَيْء وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا وصل ذُو رحم رَحمَه بِأَفْضَل من حجَّة يدخلهَا عَلَيْهِ بعد مَوته فِي قَبره وَأخرج أَبُو عبد الله الثَّقَفِيّ فِي الْفَوَائِد المرفوقة بالثقفيات عَن زيد بن أَرقم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حج عَن أَبَوَيْهِ وَلم يحجا جزي عَنْهُمَا وبشرت أرواحهما فِي السَّمَاء وَكتب عِنْد الله برا 43 - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أبي قد مَاتَ وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام فَقَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين أَكنت تقضيه عَنهُ قَالَ نعم قَالَ فَإِنَّهُ دين عَلَيْهِ فاقضه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 44 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر أَن إمرأة جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت أحج عَن أُمِّي وَقد مَاتَت قَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين فقضيته أَلَيْسَ كَانَ مَقْبُولًا مِنْك قَالَت بلَى فَأمرهَا أَن تحج 45 - وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حج عَن ميت فللذي حج عَنهُ مثل أجره 46 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عَطاء وَزيد بن أسلم قَالَا جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أعتق عَن أبي وَقد مَاتَ قَالَ نعم 47 - وَأخرج عَن عَطاء قَالَ يتبع الْمَيِّت بعد مَوته الْعتْق وَالْحج وَالصَّدَََقَة 48 - وَأخرج عَن إِبْنِ جَعْفَر أَن الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا يعتقان عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بعد مَوته 49 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أعتقت عَن أَخِيهَا عبد الرَّحْمَن رَقِيقا من تلاده ترجو أَن يَنْفَعهُ ذَلِك بعد مَوته 50 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ إِبْنِ حبَان فِي كتاب الْوَصَايَا عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ يَا رَسُول الله إِن الْعَاصِ أوصى أَن يعْتق عَنهُ مائَة نسمَة فَأعتق هِشَام مِنْهَا خمسين قَالَ لَا إِنَّمَا يتَصَدَّق ويحج وَيعتق عَن الْمُسلم لَو كَانَ مُسلما بلغه 51 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن الْحجَّاج بن دِينَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْبر بعد الْبر أَن تصلي عَلَيْهِمَا مَعَ صَلَاتك وَأَن تَصُوم عَنْهُمَا مَعَ صيامك وَأَن تَتَصَدَّق عَنْهُمَا مَعَ صدقتك 52 - وَأخرج مُسلم عَن بُرَيْدَة أَن إمرأة قَالَت يَا رَسُول الله إِنَّه كَانَ على أُمِّي صَوْم شَهْرَيْن أفيجزىء أَن أَصوم عَنْهَا قَالَ نعم قَالَت فَإِن أُمِّي لم تحج قطّ أفيجزىء أَن أحج عَنْهَا قَالَ نعم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 53 - وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه 50 - بَاب فِي قِرَاءَة الْقُرْآن للْمَيت أَو على الْقَبْر 1 - إختلف فِي وُصُول ثَوَاب الْقِرَاءَة للْمَيت فجمهور السّلف وَالْأَئِمَّة الثَّلَاثَة على الْوُصُول وَخَالف فِي ذَلِك إمامنا الشَّافِعِي مستدلا بقوله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} وَأجَاب الْأَولونَ عَن الْآيَة بأوجه أَحدهَا أَنَّهَا مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة أَدخل الْأَبْنَاء الْجنَّة بصلاح الْآبَاء الثَّانِي أَنَّهَا خَاصَّة بِقوم إِبْرَاهِيم وَقوم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَأَما هَذِه الْأمة فلهَا مَا سعت وَمَا سعي لَهَا قَالَ عِكْرِمَة الثَّالِث أَن المُرَاد بالإنسان هُنَا الْكَافِر فَأَما الْمُؤمن فَلهُ مَا سعى وَمَا سعي لَهُ قَالَه الرّبيع بن أنس الرَّابِع لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى من طَرِيق الْعدْل فَأَما من بَاب الْفضل فَجَائِز أَن يزِيدهُ الله تَعَالَى مَا شَاءَ قَالَه الْحُسَيْن بن الْفضل الْخَامِس أَن اللَّام فِي {للْإنْسَان} بِمَعْنى على أَي لَيْسَ على الْإِنْسَان إِلَّا مَا سعى وَاسْتَدَلُّوا على الْوُصُول بِالْقِيَاسِ على مَا تقدم من الدُّعَاء وَالصَّدَََقَة وَالصَّوْم وَالْحج وَالْعِتْق فَإِنَّهُ لَا فرق فِي نقل الثَّوَاب بَين أَن يكون عَن حج أَو صَدَقَة أَو وقف أَو دُعَاء أَو قِرَاءَة وبالأحاديث الْآتِي ذكرهَا وَهِي وَإِن كَانَت ضَعِيفَة فمجموعها يدل على أَن لذَلِك أصلا وَبِأَن الْمُسلمين مَا زَالُوا فِي كل عصر يَجْتَمعُونَ ويقرؤون لموتاهم من غير نَكِير فَكَانَ ذَلِك إِجْمَاعًا ذكر ذَلِك كُله الْحَافِظ شمس الدّين بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ فِي جُزْء أَلفه فِي الْمَسْأَلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 2 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَقد كَانَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام يُفْتِي بِأَنَّهُ لَا يصل إِلَى الْمَيِّت ثَوَاب مَا يقْرَأ لَهُ فَلَمَّا توفّي رَآهُ بعض أَصْحَابه فَقَالَ لَهُ إِنَّك كنت تَقول إِنَّه لَا يصل إِلَى الْمَيِّت ثَوَاب مَا يقْرَأ ويهدى إِلَيْهِ فَكيف الْأَمر قَالَ لَهُ كنت أَقُول ذَلِك فِي دَار الدُّنْيَا والآن فقد رجعت عَنهُ لما رَأَيْت من كرم الله فِي ذَلِك وَأَنه يصل إِلَيْهِ ثَوَاب ذَلِك وَأما الْقِرَاءَة على الْقَبْر فَجزم بمشروعيتها أَصْحَابنَا وَغَيرهم وَقَالَ الزَّعْفَرَانِي سَأَلت الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن الْقِرَاءَة عِنْد الْقَبْر فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله فِي شرح الْمُهَذّب يسْتَحبّ لزائر الْقُبُور أَن يقْرَأ مَا تيَسّر من الْقُرْآن وَيَدْعُو لَهُم عَقبهَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَاتفقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَاب وَزَاد فِي مَوضِع آخر وَإِن ختموا الْقُرْآن على الْقَبْر كَانَ أفضل وَكَانَ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل يُنكر ذَلِك أَولا حَيْثُ لم يبلغهُ فِيهِ أثر ثمَّ رَجَعَ حِين بلغه وَمن الْوَارِد فِي ذَلِك مَا تقدم فِي بَاب مَا يُقَال عِنْد الدّفن من حَدِيث إِبْنِ الْعَلَاء بن اللَّجْلَاج مَرْفُوعا كِلَاهُمَا 3 - وَأخرج الْخلال فِي الْجَامِع عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت الْأَنْصَار إِذا مَاتَ لَهُم الْمَيِّت إختلفوا إِلَى قَبره يقرؤون لَهُ الْقُرْآن 4 - وَأخرج أَبُو مُحَمَّد السَّمرقَنْدِي فِي فَضَائِل {قل هُوَ الله أحد} عَن عَليّ مَرْفُوعا من مر على الْمَقَابِر وَقَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} إِحْدَى عشرَة مرّة ثمَّ وهب أجره للأموات أعطي من الْأجر بِعَدَد الْأَمْوَات 5 - وَأخرج أَبُو الْقَاسِم بن عَليّ الزنجاني فِي فَوَائده عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دخل الْمَقَابِر ثمَّ قَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب و {قل هُوَ الله أحد} و {أَلْهَاكُم التكاثر} ثمَّ اللَّهُمَّ إِنِّي جعلت ثَوَاب مَا قَرَأت من كلامك لأهل الْمَقَابِر من الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات كَانُوا شُفَعَاء لَهُ إِلَى الله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 6 - وَأخرج القَاضِي أَبُو بكر بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ فِي مشيخته عَن سَلمَة بن عبيد قَالَ قَالَ حَمَّاد الْمَكِّيّ خرجت لَيْلَة إِلَى مَقَابِر مَكَّة فَوضعت رَأْسِي على قبر فَنمت فَرَأَيْت أهل الْمَقَابِر حَلقَة حَلقَة فَقلت قَامَت الْقِيَامَة قَالُوا لَا وَلَكِن رجل من إِخْوَاننَا قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} وَجعل ثَوَابهَا لنا فَنحْن نقتسمه مُنْذُ سنة 7 - وَأخرج عبد الْعَزِيز صَاحب الْخلال بِسَنَدِهِ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من دخل الْمَقَابِر فَقَرَأَ سُورَة يس خفف الله عَنْهُم وَكَانَ لَهُ بِعَدَد من فِيهَا حَسَنَات 8 - وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي حَدِيث إقرؤوا على مَوْتَاكُم {يس} هَذَا يحْتَمل أَن تكون هَذِه الْقِرَاءَة عِنْد الْمَيِّت فِي حَال مَوته وَيحْتَمل أَن تكون عِنْد قَبره قلت وبالأول قَالَ الْجُمْهُور كَمَا تقدم فِي أول الْكتاب وَبِالثَّانِي قَالَ إِبْنِ عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي فِي الْجُزْء الَّذِي تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ وبالتعميم فِي الْحَالين قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ من متأخري أَصْحَابنَا وَفِي الْإِحْيَاء للغزالي وَالْعَاقبَة لعبد الْحق عَن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ إِذا دَخَلْتُم الْمَقَابِر فاقرؤوا بِفَاتِحَة الْكتاب والمعوذتين و {قل هُوَ الله أحد} وَاجْعَلُوا ذَلِك لأهل الْمَقَابِر فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِم 9 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَقد قيل إِن ثَوَاب الْقِرَاءَة للقارىء وللميت ثَوَاب الإستماع وَلذَلِك تلْحقهُ الرَّحْمَة قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون} قَالَ وَلَا يبعد فِي كرم الله تَعَالَى أَن يلْحقهُ ثَوَاب الْقِرَاءَة والإستماع مَعًا ويلحقه ثَوَاب مَا يهدى إِلَيْهِ من الْقِرَاءَة وَإِن لم يسمع كالصدقة وَالدُّعَاء وَفِي فتاوي قَاضِي خَان من الْحَنَفِيَّة من قَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الْقُبُور فَإِن نوى بذلك أَن يؤنسهم صَوت الْقُرْآن فَإِنَّهُ يقْرَأ وَإِن لم يقْصد ذَلِك فَالله يسمع الْقِرَاءَة حَيْثُ كَانَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 فصل 10 - قَالَ الْقُرْطُبِيّ إستدل بعض عُلَمَائِنَا على نفع الْمَيِّت بِالْقِرَاءَةِ عِنْد الْقَبْر بِحَدِيث العسيب الَّذِي شقَّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إثنتين وغرسه وَقَالَ لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا قَالَ الْخطابِيّ هَذَا عِنْد أهل الْعلم مَحْمُول على أَن الْأَشْيَاء مَا دَامَت على خلقتها أَو خضرتها وطراوتها فَإِنَّهَا تسبح حَتَّى تَجف رطوبتها أَو تحول خضرتها أَو تقطع عَن أَصْلهَا 11 - قَالَ غير الْخطابِيّ فَإِذا خفف عَنْهُمَا بتسبيح الجريد فَكيف بِقِرَاءَة الْمُؤمن الْقُرْآن قَالَ وَهَذَا الحَدِيث أصل فِي غرس الْأَشْجَار عِنْد الْقُبُور 12 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة أَن أَبَا بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ يحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قبر وَصَاحبه يعذب فَأخذ جَرِيدَة فغرسها فِي الْقَبْر وَقَالَ عَسى أَن يرفه عَنهُ مَا دَامَت رطبَة وَكَانَ أَبُو بَرزَة يُوصي إِذا مت فضعوا فِي قَبْرِي معي جريدتين قَالَ فَمَاتَ فِي مفازة بَين كرمان وقومس فَقَالُوا كَانَ يوصينا أَن نضع فِي قَبره جريدتين وَهَذَا مَوضِع لَا نصيبهما فِيهِ فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ طلع عَلَيْهِم ركب من قبل سجستان فَأَصَابُوا مَعَهم سَعَفًا فَأخذُوا مِنْهُ جريدتين فوضعوهما مَعَه فِي قَبره 13 - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن مُورق قَالَ أوصى بُرَيْدَة أَن تجْعَل فِي قَبره جريدتان وَفِي تَارِيخ إِبْنِ النجار فِي تَرْجَمَة كثير بن سَالم الهيتي أَنه أوصى أَن لَا يعمر قَبره إِذا درس وأكد فِي ذَلِك وشدد وَقَالَ إِن الله عز وَجل ينظر إِلَى أَصْحَاب الْقُبُور الدوارس فيرحمهم فأرجو أَن أكون مِنْهُم قَالَ إِبْنِ النجار وَقد ورد مثل مَا قَالَ فِي الْآثَار ثمَّ أخرج من طَرِيق عبد بن حميد حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم حَدثنَا عبد الصَّمد بن معقل عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ مر أرمياء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقبور يعذب أَهلهَا فَلَمَّا أَن كَانَ بعد سنة مر بهَا فَإِذا الْعَذَاب قد سكن عَنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 فَقَالَ قدوس مَرَرْت بِهَذِهِ الْقُبُور عَام أول وَأَهْلهَا يُعَذبُونَ ومررت فِي هَذِه السّنة وَقد سكن الْعَذَاب عَنْهَا فَإِذا النداء من السَّمَاء يَا أرمياء يَا أرمياء تمزقت أكفانهم وتمعطت شُعُورهمْ ودرست قُبُورهم فَنَظَرت إِلَيْهِم فرحمتهم وَهَكَذَا أفعل بِأَهْل الْقُبُور الدارسات والأكفان المتمزقات والشعور المتمعطات 51 - بَاب أحسن الْأَوْقَات للْمَوْت 1 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَافق مَوته عِنْد إنقضاء رَمَضَان دخل الْجنَّة وَمن وَافق مَوته عِنْد إنقضاء عَرَفَة دخل الْجنَّة وَمن وَافق مَوته عِنْد إنقضاء صَدَقَة دخل الْجنَّة 2 - وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله إبتغاء وَجه الله ختم لَهُ بهَا دخل الْجنَّة وَمن صَامَ يَوْمًا إبتغاء وَجه الله ختم لَهُ بِهِ دخل الْجنَّة وَمن تصدق بِصَدقَة إبتغاء وَجه الله ختم لَهُ بهَا دخل الْجنَّة 3 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن خَيْثَمَة قَالَ كَانَ يعجبهم أَن يَمُوت الرجل عِنْد خير يعمله إِمَّا حج وَإِمَّا عمْرَة وَإِمَّا غَزْوَة وَإِمَّا صِيَام رَمَضَان 4 - وَأخرج الديلمي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ قَالَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ صَائِما أوجب الله لَهُ الصّيام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 5 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ لَيْلَة الْجُمُعَة أَو يَوْم الْجُمُعَة أجِير من عَذَاب الْقَبْر وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة وَعَلِيهِ طَابع الشُّهَدَاء 6 - وَأخرج حميد فِي ترغيبه من طَرِيق سعد بن طريف عَن أبي جَعْفَر قَالَ لَيْلَة الْجُمُعَة غراء ويومها يَوْم أَزْهَر من مَاتَ لَيْلَة الْجُمُعَة كتب الله لَهُ بَرَاءَة من عَذَاب الْقَبْر وَمن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أعتق من النَّار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 52 - بَاب الْأَعْمَال الَّتِي توجب لصَاحِبهَا تَعْجِيل الْوُصُول إِلَى الْجنَّة عقب الْمَوْت 1 - أخرج النَّسَائِيّ وإبن حبَان فِي صَحِيحه وإبن مرْدَوَيْه وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت 2 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من حَدِيث عَليّ مثله 3 - وَأخرج أَيْضا من حَدِيث الصلصال بن الدلهمش بِلَفْظ من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة لم يكن بَينه وَبَين أَن يدْخل الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت فَإِذا مَاتَ دخل الْجنَّة 53 - بَاب نَتن الْمَيِّت وبلاء جسده إِلَّا الْأَنْبِيَاء وَمن ألحق بهم 1 - أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث جُنْدُب البَجلِيّ أول مَا ينتن من الْإِنْسَان بَطْنه 2 - وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ قَرَأت فِي بعض الْكتب لَوْلَا أَنِّي كتبت النتن على الْمَيِّت لحبسه النَّاس فِي بُيُوتهم 3 - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن زيد بن أَرقم مَرْفُوعا يَقُول الله تَعَالَى توسعت على عبَادي بِثَلَاث خِصَال بعث الدَّابَّة على الْحبَّة وَلَوْلَا ذَلِك لكنزها مُلُوكهمْ كَمَا يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَتغَير الْجَسَد من بعد الْمَوْت وَلَوْلَا ذَلِك لما دفن حميم حميمه وأسليت حزن الحزين وَلَوْلَا ذَلِك لم يكن يسلو 4 - وَأخرج عَن أبي قلَابَة قَالَ مَا خلق الله شَيْئا أطيب من الرّوح مَا نزع من شَيْء إِلَّا أنتن 5 - وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ من الْإِنْسَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 شَيْء إِلَّا يبْلى إِلَّا عظما وَاحِدًا وَهُوَ عجب الذَّنب وَمِنْه يركب الْخلق يَوْم الْقِيَامَة 6 - وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل إِبْنِ آدم يَأْكُلهُ التُّرَاب إِلَّا عظم الذَّنب مِنْهُ خلق وَمِنْه يركب وَقَالَ شَارِح المواقف هَل يعْدم الله الْأَجْزَاء الْبَدَنِيَّة ثمَّ يُعِيدهَا أَو يفرقها وَيُعِيد فِيهَا التَّأْلِيف الْحق أَنه لم يثبت فِي ذَلِك شَيْء فَلَا يجْزم فِيهِ نفيا وَلَا إِثْبَاتًا لعدم الدَّلِيل على شَيْء من الطَّرفَيْنِ وَلَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} دَلِيل على الإعدام لِأَن التَّفْرِيق هَلَاك كالإعدام فَإِن هَلَاك كل شَيْء خُرُوجه عَن صِفَاته الْمَطْلُوبَة مِنْهُ وَزَوَال التَّأْلِيف كَذَلِك وَمثله يُسمى فنَاء عرفا فَلَا يتم الإستدلال بقوله تَعَالَى {كل من عَلَيْهَا فان} على الإعدام أَيْضا 7 - وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن أَوْس بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا من الصَّلَاة عَليّ فِي يَوْم الْجُمُعَة فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة عَليّ قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف تعرض صَلَاتنَا عَلَيْك وَقد أرمت يَعْنِي بليت فَقَالَ إِن الله حرم على الأَرْض أجساد الْأَنْبِيَاء 8 - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أحدا لن يُصَلِّي عَليّ إِلَّا عرضت عَليّ صلَاته حِين يفرغ مِنْهَا قلت وَبعد الْمَوْت قَالَ وَبعد الْمَوْت إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء 9 - وَأخرج مَالك عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة أَن عَمْرو بن الجموح وَعبد الله بن عَمْرو الأنصاريين كَانَا قد حفر السَّيْل قبرهما وَكَانَ قبرهما مِمَّا يَلِي السَّيْل وَكَانَا فِي قبر وَاحِد وهما مِمَّن أستشهد يَوْم أحد فحفر ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بالْأَمْس وَكَانَ أَحدهمَا قد جرح فَوضع يَده على جرحه فَدفن وَهُوَ كَذَلِك فأميطت يَده على جرحه ثمَّ أرْسلت فَرَجَعت كَمَا كَانَت وَكَانَ بَين أحد وَبَين يَوْم حفر عَنْهُمَا سِتّ وَأَرْبَعين سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 10 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من وَجه آخر وَزَاد بعد قَوْله فأميطت يَده عَن جرحه فانبعث الدَّم فَردَّتْ إِلَى مَكَانهَا فَرد الدَّم وَفِي آخِره وَيُقَال إِن مُعَاوِيَة لما أَرَادَ أَن يجْرِي كظامة نَادَى من كَانَ لَهُ قَتِيل بِأحد فليشهد فَخرج النَّاس إِلَى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة رجل رجل مِنْهُم فانبعث دَمًا فَقَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ لَا يُنكر بعد هَذَا مُنكر وَلَقَد كَانُوا يحفرون التُّرَاب فَحَفَرُوا نثرة من تُرَاب ففاح عَلَيْهِم ريح الْمسك هَكَذَا أخرجه عَن الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه 11 - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة فِي المُصَنّف قَالَ حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن إبي إِسْحَاق أَخْبرنِي أبي عَن رجال من بني سَلمَة قَالُوا لما صرف مُعَاوِيَة عينه الَّتِي تمر على قبر الشُّهَدَاء فأجريت عَلَيْهِمَا يَعْنِي على قبر عبد الله بن عَمْرو بن حرَام وَعَمْرو بن الجموح فبرز قبراهما فاستصرخ عَلَيْهِمَا فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بالْأَمْس عَلَيْهِمَا بردتان قد غطي بهما على وُجُوههمَا وعَلى أرجلهما شَيْء من نَبَات الأَرْض 12 - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل مَوْصُولا عَن جَابر وَزَاد فأصابت المسحاة قدم حَمْزَة فانبعث دَمًا 13 - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن إِبْنِ عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَذّن الْمُحْتَسب كالشهيد المتشحط فِي دَمه وَإِذا مَاتَ لم يدود فِي قَبره قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَظَاهر هَذَا أَن الْمُؤَذّن الْمُحْتَسب لَا تَأْكُله الأَرْض أَيْضا 14 - وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد قَالَ المؤذنون أطول النَّاس أعناقا يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يدودون فِي قُبُورهم 15 - وَأخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ حَامِل الْقُرْآن أوحى الله إِلَى الأَرْض أَن لَا تأكلي لَحْمه فَتَقول الأَرْض أَي رب كَيفَ آكل لَحْمه وكلامك فِي جَوْفه قَالَ إِبْنِ مَنْدَه وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة وَعبد الله بن مَسْعُود 16 - وَأخرج الْمروزِي عَن قَتَادَة قَالَ بَلغنِي أَن الأَرْض لَا تسلط على جَسَد الَّذِي لم يعْمل خَطِيئَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 خَاتِمَة فِي فَوَائِد تتَعَلَّق بِالروحِ لخصت أَكْثَرهَا من كتاب الرّوح لإبن الْقيم الأولى 1 - وَأخرج أخرج الشَّيْخَانِ عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خرب الْمَدِينَة وَهُوَ متكىء على عسيب فَمر بِقوم من الْيَهُود فَقَالَ بَعضهم لبَعض سلوه عَن الرّوح فَقَالَ بَعضهم لَا تسألوه فَقَالُوا يَا مُحَمَّد مَا الرّوح فَمَا زَالَ مُتكئا على العسيب فَظَنَنْت أَنه يوحي إِلَيْهِ فَقَالَ {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَاخْتلف النَّاس فِي الرّوح على فرْقَتَيْن فرقة أَمْسَكت عَن الْكَلَام فِيهَا لِأَنَّهَا سر من أسرار الله تَعَالَى لم يُؤْت علمه الْبشر وَهَذِه الطَّرِيقَة هِيَ المختارة 2 - وَأخرج قَالَ الْجُنَيْد الرّوح شَيْء إستأثر الله تَعَالَى بِعِلْمِهِ فَلم يطلع عَلَيْهِ أحدا من خلقه فَلَا يجوز لِعِبَادِهِ الْبَحْث عَنهُ بِأَكْثَرَ من أَنه مَوْجُود وعَلى هَذَا إِبْنِ عَبَّاس وَأكْثر السّلف وَقد ثَبت عَن إِبْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ لَا يُفَسر الرّوح 3 - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ سُئِلَ إِبْنِ عَبَّاس عَن الرّوح قَالَ الرّوح من أَمر رَبِّي لَا تتأولوا هَذِه الْمَسْأَلَة فَلَا تَزِيدُوا عَلَيْهَا قُولُوا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى وَعلم نبيه {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} 4 - وَأخرج إِبْنِ جرير بِسَنَد مُرْسل أَن الْآيَة لما نزلت قَالَت الْيَهُود هَكَذَا نجده عندنَا قلت فمسألة أبهمها الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن والتوراة وكتم عَن خلقه علمهَا من أَيْن للمتعمقين الإطلاع على حَقِيقَة أمرهَا وَقد نقل أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 السَّعْدِيّ فِي الْإِيضَاح أَن أماثل الفلاسفة أَيْضا توقفوا عَن الْكَلَام فِيهَا وَقَالُوا هَذَا أَمر غير محسوس لنا وَلَا سَبِيل للعقول إِلَيْهِ قَالَ ووقوف علمنَا عَن إِدْرَاك حَقِيقَة الرّوح كوقوفه عَن إِدْرَاك سر الْقدر قَالَ إِبْنِ بطال الْحِكْمَة فِي ذَلِك تَعْرِيف الْخلق عجزهم عَن علم مَا لَا يدركونه حَتَّى يضطرهم إِلَى رد الْعلم إِلَيْهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ حكمته إِظْهَار عجز الْمَرْء لِأَنَّهُ إِذا لم يعلم حَقِيقَة نَفسه مَعَ الْقطع بِوُجُودِهِ كَانَ عَجزه عَن إِدْرَاك حَقِيقَة الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من بَاب أولى وَقَرِيب مِنْهُ عجز الْبَصَر عَن إِدْرَاك نَفسه وَفرْقَة تَكَلَّمت فِيهَا وبحثت عَن حَقِيقَتهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَأَصَح مَا قيل فِي ذَلِك قَول إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِنَّهَا جسم لطيف مشتبك بالأجسام الكثيفة إشتباك المَاء بِالْعودِ الْأَخْضَر الثَّانِيَة إختلف أهل الطَّرِيقَة الأولى هَل علمهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 5 - فَقَالَ إِبْنِ أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن صَالح بن حَيَّان حَدثنَا عبد الله بن بُرَيْدَة قَالَ لقد قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يعلم الرّوح 6 - وَقَالَت طَائِفَة بل علمهَا وأطلعه عَلَيْهَا وَلم يَأْمُرهُ أَن يطلع عَلَيْهَا أمته وَهُوَ نَظِير الْخلاف فِي علم السَّاعَة الثَّالِثَة أَكثر الْمُسلمين على أَن الرّوح جسم وَهُوَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة لوصفها فِي الْآيَات وَالْأَحَادِيث بالتوفي وَالْقَبْض والإمساك والإرسال والتناول والإخراج وَالْخُرُوج والتنعيم والتعذيب وَالرُّجُوع وَالدُّخُول وَالرِّضَا والإنتقال والتردد فِي البرزخ وَأَنَّهَا تَأْكُل وتشرب وتسرح وتأوي وَتعلق وتنطق وتعرف وتنكر إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ من صِفَات الْأَجْسَام وَالْعرض لَا يَتَّصِف بِهَذِهِ الصِّفَات أَيْضا فَلَا شكّ أَنَّهَا تعرف نَفسهَا وخالقها وتدرك المعقولات وَهَذِه عُلُوم والعلوم أَعْرَاض فَلَو كَانَت عرضا وَالْعلم قَائِم بِهِ لزم قيام الْعرض بِالْعرضِ وَهُوَ فَاسد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 7 - قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي وَكَون الرّوح من الْأَجْسَام اللطيفة فِي الصُّورَة ككون الْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين بِصفة اللطافة الرَّابِعَة الصَّحِيح أَن الرّوح وَالنَّفس شَيْء وَاحِد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك} وَقَوله {وَنهى النَّفس عَن الْهوى} وَيُقَال فاضت نَفسه أَي مَاتَت وَخرجت 8 - وَقَالَ بعض أهل السّنة إِن الرّوح الَّتِي تقبض غير النَّفس وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه إِبْنِ أبي حَاتِم عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} الْآيَة قَالَ فِي جَوف الْإِنْسَان نفس وروح بَينهمَا مثل شُعَاع الشَّمْس فيتوفى الله النَّفس فِي مَنَامه ويدع الرّوح فِي جَوْفه تتقلب وتعيش فَإِن أَرَادَ الله أَن يقبضهُ قبض الرّوح فَمَاتَ وَإِن أخر أَجله رد النَّفس إِلَى مَكَانهَا من جَوْفه 9 - وَقَالَ مقَاتل للْإنْسَان حَيَاة وروح وَنَفس فَإِذا نَام خرجت نَفسه الَّتِي يعقل بهَا الْأَشْيَاء وَلم تفارق الْجَسَد بل تخرج كحبل ممتد لَهُ شُعَاع فَيرى الرُّؤْيَا بِالنَّفسِ الَّتِي خرجت مِنْهُ وَتبقى الْحَيَاة وَالروح فِي الْجَسَد فيهمَا يتقلب ويتنفس فَإِذا حرك رجعت إِلَيْهِ أسْرع من طرفَة عين فَإِذا أَرَادَ الله أَن يميته فِي الْمَنَام أمسك تِلْكَ النَّفس الَّتِي خرجت وَقَالَ أَيْضا إِذا خرجت نَفسه فَصَعدت فَإِذا رَأَتْ الرُّؤْيَا رجعت فَأخْبرت الرّوح وتخبر الرّوح الْقلب فَيُصْبِح وَيعلم أَنه قد رأى كَيْت وَكَيْت 10 - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة وإبن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن نفس الْإِنْسَان خلقت كأنفس الدَّوَابّ الَّتِي تشْتَهي وَتَدْعُو إِلَى الشَّرّ ومسكنها فِي الْبَطن وَفضل الْإِنْسَان بِالروحِ ومسكنه فِي الدِّمَاغ فبه يستحيي الْإِنْسَان وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْخَيْر وَيَأْمُر بِهِ ثمَّ نفخ وهب على يَده فَقَالَ ترَوْنَ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 بَارِد وَهُوَ من الرّوح وتنهد على يَده فَقَالَ هَذَا حَار وَهُوَ من النَّفس وَمثلهمَا كَمثل الرجل وَزَوجته فَإِذا أبق الرّوح إِلَى النَّفس والتقيا نَام الْإِنْسَان فَإِذا إستيقظ رَجَعَ الرّوح إِلَى مَكَانَهُ وَتَفْسِير ذَلِك بأنك إِذا كنت نَائِما واستيقظت كَأَن شَيْئا يثور إِلَى رَأسك وَمثل الْقلب كَمثل الْملك والأركان أعوانه فَإِذا أمرت النَّفس بِالشَّرِّ إشتهت وتحركت الْأَركان ونهاها الرّوح ودعاها إِلَى الْخَيْر فَإِن كَانَ الْقلب مُؤمنا أطَاع الرّوح وَإِن كَانَ كَافِرًا أطَاع النَّفس وَعصى الرّوح فتنشط الْأَركان 11 - وَأخرج إِبْنِ سعد فِي طبقاته عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ خلق الله إِبْنِ آدم من التُّرَاب وَالْمَاء ثمَّ جعلت فِيهِ النَّفس فِيهِ يقوم وَيقْعد وَيسمع ويبصر وَيعلم مَا تعلم الدَّوَابّ وَيَتَّقِي مَا تتقى ثمَّ جعلت فِيهِ الرّوح فبه عرف الْحق عَن الْبَاطِل والرشد من الغي وَبِه حذر وَتقدم واستتر وَتعلم ودبر الْأُمُور كلهَا 12 - وَقَالَ إِبْنِ عبد الْبر فِي التَّمْهِيد ذكر أَبُو إِسْحَاق مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن شعْبَان أَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن خَالِد صَاحب مَالك قَالَ النَّفس جَسَد مجسد كخلق الْإِنْسَان وَالروح كَالْمَاءِ الْجَارِي وَاحْتج بقوله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس} الْآيَة وَقَالَ أَلا ترى أَن النَّائِم قد توفى الله نَفسه وروحه صاعد ونازل وأنفاسه قيام وَالنَّفس تسرح فِي كل وَاد وَترى مَا ترَاهُ من الرُّؤْيَا فَإِذا أذن الله فِي ردهَا إِلَى الْجَسَد عَادَتْ واستيقظ بعودها جَمِيع أَعْضَاء الْجَسَد قَالَ فَالنَّفْس غير الرّوح وَالروح كَالْمَاءِ الْجَارِي فِي الْجنان فَإِذا أَرَادَ الله إِفْسَاد ذَلِك الْبُسْتَان منع عَنهُ المَاء الْجَارِي فِيهِ فَمَاتَتْ جنانه فَكَذَلِك الْإِنْسَان قَالَ إِبْنِ إِسْحَاق قَالَ عبيد الله بن أبي جَعْفَر إِذا حمل الْمَيِّت على السرير كَانَت روحه بيد ملك يسير بهَا مَعَه فَإِذا وضع للصَّلَاة عَلَيْهِ وقف فَإِذا حمل إِلَى قَبره سَار مَعَه فَإِذا ألحد ووري بِالتُّرَابِ أعَاد الله نَفسه حَتَّى يخاطبه الْملكَانِ فَإِذا وليا عَنهُ إختلع الْملك نَفسه فَرمى بهَا إِلَى حَيْثُ أَمر وَهَذَا الْملك من أعوان ملك الْمَوْتَى إنتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 13 - وَقَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي كل جَسَد روحان أَحدهمَا روح الْيَقَظَة الَّتِي أجْرى الله الْعَادة إِنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ الْإِنْسَان مستيقظا فَإِذا خرجت من الْجَسَد نَام الْإِنْسَان وَرَأَتْ تِلْكَ الرّوح المنامات وَالْأُخْرَى روح الْحَيَاة الَّتِي أجْرى إِلَيْهِ الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ حَيا فَإِذا فارقته مَاتَ فَإِذا رجعت إِلَيْهِ حييّ وَهَاتَانِ الروحان فِي بَاطِن الْإِنْسَان لَا يعرف مقرهما إِلَّا من أطلعه الله على ذَلِك فهما كجنينين فِي بطن إمرأة وَاحِدَة وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين الَّذِي يظْهر أَن الرّوح بِقرب الْقلب قَالَ إِبْنِ عبد السَّلَام وَلَا يبعد عِنْدِي أَن يكون الرّوح فِي الْقلب قَالَ وَيجوز أَن تكون الْأَرْوَاح كلهَا نورانية لَطِيفَة شفافة وَيجوز أَن يخْتَص ذَلِك بأرواح الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة دون أَرْوَاح الْكفَّار وَالشَّيَاطِين وَيدل على روح الْحَيَاة قَوْله تَعَالَى {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} الْآيَة وَيدل على وجود روحي الْحَيَاة واليقظة قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس} الْآيَة تَقْدِيره يتوفى الْأَنْفس الَّتِي لم تمت أجسادها فِي نومها فَيمسك الْأَنْفس الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت عِنْده وَلَا يرسلها إِلَى أجسادها وَيُرْسل الْأَنْفس الْأُخْرَى وَهِي أنفس الْيَقَظَة إِلَى أجسادها إِلَى إنقضاء أجل مُسَمّى وَهُوَ أجل الْمَوْت فَحِينَئِذٍ تقبض أَرْوَاح الْحَيَاة وأرواح الْيَقَظَة جَمِيعًا من الأجساد وَلَا تَمُوت أَرْوَاح الْحَيَاة بل ترفع إِلَى السَّمَاء حَيَّة فتطرد أَرْوَاح الْكَافرين وَلَا تفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وتفتح أَبْوَاب السَّمَاوَات لأرواح الْمُؤمنِينَ إِلَى أَن تعرض على رب الْعَالمين فيا لَهَا من عرضة مَا أشرفها إنتهى كَلَام الشَّيْخ عز الدّين قلت وَمَا ذكره من أَن الرّوح فِي الْقلب قد جزم بِهِ الْغَزالِيّ فِي كِتَابه الإنتصار وَقد ظَفرت لَهُ بِحَدِيث أخرجه إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن الزُّهْرِيّ أَن خُزَيْمَة بن حَكِيم السّلمِيّ ثمَّ النميري قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن ظلمَة اللَّيْل وضوء النَّهَار وحر المَاء فِي الشتَاء وبرده فِي الصَّيف ومخرج السَّحَاب وَعَن قَرَار مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة وَعَن مَوضِع النَّفس من الْجَسَد فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما مَوضِع النَّفس فَفِي الْقلب إنقطع الْعرق الحَدِيث بِطُولِهِ وَهَذَا مُرْسل وَله طرق أُخْرَى مُرْسلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 مَوْصُولَة فِي المعجم الْأَوْسَط للطبراني وَتَفْسِير إِبْنِ مرْدَوَيْه وَكتاب الصَّحَابَة لأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ وإبن شاهين قَالَ الْحَافِظ إِبْنِ حجر فِي الْإِصَابَة والْحَدِيث فِيهِ غَرِيب كثير وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا الْخَامِسَة أجمع أهل السّنة على أَن الرّوح محدثة مخلوقة وَلم يُخَالف فِي ذَلِك إِلَّا الزَّنَادِقَة وَمِمَّنْ نقل الْإِجْمَاع عَن حدوثها مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وإبن قُتَيْبَة وَمن الْأَدِلَّة على ذَلِك حَدِيث الْأَرْوَاح جنود مجندة والمجندة لَا تكون إِلَّا مخلوقة وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْفَائِدَة بعده السَّادِسَة أختلف فِي تَقْدِيم خلق الْأَرْوَاح على الأجساد وتأخيرها عَنْهَا على قَوْلَيْنِ مشهورين فبالأول قَالَ الإِمَام مُحَمَّد بن نصر وإبن حزم وَادّعى فِيهِ الْإِجْمَاع وَاسْتدلَّ لَهُ بِمَا أخرجه إِبْنِ مَنْدَه من حَدِيث عَمْرو بن عَنْبَسَة مَرْفُوعا إِن الله خلق أَرْوَاح الْعباد قبل الْعباد بألفي عَام فَمَا تعارف مِنْهَا إئتلف وَمَا تناكر مِنْهَا إختلف وَسَنَده ضَعِيف جدا وبأحاديث إِخْرَاج ذُرِّيَّة آدم من ظَهره وَمِنْهَا حَدِيث لما خلق الله آدم مسح على ظَهره فَسقط مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أَمْثَال الذَّر أخرجه الْحَاكِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة والنسمة الرّوح وللحاكم أَيْضا عَن أبي بن كَعْب فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذ أَخذ رَبك} الْآيَة قَالَ جمعهم لَهُ يَوْمئِذٍ جَمِيعًا مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فجعلهم أرواحا وصورهم واستنطقهم فتكلموا وَأخذ عَلَيْهِم الْعَهْد والميثاق الحَدِيث وَاسْتدلَّ للثَّانِي بقوله تَعَالَى {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} رُوِيَ أَنه مكث أَرْبَعِينَ سنة قبل أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح وَبِحَدِيث إِبْنِ مَسْعُود إِن أحدكُم يجمع خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يُرْسل إِلَيْهِ الْملك فينفخ فِيهِ الرّوح وَأجِيب بِالْفرقِ بَين نفخ الرّوح وخلقه فالروح مخلوقة من زمن طَوِيل وَأرْسلت بعد تصور الْبدن مَعَ الْملك لإدخالها فِي الْبدن السَّابِعَة ذهب أهل الْملَل من الْمُسلمين وَغَيرهم إِلَى أَن الرّوح تبقى بعد موت الْبدن وَخَالف فِيهِ الفلاسفة دليلنا قَوْله تَعَالَى {كل نفس ذائقة الْمَوْت} والذائق لَا بُد أَن يبْقى بعد المذوق وَمَا تقدم فِي هَذَا الْكتاب من الْآيَات وَالْأَحَادِيث فِي بَقَائِهَا وتصرفها وتنعيمها وتعذيبها إِلَى غير ذَلِك وعَلى هَذَا فَهَل يحصل لَهَا عِنْد الْقِيَامَة فنَاء ثمَّ تُعَاد تَوْفِيَة بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى {كل من عَلَيْهَا فان} أَولا بل تكون من الْمُسْتَثْنى فِي قَوْله {إِلَّا من شَاءَ الله} قَولَانِ حَكَاهُمَا السُّبْكِيّ فِي تَفْسِيره الْمُسَمّى بالدر النظيم وَقَالَ الْأَقْرَب أَنَّهَا لَا تفنى وَأَنَّهَا من الْمُسْتَثْنى كَمَا قيل فِي الْحور الْعين إنتهى وَفِي كتاب إِبْنِ الْقيم أختلف فِي أَن الرّوح تَمُوت مَعَ الْبدن أم الْمَوْت للبدن وَحده على قَوْلَيْنِ وَالصَّوَاب أَنه إِن أُرِيد بذوقها الْمَوْت مفارقتها للجسد فَنعم هِيَ ذائقة الْمَوْت بِهَذَا الْمَعْنى وَإِن أُرِيد أَنَّهَا تعدم فَلَا بل هِيَ بَاقِيَة بعد خلقهَا بِالْإِجْمَاع فِي نعيم أَو عَذَاب وَقد أخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن وضاح أحد أَئِمَّة الْمَالِكِيَّة قَالَ سَمِعت سَحْنُون بن سعيد وَذكر لَهُ عَن رجل يذهب إِلَى أَن الْأَرْوَاح تَمُوت بِمَوْت الأجساد فَقَالَ معَاذ الله هَذَا قَول أهل الْبدع الثَّامِنَة إختلف فِي معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا إئتلف وَمَا تناكر مِنْهَا إختلف فَقيل هُوَ إِشَارَة إِلَى معنى التشاكل فِي الْخَيْر وَالشَّر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وَالصَّلَاح وَالْفساد وَأَن الْخَيْر من النَّاس يحن إِلَى شكله والشرير يمِيل إِلَى نَظِيره فتعارف الْأَرْوَاح يَقع بِحَسب الطباع الَّتِي جبلت عَلَيْهَا من خير أَو شَرّ فَإِذا إتفقت تعارفت وَإِذا إختلفت تناكرت وَقيل المُرَاد الْإِخْبَار عَن بَدْء الْخلق على مَا ورد أَن الْأَرْوَاح خلقت قبل الأجساد بألفي عَام فَكَانَت تلتقي فتتشام فَلَمَّا حلت الأجساد تعارفت بِالْمَعْنَى الأول فَصَارَ تعارفها وتناكرها على مَا سبق من الْعَهْد الْمُتَقَدّم وَقَالَ بَعضهم الْأَرْوَاح وَإِن إتفقت فِي كَونهَا أرواحا لَكِنَّهَا تتمايز بِأُمُور مُخْتَلفَة تتنوع بهَا فتتشاكل أشخاصا كل نوع يألف نوعها وتنفر من مخالفها وَفِي تَارِيخ إِبْنِ عَسَاكِر بِسَنَدِهِ عَن هرم بن حَيَّان قَالَ أتيت أويسا الْقَرنِي فَسلمت عَلَيْهِ وَلم أكن رَأَيْته قبل ذَلِك وَلَا رَآنِي فَقَالَ لي وَعَلَيْك السَّلَام يَا هرم بن حَيَّان قلت من أَيْن عرفت إسمي وإسم أبي وَلم أكن رَأَيْتُك قبل الْيَوْم وَلَا رَأَيْتنِي قَالَ عرفت روحي روحك حَيْثُ كلمت نَفسِي نَفسك إِن الْأَرْوَاح لَهَا أنفاس كأنفاس الأجساد وَإِن الْمُؤمنِينَ ليعرف بَعضهم بَعْضًا ويتحابون بِروح الله وَإِن لم يلتقوا وَأخرج الطوسي فِي عُيُون الْأَخْبَار عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن إمرأة كَانَت بِمَكَّة تدخل على نسَاء قُرَيْش تضحكهم فَلَمَّا هَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة قدمت عَليّ فَقلت أَيْن نزلت قَالَت على فُلَانَة إمرأة كَانَت تضحك بِالْمَدِينَةِ فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فُلَانَة المضحكة عنْدكُمْ قلت نعم قَالَ على من نزلت قلت على فُلَانَة المضحكة قَالَ الْحَمد لله إِن الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا إئتلف وَمَا تناكر مِنْهَا إختلف التَّاسِعَة قَالَ إِبْنِ الْقيم فَإِن قيل بِأَيّ شَيْء تتمايز الْأَرْوَاح بعد مُفَارقَة الأشباح حَتَّى تتعارف وَهل تتشكل بشكل فَالْجَوَاب على قَاعِدَة أهل السّنة كثرهم الله تَعَالَى أَن الْأَرْوَاح ذَات قَائِمَة بِنَفسِهَا تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وَتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن وعَلى هَذَا أَكثر من مائَة دَلِيل مقررة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَنَفس وَمَا سواهَا} فَأخْبر أَنَّهَا مسواة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى عَن الْبدن {الَّذِي خلقك فسواك فعدلك} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 ) فسوى بدنه كالقالب لنَفسِهِ فتسوية الْبدن تَابع لتسوية النَّفس قَالَ وَمن هَا هُنَا يعلم أَنَّهَا تَأْخُذ من بدنهَا صُورَة تتَمَيَّز بهَا عَن غَيرهَا فَإِنَّهَا تتأثر وتنفعل عَن الْبدن كَمَا يتأثر الْبدن وينفعل عَنْهَا فيكتسب الْبدن الطّيب والخبيث مِنْهَا كَمَا تكتسبهما هِيَ مِنْهُ قَالَ بل تميزها بعد الْمُفَارقَة يكون أظهر من تميز الْأَبدَان والإشتباه بَينهمَا أبعد من إشتباه الْأَبدَان فَإِن الْأَبدَان تشتبه كثيرا وَأما الْأَرْوَاح فقلما تشتبه قَالَ ويوضح هَذَا أَنا لم نشاهد أبدان الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة وهم يتميزون فِي علمنَا أظهر تميز وَلَيْسَ تميزا رَاجعا إِلَى مُجَرّد أبدانهم بل هِيَ بِمَا عَرفْنَاهُ من صِفَات أَرْوَاحهم وَأَنت ترى أَخَوَيْنِ شقيقين مشتبهين فِي الْخلقَة غَايَة الإشتباه وَبَين روحيهما غَايَة التباين وَقل أَن نرى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إِلَّا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وَقل أَن ترى آفَة فِي بدن وَفِي روح صَاحبه آفَة تناسبها وَلِهَذَا تَأْخُذ أَصْحَاب الفراسة أَحْوَال النَّاس من أشكال الْأَبدَان وَقل أَن ترى شكلا حسنا وَصُورَة جميلَة وتركيبا لطيفا إِلَّا وجدت الرّوح الْمُتَعَلّقَة بِهِ مُنَاسبَة لَهُ قَالَ وَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة تتَمَيَّز من غير أبدان تحملهم وَكَذَلِكَ الْجِنّ فالأرواح البشرية أولى إنتهى وَوَقع فِي كَلَام الْغَزالِيّ فِي الدرة الفاخرة أَن روح الْمُؤمن على صُورَة النحلة وروح الْكَافِر على صُورَة الجرادة وَهَذَا شَيْء لَا يعرف لَهُ أصل بل وَقع فِي حَدِيث الصُّور أَن إسْرَافيل يَدْعُو الْأَرْوَاح فَتَأْتِيه جَمِيعًا أَرْوَاح الْمُسلمين تتوهج نورا وَالْأُخْرَى مظْلمَة فيجمعها جَمِيعًا فيعلقها فِي الصُّور ثمَّ ينْفخ فِيهِ فَيَقُول الرب جلّ جَلَاله وَعِزَّتِي ليرجعن كل روح إِلَى جسده فَتخرج الْأَرْوَاح من الصُّور مثل النَّحْل قد مَلَأت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَيَأْتِي كل روح إِلَى جسده فَتدخل فتمشي فِي الأجساد مثل السم فِي اللديغ فَقَوله مثل النَّحْل لَيْسَ تَشْبِيها فِي الْهَيْئَة والصور بل هُوَ فِي الْخُرُوج وهيئته فَقَط وَمثله قَوْله تَعَالَى {يخرجُون من الأجداث كَأَنَّهُمْ جَراد منتشر} وَفِي لفظ هَذَا الحَدِيث فِي تَفْسِير جُوَيْبِر فتأتي أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ من الْجَابِيَة وأرواح الْكفَّار من برهوت ولهن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 أهْدى إِلَى أجسادها من أحدكُم إِلَى رَحْله والأرواح يَوْمئِذٍ سود وبيض فأرواح الْمُؤمنِينَ بيض وأرواح الْكفَّار سود الْعَاشِرَة 14 - أخرج إِبْنِ مَنْدَه عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ مَا تزَال الْخُصُومَة بَين النَّاس حَتَّى تخاصم الرّوح الْجَسَد فَتَقول الرّوح للجسد أَنْت فعلت وَيَقُول الْجَسَد للروح أَنْت أمرت وَأَنت سَوَّلت فيبعث الله ملكا يقْضِي بَينهمَا فَيَقُول لَهما إِن مثلكما كَمثل رجل مقْعد بَصِير وَآخر ضَرِير دخلا بستانا فَقَالَ المقعد للضرير إِنِّي أرى هَا هُنَا ثمارا وَلَكِن لَا أصل إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ الضَّرِير إركبني فَرَكبهُ فَتَنَاولهَا فَأَيّهمَا المعتدي فَيَقُولَانِ كِلَاهُمَا فَيَقُول لَهما الْملك فإنكما قد حكمتما على أنفسكما يَعْنِي أَن الْجَسَد للروح كالمطية وَهُوَ رَاكِبه 15 - وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد من حَدِيث أنس مَرْفُوعا نَحوه وَلَفظه يخْتَصم الرّوح والجسد يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول الْجَسَد إِنَّمَا كنت بِمَنْزِلَة الْجذع ملقى لَا أحرك يدا وَلَا رجلا لَوْلَا الرّوح وَيَقُول الرّوح إِنَّمَا كنت ريحًا لَوْلَا الْجَسَد لم أستطع أَن أعمل شَيْئا وَضرب لَهما مثل أعمى ومقعد وَحمل الْأَعْمَى المقعد فدله ببصره المقعد وَحمله الْأَعْمَى بِرجلِهِ وَله شَاهد عَن سلمَان مَوْقُوفا أخرجه عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَلَفظه مثل الْقلب والجسد مثل أعمى ومقعد قَالَ المقعد للأعمى إِنِّي أُرِيد ثَمَرَة وَلَا أَسْتَطِيع أَن أقوم إِلَيْهَا فَاحْمِلْنِي فَحَمله فَأكل وأطعمه وَهَذَا يدل على أَن الْقلب مَحل الرّوح وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319