الكتاب: الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية المؤلف: أبو مصعب محمد صبحي بن حسن حلاق الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-بيروت-لبنان عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]   الكتاب مرتبط بنسخة مصورة مخالفة في الترقيم (ط دار الهجرة صنعاء - الطبعة الأولى) ---------- الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية محمد صبحي حلاق الكتاب: الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية المؤلف: أبو مصعب محمد صبحي بن حسن حلاق الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-بيروت-لبنان عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]   الكتاب مرتبط بنسخة مصورة مخالفة في الترقيم (ط دار الهجرة صنعاء - الطبعة الأولى) ـ[الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية]ـ المؤلف: أبو مصعب محمد صبحي بن حسن حلاق الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-بيروت-لبنان عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]   الكتاب مرتبط بنسخة مصورة مخالفة في الترقيم (ط دار الهجرة صنعاء - الطبعة الأولى) المقدمات : بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة السادسة : إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعد: فإن من تحقيق الاتباع التمسك بالكتاب والسنة، والتحاكم إليهما عند النزاع، والإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئًا يقرب إلى الله، ويباعد عن النار إلا أرشد أمته عليه، ولا شيئًا يباعد عن الله ويقرب من النار إلا حذر منه. وما صنفه المصنف -رحمه الله- في "متن الدرر البهية في المسائل الفقهية"، من تجريد لمسائل الفقه التي دل عليها الدليل الصحيح إلا من باب تقديم الفقه الإسلامي بسهولة ويسر للاتباع والسير على المحجة النيرة، التي توصل إلى رضوان الله سبحانه. وما كنت أتوقع أن ينال هذا الكتاب: "الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية" من القبول -وهذا من فضل ربي سبحانه وتعالى- لينتهج في المعاهد الدينية بين المراجع التربوية. لذا فإنني أقدم لدار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع/ لبنان-كما سبق أن قدمت لها ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 عندي من تصويبات واستدراكات عند شرائها لهذا الكتاب شراء قطعيًّا- كل ما تمتاز به هذه الطبعة بالذات من ضبط، وتنقيح، ومراجعة على المخطوط، مع زيادة بعض الشروحات والتعليقات؛ تسهيلًا للقراء الكرام، وتغنية للمكتبة الإسلامية؛ لما تحمله من الإضافات المعتبرة والمفيدة من أحكام فقهية، وتعريفات ضرورية، وترجيحات هامة. وعليه، فإنني ودار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع/ بيروت - لبنان بما تملكه من حقوق المالك بملكه أدبيًّا وماديًّا ومعنويًّا لهذا الكتاب، وبمراحله المتعددة نعتبر أن كافة الطبعات السابقة بأشكالها المختلفة خاصةً التي لا تحمل اسم دار الفكر عليها هي غير شرعية. اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة، ولوجهك خالصة، ولا تجعل فيها شركًا لأحد. محمد صبحي بن حسن حلاق أبو مصعب صنعاء في 4 ربيع الثاني 1423هـ - 15 حزيران 2002م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الثالثة : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعد: فإنني لم أتوقع يوم ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب أن تنفد نسخها في هذه المدة اليسيرة، وأن تجد ما وجدته من القبول في مختلف البلاد، والأفراد على اختلاف مستوياتهم العلمية، واتجاهاتهم الفكرية ... ولا غرو في ذلك؛ لأن الشباب المسلم اليوم صار يبحث عن الدليل لكل مسألة أو قضية من القضايا ... كما حرص على سهولة الأسلوب، وبساطة العبارة، ووضوح الكلام ... وكذلك نفر من التعقيد والغموض التي تشتمل عليها بعض كتب الفقه. كما وجد الشباب المسلم بغيته المنشودة، وغايته المقصودة، في هذا الكتاب الذي يشتمل على جميع أبواب الفقه الإسلامي، مقرونة بالدليل ومعروضة بسهولة ويسر، دون التقليد لمذهب من المذاهب بل خضوعًا للدليل الصحيح، واتباعًا للقول الراجح، من غير تعصب لطائفة على طائفة، بل أوافق كل طائفة على ما عندها من الحق، وأخالفها إذا جانفت الصواب، هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالاتهم، وحسن الظن بهم، وأن الخطأ الذي وقع فيه إمام منهم ما كان عن سوء نية ولا قبح طوية، واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه ... وما أروع ما قاله أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي في كتاب "جامع بيان العلم وفضله": "2/ 172-173": "فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عني بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن، ونظر في أقاويل الفقهاء، فجعله عونًا له على اجتهاده، ومفتاحًا لطرائق النظر، وتفسيرًا لجمل السنن المحتملة للمعاني؛ ولم يقلد أحدًا منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبرها، واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الزلل كما لم يبرئوا أنفسهم منه، فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته رضي الله عنهم، ومن أعف نفسه من النظر وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضًا وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشد عمى وأضل سبيلًا" ا. هـ. وكذلك وفر الكتاب على الشباب المسلم الوقت والجهد، والمتاعب النفسية، وفتح أمامهم آفاقًا واسعة، وأخذ بأيديهم إلى الصواب. رغم ما في الكتاب من أخطاء مطبعة كثيرة بلغت قرابة 200 خطأ، حتى الغلاف لم يسلم من الخطأ في اسم الكتاب من "الأدلة الرضية" إلى "الأدلة الرصينة". وزاد الطين بلة -كما يقولون- إنهم نسبوا الكتاب إلى الإمام الشوكاني، والناظر في مؤلفات الشوكاني المطبوعة والمخطوطة لم يجد هذا العنوان، فما أدري ما السبب في هذا الفعل؟!! كما فوجئت بعد فترة وجيزة بأن الكتاب في الأسواق وعليه "دار الندى" ببيروت، بدون إذن من المؤلف أو الناشر، وإذا هو صورة عن الطبعة الأولى سوى تغيير اسم الكتاب من الخطأ إلى الصواب والباقي كما هو، فتعجبت من هذا الفعل، وكم تمنيت لو أخبرت لقمت بتقديم التصويبات والاستدراكات ولكن قدر الله وما شاء فعل ... ثم تقدمت "دار الفكر" ببيروت لشراء الكتاب شراءً قطعيًّا؛ لتقوم بطبعه الطبعة الثالثة. وتم لها ذلك ... فعندها قدمت ما عندي من تصويبات واستدراكات، رغبة في إخراج هذا الكتاب النافع والمطلوب من جميع الشباب المسلم على اختلاف أعمارهم، خاليًا من كل خطأ ... فأرجو الله العلي القدير أن يسدد خطانا على الحق، وأن يلهمنا الرشد وأن يرزقنا الإخلاص، وأن يجعل ما كتبناه في ميزان حسناتي يوم العرض إنه سميع مجيب. المؤلف محمد صبحي بن حسن حلاق أبو مصعب الموافق في 4/ صفر/ 1414هـ 23 تموز / 1939م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الأولى والثانية : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70- 71] . أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. بعد: فإن كتاب "الدرر البهية في المسائل الفقهية من خير كتب الفقه اللامذهبي شكلًا ومضمونًا، فهو على صغر حجمه قد اشتمل على جميع أبواب الفقه، ومعظم أحكامه، ومسائله في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، وغيرها، مع سهولة العبارة، وجمال اللفظ وحسن التركيب، إلى جانب ما امتاز به من تقسيمات موضوعية، تسهل على المتفقه في دين الله تعالى إدراكه واستحضاره. ويمتاز هذا الكتاب بالقبول لدى طلاب العلم والعلماء قديمًا وحديثًا، فتجدهم مقبلين عليه درسًا وتعليمًا وحفظًا، وإيضاحًا وشرحًا، حتى إنه قرر على الصفين الأول والثاني معلمين ومعلمات في المعاهد العلمية، وكان فضل الله تعالى علي كبيرا؛ إذ وفقني إلى تدريس هذا الكتاب في الصفين المذكورين في معهد صنعاء العلمي. ولما كان هذا المختصر على ذكر الأحكام الفقهية دون التعرض لأدلتها، وطلاب العلم اليوم ترتاح نفوسهم إلى أخذ الحكم الشرعي مؤيدًا بدليله، دون الخوض في الشروح والمطولات، رغبت أن أخدم دين الله عز وجل، وأقدم للشباب المسلم على اختلاف مستوياتهم هذا الكتاب مدعمًا بالأدلة التي تجعلهم على بصيرة في دينهم، وتزيدهم يقينًا في شريعتهم واطمئنانا في عبادتهم، واستقامة في معاملاتهم. وكان عملي مقتصرا على ذكر الأدلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 من كتاب وسنة وقياس واضح وإجماع متيقن، واعتمدت الأدلة الراجحة في المسألة وأعرضت عن الأقوال المرجوحة، وأخذت على نفسي أن أرجع في هذه الأدلة إلى مراجعها الأصلية وخاصة كتب الحديث لأخذ النص منها، وأثبت رقم الجزء والصفحة وكذلك رقم الحديث إن وجد، وأذكر رتبة الحديث إذا لم يكن في الصحيحين1. وحتى لا يطول التخريج اقتصر على تخريج الحديث في الصحيحين أو في أحدهما، وإذا لم يكن فيهما أو في أحدهما أقتصر في تخريجه على السنن الأربعة، وإذا كان دليل المسألة حديثًا ضعيفًا، فأذكر أوله واسم راويه ورتبته فقط؛ رغبة في الاختصار، وتحصينًا للقارئ من الاغترار به، ومن رام تخريج الحديث والكلام عليه فعليه أن يرجع إلى كتابنا "إرشاد الأمة" أو إلى تحقيقنا لكتابِيْ "الروضة الندية" أو "الدراري المضية". وأما الآيات فأذكر رقمها والسورة الموجودة فيها، ثم أذيل النص المستدل به بشرح غريب ألفاظه، بحيث يسهل فهمه ويستبين وجه الاستدلال به، كما تعرضت أحيانا لشرح بعض ألفاظ المتن وذكر بعض التعاريف إن احتاج الأمر. وأبقيت الأصل في أعالي الصفحة مشكولًا ومقسمًا إلى كتب وأبواب. وجعلت عملي في حواشٍ ذات أرقام أسافلها، وسميته: "الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية". الله أسأل أن يوفقنا جميعا إلى العمل بكتابه وسنة نبيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه إنه سميع مجيب. المؤلف محمد صبحي بن حسن حلاق أبو مصعب 4/ محرم/ 1410هـ - الموافق في: 6/ آب/ 1989م   1 انظر الخاتمة: خطتي في تأليف الكتاب، الفقرة الثالثة "تخريج الأحاديث والآثار" من كتابنا "مدخل. إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة: بقلم فضيلة الدكتور: عبد الوهاب بن لطف الديلمي مدرس علوم القرآن في كلية الآداب بجامعة صنعاء الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد: فإن الاهتمام بالفقه الإسلامي -من حيث خدمته، وتقريبه لطلاب العلم بعد أن ضعفت الهمم وقلت الرغبة في طلبه، وكثر الزاهدون عنه، وحيل بينهم وبين معرفة مصطلحات أهل الفقه- لعمل جليل يشكر عليه صاحبه. ولا شك أن تعزيز المسائل الفقهية بالأدلة الشرعية لأمر يحمل على الطمأنينة وانشراح الصدر حينما يعرف طالب العلم المصدر الذي اعتمد عليه الفقيه العالم فيما أورد من المسائل الفهقية، كما أنه يزود طالب العالم بحصيلة كبيرة من أدلة الأحكام الشرعية، ويكون عنده القدرة على الربط بين المسألة ودليلها، وهذا المنهج هو الذي سلكه كثير من أئمة العلم الذين جمعوا بين الحديث والفقه، وكان من أبرز هؤلاء الإمام "محمد بن علي الشوكاني" في كثير من مؤلفاته: كـ "نيل الأوطار ... " و"الدراري المضية"، إلا أنه أحيانًا يسلك مسلكًا لا ينتفع منه إلا من له باع واسع في معرفة الأحاديث النبوية الشريفة. ولذلك اكتفى أخونا الأستاذ محمد صبحي حسن حلاق بخدمة "الدرر البهية" التي وضعها الإمام الشوكاني متنًا لكتابه "الدراري المضية" فأخذ يستخرج من أمهات الكتب الحديثة الأدلة على المسائل التي أوردها الإمام الشوكاني في "درره"، وقد لمست الجهد الذي بذله أخونا الأستاذ محمد صبحي ... فألفيته جهدًا ليس باليسير، وقد شرح منهجه في مقدمة الكتاب فأبان بذلك الطرق التي سلكها لخدمة هذا الكتاب؛ سواء من حيث جمع الأدلة، أو ما أضاف إلى ذلك من أمور أخرى: كالناحية اللغوية، وضبط الآيات والأحاديث، وعزو الآيات القرآنية إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 مواطنها، إضافة إلى بيان درجة الحديث إذا لم يكن في الصحيحين، وغير ذلك مما يلمسه القارئ. ونسأل الله سبحانه أن يثيبه على حسن صنيعه هذا، كما نسأله سبحانه أن ينفع بهذا الجهد طلاب العلم، وأنصار سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ولي النعمة والتوفيق، إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين. د. عبد الوهاب بن لطف الديلمي 10/ شعبان/ 1410 - الموافق في: 7/ مارس/ 1990م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 ترجمة الإمام الشوكاني : المبحث الأول: نسبه وموطنه : ترجم الشوكاني لنفسه فقال: "محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، ثم الصنعاني"1. أما الشوكاني: فهو نسبة إلى هجرة شوكان، وهي قرية من قرى الحامية إحدى قبائل خولان بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم2. وأما الصنعاني فنسبة إلى مدينة صنعاء التي استوطنها والده ونشأ فيها بعد ولادته في الهجرة3.   1 البدر الطالع: "2/ 214". 2 البدر الطالع: "1/ 480. 3 البدر الطالع: "2/ 215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 المبحث الثاني: مولده ونشأته يذكر الشوكاني في ترجمته لنفسه تاريخ مولده، نقلًا عن خط والده فيقول: "ولد حسبما وجد بخط والده في وسط نهار يوم الاثنين، الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 1173هـ، ثلاثة وسبعين ومائة وألف1. ولا مجال للاختلاف في تاريخ مولده بعد هذا النص منه ومن والده2. حفظ القرآن وجوده، وحفظ عددًا كبيرًا من المتون قبل أن يبدأ عهد الطلب، ولم تتعد سنه العاشرة من عمره، ثم اتصل بالمشايخ الكبار، وكان كثير الاشتغال بمطالعة التاريخ ومجامع الأدب3. وإذا عرفنا أنه تصدر للإفتاء وهو في سن العشرين عرفنا كيف كانت حياة هذا التلميذ الجاد الذي لم يسمح له أبوه بالاشتغال بغير العلم كما لم يسمح له أبوه بالانتقال من صنعاء4. وكانت دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو ثلاثة عشر درسًا: منها: ما يأخذه عن مشايخه. ومنها: ما يأخذه عنه تلامذته، واستمر على ذلك مدة .... 5 وقد ذكر الشوكاني الكتب التي قرأها على العلماء الأفاضل قراءة تمحيص، وتحقيق وهي كثيرة في فنون متعددة، من الفقه وأصوله، والحديث، واللغة، والتفسير، والأدب والمنطق6 ...   1 البدر الطالع: "2/ 214-215". 2 مقدمة كتاب قطر الولي، للدكتور إبراهيم إبراهيم هلال "ص15". 3 البدر الطالع: "2/ 215". 4 البدر الطالع: "2/ 218-219". 5 البدر الطالع: 2/ 218". 6 البدر الطالع: "2/ 215-219". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 المبحث الثالث: حياته العلمية وقد ساعدته الثقافة الواسعة وذكاؤه الخارق، إلى جانب إتقانه للحديث وعلومه، والفقه وأصوله، على الاتجاه نحو الاجتهاد وخلع ربقة التقليد، وهو دون الثلاثين، وكان قبل ذلك على المذهب الزيدي، فصار علمًا من أعلام المجتهدين، وأكبر داعية إلى ترك التقليد، وأخذ الأحكام اجتهادًا من الكتاب والسنة، فهو بذلك يعد في طليعة المجددين في العصر الحديث، ومن الذين شاركوا في إيقاظ الأمة الإسلامية في هذا العصر. وقد أحس بوطأة الجمود، وجناية التقليد الذي ران على الأمة الإسلامية من بعد القرن الرابع الهجري وأثره في زعزعة العقيدة، وشيوع البدع، والتعلق بالخرافات، وانصراف الناس من التعاليم الدينية وانكبابهم على الموبقات والمنكرات، مما جعله يشرع قلمه ولسانه في وجه الجمود والتقليد ويقف حياته على محاولة تغيير هذه الأوضاع الفاسدة، وتطهير تلك العقائد الباطلة ... 1 ويمكن أن نبين أبعاد هذه الحياة العلمية في ثلاث أهداف: 1- دعوته إلى الاجتهاد ونبذ التقليد. 2- دعوته إلى العقيدة السلفية في بساطتها أيام الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم. 3- دعوته إلى محاربة كل ما يخل بالعقيدة الإسلامية. قلت: وعلى رأس أهدفه تحكيم شرع الله في جميع مجالات الحياة2.   1 الإمام الشوكاني مفسرًا للدكتور: محمد حسن بن أحمد الغماري "ص62-63" بتصرف. 2 انظر: الدواء العاجل في دفع العدو الصائل، للشوكاني. بتحقيقنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 المبحث الرابع: توليه القضاء في عام "1209" من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم توفي كبير قضاة اليمن، القاضي يحيى بن صالح الشجري السحولي، وكان مرجع العامة والخاصة وعليه المعول في الرأي والأحكام ومستشار الإمام والوزارة1. قال الشوكاني2: "وكنت إذ ذاك مشتغلًا بالتدريس في علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف منجمعًا عن الناس لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة، فإني لا أتصل بأحد منهم كائنًا من كان، ولم يكن لي رغبة في غير العلوم ... فلم أشعر إلا بطلاب لي من الخليفة بعد موت القاضي المذكور بنحو أسبوع، فعزمت   3 البدر الطالع: "2/ 334". 4 البدر الطالع: "1/ 464-466". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 إلى مقامه العالي، فذكر لي أنه قد رجح قيامي مقام القاضي المذكور، فاعتذرت له بما كنت فيه من الاشتغال بالعلم، فقال: القيام بالأمرين ممكن. وليس المراد إلا القيام بفصل ما يصل من الخصومات إلى ديوانه العالي في يومي اجتماع الحكام فيه، فقلت: سيقع مني الاستخارة لله والاستشارة لأهل الفضل، وما اختاره الله ففيه الخير، فلما فارقته ما زلت مترددًا نحو أسبوع، ولكنه وفد إلي غالب من ينتسب إلى العلم في مدينة صنعاء وأجمعوا على أن الإجابة واجبة، وأنهم يخشون أن يدخل في هذا المنصب الذي إليه مرجع الأحكام الشرعية في جميع الأقطار اليمنية من لا يوثق بدينه وعلمه ... فقبلت مستعينًا بالله ومتكلًا عليه.. وأسأل الله بحوله وطوله أن يرشدني إلى مراضيه، ويحول بيني وبين معاصيه، وييسر لي الخير حيث كان، ويدفع عني الشر، ويقيمني في مقام العدل، ويختار لي ما فيه الخير في الدين والدنيا" اهـ. قلت: وربما أن الشوكاني رأى في منصب القضاء فرصة لنشر السنة وإماتة البدعة، والدعوة إلى طريق السلف الصالح.. كما أن منصب القضاء سيصد عنه كثيرًا من التيارات المعادية له، ويسمح لأتباعه بنشر آرائه السديدة، وطريقته المستقيمة. "والأئمة الثلاثة الذين تولى الشوكاني القضاء الأكبر لهم ولم يعزل حتى واتته المنية هم: 1- المنصور علي بن المهدي عباس، ولد سنة "1151هـ" وتوفي سنة "1224هـ" ومدة خلافته 25 سنة. 2- ابنه المتوكل علي بن أحمد بن المنصور علي، ولد سنة 1170هـ وتوفي سنة "1231هـ" ومدة خلافته نحو "7" سنوات. 3- المهدي عبد الله، ولد سنة "1208هـ" وتوفي سنة "1251هـ" ومدة خلافته "20" سنة1. قلت: كان تولي الشوكاني القضاء كسبًا كبيرًا للحق والعدل، فقد أقام سوق العدالة بينا وأنصف المظلوم من الظالم، وأبعد الرشوة، وخفف من غلواء التعصب، ودعى الناس إلى اتباع القرآن والسنة، إلا أن هذا التعصب قد منعه من التحقيق العلمي يظهر ذلك إذا ما تتبع المرء مؤلفاته قبل توليه القضاء وبعده، يجد الفرق واضحًا.   1 الإمام الشوكاني مفسرًا، للغماري "ص71" باختصار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 المبحث الخامس: مؤلفاته 1- الدراري المضية شرح الدرر البهية في المسائل الفقهية "1-2" طبعة ثانية علق عليه وحققه، وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 2- وبل الغمام على شفاء الأوام "1-2" حققه وعلق عليه، وخرج أحاديثه: محمد صبحي بن حسن حلاق. 3- أدب الطلب، ومنتهى الأرب، علق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 4- السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار "1-3" حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 5- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 6- در السحابة في مناقب القرابة والصحابة. حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 7- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، حققه وعلق عليه: محمد صبحي حسن حلاق. 8- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 9- تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 10- قطر الولي على حديث الولي، أو ولاية الله والطريق إليها، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 11- نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار "1-16"، خرج أحاديثه، وعلق عليه، وحققه، ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد صبحي حسن حلاق. 12- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير "1-10" خرج أحاديثه، وعلق عليه، وحققه: محمد صبحي حسن حلاق. 13- الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني "1-12" حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وضبط نصه: محمد صبحي حسن حلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 صور المخطوطة ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 الكتاب الأول: كتاب الطهارة [الباب الأول] : باب [أقسام المياه] الماء طاهر مطهر1، لا يخرجه عن الوصفين2، إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات3، وعن الثاني4 ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات الطاهرة5. ولا   1 لا خلاف في ذلك، وقد نطق بذلك الكتاب: قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] . وبه أفصحت السنة. أخرج البخاري "2/ 227- مع الفتح" ومسلم "5/ 96- بشرح النووي" وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبَّر في الصلاة سكت هنيَّةً قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟، قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد". وأخرج أبو داود "1/ 152-مع العون"، والترمذي "1/ 224- مع التحفة"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه "1/ 136 رقم 386" وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه "1/ 67 رقم 309" والنسائي "1/ 50-رقم 59"، وغيرهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته". 2 أي عن وصف كونه طاهرًا وعن وصف كونه مطهرًا. 3 بدليل الإجماع. قال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" ص33 رقم "10" "وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت الماء طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا، إنه نجس ما دام كذلك". ونقل الإجماع ابن الملقن في مختصر البدر المنير ص18، والمهدي في البحر"1/ 31" والنووي في المجموع "1/ 110" وابن قدامة في المغني "1/ 53". 4 أي كونه مطهرًا. 5 كالصابون، والعجين، والزعفران، أو غير ذلك من الأشياء الطاهرة التي يستغنى عنها عادة فيصبح الماء طاهرًا في نفسه غير مطهر لغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 فرق بين قليل وكثير1، وما فوق القلتين وما دونهما2، ومستعمل وغير مستعمل3.   1 قال الإمام البغوي في شرح السنة "2/ 59-60: "وقدر بعض أصحاب الرأي الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع، وهذا تحديد لا يرجع إلى أصل شرعي يعتمد عليه". قلتُ: أما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 831 رقم 2486"، والدارمي "2/ 273" عن عبد الله ابن مغفل عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حفر بئرًا فله أربعون ذراعًا لماشيته"، وهو حديث حسن، "انظر الصحيحة" للألباني رقم: 251"، فلا دليل فيه على تحديد الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع؛ لأن الواضح من الحديث أن حريم البئر من كل جانب أربعون ذراعًا. انظر: "فتح العناية بشرح كتاب النقاية" للمحدث على القاري تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة "1/ 109" اهـ. ثم قال الإمام البغوي: "وحدَّه بعضُهم بأن يكون في غدير عظيم بحيث لو حرك منه جانب، لم يضطرب منه الجانب الآخر، وهذا في غاية الجهالة لاختلاف أحوال المحركين في القوة والضعف" اهـ. وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار "1/ 30": وللناس في تقدير القليل والكثير أقوال ليس عليها أثارة من علم" اهـ. 2 قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" وهو بذيل السنن الكبرى للبيهقي "1/ 265": "قد اختلف في تفسير القلتين اختلافًا شديدًا. ففسرنا بخمس قرب، وبأربع، وبأربع وستين رطلًا وباثنتين وثلاثين، وبالجرتين مطلقًا، وبالجرتين بقيد الكبر، وبالخابيتين، والخابية الجب فظهر بهذا جهالة مقدار القلتين فتعذر العمل بها" اهـ. قلت: أما حديث ابن عمر، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء" فهو حديث ضعيف بهذه الزيادة: "من قلال هجر". أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2358" في ترجمة "المغيرة بن سقلاب". وقال عنه: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن حجر في التلخيص "1/ 29" عن المغيرة هذا: منكر الحديث ثم قال: "1/ 30" والحديث غير صحيح؛ يعني: بهذه الزيادة. 3 الماء المستعمل هو الماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ أو المغتسل. والدليل على أن الماء المستعمل طاهر في نفسه. ما أخرجه البخاري "1/ 301- مع الفتح، ومسلم "3/ 1234 رقم 1616" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله قال: "جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعودني وأنا مريض لا أعْفِك فتوضأ وصب وضوءه علي". وأما الدليل على أن الماء المستعمل مطهر لغيره، ما أخرجه أبو داود "1/ 91 رقم 130" عن ابن عقيل عن الربيع بنت معوذ "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح برأسه من فضل ماء كان في يده" وهو حديث حسن فهذا يدل على أن الماء المستعمل طاهر مطهر، فلو كان غير مطهر لما استعمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فرض الوضوء وهو مسح الرأس. ولحديث أبي جحيفة قال: "خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالهاجرة، فأتى بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به.." أخرجه البخاري رقم "187". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 ومتحرك وساكن1.   1 لا دليل على الفرق بين الماء الساكن والمتحرك في التطهير. أما الحديث الذي أخرجه مسلم"1/ 236 رقم 283" وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب". فقالوا: يا أبا هريرة، كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولًا. وفي لفظ لأحمد "2/ 316"، وأبي داود "1/ 56 رقم70": "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة" وفي لفظ البخاري "1/ 346- مع الفتح": "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه"، وفي لفظ الترمذي "1/ 100 رقم 68": "ثم يتوضأ منه". ففي الحديث نهي عن أن يبول في الماء الدائم، ثم يغتسل منه، وليس ذلك لأن الماء تنجس بحلول ذلك البول فيه، وإن لم يغير أحد أوصافه، والقول بالتنجيس يحتاج إلى دليل شرعي وليس لنا دليل يفيد ذلك فبقي الحديث على النهي للبائل أن يغتسل أو يتوضأ، وله الانتفاع به ما عدا ذلك. وغير البائل مباح له الاغتسال والوضوء. انظر: طرح التثريب "2/ 32"، وإحكام الأحكام "1/ 21". قال ابن حزم في المحلي "1/ 184": وأما قولهم إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن انغماس الجنب في الماء الدائم لكن لا يصير مستعملًا فباطل "اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 [ الباب الثاني: النجاسات ] [الـ]ـفصل [الأول: أحكام النجاسات] والنجاسات1 هي غائط الإنسان مطلقًا2 وبوله3 ......................   1 النجاسات: جمع نجاسة: وهي كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه، ويغسلون الثياب إذا أصابها كالعذرة والبول. 2 صغيرًا أو كبيرًا. والدليل على نجاسة الغائط أحاديث، "منها": ما أخرجه أحمد "3/ 20"، وأبو داود "2/ 353- مع العون" وغيرهما. من حديث أبي سعيد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما" وهو حديث حسن. ومنها: ما أخرجه أبو داود رقم 386 وابن خزيمة رقم "292" والحاكم "1/ 166" وابن حبان رقم 249- موارد" عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب". وللحديث شاهدان صحيحان يتقوى بهما: الأول: من حديث أبي سعيد عند أحمد والخلاصة، أن حديث أبي هريرة صحيح لغيره. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 323 رقم 220" وأبو داود "1/ 263 رقم 380"، والترمذي "1/ 275 رقم 147" والنسائي "1/ 175" وابن ماجه "1/ 176 رقم 529" عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعوه، وهريقوا على بوله سجلًا من ماء -أو: "ذنوبًا من ماء"- فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 إلا الذكر الرضيع1، ولعاب كلب2، وروث3، ودم حيض4، ولحم خنزير5، وفيما عدا ذلك خلاف6. والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه   1 وبول الذكر الرضيع نجس. إلا أن تطهيره من الثوب بالنضح. للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 262 رقم 376" والنسائي "1/ 158 رقم304" وابن ماجه "1/ 175 رقم526" وغيرهم. قلتُ: وحسَّنه البخاري، نقل ذلك عن ابن حجر في التلخيص "1/ 50"، عن أبي السمح قال: كنت قلت: وسحنه البخاري، نقل ذلك ابن حجر في التلخيص "1/ 50". عن أبي السمح قال كنت أخدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان إذا أراد أن يغتسل قال: "ولني قفاك" فأوليه قفاي فأستره به، فأتى بحسن أو حسين رضي الله عنهما فبال على صدره، فجئت أغسله فقال: "يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 234 رقم279" والنسائي "1/ 176-177" وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرار". 3 ما لا يؤكل لحمه، للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه "1/ 256 رقم 156". والترمذي "1/ 82-مع التحفة"، والنسائي "1/ 39". وابن ماجه "1/ 114 رقم 314" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغائط فأمرني أن آتيه بثلاث أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذا رِكْس. ركس: بكسر الراء، وإسكان الكاف. فقيل: هي لغة في رجس بالجيم، ويدل عليه رواية ابن ماجه، وابن خزيمة في هذا الحديث، فإنها عندهم بالجيم. وقيل: الركس: الرجيع رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة. قاله الخطابي وغيره. والأولى أن يقال: "رد من حالة الطعام إلى حالة الروث ... " اهـ "فتح الباري 1/ 258". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 410- مع الفتح" ومسلم "1/ 240 رقم 291" وأبو داود "1/ 255 رقم 360 و361 و362". والترمذي "1/ 254-255 رقم 138"، والنسائي "1/ 155" وابن ماجه "1/ 206 رقم 629" وغيرهم. عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: سألت امرأة رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة، كيف تصنع؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرضه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه". 5 لا دليل على نجاسة الخنزير بل الدليل على تحريم أكله. وأما الاستدلال بقوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ} [الأنعام: 145] . قلنا: المراد بالرجس هنا الحرام كما يفيد سياق الآية، والمقصود منها، فإنها وردت فيما يحرم أكله لا فيما هو نجس. 6 مثل: "المني" و"الميتة" و"الدم المسفوح" و"الخمر" و"المذي" و"الودي" و"المشرك". أما المني، فالأرجح طهارته، وهو ماء الرجل. للحديث الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه "1/ 147 رقم290"، وذكره ابن حجر في الفتح "1/ 333" وسكت عنه. عن عائشة رضي الله عنها:= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 أو يقدم عليه.   = "إنها كانت تحت المني من ثواب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي". قلت: وهو حديث حسن. وذكره ابن حجر في تلخيص الحبير "1/ 44" وقال: رواه ابن خزيمة، والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي" ثم أورد لفظ كل منهم فانظره إن شئت. وفي رواية لمسلم رقم "109/ 290" عن عائشة قالت: " ... لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يابسًا بظفري". وأما الميتة، فالأرجح نجاستها؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 277 رقم366" وغيره، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" ففي هذا الحديث دلالة على أن جلد الميتة نجس يطهره الدباغ، ويلزم من ذلك أن الميتة نجسة. الإهاب ككتاب: الجلد ما لم يدبغ. القاموس المحيط ص77. وأما الدم المسفوح، فالأرجح طهارته، ولا دليل على نجاسته، أما السنة فلم يصح منها شيء في نجاسة كل الدم -إلا نجاسة دم الحيض- وأما الاستدلال في الكتاب العزيز في قوله سبحانه: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] . فالآية لم تسق لبيان الطهارة والنجاسة، بل لبيان ما يحل ويحرم. وقد أخرج الطبراني في "الكبير" رقم "9219" وعبد الرزاق في "المصنف" رقم "459" و"460" وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" "2/ 58" وقال: رجاله ثقات. عن محمد ابن سيرين، عن يحيى الجزار قال: صلى ابن مسعود وعلى بطنه فرث ودم من جزور نحرها ولم يتوضأ". وكذلك أخرج ابن جرير في "جامع البيان" "5/ ج8/ 71" عن عائشة قالت: "كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر" وهو أثر صحيح غريب؛ قاله ابن كثير في "تفسير" "3/ 352". وأما الخمر، فالأرجح طهارته؛ مع القطع بتحريمه. قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90] . والرجس هنا: النجس المعنوي لا الحقيقي؛ لأن لفظ "رجس" خبر عن الخمر وما عطف عليها، وهو لا يوصف بالنجاسة الحسية قطعًا. قال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [سورة الحج: 30] ، فالأوثان رجس معنوي لا تنجس من مسها. انظر جامع البيان للطبري "10/ 155". وأما المذي، فالأرجح نجاسته. "وهو ما خرج من الذكر عند الملاعبة". للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 379-مع الفتح": عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلًا مذاء فأمرت رجلًا أن يسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -لمكان ابنته- فسأل فقال: "توضأ، واغسل ذكرك". وأما الودي، فنجس: "وهو ما خرج بعد البول": ودليله الإجماع، قال النووي في المجموع "2/ 552": أجمعت الأمة على نجاسة المذي والودي" اهـ. وأما المشرك، فالأرجح طهارته. قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] . والنجس هنا: النجس المعنوي لا الحقيقي؛ لأن الله تعالى أحل طعامهم وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله وقوله ما يفيد= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 [الـ]ـفصل [الثاني: تطهير النجاسات] ويطهر ما يتنجس بغسله1 حتى لا يبقى لها [عين] ولا لون ولا ريح ولا طعم. والنعل بالمسح2. والاستحالة مطهرة؛ لعدم وجود الوصف المحكوم عليه3، وما لا يمكن غسله فبالصب عليه4 أو النزح منه حتى لا يبقى للنجاسة أثر. والماء هو الأصل في التطهير5 ولا يقوم غيره مقامه إلا بإذن من الشارع6.   = عدم نجاسة ذواتهم. فأكل في آنيتهم وشرب منها وتوضأ فيها -قلت: الأصح أمر بالتوضأ منها- وأنزلهم في مسجده ... انظر فتح القدير للشوكاني "2/ 349". وأما نجاسة لحم الحيوان الذي لا يؤكل إذا ذبح: فنجس لحديث سلمة بن الأكوع قال: لما أمسى اليوم الذي فتحت عليهم فيه خيبر أوقدوا نيراناً كثيرة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما هذه النار؟ على أي شيء توقدون"؟ قالوا: على لحم، قال: "على أي لحم"؟ قالوا: على لحم الحمر الإنسية، فقال: "أهريقوها واكسروها" فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ فقال: "أو ذاك"، وفي لفظ فقال: اغسلوا"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "4/ 48" والبخاري رقم "4196" ومسلم رقم "1802". ولحديث أنس قال: أصبنا من لحم الحمر: يعني يوم خيبر، فنادى منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر؛ فإنها رجس أو نجس" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "3/ 115"، والبخاري رقم "5528" ومسلم رقم "1940". هذا الحديثان يدلان على نجاسة لحم الحيوان الذي لا يؤكل، وإن ذبح؛ لأن الأمر بكسر الآنية أولًا، ثم الغسل ثانيًا، ثم قوله: فإنها رجس أو نجس ثالثًا، يدل على النجاسة. ولكن الحديثين نص في الحمر الإنسية، وقياس في غيرهما مما لا يؤكل بجامع عدم الأكل. قلت: انظر باب النجاسات في كتابنا: "إرشاد الأمة" إلى فقه الكتاب والسنة" جزء "الطهارة" إذا رمت التفصيل والرد على من خالف ما اعتمدناه والله ولي التوفيق. 1 أي بإسالة الماء عليه كما ورد في الشرع، كتطهر الثوب من دم الحيض انظر هامش "ص26". وتطهير الإناء من ولغ الكلب. انظر هامش "ص26". 2 انظر هامش "ص25". 3 قال الشوكاني في السيل الجرار "1/ 170" بتحقيقي: "إذا استحال ما هو محكوم بنجاسته إلى شيء غير الشيء الذي كان محكومًا عليه بالنجاسة كالعذرة تستحل ترابًا. أو الخمر يستحيل خلا فقد ذهب ما كان محكومًا بنجاسته ولم يبق الاسم الذي كان محكومًا عليه بالنجاسة، ولا الصفة التي وقع الحكم لأجلها وصار كأنه شيء آخر وله حكم آخر ... اهـ. 4 كصب الماء على بول الأعرابي. انظر هامش "ص25". 5 كتطهر الإناء والثوب. انظر هامش "ص26". 6 كتطهير النعل بالدلك. انظر هامش "ص25". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 [الباب الثالث] : باب قضاء الحاجة على المتخلي الاستتار حتى يدنو [من الأرض] 1، والبعد2، أو دخول الكنيف، وترك الكلام3 - والملامسة لما له حرمة4، وتجنب الأمكنة التي منع عن التخلي فيها شرع5 -أو عرف- وعدم الاستقبال والاستدبار للقبلة6 وعليه الاستجمار بثلاثة   1 لحديث ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" وهو حديث صحيح لغيره. أخرجه أبو داود رقم "14" والترمذي له رقم "14" والدارمي "1/ 171"، وانظر "الصحيحة" رقم "1071"، ولعموم الأدلة الدالة على وجوب ستر العورة عمومًا وخصوصًا إلا عند الضوررة، ومنها قضاء الحاجة، أما حديث: "من أتى الغائط فليستتر" فضعيف. 2 للحديث الحسن الذي أخرجه أبو داود "1/ 14 رقم 1" والترمذي "1/ 31-32 رقم 20" والنسائي "1/ 18 رقم 17" وابن ماجه "1/ 120 رقم 331" من حديث المغيرة بن شعبة "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ذهب المذهب أبعد". وللحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري رقم "363" ومسلم رقم "75/ 274" عن المغيرة بن شعبة قال: قال لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خذ الإداوة" فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته. 3 حديث أبي سعيد المرفوع: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما ... " ضعيف واعلم أنه لا يجوز إثبات الحكم بالحديث الضعيف. 4 حديث أنس المرفوع: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء ينزع خاتمه" ضعيف. 5 للأحاديث الآتية: 1- أخرج مسلم "1/ 226 رقم 68/ 269" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اتقوا اللعانَيْن" قالوا: وما اللعَانان يا رسول الله؟ قال: "الذي يتخلي في طريق الناس أو في ظلهم". 2- أخرج أبو داود "1/ 28 رقم26" وابن ماجه "1/ 119 رقم328" وغيرهما عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل" وهو حديث حسن بشواهده. 3- أخرج مسلم "1/ 235 رقم 94/ 281" والنسائي "1/ 34" وابن ماجه، "1/ 124 رقم343": عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه نهى أن يبال في الماء الراكد". 4- أخرج أبو داود "1/ 30 رقم 28" والنسائي "1/ 34 رقم 238" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله" وهو حديث صحيح. أما حديث عبد الله بن سرجس قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبال في الجحر ... " فضعيف. وكذا حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه" ضعيف. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 498 رقم 394" ومسلم "1/ 224 رقم 264" وغيرهما. عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا". قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت قِبَل القبلة، فننحرف ونستغفر الله تعالى. مراحيض: جمع مرحاض. وهو البيت المتخذ لقضاء حاجة الإنسان. أي للتغوط. وجاء في المصباح: موضع الرحض وهو الغسل وكني به عن المستراح؛ لأنه موضع غسل النجو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 أحجار طاهرة1، أو ما يقوم مقامها2، وتندب الاستعاذة عند الشروع؛ [والاستغفار] والحمد بعد الفراغ3.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 223 رقم 57/ 262": عن سلمان رضي الله عنه: قال: قيل له: قد علمكم نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل شيء حتى الخراءة. قال، فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار. أو أن نستنجي برجيع أو بعظم". الخراءة: اسم لهيئة الحدث. وأما نفس الحدث فبحذف التاء وبالمد، مع فتح الخاء وكسرها. أجل: معناها: نعم. الغائط: أصله المطمئن من الأرض. ثم صار عبارة عن الخارج المعروف من دبر الآدمي. الرجيع: الروث والعذرة. 2 من جامد طاهر مزيل للعين، وليس له حرمة، ولا هو جزء من حيوان مثل الخشب، والخرق، والآجُرِّ، والخزف ... وهذا مذهب الجمهور؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يستنجى بعظم أو روث، فيفهم من ذلك أن ما لم ينه عنه يجوز الاستنجاء به إذا حصل به الإنقاء لم يكن محرمًا "المجموع شرح المذهب للنووي "2/ 112-113"، والمغني لابن قدامة "1/ 178-179". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 242 رقم 142" ومسلم "1/ 283 رقم 375" عن أنس قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". الخلاء: موضع قضاء الحاجة. الخبث والخبائث: الخبث بضم الباء وإسكانها، وهما وجهان مشهوران في رواية هذا الحديث. قال الخطابي: الخبث جمع الخبيث. والخبائث جمع الخبيثة. قال: يريد ذكران الشياطين وإناثهم. 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 30 رقم 30" والترمذي "1/ 12 رقم 7" وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه "1/ 110 رقم 300" عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج من الغائط قال: "غفرانك" وهو حديث صحيح. أما حديث أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" فهو حديث ضعيف. وكذلك حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" ضعيف. وقد فات المؤلف أن يذكر: وجوب الاستنزاه من البول، والنهي عن الاستنجاء باليمين، وجواز البول قائمًا. أما وجوب الاستنزاه من البول: فقد أخرج البخاري رقم "216" ومسلم رقم "292" وغيرهما عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بقبرين فقال: "إنما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة". وهو حديث صحيح.= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 [الباب الرابع] : باب الوضوء [ الفصل الأول: فرائض الوضوء ] يجب على كل مكلف أن يسمي1 إذا ذكر ويتمضمض ويستنشق2، ثم يغسل   = وأما النهي عن الاستنجاء باليمين، فللحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري رقم "154" ومسلم رقم "63/ 267" وغيرهما، عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه". وأما جواز البول قائمًا: فللحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري رقم "225" ومسلم رقم "73/ 273" وغيرهما عن حذيفة قال: كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانتهى إلى سباطة قوم، فبال قائمًا فتنحيت. فقال: "ادنه" فدنوت حتى قمت عند عقبيه. فتوضأ، فمسح على خفيه. أما أحاديث النهي عن البول قائمًا فكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة. وأما حديث عائشة الذي أخرجه الترمذي رقم "12" والنسائي "29" وابن ماجه رقم "307" وفيه شريك بن عبد الله القاضي وهو سيء الحفظ، لكن تابعه: سفيان عند أحمد "6/ 136، 192" وأبو عوانة "1/ 198" والحاكم "1/ 181" بسند صحيح. قالت عائشة: "من حدثك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال قائمًا فلا تصدقه، أنا رأيته يبول قاعدًا". قلتُ: والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها، فيحمل على ما وقع منه في البيوت، وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه، وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة ... وقد ثبت عن عمر، وعلي، وزيد بن ثابت أنهم بالوا قيامًا. وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش، والله أعلم. "فتح الباري: 1/ 330". 1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 75 رقم 101" وابن ماجه "1/ 140 رقم 399" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه". قلتُ: وفي سنده مجهولان: يعقوب بن سلمة وأبوه. ولكن الحديث حسن بمجموع طرقه والله أعلم. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 236 رقم 162" ومسلم "1/ 212 رقم 20/ 237" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينتثر.." وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 266 رقم 164" ومسلم "1/ 204 رقم 3/ 266" عن حمران مولى عثمان بن عفان، أنه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كل رجل ثلاثًا، ثم قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ نحو وضوئي هذا وقال: "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 جميع وجهه1، ثم يديه مع مرفقيه2 ثم يمسح رأسه3 مع أذنيه4 ويجزئ مسح بعضه والمسح على العمامة5، ثم يغسل رجليه6 مع الكعبين7، وله المسح على   1 لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ، ولحديث حمران مولى عثمان بن عفان المتقدم في هامش"ص31". 2 لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] ، ولحديث حمران مولى عثمان بن عفان المتقدم في هامش "ص31". وللحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 216 رقم 34/ 246" عن نعيم بن عبد الله المجمر قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ. فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد. ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق. ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق. ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ. وقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله". الغرة: بياض في جبهة الفرس. والتحجيل: بياض في يديها ورجليها. قال العلماء: سمي النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة، غرة وتحجيلًا. تشبيهًا بغرة الفرس. 3 لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] . ولحديث حمران مولى عثمان بن عفان المتقدم في هامش "31". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 93 رقم 134"، والترمذي "1/ 53 رقم 37" وابن ماجه "1/ 152 رقم 444". عن أبي أمامة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأذنان من الرأس"، وهو حديث صحيح بطرقه الكثيرة. وانظرها في "الصحيحة" للمحدث الألباني "1/ 47-57 رقم 36" فقد أجاد وأفاد. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه "1/ 308 رقم 205" عن عمرو بن أمية الضمري قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على عمامته وخفيه". 6 لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] . ولحديث حمران مولى عثمان بن عفان المتقدم في هامش "ص31". 7 لحديث نعيم بن عبد الله المجمر قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق. ثم قال: "هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ... " أخرجه مسلم "1/ 216 رقم 34/ 246" وقد تقدم بتمامه في الهامش "2". وتخليل أصابع اليدين والرجلين: لحديث لقيط بن صبرة ... قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: "أسبع الوضوء، وخلل بين الأصابع" وهو حديث صحيح. أخرجه أبو داود "142". ولحديث المستورد بن شداد قال: "رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره" وهو حديث صحيح. أخرجه أبو داود رقم "148" والترمذي رقم 40، وابن ماجه رقم 446، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب ... قال الشوكاني في "نيل الأوطار" في نهاية شرح الحديث "25/ 187" بتحقيقي: "والأحاديث قد صرحت بوجوب التخليل، وثبت من قوله وفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه، ولا بين أصابع اليدين والرجلين، فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه" اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الخفين1 ولا يكون وضوءًا شرعيًّا إلا بالنية2 [[لاستباحة الصلاة]] (*) .   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 494 رقم 387" ومسلم "1/ 287 رقم 72/ 272" عن همام بن الحارث قال: رأيت جرير بن عبد الله بال، ثم توضأ ومسح على خفيه ثم قام فصلى، فسئل، فقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع مثل هذا. قال إبراهيم فكان يعجبهم؛ لأن جريرًا كان من آخر من أسلم. يشترط في المسح على الخفين: أن يكون أدخل رجليه فيهما وهما طاهرتان؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 309 رقم 206" ومسلم "1/ 23 رقم 79/ 274" عن المغيرة بن شعبة، قال: كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة في مسير. فقال لي: "أمعك ماء"؟ قلت: نعم. فنزل عن راحلته. فمشى حتى توارى في سواد الليل. ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه. وعليه جبة من صوف. فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها. حتى أخرجهما من أسفل الجبة. فغسل ذراعيه. ومسح برأسه. ثم أهويت لأنزع خفيه فقال: "دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين" ومسح عليهما. يمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن. للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 232 رقم 676" وغيره عن شريح بن هانئ، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين: فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله. فإنه كان يسافر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فسألناه فقال: جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر. ويومًا وليلة للمقيم. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 9 رقم 1"، ومسلم "3/ 1515 رقم 1907" وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى: فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".   (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين [[المعكوفين المزدوجين]] زدته على أصل النسخة الإلكترونية، نقلا عن ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 [الـ]ـفصل [الثاني: مستحبات الوضوء] ويستحب التثليث1 في غير الرأس2،   1 أي غسل كل عضو ثلاثًا؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 207 رقم 9/ 230" وغيره، عن أبي أنس، أن عثمان توضأ بالمقاعد. فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا. وزاد قتيبة في روايته: قال سفيان: قال أبو النصر عن أبي أنس قال: وعنده رجال من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. المقاعد: قيل: هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان. وقيل: درج، وقيل: موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج الناس والوضوء ونحو ذلك. 3 قلتُ: يستحب التثليث في مسح الرأس، للحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود "1/ 79 رقم 107" عن حمران قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ ... وقال فيه: ومسح رأسه ثلاثًا ... ثم قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ هكذا، وقال: "من توضأ دون هذا كفاه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وإطالة الغرة والتحجيل1، وتقديم السواك [استحبابًا] 2، وغسل اليدين إلى الرسغين ثلاثًا قبل الشروع في غسل الأعضاء المتقدمة3.   = وللحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود "1/ 81 رقم 110" عن شقيق بن سلمة قال: رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل هذا. وقد قال الحافظ في "الفتح" "1/ 260": "وقد روى أبو داود من وجهين صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان تثليث مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة" اهـ. وذكر الحافظ في "التلخيص" "1/ 85": أن ابن الجوزي مال في "كشف المشكل" إلى تصحيح التكرير. واختار الأمير الصنعاني في "سبل السلام" "1/ 93". وأيده الألباني في "تمام المنة" ص91: لأن رواية المرة الواحدة وإن كثرت لا تعارض رواية التثليث؛ إذ الكلام في أنه سنة، ومن شأنها أن تفعل أحيانًا وتترك أحيانًا. 1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 235 رقم 136" ومسلم "1/ 216 رقم 35/ 246" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 374 رقم 887" ومسلم "1/ 220 رقم 252" وغيرهما. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لولا أن أشق على المؤمنين -وفي حديث زهير: "على أمتي" - لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". السِّواك: بكسر السين، يطلق على الفعل وعلى العود الذي يتسوك به. يقال: ساك فمه بسوكه سوكًا. فإن قلت: استاك لم يذكر الفم. وجمع السواك سوك. بضمتين، ككتاب وكتب. 3 لحديث حمران مولى عثمان بن عفان المتقدم في هامش "ص31". وقد فات المؤلف أن يذكر بقية مستحبات الوضوء: منها: تقديم اليمنى على اليسرى: لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعجبه التيمن في تنعله، وترجيله، وطهوره، وفي شأنه كله". وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري رقم "168" ومسلم رقم "268" وغيرهما. ومنها: الدلك: لحديث عبد الله بن زيد قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعيه وهو حديث حسن. أخرجه ابن خزيمة رقم "118" بسند صحيح، والحاكم "1/ 144" وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأخرجه الحاكم أيضًا "1/ 161" وقال: وهو حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. ومنها: تخليل اللحية: لحديث أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا توضأ أخذ كفًّا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني ربي عز وجل"، وهو حديث صحيح لغيره. أخرجه أبو داود رقم "145"، والبغوي رقم "214"، وفيه عامر بن شقيق لين الحديث ولكن للحديث شواهد انظر تخريجها في تحقيقي لنيل الأوطار عند الحديث رقم "16/ 178". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 [الـ]ـفصل [الثالث: نواقض الوضوء] وينتقض الوضوء بما خرج من الفرجين من عين أو ريح1، وبما يوجب الغسل، ونوم المضطجع2، وأكل لحم الإبل3، والقيء [ونحوه] 4   = قال الشوكاني في "نيل الأوطار" في نهاية شرح الحديث "17/ 179" بتحقيقي: " ... والإنصاف أن أحاديث الباب بعد تسليم انتهاضها للاحتجاج، وصلاحيتها للاستدلال لا تدل على الوجوب؛ لأنها أفعال، وما ورد في بعض الروايات من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هكذا أمرني ربي" لا يفيد الوجوب على الأمة؛ لظهوره في الاختصاص به" اهـ. ومنها: الدعاء بعد الوضوء: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"، وهو حديث صحيح. أخرجه مسلم رقم " 17/ 234"، والترمذي رقم "55"، وزاد: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين". وعن أبي سعيد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق ثم طبع بطابع، فلا يكسر إلى يوم القيامة" وهو حديث صحيح. أخرجه الحاكم "1/ 564" وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. 1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 234 رقم 135"، ومسلم "1/ 204 رقم 225". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 140 رقم 203" وابن ماجه "1/ 161 رقم 477". عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وِكَاءُ السَّهِ العينان، فمن نام فليتوضأ". وهو حديث حسن. وكاء: هو الخيط الذي يربط به الكيس وغيره. السه: الدبر. والمعنى: أن اليقظة تحفظ ما في داخل الإنسان من الخروج؛ لأنه يحس بذلك، فإذا نام كان نومه مظنة لخروج شيء منه [انظر نيل الأوطار "1/ 190-191"] . 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 275 رقم 360" عن جابر بن سمرة، أن رجلًا سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ" قال: "أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم فتوضأ من لحوم الإبل". قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: "نعم" قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: "لا". 4 المراد بنحوه: القلس والرعاف. القلس: ما خرج من الجوف "النهاية: 4/ 200". استدل الشوكاني رحمه الله على نقض الوضوء بالقيء بحديث أبي الدرداء الذي أخرجه الترمذي "1/ 142 رقم87" وأبو داود "2/ 777 رقم2381" وغيرهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاء فأفطر فتوضأ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له، فقال: صدق أنا صببت له وضوءًا". وهو= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ومس الذكر1.   = حديث صحيح، قلت: الحديث لا يدل على نقض الوضوء بالقيء؛ لأنه مجرد فعل منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب، وغايته أن يدل على مشروعية التأسي به في ذلك، وأما الوجوب فلا بد له من دليل خاص، وهذا ما لا وجود له هنا. وقد ذهب كثير من المحققين إلى أن القيء لا ينقض الوضوء، منهم ابن تيمية في "الفتاوى" له وغيرها. [الإرواء للمحدث الألباني "1/ 148"] . لم يأت من قال بأن الرعاف -خروج الدم- ناقض للوضوء بشيء يصلح للتمسك به. [انظر السيل الجرار للشوكاني "1/ 98"] . 1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 125 رقم 181" والترمذي "1/ 126 رقم 82" والنسائي "1/ 100" وابن ماجه "1/ 161 رقم 479" وغيرهم عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مس ذكره فليتوضأ". وهو حديث صحيح. وحديث طلق بن علي، قال: قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد أن يتوضأ؟ فقال: "وهل هو إلا بضعة منك" وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم "182" والترمذي رقم "85" والنسائي "1/ 100" وابن ماجه رقم "483" وغيرهم. قال المحدث الألباني في "تمام المنة" "ص103": وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما هو بضعة منك" فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة؛ لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم. بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر؛ لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بيِّن كما ترى، وعليه فالحديث ليس دليلًا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقًا لا ينقض الوضوء، بل هو دليل لمن يقول: بأن المس بغير شهوة لا ينقض الوضوء، وأما المس بالشهوة فينقض، بدليل حديث بسرة. وبهذا يجمع بين الحديثين" اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 [الباب الخامس] : باب الغسل [ الفصل الأول: متى يجب الغسل ] يجب بخروج المني بشهوة ولو بتفكر1، وبالتقاء الختانين2،   1 للحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي "1/ 193 رقم 114" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "1/ 168 رقم 504" عن علي رضي الله عنه قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المذي؟ فقال: "من المذي الوضوء، ومن المني الغسل". المذي: وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة، أو تذكر الجماع أو إرادته. 2 الختانين: مثنى ختان، وهو موضع الختن، وهو عند الصبي: الجلدة التي تغطي رأس الذكر قبل الختن، وعند الأنثى: جلدة في أعلى القبل مجاورة لمخرج البول، والمراد بالتقاء الختانين تحاذيهما، ويكون ذلك بدخول الحشفة في الفرج، وهو كناية عن الجماع. والدليل ما أخرجه البخاري "1/ 395 رقم 291" ومسلم "1/ 271 رقم 348". عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل". وفي رواية لمسلم: "وإن لم ينزل". شعبها الأربع: اختلف العلماء في المراد بالشعب الأربع؛ فقيل: هي اليدان والرجلان، وقيل: الرجلان والفخذان، وقيل: الرجلان والشفران، واختار القاضي عياض أن المراد شعب الفرج الأربع. والشعب النوامي واحدتها شعبها. وأما من قال: أشعبها. فهو جمع شعب. جهدها: حفزها، كذا قال الخطابي. وقال غيره: بلغ مشقتها. يقال: جهدته وأجهدته وبلغت مشقته. قال القاضي عياض: الأولى أن يكون جهدها بمعنى بلغ جهده في العمل فيها، والجهد طاقة. وهو إشارة إلى الحركة وتمكن صورة العمل. وهو نحو قول من قال: حفرها. أي كدها بحركته، وإلا فأي مشقة بلغ بها في ذلك؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وبالحيض1 وبالنفاس2 وبالاحتلام مع وجود بلل3، وبالموت4، وبالإسلام5.   1 لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 409 رقم 306" ومسلم "1/ 262 رقم 333" عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟، فقال: "لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي". 2 للإجماع [انظر المجموع للنووي "2/ 148"] . 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 388 رقم 282" ومسلم "1/ 251 رقم 313" وغيرهما، عن أم سلمة أنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نعم إذا رأت الماء"، احتلمت: رأت في نومها أنها تجامع. 4 أي يجب على الأحياء أن يغسلوا من مات؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 1195- البغا" ومسلم "2/ 646 رقم 939" عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين توفيت ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني" فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه، فقال: أشعرنها إياه تعني إزاره. حقوه: إزاره، والحقو في الأصل معقد الإزار، فأطلق على ما يشد عليه. أشعرنها من الإشعار، وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان، ويسمى شعارًا؛ لأنه يلامس شعر الجسد. 62 للحديث الذي أخرجه الترمذي "2/ 502 رقم 605" وقال: هذا حديث حسن. والنسائي "1/ 109 رقم 188"، وأبو داود "1/ 251 رقم 355" وغيرهم: عن قيس بن عاصم، قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر" وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 [الـ]ـفصل [الثاني: أركان الغسل وسننه] والغسل الواجب هو أن يفيض الماء على جميع بدنه1 أو ينغمس فيه2، مع المضمضة والاستنشاق3، والدلك لما يمكن دلكه4، ولا يكون شرعيًّا إلا بالنية لرفع موجبه5، وندب تقديم غسل أعضاء الوضوء إلا القدمين6 ثم التيامن7.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 360 رقم 248" ومسلم "1/ 253 رقم 316" عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض على جلده كله". 2 انظر هامش "ص24". 3 انظر هامش "ص31". 4 لحديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فجعل يدلك ذراعيه: أخرجه ابن حبان "3/ 363" رقم "1082" تخريج الشيخ شعيب، وأخرجه الطيالسي "ص148 رقم 10999" ومن طريقه أحمد "4/ 39" وإسناده صحيح. 5 انظر الهامش "ص33". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 368 رقم 257" ومسلم "1/ 254 رقم 317"، عن ابن عباس قال: قالت ميمونة: وضعت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماء للغسل، فغسل يديه مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ على شماله، فغسل مذاكيره، ثم مسح يده بالأرض ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه، ثم أفاض على جسده، ثم تحول من مكانه فغسل قدميه". 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 269 رقم 168". عن عائشة قالت: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 [الـ]ـفصل [الثالث: متى يسن الغسل] ويشرع لصلاة الجمعة1،   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 356 رقم 877" ومسلم "2/ 579 رقم 844" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل". وصرفه عن الوجوب ما أخرجه أبو داود "1/ 251 رقم354" والنسائي "3/ 94 رقم 1380" والترمذي "2/ 369 رقم 497" وقال حديث حسن، عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت؛ ومن اغتسل فالغسل أفضل" وهو حديث حسن بمجموع طرقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وللعيدين1، ولمن غسل ميتًا2، وللإحرام3، ولدخول مكة4.   1 قال البزار: لا أحفظ في الاغتسال في العيدين حديثًا صحيحًا. [تلخيص الحبير "2/ 81"] قلتُ: أخرج مالك في الموطأ "1/ 177 رقم 2" والشافعي في الأم "1/ 265" عن ابن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى"، وهو أثر صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 511 رقم 3161" والترمذي "3/ 318 رقم 993" وقال: حديث حسن، وابن ماجه "1/ 470 رقم 1463" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ" وهو حديث صحيح، وصرفه عن الوجوب ما أخرجه البيهقي "3/ 398" والحاكم "1/ 386" عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه؛ فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" وهو حديث حسن. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 869 رقم 109/ 1209" عن عائشة رضي الله عنها قالت: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر يأمرها أن تغتسل، وتهل. نفست: أي ولدت. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 919 رقم 227/ 1259" عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهارًا، يذكر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فعله. وقد فات المؤلف أن يذكر بقية ما يسن له الغسل: منها: غسل المستحاضة لكل صلاة، أو للظهر والعصر جميعًا غسلًا، وللمغرب والعشاء جميعًا غسلًا. وللفجر غسلًا. لحديث عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله إن فاطمة بنت حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا من الشيطان لتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا، وتتوضأ فيما بين ذلك"، وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم "296". ومنها: الاغتسال بعد الإغماء: لحديث عائشة قالت: ثقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أصلى الناس "؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: "ضعوا لي ماء في المخضب" قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، فقال: "أصلى الناس"؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: "ضعوا لي ماء في المخضب" قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، قال: "أصلى الناس"؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فذكرت إرساله إلى أبي بكر ... الحديث، وهو حديث صحيح. أخرجه أحمد "6/ 251" والبخاري رقم "687" ومسلم رقم "418". ومنها: الاغتسال من دفن المشرك: لحديث علي أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن أبا طالب مات. فقال: "اذهب فواره". قال: إنه مات مشركًا، قال: "اذهب فواره". فلما ورايته رجعت إليه. فقال لي: "اغتسل" وهو حديث صحيح. أخرجه أبو داود رقم "3214" والنسائي رقم "190" والبيهقي "3/ 398". ومنها: الاغتسال عند كل جماع: لحديث أبي رافع: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف ذات ليلة على نسائه يغتسل عند هذه، وعند هذه، قال: فقلت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ألا تجعله واحدًا. قال: "هذا أزكى وأطيب وأطهر"، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود رقم "218" وابن ماجه رقم "590". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 [الباب السادس] : باب التيمم 1 يستباح به ما يستباح بالوضوء والغسل2، لمن لا يجد الماء3، أو خشي الضرر من استعماله4 وأعضاؤه الوجه ثم الكفان يمسحها مرة بضربة   1 التيمم: القصد. وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين، بنية استباحة الصلاة، ونحوها. "ابن حجر" القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا. سعدي أبو جيب ص394. 2 لأن حكم التيمم مع العذر المسوغ، له حكم الوضوء لمن لم يكن جنبًا، وحكم الغسل لمن كان جنبًا؛ أخرج البخاري "1/ 431 رقم 334" ومسلم "1/ 279 رقم 367". عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء -أو بذات الجيش- انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التماسه وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناس؛ وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فخذي، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته". وأخرج البخاري [رقم: "341" البغا] ، ومسلم "1/ 474 رقم682" عن عمران بن حصين الخزاعي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلًا معتزلًا، لم يصل في القوم، فقال: "يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم" فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء قال: "عليك بالصعيد فإنه يكفيك". 3 لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] . 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود1/ 239 رقم 336؛ عن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل: فمات، فلما قدمنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بذلك، فقال: "قتلوه قتلهم الله؛ ألا سألوا إذا لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر -أو يعصب "شك موسى"- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده". وهو حديث حسن بشواهده. العي: قصور الفهم، وشفاء هذا المرض: بالسؤال عما جهله ليعرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 واحدة1، ناويًا2 مسميًا3، ونواقضه نواقض الوضوء4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 443 رقم 338" ومسلم "1/ 280 رقم 386" عن عبد الرحمن بن أبزى قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء. فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصلِّ، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كان يكفيك هكذا"، فضرب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. 2 تقدم، انظر هامش "ص45". 3 تقدم، انظر هامش "ص35". 4 لأنه بدل عنه. انظر هوامش "ص51، 52، 53، 54، 55". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 [الباب السابع] باب الحيض [والنفاس] [الفصل الأول] : الحيض لم يأت في تقدير أقله وأكثره ما تقوم به الحجة، وكذلك الطهر1، فذات العادة المتقررة تعمل عليها2، وغيرها ترجع إلى القرائن3، فدم الحيض يتميز عن غيره4، فتكون حائضًا إذا رأت دم الحيض، ومستحاضة إذا رأت غيره5، وهي كالطاهرة6 وتغسل أثر الدم7 وتتوضأ لكل صلاة8.   1 وهو كما قال؛ لأن ما ورد في تقدير أقل الحيض والطهر وأكثرهما إما موقوف لا تقوم به الحجة، أو مرفوع لا يصح. 2 فقد صح في غير حديث اعتبار الشارع للعادة. كالحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 409 رقم 306" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قذرها فاغسلي عندك الدم وصلي". 3 أي القرائن المستفادة من الدم. 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 213 رقم 304" والنسائي "1/ 123 رقم 215" عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي". 5 أي غير دم الحيض. 6 أي تعامل المستحاضة كالطاهرة. 7 لحديث عائشة المتقدم في الهامش "6". 8 لحديث فاطمة بنت أبي حبيش المتقدم في الهامش "8". هذا ما اختاره الشوكاني أيضًا في "الداري" "1/ 165" بتحقيقي، و"النيل" "1/ 322" ولكنه قال في "السيل" "1/ 351" بتحقيقي: "وكما أنه ليس في إيجاب الغسل عليها لكل صلاة، وللصلاتين ما تقوم به الحجة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 والحائض لا تصلي ولا تصوم1، ولا توطأ حتى تغتسل بعد الطهر2، وتقضي الصيام3.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 405 رقم 304" عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أضحى -أو في فطر- إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: "يا معشر النساء تصدقن؛ فإني أريتكن أكثر أهل النار". فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن". قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل"؟ قلن: بلى. قال: "فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"؟ قلن: بلى. قال: "فذلك من نقصان دينها". 2 لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] ، وللحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 246/ 302" عن أنس رضي الله عنه، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت. فسأل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح". لم يجامعوهن في البيوت: أي لم يخالطون في بيت واحد. قلت: يباح الاستمتاع بالحائض فيما دون الفرج؛ لحديث أنس أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" وهو حديث صحيح. أخرجه أحمد "3/ 132" ومسلم رقم "16/ 302" وأبو داود رقم "258" والترمذي رقم "2977" والنسائي "1/ 187" وابن ماجه رقم "644". وأما من أتى زوجته وهي حائض فعليه كفارة: لحديث ابن عباس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار، أو بنصف دينار" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "1/ 229" وأبو داود رقم "264" والنسائي "1/ 153" والترمذي رقم "137" وابن ماجه رقم 640" وغيرهم. والتخيير في الحديث راجع إلى التفريق بين أول الدم وآخره؛ لما روي عن ابن عباس موقوفًا: "إن أصابها في فور الدم تصدق بدينار، وإن كان في آخره فنصف دينار" وهو أثر صحيح أخره أبو داود رقم "265". 93 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 421 رقم 321" ومسلم "1/ 265 رقم 69/ 335" عن معاذة قالت: "سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية. ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. أحرورية أنت؟: نسبة إلى حروراء، وهي قرية بقرب الكوفة. قال السمعاني: هو موضع على ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج به. قال الهروي: تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا إليها. فمعنى قول عائشة رضي الله عنها إن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض. وهو خلاف إجماع المسلمين. وهذا الاستفهام الذي استفهمته عائشة هو استفهام إنكاري. أعد هذه طريقة الحرورية، وبئست الطريقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 [ال] فصل [الثاني: النفاس] والنفاس1 أكثره أربعون يومًا2، ولا حد لأقله3، وهو كالحيض4.   1 النفاس: مدة تعقب الوضع؛ لتعود فيها الرحم والأعضاء التناسلية إلى حالتها السوية قبل الحمل وشرعًا: هو الدم الخارج عقب الولادة. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 217 رقم311" والترمذي "1/ 256رقم139" وغيرهما عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كانت النفساء على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقعد بعد نفاسها أربعين يومًا، أو أربعين ليلة، وكنا نطلي على وجوهنا الورس، تعني من الكلف". وهو حديث حسن. الورس: بفتح الواو وإسكان الراء، وهو نبت أصفر يصبغ به، ويتخذ منه حمرة للوجه لتحسن اللون. الكلف: بالكاف واللام المفتوحتين، حمرة كدرة تعلو الوجه، أو هو لون بين السواد والحمرة. 3 لأنه لم يأتِ في ذلك دليل. واعلم أنه إذا انقطع الدم قبل الأربعين انقطع عنها حكم النفاس وإذا جاوز دمها الأربعين عاملت نفسها معاملة المستحاضة. 4 أي في تحريم الوطء وترك الصلاة والصيام، ولا خلاف في ذلك. انظر هامش "ص42"، وكذلك لا تقضي النفساء الصلاة وتقضي الصيام. انظر هامش "ص42". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 [الكتاب الثاني] : كتاب الصلاة [ الباب الأول: مواقيت الصلاة ] أول وقت الظهر الزوال1، وآخره مصير ظل الشيء مثله سوى فيء الزوال، وهو أول وقت العصر، وآخره ما دامت الشمس بيضاء نقية، وأول وقت المغرب غروب الشمس، وآخره ذهاب الأحمر2 وهو أول العشاء، وآخره نصف الليل، وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر وآخره طلوع الشمس3، ومن نام عن صلاته، أو سها عنها فوقتها حين   1 الزوال: تحول الشمس عن كبد السماء إلى جهة الغرب، وعلامته زيادة الظل بعد تناهي نقصانه. 2 الشفق: بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة، وقال الخليل: الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الأخير، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق. وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب كأنه الشفق، وكان أحمر. مختار الصحاح ص144. 3 تعيين أول أوقات الصلاة وآخرها قد ثبت في الأحاديث الصحيحة. "منها": ما أخرجه الترمذي "1/ 281 رقم 150"، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، والنسائي "1/ 255 رقم 513" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله أن جبريل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه، والناس خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى الظهر حين زالت الشمس، وأتاه حين كان الظل مثل شخصه فصنع كما صنع، فتقدم جبريل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه والناس خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فتقدم جبريل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه والناس خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق فتقدم جبريل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه والناس خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر فتقدم جبريل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه والناس خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى الغداة، ثم أتاه اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه فصنع مثل ما صنع بالأمس، فصلى الظهر، ثم أتاه حين كان ظل الرجل مثل شخصيه فصنع كما صنع بالأمس، فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فصنع كما صنع بالأمس فصلى المغرب، فنمنا، ثم قمنا، ثم نمنا، ثم قمنا، فأتاه فصنع كما صنع بالأمس فصلى العشاء، ثم أتاه حين امتد الفجر وأصبح والنجوم بادية مشتبكة فصنع كما صنع بالأمس فصلى الغداة، ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت" وهو حديث صحيح. انظر الهامش "104". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 يذكرها1 ومن كان معذورًا2 وأدرك ركعة فقد أدركـ[[ـها]] (*) والتوقيت واجب 4   = تنبيه: قال الإمام الشوكاني في "السيل الجرار" "1/ 185": "ولقد ابتلي زمننا هذا من بين الأزمنة، وديارنا هذه من بين ديار الأرض بقوم جهلوا الشرع، وشاركوا في بعض فروع الفقه، فوسعوا دائرة الأوقات، وسوغوا للعامة أن يصلوا في غير أوقات الصلاة، فظنوا أن فعل الصلاة في غير أوقاتها شعبة من شعب التشيع، وخصلة من خصال المحبة لأهل البيت فضلوا وأضلوا، وأهل البيت رحمهم الله براء من هذه المقالة مصونون عن القول بشيء منها. ولقد صارت الجماعات الآن تقام في جوامع صنعاء للعصر بعد الفراغ من صلاة الظهر، وللعشاء في وقت المغرب، وصار غالب العوام لا يصلي الظهر والعصر إلا عند اصفرار الشمس. فيالله وللمسلمين من هذه الفوارق في الدين" اهـ. 1 للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه "2/ 70 رقم 597" واللفظ له، ومسلم "1/ 477 رقم 684" وغيرهما، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"، {وَأَقِمُ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] . 2 كالنائم، والناسي، والمكره ... 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 57 رقم 580" ومسلم "1/ 423 رقم 161/ 607" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 56 رقم 579" ومسلم "1/ 424 رقم 163/ 608" وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". تنبيه: أخرج الإمام مسلم (1 / 434 رقم 195 / 622) وغيره عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ، حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ، وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ، قَالَ: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ، قَالَ: فَصَلُّوا الْعَصْرَ، فَقُمْنَا، فَصَلَّيْنَا، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً. 4 لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] ؛ ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين واجبًا مكتوبًا عليهم، في أوقات محددة أوضحتها السنة إيضاحًا كليًّا، منها: ما أخرجه مسلم "1/ 429 رقم 178/ 614". عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه أتاه سائل عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئًا. قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا. ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر =   (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين [[المعكوفين المزدوجين]] زدته على أصل النسخة الإلكترونية، نقلا عن ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 ....................................................   = والشمس مرتفعة. ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال: "الوقت بين هذين". انظر هامش "ص44". وقد غفل المؤلف أمورًا تتعلق بمواقيت الصلاة: 1- استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر؛ لحديث جابر بن سمرة قال: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي الظهر إذا دحضت -أي زالت- الشمس" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "5/ 106" ومسلم رقم "618" وأبو داود رقم "806" وابن ماجه رقم "674". 2- استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "2/ 238، 256" والبخاري رقم "533" و"534" ومسلم رقم "615". 3- استحباب التبكير بالعصر؛ لحديث أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "3/ 131، 169" والبخاري رقم "550" ومسلم رقم "621". 4- إثم من أخر العصر إلى الاصفرار؛ لحديث أنس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله إلا قليلًا"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "3/ 149" ومسلم رقم "622" وأبو داود رقم "413" والترمذي رقم "160" والنسائي "1/ 254". 5- إثم من فاتته صلاة العصر؛ لحديث ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله"، وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "552" ومسلم رقم "200/ 626". 6- استحباب تعجيل المغرب وكراهة تأخيرها: لحديث سلمة بن الأكوع "أن رسول الله كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "4/ 51" والبخاري رقم "561" ومسلم رقم "636". 7- استحباب تأخير العشاء ما لم تكن مشقة؛ لحديث عائشة قالت: أعتم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال: "إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "219/ 638" والنسائي "1/ 267". 8- كراهة النوم قبل العشاء، والسمر بعدها إلا في مصلحة؛ لحديث أبي برزة الأسلمي: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "4/ 421" والبخاري رقم "547" ومسلم رقم 237"، ولحديث عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمر عند أبي بكر الليلة، كذلك في الأمر من أمر المسلمين وأنا معه"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "1/ 26، 34" والترمذي رقم "169" وحسنه. 9- استحباب التغليس بالفجر؛ لحديث عائشة قالت: كنَّ نساءُ المؤمنات يشهدن مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "6/ 33" والبخاري رقم "578" ومسلم رقم "645". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 والجمع لعذر جائز1 والمتيمم وناقص الصلاة أو الطهارة يصلون كغيرهم من غير تأخير2، وأوقات الكراهة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند الزوال، وبعد العصر حتى تغرب3.   1 وهو السفر؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 582 رقم 1112" ومسلم "1/ 489 رقم 704" عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر، ثم ركب". وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 572 رقم 1091" ومسلم "1/ 489 رقم 45" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء". وأما الجمع للمريض، والخائف، وفي المطر، فلم يرد في ذلك دليل يخصه إلا ما يفهم من قول الرواة لحديث الجمع بالمدينة؛ فإنهم قالوا: "من غير خوف ولا سفر ولا مطر". أخرج البخاري "رقم 518- البغا" ومسلم "1/ 489 رقم 49/ 705" عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر"، وفي رواية: "ولا مطر" وقد استدلوا على جواز الجمع لهم بقياسهم على المسافر وليس بقياس صحيح، ولو كان صحيحًا لجاز لهم قصر الصلاة، وقد مرض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم ينقل إلينا أنه جمع بين الصلوات. وكذلك ما نقل إلينا أنه سوغ لأحد من المرضى جمع الصلوات" قاله الشوكاني في السيل الجرار "1/ 193". 2 بلا خلاف. "انظر السبيل الجرار "1/ 192-193". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 568 رقم 293/ 831" وغيره عن عقبة بن عامر الجهني قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب". بازغة: يطلع قرصها. قائم الظهيرة: اشتداد الحر وأصله أن البعير إذا كان باركًا قام من شدة الحر. تزول: تميل عن وسط السماء. تضيف: تميل حال اصفرارها. فائدة: وتكره الصلاة في وقتين آخرين وهما: بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 61 رقم 586" ومسلم "1/ 567 رقم 288/ 827" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس". والنهي في هذا الحديث محمول على ما لا سبب له؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 105 رقم 1233" ومسلم "1/ 57 رقم 297/ 834" عن أم سلمة رضي الله عنها أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى ركعتين بعد العصر، فسألته عن ذلك فقال: "يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 [الباب الثاني] : باب الأذان والإقامة يشرع لأهل كل بلد أن يتخذوا مؤذنًا أو أكثر1 ينادي بألفاظ الأذان المشروعة2، عند دخول وقت الصلوات3،   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 363 رقم 531"، والترمذي "1/ 410 رقم 209"، والنسائي "2/ 23 رقم 672"، وابن ماجه "1/ 236 رقم 714" وغيرهم عن عثمان بن أبي العاص، قال: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: "أنت إمامهم، واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا". وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 337 رقم 449"، وابن ماجه "1/ 232 رقم 706" وغيرهما عن عبد الله بن زيد، قال: لما أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناقوس يعمل؛ ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيع الناقوس، قال: وما تصنع به؟ فقلت: تدعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة؛ حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتًا منك". فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فلله الحمد". وهو حديث حسن. 3 إلا الأذان للفجر قبل دخول وقتها؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 103 رقم 621" ومسلم "2/ 768 رقم1093" عن عبد الله بن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يمنعن أحدكم -أو أحدًا منكم- أذان بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن -أو: "ينادي" - بليل، ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم". قلتُ: ويشرع التثويب في الأذان الأول للفجر، الذي يكون قبل دخول الوقت؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: "كان في الأذان الأول بعد الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين". أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "1/ 423" والطحاوي في شرح معاني الآثار "1/ 137"، وحسن إسناده الحافظ، وفي رواية لأبي داود "1/ 341 رقم105" عن أبي محذورة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، في الأولى من الصبح". وهي رواية صحيحة. قلتُ: وعلى هذا ليس: "الصلاة خير من النوم" من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها، بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم، في الأذان الأول قبل دخول الوقت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 ويشرع لكل سامع للأذان أن يتابع المؤذن1، ثم تشرع الإقامة على الصفة الواردة2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 90 رقم 611". ومسلم "1/ 288 رقم 383" وغيرهما: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: $"إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن". وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 91 رقم 613" والنسائي "2/ 25 رقم 677" واللفظ له، عن علقمة بن أبي وقاص قال: إني عند معاوية إذ أذن مؤذنه، فقال معاوية: كما قال المؤذن حتى إذا قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما قال: حي على الفلاح. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال بعد ذلك ما قال المؤذن، ثم قال: "سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول مثل ذلك". وأما ما يقال بعد النداء: فقد أخرج البخاري "8/ 399 رقم 4719"، وأبو داود "1/ 362 رقم 529" وابن ماجه "/239 رقم 722" والترمذي "1/ 413 رقم 211" والنسائي "2/ 26 رقم 680"، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 82 رقم 605" ومسلم "1/ 286 رقم 2/ 378" عن أنس رضي الله عنه قال: "أُمِرَ بلالٌ أن يَشفَع الأذان وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة". وقد أغفل المؤلف أمورًا تتعلق بالأذان والإقامة: 1- يستحب للمؤذن أن يؤذن وهو قائم؛ لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا بلال قم فناد بالصلاة"، وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "604" ومسلم رقم "377". 2- يستحب للمؤذن أن يؤذن وهو مستقبل القبلة، قال ابن المنذر في "الأوسط" "3/ 28 م 353": "أجمع أهل العلم على أن السنة أن تستقبل القبلة بالأذان" اهـ. 3- يستحب إدخال الأصبع في الأذن عند الأذان؛ لحديث أبي جحيفة قال: رأيت بلالًا يؤذن ويدور، ويتبع فاه ها هنا، وها هنا، وإصبعاه في أذنيه" وهو حديث صحيح أخرجه الترمذي رقم "197" وابن ماجه رقم "711" وانظر الإرواء "230". 4- يستحب للمؤذن أن يلتفت برأسه وعنقه يمينًا، عند قوله: "حي على الصلاة" وشمالًا عن قوله: "حي على الفلاح"؛ لحديث أبي جحيفة قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة، وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوئه، ممن نائل، وناضح، قال: فخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه. قال: فتوضأ وأذن بلال. قال: فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا "يقول: يمينًا وشمالًا" يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح ... " وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "634" ومسلم رقم "249/ 503" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 [الباب الثالث] : باب [شروط الصلاة] ويجب على المصلي تطهير ثوبه1 وبدنه2 ومكانه من النجاسة3 وستر عورته4   1 لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] ، وللحديث الذي أخرجه أحمد "3/ 112 رقم 418- الفتح الرباني" وابن ماجه "1/ 180 رقم 542" عن جابر بن سمرة قال: سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يصلي في الثوب الذي يأتي فيه أهله؟ قال: "نعم، إلا أن يرى فيه شيئًا فيغسله" وهو حديث صحيح. 2 لحديث أسماء بنت أبي بكر انظر هامش "ص26". 3 لحديث أبي هريرة انظر هامش "ص25". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 421 رقم 641" والترمذي "2/ 215 رقم 377" وقال= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 ولا يشتمل الصماء1 ولا يسدل2 ولا يسبل3 ولا يكفت4 ولا يصلي في ثوب حرير5،   = حديث حسن وابن ماجه "1/ 215 رقم 655" وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"، وهو حديث صحيح. الحائض: هي التي بلغت، وسميت حائضًا؛ لأنها بلغت سن الحيض. الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها، وإذا وجب ستر الرأس فستر غيره أولى ودل على هذا ما أخرجه البخاري "رقم: 365- البغا" ومسلم "رقم: 645" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات، متلفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد". متلفعات: ملتحفات: أي مغطيات الرؤوس والأجساد. مروطهن: جمع مرط، وهو ثوب من خز أو صوف أو غيره، وقيل هو الملحفة، ولأحاديث النهي عن الصلاة في الثوب الواحد ليس على عاتق المصلي منه شيء؛ منها ما أخرجه البخاري "1/ 471 رقم 359" ومسلم "1/ 368 رقم 516". عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يصلي أحدكم في الثواب الواحد ليس على عاتقيه شيء"، ومنها ما أخرجه البخاري "1/ 471 رقم 360" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أشهد أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من صلى في ثوب فليخالف بين طرفيه". 1 الذي أخرجه البخاري "رقم: 360- البغا" عن أبي سعيد الخدري أنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اشتمال الصماء، وأن يحتبيَ الرجل في ثوب واحد، ليس على فرجه منه شيء". اشتمال الصماء: هو أن يتلفف بالثوب حتى يجلل به جميع جسده، ولا يرفع شيئًا من جوانبه فلا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله، سمي بذلك؛ لسده المنافذ كلها كالصخرة الصماء. يحتبي: من الاحتباء، وهو أن يجلس على إليتيه، وينصب ساقيه، ويشد فخذيه وساقيه إلى جسمه بثوب يلفه، وقد كان هذا من عادة العرب في أنديتهم. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 423 رقم 643" والترمذي "2/ 217 رقم 378" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نهى عن السدل في الصلاة" وهو حديث حسن. السدل: هو إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، بل يلتحف به ويدخل يديه من داخل فيرجع ويسجد وهو كذلك. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 257 رقم 5788" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرًا". الإسبال: هو أن يرخي إزاره حتى يتجاوز الكعبين. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 297 رقم 812" ومسلم "1/ 354 رقم 490" من حديث ابن عباس، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ولا يكفت الثياب ولا الشعر". كفت الثوب: هو أن يأخذ طرف ثوبه، فيغرزه في حجرته. كفت الشعر: هو أن يأخذ منه خصلة مسترسلة فيكفتها في شعر رأسه. 5 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 217 رقم 1720" وقال حديث حسن صحيح وهو كما قال، عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم". وفي رواية النسائي "8/ 161 رقم 5148" قال: "أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ولا ثوب شهرة1 ولا مغصوب2، وعليه استقبال الكعبة إن كان مشاهدًا لها أو في حكم المشاهد3، وغير المشاهد يستقبل الجهة بعد التحري4.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود 4/ 314 رقم 4029" وابن ماجه "2/ 1192 رقم 3607" عن ابن عمر، قال في حديث شريك يرفعه، قال: "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبًا مثله" زاد عن أبي عوانة: "ثم تلهب فيه النار". وهو حديث حسن. 2 لكونه ملك الغير وهو حرام بالإجماع. 3 لقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] . وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا قام إلى الصلاة استقبل الكعبة في الفرض والنفل وأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك فقال للمسيء صلاته: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبع الوضوء، ثم استقبِلِ القبلة فكبِّرْ" أخرجه البخاري "11/ 36 رقم 6251" ومسلم "1/ 298 رقم 46/ 397" وغيرهما. 4 لاستقبال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد خروجه من مكة المكرمة وشرع للناس ذلك. وقد أخرج الترمذي "2/ 171 رقم342" وابن ماجه "1/ 323 رقم1011" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 [الباب الرابع] : باب كيفية الصلاة لا تكون شرعية إلا بالنية1 وأركانها كلها مفترضة2 إلا قعود التشهد   1 لحديث عمر بن الخطاب انظر هامش "ص33". 2وهي: 1- النية. 2- القيام. 3- تكبيرة الإحرام. 4- قراءة الفاتحة. 5- الركوع والطمأنينة فيه. 6- الاعتدال والطمأنينة فيه. 7- السجود والطمأنينة فيه. 8- والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه. 9- القعود الأخير. 10- التشهد في القعود الأخير. 11- التعوذ من أربع. 12- التسليم عن اليمين. أما دليل النية: فحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انظر هامش "ص33". وأما دليل القيام: فحديث عمران بن حصين قال: "كانت بي بواسير، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة، فقال: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب ". أخرجه البخاري "2/ 587 رقم 1117". وأما دليل التكبير؛ فحديث علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" أخرجه أبو داود "1/ 88- مع العون". والترمذي "1/ 36- مع التحفة" وابن ماجه "1/ 101 رقم 275" وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الأوسط1،   = وأما دليل قراءة الفاتحة: فحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". أخرجه البخاري "2/ 236 رقم 756" ومسلم "1/ 295 رقم 394" وغيرهما. وأما دليل الركوع، والاعتدال، والسجود، والجلوس بين السجدتين، والطمأنينة فيهم: فحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا دخل المسجد- ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس في ناحية المسجد -فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وعليك السلام، ارجع فصل، فإنك لم تصل"، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم، فقال: "وعليك السلام فارجع فصل فإنك لم تصل". فقال في الثانية -أو في التي بعدها- علمني يا رسول الله، فقال: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبِلِ القبلة فكبِّرْ، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تستوي قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها". أخرجه البخاري11/ 36 رقم 6251، ومسلم 1/ 298 رقم 397. أما دليل القعود الأخير: فحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ... وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته". أخرجه البخاري "2/ 305 رقم 828". وأما دليل التشهد في القعود الأخير: فحديث عبد الله بن مسعود، قال: "كنا إذا صلينا خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان. فالتفت إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله". أخرجه البخاري "2/ 311 رقم 831" ومسلم "1/ 301 رقم 402" وغيرها. قلتُ: لقد ورد في صيغة التشهد روايات عدة كلها صحيحة -انظرها في كتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الصلاة- وأصحها تشهد ابن مسعود المتقدم. وأما دليل التعوذ من أربع: فحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر. ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال". أخرجه مسلم "1/ 412 رقم 128/ 588". وغيره. وأما دليل التسليم عن اليمين وعن الشمال: فحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله" وهو حديث صحيح. أخرجه أبو داود "1/ 606 رقم 996" والترمذي "2/ 89 رقم 295" والنسائي "3/ 63 رقم 1324" وابن ماجه "1/ 296 رقم 914" وغيرهم. 1 فإنه سنة؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 92 رقم 1224-1225" ومسلم "1/ 399 رقم 570 وغيرهما، عن عبد الله بن بُحينة رضي الله عنه أنه قال: "إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 [والاستراحة] 1، ولا يجب من أذكارها إلا التكبير2 والفاتحة في كل ركعة3 [ولو كان مؤتمًا] 4، والتشهد الأخير5 والتسليم6، وما عدا ذلك فسنن، وهي الرفع من المواضع الأربعة7 والضم8،   1 فإنها سنة؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 302 رقم 823" وغيره عن أبي قلابة قال: أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا". 2 انظر هامش "6" ص52، الرقم "3". 3 انظر الهامش "6" ص52، الرقم "4". 4 قلتُ: المذهب الراجح في هذه المسألة، أن قراءة الفاتحة تجب على من لم يسمع الإمام، ومن سمع لزمه الإنصات؛ لقول الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] . وللحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 304 رقم 63" من حديث أبي موسى الأشعري، وفيه: "وإذا قرأ -أي الإمام- فأنصتوا". 5 انظر الهامش "6" ص52، الرقم "10". قلتُ: أما دليل وضع اليدين في حالة التشهد: فحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى". أخرجه مسلم "1/ 408 رقم 116/ 579" وغيره. 6 انظر الهامش "6" ص52، الرقم "12". 7 أي عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الاعتدال من الركوع، وعند القيام إلى الركعة الثالثة؛ للأحاديث التالية: 1- أخرج البخاري "2/ 219 رقم 736" ومسلم "1/ 292 رقم 22/ 390". عن ابن عمر قال: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يُكَبِّر". 2- أخرج البخاري "2/ 219 رقم 737" ومسلم "1/ 293 رقم 25/ 391"، عن مالك بن الحويرث قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، حتى يبلغ بهما فروع أذنيه". 3- أخرج البخاري "2/ 222 رقم 739". عن نافع "أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده ورفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 8 الضم لليدين: هو وضع اليمنى على اليسرى حال القيام على الصدر. للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 301 رقم54/ 401". عن وائل بن جحر، أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه حين دخل في الصلاة. كبر "وصف همام حيال أذنيه" ثم التحف بثوبه. ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما. ثم كبر فركع. فلما قال: "سمع الله لمن حمده" رفع يديه فلما سجد، سجد بين كفيه. وصف همام حيال أذنيه: مدخل بين المتعاطفين. أدخله عفان بن مسلم يحكى عن همام أنه بين صلة الرفع برفع يديه إلى قبالة أذنيه وحذائهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 والتوجه بعد التكبيرة1 والتعوذ2 والتأمين3، وقراءة غير الفاتحة معها4، والتشهد الأوسط5، والأذكار الواردة في كل ركن6 والاستكثار من الدعاء بخيرَي   1 لأنه لم يأت في ذلك خلاف عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما ما يتوجه به، فقد أخرج البخاري "2/ 227 رقم 744" ومسلم "5/ 96- بشرح النووي" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة -قال: أحسبه قال هنية- فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: "أقول: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد". 2 لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] . وللحديث الذي أخرجه الترمذي "2/ 9 رقم 242" وأبو داود "1/ 490 رقم 775" والنسائي "2/ 132" وابن ماجه "2/ 364 رقم 804" عن أبي سعيد الخدري قال: " ... ثم يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه" وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 266 رقم 781" ومسلم "1/ 307 رقم 75/ 410" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء آمين، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه". وربما تفيد أحاديث التأمين الوجوب على المؤتم إذا أمَّن إمامه، كالحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 159 رقم 4475" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ، فقولوا: آمين فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". 4 في الركعتين الأوليين؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 260 رقم 776" ومسلم "1/ 333 رقم 451". عن أبي قتادة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب. ويسمعنا الآية، ويطوِّل في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح". 5 انظر هامش "ص53". 6 كتكبير الركوع والسجود والرفع والخفض. وذكر الركوع والسجود، والذكر بين السجدتين للأحاديث التالية: - أخرج البخاري "2/ 272 رقم 789" ومسلم "1/ 293 رقم 28/ 392". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركوع. ثم يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد" ثم يكبر حين يهوي ساجدًا. ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد. ثم يكبر حين يرفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الدنيا والآخرة بما ورد، وبما لم يرد1.   رأسه. ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس. ثم يقول أبو هريرة: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2- أخرج مسلم في صحيحه "4/ 195- بشرح النووي" عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: "اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". - أخرج مسلم "1/ 536 رقم203/ 772" وغيره عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذات ليلة ... وفيه: ثم ركع، فجعل يقول: $"سبحان ربي العظيم"، ثم سجد فقال: "سبحان ربي الأعلى". - أخرج الترمذي "1/ 530 رقم 850" وأبو داود "2/ 76 رقم 284" وابن ماجه "1/ 290 رقم 898" وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول بين السجدتين في صلاة الليل: "رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني وارفعني" وهو حديث صحيح. 1 لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 301 رقم 402" من حديث عبد الله بن مسعود: " ... ثم يتخير من المسألة ما شاء". وفي لفظ البخاري "2/ 320 رقم 835": " ... يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو". فقد جعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمصلي الاختيار في الدعاء بما شاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 [ الباب الخامس: متى تبطل الصلاة وعمن تسقط ] [الـ] فصل [الأول: مبطلات الصلاة] وتبطل الصلاة بالكلام1،   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 72 رقم 1200" ومسلم "1/ 383 رقم 35/ 539" عن زيد بن أرقم، قال: كنا نتكلم في الصلاة: يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة. حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام". أما من لم يعلم بأن الكلام في الصلاة ممنوع، لا تبطل صلاته ولا يؤمر بالإعادة. للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 381 رقم 33/ 537" عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ عطس رجل من القوم. فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واشكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كَهَرَني، ولا ضربني ولا شتمني. قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس؛ إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن". كهرني: قالوا: القهر والكهر والنهر، متقاربة. أي ما قهرني ولا نهرني. وأما من تكلم ناسيًا أو ساهيًا فصلاته صحيحة ولا يؤمر بالإعادة؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 205 رقم 714" ومسلم "1/ 404 رقم 573". عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أصدق ذو اليدين"؟ فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى اثنتين أخريين، ثم سلم ثم كبر، فسجد مثل سجوده أو أطول". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وبالاشتغال بما ليس منها1،   1 وذلك مقيد بأن يخرج به المصلي عن هيئة الصلاة. وفي الأحاديث الآتية بعض ما صدر منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أصحابه أثناء الصلاة: 1- أخرج البخاري "3/ 81 رقم 1211" عن الأزرق بن قيس قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية -الخوارج- فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه، وجعل يتبعها -قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي- فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ست غزوات وثمانيًا، وشهدت تيسيره، وإني إن كنت أن أرجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي". 2- أخرج مسلم "1/ 390 رقم 58/ 554" عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبيه، قال: صليت مع رسول الله فرأيته تنخَّع، فدلكها بنعله". 3- أخرج البخاري "1/ 590 رقم 516" ومسلم "1/ 385 رقم 41/ 543" عن أبي قتادة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأبي العاص ابن الربيع، فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها، قال يحيى: قال مالك: نعم. 4- أخرج أبو داود "1/ 566 رقم 921" والترمذي "2/ 233 رقم 390" وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم "1/ 256" وصححه ووافقه الذهبي، والنسائي "3/ 10 رقم 1202" وابن ماجه "1/ 394 رقم 1245" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب" وهو حديث صحيح. 5- أخرج النسائي "2/ 229 رقم1141" عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنًا أو حسينًا، فتقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعه، ثم كبر للصلاة، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة، قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال: "كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته" وهو حديث صحيح. 6- أخرج أبو داود "1/ 566 رقم 922" والترمذي "2/ 497 رقم 601" وقال: حسن غريب. والنسائي "3/ 11 رقم 1206". عن عائشة قالت: "جئت ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه، ووصفت الباب في القبلة" وهو حديث حسن.= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وبترك شرط1 أو ركن عمدًا2   = 7- أخرج البخاري "1/ 491 رقم 382" ومسلم "1/ 367 رقم 272/ 512". عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي. وإذا قام بسطتهما. قالت: والبيوت يومئذ ليس بها مصابيح. 8- أخرج البخاري "1/ 486 رقم 377" ومسلم "1/ 386 رقم 44/ 544". عن أبي حازم قال: سألوا سهل بن سعد من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي في الناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين عمل ووضع فاستقبل القبلة، كبر وقام الناس خلفه، فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض. فهذا شأنه. قال أبو عبد الله: قال علي بن عبد الله: سألني أحمد بن حنبل رحمه الله عن هذا الحديث، قال: فإنما أردت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث. قال: فقلت: إن سفيان بن عيينة كان يسأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه منه؟ قال: لا. 1 كالوضوء؛ فلأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط. 2 كالركوع أو السجود، وإذا ترك الركن فما فوقه سهوًا فعله، وإن كان قد خرج عن الصلاة كما وقع منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ذي اليدين، فإنه سلم على ركعتين ثم أخبر بذلك، فكبر الركعتين المتروكين. انظر هامش "ص56"، ومن مبطلات الصلاة: - الضحك: قال ابن المنذر في الإجماع ص40 رقم "48": "وأجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة". - الأكل والشرب عمدًا: قال ابن المنذر في الإجماع ص40 رقم "47": "وأجمعوا على أن من أكل وشرب في صلاته الفرض عامدًا أن عليه الإعادة". قلتُ: وكذلك في صلاة التطوع عند الجمهور؛ لأن ما أبطل الغرض يبطل التطوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 [الـ] فصل [الثاني: على من تجب الصلوات الخمس، وعمن تسقط] ولا تجب على غير مكلف1   1 وحَدُّ التكليف: الإسلام والبلوغ والعقل، ودل على شرط الإسلام ما أخرجه البخاري"2/ 544 رقم 1425" ومسلم "1/ 50 رقم 29/ 19". عن ابن عباس رضي الله عنه أن معاذًا قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك. فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ... ". ودل على اشتراط العقل والبلوغ ما أخرج أبو داود "4/ 558 رقم 4398" والنسائي "6/ 156 رقم 3432" وابن ماجه "1/ 657 رقم 2041" عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "رفع = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وتسقط على من عجز عن الإشارة1 أو إغمي عليه حتى خرج وقتها2 ويصلي المريض قائمًا ثم قاعدًا ثم على جنب3.   = القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يغفل" وهو حديث صحيح. 1 لأن إيجابها على المريض مع بلوغه إلى ذلك الحد هو من تكليف ما لا يطاق، ولم يكلف الله تعالى أحدًا فوق طاقته. 2 لأنه غير مكلف في ذلك الوقت. 3 لحديث عمران بن حصين انظر هامش "ص52" رقم "6". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 55 رقم 1569" والترمذي "2/ 292 رقم 427" وقال: حديث حسن غريب، والنسائي "3/ 265 رقم 1814"، وابن ماجه "1/ 367 رقم 1160" عن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حُرِّمَ على النار". وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 [الباب السادس] : باب صلاة التطوع هي أربع قبل الظهر، وأربع بعده1، وأربع قبل العصر2، وركعتان بعد المغرب3، وركعتان بعد العشاء4،   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 55 رقم 1569" والترمذي "2/ 292 رقم 427" وقال: حديث حسن غريب، والنسائي "3/ 265 رقم 1814"، وابن ماجه "1/ 367 رقم 1160" عن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حُرِّمَ على النار". وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 53 رقم 1271" والترمذي "2/ 295 رقم 430" وقال: غريب حسن. عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا". وهو حديث حسن. 6 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 368 رقم 1165" عن نافع بن خديج، قال: أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا ثم قال: "اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم". وهو حديث حسن. ويستحب أن يصلي ركعتين قبل صلاة المغرب؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 599 البغا" ومسلم "1/ 573 رقم303/ 837" عن أنس بن مالك قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبتدرون السواري، حتى يخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كذلك، يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء. قال عثمان بن جبلة، وأبو داود، عن شعبة: لم يكن بينهما إلا قليل. 7 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 504 رقم 105/ 730" عن عبد الله بن شقيق. قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن تطوعه .... وفيه: "ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين ... ". ويستحب أن يصلي ركعتين قبل صلاة العشاء؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 624- البغا" ومسلم "1/ 573 رقم 304/ 838". عن عبد الله بن مغفل قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وركعتان قبل صلاة الفجر1 وصلاة الضحى2 وصلاة الليل3 وأكثرها ثلاث عشرة ركعة4، يوتر في آخرها5، وتحية المسجد6،   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 45 رقم 1169" ومسلم "1/ 501 رقم 94/ 724" عن عائشة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه، على ركعتين قبل الصبح"، ويقرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 502 رقم 726" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . 2 أقلها ركعتان؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 226 رقم 1981" ومسلم "1/ 499 رقم 85/ 721" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام". وأكثرها ثمانِ ركعات؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 578 رقم 1103"، ومسلم "1/ 266 رقم 71/ 336" واللفظ له في حديث أم هانئ رضي الله عنها أنه لما كان عام الفتح، أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه والتحف به، ثم صلى ثماني ركعات سبحة الضحى أي صلاة الضحى. والأفضل أن يفصل بين كل ركعتين؛ لما جاء في رواية أبي داود "2/ 63 رقم 1290" عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين. ووقتها المفضل حين يرتحل النهار وترمض الفصال؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 516رقم 144/ 748" وغيره عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أهل قباء وهم يصلون. فقال: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال". الأوابين؛ الأواب: المطيع. وقيل: الراجع إلى الطاعة. ترمض: يقال رمِض يرمَض، كعلم يعلم. والرمضاء: الرمل الذي اشتدت حراته بالشمس أي حين تحترق أخفاف الفصال، وهي الصغار من أولاد الإبل، جمع فصيل، وذلك من شدة حر الرمل. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 821 رقم 202/ 1163" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 509 رقم 124/ 737" عن عروة "أن عائشة أخبرته أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، بركعتي الفجر". 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 132 رقم 1422" والنسائي "3/ 238 رقم 1712" وابن ماجه "1/ 376 رقم 1190" وغيرهم عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل". وهو حديث حسن صحيح. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 537 رقم 444" ومسلم "1/ 495 رقم 69/ 714" وغيرهما. عن أبي قتادة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 والاستخارة1، وركعتان بين كل أذان وإقامة2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 183 رقم 6382" وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: "في عاجل أمري وآجله" - فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: "في عاجل أمري وآجله" - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به. ويسمي حاجته". 2 لحديث عبد الله بن مغفل، انظر هامش "ص155". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 [الباب السابع] : باب صلاة الجماعة هي من آكد السنن1، وتنعقد باثنين2 وإذا كثر الجمع كان الثواب أكثر3، وتصِحُّ بَعْدَ المفضول4   3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 131 رقم 645" ومسلم "1/ 450 رقم 650". عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 191 رقم 698" ومسلم "1/ 525 رقم 763". عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "نِمْت عند ميمونة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام يصلي، فقمت على يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه ... ". 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 375 رقم 554"، والنسائي "2/ 104 رقم 843" وغيرهما عن أبي بن كعب، قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا الصبح فقال: "أشاهد فلان"؟ قالوا: لا، قال: "أشاهد فلان"؟ قالوا: لا، قال: "إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوًا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى". وهو حديث حسن بشواهده. هاتين الصلاتين: هما العشاء والصبح. على مثل صف الملائكة: أي على أجر أو فضل هو مثل أجر صف الملائكة أو فضله. لابتدرتموه: أي سبق كل منكم على آخر؛ لتحصيله. 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 317 رقم 105/ 274" من حديث المغيرة بن شعبة وفيه: قال المغيرة: فأقبلت معه -أي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى لهم، فأدرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إحدى الركعتين، فصلى مع الناس الركعة الآخرة= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 والأولى أن يكون الإمام من الخيار1، ويؤم الرجلُ النساءَ لا العكس2، والمفترِضُ بالمتنفِّلِ والعكس3، وتجب المتابعة في غير مبطل4، ولا يؤم الرجل قومًا هم له كارهون5.   = فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين. فأكثروا التسبيح، فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته أقبل عليهم ثم قال: "أحسنتم" أو قال: "قد أصبتم" يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها. فأفزع ذلك المسلمين: أي أوقعهم في الفزع، سبقهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة. 1 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 465 رقم 673" وغيره عن أبي مسعود الأنصاري: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلمًا، ولا يُؤَمَّنَّ الرجلُ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" قال الأشج في روايته مكان سلمًا: "سنًّا". سلمًا: أي إسلامًا. تكرمته: قال العلماء: التكرمة الفراش ونحوه مما يسبط لصاحب المنزل ويخص به. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 345 رقم 860" ومسلم "1/ 457 رقم 658" وغيرهما عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة دعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام صنعته. فأكل منه. ثم قال: "قوموا فأصلي لكم"، قال أنس بن مالك: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس، فنضحته بماء. فقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، ثم انصرف. ما لبس: إن لبس كل شيء بحسبه. واللبس هنا معناه الافتراش. واليتيم: اليتيم اسمه: ضمير بن سعد الحميري. والعجوز: هي أم أنس، أم سليم. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 192 رقم 700" ومسلم "1/ 340 رقم 180" عن جابر بن عبد الله: "أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يرجع فيؤم قومه" انظر هامش "ص61"، وهامش "2". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 208 رقم 722" ومسلم "1/ 309 رقم 414" عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون، وأقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف من حسن الصلاة". قلتُ: أما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" منسوخ فقد أخرج البخاري "2/ 166رقم 683" ومسلم "1/ 314 رقم 97/ 418" عن عائشة قالت: أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه فكان يصلي بهم. قال عروة، فوجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفسه خفة، فخرج فإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر فأشار إليه أن كما أنت فجلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر". 5 للحديث الذي أخرجه الترمذي "2/ 193 رقم 360" عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون". وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم "486". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 ويصلي بهم صلاة أخفهم1، ويقدم السلطان ورب المنزل، والأقرأ ثم الأعلم ثم الأسن2، وإذا اختلت صلاة الإمام كان ذلك عليه لا على المؤتمين به3. وموقفهم خلفه، إلا الواحد فعن يمينه4، [وإمامة النساء وسط الصف] 5، ويُقدَّم صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء6، والأحق بالصف الأول أولو الأحلام والنهى7، وعلى الجماعة أن يُسوُّوا صفوفهم، وأن يسدوا الخلل8، ويتموا الصف الأول ثم الذي يليه، ثم كذلك9.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 199 رقم 703" ومسلم "1/ 341 رقم 467". عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 465 رقم 673" من حديث أبي مسعود انظر هامش "ص62". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 187 رقم 694" عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يصلُّون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "4/ 2305 رقم 3010" عن جابر رضي الله عنه. وفيه: " .... ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه. ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ. ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدينا جميعًا. فدفعنا حتى أقامنا خلفه..". 5 لما أخرج عبد الرزاق "3/ 141 رقم 5086" وابن أبي شيبة "2/ 89" والدارقطني "1/ 404 رقم 2" والبيهقي "3/ 131" والحاكم "1/ 203" عن ريطة الحنفية أن عائشة أمتهن وقامت بينهن في صلاة مكتوبة" سنده صحيح. قاله النووي في الخلاصة. 6 لحديث أنس بن مالك، انظر هامش "ص62". 7 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 323 رقم 432". عن أبي مسعود، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: "استووا ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم. لِيَلِنِي منكم أولوا الأحلام والنهى. ثم الذين يلونهم. ثم الذين يلونهم". الأحلام والنُّهَى: أي ذوو الألباب والعقول. قال ابن الأثير: واحد الأحلام حِلم بالكسر بمعنى الأناة والتثبت في الأمور. وذلك من شعار العقلاء. والنُّهَى: جمع نهية، وهي العقل. وسمي العقل نهية؛ لأنه ينتهي إلى ما أمر به. ولا يتجاوز. 8 الخَلَل "بفتحتين": الفرجة بين الشيئين والجمع خلال، مثل جبل وجبال، قاله في المصباح؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 209 رقم 723" ومسلم "1/ 324 رقم 433". عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة". 8 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 322 رقم 430" وغيره عن جابر بن سمرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا تَصُفُّون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز" قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: "يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصُّون في الصف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الباب الثامن: باب سجود السه و 1 هو سجدتان قبل التسليم2   1 أسبابه ثلاثة: 1- الزيادة. 2- النقص. 3- الشك. إذا زاد المصلي في صلاته قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا متعمدًا بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا ولم يذكر الزيادة حتى فرغ منها فليس عليه إلا سجود السهو، وصلاته صحيحة. وإن ذكر الزيادة في أثنائها وجب عليه الرجوع عنها وسجود السهو، وصلاته صحيحة. إذا سلم المصلي قبل تمام صلاته متعمدًا بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا ولم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة من جديد. وإن ذكر بعد زمن قليل- كدقيقتين أو ثلاث- فإنه يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم. إذا نقص المصلي ركنًا من صلاته فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمدًا أم سهوًا؛ لأن صلاته لم تنعقد. وإن كان غير تكبيرة الإحرام فإن تركه متعمدًا بطلت صلاته. وإن تركه سهوًا فإن وصل إلى موضعه من الركعة الثانية ألغت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها. وإن لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية وجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به وبما بعده وفي كلا الحالين يجب أن يسجد للسهو بعد السلام. إذا ترك المصلي التشهد الأوسط ناسيًا، وذكره قبل أن يفارق محله من الصلاة أتى به ولا شيء عليه. وإن ذكره بعد مفارقة محله قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به ثم يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم. وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط فلا يرجع إليه فيستمر في صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم. إذا شك المصلي في صلاته، وترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بما ترجح عنده فيتم عليه صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم. وإن لم يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم. 2 في موضعين: الأول: إذا كان عن نقص؛ لحديث عبد الله بن بحينة: انظر هامش "ص53". الثاني: إذا كان عن شك لم يترجح فيه أحد الأمرين؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 400 رقم 571" وغيره عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا، شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان". ترغيمًا للشيطان: أي إغاظة له وإذلالًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 أو بعده1 بإحرام وتشهد وتحليل2، ويشرع لترك مسنون3، وللزيادة ولو ركعة سهوًا4 وللشك في العدد5، وإذا سجد الإمام تابعه المؤتم6.   1 في موضعين: الأول: إذا كان عن زيادة؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 93/ 1226" ومسلم "1/ 401 رقم 91/ 572": عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الظهر خمسًا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: "وما ذاك"؟ قال: صليت خمسًا، فسجد سجدتين بعدما سلم. الثاني: إذا كان عن شك ترجح فيه أحد الأمرين؛ للحديث الذي أخرجه "رقم 392- البغا" ومسلم "1/ 400 رقم 89/ 572": من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "وإذا شك أحد في صلاته فليتحرَّ الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 468- البغا" ومسلم "1/ 403 رقم 97/ 573" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى صلاتي العشي -قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا- قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها، كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة؟ وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له ذو اليدين، قال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: "لم أنس ولم تقصر" فقال: "أكما يقول ذو اليدين"؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبَّر، فربما سألوه: ثم سلم؟ فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. تنبيه: لم يوجد حديث صحيح في التشهد في سجدتي السهو. 3 كترك التشهد الأوسط؛ لحديث عبد الله بن بحينة، انظر هامش "ص53". 4 لحديث ابن مسعود، انظر الهامش "1". 5 لحديث أبي مسعود الخدري، انظر هامش "ص94" وابن مسعود، انظر الهامش "1". 6 لحديث أبي هريرة، انظر هامش "ص62". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الباب التاسع: باب القضاء للفوائت إذا كان الترك عمدًا لا لعذر، فدَيْن الله أحق أن يقضى1، وإن كان لعذر فليس بقضاء   1 قال الشوكاني في السيل الجرار "1/ 588-589": " ... لم يرد في قضاء الصلاة المتروكة عمدًا دليل يدل على وجوب القضاء على الخصوص، ولكنه وقع في حديث الخثعمية الثابت في الصحيح عند البخاري رقم "1854" ومسلم رقم "1335" أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: "دين الله أحق أن يقضى"، والتارك للصلاة عمدًا قد تعلق به بسبب هذا الترك دين الله وهو أحق بأن= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 بل أداء في وقت زوال العذر1، إلا صلاة العيد ففي ثانِيهِ2.   = يقضيه هذا التارك" اهـ. وانظر: مجموع الفتاوى "2/ 285". وقال ابن حزم في المحلى "2/ 10 المسألة 279": "مسألة: وأما من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبدًا، فليكثر من فعل الخيرات، وصلاة التطوع؛ ليثقل ميزانه يوم القيامة، وليتب وليستغفر الله عز وجل" اهـ، ثم يرد على من أجاز قضاء الفائتة بدون عذر بكلام طيب ولولا الملل لنقلته لك فارجع إليه لزامًا "2/ 235-244". قلتُ: وحاول القاضي السياغي في "الروض النضير" "2/ 264-268" الرد على ابن حزم والمقبلي ولكنه لم يفلح. 1 لحديث أنس، انظر هامش "ص45". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 684 رقم 1157" والنسائي "3/ 180 رقم 1557" وابن ماجه "1/ 529 رقم 1653" وغيرهم. عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من أصحاب رسول الله، أن ركبًا جاءوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم" وهو حديث صحيح. أبو عمير: هو عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 [الباب العاشر] : باب صلاة الجمعة تجب على كل مكلف3، إلا المرأة والعبد والمسافر والمريض4، وهي كسائر   1 لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] . وللحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 452 رقم 254/ 652" عن عبد الله بن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس ثم أخرق على رجال يتخلفون، عن الجمعة بيوتهم". وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 591 رقم40/ 865" عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه سولم يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين". ودعهم: أي تركهم. وللإجماع. على أن صلاة الجمعة فرض عين. "الإجماع لابن المنذر ص41 رقم 54". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 644 رقم 1067" وغيره. عن طارق بن شهاب، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض". وهو حديث صحيح. قلت: أما المسافر إذا سمع النداء وجبت عليه صلاة الجمعة، وإذا لم يسمع فلا جمعة عليه. للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 640 رقم 1056" عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الجمعة على لكل من سمع النداء" وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الصلوات لا تخالفها إلا في مشروعية الخطبتين قبلها1. ووقتها وقت الظهر2، وعلى من حضرها ألا يتخطى رقاب الناس3، وأن ينصبت حال الخطبتين4. وندب له التبكير5 والتطيب والتجمل6، والدنو من   1 وفي هذا الكلام إشارة إلى رد ما قيل أنه يشترط في وجوبها الإمام الأعظم، والمصر الجامع، والعدد المخصوص؛ فإن هذه الشروط لم يدل عليها دليل يفيد استحبابها فضلًا عن وجوبها فضلًا عن كونها شروطًا. وأما دليل مشروعية الخطبتين: فحديث ابن عمر رضي الله عنه، قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحطب قائمًا، ثم يقعد ثم يقوم، كما تفعلون الآن". أخرجه البخاري "2/ 401 رقم 920" ومسلم "2/ 589 رقم 33/ 861" وغيرهما. وأما دليل كون الخطبة على منبر: فحديث جابر بن عبد الله قال: "كان جذع يقوم إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضع يده عليه". أخرجه البخاري "2/ 397 رقم 918". وأما دليل احتواء الخطبة على آيات قرآنية: فحديث يعلى بن أمية قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ على المنبر: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] . أخرجه البخاري "8/ 568 رقم 4819" ومسلم "2/ 594 رقم 49/ 871". ولمعرفة أهمية خطبة الجمعة، والاطلاع على صفات الخطيب الناجح، والخطبة الموفقة، انظر كتابنا: "الفوائد المجتمعة لخطيب الجمعة". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 3935- البغا" ومسلم "2/ 589 رقم 32/ 860" عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "كنا نصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة ثم ننصرف، وليس للحيطان ظل نستظل فيه". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 668 رقم 1118" والنسائي "3/ 103 رقم 1399": عن عبد الله بن بسر قال: "كنت جالسًا إلى جانبه يوم الجمعة فقال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أي اجلس فقد آذيت". وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 414 رقم 394" ومسلم "2/ 583 رقم 11/ 851": عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت -والإمام يخطب- فقد لغوت". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 366 رقم 881" ومسلم "2/ 582 رقم 10/ 850". عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 370 رقم 883" عن سلمان الفارسي قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إذا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الإمام1، ومن أدرك ركعة منها فقد أدركها2، وهي في يوم العيد رخصة3.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 663 رقم 1108" وأحمد في المسند "5/ 11" والحاكم في المستدرك "1/ 289" وصححه ووافقه الذهبي، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها". 2 للحديث الذي أخرجه النسائي "1/ 274 رقم 557" وابن ماجه "1/ 356 رقم 1123" وغيرهما. عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته" وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 646 رقم 1070" وابن ماجه "1/ 415 رقم 1310" والنسائي "3/ 194 رقم 1591" وغيرهم عن زيد بن أرقم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العيد من أول النهار ثم رخص في الجمعة. وهو حديث صحيح. وقد غفل المؤلف رحمه الله عن ذكر ما يستحب من الأذكار والأدعية يوم الجمعة: 1- الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي"، فقال رجل: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يعني بليت، فقال: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "4/ 8" وأبو داود رقم "1531" والنسائي "3/ 91 رقم 1374" وابن ماجه رقم "1085" وابن حبان رقم "550-موارد" والحاكم في المستدرك "1/ 278". 2- قراءة سورة الكهف: عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"، وهو حديث صحيح أخرجه الحاكم "2/ 368" والبيهقي "3/ 249"، وانظر الإرواء رقم "626". 3- الإكثار من الدعاء رجاء أن يصادف ساعة الإجابة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله -عز وجل- خييرًا إلا أعطاه الله تعالى إياه"، وقال بيده. قلنا: يقللها يزهدها. وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "2/ 230" والبخاري رقم "935" ومسلم رقم "852". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 [الباب الحادي عشر] : باب صلاة العيدين هي ركعتان1 في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الثانية خمس كذلك2، ويخطب بعدها3 ... ويستحب التجمل4، والخروج إلى خارج البلد5، ومخالفة الطريق6، والأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى7، ووقتها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال8، ولا أذان فيها ولا إقامة9.   1 للحديث الذي أخرجه النسائي "3/ 111 رقم 1420" وابن ماجه "1/ 338 رقم 1063 و1064". عن عمر رضي الله عنه قال: "صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 681 رقم 1151" عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما". وهو حديث صحيح لغيره. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 448 رقم 956" ومسلم "2/ 605 رقم 889" عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس -والناس جلوس على صفوفهم- فيعطلهم، ويوصيهم ويأمرهم. فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 439 رقم 948" ومسلم "3/ 1639 رقم 8/ 2068" عن عبد الله بن عمر قال: "أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق فأخذها، فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله ابتغ هذه، تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما هذه لباس من لا خلاق له". 5 لحديث أبي سعيد الخدري، انظر الهامش "2". ولحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغدو إلى المصلى والعنزة بين يديه تحمل وتنصب بالمصلى بين يديه، فيصلي إليها". أخرجه البخاري "2/ 463 رقم 973" ومسلم "1/ 359 رقم 501" العنزة: كنصف الرمح. لكن سنانها في أسفلها. بخلاف الرمح، فإنه في أعلاه. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 472 رقم 986" عن جابر رضي الله عنه قال: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان يوم عيد خالف الطريق". 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 446 رقم 953" عن أنس قال: "كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات". 9 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 675 رقم 1135" وابن ماجه "1/ 418 رقم 1317". عن عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه خرج مع الناس في يوم عيد فطر، أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام، فقال: إنا كنا قد عرفنا ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح". وهو حديث صحيح. حين التسبيح: أي وقت صلاة السبحة وهي الضحى، بعد خروج وقت الكراهة. 10 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 451 رقم 960" ومسلم "2/ 604 رقم 886". عن ابن عباس، وعن جابر بن عبد الله قالا: "لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى". أما الصلاة قبل العيد وبعدها غير مشروعة، فلحديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها، ومعه بلال". أخرجه البخاري "2/ 476 رقم 989"، ومسلم "2/ 606 رقم 884" وغيرهما. أما التكبير من غروب الشمس من ليلة العيد، إلى أن يدخل الإمام في الصلاة، فلقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185] ، قالوا: هذا في تكبير عيد الفطر، وقيس به الأضحى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الباب الثاني عشر: باب صلاة الخوف قد صلاها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صفات مختلفة1   1 منها: صلاة الإمام بكل طائفة ركعتين بسلام: للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 426 رقم 4126" ومسلم "1/ 576 رقم 843". من حديث جابر، وفيه: قال: "فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين. قال: فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع ركعات، وللقوم ركعتان". ومنها: اشتراك الطائفتين مع الإمام وتقديم الثانية وتأخر الأولى والسلام جميعًا؛ للحديث أخرجه مسلم "1/ 574 رقم 840". عن جابر بن عبد الله. قال: شهدت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الخوف. فصفنا صفين: صف خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعدو بيننا وبين القبلة. فكبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكبرنا جميعًا. ثم ركع وركعنا جميعًا. ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا. ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه. وقام الصف المؤخر في نحر العدو. فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السجود، وقام الصف الذي يليه. انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرًا في الركعة الأولى. وقام الصف المؤخر في نحور العدو. فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السجود والصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود. فسجدوا، ثم سلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلمنا جميعًا. قال جابر: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم. في نحر العدو: أي في مقابلته، ونحر كل شيء أوله. حرسكم: الحرس خدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته. وهو جمع حارس. ويقال في واحده أيضًا: حرس. ومنها: صلاة الإمام بكل طائفة ركعة وقضاء كل طائفة ركعة؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 429 رقم 942" ومسلم "1/ 574 رقم 839" عن ابن عمر، قال: صلى الله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك، ثم صلى بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعة، ثم سلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قضى ركعة، وهؤلاء ركعة. ومنها: اشتراك الطائفتين مع الإمام في القيام والسلام؛ للحديث الذي أخرجه النسائي "3/ 173 رقم 1543" وأبو داود "2/ 32 رقم 1240": عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة: هل صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الخوف. فقال أبو هريرة: نعم، قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كصلاة العصر، وقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة فكبر= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وكلها مجزئة1، وإذا اشتد الخوف، والتحم القتال، صلاها الراجل والراكب ولو إلى غير القبلة ولو بالإيماء2.   = رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكبروا جميعًا الذين معه والذين يقابلون العدو ثم ركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعة واحدة، وركعت معه الطائفة التي تليه، ثم سجد وسجدت الطائفة التي تليه، والآخرون قيام مقابل العدو، ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقامت الطائفة التي معه فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائم كما هو، ثم قاموا فركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعة أخرى وركعوا معه وسجد وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاعد ومن معه، ثم كان السلام فسلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلموا جميعًا فكان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتان ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان. ومنها: صلاة الإمام بكل طائفة ركعة وانتظاره لقضاء كل طائفة ركعة؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 421 رقم 4129"، ومسلم "1/ 575 رقم 842" عن صالح عن خوات، عمن صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم ذات الرقاع، صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو. فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو. وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت. ثم ثبت جالسًا. وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم. يوم ذات الرقاع: هي غزوة معروفة. كانت سنة خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد. سميت ذات الرقاع؛ لأن أقدام المسلمين نقبت من الحفاء. فلفوا عليها الخرق. هذا هو الصحيح في سبب تسميتها. صفت معه: هكذا هو في أكثر النسخ. وفي بعضها: صلت معه. وهما صحيحان. 1 لأنها وردت على أنحاء كثيرة، وكل نحو روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو جائز يفعل الإنسان ما هو أخف عليه وأوفق بالمصلحة حالتئذٍ. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 199 رقم 4535"، عن ابن عمر في تفسير سورة البقرة بلفظ: "فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها". وهو في صحيح مسلم "1/ 574 رقم 306/ 839" من قول ابن عمر بنحو ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الباب الثالث عشر: باب صلاة السفر يجب القصر1 على من خرج من بلده قاصدًا للسفر وإن كان دون بريد2، وإذا   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 267 رقم 3935" ومسلم "1/ 478 رقم 685" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففرضت أربعًا وتركت صلاة السفر على الأولى". وللحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 478 رقم 686" عن يعلى بن أمية، قال: قلت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فقد أمن الناس! فقال: عجبت مما عجبت منه. فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك. فقال: $"صدقة تصدق الله بها عليكم، فأقبلوا صدقته". 2 البريد= 4 فراسخ. الفرسخ =3 أميال. الميل= 4000 ذراع مرسلة. الذراع المرسلة=6 = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 أقام ببلد مترددًا قصر إلى عشرين يومًا ثم يتم1، وإذا عزم على إقامة أربع أتم بعدها2، وله الجمع تقديمًا وتأخيرًا3 بأذان وإقامتين4.   = قبضات= 24 أصبعًا. الأصبع= 1.925 سم. إذا طول الذراع المرسلة =24× 1.925 =46.2سم. الميل =4000× 46.2 = 1848م = 1.848كم. الفرسخ =3× 1848 =5544م = 5.544كم. البريد= 4× 5544 = 22176م = 176، 22كم. انظر كتابنا "الإيضاحات العصرية للمقاييس والمكاييل والأوزان الشرعية". وأفضل ما ورد في تقدير مسافة القصر، ما أخرجه مسلم "1/ 481" رقم "12/ 691": عن يحيى بن يزيد الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة؟ فقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -شعبة الشاك- صلى ركعتين. 1 لحديث جابر بن عبد الله، قال: "أقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة" أخرجه أبو داود "2/ 27 رقم 1235" وهو حديث صحيح. 2 قال ابن حجر في "التلخيص" "2/ 44": "لم أر هذا في رواية مصرحة بذلك، وإنما هذا مأخوذ من الاستقراء، ففي الصحيحين عن جابر "قدمنا صبح رابعة" وفي الصحيحين، أن الوقفة كانت الجمعة، وإذا كان الرابع يوم الأحد كان التاسع يوم الجمعة بلا شك، فثبت أن الخروج كان يوم الخميس" اهـ. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 582 رقم 1112" ومسلم "1/ 489 رقم 46/ 704": عن أنس بن مالك قال: "كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب". وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 572 رقم 1091" ومسلم "1/ 489 رقم 45" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء". انظر الهامش الآتي "4". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218" من حديث جابر: وفيه: " ... ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر. ثم أقام فصلى العصر. ولم يصل بينهما شيئًا..". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 [الباب الرابع عشر] : باب صلاة الكسوفين هي سنة5، وأصبح ما ورد في صفتها ركعتان، في كل ركعة   5 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 529 رقم 1044" ومسلم "2/ 618 رقم 1/ 901" عن عائشة أنها قالت: "خسفت الشمس في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام -وهو دون القيام الأول- ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى. ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطبت الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخفسان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ... ". ويسن الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 549 رقم 1065" عن عائشة رضي الله عنها "جهر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الخسوف بقراءته، فإذا فرغ من قراءته كبر فركع، وإذا رفع من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات". أما حديث سمرة: "صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كسوف ولم نسمع له صوتًا" فهو حديث ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 ركوعان1، وورد ثلاثة2، وأربعة3، وخمسة4،   1 انظر الهامش السابق، وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 540 رقم 1052" ومسلم "2/ 626 رقم 907" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "انخسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، قم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله ... ". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 622 رقم 10/ 904" عن جابر قال: انكسفت الشمس في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الناس: إنما انكسفت؛ لموت إبراهيم، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات؛ بدأ فكبر، ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضًا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوًا من سجوده، ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه، حتى انتهينا -وقال أبو بكر: حتى انتهى إلى النساء- ثم تقدم وتقدم الناس معه، حتى قام في مقامه فانصرف حين انصرف، وقد آضت الشمس. فقال: "يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله. وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس -وقال أبو بكر: "لموت بشر" - فإذا رأيتم من ذلك فصلوا حتى تنجلي ... ". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 627 رقم 19/ 909": عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه صلى في كسوف، قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد قال: والأخرى مثلها. 4 حديث أبي بن كعب، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى بهم فقرأ بسورة من الطوال، وركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم قام الثانية فقرأ سورة من الطوال، وركع خمس ركعات وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها" وهو حديث ضعيف. وكما علمت مرارًا أن الحديث الضعيف لا يثبت حكمًا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 يقرأ بين كل ركوعين ما تيسر1، وورد في كل ركعة ركوع2، وندب الدعاء والتكبير والتصدق والاستغفار3.   1 انظر هامش "ص73". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 629 رقم 25/ 913": عن عبد الرحمن بن سمرة: قال: بينما أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ انكسفت الشمس، فنبذتهن. وقلت: لأنظرن إلى ما يحدث لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في انكساف الشمس اليوم، فانتهيت إليه وهو رافع يديه يدعو ويكبر ويحمد ويهلل، حتى جلي عن الشمس، فقرأ سورتين وركع ركعتين. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 545 رقم 1059" ومسلم "6/ 215- بشرح النووي": عن أبي موسى قال: خسفت الشمس، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعًا يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد، فصلى بأطول قيام وركوع وسجود، رأيته قط يفعله، وقال: "هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوِّف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 [الباب الخامس عشر] : باب صلاة الاستسقاء تسن عند الجدب ركعتان، بعدها خطبة، تتضمن الذكر والترغيب في الطاعة والزجر عن المعصية1، ويستكثر الإمام ومن معه من الاستغفار والدعاء برفع الجدب2، ويُحَوِّلُون جميعًا أرديتهم3.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 692 رقم 1173" عن عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحمد الله عز وجل، ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم"، ثم قال: "الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. ملك يوم الدين. لا إله إلا الله يفعل ما يريد. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء. أنزِلْ علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين"، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب -أو حول- رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأتِ مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكِن ضحك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه. فقال: "أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله". وهو حديث حسن. الكِن: كل ما وقى الحر والبرد من المساكن. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 508 رقم 1015" ومسلم "2/ 612 رقم 897" من حديث أنس وفيه: فرفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه. ثم قال: "اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا". 6 يحولون جميعًا أرديتهم: أي من جعل الأيمن أيسر والأيسر أيمن تفاؤلًا بتغيير الشدة إلى خير ورخاء. وانظر هامش "4". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 الكتاب الثالث: كتاب الجنائز [ الفصل الأول: أحكام المحتضر ] من السنة عيادة المريض1، وتلقين المحتضر الشهادتين2، وتوجيهه3 وتغميضه4، وقراءة "ياسين" عليه5، والمبادرة بتجهيزه إلا لتجويز حياته6   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 112 رقم 1240" ومسلم "4/ 1704 رقم 2162". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 631 رقم 916": عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله". لقنوا موتاكم: أي ذكروا من حضره الموت منكم بكلمة التوحيد، بأن تتلفظوا بها عنده. 3 لم يصح في توجيهه نحو القبلة حديث. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف "3/ 239" بسند صحيح عن زرعة بن عبد الرحمن أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد، فأمر أبو سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة فأفاق، فقال: حولتم فراشي فقالوا: نعم فنظر إلى أبي سلمة فقال: أراه علمك -بعلمك- فأمر سعيد أن يعاد فراشه. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 634 رقم 920" عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه. ثم قال: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر"، فضج ناس من أهله، فقال: "لا تدعو على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون"، ثم قال: "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين. واغفر لنا وله يا رب العالمين. وافسح له في قبره، ونور له فيه". 5 حديث معقل بن يسار المرفوع: "اقرؤوا "يس" على موتاكم" ضعيف. واعلم أنه لا يجوز إثبات الحكم بالحديث الضعيف. وانظر الكلام على هذه البدعة في تحقيقنا لكتاب "إرشاد السائل إلى دلائل المسائل" السؤال الخامس. 6 أخرج البخاري رقم "1315" ومسلم رقم "944" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم" وهو حديث صحيح. أما حديث الحصين بن وحوح المرفوع: "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث به الموت فآذنوني به وأعجلوا؛ فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله" فضعيف. وحديث على المرفوع: "ثلاث لا يؤخرون: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفوًا" ضعيف أيضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 والقضاء لدينه1. وتسجيته2، ويجوز تقبيله3. وعلى المريض أن يحسن الظن بربه4 ويتوب إليه5، ويتخلص من كل ما عليه6.   1 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 389 رقم 1078 و1079" وابن ماجه "2/ 806 رقم 2413": عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 13 رقم 1241، 1242". ومسلم "2/ 651 رقم942" عن عائشة رضي الله عنها قالت: سُجِّي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مات بثوب حبرة. سجي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مات: معناه غُطِّي جميع بدنه. حبرة: ضرب من برود اليمن. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 513 رقم 3163" والترمذي "3/ 314 رقم 989" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "1/ 468 رقم 1456" عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّل عثمان بن مظعون، وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل"، وهو حديث صحيح بشواهده. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "4/ 2205 رقم 2877". عن جابر قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل وفاته بثلاث، يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن". 5 لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 3] ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 102 رقم 6309" ومسلم "4/ 2104 رقم 2747" عن أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها. قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ؛ من شدة الفرح". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 355 رقم 2738" ومسلم "3/ 1249 رقم 11627" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 [الـ] فصل [الثاني: غسل الميت] ويجب غسل الميت المسلم على الأحياء1، والقريب أولى بالقريب إذا كان مِن   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 137 رقم 1267" ومسلم "2/ 865 رقم 1206" عن ابن =عباس رضي الله عنه: أن رجلًا وَقَصَه بعيره، ونحن مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محرم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبًا، ولا تخمروا رأسه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا". وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 125 رقم 1253" ومسلم "2/ 646 رقم 939". عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين توفيت ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني". فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه، فقال: "أشعرنها إياه" -تعني: إزاره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 جنسه1، وأخذ الزوجين بالآخر2، ويكون الغسل ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر بماء وسدر3، وفي الأخيرة كافور4، وتقدم الميامن5، ولا يغسل الشهيد6.   1 لم يصح في المسألة حديث. 2 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 470 رقم 1465" والدارمي "1/ 37-38" والدارقطني "2/ 74 رقم 11" وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: رجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البقيع، فوجدني وأنا أجد صداعًا في رأسي، وأنا أقول: وارأساه. فقال: "بل أنا، يا عائشة وارأساه" ثم قال: "ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك". وهو حديث حسن، وللحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 470 رقم 1464" وأبو داود "3/ 502 رقم 3141" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير نسائه" وهو حديث صحيح. 3 لحديث أم عطية الأنصارية، انظر هامش "ص76". 4 لحديث أم عطية الأنصارية، انظر هامش "ص76". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 269 رقم 167" ومسلم "2/ 648 رقم 42/ 939" عن أم عطية قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهن في غسل ابنته: "ابدأْنَ بميامينها ومواضع الوضوء منها" انظر هامش "ص38". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 212 رقم 1347" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: "أيهم أكثر أخذًا للقرآن"؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء". وأمر بدفنهم ولم يُصَلِّ عليهم ولم يغسلهم". تنبيه: "الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار، كالمبطون، والمطعون، والغريق وصاحب الهدم، والميتة في الطلق، فهؤلاء يغسلون ويصلى عليهم بلا خلاف" قاله النووي في المجموع "5/ 264" وكذلك حكى المهدي في البحر "1/ 96" الإجماع على أنهم يغسلون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 [الـ] فصل [الثالث: تكفين الميت] ويجب تكفيفه بما يستره1، ولو لم يملك غيره   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 651 رقم 943" وغيره: عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب يومًا، فذكر رجلًا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلًا. فزجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقبر الرجل بالليل حتى يُصلَّى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك. وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه". غير طائل: غير كامل الستر أي حقير. قبر ليلًا: أي دفن ليلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 ولا بأس بالزيادة1 مع التمكن من غير مغالاة2، ويكفن الشهيد في ثيابه التي قتل فيها3، وندب تطييب بدن الميت وكفنه4   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 142 رقم 1276" ومسلم "2/ 649 رقم 940" عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: "هاجرنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئًا منهم مصعب بن عمير، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها، قتل يوم أحد فلم نجد ما نكفنُه إلا بردة إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر" يهديها: أي يجتنيها. 2 لحديث ابن عباس، وحديث أم عطية انظر التعليقة "ص76". وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 252 رقم 1387" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلتُ على أبي بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتنم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض شحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردع من زعفران فقال: "اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما. قلت: إن هذا خَلَق. قال: إن الحي أحق من الميت؛ إنما هو للمهلة. فلم يتوفَّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح" انظر هامش "ص76". والأولى أن يكون الكفن من الأبيض؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 209 رقم 3878" وابن ماجه "2/ 1181 رقم 3566" والترمذي "3/ 319 رقم 994" وقال: حديث حسن صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم". وهو حديث صحيح. 3 لحديث جابر بن عبد الله، انظر الهامش "ص77". 4 لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث المحرم الذي وقصته ناقته: "لا تمسوه طيبًا" وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس، انظر الهامش "ص76". فإن ذلك يشعر أن غير المحرم يطيب، ولا سيما مع تعليله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: "فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 [الـ] فصل [الرابع: صلاة الجنازة] وتجب الصلاة على الميت1   1 لثبوت الصلاة على الأموات ثبوتًا ضروريًّا من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفعل أصحابه، ولكنها من واجبات الكفاية؛ لأنهم كانوا يُصلُّون على الأموات في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يُعلِمونه، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 204 رقم 1337" ومسلم "2/ 659 رقم 956" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أسود -رجلًا أو امرأة- كان يَقُمُّ المسجد، فمات، ولم يُعلَم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموته، فذكره ذات يوم فقال: "ما فعل ذلك الإنسان"؟ قالوا: مات يا رسول الله. قال: "أفلا أذنتموني "؟ فقالوا: إنه كان كذا وكذا -قصته- قال: فحقروا شأنه. قال: "فدلوني على قبره". فأتى قبره فصلى عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ويقوم الإمام حذاء رأس الرجل ووسطِ المرأة1، ويُكَبِّر أربعًا2 أو خمسًا3، ويقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة وسورة4، ويدعو بين التكبيرات بالأدعية المأثورة5، ولا   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 533 رقم 3194" والترمذي "3/ 352 رقم 1034" وقال حديث حسن، وابن ماجه "1/ 479 رقم 1494". عن أبي غالب قال: صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاءوا بجنازة امرأة من قريش، فقالوا: يا أبا حمزة صلِّ عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام على الجنازة مقامك منها، ومن الرجل مقامك منه؟ قال: "نعم". فلما فرغ قال: "احفظوا"، وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 202 رقم 1334" ومسلم "2/ 657 رقم 952" عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على أصحمة النجاشي فكبَّر أربعًا". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 659 رقم 957" وغيره عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: كان زيد يكبِّر على جنائزنا أربعًا. وإنه كبَّر على جنازة خمسًا. فسألته فقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبِّرها. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 203 رقم 1335". عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: "صليت خلف ابن عباس رضي الله عنه على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب. قال: لتعلموا أنها سنة". وأخرج النسائي "4/ 74 رقم 1987" بلفظ: "فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال: سنة وحق"، وهو حديث صحيح. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 539 رقم 3201" والترمذي "3/ 343 رقم 1024" وابن ماجه "1/ 480 رقم 1498" وهو حديث صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جنازة فقال: "اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحْيِهِ على الإيمان، ومن توفيته منا فتوفَّه على الإسلام، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده". وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 663 رقم 86/ 963" عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وصلى على جنازة" يقول: "اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنا وعافه. وأكرم نزلة ووسع مدخلة. واغسله بماء وثلج وبرد. ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه. وقه فتنة القبر وعذاب النار"، قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت؛ لدعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك الميت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 يصلَّى على الغالِّ1، وقاتل نفسه2، والكافر3، والشهيد4، ويصلَّى على القبر5، وعلى الغائب6.   1 الغالّ: هو الذي سرق من الغنيمة قبل قسمها، ولم يصح في ذلك حديث. 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 672 رقم 978" وغيره عن جابر بن سمرة، قال: أتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يُصَلِّ عليه". بمشاقص: المشاقص سهام عراض. واحدها: مشقص. 3 لقول الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] . 4 لحديث جابر بن عبد الله، انظر هامش "ص77". 5 لحديث أبي هريرة، انظر هامش "ص78". 6 لحديث جابر بن عبد الله، انظر هامش "ص79". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 [الـ] فصل [الخامس: المشي بالجنازة] ويكون المشي بالجنازة سريعًا1، والمشي معها2، والحمل لها سنة3، والمتقدم عليها والمتأخر عنها سواء4، ويكره الركوب5،   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 524 رقم 3182" والنسائي "4/ 43 رقم 1913" وغيرهما عن أبي بكرة قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنا لنكاد نرمل بها رملًا". الرَّمَل "بفتح الميم": المشي مسرعًا مع هز المنكبين. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 108 رقم 47". ومسلم "2/ 652 رقم 945". عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من وقتها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط". 9 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 181 رقم 1314" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها، أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعه صَعِقَ". 10 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 522 رقم 3180" والنسائي "4/ 58" والترمذي "3/ 349 رقم 1031" وقال: حديث حسن صحيح عن المغيرة بن شعبة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: للراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها، والطفل يصلى عليه"، وهو حديث صحيح. 11 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 521 رقم 3177" عن ثوبان، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتي بدابة فركب فقيل له، فقال: "إن الملائكة كانت تمشي فلم أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت". وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 ويحرم النعي1 والنياحة2، واتِّبَاعُها بنار وشق الجيب والدعاء بالويل والثبور3،   1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 474 رقم 1476". والترمذي "3/ 313 رقم 986" وقال: حديث حسن صحيح، عن حذيفة بن اليمان قال: إذا مِتُّ فلا تؤذنوا بي؛ إني أخاف أن يكون نعيًا؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن النعي"، وهو حديث حسن. النعي: هو الإخبار بموت الميت. قلتُ: نعي الجاهلية هو النعي المحرم؛ وهو أن العرب إذا مات منهم شريف، أو قُتِل بعثوا راكبًا إلى القبائل ينعاه إليهم، يقول: نعاء فلانًا، أو يا نعاء العرب؛ أي هلك فلان، أو هلكت العرب بموت فلان. قلتُ: أما إعلان الوفاة فجائز إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك. انظر هامش "ص78". وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 1188- البغا" ومسلم "2/ 656 رقم 951" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه؛ خرج إلى المصلى، فصفَّ بهم، وكبر أربعًا". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 160 رقم 1291" ومسلم "2/ 643 رقم 933" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من نيح عليه يعذب بما نيح عليه". وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 644 رقم 29/ 934" عن أبي مالك الأشعري قال: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب". الاستسقاء بالنجوم: يعني اعتقادهم نزول المطر بسقوط نجم في المغرب مع الفجر، وطلوع آخر يقابله من المشرق، كما كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا. درع من جرب: يعني يسلط على أعضائها الجرب والحكة بحيث يغطي بدنها تغطية الدرع، وهو القميص. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 163 رقم 1294" ومسلم "1/ 99 رقم 103" وغيرهما. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية". قلت: ومن البدع: رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة؛ لقول قيس بن عباد: "كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرهون رفع الصوت عند الجنائز" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى"4/ 74" بسند رجاله ثقات، ولأن فيه تشبهًا بالنصارى؛ فإنهم يرفعون أصواتهم بشيء من أناجيلهم وأذكارهم مع التمطيط والتلحين والتحزين ... قال الإمام النووي في الأذكار "4/ 183- مع الفتوحات الربانية": "واعلم أن الصواب المختار وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك. والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق ولا تغتر بكثرة من يخالفه. فقد قال: أبو علي الفضل بن عياض رضي الله عنه، ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين -ثم يشير إلى قول قيس بن عباد- وأما ما يفعله الجهلة من القراء على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام بإجماع العلماء .... " اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 ولا يقعد المتبع لها حتى توضع1، والقيام لها منسوخ2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 178 رقم 1310" ومسلم "2/ 660 رقم 959" وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع". 2 لقد وردت أحاديث صحيحة في القيام إذا مرت بمن كان قاعدًا: كالحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 178 رقم 1308" ومسلم "2/ 659 رقم 958" عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشيًا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه، أو توضع من قبل أن تخلفه ". يخلفها: أي يصير وراءها، غائب عنها. تخلفه: أي تصير وراءه، غائبة عنه، وقال القاضي عياض: ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بالحديث الذي أخرجه مسلم"2/ 661 رقم 962" عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، أنه قال: رآني نافع بن جبير، ونحن في جنازة قائمًا، وقد جلس ينتظر أن توضع الجنازة، فقال لي: ما يقيمك، فقلت: أنتظر أن توضع الجنازة. لما يحدث أبو سعيد الخدري. فقال نافع: فإن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 [الـ] فصل [السادس: دفن الميت] ويجب دفن الميت في حفرة تمنعه من السباع1 ولا بأس بالضرح واللحد أولى2، ويدخل الميت من مؤخر القبر3   1 للحديث الذي أخرجه النسائي "4/ 80 رقم 2010" والترمذي "4/ 213 رقم 1713" وقال حديث حسن صحيح. وهو كما قال: عن هشام بن عامر قال: شُكي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجراحات يوم أحد فقال: "احفروا وأوسعوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآنًا"، فمات أبي فقُدِّم بين يدي رجلين. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 544 رقم 3208" والترمذي "3/ 363 رقم 1045" والنسائي "4/ 80 رقم 2009" وابن ماجه "1/ 496 رقم 1554": عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللحد لنا والشق لغيرنا"، وهو حديث حسن. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 545 رقم 3211" بإسناد صحيح عن أبي إسحاق السبيعي قال: أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد الخطمي فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذه من السنة. ويسن للذي يلحده أن يقول: "بسم الله وعلى سنة رسول الله" للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 546 رقم 3213" والترمذي "3/ 364 رقم 1046" وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه. وابن ماجه "1/ 494 رقم 1550" عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا وضع الميت في القبر قال: "بسم الله وعلى سنة رسول الله" وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 ويوضع على جنبه الأيمن مستقبلًا1، ويستحب حثو التراب من كل حاضر ثلاث حثياث2، ولا يرفع القبر زيادة على شبر3، والزيارة للموتى مشروعة4   1 وهو مما لا أعلم فيه خلافًا. 2 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 499 رقم 1565" عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاث" وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 666 رقم 969" وغيره. عن أبي الهياج الأسدي، قال: "قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته. ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 672 رقم 106/ 977" عن بريدة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها". وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 671 رقم 108/ 976" عن أبي هريرة قال: "زار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي. فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت". والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور؛ لوجوه: 1- لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فزوروا القبور". فيدخل فيه النساء. 2- لمشاركة النساء الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور: "فإنها تذكر الموت". 3- للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 669 رقم 103/ 974" عن عائشة قالت: قلْتُ: كيف أقول لهم -أي لأهل القبور- يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون". 4- للحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك "1/ 376" عن عبد الله بن أبي مليكة "أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت: أليس كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن زيارة القبور، قالت: نعم، كان نهى، ثم أمر بزيارتها". وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح، وهو كما قال. ولا يجوز للنساء الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة؛ للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 371 رقم 1056" وابن ماجه "1/ 502 رقم 1576" وغيرهما عن أبي هريرة "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن زوارات القبور" وهو حديث حسن. ويجوز زيارة قبر من مات على غير الإسلام للعبرة فقط؛ لحديث أبي هريرة المتقدم في هذه الحاشية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 ويقف الزائر مستقبلًا للقبلة1. ويحرم اتخاذ القبور مساجد2، وزخرفتها3، وتسريجها4، والقعود عليها5، وسب الأموات6، والتعزية مشروعة7   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 546 رقم 3212" والنسائي "4/ 78 رقم 2001" وابن ماجه "1/ 494 رقم 1548" وغيرهم عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستقبل القبلة وجلسنا معه" وهو حديث صحيح. يسن لزائر القبور أن يدعو بأدعية مأثورة: منها: ما أخرجه مسلم "2/ 671 رقم 104/ 975" وغيره عن بريدة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: في رواية أبي بكر: "السلام على أهل الديار". وفي رواية زهير: "السلام عليكم أهل الديار، من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون. أسأل الله لنا ولكم العافية". ومنها: ما أخرجه الترمذي "3/ 369 رقم 1053"، وقال: حديث حسن غريب وهو كما قال عن ابن عباس قال: مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: "السلام عليكم، يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر". ومنها: حديث عائشة المتقدم. انظر هامش "ص83" الرقم "4". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 200 رقم 1330" ومسلم "1/ 377 رقم 532". عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 667 رقم 94/ 970" وغيره عن جابر قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجصص القبر. وأن يقعد عليه، وأن يبني عليه". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 558 رقم 3236" والنسائي "4/ 94 رقم 2043" والترمذي "2/ 136 رقم 320" وقال حديث حسن وهو كما قال، عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج. السرج: جمع "سراج" وهو المصباح. 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 667 رقم 971" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 258 رقم 1393" وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدموا". 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 118 رقم 5655" ومسلم "6/ 224- بشرح النووي" عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، أن ابنة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلت إليه -وهو مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسعد وأبي نحسب أن ابنتي قد حضرت فأشهدنا. فأرسل إليها السلام ويقول: "إن لله ما أخذ وما أعطى، وكل شيء عنده مسمى، فلتحتسب". فأرسلت تقسم عليه، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقمنا، فرفع الصبي في حجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونفسه تقعقع، ففاضت عينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: "هذه رحمة وضعها الله في قلوب من شاء من عباده، ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وكذلك إهداء الطعام لأهل الميت1.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 497 رقم 3132" وابن ماجه "1/ 514 رقم 1610" والترمذي "3/ 323 رقم 998" وقال: حديث حسن صحيح وهو كما قال، عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا؛ فإنه قد أتاهم أمر شغلهم". وقد أغفل المؤلف رحمه الله تعالى ما ينتفع به الميت من عمل غيره: - دعاء المسلم له إذا توفرت فيه شروط القبول؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] . قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "88/ 2733" وأبو داود رقم "1534" وأحمد "6/ 452" من حيث أم الدرداء. - ما خلفه من بعده من آثار صالحة وصدقات جارية: عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "14/ 1631" وأحمد "2/ 372" وأبو داود رقم "2880" والترمذي رقم "1376". - قضاء ولي الميت صوم النذر عنه: عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "1952" ومسلم رقم "153/ 1147". - قضاء الدين عنه من أي شخص وليًّا كان أو غيره: لقضاء أبي قتادة الدينارين عن ميت. - ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة: قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، وعن عمارة بن عمير قال: كان في حجر عمة لي ابن لها يتيم، وكان يكسب، فكانت تحرج أن تأكل من كسبه، فسألت عن ذلك عائشة فقالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولد الرجل من كسبه". وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "6/ 31، 127، 193" وأبو داود رقم "3528" والنسائي "7/ 240-241". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الكتاب الرابع: كتاب الزكاة تجب في الأموال التي ستأتي1 إذا كان المالك مكلَّفًا2. [الباب الأول] : باب زكاة الحيوان إنما تجب منه في النعم وهي: الإبل والبقر والغنم. [الـ] فصل [الأول: نصاب الإبل] إذا بلغت الإبل خمسًا ففيها شاة، ثم في كل خمسٍ شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها ابنة مخاض3 أو ابن لبون4، وفي ست وثلاثين ابنة لبون5، وفي ست وأربعين6، وفي إحدى وستين جذعة7، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين، فإذا زادت ففي كل أربعين ابنة لبون، وفي كل خمسين حقة8.   1 في الأبواب القريبة إن شاء الله. 2 لأنه لم يأت دليل على الشارع يوجب الزكاة على غير المكلف. 3 هي أنثى الإبل التي أتمت سنة، وقد دخلت في الثانية، سميت بذلك؛ لأنها أمها لحقت بالمخاض وهي الحوامل. 4 هو ذكر الإبل الذي أتم سنتين ودخل في الثالثة. 5 هي أنثى الإبل التي أتمت سنتين ودخلت في الثالثة، سميت بذلك؛ لأن أمها وضعت غيرها وصارت ذات لبن. 6 هي أنثى الإبل التي أتمت ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة. وسميت حقة؛ لأنها استحقت أن يطرقها الفحل. 7 هي أنثى الإبل التي أتمت أربع سنين ودخلت الخامسة. 8 انظر الجدول الآتي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 [الـ] فصل [الثاني: نصاب البقر] ويجب في ثلاثين من البقر تَبِيعٌ أو تَبيعَةٌ1   ودليل ما تقدم: الحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 317 رقم 1454": عن أنس رضي الله عنه قال: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون، فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الحمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت -يعني ستًّا وسبعين- إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة. ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاة ... ". 1 التبيع: ولد البقرة، "جمع": أتبعة. والأنثى: تبيعة. "جمع": تباع، وقد سمي تبيعًا؛ لأنه يتبع أمه وقد أتى عليه حول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وفي كل أربعين مسنة1 ثم كذلك2.   1 المسنة: ما لها سنتان وطعنت في الثالثة، سميت بذلك لأنها أطلعت أسنانها. 2 انظر الجدول الآتي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 [الـ] فصل [الثالث: نصاب الغنم] ويجب في أربعين من الغنم إلى مائة وإحدى وعشرين، وفيها شاتان إلى مائتين وواحدة، وفيها ثلاث شياه، إلى ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع، ثم في كل مائة شاة1   ودليل ما تقدم: الحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 234 رقم 1576" والترمذي "3/ 20 رقم 623" وقال: حديث حسن، والنسائي "5/ 25- 26" وابن ماجه "1/ 576 رقم 1803" وغيرهم. عن معاذ رضي الله قال: "بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن. فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة. ومن كل أربعين، مسنة، ومن كل حالم دينارا أو عد له معافر". وهو حديث صحيح. المعافر: وهو ثياب تكون باليمن. 1 انظر الجدول الآتي اسكانر وهكذا في كل مائة شاة. ودليل ما تقدم: الحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 317 رقم 1454" من حديث أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، وفيه: " ... وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة. فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيه ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة. فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ... ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 [الـ] فصل [الرابع: في الجمع والتفريق والأوقاص] ولا يجمع بين متفرق من الأنعام، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة1، ولا شيء فيما دون الفريضة2، ولا في الأوقاص3، وما كان من خليطين فيتراجعان بالسوية4، ولا تؤخذ هرمة5 ولا ذات عوارٍ6 ولا عيب7، ولا صغيرة ولا أكولة8 ولا رُبَّى9 ولا ماخض10 ولا فحل غنم11.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 314 رقم 1450" عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا يجمع متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة". وصورة التفريق بين مجتمع: أن يكون لرجلين مائتا شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه فيفرقونها حتى لا يكون على كل واحد منهما إلا شاة واحدة. 2 أي لا شيء فيما دون النصاب، وهذا لا خلاف فيه. وانظر حديث أنس في الهامش "301 و305". 3 الأوقاص: جمع وقص وهو ما بين الفريضتين. وهذا لا خلاف فيه. وقد أخرج أحمد في المسند "5/ 240" من حديث معاذ الطويل، وفيه: "أن الأوقاص لا فريضة فيها" وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 315 رقم 1451" عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية". 5 الهرمة: الكبيرة التي سقطت أسنانها. 6 ذات العوار: أي العوراء. 7 كالدرنة: أي الجرباء. والشرط اللئيمة: أي صغار المال وشراره البخيلة باللبن. 8 الأكولة: العاقر من الشاة "النهاية: 1/ 57". 9 الربى: الشاة التي تربى في البيت للبنها. 10 المخاض: الحامل. 11 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 321 رقم 1455": عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي أمر الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس، إلا ما شاء المصدق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 [الباب الثاني] : باب زكاة الذهب والفضة إذا حال على أحدهما الحول1 ربع العشر2، ونصاب الذهب عشرون دينارًا3، ونصاب الفضة مائتا درهم4، ولا شيء فيما دون ذلك، ولا زكاة في غيرهما من الجواهر5 وأموال التجارة6 والمستغلات7.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 230 رقم 1573" عن علي رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول" وهو حديث حسن. 2 أي "2.5" بالمائة"؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 317 رقم 1454" عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، وفيه: " ... وفي الرقة ربع العشر ... ". الرقة "بكسر الراء وتخفيف القاف": الفضة الخالصة سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة. وقيل: الرقة: الفضة والذهب .... وانظر الهامش "3". 3 الدينار: 4.25 جرامًا، عشرون دينارًا = 4.25×20 = 85 جرامًا. وهو نصاب الذهب. "انظر كتابنا: الإيضاحات العصرية للمقاييس والمكاييل والأوزان الشرعية". ودليل ما تقدم: الحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 230 رقم 1573" عن علي رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم. وليس عليك شيء -يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كان لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك" وهو حديث حسن. 4 الدرهم =2.975 جرامًا. مائتا درهم= 2.975× 200 = 595 جرامًا وهو نصاب الفضة "انظر كتابنا: الإيضاحات العصرية" ودليل ما تقدم: حديث علي في الهامش "3". 5 كالدر، والياقوت، والزمرد، والماس، واللؤلؤ، والمرجان، ونحوها؛ لعدم وجود دليل يدل على ذلك. والبراءة الأصلية مستصحبة. 6 "والحق أن القول بوجوب الزكاة على عروض التجارة مما لا دليل عليه في الكتاب والسنة الصحيحة ... " قاله المحدث الألباني في تمام المنة ص363 والله أعلم. 7 "هذه مسألة لم تطنَّ على أذن الزمن، ولا سمع بها أهل القرن الأول، الذين هم خير القرون، ولا القرن الذي يليه، ثم الذي يليه، وإنما هي من الحوادث اليمنية، والمسائل التي لم يسمع بها أهل المذاهب الإسلامية، على اختلاف أقوالهم وتباعد أقطارهم، ولا توجد عليها أثارة من علم، ولا من كتاب ولا سنة ولا قياس. وقد عرفناك أن أموال المسلمين معصومة بعصمة الإسلام. ولا يحل أخذها إلا بحقها، وإلا كان ذلك من أكل أموال الناس بالباطل. وهذا المقدار يكفيك في هذه المسألة". قاله الشوكاني في السيل الجرار "2/ 27". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 [الباب الثالث] : باب زكاة النبات يجب العشر في الحنطة والشعير والذرة والتمر والزبيب1، وما كان يسقى بالمُسنَى منها ففيه نصف العشر2 ونصابها خمسة أوسق3، ولا شيء فيما عدا ذلك كالخضروات وغيرها4، ويجب في العسل العشر5 ويجوز تعجيل الزكاة5، وعلى   1 أخرج الحاكم في المستدرك "1/ 401"، والبيهقي في السنن الكبرى "4/ 128-129" عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم: "لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر" وسكت عنه الحاكم وصححه الذهبي. وقال البيهقي: رواته ثقات وهو متصل. نقله ابن حجر في التلخيص "2/ 166" وقد صحح الحديثَ الألبانيُّ في الإرواء رقم "801". وأخرج البيهقي "4/ 129" عن مجاهد قال: لم تكن الصدقة في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا في خمسة أشياء: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة وهو مرسل ومعلوم أن المرسل نوع من الضعيف لا تقوم به حجة. وأخرج ابن ماجه "1/ 580 رقم 1815" عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: إنما سن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزكاة في الخمسة: في الحنطة، والشعير والتمر. قلت: لم أجد دليلًا صحيحًا في وجوب الزكاة في الذرة والله أعلم. 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 675 رقم 981" وغيره عن جابر بن عبد الله، أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "فيما سقت الأنهار والغنم العشور، وفيما سقى بالسانية نصف العشر". الغيم: هو المطر. فيما سقي بالسانية: هو البعير الذي يستقى به الماء من البئر. ويقال له: الناضح. يقال منه: سنا يسنو سنوًا، إذا استقي به. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 310 رقم 1447" ومسلم "2/ 673 رقم 979" عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل، وليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة وليس فيها دون خمسة أوسق صدقة". الذود: من الثلاثة إلى العشرة، لا واحد له من لفظه. إنما يقال في الواحد: بعير. الأوقية= 40 درهمًا. فالخمس أواقي= 200 درهم، الوسق= 60 صاعًا كيلًا. الصاع= 4 أمداد كيلًا. المد: 544 جرامًا من القمح. فالوسق= 60 × 4× 544= 130560 جرامًا= 130.56 كيلو جرامًا. فالخمسة أوسق= 130.56×50= 652.8 كيلو جرامًا. وانظر كتابنا: "الإيضاحات العصرية للمقاييس والمكاييل والموازين الشرعية". 4 لعدم توافر الدليل الصحيح. 5 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 584 رقم 1824". عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أخذ من العسل العشر. وهو حديث صحيح بطرقه. 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 275 رقم 1624" والترمذي "3/ 63 رقم 678" وابن ماجه "1/ 572 رقم 1795" وغيرهم عن علي أن العباس سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك، قال مرة: فأذن له في ذلك. وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الإمام أن يرد صدقات أغنياء كل محل في فقرائهم1، ويبرأ رب المال بدفعها إلى السلطان وإن كان جائرًا2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 357 رقم 1496" ومسلم "1/ 50 رقم 29/ 19" عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 5 رقم 7052" ومسلم "3/ 1472 رقم 45/ 1843" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنكم سترون بعدي أثرة وأمورًا تنكرونها". قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "أدوا إليهم حقهم سلوا الله حقكم". الأثرة: اسم، من آثر به يؤثر إيثارًا. إذا سمح به لغيره وفضله على نفسه. والمراد: إنكم ستجدون بعدي قومًا يفضلون أنفسهم عليكم في الفيء، والاستئثار: الانفراد بالشيء. النهاية: 1/ 22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 [الباب الرابع] : باب مصارف الزكاة هي ثمانية كما في الآية1، وتحرم على بني هاشم ومواليهم2،   1 في سورة التوبة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60] . الفقير: الذي لا شيء له. المسكين: الذي له شيء لا يكفيه. العاملين عليها: هم الذين يقدمون لتحصيلها، ويوكلون على جمعها. المؤلفة قلوبهم: هم مسلمون يعطون لضعف يقينهم. وفي الرقاب: هم المكاتبون. وتحرير العبيد. والغارمين: هم الذين ركبهم دين ولا وفاء عندهم به. وفي سبيل الله: هم الغزاة دفاعًا عن الإسلام. وابن السبيل: المسافر الذي يريد أن يرجع إلى بلده. وقد فقد النفقة التي تبلغه مقصده. 2للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 293 رقم 2055" ومسلم "2/ 752 رقم 1071" عن أنس رضي الله عنه، قال: مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة مسقوطة فقال: "لولا أن تكون صدقة لأكلتها". وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 350 رقم 1485" ومسلم "2/ 751 رقم 1069" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤتى بالتمر عند صارم النخل فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره، حتى يصير عنده كومًا من تمر، فجعل الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعله في فيه، فنظر إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخرجها من فيه فقال: "أما علمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 وعلى الأغنياء والأقوياء المكتسبين1.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 285 رقم 1634" والترمذي "3/ 42 رقم 652" وقال: حديث حسن عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي" وهو حديث حسن. المرة: القوة والشدة. السوي: الصحيح الأعضاء. وللحديث الذي أخرجه النسائي "5/ 99 رقم 2597" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي" وهو حديث حسن. صرف الصدقة في ذوي الأرحام أفضل؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 1393- البغا" عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لامرأته: "زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 [الباب الخامس] : باب صدقة الفطر هي صاع من القوت المعتاد عن كل فرد2، والوجوب على سيد العبد3، ومنفق الصغير ونحوه، ويكون إخراجها قبل صلاة العيد4، ومن لا يجد زيادة على قوت يومه وليلته فلا فطرة عليه5، ومصرفها مصرف الزكاة6.   2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 369 رقم 1504" ومسلم "2/ 677 رقم 984" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 676 رقم 10/ 982" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 1439- البغا": عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نخرج في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الفطر صاعًا من طعام. وقال أبو سعيد: وكان طعمنا: الشعير والزبيب، والأقط والتمر. 5 لأنه إذا أخرج قوت يومه أو بعضه كان مصرفًا لا صارفًا. 6 لكونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سماها زكاة؛ كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 1435- البغا": عن أبي سعيد الخدري قال: "كنا نخرج زكاة الفطر، صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من زبيب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الكتاب الخامس: كتاب الخمس يجب فيما يغنم في القتال 1 وفي الركاز 2 ولا يجب فيما عدا ذلك ومصرفه مَن في قوله تعالى {واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية 3   1 لقوله تعالى في سورة الأنفال الآية (41) {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} 2 للحديث الذي أخرجه البخاري (3/364 رقم 1499) ومسلم (3 / 1334 رقم 642) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليُه وسلم - قال: " العجماء جُبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس" * العجماء جبار: العجماء البهيمة، والجبار الهدر، وكذلك المعدن والبئر إذا هلك الأجير فيها فدمه هدر لا يطالب به لعدم الإيجاب الشرعي والبقاء تحت البراءة الأصلية 3 الآية (41) من سورة الأنفال، وبقيتها {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 [الكتاب السادس] : كتاب الصيام [ الباب الأول: أحكام الصيام ] [ الفصل الأول: وجوب صوم رمضان ] يجب صيام رمضان1 لرؤية هلاله من عدل2، أو إكمال عدة شعبان3، ويصوم ثلاثين يوما ما لم يظهر هلال شوال قبل إكمالها4، وإذا رآه أهل بلد لزم سائر البلاد الموافِقَة5،   1 لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 184] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 49 رقم 8" ومسلم "1/ 45 رقم 16" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "بني الإسلام على خمسة: على أن يوحد الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 756 رقم 2342" وغيره، عن ابن عمر، قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبي رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه" وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 119 رقم 1909" ومسلم "2/ 762 رقم 19/ 1081" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أو قال أبو القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 119 رقم 1906" ومسلم "2/ 759 رقم 3/ 1080" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن أغمي عليكم فاقدروا له". وانظر الهامش "3". 5 للأحاديث المصرحة بالصيام لرؤية الهلال والإفطار لرؤيته كما في الهامش "3، 4" وهي خطاب لجميع الأمة، فمن رآه منهم في أي مكان كان ذلك رؤية لجميعهم. أما الحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 765 رقم 28/ 1087" وغيره عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وعلى الصائم النية قبل الفجر1.   = وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين. أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد أحسن المحدث الألباني في التوفيق بين الحديث وبين الاستدلال به، فقال في تمام المنة ص398: "إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين، أو يروا هلالهم. وبذلك يزول الإشكال، ويبقى حديث أبي هريرة وغيره على عمومه، ويشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلًا. كما قال ابن تيمية في "الفتاوى" "25/ 107" ... " اهـ. 1 في صوم الفريضة؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 823 رقم 2454" والترمذي "3/ 108 رقم 730" والنسائي "4/ 196 رقم 2331" وابن ماجه "1/ 542 رقم 1700" وغيرهم عن حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له"، وهو حديث حسن. من لم يجمع: أي من لم يحكم النية والعزيمة. أما النية في صوم التطوع، فإنها تصح قبل الزوال؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 809 رقم 170/ 1154" وغيره عن عائشة أم المؤمنين قالت: دخل عليَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء"؟ فقلنا: لا. قال: "فإني إذن صائم"، ثم أتانا يومًا آخر فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس، فقال: "أرينيه فلقد أصبحت صائمًا"، فأكل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 [الـ] فصل [الثاني: مبطلات الصوم] ويبطل بالأكل، والشرب1، والجماع2،   1 عمدًا، لا خلاف في ذلك. أما النسيان فلا؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 155 رقم1933" ومسلم "2/ 809 رقم 171/ 1155"، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه". 2 عمدًا، لا خلاف في ذلك؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 163 رقم 1936" ومسلم "2/ 781 رقم 1111" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: "مالك"؟، قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل تجد رقبة تعتقها"؟ قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين"؟ قال: لا. قال: "فهل تجد إطعام ستين مسكينًا"؟ قال: لا، قال: فمكث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما نحن على ذلك أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرق فيها تمر -والعرق: المكتل- قال: "أين السائل"؟ فقال: أنا. قال: "خذ هذا فتصدق به". فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت أنيابه ثم قال: "أطعمه أهلك". وفي رواية لأبي داود 2/ 786 رقم 2393، وابن ماجه 1/ 534 رقم 1671، أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "وصم يوما مكانه". وهي رواية صحيحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 والقيء عمدًا1، ويحرم الوصال2، وعلى من أفطر عمدًا كفارة ككفارة الظهار3، ويندب تعجيل الفطر4، وتأخير السحور5.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 776 رقم 2380" والترمذي "3/ 98 رقم 720" وابن ماجه "1/ 536 رقم 1676" وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقضِ" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 202 رقم 1964" ومسلم "2/ 776 رقم 1105" عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوصال رحمة لهم. فقالوا: إنك تواصل. قال: "إني لست كهيئتكم؛ إني يطعمني ربي ويسقيني". 3 ليس للقائلين بوجوب الكفارة على المفطر بغير الجماع دليل صحيح، والأصل عدم الوجوب إلا بدليل. فالحق أن الكفارة لا تجب إلا على من أفطر بالجماع فقط، كما ذهب إليه الشافعي وغيره من أهل العلم. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 198 رقم 1957" ومسلم "2/ 771 رقم 1098" عن سهل بن سعد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". أما ما يستحب عليه الإفطار؛ فرطبات، أو تمرات أو قليل من ماء؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 764 رقم 2356" والترمذي "3/ 79 رقم 696" وقال: حديث حسن غريب عن أنس بن مالك قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات، فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء" وهو حديث صحيح. 5 بحيث ينتهي من الطعام والشراب، قبيل طلوع الفجر بقليل؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 138 رقم 1921" ومسلم "2/ 771 رقم 1097" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "تسحرنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 [الـ] فصل [الثالث: قضاء الصوم] يجب على من أفطر بعذر شرعي أن يقضي1   1 كالمسافر، والمريض، والحائض؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] . وأخرج البخاري "1/ 421 رقم 321" ومسلم "1/ 265 رقم335" عن معاذ في أن امرأة سألت عائشة فقالت: أتقضي إحدانا الصلاة أيام محيضها؟ فقالت عائشة: أحرورية أنت؟ قد كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم لا تؤمر بقضاء. أحرورية أنت: نسبة إلى حروراء؛ وهي قرية بقرب الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج بها. فمعنى قول عائشة: أن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض. وهو خلاف الحديث وإجماع علماء المسلمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 والفطر للمسافر ونحوه رخصة1، إلا أن يَخشى التلف أو الضعف عن القتال فعزيمة2، ومن مات وعليه صوم صام عنه وليُّه3، والكبير العاجز عن الأداء والقضاء يكفِّر عن كل يوم بإطعام مسكين4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 179 رقم 1943" ومسلم "2/ 789 رقم 1121" عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أأصوم في السفر؟ -وكان كثير الصيام- فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 789 رقم 1120" وغيره من حديث أبي سعيد قال: "إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم"، فكانت رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلًا آخر. فقال: "إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا" ... وكانت عزمة. فأفطرنا ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك في السفر. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 192 رقم 1952" ومسلم "2/ 803 رقم 1147" عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مات وعليه صيام، صام عنه وليه". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 179 رقم 4505". عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 [الباب الثاني] : باب صوم التطوع [ الفصل الأول: ما يستحب صومه ] يستحب صيام ستٍّ من شوال5، وتسع ذي الحجة6، ومحرم7   5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 822 رقم 1164" وغيره عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر". 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 815 رقم 2437" وغيره عن هنيدة بن خالد، عن امرأته عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: "كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر؛ أول اثنين من الشهر والخميس" وهو حديث حسن. 7 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 821 رقم 1163" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم. وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وشعبان1، والاثنين والخميس2، وأيام البيض3، وأفضل التطوع صوم يوم وإفطار يوم4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 213 رقم 1969" ومسلم "2/ 81 رقم 176/ 1156" عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام. ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان. كان يصوم شعبان كله. وكان يصوم شعبان إلا قليلًا". 2 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 121 رقم 745" وقال: حديث حسن غريب والنسائي "4/ 202 رقم 2360" وابن ماجه "1/ 553 رقم 1739" وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحرى صوم الاثنين والخميس. 3 أيام البيض هي: أيام الليالي البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، من كل شهر قمري. ويسن صيامها؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 818 رقم 1162" وغيره: عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله ... ". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 244 رقم 1980" ومسلم "2/ 817 رقم 191/ 1159" من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صوم فوق صوم داود عليه السلام؛ شطر الدهر، صم يومًا وأفطر يومًا". ويسن صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، للحديث الذي أخرجه مسلم"2/ 818 رقم196/ 1162": عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله. والسنة التي بعده. وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 [ الفصل الثاني: ما يكره صومه ] ويكره صوم الدهر1، وإفراد يوم الجمعة2، ويوم السبت3.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 221 رقم 1977" ومسلم "2/ 814 رقم 186/ 1159" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: بلغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أني أسرد الصوم، وأصلي الليل، فإما أرسل إلي وإما لقيته فقال: "ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر، وتصلي ولا تنام؟ فصم وأفطر وقم ونم؛ فإن لعينيك عليك حظًّا وإن لنفسك وأهلك عليك حظًّا". قال: إني لأقوى لذلك. قال: "فصم صيام داود عليه السلام". قال: وكيف؟ قال: "كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفر إذا لاقى". قال: من لي بهذه يا نبي الله؟، قال عطاءٌ: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صام من صام الأبد" مرتين. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 232 رقم 1984" ومسلم "2/ 801 رقم 146/ 1143" وغيرهما عن محمد بن عباد قال: سألت جابرًا رضي الله عنه: أنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم. زاد غير أبي عاصم: "يعني أن ينفرد بصومه"، وللحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 232 رقم 1985" ومسلم "2/ 801 رقم 147/ 1144" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 805 رقم 2421" والترمذي "3/ 120 رقم 744" وقال: حديث حسن، وابن ماجه "1/ 550 رقم 1726" وغيرهم، عن الصماء بنت بسر السلمي، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا ما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه" وهو حديث صحيح. اللحاء: القشر على العود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 [ الفصل الثالث: ما يحرم صومه ] ويحرم صوم العيدين1 وأيام التشريق2واستقبال رمضان بيوم أو يومين3.   2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 70 رقم 1197" ومسلم "2/ 799 رقم 140/ 827" عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت منه حديثًا فأعجبني. فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فأقول على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم أسمع؟ قال: سمعته يقول: "لا يصلح الصيام في يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر من رمضان". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 800 رقم 145/ 1142" عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، أنه حدثه؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق. فنادى: "أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن. وأيام منى أيام أكل وشرب". أيام منى: هي أيام النحر والتشريق. قلتُ: ويرخص للمتمتع فقط إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 242 رقم 1997، 1998" عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدي، وللحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 242 رقم 1999" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هديًا ولم يصم صام أيام منى". وعن عائشة مثله. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 749 رقم 2334" والترمذي "3/ 70 رقم 686" والنسائي "4/ 153 رقم 2188" وابن ماجه "1/ 527 رقم 1645" عن صلة قال: كنا عند عمار فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم قال: إني صائم، فقال عمار: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وهو حديث صحيح. وتنتفي حرمة صوم يوم الشك إذا وافق عادلة له؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 127 رقم1914" ومسلم "2/ 762 رقم 21/ 1082" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 [الباب الثالث] : باب الاعتكاف يشرع للصائم1 في كل وقت في   1 لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 271 رقم 2026" ومسلم "2/ 831 رقم 5/ 1171" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 المساجد1، وهو في رمضان آكد سيما في العشر الأواخر منه2، ويستحب الاجتهاد في العمل فيها3 وفي ليالي القدر4 ولا يخرج المعتكف إلا لحاجة5.   1 أي الثلاثة: 1- المسجد الحرام. 2- المسجد الأقصى. 3- المسجد النبوي. للحديث الذي أخرجه البيهقي في سننه "4/ 316"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "4/ 20"، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" "15/ 81" كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن جامع ابن أبي راشد، عن أبي وائل، قال: قال حذيفة لعبد الله بن مسعود: عكوفًا بين دارك، ودار أبي موسى، وقد علمت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاث" فقال: عبد الله لعلك نسيت وحفظوا أو أخطأت وأصابوا "صحيح غريب عالٍ. قلت: وإسناده على شرط البخاري. وقد عمل بعض السلف بهذا الحديث، فقد أخرج عبد الرزاق في المصنف "رقم: 8019" عن عطاء بسند صحيح قال: "لا جوار إلا في مسجد مكة، ومسجد المدينة" والجوار: أي الاعتكاف. وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه "3/ 91" وعبد الرزاق في المصنف "رقم: 8008" بسند صحيح، عن ابن المسيب قال: "لا اعتكاف إلا في مسجد نبي". مسجد نبي: يعني المساجد الثلاث. 2 لحديث عائشة اظر الهامش "ص100". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 269 رقم 2024" ومسلم "2/ 832 رقم 1174" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 91 رقم 35" ومسلم "1/ 523 رقم 760" وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من يقمْ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". ومن أدعية من وجد ليلة القدر ما أخرجه الترمذي "9/ 495- مع التحفة" وقال: حسن صحيح، وابن ماجه "2/ 1265 رقم 3850" عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" وهو حديث صحيح. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 273 رقم 2029" ومسلم "1/ 244 رقم 297" عن عائشة رضي الله عنها قالت: وإن كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليدخل رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 [الكتاب السابع] : كتاب الحج [ الباب الأول: أحكام الحج ] [ الفصل الأول: وجوب الحج ] يجب على كل مكلف مستطيع1 فورًا2. [[وكذلك العمرة وما زاد فهو نافلة]] (*)   1 لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] . ولحديث ابن عمر، انظر هامش "ص95". 2 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 962 رقم 2883" وغيره عن ابن عباس، عن الفضل "أو أحدهما عن الآخر" قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة" وهو حديث حسن. (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين [[المعكوفين المزدوجين]] زدته على أصل النسخة الإلكترونية، نقلا عن ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 [الـ] فصل [الثاني: وجوب تعيين نوع الحج بالنية] ويجب تعيين نوع الحج مِن تمتُعٍ1 أو إِقرانٍ2   1 التمتع هو أن يحرم الآفاقي بالعمرة في أشهر الحج، فيدخل مكة ويتم عمرته ويدخل من إحرامه، ثم يبقى حلالًا حتى يحجَّ. وعليه أن يذبح ما تيسر من الهدي؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 539 رقم 1691" ومسلم "2/ 901 رقم 174/ 1227" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "تمتع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة ... ". 2 القران: هو أن يحرم الآفاقي بالحج والعمرة معًا، ثم يدخل مكة ويبقى على إحرامه حتى يفرغ من أعمال الحج، وعليه أن يطوف طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا؛ لحديث ابن عمر انظر هامش "ص108"، ثم يذبح ما تيسر من الهدي. أما الحج بنية القران؛ فللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 451 رقم 1562" ومسلم "2/ 871 رقم 118/ 1211" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة الوداع، فمنَّا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحجة وعمرة، ومنا من أهلَّ بالحج، وأهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج، فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة لم يحلوا حتى كان يوم النحر". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 أو إفراد1 والأول أفضلها2، ويكون الإحرام من المواقيت المعروفة3 ومن كان دونها، فَهَمِلُّهُ أهلُهُ حتى أهل مكة4.   1 الإفراد هو أن يحرم بالحج منفردًا ولا يحل من إحرامه إلا بعد رمي جمرة العقبة. وانظر حديث عائشة في هامش "ص102". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 422 رقم 1568" ومسلم "2/ 884 رقم 142/ 1216" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: أهللنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج، فلما قدمنا مكة أمرَنا أن نحل ونجعلها عمرة. فكبُر ذلك علينا، وضاقت به صدورنا، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما ندري أشيء بلغه من السماء، أم شيء من قبل الناس، فقال: "أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي، فعلت كما فعلتم" قال: فأحللنا حتى وطئنا النساء. وفعلنا ما يفعل الحُلَّال، حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهرٍ أهللنا بالحج. وجعلنا مكة بظهر: معناه أهللنا عند إرادتنا الذهاب إلى منى. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 387 رقم 1526" ومسلم "2/ 838 رقم 11/ 1181" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وقت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها". ذو الحليفة: مهل أهل المدينة، وهي قريبة تبعد من مكة "450 كم" وهي أبعد المواقيت عن مكة. الجحفة: مهل أهل الشام. وهي قريبة تبعد عن مكة "187 كم"، وهي اليوم خراب، ولهذا صار الناس يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى "رابغًا" وتبعد عن مكة "94 كم". يلملم: وهو ميقات أهل اليمن. يبعد عن مكة "54 كم" ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق. وهو مكان بالبادية، يفصل بين نجد وتهامة، يبعد عن مكة "94 كم". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 384 رقم 1524" ومسلم "2/ 838 رقم 11/ 1181" عن ابن عباس قال: "إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم. هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة. ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 [الـ] فصل [الثالث: محظورات الإحرام] ولا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس، ولا السراويل، ولا ثوبًا مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين1.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 401 رقم 1542" ومسلم "2/ 834 رقم 1/ 1177" وغيرهما، عن ابن عمر رضي الله عنه: "أن رجلًا قال: يا رسول الله؛ ما يلبس المحرم من = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين، وما مسه الورس والزعفران1 ولا يتطيب ابتداء2، ولا يأخذ من شعره وبشره إلا لعذر3، ولا يرفث ولا يفسق، ولا يجادل4،   = الثياب؟ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه زعفران أو ورس". القمص: جمع قميص. السراويلات: جمع سراويل وهو لباس يستر النصف الأسفل من الجسم. البرانس: جمع برنس. وهو كل ثوب رأسه منه ملتزق به ... الخفاف: جمع الخف الملبوس. أما خف البعير فجمعه أخفاف. الكعبين: هما العظمان الناتئان في منتهى الساق مع القدم. الورس: هو نبت أصفر طيب الريح يصبغ به، وفي معناه العصفر. 1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 52 رقم 1838" وأبو داود "2/ 412 رقم 1827" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وفيه: "ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين". وزاد أبو داود: " ... وما مس الورس والزعفران من الثياب ... " 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 9 رقم 4985" ومسلم "2/ 837 رقم 8/ 1180" وغيرهما عن صفوان بن يعلى بن أمية، أن يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليتني أرى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ينزل عليه، فلما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجعرانة. وعلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوب قد أظل به عليه، معه ناس من أصحابه فيهم عمر إذ جاءه رجل عليه جبة صوف متضمخ بطيب. فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة ثم سكت. فجاءه الوحي، فأشار عمر بيده إلى يعلى بن أمية: تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه. فإذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمر الوجه. يغطُّ ساعة. ثم سري عنه. فقال: "أين الذي سألني عن العمرة آنفًا"؟ فالتمس الرجل، فجيء به، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما الطيب الذي بك، فاغسله ثلاث مرات. وأما الجبة، فانزعها. ثم اصنع في عمرتك، ما تصنع في حجك". يجوز للمحرم أن يستمر على الطيب الذي كان على بدنه قبل الإحرام. للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 396 رقم 1539" ومسلم "2/ 846 رقم 33/ 1189" وغيرهما: عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: "كنت أطيِّب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإحرامه حين يحرم. ولحله قبل أن يطوف بالبيت". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 12 رقم 1814" ومسلم "2/ 859 رقم 1301" عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، عن رسول الله أنه قال: "لعلك آذاك هوامك"؟ قال: نعم يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة". 4 لقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 382 رقم 1521" ومسلم "2/ 983 رقم 438/ 1350" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 ولا ينكح، ولا ينكح، ولا يخطب1، ولا يقتل صيدًا2، ومن قتله فعليه جزاءً مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل3، ولا يأكل ما صاده غيره4، إلا إذا كان الصائد حلالًا ولم يصده لأجله5، ولا يعضد6 من شجر الحرم إلا الإذخر7   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1030 رقم 41/ 1409" عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب". وأما الحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 51 رقم 1837" ومسلم "2/ 1032 رقم 47/ 1410" عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو مُحْرِم" فقد عارضه الحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1032 رقم 48/ 1411". عن ميمونة بنت الحارث "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها وهو حلال". قلتُ: والراجح حديث ميمونة؛ لأنها صاحبة القصة أولًا ويؤيدها قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث عثمان ثانيًا. 2 لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] . ولقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] . 3 ولقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95] . 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 31 رقم 1826" ومسلم "2/ 850 رقم 50/ 1193" عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمارًا وحشيًا وهو بالأبواء -أو بودان- فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم". الأبواء أو بودان: هما مكانان بين مكة والمدينة. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 29 رقم 1824" ومسلم "2/ 854 رقم 60/ 1196" عن أبي قتادة قال: أن رسول الله صلى الله عيه وسلم خرج حاجًّا فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم أبو قتادة، فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانًا، فنزلوا فأكلوا من لحمها، وقالوا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحم الأتان، فلما أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: يا رسول الله، إنا كنا أحرمنا، وقد كان أبو قتادة لم يحرم، فرأينا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانًا، فنزلنا فأكلنا من لحمها. ثم قلنا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها، قال: "منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها"؟ قالوا: لا، قال: "فكلوا ما بقي من لحمها". 6 بضم الباء، وإسكان العين وفتح الضاد أي لا يقطع. 7 بكسر الهمزة، وإسكان الذال، وكسر الحاء، هو نبت معروف عند أهل مكة طيب الرائحة ينبت في السهل والحزن، وأهل مكة يسقفون به البيوت بين الخشب ويسدون به الخلل بين اللبنات = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ويجوز له قتل الفواسق الخمس1، وصيد حرم المدينة، وشجره كحرم مكة2 إلا أن من قطع شجره أو خبطه كان سلبه حلالًا لمن وجده3 ويحرم صيد وَجٍّ4 وشجره5.   = في القبور؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 46 رقم 1834" ومسلم "2/ 986 رقم 445/ 1353" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم افتتح مكة: "لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا؛ فإن هذا بلد حرَّم الله يوم خلق السماوات والأرض، وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار؛ فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها". قال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم. قال: قال: "إلا الإذخر". ولا يختلى خلاها: الخلا هو الرطب من الكلأ. قالوا: الخلأ والعشب اسم للرطب منه. والحشيش والهشيم اسم لليابس منه. والكلأ يقع على الرطب واليابس، ومعنى يختلى: يؤخذ ويقطع. لقينهم: القين هو الحداد والصائغ. ومعناه يحتاج إليه القين في وقود النار. لقطته: اللقطة اسم الشيء الذي تجده ملقي فتأخذه. والالتقاط: هو أخذه. وأصل اللقط الأخذ من حيث لا يحس. 1 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 355 رقم 3314" ومسلم "2/ 856 رقم 1198" عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة والعقرب والحُدَيَّا والغراب والكلب العقور". الحُدَيَّا: تصغير حدأة، قلبت الهمزة بعد ياء التصغير، ياء، وأدغم ياء التصغير فيها فصارت حُدَيَّة، ثم حذفت التاء وعوض عنها الألف؛ لدلالتها على التأنيث أيضًا. ويقال: إنه تصغير حِدَأ؛ جمع حدأة. وتصغيرها حُدَيَّاة. الكلب العقور: قال جمهور العلماء: ليس المراد بالكلب العقور تخصيص هذا الكلب المعروف، بل المراد كل عادٍ مفترس غالبًا، كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها، ومعنى العقور: العاقر الجارح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 81 رقم 1867" ومسلم "2/ 994 رقم 1366" عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "المدينة حرم من كذا إلى كذا، لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث، من أحدث حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 993 رقم 461/ 1364" وغيره عن عامر بن سعيد، أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدًا يقطع شجرًا أو يخبطه. فسلبه. فلما رجع سعد، جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم، أو عليهم، ما أخذ من غلامهم. فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأبى أن يرد عليهم. أو يخبطه: الخبط جاء هنا عديلًا للقطع، فيراد به معناه الأصلي، وهو إسقاط الورق. فسلبه: أي أخذ ما عليه ما عدا الساتر لعورته، زجرًا له عن العودة لمثله. نفلنيه: التنفيل إعطاء النفل. أي أعطانيه زيادة على نصيبي من قسمة الغنيمة. 4 وج: بفتح الواو وشد الجيم. اسم وادٍ بالطائف. 5 حديث الزبير: "إن صيد دوج، وعضاهه حرام محرم لله عز وجل" ضعيف. العضاه: بكسر العين: كل شجر عظيم له شوك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 [الـ] فصل [الرابع: ما يجب عمله أثناء الطواف] وعند قدوم الحاج مكة يطوف للقدوم1 سبعة أشواط، يرمل في الثلاثة الأولى، ويمشي فيما بقي2، ويقبِّل الحجر الأسود أو يستلمه3 بمحجن4 ويقبل المحجن ونحوه5 ويستلم الركن اليماني   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 1560- البغا" ومسلم "2/ 906 رقم 1235" عن عروة بن الزبير قال: قد حج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبرتني عائشة رضي الله عنها أن أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ، ثم طاف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم حج أبو بكر رضي الله عنه فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمره ثم حج عمر رضي الله عنه مثل ذلك، ثم حج عثمان رضي الله عنه، فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم معاوية وعبد الله بن عمر، ثم حججت مع أبي -الزبير بن العوام- فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم تكن عمرة، ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر، ثم لم ينقضها عمرة، وهذا ابن عمر عندهم فلا يسألونه، ولا أحد ممن مضى، ما كانوا يبدؤون بشيء، حتى يضعوا أقدامهم من الطواف بالبيت، ثم لا يحلون، وقد رأيت أمي وخالتي، حين تقدمان، لا تبتدئان بشيء أول من البيت، تطوفان به، ثم لا تحلان وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير، وفلان وفلان، بعمرة فلما مسحوا الركن حلوا". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 477 رقم 1616" ومسلم "2/ 920 رقم 231/ 1261" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعة، ثم سجد سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 462 رقم1597" ومسلم "2/ 925 رقم1270" عن عمر رضي الله عنه: أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبلك ما قبلتك". 4 محجن: بكسر الميم وإسكان الحاء وفتح الجيم، وآخره نون. هو عصا محنية الرأس. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 472 رقم1607" ومسلم "2/ 926 رقم1272" عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف في حجة الوداع على بعير. يستلم الركن بمحجن". وأخرج مسلم: 2/ 927 رقم1275" من حديث أبي الطفيل وزاد: "ويقبل المحجن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 والركن الأسود1. ويكفي القارن طواف واحد وسعي واحد2، ويكون حال الطواف متوضئًا3 ساتر العورة4، والحائض تفعل ما يفعل الحاج غير أن لا تطوف بالبيت5، ويندب الذكر حال الطواف بالمأثور6، وبعد فراغه يصلي ركعتين في مقام إبراهيم، ثم يعود إلى الركن فيستلمه7.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 263 رقم 166" ومسلم "2/ 844 رقم 1187" من حديث ابن عمر رضي الله عنه: "لم أر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمس إلا اليمانيين". 2 للحديث الذي أخرجه الترمذي 3/ 284 رقم 948" وقال: حديث حسن صحيح غريب وأخرجه ابن ماجه "2/ 990 رقم 2975". عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما، حتى يحل منهما جميعًا". وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 496 رقم 1641" ومسلم "2/ 906 رقم 190/ 1235" من حديث عائشة رضي الله عنها: "أن أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ. ثم طاف بالبيت ... ". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 483 رقم 1622" ومسلم "2/ 982 رقم 435/ 1347". عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمَّره عليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: "ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 407 رقم 305" ومسلم "2/ 873 رقم 119/ 1211" عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا نرى إلا الحج، حتى إذا كنا بسرف، أو قريبًا منها، حضت، فدخل علي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أبكي. فقال: "أنفست"؟؛ يعني الحيضة قالت: قلت: نعم. قال: "إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي" قالت: وضحى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نسائه بالبقر. 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 448 رقم 1892" وغيره عن عبد الله بن السائب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ما بين الركنين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، وهو حديث حسن. 7 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218" من حديث جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] ، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول -ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": كان يقرأ في الركعتين: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} . ثم رجع إلى الركن فاستلمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 [الـ] فصل [الخامس: وجوب السعي بين الصفا والمروة] ويسعى بين الصفا والمروة1   1 لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 سبعة أشواط1 داعيًا بالمأثور2، وإذا كان متمتعًا صار بعد السعي حلالًا حتى إذا كان يوم التروية أهلَّ بالحج3.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218" وابن الجارود في المنتقى "رقم: 465". من حديث جابر. فيه: "حتى إذا كان آخر طوافه على المروة -وفي رواية: فلما كان السابع عند المروة -فقال: "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي. وجعلتها عمرة. فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل. وليجعلها عمرة". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218". من حديث جابر وفيه " ... فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره. وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده. أنجز وعده. ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، ثم دعا بين ذلك. قال: مثل هذا ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى. حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ... ". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 422 رقم 1568" ومسلم "2/ 884 رقم 143/ 1216" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه حج مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردًا فقال لهم: "أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالًا، حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة". فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: "افعلوا ما أمرتكم، فلولا أني سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله"، ففعلوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 [الـ] فصل [السادس: مناسك الحج] ثم يأتي عرفة صبح يوم عرفة ملبيًا مكبرًا، ويجمع العصرين فيها، ويخطب، ثم يفيض من عرفة1، ويأتي المزدلفة، ويجمع فيها بين العشاءين، يبيت بها، ثم يصلي الفجر،   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 866 رقم 147/ 1218" من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وفيه: "فلما كان يوم التروية وتوجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس وأمر بقُبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام. كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن. ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر. ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص ... ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ويأتي المشعر، فيذكر الله عنده، ويقف به إلى قبل طلوع الشمس1، ثم يدفع حتى يأتي بطن محسر، ثم يسلك الطريق الوسطى إلى الجمرة التي عند الشجرة، وهي جمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة2، ولا يرميها إلا بعد طلوع الشمس3، إلا النساء والصبيان، فيجوز لهم قبل ذلك4.   = واعلم أن الحج عرفة؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 485 رقم 1949" والترمذي "3/ 237 رقم 889" والنسائي "5/ 256" وابن ماجه "2/ 1003 رقم 3015" وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي، قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بعرفة، فجاء ناس، أو نفر، من أهل نجد، فأمروا رجلًا، فنادى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف الحج؟ فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا فنادى: "الحج الحج يوم عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فتم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه". قال: ثم أردف رجلًا خلفه، فجعل ينادي بذلك. 1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886" رقم 147/ 1218". من حديث جابر وفيه: " ... حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى طلع الفجر. وصلى الفجر، حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس ... ". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218" من حديث جابر رضي الله عنه وفيه: " ... حتى أتى بطن مُحَسِّر، فحرك قليلًا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة منها حصى الخذف ... ". مُحَسِّر: سمي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه. أي أعيا وكلَّ، ومنه قوله تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} . الجمرة الكبرى: هي جمرة العقبة وهي التي عند الشجرة. حصى الخذف: أي حصى صغار بحيث يمكن أن يرمى بأصبعين. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري تعليقًا "3/ 579" ومسلم موصولًا "2/ 944 رقم 314/ 1299" وغيرهما عن جابر، قال: "رمى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمرة يوم النحر ضحى. وأما بعد فإذا زالت الشمس". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 526 رقم 1678" ومسلم "2/ 941 رقم 1293" عن ابن عباس قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الثقل -"أو قال: في الضَّعَفَة"- من جمع بليل. الثقل: هو المتاع ونحوه. والجمع: أثقال، مثل سبب وأسباب. الضعفة: أي في ضعفة أهله من النساء والصبيان. وهو جمع ضعيف. وجمع ضعيف على ضَعَفَة غريب. وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 527 رقم 1681" ومسلم "2/ 939 رقم 293/ 1290" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "استأذنت سودةُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المزدلفة تدفع قبله. وقبل حطمة الناس. وكانت امرأة ثبطة "يقول القاسم: والثبطة الثقيلة": قال: فأذن لها. فخرجت قبل دفعه. وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه". حطمة الناس: أي قبل أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ويحلق رأسه أو يقصره1، فيحل له كل شيء إلا النساء2، ومن حلق أو ذبح أو أفاض إلى البيت قبل أن يرمي فلا حرج3. ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ليالي التشريق4، ويرمي في كل يوم من أيام التشريق   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 169- البغا" ومسلم "2/ 947 رقم1305" واللفظ له عن أنس بن مالك، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى منى، فأتى الجمرة فرماها. ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق: خذ وأشار إلى جانبه الأيمن. ثم الأيسر. ثم جعل يعطيه الناس". والحلق للرجال أفضل لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما مر، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 561 رقم 1728" ومسلم "2/ 946 رقم 1302" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم اغفر للمحلقين" قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين، قال: "اللهم اغفر للمحلقين" قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين قال: "اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين، قال: "وللمقصرين". والتقصير للنساء أفضل، للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 502 رقم 1984 و1985" والطبراني في الكبير "12/ 250 رقم 13018" وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير". وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه النسائي "5/ 277 رقم 3084" وابن ماجه "2/ 1011 رقم 3041" عن ابن عباس قال: إذا رمى الجمرة فقد حل له كل شيء إلا النساء، قيل: والطيب، قال: أما أنا فقد رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتضمخ بالمسك أفطيب هو؟ وهو حديث صحيح. أفطيب هو: أي لا شك في كونه طيبًا فالطيب قبل الطواف حلال إذا حلق. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 569 رقم 1736" ومسلم "2/ 948 رقم 1306" عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه فقال رجل: لغم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، قال: "اذبح ولا حرج". فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: "ارم ولا حرج"، فما سُئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 490 رقم 1634" ومسلم "2/ 953 رقم 1315" عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "استأذن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له". فقد دلّ على أن المكث في منى أيام التشريق بلياليها سنة، ويجوز للمعذور أن لا يبيت بها. ويجوز للمعذور أن يجمع رمي يومين في يوم واحد؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 497 رقم 1975" والترمذي "3/ 289 رقم 954" والنسائي "5/ 273 رقم 3069" وابن ماجه 2/ 1010 = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الجمرات الثلاث بسبع حصيات، مبتدئًا بالجمرة الدنيا ثم الوسطى ثم جمرة العقبة1، ويستحب لمن يحج بالناس أن يخطبهم يوم النحر2 وفي وسط أيام التشريق3، ويطوف الحاج طواف الإفاضة وهو طواف الزيارة يوم النحر4   = رقم 3037 عن عاصم بن عدي: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر" وهو حديث صحيح. ويشرع للحاج أن يزور الكعبة، ويطوف بها كل ليلة من ليالي منى؛ للحديث الذي أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار "1/ 491" والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 146" وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنه أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يزور البيت كل ليلة ما دام بمنى، وهو حديث صحيح. انظر "الصحيحة" للمحدث الألباني "رقم804". 1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 583 رقم1752" وغيره. عن سالم بن عبد الله "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات، ثم يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم فيسهل، فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا، فيدعو ويرفع يديه. ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا، فيدعو ويرفع يديه. ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ويقول: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل". الجمرة: مجتمع الحصى الحصى بمنى. وكل كومة من الحصى. الدنيا: القريبة إلى منى وهي الصغرى. إثر: بعد. فيسهل: ينزل إلى السهل. العقبة: المرقى الصعب من الجبل ونحوه. والمراد الجمرة الكبرى. بطن الوادي: وسطه ومسيله. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 573 رقم1741" عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم النحر. قال: "أتدرون أي يوم هذا"؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس يوم النحر"؟ قلنا: بلى. قال: "أي شهر هذا"؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: "أليس ذا الحجة"؟ قلنا: بلى. قال: "أي بلد هذا"؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليست بالبلدة الحرام"؟ قلنا: بلى. قال: "فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم إلا هل بلغت"؟ قالوا: نعم. قال: "اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 488 رقم1953". عن سراء بنت نبهان، وكانت ربة بيت في الجاهلية، قالت خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الرؤوس. فقال: "أي يوم هذا"؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: "أليس أوسط أيام التشريق"، وهو حديث حسن بشواهده. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 950 رقم1308" عن ابن عمر؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى. قال نافع: فكان ابن عمر يفيض يوم النحر. ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ويذكر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله. أفاض: أي طاف طواف الإفاضة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وإذا فرغ من أعمال الحج طاف للوداع1.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 963 رقم 1327" عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت". وأما المرأة الحائض فقد سقط عنها طواف الوداع؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 585 رقم 1755" ومسلم "2/ 963 رقم 1328" عن ابن عباس قال: أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض". وللحاج أن يحمل معه من ماء زمزم ما تيسر له تبركًا به؛ للحديث الذي أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "3/ 189" عن عائشة أنها حملت ماء زمزم في القوارير، وقالت: حمله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأداوي والقرب، فكان يصب على المرضى ويسقيهم، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "5/ 202" والترمذي في السنن "4/ 36-37 مع التحفة"، وقال: حديث حسن غريب. وأورده الألباني في الصحيحة "رقم 883". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 [الـ] فصل [السابع: أفضل أنواع الهدي] والهدي أفضله البدنة1، ثم البقرة، ثم الشاة3، وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة2، ويجوز للمهدي أن يأكل من لحم هديه3 ويركب عليه4،   2 لقوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36] . 3 الأظهر أن الاعتبار بما هو أنفع للفقراء. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 955 رقم 351/ 1318" عن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مهلِّين بالحج، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 551 رقم 1709" ومسلم "4/ 32 - الآفاق الجديدة" عن عائشة رضي الله عنها تقول: "خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخمسٍ بقين من ذي القعدة لا نُرَى إلا الحج، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل. قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قال: نحر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أزواجه. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 536 رقم 1690" ومسلم "2/ 960 رقم 1323" وغيرهما عن أنس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلًا يسوق بدنة فقال: "اركبها". قال: إنها بدنة قال: "اركبها". قال: إنها بدنة. قال: "اركبها" ثلاثًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 ويندب له إشعاره وتقليده1، ومن بعث بهدي لم يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم2.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 912 رقم 1243" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بذي الحليفة. ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء، أهلَّ بالحج. فأشعرها: الإشعار هو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى بحرية أو سكين أو حديدة أو نحوها ثم يسلت الدم عنها. في صفحة سنامها الأيمن: صفحة السنام هي جانبه. سلت الدم: أي أماطه. قلدها بنعلين: أي علقهما بعنقها. فلما استوت به على البيداء: أي لما رفعته راحلته مستويًا على ظهرها مستعليًا على موضع مسمى بالبيداء، لبى. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 545 رقم 1700" ومسلم "2/ 957 رقم 1321" عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه. قالت عمرة: فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس كما قال ابن عباس؛ أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي، ثم قلدها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيديه، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء أحله الله له حتى نحر الهدي. يقع حج القريب عن قريبه الميت؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 584 رقم 6699" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو كان عليها دين أكنت قاضيه"؟ قال: نعم، قال: "فاقض الله، فهو أحق بالقضاء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 [الباب الثاني] : باب العمرة المفردة يُحرم لها من الميقات1، ومن كان في مكة خرج إلى الحل2   1 لأن الإحرام للعمرة كالإحرام للحج، انظر هامش "ص103" لتعلم المواقيت المكانية. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 606 رقم 1784" ومسلم "2/ 870 رقم 1211" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا"، قالت: فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "انقضي رأسك وامتشطي، وأهلِّي بالحج ودعي العمرة". قالت: ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت، فقال: "هذه مكان عمرتك" فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر، بعد أن رجعوا من منى لحجهم. وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا. التنعيم: هو موضع قريب من مكة بينه وبينها فرسخ. والفرسخ = 5.544 كم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر1، وهي مشروعة في جميع السنة2.   1 لحديث جابر، انظر هامش "ص109". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 600 رقم 1780" ومسلم "2/ 916 رقم 1253" عن أنس قال: "اعتمر أربعَ عمر في ذي القعدة، إلا التي اعتمر مع حجته: عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 [الكتاب الثامن] : كتاب النكاح [ الفصل الأول: أحكام الزواج ] يشرع لمن استطاع الباءة1، ويجب على من خشي الوقوع في المعصية2 والتبتل غير جائز3 إلا لعجز عن القيام بما لا بد منه4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 119 رقم 1905" ومسلم "2/ 1018 رقم 1400" وغيرهما عن علقمة قال: بينا أنا أمشي مع عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء". الباءة: يقال فيه الباءة والباء وقد يقصر، وهو من المباءة: المنزل؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا، وقيل: لأن الرجل يتبوأ من أهله أي يستمكن كما يتبوأ من منزله. الوجاء "بكسر الواو": الوجء وهو أن ترضَّ أنثيا الفحل رضًّا شديدًا يذهب شهوة الجماع، يتنزل في قطعه منزلة الخصي. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 104 رقم 5063" ومسلم "4/ 129- الآفاق الجديدة" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها؛ فقالوا: وأين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبدًا، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا. أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". واعلم أن صيانة النفس عن الحرام واجب ولا يتم إلا بالزواج فهو واجب. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 117 رقم 5073" ومسلم "4/ 129- الآفاق الجديدة" عن سعد بن أبي وقاص قال: "رد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا". 4 لما ثبت في الكتاب العزيز من النهي عن مضارَّة النساء والأمر بمعاشرتهن بالمعروف: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وينبغي أن تكون المرأة ودودًا ولودًا1 بكرًا2 ذات جمال وحسب ودين [ومال] 3. وتخطب الكبيرة إلى نفسها، والمعتبر حصول الرضا منها4   1 للحديث الذي أخرجه أحمد "3/ 158، 245" وابن حبان "ص302 رقم 1228- الموارد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا. ويقول: "تزوجوا الودود الوفود؛ فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" وهو حديث صحيح. 2 للحديث: الذي أخرجه البخاري "9/ 121 رقم 5079" ومسلم "2/ 1088" رقم "57/ 715" عن جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزاة، فلما أقبلنا تعجلت على بعير لي قطوف، فلحقني راكب خلفي. فنخس بعيري بعنَزة كانت معه، فانطلق بعيري كأجود ما أنت راءٍ من الإبل. فالتفت فإذا أنا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ما يعجلك يا جابر"؟ قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بعرس. فقال: "أبكرًا تزوجتها أم ثيبًا"؟ قال: قلت: بل ثيبًا. قال: "هلا جارية تلاعبها وتلاعبك"؟. قال: فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل. فقال: "أمهلوا حتى ندخل ليلًا -أي عشاء- كي تمشط الشعثة وتستحد المغيبة". قال: وقال: "إذا قدمت فالكيس الكيس". قطوف: أي بطيء المشي. بعنَزة: هي عصاة نحو نصف الرمح. في أسفلها زج، أي حديدة. تمتشط: أي تسرح شعرها. الشعثة: هي المرأة المتفرقة شعر رأسها؛ أي لتتزين هي لزوجها. وتستحد المغيبة: الاستحداد استعمال الحديدة في شعر العانة وهو إزالته بالموس، والمراد هنا إزالته كيف كانت، والمغيبة: هي التي غاب عنها زوجها. وإن حضر زوجها فهي مشهد، بغير هاء، الكيس الكيس: الكيس الجماع. والكيس العقل. والمراد حثه على ابتغاء الولد. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 132 رقم 5090" ومسلم "4/ 175- الآفاق الجديدة". عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". تربت يداك: أي لصقتا بالتراب، وهي كناية عن الفقر، وهو خبر بمعنى الدعاء، لكن لا يراد به حقيقته. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1037 رقم 67/ 1421" وغيره عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها". واعلم أن على الولي أن يأخذ برأي ابنته ويأثم إن أرغمها؛ للحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 86 رقم 3269" وابن ماجه "1/ 602 رقم 1874" وغيرهما عن عائشة أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه؛ ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة. قالت: اجلسي حتى يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم ألِلنساء من الأمر شيء، وهو حديث صحيح. واعلم أنه يجوز للولي أن يعرض ابنته على من يتوسم فيه الصلاح والدين، ولا يعد ذلك إزراءًا به ولا بابنته؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 175 رقم 5122" وغيره عن عبد الله بن عمر،= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 لمن كان كفئًا1، والصغيرة إلى وليها2، ورضا البكر صماتها3، وتحرم الخطبة في العدة4، وعلى الخطبة5، ويجوز النظر إلى المخطوبة6.   = أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي -وكان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوفي بالمدينة- فقال عمر بن الخطاب: أتيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي، ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمتَ أبو بكر فلم يرجع إلي شيئًا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئًا؟ قال عمر: قلت: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو تركها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلتها". 1 لم أجد دليلًا على الكفاءة في الزواج، والحق عدم اعتبارها. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 123 رقم 5081" عن عروة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك، فقال له: "أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال". 3 لحديث ابن عباس، انظر هامش "ص117". 4 للمعتدة من وفاة، أو من طلاق بائن، أو من طلاق رجعيٍّ؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 119 رقم 47/ 1480" عن فاطمة بنت قيس قالت إن زوجها طلقها ثلاثًا، فلم يجعل لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكنى ولا نفقة. قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا حللت فآذنيني" فآذنته. ويجوز أن يعرَّض للمعتدة من وفاة، أو من طلاق بائن؛ لقوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] . عرَّضتم: لوَّحتم وأشرتم بما يتضمن رغبتكم بالزواج. سرًا: لا تعِدُوهن بالنكاح خفية. قولًا معروفًا: موافقًا للشرع، وهو التعريض. تعزموا عقدة النكاح: تحقِّقوا العزم على عقد الزواج. يبلغ الكتاب أجله: تنقضي العدة. وهي المدة التي فرضها الله عليها في كتابه. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 198 رقم 5142" ومسلم "2/ 1032 رقم 49/ 1412" عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض". 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1040 رقم 74/ 1424" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنظرت إليها". قال: لا. قال: "فاذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئًا". تزوج امرأة من الأنصار: أي أراد تزوجها بخطبتها. فإن في أعين الأنصار شيئًا، هكذا الرواية شيئًا: وهو واحد الأشياء قيل المراد صغر. وقيل: زرقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 ولا نكاح إلا بولي1 وشاهدين2 إلا أن يكون عاضلًا3 أو غير مسلم4، ويجوز لكل واحد من الزوجين أن يوكل لعقد النكاح ولو واحدًا5.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 568 رقم 2085" والترمذي "3/ 407 رقم 1101" وابن ماجه "1/ 605 رقم 1881" وغيرهم. عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا نكاح إلا بولي"، وهو حديث صحيح. أما إذا لم يكن للمرأة ولي، أو تشاجر الأولياء، فالسلطان وليها؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 566 رقم 2083" والترمذي "3/ 407 رقم 1102" وقال: حديث حسن، وابن ماجه "1/ 605 رقم 1879" وغيرهم من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فإن تشاجرا -أي الأولياء- فالسلطان ولي من لا ولي له" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه الدارقطني "3/ 225 رقم 23" والبيهقي "7/ 125" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده. 3 عاضلًا: أي مانعًا من زواج المرأة. 4 لقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] ، وللحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 583 رقم 2107"، والنسائي "6/ 119 رقم 3350" عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوجها النجاشيُّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمهرها عند أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع شرحبيل بن حسنة. وهو حديث صحيح. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 590 رقم 2117" وغيره عن عقبة بن عامر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة"؟ قال: نعم. وقال للمرأة: "أترضين أن أزوجك فلانًا"؟ قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقًا ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا، فباعته بمائة ألف" وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 [الـ] فصل [الثاني: الأنكحة المحرمة] ونكاح المتعة1 منسوخ2   1 المتعة: فهو نكاح المرأة إلى أجل مؤقت، كيومين أو ثلاثة أو شهر أو غير ذلك. 2 فإنه لا خلاف أنه قد كان ثابتًا في الشريعة كما صرح بذلك القرآن: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24] ، للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 276 رقم 4615" ومسلم "2/ 1022 رقم11/ 1404". عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا نغزو مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [المائدة: 87] . وثبت النسخ بأحاديث عدة: "منها" ما أخرجه مسلم "2/ 1025 رقم 21/ 1406" وغيره من حديث سبرة الجهني: أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 والتحليل حرام1 وكذلك الشغار2، ويجب على الزوج الوفاء بشرط المرأة3، إلا أن يحل حرامًا أو يحرم حلالًا3، ويحرم على الرجل أن ينكح زانية أو مشركة4 والعكس5، ومن صرح القرآن   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 562 رقم 2076" والترمذي "3/ 427 رقم 1119" وابن ماجه "1/ 622 رقم 1935" وغيرهم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -قال إسماعيل: وأراه قد رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لعن الله المحلل والمحلل له" وهو حديث صحيح. المحلل: متزوج المطلقة ثلاثًا؛ لتحل للزوج الأول. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 162 رقم 5112" ومسلم "2/ 1034 رقم 57/ 1415" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار. والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 323 رقم 2721" ومسلم "2/ 1035 رقم 63/ 1418" وغيرهما عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أحق الشرط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 19 رقم 3594" وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصلح جائز بين المسلمين". زاد أحمد: "إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا". وزاد سليمان بن داود: وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المسلمون على شروطهم" وهو حديث صحيح. وللحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 187 رقم 2561" ومسلم "2/ 1141 رقم 6/ 1504" وغيرهما عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته -قصة عتق بريرة- ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؛ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله، فليس له، وإن شرط مائة مرة؛ شرط الله أحق وأوثق". 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 542 رقم 2051" والنسائي "6/ 66 رقم 3228" والترمذي "5/ 328 رقم 3177" وقال: حديث حسن غريب عن عبد الله بن عمرو، أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها: عناق، وكانت صديقته، قال: جئت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله أنكح عناق؟ قال: فسكت عني، فنزلت: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فدعاني فقرأها علي وقال: "لا تنكحها". 6 لأن هذا الحكم لا يختص بالرجل دون المرأة كما تفيد ذلك الآية: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 بتحريمه1 والرضاع كالنسب2، والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها3، وما زاد على العدد المباح للحر والعبد4، وإذا تزوج العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل5، وإذا عتقت الأمة ملكت أمر نفسها، وخيرت في زوجها6، ويجوز فسخ النكاح بالعيب7، ويقر من أنكحة الكفار إذا أسلموا ما يوافق الشرع8.   1 في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 23، 24] . 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 253 رقم 2645" ومسلم "2/ 1071 رقم 1447" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بنت حمزة: "لا تحل لي، يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب؛ هي ابنة أخي من الرضاعة". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 160 رقم 5109" ومسلم "2/ 1028 رقم 33/ 1408" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 677 رقم 2241" وابن ماجه "1/ 628 رقم 1952" عن الحارث بن قيس، قال: أسلمت وعندي ثمانِ نسوة، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اختر منهن أربعًا"، وهو حديث حسن. وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 435 رقم 1128" وابن ماجه "1/ 628 رقم 1953" وغيرهما عن ابن عمر، أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخير أربعًا منهن. وهو حديث صحيح. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 563 رقم 2078" والترمذي "3/ 419 رقم 1111" وقال حديث حسن، وهو كما قال. عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر". 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1143 رقم 9/ 1504" من حديث عائشة رضي الله عنها: أن بريرة كان زوجها عبدًا، فخيرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاختارت نفسها، ولو كان حرًا لم يخيرها. 7 لم يأت من قال بجواز فسخ النكاح بالعيب بحجة نيرة، ولم يثبت شيء منها. 8 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 436 رقم 1130" وأبو داود "2/ 678 رقم 2243" وابن ماجه "1/ 627 رقم 1951" وغيره عن الضحاك بن فيروز، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان، قال: "طلق أيتهما شئت"، وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وإذا أسلم أحد الزوجين انفسخ النكاح، وتجب العدة1، فإن أسلم الآخر ولم تتزوج المرأة كانا على نكاحهما الأول ولو طالت المدة إذا اختارا ذلك2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 417 رقم 5286" عن ابن عباس: "كان المشركون على منزلتين من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه، وإن هاجر عبد منهم أو أمة فهما حران، ولهما ما للمهاجرين". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 675 رقم 2240" والترمذي "3/ 448 رقم 1143" وابن ماجه "1/ 647 رقم 2009" وغيرهم عن ابن عباس، قال: رد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، لم يحدث شيئًا، قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد ست سنين، وقال الحسن بن علي: بعد سنتين وهو حديث صحيح، وانظر هامش "1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 [الـ] فصل [الثالث: أحكام المهر] والمهر واجب1، وتكره المغالاة فيه2، ويصح ولو خاتمًا من حديد أو تعليم   1 لقوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] . صدقاتهن: جمع صداق وهو المهر. نحلة: عطية وهبة مفروضة. وللحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 190 رقم 5135" ومسلم "2/ 1041 رقم 76/ 1425" وغيرهما، عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني وهبت من نفسي، فقامت طويلًا، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل عندك من شيء تصدقها"؟ قال: ما عندي إلا إزاري فقال: "إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئًا"، فقال: ما أجد شيئًا، فقال: "التمس ولو كان خاتمًا من حديد" فلم يجد، فقال: "أمعك من القرآن شيء"؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال: "زوجناكها بما معك من القرآن". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 590 رقم 2117" وغيره عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خير النكاح أيسره". وهو حديث صحيح. وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1040 رقم75/ 1424" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل نظرت إليها؛ فإن في عيون الأنصار شيئًا"؟ قال: قد نظرت إليها. قال: "على كم تزوجتها" قال: على أربع أواقٍ. فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه". قال: فبعث بعثًا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم. على أربع أواقٍ: هو جمع أوقية. الأوقية من الذهب =40 درهمًا. الدرهم =2.975 غرامًا، إذًا الأوقية من الذهب: =40× 2.975 = 19 جرامًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 قرآن1، ومن تزوج امرأة ولم يسم لها صداقًا فلها مهر نسائها إذا دخل بها2 ويستحب تقديم شيء من المهر قبل الدخول3، وعليه إحسان العشرة4.   1 للحديث عن سهل بن سعد، انظر هامش "ص122". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 588 رقم 2224" والنسائي "6/ 121-122" والترمذي "3/ 450 رقم 1145" وابن ماجه "1/ 609 رقم 1891" وغيرهم عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات. فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها، لا وَكَسَ ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بروع بنت واشق، امرأة منا، مثل الذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود، وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 596 رقم 2155" والنسائي "6/ 129 رقم 3375" وغيرهما عن ابن عباس قال: لما تزوج علي بن أبي طالب فاطمة قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعطها شيئًا" قال: ما عندي شيء. قال: "أين درعك الحطمية"؟ وهو حديث صحيح. الحطمية: منسوبة إلى حطمة بطن من عبد القيس، وكانوا يعملون في الدروع. ويقال: إنها الدروع السابغة التي تحطم السلاح. 4 لقوله تعالى: و {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 253 رقم 5186" ومسلم "2/ 1090 رقم 1468" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن المرأة كالضلع إذا ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها وفيها عوج". ومن إحسان العشرة: أولا: أن يكون عونا لها على طاعة الله عز وجل: فيعلمها التوحيد والعبادات ونحو ذلك: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/11 رقم 628" ومسلم "5/104 - بشرح النووي" وغيرهما عن مالك بهن الحويرث: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رفيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهلينا قال: "ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فيؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم". ثانيا: أن يغار عليها، فلا يعرضها لما يخدش حياءها ويجرح كرامتها، وليس معنى الغيرة أن يسيء الظن بها فيتخونها ليلا؛ ليطلب عثراتها؛ فإن ذلك منهي عنه؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 114 رقم 2659" والنسائي "5/78 رقم 2558" وغيرهما عن جابر بن عتيك، أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله: فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة ... " وهو حديث حسن. ثالثا: أن يعطيها مهرها المتفق عليه؛ لحديث سهل بن سعد، انظر الهامش "3". رابعا: أن ينفق عليها وعلى أولادها، ولا يقتر عليهم إن كان في سعة، وأما إن كان في ضيق عيش وقلة ذات يد، فعليها أن تصبر. انظر هامش "ص545". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وعليها الطاعة1.   1 لقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: 34] . ومن طاعة الزوجة لزوجها: أولًا: أن تدخل بيت الرجل في غيابه من المحارم أو من يكره، وإن كان منهم؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 330 رقم 5232" ومسلم "14/ 153 بشرح النووي" وغيرهما عن عقبة بن عامر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت". الحمو: جمعه أحماء، وهم الأصهار من قبل الزوج، والأختان من جهة المرأة. والأصهار تجمع الفريقين أيضًا. وأراد ها هنا أخا الزوج فإنه لا يكون محرمًا للمرأة، وإن كان أراد أبا الزوج وهو محرم. فكيف بمن ليس بمحرم؟! وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218" من حديث جابر الطويل وفيه: "ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح". ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه: أي لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة، لا محرم ولا غيره، في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه. فاضربوهن ضربًا غير مبرح: الضرب المبرح هو الضرب الشديد الشاق ومعناه اضربوهن ضربًا ليس بشديد ولا شاق. والبرح: المشقة. ثانيًا: لا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت تردت في المعصية واستوجبت العقوبة؛ للحديث الذي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "7/ 293" والحاكم في المستدرك "2/ 189-190" عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تأذن في بيت زوجها وهو كارهٌ، ولا تخرج وهو كارهٌ ولا تطيع فيه أحدًا ولا تخشن بصدره ولا تعتزل فراشه ولا تضربه، فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن كان هو قبل فبها ونعمت وقبل الله عذرها وأفلح حجتها ولا إثم عليه، وإن هو أبى برضاها عنها فقد أبلغت عند الله عذرها" وهو حديث حسن بشواهده. وللفائدة انظر "مجموع الفتاوى" "32/ 281" لابن تيمية، في مسألة خروج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها. ثالثًا: أن تحرص على ماله، فلا تتصرف فيه بغير رضاه ولا تنفقه بغير علمه؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 824 رقم 3565" والترمذي "3/ 57 رقم 670" وقال: حديث حسن وغيرهما عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، ولا تنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها" فقيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: "ذاك أفضل أموالنا" وهو حديث صحيح. رابعًا: أن تطيعه في غير معصية؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 121 رقم 7144" ومسلم "12/ 226 بشرح النووي" وغيرها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". فإن أمرها زوجها أن تترك شيئًا من التطوعات كالصيام ونحوه وجب عليها ترك ذلك؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 293 رقم 5192" ومسلم "2/ 711 رقم 84/ 1026" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه". = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 ومن كان له زوجان فصاعدًا عدل بينهن في القسمة وما تدعو الحاجة إليه1، وإذا سافر أقرع بينهن2، وللمرأة أن تهب نوبتها أو تصالح الزوج على إسقاطها2، ويقيم عند الجديدة البكر سبعًا والثيب ثلاثًا3   = خامسًا: أن تكشر له حسن صنيعه إليها، ولا تجحد فضله؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 83 رقم 29" ومسلم "6/ 212-213- بشرح النووي" عن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أريت النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا. قالت: ما رأيت منك خيرًا قط". سادسًا: أن تخدمه في الدار، وتساعده على أسباب العيش الحسن؛ فإن ذلك يعينه على التفرغ لما هو فيه، لا سيما إن كان مشتغلًا بالعلم؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 71 رقم 3705" ومسلم "4/ 2091 رقم 80/ 2727" عن علي بن أبي طالب أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما تلقى من أثر الرحى، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبي، فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم فقال: "على مكانكما"، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: "ألا أعلمكما خيرًا مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبران أربعًا وثلاثين وتسبحان ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان ثلاثًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم". ولم نجد لمن قال بعدم وجوب خدمة المراة زوجها في الدار دليلًا صالحًا. انظر "آداب الزفاف" للمحدث الألباني ص 118-120 تحت عنوان: "وجوب خدمة المرأة لزوجها" فقد أجاد وأفاد. 1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 600 رقم 2133" والنسائي "7/ 63 رقم 3942" والترمذي "3/ 447 رقم 1141" وابن ماجه "1/ 633 رقم 1969" وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 218 رقم 2593" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم كل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبتغي بذلك رضا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 304 رقم 5206" ومسلم "4/ 2316 رقم 3021" عن عائشة رضي الله عنها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قالت: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني لا تطلقني، ثم تزوج غيري، فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي، فذلك قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] . وانظر الهامش "2". للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 314 رقم 5214" ومسلم "2/ 1084 رقم 1461" عن أنس قال: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا ثم قسم، قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 ولا يجوز العزل1 ولا إتيان المرأة في دبرها2، 3   1 الأصح جواز العزل؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 305 رقم 5209" ومسلم "2/ 1065 رقم 1440". عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والقرآن ينزل". وهناك أحاديث أخرى انظرها في كتابنا "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء النكاح، والأولى ترك العزل؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1067 رقم 141/ 1442" وغيره عن عائشة، عن جد أمة بنت وهب أخت عكاشة، قالت: ... ثم سألوه عن العزل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذلك الوأد الخفي". العزل: هو النزع بعد الإيلاج؛ لينزل خارج الفرج. 2 هنا في المخطوط زيادة وهي "فصل: والوليمة للعرس مشروعة، وإجابتها واجبة ما لم تكن فيها ما لا يحل". وقد حذفتها؛ لأن المؤلف جاء بها بعد كتاب الأضحية فليعلم. 3 للحديث الذي أخرجه الترمذي "1/ 242 رقم 135" وأبو داود "4/ 225 رقم 3904" وابن ماجه "1/ 209 رقم 639" وغيرهم عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 [الـ] فصل [الرابع: الولد للفراش] والولد للفراش، ولا عبرة لشبهه بغير صاحبه1 وإذا اشترك ثلاثة في وطء أمة في طهر ملكها كل واحد منهم فيه فجاءت بولد وادعوه جميعًا فيقرع بينهم ومن استحقه بالقرعة فعليه للآخرين ثلثا الدية2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 292 رقم 2053" ومسلم "2/ 1080 رقم 36/ 1457" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد ابن أبي وقاص، أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه. قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص وقال: ابن أخي، قد عهد إلي فيه. فقام عبد بن زمعة فقال: أخي. وابن وليدة أبي ولد على فراشه. فتساوقا إلى رسول الله صلى الله ليه وسلم فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي، كان قد عهد إلي فيه، فقال ابن زمعة: أخي، وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هو لك يا عبد بن زمعة"، ثم قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احتجبي منه يا سودة"؛ لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 700 رقم 2269" وابن ماجه "2/ 786 رقم 2348" والنسائي "6/ 183 رقم 3490" وغيرهم عن زيد بن أرقم، قال: كنت جالسًا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء رجل من اليمن، فقال: إن ثلاثة نفر من أهل اليمن أتوا عليًّا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فغليا ثم قال الاثنين: طيبا بالولد لهذا فغليا، قال الاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغليا، ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم فمن قرع فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت أضراسه أو نواجذه ... وهو حديث صحيح. فغليا: من غلي القدر غليانًا: أي صاحا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 [الكتاب التاسع] : كتاب الطلاق [ الباب الأول: أنواع الطلاق ] [ الفصل الأول: مشروعية الطلاق وأحكامه ] هو جائز1 من مكلف مختار2 ولو هازلًا4 لمن كانت في طهر لم يمسها فيه ولا طلقها في الحيضة التي قبله أو في حمل قد استبان5   1 لقوله تعالى في سورة البقرة: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} . وللحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 653 رقم 4908" ومسلم "2/ 1095 رقم 4/ 1471" عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتغيظ فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: "ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا قبل أن يمسها. فتلك العدة كما أمره الله". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 642 رقم 2193" وابن ماجه "1/ 660 رقم 2046" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". وهو حديث حسن بطرقه. إغلاق: إكراه. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 643 رقم 2194" وابن ماجه "1/ 658 رقم 2039" والترمذي "3/ 490 رقم 1184" وقال: حديث حسن غريب عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة". وهو حديث حسن. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 345 رقم 5251" ومسلم "2/ 1093 رقم1/ 1471". عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء". وفي لفظ لمسلم "2/ 1095 رقم 5/ 1471" عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: "مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ويحرم إيقاعه على غير هذه الصفة1، وفي وقوعه ووقوع ما فوق الواحدة من دون تحلل رجعة خلاف، والراجح عدم الوقوع2.   1 لحديث ابن عمر، انظر هامش "ص128". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1099 رقم 1472" عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم". أناة: أي مهلة وبقية استمتاع؛ لانتظار المراجعة. فلو أمضيناه عليه: أي فلو أنفذناه علهيم لما فعلوا ذلك الاستعجال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 [الـ] فصل [الثاني: بما يقع الطلاق] ويقع بالكناية مع النية1 وبالتخيير إذا اختارت الفرقة2، وإذا جعله الزوج إلى غيره وقع منه3 ولا يقع بالتحريم4 والرجل أحق بامرأته في عدة طلاقه يراجعها متى شاء إذا كان الطلاق رجعيًّا5   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 356 رقم 5254" عن عائشة رضي الله عنها، أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: "لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك". وللحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 113 رقم 4418" ومسلم "4/ 2120 رقم 2769" وغيرهما في حديث تخلف كعب بن مالك لما قيل له: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرك أن تعتزل امرأتك فقال: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: بل اعتزلها فلا تقربنها فقال لامرأته: الحقي بأهلك". فأفاد الحديثان أن اللفظة تكون طلاقًا مع القصد، ولا يكون طلاقًا مع عدمه. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 367 رقم 5262" ومسلم "2/ 1103 رقم 1477". عن عائشة رضي الله عنها قالت: "خيرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئًا". 3 لجواز التوكيل من غير فرق بين الطلاق وغيره، فلا يخرج من ذلك إلا ما خصه دليل انظر هامش "ص180". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 374 رقم 5266" ومسلم "2/ 1100 رقم 1473". عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول: "في الحرام: يمين يكفرها. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] . 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 644 رقم 2195" والنسائي "6/ 212 رقم 3554" عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} إلى قوله: {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 288] وذلك بأن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك. وقال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 299] . وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ولا تحل له بعد الثلاث حتى تنكح زوجًا غيره1.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 249 رقم 2639" ومسلم "2/ 1055 رقم 111/ 1433" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: "جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: كنت عند رفاعة فطلقني فأبتَّ طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب. فقال: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك". وأبو بكر جالس عنده وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له. فقال: "يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فبتَّ طلاقي: أي طلقني ثلاثًا. والبت القطع. إنما معه: أي وإن الذي معه، تعني متاعه. هدبة الثوب: هي طرفه الذي لم ينسج، شبهوها بهدب العين وهو شعر جفنها، تعني أن متاعه رخو كهدبة الثوب. عسيلته: تصغير عسلة: وهي كناية عن الجماع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 [الباب الثاني] : باب الخلع وإذا خالع الرجل امرأته كان أمرها إليها1 لا ترجع إليه بمجرد الرجعة2، ويجوز بالقليل والكثير ما لم يجاوز ما صار إليها منه3، فلابد من التراضي بين الزوجين على الخلع4 أو إلزام الحاكم مع الشقاق بينهما5، وهو فسخ6 وعدَّتُهُ حيضة7.   1 أي لا يبقى للزوج عليها سلطان بعد الخلع. 2 لانفساخ عقد النكاح. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 395 رقم 5273". عن ابن عباس "أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتردين عليه حديقته"؟ قالت: نعم. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"؟. 4 لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] . 5 لحديث ابن عباس؛ انظر الهامش "4". 6 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 491 رقم 1185" والنسائي "6/ 186 رقم 3498" وابن ماجه "1/ 663 رقم 2058" عن ربيع بنت معوذ قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألته ماذا علي من العدة فقال: لا عدة عليك إلا أن تكوني حديثة عهد به، فتمكثي حتى تحيضي حيضة. قال: وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مريم المغالية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فاختلعت منه. وهو حديث صحيح. إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ثابت بن قيس أن يطلق امرأته في الخلع تطليقة ومع هذا أمرها أن تعتد بحيضة، وهذا صريح في أنه فسخ ولو وقع بلفظ الطلاق. 7 لحديث ربيع بنت معوذ، انظر الهامش "516". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 [الباب الثالث] : باب الإيلاء هو أن يحلف الزوج من جميع نسائه أو بعضهن لا يقربهن1، فإن وقَّت بدون أربعة أشهر اعتزل، حتى ينقضي ما وقت به2، وإن وقت بأكثر منها خير بعد مضيها بين أن يفيء أو يطلق3.   1 وهو تعريف الإيلاء شرعًا. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 300 رقم 5202" ومسلم "2/ 764 رقم 25/ 1085"، عن أم سلمة قالت: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا، فلما مضى تسعة وعشرون يومًا غدا عليهن -أو راح- فقيل له: يا نبي الله حلفت أن لا تدخل عليهن شهرًا، قال: "إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا". 3 لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 426 رقم 5291" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق، ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 [الباب الرابع] : باب الظهار وهو قول الزوج لامرأته: أنت علي كظهر أمي أو ظاهرتك أو نحو ذلك1، فيجب عليه قبل أن يمسها أن يكفِّر بعتق رقبة، فإن لم يجد فليطعم ستين مسكينًا، فإن لم يجد فليصم شهرين متتابعين2، ويجوز للإمام أن يعينه من صدقات المسلمين إذا كان فقيرًا لا يقدر على الصوم وله أن يصرف منها لنفسه وعياله، وإذا كان الظهار مؤقتًا فلا يرفعه إلا انقضاء الوقت3، وإذا   1 وهو تعريف الظهار شرعًا. 2 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 3، 4] . 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 660 رقم 2213" والترمذي "3/ 503 رقم 1200" وقال: حديث حسن. عن سلمة بن صخر، قال ابن العلاء البياضي، قال: كنت امرءًا أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا يتابع بي، حتى أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي، فأخبرتهم الخبر، وقلت: امشوا معي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: لا والله، فانطلقت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته فقال: "أنت بذاك يا سلمة"؟. قلت: أنا بذاك يا رسول الله، مرتين وأنا صابر لأمر الله فاحكم = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وطئ قبل انقضاء الوقت، أو قبل التكفير كف حتى يكفر في المطلق وينقضي وقت المؤقت1.   = فيَّ ما أراك الله، قال: "حرر رقبة". قلت: "والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي، قال: "فصم شهرين متتابعين". قال: وهل أصبت الذي إلا من الصيام؟ قال: "فأطعم وسقًا من تمر بين ستين مسكينًا". قلت: والذي بعثك بالحق، لقد بتنا وحشين ما لنا طعام، قال: "فانطلق إلى صاحب صدقة بني رزيق، فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر، وكل أنت وعيالك" بقيتها، فرجعت إلى قومي، فقلت: وجدت عندكم الضيق، وسوء الرأي، ووجدت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السعة، وحسن الرأي، وقد أمرني أو أمر لي بصدقتكم. زاد ابن العلاء: قال ابن إدريس: بياضة بطن من بني رزيق، وهو حديث صحيح. يتابع "بضم الياء": أي يلازمني، فلا أستطيع الفكاك منه. أنت بذاك يا سلمة: أنت الملم بذاك والمرتكب له. بتنا وحشين: بتنا مقفرين لا طعام لنا. 1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 667 رقم 2223" والنسائي "6/ 176 رقم3457" وابن ماجه "1/ 666 رقم 2065" والترمذي "3/ 503 رقم 1199" وقال: حديث حسن غريب صحيح عن ابن عباس أن رجلًا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت قبل أن أكفِّر قال: "وما حملك على ذلك يرحمك الله"، قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر. فقال: "لا تقربها حتى تفعل ما أمر الله عز وجل". وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 [الباب الخامس] : باب اللعا ن 2 إذا رمى الرجل امرأته بالزنى، ولم تقر بذلك ولا رجع عن رميه، لاعنها، فيشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين3   2 اللعان شرعًا: شهادات أربع مؤكدات بالأيمان، مقرونة شهادة الزوج باللعن، وشهادة المرأة بالغضب، قائمة شهاداته مقام حد القذف في حقه، وشهاداتها مقام حد الزنى في حقها. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 449 رقم4747" عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشريك بن سحماء، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البينة أو حد في ظهرك"، فقال: يا رسول الله إذ رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "البينة وإلا حد في ظهرك". فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6-9] فانصرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 [وإذا كانت حاملًا أو كانت قد وضعت أدخل نفي الولد في أيمانه1] 2، ويفرق الحاكم بينهما، وتحرم عليه أبدًا3، ويلحق الولد بأمه فقط4، ومن رماها به فهو قاذف5.   = والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب"؟ ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء"، فجاءت به كذلك، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن". 1 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 5009- البغا" ومسلم "2/ 132 رقم 1494" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بين رجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة". 2 ما بين الحاصرتين قد طمس عليها في المخطوط. 3 للحديث الذي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "7/ 410" وأبو داود "2/ 683 رقم 2250" عن سهل بن سعد الساعدي في حديث المتلاعنين قال: "فمضت السنة بعد في المتلاعنين يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا" وهو حديث صحيح. 4 لحديث ابن عمر، انظر الهامش "1". 5 لأن الملاعنة داخلة في المحصنات لم يثبت عليها ما يخالف ذلك وهكذا، من قذف ولدها فإنه كقذف أمه يجب الحد على القاذف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 [الباب السادس] : باب العدة [ الفصل الأول: أنواع العدة ] هي للطلاق من الحامل بالوضع1، ومن الحائض بثلاث حيض2، ومن غيرهما3،   1 لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] . 2 لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] . والقروء: هي الحِيَض؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 208 رقم 297" والترمذي "1/ 220 رقم 126" وابن ماجه "1/ 204 رقم 625" وغيرهم. عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة وتصوم وتصلي". وهو حديث حسن لشواهده. 3 أي غير الحامل والحائض وهي الصغيرة والكبيرة التي لا حيض فيها، أو التي انقطع حيضها بعد وجوده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 بثلاثة أشهر1، وللوفاة بأربعة أشهر وعشر2، وإن كانت حاملًا بالوضع3، ولا عدة على غير مدخولة4، والأمة كالحرة5، وعلى المعتدة للوفاة ترك التزين6، والمكث في البيت الذي كانت فيه عند موت زوجها أو بلوغ خبره7.   1 لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] . 2 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] . 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 469 رقم 5318" ومسلم "2/ 122 رقم 1485" عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن امرأة من أسلم يقال لها: سبيعة كانت تحت زوجها توفي عنها وهي حبلى، فخطبها أبو السنابل بن يعكك، فأبت أن تنكحه فقال: والله ما يصلح أن تنكحيه حتى تعتدي آخر الأجلين، فمكث قريبًا من عشر ليال، ثم جاءت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "انكحي" انظر الهامش "ص132". 4 لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] . 5 أي عدة الأمة كالحرة؛ لأن أدلة الكتاب والسنة المشتملة على تفصيل العدد وهي غير مختصة بالحرائر. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 491 رقم 5341" ومسلم "2/ 1127 رقم 66 /938". عن أم عطية قالت: "كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نطيب ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الظهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كُستِ أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز". إلا ثوب عصب: العصب: وهو برود اليمن، يعصب غزلها ثم يصبغ معصوبًا ثم تنسج. نبذة من كست أظفار: النبذة: القطعة والشيء اليسير. وأما الكست، ويقال: قسط، وهو والأظفار نوعان معروفان من البخور، وليسا من مقصود الطيب. 7 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 723 رقم 2300" والترمذي "3/ 508 رقم 1204" وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي "6/ 199 رقم 3529" وابن ماجه "1/ 654 رقم 2031" وغيرهم عن الفريعة بنت مالك أن زوجها تكارى علوجًا؛ ليعملوا له فقتلوه فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالت: إني لست في مسكن له ولا يجري علي منه رزق أفأنتقل إلى أهلي ويتاماي وأقوم عليهم. قال: "افعلي". ثم قال: "كيف قلت"؟ فأعادت عليه قولها قال: "اعتدي حيث بلغك الخبر" وهو حديث صحيح. الأعلاج: العبيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 [الـ] فصل [الثاني: استبراء الأمة المسبية والمشتراة] ويجب استبراء الأمة المسبية والمشتراة ونحوهما بحيضة إن كانت حائضًا، والحامل بوضع الحمل1، ومنقطعة الحيض حتى يتبين عدم حملها2، ولا تستبرأ بكر ولا صغيرة مطلقًا، ولا يلزم البائع ونحوه3.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 614 رقم 2157" عن أبي سعيد الخدري -ورفعه- أنه قال في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة" وهو حديث صحيح. أوطاس: وادٍ في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ببني هوازن. 2 لأنه لا يمكن العلم بعدم الحمل إلا بذلك؛ إذ لا حيض، بل المفروض أنه منقطع لعارض أو أنها ضهيأ. وأما من قد بلغت سن الأياس من الحيض فقد صار حملها مأيوسًا كحيضها ولا اعتبار بالنادر. ضهيأ: المرأة لا تحيض، والتي لا لبن لها ولا ثدي. وانظر "السيل الجرار" "2/ 408-410"؛ لمناقشة هذه المسألة. 3 لعدم الدليل على ذلك لا بنص، ولا بقياس صحيح بل هو محض رأي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 [الباب السابع] : باب النفقة تجب على الزوج للزوجة1، والمطلقة رجعيًّا2، لا بائنًا3، ولا في عدة الوفاة،   1 لا أعرف في ذلك خلافًا؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 606 رقم 2142" وابن ماجه "1/ 593 رقم 1850" وغيرهما عن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟، قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت -أو "اكتسبت- ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا يهجر إلا في البيت" وهو حديث صحيح. قال أبو داود: "ولا تقبح" أن تقول قبحك الله. وللحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 507 رقم 5364" ومسلم "3/ 1338 رقم 1714" عن عائشة: "إن هذا بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". 5 للحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 144 رقم 3403" وغيره. عن فاطمة بنت قيس، قالت: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: أنا بنت آل خالد، وإن زوجي فلانًا أرسل إلي بطلاقي، وإني سألت أهله النفقة والسكن، فأبوا علي، قالوا: يا رسول الله إنه قد أرسل إليها بثلاث تطليقات قالت: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة". وهو حديث صحيح. وقد أثبت القرآن الكريم للمرأة المطلقة رجعيًّا السكنى. في سورة الطلاق الآية "1": {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} ، ويستفاد من النهي عن الإخراج وجوب النفقة مع السكنى، ويؤيده قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] ، ويدل على وجوب النفقة قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241] . 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1118 رقم 44/ 1480". عن فاطمة بنت قيس، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المطلقة ثلاثًا، قال: "ليس لها سكنى ولا نفقة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 فلا نفقة ولا سكنى إلا أن تكونا حاملتين1، وتجب على الولد الموسر لولده المعسر والعكس2، على السيد لمن يملكه3، ولا تجب على القريب لقريبه إلا من باب صلة الرحم المشروعة4، ومن وجبت نفقته وجبت كسوته وسكناه5.   1 للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم "2/ 227 رقم 41/ 1480" أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن. فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها. وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فقالا لها: والله مالك نفقة إلا أن تكوني حاملًا، فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت له قولهما، فقال: "لا نفقة لك". 2 لحديث عائشة في هامش"ص134". وأما وجوب نفقة الوالد المعسر على ولده الموسر، فللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 800 رقم 3528" والنسائي "7/ 240 رقم 4449" وابن ماجه "2/ 768 رقم 2290" والترمذي "3/ 639 رقم 1358" وقال: حديث حسن صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولد الرجل من كسبه" وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 465 رقم 6050" ومسلم "3/ 1282 رقم 1661" عن المعرور بن سويد، قال: مررنا بأبي ذر بالربذة، وعليه برد وعلى غلامه مثله. فقلنا: يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة. فقال: إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام. وكانت أمه أعجمية، فعيرته بأمه، فشكاني إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلقيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية". قلت: يا رسول الله، من سب الرجال سبوا أباه وأمه. قال: "يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم". الربذة: هي موضع بالبادية، بينه وبين المدينة ثلاث مراحل. وهو في شمال المدينة سكنه أبو ذر رضي الله عنه، وبه كانت وفاته فدفن فيه. إنك امرؤ فيك جاهلية: أي هذا التعبير من أخلاق الجاهلية. فقيل: خلق من أخلاقهم. 4 لعدم ورود دليل يخص ذلك، بل جاءت أحاديث صلة الرحم وهي عامة: منها: ما أخرجه البخاري "10/ 417 رقم 5988" ومسلم "4/ 1980 رقم 2554" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الرحم شجنة من الرحمان. فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته". ومنها: ما أخرجه البخاري "10/ 415 رقم 5986" ومسلم "4/ 1982 رقم 2557" عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه". ينسأ: أي يؤخر. أثره: الأثر الأجل؛ لأنه تابع للحياة في أثرها. 5 لما يستفاد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتقدمة. انظر هامش "ص134". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 [الباب الثامن] : باب الرضاع إنما يثبت حكمه بخمس رضعات1 مع تيقن وجود اللبن2، وكون الرضيع قبل الفطام3، ويحرم به ما يحرم بالنسب4، ويقبل قول المرضعة5، ويجوز إرضاع الكبير ولو كان ذا لحية لتجويز النظر6.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1075" رقم "24/ 1452" وغيره عن عائشة، أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهن فيما يقرأ من القرآن". أي إن نسخها كان متأخرًا، حتى إنه توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعض الناس ما زال يتلوها قرآنًا؛ لأنه لم يبلغه النسخ بعد. معلومات: أي إن كان كل رضعة متميزة عن غيرها، فهن متفرقات مشبعات. 2 لأنه سبب ثبوت حكم الرضاع، فلو لم يكن وجوده معلومًا وارتضاع الصبي منه معلومًا، لم يكن لإثبات حكم الرضاع وجه مسوغ. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 146 رقم 5102" ومسلم "2/ 1078 رقم 32/ 1455" عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال: انظرن ما إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة، أي لا تحرم الرضاعة إذا كانت في الزمن الذي يجوع فيه الإنسان؛ لفقد ما يشبع بها، وهذا لا يكون إلا للصغير. وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 458 رقم 1152" وقال: حديث حسن صحيح عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" وهو حديث صحيح. فتق الأمعاء: شقها وسلك فيها. في الثدي: في زمن الثدي أي في زمن الرضاع قبل الفطام، والفطام يكون بتمام الحولين، قال تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] . والفصال هو الفطام؛ لأنه يفصل به الرضيع عن أمه. وقال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] . 4 لحديث ابن عباس، انظر الهامش "ص121". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 152 رقم 5104" عن عقبة بن الحارث، قال: تزوجت امرأة، فجاءنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت تزوجت فلانة بنت فلان فجاءتنا: امرأة سوداء، فقالت لي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة، فأعرض عني، فآتيته من قبل وجهه، قلت: إنها كاذبة. قال: "وكيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك". 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1077 رقم 29/ 1453". عن زينب بنت أم سلمة، قالت: قالت أم سلمة لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي، قال: فقالت عائشة: أما لك في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسوة؟ قالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالمًا يدخل علي وهو رجل. وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أرضعيه حتى يدخل عليك". قلت: حمل سائر العلماء من الصحابة والتابعين، وعلماء الأمصار إلى الآن -ما عدا عائشة وداود الظاهري- حديث امرأة أبي حذيفة على أنه مختص بها وبسالم. وهو الراجح؛ لحديث عائشة في الصحيحين، ولحديث أم سلمة عند الترمذي، انظر هامش "ص136". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 [الباب التاسع] : باب الحضانة الأولى بالطفل أمه ما لم تنكح1، ثم الخالة2، ثم الأب3، ثم يعين الحاكم من القرابة من رأى فيه صلاحًا4، وبعد بلوغ سن الاستقلال يخير الصبي بين أبيه وأمه5، فإن لم يوجد أكفله من كان له في كفالته مصلحة6.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 707 رقم 2276" وغيره. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عبد الله بن عمرو: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء وحجري له جواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنت أحق به ما لم تنكحي" وهو حديث حسن. وحكى ابن المنذر في الإجماع ص99 رقم "392" ورقم "393": على أن حقها يبطل بالنكاح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 303 رقم 2699" وغيره عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ... فخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتبعتهم ابنة حمزة: يا عم، يا عم، فتناولها علي فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك احمليها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر. فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي. فقضى بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخالتها وقال: "الخالة بمنزلة الأم"، وقال لعلي: "أنت مني وأنا منك". وقال لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي". وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا". 3 لحديث عبد الله بن عمرو في الهامش "1". وفيه: "أنت أحق به ما لم تنكحي" يفيد ثبوت أصل الحق في الحضانة للأب بعد الأم، ومن هو بمنزلتها وهي الخالة. 4 لحاجة الصبي إلى من يحضنه بالضرورة، والقرابة أشفق به، فيعين الحاكم من يقوم به منهم ممن يرى فيه صلاحًا للصبي. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 708 رقم 2277" والنسائي "6/ 185 رقم 3496" والترمذي "3/ 638 رقم 1357" وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه "2/ 787 رقم 2351" وغيرهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير غلامًا بين أبيه وأمه وهو حديث صحيح. 6 لكونه محتاجًا إلى ذلك، فكانت المصلحة معتبرة في بدنه كما اعتبرت في ماله، وقد دلت على ذلك الأدلة الواردة في اليتامى من الكتاب والسنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 [الكتاب العاشر] : كتاب البيع [ الباب الأول: أنواع البيوع المحرمة ] المعتبر فيه مجرد التراضي، ولو بإشارة من قادر على النطق1، ولا يجوز بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام2 والكلب3 والسنور4، والدم5   1 الأصل في مشروعية البيع آيات. منها قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] . 2 لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] . 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 424 رقم 2236" ومسلم "3/ 1207" رقم 71/ 1581" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول وهو بمكة عام الفتح: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة؛ فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذلك: "قاتل الله اليهود؛ إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه". يطلى: يدهن. يستصبح: يجعلونها في مصابيحهم ويوقدون فتيلًا فيها؛ ليستضيئوا بها. قاتل: لعن. شحومها: شحوم الميتة. أو شحوم البقرة والغنم، كما أخبر تعالى بقوله: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] . جملوه: أذابوه واستخرجوا دهنه. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 426 رقم 2237" ومسلم "3/ 1198" رقم 39/ 1567" عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي، وحلوان الكاهن". مهر البغي: هو ما تأخذه الزانية على الزنا، وسماه مهرًا لكونه على صورته، وهو حرام بإجماع المسلمين. حلوان الكاهن: هو ما يعطاه على كهانته. 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1199 رقم 1569" عن أبي الزبير، قال: سألت جابرًا عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: زجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 426 رقم 2238" عن أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى حجامًا فأمر بمحاجمه فكسرت فسألته عن ذلك، فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب وكسب الأمة، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله ولعن المصور". حجامًا فأمر بمحاجمه فكسرت فسألته عن ذلك، فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب وكسب الأمة، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله ولعن المصور". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 وعسب الفحل1 وكل حرام2، وفضل الماء3 وما فيه غرر4 كالسمك في الماء، وحبل الحبلة5، والمنابذة والملامسة6 وما في الضرع، والعبد الآبق، والمغانم حتى   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 461 رقم 2284". عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عسب الفحل". 2 لحديث جابر بن عبد الله، انظر هامش "ص138". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 751 رقم 3478" والنسائي "7/ 307 رقم 4662" والترمذي "3/ 571 رقم 1271" وقال: حديث حسن صحيح عن إياس بن عبد "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن فضل الماء" وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1153" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر ". بيع الحصاة: فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن يقول: بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أو بعتك من هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة. والثاني: أن يقول: بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمي بهذه الحصاة. والثالث: أن يجعلا نفس الرمي بالحصاة بيعًا. فيقول: إذا رميت هذا الثوب بالحصاة فهو مبيع منك بكذا. بيع الغرر: النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع. ويدخل فيه مسائل كثير من منحصرة: كبيع الآبق، والمعدوم والمجهول وما لا يقدر على تسليمه، وما لم يتم ملك البائع عليه، وبيع السمك في الماء الكثير، واللبن في الضرع، وبيع الحمل في البطن ونظائر ذلك، وكل هذا بيعه باطل؛ لأنه غرر من غير حاجة، ومعنى الغرر الخطر، والغرور والخداع، واعلم أن بيع الملامسة، وبيع المنابذة، وبيع حبل الحبلة، وبيع الحصاة، وعسيب الفحل وأشباهها من البيوع التي جاء فيها نصوص خاصة، هي داخلة في النهي عن الغرر، ولكن أفردت بالذكر ونهي عنها لكونها من بياعات الجاهلية المشهورة. 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1153 رقم 5/ 1514" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أنه نهى عن بيع حبل الحبلة". بيع حبل الحبلة: هو بيع ولد الناقة الحامل في الحال. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 358 رقم 2144" ومسلم "3/ 1152 رقم 3/ 1512" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيعتين ولبستين: نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو النهار. ولا يقلبه إلا بذلك. والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه، وينبذ الآخر إليه ثوبه. ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 تقسم1، والثمر حتى يصلح2، والصوف في الظهر، والسمن في اللبن، والمحاقلة والمزابنة والمعاومة والمحاضرة3 والعربون4، والعصير إلى من يتخذه خمرًا5 والكالئ بالكالئ6 وما اشتراه قبل قبضه7، والطعام حتى يجري فيه الصاعان8، ولا يصح الاستثناء في البيع إلا إذا كان   1 للحديث الذي أخرجه النسائي "7/ 301 رقم 4645" عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع المغانم حتى تقسم، وعن الحبالى أن يوطأن حتى يضعن ما في بطونهن، وعن لحم كل ذي ناب من السباع" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 394 رقم 2194" ومسلم "3/ 1165 رقم 49/ 1534" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 404 رقم 2207" عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة". وللحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 50 رقم 2381" ومسلم "3/ 1175 رقم 85/ 1536" عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة، "قال أحدهما: بيع السنين هي المعاومة، وعن الثنيا، ورخص في العرايا". المحاقلة: بيع الزرع بكيل من الطعام معلوم. المخاضرة: بيع الثمرة خضراء قبل بدو صلاحها. المزابنة: بيع ثمر النخل بأوساق من التمر. المعاومة: بيع ثمر النخلة لأكثر من سنة في عقد واحد. المخابرة: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع. الثنيا: هي أن يستثني في عقد البيع شيء مجهول. 4 العربون: هو أن يعطي المشتري البائع درهمًا أو نحوه قبل البيع، على أنه إذا ترك الشراء كان الدرهم للبائع بغير شيء. وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع العربون". ضعيف. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 81 رقم 3674" وابن ماجه "2/ 1121 رقم 3380". عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه" وهو حديث صحيح. 6 أي المعدوم بالمعدوم. 7 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1162 رقم 41/ 1529" عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا ابتعت طعامًا، فلا تبعْهُ حتى تستوفِيَه". 8 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 750 رقم 2228" والدارقطني "3/ 8 رقم 24" والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 316" عن جابر، قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري" وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 معلومًا1 ومنه استثناء ظهر المبيع2، ولا يجوز التفريق بين المحارم3، ولا أن يبيع حاضر لبادٍ4، والتناجش5 والبيع على البيع6، وتلقي الركبان7، والاحتكار8، والتسعير9.   1 لحديث جابر بن عبد الله عند مسلم وغيره "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الثنيا" انظر هامش "ص140" وزاد النسائي "7/ 37 رقم 3880" والترمذي "3/ 585 رقم 1290": "إلا أن تعلم". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 314 رقم 2718" ومسلم "3/ 1221 رقم 109/ 715" عن جابر بن عبد الله، أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعا لي وضربه، فسار سيرًا لم يسر مثل، قال: "بعنيه بوُقَيَّة" قلت: لا. ثم قال: "بعنيه" فبعته بوقية، واستثنيت عليه حُملانه إلى أهلي. فلما بغلت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه ثم رجعت، فأرسل في أثري. فقال: "أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك، فهو لك". ماكستك: المماكسة هي المكالمة في النقص من الثمن. 3 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 580 رقم 1283" وقال حديث حسن غريب عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من فرق بين الوالدة وولدها، فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة". وهو حديث صحيح. بل الأصح جواز التفريق لحديث جابر، انظر هامش "ص140". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 372 رقم 2161" ومسلم "3/ 1158 رقم 212/ 1523" وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهينا أن يبيع حاضر لبادٍ وإن كان أخاه أو أباه". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 355 رقم 2142" ومسلم "3/ 1156 رقم 13/ 1516". عن ابن عمر رضي الله عنهما. أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النجش. النجش: هو زيادة في السلعة لا لرغبة فيها بل ليخدع غيره فيشتريها. 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 353 رقم 2140" ومسلم "3/ 1155 رقم 12/ 1515". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيع حاضر لبادٍ ولا تناجشوا، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه. ولا يخطب على خطبة أخيه. ولا تسأل المرأة طلاق أختها؛ لتكفأ ما في إنائها". 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 370 رقم 2158" ومسلم "3/ 1157 رقم 19/ 1521" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر لبادٍ" قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: "لا يبع حاضر لباد"؟ قال: لا يكون له سمسارًا. 8 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1228 رقم 130/ 1605" عن معمر بن عبد الله، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحتكر إلا خاطئ". 9 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 731 رقم 3451" والترمذي "3/ 605 رقم 1314" وقال: حديث حسن صحيح وابن ماجه "2/ 741 رقم 2200" وغيرهم عن أنس بن مالك، قال الناس: يا رسول الله غلا السعر فسعِّرْ لنا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال". وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 ويجب وضع الجوائح1، ولا يحل سلف وبيع2، وشرطان في بيع3 وبيعتان في بيعة4، [وربح ما لم يضمن] 5، وبيع ما ليس عند البائع6، ويجوز بشرط عدم الخداع7، والخيار في المجلس ثابت ما لم يتفرقا8.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1190 رقم 14/ 1554" عن جابر بن عبد الله. قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو بعت من أخيك ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا؛ بم تأخذ مال أخيك بغير حق"؟ الجائحة: الآفة التي تهلك الثمار والأموال. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 769 رقم 3504" والنسائي "7/ 288 رقم 4611" والترمذي "3/ 535 رقم 1234" وقال: حديث حسن صحيح عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك". وهو حديث حسن. 3 لحديث عبد الله بن عمرو، انظر الهامش "2". 4 للحديث الذي أخرجه النسائي "7/ 295 رقم 4632" وأبو داود "3/ 838 رقم 3461" والترمذي "3/ 533 رقم 1231" وغيرهم. عن أبي هريرة. قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا". وهو حديث حسن. 5 لحديث عبد الله بن عمرو، انظر الهامش "2". 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 768 رقم 3503" والترمذي "3/ 534 رقم 1232"والنسائي "7/ 289 رقم 4613" وابن ماجه "2/ 737 رقم 2187" وغيرهم عن حكيم بن حزام، قال: يا رسول الله، يأتيني الرجل، فيريد مني البيع ليس عندي، أفأبتاعه له من السوق؟ فقال: "لا تبع ما ليس عندك" وهو حديث صحيح. انظر هامش "ص140". 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 337 رقم 2117" ومسلم "3/ 1165 رقم 48/ 1533" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا ذكر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يخدع في البيوع، فقال: "إذا بايعت فقل: لا خلابة". لا خلابة: لا خديعة: أي لا تحل لك خديعتي، أو لا يلزمني خديعتك. 8 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 328 رقم 2110" ومسلم "3/ 1164 رقم 47/ 1532". عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما". بينا: أي بيَّن كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن. محقت بركة بيعهما: أي ذهبت بركته. وهي زيادته ونماؤه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 [الباب الثاني] : باب الر با 1 يحرم بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا مثلًا بمثل يدًا بيد2، وفي إلحاق غيرها بها خلاف3، فإن اختلفت الأجناس جاز التفاضل إذا كان يدًا بيد4، ولا يجوز بيع الجنس بجنسه مع عدم العلم بالتساوي5   1 التعامل بالربا من الكبائر، والأصل في تحريمه آيات؛ منها: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] . ومنها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:278- 279] . وأحاديث؛ منها ما أخرجه مسلم "3/ 1219 رقم 106/ 1598": عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: "هم سواء". هم سواء: أي يستوون في فعل المعصية والإثم. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 377 رقم 2174" ومسلم "3/ 1210 رقم 79/ 1586" وغيرهما عن مالك بن أوس أنه التمس صرفًا بمائة دينار، فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا، حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة، وعمر بن الخطاب يسمع ذلك، فقال: والله لا تفارقه، حتى تأخذ منه، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذهب بالذهب ربًا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربًا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربًا إلا هاء وهاء". إلا هاء وهاء: فيه لغتان: المد والقصر: والمد أفصح وأشهر، وأصله: هاك، فأبدلت المدة من الكاف، ومعناه خذ هذا، ويقول صاحبه مثله، والمدة مفتوحة، ويقال: بالكسر أيضًا. وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1210 رقم 80/ 1587" وغيره عن عبادة بن الصامت: قال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى". 3 لم يرد دليل تقوم به الحجة على إلحاق ما عدا الأجناس المنصوص عليها بها. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1211 رقم 81/ 1587" عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل سواء بسواء يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم. إذا كان يدًا بيد". 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1163 رقم 42/ 1530" عن جابر بن عبد الله، قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلتها، بالكيل المسمى من التمر". الصبرة: هي الكومة. والمعنى: نهى عن بيع الكومة من التمر المجهولة القدر، بالكيل المعين القدر من التمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وإن صحبه غيره1، ولا بيع الرطب بما كان يابسًا2 إلا لأهل العرايا3، ولا بيع اللحم بالحيوان4، ويجوز بيع الحيوان باثنين أو أكثر من جنسه5 ولا يجوز بيع العينة6.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1213 رقم 90/ 1591" عن فضالة بن عبيد قال: اشتريت يوم خيبر، قلادة باثني عشر دينارًا فيها ذهب وخرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "لا تباع حتى تُفَصَّل". ففصلتها: أي ميزت ذهبها وخرزها. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 384 رقم 2185" ومسلم "3/ 171 رقم 72/ 1542" وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نهى عن المزابنة، والمزابنة بيع التمر بالتمر كيلًا، وبيع الكرم بالزبيب كيلًا". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 390 رقم 2192" ومسلم "3/ 1169 رقم 64/ 1539" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلًا". العرايا: جمع عريِّة، فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا قصده ويحتمل أن تكون فعيلة، فاعلة، من عري يعرى إذا خلع ثوبه، كأنها عريت من جملة التحريم، فعريت أي خرجت، وقيل في تفسيرها: إنه لما نهى عن المزابنة، وهي بيع التمر في رءوس النخل بالتمر، رخص في جملة المزابنة في العرايا؛ وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل لهم يطمعهم منه، ويكون قد فضل له من قوته تمر، فيجيء إلى صاحب النخل، فيقول له: يعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات؛ ليصيب من رطبها مع الناس، فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق. الوسق =60 صاعًا كيلًا. الصاع =4 أمداد. المد =544 جرامًا من القمح. إذن الصاع =4×544 =1276 جرامًا. الوسق= 60×2176= 130560 جرامًا= 130.56 كيلو جرامًا. إذن خمسة أوسق =6×130.56= 652.8 كيلو غرامًا. 4 للحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك "2/ 35" والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 296" عن سمرة رضي الله عنه "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الشاة باللحم". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد؛ رواته عن آخرهم أئمة حفاظ ثقات ولم يخرجاه، وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة، ووافقه الذهبي". وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح، ومن أثبت سماع الحسن البصري من سمرة بن جندب عده موصولًا، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد يضم إلى مرسل سعيد بن المسيب، أخرجه مالك في الموطأ "2/ 655" ورجاله ثقات، والقاسم بن أبي بزة أخرجه البيهقي "5/ 296-297"، وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه- أخرجه البيهقي "5/ 297". قلت: والخلاصة أن الحديث حسن والله أعلم. وقد حسنه الألباني في الإرواء "5/ 198 رقم 1351". 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 652 رقم 3357" وغيره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يجهز جيشًا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة". وهو حديث حسن. القلوص: هي الناقة الشابة. وتجمع علاى قلاص، وقلص أيضًا. 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 740 رقم 3462" وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتهم الجهاد، سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. العينة: بيع التاجر سلعته بثمن إلى أجل ثم يشتريها منه بأقل من ذلك الثمن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 [الباب الثالث] : باب الخيارات يجب على من باع بعيب أن يبينه وإلا ثبت للمشتري الخيار1، والخراج بالضمان2، وللمشتري الرد بالغرر ومنه المصراة فيردها وصاعًا من تمر3، أو ما يتراضيان عليه4،   1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 755 رقم 2246" والحاكم في المستدرك "3/ 22" وصححه ووافقه الذهبي، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا، فيه عنب إلا بينه له" وهو حديث حسن. وللحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 756 رقم 2251" والترمذي "3/ 520 رقم 1216" وقال: حديث حسن غريب وهو كما قال. وأخرجه البخاري تعليقًا "4/ 309" وغيرهم عن العداء بن خالد بن هوذة، قال: كتب لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشترى منه عبدًا أو أمة لا داء، ولا غائلة، ولا خبنة، بيع المسلم المسلم" وهو حديث حسن. لا داء: الداء: المرض والعاهة. ولا خبنة: والخبنة: نوع من أنواع الخبيث، أراد به الحرام. ولا غائلة: الغائلة: الخصلة التي تغول المال، أي تهلكه من إباق وغيره. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 777 رقم 3508" والترمذي "3/ 581 رقم 1285" وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي "7/ 254 رقم 4490" وابن ماجه "2/ 754 رقم 2242" وغيرهم. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخراج بالضمان" وهو حديث حسن. الخراج: الدخل والمنفعة. أي يملك المشتري الخراج الحاصل من المبيع بضمانه. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 361 رقم 2150" ومسلم "3/ 1155 رقم 11/ 1515" وغيرهما. عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر". ولا تصروا الغنم: من التصرية وهي الجمع. ويقال: صرى يصري تصرية، وصراها يصريها تصرية فهي مصراة، ومعناها: لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة. 4 لأن حق الآدمي مفوض إليه، فإذا رضي بأخذ عوض عنه جاز ذلك كما لو رضي بإسقاطه أو أخذ بعضه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 ويثبت الخيار لمن خدع1، أو باع قبل وصول السوق2، ولكل من المتبايعين بيعًا منهيًّا عنه الرد3، ومن اشترى شيئًا لم يره فله رده إذا زاد4، وله رد ما اشتراه بخيار5 مدة معلومة قبل انقضائها وإذا اختلف البيعان فالقول ما يقوله البائع6.   1 فإن كان مع شرط عمد الخداع فلا ريب في ذلك؛ لحديث ابن عمر، انظر هامش "ص142"، وأما إذا لم يشترط فالبيع الذي وقع ليس هو بيع المسلم إلى المسلم، بل هو مشتمل على الخبث والخداع؛ لحديث عقبة بن عامر، انظر هامش "ص145". فللمخدوع الخيار؛ لكونه كذلك، ولكونه الخداع، كشفًا عن عدم الرضا المحقق الذي هو المناط كما تقدم تقريره. 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1157 رقم 17/ 1519" وغيره. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تلقوا الجلب؛ فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق، فهو بالخيار". الجلب: وهو ما يجلب للبيع أي شيء كان. سيده: أي مالك المجلوب الذي باعه، أي فإذا جاء صاحب المتاع إلى السوق وعرف السعر فله الخيار في الاسترداد. 3 كما في حديث أبي هريرة المتقدم في الهامش "2". 4 بعدم خلو البيع عن نوع غرر، وكذلك عدم حصول التراضي الذي هو المناط الشرعي. 5 للحديث الذي أخرجه البخار ي"4/ 333 رقم 2113" ومسلم "3/ 1164 رقم 46/ 1531" عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار". 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 780 رقم 3511" والنسائي "7/ 302 رقم 4648" وابن ماجه "2/ 737 رقم 2186" وغيرهم. عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان". وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 [الباب الرابع] : باب السلم هو أن يسلم رأس المال في مجلس العقد على أن يعطيه ما يتراضيان عليه معلومًا إلى أجل معلوم1، ولا يأخذ إلا ما سماه أو رأس ماله2، ولا ينصرف فيه قبل قبضه3.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 2125- البغا" ومسلم "3/ 1226 رقم 1604" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وهم يسلقون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: "من أسلف في شيء ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم". 2 حديث أبي سعيد: "من أسلم في شيء فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه أو رأس ماله" ضعيف. 3 لحديث جابر بن عبد الله في هامش "ص140" وعبد الله بن عمرو في هامش "959". أما حديث أبي سعيد: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره". فضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 [الباب الخامس] : باب القرض يجب إرجاع مثله1، ويجوز أن يكون أفضل أو أكثر إذا لم يكن مشروطًا2، ولا يجوز أن يجر القرض نفعًا للمقرض3.   1 لأنه إذا وقع التعاطي على أن يكون القضاء زائدًا على أصل الدين فذلك هو الربا. بل مجرد الهدية من المستقرض للمقرض ربا؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 129 رقم 3814". عن أبي بردة قال: أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقًا وتمرًا وتدخل في بيت؟ ثم قال: إنك في أرضٍ الربا بها فاشٍ، إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قتٍّ؛ فإنه ربا". القتّ: بفتح القاف وتشديد المثناة وهو علف الدواب. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 59 رقم 2394" ومسلم "1/ 495 رقم 71/ 715". عن جابر بن عبد الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في المسجد -قال مسعر: أراه قال: ضحى- فقال: "صل ركعتين، وكان لي عليه دين فقضاني وزادني". 3 لحديث أبي بردة في الهامش "1". وقد أغفل المؤلف رحمه الله تعالى في باب القرض أمورًا: - فضل القرض: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "38/ 2699". - إنظار المعسر: قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 280] . وعن حذيفة، قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "مات رجل فقيل له: ما كنت تقول؟ قال: كنت أبايع الناس، فأتجوز عن الموسر وأخفف عن المعسر فغفر له"، قال أبو مسعود: سمعته من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "2391". - مطل الغني ظلم: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مطل الغني ظلم" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "2400" ومسلم رقم "1564". - من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أو إتلافها: عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "2387". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 [الباب السادس] : [باب] 1 الشفعة سببها: الاشتراك في شيء ولو منقولًا2   1 في المخطوط "كتاب" وبدلت إلى "باب"؛ لضرورة التبويب. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 2099- البغا" ومسلم "3/ 1229 رقم 1608". واللفظ للبخاري عن جابر رضي الله عنه، جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشفعة في كل مال لم يقسم فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة. الشفعة: من شفعت الشيء إذا ضممته إلى غيره؛ سميت بذلك لما فيها من ضم نصيب إلى نصيب، وهي أن يبيع أحد الشركاء في دار أو أرض نصيبه لغير الشركاء فللشركاء أخذ هذا النصيب بمقدار ما باعه. وقعت الحدود: صارت مقسومة وحددت الأقسام. صرفت الطرق: ميزت وبينت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 فإذا وقعت القسمة فلا شفعة1، ولا يحل للشريك أن يبيع حتى يؤذن شريكه2، ولا تبطل بالتراخي3.   1 لحديث جابر المتقدم في هامش "ص147". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 2099- البغا" ومسلم "3/ 1229 رقم 134/ 1608" واللفظ لمسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله أنه قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة في كل شركة لم تقسم: ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن في شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك. فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به. ربعة: الربعة، والربع "بفتح الراء وإسكان الباء"، والربع: الدار والمسكن ومطلق الأرض وأصله المنزل الذي كانوا يرتبعون فيه. والربعة تأنيث الربع وقيل: واحده والجمع الذي هو اسم الجنس ربع. الحائط: البستان. 3 لما في الأحاديث الواردة في الشفعة من الإطلاق، وحديث ابن عمر الشفعة كحل العقال، ضعيف جدًّا. وكذلك حديث ابن عمر: "لا شفعة لشريك على شريك إذا سبقه بالشراء، ولا لصغير ولا لغائب". ضعيف جدًّا أيضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 [الباب السابع] : [باب] 1 الإجارة تجوز على كل عمل لم يمنع منه مانع شرعي2، وتكون الأجرة معلومة عند   1في المخطوط "كتاب"، وبدلت إلى "باب"؛ لضرورة التبويب. 2 لإطلاق الأدلة الواردة في ذلك منها: ما أخرجه البخاري "4/ 441 رقم 2262" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم" فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: "نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة". ومنها: ما أخرجه أبو "3/ 631 رقم 3336" والترمذي "3/ 598 رقم 1305" وقال: "حديث حسن صحيح. والنسائي "7/ 284 رقم 4592" وابن ماجه "2/ 748 رقم 2220" وغيرهم عن سويد بن قيس، قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًّا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي، فساومنا بسراويل، فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زن وأرجح". البز: الثياب. هجر: اسم بلد معروف بالبحرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 الاستئجار1، فإن لم تكن كذلك استحق الأجير مقدار عمله عند أهل ذلك العمل2، وقد ثبت النهي عن كسب الحجام ومهر البغي وحلوان الكاهن3 وعسب الفحل4 وأجرة المؤذن5 وقفيز الطحان6، ويجوز الاستئجار على تلاوة القرآن7 لا على تعليمه8، ويجوز أن يكري العين مدة معلومة9، بأجرة معلومة، ومن ذلك الأرض لا بشطر ما يخرج منها10 [[ومن أفسد ما استؤجر عليه أو أتلف ما استأجره ضمن 11]] (*) ،   1 حديث أبي سعيد: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره" ضعيف. 2 لحديث سويد بن قيس، انظر هامش "ص148". 3 لحديث أبي مسعود الأنصاري، انظر هامش "ص138". 4 لحديث ابن عمر، انظر هامش "ص139". 5 لحديث عثمان بن أبي العاص، انظر هامش "ص48". 6 للحديث الذي أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار "1/ 307" والدارقطني "3/ 47 رقم 195" والبيهقي "5/ 339". عن أبي سعيد الخدري قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان"، وهو حديث صحيح. قفيز الطحان: هو أن يطحن الطعام بجزء منه. 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 198 رقم 5737". عن ابن عباس رضي الله عنه، أن نفرًا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مروا بماء فيهم لديغ -أو سليم- فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجلًا لديغًا، -أو سليمًا- فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله". 8 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 730 رقم 2158" والبيهقي "6/ 125-126" عن أبي بن كعب، قال: علمت رجلًا القرآن، فأهدى إلي قوسًا، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "إن أخذتها أخذت قوسًا من نار" فرددتها وهو حديث صحيح. 9 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 15 رقم 2332" ومسلم "3/ 1183 رقم 117/ 1547" عن رافع بن خديج: قال: كنا أكثر الأنصار حقلًا. قال: كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك وأما الورق فلم ينهنا. 10 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1177 رقم 95/ 1536" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا نخابر على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فنصيب من القصري ومن كذا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كانت له أرض فليزرعها أو فليحرثها أخاه وإلا فليدعها". القصري: هو ما بقي من الحب في السنبل بعد الدباس، ويقال له القصارة بضم القاف وهذا الاسم أشهر من القصري. وللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 684 رقم 3391" والنسائي "7/ 41 رقم 3894" عن سعد ابن أبي وقاص قال: كان أصحاب المزارع يكرون في زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مزارعهم بما يكون على الساقي من الزرع، فجاءوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاختصوا في بعض ذلك فنهاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكروا بذلك، وقال: "اكروا بالذهب والفضة" وهو حديث حسن بشواهده. [[11 للحديث الذي أخرجه أبو داود (4/ 710 رقم 4586) والنسائي (8/ 52 رقم 4830) وابن ماجه (2/ 1148 رقم 3466) وغيرهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن" وهو حديث حسن]] (*)   (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين [[المعكوفين المزدوجين]] زدته على أصل النسخة الإلكترونية، نقلا عن ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 [الباب الثامن] : باب الإحياء والإقطاع من سبق إلى إحياء أرض لم يسبق إليها غيره فهو أحق بها وتكون ملكًا له2، ويجوز للإمام أن يقطع من في إقطاعه مصلحة شيئًا من الأرض الميتة أو المعادن أو المياه3.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 18 رقم 2335" عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق" أي أحق بها من غيره. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 319 رقم 5224" ومسلم "4/ 1716 رقم 2182". عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: ... وكنت أنقل النوى، من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على رأسي ... ". أقطعه: قال أهل اللغة: يقال أقطعه إذا أعطاه قطيعة وهي قطعة أرض سميت قطيعة لأنها اقتطعت من جملة الأرض. وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 664 رقم 1380" وقال: حديث حسن غريب وأبو داود "3/ 446 رقم 3064" وابن ماجه "2/ 827 رقم 2475" وغيرهم عن أبيض بن حمال، أنه وفد إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستقطعه الملح، قال ابن المتوكل: الذي بمأرب، فقطعه له، فلما ولي قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له، إنما قطعت له الماء العِدّ، قال: فانتزع منه، قال: وسأله عما يحمى من الأراك، قال: "ما لم تنله خفاف"، وقال ابن المتوكل: "أخفاف الإبل". العد "بكسر العين": الدائم الذي لا انقطاع له مثل ماء العين وماء البئر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 [الباب التاسع] : [باب] 1 الشركة الناس شركاء في الماء والنار والكلأ2، وإذا تشاجر المستحقون للماء كان الأحق به   4 في المخطوط "كتاب" وبدلت إلى "باب"؛ لضرورة التبويب. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 750 رقم 3477" وغيره عن أبي خداش، عن رجل من المهاجرين من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: غزوت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثًا أسمعه يقول: "المسلمون شركاء في ثلاث: في الكلأ، والماء، والنار"، وهو حديث صحيح. الكلأ: نبات ينبت في موات الأرض يرعاه الناس، ليس لأحد أن يختص به دون أحد ويحجزه عن غيره، أما إذا نبت الكلأ في أرضٍ مملوكة فهو لمالك الأرض، وليس لأحد أن يشركه فيه إلا بإذنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 الأعلى فالأعلى يمسكه إلى الكعبين ثم يرسله إلى من تحته1، ولا يجوز منع فضل الماء؛ ليمنع به الكلأ2، وللإمام أن يحمي بعض المواضع لرعي دواب المسلمين في وقت الحاجة3، ويجوز الاشتراك في النقود والتجارات، ويقسم الربح على ما تراضيا عليه4، وتجوز المضاربة ما لم تشتمل على ما لا يحل5، وإذا تشاجر الشركاء في   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 34/ 2359" ومسلم "4/ 1829 رقم 129/ 2357" عن عروة بن الزبير، أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شراج الحرة -هي مسايل الماء- التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرِّح الماء يمر، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للزبير: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك"، فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن كان ابن عمتك، فتلوَّن وجه نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم قال: "يا زبير اسقِ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر" فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا} [النساء:75] . 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 31 رقم 2354" ومسلم "3/ 1198 رقم 37/ 1566" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "لا تمنعوا فضل الماء؛ لتمنعوا به فضل الكلأ". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 44 رقم 2370" عن ابن عباس رضي الله عنه أن الصعب بن جثامة قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا حمى إلا لله ولرسوله" وقال: بلغنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمى النقيع وأن عمر حمى الشرف والربذة". الشرف: بفتح الشين المعجمة، وفتح الراء. وهو والربذة: موضعان بين مكة والمدينة. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 134 رقم 2497، 2498" ومسلم "3/ 1212 رقم 1589" وغيرهما عن أبي المنهال قال: "اشتريت أنا وشريك لي شيئًا يدا بيد نسيئة، فجاءنا البراء بن عازب فسألناه، فقال: فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم، وسألنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: "ما كان يدًا بيد فخذوه، وما كان نسيئة فردوه". 5 قال ابن حزم في "مراتب الإجماع" ص91: كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في القرآن والسنة، نعلمه ولله الحمد، حاشا القراض -المضاربة- فما وجدنا له أصلًا فيها البتة. ولكنه إجماع صحيح مجرد، والذي نقطع عليه أنه كان في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلمه، فأقره، ولولا ذلك لما جاز" اهـ. وتعقبه المحدث الألباني في الإرواء "5/ 294" قائلًا: "وفيه أمور؛ أهمها: أن الأصل في المعاملات الجواز، إلا لنص بخلاف العبادات، فالأصل فيها المنع إلا لنص، كما فصله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والقرض والمضاربة من الأول كما هو ظاهر، وأيضًا فقد جاء النص في القرآن بجواز التجارة من تراضٍ، وهي تشمل القراض كما لا يخفى، فهذا كله يكفي؛ دليلًا لجوازه، ودعم الإجماع المدعى فيه" اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 عرض الطريق كان سبعة أذرع1، ولا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره2، ولا ضرر ولا ضرار بين الشركاء3، ومن ضار شريكه جاز للإمام عقوبته بقلع شجره أو بيع داره4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 118 رقم 2473" ومسلم "3/ 1232 رقم 1613" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " ... وقضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تشاجروا في الطريق "الميتاء" بسبعة أذرع". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 110 رقم 2463" ومسلم "3/ 1230 رقم 136/ 1609" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبه في جداره"، ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم". 3 للحديث الذي أخرجه أحمد "1/ 313" والمعجم الكبير للطبراني "11/ 302 رقم 11806" وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار، وللرجل أن يجعل خشبه على حائط جاره، وإذا شككتم في الطريق فاجعلوها سبعة أذرع". وهو حديث صحيح لغيره. 4 لحديث ابن عباس المتقدم في الهامش "3". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 [الباب العاشر] : [باب] 1 الرهن يجوز رهن ما يملكه الراهن في دين عليه2، والظهر يركب، واللبن يشرب بنفقة المرهون3، ولا يغلق الرهن بما فيه4.   1 في المخطوط "كتاب" وبدلت إلى "باب"؛ لضرورة التبويب. 2 لقوله تعالى: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 145 رقم 2513" ومسلم "3/ 1226 رقم 124/ 1603" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "اشترى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يهودي طعامًا ورَهَنَه درعُه". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 143 رقم 2512" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقةُ". 4 يغلق الرهن: يقال: غلِق "بكسر اللام" الرهن يغلَق بفتحها غلوقًا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه. والمعنى: أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفِكَّه صاحبه وكان هذا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤدها عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن فأبطله الإسلام. قلت: لم يثبت في المسألة حديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 [الباب الحادي عشر] : [باب] 1 الوديعة والعارية يجب على الوديع والمستعير تأدية الأمانة إلى من ائتمنه، ولا يخن من خانه2، ولا ضمان عليه إذا تَلِفَت بدون جنايته وخيانته3، ولا يجوز منع الماعون كالدلو والقدر4، وإطراق الفحل وحلب المواشي لمن يحتاج ذلك والحمل عليها في سبيل الله5.   1 في المخطوط:كتاب" وبدلت إلى "باب"؛ لضرورة التبويب. 2 لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] ، وللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 805 رقم 3535" والترمذي "3/ 564 رقم 1264" وقال: حديث حسن غريب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" وهو حديث حسن. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 822 رقم 3562"، وعزاه المزي في تحفة الأشراف "4/ 190 رقم 4945" إلى النسائي في الكبرى عن صفوان بن أمية، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار منه أدراعًا يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ فقال: "لا، بل عارية مضمونة" وهو حديث حسن. أدراعًا: الأدرع جمع قلة لدرع، وهو الزردية، ويجمع على أدرع، وفي الكثرة على دروع، وقد استعمل "الأدراع" في هذا الحديث؛ لكثرة وإن كانت جمع قلة اتساعًا. 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 302 رقم 1657" عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا نعدُّ الماعون على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عارية الدلو والقدر" وصحح إسناده ابن حجر في الفتح "8/ 731". 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 685 رقم 28/ 988" عن جابر بن عبد الله، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي حقها، إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر، تطؤه ذات الظلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن" قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: "إطراق فخلها، وإعارة دلوها، ومنيحتها، وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل الله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 [الباب الثاني عشر] : [باب] 1 الغصب 2 يأثم الغاصب3، ويجب عليه رد ما أخذ، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من   6 في المخطوط "كتاب" وبدلت إلى "باب"؛ لضرورة التبويب. 7 الغصب: هو أخذ مال الغير عدوانًا. 8 لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 157 رقم 67" ومسلم "3/ 1305 رقم 1679" وغيرهما عن أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يؤمكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 نفسه1، وليس لعِرْق ظالم2 حق، ومن زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، ومن غرس في أرض غيره غرسًا رفعه3، ولا يحل الانتفاع بالمغضوب4، ومن أتلفه فعليه مثله أو قيمته5.   1 للحديث الذي أخرجه أحمد في المسند "5/ 425" والبيهقي "6/ 100" وابن حبان "رقم 1166 -موارد" والطحاوي في مشكل الآثار "4/ 41-42"، عن أبي حميد الساعدي، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحل لامرئ أن يأخذ عصى أخيه بغير طيب نفس منه" قال: وذلك لشدة ما حرم الله تعالى على المسلم من مال المسلم. وهو حديث صحيح بطرقه. 2 العرق الظالم: أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها غيره فيغرس فيها أو يزرع ليستوجب به الأرض. "مختار الصحاح ص180". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 692 رقم 3403" وابن ماجه "2/ 824 رقم 2466" والترمذي "3/ 648 رقم 1366" وقال: حديث حسن غريب عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته" وهو حديث صحيح بشواهده. 4 لحديث رافع بن خديج المتقدم في الهامش "3". أما غصب الأرض فحرام؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 103 رقم 2452" ومسلم "3/ 1230 رقم 137/ 1610" عن سعيد بن زيد، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 124 رقم 2481" عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة، فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: "كلوا". وحبس الرسول القصعة حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة". فضربت بيدها: أي عائشة، وإنما أبهمت؛ تفخيمًا لشأنها، وأنه مما لا يخفى ولا يلتبس أنها هي؛ لأن الهدايا إنما كانت تهدى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 [الباب الثالث عشر] : [باب] العت ق 1 أفضل الرقاب أنفسها2،   1 العتق: شرعًا: إسقاط المولى حقه من مملوكه بوجه مخصوص يصير به المملوك من الأحرار، وقد رغب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العتق، كالحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 146 رقم 2517" ومسلم "2/ 1147 رقم 22/ 1509"، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أيما رجل أعتق امرءًا مسلمًا استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 148 رقم 2518" ومسلم "1/ 89 رقم 84". عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله". قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: "أعلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها". قلت: فإن لم أفعل؟ قال: "تعين ضائعًا، أو تصنع لأخرَق". فإن لم أفعل؟ قال: "تدع الناس من الشر؛ فإنها صدقة تصدَّقُ بها على نفسك". تصنع لأخرق: الأخرق هو الذي ليس بصانع. يقال رجل أخرق وامرأة خرقاء، لمن لا صنعة له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 ويجوز العتق بشرط الخدمة ونحوها1، ومن ملك رحمه عتق عليه2، ومن مثل بمملوكه فعليه أن يعتقه3، وإلا أعتقه الإمام أو الحاكم4، ومن أعتق شركًا له في عبد ضمن لشركائه نصيبهم بعد التقويم5، وإلا عتق نصيبه فقط، واستسعى العبد6، ولا يصح شرط الولاء لغير من أعتق7   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 250 رقم 3932" وابن ماجه "2/ 844 رقم 2526" وغيرهما عن سفينة قال: كنت مملوكًا لأم سلمة، فقالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما عشت، فقلت: إن لم تشترطي علي ما فارقت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما عشت، فأعتقتني واشترطت علي". وهو حديث حسن. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 259 رقم 3949"، والترمذي "3/ 646 رقم 1365" وابن ماجه "2/ 843 رقم 2514" وغيرهم عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" وهو حديث صحيح لغيره. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1278 رقم 29/ 1657" وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 654 رقم 4519" وابن ماجه "2/ 894 رقم 2680" عن عمرو بن عيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل مستصرخ إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: جارية له يا رسول الله، فقال: "ويحك ما لك"؟ قال: شر، أبصر لسيده جارية له فغار فجب مذاكيره، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "علي بالرجل" فطلب فلم يقدر عليه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذهب فأنت حر" فقال: يا رسول الله على من نصرتي؟ قال: "على كل مؤمن" -أو قال: "كل مسلم" - هو حديث حسن. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 132 رقم 2491" ومسلم "2/ 1139 رقم 1/ 1501" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أعتق شقصًا له من عبد -أو شركًا- أو قال: نصيبًا- وكان له ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل فهو عتيق، وإلا فقد عتق منه عتق". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 187 رقم 2561" ومسلم "2/ 1141 رقم 6/ 1504"، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، قالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق". قال: ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 ويجوز التدبير1، فيعتق بموت مالكه، وإذا احتاج المالك جاز له بيعه2، ويجوز مكاتبة المملوك على مال يؤديه3، فيصير عند الوفاء حرًّا، ويعتق منه بقدر ما سلم4، وإذا عجز عن تسليم مال الكتابة عاد في الرق5، ومن استولد أمته لم يحل له بيعها6، وعتقت بموته7، أو بتنجيزه لعتقها8.   1 التدبير: هو عتق العبد إلى بعد الموت من قبل سيده؛ يقول له: أنت حر بعد دبر مني. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 165 رقم 2534" ومسلم "3/ 1289 رقم 58/ 997" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: "أعتق رجل منا عبدًا له عن دبر، فدعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به فباعه. قال جابر: مات الغلام عام أول". 3 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ} [النور: 33] . 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 706 رقم 4581" والنسائي "8/ 45 رقم 4809" والترمذي "3/ 560" معلقًا وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه، أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في المكاتب أن يؤدي بقدر ما عتق منه دية الحر. 5 لكون المالك لم يعتقه إلا بعوض، وإذا لم يحصل العوض لم يحصل العتق. 6 بل الأصح جواز بيعها؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 262، رقم 3954" عن جابر بن عبد الله، قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا. وأخرجه ابن ماجه "2/ 841 رقم 2517". عن جابر قال: "كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فينا حي لا يرى بذلك بأسًا"، وهو حديث صحيح، أما حديث ابن عباس: ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "اعتقها ولدها" فضعيف لا تقوم به الحجة. 7 أي سيدها الذي استولدها، والأصح لم تعتق؛ لضعف حديث ابن عباس: "من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه" أي في دبر حياته. 8 أي تنجيز مستولدها لعتقها. قلت: هذا في حين وقوع العتق بالولادة، ولكن العتق لا يقع كما علمت آنفًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 [الباب الرابع عشر] : [باب] الوقف 1 من حبس ملكه في سبيل الله صار محبسًا، وله أن يجعل غلاته لأي مصرف شاء مما   1 حث الإسلام على الوقف، ودل على ذلك، ما أخرجه الإمام مسلم "3/ 1255 رقم 1631" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 فيه قربة، وللمتولي عليه أن يأكل منه بالمعروف1، وللواقف أن يجعل نفسه في وقفه كسائر المسلمين2. ومن وقف شيئًا مضارة فهو باطل 3 (*) ، ومن وضع مالًا في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه في أهل الحاجات ومصالح المسلمين، ومن ذلك ما يوضع في الكعبة وفي مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4، والوقف على القبور؛ لرفع سمكها أو تزيينها أو فعل ما يجلب على زائرها فتنةً باطلٌ5.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 354 رقم 2737" ومسلم "3/ 1255 رقم 15/ 1632" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأمر فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء في القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول". 2 للحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 235 رقم 3608" والترمذي "5/ 627 رقم 3703" وقال: حديث حسن، والبخاري "5/ 29" معلقًا، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: "من يشتري بئر رومة فيجعل دلعوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة". فاشتريتها من صلب مالي، وهو حديث حسن. 3 لحديث ابن عباس، انظر هامش "152". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 969 رقم 400/ 1333" عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية -أو قال: بكفر- لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر". فهذا يدل على جواز إنفاق مال الكعبة إذا زال المانع وهو حداثة عهد الناس بالكفر وقد زال ذلك. وإذا كان هذا هو الحكم في الأموال التي في الكعبة فالأموال التي في غيرها من المساجد أولى بذلك بفحوى الخطاب. 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 666 رقم 93/ 969" وغيره عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا إلا سويته". اعلم أن الوقف على القبور مفسدة ومنكر كبير، إلا أن يقف على القبر مثلًا لإصلاح ما انهدم من عمارته التي لا إشراف فيها ولا رفع ولا تزيين، فقد يكون لهذا وجه صحة، وإن كان الحر أولى من الميت. وللإمام الشوكاني رضي الله عنه كتاب بعنوان "شرح الصدور في تحريم رفع القبور" بتحقيقنا نشر: دار الهجرة بصنعاء. فانظره لزامًا.   (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة:في ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) : ومن وقف شيئًا مضارة لوارثه كان وقفه باطلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 [الباب الخامس عشر] : [باب] الهدايا يشرع قبولها ومكافأة فاعلها1، وتجوز بين المسلم والكافر2، ويحرم الرجوع فيها3، وتجب التسوية بين الأولاد4، والرد لغير مانع شرعي مكروه5.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 210 رقم 2585" وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل الهدية ويثيب عليها. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 230 رقم 2616" ومسلم "4/ 1916 رقم 2469". عن أنس بن مالك، قال: "إن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وللحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 413 رقم 5978" عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: "ائتني أمي راغبة في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آصلها؟ قال: "نعم". قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى فيها: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] . 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 234 رقم 2621" ومسلم "3/ 1241 رقم 7/ 1622". عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العائد في هبته كالعائد في قيئه". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 211 رقم 2586" ومسلم "3/ 1241 رقم 9/ 1623" عن النعمان بن بشير، أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أكل ولدك نحلته مثل هذا"؟ فقال: لا. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فأرجعه". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري في الأدب المفرد "رقم: 594" والبيهقي "6/ 169" والدولابي في الكنى "1/ 150" و"2/ 7" وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "تهانوا تحابوا" وهو حديث حسن، وأما إذا كان ثم مانع شرعي من قبول الهدية لم يحل قبولها. وذلك كالهدايا لأهل الولايات توصلًا إلى أن يميلوا مع المهدي. انظر الهامش "ص190" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 [الباب السادس عشر] : [باب] الهبة إن كانت بغير عوض فلها حكم الهدية في جميع ما سلف1، وإن كانت بعوض فهي بيع لها حكمة2، والعمرَى3 والرقبى4   1 لكون الهدية هبة لغة وشرعًا، والفرق بينهما إنما هو اصطلاح جديد. 2 لأن المعتبر في التبايع إنما هو التراضي والتعاوض، وهما حاصلان في الهبة بعوض. 3 العمرى "بضم العين المهملة، وسكون الميم مع القصر عند الأكثر" وهي مأخوذة من العمر وهو الحياة؛ سميت بذلك لأنهم كانوا في الجاهلية يعطي الرجل الرجل الدار ويقول له: أعمرتك إياها؛ أي أبحتها لك مدة عمرك وحياتك. فقيل لها عمرى لذلك. 4 الرقبى: المراقبة: أن يعطي إنسان دارًا، أو أرضًا، فإن مات أحدهما كانت للحي فكلاهما يترقب وفاة صاحبه، ولهذا سميت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 توجبان الملك للمعمر والمرقب ولعقبه من بعده لا رجوع فيهما1.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 238 رقم 2625" ومسلم "3/ 1246 رقم 25/ 1625" عن جابر رضي الله عنه قال: قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعمرى أنها لمن وهبت له". وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1246 رقم 26/ 1625". عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها، حيًا وميتًا، ولعقبه". وللحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 273 رقم 3732" وابن ماجه "2/ 796 رقم 2382". عن ابن عمر قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا عمرى ولا رقبى فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو له حياته ومماته". وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 [الكتاب الحادي عشر] : كتاب الأيمان الحلف إنما يكون باسم الله تعالى أو صفة له1، ويحرم الحلف بغير ذلك2، ومن حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى ولا حنث عليه3، ومن حلف على شيء فرأى غيره خيرًا منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه4، ومن أكره على اليمين فهو غير لازمة، ولا يأثم بالحنث فيها5   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 523 رقم 6628" عن ابن عمر قال: كانت يمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا، ومقلِّبِ القلوب"، وللحديث الذي أخرجه البخاري " 11/ 521 رقم 6627" ومسلم "4/ 1884 رقم 2426" عن ابن عمر رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثًا وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في أمرته، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "إن كنتم تطعنون في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة". 2 أي بغير اسم الله تعالى وصفاته؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 516 رقم 6108" ومسلم "3/ 1267 رقم 3/ 1646" عن ابن عمر رضي الله عنه أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله، وإلا فليصمت". 3 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 108 رقم 1532" وابن ماجه "1/ 680 رقم 2104" والنسائي "7/ 30 رقم 3855" وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، لم يحنث" وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 516 رقم 6622" ومسلم "3/ 1273 رقم 19/ 1652". عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أُعِنْت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير". 5 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 659 رقم 2045"، والطبراني في المعجم الكبير "11/ 133 رقم 11274" والحاكم "2/ 198"، والبيهقي "7/ 356" والدارقطني "4/ 170 رقم 33" وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 واليمين الغموس هي التي يعلم الحالف كذبها1، ولا مؤاخذة باللغو2، ومن حق المسلم على المسلم إبرار قسمه3، وكفارة اليمين هي ما ذكره الله في كتابه العزيز4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 264 رقم 6920" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله" قال: ثم ماذا؟ قال: "ثم عقوق الوالدين" قال: ثم ماذا؟ قال: "اليمين الغموس". قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: "الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب". 2 لقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ ُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 275 رقم 4613" عن عائشة رضي الله عنه: "أنزلت هذه الآية: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} في قول الرجل: لا والله، وبلى والله". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 315 رقم 5863" ومسلم "3/ 1635 رقم 3/ 2066" وغيرهما عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع ونهانا عن سبع؛ أمرنا بعبادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القسم -أو المقسم- ونصر المظلوم، وإجابة الداعي وإفشاء السلام. ونهانا عن خواتيم، أو عن تختم بالذهب، وعن شربٍ بالفضة، وعن المياثر، وعن القسي، وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج". إجابة الداعي: المراد به الداعي إلى وليمة ونحوها من الطعام. المياثر: قال العلماء: هو جمع ميثرة، بكسر الميم، وهو وطاء كانت النساء يضعنه لأزواجهن على السروج. وكان من مراكب العجم. ويكون من الحرير، ويكون من الصوف وغيره. القسي: هو ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقس، وهو موضع من بلاد مصر، وهو قرية على ساحل البحر من تنيس. الإستبرق: هو غليظ الديباج. الديباج: وهي الثياب المتخذة من الإبريسم. 4 لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 [الكتاب الثاني عشر] : كتاب النذر إنما يصح إذا ابتغي به وجه الله تعالى، فلا بد أن يكون قربة، ولا نذر في معصية الله1، ومن النذر في المعصية ما فيه مخالفة للتسوية بين الأولاد، أو مفاضلة بين الورثة مخالفة لما شرعه الله تعالى2، ومنه النذر على القبور3، وعلى ما لم يأذن به الله4، ومن أوجب على نفسه فعلًا لم يشرعه الله تعالى لم يجب عليه5. وكذلك إن كان مما شرعه الله تعالى وهو لا يطيقه6، ومن نذر نذرًا لم يسمه أو كان معصية أو لا يطيقه فعليه كفارة يمين7   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 581 رقم 6696" وغيره عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". 2 لأن المخالفة لذلك معصية، ولا نذر في معصية انظر التعليقة رقم "3". 3 لكون ذلك ليس من النذر في الطاعة، ولا من النذر الذي يبتغى به وجه الله تعالى. 4 كالنذر على المساجد لتزخرف، أو على أهل المعاصي؛ ليستعينوا بذلك على معاصيهم. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 586 رقم 6704" وغيره عن ابن عباس قال: بينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مره فليتكلم وليستظل، وليقعد، وليتم صومه". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 78 رقم 1865" ومسلم "3/ 1263 رقم 9/ 1642" وغيرهما. عن أنس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى شيخًا يهادى بين ابنَيْهِ قال: "ما بال هذا"؟ قال: نذر أن يمشي، قال: "إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني"، وأمره أن يركب. 7 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1265 رقم 13/ 1645": عن عقبة بن عامر، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "كفارة النذر كفارة اليمين". وللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 594 رقم 3290" والترمذي "4/ 103 رقم 1524" والنسائي "7/ 26 رقم 3834" وابن ماجه "1/ 686 رقم 2125" وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين" وهو حديث صحيح بطرقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 ومن نذر بقربة وهو مشرك، ثم أسلم لزمه الوفاء1، ولا ينفذ النذر إلا من الثلث2، وإذا مات الناذر بقربة ففعلها عنه ولده أجزأه ذلك3.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 274 رقم 2032" ومسلم "3/ 1277 رقم 1656" وغيرهما. عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن عمر سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: "أوف بنذرك". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 572 رقم 6690" ومسلم "4/ 2120 رقم 2769" عن كعب بن مالك، قال في حديثه "وعلى الثلاثة الذين خلفوا" فقال في آخر حديثه: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك" انظر هامش "ص211". ونجد الشوكاني رحمه الله في "السيل الجرار" "3/ 185" قد مال إلى أنه ينفذ من جميع المال. فقال: "قوله: وإنما ينفذ من الثلث ... إلخ لم يدل على هذا دليل يخصه، وفي القياس على الوصايا نظر؛ لأن الوصايا مضافة إلى ما بعد الموت، وهذا منجز في حال الحياة، فإن كان مضافًا إلى ما بعد الموت فله حكم الوصية" اهـ. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 583 رقم 6698" ومسلم "3/ 1260 رقم 1638" عن ابن عباس أنه قال: استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فاقضه عنها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 [الكتاب الثالث عشر] : كتاب الأطعمة [ الباب الأول: المحرمات من الأطعمة ] الأصل في كل شيء الحل، ولا يحرم إلا ما حرمه الله تعالى ورسوله، وما سكت عنه فهو عفو1، فيحرم ما في الكتاب العزيز2   1 للحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك "2/ 375"، وصحح إسناده ووافقه الذهبي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه "رفع الحديث" قال: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله العافية فإن الله لم يكن نسيًّا" ثم تلا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] وهو حديث حسن. وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 6858- البغا" ومسلم "2/ 975 رقم 1337" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكل عام؟ يا رسول الله فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم" ثم قال: "ذروني ما تركتكم. فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه". 2 وهو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] . وما أهل لغير الله به: أي ذكر اسم غير الله عند ذبحه. والموقوذة: هي المقتولة بالعصا. والمتردية: هي التي تسقط من مكان عالٍ فتموت. والنطيحة: هي التي تنطحها أخرى فتموت. وما أكل السبع: أي ما بقي مما أكل السبع. إلا ما ذكيتم: أي ما أدركتم من هذه الأشياء وفيه حياة مستقرة فذبحتموه. وما ذُبِح على النصب: أي ما ذبح للطاغوت. وأن تستقسموا بالأزلام: وتسمى القداح: وهي: سهام كانت لدى العرب في الجاهلية مكتوب على أحدها: "أمرني ربي"، وعلى الثاني "نهاني ربي"، والثالث: غفل من الكتابة"، فإذا أرادوا سفرًا أو زواجًا أو نحو ذلك أتوا بيت الأصنام، وفيه الأزلام، فاستقسموها، أي طلبا علم ما قسم علم ما قسم لهم من السفر والغزو ونحوه، فإن خرج السهم الآمر أقدموا على الأمر، وإن خرج السهم الناهي أحجموا وأمسكوا عنه، وإن خرج الغفل أجالوها مرة أو مرات أخرى، حتى يخرج الآمر أو الناهي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وكل ذي ناب من السباع1، وكل ذي مخلب من الطير2، والحمر الإنسية3، والجلَّالة قبل الاستحالة4، والكلاب5، والهر6، وما كان مستخبثًا7، وما عدا ذلك فهو حلال8.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1534 رقم 15/ 1993" وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كل ذي ناب من السباع، فأكله حرام". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1534 رقم 16/ 1934" عن ابن عباس. قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 482 رقم 4226" ومسلم "3/ 1539 رقم 31/ 1938" وغيرهما عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نلقي لحوم الحمر الأهلية نيئة ونضيجة، ثم لم يأمرنا بأكله. 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 148 رقم 3785"، وابن ماجه "2/ 1064 رقم 3189" والترمذي "4/ 270 رقم 1824" وقال: حديث حسن غريب، عن ابن عمر، قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل الجلالة وألبانها"، وهو حديث صحيح. الجلالة: هي التي تأكل العذرة من الحيوان، وأصله الجلة: البعر، فاستعير لغيره. 5 لا خلاف في ذلك يعتد به، وهو من السباع، يأكل الجيف، وقد نهي عن أكل ثمنه، كما في حديث أبي مسعود الأنصاري المتقدم، وكذلك أن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 758 رقم 3488" عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسًا عند الركن، قال: فرفع بصره إلى السماء فضحك، فقال: "لعن الله اليهود ثلاثًا؛ إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم على قوم أكْل شيء حرم عليهم ثمنه"، وهو حديث صحيح. 6 لأنه من السباع ويأكل الجيف، وقد نهي عن أكل ثمنه كما في حديث جابر، انظر هامش "ص138" وتقدم أن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه كما في حديث ابن عباس، انظر الهامش "5". 7 لقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] . 8 ما لم يرد فيه نص تحريم ولا تحليل، ولا أمر بقتله ولا نهي عن قتله، فالمرجع فيه إلى العرب من سكان البلاد والقرى دون أجلاف البوادي، واعتبر عرف العرب في هذا؛ لأنهم الذين خوطبوا بالشرع أولًا، وفيهم بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزل القرآن. وما أمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله فلا يكون حلالًا؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 355 رقم 3314" ومسلم "2/ 856 رقم 67/ 1198" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "خمس فواسق يقتلن في الحرم؛ الفأرة، والعقرب، والحديَّا، والغراب والكلب العقور"، وللحديث الذي أخرجه أحمد "6/ 83" والنسائي "5/ 189" وغيرهما، من حديث سائبة مولاة للفاكه بن المغيرة، قالت: دخلت على عائشة، فرأيت في بيتها رمحًا موضوعًا، قلت: يا أم المؤمنين ما تصنعون بهذا الرمح؟ قالت: هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن به؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا: "أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار عنه غير الوزغ كان ينفخ عليه، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله، وهو حديث صحيح. وكذلك ما نهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتله فلا يكون حلالًا؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "5/ 418 رقم 5267" وابن ماجه "2/ 1074 رقم 3224" وغيرهما عن ابن عباس رضي اله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحل، والهدهد، والصرد"، وهو حديث صحيح. والصرد: طائر فوق العصفور، وقال الأزهري: يصيد العصافير، وقيل: الصرد طائر أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر، نصفه أبيض ونصفه أسود. ضخم المنقار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 [الباب الثاني] : باب الصيد ما صيد بالسلاح الجارح والجوارح كان حلالًا إذا ذكر عليه اسم الله، وما صيد بغير ذلك فلا بد من التذكية1. وإذا شارك الكلب المعلم كلبٌ آخرُ لم يحل صيدهما2، وإذا أكل الكلب المعلم ونحوه من الصيد لم يحل؛ فإنما أمسك على نفسه3، وإذا وجد الصيد بعد وقوع الرمية فيه ميتًا ولو بعد أيام في غير ماء كان حلالًا، ما لم ينتن أو يُعلم أن الذي قتله غير سهمه4   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 604 رقم 5478" ومسلم "3/ 1532 رقم 8/ 1930" وغيرهما عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت: يا نبي الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ وبأرض صيد، أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم، فما يصلح لي؟ قال: "أما ذكرت من أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوها فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك غير معلم فأدركت ذكاته فكل". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 292 رقم 2054" ومسلم "3/ 1529 رقم 3/ 1929" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المعراض، فقال: "إذا أصاب بحده، فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل، فلا تأكل؛ فإنه وقيذ". قلت: يا رسول الله أرسل كلبي وأُسَمي، فأخذ معه على الصيد كلبًا آخر لم أسمِّ عليه، ولا أدري أيهما أخذ، قال: "لا تأكل إنما سميت على كلبك ولم تسمِّ على الآخر". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 609 رقم 5483" ومسلم "3/ 1529 رقم 2/ 1929" عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب. قال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب؛ فإنني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 610 رقم 5484" ومسلم "3/ 1531 رقم 6/ 1929" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسكَ وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل؛ فإنما أمسك على نفسه، وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله علها فأمسكن فقتلن فلا تأكل؛ فإنك لا تدري أيها قتل، وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 [الباب الثالث] : باب الذبح هو ما أنهَرَ الدم وفرر الأوداج1 وذكر اسم الله عليه، ولو بحجر أو نحوه ما لم يكن سنًّا أو ظفرًا2، ويحرم تعذيب الذبيحة والمثلة بها3، وذبحها لغير الله4، وإذا تعذر   1 وهما عرقان بينهما الحلقوم. قال الشوكاني في "السيل الجرار" 3/ 218": "لم يثبت في المرفوع ما يدل على اشتراط فري الأوداج إلا ما أخرجه أبو داود رقم "2826" وهو حديث ضعيف، من حديث أبي هريرة وابن عباس قالا: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفري الأوداج" اهـ. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 672 رقم 5543" ومسلم "3/ 1558 رقم 20/ 1968"، عن رافع بن خديج: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدًا وليست معنا مُدًى، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعجل أو أرْني ما أنهر الدم، وذكر اسم الله فكل، وليس السن والظفر، وسأحدثك؛ أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة" قال: وأصبنا نهب إبل وغنم، فندَّ منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا". مدى: مفردها: مدية: الشفرة. أرْني: أي أدم الحز ولا تفتر، من قولك: رنوت النظر إلى الشيء، إذا أدمته. أو يكون أراد أدِمْ النظر إليه وراعه ببصرك؛ لئلا تزلَّ عن المذبح، وتكون الكلمة ارْنِ بوزن ارْمِ. فندَّ منها بعير: أي شرد وهب نافرًا. أوابد: جمع آبدة وهي النفرة والفرار والشرود. يقال منه: أبدت تأبد وتأبدت، ومعناها نفرت من الإنس وتوحشت. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1548 رقم 57/ 1955" وغيره عن شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرته فليرح ذبيحته". القِتلة "بكسر القاف": وهي الهيئة والحالة. وليحدَّ: يقال: أحد السكين وحددها واستحدها بمعنى شحذها. فليرح ذبيحته: بإحداد السكين وتعجيل إمرارها، وغير ذلك، ويستحب أن لا يجد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1567 رقم 45 / 1978" عن أبي الطفيل، قال: سئل علي: أخصَّكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشئ؟ فقال: ما خصنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء لم يعم به الناس كافة، إلا ما كان في قراب سيفي هذا، قال: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى مُحدِثًا. قراب سيفي: هو وعاء من جلد، ألطف من الجراب، يدخل فيه السيف بغمده، وما خف من الآلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الذبح بوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك كالذبح1، وذكاة الجنين ذكاة أمه2، وما أبين من الحي فهو ميتة3، وتحل ميتتان ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال4، وتحل الميتة للمضطر5.   1 لحديث رافع بن خديج، انظر هامش "ص167". 3 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1067 رقم 3199" وأبو داود "3/ 252 رقم 2827" والترمذي "4/ 72 رقم 1476" وقال: حديث حسن صحيح. عن أبي سعيد، قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجنين، فقال: "كلوه إن شئتم" وقال مسدد: قلنا: يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال: "كلوه إن شئتم؛ فإن ذكاته ذكاة أمه" وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 74 رقم 1480" وقال: حديث حسن غريب وأبو داود "3/ 277 رقم 2858" وغيرهما عن أبي واقد الليثي، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة" وهو حديث حسن. 4 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1102 رقم 3314" والدارقطني "4/ 271 رقم 25" وأحمد "2/ 97" والبيهقي "9/ 257" و"1/ 254" وغيرهم، عن ابن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أحلت لكم ميتتان، ودمان؛ فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان، فالكبد والطحال" وهو حديث صحيح. 5 لقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 [الباب الرابع] : باب الضيافة يجب على من وجد ما يقري به من نزل عليه من الضيوف أن يفعل ذلك، وحد الضيافة إلى ثلاثة أيام، وما كان وراء ذلك فصدقة، ولا يحل للضيف أن يثوي عنده حتى يحرِجه1، وإذا لم يفعل القادر على الضيافة ما يجب عليه كان للضيف أن يأخذ من ماله بقدر قراه2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 531 رقم 6135" ومسلم "3/ 1352 رقم 14/ 48" وغيرهما عن أبي شريح العدوي، أنه قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه جائزته" قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: "يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10532 رقم 6137" ومسلم "3/ 1353 رقم 1727" وغيرهما. عن عقبة بن عامر، أنه قال: قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا، فإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 ويحرم أكل طعام الغير بغير إذنه1، ومن ذلك حلب ماشيته وأخذ ثمرته وزرعه لا يجوز إلا بإذنه2، إلا أن يكون محتاجًا إلى ذلك، فليناد صاحب الإبل أو الحائط فإن أجابه وإلا فليشرب وليأكل غير متخذ خبنة3.   1 لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] . 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 88 رقم 2435" ومسلم "3/ 1352 رقم 13/ 1726" وغيرهما. عن ابن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته فينتقل طعامه؟ إنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه". 3 للحديث الذي أخرجه أحمد "3/ 7-8" و"3/ 85-86" وابن ماجه "2/ 771 رقم 2300" وأبو يعلى في المسند "2/ 439 رقم 230/ 1244" والحاكم "4/ 132" وصححه ووافقه الذهبي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أتيت على راعٍ فناده ثلاث مرار، فإن أجابتك وإلا فاشرب في غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط بستان، فناد صاحب البستان ثلاث مرات، فإن أجابك وإلا فكل في أن لا تفسد" وهو حديث صحيح. وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 583 رقم 1287" وقال: حديث غريب وابن ماجه "2/ 772 رقم 2301" وغيرهما، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من دخل حائطًا فليأكل ولا يتخذ خبنة" وهو حديث صحيح. الخبنة: معطف الإزار، وطرف الثوب: أي لا يأخذ منه في ثوبه، يقال: أخبن الرجل إذا خبأ شيئًا في خبن ثوبه أو سراويله. "النهاية: 2/ 9". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 [الباب الخامس] : باب آداب الأكل تشرع للآكل التسمية1، والأكل باليمين2، ومن حافتي الطعام   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 139 رقم 3767" والترمذي "4/ 288 رقم 1858" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "2/ 1086 رقم 3264" وغيرهم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله في أوله وآخره" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1598 رقم 105/ 2020" وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 لا من وسطه1، ومما يليه2، ويلعق أصابعه والصحفة3، والحمد عند الفراغ والدعاء4، ولا يأكل متكئًا5.   1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1090 رقم 3777" والترمذي "4/ 260 رقم 1805" وقال: حديث حسن صحيح، عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "البركة تنزل وسط الطعام، فكلوا من حافته، ولا تأكلوا من وسطه". وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 521 رقم 5376" ومسلم "3/ 1599 رقم 2022" وغيرهما. عن عمر بن أبي سلمة، قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، فما زالت تلك طعمتي بعد". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1607 رقم 136/ 2034" وغيره عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أكل طعامًا لعق أصابعه الثلاث، قال: وقال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان"، وأمرنا أن نسلت القصعة؛ قال: "فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة". نسلت: معناه نمسحها ونتتبع ما بقي من الطعام. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 580 رقم 5458" عن أبي أمامة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان إذا رفع مائدته قال: "الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربَّنا". وللحديث الذي أخرجه الترمذي "5/ 508 رقم 3458" وقال: حديث حسن غريب، وأبو داود "4/ 310 رقم 4023" وابن ماجه "2/ 1093 رقم 3285" وغيرهم، عن معاذ بن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أكل طعامًا ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه"، وهو حديث حسن. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 540 رقم 5399": عن أبي جحيفة قال: كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لرجل عنده: "لا آكل وأنا متكئ". قال ابن القيم في "زاد المعاد" "4/ 202": "وقد فسر الاتكاء بالتربع، وفسر الاتكاء على الشيء، وهو الاعتماد عليه، وفسر بالاتكاء على الجنب، والأنواع الثلاثة من الاتكاء: فنوع يضر بالأكل وهو الاتكاء على الجنب؛ فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة، وأما النوعان الآخران فمن جلوس الجبابرة المنافي للعبودية" اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 [الكتاب الرابع عشر] : كتاب الأشربة كل مسكر حرام1، وما أسكر كثيره فقليله حرام2، ويجوز الانتباذ في جميع الآنية3، ولا يجوز انتباذ جنسين مختلطين4 ويحرم تخليل الخمر5، ويجوز شرب العصير والنبيذ قبل غليانه6، ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام7، وآداب الشرب أن يكون ثلاثة أنفاس8،   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1587 رقم 74/ 2003" وغيره. عن ابن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 91 رقم 3687" والترمذي "4/ 93/ 1866" وقال: حديث حسن وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام"، وهو حديث صحيح. الفرق: بسكون الراء: مكيال يساوي في المدينة "3" صيعان أي يساوي "12.617" لتر. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1585 رقم 65/ 977". عن بريدة قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 67 رقم 5601" ومسلم "3/ 1574 رقم 19/ 1986" وغيرهما عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه نهى أن ينبذ الزبيب والتمر جميعًا. ونهى أن ينبذ البسر والرطب جميعًا". 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1573 رقم 11/ 1983" وغيره. عن أنس، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الخمر تتخذ خلا؟ فقال: "لا". 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1589 رقم 81/ 2004" وغيره. عن ابن عباس. قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفع له الزبيب، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة. ثم يأمر به فيسقى أو يهراق". 7 لحديث ابن عباس المتقدم، انظر الهامش "6". 8 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 92 رقم 5630" ومسلم "3/ 1602 رقم 121/ 267"، وغيرهما عن قتادة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتنفس في الإناء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وباليمين1، ومن قعود2، وتقديم الأيمن فالأيمن3، ويكون الساقي آخرهم شربًا4، ويسمى في أوله ويحمد في آخره5، ويكره التنفس في السقاء والنفخ فيه6، والشرب من فمه7، وإذا وقعت النجاسة في شيء من المائعات لم يحل شربه، وإن كان جامدًا ألقيت وما حولها8، ويحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة9.   1 لحديث ابن عمر المتقدم في الهامش "751". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 160 رقم 115/ 2025". عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشرب قائمًا". ولا يعارض هذا الحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 81 رقم 5617" ومسلم "3/ 1601 رقم 117/ 2027" وغيرهما. عن ابن عباس قال: سقيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من زمزم، فشرب وهو قائم"؛ لأنه يمكن الجمع بأن الكراهة؛ للتنزيه، والله أعلم. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 86 رقم 5619" ومسلم "3/ 1603 رقم 124/ 2029" وغيرهما. عن أنس بن مالك، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتى بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر: فشرب ثم أعطى الأعرابي. وقال: "الأيمن فالأيمن". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 472 رقم 311/ 681" من حديث أبي قتادة الطويل وفيه: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن ساقي القوم آخرهم شربًا". 5 حديث ابن عباس المرفوع: لا تشربوا نفسًا واحدًا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا الله إذا أنتم شربتم واحمدوا الله إذا أنتم رفعتم". ضعيف. وحديث أبي سعيد "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أكل وشرب قال: "الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين" ضعيف. 6 لحديث قتادة المتقدم في هامش "ص171". 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 89 رقم 5625" ومسلم "3/ 1600 رقم 111/ 2023" وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اختناث الأسقية يعني أن تكسر أفواهها فيشرب منها. 8 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 668 رقم 554" وغيره عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها قالت: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن فأرة سقطت في سمن، فقال: "ألقوها وما حولها وكلوه". 9 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 554 رقم 5426" ومسلم "3/ 1637 رقم 4/ 2067" وغيرهما. عن حذيفة قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 [الكتاب الخامس عشر] : كتاب اللباس ستر العورة واجب في الملأ والخلاء1، ولا يلبس الرجل الخالص من الحرير2 إذا كان فوق أربع أصابع3، إلا للتداوي4، ولا يفترشه5، ولا المصبوغ   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 304 رقم 4017" وابن ماجه "1/ 618 رقم 1920" والترمذي "5/ 97 رقم 2769" وقال: حديث حسن وغيرهم عن بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده. قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك". قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض قال: "إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها" قال: قلت: يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليًا، قال: "الله أحق أن يُستحيا منه من الناس" وهو حديث حسن. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 284 رقم 5834" ومسلم "3/ 1641 رقم 11/ 2069". عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تلبسوا الحرير؛ فإنه من لبسه في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة". وللحديث الذي أخرجه النسائي "8/ 161 رقم 5148" والترمذي "4/ 217 رقم 1270" وقال: حديث حسن صحيح، عن أبي موسى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحُرِّمَ على ذكورها"، وهو حديث صحيح. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 284 رقم 5829" ومسلم "3/ 1642 رقم 12/ 2069" وغيرهما عن أبي عثمان قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لبس الحرير إلا هكذا -وصف لنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إصبعيه، ورفع زهير: الوسطى والسبابة". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 295 رقم 5839" ومسلم "3/ 1646 رقم 25/ 2076" وغيرهما عن أنس رضي الله عنها قال: "رخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير؛ لحكة بهما". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 291 رقم 5838" عن حذيفة رضي الله عنه قال: "نهانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، ومن لُبْس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 بالعصفر1 ولا ثوب شهرة2، ولا ما يختص بالنساء ولا العكس3، ويحرم على الرجال التحلي بالذهب لا بغيره4.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1648 رقم 31/ 2078" عن علي بن أبي طالب قال: نهاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التختم بالذهب، وعن لباس القسي، وعن القراءة في الركوع والسجود، وعن لباس المعصفر". 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 314 رقم 4029" وابن ماجه "2/ 1192 رقم 3606" وغيرهما: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة"، وهو حديث حسن. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 332 رقم 5885" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشابهات من النساء بالرجال. 4 لحديث علي بن أبي طالب المتقدم في الهامش "1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 [الكتاب السادس عشر] : كتاب الأضحية [ الباب الأول: أحكام الأضحية ] تشرع لأهل كل بيت، وأقلها شاة1، ووقتها بعد صلاة عند النحر2، إلى آخر أيام التشريق3، وأفضلها أسمنها، ولا يجزئ منا دون الجذع من الضأن4، ولا الثني من المعز5 والأعور والمريض والأعرج   1 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 91 رقم 1505" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "2/ 1051 رقم 3147" عن عطاء بن يسار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى" وهو حديث صحيح. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 6/ 5549" ومسلم "3/ 1554 رقم 10/ 1962" وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم النحر: "من كان ذبح قبل الصلاة فليعد" وانظر الهامش القادم "5". 3 للحديث الذي أخرجه أحمد "4/ 82" وابن حبان في صحيحه "6/ 62 رقم 3843" والبيهقي "9/ 295" وغيرهم، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل عرفات موقف وارفعوا عن عرنة، وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر، فكل فجاج مني منحر وفي كل أيام التشريق ذبح" وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1555 رقم 13/ 1963" عن جابر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن". المسنة: التي لها سنون، والمراد: الكبيرة التي ليست من الصغار. جذعة: الجذع من الشاء: ما دخل في السنة الثانية، ومن البقر. وذوات الحافر: ما دخل في الثالثة، ومن الإبل ما دخل في الخامسة، والأنثى في الجميع جذعة، والجمع: جذعات وجذاع وجذعات. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 12 رقم 5556" ومسلم "3/ 1552 رقم 4/ 1961" وغيرهما: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ضحى خال لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شاتك شاة لحم"، فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: "اذبحها ولا تصلح لغيرك"، ثم قال: "من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين". الداجن: الشاة التي تألف البيت وتستأنس بأهله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 والأعجف1، وأعضب القرن والأذن2، ويتصدق منها ويأكل ويدخر3، والذبح في المصلى أفضل4، ولا يأخذ من له أضحية من شعره وظفره بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي5.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 235 رقم 2802" والترمذي "4/ 85 رقم 1497" وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي "7/ 214 رقم 4369" وابن ماجه "2/ 1050 رقم 3144" وغيرهم. عن البراء بن عازب رفعه قال: "لا يضحي بالعرجاء بيِّن ظَلَعُها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالمريضة بين مرضها ولا بالعجفاء التي لا تنقي" وهو حديث صحيح. ظلعها: الظلع: العرج. والظالع: الغامز في مشيته. العجفاء: العجف -بالتحريك- الهزال والضعف. لا تنقى: من أنقى: إذا صار ذا نقي. فالمعنى: التي ما بقي لها مخ من غاية العجف. 2 حديث علي: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يضحي بأعضب القرن والأذن" ضعيف. 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1561 رقم 28/ 1971" عن عبد الله بن واقد قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، قال عبد الله بن أبي بكر، فذكرت ذلك لعمرة، فقال: صدق، سمعت عائشة تقول: دف أهل أبيات من أهل البادية خضرة الأضحى، زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادخروا ثلاثًا، ثم تصدقوا ما بقي"، فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول اله إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون منها الودك، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وما ذاك"؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال: "إنما نهيتكم من أجل الدافَّة التي دفَّت فكلوا وادخروا وتصدقوا". دفَّ: أصل الدفيف من دف الطائر إذا ضرب بجناحيه دفيه "أي صفحتي جنبه" في طيرانه على الأرض. ثم قيل: دفت الإبل إذا سارت سيرًا لينًا. ويجملون منها الودك: أي يذيبون منها دسم اللحم. من أجل الدافة التي دفت: قال أهل اللغة: الدافة قوم يسيرون جميعًا سيرًا خفيفًا. ودافة الأعراب من يرد منهم المصر. والمراد هنا، من ورد من ضعفاء الأعراب للموساة. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 9 رقم 5552". عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذبح وينحر بالمصلى". 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1565 رقم 41/ 1977" عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 [الباب الثاني] : باب الوليمة [ الفصل الأول: أحكام وليمة العرس ] هي مشروعة1   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 204 رقم 5148" ومسلم "2/ 1042 رقم 79/ 1427" عن أنس بن مالك، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، فقال: "ما هذا"؟ قال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: "فبارك الله، أَوْلِمْ ولو بشاة". أثر صفرة: الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس، ولم يقصده ولا تعمد التزعفر. نواة: تساوي خمسة دراهم من ذهب= 14.675 جرامًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وتجب الإجابة إليها1، ويقدم السابق ثم الأقرب بابًا2، ولا يجوز حضورها إذا اشتملت على معصية3.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 244 رقم 5177" ومسلم "2/ 1054 رقم 107/ 1432" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء، ويترك المساكين، فمن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 447 رقم 6020" عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي قال: "إلى أقربهما منك بابًا". 3 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 1114 رقم 3359" عن علي، صنعت طعامًا، فدعوت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء فرأى في البيت تصاوير، فرجع، وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 [الـ] فصل [الثاني: أحكام العقيقة] والعقيقة مستحبة1، وهي شاتان عن الذكر وشاة عن الأنثى2، يوم سابع المولود، وفيه يسمى ويُحلق رأسُه3، ويتصدق بوزنه ذهبًا أو فضة4.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 590 رقم 5472" وغيره عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى". 2 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 96 رقم 1513" وقال: حديث حسن صحيح عن يوسف بن ماهك، أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن، فسألوها عن العقيقة، فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة، وهو حديث صحيح. مكافئتان: أي مستويتان أو متقاربتان. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 260 رقم 2838" والترمذي "4/ 101 رقم 1522" والنسائي "7/ 166 رقم 4220" وابن ماجه "2/ 1056 رقم 3165" وغيرهم، عن سمرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الغلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه" وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه أحمد في المسند "6/ 390" والبيهقي في السنن الكبرى "9/ 304" عن أبي رافع قال: لما ولدت فاطمة حسنًا رضي الله عنه قالت: يا رسول الله ألا أعق عن ابني بدم؟ قال: "لا ولكن احلقي شعره وتصدقي بوزنه من الورق على الأوقاص أو على المساكين"، وهو حديث حسن. الأوقاص: هم أهل الصُّفَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 [الكتاب السابع عشر] : كتاب الطب يجوز التداوي1، والتفويض أفضل لمن يقدر على الصبر2. ويحرم بالمحرمات3 ويكره الاكتواء4 ولا بأس بالحجامة5،   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "4/ 1729 رقم 69/ 2204" عن جابر، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 5328- البغا" ومسلم "4/ 1994 رقم 54/ 2576" وغيرهما، عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: إني أصرع. وإني أتكشف، فادع الله لي: قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك" قالت: أصبر. قالت: فإني أتكشف. فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 203 رقم 3870" والترمذي "4/ 387 رقم 2045" وابن ماجه "2/ 1145 رقم 3459" وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الدواء الخبيث" وهو حديث صحيح. وللحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 206 رقم 3874" عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام" وهو حديث حسن بشواهده. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 136 رقم 5680" عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي" رفع الحديث. 5 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 390 رقم 2051" وقال: حديث حسن غريب وأبو داود "4/ 195 رقم 3760" وابن ماجه "2/ 1152 رقم 3483". عن أنس قال: "كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يحتجم في الأخدعين والكاهل، وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين" وهو حديث صحيح. وانظر الهامش "4". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 والرقية بما يجوز من العين وغيرها1.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 4175- البغا" ومسلم "4/ 1723 رقم 2192" عن عائشة. قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي". وللحديث الذي أخرجه مسلم "4/ 1727 رقم 2200" عن عوف بن مالك الأشجعي. قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: "أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك". وللحديث الذي أخرجه مسلم "4/ 1725 رقم 2196" عن أنس بن مالك، في الرقى قال: "رخص في الحمة والنملة والعين". النملة: هي قروح تخرج في الجنب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الكتاب الثامن عشر: كتاب الوكالة يجوز لجائز التصرف أن يوكل غيره في كل شيء ما لم يمنع منه مانع1، وإذا باع الوكيل بزيادة على ما رسمه له موكله كانت الزيادة للموكل2، وإذا خالفه إلى ما هو أنفع أو إلى غيره ورضي به صح3.   1 كتوكيله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في استيفاء الحد، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 301 رقم 2695 و2696" ومسلم "3/ 1324" رقم 25/ 1697/ 1698" وغيرهما من حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني. وفيه: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". قال: فغدا عليها. فاعترفت، فأمر بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجمت. وكتوكيله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حفظ زكاة رمضان، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 487 رقم 2311" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "وكلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحفظ زكاة رمضان". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 632 رقم 3642" وغيره عن عروة البارقي، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه دينارًا يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 291 رقم 1422". عن معن بن يزيد قال: بايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا وأبي وجدي، وخطب علي فأنكحني وخاصمت إليه، وكان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال: والله ما إياك أردت. فخاصمته إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن". ولعل هذه الصدقة صدقة تطوع لا صدقة فرض. فقد وقع الإجماع على أنها لا تجزئ في الولد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 [الكتاب التاسع عشر] : كتاب الضمانة [الكفالة] يجب على من ضمن على حي أو ميت تسليم مال أن يغرمه عند الطلب1، ويرجع على المضمون عنه إن كان مأمورًا من جهته2. ومن ضمن بإحضار شخص وجب عليه إحضاره وإلا غرم ما عليه3.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 824 رقم 3565" والترمذي "4/ 433 رقم 2120" مطولًا وأخرجه ابن ماجه "2/ 804 رقم 2405" والترمذي "3/ 565 رقم 1265" مختصرًا عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، ولا تنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها" فقيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: "ذاك أفضل أموالنا"، ثم قال: "العارية مؤداة، والمنحة مزودة، والدين مقضي، والزعيم غارم". وهو حديث صحيح. الزعيم: الكفيل. غارم: ضامن. 2 لكونه الدين عليه والأمر منه للضمين بالضمانة كالأمر له بالتسليم فيرجع عليه لذلك. 3 لحديث أبي أمامة المتقدم في الهامش "1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 [الكتاب العشرون] : كتاب الصلح هو جائز بين المسلمين1، إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا2. ويجوز عن المعلوم والمجهول بمعلوم وبمجهول3، ولو عن إنكار4   1 لقوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] . 2 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 634 رقم 1352" وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه "2/ 788 رقم 2353" وغيرهما عن عمرو بن عوف، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا"، وهو حديث صحيح بطرقه. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 339 رقم 6967" ومسلم "3/ 1337 رقم 4/ 1713". عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض. فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئًا، فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار". ألحن: أراد أن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره. والشاهد في الحديث: "جواز الصلح والإبراء من الجهول. وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 2265- البغا" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن أباه قتل يوم أحد شهيدًا وعليه دين، فاشتد الغرماء في حقوقهم: فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا، فلم يعطهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حائطي، وقال: "سنغدو عليك" فغدا علينا حين أصبح، فطاف في النخل ودعا في ثمرها، بالبركة، فجددتها فقضيتهم وبقي لنا من تمرها". حائطي: بستان نخيلي. يحللوا: أي يجعلونه في حل ويبرئونه من دينهم. سنغدو من الغدو وهو الذهاب إلى أول النهار. فطاف: دار. فجددتها: من الجداد وهو قطع ثمرها. والشاهد في الحديث جواز الصلح عن معلوم بمجهول. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 551 رقم 457" ومسلم "3/ 1192 رقم 1558" عن كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في بيته، فخرج إليهما= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وعن الدم كالمال بأقل من الدية أو أكثر1.   = رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى كشف سجف حجرته ونادى كعب بن مالك، فقال: "يا كعب"، فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار إليه بيده أن ضع الشطر من دينك، قال كعب: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قم فاقضه". سجف حجرته: أي سترها، والشاهد في الحديث: وقوع التنازع بين الرجلين فإن كان التنازع بينهما في المقدار فهو صلح عن إنكار، وقد جوزه الشارع، وإن كان التنازع بينهما في التعجيل والتأجيل فهو أيضًا صلح عن إنكار؛ لأن منكر الأجل قد صولح على أن يتعجل البعض من دينه ويسقط الباقي إلى مقابل دعوى صاحبه للأجل. 1 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 11 رقم 1387" وقال: حديث حسن غريب وابن ماجه "2/ 877 رقم 2626" وغيرهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قتل مؤمنًا متعمدًا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعة خلفة، وما صالحوا عليه فهو لهم وذلك لتشديد العقل" وهو حديث حسن. حقة: هي من الإبل ما دخلت الرابعة. جذعة: هي من الإبل ما دخلت الخامسة. الخلفة: هي الحامل من النوق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 [الكتاب الحادي والعشرون] : كتاب الحوالة من أحيل على مليء فليحتل1، وإذا مطل المحال عليه أو أفلس كان للمحال أن يطالب المحيل بدينه2.   1 للحديث الذي أخرج البخاري "4/ 464 رقم 2287" ومسلم "3/ 1197 رقم 1564". عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع". المطل: منع قضاء ما استحق أداؤه. وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع: أي إذا أحيل بالدين الذي له على ملئ فليحتل. 2 لكون الذين باقيًا بذمه المحيل لا يسقط عنه إلا بتسليمه إلى المحتال من المحال عليه، فإذا لم يحصل التسليم كان دينه باقيًا كما كان قبل الحوالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 [الكتاب الثاني والعشرون] : كتاب المفلس يجوز لأهل الدين أن يأخذوا جميع ما يجدونه معه، إلا ما كان لا يستغني عنه وهو المنزل وستر العورة ما يقيه البرد ويسد رمقه ومن يعول1، ومن وجد ماله عنده بعينه، فهو أحق به2، وإذا نقص مال المفلس عن الوفاء بجميع دينه كان الموجود أسوة الغرماء3، وإذا تبين إفلاسه فلا يجوز حبسه4.   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1191 رقم 18/ 1556" وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تصدقوا عليه" فتصدق الناس عليه. فلم يبلغ ذلك وفاء دينه. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغرمائه: "خذوا ما وجدتم. وليس لكم إلا ذلك". قال الشوكاني في "السيل الجرار" "3/ 421-422": "وهكذا ينبغي أن يترك للمفلس على كل تقدير ما تدعو إليه حاجته من الطعام والإدام إلى وقت الدخل، وهكذا يترك للمجاهد والمحتاج إلى المدافعة عن نفسه أو ماله وسلاحه، وللعالم ما يحتاج إليه من كتب التدريس والإفتاء والتصنيف، وهكذا يترك لمن كان معاشه بالحرث ما يحتاج إليه في الحرث من دابة وآلة الحرث". ثم قال: "والحاصل أن تفويض مثل هذه الأمور إلى أنظار حكام العدل العارفين بالحكم بما أنزل الله هو الذي لا ينبغي غيره؛ لاختلاف الأحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة" اهـ. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 62 رقم 2402" ومسلم "3/ 1193 رقم 22/ 1559" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أو سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس -أو: "إنسان قد أفلس" - فهو أحق به من غيره". 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 792 رقم 3522" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي هو أسوة الغرماء. وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء" وهو حديث صحيح. 4 لأنه خلاف حكم الله سبحانه قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 ولَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته1، ويجوز للحاكم أن يحجره عن التصرف في ماله ويبيعه لقضاء دينه2، وكذا يجوز له الحجر على المبذر ومن لا يحسن التصرف3، ولا يمكن اليتيم من التصرف في ماله حتى يؤنس منه الرشد4، ويجوز لوليه أن يأكل من ماله بالمعروف5.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 45 رقم 3628" والنسائي "7/ 316" وابن ماجه "2/ 811 رقم 2427" والبخاري تعليقًا "5/ 62" وغيرهم عن عمرو بن الشريد عن أبيه، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لَيّ الواجد يحل عرضه وعقوبته" وهو حديث حسن. اللَّيّ: المطل، يقال: لواه حقه ليًّا وليانا أي مطله. الواحد: الغني. يحل عرضه: أي يغلط له وينسبه إلى سوء القضاء ويقول له: إنك ظالم ومتعدٍّ. وعقوبته: أي يحبس حتى يؤدي الحق. 2 حديث كعب بن مالك: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجز على معاذ ماله، وباعه في دين عليه" ضعيف. واعلم أن الحجر كان عند الصحابة أمرًا معروفًا ثابتًا في الشريعة؛ لما أخرج الشافعي في المسند "2/ 160 رقم 556" والبيهقي في السنن الكبرى "6/ 61"، عن عروة بن الزبير، قال: ابتاع عبد الله بن جعفر بيعًا، فقال علي رضي الله عنه: لآتين عثمان فلأحجرن عليك. أَعْلمَ ذلك ابن جعفرٍ الزبيرَ، فقال: أنا شريكك في بيعك، فأتى علي رضي الله عنه عثمان فقال: أحجر على هذا. فقال الزبير: أنا شريكه، فقال عثمان رضي الله عنه: أحجر على رجل شريكه الزبير"، وهو حديث صحيح. 3 لقوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] ، وقال الزمخشري في الكشاف "1/ 246": السفهاء: المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي، ولا يَدَ لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها، والخطاب للأولياء، وأضاف الأموال إليهم؛ لأنها من جنس ما يقيم به الناس معايشهم ... " اهـ. 4 لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] . 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 241 رقم 4575" ومسلم "4/ 2315 رقم 10/ 3019". عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] "إنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرًا أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 [الكتاب الثالث والعشرون] : كتاب اللقطة من وجد لقطة فليعرف عقاصها ووكاءها، فإن جاء صاحبها دفعها إليه1، وإلا عرف بها حولًا، وبعد ذلك يجوز له صرفها ولو في نفسه ويضمن مع مجيء صاحبها2، ولقطة مكة أشد تعريفًا من غيرها3   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 83 رقم 2428" ومسلم "3/ 1349" رقم "5/ 1722"، عن يزيد بن المنبعث، أنه سمع زيد بن خالد الجهني صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: سئل رسول الله الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اللقطة الذهب أو الورق؟ فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه"، وسأله عن ضالة الإبل؟ فقال: "ما لك ولها؟ دعها؛ فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها"، وسأله عن الشاة؟ فقال: "خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب". العقاص: هو الوعاء الذي يكون فيه من جلد أو خرقة أو غير ذلك من العقص وهي الثني والعطف، وبه سمي الجلد الذي يكون على رأس القارورة. الوكاء: هو الخيط الذي يشد به الوعاء. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 78 رقم 2426": عن سويد بن غفلة، قال: لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: "أصبت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "عرفها حولًا" فعرفتها حولًا فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: "عرفها حولًا"، فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثًا فقال: "احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها" فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا". قال ابن حجر في الفتح "5/ 79-80": "والذي يظهر أن سلمة -أحد رواة الحديث -أخطأ فيها- أي في التعريف باللقطة ثلاثة أحوال -ثم استذكر واستمر على عام واحد، ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه روايه". اهـ. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 87 رقم 2434" ومسلم "2/ 988 رقم 447/ 1355". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة، قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين؛ فإنها لا تحل لأحد كان قبلي، وإنها أحلَّت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحلَّ لأحد من بعدي، فلا ينفَّر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد" ساقطتها: معنى الساقطة ما سقط فيها بغفلة مالكه. إلا لمنشد: المنشد هو المعروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 ولا بأس بأن ينتفع المتلقط بالشيء الحقير كالعصا والسوط ونحوهما بعد التعريف بها ثلاثًا1، وتلتقط ضالة الدواب إلا الإبل2.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 86 رقم 2431" ومسلم "2/ 752 رقم 164/ 1071" عن أنس بن مالك، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد تمرة، فقال: "لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها". 2 لحديث زيد بن خالد الجهني المتقدم في الهامش "ص187". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 [الكتاب الرابع والعشرون] : كتاب القضاء إنما يصح قضاء من كان مجتهدًا1، متورعًا عن أموال الناس، عادلًا في القضية، حاكمًا بالسوية2، ويحرم عليه الحرص على القضاء وطلبه3، ولا يحل للإمام تولية من كان كذلك4.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 5 رقم 3573" والترمذي "3/ 613 رقم 1322" وابن ماجه "2/ 776 رقم 2315"وغيرهم، عن بريدة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "القضاة ثلاثة، واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار"، وهو حديث صحيح. ووجه الدلالة منه أنه لا يعرف الحق إلا من كان مجتهدًا، وأما المقلد فهو يحكم بما قال إمامه ولا يدري أحق هو أم باطل، فهو القاضي للناس على جهل وهو أحد قاضيي النار. وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 6919- البغا" ومسلم "3/ 1342 رقم 15/ 1716" عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإن حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر". اجتهد: بذل وسعه للتعرف على القضية ومعرفة الحق فيها. أصاب: الحق والواقع في حكمه. أخطأ: الحق وواقع الأمر في قضائه. ووجه الدلالة في هذا الحديث أن القاضي الذي يحكم بين الناس ويمضي حكمه هو الذي لديه أهلية الاجتهاد. 2 لكون من لم يتورع عن أموال الناس لا يتورع عن الرشوة وهو تحول بينه وبين الحق. والله تعالى يقول: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] . 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 516 رقم 6622" ومسلم "3/ 1273 رقم 1652" عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة؛ فإنك أن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وأعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 125 رقم 7149" ومسلم "3/ 1456 رقم 14/ 1733" عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: دخلت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحد الرجلين: يا رسول الله، أمِّرْنا على بعض ما ولاك الله عز وجل. وقال الآخر مثل ذلك. فقال: "إنا -والله- لا نولي على هذا العمل أحدًا سأله، ولا أحدًا حرص عليه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ومن كان متأهلًا للقضاء فهو على خطر عظيم1، وله مع الإصابة أجران، ومع الخطأ أجر إن لم يأل جهدًا في البحث2 وتحرم عليه الرشوة والهدية التي أهديت لأجل كونه قاضيًا3، ولا يجوز له الحكم حال الغضب4. وعليه التسوية بين الخصمين إلا إذا كان أحدهما كافرًا5 والسماع منهما قبل القضاء6،   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 4/ رقم 3571" والترمذي "3/ 614 رقم 1325" وابن ماجه "2/ 774 رقم 2308" وغيرهم، عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين"، وهو حديث صحيح. 2 لحديث عمرو بن العاص المتقدم في هامش "ص189". 3 لقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188] ، وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 623 رقم 1337" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "2/ 775 رقم 2313" وأبو داود "4/ 9 رقم 3580" وغيرهم عن عبد الله بن عمرو قال: "لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراشي والمرتشي"، وهو حديث صحيح. وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 6260- البغا" ومسلم "3/ 1463 رقم 1832" عن أي حميد الساعدي، قال: استعمل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا من الأسد، يقال له ابن اللتبية "قال عمرو وابن أبي عمر: على الصدقة". فلما قدم قال: هذا لكم. وهذا لي؛ أهدي لي، قال: فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: "ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، أفلا أقعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا. والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة حتى يحمله على عنقه، بعيرله رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر"، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه. ثم قال: "اللهم هل بلغت" مرتين. تيعر: معناه تصيح. اليعار صوت الشاة. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 136 رقم 7158" ومسلم "3/ 1342" رقم 16/ 1717" وغيرهما عن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان". 5 حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أنه جلس بجنب شريح في خصومة له مع يهودي فقال: لو كان خصمي مسلمًا جلست معه بين يديك، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تساووهم في المجالس" ضعيف جدًّا. 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 11 رقم 3582" والترمذي "3/ 618 رقم 1331" وقال حديث حسم. عن علي رضي الله عنه، قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن قاضيًا، فقلت: يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: "إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء" قال: فما زلت قاضيًا، أو ما شككت في قضاء بعد وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وتسهيل الحجاب بحسب الإمكان1، ويجوز له اتخاذ الأعوان مع الحاجة2، والشفاعة والاستيضاع والإرشاد إلى الصلح3، وحكمه ينفذ ظاهرًا فقط فمن قضي له بشيء فلا يحل له إلا إذا كان الحكم مطابقًا للواقع4.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 356 رقم 2948" والترمذي "3/ 620 رقم 1333". عن أبي مريم الأزدي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من ولاه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره". وهو حديث صحيح. الخلة: بفتح الخاء. الحاجة والفقر. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 133 رقم 7155" عن أنس بن مالك، قال: أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. قال الشوكاني في "السيل" 3/ 453": فإذا لم يتم حكم الشرع منه إلا بأعوان تشتد بها وطأته على المرتكبين للمنكرات والمتساهلين في تأدية الواجبات والمتمردين امتثال ما يقضي به شرع اللهكان اتخاذ من يحصل به التمام من الأعوان ونحوهم واجبًا على القاضي. ثم قال: ومن مقتضيات اتخاذ الأعوان إحضار الخصوم، ودفع الزحام وعلو الأصوات" اهـ. 3 لحديث كعب بن مالك المتقدم في الهامش "ص182". 4 لحديث أم سلمة المتقدم في الهامش "ص182". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 [الكتاب الخامس والعشرون] : كتاب الخصومة والبينة والإقرار على المدعي البينة1، وعلى المنكر اليمين2، ويحكم الحاكم بالإقرار3، وبشهادة رجلين أو رجل وامرأتين4، أو رجل ويمين المدعي5، ويمين المنكر6،   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 280 رقم 2669 رقم 2670" ومسلم "1/ 122 رقم 220/ 138" وغيرهما، عن عبد الله، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان". قال: فدخل الأشعث بن قيس، فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قالوا: كذا وكذا. قال: صدق أبو عبد الرحمن فيَّ نزلت، وكان بيني وبين رجل أرض باليمن، فخاصمته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "هل لك بينة"؟. فقلت: لا، قال: "فيمينه". قلت: إذن يحلف، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذلك: "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان"، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إلى آخر الآية. من حلف على يمين صبر: هو بإضافة يمين إلى صبر، ويمين الصبر هي التي يحبس الحالف نفسه عليها، وتسمى هذه؛ باليمين الغموس. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 213 رقم 4552" ومسلم "3/ 1336 رقم 1/ 1711" وغيرهما عن ابن عباس؛ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لو يعطى الناس بدعواهم، لأدعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه". 3 لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم في هامش "ص180". 4 لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] . 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1337 رقم 3/ 1712". عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله وسلم قضى بيمين وشاهد. 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 123 رقم 223/ 139" عن وائل بن حجر قال: جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال الحضرمي: يا رسول الله إن هذا قد غلبني على أرض لي كانت لأبي، فقال الكندي هي أرضي في يدي أزرعها ليس فيها حق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للحضرمي: "ألك بينة" قال: لا، قال: "فلك يمينه" قال: يا رسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء فقال: "ليس لك منه إلا ذلك" فانطلق ليحلف، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أدبر: "أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلمًا، ليلقين الله وهو عنه معرض" انظر الهامش "1". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 ويمين الرد1 وبعلمه2، ولا تقبل شهادة من ليس بعدل3، ولا الخائن ولا ذي العداوة والمتهم والقانع لأهل البيت4، والقاذف5، ولا بدوي على صاحب قرية6، وتحوز شهادة من يشهد على تقرير فعله أو قوله، إذا انتفت التهمة7، وشهادة الزور من أكبر الكبائر8، وإذا تعارض البينتان ولم يوجد وجه ترجيح قسم المدعى بين   1 حديث ابن عمر: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد اليمين على طالب الحق" ضعيف واعلم أن الحكم لا يثبت بالحديث الضعيف فتنبه. 2 الأصح أن لا يحكم الحاكم بعلمه؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحكم بحكمه في امرأة هلال بن أمية، انظر الهامش "ص131". 3 لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وتثبت العدالة بمعرفة القاضي للشاهد، أو بتزكية عدلين له عنده. وحدُّ العدالة أن يكون محترزًا عن الكبائر غير مصرٍّ على الصغائر ولا فاعلًا ما يخل بالمروءة، وهي ما تتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء وهي حسن الهيئة والسيرة والعشرة والصناعة. 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 24 رقم 3600" وغيره عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد شهادة الخائن والخائنة، وذي الغمر على أخيه، ورد شهادة القانع لأهل البيت، وأجازها لغيرهم" وهو حديث حسن. الغمر: بكسر المعجمة، وسكون الميم بعدها راء مهملة: الحقد. أي لا تقبل شهادة العدو على العدو. القانع: الأجير الذي يتفق عليه أهل البيت. 5 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] . 6 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 26 رقم 3602" وابن ماجه "2/ 793 رقم 2366" وغيرهما. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية"، وهو حديث صحيح. 7 لحديث عقبة بن الحارث المتقدم في هامش "ص139". 8 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 2510- البغا" ومسلم "1/ 91 رقم 144/ 88". عن أنس رضي الله عنه قال: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الكبائر قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الغريمين1، وإذا لم يكن للمدعي بينة فليس له إلا يمين صاحبه ولو كان فاجرًا2، ولا تقبل البينة بعد اليمين3، ومن أقر بشيء عاقلًا بالغًا غير هازل ولا بمحال عقلًا أو عادة لزمه ما أقر به كائنًا ما كان4، ويكفي مرة واحدة من غير فرق بين موجبات الحدود وغيرها كما سيأتي5.   1 حديث أبي موسى: "أن رجلين ادعيا بعيرًا، أو دابة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليست لواحد منهما بينة، فجعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما" ضعيف. 2 لحديث الأشعث بن قيس المتقدم في هامش "ص192". ولحديث وائل بن حجر المتقدم في الهامش "ص192". 3 لأن اليمين إذا كانت تطلب من المدعي فهي مستند للحكم صحيح، ولا يقبل المستند المخالف لها بعد فعلها. وانظر "السيل الجرار" "3/ 322" بتحقيقي. 4 لما تقدم في حدث عقبة بن الحارث في هامش "ص136"، وأما تقيده بكون المقر عاقلًا بالغًا فلأن المجنون والصبي ليسا بمكلفين فلا حكم لإقرارهما؛ لحديث عائشة المتقدم في هامش "ص58"، وأما تقيده بكون المقر غير هازل فلكون إقرار الهازل ليس هو الإقرار الذي يجوز أخذه به، وهكذا إذا أقر بما يحيله العقل أو العادة؛ لأن كذبه معلوم ولا يجوز الحكم بالكذب. 5 لكون المقر بالشيء على نفسه قد لزمه إقراره، واعتبار التكرار في الحدود سيأتي أنه لم يثبت عليه ما يوجب المصير إليه. انظر هامش "ص195". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 [الكتاب السادس والعشرون] : كتاب الحدود [الباب الأول] : باب حد الزاني إن كان بكرًا حرًّا جلد مائة جلدة1، وبعد الجلد يغرَّب عامًا2، وإن كان ثيبًا جلد كما يجلد البكر3، ثم يرجم حتى يموت4، ويكفي إقراره مرة، وما ورد من التكرار في وقائع الأعيان فلقصد الاستثبات5.   1 لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] . 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 156 رقم 6833" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1316 رقم 12/ 1690" وغيره عن عبادة بن الصامت. قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم". والظاهر عند أنه يجوز للإمام أن يجمع بين الجلد والرجم، ويستحب له أن يقتصر على الرجم؛ لاقتصار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرجم، والحكمة في ذلك أن الرجم عقوبة تأتي على النفس فأصل الرجم المطلوب حاصل به، والجلد زيادة عقوبة رخص في تركها، فهذا وجه الاقتصار على الرجم عندي والله أعلم. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 135 رقم 6824" ومسلم "3/ 1320 رقم 19/ 1693". عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لماعز بن مالك: "أحق ما بلغني عنك"؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان" قال: نعم. قال: فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم، ولحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم. 5 لأن أخذ المقر بإقرار هو الثابت في الشريعة؛ لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم في هامش "ص180" وقد اكتفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإقرار من المرأة الزانية مرة واحدة. وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1323 رقم 23/ 1695" عن بريدة وقد اكتفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإقرار الغامدية مرة واحدة. وللحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 631 رقم 3635" ومسلم "3/ 1326 رقم 26/ 1699" عن ابن عمر "وقد اكتفى صلى الله لعيه وسلم بإقرار اليهودي واليهودية مرة واحدة". وتحمل الأحاديث التي فيها التراضي عن إقامة الحد بعد صدور الإقرار مرة على من كان أمره ملتبسًا في ثبوت العقل وعدمه والصحو والسكر ونحو ذلك. وأما سكوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قضية ماعز حتى أقر أربعًا، كما في الهامش السابق "4": فليس فيها أن ذلك شرط. بل غاية ما فيها أن الإمام إذا تثبت في بعض الأموال حتى يقع الإقرار مرات كان له ذلك. وانظر الهامش "ص197". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وأما الشهادة فلا بد من أربعة1، ولا بد أن يتضمن الإقرار والشهادة التصريح بإيلاج الفرج في الفرج2، ويسقط بالشبهات المحتملة3، وبالرجوع عن الإقرار4   1 دل على ذلك آيات: منها: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] . فقد رتب وجوب الجلد على عدم الإتيان بأربعة شهداء، فدل على أن الزنا لا يثبت إلا بهم. ومنها قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] . ومنها قوله تعالى في حادث الإفك: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] . 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 135 رقم 6824" عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت"؟ قال: لا يا رسول الله، قال، "أنكتها"؟ -لا يكني- قال: فعند ذلك أمر برجمه. 3 حديث عائشة المرفوع: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" ضعيف. 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 576 رقم 4420" وغيره بإسناد جيد عن محمد بن إسحاق، قال: ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك، فقال لي: حدثني حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني ذلك من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فهلا تركتموه" من شئتم من رجال أسلم ممن لا أتهم، قال: ولم أعرف هذا الحديث، قال: فجئت جابر بن عبد الله فقلت: إن رجالًا من أسلم يحدثون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم حين ذكروا له جزع ماعز من الحجارة حين أصابته: "ألا ترتكتموه" وما أعرف الحديث، قال: يا ابن أخي، أنا أعلم الناس بهذا الحديث، كنت فيمن رجم الرجل، إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد من الحجارة صرح بنا: يا قوم ردوني إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن قومي قتلوني، وغرُّوني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير قاتلي، فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وأخبرناه قال: "فهلا تركتموه وجئتوني به"؛ ليستثبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، فأما لترك حد فلا، قال: فعرفت وجه الحديث، وهو حديث حسن. من شئتم: فاعل حدثني، والمعنى: أنه قد أخبر جماعة من رجال أسلم لا أتهمهم بأن: "فهلا تركتموه" من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وبكون المرأة عذارء أو رتقاء، وبكون الرجل مجبوبًا أو عنينًا1، وتحرم الشفاعة في الحدود2 ويحفر للمرجوم إلى الصدر3، ولا ترجم الحبلى حتى ترضع ولدها إن لم يوجد من يرضعه4، ويجوز الجلد حال المرض بعثكال ونحوه5 ومن لاط بذكر قتل ولو   1 لكون المانع موجودًا فتبطل به الشهادة أو الإقرار؛ لأنه قد علم كذب ذلك قطعًا. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 87 رقم 6788" ومسلم "3/ 1315 رقم 1688". عن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِبُّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أتشفع في حد من حدود الله"؟، ثم قام فخطب فقال: "يا أيها الناس إنما ضلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها". 3 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1323 رقم 23/ 1695". عن بريدة؛ أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله: إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني. فرده، فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد رزنيت فرده الثانية. فأرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قومه، فقال: "أتعلمون بعقله بأسًا تنكرون منه شيئًا"؟ فقالوا: ما نعلمه إلا وفيَّ العقل، من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضًا فسأل عنه فأخبروه: أنه لا بأس به ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرُجِم. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1321 رقم 22/ 1695" عن بريدة: قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد. فقالت: يا رسول الله، طهرني. فقال: "ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه". فقالت: أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك. قال: "وما ذاك" قالت: إنها حبلى من الزنى. فقالت: "آنت"؟ قالت: نعم. فقال لها: "حتى تضعي ما في بطنك"، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال: فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قد وضعت الغامدية. فقال: "إذًا لا ترجمها وندع لدها صغيرا ليس له من يرضعه" فقام رجل من الأنصار فقال: إليَّ رضاعه يا نبي الله. قال: فرجمها. غامد: بطن من جهينة. إنها حبلى من الزنى: أرادت أني حبلى من الزنى -فعبرت عن نفسها بالغيبة. فكفلها رجل من الأنصار: أي قام بمؤنتها ومصالحها. إليَّ رضاعه: إنما قاله بعد الفطام. وأراد بالرضاعة كفايته وتربيته. وسماه رضاعًا مجازًا. 5 إن كان مأيوسًا من شفائه؛ للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 859 رقم 2574" وغيره. عن سعيد بن سعد بن عباد، قال: كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف، فلم يرع إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث بها، فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "اجلدوه ضرب مائة سوط" قالوا: يا نبي الله، هو أضعف من ذلك، لو ضربناه مائة سوط مات. قال: "فخذوا له عثكالًا فيه مائة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة"، وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 كان بكرًا، وكذلك المفعول به إذا كان مختارًا1، ويعزر من نكح بهيمة2، ويجلد المملوك نصف جلد الحر3، ويحده سيده أو الإمام4.   = مخدج: ناقص الخلق والقوة. العثكال: العنقود من النخل الذي يكون فيه أغصان كثيرة وكل واحد من الأغصان يسمى شمراخًا. أما إذا كان المريض مرجوًا شفاؤه أمهل؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1330 رقم 34/ 1705" عن أبي عبيد الرحمن. قال: خطب علي فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد. من أحصن منهم ومن لم يحصن؛ فإن أمة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن جلدتها، أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "أحسنت". أقيموا على أرقائكم الحد: الأرقاء جمع رقيق: بمعنى المملوك، عبدًا كان أو أمة أي لا تتركوا إقامة الحدود على مماليككم، فإن نفعها يصل إليكم وإليهم. 1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 607 رقم 4462" والترمذي "4/ 57 رقم 1456" وابن ماجه "2/ 856 رقم 2561"وغيرهم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" وهو حديث صحيح. اللواط: هو إتيان الذكر في دبره، وكذلك إتيان الأنثى الأجنبية. اللواط من الكبائر. أورده الذهبي في كتابه "الكبائر"، الكبيرة السابعة عشرة ص 81-82 تحقيق وتخريج الشيخ: محيي الدين مستو. 2 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 57" وأبو داود "4/ 610 رقم 4465" عن ابن عباس، قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حد، وهو حديث صحيح. وإذا انتفى الحد فقد وجب التعزير؛ لارتكابه معصية لا حد فيها ولا كفارة. 3 لقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، ولحديث علي كرم الله وجهه المتقدم في الهامش "ص197". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 162 رقم 6837 و6838" ومسلم "3/ 1328 رقم 1703". عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها، فليبعها، ولو بحبل من شعر". ولا يثرب عليها: التثريب: التوبيخ واللوم على الذنب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 [الباب الثاني] : باب [حد] السرقة من سرق مكلَّفًا1، مختارها2، من حِرْز3، ربع دينار فصاعدًا4، قطعت كفه اليمنى5، ويكفي الإقرار مرة واحدة6، أو شهادة عدلين7، ويندب تلقين المسقط8 ويُحسَم موضع القطع9، وتعلق اليد في عنق السارق10   1 وحد التكليف: الإسلام. والبلوغ. والعقل. انظر الهامش "ص58". 2 للحديث الذي أخرجه الحاكم "2/ 198" وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام "5/ 149" وابن حبان "ص360 رقم 1498- موارد" وغيرهم، عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله يتجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وهو حديث صحيح. 3 الحرز: هو المكان الذي يحفظ به المسروق ونحوه عادة، أو الحال الذي يمنع دخول يد غير مالكه عليه، ودل على اشتراط الحرز أحاديث: منها: ما أخرجه الترمذي "3/ 584 رقم 1289" وقال: حديث حسن. والنسائي "8/ 85 رقم 4958". وأبو داود "4/ 550 رقم 4390" وغيرهم. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله ابن عمرو، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن الثمر المعلق فقال: "ما أصاب من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة" وهو حديث حسن. خبنة: هي ما يحمله الرجل في ثوبه. الجرين: موضع التمر الذي يجفف فيه، مثل البيدر للحنطة. المجن: كل ما يتوقى به ويستر من ضربة السلاح. كالترس. وكانت قيمته تقدر بربع دينار. العقوبة: وهي التعزير هنا. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 96 رقم 6789" ومسلم "3/ 1312 رقم 1684" عن عائشة، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا". ربع دينار= 1.0625 جرامًا. 5 لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] . 6 انظر هامش "ص195". 7 انظر هامش "ص192". 8 حديث أبي أمية المخزومي، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بلص قد اعترف اعترافًا، ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أخالك سرقت"؟ قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقُطِع وجيء به، فقال: "استغفر الله وتب إليه"، فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال: "اللهم تب عليه" ثلاثًا. ضعيف. 9 حديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتي بسارق سرق شملة، فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذهبوا به فأقطعوه ثم احسموه، ثم ائتوني به"، فقطع فأتي به، فقال: "تب إلى الله"، فقال: قد تبت إلى الله، "تاب الله عليك" ضعيف. واعلم أن الحديث الضعيف لاتثبت به الأحكام. 10 حديث عبد الرحمن بن محيرز، قال: سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في العنق للسارق أمن السنة هو؟ قال: أتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسارق قطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه" ضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ويسقط بعفو المسروق عليه قبل البلوغ إلى السلطان ولا بعده فقد وجب1، ولا قطع في ثمر ولا كَثَر2 ما لم تؤوه الجرينُ إذا أكل ولم يتخذ خبنة وإلا كان عليه ثمن ما حمله مرتين وضرْب نكالٍ3، وليس على الخائن والمنتهب والمختلس قطع4، وقد ثبت القطع في جحد العارية5.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 540 رقم 4376" والنسائي "8/ 70 رقم 4886" وغيرهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب"، وهو حديث صحيح. 2 الكثر: بفتحتين: جمار النخل أو طلعها. 3 لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم في هامش "ص199". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 552 رقم 4393" والترمذي "4/ 52 رقم 1448" وابن ماجه "2/ 864 رقم 2591" والنسائي "8/ 88". عن جابر رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع"، وهو حديث صحيح. 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1316 رقم 10/ 1688" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع، وتجحده، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تقطع يدها، فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه، فكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 [الباب الثالث] : باب حد القذف 1 من رمى غيره بالزنى وجب عليه حد القذف ثمانين جلدة2، ويثبت ذلك بإقراره مرة3، أو بشهادة عدلين4، وإذا لم يتب لم تقبل شهادته5، فإن جاء بعد القذف بأربعة شهود سقط عنه الحد6، وكذلك إذا أقر المقذوف بالزنى7.   1 في المخطوط "باب حد القذف" يأتي بعد "باب حد الشرب" لا قبله. 2 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] . 3 لكون إقرار المرء لازمًا له. 4 كسائر ما يعتبر فيه الشهادة كما أطلقه الكتاب العزيز، انظر هامش "ص192". 5 لقوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] . 6 لأن القاذف لم يكن حينئذ قاذفًا بل قد تقرر صدور الزنا بشهادة الأربعة، فيقام الحد على الزنى. 7 فلا حد على من رماه بل يحد المقر بالزنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 [الباب الرابع] : باب حد الشرب من شرب مسكرًا مكلفًا1، مختارًا2 جلد على ما يراه الإمام، إما أربعين جلدة أو أقل أو أكثر ولو بالنعال3، ويكفي إقراره مرة4، أو شهادة عدلين5 ولو على القيء6 وقتله في الرابعة منسوخ7.   1 انظر هامش "ص58". 2 انظر الهامش "ص199". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 63 رقم 6773" ومسلم "3/ 1331 رقم 36/ 1706". عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين". وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1330 رقم 35/ 1706" عن أنس بن مالك، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين، نحو أربعين. قال: وفعله أبو بكر. فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر. 4 انظر هامش "ص195". 5 انظر هامش "ص192، 6". 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1331 رقم 38/ 1707" عن حصين بن المنذر أبو ساسان، قال: شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد بن عقبة ابن أبي معيط قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان: أحدهما حمران، أنه شرب الخمر، وشهد آخر، أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال: الحسن: ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها "فكأنه وجد عليه"، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده، وعليٌّ يعدُّ حتى بلغ أربعين، فقال: أمسِكْ، ثم قال: جلد النبي أربعين، فجلد أبو بكر أربعين. وعمر ثمانين. وكلٌّ سُنَّة وهذا أحب إلي". ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها: الحار الشديد المكروه. والقار البارد الهنيء الطيب، وهذا مثل من أمثال العرب، معناه: ولِّ شدتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذاتها. والضمير عائد إلى الخلافة والولاية؛ أي ليتول هذا الجلد عثمان بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين، وجد عليه: أي غضب عليه. 7 الحديث هذا الذي أخرجه الترمذي "4/ 49" والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف "2/ 273 رقم 3073" والبزار "2/ 221 رقم 1562- كشف الأستار" والحاكم في المستدرك "4/ 373" والبيهقي "8/ 314" وغيرهم واللفظ للبزار عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: فأتى بالنعيمان قد شرب الرابعة فجلده، ولم يقتله، وكان ذلك ناسخًا للقتل"، وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 فصل: والتعزير في المعاصي التي لا توجب حدًا ثابت بحبس أو نحوه أو ضرب ولا يجاوز عشرة أسواط1.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 175 رقم 6848" ومسلم "3/ 1332 رقم 40/ 1708" عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله"، وللحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 46 رقم 3630" والنسائي "8/ 67" والترمذي "4/ 28 رقم 1417" وغيرهم عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبس رجلًا في تهمة"، وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 [الباب الخامس] : باب حد المحارب هو أحد الأنواع المذكورة في القرآن، القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلال أو نفي من الأرض1، يفعل الإمام منها ما رأى فيه صلاحًا لكل من قطع طريقًا ولو في المصر، إذا كان قد سعى في الأرض فسادًا2، فإن تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ذلك3.   1 لقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] . يحاربون الله ورسوله: يخالفون أمرهما بالاعتداء على خلق الله عز وجل. يسعون في الأرض فسادًا: يعملون في الأرض بما يفسد الحياة من قتْل للأنفس وسلب للأموال، وإثارة للذعر والقلق. ينفوا: يطردوا منها وينحوا عنها؛ بالتعذيب أو الحبس. خزي: ذل وفضيحة وتأديب. 2 لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل بالعرنيين أحد الأنواع المذكورة في الآية وهو القطع كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 335 رقم 233" ومسلم "3/ 1296 رقم 9/ 1671". عن أنس بن مالك أن ناسًا من عرينة قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة فاجتووها، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها"، ففعلوا، فصحُّوا، ثم مالوا على الرعاة، فقتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبلغ ذلك النبي، فبعث في إثرهم، فأُتِيَ بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم. وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا. عرينة: حتى من قضاعة وحي من بجيلة من قحطان، والمراد هنا الثاني. فاجتووها: معناه استوخموها؛ أي: لم توافقهم وكرهوها؛ لسقم أصابهم. قالوا: وهو مشتق من الجوى، وهو داء في الجوف: وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي أخذوا إبله وقدموها أمامهم سائقين لها طاردين. سمل أعينهم: ومعنى سمل فقأها وأذهب ما فيها. وتركهم في الحرة: هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة وإنما ألقوا فيها؛ لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا. 3 لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 [الباب السادس] : باب من يستحق القتل حدًّا هو الحربي1 والمرتد2 والساحر3 والكاهن3   1 لا خلاف في ذلك لأوامر الله عز وجل بقتل المشركين في موضع من كتابه العزيز؛ منها: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ، ومنها: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36] ، ولما ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثبوتًا متواترًا من قتالهم، وأنه كان يدعوهم إلى ثلاث ويأمر بذلك من يبعثه للقتال. كما أخرج مسلم "3/ 1357 رقم 3/ 1731" وغيره، عن بريدة، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: "اغزوا باسم الله، في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا. ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال "أو خلال" فأيتهن ما أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسَلْهُم الجِزْيَة، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أَبَوْا فاستعن بالله وقاتلهم". ولا تغُلُّوا: من الغلول ومعناه: الخيانة في الغنم. فلا تخونوا في الغنيمة. ولا تمثلوا: أي تشوهوا القتلى بقطع الأنوف والآذان. وليدًا: أي صبيًّا؛ لأنه لا يقاتِل. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 149 رقم 3017" وغيره عن عكرمة أن عليًّا رضي الله عنه حرق قومًا، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي قال: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بدل دينه فاقتلوه". 3 لكون عمل السحر نوعًا من الكفر. ففاعله مرتد يستحق ما يستحقه المرتد. قال تعالى عن هاروت وماروت: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} إلى أن قال: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 102] . والسحر من الكبائر انظر "كتاب الكبائر" للذهبي تحقيق وتخريج الشيخ محيي الدين مستو، ص45-47، "الكبيرة الثالثة". 4 لكون الكهانة نوعًا من الكفر، فلا بد أن يعمل من كهانته ما يوجب الكفر. وقد ورد أن تصديق الكاهن كفر، فبالأولى الكاهن إذا كان معتقدًا بصحة الكهانة، ومن ذلك ما أخرجه مسلم "4/ 1751 رقم 125/ 2230" عن صفية، عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". ومن ذلك أيضًا ما أخرج أبو داود "4/ 225 رقم 3904" والترمذي "1/ 242 رقم 135" وابن ماجه "1/ 209 رقم 639". وغيرهم عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 والساب لله أو لرسوله أو للإسلام أو للكتاب أو للسنة والطاعن في الدين1، والزنديق2 بعد استتابتهم3، والزاني المحصن4 واللوطي مطلقًا5 والمحارب6.   1 هذه الأفعال موجبة للكفر الصريح، ففاعلها مرتد: وقد أخرج أبو داود "4/ 529 رقم 4362". عن علي برضي الله عنه "أن يهودية كانت تشتم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول الله دمها". وهو حديث حسن. 2 وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر ويعتقد بطلان الشرائع فهذا كافر بالله وبدينه مرتدٌّ عن الإسلام أقبح ردة إذا ظهر منه ذلك بقول أو فعل. 3 ولا يمهل؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 6525- البغا" ومسلم "3/ 1456 رقم 14/ 1733" في تولية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه: "ثم أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال أنزل، وإذا رجل عنده موثق. قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًّا فأسلم ثم تهوَّد، قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يُقتَل، قضاء الله ورسوله. ثلاث مرات. فأمر به فقُتِل". 4 لحديث عبادة بن الصامت انظر هامش "ص195"، ولحديث ابن عباس انظر هامش "ص195". 5 لحديث ابن عباس المتقدم في هامش "ص198". 6 انظر هامش "ص202". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 [الكتاب السابع والعشرون] : كتاب القصاص يجب1 على المكلف2 المختار3 العامد4 إن اختار ذلك الورثة، وإلا فلهم طلب الدية4، وتقتل المرأة بالرجل والعكس5.   1 يجب القصاص؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] . ولقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 179] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 205 رقم 112" ومسلم "2/ 988 رقم 447/ 1355"، عن أبي هريرة قال: لما فتح الله عز وجل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة. قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: " ... ومن قُتِل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يفدى وإما أن يُقتَل". 2 وحد التكليف: الإسلام، والبلوغ، والعقل. انظر هامش "ص58". 3 لحديث ابن عباس المتقدم في هامش "ص199". 4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 522 رقم 4353" والنسائي "7/ 91" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم، ورجل خرج محاربًا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفسًا فيقتل بها" وهو حديث صحيح. 5 لحديث أبي هريرة المتقدم في الهامش "1". 6 قتل المرأة بالرجل لا خلاف فيه، وأما قتل الرجل بالمرأة؛ للحديث الذي أخرجه النسائي "8/ 57 رقم 4853" وغيره، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، عن جده أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى أهل اليمن كتابًا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها: "من محمد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قبل ذي رعين ومعاقر وهمدان، أما بعد ... " وكان في كتابه: "إن من اغتبط مؤمنًا قتلًا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتلو وأن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الألف إذا أوعب جدعة الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل أصبع من= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 والعبد بالحر والكافر بالمسلم لا العكس1 والفرع بالأصل لا العكس2 ويثبت القصاص في الأعضاء ونحوها والجروح مع الإمكان3   = أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل، وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار"، وهو حديث صحيح. الجائفة: الطعنة التي تخالط الجوف وتنفذ فيه، والمراد بالجوف كل ما له قوة مخيلة كالبطن والدماغ. المنقلة: هي الشجة التي تخرج منها صغار العظام. الموضحة: هي الشجة التي تبدي وضح العظم، أي بياضه. وللحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 204 رقم 6879" ومسلم "3/ 1299 رقم 15/ 1672"، عن أنس رضي الله عنه أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح لها فقتلها بحجر، فجيء بها إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبها رمق، فقال: "أقتلك فلان" فأشارات برأسها أن لا ثم قال الثانية فأشارت برأسها أن لا، ثم سألها الثالثة فأشارت برأسها أن نعم، فقتله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحجرين. 1 أي لا يقتل الحر بالعبد؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} [البقرة: 178] . وكذلك لا يقتل المسلم بالكافر؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 246 رقم 6903". عن أبي جحيفة قال: سألت عليًّا رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس في القرآن، وقال مرة: ما ليس عند الناس؟، فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا في القرآن، إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر. 2 أي لا يتمثل الأصل بالفرع؛ للحديث الذي أخرجه ابن الجارود في المنتقى رقم "788" والدارقطني "3/ 140 رقم 179" والبيهقي في السنن الكبرى "8/ 38" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كانت لرجل من بني مدلج جارية فأصاب منها ابنا فكان يستخدمها، فلما شب الغلام دعا بها يومًا فقال: اصنعي كذا وكذا، فقال الغلام: لا تأتيك، حتى متى تستأمر أمي؟ قال: فغضب أبوه فحذفه بسيفه، فأصاب رجله أو غيرها فقطعها فنزف الغلام فمات، فانطلق في رهط من قومه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا عدو نفسه أنت الذي قتلت ابنك؟ لولا أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا يقاد الأب بابنه" لقلتك، هلم ديته، قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير، قال: فتخير منها مائة فدفعها إلى ورثته، وترك أباه، وهو حديث صحيح. 3 لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 177 رقم 4500" ومسلم "3/ 1302 رقم 24/ 675" عن أنس أن أخت الرُّبَيِّع، أم حارثة، جرحت إنسانًا، فاختصموا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "القصاص القصاص" فقالت أم الربيع: يا رسول الله، أيقتص من فلانة؟ والله لا يقتص منها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سبحان الله يا أم الربيع، القصاص كتاب الله" قالت: لا والله لا يقتص منها أبدًا، قال فما زالت حتى قبلوا الدية. فقال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ويسقط بإبراء أحد الورثة، ويلزم نصيب الآخرين من الدية1. وإذا كان فيهم صغير ينتظر في القصاص بلوغه2. ويهدر ما سببه من المجني عليه3. وإذا أمسك رجل وقتل آخر قُتِل القاتل وحبس الممسك4. وفي قتل الخطأ الدية والكفارة5، وهو ما ليس بعمد أو من صبي أو مجنون وهي على العاقلة وهي العصبة6.   1 لأن أمر القصاص والدية إلى الورثة وأنهم بخير النظرين كما في حديث أبي هريرة المتقدم في هامش "ص205"، فإذا أُبرِؤوا من القصاص سقط، وإن أبرأ أحدهم سقط؛ لأنه لا يتبعض، ويستوفي الورثة نصيبهم من الدية. وللحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 884 رقم 2647" وأبو داود 4/ 691 -694 رقم 4564" والنسائي "8/ 42-43 رقم 4801". وغيرهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: "قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعقل المرأة عصبتها من كانوا، ولا يرثوا منها شيئًا، إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها فهم يقتلون قائلها" وهو حديث حسن. 2 دليله ما قدمنا من أن ذلك حق لجميع الورثة، ولا اختيار للصبي قبل بلوغه. انظر هامش "ص"205" و"1". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 229 رقم 6892" ومسلم "3/ 1300 رقم 1673" وغيرهما، عن عمران بن حصين أن رجلًا عض يد رجل فنزع يده من فمه فوقعت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل، لا دية له". 4 قلتُ: والحق أنه إذا اشترك جماعة من الرجال أو الرجال والنساء في قتل رجل عمدًا بغير حق قتلوا به كلهم؛ للأثر الذي أخرجه مالك في الموطأ "2/ 871 رقم 13" والبخاري تعليقًا "12/ 227 رقم 6896" عن ابن عمر رضي الله عنه، أن غلامًا قتل غيلة فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم. وهو أثر موصول إلى عمر بأصبع إسناد. 5 لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92] . 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 252 رقم 6909" ومسلم "3/ 1309 رقم 35/ 1681" عن أبي هريرة "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في جنين من بني حيان بغرة عبد أو أمة. ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة، توفيت فقضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصيبها، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت: قال العلماء: هذا الكلام قد يوهم خلاف مراده، فالصواب أن المرأة التي ماتت هي المجنى عليها أم الجنين، لا الجانية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 [الكتاب الثامن والعشرون] : كتاب الديات [ الباب الأول: أحكام الدية والشجاج ] دية الرجل المسلم مائة من الإبل أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم أو مائتا حلية1، وتغلظ دية العمد وشبهه2 بأن يكون المائة من الإبل في بطون أربعين منها أولادها3.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 677 رقم 4541" والنسائي "8/ 42 رقم 4801" وابن ماجه "2/ 878 رقم 2630" وغيرهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قتل خطأ فديته مائة من الإبل ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة وعشرة بني لبون ذكور"، قال: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقومها على أهل القرى أربعمائة دينار أو عدلها من الورق، ويقومها على أهل الإبل إذا غلت رفع قيمتها وإذا هانت نقص من قيمتها على نحو الزمان ما كان فبلغ قيمتها على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بين الأربعمائة دينار إلى ثمانمائة دينار أو عدلها من الورق، قال: وقضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن من كان عقله في البقر على أهل البقر مائتي بقرة ومن كان عقله في الشاة ألفي شاة، وقضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعقل على المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منه شيئًا إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت بين ورثتها وهم يقتلون قاتلها" وهو حديث حسن. الدينار= 4.25 جرامًا. 2 واتفق الفقهاء على أن التغليظ في الدية لا يعتبر إلا في الإبل دون الذهب والورق. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 682 رقم 4547" والنسائي "8/ 41" وابن ماجه "2/ 877 رقم 2627" وغيرهم. عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مسددًا: خطب يوم الفتح بمكة فكبَّر ثلاثًا ثم قال: "لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده" إلى ها هنا حفظته عن مسدد ثم اتفقا: "ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية تذكر وتدعي من دم أو مال تحت قدمي، إلا ما كان من سقاية الحاج، وسدانة البيت" ثم قال: "ألا إن دية الخطأ شبه العمد كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطون أولادها"، وهو حديث صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 ودية الذمي نصف دية المسلم1، ودية المرأة نصف دية الرجل، والأطراف وغيرها كذلك في الزائد على الثلث2، وتجب الدية كاملة في العينين والشفتين واليدين والرجلين والبيضتين وفي الواحدة منها نصفها، وكذلك تجب الدية كاملة في الأنف واللسان والذكر والصلب وأرش المأمومة والجائفة ثلث دية المجني عليه، وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشرها وفي الهامشة عشرها، وفي كل أصبع عشرها، وفي كل سن نصف عشرها، وكذا في الموضحة3، وما عدا هذه المسماة فيكون أرشه بمقدار نسبته إلى أحدها تقريبًا4، وفي الجنين إذا خرج ميتًا الغرة5، وفي المملوك قيمته وأرشه بحسبها6.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 707 رقم 4583" وابن ماجه "3/ 883 رقم 2644"، والترمذي "4/ 25 رقم 1413" وقال: حديث حسن، والنسائي "8/ 45" وغيرهم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "دية المعاهد نصف دية الحر"، وهو حديث حسن. 2 لما أخرج ابن أبي شيبة "11/ 28/ 2" عن شريح قال: أتاني عروة البارقي من عند عمر: أن جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة، وما فوق ذلك، فدية المرأة على النصف من دية الرجل" وإسناده صحيح. وفي الباب عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 28/ 2" والبيهقي "8/ 95-96" بإسناد صحيح عنهما. قلتُ: ولا مخالف لهم من الصحابة، فصار إجماعًا. على أن هذا مما لا يقال بالرأي فيكون في حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 لحديث عبد الله بن عمرو المتقدم في هامش "ص205". 4 لأن الجناية قد لزم أرشها بلا شك؛ إذ لا يهدر دم المجني عليه بدون سبب، ومع عدم ورود الشرع بتقدير الأرش لم يبق إلا التقدير بالقياس على تقدير الشارع. 5 لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم في هامش "ص208". 6 لا خلاف في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 [الباب الثاني] : باب القسام ة 1 إذا كان القاتل من جماعة محصورين ثبتت وهي خمسون يمينًا2، يختارهم ولي القتيل   1 القسامة أن يوجد قتيل وادعى وليه على رجل أو على جماعة وعليهم لوث ظاهر واللوث ما يغلب على القلب صدق المدعي بأن وجد القتيل بين قوم أعداء لا يخالطهم غيرهم. أو اجتمع جماعة في بيت أو صحراء وتفرقوا عن قتيل. أو وجد في ناحية قتيل وثم رجل مختضب بالدم، أو يشهد عدل واحد على أن فلانًا قتله، أو قاله جماعة من العبيد والنساء جاؤوا متفرقين بحيث يؤمن تواطؤهم ونحو ذلك، فيحلف المدعي خمسين يمينًا ويستحق دعواه. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 229 رقم 6898" ومسلم "3/ 1291 رقم 1/ 1669" وغيرهما عن بشر بن يسار، زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها ووجدوا أحدهم قتيلًا، وقالوا للذي وجد فيهم: قد قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا ولا علمنا قاتلًا، فانطلقوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا قتيلًا، فقال: "الكبر الكبر". فقال لهم: "تأتون بالبينة على من قتله"؟ قالوا: ما لنا بينة. قال: "فيحلفون". قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله أن يبطل دمه، فوداه مائة من إبل الصدقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 والدية إن نكلوا عليهم وإن حلفوا سقطت1، وإن التبس الأمر كانت من بيت المال2   1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1295 رقم 1670" عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنصار، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية. وللحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 155 رقم 3845". عن ابن عباس: رضي الله عنهما قال: "إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمر به رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل، فأعطاه عقالًا فشد به عزوة جوالقه، فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرًا واحدًا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال. قال: فأين عقاله؟ قال فحذفه بعصا كان فيها أجله. فمر به رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ قال: ما أشهد وربما شهدته. قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم. قال: فكتب إذا أنت شهدت الموسم فنادِ: يا آل قريش، فإذا أجابوك فنادِ يا آل بني هاشم، فإن أجابوك فاسأل عن أبي طالب فأخبره أن فلانًا قتلني في عقال. ومات المستأجر. فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب. فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض فأحسنت القيام عليه، فوليت دفنه. قال: قد كان أهل ذاك منك. فمكث حينًا ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وفي الموسم فقال: يا آل قريش، قالوا: هذه قريش. قال: يا بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم، أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب. قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة أن فلانًا قتله في عقال. فأتاه أبو طالب فقال له: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلِفَ خمسون من قومك أنك لم تقتله، وإن أبيت قتلناك به، فأتى قومه فقالوا نحلف، فأتته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له، فقالت: يا أبا طالب أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب أردت خمسين رجلًا أن يحلفوا مكانه مائة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذان بعيران، فأقبلهما مني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان فقبلهما. وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا. قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية وأربعين عين تطرف". 2 لحديث سهل بن أبي حثمة المتقدم في هامش "ص209". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 [الكتاب التاسع والعشرون] : كتاب الوصية تجب على من له ما يوصِي فيه1. ولا تصح ضرارًا2، ولا لوارث3، ولا في معصية4، وهي في القرب من الثلث5.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 355 رقم 2738" ومسلم "3/ 1249 رقم 1/ 1627" وغيرهما عن ابن عمر؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما حق امرئ مسلم، له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده". 2 لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12] . 3 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 905 رقم 2712" والنسائي "6/ 247" والترمذي "4/ 434 رقم 2121"، وقال: حديث حسن صحيح. عن عمرو بن خارجة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وهي تقصع بجرتها وإن لعابها يسيل بين كتفي فسمعته يقول: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث"، وهو حديث صحيح بشواهد. وللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 290 رقم 2870" وابن ماجه "2/ 905 رقم 2713" والترمذي "4/ 433 رقم 2120" وقال: حديث حسن صحيح. عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"، وهو حديث صحيح. 4 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 904 رقم 2709" والبيهقي في السنن الكبرى "6/ 269" وغيرهما، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم، زيادة لكم في أعمالكم"، وهو حديث حسن. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 369 رقم 2743" ومسلم "3/ 1253 رقم 10/ 1629". عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لو غض الناس إلى الربع؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الثلث، والثلث كثير". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 ويجب تقديم قضاء الديون1. ومن لم يترك ما يقضي دينه قضاه السلطان من بيت المال2.   1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 813 رقم 2433": عن سعد بن الأطول؛ أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم، وترك عيالًا، فأردت أن أنفقها على عياله، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه". فقال: يا رسول الله، قد أديت عنه إلا دينارين، ادعتهما امرأة وليس لها بينة. قال: "فأعطها؛ فإنها محقة"، وهو حديث صحيح، انظر هامش "ص211". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 477 رقم 2298" ومسلم "3/ 1237 رقم 14/ 1619" عن أبي هريرة رضي الله عنها "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: "هل ترك لدَيْنه فضلًا"؟ فإن حُدِّث أنه ترك لدينه وفاء صلى، وإلا قال للمسلمين: "صلوا على صاحبكم"، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 [الكتاب الثلاثون] : كتاب المواريث هي مفصلة في الكتاب العزيز1، ويجب الابتداء بذوي القروض   1 آيات المواريث ثلاث جمعت أصول علم الفرائض، وأركان أحكام المواريث، وهي: قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 11] . وقال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12] . وقال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176] . وهناك آيات كريمة وردت في شأن المواريث ولكنها مجملة، تشير إلى حقوق الورثة بدون تفصيل، وهي: قال تعالى: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} . [الأنفال: 75] . وقال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] . وهذه الآيات الكريمة مجملة، جاء تفصيلها في الآيات السابقة التي حدد الله فيها نصيب كل وارث وهي عماد علم الميراث كما قد علمت. وإليك أخي القارئ ما يستفاد من آيات المواريث:= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 المقدرة وما بقي   = أولًا: أحكام البنين والبنات: 1- إذا خلف الميت ذكَرًا واحدًا، وأنثى واحدة فقط، اقتسما المال بينهما للذكر سهمان، وللأنثى سهم واحد. 2- إذا كان الورثة جمعًا من الذكور والإناث، فإنهم يرثون المال للذكر ضعف الأنثى. 3- إذا وجد مع الأولاد: أصحاب فروض كالزوجين أو الأبوين، فإننا نعطي أصحاب الفروض أولًا ثم ما تبقى نقسمه بين الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين. 4- إذا ترك الميت ابنًا واحدًا فقط، فإنه يأخذ كل المال، ويؤخذ هذا من مجموع الآيتين {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} و {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} ، فيلزم أن نصيب الابن إذا انفرد جميع المال. 5- يقوم أولاد الابن مقام الأولاد إذا عدموا؛ لأن كلمة "أولادكم" تتناول الأولاد الصلبيين وأولاد الابن مهما نزلوا بالإجماع. ثانيًا: حكم الأبوين: 1- الأب والأم يأخذ كل واحد منهما السدس، إذا كان للميت فرع وارث. 2- إذا لم يكن مع الأبوين من الأولاد، فإن الأم ترث ثلث المال، والباقي، وهو الثلثان، يرثه الأب. 3- إذا وجد مع الأبوين إخوة للميت "اثنان فأكثر" فإن الأم ترث سدس المال، والباقي خمسة أسداس للأب، وليس للأخوة أو الأخوات شيء أصلًا؛ لأن الأب يحجبهم. ثالثًا: الدين مقدم على الوصية. رابعًا: حكم الزوج: 1- إذا ماتت الزوجة، ولم تخلف فرعًا وارثًا، فإن نصيب الزوج "النصف". 2- إذا ماتت الزوجة، وقد خلفت فرعًا وارثًا، فإن نصيب الزوج "الربع". خامسًا: حكم الزوجة أو الزوجات: 1- إذا مات الزوج ولم يخلف فرعًا وارثًا، فإن نصيب الزوجة أو الزوجات "الربع". 2- إذا مات الزوج وكان قد خلف فرعًا وارثًا، فإن نصيب الزوجة أو الزوجات "الثمن". سادسًا: حكم الإخوة أو الأخوات لأم: 1- إذا مات عن أخ الأم منفرد، أو أخت لأم منفردة، فإن الواحد منهما يأخذ السدس. 2- إذا مات عن أكثر من ذلك، يعني "أخوين لأم، أو أختين لأم" فيستحقون الثلث بالسوية. سابعًا: حكم الإخوة والأخوات الشقيقات أو لأب: 1- إذا مات وخلف أختًا شقيقة واحدة، أو لأب، ولم يكن له أصل ولا فرع، فللأخت الشقيقة، أو الأخت لأب نصف التركة. 2- إذا مات وخلف أختين شقيقتين فأكثر أو لأب ولم يكن له أصل ولا فرع، فللشقيقتين أو لأب الثلثان من التركة. 3- إذا مات وخلف إخوة وأخوات "أشقاء أو لأب" فإن التركة يتقسامها الإخوة والأخوات على أساس أن نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى. 4- إذا ماتت الشقيقة ولم يكن لها أصل ولا فرع، فإن الأخ الشقيق يأخذ جميع المال، وإن كان هناك أكثر من أخ اقتسموا المال على عدد الرءوس. وهكذا حكم الإخوة والأخوات لأب عند عدم وجود الإخوة الأشقاء أو الأخوات الشقيقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 فللعصبة1، والأخوات مع البنات عصبة2، لبنت الابن مع البنت السدس تكملة الثلثين3، وكذا الأخت لأب مع الأخت لأبوين4، والأخ لأبوين أقدم من الأخ والأخت لأب وللجدة أو الجدات السدس مع عدم الأم5، وهو للجد مع لا يسقطه6، ولا ميراث للأخوة والأخوات مطلقًا مع الابن أو ابن الابن أو الأب7، وفي ميراثهم مع الجد خلاف8، ويرثون9 مع البنات إلا الإخوة لأم10. ويسقط الأخ لأب مع الأخ   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 27 رقم 6746" ومسلم "3/ 1233 رقم 2/ 1615" وغيرهما عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر". 2 أي يأخذن ما بقي من غير تقدير، كما يأخذه الرجل بعد فروض أهل الفروض؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 17 رقم 6736" عن أبي قيس قال: سمعت هزيل بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف وللأخت النصف وائت ابن مسعود فسيتابعني، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت؛ فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم. 3 للحديث السابق في الهامش "964". 4 قياسًا على بنت الابن مع البنت. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 317 رقم 2895" وابن الجارود في المنتقى رقم "960" وغيرهما عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل للجدة السدس، إذا لم تكن دونها أم، وهو حديث حسن. 6 قياسًا على الأب بالإجماع. 7 لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. 8 الراجح أن الإخوة والأخوات "الأشقاء" أو "لأب" يرثون مع وجود الجد، وأن الجد لا يحجبهم من الميراث، كما هو حال الأب، وحجتهم في ذلك أن الجد والإخوة في درجة واحدة، من حيث الإدلاء إلى الميت، فالجد يدلي بواسطة الأب والإخوة كذلك يدلون بالأب، الجد أصل الأب، والإخوة فرع الأب وقد استوت الدرجة بالنسبة للفريقين فلا معنى لأن نورث أحد الجهتين دون الآخر. 9 أي الإخوة. 10 أما ميراث الإخوة مع البنات: فللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 316 رقم 2892" وابن= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 لأبوين1، وألوا الأرحم يتوارثون وهم أقدم من بيت المال2، فإن تزاحمت الفرائض فالعول3،   = ماجه "2/ 908 رقم 2720" والترمذي "4/ 414 رقم 2092" وقال: حديث صحيح، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع، بابنتيها من سعد إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قُتِلَ أبوهما معك يوم أحد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: "يقضي الله في ذلك"، فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمهما، فقال: "أعط ابنتى سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك"، وهو حديث حسن، وأما الإخوة لأم فلا يرثون مع البنت؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] ، وهي في الإخوة لأم كما في بعض القراءات. كلالة: من ليس بأصل ولا فرع من الوارثين، أو من ليس له أصل أو فرع من الوارثين؛ أخ أو أخت: من أمه، كما فسره الصحابة. 1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 915 رقم 2739" والترمذي "4/ 416 رقم 2094" وغيرهما عن علي أنه قال: إنكم تقرؤون هذه الآية: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] ، وإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالدين قبل الوصية -وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه، وهو حديث حسن. الأعيان: الإخوة من أب وأم، بنو العلات: الإخوة لأب. ويقال: الأخياف: الأخوة لأم. 2 لقوله تعالى: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] ، وللحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 421 رقم 2103" وقال: حديث حسن صحيح وابن ماجه "2/ 914 رقم 2737" وغيرهما عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الله ورسوله مولى من مولى له، والخال وارث من لا وارث له". وللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 322 رقم 2902" والترمذي "4/ 422 رقم 2105" وابن ماجه "2/ 913 رقم 2733"وغيرهم عن عائشة أن مولى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقع من عذق نخلة فمات، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انظروا هل له من وارث"؟ قالوا: لا، قال: "فادفعوه إلى بعض أهل القرية"، وهو حديث صحيح. عذق "بالكسر": وهو الكباسة، والكباسة من النخل: ما تحمل الرطب والشماريخ، وجمعها أعذاق، يقال: أعذقت النخلة: إذا كثرت أعذاقها. 3 العول اصطلاحًا: هو زيادة في مجموع السهام المفروضة، ونقص في أنصباء الورثة، وذلك عند تزاحم الفروض وكثرتها بحيث تستغرق جميع التركة، ويبقى بعض أصحاب الفروض بدون نصيب من الميراث فنضطر عند ذلك إلى زيادة أصل المسألة، حتى تستوعب التركة جميع أصحاب الفروض، وبذلك يدخل النقص إلى كل واحد من الورثة، ولكن بدون أن يحرم أحد من الميراث، وأول حادثة فيها عول وقعت في عهد عمر، واستشار الصحابة، فأشار عليه: زيد ابن ثابت رضي الله عنه بالعول، فقال عمر: أعيلوا الفرائض، وأقر صنيعه الصحابة الكرام، فأصبح ذلك إجماعًا على حكم العول. وأصول المسائل سبعة، ثلاثة منها تعول، وأربعة لا تعول. أما الثلاثة التي يدخلها العول فهي: "الستة، والاثنا عشر"، "والأربع والعشرون"، وأما الأربعة التي لا تعول فهي: "الاثنان"، "والثلاثة" "والأربعة"، "والثمانية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ولا يرث ولد الملاعَنة والزانية إلا من أمه وقرابتها والعكس1، ولا يرث المولود إلا إذا استهلَّ2 وميراث العتيق لمعتقه، ويسقط بالعصبات وله الباقي بعد ذوي السهام3، ويحرم بيع الولاء وهبته4، ولا توارث بين أهل ملتين5، ولا يرث القاتل من المقتول6.   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 452 رقم 5309" ومسلم "2/ 1130 رقم 2/ 1492"، من حديث سهل بن سعد في حديث الملاعنة: أن ابنها كان يدعى إلى أمه، ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها. 2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 335 رقم 2920" عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "إذا استهل المولود ورث"، وهو حديث صحيح بشواهده. 3 لحديث عائشة المتقدم في الهامش "678"، وللحديث الذي أخرجه "2/ 913 رقم 2734" والحاكم "4/ 66" عن عبد الله بن شداد، عن بنت حمزة -قال محمد: يعني ابن أبي ليلى وهي أخت ابن شداد، لأمه- قالت: مات مولاي وترك ابنة، فقسم رسول الله ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف ولها النصف، وهو حديث حسن. وللحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 40 رقم 6753" عن هزيل، عن عبد الله بن مسعود قال: إن أهل الإسلام لا يسيبون، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون. السائبة: المهملة. والعبد يعتق على أن لا ولاء له. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 167 رقم 2535" ومسلم "2/ 1145 رقم 16/ 1506" عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نهى عن بيع الولاء وعن هبته. 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 50 رقم 6764" ومسلم "3/ 1223 رقم 1/ 1614" عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم". 6 للحديث الذي أخرجه الترمذي "4/ 425 رقم 2109" وابن ماجه "2/ 883 رقم 2645" عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "القاتل لا يرث" وهو حديث صحيح بشواهده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 [الكتاب الحادي والثلاثون] : كتاب الجهاد والسير [ الفصل الأول: أحكام الجهاد ] الجهاد1 فرض كفاية2، مع كل برٍّ وفاجر3 إذا أَذِنَ الأبوان4 وهو مع إخلاص النية يكفر الخطايا إلا الدين5، ويلحق به6   1 وقد أمر الله بالجهاد بالأنفس والأموال، وأوجب على عباده أن ينفروا إليه، وحرم عليهم التثاقل عنه؛ قال تعالى: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة: 41] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة: 38] . وللحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه "6/ 13 رقم 2792" ومسلم "3/ 1499 رقم 112/ 1180". عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لغدوة في سبيل الله أو روحة، خير من الدنيا وما فيها". 2 لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] ، أما إذا استنفر الإمام المسلمين للجهاد، أو داهَمَ العدوُّ بلاد المسلمين، فيصبح الجهاد فرض عين؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39] . 3 لأن الأدلة الدالة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة، وعلى فضيلته والترغيب فيه وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلًا، بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله تعالى على عباده المسلمين من غير تتقييد بزمن أو مكان أو شخص أو عدل أو جور، فتخصيص وجوب الجهاد بكون السلطان عادلًا ليس عليه أثارة من علم. 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 140 رقم 3004" ومسلم "4/ 1975 رقم 5/ 2549" عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأذنه في الجهاد فقال: "أحي والداك"؟ قال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد". 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1502 رقم 119/ 1886" عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أن رسول الله صلى الله علهي وسلم قال: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". 6 أي بالدَّيْن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 حقوق الآدمي1، ولا يستعان فيه بالمشركين إلا لضرورة2، وتجب على الجيش طاعة أميرهم إلا في معصية الله3، وعليه مشاورتهم والرفق بهم وكفهم عن الحرام4، ويشرع للإمام إذا أراد غزوًا أن يكتم حاله أو يوري بغير ما يريده5، وأن يذكي العيون ويستطلع الأخبار6، ويرتب الجيوش ويتخذ الرايات والألوية7، وتجب الدعوة قبل القتال إلى   1 من غير فرق بين دم أو عرض أو مال؛ إذ لا فرق بينهم. 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1449 رقم 150/ 1817" عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنها قالت: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل بدر فلما كان بحرة الوبر أدركه رجل، قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جئت لأتبعك وأصيب معك. قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تؤمن بالله ورسوله"؟ قال: لا. قال: "فارجع؛ فلن أستعين بمشرك"، قالت: ثم مضى، حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال أول مرة. قال: "فارجع فلن أستعين بمشرك". قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء. فقال له كما قال أول مرة "تؤمن بالله ورسوله"؟ قال: نعم. فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فانطلق". بحرة الوبر: هو موضع على نحو ما أربعة أميال من المدينة. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 111 رقم 7137" ومسلم "3/ 1466 رقم 33/ 1835"، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني". 3 لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر} [آل عمران: 159] ، وللحديث الذي أخرجه مسلم "31/ 1403 رقم 83/ 1779" عن أنس، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عباد فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟، والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا". وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1358 رقم 19/ 1828" عن عائشة رضي الله عنه قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم، فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 113 رقم 4418" ومسلم "4/ 2120 رقم 53/ 2769" من حديث كعب بن مالك وفيه: "ولم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد غزوة إلا ورى بغيرها". 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 406 رقم 4113" ومسلم "4/ 1879 رقم 48/ 2415" عن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: ندب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس يوم الخندق، فانتدب الزبير، ثم ندبهم، فانتدب الزبير ثم ندبهم، فانتدب الزبير، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لكل نبي حواريٌّ وحواريِّي الزبير". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 2874- البغا" عن البراء بن عازب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: جعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرجالة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلًا- عبد الله بن جبير، فقال: "إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم". وللحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 72 رقم 2592" والترمذي "4/ 195 رقم 1679" وابن ماجه "2/ 941 رقم 2817"والنسائي "5/ 200 رقم 2866" وغيرهم عن جابر يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان لواؤه يوم دخل مكة أبيض، وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 إحدى ثلاث خصال: إما الإسلام أو الجزية أو السيف1، ويحرم قتل النساء والأطفال والشيوخ إلا لضرورة2، والمثلة والإحراق بالنار3، والفرار عن الزحف إلا إلى فئة4، ويجوز تبييت الكفار5، والكذب في الحرب6، والخداع7.   1 لحديث بريدة المتقدم في هامش "ص203". 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 148 رقم 3014" ومسلم "3/ 1364 رقم 24/ 1744" عن عبد الله بن عمر أن امرأة وُجِدَت في بعض مغازي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتولة، فأنكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل النساء والصبيان. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 149 رقم 3016" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعث فقال: "إن وجدتم فلانًا وفلانًا فأحرقوهما بالنار"، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أردنا الخروج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار ولا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموها فاقتلوهما". 4 لقوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 16] . 5 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 146 رقم 3012" ومسلم "3/ 1364 رقم 26/ 1745" عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال: مر بي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأبواء -أو بودان- فسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: "هم منهم"، وسمعته يقول: "لا حمى إلا لله ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". 6 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 160 رقم 3032" عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من لكعب بن الأشرف"؟ فقال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله؟ قال: "نعم". قال: "فأْذنْ لي فأقول، قال: "قد فعلت". وأخرجه مسلم "3/ 1425 رقم 119/ 1801" مع القصة. 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 158 رقم 3030" ومسلم "3/ 1361 رقم 17/ 1739". عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحرب خدعة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 [الـ] فصل [الثاني: أحكام الغنائم] وما غنمه الجيش كان لهم أربعة أخماسه وخمسه يصرفه الإمام في مصارفه1، ويأخذ الفارس من الغنيمة ثلاثة أسهم والراحل سهمًا2. ويستوي في ذلك القوي والضعيف ومن قاتل ومن لم يقاتل3، ويجوز تنفيل بعض الجيش4، وللإمام الصفي وسهمه كأحد الجيش5، ويرضخ من الغنيمة6 لمن حضر، ويؤثر المؤلفين إن رأى في ذلك صلاحًا7، وإذا رجع ما أخذه الكفار من المسلمين كان لمالكه8،   1 لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: 4] . 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 484 رقم 4228" ومسلم "3/ 1383 رقم 57/ 1762" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهمًا قال: فسره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 3896-البغا"، عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلًا على ما دونه فقال النبي صلى الله: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم". 4 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 237 رقم 3135" ومسلم "3/ 1369 رقم 40/ 1750" عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كان ينفل بغض من يبعث من السرايا؛ لأنفسهم خاصة، سوى قسم عامة الجيش، والخمس في ذلك واجب كله. 5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 398 رقم 2994" عن عائشة قالت: كانت صفية من الصفي، وهو حديث حسن. 6 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1445 رقم 139/ 1812": عن يزيد بن هرمز. قال: كتب نجدة بن عامر الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم، هل يقسم لهما؟ وعن قتل الولدان؟ وعن اليتيم متى ينقطع عنه اليتم؟ وعن ذوي القربى، من هم؟ فقال ليزيد: اكتب إليه، فلولا أن يقع في أحموقةٍ ما كتبت إليه. اكتب: إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم، هل يقسم لها شيء؟ وأنه ليس لهما شيء. إلا أن يخزَيا ... 7 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 251 رقم 3150" ومسلم "2/ 739 رقم 1062". عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أناسًا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله. فقلت: والله لأخبرن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فقال: "فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى؛ قد أوذي بأكثر من هذا فصبر". 8 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 182 رقم 3067"، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ذهب فرس له فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون فرد عليه في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبق عبد له فلحق بالروم، فظهر عليه المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ويحرم الانتفاع بشيء من الغنيمة قبل القسمة إلا الطعام والعلف1، ويحرم الغلول2، ومن جملة الغنيمة الأسرى3، ويجوز القتل أو الفداء أو المن4.   1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 153 رقم 2708" وغيره عن رويفع بن ثابت الأنصاري، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبًا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه" وهو حديث حسن. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 592 رقم 6707" ومسلم "1/ 108 رقم 183/ 115" عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خيبر، ففتح الله علينا، فلم نغنم ذهبًا ولا ورقًا، غنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي، ومع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد له، وهبه له رجل من جذام، يدعى رفاعة بن زيد من بني الضبيب، فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحل رحله، فرُمِيَ بسهم، فكان فيه حتفه فقلنا: هنيئًا له الشهادة يا رسول الله، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلًّا، والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه نارًا، أخذها من الغنائم يوم خيبر، لم تصبها المقاسم" قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال: يا رسول الله، أصبت يوم خيبر، فقال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شراك من نار أو شراكان من نار". يحل رحله: الرحل هو مركب الرجل على البعير. الشملة: كساء صغير يؤتزر به. بشراك: الشراك هو السير المعروف الذي يكون في النعل على ظهر القدم. 3 لا خلاف في ذلك. 4 لقوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] . أثخنتموهم: أثقلتموهم بالقتل والجراح. فشدوا الوثاق: فأسروهم وشدوا رباطهم حتى لا يقتلوا منكم. مَنًّا: تمنون مَنًّا، والمن هو الإنعام والمراد إطلاقهم من غير فدية. تضع الحرب أوزارها: حتى تنتهي الحرب يوضع المقاتلين أسلحتهم وكفهم عن القتال، وأصل الوزر ما يحمله الإنسان فأطلق على السلاح؛ لأنه يحتمل. وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 4028- البغا" ومسلم "3/ 1387 رقم 1766" عن ابن عمر رضي الله عنه قال: حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومنَّ عليهم، حتى حاربت قريظة، فقتل رجالهم، وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم: بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهود المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 [الـ] فصل [الثالث: أحكام الأسير والجاسوس والهدنة] ويجوز استرقاق العرب1   1 لأن الأدلة الصحيحة دلت على جواز ذلك؛ منها: ما أخرجه البخاري "5/ 170 رقم 2541" ومسلم "3/ 1356 رقم "1/ 1730" عن ابن عون قالت: كتبت إلى نافع، فكتب إلى: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق وهم غارُّون وأنعامهم تسقى على الماء. فقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية. حدثني به ابن عمر، وكان في ذلك الجيش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وقتل الجاسوس1، وإذا أسلم الحربي قبل القدرة عليه أحرز أمواله2، وإذا أسلم عبد الكافر صار حرًّا3، والأرض المغنومة أمرها إلى الإمام فيفعل الأصلح من قسمتها أو تركها مشتركة بين الغانمين أو بين جميع المسلمين4، ومن أمنه أحد المسلمين صار آمنًا5، والرسول كالمؤمن6،   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 168 رقم 3051" عن سلمة بن الأكوع -قال: أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عينٌ من المشركين -وهو في سفر- فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اطلبوه واقتلوه" فقتلتُهُ، فنفله سلبه. 2 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 75 رقم 25" ومسلم "1/ 53 رقم 36/ 22" عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله". عصموا: حفظوا ووقَوْا، وألحق صغار الأولاد بما ذكر؛ لأن الولد تبع لأبويه في الإسلام. بحق الإسلام: أي إذا فعلوا ما يستوجب عقوبة مالية أو بدنية في الإسلام، فإنهم يؤاخذون بذلك قصاصًا، حسابهم على الله: أي فيما يتعلق بسرائرهم وما يضمرون. 3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 148 رقم 2700" والترمذي "5/ 634 رقم 3716" وقال: حديث حسن صحيح غريب، عن علي بن أبي طالب، قال: خرج عبدانٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يعني يوم الحديبية- قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمد، والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك، وإنما خرجوا هربًا من الرق، فقال ناس: صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم، فغضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: "ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا" وأبى أن يردهم، وقال: "هم عتقاء الله عز وجل"، وهو حديث حسن. 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1376 رقم 47/ 1756" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر أحاديث؛ منها: وقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أيما قرية أتيتموها، وأقمتم فيها، فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله، فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم". 5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 999 رقم 470/ 1371" عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف". 6 للحديث الذي أخرجه أحمد "3/ 487" وأبو داود "3/ 191 رقم 2761"، عن نعيم بن مسعود الأشجعي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة: "ما تقولان أنتما"؟ قالا: نقول كما قال، قال: "أما والله لولا أن الرسل لا تُقتَل لضربت أعناقكما"، وهو حديث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وتجوز مهادنة الكفار1، ولو بشرط وإلى أجل أكثره عشر سنين2، ويجوز تأبيد المهادنة بالجزية3، ويمنع المشركون وأهل الذمة من السكون في جزيرة العرب4.   1 وملوكهم وقبائلهم إذا اجتهد الإمام وذوو الرأي من المسلمين فعرفوا نفع المسلمين في ذلك، ولم يخافوا من الكفار مكيدة. 2 هذا القدر في مدة الصلح هو المعتمد، وبه جزم ابن سعد في الطبقات "2/ 97" ورجحه ابن حجر في الفتح "5/ 343" وأخرجه الحاكم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 4360- البغا" ومسلم "4/ 2273 رقم 6/ 2961". عن المسور بن مخرمة أنه أخبره: أن عمرو بن عوف الأنصاري وهو حليف لبني عامر بن لؤي، وكان شهد بدرًا، أخبره: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين، يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو صالح أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت صلاة الصبح مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له، فتبسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآهم، وقال: "أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء" قالوا: أجل يا رسول الله، قال: "فأبشروا وأملِّوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلتكتهم". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1388 رقم 63/ 1767": عن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلمًا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 [الـ] فصل [الرابع: حكم قتال البغاة] ويجب قتال البغاة حتى يرجعوا إلى الحق1، ولا يقتل أسيرهم، ولا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم، ولا تغنم أموالهم2.   1 لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] . وانظر سبل السلام "7/ 248-253" بتحقيقي، ومجموع الفتاوى "28/ 630". 2 لأن الأصل في دماء المسلمين وأموالهم الحرمة، فلا يحل شيء منها إلا بدليل شرعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 [الـ] فصل [الخامس: من أحكام الإمامة] وطاعة الأئمة واجبة في غير معصية الله [تعالى] 1 ولا يجوز الخروج عليهم ما أقاموا الصلاة ولم يظهروا كفرًا بواحًا2، ويجب الصبر على جورهم3، وبذل النصيحة لهم4. وعليهم الذب عن المسلمين وكف يد الظالم، وحفظ ثغورهم وتدبيرهم بالشرع في الأبدان والأديان والأموال، وتفريق أموال الله في مصارفها، وعدم الاستئثار بما فوق الكفاية   1 لقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] . ولحديث أبي هريرة المتقدم في هامش "ص219"، وللحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 121 رقم 7144" ومسلم "3/ 1469" رقم 38/ 1839" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". 2 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1482 رقم 66/ 1855" عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلُّون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم" قالوا: قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: "لا، ما أقاموا الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وآلٍ، فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدًا من طاعته". وللحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1476 رقم 52/ 1847" عن حذيفة بن اليمان، قال: قلتُ: يا رسول الله، إنا كنَّا بشر فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: "نعم" قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: "نعم"، قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: "نعم". قلت: كيف؟ قال: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستتون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع". 3 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 121 رقم 1743" ومسلم "3/ 1477 رقم 55/ 1849" عن ابن عباس يرويه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات، فمَيْتَةٌ جاهلية". وللحديث الذي أخرجه البخاري "6/ 495 رقم 3455" ومسلم "3/ 1471 رقم 44/ 1842" عن أبي حازم، قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عيه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي. وستكون خلفاء فتكثر" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم؛ فإن الله سائلهم عما استرعاهم". 4 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 74 رقم 95/ 55" عن تميم الداري، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 بالمعروف، والمبالغة في إصلاح السيرة والسريرة1. وإلى هنا انتهى المختصر بخط مؤلفه: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، غفر الله لهم آمين آمين   1 للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 126 رقم 7150" ومسلم "1/ 125 رقم 227/ 142" عن الحسن قال: عاد عبيدُ الله بن زياد معقلَ بن يسار المزني في مرضه الذي مات فيه، قال معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لو علمت أن لي حياة ما حدثتك: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رَعِيَّة، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة". وللحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه "1/ 126 رقم 229/ 142" عن أبي المليح؛ أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه فقال له معقل: إني محدثك بحديث لولا أني فِي الموت لم أحدثك به: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجتهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة". تم الكتاب بفضل الله وتوفيقه، ومنِّه وكرمه، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الله أسأل أن ينفع به، ويجعله في ميزاني يوم العرض عليه. المؤلف محمد صبحي بن حسن حلاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 ثبت المصادر والمراجع : "أ" 1- آداب الزفاف في السنة المطهرة. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني. ن. دار عمر بن الخطاب. 2- الإجماع، لأبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، حققه وقدم له وخرج أحاديثه: أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف. ط: دار طيبة. الرياض. 3- الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان. ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي. قدم له وضبط نصه: كمال يوسف الحوت. ط: دار الفكر. 4- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان. تأليف: أبي حاتم محمد بن حبان البستي، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط. ط: مؤسسة الرسالة. 5- إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، تأليف: الإمام تقي الدين أبي الفتح الشهير بابن دقيق العيد. بيروت. لبنان. 6- الإحكام في أصول الأحكام، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم. تحقيق: الشيخ أحمد محمد شاكر. ن: دار الآفاق الجديدة. بيروت. 7- الأدب المفرد. للإمام: محمد بن إسماعيل البخاري. ط: مؤسسة الكتب الثقافية. 8- إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة. تأليف: محمد صبحي حسن حلاق "مخطوط". 9- إرشاد السائل إلى دلائل المسائل. تحقيق وتخريج: محمد صبحي حسن حلاق. ن: دار الهجرة بصنعاء. 10- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني. ط: المكتب الإسلامي. 11- الأم. تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي مع مختصر المزني. ط: دار الفكر بيروت. 12- الإمام الشوكاني حياته وفكره. الدكتور عبد الغني قاسم غالب الشرجي. ط: مؤسسة الرسالة بيروت. ن: مكتبة الجيل الجديد. صنعاء. 13- الإمام الشوكاني مفسرًا. الدكتور محمد حسن بن أحمد الغماري. ط: دار الشروق. 14- الإيضاحات العصرية للمقاييس والمكاييل والأوزان الشرعية، تأليف: محمد صبحي حسن حلاق. ن: دار الهجرة بصنعاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 "ب" 15- البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار. تأليف: الإمام أحمد بن يحيى بن المرتضى. ويليه: كتاب جواهر الأخبار والآثار، للعلامة محمد بن يحيى بهران الصعدي. ط: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر. ن: مكتبة الخانجي بمصر. 16- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع. للقاضي العلامة شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني. ط: دار المعرفة: بيروت-لبنان. "ت" 17- التاريخ الكبير. تأليف: أبي عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري. ط: دار الفكر. بيروت. 18- تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي. للإمام الحافظ أبي العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري. ط: دار الفكر. 19- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للحافظ المزي مع النكت الظراف على الأطراف، لابن حجر العسقلاني، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين. إشراف: زهير الشاويش. ط: المكتب الإسلامي، الدار القيمة. 20- ترتيب مسند الإمام المعظم والمجتهد المقدم أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، تصحيح ومراجعة: السيد يوسف علي الزواوي الحسني، السيد عزت العطار الحسيني. ط: دار الكتب العلمية. بيروت. لبنان. 21- تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، لابن حجر العسقلاني. تصحيح وتعليق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني. ط: دار المعرفة. بيروت. لبنان. 22- تمام المنة في التعليق على "فقه السنة". تأليف: محمد ناصر الدين الألباني. ط: دار الراية الرياض. السعودية. ن: المكتبة الإسلامية. عمان. الأردن. "ج" 23- جامع البيان عن تأويل آي القرآن. تأليف: أبي جعفر محمد بن جرير الطبري. ط: دار الفكر. بيروت. 24- الجامع الصحيح، تأليف: الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري. ن: دار الآفاق الجديدة بيروت. 25- الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة. تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر للجزء الأول والثاني. تحقيق وتخريج وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي للجزء الثالث. تحقيق وتعليق: إبراهيم عطوة للجزء الرابع والخامس. ط: دار إحياء التراث العربي -بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 "ر" 26- الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير. تأليف: القاضي العلامة شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي. ط: مكتبة المؤيد. "س" 27- سبل السلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام، تأليف: الشيخ الإمام محمد بن إسماعيل الأمير اليمني الصنعاني. صححه وعلق عليه وخرج أحاديثه: فواز أحمد زمرلي وإبراهيم محمد الجمل. ط: دار الكتاب العربي. 28- سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها. تخريج: محمد ناصر الدين الألباني ط: المكتب الإسلامي. 29- سنن أبي داود الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي. ومعه: كتاب معالم السنن للخطابي. إعداد وتعليق. عزت عبيد الدعاس وعادل السيد. ط: دار الحديث، وبيروت. لبنان. 30- سنن الحافظ أبي عبد الله محمد يزيد القزويني ابن ماجه، تحقيق وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي. ط: دار الفكر. 31- سنن الدارقطني. تأليف: شيخ الإسلام الإمام الكبير علي بن عمر الدارقطني. عني بتصحيحه وتنسيقه وترقيمه وتحقيقه: السيد عبد الله هاشم يماني المدني، وبذيله: التعليق المغني على الدارقطني. تأليف: المحدث العلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي. ط. دار المحاسن للطباعة. 32- سنن الدارمي، للإمام الكبير أبو عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي ط: دار الكتب العلمية بيروت. لبنان. 33- السنن الكبرى، للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، وفي ذيله: الجوهر النقي. ط: دار المعرفة بيروت. لبنان. 34- سنن النسائي، بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي. اعتنى به ورقَّمه وصنع فهارسه: عبد الفتاح أبو غدة. ن: مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب. 35- السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، لشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني. تحقيق: محمود إبراهيم زايد. ط: دار الكتب العلمية بيروت. "ش" 36- شرح السنة، تأليف: الإمام البغوي، تحقيق: زهير الشاويش وشعيب الأرناؤوط. ط: المكتب الإسلامي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 37- شرح الصدور في تحريم رفع القبور. للإمام الشوكاني، تحقيق وتخريج: محمد صبحي حسن حلاق. ن: دار الهجرة بصنعاء. 38- شرح معاني الآثار. للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي. حققه وعلق عليه: محمد زهري النجار. ط: دار الكتب العلمية. "ص" 39- صحيح البخاري. للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي. ضبطه ورقمه وذكر تكرار مواضعه وشرح ألفاظه وجمله وخرج أحاديثه في صحيح مسلم ووضع فهارسه: الدكتور مصطفى ديب البغا. ط: دار ابن كثير دمشق. بيروت. اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع. 40- صحيح ابن خزيمة، لإمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري. حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. ط: المكتب الإسلامي. 41- صحيح الترغيب والترهيب، للحافظ المنذري، اختيار وتحقيق: محمد ناصر الدين الألباني. ط: المكتب الإسلامي. 42- صحيح مسلم بشرح النووي. ط: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 43- صحيح مسلم، للإمام أبي الحسين بن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. ط: دار إحياء التراث العربي. بيروت. 44- صحيح سنن ابن ماجه. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، توزيع: المكتب الإسلامي. بيروت. "ط" 45- طرح التثريب في شرح التقريب، تأليف: زين الدين أبي الفضل العراقي. ط: دار إحياء التراث العربي. "ع" 46- عون المعبود شرح سنن أبي داود، للعلامة أبي الطيب محمد شمس الدين الحق العظيم آبادي مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية. ط: دار الفكر. "ف" 47- فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية، للإمام علي القاري الهروي، تحقيق وتعليق: عبد الفتاح أبو غدة. ن: مكتب المطبوعات الإسلامية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 48- فتح الباري شرح صحيح البخاري. للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. رقَّم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي. قرأ أصله تصحيحًا وتحقيقًا وأشرف على مقابلة نسخه المطبوعة والمخطوطة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ط: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 49- الفتح الرباني، لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني مع مختصر شرحه بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني. تأليف: أحمد عبد الرحمن البنا. ط: دار إحياء التراث العربي. بيروت. 50- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، تأليف: محمد بن علي الشوكاني. ط: دار الفكر. 51- الفتوحات الربانية على الأذكار النووية، تأليف: محمد بن علان الصديق الشافعي الأشعري المكي. ط: إحياء التراث العربي. بيروت. لبنان. 52- الفوائد المجتمعة لخطيب الجمعة. تأليف: محمد صبحي حسن حلاق. ن: دار الهجرة. صنعاء. "ق" 53- القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا. تأليف: سعدي أبو حبيب. ط: دار الفكر. "ك" 54- الكامل في ضعفاء الرجال، للإمام الحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني. ط: دار الفكر. 55- الكبائر وتبيين المحارم، تأليف: الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي. حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محيي الدين مستو. ط: مؤسسة علوم القرآن ومكتبة دار التراث. 56- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، تأليف: أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي. ويليه: الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف للإمام أحمد بن حجر العسقلاني، وبذيله ثلاثة كتب. ط: دار المعرفة بيروت. لبنان. 57- كشف الأستار عن رجال معاني الآثار تلخيص معاني الأخبار، لأبي التراب رشد الله السندهي. ط: مكتبة الدار بالمدينة المنورة. 58- الكنى والأسماء. تأليف: الشيخ العلامة أبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي. ط: دار الكتب العلمية بيروت. لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 "م" 59- المجموع شرح المهذب، للإمام النووي والسبكي والمطيعي، ويليه: فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي، ويليه: التلخيص الحبير في تخريج الرافعي الكبير لابن حجر. ط: دار الفكر بيروت. 60- مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية. جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم بمساعدة ابنه محمد. ط: مؤسسة قرطبة. 61- محاسن الإسلام وشرائع الإسلام، لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري، ويليه: مراتب الإجماع للحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن حزم ومعه نقد مراتب الإجماع لابن تيمية. ن: دار الكتاب العربي بيروت. لبنان. 62- المحلى بالآثار. تصنيف: الإمام أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي. تحقيق: الدكتور عبد الغفار سليمان البنداري. ط: دار الكتب العلمية. بيروت. لبنان. 63- مختار الصحاح، للشيخ الإمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي. ط: دار الفكر. 64- مختصر البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير، لابن الملقن، المسمى بأحاديث تتعلق بأحكام مختلفة المراتب، وهو مختصر لكتاب تلخيص الحبير للحافظ ابن حجر العسقلاني. جمع: الشيخ محمد بن درويش الحوت البيروتي. تحقيق: كمال يوسف. ط: مؤسسة الكتب الثقافية. 65- مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة. تأليف: محمد صبحي حسن حلاق. مراجعة وتقديم: الدكتور عبد الوهاب بن لطف الديلمي. ن: دار الهجرة بصنعاء. 66- المستدرك على الصحيحين، للإمام الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وبذيله: التلخيص للحافظ الذهبي. 67- مسند أبي داود الطيالسي. ن: دار الكتاب اللبناني. دار التوفيق. 68- مسند أبي يعلى الموصلي: تأليف: الإمام الحافظ أحمد بن علي بن المثنى التميمي. حققه وخرج أحاديثه: حسين سليم أسد. ط: دار المأمون للتراث. 69- المسند للإمام أحمد بن حنبل، وبهامشه: منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، للمتقي الهندي. ط: المكتب الإسلامي. 70- مشكل الآثار. تأليف: أبي جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي المصري الحنفي. ط: مؤسسة قرطبة السلفية. 71- المصنف في الأحاديث والآثار. تأليف: الحافظ أبي بكر بن أبي شيبة: ط: الدار السلفية. 72- المصنف، للحافظ الكبير أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ومعه: كتاب الجامع للإمام محمد بن راشد الأزدي رواية الإمام عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. ط: المكتب الإسلامي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 73- المعجم الكبير، للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حققه وخرج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي. 74- المغني، تأليف الشيخ موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة، على مختصر الإمام أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي، وبذيله: الشرح الكبير على متن المقنع. تأليف: الشيخ شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي. ط: دار الفكر. 75- موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي. تحقيق ونشر: محمد عبد الرزاق حمزة. ط: دار الكتب العلمية. بيروت. لبنان. 76- الموطأ، لإمام الأئمة وعالم المدينة مالك بن أنس رضي الله عنه، صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي. ط: دار إحياء التراث العربي. "ن" 77- النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي. ط: دار الفكر. 78- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار. تأليف: العلامة القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني. ط: دار الكتب العلمية. بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 فهرس المحتويات : 3 الإهداء. 5 مقدمة الطبعة السادسة 7 مقدمة الطبعة الثالثة. 9 مقدمة الطبعة الأولى والثانية. 11 مقدمة. 13 ترجمة الإمام الشوكاني. 21 مقدمة المؤلف. 19 صور المخطوطة 23 الكتاب الأول: كتاب الطهارة. 23 الباب الأول: باب أقسام المياه. 25 الباب الثاني: النجاسات. 25 الفصل الأول: أحكام النجاسات. 28 الفصل الثاني: تطهير النجاسات. 29 الباب الثالث: باب قضاء الحاجة. 31 الباب الرابع: باب الوضوء. 31 الفصل الأول: فرائض الوضوء. 33 الفصل الثاني: مستحبات الوضوء. 35 الفصل الثالث: نواقض الوضوء. 36 الباب الخامس: باب الغسل. 36 الفصل الأول: متى يجب الغسل. 38 الفصل الثاني: أركان الغسل وسننه. 38 الفصل الثالث: متى يسن الغسل. 40 الباب السادس: باب التيمم. 41 الباب السابع: باب الحيض والنفاس. 41 الفصل الأول: الحيض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 43 الفصل الثاني: النفاس. 44 الكتاب الثاني: كتاب الصلاة. 44 الباب الأول: مواقيت الصلاة. 48 الباب الثاني: باب الأذان والإقامة. 50 الباب الثالث: باب شروط الصلاة. 52 الباب الرابع: باب كيفية الصلاة. 56 الباب الخامس: متى تبطل الصلاة وعمن تسقط. 56 الفصل الأول: مبطلات الصلاة. 58 الفصل الثاني: على من تجب الصلوات الخمس، وعمن تسقط. 59 الباب السادس: باب صلاة التطوع. 61 الباب السابع: باب صلاة الجماعة. 64 الباب الثامن: باب سجود السهو. 65 الباب التاسع: باب القضاء للفوائت. 66 الباب العاشر: باب صلاة الجمعة. 68 الباب الحادي عشر: باب صلاة العيدين. 70 الباب الثاني عشر: باب صلاة الخوف. 71 الباب الثالث عشر: باب صلاة السفر. 72 الباب الرابع عشر: باب صلاة الكسوفين. 74 الباب الخامس عشر: باب صلاة الاستسقاء. 75 الكتاب الثالث: كتاب الجنائز. 75 الفصل الأول: أحكام المختصر. 76 الفصل الثاني: غسل الميت. 77 الفصل الثالث: تكفين الميت. 78 الفصل الرابع: صلاة الجنازة. 80 الفصل الخامس: المشي بالجنازة. 82 الفصل السادس: دفن الميت. 86 الكتاب الرابع: كتاب الزكاة. 86 الباب الأول: باب زكاة الحيوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 86 الفصل الأول: نصاب الإبل. 87 الفصل الثاني: نصاب البقر. 88 الفصل الثالث: نصاب الغنم. 89 الفصل الرابع: في الجمع والتفريق والأوقاص. 90 الباب الثاني: باب زكاة الذهب والفضة. 91 الباب الثالث: باب زكاة النبات. 92 الباب الرابع: باب مصارف الزكاة. 93 الباب الخامس: باب صدقة الفطر. 94 الكتاب الخامس: كتاب الخمس. 95 الكتاب السادس: كتاب الصيام. 95 الباب الأول: أحكام الصيام. 95 الفصل الأول: وجوب صوم رمضان. 96 الفصل الثاني: مبطلات الصوم. 97 الفصل الثالث: قضاء الصوم. 98 الباب الثاني: باب صوم التطوع. 98 الفصل الأول: ما يستحب صومه. 99 الفصل الثاني: ما يكره صومه. 100 الفصل الثالث: ما يحرم صومه. 100 الباب الثالث: باب الاعتكاف. 102 الكتاب السابع: كتاب الحج. 102 الباب الأول: أحكام الحج. 102 الفصل الأول: وجوب الحج. 102 الفصل الثاني: وجوب تعيين نوع الحج بالنية. 103 الفصل الثالث: محظورات الإحرام. 107 الفصل الرابع: ما يجب عمله أثناء الطواف. 108 الفصل الخامس: وجوب السعي بين الصفا والمروة. 109 الفصل السادس: مناسك الحج. 113 الفصل السابع: أفضل أنواع الهدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 114 الباب الثاني: باب العمرة المفردة. 116 الكتاب الثامن: كتاب النكاح. 116 الفصل الأول: أحكام الزواج. 119 الفصل الثاني: الأنكحة المحرمة. 122 الفصل الثالث: أحكام المهر. 126 الفصل الرابع: الولد للفراش. 127 الكتاب التاسع: كتاب الطلاق. 127 الباب الأول: أنواع الطلاق. 127 الفصل الأول: مشروعية الطلاق وأحكامه. 128 الفصل الثاني: بما يقع الطلاق. 129 الباب الثاني: باب الخلع. 130 الباب الثالث: باب الإيلاء. 130 الباب الرابع: باب الظهار. 131 الباب الخامس: باب اللعان. 132 الباب السادس: باب العدة. 132 الفصل الأول: أنواع العدة. 133 الفصل الثاني: استبراء الأمة المسبية والمشتراة. 134 الباب السابع: باب النفقة. 136 الباب الثامن: باب الرضاع. 137 الباب التاسع: باب الحضانة. 138 الكتاب العاشر: كتاب البيع. 138 الباب الأول: أنواع البيوع المحرمة. 149 الباب الثاني: باب الربا. 145 الباب الثالث: باب الخيارات. 146 الباب الرابع: باب السَّلَم. 147 الباب الخامس: باب القرض. 147 الباب السادس: باب الشفعة. 148 الباب السابع: باب الإجارة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 150 الباب الثامن: باب الإحياء والإقطاع. 150 الباب التاسع: باب الشركة. 152 الباب العاشر: باب الرهن. 153 الباب الحادي عشر: باب الوديعة والعارية. 153 الباب الثاني عشر: باب الغضب. 154 الباب الثالث عشر: باب العتق. 156 الباب الرابع عشر: باب الوقف. 158 الباب الخامس عشر: باب الهدايا. 158 الباب السادس عشر: باب الهبة. 160 الكتاب الحادي عشر: كتاب الأيمان. 162 الكتاب الثاني عشر: كتاب النذر. 164 الكتاب الثالث عشرة: كتاب الأطعمة. 164 الباب الأول: المحرمات من الأطعمة. 166 الباب الثاني: باب الصيد. 167 الباب الثالث: باب الذبح. 168 الباب الرابع: باب الضيافة. 169 الباب الخامس: باب آداب الأكل. 171 الكتاب الرابع عشر: كتاب الأشربة. 173 الكتاب الخامس عشر: كتاب اللباس. 175 الكتاب السادس عشر: كتاب الأضحية. 175 الباب الأول: أحكام الأضحية. 176 الباب الثاني: باب الوليمة. 176 الفصل الأول: أحكام وليمة العرس. 177 الفصل الثاني: أحكام العقيقة. 178 الكتاب السابع عشر: كتاب الطب. 180 الكتاب الثامن عشر: كتاب الوكالة. 181 الكتاب التاسع عشر: كتاب الضمانة الكفالة. 182 الكتاب العشرون كتاب الصلح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 184 الكتاب الحادي والعشرون: كتاب الحوالة. 185 الكتاب الثاني والعشرون: كتاب المفلس. 187 الكتاب الثالث والعشرون: كتاب اللقطة. 189 الكتاب الرابع والعشرون: كتاب القضاء. 192 الكتاب الخامس والعشرون: كتاب الخصومة والبينة والإقرار. 195 الكتاب السادس والعشرون: كتاب الحدود. 195 الباب الأول: باب حد الزاني. 198 الباب الثاني: باب حد السرقة. 200 الباب الثالث: باب حد القذف. 201 الباب الرابع: باب حد الشرب. 202 فصل 202 الباب الخامس: باب حد المحارب. 203 الباب السادس: باب من يستحق القتل حدًا. 205 الكتاب السابع والعشرون: كتاب القصاص. 208 الكتاب الثامن والعشرون: كتاب الديات. 208 الباب الأول: أحكام الدية والشجاج. 209 الباب الثاني: باب القسامة. 211 الكتاب التاسع والعشرون: كتاب الوصية. 213 الكتاب الثلاثون: كتاب المواريث. 218 الكتاب الحادي والثلاثون: كتاب الجهاد والسير. 218 الفصل الأول: أحكام الجهاد. 220 الفصل الثاني: أحكام الغنائم. 222 الفصل الثالث: أحكام الأسير والجاسوس والهدنة. 224 الفصل الرابع: حكم قتال البغاة. 224 الفصل الخامس: من أحكام الإمامة. 227 ثبت المصدر والمراجع. 235 فهرس المحتويات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240